الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني

الساعاتي، أحمد بن عبد الرحمن

الفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني ومعه كتاب بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني كلاهما تأليف أحمد عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي خادم السنة النبوية بحارة الروم بالغورية بمصر الجزء الأول وقد جعلنا الفتح الرباني في أعلا الصفحة وبلوغ الأماني في أدناها مفصولا بينهما بجدول (تنبيه) للحافظ ابن حجر العسقلاني كتاب أسماه {القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد} أدرجناه جميعه ضمن التعليق موزعا على كل حديث ذب عنه الحافظ مع عزوه اليه الطبعة الأولى ... الطبعة الثانية دار إحياء التراث العربي

بسم الله الرحمن الرحيم نحمدك يا من تواتر نعمه متصل لا ينقطع، وعظيم آلائه على الأنام موقوف لا يرتفع، ونشكرك على منن تعرفنا بها حسن آلآئك، واقتبسنا من صفحات صورها آيات عزك وكبريائك، ونشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك، وأن محمدا عبدك ورسولك، أرسلته للثقلين بجوامع الكلم وأفصح للغات، وجملته بمكارم الأخلاق ونعته بأحسن الصفات، فصار عزيزا عند قومه وعشيرته وأهل ملته، مشهورا بالأمانة والكمال والعدل بين رعيته، يأخذ للضعيف من القوي،

_ بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، إمام المتقين وخاتم النبيين، إمام الخير وقائد البر ورسول الرحمة وكاشف الغمة، اللهم ابعثه مقاما محمودا، يغبطه عليه الأولون والآخرون، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آله محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آله إبراهيم إنك حميد مجيد وسلم تسليما كثيرا، وارض اللهم عن الصحابة والتابعين، وتابع التابعين والأئمة المجتهدين والفقهاء والمحدثين ومن اتبع هداهم بإحسان الى يوم الدين. أما بعد،، فهذا تعليق وجيز وضعته على كتابي الموسوم < بالفتح الرباني في ترتيب مسند الإمام أحمد بن حمد بن حنبل الشيباني > لنشر جواهره وإبراز ضمائره، وكشف القناع عن إشاراته، والإفصاح عن لغاته، وكلت فيه الجليات للناظرين تفاديا من الإملال، وحققت بشرح مهمه الآمال، وسميته {بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني} راجيا أن ينفع الله به المسلمين، وأن يجعله ذخيرة الى يوم الدين، وإليك توضيح ما قصدت وبيان ما أردت.

ويرشد الجميع الى الصراط السوي، وصل المنقطع وأكرم الغريب، وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر كل بعيد وقريب، أنزلت عليه محكم آياتك قرآنا عربيا غير ذي عوج وكلت إليه تفصيل ما أجمل فيه، وبيان ما أخفى منه بقولك جل شأنك: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ} أمرتنا باتباعه صلى الله عليه واله وصحبه وسلم وامثال أمره بقولك عز من قائل: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى

_ اصطلاحات تختص بالتعليق (1) أولا: تذيل كل حديث بسنده فإني آثرت في ترتيب المتن حذف السند تقريبا للفائدة ونفيا للملل والسآمة واقتصارا في الوقت ونزولا على رغبة القارئين في هذا العصر الذي قصرت فيه الهمم، ولما كان ذكر السند لا يخلو من فائدة بل هو عند الحفاظ والأخصائيين من رجال الحديث نصف علومه رأيت أن أحرص على هذه الفائدة فذكرته في التعليق مذيلا كل حديث بسنده فجمعت بين الفائدتين ووحدت بين الرغبتين. (2) ثانيا: حل غريب المتن وضبطه، معرضا عن ذكر تراجم الرواة من الصحابة وغيرهم إلا في كتاب مناقب الصحابة رضي الله عنهم من قسم التأريخ وهو: {القسم السادس من الكتاب} فأني أفيض القول هناك بذكر تراجمهم وافية لا يحتاج معها القارئ الى زيادة، وفيما عدا ذلك قد أشير الى ضبط اسم راو أو بيان حاله عن طريق التنبيه لا سيما في المواطن التي هي مظنة تحريف أو تصحيف. (3) ثالثا: بيان حال الحديث مع ذكر من أخرجه غير الإمام أحمد من أصحاب الأصول أو من أورده في كتابه من متأخري الحفاظ رحمهم الله رامزا لأسمائهم وأسماء كتبهم بالرموز المشهورة كرموز الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله في كتابه الجامع الصغير طلبا للإختصار وربما خالفته في بعضها وقد أصرح بأسماء بعضهم أحيانا. (4) رابعا: كل حديث قلت فيه لم أقف عليه، يعلم أني بحث عنه في الأصول قدر استطاعتي فلم أجده ويكون غالبا مما انفرد به الإمام أحمد رحمه الله. (5) خامسا الإشارة في آخر كل باب إلى ما يستفاد منه وذكر من ذهب إليه من الأئمة المجتهدين إن كان في أحكام الفروع المختلف فيها وذكر شواهد وفوائد وتتميمات في كثير من المواضع.

اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ} فأدى الأمانة وبلغ الرسالة وجاهد في الله حق جهاده، وأنقذ الخلق من الجهالة والفساد، فكان بالمؤمنين رحيما، فصل اللهم وسلم وبارك عليه وعلى آله الطيبين وصحبه أوعية العلم المباركين، والتابعين وتابعي التابعين، ومن تبع هداهم بإحسان الى يوم الدين ووفقنا للإقتداء بهم والإهتداء بهديهم واحشرنا في زمرتهم آمين. أما بعد،،، فيقول العبد الفقير، المعترف بالعجز والتقصير، راجي عفو ربه القدير، {أحمد بن عبد الرحمن بن محمد البنا الشهير بالساعاتي} إن أعظم ما اشتغل به المشتغلون، وشمر إليه العاملون، وتنافس فيه المتانفسون، معرفة كتاب الله تعالى وسنة رسوله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم فعليهما مدار الشريعة الإسلامية، وعلى السنة مدار أكثر الأحكام الفقهية، فإن أكثر الآيات القرآنية في الفروع مجملة، فجاءت السنة بمعانيها ظاهرة مفصلة، وقد قام علماء السلف الصالح في الصدر الأول

_ (6) سادسا: إرجاع مختصرات المتون الى أصولها وذلك أنه جاء في الكتاب أحاديث طويلة ذات أحكام كثيرة تناسب أبوابا متعددة فعمدت الى هذه الاحاديث فوضعتها بتمامها في أليق الأبواب بها ثم قطعتها فقرا فضعت كل فقرة منها في الباب المناسب لحكمها، وقد يظن القارئ لأول وهلة أن هذه الفقرة حديث كامل وليست كذلك فإزالة لهذا اللبس أشير في التعليق إلى أنها طرف من حديث ذكر بتمامة في باب كذا، وربما ذكرته بتمامه في التعليق اذا اقتضى الحال ذلك. (7) سابعا: جاء في المسند أربعة وعشرون حديثا طعن الحافظ العراقي في تسعة منها وأورد ابن الجوزي الخمسة عشر الباقية في موضوعاته، فتصدى للذب عن جميعا الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في كتاب أسماه {القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد} وبما أن هذه الأحاديث جاءت متفرقة في المسند تبعا لمسانيد رواتها من الصحابة رضوان الله عليهم، وجاءت متفرقة في كتابي {الفتح الرباني} تبعا لأبوابها فقد ضمنت هذا التعليق كل ما في كتاب الحافظ من الذب عنها موزعا على كل حديث ما يختص به منه قطعا للتهمة عن هذا الأصل العظيم والله الموفق وهذه هي الرموز المشار إليها

بما يكفل للمسلمين حفظ شريعتهم، وينفعهم في دنياهم وآخرتهم فجمعوا ما تفرق من كلام الرسول الأعظم صلى الله عليه واله وصحبه وسلم، ونظموا ما انتثر من درر حكمه الغالية بعد أن أفرغوا جهدهم وهجروا أوطانهم وفارقوا أولادهم في سبيل الحصول على تلك التركة المباركة التي خلفها لهم سيد المرسلين وامام المتقين سيدنا محمد رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم فظفروا بما طلبوا، وتحصلوا على ما رغبوا ولم يبخلوا بما حفظوا وسمعوا، بل دونوا الكتب والجوامع والمسانيد، لينتفع بها أهل عصرهم وكل عصر جديد، فانتشرت في جميع الأقطار، وانتفع بها أهل القرى والأمصار وبقيت الى وقتنا هذا غداء للأرواح وقدوة للعاملين، وستبقى الى ما شاء الله رب العالمين.

_ رموز التعليق (خ) للبخاري في صحيحه، (م) لمسلم في صحيحه، (ق) للبخاري ومسلم، (د) لأبي داود، (مذ) للترمذي، (نس) للنسائي، (جه) لابن ماجه، (الأربعة) لأصحاب السنن الأربعة: أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه، (الثلاثة) لهم إلا ابن ماجه، (ك) للحاكم في المستدرك، (حب) لابن حبان في صحيحه، (طب) للطبراني في معجمه الكبير، (طس) له في الأوسط، (طص) له في الصغير، (ص) لسعيد بن منصور في سننه، (ش) لابن أبي شيبة، (عب) لعبد الرزاق في الجامع، (عل) لأبي يعلى في مسنده، (قط) للدارقطني في سننه، (حل) لأبي نعيم في الحلية، (هق) للبيهقي في السنن، (لك) للإمام مالك، (فع) للإمام الشافعي فان اتفقا على إخراج قلت أخرجه الإمامان، (نه)، النهاية لابن الأثير المحدث، وإذا قلت: (قال الهيثمي) فالمراد به الحافظ المحدث علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد، وإذا قلت: (قال في التنقيح) فالمراد بذلك كتاب تنقيح الرواة في تخريج أحاديث المشكاة للمحدث الشهير أبي الوزير أحمد حسن، وإذا قلت: (قال في المنتقى) فمرادي بذلك كتاب منتقى الأخبار للإمام المحدث مجد الدين عبد السلام المعروف بابن تيمية الكبير المتوفي سنة أحدى وعشرين وستمائة، وهو غير ابن تيمية شيخ بن القيم، وإذا قلت: (قال الشوكاني) فمرادي في كتابه نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، والله اسأل أن يجعله خالصا لوجهه الكريم وأن يرزقني الفوز بجنات النعيم مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، دعواهم فيها بسحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام وآخر دعواهم أن الحمد لله رب العالمين.

وكان من أولئك الرجال الذين لا تزال وستظل آثارهم باقية وأصواتهم بالحق صارخة عالية، وإن فارقوا هذه الحياة الدنيا واستقروا بدار الكرامة والرضوان إمام المحدثين، والقدوة في الزهد والورع لأئمة الدين إمام السنة وعلم الأمة الإمام أبو عبد الله أحمد بن حمد بن حنبل الشيباني المروزي رحمه الله (1)

_ ترجمة الإمام أحمد اعلم أرشدني الله وإياك أن ترجمة الإمام أحمد رحمه الله تعالى ومناقبه كثيرة جدا تحتاج الى مجلدات، ولما كان لا بد لي من ذكر شيء من ترجمته لمناسبة اسمه في المقدمة رأيت أن أقتصر على أوجز ترجمة لكثرة شواغلي الآن وقيامي بطبع وتصحيح الكتاب أعني {الفتح الرباني} وقد وكلت الى نجلي الأكبر {حسن أحمد البنا} عمل مقدمة كبيرة ضافية تليق بعظمة الكتاب، ومؤلف أصله تقع في جزء لطيف تتضمن شيئا كثيرا من ترجمة الإمام أحمد ومناقبه وسيرته ومحنته وما يتعلق بمسنده ومنزلته عند المحدثين وشيء من فن الحديث وغير ذلك فلبى الطلب؛ وفقه الله عز وجل لعملها وأطال عمره وأحسن عمله وبارك فيه وفي اخوته وجعلهم خلفا صالحا آمين. نسبه رحمه الله قال الحافظ العلامة الإمام في الحديث والقراءات شمس الدين أبو الخير محمد بن محمد بن محمد بن علي بن يوسف بن الجزري المتوفي سنة 833 رحمه الله في كتابه {المصعد الأحمد في ختم مسند الإمام أحمد} ما نصه: أما الإمام أحمد فهو إمام المسلمين وأزهد الأئمة وشيخ الإسلام وأفضل الأئمة الأعلام في عصره وشيخ السنة وصاحب المنة على الأمة أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد بن إدريس بن عبد الله بن حبان بن عبد الله بن أنس بن عوف بن قاسط بن مازن بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكاشة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار بن معد بن عدنان، وقد غلط قوم فجعلوه من ولد ذهل بن شيبان وإنما هو من ولد شيبان بن ذهل بن ثعلبة، وذهل بن ثعلبة هو عم ذهل بن شيبان، وقد اجتمع أحمد والنبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم في نزار لأن النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم مضري من ولد مضر بن نزار، وأحمد بن حنبل ربعي من ولد ربيعة بن نزار فهو أخو مضر بن نزار، وكانت أم أحمد شيبانية أيضا واسمها: صفية بنت ميمونة بنت عبد الملك الشيباني من بني عامر كان أبوه نزل بهم وتزوج بها، وكان عبد الملك بن سواده بن هند الشيباني

وأثابه رضاه فإنه قد أسدى إلى الأمة أعظم ما عليه يحمد بإخراجه

_ من وجوه بني عامر وكان ينزل بها قبائل العرب فيضيفهم. مولده ووفاة والده ولد الإمام أحمد رحمه الله تعالى في العشرين من ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة ببغداد (¬1) وقال الحافظ أبو يعلى الحنبلي أنه ولد بمرو ثم حمل الى بغداد وهو رضيع وكان أبوه في زي الغزاة أصله من البصرة وتوفي أبوه محمد وله ثلاثون سنة وأحمد طفل. نشأته ومشايخه وتلاميذه قال الإمام أحمد: لم أر جدي ولا أبي، و، شأ في بغداد وعرف فضله وهو غلام في الكتاب فسمع من هشيم وإبراهيم بن سعد وسفيان بن عيينة ويحيى القطان عباد بن عباد وهذه الطبقة، وسمع بالعراق والحجاز والشام واليمن، روى عنه البخاري مباشرة وورى عن واحد عنه في صحيحه، ومسلم وأبو دادو وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان وعبد الله وأخوه صالح ابناه وخلق كثير وآخرهم أبو القاسم البغوي رحمهم الله. أول طلبه الحديث وثناء الناس عليه أول طلبه للحديث سنة تسع وسبعين (أي بعد المائة) وله ست عشر سنة رحمه الله قال عبد الله بن الإمام أحمد سمعت أبا زرعة يقول: كان أبوك يحفظ ألف ألف حديث قيل وما يدريك: قال: ذاكرته فأخذت عليه الأبواب. وقال أبو عبيد: انتهى العلم الى أربعة: أفقههم أحمد ثم قال: لست أعلم في الإسلام مثله. وقال علي بن المديني: إن الله تعالى أيد هذا الدين بأبي بكر الصديق رضي الله عنه يوم الردة وبأحمد بن حنبل رحمه الله تعالى يوم الفتنة. وقال يحيى بن معين: والله ما تحت أديم السماء أفقه من أحمد بن حنبل، ليس في شرق ولا غرب مثله. وقال حرملة: سمعت الشافعي يقول: ما خلفت ببغداد أفقه ولا أورع ولا أعلم من أحمد. وقال الحافظ الذهبي: انتهت إليه الإمامة في الفقه والحديث والإخلاص والورع، واجمعوا على أنه ثقة حجة إمام. اهـ ونقل الحافظ أبو موسى المديني المتوفي سنة 581 في كتابه خصائص المسند عن خط أبي بكر بن أبي نصر قال أبو الحسن اللنباني سمعت عبد الله بن أحمد بن حنبل رحمه الله يقول: كتب أبي عشرة آلاف الف حديث ولم يكتب سوادا في بياض إلا قد حفظه. اهـ ونقل الشوكاني عن ابي زرعة قال كانت كتب أحمد بن حنبل اثنى عشر حملا وكان يحفظها عن ظهر قلبه وكان يحفظ الف الف حديث اهـ صفته رحمه الله قال الحافظ الذهبي رحمه الله: يصف الإمام أحمد في ترجمته هو عالم العصر وزاهد

للناس كتابه المشهور {بمسند الإمام أحمد (1) الذي شهد له المحدثون

_ الوقت ومحدث الدنيا ومفتي العراق وعلم السنة وباذل نفسه في المحنة وقل أن ترى العين مثله كان رأسا في العلم والعمل والتمسك بالأثر، ذا عقل رزين وصدق متين وإخلاص مكين، وخشية ومراقبة للعزيز العليم، وذكاء وفطنة وحفظ وفهم وسعة علم، هو أجل من أن يمدح بكلمي وأن أفوه بذكره بفمي كان ربعة من الرجال أسمر، وقيل كان طويلا يخضب بالحناء وفي لحيته شعر أسود ويلبس ثيابا غليظة ويتزر ويعتم، تعلوه سكينة ووقار وخشية رضي الله عنه. تاريخ وفاته ومدة عمره رحمه الله قال الحافظ الذهبي: وكانت وفاته يوم الجمعة عاشر او حادي عشر ربيع الأول سنة أحدى وأربعين ومائتين وله سبع وسبعون سنة وعشر ليال وشيعه أمم لا يحصيهم إلا الله تعالى حزروا بثمانمائة ألف فالله تعالى أعلم. إهـ الكلام على مسند الإمام أحمد قال الإمام الحافظ نور الدين أبو الحسن علي بن أبي بكر الهيثمي المتوفي سنة 807 رحمه الله في كتابه زوائد المسند على الكتب الستة، إن مسند أحمد أصح صحيحا من غيره لا يوازي مسند أحمد كتاب مسند في كثرته وحسن سياقه. وقال الحافظ السيوطي: في خطبة كتابه الجامع الكبير ما لفظه: وكل ما كان في مسند أحمد فهو مقبول، فان الضعيف الذي فيه يقرب من الحسن. وقال الحافظ: في كتابه تعجيل المنفعة في رجال الأربعة: ليس في المسند حديث لا أصل له إلا ثلاثة أحاديث أو أربعة منها حديث عبد الرحمن بن عوف أنه يدخل الجنة زحفا قال والإتذار عنه أنه مما أمر أحمد بالضرب عليه فترك سهوا، نقله الشوكاني في اول كتابه نيل الأوطار في ترجمة الإمام أحمد. قلت: وقال الحافظ بن الجزري في كتابه المصعد الأحمد حدثني شيخنا الإمام العالم شيخ الفقهاء شمس الدين محمد بن عبد الرحمن الخطيب الشافعي رحمه الله تعالى قال سئل الشيخ الإمام الحافظ أبو الحسين علي بن الشيخ الإمام الحافظ الفقيه محمد بن اليونيني رحمهما الله تعالى: أنت تحفظ الكتب الستة؟ فقال: أحفظها وما أحفظها، فقيل له كيف هذا؟ فقال: انا أحفظ مسند أحمد وما يفوت المسند من الكتب الستة إلا قليل، أو قال وما في الكتب الستة هو في المسند يعني إلا قليل وأصله في المسند فأنا أحفظها بهذا الوجه أو كما قال رحمه الله تعالى. (وبالإسناد) إلى إسحاق البرمكي قال ثنا أبي قال ثنا القاسم بن الحسن قال سمعت أبا الحسن بن عبيد الحافظ يقول سمعت عبد الله بن احمد يقول خرج أبي المسند من سبع مائة ألف حديث. وقال عثمان بن السباك: ثنا حنبل قال جمعنا احمد بن حنبل أنا وصالح وعبد الله وقرأ علينا المسند وما سمعه غيرنا وقال لنا هذا الكتاب جمعته وانتقيته من أكثر من سبع مائة ألف حديث وخمسين ألفا فما اختلف المسلمون من حديث رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم فارجعوا اليه فإن وجدتموه

في القديم والحديث بأنه أجمع كتب السنة للحديث وأصحها بعد الصحيحين وأوعاها لكل ما يحتاج إليه المسلم في زاده ومعاده من بغير مين، فو كتاب لا تزال بركته شاملة يقدره من يعرف قدر السنة الفاضلة، ولا يزال هذا العمل مشكورا للإمام أحمد مادام في الأرض إسلام ومسلمون جزاه الله وسلفه ومن سلك سبيله وأقتفى آثاره خير جزاء ورحمهم بأوسع رحمته وأسكنهم فسيح جنته وهدانا لى طريق الرشاد ونجانا من هول يوم التناد آمين.

_ وإلا فليس بحجة اهـ. وقال الحافظ أبو موسى المديني: رحمه الله في كتابه خصائص المسند وهذا الكتاب يعني: {مسند الإمام أحمد} أصل كبير ومرجع وثيق لأصحاب الحديث انتقي من حديث كثير ومسموعات وافرة فجعله اماما ومعتمدا وعند التنازع ملجأ ومستندا قال ولم يخرج إلا عن من ثبت عنده صدقه وديانته دون من طعن في امانته (وقال أيضا) ومن الدليل على أن ما أودعه الإمام أحمد رحمه الله مسنده قد أحتاط فيه إسنادا ومتنا ولم يورد فيه إلا ما صح عنده على ما أخبرنا أبو علي سنة خمس (يعني وخمسمائة) قال ثنا أبو نعيم (ح) وأنا ابن الحصين قال أنا بن المذهب قال أنا القطيعي قال ثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن ابي التياح قال سمت أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم أنه قال: {يهلك أمتي هذا الحي من قريش، قالوا: فما تأمرنا يا رسول الله، قال لو أن الناس اعتزلوهم} قال عبد الله قال لي أبي في مرضه الذي مات فيه اضرب على هذا الحديث فإنه خلاف الأحاديث عن النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم يعني قوله: {اسمعوا وأطيعي} وهذا مع ثقة رجال اسناده حين شذ لفظه عن المشاهير أمر بالضرب عليه فقال عليه ما قلنا وفيه نظائر له اهـ (قلت): هذا مثال لشدة احتياط الامام احمد في المتن، (وأما احتياطه في السند) فقد روى القطيعي قال حدثنا عبد الله (يعني بن الامام احمد) حدثني أبي ثنا علي بن ثابت الجزري عن ناصح أبي عبد الله عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم قال: {لأن يؤدب الرجل ولده أو أحدكم ولده خير له من أن يتصدق كل يوم بنصف صاع} قال عبد الله وهذا الحديث لم يخرجه ابي في مسنده من أجل ناصح لأنه ضعيف في الحديث وأملاه في النوادر. (قلت) وهذا الحديث ذكرته في كتابي (الفتح الرباني) في الباب الرابع من كتاب البر والصلة وأشرت إليه في التعليق. قال الشوكاني: وقد حقق الحافظ نفي الوضع عن جميع أحاديثه وأنه أحسن انتقاء وتحريرا من الكتب التي لم يلتزم مصنفوها

طريقة الإمام أحمد في ترتيب مسنده هذا وقد سلك الإمام أحمد رحمه الله تعالى في كتابه مسلكا يتفق مع أهل عصره فرتبه على مسانيد الصحابة فهو يذكر الصحابي ثم يذكر كل ما رواه عن الرسول صلى الله عليه واله وصحبه وسلم من الأحاديث بدون نظر الى ترتيبها أو موضاعاتها ثم، ثم يقفي بصحابي آخر وهكذا، فترى الحديث من أحكام العبادات يلي أخاه في الجنايات ويجاورهما حديث في الترغيب والترهيب إلى غير ذلك من أغراض السنة، فلست تستطيع أن تهتدي الى حديث بعينه، ولست تقدر أن تجمع بين شتات الأحاديث التي وردت فيه عن موضوع واحد {مثال ذلك} روى الامام أحمد رحمه الله تعالى في مسنده بسنده عن عبد الله بن شداد عن أبيه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم في أحدى صلاتي العشي الظهر أو العصر وهو حامل حسن أو حسين فتقدم النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم فوضعه ثم كبر للصلاة فسجد بين ظهري صلاته سجدة أطالها قال (أي الرواي) اني رفعت راسي فاذا الصبي على ظهر الرسول صلى الله عليه واله وصحبه وسلم فرجعت في سجودي فلما قضى رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم الصلاة قال الناس يا رسول الله انك سجدت بين ظهري الصلاة سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك قال: كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني فكرهت ان اعجله حتى يقضي حاجته} هذا آخر حديث في المسند ذكرته أنا في كتابي في باب جواز حمل الصغير في الصلاة من أبواب ما يبطل الصلاة وما يكره فيها وما يباح، فإذا كنت تريد هذا الحديث من المسند وتجهل اسم راويه من الصحابة فماذا كنت فاعلا؟ لا مناص لك من أحد أمرين: إما أن تقرأ الكتاب جميعه وهذا بعيد جدا، وإما أن تتركه وهنا ضاعت

_ العنعنة في جميعها كالموطء والسنن الأربع وليست الأحاديث الزائدة فيه على الصحيحين بأكثر ضعفا من الأحاديث الزائد في سنن أبي داود والترمذي. اهـ (قلت) هذه هي صفوة القول في المسند والله أعلم.

الفائدة. وإذا كنت تحفظ اسم الراوي فلا بد لك من تصفح فهرس أجزاء الكتاب وتبلغ صفحاته ثلاثة وعشرين صحيفة، فلو تحملت هذه المشقة وعثرت على اسم الراوي، فلا بد لك من قراءة مسند هذا الراوي من أوله حتى تجد الحديث فربما لا تجده إلا في آخره، وفي هذا عناء شديد ولا سيما إذا كان الراوي من ذوي المسانيد الطويلة كمسند أبي هريرة وعائشة وابن عباس وأنس وجابر بن عبد الله وابن عمر وأمثالهم، فكل مسند من مسانيد هؤلاء يصح أن يكون كتابا مستقلا. هذه المصاعب كلها تعترضك في البحث عن حديث واحد، فما بالك إذا اعتراك موضوع يفتقر الى جملة أحاديث؟ لا شك أنك تترك الموضوع أو أنك تبحث عنه في كتاب آخر أقرب تناولا. هذا ما صرف المتأخرين عن المسند وحرمهم من الانتفاع بخبايا مكنوناته، إلى غيره من الكتب الأخرى المرتبة على الأبواب. (نعم) إن ترتيب المسند على مسانيد الصحابة كان مفيدا في القديم، وقد سبق الامام أحمد بهذه الطريقة عبيد الله بن موسى العبسي وأبو داود الطيالسي وغيرهما وكان غرضهم بذلك رحمهما الله تدوين الحديث ليحفظ ولفظه ويستنبط منه الحكم، وكان الناس إذ ذاك لهم اعتناء شديد بحفظ الأحاديث وكان الرجل يحفظ مسند الصحابي كما يحفظ السورة من القرآن، ذلك لأن القوم كان اعتمادهم على الحفظ والاستظهار فهم يعلمون موضع الحديث من الكتاب وموانع الاحاديث المتشابه من ذلك (أما الآن وقد صار اعتماد الناس على الضبط الكتابي فقد وقف ذلك حائلا دون الانتفاع بكتاب عظيم وأصل كبير كالمسند، ومازال (1) المسند منذ ألف إلى اليوم درة في

_ (1) " ومازال المسند منذ ألف إلى اليوم درة في صدفها > هذا الكلام يشير الى أن المسند لم تمد اليه يد بعمل من ترتيب منذ ألف الى اليوم فإن قيل كيف هذا؟ وقد ثبت أن بعض المحدثين رتبه على معجم الصحابة وبعضهم رتبه على حروف المعجم (قلت): نعم، وقد ثبت أيضا أن بعضها لم يتم وبعضها وبعضها عدم في فتنة تيمورلنك بدمشق قاله الحافظ. (قلت): ولم أقف على شيء من ذلك الا بعض أجزاء ناقصة مخطوطة بدار الكتب المصرية

صدفها وحسناء في خدرها وكنزا مخبوءا لا يصل الى الى جواهر مكنوناته الا الحفاظ الاثبات من رجال الحديث، ولما كنت منذ الطفولة ولوعا بكتب السنة الى نهاية الطلب ويسر الله لي في تلك الفترة قراءة الكتب الستة وغيرها من الكتب المعتبرة عند المحدثين استاقت نفسي الى قراءة المسند وذلك في سنة أربعين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية وهي نهاية الحلقة الرابعة من عمري فوجدته بحرا خضما يزخر بالعلم ويموج بالفوائد بيد أنه لا فرضة (1) له ولا سبيل الى اصطياد فرائده (2) واقتناص شوارده فخاطر بالخاطر الخاطر وناجتني نفسي ان ارتب هذا الكتاب، وأعقل شوارد أحاديثه بالكتب والأبواب، وأقيد كل حديث منه بما يليق به من باب وكتاب، وأقرنه بقرينه وأنيسه، وأجلس كل جليس مع جليسه، فاستصغرت نفسي هنالك، واستعجزتها عن ذلك، ولم يزل الباعث يقوى والهمة تنازعني والرغبة تتوفر وأنا اعللها بما في ذلك من التعرض للملام، والانتصاب للقدح، والأمن من ذلك جميعه مع الترك، ويأبى الله إلا أن

_ لا تفيد شيئا فكأن المسند لم تمد اليه يد كما أشرت الى ذلك، < هذا > وقد بحثت كثيرا في اثناء ترتيبي للكتاب نسخة من المسند مخطوطة فلم أجد الا نسخة واحدة بدار الكتب فحاولت استعارة جزء منها لأراجع عليه النسخة المطبوعة فلم يسمح لي بذلك لأن دار الكتب لا تعير الكتب المخطوطة فكنت ألاقي صعوبات ومشقات شديدات لا يعلمها الا الله تعالى في مراجعة الأصول الأخرى كصحيح البخاري ومسلم والسنن الأربع والموطء والمستدرك والدارقطني والبيهقي وجمع الفوائد ومجمع الزوائد وتيسير الوصول وغير ذلك كثيرا حتى أطمئن، وذلك عندما أجد تحريفا أو تصحيفا أو نحو ذلك في النسخة المطبوعة رغم على العناية بتصحيحها ومقابلتها على نسخ مخطوطة في أثناء طبعها، وقد بذلت في هذا السبيل كل مجهود نفسي ومالي واستحضرت ما قدرت عليه من المواد المطبوعة من الهند وروسيا وغيرهما وليست في مصر ولا يكلف الله نفسا الا وسعها. (1) الفرضة: من البحر محط السفن {أي الميناء}. (2) فرائده أي جواهره النفيسة كاللؤلؤ والمرجان ونحوهما.

يتم نوره فتحققت بمعونة الله تعالى العزيمة وصدقت النية وخلصت بتوفيقه الطوية في العمل {وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه أنيب} فاخترت له وضعا يزيد بيانه حسبما أدى حسبما أدى اجتهادي وانتهى اليه عرفاني هذا بعد أن أخذت فيه رأي أولى المعارف والنهى. وأرباب الفضل والحجى، وذوي البصائر الثاقبة والآراء الصائبة واشترت من لا اتهمه (1) دينا وأمانة وصدقا ونصيحة وعرضت عليه الوضع الذي عرض لي واستأنست به في هذا الصنع الذي رسخ عندي فكل أشار بما قوى العزيمة. وحقق اخراج ما في النية الى الفعل في هذه الدرة اليتيمة، فاستخرت الله تعالى أن يجعله خالصا لوجهه ويتقبله ويعين علي نجزه بصدق النية فيه، ويسهله وهو المجازى على مودعات السرائر، وخفيات الضمائر، هذا مع كثرة العوائق الدنيوية، وازدحام العوارض الضرورية، وضيق الوقت عن فراغ البال، لمثل هذا المهم والغرض الشريف النادر والمثال، ولولا أن الباعث ديني، والغرض منه أخروي لكنت على الالمام به واهية، والهمة عن التعرض اليه قاصرة والعزيمة عن الشروع فيه فاترة، ولكن كان المحرك قويا، والجاذب شريفا عليا، وأنا أسأل كل من وقف عليه ورأى فيه خللا أو لمح فيه زللا أن يصلحه حائزا به جزيل الأجر وجميل الشكر، فان المهذب قليل والكامل عزيز عديم، وأنا معترف بالقصور والتقصير، مقر بالتخلف عن هذا المقام الكبير، على أن هذا الكتاب في نفسه بحر زاخر تتلاطم أمواجه وبر وعرة فجاجه، لا يكاد الخاطر يجمع أشتاته، ولا يقوم الذكر بحفظ أفراده، فانها كثير العدد، متشعبة الطرق مختلفة الروايات، وقد بذلت في جمعها وترتيبها الوسع واستعنت بتوفيق الله تعالى ومعونته في تأليفه وتهذيبه وتنقيحه وترتيبه وسميته {الفتح الرباني في ترتيب مسند الامام أحمد بن

_ (1) أشير بذلك إلى أخي في الله وصديقي وشيخي الأول العالم العامل الصالح الورع فضيلة الأستاذ محمد زهران، أسكننى الله واياه فسيح الجنان.

حنبل الشيباني} سائلا المولى جل شأنه أن يجعله لوجهه الكريم وأن ينفع به النفع العميم وأن يرزقني الفوز بجنات النعيم مع الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، ربنا اغفر لنا ولاخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل قلوبنا غلا للذين آمنوا ربنا إنك رؤوف رحيم. باب في كيفية وضع الكتاب وفيه مقاصد (المقصد الأول في سبب حذف السند) اعلم هداني الله واياك الى سبيل الرشاد ووفقنا لما فيه الخير والسداد، أني لما شرعت في عمل هذا الكتاب بتوفيق الله تعالى وهدايته وحوله وقوته وعنايته، وكنت فيه طالبا أقرب المسالك، ليسهل تناوله على الطالب والسالك، حذفت السند ولم أثبت منه إلا اسم الصحابي الذي روى الحديث عن النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم إن كان خبرا، أو اسم من يرويه عن الصحابي إن كان إثرا، إلا أن يعرض في الحديث ذكر اسم أحد رواته مما تمس الحاجة إليه فأذكره لتوقف فهم المعنى المذكور في الحديث عليه، سواء كان هذا الراوي في ابتداء السند أو في انتهائه، وربما ذكرت السند جميعه في بعض المواضع لهذا الغرض او لغرض آخر وذلك بعد أخذ رأي كثير من أفاضل العلماء، فكان من رأيهم حذف السند، لأن السواد الأعظم من الناس يرغب عن الكتب المسندة إلى غيرها من الكتب المختصرات تقريبا للفائدة، وتفاديا من السآمة والملل واقتصادا في الوقت، وقد أدرك كثير من كبار المحدثين المتقدمين تفشي هذا الداء في الناس فاختصروا كتبهم بحذف السند منهم الإمام البغوي في كتابه مصابيح السنة، والحافظ ابن الأثير في كتابه جامع الأصول، والزبيدي في كتابه التجريد الصحيح لأحاديث الجامع الصحيح وغيرهم رحمهم الله، ولنا في الإقتداء بهم أسوة حسنة، ومع هذا فقد عقبت كل حديث بسنده في التعليق، لكيلا يحرم من فائدته أولوا النظر والتدقيق

المقصد الثاني في سبب تكرير الحديث في كتب المحدثين اعلم ارشدني الله واياك أنه وقع في المسند أحاديث مكررة كغيره من الكتب الأصول المعتبرة، كصحيحي البخاري ومسلم والسنن الأربع ونحوها، وما فعل مؤلفوها ذلك عبثا بل لحكمة عظيمة، منها تعدد الطرق في اسند واختلاف الألفاظ في المتن ونحو ذلك، فتارة يروى الحديث الواحد عن صحابي واحد من طرق متعددة بألفاظ مختلفة (1) فلحرصهم على الإحاط بجميع الروايات وقع التكرار في كتبهم، وبتتبعي لأحاديث المسند لم أجد حديثا مكررا إلا لذلك ونحوه

_ (1) فإن قيل كيف يختلف اللفظ والمصدر واحد؟ (قلت) قد يقع ذلك من بعض الرواة، فبعضهم يروي الحديث باللفظ، وبعضهم يرويه بالمعنى، وروايته بالمعنى جائزة خصوصا في القرون الثلاثة الأولى لقرب عهدهم بعصر النبوة وعلمهم بمواقع الخطاب ودقائق ألفاظه وأمانتهم في التبليغ لقوة إيمانهم. قال حجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله: في كتابه المستصفى نقل الحديث بالمعنى دون اللفظ حرام على الجاهل بمواقع الخطاب ودقائق الألفاظ، أما العالم بالفرق بين المحتمل وغير المحتمل والظاهر والأظهر والعام والأعم فقد جوز له الشافعي ومالك وأبو حنيفة وجماهير الفقهاء أن ينقله على المعنى إذا فهمه. (وقال فريق): لا يجوز له إلا إبدال اللفظ بما يرادفه ويساويه بالمعنى كما يبدل القعود بالجلوس والعلم بالمعرفة، والاستطاعة بالقدرة، ووالابصار والاحساس بالبصر، والحظر بالتحريم وسائر ما لا يشك فيه، وعلى الجملة ما لا يتطرق اليه تفاوت بالإستنباط والفهم، وإنما ذلك فيما فهمه قطعا لا فيما فهمه بنوع استدلال يختلف فيه الناظرون ويدل على جواز ذلك للعالم الإجماع على شرح الشرع للعجم بلسانهم، فإذا جاز إبدال العربية بالعجمية ترادفها فلأن يجوز إبدال عربية بعربية ترادفها وتساويها أولى وكان سفراء رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم في البلاد يبلغونهم أوامره بلغتهم، وكذلك من سمع شهادة الرسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم فله أن يشهد على شهادته بلغة أخرى هذا لأنا نعلم أنه لا تعبد باللفظ. (فإن قيل): فقد قال صلى الله عليه واله وصحبه وسلم {نضر امرءا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها فرب مبلغ أوعى من سامع ورب حامل فقه ليس بفقيه ورب حامل فقه الى من هو أفقه منه}، قلنا هذا هو الحجة لأنه ذكر اختلاف الناس في الفقه فما لا يختلف الناس فيه من الألفاظ من الألفاظ المترادفة فلا يمنع منه وهذا

المقصد الثالث في كيفية عملي في المكرر اعلم انه اذا ذكر الحديث من صحابي واحد كأبي بكر رضي الله عنه مثلا أكثر من مرة لتعدد طرقه او اختلاف لفظه نظرت في ذلك، فأثبت الزائد معنى والأصح سندا وأحذف ما عداه فإن وجدت في المحذوف شيئا يسيرا زائدا عن المثبت يشتمل على معنى زائد عنه أو تفسير له أو نحو ذلك فإني أخلص منه تلك الزيادة وأثبتها في المكان اللائق بها من الحديث المثبت جاعلها بين قوسين مصدرة بقولي: (وفي رواية كذا وكذا) إشارة أنها من رواية هذا الصحابي بحيث لو قرئ الحديث بهذه الزيادة لا يختل بالمعنى (فإن كانت) الزيادة ولا يصح وضعها في خلال الحديث المثبت لاختلال المعنى بوجودها او عدم انسجام اللفظ ذكرتها عقب الحديث مصدرها بقولي (وعنه في أخرى أوعنه من طريق آخر بنحوه) وفيك كذا وكذا (فإن كان) الطريقين أكثر من معنى والآخر أصح سندا ذكرتهما معا بلفظهما، الأول لكثرة أحكامه والثاني لصحة سنده معتبرا هذه الروايات جميعا حديثا واحدا في العد (1) وكذلك أفعل إذا روى الحديث

_ الحديث بعينه قد نقل بألفاظ مختلفة والمعنى واحد، وإن أمكن أن تكون جميع تلك الألفاظ قول رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم في أوقات مختلفة لكن الأغلب أنه حديث واحد ونقل بألفاظ مختلفة، فإنه روي {رحم الله امرءا ونضر الله امرءا}، وروي {ورب حامل فقه لا فقه له، ورب حامل فقه غير فقيه} وكذلك الخطب المتحدة والوقائع المتحدة رواها الصحابة رضي الله عنهم بألفاظ مختلفة فدل ذلك على الجواز. اهـ (1) مطلب في بيان اصطلاحي في عد أحاديث الكتاب: اعلم رعاك الله أني رأيت من تمام الفائدة وتسهيل المراجعة وتمشيا مع نظام الحديث عد الأحاديث بالأرقام المسلسلة جاعلا لكل كتاب منه عددا مستقلا مبتدئا بكتاب معرفة الله عزل وجل توحيده لأنه أول كتب الكتاب حتى إذا انتهى بدأت العد من أول حديث في الكتاب الذي يليه وهكذا حتى ينتهي القسم الأول وهو قسم التويحد وأصول الدين ثم أضم أعداد هذه الكب بعضها لبعض فالعدد الناتج من ذلك المجموع يكون عدد

عن أكثر من صحابي، فأثبت ما كان اكثر أحكاما وأصح سندا وأشير الى الباقي معتبرا كل رواية حديثا مستقلا في العد لتعدد رواته من الصحابة رضي الله عنهم (مثال ذلك) إذا روى أبو بكر رضي الله عنه حديثا في الطهارة مثلا ثم روى هذا نفسه عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم وكان حديث ابي بكر أصح سندا وحديث عمر أكثر أحكاما فإني أذكرهما بلفظهما وأشير الى الباقي بقولي وعن عثمان رضي الله عنه مثله وهكذا. (فان توفرت) الشروط في حديث ابي بكر أعني الصحة وكثرة الأحكام فإني أشير الى حديث عمر وغيره كما تقدم، (فإن جاء) في حديث عثمان مثلا زيادة لم توجد في حديث أبي بكر وعمر وكان فيهما ما ليس في حديث عثمان من جهة أخرى قلت وعن عثمان رضي الله عنه بمعناه وزاد كذا وكذا، وقصدي يذلك الحرص على عدم ضياع شيء من الأصل وتعزيز الحديث بكثرة طرقه والله الموفق. المقصود الرابع في استيعابي لأحاديث المسند اعلم وفقني الله واياك لما يرضيه اني استوعبت في كتابي هذا جميع احاديث المسند وماتركت حديثا أو أثرا أو شيئا منه قصدا إلا إذا كان عن سهو أو خطأ، فإن الإنسان ليس معصوما من الخطا والنسيان وما قصدت بعلمي هذا الا تهذيب الكتاب وتقريب تناوله للطلاب مع المحافظة على جميع معانيه، وإن حذفت بعض مبانيه، فإذا بلغك حديث معزو الى مسند الامام احمد وأردت الإطلاع عليه في

_ القسم ثم أجري هذه العملية في بقية الأقسام حتى نهاية القسم الأخير وهو القسم السابع فأضم أعداد الأقسام السبعة بعضها لبعض فالناتج من ذلك المجموع يكون عدد الكتاب جميعه. (تنبيه) كل حديث مكرر عن صحابي واحد في معنى واحد لاختلاف لفظه أو تعدد طرقه أعده حديثا واحدا، فإن رواه أكثر من واحد من الصحابة رضي الله عنهم جعلت رواية كل صحابي حديثا مستقلا وإن اتحد في اللفظ والمعنى.

كتابي هذا ولم تجده فلا تجزم بعدم وجوده فيه لأن فيه أحاديث كثيرة تشتمل على جملة أحكام لا تندرج تحت باب أودعتها في كتاب الأدب والمواعظ والحكم وجوامع الكلم من قسم الترغيب وهو آخر كتب القسم الرابع من أقسام الكتاب وفي كتاب الترهيب من الخصال من المعاصي معدودة وهو في القسم الخامس من أقسام الكتاب، وفي خطب النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم في القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية، فابحث فيه هذا الموضع تجد ضالتك ان شاء الله تعالى، على أنه ربما خطر ببالك أن الحديث محله باب والحال أنه وضع في غيره لمعنى لمعنى آخر فانظر سياق الحديث وما تضمنه من المعاني ثم ابحث عنه في مظانه فلا تحرم من وجوده ويندر أن تحتاج الى هذا والله الهادي. المقصد الخامس في العمل في الأحاديث الطويلة التي تتضمن أحكاما كثيرة جاء في المسند أحاديث طويلة تتضمن جملة أحكام تليق بأبواب متعددة فان وضع الحديث بطوله في كل باب طال به الكتاب، وان وضع في باب واحد ضاعت فائدته من الأبواب الأخرى، فرأيت في مثل هذا أن أضعه أولا بتمامه في أليق الأبواب به ثم أقطعه قطعا أوزعها على تلك الأبواب كل بما يناسبه مع الإشارة إليه كحديث علي رضي الله عنه الذي تضمن أذكار الصلاة من دعاء الإفتتاح الى ما يقال بعد السلام فإني ذكرته أولا بتمامه في باب إفتتاح الصلاة لأنه أليق الأبواب به كما ستراه ان شاء الله تعالى ثم وزعته على الأبواب الباقية فجعلت ما يختص بالركوع في باب الركوع، وما يختص بالسجود في باب السجود وهكذا الباقي، (فان كان) الحديث قصيرا وتضمن أكثر من حكم كررته في كل باب من أحكامه إن لم يوجد في الباب ما يغني عنه فان وجد ذكرته مرة واحدة في أليق الأبواب والله الموفق للصواب

المقصد السادس في تقسيم أحاديث المسند الى ستة أقسام وبيان رموزها بتتبعي لأحاديث المسند وجدتها تنقسم الى ستة أقسام (1) قسم رواه أبو عبد الرحمن (1) عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله تعالى عن أبيه سماعا منه، وهو المسمى بمسند

_ ترجمة عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله (1) أبو عبد الرحمن: كنية عبد الله بن الامام احمد، قال الحافظ ابن الجزري رحمها لله في كتابه المصعد الأحمد في ختم مسند الامام احمد: وأما ابنه أبو عبد الرحمن: عبد الله بن الامام احمد رحمه الله تعالى فهو الامام الحجة الحافظ العمدة الذهلي الشيباني البغدادي أحد الأعلام، {تاريخ ميلاده وذكر بعض شيوخه}: ولد سنة ثلاث عشرة ومائتين وطلب الحديث في حداثته قبل ذلك، وكان أخوه صالح بن أحمد القاضي أسن منه، وأكبر شيخ له يحيى بن عبدون من أصحاب شعبة، ورى عن قتيبة بن سعد بالإجازة، وشيوخه يزيدون على الأربعمائة، ورى عن أبيه التفسير والزهد والتاريخ والعلل والسنة والمسائل وغير ذلك. {ذكر تلاميذه} روى عنه أبوه الإمام أحمد وأبو عبد الرحمن السنائي وابن أبي حاتم وابن صاعد وأبو عوانة ودعلج وأبوبكر النجاد وأبو القاسم البغوي وأبو القاسم الطبراي، وأبو علي بن الصواف والقاضي المحاملي وأبو الحسن أحمد بن محمد اللنباني (نسبة الى لنبان بتقديم النون وضم اللام محلة باصبهان) وأبوبكر القطيعي وجماعة كثيرة وجمع وصنف ورتب مسند أبيه وهذبه بعض التهذيب وزاد فيه أحاديث كثيرة عن مشايخة. {ثناء الإمام أحمد على ابنه عبد الله}: قال عباس الدوري كنت يوما عند احمد بن حنبل فدخل ابنه عبد الله فقال يا عباس إن أبا عبد الرحمن قد وعى علما كثيرا، قال أبو زرعة قال لي أحمد ابني عبد الله محظوظ من علم الحديث لا يكاد يذاكرني الا بما لا أحفظ، وقال بن عدي: نبل عبد الله بأبيه وله في نفسه محل من العلم أحيا علم أبيه بمسنده الذي قرأه أبوه عليه خصوصا قبل أن يقرأه على غيره ولم يكتب عن أحد إلا من أمره أبوه أن يكتب عنه، وقال الخطيب البغدادي: كان ثقة ثبتا فهما. {مؤلفات الامام عبد الله بن احمد، وثناء الذهبي على المسند} قال الحافظ الذهبي رحمه الله تعالى: له من التصانيف كتاب السنة مجلد، وكتاب الجمل والوقع مجلد، وكتاب سؤالاته أباه وغير ذلك، قال: ولو أنه حرر ترتيب المسند وقربه وهذبه لأتى

الإمام أحمد وهو كبير جدا يزيد عن ثلاث أرباع الكتاب (2) وقسم سمعه عبد الله

_ بأسنى المقاصد فلعل الله تبارك وتعالى أن يقيض لهذا الديوان السامي من يخدمه وبوب عليه أو يتكلم على رجاله ويرتب هيئته ووضعه فإنه محتو على أكثر الحديث النبوي وقل أن يثبت حديث إلا وهو فيه: (قال وأما الحسان) فما استوعبت فيه بل عامتها ان شاء الله تعالى فيه، (وأما الغرائب) وما فيه لين فروى من ذلك الأشهر وترك الأكثر مما هو مأثور في السنن الأربعة ومعجم الطبراني الأكبر والأوسط ومسندي أبي يعلى والبزار وأمثال ذلك. (قال) ومن سعد مسند الامام أحمد قل أن تجد فيه خبرا ساقطا. اهـ كلام الذهبي رحمه الله تعالى. ذكر من رتب المسند من المتقدمين: قال الحافظ بن الجزري رحمه الله تعالى اما ترتيب المسند فقد اقام الله لترتيبه شيخنا خاتمة الحفاظ الامام الصالح الورع أبابكر محمد بن عبد الله بن محب الصامت رحمه الله تعالى فرتبه على معجم الصحابة ورتب الرواة كذلك كترتيب كتاب الأطراف تعب فيه تعبا كثيرا، ثم ان شيخنا الإمام مؤرخ الإسلام وحافظ الشام عماد الدين أبا الفداء اسماعيل بن عمر بن كثير رحمه الله تعالى أخذ هذا الكتاب المرتب من مؤلفه وأضاف اليه الكتب الستة ومعجم الطبراني الكبير ومسند البزار ومسند أبي يعلى الموصلي وجهد نفسه كثيرا وتعب فيه تعبا عظيما فجاء لا نظير له في العالم وأكمله الا بعض مسند أبي هريرة فإنه مات قبل أن يكمله فإنه عوجل بكف بصره، وقال لي رحمه الله تعالى لا زلت أكتب فيه في الليل والسراج ينونص حتى ذهب بصري معه، ولعل الله أن يقيض له من يكمله فان معجم الطبراني الكبير لم يكن فيه شيء من مسند أبي هريرة رضي الله عنه اهـ (قلت): يوجد في دار الكتب المصرية ثمان أجزاء من كتاب جامع المسانيد والسنن للحافظ ابن كثير بعضها مخروم ولا ندري كمية الأجزاء المفقودة ولا تصرح دار الكتب باعارة بعض الموجود لأحد وحيث كان كذلك فهو في حكم المعدوم وأظنه هو الذي أشار اليه الحافظ ابن الجزري رحمه الله تعالى (وإني أحمد الله تعالى) الذي وفقني للقيام بخدمة المسند وترتيبه وتبوبيه والتعليق عليه كما جاء رجاء الحافظ الذهبي سائلا المولى جل شأنه أن يجعله مقبولا لديه، خالصا لوجهه الكريم وأن ينفع به النفع العميم. تاريخ وفات عبد الله بن الامام احمد رحمهما الله تعالى: قال الحافظ بن الجزري رحمه الله تعالى ولما مرض عبد الله رحمه الله مرض الوفاة فقيل له اين تحب ان تدفن، فقال صح عندي ان بالقطيعة نبيا مدفونا فلأن أكون في جوار نبي أحب إلي من أن أكون في جوار أبي وتوفي رحمه الله تعالى يوم الأحد لستع بقين من جمادى الآخرة سنة تسعين ومائتين عن سبع وسبعين سنة كعمر أبيه رحمهما الله تعالى.

من أبيه وغيره وهو قليل جدا (3) وقسم رواه عبد الله من غير أبيه وهو المسمى عند المحدثين بزوائد عبد الله وهو كثير بالنسبة للأقسام كلها عدا القسم الأول (4) وقسم قرأه عبد الله على أبيه ولم يسمعه منه وهو قليل (5) وقسم لم يقرأه ولم يسمعه ولكن وجده في كتاب أبيه بخط يده وهو قليل أيضا (6) قسم رواه الحافظ (1) أبوبكر القطيعي عن غير عبد الله وأبيه رحمهما الله تعالى وهو أقل الجميع فهذه ستة أقسام تركت الأول والثاني منها بدون رمز ورمزت للأقسام الباقية.

_ (1) ترجمة الحافظ أبوبكر القطيعي رحمه الله قال الحافظ أبو عبد الله الذهبي رحمه الله تعالى: هو المحدق العالم المقيد الصدوق مسند بغداد أبوبكر أحمد بن جعفر بن حمدان، واسم حمدان: أحمد بن مالك بن شبيب بن عبد الله البغدادي المالكي نسبا الحنبلي مذهبا سكن قطيعة الدقيق فنسب اليها. تاريخ ميلاد وذكر وفاته: ولد في المحرم سنة أربع وسبعين ومائتين وسمع وهو مميز باعتناء أبيه من محمد بن يونس الكديمي، وإبراهيم الحربي واسحق بن الحسن الحربي وبشر بن موسى الأسدي وعبد الله بن الامام احمد وإدريس الحداد وأبي يعلى الموصولي وجماعة وارتحل الى البصرة والكوفة والموصل وواسط وكتب وجمع مع الصدق والدين والخير والسنة وكان مكثرا عن ابن الامام احمد، سمع منه المسند والزهد والفضائل والتاريخ والمسائل. {ثناء الناس عليه}: قال محمد بن الحسين بن بكير سمت القطيعي يقول كان عبد الله بن احمد يجيئنا يقرا عليه عم أبي أبو عبد الله الجصاص فيقعدني في حجره حتى يقال له يؤلمك، فيقول إني أحبه، وقال أبو عبد الرحمن السلمين سألت الدارقطني عن القطيعي فقال ثقة زاهد قديم سمعت أنه مجاب الدعوة، وقال الحاكم لينته عند أبي عبد الله الحاكم فأنكر علي وحسن حاله وقال كان شيخي، وقال الحاكم أيضا: هو ثقة مأمون، وقال الخطيب البغدادي: لم أر أحدا ترك الإحتجاج به. ذكر تلاميذه: حديث عنه الحاكم فأكثر، والدارقطني وابن شاهين وابن رزقويه وابن ابي الفوارس والقاضي الباقلاني وأبو بكر البرقاني وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو علي بن المذهب، وخلق آخرهم موتا أبو محمد الجوهري بقي الى سنة أربع وخمسين وأربعمائة. تاريخ وفاته رحمه الله تعالى: توفي رحمه الله لسبع بقين من ذي الحجة سنة ثمان وستين وثلاثمائة ببغداد رحمه الله تعالى نقله الحافظ بن الجزري في كتابه المصعد الأحمد والله أعلم.

في أول كل حديث منها فرمزت للقسم الثالث بحرف زاي هكذا (ز) إشارة إلى أنه من زوائد عبد الله بن الامام احمد رحمهما الله تعالى، ورمزت للقسم الرابع بقاف وراء هكذا (قر) إشارة الى أن عبد الله قرأه على أبيه، ورمزت للقسم الخامس بحرف خاء وطاء هكذا (خط) إشارة الى أن عبد الله لم يقرأه ولم يسمعه ولكن وجده في كتابه أبيه بخط يده، ورمزت للقسم السادس بحرف قاف وطاء هكذا (قط) إشارة إلى أنه من زوائد القطيعي، وكل هذا من المسند إلا القسم الثالث فإنه من زوائد عبد الله والسادس فإنه من زوائد القطيعي والله أعلم. المقصد السابع في تاريخ تأليف الكتاب (الفتح الرباني) وقراءتي لمسند الامام احمد جملة مرات وسبب ذلك اعلم رعاك الله أني ابتدأت العمل في ترتيب المسند في سنة أربعين وثلاثمائة وألف من الهجرة فقرأته للمرة الأولى حتى أنتهى تسويده في يوم الإثنين التاسع والعشرين من شهر ربيع الأول سنة تسع وأربعين وثلاثمائة وألف وكنت في أثناء عملي في المسودة أجمل الأبواب في الكتب، أعني لا أكثر من ذكر الأبواب لأن غرضي كان إذ ذاك حصر الأحاديث في كتبها ككتاب الوضوء مثلا اجعل كل حديث يتعلق بالوضوء في هذا الكتاب مع ذكر أبواب قليلة مجملة عازما على تفصيلها في التبيض، فلما انتهت المسودة وشرعت في التبيض وجدت صعوبة شديدة في تفصيل الأبواب وتراجمها لأني أريد وضعها بحكمة، وازدات صعوبة حينما تذكرت أن في المسند زوائد لعبد الله بن الامام احمد غفلت عن تمييزها من أحاديث المسند أثناء العمل في المسودة وهي لا تظهر إلا من السند فكل حديث يقال في أوله حدثنا عبد الله حدثني أبي فهو من المسند، وكل حديث يقال في أول سنده حدثنا عبد الله حثننا فلان (من غير لفظ أبي) فهو من زوائد عبد الله،

وكل حديث يقال في أوله حدثنا فلان غير عبد الله وأبيه فهو من زوائد القطيعي فهذه قاعدة عظيمة ينبغي أن تعرفها، فبقيت بين عاملين إما أن أسير في العمل مع ترك تمييز الزوائد والتساهل في وضع الأبواب، أو ترك العمل فيه خوفا من التساهل، ففضلت الترك، وتركت العمل مدة وجيزة لا تزيدعن شهر واكتفيت بالمسودة وقلت تنفعني في المراجعة، وفي يوم ما سألني بعض العلماء عن حديث في المسند لم يهتد الى مكانه فيه فراجعت المسودة واستخرجته بسرعة مدهشة، فسر بذلك الرجل سرورا عظيما وبعد ذهابي اعتراني اسف شديد لعدم اتمام هذا العمل الذي تعبت فيه تسع سنين وكان بيدي الجزء الاخير من المسودة فتصحفته حتى أتيت على آخره كل ذلك وأنا غارق في بحار الأسف والغم الشديد، وبينا أنا كذلك إذ وقع نظري على آخر حديث في المسودة في باب رؤية الله عز وجل يوم القيامة فقرأته بإمعان وتأمل وإذا نصه: {عن صهيب بن سنان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم: إذا دخل أهل الجنة الجنة، نودوا بأهل الجنة إن لكم موعدا عند الله لم تروه فقالوا: وما هو، ألم تبيض وجوهنا وتزحزحنا عن النار وتدخلنا الجنة، قال فيكشف الحجاب، فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم منه ((وفي رواية من النظر إليه)) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه واله وصحبه وسلم {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}.، وما كدت أفرغ من قراءته حتى اعترتني غشية تصبحها لذه أعقبها فرح وسرور لم أر مثله فيما مضى من عمري، أتدري لم؟ لأنه هذا الحديث وقع خاتمة كتابي بطريق الصدفة وبإرادة الله عزوجل لا بإرادتي، وجاء الحديث نفسه في الجزء الرابع من المسند وقد بقى من الكتاب أكثر من ثلثه أعني مجلدين فأكثر، وكنت أتوقع وجود أحاديث في رؤية الله تعالى في المجلدين الباقيين أضعها بعد هذا الحديث في الباب نفسه ولكن لم أجد بعده حديثا في الرؤية مطلقا فبقي هذا الحديث في آخر الكتاب بإرادة الله تعالى واختياره وقد أراد الله جل شأنه

أن يختم كتابي بهذا الحديث الصحيح الذي رواه أيضا مسلم والترمذي والنسائي بل بآية قرآنية يؤخذ منها بأعظم تبشير وأحسن فأل، هذا سبب سروري واغتباطي، واستئناف العمل بكل نشاط واجتهاد لا يعرف الملل، فابتدأت قرآة المسند للمرة الثانية لأجل وضع الرمز على زوائد عبد الله وتمييزها عن المسند وفي هذه المرة ألهمني الله تعالى وضع رموز أيضا على زوائد القطيعي وما وجده عبد الله بخط ابيه الى آخر ما أشرت إليه في المقصد السادس حتى انتهي الكتاب (ثم قرأته للمرة الثالثة للتبيض) وفي هذه المرة أحكمت وضع الأبواب وترتيب الأحاديث بروية واتقان، وكنت كلما اعتراني ملل انظر الى حديث الرؤية فانشط للعمل، وما زلت كذلك حتى انتهيت من تبيضه في نهاية عام 1351 هجرية وإذ ذاك ألهمني الله تعالى عمل التعليق وذكر السند الى آخر ما أشرت إليه في مقدمة التعليق وهذا يستلزم قراءته فتكون المرة الرابعة، وسأقرأه ان شاء الله تعالى للمرة الخامسة عند تصحيحه أثناء الطبع والله الموفق. المقصد الثامن: في كيفية ترتيب الكتاب وتقسيمه الى سبعة أقسام اعلم أرشدني الله واياك الى ما فيه الخير والصلاح ان الله تعالى اختار لهذا الكتاب تقسيما عجيبا ما كان يخطر لي على بال، وكنت قسمته قبل ذلك مرات متعددة لم تطمئن نفسي لواحدة منها، فسألت الله تعالى أن يختار لي ما فيه الخير، فألهمني جل شأنه هذا التقسيم العجيب الذي لا أعلم أحدا سبقني إليه (وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) فانشرح له صدري واطمأن به قلبي، وذلك أني جعلته سبعة أقسام ولست أقصد بهذا التقسيم تساوي الأقسام في عدد الأحاديث، أو مقدار الكراريس كلا، بل باعتبار الفنون وان كان بعضها أطول من بعض فكل قسم منها يصلح أن يكون مؤلفا مستقلا مقدما الأهم فالمهم مبتدئا بقسم التوحيد وأصول الدين لأنه أول ما يجب على المكلف معرفته، ثم الفقه ثم التفسير ثم الترغيب ثم

الترهيب، ثم التاريخ ثم القيامة وأحوال الآخرة، مراعيا في ضع كل قسم عقب الآخر حكمة عظيمة يدركها المتأمل، وكل قسم من هذه الأقسام السبعة يشتمل على جملة كتب، وكل كتاب يندرج تحته جملة أبواب، وبعض الأبواب يدخل فيه جملة فصول، وفي أكثر تراجم الأبواب ما يدل على مغزى أحاديث الباب تسهيلا للمُراجع، وتقريبا للمَراجع وما وضعت كتاب او بابا او فصلا عقب الآخر إلا لحكمة تظهر للمتبصر، وإلى القارئ الكريم بيان هذا التقسيم العظيم مقتصرا فيه على ذكر الأقسام والكتب معرضا عن ذكر الأبواب فإنها كثيرة العدد، ذات شعب ولو ذكرتها مفصلة لاستغرقت جزءا كاملا، فاكتفيت بما يفيد القارئ بمجمل ما احتوى عليه هذا الكتاب العجيب وما هداني الله اليه من التهذيب والتقريب، وما توفيقي الا بالله عليه توكلت واليه انيب. القسم الأول: قسم التوحيد وأصول الدين وبيان ما فيه من الكتب كتاب التوحيد، كتاب الإيمان، كتاب القدر، كتاب العلم كتاب الإعتصام بالكتاب والسنة القسم الثاني: قسم الفقه وهو أربعة أنواع النوع الأول من الفقه العبادات: كتاب الطهارة، كتاب التيمم، كتاب الحيض والنفاس، كتاب الصلاة وهو أكبر الكتب وله تقسيم خاص، كتاب الجنائز، كتاب الزكاة، كتاب الصيام، كتاب الحج والعمرة، كتاب الهدايا والصحايا، كتاب العقيقة والفرع والعتيرة، كتاب اليمين والنذور، كتاب الجهاد، كتاب السبق والرمي، كتاب العتق كتاب الأذكار. القسم الثاني من الفقه المعاملات: كتاب البيوع والكسب والمعاش، كتاب السلم، كتاب القرض والدين، كتاب الرهن، كتاب الحوالة والضمان، كتاب التفليس، كتاب الحجر، كتاب الصلح واحكام الجرار، كتاب الشركة والمضاربة، كتاب الوكالة، كتاب المساقات والمزارعة، كتاب الإجارة، كتاب الوديعة والعارية، كتاب إحياء الموات وما جاء في الإقطاعات، كتاب الغصب

كتاب الضمان، كتاب الشفعة، كتاب للقطة، كتاب الهبة والهدية، كتاب العُمرى والرُقبى، كتاب الوقف، كتاب الوصايا، كتاب الفرائض النوع الثالث من الفقه الأقضية والأحكام: كتاب القضاء والشهادات، كتاب القتل والجنايات وأحكام الدماء، كتاب القصاص، كتاب القسامة، كتاب الدية، كتاب الحدود وفيه أبواب السحر والكهانة والتنجيم. النوع الرابع من الفقه الأحوال الشخصية والعيادات: كتاب النكاح، كتاب الطلاق، كتاب الرجعة، كتاب الإيلاء، كتاب الظهار، كتاب اللعان، كتاب العدد، كتاب النفقات، كتاب الحضانة والرضاع، كتاب الأطعمة، كتاب الأشربة، كتاب الصيد والذبائح، كتاب الطب، كتاب الرقى والتمائم والعدوى والتشاؤم والفأل الخ وفيه أبواب الطاعون والوباء، كتاب تعبير الرؤيا، كتاب اللهو واللعب، كتاب اللباس والزينة، كتاب الأدب وفيه أبواب سنن الفطرة والسلام والإستئذان وغير ذلك. القسم الثالث من الكتاب: قسم تفسير القرآن في هذا القسم كل ما يتعلق بالقرآن من الفضائل والأحكام والقراءات، وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ، والتفسير وغير ذلك، مرتبا التفسير على السور والايات كترتيب المصحف القسم الرابع من الكتاب: قسم الترغيب وفيه جميع أحاديث الترغيب التي جاءت في المسند مرتبة على هذه الكتب كتاب النية والإخلاص في العمل، كتاب الإقتصاد، كتاب الخوف من الله تعالى، كتاب البر والصلة وفيه إكرام الوالدين وبرهم وصلة الرحم وحقوق الأقارب والجيران والضيافة وتحريم حرمات المسلمين والتعاون والتناصر الخ، كتاب الأخلاق وفيه جميع ما جاء في المسند من أحاديث

الأخلاق الفاضلة مرتبا على الأبواب، كتاب الزهد والتقليل من الدنيا، كتاب الصحبة وحقوقها والحب في الله تعالى، كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كتاب الأدب والمواعظ والحكم وجوامع الكلم وخصال من الطاعات معدودة مرتبة على أبواب بالمفردات في الباب الأول وبالثنائيات في الباب الثاني وهكذا الى العشاريات، خاتمة القسم في أحاديث جرت مجرى الأمثال وأمور تختص بالنساء القسم الخامس من الكتاب: قسم الترهيب وفيه جميع أحاديث الترهيب التي جاءت في المسند مرتبة على هذه الكتب كتاب الكبائر وأنواع أخرى من المعاصي، وفيه عدة أبواب كالترهيب من عقوق الوالدين وقطع صلة الرحم، والترهيب من الرياء والكبر والخيلاء والتفاخر والنفاق وفيه أبواب ذكر المنافقين وخصالهم، والترهيب من الغدر وهو نقض العهد، والترهيب من الظلم والباطل والحسد والبغضاء والغش، والترهيب من هجر المسلم والاضرار به، والترهيب من التجسس وسوء الظن، والترهيب من الغنى مع الحرص والشح والبخل، والترهيب من احتقار الذنوب الصغيرة، والترهيب من التفريق بين المرء وزوجه والخادم وسيده، والترهيب من مواقع الشبه ومواطن الريبة وغير ذلك كثير، كتاب آفات اللسان، وفيه الترهيب من كثرة الكلام، وما جاء في الصمت، وفيه الترهيب عن الغيبة والنميمة والكذب والجدال والمزاح والمراء والبذاء، وفيه أبواب الشعر وما يجوز منه وما لا يجوز، كتاب الترهيب من خصال من المعاصي معدودة مرتبه على ابواب مبتدئا بالمفردات في الباب الأول ثم الثنائيات في الباب الثاني وهكذا، كتاب المدح والذم، وفيه ذم النساء والمال

والدنيا والبناء والأسواق وأماكن أخرى، كتاب اللعن والسب والضرب وفيه النهي عن اللعن والترهيب منه وفيه أبواب متعددة كثيرة، كتاب التوبة وفيه جملة أبواب، كتاب الرحمة وهو خاتمة القسم. القسم السادس من الكتاب قسم التاريخ من أول الخليقة الى ابتداء طهور الدولة العباسية وفيه ثلاثة حلقات الحلقة الأولى منه تتضمن هذه الكتب: كتاب خلق العالم وفيه خلق الماء والعرش واللوح والقلم والسموات السبع والأرضين السبع والجبال والليل والنهار والبحار والأنهار والشمس والقمر والسحاب والرعد والرياح والغيم والمطر والبرق، وفيه أيضا خلق الملائكة والجن وأمور تتعلق بهم، وفيه أيضا خلق الأرواح وخلق آدم وذريته، وخلق الجنين في بطن أمه وتكوينه في الرحم، وفيه قصة أبني آدم قابيل وهابيل ووفاة آدم، كتاب أحاديث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وما ورد في عددهم وذكر المرسلين منهم وما لحقهم من إيذاء أممهم مقدا الأول فالأول على ترتيبهم في البعثة، كتاب القصص أي قصص الماضين من بني إسرائيل وغيرهم غير الأنبياء، كتاب أخبار العرب من عهد إسماعيل الى ابتداء ميلاد النبي صلى الله عليه واله وصحبه وسلم. الحلقة الثانية من قسم التاريخ تتضمن السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية وفيه ثلاثة أقسام: القسم الأول من السيرة النبوية: مبتدأ بنسبه الشريف وفيه ذكر مولده ورضاعه ووفاة أمه وحضانة جده ثم عمه أبي طالب ثم سفره الى الشام ثم زوجه بخديجة رضي الله عنها ثم ابتداء الراسلة ثم إيذاء قريش إياه ثم هجرة بعض أصحابه الى الحبشة ثم الإسراء، ثم عرضه نفسه على القبائل ثم بدء إسلام الأنصار ثم بيعتهم من عام قابل ثم هجرته إلى المدينة صلى الله عليه واله وصحبه وسلم. القسم الثاني من الهجرة النبوية في حوادث ما بعد الهجرة الى وفاته صلى الله عليه واله وصحبه وسلم مرتبة على السنين، يتضمن هذا القسم حوادث السنة الأولى بعد الهجرة وما حصل فيها من الإصلاحات

والتشريع ثم الثانية وما حصل فيها من الحوادث والغزوات ثم الثالثة كذلك وهكذا إلى الحادية عشر التي توفي فيها صلى الله عليه واله وصحبه وسلم. القسم الثالث من السيرة النبوية يشتمل على شمائله وصفته صلى الله عليه وصحبه وسلم، وخَلقه وخُلقه وعاداته وعباداته ومعجزاته وخصوصياته وفضائل زوجاته وأولاده وال بيته رضي الله عنهم وفيه غير ذلك. الحلقة الثالثة من قسم التاريخ تشمتل على هذه الكتب كتاب مناقب الصحابة مطلقا ثم المهاجرين منهم ثم الأنصار ثم العشرة المبشرين منهم بالجنة ثم أهل بيعة الرضوان ثم أهل بدر ثم أهل غزوة أحد ثم مناقب الأفراد من الصحابة وتاريخ وفياتهم مرتبا أسماءهم على حروف المعجم تسهيلا للطالب لأنهم كثيرون، كتاب الخلافة والإمارة، وفيه بيعة أبي بكر وفضائله وخلافته وما حصل في مدته ووفاته، ثم خلافة عمر كذلك، ثم خلافة عثمان كذلك وفيها شيء كثير من حصاره وقتله، ثم خلافة علي كذلك وفيها وقعة صفين والجمل وقتال الخوارج ووفاته رضي الله عنه ثم خلافة الحسن بن علي كذلك، ثم خلافة معاوية كذلك، ثم خلافة يزيد بن معاوية وفيها شيء كثير مما حصل في مدته من الفضائع وأفضعها قتل الإمام الحسين رضي الله تعالى عنه، خلافة ابن الزبير وحصار الحجاج ايه بمكة وقتله، ثم خلافة عبد الملك بن مروان ومن بعد من الخلفاء بالترتيب الى خلافة السفاح أول خلفاء الدولة العباسية، ثم خاتمة القسم كتاب الفضائل وفيه فضائل الأمة المحمدية وغيرها وأماكن كثيرة مثل مكة والمدينة وبقاع شتى وأزمنة وأمكنة غير ما تقدم في مواضع والله أعلم. القسم السابع من الكتاب في أحوال الآخرة وما يتقدم ذلك من الفتن وفيه هذه الكتب: كتاب الفتن والملاحم، كتاب أشراط الساعة وعلاماتها وما جاء في المهدي وفيه ذكر المسيخ الدجال ونزول سيدنا عيسى عليه السلام وذكر يأجوج ومأجوج وطلوع الشمس

من مغربها وغلق باب التوبة وخروج الدابة وغير ذلك من العلامات الكبرى، ثم كتاب القيامة والنفخ في الصور والبعث والنشور والحساب والميزان والصراط والحوض والشفاعة والنار وصفتها وأهوالها من زفير وشهيق وصفة أهلها نعوذ بالله منها، ثم ذكر الجنة وصفتها وقصورها وأنهارها وأشجارها وحورها وولدانها وغرفها جعلنا الله من أهلها ثم خاتمة الكتاب في رؤية الله عز وجل لا أحرمنا الله منها آمين. المقصد التاسع في ذكر سندي المتصل بالمسند الى صاحبه الامام أحمد رحمه الله تعالى اعلم أخي الكريم ان لي في المسند أسانيد كثيرة متصلة بالامام احمد رحمه الله تعالى عن عدة مشايخ، فمن ذلك روايتي له بالسند المتصل عن أخي في الله تعالى العالم العلامة شيخ العلماء ومفتي وادي الفرات المحدث الشريف السيد محمد (1) سعيد بن السيد أحمد بن السيد محمد بن السيد العرفي الحسيني نسبا الديرزوري بلدًا

_ (1) السيد محمد سعيد الخ: عرفته بمدينة القاهرة في أوائل سنة 1348 هجرية وقد اعتقلته لدولة فرنسا حينما احتلت بلاده وموطنه (وادي الفرات) أيام الحرب الكبرى لأسباب سياسية فنفته الى الشام فمكث معتقلا بها ستة أعوام ثم الى القاهرة برغبته فمكث بها عامين كاملين 1348 الى أول المحرم سنة 1350 هجرية ثم أفرج عنه وصرح له بالرجوع الى وطنه، تعرفت بالأستاذ فوجدت فيه خلقا حسنا وزهدا وتواضعا وورعا وتقشفا، يتوقذ ذكاء وعلما بينما تراه محدثا فقيها اذا بك تراه اديبا شاعرا وخطيبا ذا عفا ومروؤة وشجاعة يضرب بسهم في كل حتى فنون الحرب والنضال، ولقد بلغني أن بجسمه اثر رصاص أصابه أيام الحرب حينما كان يقود أهل وطنه الى المعمعة، كان يحب الاستطلاع والوقوف على حقائق الأمور، ولقد اختار مصرا أخيرا ليعرف مناخها وطباع أهلها وأخلاقهم وعوائدهم، فتم له ذلك وعرف فيها جميع الطبقات، ولقد أخبرني بأمور عن مصر وأهلها لا أعرفها الا منه وهي وطني ومولدي فيها، وكان يحب العلماء العاملين المخلصين، زارني لأول مرة في مكتبي بالقاهرة فوجدني مشتغلا بالكتابة في ترتيب المسند وعندما علم ذلك فرح واستبشر وسر سرورا عظيما وكان يشجعني كثيرا ويبشرني بنجاح هذا العمل وكان يكثر من زيارتي فكنت أسر بوجدوه وحلاوة منطقه وكنا نكثر المذاكرة في العلم النافعة خصوصا علم السنة، فعلمت أن الرجل ذو خبرة واسعة واطلاع كثيرا، واطلعت نفسي على ثبته واجازاته المتعددة من الفقهاء والمحدثين فأحببته وآخيته في

الشافعي مذهبا قراءة مني عليه لبعضه وسماعا لبعضه وأجازة في الباقي بمدينة القاهرة سنة تسع وأربعين وثلاثمائة وألف، قال أخبرني به محدث الديار الشامية السيد محمد بدر الدين الحسني عن السيد أبي الخير الخطيب عن أستاذ الأساتذة صاحب الثبت المشهور الشيخ عبد الرحمن الكزبري عن والده الشيخ محمد الكزبريعن الشيخ أحمد بن محمد الحنبلي البعلي محمد حفيد أبي المواهب الحنبلي عن جده أبي المواهب عن والده الشيخ أحمد عبد الباقي عن عمر القاري عن البدر محمد الغزى عن القاضي زكريا عن عبد الرحيم بن محمد الحنفي عن أبي العباس أحمد الجوخي عن أم محمد زيب بنت مكي عن أبي علي حنبل الرصاف عن أبي القاسم هبة الله الشيباني عن أبي علي الحسن التميمي عن أبي بكر أحمد القطيعي عن عبد الله بن الإمام أحمد عن والده الإمام أحمد بن محمد بن حنبل الشيباني رحمهم الله تعالى. (ومن ذلك): رواية له بالإجازة بسند أعلا متصل الى الإمام أحمد رحمه الله عن الأستاذ الجليل والعلامة النبيل السيد الشريف المحدث الشيخ أحمد بن السيد محمد بن السيد صديق الحسني المغربي من علماء المغرب الأقصى بطنجة، ومن حملة عالمية الأزهر الشريف (قال حفظه الله) أخبرنا أبو البركات عوض بن محمد العفري (1) قال أخبرنا اسماعيل بن زين العابدين البرزنجي، أنا صالح بن محمد بن نوح العمري، أنا محمد بن سنة الفلاني، أنا محمد بن عبد الله الو ولاتي، أنا ...

_ الله وطلبت منه الإجازة تبركا بعلماء الشرق فكتب لي ثبتا بذلك وأجاز لي جميع مسموعاته مروياته ومؤلفاته إجازة عامة شاملة تشمل الأصول والفروع والمعاجم والسنن والمسانيد والمعقول والمنقول وسمعت منه أجزاء من الكتب الستة ومسند أحمد وقرأت عليه بعضها أما مسند الإمام الشافعي رحمه الله فقرأناه جميعه، سمعت منه بعضه وقرأت عليه الباقي وأجازني فأجازني برواية هذه الكتب إجازة خاصة متصلة الإسناد مني الى مؤلفيها رحمهم الله تعالى كما أجازني أيضا بفقه الإمام الشافعي رحمه الله من طرق متعددة متصلة جميعها بالأسانيد الى الإمام الشافعي رحمه الله تعالى، وسأثبت هذه الإجازات بأسانيدها مع إجازات أخرى من مشايخ آخرين في المقدمة الكبرى ان شاء الله تعالى هذا وقد الأستاذ مدة وجوده بمصر يشتغل بالتأليف عمل تعليقا لطيفا على كتاب بستان العارفين للامام النووي، وترجمة واسعة للإمام البخاري رحمه الله طبع بمصر، وكان يشتغل بشرح مطول على رياض الصالحين للنووي أتم منه جزئين مدة وجوده بمصر وله تآليف غير ذلك لم تطبع نفع الله به آمين. (2) العفري: يعني اليمني الزبيدي.

الشمس محمد بن عبد الرحمن العلقمي، أنا الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي أنا محمد بن مقبل، أنا الصلاح بن أبي عمر، أنا الفخر بن البخاري، أنا أبو اليمن الكندي، أنا أبوبكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، انا الحسن بن علي الجوهري، أنا أبوبكر القطيعي، حدثنا عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل حدثني أبي. (ومن طريق ثاني) قال أننأنا الطيب بن محمد (1) قال أنبأنا محمد بن علي الخطابي، أنبأنا محمد بن سالم بن ناصر، أنا أحمد بن عبد الفتاح، أنا عبد الله بن سالم البصري، أنا شمس الدين البابلي، أنا علي بن يحيى الزيادي، أنا الشهاب أحمد الرملي، أخبرنا محمد بن عبد الرحمن السخاوي الحافظ، أنا العز عبد الرحيم بن محمد الحنفي، أنا أبو العباس أحمد بن محمد الجوخي أنبأتنا أم محمد زينب بنت مكي الحرانية، أنا أبو علي حنبل بن عبد الله الرصافي،، أنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الشيباني، عن الحسن بن التميمي، عن أبي بكر القطيعي به. (ومن طريق ثالث): قال أنبأنا محمد بن سالم الشرقاوي قال أنبأنا أبو المعالي إبراهيم بن علي الشبرابخومي (2) قال أنا ثعيلب، أنا احمد بن الحسن الجوهري، أنا أبو العز محمد بن أحمد العجمي، أنا أبو عبد الله محمد بن احد الخطيب الشوبري أنا شمس الدين محمد بن احمد الرملي، أنا زكريا بن محمد الأنصاري، أنا الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي العسقلاني قال قرأته من أوله الى آخره في ثلاث وخمسين مجلسا على الشيخ المسند الكبير أبي المعالي عبد الله بن عمر بن علي بن مبارك الهندي الأصل نزيل القاهرة بحق سماعه لجميعه على أبي العباس أحمد بن محمد بن عمر بن أبي الفرج الحنبلي المعروف بحفنجلة سوى فوت بسماعه لما قرئ على النجيب عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني، أنا بجميعه أبو محمد عبد الله بن أحمد أبي المجد الحربي، أنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين، أنا أبو علي التميمي المذهب الواعظ، أنا أبوبكر أحمد بن جعفر القطيعي به. هذا ولي روايات أخرى عن محدثي مصر سأذكر شيئا منها في آخر الجزء ان شاء الله تعالى وقد آن الشروع في المقصود فأقول مستعينا بالله ومتوكلا على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله

_ (1) كان شيخ الإسلام بتونس. (2) هو الشيخ إبراهيم السقا المصري رحمه الله.

القسم الأول من الكتاب: قسم التوحيد وأصول الدين

القسم الأول من الكتاب: قسم التوحيد وأصول الدين كتاب التوحيد (1) باب في وجوب معرفة الله تعالى وتوحيده والاعتراف بوجوده (1) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد (¬1) ثنا جرير يعني ابن حازم عن كلثوم بن جبر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (رضي الله عنهما) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان (¬2) يعني عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها (¬3) فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا (¬4) قال [وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى شَهِدْنَا أَن تَقُولُواْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا غَافِلِينَ. أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا مِن قَبْلُ وَكُنَّا ذُرِّيَّةً مِّن بَعْدِهِمْ أَفَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ الْمُبْطِلُونَ}.

_ (¬1) حدثنا عبد الله القائل حدثنا هو الحافظ أبو بكر القطيعي راوي المسند عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد وهو عن أبيه رحمهم الله {غرييه} (1) يعني المروي. (¬2) بنعمان بوزن ظمآن وفسر في الحديث بعرفة ونقل البغوي عن بن عباس أنه واد إلى جنب عرفة وفي النهاية أنه جبل بقرب عرفة. (¬3) ذرأها أي خلقها، وقوله فنثرهم: أي فرقهم، والذر: النمل الأحمر الصغير وأحسبها ذرة، وسئل ثعلب عنها فقال إن مائة نملة وزن حبة، والذرة واحدة منها، وقيل الذرة ليس ليس وزن ويراد بها ما يرى في شعاع الشمس الداخل في النافذة ا. هـ. (¬4) بضمتين أي مقابلة وعياناً، ويجوز فتح القاف وكسرها مع فتح الباء {تخريجه} (س ك) وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي قال صاحب التنقيح =

(2) ز وعن رفيع أبي العاية عن أبي بن كعبٍ رضي الله عنه في قول الله عز وجل [وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّاتَهُمْ] (¬1)

_ = وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات وابن جرير وابن أبي حاتم وابن مردويه وغيرهم من طرق كثيرة وإسناده لا مطعن فيه، والصحيح أنه موقوف على ابن عباس ا. هـ. (قلت) وأورده أيضا ابن كثير في تفسيره عند قوله تعالى [وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ] مع أحاديث أخرى، ثم قال فهذه الأحاديث دالة على أن الله عز وجل استخرج ذرية آدم من صلبه وميز أهل الجنة وأهل النار، وأما الإشهاد عليهم هناك بأنه ربهم فما هو إلا في حديث كلثوم بن جبر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وفي حديث عبد الله بن عمرو وقد بينا أنهم موقوفان لا مرفوعان قال ومن ثم قال قائلون عن السلف والخلف أن المراد بهذا الإشهاد إنما هو فطرهم على التوحيد، قال وقد فسر الحسن (يعني البصري) الآية بذلك قالوا ولهذا قال [وَإِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِن بَنِي آدَمَ مِن ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ] ولم يقل من آدم [مِن ظُهُورِهِمْ] ولم يقل من ظهره وذرياتهم أي جعل نسلهم جيلا بعد جيل وقرناً بعد قرن كقوله تعالى [وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلاَئِفَ الأَرْضِ] وقال [وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاء الْأَرْضِ] وقال [كَمَا أَنشَأَكُم مِّن ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ] ثم قال [وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُواْ بَلَى] أي أوجدهم شاهدين بذلك قائلين له حالا، وقال والشهادة تارة تكون بالقول كقوله [قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا] الآية، وتارة تكون حالا كقوله تعالى [مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَى أَنفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ] أي حالهم شاهد عليهم بذلك لا أنهم قائلون بذلك، وكذا قوله تعالى [وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ] كما أن السؤال يكون تارة بالمقال وتارة يكون بالحال كقوله [وَآتَاكُم مِّن كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ] قالوا ومما يدل على أن المراد بهذا هذا أن جعل هذا الإشهاد حجة عليهم في الإشراك؛ فلو كان قد وقع هذا كما قال من قال لكان كل أحد يذكره ليكون حجة عليه، فإن قيل أخبار الرسول صلى الله عليه وآله وسلم به كاف في وجوده (فالجواب) أن المكذبين من المشركين يكذبون بجميع ما جائتهم به الرسل من هذا وغيره، وهذا جعل حجة مستقلة عليهم، فذلك على أنه الفطرة التي فطروا عليها من الإقرار بالتوحيد، ولهذا قال [أن تقولوا] أي لئلا تقولوا يوم القيامة [إِنَّا كُنَّا عَنْ هَذَا] أي التوحيد [غَافِلِينَ. أَوْ تَقُولُواْ إِنَّمَا أَشْرَكَ آبَاؤُنَا] الآية ا. هـ. خاصة ص (34) (2) [سنده] حدثنا عبد الله ثنا محمد بن يعقوب البالي ثنا المعتمرين سليمان سمعت أبي يحدث عن الربيع بن أنس عن رفيع أبي العالية (أقول) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على المسند، ولهذا رمزت له بحرف زاي في أوله إشارة إلى ذلك كما ذكرت في المقدمة. خاصة ص (34) (1) بالجمع وكسر التاء قراءة أهل المدينة وأبي عمرو وابن عامر وقرأ الآخرون [ذريتهم].

[وَأَشْهَدَهُمْ عَلَى أَنفُسِهِمْ] الآية قال جَمَعضهم فجعلهم أرواحاً ثم صورهم فاستنطقهم فتكلموا ثم أخذ عليهم العهدوالميثاق وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قال فإني أُشهِد عليكم السموات السبع والأرضين السبع وأشهد عليكم أباكم آدم عليه السلام أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بذلك، اعلموا أنه لا إله غيري ولا رب غيري فلا تشركوا بي شيئا، إني سأرسل إليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي وأنزل عليكم كتبي قالوا شهدنا بأنك ربنا وإلهنا لا رب غيرك فأقروا بذلك (¬1) (3) (¬2) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وىله وسلم قال يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة أرأيت لو كان ما على الأرض من شيء أكنت مفتديا به، قال فيقول نعم، قال فيقول قد أردت منك أهون من ذلك، قد أخذت عليك في ظهر آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت إلا أن تشرك بي. (4) (¬3) وعن عبد الرحمن بن غَنْمٍ وهو الذي بعثه عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) إلى الشام يفقه الناس أن معاذ بن جبل (رضي الله عنه)

_ (¬1) على التوحيد ونصب التاء (1) ليس هذا آخر الحديث بل له بقية وقد ذكرته بتمامه في تفسير سورة الأعراف من كتاب التفسير مع أحاديث أحرى تناسب المقام هناك واقتصرت هنا على ما يناسب الترجمة {تخريجه} (ك) وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردويه في تفاسير وهو موقوف على ابن أبي كعب. (¬2) وعن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج حدثني شعبة عن أبي عمران الجوني عن نس (تخريجه) (ق وغيرهما) (¬3) وهن عبد الرحمن بن غنم بفتح الغين العجمة وسكون النون (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان أنا شعيب حدثني عبد الله بن أبي حسين حدثني شهر

حدثه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه ركب يوما على حمار له يقال له يعفور (¬1) رَسَنُهُ من ليف ثم قال اركب يا معاذ فقلت: سر يا رسول اله فقال اركب فردِفْتُهُ (¬2) فصُرِع الحمار بنا فقام النبي صلى الله عليه وآله وسلم يضحك وقمت أذكر من نفسي أسفاً ثم فعل ذلك الثانية ثم الثالثة وسار بنا فأخلف يده (¬3) فضرب ظهري بسوطٍ معه أو عصا ثم قال يا معاذ هل تدري ما حق الله على العباد؟ فقلت الله ورسوله أعلم، قال فإن حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، قال ثم سار ما شاء الله، ثم أخلف يده فضرب ظهري فقال: يا معاذ يا ابن أم معاذ هل تدري ما حق العباد على الله (¬4) إذا هم فعلوا ذلك؟ قلت الله ورسوله أعلم. قال: إذن حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك أن يدخلهم الجنة. (5) (¬5) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أتينا معاذ بن جبل (رضي الله عنه) فقلنا حدثنا من غرائب حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال نعم، كنت رِدْفه على حمار قال فقال يا معاذ بن جبل قلت لبيك يا رسول الله، قال: هل تدري ما حق الله على العباد؟ قلت الله ورسوله أعلم، فذكر مثله إلاأنه قال أن

_ (¬1) بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم الخ (غريبه) (1) اسم حمار النبي صلى الله عليه وآله وسلم، سمي به من العفرة وهي بياض غير خالص كلون وجه الأرض أو تشبيها في عدوه باليعفور وهو الظبي. (والرسن) بفتح أوله وثانيه هو الحبل الذي تقاد به الدابة. (¬2) بفتح الراء وكسر الذال المهملة أي ركبت خلفه، فصرع مبني للمفعول أي سقط ووقع. (¬3) أي أدارها من خلفه، أما ضربه بالسوط فالغرض منه التنبيه لاستماع ما يقول. (¬4) معناه أنه محقق وقوع ما وعدهم به لا محالة وهو الذي أوجب ذلك على نفسه لعباده تفضلا منه ورحمة بهم قال تعالى: [كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ] (تخريجه) (ق عن معاذ مختصراً بألفاظ مختلفة وهق والأربعة) (¬5) وعن أنس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن الأعمش عن

لا يعذبهم بدل قوله أن يدخلهم الجنة زاد في رواية أخرى من طريق آخرقال: قلت يا رسول الله ألا أبشر الناس قال دعهم يعملوا. (¬1) (6) (¬2) وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: يا أبا هريرة هل تدري ما حق الناس على الله وما حق الله على الناس؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: حق الله على الناس أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا؛ فإذا فعلوا ذلك فحقٌ عليه أن لا يعذبهم. (7) (¬3) وعن رِبْعِي بن حِراش عن طفيل بن سِخْبَرَةَ أخي عائشة (رضي الله عنهما) لأمها أنه رأى فيما يرى النائم كأنه مر برهط من اليهود فقال من أنتم قالوا نحن اليهود. قال: إنكم أنتم القوم لولا أنكم تزعمون أن عزيراً ابن الله. فقال اليهود: وأنتم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، ثم مر برهط من النصارى، فقال: من أنتم؟ فقالوا: نحن النصارى، فقال: إنكم أنتم القوم لولا أنكم تقولوا المسيح ابن الله، قالوا: وإنكم أنتم الوقم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، فلما أصبح أخبر بها من أخبر، ثم أتى النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فأخبره فقال: هل أخبرت بها أحداً؟ قال: نعم، فلما صلوا خطبهم

_ = أبي سفيان عن أنس الخ (1) عند الشيخين: قلت يا رسول الله أفلا أبشر به الناس؟ قال لا تبشرهم فيتكلوا {تخريجه} (ق وغيرهما). (¬2) وعن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن أبي إسحاق عن كميل بن زياد عن أبي هريرة وهو طرف من حديث ذكر بتمامه في فضل لا حول ولا قوة إلا بالله من كتاب الأذكار {تخريجه} لم أقف عليه وأخرج نحوه البخاري من حديث معاذ (¬3) وعن ربعي بكسر أوله وثالثه بيهما موحدة ساكنة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وعفان قال ثنا حماد بن سلمة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن خراش الخ {تخريجه} أخرجه أيضا أبو يعلى في مسنده وسنده جيد.

فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: إن طفيلا رأى رؤيا فأخبر بها من أخبر منكم وإنكم كنتم تقولون كلمة كان يمنعني الحياء منكم أن أنهاكم عنها قال: لا تقولوا ما شاء الله وما شاء محمد صلى الله عليه وآله وسلم. (8) (¬1) وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال أتى رجلٌ النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: إني رأيت في المنام أني لقيت بعض أهل الكتاب فقال نِعم القوم لولا أنكم تقولون ما شاء الله وشاء محمد، فقال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - قد كنت أكرهها منكم فقولوا ما شاء الله ثم محمد. (9) (¬2) وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلاً قال للنبي- صلى الله عليه وآله وسلم - ما شاء الله وشئت. فقال له النبي- صلى الله عليه وآله وسلم: أجعلتني والله عِدْلاً (¬3) بل ما شاء الله وحدَه. (2) باب في عظمة الله تعالى وكبريائه وكمال قدرته وافتقار الخلق إليه (10) (¬4) وعن أبي موسى الأشعري- رضي الله عنه- قال: قام فينا رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم - بأربع فقال: إن الله عز وجل لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القِسط. (¬5)

_ (8) وعن حذيفة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا سفيان (يعني بن عيينة) عن عبد الملك عن ربعي بن حراش عن حذيفة الحديث (تخريجه) أخرجه أيضاً أبو داود الطيالسي في مسنده وسنده جيد. (9) وعن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم ثنا حجاج عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس الخ (غريبه) (1) بكسر العين المهملة وفتحها أي مثلا وشريكا (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد. (10) عن أبي موسى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن وابن جعفر قالا ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة "يعني ابن عبد الله بن مسعود واسمه عبد الرحمن" عن أبي موسى الخ (غريبه) (2) المراد بالقسط الميزان يعني

ويرفعه يُرفع (¬1) إليه عمل الليل بالنهار وعمل النهار بالليل، (وعنه من طريق آخر) (¬2) قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم - إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه، حجابه النار (¬3) لو كشفها لأحرقت سبحات (¬4) وجهه كل شيء أدركه بصره ثم قرأ أبو عبيدة [فَلَمَّا جَاءهَا نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي النَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا وَسُبْحَانَ اللَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ] (11) (¬5) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم -

_ أن الله تعالى يخفض ويرفع ميزان أعمال العباد المرتفعة إليه يقللها لمن يشاء ويكثرها لمن يشاء كمن بيده الميزان يخفض تارة ويرفع أخرى وهذا تمثيل، وقيل المراد به الزرق خفضه تقليله، ورفعه تكثيره، وقيل غير ذلك. (1) يرفع الخ على صيغة المجهول يعني ترفع الملائكة الحفظة إليه عمل الليل في أول النهار الذي بعده وعمل النهار في أول الليل الذي بعده فإنهم يصعدون بأعمال الليل بعد انقضائه في أول النهار؛ ويصعدون بأعمال النهار بعد انقضائه في أول الليل والله أعلم. (¬2) سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا المسعودي عن عمر بن مرة به. (¬3) حجابه النار وفي رواية عند مسلم حجابه النور وفي أخرى النار كما هنا، والحجاب أصله في اللغة المنع والستر وحقيقة الحجاب إنما تكون للأجسام المحدودة، والله تعالى منزه عن الجسم والحد، فالمراد هنا المانع من رؤيته وسمي ذلك المانع نوراً أو ناراً لأنهما يمنعان من الإدراك في العادة لشعاعهما. (¬4) "السبحات" بضم السين والباء ورفع التاء في آخره جمع سبحة بضم السين، قال جميع الشارحين للحديث من اللغويين والمحدثين معنى سبحات وجهه نوره وجلاله وبهاؤه، (والمراد بما انتهى إليه بصره من خلقه) جميع المخلوقات لأن بصره سبحانه وتعالى محيط بجميع الكائنات ولفظة (من) لبيان الجنس لا للتبعيض والتقدير أو أزال المانع من رؤيته وهو الحجاب المسمى نوراً أو ناراً ولو تجلى لخلقه لأحرق جلال ذاته جميع مخلوقاته قاله النووي (تخريجه) (م جه) (11) وعن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد عن

يمين الله ملأى (1) لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار وقال أرأيتكم ما أنفق (2) منذ خلص السماء والأرض فإنه لم يغض ما في يمينه قال وعرشه في الماء (3) بيده الأخرى الميزان يخفض ويرفع

_ أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبه) (1) روايه البخاري يد الله ملأي وهو المراد باليمين هنا بدليل قوله بيده الاخري الميزان قال العيني قوله يد الله حقيقيه لكنها لا كالأيدي التي هي الجوارح ولا يجوز تفسيرها بالقدره كما قالت القدرية لأن قوله وبيده الأخري ينافي ذلك لأنه يلزم إثبات قدرتين وكذا لا يجوز أن تفسر بالنعمه لاستحالة خلق المخلوق بمخلوق مثله لأن النعم كلها مخلوقة وأبعد أيضا من فسرها بالخزائن (وقوله ملأى) بفتح الميم وسكون اللام وبالهمزه والقصر تأنيث ملآن ووقع في مسلم بلفظ ملآن قيل هم غلط والمراد لازمه أي في غايه الغى، وتحت قدرته ما لا نهاية له من الارزاق (1) بفتح الياء وبالعجمتين أي لا ينقصها يقال غاض الماء يغيض اي نقص ((وسحاء)) بفتح السين المهمله وتشديد الحاء المهمله وبالمد اي دائمه السح أي الصب والسيلان يقال سح يسح بضم السين في المضارع فهو ساح والمؤنث سحاء وهي فعلاء لا افعل لها كهطلاء ((قاله في النهاية)) وفي رواية يمين الله ملأي سحاً بالتنوين علي المصدر واليمين هنا كناية عن محل عطائه ووصفها بالإمتلاء لكثره منافعها فجعلها كالعين التي لا يغيضها الاستقاء ولا ينفصها الامتياح وخص اليمين لانها في الأكثر مظنه العطاء علي طريق المجاز والاتساع ((والليل والنهار)) منصوبان علي الظرف (2) أي الذي انفق من يوم خلق السموات والأرض فإنه لم ينقص ما في يمينه، وهذا ونحوه مما نؤمن به علي ظاهره ولم نبحث عن حقيقته كما هو مذهب السلف (3) يحتمل معنيين كونه علي متنه أو غير مماس له ((وقوله بيده الميزان)) قال الخطابي الميزان هنا مثل وإنما هو قسمته بالعدل بين الخلق ((وقوله يخفض ويرفع)) أي يوسع الرزق علي من يشاء ويقتر كما يصنعه الوزان عند الوزن يرفع مرة ويخفض أخري وأئمه السنه علي وجوب الايمان بهذا واشباهه من غير تفسير بل يجري علي ظاهره ولا يقال كيف اهـ (قلت) نقل عن الإمام أحمد رحمه الله في هذا الحديث وأمثاله أنه قال نؤمن بها ونصدق بها لا كيف ولا معني ولا نرد شيئا منها: ونعلم أن ما جاء به الرسول صلي الله عليه وسلم حق ولا نرد علي رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا نصف الله عز وجل بأكثر مما وصف به نفسه بلا حد ولا غاية (ليس كمثله شئ وهو السميع البصير) وتقول كما قال نؤمن بالقرآن كله محكمه ومتشابهه ولا نزيل عنه صفة من صفاته لشناعة شنعت ولا نتعدي القرآن والحديث ولا نعلم كيف كنه ذلك الا بتصديق رسول الله صلي الله عليه وسلم (قلت) وهذه عقيدتي (تخريجه) (ق هق قط والأربعة)

(12) وعنه أيضاً عن النبي صلي الله عليه وسلم قال يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه (1) ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض (2) (13) وعن ابي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه ويلم إني أري ما لا ترون واسمع ما لا تسمعون أطت (3) السماء وحن لها ان تئط ما فيها يوضع أربع أصابع إلا عليه ملك ساجد، لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلاً ولبكيتم كثيراً ولا تلذذتم بالنساء علي الفرشات ولخرجتم على أعلى

_ (12) وعنه ايضاً (سنده) جدثنا عبد الله حدثني ابي حدثنا ابراهييم بن اسحق حدثنا ابن المبارك عن يونس عن الزهري قال حدثني سعيد ابن المسيب عن أبي حريره الخ (غريبه) (1) في رواية عند مسلم ثم يأخذهن بيمينه (قال القاضي عياض رحمه الله في هذا الحديث ثلاثة ألفاظ يقبض ويطوي ويأخذ كله بمعني الجمع لأن السموات مبسوطو والأرضين مدحوه وممدوه ثم يرجع ذلك إالي معني الرفع والإزالة وتبديل الأرض غير الأرض والسموات فعاد كله إالي ضم بعضها إالي بعض ورفعها وتبديلها بغيرها 1 هـ (2) فيه إشعار بكبير عظمته عز وجل ومزيد جلالته ورمز إلي ان ما يشركون معه سبحانه أرضياً كان ام سماوياً مقهور تحت سلطانه جل شأنه (قال القاضي عياض) والله أعلم بمراد نبيه صلي الله عليه وسلم فيما ورد في هذه الأحاديث من مشكل ونحن نءمن بالله تعالي وصفاته ولا نشبه شيءاً به ولا نشبه بشيء ((ليش كمثله شيئ وهو السميع البضير)) وما قاله رسول الله صلي الله عليه وسلم وصبت عنه فهو حق وصدق فيما أدركنا علمه فبفضل الله تعالي وما خفي علينا آمنا به ووكلنا علمه اليه سبحانه وتعالي وحملنا لفظه علي ما احتمل في لسان العرب الذي خوطبنا به ولم تقطع علي احد معنييه بعد تنزيهه سبحانه عن ظاهره الذي لا يليق به سبحانه وبالله التوفيق اهـ (قلت) وهو في غاية الحسن (تخريجه) (ق وغيريهما) (13) وعن أبي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا ابي حدثني ابي ثنا أسود هو ابن عامر ثنا اسرائيل عن ابراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن مورق عن ابي ذر الخ (غريبه) (3) الاطيط صوت الاقتاب وأطيط الابل أصواتها وجنينها أي ان كثرة ما فيها من الملائكة قد أثقلها حتي أطت وهذا مثل وايذان بكثرة الملائكة وان لم يكن ثم اطيط وانما هو كلام

الصعدات (1) تجأرون 'الي الله تعالي قال أبو ذر والله لوددت أني شجره تعضد (14) وعن ابي ذر رضل الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول الله عز وجل يا عبادي كلكم مذنب إلا من عافيت فاستغفروني أغفر لكم (2) ومن علم أني أقدر علي المغفرة فاستغفرني بقدرتي عفرت له ولا أبالي، وكلكم ضال إلا من هديت فاستهدوني اهدكم، وكلكم فقير الا من أغنيت، فاسالوني أغنكم، زلز أن أولكم وآخركم (وفي روايه وإنسكم وجنكم وصغيركم وكبيركم وذكركم وانثاكم) وحيكم وميتكمورطبكم ويابسكم اجتمعوا علي اشقي قلب من قلوب عبادي ما نقص في ملكي جناح بعوضة ولو اجتمعوا علي أتقي قلب عبد من عبادي ما زاد في ملكي من جناح بعوضة، ولو أن أولكم وآخركم (وفي رواية - وإنسكم وجنكم وصغيركم وكبيركم وذكركم وأنثاكم) وحيكم وميتكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا فسألني كل سائل منهم ما بلغت أمنيته

_ تقريب أريد به تقرير عظمة الله تعالي انه) (1) جمع صعد بضمتين جمع صعيد بمعني الطريق كطريق وطرق وطرقات وهي في الأصل بمعني التراب أو وجه الأرض وقيل جمع صعدة كظلمة وظلمات وهعو فناء البيت وسمر الناس والمعني لخرجتم من بيوتكم الي فائها والي الطرقات والصحارى كما هو شأن المخزون الذي ضاع عليه الأمروقوله (تجأرون) اي تضرعون إاليه بالدعاء وقوله تعضد أي تقطع (تخريجه) (جه مذ) وقال حسن غريب (14) وعن أبي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثتي أبي ثنا عمار بن محمد بن اخت سفيان عن ليث عن أبي سليم عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن أبي ذر الخ (غريبه) (2) عند مسلم بعد هذه الجملة (يا عبادي انكم لن تبلغوا ضري قتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني) وليس عنده (ومن علم أني أقدر على المغفرة

فأعطيت كل سائل منهم ما سأل ما نقصني (1) كما لو أن أحدكم مره بشفة البحر فغمس فيها 'برة ثم انتزعها كذلك لا ينقصي من ملكي، ذلك بأني جواد (2) ماجد صمد، عطائي كلام وعذابي كلام (وفي رواية عطائى كلامى وعذابى كلامى) إذا أردت شيئا فانما اقول له كن فيكون (وعنه في أخرى) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروى عن ربه عز وجل اني حرمت على نفسى الظلم وعلي عبادي، ألا تظالموا، كل بني آدم يخطئ بالليل والنهار ثم يستغفرنى فأغفر له ولا أبالى، وقال يا بنى آدم كلكم كان ضالا إلا من هديت، وكلكم كان عاريا إلا من كسوت، وكلكم كان جائعا إلا من أطعمت، وكلكم كان ظمآنا إلا من سقيت فاستهدونى أهدكم , واستكسونى أكسكم، واستطعمونى أطعمكم واستسقونى أسقكم، يا عبادى لو أن أولكم وآخركم (فذكر نحو الحديث المتقدم وفيه لم

_ فاستغفرني بقدرتي عفرت له ولا أبالى (1) عند مسلم ما نقص ذلك مما عندى الا كما ينقص المخيط إذا دخل البحر) وهو موافق لما في الرواية الثانية من حديث الباب والمعني واحد والمخيط بوزن منير هو الابرة ونحوها مما يخاط به الثوب وهذا مقل قصد به التقريب الى الأفهام والمعنى ان ذلك ما ينقص من عنده شيئا (2) بوزن جراد أى كريم سريع الجواد والكرم وقوله ماجد قال في النهاية المجد في كلام العرب الشرف الواسع ورجل ماجد مفضال كثير الخير شريف والمجيد فعيل عنه للمبالغة وقيل هو الكريم الفعال وقيل اذا قارن شرف الذات حسن الفعال سمي مجداً وفعيل أبلغ من فاعل فكأنه يجمع معني الجليل والوهاب الكريم (وقوله صمد) أي السيد الذي انتهي اليه السؤدد وقيل هو الدائم الباقى وقيل هو الذي لا جوف له وقيل الذي يصمد اليه في الحوائج أي يقصد وقوله عطائي كلام فسر بقوله أقول له كن فيكون (3) أي عن ابي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الرحمن وعبد الصمد المعني قال ثنا همام عن قتادة قال عبد الصمد ثنا قتادة عن ابي قلابة عن ابي اسماء وقال عبد الصمد الرحبي عن ابي ذر الخ (قلت) ولفظ الرحبي رجع الي ابي اسماء يعني وقال عبد الصمد ثنا قتادة

ينقصوا من ملكي شيئا لإلا كما ينقص رأس المخيط من البحر (1) (15) وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان إذا قام إالي الصلاة من حوف الليل يقول اللهم لك الحمد، أنت نور السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد انت قيام (2) السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد: أنت رب السموات والأرض ومن فيهن ولك الحمد، أنت الحق وقولك الحق ووعدك الحق، ولقاؤك حق والجنة حق والنار حق والساعة حق، اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وأخرت وأسررت وأعلنت انت إلهي لا إله إلا أنت (3) باب في صفاته عز وجل وتنزيهه عن كل نقص (16) عن أبي العالية عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن المشركين

_ عن أبي قلابة عن ابى اسماء عن أبى ذر الخ (غريبه) (1) زاد مسلم بعد قوله من البحر (يا عبادى انما هي أعمالكم أحصيها لكم ثم أوفيكم اياها. فمن وجد خيراً فليحمد الله، ومن وجد غير ذلك فلا يلومن الا نفسه (تخريجه) (م ت) بألفاظ قريبة من الرواية الثانية وابن ماجه بنحو الروايو الأولى (15) وعن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثتي ابي قال قرأت علي عبد الرحمن بن مالك عن ابى الزبير المكي عن طلوس عن عبد الله بن عباس الخ (غريبه) (2) وفي رواية أخري قيوم وهي من أبنية المبالغة وهي من صفات الله تعالي ومعناها القائم بأمور الخالق ومدبر العالم في جميع أحواله (تخريجه) (ق لك الثلاثة) (16) عن ابي العالية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي حدثنا ابو سعيد محمد بن ميسر العاغاني ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن ابي العالية الخ (تخريجه) (مذ وابن جرير وابن ابي حاتم) وزاد الترمذي وابن جرير قالا ((الصمد)) الذي لم يلد ولم يولد لأنه ليس كمثله شيئ يولد الا سيموت وليس شيئ يموت إلا سيورث وإن

قالوا للنبي صلي الله عليه وسلم يا محمد انسب لنا ربك فأنزل الله تبارك وتعالي (قل هو الله احد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد) (17) وعن أبي هريره رضى الله عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم قال الله عز وجل كذبني (1) عبدي ولم يكن له ذلك، وشتكني ولم يكن له ذلك، تكذيبه إياى (وفي رواية فأما تكذيبه إياى) أن يقول فلن يعيدنا كما بدأنا، وأما شتمه إياى يقول إتخذ الله ولداً وأنا الصمد الذي لم ألاد ولم أولد ولم يكن لي كفوا أحد (18) وعنه أيضا قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم قال اللع عز وجل يؤذيني ابن آدم يسب الدهر (2) وأنا الدهر بيدي الأمر أقلب الليل والنهار

_ الله لا يموت ولا يورث ((ولم يكن له كفواً أحد)) قال لم يكن له شبيه ولا عدل ((بكسر العين المهمله)) أي مثل)) وليس كمثله شيء تنزه الله عن ذلك (17) وعن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ابن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال الخ (تنبيه) هذا السند تناول أحاديث كثيرة بلغت سبع صحائف من الأصل يتلو بعضها بعضا وحديث الباب منها (غريبه) (1) أي بعض بني آدم وهم من أنكر البعث من العرب وغيرهم من عباد الوثان والدهرية ومن ادعي ان لله ولداً من اليهود والنصارى، ومن مشركي العرب من قال الملائكو بنات الله، ولما كان الرب سبحانه واجب الوجود لذاته لا يجانسه أحد من خلقه انت 5 فت عنه الولدية والوالدية لأن الولد انما يكون عن والدة تحمله ثم تضعه ويستلزم ذلك سبق النكاح والله منزه عن جميع ذلك، وانما سماه شتما لأن الشتم هو الوضف بما يقتضي النقص ولا شك أن ادعاء الولد يستلزم غاية النقص تعالي الله عن ذلك (تخريجه) (ق د نس) (18) وعنه أيضاً أي عن ابي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن ابي هريره الخ (غريبه) (2) قال العلماء كالامام الشافعي وابي عبيد والقاسم بن سلام وغيرهما رحمهم الله يسب الدهر أي يقول فعل بنا الدهر

(19) وعنه أيضا قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول من خلق السماء؟ فيقول الله عز وجل: فيقول من خلق الأرض؟ فيقول الله، فيقول من خلق الله، فإذا أحس احدكم بشيء من هذا فليقل آمنت بالله ورسله (1) (20) زعن عائشة رضي الله عنها قالت شكوا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ما يجدون من الوسوسة وقالوا يا رسول الله انا لنجد شيئاً لو أن أجدنا خر من السماء كان أحب إليه من أن يتكلم به فقال النبي صلي الله عليه وسلم ذلك محض الإيمان (2) (4) باب فيما جاء في نعيم الموحدين وثوابهم ووعيد المشركين وعقابهم (21) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم

_ كذا يا خيبة الدهر أيتم الأولاد: أرمل النساء، قال الله تعالي ((وأنا الدهر)) أي انا الدهر الذي يعنيه بانه فاعل ذلك الذي اسنده الي الدهر والدهر مخلوف وانما فاعل هذا هو الله عز وجل فهو يسب فاعل ذلك ويعتقده الدهر والله هو الفاعل ذلك الخالق لكل شئ المتصرف في كل شئ كما قال وانا الدهر بيدي الامر اقلب ليله ونهاره كما في رواية (تخريجه) (ق وغيرهما) (19) وعنه ايضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا ابو النضر ثنا ابو سعيد يعني المؤدب قال ابي واسمه محمد بن مسلم بن ابي الوضاح ابو سعيد لمؤدب قال ابي وروي عنه غبد الرحمن بن مهدي وابو داود وابو كامل قال ثنا هشام عن ابيه عن ابي هريرة (غريبه) (1) عند الشيخين فليستعذ بالله ولينته (تخريجه) (ق والنسائي في عمل اليو والليلة) (20) وعن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله ثني ابي ثنا مؤمل ثنا حماد عن ثابت عن شهر بن حوشب عن خاله عن عائشة الخ (غريبه) (2) معناه ان استعظام هذا وشدة الخوف من النطق به فضلا عن اعتقاده هو الايمان الخالص (تخريجه) البزار وابو يعلي واخرج نحوه "م د نس" من حديث ابي هريرة (21) عن عبادة بن الصامت (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد

قال من شهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله وان عيسى عبد الله ورسوله وكلمته (1) القاها الي مريم وروح (2) منه وان الجنه حق والنار حق ادخله الله تبارك وتعالى الجنة على ما كان من عمل (3) وفي رواية ادخلة الله تبارك وتعالى الجنه من ابوابها الثمانية من ايها شاء دخل (22) وعنه ايضا سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول من شهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله حرم على النار (وفي روايه) حرم الله تبارك وتعالى عليه النار (23) وعن يوسف بن عبد الله بن سلام عن ابيه (رضي الله عنهما) قال بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ سمع القوم هم يقولون أي

_ ابن مسلم ثنا الاوزاعي حدثني عمير بن هانئ ان جنادة بن ابي امية حدثه عن عبادة بن الصامت الخ (غريبه) (1) سمى عيسى عليه السلام كلمة لانه كان بكلمة من فحسب من غير اب بخلاف غيره من بني ادم (2) اي رحمة قال ابن عرفة اي ليس من اب انما نفخ في امه الروح (3) اي حسنا او سيئا قليلا او كثيرا "قال النووي رحمه الله " هذا محمول على ادخاله الجنة في الجملة فان كانت له معاص من الكبائر فهو في المشيئة فان عذب ختم له بالجنة 1 هـ (تخريجه) (ق وغيرهما) (22) وعنه ايضا اي عن عبادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يونس بن محمد ثنا ليث عن ابي عجلان عن محمد بن يحيى ين جبان عن ابن محيريز عن ثنا يونس ين محمد ثنا ليث عن ابن عجلان عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن الصنايجي انه قال دخلت على عبادة بن الصامت وهو في الموت فبكيت فقال مهلا لم تبكي فو الله لئن استشهدن لاشهدن لك ولئن شفعت لاشفعن لك ولئن استطعت لانفعنك ثم قال والله ما حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم فيه خير الا حدثتكموه الا حديثا واحدا سوف احدثكموه اليوم سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم قذكر الحديث (تخريجه) (م مذ) ... (23) وعن يوسف بن عبد الله ين سلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي

الأعمال أفضل يا رسول الله فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم ايمان بالله ورسوله وجهاد في سبيل الله وحج مبرور ثم سمع نداء في الوادي يقول اشهد ان لا اله الا الله وان محمدا رسول الله فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم وانا اشهد واشهد ان لا يشهد يها احد الا برئ من الشرك قال عبد الله (1) وسمعته انا من هرون (2) (24) وعن ابي ايوب الانصاري رضي الله عنح قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة (25) وعن معاذ ين جبل رضى الله عنه وعن النبي صلي الله عليه وسلم مثله (26) وعن سعيد ين الصلت عن سهيل ين البيضاء رضي الله عنه

_ ثنا هارون ين معروف ثنا ان وهب ثنا عمرو بن الحرث عن سعيد ين ابي هلال ان يحيى ين عبد الرحمن حدثه عن عون ين عبد الله عن يوسف بن عبد الله بن سلام الخ (1) يعني ابن الامام احمد رحمهما الله (2) يعني انه سمعه من هرون بغير واس\ة ابيه وسمعه ايضا يواسطة ابيه كما صرح بذلك في السند (تخريجه) قال الهيثمي رواه احمد والطبراني في الكبير ورجال احمد موثقون (24) وعن ابي ايوب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا ابن نمير عن الاعمش قال سمعت ابا ظبيان ويعلي ثنا الاعمش عن ابي ظبيان قال غزا ابو ايوب الروم فمرض فلما حضر قال انا ادا مت فاحملوني فاذا ضافعتم العدو فادفنوني تحت اقدامكم وسأحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلي الله عليه وسلم لولا حالي هذا ما حدثتكمون سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم فذكرة (تخريجه) لم اقف عليه في غير الكتاب واخرج نحوه الشيخان من حديث ابن مسعود (25) وعن معاذ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عفان ثنا همام قال ثنا عاصم ابن بهدلة عن ابي صالح عن معاذ بن جبل انه اذ حضر قال ادخلوا علي الناس فادخلوا عليه فقال اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مات لا يشرك بالله شيئا جعله الله في الجنه وما كنت احدثكموه الا عند الموت والشهيد على ذلك عويمر ابو الدرداء فاوا ابا الدرداء فقال صدق اخي وما كان يحدثكم به الا عند موته (تخريجه) قال الهيثمي رواه احمد ورجاله ورجال الصحيح الا ان ابا صالح لم يسمع من معاذ ين جبل (26) وعن سعيد ين الصلت (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا قتيبه بن سعيد قال انا ابو بكر بن مضر عن ابن الهاد عن محمد بن ابراهيم عن سعيد بن الصلت الخ.

قال بينما نحن في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا رديفه (1) فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم يا سهيل بن البيضاء ورفع صوته مرتين أو ثلاثا كل ذلك يجيبه سهيل فسمع صوت رسول الله صلي الله عليه وسلم فظنوا انه يريدهم فجبس من كان بين يديه ولحقه من كان خلفه حتي اذا اجتمعوا قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إنه من شهد أن لا إله إلا الله (2) حرمه الله علي النار وأوجب له الجنة (وفي رواية) أوجب الله عز وجل له بها الجنة واعتقه بها من النار (27) وعن أبي موشي الأشعري رضي الله عنه قال أتيت النبي صلي الله عليه وسلم ومعي نفر من قومي فقال ابشروا وبشروا من وراءكم أنه من شهد أن لا إله إلا الله صادقاً بها دخل الجنة فخرجنا من عند النبي صلي الله عليه وسلم نبشر الناس فاستقبلنا عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فرجع بنا إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال عمر يا رسول الله إذاً يتكل الناس فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (غريبه) (1) وأنا رديفه أي وانا راكب خلفه علي الدابة يقال أردفته أي أركبته خلفي (2) أي مع محمد رسول الله صلي الله عليه وسلم كما صرح بذلك في بعض الروايات الصحيحة أيضا وقوله حرمه الله علي النار أي اذا كان قائماً بشروط الشهادتين وحقوقهما المطلوبة منه، فان كان مقصراً فهو بالمشيئه لا يقطع في أمره بتحريمه علي النار ولا باستحقاقه الجنة لأول وهلة بل يقطع بأنه لا بد من دخزل الجنة آخرا وحاله قبل ذلك في خطر المشيئة ان شاء الله تعالي عذبه بذنبه وان شاء عفا عنه بفضله وهذا مذهب السلف والمحدثين والفقهاء والمتكلمين من الأشاعرة (تخريجه) (طب) وله شاهد عند مسلم والترمذي من حديث عبادة وتقدم في أول الباب (27) وعن أبي موسي (سنده) حدثنا عبد الله ابي ثنا مؤمل بن اسماعيل ثنا حماد بن سلمو ثنا ابو عمران الجوني عن ابي بكر بن ابي موسي عن أبيه قال أتيت النبي صلي الله عليه وسلم (تخريجه) (طب) وله شاهد عند الشيخين من حديث أنس عن معاذ وأورده السيوطي في الجامع الصغير وبجانبه رمز الصحيح

(28) وعن جابر بن عبدالله رضى الله عنهما قال أنا ممن شهد معاذاً حين حضرته الوفاة يقول اكشفوا عنى سجف (1) القبة أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمنعنى ان أحدثكموه إلا أن تتكلوا، سمعته يقول من شهد أن لا اله الا الله مخلصاً من قلبه أو يقينا من قلبه لم يدخل النار وقال مرة دخل الجنة ولم تمسه النار. (29) وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم مفاتيح الجنة شهادة ان لا اله الا الله (30) وعن رفاعة الجهنى رضى الله عنه قال أقبلنا مع رسول الله

_ (28) وعن جابر بن عبدالله {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا سفيان بن عيينه عن عمرو (يعنى ابن دينار) قال سمعت جابر بن عبدالله يقول أنا ممن شهد معاذ الخ {غريبه} (1) السجف بفتح السين وكسرها مع سكون الجيم قال فى النهاية السجف الستر واسجفه اذا ارسله واسبله وقيل لا يسمى سجفا إلا أن يكون مشقوق الوسط كالمصراعين اهـ {تخريجه} (ق) وأخرج نحوه (م مذ) عن عبادة (29) وعن معاذ بن جبل {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابراهيم بن مهدى ثنا اسماعيل بن عياش عن عبدالله بن عبدالرحمن بن ابى حسين عن شهر بن حوشب عن معاذ الخ {تخريجه} قال الهيثمى فى مجمع الزوائد رواه احمد والبزار وفيه انقطاع بين شهر ومعاذ، واسماعيل بن عياش روايته عن اهل الحجاز ضعيفة وهذا منها اهـ وقال صاحب التنقيح اخرجه ايضا ابةو داود والحاكم وفى الباب عند الطبرانى فى الكبير عن معقل بن يسار بلفظ لكل شئ مفتاح ومفتاح السموات والارض قول لا اله الا الله ويؤيده ما اخرجه مسلم من حديث ابى هريرة لقنوا موتاكم لا اله الا الله ومعنى الحديث ان من قال لا اله الا الله مخلصا عند الموت أتى بمفتاح الجنة لان الاخلاص يستلزم التوبة فمن مات من العصاة تائبا يدخل الجنة اهـ (30) وعن رفاعة الجهنى {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا اسماعيل بن ابراهيم قال حدثنا هشام الدستوائى عن يحيي بن ابى كثير عن هلال ابن أبي ميمونة

-[نعيم الموحدين ووعيد المشركين 51]- صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا بالكديد (1) أو قال بقديد فجعل رجال يسأذنون الى اهليهم فيأذن لهم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال رجال يكون شق الشجرة التى تلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبغض اليهم من الشق الاخر فلم نر عند ذلك من القوم إلا باكيا فقال رجل (2) إن الذى يستأنك بعد هذا لسفيه (3) فحمد الله وقال حينئذ أشهد عند الله لا يموت عبد يشهد أن لا اله الا الله وأنى رسول الله صدقا من قلبه ثم يسدد (4) إلا سلك فى الجنة قال وقد وعدنى ربى أن يدخل من امتى سبعين الفا لا حساب عليهم ولا عذاب وإنى لأرجو أن لا يدخلوها حتى تبوؤا (5) انتم ومن صلح من آبائكم وأزواجكم وذرياتكم مساكن فى الجنة (وعنه من طريق ثان) (6) قال صدرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة فجعل الناس يستأذنونه فذكر الحديث قال وقال ابو بكر (رضى الله عنه) إن الذى يستأذنك بعد هذا لسفيه فى نفسى ثم إن النبى صلى الله عليه وسلم حمد الله وقال خيرا ثم قال أشهد عند الله وكان إذا حلف قال والذى نفس محمد بيده

_ عن عطاء بن يسار عن رفاعة الجهنى الخ {غريبه} (1) الكديد بوزن حديد وهو اسم ماء بين قديد وعسفان كما جاء فى حديث بن عباس عند البخارى فى باب غزوة الفتح وقديد بضم القاف مصغر القد قال البكرى قديد قرية جامعة كثيرة الماء والبساتين وبين قديد والكديد ستة عشر ميلا والكديد اقرب الى مكة وعسفان بضم العين وسكون السين المهملتين وبالفاء هو موضع على اربع برد من مكة حكاه العينى (2) هو ابو بكر كما فى الرواية الثانية (3) السفه فى الاصل الخفة والطيش وهو المراد هنا (4) السداد معناه القصد فى الامر والعدل فيه اى يقتصد فلا يغلو ولا يسرف (5) تبوؤا بفتح الباء والواو مشددة مفتوحة أى تتخذوا وتختاروا (6) {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابو المغيرة قال ثنا الاوزعى قال ثنا يحيي بن أبي كثير فيه

-[نعيم الموحدين ووعيد المشركين 52]- ما من عبد يؤمن بالله واليوم الاخر ثم يسدد الا سلك فى الجنة فذكر الحديث (وعنه من طريق ثالث) (1) قال اقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اذا كنا بالكديد او قال بعرفة فذكر الحديث (31) وعن عثمان بن عفان رضى الله عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من مات يعلم أن لا اله الا الله دخل الجنة (32) وعنه ايضا قال سمعت رول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنى لأعلم كلمة قالها عبد حقا من قلبه إلا حرم على النار فقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنا احدثك ما هى، هى كلمة الاخلاص التى اعز الله تبارك وتعالى بها محمد صلى الله عليه وسلم واصحابه وهى كلمة التقوى التى ألاص (2) عليها نبى الله عمه ابا طالب عند الموت شهادة أن لا إله إلا الله

_ (1) {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا حسن بن موسى ثنا شيبان عن يحيي يعنى ابن ابى كثيربه {تخريجه} (طب حب) والبغوى والبارودى وابن قانع وقال الهيثمى رواه احمد وعند ابن ماجه بعضه ورجاله ثقات (31) وعن عثمان بن عفان {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت خالدا العنزى عن ابى بشير العنبرى عن حمران بن ابان عن عثمان بن عثمان الحديث {تخريجه} (م) واخرجه " د عل ش فع والطيالسى " عن انس بن مالك (32) وعنه ايضا {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا عبدالوهاب الخفاف ثنا سعيد عن قتادة عن مسلم بن يسار عن حمران بن ابان ان عثمان بن عفان قال سمعت الخ {غريبه} (2) يقال الصته على الشئ مثل راودته على الشئ وداورته اى زاوده عليها اى كلمة الاخلاص وطلبها منه {تخريجه} لم اقف عليه فى غير الكتاب وله شواهد في الصحاح

-[نعيم الموحدين ووعيد المشركين 53]- (33) وعن أبي الأسود الدئلى عن ابى ذر رضى الله عنه قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض فإذا هو نائم ثم أتيته أحدثه فإذا هو نائم ثم أتيته وقد استيقظ فجلست اليه فقال ما من عبد قال لا اله الا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الحنة قلت وان زنى وان سرق قال وان زنى وان سرق قلت وان زنى وان سرق قال وان زنى وان سرق ثلاثاثم قال فى الرابعة على رغم (1) انف ابى ذر قال فخرج ابو ذر يجر إزاره وهو يقول وإن رغم أنف ابى ذر (34) وعن ابى هريرة رضى الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا رد اليك ربك فى الشفاعة فقال والذى نفس محمد بيده لقد ظننت انك اول من يسألنى عن ذلك من امتى لما رأيت من حرصك على العلم والذى نفس محمد بيده ما يهمنى من انقصافهم (2) على ابواب الجنة أهم عندى من تمام شفاعتى، وشفاعتى لمن شهد أن لا اله الا الله مخلصا يصدق قلبه لسانه ولسانه قلبه

_ (33) وعن أبي الأسود الدئلى {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا عبدالصمد حدثنى ابى ثنا حسين عن ابن بريدة ان يحيي بن يعمر حدثه ان ابا الاسود الدئلى حدثه ان ابا ذر قال اتيت الخ {غريبه} (1) يقال رغم يرغم كفرح وكخضع يخضع رغما بتثليث الراء وارغم الله انفه اى الصقه بالرغام بفتح الراء وهو التراب هذا هو الاصل ثم استعمل فى الذل والعجز عن الانتصاف والانقياد على كره فالمعنى وان ذل وقيل وان كره (نه) بزيادة ايضاح {تخريجه} (ق حب هق نس مذ وصححه) (34) وعن ابى هريرة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا هاشم والخزاعى يعنى ابى اسامة قالا حدثنا ليث حدثنى يزيد بن ابى حدبيب عن سالم بن ابى سالم عن معاوية ابن مغيث الهذلى عن ابى هريرة الحديث {غريبه} (2) اى ازدحامهم حتى يقصف بعضهم بعضا من القصف الكسر والدفع الشديد لفرط الزحام يعنى استسعادهم بدخول الجنة .

-[نعيم الموحدين ووعيد المشركين 54]- (35) وعن أبي عمرة الانصارى رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قل اشهد ان لا اله الا الله وانى رسول الله لا يلقى الله عبد مؤمن بهما الا حجبت عنه النار يوم القيامة (36) وعن ابى وائل قال قال ابن مسعود (رضى الله عنه) خصلتان يعنى احدهما سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم والاخرى من نفسى، من مات وهو يجعل لله ندا دخل النار وانا اقول من مات وهو لا يجعل لله ندا ولا يشرك به شيئا دخل الجنة (38) وعن ابى نعيم قال جاء رجل او شيخ من اهل المدينة فنزل على مسروق فقال سمعت عبدالله بن عمرو (بن العاص رضى الله عنهما) يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لقى الله لا شيرك به شيئا لم تضره خطيئة ومن مات وهو يشرك به لم تنفعه معه حسنة

_ وأن يتم لهم ذلك اهم عندى من ان ابلغ انا منزلة الشافعين المشفعين لان قبول شفاعته صلى الله عليه وسلم كرامة له فوصولهم الى مبتغاهم اثر عنده من نيل هذه الكرامة لفرط شفقته على انته (نه) {تخريجه} (خ ك) (35) وعن ابى عمرة {سنده} هذا طرف من حديث طويل ذكر بسنده فى الفصل التاسع من باب المعجزات من كتاب السيرة النبوية {تخريجه} (م طب) (36) وعن ابى وائل {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا هشيم انبأنا سيار ومغيرة عن ابى وائل الحديث {غريبه} (1) ندً بكسر النون هو مثل الشئ الذى يضاده فى اموره وينأده اى يخالفة ويريد بذلك ما كانوا يتخذونه آلهة من دون الله {تخريجه} (ق) وابوعوانه (37) وعن ابى نعيم {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابو احمد وابو نعيم قال ثنا سفيان عن ابراهيم بن محمد بن المنتشر عن ابيه هذا فى حديث ابى احمد الزبيرى قال نزل رجل على مسروق فقال سمعت عبدالله بن عمرو بن العاص يقول سمعت

-[نعيم الموحدين ووعيد المشركين 55]- (38) وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال الموجبتان من لقى الله عز وجل لا يشرك به شيئا دخل الجنة ومن لقى الله عز وجل وهو يشرك به دخل النار (39) وعن انس بن مالك رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ من لقى الله يشهد ان لا اله الا الله (وفى رواية لا يشرك به) دخل الجنة قال يا نبى الله افلا ابشر الناس قال لا انى اخاف ان يتكاوا عليها او كما قال (40) وسالم بن ابى الجعد عن سلمة بن نعيم رضى الله عنه قال وكان من اصحاب رسةل الله صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله من لقى الله لايشرك به شيئا دخل الجنة وان زنى وإن سرق

_ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من لقى الله وهو لا يشرك به شيئاً دخل الجنة ولم تضره معه خطيئة كما لو لقيه وهو مشرك به دخل النار ولم ينفعه معه حسنة قا لابو نعيم فى حديثه جاء رجل او شيخ الحديث {قلت} قال عبدالله (اى ابن الامام احمد) فى آخر حديث ابى نعيم والصواب ما قاله ابو نعيم {تخريجه} قال الهيثمى فى مجمع الزوائد رواه احمد والطبرانى فى الكبير ورجاله رجال الصحاح ما خلا التابعى فانه لم يسم ورواه الطبرانى فجعله من رواية مسروق (38) وعن جابر بن عبدالله {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا هاشم ثنا المبارك ثنا بكر بن عبداللله المزنى عن جابر بن عبدالله الحديث {تخريجه} (م) وفى الباب عند الطبرانى فى الكبير عن عمارة بن رويبة ان معنى الموجبات الخصلة الموجبة للجنة والخصلة الموجبة للنار (39) وعن انس بن مالك {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا عارم ثنا معتمر بن سليمان قال سمعت ابى يقول ثنا انس بن مالك انه ذكر له ان النبى صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ الحديث {تخريجه} (خ) (40) وعن سالم بن ابى الجعد {سنده} حدثنا عبدالهه حدثنى ابى ثنا حجاج ثنا شيبان ثنا منصور عن سالم بن ابى الجعد الحديث {تخريجه} (طب) وله شاهد عند مسلم من حديث ابى ذر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (اتانى جبريل عليه السلام فبشرني أنه من

-[نعيم الموحدين ووعيد المشركين 56]- (41) وعن حميد بن هلال حدثنا (1) هصان الكاهن العدوى قال جلست مجلسا فيه عبدالرحمن بن سمرة قال حدثنا معاذ بن جبل (رضى الله) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما على الارض نفس تموت لا تشرك بالله شيئاً تشهد انى رسول الله يرجع ذاكم الى قلب موقن إلا غفر له قال قلت انت سمعت هذا من معاذ قال القوم فعنفنى فقال دعوه فإنه لم يسئ القول، نعم أنا سمعته من معاذ زعم انه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم (ومن طريق اخر) حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا اسماعيل (3) ثنا يونس عن حميد بن هلاب عن هصان بن الكاهل قال دخلت المسجد الجامع بالبصرة فجلست الى شيخ ابيض الرأس واللحية فقال حدثنى معاذ بن جبل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث وفيه قال لا تعنفوه (4) ولا تؤنبوه دعوه، نعم انا سمعت ذلك من معاذ يذكر

_ مات من امتك لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة قلت وان زنى وان سرق قال وان زنى وان سرق (41) وعن حميد بن هلال {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا محمد بن عدى عن الحجاج يعنى ابن ابى عثمان حدثنى حميد بن هلال الخ {غريبه} (1) هصان بكسر اوله وفتح ثانيه مشددا والكاهن بالنون ويقال الكاهل باللام بدل النون كما فى الرواية الثانية (قال فى التقريب) هصان بكسر أوله وتشديد المهملة ابن كاهن يقال باللام بدل النون العدةى مقبول من الثالثة اهـ (2) قال فى المصباح زعم يطلق بمعنى القول ومنه زعمت الحنفية وزعم سيبويه اى قال وعليه قوله تعالى " او تسقط السماء كما زعمت " قلت وهو المراد هنا قال ويطلق على الظن يقال فى زعمى كذا وعلى الاعتقاد، ومنه قوله تعالى (زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا) قال الازهرى وأكثر ما يكون الزعم فيما يشك فيه ولا يتحقق اهـ (3) هذا طريق ثان للحديث وذكرته بسنده لقوله فى المتن وقال اسماعيل وهكذا كل حديث يكون فى متنه شئ يرجع الى السند أذكره بسنده وتارة أذكر السند لشئ آخر يدركه المدقق (4) التعنيف التعبير واللوم والتأنيب المبالغة فى التوبيخ والتعنيف

-[نعيم الموحدين ووعيد المشركين 57]- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إسماعيل (1) مرة يأثره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت لبعضهم من هذا قال هذا عبدالرحمن بن سمرة (2) (ومن طريق ثالث) (3) حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا عبد الاعلى عن يونس عن حميد بن هلال عن هصان بن الكاهل قال وكان ابوه كاهنا فى الجاهلية قال دخلت المسجد فى امارة عثمان فإذا شيخ ابيض الرأس واللحية يحدث عن معاذ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث (42) وعن ابى ذر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل يا ابن آدم لو عملت قراب (4) الارض خطايا ولم تشرك بى شيئاً جعلت لك قراب الارض مغفرة زاد فى الرواية (5) وقراب الارض ملء الأرض

_ (1) أحد رجال السند أشرنا اليه آنفا (2) عبدالرحمن بن سمرة بن عبد شمس العبشمى ابو سعيد صحابى من مسلمة الفتح يقال كان اسمه عبد كلال افتتح سجستان ثم سكن البصرة ومات بها سنة خمسين او بعدها قاله فى التقريب (3) كررت هذا الحديث لتعدد طرقه ولأن كل رواية منه لا تخلو من زيادة يستفاد منها وهكذا أفعل فى كل حديث يماثلة والله الموفق {تخريجه} (ك) وقال هذا حديث صحيح وقد تداوله ثقات (قلت) واره الذهبى (42) وعن ابى ذر {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا محمد بن ثابت ثنا ابراهيم بن طهمان عن منصور عن ربعى بن حراش عن المعرور بن سويد عن ابى ذر الحديث {غريبه} (4) بضم القاف وفسر فى الرواية الثانية بملء الارض (5) سيأتى حديث هذه الزيادة بتمامه وسنده فى كتاب النيه والاخلاص فى العمل ومضاعفة الاجر بسببه فى اول قسم الترغيب ان شاء الله تعالى والله الموفق {تخريجه} لم اقف عليه واخرج نحوه الترمذى عن انس بن مالك

كتاب الإيمان والإسلام

-[كتاب الايمان والاسلام 58]- 2 - كتاب الإيمان والإسلام (1) باب فيما جاء فى فضلهما (1) عن ابى هريرة رضى الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم اى الاعمال خير قال ايمان بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم قال ثم أي

_ كتاب الإيمان والإسلام الايمان معناه لغة التصديق، والاسلام معناه لغة الانقياد والاذعان، ومعناه شرعا جاء فى حديث جبريل المشهور الذى رواه الامام احمد والشيخان وغيرهم، وفيه ان النبى صلى الله عليه وآله وسلم أجاب جبريل عليه السلام حين سأله عنهما بقوله، الاسلام ان تشهد ان لا اله الا الله وان محمداً رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتى الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ان استطعت اليه سبيلا {والايمان} أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر والقدر كله خيره وشره، وقد اختلف العلماء فى معنى الايمان والاسلام هل هما متغايران او متحدان فذهب المحققون الى انهما متغايران وذهب بعض المحدثين والمتكلمين وجمهور المعتزلة الى ان الايمان هو الاسلام والاسمان مترادفان شرعا {قال الامام} ابو سليمان احمد بن محمد بن ابراهيم الخطابى البستى رحمه الله تعالى فى كتابه معالم السنن ما اكثر ما يغلط الناس فى هذه المسألة {فأما الزهرى} فقال الاسلام الكلمة والايمان العمل واحتج بالاية يعنى قوله تعالى (قالت الاعراب آمنا قل لم تؤمنوا ولكن قولوا أسلمنا ولما يدخل الايمان فى قلوبكم) وذهب غيره الى ان الاسلام والايمان شئ واحد واحتج بقوله تعالى (فأخرجنا من كان فيها من المؤمنين فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين) قال والصحيح من ذلك أن يقيد الكلام فى هذا ولا يطلق وذلك ان المسلم قد يكون مؤمنا فى بعض الاحوال ولا يكون مؤمنا فى بعضها، والمؤمن مسلم فى جميع الاحوال، فكل مؤمن مسلم، وليس كل مسلم مؤمن، واذا حملت الامر على هذا استقام لك تأويل الآيات واعتدل القول فيهما ولم يختلف شئ منها قال وأصل الايمان التصديق واصل الاسلام الاستسلام والانقياد فقد يكون المرء مستسلما فى الظاهر غير منقاد فى الباطن وقد يكون صادقا فى الباطن غير منقاد فى الظاهر اهـ (1) عن ابى هريرة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا محمد بن بشر ثنا

-[فضل الإيمان والاسلام 59]- يا رسول الله قال الجهاد فى سبيل الله سنام (1) العمل، قال ثم أى يا رسول الله قال حج مبرور (2) (2) وعن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مات يؤمن بالله واليوم الآخر قيل له ادخل الجنة من أى أبواب الجنة الثمانية شئت (3) حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابو النضر ثنا عبدالحميد يعنى بن بهرام ثنا شهر (3) (يعنى بن حوشب) ثنا ابن غنم عن حديث معاذ بن جبل (رضى الله عنه) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالناس قبل غزوة تبوك فلما أن اصبح صلى بالناس صلاة الصبح ثم ان الناس ركبوا فلما ان طلعت الشمس نعس الناس فى أثر الدلجة (4) ولزم معاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو أثره والناس

_ عبيد الله بن عمر عن ابى الزناد عن الاعرج عن ابى هريرة الحديث {غريبه} (1) بفتح السين أى أفضل العمل وأشرفه وسنام كل شئ اعلاه وهو من البعير ما ارتفع من ظهره قريب عنقه (2) الحج المبرور هو الذى لا يخالطه شئ من المآثم وقيل هو المقبول المقابل بالبر وهو الثواب (نه) {تخريجه} (ق نس مذ) (2) وعن عمر بن الخطاب {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا مؤمل ثنا حماد قال ثنا زياد بن محراق عن شهر (يعنى بن حوشب) عن عقبة بن عامر قال حدثنى عمررضى الله عنه انه سمع الخ {تخريجه} لم اقف عليه وله شاهد عند الطبرانى فى الكبير بأسناد جيد عن جرير رفعه " من مات لم يشرك بالله شيئاً لم يتند بدم حرام أدخل من أى أبواب الجنة شاء (وعند الشيخين عن ابن مسعود رفعه من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة) وامثال ذلك كثير (3) {غريبه} (3) شهر بفتح الشين المعجمة وسكون الهاء وحوشب بوزن كوكب وقوله ابن عنم بفتح الغين المعجمة وسكون النون واسمه عبدالرحمن وقال فى التقريب مختلف فى صحبته وذكره العجلى فى كبار الثقات التابعين مات سنة ثمان وسبعين اهـ (4) بوزن الركبة سير الليل يقال ادلج بالتخفيف اذا سار من اول اليل وادلج بالتشديد

تفرقت بهم رِكابُهم على جواد (¬1) الطريق تأكل وتسير فبينما معاذ على أثر رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- وناقته تأكل مرة وتسير أخرى عَثَرَت ناقة معاذ فكبحها (¬2) بالزمام فهبت حتى نفرت منها ناقة رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم - ثم إن رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم - كشف عنه قناعه فالتفت فإذا ليس من الجيش رجلٌ أدنى إليه من معاذ، فناداه رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: يا معاذ. قال لبيك يا نبي الله، قال: أدنُ دونك فدنا منه حتى لصقت راحلتهما إحداهما بالأخرى، فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: ما كنت أحب الناس منا كمكانم من البعد. فقال معاذ: يا نبي الله نَعَسَ الناس، فتفرقت به رِكابهم ترتع (¬3) وتسير، فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: وأنا كنت ناعساً، فلما رأى معاذٌ بشرى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم - إليه (¬4) وخلوته له قال: يا رسول الله ائذن لي أسألك عن كلمة قد أمرضتني وأسقمتني وأحزنتني، فقال نبي الله- صلى الله عليه وآله وسلم: سلني عم شئت، فقال: يا نبي الله حدثني بعمل يدخلني الجنة لا أسألك عن شيء غيرها، قال نبي الله- صلى الله عليه وآله وسلم: بخٍ بخٍ بخٍ (¬5) لقد سألت بعظيم، لقد سألت بعظيم ثلاثاً وإنه ليسير على من أراد الله به الخير فلم يحدثه بشيء إلاقاله ثلاث مرات يعني أعاده عليه ثلاث

_ (¬1) إذا سار من آخره والاسم منها الدلجة بالضم والفتح ا. هـ. (1) بتشديد الدال المهملة وأحدها جادة، وهي سواء الطريق ووسطه وقيل هي الطريق الأعظم التي تجمع الطرق ولابد من المرور عليه. (¬2) بفتحات من كبحت الدابة إذا جذبت رأسها إليك وأنت راكب ومنعتها عن سرعة السير. (والزمام) هو الخيط الذي يشد في أنف البعير ثم يشد في طرف المقود، وقد سمي المقود زماماً. (وقوله فهبت حتى نفرت) أي فهاجت حتى فزعت منها ناقة رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم. (والقناع) غطاء الرأس. (¬3) أي تأكل وترعى من كلأ الأرض. (¬4) أي انشراح صدره صلى الله عليه وآله وسلم. (¬5) هي كلمة تقال عند المدح والرضى بالشيء وتكرر للبالغة كما هنا.

مرات حرصا لكيْما يتقنه عنه، فقال نبي الله- صلى الله عليه وآله وسلم: تؤمن بالله واليوم الآخر، وتقيم الصلاة، وتعبد الله وحده لا تشرك به شيئا حتى تموت وأنت على ذلك، فقال: يا نبي الله أعد لي، فأعادها له ثلاث مرات، ثم قال نبي الله- صلى الله عليه وآله وسلم: إن شئت حدثتك يا معاذ برأس هذا الأمر وذروة السنام، فقال معاذ: بلى بأبي وأمي أنت يا نبي الله فحدثني، فقال نبي الله- صلى الله عليه وآله وسلم: إن رأس هذا الأمر أن تشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن قوام (¬1) هذا الأمر إقام الصلاة وإيتاء الزكاة، وأن ذروة السنام منه الجهاد في سبيل الله، إنما أمرت أن أقاتل الناس حتى يقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ويشهدوا أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله؛ فإذا فعلوا ذلك فقد اعتصموا وعصموا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل، وقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: والذي نفس محمد بيده ما شحب (¬2) وجه ولا أُغبرت قدم في عمل تُبتغي فيه درجات الجنة بعد الصلاة المفروضة كجهاد في سبيل الله، ولا ثقل ميزان عبد كدابة تنفق (¬3)

_ (¬1) وهي مبنية على السكون، فإن وصلت جررت ونونت فقلت بخ بخ وربما شددت، وبخبخت الرجل إذا قلت له ذلك ومعناه تعظيم الأمر وتفخيمه. (1) بكسر القاف، قوام الشيء عماده الذي يقوم به يقال فلان قوام أهل بيته وقوام الأمر ملاكه بكسر الميم أي نظامه وما يعتمد عليه فيه. (¬2) شحب بفتحات أي تغير لونه، قال في النهاية الشاحب المتغير اللون والجسم لعارض من سفر أو مرض أو نحوهما، وقد شحب يشحب (بفتح الحاء في الماضي والمضارع) شحوبا ا. هـ. (¬3) بفتح التاء وضم الفاء بينهما نون ساكنة، قال في المختار نفقت الدابة ماتت وبابه دخل ا. هـ. (تخريجه) (بز) من رواية شهر بن حوشب عن معاذ وأخرج (نس جه مذ) وقال حديث حسن صحيح، كلهم من رواية أبي وائل عن معاذ مختصرا وحديث الباب إسناده جيد وشهر بن حوشب وثقه ابن معين والإمام أحمد وغيرهما.

له في سبيل الله أو يحمل عليها في سبيل الله. (4) (¬1) عن الحسن حدثنا أبو هريرة (رضي الله عنه) إذ ذاك ونحن بالمدينة قال: قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: تجيء الأعمال يوم القيامة فتجيء الصلاة يا رب أنا الصلاة فيقول إنك على خير، فتجيء الصدقة فتقول يا رب أنا الصدقة فيقول إنك على خير، ثم يجيء الصيام فيقول أي رب أنا الصيام فيقول إنك على خير ثم تجيء الأعمال على ذلك فيقول الله عز وجل إنك على خير، ثم يجيء الإسلام فيقول يارب أنت السلام وأنا الإسلام فيقول الله عز وجل إنك علىخير. بك اليوم آخذ وبك أعطي فقال الله في كتابه [وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الإِسْلاَمِ دِيناً فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ] (2) في بيان الإيمان والإسلام والإحسان (5) (¬2) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: بينما نحن ذات يوم عند نبي الله- صلى الله عليه وآله وسلم - إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر لا يُرى (¬3) (وفي رواية لا نرى) عليه أثر السفر ولا يعرفه منا أحد حتى جلس إلى نبي الله- صلى الله عليه وآله وسلم - فأسند ركبتيه إلى ركبتيه ووضع كفيه على

_ (¬1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عباد بن راشد ثنا الحسن إلخ، الحديث ذكره ابن كثير في تفسيره وقال تفرد به أحمد قال قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد، عباد بن راشد ثقة ولكن الحسن لم يسمع من أبي هريرة. (¬2) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا كهمس عن ابن بريدة ويزيد بن هارون ثنا كهمس عن ابن بريدة عن يحيى بن يعمر سمع ابن عمر قال حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال بينما نحن الحديث (غريبه). (¬3) لا يرى بضم الياء التحتية مبنيا للمجهول وفي الرواية الثانية لا نرى بالنون المفتوحة

فخذيه (¬1) ثم قال يا محمد أخبرني عن الإسلام ما الإسلام؟ فقال الإسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إلي سبيلا، قال صدقت، فعجبنا له يسأله ويصدقه قال: ثم قال: أخبرني عن الإيمان، قال الإيمان أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر كله خيره وشره، قال: صدقت، قال فأخبرني عن الإحسان ما الإحسان؟ قال: أن تعبد الله كأنك تراه (¬2) فإن لم تكن تراه فإنه يراك، قال فأخبرني عن الساعة قال: ما المسؤول عنها بأعلم بها من السائل، قال: فأخبرني عن أماراتها، (¬3) قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة رعاء الشاء (¬4) يتطاولون في البناء قال: ثم انطلق. قال: فلبث مليا (¬5) (وفي رواية فلبث ثلاثاً) فقال: لي رسول الله

_ (¬1) وكلاهما صحيح (1) أي فخذي النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- كما سيأتي في رواية ابن عباس أن جبريل- عليه السلام- جلس بين يدي رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم - واضعاً كفيه على ركبتي النبي- صلى الله عليه وآله وسلم. (¬2) حاصله راجع إلى اتقان العبادة ومراعاة حقوق الله تعالى ومراقبته واستحضار عظمته وجلالته حال العبادة. (¬3) بفتح الهمزة والأمارة العلامة. والأمة هنا الجارية المستولدة. (وربتها) بفتح الراء ثم موحدة مفتوحة مشددة سيدتها، واختلف في قوله أن تلد الأمة ربتها، فقيل المراد به أن يستولي المسلمون على بلاد الكفر فيكثر التسري، فيكون ولد الأمة من سيدها بمنزلة سيدها لشرفه بأبيه، وعلى هذا فالذي يكون من أشراط الساعة استيلاء المسلمين على المشركين وكثرة الفتوح والتسري. و (قيل) معناه أن تفسد أحوال الناس حتى يبيع السادة أمهات أولادهم ويكثر تراددهن في أيدي المشتري فربما اشتراها ولا يشعر بذلك، فعلى هذا الذي يكون من أشراط الساعة غلبة الجهل بتحريم بيعهن، و (قيل) معناه أن يكثر العقوق في الأولاد؛ فيعامل الولد أمه معاملة السيد أمته من الإهانة والسب. (¬4) أي الغنم؛ وإنما خص رعاء الشاء بالذكر لأنهم أضعف أهل البادية، ومعناه أنهم مع ضعفهم وبعدهم عن أسباب ذلك يفعلونه، فمن باب أولى أهل الإبل فإنهم في الغالب ليسوا عالة ولا فقراء. (¬5) يعني أقام النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - بعد

صلى الله عليه وآله وسلم: يا عمر أتدري من السائل؟ قلت: الله ورسوله أعلم. قال: فإنه جبريل أتاكم يعلمكم دينكم. (6) (¬1) وعن أبي عامر الأشعري- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - بنحوه وفيه ثم ولَّى (أي السائل) فلما لم نر طريقه بعد، قال (أي النبي) - صلى الله عليه وآله وسلم: سبحان الله ثلاثاً هذا جبريل جاء ليعلم الناس دينهم. والذي نفسي بيده ما جاءني قطٌ إلا وأنا أعرفه إلا أن تكون هذه المرة. (7) (¬2) وعن ابن عباس- رضي الله عنهما- قال: جلس رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم - مجلساً له، فجاء جبريل- عليه السلام- فجلس بين يدي رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم - واضعاً كفيه على ركبتي رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم - فقال: يا رسول الله حدثني بالإسلام، قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: الإسلام أن تسلم (¬3) وجهك لله وتشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمداً عبده ورسوله، قال: إذا فعلت ذلك فأنا مسلم؟ قال: إذا فعلت ذلك فقد أسلمت. قال: يا رسول الله فحدثني ما الإيمان؟ قال:

_ (¬1) انصرافه مليا بتشديد الياء التحتية أي زمانا كثيرا (وفي رواية ثلاث) أي ثلاث ليال كما في رواية أبي داود. فهذه الرواية بينت ما أبهم من الزمن في تلك (تخريجه) (م بع حب ش هق في الدلائل) بألفاظ مختلفة وأخرج البخاري نحوه عن أبي هريرة. ((6) وعن أبي عامر الأشعري (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا أبو اليمان أنا شعيب قال ثنا عبد الله بن أبي حسين حدثنا شهر بن حوشب عن عامر أو أبي عامر أو أبي مالك أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - بينما هو جالس في مجلس فيه أصحابه جاءه جبريل عليه السلام في غير صورته يحسبه رجلا من المسلمين فسلم عليه فرد عليه السلام ثم وضع جبريل يده على ركبتي النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - فذكر الحديث (تخريجه) انفرد به الإمام أحمد وحسنه الحافظ العسقلاني. (¬2) وعن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا عبد الحميد ثنا شهر حدثني عبد الله بن عباس الحديث (غريبه). (¬3) أي تنقاد لله عز وجل وعبر بالوجه عن كل الجسم لأنه أشرف الأعضاء وهو المشتمل على الحواس

الإيمان أن تؤمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبين وتؤمن بالموت وبالحياة بعد الموت وتؤمن بالجنة والنار والحساب والميزان وتؤمن بالقدر كله خيره وشره. قال: فإذا فعلت ذلك فقد آمنت؟ قال: إذا فعلت ذلك فقد آمنت. قال: يا رسول الله حدثني ما الإحسان؟ قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: الإحسان أن تعمل لله كأنك تراه؛ فإنك إن لم تره فإنه يراك، قال: يا رسول الله فحدثني متى الساعة؟ قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: سبحان الله في خمسٍ من الغيب لا يعلمهن إلا هو [إِنَّ اللَّهَ عِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَيُنَزِّلُ الْغَيْثَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْأَرْحَامِ وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ مَّاذَا تَكْسِبُ غَداً وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ]، ولكن إن شئت حدثتك بمعالم لهم دون ذلك. قال: أجل (¬1) يا رسول الله فحدثني. قال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: إذا رأيت الأمة ولدت ربتها أو ربها، ورأيت أصحاب الشاء تطاولوا بالبنيان، ورأيت الحفاة الجياع العالة كانوا رؤس الناس فذلك من معالم الساعة وأشراطها، قال يا رسول الله ومن أصحاب الشاء والحفاة الجياع العالة. قال العرب. (8) (¬2) وعن أبي هريرة- رضي الله عنه- عن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم- بنحوه وفيه: وإذا كانت العراة الحفاة الجفاة، وفيه وإذا تطاول رعاة البَهْم (¬3) في البنيان وفيه

_ (¬1) أجل جواب مثل نعم، قال الأخفش هو أحسن من نعم في التصديق ونعم أحسن منه في الاستفهام ا. هـ. مختار (تخريجه) (بز) وأشار إليه الحافظ في الفتح وقال إسناده حسن يعني رواية الإمام أحمد (تنبيه) إذا أطلقت لفظ الحافظ فمرادي به ابن حجر العسقلاني. (¬2) وعن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أبو حيان عن أبي زرعة عمر بن جرير عن أبي هريرة الخ (غريبه). (¬3) البهم قال النووي بفتح الباء وإسكان الهاء وهي الصغار من أولاد الغنم، الضأن والمعز جميعاً، وقيل

بعد ذكر الآية زيادة ثم أدبر الرجل، فقال رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: ردوا عليّ الرجل فأخذوا ليردوه فلم يروا شيئا، فقال: هذا جبريل- عليه السلام- جاء ليعلم الناس دينهم. (9) (¬1) وعن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: كان رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- يقول: الإسلام علانية (¬2) والإيمان في القلب. (¬3) قال: ثم يشير بيده إلى صدره ثلاث مرات، قال: ثم يقول: التقوى هنها. (3) باب فيمن وفد على النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - من العرب للسؤال عن الإيمان والإسلام وأركانهما وفيه فصول الفصل الأول في وفادة صمام بن ثعلبة وافد بني سعد بن بكر-رضي الله عنه. (10) (¬4) عن أنس بن مالك- رضي الله عنه- قال: كنا قد نهينا أن نسأل رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- عن شيء (¬5) فكان يعجبنا أن يجيء الرجل من أهل البادية (¬6) العاقل فيسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية فقال:

_ (¬1) أولاد الضأن خاصة، واقتصر عليه الجوهري في صحاحه والواحدة بهمة، قال الجوهري: وهي تقع على المذكر والمؤنث والسخال أولاد المعز. قال: فإذا جمعت بينهما قلت بهام وبهم أيضا ا. هـ. (تخريجه) (ق وغيرهما). ((9) وعن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا علي بن مسعدة ثنا قتادة عن أنس الحديث (غريبه). (¬2) أي بفعل الجوارح. (¬3) أي باعتبار العلم والاعتقاد وهما متعلقان بالقلب (تخريجه) (عل، بز، ش) وسنده حسن. (¬4) 10) وعن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس الحديث (غريبه). (¬5) يعني سؤال مالا ضرورة إليه وإلا فقد ورد في الصحيحين أنه صلى الله عليه وآله وسلم قال لهم سلوني، وكذلك في المسند إيضا، وقال تعالى: [فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ]. (¬6) البادية والبدو بمعنى وهو

يا محمد أتانا رسولك فزعم (¬1) لنا أنك تزعم أن الله أرسلك. قال: صدق. قال: فمن خلق السماء؟ قال: الله. قال: فمن خلق الأرض؟ قال: الله. قال: فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال: الله. قال: فبالذي خلق السماء وخلق الأرض ونصب هذه الجبال آلله أرسلك؟ قال: نعم. قال: فزعم رسولك أن علينا خمس صلوات في يومنا وليلتنا. قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذ؟ قال: نعم. قال: فزعم رسولك أن علينا زكاة في أموالنا. قال: صدق. قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم، قال: وزعم رسولك أن علينا صوم شهر رمضان في سنتنا. قال: نعم صدق. قال: فبالذي أرسلك آلله أمرك بهذا؟ قال: نعم. قال: وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع إليه سبيلا. قال: صدق. قال: ثم ولَّى، فقال: والذي بعثك بالحق نبيا لا أزيد عليهن شيئا ولا أنقص منهن شيئا. فقال النبي- صلى الله عليه وآله وسلم: لئن صدق ليدخلن الجنة (وعنه في أخرى) (¬2) بنحو هذا وزاد قال الرجل: آمنت بما جئت به وأنا رسول من ورائي من قومي. قال: وأنا ضِمام بن ثعلبة أخو بني سعد بن بكر.

_ ما عدا الحاضرة والعمران والنسبة إليه بدوي بسكون الدال المهملة، والبداوة: الإقامة بالبادية وهي بكسر الباء عند جمهور أهل اللغة. (1) قوله ذلك مع تصديق النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - دليل على أن (زعم) ليس مخصوصاً بالكذب والقول المشكوك فيه بل يكون أيضا في القوم المحقق والصدق الذي لاشك فيه كقوله صلى الله عليه وآله وسلم زعم جبريل كذا وقد أكثر سيبويه وهو إمام العربية في كتابه الذي هو إمام كتب العربية في قوله زعم الخليل زعم أبو الخطاب يريد بذلك القوم المحقق قاله النووي. (¬2) سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا ليث حدثني سعيد بن أبي سعيد عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر أنه سمع أنس بن مالك بقول بينما نحن مع

(11) (¬1) وعن طلحة بن عبيد الله- رضي الله عنه- قال: جاء أعرابي إلى رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- فقال: يا رسول الله ما الإسلام؟ قال: خمس صلوات في يوم وليلة. قال: هل عليّ غيرهن؟ قال: لا، وسأله عن الصوم، فقال: صيام رمضان. قال: هل عليّ غيره؟ قال: لا. قال: وذكر الزكاة، قال: هل عليّ غيرها؟ قال: لا. قال: والله لا أزيد عليهن ولا أنقص منهن، فقال: رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم: قد أفلح إن صدق. الفصل الثاني في وفادة معاوية بن حيدة-رضي الله عنه. (12) (¬2) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا بهز بن حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدة- رضي الله عنه- قال: أتيت رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم - فقلت: يا رسول الله والله ما أتيتك حتى حلفت أكثر من عدد أولاء أن لا آتيك ولا آتي دينك وجمع بهرٌ بين كفيه (وفي رواية حتى حلفت عدد أصابعي هذه أن لا آتيك ولا آتي دينك) وإني قد جئت أمرءا لا أعقل شيئا إلا ما علمني الله عز وجل ورسوله، وإني أسألك بوجه الله بم بعثك ربنا إلينا؟ قال: بالإسلام. قال: يا رسول الله وما آية الإسلام؟ (وفي رواية وما الإسلام). قال: أن تقول أسلمت وجهي وتخليت (¬3) وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وكل مسلم على مسلم محرم أخوان نصيران لا يقبل الله عز وجل

_ (¬1) رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم- جلوساً في المسجد جخل رجل عل جمل فذكر الحديث (تخريجه) (ق د ثلاثة). ((11) وعن طلحة بن عبيد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا مالك عن عمه عن أبيه أنه سمع طلحة بن عبيد الله يقول: جاء أعرابي الحديث (تخريجه) (ق د نس وغيرهم). (¬2) 12) (غريبه). (¬3) أي عن دين الشرك و (قوله) وكل مسلم على

من مشرك يشرك بعدما أسلم عملاً أو يفارق (¬1) المشركين إلى المسلمين. مالي أمسك بحُجَزِكم (¬2) عن النار، ألا إن ربي داعِيَّ وإنه سائل هل بلغت عبادي، وأنا قائل له: رب قد بلغتهم، ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب، ثم إنكم مدعوون ومُفَدَّمةٌ (¬3) أفواهكم بالفِدام، وإن أول ما يبين (وفي رواية يترجم) قال: وقال (¬4) رسول الله- صلى الله عليه وآله وسلم - بيده على فخذه (وفي رواية ثم إن أول ما يبين عن أحدكم لفخذه وكفه) قال: قلت يا رسول الله هذا ديننا؟ قال: هذا دينكم وأينما تحسن يَكْفِكَ.

_ مسلم حرام الخ أي لا يجوز لمسلم أن يقتل أخاه المسلم؛ بل يعضده ويعاونه وينصره في جانب البر والتقوى. (1) أو بمعنى إلا أي إلا أن يفارق المشركين إلى المسلمين تائبا مسلما. (¬2) جمع حجزة كمعرفة، وأصل الحجزة موضع الإزار ثم قيل للإزار حجزة للمجاورة، واحتجز الرجل بالإزار إذا شده على وسطه، والمعنى أن النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - يمسك الناس من أمته يوم القيامة من موضع شد الإزار إشفاقاً عليهم ليمنعهم من الوقوع في النار رحمة بهم فيفلتون من يده ويقعون فيها. وقد روى مسلم عن جابر مرفوعاً (مثلي ومثلكم كمثل رجل أوقد ناراً فجعل الجنادب والفراش يقعن فيها وهو ينبهن عنها وأنا آخذ بحجزكم عن النار وأنتم تفلتون من يدي). (¬3) بفاء مفتوحة بعدها دال مهملة مشددة مفتوحة والفدام بكسر الفاء ما يشد على فم الإبريق والكوز من خرقة لتصفية الشراب الذي فيه أي أنهم يمنعون الكلام بأفواههم حتى تتكلم جوارحهم، فشبه ذلك بالفدام. (وقوله يبين) بضم أوله وكسر ثانيه أي ينطق ويتكلم. (¬4) أي أشار النبي- صلى الله عليه وآله وسلم - على فخذه والعرب تجعل القول عبارة عن جميع الأفعال وتطلقه على غير الكلام واللسان فتقول قال بيده أي أخذ وقال برجله أي مشى وقال بثوبه أي رفعه، وكل ذلك على المجاز والاتساع وقد جاء كثير من ذلك في الأحاديث فتنبه. أما نطق الجوارح فقد جاء في التنزيل قال تعالى [يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ] (تخريجه) (ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، قلت وأقره الذهبي وأخرجه (نس) مختصراً.

الفصل الثالث في وفادة أبي رزين العقيلي واسمه لقيط بن عامر رضى الله عنه (13) عن أبي رزين العقيلي رضى الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ما الايمان قال أن تشهد أن لا اله الاالله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله وأن يكون الله ورسوله أحب اليك مما سواهما وأن تحرق بالنار أحب اليك من أن تشرك بالله وأن تحب غير ذي نسب لا تحبه الا لله عز وجل فاذا كنت كذلك فقد دخل حب الايمان في قلبك كما دخل حب الماء للظمآن في اليوم القائظ (1) قلت يا رسول الله كيف لي بأن أعلم أني مؤمن قال ما من أمتي أو هذه الأمة عبد يعمل حسنة فيعلم أنها حسنة وأن الله عز وجل جازيه بها خيرا ولا يعمل سيئة فيعلم أنها سيئة واستغفر الله عز وجل ويعلم أنه لا يغفر الا هو الا وهو مؤمن الفصل الرابع في وفد عبد القيسي (14) عن ابن عباس رضى الله عنهما أن وفد عبد القيس (2) لما قدموا

_ (13) عن أبي رزين العقيلي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا على بن اسحق قال أنا عبد الله يعني ابن المبارك قال أنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن سليمان بن موسى عن ابي رزين العقيلى قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله كيف يحيى الله الموتى قال أما مررت بأرض من أرضك مجدبة ثم مررت بها مخصبة قال نعم قال كذلك النشور قال يا رسول الله وما الايمان الخ الحديث (غريبة) (1) قال في القاموس قظ يومنا اشتد حره اهـ (تخريجه) انفرد به الامام احمد وفي اسناده سليمان بن موسى وثقه قوم وضعفه آخرون (14) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن شعبة حدثني أبو حمزة وابن جعفر قال حدثنا شعبة عن أبي حمزة قال سمعت ابن عباس يقول أن وفد عبد القيس الخ (غريبة) (2) الوفد الجماعة المختارة للتقدم في لقى العظماء واحدهم وافد ووفد عبد القيس المذكور كانوا أربعة عشر راكبا كبيرهم إلا شج حكاه

المدينة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ممن الوفد أو قال القوم (1) قالوا ربيعة قال مرحبا بالوفد أو قال القوم غير خزايا ولا ندامى قالوا يا رسول الله أتيناك من شقة (2) بعيدة وبيننا وبينك هذا الحي من كفار مضر ولسنا نستطيع أن نأتيك الا في شهر حرام (3) فأخبرنا بأمر ندخل به الجنة ونخبر به من رواءنا وسألوه عن الأشربة فأمرهم بأربع ونهاهم عن أربع (4) أمرهم بالايمان بالله قال أتدرون ما الايمان بالله قالوا الله ورسوله أعلم قال شهادة أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله وإقام الصلاة

_ (النووي عن صاحب التحرير في شرح مسلم (1) أو للشك من بعض الرواة أى قال ممن الوفد وقال ممن القوم (وقوله) قالوا ربيعة أى من ربيعة كما في رواية (ومرحبا) هو منصوب بفعل مضمر أى صادفت رحبا بضم الراء أى سعة والرحب يالفتح الشئ الواسع وقد يزيدون معها أهلا أى وجدت أهلا فاستأنس (وقوله غير خزايا) بنصب غير على الحال وروى بالكسر على الصفة والمعروف الأول (وخزايا) جمع خزيان وهو الذي أصابه خزى والمعنى انهم اسلموا طوعا من غير حرب أو سبى يخزيهم ويفضحهم (وقوله ولا ندامى) أى نادمين فأخرجه على مذهبهم في الاتباع لخزايا لان الندامى جمع ندمان وهم النديم الذي رافقك ويشاربك ويقال في الندم ندمان أيضا فلا يكون اتباعا لخزايا بل جمعا برأسه وقد ندم يندم ندامة وندما فهو نادم وندمان قال في النهاية قال ابن ابي جمرة بشرهم بالخير عاجلا وآجلا لان الندامة انما تكون في العاقبة فاذا انتفت ثبت ضدها اهـ _2) الشقة بضم الشين على الافصح وبها جاء التنزيل وهى السفر البعيد (3) أى من الأربعة الحرم قيل هو رجب لورود التصريح به في رواية البيهقي وكانت مضر تبالغ في تعظيمه وكانت مساكن عبد القيسبالبحرين وماو الاهما من أطراف العراق وكفار مضر كانوا بينهم وبين المدينة فلا يمكنهم الوصول الى المدينة الا عليهم لهذا اختاروا الشهر الحرام لأمنهم من وقوع قتال بينهم وبين مضر فيه (4) انما أخبرهم ببعض الأوامر لكونهم سألوه ما يمكنهم فعله في الحال فلم يقصد اعلامهم بجميع الاحكام التي تجب عليهم فعلا وتركا ويدل على ذلك اقتصاره في المناهي على الانتباذ في الأوعية مع أن في المناهي ما هو أشد في التحريم من الانتباذ لكن اقتصر عليها لكثرة

وإيتاء الزكاة وصوم رمضان وأن تعطوا الخمس من المغنم ونهاهم ----- (1) والحنتم والنقير والمزفت قال وربما في المقير قال احفظوهن وأخبروا بهن من وراءكم (2) الفصل الخامس في وفادة ابن المتتفق من قيس رضى الله عنه (15) عن المغيرة بن عبد الله الشكرى عن أبيه قال انطلقت الى الكوفة لأجلب بغالا قال فاتيت السوق ولم تقم قال قلت لصاحب لي لو دخلنا المسجد وموضعه يومئذ في أصحاب التمر فاذا فيه رجل من قيس يقال له ابن المنتفق وهو يقول وصف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فطلبته بمنى فقيل لي هو بعرفات فانتهيت اليه فزاحت عليه فقيل لي إليك

_ تعاطيهم لها فلا يرد ترك ذكر الحج والجهاد (1) بضم المهمله وتشديد الموحدة والمد هو الفرع قال النووى المراد اليابس (والحنتم) بفتح المهملة وسكون النون وفتح المثناة من فوق هى جرار خضر مدهونة كانت تحمل فيها الخمر الى المدينة ثم اتسع فيها فقيل للخزف كله حنتم واحدها حنتمة (والنقير) هو فعيل بمعنى مفعول من نقر ينقر وكانوا يأخذون أصل النخلة فينقرون في جوفه ويجعلونه اناء ينتبذرن فيه لأن له تأثير في شدة الشراب (والمزفت) بالزاى المعجمة والفاء اسم مفعول وهو الاناء المطلي بالزفت وهو نوع من القار وربما قال المقير بضم الميم وفتح القاف والياء المشددة والزفت أى المطلي بالزفت وهو نوع من القار كما تقدم وروى عن ابن عباس أنه قال الزفت هو المقير حكى ذلك ابن رسلان في شرح السنن وقال انه صح ذلك عنه وانما خصت هذه الأوعية بالنهى لأنها تسرع الشدة الى الشراب فيصير مسكرا ثم ان النهى كان في أول الأمر وثبتت الرخصة في الانتباذ بعد ذلك في كل وعاء مع النهى عن شرب كل مسكر أنظر كتاب الأشربة ففيه المزيد (2) من موصولة ووراءكم تشمل من جاء من عندهم وهذا باعتبار المكان ويشمل من يحدث لهم من الاولاد وهذا باعتبار الزمان فيحتمل أعمالها ------- معا حقيقة ومجازا قاله الحافظ (تخريجه) (ق الثلاثة وغيرهم) (1%) عن المغيرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام

عن طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال دعوا الرجل أرب (1) ماله قال فزاحمت عليه حتى خلصت (2) اليه قال فأخذت بخطام راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال زمامها هكذا حدث محمد بن جحادة قال قلت ثنتان أسألك عنهما ما ينجيني من النار وما يدخلني الجنة قال فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى السماء ثم نكس رأسه ثم أقبل على بوجهه لئن كنت أوجزت في المسألة لقد أعظمت وأطولت فاعقل عني اذا اعبد الله لا تشرك به شيئا وأقم الصلاة المكتوبة وأد الزكاة المفروضة وصم رمضان وما تحب أن يفعله بك الناس فافعل بهم وما تكره أن يأتي اليك الناس فذر الناس منه ثم قال خل سبيل الراحلة (وعنه من طريقآخر بنحوه (3) وفيه قال قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة وينجيني من النار قال بخ بخ (4) لئن كنت

_ قال ثنا محمد بن جحاد عن المغيرة الخ (غريبة) (1) قال في النهاية في هذه اللفظة ثلاث روايات احداها أرب بوزن علم معناها الدعاء عليه أى يصيب آرابه وسقطت وهى كلمة لا يراد بها وقوع الأمر كما يقال تربت يداك وقاتلك الله وانما تذكر في معرض التعجب وفي هذا الدعاء من النبى صلى الله عليه وسلم قولان (أحدهما) تعجبه من حرص السائل ومزاحمته (والثاني) انه لما رآهبهذا الحال من الحرص غلبه طبع البشرية فدعا عليه وقد قال في غير هذا اللهم انما أنا بشر فمن دعوت عليه فاجعل دعائي له رحمة وقيل معناه احتاج فسأل من أرب الرجل يأرب اذا احتاج ثم قال ما له أى أى شئ به وما يريد (والرواية الثانية) أرب ماله بوزن حمل (بكسر أوله وسكون ثانيه) أى حاجة له وما زائدة للتقليل أى له حاجة يسيرة وقيل معناه حاجة جاءت به فحذف ثم سأل فقال ما له (والرواية الثالثة) أرب بوزن كتف (بفتح أوله وكسر ثانيه) والأرب الحاذق الكامل أى هو أرب فحذف المبتدأ ثم سأل فقال ما له أى ما شأنه اهـ () بفتح اللم أى وصلت اليه (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن عمر بن حسان يعني المسلى قال حدثني المغيرة بن عبد الله اليشكري الخ (غريبة) بخ كلمة تقال عند المدح والرضى بالشئ وقد تقدم الكلام عليها في الحديث الثالث من الباب الأول من هذا الكتاب

قصرت في الخطبة لقد أبلغت في المسألة اتق الله لا تشرك بالله وتقيم الصلاة وتؤدي الزكاة وتحج البيت وتصوم رمضان خل عن طريق الركاب الفصل السادس في وفادة رجال من العرب لم يسموا (16) عن عمرو بن عبسة رضى الله عنه قال قال رجل يا رسول الله ما الاسلام قال أن يسلم قلبك لله عز وجل وأن يسلم المسلمون من لسانك ويدك قال فأى الاسلام أفضل قال الايمان (وفي رواية قال خلق حسن) قال وما الايمان قال تؤمن بالله وملائمته وكتبه ورسله والبعث بعد الموت (وفي رواية قال وما الايمان قال الصبر والسماحة) قال فأى الايمان أفضل قال الهجرة قال فما الهجرة قال تهجر السوء قال فأى الهجرة أفضل قال الجهاد قال وما الجهاد قال أن تقاتل الكفار اذ لقيتهم قال فأى الجهاد أفضل قال من عقر جواده وأهريق دمه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عملان هما أفضل الأعمال الا من عمل بمثلهما حجة مبرورة أو عمرة (17) وعن ربعي بن حراش عن رجل من بني عامر رضى الله عنه أنه استأذن النبى صلى الله عليه وسلم فقال أألج (1) فقال النبى صلى الله عليه وسلم لخادمه أخرجي اليه فانه لا يحسن الاستئذان فليقل السلام عليكم أأدخل قال فسمعته

_ (16) عن عمرو بن عبسة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن عمر بن عبسة الحديث (تخريجه) (طب) ورجاله موثقون وهو من الأحاديث الجامعة لفرائض الدين ومكارم الأخلاق (17) وعن ربعي بن حراش (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن منصور عن ربعي بن حراش الحديث (غريبة) (1) أي أأدخل

يقول ذلك فقلت السلام عليكم أأدخل قال فأذن لي أو قال فدخلت فقلت بم آتينا به قال لم آتكم الا بخير أتيتكم بأن تعبدوا الله وحده لا شريك له قال شعبة وأحسبه قال وحده لا شريك له وأن تدعوا اللات والعزةى وأن تصلوا بالليل والنهار خمس صلوات وأن تصوموا من السنة شهرا وأن تحجوا البيت وأن تأخذوا من مال أغنيائكم فتردوها على فقرائكم قال فقال هل بقى من العلم شئ لا تعلمه قال قد علمني الله عز وجل خيرا وان من العلم ما لا يعلمه الا الله (ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الارحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأى أرض تموت ان الله عليم خبير) (18) وعن جرير بن عبد الله (رضى الله عنه) قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما برزنا من المدينة اذا راكب يوضع (1) نحونا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كأن الراكب اياكم يريد قال فانتهى الرجل الينا فسلم فرددنا عليه فقال له النبى صلى الله عليه وسلم من أين أقبلت قال من أهلي وولدي وعشيرتي قال فأين تريد قال أريد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقد أصبته قال يا رسول الله علمني ما الايمان قال تشهد أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتحج البيتقال قد أقررت قال ثم ان بعيره دخلت يده في

_ من ولج بفتح اللام يلج بكسرها ولوجا أى دخل (تخريجه) قال الهيثمي أخرج أبو داود طرفا منه وقد رواه أحمد ورجاله كلهم ثقات أئمة (18) عن جرير بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسحق بن يوسف ثنا أبو جناب عن زاذان عن جرير بن عبد الله الحديث (غريبة) (1) أى يحمل بعيره على سرعة السير نحونا يقال وضع البعير يضع وضعا وأوضع البعير إذا حمله

شبكة جرذان (1) فهوى بعيره وهوى الرجل فوقع على هامته (2) فمات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على بالرجل قال فوثب اليه عمار بن ياسر وحذيفة فأقعداه فقالا يا رسول الله قبض الرجل قال فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أما رأيتما اعراضي عن الرجل فاني رأيت ملكين يدسان في فيه من ثمار الجنة فعلمت أنه مات جائعا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا والله من الذين قال الله فيهم (الذيت آمنوا ولم يلبثوا ايمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) ثم قال دونكم أخاكم قال فاحتملناه الى الماء فغسلناه وحنطناه وكفناه وحملناه الى القبر قال فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس على شفير القبر (3) قال فقال ألحد وو لا تشقوا فان اللحد لنا والشق لغيرنا (وعنه أيضا من طريق ثان) (4) قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا نحن نسير اذ رفع لنا شخص فذكر نحوه الا أنه وقعت يد بكره في بعض تلك

_ على سرعة السير (نه) (1) بضم الجيم وسكون الراء والجرذان جمع جرذ بفتح الراء وهو الذكر الكبير من الفأر وشبكتها أنقابها وحجرتها تكون متقاربة بعضها من بعض كعيون الشبكة (نه) (2) أى رأسه (3) أى جانبه وحرفه وشفير كل شئ جانبه وحرفه (وقوله اللحد لنا) أى معشر المسلمين (والشق لغيرنا) أى أهل الكتاب كما في رواية أخرى عن جرير أيضا ذكرتها في باب الدفن من كتاب الجنائز ويقال في اللحد لحد يلحد كذهب يذهب والحد يلحد اذا حفر اللحد (والشق) بفتح الشين المعجمة هو حفر الأرض بمقدار ما يسع الميت ثم يسقف بعد وضع الميت فيه بلبن أو نحوه واللبن أفضل ثم يهال عليه الترابو اللحد هو حفر الأرض كما تقدم ثم شق بجانب هذه الحفرة يوع فيه الميت بحيث يكون مائلا عن وسطها ثم يسد هذا الشق بلبن كما تقدم ثم تردم الحفرة جميعها وكلاهما جائز واللحد أفضل ان أمكن لأنه فعل ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم باتفاق الصحابة رضى الله عنهم (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا

التي تحفر الجرذان وقال فيه هذا ممن عمل قليلا وأجر كثيرا (وعنه أيضا من طريق ثالث) (1) أن رجلا جاء فدخل في الاسلام فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه الاسلام وهو في مسيره فدخل خف بعيره في جحر يربوع فوقصه (2) بعيره فمات فأتى عابه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمل قليلا وأجر كثيرا قالها حماد ثلاثا اللحد لنا والشق لغيرنا (19) وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن أعرابيا جاء الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله دلني علي عمل اذا عملته دخلت لجنة قال تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتصوم (2) رمضان قال والذي نفس محمد بيده لا أزيد على هذا شيئا أبدا ولا أنقص

_ عبد الحميد ابن أبي جعفر الفراء عن ثابت عن زاذان عن جرير الحديث (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن الحجاج عن عمرو بن مرة عن زاذان عن جرير الحديث (2) الوقص كسر العنق وقصت عنقه أقصها وقصا وقد وقصت الناقة براكبها وقصا من باب وعد رمت رمت به فدقت عنقه فالعنق موقوصة (تخريجه) (طب) وابن ابي حاتم في تفسيره من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس والحكيم الترمذى في نوادر الأصول مثله والخطيب البغدادي من طريق محمد بن المنكدر عن جابربن عبد الله وحديث الباب في اسناده زاذان ابي عمر الكندى قال ابن معين ثقة وقال الحافظ في التقريب صدوق يرسل فيه شيعية وقال يحيى بن معين والنسائى والدار قطنى انه ضعيف (وقال الحافظ) ضعفوه لكثرة تدليسه والله أعلم (19) وعن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا يحيى بن سعيد وهو ابن حبان التيمي عن ابي زرعة عن أبي هريرة الحديث (غريبة) (3) لم يذكر الحج في هذه الرواية لأنه لم يكن فرض بعد أو الراوى اختصره ويؤيد هذا الثاني ما في بعض الروايات أن النبى صلى الله عليه وسلم أخبره بشرائع الإسلام فدخل

منه فلما ولى قال النبى صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر الى رجل من أهل الجنة فلينظر الى هذا (1) (4) باب في أركان الاسلام ودعائمه العظام (20) عن أبي سويد العبدي قال أتينا بن عمر رضى الله عنهما فجلسنا ببابه ليؤذن لنا قال فبطأ علينا الاذن قال فقمت الى جحر (2) في الباب فجعلت أطلع فيه ففطن بي فلما أذن لنا جلسنا فقال أيكم اطلع آنفا في داري قال قلت أنا قال بأى شئ استحللت أن تطلع داري قال قلت أبطأ علينا الاذن فنظرت فلم أتعمد ذلك قال ثم سألوه عن أشياء فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بنى الاسلام على خمس شهادة أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت (3) وصيام

_ فيه باقي المفروضات (نووى) قال النووى رحمه الله الظاهر منه أن النبى صلى الله عليه وسلم علم أنه يوفي بما ألتزم وأنه يدوم على ذلك ويدخل الجنة (تخريجه) وفي الباب عن أبي أيوب أخرجه أيضا (ق) وعن جابر أخرجه مسلم (20) عن أبي سويد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا أبو عقيل عن بركة بن يعلي التيمي حدثني أبو سويد العبدى الحديث (غريبة) (2) بضم الجيم اى ثقبة في الباب قاله صاحب مجمع بحار الأنوار (3) هكذا رواه الامام أحمد بتقديم الحج على الصيام وكذلك البخاري ومسلم في بعض رواياته وفي بعضها روواية سعد بن عبيدة بتقديم الصوم على الحج وفيها فقال رجل والحج وصيام رمضان فقال ابن عمر لا: صيام رمضان والحج هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الحافظ) في هذا أشعار بأن رواية حنظلة (يعني عكرمة بن خالد عن ابن عمر) التي في البخاري مروية بالمعنى أما لأنه لم يسمع رد ابن عمر على الرجل لتعدد المجلس أو حضر ذلك ثم نسيه ويبعد ما جوزه بعضهم أن يكون ابن عمر سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم على الوجهين ونسى أحدهما عند رده على الرجل اهـ

رمضان قلت يا أبا عبد الرحمن ما تقول في الجهاد قال من جاهد فانما يجاهد لنفسه (ومن طريق آخر) عن يزيد ابن بشر (1) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال بنى الاسلام على خمس شهادة أن لا اله الا الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان قال فقال له رجل والجهاد في سبيل الله قال ابن عمر الجهاد حسن هكذا حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (21) وعن جرير بن عبد الله رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى الاسلام على خمس شهادة أن لا اله الا الله واقام الصلاة وايتاء الزكاة وحج البيت وصوم رمضان (22) وعن زياد بن نعيم الحضرمى (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربع فرضهن الله في الاسلام فمن جاء بثلاث لم يغنين عنه شيئا حتى يأتي بهن

_ باختصار قلت لعله يشير بقوله ويبعد ما جوزه بعضهم الى النووى ومن قال مثله والله أعلم (!) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن سالم ابن أبي الجعد عن يزيد ابن بشر الخ (تخريجه) الرواية الأولى أخرجها عبد الرزاق بنحو ما هنا والرواية الثانية أخرجها (ق طب نس مذ) وصححه وحسنه وألفاظهم مختلفة (21) وعن جرير بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا اسرائيل عن جابر عن عامر عن جرير الحديث (تخريجه) قال الهيثمي راوه وابو يعلي والطبراني في الكبيرو الصغير واسناد أحمد صحيح اهـ (22) وعن زياد بن نعيم الحضرمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتبة ابن سعيد ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن ابي حبيب عن أبي مرزوق عن المغيرة بن ابي بردة عن زياد بن نعيم الحضرمى الخ (غريبة) (2) زياد بن نعيم الحضرمى ليس صحابيا واسمه زياد ابن ربيعة ابن سعيد الحضرمى اشتهر بنسبته الى جده قال الحافظ في التقريب زياد ابن ربيعة بن نعيم بضم النون الحضرمى وقد ينسب الى جده البصرى ثقة من الثالثة مات سنة

جميعا الصلاة والزكاة وصيام رمضان وحج البيت (23) وعن على رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع حتى يشهد أن لا اله الا الله وأني رسول الله بعثني بالحق وحتى يؤمن بالبعث بعد الموت وحتى يؤمن بالقدجر (وعنه بلفظ آخر) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يؤمن عبد حتى يؤمن بأربع يؤمن بالله وأن الله بعثني بالحق ويؤمن بالبعث بعد الموت ويؤمن بالقدر خيره وشره (24) وعن السدوسي يعني ابن الخصاصية رضى الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبايعه فاشترط على شهادة أن لا اله الا الله وأن محمدا عبده ورسوله وأن أقيم الصلاة وأن أؤدي الزكاة وأن أحج حجة الاسلام وأن أصوم شهر رمضان وأن أجاهد في سبيل الله فقلت يا رسول الله أما أثنتان فوالله ما أطيقهما الجهاد والصدقة فانهم زعموا أن من ولى الدبر فقد باء بغضب من الله فأخاف ان حضرت تللك جشعت (2) نفسي وكرهت الموت

_ خمس وتسعين اهـ (تخريجه) الحديث مرسل لما علمت من أن زياد بن نعيم ليس صحابيا ورواه (طب) في الكبير عن عمارة بن حزم مرفوعا وفي اسناده ابن لهيعة أيضا وقد ضعفوه (23) وعن على رضى الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن منصور عن ربعي بن حراش عن على الحديث (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن منصور (تخريجه) (ك جه مذ) وسنده جيد (24) وعن السدوسي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زكريا بن عدى ثنا عبيد الله بن عمرو يعني الرقى عن زيد بن أبي انيسة ثنا جبلة بن سحيم عن أبى المثنى العبدي قال سمعت السدوسي يعني ابن الحصاصية قال الخ (غريبة) (2) بكسر الشين المعجمة أى فزعت والجشع الجزع لفراق الالف

والصدقة فو الله مالي الأغنيمة (1) وعشر ذود (2) هن رسل أهلي وحمولتهم قال فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال فلا جهاد ولا صدقة فلم تدخل الجنة اذا قال قلت يا رسول الله أنا أبايعك قال فبايعت عليهن كلهن (25) وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل الى اليمن قال انك تأتي قوما أهل كتاب فادعهم الى شهادة أن لا اله الا الله وأني رسول الله فان هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله عز وجل أفترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فان أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم الصدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد الى فقرائهم فان أطاعوك لذلك فاياك وكرائم أموالهم (#) واتق دعوة المظلوم فانها ليس بينها وبين الله حجاب (4)

_ (1) غنيمة تصغير غنم أى غنم قليلة (2) الذود من الابل بين الثنتين الى التسع وقليل ما بين الثلاث الى العشر واللفظة مؤنثة ولا واحد لها من لفظها كالنعم وقال أبو عبيد الذود من الاناث دون الذكور (نه) (واغلرسل) بكسر الراء وسكون السين المهملة الليبن أى هن ذوات لبن طعام أهلي (وحمولتهم) أى يحملون عليها أثقالهم (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الكبير والاوسط ورجال أحمد موثقون اهـ (25) وعن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا زكريا ابن اسحق المكى عن يحيى ابن عبد الله بن صيفي عن ابي معبد عن ابن عباس الحديث (غريبة) (3) كرائم منصوب بفعل مضمر لا يجوز اظهاره والكرائم جمع كريمة قال صاحب المطالع هى جامعة الكمال الممكن في حقها من غزارة اللبن أو جمال صورة أو كثرة لحم أو صوف (قلت) وعلى هذا فيحرم على الساعي أخذ ارائم المال في الزكطاة بل يأخذ الوسط ويحرم على رب المال اخراج شر المال ($) يعني انها مقبولةو (تخريجه) (قو الاربعة) وهو حديث جامع لأهم شرائع الدين

(5) باب شعب الايمان ومثله (26) عن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الايمان أربعة وستون بابا (1) أرفعها وأعلاها قول لا اله الا الله وأدناها اماطة الأذى عن الطريق (27) وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الايمان بضع (2) وسبعون بابا أفضلها لا اله الا الله وأدناها اماطة الاذى عن الطريق والحياء شعبة من الايمان (28) وعن النواس (3) بن سمعان الأنصاري رضي الله عنه عن

_ (26) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة ثنا بكر ابن مضر غن عمارة بن غزية عن أبي صالح عن أبي هريرة الحديث (غريبة) (1) رواية البخاري بضع وستون شعبة بضم الشين المعجمة وهى بمعنى قوله هنا بابا والمراد بذلك الخصلة (وقوله أرفعها وأعلاها الخ) فيه اشارة الى أن مراتبه متفاوتة (تخريجه) (ق) وغيرهما (27) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال أنا سهيل بن أبي صالح عن عبد الله بن دينار عن أبي صالح عن أبي هريرة الحديث (غريبة) (2) البضع بكسر أوله وحكى الفتح لغة وهو عدد مبهم مقيد ما بين الثلاث أو التسع كما جزم به القزاز قاله الحافظ وحكى أقوالا أخرى قال ويرجع ما قاله القزاز ما أتفق عليه المفسرون في قوله تعالى (فلبث في السجن بضع سنين) وما رواه الترمذى بسند صحيح أن قريشا قالوا ذلك لأبي بكر وكذا رواه الطبرانى مرفوعا اهـ قلت وفي رواية مسلم بضع وسبعون شعبة بدل قوله هنا بابا وباقي الحديث كما هنا (تخريجه) (ق والاربعة وغيرهم) باختلاف في بعض الألفاظ (28) وعن النواس بن سمعان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحسن بن سوار أبو العلاء ثنا ليث يعني ابن سعد عن معاوية بن صالح أن عبد الرحمن بن جبير حدثه عن أبيه عن النواس بن سمعان الحديث (غريبة) (3) النواس بتشديد الواو

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ضرب الله مثلا صراطا مستقيما وعلى جنبتى (1) الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى الأبواب ستور مرخاة وعلى باب الصراط داع يقول يأيها الناس أدخلوا الصراط جميعا ولا تنفرجوا وداع يدعو من جوف الصراط فاذا أراد يفتح شيئا من تلك الأبواب قال ويحك (2) لا تفتحه فانك ان تفتحه تلجه (3) والصراط الاسلام (4) والسوران حدود الله تعالى والأبواب المفتحة محارم الله تعالى وذلك الداعي على رأس الصراط كتاب الله عز وجل (5) والداعي فوق الصراط واعظ الله في قلب كل مسلم (6) (وعنه في أخرى) (7) قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل ضرب مثلا صراطا مستقيما على كنفي (8) الصراط سوران فيهما أبواب مفتحة وعلى الأباب ستور وداعي يدعو على رأس الصراط وداع يدعو من فوقه والله يدعو الى دار السلام ويهدي من يشاء الى صراط مستقيم فالأبواب التي على

_ وفتح النون قبلها وسمعان بفتح أوله أو بكسره قاله في الخلاصة بسحات أى جانبيه (2) ويحح كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها وقد يقال بمعنى المدح والتعجب وهى منصوبة على المصدر وقد ترفع وتضاف ولا تضاف يقال ويح زيد (بفتح الحاء المهملة) وويحا له (نه) (3) أى تدخله (4) أى دين الاسلام وهو الطريق المستقيم الذي يوصل صاحبه الى الجنة (وقوله والسوران حدود الله) أى الحاجزين الحلال والحرام (وقوله محارم الله) أى ما حرمه الله تعالى ونهى عنه فاذا مال الانسان عن هذا الصراط المستقيم وفتح باب الحاجز زين له الشيطان حب الشهوات فيدخل فيه فيهلك نعوذبالله من ذلك (5) أى الذي يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويحل الطيبات ويحرم الخبائث يقول (وان هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله (6) أى ما أودعه الله في قلوب عباده المؤمنين من الايمان الذي يمنعهم عن الوقوع في المهالك (7) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيوة بن شريح ثنا بقية عن بحير (بحاء مهملة مكسورة) بن سعيد عن خالد بن معدان عن جبير بن نقير عن النواس الخ (8) بالنون أى جانبيه وقد

كنفي الصراط حدود الله لا يقع أحد في حدود الله حتي يكشف ستر الله والذي يدعو من فوقه واعظ الله عز وجل (6) باب في خصال الايمان وآياته (29) عن سفيان ابن عبد الله الثقفى رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله قل لي في الاسلام قولا لا أسأل عنه أحدا غيرك قال أبو معاوية بعدك (1) قال قل آمنت بالله ثم استقم (ومن طريق ثلن) (2) قال قلت يا رسول الله حدثني بأمر أعتصم به قال قل ربى الله ثم استقم قال قلت يا رسول الله ما أخوف ما تخاف على قال فأخذ بلسان نفسه ثم قال هذا (30) وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم وان الله عز وجل يعطي

_ صرح بذلك في الرواية الاولى (تخريجه) الحديث سنده جيد وأخرج الترمذى الرواية الثانية منه (29) عن سفيان الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ابو معاوية قالا حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن سفيان بن عبد الله الثقفى الحديث (غريبة) (1) أى قال أبو معاوية أحد الرواة في روايته لا أسأل عنه أحدا بعدك بدل غيرك (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن اسحق قال أنا عبد الله يعني ابن المبارك قال أنا معمر عن الزهرى عن عبد الله بن ماعز عن سفيان بن عبد الله الثقفى قال قلت يا رسول الله الخ (تخريجه ((م نس جه) الى قوله ثم استقم كالرواية الاولى وأخرجه الترمذى بنحو الرواية الثانية وقال هذا حديث حسن صحيح قال القاضي عياض رحمه الله هذا حديث من جوامع الكلم كله صلى اللله عليه وسلم وهو مطابق لقوله تعالى (ان الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا) أى لم يحيدوا عن التوحيد والتزموا طاعته سبحانه وتعالى الى أن توفوا على ذلك وهو معنى الحديث اهـ (30) وعن ابن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا ابان بن اسحق عن الصباح بن محمد عن مرة الهمذاني عن عبد الله بن مسعود الخ

الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الدين الا لمن أحب فمن أعطاه الله الدين فقد أحبه والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه ولسانه ولا يؤمن حتى يؤمن جاره بوائقه (1) قالوا وما بوائقه يا نبى الله قال غشمه (2) وظلمه ولا يكتسب عبد مالا حراما فينفق منه فيبارك له فيه ولا يتصدق به فيقبل منه ولا يترك خلف ظهره الا كان زاده الى النار لا يمحو الئ بالسئ ولكن يمحو السئ بالحسن ان الخبيث لا يمحو الخبيث (31) وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه أنه سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن أفضل الايمان قال أن تحب لله وتبغض لله وتعمل لسانك في ذكر الله قال وماذا يا رسول الله قال وأن تحب للناس ما تحب لنفسك وتكره لهم ما تكره لنفسك (زاد في الرواية) (3) وأن تقول خيرا أو تصمت (32) وعن العباس بن عبد المطلب رضى الله عنه أنه سمع رسول الله

_ (غريبه) (1) أي غوائله وشروره وأحدها بائقة وهى الداهية قاله فى النهاية (2) الغشم بوزن القمح هو الظلم وذكر الظلم بعده عطف تفسير (تخريجه) أخرجه الحاكم في المستدرك من طرق متعددة عن عبد الله بن مسعود مختصرا بلفظ (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله قسم بينكم أخلاقكم كما قسم بينكم أرزاقكم أن الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب ولا يعطي الايمان الا من احب) وقال هذا حديث صحيح الاسناد (قلت) وأقره الذهبى (31) وعن معاذ بن جبل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن غيلان ثنا رشدين عن زبان عن سهل عن أبيه عن معاذ الخ (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن اهيعة ثنا زيان به (تخريجه) (طب) والحديث بروايتيه ضعيفلضعف رشدين في الروايه الاواى وابن لهيعة في الثانية ومتنه صحيح من طرق أخرى (32) وعن العباس الخ (سنده) * حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن ادريس يعني الشافعي ثنا عبد العزيز بن محمد عن يزيد يعني ابن الهاه عن محمد ابن ابراهيم عن عامر

صلى الله عليه وسلم يقول ذاق طعم الايمان من رضى بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد نبيا ورسولا (33) وعن أبي موسى الأشعرى رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من عمل حسنة فسر بها وعمل سيئة فسائته فهو مؤمن (34) وعن عامر بن ربيعة رضى الله عنه عن النى صلى الله عليه وسلم بمعناه (35) وعن أبى أمامة رضى الله-قال سألأ رجل النبى صلى الله عليه وسلم فقال ما الأثم (1) قال اذا حك في نفسك شئ فدعه قال فما الايمان قال اذا ساءتك سيئتك وسرتك حسنتك فأنت مؤمن (36) وعن أنس بن مالك رضى الله عنه أن نبى الله صلى الله عليه وسلم قال والذي

_ ابن سعد عن عباس بن عبد المطلب الخ (تحريجه) (م مذ وحسنه) وصححه (33) وعن ابي موسى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتبة بن سعيد ثنا عبد العزيز بن محمد بن عمرو يعني ابن ابي عمرو عن المطلب (أى بن عبد الله) عن أبى موسى الحديث (تخريجه) (طب ك) وفي اسناده المطلب بن عبد الله بن حنطب فيه مقال (34) وعن عامر بن ربيعة سيأتي بسنده والكلام عليه في تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية من أبواب حد الزنا ان شاء الله تعالى (35) وعن أبي أمامة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابراهيم بن خالد ثنا رباح عن معمر عن يحيى بن ابي كثير عن يزيد بن سلام عن جده قال سمعت أبا أمامة يقول سأل رجا الخ (غريبة) (أى أخبرني عن علامة الذنب فقال (اذا حك في نفسك) حك بفتح الحاء المهملة وتشديد الكاف مفتوحة يقال حك الشئ قي النفس اذا لم تكن منشرح الصدر به وكان في قلبك شئ من الشك والريب وأوهمك أنه ذنب وخطيئة فاذا كان كذلك فاجتنبه (تخريجه) (حب هق ك) وصححه المناوي (36) وعن أنس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حسين المعلم عن قتادة عن أنس الخ

نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه من الخير (37) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضى الله عنهما) أن رجلا قال يا رسول الله أى الاسلام أفضل قال من سلم المسلمون من لسانه ويده (38) وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله الا أنه قال فيه أى المسلمين بدل قوله أى الاسلام (39) وعن أبي سلمة عن الشريد (بن سويد الثقفى رضى الله عنه) أن أمة أوصت أن يعتق عنها رقبة مؤمنة فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال عندي جارية سوداء نوبية (1) فأعتقها؟ فقال ائت بها فدعوتها فجاءت فقال لها من ربك قالت الله قال من أنا فقالت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أعتقها فإنها مؤمنة

_ (تخريجه) (ق نس مذ) الى قوله ما يحب لنفسه وهو حديث من جوامع الكلم (37) وعن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا يزيد بن ابى حبيب انه سمع أبا الخير يقول سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول ان رجلا قال يا رسول الله الخ (تخريجه) (ق والثلاثة) والنسائى أيضا من حدجيث أبي هريرة بألفاظ متقاربة (38) وعن جابر بن عبد الله الخ هذا طرف من حديث طويل ذكر بتمامه وسنده في الباب الثالث من كتاب الترغيب في الخوف من الله تعالى وسيأتي الكلام عليه هناك ان شاء الله تعالى (39) وعن ابى سلمة الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حماد بن سلمة ثنا محمد بن عمرو عن ابي سلمة عن الشريد الخ (غريبة) (1) بضم النون نسبة لبلاد النوبة قال في القاموس بلاد واسعة للسودان بجنوب الصعيد منها بلاد الحبش (وفي تاج العروس شرح القاموس) مدينة النوبة اسمها دنقلا وهى منزل الملك على ساحل النيل وبلدهم أشبه شئ باليمن اهـ (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد والبزار والطبراني غفي الاوسط الا انه قال لها من ربك فأشارت برأسها الى السماء فقالت الله ورجاله موثقون (قلت) ورواه أيضا أبو داوود والنسائي

(40) وعبيد الله بن عبد الله عن رجل من الأنصار رضى الله عنه) أنه جاء بأمة سوداء وقال يا رسول الله ان على رقبة مؤمنة فان كنت ترى هذه مؤمنة فأعتقها فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشهدين أني رسول الله؟ قالت نعم قال أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟ قالت نعم قال أعتقها (41) وعن الحسين بن على رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حسن اسلام المرء قلة الكلام فيما لا يعنيه (وفي رولية) تركه ما لا يعنيه

_ (40) وعن عبيد الله (بالتصغير) ابن عبد الله يعني بن عتبة بن مسعود وقد وقع في الأصل عبد الله بن عبد الله بدون تصغير فيهما وهو خطأ وصوابه بتصغير الاول منهما بدليل ما سيأتي من رواية الامام ماللك رحمه الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن رلجل من الانصار الخ (تخريجه) قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (قلت ورواه أيضا (لك) عن أبي شهاب عن عبيد الله (بالتصغير) بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن رجلا من الانصار فذكره (قال الحافظ السيوطي) في تنوير الحوالك ورواه الحسين بن الوليد عن مالك عن ابن شهاب عن عبيد الله عن أبي هريرة موصولا ورواه المسعودي عن عون بن عبد الله عن أخيه عبيد الله عن أبي هريرة أيضا اهـ (قلت) وطريق الامام أحمد يجتمع من طريق الامام مالك في ابن شهاب اعني الزهرى (41) وعن الحسين بن على رضى الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا نمير ويعلي قالا حدثنا حجاج يعني بن دينار الواسطي عن شعيب بن خالد عن حسين بن على الحديث (تخريجه) (طب) واخرجه ((مذ جه) عن أبي هريرة وأورده النووى أيضا في رياض الصالحين عن أبي هريرة أيضا وقال حديث حسن وأخرجه (ك) في الكنى عن أبي بكر الصديق والشيرازي في اللقاب عن أبي ذر الغفارى و (ك) في تاريخه عن على و (طس) عن زيد بن ثابت والحديث من جوامع الكلم (قال الحافظ) وقد عظم العلماء أمر هذا الحديث فعدوه رابع أربعة تدور عليها الأحكام كما نقل عن أبي داوود وفيها البيتان المشهوران عمدة الدين عندنا كلمات من قول خير البرية اترك الشبهات وازهد ودع ما ليس يعنيك واعملن بنية

(42) وعن أبي الدرداء رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلوا الله يغفر لكم قال ابن ثوبان (أحد الرواة) يعني أسلموا (7) باب في سماحة ديننا الاسلام والاعتزاز به وأنه أحب الأديان الى الله عز وجل وفيه فصول الفصل الأول في سماحة الدين الاسلامي والاعتزاز به (43) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أى الأديان أحب الى الله قال الحنيفية (1) السمحة (44) وعن غاضرة بن عرروة الفقيمي حدثني أبي عروة رضى الله عنه قال كنا ننتظر النبى صلى الله عليه وسلم فخرج رجلا (2) يقطر رأسه من وضوء أو غسل فصلى فلما قضى الصلاة جعل الناس يسألونه يا رسول الله أعلينا حرج في كذا

_ (42) وعن أبي الدرداء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن عمير بن هانئ عن أبي العذراء عن أبي الدرداء الخ (تخريجه) (طب عل) ورمز له السيوطي في الجامع الصغير بعلامة الحسن (43) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثني يزيد قال أنا محمد بن اسحق عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس الحديث (غريبة) (1) الحنيفية ملة ابراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام والحنيف في اللغة من كان على ملة ابراهيم وسمى ابراهيم حنيفا لميله عن الباطل الى الحق لأن أصل الحنيف الميل (والسمحة) بفتح السين المهملة وسكون الميم أى انها مبنبة على السهولة لقوله تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج ملة أبيكم ابراهيم) (تخريجه) (طب طس بز والبخارى في الأدب المفرد) وذكره الحافظ في الفتح عند الكلام في باب الدين يسر وحسنه (44) وعن غاضرة بن عروة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا عاصم بن هلال ثنا نماضرة بن عروة الحديث (غريبة) (2) بكسر الجيم وفتحها أى مرجلا شعره وترجيل الشعر تجعيده وترجيله أيضا ارساله بمشطة بفتح الميم وشعر الرجل ورجل بفتح الجيم وكسرها ليس شدي الجعودة ولا ----- تقول مسه رجل شعره

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس ان دين الله عز وجل في يسر ثلاثا يقولها (45) وعن المقداد بن الأسود رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يبقى على ظهر الأرض بيت مدر (1) ولا وبر الا أدخله الله كلمة الاسلام بعز عزيز أو ذل ذليل اما يعزهم الله عز وجل فيجعلهم من أهلها أو يذلهم فيدينون لها (46) وعن سليم بن عامر عن تميم الداري رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر الا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل عزا يعز الله به الاسلام أو ذلا يذل الله به الكفر وكان تميم الدارى يقول قد عرفت ذلك في أهل بيتي لقد أصاب من أسلم منهم الخير والشرف والعز

_ ترجيلا قاله في المختار (تخريجه) (طب عل) وله شاهد عند البخارى والنسائى من حديث أبي هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ان الدين يسر الحديث (45) وعن المقداد ابن الاسود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ابن عبد ربه ثنا الوليد بن مسلم حدثني ابن جابر قال سمعت سليم بن عامر قال سمعت سليم بن عامر قال سمعت المقداد ابن الاسود يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبة) (1) المدر جمع مدرة بوزن شجرة وهو اللبن بكسر الباء الذى تتخذمنه بيوت المدن والقرى (والوبر) وهو شعر الابلالذى يتخذ منه ومن نحوه الخيام بيوتا لسكان البوادي والمعنى أن دين الاسلام يبلغ جميع سكان الامصار والقرى والبوادى (2 ) أى بعز شخص عزيز أى يعزه الله تعالى بكلمة الاسلام حيث قبلها بغير سبى أو ق 4 تال (وقوله أو ذل ذليل) أى يذله الله تعالى بها أى بسبب ابائها بذل سبى أو قتال حتى يدين لها أى ينقاد اليها طوعا أو كرها (تخريجه) قال في التنقيح أخرجه الحاكم وسنده حسن والطبرانى في الكبير والبيهقي في السنن ومعنى الحديث ظاهر مقتبس من قوله تعالى (هو الذى أرسل رسوله بالهدى) الآية (46) وعن سليم بن عامر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال ثنا صفوان بن عمرو قال حدثني سليم بن عامر الحديث (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد

ولقد أصاب من كان منهم كافر الذل والصغار والجزية (47) وعن أبي بكر رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ان الله تبارك وتعالى سيؤيد هذا الدين بأقوام لا خلاق لهم (1) (48) وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر الفصل الثاني في ترغيب المشركين في اعتناق الاسلام وتأليف قلوبهم رحمة بهم (49) وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال كان الرجل يأتي النبى صلى الله عليه وسلم لشئ يعطاه من الدنيا فلا يمسي حتى يكون الاسلام أحب اليه وأعز عليه من الدنيا وما فيها (50) وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسئل شيئا عن الاسلام الا أعطاه قال فأتاه رجل فسأله فأمر له بشاء كثير (2) بين جبلين من شاء

_ (47) وعن أبي بكرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيد الله بن محمد قال سمعت حماد بن سلمة يحدث عن على بن زيد وحميد في آخرين عن الحسن عن أبي بكرة الحديث (غريبة (1) أى لا صفات لهم محمودة كالعالم الذي لم يعمل بعلمه فهو يقرر الاحكام وينتفع به الناس ولا ينفع نفسه لكونه قصد الرياسة والاظهار مثلا (تخريجه) (طب) وأخرجه أيضا (نس حب) عن أنس ابن مالك ويؤيده حديث ابي هريرة بعده (48) وعن ابي هريرة هذا طرف من حديث سيأتي بتمامه في باب الاخلاص النية من كتاب الجهاد وله قصة (تخريجه) (ق) (49) وعن أنس ابن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن ابي عدى عن حميد عن انس الحديث (تخريجه) لم أقف عليه في غير الكتاب ورجاله رجال الصحيحين وهو من ثلاثيات الامام احمد أعني أنه ليس بينه وبين النبى صلى الله عليه وسلم الا ثلاثة رجال (50) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن ابى عدى عن حميد عن موسى بن أنس عن أنس الحديث (غريبة) (2) الشاه جمع شاة والشاة من

الصدقة قال فرجع الى قومه فقال يا قوم أسلموا فان محمدا صلى الله عليه وسلم يعطي عطاء ما يخشى الفاقة (51) وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل أسلم قال أجدني كارها قال أسلم وان كنت كارها (52) وعن نصر بن عاصم عن رجل منهم أنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم فاسلم على أنه لا يصلي الا صلاتين فقبل منه ذلك الفصل الثالث في حكم من أسلم على يده رجل من الكفار (53) عن تميم الدارى رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله ما السنة في الرجل من أهل الكتاب (وفي رواية من أهل الكفر) يسلم على يدى رجل من المسلمين قال هو أولى الناس بمحياه ومماته

_ الغنم يقع على الذكر والانثى (تخريجه) لم أقف عليه في غير الكتاب وسنده جيد (51) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن ابى عدى عن حميد عن انس الحديث (تخريجه) الحديث رجاله من رجال الصحيحين وهو من ثلاثيات المام أحمد وأورده السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام احمد وابى يعلي والضياء المقدسى ورمز له بالصحة (52) وعن نصر بن عاصم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن قتادة عن نصر بن عاصم عن رجل الخ (تخريجه) لم أقف عليه في غير الكتاب وسنده جيد وجهالة الصحابي لا تضر (53) عن تميم الدارى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن موهب قال سمعت تميما الدارى قال قلت يا رسول الله الخ (تخريجه) (هب) الحديث في اسناده عبدد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال الحافظ في التقريب صدوق يخطئ وقال في عبد الله بن موهب ثقة لكن لم يسمع من تميم الداري اهـ (قلت) وأورد نحوه الحافظ السيوطي في الجامع الكبير وعزاه لعبد الرزاق عن تميم الدارى بلفظ (من أسلم على يد رجل فهو مولاه) وقال سنده صحيح ثم ذكر بعده حديثا يشبه أن يكون مفسرا لحديث الباب بلفظ (من أسلم على يديه رجل فهو مولاه يرثه و --- عنه) وعزاه للضياء ابلمقدسى في المختارة عن واشد بن سعد مرسلا

الفصل الرابع في أنه من أسلم من أهل الكتاب فله أجره مرتين (54) عن أبي أمامة رضى الله عنه قال اني لتحت (1) راحلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قولا حسنا جميلا وكأن فيما قال من أسلم من أهل الكتابين (2) فله أجره مرتين وله ما لنا وعليه ما علينا ومن أسلم من المشركين فله أجره وله ما لنا وعليه ما علينا (55) وعن أبي موسى الأشعرى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من كانت له أمة فعلمها فأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها وأعتقها قتزوجها فله أجران وعبد أدى حق الله وحق مواليه ورجل من أهل الكتاب آمن بما جاء به عيسى وما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فله أجران (8) باب في كون الاسلام يجب ما قبله من الذنوب وكذا الهجرة وهل يؤاخذ باعمال الجاهلية وبيان حكم عمل الكافر اذا أسلم بعده (56) عن عمرو بن العاص رضى الله عنه قال لما ألقى الله عز وجل في قلبي الاسلام قال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم ليبايعني فبسط يده الى فقلت لا أبايعك حتى يغفر لي ما تقدم من ذنبي قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمرو

_ (54) عن أبي أمامة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن اسحق السيلحيني ثنا ابن لهيعة عن سليمان بن عبد الرحمن عن القاسم عن ابي امامة الحديث (غريبة) (1) يحتمل أن يكون آخذا بزمامها أو واقفا بجوارها (وقوله) يوم الفتح أى فتح مكة (2) يعني اليهود والنصارى (تخريجه) (طب) وفي اسناده ابن لهيعة (55) وعن ابي موسى الاشعرى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن صالح النورى عن الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى الخ (تخريجه) (ق والثلاثة) (56) عن عمرو بن العاص (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن اسحق أنا ليث ابن سعد عن يزيد بن ابي حبيب عن ابي شماسة أن عمرو بن العاص قال لما

أما علمت أن الهجرة تجب ما قبلها من الذنوب يا عمرو أما علمت أن الاسلام يجب ما قبله من الذنوب (57) وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال أتى النبى صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله اذ أحسنت في الاسلام أؤاخذ بما عملت في الجاهلية؟ قال اذا أحسنت في الاسلام لم تؤاخذ بما عملت في الجاهلية واذا أسأت في الاسلام أخذت بالأول والآخر (58) وعن سلمة بن يزيد الجعفي رضى الله عنه قال انطلقت أنا وأخي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلنا يا رسول الله ان أمنا مليكة كانت تصل الرحم وتقرى الضيف وتفعل وتفعل هلكت في الجاهلية فهل ذلك نافعها شيئاً قال

_ ألقى الخ (غريبة) (1) تجب من باب رد يرد والجب بفتح الجيم معناه القطع أى تقطع وتمحو وكذلك الاسلام يجب ما قبله من الذنوب أى يمحو ما كان قبله في الكفر من الذنوب قال تعالى (قل للذين كفروا أن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف) (تخريجه) (م وسعيد بن منصور في سننه) وزاد مسلم في روايته وان الحج يهدم ما كان قبله (قال النووى رحمه الله) فيه عظيم موقع الاسلام والهجرة والحج وان كل واحد منها يهدم ما كان قبله من المعاصي اهـ (57) وعن عبد الله بن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الاعمش عن شقيق عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) (2) قال النووى رحمه الله في شرح مسلم في الكلام على هذا الحديث والصحيح فيه ما قاله جماعة المحققين أن المراد بالحسان هنا الدخول في الاسلام بالظاهر والباطن جميعا وأن يكون مسلما حقيقيا فهذا يغفر له ما سلف في الكفر بنص القرآن العزيز والحديث الصحي (الاسلام يهدم ما قبله) باجماع المسلمين (والمراد الاساءة) عدم الدخول في الاسلام بقلبه فهذا منافق باق على كفره باجماع المسلمين فيؤاخذبما عمل في الجاهلية قبل اظهار الاسلام وبما عمل بعد اظهاره لانه مستمر على كفره وهذا معروف في استعمال الشرع يقولن حسن اسلام فلان اذا دخل فيه حقيقة باخلاص وساء اسلامه أى لم يحسن اسلامه اذا لم يكن كذلك والله أعلو اهـ (تخريجه) (ق جه) (58) وعن سلمة بن يزيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي

لا قال قلنا فإنها كانت وأدت أختا لنا في الجاهلية فهل ذلك نافعها شيئا قال الوائدة والموؤدة في النار الا أن تدرك الوائدة الاسلام فيعفو الله عنها (59) (59) وعن عدى بن حاتم الطائي رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله ان أبي كان يصل الرحم ويفعل ويفعل فهل له في ذلك شئ من الاجر قال ان أباك طلب أمرا فأصابه (3) (60) وعن حكيم بن حزام رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله أرأيت أمورا كنت أتحنث (4) بها في الجاهلية من عتاقة وصلة رحم هل لي

_ عدي عن داوود ابن ابي هند عن الشعبى عن علقمة عن سلمة بن يزيد الخ (غريبة) (1) قال في المختار وأد بنته دفنها حية وبابه وعد فهى موؤدةاء (2) قال المناوي بهمزة مكسورة قبل الدال أى التي تدفن الولد حيا كانت القبلة ترقب الولد في الجاهلية فان انفصل ذكرا أمسكته أو أنثى ألقتها في الحفرة وألقت عليها التراب (والموؤدة) المفعول لها ذلك وهى أم الطفل (في النار أى هما في النار اهـ (قلت) أما الوائدة فلما فعلته من هذه الجناية الفظيعة وأما الموؤدة على انها أم الطفل فلرضاها والله أعلم (تخريجه) (طب) قال الهيثمي ورجال أحمد رجال الصحيح اهـ (59) وعن عدي بن حاتم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل ثنا سفيان عن سماك بن حرب عن مرى بن قطرى عن عدى بن حاتم الخ (غريبة) (3) لعله يزيد والله أعلم أن أباه لم يقصد بذلك وجه الله تعالى بل قصد الشهرة والمدح وقد تحصل عليهما حتى صار يضرب بكرمه المثل (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد ورجاله ثقات والطبرانى في الكبير اهـ (60) وعن حكيم بن حزام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهرى عن عروة بن الزبير عن حكيم بن حزام الحديث (غريبة) (4) أى أتعبد وفي رواية عند مسلم أتبرر بها يعني فعل البر والطاعة قال النووى قال أهل اللغة أصل التحنث أن يفعل فعلا يخرج به من الحنث وهو الاثم وكذا تأثم وتحرج وتهجد أي

فيها أجر فقال له النبى صلى الله عليه وسلم أسلمت على ما أسلفت من خير (1) (61) وعن عمرو بن عبسة رضى الله عنه قال جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم شيخ كبير يدعم (2) على عصالة فقال يا رسول الله ان لي غدرات وفجرات (3) فهل يغفر لي قال ألست تشهد أن لا اله الا الله قال بلى وأشهد أنك رسول الله قال قد غفر لك غدراتك وفجراتك (9) باب في حكم الاقرار بالشهادتين وانهما تعصمان قائلهما من القتل وبهما يكون مسلما ويدخل الجنة (62) عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله (4) فإذا

_ فعل فعلا يخرج به عن الاثم والحرج والهجود اهـ (1) قال القاضي عيلض معناه ببركة ما سبق لك من خير هداك الله تعالى الى الاسلام ة ان من ظهر منه خير في أول أمره فهو دليل على سعادة آخره وحسن عاقبته اهـ وذهب ابن بطال وغيره من المحققين الى أن الحديث على ظاهره وأ، هـ اذا أسلم الكافر ومات على الاسلام يثاب على ما فعله من الخير في حال الكفر واستدلوا بما يؤيد ذلك انظر شرح النووى على مسلم في باب حكم عمل الكافر من كتاب الايمان (تخريجه) (ق) (61) وعن عمرو بن عبسة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج بن النعمان ثنا نوح بن قيس عن أشعث بن جابر الحداني عن مكحول عن عمرو بن عبسة الحديث (غريبة) (2) أى يستند (3) الغدرات جمع غدرة والفجرات جمع فجرة كسجدة وسجدات والغدر الخيانة والفجور اتيان المعاصي وعدم المبالاة بفعلها يريد أنه كان في الجاهلية يرتكب آثاما من الغدر والفجور فهل يغفرها الله بالاسلام؟ فأجابه النبى صلى الله عليه وسلم بأن الله قد غفر له ذلك باسلامه (تخريجه) (طب) وسنده جيد (62) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن يزيد قال أخبرنا سفيان بن حسين عن الزهرى عن عبيد الله عن عبد الله بن عتيبة بن مسعود عن أبي هريرة الحديث (غريبة) (4) أى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل

قالوها عصموا دمائهم وأموالهم الا بحقها (1) وحسابهم على الله تعالى فلما كانت الردة (2) قال عمر لأبي بكر (رضى الله عنهما) نقاتلهم وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا قال فقال أبو بكر رضى الله عنه نقاتلهم والله لا أفرق بين الصلاة والزكاة ولأقاتلن من فرق بينهما (3) قال فقاتلنا معه فرأينا ذلك رشدا (63) وعنه في أخرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقوقلوا لا اله الا الله محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة ثم قد

_ الروايات الآتية فهى مصرحة بذلك (وقوله عصموا الخ) أى منعوا واصل العصمة من العصام وهو الخيط الذي يشد به فم القربة ليمنع سيلان الماء (1) أى الا يحق كلمة الاسلام وهى لا اله الا الله أى النطق بها مع محمد رسول الله كما في الروايات الآتية ورواية البخارى الا بحق الاسلام أى من ردة وحد وترك الصلاة والزكاة وحق آدمى كقود فمن ارتكب شيئا من ذلك فلا يكون معصوم الدم ويجوز ارجاع الضمير في قوله الا بحقها الى الدماء والأموال وتكون الباء بمعني عن يعني هى معصمة الا عن حق الله فيها كردة وحد الخ (وقوله وحسابهم على الله) أى موكول لله عز وجل في أمر سرائرهم فلا تفتش عن قلوبهم (2) أى التي حصلت من بعض الناس بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم فقد ارتد قوم عن الاسلام ونابذوا الملة وأنكروا نبوة النبى صلى الله عليه وسلم وهم أصحاب مسيلمة وأصحاب الأسود العنسى فقاتلهم أبو بكر رضى الله عنه حتى قتل مسيلمة باليمامة والعنسي بصنعاء وانقضت جموعهم وهلك أكثرهم وقوم لم يرتدوا ولكنهم فرقوا بين الصلاة والزكاة فأنكروا وجوبها ووجوب أدائها الى الامام وهؤلاء على الحقيقة أهل بغيى فأمر أبو بكر رضى الله عنه بقتالهم أيضا فخالفه عمر رضى الله عنه وقال تقاتلهم وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا يعني حديث الباب (3) وفي رواية مسلم من فرق بين الصلاة والزكاة قال النووى رحمه الله ضبطناه بوجهين فرقث وفرق بتشديد الراء وتخفيفها ومعناه من أطاع في الصلاة وجحد الزكاة أو منعها اهـ (تخريجه) (ق) وغيرهما بألفاظ مختلفة (63) وعنه في أخرى (سندها) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد ابن زياد ثنا سعيد بن كثير بن عبيد قال حدثني ابي انه سمع ابا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

حرم علي دمائهم وأموالهم وحسابهم على الله عز وجل (64) وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله الا الله وأن محمدا رسول الله فاذا شهدوا واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا حرمت علينا دماؤهم وأموالهم الا بحقها لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم (65) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن النعمان (1) قال سمعت أويسا (يعني بن أبي أويس الثقفى رضى الله عنه) يقول أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد ثقيف فكنا في قبة فقام من كان فيها غيري وغير رسول االله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فساره فقال اذهب فاقتله (وفي رواية فلما ولى الرجل دعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم) ثم قال أليس يشهد أن لا اله الا الله قال بلى ولكنه يقولها تعوذا فقال ردوه (وفي رواية اذهبوا فخلوا سبيله) ثم قال أمرت أ، أقاتل الناس حتى يقولوا لا اله الا الله فاذا قالوها عصموا مني دمائهم وأموالهم الا بحقها فقلت لشعبة أليس في الحديث ثم قال أليس يشهد أن لا اله الا الله وأني رسول الله قال شعبة أظنها ممها وما أدري (66) وعن أبي مالك الأشجعى عن أبيه (طارق بن أشيم رضي الله عنه)

_ الحديث (تخريجه) (ق) من حديث ابن عمر (64) وعن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن اسحق قال أنا عبد الله أنا حميد الطويل عن الس الحديث (تخريجه) (خ والثلاثة) باختلاف الألفاظ (65) حدثنا عبد الله الخ (غريبة) (1) هو ابن سالم الطائفي ثقة (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (66) وعن أبي مالك الاشجعى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول لقوم من وحد الله وكفر بما يعبد من دونه حرم ماله ودمه وحسابه على الله عز وجل (67) وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال ان الله عز وجل ابتعث نبيه (1) صلى الله عليه وسلم لادخال رجل الجنة فدخل الكنيسة فاذا هو بيهوذى واذا يهوذى يقرأ عليهم التوراة فلما أتوا على صفة النبى صلى الله عليه وسلم أمسكوا وفي ناحيتها رجل مريض فقال النبى صلى الله عليه وسلم ما لكم أمسكتم قال المريض انهم أتوا على صفة النبى فأمسكوا ثم جاء المريض يحبو حتى أخذ التوراة فقرأ حتى أتى على صفة النبى صلى الله عليه وسلم وأمته فقال هذه صفتك وصفة أمتك أشهد أن لا اله الا الله وأنك رسول الله ثم مات فقال النبى صلى الله عليه وسلم لوا أخاكم (2) (68) وعن عبيد الله بن عدى بن الخيار أن رجلا (3) من الأنصار حدثه أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلس فساره يستأذنه في قتل رجل من

_ يزيد بن هارون قال أنا أبو مالك الاشجعى عن أبيه الحديث وهو من ثلاثيات الامام أحمد رحمه الله (تخريجه) (م) (67) وعن ابن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح وعفان المعني قالا ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي عبيدة بن عبد الله بمن مسعود قال عفان عن أبيهابن مسعود قال ان الله عز وجل الخ (غريبة) (1) أى بعثه الله من بيته ليحصل بذلك ادخال رجل الجنة وهو الرجل المريض في الكنيسة فان دخوله صلى الله عليه وسلم اليه كان سببا في اسلامه الذي صار سببا في دخوله الجنة (2) فيه الأمر لمن كان من المسلمين في حضرته صلى الله عليه وسلم بأن يتولوا أمر ذلك الرجل الذي مات من تجهيز وغيره لأنه قد صار بكلمة الشهادتين أخا لهم (تخريجه) (طب) وسنده جيد (68) وعن عبيد الله بن عدى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدى الخ (غريبة) (3) هو عبد الله بن عدى الأنصارى كما صرح في الرواية الآتية

المنافقين فجهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أليس يشهد أن لا إله إلا الله قال الأنصاري بلى يا رسول الله ولا شهادة له قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أليس يشهد أن محمدا رسول الله، قال بلى يا رسول الله، قال أليس يصلي قال بلى يا رسول الله ولا صلاة له فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك الذين نهاني الله عنهم (وعنه أيضا) ‹1› عن عبد الله بن عدي الأنصاري رضي الله عنه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا هو جالس إذ جاءه رجل يعني يستأذنه أي يُسَارُّهُ فذكر معناه (69) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن عتبان ‹2› اشتكى عينه فبعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر له ما أصابه قال يا رسول الله تعال صل في بيتي حتى أتخذه مصلى قال فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن شاء الله من أصحابه فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأصحابه يتحدثون بينهم فجعلوا يذكرون ما يلقون من المنافقين فأسندوا عظيم ذلك إلى مالك بن دُخَيثِم فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أليس ‹3› يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فقال قائل بلى وما هو من قلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شهد أن لا إله إلا الله وأني

_ ‹1› {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي بن الخيار عن عبد الله بن عدي الأنصاري الخ {تخريجه} (لك عب) وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (69) وعن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا سليمان بن المغيرة ثنا ثابت عن أنس بن مالك {غريبه} ‹2› بكسر أوله وسكون ثانيه هو ابن مالك بن عمرو العجلاني رضي الله عنه ‹3› في رواية الشيخين ألا تراه قال: لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله فقال: الله أعلم ورسوله أما نحن فوالله ما نرى وده ولا حديثه إلا إلى المنافقين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله {تخريجه} (ق) من حديث محمود بن الربيع ولمالك والنسائي منه الصلاة

رسول الله فلن تطعمه النار أو قال لن يدخل النار (70) وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه أنه قال: يا رسول الله أرأيت إن لقيتُ رجلا من الكفار فقاتلني فاختلفنا ضربتين فضرب إحدى يدي بالسيف فقطعها ثم لاذ مني ‹1› بشجرة فقال أسلمت لله، أُقَاتِلُهُ يا رسول الله (وفي رواية أَقْتُلُهُ أم أَدَعُهُ بعد أن قالها) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقتله فإن قتلته فإنه بمنزلتك قبل أن تقتله وأنت بمنزلته قبل أن يقول كلمته التي قال ‹2› (10) باب في الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وفضل من آمن به ولم يره (71) عن أبي هريرة رضي الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه الأمة يهودي ولا نصراني ‹3›

_ في البيت وفي العمل بالظاهر والله يتولى السرائر (70) وعن المقداد بن الأسود {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني ابن شهاب عن عطاء بن يزيد الليثي عن عبيد الله بن عدي بن الخيار أنه قال أخبرني أن المقداد أخبره أنه قال يا رسول الله أرأيت إلخ {غريبه} ‹1› أي اعتصم مني ‹2› قال النووي رحمه الله اختلف في معناه فأحسن ما قبل فيه وأظهره ما قاله الإمام الشافعي وابن القصار المالكي وغيرهما أن معناه فإن معصوم الدم محرم قتله بعد قول لا إله إلا الله كما كنت أنت قبل أن تقتله وإنك بعد قتله غير معصوم الدم ولا محرم القتل كما كان هو قبل قوله لا إله إلا الله، قال ابن القصار المالكي يعني لولا عذرك بالتأويل المسقط القصاص عنك اهـ {تخريجه} (ق د نس ش فع) (71) عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمرو (كذا) عن همام بن منبه عن أبي هريرة {غريبه} ‹3› إنما ذكر صلى الله عليه وسلم اليهودي والنصراني تنبيها على من سواهما وذلك لأن اليهود والنصارى لهم كتاب فإذا كان هذا شأنهم فغيرهم ممن لا كتاب له أولى بهذا الشأن، وأيضا تنبيها على أن أهل الكتاب

ومات ولم يؤمن بالذي أرسلت به إلا كان من أصحاب النار (72) وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وفيه لم يدخل الجنة بدل قوله إلا كان من أصحاب النار (73) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو آمن بي عشرة من أحبار ‹1› اليهود لآمن بي كل يهودي على وجه الأرض قال كعب ‹2› اثنا عشر مصداقهم في سورة المائدة (74) وعن رباح بن عبد الرحمن بن حويطب قال: حدثتني جدتي

_ يعرفونه كما قال تعالى (يجدونه مكتوبا عندهم في التوراة والإنجيل) [الأعراف: 157] {تخريجه} (م) (72) وعن أبي موسى الأشعري {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن جعفر ثنا شعبة عن أبي بشر (اليشكري) عن سعيد بن جبير عن أبي موسى إلخ {تخريجه} لم أقف عليه في غير الكتاب ورجاله من رجال الصحيحين (73) وعن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبو هلال قال ثنا محمد بن سيرين عن أبي هريرة {غريبه} ‹1› أحبار جمع حبر بفتح الحاء المهملة وكسرها وهم العلماء منهم أي لو صدق برسالتي وما جئت به عشرة من علماء اليهود ورؤسائهم الذين يقتدى بهم لقادوا سائرهم إلى الدخول في الإسلام ولكن لم يسلم منهم إلا عبد الله بن سلام ومخيريق رضي الله عنهما ‹2› أي يقول كعب إن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لو آمن بي اثنا عشر بدل قوله عشرة في حديث الباب (وقوله في سورة المائدة) يعني قوله تعالى (وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا) {تخريجه} (خ د) وليس عند البخاري قول كعب (قال) الحافظ) وأخرج يحيى بن سلام في تفسيره من وجه آخر عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة هذا الحديث فقال قال كعب إنما الحديث اثنا عشر لقوله تعالى (وبعثنا منهم اثني عشر نقيبا) فسكت أبو هريرة، قال ابن سيرين أبو هريرة عندنا أولى من كعب، قال يحيى بن سلام وكعب أيضا صدوق لأن المعنى عشرة بعد الاثنين وهما عبد الله بن سلام ومخيريق كذا قال وهو معنوي ا. هـ (74) وعن رباح بن عبد الرحمن بن حويطب {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

أنها سمعت أباها ‹1› يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر الله تعالى ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بي ولا يؤمن بي من لا يحب الأنصار (75) وعن أبي محيريز قال قلت لأبي جمعة رجل من الصحابة رضي الله عنه حَدِّثْنَا حديثا سمعتَه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم أحدثكم حديثا جيدا تغدينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا أبو عبيدة بن الجراح فقال

_ الهيثم بن خارجة قال عبد الله وقد سمعته من الهيثم قال ثنا حفص بن ميسرة عن ابن حرملة عن أبي ثقال المري أنه قال سمعت رباح بن عبد الرحمن بن حويطب يقول حدثتني جدتي الحديث (وروي من طريق آخر) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا شيبان قال ثنا بن عياض عن أبي ثقال بهذا الحديث وقال سمعت أباها سعيد بن زيد {غريبه} ‹1› هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضي الله عنه كما في الرواية الثانية وكما في رواية عند الدارقطني أيضا {تخريجه} (قط) من عدة طرق وفي إسناده مقال (قال الحافظ في التلخيص) والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن له أصلا قال وقال أبو بكر بن أبي شيبة: ثبت لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله ا. هـ (75) وعن أبي محيريز {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال ثنا الأوزاعي قال حدثني أسيد بن عبد الرحمن عن خالد بن دريك عن أبي محيريز الحديث [ومن طريق آخر] حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا المغيرة قال ثنا الأوزاعي قال حدثني أسيد بن عبد الرحمن قال حدثني صالح بن محمد قال حدثني أبو جمعة قال تغدينا الحديث {تخريجه} لم أقف عليه في غير الكتاب وقد روي في هذا المعنى أيضا سعيد بن منصور في سننه قال حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد قال كنا عند عبد الله بن مسعود جلوسا فذكرنا أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وما سبقونا به فقال عبد الرحمن إن أمر محمد صلى الله عليه وسلم كان بينا لمن رآه والذي لا إله غيره ما آمن أحد قط إيمانا أفضل من إيمان بغيب ثم قرأ (الم {1} ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ {2} الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ) إلى قوله (المفلحون) [البقرة: 1 - 5] قال الحافظ بن كثير وهكذا رواه ابن أبي حاتم وابن مردويه

يا رسول الله هل أحد خير منا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك قال نعم قوم يكونون من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني (76) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وددت أني لقيت إخواني قال فقال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم نحن إخوانك قال أنتم أصحابي ولكن إخواني الذين آمنوا بي ولم يروني (77) وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طوبى ‹1› لمن رآني وآمن بي وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرات ‹2› (78) عن أنس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طوبى

_ والحاكم في مستدركه من طرق عن الأعمش به وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ا. هـ (76) وعن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا حسن بن ثابت عن أنس بن مالك الحديث {تخريجه} الحديث ذكره الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للإمام أحمد فقط ورمز له بعلامة الصحة وقال العزيزي في شرحه وإسناده حسن والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم يود أن يرى الذين آمنوا به ولم يروه يوم القيامة يطلب من الله لهم مزيد الأجر والإكرام جزاء لهم على ذلك وحبه لذلك بشارة بحصول وقوعه ففيه بشارة عظيمة لمن آمنوا به صلى الله عليه وسلم ولم يروه (77) وعن أبي أمامة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود ثنا همام عن قتادة عن أيمن عن أبي أمامة الحديث {غريبه} ‹1› اسم الجنة وقيل هي شجرة فيها ‹2› الغرض منه الترغيب في الحرص على الإيمان بعده صلى الله عليه وسلم وإلا فمن آمن بعد موته لا يصل إلى رتبة الصحابة لقوله صلى الله عليه وسلم (والذي نفس محمد بيده لو أن أحدا أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه) رواه مسلم وغيره {تخريجه} الحديث أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للإمام أحمد والبخاري في التاريخ (وحب ك) ورمز له بالصحة ونقل العزيزي عن شيخه تصحيحه (78) وعن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن

لمن آمن بي ورآني مرة وطوبى لمن آمن بي ولم يرني سبع مرات (79) وعن أبي عبد الرحمن الجهني رضي الله عنه قال بينا نحن عند

_ القاسم قال حدثنا حسن عن ثابت عن أنس بن مالك الخ {تخريجه} لم أقف عليه عن أنس في غير الكتاب وذكره السيوطي أيضا في الجامع الصغير وعزاه للإمام أحمد لا غير ورمز له بالصحة ونقل العزيزي عن شيخه تصحيحه أيضا وهو كالذي قبله وإنما ذكرته لكونه من طريق صحابي آخر (وفي الباب عند الطيالسي وعبد بن حميد عن ابن عمر رضي الله عنهما نحوه إلا أنه قال وطوبى لمن آمن بي ولم يرني ثلاث مرات (وعند الإمام أحمد أيضا وابن حبان عن أبي سعيد يرفعه طوبى لمن رآني وآمن بي ثم طوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن بي ولم يرني (وفي الباب أيضا) عن عبد الله بن بسر بلفظ طوبى لمن رآني وآمن بي ثم طوبى لمن رأى من رآني ولمن رأى من رأى من رآني وآمن بي طوبى لهم وحسن مآب رواه (طب ك) وعبد بن حميد عن أبي سعيد وابن عساكر عن وائلة، أورد هذه الطرق جميعها الحافظ السيوطي في الجامع الصغير ورمز لها بالحسن. (79) وعن أبي عبد الرحمن {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا محمد يعني بن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي عبد الرحمن الجهني الخ (قلت) وقد اختلف في أبي عبد الرحمن الجهني هذا فقيل هو عقبة بن عامر وقيل غيره وقد وجدت هذا الحديث مذكورا في مسند عقبة بن عامر بهذه الكنية فراجعت التقريب للحافظ فرأيت فيه ما نصه، أبو عبد الرحمن الجهني صحابي قيل اسمه زيد نزل مصر، وقال في الإصابة: أبو عبد الرحمن الجهني نزل مصر وذكر له حديثين أحدهما حديث الباب قال وقد ذكره في الصحابة البخاري والترمذي والبغوي والطبراني والدولابي والعسكري وابن يونس والبارودي وغيرهم قال وذكره ابن سعد في طبقة من شهد الخندق وانفرد أبو الفتح الأزدي فحكى أن اسمه زيد وقرأت بخط الحافظ عماد الدين بن كثير أنه قال هو عقبة بن عامر الصحابي المشهور اهـ ما قاله الحافظ (قلت) وقد راجعت كتاب الأسماء والكنى للدولابي في ترجمة أبي عبد الرحمن الجهني المذكور فوجدته روى عنه حديث الباب من طريقين يجتمعان في محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن أبي عبد الرحمن الجهني قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فساق الحديث كما هنا (وقال صاحب الخلاصة) في ترجمة مرثد بن عبد الله اليزني أنه كان يروي عن عمرو بن العاص وعقبة بن عامر اهـ، فقول صاحب الخلاصة وقول الحافظ بن كثير ووجود حديث الباب في مسند

رسول الله صلى الله عليه وسلم طلع راكبان فلما رآهما قال كنديان مَذْحِجِيَّانِ ‹1› حتى أتياه فإذا رجال من مذحج قال فدنا إليه أحدهما ليبايعه قال فلما أخذ بيده قال يا رسول الله أرأيت من رآك فآمن بك وصدقك واتبعك ماذا له قال طوبى له قال فمسح على يده وانصرف ثم أقبل الآخر حتى أخذ بيده ليبايعه قال يا رسول الله أرأيت من آمن بك وصدقك واتبعك ولم يرك قال طوبى له ثم طوبى له ثم طوبى له قال فمسح على يده وانصرف (80) وعن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال جلسنا إلى المقداد بن الأسود رضي الله عنه يوما فمر به رجل فقال طوبى لهاتين العينين التي رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لوددنا أننا رأينا ما رأيت وشهدنا ما شهدت فاستغضب فجعلت أعجب، ما قال إلا خيرا، ثم أقبل عليه فقال ما يحمل الرجل على أن يتمنى محضرا غيبه الله عنه لا يدري لو شهده كيف يكون فيه والله لقد حضر رسول الله صلى الله عليه وسلم أقوام أكبهم الله على مناخرهم في جهنم لم يجيبوه ولم يصدقوه أَوَلا تحمدون الله إذ أخرجكم لا تعرفون إلا ربكم مصدقين لما جاء به نبيكم قد كفيتم البلاء بغيركم والله لقد بعث الله النبي صلى الله عليه وسلم على أشد حال بعث الله عليها نبيا من الأنبياء في فترة وجاهلية ما يرون أن دينا أفضل من عبادة الأوثان فجاء بفرقان فرق به

_ عقبة بن عامر يشعر بأنه عقبة، وقول الحافظ والدولابي وغيرهما يشعر بأنه غيره والله أعلم {غريبه} ‹1› تثنية مذحج قال في القاموس كمجلس أكمة ولدت مالكا وطيئا أمهما عندها فسموا مذحجا اهـ {تخريجه} رواه أيضا الدولابي والبغوي ورجاله من رجال الصحيح (80) وعن عبد الرحمن بن جبير {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعمر بن بشر ثنا عبد الله يعني ابن المبارك أنا صفوان بن عمرو حدثني عبد الرحمن بن جبير

بين الحق والباطل وفرق بين الوالد ووالده حتى إن كان الرجل ليرى والده وولده وأخاه كافرا وقد فتح الله قفل قلبه للإيمان يعلم أنه إن هلك دخل النار فلا يقر عينه وهو يعلم أن حبيبه في النار وأنها التي قال الله عز وجل (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ) [الفرقان: 74] (11) باب في فضل المؤمن وصفته ومثله (81) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بلالا فنادى في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة (82) وعن أبي الزبير قال سألت جابرا (يعني بن عبد الله رضي الله عنهما) عن القتيل الذي قتل فأذن فيه سحيم قال كنا بحنين فأمر النبي صلى الله عليه وسلم سحيما أن يؤذن في الناس أنه لا يدخل الجنة (وفي رواية ألا لا يدخل الجنة) إلا مؤمن قال ولا أعلمه قُتِلَ أَحَدٌ قال موسى بن داود قَتَلَ أحدا (83) وعن محمود بن لبيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل ليحمي عبده المؤمن ‹1› من الدنيا وهو يحبه كما تحمون مريضكم

_ ابن نفير {تخريجه} لم أقف عليه في غير الكتاب وذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد فقط وقال إسناده صحيح ولم يخرجوه اهـ (81) وعن أبي هريرة هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في باب إخلاص النية في الجهاد من كتاب الجهاد إن شاء الله {تخريجه} (ق) (82) عن أبي الزبير {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير الحديث {تخريجه} لم أقف عليه في غير الكتاب وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد مختصرا وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وإسناده حسن اهـ (83) وعن محمود بن لبيد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سلمة أنا عبد العزيز عن عمرو بن أبي عمرو عن عاصم بن قتادة عن محمود بن لبيد الخ {غريبه} ‹1› أي يمنعه من الدنيا ومن زخارفها مع أنه يحبه إشفاقا عليه من

من الطعام والشراب تخافون عليه (84) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤمنون في الدنيا على ثلاثة أجزاء، الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله، والذي يأمنه الناس على أموالهم وأنفسهم ثم الذي إذا أشرف على طمع تركه لله عز وجل (85) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المؤمن غر ‹1› كريم وإن الفاجر خب ‹2› لئيم (86) وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل المؤمن عندي

_ تلوثه بدنسها واغتراره بها وطغيانه قال تعالى (إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى) {تخريجه} (ك) عن أبي سعيد الخدري نحوه وحديث الباب سنده جيد (84) وعن أبي سعيد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن غيلان ثنا رشدين قال ثنا عمرو بن الحرث عن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ {تخريجه} لم أقف عليه وفي إسناده رشدين ضعيف (85) وعن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد قال ثنا سفيان عن الحجاج بن فرافصة عن رجل عن أبي سلمة عن أبي هريرة {غريبه} ‹1› غر بكسر الغين المعجمة أي لا يعرف الشر ولا بذي مكر فهو ينخدع لسلامة صدره وحسن ظنه لا جهلا منه ‹2› بفتح الخاء المعجمة أي جريء على الشر يسعى بين الناس بالإفساد (وقوله لئيم) اللئيم الدنيء الأصل الشحيح النفس {تخريجه} (ك) في المستدرك من عدة طرق وأسنده إلى سفيان الثوري عن الحجاج بن فرافصة عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة وأخرجه أيضا (د مذ) وقال المناوي إسناده جيد (76) وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سلمة أخبرنا عبد العزيز الأندرلوردي عن عمرو بن أبي عمرو عن المقبري عن أبي هريرة الخ {تخريجه} أخرجه أيضا الحكيم الترمذي في نوادر الأصول وذكره الحافظ السيوطي

بمنزلة كل خير يحمدني وأنا أنزع نفسه من بين جنبيه (87) وعنه في أخرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن المؤمن لينضي شياطينه كما ينضي أحدكم بعيره في السفر (88) وعن فضالة بن عبيد رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ألا أخبركم بالمؤمن، من أمنه الناس على أموالهم وأنفسهم والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده والمجاهد من جاهد نفسه في طاعة الله والمهاجر من هجر الخطايا والذنوب (89) وعن موسى بن على سمعت أبي يقول سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تدرون من المسلم، قالوا الله ورسوله أعلم قال من سلم المسلمون من لسانه ويده قال تدرون من المؤمن قالوا

_ عن ابن عباس في الجامع الصغير بلفظ (المؤمن بخير على كل حال تنزع نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله) وعزاه للنسائي وبجانبه علامة الحسن (87) وعنه في أخرى {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة الحديث {غريبه} ‹1› بمثناة تحتية مضمومة ونون ساكنة وضاد معجمة أي يجعله نضوا أي سقيما مهزولا لكثرة إذلاله وجعله أسيرا تحت قهره بامتثال ما أمر الله به واجتناب ما نهى الله عنه والتباعد عن الشهوات فيصير الشيطان مهزولا كالدابة التي أهزلتها الأسفار وأذهبت لحمها وهكذا من أعز سلطان الله أعز الله سلطانه وسلطه على عدوه وصيره تحت حكمه {تخريجه} أخرجه الحكيم الترمذي وابن أبي الدنيا في كتاب مصايد الشيطان وفي إسناده ابن لهيعة (88) وعن فضالة بن عبيد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن إسحاق قال ثنا عبد الله قال أنا ليث قال أخبرني أبو هانئ الخولاني عن عمرو بن مالك الجبني قال حدثني فضالة بن عبيد الخ {تخريجه} (هق) في شعب الإيمان و (نس ك حب مذ) عن أبي هريرة بدون ذكر المجاهد والمهاجر وقال الترمذي حسن صحيح (89) وعن موسى بن علي {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد

الله ورسوله أعلم، قال من أمنه المؤمنون على أنفسهم وأموالهم، والمهاجر من هجر السوء فاجتنبه (وعنه في أخرى) ‹1› سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر ما نهى الله عنه (90) وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال المؤمن مؤلف ‹2› ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف (91) وعن أبي أمامة رضي الله عنه قال أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي يا أبا أمامة إن من المؤمنين من يلين لي قلبه ‹3›

_ ابن الحباب أخبرني موسى بن علي الخ ‹1› {سندها} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الجواب ثنا عمار بن زريق عن الأعمش عن أبي سعد قال أتيت عبد الله بن عمرو فقلت حدثني ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ولا تحدثني عن التوراة والإنجيل فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المسلم الخ {تخريجه} أخرج الرواية الثانية منه (خ د نس) (90) وعن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف قال عبد الله وسمعته أنا من هارون قال ثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني أبو صخر عن أبي حازم عن أبي صالح عن أبي هريرة الحديث {غريبه} ‹2› يعني أن المؤمن لكرم أخلاقه وسهولة طباعه ولينه يألف الناس وتألفه الناس لأن الإيمان هذبه، وأما ضعيف الإيمان فلا تألفه الناس لسوء خلقه وشذوذ طباعه ولا يألفهم لعدم إقبالهم عليه والله أعلم {تخريجه} (هق) في الأفراد و (ض) عن جابر بلفظ (المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس) ذكره السيوطي في الجامع الصغير وبجانبه علامة الصحة (91) عن أبي أمامة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيوة ثنا بقية ثنا محمد بن زياد حدثني أبو راشد الحيراني قال أخذ بيدي أبو أمامة الباهلي قال أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث {غريبه} ‹3› يعني أن المؤمنين تتفاوت درجاتهم فمنهم من هو سهل الانقياد سباق إلى الخير ومنهم من ليس كذلك وقد جاء ذلك في قوله تعالى فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله {تخريجه} لم أقف عليه وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وعزاه للإمام أحمد وقال رجاله رجال الصحيح

(92) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أقرأ القرآن فلا أجد قلبي يعقل عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قلبك حشي الإيمان وإن الإيمان يعطى العبد قبل القرآن (93) وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أحدث نفسي بالحديث لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به قال ذلك صريح الإيمان ‹1› (وعنه بلفظ آخر) ‹2› قال قالوا يا رسول الله إنا نجد في أنفسنا ما يسرنا نتكلم به وإن لنا ما طلعت عليه الشمس قال أوجدتم ذلك قالوا نعم قال ذاك صريح الإيمان (94) وأيضا عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقل أحدكم للعنب الكرم ‹3› إنما الكرم الرجل المسلم

_ (92) وعن عبد الله بن عمرو {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثني حي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو الحديث {تخريجه} لم أقف عليه في غير الكتاب وفي إسناده ابن لهيعة ضعيف (93) وعن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الجواب الضبي الأحوص بن جواب قال ثنا عمار بن رزيق عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الحديث {غريبه} ‹1› يعني أن استعظام هذا وشدة الخوف من النطق به فضلا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان وانتفت عنه الشكوك ‹2› {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ويزيد قال أنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة {تخريجه} (م نس) وفي الباب عند (الطبراني في الأوسط) عن ابن عباس (94) وأيضا عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة الحديث {غريبه} ‹3› قال في النهاية سمي الكرم كرما لأن الخمر المتخذة منه تحث على السخاء والكرم فاشتقوا له منه

(وعنه في أخرى) ‹1› قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون الكرم وإنما الكرم قلب المؤمن (95) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والذي نفس محمد بيده إن مثل المؤمن لكمثل القطعة من الذهب، نفخ عليها صاحبها فلم تغير ولم تنقص والذي نفس محمد بيده إن مثل المؤمن لكمثل النحلة ‹2› أكلت طيبا ووضعت طيبا ووقعت فلم تكسر ولم تفسد ‹3› (96) وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل المؤمن

_ اسما فكره أن يسمى باسم مأخوذ من الكرم وجعل المؤمن أولى به يقال رجل كرم أي كريم وصف بالمصدر كرجل عدل وضيف، قال الزمخشري أراد أن يقرر ويسدد ما في قوله تعالى (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) بطريقة أنيقة ومسلك لطيف وليس الغرض حقيقة النهي عن تسمية العنب كرما ولكن الإشارة إلى أن المسلم التقي جدير بألا يشارك فيما سماه الله به (وقوله فإنما الكرم الرجل المسلم) أي إنما المستحق للاسم المشتق من الكرم الرجل المسلم اهـ ‹1› {سندها} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة {تخريجه} (ق) وغيرهما (95) وعن عبد الله بن عمرو الخ هذا طرف من حديث طويل ذكر بتمامه وسنده في باب الحوض والكوثر من كتاب القيامة {غريبه} ‹2› بحاء مهملة (وقوله أكلت طيبا) أي لأنها لا تأكل إلا الأزهار (ووضعت طيبا) هو العسل وقد جاء في التنزيل (ثم كلي من كل الثمرات فاسلكي سبل ربك ذللا يخرج من بطونها شراب مختلف ألوانه فيه شفاء للناس ‹3› أي إن وقعت على عود نخر أي بال لم تكسره ولم تفسده كما في رواية لخفتها فهذا مثل المؤمن الكامل كله منافع ولا يتعاطى الشبهات بل يأكل طيبا أي حلالا ويعطي طيبا ولا ضرر منه لأحد {تخريجه} (هب) ذكره الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وقال المناوي إسناد أحمد صحيح (96) وعن جابر بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى

كمثل السنبلة ‹1› تخر مرة وتستقيم مرة ومثل الكافر كمثل الأرز (وفي رواية الأرزة) ‹2› لا يزال مستقيما حتى يخر ولا يشعر (97) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال مثل المؤمن كمثل الفرس على آخيته ‹3› يجول ثم يرجع على آخيته وإن المؤمن يسهو ثم يرجع إلى الإيمان (98) [ز] وعن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الإسلام

_ وحسن قالا ثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر الخ {غريبه} ‹1› هي الحنطة تميل أحيانا عند سكونها فالمؤمن تارة يستقيم ويسلم من البلايا وتارة يبتلى في نفسه وماله وولده ليقدم على الله تعالى مطهرا من الذنوب، وهذا الحديث يناسبه أيضا باب الصبر على المصائب وقد ذكرت طائفة من الأحاديث هناك بهذا المعنى فانظره ‹2› قال في النهاية الأرزة بسكون الراء وفتحها شجرة الأرزة وهو خشب معروف وقيل هو الصنوبر وقال بعضهم هي الآرزة بوزن فاعلة وأنكرها أبو عبيدة اهـ {قلت} شبه الكافر بهذه الشجرة لشدة صلابتها وثبوتها في الأرض لا يحركها شيء فكذا الكافر لا يبتلى ليقدم موفرا بذنوبه ليشتد عذابه {تخريجه} الحديث في إسناده ابن لهيعة وأورده السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للإمام أحمد والضياء عن جابر وبجانبه علامة الحسن (97) وعن أبي سعيد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن أبي أيوب ثنا عبد الله بن الوليد عن أبي سليمان الليثي عن أبي سعيد الخدري الحديث {غريبه} ‹3› آخيته بفتح الهمزة ممدودة وكسر الخاء المعجمة وفتح الياء المثناة مشددة حبيل أو عود يعرض في الحائط ويدفن طرفاه فيه ويصير وسطه كالعروة وتشد فيه الدابة وجمعها الأواخي مشددا والأخايا على غير قياس يعني أنه يبعد عن ربه بالذنوب وأصل إيمانه ثابت قاله في النهاية (قال الطيبي) وأراد بالإيمان شعبه ثم يتداركه ويندم {تخريجه} الحديث سنده جيد وأخرجه أيضا الضياء المقدسي في المختارة وحسنه الحافظ السيوطي (98) [ز] عن أبي ذر {سنده} حدثنا عبد الله ثنا أبو اليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن معاذ بن رفاعة عن أبي خلف عن أنس بن مالك عن أبي ذر الحديث

ذلول ‹1› لا يركب إلا ذلولا (12) باب في الوقت الذي يضمحل فيه الإيمان (99) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو يقول إن الإيمان بدا ‹2› غريبا وسيعود كما بدا فطوبى يومئذ للغرباء إذا فسد الزمان، والذي نفس أبي القاسم بيده ليأرزن ‹3› الإيمان بين هذين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها (100) [ز] وعن عبد الرحمن بن سنة رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم

_ {غريبه} ‹1› أي سهل منقاد (وقوله لا يركب الخ) أي لا يتمكن تمكنا كليا إلا ممن اتصف بالسهولة والرفق {تخريجه} لم أقف عليه في غير الكتاب وفي إسناده أبوة خلف متروك (99) وعن سعد بن أبي وقاص {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف أنبأنا عبد الله بن وهب أخبرني أبو صخر قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد وسمعت أنا من هارون أن أبا حازم حدثه عن ابنٍ لسعد بن أبي وقاص قال سمعت أبي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} ‹2› قال علي القاري في الأزهار بدا بلا همز أي ظهر (وقال النووي) في شرح مسلم بدأ الإسلام غريبا هكذا ضبطناه بدأ بالهمز من الابتداء (وقوله غريبا) أي في آحاد من الناس وقلة ثم انتشر وظهر ثم سيلحقه النقص والإخلال حتى لا يبقى إلا في آحاد وقلة أيضا كما بدا قاله القاضي عياض (وقوله فطوبى) أي فرحة وقرة عين أو سرور وغبطة أو الجنة أو شجرة فيها (أقوال للعلماء) والله أعلم ‹3› بهمزة ساكنة ثم راء مكسورة ثم زاي مفتوحة ثم نون التوكيد الثقيلة هذا هو المشهور وقال أبو الحسين بن سراج بضم الراء وحكى القابسي فتح الراء ومعناه ينضم ويجتمع هذا هو المشهور عند أهل اللغة والغريب نقله النووي (وقال الطيبي) في شرح المشكاة وهذا إما خبر عما كان في ابتداء الهجرة أو عما يكون في آخر الزمان حين يقل الإسلام فينضم إلى المدينة ويبقى فيها (وقوله بين هذين المسجدين) أي مسجد مكة ومسجد المدينة {تخريجه} (م) عن ابن عمر بلفظ الإسلام و (مد) عن عبد الله بن عمرو بن عوف وحسنه (100) [ز] وعن عبد الرحمن بن سنة {سنده} حدثنا عبد الله قال ثنا أبو أحمد الهيثم بن خارجة قال ثنا إسماعيل بن عياش عن إسحاق بن عبد الله بن أبي فروة عن يوسف

يقول بدأ الإسلام غريبا ثم يعود غريبا كما بدا فطوبى للغرباء قيل يا رسول الله ومن الغرباء، قال الذين يصلحون إذا فسد الناس والذي نفسي بيده لينحازن الإيمان إلى المدينة كما يحوز السيل ‹1› والذي نفسي بيده ليأرزن الإسلام إلى ما بين المسجدين كما تأرز الحية إلى جحرها (101) وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الدين بدا غريبا وسيعود غريبا كما بدا فطوبى للغرباء (102) وعن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (بلفظ) إن الإسلام فذكر مثله وزاد قيل ومن الغرباء قال النزاع ‹2› من القبائل (103) وعن علقمة المزني قال حدثني رجل قال كنت في مجلس عمر

_ ابن سليمان عن جدته ميمونة عن عبد الرحمن بن سنة الخ {غريبه} ‹1› هو بمعنى يأرز أي يجتمع إلى المدينة بسرعة كسرعة مرور السيل {تخريجه} الحديث ضعيف من هذا الطريق وأخرجه مسلم من حديث أبي هريرة إلى قوله فطوبى للغرباء ومن حديث ابن عمر بلفظ (إن الإسلام بدا غريبا) وفيه وهو يأرز بين المسجدين كما تأرز الحية في جحرها (101) وعن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال ثنا العلاء عن أبيه عن أبي هريرة {تخريجه} (م) بلفظ بدأ الإسلام غريبا وبقيته كحديث الباب (102) وعن ابن مسعود {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة وسمعته أنا من ابن أبي شيبة ثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن ابن مسعود الخ {غريبه} ‹2› بتشديد النون مضمومة والزاي مشددة مفتوحة هم جمع نازع ونزيع وهو الغريب الذي نزع عن أهله وعشيرته أي بعد وغاب. وقيل لأنه ينزع إلى وطنه أي ينجذب ويميل والمراد الأول أي طوبى للمهاجرين الذين هجروا أوطانهم في الله تعالى قاله في النهاية {تخريجه} (م) من حديث أبي هريرة بلفظ حديث الباب إلا الزيادة (103) وعن علقمة المزني {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد

ابن الخطاب بالمدينة فقال لرجل من القوم يا فلان كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعت الإسلام قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الإسلام بدا جذعا ‹1› ثم ثنيا ثم رباعيا ثم سداسيا ثم بازلا فقال عمر فما البزول إلا النقصان ‹2› (104) وعن كرز بن علقمة الخزاعي رضي الله عنه قال قال أعرابي يا رسول الله هل للإسلام من منتهى قال نعم أيما أهل بيت من العرب أو العجم أراد الله عز وجل بهم خيرا أدخل عليهم الإسلام قال ثم ماذا يا رسول الله قال ثم تقع فتن كأنها الظلل ‹3› قال الأعرابي كلا (وفي رواية كلا والله إن شاء الله) قال النبي صلى الله عليه وسلم بلى والذي نفسي بيده لتعودن فيها أساود ‹4› صبا يضرب بعضكم رقاب بعض (وعنه من طريق ثان بنحوه) ‹5› وفيه بعد قوله يضرب بعضكم رقاب بعض وقرأ علي سفيان قال

_ ابن جعفر ثنا عوف قال حدثني علقمة المزني الخ {غريبه} ‹1› جذعا بجيم وذال معجمة أي شابا فتيا والفتي من الإبل ما دخل في الخامسة (والثني) من الإبل ما دخل في السادسة (وقوله ثم رباعيا) بخفة المثناة التحتية ما دخل في السابعة (وقوله ثم سداسيا) ما دخل في الثامنة (وقوله ثم بازلا) بالزاي هو ما دخل في التاسعة ‹2› أي فالإسلام استكمل قوته وسيأخذ في النقصان {تخريجه} لم أقف عليه في غير الكتاب وفي إسناده مجهول (104) وعن كرز بن علقمة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن كرز بن علقمة الحديث {غريبه} ‹3› هي كل ما أظلك واحدتها ظلة، أراد كأنها الجبال أو السحب (نه) ‹4› الأساود على وزن مساجد جمع أسود وهو أخبث الحيات وأعظمها، قال في النهاية الأساود الحيات (والصب بضم الصاد المهملة جمع صبوب على أن أصله صبب كرسول ورسل ثم خفف كرسْل ثم أدغم وهو غريب من حيث الإدغام، قال النضر إن الأسود إذا أراد أن ينهش ارتفع ثم انصب على الملدوغ، يريد أنه يفتك بعضكم ببعض كفتك الأساود بفريستها بدون رحمة ولا شفقة، وذلك لضعف الإيمان نعوذ بالله من ذلك ‹5› {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن

الزهري أساود صبا قال سفيان الحية السوداء تنصب أي ترتفع (وعنه من طريق ثالث بنحوه ‹1›) وزاد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفضل الناس يومئذ مؤمن معتزل في شعب من الشعاب يتقي ربه تبارك وتعالى ويدع الناس من شره (105) وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لينقضن ‹2› عرى الإسلام عروة عروة فكلما انتقضت عروة تشبث ‹3› الناس بالتي تليها وأولهن نقضا الحكم وآخرهن الصلاة (106) وعن ابن ‹4› فيروز الديلمي عن أبيه (رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لينقضن الإسلام عروة عروة كما ينقض ‹5› الحبل قوة قوة

_ الزهري به ‹1› {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال ثنا الأوزاعي ثنا عبد الواحد بن قيس قال ثنا عروة بن الزبير عن كرز الخ {تخريجه} لم أقف عليه في غير الكتاب وسنده جيد (105) وعن أبي أمامة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم حدثني عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد الله أن سليمان بن حبيب حدثهم عن أبي أمامة الخ {غريبه} ‹2› بوزن ليسجنن مبني للمفعول (والنقض) معناه الهدم من نقض البناء وهو هدمه (وعرى الإسلام) جمع عروة أي أحكامه والعروة من الدلو والكوز المقبض الذي يستمسك به ‹3› التشبث بالشيء التعلق به يقال فلان شبث بكذا أي متعلق به (وقوله الحكم) أي بالعدل (وآخرهن الصلاة) أي آخر ما يهدم ويترك من الأحكام الشرعية وأركان الدين الصلاة وقد ظهرت بوادر ذلك في زمننا هذا فقد تركها السواد الأعظم من الناس والمصلي لا يأتي بها على وجهها المشروع نسأل الله السلامة {تخريجه} (حب ك) وله شاهد عند الحاكم من حديث طويل عن حذيفة بن اليمان موقوفا عليه قال (أول ما تفقدون من دينكم الخشوع وآخر ما تفقدون من دينكم الصلاة ولتنقضن عرى الإسلام عروة عروة) الحديث قال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) ولم يتعقبه الذهبي (106) وعن ابن فيروز الديلمي {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم بن خارجة أنا ضمرة عن يحيى بن أبي عمرو عن ابن فيروز الخ {غريبه} ‹4› اسمه الضحاك ‹5› القوة الطاقة من طاقات الحبل والجمع قوى {تخريجه} لم أقف عليه

(107) وعن عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال سمعت حديثا منذ زمان، إذا كنت في قوم عشرين رجلا أو أقل أو أكثر فتصفحت في وجوههم فلم تر فيهم رجلا يهاب ‹1› في الله فاعلم أن الأمر قد رق (13) باب فيما جاء في رفع الأمانة والإيمان (108) عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثين قد رأيت أحدهما وأنا انتظر الآخر، حدثنا أن الأمانة ‹2› نزلت في جذر ‹3› قلوب الرجال ثم نزل القرآن فعلموا من القرآن وعلموا من السنة ثم حدثنا عن رفع الأمانة فقال ينام الرجل النومة فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها مثل أثر الوكت ‹4› فتقبض الأمانة من قلبه فيظل أثرها

_ (107) وعن عبد الله بن بسر الخ {غريبه} ‹1› مبني للمفعول أي الناس يهابونه لعلمه وإيمانه لأنهم يهابون الله تعالى ويخافونه أو مبني للفاعل أي يهاب الذنوب فيتقيها يقال هاب الشيء يهابه إذا خافه وإذا وقره وعظمه (وقوله فاعلم أن الأمر قد رق) أي أمر الإيمان قد ضعف {تخريجه} (ك) مطولا من حديث حذيفة وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه قلت وأقره الذهبي (108) وعن حذيفة بن اليمان {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن حذيفة الخ {غريبه} ‹2› قيل هي التكليف الذي كلف الله به عباده والعهد الذي أخذ عليهم وقال صاحب التحرير الأمانة في الحديث هي الأمانة المذكورة في قوله تعالى (إنا عرضنا الأمانة) وهي عين الإيمان فإذا استمسكت الأمانة من قلب العبد قام حينئذ بأداء التكليف واغتنم ما يرد عليه منها وجد في إقامتها اهـ ‹3› الجذر بفتح الجيم وسكون الذال المعجمة معناه الأصل أي أن الأمانة نزلت في أصل قلوب الرجال الخ وهذا هو الحديث الذي رآه حذيفة إلى قوله وعلموا من السنة (وقوله ثم حدثنا عن رفع الأمانة هذا أول الحديث الثاني الذي ينتظره حذيفة رضي الله عنه ‹4› الوكت بوزن الوقت وهو الأثر اليسير كذا قاله الهروي وقال غيره هو سواد يسير وقيل هو لون يحدث مخالف للون

مثل أثر المجل ‹1› كجمر دحرجته على رجلك فتراه منتبرا ‹2› وليس فيه شيء قال ثم أخذ حصى فدحرجه على رجله قال فيصبح الناس يتبايعون ‹3› لا يكاد أحد يؤدي الأمانة حتى يقال إن في بني فلان رجلا أمينا حتى يقال للرجل ما أجلده وأظرفه وأعقله وما في قلبه حبة من خردل من إيمان ولقد أتى ‹4› علىّ زمان وما أبالي أيكم بايعت لئن كان مسلما ليردنه عليّ دينه ولئن كان نصرانيا أو يهوديا ليردنه علي ساعيه فأما اليوم فما كنت لأبايع منكم إلا فلانا وفلانا

_ الذي كان قبله حكاه النووي ‹1› المجل بفتح الميم وإسكان الجيم وفتحها لغتان حكاهما صاحب التحرير والمشهور الإسكان قال أهل اللغة والغريب المجل هو التنفط الذي يصير في اليد من العمل بفأس أو نحوها ويصير كالقبة فيه ماء قليل ‹2› أي مرتفعا وأصل هذه اللفظة الإرتفاع ومنه المنبر لارتفاعه وارتفاع الخطيب عليه ‹3› من البيع والشراء (وقوله لا يكاد أحد يؤدي الأمانة) أي حق صاحبها ‹4› هذه الجملة وما بعدها الخ الحديث من كلام حذيفة ومراده أني كنت أعلم أن الأمانة لم ترتفع وإن في الناس وفاء بالعهود فكنت أقدم على البيع والشراء ممن اتفق له غير باحث عن حاله وثوقا بالناس وأمانتهم (وقوله ليردنه علي ساعيه) أي فإن كان كافرا فساعيه وهو الوالي عليه كان أيضا يقوم بالأمانة في ولايته فيستخرج حقي منه، أما اليوم فقد ذهبت الأمانة فما بقي لي وثوق ممن أبايعه ولا بالساعي في أدائهما الأمانة فما أبايع إلا فلانا وفلانا يعني أفرادا من الناس أعرفهم وأثق بهم {تخريجه} (ق مذ جه) ومعناه أن الأمانة تزول من القلوب شيئا فشيئا فإذا زايلها أول جزء منها زال بقدره من النور وخلفه ظلام كالوكت فإذا زال شيء آخر صار ذلك الظلام كالمجل وهو أثر محكم لا يزول إلا بعد زمن ليس بالقصير مع المعالجة بالحكمة الروحية ثم ضرب لك مثلا بشيء محسوس بحاسة البصر ليكون أقرب لتناول الفهم وأوقع في النفس فشبه نور الأمانة بعد وقوعه في مقره وارتفاعه بعد استقراره فيه واعتقاب الظلمة إياه بجمر دحرجه المرء على رجله حتى أثر فيها أثرا ليس باليسير ثم زال الجمر وبقي الأثر والله أعلم

(109) وعن عبد الله (يعني بن مسعود رضي الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تدور رحى ‹1› الإسلام بخمس (وفي رواية على رأس خمس) وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين فإن يهلكوا فسبيل من قد هلك وإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاما قال قلت أَمِمَّا مضى أم مما بقي (وعنه أيضا من طريق ثانٍ) ‹2› عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه قال فقال

_ (109) وعن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور عن ربعي (يعني بن حراش) عن البراء بن ناجية عن عبد الله الخ {غريبه} ‹1› قال في النهاية يقال دارت رحى الحرب إذا قامت على ساقها وأصل الرحى التي يطحن بها، والمعنى أن الإسلام يمتد قيام أمره على سنن الاستقامة والبعد عن إحداثات الظلمة إلى تقضي هذه المدة التي هي بضع وثلاثون ووجهه أن يكون قاله وقد بقيت من عمره الستون الزائدة على الثلاثين باختلاف الروايات فإذا انضمت إلى مدة خلافة الأئمة الراشدين وهي ثلاثون سنة كانت بالغة ذلك المبلغ وإن كان أراد سنة خمس وثلاثين من الهجرة ففيها كانت وقعة الجمل، وإن كانت سبعا وثلاثين ففيها كانت وقعة صفين، (وأما قوله يقم لهم سبعين عاما فإن الخطابي قال يشبه أن يكون أراد مدة ملك بني أمية وانتقاله إلى بني العباس فإنه كان بين استقرار الملك لبني أمية إلى أن ظهرت دعاة الدولة العباسية بخراسان نحو من سبعين سنة وهذا التأويل كما تراه فإن المدة التي أشار إليها لم تكن سبعين سنة ولا كان الدين فيها قائما اهـ (قلت) قال الحافظ السيوطي تأييدا للخطابي وردا على صاحب النهاية، أما قوله (يعني صاحب النهاية) أن المدة لم تكن سبعين سنة فممنوع لأنها امتدت لنحو تسعين سنة ولكن دخلها وهن بآخرها، وما سلم من وهن نحو سبعين كما قال الخطابي (وأما قوله) ولا كان الدين الخ فإنه ظن أن المراد بالدين أحكامه وإنما أراد الملك كما فسره الخطابي بمعالم السنن فأنشد عليه قول زهير لئن حكمتم بحوبي يا بني أسد ... في دين عمرو حالت بيننا فدك أي في ملك عمرو وولايته ولا شك أن ملكهم كان قائما بتلك المدة وكان أعظم من ملك بني العباس إذ كان لهم الشرق والغرب بلا منازع ولا متعقب، ولما تملك بنو العباس خرج عنهم المغرب الأقصى واستولى عليه من استولى من بني أمية وصاحب النهاية لم ينقل من كلامه تفسير الدين هنا بالملك فبسببه أورد ما أورد والله أعلم اهـ ‹2› {سنده}

كتاب القدر

له عمر ‹1› يا رسول الله ما مضى أم ما بقي قال ما بقي (وعنه أيضا من طريق ثالث) ‹2› قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رحى الإسلام ستزول ‹3› بخمس وثلاثين أو ست وثلاثين أو سبع وثلاثين فإن يهلكوا فكسبيل من هلك وإن يقم لهم دينهم يقم لهم سبعين عاما قال عمر يا رسول الله أبما مضى أم بما بقي قال بل بما بقي ... (3) كتاب القدر ‹4› (1) باب في ثبوت القدر وحقيقته (1) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت

_ حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق ثنا سفيان به أي بإسناد الطريق الأول ‹1› في هذه الرواية ذكر أن عمر هو السائل وفي الرواية الأولى أن الذي سأل هو عبد الله بن مسعود ولا مانع من ذلك فيحتمل أن كلاهما سأل ولهذا المعنى كررت هذه الرواية ولكونها من طريق آخر أيضا ‹2› {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا سفيان به عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ ‹3› أي عن ثبوتها واستقرارها وفي الرواية الأولى تدور وقد تقدم الكلام عليها والله أعلم {تخريجه} الحديث رجاله كلهم ثقات وأخرجه (د) والطيالسي إلا أن في رواية أبي داود، (قلت) أمما بقي أو مما مضى قال مما مضى ورواية الطيالسي كرواية الإمام أحمد والله أعلم كتاب القدر ‹4› القدر معناه أن الله تبارك وتعالى قدر الأشياء في القدم وعلم سبحانه أنها ستقع في أوقات معلومة عنده جل شأنه وعلى صفات مخصوصة فهي تقع على حسب ما قدرها سبحانه وتعالى وأنكرت القدرية هذا وزعمت أنه سبحانه وتعالى لم يقدرها ولم يتقدم علمه عز وجل بها وأنها مستأنفة العلم أي إنما يعلمها سبحانه بعد وقوعها وكذبوا على الله سبحانه وتعالى وجل عن أقوالهم الباطلة علوا كبيرا وسميت هذه الفرقة القدرية لإنكارهم القدر قاله النووي (1) عن عبد الله بن عمرو {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن

رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قدر الله المقادير قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة (2) وعنه أيضا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل خلق خلقه في ظلمة ‹1› ثم ألقى عليهم من نوره يومئذ فمن أصابه من نوره يومئذ اهتدى ومن أخطأه ضل فلذلك أقول جف القلم على علم الله عز وجل (3) وعن طاوس بن اليماني قال أدركت ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقولون كل شيء بقدر قال وسمعت ابن عمر (رضي الله عنهما) يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء بقدر حتى العجز والكيس ‹2›

_ ثنا حيوة وابن لهيعة قالا أنا أبو هانئ الخولاني أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول سمعت عبد الله بن عمرو يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث {تخريجه} (م طب مذ) وصححه وحسنه (2) وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا إبراهيم بن محمد أبو إسحاق الفزاري ثنا الأوزاعي حدثني ربيعة بن يزيد عن عبد الله الديلي عن عبد الله بن عمرو الخ {غريبه} ‹1› المراد بالظلمة ما جبلوا عليه من الأهواء المضلة وبإلقاء النور كون الإنسان بفطرته متهيئا من إصابة الهدى إن تأمل في آيات القدرة، فمن تأمل فيها بالنظر الصحيح شرح الله صدره للإسلام فهو على نور من ربه ومن لم يفعل ذلك فهو المخطئ لذلك النور {تخريجه} (طب هق مذ) وحسنه وأخرجه أيضا (ك) مطولا وقال صحيح على شرط الشيخين (3) وعن طاوس بن اليماني {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق يعني ابن الطباع أخبرني مالك عن زياد بن سعد عن عمرو بن مسلم عن طاوس الخ {غريبه} ‹2› العجز بسكون الجيم (والكيس) بفتح الكاف وسكون الياء قال القاضي عياض رويناه برفع العجز والكيس عطفا على كل، وبجرهما عطفا على شيء، قال ويحتمل أن العجز هنا على ظاهره وهو عدم القدرة وقيل هو ترك ما يجب فعله والتسويف به وتأخيره عن وقته قال ويحتمل العجز عن الطاعات ويحتمل العموم في أمور الدنيا والآخرة والكيس ضد العجز وهو

(4) وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خلق الله آدم حين خلقه فضرب كتفه اليمنى فأخرج ذرية بيضاء كأنهم الذر ‹1› وضرب كتفه اليسرى فأخرج ذرية سوداء كأنهم الحمم فقال للذي في يمينه إلى الجنة ولا أبالي وقال للذي في كفه اليسرى إلى النار ولا أبالي (5) وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل ليعمل الزمان الطويل بأعمال أهل الجنة ثم يختم الله له بأعمال أهل النار فيجعله من أهل النار وإن الرجل ليعمل الزمان الطويل بأعمال أهل النار ثم يختم الله له عمله بأعمال أهل الجنة فيجعله من أهل الجنة (6) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عليكم ألا تعجبوا بأحد حتى تنظروا بم يختم له، فإن العامل يعمل زمانا طويلا من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه دخل الجنة، ثم يتحول

_ النشاط والحذق بالأمور ومعناه أن العاجز قد قدر عجزه والكيس قد قدر كيسه نقله النووي {تخريجه} (م لك) (4) وعن أبي الدرداء {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم وسمعته أنا منه قال ثنا أبو الربيع عن يونس عن أبي إدريس عن أبي الدرداء الخ {غريبه} ‹1› الذر صغار النمل وتقدم الكلام عليه (والحمم) بوزن اللمم الفحم {تخريجه} الطبراني وابن عساكر وقال صاحب التنقيح رجال أحمد رجال الحسن (وقال الهيثمي) رواه أحمد والبزار والطبراني ورجاله رجال الصحيح (5) وعن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن زهير عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة {تخريجه} (م وغيره) (6) وعن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا حميد عن أنس الخ {تخريجه} (مذ) مختصرا وقال هذا حديث صحيح

فيعمل عملا سيئا، وإن العبد ليعمل البرهة من دهره بعمل سيء لو مات عليه دخل النار ثم يتحول فيعمل عملا صالحا، وإذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته، قالوا يا رسول الله وكيف يستعمله قال يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه (7) وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة وإنه لمكتوب في الكتاب من أهل النار فإذا كان قبل موته تحول فعمل بعمل أهل النار فمات فدخل النار، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار وإنه لمكتوب في الكتاب من أهل الجنة فإذا كان قبل موته تحول فعمل بعمل أهل الجنة فمات فدخلها (8) وعن أبي نضرة قال مرض رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليه أصحابه يعودونه فبكى فقيل له ما يبكيك يا عبد الله ألم يقل لك رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ من شاربك ثم أقره ‹1› حتى تلقاني، قال بلى ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله تبارك وتعالى قبض قبضة

_ وأخرجه أيضا (عل ض) وذكره الحافظ السيوطي في الجامع الكبير وعزاه للإمام أحمد وعبد بن حميد وابن أبي عاصم وابن منيع وهو من ثلاثيات الإمام أحمد (7) وعن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ {تخريجه} لم أقف عليه في غير الكتاب وله شاهد عند الشيخين من حديث بن مسعود وسهل بن سعد وعند (لك مذ) من حديث عمر رضي الله عنه (8) وعن أبي نضرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا سعيد عن جرير عن أبي نضرة الخ {غريبه} ‹1›، ثم أقره أي داوم

بيمينه فقال هذا لهذه ولا أبالي وقبض قبضة أخرى يعني بيده الأخرى ‹1› فقال هذه لهذه ولا أبالي فلا أدري في أي القبضتين أنا (9) وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه وفيه فقبض بيده قبضتين فقال هذه في الجنة ولا أبالي وهذه في النار ولا أبالي (10) وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال ما رأيت شيئا أشبه باللمم ‹2› مما قال أبو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل كتب على ابن آدم حظه من الزنا أدركه لا محالة، وزنا العين النظر، وزنا اللسان النطق، والنفس

_ على ذلك (وقوله حتى تلقاني) أي بعد البعث عند الحوض أو غيره ‹1› هذا وأمثاله مما نؤمن به ولا نبحث عن حقيقته وقد تقدم الكلام على ذلك في الباب الثاني من كتاب التوحيد فارجع إليه (وقوله) هذه لهذه أي للجنة وهذه لهذه أي للنار نعوذ بالله منها {تخريجه} لم أقف عليه في غير الكتاب وأورده صاحب المشكاة في كتابه وعزاه للإمام أحمد وقال صاحب التنقيح في تخريجه رجال أحمد رجال الحسن قال وفي الباب عند مسلم عن أبي عبد الله وله شاهد عن عبد الرحمن بن قتادة السلمي عند أحمد وأبي داود والترمذي وعن أنس عند أبي يعلى اهـ (قلت) حديث عبد الرحمن السلمي سيأتي بعد بابين (9) وعن معاذ بن جبل {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله ابن المثنى ثنا البراء الغنوي ثنا الحسن عن معاذ الخ {تخريجه} لم أقف عليه وقال صاحب التنقيح حديث قبضة في النار وقبضة في الجنة عند أحمد عن معاذ إسناده حسن (10) وعن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس الخ {غريبه} ‹2› اللمم صغار الذنوب (قال النووي) رحمه الله وأما قول ابن عباس ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قال أبو هريرة فمعناه تفسير قوله تعالى (الذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة) ومعنى الآية والله أعلم الذين يجتنبون المعاصي غير اللمم يغفر لهم اللمم كما في قوله تعالى (إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم) فمعنى الآيتين أن اجتناب الكبائر يسقط الصغائر وهي اللمم وفسره ابن عباس بما في هذا الحديث من النظر واللمس ونحوهما وهو كما قال، هذا هو الصحيح في تفسير اللمم اهـ

تمنى وتشتهي والفرج يصدق كل ذلك أو يكذبه ‹1› (11) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي خزاعة عن أبيه قال قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال سفيان مرة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت دواءًا نتداوى به ورقى نسترقي بها وتقى نتقيها ترد من قدر الله شيئا قال إنها من قدر الله تبارك وتعالى (12) وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه ركب خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يا غلام إني معلمك كلمات (ينفعك الله بهن) احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده تجاهك، إذا سألت فلتسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله واعلم أن الأمة لو اجتمعوا على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله عليك، رفعت الأقلام وجفت الصحف (وعنه من طريق ثان) ‹2› بنحوه وفيه زيادة (تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة (وفيه أيضا) فلو أن الخلق كلهم جميعا أرادوا أن ينفعوك بشيء لم يكتبه الله عليك لم يقدروا عليه، واعلم أن في الصبر على ما تكره خيرا كثيرا وأن النصر مع

_ ‹1› معناه أنه قد يحقق الزنا بالإيلاج وقد لا يحققه بعدمه {تخريجه} (ق د نس) (11) حدثنا عبد الله الخ {تخريجه} (جه مذ) وقال حسن صحيح (ك) وصححه وأقره الذهبي وأخرجه أيضا (حب) بإسناد حسن عن كعب بن مالك (12) وعن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا ليث عن قيس بن الحجاج عن حنش الصنعاني عن عبد الله بن عباس الخ ‹2› {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا ابن لهيعة ونافع بن يزيد المصريان عن قيس بن الحجاج عن حنش الصنعاني عن ابن عباس الخ {تخريجه} (ك مذ)

الصبر وأن الفرج مع الكرب وأن مع العسر يسرا فصل منه في محاجة آدم وموسى عليهما السلام (13) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احتج آدم وموسى عليهما السلام فقال موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة (وفي رواية أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك من الجنة) فقال له آدم يا موسى أنت اصطفاك الله بكلامه وقال مرة برسالته وخط لك ‹1› بيده أتلومني على أمر قدره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة قال حج آدم موسى حج آدم موسى ‹2› فصل آخر في الرضا بالقضاء وفضله (14) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سعادة ابن آدم استخارته الله ‹3› ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه

_ وقال حسن صحيح ولفظ الترمذي كالرواية الأولى منه (13) عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو سمع طاوسا سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} ‹1› أي كتب لك ألواح التوراة قال تعالى (وكتبنا له في الألواح من كل شيء موعظة وتفصيلا لكل شيء) ‹2› أي غلبه بالحجة {تخريجه} (ق ك والأربعة) ولأبي داود وغيره عن عمر رضي الله عنه رفعه (أن موسى عليه السلام قال يا رب أرني آدم الذي أخرجنا ونفسه من الجنة فأراه الله آدم فقال له أنت أبونا آدم فقال له آدم نعم قال أنت الذي نفخ الله فيك من روحه وعلمك الأسماء كلها وأمر الملائكة فسجدوا لك قال نعم قال فما حملك على أن أخرجتنا ونفسك من الجنة قال له آدم من أنت قال أنا موسى قال أنت الذي اصطفاك الله بكلامه) الخ حديث الباب وفيه فحج آدم موسى فحج آدم موسى (أي غلبه بالحجة) (14) عن سعد بن أبي وقاص {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح أملاه علينا ببغداد ثنا محمد بن أبي حميد عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده سعد بن أبي وقاص الخ {غريبه} ‹3› أي طلب الخير منه في الأمور، والاستخارة

الله ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضاه الله عز وجل (15) وعن صهيب بن سنان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبت من قضاء الله للمؤمن إن أمر المؤمن كله خير وليس ذلك إلا للمؤمن إن أصابته سراء فشكر كان خيرا له وإن أصابته ضراء فصبر كان خيرا له (16) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبا للمؤمن لا يقضي الله له شيئا إلا كان خيرا له (2) باب في تقدير حال الإنسان وهو في بطن أمه (17) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه في أربعين يوما ثم يكون علقة مثل ذلك ثم يكون مضغة مثل ذلك ثم يرسل إليه الملك

_ أيضا طلب الخيرة في الشيء ‹4› أي عدم رضاه به كأن يقول أي شيء فعلت حتى نزل بي هذا أنا لا أستحق ذلك، غيري فعل كذا وكذا ولم يحصل له مثلي، لو كان كذا وكذا كان أصلح لي، مع أنه لا يكون إلا الذي كان وقدر {تخريجه} (ك مذ) بإسناد جيد (15) وعن صهيب {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلة عن صهيب الخ {تخريجه} (م وغيره) (16) وعن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا نوح بن حبيب ثنا حفص بن غياث بن طلق بن معاوية عن عاصم الأحول عن ثعلبة بن عاصم عن أنس الخ {تخريجه} أورده (السيوطي في الجامع الصغير) وعزاه إلى الإمام أحمد وأبي نعيم في الحلية وبجانبه علامة الحسن وأخرجه أيضا (أبو يعلى في مسنده) (27) عن عبد الله بن مسعود {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات، رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد فوالذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل النار فيدخلها وإن الرجل ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيختم له بعمل أهل الجنة فيدخلها (18) وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استقرت النطفة في الرحم أربعين يوما أو أربعين ليلة بعث الله إليه ‹1› ملكا فيقول يا رب ما أجله فيقال له فيقول يا رب ذكر أم أنثى فيعلم ‹2› فيقول يا رب شقي أو سعيد فيعلم. (19) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل الملك على النطفة بعدما تستقر في الرحم بأربعين ليلة وقال سفيان مرة أو خمسة ‹3› وأربعين ليلة فيقول يا رب ماذا؟ أشقيٌ

_ أبو معاوية ثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود الخ {تخريجه} (ق والأربعة) وغيرهم وحسنه وصححه الترمذي (18) وعن جابر بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك ثنا الخطاب بن القاسم عن خصيف عن أبي الزبير عن جابر الحديث {غريبه} ‹1› أي إلى الرحم ‹2› أي فيعلمه الله عز وجل بذلك فيكتبه الملك {تخريجه} لم أقف عليه وقال (الهيثمي) رواه أحمد وفيه خصيف وثقه ابن معين وجماعة وفيه خلاف وبقية رجاله ثقات اهـ (19) حدثنا عبد الله {غريبه} ‹3› في الأصل أو خمسين وأربعين ليلة وهو خطأ والصواب أو خمسة وأربعين كما في رواية مسلم من حديث حذيفة أيضا

أم سعيد أذكر أم أنثى فيقول الله تبارك وتعالى ‹1› فيكتبان ‹2› فيقول ماذا أذكر أم أنثى؟ فيقول الله عز وجل فيكتبان ‹3› فيكتب عمله وأثره ‹4› ومصيبته ورزقه ثم تطوى الصحيفة فلا يزاد على ما فيها ولا ينقص (20) وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فرغ الله إلى كل عبد من خمس، من أجله ورزقه وأثره وشقي أم سعيد (2) باب في اِِلإيمان بالقدر (21) عن يحيى بن يعمر ‹5› قال قلت لابن عمر (رضي الله عنهما) إنا نسافر في الآفاق فنلقى قوما يقولون لا قدر، فقال ابن عمر إذا لقيتموهم فأخبروهم أن عبد الله بن عمر منهم بريء وأنهم منه برآء ثلاثا ‹6› ثم أنشأ يحدث، بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل فذكر من هيئته فقال

_ ‹1› أي للملك بما سبق في علمه ‹2› بضم أوله في الموضعين ومعناه يكتب أحدهما أي الشقاوة أو السعادة ‹3› أي الذكورة أو الأنوثة ‹4› أي مكان موته ومضجعه {تخريجه} (م) وغيره (20) وعن أبي الدرداء {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن يحيى الدمشقي ثنا خالد بن صبيح المري قاضي البلقاء ثنا إسماعيل بن عبيد الله أنه سمع أم الدرداء تحدث عن أبي الدرداء قال سمعت الخ {تخريجه} قال في التنقيح رجال إسناد أحمد رجال الحسن وأخرجه أيضا الطبراني في الكبير وقال العلماء في معنى الحديث المراد من الفراغ الإختتام وعدم التبديل يعني تقديره إلى كل عبد كائن من مخلوقاته اهـ (21) عن يحيى بن يعمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن يحيى بن يعمر الخ {غريبه} ‹5› بفتح أوله وسكون ثانيه وفتح الميم ويقال بضمها وهو غير مصروف لوزن الفعل كنية يحيى بن يعمر أبو سليمان ويقال أبو سعيد ويقال أبو عدي البصري المروزي قاضيها من بني عوف بن بكر بن أسد قال الحاكم أبو عبد الله في تاريخ نيسابور يحيى بن يعمر فقيه أديب نحوي مبرز أخذ النحو عن أبي الأسود، نفاه الحجاج إلى خراسان فقبله قتيبة بن مسلم وولاه قضاء خراسان اهـ ‹6› أي لنفيهم القدر وابتداعهم في الدين ومخالفتهم الصواب الذي عليه أهل الحق

رسول الله صلى الله عليه وسلم ادنه فدنا فقال ادنه فدنا حتى كاد ركبتاه تمسان ركبتيه فقال يا رسول الله أخبرني ما الإيمان أو عن الإيمان، قال تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وتؤمن بالقدر قال سفيان أراه قال خيره وشره، قال فما الإسلام، قال إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وحج البيت وصيام شهر رمضان وغسل من الجنابة كل ذلك قال صدقت صدقت، قال القوم ما رأينا رجلا أشد توقيرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا كأنه يعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا رسول الله أخبرني عن الإحسان، قال أن تعبد الله كأنك تراه فإلا تراه فإنه يراك، كل ذلك نقول ما رأينا رجلا أشد توقيرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا فيقول صدقت صدقت، قال أخبرني عن الساعة قال ما المسئول عنها بأعلم بها من السائل قال فقال صدقت قال ذاك مرارا ما رأينا رجلا أشد توقيرا لرسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا ثم ولى قال سفيان فبلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال التمسوه فلم يجدوه قال هذا جبريل جاءكم يعلمكم دينكم، ما أتاني في صورة إلا عرفته غير هذه الصورة (وعنه من طريق ثان) ‹1› قال قلت لابن عمر إن عندنا رجالا يزعمون أن الأمر بأيديهم فإن شاؤا عملوا وإن شاؤوا لم يعملوا فقال أخبرهم أني منهم بريء وأنهم مني برآء ثم قال جاء جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد ما الإسلام فقال تعبد الله

_ ‹1› {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا علي بن يزيد عن يحيى بن يعمر قلت لابن عمر الخ {تنبيه} هذا الحديث ذكره الإمام مسلم بن الحجاج رحمه الله في صحيحه في أول كتاب الإيمان وأورد له عدة طرق {تخريجه} (طب حل م) وقد ذكرته أنا في الباب الثاني من كتاب الإيمان مقتصرا على بعض طرقه وتقدم شرحه هناك وذكرته هنا من عدة طرق لما فيه من ذكر القدر والقدرية مما يناسب

لا تشرك بالله شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت قال فإذا فعلت ذلك، فأنا مسلم؟ قال نعم، قال صدقت قال فما الإحسان؟ قال تخشى الله تعالى كأنك تراه فإن لا تك تراه فإنه يراك قال فإذا فعلت ذلك فأنا محسن، قال نعم قال صدقت، قال فما الإيمان قال تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والبعث من بعد الموت والجنة والنار والقدر كله، قال فإذا فعلت ذلك فأنا مؤمن قال نعم قال صدقت (زاد في رواية وكان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم في صورة دحية (وعنه من طريق ثالث) ‹1› عن ابن عمر رضي الله عنهما أن جبريل قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما الإيمان قال أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره فقال له جبريل عليه السلام صدقت قال فتعجبنا منه يسأله ويصدقه قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذاك جبريل أتاكم يعلمكم معالم دينكم (وعنه من طريق رابع) ‹2› أي عن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن الحميري قال لقينا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فذكرنا القدر وما يقولون فيه ‹3› فقال لنا إذا رجعتم إليهم فقولوا إن ابن عمر منكم بريء وأنتم منه برآء ثلاث مرار ثم قال أخبرني عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنهم بينا هم جلوس أو قعود عند النبي صلى الله عليه وسلم جاءه رجل يمشي حسن الوجه حسن الشعر عليه ثياب بيض فنظر القوم بعضهم

_ الباب ولأن فيها زيادات لا تخلو من فائدة والله الموفق ‹1› {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا كهمس عن ابن بريدة عن يحيى بن يعمر الخ ‹2› {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على يحيى بن سعيد عن عثمان بن غياث حدثني عبد الله بن بريدة عن يحيى بن يعمر وحميد بن عبد الرحمن الحميري قال لقينا عبد الله الخ ‹3› وفي رواية مسلم فقلت أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا (بكسر القاف وفتح الباء ناس يقرؤون القرآن

إلى بعض ما نعرف هذا أو ما هذا بصاحب سفر ثم قال يا رسول الله آتيك قال نعم فجاء فوضع ركبتيه عند ركبتيه ويديه على فخذيه (وساق الحديث بنحو ما تقدم في الباب الثاني من كتاب الإيمان وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد أن ذهب السائل) علي بالرجل فطلبوه فلم يروا شيئا فمكث يومين أو ثلاثة ثم قال يا ابن الخطاب أتدري من السائل عن كذا وكذا قال الله ورسوله أعلم قال ذاك جبريل جاءكم يعلمكم دينكم، قال وسأله رجل من جهينة أو مزينة فقال يا رسول الله فيما نعمل أفي شيء قد خلا أو مضى أو في شيء يستأنف الآن قال في شيء قد خلا أو مضى، فقال رجل أو بعض القوم يا رسول الله فيما نعمل قال أهل الجنة ميسرون لعمل أهل الجنة وأهل النار ميسرون لعمل أهل النار قال يحيى قال هو هكذا يعني كما قرأت علي (22) وعن ابن الديلمي قال لقيت أبي بن كعب رضي الله عنه فقلت يا أبا المنذر إنه قد وقع في نفسي شيء من هذا القدر فحدثني بشيء لعله يذهب من قلبي قال لو أن الله عذب أهل سمواته وأهل أرضه لعذبهم وهو غير ظالم لهم ولو رحمهم كانت رحمته لهم خيرا من أعمالهم ولو أنفقت جبل أحد ذهبا

_ ويتقفرون العلم (أي يطلبونه ويتتبعونه) وذكر شأنهم وأنهم يزعمون أن لا قدر وأن الأمر أنف (بضم الهمزة والنون أي مستأنف لم يسبق به قدر) قال فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم وأنهم برآء مني والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبا فأنفقه ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر ثم قال حدثني عمر بن الخطاب فساق الحديث إلى قوله جاءكم يعلمكم دينكم {تخريجه} (م طب حل وغيرهم) (22) وعن ابن الديلمي {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعد ثنا سفيان ثنا أبو سنان ثنا وهب بن خالد عن ابن الديلمي الحديث {تخريجه}

في سبيل الله عز وجل ما قبله الله منك حتى تؤمن بالقدر وتعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك، وما أخطأك لم يكن ليصيبك، ولو مت على غير ذلك لدخلت النار، قال فأتيت حذيفة فقال لي مثل ذلك وأتيت ابن مسعود وأتيت زيد بن ثابت فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك (24) [كذا] وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكل شيء حقيقة، وما بلغ عبد حقيقة الإيمان حتى يعلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه (23) [كذا] وعن عبادة بن الوليد بن عبادة حدثني أبي قال دخلت على عبادة (يعني ابن الصامت رضي الله عنه) وهو مريض أتخايل فيه الموت فقلت يا أبتاه أوصني واجتهد لي فقال أجلسوني قال يا بني إنك لن تطعم طعم الإيمان ولم تبلغ حقيقة العلم بالله تبارك وتعالى حتى تؤمن بالقدر خيره وشره، قال قلت يا أبتاه فكيف لي أن أعلم ما خير القدر وشره قال تعلم أن ما أخطأك لم يكن ليصيبك، وما أصابك لم يكن ليخطئك، يا بني إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ما خلق الله تبارك وتعالى القلم ثم قال

_ (د جه) قال صاحب التنقيح وأخرجه أيضا ابن حبان والدارقطني والطبراني في الكبير وأبو يعلى وابن جرير والضياء في المختارة والبيهقي وأبو داود الطيالسي وعبد بن حميد عن أبي بن كعب وزيد بن ثابت وحذيفة وابن مسعود بإسناد حسن (23) وعن أبي الدرداء {سنده} حدثنا عبد الله حدثني هيثم (يعني ابن خارجة) قال ثنا أبو الربيع عن يونس عن أبي إدريس عن أبي الدرداء الخ {تخريجه} قال الهيثمي رواه البزار وقال إسناده حسن (24) وعن عبادة بن الوليد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو العلاء

أكتب فجرى في تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة، يا بني إن مُتَّ ولست على ذلك دخلت النار (25) وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله أي العمل أفضل؟ قال الإيمان بالله وتصديق به وجهاد في سبيله قال أريد أهون من ذلك يا رسول الله، قال السماحة والصبر، قال أريد أهون من ذلك يا رسول الله، قال لا تتهم الله تبارك تعالى ‹1› في شيء قضى لك به (26) وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن المرء حتى يؤمن بالقدر خيره وشره قال أبو حازم لعن الله دينا أنا أكبر منه يعني التكذيب بالقدر (4) باب في العمل مع القدر (27) عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله العمل

_ الحسن ابن سوار ثنا ليث عن معاوية عن أيوب بن زياد حدثني عبادة بن الوليد بن عبادة الحديث {تخريجه} (د ت) مختصرا و (طب طس) (25) وعن عبادة بن الصامت {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا الحرث بن يزيد عن علي بن رباح أنه سمع جنادة بن أبي أمية يقول سمعت عبادة بن الصامت يقول إن رجلا الخ ‹1› أي ارض بما قضاه الله {تخريجه} لم أقف عليه في غير الكتاب وفي إسناده ابن لهيعة (26) وعن عمرو بن شعيب {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أنس بن عياض ثنا أبو حازم عن عمرو بن شعيب {تخريجه} لم أقف عليه في غير الكتاب وله شاهد عند الترمذي من حديث جابر ومعناه في الصحيحين وغيرهما (27) وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عياش قال ثنا العطاف بن خالد قال حدثني رجل من أهل البصرة عن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق عن أبيه قال سمعت أبي يذكر أن أباه سمع

على ما فرغ منه أو على أمر مؤتنف ‹1› قال بل على أمر قد فرغ منه قال قلت ففيم العمل يا رسول الله قال كل ميسر لما خلق له (28) وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سأل النبي صلى الله عليه وسلم رجلٌ من جهينة أو مزينة فقال يا رسول الله فيما نعمل في شيء قد خلا أو مضى أو في شيء يستأنف الآن قال في شيء قد خلا أو مضى فقال رجل أو بعض القوم يا رسول الله فيما نعمل؟ قال أهل الجنة ييسرون لعمل أهل الجنة وأهل النار ييسرون لعمل أهل النار (29) وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن سراقة بن مالك بن جعشم رضي الله عنه قال يا رسول الله فيم العمل؟ أفي شيء قد فرغ منه أو في شيء نستأنفه؟ فقال بل في شيء قد فرغ منه، قال ففيم العمل إذًا؟ قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له (30) وعن أبي الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله رضي الله عنهما) أنه قال يا رسول الله أنعمل لأمر قد فرغ منه أم لأمر نأتنفه قال لأمر قد فرغ منه فقال سراقة ففيم العمل إذًا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عامل ميسر لعمله

_ أبا بكر وهو يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله الخ {غريبه} ‹1› أي يوجد الآن {تخريجه} (بز طب) وقال عن عطاف بن خالد حدثني طلحة (قاله الهيثمي) (28) وعن عمر بن الخطاب رضي الله عنه {سنده} هذا طرف من حديث طويل عن ابن عمر عن أبيه ذكر بتمامه وسنده في الباب السابق (29) وعن جابر بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا علي بن زيد عن محمد بن المنكدر عن جابر الخ {تخريجه} (م) و (طس) (30) وعن أبي الزبير {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف ثنا ابن وهب أخبرني عمرو عن أبي الزبير الخ {تخريجه} (م)

(31) وعن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم جالسا وفي يده عود ينكت ‹1› به قال فرفع رأسه فقال ما منكم من نفس إلا وقد علم منزلها من الجنة والنار قال فقال يا رسول الله فلم نعمل، قال اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما من أعطى واتقى وصدق بالحسنى فسنيسره لليسرى، وأما من بخل واستغنى وكذب بالحسنى فسنيسره للعسرى (وعنه في أخرى) ‹2› عن علي (رضي الله عنه) قال كنا مع جنازة في بقيع الغرقد ‹3› فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس وجلسنا حوله ومعه مخصرة ‹4› ينكت بها ثم رفع بصره فقال ما منكم من نفس منفوسة إلا وقد كتب مقعدها من الجنة والنار إلا قد كتبت شقية أو سعيدة فقال القوم يا رسول الله أفلا نمكث على كتابنا وندع العمل فمن كان من أهل السعادة فسيصير إلى السعادة، ومن كان من أهل الشقوة فسيصير إلى الشقوة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعملوا فكل ميسر، أما من كان من أهل الشقوة فإنه ييسر لعمل الشقوة، وأما من كان من أهل السعادة فإنه ييسر لعمل السعادة

_ (21) وعن أبي عبد الرحمن السلمي {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي الخ {غريبه} ‹1› بالتاء المثناة من فوق قال في النهاية ونكت الأرض بالقضيب هو أن يؤثر فيها بطرفه فعل المفكر المهموم ومنه الحديث وجعل ينكت بقضيب أي يضرب الأرض بطرفه اهـ ‹2› {سنده} حدثنا عبد الله قال ثنا أبي ثنا عبد الرحمن بن زائدة عن منصور عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه قال كنا مع جنازة الحديث ‹3› البقيع من الأرض المكان المتسع ولا يسمى بقيعا إلا وفيه شجر أو أصولها وبقيع الغرقد موضع بظاهر المدينة فيه قبور أهلها كان به شجر الغرقد "بالغين المعجمة" فذهب وبقي اسمه "له" ‹4› بكسر الميم قال في النهاية المخصرة ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه من عصا أو عكازة أو

ثم قرأ فأما من أعطى واتقى إلى قوله فسنيسره للعسرى (32) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال عمر يا رسول الله أرأيت ما نعمل فيه، أفي أمر قد فرغ منه أو مبتدأ أو مبتدع؟ قال فيما قد فرغ منه فاعمل يا ابن الخطاب فإن كلا ميسر، أما من كان من أهل السعادة فإنه يعمل للسعادة وأما من كان من أهل الشقاء فإنه يعمل للشقاء (33) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يده كتابان فقال أتدرون ما هذان الكتابان قال قلنا لا إلا أن تخبرنا يا رسول الله، قال للذي في يده اليمنى هذا كتاب من رب العالمين تبارك وتعالى بأسماء أهل الجنة وأسماء آباءهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا ثم قال للذي في يساره هذا كتاب أهل النار بأسمائهم وأسماء آباءهم وقبائلهم ثم أجمل على آخرهم لا يزاد فيهم ولا ينقص منهم أبدا فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلأي شيء إذا نعمل إن كان هذا أمر قد فرغ منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سددوا ‹1› وقاربوا فإن صاحب الجنة يختم له بعمل الجنة وإن عمل أي عمل

_ مقرعة أو قضيب وقد يتكي عليه اهـ {تخريجه} (ق عل حب) وغيرهم وأخرجه الترمذي مختصرا (32) وعن ابن عمر رضي الله عنهما {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا شعبة عن عاصم بن عبيد الله قال سمعت سالم بن عبد الله يحدث عن ابن عمر قال قال عمر الخ {تخريجه} (مذ) وحسنه وصححه (33) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا ليث حدثني أبو قبيل المعافري عن شفي (بالفاء مصغرا) الأصبحي عن عبد الله بن عمرو الخ {غريبه} ‹1› أي اقصدوا السداد وهو القصد في الأمر واتركوا

وإن صاحب النار ليختم له بعمل أهل النار وإن عمل أي عمل ثم قال بيده ‹1› فقبضها ثم قال فرغ ربكم عز وجل من العباد ثم قال باليمنى فنبذها فقال فريق في الجنة ونبذ باليسرى فقال فريق في السعير (34) وعن عبد الرحمن بن قتادة السلمي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل خلق آدم ثم أخذ الخلق من ظهره وقال هؤلاء في الجنة ولا أبالي وهؤلاء في النار ولا أبالي، قال فقال قائل يا رسول الله فعلى ماذا نعمل قال على مواقع القدر (35) وعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل أو قيل له أيعرف أهل النار من أهل الجنة؟ فقال نعم، قال فلم يعمل العاملون قال يعمل كل لما خلق له أو لما يسر له (36) وعن أبي الأسود الدؤلي قال غدوت على عمران بن حصين

_ الغلو في الأمور لئلا يفضي بكم ذلك إلى الملال فتذروا العمل (وقاربوا) أي اطلبوا أقرب الأمور فيما تعبدتم به ‹1› أي أخذ بيده فالقول هنا بمعنى الفعل وذلك شائع في لغة العرب يطلقون القول على غير اللسان والكلام يقولون قال بيده أي أخذ وقال برجله أي مشى وكل ذلك على المجاز والإتساع {تخريجه} (بز نس مذ) وقال حسن صحيح (34) وعن عبد الرحمن بن قتادة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحسن بن سوار ثنا ليث يعني ابن سعد عن معاوية بن راشد بن سعد عن عبد الرحمن بن قتادة الخ {تخريجه} (ك) وقال صحيح قد اتفقنا على الإحتجاج برواته عن آخرهم إلى الصحابة وعبد الرحمن من الصحابة اهـ (قلت) قال الذهبي على شرطهما إلى الصحابي وأقره وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (35) وعن عمران بن حصين {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال أنا شعبة عن يزيد الرشك (بكسر الراء مشددة وسكون الشين) قال سمعت مطرفا يحدث عن عمران بن حصين عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل الخ {تخريجه} (ق د) (36) وعن أبي الأسود {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا صفوان

رضي الله عنه يوما من الأيام فقال يا أبا الأسود فذكر الحديث أن رجلا من جهينة أو من مزينة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس اليوم ويكدحون ‹1› فيه، شيء قضي عليهم ومضى عليهم في قدر قد سبق أو فيما يستقبلون مما أتاهم به نبيهم صلى الله عليه وسلم واتخذت عليهم به الحجة؟ قال بل شيء قضي عليهم ومضى عليهم، قال فلم يعملون إذا يا رسول الله، قال من كان الله عز وجل خلقه لواحة من المنزلتين يهيئه لعملها، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل (فألهمها فجورها وتقواها) (37) وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قالوا يا رسول الله أرأيت ما نعمل أمر قد فرغ منه أم أمر نستأنفه؟ قال بل أمر قد فرغ منه قالوا فكيف بالعمل يا رسول الله قال كل امرئ مهيء لما خلق له (5) باب في هجر المكذبين بالقدر والتغليظ عليهم (38) وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكل أمة مجوس ومجوس أمتي الذين يقولون لا قدر، إن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم (وعنه بلفظ آخر) ‹2› عن النبي صلى الله عليه وسلم إن لكل أمة

_ ابن عيسى أنا عزرة بن ثابت عن يحيى بن عقيل عن ابن يعمر عن أبي الأسود الدؤلي الخ {غريبه} ‹1› الكدح السعي والعمل والحرص {تخريجه} (ق د) وأخرجه أيضا عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه (37) وعن أبي الدرداء {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هيثم وسمعته أنا من هيثم قال أنا أبو الربيع عن يونس عن أبي إدريس عن أبي الدرداء الحديث {تخريجه} أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للإمام أحمد و (طب ك) وبجانبه علامة الصحة (38) عن عبد الله بن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أنس بن عياض ثنا عمر بن عبد الله مولى غفرة عن عبد الله بن عمر الخ ‹2› {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن أبي العباس حدثني عبد الرحمن بن صالح بن محمد الأنصاري

مجوسا وإن مجوس أمتي المكذبون بالقدر فإن ماتوا فلا تشهدوهم وإن مرضوا فلا تعودوهم (39) وعنه أيضا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيكون في هذه الأمة مسخ، ألا وذاك في المكذبين بالقدر والزنديقية ‹1› (40) وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لكل أمة مجوسا ومجوس هذه الأمة الذين يقولون لا قدر فمن مرض منهم فلا تعودوه ن ومن مات منهم فلا تشهدوه، وهم شيعة الدجال، حقا على الله عز وجل أن يلحقهم به (41) وعن أبي الدرداء رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا مكذب بقدر

_ عن عمر بن عبد الله مولى غفرة عن نافع عن ابن عمر الخ {تخريجه} (د ك) وصححه وحقق الحافظ أنه صحيح على شرط مسلم ذكر ذلك السندي في تعليقه على ابن ماجه (39) وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة ثنا رشدين عن أبي صخر حميد بن زياد عن نافع عن ابن عمر الخ {غريبه} ‹1› الزنديق بكسر الزاي هو من لا يؤمن بالآخرة وبالربوبية أو يبطن الكفر ويظهر الإيمان جمعه زنادقة وقد تزندق والاسم الزندقة ورجل زنديق وزندقي شديد البخل قاله في القاموس {تخريجه} (د مذ) وليس فيه لفظ الزنديقية وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب (40) وعن حذيفة بن اليمان {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن عمرو بن محمد عن عمر مولى غفرة عن رجل من الأنصار عن حذيفة الخ {تخريجه} (د) الحديث في إسناده رجل لم يسم (41) عن أبي الدرداء {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو جعفر السويدي قال ثنا أبو الربيع ثنا سليمان بن عتبة الدمشقي قال سمعت يونس بن ميسرة عن أبي إدريس عائذ الله عن أبي الدرداء {تخريجه} (بز طب) وزاد ولا منان وفيه سليمان بن عتبة مختلف فيه ووثقه أبو حاتم وغيره

(42) وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم والناس يتكلمون في القدر وكأنما تفقأ ‹1› في وجهه حب الرمان من الغضب، قال فقال لهم مالكم تضربون كتاب الله بعضه ببعض، بهذا هلك من كان قبلكم، قال فما غَبَطْتُ ‹2› نفسي بمجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أشهده بما غبطت نفسي بذلك المجلس أني لم أشهده (43) وعن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا تجالسوا أهل القدر ولا تفاتحوهم وقال أبو عبد الرحمن ‹3› مرة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (44) وعن نافع قال كان لابن عمر (رضي الله عنهما) صديق من أهل الشام يكاتبه فكتب إليه مرة عبد الله بن عمر أنه بلغني أنك

_ (42) وعن عمرو بن شعيب {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا داود بن أبي هند عن عمرو بن شعيب الخ {غريبه} ‹1› بفتحات مع تشديد القاف أي شق أو عصر في وجهه أي غضب فاحمر وجهه من أجل الغضب احمرارا يشبه لون عصير حب الرمان ‹2› بفتح الباء وكسرها من غبط كضرب وسمع إذا تمنى مثل حال المغبوط من غير أن يريد زوالها عنه بخلاف الحسد فإنه تمني زوال نعمة المحسود إليه والمراد هنا أنه ما سر من نفسه بمجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم تخلفت عنه سروره بها لو كانت تخلفت عن هذا المجلس أي أنه تمنى عدم حضور ذلك المجلس لغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه {تخريجه} (جه) وأخرجه أيضا (مذ) من حديث أبي هريرة وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات (43) وعن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن حدثني سعيد بن أيوب حدثني عطاء بن دينار عن حكيم بن شريك الهذلي عن يحيى بن ميمون الحضرمي عن ربيعة الجرشي عن أبي هريرة عن عمر رضي الله عنها الحديث {غريبه} ‹3› هو أبو عبد الرحمن بن عبد الله بن يزيد أي الذي روى عنه الإمام أحمد قال في رواية أخرى أن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {تخريجه} أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للإمام أحمد و (د ك) وبجانبه علامة الصحة (44) وعن نافع {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله

تكلمت في شيء من القدر فإياك أن تكتب إليَّ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيكون في أمتي أقوام يكذبون بالقدر (45) وعن محمد بن عبيد المكي عن عبد الله بن عباس قال ‹1› قيل لابن عباس (رضي الله عنها) إن رجلا قدم علينا يكذب بالقدر فقال دلوني عليه وهو يومئذ قد عمي قالوا وما تصنع به يا ابن عباس، قال والذي نفسي بيده لئن استمكنت منه لأَعُضَّنَّ أنفه حتى أقطعه ولئن وقعت رقبته في يدي لأدقها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كأني بنساء بني فهر يطفن بالخزرج ‹2› تصطفق ‹3› أَلْيَاتُهُنَّ مشركات، هذا أول شرك هذه الأمة والذي نفسي بيده لينتهين بهم سوء رأيهم حتى يخرجوا الله من أن يكون قدر خيرا كما أخرجوه من أن يكون قدر شرا

_ ابن يزيد حدثنا سعيد يعني بن أبي أيوب حدثني أبو صخر عن نافع الحديث {تخريجه} (ك د مذ) وفي رواية الترمذي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يكون في هذه الأمة خسف أو مسخ وذلك في المكذبين بالقدر وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب (45) وعن محمد بن عبيد المكي {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا الأوزاعي عن بعض إخوانه عن محمد بن عبيد المكي الخ وأعاده بهذا السند أيضا إلا أنه قال ثنا الأوزاعي حدثني العلاء بن الحجاج عن محمد بن عبيد المكي عن ابن عباس بهذا الحديث قلت أدرك محمد بن عباس قال نعم {غريبه} ‹1› القائل هو محمد بن عبيد ‹2› هكذا بالأصل وأورده صاحب مجمع الزوائد وعزاه للإمام أحمد بهذا اللفظ ولم أقف على معنى للخزرج في كتب اللغة والغريب ينطبق على سياق الحديث، وإنما المعروف ما جاء من حديث أبي هريرة عند الإمام أحمد والشيخين قال (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات نساء دوس حول ذي الخلصة وكانت صنما يعبدها دوس تبالة) وقال في النهاية وذو الخلصة بيت كان فيه صنم لدوس يسمى الخلصة (بفتحات) أراد لا تقوم الساعة حتى ترجع دوس عن الإسلام فتطوف نساؤهم بذي الخلصة وتضطرب أعجازهن في طوافهن كما كن يفعلن في الجاهلية اهـ ‹3› أي تضطرب كما في رواية (وألياتهن) بفتح الهمزة وسكون اللام جمع ألية أي أعجازهن {تخريجه} لم أقف عليه في غير الكتاب وفيه مقال والله أعلم

كتاب العلم

(46) وعن ابن عون قال أنا رأيت غيلان يعني القدري ‹1› مصلوبا على باب دمشق ***** (4) كتاب العلم (1) باب فضل العلم والعلماء (1) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا حسد ‹2› إلا في اثنتين، رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله حكمة ‹3› فهو يقضي بها ويعلمها الناس

_ (46) وعن ابن عون {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سوار بن عبد الله ثنا معاذ بن معاذ عن ابن عون الخ {غريبه} ‹1› هو غيلان بن أبي غيلان الدمشقي قالوا إنه أول من تكلم في القدر وقد كان مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه وكانت داره بدمشق في ربض باب الفراديس شرقي دمشق، (وحكى ابن عساكر) أن عمر بن عبد العزيز كان لام غيلان على رأيه في القدر فكف عن ذلك حتى مات عمر فلما مات سال غيلان في القدر سيل الماء وكان يفتي الناس لما حج مع هشام بن عبد الملك سنة ست ومائة من الهجرة (قال الأوزاعي) قدم علينا غيلان القدري في خلافة هشام بن عبد الملك فتكلم غيلان وكان رجلا مفوها ثم أكثر الناس الوقيعة فيه والسعاية به بسبب رأيه في القدر وأحفظوا هشاما عليه فأمر بقطع يديه ورجليه وقتله وصلبه {تخريجه} لم أقف على هذا الأثر وسنده جيد كتاب العلم (1) عن ابن مسعود {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى حدثنا إسماعيل حدثني قيس عن ابن مسعود الحديث {غريبه} ‹2› الحسد يطلق ويراد به تمني زوال النعمة عن المحسود وهذا حرام ويطلق ويراد به الغبطة وهو تمني مثل ما له وهذا لا بأس به وهو المراد هنا ‹3› الحكمة هي العلم النافع {تخريجه} (ق مذ جه) وأخرجه (مذ) عن سالم عن أبيه نحوه وقال حسن صحيح (وفي الباب) عند أبي نعيم في الحلية عن أبي هريرة نحوه

(2) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم إن مثل العلماء في الأرض كمثل النجوم في السماء يهتدى بهم في ظلمات البر والبحر فإذا انطمست النجوم يوشك ‹1› أن تضل الهداة (3) وعن أبي موسي الأشعري رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أحدا من أصحابه في بعض أمره قال بشروا ولا تنفروا ويسروا ولا تعسروا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مثل ما بعثني الله عز وجل به من الهدى والعلم كمثل غيث ‹2› أصاب الأرض فكانت منه ‹3› طائفة قبلت فأنبتت الكلأ والعشب الكثير، وكانت منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله عز وجل بها ناسا فشربوا فرعوا ‹4› وسقوا وزرعوا وأسقوا، وأصابت طائفة منها أخرى إنما هي قيعان ‹5› لا تمسك ماءا ولا تنبت كلأ فذلك مثل من

_ (2) وعن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هيثم بن خارجة ثنا رشدين بن سعد عن عبد الله بن الوليد عن أبي حفص حدثه أنه سمع أنس بن مالك يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم الحديث {غريبه} ‹1› بكسر الشين المعجمة أي يقرب ويدنو ويسرع يقال أوشك يوشك إيشاكا فهو موشك وقد وشك وشكا ووشاكة (نه) {تخريجه} لم أقف عليه في غير الكتاب وأورده السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للإمام أحمد وبجانبه علامة الحسن (3) عن أبي موسى {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا من عبد الله بن محمد ثنا أبو أسامة عن بريد بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى الخ {غريبه} ‹2› الغيث المطر الكثير ‹3› في رواية الشيخين فكانت منها طائفة طيبة قبلت الماء فأنبتت الكلأ الخ (والكلأ) بوزن الملأ يطلق على النبت الرطب واليابس (والعشب) بضم العين المهملة وسكون الشين الرطب فقط فهو من ذكر الخاص بعد العام (وقوله أجادب) هي الأرض الصلبة التي تمسك الماء ولا تنبت الكلأ ‹4› بفتح العين المهملة وسكون الواو أي رعوا مواشيهم من الرعي ‹5› القيعان بكسر القاف جمع قاع وهي الأرض المستوية وقيل الملساء وقيل التي لا نبات فيها وهذا هو المراد في هذا

فَقُهَ ‹1› في دين الله عز وجل ونفعه الله عز وجل بما بعثني به ونفع به فعَلَّمَ وعَلِمَ، ومثل من لم يرفع بذلك رأسا ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به (4) عن نافع بن عبد الحرث أنه لقي عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعسفان وكان عمر استعمله على ملكه فقال له عمر من استخلفت على أهل الوادي؟ قال استخلفت عليهم ابن أبزى، قال وما ابن أبزى؟ فقال رجل من موالينا فقال عمر استخلفت عليهم مولى، فقال إنه قارئ لكتاب الله عالم بالفرائض قاض، فقال عمر رضي الله عنه أما إن نبيكم صلى الله عليه وسلم قد قال إن الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين (5) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أهل اليمن قدموا على رسول

_ الحديث ‹1› بضم القاف من باب ظرف أي صار فقيها عالما، وبكسرها من باب تعب إذا فهم وعلم (والمعنى) أن النبي صلى الله عليه وسلم ضرب مثلا لما جاء به من الدين والعلم بالغيث العام أي المطر الكثير الذي يأتي الناس في حال احتياجهم إليه فكما أن الغيث يحيي البلد الميت فكذا علوم الدين تحيي القلب الميت ثم شبه السامعين له بالأرض المختلفة التي ينزل بها الغيث فمنهم العالم العامل المعلم فهو بمنزلة الأرض الطيبة التي قبلت الماء وأنبتت الكلأ ومنهم الجامع للعلم غير أنه لم يعمل به ولا اجتهاد له في الطاعة فهو يحفظه حتى يأتي طالب محتاج متعطش لما عنده من العلم فيأخذه منه فينتفع به وينفع غيره فهذا الذي جمع العلم ولم يعمل به بمنزلة الأرض الملساء التي أمسكت الماء ولم تنبت الكلأ فينتفع منها بالشرب، ومنهم الطائفة الثالثة المذمومة التي لم تقبل هدى الله تعالى ولم ترفع به رأسا فهي كالأرض التي لم تمسك الماء ولم تنبت الكلأ لعدم النفع بها والله أعلم {تخريجه} (ق نس) (4) وعن نافع بن عبد الحرث {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا إبراهيم بن سعد ثنا ابن شهاب ح وحدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهري المعنى عن أبي الطفيل عامر بن واثلة أن نافع بن عبد الحرث لقي عمر الحديث {تخريجه} (م جه) (5) وعن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن

الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ابعث معنا رجلا يعلمنا فأخذ بيد أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه فأرسله معهم فقال هذا أمين هذه الأمة (6) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون ثنا ابن وهب حدثني مالك بن الخير الزيادي عن أبي قبيل المعافري عن عبادة بن الصامت (رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من أمتي ‹1› من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا قال عبد الله وسمعته أنا من هارون فصل منه في قوله صلى الله عليه وآله وسلم من يرد الله به خيرا يفقه في الدين ‹2› (8) وعن معاوية بن أبي سفيان (رضي الله عنهما) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

_ سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال الخ {تخريجه} (ق) وفيه منقبة عظيمة لأبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه حيث قد وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بأنه أمين هذه الأمة ويدل أيضا على فضل العلماء العاملين لأن أبا عبيدة ما نال هذه المرتبة إلا بالعلم وفيه دليل على صدق إيمان أهل اليمن لتحملهم مشاق السفر لتحصيل العلم رضي الله عنهم (6) حدثنا عبد الله {غريبه} ‹1› أي المتبعة لهديي وسنتي (وقوله من لم يجل الخ) أي يعظم ويوقر (وقوله ويعرف لعالمنا) أي حقه وكرامته {تخريجه} قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الكبير وإسناده حسن اهـ (7) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان قال أنا إسماعيل قال أخبرني عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن عباس الخ {غريبه} ‹2› الفقه في الأصل الفهم فقوله يفقهه أي يفهمه علوم الدين والمراد هنا الفقه اللغوي لا الإصطلاحي {تخريجه} (مذ) وقال حسن صحيح وأخرجه الشيخان وابن ماجه عن معاوية مطولا قال المنذري ورواه أبو يعلى أيضا وزاد فيه ومن لم يفقه لم يبال به (8) وعن معاوية {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا حماد

(9) وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد وإنما أنا قاسم ويعطي الله عز وجل (10) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح قال ثنا حماد بن سلمة عن جبلة بن عطية عن ابن محيريز عن معاوية (بن أبي سفيان رضي الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أراد الله بعبد خيرا يفقهه في الدين حدثنا عبد الله قال وجدت هذا الكلام ‹1› في كتاب أبي بخط يده متصلا به وقد خط عليه فلا أدري أقرأه علي أم لا، وأم السامع المطيع لا حجة عليه وأن السامع العاصي لا حجة له (11) وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الناس

_ يعني بن سلمة قال أنا جبلة بن عطية عن عبد الله بن محيريز عن معاوية بن أبي سفيان الخ {تخريجه} (ق) بنحو هذا وزاد البخاري وإنما أنا قاسم والله يعطي ولن تزال هذه الأمة قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله (9) وعن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة الخ {تخريجه} قال في التنقيح أخرجه ابن ماجه وأبو يعلى والطبراني في الصغير عن أبي هريرة ورجاله رجال الصحيح (قلت) وأخرجه أيضا مسلم في بعض رواياته عن معاوية بهذا اللفظ (10) {غريبه} ‹1› يعني قوله (وأن السامع المطيع الخ الحديث) أي أن عبد الله ابن الإمام أحمد رحمهما الله وجد هذه الجملة في كتاب أبيه بخط يده متصلة بالحديث السابق وقد خط أي ضرب عليه والده بالقلم فشك عبد الله هل قرأها عليه والده أم لا فروى الشطر الأول بالتحديث كما سمع من والده وتوقف عن هذه الجملة وهذا منتهى الأمانة في نقل الحديث وروايته رحمه الله {تخريجه} (ق) بأطول من هذا وذكرت لفظه في الكلام على حديث معاوية السابق وليس فيه جملة وأن السامع المطيع الخ (11) وعن جابر بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد

معادن فخيارهم في الجاهلية ‹1› خيارهم في الإسلام إذا فقهوا (12) وعن أبي الدرداء رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، إن العلماء هم ورثة الأنبياء لم يرثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر (2) باب في الرحلة في طلب العلم وفضل طالبه (13) عن قيس بن كثير قال قدم رجل من المدينة إلى أبي الدرداء (رضي الله عنه) وهو بدمشق فقال ما أقدمك أي أخي قال حديث، بلغني أنك تحدث به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أما قدمت لتجارة؟ قال لا قال أما قدمت لحاجة؟ قال لا، قال ما قدمت إلا في طلب هذا الحديث؟ قال نعم، قال فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سلك ‹2› طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها ‹3› رضا لطالب

_ ثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر الخ {غريبه} ‹1› أي خيارهم بمكارم الأخلاق في الجاهلية خيلرهم في الإسلام أيضا (إذا فقهوا) بضم القاف يقال فقه الرجل بالضم إذا صار فقيها عالما وبالكسر إذا علم وفيه إشارة إلى أن شرف الإسلام لا يتم إلا بالتفقه في الدين والله أعلم {تخريجه} (م) عن أبي هريرة قال صاحب التنقيح وفي الباب عند أحمد عن جابر ورجاله رجال الصحيح يعني حديث الباب (12) وعن أبي الدرداء (هذا طرف من الحديث الآتي بعده وسيأتي الكلام على سنده وغريبه وتخريجه (13) عن قيس بن كثير {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن يزيد أنا عاصم بن رجاء بن حيوة عن قيس بن كثير الحديث {غريبه} ‹2› من سلك طريقا أي ذهب فيه وبابه دخل قاله في المختار (وقوله يلتمس) أي يطلب علما شرعيا أو آلة له ‹3› في وضع أجنحة الملائكة أقوال أحدها أن يكون وضعها الأجنحة بمعنى التواضع

-[الرحلة إلى طلب العلم]- العلم , وإنه ليستغفر للعالم من فى السموات والارض حتى الحيتان فى الماء وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب , إن العلماء هم ورثة الانبياء لم يرثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر (1) (14) وعن زر بن حبيش قال غدوت الى صفران بن عسال المرادى رضى الله عنه أساله عن المسح على الخفين فقال ما جاء بك قلت ابتغاء العلم قال إلا أبشرك ورفع الحديث الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يطلب (15) وعن عبدالله بن بريدة أن رجلاً من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم رحل إلى

_ والخشوع تعظيماً لحقه وتوقيرا لعلمه كقوله تعالى (وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة) وقيل وضع الجناح معناه الكف عن الطيران ونزولهم عند مجالس العلم (وقيل) أراد به اظلالهم بها وقيل غير ذلك والله أعلم (وقوله حتى الحيتان) جمع حوت وهو العظيم من السمك وهو مذكر قال تعالى (فالتقمه الحوت) (1) الحظ النصيب والمعنى اخذ نصيبا تاما لا حظ وافر منه {تخريجه} الحديث اورده الترمذى فى الترغيب والترهيب وقال رواه (د مذ جه حب) فى صحيحه والبيهقى وقال الترمذى لا اعرف الا من حديث عاصم بن رجاء بن حيوة وليس اسناده عندى بمتصل وانما يروى عن عاصم بن رجاء بن حيوه عن داود بن جبيل عن كثير بن قيس عن النبى صلى الله عليه وسلم وهذا أصح اهـ {قلت} قا لصاحب التنقيح قال المنذرى ومن هذا الطريق رواه ابو داود وابن ماجه وابن حبان فى صحيحه والبيهقى فى الشعب وغيرها ورجال احمد رجال الحسن وروى الحديث ايضا الحاكم فى المستدرك بإسناد حسن والنسائى وأبو يعلى والطبرانى فى الكبير وصحح البخارى بعض طرقه وقال صاحب جلمع الاصول فى حرف القاف قيس بن كثير سمع ابو الدرداء وروى عنه داود بن جميل اهـ 14) وعن زر بن حبيش {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا عقان ثنا حماد بن سلمة انا عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش الخ {تخريجه} قال العراقى فى تخريج أحاديث الاحياء أخرجه احمد وابن حبان والحاكم وصححه من حديث صفوان بن عسال اهـ 15) وعن عبدالله بن بريدة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يزيد

-[الحث على طلب العلم]- فضالة بن عبيد (رضى الله عنه) وهو بمصر فقدم عليه وهو يمد ناقة له (1) فقال إنى لم آتك زائراً إنما اتيتك لحديث بلغنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجوت أن يكون عندك منه علم فرآه شعثاً (2) فقال مالى أراك شعثاً وأنت أمير البلاد قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهانا عن كثير من الإرفاه (3) ورآه حافيا قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نحتفى (4) أحيانا. (16) وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سلك طريقاً يلتمس فيه علما سهل الله له طريقا الى الجنة (3) باب الحث على تعليم العلم واداب المعلم (17) عن عياض بن حمار المجلشعى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى خطبة خطبها إن الله عز وجل أمرنى أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني

_ ابن هرون قال أخبرنى الحريرى (بالتصغير) عن عبد الله بن بريدة الخ {غريبة} 1) أى فوجد فضاله رضى الله عنه يمد ناقة له اى يعقلها (2) قال فى المصباح شعث الشعر شعثاً فهو شعث من باب تعب تغير وتلبد لقله تعهده بالدهن , قال والشعث أيضاً الوسخ ورجل شعث وسخ الجسد شعث الرأس أضا اهـ (3) بكسر الهمزه أى كثرة التدهن والتنعم أراد ترك التنعم والدعه ولين العيش لأنه من زى العجم وأرباب الدنيا (4) بالحاء المهملة أى ترك لبس النعل فى بعض الاحيان والظاهر ان ذلك ليتعودوا الخشونه وعدم الرفاهية فربما لا يجد يوما ما نعلا يلبسه فيتأذى بمشيه حافياً فإذا تعود ذلك لا يتأذى به والله أعلم {تخريجه} لم أقف عليه فى غير الكتاب وسنده جيد 16) وعن ابى هريرة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا الاسود بن عامر انا ابو بكر عن الاعمش عن ابى صالح عن ابى هريرة الخ {تخريجه} (م حب ك) وقال صحيح على شرطهما 17) عن عياض بن حمار {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا روح ثنا عوف عن حكيم الاثرم عن الحسن قال حدثنى مطرف بن عبدالله حدثنى عياض بن حمار

-[آداب المعلم والشكوت عند الغطب]- يومي هذا وأنه قال إن كل ما نحلته (1) عبادى فهو حلال (18) وعن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال علموا وبشروا ولا تعسروا وإذا غضب أحدكم فليسكت (وعنه بلفظ اخر) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم علموا ويسروا ولا تعسروا واذا غضبت فاسكت واذا غضبت فاسكت واذا غضبت فاسكت (19) وعن انس ابن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يسروا ولا تعسروا وسكنوا (3) ولا تنفروا

_ الخ {غريبه} (1) أى أعطته والنحل (بالضم) للعطية والهبة ابتداء من غير العوض ولا استحقاق يقال نحله ينحله كفتح يفتح نحلا بضم النون وسكون الحاء والنحلة بالكسر العطية (وقوله فهو لهم حلال) أى ما لم يرد فيه تحريم وفى مجمع بحار الانوار للفتنى نقلا عن النووى أنه أنكار لما حرموا على انفسهم من السائبة والوصيلة أهـ 18) وعن ابن عباس {سنده} حثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت انا سمعت طاوسا يحدث عن ابن عباس الخ (2) {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا عبدالرازق قال انا سفيان عن ليث عن طاوس عن ابن عباس الخ (ومعنى الحديث) علموا الناس ما يلزمهم من امور الدين والدنيا وحالتكم فى التعليم اليسر لا العسر (وبشروا) المتعلم بالنجاح فى تعليمه وانه يرجى خيره (ولا تعسروا) فى التعليم بأن تجتنبوا كل ما ينفر المتعلم من تقريع وتوبيخ فليس ذلك من مكارم الاخلاق ثم امر صلى الله عليه وسلم بالسكوت عند الغضب وكرر ذلك ثلاثا للتأكيد فأن السكوت مسكن للغضب وحركة الجوارح مثيرة {تخريجه} (ق) وغيرهم بالفاظ مختلفة 19) وعن انس بن مالك {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال انا شعبة وهاشم ثنا شعبة قال قال ابو التياح سنعت انس بن مالك يقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (3) هو بمعنى بشروا أى طمأنوهم بذكر ما يؤلفهم لقبول الموعظة والتعليم (وقوله ولا تنفروا) أى لا تذكروا لهم ما ينفرهم يقال نفر ينفر كضرب يضرب نفوراً ونفاراً اذا فر وذهب أى لا تحملوهم على الفرار منكم فلا ينبغى للمعلم ان يقتصر على الوعيد ويترك الوعد لأنه ربما قنط الناس والله اعلم {تخريجه} (ق نس) وفيه وبشروا بدل قوله وسكنوا

-[حرص النبي صلى الله عليه وسلم على تعليم اصحابه]- (20) وعن أبي ذر رضى الله عنه قال لقد تركنا محم صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه فى السماء إلا أذكرنا منه علما (21) وعن ابى زيد الانصارى رضى الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت صلاة الظهر ثم نزل فصلى الظهر ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت صلاة العصر ثم نزل فصلى العصر فصعد المنبر فخطبنا حتى غابت الشمس فحدثنا بما كان وما هو كائن فأعلمنا احفظنا (22) وعن حنظلة الكاتب رضى الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا (1) الجنة والنار حتى كانا رأى العين فقمت إلى أهلي فضحكت

_ 20) وعن أبي ذر {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابن نمير ثنا الاعمش عن منذر ثنا أشياخ من التيم قال أبو ذر لقد تركنا الخ (والمعنى أن النبى صلى الله عليه وسلم) استوفى بيان الشريعة وما يحتاج اليه فى الدين حتى لم يبق مشكل فضرب ذلك مثلا , وقيل أراد أنه لم يترك شيئاً إلا بينه حتى بين لهم احكام الطير وما يحل منه وما يحرم وكيف يذبح وما الذى يفدى منه المحرم اذا اصابه واشباه ذلك ولم يرد ان فى الطير علما سوى ذلك علمهم اياه او رخص لهم ان يتعاطوا زجر الطير كما كان يفعله اهل الجاهلية (له) {تخريجه} لم أقف عليه فى الكتاب وفى سنده أشياخ من التيم لم يسموا 21) وعن ابى زيد الانصارى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا ابو عاصم ثنا عزرة بن ثابت ثنا علياء بن احمر اليشكرى ثنا ابو زيد الانصارى الخ {تخريجه} الحديث أورده الحافظ بن كثير فى تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال انفرد باخراجه مسلم فرواه فى كتاب الفتن من صحيحه عن يعقوب بن ابراهيم الدورقى وحجاج بن الشاعر جميعا عن عاصم الضاحك بن مخلد النبيل عن عورة عن علياء عن ابى زيد عمرو بن أخطب بن رفاعة الانصارى رضى الله عنه عن النبيى صلى الله عليه وسلم بنحو اهـ 22) وعن حنظله الكاتب {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابو احمد الزبيرى حدثنا سفيان عن الجريرى عن ابى عثمان حنظلة الحديث {غريبه} (1) فذكرنا بتشديد الكاف مفتوحه اى ذكرنا بنعيم الجنة وعذاب النار حتى كأننا نراهما رأى العين لشدة

-[تأثير الموعظة فى القلب اذا صدرت من مخلص]- ولعبت مع أهلي وولدى فذكرت ما كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت فلقيت ابا بكر (رضى الله عنه) فقلت يا ابا بكر نافق حنظلة قال وما ذاك قلت كنا عند رسول صلى الله عليه وسلم فذكرنا الجنة والنار حتى كانا رأى عين فذهبت الى النبى صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال يا حنظلة لو كنتم تكونون فى بيوتكم (1) كما تكونون عندى لصافحتكم الملائكة (وفى رواية بأجنحتها) وانتم على فرشكم وبالطرق , يا حنظلة ساعة وساعة (23) وعن أنس بن مالك رضى الله عنه أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إنا إذا كنا عندك فحدثتنا رقت قلوبنا فإذا خرجنا من عندك عافنا (2) النساء والصبيان وفعلنا وفعلنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن تلك الساعة لو تدومون عليها لصافحتكم الملائكة.

_ فصاحته وبلاغته وتأثير موعظته فى القلوب لكونها من قلب طاهر نقى مخلص لله تعالى فى قوله وهكذا كل انسان يخلص لله لابد أن يكون له تأثير فى النفوس فما بالك بقول سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم الذى يصدر عن وحى رب العالمين جل شأنه (1) أى لو انكم فى معاشكم واحوالكم كحالتكم عندى لصفاحتكم الملائكة لأن حالكم عندى حالة كان الذى يجدونه معه خلاف المعهود اذا رأوا المال والاهل ومعه يرون سلطان الحق والمراد بمصافحة الملائكة هنا مصافحة معاينة وإلا فالملائكة يصافحون اهل الذكر وذلك لان حالتهم عنده فى حالة خشية من الله تعالى ,وخص الفرش والطرق لأنها محل الغفلات فأذا صافحتهم فيها غيرها اولى ونبه بذلك على ان الغفلة تعتريهم فى غيبتهم عنه لا فى حضورهم عنده (وقوله ساعة وساعة) اى اجعلوا ساعة لله وساعة لأولادكم ومصالحكم الدنيوية والله اعلم {تخريجه} (م مذ) (13) وعن انس بن مالك {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا مؤمل ثنا حاد عن ثابت عن انس بن مالك الحديث {غريبة} (2) المعافة المعالجة والممارسة والملاعبة (نه) {تخريجه} لم اقف عليه وسنده جيد ويشهد له ما قبله

-[في مجالس العلم وادابها واداب المتعلم]- باب في مجالس العلم وادابها وآداب المتعلم (24) عن أبي واقد الليثي قال:-بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر ثلاثة نفر فجاء أحدهم فوجد فرجة (1) في الحلقة فجلس وجلس الآخر من ورائهم وانطلق الثالث فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبركم بخير هؤلاء النفر قالوا: بلى يا رسول الله قال: أما الذي جاء فجلس فأوى (2) فآواه الله والذي جلس من ورائكم فاستحى (3) فاستحى الله منه وأما الذي انطلق رجل أعرض فأعرض الله عنه. (4) 25) عن أبي مجلز عن حذيفة (بن اليمان) -في الذي يقعد في وسط الحلقة قال: ملعون على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أو لسان محمد صلى الله عليه وسلم.

_ (24) عن أبي واقد الليثى {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى لبى ثنا عبدالصمد ثنا حرب يعنى بن شداد ثنا يحيي يعنى ابن كثير حدثنى اسحق بن عبدالله بن ابى طلحة عن حديث ابى مرة أن ابا واقد الليثى حدثه قال بينما نحن الخ {غريبة} (1) الفرجة بالضم والفتح معا هى الخلل بين الشيئين (والحلقة) باسكان اللام كل شئ مستدير خلاى الوسط والجمع حلق بفتحتين (2) قال القرطبى الرواية الصحيحة بقصر الاول ومد الثانى وهو المشهور فى اللغة وفى القران (أذا اوى الفتية الى الكهف) بالقصر (وآواينهما الى ربوة) بالمد وحكمه فى اللغة بالمد والقصر معا فيهما (وعنى أوى لاى الله) أى لجأ اليه أو على الحذف أى انضم الى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم (ومعنى فآواه الله) أى جازه بنظير فعله بأن ضمه الى رحمته ورضوانه (3) فاستحى أى ترك المزاحمة كما فعل رفيقه حياء من النبى صلى الله عليه وسلم (وقوله فاستحى الله منه) أى رحمه ولم يعاقبه وعند مسلم فاستحيا فى الموضعين وكلاهما جائز (4) أى -خط عليه- {تخريجه} (ق لك مذ نس) (25) وعن ابى مجلز {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا يحيي بن سعيد عن شعبة قال ثنا قتادة عن ابى مجلز الخ {تخريجه} الحديث اسناده جيد واورده الشيخ الحوت فى كتابه اسنى المطالب بلفظ (الجالس وسط الحلقة ملعون) قال وحسنه الترمذى وصححه الحاكم اهـ {قلت} واخرجه أبو داود عن حذيفة أيضا بلفظ (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من جلس وسط الحلقة)

-[فيما جاء فى تعلم لغة غير العرب]- (26) وعن عبد الله بن عبدالرحمن بن ابى حسين قال بلغنى أن لقمان كان يقول يا بنى لا تعلم العلم لتباهى (1) به العلماء أو تمارى به السفهاء وترائى به فى المجالس (27) وعن البى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذى يجلس فيسمع الحكمة ثم لا يحدث عن صاحبة الا بشر ما سمع كمثل رجل اتى راعيا فقال يا راعى اجزرنى (1) شاة من غنمك قال اذهب فخذ بأذن خيرها فذهب فأخذ بأذن كلب الغنم فصل فيما جاء فى تعلم لغة غير العرب (28) عن زيد بن ثابت رضى الله عنه قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (26) وعن عبد الله بن عبدالرحمن {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابو اليمان انبأنا شعيب عن عبدالله بن عبدالرحمن بن ابى حسين الخ {غريبة} (1) المباهاة المفاخرة وجعل نفسه مثل غيره وهى من معانى المجاراة ايضا (وقوله او تمارى به الخ) اى تجادل به السفهاء جمع سفيه وهو قليل العقل والمراد به الجاهل (وقوله او ترائى به فى المجالس) أى لا يقصد به وجه الله تعلاى بل يقصد التعظيم والشهرة بين الناس والله اعلم {تخريجه} هذا الاثر روى مرفوعا من حديث ابى هريرة وابن عمر وحذيفة وفى الباب عند (د طص قط) فى الافراد وسعيد بن منصور فى سننه عن انس وكلها لا تخلو من مقال ولكن كثرة طرقة تعضده ايضا ما اخرجه الحاك فى المستدرك باسنادين صحيحين واقر الذهبى عن جابر بن عبدالله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال لا تعلموا العلم لتباهوا به العلماء او تماروا به السفهاء ولا تتحيزوا به المجالس فمن فعل ذلك فالنار النار) اهـ (27) وعن ابى هريرة {سنده حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا حسن وعفان قالا حدثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن اوس بن خالد عن ابى هريرة الحديث {غريبة} (2) بكسر الراى اى اعطنى شاة تصلح للذبح {تخريجة} (على جه) وارود السيوطى فى الجامع الصغير وبجانبة علامة حسن. (28) وعن زيد بن ثابت {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى أبي ثنا جرير

-[فيما جاء فى ذم كثرة السؤال فى العلم لغير حاجة]- تحسن السريانية؟ إنها تأتينى كتب , قال قلت لا , قال فتعلمها , فاعلمتها فى سبعة عشر يوما (5) باب فيما جاء فى ذم كثرة السؤال فى العلم لغير حاجة (29) عن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذرونى (1) ما تركتكم فأنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهمواختلافهم على انبيائهم , ما تهيتكم عنه فانتهوا وما امرتكم فأتوا منه ما استطعتم (30) وعن سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من اكبر المسلمين فى المسلمين جرما (2) رجلا سأل عن شئ

_ ابن الأعمش عن ثابت بن عبيد الله قال قال زيد بن ثابت قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {تخريجة} (خ د مذ) بلفظ امرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعلمت له كتاب يهود بالسرياينة وقال انى والله ما امن يهودى على كتابى فما مر لى نصف شهر حتى تعلمته وحذفته وكنت أكتب له اليهم وأقرأ له كتابهم اهـ. {قلت} فى هذه الرواية انه تعلم فى نصف شهر وفى رواية الامام احمد انه تعلم فى سبعة عشر يوما , ويمكن الجمع بينهما بأنه عد يومى الابتداء والانتهاء فى رواية الامام احمد وتركهما فى هذه الرواية وفيه جواز تعلم اللغات الاحنبية للحاجة والله اعلم. (29) عن ابى هريرة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى سفيان ثنا ابن عجلان عن ابيه عن ابى هريرة الخ {غريبة} (1) اى اتركونى من السؤال عما لا يعنيكم مدة تركى اياكم من الامر والنهى فأن كثرة السؤال توقع فى البلاء والمحن كما حصل لبنى اسرائيل فى قصة البقرة ونحوها (وقولة ما نهيتكم عنه الخ الحديث هذه الجملة من جوامع الكلم يدخل فيها ما لا يحصى من الاحكام كالصلاة بأنواعها فأذا عجز عن بعض أركانها او بعض شروطها اتى الممكن فعله , ومثلها الصيام زالحج والزكاة بل وجميع انواع التكاليف {تخريجه} (ق مذ نس جه) وغيرهم (30) وعن سعد بن ابى وقاص {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا عبدالرازق أنبأنا معمر عن الزهرى عن عامر بن سعد بن ابى وقاص عن ابيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث {غريبة} (2) بضم الجيم وسكون الراء قال الخطابى وصاحب التحرير وجماهير العلماء فى شرح هذا الحديث ان المراد بالجرم هنا الاثم والذنب قالوا ويقال منه جرم بالفتح

-[فيما جاء فى ذم كثرة السؤال لغير حاجة]- ونقر (1) عنه حتى انزل فى ذلك الشئ تحريم من اجل مسألته (وعنه فى طريق اخر) (2) يرفعه الى النبى صلى الله عليه وسلم اعظم المسلمين فى المسلمين جرما من سأل عن اجر لم يحرم فحرم على الناس من اجل مسألته (31) وعن عمرو بن أبى سلمه عن ابيه عن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزالون يسألون حتى يقال هذا الذى خلقنا فمن خلق الله عز وجل قال ابو هريرة فو الله إنى لجالس يوما اذ قال لى رجل من اهل العراق هذا الله خلقنا فمن خلق الله عز وجل (3) قال ابو هريرة فجعلت اصبعى فى اذنى ثم صحت فقلت صدق الله ورسوله , الله الواحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد (32) وعن محمد بن سيرين قال كنت عند ابى هريرة فسأله رجل لم أدر ما هو قال فقال ابو هريرة الله اكبر سأل عنها وهذا الثالث

_ واجترم وتجرم اذا أثم قال الخطابى وغيره هذا الحديث فيمن سأل تكلفا او تعنتا فيما لا حاجة به اليه , فأما من سأل لضرورة بأن وقعت له مسأله فسأل عنها فلا اثم عليه ولا عتب لقوله تعالى (فسألوا اهل الذكر ان كنت لا تعلمون) قال صاحب التحرير وغيره فيه دليل على ان من عمل ما فيه اضرار لغيره كان آثما (قاله النووى) فى شرح مسلم (1) بتشديد القاف مفتوحة اى فتش وبحث وامتقص (2) {سنده} حدثنا عبدالله قال ثنا ابى ثنا سفيان عن الزهرى به {تخريجه} (ق د) (31) وعن عمرو بن ابى سلمة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا عفان ثنا ابو عوانة عن عمرو بن ابى سلمة عن ابيه عن ابى هريرة الحديث {غريبة} (3) فى رواية مسلم بعد قوله فمن خلق الله قال فأخذ حصى بكفه فرماهم به ثم قال قوموا قوموا صدق خليلى صلى الله عليه وسلم {تخريجه} (ق د) (32) وعن محمد بن سيرين {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا عبدالرازق قال سمعت هشام بن حسان يحدث عن محمد بن سيرين الخ

-[فيما جاء فى ذم كثرة السؤال فى العلم لغير حاجة]- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن رجالا سترتفع بهم المسألة حتى يقولوا الله خلق الخلق فمن خلقه (1) (33) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِكَثْرَةِ سُؤَالِهِمْ وَاخْتِلَافِهِمْ عَلَى أَنْبِيَائِهِمْ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَّا أَخْبَرْتُكُمْ بِهِ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ مَنْ أَبِي يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ أَبُوكَ حُذَافَةُ بْنُ قَيْسٍ فَرَجَعَ إِلَى أُمِّهِ فَقَالَتْ وَيْحَكَ مَا حَمَلَكَ عَلَى الَّذِي صَنَعْتَ فَقَدْ كُنَّا أَهْلَ جَاهِلِيَّةٍ وَأَهْلَ أَعْمَالٍ قَبِيحَةٍ فَقَالَ لَهَا إِنْ كُنْتُ لَأُحِبُّ أَنْ أَعْلَمَ مَنْ أَبِي مَنْ كَانَ مِنْ النَّاسِ (34) وعَنْ حُمَيْدٍ عَنْ أَنَسٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسْأَلُونِي عَنْ شَيْءٍ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا حَدَّثْتُكُمْ قَالَ فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَنْ أَبِي قَالَ أَبُوكَ حُذَافَةُ فَقَالَتْ أُمُّهُ مَا أَرَدْتَ إِلَى هَذَا قَالَ أَرَدْتُ أَنْ أَسْتَرِيحَ قَالَ وَكَانَ يُقَالُ فِيهِ قَالَ حُمَيْدٌ وَأَحْسَبُ هَذَا عَنْ أَنَسٍ قَالَ فَغَضِبَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِينَا بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا

_ {غريبه} (1) عند أبي داواد بعد هذه الجملة فاذا قالوا ذلك فقولوا الله أحد الله الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا احد ثم ليتفل عن يساره ثلاثا وليستعذ من الشيطان {تخريجه} (ق د) (33) وعن ابى هريرة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا يزيد أنا محمد ابن عمرو عن ابى سلمة عن ابى هريرة الخ {تخريجه} (ق مذ نس) من طرق متعددة بالفاظ متقاربة (وفيه) النهى عن السؤال عن الاشياء التى لا ضرورة لها والتى لو أجيب عنها لساء الجواب السائل وقد نقل بعض المفسرين بل والمحدثين ايضا انه كان سببا لنزول قوله تعالى (يا ايها الذين امنوا لا تسألوا عن اشياء ان تبد لكم تسؤكم) الاية (34) وعن حميد عن انس {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابن عدي عن

-[في وجوب السؤال عن كل ما يحتاجه لدينه ودنياه]- وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَبِيًّا نَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ غَضِبِ اللَّهِ وَغَضِبِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم (35) وعن الْأَوْزَاعِيُّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَعْدٍ عَنِ الصُّنَابِحِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وفى رواية عن الصنابحى عن معاوية (1) رضى الله عنه) قَالَ نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ الْغُلُوطَاتِ (2) قَالَ الْأَوْزَاعِّيُّ الْغُلُوطَاتِ شِدَادُ الْمَسَائِلِ وَصِعَابُهَا فصل فى وجوب السؤال عن كل ما يحتاجه لدينه ودنياه (36) عن ابْنَ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما أَنَّ رَجُلًا أَصَابَهُ جُرْحٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ أَصَابَهُ احْتِلَامٌ فَأُمِرَ بِالِاغْتِسَالِ فَمَاتَ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ قَتَلُوهُ (3) قَتَلَهُمْ اللَّهُ أَلَمْ يَكُنْ شِفَاءَ الْعِيِّ (4) السُّؤَالُ

_ حميد عن أنس الخ {تخريجه} (خ وغيره) (35) وعن الاوزعى {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا روح ثنا الاوزاعى عن عبدالله بن سعد الخ (1) {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا على ابن بحر ثنا عيسى بن يونس ثنا الاوزاعى عن عبدالله بن سعد الصنابحى عن معاوية عن النبى صلى الله عليه وسلم انه نهى عن الغلوطات (2) بفتح الغين المعجمة أى المسائل التى يغالط بها العلماء ليزلوا فيها فيهيج بذلك الشر وفتنة وانما نهى عنها لانها غير نافعة فى الدين ولا تكاد تكون الا فيما لا يقع وقد فسرها الاوزاعى بأنها أشد المسائل الدقيقة الغامضة {تخريجه} (د) عن معاوية واسناد الامام احمد جيد (36) وعن ابن عباس {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابو مغيرة ثنا الاوزاعى قال بلغنى ان عطاء بن ابى رباح قال سمع ابن عباس يخبر ان رجلا اصابه جرح الحديث {غريبة} (3) أسند القتل اليهم لانهم تسببوا بتكليفهم له استعمال الماء مع وجود الجرح به ليكون أدل على الانكار عليهم (4) بكسر العين المهملة هو الجهل وعدم الضبط والبيان والمعنى لِم لم يسألوا حين لم يعلموا لأن شفاء الجهل السؤال أو لِم لم يسألوا عن الشئ حين لم يهتدوا اليه فأن شفاء العيي السؤال والله اعلم {نخريجه} (قط هق جه) وصححه ابن السكن

-[وعيد من تعلم علما فكتمه]- (6) باب في وعيد من تعلم علما فكتمه أو لم يعمل به او تعلم لغير الله (37) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ سُئِلَ عَنْ عِلْمٍ فَكَتَمَهُ أُلْجِمَ (1) (وفى رواية الجمه الله عز وجل) بِلِجَامٍ مِنْ نَارٍ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (38) وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن سئل علما لا ينفع كمثل كنز لا ينفق فى سبيل الله عز وجل (39) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمَّا أُسْرِيَ بِي مَرَرْتُ بِرِجَالٍ تُقْرَضُ (2) شِفَاهُهُمْ بِمَقَارِيضَ مِنْ نَارٍ قَالَ فَقُلْتُ

_ (37) عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابو كامل ثنا جماد عن على بن الحكم عن عطاء بن ابى رباح عن ابى هريرة الخ {غريبة} (1) أى أدخل فى فيه لجام من نار جزاء له على فعله لأنه أمسك فمه عن كلمة الحق وقت الحاجة والسؤال فجوزى بمثله حيث امسك الله فمه فى وقت اشتداد الحاجه للكلام والجواب عند السؤال عن الاعمال (قال الخطابى) هو فى العلم الضرورى كما لو قال علمنى الاسلام والصلاة وقد حضر وقتها وهو لا يحسنها , لا فى نوافل العلم التى لا ضرورة بالناس الى معرفتها والله اعلم {تخريجه} أورده المنذرى فى الترغيب والترهيب وقال رواه داود والترمذى وحسنه وابن ماجه و (حب هق) ورواه الحاكم بنحوه وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجه (وفى رواية لابن ماجه قال ما من رجل يحفظ علما فيكتمه إلا أتى يوم القيامة ملجوما بلجام من نار اهـ (38) وعنه ايضا {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا يونس ثنا حماد يعنى ابن سلمة عن على بنزيد عن انس بن مالك الحديث {غريبة} (3) مبنى للمفعول أى تقطع (وقوله بمقاريض) المقاريض جمع مقرض وهو آلة القطع كالمقص المعروف الآن

-[وعيد من تعلم علما فكتمه]- مَنْ هَؤُلَاءِ يَا جِبْرِيلُ قَالَ هَؤُلَاءِ خُطَبَاءُ مِنْ أُمَّتِكَ يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَيَنْسَوْنَ أَنْفُسَهُمْ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا يَعْقِلُونَ (40) عَنْ أَبِي ذَرٍّ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّكُمْ فِي زَمَانٍ عُلَمَاؤُهُ كَثِيرٌ وَخُطَبَاؤُهُ قَلِيلٌ مَنْ تَرَكَ فِيهِ عُشَيْرَ مَا يَعْلَمُ هَوَى أَوْ قَالَ هَلَكَ وَسَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَقِلُّ عُلَمَاؤُهُ وَيَكْثُرُ خُطَبَاؤُهُ مَنْ تَمَسَّكَ فِيهِ بِعُشَيْرِ مَا يَعْلَمُ نَجَا

_ ونحوه (وقوله خطباء) جمع خطيب والخطيب هو المتكلم عن القوم {تخريجه} (حب هق) وابن ابى الدنيا وزاد أبى الدنيا والبيهقى فى رواية لهما ويقرأون كتاب الله ولا يعملون به وأخرجه الشيخان بنحو حديث الباب عن أسامة بن زيد وفيه بعد قوله (فقلت من هؤلاء يا جبريل قال خطباء أمتك الذين يقولون ما لا يفعلون) وهذا لفظ مسلم (40) عن ابى ذر {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا مُؤَمَّلٌ ثَنَا حَمَّادٌ ثَنَا حَجَّاجٌ الْأَسْوَدُ قَالَ مُؤَمَّلٌ وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا قَالَ سَمِعْتُ أَبَا الصِّدِّيقِ يُحَدِّثُ ثَابِتًا الْبُنَانِيَّ عَنْ رَجُلٍ عن ابى ذر الحديث {تخريجه} الحديث فى اسناده مبهم فلا يحتج به واورده السيوطى فى الجامع الصغير وعزاه للترمذى عن ابى هريرة بلفظ (إنكم فى زمان من ترك منكم عشر ما أمر به هلك , ثم يأتى زمان من عمل منهم بعشر ما أمر به نجا) وبجانبه علامة الضعف وقال المناوى قال الترمذى غريب وقال ابن الجوزى واه اهـ (والمعنى) ان الصحابة رضوان الله عليهم كانوا فى زمان متصف بالامن وعز الاسلام وكثرة العلماء مع صيانتهم للعلم وحفظه وعدم الاكثار من التحديث به خوفا من الوقوع فى الرياء والخطأ فمن ترك فيه العمل بجزء يسير مما يعلم وقع فى الهلاك لأن الدين عزيز وفى أنصاره كثرة فالترك تقصير , ثم يأتى زمان ضعف فيه الاسلام ويقل فيه العلماء العاملون ويكثر فيه الخطباء المتشدقون ويكثر الظلم ويعم الفسق ويقل أنصار الدين وحينئذ من عمل من أهل ذلك الزمن بجزء يسير مما يعلم نجا لأنه المقدور ولا يكلف الله نفسا الا وسعها , والظاهر أن هذا فى مثل الامر بالمعروف والنهى عن المنكر أما أعمال الانسان الخاصة بنفسه فلا عذر له بالتقصير فيها فى أي زمن والله أعلم

-[في وعيد من تعلم علما فكتمه]- (41) عن شقيق عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ رضى الله عنهما قَالَ قَيل لَهُ أَلَا تَدْخُلُ عَلَى هَذَا الرَّجُلِ (1) (وفى رواية ألا تكلم عثمان) قَالَ فَقَالَ أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي لَا أُكَلِّمُهُ إِلَّا أُسْمِعُكُمْ (2) , وَاللَّهِ لَقَدْ كَلَّمْتُهُ فِيمَا بَيْنِي وَبَيْنَهُ مَا دُونَ (3) أَنْ أَفْتَحَ أَمْرًا لَا أُحِبُّ أَنْ أَكُونَ أَنَا أَوَّلَ مَنْ فَتَحَهُ وَلَا أَقُولُ لِرَجُلٍ أَنْ يَكُونَ عَلَيَّ أَمِيرًا إِنَّهُ خَيْرُ النَّاسِ بَعْدَ مَا سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ يُؤْتَى بِالرَّجُلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيُلْقَى فِي النَّارِ فَتَنْدَلِقُ (4) أَقْتَابُ بَطْنِهِ فَيَدُورُ بِهَا فِي النَّارِ كَمَا يَدُورُ الْحِمَارُ بِالرَّحَى قَالَ فَيَجْتَمِعُ أَهْلُ النَّارِ إِلَيْهِ فَيَقُولُونَ يَا فُلَانُ أَمَا كُنْتَ تَأْمُرُنَا بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَانَا عَنْ الْمُنْكَرِ؟ قَالَ فَيَقُولُ بَلَى , قَدْ كُنْتُ آمُرُ بِالْمَعْرُوفِ وَلَا آتِيهِ وَأَنْهَى عَنْ الْمُنْكَرِ وَآتِيهِ

_ (41) عن شقيق {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابو معاوية ثنا الاعمش عن شقيق الحديث {غريبه} (1) هو عثمان بن عفان رضى الله عنه كما فى الرواية الثانية وغرضهم أن يكلمه فيما انكر الناس عليه من تولية أقاربه وغير ذلك مما اشتهر (2) يعنى اتظنون انى لا اكلمه إلا وانتم تسمعون (3) ما موصفة او موصولة (وقوله دون ان تفتح امراً الخ) اى بل كلمته على سبيل المصلحة والادب اذ الاعلان بالانكار على الأئمة ربما أدى الى افتراق الكلمة (وفيه) الادب مع الامراء واللطف بهم ووعظهم سرا وتبليغهم ما يقول الناس فيهم ليكفوا عنه وهذا كله اذا أمكن ذلك فان لم يمكن الوعظ سرا والانكار فليفعله علانيه لئلا يضيع اصل الحق (4) الاندلاق بالقاف خروج الشئ من مكانه (والاقتاب) الامعاء (والرحى) مقصورة الطاحون (والمعنى) أن الرجل يدور فتلتف عليه أمعاؤه فيبقى هكذا يدور وهى تدور عليه عبرة ونكالا او أن المراد أنه يدور بسبب ألم خروجها منه حوله دوران الحمار حول الرحى والله اعلم {تخريجه} (ق) وأخرجه (حب هق) وابن ابى دنيا من حديث أنس وتقدم

-[فضل تبليغ الحديث عن الرسول صلى الله عليه وسلم]- (42) وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَنْ تَعَلَّمَ عِلْمًا مِمَّا يُبْتَغَى بِهِ وَجْهُ اللَّهِ لَا يَتَعَلَّمُهُ إِلَّا لِيُصِيبَ بِهِ عَرَضًا مِنْ الدُّنْيَا لَمْ يَجِدْ عَرْفَ الْجَنَّةِ (1) يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَعْنِي رِيحَهَا (7) باب فى فضل تبليغ الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نذر كما سمع (43) عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ عَنْ أَبِيهِ أَنَّ زَيْدَ بْنَ ثَابِتٍ رضى الله عنه خَرَجَ مِنْ عِنْدِ مَرْوَانَ نَحْوًا مِنْ نِصْفِ النَّهَارِ فَقُلْنَا مَا بَعَثَ إِلَيْهِ السَّاعَةَ إِلَّا لِشَيْءٍ سَأَلَهُ عَنْهُ فَقُمْتُ إِلَيْهِ فَسَأَلْتُهُ فَقَالَ أَجَلْ سَأَلَنَا عَنْ أَشْيَاءَ سَمِعْتُهَا مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ نَضَّرَ اللَّهُ (2) امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ غَيْرَهُ فَإِنَّهُ رُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَيْسَ بِفَقِيهٍ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ثَلَاثُ خِصَالٍ لَا يَغِلُّ (3) عَلَيْهِنَّ قَلْبُ مُسْلِمٍ أَبَدًا

_ (42) وعن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا يونس وسريج ابن النعمان قال ثنا فليح عن سعيد بن عبدالرحمن ابى طوالة عن سعيد بن يسار عن ابى هريرة {غريبة} (1) العرف بفتح العين المهملة وسكون الراء الريح كما فى الحديث واكثر استعماله فى الطببة {تخريجه} (د جه حب ك) وقال صحيح على شرط البخارى والله أعلم (43) عن عبدالرحمن بن ابان {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا يحيي بن سعيد ثنا عمر بن سليمان من ولد عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن عبدالرحمن بن ابان الخ {غريبه} (2) قال فى النهاية نَضَره ونضُره اى نعَُمه ويروى بالتخفيف والتشديد من النضارة وهى فى الاصل حسن الوجه والبريق وانما أراد حسن خلقه وقدره اهـ (3) بضم الياء التحتية وكسر الغين المعجمة قال فى النهاية هو من الاغلال الخيانة فى كل شئ ويروى يغل بفتح الياء (يعنى وكسر الغين وضم اللام مشدودة) من الغل وهو الحقد والشحناء اى لا يدخل حقد يزيله عن الحق (وروى يغل) بالتخفيف من الوغل الدخول فى الشر والمعنى ان هذه الخلال الثلاث تنصلح بها القلوب فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والدغل

-[فضل تبليغ الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم]- إِخْلَاصُ الْعَمَلِ لِلَّهِ وَمُنَاصَحَةُ وُلَاةِ الْأَمْرِ وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تُحِيطُ مِنْ وَرَائِهِمْ وَقَالَ مَنْ كَانَ هَمُّهُ الْآخِرَةَ جَمَعَ اللَّهُ شَمْلَهُ وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ (1) وَمَنْ كَانَتْ نِيَّتُهُ الدُّنْيَا فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ ضَيْعَتَهُ وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ وَلَمْ يَأْتِهِ مِنْ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ وَسَأَلَنَا عَنْ الصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَهِيَ الظُّهْرُ (44) عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ رضى الله عنه قَالَ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْخَيْفِ (2) مِنْ مِنًى فَقَالَ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مَقَالَتِي فَوَعَاهَا ثُمَّ أَدَّاهَا إِلَى مَنْ لَمْ يَسْمَعْهَا فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ لَا فِقْهَ لَهُ وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ ثَلَاثٌ لَا يَغِلُّ عَلَيْهِمْ قَلْبُ الْمُؤْمِنِ إِخْلَاصُ الْعَمَلِ وَالنَّصِيحَةُ لِوَلِيِّ الْأَمْرِ وَلُزُومُ الْجَمَاعَةِ فَإِنَّ دَعْوَتَهُمْ تَكُونُ مِنْ وَرَائِهِ

_ والشر (وقوله عليهن) فى موضع الحال تقديره لا يغل كائنا عليهن قلب مؤمن اهـ (1) اى ذليلة منقادة (وقوله ضيعته) قال فى النهاية الضيعة فى الاصل المرة من الضياع (يفتح الضاد مشددة) وضيعة الرجل فى غير هذا ما يكون منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغير ذلك ومنه الحديث (أفشى الله عليه ضيعته) أى كثر الله عليه معاشه اهـ {تخريجه} (د جه والدارى والترمذى) وقال حديث زيد بن ثابت حديث حسن (قلت) لم يذكر الترمذى وابو داود فى حديثهما ثلاث لا يغل الخ الحديث ورواه ايضا الترمذى من حديث ابن مسعود (نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه قرب مبلغ اوعى من سامع) وقال حسن صحيح والله اعلم. (44) وعن جبير بن مطعم {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا يعلى بن عبيد قال ثنا محمد يعنى ابن اسحاق عن الزهرى عن محمد يعنى ابن اسحاق عن الزهرى عن محمد بن جبير بن مطعم عن ابيه قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث {غريبه} (2) فى بعض الروايات بمسجد الخيف والخيف بفتح الخاء وسكون الياء ما ارتفع عن مجرى السيل وانحدر عن غلظ الجبل ومسجد منى يسمى مسجد الخيف لأنه فى سفح جبلها (نه) {تخريجه} (جه طب) وسنده جيد

-[الاحتراز في رواية الحديث وتجويد الفاظه]- (45) عن ابْنِ مَسْعُودٍ رضى الله عنه قال سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى يُبَلِّغَهُ فَرُبَّ مُبَلَّغٍ أَحْفَظُ لَهُ مِنْ سَامِعٍ (46) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسمعون ويسمع منكم ويسمع ممن يسمع منكم (8) باب فيما جاء فى الاحتراز فى رواية الحديث وتجويده الفاظه كما صدر من النبى صلى الله عليه وسلم (47) عن عَمْرُو بْنُ مُرَّةَ قَالَ سَمِعْتُ ابْنَ أَبِي لَيْلَى يُحَدِّثُ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ رضى الله عنه قَالَ كُنَّا إِذَا جِئْنَاهُ قُلْنَا حَدِّثْنَا عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِنَّا قَدْ كَبُرْنَا وَنَسِينَا وَالْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَدِيدٌ (48) حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا اسماعيل ثنا أبو هرون الغنوي (1)

_ (45) عن ابن مسعود {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعيبة وعبدالرزاق انا اسرائيل عن سماك بن حرب عن عبدالرحمن بن عبدالله بن مسعود عن ابيه عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث {تخريجه} (جه د مذ) وقال حسن صحيح واخرجه ايضا (حب) فى صحيحه الا انه رحم الله امرأ واسناده صحيح (46) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا اسود بن عامر ثنا ابو بكر عن الاعمش عن عبدالله عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الحديث {تخريجه} (يز طب) وأوردهالسيوطى فى الجامع الصغير وعزاه الى الامام احمد وابى داود والحاكم وقال المناوى قال الحاكم صحيح واقروه اهـ وسنده جيد (47) عن عمرو بن مرة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا حسين ثنا شعبة اخبرنى عمرو بن مرة قال سمعت الخ {تخريجه} (جه) (48) حدثنا عبدالله {غريبه} (1) بغين معجمه مفتوحة ثم نون مفتوحة

-[الاحتراز في رواية الحديث وتجويد الفاظه]- عَنْ مُطَرِّفٍ (بن عبد الله) قَالَ قَال لِي عِمْرَانُ بْنُ حُصَيْنٍ رضى الله عنه أَيْ مُطَرِّفُ وَاللَّهِ إِنْ كُنْتُ لَأَرَى أَنِّي لَوْ شِئْتُ حَدَّثْتُ عَنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لَا أُعِيدُ حَدِيثًا ثُمَّ لَقَدْ زَادَنِي بُطْئًا عَنْ ذَلِكَ وَكَرَاهِيَةً لَهُ أَنَّ رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ شَهِدْتُ كَمَا شَهِدُوا وَسَمِعْتُ كَمَا سَمِعُوا يُحَدِّثُونَ أَحَادِيثَ مَا هِيَ كَمَا يَقُولُونَ وَلَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّهُمْ لَا يَأْلُونَ عَنْ الْخَيْرِ فَأَخَافُ أَنْ يُشَبَّهَ لِي كَمَا شُبِّهَ لَهُمْ فَكَانَ أَحْيَانًا يَقُولُ لَوْ حَدَّثْتُكُمْ أَنِّي سَمِعْتُ مِنْ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَذَا وَكَذَا رَأَيْتُ أَنِّي قَدْ صَدَقْتُ وَأَحْيَانًا يَعْزِمُ فَيَقُولُ سَمِعْتُ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ كَذَا وَكَذَا قَالَ أَبُو عَبْد الرَّحْمَنِ (1) حَدَّثَنِي نَصْرُ بْنُ عَلِيٍّ ثَنَا بِشْرُ بْنُ الْمُفَضَّلِ عَنْ أَبِي هَرُونَ الْغَنَوِيِّ قَالَ حَدَّثَنِي هَانِئٌ الْأَعْوَرُ عَنْ مُطَرِّفٍ عَنْ عِمْرَانَ هُوَ ابْنُ حُصَيْنٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَحْوَ هَذَا الْحَدِيثِ (2) فَحَدَّثْتُ بِهِ أَبِي رَحِمَهُ اللَّهُ فَاسْتَحْسَنَهُ وَقَالَ زَادَ فِيهِ رَجُلًا (49) وعن ابن عون عن محمد (يعنى ابن سيرين) قال كان أنس بن

_ أيضا (ومطرف) بضم الميم وفتح الطاء المهملة ثم راء مكسورة مشدودة (1) هو عبدالله ابن الامام احمد رحمهما الله (2) يعنى ان عبدالله بن الامام احمد روى نحو هذا الحديث من طريق اخر ليس فيه والده ثم حدث به والده فاستحسنه (وقال زاد فيه رجلا) أى عبدالله فى روايته عن غير ابيه رجلا فى السند وهو هانئ الاعور ويتصور ذلك بأن أبا هرون سمع الحديث مرة من مطرف بدون واسطة وهى رواية الامام احمد , ومرة بواسطة هانئ الاعور وهى رواية عبدالله والله اعلم {تخريجه} لم اقف عليه فى غير الكتاب واروده الهيثمى فى مجمع الزوائد الى قوله (واحيانا يعزم فيقول سمعت نبى الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا) وقال رواه احمد وفيه ابوهرون الغنوى لم ار من ترجمه {قلت} قال الحافظ فى التقريب ألو هرون الغنوى بفتح المعجمه والنون اسمه ابراهيم بن العلاء تقه من السادسة له فى البخارى موضع واحد فى الجنائز اهـ (49) وعن ابن عون {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا أبو قطن ثنا

-[الاحتراز في رواية الحديث وتجويد الفاظه]- مَالِكٍ رضي الله عنه إِذَا حَدَّثَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَفَرَغَ مِنْهُ قَالَ أَوْ كَمَا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (50) عن سُلَيْمَانَ الْيَشْكُرِيِّ عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ رضى الله عنه أَنَّهُ قَالَ فِي الْوَهْمِ (1) يُتَوَخَّى قَالَ لَهُ رَجُلٌ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِيمَا أَعْلَمُ. (51) وعن عُرْوَةُ عَنْ عَائِشَةَ رضى الله عنها أَنَّهَا قَالَتْ أَلَا يُعْجِبُكَ أَبُو هُرَيْرَةَ جَاءَ فَجَلَسَ إِلَى جَانِبِ حُجْرَتِي يُحَدِّثُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُسْمِعُنِي ذَلِكَ وَكُنْتُ أُسَبِّحُ (2) فَقَامَ قَبْلَ أَنْ أَقْضِيَ سُبْحَتِي وَلَوْ أَدْرَكْتُهُ

_ ابن عون عن محمد قال كان أنس الخ {تخريجه} هذا الاثر اسناده جيد واروده الحافظ السيوطى فى الكبير وعزاه لأبى يعلى والبيهقى فى السنن وابن عساكر (50) عن سليمان اليشكرى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا هاشم قال ثنا شعبة عن عمرو بن دينار عن سليمان اليشكرى الخ {غريبه} (1) الوهم بسكون الهاء قال فى المصباح وهمت الى الشئ وهما وتوهمت اى طننت ووهم فى الحساب يوهم وهما مثل غلط يغلط غلطا وزنا ومعنى اهـ باختصار (وقوله يتوخى) اى يتحرى قال فى النهاية توخيت الشئ اتوخاه توخيا اذا قصدت اليه وتعمدت فعله وتحريت فيه اهـ (وقوله قال له رجل) اى قال رجل لابى سعيد قولك فى الوهم يتوخى نقله عن النبى صلى الله عليه وسلم فقال ابو سعيد فيما اعلم اى عن النبى صلى الله عليه وسلم فيما اعلم فقوله فيما اعلم مشعر بانه يشك فى السماع هل سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم بنفسه او بلغه بواسطة غيره ولولا ذلك لقال سمعته وهذا من شدة ورع الصحابة رضى الله عنه ,وتحرى الصدق فى الحديث واحتياطهم خوفا من الوقوع فىفى الكذب رضى الله عنهم , هذا ما ظهر لى فى معنى الحديث والله اعلم بحقيقة الحال {تخريجه} لم اقف عليه فى غير الكتاب وسنده جيد (51) عن عروة عن عائشة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا على بن اسحق قال اخبرنا عبدالله قال انا يونسعن الزهرى قال حدثنى عروة عن عائشة الخ {غريبه} (2) اى اصلى نفلا (وسبحتى) بضم السين المهملة قال فى النهاية يقال للذكر ولصلاة النافلة سبحة يقال قضيت سبحتى والسبحة من التسبيح كالنحرة من التنحير وانما خصت النافلة بالسبحة وان شاركتها الفريضة فى معنى التسبيح لأن التسبيحات في الفرائض

-[معرفة أهل الحديث صحيحه وضعيفه]- لَرَدَدْتُ عَلَيْهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يَسْرُدُ الْحَدِيثَ كَسَرْدِكُمْ (2) (52) عَنِ الْبَرَاءِ بن عازب رضى الله عنه قَالَ مَا كُلُّ الْحَدِيثِ سَمِعْنَاهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ يُحَدِّثُنَا أَصْحَابُنَا عَنْهُ كَانَتْ تَشْغَلُنَا عَنْهُ رَعِيَّةُ الْإِبِلِ (9) باب فى معرفة أهل الحديث بصحيحه وضعيفه وحمل ما ثبت منه على أكمل وجوهه (53) عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ سُوَيْدٍ عَنْ أَبِي حُمَيْدٍ وَعَنْ أَبِي أُسَيْدٍ رضى الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ إِذَا سَمِعْتُمْ (3) الْحَدِيثَ عَنِّي تَعْرِفُهُ قُلُوبُكُمْ وَتَلِينُ لَهُ أَشْعَارُكُمْ وَأَبْشَارُكُمْ وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ قَرِيبٌ فَأَنَا أَوْلَاكُمْ بِهِ وَإِذَا

_ نوافل فقيل لصلاة النافلة سبحة لانها نافلة كالتسبيحات والاذكار فى انها غير واجبة اهـ (1) اى لرددت عليه حديثه بالاستعجال والسرد (2) اى يتابعه ويستعجل فيه بل كان يتأنى فى حديثه ليفهمه السامع يدل على ذلك ما رواه البخارى والامام احمد ايضا والترمذى عن انس عن النبى صلى الله عليه وسلم (انه كان اذا تكلم بالكلمة اعادها ثلاثا حتى تفهم منه) فكأنها تعيب على ابى هريرة سرعته فى الحديث وعدم تمهله فيؤخذ من ذلك انه ينبغى للعالم التمهل وعدم السرعة فى تعليم الناس العلم اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم لينتفع الناس بعلمه فيزداد ثوابه والله اعلم {تخريجه} (ق د) (52) عن البراء بن عازب {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا معاوية ابن هشام ثنا سفيان عن ابى اسحاق عن البراء الخ {تخريجه} لم اقف عليه فى غير الكتاب وقال وقال الهيثمى رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (53) عن عبدالملك بن سعيد {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابو عامر قال ثنا سليمان بن بلال عن ربيعه بن ابى عبدالرحمن عن عبدالملك بن سعيد بن سويد الخ {غريبه} (3) المقصود بهذا لخطاب كل مؤمن كامل يفهم الخطاب واستنار قلبه بنور الايمان (وقوله تعرفه قلوبكم) اى تنشرح له صدوركم (وتلين له اشعاركم) جمع شعر كسبب واسباب والشعر بسكون العين المهملة يجمع على شعور كفلس فلوس وهو مذكر الواحدة شعرة وانما جمع الشعر تشبيها لاسم الجنس بالمفرد كما قيل ابل وآبال قاله فى المصباح (وابشاركم)

-[معرفة أهل الحديث بصحيحه وضعيفه]- سَمِعْتُمْ الْحَدِيثَ عَنِّي تُنْكِرُهُ قُلُوبُكُمْ وَتَنْفِرُ أَشْعَارُكُمْ وَأَبْشَارُكُمْ وَتَرَوْنَ أَنَّهُ مِنْكُمْ بَعِيدٌ فَأَنَا أَبْعَدُكُمْ مِنْهُ (54) عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ إِذَا حُدِّثْتُمْ (وفى روايه إذا حدثتكم) عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا فَظُنُّوا بِهِ الَّذِي هُوَ أَهْدَى (1) وَالَّذِي هُوَ أَهْيَا وَالَّذِي هُوَ أَتْقَى (وعنه من طريق اخر) (2) بنحوه وفيه فظنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم

_ جمع بشرة وهى ظاهر الجلد (وترون) اىتعلمون (انه منكم قريب) اى انه قريب من افهامكم ولا تأباه قواعد الدين (فأنا اولاكم به) اى احق بقربه الى منكم لأن ما افيض على قلبى من أنوار اليقين اكثر من النبيين والمرسلين فضلا عنكم (واذا سمعتم الحديث عنى تنكره قلوبكم وتنفر منه اشعاركم وابشاركم وترون انه منكم بعيد فأنا ابعدكم منه) اى لما ذكر فالاول علامة على صحة نسبته للنبى صلى الله عليه وسلم والثانى علامة على عدمها والله اعلم {تخريجه} أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه احمد والبزار ورجاله رجال الصحيح (قلت) واروده ايضا السيوطى فى الجامع الصغير وعزاه لابى يعلى والامام احمد قال المناوى ورجاله رجال الصحيح اهـ (54) وعن على رضى الله عنه {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابو معاوية ثنا الاعمش عن عمرو بن مرة عن ابى البخترى عن على رضى الله عنه الحديث {غريبه} (1) أى الذى أليق بكمال هداه (والذى هو أهنا) أى الذى هو أوفق به من غيره (والذى هو اتقى) اى الذى هو أنسب بكمال تقواه , (والمعنى) أن قوله صلى الله عليه وسلم صواب ونصح واجب العمل به لكونه جاء به من عند الله تعالى وبلغه الناس فان جاء عنه صلى الله عليه وسلم ما يحتمل وجهين فنحمله على الاكمل منهما والاليق بمقام النبوة (مثال ذلك) حديث (ان امراتى لا ترد يد لامس قال طلقها قال انى احبها قال امسكها) معناه انها تعطى من ماله من يطلب منها , وهو رأى الامام احمد والجمهور رحمهم الله وقالوا هذا اشبه ولا يصح حمله على الزنا قال الامام احمد رحمه الله تعالى لم يكن ليأمره بامساكها وهى تفجر ,قال على وابن مسعود رضى الله عنهما اذا جاءكم الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فظنوا به الذى هو اهدى واتقى اهـ (2) {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعيبة عن عمرو بن مرة به {تخريجه} هذا الاثر اسناده جيد واخرجه أيضا الدارمي

-[النهي عن كتابة الحديث والرخصة فى ذلك]- أهناه وأتقاه وأهداه (10) باب فى النهى عن كتابة الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم والرخصة فى ذلك (55) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخدرى رضى الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَكْتُبُوا عَنِّي شَيْئًا سِوَى الْقُرْآنِ وَمَنْ كَتَبَ شَيْئًا سِوَى الْقُرْآنِ فَلْيَمْحُهُ (56) وعنه ايضا قال كُنَّا قُعُودًا نَكْتُبُ مَا نَسْمَعُ مِنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ عَلَيْنَا فَقَالَ مَا هَذَا تَكْتُبُونَ؟ فَقُلْنَا مَا نَسْمَعُ مِنْكَ فَقَالَ أَكِتَابٌ مَعَ كِتَابِ اللَّهِ أَمْحِضُوا (1) كِتَابَ اللَّهِ أَكِتَابٌ مع كِتَابِ اللَّهِ أَمْحِضُوا كِتَابَ اللَّهِ وْ خَلِّصُوهُ قَالَ فَجَمَعْنَا مَا كَتَبْنَا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ ثُمَّ أَحْرَقْنَاهُ بِالنَّارِ قُلْنَا أَيْ رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَحَدَّثُ عَنْكَ قَالَ نَعَمْ تَحَدَّثُوا عَنِّي وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ (2)

_ وأخرجه ابن ماجه عن على وابن مسعود بلفظ الرواية الثانيه والله اعلم (55) عن ابى سعيد الخدرى {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا اسماعيل انا همام بن يحيي عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن ابى سعيد الخ {تخريجه} أخرجه ايضا الحاكم بمثل حديث الباب وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأخرجه ايضا مسلم مطولا , واورده صاحب تيسير الوصول فى كتابه وعزاه لمسلم ايضا ثم قال والاذن فى الكتابة ناسخ للمنع منها باجماع الامة على جوازها ولا يجتمعون الا على امر صحيح وقد قيل انما نهى ان يكتب الحديث مع القرآن فى صفحة واحدة فيختلط به فيشتبه اهـ (56) وعنه ايضا {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى حدثنى اسحق بن عيسي ثنا عبدالرحمن بن زيد عن ابيه عن عطاء بن يسار عن ابى سعيد الخدرى الحديث {غريبه} (1) المحض الخالص من كل شئ اى خلصوه ولا تخلطوا معه غيره من الاحاديث بدليل قوله صلى الله عليه وسلم أكتاب مع كتاب الله اى لا تكتبوا مع كتاب الله شئ غيره والظاهر ان هذا سر المنع من الكتابة لا مطلاقا (2) اى فليتخذ لنفسه منزلا يقال تبوأ الرجل المكان اذا اتخذه مسكنا وهو امر بمعنى الخبر ايضا او بمعنى التهديد او بمعنى التهكم او دعاء على فاعل

-[الرخصة فى كتابة الحديث]- مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ قَالَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَحَدَّثُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ تَحَدَّثُوا (1) عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ فَإِنَّكُمْ لَا تَحَدَّثُون عَنْهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا وَقَدْ كَانَ فِيهِمْ أَعْجَبَ مِنْهُ (2) (57) وعَنْ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ دَخَلَ زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ رضى الله عنه عَلَى مُعَاوِيَةَ رضى الله عنه فَحَدَّثَهُ حَدِيثًا فَأَمَرَ إِنْسَانًا أَنْ يَكْتُبَ فَقَالَ زَيْدٌ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَهَى أَنْ نَكْتُبَ شَيْئًا مِنْ حَدِيثِهِ فَمَحَاهُ فصل فى الرخصة فى كتابة الحديث (58) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (يعنى ابن العاص رضى الله عنهما) قَالَ كُنْتُ أَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ أَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أُرِيدُ حِفْظَهُ فَنَهَتْنِي قُرَيْشٌ فَقَالُوا إِنَّكَ تَكْتُبُ كُلَّ شَيْءٍ تَسْمَعُهُ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَسُولُ اللَّهِ

_ ذلك أي بوأه الله ذلك (1) فيه رخصة بالتحديث عن بنى اسرائيل ويعارضه ما ورد من النهى عن ذلك ويجمع بينهما بحمل الترخيص المفهوم من هذا الحديث فى الاخبار والقصص والنهى عن نقل احكام كتبهم لأن جميع الشرائع منسوخة بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم (2) اى مثل قطع الجزء الذى أصابته النجاسة وعدم قبول توبة المذنب الا اذا قتل نفسه وغير ذلك {تخريجه} لم اقف عليه فى غير الكتاب واخرج بعضه (خ نش مذ) عن عبدالله بن عمرو بن العاص وسيأتى فى الباب الثانى فى اول الفصل الذى فيه (57) وعن عبدالمطلب بن عبدالله {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابو احمد ثنا كثير بن زيد عن عبدالمطلب بن عبدالله الخ {تخريجه} اخرجه ايضا (د) وفى اسناده من اختلف فيه (58) عن عبدالله بن عمرو {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا يحيي بن سعيد عن عبيدالله بن الاخنس انا الوليد بن عبدالله عن يوسف بن ماهك عن عبدالله بن عمرو الحديث {تخريجه} (دك) وقال حديث حسن صحيح الاسناد اصل فى نسخ الحديث (يعنى الكتابة) عن الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يخرجاه وقد احتجا بجميع رواته الا عبدالواحد بن قيس

-[الرخصة فى كتابة الحديث]- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَشَرٌ يَتَكَلَّمُ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا فَأَمْسَكْتُ عَنْ الْكِتَابِ فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ اكْتُبْ فَوَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا خَرَجَ مِنِّي إِلَّا حَقٌّ (59) وعَنْ مُجَاهِدٍ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ حَكِيمٍ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضى الله عنه قَالَا سَمِعْنَاهُ يَقُولُ مَا كَانَ أَحَدٌ أَعْلَمَ بِحَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنِّي إِلَّا مَا كَانَ مِنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو (يعنى بن العاص رضى الله عنهما) فَإِنَّهُ كَانَ يَكْتُبُ بِيَدِهِ وَيَعِيهِ بِقَلْبِهِ وَكُنْتُ أَعِيهِ بِقَلْبِي وَلَا أَكْتُبُ بِيَدِي وَاسْتَأْذَنَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْكِتَابِ عَنْهُ فَأَذِنَ لَهُ (وعنه من طريق أخر) (1) قال ليس احد اكثر حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منى الا عبدالله بن عمرو فإنه كان يكتب وكنت لا أكتب

_ وهو شيخ من اهل الشام وابنه عمرو بن عبدالواحد الدمشقى احد ائمة الحديث (قلت) واقره الذهبى (59) عن مجاهد والمغيرة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا احمد بن عبدالملك بن واقد الحرانى قال حدثنى محمد بن سلمة عن محمد بن اسحق عن عمرو بن شعيب عن مجاهد والمغيره الخ (1) (اى عن ابى هريرة من طريق اخر {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا سفيان عن عمرو عن ابن منبه يعنى وهبا عن خيه سمعت ابى هريرة يقول ليس احد الخ {تخريجه} (خ مذ) الرواية الثانية منه وقال الحافظ فى الفتح عند الكلام عليها فى باب كتابة العلم وروى احمد والبيهقى فى المدخل من طريق عمرو بن شعيب عن مجاهد والمغيرة بن حكيم قالا سمعنا ابا هريرة يقول ما كان احد اعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منى فذكر الرواية الاولى من حديث الباب وقال اسناده حسن ثم قال ويستفاد منه ان النبى صلى الله عليه وسلم اذن فى كتابة الحديث عنه وهو يعارض حديث ابى سعيد الخدرى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (لا تكتبوا عنى شيئا غير القران) رواه مسلم والجمع بينهما ان النهى خاص بكتابة غير القران مع القران فى شئ واحد والاذن فى تفريقها او النهى متقدم والاذن ناسخ له عند الامن من الالتباس وهو اقربها مع انه لا ينافيها (وقال ايضا) قال العلماء كره جماعة من الصحابة والتابعين كتابة الحديث واستحبوا ان يؤخذ عنهم حفظا لكن لما قصرت الهمم وخشى الائمة ضياع العلم ودونوه واول من دون الحديث ابن شهاب الزهرى على راس المائة بأمر عمر بن عبدالعزيز ثم كثر التدوين. ثم التصنيف وحصل بذلك خير كثير

-[النهي عن الحديث عن أهل الكتاب]- (60) ز وعن عبد الله قال قال يحيي بن معين (1) قال لى عبدالرازق (2) اكتب عنى ولو حديثا واحدا من غير كتاب فقلت لا ولا حرفا (11) باب فى النهى عن التحديث عن اهل الكتاب والرخصة فى ذلك (61) عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ رضى الله عنهما قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا تَسْأَلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ عَنْ شَيْءٍ (3) فَإِنَّهُمْ لَنْ يَهْدُوكُمْ وَقَدْ ضَلُّوا فَإِنَّكُمْ إِمَّا أَنْ تُصَدِّقُوا بِبَاطِلٍ أَوْ تُكَذِّبُوا بِحَقٍّ فَإِنَّهُ لَوْ كَانَ مُوسَى حَيًّا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ

_ انتهى ملخصا من الفتح باختصار بعضه (60) ز عن عبدالله (يعنى ابن الامام احمد رحمهما الله) (1) قال فى الخلاصة يحيي ابن معين بن عون الغطفانى ابو زكريا البغدادى الحافظ الامام العلم عن ابن عيينة واسماعيل ابن عياش وعباد بن عباد ويحيي القطان وخلق وعنه (خ م د) واحمد وداود بن رشيد قريناه وعباس بن محمد ومحمد بن يحيي وصالح بن محمد والبغوى وخلق قال احمد كل حديث لا يعرفه يحيي فليس بحديث قال ابن ابى خيشمة مات بالمدينة سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وحمل على اعواد النبى صلى الله عليه وسلم ونودى بين يديه هذا الذى يذب الكذب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم اهـ وفى التهذيب وغسل على اعواد النبى صلى الله عليه وسلم وحمل على سريره صلى الله عليه وسلم (2) قال فى التقريب عبدالرازق بن همام بن نافع الحميرى مولاهم ابو بكر الصنعانى ثقة حافظ مصنف شهير عمى فى اخر عمره فتغير وكان يتشيع من التاسعة مات سنة احدى عشر (يعنى ومائتين) وله خمس وثمانون سنة اهـ {تخريجه} هذا الاثر من زوائد بدالله بن الامام احمد رحمهما الله ولم اقف عليه فى غير الكتاب (ومعناه) ان يحيي بن معين رحمه الله لم يقبل ان يكتب عن عبدالرازق مع جلالته ووفور علمه من غير اصل اى كتاب خوفا من ان يلتبس عليه شئ او ينساه وهذا من الاحتياط والتحرى والورع فى نقل الحديث فجزاهم الله عنا احسن الجزاء (وفيه) ان كتابة الحديث كانت موجودة فى ذلك العصر وانهم كانوا يععتمدون عليها وتقدم الكلام على فائدة كتابة الحديث والله اعلم (61) عن جابر بن عبدالله {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا يونس وغيره قال ثنا حماد يعنى ابن يزيد ثنا مجالد عن عامر الشعبى عن جابر الخ {غريبه} (3) قال ابن بطال عن المهلب هذا النهى انما هو عن سؤالهم عما لا نفر فيه ولا يدخل فى النهى سؤالهم عن الاخبار المصدقة والاخبار عن الأمم السالفة اهـ

-[النهي عن التحديث عن اهل الكتاب]- مَا حَلَّ لَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي (1) (62) وعنه ايضا ان عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رضى الله عنه أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِكِتَابٍ أَصَابَهُ مِنْ بَعْضِ أَهْلِ الْكُتُبِ فَقَرَأَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَغَضِبَ فَقَالَ أَمُتَهَوِّكُونَ (2) فِيهَا يَا ابْنَ الْخَطَّابِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَقَدْ جِئْتُكُمْ بِهَا (3) بَيْضَاءَ نَقِيَّةً لَا تَسْأَلُوهُمْ عَنْ شَيْءٍ فَيُخْبِرُوكُمْ بِحَقٍّ فَتُكَذِّبُوا بِهِ أَوْ بِبَاطِلٍ فَتُصَدِّقُوا بِهِ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَنَّ مُوسَى صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ حَيًّا مَا وَسِعَهُ إِلَّا أَنْ يَتَّبِعَنِي (63) عن الشعبي عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ ثَابِتٍ قَالَ جَاءَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضى الله عنه إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي مَرَرْتُ بِأَخٍ لِي مِنْ بَنِي قُرَيْظَةَ فَكَتَبَ لِي جَوَامِعَ مِنْ التَّوْرَاةِ أَلَا أَعْرِضُهَا عَلَيْكَ قَالَ فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فَقُلْتُ لَهُ أَلَا تَرَى مَا بِوَجْهِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ عُمَرُ رَضِينَا

_ (1) أي لقوله تعالى (واذ أخذ الله ميثاق النبين) الاية ولأن شريعته صلى الله عليه وسلم نسخت جميع الشرائع {تخريجه} (ش بز) وله شاهد عند البخارى والنسائى من حديث ابى هريرة بلفظ (لا تصدقوا اهل الكتاب ولا تكذبوهم وقولوا آمنا بالله وما انزل الينا) الاية (62) وعنه ايضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا سريج بن النعمان قال حدثنا هشيم انا مجالد عن الشعبى عن جابر بن عبدالله (رضى الله عنهما) ان عمر الخ {غريبه} (2) أمتهوكون كمتحيرون وزنا ومعنى اى متحيرون فى كتابكم وفى دينكم حتى تأخذوا العلم من غير كتابكم ونبيكم كما تهوكت اليهود والنصارى اى كتحيرهم حيث نبذوا كتاب الله وراء ظهورهم واتبعوا اهوائهم (3) اى بالملة الحنيفية بقرينة الكلام (وقوله بيضاء نقيه) اى ظاهرة صافيه خالصة من الشك والشبهة {تخريجه} الحديث قال فى التنقيح رجال احمد رجال الحسن وعند احمد وابن ماجه عن ابن عباس واسناده حسن وعند (حب) عن جابر ايضا بأسناد صحيح وفى الباب عن عبدالله بن ثابت الانصارى عند احمد وابن سعد والحاكم فى الكنى و (طب) والبيهقى فى شعب الايمان وعن جابر عن الدارمى والله اعلم (63) وعن الشعبى {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا عبدالرازق قال أنبأنا

-[الرخصة وفي الحديث]- بِاللَّهِ رَبًّا وَبِالْإِسْلَامِ دِينًا وَبِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَسُولًا قَالَ فَسُرِّيَ (1) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثُمَّ قَالَ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْ أَصْبَحَ فِيكُمْ مُوسَى ثُمَّ اتَّبَعْتُمُوهُ وَتَرَكْتُمُونِي لَضَلَلْتُمْ إِنَّكُمْ حَظِّي مِنْ الْأُمَمِ وَأَنَا حَظُّكُمْ مِنْ النَّبِيِّينَ (64) عن ابى نَمْلَةَ الْأَنْصَارِيَّ رضى الله عنه أَخْبَرَهُ أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ جَالِسٌ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَاءَهُ رَجُلٌ مِنْ الْيَهُودِ فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ هَلْ تَتَكَلَّمُ هَذِهِ الْجَنَازَةُ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُ أَعْلَمُ قَالَ الْيَهُودِيُّ أَنَا أَشْهَدُ أَنَّهَا تَتَكَلَّمُ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا حَدَّثَكُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ فَلَا تُصَدِّقُوهُمْ وَلَا تُكَذِّبُوهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ فَإِنْ كَانَ حَقًّا لَمْ تُكَذِّبُوهُمْ وَإِنْ كَانَ بَاطِلًا لَمْ تُصَدِّقُوهُمْ فصل فى الرخصة فى الحديث عن اهل الكتاب (65) عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال سمعت

_ سفيان عن جابر عن الشعبى الخ {غريبه} (1) (بضم السين وكسر الراء المشددة اى زال وانكشف عنه ما ظهر بوجهه صلى الله عليه وسلم من التغير والغيظ (وقوله انكم حظى) الخ اى نصيبى من الامم وانا نصيبكم من النبيين صلى الله عليهم اجمعين {تخريجه} الحديث اورده صاحب المشكاه فى كتابه وعزاه للدارمى وقال صاحب التنقيح رواه ايضا ابن حبان باسناد صحيح واحمد باسناد حسن والمعنى ان دين موسى صار منسوخا بدين الاسلام فكيف تتبعون كتابه المنسوخ وتتركون الاخذ منى اهـ (64) عن ابى نمله {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا حجاج قال انا ليث بن سعد قال حدثنى عقيل عن ابن شهاب عن ابى نملة الخ {غريبه} (2) يعنى السؤال فى القبر وقوله صلى الله عليه وسلم (الله اعلم) يحتمل أنه توقف قبل ان يعلم سؤال الملكين فى القبر او انه توقف فى خصوص ذلك الميت لأن اليهودى فرض الكلام فى خصوصه والله اعلم {تخريجه} الحديث اسناده جيد واخرجه ايضا (د) عن ابى نملة ايضا بأسناد جيد (65) عن عبدالله بن عمرو {سنده} حجثنا عبدالله حدثني أبي ثنا

-[في تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم]- رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ بَلِّغُوا عَنِّي وَلَوْ آيَةً وَحَدِّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ (66) عن ابى سعيد الخدرى رضى الله عنه قَالَ فَقُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَنَتَحَدَّثُ عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَالَ نَعَمْ تَحَدَّثُوا عَنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَا حَرَجَ فَإِنَّكُمْ لَا تَحَدَّثُوا عَنْهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا وَقَدْ كَانَ فِيهِمْ أَعْجَبَ مِنْهُ (12) باب فى تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (67) عن أبى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيكون

_ الوليد بن مسلم الاوزاعى حدثنى حسان بن عطية حدثنى ابو كبشة السلولى أن عبد الله بن عمرو ابن العاص حدثه انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بلغوا عنى الخ {تخريجه} (ح نس مذ) وفيه الرخصة بالتحديث عن بنى اسرائيل وقد تقدمالكلام على ذلك فى حديث جابر اول الباب وفى الباب العاشر فى الحديث الثانى لابى سعيد الخدرى فارجع اليه (66) وعن ابى سعيد الخ هذا طرف من حديثه السابق وهو الحديث الثانى لابى سعيد الخدرى من الباب العاشر وتقدم الكلام هناك على سنده وشرحه وتخريجه (1) اعلم هدانى الله واياك ان احاديث الترهيب من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرة جدا قد بلغت مبلغ التواتر على ما قيل وقد جاء كثير منها فى مسند الامام احمد رحمه الله بعضها خاص بالكذب عليه صلى الله عليه وسلم وبعضها عام فيه وفى غيره فجمعت ما كان خاصا بالكذب عليه صلى الله عليه وسلم فذكرت بعضه فى هذا الباب والبعض الاخر فى الباب الخامس فى متاب افات اللسان فى قسم الترهيب , وما كان عاما وزعته على ابوابه (قال الامام النووى رحمه الله فى شرح مسلم) فى الحديث الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حديث عظيم فى نهاية من الصحة وقيل انه متواتر (ذكر ابو بكر البزار) فى مسنده انه رواه عن النبى صلى الله عليه وسلم نحو اربعين نفسا من الصحابة رضى الله عنهم وحكى الامام ابو بكر الصيرفى فى شرحه لرسالة الشافعى رحمهما الله انه روى عن اكثر من ستين صحابيا مرفوعا (وذكر ابو القاسم) عبدالرحمن بن منده عدد منرواه فبلغ سبعة وثمانين (وذكر بعض الحفاظ) انه روى عن اثنين وستين صحابيا وفيهم العشرة المشهود لهم بالجنة قال ولا يعرف حديث اجتمع علي روايته العشرة الا هذا ولا حديث يروى عن اكثر من ستين صحابيا الا هذا (وقال بعضهم) رواه مائتان من الصحابة ثم لم يزل فى ازدياد وقد اتفق البخارى ومسلم على اخراجه فى صحيحيهما من حديث على والزبيروانس وابى هريرة وغيرهم اهـ بتصرف (67) عن ابى هريرة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى أبي ثنا حسن بن موسى

-[في تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم]- فِي أُمَّتِي دَجَّالُونَ كَذَّابُونَ (1) يُحَدِّثُونَكُمْ بِبِدَعٍ مِنْ الْحَدِيثِ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ لَا يَفْتِنُونَكُمْ (68) عَنْ سَمُرَةَ بْنِ جُنْدُبٍ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ مَنْ رَوَى عَنِّي حَدِيثًا وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ كَذِبٌ فَهُوَ أَحَدُ الْكَاذِبِينَ (2) (وفى رواية الْكَذَّابِينَ) (3) (68) وعن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله

_ ثنا ابن لهيعة ثنا سلامان بن عامر عن ابى عثمان الاصبحى قال سمعت ابى هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه ؤ (1) اى خداعون مبلسون وفعال من ابنية المبالغة اى يكثر منهم الخداع والتلبيس والكذب (وقوله ببدع) اى بديع من الحديث لم يسبق مثله من الاحاديث الكاذبة والاحكام المبتدعة والعقائد الزائفة (وقوله فأياكم واياهم اى احذروهم وتجنبوهم وقيل اراد به رواة الاحاديث الموضوعة والله اعلم {تخريجه} (ك) وقال هذا حديث ذكره مسلم فى خطبة الكتاب (يعنى صحيح مسلم) مع الحكايات ولم يخرجه فى ابواب الكتاب وهو صحيح على شرطهما جميعا ومحتاج اليه فى الجرح والتعديل ولا اعلم له علة (قلت) واقره الذهبى ولم يتعقبه (68) وعن سمرة بن جندب {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر وعفان قالا ثنا شعبة عن الحكم عن ابن ابى ليلي عن سمرة بن جندب {غريبه} (2) قال القاضى عياض الرواية فيه عندنا الكاذبين على الجمع ورواه ابو نعيم الاصبهانى فى كتابه التخرج على صحيح مسلم فى حديث سمرة الكاذبين (بفتح الباء الموحدة وسكون الياء التحتية) وسكون النون على التئنية واحتج به على ان الراوى له يشارك البادى بهذا الكذب اهـ (3) اى بلفظ الجمع مع المبالغة وهو اشهر من لفظ التئنية وثبتا معا (والمعنى) ان من علم او غلب على ظنه كذب ما يرويه فرواه كان كاذبا وعليه من الاثم مثل من وضعه ومن لا يظنه كذلك فلا اثم عليه من الدين والله اعلم ولحصول الظن والذب عن الشريعة بالغ المحدثون فى نقد اسناد الاحاديث وقالوا ان الاسناد من الدين والله اعلم {تخريجه} (م جه مذ) وغيرهم (69) وعن المغيره بن شعبة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر وبهز قالا ثنا شعبة عن حبيب بن ابى ثابت قال ابن جعفر قال سمعت ميمون بن ابى شبيب يحدث عن المغيرة بن شعبة الخ بنحو الحديث سمرة وفيه الكذابين بدل الكاذبين {تخريجه} (م جه مذ) وغيرهم

-[179 فى تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم]- (70) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضى الله عنهما عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اتَّقُوا (1) الْحَدِيثَ عَنِّي إِلَّا مَا عَلِمْتُمْ قَالَ وَمَنْ كَذَبَ عَلَى الْقُرْآنِ بِغَيْرِ عِلْمٍ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ (71) عَنْ أَبِي قَتَادَةَ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ عَلَى هَذَا الْمِنْبَرِ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِيَّاكُمْ وَكَثْرَةَ الْحَدِيثِ عَنِّي (2) مَنْ قَالَ عَلَيَّ فَلَا يَقُولَنَّ إِلَّا حَقًّا أَوْ صِدْقًا فَمَنْ قَالَ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ (72) عن ابى سعيد الخدرى رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حدثوا عنى ولا تكذبوا على ومن كذب على متعمدا فقد تبوأ مقعده من النار وحدثوا عن بنى اسرائيل ولا حرج

_ (70) وعن ابن عباس {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ابو عوانه الوضاح عن عبدالاعلى الثعلبى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الحديث {غريبه} (1) اى احذروا التحديث عنى الا ما علمتم بالظن الغالب صدقه لئلا تقعوا فى الكذب على لان ذلك موجب للوزر (وقال الكرمانى رحمه الله) معنى الكذب عليه صلى الله عليه وسلم نسبةالكلام اليه كاذبا سواء كان عليه او له وبهذا يندفع زعم من جوز وضع الاحاديث للتحريض على العبادة وفى فضائل السور , وقد اتفق العلماء على تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى حكم بعضهم بكفر من وقع منه ذلك عمدا (وقوله فليتبوأ) اىفليتخذ له منزلا اى بيتا فيها نعوذ بالله من ذلك) (71) وعن ابى قتادة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا محمد بن عبيد ثنا محمد يعنى ابن اسحق حدثنى لبن لكعب بن مالك عن ابى قتادة الحديث {غريبه} (2) اى احذروا اكثار التحديث عنى فأنه قلما سلم مكثر من الخطأ او الغفلة (وقوله حقا وصدقا) شط من الراوى او لأن الحق غير مرادف للصدق اذ الصدق خاص بالاقوال والحق يطلق عليها وعلى العقائد والمذاهب {تخريجه} اخرجه ايضا الدارمى (جه ك) وقال على شرط مسلم (72) وعن ابى سعيد الخدرى {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ثنا عبدالصمد ثنا همام ثنا زيد عن عطاء بن يسار عن ابى سعيد الخ {تخرج} (جه) وسنده جيد

-[تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم]- (73) عن يحيى بن ميمون الحضرمي أن أبا موسى الغافقي (1) رضي الله عنه سمع عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه يحدث على المنبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث فقال أبو موسى إن صاحبكم هذا لحافظ أو هالك (2) إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان آخر ما عهد إلينا أن قال عليكم بكتاب الله وسترجعون إلى قوم يحبون الحديث عني (3) فمن قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار ومن حفظ عني شيئاً فليحدثه (74) عن محمد ابن كعب بن مالك قال خرج علينا أبو قتادة رضي الله عنه ونحن نقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا فقال شاهت الوجوه (4) أتدرون ما تقولون سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قال علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار

_ (73) عن يحيى بن ميمون (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد وكتب به إلى قتيبة ثنا ليث بن سعد عن عمرو بن الحارث عن يحيى بن ميمون الحضرمي أن أبا موسى الغافقي الخ (غريبه) (1) بالغين المعجمة بعدها فاء ثم قاف من الصحابة قال الحافظ في الإصابة يقال اسمه مالك بن عبادة ويقال مالك بن عبد الله اهـ (وعقبة بن عامر) صحابي أيضا مشهور ولي إمرة مصر لمعاوية ثلاث سنين وكان فقيها فاضلا مات في قرب الستين كذا في التقريب (2) يعني إما أن يكون حافظا لما يقول صادقا فيه فهو ناج ومثاب وإما أن يكون عكس ذلك فهو هالك (3) أي بقصد الشهرة ومثل هؤلاء لا يتحرون ولذلك عقبه بقوله فمن قال على الخ الحديث (تخريجه) (بز طب ك في المدخل) وسنده جيد. (74) عن محمد بن كعب بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا أبو محمد بن معبد بن أبي قتادة عن ابن كعل بن مالك الخ (غريبه) (4) أي قبحت يقال شاه يشوه شوها ويشوه شوها ورجل أشوه وامرأة شوهاء ويقال للخطبة التي لا يصلي فيها على النبي صلى الله عليه وسلم شوهاء (تخريجه) الحدث لم اقف عليه لأبي قتادة في خير الكتاب وقد روي بهذا اللفظ ما يقرب منه من غير واحد من الصحابة وأورده السيوطي في الجامع الكبير عن عثمان بن عفان وعزاه (طب) وأصحاب السنن والإمام أحمد قال وصحح اهـ

-[رفع العلم]- (75) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الذي يكذب علي يبنى له بيت في النار. (13) باب فيما جاء في رفع العلم (76) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله لا يقبض العلم انتزاعا (1) ينتزعه من الناس وبكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس ورؤساء جهالاً فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا (وعنه من طريق آخر) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الل لا ينزع العلم من الناس بعد أن يعطيهم إياه ولكن يذهب بالعلماء وكلما ذهب عالم ذهب بما معه من العلم حتى يبقى من لا يعلم فيتخذ الناس رؤساء جهالاً فيستفتوا فيفتوا بغير علم فيضلوا ويضلوا (3) (77) عن أنس ابن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من

_ (75) وعن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أسامة ثنا عبيد الله عن أبي بكر بن سالم عن أبيه عن جده (يعني ابن عمر) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (بز طب ك في المدخل) (76) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يحيى عن هشام إملاء علينا حدثنا أبي سمعت عبد الله بن عمرو من فيه إلى فيَّ يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (1) أي محوا من الصدر قال ابن المنير محو العلم من الصدور جائز في القدرة إلا أن هذا الحديث دل على عدم وقوعه (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن عروة عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (3) الأول بفتح الياء وكسر الضاد المعجمة والثاني بضم الياء مع كسر الضاد (تخريجه) (ق نس مذ جه) (77) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد

-[رفع العلم]- أشراط الساعة (1) أن يرفع العلم ويثبت الجهل وتشرب الخمر ويظهر الزنا. (78) وعن قابوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال آخر شدة يلقاها المؤمن الموت، وفي قوله (يوم تكون السماء كالمهل) (2) قال كدردي الزيت وفي قوله (آناء الليل) قال جوف الليل وقال هل تدرون ما ذهاب العلم قال هو ذهاب العلماء من الأرض (79) وعن زياد بن لبيد رضي الله عنه قال ذكر النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فقال وذاك عند أوان ذهاب العلم قال قلنا يا رسول الله وكيف يذهب العلم ونحن نقرأ القرآن ونقرئه أبنائنا ويقرئه أبناؤنا أبناءهم إلى يوم القيامة قال تكلتك (3) أمك يا ابن أم لبيد، إن كنت لأراك من أفقه رجل بالمدينة

_ حدثني أبي أبو التياح ثنا أنس بن مالك الحديث (غريبه) (1) أشراط الساعة علاماتها فمنها ما يكون من قبيل المعتاد ومنها ما يكون خارقا للعادة (وقوله يثبت الجهل) أي ينتشر (ويشرب الخمر) المراد كثرة ذلك وانتشاره (ويظهر الزنا) أي يفشو كما في رواية مسلم (تخريجه) (ق نس). (78) عن قابوس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير عن قابوس الخ (غريبه) (2) أي وقال ابن عباس في تفسير قوله تعالى يوم تكون السماء كالمهل (وقوله كدري الزيت) بضم الدال المهملة وسكون الراء ما يركد في أسفل الزيت وكل مائع كالأشربة والأدهان (تخريجه) هذا الأثر لم أقف على من أخرجه ورجاله كلهم ثقات إلا قابوس فقد اختلف فيه فبعضهم وثقه وبعضهم قال لا يحتج به وقد جاء معنى هذا الأثر في الأحاديث الصحيحة المرفوعة والله أعلم. (79) عن زياد بن لبيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن زياد بن لبيد الخ (غريبه) (3) بفتح أوله وكسر ثانيه والثكل بضم الثاء فقد الولد كأنه دعا عليه بالموت وهذا من الألفاظ التي تجري على ألسنة العرب ولا يراد بها الدعاء (تخريجه) (ك) وقال صحيح قلت وأقره الذهبي وله شاهد

-[رفع العلم]- أوليس هذه اليهود والنصارى يقرؤون التوراة والإنجيل لا ينتفعون مما فيهما بشيء. (80) وعن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي قال حدثنا جبير بن نفير عن عوف بن مالك (الأشجعي رضي الله عنه) أنه قال بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم نظر إلى السماء ثم قال هذا أوان العلم أن يرفع فقال له رجل من الأنصار يقال له زياد بن لبيد أيرفع العلم يا رسول الله وفينا كتاب الله وقد علمناه أبناءنا ونساءنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت لأظنك من أفقه أهل المدينة ثم ذكر ضلالة أهل الكتابين وعندهما ما عندهما من كتاب الله عز وجل فلثي جبير بن نفير شداد بن أوس (رضي الله عنه) بالمصلى فحدثه هذا الحديث عن عوف فقال صدق عوف ثم قال وهل تدري ما رفع العلم قال قلت لا أدري قال ذهاب أوعيته، قال وهل تدري أي العلم أول أن يرفع قال قلت لا أدري قال الخشوع حتى لا تكاد ترى خاشعاً (81) وعن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال لما كنا في حجة الوداع قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ مردف الفضل بن عباس على جمل آدم (1)

_ أيضا عند ابن حبان من حديث عوف بن مالك بإسناد جيد (80) عن الوليد بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ابن بحر قال ثنا محمد بن حمير الحمصي قال حدثني إبراهيم بن أبي عيلة عن الوليد بن عبد الرحمن الخ (تخريجه) (مذ) وقال حسن غريب (والحاكم) وقال هذا حديث صحيح وقد احتج الشيخان بجميع رواته (قلت) وأقره الذهبي. (81) عن أبي أمامة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا معاذ بن رفاعة حدثني علي بن يزيد حدثني القاسم مولى بني يزيد عن أبي أمامة الحديث (غريبه) (1) الآدم من الإبل الشديد البياض وقيل هو الأبيض الأسود المقلتين يقال بعير آدم وناقة أدماء والجمع أدم والآدم من الناس الأسمر والجمع أدمان قاله في المختار

-[رفع العلم]- فقال يا أيها الناس خذوا من العلم قبل أن يقبض العلم وقبل أن يرفع العلم، وقد كان أنزل الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسوءكم وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم) قال فكنا نذكرها كثيرا (1) من مسألته واتقينا ذاك حين أنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم قال فأتينا أعرابياً فرشوناه (2) بردائنا قال فاعتم به حتى رأيت حاشية البرد خارجة من حاجبه الأيمن قال ثم قلنا له سل النبي صلى الله عليه وسلم قال فقال له يا نبي الله كيف يرفع العلم منا وبين أظهرنا المصاحف وقد تعلمنا ما فيها وعلمناها نساءنا وذرارينا؟ وخدمنا قال فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه وقد علت وجهه حمرة من الغضب، قال فقال أي ثكلتك أمك، وهذه اليهود والنصارى بين أظهرهم المصاحف لم يصبحوا يتعلقوا بحرف مما جاءتهم به أنبياؤهم، ألا وإن من ذهاب العلم أن يذهب حملته ثلاث مرار.

_ (1) هكذا بالأصل وفيه غموض وربما كان فيه حذف تقديره حذرين من مسألته أو نحو ذلك (2) الرشوة بكسر الراء وضمها مشددة الوصلة إلى الحاجة بالمصانعة وأصلها من الرشا بكسر الراء الذي يتوصل به إلى الماء فالراشي يعطي الذي يعينه على الباطل والمرتشي الآخذ والرائش الذي بسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا فأما ما يعطى توصلاً إلى أخذ حق أو دفع ظلم أو جلب منفعة شرعية كما هنا فغير داخل فيه (والرداء) هو الثوب أو البرد بضم الباء وسكون الراء الذي يضعه الإنسان على عاتقيه وبين كتفيه فوق ثيابه (وقوله حاشية البرد) أي حاشية الرداء وجمع البرد أبراد وبرود والبردة الشملة المخططة وقيل كساء أسود مربع فيه صفر تلبسه الأعراب وجمعها برد بالضم (نه) (تخريجه) (طب) وفي إسناده علي بن يزيد الألهاني قال الحافظ في التقريب ضعيف

كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة

الاعتصام بكتاب الله عز وجل (5) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة (1) باب في الاعتصام بكتاب الله عز وجل (1) عن يزيد بن حيان التيمي قال انطلقت أنا وحصين بن سبرة وعمر ابن مسلم إلى زيد بن أرقم (رضي الله عنه) فلما جلسنا إليه قال له حصين لقد لقيت يا زيد خيراً كثيرا، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمعت حديثه وغزوت معه وصليت معه، لقد رأيت يا زيد خيراً كثيرا، حدثنا يا زيد ما سمعت من سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ابن أخي والله لقد كبرت سنى وقدم عهدي ونسيت بعض الذي كنت أعي من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما حدثتكم فاقبلوه وما لا فلا تكلفونه، ثم قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً خطيباً فينا بماء يدعى خما (1) يعني بين مكة والمدينة فحمد الله تعالى وأثنى عليه ووعظ وذكر ثم قال أما بعد ألا أيها الناس، إنما أنا بشر يوشك أن يأتيني رسول ربي عز وجل فأجيب، وإني تارك فيكم ثقلين (2) أولهما كتاب الله عز وجل فيه الهدى والنور فخذوا بكتاب الله تعالى واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغب فيه، قال وأهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، أذكركم الله في أهل بيتي، فقال له حصين ومن أهل بيته يا زيد أليس نساؤه من أهل بيته

_ (1) عن يزيد بن حيان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أبي حيان التيمي الحديث (غريبه) (1) بضم الخاء المعجمة وفتح الميم مشددة وهو اسم لغيضه على ثلاثة أميال من الجحفة عندها غدير مشهور يضاف إلى الغيضة XXX غدير خم (2) بفتح أوله وثانيه سماهما XXX إعظاما لقدرها وتفخيما لشأنها

-[من هم آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم]- قال إن نساءه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال ومن هم؟ قال آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، قال أكل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال نعم. (2) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الآخر كتاب الله حبل ممدود (1) من السماء إلى الأرض وعترتي أهل بيتي وأنهما (2) لن بفترقا حتى يردا على الحوض. (3) عن علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أتاني جبريل

_ (تخريجه) (م وغيره) (2) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود ابن عامر أخبرنا أبو إسرائيل يعني إسماعيل بن أبي إسحاق الملائي عن عطية أبي سعيد الحديث (غريبه) (1) أي نور ممدود يعني نور هداه والعرب تشبه النور المعتد بالحبل والخيط ومنه قوله تعالى: (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) يعني نور الفسح من ظلمة الليل، وقيل أراد به عهده وأمانه الذي يؤمن العذاب، والحبل العهد والميثاق (وقوله وعترتي أهل بيتي) عترة الرجل أخص أقاربه وعترة النبي صلى الله عليه وسلم بنو عبد المطلب وقيل أهل بيته الأقربون وهم أولاده وعلي وأولاده وقيل قريش كلهم والمشهور المعروف أنهم الذين حرمت عليهم الصدقة وهو الموافق لتفسير زيد بن أرقم في الحديث السابق والصحابي أدرى بذلك من غيره (والمعنى) إن عملتم بالقرآن واهتديتم بهدي عترتي العلماء العاملين لم تضلوا ومثلهم العلماء العاملون من غير العترة فالتمسك بهديهم يوصل إلى المقصود وإنما خص أهل بيته لأن التمسك بالعلماء منهم أقوى من علماء غيرهم في التأثير على القلوب (2) أي الكتاب والسترة (وقوله حتى يردا على الحوض) أي الكوثر يوم القيامة فيتكرر أن لكم صنيعكم (تخريجه) (مذ) وفيه فانظروا كيف تخلفوني فيهما قال الترمذي حديث حسن غريب (وفي الباب) عن أبي ذر وجابر وحذيفة بن أسيد أورد السيوطي في الجامع الصغير مثله عن زيد بن ثابت وعزاه أيضاً للطبراني في الكبير وبجانبه علامة الصحة قال المناوي ورجاله موثقون (3) وعن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب

-[الاعتصام بكتاب الله عز وجل]- عليه السلام فقال يا محمد إن أمتك مختلفة بعدك قال فقلت له فأين المخرج يا جبريل قال فقال كتاب الله تعالى به يقصم الله كل جبار، من اعتصم به نجا، ومن تركه هلك مرتين، قوله فصل وليس بالهزل لا تختلقه الألسن ولا تفنى أعاجيبه، فيه نبأ ما كان قبلكم وفصل ما بينكم وخبر ما هو كائن بعدكم (4) عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال نزل القرآن وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم السنن ثم قال اتبعونا فوالله إن لم تفعلوا تضلوا (5) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنا جلوسا عند الله صلى الله عليه وسلم فخط خطاً هكذا أمامه فقال هذا سبيل الله عز وجل وخطين عن يمينه وخطين شماله قال هذه سبيل الشيطان ثم وضع يده في الخط الأوسط ثم تلا هذه الآية (وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه ولا تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصالكم به لعلكم تتقون) (6) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لن يزال

_ ثنا أبي عن أبي إسحاق قال وذكر محمد بن كعب القرظي عن الحرث بن عبد الله الأعور قال قلت لآتين أمير المؤمنين فلا عما سمعته العشية قال فجئته بعد العشاء فدخلت عليه فذكر الحديث قال ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (تخريجه) (مذ) بأطول من هذا وفيه مقال انظر كتاب فضائل القرآن للحافظ بن كثير رحمه الله. (4) عن عمران بن حصين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا مؤمل ثنا حماد بن XXX عن علي بن زيد عن الحسن عن عمران بن حصين الحديث (تخريجه) لم أقف عليه في غير الكتاب وفي إسناده من تكلم فيه. (5) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله ابن محمد ثنا أبو خالد الأحمر عن مجالد XXX عن جابر بن عبد الله (تخريجه) (جه بز) وعبد بن حميد بلفظ كنا جلوساً فذكره. (6) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة ثنا ليث

-[الاعتصام بالسنة]- على هذا الأمر عصابة (1) على الحق لا يضرهم خلاف من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله عز وجل وهم على ذلك. (2) باب في الاعتصام بسنته صلى الله عليه وآله وسلم والاهتداء بهديه (7) عن خالد بن معدان قال حدثنا عبد الرحمن بن عمرو السلمي وحجر (2) بن حجر الكلاعي قال أتينا العرباض بن سارية (رضي الله عنه) وهو ممن نزل فيه (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم قلت لا أجد ما أحملكم عليه) فسلمنا وقلنا أتيناك زائرين وعائدين ومقتبسين، فقال عرباض صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرفت (3) منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد إلينا فقال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان حبشياً فإنه من يعش منكم بعدي فسيرى أختلافاً كثيراً فعليكم

_ عن ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه الحديث (غريبه) (1) بكسر العين هي الجماعة من الناس من العشرة إلى الأربعين ولا واحد لها من لفظها وهم جيوش الإسلام أو العلماء يدافعون عن الدين مؤيدين بنصر الله ظافرين بأعدائهم (لا يضرهم) مناواة العدو (حتى يأتي أمر الله) أي حتى تقوم الساعة كما جاء ذكره في بعض الروايات الصحيحة (فإن قيل) ورد في الحديث لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس (فالجواب) أن المراد بقوله حتى تقوم قرب قيامها وقت موت الصالحين (وقوله وهم على ذلك) أي على الجهاد والنصر والغلبة على العد وسواء أكان الجهاد بالقول من العلماء أو بالفعل من الجيوش والله أعلم (تخريجه) (ق ك جه) من طرق متعددة بألفاظ مختلفة (7) عن خالد بن معدان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم ثنا ثور بن يزيد ثنا خالد بن معدان الحديث (غريبه) (2) قال في التقريب بضم المهملة وسكون الجيم (الكلاعي) بفتح الكاف وتخفيف اللام الحمصي مقبول من الثالثة. (3) بفتح الدال والراء أي سال منها الدمع (ووجلت) أي خافت وبابه تعب (والسمع

-[ذم البدع]- بسنتي وسنة الخلفاء (1) الراشدين المهديين فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات (2) الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (وعنه من طريق آخر بنحوه) (3) وفيه قلنا يا رسول الله إن هذه لموعظة مودع فماذا تعهد إلينا قال قد تركتكم على البيضاء (4) ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك ومن يعش منكم (فذكر نحو ما تقدم وفيه) فعليكم

_ والطاعة) أي لمن يلي أمركم من الأمراء عادلا كان أو جائرا ما لم يأمر بمعصية إذ لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (1) قال بعض العلماء وهم الخلفاء الأربعة لقوله صلى الله عليه وسلم الخلافة بعدي ثلاثون سنة وإنما ذكر صلى الله عليه وسلم سنة الخلفاء في مقابلة سنته لأنه علم أنهم لا يخطئون فيما يستخرجون من سنته والله أعلم (وقوله عضو عليها بالنواجذ) جمع ناجذة بالذال المعجمة قيل هو الضرس الأخير وقيل هو مرادف السن وهو كناية عن شدة ملازمة السنة والتمسك بها (2) لفتح الدال المهملة جمع محدثة بالفتح وهي ما لم يكن معروفا في كتاب ولا سنة ولا إجماع وهي البدعة كما في الحديث (قال الحافظ ابن الأثير) رحمه الله في النهاية البدعة بدعتان بدعة هدى وبدعة ضلال فما كانت في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم فهو في حيز الذم والإنكار وما كان واقعاً تحت عموم ما ندب الله إليه وحض عليه فهو في حيز المدح، وما لم يكن له مثال موجود كنوع من الجود والسخاء وفعل المعروف فهو من الأفعال الممدوحة ولا يجوز أن يكون ذلك في خلاف ما ورد الشرع به لأن النبي صلى الله عليه وسلم قد جعل له في ذلك ثوابا فقال (من سن سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها) وقال في ضده (ومن سن سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها)، وذلك إذا كان في خلاف ما أمر الله به ورسوله صلى الله عليه وسلم ومن هذا النوع قول عمر رضي الله عنه نعمت البدعة هذه لما كانت من أفعال الخير وداخلة في حيز المدح سماها بدعة ومدحها لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يسنها لهم وإنما صلاها ليالي ثم تركها ولم يحافظ عليها ولا جمع الناس ولا كانت في زمن أبي بكر وإنما عمر رضي الله عنه جمع الناس عليها وندبهم إليها فلهذا سماها بدعة وهي على الحقيقة سنة لقوله صلى الله عليه وسلم (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وقوله اقتدوا بالذين من بعدي أبي بكر وعمر وعلي) هذا التأويل يحمل الحديث الآخر على كل محدثة بدعة إنما يريد ما خالف أصول الشريعة ولم يوافق السنة وأكثر ما يستعمل المبتدع عرفا في الذم اهـ (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا معاوية يعني ابن صالح عن ضمرة بن حبيب عن عبد الرحمن بن عمرو السلمي أنه سمع العرباض بن سارية قال وعظنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (4) يعني الملة

-[العمل بالسنة]- بما عرفتم من سنتي (وفيه أيضا) عضوا عليها بالنواجذ فإنما المؤمن كالجمل الأنف (1) حيثما انقيد انقاد (8) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من نبي بعثه الله عز وجل في أمة قبلي إلا كان له من أمته حواريون (2) وأصحاب يأخذون بسنته ويقتدون بأمره ثم إنها تخلف من بعدهم خلوف (3) يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون. (9) عن مجاهد قال كنا مع ابن عمر (رضي الله عنهما) في سفر فمر

_ الحنيفية ملة الإسلام ومعنى بيضاء أي ظاهرة صافية خالصة خالية عن الشك والشبهة (1) بفتح الهمزة وكسر النون أي المأنوف وهو الذي عقر الخشاش أنفه فهو لا يمتنع على قائده للوجع الذي به وكان الأصل أن يقال مأنوف لأنه مفعول به كما يقال مصدور ومبطون للذي يشتكي صدره وبطنه وإنما جاء هذا شاذ ويروى كالجمل الآنف بالمد وهو بمعناه (والخشاش) بكسر الخاء المعجمة عويد يجعل في أنف البعير يشد به الزمام ليكون أسرع لانقياده (نه) (تخريجه) (جه د مذ) وقال حسن صحيح و (حب ك) وقال صحيح على شرطهما. (8) عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن صالح بن كيسان عن الحرث أظنه يعني ابن فضيل عن جعفر بن عبد الله بن الحكم عن عبد الرحمن بن المسور عن أبي رافع عن عبد الله بن مسعود الحديث (غريبه) (2) اختلف في الحواريين فقال الأزهري وغيره هم خلصان الأنبياء وأصفياؤهم والخلصان الذين نقوا من كل عيب، وقال غيرهم أنصارهم، وقيل المجاهدون؛ وقيل الذين يصلحون للخلافة بعدهم (3) الخلوف بضم الخاء وهو جمع خلف بإسكان اللام وهو الخالف بشر وإما بفتح اللام فهو الخالف بخير هذا هو الأشهر (تخريجه) (م) وزاد بعد قوله ويفعلون ما لا يؤمرون (فمن جاهدهم بيده فهو مؤمن ومن جاهدهم بلسانه فهو مؤمن ومن جاهدهم بقلبه فهو مؤمن وليس وراء ذلك من الإيمان حبة خردل). (9) عن مجاهد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هرون أنا سفيان يعني بن حصين عن الحكم عن مجاهد الخ (تخريجه) هذا الأثر إسناده جيد وأخرجه أيضاً (بز) وفيه منقبة لابن عمر رضي الله عنهما لأنه كان شديد الولوع بالا XXX

-[العمل بالسنة]- بمكان فحاد عنه فسئل لم فعلت فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هذا ففعلت. (10) عن الحسن بن جابر قال سمعت المقدام بن معد يكرب (رضي الله عنه) يقول حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر أشياء ثم قال يوشك (1) أحدكم أن يكذبني وهو متكيء وعلى أريكته (2) يحدث بحديثي فيقول بيننا وبينكم كتاب الله فما وجدنا فيه من حلال استحللناه وما وجدنا فيه من حرام حرمناه؛ ألا وإن ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل ما حرم الله. (11) وعنه أيضاً قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه (3) ألا يوشك رجل ينثني شبعان على أريكته يقول عليكم بالقرآن

_ بالنبي صلى الله عليه وسلم في كل شيء حتى في الأمور العادية رضي الله عنه. (10) عن الحسن بن جابر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن وزيد بن حباب قال ثنا معاوية بن صالح عن الحسن بن جابر قال زيد في حديثه حدثني الحسن ابن جابر قال سمعت المقدام الخ (غريبه) (1) من أفعال المقاربة والمعنى الدنو من الشيء قال الفارابي الأيشاك الإسراع (2) المتكيء في العربية كل من استوى قاعداً على وطاء متمكنا والعامة لا تعرف المتكيء إلا من مال في قعوده معتمداً على أحد شقيه والتاء فيه بدل من الواو وأصله الوكاء وهو ما يشد به الكيس وغيره كأنه أوكأ مقعدته وشدها بالقعود على الوطاء الذي تحته (نه) (وقوله الأريكة) يعني السرير (تخريجه) (جه) وفي الباب من حديث أبي رافع عند (ك) و (مذ) وحسنه. (11) وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هرون قال أنا حريز بن عبد الرحمن بن أبي عوف الجرشي عن المقدام بن معد يكرب الكندي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (3) قال الحافظ المنذري رحمه الله يعني أنه صلى الله عليه وسلم أنه أوتي من الوحي غير المتلو مثل ما أوتي من المتلو كما قال الله تعالى (ويعلمهم الكتاب والحكمة) فالكتاب هو القرآن، والحكمة السنن التي لم ينطق القرآن بنصها وأوتي صلى الله عليه وسلم من بيان القرآن وتفسيره فإن بيان القرآن مفوض إليه صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى (وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم) وفي تكرير كلمة التنبيه (يعني ألا) توبيخ نشأ من غضب

-[العمل بالسنة]- فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه، وما وجدتم فيه من حرام فحرموه، ألا لا يحل لكم لحم الحمار الأهلي ولا كل ذي ناب من السباع، ألا ولا لقظة من مال معاهد إلا أن يستغني صاحبها (1)، ومن نزل بقوم فعليهم (2) أن يقروه فإن لم يقروهم فعليهم أن يعقبوهم بمثل قراهم. (12) عن أبي رافع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأعرفن ما يبلغ أحدكم من حديثي شيء وهو متكيء على أريكته فيقول ما أجد هذا في كتاب الله. (13) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعرفن

_ عظيم عن من ترك السنة والعمل بالحديث استغناء بالكتاب فكيف بمن ترك العمل بالحديث استغناء بالرأي اهـ (قال الخطابي رحمه الله) وفيه دليل على أنه لا حاجة بالحديث إلى أن يعرض على الكتاب وأنه مهما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حجة بنفسه فأما ما رواه بعضهم أنه صلى الله عليه وسلم قال إذا جاءكم الحديث فاعرضوه على كتاب الله فإن وافقه فخذوه، فإنه حديث باطل لا أصل له وقد حكى زكريا الصاحبي عن يحيى بن معين رحمهما الله أنه قال هذا حديث وضعته الزنادقة اهـ (1) أي إلا أن يتركها صاحبها لمن أخذها استغناء عنها (2) أي يأتوا له بما يلزم للضيف من طعام ونحوه (وقوله فعليهم أن يعقبوهم) أي يأخذوا من مالهم قدر قراهم عوضا عما حرموه من قراهم والظاهر أن هذا لا يكون إلا لمضطر لم يجد طعاما وخاف على نفسه الهلاك (نه) (تخريجه) (د جه) والدارمي وقال في التنقيح رواه الترمذي وقال حسن غريب وسكت عليه أبو داود وهو لا يسكت إلا على صالح للاحتجاج به ورواه أحمد بإسناد جيد وقال في النيل (يعني نيل الأوطار) هو حديث صحيح اهـ. (12) عن أبي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن إسحاق أنا عبد الله أنا ابن لهيعة حدثني أبو النضر أن عبيد الله بن أبي رافع حدثه عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث (تخريجه) (جه د مذ) والبيهقي في شعب الإيمان قال في التنقيح وقال الترمذي حسن ورواه الحاكم أيضا بإسناد حسن ورجال أحمد رجال الحسن اهـ. (13) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف قال ثنا أبو معشر عن سعيد عن أبي هريرة (تخريجه) الحديث أورد الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه ابن ماجه باختصار وهو بتمامه عند أحمد والبزار وفيه أبو معشر ضعفه أحمد وغيره وقد وثق اهـ

-[التحذير من الابتداع في الدين]- أحداً منكم أتاه عني حديث وهو متكيء في أريكته فيقول اتلوا على بابه قرآنا، ما جاءكم عني من خير قلته أو لم أقله فأنا أقوله وما أتاكم من شر فأنا لا أقول الشر. (3) باب في التحذير من الابتداع في الدين وإثم من دعا إلى ضلالة (14) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد فإن أصدق الحديث كتاب الله وإن أفضل الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم وشر الأمور محدثاتها (1) وكل بدعة ضلالة. (15) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سن سنة ضلال فاتبع عليها كان مثل أوزارهم من غير أن ينقص من أوزارهم شيء ومن سن سنة هدي فاتبيع عليها كان له مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شيء.

_ (قلت) وفي معنى الحديث قال الحكيم الترمذي في النوادر أن من تكلم بعد الرسول صلى الله عليه وسلم بشيء من الحق فالرسول صلى الله عليه وسلم سابق إلى ذلك القول وإن لم يكن تكلم بذلك اللفظ المخصوص لأنه صلى الله عليه وسلم أتى بأصله محملا فقوله قلته أو لم أقله أي إن لم أقله بذلك اللفظ الذي يحدث به عني والخطاب بهذا إنما هو للذين صفت قلوبهم عن كدر الشهوات ورفعت عن بصر بصائرهم حجب الظلمات اهـ (14) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا مصعب بن سلام ثنا جعفر عن أبيه عن جابر الحديث (غريبه) (1) المحدثات جمع محدثة وتقدم الكلام عليها وعلى البدعة في أول الباب السابق فارجع إليه (تخريجه) (جه) ورواه البخاري والأربعة عن ابن مسعود. (15) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا سفيان قال سمعت الحسن يحدث عن أبي هريرة الحديث (تخريجه) (م) والأربعة وقال الترمذي حسن صحيح

-[التحذير من الابتداع في الدين]- (16) عن حبيب بن عبيد الرحبي (1) عن غضيف بن الحرث الثمالي رضي الله عنه قال بعث إلي عبد الملك بن مروان فقال يا أبا أسماء أنا قد أجمعنا الناس على أمرين قال وما هما؟ قال رفع الأيدي على المنابر يوم الجمعة (2) والقصص (3) بعد الصبح والعصر فقال أما إنهما أمثل (4) بدعتكم عندي ولست مجيبك إلى شيء منهما قال لم؟ قال لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة، فتمسك بسنة، خير من أحداث بدعة. (17) عن سعد بن إبراهيم أن رجلا أوصى في مساكن له بثلث كل مسكن لإنسانٍ فسألت القاسم بن محمد فقال اجمع ثلاثة في مكان واحد فإني

_ (16) عن حبيب بن عبيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريح بن النعمان قال ثنا بقية عن أبي بكر بن عبد الله عن حبيب بن عبيد الرحبي الخ (غريبه) (1) الرحبي بالمهملة المفتوحة ثم الموحدة أبو حفص الحمصي ثقة (وغضيف) بالضاد المعجمة مصغر من الصحابة رضي الله عنهم (2) يعني عند الدعاء لأنه لم يكن في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد بسنده عن حصين بن عبد الرحمن السلمي قال كنت إلى جنب عمارة بن رويبة السلمي رضي الله عنه وبشر يخطبنا فلما دعا رفع يديه فقال عمارة يعني قبح الله هاتين اليدين أو اليديتين رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب إذا دعا يقول هكذا ورفع السبابة وحدها (3) القصص هو أخبار الناس بقصص الماضين وهو بفتح القاف في الأول وكسرها في الثاني، والتزام ذلك مذموم شرعا لأنه يصرف الناس عن الاشتغال بالعلوم الدينية ولم يعهد ذلك في عصره صلى الله عليه وسلم بل ورد ما يفيد لزجر عنه فقد روى الطبراني عن حبيب مرفوعا (أن بني إسرائيل لما هلكوا قصوا) أي لما هلكوا بترك العمل أخلدوا إلى القصص وروى أيضاً عن ابن عمر وابن عمر وابن عباس وابن الزبير مرفوعا (القاص ينتظر المقت) أي لما يعرض في قصصه من الزيادة والنقصان (4) أي أحسن (تخريجه) الحديث أورده صاحب المشكاة في كتابه وعزاه للإمام أحمد، قال في التنقيح رواه أيضاً البزار والطبراني في الكبير وفي إسنادهم كلهم أبو بكر بن عبد الله بن مريم وفيه مقال لكن رجح الحافظ بن حجر توثيق ؤجال الإسناد وقال في الفتح إسناده جيد اهـ (17) عن سعد بن إبراهيم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن

-[وعيد من بدل أو أحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم]- سمعت عائشة (رضبي الله عنها) تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمل عملا ليس عليه أمرنا (1) فأمره رد (وفي رواية فهو رد). فصل منه في وعيد من بدل أو أحدث بعد النبي صلى الله عليه وآله وسلم (18) عن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليردن على الحوض رجال ممن صحبني ورآني حتى إذا رفعوا إلى ورأيتهم اختلجوا (2) دوني فلأقولن رب أصحابي فيقاتل أنك لا تدري ما أحدثوا بعدك. (19) عن يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال سمعت سهلاً (يعني ابن سعد الساعدي رضي الله عنه) يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنا فرطكم (3) على الحوض من ورد شرب ومن شرب لم يظمأ بعده أبداً وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفونني ثم يحال بيني وبينهم، قال أبو حازم فسمع النعمان بن أبي عياش وأنا أحدثهم هذا الحديث فقال هكذا سمعت سهلا يقول؟ قال فقلت نعم، قال وأنا على أبي سعيد الخدري لسمعته

_ جعفر غندر ثنا عبد الله بن جعفر المخرمي أخبرني سعد بن إبراهيم الخ (غريبه) (1) أي حكمنا (وقوله فأمره رد) أي مردود باطل غير معتد به قاله أهل اللغة (تخريجه) (ق د جه). (18) عن أبي بكرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا علي بن زيد عن الحسن عن أبي بكرة الخ (غريبه) (2) بالبناء للمفعول وأصل الاختلاج الحركة والاضطراب أي تحركوا واضطربوا واقتطعوا (تخريجه) أخرجه (ق) من حديث أنس بألفاظ متقاربة والمعنى واحد. (19) عن يعقوب بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قتيبة بن سعيد ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم قال سمعت سهلا الخ (غريبه) (3) أي متقدمكم إليه يقال فرط يفرط (كضرب يضرب) فهو فارط وفرط إذا تقدم وسبق القوم

-[وعيد من بدل أو أحدث بعد النبي صلى الله عليه وسلم]- يزيد فيقول إنهم مني فيقال إنك لا تدري ما عملوا بعدك فأقول سحقا (1) سحقا لمن بدل بعدي. (20) وعن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم وآله وسلم مثله. (21) وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله. (22) عن عبد الله بن رافع المخزومي قال كانت أم سلمة رضي الله عنها تحدث أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر وهي تمتشط أيها الناس، فقالت لماشطتها لفي رأسي، قالت فديتكـ إنما يقول أيها الناس، ويحك (2) أو لسنا من الناس فلفت رأسها وقامت في حجرتها فسمعته يقول أيها الناس، بينما أنا على الحوض جيء بكم زمرا (3) فتفرقت بكم الطرق فناديتكم

_ ليرتاد لهم الماء ويهي لهم الدلاء والأرشية (نه) (1) أي بعداً بعدا ومكان سحيق أي بعيد أو كرره للتأكيد وفيه من التوبيخ والتقريع ما لا يخفى نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (ق) و (م جه) بروايات مختلفة عن أبي هريرة وكلها بمعنى حديث الباب (20) عن حذيفة بن اليمان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا عبد العزيز بن مسلم ثنا حصين عن أبي وائل عن حذيفة الخ (تخريجه) (ق) (21) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا عفان ثنا وهيب قال ثنا عبد الله بن عثمان بن خيثم عن ابن أبي مليكة عن عائشة الحديث (تخريجه) لم أقف عليه في غير الكتاب وأخرج نحوه (ق) من حديث حذيفة وأنس. (22) عن عبد الله بن رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أني ثنا أبو عامر ثنا أفلح بن سعد قال ثنا عبد الله بن رافع قال كانت أم سلمة تحدث أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه). (2) قال في المختار ويح كلمة رحمة وويل كلمة عذاب وقيل بمعنى واحد تقول ويح وويل لزيد فترفعهما على الابتداء ولك أن تنصبهما بفعل مضمر تقديره ألزمه الله ويحا وويلا ونحو ذلك وكذا ويحك وويلك وويح زيد وويل زيد منصوب بفعل مضمر وأما قولهم تعسا له وبعدا له ونحوهما فمنصوب أبداً لأنه لا تصح إضافته بغير لام فيقال تعسه وبعده فلذلك افترقا اهـ وفي مجمع بحار الأنوار نقلا عن ابن الأثير في جامع الأصول قال ويح لمن ينكر عليه فعله مع ترفق وترحم في حال الشفقة وويل لمن ينكر عليه مع غضب اهـ (3) أي جماعات (وقوله فتفرقت بكم الطرق) أي

-[قوله صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن الذين من قبلكم]- ألا هلموا إلى الطريق فناداني مناد من بعدي فقال إنهم قد بدلوا بعدك فقلت ألا سحقاً ألا سحقاً. (4) باب في قوله صلى الله عليه وآله وسلم لتتبعن سنن الذين من قبلكم (23) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لتتبعن سنن (1) الذين من قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم قلنا يا رسول الله آليهود والنصارى؟ قال فمن. (24) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وفيه بعد قوله وذراعاً بذراع قال وباعاً فباعاً حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه قالوا ومن هم يا رسول أهل الكتاب؟ قال فمن.

_ بعضهم سلك الطريق الموصلة إلى الحوض وبعضهم ضل عنها إلى طريق آخر غير موصل (وقوله هلموا) أي أقبلوا (وقوله من بعدي) أي من ورائي (وقوله بدلوا بعدك) أي أحدثوا في الدين ما ليس منه (تخريجه) الحديث إسناده جيد ولم أقف عليه في الكتاب وأحاديث الباب تعضده والله أعلم. (23) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا زهير بن محمد ثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن بشار عن أبي سعيد الخدري الحديث (غريبه) (1) السنن بفتح السين المهملة والنون هو الطريق وقال الطيبي هي جمع سنة وهي الطريقة حسنة أو سيئة والمراد هنا طريقة أهل الأهواء والبدع التي ابتدعوها من تلقاء أنفسهم بعد أنبيائهم (وقوله شبراً بشبر الخ) قال النووي رحمه الله المراد بالشبر والذراع وجحر الضب التمثيل بشدة الموافقة في المعاصي والمخالفات لا في الكفر وفي هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقد وقع ما أخبر به (تخريجه) (ق). (24) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج أخبرني ابن جريج أخبرني زياد بن سعد عن محمد بن زيد بن المهاجر بن قنفذ عن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة الحديث (تخريجه) (ق)

-[ذم الاقتداء بالكفار]- (25) عن سهل بن سعد الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لتركبن (1) سنن من كان قبلكم مثلا بمثل. (26) عن شداد بن أوس رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحملن شرار هذه الأمة على سنن الذين خلوا من قبلهم أهل الكتاب حذو القذة بالقذة. (27) عن أبي واقد الليثي رضي الله عنه أنهم خرجوا عن مكة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى حنين قال وكان للكفار سدرة يعكفون عندها يعلقون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط (2) قال فمررنا بسدرة خضراء عظيمة قال فقلنا (وفي رواية فقلت) يا رسول الله اجعل لنا ذات أنواط (وفي رواية كما

_ (25) وعن سهل بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق أنا ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن سهل بن سعد الأنصاري الحديث (غريبه) (1) بفتح التاء والكاف بينهما راء ساكنة ثم موحدة مضمومة قبل نون التوكيد الثقيلة أي لتتبعن آثار من كان قبلكم وطريقهم يقال ركبت أثره وطريقه إذا اتبعته ملتحقا به (تخريجه) (خ) وأخرجه الإمام الشافعي في سننه عن عبد الله بن عمرو بن العاص مرفوعا بلفظ (لتركبن سنن من كان قبلكم حلوها ومرها). (26) عن شداد بن أوس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام قال ثنا عبد الحميد يعني بن بهرام قال ثنا شهر يعني ابن حوشب حدثني ابن غنم أن شداد بن أوس حدثه عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحملن الخ (غريبه) (1) القذة واحدة رياش السهم جمعها قذذ أي كما تقدر كل واحد منهما على قدر صاحبتها وتقطع يضرب مثلا للشيئين يستويان ولا يتفاوتان (له) (تخريجه) الحديث إسناده جيد وله شواهد عند الشيخين والترمذي من طرق متعددة بمعنى حديث الباب وله شاهد أيضا عند الحاكم من حديث حذيفة بن اليمان مطولا وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي. (27) وعن أبي واقد الليثي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا ليث ثنا حجاج يعني ابن سعد حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن سنان بن أبي سنان الدؤلي ثم الجندعي عن أبي واقد الليثي الخ (غريبه) (3) قال في النهاية هي اسم شجرة بعينها كانت للمشركين ينوطون بها سلاحهم

-[تغير الحال في عصر التابعين]- للكفار ذات أنواط) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلتم والذي نفسي بيده كما قال قوم موسى (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة، قال إنكم قوم تجهلون) إنها لسنن، لتركبن سنن من كان قبلكم سنة سنة (وعنه من طريق آخر بنحوه) (1) وفيه فقال النبي صلى الله عليه وسلم الله أكبر هذا كما قالت بنو إسرائيل لموسى (اجعل لنا إلها كما لهم آلهة) إنكم تركبون سنن الذين من قبلكم. خاتمة فيما ورد عن بعض الصحابة في تغير الحال في عصر التابعين (28) عن أبي عمران الجوني قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول ما أعرف شيئا اليوم مما كنا عليه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلنا فأين الصلاة، قال أولم تصنعون في الصلاة ما قد علمتم (2). (29) عن ثابت البناني قال قال أنس بن مالك رضي الله عنه ما أعرف فيكم اليوم شيئا كنت أعهده على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس قولكم لا إله

_ أي يعلقون بها ويعكفون حولها فسألوه أن يجعل لهم مثلها فنهاهم عن ذلك وأنواط جمع نوط وهو مصدر سمي به المنوط اهـ وفي المختار ناط الشيء علقه وبابه قال وذات أنواط اسم شجرة بعينها وهو في الحديث اهـ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري به (تخريجه) الحديث أخرجه أيضاً الإمام الشافعي رحمه الله في سننه بلفظ حديث الباب عن أبي واقد أيضا وكلاهما إسناده جيد. (28) عن أبي عمران الجوني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي زياد بن الربيع أبو خداس اليحمدي قال سمعت أبا عمران الجوني يقول سمعت أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) يعني تأخيرها عن وقتها المختار كما سيأتي بعده (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث غريب من هذا الوجه وقد روي من غير وجه عن أنس اهـ (29) عن ثابت البناني بضم الباء وفتح النون مخففة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا سليمان بن المغيرة ثنا ثابت قال قال أنس الخ

تغير الحال في عصر التابعين إلا الله قال قلت يا أبا حمزة الصلاة، قال قد صليت حين تغرب الشمس (1) أفكانت تلك صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال علي إنسي لم أر زمانا خيرا لعامل من زمانكم هذا إلا أن يكون زمانا مع نبي. (30) عن أم الدرداء قال دخل علي أبو الدرداء (رضي الله عنه) وهو غضب فقلت من أغضبك قال والله لا أعرف فيهم من أمر محمد صلى الله عليه وسلم شيئا إلا أنهم يصلون جميعاً (2) (وفي رواية إلا الصلاة).

_ (غريبه) (1) الظاهر أنها صلاة العصر (تخريجه) أخرج نحوه البخاري عن أنس دخل عليه الزهري فوجده يبكي فقال ما يبكيك قال لا أعرف شيئا كما أدركت إلا هذه الصلاة وهذه الصلاة قد ضيعت يعني والله أعلم أنهم يؤخرونها عن وقتها الاختياري. (30) عن أم الدرداء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد قال ثنا الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن أم الدرداء الخ (غريبه) (2) يعني صلاة الجماعة (تخريجه) لم أقف عليه في غير الكتاب وسنده جيد ويعضده ما قبله والله أعلم وإلى هنا انتهى القسم الأول من الكتاب وقد اشتعل على خمسة كتب (1) كتاب التوحيد وفيه اثنان وأربعون حديثا (2) كتاب الإيمان وفيه تسعة أحاديث ومائة (3) كتاب القدر وفيه ستة وأربعون حديثاً (4) كتاب العلم وفيه واحد وثمانون حديثا (5) كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة وفيه ثلاثون حديثاً ومجموع ما اشتمل عليه هذا القسم ثمانية أحاديث وثلاثمائة، ويليه القسم الثاني من الكتاب وهو قسم الفقه نسأل الله تعالى الإعانة على إتمامه والنفع به إنه سميع الدعاء وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين وآله وصحبه وسلم تسليما كثيرا آمين

القسم الثاني من الكتاب: قسم الفقه

القسم الثاني من الكتاب: قسم الفقه وهو أربعة أنواع: النوع الأول منه العبادات (1) كتاب الطهارة (أبواب أحكام المياه) (الباب الأول في طهورية ماء البحر وماء البئر) (1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سأل رجل (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فإن توضأنا به عطشنا، أفنتوضأ من ماء البحر؟ قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم هو الطهور ماؤه (2) الحل ميتته (وعنه من طريق آخر) (3) أن ناساً أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا إنا نبعد في البحر ولا نحمل من الماء إلا الإداوة (4) والإداوتين لأنا لا نجد الصيد حتى نبعد

_ (1) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سلمة ثنا مالك عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة من آل ابن الأزرق أن المغيرة بن أبي بردة وهو من بني عبد الدار أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول سأل رجل الخ (غريبه) (1) اسمه عبد الله المدلجي وقد جاء مصرحا باسمه عند الطبراني في الكبير قال عن عبد الله المدلجي أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله فذكر الحديث (وقوله عطشنا) بكسر الطاء من باب طرب (2) بفتح الطاء الماء الذي يتطهر به وبالضم التطهر أي الفعل كالوضوء بالفتح والوضوء بالضم (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد عن ليث عن الحلاج أبي كثير عن المغيرة عن أبي بردة عن أبي هريرة الحديث (4) بكسر الهمزة إناء صغير من جلد يتخذ للماء وجمعها أداوى بفتحات (تخريجه) أخرجه أيضا الإمامان والأربعة (حب طب خز هق قط ك) وغيرهم وصححه البخاري والترمذي وابن خزيمة وابن حبان وابن عبد البر وغيرهم وقال ابن الأثير في شرح مسند الشافعي هذا حديث صحيح مشهور

-[طهورية ماء البحر وماء البئر]- أفنتوضأ بماء البحر قال نعم فإنه الحل ميتته الطهور ماؤه (2) عن عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة الكناني أن بعض بني مدلج (1) أخبره أنهم كانوا يركبون الأرماث في البحر للصيد فيحملون معهم ماء للسقاة فتدركهم الصلاة وهم في البحر وأنهم ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقالوا إن نتوضأ بمائنا عطشنا وإن نتوضأ بماء البحر وجدنا في أنفسنا فقال لهم هو الطهور ماؤه الحلال ميتته (3) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في البحر

_ أخرجه الأئمة في كتبهم واحتجوا به ورجاله ثقات وقال الحميدي قال الشافعي هذا الحديث نصف علم الطهارة (وقال ابن الملقن) إنه حديث عظيم أصل من أصول الطهارة يشتمل على أحكام كثيرة وقواعد مهمة اهـ (فائدة) في قوله صلى الله عليه وسلم (الحل ميتته) مشروعية الزيادة في الجواب على سؤال السائل لقصد الفائدة (قال النووي) رحمه الله في شرح المهذب إنه يستحب للعالم والمفتي إذا سئل عن شيء وعلم أن بالسائل حاجة إلى أمر آخر يتعلق بالسؤال عنه لم يذكره السائل أن يذمره له ويعلمه إياه لأنه سأل عن ماء البحر فأجيب بمائه وحكم ميتته لأنهم يحتاجون إلى الطعام كالماء اهـ. (2) عن عبد الله بن المغيرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا يحيى عن عبد الله بن أبي بردة الكناني أنه أخبره أن بعض بني مدلج الخ (غريبه) (1) مدلج كمحسن قبيلة من كنانة وقد تقدم أن اسمه عبد الله (وقوله الأرماث) جمع رمث بفتح أوله وثانيه وهو خشب يضم بعضه إلى بعض ثم يشد ويركب في الماء ويسمى الطوف وهو فعل بمعنى مفعول من رمثت الشيء إذا لممته وأصلحته (نه) (وقوله للسقاة) أي للشرب لأن ماء البحر ملح لا يشرب وعند الطبراني لشقينا أي لشربنا (وقوله وجدنا في أنفسنا) أي وجدوا في أنفسهم ريبة وشكا من الوضوء بماء البحر لجهلهم بالحكم فيه (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ في غير الكتاب وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد ورجاله ثقات. (3) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو القاسم ابن أبي الزناد أخبرني إسحاق بن حازم عن أبي مقسم قال أبي يعني عبيد الله بن مقسم عن

-[طهورية ماء البحر وماء البئر]- (4) عن موسى بن سلمة أن سنان بن سلمة سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن ماء البحر فقال ماء البحر طهور. (5) ز عن علي رضي الله عنه في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم أفاض (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بسجل (2) من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ ثم قال انزعوا يا بني عبد المطلب فلولا أن تغلبوا (3) عليها لنزعت.

_ جابر بن عبد الله الحديث (تخريجه) (جه حب قط ك) قال علي ابن السكن حديث جابر أصح ما روي في هذا الباب قاله الحافظ في التلخيص. (4) عن موسى بن سلمة، هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في ترجمة ابن عباس من كتاب المناقب إن شاء الله تعالى (تخريجه) قال الحافظ في التلخيص رواه الدارقطني والحاكم من حديث موسى بن سلمة عن ابن عباس قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ماء البحر فقال ماء البحر طهور ورواته ثقات لكن صحح الدارقطني وقفه اهـ (قلت) قال الهيثمي رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (5) ز عن علي رضي الله عنه هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده إن شاء الله تعالى في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الحج وهو من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله وقد أثبت هذا الجزء منه هنا للاستدلال به على طهورية ماء البئر لوضوئه صلى الله عليه وسلم منها (غريبه) (1) أي طاف طواف الإفاضة (2) السجل بفتح السين المهملة الدلو الملأى ماء ويجمع على سجال (وقوله انزعوا) بكسر الزاي من باب شرب تقول نزعت الدلو انزعها نزعا إذا أخرجتها أي استقوا بالدلاء وانزعوها بالرشاء (3) تغلبوا بضم أوله مبني للمجهول يعني لولا خوفي أن يعتقد الناس ذلك من مناسك الحج يزدحمون عليه بحيث يغلبونكم ويدفعونكم عن الاستقاء لاستقيت معكم لكثرة فضيلة هذا الاستقاء (تخريجه) (م د نس) من حديث جابر بن عبد الله وأخرجه البخاري من حديث ابن عباس مختصراً (الأحكام) أحاديث الباب تدل على طهارة ماء البحر والبئر وجواز الطهارة به وسواء في ذلك العذب والملح (وفي المختصر) قال الشافعي رحمه الله فكل ماء من بحر عذب أو مالح أو بئرا وسماء أو برد أو ثلج مسخن وغير مسخن فسواء، والتطهر به جائز ولا أكره الماء المشمس

-[حكم الطهارة بالنبيذ]- (2) باب في حكم الطهارة بالنبيذ إذا لم يوجد الماء (6) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال لما كان ليلة الجن (1) تخلف منهم رجلان وقالا نشهد الفجر معك يا رسول الله فقال لي النبي صلى الله عليه وسلم أمعك ماء؟ قلت ليس معي ماء ولكن معي إداوة (2) فيها نبيذ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ثمرة طيبة (3) وماء طهور فتوضأ (وعنه من طريق ثان) (4) قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمعك طهور قلت لا قال فما ذها في الإداوة قلت نبيذ قال أرنيها، ثمرة طيبة وماء طهور فتوضأ منها وصلى (وعنه من طريق ثالث) (5) أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا عبد الله أمعك ماء قال معي نبيذ في إداوة فقال اصبب علي فتوضأ قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا عبد الله

_ إلا من جهة الطب اهـ (قلت) وبه قال جمهور العلماء (وفيها أيضاً) دليل على حل جميع حيوان البحر أعني ما لا يعيش إلا فيه حتى كلبه وخنزيره وثعبانه وهو الصحيح عند الشافعية وفيه خلاف سيأتي في موضعه والله أعلم. (6) عن ابن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن أبي فزارة العبسي قال ثنا أبو زيد مولى عمرو بن حريث بن مسعود الخ (غريبه) (1) أي الليلة التي جاءت الجن رسول الله صلى الله عليه وسلم وذهبوا به إلى قومهم ليتعلموا منه الدين وأحكام الإسلام (2) تقدم ضبطها وتفسيرها (والنبيذ) بفتح النون وكسر الياء الموحدة ما يعمل من الأشربة من التمر والزبيب والعسل والحنطة والشعير وغير ذلك يقال نبذت التمر والعنب إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذا من مفعول إلى فعيل اتخذته نبيذا وسواء كان مسكراً أو غير مسكر فإنه يقال له نبيذ ويقال للخمر المعتصر من العنب نبيذ كما يقال للنبيذ خمر (نه) (قلت) والظاهر أن نبيذ ابن مسعود كان حلوا غير مسكر بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في الرواية الرابعة شراب وطهور والله أعلم (3) أي النبيذ ليس إلا ثمرة طيبة (وقوله طهور) بفتح الطاء أي مطهر (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن زكريا حدثني إسرائيل عن أبي فزارة عن أبي زيد مولى عمرو بن حريث عن ابن مسعود قال قال أبي الخ (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق ثنا ابن لهيعة عن قيس بن الحجاج عن حنش الصنعاني عن ابن عباس عن

-[غسل الرجل مع زوجته من إناء واحد]- (3) باب في أن غسل الرجل مع زوجته من إناء واحد لا يسبب طهورية الماء (7) عن عائشة رضي الله عنها لقد كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد وإنا لجنبان ولكن الماء لا يجنب (8) عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد وكان يغتسل من القدح وهو الفرق (1) (9) عن معاذة العدوية عن عائشة رضي الله عنها أنها أخبرتها قالت

_ عبد الله بن مسعود أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (وقوله شراب وطهور) أي النبيذ يصلح للشرب وللتطهر به (تخريجه) (مذ د جه طب قط بز) وضعفوه جميعا وقال الطحاوي أن حديث ابن مسعود روي من طرق لا تقوم بمثلها حجة اهـ وذكر ابن عدي عن البخاري أنه قال أبو زيد الذي روى حديث ابن مسعود في الوضوء بالنبيذ مجهول لا يعرف بصحبة عبد الله ولا يصح هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وهو خلاف القرآن اهـ (قلت) يعني قوله تعالى (فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيداً طيبا) وهو وجيه، وقال القاري في المشكاة قال السيد جمال أجمع المحدثون على أن هذا الحديث ضعيف (قلت) وقال الحافظ هذا الحديث أطبق علماء السلف على تضعيفه والله أعلم (الأحكام) حديث الباب إن صح يدل على جواز الوضوء بالنبيذ لمن لم يجد الماء وقد علمت ما فيه، وإليه ذهب أبو حنيفة والثوري إذا كان نبيذ تمر رقيقاً يسيل على الأعضاء حلواً غير مسكر يتوضأ به ولا يتيمم، وقال أبو يوسف يتيمم ولا يتوضأ به، وقد رجع إليه أبو حنيفة وهو قول الجمهور وباقي الأئمة واختاره الطحاوي وقال ما ذهب إليه أبو حنيفة أولا اعتماداً على حديث ابن مسعود لا أصل له اهـ. (7) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا إسرائيل عن جابر عن عامر عن مسروق عن عائشة الحديث (تخريجه) أخرجه (م) عن عائشة رضي الله عنها بلفظ كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إنا واحد ونحن جنبان. (8) عن عروة عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن عروة الخ (غريبه) (1) بفتح الفاء وفتح الراء وإسكانها لغتان والفتح أشهر وأفصح والفرق فسره سفيان في رواية أخرى عند مسلم ثلاثة آصع والمراد بقولها من القدح بيان لجنس الإناء الذي يستعمل الماء منه وليس المراد أنه يغتسل بماء الفرق بدليل قولها في حديث آخر كان صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع (تخريجه) (ق وغيرهم). (9) عن معاذة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم قال

-[غسل الرجل مع المرأة من إناء واحد]- كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد وأنا أقول له أبق لي ابق لي (وعنها من طريق آخر بنحوه) (1) وفيه فأبادره وأقول دع لي دع لي (10) عن عروة عن عائشة رضي الله عنها حدثته أنها كانت تغتسل هي ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد يغرف قبلها وتغرف (2) قبله (وفي لفظ) كان يبدأ قبلها. (11) عن ميمونة رضي الله عنها قالت كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد. (12) عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها أنها كانت هي ورسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسلان من إناء واحد من الجنابة وكان يقبلها وهو صائم

_ ثنا المبارك قال حدثتني أمي عن معاذة الخ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد وعبد الصمد قال ثنا ثابت أبو زيد قال ثنا عاصم عن معاذة قال أبو سعيد أن عائشة حدثتها قالت كنت أغتسل الخ (تخريجه) (م فع د نس) والرواية الأولى أخرجها بلفظها الإمام الشافعي في مسنده والثانية أخرجها مسلم بلفظها (10) عن عروة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (2) الاغتراف هنا معناه أخذ الماء باليد قال في المختار غرف الماء بيده من باب ضرب واغترف منه اهـ (تخريجه) إسناده جيد وأخرجه أيضاً الطحاوي في معاني الآثار بلفظه. (11) عن ميمونة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن أبي الشعثاء جابر يعني بن زيد عن ابن عباس عن ميمونة الخ (تخريجه) (م مذ فع نس جه والطحاوي). (12) عن زينب بنت أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم قال ثنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن زينب بنت أم سلمة الحديث (تخريجه) (م جه) والطحاوي في معاني الآثار بدون لفظ القبلة

-[غسل الرجل مع المرأة في إناء واحد]- (13) عن ناعم مولى أم سلمة أن أم سلمة رضي الله عنها سئلت أتغتسل المرأة مع الرجل فقالت نعم إذا كانت كيسة (1) رأيتني ورسول الله صلى الله عليه وسلم تغتسل مرتين (2) واحد نقيض على أيدينا حتى ننقيها ثم نفيض علينا الماء. (14) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم والمرأة من نسائه يغتسلان من إناء واحد وكان يغتسل بخمس مكاكي (2) ويتوضأ بمكوك. (15) عن سالم بن سرج (3) قال سمعت أم صبية الجهنية رضي الله

_ (13) عن ناعم مولى أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن إسحق قال ثنا عبد الله يعني ابن مبارك قال أنا سعيد بن يزيد وهو أبو شجاع قال سمعت عبد الرحمن بن هرمز الأعرج يقول حدثني ناعم مولى أم سلمة الحديث (غريبه) (1) بفتح أوله وكسر الياء التحتية مشددة وفتح السين المهملة أرادت به حسن الأدب في استعمال الماء مع الرجل (نه) (2) كمنبر آنية يغسل فيها الثياب (تخريجه) إسناده جيد وأخرجه (نس جه والطحاوي). (14) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة وابن جعفر ثنا شعبة عن عبد الله بن عبد الله بن جبر قال سمعت أنس بن مالك قال كان النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) قال النووي رحمه الله في شرح مسلم مكاكي بتشديد الياء والمكوك بفتح الميم وضم الكاف الأولى وتشديدها وجمعه مكاكيك ومكاكي ولعل المراد بالمكوك هنا المد كما قال في الرواية الأخرى (يعني رواية مسلم) يتوضأ بالمد ويغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد اهـ (تخريجه) (م نس) مختصراً ولفظ مسلم عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بخمس مكاكيك ويتوضأ بمكوك قال مسلم وقال ابن المثنى بخمس مكاكي اهـ. (15) عن سالم بن سرج (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدي قال حدثني خارجه بن الحرث المزني قال حدثني سالم الخ وله طريق آخر حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا يحيى بن سعيد عن أسامة بن زيد قال حدثني سالم الخ (غريبه). (1) (ابن سرج) بالجيم (وصبية) بوزن رقية قال أبو عبد الله بن ماجه بعد إخراج هذا

-[غسل الرجل مع المرأة من إناء واحد]- عنها تقول اختلفت (1) يدي ويد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوضوء من إناء واحد. (16) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال رأيت الرجال والنساء يتوضؤن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد (2) (وعنه من طريق ثان) (3) أن الرجال والنساء كانوا يتوضؤن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الإناء الواحد جميعاً (وعنه من طريق ثالث) (4) قال كان النساء والرجال يتوضؤن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد ويشرعون فيه جميعاً

_ الحديث في سننه سمعت محمداً يقول أم صبية هي خولة بنت قيس فذكرت لأبي زرعة فقال صدق اهـ (1) أي كانت تتناوب أخذ الماء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تأخذ الماء مرة ويأخذه مرة (فإن قيل كيف) ذلك وليست بمحرم له ولا زوجة (فالجواب) إن ذلك ربما كان قبل الحجاب أو أدركته في آخر وضوئه واشتركت معه مدة المضمضة والاستنشاق وغسل الوجه ثم انتهى وضوؤه وفارقها قبل أن تحسر عن ذراعيها (وقيل) لا مانع من أن ذلك كان بعد الحجاب وكان بينهما حائل يمنع الرؤية ولا يمنع إناء الماء والله أعلم (تخريجه) إسناده جيد (جه د قط هق) والبخاري في الأدب المفرد. (16) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن نافع عن ابن عمر (غريبه) (2) زاد أبو داود وندلي فيه أيدينا أي نلقى وندخل قال في مرقاة الصعود قيل يحمل على التعاقب أي يتوضؤون فيذهبون فيجئن فيتوضأن بعدهم اهـ (قلت) يرده قوله في الرواية الأخرى ويشرعون جميعا إذ معناه الاجتماع في الفعل (قال الحافظ) والأولى في الجواب أن يقال لا مانع من الاجتماع قبل نزول الحجاب وأما بعده فيختص بالمحارم والزوجات اهـ وقال الرافعي أراد كل مع زوجته وأنهما يأخذان من إناء واحد (قال الحافظ السيوطي) (قلت) ما تكلم على هذا الحديث أحد أحسن من الرافعي فلقد خلط فيه جماعة اهـ (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن الرجال الخ (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بن نمير ثنا عبيد الله عن نافع كذا قال أبي كان النساء والرجال الخ (تخريجه) (خ د نس جه) والإمامان (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن غسل الرجل مع زوجته من إناء واحد جائز ولا يسلب طهورية الماء قال النووي رحمه الله في شرح مسلم وأنا تطهير الرجل والمرأة من الماء واحد فهو جائز بإجماع المسلمين اهـ.

-[طهارة الماء المتوضأ به]- (4) باب في طهارة الماء المتوضأ به (17) عن ابن المنكدر أنه سمع جابراً رضي الله عنه يقول مرضت فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم هو وأبو بكر رضي الله عنه ماشيين وقد أغمي علي فلم أكلمه فتوضأ فصبه علي (1) فأفقت فقلت يا رسول الله كيف أصنع في مالي ولي أخوات قال فنزلت آية الميراث (يستفوتنك قل الله يفتيكم في الكلالة) كان ليس له ولد وله أخوات (إن امرؤ هلك ليس له ولد وله أخت). (18) وعن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم في حديث صلح الحديبية أن رسول قريش قام من عبد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد رأى ما يصنع به أصحابه لا يتوضأ وضوء إلا ابتدروه (2) ولا يبسق بساقاً إلا ابتدروه ولا يسقط من شعره شيء إلا أخذوه. (19) عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة (3) فتوضأ فجعل الناس يتمسحون بفضل وضوئه فصلى الظهر

_ (17) عن ابن المنكدر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن ابن المنكدر الحديث (غريبه) (1) يعني الماء الذي وقع به الوضوء (تخريجه) (ق د وغيرهم). (18) عن المسور بن مخرمة الخ هذا طرف من حديث طويل جداً ذكر بتمامه في صلح الحديبية من كتاب الغزوات وقد أثبت هذا الطرف منه هنا للاستدلال به على طهارة الماء المستعمل للوضوء (غريبه) (2) أي تسابقوا إليه للتمسح به ولم ينكر عليهم ذلك (وقوله ولا يبسق) بساقاً بالسين المهملة لغة في بزق وبصق (نه) (تخريجه) (خ) وغيره. (19) عن أبي جحيفة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا شعبة أخبرني الحكم عن أبي جحيفة الحديث (غريبه) (3) اشتداد الحر نصف النهار (والعنزة) بفتحات مثل نصف الرمح أو أكبر شيئا، وفيها سنان مثل سنان الرمح والعكارة

ركعتين وبين يديه عنزة. (5) باب في النهي عن الطهارة بفضل الطهور (20) عن حميد بن عبد الرحمن الحميري قال لقيت رجلا قد صحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صحبه أبو هريرة أربع سنين قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمتشط أحدنا (1) كل يوم وأن يبول في مغتسله وأن تغتسل المرأة بفضل الرجل وأن يغتسل الرجل بفضل المرأة وليغترفوا جميعا (2) عن الحكم بن عمرو (الغفاري رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم

_ قريب منها (نه) (تخريجه) (خ وغيره) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على طهارة الماء المتوضأ به (اى المستعمل في الوضوء) واليه ذهب الجمهور وذهب بعض الحنفية الى أنه نجس وحملوا أحاديث الباب على الاختصاص به صلي الله عليه وسلم ولكن الأصل أن حكمه صلي الله عليه وسلم وحكم أمته واحد الا أن يقوم دليل يقضي بالختصاص ولا دليل. (20) عن حميد بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يونس وعفان قال ثنا ابو عوانه عن داوود بن عبد الله الاودى عن حميد بن عبد الرحمن الخ (غريبه) (1) أي لانه ترفه وتنعمه يجعل للشيطان سبيلا الي الانسان يعتز بنفسه وو ما ورد في الحث على ذلك لا يقصد منه الفعل كل يوم بل عند الحاجة (وان يبول في مغتسله) اى المكان الذي أعد للاغتسال فيه خوفا من بقاء اثر البول فيتنجس برشاش البول عند الغسل (وان تغتسل المرأة بفضل الرجل الخ) هذه الجملة هي المقصودة من الحديث في هذا الباب ومعنيفضل الرجل اي الماء الذي يفضل في الاناء بعد الفروغ من طهارته كما فسره الحارظ ويقال مثل ذلك في فضل المرأة (2) وليغترفوا بواو الجمع ----- بالاصل: وروايه ابي داوود والنسائي والبيهقي في هذا الحديث نفسه وليغترفا بألف الأثنين وهو المتبادر والذي يدل عليه السياق , فان كانت رواية الكتاب غير محرفة فالظاهر أن يكون المراد بها الرجل وزوجاته أن كان له أكثر من واحدة هذا ما ظهر لي والله أعلم (وقوله جميعا) ظاهره معا ويحتمل المناوبة (وفيه) كراهة الطهارة بفضل الطهور مطلقا سواء كان من رجل أو من امرأة وسيأتي الكلام على ذلك اخر الباب (تخريجه) (نس د هق) وقال الحافظ رجاله ثقات. (21) عن الحكم بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا وهب ابن جرير قال ثنا شعبة عن عاصم الاحول عن اب الحاجب عن الحكم بن عمرو الحديث

نهى أن يتوضأ الرجل من فضل وضوء المرأة (4) (ومن طريق رابع) (5) عن ابي الحاجب عن رجل (6) من أصحاب النبى صلي الله عليه وسلم م بني غفار أن النبى صلي الله عليه وسلم نهى أن يتوضأ الرجل من فضل طهور المرأة. فصل في الرخصة في ذلك (22) عن ابن عباس رضى الله عنهما عن ميمونة زوج النبي صلي الله عليه وسلم قالت

_ (غريبه) (1) السؤر بضم السين بهدها همزة ساكنة مثل قفل وو جمعه آسار مثل أقفال قال النووى في تهذيب الأسماء واللغات السؤر بالهمزة بقية الشراب وغيره (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا شعبة به (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا سليمان بن داود (يعني الطيالسي) ثنا شعبة (4) بفتح الواو لأن المراد به الماء الفاضل في الاناء بعد الفراغ من الوضوء قال الفظ وكذا يقال في قوله (طهور المرأة) بفتح الطاء أيضا (5) (سنده (حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا سليمان التيمي عن أبي الحاجب عن رجل من أصحاب النبى صلي الله عليه وسلم من بني غفار الخ (6) هو الحكم بن عمرو الغفاري رضى الله عنه (تخريجه) الحديث رواه الامام أحمدرحمه الله من أربع طرق كما علمت فالرواية الاولى لم أقف على من أخرجها غيره (والثانية) أخرجها الدارقطني بلفظ (نهى أن يتوضأ الرجل بفض وضوء المرأة أو قال شرابها) (والثالثة) أخرجها النسائى وابن ماجة (والرابعة) أخرجها ------) وقال حديث حسن (قلت) وهذه الروايات كلها جيدة الأسانيد (قال الحافظ في الفتح) حديث الحطم بن عمرو أخرجه أصحاب السنن وحسنه الترمذى وصححه ابن حبان اهـ (الأحكام) قال الترمذى عقب اخراج الحديث وكره بعض الفقهاء الوضوء بفضل طهور المرأة وهو قول أحمد واسحق يكرها فضل طهورها ولم يربايا بفضل سؤرها بأسا اهـ (قلت) وأحاديث الباب تعضدهما لكن يعارضها حديث ميمونة الآتي (أن النبى صلي الله عليه وسلم بفضل غسلها من الجنابة) رواه الامام احمدومسلم (قال الحافظ) ويمكن الجمع بأن تحمل أحاديث النهي علي ما تساقط من الاعضاء والجواز علي ما بقى من الماء قال وبذلك جمع الخطابي قال أو يحمل النهى علي التنزيه جمعا بين الادلة والله أعلم. (22) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا هاشم بن القاسم

أجنبت (1) أنا ورسول الله صلي الله عليه وسلم فاغتسلت من جفنة (2) ففضلت فضلة فجاء رسول الله صلي الله عليه وسلم ليغتسل بمنها فقلت اني قد اغتسلت منها فقال ان الماء ليس عليه جنابة (3) أو لا ينجسه شئ فاغتسل منه. (23) عن عكرمة عن اب عباس رضى الله عنهما أن بعض أزواج الني صلي الله عليه وسلم اغتسلت من الجنابة فتوضأ النبى صلى الله عليه وسلم بفضله (4) فذكرت له ذلك فقال ان الماء لا ينجسه شئ.

_ قال ثنا شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) (1) (قال الخطابى أصل الجنابة البعد ولذلك قيل للغريب جنب أي بعيد وسمى الجامع ما لم يغتسل جنبا لمجانبته الصلاة وقراءة القرآن كما سمى الغريب جنبا لبعده عن أهله ووطنه (قلت) عبر بالمجامع أى باعتبار الغالب الا فالمحتلم يسمى جنب أيضا (فائدة) قال الخطابى روى أربع لا يجنبن , الثوب والانسان والأرض والماء, وقسروه أن الثوب اذا أصابه عرق الجنب والحائض لم يتنجس والانسان اذا اصابته الجنابة لم ينجس وان صافحه جنب أو مشرك لم ينجس , والماءان ادخليده فيه جنب أو اغتسل فيه لم ينجس , والارض ان اغتسل عليها جنب لم تنجس اهـ (2) الجفنة بفتح الجيم وسكون الفاء هى القصعة الكبيرة وتجمع على جفان بكسر الجيم وجفنات بفتحات (3) رواية الترمذى أن الماء لا يجنب بضم الياء وكسر النون ويجوز فتح الياء وضم النون قال الزعفراني أي لا يصير جنبا كذا في المرقاة (تخريجه) قال الحافظ أخرجه أصحاب السنن والدار قطنى وصححه الترمذى وبن خزيمة وغيرهما من حديث اب عباس عن ميمونة قالت أجنبت فذكر الحديث بلفظ حديث الباب الا قوله لا بنجسه شئ فليس فيه وعزاه للدارقطني قال وقد أعله قوم بسماك بن حرب رواية عن عكرمة لأنهكان يقبل التلقين لكن قد رواه عن شعبة وهو لا يحمل عن مشايخه الا صحيح حديثهم اهـ (قلت) وحديث الباب أخرجه أيضا الدارمى عن يزيد بن عطاء والطحاوي والحاكم عن سفيان كلهم عن سماك بن حرب وهذا حديث صحيح في الطهارة ولم يخرجاه ولم يحفظ له علة (قلت) وأقره الذهبى. (22) عن عكرمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبيثنا علي بن اسحاق ثنا عبد الله أنا سفيان عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) (4) أي بفضل غسلها (تخريجه) الأربعة وصححه الترمذى وابن خزيمة وهو بمعنى الحديث السابق الا أن ذاك من مسند ميمونة

(24) عن ابن عباس رضى الله عنهما عن ميمونة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ بفضل غسلها من الجنابة (6) باب في حكم الماء المتغير بطاهر أجنبي عنه (25) (عن أم هانئ بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح بأعلى مكة فاتيته فجاء أبو ذر بجفنة فيها ماء قالت اني لأرى فيها أثر العجين (1) فستره يعني أبا ذر رضى الله عنه فاغتسل ثم صلى على النبى صلى الله عليه وسلمثمان ركعات وذلك في الضحي. (26) وعنها أيضا قالت اغتسل النى صلى الله عليه وسلم وميمونة من اناء واحد قصعة فيها أثر العجين.

_ وهذا من مسند ابن عباس وذاك أيضا من طريق وهذا من طريق اخر (24) غن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود أبو داود الطيالسي قال أنا شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن ميمونة الخ (تخريجه) الحديث أخرجه أيضا مسلم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بفضل ميمونة (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز الطهارة بفضل غسل المرأة من الجنابة وبه قال الجمهور وتقدم الخلاف في ذلك وتحمل أحاديث النهى على كراهة التنزيه كما تقدم والله أعلم. (25) عن أم هانئ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن ابن طاوس عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أم هانئ الحديث (غريبة) (1) العجين معلوم وهو ما عجن من الدقيق (تخريجه) الحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد بلفظه وزاد ثم ستر النبى صلى الله عليه وسلم أبا ذر فاغتسل وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح وهو في الصحيح خلاصة أبي ذر وستر كل واحد منهما الآخر اهـ. (26) وعنهما أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمرو بن ابي بكير قال ثنا ابراهيم بن نافع عن ابي نجيح عن مجاهد عن أم هانئ الحديث. (تخريجه) أورده صاحب المشكاة في كتابه وعزاه النسائى وابن ماجة وقال صاحب التنقيح ورواه أيضا ابن حبان في صحيحه وهو يكفي لتوثيق رجاله (الأحكام) أحاديث الباب

(7) باب في حكم الماء اذا لاقته نجاسة وما جاء في بئر بضاعة (27) عن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه قال انتهيت الى النبى صلى اللهعليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة (1) فقلت يا رسول الله توضأ منها وهى يلقى فيها

_ تدل على جواز الطهارة بالماء المتغير بشئ طاهر أجنبي عنه تغيرا يسيرا لا يخرجه عن حد الماء وبه قال الاربعة الا المالكية قالوا يكون طاهرا غير مطهر , قال الحافظ في التلخيص (فائدة) أهمل الرافعي الاستدلال على أن الماء لا تسلب طهوريته بنحو الزعفران والدقيق وعند ابن خزيمة والنسائى من حديث أم هانئ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اغتسل هو وميمونة من اناء واحد في قصعة فيها أثر عجين اهـ (27) عن ابي سعيد الخدرى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا عبد العزيز بن مسلم قال ثنا مطرف عن خالد بن أبي نوف عن ابن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال انتهيت الخ (غريبة) (1) بضم الباء الموحدة قال الطيبى نقلا عن التوربشى بضاعة دار بني ساعدة بالمدينة وهي بطن من الخزرج وأهل اللغة يضمون الباء ويكسرونها والمحفوظ في الحديث الضم اهـ وقال في البدر المنير بضاعة هو اسم لصاحب البئر وقيل هو اسم لموضعها وهى بئر بالمدينة بصق رسول الله صلى الله عليه وسلم وبرك وتوضأ في دلو ورده فيها وكان اذا مرض مريض يقول له اغتسل بمائها فيغتسل كأنما نشط من عقال , وهى في ديار بني ساعدة معروفة (وقوله توضأ منها) كذا في الكتاب بخذف همزة الاستفهام واحدى التءين تخفيفا ورواه أصحاب السنن وغيرهم باثياتهما وضبطه النووى في شرح المهذب بتاءين مثناتين من فوق خطاب للنبى صلى الله عليه وسلم معناه تتوضأ أنت يا رسول الله من هذه البئر وتستعمل مائها في وضوئك مع أن حالها ما ذكرناه , قال وانما ضبطت كونه بالتاء لئلا يصحف فيقال أنتوضأ بالنون وقد رأيت من صحفه واستبعد كون النبى صلى الله عليه وسلم توضأ وهذا غلط فاحش , قال وقد جاء التصريح بوضوء النبى صلى الله عليه وسلم منها في هذا الحديث من طرق كثيرة ذكرها البيهقي في السنن الكبرى ورواها آخرون غيره ثم ذكر جملة روايات تؤيده اهـ باختصار (وقال الحافظ في التلخيص) قال الشافعى رحمه الله كانت بئر بضاعة كبيرة وكان يطرح فيها الأنجاس ما لا يغير لها لونا ولا طعما ولا يظهر له ريح فقيل للنبى تتوضأ من بئر بضاعة وهى يطرح فيها كذا وكذا فقال مجيبا (الماء لا ينجسه شئ) قال قلت وأصرح من ذلك ما رواه النسائى بلفظ مررت بالنبى صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ من بئر بضاعة فقلت أتتوضأ منها وهي يطرح

النتن (1) فقال إن الماء لا ينجسه شئ (2) (28) عن سهل ابن سعد الساعدي رضى الله عنه قال سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدى من بضاعة

_ فيها ما يكره من النتن فقال (ان الماء لا ينجسه شئ) وقد وقع مصرحا به في رواية قاسم بن أصبغ في حديث سهل بن سعد أيضا اهـ (قلت) حديث النسائى الذي ذكره الحافظ لفظه أقرب الألفاظ الى حديث الباب وحديث سهل بن سعد سيأتي بعد هذا (1) بفتح النون والتاء وتكسر قال بن رسلان) رحمه الله في شرح السنن ابي داوود وينبغي أن يضبط بفتح النون وكسر التاء وهو الشئ الذي له رائحة كريهة من قولهم نتن الشئ بكسر التاء ينتن فيه نتن اهـ (قال الطبي رحمه الله) معنى قوله يلقى فيها أن البئر كانت بمسيل بعض الأودية التي يحتمل ان ينزل فيها أهل البادية فتلقى تلك القاذورات بأفنية منازلهم فيكسحها المسيل فيلقيها في البئر فعبر عنه القائل أن الالقاء من الناس لقلة تدينهم وهذا مما لا يجوزه مسلم فانا يظن ذلك بالذين هم أفضل القرون وأزكاهم اهـ (قلت) وقال الخطابى رحمه الله نحو ذلك وغير واحد من أهل العلم وهو وجيه (قال ابو داود) رحمه الله في سننه عقب هذا الحديث أي حديث الباب سمعت قتيبة بن سعيد قال سألت قيم بئر بضاعة عن عمقها قلت أكثر ما يكون فيها الماء؟ قال الى العانة قلت فاذا قلص قال دون العورة (قال ابو داود) قدرت بئر بضاعة بردائى فمددته عليها ثم ذرعته فاذا عرضها ستة أذرع وسألت الذي فتح لي باب البستان فأدخلني اليه هل غير بناؤها عما كان عليه قال لا. ورأيت فيها ماء متغير اللون (قال النووى رحمه الله) في شرح المهذب يعني بطول المكث وأصل المنبع لا بوقوع شئ أجنبى فيه (2) أى اذا كان كثيرا قلتين فأكثر ولم تتغير أحد أوصافه الثلاثة اللون أو الطعم أو الريح أخذا من الأحاديث اللآتيه وفي رواية لأبي داود والترمذى حسنه (الماء طهور لا ينجسه شئ) والمراد بقوله طهور أى مطهر لا طاهر في نفسه فقط (تخريجه) (فع والاربعة قط ك هق مذ) وقال حيث حسن وقد جوده أبو أسامة وصححه الامام أحمد بن حنبل ويحى بن معين وأبو محمد بن حزم قاله الحافظ في التلخيص. (28) عن سهل بن سعد الساعدي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا حسين بن محمد ثنا الفضيل يعني بن سليمان ثنا محمد يعني ابن ابي يحيى عن أمه قالت سمعت سهل بن سعد الساعدى يقول سقيت الخ (تخريجه) أخرجه (قط) عن سهل بن سعد أيضا بسند جيد بلفظ (شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بئر بضاعة) وأخرجه أبو داود من حديث أبي سعيد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقال له أنه يستقى لك من بئر بضاعة وهى بئر يلقى فيها لحوم الكلاب والمحايض وعذر الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (أن الماء طهور لا ينجسه

(8) في حكم الماء الذي ترده الدواب والسباع وحديث القلتين (29) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسئل عن الماء يكون بأرض الفلاة (1) وما ينوبه من الدواب والسباع فقال النبى صلى الله عليه وسلم اذا كان الماء قدر القلتين (2) لم يحمل الخبث (3) (وعنه من طريق آخر)

_ شئ) الحديث حسنه الترمذى وصححه الامام أحمد وغيره (الاحكام) أحاديث الباب تدل على جواز الطهارة والشرب من البئر الكثيرة الماء التي تلقى فيها ما لم يتغير أحد أوصافه بتلك النجاسة وقد حكى الاجماع على ذلك عن المام الشافعى والبيهقي وغيرهما صاحب البدر المنير وكذا نقل الاجماع ابن المنذر فقال أجمع العلماء على أن الماء القليل والكثير اذا وقعت فيه نجاسة فغيرت له طعما أو لونا أو ريحا فهو نجس (قلت) واختلفوا في الماء القليل اذا أصابته نجاسة ولم تغير أحد أوصافه فذهب المالكية الى جواز الطهارة به قالوا والأولى تركه اذا وجد غيره , وقال غيرهم بعدم الجواز مطلقا وسيأتي بيان القليل والكثير في الباب التالى. (29) عن ابن عمر سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبدة ثنا محمد ابن اسحق عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عمر الحديث (غريبة) (1) بفتح الفاء وهى الارض التى لا ماء فيها أو الصحراء والجمع فلا مثل حصاة وحصى (وقوله وما ينوبه) هو بالنون أى يرد عليه نوبة بعد أخرى وينزل به ويقصده (2) بضم القاف وتشديد الام مفتوحة قال في مجمع بحار الانوار نقلا عن النووى القلال بكسر القاف جمع قله بضمها جرة عظيمة تسع قربتين أو أكثر اهـ وروى الدار قطنى في سننه بسند صحيح عن عاصم ابن المنذر أنه قال القلال هى الخوابى العظام وقال الحافظ في التلخيص قال اسحق بن راهويه الخابية تسع ثلاث قرب اهـ (قلت) وقال المام الشافعى رحمه الله في الام الاحتياط أن تكون القلة قربتين ونصفا فاذا كان الماء خمس قرب لم يحمل نجسا فى جر كان أو غيره وقرب الحجاز كبار فلا يكون الماء الذى لم يحمل النجاسة الا بقرب كبارا اهـ (قال الخطابى رحمه الله) قلال هجر مشهورة الصنعة معلومة المقدار لا تختلف كما لا تختلف مكاييل وصيعان وقرب نسبت لبلدان محذوة على مثال واحد وهى أكبر ما يكون من قلال وأشهرها , اذ الحد لا يقع بمجهول فله قيل قلتين بتثنية فلو كان فوقها قله أكبر لا شكلت دلالته فلما ثناها دل على أنها أكبر قلال وجدت فالتثنية لابد لها من فائدة وما فائدتها الا ما ذكرناه اهـ (قلت) وقوى الشافعية أيضا كون المراد قلال هجر استعما العرب لها في أشعارهم وكذلك ورد التقييد بها في الحديث الصحيح قال البيهقي قلال هجر كانت مشهورة عندهم ولهذا شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى في ليلة المعراج من نبق سدرة المنتهى بقلال هجر اهـ (3) هو بفتحتين النجس أي لم يقبل النجاسة

حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال قال رسول الله صلى اللهعليه وسلم اذا كان الماء قدر القلتين أو ثلاث (1) لم ينجسه شئ قال وكيع (2) يعني بالقلة الجرة

_ بل يدفعها عن نفسه ويؤيد ذلك رواية ابي داود , (اذا كان الماء قلتين لم ينجس) وصححها البيهقي وغيره والرواية الثانية من حديث الباب (لم ينجسه شئ) وكان المعنى انه يضعف عن حملها لم يكن للتقييد بالقلتين معنى فان ما دونهما اولى بذلك (تخريجه) الاربعة والشافعى وغيرهم) وصححه (خز حب قط) وغير واحد من الائمة وتكلم فيه ابن عبد البر وغيره وقيل الصواب وقفه (وأخرجه أيضا الحاكم) وقال صحيح على شرط الشيخين فقد احتجا جميعا بجميع رواته ولم يخرجاه وأظنهما والله أعلم لم يخرجاه لخلاف فيه على ابي أسامة عن الوليد ابن كثير اهـ (1) قال البيهقي فيي المعرفة قوله أو ثلاث شك وقع لبعض الرواة اهـ وكيع هو احد مشايخ الامام احمد رحمهما الله (والجرة) تقدم معناها (تخريجه) الحيث اسناده جيد واخرجه الحاكم من هذا الطريق اعني طريق حماد بن سلمة عن عاصم بن المنذر عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر عن ابيه (عبد الله بن عمر) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (اذا بلغ الماء قلتين أو ثلاث لم ينجسه شئ) وقال هكذا حدثنا عن الحشن بن سيان وقد رواه عفان ابن مسلم وغيره من الحفاظ عن حماد بن سلمة ولم يذكروا فيه (أو ثلاثا) اهـ (قلت) يعني انه روى من طريق اخر بغير لفظ الشك فيرد المشكوك فيه الى المحقق وهو القلتان والله أعلم (فائدة) قال الحافظ في التلخيص سئل بن معين عن هذه الطريق (يعني طريق الحاكم الموافقة لطريق حديث الباب) فقال اسناده جيد (الاحكام) حديث الباب يدل بمنطوقه على أن قدر القلتين لا ينجس بملاقاة النجاسة وكذلك ما هو أكثر من ذلك بالأولى ولكنه مقيد بعدم تغير أحد أوصافه الثلاثة كما تقدم , ويدل مفهومه على أن القلتين ينجس بملاقاة النجاسة ولو لم يتغير شئ من أوصافه , وبه قال الشافعية والحنابلة وقدروا القلتين بخمسمائة رطل عراقي فتبلغ بالارطال المصرية ستا وأربعين واربعمائة رطل وثلاثة أسباع رطل وبالمساحة في المربع نحو ذراع وربع طولا وعرضا وعمقا (وفي المدور) نحو ذراع طولاو ذراعين ونصف عمقا بذراع الآدمى المعتدل (وقال الحنفية) اذا كان راقكدا قليلا وهو ما دون عشر في عشربذراع الآدمى المعتدل ينجس بملاقاة النجاسة وان لم يظهر اثرها فيه والاثر لون او طعم أو ريح والله أعلم

(9) باب في حكم البول في الماء الدائم وحكم الوضوء أو الاغتسالمنه (30) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال زجر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبال في الماء الراكد (1) (31) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ثم يتوضأ منه (وفي رواية ثم يغتسل (2) منه) بدل يتوضأ (وعنه من طريق آخر) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبل في الماء الدائم الذي لا يجري (4) ثم تغتسل منه

_ (30) عن جابر بن عبد الله (سنده حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير عن جابر الحديث (غريبة) (1) أى الدائم الساكن الذي لا يجري وقد فسر بذلك في حديث أبي هريرة الآتى وقيل الدائم والراكد مقابلان للجاري لكن الدائم الذي له نبع والراكد الذي لا نبع له (تخريجه) ((م) بلفظ نهى بدل زجر (31) عن ابي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الواحد عن عوف عن خلاس عن ابي هريرة الحديث (غريبة) (2) قال الحافظ بضم الام على المشهور وضبطه النووى في شرح مسلم بضم الام أيضا أى لا تبل ثم أنت تغتسل (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرازق ثنا همامبن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة (4) قيل هو تفسير للدائم وايضاح لمعناه وقد احترز به عن راكد يجري بعضه كالبرك وقال ابن الأنبارى الدائم من حروف الأضداد , يقال للساكن والدائر وعلى هذا يكون قوله لا يجري صفة مخصصة لأحد معنى المشترك (تخريجه) الرواية الأولى من الحديث أخرجها عبد الرزاق وابي شيبة وابن حبان والترمذى وقال هذا حديث حسن صحيح (والثانية) أخرجها (قد) الا انها عندهم بلفظ يغتسل فيه بدل منه (والثالثة) أخرجها (خ) بلفظ (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسلفيه) وأخرجها مسلم بلفظ حديث الباب , (وفي الباب) عند مسلم عن أبي هريرة كيف يفعل قال يتناوله تناولا) وعند ابي داود (لا يبولن أحدكم في الماء الدائم ولا يغتسل فيه من الجنابة) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على عدم جواز البول في الماء الدائم (قال القرطبى) يمكن حمل النهى على التحريم

(10) باب فيما جاء في سؤر الكلب (32) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اذا ولغ (1) (وفي رواية اذا شرب) الكلب في اناء أحدكم فليغسله (2) سبع مرات (33) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال وسئل عن الاناء يلغ فيه الكلب قال ثنا سعيد عن أيوب عن ابن سيرين عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يغسل سبع مرات أولاهن بالتراب (3)

_ مطلقا على قاعدة سد الذريعة لأنه يفضى الى تنجيس الماء اهـ (قال النووى) ان كان الماء كثيرا جاريا لم يحرم البول فيه ولكن الأولى اجتنابهو ان كان قليلا فقد قال جماعة من أصحاب الشافعى يكره والمختار انه يحرم لأنه يقذره وينجسه ولأنه يقتضى التحريم عند المحققين والأكثرين من أهل الأصول وهكذا ان كان كثيرا راكدا أو قليلا لذلك اهـ (قلت) قال الحافظ رحمه الله ونقل عن مالك انه حمل النهى على التنزيه فيما لا يتغير وهو قول الباقين في الكثير اهـ (قلت) وتقدم بيان القليل والكثير في الكلام على حديث القلتين وحكم الطهارة منه (32) عن ابي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح وأبي رزين عن أبي هريرة الخ (غريبة) (1) قال الحافظ في الفتح يقال ولغ يلغ بالفتح فيهما اذا شرب بطرف لسانه فيه فحركه قال ثعلب هو أن يدخللسانه في الماء وغيره من كل مائع فيحركه زاد ابن درستوية شرب أو لم يشرب (قال مكى) فان كان غير مائع يقال لعقه اهـ (2) ظاهرة العموم في الآنية وهو يخرج ما كان من المياه فى غير الآنية وقيل أصل الغسل معقول المعنى وهو النجاسة فلا فرق بين الاناء وغيره وقال العراقي ذكر الناء خرج مخرج الاغلب لا للتقييد اهـ (تخريجه) الحديث بلفظ اذا ولغ الخ أخرجه (م فع نس وغيرهم) زاد الشافعى في مسنده (أولاهن أو أخراهن بالتراب وبلفظ اذا شرب أخرجه (ق ع) (33) حدثنا عبد الله (غريبة) (3) قال النووى رحمه الله معنى الغسل بالتراب أن يخلط التراب في الماء حتى يتكدر ولا فرق بين أن يطرح الماء على التراب أو التراب

(34) عن عبد الله بن مغفل رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب (1) ثم قال ما لهم ولها فرخص في كلب الصيد وفي كلب الغنم قال واذا ولغ الكلب في الاناء فاغسلوه سبع مرات والثامنة عفروه بالتراب (35) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طهر اناء أحدكم اذا ولغ فيه الكلب أن يغسله سبع مرات (36) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال سفيان لعله عن النبى صلى الله عليه وسلم اذا ولغ الكلب فى اناء أحدكم فليغسله سبع غسلات

_ على الماء أو يأخذ الماء الكدر من وضع فيغسل به أما مسح موضع النجاسة بالتراب فلا يجزى اهـ وهذه الرواية تدل على أن الترتيب يكون في الأولى قال الحافظ وقد نص الشافعى في حرملة على أن الأولى أولى اهـ (تخريجه) الحديث أخرجه أيضا (م) بلفظ أولاهن بالتراب و (مذ بز فع) بلفظ أولاهن أو أخراهن بالتراب ولأبى داود السابعة بالتراب (34) عن عبد الله بن مغفل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن شعبة قال ثنا أبو التياح عن مطرف عن ابن مغفل الخ (غريبة) (1) قال النووى قال المام أبو المعالي امام الحرمين والامر بقتل الكلاب منسوخ قال وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب مرة ثم صح أنه نهى عن قتلها قال واستقر الشرع عليه قال وأمر بقتل الأسود البهيم وكان هذا في الابتداء وهو الان منسوخ هذا كلام امام الحرمين ولا مزيد على تحقيقه اهـ (تخريجه) (م والأربعة) قال في البدر المنير رواية وعفروه الثامنة بالتراب أصح من رواية احداهن باجماهم وقال ابن منده اسناده مجمع على صحته وهى زيادة ثقة فتعين المصير اليها قاله الشوكاني (35) عن ابي هريرة (سنده (حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الرزاق بن همام بن منبه عن ابي هريرة (تخريجه) (م) بلفظ (طهور اناء أحدكم الخ) وطهور بضم الطاء على الاشهر قاله النووى (36) (تخريجه) لم أقف على رواية سبع غسلات في غير الكتاب والله أعلم.

(37) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كنت أعزب (1) شابا ابيت في المسجد في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وككانت الكلاب تقبل وتدبر (2) فلم يكونوا يرشون شيئا (3)

_ (37) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سكن بن نافع الباهلي ابو الحسين ثنا صالح ابن ابي الاخضر عن الزهرى عن سالم بن عبد الله عن ابيه قال كنت أعزب الخ (غريبة) (1) بالهمزة والزاى المفتوحة أى غير متزوج والمشهور فيه عزب بفتح العين وكسر الزاى والأول لغة قليلة (وقوله أبيت في المسجد) أى أسكن وأنام وفيه جواز النوم في المسجد وهو قول الجمهور وروى عن ابن عباس كراهيته الا لمن يريد الصلاة وعن ابن مسعود مطلقا وعن مالك التفصيل بين من له مسكن فيكره وبين من لا سكن له فيباح قاله الحافظ اهـ (2) أى في المسجد (3) أى بالماء من مواضع مرور الكلاب فى المسجد وهذه مبالغة لدلالته نفى الغسل من باب الاولى (تخريجه) (خد) وغيرهم (الأحكام) أحاديث الباب تدل نجاسة الكلب وسؤره ونجاسة ما ولغ فيه وان كان طعاما حرم أكله ووجبت اراقته فلو كان طاهرا لم نؤمر باراقته لأنا نهينا عن اضاعة المال ولا فرق بين الكلب المأذون فى اقنائه وغيره (وفيها أيضا) وجوب غسل نجاسة الكلب سبع مرات (قال النووى رحمه الله) وهذا مذهبنا ومذهب مالك وأحمد والجماهير وقال أبو حنيفة يكفي غسله ثلاث مرات والله أعلم (قلت) وقال المالكية بطهارة الكلب وسؤره وانما يغسل من ولوغه سبعا تعبدا لا لنجاسته محتجين بحديث الباب عن ابن عمر (كانت الكلاب تقبل وتدبر فلم يكونوا يرشون شيئا) وأجاب القائلون بنجاسته بأن ذلك كان فى ابتداء الحال على أصل الاباحة ثم ورد الأمر بتكريم المساجد وتطهيرها وجعل الابواب عليها (فان قيل) ان مرور الكلاب بالمسجد لا يستدعي تنجيسه فيحتاج الى تطهير (فالجواب) أنه كان بعض الصحابة لا بيوت لهم وكانوا يأكلون في المسجد ز من شأن الكلاب تتبع مواضع الماكول فلا يخلوا أن يصل لعابها الى بعض أجزاء المسجد فلو كانت نجسة لورد الامر بالتطهير ما أصاب الارض منها ولم يعهد ذلك (وتعقب) بأن طهارة المسجد متيقنة وما ذكر مشكوك فيه واليقين لا يرفع بالشك ثم ان دلالته لا تعارض دلالة منطوق الحديث الوارد في الامر بالغسل من ولوغه والله أعلم

(11) باب فيما جاء في سؤر الهرة (38) عن كبشة بنت كعب بن مالك وكانت تحت ابي قتادة (1) أن أبا قتادة رضى الله عنه دخل عليها فسكبت (2) له وضوء فجاءت هرة تشرب منه فأصغى (3) لها الاناء حتى شربت قالت كبشة فرآني أنظر اليه فقال أتعجبين يا ابنة أخي؟ قالت نعم فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انها ليست بنجس (4) انها من الطوافين عليكم والطوافات (5) وقال اسحق أو الطوافات

_ (38) عن كبشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن ابن مالك وثنا اسحق يعني ابن عيسى أخبرني مالك عن اسحق بن عبد الله بن ابي طلحةعن حميدة ابنة عبيد بن رفاعة عن كبشة (غريبه) (1) أى زوجا لعبد الله بن ابي قتادة الانصارى (2) أى صبت والسكب الصب (وقوله وضوءه) بفتح الواو أى الماء الذى يتوضأ به (3) أصغى بالغين المعجمة أى أماله ليسهل عليها الشراب (فرآني أنظر اليه) أى نظر تعجب أو انكار (وقوله يا ابنة اخي) المراد أخوة الاسلام وكانت هذه عادة العرب بعضهم بعضا يا ابن اخي ويا ابن عمى وان لم يكن اخا أو عما له في الحقيقة (4) بفتح الجيم محمول على الوصف بالمصدر والمذكر والمؤنث يستويان فيه وممن قال بذلك المنذرى والنووى واب دقيق والعبد وابن سيد الناس وكذا ضبطه السيوطى فى قوت المغتذى (5) قال البغوى في شرح السنة شبهها بالمماليك من خدم البيت الذين يطوفون على أهله للخدمة كقوله تعالى (طوافون عليكم) ويحتمل أنه شبهها بمن يطوف للحاجة يريد الاجر مواساتها كالاجر في مواساة من يطوف للحاجة واالأول مشهور وقوله الاكثر وصححه النووى فى شرح ابي داود وقال ولم يذكر جماعة سواه (وقوله قال اسحق) أى أحد رجال السند في روايته (أو الطوافات) شك من الراوى (يعني اسحق) قاله ابن عبد الملك (وقال الحافظ) أو ليست للشك لوروده بالواو في رويات اخر بل للتنويع ويكون ذكر الصنفين من الذكور والاناث كذا في المرقاة (تخريجه) الحديث أخرجه الامامان والاربعة وقال الترمذى حديث حسن صحيح وأخرجه أيضا (هق) والدرامى وصححه البخارى والعقيلي وابن خزيمة وابن حبان والحاكم والدارقطني

(39) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان حدثني اسحق بن عبد الله ابن ابي طلحة حدثتني امرأة عبد الله ابن ابي طلحة أن أبا قتادة كان يصغى الاناء للهر فيشرب وقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا انها ليست بنجس انها من الطوافين عليكم والطوافات عليكم (40) عن عبد الله بن ابي قتادة عن أبيه أنه وضع له وضوءه فولغ فيه السنور (1) فأخذ يتوضأ فقالوا يا أبا قتادة قد ولغ فيه السنور فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول السنور من أهل البيت وانه من الطوافين والطوافات عليكم

_ (39) (تخريجه) الحديث لم أقف على من أخرجه بهذا اللفظ والسياق في غير الكتاب وهو فى الدلالة والمعنى كالذى قبله وتقدم الكلام عليه (40) وعن عبد الله بن ابي قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا معمر ابن سلمان وهو الرقى ثنا الحجاج عن قتادة عن عبد الله بن ابي قتادة الحديث (غريبة) (1) بالسين المشددة المكسورة بعدها نون مشددة مفتوحة ثم واو ساكنة , الهر, والجمع سنانير والانثى سنورة وهما قليل في كلام العرب والكثر أن يقال هر وهرة (تخريجه) قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه أحمد وهو في السنن خلا قوله (السنور من أهل البيت) وهو من رواية عبد الله عن أبيه ورجاله ثقات غير أن فيه الحجاج بن ارطأة وهو ثقة مدلس اهـ (قلت) وفي الباب عن داود بن صالح بن دينار عن امه أن مولاتها أرسلتها بهريسة الى عائشة قالت فوجدتها تصلي فأشارت أن ضعيها فجاءت هرة فأكلت منها فلما انصرفت عائشة من صلاتها أكلت من حيث أكلت الهرة فقالت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (انها ليست بنجس انها من الطوافين عليكم) واني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ بفضلها (رواه ابو داود) والهريسة طعام يتخذ من الحنطة واللحم عند العرب (الاحكام) أحاديث الباب تدل على طهارة فم الهرة وسؤرها (قال النووى رحمه الله) فى شرح المهذب قال الشافعى رحمه الله الهرة ليست بنجس نتوضأ بفضلها ونكتفي بالخبر عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا يكون في أحد خلاف قول النبى صلى الله عليه وسلم حجة اهـ (وقال الترمذى) هو قول أكثر الفقهاء والعلماء من أصحاب النبي

(أبواب تطهير النجاسة) (الباب الاول في تطهير نجاسة دم الحيض) (41) عن أسماء بنت أبي بكر رضى الله عنهما قالت أتت النبى صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت يا رسول الله المرأة يصيبها من دم الحيض فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتحته (1) ثم ثم لتقرصه بماء ثم لتصل فيه (42) (عن أم قيس بنت محصن رضى الله عنهما قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن دم الحيض يصيب الثوب فقال أغسليه بماء وسدر (2) وحكيه بضلع

_ صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم مثل الشافعى واحمد واسحق ولم يروا بسؤر الهرة بأسا وهذا أحسن شئ في هذا الباب وقد جود مالك هذا الحديث عن اسحق بن عبد الله بن ابي طلحة ولم يأت به أحد أتم من مالك اهـ (قلت) وبطهارة فم الهرة وسؤرها قال مالك وغيره من أهل المدينة أيضا وفي الموطأ قال يحيى قال مالك لا بأس به الا أن يرى على فمها نجاسة اهـ (41) عن أسماء (سنده) حدثا عبد الله حدثني أبي ثنا ابو معاوية قال ثنا همام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن اسماء بنت أبي بكر الحديث (غريبة) (1) بكسر لام الامر وفتح التاء المثناة وضم المهملة وتشديد التاء الثانية مفتوحة ومعناه تقشره وتحكه وتنحته (وقوله لتقرصه) بسكون الام وفتح التاء بعدها قاف ساكنة ثم راء مضمومة فصاد مهملة ساكنة (قال النووى) وروى بضم التاء المثناة وفتح القاف وكسر الراء المشددة قال القاضي عياض رويناه بهما جميعا اهـ (تخريجه) أخرجه الامامان و (ق والاربعة) (42) عن أم قيس بنت محصن (سنده) حدثا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدى قال ثنا سفيان عن ثابت عن عدى عن دينار مولى أم قيس عن أم قيس بنت محصن الحديث (غريبة) (2) (السدر بكسر السين وسكون الدال هو ورق النبق لان فيه مادة حادة تشبه الصابون (والضلع) بكسر الضاد المعجمة وفتح الام وقد تسكن تخفيفا قال فى النهاية حتيه بضلع اى بعود والاصل فيه ضلع الحيوان يسمى به العود الذي يشبهه اهـ (قلت) وعند ابى داود حكيه بضلع واغسليه بماء وسدر , فذكر الحك أولا وهو المتابادر وليوافق حديث اسماء المعبر فيه بثم وهى تفيد الترتيب , وانما أمر صلى الله عليه وسلم بحكه بالضلع لينقلع المتجمد منه اللاصق بالثوب ثم يتبعهه الماء مع السدر ليزيل الاثر (تخريجه) (جه نس) د خز حب) قال ابن القطان اسناده في غاية الصحة ولا أعلم له علة اهـ

(43) عن أبي هريرة رضى الله عنه أن خولة بنت يسار رضى الله عنها أتت النبى صلى الله عليه وسلم في حج أو عمرة فقالت يا رسول الله ليس لي الا ثوب واحد وأنا أحيض فيه قال فاذا طهرت فاغسلي موضع الدم ثم صلى فيه قالت يا رسول الله ان لم يخرج أثره قال يكفيك الماء ولا يضرك أثره

_ (43) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا موسى بن داود الضبى حدثنا بن اهيعة عن عبيد الله بن ابي جعفر عن عيسى ابن طلحة عن ابي هريرة (تخريجه) (هق د مذ) قال الحافظ في بلوغ المرام وسنده ضعيف وقال في التلخيص قال ابراهيم الحربي لم يسمع بخولة بنت يسار الا في هذا الحديث اهـ قلت ذكرها الحافظ فى الاصابة من الصحابة (الاحكام) أحاديث الباب تدل على أن النجاسات تزال بالماء دون غيره من المائعات قاله الخطابى والنووى (وقال الحافظ فى الفتح) لأن جميع النجاسات بمثابة الدم ولا فرق بينه وبينها اجماعا قال وهو قول الجمهور أى تعيين الماء لازالة النجاسة وعن أبي حنيفة وأبي يوسف يجوز تطهير النجاسة بكل مائع اهـ (فائدة) (قال الشوكاني رحمه الله في نيل الاوطار) والحق أن الماء أصل في التطهير لوصفه بذلك كنابا وسنة وصفا مطلقا غير مقيد لكن القول بتعيينه وعدم اجزاء غيره يرده حديث مسح النعل وفرك المنى وحته واماطته باذخرة وأمثال ذلك كثير ولم يأت دليل يقضى بحصر التطهير في الماء ومجرد الامر به في بعض النجاسات لا يستلزم الامر به مطلقا وغايته تعيينه فى ذلك المنصوص بخصوصه ان سلمفالانصاف ان يقال انه يطهر كل فرد من افراد النجاسة المنصوص على تطهيرها بما اشتمل عليه النص ان كان فيه احالة على فرد من افراد المطهرات لكنه ان كان ذلك الفرد المحال عليه هو الماء فلا يجوز العدول الى غيره للمزية التى اختص بها وعدم مساواة غيره له فيها وان كان ذلك الفرد غير الماء جاز العدول عنه الى الماء لذلك وان وجد فرد من أفراد النجاسة لم يقع من الشارع الاحالة في تطهيره على فرد من أفراد المطهرات بل مجرد الامر بمطلق التطهير فالاقتصار على الماء هو اللزم لحصول الامتثال والقطع به وغيره مشكوك فيه وهذه طريقة متوسطة بين القولين لا محيصعن سلوكها اهـ (قلت) وحسن جدا (قال النووى رحمه الله) وفيه أن الدم نجس وهو باجماع المسلمين والله أعلم

(2) باب في تطهير ذيل المرأة اذا مرت بنجاسة (44) عن محمد بن ابراهيم عن أم ولد (1) لابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قالت كنت أجر ذيلي (2) (وفي رواية كنت امراة لي ذيل طويل) وكنت آتي المسجد فأمر بالمسجد فأمر بالمكان القذر (3) والمكان الطيب فدخلت على أم سلمة فسألتها عن ذلك فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلميقول يطهره ما بعده (4) (45) عن عبد الله بن عيسى عن موسى بن عبد الله قال وكان رجل صدق عن امرأة من بني عبد الاشهل قالت قلت يا رسول الله ان لنا طريقا الى المسجد منتنة نصنع اذا مطرنا (4) قال اليس بعدها طريق هى أطيب منها؟ قالت قلت نعم قال فهذه بهذه (وفي رواية ان هذه تذهب بذلك)

_ (44) عن محمد بن إبراهيم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن إدريس قال ثنا محمد بن عمارة عن محمد بن إبراهيم الحديث (غريبه) (1) اسمها حميده قال الحافظ في "التقريب" حميده عن أم سلمة يقال هي أم ولد إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف مقبولة من الرابعة (2) تريد أن ذيل ثوبها طويل يصيب الأرض وذلك مرغب فيه شرعاً بالنسبة للمرأة مبالغة في التستر (3) كل ما تستقذره النفس سواء كان طاهراً أو نجساً والمراد هنا الشيء النجس بدليل قوله في آخر الحديث يطهره ما بعده (4) يعني أن ما يصيبه من الأرض الطاهرة بعد ذلك يطهره (تخريجه) (جه د قط) وأخرجه أيضاً الإمامان والدارمي وابن أبي شيبة وسنده جيد. (45) عن عبد الله بن عيسى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا زهير يعني بن معاوية ثنا عبد الله بن عيسى عن موسى بن عبد الله الخ (غريبة) (4) أى لان المطر من شأنه وجود الوحل والمياه فتكثر اصابة المارة من ذلك (وقوله فهذه بهذه) أى فهذه الطريق الثانية الطيبة تزيل ما حصل من الطريق الخبيثة (تخريجه) (د جه) وقد نقل الطيبي عن الخطابي ضعف هذا الحديث لجهالة هذه المرأة (قلت جهالة الصحابى لا تضر سواء كان ذكر أو أنثى وهذا منصوص عليه فى المصطلح فهو دليل على العفو عن النجاسة مدة المطر والوحل والله أعلم (الاحكام) (قال الزرقانى) في شرح الموطأ وذهب بعض العلماء الى حمل القذر في الحديث على النجاسة ولو رطبة وقالوا بطهر الأرض

(3) باب في تطهير أسفل النعل تصيبه النجاسة (46) عن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فخلع نعليه فخلع الناس نعالهم فلما انصرف قال لم خلعتم نعالكم؟ فقالوا يا رسول الله رأيناك خلعت فخلعنا قال ان جبريل أتاني فأخبرني أن بهما خبثا (1) فاذا جاء احدكم المسجد فليقلب نعليه فلينظر فيهما فان رأى بهما خبثا فليمسحه بالارض ثم ليصل فيهما (2)

_ اليابسة لأن الذيل للمرأة كالخلف والنعل للرجل ويؤيده ما فى ابن ماجة عن أبي هريرة قيل يا رسول الله انا نريد المسجد فنطأ الطريق النجسة فقال صلى الله عليه وسلم ان الأرض يطهر بعضها بعضا) لكنه ضعيف كما قال البيهقي وغيره اهـ (قلت) وقال الخطابى فى قوله (يطهره ما بعده) كان الشافعى يقول انما هو فيما جر على ما كان يابسا لا يعلق بالثوب منه شئ فأما اذا جر على رطب فلا يطهر الا بالغسل (وقال أحمد بن حنبل) ليس معناه اذا أصابه بول ثم مر بعده على الارض فانها تطهره ولكنه يمر بالمكان فيقذره ثم يمر بمكان أطيب منه فيكون هذا بذاك ليس على انه يصيبه منه شئ (وقال مالك) انما هو ان يطأ الرض القذرة ثم يطأ اليابسة النظيفة فان بعضها يطهر بعضا فأما النجاسة مثل البول ونحوه يصيب الثوب أو بعض الجسد فلا يطهره الا الغسلقال الخطابى وهو اجماع الامة اهـ (46) عن ابي سعيد الخدرى (سنده) حدجثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يزيد ان حماد بن سلمة عن ابي النعامة عن ابى نضرة عن ابى سعيد الخدرى الحديث (غريبة) (1) الخبث كل شئ مستخبث والمراد به هنا النجس (2) فيه ان مسحهما بالارض يطهرهما والظاهر سواء كان الخبث رطبا أو يابسا (تخريجه) (حب د ك) وأخرج نحوه الحاكم عن انس بن مالك ان النبى صلى الله عليه وسلم لم يخلع نعليه فى الصضلاة قط الا مرة واحدة خلع فخلع الناس فقال مالكم قالوا خلعت فخلعنا فقال (ان جبريل أخبرني ان فيهما قذرا أو أذى) وقال هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى وفي الباب أيضا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (اذا وطئ الاذى بخفيه فطهورهما التراب) رواهما أبو داود وفيهما مقال وفى الباب أيضا أحاديث كثيرة من عدة طرق ولكنها لا تخلو من مقال ذكرها الشوكاني ثم قال وهذه الروايات يقوي بعضها بعضا فتنتهض للاحتجاج بها على أن النعل يطهر بدلكه في الارض رطبا أو يابسا اهـ (قلت) حديث الباب وحده كاف للاحتجاج به لأنه جيد السند وكذلك حديث أنس الذى رواه الحاكم والله أعلم (الاحكام) حديث الباب يدل على أن النعل يطهر بدلكه

(4) باب في تطهير الارض من نجاسة البول (47) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال دخل أعرابى المسجد فصلى ركعتين ثم قال اللهم ارحمني وارحم محمدا ولا ترحم معنا احدا فالتفت النبى صلى الله عليه وسلم فقال لقد تحجرت واسعا (1) ثم لم يلبث أن بال في المسجد فأسرع الناس اليه (2) فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم اما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين أهريقوا (3) عليه دلوا من ماء أو سجلا من ماء (وعنه من طريق اخر) (4) دخل أعرابى المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فقال اللهم اغفر لي ولمحمد ولا تغفر لاحد معنا فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لقد احتظرت واسعا (5)

_ في الأرض رطبا أو يابسا , وقد ذهب الى ذلك الاوزاعى وأبو حنيفة وابو يوسف والظاهرية وابو ثور واسحق وأحمد في رواية وهى احدى الروايتين عن الشافعى وذهبت العترة والشافعى ومحمد الى انه لا يطهر بالدلك لا رطبا ولا يابسا وذهب الاكثر الى انه يطهر بالدلك يابسا لا رطبا ذكره الشوكاني (47) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا سفيان عن الزهرى عن سعيد عن ابي هريرة الحديث (غريبة) (1) أى ضيقت ما وسعه الله تعالى من رحمته قال تعالى (ورحمتي وسعت كل شئ) (2) أى هرولوا اليه ليمنعوه فنهاهم النبى صلى الله عليه وسلم (وفي روايه) عند الشيخين من حديث أنس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تزرموه) أى لا تقطعوا عليه بوله لئلا يحصل له ضرر باحتباس البول وهذا من مكارم الاخلاق والرأفة بخلق الله تعالى (وقوله انما بعثتم الخ) اسناد البعث اليهم على طريق المجاز لانه صلى الله عليه وسلم هو المبعوث بما ذكر لكنهم لما كانوا في مقام التبليغ عنه فى حضوره وغيبته أطلق عليهم ذلك اذ هم مبعوثون من قبله بذلك وكان ذلك شأنه صلى الله عليه وسلم فى حق كل من يبعثه الى جهة من الجهات يقول يسروا ولا تعسروا (3) أى صبوا كما جاء مصرحا في رواية أبى داود (والدلو) بفتح الدال المهملة مؤنثة وتأنيثها أكثر من تذكيرها وهى ما يستقى بها من البئر (وقوله أو سجلا) الظاهر ان أو هنا للشك من الراوى (والسجل) بفتح السين المهملة هى الدلو العظيمة فيها ماء قل أو كثر ولا يقال لها ذلك وهى فارغة (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد عم ابي سلمة عن ابي هريرة قال دخل اعرابي المسجد الخ (5) وهو بمعنى قوله فى الرواية الاولى لقد تحجرت واسعا قال في

ثم ولى حتى اذا كان في ناحية المسجد فشج (1) يبول فقام اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انما بنى هذا البيت لذكر الله (2) والصلاة وانه لا يبال فيه, ثم دعا بسجل من ماء فافرغه عليه , قال يقول الأعرابى بعد أن فقه (3) فقام النبى صلى الله عليه وسلم الى بأبي وأمي فلم يسب ولم يؤنب ولم يضرب (48) عن انس بن مالك رضى الله عنه قال جاء أعرابى فبال في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أهريقوا عليه ذنوبا (4) أو سجلا من ماء

_ المختار الحظار تعمل للابل من شجر لتقيها البرد والريح الذى يعملنها اهـ (قلت) فهذا الاعرابى لجهله أراد أن يجعل حائلا بين الناس وبين رحمة الله تعالى وهذا ليس في امكان مخلوق ولذلك ضحك النبى صلى الله عليه وسلم من قوله لكونه لا يصدر الا من جاهل (1) فشج بوزن ضرب والفشج بسكون الشين المعجمة تفريج ما بين الرجلين وهو دون التفاج قال الازهرى رواه أبو عبيد بتشديد الشين والتفيشج أشد من الفشج (نه) (2) رواية مسلم من حديث أنس أن هذه المساجد لا تصلح لشئ من هذا البول ولا القذر انما هى لذكر الله عز وجل والصلاة وقرأة القرآن (3) فقه بوزن علم أو فهم وتعلم (وقوله بأبي وأمي) أى أفديه بأبي وأمي (وقوله لم يؤنب) التأنيب المبالغة في التوبيخ والتعنيف أى لم يعنفني ولم يضربني لانه كريم الاخلاق صلى الله عليه وسلم (تخريجه (أخرجه الامامان (والاربعة وخ) (وغيرهم (48) عن انس ابن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن يحى عن أنس (غريبة) (4) الذنوب بفتح الذال وضم النون هى الدلو المملوءة ماء كالسجل وأو للشك من الراوى (تخريجه) (ق) وغيرهم عن أنس أيضا بنحو حديث أبي هريرة المتقدم (الاحكام) أحاديث الباب تدل على نجاسة بول الآدمى (قال النووىرحمه الله) وهو مجمع عليه ولا فرق بين الكبير والصغير باجماع من يعتد باجماعه لكن بول الصغير يكفي فيه النضج كما سيأتي في بابه ان شاء الله , وفيها احترام المسجد وتنزيهه عن الاقذار وفيها أن الارض تطهر بصب الماء عليها ولا يكفي جفافها بغير صب الملء عليها وبه قال الجمهور وخلافا للحنفية وفيها الرفق بالجاهل وتعليمه ما يلزم من غير تعنيف ولا ايذاء اذا لم يأت بالمخالفة استخفافا أو عنادا وفيها دفع أعظم الضررين باحتمال أخفهما لقوله صلى الله عليه وسلم لمصلحتين احداهما أنه لو قطع عليه بوله تضرر وأصل التنجيس قد حصل فكأن احتمال زيادته

(5) باب تطهير إهاب الميتة بالدباغ () 49 عن عبد الرحمن بن وعلة عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قلت له نغزؤا فنؤتى بالاهاب (1) والاسقية قال ما أدرى ما أقول لك الا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيما اهاب دبغ فقد طهر (50) عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن ينتفع بجلود الميتة اذا دبغت (51) وعنها أيضا قالت سئل رسو ل الله صلى الله عليه وسلم عن جلود الميتة فقال دباغها طهورها

_ أولى من إيقاع الضرر به والثانية أن التنجيس قد حصل في جزء يسير من المسجد فلو أقاموه في أثناء بوله لتنجست ثيابه وبدنه ومواضع كثيرة من المسجد وفيها غير ذلك والله أعلم اهـ بتصرف (49) عن عبد الرحمن بن وعلة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن زيد بن أسلم قال حدثني عبد الرحمن بن وعلة الخ (غريبة) (1) الاهاب ككتاب الجلد ما لم يدبغ قاله في القاموس قال ابو داود في سننه قال النضر بن شميل انما يسمى اهابا ما لم يدبغ اهـ (تخريجه) (فع م والاربعة) (50) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا اسحق قال اخبرني مالك عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أمه عن عائشة الحديث (تخريجه (أخرجه أيضا الامامان و (م والاربعة) الا الترمذى و (حب طب هق) (51) وعنها أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا حجاج انا شريك وحسين ثنا شريك عن الاعمش سليمان عن عمارة بن عمير عن الاسود عن عائشة قالت سئل الخ (تخريجه) (لك د نس قط) بألفاظ متقاربة وقال الدارقطني اسناده كلهم ثقات وأخرجه أيضا مسلم من حديث بن عباس قال (سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال دباغه طهوره)

(52) عن ابن عباس رضى الله عنهما عن سودة بنت زمعة زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت ماتت شاة لنا فدبغنا مسكها (1) فما زلنا ننبذ (2) فيه حتى صار شنا (3) (53) عن سلمة بن المحبق رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم من يبيت بفنائه (4) قربة معلقة فاستسقى فقيل انها ميتة فقال ذكاة الاديم دباغه (وفي لفظ) دباغها طهورها أو ذكلتها (5) (54) عن أبي أمامة الباهلي عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنهما قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بماء فاتيت خباء فاذا فيه امرأة اعرابية قال فقلت ان هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد ماء يتوضأ فهل عندك من ماء قالت بأبي وأمي رسول الله. (6) فوالله ما تظل السماء وما تقل الارض (7) روحا أحب

_ (52) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير عن اسماعيل عن عكرمة عن ابن عباس عن سودة الخ (غريبة) (1) بفتح الميم هو الجلد (2) بكسر الباء أى نطرح فيه النبيذ وهو ما يعمل من الاشربة من التمر والزبيب ونحوهما وكانوا يتناولونه حلوا قبل ان يشتد (3) بفتح الشين المعجمة بعدها نون اى قربة خلقة (تخريجه) (خ نس وغيرهم) (53) عن سلمة ابن المحبق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الصمد ثنا هشام وهمام عن قتادة عن الحسن عن جون بن قتادة عن سلمة بن المحبق الخ (غريبة) (4) بكسر الفاء وهو المتسع أمام الدار ويجمع الفناء على افنية (نه) (وقوله فاستسقى اى طلب الشرب (والاديم) هو الجلد (5) أراد ان الدباغ فى التطهير بمنزلة الذكاة (يعني الذبح) في احلال الشاة وهو تشبيه بليغ (تخريجه) (نس دهق حب) وقال الحافظ اسناده صحيح وقال في بلوغ المرام صححه ابن حبان (54) عن ابى امامة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا أبو المغيرة ثنا معان بن رفاعة حدثني على بن يزيد عن القام ابى عبد الرحمن عن ابي امامة الباهلي الخ (غريبة) (6) أى أفدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي وأمي (7) أو لا تحمل

إلي من روحه ولا أعز من روحه ولكن هذه القربة مسك ميتة ولا احب انجس بها رسول الله فرجعت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبرته فقال ارع اليها فان كانت دبغتها فهى طهورها قال فرجعت اليها فذكرت ذلك لها فقالت اى والله لقد دبغتها فاتيه بماء منها وعليه جبة شامية وعليه خفان وخمار (1) قال فأدخل يده من تحت الجبة قال من ضيق كمها قال فتوضأ فمسح على الخمار والخفين د (55) عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم فى جلود الميتة قال ان دباغه قد اذهب نجسه أو رجسه أو خبسه (2) (56) وعنه ايضا أن داجنة (3) لميمونة (رضى الله عنها) ماتت فقال

_ الأرض وكل شئ حملته فقد اقللته قاله فى المصباح (1) الخمار كل ما سترك من شجر أو بناء أو غيره والمراد هنا العنامة لان الرجل يغطي بها رأسه كما ان المراة تغطيه بخمارها وذلك اذا كان قد اعتم عمة العرب فادارها تحت الحنك فلا يستطيع نزعها فى كل وقت فتصير كالخفينغبر انه يحتاج الى مسح القليل من الراس ثم يمسح على العمامة بدل الاستيعاب (تخريجه (الحديث اورده الهيثمي في مجمع الزوائد بلفظه الى قوله فاتيته بماء منها وقال رواه احمد والطبلراني في الكبير ببعضه وفيه على ابن يزيد عن القاسم وفيهما كلام وقد وثقا اهـ (55) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد اللهحدثني ابي ثنا يزيد أنا مسعر ابن كدام عن عمرو بن مرة عن سالم بن ابي الجعد عن اخيه عن ابن عباس الحديث (غريبة) (2) هذا شك من الراوي ومعناها كلها هنا واحد وهو النجاسة يعني الدباغ تزيل نجاستها فتكون طاهرة (تخريجه) (خز هق ك) ولفظه عند الحاكم عن ابن عباس قال (أراد النبى صلى الله عليه وسلم أن يتوضأ من سقاء فقيل له أنه ميتة فقال دباغه يذهب بخبثه أو نجسه أو رجسه وقال هذا حديث صحيح ولا اعرف له علة ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبى وصححه البيهقي ايضا (56) وعنه ايضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا ابن جريج ثنا عطاء عن ابن عباس الخ (غريبة) (3) داجنة بالهاء وفي بعض الروايات داجنا قال في المصباح

رسول الله صلى الله عليه وسلم الا انتفعتم باهابها الا دبغتموه فانه ذكاته (57) حدثنا عبد الله جدثني ابي ثنا سفيان بن عيينة عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضى الله عنهما عن ميمونة (زوج النبى صلى الله عليه وسلم) ان النبى صلى الله عليه وسلم مر بشاة لمولاة لميمونةميتة فقال الا أخذوا اهابها فدبغوه فانتفعوا به فقال يا رسول الله انها ميتة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما حرم اكلها (1) قال سفيان هذه الكلمة لم اسمعها الا من الزهرى (حرم اكلها) قال (2) أبي قال سفيان مرتين عن ميمونة (3) (58) عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بشاة ميتة فقال

_ دجن بالمكان دجنا من باب قتل ودجونا أقام به وادجن بالالف مثله ومنه قيل لما يألف البيوت من الشاء والحمام ونحوه دواجن وقد قيل داجنة بالهاء اهـ وفي صحيح مسلم داجنة بالهاء ايضا والمراد هنا الشاة التي تالف البيت (تخريجه) (م) الا قوله ذكاته وثبتت هذه الجملة عند مسلم من حديث عائشة (دباغ الاديم ذكاته) رواه ابن حزم في المحلى وقال اسناده في غاية الصحة (57) حدثنا عبد الله (غريبة) (1) قال النووى رويناه على وجهين حرم بفتح الحاء وضم الراء وحرم بضم الخاء وكسر الراء المشددة وفي هذا اللفظ دلالة على تحريم اكل جلد الميتة وهو الصحيح وللقائل الآخر أن يقول المراد تحريم لحمها والله اعلم اهـ (وقوله قال سفيان) يعني أن سفيان لم يسمع قوله انما حرم اكلها الا من رواية الزهري فكأنه سمع الحديث من غيره بدون هذه الكلمة (قلت) ثبتت هذه الكلمة عند مسلم من جملة طرق عن سفيان عن الزهرى (2) قال اى عبد الله بن المام احمد (3) يعني ان الامام احمد قال ان سفيانروى هذا الحديث مرتين فجعله من مسند ميمونة لا من مسند ابن عباس (تخريجه) (الامامان ق والاربعة) بألفاظ متقاربة والمعنى واحد (58) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يعقوب ثنا ابي عن صالح قال وحدث ابن شهاب أن عبيد الله بن عبد الله أخبره أن ابن عباس أخبره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (خ) ومسلم الا انه قال بدل قوله مر بشاة وجد شاة

هلا استمتعتم باهابها فقالوا يا رسول الله انها ميتة فقال انما حرم اكلها (59) عن ميمونة زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجال من قريش يجرون شاة لهم مثل الحمار فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لو اخذتم اهابها قالوا انها ميتةة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطهرها الماء والقرظ (1) فصل في تحريم أكل جلود الميتة وان طهرت بالدباغ (60) عن ابن عباس رضى الله عنهماقال ملتت شاة لسودة بنت زمعة فقالت يا رسول الله ماتت فلانة تعني الشاة فقال فلولا اخدتم مسكها (2) فقالت نأخذ مسك شاة قد ماتت؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم انما قال الله عز وجل (قل لا اجد فيما اوحى الى محرما على طاعم يطعمه الا ان يكون ميتة أو دما مسفوحا او لحم خنزير) فانكم لا تطعمونه (4) إن

_ ميتة أعطيتها مولاة لميمونة من الصدقة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث (59) عن ميمونة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يحيى بن غيلان قال ثنا رشدين بن سعد قال حدثني عمرو بن الحرث ان كثير بن فرقد ان عبد الله ابن مالك ابن حذافة حدثه عن امه العالية بنت سميع أو سبيع الشك من عبد الله عن ميمونة الخ (غريبة) (1) قال في القاموس القرظ محركة ورق السلم او ثمر السنط اهـ وفي المصباح القرظ حب معروف يخرج في غلف كالعدس من شجر العضاة وبعضهم يقول القرظ ورق السلم يدبغ به الاديم وهو تسامح فان الورق لا يدبغ وانما يدبغ بالحب اهـ (تخريجه) (لك د نس حب قط) وصححه ابن السكن والحاكم قاله الحافظ في التلخيص (60) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابى ثنا عفان ثنا عوانة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الحديث (غريبة) (2) بفتح الميم واسكان السين هو الجلد كما تقدم (3) اى مهرقا سائلا قال ابن عباس رضى الله عنهما يريد ما خرج من الحيوان وهن احياء وما يخرج من الاوداج عند الذبح ولا يدخل فيه الكبد والطحال لانهما جامدان وقد جاء الشرع باباحتهما ولا ما اختلط بالحم من الدم لانه سغير سائل (4) أي جلد الميتة

تدبغوه فتنتفعوا به فارسلت اليها (1) فسلخت مسكها فاخذت منه قربة حتى تخرقت عندها فصل في حجة من قال بطهارة شعر الميتة اذا دبغ الجلد (61) عن ثابت (2) قال كنت جالسا مع عبد الرحمن (3) بن ابي ليلى في المسجد فأتى رجل ضخم فقال (4) يا أبا عيسى قال نعم قال حدثنا ما سمعت في الفراء فقال سمعت ابي يقول كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتى رجل فقال يا رسول الله اصلى فى الفراء (5) قال فأين الدباغ فلما ولى (6) قلت من هذا قال هذا سويد بن غفلة

_ وفيه تحريم اكل اجلود الميتة وان الدباغ وان اوجب طهارتها لا يحلل اكلها (1) اى من يستحضرها وكانها كانت رمت بها فى الخارج (تخريجه) (خ نس) (61) عن ثابت (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا من عبد الله بن محمد ابن ابى شيبة ثنا على بن هاشم عن ابن ابي ليلى (يعنى محمد بن عبد الرحمن ابن ابى ليلى) عن ثابت الحديث (غريبة) (2) عن ثابت هو ثابت ابن اسلم البناني بضم الموحدة ونونين مخففان ابو محمد البصري ثقة عابد من الرابعة مات سنة بضع وعشرين (اى ومائة) وله ست وثمانون سنة قال الحافظ في التقريب عبد الرحمن ابن ابي ليلى الانصارى المدني ثم الكوفي ثقة من الثانية اختلف في سماعه من عمر مات بوقعة الجماجم سنة ثلاث وثمانين وقيل انه غرق اهـ (4) اى الرجل الضخم لعبد الرحمن ابن ابى ليسلى يا ابا عيسى كنية عبد الرحمن (5) جمع فروة بالهاء وبدونهات وهى الجلد بشعره (وقوله فأين الدباغ) اى فاين فائدة الدباغ اذا لم تصل فيه فيؤخذ من هذا الجواب الاذن بالصلاة فيها اذا كانت مدبوغة لان الدباغ يطهرها (6) اى فلما انصرف الرجل الضخم قال ثابت لعبد الرحمن من هذا قال هذا سويد بن غفلة (قلت) قال الحافظ في التقريب سويد بن غفلة بفتح المعجمة والفاء ابو امية الجعفي مخضرم من كبار التابعين قدم المدينة يوم دفن النبى صلى الله عليه وسلم وكان مسلما في حياته ثم نزل الكوفة ومات سنة ثمانين وله مائة وثلاثون سنة اهـ (تخريجه (اخرجه البيهقي في السنن واورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه احمد وفيه محمد بن عبد الرحمن بن ابي ليلى تكلم فيه لسوء حفظه ووثقه أبو حاتم اهـ

(6) باب في عدم جواز الانتفاع من الميتة باهاب ولا عصب والجمع بينه وبين أحاديث الجواز (62) عن عبد الله (1) عن عكيم الجهني قال أتانا كتاب النبى صلى الله عليه وسلم بارض جهينة وانا غلام شاب ان لا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب (2)

_ (قلت) وفي الباب عند البيهقي أيضا في سننه بسنده عن شعبة عن محمد بن ابي ليلى عن ابي بحر وكان ينزل في الكوفة وكان اصله بصريا يحدث عن ابي وائل عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه انه قال في الفراء (ذكاته دباغه) هكذا رواه شعبة عن ابى ليلى (وروى البيهقي ايضا) بسنده عن الاعمش عن ابلااهيم عن الاسود عن عائشة رضى الله عنها انها سئلت عن الفراء فقالت لعل دباغها يكون ذكاتها اهـ (الاحكام) أحاديث الباب تدل على ان جلود الميتة تطهر بالدباغ ظاهرا وباطنا جلدا وشعرا لعموم الاحاديث في ذلك (قال النووى رحمه الله) وهو مذهب داود واهل الظاهر وحكى عن ابى يوسف (قلت) ورجحه الشوكاني قال لان الاحاديث الواردة في هذا الباب لم يفرق فيها بين الكلب والخنزير وما عداها اهـ وقد اختلف العلماء في ذلك على سبعة مذاهب ذكرها النووى في شرح مسلم فتقتصر منها على ما ذهب اليه الائمة الاربعة ومن وافقهم فنقول (المذهب الاول) يطهر بالدباغ جميع الميتات الا الخنزير وهو مذهب الامام ابى حنيفة (المذهب الثاني) يطهر الجميع الا انه يطهر ظاهره دون باطنه ويستعمل فى اليابسات دون المائعات ويصلى عليه لا فيه وهذا مذهب الامام مالك المشهور في حكاية اصحابه عنه (والمذهب الثالث) انه يطهر بالدباغ جميع جلود الميتة الا الكلب والخنزير والمتولد من احدهما ويطهر بالدباغ ظاهر الجلد وباطنه ويجوز استعماله في الاشياء المائعة واليابسة ولا فرق بين مأكول اللحم وغيره وروى هذا المذهب عن على ابن ابي طالب وعبد الله بن مسعود رضى الله عنهما واليه ذهب الشافعى (والمذهب الرابع) لا يطهر شئ من الجلود بالدباغ وروى هذا عن عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وعائشة رضى الله عنهم وهو اشهر الروايتين عن الامام مالك والله اعلم (62) عن عبد الله بن حعكيم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا وكيع وابن جعفر قالا ثنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن ابن ابي ليلى قال ابن جعفر سمعت بن ابي ليلى عن عبد الله بن عكيم الجهني الحديث (غريبة) (1) قال الحافظ في التقريب عبد الله بن عكيم بالتصغير الجهني ابو سعيد الكوفي مخضرم من الثانية وقد سمع كتاب النبى صلى الله عليه وسلم الى جهينة مات في امرة الحجاج اهـ (2) الاهاب تقدم تفسيره وهو الجلد ما لم يدبغ

(وعنه من طريق ثان) (1) قال كتب الينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل وفاته بشهر ان لا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب (وعنه من طريق ثالث) (2) قال اتانا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بارض جبينة قال وانا غلام شاب قبل وفاته بشهر او شهرين ان لا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب (وعنه من طريق رابع) (3) قال جاءنا أو قال كتب الينا رسول الله صلى الله غليه وسلم ان لا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب (وعنه من طريق خامس) (4) انه قال قرئ علينا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا تستمتعوا من الميتة بإهاب ولا عصب

_ والعصب بفتحتين قال فى المصباح من اطناب المفاصل (اى العروق التى تشد المفاصل) القوية والجمع اعضاب مثل سبب واسباب (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابي ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفى عن خالد عن الحكم عن عبد الله بن عكيم قال كتب الينا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا خلف ابن الوليد ثنا عبادة يعني ابن عباد قال ثنا خالد الحذاء عن الحكم بن عتيبة عن ابن ابي ليلى عن عبد الله بن عكيم قال اتانا الحديث (3) سنده (حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا ابراهيم ابن ابي العباس ثنا شريك عن هلال عن عبد الله بن عكيم قال جاءنا الخ (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم قال سمعت ابن ابي ليلى يحدث عن عبد الله بن عكيم انه قال قرئ علينا الخ (تخريجه ((فع والاربعة وصححه ابن حبان وحسنه الترمذى واخرجه الدار قطنى ايضا بلفظ (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب الى جهينة (اني كنت رخصت لكم في جلود الميتة فاذا جاءكم كتابي هذا فلا تنتفعوا من الميتة باهاب ولا عصب) وللبخاري في تاريخه عن عبد الله بن عكيم قال حدثنا مشيخة لنا من جهينة ان النبى صلى الله عليه وسلم كتب اليهم ان لا تنتفعوا من الميتة بشئ (الاحكام) استدل بحديث عبد الله بن عكيم القائلون بعدم طهارة شئ من جلود الميتة بالدباغ وتقدم ذكرهم وقالوا انه ناسخ لاحاديث الجواز المتقدمة ولكن النسخ لا يصار اليه الا اذا تعذر الجمع بينهما ويمكن الجمع بين احاديث الباب واحاديث الجواز بحمل الاهاب على الجلد قبل الدباغ وأنه بعد الدباغ

(7) باب في تطهير آنية الكفار وجواز استعمالها بعجد غسلها (63) عن ابي ثعلبة الخشنى رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله انا أهل سفر نمر باليهود والنصارى والمجوس ولا نجد غير آنيتهم قال فان لم تجدوا غيرها فاغسلوها بالماء ثم كلوا فيها واشربوا (وعنه من طريق اخر) (1) قلت يا رسول الله ان ارضنا ارض اهل كتاب وانهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر فكيف اصنع بآنيتهم وقدورهم؟ قال ان لم تجدوا غيرها فارحضوها (2) واطبخوا فيها واشربوا (_64) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال كنا نصيب مع النبي

_ لا يسمى إهابا إنما يسمى قربة وغير ذلكم وقد ثقل ذلك عن أئمة اللغة كالنضر بن شميل وصاحب القاموس والصحاح وغيرهم كما تقدم وهذه طريقة بن شاهين وابن عبد البر والبيهقي (قال ابن حزم) فى المحلى في حديث الباب هذا خير صحيح ولا يخالف ما قبله بل هو حق لا يحل ان ينتفع من الميتة باهاب حتى يدبغ كما جاء في الاحاديث الاخر اذ ضم اقواله عليه السلام بعضها لبعض فرض ولا يحل ضرب بعضها ببعض لانها كلها حق من عند الله عز وجل كما قال تعالى (وما ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى) وقال تعالى (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا) وروى عن عائشة أم المؤمنين باسناد فى غاية الصحة (دباغ الاديم ذكاته) وهذا عموم لكل اديم اهـ , (63) عن ابى ثعلبة الخشنى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابى ثنا الحجاج ثنا يزيد بن ارطأة عن مكحول عن ابى ثعلبة الخشنى رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله انا اهل صيد فقال (اذا ارسلت كلبك وذكرت اسم الله فامسك عليك فكل قال قلت وان قتل؟ قال وان قتل قال قلت انا اهل رمى قال ما ردت عليك قوسك فكل قال قلت انا اهل سفر) الحديث (1) هذا طرف من حديث طويل سياتي بسنده في باب كتب النبى صلى الله عليه وسلم من كتاب الشمائل (غريبة) (2) بفتح الخاء المهملة اى اغسلوها بالماء كما فى الرواية الاولى والرخص الغسل (نه) (تخريجه) الرواية الاولى اخلرجها (ق) والرواية الثانية اخرجها ابو داود ايضا (64) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا أبو النضر

صلى الله عليه وسلم في مغانمنا من المشركين الاسقية والاوعية فنقسمها وكلا ميتة (65) عن انس بن مالك رضى الله عنه ان يهوديا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى خبز شعير واهالة سنخة (1) فاجابه (8) باب في تطهير ما يؤكل اذا وقعت فيه نجاسة (66) عن ابى هريرة رضى الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن

_ ثنا محمد يعني ابن راشد عن سليمان بن موسى عن عطاء عن جابر بن عبد الله الحديث (تخريجه) اخرجه ايضا (د) وابن ابي شيبة بمعناه واورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه احمد ورجاله موثقون اهـ وفي رواية لبي داود فنستمتع بها فلا يعيب ذلك عليهم وليس عنده فنقسمها وكلها ميتة (65) عن انس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عفان ابان ثنا قتادة عن انس الحديث وفي رواية اخرى لابان (ان خياطا) بدل قوله ان يهوديا اح (غريبة) (1) الاهالة بكسر الهمزة الودك بفتح الواو والدال وهو دسم اللحم ودهنه الذى يستخرج منه وسنخة بفتح السين المهملة وسكون النون قال في النهاية في حرف السين السنخة المتغيرة الريح ويقال بالزاى وقال في حرف الزاى ان رجلا دعا النبى صلى اللهعليه وسلم فقدم اليه اهالة زنخة الرائحة فيها عرق اى متغيرة الرائحة ويقال سنخة بالسين اهـ (تخريجه) الحديث سنده جيد ولم اقف عليه في غير الكتاب (الاحكام) فى احاديث الباب دليل على اجابة دعوة اهل الكتاب واكل طعامهم كما قال الله تعالى (وطعام الذيناوتو الكتاب حل لكم) وفيها ايضا دليل على جواز الانتفاع باواني المشركين مطلقا اذا اضطررنا اليها بعد غسلها بالماء فان كانت من جلد مدبوغ جاز لنا استعمالها كذلك قال صاحب المنتقى رحمه الله وقد ذهب بعض اهل العلم الى المنع من استعمال آنية الكفار حتى تغسل اذا كانوا ممن لا تباح ذبيحته وكذلك من كان من النصارى بموضع متنظاهرا فيه باكل لحم الخنزير ومتمكنا فيه او يذبح بالسن والظفر ونحو ذلك وانه لا باس بانية من سواهم جمعا بذلكبين الاحاديث واستحب بعضهم غسل الكل لحديث الحسن بن على (رضى الله عنهما) قال حفظت من رسول الله صلى اللهخ عليه وسلم (دع ما يريبك الى ما لا يريبك) رواه احمد والنسائى والترمذى وصححه اهـ قال الشوكانى رحمه الله وصححه ايضا بن حبان والحاكم اهـ وسياتي الكلام على طعام اهل الكتاب في كتاب الاطعمة (66) عن ابى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر ثنا

فأرة وقعت فى سمن فماتت فقال ان كان جامدا فخذوها وما حولها ثم كلوا ما بقى وان كان مائعا فلا تأكلوه (67) عن ابى الزبير قال سألت جابرا رضى الله عنه عن الفأرة تموت في الطعام والشراب أطعمه قال لا زجر (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك كنا نضع السمن في الجرار (2) فقال اذا ماتت الفأرة فيه فلا تطعموه (3) (68) عن ابن عباس رضى الله عنهما عن ميمونة (زوج النبى صلى الله عليه وسلم أن فأرة وقعت فى سمن (زاد في رواية جامد) فماتت فسئل النبى صلى الله عليه وسلم فقال خذوها وما حولها فالقوه وكلوه (4)

_ معمر انا ابن شهاب عن ابن المسيب عن ابى هريرة (تخريجه) الحديث رجاله من رجال الصحيحين واخرجه ايضا ابو داود (67) عن ابى الزبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا ابو الزبير قال سالت جابرا الحديث (غريبة) (1) اى نهى قال فى النهاية وحيث وقع الزجر فى الحديث فانما يراد به النهى اهـ (2) بكسر الجيم جمع جرة بفتحها وهو انانء معروف من الفخار (3) اى ان كان مائعا (تخريجه) لم اقف غليه فى غير الكتاب بهذا اللفظ وفى اسناده ابن لهيغة واحاديث الباب تعضده (68) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا سفيان عن الزهرى عن عبيد الله عن ابن عباس عن ميمونة الحديث (غريبة) (4) اى كلوا ما بقى منه (تخريجه) ((خ والاربغة) ورواية البخارى القوها وما حولها فاطرحوه وكلوا سمنكم (وعند النسائى) فقال ان كان جامدا فالقوها وما حولها وان كان مائعا فلا تقربوه وكذلك عند ابى داود من حديث ابى هريرة (قال الشوكاني) وصحح ابن حبان هذه الزيادة مما له نفس سائلة اذا وقعت فى سمن جامد او نحوه فماتت فيه تلقى هى وما حولهاو ما بقى مما تحقق عدم وصول النجاسة اليه يجوز اكله والانتفاع به اما اذا كان مائعا فانه يكون نجسا جميعه ولا يجوز اكله والى ذلك ذهب الجمهور

أبواب حكم البول والمذى والمنى وغير ذلك (1) باب فيما جاء فى بول الآدمى (69) عن انس ابن مالك رضى الله عنه قال جاء اعرابى فبال فى المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أهريقوا عليه ذنوبا او سجلا من ماء (70) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا محمد ابن مقاتل ثنا ابن المبارك انا مسعر (1) عن حماد قال البول عندنا (2) بمنزلة الدم ما لم يكن قدر الدرهم فلا باس به (71) عن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال اكثر عذاب القبر في البول (3)

_ (69) عن أنس بن مالك تقدم هذا الحديث بسنده وشرحه في الباب الرابع في تطهير الارض من نجاسة البول وذكرته هنا للاستدلال على نجاسة البول (70) حدثنا عبد الله الخ (غريبة) (1) مسعر على وزن منبر ابن كدام بكسر اوله وتخفبف ثانيه ابن ظهير الهلالى ابو سلمة الكوفى ثقة ثبت فاضل من السابعة مات سنة ثلاث او خمس وخمسين بعد المائة قاله في التقريب (وحماد) قال في الخلاصة هو ابن سلمة بن مسلم الاشعرى ابو اسماعيل الكوفى الفقيه روى عن انس وغيره وعنه ابو حنيفة ومسعر وغيرهما ووثقه النسائى واخرج له مسلم واصحاب السنن والبخارى تعليقا وقال داود الطائى كان حماد يفطر في رمضان كل ليلة خمسين انسانا توفى سنة عشرين ومائة اهـ بتصرف (2) اى فيما ذهب اليه حماد ان البول بمنزلة الدم ما لم يكن قدر الدرهم فيعفي عنه والى ذلك ذهب ابو حنيفة ايضا (تخريجه) هذا الاثر سنده جيد ورجاله من رجال الصحيحين ولم اقف عليه في غير الكتاب (71) عن ابى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابى ثنا يحيى بن حماد ثنا ابو عوانة عن الاعمش عن ابى صالح عن ابى هريرة الحديث) (غريبة) (3) وفى رواية (من البول) اة من عدم التنزه منه لانه يفسد الصلاة وهى عماد الدين (تخريجه) (حه ك قط) قال الحافظ في بلوغ المرام وهو صحيح الاسناد (قلت) ولفظ الدار قطنى استنزهوا من البول فان عامة عذاب القبر منه (الاحكام) احاديث الباب تدل على نجاسة بول الآدمى وتقدم ما حكاه النووى رحمة الله من الاجماع على ذلك قال ولا فرق بين الكبير والصغير باجماع من يعتد باجماعه لكن بول الصغير يكفى فيه النضج كما سياتى إن شاء الله تعالى

ما جاء في بول الغلام والجارية فصل منه فيما جاء في بول الغلام والجارية (72) عن أمّ الفضل (1) (رضي الله عنها) قالت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إنّي رأيت في منامي في بيتي أو حجرتي عضواً من أعضائك. (وفي رواية زيادة فجزعتُ (2) من ذلك) قال تلد فاطمة إن شاء الله غلاماً فتكفُلينه (3) فولدت فاطمة حسناً، فدفعته إليها فأرضعته بلبن قُثم (4) وأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم يوماً أزوره، فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه على صدره فبال على صدره فأصاب البول إزاره، فزخخت (5) بيدي على كتفيه (وفي رواية فضربت بين كتفيه) فقال أوجعت ابني أصلحك الله أو قال رحمك الله، فقلت أعطني إزارك أغسله، فقال إنما يغسل بول الجارية ويصب (6) على بول الغلام (وعنها من طريق ثان (7) بنحوه) وفيه فولدت حسناً فأُعطِيتُهُ فأرضعته حتى تحرك أو فطمته، ثم جئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأجلسته في حجره فبال، فضربت بين كتفيه فقال ارفقي بابني رحمك الله (وفيه أيضاً) قال إنما يغسل

_ (72) عن أم الفضل [سنده] حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب قال ثنا أيوب عن صالح أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم الفضل ((الحديث)) [غريبه] (1) هي لبابة أم الفضل بن عباس وأخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم (2) بكسر الزاي من باب تعب. والجزع الخوف والحزن (3) قال في المصباح كفلت الرجل والصغير من باب قتل كفالة أيضاً علته وقمت به اهـ والمراد هنا الإرضاع والتربية (4) بوزن عمر هو ابن العباس وأخو الحسن من الرضاعة (5) كضربت وزناً ومعنى كما صرح بذلك في الرواية الثانية (6) وفي رواية وينضح، وفي أخرى فدعا بماء فرشه، والصب والنضح والرش هنا بمعنى واحد وه تنفيض الماء على موضع البول حتى يعمه بدون عصر ولا دلك، وأما الغسل فهو تعميم الموضع بالماء ثم يدلك ويعصر (7) [سنده] حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن بكير قال ثنا إسرائيل عن سماك عن قابوس بن المخارق عن أم الفضل ((الحديث))

بول الجارية وينضح بول الغلام (ومن طريق ثالث) (1) عن عطاء الخرسانى عن لبابة ام الفضل (رضى الله عنها) انها كانت ترضع الحسن والحسين قالت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فاضطجع في مكان مرشوش فوضعه على بطنه فبال على بطنه فرأيت البول يسيل على بطنه فقمت الى قربة لاصبها عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ام الفضل ان بول الغلام يصب عليه الماء وبول الجارية يغسل وقال بهز غسلا (2) (73) عن ابى ليلى رضى الله عنه قال كنا عند النبى صلى الله عليه وسلم فجاء الحسن ابن على يحبو حتى صعد على صدره فبال عليه (وفي رواية حتى رأيت بوله على بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال فابتدرناه (3) لنأخذه فقال النبى صلى الله عليه وسلم ابني ابني (وفي رواية دعوا ابني لا تفزعوه حتى يقضى بوله) ثم دعا بماء فصب عليه (74) عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالصبيان فيدعو لهم وانه اتى بصبى فبال عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صبوا عليه الماء صبا (وعنها من طريق اخر) (4) ان النبى صلى الله عليه وسلم اتى بصبى ليحنكه (5) فأجلسه

_ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عفان وبهز قالا ثنا حماد بن سلمة قال انا عطاء الخرسانى عن لبابة ام الفضل الخ (2) اى وقال بهز وفى روايته يغسل غسلا (تخريجه) (خر حب طب د جه ك) وصححه الذهبى (73) عن ابى ليلى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا وكيع ثنا ابن ابي ليلى عن اخيه عيسى بن عبد الرحمنعن جده (يعني ابا ليلى) قال كنا عند النبى صلى الله عليه وسلم (الحديث) (غريبة) (3) اى اسر عنا اليه (تخريجه) اورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه احمد والطبرانى فى الكبير ورجاله ثقات (74) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا ابو معاوية ثنا هشام ابن عروة عن ابيه عن عائشة (الحديث) (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يحيى ووكيع ثنا هشام قال اخبرنى ابي عن عائشة ان النبى صلى الله عليه وسلم اتى بصبى (الحديث) (5) قال فى المصباح حنكت الصبى تحنيكا مضغت تمرا ونحوه ودلكت به حنكه

في حجره (1) فبال عليه فدعا بماء فاتبعه اياه قال وكيع فاتبعه اياه ولم يغسله (75) عن ام قيس بنت محصن رضى الله عنها قالت دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم بابن لي لم يطعم (2) فبال عليه فدعا بماء فرشه عليه (وعنها من طريق اخر (3) بنحوه) وفيه فوضعه فى حجره فبال عليه فدعا بماء فنضحه ولم يكن الصبى بلغ ان يأكل الطعام قال الزهرى فمضت السنة بأن يرش بول الصبى ويغسل بول الجارية (76) عن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بول الغلام ينضح وبول الجارية يغسل قال قتادة (5) هذا ما لم يطعما فاذا طعما غسل بولهما

_ (1) الحجر بكسر الحاء المهملة وتفتح قال فى المشارق بفتح الحاء وكسرها هو الثوب والحضن اهـ وفى المصباح حجر الانسان بالفتح وقد يكسر حضنه وهو ما دون ابطه الى الكشح (تخريجه) (ق جه) (75) عن ام قيس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا سفيان بن عيينة عن الزهرى عن عبيد الله من ام قيس بنت محصن الخ (غريبة). (2) اى لم يأكل الطعام كما فى رواية اخرى وبابه تعب والمعنى لم يذق الطعام لكونه رضيعا وفسره النووى في شرح مسلم بان المراد بالطعام ما عدا اللبن الذى يرضعه والتمر الذى يحنك به والعسل الذى يلعقه للمداواة وغير ذلك اهـ (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابي ثنا [عبد الرزاق قال ثنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أم قيس بنحوه إلخ. (4) أحد الرواة كما ترى في السند (وفي قوله بأن يرش) دليل على أن الرش بمعنى النضح كما قدمنا (تخريجه) (ق والأربعة) (تنبيه) أم قيس اسمها آمنة قاله السهيلي وقيل جذامة وابنها لم يذكر اسمه، ذكره الحافظ في "التلخيص". (76) عن علي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا] عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا هشام عن قتادة عن ابى حرب بن ابى الاسود عن ابيه عن على رضى الله عنه (الحديث) (غريبة) (5) احد الرواة كما ترى فى السند (تخريجه) (خز حب جه د) باسناد صحيح والحاكم وقال صحيح ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبى واخلرجه ايضا الترمذى وقال حديث حسن

(77) عن أم كرز الخزاعية رضى الله عنها قالت اتى النبى صلى الله عليه وسلم بغلام فبال عليه فامر به فنضح واتى بجارية فبالت عليه فامر به فغسل (78) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال جاءتام الفضل ابنة الحارث بأم حبيبة بنت عباس فوضعتها في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فبللت فاختلجتها (1) ام الفضل ثم لكمت (2) بين كتفيها ثم اختلجتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعطيني قدحا من ماء فصبه على مبالها (3) ثم قال اسلكوا الماء في سبيل البول

_ (77) عن أم كرز الخزاعية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا ابو بكر الحنفى قال ثنا اسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن ام كرز الخزاعية الخ (تخريجه ((طس جه) واسناده فيه انقطاع لانه من طريق عمرو بن شعيب عنها ولم يدركها وقد اختلف فيه على عمرو بن شعيب فقيل عنه عن ابيه عن جده كما رواه الطبرانى قاله الحافظ في التلخيص (78) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا ابو جعفر المدائنى قال انا عباد بن العوام عن محمد بن اسحق حدثنا حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس (الحديث) (غريبة) (1) اى انتزعتها قال فى المصباح خلجت الشئ خلجا من باب قتل انتزعته واختلجته مثله (2) قال في المختار لكمة ضربة بجمع كفه وبابه نصر (3) اى مكان بولها (وقوله في سبيل البول) اى في طريقه (تخريجه) الحديث اورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه احمد وفيه حسين ابن عبد الله وضعفه احمد وابو زرعة وابو حاتم والنسائى وابن معين في رواية ووثقه في اخرى (الاحكام) أحاديث الباب تدل على أن بول الصبى يخالف بول الجارية فى كيفية تطهيره بالماء وان مجرد النضح يكفي في تطهير بول الغلام لا الجارية ورواه ابن حزم عن ام سلمة والثورى والاوزاعى والنخعى وداود وابن وهب وقال الخطابى فى الكلام على حديث [(يغسل من بول الأنثى وينضح من بول الذكر) وممن قال بظاهر هذا الحديث] على ابن ابى طالب وايه ذهب عطاء ابن ابى رياح والحسن البصرى وهو قول الشافعى واحمد ابن حنبل واسحق قالوا ينضح بول الغلام ما لم يطعم ويغسل بول الجارية وليس ذلك من اجل ان بول الغلام ليس بنجس ولكنه من اجل التخفيف الذى وقع فى ازالته وقالت طائفة يغسل بول الغلام والجارية معا وايه ذهب النخعى وابو حنيفة واصحابه وكذلك قال سفيان الثورى اهـ (قلت) وبذلك قالت المالكية والله أعلم

(2) باب فيما جاء في بول الابل (79) عن أنس ابن مالك رضى الله عنه أن أناسا أتوا النبى صلى الله عليه وسلم من مكل (1) فاجتووا المدينة فامر لهم بذود (2) لقاح فأمرهم أن يشربوا من ابوالها والبانها (3) باب فيما جاء في المذى (80) عن سهل ابن حنيف رضى الله عنه قال كنت القى من المذي

_ (79) عن أنس ابن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الرزاق انا سفيان عن ايوب عن ابى قلابة عن انس (الحديث) (غريبة) (1) بضم اوله واسكان ثانيه قبيو ابن المنذر وابن حبان والصطخري والوياني أما في الابل فبالنص واما في غيرهما مما يؤكل لحمه فبالقياس قال ابن المنذر ومن زعم ان هذا خاص بأولئك الاقوام فلم يصب اذ الخصائص لا تثبت الا بدليل ويؤيد ذلك تقرير اهل العلم لمن يبيع ابعار الغنم فى اسواقهم واستعمال ابوال الابل فى اذدويتهم ويؤيده ايضا أن الاشياء على الطهارة حتى تثبت النجاسة نقله الشوكانى فى نيل الاوطار (80) عن سهل بن حنيف (سنده) حدثنل عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل

شدة فكنت أكثر الاغتسال منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال انما يجزيك منه الوضوء فقلت كيف بما يصيب ثوبى فقال يكفيك أن تأخذ كفا من ماء فتمسح بها مكن ثوبك حيث ترى أنه أصاب (81) عن على رضى الله عنه قال كنت رجلا مذاء (1) وكنت استحى أن أسأل النبى صلى الله عليه وسلم لمكان ابته فأمرت المقداد فسأله فقال يغسل ذكره وانثييه ويتوضأ (وعنهع من طريق ثان بنحوه) (2) ز وفيه فقال صلى الله عليه وسلم توضأ وانذح فرجك (وعنه من طريق ثالث) (3) بنحوه وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه الوضوء (وعنه من طريق رابع) (4) بنحوه وفيه فأمرت رجلا فسأله فقال توضأ واغسله (82) وعنه أيضا قال كنت رجلا مذاء فسألت النبى صلى الله عليه وسلم فقال إذا حذفت (5)

_ ابن إبراهيم قال انا محمد بن اسحق قال حدثنا سعيد بن عبيد بن السباق عن ابيه عن سهل بن حنيف (الحديث) (تخريجه) (جه د مذ) وقال حسن صحيح (81) عن على (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا وكيع ثنا هشام بن عروة عن ابيه قال قال على رضى الله عنه كنت رجلا (الخ) (غريبة) (1) بوزن فعال للمبالغة فى كثرة المذى وقد مذى الرجل يمذي وامذى (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني احمد ابن عيسى ثنا عبد الله بن وهب اخبرني مخرمة بن بكير عن ابيه عن سليمان بن يسار عن ابن عباس قال قال على ارسلت المقداد فذكر نحوه (وقوله وانضح فرجك) تقدم معنى النضح (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا ابو معاوية ثنا الاعمش عن المنذر ابي يعلى عن محمد بن الحنفية عن على الحديث (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الرحمن عن زائدة بن قدامة عن ابى حصين الازدى وابن ابى بكير ثنا زائدة انبأنا أبو حصين الاسدى عن ابي عبد الرحمن عن على بنحوه (تخريجه) (ق د) (82) وعن أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا أبو احمد ثنا رزام (بكسر أوله ثم زاى) ابن سعيد التيمي عن جواب التيمي عن بريد بن شريك يعني التنيمي عن على الحديث (غريبة) (5) أى رميت المنى وهو كناية عن تدفقه عتد النزول لأن التدفق علامة

فاغتسل من الجنابة واذا لم تكن حاذفا فلا تغتسل (وعنه من طريق ثان (1) بنحوه) وفيه فقال اذا رأيت المذى فتوضأ واغسل ذكرك واذا رأيت فضخ الماء (2) فاغتسل (وعنه من طريق ثالث بنحوه) (3) ز وفيه فقال فيه الوضوء وفي المنى الغسل (83) عن المقداد بن الاسود رضى الله عنع قال قال لى على (رضى الله عنه) سل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرجل يلاعب أهله فيخرج منه المذى من غير ماء الحياة (4) فلولا أن ابته تحتي لسألته فقلت يا رسول الله الرجل يلاعب أهله فيخرج منه المذى من غير ماء الحياة قال يغسل فرجه ويتوضأ وضوءه للصلاة (وعنه من طريق ثان بنحوه) (5) وفيه فقال (يعني النبي صلى الله عليه وسلم)

_ المني وأما المذى فعلامته ان ينزل عقب الانعاظ عند الارتخء بدون تدفق وهو ماء رقيق أبيض لزج وربما لا يحس بخروجه (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الرحمن ثنا زائدة ثنا الركين بن الربيع عن حسين قبيصة عن على رضى الله عنه الحديث (2) بفتح الفاء وسكون الضاد أى دفقه يريد به المنى (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا اسحقبن اسماعيل ثنا محمد بن فضيل عن يزيد بن ابي زياد عن عبد الرحمن ابن ابيليلى عن على رضى الله عنه (الحديث) وهذه الرواية الاخيرة من زوائد عبد الله بن الامام أحمد على المسند ولذا رمزت لها بحرف الزاى في أولها وهذا الحديث برواياته أن عليا هو الذي سأل النبى صلى الله عليه وسلم وفي الذي قبله أن المقداد هو الذي سأل وسيأتي عن المقداد أن عليا رضى الله عنه أمره أن يسأل النبى صلى الله عليه وسلم وفي بعض الروايات أنه أمر عمار بن ياسر بالسؤال وجمع ابن حبان بين ذلك بتعدد الاسئلة (تخريجه) (خز) (83) عن المقداد بن الاسود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يزيد ابن هارون انا محمد بن اسحق عن هشام عن عروة عن ابيه عن المقداد بن الاسود (الحديث) (غريبة) (4) أى المنى سمى بذلك لكونه أصل الجنين وبسببه يصير حيا ذا روح (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي قال قرأت على عبد الرحمن بن مالك وحدثنا اسحق انا مالك عن ابي النضر مولى عمر بن عبيد الله

إذا وجد أحدكم ذلك فلينضح فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة (وعنه من طريق ثالث) (1) بنحوه) وفيه فاذا وجد ذلك احدكم فلينضح فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة يعني يغسله (2) (84) عن عطاء عن عائش بن انس البكري قال تذاكر على وعمار والمقداد المذى فقال على اني رجل مذاء واني استحي أن أسأله من أجل أبنته تحتي فقال لأحدهما , لعمار والمقداد , قال عطاء سماه لي عائش فنسيته سل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته فقال ذاك المذى ليغسل ذاك منه قلت ما ذاك منه قال ذكره ويتوضأ فيحسن وضوءه أو يتوضأ (3) مثل وضوئه للصلاة وينضح في فرجه أو فرجه

_ عن سليمان بن يسار عن المقداد بنحوه (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عثمان بن عمر انا مالك بالاسناد المتقدم (2) في هذه الرواية تفسير النضح بالغسل وهو يؤيد ما اختاره النووى رحمه الله من أن المراد بالنضح في هذا الباب الغسل , قال فان النضح يكون غسلا ويكون رشا وقد جاء في بعض الروايات فاغسل وفي بعضها يغسل ذكره وفي أخرى فتغسل من ذلك فرجك فتعين حمله عليه اهـ (تخريجه) _هق د لك ) وسنده جيد (84) عن عطاء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن عطاء عن عائش بن أنس البكري الخ (غريبة) (3) أو للشك من الراوي وكذلك قوله بعده أو فرجه (تخريجه) (حب نس) وسنده جيد (الاحكام) قال الشوكلني رحمه الله استدل بأحاديث الباب على أن الغسل لا يجب لخروج المذى , قال في الفتح وهو اجماع , وعلى أن الأمر بالوضوء منه كالأمر من الوضوء من البول وعلى أنه يتعين الماء في تطهيره لقوله (كفا من ماء وحفنة من ماء) واتفق العلماء على أن المذى نجس ولم يخالف في ذلك الا بعض الامامية محتجين بأن النضح لا يزيله ولو كان نجسا لوجبت الازالة ويلزمهم القول بطهارة العذرة لأن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بمسح النعل منها بالأرض والصلاة فيها , والمسح لا يزيلها وهو باطل بالتفاق (وقد اختلف أهل العلم في المذى اذا أصاب الثوب,' فقال الشافعى واسحق وغيرهما لا يجزيه الا الغسل أخذا برواية الغسل وفيه ما سلف , على أن رواية الغسل انما هى في الفرج لا في الثوب الذي هو محل النزاع فانه لم يعارض النضح المذكور في الباب معارض فالاكتفاء به صحيح مجز , واستدل ايضا بما في الباب على وجوب غسل الذكر والانثيين على --- وإن كان محل المذي ...

(4) باب فيما جاء فى المنى (85) عن الأسود عن عائشة رضى الله عنها قالت كنت أفرك (1) (وفى رواية أحت) المنى من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يذهب فيصلي فيه (86) وعنها أيضا قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلت (2) المنى من ثوبه بمرق الاذخر (3) ثم يصلي فيه ويحته من ثوبه يابسا ثم يصلي فيه. (87) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا مهدي قال ثنا واصل الأحدب عن ابراهيم النخعى عن الأسود قال رأتني عائشة أم المؤمنين

_ بعضا منها واليه ذهب الاوازعي وبعض الحنابلة وبعض المالكية وذهبت العترة والجمهور الى أن الواجب غسل المحل الذي أصابه المذى من البدن ولا يجب تعميم الذكر والانثيين ويؤيد ذلك ما عند الاسماعيلى في رواية بلفظ (توضأ واغسله) فأعاد الضمير على المذى قال واختلف الفقهاء هل المعنى معقول أو هو حكم تعبدي وعلى الثاني تجب النية وقيل الأمر بالغسل ذلك ليتقلص الذكر قاله الطحاوي اهـ شوكاني والله أعلم (85) عن الاسود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن حماد عن ابراهيم عن الاسود (الحديث) (غريبة) (1) أفرك من باب قتل والفرك هو الدلك (والحت) هو الحك وهذا اذا كان المنى يابسا أما اذا كان رطبا فسيأتي حكمه (تخريجه) (م والاربعة وغيرهم) (86) وعنها أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاذ بن معاذ ثنا عكرمة بن عمار عن عبد الله بن عبيد الله بن عمير عن عائشة (الحديث) (2) بكسر الام أى يمسحه (3) العرق بكسر العين وسكون الراء جمعه عروق (والاذخر) بكسر الهمزة وسكون الدال المعجمة بعدها خاء معجمة مكسورة حشيش طيب الرائحة والسلت يكون في الرطب بدليل قولها بعد (ويحته من ثوبه يابسا) (تخريجه) الحديث قال الحافظ في التلخيص اسناده جيد (قلت) ورواه أيضا ابن خزيمة وذكره الحافظ الزيعلي في نصب الراية وسكت عنه وله شاهد عند الطبرانى من حديث ابن عباس قال (كلقد كنا نسلته بالاذخر والصوفة) يعني المنى قال الهيثمي ورجاله ثقات (87) حدثنا عبد الله الخ (تخريجه) (م والاربعة) مختصرا بألفاظ مختلفة والمعنى

(رضى الله عنها) أغسل أثر الجنابة أصابي ثوبي فقالت ما هذا قلت جنابة أصابت ثوبي فقالت لقد رأيتنا وانه يصيب ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فما يزيد على أن يقول به هكذا ووصفه مهدي حك يده على الأخرى (ومن طريق آخر) (1) عن الأسود (أيضا) عن عائشة رضى الله عنها) قالت كنت أفركه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا رأيته فاغسله والا فرشه (وفي رواية فان خفى عليك فارششه) (88) عن همامقال نزل بعائشة (رضى الله عنها) ضيف فأمرت له بملحفة (2) لها صفر فنام فيها فاحتلم فاستحى أ، يرسل بها وفيها أثر الاحتلام قال فغمسها في الماء ثم أرسل بها فقالت عائشة لم أفسد علينا ثوبنا انما كان يكفيه أن يفركه بأصابعه لربما فركته من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصابعي (89) عن قيس بن وهب عن رل من بني سواءة عن عائشة

_ واحد (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن ابي عدى عن سعيد عن أبي معشر عن النخعى عن الأسود (الحديث) (تخريجه) لم أقف عليه في غير الكتاب بهذا اللفظ والفرك ثابت في الصحاح (88) عن همام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن ابراهيم عن همام (الحديث) (غريبة) (2) الملحفة بالكسر هى الملاءة التي تلتحف بها المرأة واللحاف كل ثوب يتغطى به والجمع لحف مثل كتاب كتب اهـ مصباح (تخريجه) (م د مذ) وقد استدل باحاديث الفرك والسلت من قال بطهارة المنى قال ان كان المنى نجسا لم يكف فركه كالدم وغيره قال الترمذى وهو قول غير واحد من الفقهاء مثل سفيان وأحمد واسحق قالوا فى المنى يصيب الثو ب يجزئه الفرك (قلت) وممن قال بطهارته الشافعية أيضا قالوا ورواية الغسل محمولة على الاستحباب والتنزه واختيار النظافة (89) عن قيس بن وهب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يحيى بن آدم

(رضي الله عنها) فيما يفيض بين الرجل وامرأته من الماء (1) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب الماء على الماء (90) عن سليمان بن يسار عن عائشة رضى الله عنها أنها كانت تغسل المنى من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) باب في طهارة المسلم حيا وميتا (91) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال لقيت النبى صلى الله عليه وسلم وأنا جنب فمشيت معه حتى قعد فانسللت (2) فأتيت الرحل ف 6 اغتسلت ثم جئت وهو

_ ثنا شريك عن قيس بن وهب (الحديث) (غريبة) (1) يعني المنى وكذلك قوله على الماء وقد سماه الله عز وجل ماء فقال تعالى (فلينظر الانسان مم خلق خلق من ماء دافق) (تخريجه) لم أقف عليه في غير الكتاب واسناده مجهول (90) عن سليمان بن يسار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي بن زكريا أنا عمرو بن ميمون بن مهران عن سليمان بن يسار (الحديثص) (تخريجه) (ق والأربعة) (الاحكام) استدل باحاديث الغسل من قال بنجاسة المنى قال النووى في شرح مسلم ذهب مالك وأبو حنيفة الى نجاسته الا أن أبا حنيفة قال يكفي في تطهيره فركه اذا كان يابسا وهو لرواية عن أحمد وقال مالك لابد من غسله رطبا ويابسا وقال الليث هو نجس ولا تعاد الصلاة منه (قال الحافظ) وليس بين حديث الغسل وحديث الفرك تعارض لأن الجمع بينهما واضح على القول بطهاة المنى بأ، يحمل الغسل على الاستحباب للتنظيف لا على الوجوب وهذه طريقة الشافعى وأحمد وأصحاب الحديث وكذا الجمع ممكن على القول بنجاسته بأن يحمل الغسل على ما كان رطبا والفرك على ما كان يابسا وهذه طريقة الحنفية ورجح الحافظ الطريقة الأولى أعني طريقة القائلين بطهارة المنى وصوب الشوكاني نجاسته وأنه يجوز تطهيره بأحد الأمور الواردة يعني الغسل أو السلت ان كان رطبا والفرك أو الحت ان كان يابسا والله أعلم (91) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدى عن حميد ابن بكر عن ابي رافع عن أبي هريرة (الحديث) (غريبة) (2) أى مضيت وخرجت بتأن وتدرج (والرحل) بوزن الرمل جمعه رحال وهى الدور والمساكن والمنازل

قاعد فقال أين كنت؟ فقلت لقيتني وأ، اجنب (1) فكرهت أن أجلس اليك وأنا جنب فأنطلقت فاغتسلت فقال صلى الله عليه وسلمسبحان الله (2) ان المؤمن لا ينجس (3) (وعنه عن طريق آخر) (4) قال لقيني النبى صلى الله عليه وسلم وهو في طريق من طرق المدينة فانحبست (5) فذهبت فاغتسلت ثم جئت (فذكر مثله وفيه) فقال ان المسلم لا ينجس (92) عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم لقيه في بعض طرق المدينة فأهوى اليه (6) قال قلت اني جنب قال ان المؤمن لا ينجس (ومن طريق ثان) (7) عن ابن سيرين قال خرج النبى صلى الله عليه وسلم فلقيه حذيفة بن اليمان فحاد عنه (8) فاغتسل ثم جاء فقال مالك قال يا رسول الله

_ يقال لمنزل الانسان وسكنه رحله وانتهينا الى رحالنا أى منازلنا (نه) (1) هذه اللفظه تقع على الواحد المذكر والمؤنث والاثنين والجمع بلفظ واحد قال تعالى (وان كنتم حنبا فاطهروا) وقال بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم اني كنت جنبا وقد يقال جنبان وجنبون (2) أصل التسبيح التنزيه والتقديس والتبرئة من النقائض والمرادج به هنا التعجب يقال سبحنه أسبحه تسبيحا وسبحانا فمعنى سبحان الله تنزيه الله أو التنزيه لله وهو نصب على المصدر كأنه قال ابرئ الله من السوء براءة (3) فيه لغتان ضم الجيم وفتحها (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن حميد قال ثنا بكر بن عبد الله عن ابي رافع عن ابي هريرة قال لقينى الخ (5) أى استترت واختفيت (تخريجه) (ق والأربعة) (92) عن أبي وائل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن مسعر حدثني واصل عن ابي وائل الخ (غريبة) (6) أى مال اليه النبى صلى الله عليه وسلم وتوجه نحوه (7) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع يزيد بن ابراهيم عن ابن سيرين قال خرج النبى صلى الله عليه وسلم الخ (8) أى مال وعدل (تخريجه) (م جه نس د) وفي الباب عند الامام الشافعى وكذا البخارى تعليقا من حديث ابن عباس بلفظ (المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا) وعند البيهقى من حديث ابن عباس أيضا (ان ميتكم يموت طاهرا فحسبكم أن تغسلوا أيديكم) ذكرها الشوكاني في النيل (الأحكام) أحاديث

كنت جنبا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان المسلم لا ينجس (6) باب في طهارة ما لا نفس له سائلة حيا أو ميتا (93) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا وقع الذباب في اناء أحدكم فان في أحد جناحيه داء والآخر دواء وانه يتقى بجناحيه الذى فيه الداء فليغمسه (1) كله (وعنه من طريق ثان) (2) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال اذا وقع الذباب في شراب أحدكم فليغمسه كله ثم ليطرحه فان في أحد جناحيه شفاء وفي الآخر داء (94) عن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال اذا وقع الذباب في اناء أحدكم فامقلوه (3)

_ الباب أصل في طهارة المسلم حيا وميتا أما الحى فبالاجماع وأما الميت ففيه خلاف يطلب المطولات والله أعلم (93) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بشرين مفضل عن ابن عجلان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة (غريبة) (1) أى يدخله في الاناء ويغمره به ثم يطرحه كما في الرواية الثانية وعند (حب خز د) (فليغمسه كله ثم لينزعه) (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان ثنا اسماعيل أنا عتبة ابن مسلم مولى بني تميم عن عبيد بن حنيز مولى بني رزيق عن ابي هريرة (الحديث) (تخريجه) (خ د جه) (94) عن ابي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ثنا ابن أبي ذئبقال حدثني سعيد بن خالد عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدرى (الحديث) (غريبة) (3) بضم القاف من باب قتل يقال مقلة يمقله مقلا أى غمسه (تخريجه) (جه نس حب هق)) قال الشوكاني استدل بذلك على أن الماء القليل لا ينجس بموت ما لا نفس له سائلة فيه اذ لم يفصل بين الموت والحياة وقد صرح بذلك في حديث الذباب والخنفساء اللذين وجدهما النبى صلى الله عليه وسلم ميتين في الطعام فأمر بالقائهما والتسمية عليه والأكل منه ويدل على جواز قتل الذباب بالغمس لصيرورته لذلك عقورا وعلى تحريم أكل المستخبث للأمر بطرحه ورواية اناء أحدكم تشمل إناء

(95) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلت لنا ميتتان ودمان فأما الميتتان فالحوت (1) والجراد (2) وأما الدمان فالكبد والطحال (أببواب أحكام التخلي والاستنجاء والاستجمار وآداب ذلك) (1) باب في ارتياد المكان الرخو وما لا يجوز التخلي فيه (96) عن أبي موسى الأشعري رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان

_ الطعام والشراب وغيرهما فهى أعم من رواية شراب أحدكم والفائدة في الأمر بغمسه هى أن يتصل ما فيه من الدواء بالطعام أو الشراب كما أتصل به الداء فيتعادل الضلر والنافع فيندفع الضرر اهـ (95) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا شريح ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن زيد ابن اسلم عن ابن عمر (الحديث) (غريبة) (1) قال في المختار الحوت السمكة والجمع الحيتان وهكذا قال الأزهرى ويؤيد كونه مطلق السمكة قوله تعالى (نسيا حوتهما) والمنقول في الحديث الصحيح أنها كانت سمكة في مكتل وما ظنك بزوادة اثنتين خصوصا موسى وصاحبه وأدل من هذا قوله تعالى اذ تأتيهم حيتانهم) وأما قوله تعالى (فالتقمه الحوت) فانه يدل على صحة اطلاق الحوت على السمكة الكبيرة لا على حصر مسمى الحوت فيها كما يظنه العامة وقال ابن فارس الحوت العظيم من السمك اهـ (والجراد) معروف الواحدة جرادة تقع على الذكر والأنثى كالحمامة وقد تدخل التاء للتأنيث ومن كلامهم رأيت جرادا على جرادة سمى بذلك لأنه يجرد الأرض أى يأكل ما عليها قاله في المصباح (تخريجه ((جه فع هق قط) وهو عند الدارقطني أيضا من رواية عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه باسناده قال الامام أحمد وابن المديني عبد الرحمن بن زيد ضعيف وأخوه عبد الله ثقة ورواه الدارقطني أيضا من رواية سليمان بن بلال عن زيد ابن أسلم موقوفا وقال هو أصح وكذا صحح الموقوف ابو زرعة وابو حاتم قال الحافظ والرواية الموقوفة التي صححها أبو حاتم وغيره هى في حكم المرفوع لأن قول الصحابي أحل لنا كذا وحرم علينا كذا مثل قوله أمرنابكذا ونهينا عن كذا فيحصل الاستدلال بهذه الرواية لأنها في معنى المرفوع اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على طهارة ما لا نفس له سائلة حيا وميتا اذ لو كان نجسا لما حل لنا أكل ميتته أو أكل ما مات فيه والله أعلم (96) عن أبي موسى الأشعرى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد

يمشي فبال فى دمث (1) فى جنب حائط قبال مم قال كان بنو إسرائيل إذا بال أحدهم فأصابه شئ من بوله تتبعه فقرضه بالمقاريض (2) وقال إذا أراد أحدكم أن يبول فليرتد (3) لبوله (97) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اتقوا الملاعن (4) الثلاث'قيل ما الملاعن يا رسول الله؟ قال أن يقعد أحدكم فى ظل يستظل فيه أو فى طريق أو فى نقع الماء (5) (98) عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال اتقوا اللعانين (6)

_ ابن جعفر ثنا عن ابى التياح حدثنى رجل أسود طويل قال جعل ابو النياح ينعته أنه قدم مع ابن عباس البصرة فكتب إلى أبى موسى فكتب اليه ابو موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (1) بفتح الدال المهملة وسكون الميم وهو الأرض السهلة الرخوة والرمل الذى ليس بتلبد'يقال دمث المكان بكسر الميم دمنا بفتحها إذا لان وسهل فهو دمث ودمث (به) (2) جمع مقراض آلة القطع وهو المعروف الآن بالمقص ونحوه (3) بفتح المثناة وسكون الدال ألالى يطلب مكانا سهلا لينا (تخريجه) (د) وفى اسناده مجهول ولكن أحاديث الامر باتنزه عن البول تفيد ذللك'وفي أنه ينبغى لمن أراد قضاء الحاجة أن يختار المكان الرخو الذى لا صلابة فيه ليأمن من رشاش البول'وقصة بنى اسرائيل فى مسلم موقوفة على ابى موسى (97) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عتاب بن زياد ثنا عبد الله قال انا ابن لهيعة قال حدثنى ابن هبيرة قال أخبرنى من سمع ابن عباس يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث) (غريبة) (4) جمع ملعنة وهى مواضع اللعن أى التى يلعن المتخلى فيها (5) أى مكان الماء الذى يستقى منه وينتفع به (تخريجه) الحديث لم أقف عليه فى غير الكتاب؛ وفى اسناده ابن لهيعة والراوى عن ابن عباس مبهم فهو ضعيف وله شاهد من حديث معاذ بن جبل رواه ابو داود وابن ماجه وقال هو مرسل (98) عن ابى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا سليمان أنبأنا اسماعيل أخبرنى العلاء عن أبيه عن أبى هريرة (الحديث) (الحديث) (غريبة) (6) بتشديد اللام والعين المهملة مفتوحتين قال النووى رحمه الله فى شرح مسلم أما اللعانان فكذا وقع في مسلم

قالوا وما اللعانان يا رسول الله قال الذى يتخلى فى طلريق الناس أو فى ظلهم (1) (2) باب فيما جاء فى المواضع التى نهى عن البول فيها (99) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا معاذ بن هشام حدثنى أبى عن قتادة عن عبجد الله بن سرجس (2) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يبولن أحدكم فى الجحر (3) وإذا نتمتم فأطفئوا السراج فإن الفأرة تاخذ الفتيلة فتحرق أهل البيت'وأوكئوا (4) الأسقية وخمروا (5) الشراب وغلقوا الأبواب بالليل'قالوا لقتادة ما يكره (6) من البول فى الجحرقال يقال إنها مساكن الجن

_ ووقع في رواية ابى داود (اتقوا الملاعنين) والروايتان صحيحتان عقال ابو سليمان الخطابى المراد باللاعنين، الأمرين الجالبين للعن الحاملين الناس عليه، والداعين اليه، وذللك أن فعلهما شتم ولعن، يعنى عادة الناس لعنه فلما صار سببا لذللك أضيف اللعن اليهما؛ قال وقد يكون اللاعن بمعنى الملعون، والملاعن مواضع اللعن (قلت) فعلى هذا يكون التقدير الامرين الملعون فاعلهما، وهذا على رواية ابى داود، وأما رواية مسلم فمعناها والله أعلم (اتقوا فعل اللعانين) أى صاحببى اللعن وهما اللذان يلعنهما الناس فى العادة والله أعلم اه (1) اأى مستظل الناس الذى يتخذونه مقيلا ومنزلا (تخريجه) (م د) (الأحكام) فى أحاديث الباب استحباب البول فى المكان الرخو وفيها تحريم التخلى فى طرق الناس وظلهم ومكان الماء الذى يستقى منه لما فيه من أذية المسلمين بتنجيس من يمر به ونتنه واستقذاره وبه قال الجمهور (99) حدثنا عبد الله (غريبة) (2) بوزن مجلس (3) بضم الجيم وسكون الحاء المهملة كل شئ تحتفره السباع والهوام لأنفسها (4) الوكاء مثل كتاب حبل يشد به رأس القربةو أوكيت السقاء بالألف شددت فمه بالوكاء ووكيته من باب وعد لغة قليلة قاله فى المصباح (5) التخمير التغطية وخمرت الشئ تخميرا غطيته (6) هو بضم أوله مبنى للمفعول قال ابن رسلان فى شرح السنن (تخريجه) (نس د ك هق) وصححه ابن خزيمة وابن السكن وهو يدل على كراهة البول فى الحفر التى تسكنها الهوام والسباع، إما لما ذكره قتادة أو لأنه يؤذى ما فيها من الحيوان، او لأن ما فيها من الحيوان يخرج عليه فيؤذيه كثعبان مثلا والله أعلم

(100) عن عبد الله بن مغفل رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبولنأحدكم فى مستحمه (1) ثم يتوضأ فيه فإن عامة الوسواس (2) منه (وعنه من طريفق ثانن) (3) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يبول الرجل فى مستحمه فإن عامة الوسواس من (101) عن حميد بن عبد الحمن الحميرى قال لقيت رجلا (4) قد صحب النبى صلى اللخه عليه وسلم أربع سنين كما صحبه أبو هريرة أربع سنين قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يتمشط أحدنا كل يومو ان يبول فى مغتسله وأن تغتسل المرأة بفضل الرجل وأن يغتسل الرجل بفضل المراة وليغترفوا (5) (وفى رواية وليغترفا) جميعا

_ (100) عن عبد الله بن مغفل (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عبد الرازق ثنا معمر أخبرنى اشعث عن الحسن عن عبد الله بن مغفل "الحديث" (غريبة) (1) بضم أوله أى المغتسل مكان الاغتسال وسمى مستحما باسم الحميم وهو الماء الحار الذى يغتسل به، وأطلق على كال موضع يغتسل فيه وإن لم يكن تالماؤء حارا، وإنما إذا لم يكن له مسلك يذهب فيه البول أو كان المكان صلبا يتوهم المغتسل أنه أصابه منه شئ فيحصل منه الوسواس (نه) (2) بكسر الواو الاولى حديث النفس والشيطان بما فيه واما بفتحها فاسم للشيطان (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عتاب بن زياد ثنا عبد الله أنا معمر حدثنى اشعث بن عبد الله أنا الحسن عن عبد الله بن مغفل قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (تخريجه) الأربعة وقال الترمذى حديث غريب وأخرجه الصياء فى المختارة بنحوه (101) وعن حميد بن عبجد الرحمن الحميرى اى البصرى الفقيه روى عن ابى هريرة وابى بكر وعنه ابن سيرين وغيره وثقه العجلى وقال ابن سيرين هو أفقه أهل البصرة (4) لم يعرف الرجل وجهالة الصحابى لا تصضر لأن الصحابة كلهم (5) بواو الجمع أى اذا كان للرجل أكثر من زوجة؛ واما بألف التثنية فظاهر، والحديث تقدم الكلام عليه سندا وشرحا وتخريجا فى الباب الخامس من أبواب أحكام المياه فارجع إليه

فصل فيما جاء في البول من قيام (102) عن أبي وائل عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال بلغه أن أبا موسى الأشعرى كان يبول في قارورة (1) ويقول ان بني اسرائيل كانوا اذا أصاب أحدهم البول قرض (2) مكانه قال حذيفة وددت أن صاحبكم لا يشدد هذا التشديد لقد رأيتني نتماشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهينا الى سباطة (3) فقام يبول كما يبول أحدكم فذهبت أتنحى (4) عنه فقال أدنه فدنوت منه حتى كنت عند عقبه (ومن طريق أخرى) (5) عن الأعمش حدثني شقيق عن حذيفة قال كنت مع النبى صلى الله عليه وسلم في طريق فتنحى فأتى سباطة قوم فتباعدت منه فأدناني

_ (102) عن أبي وائل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير عن منصور عن ابي وائل عن حذيفة الحديث (غريبة) (1) قارورة أى زجاجة خوفا من أن يصيبه شيئا من البول (21) قرض أى قص مكانه من ثوبه أو جلده كما في رواية أخرى وكان ذلك في شريعة بني اسرائيل (3) السباطة بضم السين المهملة بعدها موحدة وهى المزبلة والكناسة تكون بفناء الدور مرفقا لاهلها وتكون في الغالب سهلة لا يرتدج فيها البول على البائل (وفي رواية أخرى) عند الشيخين والامام أحمد أيضا (سباطة قوم) فأضافتها الى القوم اضافة اختصاص لا ملك لانها لا تخلو عن النجاسة (4) أى أتباعد كما صرح بذلك في رواية أخرى (فقال ادنه) وعند البخاري (فأشار الى) فعلم أ، قوله ادنه كان بالاشارة لا باللفظ لكراهة الكلام عند قضاء الحاجة وأما مخالفته صلى الله عليه وسلم لما عرف من عادته من الابعاد عند قضاء حاجته عن الطرق المسلوكة وعن أعين الناس فقد قيل أنه صلى الله عليه وسلم كان مشغولا بمصالح المسلمين فلعله طال عليه المجلس حتى احتاج الى البول فلو أبعد لتضرر واستدعى حذيفة ليستره من خلفة عن رؤية من عساه يمر به وكان قدامه مستورا بالحائط أو لعله فعله لبيان الجواز ثم هو في البول وهو أخف من الغائط لاحتياجه الى زيادة تكشف ولما يقترن به من الرائحة والغرض من الابعاد التستر ويحصل بارخاء الذيل والدنو من الساتر وكان حذيفة لما وقف خلفه عند عقبه استدبره وكان ذلك في الحضر لا في السفر أفاده الحافظ (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن الأعمش الخ

حتى صرت قريبا من عقبيه فبال قائما ودعا بماء فتوضأ ومسح علي خفيه (103) عن عاصم بن بهدلة وحماد (1) عن أبي وائل عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم أتي علي سباطة قوم فبال قائما، قال حماد ابن أبي سليمان ففحج (2) رجليه (104) عن المقدام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت من حدثك أن رسول الله صلي الله عليه وسلم بال قائما فلا تصدقه ما بال رسول الله صلي الله عليه وسلم قائما منذ أنزل عليه القرآن

_ {تخريجه} (ق والأربعة، وغيرهم) (103) عن عاصم بن بهدلة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا عاصم بن بهدلة الخ {غريبه} (1) يعني ابن ابي سليمان (2) بحاء مهملة ثم جيم مفتوحتين، أي ةفرقهما وباعد ما بينهما، (والفحج) تباعد ما بين الفخذين (نه) {تخريجه} (هق)، وأشار اليه الترمذي بعد أن ذكر حديث أبي وائل عن حذيفة المتقدم، وقال حديث ابي وائل عن حذيفة أصح، قال الحافظ، هو كما قال الترمذي، وان جنح ابي خزيمة الي تصحيح الروايتين، لكون حماد وافق علي قوله عن المغيرة، فجاز أن يكون ابو وائل سمعه منهما فيصح القولان معا؛ لكن من حيث الترجيح رواية الاعمش ومنصور لاتفاقهما أصح من رواية حماد وعاصم لكونهما في حفظهما مقال اهـ (104) عن المقدام {سنده} حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا وكيع عن سفيان عن المقدام {تخريجه} ابو عوانة في صحيحه (ك جه س مذ)،وقال هو أحسن شيء في هذا الباب {الاحكام} في أحاديث الباب كراهة البول في الجحر، وفيها إشارة إلي التحفظ من البول، وفيها جواز البول من قيام وإن لم يفعل النبي صلي الله عليه وسلم إلا نادرا، وكان هديه صلي الله عليه وسلم في البول القعود، والظاهر أن بوله قائما لبيان الجواز وعلله بعضهم بعلل لم يصح فيها دليل، قال الحافظ، والجواب عن حديث عائشة رضي الله عنها أنه مستند الي علمها فيحمل علي ما وقع منه في البيوت. وأما في غير البيوت فلم تطلع هي عليه، وقد حفظه حذيفة، وهو من كبار الصحابة، وإن ذلك كان بالمدينة، فتضمن الرد علي ما نفته من أن ذلك لم يقع بعد نزول القرآن وقد، ثبت عن أمير المؤمنين علي وعمر وزيد بن ثابت وغيرهم انهم بالوا قياما، وهو دال على الجواز

(3) باب في التباعد والاستتار عند التخلي في الفضاء والكف عن الكلام ورد السلام وقتئذ (105) عَنْ عَبْدِ الرَّحمَنِ بْنِ أَبِي قُرَادٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ خَرَجْتُ مََعَ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم حَاجًّا فَرَأَيْتُهُ خَرَجَ مِنَ الخَلاءِ فَاتَّبَعْتُهُ بِالإدَاوَةِ أَوِ الْقَدَح (1) فَجَلَسْتُ لَهُ بِالطَّرِيقِ وَكَانَ إذَا أَتَي حَاجَتَهُ أَبْعَدَ (2) (106) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ عَنِ النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَالَ مَنْ أَتَى الْغَائِطَ

_ من غير كراهة إذا أمن الرشاس، ولم يثبت عن النبي صلي الله عليه وسلم في النهي عنه شيء اهـ. وقال النووي رحمه الله في شرح المهذب، أما حكم المسألة فقد قال اصحابنا يكره البول قائما بلا عذر كراهة تنزيه ولا يكره للعذر، وهذا مذهبنا (وقال ابن المنذر) اختلفوا في البول قائما، فثبت عن عمر بن الخطاب وزيد بن ثابت وابن عمر وسهل بن سعد أنهم بالوا قياما. وروي ذلك عن علي وانس وابي هريرة وفعله ابن سيرين وعروة، وكرهه ابن مسعود والشعبي وابراهيم بن سعد. وكان ابراهيم بن سعد لا يقبل شهادة من بال قائما. وقال بن المنذر أيضا، البول جالسا أحب إلي وقائما مباح وكل ذلك ثابت عن رسول الله صلي الله عليه وسلم اهـ. (105) عن عبد الرحمن بن أبي قراد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عفان ثنا يحي بن سعيد عن ابي جعفر الخطمي قال حدثني عمارة بن خزيمة والحرث بن فضيل عن عبد الرحمن بن ابي قراد (الحديث) {غريبه} (1) شك الراوي أيهما كان وكلاهما اناء صغير يحمل فيه الماء للشرب والوضوء (2) أي ذهب بعيدا عن الناس لئلا يراه أحد وذلك اذا كان في براح من الارض {تخريجه} الحديث قال الهيثمي رواه احمد وروي النسائي وابن ماجه منه (كان إذا أراد الحاجة أبعد) ورجاله ثقات اهـ (قلت) ولابي داود من حديث المغيرة بن شعبه بلفظ (كان إذا ذهب المذهب أبعد) وهو أول حديث في سنن ابي داود ورواه أيضا الترمذي؛ وقال حديث حسن صحيح وفي الباب عن جابر بن عبد الله قال (كان إذا أراد البراز انطلق حتي لا يراه أحد) أخرجه ابو داود أيضا (106) عن ابي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا سريج قال ثنا عيسي بن يونس عن ثور عن الحصين كذا قال عن ابي سعد الخير وكان من أصحاب عمر عن ابي هريرة رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (من اكتحل فليوتر، ومن فعل فقد أحسن

فليستتر، فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا (1) من رمل فليستدبره (2) فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم (3)، من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج (107) عن عبد الرحمن بن حسنة رضي الله عنه قال كنت أنا وعمرو بن العاص جالسين قال فخرج علينا رسول الله صلي الله عليه وسلم ومعه درقة (4) أو شبهها

_ ومن لا فلا حرج عليه؛ ومن استجمر فليوتر، ومن فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج ومن أكل فما تخلل فليلفظ، وما لاك بلسانه فليبتلع، من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج عليه، ومن اتي الغائط فليستتر) الخ {غريبه} (1) الكثيب بالثاء المثلثة؛ قطعة مستطيلة تشبه الربوة ,أي فان لم يجد سترة فليجمع من التراب والرمل قدرا يكون ارتفاعه بحيث يستره (2) أي يجعله دبر ظهره، وفيه أن الساتر حال قضاء الحاجة يكون خلف الظهر (3) أي يقصد الانسان بالشر في تلك المواضع (والمقاعد) جمع مقعدة يطلق علي أسفل البدن وعلي موضع القعود لقضاء الحاجة وكلاهما يصح ارادته، وعلي الاول الباء للالصاق؛ وعلي الثاني للظرفية ولا بد من اعتبار قيد علي الاوأي يلعب بالمقاعد اذا وجدها مكشوفة فيستتر ما أمكن والله اعلم {تخريجه} قال الحافظ في التلخيص، أخرجه احمد وابو داود وابن حبان والحاكم والبيهقي في حديث وفي آخره (من فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج) ومداره علي ابي سعد الحبراني الحمصي وفيه اختلاف، وقيل أنه صحابي ولا يصح، والراوي عنه حسين الحبراني وهو مجهول، وقال ابو زرعة شيخ، وذكره ابن حبان في الثقات، وذكر الدارقطني الاختلاف فيه في العلل. اهـ (قلت) وابو سعيد الحبراني الذي ذكره الحافظ هو المسمي في سند الامام احمد بأبي سعيد الخير، قال الحافظ في التقريب ابو سعد الخير ويقال ابو سعيد الحبراني يأتي، ثم قال بعد عدة اسماء؛ ابو سعيد الحبراني بضم المهملة وسكون الموحدة الحمصي اسمه زياد وقيل عامر وقيل عمر مجهول من الثالثة اهـ. وقال صاحب التنقيح، وأما أبو سعيد الحبراني، فهو في الاصل ابو سعيد الخير كما في بعض الروايات. قال ابو داود في غير السنن؛ أبو سعيد الخير من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم، وكذا ذكره ابن الاثير في اسد الغابة، ولذا قال الحافظ ابن حجر في الفتح اسناده حسن اهـ (قلت) ابو سعيد الخير الصحابي هو غير ابي سعد الخير المتقدم والله أعلم (107) عن عبد الرحمن بن حسنه {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الاعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن حسنة (الحديث) {غريبه} (4) بفتحات، الترس من جلود ليس فيها خشب ولا عصب وهو من آلات الحرب

فاستتر بها فبال جالسا قال فقلنا أيبول رسول الله صلي الله عليه وسلم كما تبول المرأة (1) قال فجاءنا فقال أوما علمتم ما أصاب صاحب بني إسرائيل (2)، كان الرجل منهم إذا أصابه الشئ من البول قرضه (3) فنهاهم عن ذلك فعُذب في قبره (وعنه من طريق ثان بنحوه) (4) وفيه فقال بنض القوم انظروا إليه يبول كما تبول المرأة قال فسمعه النبي صلي الله عليه وسلم فقال ويحك أما علمت ما أصاب صاحب بني إسرائيل (الحديث) (108) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لا يخرج الرجلان (5) يضربان الغائط كاشفين (6) عورتهما يتحدثان فإن الله يمقت (7) علي ذلك

_ (1) أي لكونه استتر وبال جالسا، وكانت عادة العرب في الجاهلية البول من قيام (2) لم أقف علي اسمه (3) أي قطعه لأن شريعتهم كانت تأمر بذلك (فنهاهم عن ذلك) أي عن القطع تساهلا في أمر الشريعة فعذبه الله (4) {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاويه ثنا الاعمش به أي بالسند المتقدم {تخريجه} (طب هق لس د) وسكت عنه المنذري فهو صالح للاحتجاج به (108) عن ابي سعيد الخدري {سنده} حدثنا عبدالله حدثني ابي ثنا عكرمة ابن عمار عن يحيي بن ابي كثير عن هلال بن عياض قال حدثني ابو سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم (الحديث) {غريبه} (5) ذكر الرجلين في الحديث خرج مخرج الغالب وإلا فالمرأتان والمرأة والرجل أقبح من ذلك (وقوله يضربان الغائط) يقال ضربت الارض إذا أتيت الخلاء وضربت في الارض إذا سافرت، روي ذلك عن ثعلب، ويضرب الغائط إذا ذهب لقضاء الحاجة؛ وهو المراد هنا (6) قال النووي كذا ضبطناه في كتب الحديث وهو منصوب علي الحال قال ووقع في كثير من نسخ المهذب كاشفان وهو صحيح أيضا خبر مبتدأ محذوف أي وهما كاشفان والاول أصوب اهـ (7) المقت هو البغض كما في القاموس؛ وروي أنه أشد البغض {تخريجه} (جه د) الحديث في سنده عكرمة ابن عمار احتج به مسلم في صحيحه وضعف بعض الحفاظ حديث عكرمة هذا عن يحي بن ابي كثير ولكنه لا وجه للتضعيف بهذا فقد أخرج مسلم حديثه عن يحي واستشهد بحديثه

فصل في كراهة رد السلام أو الاشتغال بذكر الله تعالي حال قضاء الحاجة (109) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر (1) قال سئل عن رجل يسلم عليه وهو غير متوضئ فقال ثنا سعيد (2) عن قتادة عن الحسن

_ البخاري عن يحيى أيضا نقله الشوكاني {الاحكام} أحاديث الباب تدل علي استحباب التباعد عند الحاجة عن حضرة الناس إذا كان في براح من الارض ويدخل في معناه الاستتار بالأبنية وضرب الحجب وإرخاء الستور واعماق الآبار والحفائر ونحو ذلك من الأمور الساترة للعورات (وفيها) أن الأمر بالستر معلل بأن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم وذلك لأن الشيطان يحضر وقت قضاء الحاجة لخلوه عن الذكر الذي يطرد به، فاذا حضر أمر الانسان بأنواع المفاسد، فأمر النبي صلي الله عليه وسلم قاضي الحاجة بالتستر حال قضائها مخالفة للشيطان ودفعا لوسوسته (وفيها) ما يدل علي وجوب ستر العورة وترك الكلام فان التعليل بمقت الله يدل علي حرمة الفعل المعلل ووجوب اجتنابه (قال في كشف المناهج) ورواه ابن حبان في صحيحه ولفظه (لا يقعد الرجلان علي الغائط يتحدثان يري كل واحد منهما عورة صاحبه فان الله بمقت علي ذلك) وسياق اللفظ يدل علي أن المقت علي المجموع لا علي مجرد الكلام والمقت أشد البغض اهـ، وأخرجه ابن السكن وصححه وابن القطان من حديث جابر بلفظ (إذا تغوط الرجلان فليتوار كل منهما عن صاحبه ولا يتحدثان) قال الحافظ وهو معلول (قلت) أعله الحافظ لكونه من رواية عكرمة بن عمار السابق ذكره وقد علمت ما فيه. وهذه الاحاديث انما تدل علي تكلم اثنين حال التغوط ينظر كل واحد منهما الي عورة صاحبه ويتحدثان كأنهما في مجلس مسامرة، فهذا من الفعل الشنيع الموجب لمقت الله عز وجل، اما ان تغوط رجل واحد وتكلم لضرورة كانقاذ أعمي عن التردي في حفرة أو ارشاد ضال أو طلب حاجة للاستنجاء مثلا فلا مانع من ذلك؛ وقد صح أن النبي صلي الله عليه وسلم كلم ابن مسعود عند ما أتاه بالروثة والاحجار وسيأتي ذلك والله اعلم (109) حدثنا عبد الله {غريبه} (1) قال في الخلاصة محمد بن جعفر الهذلي مولاهم البصري ابو عبد الله الكرابيسي الحفظ ربيب شعبة جالسه نحوا من عشرين سنة لقبه غندر عن عوف الاعرابي وحسين المعلم وابن جريج وابن ابي عروبة وعنه احمد وابن المديني وابن معين وابن رهاويه وقتيبة وخلق، قال ابن معين كان من أصح الناس كتابا، قال ابو داود مات سنة ثلاث وتسعين ومائة، وقال ابن سعد سنة اربع اهـ (3) أي ابن أبي

عن الحضين (1) أبي ساسان عن المهاجر بن قنفذ (2) أنه سلم علي رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو يتوضأ (3) فلم يرد عليه حتي توضأ، فرد عليه، وقال إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كرهت أن أذكر الله إلا علي طهاره، قال فكان الحسن من

_ عروبة أبو النضر البصري الحافظ عن ابي التياح ومطر الوراق وخلق، وعنه شعبة وابن علية ويزيد ابن زريع وخلائق، قال الحافظ، هو من كبار الأئمة، وثقه الأئمة كلهم إلا أنه رمي بالقدر، قال العجلي كان لا يدعو اليه، (وقتادة) هو ابن دعامة السدوسي البصري ثقة ثبت عن الحسن، أي ابن ابي الحسن البصري، واسمه أبيه يسار، ثقة فقيه فاضل مشهور (1) بضاد معجمة بوزن الحسين، هو ابن المنذر الرقاشي بالقاف؛ وابو ساسان لقب حضين علي صورة الكنية، وكنيته ابو محمد مثل ابي التراب فانه لقب علي رضي الله عنه علي صورة الكنية، وكنيته ابو الحسن؛ وهكذا أبو الزناد وأبو الأحوص وأبو ثور؛ وأبو المساكين فانها القاب وكناهم أخر؛ وهذا باب معروف في كتب أسماء الرجال، وهو بصري عن عثمان وعلي، وكان معه يوم صفين وبيده الراية؛ وعنه الحسن البصري وغيره، وثقه العجلي، مات سنة سبع وتسعين (2) بضم القاف والفاء، بينهما نون ساكنة، واخره ذال معجمة ابن عمير بن جدعان بضم الجيم القرشي التيمي، وقيل أن اسم المهاجر عامر واسم قنفذ خلف، وان مهاجرا وقنفذا لقبان، وانما قيل له المهاجر لأنه لما أراد الهجرة أخذه المشركون فعذبوه ثم هرب منهم وقدم علي رسول الله صلي الله عليه وسلم مسلما فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم هذا المهاجر حقا. وقيل انه أسلم يوم فتح مكة وسكن البصرة ومات بها والله أعلم (3) هكذا في الكتاب بلفظ (وهو يتوضأ) ووافقه ابن ماجه من حديث المهاجر أيضا. لكن عند ابي داود والنسائي (وهو يبول) مع انهم جميعا رووا هذا الحديث من طريق سعيد عن قتادة عن الحسن عن الحضين عن المهاجر وترجم له ابن ماجه (بباب الرجل يسلم عليه وهو يبول) قال السندي في حاشيته علي ابن ماجه (قوله وهو يتوضأ) في رواية النسائي وأبي داود (وهو يبول) فيحمل قوله (وهو يتوضأ) أي وهو في مقدمات الوضوء والمصنف (يعني ابن ماجه) نبه علي ذلك بذكر الحديث في هذه الترجمة اهـ (قلت) ويؤيد روايه البول ما رواه (م، مذ؛ نس، جه) من رواية الضحاك بن عثمان عن نافع عن ابن عمر قال (مر رجل علي النبي صلي الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه فلم يرد عليه، وفي رواية لابن ماجة عن ابي هريرة مثله) (وله أيضا) عن جابر بن عبد الله (أن رجلا مر علي النبي صلي الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه، فقال له رسول الله صلي الله عليه وسلم اذا رأيتني علي مثل هذه الحالة فلا تسلم علي؛ فانك إن فعلت ذلك لم أرد عليك). وفي رواية عند الامام احمد من حديث المهاجر

أجل هذا الحديث يكره أن يقرأ أو يذكر الله عز وجل حتى يتطهر (110) عن المهاجر بن قنفذ بن عمير بن جدعان رضي الله عنه قال سلمت علي النبي صلي الله عليه وسلم وهو يتوضأ فلم يرد علي فلما خرج من وضوئه قال لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت علي غير وضوء (وفي رواية) إلا أني كرهت أن أذكر الله تبارك وتعالي إلا علي طهارة (وعنه من طريق ثان) (1) أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يبول أو (2) قد بال فسلمت عليه فلم يرد علي حتي توضأ ثم رد علي

_ أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يبول أو قد بال فسلمت عليه فلم يرد علي حتي توضأ ثم رد علي، نعم روي ابو داود في باب التيمم من رواية محمد بن ثابت العبدي عن نافع عن ابن عمر قال (مر رجل علي رسول الله صلي الله عليه وسلم في سكة من السكك وقد خرج من غائط أو بول فسلم عليه فلم يرد عليه) وفي رواية لابي داود أيضا عن ابن الهاد عن نافع عن ابن عمر قال (أقبل رسول الله صلي الله عليه وسلم من الغائط فلقيه رجل فسلم عليه) (الحديث)؛ ففي رواية محمد بن ثابت العبدي وابن الهاد تصريح بأن السلام كان بعد البول، وفي سائر الروايات أن السلام كان حالة البول، ولهذه الروايات ترجيح لأن رواية الضحاك بن عثمان عن نافع أخرجها مسلم في صحيحه، وقال ابن العربي في شرح الترمذي هذا حديث صحيح اتفق عليه العلماء فلا تعارض حديث الصحيحين او أحدهما رواية السنن، علي أن كل الروايات موافقة له، ومحمد بن ثابت العبدي ضعيف الحديث، أو تكونان واقعتين مختلفتين اهـ (وقال) صاحب انجاح الحاجة علي سنن ابن ماجة يحتمل أن يكون المراد من التوضئ البول بطريق الاستعارة، لأن الستعارة بين السبب والمسبب وغيرهما من المناسبات؛ والمناسبة ها هنا ظاهرة اهـ {تخريجه} (جه، د، نس) إلا أنه عند ابي داود والنسائي بلفظ وهو يبول بدل وهو يتوضأ كما علمت (110) عن المهاجر بن قنفذ {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن حضين ابي ساسان الرقاشي عن المهاجر (الحديث) (1) {سنده} حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عفان ثنا حماد عن حميد عن الحسن عن المهاجر (الحديث) {غريبه} (2) شك الراوي والرجح انه كان يبول، وقد أشرنا إلي ذلك في الكلام علي الحديث السابق بما فيه الكفاية والله أعلم {تخريجه} (جه) وسنده جيد

(111) عن عبد الله بن حنظلة بن الراهب أن رجلا سلم علي النبي صلي الله عليه وسلم وقد بال فلم يرد عليه النبي صلي الله علي وسلم حتي قال بيده إلي الحائط يعني أنه تيمم فصل في جواز الذكر وقراءة القرآن علي غير طهر (112) عن أبي سلام (1) قال حدثني من رأي النبي صلي الله عليه وسلم أنه بال ثم

_ (111) عن عبد الله بن حنظلة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة ثنا سعيد عن محمد بن المنكدر عن رجل عن عبد الله بن حنظلة بن الراهب (الحديث) رتخريجه} الحديث في اسناده مبهم ولم أقف علي من أخرجه في غير الكتاب، وله شاهد عند أبي داود من حديث عبد الله بن عمر في كتاب التيمم وابن ماجه من حديث ابي هريرة {الاحكام} أحاديث الباب تدل علي كراهة ذكر الله تعالي حال قضاء الحاجة، ولو كان واجبا كرد السلام ولا يستحق المسلم في تلك الحال جوابا، قال النووي وهذا متفق عليه اهـ (قلت) ويؤيد ذلك ما رواه الامام الشافعي رحمه الله في مسنده عن ابن عمر رضي الله عنهما (أن رجلا مر علي النبي صلي الله عليه وسلم وهو يبول فسلم عليه الرجل فرد عليه السلام فلما جاوزه ناداه النبي صلي الله عليه وسلم، فقال انما حملني علي الرد عليك خشية أن تذهب فتقول اني سلمت علي رسول الله صلي الله عليه وسلم فلم يرد علي فاذا رأيتني علي هذه الحالة فلا تسلم علي فانك ان فعلت لا لرد عليك) (وفيها أيضا) استحباب الطهارة لذكر الله تعالي وانه ينبغي لمن سلم عليه بعد قضاء حاجته ان يدع الرد حتي يتوضأ أو يتيمم ثم يرد؛ وهذا إذا لم يخش فوت المسلم، أما إذا خشي فوته فلا مانع من الرد حينئذ، لحديث ابي سلام الآتي وأما من سلم عليه حال قضاء الحاجة فلا يرد أصلا، وهذا كله لأن السلام من اسماء الله تعالي كما رواه البخاري في الادب المفرد عن انس (ان السلام اسم من أسماء الله تعالي وضع في الارض فأفشوا السلام بينكم) ذكره (السيوطي في الجامع الصغير) وبجانبه علامة الحسن، فذكر الله تعالي علي الطهارة أولي وكذا رد السلام (112) عن ابي سلام {سنده} حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا هشيم أنا داود ابن عمرو قال ثنا ابو سلام قال حدثني من رأي النبي صلي الله عليه وسلم (الحديث) {غريبه} (1) بتشديد اللام اسمه ممطور ابو سلام الاسود الحبشي، وثقه العجلي {تخريجه} الحديث اسناده جيد ولم أقف علي من أخرجه في غير الكتاب وله شواهد، منها ما رواه البيهقي والدارقطني وصححه عن عبد الرحمن بن يزيد (قال كنا مع سلمان (يعني الفارسي

تلا شيئا من القرآن قبل أن يمس ماء (4) باب فيما يقول المتخلي عند دخوله وخروجه (113) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء (1) يقول اللهم إني أعوذ بك من الخبث (2) والخبائث (114) عن شعبة عن عبد العزيز بن صهيب قال سمعت أنس بن مالك قال كان رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إذا أتي الخلاء قال أعوذ بالله

_ رضي الله عنه) فخرج فقضي حاجته ثم جاء فقلت يا أبا عبد الله لو توضأت لعلنا أن نسالك عن آيات، فقال إني لست أمسه، انما لا يمسه إلا المطهر، فقرأعلينا ما يشاء (وفي رواية) فقال سلوني فاني لا أمسه انه لا يمسه إلا المطهرون فسألناه فقراء علينا قبل أن يتوضأ) ولفظ الروايتين للدارقطني وصححهما (ومنها) ما رواه البيهقي أيضا عن سعيد بن جبير قال كان ابن عمر وابن عباس يقولان انا لنقرأ الجزء من القرآن بعد الحدث (ومنها) ما رواه مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلي الله عليه وسلم يذكر الله علي كل أحيانه (ومنها) ما رواه أصحاب السنن والامام احمد وسيأتي من حديث علي رضي الله عنه، قال (كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يقضي حاجته ثم يخرج فيقرأ القرآن ويأكل معنا اللحم ولم يكن يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابه) وقال الترمذي حديث حسن صحيح {الاحكام} هذه الاحاديث مع حديث الباب تدل علي جواز قراءة القرآن في جميع الحالات إلا في حالة الجنابة، والقرآن أشرف الذكر فجواز غيره بالاولي وإن كان الافضل أن يكون علي طهر وبه قال الجمهور (113) عن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم عن عبد العزيز عن أنس (الحديث) {غريبه} (1) أي إذا أراد الدخول لابعده وقد صرح بذلك البخاري في الادب المفرد وهذا في الامكنة المعدة لذلك، واما في غيرها فيقوله في أول الشروع عند تشمير الثياب وهذا مذهب الجمهور قاله الحافظ في الفتح (2) بضم المعجمة والموحدة ويجوز اسكان الموحدة، والخبث جمع خبيث، والخبائث جمع خبيثة، قال الخطابي وابن حبان وغيرهما يريد ذكران الشيطان واناثهم {تخريجه} (ق والاربعة وغيرهما) وأخرجه أيضا سعيد بن منصور في سننه وزاد في أوله بسم الله (114) عن شعبة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا محمد بن جعفر ثنا

من الخبث والخبيث أو الخبائث (1) قال شعبة وقد قالهما جميعا (115) عن زيد بن أرقم رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هذه الحشوش (2) محتضرة فإذا دخل احدكم فليقل اللهم انى أعوذ بك من الخبث والخبائث (116) عن عائشة رضى الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من

_ شعبة الخ {غريبه} (1) قال الحافظ فى الفتح وقع فى رواية الترمذى وغيره أعوذ بالله من الخبث والخبيث والخبائث، كهذا على الشك، الاول بلاسكان مع الافراد والثانى بالتحريك مع الجمع أى من الشئ المكروه ومن الشئ المذموم أو من ذكران الشياطين واناثهم اهـ {تخريجه} (مذ) وقال حديث أنس أصح شئ فى هذا الباب وأحسن اهـ (115) عن زيد بن ارقم {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال حدثنى شعبة عن قتادة عن النضر بن انس عن زيد بن ارقم "الحديث" {غريبه} (2) الحشوش الكنف وأصل الحش جماعة النخل الكثيفة وكانوا يقضون حوائجهم اليها قبل ان يتخذوا الكنف فى بيوتهم، وفيه لغتان حش بفتح المهملة وحش بضمها (ومعنى محتضرة) اى تحضرها الشياطبن وتنتابها، قال الخطابى فى معالم السنن وأصل الخبث فى كلام العرب المكروه فان كان من الكلام فهو الشتم وان كان من الملل فهو الكفر وان كان من الطعام فهو الحرام وان كان من الشراب فهو الضار قاله بن الاعرابى {تخريجه} (هق، د) وأشار اليه الترمذى، وقال حديث زيد بن ارقم فى اسناده اضطراب، روى هشام الدستوائى وسعيد بن ابى عروبة عن قتادة، وقال سعيد عن القاسم بن عوف الشيبانى عن زيد بن ارقم، وقال هشام عن قتادة عن زيد بن ارقم، ورواه شعبة ومعمر عن قتادة عن النضر بن انس، وقال شعبة عن زيد بن ارقم، وقال معمر عن النضر بن اس عن ابيه (قال ابو عيسي) سألت محمدا (يعنى البخارى) عن هذا (يعنى الاضطراب) فقال يحتمل أن يكون قتادة روى عنهم جميعا اهـ، قال العلامة ابو الطيب فى غاية المقصود أى يحتمل أن يكون قتادة سمع من القاسم والنضر بن انس كما صرح به البيهقى، واخطأ من أرجع الى زيد ابن ارقم والنضر بن انس اهـ (116) عن عائشة رضى الله عنها {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا هاشم بن القاسم ثنا اسرائيل عن يوسف ابن ابى بردة عن ابيه قال حدثتنى عائشة رضى الله عنها ان النبي صلى الله عليه وسلم

الغائط (1) قال غفرانك (2) (5) باب النهى عن استقبال القبلة او استدبارها وقت الحاجة (117) عن عبدالله بن الحارث الزبيدى رضى الله عنه قال انا اول من سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول لا يبول احدكم مستقبل القبلة وانا اول من حدث الناس بهذا (118) عن معقل (4) بن ابى معقل الأسدى رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى ان نستقبل القبلتين ببول أو غائط

_ "الحديث " {غريبه} (1) هو الموضع المطمئن من الارض كانوا ينتابونه للحاجة فكنوا به عن نفس الحدث الخارج من الدبر كراهية منهم لذكره بخاص اسمه (2) غفرانك إما مفعول به منصوب بفعل مقدر، اى أسألك غفرانك أو أطلب، أ, مفعول به مطلق، اى تغفر غفرانك، قيل انه استغفر لتركه الذكر فى تلك الحالة لما ثبت انه كان يذكر الله على كل الاحوال الا فى حال قضاء الحاجة فجعل ترك الذكر فى هذه الحالة تقصيرا وذنبا يستغفر منه وقيل استغفر لتقصيره فى شكر نعمة الله عليه باقداره على اخراج ذلك الخارج وهو المناسب لما رواه ابن ماجه عن انس رضى الله عنه قال (كان النبى صلى الله عليه وسلم اذا خرج من الخلاء قال الحمد لله الذى اذهب عنى الاذى وعافانى) ورواه ايضا النسائى وابن السنى عن ابى ذر، ورمز السيوطى بصحته والله اعلم {تخريجه} الاربعة الا النسائى وصححه الحاكم وابو حاتم، قال فى البدر المنير ورواه الدارمى وصححه ابن خزيمة وابن حبان اهـ {الاحكام} أحاديث الباب عدا حديث عائشة تدل على مشروعية الاتيان بما فيها من الذكر عند دخول الخلاء، وحديث عائشة يدل على مشروعية قول ما فيه من الذكر عند الخروج منه ولم أعلم لذلك مخالفا (117) عن عبدالله بن الحارث {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا يونس بن محمد ثنا ليث يعنى ابن سعد عن يزيد يعنى ابن ابى حبيب انه سمع عبدالله بن الحارث الخ {غريبة} (3) هكذا بالأصل وهو نفى بمعنى النهى {تخريجه} (حب، جه) قال السندى فى حاشيته على ابن ماجه وفى الزوائد اسناده صحيح وحكم بصحته جماعة واصل الحديث فى الصحيحين اهـ (118) عن معقل بن ابى معقل {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا أبو النضر ثنا داود يعنى العطار عن عمرو بن يحيي عن ابى زيد مولى بنى ثعلبة عن معقل الخ {غريبه} (4) بوزق صحبة له ولابيه صحبة قاله الحافظ فى التقريب (5) قال الخطابى رحمه الله أراد بالقبلتين

(119) عن رافع بن أبي اسحق مولى ابى طلحة انه سمع ابا ايوب الانصارى رضى الله عنه يقول وهو بمصر والله ما ادرى كيف اصنع بهذه الكراييس (1) يعنى الكنيف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا ذهب احدكم الى الغائط او البول فلا يستقبل القبلة ولا يستدبرها (120) عن عطاء بن يزيد عن ابى ايوب الانصارى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اتى (2) احدكم الغائط فلا يستقبلن القبلة ولكن ليشرق او ليغرب (3) قال فلما قدمنا الشام وجدنا مراحيض (4) جعلت

_ الكعبة وبيت المقدس وهذا قد يحتمل ان يكون على معنى الاحترام لبيت المقدس إذ كان مرة قبلة لنا، ويحتمل ان يكون ذلك من أجل استدبار القبلة لأن من استقبل بيت المقدس بالمدينة فقد استدبر الكعبة اهـ {تخريجه} (جه، د) وقال النووى فى شرح المهذب اسناده جيد ولم يضعفه ابو داود {قلت} سكت عنه ابو داود والمنذرى فى تلخيصه وسكوتهما يدل على صلاحيته (119) عن رافع بن ابى اسحق {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا اسحاق بن عيسى انا مالك عن اسحاق بن عبدالله عن رافع بن ابى اسحاق الخ {غريبه} (1) واحدها كرياس بالمثناة التحتية. قال فى النهاية وهو الذى يكون مشرفا على سطح بقناة الى الارض، فإذا كان اسفل فليس بكرياس سمى بذلك لما تعلق به من الاقذار ويتكرس ككرس الثمن قال الزمخشرى فى كتاب العين المرناس بالنون اهـ {قلت} فى القاموس والمصباح ومجمع بحار الانوار بالياء التحتية كما فى النهاية وضبطه ابن الاثير فى جامع الاصول الكراييس بياءين معجمتين بنقطتين من تحت جمع كرياس وهو الكنيف المشرف على سطح كما فى النهاية {تخريجه} (لك، فع) (120) عن عطاء بن يزيد {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر قال أملى على معمر بن راشد انا الزهرى عن عطاء بن يزيد الخ {غريبه} (2) لفظ البخارى (اذا اتى احدكم الغائط فلا يستقبل القبله ولا يولها ظهره، شرقوا أ, غربوا) ولفظ مسلم (اذا اتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ببول ولا غائط ولكن شرقوا او غربوا، وباقى الحديث كما فى الكتاب (3) قال العلماء هذا خطاب لاهل المدينة ومن فى معناهم بحيث اذا شرق او غرب لا يستقبل الكعبة ولا يستدبرها (4) جمع مرحاض

نحو القبلة فتنحرف ونستغفر الله (1) (121) عن ابى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال انما انا لكم مثل الوالد، اذا أتيتم الغائط فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها، ونهى عن الروث (2) والرومة ولا يستطيب (3) الرجل بيمينه (122) عن عبدالرحمن بن يزيد عن سلمان الفارسى رضى الله عنه قال قال بعض المشركين وهم يستهزئون به لأرى صاحبكم يعلمكم حتى الخراءة (4) قال سلمان اجل، أمرنا ان لا نستقبل القبلة (وفي رواية

_ كمصابيح جمع مصباح. وهو البيت المتخذ لقضاء حاجة الانسان للتغوط او البول (1) قال ابن دقيق العيد فى شرح عمدة الاحكام، قوله ونستغفر الله، قيل يراد به ونستغفر الله لبانى الكنيف على هذه الصورة الممنوعة عنده وانما حمهم على هذا التأويل انه اذا انحرف عنها لم يفعل ممنوعا فلا يحتاج الى الاستغفار والاقرب انه استغفار لنفسه، ولعل ذلك لانه استقبل واستدبر بسبب موافقته لمقتضى النهى غلطا او سهوا فيتذكر فينحرف ويستغفر الله (فان قلت) فالغالط والساهى لم يفعلا اثما فلا حاجة الى الاستغفار {قلت} أهل الورع والمناصب العلية فى التقوى قد يفعلون مثل هذا بناء على نسبتهم التقصير الى أنفسهم فى عدم التحفظ ابتداء والله اعلم اهـ {تخريجه} (ق، فع، والاربعة) (121) عن ابى هريرة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا سفيان ثنا ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن ابى صالح عن ابى هريرة " الحديث " {غريبة} (2) هو رجيع ىذوات الحوافر (والرمة) بكسر الراء المهملة العطم البالى وهو الرميم، وانما نهى عنها لانها ربما كانت ميتة وهى نجسة او لأن العظم لا يقوم مقام الحجر لملاسته، او لانه طعام الجن كما سيأتى (3) الاستطابة والاطابة كناية عن الاستنجاء سمى بها من الطيب لانه يطيب جسده بأزالة ما عليه من الخبث بالاستنجاء اى يطهره يقال منه اطاب واستطاب (نه) (وفى الحديث) كراهة الاستجمار بالروث والرمة والنهى عن الاستنجاء باليمين وسيأتى الكلام على ذلك فى بابه ان شاء الله {تخريجه} (فع دنس حب) واخرجه مسلم مختصرا (122) عن عبدالرحمن بن يزيد {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا ثنا وكيع ثنا الاعمش عن ابراهيم " يعننى النخعى " عن عبدالرحمن بن يزيد الخ {غريبه} (4) قال النووي

ولا نستدبرها) ولا نستنجى بأيماننا ولا نكتفى بدون ثلاثة أحجار ليس فيها رجيع (1) ولا عظم (6) باب فى جواز ذلك فى البنيان (123) عن جابر بن عبدالله رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن ان نستدبر القبلة او ان نستقبلها بفروجنا إذا أهرقنا الماء (2)

_ بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الراء وبالمد وهى اسم لهيئة الحدث , وأما نفس الحدث فبحذف التاء وبالمد مع فتح الخاء وكسرها اهـ (وقوله أجل) معناه نعم وهى بتخفيف اللام ومراد سلمان رضى الله عنه ان النبى صلى الله عليه وسلم علمهم كل ما يحتاجون اليه فى دينهم حتى الخراءة التى ذكرت ايها القائل، فأنه علمنا آدابها فنهانا عن كذا وكذا (1) الرجيع الروث والعذرة سمى رجعا لكون رجع عن حالته الاولى {تخريجه} (م، د، مذ، نس) {الاحكام} دلت احاديث الباب على عدم جواز استقبال القبلة او استدبارها ببول او غائط مطلقا، والى ذلك ذهب ابو ايوب الانصارى الصحابى رضى الله عنه ومجاهد وابراهيم النخعى والثورى وابو ثور والامام احمد فى رواية، قالوا لا يجوز ذلك لا فى الصحارى ولا فى البنيان محتجين بالاحاديث الصحيحة الواردة فى النهى مطلقا كحديث ابى ايوب وابى هريرة وسلمان وغيرهم من احاديث الباب، قالوا قالوا لان المنع ليس الا لحرمة القبلة، وهذا المعنى موجود فى الصحارى والبنيان، ولو كان مجرد الحائل كافيا لجاز فى الصحارى لوجود الحائل من جبل او واد او غيرهما من انواع الحائل (وذهب قوم الى) انه لا يجوز الاستقبال لا فى الصحراء ولا فى البنيان ويجوز الاستدبار فيهما وهو احدى الروايتين عن الامامين ابى حنيفة واحمد رحمهما الله محتجين بحديث سلمان الفارسى لوروده عند مسلم مقتصرا على النهى عن الاستقبال دون الاستدبار، افاد النووى فى شرح مسلم {قلت} ورد فى حديث سلمان الفارسى عند الامام احمد فى رواية سندها جيد النهى عن الاستقبال والاستدبار معا بلفظ ( انه ليعلمنا كيف يأتى أحدنا الغائط وانه ينهانا ان يستقبل احدنا القبلة وان يستدبرها) وهى حجة من ذهب الى منع الاستقبال والاستدبار. وسنذكر بقية المذاهب فى الكلام على الاحاديث الاتية فى الباب التالى ان شاء الله تعالى (123) عن جابر {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا يعقوب ثنا ابى عن ابن اسحق حدثنى ابان بن صالح عن مجاهد بن جابر " الحديث " {غريبه} (2) يعني البول

قال ثم رأيته قبل موته ينام مستقبل القبلة (124) عن ابن عمرو رضى الله عنهما قال رقيت (1) يوما فوق بيت حفصة فرأيت (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم على حاجته مستقبل الشام مستدبر القبلة (وعنه من طريق ثان بلفظ) (3) لقد ظهرت (4) ذات يوم على ظهر بيتنا فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاعدا على لبنتين (5) مستقبلا بيت المقدس. (125) وعنه ايضا قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلى على لبنتين مستقبل القبلة

_ وصرح به في رواية ابى داود وغيره، ومثله الغائط بل هو اولى {تخريجه} (د، جه، بز، خز، حب، ك، مذ) وحسنه ونقل عن البخارى تصحيحه وحسنه الترمذى ايضا ورواه البزار وصححه ابن خزيمة (وقد استدل به) القائلون بجواز ذلك فى الصحراء والبنيان جميعا وهو مذهب عروة بن الزبير وربيعة شيخ مالك رضى الله عنه وداود الظاهرى قاله النووى (124) عن ابن عمرو {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا عبدة ثنا عبيدالله عن محمد بن يحيي بن حبان عن عمه واسع عن ابن عمر "الحديث" {غريبه {(1) بكسر القاف اى صعدت. قال النووى هذه اللغة الفصيحة المشهورة (2) رؤية ابن عمر له صلى الله عليه وسلم على تلك الحال اتفاقية بغير قصد لذلك (3) {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا يحيي عن محمد ابن يحيي به اى بسند الرواية الاولى (4) فى الرواية الاولى رقيت يوما فوق بيت حفصة، وفى هذه الرواية لقد ظهرت ذات يوم على ظهر بيتنا، وفى رواية بن خزيمة (دخلت على حفصة بنت عمر فصعدت على ظهر البيت) وكلها صحيحة. وطريق الجمع ان يقال أضافة البيت اليه على سيبيل المجاز لكونها اخته، واضافه الى حفصة لانه البيت الذى اسكنها فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم واضافه الى نفسه بأعتبار ما آل اليه الحال لأنه ورث حفصة دون أخوته لكونه شقيقها، قاله ابن سيد الناس (5) بكسر الباء الموحدة ما يعمل من الطين ويبنى به الواحدة لبنة بكسر الباء {نخريجه} (ق، والاربعة، فع، خز، وغيرهم) (125) وعنه ايضا {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا حسين ثنا ايوب يعنى ابن عتبة عن يحيي يعنى ابن ابى كثير عن نافع عن ابن عمر "الحديث" {تخريجه} (هق، جه) وفى اسناده ايوب بن عتبة اليمامى قاضيها، قال الفلاس كان سئ الحفظ وهو

(126) عن أبي قتادة رضى الله عنه انه رأى النبى صلى الله عليه وسلم يبول مستقبلا القبلة، قال ابو عبدالرحمن (1) قال ابى ثنا اسحاق يعنى الطباع مثله قال اخبرنى ابو قتادة (127) عن عمرو بن عبدالعزيز انه قال ما استقبلت القبلة بفرجى منذ كذا وكذا، فحدث عراك بن مالك عن عائشة رضى الله عنها ان النبى صلى الله عليه وسلم أمر بخلائه أن يستقبل القبلة لما بلغه ان الناس يكرهون ذلك (2) (وفى رواية) (3) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعلوها؟ استقبلوا بمقعدتى (4) القبلة

_ من أهل الصدق، وقال ابن عدى ومع ضعفه يكتب حديثه، قال فى التهذيب (126) عن ابى قتادة {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا حسن بن موسى وموسى بن داود قالا ثنا ابن لهيعة ثنا ابو الزبير عن جابر عن ابى قتادة " الحديث " {غريبة} (1) هو ابن الامام احمد رحمهما الله {تخريجه} (مذ) وضعفه بابن لهيعة (127) عن عمر بن عبدالعزيز {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا عبدالوهاب الثقفى قال ثنا خالد عن رجل عن عمر بن عبدالعزيز الخ {غريبة} (3) قال السندى فى حاشيته على ابن ماجه، الظاهر انهم حملوا النهى الوارد فى الاستقبال على العموم فكرهوا ذلك مطلقا وكان النهى من اصله مخصوصا بالصحراء فأنكر ذلك عليهم ذلك فى البيوت وهذا صريح فى ان ما ورد من النهى اولا كان عاما ثم نسخ عمومه إذ لو كان ذلك لما انكر عليهم العموم بناء على انهمرأوا بقاءه لعدم بلوغ المنسوخ، ولا انكار على من يرى بقاء العموم قبل بلوغ النسخ، بل ذلك هو الواجب فكيف ينكر على صاحبه، بل الحديث صريح فى ان العموم من محدثاتهم اهـ (3) {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا وكيع ثنا حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن خالد بن بن ابى الصلت عن عراك عن عائشة رضى الله عنها قالت "الحديث " (4) المقعدة بفتح الميم موضع القعود لقضاء حاجة الانسان {تخريجه} الحديث اخرجه ايضا ابن ماجه قال حدثنا ابة بكر بن ابى شيبة وعلى بن محمد قالا حدثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن خالد الحذاء عن خالد بن ابى الصلت عن عراك ابن مالك عن عائشة قالت ذكر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم يكرهون ان يستقبلو بفروجهم القبلة، فقال اراهم قد فعلوها، استقبلوا بمقعدتى القبلة , قال أبو الحسن القطان حدثنا

(7) باب فيما جاء فى الاستجمار وآدابه وفيه فصول {الفصل الاول فى آدابه} (128) عن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استجمر (1)

_ يحيي بن عبيد ثنا عبدالعزيز بن المغيرة عن خالد الحذاء عن خالد بن ابى صلت مثله، وقال النووى فى المجموع رواه احمد بن حنبل وابن ماجه واسناده حسن. لكن اشار البخارى فى تاريخه فى ترجمة خالد بن ابى الصلت الى ان فيه علة اهـ، قال السندى فى حاشيته على ابن ماجه، رجاله ثقات معروفون، وأخطأ من قال خلاف ذلك، وقد علل البخارى الخبر بما ليس بقادح فيه، فقال رجاء عن عائشة أنها كانت تنكر قولهم لا تستقبلوا الفبلة وهذا أصح فان ثبوت ما قل لا يستلزم نفى هذا فبعد صحة الاسناد يجب القول بصحته اهـ {الاحكام} أحاديث الباب تدل على جواز استقبال الفبلة واستدبارها فى البنيان وتبقى احاديث النهى محمولة على الصحراء وذهب الامامان مالك والشافعى رحمهما الله تعالى الى انه يحرم استقبال القبلة فى الصحراء بالبول والغائط ولا يحرم ذلك فى البنيان، وهذا مروى عن العباس بن عبدالمطلب وعبدالله بن عمر رضى الله عنهما والشعبى واسحق بن راهوية وكذا الامام احمد بن حنبل فى احدى الروايتين رحمهم الله محتجين بحديث ابن عمر رضى الله عنهما المذكور فى الباب وبحديث عائشة الذى ذكرناه وبحديث جابر ومروان الاصغر قا لرأيت ابن عمرو (رضى الله عنهما) أناخ راحلته مستقبل القبلة، ثم جلس يبول اليها، فقلت يا ابا عبدالرحمن اليس قد نهى عن هذا، فقال بلى انما نهى عن ذلك فى الفضاء فإذا كان بينك وبين القبلة شئ يسترك فلا بأس، رواه ابو داود وغيره فهذه احاديث صحيحة مصرحة بالجواز فى البنيان وورود النهى فى حديث ابى أيوب وسلمان وابى هريرة وغيرهم يحمل على الصحراء ليجمع بين الاحاديث، ولا خلاف بين العلماء انه اذا امكن الجمع بين الاحاديث لا يصار الى ترك بعضها بل يجمع بينها والعمل بجميعها، وقد امكن الجمع على ما ذكرناه فوجب المصير اليه وفرقوا بين الصحراء والبنيان من حيث المعنى بأنه يلحق المشقة فى النيان فى تكلفة ترك القبلة بخلاف الصحراء. وأما من أباح الاستدبار فيحتج على رد مذهبه بالأحاديث الصحيحة المصرحة بالنهى عن الاستقبال والاستدبار جميعا كحديث ابى ايوب غيره والله الموفق اهـ ملخصا من شرح النووى على مسلم (128) عن ابى هريرة هذا طرف من حديث تقدم فى الباب الثالث من ابواب احكام التخلى وتقدم الكلام على سنده وتخريجه فارجع اليه {غريبه} (1) الاستجمار هو .

فليوتر، ومن فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج (129) وعنه ايضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من توضأ فلينثر (1) ومن استجمر فليوتر (130) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا استجمر احدكم فليوتر {الفصل الثانى فى النهى عن الاستجمار بأقل من ثلاثة احجار} (131) عن عبدالرحمن بن يزيد عن سليمان الفارسى رضى الله قال قال له المشركون إنا نرى صاحبكم يعلمكم حتى يعلمكم الخراءة قال أجل

_ التمسح بالجمار وهى الاحجار الصغار ومنه سميت جمار الحج الحصى التى يرمى بها (نه) (129) وعنه ايضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عبدالرحمن ثنا مالك عن الزهرى عن ابى ادريس عن ابى هريرة " الحديث " {غريبه} (1) بمثلثة مضمومة بعد النون الساكنة، وعند البخارى فليستنثر وكلاهما صحيح، قال الفراء يقال نثر الرجل وانتثر واستنثر اذا حرك النثرة وهى طرف الانف فى الطهارة يعنى عند دفع ماء الاسنشاق {تخريجه} (ق) (130) عن جابر {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا عبدالرازق عن ابن جريج اخبرنى ابو الزبير انه سمع جابر بن عبدالله " الحديث " {تخريجه} (م) {الاحكام} أحاديث الباب تدل على استحباب الايتار فى الاستجمار وعدم وجوبه لقوله فى حديث ابى هريرة ومن لا فلا حرج، قال الحافظ فى الفتح، وهذه الزيادة حسنة الاسناد (يعنى قوله ومن لا فلا حرج) وقد اخذ بظاهره القاسمية وابو حنيفة ومالك فقالوا لا يعتبر العدد بل المعتبر الايتار، وخالفهم الشافعى واصحابه وغيرهم، وقالوا لا يجوز الاستجمار بأقل بدون ثلاثة ويجوز بأكثر منها ان لم يحصل الانقاء (قلت) قال صاحب المنتقى بعد ذكر حديث ابى هريرة المذكور ما لفظه هذا محمول على ان القطع على وتر سنة فيما زاد على ثلاث جمعا بين النصوص اهـ وكذلك قال الحافظ (131) عن عبدالرحمن بن يزيد {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا عبدالرحمن بن مهدى ثنا سفيان عن منصور والاعمش عن ابراهيم (يعنى النخعي) عن

-[النهي عن الاستجمار بأقل من ثلاثة احجار]- إنه ينهانا أن يستنجى أحدنا بيمينه أو يستقبل القبلة وينهانا عن الروث والعظام وقال لا يستنجى أحدكم بدون ثلاثة احجار (132) عن جابر بن عبدالله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجمر أحدكم فليستجمر ثلاثاً (133) عن خزيمة بن ثابت الانصارى رضى الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الاستطابة (1) (وفى رواية الاستنجاء) فقال ثلاثة احجار ليس فيها رجيع (134) عن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا ذهب احدكم للحاجة فليستطب بثلاثة أحجار فإنها تجزئه (135) عن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما

_ عبدالرحمن بن يزيد الخ {م، د، مذ) (132) عن جابر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا على بن بحر حدثنا عيسي بن يونس عن الاعمش عن ابى سفيان عن جابر "الحديث" {تخريجه} أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه احمد ورجاله ثقات (133) عن ابى خزيمة ثابت {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا محمد ابن بشر ثنا هشام بن عروة عن عمرو بن خزيمة بن ثابت " الحديث" {غريبه} (1) هى ازالة ما على المحل من البول والغائط بالأحجار او الماء وعبر عن ذلك فى رواية اخرى بالاستنجاء {تخريجه} (جه، د) ورجاله ثقات (134) عن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا سريح ثنا ابن ابى حازم عن ابيه عن مسلم بن قرظ عن عروة بن الزبير قال سمعت عائشة " الحديث " {تخريجه} (د، نس) والدرامى والدارقطنى وقال اسناده صحيح. (135) عن ابى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يحيي بن سعيد ثنا محمد بن عجلان حدثنى القعقاع بن حكيم عن ابى صالح عن ابى هريرة " الحديث " {تخريجه} (فع، نس، حب) ومسلم مختصراً {الاحكام} فى احاديث الباب النهى عن استقبال القبلة واستدبارها ببول او غائط وعن الاستنجاء بروث أو رمة وعن

أنا لكم مثل الوالد أعلمكم فإذا أتى احدكم الخلاء فلا تستقبلوها ولا تستدبروها ولا يستنجى احدكم بدون ثلاثة احجار الفصل الثالث فيما يجوز الاستجمار به وما لا يجوز (136) عن ابن مسعود رضى الله عنه قال خرج النبى صلى الله عليه وسلم لحاجته فقال التمس إلى ثلاثة احجار قال فأتيته بحجرين وروثة (1) قال فأخذ الحجرين والقى الروثة وقال انها ركس (2) (وعنه من طريق ثان) (3) فقال ائتني

_ الاستنجاء باليد اليمنى وعن الاستنجاء بأقل من ثلاثة احجار (فأما) استقبال القبلة الخ فقد تقدم الكلام عليه (وأما) الاستنجاء بروث او رمة فسيأتى الكلام عليه فى الباب التالى (وأما) الاستنجاء باليمين , فقال النووى رحمه الله قد اجمع العلماء على انه نهى عنه , ثم الجمهور على انه نهى تنزيه وادب لا نهى تحريم , وذهب بعض اهل الظاهر الى انه حرام , قال وأشار الى تحريمه جماعة من اصحابنا اهـ {قلت} وأما الاستجمار بثلاثة احجار لا اقل فقد ذهب اليه الامامان الشافعى واحمد واسحق بن راهويه وابو ثور قالوا بوجوبه , وانه يجب ان يكون بثلاثة احجار او ثلاث مسحات واذا استنجى القبل والدبر وجب ست مسحات لكل واحد ثلاثة قالوا والافضل ان يكون بسته احجار , فإن اقتصر على حجر واحد له سته أحرف أجزأه , وكذلك تجزئ الخرقة الصفيفة التى اذا مسح بأحد جانبيها لا يصل البلل الى الجانب الاخر , قالوا وتجب الزيادة على ثلاثة ان لم يحصل بها الانقاء ويستحب الختم على وتر والله اعلم (136) عن ابن مسعود {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا وكيع ثنا اسرائيل عن ابى اسحاق عن ابى عبيده عن عبدالله (يعنى ابن مسعود) "الحديث" {غريبة} (1) (قوله فأتيته بحجرين وروثة) فى رواية للامام احمد ايضا والبخارى فوجدت حجرين والتمست الثالث فلم اجد فأتيته بحجرين وروثة الخ (2) زاد الامام احمد فى رواية اخرى بسند جيد بعد هذه الكلمة ائتنى بحجر " يعنى بدل الروثة " (والركس) بالكسر هو الرجس وكل مستقذر ركس , قاله فى المصباح , وفى القاموس ركس بالكسر النجس (3) {سنده} حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا لبن فضيل ثنا ليث عن عبدالرحمن بن الاسود عن ابيه عن عبدالله (يعنى ابن مسعود) قا لخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجته فقال ائتنى بشئ "الحديث" وفيه ثم أتيته بماء فتوضأ ثم قام فصلى , ثم طبق يديه حين ركع

بشيء أستنجي به ولا تقربني حائلا ‹1› ولا رجيعا (137) وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه ليلة الجن ومعه عظم حائل وبعرة ‹2› وفحمة فقال لا تستنجين بشيء من هذا إذا خرجت إلى الخلاء (138) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يستنجى ببعرة أو بعظم (139) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا داود وابن أبي زائدة المعنى قالا ثنا داود عن الشعبي عن علقمة قال قلت لابن مسعود (رضي الله عنه) هل صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن منكم أحد فقال ما صحبه منا أحد ولكنا قد فقدناه ذات ليلة فقلنا اغتيل ‹3› استطير، ما فعل، قال فبتنا

_ وجعلهما بين فخذيه ‹1› (قوله حائلا) صفة لموصوف محذوف تقديره عظما حائلا بدليل الرواية الآتية، (والحائل) المتغير الذي غيره البلى وكل متغير حائل، فإذا أتت عليه السنة فهو محيل كأنه مأخوذ من الحول السنة (نه) والرجيع تقدم معناه {تخريجه} أخرج الرواية الأولى منه (البخاري، نس، مذ) والرواية الثانية أخرج نحوها ابن خزيمة وسيأتي الكلام عليها في الركوع في الصلاة إن شاء الله (137) وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب ثنا عبد الله وعلي بن إسحاق قال أنا عبد الله أنا موسى بن علي بن رباح قال سمعت أبي يقول عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحديث» {غريبه} ‹1› البعرة بالسكون واحدة البعر والأبعار وقد بعر البعير والشاة من باب قطع قاله في المختار اهـ، وفي المصباح البعر بالفتح معروف والسكون لغة وهو من كل ذي ظلف وخف والجمع أبعار مثل سبب وأسباب وبعر ذلك الحيوان بعرا من باب نفع ألقى بعره {تخريجه} (طس) بأطول من هذا وفيه (أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع السحر وفي يده عظم حائل وروثة وحممة) «الحديث» والحمم بضم الحاء المهملة وفتح الميم الرماد والفحم وكل ما احترق من النار الواحدة حممة اهـ مختار (138) عن جابر {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير عن جابر «الحديث» {تخريجه} (م، د) (129) حدثنا عبد الله {غريبه} ‹3› أي قتل سرا وخفية، كذا بهامش الأصل

بشر ليلة بات بها قوم فلما كان في وجه الصبح أو قال في السحر إذا نحن به يجيء من قبل حراء فقلنا يا رسول الله فذكروا الذي كانوا فيه فقال إنه أتاني داعي الجن ‹1› فأتيتهم فقرأت عليهم، قال فانطلق بنا فأراني آثارهم وآثار نيرانهم قال وقال الشعبي سألوه الزاد، قال ابن أبي زائدة قال عامر فسألوه ليلتئذ الزاد كانوا من جن الجزيرة ‹2› فقال كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما كان عليه لحما، وكل بعرة أو روثة علف لدوابكم، فلا تستنجوا بهما فإنهما زاد إخوانكم من الجن

_ (وقوله استطير) أي ذهب به بسرعة كأن الطير حملته والاستطارة والتطاير التفرق والذهاب ‹1› أي جن نصيبين وكان ذلك بمكة قبل الهجرة ‹2› أي جزيرة العرب {تخريجه} (م، د، قط، نس، ك) والبخاري من حديث أبي هريرة وفيه أن أبا هريرة قال للنبي صلى الله عليه وسلم. لما فرغ من حاجته ما بال العظم والروث، قال هما من طعام الجن وإنه قد أتاني وفد جن نصيبين؛ ونعم الجن فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم أن لا يمروا بعظم ولا بروثة إلا وجدوا عليها طعاما، وفي الباب عند الدارقطني، عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم نهي أن يستنجى بروث أو عظم، وقال إنهما لا يطهران، قال الدارقطني بعد ذكره إسناده صحيح؛ وفي الباب أحاديث كثيرة من طرق متعددة في النهي عن الاستنجاء بالعظم والروث والفحمة؛ أما العظم فلكونه طعام الجن، وأما الروث فلكونه علف دوابهم كما في الحديث الأخير في الباب لابن مسعود، أو لأنهما لا يطهران كما في رواية الدارقطني لأن العظم لزج لا يتماسك فلا ينشف ولا يقطع البلة، ولأن الروث رجس أي نجس كما في الحديث الأول لابن مسعود، والنجاسة لا تزال بمثلها، وأما الفحمة فلم أقف لها على علة في رواية، نعم ذكر في مجمع بحار الأنوار نقلا عن النووي، النهي عن الاستنجاء به (يعني الفحم) قال لأنه جعل الرزق للجن فيه، ولم يرد كيفية حصول الرزق فيه ولم ينحصر الرزق في الأكل فلعلهم ينتفعون به من وجه آخر اهـ (قلت) ويلحق بالعظم ما في معناه كالزجاج الأملس وكل محترم كالمطعومات وأجزاء الحيوان وأوراق كتب العلم وغير ذلك والله أعلم

(8) باب في الاستنجاء بالماءو النهي عن مس الذكر باليمين والاستنجاء بها (140) عن أبي قتادة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس في الإناء أو يمس ذكره بيمينه أو يستطيب ‹1› بيمينه (141) عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليسرى لخلائه وما كان من أذى وكانت اليمنى لوضوئه ولمطعمه (142) عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال ما مسست فرجي بيميني منذ بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم (143) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل

_ (140) عن أبي قتادة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب الثقفي عن أيوب عن يحيى بن أبي كثير عن ابن أبي قتادة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} ‹1› أي يستنجي بيمينه وحكم التنفس في الإناء سيأتي إن شاء الله في كتاب الأشربة {تخريجه} (ق والأربعة) (141) {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب عن سعيد عن أبي معشر عن النخعي عن الأسود عن عائشة الخ {تخريجه} (د، طب) وسنده جيد (142) عن عمران بن حصين {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا ثنا حاجب بن عمر ثنا الحكم بن الأعرج أن عمران بن حصين رضي الله عنه قال الخ {تخريجه} هذا الأثر إسناده جيد وهو والحديث الذي قبله يدلان على كراهة مس الذكر باليمين مطلقا والاستنجاء بها تكريما لها، وقد جاء حديث أبي قتادة عند الترمذي بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم (نهى عن أن يمس الرجل ذكره بيمينه) فهو مطلق، ولكنه جاء مقيدا عند الشيخين وترجم له البخاري، بباب لا يمسك ذكره بيمينه إذا بال، وذكر حديث قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إذا بال أحدكم فلا يأخذن ذكره بيمينه) قال الحافظ أشار بهذه الترجمة إلى أن النهي المطلق عن مس الذكر باليمين كما في الباب قبله محمول على المقيد بحالة البول فيكون ما عداه مباحا اهـ (قلت) وتقدم كلام النووي في النهي عن الاستنجاء باليمين في الفصل الثاني من الباب السابق، قال والنهي للتنزيه فارجع إليه (143) عن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عطاء بن أبي ميمونة أنه سمع أنس بن مالك يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحديث»

الخلاء فأحمل أنا وغلام نحوي إداوة ‹1› من ماء وعنزة فيستنجي بالماء (144) وعنه أيضا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تبرز ‹2› لحاجته أتيته بماء فيغسل به (145) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخلاء فأتيته بتور ‹3› فيه ماء فاستنجى ثم مسح بيديه في الأرض ثم غسلهما ثم أتيته بتور آخر فتوضأ به (146) وعنه أيضا قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل الخلاء دعا بماء فاستنجي

_ {غريبه} ‹1› الإداوة تقدم تفسيرها وهي إناء صغير من جلد (والعنزة) بفتحات مثل نصف الرمح وأكبر شيئا وفيها سنان مثل سنان الرمح والعكازة قريب منها فكان صلى الله عليه وسلم يتوضأ من الأداوة ويضع العنزة أمامه حتى يصلي {تخريجه} (ق، د، نس) (144) وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا روح بن القاسم عن عطاء بن أبي ميمونة عن أنس «الحديث» {غريبه} ‹2› أي خرج لقضاء حاجته {تخريجه} (خ) (145) عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم وإسحاق بن عيسى المعنى، واللفظ لفظ يحيى بن آدم، قالا ثنا شريك عن إبراهيم بن جرير عن أبي زرعة بن عمرو بن جرير عن أبي هريرة «الحديث»؛ وفي آخره قال (يعني عبد الله) قال أبي قال أسود يعني شاذان في هذا الحديث (إذا دخل الخلاء أتيته بماء في تور أو في ركوة وذكره بإسناده {غريبه} ‹3› بفتح المثناة الفوقية وسكون الواو إناء من صفر أي نحاس أصفر أو من حجارة يستعمل للشرب والوضوء والأكل (وقوله مسح بيديه في الأرض أي دفعا للنجاسة وأثرها (وقوله ثم أتيته بتور آخر) ليس المعنى أنه لا يجوز التوضؤ بالماء الباقي من الاستنجاء وإنما أتى بإناء آخر لأنه لم يبق من الأول شيء. هذا هو الظاهر {تخريجه} (د، نس، جه، هق والدارمي) وتكلم فيه بعضهم، ولكن سكت عنه أبو داود والمنذري وسكوتهما يدل على صلاحيته (146) وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال أنا شريك

ثم مسح بيده على الأرض ثم توضأ (147) عن محمد بن عبد الله بن سلام رضي الله عنهما قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا يعني قباء قال إن الله عز وجل قد أثنى عليكم في الطهور خيرا، أفلا تخبروني؟ قال يعني قوله (فيه رجال يحبون أن يتطهروا والله يحب المطَّهِّرين) قال فقالوا يا رسول الله إنا نجده مكتوبا علينا في التوراة الاستنجاء بالماء (148) عن عويم بن ساعدة الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاهم في مسجد قباء فقال إن الله تبارك وتعالى قد أحسن عليكم الثناء في الطهور في قصة مسجدكم فما هذا الطهور الذي تطهرون به قالوا والله يا رسول الله ما نعلم شيئا إلا أنه كان لنا جيران من اليهود فكانوا يغسلون أدبارهم من الغائط فغسلنا كما غسلوا

_ عن إبراهيم بن جرير عن أبي زرعة عن أبي هريرة «الحديث» {تخريجه} (جه، د) وغيرهما وحسنه النووي في شرح المهذب (147) عن محمد بن عبد الله بن سلام {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا مالك يعني بن مغول قال سمعت يسار أبا الحكم غير مرة يحدث عن شهر بن حوشب عن محمد بن عبد الله بن سلام «الحديث» {تخريجه} أخرجه أيضا الطبراني في الكبير عن محمد بن عبد الله بن سلام عن أبيه قال الهيثمي وفيه شهر بن حوشب، وقد اختلفوا فيه، ولكنه وثقه أحمد وابن معين وأبو زرعة ويعقوب بن شيبة اهـ (قلت) محمد بن عبد الله بن سلام مختلف في صحبته؛ قال الحافظ في تعجيل المنفعة، ذكره ابن حبان في ثقات التابعين فقال يقال له صحبة وقال أبو عمرو بن عبد البر له رؤية ورواية محفوظة، وقال ابن منده رأى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه اهـ (148) عن عويم بن ساعدة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا أبو أويس ثنا شرحبيل عن عويم بن ساعدة «الحديث» {تخريجه} قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الثلاثة وفيه شرحبيل بن سعد ضعفه مالك وابن معين وأبو زرعة، ووثقه ابن حبان اهـ (قلت) وقوله في الثلاثة يعني معاجم الطبراني الثلاثة

(149) عن الأوزاعي قال حدثني شداد أبو عمار عن عائشة رضي الله عنها أن نسوة من أهل البصرة دخلن عليها فأمرتهن أن يستنجين بالماء وقالت مرن أزواجكن بذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله ‹1› وهو شفاء من الباسور تقوله عائشة أو أبو عمار (وعنها من طريق آخر) ‹2› قالت مرن أزواجكن يغسلوا عنهم أثر الخلاء والبول فإنا نستحي أن ننهاهم وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله (150) وعنها أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم غسل مقعدته ثلاثا

_ (149) عن الأوزاعي {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن إسحاق قال أنا عبد الله قال أنا الأوزاعي الخ {غريبه} ‹1› أي الاستنجاء بالماء (وقوله وهو شفاء من الباسور) مدرج من أحد الرواة إما من عائشة أو من أبي عمار شك في ذلك الأوزاعي لكن في رواية البيهقي قال (وقالت هو شفاء من الباسور) فثبت أن عائشة هي القائلة ذلك فارتفع الشك ‹2› {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز قال ثنا همام قال ثنا قتادة عن معاذة عن عائشة قالت مرن أزواجكن «الحديث» {تخريجه} أخرج الطريق الأولى منه البيهقي، وقال قال الإمام أحمد رحمه الله هذا مرسل، أبو عمار شداد ولا أراه أدرك عائشة اهـ (قلت) وأخرج الطريق الثانية منه (نس، مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح وعليه العمل عند أهل العلم يختارون الاستنجاء بالماء وإن كان الاستنجاء بالحجارة يجزئ عندهم فإنهم استحبوا الاستنجاء بالماء ورأوه أفضل؛ وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق اهـ (150) وعنها أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا شريك عن جابر عن زيد العمي عن أبي الصديق عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم «الحديث» {تخريجه} لم أقف عليه وفي إسناده زيد العمي وهو ابن الحواري أبو الحواري العمي ضعفه الحافظ في التقريب {الأحكام} أحاديث الباب تدل على ثبوت الاستنجاء بالماء وأنه أفضل إذا أراد الاقتصار على أحدهما؛ قال العيني رحمه الله مذهب جمهور السلف والخلف والذي أجمع عليه أهل الفتوى من أهل الأمصار أن الأفضل أن يجمع بين الماء والحجر؛ فيقدم الحجر أولا ثم يستعمل الماء فتخف النجاسة، وتقل مباشرتها بيده ويكون أبلغ في النظافة، فإن أراد الاقتصار على

(9) باب ما جاء في الاستبراء من البول (151) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال إنهما ليعذبان ‹1› وما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستنزه ‹2› من البول وقال وكيع ‹3› من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ‹4›

_ أحدهما، فالماء أفضل لكونه يزيل عين النجاسة وأثرها؛ والحجر يزيل العين دون الأثر لكنه معفو عنه في حق نفسه، وتصح الصلاة معه اهـ (151) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ووكيع المعنى قالا حدثنا الأعمش ومجاهد قال وكيع سمعت مجاهدا يحدث عن طاوس عن ابن عباس «الحديث» {غريبه} ‹1› أعاد الضمير إلى القبرين مجازا والمراد من فيهما (وقوله وما يعذبان في كبير) قيل إنه ليس بكبير في مشقة الاحتراز من ذلك وقد جزم به البغوي وغيره، ورجحه ابن دقيق العيد وجماعة وقيل ليس بكبير بمجرده، وإنما صار كبيرا بالمواظبة عليه ويرشد إلى ذلك السياق، فإنه وصف كلا منهما بما يدل على تجدد ذلك منه واستمراره عليه للإتيان بصيغة المضارعة بعد كان. أفاده الحافظ في الفتح ‹2› أي لا يستبرئ منه ولا يتطهر ولا يستبعد منه (نه)، وفي رواية عند الشيخين وغيرهما (لا يستتر) أي لا يجعل بينه وبين بوله سترة؛ يعني لا يتحفظ منه، وهي بهذا المعنى موافقة لرواية لا يستنزه المذكورة في حديث الباب، وهي عند مسلم وأبي داود أيضا، قال الشوكاني رحمه الله وأجراه بعضهم على ظاهره، فقال معناه لا يستر عورته، وضعف لأن التعذيب لو وقع على كشف العورة لااستقل الكشف بالسببية واطرح اعتبار البول، وسياق الحديث يدل على أن للبول بالنسبة إلى عذاب القبر خصوصية فالحمل على ما يقتضيه الحديث المصرح بهذه الخصوصية أولى، وفي رواية لابن عساكر لا يستبرئ بموحدة ساكنة من الاستبراء، وهو استفراغ بقية البول واستنقاء موضعه ومجراه حتى يستبرئهما منه، يقال استبرأت من البول أي تنزهت عنه ‹3› هو وكيع بن الجراح أحد رجال السند ‹4› قال النووي رحمه الله النميمة نقل الكلام الغير بقصد الإضرار وهي من أقبح القبائح {تخريجه} (ق والأربعة) وهو طرف من حديث سيأتي بتمامه في باب عذاب القبر من كتاب الجنائز (فائدة) حقق الحافظ أن المقبورين كانا مسلمين وأنهما دفنا بالبقيع ولم يحضرهما النبي صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم (من دفنتم اليوم ههنا) ولم يعلم اسمهما ولا أحدهما، والظاهر أن ذلك كان على عمد من

(152) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أكثر عذاب القبر من البول ‹1› (153) عن عيسى بن يزداد ‹2› بن فساءة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بال أحدكم فلينثر ذكره ثلاث مرات (ومن طريق آخر بنحوه) ‹3› وزاد فإن ذلك يجزئ عنه

_ الرواة لقصد التستر عليهما، وهو عمل مستحسن، وينبغي لكل مسلم أن لا يبالغ في الفحص عن تسمية من وقع في حقه ما يذم به والله أعلم (152) عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الحديث {غريبه} ‹1› أي في شأن البول وتقدم الكلام عليه في الباب الأول من أبواب حكم البول الخ {تخريجه} (ك، جه) قال الحافظ في بلوغ المرام وهو صحيح الإسناد (153) عن عيسى بن يزداد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا زكريا بن إسحاق عن عيسى بن يزداد «الحديث» {غريبه} ‹2› ويقال ازداذ وضبطه النووي بزاي ثم دال مهملة ثم ألف ثم ذال معجمة وفساءة بفتح الفاء والسين المهملة المخففة وبالمد ‹3› {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا زمعة عن عيسى بن يزداد عن أبيه بنحوه الخ (وزمعة) بفتح الزاي وسكون الميم بن صالح الجندي بفتح الجيم والنون اليماني نزيل مكة، أبو وهب ضعيف، وحديثه عند مسلم مقرون من السادسة، قاله في التقريب {تخريجه} قال النووي في شرح المهذب رواه أحمد وأبو داود في المراسيل وابن ماجه والبيهقي واتفقوا على أنه ضعيف، وقال الأكثرون هو مرسل، ولا صحبة ليزداد، وممن نص على أنه لا صحبة له البخاري في تاريخه وأبو حاتم الرازي وابنه عبد الرحمن وأبو داود وأبو أحمد بن عدي الحافظ وغيره وقال يحيى بن معين وغيره لا نعرف يزداد انتهى ما قاله النووي رحمه الله (والحديث) فيه الأمر بنثر الذكر ثلاث مرات وهو حث على التطهر بالاستبراء من البول والنثر جذب فيه قوة وجفوة (نه) (فائدة) حكى الساجي بهامش نسخة الأذرعي من شرح المهذب كيفية الاستبراء، قال هو أن يمسك الذكر بيده اليسرى ويضع أصبع يده اليمنى على ابتداء المجرى (يعني من عند حلقة الدبر) فإذا انتهى إلى الذكر نثر بيده اليسرى، قال وهذا أمكن، وقال صاحب المهذب. وإذا بال تنحنح حتى يخرج إن كان هناك شيء ويمسح ذكره مع مجامع العروق ثم ينتره، قال النووي رحمه الله في شرحه؛ قال أصحابنا وهذا

(154) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقومن أحدكم إلى الصلاة وبه أذى من غائط أو بول (فصل في نضح الفرج بالماء بعد الاستنجاء) (155) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثني يحيى بن سعيد ثنا سفيان وعبد الرحمن بن مهديؤ أنا سفيان وزائدة عن منصور عن مجاهد عن الحكم ‹1› بن سفيان أو سفيان بن الحكم قال عبد الرحمن في حديثه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال وتوضأ ونضح ‹2› فرجه بالماء، وقال يحيى في

_ الأدب وهو النتر والتنحنح ونحوهما مستحب فلو تركه فلم ينتر ولم يعصر الذكر واستنجى عقب انقطاع البول ثم توضأ فاستنجاؤه صحيح ووضوءه كامل، لأن الأصل عدم خروج شيء آخر اهـ (154) عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا داود الأودي عن أبيه عن أبي هريرة «الحديث» {تخريجه} (جه) وفي إسناده داود بن يزيد بن عبد الرحمن الزعافري بفتح الزاي الأودي قال في الخلاصة ضعفه أحمد وأبو داود (قلت) قال الحافظ في التقريب ضعيف اهـ {الأحكام} أحاديث الباب تدل على نجاسة البول من الإنسان وعلى وجوب توقيه والاحتراز منه وهو إجماع ويدل على عظم أمره وأمر النميمة وأنهما من أعظم أسباب عذاب القبر (155) حدثنا عبد الله {غريبه} ‹1› عن الحكم بن سفيان بن عثمان بن عامر بن معتب بن مالك بن كعب بن سعد بن عوف بن ثقيف الثقفي، قال أبو زرعة و [...] إبراهيم الحربي له صحبة، واختلف فيه على مجاهد، فقيل هكذا، وقيل سفيان بن الحكم، وقيل غير ذلك، وقال أحمد والبخاري ليست للحكم صحبة، وقال ابن المديني والبخاري وأبو حاتم الصحيح الحكم بن سفيان اهـ وقال ابن عبد البر له حديث واحد وهو مضطرب الإسناد اهـ ‹2› الانتضاح هو أن يأخذ قليلا من الماء فيرش به مذاكيره بعد الوضوء لينفي عنه الوسواس وقد نضح عليه الماء ونضحه به إذا رشه عليه (نه). وقال الخطابي في معالم السنن الانتضاح ههنا الاستنجاء بالماء وكان من عادة أكثرهم أن يستنجوا بالحجارة ولا يمسون الماء. وقد يتأول الانتضاح أيضا

حديثه إن النبي صلى الله عليه وسلم بال ونضح فرجه (وفي لفظ بال ثم نضح فرجه) (ومن طريق آخر) ‹1› عن مجاهد عن رجل من ثقيف عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم بال ونضح فرجه {أبواب السواك} {الباب الأول فيما جاء في فضله} (156) عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السواك ‹2› مطهرة للفم مرضاة للرب

_ على رش الفرج بالماء بعد الاستنجاء ليدفع بذلك وسوسة الشيطان اهـ. ونقل النووي رحمه الله عن الجمهور أن هذا الثاني هو المراد هنا (قلت) وهو الظاهر، ويؤيده رواية (بال ثم نضح فرجه) لأن العطف بثم يفيد الترتيب ‹1› {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد الخ (وقوله عن رجل من ثقيف) هو الحكم بن سفيان أو سفيان بن الحكم كما في الرواية الأولى، ولهذا جعلته حديثا واحدا في العد {تخريجه} (نس، د، جه) وأشار إليه الترمذي وأعله بالاضطراب في اسم الحكم، وأخرج الرواية الثانية منه أبو داود عن مجاهد عن الحكم، أو ابن الحكم عن أبيه (أن النبي صلى الله عليه وسلم بال ثم توضأ ونضح فرجه) وهذه الرواية تشير إلى أن النضح كان عقب الوضوء؛ وفي الباب روايات كثيرة تشير إلى ذلك فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله عقب البول أحيانا وعقب الوضوء أحيانا، فكل حكى ما علم، وبهذا يمكن الجمع بين الروايات والله أعلم، وفي الباب أيضا عن ابن عباس أخرجه عبد الرزاق في جامعه، وعن أبي هريرة أخرجه الترمذي وابن ماجه، وعن جابر أخرجه ابن ماجه وكلها لا تخلو من مقال، وعن أسامة بن زيد عند ابن ماجه والإمام أحمد، وسيأتي في باب النضح عقب الوضوء من كتاب الوضوء، قال الهيثمي وفيه (أي في حديث أسامة بن زيد رشدين بن سعد وثقه هيثم ابن خارجة وأحمد بن حنبل في رواية وضعفه آخرون (قلت) وهذه الطرق يقوي بعضها بعضا فتنتهض للإحتجاج بها {الأحكام} أحاديث الباب تدل على مشروعية النضح بعد الاستنجاء، قال النووي وهو المراد من الحديث عند الجمهور (156) عن أبي بكر الصديق {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا ابن أبي عتيق عن أبيه قال إن أبا بكر الصديق رضي الله عنه قال الخ {غريبه} ‹2› قال أهل اللغة السواك بكسر السين يطلق على الفعل وعلى العود الذي يتسوك به وهو مذكر، وذكر صاحب المحكم أنه يؤنث ويذكر، وجمع السواك سُوُك

(157) عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (158) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال عليكم بالسواك فإنه مطيبة للفم ومرضاة للرب (159) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت بالسواك حتى ظننت أو حسبت أن سينزل فيه قرآن (160) وعنه أيضا رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر السواك حتى ظننا أو رأينا أنه سينزل عليه ‹1›

_ بضمتين ككتاب وكتب وهو في اصطلاح العلماء استعمال عود أو نحوه في الأسنان لتذهب الصفرة وغيرها عنها والله أعلم (وقوله مطهرة) بفتح الميم أفصح من كسرها مصدر ميمي بمعنى اسم الفاعل، أي مطهر طهارة لغوية أي منظف (وقوله مرضاة للرب) بفتح الميم، بمعنى اسم الفاعل، أي مرض للرب {تخريجه} قال الهيثمي رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله ثقات إلا أن عبد الله بن محمد لم يسمع من أبي بكر اهـ (قلت) عبد الله بن محمد هو ابن أبي عتيق المذكور في سند الحديث (157) عن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا يزيد بن زريع قال ثنا عبد الرحمن بن أبي عتيق عن أبيه أنه سمع عائشة تحدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (إن السواك مطهرة للفم مرضاة للرب {تخريجه} (فع، نس، حب، خز، هق) وصححه النووي قال وذكره البخاري في صحيحه تعليقا في كتاب الصيام بصيغة الجزم، قال وتعليقات البخاري إذا كانت بصيغة الجزم فهي صحيحة اهـ (158) عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن نافع عن ابن عمر «الحديث» {تخريجه} أورده السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للإمام أحمد وبجانبه علامة الصحيح، وقال الهيثمي رواه أحمد و (طس) وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف (159) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثني يزيد يعني ابن هارون أنا شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس «الحديث» {تخريجه} قال الهيثمي رواه أبو يعلى وأحمد ورجاله ثقات اهـ (160) وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس فذكر شيئا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر السواك الخ {غريبه} ‹1› أي قرآن كما في حديثه السابق {تخريجه} (عل) وسنده جيد

(161) عن واثلة بن الأسقع رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت بالسواك حتى خشيت أن يكتب علي ‹1› (162) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثرت عليكم في السواك (163) عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما جاءني جبريل عليه السلام قط إلا أمرني بالسواك لقد خشيت أن أحفى ‹2› مُقَدَّمَ فِيَّ (164) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يستن ‹3› فأعطى أكبر القوم وقال إن جبريل صلى الله عليه وسلم أمرني أن أكبر ‹4›

_ (161) عن واثلة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل قال ثنا ليث عن أبي بردة عن أبي مليح بن أسامة عن واثلة «الحديث» {غريبه} ‹1› أي يكون واجبا {تخريجه} قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة مدلس وقد عنعنه اهـ (162) عن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا أبي وعفان ثنا عبد الوارث ثنا شعيب يعني ابن الحبحاب عن أنس «الحديث» {تخريجه} (خ، نس) (163) عن أبي أمامة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف ثنا عبد الله بن وهب عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة «الحديث» {غريبه} ‹2› معناه لقد خفت أن أستأصل لثتي من كثرة استعمال السواك {تخريجه} قال في التنقيح قال ميرك إسناده جيد وروي عن عائشة ورجاله رجال الصحيح اهـ (164) عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعمر بن بشر ثنا عبد الله يعني ابن المبارك قال قال أسامة بن زيد حدثني نافع أن ابن عمر قال رأيت الخ {غريبه} ‹3› الاستنان استعمال السواك، وهو افتعال من الأسنان أي يمره عليها (نه) ‹4› أي ابدأ بأكبر القوم {تخريجه} (ق) وأخرج نحوه أبو داود من حديث عائشة وإسناده حسن؛ قاله الحافظ في التلخيص، وقال الخطابي فيه من الأدب حق الأكبر من جماعة الحضور وتبديته على من هو أصغر منه وهو السنة في السلام والتحية والشراب والطيب ونحوها من

(165) عن جعفر بن تمام بن عباس عن أبيه قال أتوا النبي صلى الله عليه وسلم أو أتي فقال مالي أراكم تأتوني قلحا ‹1› استاكوا، لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك كما فرضت عليهم الوضوء (2) باب فيما جاء في السواك عند الصلاة (166) عن علي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة ولأخرت عشاء الآخرة إلى ثلث الليل الأول فإنه ‹2› إذا مضى ثلث الليل الأول هبط الله تعالى إلى السماء الدنيا فلم يزل هناك حتى يطلع الفجر فيقول قائل ألا سائل يعطى، ألا داع

_ الأمور، وفي معناه تقديم ذي السن بالركوب والحذاء والطست وما أشبه ذلك من الإرفاق. وفيه أن استعمال سواك الغير ليس بمكروه على ما يذهب إليه بعض من يتقزز إلا أن السنة فيه أن يغسله ثم يستعمله اهـ (قلت) التقزز إباء النفس الشيء، كما في القاموس (165) عن جعفر بن تمام {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن عمر أبو المنذر قال ثنا سفيان عن أبي علي الرداد قال حدثني جعفر بن تمام بن عباس عن أبيه الخ {غريبه} ‹1› بضم القاف وإسكان اللام وبالحاء المهملة جمع أقلح وهو الذي على أسنانه، قلح بفتح القاف واللام وهو صفرة ووسخ يركبان الأسنان {تخريجه} (بز، طب، عل، هق)، وقال البيهقي هو حديث مختلف في إسناده (قلت) وقال ابن السكن، أبو علي الرداد مجهول، قاله الحافظ في تعجيل المنفعة {الأحكام} أحاديث الباب تدل على مشروعية الاستياك؛ لأنه سبب لتطهير الفم وموجب لرضاء الرب عز وجل عن فاعله. وقد أطلق فيها السواك ولم يخصه بوقت معين، ولا بحالة مخصوصة فأشعر بمطلق شرعيته وهو من السنن المؤكدة، وليس بواجب في حال من الأحوال لقوله صلى الله عليه وسلم (لولا أن أشق على أمتي لفرضت عليهم السواك) ونحوه من الأحاديث الصحيحة الآتية، قال النووي هو سنة وليس بواجب بإجماع من يعتد به في الإجماع والله أعلم (166) عن علي رضي الله عنه {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن محمد بن إسحاق حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عطاء مولى أم صبية عن أبي هريرة عن علي «الحديث» {غريبه} ‹2› هذا تعليل لتأخير العشاء، أي

يجاب، ألا سقيم يستشفى، فيشفى ألا مذنب يستغفر فيغفر له، (167) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة، قال فكان زيد يروح إلى المسجد وسواكه على أذنه ‹1› بموضع قلم الكاتب، ما تقام صلاة إلا استاك قبل أن يصلي (168) ز عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (169) عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فضل الصلاة

_ فإنها تكون أسرع قبولا في هذا الوقت الذي يتجلى الله عز وجل فيه على عباده {تخريجه} الحديث إسناده جيد وأخرجه أيضا البزار ورجاله ثقات قاله الهيثمي، وفيه استحباب السواك عند كل صلاة وتأخير العشاء إلى ثلث الليل الأول (167) عن أبي سلمة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن ثابت عن محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الخ {غريبه} ‹1› المقصود من وضع السواك في ذلك المحل أن يذكر صاحبه به فيستاك من غير ذهول، وهذا من شدة الحرص عليه والاهتمام بأمره {تخريجه} (د، مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح (168) ز عن علي {سنده} حدثنا عبد الله حدثني عقبة بن مكرم الكوفي ثنا يونس بن بكير ثنا محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه عن علي «الحديث» {تخريجه} (بز) وله شواهد في الصحاح (169) عن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن إسحاققال وذكر محمد بن مسلم بن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة «الحديث» {تخريجه} (بز عل خز) وقال في القلب من هذا الخبر شيء فإني أخاف أن يكون محمد بن إسحاق لم يسمعه من ابن شهاب اهـ قال النووي في شرح المهذب ورواه البيهقي من طرق وضعفها كلها وكذا ضعفه غيره، وذكره الحاكم في المستدرك. وقال هو صحيح على شرط مسلم، وأنكروا ذلك على الحاكم، وهو معروف عندهم بالتساهل في التصحيح وسبب ضعفه أن مداره على محمد بن إسحاق وهو مدلس؛ ولم يذكر سماعه؛ والمدلس إذا لم يذكر

بالسواك على الصلاة بغير سواك سبعين ضعفا (170) عن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل صلاة كما يتوضؤن (3) باب فيما جاء في السواك عند الوضوء (171) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع الوضوء (وفي رواية لأمرتهم

_ سماعه لا يحتج به بلا خلاف كما هو مقرر عند أهل هذا الفن وقوله إنه عل شرط مسلم ليس كذلك فإن محمد بن إسحاق لم يرو له مسلم وغيره من أهل الحديث أنهم يذكرون في المتابعات من لا يحتج به للتقوية لا للاحتجاج، ويكون اعتمادهم على الإسناد الأول وذلك مشهور عندهم، والبيهقي أتقن في هذا الفن من شيخه الحاكم، وقد ضعفه اهـ (قلت) حديث عائشة المذكور لم يتعقبه الذهبي في تلخيصه للمستدرك، فلو كان معلولا لذكر علته؛ وله شاهدان عند أبي نعيم، ذكرهما الحافظ المنذري في كتابه الترغيب والترهيب، أحدهما عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال لأن أصلي ركعتين بسواك أحب إلي من أن أصلي سبعين ركعة بغير سواك) قال المنذري رواه أبو نعيم في كتاب السواك بإسناد جيد «والثاني» عن جابر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ركعتان بالسواك أفضل من سبعين ركعة بغير سواك) قال المنذري رواه أبو نعيم أيضا بإسناد حسن والله أعلم (170) عن أم حبيبة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن سالم بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن أبي الجراح مولى أم حبيبة عن أم حبيبة أنها حدثته قالت سمعت الخ {تخريجه} قال الهيثمي رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله ثقات اهـ (قلت) ومثله عند الإمام أحمد أيضا عن زينب بنت جحش {الأحكام} أحاديث الباب تدل على أن السواك ليس بواجب، قال الإمام الشافعي رحمه الله لو كان واجبا لأمرهم به شق أو لم يشق اهـ وفيها أيضا استحباب السواك عند كل صلاة، ولم أعلم لذلك مخالفا وفيها أيضا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الرفق بأمته وغير ذلك (171) عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى أنا عبد الله حدثني ابن أبي سعيد عن أبي هريرة «الحديث» {تخريجه} (د، جه، حب، خز، ك) وصححاه، ذكر ذلك النووي في شرح المهذب؛ وذكره البخاري تعليقا

عند كل صلاة بوضوء ومع كل وضوء سواك) ولأخرت العشاء إلى ثلث الليل أو شطر الليل (172) وعنه أيضا بنحوه ‹1› وفيه قال أبو هريرة لقد كنت أستن قبل أن أنام وبعد ما أستيقظ وقبل ما آكل وبعد ما آكل حين سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قال (4) باب فيما جاء في كيفية التسوك بالعود وتسوك المتوضئ بإصبعه عند المضمضة (173) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس بن محمد قال ثنا حماد بن زيد ثنا غيلان بن جرير عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يستاك وهو واضع طرف السواك على لسانه

_ بصيغة جزم؛ وفي الموطأ عن أبي هريرة، قال (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع كل وضوء) ولم يصرح برفعه، قال ابن عبد البر وحكمه الرفع وقد رواه الشافعي عن مالك مرفوعا اهـ (قلت) وقال ابن منده في حديث الباب إسناده مجمع على صحته (172) وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو العلاء الحسن بن سوار قال ثنا ليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة الخ {غريبه} ‹1› بنحوه أي بنحو الشطر الأول من الحديث السابق وهو قوله (لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك مع الوضوء) وليس في حديث الباب دليل لقول أبي هريرة (لقد كنت أستن الخ) وإنما فعل ذلك لأدلة أخرى سمعها من النبي صلى الله عليه وسلم سيأتي بعضها والله أعلم {تخريجه} قال الهيثمي رواه أحمد ورجاله ثقات {الأحكام} في حديثي الباب استحباب السواك مع كل وضوء وقبل النوم وبعده وقبل الأكل وبعده وتأخير العشاء إلى ثلث الليل الأول أو نصفه، وسيأتي الكلام عليه في باب وقت العشاء إن شاء الله تعالى (173) حدثنا عبد الله الخ {تخريجه} (م) ورواه البخاري في الصحيح عن عارم أبي النعمان إلا إنه قال في الحديث أع أع (بضم الهمزة وسكون العين) والسواك في فيه كأنه يتهوع، أي له صوت كصوت المتقيء

يستن إلى فوق فوصف حماد كأنه يرفع سواكه، قال حماد ووصفه لنا غيلان قال كان يستن طولا (174) عن أبي مطر قال بينا نحن جلوس مع أمير المؤمنين علي في المسجد على باب الرحبة جاء رجل فقال أرني وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند الزوال فدعا قنبرا ‹1› فقال ائتني بكوز من ماء فغسل كفيه ووجهه ثلاثا وتمضمض ثلاثا فأدخل بعض أصابعه في فيه واستنشق ثلاثا (الحديث سيأتي بطوله في باب صفة الوضوء إن شاء الله تعالى)

_ (174) وعن أبي مطر {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا مختار عن أبي مطر «الحديث» {غريبه} ‹1› بفتح القاف اسم مولى لعلي {تخريجه} هذا طرف من حديث طويل ذكرته هنا للاستدلال بقوله فأدخل بعض أصابعه في فيه على أنه يجزئ التسوك بالاصبع، وسيأتي الحديث بتمامه في باب صفة الوضوء إن شاء الله تعالى؛ وفي الباب عند الدارقطني وابن عدي والبيهقي من حديث عبد الله بن المثنى عن النضر بن أنس عن أنس مرفوعا بلفظ (يجزئ من السواك الأصبع) قال الحافظ وفي إسناده نظر، وقال أيضا لا أرى بسنده بأسا وقال البيهقي المحفوظ عن ابن المثنى عن بعض أهل بيته عن أنس نحوه، ورواه أبو نعيم والطبراني وابن عدي من حديث عائشة وفيه المثنى بن الصباح، ورواه أبو نعيم أيضا من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده، وكثير ضعفوه، قال الحافظ وأصح من ذلك ما رواه أحمد في مسنده من حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه؛ وذكر حديث الباب، أفاده الشوكاني (قلت) حديث كثير أورده الهيثمي عن أبيه عن جده (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأصابع تجري مجرى السواك إذا لم يكن سواك، وقال رواه الطبراني في الأوسط وكثير ضعيف وقد حسن الترمذي حديثه اهـ {الأحكام} حديث أبي موسى يستفاد منه الاستياك على اللسان طولا أما الأسنان فالأحب فيها أن تكون عرضا، وفيه حديث مرسل عند أبي داود وله شاهد موصول عند العقيلي في الضعفاء، وفيه تأكيد السواك وأنه لا يختص بالأسنان وأنه من باب التنظيف والتطيب لا من باب إزالة القاذورات لكونه صلى الله عليه وسلم لم يختف به وبوبوا عليه استياك الإمام بحضرة رعيته قاله الحافظ (قلت) وفي حديث علي دلالة على جواز الإستياك بالأصبع إذا لم يتيسر العود وفيه غير ذلك والله أعلم

(5) باب السواك عند الاستيقاظ من النوم وعند التهجد ودخول المنزل (175) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا ينام إلا والسواك عنده فإذا استيقظ بدأ بالسواك (176) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يرقد ليلا ولا نهارا فيستيقظ إلا تسوك (177) عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قام من الليل (وفي رواية إذا قام للتهجد) يشوص ‹1› فاه بالسواك (178) عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن

_ (175) عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود ثنا محمد بن مسلم بن مهران مولى لقريش سمعت جدي يحدث عن ابن عمر «الحديث» {تخريجه} أورده الهيثمي بلفظه وقال رواه أحمد وأبو يعلى وقال (يعني أبا يعلى) في بعض طرقه (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتعار ساعة من الليل إلا أجرى السواك على فيه) وكذلك الطبراني في الكبير وإسناده ضعيف، وفي بعض طرقه من لم يسم؛ وفي بعضها حسام بن مصك وغير ذلك اهـ (176) عن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا همام قال ثنا علي بن زيد قال حدثتني أم محمد عن عائشة «الحديث» {تخريجه} (ش، د) قال المنذري في تلخيص سنن أبي داود وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان ولا يحتج به اهـ وقال الحافظ رواه أبو نعيم من حديث هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرقد فإذا استيقظ تسوك ثم توضأ اهـ (177) عن حذيفة بن اليمان {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عيينة عن منصور عن أبي وائل عن حذيفة «الحديث» {غريبه} ‹1› بضم المعجمة وسكون الواو قال في النهاية أي يدلك أسنانه وينقيها، وقيل أن يستاك من سفل إلى علو؛ وأصل الشوص الغسل اهـ وقال الخطابي هو دلك الأسنان بالسواك والأصابع عرضا اهـ {تخريجه} (ق، نس، د، جه) وفي لفظ لمسلم كان إذا قام ليتهجد يشوص فاه بالسواك؛ وهي موافقة للرواية الثانية من حديث الباب (178) عن المقدام بن شريح {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبدة ثنا

النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأي المطر قال اللهم صيبا ‹1› نافعا، قال وسألت عائشة بأي شيء كان يبدأ النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل بيته قالت بالسواك (6) باب فيما جاء في السواك للصائم والجائع (179) عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أعد وما لا أحصي يستاك وهو صائم (180) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا زهير عن قابوس أن أباه حدثه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم رجلان حاجتهما واحدة فتكلم أحدهما فوجد نبي الله صلى الله عليه وسلم من فيه أخلافا ‹2› فقال له ألا تستاك؟

_ مسعر عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة «الحديث» {غريبه} ‹1› بفتح الصاد بعدها ياء مشددة مكسورة أي منهمرا متدفقا {تخريجه} (م، د، نس، جه، وغيرهم) {الأحكام} أحاديث الباب تدل على استحباب الاستياك عند دخول الرجل بيته وعند القيام من النوم لأنه مقتض لتغير الفم لما يتصاعد إليه من أبخرة المعدة والسواك ينظفه، ولهذا أرشد إليه النبي صلى الله عليه وسلم وظاهر قوله من الليل ومن النوم العموم لجميع الأوقات، قال ابن دقيق العيد ويحتمل أن يخص بما إذا قام إلى الصلاة، قال الحافظ، ويدل عليه رواية البخاري بلفظ إذا قام للتهجد ولمسلم نحوه اهـ قال الشوكاني فيحمل المطلق على المقيد، ولكنه بعد معرفة أن العلة التنظيف لا يتم ذلك، لأنه مندوب إليه في جميع الأحوال اهـ (179) عن عامر بن ربيعة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان وعبد الرحمن عن سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحديث» {تخريجه} قال الحافظ رواه أصحاب السنن وابن خزيمة، وعلقه البخاري، وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف؛ قال ابن خزيمة وأنا أبرأ من عهدته لكن حسن الحديث غيره، وقال الحافظ أيضا إسناده حسن (قلت) وحسنه الترمذي أيضا، قال الشوكاني والحديث يدل على استحباب السواك للصائم من غير تقييد بوقت دون وقت وهو يرد على الشافعي قوله بالكراهة بعد الزوال للصائم مستدلا بحديث الخلوف يعني قوله صلى الله عليه وسلم (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) رواه مسلم والإمام أحمد وغيرهما، قال ونقل الترمذي أن الشافعي قال لا بأس بالسواك للصائم أول النهارو آخره واختاره جماعة من أصحابه منهم أبو شامة وابن عبد السلام والنووي والمزني اهـ باختصار (180) حدثنا عبد الله الخ {غريبه} ‹2› أي رائحة كريهة بسبب عدم الأكل

فقال إني لأفعل ولكني لم أطعم طعاما منذ ثلاث فأمر به رجلا فآواه وقضى له حاجته {أبواب الوضوء} {الباب الأول فيما جاء في فضله وإسباغه} (181) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الجنة الصلاة ومفتاح الصلاة الطهور (182) عن مصعب بن سعد أن ناسا دخلوا على ابن عامر في مرض فجعلوا يثنون عليه فقال ابن عمر أما إني لست بأغشهم لك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله تبارك وتعالى لا يقبل صدقة من غلول ‹1› ولا صلاة بغير طهور (183) عن أبي أمامة ‹2› عن عمرو بن عبسة رضي الله عنهما قال قلت يا رسول الله أخبرني عن الوضوء، قال ما منكم من أحد يقرب وضوءه ثم يتمضمض ويستنشق وينتثر ‹3› إلا خرجت خطاياه من فمه وخياشيمه ‹4›

_ {تخريجه} أخرجه أيضا البيهقي، ولم يتعقبه بشيء، وفيه استحباب السواك عند تغير الفم بسبب الجوع والله أعلم (181) عن جابر بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا سليمان بن قرم عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن جابر بن عبد الله «الحديث» {تخريجه} (هب) وذكره السيوطي في الجامع الصغير وبجانبه علامة الحسن (182) عن مصعب بن سعد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن شعبة حدثني سماك بن حرب عن مصعب الخ {غريبه} ‹1› الغلول هو الخيانة في الغنيمة قبل قسمتها {تخريجه} (م وغيره) (183) عن أبي أمامة هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده في ترجمة عمرو بن عبسة من كتاب المناقب إن شاء الله تعالى {غريبه} ‹2› هو أبو أمامة البلوي حليف بني حارثة اسمه إياس، وقيل عبد الله بن ثعلبة، وقيل ثعلبة بن عبد الله بن سهل صحابي (وعمرو بن عبسة بفتحات) من السابقين في الإسلام أسلم بعد خديجة وأبي بكر وعلي رضي الله عنهم فهو رابع أربعة في الإسلام ‹3› الانتثار هو إخراج الماء بعد الاستنشاق مع ما في الأنف من مخاط وشبهه ‹4› قال العلماء الخيشوم أعلى الأنف، وقيل هو الأنف

مع الماء حين ينتثر، ثم يغسل وجهه كما أمره الله تعالى إلا خرجت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرجت خطايا يديه من أطراف أنامله ‹1› ثم يمسح رأسه إلا خرجت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله عز وجل إلا خرجت خطايا قدميه من أطراف أصابعه مع الماء، ثم يقوم فيحمد الله عز وجل ويثني عليه بالذي هو له أهل ثم يركع ركعتين إلا خرج من ذنبه كهيئته يوم ولدته أمه ‹2› قال أبو أمامة يا عمرو بن عبسة انظر ما تقول، أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أيعطى الرجل هذا كله في مقامه؟ قال فقال عمرو بن عبسة يا أبا أمامة لقد كبرت سني ورق عظمي واقترب أجلي وما بي من حاجة أن أكذب على الله عز وجل وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثا، لقد سمعته سبع مرات أو أكثر من ذلك

_ كله وقيل هي عظام رقاق لينة في أقصى الأنف بينه وبين الدماغ، وقيل غير ذلك، وهو اختلاف متقارب المعنى، قاله النووي في شرح مسلم ‹1› الأنامل هي رؤوس الأصابع جمع أنملة بفتح الهمزة والميم، قال ثعلب وقد يضم أولها اهـ مختار ‹2› أي إذا اجتنبت الكبائر كما في الأحاديث الأخرى عند مسلم وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول (الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنب الكبائر) وهذا لفظ مسلم وفي لفظ آخر عنده (إذا اجتنبت) بزيادة تاء مثناة في آخره مبني على ما لم يسم فاعله، قال القاضي عياض رحمه الله هذا المذكور في الحديث من غفران الذنوب ما لم تؤت كبيرة هو مذهب أهل السنة، وأن الكبائر إنما تكفرها التوبة أو رحمة الله تعالى وفضله والله أعلم {فائدة} إن قيل إذا كفرت الصلاة فما تكفر الجمعات ورمضان فالجواب ما قاله العلماء، إن كل واحد من هذه المذكورات صالح للتكفير؛ فإن وجد ما يكفره من الصغائر كفره، وإن لم يصادف صغيرة ولا كبيرة كتبت به حسنات، ورفعت به درجات وإن صادف كبيرة أو كبائر ولم يصادف صغيرة رجونا أن يخفف من الكبائر والله أعلم؛ والمراد بالخطايا في الحديث الذنوب الصغيرة دون الكبائر كما تقدم بيانه (قال القاضي عياض رحمه الله) والمراد بخروجها مع الماء المجاز والاستعارة في غفرانها لأنها ليست بأجسام

(184) عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل قام إلى وضوئه يريد الصلاة ثم غسل كفيه نزلت خطيئته من كفيه مع أول قطرة، فإذا مضمض واستنشق واستنثر نزلت خطيئته من لسانه وشفتيه مع أول قطرة، فإذا غسل وجهه نزلت خطيئته من سمعه وبصره مع أول قطرة، فإذا غسل يديه إلى المرفقين ورجليه إلى الكعبين سلمخ من كل ذنب هو له ومن كل خطيئة كهيئته يوم ولدته أمه، قال فإذا قام إلى الصلاة رفع الله بها درجته وإن قعد قعد سالما (185) وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ الرجل المسلم خرجت ذنوبه من سمعه وبصره ويديه ورجليه فإذا قعد قعد مغفورا له (186) عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة قال ‹1› أتيناه فإذا هو جالس يتفلى في جوف المسجد، فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ المسلم ذهب الإثم

_ فتخرج حقيقة والله أعلم {تخريجه} (م) وذكره المنذري في الترغيب والترهيب وعزاه لمسلم أيضا (184) عن أبي أمامة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب حدثني أبو أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخ {تخريجه} قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط وفي إسناده أحمد عبد الحميد بن بهرام عن شهر، واختلف في الاحتجاج بهما، والصحيح أنهما ثقتان، ولا يقدح الكلام فيهما اهـ (185) وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن شمر عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «الحديث» {تخريجه} قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الكبير بنحوه وإسناده حسن (186) عن شهر بن حوشب {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر قال ثنا أبو بكر يعني بن عياش عن عاصم عن شهر بن حوشب الخ {غريبه} ‹1› أي شهر بن حوشب

من سمعه وبصره ويديه ورجليه، قال فجاء أبو ظبية وهو يحدثنا فقال ما حدثكم؟ فذكرنا له الذي حدثنا، قال فقال أجل، سمعت عمرو بن عبسة ذكره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزاد فيه، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من رجل يبيت على طهر ثم يتعار من الليل فيذكر ويسأل الله عز وجل خيرا من خير الدنيا والآخرة إلا آتاه الله عز وجل إياه (187) عن عبد الله الصنابحي ‹1› أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ العبد فمضمض خرجت الخطايا من فيه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه

_ (أتيناه) يعني أبا أمامة {تخريجه} قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط بنحوه، وقال فيه من بات طاهرا على ذكر الله وإسناده حسن (187) عن عبد الله الصنابحي {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن بن مالك قال وثنا إسحاق أخبرني مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي «الحديث» {غريبه} ‹1› بضم الصاد المهملة وفتح النون وكسر الموحدة بعدها حاء مهملة نسبة إلى صنابح بطن من مراد وهو في المسند من هذا الطريق عبد الله بلا أداة كنية، ومن طريق أخرى أبو عبد الله، وسيأتي الكلام عليه، وكذا رواه الأكثرون عن الإمام مالك في الموطأ بلا أداة كنية، قال الحافظ وهو مختلف فيه يعني في صحبته، قال ابن السكن يقال له صحبة مدني روى عنه عطاء بن يسار، وقال ابن معين عبد الله الصنابحي الذي روى عنه المدنيون يشبه أن يكون له صحبة؛ وأما أبو عبد الله الصنابحي المشهور فروى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وعبادة، وليست له صحبة، نقله الزرقاني في شرحه على الموطأ عن الحافظ (قلت) الصنابحيون ثلاثة، أحدهما الصنابح بن الأعسر الذي يروي عنه قيس بن أبي حازم وهذا متفق على صحبته، والثاني عبد الله الصنابحي الذي يروي عنه عطاء بن يسار؛ وهو الراوي لحديث الباب، ويقال له أبو عبد الله وهو مختلف في صحبته كما تقدم عن الحافظ، والراجح أن له صحبة بدليل ما ثبت عند الإمام أحمد بسنده عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار، قال سمعت عبد الله الصنابحي يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول (إن الشمس تطلع بين قرني شيطان) ورواه أيضا سويد بن سعيد عن حفص بن ميسرة عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي يقول سمعت النبي

فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفار عينيه ‹1› فإذا غسل يديه خرجت خطاياه من يديه حتى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح رأسه (وفي رواية وأذنيه) خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة له (وعنه من طريق آخر) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا محمد بن مطرف أبو غسان ثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي عبد الله الصنابحي ‹2› أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مضمض واستنشق خرجت خطاياه من فيه وأنفه، ومن غسل وجهه خرجت خطاياه من أشفار عينيه، ومن غسل يديه خرجت خطاياه من أظفاره أو من تحت أظفاره، ومن مسح رأسه وأذنيه خرجت خطاياه من رأسه أو شعر أذنيه، ومن غسل رجليه خرجت خطاياه من أظفاره أو من تحت أظفاره، ثم كانت خطاه إلى المسجد نافلة (ومن طريق ثالث) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي عبد الله الصنابحي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من تمضمض واستنثر خرجت خطاياه من أنفه فذكر معناه

_ صلى الله عليه وسلم يقول (إن الشمس تطلع بين قرني شيطان) والثالث أبو عبد الله الصنابحي مشهور بكنيته واسمه عبد الرحمن بن عسيلة، ليست له صحبة وروايته عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة، ويروي عن أبي بكر رضي الله عنه، ويروي عنه الكوفيون ‹1› جمع شفر بالضم واحد أشفار العين، وهي حروف الأجفان التي ينبت عليها الشعر، وهو الهدب وحرف كل شيء شفره قاله في المختار ‹2› هو عبد الله المتقدم ذكره في الرواية الأولى وذكره هنا بأداة الكنية ووقع عند مطرف وإسحاق بن الطباع عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي عبد الله الصنابحي، زاد أيضا أداة الكنية قال بعض المحدثين وهو شاذ {تخريجه} (لك، نس، ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وليس له علة، وإنما

(188) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ فأحسن الوضوء خرجت خطاياه من جسده حتى تخرج من تحت أظفاره (189) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال لا أقول اليوم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قال ‹1› علي ما لم أقل فليتبوأ بيتا من جهنم وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رجلان من أمتي يقوم أحدهما من الليل فيعالج نفسه إلى الطهور وعليه عقد ‹2› فيتوضأ، فإذا وضأ يديه انحلت عقدة وإذا وضأ وجهه انحلت عقدة، وإذا مسح رأسه

_ خرجا بعض هذا المتن من حديث حمران عن عثمان وأبي صالح عن أبي هريرة غير تمام، وعبد الله الصنابحي صحابي، ويقال أبو عبد الله الصنابحي صاحب أبي بكر الصديق رضي الله عنه عبد الرحمن بن عسيلة، والصنابحي صاحب قيس بن أبي حازم، يقال له الصنابح بن الأعسر اهـ كلام الحاكم في المستدرك (188) عن عثمان {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد عن عثمان بن حكيم ثنا محمد بن المنكدر عن حمران عن عثمان بن عفان «الحديث» {تخريجه} (م) (189) عن عقبة بن عامر {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثنا أبو عشانة أنه سمع عقبة بن عامر يقول لا أقول اليوم الخ {غريبه} ‹1› (قوله من قال علي ما لم اقل الخ) ليس هو المقصود في الباب، وإنما ذكره الراوي توطئة للحديث الآتي بعده وهو المقصود هنا، وقد تقدم الكلام على الحديث الأول في باب الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب العلم وهو حديث متواتر معنى وكاد أن يتواتر مبنى أخرجه البخاري وأصحاب السنن والمسانيد وغيرهم ‹2› (قوله وعليه عقد) أي من الشيطان كما في رواية البخاري عن أبي هريرة مرفوعا (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد يضرب على مكان كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، فإذا استيقظ وذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة، فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان) والعقد في الحديث يحتمل أن يكون حقيقة فيكون من باب السواحر النفاثات في العقد أو مجازا عن منع التصرف كما يفعل الساحر بالمسحور، وتخصيص

انحلت عقدة وإذا وضأ رجليه انحلت عقدة فيقول الرب عز وجل للذين وراء الحجاب ‹1› انظروا إلى عبدي هذا يعالج نفسه، ما سألني عبدي هذا فهو له ‹2› (190) عن حمران بن أبان عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه دعا بماء فتوضأ ومضمض واستنشق ثم غسل وجهه ثلاثا وذراعيه ثلاثا ومسح برأسه وظهر قدميه ثم ضحك فقال لأصحابه ألا تسألوني عما أضحكني؟ فقالوا مم ضحكت يا أمير المؤمنين؟ قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا بماء قريبا من هذه البقعة فتوضأ كما توضأت ثم ضحك، فقال ألا تسألوني ما أضحكني، فقالوا ما أضحكك يا رسول الله؟ فقال إن العبد إذا دعا بوضوء فغسل وجهه حط الله عنه كل خطيئة أصابها بوجهه، فإذا غسل ذراعيه كان كذلك، وإن مسح برأسه كان كذلك، وإذا طهر قدميه كان كذلك (191) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضأ العبد المسلم أو المؤمن فغسل وجهه خرجت من وجهه كل خطيئة نظر

_ القافية بذلك لأنها خزانة الحافظة، ومجال التصرف، قاله الحافظ ‹1› أي الملائكة لأننا محجوبون عنهم ‹2› أي فدعاؤه مستجاب {تخريجه} أخرجه أيضا الطبراني في الكبير وفي إسناده ابن لهيعة، وله شاهد عند الشيخين ومالك وأبي داود من حديث أبي هريرة. فهو يعتضد به، وقال الهيثمي، رواه أحمد والطبراني وله سندان عندهما رجال أحدهما ثقات (190) عن حمران {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن مسلم بن يسار عن حمران بن أبان الخ {تخريجه} قال الهيثمي هو في الصحيح مختصر، وقد رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله ثقات اهـ، وقال المنذري رواه أحمد بإسناد جيد وأبو يعلى ورواه البزار بإسناد صحيح (191) عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن بن مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة «الحديث» {تخريجه} (لك، م، مذ)

إليها بعينه مع الماء أو مع آخر قطرة الماء أو نحو هذا، فإذا غسل يديه خرجت من يده كل خطيئة بطش بها مع الماء أو مع آخر قطرة الماء حتى يخرج نقيا من الذنوب (2) باب في فضل الوضوء والمشي إلى المساجد والصلاة بهذا الوضوء (192) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضأ أحد فيحسن وضوءه ويسبغه ثم يأتي المسجد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا تبشبش ‹1› الله به كما يتبشبش أهل الغائب بطلعته (193) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أدلكم على ما يكفر الله به الخطايا ويزيد به في الحسنات، قالوا بلى يا رسول الله قال

_ {الأحكام} أحاديث الباب تدل على أن الوضوء له فضل عظيم في تكفير الذنوب والخطايا الصغيرة إذا اجتنبت الكبائر، وتقدم الكلام على ذلك أول الباب (وفيها) ما يدل على وجوب الوضوء وهو حديث ابن عمر «إن الله تبارك وتعالى لا يقبل صدقة من غلول، ولا صلاة بغير طهور» فهو نص في وجوب الطهارة للصلاة وقد أجمعت الأمة على أن الطهارة شرط في صحة الصلاة والله أعلم (192) عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا ليث حدثني سعيد يعني المقبري عن أبي عبيدة عن سعيد بن يسار أنه سمع أبا هريرة «الحديث» {غريبه} ‹1› البش فرح الصديق بالصديق واللطف في المسألة والإقبال عليه، وقد بششت به أبش، وهذا مثل ضربه لتلقيه إياه ببره وتقريبه وإكرامه (نه) {تخريجه} أخرجه أيضا ابن خزيمة في صحيحه فهو صحيح لأن ابن خزيمة التزم الصحيح في كتابه ونقل عن السخاوي أنه قال إن أصح من صنف في الصحيح بعد الشيخين ابن خزيمة فابن حبان (193) عن أبي سعيد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو وحدثنا زهير يعني ابن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعيد بن المسيب عن أبي سعيد الخدري «الحديث» {تخريجه} (حب) وله شاهد في صحيح مسلم وغيره، وهو طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه في باب الحث على تسوية الصفوف من أبواب صلاة الجماعة، وإنما ذكرت هذا الجزء منه هنا لمناسبة الترجمة، قال الهيثمي ورواه أحمد [بطوله ........] أيضا إلا أنه قال (ما منكم من رجل يخرج من بيته متطهرا فيصلي مع المسلمين الصلاة الجامعة وفيه عبد [...........] محمد بن عقيل وفي الاحتجاج به خلاف،

إسباغ الوضوء على المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد وانتظار الصلاة بعد الصلاة (194) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد فذلك الرباط ‹1› (195) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا توضأ الرجل فأتى المسجد كتب الله عز وجل له بكل خطوة يخطوها عشر حسنات فإذا صلى في المسجد ثم قعد فيه كان كالصائم القانت ‹2› حتى يرجع (196) عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ وقد وثقه غير واحد اهـ (194) عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا مالك عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ألا أدلكم على ما يكفر الله به الخطايا ويرفع به الدرجات، الخطا إلى المساجد، وإسباغ الوضوء عند المكاره وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلك الرباط {غريبه} ‹1› (قوله فذلك الرباط) عند مسلم (فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط) والرباط في الأصل الإقامة على جهاد العدو بالحرب وارتباط الخيل وأعدادها، فشبه به ما ذكر من الأفعال الصالحة والعبادة، وقيل الرباط ههنا اسم لما يربط به الشيء أي يشد، يعني أن هذه الخلال تربط صاحبها عن المعاصي وتكفه عن المحارم (نه) {تخريجه} (م، نس، مذ، جه) (195) عن عقبة بن عامر {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق أنا ابن لهيعة عن شيخ من معافر قال سمعت عقبة بن عامر «الجهني» رضي الله عنه الخ {غريبه} ‹2› القنوت يطلق بإزاء معان، منها السكوت والدعاء والطاعة والتواضع وإدامة الحج وإدامة الغزو والقيام في الصلاة؛ وهو المراد هنا في هذا الحديث والله أعلم قاله المنذري {تخريجه} ذكره المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير والأوسط وبعض طرقه صحيح وابن خزيمة في صحيحه ورواه ابن حبان في صحيحه مفرقا في موضعين اهـ (قلت) فهو صحيح بهذا الإعتبار ولا يضره ضعف بعض رواته (196) عن كعب بن عجرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن عمر ثنا داود بن قيس عن سعد بن إسحاق بن فلان بن كعب بن عجرة أن أبا ثمامة

يقول إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى الصلاة فلا يشبك ‹1› بين يديه فإنه في الصلاة (197) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ فأسبغ الوضوء ثم مشى إلى صلاة مكتوبة فصلاها غفر له ذنبه (198) وعنه أيضا قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في هذا المجلس توضأ فأحسن الوضوء ثم قال من توضأ مثل وضوئي هذا ثم أتى المسجد فركع

_ الحناط حدثه أن كعب بن عجرة «الحديث» {غريبه} ‹1› النهي عن التشبيك مقيد بما إذا كان في الصلاة أو قاصدا إليها إذ منتظر الصلاة في حكم المصلي {تخريجه} ذكره المنذري؛ وقال رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد والترمذي واللفظ له من رواية سعيد المقبري عن رجل عن كعب بن عجرة وأسقط الرجل المبهم وفي رواية لأحمد قال (دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد وقد شبكت بين أصابع لي، فقال يا كعب إذا كنت في المسجد فلا تشبكن بين أصابعك فأنت في صلاة ما انتظرت الصلاة) ورواه ابن حبان في صحيحه بنحو هذه اهـ (قلت) رواية أحمد الثانية ستأتي في باب ما جاء في الالتفات في الصلاة، ولفظ الترمذي الذي أشار إليه الحافظ المنذري كلفظ حديث الباب إلا أن فيه فلا يشبكن بنون التوكيد والله أعلم (197) عن عثمان رضي الله عنه {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ويونس قالا ثنا ليث قال حجاج حدثني يزيد بن أبي حبيب عن عبد الله بن أبي سلمة ونافع بن جبير بن مطعم عن معاذ بن عبد الرحمن التيمي عن حمران مولى عثمان عن عثمان «الحديث» {تخريجه} (م، خز) (198) وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا شيبان عن يحيى عن محمد بن إبراهيم بن الحارث قال أخبرني معاذ بن عبد الرحمن أن حمران بن أبان أخبره، قال أتيت عثمان بن عفان رضي الله عنه وهو جالس في المقاعد فتوضأ فأحسن الوضوء، ثم قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في هذا المجلس الخ) «الحديث» (قلت) والمقاعد بفتح الميم وبالقاف، قيل هي دكاكين عند دار عثمان بن عفان، وقيل درج، وقيل موضع

فيه ركعتين غفر له ما تقدم من ذنبه وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تغتروا ‹1› (3) باب ما جاء في فضل الوضوء والصلاة عقبه (199) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن العبد إذا توضأ فأتم وضوءه ثم دخل في صلاته فأتم صلاته خرج من صلاته كما خرج من بطن أمه من الذنوب (200) وعنه أيضا قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ فأحسن الوضوء ثم دخل فصلى غفر له ما بينه بين الصلاة الأخرى حتى يصليها (201) عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من توضأ

_ بقرب المسجد اتخذه للقعود فيه لقضاء حوائج الناس {غريبه} ‹1› يقال اغتر الرجل واغتر بالشيء خدع به، والمعنى لا تخدعوا بغفران ما تقدم من الذنوب، فترتكبوا ذنوبا أخرى معتمدين على المغفرة بالوضوء فإنه بمشيئة الله تعالى {تخريجه} ذكره الهيثمي بلفظ حديث الباب خلا قوله لا تغتروا، وقال هو في الصحيح خلا قوله ثم أتى المسجد فركع ركعتين رواه البزار ورجاله رجال الصحيح اهـ (199) عن عثمان بن عفان {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن يوسف ثنا عوف الأعرابي عن معبد الجهني عن حمران بن أبان قال كنا عند عثمان بن عفان رضي الله عنه فدعا بماء فتوضأ فلما فرغ من وضوئه تبسم، فقال هل تدرون مم ضحكت؟ قال فقال توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم كما توضأت ثم تبسم، ثم قال هل تدرون مم ضحكت؛ قال قلنا الله ورسوله أعلم، قال إن العبد الخ {تخريجه} لم أقف عليه وفي إسناده معبد الجهني وثقه ابن معين وضعفه أبو زرعة (200) وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن هشام بن عروة أخبرني أبي أن حمران أخبره، قال توضأ عثمان رضي الله عنه على البلاط ثم قال لأحدثنكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا آية من كتاب الله ما حدثتكموه، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ «الحديث» {تخريجه} أخرجه (م) وزاد فيه قال عروة الآية (إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى إلى قوله اللاعنون) (201) عن زيد بن خالد الجهني {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا هشام يعني ابن سعد عن زيد يعني ابن أسلم عن عطاء بن يسار عن زيد بن خالد الجهني

فأحسن وضوءه ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما غفر الله له ما تقدم من ذنبه (202) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (203) وعنه أيضا قال كنا نخدم أنفسنا وكنا نتداول ‹1› رعية الإبل بيننا فأصابني رعية الإبل فروحتها بعشي فأدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يحدث الناس فأدركت من حديثه وهو يقول ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقوم فيركع ركعتين يقبل عليهما بقلبه ‹2› ووجهه إلا وجبت له الجنة وغفر له، قال فقلت له ما أجود هذا ‹3› قال فقال قائل بين يدي كانت قبلها يا عقبة أجود منها فنظرت فإذا عمر بن الخطاب قال فقلت وما هي يا أبا حفص؟ قال إنه قال قبل أن تأتي ما منكم من أحد يتوضأ فيسبغ الوضوء ثم يقول أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله

_ «الحديث» {تخريجه} (د) وسكت عنه المنذري وسنده جيد (202) عن عقبة بن عامر {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى أنا ابن لهيعة عن بكر بن سوادة عن رجل عن ربيعة عن قيس عن عقبة بن عامر {تخريجه} الحديث في إسناده ابن لهيعة ورجل مبهم ولكن أخرجه (م، د، نس، جه، خز، ك) وقال صحيح (203) وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو العلاء الحسن بن سوار قال ثنا ليث عن معاوية عن أبي عثمان عن جبير بن نفير وربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني وعبد الوهاب بن بخت (بضم الموحدة وسكون المعجمة) عن الليث بن سليم الجهني كلهم يحدث عن عقبة بن عامر، قال قال عقبة كنا نخدم الخ {غريبه} ‹1› أي كانوا يتناوبون رعي إبلهم، فيجتمع الجماعة ويضمون إبلهم بعضها إلى بعض فيرعاها كل يوم واحد منهم ليكون أرفق بهم وينصرف الباقون في مصالحهم (ورعية) بكسر الراء (وقوله روحتها بعشي) أي رددتها إلى مكانها في آخر النهار وتفرغت من أمرها، ثم جئت إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم ‹2› عند مسلم مقبل عليهما بقلبه ووجهه؛ قال النووي هكذا هو في الأصول مقبل أي وهو مقبل، وقد جمع صلى الله عليه وسلم بهاتين اللفظتين أنواع الخضوع والخشوع لأن الخضوع في الأعضاء والخشوع بالقلب على ما قاله جماعة من العلماء اهـ ‹3› قوله ما أجود هذا أي الكلام، وعند مسلم (ما أجود هذه) قال النووي يعني هذه الكلمة

إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء (204) عن عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيما رجل قام إلى وضوء يريد الصلاة فأحصى الوضوء ‹1› إلى أماكنه سلم من كل ذنب أو خطيئة له، فإن قام إلى الصلاة رفعه الله عز وجل بها درجة وإن قعد قعد سالما (205) عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة الحمصي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الوضوء يكفر ما قبله ثم تصير الصلاة نافلة فقيل له أسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث ولا أربع ولا خمس

_ أو الفائدة أو البشارة أو العبادة وجودتها من جهات (منها) أنها سهلة متيسرة يقدر عليها كل أحد بلا مشقة (ومنها) أن أجرها عظيم والله أعلم اهـ {تخريجه} (م، د، نس، مذ) (204) عن عمرو بن عبسة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم حدثني عبد الحميد حدثني شهر (يعني ابن حوشب) حدثني أبو طيبة (يعني الكلاعي) قال إن شرحبيل بن السمط دعى عمرو بن عبسة السلمي، فقال يا ابن عبسة هل أنت محدثي حديثا سمعته أنت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه تزيد ولا كذب ولا تحدثنيه عن آخر سمعه منه غيرك؟ قال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، فذكر حديثا طويلا ذا خصال متعددة سيأتي بتمامه في الباب الثامن من كتاب الأدب والمواعظ، وفيه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (أيما رجل) «الحديث» وأبو طيبة الذي في السند قيل فيه أبو ظبية أيضا بظاء معجمة بعدها موحدة {غريبه} ‹1› أي أتي به كاملا من فرائض وسنن كما كان يفعل النبي صلى الله عليه وسلم {تخريجه} الحديث إسناده جيد وأخرجه أيضا الطبراني (205) عن شهر بن حوشب {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن شهر بن حوشب وعبد الوهاب عن هشام وأزهر بن القاسم ثنا هشام عن قتادة عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال عبد الوهاب أبو أمامة الحمصي «الحديث» {تخريجه} الحديث أورد نحوه المنذري في الترغيب والترهيب عن أبي أمامة، ثم قال وروى نحوه أحمد من طريق صحيح وزاد فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الوضوء يكفر ما قبله ثم تصير الصلاة نافلة) اهـ

(206) عن أبي غالب الراسبي أنه لقي أبا أمامة بحمص فسأله عن أشياء حدثهم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول ما من عبد مسلم يسمع أذان صلاة فقام إلى وضوئه إلا غفر له بأول قطرة تصيب كفه من ذلك الماء فبعدد ذلك القطر حتى يفرغ من وضوئه إلا غفر له ما سلف من ذنوبه وقام إلى صلاته وهي نافلة، قال أبو غالب قلت لأبي أمامة أنت سمعت هذا من النبي صلى الله عليه وسلم قال إي والذي بعثه بالحق بشيرا ونذيرا غير مرة ولا مرتين ولا ثلاث ولا أربع ولا خمس ولا ست ولا سبع ولا ثمان ولا تسع ولا عشر وعشر وعشر وصفق بيديه (207) وعنه أيضا قال سمعت أبا أمامة يقول إذا وضعت الطهور مواضعه قعدت مغفورا لك، فإن قام يصلى كانت له فضيلة وأجرا، وإن قعد قعد مغفورا له، فقال له رجل يا أبا أمامة أرأيت إن قام فصلي تكون له نافلة، قال لا إنما النافلة للنبي صلى الله عليه وسلم كيف تكون له نافلة وهو يسعى في الذنوب والخطايا، تكون له فضيلة وأجرا (208) عن أبي مسلم قال دخلت على أبي أمامة وهو يتفلى في المسجد

_ (206) عن أبي غالب {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا نوح بن ميمون قال أبو عبد الرحمن هو أبو محمد بن نوح وهو المضروب أبو محمد بن نوح ثنا أبو خريم عقبة بن أبي الصهباء حدثني أبو غالب الراسبي الخ {تخريجه} ذكره الهيثمي بلفظه وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير، وأبو غالب مختلف في الاحتجاج به وبقية رجاله ثقات وقد حسن الترمذي أبا غالب وصحح له أيضا ورواه أيضا من طريق صحيحة وزاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الوضوء يكفر ما قبله من الذنوب ثم تصير الصلاة نافلة ورواه أيضا من طريق صحيح وزاد (إذا توضأ كما أمر) اهـ (207) وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا سليم بن حبان ثنا أبو غالب قال سمعت أبا أمامة الخ {تخريجه} أورد نحوه الهيثمي وقال رواه الطبراني ورجاله موثقون وله طريق رواها أحمد ذكرتها في الخصائص في علامات النبوة اهـ (قلت) يعني حديث الباب (208) عن أبي مسلم {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد الزبيري

ويدفن القمل في الحصى فقلت له يا أبا أمامة إن رجلا حدثني عنك أنك قلت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ فأسبغ الوضوء فغسل يديه ووجهه ومسح على رأسه وأذنيه ثم قام إلى الصلاة المفروضة غفر له في ذلك اليوم ما مشت إليه رجله وقبضت عليه يداه وسمعت إليه أذناه ونظرت إليه عيناه وحدث به نفسه من سوء، قال والله لقد سمعته من نبي الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصيه (209) عن سفيان بن عبد الرحمن عن عاصم بن سفيان الثقفي أنهم غزو غزوة السلاسل ففاتهم الغزو فرابطوا ثم رجعوا إلى معاوية وعنده أبو أيوب وعقبة بن عامر رضي الله عنهما، فقال عاصم يا أبا أيوب فاتنا الغزو العام وقد أخبرنا أن من صلى في المسجد (وفي رواية في المساجد الأربعة) غفر له ذنبه، فقال ابن أخي أدلك على أيسر من ذلك؟ إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ كما أمر وصلى كما أمر غفر له ما تقدم من عمل، أكذاك يا عقبة؟ قال نعم (210) عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى ركعتين أتمهما أعطاه الله ما سأل معجلا أو مؤخرا ‹1›

_ ثنا أبان يعني ابن عبد الله ثنا أبو مسلم قال دخلت الخ {تخريجه} (طب) وإسناده جيد (209) عن سفيان بن عبد الرحمن {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس بن محمد وحجين قالا ثنا ليث بن سعد عن أبي الزبير عن سفيان بن عبد الرحمن الخ {تخريجه} (نس، جه) وابن حبان في صحيحه، إلا أنه قال (غفر له ما تقدم من ذنبه) قاله المنذري (210) عن أبي الدرداء {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر قال ثنا ميمون يعني أبا محمد المرائي التميمي قال ثنا يحيى بن أبي كثير عن يوسف بن عبد الله بن سلام، قال صحبت أبا الدرداء أتعلم منه «فذكر حديثا سيأتي بطوله في باب مناقب أبي الدرداء من كتاب المناقب» وفيه قال يا أيها الناس الخ {غريبه} ‹1› يعني أن الله تعالى يستجيب له دعاءه ويعطيه ما سأل، إما معجلا في الدنيا أو مؤخرا في الآخرة، ويحتمل

(211) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك حدثني سهل ابن أبي صدقة ‹1› قال حدثني كثير أبو الفضل الطفاوي حدثني يوسف بن عبد الله بن سلام رضي الله عنهما قال أتيت أبا الدرداء في مرضه الذي قبض فيه فقال لي يا ابن أخي ما أعمدك إلى هذا البلد ‹2› وما جاء بك قال قلت لا، إلا صلة ما كان بينك وبين والدي عبد الله بن سلام فقال أبو الدرداء لبئس ساعة الكذب هذه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلى ركعتين أو أربعا شك سهل ‹3› يحسن فيهما الذكر والخشوع ثم استغر الله عز وجل غفر له

_ إما معجلا في الحال أو مؤخرا في الاستقبال في الدنيا أو الآخرة والله أعلم {تخريجه} لم أقف عليه بهذا اللفظ وهو بمعنى الحديث الذي بعده وإسناده حسن (211) حدثنا عبد الله {غريبه} ‹1› قوله سهل بن أبي صدقة، هذا خطأ وصوابه صدقة بن أبي سهل الهنائي، قال عبد الله وأحمد بن عبد الملك وهم في اسم الشيخ، فقال سهل بن أبي صدقة، وإنما هو صدقة بن أبي سهل الهنائي اهـ (قلت) وكذا ترجم له البخاري فقال صدقة بن أبي سهل سمع كثيرا، سمع منه مسلم بن إبراهيم وقتيبة وتبعه ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ‹2› أي ما الذي حملك على أن تقصد هذا البلد يعني دمشق الشام وكان أبو الدرداء قاضيا بها في خلافة عثمان وتوفي بها في خلافته سنة إحدى وقيل ثنتين وثلاثين من الهجرة وقبره وقبر زوجته أم الدرداء الصغرى بباب الصغير من دمشق مشهوران «نووي» ‹3› صوابه صدقة بن أبي سهل كما تقدم تحقيقه {تخريجه} أورده المنذري في الترغيب والترهيب مختصرا وقال رواه أحمد بإسناد حسن اهـ {الأحكام} أحاديث الباب تدل على فضل الوضوء والسعي إلى المساجد والصلاة فيها وانتظار الصلاة واستحباب الصلاة عقب الوضوء ولو نافلة وأن ذلك مكفر للذنوب الصغائر وفيها غير ذلك كثير نسأل الله تعالى العصمة من الزلل والتوفيق لصالح العمل وإلى هنا انتهى الجزء الأول من كتاب الفتح الرباني مع التعليق المسمى (بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني) ويليه الجزء الثاني وأوله الباب الرابع في آداب تتعلق بالوضوء نسأل الله تعالى الإعانة إلى التمام وحسن الختام آمين

بسم الله الرحمن الرحيم (4) باب في آداب تتعلق بالوضوء وفيه فصول (الفصل الأول في ذم الوسوسة وكراهة الإسراف في ماء الوضوء) (212) عن أبيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال للوضوء شيطان يقال له الولهان (1) فاتقوه أو قال فاحذروه (2)

_ (تنبيه) لما كنت أنقل كثيرا عن الحافظ ابن حجر العسقلاني والإمام النووي والحافظ جلال الدين السيوطي والحافظ ابن كثير والحافظ المنذري رأيت أن أرمز لكتبهم التي نقلت عنها بهذه الرموز للاختصار (ف) للحافظ ابن حجر في فتح الباري (ص) له في الإصابة في تمييز الصحابة (تق) له في تقريب التهذيب (هـ) له في تهذيب التهذيب (م) للإمام النووي في شرح مسلم (ج) له في المجموع شرح المهذب (سع) له في الأسماء واللغات (جك) للحافظ جلال الدين السيوطي في الجامع الكبير (جص) له في الجامع الصغير (كف) للحافظ ابن كثير في تفسير (كب) له في تاريخه البداية والنهاية (تر) للحافظ المنذري في الترغيب والترهيب (خلاصه) للخزرجي في كتابه خلاصة أسماء الرجال وبالله التوفيق. (212) عن أبي بن كعب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن المثنى أبو موسى العنزي ثنا أبو داود ثنا خارجة بن مصعب عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عتي (بضم أوله وفتح المثناة ابن ضمرة) عن أبيّ عن النبي صلى الله عليه وسلم (غريبه) (1) بفتحتي مصدر وله يوله ولهانا؛ وهو ذهاب العقل والتحير من شدة الوجد وغاية العشق فسمي به شيطان الوضوء، إما لشدة حرصه على طلب الوسوسة في الوضوء، وإما لإلقائه الناس بالوسوسة في مهواة الحيرة حتى يرى صاحبه حيران ذاهب العقل لا يدري كيف يلعب به الشيطان، ولم يعلم هل وصل الماء إلى العضو أم لا؟ وكم مرة غسله؟ قاله القارى في المرقاة (2) عند الترمذي (فاتقوا وسواس الماء). قال الطيبي أي وسواسه؛ هل وصل الماء إلى أعضاء الوضوء أم لا؟ وهل غسل مرتين أو مرة؟ وهل هو طاهر أو نجس؟ أو بلغ قلتين أو لا؟ اهـ (تخريجه) أخرجه (جه. مذ) وقال حيث غريب وليس إسناده بالقوي عند أهل الحديث؛ لأنا لا نعلم أحدا أسنده غير خارجة. وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن الحسن، ولا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم

(213) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم من بسعد وهو يتوضَّأ فقال ما هذا السرف (1) يا سعد؟ قال أفي الوضوء مسرف؟ قال نعم وإن كنت على نهرٍ جارٍ (الفصل الثاني في مقدار ماء الوضوء والغسل) (214) عن عبيد الله بن أبي يزدي عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال قال رجل كم يكفيني من الوضوء، قال مدُّ (2) قال كم يكفيني للغسل، قال صاعٌ قال فقال الرَّجل لا يكفيني، قال لا أمِّ لك (3) قد كفى من هو خيرٌ منك

_ شيء وخارجة ليس بالقوى عند أصحابنا وضعفه ابن المبارك اهـ (قلت) قال في التنقيح لكن حديث (فمن زاد على هذا فقد أساء) وحديث (كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمد) يؤيد معناه لأن الزيادة تبذير، وقد قال تعالى (إن المبذرين كانوا إخوان الشياطين) فظهر أن للشيطان دخلا في التبذير، نقله صاحب التنقيح عن التلخيص والمرقاة. (213) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة ابن سعيد ثنا ابن لهيعة عن حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو (الحديث) (غريبه) (1) بفتحتين أي التجاوز عن الحد في الماء (تخريجه) (جه) قال في التنقيح، قال في المرقاة سنده حسن لكن في إسناده ابن لهيعة، قال أبو حاتم يكتب حديثه للاعتبار، وفي الباب كذلك، لأن حديث (فمن زاد على هذا فقد أساء) يؤيده (قلت) أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة من طرق صحيحة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء فأراه ثلاثا ثلاثا، ثم قال هكذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم) وإنما ذمه بهذه الكلمات لأنه أتلف الماء بلا فائدة (وفي هذه) الأحاديث دلالة على كراهة الإسراف في الماء بغير مقتض وإن كان على نهر جار والله أعلم. (214) عن عبيد الله بن أبي يزيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا داود بن مهران ثنا داود يعنى العطار عن ابن جريج عن عبيد الله بن أبي يزيد (الحديث) (غريبه) (2) المد في الأصل ربع الصاع. وقيل أن أصل المد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفيه طعامًا، والصاع أربعة أمداد (نه) (3) قال في النهاية في حديث ابن

رسول الله صلى الله عليه وسلم. (215) عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النَّبِّي صلى الله عليه وسلم قال يجزئ في الوضوء رطلان (1) من ماء. (216) وعنه أيضًا رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بإناء يكون رطلين ويغتسل بالصَّاع. (217) وعنه أيضًا عن النَّبِّي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال يكفي أحدكم مدٌّ في الوضوء

_ عباس رضي الله عنهما أنه قال لرجل (لا أم لك) هو ذم وسب أي أنت لقيط لا تعرف لك أما، وقيل ق يقع مدحًا بمعنى التعجب منه، وفيه بعد اهـ (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير ورجاله ثقات اهـ. (215) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا شريك عن عبد الله بن عيسى عن ابن جبر بن عتيك عن أنس "الحديث" (غريبه) (1) الرطل بالفتح والكسر اثنتا عشرة أوقية والأوقية أربعون درهما كذا في القاموس (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك على هذا اللفظ اهـ (قلت) وشريك قال فيه الحافظ في التقريب هو ابن عبد الله النخعي الكوفي القاضي بواسط ثم الكوفة، أبو عبد الله صدوق يخطئ كثيرا، تغير حفظه منذ ولي القضاء بالكوفة وكان عادلا فاضلا عابداً شديداً على أهل البدع، من الثامنة، مات سنة سبع أو ثمان وسبعين (أي بعد المائة) اهـ. (216) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا شاذان ثنا شريك عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جبر عن أنس "الحديث" (تخريجه) (د) بلفظه والشيطان عن أنس أيضا بلفظ (كان النبي صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع إلى خمسة إمداد ويتوضأ بالمد) ورواه أيضا الدارقطني من طريق آخر عن أنس (إني رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ برطلين ويغتسل بالصاع ثمانية أرطال) قال الدارقطني تفرد به موسى بن نصر وهو ضعيف الحديث اهـ. (217) وعنه أيضاً (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن سفيان عن عبد الله بن عيسى قال حدثني جبر بن عبد الله بن أنس "الحديث" (تخرجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ، وظاهره أنه لا يكفي في الوضوء أقل من المد وليس

(الفصل الثالث في استحباب البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم والتزيين) (218) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التَّيمُّن في شأنه كلِّه ما استطاع، في طهوره وترجُّله وتنعُّله. (219) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لبستم وإذا توضَّأتم فابدؤا بأيامنكم، وقال أحمد (1) بميامنكم.

_ كذلك فقد روى أبو داود والنسائي بسنديهما عن أم عمارة بنت كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ بنحو ثلثي مد، وصححه أبو زرعة، وأما حديث أنه صلى الله عليه وسلم توضأ بنصف مد فأخرجه (طب. حق) من حديث أبي أمامة وفي إسناده الصامت بن دينار وهو متروك، وحديث أنه صلى الله عليه وسلم توضأ بثلث مد؛ قال الحافظ أجده والله أعلم اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على كراهة الإسراف في ماء الغسل والوضوء، وعلى استحباب الاقتصاد في الماء، وقد أجمع العلماء على النهي عن الإسراف في الماء، قال بعض أصحاب الشافعي أنه حرام، وقال بعضهم أنه مكروه كراهة تنزيه، وفيها أيضا استحباب الوضوء بمد من الماء، والغسل بصاع إذا أمكنه الاستيعاب بذلك، والقدر المجزي من الماء ما يحصل به غسل أعضاء الوضوء أو الغسل سواء أكان مداً في الوضوء؛ وصاعا في الغسل أم أقل أم أكثر ما لم يبلغ في الزيادة إلى حد السرف، أو النقصان إلى حد لا يحصل به الواجب؛ وسيأتي الكلام على ذلك مستوفي في أبواب الغسل من الجنابة إن شاء الله تعالى. (218) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز قال ثنا شعبة قال أشعث بن سليم أخبرني قال سمع أباه يحدث عن مسروق عن عائشة "الحديث" وفي آخره قال فلما قدم الأشعث الكوفة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن ما استطاع، يعني يقدم لفظ ما استطاع على قوله في شأنه كله، وهذا يوافق لفظ البخاري (تخريجه) (ق) من طرق أخرى عن الأشعث بن سليم عن أبيه عن مسروق عن عائشة بمثله. (219) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن وأحمد ابن عبد الملك قالا حدثنا زهير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة "الحديث" (غريبه) (1) أي ابن عبد الملك أحد الرواة في السند (تخريجه) (جه. د. خز. حب. هق) ولم يذكر ابن ماجه لفظ إذا لبستم، ورواه الترمذي أيضاً عن أبي هريرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لبس قميصاً بدأ بميامنه) وصححه ابن عبد البر (الأحكام) أحاديث

(5) باب في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وآله وسلم وفيه فصول (الفصل الأول فيما روى في ذلك عن عثمان بن عفان رضي الله عنه) (220) عن حمران (1) (بن أبانٍ) قال دعا عثمان رضي الله عنه بماء وهو على المقاعد (2) فسكت على يمينه فغسلها (وفي روايةٍ فأفرغ على يديه ثلاثاً فغسلهما) ثمَّ أدخل يمينه في الإناء فغسل كفَّيه ثلاثًا ثمَّ غسل وجهه ثلاث مرار ومضمض (3) واستنشق واستنثر وغسل ذراعيه إلى المرفقين ثلاث مرَّات ثم مسح برأسه (وفي روايةٍ وأمرَّ بيديه على ظاهر أذنيه ثمَّ مرَّ بهما على ظاهر لحيته) ثم غسل رجليه إلى الكعبين ثلاث مرارٍ ثمَّ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من توضَّأ نحو وضوئي هذا ثمَّ صلَّى ركعتين لا يحدِّث نفسه فيهما غفر له ما تقدَّم من ذنبه (وفي رواية غفر له ما كان بينهما وبين صلاته بالأمس)

_ الباب تدل على مشروعية التيامن في الأمور الشريفة، قال النووي رحمه الله، قاعدة الشرع المستمرة استحباب البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم والتزيين، وما كان بضدها استحب فيه التياسر والله أعلم اهـ (م). (220) عن حمران بن ابان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني ابى ثنا أبو كمل ثنا إبراهيم يعني ابن سعد ثنا ابن شهاب عن عطاء بن يزيد عن حمران الخ (غريبه) (1) بضم أوله ابن ابان بفتح الهمزة والموحدة، وفيه الوجهان الصرف وعدمه والصرف أولى، وهو مولى عثمان بن عفان رضى الله عنه اشتراه في زمن أبي بكر الصديق. ثقة، قاله الحافظ في التقريب (2) المقاعد تقدم تفسيرها في آخر حديث من الباب الثاني من أبواب الوضوء (وقوله فسكب) أي صب على يمينه فغسلها، وفي الرواية الثانية فأفرغ على يديه ثلاثا فغسلهما، وفي ذلك استحباب غسل اليدين ثلاثا قبل إدخالهما الإناء، وسيأتي الكلام عليه في بابه (3) المضمضة أن يجعل الماء في فيه ثم يديره ثم يمجه، والاستنشاق إدخال الماء في الأنف، والاستنثار إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق (تخريجه) (ق) وغيرهما (وفيه بيان) أفعال الوضوء من سنن وفرائض، وأنه صلى الله عليه وسلم غسل كل عضو ثلاث مرات إلا الرأس والأذنين فلم

(221) ز عن عطاء (1) عن عثمان بن عفَّان رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ فغسل وجهه ثلاثًا ويديه ثلاثًا ومسح برأسه وغسل رجليه غسلًا. (الفصل الثاني فيما روى في ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه) (222) حدثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا عبد الرَّحمن (بن مهدي) ثنا زائدة ابن قدامة عن خالد بن علقمة ثنا عبد خيرٍ قال جلس عليُّ رضي الله عنه بعدما صلَّى الفجر في الرَّحبة (2) ثمَّ قال لغلامه ائتني بطهور فأتاه الغلام بإناءٍ فيه ماء وطستٍ (3) قال عبد خير ونحن جلوسٌ ننظر إليه فأخذ بيمينه الإنا فأكفأه على يده اليسيرى ثمَّ غسل كفيه ثمَّ أخذ بيده اليمنى الإناء فأفرغ على يده اليسرى ثمَّ غسل كفَّيه، فعله ثلاث مرارٍ، قال عبد خير كل ذلك لا يدخل يده في الإناء حتَّى يغسلها ثلاث مرَّاتٍ ثم أدخل يده اليمنى في الإناء فمضمض

_ يصرح بالتثليث فيهما، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم مسحهما مرة واحدة، وسيأتي تحقيق ذلك في مسح الرأس إن شاء الله تعالى. (221) ز عن عطاء (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني محمد بن أبي بكرا لمقدمي ثنا حماد ابن زيد عن الحجاج عن عطاء عن عثمان الخ (غريبه) (1) هو ابن يزيد الليثي المدني نزيل الشام ثقة من الثالثة مات سنة خمس أو سبع ومائة وقد جاوز الثمانين (تق) (تخريجه) "الحديث" إسناده جيد ولم أقف عليه في غير الكتاب وهو من زوائد عبد الله على مسند أبيه وقد اقتصر فيه على ما جاء في التنزيل، وفي قوله وغسل رجليه غسلا إشارة إلى أن المراد بقول الله عز وجل (وامسحوا برءوسكم وأرجلك إلى الكعبين) على قراءة الجر، الغسل لا المسح كما يفهمه بعض المخالفين كالإمامية، وأن قراءة الجر للمجاورة. (222) حدّثنا عبد الله (غريبه) (2) الرحبة بفتح الراء والحاء المهملتين موضع متسع بالكوفة وكل مكان متسع رحب بسكون الحاء وفتحها وهو الأكثر كما في المصبح قال الجوهري ومنه أرض رحبة بالسكون أي متسعة (3) الطست بفتح الطاء وسكون السين المهملة وحكى

واستنشق ونثر بيده اليسرى فعل ذلك ثلاث مرَّاتٍ (وفي رواية فتمضمض ثلاثًا واستنشق ثلاثًا من كفٍ واحدٍ) ثمَّ أدخل يده اليمنى في الإناء فغسل وجهه ثلاث مرَّات ثمَّ غسل يده اليمنى ثلاث مرَّاتٍ إلى المرفق ثمَّ غسل يده اليسرى ثلاث مرَّاتٍ إلى المرفق ثمَّ أدخل يده اليمنى في الإناء حتَّى غمرها الماء ثمَّ رفعها بما حملت من الماء ثمَّ مسحها بيده اليسرى ثمَّ مسح رأسه بيديه كلتيهما مرَّة (وفي روايةٍ فبدأ بمقدَّم رأسه إلى مؤخره، قال الرَّاوي ولا أدري أرد يده أم لا) ثمَّ صبَّ بيده اليمنى ثلاث مرَّات على قدمه اليمنى ثم غسلها بيده اليسرى ثمَّ صبَّ بيده اليمنى على قدمه اليسرى ثمَّ غسلها بيده اليسرى ثلاث مرَّات ثمَّ أدخل يده اليمنى فغرف بكفِّه فشرب (وفي روايةٍ وشرب فضل وضوئه) ثمَّ قال هذا طهور نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم فمن أحبَّ أن ينظر إلى طهور نبي الله صلى الله عليه وسلم فهذا طهوره. (223) ز عن عبد الملك بن سلعٍ قال كان خبر خير يؤمُّنا في الفجر

_ طشت بالشين المعجمة من آنية الصفر، ويحتمل أنه عطف تفسير لإناء، ويحتمل أنه معطوف على الإناء أي أتى بالماء في قدح أو إبريق أو نحو ذلك ليتوضأ من الماء الذي فيه، وأتى بطست ليجتمع فيه الماء المستعمل المتساقط من أعضاء الوضوء، والاحتمال الثاني أقوى لقول علي رضي الله عنه في الحديث الذي بعده يا قنبر ائتني بالركوة والطست ثم قال له صب فصب أي من الركوة في الطست (تخريجه) (د. نس. قط. والدارمي) وإسناده جيد وحسنه الحافظ وسكت عنه أبو داود والمنذري (وفيه) استحباب غسل اليدين ثلاثًا قبل إدخالهما الإناء والمضمضة والاستنشاق والاستنثار ثلاثاً ثلاثًا من كف واحدة باليد اليسرى وغسل كل عضو من أعضاء الوضوء ثلاثاً إلا الرأس فإنه يمسح كله مرة واحدة يبدأ بمقدمه (وفيه) أيضا استحباب الشرب مما بقى من ماء الوضوء، وفيه غير ذلك والله أعلم. (223) ز عن عبد الملك بن سلع (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنا إسحق بن إسماعيل ثنا مسهر بن عبد الملك بن سلع ثنا أبي عبد لملك بن سلع الخ، وهذا الحديث من زوائد عبد الله

فقال صليَّت يرما الفجر خلف عليٍ رضي الله عنه فلمَّا سلَّم قام وقمنا معه فجاء يمشي حتَّى انتهى إلى الرَّحبة فجلس وسند ظهره إلى الحائط ثمَّ رفع رأسه فقال يا قنبر أئتني بالرَّكوة (1) والطَّست ثم قال له صب فصبَّ عليه فغسل كفَّه ثلاثًا (فذكر نحو الحديث السَّابق مختصرا وفي آخره) فقال هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم (ومن طريق ثان (2) عن عبد خير أيضًا) قال علَّمنا عليٌّ رضي الله عنه وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وسب الغلام على يديه حتى أنفاهما "ووصف وضوءه" إلى أن قال "ثمَّ أدخل يده في الرَّكوة فغمز أسفلها بيده ثمَّ أخرجها فمسح بها الأخرى ثمَّ مسح بكفَّيه رأسه مرَّةً ثمَّ غسل رجليه إلى الكعبين ثلاثًا ثلاثًا ثمَّ اغترف حفنةً من ماءٍ بكفِّه فشربه ثم قال هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ. (224) عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال دخل عليٌّ رضي الله تعالى عنه على بيتي فدعا بوضوءٍ فجئنا بعقبٍ (3) يأخذ المدَّ أو قريبه حتى وضع بين يديه وقد بال فقال يا بن عبَّاس ألا أتوضَّأ لك وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت بلى فداك أبي وأمسى قال فوضع له إناءٌ فغسل يديه ثمَّ مضمض واستنشق وستنثر ثمَّ

_ ابن الإمام أحمد على مسند أبيه (غريبه) (1) الركوة بفتح الراء مشددة إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء، والجمع ركاء؛ والطست تقدم ضبطه وتفسيره (2) ومن طريق ثان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا مروان ثنا عبد الملك بن سلع الهمذاني عن عبد خير قال علمنا على الخ (تخريجه) الحديث بروايتيه كالذي قبله، والرواية الأولى من زوائد عبد الله كما تقدم، وكررته لكون من طرق أخرى، ولما فيه من ألفاظ توضح معنى الحديث السابق والله أعلم. (224) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا إسماعيل "بن إبراهيم" ثنا محمد بن إسحق حدثني محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن عبيد الله الخولاني عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) أي إناء صغير

أخذ بيديه فصكَّ بهما وجهه وألقم إبهاميه- ما أقبل من أذنيه قال ثم عاد في مثل ذلك ثلاثًا ثمَّ أخذ كفَّا من ماءٍ بيده اليمنى فأفرغها على ناصيته ثمَّ أرسلها تسيل على وجهه ثمَّ غسل يده اليمنى إلى المرفق ثلاثًا ثمَّ يده الأخرى مثل ذلك ثمَّ مسح برأسه وأذنيه من ظهورهما ثمَّ أخذ بكفَّيه من الماء فصكَّ بهما على قدميه وفهما النَّعل ثم قلبها (1) بها ثمَّ على الرَّجل الأخرى مثل ذلك، قال فقلت وفي النَّعلين (2) قال وفي النَّعلين، قلت وفي النَّعلين؟ قال وفي النعلين قلت وفي النَّعلين قال وفي النَّعلين. (225) عن أبي مطرٍ قال بينا نحن جلوسٌ مع أمير المؤمنين عليٍّ رضي الله عنه في المسجد على باب الرَّحبة جاء رجلٌ فقال أرني وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند الزَّوال فدعا قنبرًا فقال ائتني بكوزٍ من ماءٍ فغسل كفَّيه ووجهه ثلاثًا وتمضمض ثلاثًا فأدخل بعض أصابعه في فيه واستنشق ثلاثًا وغسل

_ (1) عند أبي داود ففتلها بها وفي نسخة أخرى فغسلها بها (2) أي أضرب حفنة من ماء على رجليه وكانت الرجلان في النعلين، قال نعم، وكانت الرجلان في النعلين، وإنما كررها ثلاثاً لتعجبه من ضرب الماء على رجليه وفيهما النعل (تخريجه) (د. حب. بز) قال المنذري في هذا الحديث مقال، وقال الترمذي سألت محمد بن إسماعيل يعني البخاري فضعفه؛ وقال ما أدري ما هذا اهـ. وقال البزار بعد ذكره لا نعلم أحدًا روى هذا هكذا إلا من حديث عبيد الله الخولاني، ولا نعلم أحدًا رواه عنه إلا محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة، وقد صرح ابن إسحق بالسماع فيه، وأخرجه ابن حبان من طريقة مختصرًا، وضعفه البخاري فيما حكاه الترمذي اهـ، قال الشيخ شمس الحق في شرحه لسنن أبي داود، واعلم أن الحديث وإن كان رواته كلهم ثقات لكن فيه علة خفية اطلع عليها البخاري وضعفه لأجلها، ولعل العلة الخفية فيه هي ما ذكره البزار، وأما مظنة التدليس من ابن إسحق فارتفعت برواية البزار اهـ والله أعلم. (225) عن أبي مطر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد

ذراعيه ثلاثًا ومسح رأسه واحدةً فقال داخلها (1) من الوجه وخارجها من الرأس، ورجليه إلى الكعبين ثلاثًا ولحيته تهطل على صدره ثم حساسوةً (2) بعد الوضوء فقال أين السَّائل عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا كان وضوء نبي الله صلى الله عليه وسلم. (226) عن النَّزَّال بن سبرة قال أتى عليٌّ رضي الله عنه بكوزٍ من ماءٍ وهو في الرَّحبة فأخذ كفًّا من ماء فمضمض واستنشق ومسح وجهه وذراعيه ورأسه ثمَّ شرب وهو قائمٌ ثم قال هذا وضوء من لم يحدث (1) هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل

_ ثنا مختار عن أبي مطر "الحديث" (غريبه) (1) يعني والله أعلم أن ما دخل من شعر الرأس في لوجه فهو من الوجه وما خرج عنه فهو من الرأس كأنه يريد شعر الصدغين والله أعلم (2) الحسوة بالضم الجرعة من الشراب بقدر ما يحسى مرة وحدة وبالفتح المرة (تخريجه) الحديث لم أقف عليه في غير المسند وإسناده جيد والله عز وجل أعلم. (226) عن النزال بن سبرة (سنده) حدّثنا عبد الله حثني أبي ثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن عبد الملك بن ميسرة عن النزل بن سبرة "الحديث". وسنده عند البخاري حدّثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا عبد الله بن ميسرة سمعت النزال بن سبرة يحدث عن علي رضي الله عنه أنه صلى الظهر ثم قعد في حوائج الناس في رحبة الكوفة حتى حضرت صلاة العصر ثم أتى بماء فشرب وغسل وجهه ويديه وذكر رأسه ورجليه ثم قام فشرب فضله وهو قائم قال أن ناسًا يكرهون الشرب قائماً وأن النبي صلى الله عليه وسلم صنع مثل ما صنعت اهـ قال الحافظ في شرحه عند قوله فشرب وغسل وجهه ويديه وذكر رأسه ورجليه قال كذا هنا وفي رواية بهز "يعني عند النسائي" فأخذ منه كفًا فمسح وجهه وذراعه ورأسه ورجليه وكذلك عند الطيالسي فغسل وجهه ويديه ومسح على رأسه ورجليه ومثل رواية عمرو بن مرزوق عند الإسماعيلي، ويؤخذ منه أنه في الأصل ومسح على رأسه ورجليه وإن آدم توقف في سياقه فعبر بقوله وذلك رأسه ورجليه ووقع في رواية الأعمش فغسل يديه ومضمض واستنشق ومسح بوجهه وذراعيه ورأسه وفي رواية علي بن الجعد عن شعبة عند الإسماعيلي فمسح بوجهه ورأسه ورجليه (غريبه) (1) (قوله ثم قال هذا وضوء الخ) قال الحافظ في الفتح وروقع في رواية النسائي ولاسماعيلي زيادة في آخر

(227) ز عن ربعيِّ بن حراشٍ أنَّ عليَّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه قام خطيبًا في الرَّحبة فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال ما شاء الله أن يقُّول ثم دعا بكوزٍ من ماءٍ فتمضمض منه وتمسَّح وشرب فضل كوزه (وفي روايةٍ طهوره) وهو قائمٌ ثم قال بلغني أنَّ الرجل منكم يكره أن يشرب وهو قائمٌ وهذا وضوء من لم يحدث ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل هكذا. (228) عن عبد خيرٍ عن عليٍّ رضي الله عنه أنَّه دعا بكوزٍ من ماءٍ ثم قال أين هؤلاء الَّذين يزعمون أنهم يكرهون الشُّرب قائمًا قال فأخذه فشرب وهو قائمٌ ثمَّ توضَّأ وضوءاً خفيفا ومسح على نعليه ثمَّ قال هكذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم للطَّاهر ما لم يحدث. الفصل الثالث فيما روى في ذلك عن غير علي وعثمان من الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين (229) عن عبد الرَّحمن بن أبي قرادٍ رضي الله عنه قال خرجت مع النَّبيِّ

_ الحديث من طرق عن شعبة وهذا وضوء من لم يحدث، وهي على شرط الصحيح وكذا ثبت في رواية الأعمش عند الترمذي اهـ وقال السندي في حاشيته على النسائي ما لفظه "قوله وهذا وضوء من لم يحدث" فبين أن لغير المحدث أن يكتفي بالمسح موضع الغسل ولعل ما جاء من مسح الرجلين من بعض الصحابة أحيانا إن صح يكون محله غير حالة الحدث والله تعالى أعلم اهـ (تخريجه) (خ. نس. مذ) (227) ز عن ربعي بن حراش (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبيدة ابن فضيل بن عياض وقال لي هو اسمي وكنيتي ثنا مالك بن سعير يعني ابن الخمس ثنا فرات بن أحنف ثنا أبي عن ربعي بن حراش الخ (تخريجه) (خ. نس. مذ) بألفاظ مختلفة وتقدم الكلام عليه في الذي قبله وهذا الحديث من زوائد عبد الله على مسند أبيه. (228) عن عبد خير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن الأشجعي ثنا أبي عن سفيان عن السري عن عبد خير "الحديث" (تخريجه) (د. خ). (229) عن عبد الرحمن بن أبي قراد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان

صلى الله عليه وسلم حاجًّا فرأيته خرج من الخلاء فاتَّبعته بالأداوة أو القدح وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد حاجةً أبعد فجلست له بالطَّريق حتى انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له يا رسول الله الوضوء قال فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إليَّ فصبَّ على يده فغسلها ثمَّ أدخل يده بكفِّها فصبَّ على يدٍ واحدةٍ ثمَّ مسح على رأسه ثم قبض الماء على يد واحدة ثم مسح على رأسه ثمَّ قبض الماء قبضًا بيده فضرب به على ظهر قدمه فمسح بيده على قدمه ثم جاء فصلَّى لنا الظُّهر. (230) حدَّثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا سفيان بن عيينة قال حدَّثني عبد الله بن محمَّد بن عقيل بن أبي طالبٍ قال أرسلني علي بن حسينٍ إلى الرُّبيع بنت معوِّذ بن عفراء رضي الله عنها فسألتها عن وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرجت له يعني إناء يكون مدًّا أو نحو مد وربعٍ، قال سفيان كأنَّه يذهب إلى الهاشميِّ، قالت كنت أخرج له الماء في هذا فيصبُّ على يديه ثلاثًا وقال مرَّةً يغسل يديه قبل أن يدخلهما ويغسل وجهه ثلاثًا ويمضمض ثلاثًا ويستنشق ثلاثًا ويغسل يده اليمنى ثلاثًا واليسرى ثلاثًا ويمسح برأسه، وقال مرَّةً أو مرَّتين مقبلًا ومدبرًا ثمَّ يغسل رجليه ثلاثًا، قد جائني ابن عمَّ لك فسألني وهو ابن عبَّاسٍ فأخبرته فقال لي ما أجد في كتاب الله إلاَّ مسحتين وغسلتين (1)

_ ثنا يحيى بن سعيد قال حدثني أبو جعفر عمير بن يزيد حدثني الحارث بن فضيل وعمارة بن خزيمة ابن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي قراد "الحديث" (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد وروى النسائي وابن ماجه منه "كان إذا أراد الحاجة أبعد" ورجالة ثقات اهـ (قلت) وفيه أنه صلى الله عليه وسلم مسح على رأسه مرتين ومسح على ظهر قدمه وكان محدثا قبل ذلك، وسيأتي تحقيق كل في بابه إن شاء الله تعالى. (230) حدّثنا عبد الله الخ (غريبه) (1) يريد قوله تعالى {إذا قمتم إلى الصلاة

(ومن طريقٍ آخر) (1) عن عبد الله بن محمَّد بن عقيلٍ أيضًا قال حدَّثتني الرُّبيَّع بنت معوَّذ بن عفراء (رضي الله عنها) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا فيكثر فأتانا فوضعنا له الميضأة فتوضَّأ (2) فغسل كفَّيه ثلاثًا ومضمض واستنشق مَّرةً مَّرةً وغسل وجهه ثلاثًا وذراعيه ثلاثًا ومسح رأسه بما بقى من وضوئه في يديه مرَّتين بدأ بمؤخَّره (3) ثمَّ ردَّ يده إلى ناصيته وغسل رجليه ثلاثًا ومسح أذنيه مقدَّمهما ومؤخِّرهما. (231) عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد بن عاصمٍ رضي الله عنه وكانت له صحبهٌ فقيل له توضَّأ لنا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فدعا بإناءٍ فأكفأ منه على يديه ثلاثا فغسلهما ثمَّ أدخل يده وأستخرجها فمضمض وأستنشق من كفّ واحدةٍ ففعل ذلك ثلاثا وأستخرجها ثمَّ غسل وجهه ثمَّ أدخل يده فاستخرجها فغسل يديه إلى المرفقين مرَّتين مرَّتين ثمَّ أدخل يده فاستخرجها فمسح برأسه فأقبل بيده وأدبر ثمَّ غسل رجليه إلى الكعبين

_ فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين} (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال حدثني الربيع الخ (تخريجه) (د. جه. هق. مذ) وقال حديث حسن (2) الميضأة بكسر الميم والقصر وقد تمد، مطهرة كبيرة يتوضأ منها ووزنها مفعلة ومفعالة والميم زائدة (نه) (3) قال السيوطي رحمه الله احتج به من يرى أنه يبدأ في مسح الرأس بمؤخره ثم بمقدمه قال الترمذي ذهب أهل الكوفة إلى هذا الحديث منهم وكيع بن الجراح اهـ وأجاب بعض العلماء بأنه فعل هذا لبيان الجواز مرة وكانت مواظبته صلى الله عليه وسلم على البداءة بمقدم الرأس وما كان أكثر مواظبة عليه كان أفضل. (231) عن عمرو بن يحيى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام ابن سعيد قال أنا خالد قال أنا عمرو بن يحيى بن عمارة الأنصاري، قال أبي وخلف بن الوليد قال

ثمَّ قال هكذا كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعنه من طريقٍ آخر عن أبيه) (1) أنَّ جدَّه قال لعبد الله بن زيد بن عاصمٍ رضي الله عنه هل تستطيع أن تريني كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضِّأ؟ قال عبد الله بن زيدٍ نعم، فدعا بوضوءٍ فغسل يده مرَّتين ثمَّ تمضمض وأستنثر ثلاثًا ثمَّ غسل وجهه ثلاثًا ثمَّ غسل يديه مرَّتين ثمَّ مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، بدأ بقدَّم رأسه ثمَّ ذهب بهما إلى قفاه ثمَّ ردَّهما حتَّى رجع إلى المكان الَّذي بدأ منه ثمَّ غسل رجليه (وفي روايةٍ أنَّه مسح برأسه مرَّتَّين وغسل رجليه مرَّتين). (232) حدّثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا إسماعيل (يعنى أبن إبراهيم) حدّثنا سعيدٌ الحريريُّ عن أبي عائذٍ سيفٍ السَّعديِّ وأثنى عليه خيرا عن يزيد بن البراء بن عازبٍ وكان أميرا بعمانٍ وكان كخير الأمراء قال أبي أجتمعوا فلاريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ وكيف كان يصلَّى فإنَّي لا أدري ما قدر صحبتي إيَّاكم قال فجمع بنيه وأهله ودعا بوضوءٍ فمضمض وأستنشق وغسل وجهه ثلاثًا وغسل اليد اليمنى ثلاثًا وغسل يده هذه ثلاثًا يعنى اليسرى ثمَّ مسح رأسه وأذنيه ظاهر هما وباطنهما وغسل هذه الرِّجل يعنى اليمنى ثلاثًا وغسل هذه الرِّجل ثلاثًا يعنى اليسرى، قال هكذا ما ألوت (2)

_ ثنا خالد عن عمرو بن يحيى عن أبيه الخ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت علي عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بن أنس عن عمرو بن يحيى المازني عن أبيه أن جده قال لعبد الله بن زيد الخ (تخريجه) (لك. ق. الأربعة) وغيرهم مطولا ومختصرا قال الحافظ والحديث فيه من الفوائد الافراغ على اليدين في ابتداء الوضوء وأن الوضوء الواحد يكون بعضه بمرتين وبعضه بثلاث، وجواز الاستعانة في إحضار الماء من غير كراهية والتعليم بالفعل اهـ. (232) حدثنا عبد الله الخ (غريبه) (2) أي ما قصرت (تخريجه)

أن أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ ثمَّ دخل بيته فصلَّى صلاةً لا ندري ما هي ثمَّ خرج فأمر بالصَّلاة فأقيمت فصلَّى بنا الظُّهر فأحسب أنِّي سمعت منه آيات من يس ثمَّ صلَّى العصر ثمَّ صلِّى بنا المغرب ثمَّ صلَّى بنا العشاء وقال ما ألوت أن أريكم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ وكيف كان يصلَّي. (233) عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه وقد سئل هل أمَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رجلٌ من هذه الأمَّة غير أبي بكر رضي الله عنه فقال نعم كنَّا في سفر كذ وكذا (وفي روايةٍ في غزوة تبوك) فلمَّا كان من السَّحر ضرب عنق راحلته وانطلق فتبعته فتغيَّب عنِّى ساعةً ثمَّ جاء فقال حاجتك، فقلت ليس لي حاجةٌ يا رسول الله، قال هل من ماءٍ؟ قلت نعم، فصببت عليه فغسل يديه ثمَّ غسل وجهه ثم ذهب يحسر عن ذراعيه وكانت عليه جبَّةٌ شاميَّة فضاقت فأدخل يديه فأخرجهما من تحت الجبَّة فغسل وجهه وغسل ذراعيه ومسح بناصيته ومسح على العمامة وعلى الخفَّين ثمَّ لحقنا النَّاس وقد أقيمت الصَّلاة وعبد الرحمن ابن عوفٍ يؤمُّهم وقد صلى ركعة فذهبت لأوذنه فنهاني فصلَّينا الَّتي أدركنا (وفي روايةٍ الرَّكعة الَّتي أدركنا) وقضينا الَّتي سبقنا بها (وفي روايةٍ وقضينا الرَّكعة الَّتي سبقنا)

_ لم أقف عليه في غير الكتاب وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله موثقون. (223) عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا هاشم عن محمد قال دخلت مسجد الجامع فإذا عمرو بن وهب الثقفي قد دخل من الناحية الأخرى فالتقينا قريباً من وسط المسجد فابتداني بالحديث فقال كنا عند المغيرة بن شعبة فزاده في نفسي تصديقا الذي قرب به الحديث قال قلنا هل أم النبي صلى الله عليه وسلم رجل من هذه الأمة "الحديث" (تخريجه) (م. مذ) وصححه

(6) باب في النية والتسمية عند الوضوء (234) عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول إنما الأعمال بالنِّيَّة (1) ولكلِّ امرئٌّ

_ (234) عن عمر رضي الله عنه "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن يحيى عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص قال سمعت عمر رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث) "غريبه" (1) عند الشيخين إنما الأعمال بالنيات بالجمع قال الحافظ ووقع في معظم الروايات بإفراد النية، ووجهه أن محل النية القلب وهو متحد فناسب أفرادها بخلاف الأعمال فإنها تتعلق بالظواهر وهي متعددة فناسب جمعها، ولأن النية ترجع إلى الإخلاص وهو واحد للواحد الذي لا شريك له، قال ووقع في رواية مالك عن يحيى عند البخاري في كتاب الإيمان بلفظ (الأعمال بالنية) وكذا في العتق من رواية الثوري وفي الهجرة من رواية حماد بن زيد، ووقع عنده في النكاح بلفظ (العمل بالنية) بأفراد كل منهما (والنية) بكسر النون وتشديد التحتانية على المشهور، وفي بعض اللغات بتخفيفها اهـ "قلت" ومعنى النية لغة القصد والإرادة، وشرعا توجه القلب جهة الفعل ابتغاء وجه الله تعالى وامتثالا لأمره (وقال الخطابي رحمه الله) في معنى قوله صلى الله عليه وسلم (إنما الأعمال بالنيات) قال لم يرد به أعيان الأعمال لأنها حاصلة حسًا وعيانًا بغير نية وإنما معناه أن صحة أحكام الأعمال في حق الدين إنما تقع بالنية، وأن النية هي الفاصلة بين ما يصح وما لا يصح، وكلمة إنما عاملة بركنيها إيجابا ونفيا فهي تثبت الشيء وتنفي ما عداه فدلالتها أن العبادة إذا صحبتها النية صحت، وإذا لم تصحبها لم تصح، ومقتضى حق العموم فيها يوجب أن لا يصح عمل من الأعمال الدينية أقوالها وأفعالها فرضها ونفلها قليلها وكثيرها الأبنية، قال والني هي قصدك الشيء بقلبك وتحري الطلب منك له، ومحلها القلب، ومن زعم أن النطق بها سنة وتكلف لذلك فقد جازف وخرج عن الحقيقة اللغوية والشرعية اهـ (وقال ابن دقيق العيد رحمه الله) قوله صلى الله عليه وسلم (الأعمال بالنيات) لابد فيه من حذف مضاف، واختلف الفقهاء في تقديره والذين اشترطوا النية قدروه صحة الأعمال بالنيات أو ما يقاربه، والذين لم يشترطوها قدروه كمال الأعمال بالنيات أو ما يقاربه، وقد رجح الأول بأن الصحة أكثر لزومًا للحقيقة من الكمال، فالحمل عليها أولى لأن ما كان ألزم لشيء كان أقرب إلى خطوره بالبال عند إطلاق اللفظ فكان الحمل عليه أولى، وكذلك قد يقدرونه إنما اعتبار الأعمال بالنيات وقد قرب ذلك بعضهم بنظائر من المثل كقولهم إنما الملك بالرجال

ما نوى (1) فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله (2) فهجرته إلى ما هاجر إليه، ومن كانت هجرته لدنيا (3) يصيبها أو امرأةٍ ينكحها (4) فهجرته

_ أي قوامه ووجوده وإنما الرجال بالمال وإنما المال بالرعية وإنما الرعية بالعدل كل ذلك يراد به أن قوام هذه الأشياء بهذه الأمور (1) عند الشيخين "وإنما لكل امرئ ما نوى" (قال القرطبي رحمه الله) فيه تحقيق لاشتراط النية والإخلاص في الأعمال فجنح إلى أنها مؤكدة، وقال غيره بل تفيد غير ما أفادته الأولى لأن الأولى نبهت على أن العمل يتبع النية ويصاحبها فيترتب الحكم على ذلك، والثانية أفادت أن العامل لا يحصل إلا ما نواه، وقال ابن دقيق العيد، الجملة الثانية تقتضي أن ما نوى شيئاً يحصل له يعني إذا عمله بشرائطه أو حال دون عمله له ما يعذر شرعا بعدم عمله، وكل ما لم ينوه لم يحصل له، ومراده بقوله ما لم ينوه أي لا خصوصا ولا عموما، أما إذا لم ينو شيئا مخصوصا لكن كانت هناك نية عامة تشتمله فهذا مما اختلف فيه أنظار العلماء يتخرج عليه من المسائل ما لا يحصى، وقد يجعل غير المنوي لمدرك آخر كمن دخل المسجد فصلى الفرض أو الراتبة قبل أن يقعد فإنه يحصل له تحية المسجد نواها أو لم ينوها لأن القصد بالتحية شغل البقعة وقد حصل، وهذا بخلاف من اغتسل يوم الجمعة من الجنابة فإنه لا يحصل له غسل الجمعة على الراجح لأن غسل الجمعة ينظر فيه إلى التعبد لا إلى محض التنظيف فلابد من القصد إليه بخلاف تحية المسجد والله أعلم اهـ نقله الحافظ (ف) (2) أي نية وقصدًا (فهجرته إلى ما هاجر إليه) حكما وشرعا، ومعنى الهجرة الترك، والهجرة إلى الشيء الانتقالي إليه عن غيره، وفي الشرع ترك ما نهى الله عنه وقد وقعت في الإسلام على وجهين (الأول) الانتقال من دار الخوف إلى دار الأمن كما في هجرتي الحبشة، وابتداء الهجرة من مكة إلى المدينة (الثاني) الهجرة من دار الكفر إلى دار الإيمان وذلك بعد أن استقر النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة وهاجر إليه من أمكنه ذلك من المسلمين، وكانت الهجرة إذ ذاك تختص بالانتقال إلى المدينة إلى أن فتحت مكة فانقطع الاختصاص، وبقى عموم الانتقال من دار الكفر لمن قدر عليه باقيا قاله الحافظ (ف) (3) بضم الدال وبالقصر بلا تنوين من الدنو أي القرب سميت بذلك لسبقها للأخرى وقيل لدنوها إلى الزوال، واختلف في حقيقتها فقيل ما على الأرض من الهواء والجو وقيل كل المخلوقات من الجواهر والأعراض، وإطلاق الدنيا على بعضها كما في الحديث المجاز (وقوله يصيبها) أي يحصلها شبه تحصيل الدنيا بإصابة الغرض بالسهم بجامع حصول المقصود (4) أي يتزوجها كما في رواية، وخصت المرأة بالذكر مع دخولها في دنيا لأنها فتنة عظيمة ففي الحديث (ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء) أخرجه

إلى ما هاجر إليه. (235) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة

_ الشيخان وغيرهما، ولما رواه الطبراني في كبيره بإسناد رجاله ثقات عن ابن مسعود رضى الله عنه قال "كان فينا رجل خطب امرأة يقال لها أم قيس فأبت أن تتزوجه حتى يهاجر فهاجر فتزوجها فكنا نسميه مهاجر أم قيس" وقوله "فهجرته إلى ما هاجر إليه" جواب لقوله من "تخريجه" أخرجه البخاري في صحيحه من عدة طرق مع اختلاف في اللفظ، وذكره في سبعة مواضع وأخرجه مسلم أيضًا في آخر كتاب الجهاد بلفظ "إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى" الحديث، وأخرجه أبو داود في الطلاق والترمذي في الحدود والنسائي في أربعة مواضع من سننه وابن ماجه في الزهد والدارقطني وابن حبان والبيهقي ولم يبق أصحاب الكتب المعتمد عليها من لم يخرجه سوى الإمام مالك رحمه الله، ووهم من قال أن مالكا خرجه في موطئه ورواه عنه الشافعي والله أعلم، وأخرجه أيضًا الإمام أحمد في مسند عمر رضى الله عنه، وقد اخترت له هذا الباب لكونه أول عبادة ذكرت في الكتاب تحتاج إلى نية، وأفردت له كتابا مستقلا في كتابي هذا ترجمته "بكتاب النية والإخلاص في العمل" افتتحت به قسم الترغيب "قال الحافظ أبو سعيد محمد بن علي الخشاب" رواه عن يحيى بن سعيد نحو مائتين وخمسين إنساناً وقال أبو إسماعيل الهروي عبد الله بن محمد الأنصاري كتبت هذا الحديث عن سبعمائة نفر من أصحاب يحيى بن سعيد (قال الحافظ) تتبعته من الكتب والأجزاء حتى مررت على أكثر من ثلاثة آلاف جزء فما استطعت أن أكمل له سبعين طريقا، ثم رأيت في المستخرج لابن منده عدة طرق فضممتها إلى ما عندي فزادت على ثلاثمائة، وقال البزار والخطابي وأبو علي ابن السكن ومحمد بن عتاب وابن الجوزي وغيرهم إنه لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا عن عمر بن الخطاب، ورواه ابن عساكر من طريق أنس وقال غريب جداً، وذكر ابن منده في مستخرجه أنه رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين نفسًا (قال الحافظ) وقد تتبعها شيخنا أبو الفضل ابن الحسين في النكت التي جمعها على ابن الصلاح وأظهر أنها في مطلق النية لا بهذا اللفظ (ف) (وهذا الحديث) قاعدة من قواعد الإسلام حتى قيل أنه ثلث العلم ووجهه أن كسب العبد بقلبه وجوارحه ولسانه وعمل القلب أرجحها لأنه يكون عبادة بانفراده دون الآخرين، نقله الشوكاني، والحديث وعمل القلب أرجحها لأنه يكون عبادة بانفراده دون الآخرين، نقله الشوكاني، والحديث يدل على اشتراط النية في أعمل الطاعات وأن ما وقع من الأعمال بدونها غير معتد به، وفي الحديث فوائد مبسوطة في المطولات لا يحتملها هذا المختصر والله أعلم. (235) عن أبي هريرة "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد

لمن لا وضوء له ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه. (236) عن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه قال قال رسول الله عليه وآله وسلم لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه. (237) عن رباح (1) بن عبد الرَّحمن بن حويطبٍ قال حدثتني جدتي (2) أنها سمعت أباها يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة لمن لا وضوء له

_ ثنا محمد بن موسى يعني المخزومي عن يعقوب بن سلمة عن أبيه عن أبي هريرة "الحديث" "تخريجه" (د. جه. قط. هق. ك. مذ) في العلل وفيه مقال. (236) عن أبي سعيد الخدري "سنده" حدثنا عبد الله حدثين أبي ثنا زيد بن الحباب قال حدثني كثير بن زيد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه عن جده "يعني أبا سعيد" (الحديث) "تخريجه" (جه. ز. قط. هق. ك) والدارمي وابن عدي وابن السكن والترمذي في العلل وكلها لا تخلو من مقال، "قال في المنتقى" سئل اسحق بن زاهويه أي حديث أصح في التسمية فذكر حديث أبي سعيد اهـ. (237) عن رباح بن عبد الرحمن "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هيثم يعني ابن خارجة ثنا حفص بن ميسرة عن ابن حرملة عن أبي ثفال المري أنه قال سمعت رباح ابن عبد الرحمن الخ "غريبه" (1) رباح بفتح الراء وبالموحدة قال الترمذي رباح ابن عبد الرحمن هو أبو بكر بن حويطب، ومنهم من روى هذا الحديث فقال عن أبي بكر ابن حويطب فنسبه إلى جده (2) هي أسماء بنت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال الحافظ في التقريب لم تسم في الكتابين يعني جامع الترمذي وسنن ابن ماجه وسماها البيهقي ويقال أن لها صحبة اهـ وقوله "أنها سمعت أباها" هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوى أحد العشرة المبشرين بالجنة "تخريجه" (مذ. بز. جه. قط. ك) والعقيلي وأعل بالاختلاف والإرسال (قال الترمذي) وفي الباب عن عائشة وأبي هريرة وأبي سعيد الخدري وسهل ابن سعد وأنس، وقال أحمد لا أعلم في هذا الباب حديثاً له إسناد جيد، وقال محمد بن إسماعيل "يعني البخاري" أحسن شيء في هذا الباب حديث رباح بن عبد الرحمن (يعني حديث الباب) اهـ (قلت) وفي الباب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا أبا هريرة إذا توضأت فقل بسم الله والحمد لله فإن حفظتك لا تبرح تكتب لك الحسنات حتى تحدث من ذلك الوضوء)

ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ولا يؤمن بالله من لا يؤمن بي ولا يؤمن بي من لا يحبُّ الأنصار. (7) باب في استحباب غسل اليدين قبل المضمضة وتأكيده لنوم الليل (238) عن عبد خير "يصف وضوء عليٍّ رضي الله عنه" قال ثم أخذ بيده اليمنى الإناء فأفرغ على يده اليسرى ثم غسل كفَّيه ثم أخذ بيده اليمنى الإناء فأفرغ على يده اليسرى ثم غسل كفَّيه، فعله ثلاث مرارٍ، قال عبد خيرٍ كلُّ لا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات "الحديث" (وفي آخره قال يعنى عليًّا) هذا طهور نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم. (239) عن ابن أبي أوس عن جدِّه أوسٍ رضي الله عنه (1) قال رأيت

_ قال الهيثمي رواه الطبراني في الصغير وإسناده حسن، قال الحافظ والظاهر أن مجموع الأحاديث يحدث منها قوة تدل على أن له أصلا، وقال أبو بكر بن أبي شيبة ثبت لنا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال، وقال ابن سيد الناس في شرح الترمذي لا يخلو هذا الباب من حسن صريح وصحيح غير صريح "قال الشوكاني رحمه الله" والأحاديث تدل على وجوب التسمية في الوضوء لأن الظاهر أن النفي للصحة لكونها أقرب إلى الذات وأكثر لزوما للحقيقة فيستلزم عدمها عدم الذات وما ليس بصحيح لا يجزئ ولا يقبل ولا يعتد به؛ وإيقاع الطاعة الواجبة على وجه يترتب قبولها وإجزاؤها عليه واجب (وقد ذهب) إلى الوجوب والفرضية العنزة والظاهرية وإسحق وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل، واختلفوا هل هي فرض مطلقاً أو على الذاكر فالعنزة على الذاكر "قلت وكذا الحنابلة" قال والظاهرية مطلقًا وذهبت الشافعية والحنفية ومالك وربيعة وهو أحد قولي الهادي إلى أنها سنة اهـ باختصار. (238) عن عبد خير الخ هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه في الفصل الثاني من الباب الخامس في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فارجع إليه إن شئت. (239) عن ابن أبي أوس الخ "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن النعمان بن سالم عن أبي أوس عن جده أوس "الحديث". "غريبه" (1) يعني ابن حذيفة الثقفي رضى الله عنه صحابي توفي سنة 59 قاله الحافظ (ص).

رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ واستو كف ثلاثًا أي غسل كفَّيه (زاد في رواية من طريق آخر) (1) يعنى غسل يديه ثلاثًا فقلت لشعبة أدخلهما في الإناء أو غسلهما خارجًا قال لا أدري. (240) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبى صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا استيقظ أحدكم من الليل (2) فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاث مرات فإنه لا يدري أين باتت يده، قال وقال وكبعٌ عن أبى صالح وأبى رزين عن أبي هريرة يرفعه ثلاثًا (حدثنا) عبد الله حدثني أبى ثنا معاوية بن عمر وثنا زائدة عن أبى صالحٍ عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حتى يغسلها مرة أو مرتين (3)

_ (1) "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هرون أن شعبة بن الحجاج عن النعمان بن سالم عن ابن أبي أوس عن جده أوس قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ واستوكف ثلاثا "الحديث" "تخريجه" الحديث إسناده جيد وقال الشوكاني رجاله عند النسائي ثقات إلا حميد بن مسعدة فهو صدوق اهـ (قلت) هذا الحديث معناه في الصحيحين وفي المسند أيضا من حديث عثمان بلفظ (فافرغ على يديه ثلاثا فغسلهما) وتقدم في الفصل الأول من الباب الخامس في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وثبت نحوه أيضا من حديث علي وعبد الله بن زيد رضي الله عنهما عند أصحاب السنن وتقدم أيضا في المسند في الباب المذكور. (240) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية الخ "غريبه" (2) عند الشيخين والإمام الشافعي في مسنده من نومه بدل من الليل (وأخذ) بعمومه الشافعي والجمهور فاستحبوه عقب كل نوم، وخصه الإمام أحمد وداود بنوم الليل لقوله في آخر الحديث باتت يده لأن حققة المبيت تكون بالليل وتؤيده هذه الرواية (إذا استيقظ أحدكم من الليل) وقد جاء هذا اللفظ في رواية الترمذي وابن ماجه، وأخرجها أيضا أبو داود وساق مسلم اسناة ها لكن التعليل بقوله فإنه لا يدري أين باتت يده يقضي بإلحاق نوم النهار بنوم الليل وإنما خص نوم الليل بالذكر للغلبة (3) (قوله مرة أو مرتين) لم أقف على هذا اللفظ لغير

حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا سفيان عن الزهريِّ عن أبي سلمة عن أبي هريرة روايةً، إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يغمس يده (1) في إنائه حتى يغسلها ثلاثًا فإنه لا يدري أين باتت يده. (8) باب في المضمضة والاستنشاق والاستثنار (241) عن أبي غطفان قال دخلت على ابن عباس رضي الله عنهما فوجدته يتوضأ فتمضمض واستنشق ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استنثروا ثنتين (وفي رواية مرتين بالغتين أو ثلاثًا

_ الإمام أحمد (1) في رواية للبخاري في وضوئه، وفي رواية ابن خزيمة في إنائه أو وضوئه والظاهر اختصاص ذلك بإناء الوضوء ويلحق به الغسل بجامع أن كل واحد منهما يراد التطهر به، وخرج بذكر الإناء والحياض التي لا تفسد بغمس اليد فيها على تقدير نجاستها فلا يتناولها النهي والله أعلم (2) قال الإمام الشافعي وغيره من العلماء رحمهم الله في معنى قوله "فإنه لا يدري أين باتت يده" إن أهل الحجاز كانوا يستنجون بالأحجار وبلادهم حارة فإذا نام أحدهم عرق فلا يأمن النائم أن تطوف يده على ذلك الموضع النجس أو على بثرة أو قملة أو قذر غير ذلك قاله النووي (م) "تخريجه" (ق. فع. والأربعة) وغيرهم إلا أن البخاري لم يذكر العدد "الأحكام" الحديث برواياته يدل على المنع من إدخال اليد في إناء الوضوء عند الاستيقاظ من النوم قبل غسلها "قال النووي" وهذا مجمع عليه لكن الجماهير من العلماء المتقدمين والمتأخرين على أنه نهى تنزيه لا تحريم، فلو خالف وغمس لم يفسد الماء، قال ثم إن مذهبنا ومذهب المحققين أن هذا الحكم ليس مخصوصاً بالقيام من النوم، بل المعتبر فيه الشك في نجاسة اليد، فمتى شك في نجاستها كره له غمسها في الإناء قبل غسلها سواء أقام من نوم الليل أم النهار أم شك في نجاستها من غير نوم، وهذا مذهب جمهور العلماء، وحكى عن أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى رواية إن قام من نوم الليل كره كراهة تحريم وإن قام من نوم النهار كره كراهة تنزيه ووافقه عليه داود الظاهري اهـ باختصار (م). (241) عن أبي غطفان "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن قارظ بن شيبة عن أبي غطفان إلخ "تخريجه" (دجه. هق. ك) وأقره الذهبي وسكت عنه أبو داود والمنذري وصححه ابن القطان.

(242) ز عن عبد خيرٍ قال صلينا الغداة فأتيناه (يعني عليًّا رضي الله عنه) فجلسنا إليه فدعا بوضوءٍ فأتى بركوةٍ فيها ماء وطست قال فأفرغ الركوة على يده اليمنى فغسل يديه ثلاثًا وتمضمض ثلاثًا واستنثر ثلاثًا بكف كف (وفي روايةٍ فتمضمض ثلاثًا واستنشق ثلاثًا من كف واحدٍ) ثم غسل وجهه ثلاثًا وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا ثم وضع يده في الركوة فمسح بها رأسه بكفيه جميعًا مرةً واحدةً ثم غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا ثم قال هذا وضوء نبيكم صلى الله عليه وسلم فاعلموه. (243) عن الرُّبيِّع بنت معوِّذٍ رضى الله عنها "تصف وضوء النبي صلى الله عليه وسلم" قالت ومضمض واستنشق مرةً مرةً. (244) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا استنشق أدخل الماء منخريه.

_ (242) ز عن عبد خير "سنده" حدثنا عبد الله ثنا محمد بن جعفر الوركاني أنبأنا شريك عن خالد بن علقمة عن عبد خير الخ "تخريجه" أخرجه أصحاب السنن وعند الشيخين نحوه والإمام أحمد أيضا من حديث عبد الله بن زيد. (243) عن الربيع بنت معوذ الخ هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله في الفصل الثالث من الباب الخامس من صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكررته هنا للاستدلال به على جواز الاقتصار على مرة واحدة في كل من المضمضة والاستنشاق، ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم فعله لبيان الجواز وإن كان الأفضل التثليث كما ثبت في الروايات الأخرى، وتقدم الكلام على سند حديث الباب وتخريجه. (244) عن أبي هريرة "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب بن زياد ثنا عبد الله بن مبارك أنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة (الحديث) "تخريجه" الحديث إسناده جيد، ولم أقف عليه في غير الكتاب.

(245) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضَّأ أحدكم فليجعل في أنفه ماءا ثمَّ ليستنثر (1) وقال مرَّة لينثر (246) وعنه أيضًا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا توضَّأ (2) أحدكم فليستنثر فإنَّ الشَّيطان يبيت على خياشيمه. (247) عن لقيط (3) بن صبرة رضي الله عنه قال يا رسول الله أخبرني عن الوضوء قال إذا توضَّأت فأسبغ (4) وخلِّل الأصابع وإذا استنشقت

_ (245) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة "الحديث" (غريبه) (1) قوله ثم ليستنثر وقال مرة لينثر بكسر الثاء المثلثة فيهما قال أهل اللغة يقال نثر وانتثر واستنثر وهو مشتق من النثرة وهي طرف الأنف وقيل الأنف كله لأن فاعله يمسك طرف أنفه بيده اليسرى وهو إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق (تخريجه) (ق وغيرهما). (246) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن حدثنا ابن لميعة ثنا ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن أبي هريرة "الحديث" (غريبه) (2) عند البخاري في بدء الخلق بلفظ "إذا استيقظ أحدكم من منامه فتوضأ فليستنثر ثلاثا فإن الشيطان يبيت على خيشومه" اهـ (قلت) الخياشيم جمع خيشوم وهو أعلى الأنف وقيل الأنف كله وقيل هو عظام رقاق لينة في أقصى الأنف بينه وبين الدماغ، قيل والحكمة في الاستنثار أنه يذهب ما يلصق بمجرى النفس من الأوساخ وينظفه فيكون سببا لنشاط العبد وطرد الشيطان عنه والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما). (247) عن لقيط بن صبرة الخ هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في الباب السابع من القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأذكى التحية (غريبه) (3) بفتح أوله وكسر ثانيه، وصبرة بفتح أوله وكسر ثانيه أيضاً صاحبي مشهور وكان وافد بني المنتفق، ويقال أن صبرة جده، واسم أبيه عامر وهو أبو رزين العقيلي، والأكثر على أنهما اثنان قاله الحافظ (تق) (4) الإسباغ هو استكمال الأعضاء والحرص على أن يتوضأ وضوءاً يصح عند الجميع. والتخليل هو تفريق شعر اللحية أو صابع

فأبلغ (1) إلاَّ أن تكون صائمًا. (فصل في جواز تأخيرهما عن غسل الوجه واليدين وفي حكم الترتيب في الوضوء) (248) عن المقدم بن معديكرب الكنديِّ رضى الله عنه قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فتوضَّأ فغسل كفَّيه ثلاثًا ثمَّ غسل وجهه ثلاثًا ثمَّ غسل ذراعيه ثلاثًا ثمَّ مضمض واستنشق ثلاثًا ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما وغسل رجليه ثلاثًا.

_ اليدين والرجلين في الوضوء والغسل ليصلها الماء، وأصله إدخال الشيء في خلال الشيء أي وسطه (1) المبالغة في الاستنشاق هي الحرص على جذب الماء بنفسه ليصل إلى أقصى الأنف وقوله "إلا أن تكون صائمًا" يعني فلا تبالغ في الاستنشاق خوفا من تسرب الماء إلى الحلق، فالسنة للصائم عدم المبالغة (تخريجه) (الأربعة خز. ك) وصححاه وصححه الترمذي أيضا (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية المضمضة والاستنشاق والاستنثار في الوضوء، وفيها استحباب الجمع بينها بكف واحد والمبالغة فيها والتثليث ويجوز الفصل والاقتصار على مرة واحد لوروده (قال النووي) رحمه الله واختلفوا في وجوب المضمضة والاستنشاق على أربعة مذاهب "أحدها" مذهب مالك والشافعي وأصحابهما أنهما سنتان في الوضوء والغسل، وذهب إليه من السلف الحسن البصري والزهري والحكم وقتادة وربيعة ويحيى بن سعيد الأنصاري والأوزاعي والليث ابن سعد وهو رواية عن عطاء وأحمد "والمذهب الثاني" أنهما واجبتان في الوضوء والغسل لا يصحان إلا بهما وهو المشهور عن أحمد بن حنبل وهو مذهب ابن أبي ليلى وحماد وإسحق ابن راهويه ورواية عن عطاء "والذهب الثالث" أنهما واجبتان في الغسل دون الوضوء وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه وسفيان الثوري "والمذهب الرابع" أن الاستنشاق واجب في الوضوء والغسل والمضمضة سنة فيهما وهو مذهب أبي ثور وأبي عبيدة وداود الظاهري وأبي بكر بن المنذر ورواية عن أحمد والله أعلم اهـ (م). (248) عن المقدام (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال ثنا حريز قال حدثنا عبد الرحمن بن ميسرة الخضرمي قال سمعت المقدام بن معد يكرب الكندي قال أتى الخ (تخريجه) (د. ص. والطحاوي. جه. مختصرًا) وإسناده لصالح.

(249) عن الرُّبيِّع بنت معوِّذٍ رضى الله عنها قالت كنت أخرج له (تعني النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم) الماء في هذا فيصب على يديه ثلاثًا (وفي روايةٍ يغسل يديه قبل أن يدخلهما) ويغسل وجهه ثلاثًا ويمضمض ثلاثًا ويستنشق ثلاثًا ويغسل يده اليمنى ثلاثًا واليسرى ثلاثًا "الحديث". (250) عن حمران بن أبانٍ قال دعا عثمان رضى الله عنه بماءٍ وهو على المقاعد فسكب على يمينه فغسلها (وفي روايةٍ فأفرغ على يديه ثلاثًا فغسلها) ثمَّ أدخل يمينه في الإناء فغسل كفَّيه ثلاثًا ثمَّ غسل وجهه ثلاث مرار ومضمض واستنشق واستنثر وغسل ذراعيه إلى المرفقين ثلاث مرَّات ثمَّ مسح برأسه "الحديث"

_ (249) عن الربيع بنت معوذ الخ هذا طرف من حديث تقدم بطوله وسنده في الفصل الثالث من الباب الخامس في باب صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم. (250) عن حمران بن ابان الخ هذا طرف من حديث طويل ذكر بتمامه وسنده في الباب الخامس في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم (الأحكام) استدل بحديث المقدام والحديثين بعده القائلون بعدم وجوب الترتيب بين أعضاء الوضوء وهم ابن مسعود رضى الله عنه من الصحابة ومكحول من التابعين والأئمة أبو حنيفة ومالك وغيرهم قالوا ولا ينتهض الترتيب بثم في حديث حمران ونحوه كحديث عمرو بن عبسة المتقدم في الباب الأول من أبواب الوضوء على الوجوب لأنه من لفظ الراوي، وغايته أنه وقع من النبي صلى الله عليه وسلم على تلك الصفة، والفعل بمجرده لا يدل على الوجوب (وخالفهم) الإمامان الشافعي وأحمد وآخرون فقالوا بوجوب الترتيب، قال النووي رحمه الله مؤيدًا لما ذهب إليه الشافعي ومن وافقه أنهم "يعني المخالفين للشافعي" يتأولون هذه الرواية على أن لفظة ثم ليست للترتيب بل لعطف جملة على جملة وقد ذكر الفاضل الشلبي في صدر حواشيه على شرح المواقف أن المحققين من النحاة نصوا على أن وجوب دلالة ثم التراخي مخصوص بعطف المفرد، وقد ذكره أيضا في حواشي المطول اهـ (م) (قال الشوكاني) ومما يصلح للاحتجاج به على وجوب الترتيب حديث جابر عن النسائي في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال قال صلى الله عليه وسلم: ابدؤا بما بدأ الله به بلفظ الأمر وهو عند مسلم بلفظ الخبر لأنه عام لا يقتصر على سببه عند الجمهور كما تقرر في الأصول. وآية الوضوء مندرجة تحت ذلك العموم اهـ

(9) باب في غسل لوجه وتخليل اللحية وتعاهد الماقين (251) عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضَّأ خلَّل لحيته بالماء. (252) عن أبي أيُّوب الأنصاريِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا توضَّأ تمضمض ومسح لحيته من تحتها بالماء. (253) عن أبي أمامة رضى الله عنه أنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم توضَّأ فمضمض ثلاثًا واستنشق ثلاثًا وغسل وجه ثلاثًا وكان يمسح الماقين (1) من

_ (251) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب قال أخبرني عمر بن أبي وهب النصري قال حدثني موسى بن طلحة بن عبيد الله ابن كريز الخزاعي عن عائشة "الحديث" (غريبه) (1) تقدم أن التخليل تفريق شعر اللحية وأصابع اليدين والرجلين في الوضوء وأصله إدخال الشيء في خلال الشيء وهو وسطه (تخريجه) (ك) عن عائشة ولم يتعقبه الذهبي وحسنه الحافظ وأخرجه أيضاً (مذ. ك) عن عثمان و (مذ، ك) عن عمار بن ياسر و (ك) عن بلال و (جه. ك) عن أنس و (طب) عن أبي أمامة وأبي الدرداء وأم سلمة و (طس) عن ابن عمر. (252) عن أبي أيوب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا واصل عن أبي سورة عن أبي أيوب "الحديث" (تخريجه) جه والعقيلي والترمذي) في العلل وفيه أبو سورة لا يعرف، وفي الباب عند الترمذي قال حدثنا يحيى بن موسى ناعبد الرزاق عن إسرائيل عن عامر بن شقيق عن أبي وائل عن عثمان بن عفان أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخلل لحيته؛ قال أبو عيسى "يعني الترمذي" هذا حديث حسن صحيح وقال محمد بن إسماعيل "يعني البخاري" أصح شيء في هذا الباب حديث عامر بن شقيق عن أبي وائل عن عثمان اهـ. (253) عن أبي أمامة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق أنا حماد بن زيد عن سنان بن ربيعة عن شهر يعني ابن حوشب عن أبي أمامة الخ (غريبه) (2) تثنية ماق، ومؤق العين مؤخرها ومأقها مقدمها، قال الخطابي من العرب من يقول مأق ومؤق بضمها وبعضهم يقول مأق ومؤق بكسرهما وبعضهم ماق

العين قال وكان النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه مرَّةً واحدةً، وكان يقول الأُّذنان من الرَّأس. (10) باب في غسل اليدين إلى المرفقين وتطويل الغرة وتخليل الأصابع والدلك (254) عن أبي زرعة أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه دعا بوضوءٍ فتوضَّأ وغسل ذراعيه حتى جاوز المرفقين فلمَّا غسل رجليه جاوز الكعبين إلى السَّاقين فقلت ما هذا فقال هذا مبلغ الحلية (1).

_ بغير همز كقاض والأفصح الأكثر المأقي بالهمز والياء، والمؤق بالهمز والضم، وجمع المؤق آماق وأمآق وجمع المأقى مآقي (نه) وقال في القاموس موق العين مجرى الدمع منها أو مقدمها أو مؤخرها، وقال الأزهري أجمع أهل اللغة أن الموق والماق مؤخر العين الذي يلي الأنف اهـ (تخريجه) (جه) من حديث أبي أمامة أيضا بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الأذنان من الرأس وكان يمسح المأقين وذكره الحافظ في التلخيص ولم يذكر له علة ولا ضعفه، وقال في مجمع الزوائد رواه الطبراني في الكبير من طريق سميع عن أبي أمامة وإسناده حسن وسميع ذكره ابن حبان في الثقات وقال لا أدري من هو والظاهر أنه اعتمد في توثيقه على غيره (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية غسل الوجه وهو فرض بنص القرآن ولم يختلف في ذلك أحد "وتدل أيضا" على مشروعية تخليل اللحية وتعاهد المأقين (قال الشوكاني) وقد اختلف الناس في تخليل اللحية، فذهب إلى وجوب في الوضوء والغسل أبو ثور والظاهرية وجماعة، وذهب مالك والشافعي والثوري والأوزاعي إلى أنه ليس بواجب في الوضوء، قال مالك وطائفة من أهل المدينة ولا في غسل الجنابة، وقال الشافعي وأبو حنيفة وأصحابهما والثوري والأوزاعي والليث وأحمد بن حنبل وإسحاق وأبو ثور وداود الطبري وأكثرهم أهل العلم أن تخيل اللحية واجب في غسل الجنابة ولا يجب في الوضوء هكذا في شرح الترمذي لابن سيد الناس اهـ (254) عن أبي زرعة الخ هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في باب النهي عن التصوير ووعيد فاعله من كتاب اللباس والزينة (غريبه) (1) أي منتهى الحلية كما في رواية عند البخاري كأنه يشير إلى ما في الحديث الآتي من فضل الغرة والتحجيل في الوضوء ويؤيده حديثه الآتي بعد حديثين "تبلغ الحلية من المؤمن حيث يبلغ الوضوء" (تخريجه) (ق وغيرهما).

(255) عن نعيم بن عبد الله المجمر (1) أنَّه أتى إلى أبي هريرة على ظهر المسجد وهو يتوضَّأ فرفع في عضديه ثم أقبل عليَّ فقال إنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنَّ أمَّتي يوم القيامة هم الغرُّ (2) المحلجون من آثار الوضوء، فمن استطاع منكم أن يطيل غرَّته فليفع، فقال نعيم لا أدري قوله من استطاع أن يطيل غرته فليفع، من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من قول أبي هريرة. (256) عن ابن مسعودٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له كيف تعرف من لم يرك من أمَّتك فقال إنَّهم غر محجَّلون بلق (3) من آثار الوضوء. (257) عن أبي حازمٍ قال كنت خلف أبي هريرة وهو يتوضَّأ وهو يمرُّ الوضوء (4) إلى إبطه فقلت يا أبا هريرة ما هذا الوضوء قال يا بني

_ (255) عن نعيم بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا فليح ابن سليمان عن نعيم بن عبد الله الخ (غريبه) (1) المجمر بضم الميم الأولى وإسكان الجيم وكسر الميم الثانية، ويقال المجمر بفتح الجيم وتشديد الميم الثانية المكسورة، وقيل له المجمر لأنه كان يجمر مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم أي يبخره، والمجمر صفة لعبد الله ويطلق على ابنه نعيم مجازًا والله أعلم (نووي) (م) (2) قال أهل اللغة الغرة بياض في جبهة الفرس، والتحجيل بياض في يدها ورجلها قال العلماء سمى النور الذي يكون على مواضع الوضوء يوم القيامة غرة وتحجيلا تشبيها بغرة الفرس؛ والغرة غسل شيء من مقد الرأس أو ما يجاوز الوجه زائدًا على الجزء الذي يجب غسله؛ والتحجيل غسل ما فوق المرفقين والكعبين وهما مستحبان بلا خلاف (تخريجه) (م) وليس فيه قول نعيم لا أدري الخ الحديث. (256) عن ابن مسعود (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حماد عن عاصم عن زر عن ابن مسعود الخ (غريبه) (3) البلق محركة سواد وبياض كالبلقة بالضم وارتفاع التحجيل إلى الفخذين وقبد بلق كفرح وكرم بلقا وأبلق فهو أبلق وهي بلقاء قاله في القاموس (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وأخرج نحوه مسلم من حديث أبي هريرة وحذيفة بن اليمان رضى الله عنهما. (257) عن أبي حازم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد قال ثنا خلف يعنى ابن خليفة عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم الخ (غريبه) (1) بفتح الواو

فرَّوخ (1) أنتم هاهنا لو علمت أنَّكم ها هنا ما توضَّأت هذا الوضوء إنِّي سمعت خليلي صلى الله عليه وسلم يقول تبليغ الحلية (2) من المؤمن إلى حيث يبلغ الوضوء. (258) عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه رضى الله عنه قال أتيت النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال إذا توضَّأت فخلِّل الأصابع. (259) عن أبي سورة عن أبي أيُّوب الأنصاريِّ "رضي الله عنه" وعن عطاءٍ قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حبَّذا المتخلِّلون، قيل وما المتخلِّلون، قال في الوضوء والطَّعام. (260) عن حبيب بن زيدٍ سمع عبَّاد بن تميم عن عمِّه عبد الله بن

_ أي ماء الوضوء (1) فروخ كتنور أخو إسماعيل وإسحق، أبو العجم الذين في وسط البلاد (قاموس) وكان أبو هريرة رضى الله عنه يعلم أن الراوي من العجم فنسبه إلى جدهم (2) المراد بالحلبة هنا التحجيل (تخريجه) (م). (258) عن عاصم بن لقيط (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا سفيان عن أبي هاشم إسماعيل بن كثير عن عاصم بن لقيط الخ (تخريجه) (الأربعة والدارمي) وصححه الترمذي والبغوي وقال النووي حديث لقيط بن صبرة أسانيده صحيحة (ج). (259) عن أبي سورة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن واصل الرقاشي عن أبي سورة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير قال وله أي للطبراني في الكبير أيضا عن أبي أيوب وحده قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال حبذا المتخللون من أمتي قالوا وما المتخللون يا رسول الله قال المتخللون بالوضوء والمتخللون، من الطعام، أما تخليل الوضوء فالمضمضة والاستنشاق وبين الأصابع، وأما تخليل الطعام فمن الطعام، أنه ليس شيء أشد على الملكين من أن يرى بين أسنان صاحبهما طعام وهو قائم يصلي، وفي إسنادهما واصل الرقاشي وهو ضعيف اهـ. (260) عن حبيب بن زيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو داود الطيالسي قال ثنا شعبة عن حبيب بن زيد الخ (تخريجه) (عل حب) وأخرجه أيضا ابن خزيمة في صحيحه بسنده عن شعبة عن حبيب بن زيد عن عباد بن تميم عن عبد الله بن زيد (أن النبي صلى الله عليه وسلم أني بثلثي مد فتوضأ فجعل يدلك ذراعيه) وحبيب وثقه النسائي وغيره وقال أبو هاشم هو صالح (الأحكام) في أحاديث الباب مشروعية غسل اليدين

زيدٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيِّ توضَّأ فجعل يقول هكذا يدلك. (11) باب في مسح الرأس والأذنين والصدغين (261) عن عروة بن قبيصة عن رجلٍ من الأنصار عن أبيه أنَّ عثمان رضى الله عنه قال ألا أريكم كيف كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بلى، فدعا بماء فمضمض ثلاثًا واستنثر ثلاثًا وغسل وجهه ثلاثًا وذراعيه ثلاثًا ومسح رأسه وغسل قدميه ثلاثًا ثمَّ قال واعلموا أنَّ الأذنين من الرَّأس ثمَّ قال قد

_ إلى المرفقين وهو فرض بلا خلاف، وفيها استحباب مجاوزة المرفقين والكعبين بالغسل بقدر الاستطاعة وبه قالت الشافعية؛ وفيها أيضا مشروعية تخليل أصابع اليدين والرجلين وهو سنة عند الجمهور إن لم يتوقف عليه وصول الماء إلى خلالهما فإن توقف عليه كان فرضا وقالت المالكية بوجوب تخليل أصابع اليدين وإن وصل الماء بدون التخليل، وفيها أيضا مشروعية الدلك وهو إمرار اليد على العضو بعد تعميمه بالماء وهو سنة عند الجمهور وقالت المالكية بوجوبه (قال الشوكاني رحمه الله) وقد صرحت الأحاديث بوجوب التخليل وثبتت من قوله صلى الله عليه وسلم وفعله ولا فرق بين إمكان وصول الماء بدون تخليل وعدمه ولا بين أصابع اليدين والرجلين فالتقييد بأصابع الرجلين أو بعدم إمكان وصول الماء لا دليل عليه اهـ. (261) عن عروة بن قبيصة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بان هرون أنبأنا الجريري عن عروة بن قبيصة الخ (تخريجه) الحديث لم أقف عليه في غير المسند عن عثمان وفيه مجهولان وله شواهد تعضده عن ثمانية من الصحابة، الأول عن عبد الله بن زيد أخرجه ابن ماجه، والثاني حديث ابن عباس أخرجه البزار، والثالث حديث أبي هريرة أخرجه ابن ماجه أيضا، والرابع حديث أبي موسى، والخامس حديث ابن عمر؛ والسادس حديث عائشة، والسابع حديث أنس أخرجها الدارقطني، والثامن حديث أبي أمامة أخرجه أبو داود والإمام أحمد والترمذي، وكلها لا تخلو من علة؛ قال الترمذي عقب حديث أبي أمامة هذا حديث ليس إسناده بذاك القائم أي ليس بالقوى، وقال ابن دقيق العيد في الإمام هذا الحديث معلول بوجهين، أحدهما الكلام في شهر بن حوشب، والثاني الشك في رفعه ولكن شهرا وثقه أحمد ويحيى والعجلي ويعقوب بن شيبة وسنان بن ربيعة (يعني الراوي عن شهر) وأخرج له البخاري وهو وإن كان لينًا فقال ابن عدي أرجو أنه لا بأس

تحرَّيت لكم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم "وتقدَّم في باب غسل الوجه من حديث أبي أمامة قال وكان النَّبي صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه مرَّةً واحدةً وكان يقول الأذنان من الرَّأس" (262) عن بسر بن سعيدٍ قال أتى عثمان المقاعد فدعا بوضوء فتمضمض واستنشق ثمَّ غسل وجهه ثلاثًا ويديه ثلاثًا ثلاثًا ثمَّ مسح برأسه ورجليه ثلاثًا ثلاثًا ثمَّ قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ، يا هؤلاء أكذاك؟ قالوا نعم لنفرٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عنده. (263) عن زرِّ بن حبيشٍ قال مسح عليٌّ رضي الله عنه رأسه في الوضوء حتَّى أراد أن يقطر (1) وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ.

_ به وقال ابن معين ليس بالقوى فالحديث عندنا حسن والله أعلم اهـ كلام ابن دقيق (قلت) وحديث أبي إمامة المشار إليه تقدم بتمامه وسنده في باب غسل الوجه وقد أتينا بطرف منه يناسب الباب عقب حديث عثمان وهو قوله "الأذنان من الرأس". (262) عن بشر بن سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن الأشجعي ثنا أبي عن سفيان عن سالم أبي النصر عن بشر بن سعيد الخ (تخريجه) (د. قط. هق. بز. خز وغيرهم) وكلها لا تخلو من مقال وقال البيهقي عقب هذا الحديث روى من أوجه غريبة عن عثمان وفيها مسح الرأس ثلاثا إلا أنها مع خلاف الحفاظ الثقات ليست بحجة عند أهل المعرفة وإن كان بعض أصحابنا يحتج بها اهـ وقال أبو داود وأحاديث عثمان الصحاح كلها تدل على مسح الرأس أنه مرة فإنهم ذكروا الوضوء ثلاثا وقالوا فيها ومسح رأسه لم يذكروا عددًا كما ذكروا في غيره اهـ. (263) عن زر بن حبيش (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مروان بن معاوية الفزاري ثنا ربيعة بن عتبة الكناني عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش الخ (غريبه) (1) أي كاد يقطر الماء كما في حديث معاوية الآتي، وفيه استحباب تخفيف المسح وعدم المبالغة بحيث يقطر الماء (تخريجه) (هق. د) قال الحافظ في التلخيص والحديث أعله أبو زرعة إنما يروى عن المنهال عن أبي حية عن على اهـ وقال ابن القطان لا أعلم لهذا الحديث علة والله أعلم.

(264) حدّثنا عبد الله حدَّثني أبى ثنا سريج بن النُّعمان قال ثنا عبد الله ابن وهب المصري عن عمرو بن الحارث بن يعقوب الأنصاريِّ أنَّ حبان بن واسع الأنصاري حدثه أنَّه سمع عبد الله بن زيد بن عاصم لمازنَّي يذكر أنَّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ فمضمض واستنشق ثمَّ غسل وجهه ثلاثًا ويده اليمنى ثلاثًا والأخرى ثلاثًا ومسح رأسه بماء غير فضل يده وغسل رجليه أنقاهما. (265) وعنه أيضًا أنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مسح رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر بدأ بمقدَّم رأسه ثمَّ ذهب بهما إلى قفاه ثمَّ ردَّهما حتَّى رجع إلى المكان الذي بدأ منه ثم غسل رجليه. (266) عن عبد خير "يصف وضوء علي رضي الله عنه" قال ثمَّ وضع يده في الرَّكوة فمسح بها رأسه بكفَّيه جميعًا مرَّة واحدةً ثمَّ غسل رجليه ثلاثًا ثلاثًا ثمَّ قال "عليٌّ" هذا وضوء نبيِّكم صلى الله عليه وسلم فاعلموه (وفي روايةٍ قال ومسح برأسه فبدأ بمقدِّم رأسه إلى مؤخَّرة وقال ولا أدري أردَّ يده أم لا وغسل رجليه ثمَّ قال من أحبَّ أن ينظر إلى وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم)

_ (264) حدّثنا عبد الله الخ (تخريجه) (م. والدارمي، د. ومذ) وقال حسن صحيح. (265) وعنه أيضاً الخ هذا طرف من حديث تقدم بطولة وسنده في الفصل الثالث من الباب الخامس في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه (لك. ق. والأربعة) وغيرهم مطولا ومختصرًا). (266) عن عبد خير الخ هذا طرف من حديث ذكر بتمامه وسنده في الباب الثامن في المضمضة والاستنشاق فارجعا إليه.

(367) عن طلحة الأياميِّ عن أبيه عن جدِّه أنَّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه حتَّى بلغ القذال وما يليه من مقدَّم العنق بمرَّةٍ، قال القذال السَّالفة العنق. (268) عن المقدام بن معديكرب الكنديِّ رضي الله عنه قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوءٍ فتوضَّأ فغسل كفَّيه ثلاثًا ثمَّ غسل وجهه ثلاثًا ثمَّ غسل ذراعيه ثلاثًا ثمَّ تمضمض واستنشق ثلاثًا ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما وغسل رجليه ثلاثًا. (269) عن أبي الأزهر عن معاوية "بن أبي سفيان" رضي الله عنهما

_ (267) عن طلحة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد لصمد بن عبد الوارث قال حدثني أبي قال ثنا ليث عن طلحة عن أبيه عن جده أنه رأى الخ (غريبه) (1) هو طلحة بن مصرف بضم أوله وفتح ثانيه وكسر ثالثه مشددًا وجده هو عمرو بن كعب أو كعب بن عمرو على اختلاف الروايات (2) القذال القاف والذال المعجمة. كسحاب هو مؤخر الرأس وجمعه فذل ككتب وأقذلة كأغلمة وفسره بعض الرواة بأنه أول القفا، والقفا بفتح القاف مقصور هو مخر العنق كذا في المصباح، وفي المحكم وراء العنق يذكر ويؤنث (والحاصل) أن القذال هو مؤخر الرأس، وأول القفا هو مرخر الرأس أيضا، لأن القفا بغير إضافة لفظ أول إليه هو مؤخر العنق، فابتداء العنق هو مؤخر الرأس، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم مسح رأسه مرة واحدة من مقدم الرأس إلى منتهاه (تخريجه) أخرجه الطحاوي وابن سعد والطبراني وفيه مقال من جهة جهالة والد طلحة والخلاف في صحبة جده، وفي إسناده أيضا ليث بن أبي سليم وهو ضعيف قال ابن حبان كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل ويأتي عن الثقات بما ليس من حديثهم، تركه يحيى بن القطان وابن مهدي وابن معين وأحمد بن حنبل وقال النووي في تهذيب الأسماء اتفق العلماء على ضعفه (وأخرج الحديث أيضا) أبو داود وذكر له علة أخرى عن الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله قال كان ابن عيينة ينكره ويقول ايش هذا طلحة بن مصرف عن أبيه عن جده. (268) عن المقدام الخ الحديث تقدم في الباب الثامن من المضمضة والاستنشاق وتقدم الكلام عليه وافيا وإنما كررته هنا لقوله ومسح برأسه وأذنيه ظاهرهما وباطنهما. (269) عن أبي الأزهر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن

أنَّه ذكر لهم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنَّه مسح رأسه بغرفةٍ من ماءٍ حتَّى يقطر الماء من رأسه أو كاد يقطر وأنَّه أراهم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمَّا بلغ مسح رأسه وضع كفَّيه على مقدَّم رأسه ثمَّ مرَّ بهما حتَّى بلغ القفا ثمَّ ردَّهما حتى بلغ المكان الَّذي بدأ منه. (270) حدثنا عبد الله حدَّثني أبى ثنا سفيان قال ثنا عمرو بن يحيى ابن عمارة بن أبي حسنٍ المازني الأنصاري عن أبيه عن عبد الله بن زيدٍ رضى الله عنه أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم توضأ، قال سفيان ثنا يحيى بن سعيدٍ عن عمرو بن يحيى منذ أربعٍ وسبعين سنة وسألته بعد ذلك بقليل وكان يحيى أكبر منه، قال سفيان سمعت منه ثلاثة أحاديث، فغسل يديه مرَّتين ووجهه ثلاثًا ومسح برأسه مرتين، قال أبي سمعته من سفيان ثلاث مرَّات يقول غسل رجليه مرتين، وقال مرَّةً مسح برأسه مرَّةً، وقال مرَّتين مسح برأسه مرَّتين. (271) عن الرُّبيِّع بنت معوِّذ بن عفراء رضى الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها "قالت" فرأيته مسح على رأسه مجاري الشَّعر ما أقبل منه وما أدبر ومسح صدغيه (1) وأذنيه ظاهرهما وباطنهما (وعنها من

_ بحر ثنا الوليد بن مسلم قال ثنا عبد الله بن العلاء عن أبي الأزهر الخ (تخريجه) (د. والطحاوي) ورجاله كلهم ثقات وسكت عنه أبو داود والمنذري. (270) حدّثنا عبد الله الخ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال هو في الصحيح خلا قوله مسح برأسه مرتين رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ. (271) عن الربيع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا محمد بن عجلان عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن الربيع بنت معوذ الخ (غريبه) (1) تثنية صدغ بضم الصاد المهملة وسكون الدال الموضع الذي

طريقٍ ثانٍ) (1) قالت أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعنا له الميضأة فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا ومسح برأسه مرَّتين بدأ بمؤخَّره وأدخل أصبعيه في أذنيه (وفي رواية في حجر أذنيه). (272) (وعنها أيضًا في روايةٍ أخرى) قالت ومسح رأسه بما بقى من وضوئه في يديه مرَّتين بدأ بمؤخَّره ثمَّ ردَّ يده إلى ناصيته ومسح أذنيه مقدَّمهما ومؤخَّرهما (وعنها من طريق آخر) (2) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها فمسح الرَّأس كلَّه من فوق الشَّعر كلَّ ناحيةٍ لمنصبِّ الشَّعر لا يحرِّك الشَّعر عن هيئته.

_ بين العين والأذن والشعر المتدلي على ذلك الموضع (1) وعنها من طريق ثان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيع بنت معوذ بن عفراء قالت أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د. جه. هق. ومد) وقال حديث حسن (قلت) وفي إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل وفيه مقال لكن وثقة الإمام أحمد والنسائي، والحديث له عدة طرق يعضد بعضها بعضا والله أعلم. (273) "وعنها أيضاً في رواية أخرى" هذا طرف من حديث طويل تقدم بتمامه وسنده في الفصل الثالث من الباب الخامس في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس قال ثنا ليث عن محمد بن عجلان عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبي طالب عن الربيع بنت معوذ بن عفراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها الخ (تخريجه) (د) وفي إسناده عبد لله بن محمد بن عقيل وقد علمت ما فيه من الكلام (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية مسح الرأس كله بكفيه جميعا لنهاية الشعر من كل جهة بماء غير فضل يده حتى يكاد يقطر "وفيها" أيضا استحباب البداءة بمقدم الرأس، وفي رواية أنه صلى الله عليه وسلم بدء بمؤخرة والأول أصح "وفيها" أن الصدغين من الرأس يمسحان معه، والأذنين كذلك من الرأس كذلك من الرأس يمسحان معه ظاهرًا وباطناً، وفيها أن مسح الرأس والأذنين مرة واحدة، وفي رواية مرتين والأولى أصح (قال النووي) رحمه الله وقد اتفق العلماء على استحباب مسح الرأس كله وعلل ذلك بأنه طريق إلى استيعاب الرأس ووصول الماء إلى جميع شعره، وقد ذهب إلى وجوبه أكثر العترة ومالك

(12) باب في المسح على العمامة والخمار والتساخين (273) عن ثوبان "مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريَّةً فأصابهم البرد فلمَّا قدموا على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم شكوا إليه ما أصابهم من البرد فأمرهم أن يمسحوا على العصائب (1) والتَّساخين. (274) وعنه أيضًا قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ ومسح على الخفَّين وعلى الخمار (2) ثمَّ العمامة. (275) عن عمرو بن أميَّة الضَّمريِّ رضى الله عنه أنَّه رأى رسول الله

_ والمزني والجبائي وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل وابن علية، وقال الشافعي يجزئ مسح بعض الرأس ولم يحده بحد، قال ابن سيد الناس في شرح الترمذي وهو قول الطبري، وقال أبو حنيفة الواجب الربع، وقال الثوري والأوزاعي والليث يجزئ مسح بعض الرأس ويمسح المقدم وهو قول أحمد وزيد بن علي والناصر والباقر والصادق اهـ من النيل. (273) عن ثوبان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن ثور عن راشد بن سعد عن ثوبان الخ (غريبه) (1) هي العمائم فسرها بذلك أبو عبيد وسميت عصائب لأن الرأس يعصب بها فكل ما عصت به رأسك من عمامة أو منديل أو عصابة فهو عصابة (والتساخين) نفتح المثناة الفوقية والحين المهملة المخففة وبالخاء المعجمة هي الخفاف قال ابن رسلان ويقال أصل ذلك كل ما يسحن به القدم من خف وجورب ونحوهما ولا واحد لها من لفظها، وقيل واحدها تسخان وتسخين، هكذا في كتب اللغة والغريب (تخريجه) (ك. د) وسكت عنه المنذري وأبو داود فهو صالح للاحتجاج به. (274) عنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحسن بن سوار ثنا ليث يعني ابن سعد عن معاوية عن عتبة أبي أمية الدمشقي عن أبي سلام الأسود عن ثوبان "الحديث" (غريبه) (2) بكسر الخاء المعجمة النصيف وكل ما ستر شيئا فهو خماره، كذا في القاموس والمراد به هنا العمامة كما صرح بذلك النووي في شرح مسلم قال لأنها تخمر الرأس أي تغطية (تخريجه) (ك. د) وله شاهد عند مسلم من حديث المغيرة بن شعبة بلفظ ومسح بناصيته وعلى العمامة وعلى الخفين، وعند الترمذي وصححه عن المغيرة أيضاً قال توضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومسح على الخفين والعمامة. (275) عن عمرو بن أمية الضمري (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي

صلى الله عليه وسلم مسح على الخفَّين والعمامة (وفي لفظٍ) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفَّين والخمار. (276) عن أبى مسلمٍ مولى زيد بن صوحان العبديِّ قال كنت مع سلمان الفارسي فرأى رجلًا قد أحدث وهو يريد أن ينزع خفَّيه فأمره سلمان أن بمسح على خفَّيه وعلى عمامته ويمسح بناصيته، وقال سلمان رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفَّيه وعلى خماره. (277) عن بلال رضي الله عنه وقد سأله عبد الرَّحمن بن عوفٍ رضى الله عنه كيف مسح النَّبي صلى الله عليه وسلم على الخفَّين قال تبرز ثمَّ دعا بمطهرةٍ "أي إداوةٍ" فغسل وجهه ويديه ثمَّ مسح على خفَّيه وعلى خمار العمامة، قال عبد الرَّزَّاق ثمَّ دعا بمطهرةٍ بالإداوة (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (1) قال رأيت رسول الله

_ ثنا أبو المغيرة ثنا عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير اليماني عن أبي سلمة عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمري عن أبيه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (خ. حه) (276) عن أبي مسلم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا داود يعني ابن أبي الفرات ثنا محمد بن زيد عن أبي شريح عن أبي مسلم الخ (تخريجه) (د. مذ. في العلل) وفي إسناده أبو شريح قال الترمذي سألت محمد بن إسماعيل "يعني البخاري" عنه ما اسمه فقال لا أدري لا أعرف اسمه، وفي إسناده أيضا أبو مسلم مولى زيد ابن صوحان وهو مجهول قال الترمذي لا أعرف اسمه، ولا أعرف له غير هذا الحديث اهـ شوكاني (قلت) أما أبو شريج فقد قال فيه الحافظ في التقريب أو شريح عن أبي مسلم العبدي مقبول من السادسة، وأما أبو مسلم فقد قال فيه الحافظ في التقريب أيضا أبو مسلم العبدي مولى زيد بن صوحان مقبول من الثالثة اهـ. (277) عن بلال (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر وعبد الرزاق قالا أنا ابن جريج أخبرني أبو بكر بن حفص بن عمر أخبرني أبو عبد الرحمن عن أبي عبد الله أنه سمع عبد الرحمن بن عوف يسأل بلالا كيف مسح النبي صلى الله عليه وسلم على الخفين الخ (1) وعنه من طريق ثان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان

صلى الله عليه وسلم يمسح على الموقين (1) والخمار (وعنه من طريقٍ ثالث) (2) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال امسحوا على الخفَّين والخمار. (278) عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه "يصف وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم" قال فغسل وجهه وغسل ذراعيه ومسح بناصيته ومسح على العمامة وعلى الخفَّين "الحديث بتمامه تقدَّم في باب صفة الوضوء".

_ ثنا حماد يعني ابن سلمة ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي إدريس عن بلال قال رأيت الخ (غريبه) (1) هما ضرب من الخفاف قاله ابن سيده والأزهري، وهو مقطوع الساقين قاله في الضياء، وقال الجوهري الموق الذي يلبس فوق الخف قيل وهو عربي وقيل فارسي معرب اهـ (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن سعيد أنا محمد بن راشد قال سمعت مكحولا يحدث عن نعيم بن خمار عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال امسحوا الخ (تخريجه) (ق. والأربعة). (278) عن المغيرة بن شعبة الخ هذا طرف من حديث تقدم بطوله وسنده وتخريجه في الفصل الثالث من الباب الخامس من أبواب الوضوء (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على رأسه فقط وعلى العمامة فقط وعلى الرأس والعمامة والشكل صحيح ثابت (قال النووي) رحمه الله في شرح مسلم عند قوله ومسح بناصيته وعلى العمامة هذا مما احتج به أصحابنا على أن مسح بعض الرأس يكفي ولا يشترط الجميع لأنه لو وجب الجميع لما اكتفى بالعمامة عن الباقي فإن الجمع بين الأصل والبدل في عضو واحد لا يجوز كما لو مسح على خف واحد وغسل الرجل الأخرى "وأما التتميم" بالعمامة فهو عند الشافعي وجماعة على الاستحباب لتكون الطهارة على جميع الرأس، ولا فرق بين أن يكون لبس العمامة على طهر أو على حدث، وكذا لو كان على رأسه قلنسوة ولم ينزعها مسح بناصيته ويستحب أن يتم على القلنسوة كالعمامة، ولو اقتصر على العمامة ولم يمسح شيئا من الرأس لم يجزه ذلك عندنا بلا خلاف وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأكثر العلماء رحمهم الله تعالى، "وذهب" أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى إلى جواز الاقتصار "أي على مسح العمامة" ووافقه عليه جماعة من السلف والله أعلم اهـ (قلت) الظاهر ما ذهب إليه الإمام أحمد ومن وافقه لأعمال أحاديث الباب والله أعلم بالصواب.

(13) باب في غسل الرجلين وما يتبع ذلك وفيه فصول (الفصل الأول في صفة غسل الرجلين) (279) عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن عبد الله بن زيد بن عاصم رضى الله عنه وقد وصف لهم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم غسل رجليه إلى الكعبين ثم قال هكذا كان وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية ثم غسل رجليه حتى أنقاهما). (280) عن يزيد بن أبي مالك وأبي الأزهر أن معاوية رضى الله عنه أراهم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثلاثًا ثلاثًا وغسل رجليه بغير عدد (1). (الفصل الثاني في إسباغ الوضوء وقوله صلى الله عليه وسلم ويل للأعقاب من النار) (281) عن سالم سبلان قال خرجنا مع عائشة رضى الله عنها إلى مكة قال وكانت تخرج بأبي يحيى التيميِّ يصلى بها فأدركنا عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق فأساء عبد الرحمن الوضوء فقالت عائشة يا عبد الرحمن أسبغ

_ (279) عن عمرو بن يحيى ألخ هذا طرف من حديث طويل ذكر بتمامه وسنده وتخريجه في الفصل الثالث من الباب الخامس من أبواب الوضوء وهو حديث صحيح. (280) عن يزيد بن أبي مالك "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن بحر قال ثنا الوليد يعني ابن مسلم قال ثنا عبد الله بن العلاء أنه سمع يزيد يعني ابن أبي مالك وأبا الأزهر يحدثان عن وضوء معاوية قال يريهم وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوضأ ثلاثا ثلاثا وغسل رجليه بغير عدد "غريبه" (1) أي حتى أنقاهما من الوسخ وقد صرح بذلك في الحديث السابق فقال ثم غسل رجليه حتى أنقاهما، وهو محمول على ما إذا كان بالقدمين وساخة تحتاج إلى زيادة عن الثلاث وإلا فالإقتصار على الثلاث أفضل، وهو السنة "تخريجه" أخرجه أبو داود والطحاوي وإسناده جيد وسكت عنه أبو داود والمنذري. (281) عن سالم سبلان "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين قال

الوضوء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ويل (1) للأعقاب يوم القيامة من النار (ومن طريق آخر) (2) عن أبي سلمة قال توضأ عبد الرحمن عند عائشة رضى الله عنها فقالت يا عبد الرحمن أسبغ الوضوء فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ويلٌ للعراقيب من النار (3). (282) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومًا يتوضَّؤون فلم يمسَّ أعقابهم الماء، فقال ويلٌ للأعقاب (وفي روايةٍ للعراقيب) من النَّار. (283) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومًا يتوضَّؤون وأعقابهم تلوح (4) فقال ويلٌ للأعقاب

_ أن ابن أبي ذئب عن عمران بن بشير عن سالم سبلان الخ "غريبه" (1) أي هلكة وخيبة قاله النووي رحمه الله، وقال الحافظ ابن حجر اختلف في معناه على أقوال أظهرها ما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث أبي سعيد مرفوعاً "ويل واد في جهنم" قال وجاز الابتداء بالنكرة لأنه دعاء. اهـ والأعقاب جمع عقب بكسر القاف وسكونها وهو مؤخر القدم قال البغوي معناه لأصحاب الأعقاب المقصرين في غسلها، وقيل أراد أن العقب يختص بالعقاب إذا قصر في غسله، زاد القاضي عياض فإن مواضع الوضوء لا تمسها النار لما جاء في أثر السجود أنه محرم على النار (2) ومن طريق آخر "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن ابن عجلان عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي سامة ألخ "غريبه". (3) العراقيب جمع عرقوب بضم العين في المفرد وفتحها في الجمع وهو القصبة التي فوق العقب "تخريجه" (م. هق. وغيرهما) ورواية العراقيب عند مسلم من حديث أبي هريرة. (282) عن جابر عبد الله "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر "الحيث" "تخريجه" أخرجه أيضاً (جه) ورجاله ثقات. (283) عن عبد الله بن عمرو "سنده" حدثنا عبد الله. حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان وعبد الرحمن عن سفيان عن منصور عن هلال بن يساف عن أبي يحيى عن عبد الله بن عمرو الخ "غريبه". (4) أي تظهر يبوستها ويبصر الناظر فيها بياضًا لم

من النَّار، أسبغوا الوضوء. (274) عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. (285) عن عبد الله بن الحارث بن جزء رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ويلٌ للأعقاب وبطون الأقدام من النَّار. (286) ز عن سعيد بن خثم الهلاليِّ قال حدثني جدتي ربعيَّة بنت عياضٍ الكلابيَّة عن جدَّها عبيدة بن عمرو الكلابِّي رضى الله عنه قال

_ يصبه الماء، وفي رواية مسلم تلوح لم يمسها الماء "تخريجه" (م. نس. جه. والدارمي) واتفق البخاري ومسلم على إخراجه عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمرو بنحوه. (284) عن أبي هريرة "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم عن شعيب عن محمد بن زياد عن أبي هريرة ألخ "تخريجه" (م. وغيره). (285) عن عبد الله بن جزء "سنه" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا حيوة بن شريح عن عقبة بن مسلم قال سمعت عبد الله بن الحارث بن جزء يقول سمعت ألخ "تخريجه" (طب. خز) ورواه أيضًا الإمام أحمد من طريق آخر عن عبد الله بن جزء موقوفا عليه بإسناد ليس فيه ابن لهيعة، وأحاديث الباب تعضده. (286) ز عن سعيد بن خثيم "سنده" حدثنا عبد الله قال حدثني إسماعيل بن إبراهيم أبو معمر الهذلي ثنا سعيد بن خثيم ألخ "تخريجه" أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير ورجال أحمد ثقات "قلت" هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه، فقول الهيثمي رحمه الله رواه أحمد أما سهو أو سبق قلم، والله أعلم. "الأحكام" أحاديث الباب تدل على وجوب غسل الرجلين وإلى ذلك ذهب الجمهور "قال النووي رحمه الله" اختلف الناس في ذلك على مذاهب فذهب جميع الفقهاء من أهل الفتوى في الأعصار والأعصار إلى أن الواجب غسل القدمين مع الكعبين ولا يجزئ مسحهما ولا يجب المسح مع الغسل ولم يثبت خلاف هذا عن أحد يعتد به في الإجماع "وقال الحافظ" في الفتح لم يثبت عن أحد من الصحابة خلاف ذلك إلا عن علي وابن عباس وأنس وقد ثبت عنهم الرجوع عن ذلك، وقال عبد الرحمن ابن أبي ليلى أجمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غسل الندمين رواه سعيد بن منصور، وأدعى الطحاوي وابن حزم أن المسح منسوخ، وقالت الأمامية والواجب مسحهما، وقال محمد بن جرير

رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتوضَّأ فأسبغ الطهور، وكانت هي إذا توضأت أسبغت الطهور حتى ترفع الخمار فتمسح رأسها. (الفصل الثالث في تخليل أصابع الرجلين) (287) عن المستورد بن شدَّادٍ رضى الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأ خلل أصابع رجليه بخنصره. (288) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء من أمر الصلاة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خلِّل أصابع يديك ورجليك

_ الطبري والجبائي والحسن البصري أنه مخير بين الغسل والمسح، وقال بعض أهل الظاهر يجب الجمع بين الغسل والمسح. اهـ "قلت" وحجة الجمهور مداومته صلى الله عليه وسلم على غسل الرجلين وعدم ثبوت المسح عنه من وجه صحيح، وتوعده من مسح بقوله "ويل للأعقاب من النار" وأمره بالغسل كما ثبت في حديث جابر عند الدارقطني بلفظ "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا توضأنا للصلاة أن نغسل أرجلنا" وحديث عثمان بن عفان رضي الله عنه "قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فغسل وجهه ثلاثًا ويديه ثلاثاً ومسح برأسه وغسل يديه" وتقدم هذا الحديث في الباب الخامس في صفة وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقوله صلى الله عليه وسلم للإعرابي توضأ كما أمرك الله، ثم ذكر له صفة الوضوء وفيها غسل الرجلين، وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة والله أعلم، وفي أحاديث الباب أيضاً الحث على إسباغ الوضوء وعدم التهاون في شيء من واجباته وتوعد من تهاون في شيء من ذلك بالنار، نعوذ بالله منها ونسأله الهداية والتوفيق. (278) عن المستورد بن شداد "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود قال أنا ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن المستورد بن شداد "الحديث" "تخريجه" (الأربعة) وفي إسناده ابن لهيعة لكن تابعه الليث بن سعد وعمرو بن الحارث أخرجه البيهقي والدولابي والدارقطني في غرائب مالك من طريق ابن وهب عن الثلاثة وصححه ابن القطان. (288) عن ابن عباس "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود الهاشمي ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن صالح مولى التوءمة قال سمعت ابن عباس يقول سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم "الحديث" "تخريجه" (جه. مذ. ك)

يعني إسباغ الوضوء، وكان فيما قال له إذا ركعت فضع كفَّيك على ركبتيك حتى تطمئنَّ (وفي رواية حتى تطمئنَّا) وإذا سجدت فأمكن جهتك من الأرض حتى تجد حجم الأرض. (14) باب في اللمعة والموالاة والحث على إحسان الوضوء (289) عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد توضأ وترك على قدمه مثل موضع الظُّفر فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجع فأحسن وضوءك. (290) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أخبره أنه رأى رجلًا توضأ فترك موضع (1) ظفرٍ على ظهر قدمه فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال ارجع فأحسن وضوءك فرجع فتوضَّأ ثم صلى.

_ وفيه صالح مولى التوءمة وهو ضعيف، لكن حسنه البخاري لأنه من رواية موسى بن عقبة عن صالح، وسماع موسى منه قبل أن يختلط اهـ شوكاني "قلت" وفي الحديثين مشروعية تخليل أصابع اليدين والرجلين في الوضوء والغسل، وقد تقدم الكلام على حكم ذلك والخلاف فيه في باب غسل اليدين إلى المرفقين فارجع إليه إن شئت. (289) عن أنس بن مالك "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون قال أبو عبد الرحمن وسمعته أنا من هارون غير مرة ثنا عبد الله بن وهب قال حدثني جرير بن حازم أنه سمع قتادة بن دعامة ثنا أنس بن مالك "الحديث" "تخريجه" (د. قط. جه. خز) وقال انفرد به جرير بن حازم عن قتادة وهو ثقة اهـ. (290) عن جابر بن عبد الله "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله "الحديث" "غريبه". (1) أي مثل مضوع الظفر كما فسرته الرواية الأولى "تخريجه" (م) ولم يذكر فتوضأ ثم صلى.

(291) عن خالد بن معدان عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلي وفي ظهر قدمه لمعة (1) قدر الدِّرهم لم يصبها الماء فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعيد الوضوء. (292) عن أبي روحٍ الكلاميِّ رضى الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح فقرأ بالرُّوم فتردَّد في آيةٍ فلما انصرف قال إنه يلبِّس علينا القرآن أن أقوامًا يصلون معنا لا يحسنون الوضوء، فمن شهد الصلاة معنا فليحسن الوضوء (وعنه من طريق ثان بنحوه) (2) وفيه إنما لبس علينا

_ (291) عن خالد بن معدان "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم ابن أبي العباس ثنا بقية ثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان ألخ "غريبه" (1) بضم فكون أي ترك بقعة يسيرة لم يصلها الماء، وهي في الأصل قطعة من النبت إذا أخذت في اليبس (نه) "تخريجه" (د) وزاد والصلاة بعد قوله أن يعيد الوضوء، قال الأثرم قلت لأحمد هذا إسناده جيد قال جيد، قال فقلت له إذا قال رجل من التابعين حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمه فالحديث صحيح قال نعم، قاله الحافظ في التلخيص. (292) عن أبي روح الكلاعي "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا زائدة ثنا عبد الملك بن عمير قال سمعت شبيبًا أبا روح من ذي الكلاع أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم الصبح فقرأ بالروم ألخ (2) "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبا ثنا إسحق بن يوسف عن شريك عن عبد الملك بن عمير عن أبي روح الكلاعي "الحديث بنحوه" "تخريجه" أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، ورواه النسائي عن أبي روح عن رجل اهـ "قلت" وللإمام أحمد طريق ثالث عن رجل من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وأبو روح اسمه شبيب بن نعيم قال الحافظ ثقة من الثالثة أخطأ من عده في الصحابة اهـ "الأحكام" الحديث الأول من أحاديث الباب يدل على أن من ترك لمعة في عضو من أعضاء الوضوء وجب عليه غسل ما ترك فقط لا إعادة الوضوء لأنه صلى الله عليه وسلم أمره فيه بالإحسان لا بالإعادة، والإحسان يحصل بمجرد غسل ذلك العضو، والحديث الثاني مثل الأول في الدلالة إلا أن قول عمر رضي الله عنه فيه "فرجع فتوضأ ثم صلى" يشعر بأن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم "ارجع فاحسن وضوءك" إعادة الوضوء

الشَّيطان القراءة من أجل أقوامٍ يأتون الصلاة بغير وضوء فإذا أتيتم الصلاة فأحسنوا الوضوء. (15) باب في الوضوء مرة ومرتين وثلاثًا وكراهة الزيادة (293) عن عطاء بن يسار عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه توضأ فغسل كلَّ عضوٍ منه غسلةً واحدةً ثم ذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله. (294) عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرةً مرةً. (295) عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. (296) عن المطَّلب بن عبد الله بن حنطب قال كان ابن عمر يتوضأ

_ من أوله، ولا مانع من ذلك على سبيل الاستحباب، والحديث الثالث فيه التصريح بإعادة الوضوء، وقد احتج به القائلون بوجوب الموالاة، لأن الأمر بالإعادة للوضوء كاملا للإخلال بها بترك اللمعة، وهم الأئمة الأوزاعي ومالك وأحمد والشافعي في قول، واستدل بالحديث الأول والثاني القائلون بعدم وجوب الموالاة وهم العترة وأبو حنيفة والشافعي في قول له، وللمسألة تفصيل في كتب الفقه؛ والحديث الرابع بروايتيه يدل على طلب إحسان الوضوء مطلقا، وعلى عدم التهاون بترك شيء من وجباته والله أعلم. (293) عن عطاء بن يسار "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس الخ "تخريجه" لم أقف عليه في غير الكتاب وإسناده في غاية الجودة ورجاله من رجال الصحيحين. (294) عن ابن عباس "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن ابن عباس الخ "تخريجه" (خ. والأربعة). (295) عن عمر بن الخطاب "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا الضحاك بن شرحبيل عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ مرة مرة، وله طريق آخر عن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه توضأ علم تبوك واحدة واحدة، وفيه رشدين بن سعد "تخريجه" (جه والترمذي) وقال ليس بشيء. (296) عن المطلب بن عبد الله "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح قال ثنا الأوزاعي عن المطلب بن عبد الله بن حنطب الخ "تخريجه" لم أقف

ثلاثًا يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وكان ابن عباس يتوضأ مرة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. (297) عن عمارة بن عثمان بن حنيفٍ حدثني القيسىُّ أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فبال فأتى بماءٍ فهال على يده من الإناء فغسلها مرَّة وعلى وجهه مرة وعلى ذراعيه مرَّة وغسل رجليه مرَّة بيديه كلتيهما، وقال في حديثه التف إصبعه الإبهام. (298) عن عبد لله بن زيد الأنصاريِّ ثم المازنيِّ رضى الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم توضأ مرتين مرتين. (299) عن أبي هريرة رضى الله عنه مثله.

_ عليه، وفي إسناده المطلب بن عبد الله بن حطب وثقه أبو زرعة والدارقطني وقال ابن سعد كان كثير الحديث ولا يحتج بحديثه لأنه يرسل عن النبي صلى الله عليه وسلم اهـ خلاصة. (297) عن عمارة بن عثمان "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي جعفر المديني قال سمعت عمارة بن عثمان بن حنيف الخ "تخريجه" لم أقف عليه وسنده جيد؛ وأبو جعفر المديني يقال له أبو جعفر القاري أيضاً واسمه يزيد ابن القعقاع قال ابن سعد كان ثقة قليل الحديث وكان أمام أهل المدينة في القاهرة، وقال ابن المثني مات سنة سبع وعشرين ومائة اهـ خلاصة وقال في التهذيب، وثقه ابن معين والنسائي وقال أبو حاتم صالح الحديث اهـ. (298) عن عبد الله بن زيد "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس وسريج قالا ثنا فليح عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم بن عباد بن تميم الأنصاري ثم المازني عن عبد الله بن زيد "الحديث" "تخريجه" (خ). (299) عن أبي هريرة "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب ثنا ابن ثوبان قال حدثني عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ مرتين مرتين "تخريجه" (د. مذ) وقال حسن غريب وفيه عبد الله بن الفضل وقد روى له الجماعة ولكنه تفرد عنه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان ومن أجله كان حسنا وقال أبو داود وابن المديني وأبو زرعة والإمام أحمد لا بأس به.

(300) عن عثمان بن عفَّان رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ ثلاثًا ثلاثًا. (301) عن أبي أمامة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ فغسل يديه ثلاثًا ثلاثًا وتمضمض واستنشق ثلاثًا ثلاثًا وتوضَّأ ثلاثًا ثلاثًا. (302) عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال من توضَّأ واحدةً فتلك وظيفة الوضوء الَّتي لابدَّ منها، ومن توضَّأ اثنتين فله كفلان، ومن توضَّأ ثلاثًا فذلك وضوئي ووضوء الأنبياء قبلي. (303) عن أنس رضي الله عنه أنَّ عثمان رضى الله عنه توضَّأ بالمقاعد ثلاثًا ثلاثًا وعنده رجالٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أليس هكذا رأيتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ، قالوا نعم

_ (300) عن عثمان بن عفان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن إسرائيل عن عامر بن شقيق عن أبي وائل عن عثمان الخ (تخريجه) الحديث أخرجه (م) وأخرجه أيضا (د. نس. جه، مذ) عن على بهذا اللفظ وقال هو أحسن شيء في هذا الباب. (301) عن أبي أمامة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا حماد ابن سلمة عن عمرو بن دينار عن سميع عن أبي أمامة "الحديث" (تخريجه) أخرجه أيضا (طب) عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ فغسل كفيه ثلاثا وذراعيه ثلاثا قال الهيثمي رواه الطبراني في الكبير من طريق سميع عن أبي أمامة وأسناده حسن. (302) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر أنا أبو إسرائيل عن زيد العمى عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (1) أي نصيبان من الأجر (تخريجه) (حب) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وفيه زيد العمى وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله رجال الصحيح قال ولابن عمر عند ابن ماجه حديث مطول في هذا، وفي كل من الحديثين ما ليس في الآخر والله أعلم اهـ. (303) عن أنس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثا سفيان عن أبي النضر عن أنس أن عثمان رضى الله عنه الخ، وله طريق آخر عن أبي وائل عن عثمان رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا الخ (تخريجه) (م).

(304) ز عن عبد خيرٍ عن عليٍ رضي الله عنه قال هذا وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثًا ثلاثًا. (305) عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدَّه قال جاء أعرابي إلى النَّبِّي صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء فأراه ثلاثًا ثلاثًا قال هذا الوضوء فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدَّى وظلم

_ (304) ز عن عبد خير (سنده) حدّثنا عبد الله ثنا إسحاق بن إسماعيل ثنا وكيع ثنا الحسن بن عقبة أبو كبران عن عبد خير الخ (تخريجه) (د. نس. جه. ومذ) وقال حديث علي أحسن شيء في هذا الباب وأصح. (305) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعلى ثنا سفيان عن موسى بن أبي عائشة عن عمرو بن شعيب الخ (تخريجه) (نس، جه د. خز) قال الحافظ روى من طرق صحيحة، وصرح في الفتح أنه صححه ابن خزيمة وغيره (الأحكام) (أحاديث الباب) تدل على أن الوجوب من الوضوء مرة ولهذا اقتصر عليه النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان الواجب مرتين أو ثلاثا لما اقتصر على مرة (قال النووي رحمه الله) وقد أجمع المسلمون على أن الواجب في غسل الأعضاء مرة مرة، وعلى أن الثلاث سنة وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالغسل مرة مرة ومرتين مرتين وثلاثا ثلاثا وبعض الأعضاء ثلاثا وبعضها مرتين والاختلاف دليل على جواز ذلك كله وأن الواحدة تجزئ وأن الثلاث هي الكمال اهـ (م) وفي الحديث الأخير من الباب دلالة على أن مجاوزة الثلاث الغسلات من الاعتداء في الطهور وقد أخرج الإمام أحمد أيضاً كما سيأتي في كتاب الأذكار وأبو داود وابن ماجه من حديث عبد الله بن مغفل أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "أنه سيكون في هذه الأمة قوم يعتدون في الطهور والدعاء" وأن فاعله مسيء وظالم حيث أساء بترك الأولى وتعدى حد السنة وظلم أي وضع الشيء في غير موضعه (قال النووي رحمه الله) وقد أجمع العلماء على كراهة الزيادة على الثلاث، والمراد بالثلاث المستوعبة للعضو، وأما إذا لم تستوعب العضو إلا بغرفتين فهي غسلة واحدة، ولو شك هل غسل ثلاثا أم اثنتين جعل ذلك اثنتين وأتى بثالثة، هذا هو الصواب الذي قاله الجماهير من أصحابنا، وإنما تكون الرابعة بدعة ومكروهة إذا تعمد كونها رابعة اهـ (م).

(16) باب ما يقول بعد الوضوء (306) عن عمر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضَّأ فأحسن الوضوء ثمَّ رفع نظره إلى السَّماء فقال أشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده

_ (306) عن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن يزيد أخبرنا حيوة أخبرنا أبو عقيل عن ابن عمه عن عقبة بن عامر أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما يحدث أصحابه فقال "من قام إذا استقلت الشمس فتوضأ فأحسن الوضوء ثم قام فصلى ركعتين غفر له خطاياه فكان كما ولدته أمه، قال عقبة بن عامر فقلت الحمد لله الذي رزقني أن أسمع هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي عمر بن الخطاب رضى الله عنه وكان تجاهي جالسًا أتعجب من هذا فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعجب من هذا قبل أن تأتي فقلت وماذاك بأبي أنت وأمي فقال عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضأ "الحديث" (تخريجه) قال الحافظ في التلخيص أخرجه مسلم وأبو داود وابن حبان من حديث عقبة بن عامر عن عمر قال ورواه الترمذي من وجه آخر عن عمر وزاد فيه "اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين" وقال في إسناده اضطراب ولا يصح فيه شيء كبير (قلت) لكن رواية مسلم سالمة من هذا الاعتراض، والزيادة التي عنده رواه البزار والطبراني في الأوسط من طريق ثوبان، ولفظه "من دعا بوضوء فتوضأ فساعة فرغ من وضوئه يقول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين" "الحديث" ورواه ابن ماجه من حديث أنس ورواه النسائي في عمل اليوم والليلة والحاكم في المستدرك من حديث أبي سعيد الخدري بلفظ "من توضأ فقال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك كتب في رق ثم طبع بطابع فلم يكسر إلى يوم القيامة" واختلف في وقفه ورفه وصحح النسائي الموقف وضعف الحازمي الرواية المرفوعة لأن الطبراني قال في الأوسط لم يرفعه عن شعبة إلا يحيى بن أبي كثير اهـ (قلت) ورواية الإمام أحمد وأبي داود لحديث الباب في إسنادها رجل مجهول لكن رواه الإمام أحمد من طريق آخر عن عقبة أيضا كما تقدم في الباب الثالث من أبواب الوضوء بسند جيد ليس فيه مجهول (والحديث) يدل على استحباب قول الدعاء المذكور عقب الوضوء "قال الشوكاني" ولم يصح من أحاديث الدعاء في الوضوء غيره اهـ (قلت) وأما ما ذكره الشافعية في كتبهم من الدعاء عند كل عضو من أعضاء الوضوء كقولهم عند غسل الوجه

لا شريك له وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله فتحت له ثمانية أبواب الجنَّة يدخل من أيها شاء. (307) عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال من توضأ فأحسن الوضوء ثمَّ قال ثلاث مراتٍ أشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له وأن محمَّدًا عبده ورسوله فتحت له من الجنَّة ثلاثة أبواب من أيِّها شاء دخل

_ اللهم بيض وجهي يوم تبيض وجوه وتسود وجوه وعند غسل اليد اليمنى اللهم أعطني كتابي بيميني وحاسبني حسابا يسيرًا، وعند غسل اليسرى اللهم لا تعطني كتابي بشمالي ولا من وراء ظهري وعند مسح الرأي اللهم حرم شعري وبشري على النار الخ فقد قال الرافعي ورد بها الأثر عن الصالحين (وقال النووي رحمه الله) في الروضة في الدعاء لا أصل له ولم يذكره الشافعي والجمهور؛ وقال في شرح المهذب لم يذكره المتقدمون (وقال ابن الصلاح) لم يصح فيه حديث "وقال الحافظ في التلخيص" روى فيه عن علي من طرق ضعيفة جدا أوردها المستغفري في الدعوات وابن عساكر في أماليه من رواية أحمد بن مصعب المروزي عن حبيب بن أبي حبيب الشيباني عن أبي إسحاق السبيعي عن علي وفي إسناده من لا يعرف ورواه صاحب مسند الفردوس من طريق أبي زرعة الرازي عن أحمد بن عبد الله بن داود ثنا محمود بن العباس ثنا المغيث بن بديل عن خارجة بن مصعب عن يونس بن عبيد عن الحسن عن علي نحوه ورواه ابن حبان في الضعفاء من حديث أنس نحو هذا وفيه عباد بن صهيب وهو متروك ورواه المستغفري من حديث البراء بن عازب وليس بطوله، وإسناده واه اهـ وقال ابن القيم في الهدى ولم يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول على وضوئه شيئا غير التسمية، وكل حديث في أذكار الوضوء الذي يقال عليه فكذب مختلق، ولم يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا منه ولا علمه لأمته ولا يثبت عنه غير التسمية في أوله، وقوله أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله اللهم اجعلني من التوابين واجعلني من المتطهرين، في آخره اهـ. (307) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية ابن عمرو ثنا زائدة ثنا عمرو بن عبد الله بن وهب ثنا زيد العمى عن أنس بن مالك "الحديث" (تخريجه) (جه) قال النووي في شرح المهذب رواه أحم بن حنبل وابن ماجه بإسناد ضعيف اهـ قلت يعضده الحديث السابق وقد تقدم الكلام فيه.

(17) باب فى النضح بعد الوضوء (308) عن زيد بن حارثة رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ جبريل عليه السَّلام أتاه في أوَّل ما أوحى إليه فعلًّمه الوضوء والصَّلاة فلمَّا فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه (1). (309) عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أن جبريل عليه السلام لمَّا نزل على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فعلمه الوضوء فلما فرغ من وضوئه أخذ حفنة من ماء فرشَّ بها نحو الفرج، قال فكان النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يرشُّ بعد وضوئه

_ (308) عن زيد بن حارثة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة عن عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن عروة عن أسامة بن زيد عن أبيه زيد بن حارثة الخ (غريبة) (1) (قال الخطابي رحمة الله) فى معالم السنن الانتضاح ههنا الإستنجاء بالماء وكان من عادة أكثرهم أن يستنجوا بالحجارة لا يمسون الماء، وقد يتأول الانتضاح أيضاً على رش الفرج بالماء بعد الاستنجاء ليدفع بذلك وسوسة الشيطان اهـ وذكر النووى رحمه الله عن الجمهور أن الثانى هو المراد ههنا اهو فى جامع الأصول الانتضاح رش الماء على الثوب ونحوه والمراد به أن يرش على فرجه بعد الوضوء ماء ليذهب عنه الوسواس الذى يعرض للانسان أنه قد خرج من ذكره بلل فاذا كان فى ذلك المكان بلل ذهب ذلك الوسواس اهـ (قلت) وما ذكره النووى وصاحب جامع الأصول هو الموافق لسياق أحاديث الباب ويؤيدهما أيضًا ما ذكره القاضى أبو بكر ابن العربى اهـ (تخريجة) (جه. قط) وفى اسناده ابن لهيعة وفيه مقال مشهور (309) عن اسامة بن زيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هيثم قال عبد الله وسمعته أنا من الهيثم بن خارجة ثنا رشدين بن سعد عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن اسامة بن زيد "الحديث" (تخريجة) قال الهيثمى فى مجمع الزوائد رواه أحمد وفيه رشدين بن سعد وثقه هيثم بن خارجه وأحمد بن حنبل فى رواية وضعفه آخرون اهـ (وفى الباب) عن أبى هريرة عند الترمذى، وابن عباس عند عبد الرزاق فى جامعه، وجابر عند ابن ماجه، وكلها لا تخلو من مقال ولكنها بمجموعها تنتهض للاحتجاج بها (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب النضح عقب الوضوء وبه قالت الشافعية والحنفية والله أعلم

(18) باب فى الوضوء لكل صلاة وجواز الصلوات بوضوء واحد (310) عن محمَّد بن يحيي بن حبَّان الأنصاريِّ ثمَّ المازنِّى مازن بني النَّجَّار عن عبيد الله بن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال قلت له أرأيت وضوء عبد الله بن عمر لكلِّ صلاٍة طاهرًا كان أو غير طاهر عمَّ هو، فقال حدَّثته أسماء بنت زيد بن الخطَّاب أنَّ عبد الله بن حنظلة بن أبى عامر بن الغسيل حدَّثها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أمر بالوضوء لكلِّ صلاٍة (1) طاهرًا كان أو غير طاهر فامَّا شقَّ ذلك على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالسِّواك عند كلِّ صلاٍة ووضع عنه الوضوء إلاَّ من حدٍث، قال فكان عبد الله يرى أنَّ به قوَّةً على ذلك كان يفعله حتَّى مات (311) عن عمرو بن عامر قال سمعت أنسًا يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ عند كل صلاٍة (2) قال قلت (3) وأنتم كيف كنتم تصنعون قال كنَّا نصلَّى الصَّلوات بوضوٍء واحٍد ما لم تحدث

_ (310) عن محمد بن يحيى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق حدثنى محمد بن يحيى بن حبان الخ (غريبه) (1) أى مفروضة قاله الحافظ (تخريجه) (د) واسناده جيد وصححه ابن خزيمة (311) عن عمرو بن عامر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا سفيان عن عمرو بن عامر الخ (غريبه) (2) قال الطحاوى يحتمل أن ذلك كان واجبا عليه خاصة ثم نسخ يوم الفتح بحديث بريدة "يعنى الذى أخرجه مسلم أنه صلى الله عليه وسلم صلى الصلوات يوم الفتح بوضوء واحد" قال ويحتمل أنه كان يفعله استحبابا ثم خشى أن يظن وجوبه فتركه لبيان الجواز اهـ (قلت) الاحتمال الاول أظهر بدليل ما فى الحديث السابق من أنه صلى الله عليه وسلم أمر "بالبناء للمفعول" بالوضوء لكل صلاة طاهرًا كان أو غير طاهر "الحديث" (3) القائل هو عمرو بن عامر، والمراد الصحابة رضى الله عنهم (تخريجه) (خ. والأربعة)

(312) عن سليمان بن بريدة عن أبيه أنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم صلَّى الصَّلوات بوضوٍء واحٍد يوم الفتح، فقال له عمر إنَّك صنعت شيئًا لم تكن تصنعه (1) قال عمدًا صنعته (313) عن عائشة أمِّ المؤمنين رضى الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بال فقام عمر خلفه بكوٍز فقال ما هذا يا عمر؟ قال ماء توضأ به (2) يا رسول الله قال ما أمرت كلَّما بلت أن أتوضَّأ، ولو فعلت ذلك كانت سنَّةً (314) وعنها أيضًا فى رواية أخرى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا خرج من الخلاء توضَّأ

_ (213) عن بريدة الاسلمى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثنى علقمة بن مرئد عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) أى لم تكن تعتاده، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعله فقد روى البخارى عن سويد بن النعمان قال خرجنا مع النبى صلى الله عليه وسلم عام خيبر حتى اذا كنا بالصهباء صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر فلما صلى دعا بالاطعمة فلم يؤت الا بالسويق فأكلنا وشربنا ثم قام النبى صلى الله عليه وسلم الى المغرب فمضمض ثم صلى لنا المغرب ولم يتوضأ، "وقوله عمدًا صنعته" أى لما كان وقوع غير المعتاد يحتمل أن يكون عن سهو دفع ذلك الاحتمال ليعلم أنه جائز له ولغيره (تخريجه) (م. نس) (313) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان قال حدثنى عبد الله بن يحيى الضبى قال حدثنى عبد الله بن أبى مليكة عن أمه عن عائشة الخ (غريبه) (2) توضأ أصله تتوضأ حدفت أحدى التأءين تخفيفا (تخريجه) الحديث أخرجه (جه. د) واورده السيوطى فى الجامع الصغير ورمز له بالحسن (314) وعنها أيضا (سندها) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى عن سفيان عن جابر عن عبد الرحمن بن الاسود عن أبيه عن عائشة "الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وفيه جابر الجعفى وثقه شعبة وسفيان وضعفه أكثر الناس اهـ

(315) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أن أشقَّ على أمتى لأمرتهم عند كلِّ صلاة بوضوء ومع كلِّ وضوٍء بسواك ولأخَّرت عشاء الآخرة إلى ثلث اللَّيل (19) باب فى جواز الوضوء فى المسجد واستحبابه لمن أراد النوم (316) عن أبى العالية عن رجل من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال حفظت لك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ في المسجد

_ (315) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبيدة الحداد كوفى ثقة عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ (تخريجه) "الحديث" أورده صاحب المنتقى فى كتابه وقال رواه أحمد باسناد صحيح "وقال الشوكانى" أخرج نحوه النسائى وابن خزيمة والبخارى تعليقا من حديثه وروى نحوه ابن حبان فى صحيحه من حديث عائشة اهـ (الاحكام) "أحاديث الباب" تدل على استحباب الوضوء لكل صلاة والمداومة عليه، وعلى جواز الصلوات كلها بوضوء واحد "واختلفوا" هل الوضوء فرض على كل قائم الى الصلاة أم على المحدث خاصة فذهب ذاهبون من السلف الى أن الوضوء لكل صلاة فرض بدليل قوله تعالى "اذا قمتم الى الصلاة" الآية، وذهب قوم الى أن ذلك قد كان ثم نسخ؛ وقيل الأمر به على الندب؛ وقيل لا، بل لا يشرع الا لمن أحدث ولكن تجديده لكل صلاة مستحب، قال النووى رحمه الله حاكيًا عن القاضى عياض وعلى هذا أجمع أهل الفتوى بعد ذلك ولم يبق بينهم خلاف، ومعنى الآية عندهم "ادا قمتم" محدثين، وهكذا نسبة الحافظ فى الفتح الى الأكثر؛ ويدل على ذلك حديث عبد الله بن حنظلة المذكور أول الباب؛ وحديث بريدة الذى فى الباب أيضا، ولفظه عند مسلم كان النبى صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة فلما كان يوم الفتح صلى الصلوات بوضوء واحد فقال له عمر انك فعلت شيئا لم تكن تفعله فقال عمدًا فعلته، أى لبيان الجواز والله أعلم (316) عن أبى العالية (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن أبى خالد عن أبى العالية الخ (تخريجه) "الحديث" لم أقف على من خرجه وفى اسناده أبو خالد اسمه المهاجرين مخلد وثقة ابن حبان ولينه أبو حاتم وقال ابن معين صالح كذا في الخلاصة

(317) عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام (وفي رواية زيادة وهو جنب) توضَّأ وضوءه للصَّلاة (وعنها من طريق آخر) (1) أنَّ رسول الله صبى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يرقد توضَّأ وضوءه للصَّلاة ثمَّ يرقد (318) عن البراء بن عازب رضى الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال إذا أويت إلى فراشك فتوضَّأ ونم على شقِّك الأيمن وقل اللَّهمَّ أسلمت وجهى إليك "الحديث" (أبواب المسح على الخفين) (1) باب ما جاء فى مشروعية ذلك (319) عن الأعمش عن إبراهيم عن همَّاٍم قال بال جرير بن عبد الله رضى الله عنه ثمَّ توضَّأ ومسح على خفَّيه فقيل له تفَّعل هذا وقد بلت؟ قال نعم، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بال ثم توضَّأ ومسح على خفَّيه، قال إبراهيم فكان يعجبهم هذا الحديث، لأنَّ إسلام جرير كان بعد نزول المائدة (2)

_ (317) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهلول بن حكيم القرقسائي قال ثنا الأوزاعي عن الزهرى عن هريرة بن الزبير عن عائشة الخ (1) (وعنها من طريق آخر) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا عفان قال ثنا همام قال ثنا يحيى بن أبى كثير أن أبا سلمة حدثه أن عائشة حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أخرج الطريق الأول بزيادة وهو جنب (ق. والأربعة) والطريق الثانى لم أقف عليه، وسنده جيد 318) عن البراء بن عازب الخ أخرجه (ق. د. ت) وسيأتى بتمامه وسنده فى باب اذكار شتى تقال عند النوم من كتاب الأذكار وهذا طرف منه (الاحكام) (أحاديث الباب) تدل على جواز الوضوء فى المسجد واستحبابه لمن أراد النوم ويتأكد ذلك اذا كان جنبًا وسيأتى الكلام على وضوء الجنب فى بابه ان شاء الله تعالى (319) عن الأعمش (سنده) حدّثنا عبد الله أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش الخ (غريبه) (2) آى بعد نزول الآية التى فيها ذكر الوضوء من

(320) عن ابن عبَّاٍس رضى الله عنهما قال قد مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخفين فاسألوا هؤلاء الذين يزعمون أنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مسح قبل نزول المائدة أو بعد نزول المائدة، والله ما مسح بعد المائدة، ولأن أمسح على ظهر عابٍر بالفلاة أحب إلىَّ من أن أمسح عليهما

_ سورة المائدة وهى قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم الى الصلاة، الآية} وليس المراد جميع سورة المائدة فان منها ما تأخر نزوله عن اسلامه كآية {اليوم أكملت لكم دينكم} فانها نزلت فى حجة الوداع، واسلام جرير بن عبد الله كان فى رمضان سنة عشر من الهجرة؛ وآية الوضوء نزلت فى غزوة بنى المصطلق سنة خمس أو أربع، والمعنى أن بعض الصحابة كان يتأول أن مسح النبى صلى الله عليه وسلم علّى الخفين انما كان قبل نزول آية الوضوء التى فى سورة المائدة، فلما نزلت نسخ المسح على الخفين بهذه الآية، فلما رأوا جريرا يمسح على خفيه بعد نزول الآية أنكروا عليه فعله، فأخبرهم أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم يمسح على خفيه فأعجبهم ذلك لأن إسلامه كان بعد نزول الآية فغلموا أن الحكم لا زال باقيا ورجعوا عن فهمهم الأول، وقد روى الترمذى ما يفيد ذلك عن شهر بن جوشب (قال رأيت جرير بن عبد الله توضأ ومسح على خفيه فقلت له فى ذلك فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على خفيه فقلت له أقبل المائدة أو بعد المائدة فقال ما أسلمت الا بعد المائدة) قال الترمذى وهذا حديث مفسر لأن بعض من أنكر المسح على الخفين تأول أن مسح النبى صلى الله عليه وسلم على الخفين كان قبل نزول المائدة، وذكر جرير فى حديثه أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم مسح على خفيه بعد نزول المائدة اهـ (تخريجه) (ق. والأربعة) (320) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو الوليد ثنا أبو عوانة عن عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (تخريجه) لم أقف عليه واسناده جيد (وابن عباس وأبو هريرة وعائشة رضى الله عنهم) كانوا ممكن ينكرون المسح بعد نزول آية المائدة ولكنهم رجعوا عن ذلك "فقد نقل" ابن المنذر عن ابن المبارك قال ليس فى المسح على الخفين عن الصحابة اختلاف لأن من روى عنه منهم انكاره فقد روى عنه ثباته "قال النووى" فى شرح مسلم وقد روى المسح على الخفين خلائق لا يحصون من الصحابة قال الحسن حدثنى سبعون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفين أخرجه عن ابن أبى شيبة (قال الحافظ) فى الفتح وقد صرح جمع من الحفاظ بأن المسح على الخفين

(321) عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّه قال رأيت سعد بن أبى وقَّاص يمسح على خفَّيه بالعراق حين يتوضَّأ فأنكرت ذلك عليه قال فلمَّا أجتمعنا عند عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه قال بى سل أباك عمَّا أنكرت علىَّ من مسح الخفين قال فذكرت ذلك له فقال إذا حدَّثك سعد بشيئ فلا تردَّ عليه (1) فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمسح على الخفَّين (322) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا عبد الرَّزَّاق أنبأنا عبيد الله بن عمر عن نافٍع قال رأى أبن عمر سعد بن مالٍك يمسح على خفيه فقال أبن عمر وإنَّكم لتفعلون هذا؟ فقال سعد نعم، فاجتمعنا عند عمر رضى الله عنه فقال سعد يا أمير المؤمنين أفت أبن أخى في المسح على الخفَّين، فقال عمر رضى الله عنه كنَّا ونحن مع نبينا صلى الله عليه وسلم نمسح على خفافنا، فقال أبن عمر رضى الله عنهما وإن جاء من الغائط والبول؟ فقال عمر رضى الله عنه نعم وإن جاء من الغائط والبول، قال نافع فكان أبن عمر بعد ذلك يمسح عليهما ما لم يخلعهما وما

_ متواتر وجمع بعضهم رواته فجاوزوا الثمانين منهم العشرة اهـ أى المبشرين بالجنة رضوان الله عليهم أجمعين (321) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن أبى النضر عن أبى سلمة عن ابن عمر الخ (غريبه) (1) "قوله فلا ترد عليه" وفى رواية اذا حدثك سعد بشئ عن النبى صلى الله عليه وسلم فلا تسأل عنه غيره "فيه دلالة" على أن عمر رضى الله عنه كان يقبل خبر الواحد، وما نقل عنه من التوقف انما كان عند وقوع ريبة له فى بعض المواضع، وفيه أن الصحابى قديم الصحبة قد يخفى عليه من الأمور الجليلة فى الشرع ما يطلع عليه غيره لأن ابن عمر أنكر المسح على الخفين مع قديم صحبته وكثرة روايته، قال الحافظ (ف) (تخريجه) (خ. خز. لك) (322) حدّثنا عبد الله الخ (تخريجه) (جه) قال السندى فى تعليقه على ابن

يوقَّت لذلك وقتًا، قال عبد الرَّزَّاق فحدَّثت به معمرًا فقال حدَّثنيه أيوب عن نافٍع مثله (323) عن بلاٍل رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الموقين والخمار (324) عن عمر رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الحدث توضَّأ ومسح على الخفَّين (325) وعنه أيضًا قال أنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على خفَّيه في السَّفر (326) عن عمرو بن أمية الضَّمرى رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفَّين والخمار (327) عن بلاٍل رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أمسحوا (وفي روايٍة

_ ماجه في الزوائد اسناده صحيح ورجاله ثقات وهو فى صحيح البخارى بغير هذا السياق اهـ (323) عن بلال الخ الحديث تقدم بسنده وتخريجه وشرحه فى باب المسح على العمامة والخمار والتساخين من أبواب الوضوء (324) عن عمر رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا خالد عن يزيد بن أبى زياد عن عاصم بن عبيد الله عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه الخ (تخريجه) "الحديث" أشار اليه الترمذى والبيهقى ولم يذكراه (قلت) فيه يزيد بن ابى زياد متكلم فيه من جهة حفظ (325) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا وكيع عن حسن ابن صالح عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال عمر رضى الله عنه أنا رأيت الخ (تخريجه) لم أقف على من خرجه، وسنده جيد (326) عن عمرو بن أمية الضمرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن مصعب قال ثنا الأوزاعى عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن جعفر بن عمرو بن أمية الضمرى عن أبيه قال رايت الخ (تخريجه) (خ. هق) وأخرجه أيضا الامام أحمد من أربعة طرق (327) عن بلال (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشام بن سعيد

مسح على الخفَّين والخمار (328) عن عبد الله بن بريدة "الأسلمىِّ" عن أبيه أن النَّجاشى أهدى إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم خفَّين أسودين ساذجين (1) فلبسهما ثمَّ توضَّأ ومسح عليهما (329) عن سعد بن أبى وقَّاٍص رضى الله عنه أنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال في المسح على الخفَّين لا بأس بذلك (330) عن علىِّ بن مدرك قال رأيت أبا أيُّوب نزع خفيه فنظروا إليه

_ أنا محمد بن راشد قال سمعت مكحولا يحدث عن نعيم بن خمار عن بلال الخ (تخريجه) (م. هق. والثلاثة) (328) عن عبد الله بن بريدة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا دلهم بن صالح عن شيخ لهم يقال له حجير بن عبد الله الكندى عن عبد الله بن بريدة عن أبيه أن النجاشى الخ (غريبه) (1) ساذجين بفتح الذال المعجمة والجيم؛ قال الشيخ ولى الدين العراقى كأن المراد بذلك أنه لم يخالطهما لون آخر، وهذا المعنى يفهم من هذا اللفظ عرفا ولم يذكره أهل اللغة ولا الغريب، وقال صاحب المحكم حجة ساذجة بكسر الذال وفتحها أراها غير عربية والله أعلم (تخريجه) (د. جه. هق) وقال المنذرى أخرجه القرمذى وابن ملجه، وقال الترمذى هذا حديث حسن انما نعرفه من حديث دلهم، وقال أبو داود هذا مما تفرد به أهل البصرة، وقال أبو الحسن الدار قطنى تفرد به حجير بن عبدالله عن ابن بريدة ولم يروه عنه غير دلهم بن صالح وذكره فى ترجمة عبد الله بن بريدة عن أبيه، ورواه الامام احمد عن وكيع فقال عبد الله بن بريدة اهـ (329) عن سعد بن أبى وقاص (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان ابن داود الهاشمى ثنا اسماعيل يعنى ابن جعفر أخبرنى موسى بن عقبة عن أبى النضر مولى عمر ابن عبيد الله بن معمر عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن سعد بن أبى وقاص الخ (تخريجه) (هق) ولم يتعقبه وقال ذكر البخارى اسناده (330) عن على بن مدرك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عبيد ثنا الأعمش عن المسيب بن رافع عن على بن مدرك الخ (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه احمد والطبرانى فى الكبير وزاد عن أبى أيوب انه كان يأمر بالمسح

فقال أما إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح عليهما ولكنِّي حبِّب إلىَّ الوضوء (331) عن سليمان بن بريدة عن أبيه رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا كان يوم الفتح فتح مكّة توضَّأ ومسح على خفَّيه فقال له عمر

_ على الخفين ويغسل رجليه فقيل له فى ذلك فقال بئس مالى ان كان لكم مهنؤه وعلى مأثمه ورجاله موثقون اهـ (331) عن سليمان بن بريدة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان عن علقمة بن مرئد عن سليمان بن بريدة عن أبيه الخ (تخريجه) (م. هق والثلاثة) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية المسح على الخفين وقد تقدم فى أول الباب ما نقله المنذرى عن ابن المبارك انه قال ليس فى المسح على الخفين عن الصحابة اختلاف، لأن كل من روى عنه منهم انكاره فقد روى عنه اثباته، وذكر أبو القاسم بن منده أسماء من رواه فى تذكرته فكانوا ثمانين صحابيا، وذكر الترمذى والبيهقى فى سننهما منهم جماعة، وما روى عن عائشة وابن عباس وأبى هريرة من انكار المسح فقال ابن عبد البر لا يثبت، وقال الامام احمد لا يصح حديث أبى هريرة فى انكار المسح، وهو باطل، وقد روى الدار قطنى عن عائشة القول بالمسح، وما أخرجه ابن أبى شيبة عن على انه قال سبق الكتاب الخفين فهو منقطع، وقد روى عنه مسلم والنسائى القول به بعد موت النبى صلى الله عليه وسلم، وماروى عن عائشة انها قالت "لأن أقطع رجلى أحب إلى من أن أمسح عليهما" ففيه محمد بن مهاجر قال ابن حبان كان يضع الحديث (وقد قال) بالمسح على الخفين الأئمة الأربعة والجمهور، قال ابن عبد البر لا أعلم من روى عن أحد من فقهاء السلف انكاره إلا عن مالك مع ان الروايات الصحيحة مصرحة عنه باثباته (قال الشوكانى رحمه الله) وذهبت العترة جميعا والامامية والخوارج وأبو بكر بن داود الظاهرى إلى انه لا يجزئ المسح عن غسل الرجلين، قال والعقبة الكؤود فى هذه المسألة نسبة القول بعدم أجزاء المسح على الخفين الى جميع العترة المطهرة كما فعله الامام المهدى فى البحر، ولكنه يهون الخطب بان امامهم أمير المؤمنين على بن أبى طالب رضى الله عنه من القائلين بالمسح على الخفين، وأيضا هو إجماع ظنى، وقد صرح جماعة من الأئمة منهم الامام يحيى بن حمزة بانها تجوز مخالفته، وأيضا فالحجة إجماع جميعهم وقد تفرقوا فى البسيطة وسكنوا الأقاليم المتباعدة وتمذهب كل واحد منهم بمذهب أهل بلده فمعرفة اجماعهم فى جانب التعذر اهـ باختصار (وقال ابن المنذر) اختلف العلماء أيهما أفضل، المسح على

رأيتك يا رسول الله صنعت اليوم شيئًا لم تكن تصنعه، قال عمدًا صنعته يا عمر (2) باب فى اشتراط الطهارة قبل لبس الخفين (332) عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال وضَّأت النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فى سفر فغسل وجهه وذراعيه ومسح برأسه ومسح على خفَّيه فقلت يا رسول الله ألا أنزع خفَّيك قال لا إنِّى أدخلتهما (1) وهما طاهرتان ثمَّ لم أمش حافيًا بعد، ثمَّ صلَّى صلاة الصُّبح (333) وعنه أيضًا أنَّه سافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم واديًا فقضي حاجته ثم خرج فأتاه فتوضَّأ فخلع خفَّيه فتوضَّا فلمَّا فرغ وجد ريحًا بعد ذلك فعاد فخرج فتوضَّأ ومسح على خفَّيه، فقلت يا نبىَّ الله نسيت لم تخلع الخفَّين، قال كلاَّ، بل أنت نسيت، بهذا أمرنى ربى عزَّ وجلَّ

_ الخفين أو نزعهما وغسل الرجلين، والذى أختاره أن المسح أفضل لأجل من طعن فيه من أهل البدع من الخوارج والروافض، قال وإحياء ما طعن فيه المخالفون من السنن أفضل من تركه اهـ (332) عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبدة ابن سليمان أبو محمد الكلابى ثنا مجالد عن الشعبى عن المغيرة بن شعبة الخ (غريبه) (1) "قوله انى أدخلتهما وهما طاهرتان" وعند أبى داود "دع الخفين فانى أدخلت القدمين الخفين وهما طاهرتان فمسح عليهما" (تخريجه) (ق) بألفاظ هذا أحدها وأخرجه أيضًا أبو داود والترمذى وحسنه (333) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن ـبيد (صفحة 63) ثنا بكير عن عبد الرحمن بن أبى نعيم ثنا المغيرة بن شعبة أنه سافر الخ (تخريجه) (هق. د) ولم يتعقباه وسكت عنه المنذرى وأخرجه أيضا الحاكم وقال قد اتفق الشيخان على اخراج طرق حديث المغيرة بن شعبة رضى الله عنه فى المسح ولم يخرجا قوله صلى الله عليه وسلم بهذا أمرنى ربى واسناده صحيح اهـ (قلت) وأقره الذهبي

(334) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وضئني فأتيته بوضوٍء فأستنجى ثمَّ أدخل يده فى التُّراب فمسحها ثمَّ غسلها ثمَّ توضَّأ ومسح على خفَّيه فقلت يا رسول الله رجلاك لم تغسلهما، قال إنِّى أدخلتهما وهما طاهرتان (3) باب توقيت مدة المسح (335) عن شريح بن هانئ قال سألت عائشة رضى الله عنها عن المسح على الخفَّين فقالت سل عليًّا فأنَّه أعلم بهذا منِّي، كان يسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فسألت عليًّا فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسافر ثلاثة أيَّاٍم ولياليهنَّ وللمقيم يوم وليلة

_ (334) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا ابان يعنى ابن عبد الله البجلى حدثنى مولى لابى هريرة قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه فى غير الكتاب، وفى اسناده رجل لم يسم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على اشتراط الطهارة قبل لبس الخفين لتعليله عدم النزع بادخالهما طاهرتين وهو مقتض، ان ادخالهما غير طاهرتين يقتضى النزع (قال الشوكانى رحمه الله) وقد ذهب الى ذلك الشافعى ومالك واحمد واسحق (وقال) أبو حنيفة وسفيان النورى ويحيى بن آدم والمزنى وأبو ثور وداود يجوز اللبس على حدث ثم يكمل طهارته، (والجمهور) جملوا الطهارة على الشرعية، وخالفهم داود فقال المراد اذا لم يكن على رجليه نجاسة (وقد استدل) باحاديث الباب علة أن كمال الطهارة فيهما شرط حتى لو غسل احداهما وأدخلها الخف ثم غسل الأخرى وأدخلها الخف لم يجز المسح؛ صرح بذلك النووى وغيره اهـ بتصرف (335) عن شريح بن هانئ (سنده) حدّثنا عبد الله أبى ثنا يزيد عن الحجاج عن الحكم عن القاسم بن مخيمرة عن شريح بن هانئ الخ (تخريجه) (م. مذ. جه. نس. حب والبيهقى) وقال حديث شريح بن هانئ عن على أصح ما روى فى هذا الباب عند مسلم بن الحجاج رحمه الله

(336) عن صفوان بن عسَّال المرادىِّ رضى الله عنه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سريَّة فقال سيروا بأسم الله فى سبيل الله تقاتلون أعداء الله ولا تغلوا ةلا تقتلوا وليدًا، وللمسافر ثلاثة أياٍم ولياليهنًّ يمسح على خفيَّه إذا أدخل رجليه على طهور وللمقيم يوم وليلة (337) وعنه أيضًا قال كان يأمرنا "يعني النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم " إذا كنَّا سفرًا (1) أو مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيَّاٍم ولياليهنَّ إلاَّ من جنابٍة ولكن (2)

_ (336) عن صفوان بن عسال (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود ابن عامر قال أبا زهير عن أبى روق الهمدانى أن أبا الغريف حدثهم قال قال صفوان بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه، وسنده جيد، ويؤيده ما بعده (337) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان بن عيينة قال ثنا عاصم سمع زر بن حبيش قال أتيت صفوان بن عمال المرادى فقال ما جاء بك؟ فقلت ابتغاء العلم، قال فان الملائكة تضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يطلب، قلت حكَّ فى نفسى المسح على الخفين، وقال سفيان مرة أو فى صدرى، بعد الفائط والبول، وكنت امرأ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتيتك أسألك هل سمعت منه فى ذلك شيئا؟ قال نعم، كان يأمرنا اذا كنا سفرًا أو مسافرين أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام ولياليهن الا من جنابة ولكن من غائط وبول ونوم، قال قلت له هل سمعته يذكر الهوى؟ قال نعم، بينما نحن معه فى مسيره اذ ناداه اعرابى بصوت جهورى فقال يا محمد، فقلنا ويحك اغضض من صوتك فانك ثد نهيت عن ذلك، فقال والله لا أغضض من صوتى، فقال رسوال الله صلى الله عليه وسلم هاء وأجابه على نحو من مسألته، وقال سفيان مرة وأجابه نحو امما تكلم به فقال أرأيت رجلا أحب قوما ولما يلحق بهم قال هو مع من أحب قال ثم لم يزل يحدثنا حتى قال ان من قبل المغرب لبابًا مسيرة عرضه سبعون أو أربعون عاما فتحه الله عز وجل للتوبة يوم خلق السموات الارض ولا يغلقه حتى تطلع الشمس منه، هذا هو الحديث بطوله وقد ذكرت فى حديث الباب طرفا منه لمناسبة الترجمة (غريبه) (1) (قوله سفرًا) جمع مسافر كمحب وصاحب، وقوله أو مسافرين، الشك من الراوى، والمسافرون جمع مسافر والسَّفر والمسافرين بمعنى (2) كلة (صفحة 65) لكن موضوعة للاستدراك وذلك لأنه قد تقدمه، نفى واستثناء وهو قوله كان يأمرنا أن لا ندع حفافنا ثلاثة أيام ولياليهن

من غائٍط وبوٍل ونوٍم (338) عن خزيمة بن ثابٍت رضى الله الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول يمسح المسافر ثلاث ليال (وفي روايٍة ثلاثة أيَّاٍم ولياليهنَّ) والمقيم يومًا وليلًة (339) عن عوف بن مالٍك الأشجعىِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالمسح على الخفَّين في غزوة تبوك ثلاثة أيَّاٍم للمسافر ولياليهن

_ إلا من جنابة ثم قال لكن من غائط وبول ونوم فاستدركه بلكن ليعلم أن الرخصة انما جاءت فى هذا النوع من الاحداث دون الجنابة، فان المسافر الماسح على خفه اذا أجنب كان عليه نزع الخف وغسل الرجل مع سائر البدن، وهذا كما تقول ما جاءنى زيد لكن عمرو وما رأيت زيدًا لكن خالدا، قاله الخطابى فى معالم السنن (تخريجه) (فع. والاربعة حب قط. هق. مذ خز. وصححاه) وقال الخطابى هو صحيح الاسناد وحكى الترمذى عن البخارى أنه حديث حسن بل قال البخارى ليس فى التوقيت شئ أصح من حديث صفوان (338) عن خزيمة بن ثابت (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل ثنا هشان الدستوائى ثنا حما عن ابراهيم عن أبى عبدالله الجدلى عن خزيمة بن ثابت الح (تخريجه) (د. جه. حب. مذ) وصححاه ورواه الامام احمد من عدة طرق وفى بعضها "ولو استزدناه لزادنا" وستأتى من الباب التالى (339) عن عوف بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم قال أنا داود بن عمرو عن بشر بن عبيد الله الحضرمى عن أبى إدريس الخولانى عن عوف بن مالك الاشجعى "الحديث" (تخريجه) (بز. طس. مذ. هق) وقال أبو عيسى الترمذى سألت محمدًا يعنى البخارى عن هذا الحديث فقال هو حديث حسن اهـ وقال الهيثمى فى مجمع الزوائد رجاله رجال الصحيح (الاحكام) أحاديث الباب تدل على توقيت المسح على الخفين بثلاثة أيام للمسافر ويوم وليلة للمقيم وبه قالت الائمة أبو حنيفة وأصحابه والثورى والاوزاعى والحسن بن صالح بن حي والشافعى واحمد بن حنبل واسحق بن راهويه وداود الظاهرى ومحمد بن جرير الطبرى، قال ابن سيد الناس فى شرح الترمذى وثبت التوقيت عن عمر الخطاب وعلى بن أبى طالب وابن مسعود وابن عباس وحذيفة والمغيرة وأبى زيد الأنصاري

وللمقيم يومًا وليلة (4) باب حجة من قال بعدم التوقيت فى المسح على الخفين (340) عن خزيمة بن ثابٍت الأنصارىِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال امسحوا على الخفاف ثلاثة أياٍم ولو لستزدناه لزادنا (وعنه من طريٍق ثاٍن) (1) قال جعل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ثلاثة أياٍم للمسافر ويومًا وليلًة للمقيم وأيم الله لو مضى السَّائل فى مسألته لجعلها خمسًا (341) عن عمر بن إسحاق بن يساٍر قال قرأت فى كتاٍب لعطاء بن يسار مع عطاء بن يساٍر قال فسألت ميمونة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عن المسح على

_ هؤلاء من الصحابة، وروى عن جماعة من التابعين منهم شريح القاضى وعطاه بن أبى رباح والشعبى وعمر بن عبد العزيز، قال ابو عمر ابن عبد البر وأكثر التابعين والفقهاء على ذلك وهو الاحوط عندى لان المسح ثبت بالتواتر واتفق عليه أهل السنة والجماهة واطمأنت النفس الى اتفاقهم فلما قال أكثرهم لا يجوز المسح للمقيم أكثر من خمس صلوات يوم وليلة ولا يجوز للمسافر أكثر من خمس عشرة صلاة ثلاثة أيام ولياليها فالواجب على العالم أن يؤدى صلاته بيقين واليقين الغسل حتى يجمعوا على المسح ولم يجمعوا فوق الثلاثة للمسافر ولا فوق اليوم لمقيم اهـ، وفى أحاديث الباب أيضا دلالة على أن الخفاف لا تنزع فى هذه المدة المقدرة لشئ من الاحداث للجنابة والله أعلم. (340) عن خزيمة بن ثابت (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الصمد العمىَّ ثنا منصور ثنا ابراهيم بن يزيد التيمى عن عمرو بن ميمون عن أبى عبد الله الجدلى عن خزيمة بن ثابت (الحديث) (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق انا سفيان حدثنى أبى عن ابراهيم التيمى به (تخريجه) (جه. د. حب) وصححه (341) عن عمر بن اسحاق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو بكر الحنفى قال ثنا عمر بن اسحاق ين يسار الخ (تخريجه) (قط. هق) وارده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه أحمد قال ولها عند أبى يعلى قالت "يا رسول الله أيخلع الرجل خفيه

الخفَّين قالت قالت يا رسول الله أكلَّ ساعٍة يمسح الإنسان على الخفَّين ولا ينزعهما؟ قال نعم (5) باب فى المسح على ظهر الخف (342) عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ كل ساعة؟ قال لا ولكن يمسح عليهما ما بدا له" وفيه عمر بن اسحاق بن يسار قال الدار قطى ليس بالقوة وذكره ابن حبان فى النقات اهـ (الاحكام) احتج بحديثى الباب القائلون بعدم التوقيت (قال الشوكانى رحمه الله) قال مالك والليث بن سعد لا وقت للمسح على الخفين ومن لبس خفيه وهو طاهر مسح ما بداله والمسافر والمقيم فى ذلك سواء وروى مثل ذلك عن عمر بن الخطاب وعقبة بن عامر وعبدالله بن عمر والحسن البصرى اهـ (قلت) حديث الباب المروى عن خزيمة بن ثابت فيه زيادة لم تذكر فى حديثه المتقدم فى الباب السابق وهى قوله فى الطريق الاول "ولو استزدناه لزادنا" وقوله فى الطريق الثانى "وايم الله لو مضى السائل فى مسألته لجعلها خمسا" قال الحافظ فى التلخيص رواه أبو داود بزيادته "يعنى زيادة الطريق الاول" وابن ماجه بلفظ "ولو مضى السائل على مسألته لجعلها خمسا" ورواه ابن حبان باللفظين جميعا ورواه الترمذى وغيره بدون الزيادة، وادعى النووى فى شرح المذهب الاتفاق على ضعف هذا الحديث؛ وتصحيح ابن حبان له يرد عليه، مع نقل الترمذى عن ابن معين انه صحيح اهـ باختصار (قلت) قد تصلح هذه الزيادة دليلا لمن لم يحد المسح بوقت لولا ما عارض تصحيح ابن حبان وابن معين من تضعيف جمهور المحدثين اياها، وأيضا قد قال ابن سيد الناس فى شرح الترمذى لو ثبتت لم تقم بها حجة لأن الزيادة على ذلك التوقيت مظنونة لو سألوا زادهم، وهذا صريح فى أنهم لم يسألوا ولا زيدوا فكيف تثبت زيادة بخبر دل على عدم وقوعها اهـ (قال الشوكانى رحمه الله) وغايتها بعد تسليم صحتها أن الصحابى ظن ذلك ولم نتعبد بمثل هذا، وقال أحمد انه حجة، وقد ورد توقيت المسح بالثلاث واليوم والليلة من طريق جماعة من الصحابة ولم يظنوا ما ظنه خزيمة اهـ (قلت) وحديث ميمونة لا يصلح حجة للقائلين بعدم التوقيت لمعارضة ما هو أصح منه واتفق على تصحيحه "وفى الباب" أحاديث عند أبى داود والحاكم والبيهقى كلها ضعيفة بل منها ما قيل أنه موضوع فلا تقوم بها حجة، والصحيح ما ذهب اليه الجمهور من توقيت المسح بالثلاث للمسافر واليوم والليلة للمقيم والله أعلم (342) عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إبراهيم

يمسح على ظهور الخفَّين، قال عبد الله قال أبى حدَّثناه سريج والهاشمى أيضًا (343) عن علىَّ بن أبى طالب رضى الله عنه قال كنت أرى باطن القدمين أحقُّ بالمسح من ظاهرهما حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح ظاهرهما (344) ز عن عبد خيٍر قال رأيت عليًّا رضى الله عنه توضَّأ فغسل ظهر قدميه وقال لولا أنّى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل ظهور قدميه لظننت

_ ابن أبي العباس ثنا عبد الرحمن بن أبى الزناد عن عروة بن الزبير قال قال المغيرة بن شعبة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (تخريجه) (د. مذ) وقال حديث حسن وقال البخارى فى التاريخ هو بهذا اللفظ أصح من حديث رجاء بن حيوة اهـ وسيأتى فى الباب التالى (343) عن على بن أبى طالب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا الاعمش عن أبى اسحاق عن عبد خير عن على رضى الله عنه (الحديث) (غريبه) (1) أى باطن قدمى الخف كما فسره البيهقى بذلك (تخريجه) (قط. د. هق) عن عبد خير عن على رضى الله عنه بلفظ "لو كان الدين بالرأى لكان أسفل الخف أولى بالمسح من أعلاه لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على ظاهر خفيه" قال الحافظ فى بلوغ المرام اسناده حسن وقاله فى التلخيص اسناده صحيح ورواه أيضا البيهقى بلفظ حديث الباب الا قوله يمسح ظاهرهما فعنده بلفظ يمسح على ظهر خفيه (344) ز عن عبد خير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنا اسحاق بن اسماعيل ثنا سفيان عن أبى السوداء عن ابن عبد خير عن أبيه قال رأيت عليا الخ (تخريجه) (فع) والحديث من زوائد عبد الله بن الامام احمد على مسند أبيه ورجاله كلهم نقات ورواه البيهقى فى سننه من طرق متعددة بلفظ الخفين بد القدمين ثم قال وفى كل هذه الروايات المقيدات بالخفين دلالة على اختصار وقع فيما أخبرنا أبو على الروذبارى ثنا ابو محمد ابن شوذب المقرى بواسط ثنا شعيب بن أيوب ثنا أبو نعيم عن يونس بن أبى اسحاق عن أبى اسحاق عن عبد خير قال رأيت أن أسفلهما أو باطنهما أحق بذلك، وكذلك رواه أبو السوداء عن ابن عبد خير عن أبيه، وعبد خير لم يحتج به صاحبا الصحيح فهذا وما روى فى معناه انما أريد به قدما الخف بدليل ما مضى وبدليل ما روينا عن خالد بن علقمة عن عبد خير عن على فى صفة وضوء النبى صلى الله عليه وسلم فذكر أنه غسل رجليه ثلاثا ثلاثا اهـ {قلت} قول البيهقى رحمه الله فى عبد خير انه لم يحتج به صاحبا الصحيح ليس بقادح فى عبد خير فقد وثقه ابن معين

أنَّ بطونهما أحقُّ بالغسل (6) باب ما جاء فى مسح أسفل الخف وأعلاه (345) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا الوليد بن مسلٍم ثنا ثور عن رجاء أبن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ فمسح

_ والعجلي وأخرج له أصحاب السنن وهو من رجال الحديث السابق أيضا وقد صححه الحافظ فى التلخيص (الاحكام) (أحاديث الباب) تدل على أن المسح المشروع هو مسح ظاهر الخف دون باطنه (قال الشوكانى رحمه الله) واليه ذهب الثورى وأبو حنيفة والاوزاعى وأحمد بن حنبل؛ وذهب مالك والشافعى وأصحابهما والزهرى وابن المبارك (وروى عن سعد بن أبى وقاص وعمر بن عبد العزيز) الى أنه يمسح ظهورهما وبطونهما، قال مالك والشافعى ان مسح ظهورهما دون بطونهما أجزأه، قال مالك من مسح باطن الخفين دون ظاهرهما لم يجزه وكان عليه الاعادة فى الوقت وبعده، وروى عنه غير ذلك، والمشهور عن الشافعى أن من مسح ظهورهما واقتصر على ذلك أجزأه، ومن مسح باطنهما دون ظاهرهما لم يجزه وليس بماسح، وقال ابن شهاب وهو قول للشافعى أن من مسح بطونهما ولم يمسح ظهورهما أجزأه، والواجب عند أبى حنيفة مسح قدر ثلاث أصابع من أصابع اليد؛ وعند أحمد مسح أكثر الخف وروى عن الشافعى ان الواجب ما يسمى مسحا اهـ (قال الحافظ فى التلخيص) (فائدة) روى الشافعى فى القديم وفى الاملاء من حديث نافع عن ابن عمر أنه كان يمسح أعلا الخف وأسفله اهـ قال الرافعى فى الشرح الكبير والأولى أن يضع كفه اليسرى تحت العقب واليمنى على ظهور الاصابع ويمر اليسرى على أطراف الاصابع من أسفل واليمنى الى الساق ويروى هذه الكيفية عن ابن عمر (قال الحافظ) والمحفوظ عن ابن عمر أنه كان يمسح أعلى الخف وأسفله كذا رواه الشافعى والبيهقى كما قدمناه اهـ (345) حدّثنا عبد الله الخ (تخريجه) (قط. هق. دجه. مذ) وقال هذا حديث معلول لم يسنده عن ثور غير الوليد بن مسلم وسألت أبا زرعة ومحمدًا "يعنى البخارى" عن هذا الحديث فقالا ليس بصحيح، وقال الحافظ فى التلخيص رواه أحمد وأبو داود والترمذى وابن ماجه والدار قطنى والبيهقى وابن الجارود من طريق ثور بن يزيد عن رجاء بن حيوة عن كاتب المغيرة عن المغيرة وفى رواية ابن ماجه عن وراد كاتب المغيرة، وأطال الحافظ فى الكلام على هذا الحديث بما يفيد أنه معلول كما قال

أسفل الخف وأعلاه (7) باب فى المسح على الجوربين والنعلين (346) عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ ومسح على الجوربين (1) والنَّعلين (2)

_ الترمذي (الأحكام) استدل بحديث الباب من قال بمسح ظاهر الخف وباطنه وتقدم ذكرهم فى الباب السابق (قال الشوكانى رحمه الله) وليس بين الحديثين تعارض "يعنى حديث الباب وحديث المسح على ظاهر الخف فقط" غاية الأمر أن النبى صلى الله عليه وسلم مسح تارة على باطن الخف وظاهره وتارة اقتصر على ظاهره ولم يرو عنه ما يقضى بالمنع من احدى الصفتين فكان جميع ذلك جائزًا وسنة اهـ (قلت) يقال هذا لو صح حديث الباب والله اعلم (346) عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبى قيس عن هذيل بن شرحبيل عن المغيرة بن شعبة الخ (غريبه) (1) الجوربان تثنية الجورب "قال فى القاموس" الجورب لفافة الرجل جمعه جواربة وجوارب، وجوربته البسته، وقال القاضى أبو بكر بن العربى فى شرح الترمذى الجورب غشاء للقدم من صوف يتخذ للدفاء وهو التسخان، وفى تفسير الجورب أقول ذكرتها فى كتابى "بدائع المنن فى ترتيب مسند الشافعى والسنن" فارجع اليه ان شئت (2) تثنيه النعل قال فى القاموس النعل ما وقيت به القدم فى الأرض كالنعلة مؤنثة جمعه نعال بالكسر اهـ وقال ابن الأثير فى النهاية النعل مؤنثة وهى التى تلبس فى المشى تسمى الان تاسومه اهـ وقال الطيبى معنى قوله والنعلين هو أن يكون قد لبس النعلين فوق الجوربين وكذا قال الخطابى فى معالم السنن؛ وقا لالحافظ ابن القيم فى كتابه تهذيب سنن أبى داود، الظاهر انه مسح علىلجوربين الملبوسين عليهما نعلان منفصلان هذا هو المفهوم منه فانه فصل بينهما وجعلهما شيئين ولو كانا جوربين منعلين لقال مسح على الجوربين المنعلين، وايضا فان الجلد فى أسفل الجورب لا يسمى نعلا فى لغة العرب ولا أطلق عليه أحد هذا الاسم، وايضا المنقول عن عمر بن الخطاب فى ذلك أنه مسح على سيور النعل التى على ظاهر القدم مع الجورب فاما أسفله وعقبه فلا اهـ (تخريجه) (جه، د، حب، مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح "وقال الخطابى رحمه الله" فى معالم السنن وقد ضعف أبو داود وهذا الحدييث وذكر أن عبد الرحمن بن مهدى كان لا يحدث به اهـ وقال المنذرى قال أبو داود كان عبد الرحمن بن مهدى لا يحدث بهذا

(347) عن يعلى بن أميَّة عن أوس بن أبى أوس رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ ومسح على نعليه ثمَّ قام إلى الصَّلاة (ومن طريٍق ثاٍن) (1) عن يغلى بن عطاء عن أوس بن أبى أوٍس رضى الله عنه أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم توضَّأ ومسح على نعليه (ومن طريٍق ثالٍث) (2) عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن أوس بن أبى أوس الثقفى رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى كظامة قوٍم فتوضَّأ

_ الحديث لأن المعروف عن المغيرة أن النبى صلى الله عليه وسلم مسح على الخفين "يعنى أن المسح على الجوربين غير معروف عنه (قلت) قال أبو داود وروى هذا ايضا عن أبى موسى الاشعرى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه مسح على الجوربين وليس بالمتصل ولا بالقوى ومسح على الجوربين على بن أبى طالب وابن مسعود والبراء بن عازب وأنس بن مالك وأبو أمامة وسهل بن سعد وعمرو بن حريث وروى ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس اهـ، ولى في حديث الباب كلام نفيس أودعته كتابى بدائع المتن المشار اليه آنفا (قال الخطابى رحمه الله) وقد أجاز المسح على الجوربين جماعة من السلف وذهب اليه نفر من فقهاء الامصار منهم سفيان النورى وأحمد واسحاق، وقال مالك والاوزاعي والشافعى لا يجوز المسح على الجوربين؛ قال الشاعى الا اذا كانا منعلين يمكن متابعة الشئ فيهما وقال أبو يوسف ومحمد يمسح عليهما. (347) على يعلي بن أمية (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن شعبة قال ثنا يعلى بن أمية الخ (1) (سنده) حدّنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن شريك عن يعلى بن عطاء الخ (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هيثم عن يعلى بن عطاء عن أبيه الخ (غريبة) (3) كظامة بكسر الكاف قال ابن الأثير في النهاية هى كالقناة وجمعها كظائم وهي آبار تحفر في الأرض متناسقة ويخرق بعضها إلى بعض تحت الارض فتجتمع مياهها جارية ثم تخرج عند منتهاها فتسيح على وجه الارض، وقبل الكظامة السقاية اهـ وفى القاموس الكظامة بئر جنب بئر بينهما مجرى في بطن الارض كالكظيمة والكظيمة المزادة اهـ وفى رواية لأبى داود عن أوس ابن أبى أوس الثقفى قال رأست رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على كظامة قوم يعنى الميضأة فتوضأ ومسح على نعليه وقدميه، ففسر الراوى الكظامة بالميضأة وهى اناء التوضوء (تخريجه) الحديث أخرجه أبو داود والطحاوى وابن أبى شيبة وفيه اضطراب سنداً ومتناً يدرك ذلك التأمل

(أبواب نواقض الوضوء) (1) باب فى نقض الوضوء بما خرج من السبيلين. وفيه فصول (الفصل الأول فى الوضوء من البول والغائط) (348) عن زرَّ بن حبيٍش قال أتيت صفوان بن عسَّال المرادىَّ رضى الله عنه فسألته عن المسح على الخفَّين فقال كنَّا نكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمرنا أن لا ننزع خفافنا ثلاثة أيام إلَّا من جنابة ولكن من غائط وبوٍل

_ وقال الحافظ ابن عبد البر ولاوس بن حذيفة أحاديث منها المسح على القدمين في اسناده ضعف اهـ، وروى الحازمى في الاعتبار بسنده عن يعلى بن عطاء عن أبيه عن أوس بن أبي أوس قال "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ومسح على نعليه ثم قام فصلى" قال الحازمى لا يعرف هذا الحديث مجرداً متصلا الا من حديث يعلى بن عطاء وفيه اختلاف أيضا، وعلى تقدير ثبوته ذهب بعضهم إلى نسخه (وبسنده) إلى عشيم أنا يعلى بن عطاء عن أبيه أخبرنى أوس بن أبى أوس أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم أتى كظامة قوم بالطائف فتوضأ ومسح على قدميه، قال هشيم كان هذا في أول الاسلام (وبسنده) إلى عبد الملك قال قلت لعطاء بلغك عن أحد عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه مسح على القدمين؟ فقال لا (وبسنده) عن عاصم الأحوال عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال نزل القرآن بالمسح على القدمين وجرت السنة بالغسل (وبسنده) ايضا عن ابن عمر رضى الله عنهما قال "نزل جبريل بالمسح وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم غسل القدمين" قال الحازمى أما الاحاديث الواردة في غسل الرجلين فكثيرة جدا ومع صحبتها فلا يعارضها مثل حديث يعلى بن عطاء لما فيه من التزلزل لأن بعضهم رواه عن يعلى عن أوس ولم يقل عن أبيه وقال بعضهم عن رجل، ومع هذا لا يمكن المصير اليه ولو ثبت كان منسوخا كما قاله هشيم اهـ. (348) عن زر بن حبيش (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى ابن آدم ثنا سفيان عن عاصم عن زر بن حبيش الخ (غريبه) (1) أى لكن لا تنزع خفافنا من غائط وبول ونوم فذكر الاحداث التى ينزع منها الخف وهى الجنابة بأنواعها والاحداث التى لا ينزع منها وهى الغائط والبول والنوم، وقد ذكرت نحو هذا الحديث من طريق آخر بألفاظ أخرى في باب توقيت المسح على الخفين لمناسبته هناك؛ وذكرت هذا

ونوٍم، وجاء أعرابىُّ جهوريُّ الصَّوت فقال يا محمَّد، الرَّجل يحب القوم ولمَّا يلحق بهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحبَّ (الفصل الثانى فى الوضوء من الريح) (349) عن علٍىّ رضى الله عنه قال جاء أعرابى إلى النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنَّا نكون بالبادية فتخرج من أحدنا الويحة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ الله عزَّ وجلَّ لا يستحيي من الحقِّ. إذا فعل أحدكم فليتوضأ، ولا تأتوا النِّساء فى أعجازهنَّ، وقال مرًة فى أدبارهنَّ (350) عن محمَّد بن عمرو بن عطاء قال رأيت للسَّائب بن خبَّاٍب رضي الله عنه

_ هنا لمناسبة الاحداث الناقضة للوضوء (1) أى صوته شديد عال، والواو زائدة، وهو منسوب إلى جَمهْورَ بصوته (نه) (تخريجه) (يس. خِز مذ) وصححاه، ونقل الترمذى عن البخارى أنه حديث حسن. (349) عن على رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا عبد الملك بن مسلم الحنفى عن أبيه عن على الخ (تخريجه) الحديث أورده الهيثمى في مجمع الزوائد وقال رواه احمد من حديث على بن أبى طالب وهو في السنن من حديث على ابن طلق الحنفى، وقد تقدم من حديث على بن أبى طالب قبله كما تراه، والله أعلم، ورجاله موثقون (قلت) الحديث الذى أشار إليه الهيثمى رواه عبد الله بن الامام احمد في زوائده على مسند أبيه بسنده إلى حصين المزنى قال قال على بن أبى طالب رضى الله عنه على المنبر ايها الناس "انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقطع الصلاة الا الحدث لا أستحييكم مما لا يستحي منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، والحدث أن يفسو أو يضرط" (قال الهيثمى) رواه عبد الله بن احمد في زياداته على أبيه والطبرانى في الأوسط، وحصين قال ابن معين لا أعرفه (قلت) سيأتى هذا الحديث في أول باب ما يقطع الصلاة ان شاء الله تعالى. (350) عن محمد بن عمرو بن عطاء (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن اسحاق أنا ابن لهيعة عن محمد بن عبد الله بن مالك ان محمد بن عمرو بن عطاء حدثه قال رأيت السائب الخ (تخريجه) أورده الهيثمى في مجمع الزوائد بلفظ حديث

يشم ثوبه فقلت له ممَّ ذلك؟ فقال إنِّى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا وضوء إلَّا من ريٍح أو سماع (351) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال لا وضوء إلَّا من حدٍث أو ريٍح (352) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقبل صلاة من أحدث حتَّى يتوضَّأ، قال فقال له رجل من أهل حضرموت ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال فساء أو صراط (353) عن عائشة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالت أتت سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أو امرأة أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأذنه على أبى رافع قد ضربها، قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى رافع مالك ولها يا أبا رافع، قال تؤذيني يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بم آذيتيه يا سلمى؟ قالت يا رسول الله

_ الباب وقال رواه الطبرانى في الكبير وفيه عبد العزيز بن عبيد الله وهو ضعيف الحديث ولم أر أحداً وثقه والله أعلم اهـ (قلت) ورواه ايضا ابن ماجه وفى اسناده عبد العزيز المذكور، وفى اسناد حديث الباب ابن لهيعة وقد ضعفوه أيضاً والله أعلم. (351) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سهيل بن أبى صالح يحدث عن أبيه عن أبى هريرة الخ (تخريجه) (جه. مذ) بلفظ "لا وضوء إلا من صوت أو ريح" وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح. (352) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن همام بن منبه انه سمع ابا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (تخريجه) (ق) وغيرهما. (353) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب قال ثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (تخريجه) قال الهيثمى رواه احمد والبزار والطبرانى في الكبير ورحال احمد رجال الصحيح إلا أن فيه محمد

ما آذيته بشيء ولكنه أحدث وهو يصلّى فقلت له يا أبا رافع إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر المسلمين إذا خرج من أحدهم الرِّيح أن يتوضَّأ، فقام فضربني، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك ويقول يا أبا رافع إنَّها لم تأمرك إلَّا بخيٍر (الفصل الثالث فى الوضوء من المذى والودى ودم الاستحاضة) (354) عن علٍىّ رضى الله عنه قال كنت رجلًا مذَّاٍء فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أمَّا المنىُّ ففيه الغسل، وأمَّا المذى ففيه الوضوء (355) عن عائشة رضى الله عنها قالت أتت فاطمة بنت أبى حبيٍش النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت إنّى استحضت، فقال دعى الصَّلاة أيَّام حيضتك ثمَّ اغتسلى وتوضَّئى عند كلِّ صلاٍة وإن قطر على الحصير

_ ابن اسحاق وقد قال حدثنى هشام بن عروة والله أعلم اهـ (فات) يعنى لنهم قالوا ان محمد بن اسحاق يدلس اذا عنعن، وهنا قال حدثنى فانتفى التدليس؛ فالحديث صحيح. (354) عن على رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا خلف ابن أبى جعفر يعنى الرازى وخالد يعنى الطحان عن يزيد بن أبى زياد عن عبد الرحمن بن ابى ليلى عن على الخ (تخريجه) (جه. مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح. (355) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن هاشم ثنا الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة "الحديث" (تخريجه) الدارمى (نس. مذ) وقال حديث عائشة حديث حسن صحيح اهـ (قلت) وفى الباب عن ابن عباس رضى الله عنهما قال المنى والمذى والودى، فالمنى منه الغسل، ومن هذين الوضوء يغشل ذكره ويتوضأ، ورواه ابراهين عن ابن مسعود قال الودى الذى يكون بعد البول فيه الوضوء، أخرجهما البيهقى في سننه (الأحكام) أحاديث الباب تدل على ان ما خرج من السبيلين من غائط وريح وبول وودى ومدى ناقض للوضوء بالاجماع والمنى من باب أولى، وان الدم الخارج من المستحاضة بعد مجاوزة ايام اقرائها وغسلها ناقض للوضوء أيضا ويجب عليها الوضوء لكل صلاة وبه قال جمهور العلماء وقالت المالكية بالاستحباب لا الوجوب والله أعلم.

(2) باب فيما جاء فى الشك فى الحدث (356) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا وجد أحدكم في صلاته حركًة فى دبره فأشكل عليه أحدث أو لم يحدث فلا ينصرف حتَّى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا (357) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ أحدكم إذا كان في الصَّلاة جاءه الشَّيطان فأبسَّ به كما يبس الرَّجل بدابّته فإذا سكن له أضرط بين أليتيه ليفتنه عن صلاته، فإذا وجد أحدكم شيئًا من ذلك فلا ينصرف حتَّى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا لا يشك فيه (358) عن أبى سعيٍد الخدرىِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنَّ الشَّيطان يأتى أحدكم وهو فى الصَّلاة فيأخذ شعرًة من دبره فيمدُّها فيرى أنَّه قد أحدث، فلا ينصرف حتَّى يسمع صوتًا أو يجد ريحًا

_ (356) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال ثنا سهيل بن أبى صالح عن أبيه هريرة الخ (غريبه) (1) (قوله حتى يسمع صوتا الخ) قال النووى معناه يعلم وجود أحدهما، ولا يشترط السماع والشم باجماع المسلمين اهـ (تخريجه) رواه (م. د. مذ). (357) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابو بكر الحنفى ثنا الضحاك بن عثمان عن سشعيد المقبرى قال قال ابو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (2) أى احتال عليه بالوسوسة كاحتيال الراعى بناقته اذا اراد حلبها "وقوله فاذا سكن له" أى انقاد له قال في النهاية البسوس في الأصل الناقة التى لا تدر حتى يقال لها بس بالضم والتشديد وهو صويت للراعى يسكن به الناقة عند الحلب وقد يقال ذلك لغير الابل اهـ (تخريجه) قال الهيثمى رواه احمد وهو عند أبى داود باختصار ورجاله رجال الصحيح اهـ. (358) عن أبى سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن أبى نضرة عن سعيد بن المسيب عن أبى سعيد الخدرى الخ (تخريجه) قال الهيثمى رواه أبو يعلى ورواه ابن ماجه باختصار وفيه على بن زيد واختلف في الاحتجاج به اهـ.

(359) عن عبَّاد بن تميم عن عمه "عبد الله بن زيٍد" رضى الله عنه أنَّه شكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد الشيئ فى الصَّلاة يخَّيل إليه أنَّه قد كان منه فقال لا ينفتل حتى يجد ريحًا أو يسمع صوتًا (3) باب فى الوضوء من النوم، وفيه فصول (الفصل الأول فى لوم القاعد) (360) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا يونس وعفَّان قالا ثنا حمَّاد بن سلمة عن أيُّوب. قال عفَّان قال حمَّاد أنا أيُّوب وقيس عن عطاء بن أبى رباح

_ (359) عن عباد بن تميم (سنده) حدّثنا عبد الله أبنى ثنا سفيان عن الزهرى عن عباد بن تميم الخ (غريبه) (1) أى لا ينصرف كما صرح به في بعض الروايات (تخريجه) (ق. والأربعة) إلا الترمذى (الأحكام) أحاديث الباب تدل على عدم العمل بالشك العارض في الصلاة والوسوسة التى جعلها النبى صلى الله عليه وسلم من تسويل الشيطان وعدم الانصراف عنها إلا بشئ متيقن كسماع صوت أو وجود ريح أو مشاهدة خارج، قال النووى رحمه الله في شرح مسلم في الكلام على حديث ابى هريرة. وهذا الحديث أصل من أصول الاسلام وقاعدة عظيمة من قواعد الدين وهى ان الأشياء يحكم ببقائها على أصولها حتى يتيقن خلاف ذلك، ولا يضر الشك الطارئ عليها، فمن ذلك مسألة الباب التى ورد فيها الحديث وهى ان من تيقن الطهارة وشك في الحدث حكم ببقائه على الطهارة ولا فرق بين حصول هذا الشك في نفس الصلاة وحصوله خارج الصلاة، هذا مذهبنا ومذهب جماهير العلماء من السلف والخلف، وحكى عن مالك روايتان "احداهما" انه يلزمه الوضوء ان كان شكه خارج الصلاة ولا يلزمه ان كان في الصلاة "والثانية" يلزمه بكل حال، قال أصحابنا ولا فرق في شكه بين ان يستوى الاحتمالان في وقوع الحدث وعدمه أو يترجح احدهما ويغلب في ظنه، فلا وضوء عليه بكل حال، قال اما اذا تيقن الحدث وشك في الطهارة فانه يلزمه الوضوء باجماع المسلمين اهـ باختصار. (360) حدّثنا عبد الله الخ (تخريجه) (ق) وغيرهما مطولا ومختصرا بألفاظ مختلفة

عن ابن عبَّاٍس رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخَّر العشاء ذات ليلة حتى نام القوم ثمَّ استيقظوا ثمَّ ناموا ثمَّ استيقظوا، قال قيس فجاء عمر بن الخطَّاب فقال الصَّلاة يا رسول الله فخرج فصَّلى بهم، ولم يذكر أنَّهم توضَّؤوا (361) عن ثابٍت عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال أقيمت صلاة العشاء، قال عفَّان أو أخّرت ذات ليلة فقام رجل فقال يا رسول الله إنَّ لى إليك حاجة فقام معه يناجيه حتى نعس القوم، أو قال بعض القوم، ثمَّ صلَّى ولم يذكر وضوءًا (362) عن قتادة قال سمعت أنس بن مالك قال كان أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ينامون ولا يتوضؤون (363) عن علٍىِّ رضى الله عنه قال كنت رجلًا نؤومًا وكنت إذا

_ (361) عن ثابت عن أنس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابو كامل وعفان فالاثنا حماد عن ثابت البنانى قال عفان في حديثه أنا ثابت عن أنس الخ (غريب) (1) بفتحات قال في النهاية يقال نغس ينعس نعاساً ونعسة فهو ناعس ولا يقال نعسان، والنعاس الوسن وأول النوم اهـ (تخريجه) (ق. هق. د. نس. مذ). (362) عن قتادة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يحيى بن سعيد ثنا شعبة ثنا قتادة قال سمعت انسا الخ (غريبه) (2) لفظه عند مسلم ينامون ثم يصلون ولا يتوضؤن (قال النووى رحمه الله) هذا محمول على نوم لا ينقض الوضوء وهو نوم الجالس ممكنا مقعدته، قال وفيه دليل على ان نوما مثل هذا لا ينقض وبه قال الأكثرون وهو الصحيح في مذهبنا اهـ (م) (تخريجه) (م. هق. د. مذ) ورواه الامام الشافعى رحمه الله في الام عن حميد عن أنس قال "كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتظرون العشاء فينامون أحسبه قال قعودا حتى تخفق رؤوسهم ثم يصلون ولا يتوضؤون" وقد حمله الامام الشافعى على نوم الجالس، ويؤيده قول الراوى أحسبه قال قعوداً والله أعلم. (363) عن على رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد الأموى ثنا ابن أبى ليلى عن ابن الأصبهانى عن جدة له وكانت سرية لعلي رضي الله

صلَّيت المغرب وعلَّى ثيابى نمت، ثمَّ قال يحيى بن سعيٍد فانام قبل العشاء، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فرخَّص لى (الفصل الثانى فى ان نوم النبى صلى الله عليه وسلم لا ينقض وضوءه ولو مضطجعا) (364) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نام حتّى نفخ ثمَّ قام فصلَّى ولم يتوضَّأ (365) عن عائشة رضى الله عنها عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مثله (366) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا سفيان عن عمٍر وعن كريٍب عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما بتُّ عند خالتى ميمونة فقام النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من الَّليل قال فتوضَّأ وضوًء خفيفًا فقام فصنع ابن عبَّاٍس كما صنع ثمَّ جاء فقام فصلَّى فحوَّله فجعله عن يمينه ثمَّ صلَّى مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثمَّ اضطجع حتَّى نفخ فأتاه المؤذّن ثمَّ قام إلى الصَّلاة ولم يتوضَّأ حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا سفيان عن عمر وقال أخبرنى كريب عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال لمَّا صلَّى ركعتى الفجر اضطجع حتَّى نفخ فكنَّا نقول لعمرٍو إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تنام عيناى ولا ينام قلبي

_ عنه قالت قال على رضى الله عنه كنت رجلا الخ (تخريجه) لم اقف عليه وإن صح يحمل على نوم الجالس كما تقدم والله أعلم. (364) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس "الحديث" (تخريجه) (ق). (365) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا الاعمش عن ابراهيم عن الأسود عن عائشة قالت كان النبى صلى الله عليه وسلم ينام حتى ينفخ ثم يقوم فيصلى ولا يتوضأ (تخريجه) لم اقف على من خرجه، واسناده جيد. (366) حدّثنا عبد الله الخ (غريبه) (1) هو ابن عيينة، وعمرو هو ابن دينار (2) عند البيهقى وقال سفيان قلنا لعمرو ان أناساً يقولون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم تنام

(367) عن حمَّاد بن سلمة عن حميد وأيوب عن عكرمة عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نام حتَّى سمع له غطيط فقام فصلَّى ولم يتوضَّأ فقال عكرمة كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم محفوظًا (الفصل الثالث فى وضوء من نام مضطجعا) (368) عن أبى العالية عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

_ عيناه ولا ينام قلبه قال عمرو سمعت عبيد بن عمير يقول رؤيا الأنبياء وحي وقرأ "انى أرى في المنام أني أذبحك" قال البيهقي رواه البخاري في الصحيح عن على بن المدينى ورواه مسلم عن محمد بن حاتم ابن أبي عمر عن سفيان بن عينة إلا انهما قالا قال سفيان وهذا للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة لأنه بلغنا ان النبي صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ولا ينام قلبه اهـ (تخريجه) (ق. هق) وفي الباب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة رضي الله عنها في حديث ذكره في صلاة الليل قالت فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال يا عائشة ان عيني تنامان ولا ينام قلبي، قال البيهقي رواه البخاري في الصحيح عن القعنبي، ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن مال، وروينا عن جابر بن عبد الله وأبي هريرة وأنس بن مال عن النبي صلى الله عليه وسلم ما دل على انه صلى الله عليه وسلم كان تنام عيناه ولا ينام قلبه، قال أنس بن مالك وذلك الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم تنام أعينهم ولا تنام قلوبهم اهـ (367) عن حماد بن سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا حماد بن سلمة الخ (تخريجه) (هق) وصحيحه النووي كما سيأتي (فائدة) قال النووي في شرح مسلم قال أصحابنا وكان من خصائص رسول الله صلى الله عليه وسلم انه لا ينقض وضوؤه بالنوم مضطجعًا للحديث الصحيح عن ابن عباس "قال نام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعت غطيطه ثم صلى ولم يتوضأ" هـ (قلت) ويؤيده ما رواه الامام احمد عن ابن عباس وسيأتي في صلاة الليل قال "ثم وضع جنبه فنام حتى سمعت فحيحه" أي غطيطه وهو الصوت الذي يخرج مع نفس النائم، قال "ثم جاءه بلال فآذنه بالصلاة فخرج فصلى وما مس ماء" فقلت لسعيد بن جبير ما أحسن هذا، فقال سعيد بن جبير اما والله لئن قلت لابن عباس فقال مه انها ليست لك ولا لأصحابك، انها لرسول الله صلى الله عليه وسلم انه كان يحفظ (368) عن أبي العالية (سده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن

قال ليس على من نام ساجدًا وضوء حتَّى يضطجع، فإنَّه إذا اضطجع استرخت مفاصله

_ محمد وسمعته أنا من عبد الله بن محمد ثنا عبد السلام بن حرب عن يزيد بن عبد الرحمن عن قتادة عن أبي العالية الخ (غريبه) (1) أي فترت وضعفت، والمفاصل جمع مفصل وهي رءوس العظام والعروق (تخريجه) (د. مذ. قط) بلفظ لا وضوء على من نام قاعدًا انما الوضوء على من نام مضطجعًا فان من نام مضطجعًا استرخت مفاصله (وأخرجه البيهقي) بلفظ، لا يجب الوضوء على من نام جالسًا أو قائمًا أو ساجدًا حتى يضع جنبه (قال الحافظ في التلخيص) ومداره على يزيد أبي خالد الدالانى وعليه اختلف في ألفاظه، وضعف الحديث من أصله أحمد والبخاري فيما نقله الترمذي في العلل المفردة، وضعفه أيضًا أبو داود في السنن وإبراهيم الحربي في علله والترمذي وغيرهم، قال البيهقي في الخلافيات تفرد به أبو خالد الدالاني وأنكره عليه جميع أئمة الحديث، وقال في السنن أنكره عليه جميع الحفاظ وأنكروا سماعه من قتادة اهـ (قلت) قال صاحب الجوهر النقي في تعليقه على سنن البيهقي ذكر صاحب الكمال انه (يعنى أبا خالد الدالانى) سمع من قتادة، وذهب ابن جرير الطبري الى انه لا وضوء الا من نوم أو اضطجاع واستدل بهذا الحديث وصححه وقال، الدالانى لاندفعه عن العدالة والأمانة، والأدلة قد دلت على صحة خبره لنقل العدول من الصحابة عنه عليه الصلاة والسلام قال (من نام وهو جالس فلا وضوء عليه ومن اضطجع فعليه الوضوء) وذكر غير ذلك من الشواهد والآثار اهـ باختصار (قلت) وحديث الباب أورده أيضا الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه احمد وأب يعلى ورجاله موثقون، (وقال الشوكانى) يزي الدالانى هذا الذي ضعف الحيث به وثقه أبو حاتم وقال النسائي ليس به بأس وكذلك قال احمد ليس به بأس وقال ابن عدى في حديثه لين وأفرط ابن حبان فقال لا يجوز الاحتجاج به وقال الذهبي في المغنى مشهور حسن الحديث اهـ (قلت) وفي الباب عن ابن عمر رضى الله عنهما انه قال من نام مضطجعًا وجب عليه الوضوء ومن نام جالسًا فلا وضوء عليه، وعن نافع عن ابن عمر أيضا انه كان ينام قاعدًا ثم يصلى ولا يتوضأ رواهما الامام الشافعى في مسنده وفى الام وروى الأخير الامام مالك في الموطأ وعند الامام مالك أيضا عن زيد بن أسلم ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال اذا نام أحدكم مضطجعًا فليتوضأ، وحديث الباب له عدة طرق وشواهد تعضده للاحتجاج به والله أعلم

(369) عن علي رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال إنَّ العين واكاء السَّه فمن نام فليتوضأ (370) "خط" عن معاوية بن أبى سفيان رضى الله عنهما قال قال رسول الله

_ (3069) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على ابن بحر ثنا بقية بن الوليد الحمصي حدثني الوضين بن عطاء عن محفوظ بن علقمة عن عبد الرحمن بن عائذ الازدى عن على الخ (غريبه) (1) الوكاء بسر الواو الخيط الذي يربط به رأس القربة، "والسه" بفتح السين المهملة وكسر الهاء المخففة الدبر، والمعنى اليقظة وكاء الدبر أي حافظة ما فيه الخروج لأنه مادام مستيقظا أحس بما يخرج منه، وفيه دليل على ان النوم مظنة للنقض لا انه بنفسه ناقض (تخريجه) قال الحافظ في التلخيص رواه احمد وأبو داود وابن ماجه والدارقطنى من حديث على وهو من رواية بقية عن الوضين بن عطاء، قال الجوزجانى قرأه وأنكر عليه هذا الحديث عن محفوظ بن علقمة وهو ثقه عن عبد الرحمن ابن عائذ وهو تابعي ثقة معروف عن على، لكن قال أبو زرعة لم يسمع منه، وفي هذا النفي نظر يروى عن عمر كما جزم به البخاري، ورواه احمد والدارقطنى من حديث معاوية أيضا وفي اسناده بقية عن أبي بكر بن ابي مريم وهو ضعيف، قال ابن أبي حاتم سألت أبي عن هذين الحديثين فقال ليسا بقويين، وقال احمد حيث علىّ أثبت من حديث معاوية في هذا الباب، وحسن المنبذرى وابن صلاح والنووى حديث علىّ، وقال الحاكم في علوم الحديث لم يقل فيه ومن نام فليتوضأ غير إبراهيم بن موسى الرازى وهو ثقة كذا قال، وقد تابعة غيره اهـ (370) عن معاوية (سنده) حدّثنا عبد الله قال وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده ثنا أبو بكر بن يزيد وأظني قد سمعته منه في المذاكرة فلم أكتبه وكان بكر ينزل المدينة اظنه كان في المحنة كان قد ضرب على هذا الحيث في كتابه قال ثنا بكر بن يزيد قال أنا أبو بكر يعي ابن أبي مريم عطية بن قيس الكلابى ان معاوية بن أبي سفيان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان العينين ال (تخريجه) (قط. هق) وقال الهيثمى رواه احمد وأبو يعلى والطبرانى في الكبير وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف لاختلاطه اهـ (الاحكام) أحاديث الباب تدل على ان النوم ايكون ناقضًا للوضوء الا في حالة الاضطجاع وان نوم الأنبياء لا ينقض وضوءهم مطلقا، قال النووي في شرح مسلم وقد اختلف العلماء فيها (يعنى في مسألة النوم) على مذاهب (أحدها) ان النوم لا ينقض الوضوء على أي حال

صلى الله عليه وسلم إنَّ العينين وكاء السَّه فإذا نامت العينان استطلق الوكاء (4) باب فى الوضوء من مس الفرج (371) عن زيد بن خالد الجهنيِّ رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ كان وهذا محكي عن ابي موسى الأشعرى وسعيد بن السيب وأبي مجلز وحميد الأعرج وشعبة (والمذهب الثاني) أن النوم ينقض الوضوء بكل حال وهو مذهب الحسن البصري والمزنى وأبي عبيد القاسم بن سلام واسحاق بن زاهويه وهو قول غريب للشافعى قال ابن المنذر وبه أقول، قال وروى معناه عن ابن عباس وأنس وأبي هريرة رضى الله عنهم (والمذهب الثالث) ان كثير النوم ينقض بكل حال وقليله لا ينقض بحال وهذا مذهب الزهرى وربيعة والاوزاعى ومالك واحمد في احدى الروايتين عنه (والمذهب الرابع) انه اذا نام على هيئة من هيئة المصلين كالراكع والساجد والقائم والقاعد لا ينتقض وضوءه سواء أكان في الصلاة أم لم يكن، وان كان مضطجعا أو مستلقيا على قفاه انتقض، وهذا مذهب أبي حنيفة وداود وهو قول للشافعي غريب (والمذهب الخامس) انه لا ينقض إلا نوم الراكع والساجد، روى هذا عن احمد بن حنبل رحمه الله تعالى (والمذهب السادس) انه لا ينقض الا نوم الساجد وروى هذا أيضا عن احمد بن حنبل (والمذهب السابع) انه لا ينقض النوم في الصلاة بكا حال وينقض خارج الصلاة وهو قول ضعيف للشافعي رحمه الله تعالى (والمذهب الثامن) انه اذا نام جالسا ممكنا مقعدته من الأرض لم ينتقض والا انتقض سواء أقل أم كثر وسواء أكان في الصلاة أم خارجها، وهذا مذهب الشافعي، وعنده ان النوم ليس حدثا في نفسه وانما هو دليل على خروج الريح، فاذا نام غير ممكن المقعدة غلب على الظن خروج الريح فجعل الشرع هذا الغالب كالمحقق، واما اذا كان ممكنا فلا يغلب على الظن الخروج والأصل بقاء الطهارة، قال واتفقوا على ان زوال العقل بالجنون والاغناء والسكر بالخمر أو النبيذ أو البنج أو الدواء ينقض الوضوء سواء أقل أم كثر وسواء أكان ممكن المقعدة أم غير ممكنها والله أعلم اهـ (1) الفرج يشمل القبل والدبر من الرجل والمرأة لان معناه العورة كما في القاموس (371) عن زيد بن خالد الجهنى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني محمد بن مسلم الزهرى عن عروة بن الزبير عن زيد بن خالد الجهنى "الحديث" (تخريجه) قال الهيثمي رواه احمد والبزار والطبراني في الكبير

يقول من مسَّ فرجه فليتوضَّأ (372) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مسَّ ذكره فليتوضَّأ، وأيَّما امرأة مسَّت فرجها فلتتوضَّأ (373) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال من أفضى

_ ورجاله رجال الصحيح الا ابن إسحاق مدلس وقد قال حدثني اهـ وعليه فانتفى التدليس فالحديث صحيح (372) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الجبار بن محمد يعنى الخطابي حدثني بقية عن محمد بن الوليد عن عمرو بن شعيب الح (تخريجه) الحديث في اسناده بقية بن الوليد قال النسائى إذا قال حدثنا أو أخبر نافعه ثقة، وقال الجوزجانى إذا حدث عن الثقات فلا بأس به، وقال صاحب الخلاصة له في مسلم فرد حديث متابعة اهـ (قلت) قال الحافظ قال ابن عدى اذا حدث عن أهل الشام فهو ثبت واذا روى عن غيرهم خلط اهـ (هـ) وحديث الباب رواه البيهقى من طريق نفية أيضا قال حدثني الزبيدى حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ايما رجل مس فرجه فليتوضأ، وايما امرأة مست فرجها فلتتوضأ) قال البيهقى ورواه إسحاق الحنظلى عن بقية عن الزبيدى، ومحمد بن الوليد الزبيدى ثقة وهكذا رواه عبد الله بن المؤمل عن عمرو، وروى من وجه آخر عن عمرو، ورواه التمذى في العلل وقال عن البخارى هو عندي صحيح اهـ والحديث صريح في عدم الفرق بين الرجل والمراة في حكم المس (373) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن يزيد بن عبد الملك يعنى النوفلى قال عبد الله ثنا أبي ذكره عن سعيد بن أبي سعيد المقبرى عن أبي هريرة الخ (غريبه) (1) قال في المصباح افضى الرجل بيده الى الأرض بالألف مسها بباطن راحته قاله ابن فارس وغيره، وأفضيت الى الشيء وصلت اليه، وأفضت اليه بالسر أعلمته به اهـ (تخريجه) (طس. فع. هق. بز. قط) وفى اسناده يزيد بن عبد الملك ضعيف، ورواه ابن حبانى في صحيحه من طريق نافع بن أبي نعيم ويزيد بن عبد الملك، جميعًا عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة بهذا وقال احتجاجنا في هذا بنافع دون يزيد بن عبد الملك، وقال في كتاب الصلاة هذا حديث صحيح سنده، عدول نقلته، وصححه الحاكم من هذا الوجه وابن عبد البر، ذكره الحافظ في التلخيص (فائدة) قال الحافظ في التلخيص احتج اصحابنا بهذا الحديث في ان النقض انما يكون إذا مس الذكر بباطن الكف لما يعطيه لفظ الافضاء لأن

بيده إلى ذكره ليس دونه ستر فقد وجب عليه الوضوء (فصل فى حديث بسرة بنت صفوان فى نقض الوضوء بمس الذكر) (374) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن هشام قال حدَّثنى بى أنَّ بسرة بنت صفوان رضى الله عنها أخبرته أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مسَّ ذكره فلا يصلِّ حتَّى يتوضَّأ (ومن طريق ثان) "خط" قال عبد الله وجدت فى كتاب أبى بخطِّ يده ثنا أبو اليمان قال أنا شعيب عن الزُّهرىِّ قال أخبرنى عبد الله بن أبى بكر بن حزم الأنصارىُّ أنَّه سمع عروة بن الزُّبير يقول ذكر مروان فى إمارته على المدينة أنَّه يتوضَّأ من مسِّ الذَّكر إذا أفضى

_ مفهوم الشرط يدل على ان غير الافضاء لا ينقض فيكون تخصيصا لعموم المنطوق، لكن نازع في عوى ان الافضاء لا يكون الا ببطن الكف غير واحد، قال ابن سيده في المحكم أفضى فلان الى فلان وصل اليه، والوصول أعم من ان يكون بظاهر الكف وباطنها، وقال ابن حزم الافضاء يكون بظهر اليد كما يكون ببطنها، وقال بعضهم الافضاء فرد من أفراد المس فلا يقتضي التخصيص اهـ (374) حدّثنا عبد الله الخ (غريبه) (1) هشام هو ابن عروة بن الزبير ابن العوام وهذه الرواية الأولى من حديث بسرة تثبت ان عروة سمع منها بغير واسطة، ورواها أيضا الحاكم في المستدرك من عدة طرق وأقرها الذهبى، وفى ذلك رد على من قال ان عروة لم يسمع من بسرة غلا بواسطة مروان وهو مطعون في عدالته او بواسطة رسول مروان وهو مجهول، (قال الحافظ في التلخيص) وقد جزم ان خزيمة وغير واحد من الأئمة بان عروة سمعه من بسرة، وفى صحيح ابن خزيمة وابن حبان قال عروة فذهبت الى بسرة فسالتها فصدقته، واستدل على ذلك برواية جماعة من الأئمة له عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان عن بسرة قال عروة ثم لقيت بسرة فصدقته، وبمعنى هذا أجاب الدارقطنى وابن حبان، وقد أكثر ابن خزيمة وابن حبان والدارقطنى والحاكم من سياق طرقه بما اجتمع لي في الأطراف التي جمعتها لكتبهم وبسط الدارقطنى في علله الكلام عليه في نحو من كراستين، واما الطعن في مروان فقد قال ابن حزم لا نعلم لمروان شيئا يجرح به قبل خروجه على ابن الزبير، وعروة لم يلقه

الرجل بيده فأنكرت ذلك عليه فقلت لا وضوء على من مسَّه، فقال مروان أخبرتنى بسرة بنت صفوان أنَّها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر ما يتوضَّأ منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتوضَّأ من مسِّ الذَّكر، قال عروة فلم أزل أمارى مروان حتَّى دعا رجلًا من حرسه فأرسله إلى بسرة يسألها عمَّا حدَّثت من ذلك، فأرسلت إليه بسرة يمثل الَّذى حدَّثنى عنها مروان (ومن طريق ثالث) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا إسماعيل بن عليَّة ثنا عبد الله بن أبى بكر ابن حزم بمثله وفيه فذكر الرَّسول أنَّها تحدِّث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مسَّ ذكره فليتوضَّأ (ومن طريق رابع) حدَّثنى أبى ثنا سفيان عن

_ إلا قبل خروجه على أخيه اهـ باختصار (قلت) وحديث بسرة بجميع طرقه قال الحافظ أخرجه مالك والشافعى عنه وأحمد والأربعة وابن خزيمة وابن حبان والحاكم وابن الجارود من حديثها وصححه الترمذى، ونقل عن البخارى انه أصح شيء في الباب، وقال أبو داود قلت لأحمد حديث بسرة ليس بصحيح؟ قال بل هو صحيح (وقال الدارقطنى) صحيح ثابت، وصحيحه أيضا يحيى ابن معين فيما حكاه ابن عبد البر وأبو حامد ابن الشرقى والبيهقى والحازمى (وقال البيهقى) هذا الحديث وان لم يخرجه الشيخان لاختلاف وقع في سماع عروة منها أو من مروان فقد احتجا بجميع روائه، واحتج البخارى بمروان في عدة احاديث فهو على شرط البخارى بكل حال اهـ (قلت) وفى الباب عن ام حبيبة رضى الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من مس فرجه فليتوضأ" رواه ابن ماجه والأشرم وصححه الامام احمد وأبو زرعة، وقال ابن السكن لا أعلم له علة، وفى الباب أيضا غير ذلك عن جمع من الصحابة ذكرهم الحافظ في التلخيص (الاحكام) احاديث الباب تدل على نقض الوضوء بمس القبل والدبر من الرجل والمرأة أحدًا من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث زيد بن خالد وبسرة وأم حبيبة "من مس فرجه فليتوضأ" ولفظ من يشمل الذكر والأنثى، والفرج في اللغة معناه العورة كما تقدم، وبذلك أخذ الشافعية والحنابلة، وقالت المالكية لا ينقض الا مس الذكر فقط، وفى احاديث الباب أيضا اشتراط عدم الحائل بين اليد والذكر، وهذا متفق عليه عند من قالوا بالنقض، واستدل به الشافعيه في ان النقض انما يكون إذا مس الذكر بباطن الكف لما يعطيه لفظ الافضاء في حديث أبي هريرة

محمَّد بن عمرو بن حزم أنَّه سمعه من عروة بن الزُّبير وهو مع أبيه يحدِّث أنَّ مروان أخبره عن بسرة بنت صفوان أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مسَّ فرجه فليتوضَّأ، قال فأرسل إليها رسولًا وأنا حاضر فقالت نعم، فجاء من عندها بذاك (5) باب حجة من رأى عدم نقض الوضوء بمس الذكر (375) عن قيس بن طلق عن أبيه قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيتوضَّأ أحدنا إذا مسَّ ذكره قال إنَّما هو بضعة منك، أو جسدك

_ وقد فسره الامام الشافعى في الأم فقال الافضاء باليد انما هو ببطنها ما تقول أفضى بيده معانقا وأفضى بيده الى الأرض ساجدًا ووافقهم المالكية، وخالفت الحنابلة فقالوا الافضاء يكون بظهر اليد كما يكون ببطنها فهما في النقض سواء، وممن ذهب الى النقض بمس الذكر من الصحابة عمر بن الخطاب وابنه عبد الله وأبو هريرة وابن عباس وعائشة وسعد بن أبي وقاص رضى الله عنهم، ومن التابعين عطاء والزهرى وابن المسيب ومجاهد وأبان بن عثمان وسليمان بن يسار وغيرهم والله سبحانه وتعالى أعم (375) عن قيس بن طلق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا يونس ثنا أبان عن يحيى بن أبي كثير عن عيسى بن خثيم عن قيس بن طلق عن أبيه (الحديث) (غريبه) (1) بفتح الباء الموحدة وسكون الضاد المعجمة أي قطعة لحم منك أو من جسدك ولذلك شك الراوي في التعبير بأيهما، والمعنى انه كما لا ينتقض الوضوء بمس الجسد فكذلك لا ينتقض بمس الذكر لأنه جزء منه (تخريجه) قال الحافظ في التلخيص رواه أحمد وأصحاب السنن والدارقطنى وصححه عمرو بن على الفلاس وقال هو عندنا أثبت من حديث بسرة وروى عن ابن المدينى انه قال هو عندنا أحسن من حديث بسرة ورواه الطحاوى وقال اسناده مستقيم غير مضطرب بخلاف حديث بسرة، وصححه أيضا ابن حبان والطبرانى وابن حزم، وضعفه الشافعى وأبو حاتم وأبو زرعة والدارقطنى والبيهقى وابن الجوزى، وادعى فيه النسخ ابن حبان والطبرانى وابن العربى والحازمى وآخرون، وأوضح ابن حبان وغيره ذلك والله اعلم اهـ (وقال الشوكانى) رحمه الله قال البيهقى يكفى في ترجيح حديث بسرة على حديث طلق ان حديث طلق لم يحتج الشيخان بأحد من رواته، وحديث بسرة قد احتجا بجميع رواته، وقد أيدت دعوى

(وعنه من طريق ثان) عن أبيه قال كنت جالسًا عند النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فسأله رجل فقال مسست ذكرى، أو الرَّجل يمسُّ ذكره فى الصَّلاة عليه الوضوء؟ قال لا، إنَّما هو منك (وعنه من طريق ثالث) عن أبيه قال قال رجل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أيتوضَّأ أحدنا إذا مسَّ ذكره في الصَّلاة قال هل هو إلاَّ منك. أو بضعة منك (6) باب فى الوضوء منم لمس المرأة وتقبيلها (376) عن عروة بن الزُّبير عن عائشة رضى الله عنها أنَّ رسول الله

_ النسخ بتأخر اسلام بسرة وتقدم اسلام طلق، ولكن هذا ليس دليلا على النسخ عند المحققين من أئمة الأصول، وأيد حديث بسرة أيضا بان حديث طلق موافق لما كان الأمر عليه من قبل. وحديث بسرة ناقل عنه فيصار اليه، وبانه أرجح لكثرة طرقه وصحتها وكثرة من صححه من الأئمة. ولكثرة شواهده، ولان بسرة حدثت به في دار المهاجرين والأنصار وهم متوافرون، وأيضا قد روى عن طلق بن على نفسه انه روى حديث (من مس فرجه فليتوضأ) أخرجه الطبرانى وصححه، قال فيشبه ان يكون سمع الحديث الأول من النبي صلى الله عليه وسلم قبل هذا ثم سمع هذا بعد فوافق حديث بسرة، وأيضا حديث طلق بن على من رواية قيس ابنه، قال الشافعى رحمه الله قد سألنا عن قيس بن طلق فلم نجد من يعرفه وقال أبو حاتم وأبو زرعة قيس بن طلق ممن لا تقوم به حجة اهـ قال الشوكانى فالظاهر ما ذهب اليه الأولون (قلت) وقد تقدم ذكرهم في الباب السابق (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود ثنا محمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه الخ (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قران بن تمام عن محمد بن جابر به (الأحكام) ذهب الى حديث الباب على وابن مسعود وعمار رضى الله عنهم والحسن البصرى وربيعة والعترة والثورى وأبو حنيفة وأصحابه وقالوا بعدم النقض بمس الذكر وقد تقدم تحقيق ذلك والله أعلم (376) عن عروة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الاعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن عروة بن الزبير الخ (تخريجه) (رواه الأربعة. قط. هق. بز. فع) وق جاء في المسند هكذا عن عروة بن الزبير عن عائشة. بنسبة عروة الى ابيه الزبير وكذلك عند ابن ماجه وفى رواية للدارقطنى، ورواه الترمذى عن عروة عن عائشة بغير نسبة إلى أب ورواه أبو داود من طريقين ولم ينسبه في الطريق الأول ونسبه في

صلى الله عليه وسلم قبَّل بعض نسائه ثمَّ خرج إلى الصَّلاة ولم يتوضَّأ، قال عروة قلت لها من هى إلاَّ أنت؟ فضحكت (377) عن عائشة أيضًا رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ ثمَّ يصلِّى ثمَّ يقبِّل ويصلِّى ولا يتوضَّأ

_ الثاني إلى عروة المزنى عن عائشة. وعروة المزنى مجهول، ومن ثم قال قوم المراد بعروة عند الترمذى ومن رواه بغير نسبة هو عروة المزنى. وبنوا تضعيف الحديث على ذلك (قلت) التحقيق ان عروة المذكور في حديث الباب هو عروة بن الزبير كما في رواية ابن ماجه والدارقطنى، ولأن في متن الحديث "قال عروة قلت لها من هي غلا أنت فضحكت" وغير عروة بن الزبير لا يجسر ان يقول هذا الكلام لعائشة لأنها خالته، وقال الترمذى في جامعه وانما ترك اصحابنا "يعنى المحدثين" حديث عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا لأنه لا يصح عندهم لحال الاسناد قال وسمعت محمد بن إسماعيل (يعنى البخارى) يضعف هذا الحديث وقال حبيب بن أبى ثابت لم يسمع من عروة ابن الزبير اهـ (قلت) هذا غير مسلم لأن رجال السند عند الامام احمد وابن ماجه كلهم ثقات ورواه البزار بإسناد حسن، وسماع حبيب من عروة بن الزبير ثابت، قال أبو داود في سننه روى حمزة الزيات عن حبيب عن عروة بن الزبير عن عائشة حديثا صحيحا (يعنى قوله صلى الله عليه وسلم اللهم عافنى في جسدى وعافنى في بصرى واجعله الوارث منى) (الحديث) ورواه الترمذى في جامعه في كتاب الدعوات، وقال الحافظ ابن عبد البر في حديث الباب صححه الكوفيون وأثبتوه لرواية الثقات من أئمة الحديث له، وحبيب لا ينكر لقاؤه عروة لروايته عمن هو اكبر من عروة وأقدم موتا منه اهـ وفى الخلاصة ان حبيب بن أبي ثابت روى عن زيد بن ارقم وابن عباس وابن عمر وخلق من الصحابة والتابعين، وفى التهذيب وثقه العجلى والنسائى وابن معين وأبو زرعة (قل) وأخرج له الشيخان وأصحاب السنن والامام احمد وغيرهم وعلى هذا فالحديث صحيح والله أعلم (377) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني ابي ثنا محمد بن فضيل قال ثنا الحجاج عن عمرو بن شعيب عن زينب السهمية عن عائشة (الحديث) (تخريجه) (جه) وقال الزيلعى سنده جيد، وفيه نظر لأن فيه حجاج بن ارطاة وهو كثير الخطأ والتدليس. وزينب السهمية مجهولة. صرح به البيهقى وغير واحد، أفاده الشيخ شمس الحق في شرحه لسنن أبي داود

(378) عن أبي سلمة بن عبد الرَّحمن عن عائشة رضى الله عنها زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّها قالت كنت أنام بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلىِّ في قبلته فإذا سجد غمزنى فقبضت رجلىَّ وإذا قام بسطتهما، والبيوت ليس يومئذ فيها مصابيح

_ (378) عن أبي سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني ابي قال قرأت على عبد الرحمن بن مهدى عن أبي النضر مولى عمر بن عبد الله عن ابي سلمه بن عبد الرحمن الخ (تخريجه) (ق) وغيرهما. وفى الباب عن النسائى عن عائشة رضى الله عنها "قالت ان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلى واني لمعترضة بين يديه اعتراض الجنازة حتى إذا أراد أن يوتر مسنى برجله" قال الحافظ في التلخيص اسناده صحيح وقال الزيلعى اسناده على شرط صحيح اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على ان تقبيل المرأة لا ينقض الوضوء وكذلك لمسها من باب أولى (واليه ذهب) ابن عباس وعطاء وطاوس والعترة جميعًا وأبو حنيفة وأصحابه وقالوا يجب المصير الى المجاز في قوله تعالى (أولا مستم النساء) وهو ان اللمس مراد به الجماع لوجود القرينة وهى أحاديث الباب. ولأن ابن عباس رضى الله عنهما الذي علمه الله تأويل كتابه واستجاب فيه دعوة نبيه صلى الله عليه وسلم فسر اللمس المذكور في الآية بالجماع، وقالوا غير ذلك مما يطول ذكره (وذهب) عبد الله بن مسعود وابن عمر والزهرى وزيد بن أسلم والأئمة الثلاثة مالك والشافعى واحمد بن حنبل الى نقض الوضوء بلمس المرأة محتجين بقول الله تعالى {أو لامستم النساء} قالوا فالآية صرحت بان اللمس من جملة الاحداث الموجبة للوضوء وهو حقيقة في لمس اليد، ويؤيد بقاءه على معناه الحقيقى قراءة (أو لمستم) فإنها ظاهرة في مجرد اللمس من دون جماع (وصرح) ابن عمر بان من قبل امرأته أو حسها بيده فعليه الوضوء رواه عنه مالك والشافعى ورواه البيهقى عن ابن مسعود بلفظ (القبلة من اللمس وفيها الوضوء) واللمس ما دون الجماع، واستدل الحاكم على ان المراد باللمس ما دون الجماع بحديث عائشة (ما كان أو قل يوم إلا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا فيقبل ويلمس (الحديث) واستدل البيهقى بحديث أبي هريرة (اليد زناها اللمس) وفى قصة ماعز (لعلك قبلت أو لمست) وغير ذلك من الأدلة (واشترطوا) في النقض بالقبلة أو اللمس ان يكون ذلك بغير حائل (وقالت) المالكية الحائل الخفيف كعدمه وهو ما لا يمنع حرارة الجسم او لينه (واشترط) الحنابلة قصد الشهوة من اللامس دون الملموس (واشترط) المالكية قصد اللذة او وجدانها من اللامس والملموس فمن قصدها أو وجدها منهما انتقض وضوءه (وقالت الشافعية) بالنقض مطلقا ولو بغير قصد أو وجدان. وسواء في ذلك اللامس والملموس والله أعلم

(7) باب في الوضوء من القيئ والقلس والرعاف (379) عن معدان بن أبى طلحة أنَّ أبا الدَّرداء رضى الله عنه أخبره أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر. قال فلقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مسجد دمشق فقلت إنَّ أبا الدَّرداء أخبرنى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر، قال صدق. أنا صببت له وضوءه (وعنه من طريق آخر) عن أبي الدَّرداء

_ (1) القيئ معلوم، والقاس بفتح القاف واللام ويروى بسكونها قال الخليل هو ما خرج من الحلق ملء الفم أو ونه وليس بقيئ وان عاد فهو القيئ، والرعاف الدم الخارج من الأنف (379) عن معدان (سنه) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا ابي قال ثنا الحسين عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعى عن يعيش بن الوليد بن هشام حدثه ان أباه حدثه قال حدثني معدان بن ابي طلحة الخ (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن يحيى بن أبى كثير عن يعيش بن الوليد عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء (حديث) (تخريجه) اخرجه (مذ) وقال هو أصح شيء في هذا الباب (وقال الشوكانى رحمه الله) هو عند احمد وأصحاب السنن الثلاثة وابن الجارود وابن حبان والدارقطنى والبيهقى والطبرانى وابن منده والحاكم بلفظ (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر) وذكر حديث الباب بلفظه ثم قال ابن منده اسناده صحيح متصل وتركه الشيخان لاختلاف في اسناده قال الترمذى جوّده حسين المعلم وكذا قال احمد، وفيه اختلاف كثير ذكره الطبرانى وغيره وقالالبيهقى هذا حديث مختلف في اسناده فإن صح فهو محمول على القيئ عامدًا وقال في موضع آخر اسناده مضطرب ولا تقوم به حجة اهـ باختصار. وفى الباب عن إسماعيل بن عياش عن ابن جريج عن ابن ابي مليكة عن عائشة رضى الله عنها قالت (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصابه قيئ أو رعاف أو قلس أو مذي فلينصرف فليتوضأ ثم ليبن على صلاته وهو في ذلك لا يتكلم) رواه ابن ماجه والدارقطنى وقال الحفاظ من أصحاب ابن جريج يروونه عن ابن جريج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، وصحيح هذه الطريقة المرسلة الذهلى والدارقطنى في العلل وأبو حاتم وقال الامام احمد الصواب عن ابن جريج عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال ابن أبي حاتم رواية إسماعيل خطأ وقال ابن معين حديث ضعيف (وقال النووي) في الخلاصة ليس في نقض الوضوء وعدم نقضه بالدم والقيئ والضحك في الصلاة حديث صحيح، كذا في نصب الراية (الأحكام)

رضي الله عنه قال استقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفطر فأتي بماء فتوضأ (8) باب الوضوء من أكل لحوم الابل (380) عن جابر بن سمرة رضى الله عنه قال كنت قاعدًا مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فقال يا رسول الله أنتوضَّأ من لحوم الغنم؟ قال إن شئت توضَّأ منه وإن شئت لا توضَّأ منه. قال أفأتوضَّأ من لحوم الإبل؟ قال نعم فتوضَّأ من لحوم الإبل، قال فنصلَّى في مبارك الإبل قال لا، قال أنصلِّى فى مرابض الغنت؟ قال نعم صلِّ فى مرابض الغنم

_ اختلف العلماء في نقض الوضوء بالقيئ والقلس والعراف (فقال أبو عيسى الترمذى رحمه الله) وقد رأى غير واحد من أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم من التابعين الوضوء من القيئ والعراف وهو قول سفيان الثورى وابن المبارك وأحمد واسحق (قلت وأبو حنيفة وأصحابه) قال وقال بعض أهل العلم ليس في القيئ والرعاف وضوء وهو قول مالك والشافعى اهـ (قلت) عند مالك لا يتوضأ من رعاف ولا قيئ ولا قيح يسيل من الجسد ولا يجب الوضوء الا من حدث يخرج من قبل أو دبر وكذلك الدم عنده يخرج من الدبر لا وضوء فيه لأنه يشترط الخروج المعتاد، وقول الشافعى في الرعاف وسائر الدماء الخارجة كقول مالك إلا ما يخرج من المخرجين سواء أكان دمًا أم حصاة أم دوا أم غير ذلك (وحملوا) الوضوء في حديث الباب على غسل اليدين لقرائن يطول ذكرها (واشترط) الحنفية في النقض بالقيئ ان يكون من المعدة وان يكون ملء الفم، وان يكون دفعة واحدة، واشترطوا في الدم ان يكون سائلا (واشترط) الحنابلة أن يكون فاحشا في كليهما كل بحسبه والله أعلم (380) عن جابر بن سمرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبو عوانة ثنا عثمان بن عبد الله بن موهب عن جعفر بن أبي ثور عن جابر بن سمرة (الحديث) (غريبه) (1) مبارك الإبل موضع بروكها والبروك كالاضطجاع للإنسان، ومرابض جمع مربض كمجلس موضع ربوض الغنم وهو كالجلوس للإنسان، وقيل كالاضطجاع وربوض الغنم والبقر والفرس والكلب مثل بروك الإبل وجثوم الطير. وبابه جلس وأربضها غيرها (تخريجه) (م) وأخرج (جه. د. مذ) نجوه من حديث ابن عمر

(381) عن البراء بن عازب رضى الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مثله (382) عن عبد الرَّحمن بن أبى ليلى عن ذى الغرَّة رضى الله عنه قال عرض أعرابىُّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يسير فقال يا رسول الله تدركنا الصَّلاة ونحن فى أعطان الإبل أفنصلِّى فيها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا، قال أفنتوضَّأ من لحومها؟ قال نعم، قال أفنصلِّى فى مرابض الغنم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم. قال أفنتوضَّأ من لحومها؟ قال لا (383) عن أسيد بن حضير رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه سئل عن

_ (381) عن البراء بن عازب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن ابي ليلى عن البراء بن عازب (الحديث) (تخريجه) (مذ. د. جه. حب) وابن الجارود وابن خزيمة وقال في صحيحه لم أر خلافا بين علماء الحديث ان هذا الخبر صحيح من جهة النقل لعدالة ناقليه (382) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عمرو بن محمد الناقد قال ثنا عبيدة بن حميد الضبى عن عبد الله بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الخ (تخريجه) قال الهيثمى رواه احمد والطبرانى في الكبير وسماه يعيش الجهنى ويعرف بذى الغرة ورجال احمد موثقون اهـ (383) عن أسيد بن حضير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني ابي ثنا محمد بن مقاتل المروزى أنا عباد بن العوام ثنا الحجاج عن عبد الله بن عبد الله مولى بنى هاشم قال وكان ثقة قال وكان الحكم يأخذ عنه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أسيد بن خضير (الحيث) (تخريجه) (جه. طس) وفيه الحجاج بن ارطاة وفى الاحتجاج به اختلاف، قاله الهيثمى في مجمع الزوائد (قلت) وله شاهد من حديث سمرة السوائى بضم السين والد جابر ابن سمرة رضى الله عنهما قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت انا أهل بادية وماشية فهل نتوضأ من لحوم الإبل وألبانها؟ قال نعم، قلت فهل نتوضأ من لحوم الغنم وألبانها؟ قال لا، قال الهيثمى رواه الطبرانى في الكبير واسناده حسن ان شاء الله اهـ _الاحكام) احاديث الباب تدل على وجوب الوضوء من أكل لحوم الابل ومن شرب ألبانها (قال النووي رحمه الله) في شرح مسلم اختلف العلماء في أكل لحم الجزور فذهب الاكثرون إلى أنه لا ينقض

ألبان الإبل؟ قال توضَّئوا من ألبانها، وسئل عن ألبان الغنم، فقال لا توضئوا من ألبانها (9) باب الوضوء مما مست النار (384) عن إبراهيم بن عبد الله بن قارظ قال مررت بأبي هريرة

_ الوضوء، وممن ذهب اليه الخلفاء الأربعة الراشدون أبو بكر وعمر وعثمان وعلى، وابن مسعود وأبي بن كعب وابن عباس وأبو الدرداء وأبو طلحة وعامر بن ربيعة وأبو أمامة وجماهير التابعين ومالك وأبو حنيفة والشافعى وأصحابهم (وذهب) الى انتقاض الوضوء به احمد بن حنبل واسحق بن راهويه ويحيى بن يحيى وأبو بر بن المنذر وابن خزيمة واختاره الحافظ أبو بكر البيهقى، وحكى عن أصحاب الحديث مطلقا، وحكى عن جماعة من الصحابة رضى الله عنهم اجمعين واحتج هؤلاء بحديث الباب، وقوله صلى الله عليه وسلم نعم فتوضأ من لحوم الابل، وبحديث البراء بن عازب قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الوضوء من لحوم الابل فأمر به، قال احمد بن حنبل رحمه الله تعالى واسحق بن راهويه صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا حديثان حديث جابر وحديث البراء، وهذا المذهب أقوى دليلا وان كان الجمهور على خلافه (وقد أجاب) الجمهور عن هذا الحديث بحديث جابر (كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار) ولكن هذا الحديث عام وحديث الوضوء من لحوم الابل خاص والخاص مقدم على العام والله أعلم، واما اباحته صلى الله عليه وسلم الصلاة في مرابض الغنم دون مبارك الابل فهو متفق عليه، والنهي عن الصلاة في مبارك الابل وهى إعطائها نهي تنزيه، وسبب الكراهة ما يخاف من نفارها وتهويشها على المصلى والله أعلم اهـ (قلت) ولم أقف على من قال بالوضوء من ألبان الابل وكأن حديثه لم يصح عندهم والله أعلم (384) عن إبراهيم بن عبد الله (ينده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهرى عن عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم بن عبد الله بن قارط الخ (غريبه) (1) هكذا في المسند، وفى مسلم في هذا الباب قال ابن شهاب أخبرني عمر بن عبد العزيز أن عبد الله بن إبراهيم بن قارط (الحديث) (قال النووي رحمه الله) هكذا هو في مسلم وفى باب الجمعة والبيوع، ووقع في باب الجمعة من كتاب مسلم في رواية ابن جريج إبراهيم بن عبد الله بن قارط وكلاهما ق قيل، وقد اختلف الحفاظ فيه على هذين القولين فصار إلى كل

رضي الله عنه وهو يتوضَّأ فقال أتدرى ممَّا أتوضَّأ؟ من أثوار أقط أكلتها إنِّى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول توضَّئوا ممَّا مسَّت النَّار (385) عن زيد بن ثابت رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مثله (386) عن أبي موسى الأشعرىِّ رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول توضَّئوا ممَّا غيَّرت النَّار لونه (387) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أكل ثور أقط فتوضَّأ منه وصلَّى (388) عن القاسم مولى معاوية قال دخلت مسجد دمشق فرأيت ناسًا مجتمعين وشيخ يحدِّثهم. قلت من هذا؟ قالوا سهيل بن الحنظليَّة رضي الله عنه

_ واحد منهما جماعة كثيرة، وقارط بالقاف وسر الراء وبالظاء المعجمة اهـ (1) الاثوار جمع ثور وهي القطعة من الأقط وهي الثاء المثلثة، والأقط بفتح الهمزة وكسر القاف لبن جامد مستحجر وهو مما مسته النار (تخريجه) (م. والاربعة) (385) عن زيد بن ثابت (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر عن ابن أبي ذئب عن الزهرى عن عبد الملك بن أبي بكير عن خارجة بن زيد عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال توضئوا مما مست النار (تخريجه) (م. نس) (386) عن أبي موسى الأشعري (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا المبارك عن الحسن عن أبي موسى (الحيث) (تخريجه) (طس) وقال الهيثمى رجاله موثقون (387) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله أبي حدثنا عفان حدّثنا وهيب حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة (الحديث) (تخرجيه) (طب) والطحاوى بلفظه عن أبي طلحة ورجاله رجال الصحيح (388) عن القاسم مولى معاوية (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني ابى ثنا عبد الرحمن بن مهدى عن معاوية بن صالح عن سليمان بن أبي الربيع عن القاسم مولى معاوية الخ

فسمعته يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أكل لحمًا فليتوضأ (فصل فيما روى فى ذلك عن بعض أزواج النبى صلى الله عليه وآله وسلم) (389) عن عروة بن الزَّبير قال سمعت عائشة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّؤوا ممَّا مسَّت النَّار (390) عن محمد بن - طحلاء قال قلت لأبى سلمه إنَّ ظئرك سليمًا لا يتوضَّأ ممَّا مسَّت النَّار، قال فضرب صدر سليم وقال أشهد على أمَّ سلمة زوج النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّها كانت تشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضَّأ ممَّا مسَّت النَّار (391) عن أبى سفيان بن سعيد بن المغيرة أنِّه دخل على أمِّ حبيبة زوج النَّبي صلى الله عليه وسلم (وفى رواية زيادة وكانت خالته) فسقته قدحًا من سويق فدعا بماء فمضمض فقالت له يا ابن أختى ألا تتوضَّأ فانَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال توضَّئوا ممَّا مسَّت النَّار، أو غيَّرت (وعنه من طريق ثان) أنَّه دخل على أمِّ حبيبة

_ (تخريجه) (طب) وحسنه السيوطى (389) عن عروة بن الزبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا أبو اليمان قال أنا شعيب عن الزهرى قال أخبرني سعيد بن خالد بن عمرو بن عثمان بن عفان وأنا احدثه هذه الأحاديث أنه سأل عروة بن الزبير عما مست النار فقال عروة بن الزبير سمعت عائشة (الحديث) (تخريجه) (م. نس. جه) (390) عن محمد بن طحلاه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابى ثنا أحمد بن الحجاج قال ثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن طحلاء الخ (غريبه) (1) الظئن المرضعة غير ولدها، ويقع على الذكر والانثى، ومنه حديث سيف القين ظئن إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم هو زوج مرضعته (نه) (تخريجه) (طب) وصححه الحافظ السيوطى (391) عن أبى سفيان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس قال ثنا أبان يعنى ابن يزيد العطار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سفيان بن سعيد الخ (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي عبد الرازق ثنا معمر عن

فسقته سويقًا ثمَّ قام يصلَّى فقالت له توضَّأ يا ابن أختى فإنَّى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول توضَّئوا ممَّا مسَّت النَّار (وعنه من طريق ثالث بنحوه) وفيه قال قالت لى أى بنىَّ لا تصلِّين حتَّى تتوضَّأ، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمرنا أن نتوضَّأ ممَّا مسَّت النَّار من الطَّعام

_ الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سفيان بن المغيرة أنه دخل على أم حبيبة الخ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال حدثا أبي قال وحدثنا ابن اسحق قال حدثني محمد بن مسلم بن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي سفيان بن سعيد بن الأخنس بن شريق قال دخلت على أم حبيبة وكانت خالته فسقتنى شربة من سويق فلما قمت قالت لي أي بنى الخ (تخريجه) أخرجه الطاحوى والنسائى وأبو داود وسكت عنه المنذرى (الاحكام) قال النووي رحمه الله ذكر مسلم رحمه الله تعالى في هذا الباب الاحاديث لو رده بالوضوء مما مست النار ثم عقبها بالأحاديث الواردة بترك الوضوء مما مست النار فكانه يشير لي ان الوضوء منسوخ، وهذه عادة مسلم وغيره من أئمة الحديث يذكرون الاحاديث التي يرويها منسوخة ثم يعقبونها بالناسخ (قلت) وقد فعلت مثل ذلك في كتابي هذا (الفتح الربانى) يقتده بهم رحمهم الله (قال) وقد اختلف العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم توضؤا مما مست النار فذهب جماهير العلماء من السلف والخلف الى أنه لا ينتقض الوضوء بأكل ما مسته النار فممن ذهب اليه أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وعبد الله بن مسعود وأبو الدرداء وابن عباس وعبد الله وأنس بن مالك وجابر بن سمرة وزيد بن ثابت وأبو موسى وأبو هريرة وأبي بن كعب وأبو طلحة عامر بن ربيعة وأبو امامة وعائشة رضى الله عنهم أجمعين وهؤلاء كلهم صحابة، وذهب اليه جماهير التابعين وهو مذهب مالك وأبي حنيفة والشافعى وأحمد واسحق بن راهويه ويحيى بن يحيى وأبي ثور وأبي خيثمة رحمهم الله (وذهبت) طائفة إلى وجوب الوضوء الشرعي وضوء الصلاة بأكل ما مسته النار هو مروى عن عمر بن عبد العزيز والحسن البصرى والزهرى وأبي قلاب وابي مجلن (واحتج) هؤلاء بحديث وضوء مما مسته النار (واحتج) الجمهور بالأحاديث الواردة بترك الوضوء مما مسته النار، وقد ذكر مسلم ها منها جملة، وباقيها في كتب أئمة الحديث المشهورة (قلت) راجعت هذه الكتب فلم أجد من جمع فيها من مؤلفيها مثل ما جمع الامام أحمد رحمه الله في مسنده جزاه الله عن المسلمين خير الجزاء (ثم قال النووي) وأجابوا عن حيث الوضوء مما مست النار

(10) باب في ترك الوضوء مما مست النار (392) عن سعيد بن المسيِّب قال رأيت عثمان رضى الله عنه قاعدًا فى المقاعد فدعا بطعام ممَّا مسَّته النَّار فأكله ثمَّ قام إلى الصَّلاة فصلِّى ثمَّ قال

_ بجوابين (أحدهما) انه منسوخ بحديث جابر رضى الله عنه (قال كان آخر الامرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار) وهو حديث صحيح رواه أبو داود والنسائى وغيرهما من أهل السنن بأسانيدهم الصحيحة (والجواب الثاني) ان المراد بالوضوء غسل الفم والكفين، ثم ان هذا الخلاف الذي حكيناه ان في الصدر الأول ثم أجمع العلماء بعد ذلك على أنه لا يجب الوضوء بأكل ما مسته النار والله أعلم (م) (وقال الشوكانى) رحمه الله بعد نقل ما ذكرنا عن النووي، ولا يخفاك أن الجواب الأول (يعنى نسخ حديث الوضوء مما مست النار) إنما يتم بعد تسلم أن فعله صلى الله عليه وسلم يعارض القول الخاص بنا وينسخه، والمتقرر في الأصول خلافه وأما الجواب الثاني فقد تقرر أن الحقائق الشرعية مقدمة على غيرها وحقيقة الوضوء الشرعية هي غسل جميع الأعضاء التي تغسل للوضوء فلا تخالف هذه الحقيقة إلا بدليل، واما دعوى الاجماع فهي من الدعاوى التي لا يهابها طالب الحق ولا تحول بينه وبين مراده، نعم الأحاديث الواردة في ترك التوضئ من لحوم الغنم مخصصة لعوم الأمر بالوضوء مما مست النار وما عدا لحوم الغنم داخل تحت ذلك العموم اهـ (قلت) يمن حمل أحاديث الباب على الاستحباب لا الوجوب جميعًا بينها وبين أحاديث ترك الوضوء مما مست النار، وبذلك جمع الخطابي رحمه الله تعالى، وهذا أولى من المصير إلى النسخ لأننا لا نعلم المتأخر (فان قيل) ثبت في صحيح البخارى ومسند الأما أحمد من حديث سويد بن النعمان أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لم يتوضؤا مما مست النار في غزوة خيبر، وأحاديث الأمر بالوضوء كانت قبل ذلك (قلنا) ثبت أيضًا في صحيح مسلم ومسند الامام أحمد (أن أبا هريرة سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول توضؤا مما مست النار) وأبو هريرة لم يحضر إلا بعد فتح خيبر فلم يبق إلا حمل أحاديث الأمر بالوضوء على الاستحباب وبمثل ذلك جمع الخطابى كما تقدم والله أعلم بالصواب (392) عن سعيد بن المسيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد ابن مسلم حدثني شعيب أبو شيبة قال سمعت عطاء الخراسانى سمعت سعيد بن المسيب يقول رأيت عثمان الخ (غريبه) (1) بفتح الميم والقاف قبل هي دكاكين عند دار عثمان بن عفان رضى الله عنه، وقيل درج، وقيل موضع بقرب المسجد اتخذه للقعود فيه لقضاء حوائج

عثمان قعدت مقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكلت طعام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلَّيت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (393) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم ممَّا غَّيرت النَّار ثم صلَّى ولم يتوضَّأ (وعنه من طريق ثان) أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أكل إمَّ ذراعًا مشويًا وإمَّا كتفًا ثم صلَّى ولم يتوضَّأ ولم يمسَّ ماء (394) عن أبى رافع رضى الله عنه مولى رسول الله عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه (395) عن أمِّ سلمة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ورضى عنها عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه

_ الناس والله أعلم (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ولعثمان عند البزار (أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل خرزًا ولحمًا ثم صلى ولم يتوضأ) وضعف إسناده ورجال أحمد ثقات اهـ (393) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن جريج قال أخبرني عمر بن عطاء بن أبى الخوار قال سمعت ابن عباس يقول أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا موسى بن عقبه ثنا محمد بن عمرو بن عطاء أنه سمع ابن عباس يقول ان النبي صلى الله عليه وسلم الخ (ولهذا الحديث) طرق كثيرة عند الامام احمد (منه) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن هشام بن عروة حدثني وهب بن كيسان عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ابن عباس، قال وحدثني محمد بن على بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن ابن عباس رضى الله عنها قال وحدثني الزهرى عن على بن عبد الله بن عباس عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل لحمًا أو عرقًا فصلى ولم يمس الماء (تخريجه) (ق، د، لك، نس) (394) عن ابي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد العزيز بن محمد عن عمرو يعنى ابن أبي عمرو عن المغيرة بن أبي رافع عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتى بكتف شاة فأكلها ثم قام إلى الصلاة ولم يمس قطرة ماء (تخرجيه) (م) (395) عن ام سلمة (سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد

(396) عن محمَّد بن إسحق ثنا محمِّد بن عمر بن عطاء بن عيَّاش بن علقمة أخو بنى عامر بن لؤى قال دخلت على أبن عبَّاس ببيت ميمونة زوج النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لغد يوم الجمعة قال وكانت ميمونة قد أوصت له به فكان إذا صَّلى الجمعة بسيط له فيه ثمَّ أنصرف إليه فجلس فيه للنَّاس، قال فسأله رجل وأنا أسمع عن الوضوء ممَّا مسَّت النَّار من الطَّعام، قال فرفع أبن عبَّاس يده إلى عينيه وقد كفَّ بصره فقال بصر عيناى هاتان رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ لصلاة الظُّهر فى بعض حجره ثمَّ دعاه بلال إلى الصَّلاة فنهض خارجًا فلمَّا وقف على باب الحجرة لقيته هديَّة من خبز ولحم بعث بها إليه بعض أصحابه قال فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه ووضعت لهم فى الحجرة قال فأكل وأكلوا معه قال ثمَّ نهض رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن معه إلى الصَّلاة وما مسَّ ولا أحد ممَّن كان معه ماء قال ثمَّ صلَّى بهم، وكان ابن عبَّاس إنما عقل من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم آخره (397) عن عمرو بن أميَّة الضَّمرىَّ رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل يحتزُّ من كتف شاة ثمَّ دعى إلى الصلاة فصلَّى ولم يتوضَّأ (وفي

_ عن جعفر بن محمد قال حدثني أبي عن علي بن حسين عن زينب ابنة أم سلمة عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم أكل كتفًا فجاءه بلال فخرج إلى الصلاة ولم يمس ماء (تخريجه) (نس) (396) عن محمد بن اسحق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن محمد بن اسحق الخ (غريبه) (1) أي أوصت لأبن عباس بيتها لأنها خالته (وقوله) بسط أي فرش له فيه (تخريجه) رواه مسلم مختصرًا (397) عم عمرو بن أمية الضمرى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن شهاب عن جعفر بن عمرو بن أمية عن أبيه عمرو بن أمية الضمرى الخ (تخريجه) (ق) قال الحافظ في الفتح وفيه جواز قطع اللحم بالسكين، وفي النهى عنه حديث ضعيف في سنن أبي اود فان ثبت خص بعدم الحاجة الداعية

لفظ فدعي إلى الصَّلاة فطرح السَّكِّين ولم يتوضَّأ (398) عن ابن مسعود رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل لحمًا ثمَّ قام إلى الصَّلاة ولم يمسَّ ماء (399) عن ابن جريج قال أخبرنى محمَّد بن يوسف أنَّ سليمان بن بسار أخبره أنَّه سمع ابن عبَّاس رضى الله عنهما ورأى أبا هريرة رضى الله عنه يتوضَّأ فقال أتدرى ممَّا أتَّوضَّأ؟ قال لا أتوضَّأ من أثوار أقط أكلتها قال ابن عبَّاس ما أبالى ممَّا توضَّأت، أشهد لرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل كتف لحم ثمَّ قام إلى الصَّلاة وما توضَّأ، قال وسليمان حاضر ذلك منهما جميعًا (400) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال أكلت مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر خبزًا ولحمًا فصلَّوا ولم يتوضئوا

_ إلى ذلك لما فيه من التشبه بالأعاجم وأهل الترف اهـ (398) عن ابن مسعود (سنده) حدثنا عب الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا سليمان بن بلال عم عمرو عن حمزة بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن مسعود الخ (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله موثقون اهـ (399) عن ابن جريج (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرازق وابن بكر قالا أنا ابن جريج قال أخبرني محمد بن يوسف الخ (تخريجه) (هـ ق) بلفظ حديث الباب، والشيخان من قوله أشهد لرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ، وتقدم مثله في أول الباب (400) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم عن على بن زيد عن محمد بن المنكدر عن جابر (الحديث) (تخريجه) اخرجه أيضًا ابن أبي شيبة والضياء في المختارة وفي إسناده على بن زيد تكلم فيه من جهة حفظه وأخرج له مسلم مقرونا بغيره

(401) وعنه أيضًا رضى الله عنه قال قرِّب لرسول الله صلى الله عليه وسلم خبز ولحم ثمَّ دعا بوضوء فتوضَّأ ثمَّ صلَّى الظُّهر ثمَّ دعا بفضل طعامه فأكل ثمَّ قام إلى الصَّلاة ولم يتوضَّأ، ثمَّ دخلت مع عمر فوضعت له هاهنا (وفى رواية أمامنا بدل ها هنا) جفنة فيها خبز ولحم وها هنا جفنة فيها خبز ولحم فأكل عمر ثم قام إلى الصَّلاة ولم يتوضَّأ (402) عن سويد بن النُّعمان رضى الله عنه قال خرجنا مع رسول الله

_ (401) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج ومحمد بن بكر أخبرني بن جريج أخبرني محمد بن المنكدر قال سمعت جابر بن عبد الله يقول قرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أخرجه المسائى وأبو داود وسكت عنه هو والمنذرى ثم قال داود بعد هذا الحديث حدثنا موسى بن سهل أبو عمران الرملي قال ثنا على بن عياش قال ثنا شعيب بن ابي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال (كان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما غيرت النار) قال أبو داود وهذا اختصار من الحديث الأول أهـ (قلت) قال الامام الشافعي رحمه الله في سنن حرملة لم يسمع ابن المنكدر هذا الحديث من جابر إنما سمعه من عبد الله بن محمد بن عقيل قال الحافظ ويشهد لأصل الحديث ما أخرجه البخارى في الصحيح عن سعيد بن الحارث قال قلت لجابر الوضوء مما مست النار؟ قال لا، وللحديث شاهد من حديث محمد بن سلمة أخرجه الطبراني في الأوسط ولفظه (أكل آخر امره لحمًا ثم صلى ولم يتوضأ) قال النووي في شرح مسلم حديث جابر حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي وغيرهما من أهل السنن بأسانيدهم الصحيحة اهـ (402) عن سوي بن النعمان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير يحيى بن بشير بن يسار عن سويد بن النعمان (الحديث) (وله طريق ثان) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يحيى بن سعيد قال سمعت بشير بن يسار قال سمعت سويد بن النعمان رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحاب الشجرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فلم يكن عندهم طعام قتال فاتوا بسويق فأكلوا منه وشربوا

صلى الله عليه وسلم عام خيبر حتَّى إذا كنَّا بالصَّهباء وصلَّى العصر دعا بالأطعمة فمّا أتى إلاَّ بسويق فأكلوا وشربوا منه ثمَّ قام إلى المغرب ومضمضنا معه وما مسَّ ماء (403) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال كنت أنا وأبىُّ بن كعب وأبو طلحة جلوسًا فأكلنا لحمًا وخبزًا ثمَّ دعوت بوضوء فقالا لم تتوضَّأ؟ فقلت لهذا الطَّعام الَّذى أكلنا، فقالا أتتوضَّأ من الطَّيِّبات. لم يتوضَّأ منه من هو خير منك (404) عن عبد الله بن الحارث بن جزه الزَّبيدىِّ رضى الله عنه قال

_ منه ثم أتوا بماء فتمضمضوا ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى (غريبه) (1) بفتح الصاد المهملة والمداسم موضع قرب خيبر قاله في القاموس، وفي رواية البخاري حتى إذا كانوا بالصهباء وهي أدنى خيبر يصلي العصر الخ وقوله أدني خيبر أي طرفها مما يلي المدينة وللبخارى أيضاً في الأطعمة وهي على روحة من خيبر، وقال أبو عبيد البكرى في معجم البلدان هي على بريد، قاله الحافظ (2) بفتح السين المهملة قال الداودى هو دقيق الشعير أو السلت المقلى، وقال غيره ويكون من القمح وقد وصفه أعرابي فقال عدة المسافر وطعام العجلان وبلغة المريض (تخريجه) (خ. لك. جه. نس) (403) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عتاب ابن زياد ثنا عبد الله يعنى ابن المبارك ثنا موسى بن عقبه عبد الرحمن بن زيد بن عقبه عن أنس بن مالك (الحديث) (3) هكذا بالأصل، ورأيت نحوه في البيهقى (ونفى مجمع الزوائد) كنت أنا وأمي بدل أبي بن كعب، وعزاه للإمام أحمد. والظاهر ما قاله صاحب مجمع الزوائد لما عهد من أنه صلى الله عليه وسلم كان يتردد إلى بيت أم أنس المشهورة بأم سليم وقد دعته غير مرة لتناول الكعام عندها مع زوجها أبي طلحة المذكور في الرواية والله عز وجل أعلم (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد ورجاله ثقات (قلت) ورواه البيهقى أيضًا بنحوه (404) عن عبد الله بن الحارث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شواء فى المسجد فأقيمت الصَّلاة فأدخلنا أيدينا فى الحصى ثمَّ قمنا نصلِّى ولم نتوضَّأ (405) عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل طعامًا ثمَّ أقيمت الصَّلاة فقام وقد كان توضَّأ قبل ذلك فأتيته بماء يتوضَّأ منه فانتهرنى وقال وراءك، فساءنى والله ذلك، ثمَّ صلَّى فشكوت ذلك إلى عمر، فقال يا نبيَّ الله إنَّ المغيرة قد شقَّ عليه انتهارك إيَّاه وخشي أن يكون فى نفسك عليه شيء، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ليس عليه فى نفسي شيء إلاَّ خير، ولكن أتاني بماء لأتوضَّأ وإنَّما أكلت طعامًا، ولو فعلته فعل ذلك النَّاس بعدى (406) عن أبى رافع رضى الله عنه قال ذبحنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فأمرنا فعالجنا له شيئًا من بطنها فأكل ثمَّ قام فصلَّى ولم يتوضَّأ (407) عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتي القدر

_ حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا سليمان بن زياد عن عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدى (الحديث) (غريبه) (1) بكسر الشين المعجمة وفتح الواو والمد آخره همزة مثل كتاب وبساط (وقوله فأدخلنا أيدينا في الحصى) أي مسحناها ولم نغسلها بالماء (تخريجه) اخرج نحوه أبو داود وسكت عنه هو والمنذرى (405) عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الوليد وعفان قالا ثنا عبيد الله بن اياد ثنا اياد عن سويد بن سرحان عن المغيرة بن شعبة (الحديث) (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات (406) عن أبي رافع (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن الحجاج أنا حاتم بن إسماعيل عن محمد بن عجلان بن عباد بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي غطفان عن أبي رافع (الحديث) (تخريجه) (م وغيره) (407) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيدة بن حميد قال حدثني عبد العزيز بن رفيع عن عكرمة قال قالت عائشة كان رسول الله

فيأخذ الذِّراع منها فيأكلها ثمَّ يصلِّى ولا يتوضَّأ (408) عن عبد الله بن شدَّاد قال سمعت أبا هريرة يحدِّث مروان قال توضَّئوا ممَّا مسَّت النَّار، قال فأرسل مروان إلى أمِّ سلمة رضى الله عنها فسألها فقالت نهس (1) النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم عندي كتفًا ثمَّ خرج إلى الصَّلاة ولم يمسَّ ماء (409) عن كريب مولى ابن عبَّاس أنَّه سمع ميمونة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم تقول أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتف شاة ثمَّ قام فصلَّى ولم يتوضَّأ (410) عن فاطمة "الزَّهراء" بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنها وأرضاها قالت دخل علىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل عرقًا فجاء بلال بالأذان فقام ليصلِّى فأخذت بثوبه فقلت يا أبنت ألا تتوضَّأ؟ فقال ممَّ أتوضَّأ يا بنيَّة، فقلت ممَّا مسَّت النَّار، فقال لى أو ليس أطيب طعامكم ما مسَّته النَّار

_ صلى الله عليه وسلم (الحديث) (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجاله رجال الصحيح (408) عن عبد الله بن شداد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان ثنا أبو عون محمد بن عبيد الله الثقفى عن عبد الله بن شداد الخ (غريبه) (1) النهس بالسين المهملة أخذ اللحم بأطراف الأسنان، والنهش بالشين المعجمة الأخذ بجميعها (تخريجه) (نس. جه. هق) (409) عن كريب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي عتاب بن زياد قال ثنا عبد الله وعلى بن إسحاق أخبرنا عبد الله قال ثنا ابن لهيعة قال حدثني بكير أن كريبا مولى ابن عباس حدثه أنه سمع ميمونة الخ (تخريحه) (ق. هق) (410) عن فاطمة الزهراء (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن أبيه عن الحسن بن الحسن عن فاطمة (الحديث) (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد وأبو يعلى الا أنه قال أو ليس أطهر طعامكم والحسن بن الحسن ولد بعد وفاة فاطمة فالحديث منقطع اهـ

(411) عن عبد الرَّحمن بن عبد الرَّحمن الأشهلىِّ عن أمِّ عامر رضى الله عنها فنت يزيد امرأة من المبايعات أنَّها أتت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم بعرق في مسجد فلان فتعرَّقه ثمَّ قام فصلَّى ولم يتوضَّأ (412) عن أمِّ حكيم بنت الزُّبير "بن عبد المطَّلب" رضى الله عنها أنَّ نبيَّ صلى الله عليه وسلم دخل على ضباعة بنت الزُّبير فنهس من كتف عندها ثمَّ صلَّى وما توضَّأ من ذلك (413) عن ضباعة بنت الزُّبير "بن عبد المطَّلب" عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مثله

_ (411) عن عبد الرحمن بن عبد الرحمن (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر قال ثنا إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة قال ثنا عبد الرحمن بن عبد الرحمن الأشهلي الخ (غريبه) (1) بفتح العين المهملة وسكون الراء العظم إذا أخذ عنه معظم اللحم وجمعه عراق بضم العين المهملة وهو جمع نادر، ويقال عرقت العظم واعترقته وتعرقته إذا أخذت عنه اللحم بأسنانك (تخريجه) قال الهيثمي رواه الطبراني في الكبير من طريق إبراهيم بن إسماعيل بن أبي خليفة عن عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن ثابت ابن صامت عنها ولم أجد من ذكر هذين اهـ (قلت) أما إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حليفة الذي ذكره الهيثمي فهو عند الأمام أحمد، إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة، ولعله محرف عند الطبراني، وأما عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن ثابت بن صامت فهو عند الامام أحمد عبد الرحمن بن عبد الرحمن الأشهلى، ولم أقف عليه في كتب الرجال الموجودة عندي، ومع هذا فالحديث ضعيف بإبراهيم بن إسماعيل، قال الحافظ في التقريب إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة الأنصارى الأشهلى مولاهم أبو إسماعيل المدني ضعيف من السابعة مات سنة خمس وستين وهو ابن اثنتين وثمانين سنة اهـ (412) عن أم حكيم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا سعيد عن قتادة ان صالحا يعنى أبا الخليل حدثه عن عبد الله بن الحارث بن نوفل أن أم حكيم بنت الزبير حدثته أن نبي الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد والطبرانى في الكبير ورجاله رجال الصحيح اهـ (413) عن ضباعة (سنده) حدّثنا عبد الله أبي ثنا عبد الصمد

(414) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أكل كتف شاة فمضمض وغسل يده وصلَّى (أبواب الغسل من الجنابة وموجباته) (1) باب حجة من قال لا يجب الغسل الا بنزول المنى (415) عن أبى سلمة أنَّ عطاء بن يسار أخبره أنَّ زيد بن خالد الجهنىَّ أخبره أنَّه سأل عثمان "بن عفَّان" رضى الله عنه قال قلت أرأيت إذا جامع امرأته ولم يمن؟ فقال عثمان يتوضَّأ كما يتوضَّأ للصَّلاة ويغسل ذكره، وقال عثمان سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألت عن ذلك عليَّ بن أبى طالب والزُّبير

_ وعفان قالا ثنا همام ثنا قتادة عن اسحق بن عبد الله بن الحارث عن جدته أم حكيم عن أختها ضباعة بنت الزبير الخ (الحديث) (تخريجه) قال الهيثمى رواه أبو يعلى وأحمد ورجاله ثقات اهـ (414) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (هق) وأورده الهيثمى في مجمع الزوائد عن أبي هريرة بلفظ (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ من أثوار ثم أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ) قال الهيثمى رواه البزار وهو في الصحيح خلا قوله ثم أكل كتف شاة ثم صلى ولم يتوضأ ورجاله رجال الصحيح خلا شيخ البزار اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على عدم وجوب الوضوء مما مست النار، وقد تقدم تحقيق ذلك في الباب السابق قال الحافظ في الفتح حكى البيهقى عن عثمان الدارمى أنه قال لما اختلفت أحاديث الباب لوم يتبين الراجح منه نظرنا الى ما عمل به الخلفاء الراشدين بعد النبي صلى الله عليه وسلم (يعنى عندم الوضوء مما مست النار) فرجحنا به أحد الجانبين، وارتضى النووي هذا في شرح المهذب اهـ (قلت) قال صاحب منتقى الأخبار وهذه النصوص (يعنى عدم الوضوء مما مست النار) إنما تنفي الايجاب لا الاستحباب ولهذا قال للذي سأله أنتوضأ من لحوم الغنم قال إن شئت فتوضأ وإن شئت فلا تتوضأ ولولا أن الأخذ من ذلك مستحب لم أذن فيه لأنه إسراف وتضييع للماء بغير فائدة اهـ (415) عن أبي سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد

ابن العوَّام وصلحة بن عبيد الله وأبيَّ بي كعب فأمروه بذلك (416) عن هشام بن عروة أخبرنا أبى أخبرنى أبو أيُّوب "الأنصاري رضى الله عنه" أنَّ أبيُّا حدَّثه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت الرَّجل يجامع أهله فلا ينزل؟ قال يغسل ما مسَّ المرأة منه ويتوضَّأ ويصلِّي (417) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ على رجل من الأنصار فأرسل إليه فخرج ورأسه يقطر فقال له لعلَّنا أعجلناك قال نعم يا رسول الله فقال إذا أعجلت أو أقحطت فلا غسل عليك، عليك الوضوء (418) وعنه أيضًا فى رواية أخرى، قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قباء يوم الاثنين فمررنا فى بنى سالم فوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على

_ حدثني أبي ثنا الحسين يعنى المعلم عن يحيى يعنى ابن أبي كثير أخبرني أبو سلمة أن عطاء بن يسار الخ (تخريجه) (ق. هق) (416) عن هشام بن عروة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن سعيد أنا هشام بن عروة الخ (تخريجه) (ق. هق. فع) (417) عن أبي سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر أنا شعبة عن أبي عاصم عن الحكم عن ذكوان عن أبي سعيد الخدرى الخ (غريبه) (1) أي إذا احتبس منيك فلم ينزل، ومنه حديث (من أتى أهله فقحط فلا غسل عليه) يعنى فلم ينزل مأخوذ من أقحط إذا انقطع عنه المطر فشبه احتباس المني باحتباس المطر. ومثله في المعنى الماء من الماء وكلاهما منسوخ بقوله صلى الله عليه وسلم (إذا التقى الختانان فقد وجب الغسل اهـ مصباح، ونحوه في النهاية (تخريجه) (ق. هق) (418) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمرو ثنا زهير عن شريك بن عبد الله بن أبي نمر عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدرى عن أبيه قال خرجنا الخ (غريبه) (2) قال النووي قباء بضم القاف ممدوده مذكر مصروف

باب بني عتبان فصرخ وابن عتبان على بطن امرأته فخرج يجرُّ إزاره فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أعجلنا الرَّجل، قال ابن عتبان يا رسول الله أرأيت الرَّجل إذا أتى امرأته ولم يمن عليها ماذا عليه؟ فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّما الماء من الماء (419) عن أبى أيُّوب (الأنصارىِّ) أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال الماء من الماء (2) باب فى أن قلك كان رخصة ثم نسخ (420) عن أبىِّ بن كعب أنَّ الفتيا الَّتى كانوا يقولون الماء من الماء رخصة

_ هذا هو الصحيح الذي عليه المحققون والأكثر، وفيه لغة أخرى أنه مؤنث غير مصروف وأخرى أنه مقصور اهـ (1) بكسر العين على المشهور وقيل بشمها (2) أي وجوب الاغتسال بالماء من أجل خروج الماء الدافق فالأول الماء المطهر والثاني المني (تخريجه) (م) (419) عن أبي أيوب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني ابي ثنا سفيان عن عمرو عن عبد الرحمن بن السائبة عن عبد الرحمن بن سعاد عن أبي أيوب الخ (تخريجه) (نس. جه. مذ) ومسلم من حديث أبي سعيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على عدم وجوب الغسل على من جامع ولم ينزل وليس عليه إلا الوضوء وغسل ذكره، ولكنها تعارض حديث (إذا جلس بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل) وحديث (إذا مس الختان الختان الخ) وكلاهما صحيح، والجمهور على أن حديث الماء من الماء منسوخ بقول أبي بن كعب رضى الله عنه الماء من الماء رخصة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص بها في أول الإسلام ثم أمرنا بالاغتسال بعدها، وروى عن ابن عباس حديث الماء من الماء في الاحتلام لا في الجماع، ولكن يمنع من ذلك وروده في قصة عتبان المذكورة في حديث الباب وعند مسلم أيضًا فسياقها يدل على أنه ورد في الجماع لا في الاحتلام، ويأتي تحقيق ذلك والله أعلم (وفى أحاديث) الباب أيضًا دلالة على نجاسة رطوبة فرج المرأة (قال النووي رحمه الله) وفيه خلاف معروف والأصح عند بعض اصحابنا نجاستها، ومن قال بالطهارة حمل الحديث على الاستحباب، وهذا هو الأصح عن أكثر الأصحاب والله أعلم اهـ (420) عن أبي بن كعب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني ابي عثمان بن عمر انا يونس عن الزهرى قال قال سهل الأنصارى وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخَّص بها فى أوَّل الإسلام ثمَّ أمرنا بالاغتسال بعدها (ومن طريق آخر بنحوه) وفيه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلها رخصة للمؤمنين لقلة ثيابهم ثمَّ إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها بعد يعني قولهم الماء من الماء (421) حدّثنا عبد الله قال حدَّثنى أبى قال ثنا يحيى بن آدم قال ثنا زهير وابن إدريس عن محمَّد بن إسحق عن يزيد بن أبى حبيب عن معمر بن أبى حبيبة عن عبيد بن رفاعة بن رافع عن أبيه، قال زهير فى حديثه رفاعة ابن رافع وكان عقبيَّا بدريًّا قال كنت عند عمر فقيل له إنَّ زيد بن ثابت يفتى النَّاس فى المسجد، قال زهير فى حديثه يفتى النَّاس برأيه فى الَّذى يجامع ولا ينزل، فقال أعجل به فأتى به فقال يا عدوَّ نفسه أو قد بلغت أن تفتى النَّاس فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم، برأيك، قال ما فعلت ولكن حدَّثنى عمومتى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيُّ عمومتك، قال أبىُّ بن كعب، قال زهير وأيُّوب ورفاعة بن رافع، فالتفت إلىَّ وقال ما يقول هذا الفتى، وقال

_ خمس عشرة في زمانه (وفى لفظآخر وكان قد رأى النبي صلى الله عليه وسلم وسمع منه وذكر انه ابن خمس عشرة سنة ثم توفى النبي صلى الله عليه وسلم) قال حدثني أبي بن كعب ان الفتيا الخ (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يحيى بن غيلان ثنا رشدين حدثني عمرو بن الحارث عن ابن شهاب حدثني بعض من أرضى عن سهل بن سعد أن ابيا حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلها رخصة الخ، وقول ابن شهاب في هذا السند حدثني بعض من أرضى قال ابن خزيمة يشبه أن يكون أبا حازم سلمة بن دينار، وقال ابن حبان تتبعت طرقه فلم ار أحدًا بالدنيا رواه عن سهل بن سعد إلا أبا حازم فيشبه أن يكون الرجل الذى قال الزهرى حدثني بعض من أرضى عن سهل بن سعد هو أبو حازم (تخريجه) (جه. خز. د. مذ.) وصححه (421) حدّثنا عبد الله الخ (غريبه) (2) بفتح أوله وثانيه أي ممن حضروا بيعة العقبة وغزوة بدر رضى الله عنهم (3) أي أسرع باستحضاره

زهير ما يقول هذا الغلام، فقلت كنَّا نفعله في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فسألتم عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كنَّا نفعله على عهده فلم نغتسل، قال فجمع النَّاس واتَّفق النَّاس على أنَّ الماء لا يكون إلاَّ من الماء إلاَّ رجلين علىَّ بن أبى طالب ومعاذ بن جبل قالا إذا جاوز الختان الختان فقد وجب

_ (1) ورد بلفظ المجاوزة وبلفظ الملاقاة وبلفظ الملامسة وبلفظ الالزاق والمراد بالملاقاة المحاذاة قال القاضي أبو بكر إذا غابت الحشفة في الفرج فقد وقعت الملاقاة (وقال) ابن سيد الناس وهكذا معنى مس الختان الختان أي قاربه وادناه ومعنى إلزاق الختان بالختان الصاقة به ومعنى المجاوزة (ظاهرة) وقال ابن سيد الناس في شرح الترمذي حاكيا عن ابن العربي وليس المراد حقيقة اللمس ولا حقيقة الملاقاة وإنما هو من باب المجاز والكناية عن الشيء بما بينه وبينه ملابسة أو مقارنة وهو ظاهر، وذلك أن ختان المرأة في أعلى الفرج ولا يمسه الذكر في الجماع وقد أجمع العلماء كما أشاء إليه على أنه لو وضع ذكره على ختانها ولو يولجه لم يجب الغسل على واحد منهما فلابد من قدر زائد على الملاقاة وهو ما وقع مصرحا به في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بلفظ (إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل) أخرجه ابن أبي شيبة، والتصريح بلفظ الوجوب في هذا الحديث مشعر بأن ذلك على وجه الحتم (ولا خلاف) فه بين القائلين بأن مجرد ملاقاة الختان الختان سبب للغسل، قاله الشوكاني (قلت) حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه أيضاً الإمام أحمد وسيأتي في الباب الآتي (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات ألا أن ابن اسحق مدلس وهو ثقة وفى الصحيح طرف منه أهو نقله الزرقاني في شرحة على الموطأ حاكيا عن ابن عبد البر عزوه إلى ابن أبي شيبة والطبراني بإسناد حسن (الأحكام) حديثا الباب يدلان على نسخ حديث الماء من الماء وفي الباب أيضا عند الإمام مالك في الموطأ عن يحيى بن سعيد عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان أن محمود بن لبيد الأنصاري سأل زيد بن ثابت عن الرجل يصيب أهله ثم يكسل (أي يدركه فتور) ولا ينزل فقال زيد ليغتسل فقال له محمود أن أبي بن كعب كان لا يرى الغسل، فقال له زيد بن ثابت أن أبي بن كعب نزع (أي رجع) عن ذلك قبل أن يموت (وقال الحازمي في الاعتبار) قال الشافعي رحمه الله وإنما بدأت بحديث أبي بن كعب في قوله الماء من الماء ويروعه لأن فيه دلالة على أن سمع (الماء من الماء) من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع خلافه فقال به ثم لا أحسبه إلا أنه ثبت له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال

الغسل قال فقال عليُّ يا أمير المؤمنين إن أعلم النَّاس بهذا أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إلى حفصة فقالت لا علم لى، فأرسل إلى عائشة فقالت إذا جاوز الختان الختان وجب الغسل، قال فتحطَّم عمر يعنى تغيَّظ ثمَّ قال لا يبلغني أنَّ أحدًا فعله ولا يغتسل إلاَّ أنهكته عقوبةً (3) باب فى وجوب الغسل بالتقاء الختانين ولو لم ينزل (422) عن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قعد بين الشُّعب الأربع ثم ألزق الختان بالختان فقد وجب الغسل (423) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال قال رسول الله

_ بعد ما نسخه أهـ (قلت) وينسخ ذلك جمهور الصحابة والتابعين (قال الخطابي رحمة الله) وقد بقي على المذهب الأولى (يعني عدم النسخ) جماعة من الصحابة لم يبلغهم خبر التقاء الختانين، منهم سعد بن أبي وقاص وأب أيوب الأنصاري وأبو سعيد الخدري ورافع بن خديج وزيد بن خالد، وممن ذهب إلى قولهم سليمان الأعمش ومن المتأخرين داود بن على أهـ (فائدة) روى مسلم في صحيحه بسنده عن أبي العلاء بن الشخير قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينسخ حديثه بعضا كما ينسخ القرآن بعضه بعضا، قال النووي وأبو العلاء تابعي ومراد مسلم بروايته هذا الكلام عن أبي العلاء تابعي ومراد مسلم بروايته هذا الكلام عن أبي العلاء أن حديث الماء من الماء منسوخ، وقول أبي العلاء أن السنة تنسخ السنة هذا صحيح، (قال العلماء) نسخ السنة بالسنة يقع على أربعة أوجه (أحدها) نسخ السنة المتواترة بالمواترة (والثاني) نسخ خبر الواحد بمثابة (والثالث) نسخ الآحاد بالمتواترة (والرابع) نسخ المواتر بالآحاد، فأما الثلاثة الأولى فهي جائزة بلا خلاف وأما الرابع فلا يجوز عد الجماهير، وقال بعض أهل الظاهر يجوز والله أعلم أهـ. (422) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثي أبي ثنا أبو معاوية ثنا عمرو ابن ميمون بن مهران عن سليمان بن يسار عن عائشة الحديث) (تخريجه) (م. مذ) وصححه. (423) عم عمرو بن شعيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثي أبي ثنا أبو

صلى الله عليه وسلم إذا التقى الختانان وتوارت الحشفة فقد وجب الغسل (424) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال إذا جلس بين شعبها الأربع وأجهد نفسه (وفى رواية ثمَّ جهدها) فقد وجب الغسل أنزل أو لم ينزل (425) عن سعيد بن المسيَّب أنَّ أبا موسى (الأشعرىَّ) رضى الله عنه قال لعائشة رضى الله عنها إنِّى أريد أن أسألك عن شئ وأنا أستحى منك، فقالت سل ولا تستحى فإنَّما أنا أمك، فسألها عن الرَّجل يغشى ولا ينزل فقالت عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إذا أصاب الختان الختان فقد وجب الغسل (426) عن معاذ بن جبل رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال إذا جاوز

_ معاوية ثنا حجاج عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (1) الختانان مر تفسيرهما في الباب السابق والحشفة كرقبة، رأس الذكر أي إذا غابت الحشفة في الفرج، وهذا مفسر لقوله في الأحاديث الأخرى ألزق وأصاب وجاور ونحو ذلك (تخريجه) (جه. وابن أبي شيبة) وفي اسناده حجاج بن ارطاة قال الحافظ في التقريب صدوق كثير الخطأ والتدليس أهـ (قلت) وأحاديث الباب تؤيده. (424) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام ثنا يحيى بن أبي كثير ثنا أبو سامة عن أبي هريرة (الحديث) (غريبه) (2) بضم أوله وفتح ثانيه أي بواحيه قبل يداها ورجلاها، وقبل نواجي الفرج الأربع، وضمير شعبها للمرأة (وقوله) وأجهد نفسه أي جد وبالغ وجهدها أي دفعها وحفزها، والمراد به هنا معاجلة الإيلاج كي به عنه (تخريجه) (ق. م. لك. هق). (425) عن سعيد بن المسيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب الخ (تخريجه) (م. لك. فع. هق) باختلاف في بعض الألفاظ. (426) عن معاذ بن جبل (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا أبو بكر ثنا حمزة بن حبيب عن رجل عن معاذ بن جدل (الحديث) (تخريجه)

الختان الختان فقد وجب الغسل (427) عن عبد الله بن سعد أنَّه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عمَّا يوجب الغسل، وعن الماء يكون بعد الماء وعن الصَّلاة فى البيت، وعن الصَّلاة فى المسجد، وعن مؤاكلة الحائض، فقال إنَّ الله لا يستحيى من الحقِّ، أمَّا أنا فإذا فعلت كذا وكذا فذكر الغسل، قال أتوضَّأ وضوئي للصَّلاة أغسل من ذلك فرجى وأتوضَّأ، وأمَّا الصَّلاة فى المسجد والصَّلاة في بيتى فقد ترى ما أقرب بيتى من المسّجد، ولأن أصلِّي، فى بيتى أحبُّ إلىَّ من أن أصلِّي في المسجد إلاَّ أن تكون صلاةً مكتوبةً. وأمَّ مؤاكلة الحائض فآكلها

_ قال الهيثمي رواه البزار وفي إسناده أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف (قلت) وفيه أيضاً راو لم يسم فالحديث لا يحتج به ولكن أحاديث الباب تؤيده. (427) عن عبد الله بن سعد (سنده) حدّثنا عبد الله أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية يعنى ابن صالح عن العلاء يعني ابن الحارث عن حرام بن حكيم عن عمه عبد الله بن سعد انه سأل الخ، وحرام بالراء المهملة وبعضهم صحفه فقال حزام بالزاي وهو خطأ ويقال له حرام بن معاوية أيضا، قال الحافظ في التقريب حرام بمهمتين مفتوحتين ابن حكيم بن خالد بن سعد الأنصاري ويقال العنسي بالنون، الدمشقي وهو حرام بن معاوية كان معاوية بن صالح يقوله على الوجهين ويتم من جعلها اثنين وهو ثقة أهـ (قلت) وسيأتي في باب مؤكله الحائض معبرا عنه بحرام بن معاوية والله أعلم (غريبه) (1) (قوله الماء يكون بعد الماء) المراد به خروج المني عقب البول متصلا به قال الشوكاني (2) الفحل الذكر من الحيوان ويمني بفتح الياء وضمها يقال مني الرجل وامدى (3) بكسر الكاف وسكون اللام أي فكل معها ولا تبالى (تخريجه) (د. مد. جه) وسكت عنه أبو داود والمنذري قال المنذري في تلخيصه سنن أبي داود بعد ذكر الحديث أخرج الترمذي طرفا

(4) باب وجوب الغسل على من احتلك اذا أنزل (428) عن عائشة رضى الله عنها قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرَّجل يجد البلل ولا يذكر احتلامًا، قال يغتسل، وعن الرَّجل يرى أنَّه قد احتلم ولا يرى بللًا، قال لا غسل عليه، فقالت أمُّ سليم هل على المرأة ترى ذلك شيء؟ قال نعم، إنَّما النِّساء شقائق الرِّجال (429) عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة الانصارىِّ عن جدَّته أمِّ سليم رضى الله عنها قالت كانت مجاورة أمَّ سلمة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

_ منه في الجامع وطرفا في الشمائل وقال حسن غريب أخرجه ابن ماجة مختصراً في موضعين أهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على نسخ حديث الماء من الماء، وتقدم أنه قال بذلك جماهير الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم (قال النووي رحمه الله) وقد أجمع على وجوب الغسل متى غابت الحشفة في الفرج، وإنما كان بالخلاف فيه لبعض الصحابة ومن بعدهم ثم العقد الاجماع على ما ذكر، وهكذا قال ابن العزبي وصرح أنه لم يخالف في ذلك الا داود، نقله الشوكاني. (428) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن خالد عن عبد الله عن أخيه عبيد الله عن القاسم عن عائشة الخ (غريبه) (1) أي نظائرهم وأمثالهم كأنهن شققن منهم ولأن حواء خلقت من آدم عليه السلام، وشقيق الرجل أخوه لأبيه وأمه لأن شق نسبه من نسبه، يعنى فيجب الغسل على المرأة برؤية البلل بعد النوم كالرجل (نه) (تخريجه) رواه (د. مذ) ورواه الدارمي وابن ماجة إلى قوله لأغسل عليه وفي إسناده عند الجميع عبد الله بن عمر العمري المتفرد بروايته ضعفه ابن المديني والنسائي ووثقه الإمام أحمد ويحيى بن معين، وقد أخرج له مسلم مقرونا بأخيه عبيد الله، وقال الترمذي وإنما روي هذا الحديث عبد الله بن عمر (يعنى العمري) عن عبيد الله بن عمر حديث عائشة في الرجل يجد البلل ولا يذكر اختلاما وعبد الله ضعفه يحيى بن سعيد من قبل حفظه أهـ. (429) عن إسحاق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا المغيرة قال ثنا الأوزاعي قال حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طالحة الخ (غريبه) (2) بضم السين المهملة وفتح اللام بنت ملحان بكسر الميم بن خالد الأنصارية زوجة أبي طلحة الأنصاري.

فكانت تدخل عليها فدخل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فقالت أمُّ سليم يا رسول الله أرأيت إذا رأت المرأة أنَّ زوجها يجامعها في المنام أتغتسل؟ فقالت أمُّ سلمة تربت يداك يا أمَّ سليم فضحت النِّساء عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت أمُّ سليم إنَّ الله لا يستحيى من الحقَّ وإنَّ إن نسأل النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عمَّا أشكل علينا خير من أن نكون منه على عمياء، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لأمِّ سلمة أنت تربت يداك، نعم يا أمَّ سليم عليها الغسل إذا وجدت الماء، فقالت أمُّ سليم يا رسول الله وهل للمرأة ماء؟ فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فأنَّى يشبهها ولدها، هنَّ شقائق الرِّجال (430) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا يزيد بن هارون وحدَّثنى حجَّاج قال أنا ابن أبى ذئب عن المقبرىِّ عن عبد الله بن رافع مولى أمِّ سلمة عن أمِّ سلمة رضى الله عنها أنَّ أمَّ سليم قال حجاج امرأة أبى طلحة قالت يا رسول الله المرأة ترى زوجها فى المنام يقع عليها أعليها غسل؟ قال نعم إذا رأت الماء فقالت أمُّ سلمة وتفعل ذلك؟ فقال تربت يمينك، أنَّى يأتي شبه الخؤولة إلاَّ من ذلك، أيُّ النُّطفتين سبقت إلى الرَّحم غلبت على الشَّبه، وقال حجاج

_ وأم أنس بن مالك ماتت في خلافة عثمان رضي الله عنهم (1) أصلها افتقرت والصقت بالتراب ولكن العرب اعتادت استعمالها غير قاصدة حقيقة معناها الأصلي فيذكرون تربت يداك وقاتله الله ما أشجعه ولا أم له ولا أب لك وثكلته أمه وما أشبه هذا من ألفاظهم يقولونها عند إنكار الشيء أو الزجر عنه أو الدم عليه أو استعظامه أو الحث عليه أو الأعجاب به والله أعلم أهـ (م) (2) قال أهل العربية استحيا بياء قبل الألف يستحيى بباءين ويقال أيضاً يستحى بياء واحدة في المضارع فالأولى لغة أهل الحجاز والثانية لغة تميم والمعنى أن الحياء لا يمنع من طلب الحلف ومعرفته (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ والطول ورواه الشيخان مختصراً متفرقا من عدة طرق (430) حدثنا عبد الله الخ (غريبه) (3) يعنى أشبه الولد اخواله لوجود مائها

في حديثه ترتب جبينك (ومن طريق ثان) عن زينب بنت أم سلمة عن أمِّها أمِّ سلمة أنَّ أمَّ سليم سألت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إنَّ الله لا يستحيى من الحقِّ، هل على المرأة غسل إذا احتملت؟ قال نعم إذا رأت الماء (ومن طريق ثالث) عنها عن أمِّ سلمة قالت جاءت أمُّ سليم إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فسألته عن المرأة ترى في منامنها ما يرى الرَّجل، فقال إذا رأت الماء فلتغتسل، قالت قلت فضحت النِّساء، وهل تحتلم المرأة؟ فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم تربت يمينك فبم يشبهها ولدها إذًا (431) عن يزيد بن أبى سميَّة سمعت ابن عمر رضى الله عنهما يقول سألت أمُّ سليم وهى أمُّ أنس بن مالك فقالت يا رسول الله ترى المرأة فى المنام ما يرى الرَّجل؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأت المرأة ذلك

_ وسيأتي التصريح بذلك في حديث عائشة (1) الجبين فوق الصدغ وهما جبينان عن يمين الجبهة وشمالها (2) (سنده) حدّثنا عبد الله أبي ثنا عباد بن عباد المهلي عن هشام بن عروة عن أبية عن زينب بنت أم سلمة الخ (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا هشام وابن نمير قالا أنا هشام بن عورة عن أبيه عن زينب ابنة أم سلمة عن أم سلمة الخ (تخريجه) (ق. والأربعة. هق. فع) وله ألفاظ عند الشيخين، ورواه مسلم من حديث أنس عن أم سليم ومن حديث عائشة ان امرأة سألت الخ، وفي البخاري ان مراجعة أم سليم وقعت من أم سلمة كما في حديث الباب، وعند مسلم ان المراجعة من عائشة كما سيأتي في حديثها في الباب أيضاً (قال النووي رحمه الله) يحتمل أن تكون عائشة وأم سلمة جميعا أنكرتا على أم سليم وهو جمع حسن لأنه لا يمتنع حضور أم سلمة وعائشة عند النبي صلى الله عليه وسلم في مجلس واحد ذكره الحافظ (ف). (431) عن يزيد بن أبي سمية (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا ابن عمر يعني عبد الجبار الأيلي ثنا يزيد بن أبي سمية الخ (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد وفيه عبد الجبار بن عمر الأيلي ضعفه ابن معين وغيره ووثقه محمد بن

وأنزلت فلتغتسل (432) عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنَّ سليم سألت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن امرأة ترى فى منامها ما يرى الرَّجل، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من رأت ذلك منكنَّ فأنزلت فلتغتسل، قالت أمُّ سلمة أو يكون ذلك يا رسول الله؟ قال نعم، ماء الرَّجل غليظ أبيض، وماء المرأة أصفر رقيق، فأيهما سبق أو علا أشبهه الولد (433) عن عروة بن الزُّبير عن عائشة رضى الله عنها أنَّ امرأةً قالت للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم هل تغتسل المرأة إذا احتلمت وأبصرت الماء؟ قال نعم، فقالت لها عائشة تربت يدّاك، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم دعيها، وهل يكون الشَّبه إلاَّ من قبل ذلك، إذا علا ماؤها ماء الرجل أشبه أخواله، وإذا علا ماء الرَّجل ماءها أشبهه (434) عن سعيد بن المسيَّب عن خولة بنت حكيم رضى الله عنها أنَّها سألت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن المرأة ترى في منامها ما يرى الرَّجل، فقال ليس عليها

_ سعد وبقية رجالة ثقات أهـ (432) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا سعيد وانب جعفر قالا ثنا سعيد المعني عن قتادة عن أنس بن مالك (الحديث) (غريبه) (1) قال العلماء يجوز أن يكون المراد بالعلو هنا السبق ويجوزان بكون المراد الكثرة والقوة بحسب كثرة الشهوة (تخريجه) (م. هق. جه) (433) عن عروة بن الزبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة ثنا يحيى عن ابن زكريا عن أبيه عن مصعب بن شيبة عن مسافع بن عبد الله الحجبي عن عروة ابن الزبير الخ (غريبه) (2) وعند مسلم والبيهقي أشبه أعمامه (تخريجه) (هق) (434) عن سعيد بن المسيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن على بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب الخ (غريبه) (3) هي سليمة

غسل حتَّى ينزل الماء كما أنَّ الرَّجل ليس عليه غسل حتَّى ينزل (وعنه من طريق ثان) قال إنَّ خولة بنت حكيم السُّلميَّة وهى إحدى خالات النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم سألت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن المرأة تحتلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتغتسل (5) باب حجة من قال الجنب لا يقرأ القرآن (435) عن عبد الله بن سلمة قال دخلت على علىِّ بن أبى طالب رضى الله عنه أنا ورجلان رجل من قومى ورجل من بنى أسد أحسب فبعثهما وجهًا وقال أما إنَّكما علجان فعالجا عن ينكما ثمَّ دخل المخرج فقضى حاجته ثمَّ خرج فأخذ حفنةً من ماء فتمسَّح بها ثمَّ جعل يقرأ القرآن قال فكأنَّه

_ إحدى خالات النبي صلى الله عليه وسلم كما في الرواية الثانية (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني ابي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة وحجاج قالا حدثني شعبة قال سمعت عطاء الخراساني يحدث عن سعيد بن المسيب أن خولة بنت حكيم الخ (تخريجه) رواه (نس. جه) الطريق الأول أخرجه بن ماجة وفي إسناده على بن زيد وهو ضعيف، والطري الثاني أخرجه النسائي وفي اسناده عطاء الخراساني، قال الحافظ في التقريب صدوق يهم كثيرا ويرسل ويدلس مات خمس وثلاثين، ولو يصح أن البخاري أخرج له أهـ وفي الباب عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان بسرة سألت أخرجه ابن أبي شيبة، وعن أبي هريرة أخرجه الطبراني (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الاحتلام يوجب الغسل إذا نزل المني وسواء في ذلك الرجل والمرأة قال ابن بطال والنووي رجمهما الله تعالى وهذا لاختلاف فيه (قال الشوكاني) رحمه الله وقد روي الخلاف في ذلك عن النخمي وفي الحديث رد على من قال ان ماء المرأة لا يبرز أهـ (435) عن عبد الله بن سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة الخ (غريبه) (1) الوجه هنا ما يتوجه إليه الأنسان من عمل وغيره أهـ مصباح، وعلجان بكسر العين المهملة وسكون اللام أي قويان والعلج الرجل القوي الضخم، ومعنى فعالجا أي مارسا العمل الذي ندبتكما إليه وعملا به، والمخرج موضع الخروج لقضاء الحاجة (تخريجه) (نس. د. جه. خر. حب. ك. بز. قط. هق) وصحه ابن حبان وابن السكن وعبد الحق والبغوي في شرح

رآنا أنكر ذلك ثمَّ قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقضى حاجته ثمَّ يخرج فيقرأ القرآن ويأكل معنا اللّحم ولم يكن يحجبه عن القرآن شيء ليس الجنابة (436) عن علىّ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئنا القرآن ما لم يكن جنبًا (437) عن أبى الغريف قال أتى علىُّ رضى الله عنه بوضوء فمضمض واستنشق ثلاثًا وغسل يديه وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا ثمَّ مسح برأسه ثمَّ غسل رجليه ثمَّ قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضَّأ ثمَّ قرأ شيئًا من القرآن ثمَّ قال هذا لمن ليس بجنب فأمَّا الجنب فلا ولا آية (438) عن علىّ رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال لا تدخل الملائكة

_ السنة وقال ابن خزيمة هذا الحديث ثلث رأس مالي، وقال شعبة ما أحدث بحديث حسن منه (قال الشافعي) أهل الحديث لا يثبتونه، وقال البيهقي إنما قال لك لان عبد الله بن سلمة راويه كان قد تغير وإنما هذا الحديث بعد ما كبر قال شعبة (وقال الخطابي) كان أحمد يوهن هذا الحديث، وقال الحافظ الحق أنه من قبيل الحسن يصلح للحجة أهـ (436) عن على (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة (بكسر اللام هكذا ضبطه النووي) عن على الخ (تخريجه) أورده الحافظ في بلوغ المرام وعزاه للإمام أحمد وأصحاب السنن قال وصححه الترمذي وحسنه ابن حبان أهـ (437) عن أبي الغريف (سنده) حدّثنا عبد الله أبي ثنا عائذ بن حبيب حدثني عامر بن السمط عن أبي الغريف الخ (بفتح الغين المعجمة وآخره فاء اسمه عبيد الله بن خليفة (تخريجه) رواه أيضاً أبو يعلى مختصراً عن على (قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ ثم قرأ شيئا من القرآن قال هكذا لمن ليس بجنب فأما الجنب فلا ولا آية) قال الهيثمي رجاله موثقون أهـ (438) عن على رضي الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن شعبة حدثني على بن مدرك عن أبي زرعة عن أبي نحيى عن أبيه عن علي (الحديث)

بيتًا فيه جنب ولا صورة ولا كلب (6) باب فى الاستتار عند الغسل (439) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه أمر عليًّا فوضع

_ (غريبه) (1) قال الخطابي المراد الملائكة الذين ينزلون بالرحمة والبركة لا الحفظة لأنهم لا يفارقون الجنب ولا غيره، وقيل لم يرد بالجنب من أصابته جنابة فأخر الاغتسال إلى حضور الصلاة، ولكنه الجنب الذي يتهاون بالغسل ويتخذ تركه عادة لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينام وهو جنب ويطوف على نسائه بغسل واحد، قال وأما الكلب فهو ان يقتني كلباً لغير الصيد والزرع والماشية وحراسة الدار، قال وأما الصورة فهي كل مصور من ذوات الأرواح سواء أكان على جدار أو سقف أم ثوب، (قال النووي رحمه الله) وفي تخصيصه الجنب بالمتهاون والكلب بالذي يحرم اقتناؤه نظر وهو محتمل أه ـ (ج) (تخريجه) رواه أبو داود والنسائي وقال بإسناد جيد قاله النووي (ج) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الجنب يحرم عليه قراءة القرآن (وقد ذهب) إلى ذلك من الأئمة القاسم والهادي والشافعي من غير فرق بين الآية وما دونها وما فوقها (وذهب) أبو حنيفة إلى أنه يجوز له قراءة دون آية إذ ليس بقرآن (وقال) المؤيد بالله والإمام يحيى وبعض أصحاب أبي حنيفة يجوز ما فعل لغير التلاوة كيا مريم اقنتي لا لقصد التلاوة، قال وقد أخرج البخاري عن أبي عباس أنه لم ير في القراءة للجنب بأسا، قال ويؤيده التسمك بعموم حديث عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله على كل أحيانه، وبالبراءة الأصلية حتى يصح ما يصلح لتخصيص هذا العموم وللنقل عن هذه البراءة أهـ شوكاني (وقال الخطابي) كان أحمد بن حنبل يرخص للجنب أن يقرأ الآية ونحوها وكان يوهن حديث على ويضعف أمر عبد الله بن سلمة وكذلك قال مالك في الجنب أنه لا يقرأ الآية ونحوها وقد حكى عنه أنه قال تقرأ الحائض ولا يقرأ الجنب، لأن الحائض إذا لم تقرأ نسيت القرآن لأن أيام الحيض تتطاول ومدة الجنابة لا تطول، وروي عن ابن المسيب وعكرمة أنهما كانا لا يريان بأسا بقراءة الجنب للقرآن، وأكثر العلماء على تحريمه أهـ وفي أحاديث الباب ما يدل على أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه جنب ولا صورة ولا كلب وتقدم كلام الخطابي في ذلك والله أعلم. (439) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا شريك عن حسين بن عبد الله عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (تخريجه)

له غسلًا ثم أعطاه ثوبًا فقال استرنى وولِّنى ظهرك (440) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ موسى ابن عمران كان إذا أراد أن يدخل الماء لم يلق ثوبه حتَّى يواري عورته بالماء (441) عن يعلى بن أميَّة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ الله عزَّ وجلَّ حييٌّ ستِّر، فإذا أراد أحدكم أن يغتسل فليتوار بشيء (442) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ الله عزَّ وجلَّ يحبُّ الحياء والسِّتر (443) عن أبى مرَّة مولى عقيل بن أبى طالب عن أمِّ هانئ "بنت أبى طالب" رضى الله عنها أنَّها ذهبت إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يوم الفتح قالت فوجدته يغتسل وفاطمة تستره بثوب "الحديث" سيتى بتمامه في غزوة فتح مكَّة إن شاء الله تعالى

_ قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح أهـ (440) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد التيمي ثنا حماد بن سملة عن على بن زيد عن أنس الخ (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد ورجاله موثقون إلا ان على بن زيد مختلف في الاحتجاج به أهـ لو أقف على من خرجه غير الإمام أحمد رحمه الله تعالى (441) عن يعلى بن أمية (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا أبو بكر بن عياش عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن صفوان بن يعلي بن أمية عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث) (تخريجه) (. نس. د) ورجال إسناده رجال الصحيح (442) وعنه أيضاً (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن يعلي بن أمية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث) (تخريجه) لم أقف عليه في غير المسند، وسنده جيد. (443) عن أبي مرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن أبي النضر عن أبي مرة الخ (تخريجه) (م)

(444) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما أيُّوب يغتسل عريانًا خرَّ عليه جراد من ذهب فجعل أيُّوب يحثى فى ثوبه فناداه ربُّه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عمَّا ترى قال بلى يا ربِّ ولكن لا غنى بى عن بركتك (7) باب فى مقدار ماء الغسل والوضوء (445) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال قال رجل كم يكفينى من الوضوء؟ قال مدُّ، قال كم يكفينى للغسل؟ قال صاع، قال فقال الرَّجل لا يكفينى، قال لا أمَّ لك قد كفى من هو خير منك رسول الله صلى الله عليه وسلم (446) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ

_ (444) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ابن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال حدثني أبو هريرة الخ (غريبه) (1) وفي رواية البخاري يحتثى والحنية هي الأخذ باليد (2) بالقصر بلا تنوين وقال الحافظ ورويناه بالتنوين أيضا على أن لا بمعنى ليس (الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب التستر جال الاغتسال وقد ذهب إلى ذلك ابن أبي ليلي وذهب أكثر العلماء إلى انه أفضل وتركه مكروه وليس بواجب وقد ذهب بعض الشافعية إلى تحريمه أيضا قال الحافظ والمشهور عند متقدميهم كغيرهم الكراهة فقط (واستدل) القائلون بعدم الوجوب بحديث أبي هريرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم قص قصة أيوب ولو يتعب شيئا منها فدل على موافقتها لشرعنا وإلا فلو كان فيها شيء غيره موافق لبينه، فيجمع بين الأحاديث بحمل الأحاديث التي فيها الارشاد إلى التستر على الأفضل، نقله الشوكاني عن الحافظ والله أعلم (445) عن ابن عباس الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الرابع من أبوب الوضوء (446) عن أس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا شاذان ثنا شريك عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن جبير عن أنس بن مالك الخ

بإناء يكون رطلين ويغتسل بالصَّاع (447) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصَّاع ويتوضَّأ بالمدِّ (448) عن سفينة رضى الله عنه مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوضِّئه المدُّ ويغسله الصَّاع من الجنابة (449) عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتوضَّأ بالمدِّ ويغتسل بنحو الصَاع (450) عن موسى الجهنىِّ قال جاؤوا بعسٍّ فى رمضان فحزرته بثمانية

_ (تخريجه) أخرجه أبو داود والترمذي بلفظ حديث الباب والشيخان (بلفظ كان النبي صلى الله عليه وسلم إلى خمسه أمداد ويتوضأ بالمد) (447) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا يزيد بن أبي زياد عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله الخ (تخريجه) (خز. د. جه. هق) قال الحافظ وصححه ابن القطان (448) عن سفينة بفتح أوله وكسر ثانيه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عاصم حدثني أبو ريحانة قال أبي وسماه على عبد الله بن مطر، قال أخبرني سفينة الخ (تخريجه) (م. جه. هق. مذ) وصححه (449) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا همام قال أنا قتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة (الحديث) (نس. د. جه) واسناده جيد (450) ع موسى الجهني (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن موسى الجهني الخ (غريبه) (1) هو الفتح الكبير جمعه عساس وأعساس ومعي فحزرته أي قدرته (تخريجه) (نس) ورجائه كلهم ثقات وفي الباب عند الإمام أحمد أيضا والشيخين وغيرهم من حديث عائشة قالت (كنت أغتسل أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم من إناء واحد يقال له الفرق) (بفاء وراء مفتوحين) وفي رواية ثلاثة أسناد لو قريب من ذلك (وفي أخرى

أو تسعة أو عشرة أرطال، فقال مجاهد حدَّثتنى عائشة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل بمثل هذا (8) باب فى صفة الغسل والوضوء قبله (451) عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله إذا أراج أن يغتسل من جنابة يغسل يديه ثلاثًا (وفي رواية فيوضع الإناء فيه الماء

_ كان يغتسل بخمس مكاكيك ويتوضأ بمكوك) وقد جمع الإمام الشافعي وغيره بين هذه الروايات بأنها كانت اغتسالات في أحوال (تنبيه) تقدم تفسير الفرق والمكوك وضبطهما في الباب الثالث من أبواب أحكام المياه, وتقدم أيضاً تفسير المد والصاع في الباب الرابع من أبواب الوضوء فأرجع إليهما إن شئت (الأحكام) أحاديث الباب تدل على كراهة الاسراف في ماء الغسل والوضوء واستحباب الاقتصاد وقد أجمع العلماء على النهي عن الاسراف في الماء ولو كان على شاطئ نهر وقال بعض أصحاب الشافعي أنه حرام وقال بعضهم إنه مكروه وقد تقدم ذلك قريبا (وقال الترمذي رحمه الله) وقد أي بعض أهل العلم الوضوء بالمد والغسل بالصاع، وقال الشافعي وأحمد واسحق ليس معنى هذا الحديث على التوقيت أنه لا يجوز أكثر منه ولا أقل منه وهو قدر ما يكفي أهـ وقد أخذ الحافظ من اختلاف الروايات أنها تدل على اختلاف الحال في العمل والوضوء بقدر الحاجة قال وفيه رد على من قدر الوضوء والغسل بما ذكر في حديث الباب (يعنى حديث أنس عند البخاري بلفظ كان النبي صلى الله عليه وسلم يغسل أو يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ويتوضأ بالمد) كابن شعبان من المالكية وكذا من قال به من الحنفية مع مخالفتهم له في مقدار المد والصاع، وحمله الجمهور على الاستحباب لأنه أكثر من قدر وضوئه وغسله صلى الله عليه وسلم من الصحابة قدرهما بذلك ففي مسلم عن سفينة مثلة، ولأحمد وأبي داود بإسناد صحيح عن جابر مثله، وفي الباب عن عائشة وأم سلمة وابن عباس وابن عمرو وغيرهم وهذا إذا لم تدع الحاجة إلى الزيادة وهو أيضا في حق من يكون خلفه معتدلا، وإلى هذا أشار المصنف (يعنى البخاري) في أول كتاب الوضوء بقوله وكره أهل العلم الاسراف فيه وأن يجاوز فعل النبي صلى الله عليه وسلم أهـ (451) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا حماد يعنى ابن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن ان عائشة قالت كان

فيفرغ على يديه فيغسلهما قبل أن يدخلهما فى الماء) ثمَّ يأخذ بيمينه ليصبَّ على شماله فيغسل فرجه حتَّى ينقيه، ثمَّ يغسل يده غسلًا حسنًا، ثم يمضمض ثلاثًا ويستنشق ثلاثًا ويغسل وجهه ثلاثًا وذراعيه ثلاثًا، ثمَّ يصبُّ على رأسه الماء ثلاثًا ثمَّ يغتسل (وفى رواية ثمَّ يغسل سائر جسده) فإذا خرج غسل قدميه (وعنها من

_ رسول الله صلى الله علين وسلم (الحديث) (غريبه) (1) ظاهره يقتضي أنه صلى الله عليه سولم لم يمسح رأسه كما يفعل في الوضوء قاله ابن دقيق العبد (وقال الحفظ في الفتح) لم يقع في شيء من طرف هذا الحديث التنصيص على مسح الرأس في هذا الوضوء وتمسك به المالكية لقولهم ان وضوء الغسل لا تسمح فيه الرأس بل يكتفى عنه بغسلها أهـ (2) قال في القاموس السائر الباقي لا الجميع كما توهم جماعات وقد يستعمل له، وفي النهاية السائر مهموز، الباقي والناس يستعملونه في معنى الجميع وليس بصحيح وقد تكررت هذه اللفظة في الحدث وكلها بمعنى باقي الشيء أهـ (قلت) لكن جاء في بعض طرق هذا الحديث عند البخاري عن هشام عن أبيه عنها (ثم يفيض الماء على جلده كله) قال الحفظ هذا التأكيد يدل على انه عمم جميع جسده بالغسل بعد ما تقدم أهـ (2) يؤخذ من هذا أنه صلى الله عليه وسلم اخر غسل رجليه حتى فرغ من الغسل، ويؤيد ذلك ما في رواية ميمونة عند البخاري (ثم توضأ وضوئه للصلاة غير رجليه) وما سيأتي عند الإمام أحمد أيضاً بلفظ (ثم أفاض على سائر جسده الماء ثم تنحى فغسل رجليه) وهو مخالف لظاهر رواية عائشة الآتية بلفظ (فتوضأ وضوئه للصلاة) (قال الحافظ رحمه الله) ويمكن الجمع بينهما اما بحمل رواية عائشة على المجاز (يعنى ان المراد بوضوء الصلاة أكثره وهو ما سوى الرجلين كام بينته روايتها الأولى ورواية ميمونة) وإما بحملها على حالة أخرى وبحسب اختلاف هاتين الحالتين اختلفت أنظار العلماء، فذهب الجهور إلى استحباب تأخير غسل الرجلين في الغسل، وعن مالك ان كان المكان غير نظيف فالمستحب تأخيرهما وإلا فالتقديم (وعند الشافعية) في الأفضل قولان (قال النووي رحمه الله) اصحهما واشهرهما ومختارهما أن يكمل وضوئه عملا بظاهر الروايات المشهورة المستفيضة عن عائشة وميمونة جميعا في تقديم وضوء الصلاة فإن ظاهره كمال الوضوء، فهذا كان الغلب والعادة المعروفة له (صلى الله عليه وسلم قال وكان يعيد غسل القدمين بعد الفراغ لإزالة الطين لا لأجل الجنابة، فتكون الرجل مغسولة مرتين، وهذا هو الأكمل

طريق ثان) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة بدأ فتوضَّأ وضوءه للصَّلاة وغسل فرجه وقدميه ومسح يده بالحائط ثمَّ أفاض عليه الماء فكأنى أرى أثريده فى الحائط (وعنها من طريق ثالث) وسئلت عن غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت كان يبدأ بيديه فيغسلهما (وفى رواية يغسل كفَّيه ثلاثًا) ثمَّ يتوضَّأ وضوءه للصَّلاة ثمَّ يخلَّل أصول شعر رأسه حتَّى إذا ظنَّ أنَّه قد استبرأ البشرة اغترف ثلاث غرفات (وفي رواية غرف بيديه ملء كفَّيه) فصبَّهنَّ على رأسه ثمَّ أفاض على سائر جسده

_ الأفضل فكان صلى الله عليه وسلم يواظب عليه، وأما رواية البخاري عن ميمونة فجرى ذلك مرة أو نحوها بيانا للجواز وهذا كما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثا ومرة مرة، فكان الثلاث في معظم الأوقات لا لكونه الأفضل، والمرة في نادر من الأوقات لبيات الجواز، ونظائر هذا كثيرة والله أعلم أهـ (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا عروة أبو عبد الله البزاز عن الشعبي عن عائشة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) في الكلام تقديم وتأخير والمراد أنه صلى الله عليه وسلم بدأ فغسل فرجه ثم مسح يده بالحائط ثم توضأ وضوئه للصلاة ثم غسل قدميه ثم أفاض عليه الاء كما في سياق الرواية الأولى إلا في غسل الرجلين ففيهما أنه صلى الله عليه وسلم أخرهما عن الغسل وفي هذا تقديمهما عن الغسل وتقدم توجيه ذلك في كلام الحافظ والنووي رجمهما الله (3) وفي رواية ثم دلك يده بالأرض (قال النووي حمه الله) فيه انه يستحب للمستندي بالماء أن يغسل يده بتراب أو اشنان أو يدلكها بتراب او بالحائط بعد فراعه ليذهب ما يستقذر منها أهـ (م) (4) الا ثم الأصالة وقد استدل بذلك على عدم وجوب الدلك وعلى ان مسمى غسل لا يدخل فيه الدلك لأن ميمونة عربت بالغسل (عند الشيخين) وعبرت عائشة بالإفاضة والمني واحد والإفاضة لا ذلك فيها فكذلك الغسل، وقال المازري لا يتم الاستدلال بذلك لأن أفاض بمعنى غسل والخلاف قائم قاله الشوكاني (5) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ووكيع عن هشام المني قالي يحيى أخبرني أبي قال أخبرتني عائشة عن غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث) (غريبه) (6) أي أوصل الماء الى البشرة (7) بفتح الغين المعجمة والراء (وفيه) استحباب التثليث في الغسل (قال النووي)

(452) عن ميمونة رضى الله عنها زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالت وضعت للَّبيِّ صلى الله عليه وسلم غسلًا فاغتسل من الجنابة وأكفأ الإناء بشماله على يمينه فغسل كفَّيه ثلاثًا ثمَّ أدخل يده فى الإناء فأفاض على فرجه ثمَّ دلك يده بالحائط أو بالأرض، ثمَّ مضمض واستنشق ثلاثًا وغسل وجهه ثلاثًا وذراعيه ثلاثًا ثلاثًا، ثمَّ أفاض على رأسه ثلاثًا، ثمَّ أفاض على سائر جسده الماء ثمَّ تنحَّى فغسل رجليه (453) عن شعبة مولى ابن عبَّاس أنَّ ابن عبَّاس رضى الله عنهما كان إذا اغتسل من الجنابة أفرغ بيده اليمنى على اليسرى فغسلها سبعًا قبل أن يدخلها فى الإناء، فنسى مرَّةً كم أفرغ على يده فسألنى كم أفرغت؟ فقلت لا أدري فقال لا أمَّ لك ولم لا تدري ثمَّ توضَّأ للصَّلاة ثمَّ

_ ولا نعلم خلافاً إلا ما تفرد به الماوردي فإنه قال لا يستحب التكرار في الغسل، قال الحافظ وكذا قال الشيخ أبو على السنجي وكذلك قال القرطبي وحمل التثليث في هذه الرواية على أن كل غرفة في جهة من جهات الرأس أهـ (تخريجه) (ق. والأربعة. فع. هق) من عدة طرق بألفاظ متقاربة (452) عن ميمونة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال حدثنا الأعمش عن سالم عن كويب قال ثنا ابن عباس عن خالته ميمونة قال الخ (غريبه) (1) أي أراد الاغتسال (2) يحتمل أن يكون غسلهما للتنظيف مما يهما من مستقذر، ويحتمل أن يكون هو الغسل المشروع عند القيام من النوم وهو الراجح، يدل عليه ما تقدم في حديث عائشة (فيفرغ على يديه فيغسلهما قبل أن يدخلهما في الإناء) (3) أي تحول إلى ناحية وقد تقدم الكلام على ذلك في حديث عائشة (تخريجه) (ق. والأربعة. هق) (453) عن شعبة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي يزيد بن هارون ابن أبي ذئب عن شعبة مولى ابن عباس الخ (غريبه) (4) هو ذم وسب أي أنت لقيط لا تعرف لك أم، وقيل قد يقع مدحا بمعنى التعجب منه وفيه بعد أهـ (أنه)

يفيض الماء على رأسه وجسده وقال هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتطهَّر يعنى يغتسل (454) عن عبيد الله بن مقسم قال سأل الحسن بن محمَّد جابر بن عبد الله رضى الله عنهما عن الغسل من الجنابة، فقال تبلُّ الشَّعر وتغسل البشرة، قال فكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل، قال كان يصبُّ على رأسه ثلاثًا (وفى رواية ثمَّ يفيض الماء على جلده) قال إنَّ رأسي كثير الشَّعر، قال كان رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من رأسك وأطيب (455) عن شعبة قال سمعت عاصم بن عمرو البجلىَّ يحدِّث عن رجل من القوم الَّذين سألوا عمر بن الخطَّاب فقالوا له إنَّما أتيناك نسألك عن ثلاث، عن صلاة الرَّجل فى بيته تطوُّعًا، وعن الغسل من الجنابة، وعن الرَّجل ما يصلح له من إمرأته إذا كانت حائضًا، فقال أسحَّار أنتم، لقد سألتمونى عن شيء

_ (تخريجه) (د) وقال المنذري في تلخيصه شعبة هذا هو أبو عبد الله ويقال أبو يحيى موالي عبد الله بن عباس مدني لا يحتج بحديثه أهـ (454) عن عبيد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمرو ثنا هشام يعني ابن سعد عن زيد بن سلم عن عبيد الله بن مقسم الخ (غريبه) (1) هو ان الحنفية كما صرح بذلك في بعض الروايات (تخريجه) (ق. نس) (455) عن شعبة (سنده) حدّثنا عبد الله أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت عاصم بن عمرو البجلي يحدث عن رجل الخ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد هكذا عن رجل لم سمه عن عمرو، ورواه الطبراني في الأوسط عن عاصم بن عمرو البجلي عن عمير مولي عمر قال جاء نفر من اهل العراق إلى عمر فقال ما جاء بكم؟ قالوا جئناك نسألك عن ثلاث: قال ما هي؟ قالوا صلاة الرجل في بيته تطوعا ما هي؟ (فذكر نحوه) وفيه فقال (أسحرة أنتم قالوا لا والله يا أمير المؤمنين ما نحن بسحرة، قال افكهنة أنتم؟ قالوا لا، فقال لقد سألتموني عن ثلاث ما سألني عنهم أحد منذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلكم)

ما سألني عنه أحد منذ سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلاة الرَّجل في بيته تطوعًا نور، فمن شاء نوَّر بيته، وقال فى الغسل من الجنابة يغسل فرجه ثمَّ يتوضَّأ ثمَّ يفيض على رأسه ثلاثًا، وقال فى الحائض له ما فوق الإزار (456) عن أبى الزُّبير قال سألت جابرًا عن الغسل، قال جابر أتت ثقيف النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت إنَّ أرضنا أرض باردة فكيف تأمرنا بالغسل؟ فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أمّا أنا فأصبُّ على رأسى ثلاث مرَّات ولم يقل غير ذلك (457) عن جبير بن مطعم رضى الله عنه قال تذاكرنا غسل الجنابة عند النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقال أمَّا أنا فآخذ ملء كفَّيَّ ثلاثًا فأصبُّ على رأسي ثم أفيضه بعد على سائر جسدي

_ (وفيه) قال وأما الغسل من الجنابة فتفرغ بيمينك على شمالك ثم تدخل يدك ف الاناء فتغسل فرجك وما أصابك ثم توضأ وضوئك للصلاة ثم تفرع على رأسك ثلاث مرات تدلك رأيك مره، ورواه أبو يعلي من هذه الطريق ورجال أبي يعلي ثقات وكذلك رجال أحمد إلا أن فيه من لم يسم فهو مجهول أهـ (456) عن أبي الزبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا موسى حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير الخ (تخريجه) الحديث في اسناده ابن لهيعة وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد عن أنس أن وقد ثقيف قالوا يا رسول الله أن ارضنا أرض بادرة فما يكفينا من غسل الجنابة؟ قال اما أما فأفيض على رأسي ثلاثا، قال الهيثمي رواه أوب بعلي ورجاله رجال الصحيح (قلت) الحديث أخرجه أيضا مسلم بنحو حديث الباب وفيه فقال (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) اما رآنا أفرع على رأسي ثلاثا (457) عن جبير بن معلم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجين بن المثني قال ثنا إسرائيل عن أبي اسحق عن سليمان بن صرد عن جبير بن مطعم الخ (تخريجه) (قال المنذري) في تلخيص سنن أبي داود أخرجه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه (قال) صاحب المنتقي وفيه مستدل لمن لم يوجب الدلك ولا المضمضة والاستنشاق أهـ

(458) عن عائشة رضى الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اغتسل من الجنابة تمضمض واستنشق (9) باب فى صفة غسل الرأس ونقض الشعر عند الغسل (459) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه أنَّ رجلًا سأله عن غسل الرَّأس، فقال يكفيك ثلاث حفنات أو ثلاث أكفٍّ ثمَّ جمع يديه، ثمَّ قال

_ (458) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا معاوية بن عمرو قال ثنا زائدة قال ثناء عطاء بن السائب الثقفي عن أبي سلمة "بن عبد الرحمن بن عوف قال حدثتني عائشة الخ (تخريجه) لم أقف عليه في غير المسند وسنده جيد (وفي الباب) عند الشيخين وأبي داود عن عائشة رضي الله عنها قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اغتسل من الجنابة دعا بشيء نحو الحلاب فأخذ بكفه فبدأ بشق رأسه الأيمن ثم الأيسر ثم أخذ بكفيه فقال بهما على رأسه" قال الخطابي الحلاب إناء يسع قدر حلبة ناقة اه (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أكمل الحالات في الغسل وهو أن يبدأ بغسل يديه قبل أن يدخلهما الاناء ثم يغسل فرجه ثم يتوضأ وضوءًا كاملا كوضوئه للصلاة يغسل كل عضو ثلاث مرات ثم يفيض الماء على رأسه ثلاث مرات ثم يعمم جميع بدنه وشعره بالماء مبتدئًا بالشق الأيمن ثم الأيسر "قال النووي رحمه الله" والواجب من ذلك كله النية في أول ملاقاة أول جزء من البدن للماء وتعميم البدن شعره وبشره بالماء، قال ومن شرطه أن يكون البدن طاهرًا من النجاسة وما زاد على هذا مما ذكرناه سنة، ثم قال هذا مذهبنا ومذهب كثير من الأئمة، ولم يوجب أحد من العلماء الدلك في الغسل ولا في الوضوء إلا مالك والمزني، ومن سواهما يقول هو سنة لو تركه صحت طهارته في الوضوء والغسل، ولم يوجب أيضًا الوضوء في غسل الجنابة إلا داود الظاهري، ومن سواه يقولون هو سنة فلو أفاض الماء على جميع بدنه من غير وضوء صح غسله واستباح به الصلاة وغيرها، ولكن الأفضل أن يتوضأ كما ذكرنا وتحصل الفضيلة بالوضوء قبل الغسل أو بعده وإذا توضأ أو لا لا يأتي به ثانيًا فقد اتفق العلماء على أنه يستحب وضوآن والله أعلم اه باختصار (م) (459) عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عن عبد الله حدثنى أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا فضيل يعني ابن مرزوف عن عطية عن أبي سعيد الخدري الخ

يا أبا سعيد إنِّي رجل كثير الشعر قال فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أكثر شعرًا منك وأطيب (460) عن أبى سلمة "بن عبد الرحمن" قال دخلت أنا وأخو عائشة من الرضاع فسألها أخوها عن غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعت بإناء نحو من صاع فأغتسلت وأفرغت على رأسها ثلاثًا وبيننا وبينها الحجاب (461) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رجل كم يكفى رأسي في الغسل من الجنابة؟ قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبُّ بيده على رأسه ثلاثًا، قال إنَّ شعرى كثير، قال كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر وأطيب (462) عن جميع بن عمير بن ثعلبة قال دخلت مع أمِّى وخالتى على عائشة رضى الله عنها فسألتها إحداهما كيف كنتنَّ تصنعن عند الغسل؟ فقالت عائشة

_ (تخريجه) (جه) وقال الهيثمي رواه أحمد وفيه عطية وثقة بن معين وضعفه جماعة تضعيفًا لينًا. (460) عن أبي سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا شعبة قال ثنا أبو بكر بن حفص قال سمعت أبا سلمة يقول دخلت أنا وأخو عائشة الخ (غريبة) (1) اسمه عبد الله بن يزيد قال القاضي عياض رحمه الله ظاهر الحديث أنهما رأيا عملها في رأسها وأعالي جسدها مما يشمل لذى المحرم النظر إليه من ذات المحرم، وكان أحدهما أخاها من الرضاعة كما ذكر، قيل اسمه عبد الله بن يزيد وكان أبو سلمة ابن أختها من الرضاعة أرضعته أم كلثوم بنت أبي بكر، قال القاضي ولولا أنهما شاهدًا ذلك ورأياه لم يكن لاستدعائها الماء وطهارتها بحضرتهما معنى، إذ لو فعلت ذلك كله في ستر عنهما لكان عبثًا ورجع الحال إلى وصفها له، وإنما فعلت الستر ليستتر أسافل البدن وما لا يحل للمحرم نظره والله أعلم اه (تخريجه) (ق. وغيرهما). (461) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يحيى عن ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (جه) وقال الهيثمي رواه البراز وأحمد ورجاله رجال الصحيح. (462) عن عبد الله بن ثعلبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الرحمن

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ وضوءه للصَّلاة ثمَّ يفيض على رأسه ثلاث مرَّات ونحن نفيض على رؤسنا خمسًا من أجل الضَّفر (463) عن عائشة رضي الله عنها قالت أجمرت رأسى إجمارًا شديدًا فقال النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم يا عائشة أما علمت أنَّ على كلِّ شعرة جنابة (464) عن علىّ رضى الله عنه قال سمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول من ترك موضع شعرة من جنابة لم يصبها ماء فعل الله تعالى به كذا وكذا من النَّار، قال علىُّ رضى الله عنه فمن ثمَّ عاديت شعري زاد في رواية كما ترون

_ ابن مهدي قال ثنا زائدة عن صدفة رجل من أهل الكوفة قال ثنا جميع بن عمير (التيمي) ابن ثعلبة قال دخلت الخ (غريبه) (1) بفتح الضاد مشددة وسكون الفاء هذا هو المشهور المعروف في رواية الحديث والمستفيض عند المحدثين والفقهاء وغيرهم قاله النووي، ويجوز ضم الضاد والفاء جمع ضفيرة كسفينة وسفن، ورجح النووي الأول لكونه المروى المسموع في الروايات الثابتة المتصلة وضفر الشعر فتله وإدخال بعضه في بعض (تخريجه) (نس. د. حه) وفي اسناده جميع بالتصغير ابن عمير قال الممري لا يحتج بحديثه وقال الحافظ في التقريب صدوق يخطئ ويتشيع اه (قلت) وفي الخلاصة قال ابن أبي حاتم صالح الحديث. (463) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود بن عامر قال ثنا شريك عن خصيف قال حدثنى رجل منذ ستين سنة عن عائشة الخ (غريبه) (2) أي جمعته وصفرته يقال أحمر شعره إذا جعله ذؤابة والذؤابة الجميرة لأنها جمرت أي جمعت (نه) (تحريجه) قال الهيثمي رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن فيه رجلًا لم يسم. (464) عن علي (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن زاذان عن علي الخ (غريبه) (3) أي عاملته معاملة العدو فكان يقصه أو يحلقه مخافة أن لا يصل الماء إلى جميع البشرة (4) هذه الزيادة من حديث رواه عبد الله بن الامام أحمد في زوائد بلفظ حديث الباب، وزاد فيه "كما ترون" يعني كما ترونه محلوقًا أو مقصوصًا (تخريجه) أخرجه أيضًا أبو داود والدارمي وابن ماجه "قال المنذري" في اسناده عطاء بن السائب وقد وثقه أبو داود السجستاني وأخرج له البخاري حديثًا

(465) عن أمّ سلمة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّها قالت يا رسول الله إنِّى امرأة أشد ضفر رأسى، قال يجزيك أن تصبِّي عليه الماء ثلاثًا (466) عن عائشة رضى الله عنها قالت كنَّا أزواج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يخرجن معه عليهنَّ الضِّماد يغتسلن فيه ويعرقن لا ينهاهنَّ عنه محلاَّت والا محرمات (467) عن عبيد بت عمير قال بلغ عائشة أنَّ عبد الله بن عمر ويأمر النِّساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤسهنَّ، فقالت يا عجبًا لابن عمرو، هو يأمر النِّساء إذا اغتسلن أن ينقضن رؤسهنَّ، أفلا يأمرهنَّ أن يحلقن، لقد كنت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نغتسل من إناء واحد فما أزيد على أن أفرغ على رأسى ثلاث إفراغات

_ مقرونًا بأبي بشر، وقال يحيى بن معين لا يحتج بحديثه وتكلم فيه غيره وقد كان تغير في آخر عمره، وقال الامام أحمد من سمع منه قديمًا فهو صحيح ومن سمع منه حديثًا لم يكن بشيء ووافقه على هذه التفرقة غير واحد اه (قلت) نقل صاحب التنقيح عن الحافظ أزحماد بن سلمة سمع من عطاء قبل الاختلاط فالحديث يحتج به والله أعلم. (465) عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا سفيان عن أيوب بن موسى عن سعيد يعني المقبري عن عبد الله بن رافع وهو مولى أم سلمة كذا قال سفيان لها قالت الخ (تخريجه) (م. والأربعة. وغيرهم). (466) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا عمرو ابن سويد الثقفي عن عائشة بنت طلحة عن عائشة "الحديث" (غريبه) (1) بكسر الضاد المجمة ودال مهملة ما يلطخ به الشعر مما يليده ويسكنه من طبيب وغيره قاله المنذري وغيره (2) أي لا في حالة الحل ولا في حالة الاحرام بحج أو عمره (تخريجه) (د) وسكت عنه وحسنه المنذري (467) عن عبيد بن عمير (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا اسماعيل انا أيوب عن أبي الزبير عن عبيد بن عمير الخ (تخريجه) (م. وغيره) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب ايصال الماء لباطن شعر الرأس وغيره في الغسل من الجنابة وسواء في ذلك الرجل والمرأة وعلى استحباب غسل الرأس ثلاثًا، وتكره الزيادة لغير حاجة وعلى عدم نقض ضفائر المرأة وإزالة ما يستعمله النساء للشعر من طيب ونحوه إذا لم يمنع وصول

(10) باب في غسل الرجلين خارج المغتسل، وحكم التنشيف بالمنديل ونحوه، والاجتزاء بالغسل عن الوضوء لمريد الصلاة (468) عن عائشة رضى الله عنها قالت كإن النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم إذا خرج من مغتسله حيث يغتسل من الجنابة يغسل قدميه (469) عن ميمونة رضى الله عنها "زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم" قالت وضعت للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم غسلًا فاغتسل من الجنابة ثمَّ أتيته بثوب حين اغتسل فقال بيده هكذا، تعنى ردَّه (وعنها من طريق آخر) قالت فناولته خرقة

_ الماء لباطن الشعر (قد اختلف العلماء في ذلك) قال النووي وحمه الله في شرح مسلم مذهبنا ومذهب الجمهور ان ضفائر المغتسلة إذا وصل الماء إلى جميع شعرها ظاهره وباطنه من غير نقض لم يجب نقضها وإن لم يصل إلى بنقضها، وجب نقضها، وحديث أم سلمة محمول على أنه كان يصل الماء إلى جميع شعرها من غير نقض لأن ايصال الماء واجب، وحكى عن النخعي وجوب نقضثها بكل حال، وعن الحس وطاوس (قلت والامام أحمد) وجوب النقض في غسل الحيض دون الجنابة قال ودليلنا حديثت أم سلمة، وإذا كان للرجل ضفيرة فهو كالمرأة والله أعلم، قال وأما أمر عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما بنقض النساء رؤسهن إذا اغتسلن فيحمل على أنه أراد ايجاب ذلك عليهن ويكون ذلك في شعور لا يصل إليها الماء أو يكون مذهبًا له أنه يجب النقض بكل حال كما حكيناه عن النخعي ولا يكون بلغة حديث أم سلمة وعائشة، ويحتمل أنه كان يأمرهن على الاستحباب والاحتياط لا للايجاب والله سبحانه وتعالى أعلم اه (468) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا هشيم قال أنا خالد قال ثنا رجل من أهل الكوفة عن الأسود بن يزيد عن عائشة "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه وفيه رجل لم يسم. (469) عن ميمونه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع قال ثنا الاعمش عن سالم عن كريب قال ثنا ابن عباس عن خالته ميمونة "الحديث" (غريبه) (1) أي أشار وأومأ والعرب تطلق القول على الفعل على المجاز والاتساع قال الشاعر (وقالت له العينان سمعًا وطاعة) أي أومأت وقال بالماء على يده أي قلب وقال بثوبه أي رفعه وقد صرح به في الراوية الثانية (2) (سنده) حدثنا عب الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا

فقال هكذا وأشار بيده أن لا أريدها قال سليمان (الأعمش أحد رجال السَّند) فذكرت ذلك لإبراهيم فقال هو كذلك ولم ينكره وقال إبراهيم لا بأس بالمنديل إنَّما هى عادة (470) عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتوضَّو بعد الغسل (وعنها من طريق ثان) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل

_ أبو عوانة عن سليمان الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس عن ميمونة بنت الحارث قال وضعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم غسلًا وسترته فصب على يديه فغسلهما مرة أو مرتين قال سليمان فلا أدري اذكر الثالثة أم لا قال ثم افرغ بيمينه على شماله فغسل فرجه ثم دلك يده بالأرض أو بالحائط ثم مضمض واستنشق وغسل وجهه ويديه وغسل رأسه ثم صب على جسده ثم تنحى فغسل قدميه قالت فناولته خرقة الخ (1) هو ابراهيم التيمي شيخه (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) وفي سنن أبي داود فذكرت ذلك لابراهيم فقال كانوا لا يرون بالمنديل بأسا ولكن كانوا يكرهون العادة، فال مسدد قلت لعبد الله بن داود كانوا يكرهونه للعادة، فقال هكذا هو ولكن وجدته في كتابي هكذا اه (قلت) لم يذكر قصة ابراهيم لا أبو داود والامام أحمد رحمها الله تعالى. (470) عن عائشة (سنه) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا أسود بن عامر قال ثنا شريك عن أبي اسحق عن الأسود عن عائشة "الحديث" (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم ثنا زهير عن أبي اسحق عن الأسود عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (تخريج) (هق. والأربعة. وغيرهم) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (الأحكام) في أحاديث الباب جواز تأخير غسل القدمين عن غسل جميع الجسد وغسلهما خارج المغتسل وتقدم الكلام على ذلك أيضًا، وأما التنشيف بالمنديل ونحوه فقال النووي رحمه الله قد اختلف علماء أصحابنا في تنشيف الأعضاء في الوضوء والغسل على خمسة أوجه، أشهرها أن المستحب تركه ولا يقال فعله مكروه "والثاني" أنه مكروه، "والثالث" أنه مباح يستوي فعله وتركه، وهذا هو الذي نختاره فإن المنع والاستحباب يحتاج إلى دليل ظاهر "والرابع" أنه مستحب لما فيه من الاحتراز عن الأوساخ "والخامس" يكره في الصيف دون الشتاء هذا ما ذكره أصحابنا، وقد اختلف الصحابة وغيرهم في التنشيف على ثلاثة مذاهب "أحدها) أنه لا بأس به في الوضوء والغسل وهو قول أنس بن مالك والثوري "والثاني"

ويصلِّي الرَّكعتين وصلاة الغداة لا أراه يحدث وضوءًا بعد الغسل (11) باب فيمن وجد لمعة بعد الغسل من الجنابة (471) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم من جنابة فلمَّا خرج رأى لمعة على منكبه الأيسر لم يصبها الماء فأخذ من شعره فبلَّها ثمَّ مضى إلى الصلاة

_ مكروه فيهما وهو قول ابن عمر وابن أبي ليلى "والثالث" يكره في الوضوء دون الغسل وهو قول ابن عباس رضي الله عنهما، وقد جاء في ترك التنشيف أيضًا حديث في الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم اغتسل وخرج ورأسه يقطر ماء، وأما فعل التنشيف فقد رواه جماعة من الصحابة رضي الله عنهم من أوجه لكن أسانيدها ضعيفة "قال الترمذي" لا يصح في هذا الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم شيء، وقد احتج بعض العلماء على إباحة التنشيف لقول ميمونة في هذا الحديث وجعل يقول بالماء هكذا يعني ينقضه (هذه رواية مسلم) قال فإذا كان النقض مباحًا كان التنشيف مثله أو أولى لاشتراكهما في إزالة الماء والله أعلم اه ببعض تصرف (وفي أحاديث الباب) أيضًا الاكتفاء بالغسل على الوضوء إذا لم يمس فرجه عند الغسل "وفي الباب" عن ابن عمر مرفوعًا وموقوفًا أنه قال لما سئل عن الوضوء بعد الغسل، وأي وضوء أعم من الغسل رواه ابن أبي شيبة، وروى عنه أنه قال لرجل قال له أني أتوضأ بعد الغسل فقال لقد تعمقت، وروي عن حذيفة أنه قال اما يكفي أحدكم أن يغسل من قرنه إلى قدمه حتى يتوضأ، وقد روي نحو ذلك عن جماعة من الصحابة ومن بعدهم حتى قال أبو بكر بن العربي أنه لم يختلف العلماء أن الوضوء داخل تحت الغسل وأن نية طهارة الجنابة تأتي على طهارة الحدث وتقضي عليها لأن موانع الجنابة أكثر من موانع البول ونحوه فدخل الأقل في نية الأكثر وأجزأت نية الأكثر عنه والله أعلم. (471) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن عاصم ثنا أبو علي الرحبي عن عكرمة أنا ابن عباس قال اغتسل الخ (غريبه) (1) بضم اللام أي قدرًا يسيرًا لم يصبه الماء (2) أي فمصرجته وهو شعر رأسه النازل على المنكبين قبلها "أي اللمعة" بمائة (تخريجه) (جه. قط) وفي إسناده أبو علي الرحبي اجمعوا على ضعفه (الأحكام) استدل به الحنفية على جواز نقل ... عضو إلى عضو آخر وقد علمت ما فيه

(12) باب من طاف على نسائه بغسل واحد أو باغسال متعددة (472) عن أبى رافع رضى الله عنه "مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف على نسائه في ليلى (وفى رواية فى يوم) فاغتسل عند كلِّ امرأة منهنَّ غسلًا فقلت (وفى رواية فقيل) يا رسول الله لو اغتسلت غسلًا واحدًا فقال هذا أطيب وأطهر (وفى رواية أزكى وأصيب وأطهر) (473) عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يطوف على جميع نسائه فى ليلة (وفى رواية فى ليلة واحدة) بغسل واحد

_ (472) عن أبي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا حماد ابن سلمة عن عبد الرحمن عن عمته عن أبي رافع الخ (تخريجه) (نس. د. جه) وعبد الرحمن هو ابن أبي رافع وعمته هي سلمى كما صرح بذلك ابن ماجه في روايته. (473) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم عن حميد عن أنس بن مالك "الحديث" (غريبه) (1) زاد البخاري من رواية قتادة عن أنس قال قتادة قلت لأنس أو كان يطيقه؟ قال كنا نتحدث أنه أعطى قوة ثلاثين رجلًا (قال القرطبي) يحتمل أن يكون عند قدومه من سفر أو عند تمام الدور عليهن وابتداء دور آخر ويكون ذلك عن إذن صاحبه النوبة أو يكون ذلك مخصوصًا به صلى الله عليه وسلم والأفوط المرأة في نوبة ضرتها ممنوع منه والله أعلم اه (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (الأحكام) حديث أبي رافع يدل على أن من كان تحته أكثر من امرأة وطاف عليهن في ليلة واحدة يستحب له أن يغتسل عند كل واحدة منهم، وحديث أنس يدل على جواز الاكتفاء بغسل واحد، ولا معارضة في ذلك لاحتمال أنه صلى الله عليه وسلم فعل هذا في وقت وذلك في وقت آخر لبيان الجواز وقد كانت مواظبته صلى الله عليه وسلم على الأكمل الأفضل وهو الغسل أو الاستنجاء والوضوء بين وطئ كل واحدة أخذًا مما هو مصرح به في الباب الآتي ولا خلاص في ذلك والله أعلم.

(13) باب ما يفعله الجنب اذا أراد النوم أو الأكل أو اعادة الجماع وفيه فصول (الفصل الأول فى استحباب الوضوء للجنب اذا أراد النوم) (474) عن عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يصنع أحدنا إذا هو أجنب ثمَّ أراد أن ينام قبل أن يغتسل؟ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ وضوءه للصَّلاة ثمَّ لينم (ومن طريق آخر) عن ابن عمر عن عمر بنحوه "وفيه فأمره أن يغسل ذكره ويتوضأ وضوءه للصَّلاة" (475) عن نافع عن ابن عمر أنَّ عمر سأل النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم هل ينام أحدنا وهو جنب؟ فقال نعم ويتوضأ وضوءه للصَّلاة، قال نافع فكان ابن عمر إذا أراد أن يفعل شيئًا من ذلك توضَّأ وضوءه للصَّلاة ما خلا رجليه

_ (474) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحاق حدثنى نافع عن عبد الله بن عمر عن أبيه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله ثنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنه تصيبني الجنابة فأمره أن يغسل ذكره الخ (تخريجه) (ق. لك. والأربعة). (475) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق ثنا عبيد الله بن عمر (يعني ابن حفص) عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) (قوله قال نافع الخ) هذه الزيادة ليست عند الشيخين ولا أصحاب السنن وزوي معنى ذلك الإمام مالك في الموطأ نافع أن عبد الله بن عمر كان إذا أراد أن ينام أو يطعم وهو جنب غسل وجهه ويديه إلى المرفقين ومسح برأسه ثم طعم أو نام "قال ابن عبد البر" (يعني أن مالكًا رحمه الله اتبع حديث عائشة المصرح فيه بالوضوء كاملًا لمن أراد النوم وهو جنب) بفعل ابن عمر أنه كان لا يغسل رجليه اعلامًا بأن هذا الوضوء ليس بواجب، ولم يعجب مالكا فعل ابن عمر اه أو يحمل على أنه كان لعذر وقد ذكر بعض العلماء أنه فدع في خيبر في رجليه فكان يصره غسلهما ذكره الزرقاني على الموطأ (تخريجه) روى (الشيخان والأربعة صدره) ورواه مالك بزيادة قال نافع الخ كالامام أحمد

(476) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ترقدنَّ جنبًا حتَّى تتوضَّأ (477) عن عبد الله بن خبَّاب أنَّ أبا سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه تصيبه الجنابة فيريد أن ينام فأمره أن يتوضَّأ ثمَّ ينام (478) عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبًا وأراد أن ينام وهو جنب توضَّأ وضوءه للصَّلاة قبل أن ينام، وكان يقول من أراد أن ينام وهو جنب فليتوضَّأ وضوءه للصَّلاة (الفصل الثانى فى استحباب الوضوء للجنب اذا أراد الأكل والعود) (479) عن عائشة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام وهو جنب توضَّأ وضوءه للصَّلاة، فإذا أراد أن يأكل أو يشرب غسل كفَّيه ثمَّ

_ (476) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين ثنا صفيان عن عبيد الله ابن أبي يزيد عمن سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد وفيه رجل لم يسم ولأبي هريرة عند الطبراني في الأوسط كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبًا وأراد أن يأكل أو ينام توضأ وإسناده حسن اه. (477) عن عبد الله بن خباب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون ابن معروف ثنا ابن وهب قال حيوة حدثنى ابن الهاد عن عبد الله بن خباب الخ (تخريجه) (م. والأربعة) عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم يلفظ (إذا أتى أحدكم أهله ثم أراد أن يعود فليتوضأ) ورواه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم وزاد واقانه أنشط للعود، وفي رواية للبيهقي وابن خزيمة فليتوضأ وضوءه للصلاة. (478) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي قال ثنا قتيبة قال ثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة الخ (تخريجه) (م. والأربعة) مقتصرين على الشق الأول منه. (479) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا سكن بن يافع قال ثنا صالح بن أبي الأخضر عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة قالت الخ (غريبه) (1) عند مسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبًا فأراد أن يأكل

يأكل أو يشرب إن شاء (وعنها من طريق ثان) أنَّها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبًا فأراد أن ينام أو يأكل توضَّأ (480) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا سفيان عن عاصم عن أبى المتوكِّل عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال يتوضأ إذا جامع وإذا أراد أن يرجع قال سفيان أبو سعيد أدرك الحرَّة (الفصل الثالث فى تأخير الغسل الى آخر الليل) (481) عن غصيف بن الحارث قال قلت لعائشة رضى الله عنها أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من الجنابة فى أوَّل اللَّيل أو آخره، قالت ربما اغتسل فى أوَّل اللَّيل وربَّما اغتسل فى آخره، قلت الله أكبر، الحمد لله الذي جعل في الأمر سعةً، قلت أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فى أوَّل اللَّيل أو في

_ أو ينام توضأ وضوءه للصلاة، وعند أبي داود والنسائي وابن ماجه بنحو حديث الباب ويجمع بين الروايات بأنه كان تارة يتوضأ وضوءه للصلاة وتارة يقتصر على غسل كفيه لكن هذا في الأكل والشرب خاصة، وأما في النوم والمعاودة فهو كوضوء الصلاة لعدم المعارض للأحاديث المصرحة فيهما بأنه كوضوء الصلاة (1) (سنده) حدثنى عبد الله حدثنى أبى ثنا عن ابن جعفر قال ثنا شعبة عن الحكم قال سمعت إبراهيم يحدث عن الأسود عن عائشة أنها قالت الخ (2) أي وضوء للصلاة كما عند مسلم (تخريجه) (م. د. نس. جه). (480) حدثنا عبد الله الخ (غريبه) (3) الحرة الأرض ذات الحجارة السود، ومنها أرض كذلك بظاهر المدينة سميت بها وقعة الحرة المشهورة بين يزيد بن معاوية وأهل المدينة في ذي الحجة سنة ثلاث وستين، والظاهر والله أعلم أن سفيان يريد بذلك أن أبا المتوكل أدرك أبا سعيد لأن وفاة أبي المتوكل كانت سنة ثمان ومائة وقيل قبل ذلك، فالحديث متصل والله أعلم (تخريجه) (م. والأربعة. وغيرهم) بدون قول سفيان. (481) عن غضيف بن الحارث (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل قال انا برد بن سنان عن عبادة بن نسى عن غفيف بن الحارث الخ (تخريجه) (د)

آخره؟ قالت ربَّما أوتر فى أوَّل اللَّيل وربَّما أوتر فى آخره، قلت الله أكبر الحمد لله الَّذى جعل فى الأمر سعةً، قلت أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهر بالقرآن أو يخافت به؟ قالت ربَّما جهر به وربَّما خافت، قلت الله أكبر الحمد لله الَّذى جعل فى الأمر سعةً (482) عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجنب ثمَّ ينام ولا يمسُّ ماء حتَّى يقوم بعد ذلك فيغتسل (وعنها من طريق ثان) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيب من أهله من أوَّل اللَّيل ثمَّ ينام ولا يمسُّ ماء فإذا استيقظ من آخر اللَّيل عاد إلى أهله واغتسل (483) عن أمِّ سلمة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجنب ثمَّ

_ وسكت عنه هو والمنذري وأخرجه (نس. هق) مقتصرين على الجزء الأول منه وأخرجه مسلم من حديث عبد الله بن قيس عن عائشة مقتصرًا على الجزء الأول منه. (482) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا أبو بكر بن عياش قال ثنا الأعمش عن أبي اسحاق عن الأسود عن عائشة قالت الخ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله بن يزيد عن سفيان وذكر رجلًا آخر عن سفيان عن أبي اسحاق عن الأسود عن عائشة قالت الخ (تخريجه) قال النووي رحمه الله في شرح مسلم رواه أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وغيرهم "فقال أبو داود" عن يزيد بن هارون وهم أبو اسحاق في هذا، يعني في قوله لا يمس ماء "وقال الترمذي" يرون أن هذا غلط من أبي اسحاق "وقال البيهقي" طعن الحفاظ في هذه اللفظة فبان بما ذكرنا ضعف الحديث وإذا ثبت ضعفه لم يبق فيه ما يعترض به على ما قدمناه ولو صح لم يكن أيضًا مخالفًا، بل كان له جوابان "أحدهما" جواب الأمامين الجليلين أبي العباس بن شريج وأبي بكر البيهقي، أن المراد لا يمس ماء للغسل "والثاني" وهو عندي حسن أن المراد أنه كان في بعض الأوقات لا يمس ماء أصلًا لبيان الجواز إذا ولو واظب عليه لتوهم وجوبه والله أعلم اه (483) عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا

ينام ثمَّ ينتبه ثمَّ ينام (14) باب فى الاغتسالات المسنونة وفيه فصول (الفصل الاول فيما جاء من ذلك مجتمعا) (484) ز عن عبد الرَّحمن بن عقبة بن الفاكه عن جدِّه الفاكه بن سعد وكانت له صحبة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل يوم الجمعة ويوم عرفة

_ شريك عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن كريب عن أم سلمة "الحديث" (2) أي قبل أن يغتسل (تخريجه) لم اقف عليه وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اه (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب مبادرة الجنب بالغسل من أول الليل فإن لم يستطع فليغسل فرجه وليتوضأ وضوءه للصلاة (وفيها) ما يدل على جواز النوم والأكل والشرب للجنب والعودة إلى الجماع قبل الاغتسال "قال النووي" وهذا مجمع عليه قال واجمعوا على أن بدن الجنب وعرقه طاهران (قال) وفيها أنه يستحب أن يتوضأ ويغسل فرجه لهذه الأمور كلها ولاسيما إذا أراد جماع من لم يجامعها، فإنه يتأكد استحباب غسل ذكره، وقد نص أصحابنا أنه يكره النوم والأكل والشرب والجماع قبل الوضوء وهذه الأحاديث تدل عليه (ولا خلاف عندنا) أن هذا الوضوء ليس بواجب، وبهذا قال مالك والجمهور، وذهب ابن حبيب من أصحاب مالك إلى وجوبه وهو مذهب داود الظاهري، والمراد بالوضوء وضوء الصلاة الكامل (قال) واختلف العلماء في حكمه هذا الوضوء فقال أصحابنا لأنه يخفف الحدث، فإنه يرفع الحدث عن أعضاء الوضوء، وقال أبو عبد الله المازري رضي الله عنه اختلف في تعليله، فقيل ليبيت على احدى الطهارتين خشية أن يموت في منامه، وقيل بل لعله ينشط إلى الغسل إذا نال الماء أعضاءه اه (وقال الحافظ السيوطي) أخرج الطبراني في الكبير بسند لا بأس به عن ميمونة بنت سعد قالت قلت يا رسول الله هل يأكل أحدنا وهو جنب قال لا يأكل حتى يتوضأ، قلت يا رسول الله هل يرقد الجنب، قال ما احب أن يرفد وهو جنب حتى يتوضأ، فإني أخشى أن يتوفي فلا يحضره جبريل عليه السلام اه. (484) وعن عبد الرحمن بن عقبة (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثنى نصر بن على قال ثنا يوسف بن خالد قال ثنا يوسف بن جعفر الخطمي عن عبد الرحمن بن عقبة بن الفاكه الخ (تخريجه) الحديث من زوائد عبد الله بن الأمام حمد على مسند أبيه (قال الشوكاني) ورواه أيضًا البزار والبغوي وابن قانع ورواه ابن ماجه من حديث ابن عباس قال الحافظ واسناداهما.

ويوم الفطر يوم النَّحر قال وكان الفاكه بن سعد يأمر أهله بالغسل في هذه الأيام (485) عن عاشئة رضى الله عنها عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال يغتسل من أربع، من الجمعة والجنابة والحجامة وغسل الميِّت (الفصل الثانى فى الغسل من غسل الميت والوضوء من حى) (486) عن بة هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غسل

_ ضعيفان، وراه البزار من حديث أبي رافع واسناده ضعيف أيضًا اه. (485) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة عن عبد الله بن أبي السفر عن مصعب بن شيمة عن طلق بن حبيب عن عبد الله بن الزبير عن عائشة "الحديث" (تخريجه) (قط. هق. د) ولفظه (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يغتسل الخ) وهذا الإسناد على شرط مسلم لكن قال الدارقطني مصعب بين شيبة ليس بالقوي ولا بالحافظ قال الشوكاني ومصعب المذكور ضعفه أبو زرعة وأحمد والبخاري وصحح الحديث ابن خزيمة اه "وفي الباب" من الموقوف عن على عند الشافعي، وابن عمر عند مالك في الموطأ والبيهقي، وروى عن عروة بن الزبير أنه اغتسل يوم عيد وقال أنه السنة، وقال البراز لا احفظ في الاغتسال للعيد حديثًا صحيحًا، وقال في البدر المنير أحاديث غسل العيدين ضعيفة وفيه آثار عن الصحابة جيدة (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الاغتسالات المذكورة (أما غسل الجمعة) فقال الجمهور باستحبابه وقال قوم بوجوبه، وسيأتي الكلام عليه في أبواب الجنة إن شاء الله تعالى (وأما غسل يوم عرفة) ويوم الفطر ويوم النحر فقد قال الأئمة الأربعة باستحبابه (وأما غسل الجنابة) فواجب بالإجماع كما تقدم (وأما الغسل من الحجامة) فقال الشوكاني هو سنة عند الهادوية لهذا الحديث ولما روى عن علي عليه السلام أنه قال الغسل من الحجامة سنة عند وأن تطهرت أجزاك، وأخرج الدارقطني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم ولم يزد على غسل هاجمه وفيه صالح بن مقاتل وليس بالقوي اه (وأما الغسل من غسل الميت) فسيأتي الكلام عليه في الفصل الآتي والله أعلم. (486) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا حجاج قال

ميتًا فليغتسل ومن حمله فليتوضَّأ (وعنه من طريق ثان) عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال من غسلها الغسل ومن حملها الوضوء (وعنه من طريق ثالث) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غسَّل ميتًا فليغتسل (487) وعن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مثله

_ أنا ابن أبي ذنب عن صالح مولى التوأمه عن أبي هريرة "الحديث" (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج حدثنى سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة "الحديث" (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن رجل يقال له أبو اسحاق عن أبي هريرة "الحديث" (تخريجه) رواه (الثلاثة. حب. وغيرهم) وقال الترمذي حدث حسن (قال النووي رحمه الله) في شرح المهذب قد ينكر عليه قوله انه حسن بل هو ضعيف وقد بين البيهقي وغيره ضعفه، قال البيهقي رحمه الله الروايات المرفوعة في هذا عن أبي هريرة غير قوية، قال والصحيح أنه موقوف عليه، وقال علي بن المديني والإمام أحمد لا يصح في هذا الباب شيء، وقال ابن المنذر ليس في الباب حديث يثبت (قال الحافظ) في التلخيص قد حسنه الترمذي وصححه ابن حبان ورواه الدارقطني بسند رواته موثقون وقد صحح الحديث أيضًا ابن حزم، وذكر الماوردي أن بعض أصحاب الحديث خرج لهذا الحديث مائة وعشرين طريقًا (قلت) وفي الباب أيضًا عند الإمام أحمد عن علي رضي الله عنه وسيأتي أن شاء الله تعالى في الباب السادس عشر من القسم الأول من السيرة النبوية في موت أبي طالب (قال الشوكاني رحمه الله) والحاصل أن الحديث كما قال الحافظ هو لكثرة طرقه أسوأ أحواله أن يكون حسنًا فانكار النووي على الترمذي تحسينه معترض (قال الذهبي) هو أقوى من عدة أحاديث احتج بها الفقهاء والله أعلم اه. (487) عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبي عن أبي اسحاق قال وقد كنت حفظت من كثير من علمائنا بالمدينة أن محمد بن عمرو ابن حزم كان يروي عن المغيرة أحاديث منها أنه حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول "من غسل ميتًا فليغتسل" (تخريجه) أورده السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام أحمد فقط وبجانبه علامة الحسن (الأحكام) ظاهر أحاديث الباب يدل على وجوب الغسل على من غسل الميت، والوضوء على من حمله (قال الشوكاني رحمه الله) وقد اختلف الناس في ذلك فروى

(الفصل الثالث في طلب الغسل من الكافر اذا أسلم) (488) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ ثمامة بن أثال أو أثالة أسلم

_ عن علي وأبي هريرة وأحد قولي الناصر والأمامية أن من غسل الميت وجب عليه الغسل لهذا الحديث ولحديث عائشة (قلت) حديث عائشة تقدم في الفصل الأول من الباب (قال) وذهب أكثر العترة ومالك وأصحاب الشافعي إلى أنه مستحب، وحملوا الأمر على الندب لحديث "أن ميتكم طاهرًا فحسبكم أن تغسلوا أيديكم" أخرجه البيهقي وحسنه ابن حجر، ولحديث "كنا نغسل الميت فمنا من يغتسل ومنا من لا يغتسل" أخرجه الخطيب من حديث عمر، وصحح ابن حجر أيضًا إسناده، ولحديث أسماء (قلت) لفظه عن عبد الله بن أبي بكر (ابن محمد بن عمرو بن حزم) أن أسماء بنت عميس (امرأة أبي بكر الصديق رضي الله عنه) غسلت أبا بكر الصديق حين توفي ثم خرجت فسألت من حصرها من المهاجرين فقالت إني صائمة وإن هذا اليوم شديد البرد فهل علىَّ من غسل؟ فقالوا لا، رواه مالك في الموطأ (قال) وقال الليث وأبو حنيفة وأصحابه لا يجب ولا يستحب لحديث "لا غسل عليكم من غسل الميت" رواه الدارقطني والحاكم مرفوعًا من حديث ابن عباس وصحح البيهقي وفقه وقال لا يصح رفعه، وجمع الشوكاني رحمه الله بين هذه الأدلة وأحاديث الباب بصرف الأمر عن معناه الحقيقي الذي هو الوجوب إلى معناه المجازي أعنى الاستحباب وقال فيكون القول بذلك هو الحق لما فيه من الجمع بين الأدلة بوجه مستحسن اه (قلت) لم يذكر الشوكاني رحمه الله مذهب الإمام أحمد رحمه الله تعالى وهو أن من غسل ميتًا ينتقض وضوءه ويستحب له الغسل، هذا ولم أقف لأحد من الفقهاء على قول بالوضوء من حمل الميت كما هو صريح في حديث الباب إلا لابن حزم في المحلي فإنه قال بوجوب الوضوء من حمل الميت ووجوب الغسل من غسله، ولو قال بالاستحباب فيهما لكان أظهر تمشيًا مع الأدلة وجمعًا بينها (وقال النووي رحمه الله) في شرح المهذب، ومن المستحب الغسل من غسل الميت، لا فرق في هذا بين غسل الميت المسلم والكافر، فيسن الغسل من غسلهما، ويسن الوضوء من مس الميت نص عليه الشافعي في مختصر المزني رحمها الله تعالى، وقاله الأصحاب ونقله أمام الحرمين عن أصحابنا المراوزه اه (وقال الخطابي) في معالم السنن في معنى قوله صلى الله عليه وسلم "ومن حمله فليتوضأ" قال قيل معي قوله فليتوضأ أي ليكن على وضوء ليهيأ له الصلاة على الميت، (قلت) في ذلك نظر والذي يظهر لي وينشرح له صدري استحباب الغسل من غسل الميت واستحباب الوضوء من حمله والله أعلم. (488) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الرحمن ثنا عبد الله بن عمر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة "الحديث" (غريبه) (1) تمامه بضم أوله

فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذهبوا به إلى الحائط بنى فلان فمروه أن يغتسل (وعنه من طريق آخر) أنَّ ثمامة بن أثال الحنفىَّ أسلم فأمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أن ينطلق به إلى الحائط أبى طلحة فيغتسل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حسن إسلام صاحبكم (489) عن خليفة بن حصين بن قيس بن عاصم عن أبيه أنَّ جدَّه "قيس بن عاصم" أسلم على عهد النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فأمره أن يغتسل بماء وسدر (15) باب فى حكم دخول الحمام (490) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمَّام إلا بمئزر، ومن كان يؤمن

_ وأنال بضم الهمزة وبمثلثه خفيفه ابن النعمان بن مسلمة الحنفي من فضلاء الصحابة أسلم في السنة السادسة من الهجرة ولسبب إسلامه قصة في حديث طويل سيأتي بتمامه إن شاء الله تعالى في الباب الأول من حوادث السنة السادسة من الهجرة في القسم الثاني من السيرة النبوية (1) الحائط هنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجنار وجمعه الحوائط (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا صريج حادثنا عبد الله يعني ابن عمر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة "الحديث" (تخريجه) (حق. خز. حب. عب) ورواه الشيخان مطولًا وكذلك الإمام أحمد في موضع آخر كما أشرنا إليه آنفا. (489) عن خليفة بن حصين (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن الأغر المنقري عن خليفة بن حصين الخ (غريبه) (3) أي شجر النبق والمراد ورقه (تخريجه) أخرجه (الثلاثة. حب. خز) وصححا ابن السكن (الأحكام) ما في الباب يدل على مشروعية الغسل لمن أسلم وقد ذهب إلى الوجوب مطلقًا الإمام أحمد (وقال الثلاثة) باستحبابه، لمن أسلم غير جنب وإلا فيجب (...) بقى من الاغتسالات المشروعة شيء كثير سيأتي في أبوابه كالغسل للعيدين والجمعة والكسوفين والاستسقاء وعند الاحرام لمن يريد الحج ولدخول مكة وغير ذلك والله أعلم. (490) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى

بالله واليوم الآخر فلا يدخل خليلته الحمَّام، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يشرب عليها الخمر، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون بامرأة ليس معها ذو محرم منها فإنَّ ثالثهما الشَّيطان (491) عن عبد الله بن شدَّاد عن أبى عذرة رجل كان أدرك النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن عائشة قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمَّامات للرِّجال والنِّساء، ثمَّ رخَّص للرِّجال فى المآزر ولم يرخِّص للنِّساء (492) حدّثنا عبد الله قال حدثنى أبى ثنا محمَّد بن جعفر وحجَّاج قالا ثنا شعبة عن منصور عن سالم بن أبى الجعد عن أبى المليح قلل دخل نسوة من أهل الشَّام على عائشة رضى الله عنها فقالت أنتنَّ اللاتى تدخلن الحمَّامات؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من امرأة وضعت ثيابها فى غير بيتها إلاَّ هتكت سترًا (وفى رواية سترها) بينها وبين الله عزَّ وجلَّ (493) عن السَّائب مولى أمِّ سلمة رضى الله عنها أنَّ نسوةً دخلن على

_ ابن اسحاق أنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (تخريجه) (نس. مذ) وفي إسناده ابن لهيعة، وفيه مقال مشهور. (491) عن عبد الله بن شداد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع قال ثنا حماد بن سلمة عن عبد الله بن شداد الخ (غريبه) (1) المأزر جمع منرر يوزن منبر والمنرر والأزار بمعنى واحد كلحاف وملحف وقرام ومقرم وقياد ومقود والأزار معروف (تخريجه) (د. مذ) وفيه أبو عذرة بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة وهو مجهول، قال الترمذي لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة واسناده ليس بذلك القائم، وقال الحافظ في التقريب مجهول ووهم من قال له صحبة. (492) حدثنا عبدا لله الخ (تخريجه) (مذ. د) ورجاله كلهم رجال الصحيح (493) عن السائب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن الأشيب.

أمِّ سلمة من أهل حمص فسألتهنَّ ممِّن أنتنَّ؟ قلن من أهل حمص، فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيُّما امرأة نزعت ثيابها فى غير بيتها خرق الله عنها سترًا (494) عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمَّام إلا بإزار، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر فلا تدخل الحمَّام (495) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلم نحوه (496) عن يحنس أبى موسى أنَّ أمَّ الدَّرداء رضى الله عنها حدَّثته أنَّ

_ ثنا ابن لهيمة ثنا دراج عن السائب مولى أم سلمة الخ (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الكبير وأبو يعلي وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف (قلت) يقويه ما قبله والله أعلم (494) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون ثنا ابن وهب حدثنى عمرو بن الحارث أن عمر بن السائب حدثه أن القاسم بن أبي القاسم السبائي حدثه عن قاص الاجناد بالقسطنطينية أنه سمعه يحدث ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال يا أيها الناس إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفيه رجل لم يسم. (495) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الرحمن ثنا سعيد حدثنى أبو خيرة عن موسى بن وردان قال أبو خيرة لا أعلم إلا أنه قال عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر من ذكر وأنثى فلا يدخل الحمام إلا بمنزر، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر من إناث أمتي فلا تدخل الحمام (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد وفيه أبو خيرة قال الذهبي لا يعرف اه (قلت) قال الحافظ في تعجيل المنفعة قد جزم باسمه وكنيته ونسبه أبو سعيد ابن يونس في تاريخ مصر قال، محب بن حذلم (يعني ان اسمه محب بن حذلم) مولى ثابت بن زيد يكني أبا خيرة روى عن موسى بن وردان، وعنه سعيد بن أبي أيوب وهمام بن اسماعيل والليث بن عاصم وكان فاضلًا يقال توفي سنة خمس وثلاثين ومائة وليس له غير حديث واحد ثم ساق من طريق بن وهب عن سعيد عنه عن موسى لا أعلمه إلا عن أبي هريرة رفعه في منع النساء، الحمام ومنع الرجال إلا بمنزر، وهذا هو الحديث الذي أخرجه له أحمد اه ما نقله الحافظ وبهذا يعلم أن أبا خيرة غير مجهول والله أعلم. (496) عن يحنس أبي موسى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا هارون

رسول الله صلى الله عليه وسلم لقيها يومًا فقال من أين جئت يا أمَّ الدِّرداء؟ فقالت من الحمَّام، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من امرأة تنزع ثيابها إلَّا هتكت ما بينها وبين الله عزَّ وجل من ستر (ومن طريق ثان) عن سهل عن أبيه أنَّه سمع أمّ الدرداء تقول خرجت من الحمَّام فلقينى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من أين يا أمَّ الدَّردتء؟ قالت من الحمَّام فقال والَّذى نفسى بيده ما من امرأة تضغ ثيابها فى بيت أحد من أمَّهاتها إلاَّ وها هاتكة كلَّ ستر بينها وبين الرَّحمن عزَّ وجلَّ

_ قال ثنا عبد الله بن وهب قال وقال حيوة أخبرني أبو صخر أن يحنس أبا موسى حدثه أن أم الدرداء الخ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا حسن قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا زبان عن سهل عن أبيه الخ (تخريجه) الحديث أورد الهيثمي الرواية الثانية منه وقال رواه الطبراني في الكبير بأسانيد ورجال أحدهما رجال الصحيح (وقال الحافظ) في الرواية الأولى من حديث الباب في كتابه (القول المسدد في الدب عن المسند للامام أحمد) بعد أن ذكرها بسندها كما هنا قال أورده ابن الجوزي في الأحاديث الواهبة من طريق المسند بهذا الاسناد وقال هذا حديث باطل لم يكن عندهم حمام في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعله يابى صخر حميد بن زياد وإن يحيى بن معين ضعفه وأورده من طريق المسند أيضًا من وجهين على سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه (يشير الحافظ إلى الطريق الثاني من حديث الباب) أنه سمع أم الدرداء تقول خرجت من الحمام ذكر الحديث ثم قال وأعله بز بان رواية عن سهل ونقل كلامهم في تضعيفه قال الحافظ (قلت) والطريق الأولى تقويه، وحكمه عليه بالبطلان بما نقله من نفى وجود الحمام في زمانهم لا يقتضي الحكم بالبطلان فقد تكون اطلقت لفظ الحمام على مطلق ما يقع الاستحمام فيه لاعلى أنه الحمام المعروف الآن، وقد ورد ذكر الحمام في عدة أحاديث غير هذه، وفي الجملة فلا ينقضي تعجبي منه كونه يحكم عليه بأنه باطل ولا يورده في الموضوعات مع أنه أورد في الموضوعات أشياء أقوى من هذا والله المستعان اه (قلت) رواية الطبراني التي أشار إليها الحافظ الهيثمي تؤيد حديث الباب وأحاديث الباب يؤيد بعضها بعضًا خصوصًا حديث أبي المليح عن عائشة فإن رجاله كلهم رجال الصحيح (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز دخول الحمام للذكور بشرط لبس الأزار، وتحريم الدخول بدونه وعلى تحريمه على النساء مطلقًا (وفي الباب) عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "انها ستفتح لكم أرض العجم وستجدون فيها بيوتًا

كتاب الحيض

2 - كتاب الحيض (والاستحاضة والنفاس وفيه أبواب) (1) باب موانع الحيض وما تقضى الحائض من العبادات (1) عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنَّ اليهود كانوا إذا حاضت المرأة منهم لم يؤاكلوهنَّ ولم يجامعوهنَّ فى البيوت، فسأل أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عزَّ وجلَّ {ويسألونك عن المحيض قل هو أذى، فاعتزلوا النِّساء فى المحيض ولا تقربوهنَّ حتَّى يطهرن} حتَّى فرغ من الآية فقال رسول الله

_ يقال لها الحمامات فلا يدخلها الرجال إلا بالازار وامنعوا النساء إلا مريضه أو نفساء" رواه أبو داود وابن ماجة وفي اسناده عبد الرحمن ابن أنعم الأفريقي وقد تكلم فيه غير واحد وهو يدل على تقييد الجواز للرجال بلبس الازار ووجوب المنع على الرجال للنساء إلا لعذر المرض والنفاس وقد عرفت ما فيه والله أعلم. كتاب الحيض (1) الحيض أصله في اللغة الميلان وحاض الوادي إذا سال، قال الأزهري والهروي وغيرهما من الأئمة، الحيض جريان دم المرأة في أوقات معاومة يرخيه رحم المرأة بعد بلوغها (والاسحاضة) جريان الدم في غير أوانه، قالوا ودم الحيض يخرج من قعر الرحم، ودم الاستحاضة يسيل من العاذل بالعين المهملة وكسر الذال المعجمة وهو عرق فمه الذي يسيل منه في أدنى الرحم دون قعره، قال أهل اللغة يقال ماضت المرأة تحيض حيضًا ومحيضًا ومحاضًا فهي حائض بلا هاء هذه اللغة الفصيحة المشهورة، وحكي الجوهري عن الفراء حائضة بالهاء، ويقال ماضت وتحيضت ودرست وطمئت وعركت وضحكت ونفست كله بمعنى واحد وزاد بعضهم أكبرت وأعصرت بمعنى حاضت نقله النووي في شرح مسلم. (1) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ابن مهدي ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس "الحديث" (غريبه) (1) أي لم يخالطوهن ولم يساكنوهن في بيت واحد (تخريجه) (م. والأربعة) وهذا طرف

صلى الله عليه وسلم اصنعوا كلَّ شيء إلاَّ النَّكاح (2) عن عبد الرَّحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها وقد حاضت بسرف قبل أن تدخل مكَّة قال لها اقضى ما يقضى الحاج غير أن لا تطوفى بالبيت (3) عن عائشة رضى الله عنها (فى قصة أمِّ حبيبة بنت جحش) أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لها فإذا أقبلت الحيضة فدعى الصَّلاة وإذ أدبرت فاغتسلى ثمَّ صلِّى (4) عن معاذة قالت سألت عائشة فقلت ما بال الحائض تقضى الصَّوم ولا تقضى الصَّلاة؟ فقالت أحروريَّة أنت؟ قلت لست بحروريِّة

_ من حديث سيأتي بتمامه في قسم التفسير في سورة البقرة إن شاء الله تعالى. (2) عن عبد الرحمن بن القاسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم الخ (غريبه) (1) سرف بفتح السين المهملة وكسر الراء موضع من مكة على عشرة أميال وقيل أقل وقيل أكثر (ته) وفيه الوجهان الصرف وعدمه، وقوله اقضى أي افعلي (تخريجه) (ق. وغيرهما) وهو طرف من حديث ذكر بتمامه في باب الطهارة والسترة للطواف من كتاب الحج وبقيته (قالت فلما كنا بمنى أتيت بلحم بقر قلت ما هذا قالوا ضحى النبي صلى الله عليه وسلم عن أزواجه بالبقر. (3) عن عائشة الخ هذا طرف من حديث سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في الباب السابع من هذا الكتاب أعني كتاب الحيض وإنما ذكرت هذا الجزء منه للاستدلال به على أنه الصلاة تحرم على الحائض والنفساء ولا تصح منهما والحديث أخرجه الشيخان وغيرهما. (4) عن معاذة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن عاصم الأحول عن معاذة "الحديث" وفي آخره قال معمر وأخبرني أيوب عن أبي قلابة عن معاذة عن عائشة مثله (غريبه) (2) بفتح احاء المهملة وضم الراء الأولى نسبة إلى حروراء قرية بقرب الكوفة، قال السمعاني هو موضع على ميلين من الكوفة كان أول اجتماع الخوارج به، قال الهروى تعاقدوا في هذه القرية فنسبوا إليها فمعنى قول عائشة رضي الله عنها، أن طائفة من الخوارج يوجبون على الحائض قضاء الصلاة الفائتة في زمن الحيض وهو خلاف إجماع المسلمين، وهذا الاستفهام الذي استفهمته عائشة هو استفهام إنكاري أي هذه

ولكنِّي أسأل، قالت قد كان يصيبنا ذلك مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتؤمر ولا نؤمر فيأمر بقضاء الصَّوم ولا يأمر بقضاء الصَّلاة

_ الطريقة الحرورية وبئست الطريقة قولها قال النووي (م) (تخريجه) (ق. والأربعة) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها) تحريم وطء الحائض حتى تطهر، قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أنس "اصنعوا كل شيء إلا النكاح" ولقوله عز وجل (ولا تقربوهن حتى يطهرن) وقد أجمع المسلون عى ذلك فمستحله كافر مرتد (ومقتضى) هذا الحديث أنه يجوز للرجل أن يستمتع بجميع بدن زوجته بدون حائل حتى ما بين السرة والركبة عدا الوطء، وإليه ذهب عكرمة ومجاهدو الشعبي والنخعي والحكم والثوري والأوزاعي ومحمد بن الحسن والامام أحمد وأصبغ المالكي وأبو ثور وإسحاق ابن راهويه وابن المنذر وداود ونقله عنهم العبدري وغيره، وهو وجه لبعض الشافعية (وذهب الجمهور) إلى تحريم المباشرة فيما بين السرة والركبة بغير وطء لحديث عائشة عند الامام أحمد والشيخين أنها قالت "كانت إحدانا إذا كانت حائضًا فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر ثم يباشرها" وحكاه ابن المنذر عن سعيد بن المسيب وطاوس وشريح وعطاء وسليمان بن يسار وقتادة وحكاه البغوي عن أكثر أهل العلم، وهو المنصوص للامام الشافعي رحمه الله في الأم والبويطي وأحكام القرآن، وبه قال أبو حنيفة ومالك رحمهما الله وقوى النووي رحمه الله ما ذهب إليه الأولون من حيثالدليل لحديث أنس رضي الله عنه فإنه صريح في الإباحة (قال) وأما مباشرة النبي صلى الله عليه وسلم فوق الأزار فمحمولة على الاستحباب جمعًا بين قوله صلى الله عليه وسلم وفعله (م) (ومنها أيضًا) تحريم الطواف على الحائض والنفساء لحديث عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة المذكور في الباب، وقد أجمع العلماء على ذلك سواء أكان الطواف فرضًا أو نقلًا، وأجمعوا على أن الحائض والنفساء لا تمتنع من شيء من مناسك الحج إلا الطواف وركعتيه، نقل الاجماع في هذا كله ابن جرير وغيره وحكاه النووي في شرح المهذب والله أعلم (ومنها أيضًا) تحريم الصلاة على الحائض والنفساء وعدم صحتها منهما لقوله صلى الله عليه وسلم "فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصلاة" وقد اجتمعت الأمة على أنه يحرم عليها الصلاة فرضها ونقلها" وأجمعوا أيضًا على أن يسقط عنها فرض الصلاة فلا تقضي إذا طهرت لقول عائشة رضي الله عنها ترفعه فأمر بقضاء الصوم ولا يأمر بقضاء الصلاة" ومنه يعلم أن الصيام أيضًا يحرم على الحائض والنفساء ولا يصح منهما. ولكنهما يقضيانه وجوبًا لهذا الحديث، ونقل الترمذي وابن المنذر وابن جرير وآخرون الاجماع على ذلك، والحكمة في قضاء الصوم دون قضاء الصلاة أنا لصلاة تكثر لتكررها في كل يوم خمس مرات فيشق قضاؤها بخلاف الصوم فإنه لا يأتي إلى في كل

(2) باب الترهيب من وطء الحائض أيام حيضها (5) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أتي حائضًا أو امرأةً فى دبرها أو كاهنًا فصدَّقه فقد برئ بما أنزل الله على محمَّد عليه الصَّلاة والسَّلام

_ عام مرة فيسهل قضاؤه وقد قال الله تعالى (وما جعل عليكم في الدين من حرج) (5) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عفان قال ثنا حماد ابن سلمة قال أنا حكيم الأثرم عن أبي تميمه الهجيمي عن أبي هريرة "الحديث" (غريبه) (1) قال الطيبي رحمه الله أتى لفظ مشترك هنا بين المجامعة وإتيان الكاهن (وقال القاري رحمه الله) والأولى أن يكون التقدير وصدق كاهنا فيضير من قبيل "علفتها تبتا وماء باردًا" أي وسقيتها أو يقال من أتى حائضًا أو امرأة بالجماع أو كاهنا بالتصديق اه (2) الكاهن هو الذي يخبر عما يكون في الزمان المستقبل بالنجوم أو بأشياء مكتوبة في الكتب من أكاذيب الجن لأن الجن كانوا يصعدون إلى السماء قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم فيستمعون ما يقول الملائكة من أحوال أهل الأرض وما يحدث من الحوادث فيأتون إلى الكهنة ويخبرونهم بذلك فيخبر الكهنة الناس ويخلطون بكل حديث مائة كذبة، وفي النهاية لابن الأثير رحمه الله الكاهن الذي يتعاطى الخبر عن الكائنات في مستقبل الزمان ويدعي معرفة الأسرار وقد كان في العرب كهنة كشق وسطيح وغيرهما من كان يزعن أن له تابعًا من الجن ورئيًا يلقى إليه الأخبار ومنهم من كان يزعم أنه يعرف الأمور بمقدمات أسباب يستدل بها على مواقعها من كلام من يسأله أو فعله أو حاله وهذا يخصونه باسم العراف كالذي يدعي معرفة الشيء المسروق ومكان الضالة ونحوهما اه (3) هكذا رواية الامام أحمد أحمد وأبي داود، أي بريء بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم من الكتاب والسنة حيث لم يعمل بهما فكانه تبرأ منهما، ورواية الترمذي وغيره (فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم) قيل هذا إذا كان مستحلًا لذلك وقيل بل هو تغليظ وتشديد أي عمل عمل من كفر (تخريجه) أخرجه (الدازمي. جه. مذ) وقال لا نعرف هذا الحديث إلا من حديث حكيم الأثرم عن أبي تميمه عن أبي هريرة وإنما معنى هذا عند أهل العلم على التغليظ، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "من أتى حائضًا فليتصدق بنصف دينار" فلو كان إتيان الحائض كفرًا لم يأمر فيه بالكفارة وضعف محمد (يعني البخاري) هذا الحديث من قبل إسناده، وأبو تميمة الهجيمي اسمه طريف ابن مجاهد اه (قلت) قال النسائي ليس به بأس (خلاصة) وفي التهذيب ذكره ابن حبان في التقات (الأحكام) في حديث الباب التغليظ والتشنيع على من أتى حائضًا أو امرأة في دبرها

(3) باب كفارة من وطئ امرأته وهى حائض (6) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فى الَّذى يأتى امرأته وهى حائض يتصدَّق بدينار أو بنصف دينار (وعنه بلفظ آخر) عن

_ أو صدق كاهنًا فيما يقول وقد ذهب إلى تحريم ذلك جميع العلماء المعتد بأقوالهم، قال الطيبي رحمه الله من فعل هذه الأشياء واستحلها وصدق الكاهن فقد كفر، ومن لم يستحلها فهو كافر النعمة فاسق اه. (6) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم عن عبد الحميد بن عبد الرحمن عن مقسم عن ابن عباس "الحديث" (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابي ثنا أبو كامل حماد ثنا عطاء العطار عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم (الحديث) (تخريجه) (الأربعة. قط. وابن الجارود) وكل رواته مخرج له في الصحيح إلا مقسم فانفرد به البخاري لكنه ما أخرج له إلا حديثًا واحدًا في تفسير النساء وقد توبع، وصححه ابن القطان وابن دقيقه العيد، وقال الخلال عن أبي دواد عن أحمد ما أحسن ... عبد الحميد فقيل له تذهب إليه؟ قال نعم، وقال أبو داود وهي الراوية الصحيحة ذكره الحافظ في التلخيص، وقال المنذري أحرجه الترمذي وابن ماجه مرفوعًا، وقال الترمذي قد روى عن ابن عباس موقوفًا ومرفوعًا وأحرجه النسائي مرفوعًا وموقوفًا ومرسلًا وهذا الاضطراب في سنده، وأما الاضطراب في متنه فروى بدينار أو نصف دينار على الشك وروي يتصدق بدينار فإن لم يجد فبنصف دينار، وروي التفرقة بين أن يصيبها الدم أو انقطاع الدم، وروي يتصدق بخمس دينار، وروي إذا كان دمًا أحمر فدينار وإن كان دمًا أسمر فنصف دينار (وقال) أبو الحسن القطان رحمه الله (وهو ممن قال بصحة الحديث) أن الاعلال بالاضطراب خطأ والصواب أن ينظر إلى رواية كل راو بحسبها ويعلم ما خرج عنه فيها، فإن صح من طريق قبل ولا يضره أن يروي من طرق أخرى ضعيفة ثم أخذ في تصحيح حديث عبد الحميد (قال الحافظ في التلخيص) وقد أمضى ابن القطان القول في تصحيح ابن القطان وقواه في الامام وهو الصواب فكم من حديث قد احتجوا به وفيه من الاختلاف أكثر مما في هذا كحديث بئر بضاعة وحديث القلتين ونحوهما، وفي ذلك ما يرد على النووي في دعواه في شرح المهذب والتنقيح والخلاصة أن الأئمة كلهم خالفوا الحاكم في تصحيحه وأن الحق أنه ضعيف باتفاقهم وتبع النووي في بعض ذلك ابن الصلاح والله أعلم اه

النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في الرَّجل يأتى امرأته وهى حائض قال يتصدَّق بدينار فإن لم يجد فنصف دينار (4) باب جواز مباشرة الحائض فيما فوق الازار ومضاجعتها ومؤاكلتها (7) عن ميمونة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يباشر نساءه فوق الإزار وهنَّ حيَّض (8) عن عائشة رضى الله عنها عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مثله (9) عن الأسود عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر إحدانا إذا حاضت تأتزر ثمَّ يباشرها

_ (الأحكام) الحديث يدل على وجوب الكفارة على من وطئ امرأته وهي حائض وإلى ذلك ذهب ابن عباس والحسن البصري وسعيد بن حبير وقتادة والأوزاعي واسحق والامام أحمد في إحدى الروايتين والامام الشافعي في قوله القديم، واحتجوا بحديث الباب، وقال عطاء وسفيان الثوري والليث بن سعد ومالك وأبو حنيفة وهو الأصح عن الشافعي وأحمد في الراوية الثانية عنه وجماهير من السلف أنه لا كفارة عليه بل الواجب الاستغفار والتوبة وأجابو عن الحديث بما سبق من المطاعن قالوا والأصل البراءة فلا ينتقل عنها إلا بحجه (قلت) قد علمت مما سلف صحة حديث عبد الحميد وهو الرواية الأولى من حديث الباب فهي صالحة للاحتجاج بها ودفع الملل الواردة عليها والله أعلم. (7) عن ميمونه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا اسباط قال ثنا الشيباني عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن ميمونه الخ (تخريجه) (م. هق. وغيرهما) (8) عن عائشة الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن فضيل عن عبد الرحمن بن الأسود عن عائشة (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وحكمه كالذي قبله. (9) عن الأسود (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عفان قال ثنا أبو عوانة عن منصور عن إبراهيم عن الأسود الخ (غريبه) (1) أي تشد ازارًا يستر سرتها وما تحتها إلى الركبة فما تحتها (تخريجه) (ق. نس. جه)

(10) عن أبي ميسرة عن عائشة رضى الله عنها قالت كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يباشرني وأنا حائض ويدخل معى في لحافى وأنا حائض ولكن كان أملككم لإربه (11) عن الأسود عن عائشة رضى الله عنها قالت كان يأمرنى فأتزر وأنا خائض ثمَّ يباشرنى، وكنت أغسل رأسه وهو معتكف وأنا حائض (12) عن أبى سلمة عن عائشة رضى الله عنها قالت كنت أنام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على فراش وأنا حائض وعلىَّ ثوب (13) عن يزيد بن بابنوس عن عائشة رضى الله عنها قالت كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يتوشَّحنى وينال من رأسي وأنا حائض

_ (10) عن أبي ميسرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد قال ثنا اسرائيل عن أبي اسحق عن أبي ميسرة الخ (غريبه) (1) قال النووي أكثر الروايات فيه بكسر الهمزة مع اسكان الراء ومعناه عضوه الذي يستمتع به أي الفرج، ورواه جماعة بفتح الهمزة والراء ومعناه حاجته وهي شهوة الجماعه والمقصود أعلككم لنفسه فيأمن مع هذه المباشرة الوقوع في المحرم وهو مباشرة فرج الحائض واختار الخطابي هذه الراوية وأنكر الأولى وما بها على المحدثين والله أعلم اه (م) (11) عن الأسود (سند) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن سفيان قال ثنا منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة "الحديث" (تخريجه) (ق. لك. والثلاثة). (12) عن أبي سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن اسحاق قال أنا أبو غواته عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن عائشة الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وأخرج نحوه (م. هق) عن كريب مولى ابن عباس قال سمعت ميمونة تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاجع معي وأنا حائض بيني وبينه ثوب. (13) عن يزيد بن ... عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني عن يزيد بن بابنوس الخ (غريبه) (3) أي بما نقي "وينال من رأسي" أي يقبلني (تخريجه)

(14) عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور في المسجد فيصغي إلىَّ رأسه فأرجَّله وأنا حائض (15) وعنها أيضًا عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم في الرجل يباشر امرأته وهى حائض قال له ما فوق الإزار (16) عن ميمونة "زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يباشر المرأة من نسائه وهى حائض إذا كان عليها إزار يبلغ أنصاف الفخذين أو الركبتين محتجزة به

_ الحديث اسناده جيد وأخرجه (من) قال اخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن فورك انبأنا عبد الله ابن عفر ثنا يونس بن حبيب ثنا أبو داود الطيالسي ثنا حماد بن سلمة بسنده ولفظه وزاد وعلى الأزار. (14) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يحيى بن هشام حدثنى أبي عن عائشة الخ (غريبه) (1) أي يعتكف، فيصفي بالغين المعجمة أي يدني إلى رأسه كما في رواية أخرى عند مسلم، ومعنى فارجله أي أسرحه وترجيل الشعر تسريحه (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (15) وعنها أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابي ثنا موسى بن داود ثنا المبارك عن أبي عمر ان الجوني عن يزيد بن بابنوس عن عائشة (الحديث) (تخريجه) لم اقف عليه، وأخرج نحوه أبو داود عن حزام بن حكيم عن عمه (عبد الله بن سعد) أنه "سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحل لي من امرأتي وهي حائض قال "لك ما فوق الأزار" وأورده الحافظ في التلخيص ولم يتكلم عليه، واسناده في سنن أبي داود فيه صدوقان وبقيته ثفات ذكره الشوكاني، (قلت) ويؤيد حديث الباب حديث عائشة المتقدم بلفظ "كان يأمني فأتز وأنا حائض ثم يباشرني" رواه الشيخان وغيرهما. (16) عن ميمونه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا حجاج وأبو كامل قالا ثنا ليث بن سعد قال حدثنى ابن شهاب عن حبيب مولى عروة عن بديه مولاه ميمونة عن ... **** (تخريجه) (... ... ****) واسناده جيد

(17) عن ابن قريظة الصَّدفيِّ قال قلت لعائشة رضى الله عنها أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاجعك وأنت حائض؟ قالت نعم، إذا شددت علىَّ إزاري ولم يكن لنا إذ ذاك إلاَّ فراش واحد، فلمَّا رزقنى الله عزَّ وجلَّ فراشًا آخر اعتزلت رسول الله صلى الله عليه وسلم (18) عن جميع بن عمير التَّيمىِّ قال انطلقت مع عمَّتى وخالتى إلى عائشة رضى الله عنها فسألتها كيف كانت إحداكنَّ تصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عركت؟ فقالت كان إذا كان ذلك من إحدانا ائتزرت بالإزار الواسع ثمَّ التزمت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيديها ونحرها (19) عن أمّ سلمة رضى الله عنها قالت حضت وأنا مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم في ثوبه قالت فانسللت فقال أنفست

_ (17) عن ابن قريظة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن ابن قريظة الخ (تخريجه) لم أقف عليه وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف. (18) عن جميع بن عمير (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عفان قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا صدقة بن سعيد الحنفي قال ثنا جميع بن عمير الخ (غريبه) (1) (قوله فسألتها) أي احداهما كما في رواية أبي داود (2) أي حاضت (3) كأنها أرادت ما لا يقتصر على قدر موضع الدم فقط (وقولها ثم التزمت) أي ضممت وعانقت، وعند النسائي قالت "كان يأمرنا إذا حاضت احدانا أن تتزر بازار واسع ثم يلتزم صدرها ثدييها" (تخريجه) أخرجه أيضًا النسائي واسناده حسن (19) عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يزيد بن هارون إلى أنا محمد يعني ابن عمرو عن أبي سلمة عن أم سلمة رضي الله عنها "الحديث" (غريبه) (4) أي ذهبت في خفية ويحتمل أنها خافت وصول شيء من الدم إليه صلى الله عليه وسلم أو تقذرت سبار لم تر تربصها لمضاجعته صلى الله عليه وسلم أو خافت أن يطلب الاستمتاع بها وهي على هذه الحالة التي لا يمكن فيها الاستمتاع والله أعلم قاله النووي (م) (5) هو بفتح النون وكسر الفاء وهذا هو المعروف في الرواية

قلت يا رسول الله وجدت ما تجد النساء، قال ذاك ما كتب على بنات آدم قالت فانطلقت فأصلحت من شأنى فاستئفرت بثوب ثم جئت فدخلت معه فى لحافه (20) عن عائشة رضى الله عنها قالت حضرت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على فراشه فانسللت فقال لى أحضت؟ فقلت نعم، قال فشدِّى عليك إزارك ثم عودى. (21) عن عروة عن بديَّة قالت ارسلتنى ميمونة بنت الحارث (زوج النبى صلى الله عليه وسلم) إلى امرأة عبد الله بن عباس رضى الله عنهما وكانت بينهما قرابة، فرأيت فراشها معتزلًا فراشه فظننت أن ذلك لهجران، فسألتها فقالت لا ولكنى حائض، فإذا حضت لم يقرب فراشى، فأتيت ميمونة فذكرت ذلك

_ والصحيح المشهور في اللغة أن نفست بفتح النون وكسر الفاء معناه حاضت، وأما في الولادة فيقال نفست بضم النون وكسر الفاء ايضًا، وقال الهروي في الولادة بضم النون وفتحها وفي الحيض بالفتح لا غير؛ وقال القاضي عياض روايتنا فيه في مسلم بضم النون هنا قال وهي رواية أهل الحديث وذلك صحيح، وقد نقل أبو حاتم عن الأصمعي الوجهين في الحيض والولادة وذكر ذلك غير واحد وأصل ذلك كله خروج الدم؛ والدم يسمى نفسًا. اه (م) (1) الاستنفار هو شد الفرج بحرقة عريضة بعد أن تخش قطًا وتوثق طرفيها في شيء تشده على وسطها فتمنع بذلك سيل الدم وهو مأخوذ من ثفر الدابة الذي يجعل تحت ذنبها (نه) "تخريجه" (ق. جه. نس) (20) عن عائشة "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا اسحاق بن يوسف قال ثنا شريك عن يعلي بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن القرشي عن عائشة الخ "تخريجه" الحديث رواه البيهقي أيضًا ثم قال ورواه مالك بن ربيعة عن عائشة مرسلًا ويحتمل أن يكون وقع ذلك لعائشة وأم سلمة جميعًا. اه. (21) عن عروة "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد ابن اسحاق عن الزهري عن عروة عن بدية الخ وله طريق آخر. حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا حجاج وأبو كامل قالا ثنا ليث قال حدثنى ابن شهاب عن حبيب مولى عروة عن بدية فذكر الحديث "غريبه" (2) بدية بوزن رقية "تخريجه" (هق) وإسناده جيد

لها فردني إلى ابن عباس، فقالت أرغبةً عن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام مع المرأة من نسائه الحائض وما بينهما إلاَّ ثوب ما يجاوز الركبتين. "فصل فى جواز مؤاكلة الحائض وطهارة سؤرها" (22) عن عائشة رضى الله عنها قالت إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليؤتى بالإناء فأشرب منه وأنا حائض ثم يأخذه فيضع فاه على موضع فيَّ، وإن كنت لآخذ العرق فآكل منه ثم يأخذه فيضع فاه على موضع فيىَّ. (23) عن عبد الله بن سعيد رضى الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مؤاكلة الحائض فقال واكلها

_ (22) عن عائشة "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا مسعر عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة "الحديث" "غريبه" (1) العرق بفتح العين المهملة وإسكان الراء هو العظم الذي عليه بقية من لحم هذا هو الأشهر في معناه قاله النووي (م) "تخريجه" (م. د. نس. جه) (23) عن عبد الله بن سعد "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن حرام بن معاوية عن عمه عبد الله بن سعد الخ "غريبه". (2) هى صيغة أمر من المؤا كله أي كل معها "تخريجه" أخرجه الترمذي وقال حسن غريب "قلت" يشهد له حديث عائشة الذي قبله وحديث أنس في الباب الأول من كتاب الحيض "الأحكام" أحاديث الباب تدل على جواز النوم مع الحائض وضمها وتقبيلها والاضطجاع معها في لحاف واحد إذا كان هناك حائل يمنع من ملاقاة البشرة فيما بين السرة والركبة أو يمنع الفرج وحده عند من لا يحرم إلا الفرج وقد ذكرنا مذاهب العلماء في ذلك في الباب الأول (وفيها) أيضًا دليل على طهارة سؤر الحائض وجواز الأكل والشرب مما بقى من أكلها وشربها (قال النووي رحمه الله) في شرح مسلم قال العلماء لا تكره مضاجعة الحائض ولا قبلتها ولا الاستمتاع بها فيما فوق السرة وتحت الركبة ولا يكره وضع يدها في شيء من المائعات، ولا يكره غسلها رأس زوجها أو غيره من محارمها وترجيله؛ ولا يكره طبخها وعجنها وغير ذلك من الصنائع، وسؤرها وعرقها طاهران وكل هذا متفق عليه؛ قال وقد نقل الإمام أبو جعفر محمد بن جرير في كتابه مذاهب العلماء إجماع المسلمين

(5) باب جواز قراءة القرآن في حجر الحائض وحكم دخولها المسجد (24) عن منبوذٍ عن أمِّه قالت كنت عند ميمونًة فأتاها ابن عباس فقالت يا بنيَّ مالك شعثًا رأسك، قال أمُّ عمَّار مرجّلتي حائض، قالت أي بنيَّ وأين الحيضة من اليد، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على إحدانا وهي حائض فتضعها في المسجد وهي حائض، أي بنيّ وأين الحيضة من اليد. (25) عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع رأسه في حجري (وفي رواية يتّكئ علىَّ) وأنا حائض فيقرأ القرآن.

_ على هذا كله ودلائله من السنة ظاهرة مشهورة؛ وأما قول الله تعالى: "فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرهن" فالمراد اعتزلوا وطأهن ولا تقربوا وطاهن والله أعلم اه. (24) عن منبوذ سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا سفيان عن منبوذ عن أمه ألخ "غريبه". (1) يقال اسمه سليمان ومنبوذ لقب غلب عليه اه تهذيب وفي الخلاصة منبوذ بن أبي سليمان المكي عن أمه وعند ابن جرير وابن عيينة وتفه بن معين اه قال الحافظ وأم منبوذ مقبوله من الثالثة (نق). (2) أي وسخًا ملبدًا شعره (وقوله مرجلتي) أي التي تقوم بترجيل شعري وتسريحه وتنظيفه. (3) الحجر بفتح الحاء المهملة وقد تكسر حضن الإنسان وهو ما دون إبطه إلى الكشح أفاده في المصباح؛ وفي النهاية الحجر بالفتح والكسر الثوب والحضن؛ والمصدر بالفتح لا غير؛ وحجر الثوب طرفه المقدم اه. (4) الخمرة بضم الخاء المعجمة وإسكان الميم "قال الهروي" وغيره هي السجادة وهي ما يضع عليه الرجل حر وجهه في سجوده من حصير أو نسيجه من خوض؛ وقال الخطابي هي السجادة يسجد عليها المصلي وهي عند بعضهم قدر ما يضع عليه المصلي وجهه فقط؛ وقد تكون عند بعضهم أكبر من ذلك. اه "تخريجه" (نس. عب. ش. ض) وإسناده جيد وللحديث شواهد في الصحيحين منها حديث عائشة الآتي. (25) عن عائشة "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا إسحاق بن عيسى قال: حدثنى ابن لهيعة ويحيى بن اسحاق قال أنا ابن لهيعة عن خالد عن القاسم بن محمد عن عائشة ألخ "تخريجه" (ق. د. نس).

(26) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة ناوليني الخمرة من المسجد فقالت أني قد أحدثت، فقال: أوحيضتك في يدك. (27) عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناوليني الخمرة من المسجد قالت قلت أني حائض، قال إن حيضتك ليست في يدك. (28) وعنها أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للجارية وهو في المسجد ناوليني الخمرة قالت أراد أن يبسطها فيصلي عليها، فقالت إني حائض، فقال إن حيضتها ليست في يدها.

_ (26) عن ابن عمر "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا حسن ثنا زهير عن أبي اسحاق عن البهى عن ابن عمر ألخ "تخريجه" لم أقف عليه وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح "قلت" وأخرجه مسلم والثلاثة من حديث عائشة. (27) عن عائشة "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن ثابت بن عبيد عن القاسم بن محمد عن عائشة ألخ "غريبه". (1) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها ذلك من المسجد أي وهو في المسجد لتناوله إياها من خارج المسجد؛ لا أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها أن تخرجها له من المسجد؛ لأنه صلى الله عليه وسلم كان في المسجد معتكفًا وكانت عائشة في حجرتها وهي حائض لقوله صلى الله عليه وسلم إن حيضتك ليست في يدك فإنما خافت من إدخال يدها المسجد؛ ولو كان أمرها بدخول المسجد لم يكن لتخصيص اليد معنى والله أعلم. نقله النووي عن القاضي عياض (م) "قلت" ومعنى كلام القاضي عياض جاء مصرحًا به في الحديث التالي فتنبه. (2) بفتح الحاء على المشهور في الرواية وصححه النووي ومعناه أن النجاسة التي يصان عنها المسجد وهي دم الحيض ليست في يدك "تخريجه" (م والثلاثة). (28) وعنها أيضًا "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الرحمن قال ثنا زائدة عن السدي عن عبد الله البهي عن عائشة "الحديث" "تخريجه" لم أقف عليه وأورده نحوه الهيثمي عن أبي بكرة وقال رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون "الأحكام" أحاديث الباب تدل على جواز قراءة القرآن في حجر الحائض بلا خلاف؛ وإنما الخلاف في دخول الحائض المسجد والمكث فيه؛ فذهب إلى جواز ذلك زيد بن ثابت وداود

(6) باب في طهارة بدن الحائض وثوبها حاشا موضع الدم منهما (29) عن حذيفة (بن اليمان) رضي الله عنه قال بتَّ بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وعليه طرف اللّحاف وعلى عائشة طرفه وهي حائض لا تصلي. (30) عن عبد الله بن شداد سمعت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم فيصلي من الليل وأنا نائمة إلى جنبه فإذا سجد أصابني ثيابه وأنا حائض.

_ والمزني وأهل الظاهر ما لم يخش منها تلويث المسجد؛ محتجين بحديث الباب عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناوليني الخمرة من المسجد" جاعلين لفظ من متعلقًا بتاوليني؛ وعلقته طائفًا أخرى بلفظ قال أي "قال رسول الله صلى الله عليه من المسجد ناوليني الخمرة" على التقديم والتأخير؛ وعليه المشهور من مذاهب العلماء أنها "أي الحائض" لا تدخل لا مقيمة ولا عابرة لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا أحل المسجد لحائض ولا جنب" رواه أبو داود وصححه جماهير المحدثين به وقامت الحنفية والمالكية [وذهبت] الشافعية والحنابلة إلى جواز العبور فقط بشرط عدم إصابة المسجد بما يكون منها محتجين بقوله تعالى: [إلا عابري سبيل] كالجنب وأجابوا عن قوله صلى الله عليه وسلم "لا أحل المسجد لحائض ولا جنب" بأنه عام مخصوص بالآية، وحمل الآية على من كان في المسجد وأجنب تعسف لم يدل عليه دليل "تنبيه" تقدم في باب موانع الجنابة حكم قراءة القرآن من الجنب والحائض والخلاف فيه فتنبه، والله الموفق. (29) عن حذيفة "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو نعيم ثنا يونس عن الوليد بن العيزار قال: قال حذيفة بت بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" "غريبه". (1) يحتمل أن ذلك كان قبل نزول الحجاب، أو أن حذيفة رضي الله عنه كان من محاره عائشة بنسب أو رضاع والله أعلم "تخريجه" لم أقف عليه وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله ثقات. (30) عن عبد الله بن شداد "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا عبد الواحد حدثنا سليمان الشيباني قال ثنا عبد الله بن شداد ألخ "تخريجه" (ق. د. نس).

(31) عن عائشة رضي الله عنها أنها طرّقتها الحيضة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فأشارت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب وفيه دم فأشار إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة اغسليه، فغسلت موضع الدم ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الثوب فصلى فيه. (32) وعنها أيضًا قالت كنت أبيت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الشِّعار الواحد وأنا طامث حائض قالت فإن أصابه مني شيء غسله لم يعد مكانه وصلى فيه. (7) باب في كيفية غسل الحائض والنفساء (33) عن عائشة رضي الله عنها أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله

_ (31) عن عائشة "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا حسن قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا حيي بن عبد الله أن أبا عبد الرحمن الحبلي حدثه عن عائشة "الحديث" "تخريجه" (32) وعنها أيضًا "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يحيي عن جابر بن صبح قال سمعت خلاسًا قال سمعت عائشة قالت كنت أبيت ألخ "غريبه" (1) أي في الثوب الذي يلي الجسد لأنه يلي شعره. (2) حائض تفسير لطامث يقال طمثت المرأة تطمث طمثًا إذا حاضت فهي طامث والطمث الدم [نه]. (3) بفتح المقناة التحتية وسكون العين وضم الدال المهملة أي لم يزد عليه "تخريجه" [نس. هق وسنده جيد "الأحكام" أحاديث الباب تدل على طهارة بدن الحائض وثوبها إلا إذا كان في الثوب شيء من الدم فيحكم بنجاسة الموضع الذي أصابه الدم فقط فإذا غسل ذلك الموضع صار الثوب كله طاهرًا تصح الصلاة في ثوب بعضه على المصلي وبعضه على زوجته الحائض سواء أكانت عارية أم لابسة ولا خلاف في ذلك. (33) عن عائشه "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عفان قال ثنا وهيب قال ثنا منصور بن عبد الرحمن عن أمه "صفية بنت شيبة" عن عائشة ألخ. (غريبه) (4) اسمها أسماء كما صرح بذلك في الراوية الثانية وسماها مسلم أسماء بنت شكل وقيل أنه

كيف أغتسل عند الطهر؟ فقال خذي فرصة ممسّكةً فتوضَّئي بها. قالت كيف أتوضَّأ بها؟ قال توضّئي بها، قالت كيف أتوضَّأ بها؟ ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبَّح فأعرض عنها، ثم قال توضئي بها، قال عائشة ففطنت لما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذتها فجذبتها إليَّ فأخبرتها بما يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم. (ومن طريق آخر) عن إبراهيم بن المهاجر قال سمعت صفية بنت شيبة تحدّث عن عائشة أن أسماء سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن غسل المحيض قال تأخذ إحداكنَّ ماءها وسدرتها فتطهّر فتحسن الطهور ثم تصبّ على رأسها فتدلكه دلكًا شديدًا حتى يبلغ شؤون رأسها، ثم تصبُّ

_ تصحيف والصواب أسماء بنت يزيد بن السكن ذكره الخطيب في المبهمات؛ وقال المنذري يحتمل أن تكون القصة تسددت اه (1) بكسر الفاء قطعة من صوف أو قطن أو خرقة يقال فرصت الشيء إذا قطعته والممسكة المطيبة بالمسك يتتبع بها أثر الدم فيحصل منه الطيب والتنشيف (2) أي قال سبحان الله تعجبًا من أمرها وأعرض عنها صلى الله عليه وسلم حياء (3) في الراوية الثانية فقالت عائشة كانها تخفي ذلك تتبعي أثر الدم، ومثل ذلك عند الشيخين وأصحاب السنن، وفي مسند الإمام الشافعي والأم فقلت لها تتبعي أثر الدم يعني الفرج "قلت" قوله (يعني الفرج) الظاهر أنها مدرجة من تفسير بعض الرواة لأني لم أجدها في الأصول الأخرى (قال النووي رحمه الله) وقد فسر جمهور العلماء قولها تتبعي أثر الدم بالفرج، ونقل عن المحاملي أنه قال تطيب كل موضع أصابه الدم من بدنها، قال وفي ظاهر الحديث حجة له اه (4) "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن إبراهيم بن المهاجر الخ (5) زاد مسلم بنت شكل قال النووي شكل بالشين المعجمة والكاف المفتوحتين هذا هو الصحيح المشهور، قال وحكى صاحب المطالع فيه إسكان الكاف، قال وذكر الخطيب الحافظ أبو بكر البغدادي في كتابه الأسماء المبهمة وغيره من العلماء ان اسم هذه السائلة أسماء بنت يزيد بن السكن التي كان يقال لها خطيبة النساء، وروي الخطيب حديثًا فيه تسميتها بذلك والله أعلم اه (6) هو الحيض (7) المراد بالتطهر الأول الوضوء قاله النووي (8) هو بضم الشين المعجمة بعدها همزة ومعناه أصول شعر رأسها وأصول الشؤون الخطوط

عليها الماء ثم تأخذ فرصة ممسَّكة فتطهر بها، قالت أسماء وكيف تطهر بها؟ قال سبحان الله تطهري بها، فقالت عائشة كأنها تخفي ذلك تتبعي أثر الدم، وسألته عن غسل الجنابة، قال تأخذي ماءك فتطهرين فتحسنين الطهور أو أبلغي الطهور ثم تصبّ على رأسها فتدلكه حتى يبلغ شؤون رأسها، ثم تفيض عليها الماء، فقالت عائشة نعم النساء نساء الأنصار، لم يكن يمنعهنَّ الحياء أن يتفقهن في الدِّين. (34) عن صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنها أنها ذكرت نساء الأنصار فأثنت عليهن وقالت لهنَّ معروفًا وقالت لما نزلت سورة النور

_ التي من عظم الجمجة وهو مجتمع شعب عظاها الواحد منها شأن (وقوله ثم: أخذ فرصة ممسكة فتطهر بها) نص في استعمال الفرصة بعد الغسل ولا التفات لقول من قال غير ذلك (وقال النووي رحمه الله) السنة في حق المغتسلة من الحيض أن تأخذ شيئًا من مسك فتجعله في قطنة أو خرقة أو نحوها وتدخلها في فرجها بعد اغتسالها، ويستحب هذا للنفساء أيضًا لأنها في معنى الحائض، قال فإن لم تجد مسكًا فتستعمل أي طيب وجدت، قال واختلف العلماء في الحكمة في استعمال المسك، فالصحيح المختار الذي قاله الجماهير أصحابنا وغيرهم أن المقصود باستعمال المسك تطييب المحل ودفع الرائحة الكريهة. اه. (1) أصل التسبيح التنزيه والتقديس والتبرئة من النقائض ثم استعمل في مواضع تقرب منه إتساعًا يقال سبحته أسبحه تسبيحًا وسبحانًا، فمعنى سبحان الله تنزيه الله وهو نصب على المصدر بفعل مضمر كأنه قال أبرئ الله من السوء براءة وقيل معناه التسرع إليه والخفة في طاعته قاله في النهاية (وقال النووي) سبحان الله في هذا الموضع وأمثاله يراد بها التعجب وكذا: لا إله إلا الله ومعنى التعجب هنا، كيف يخفي مثل هذا الظاهر الذي لا يحتاج الإنسان في فهمه إلى فكر وفي هذا جواز التسبيح عند العجيب من الشيء واستعظامه وكذلك يجوز عند التثبيت على الشيء والتذكر به اه (م) (2) أي تسر إليها "تخريجه" (ق. فع. قط) والأربعة إلا الترمذي. (34) عن صفية "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن وعفان قالا ثنا أبو عوانة عن ابراهيم بن مهاجر عن صفية "الحديث" "غريبه". (3) تعنى قوله تعالى في سورة النور (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) كما في رواية البخاري وأبي داود من حديث عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت يرحم الله النساء المهاجرات الأول لما أنزل

عمدن إلى حجز أو حجوز مناطقهنَّ فشققنه ثمَّ اتَّخذن منه خمرا، وإنَّها دخلت امرأة منهنَّ على رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلَّم فقالت يا رسول الله أخبرني عن الطّهور من الحيض، فقال نعم، لتأخذ إحداكنَّ ماءها وسدرتها فذكرت نحو الحديث المتقدم. (8) باب في المستحاضة تبني على عادتها وفي وضوئها لكل صلاة (35) عن عبد الله بن أبي مليكة قال حدّثتني خالتي فاطمة بنت أبي حبيش (رضي الله عنها) قالت أتيت عائشة (رضي الله عنها) فقلت لها يا أمَّ المؤمنين قد خشيت أن لا يكون لي حظ في الإسلام وأن أكون من أهل النَّار، أمكث

_ الله (وليضربن بخمرهن على جيوبهن) شققن مروطهن فاختمرن بها، الا ان هذه الرواية بشأن النساء المهاجرات، ورواه ابن أبي حاتم من حديث صفية عن عائشة بنحو حديث الباب في شأن نساء الأنصار والله أعلم (1) لفظ أوشك من الراوي والحجز بضم الحاء وفتح الجيم وبالزاي، والحجوز بضم الحاء أيضًا كلاهما جمع حجزة بوزن غرفة وأصل الحجزة موضع شد الازار ثم قيل للازار حجزة للمجاورة، والمعنى عمدن إلى ازرهن فشققتها ثم اتخذن منها خمرًا (بضم أوله وثانيه) والخمر جمع خمار ككتب وكتاب والخمار ثوب تغطى به المرأة رأسها وعنقها وصدرها (تخريجه) (خ. د. وابن أبي حاتم) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على كيفية غسل الحائض وعلى استحباب تتبع المرأة أثر دم الحيض والنفاس بنحو فرصة ممسكة لتطييب المحل وتنشيفه (وفيها) مشروعية سؤال المرأة العالم عن أحوالها التي يحتشم منها بدون بأس (وفيها) منقبة لنساء المهاجرين والأنصار لصدور ذلك منهن (وفيها) استحباب الاكتفاء بالاشارة في الأمور المستهجنة وتكرير الجواب لافهام السائل، وإنما كرره صلى الله عليه وسلم مع كونها لم تفهمه أولًا لأن الجواب به يؤخذ من اعراضه بوجهه عند قوله صلى الله عليه وسلم تطهري أي في المحل الذي يستحيا من مواجهة المرأة بالتصريح به فاكتفى بلسان الحال عن لسان المقال، وفهمت عائشة رضي الله عنها ذلك فتولت تعليمها (وفيها) طلب الرفق بالمتعلم وإقامة العذر لمن لا يفهم (وفيها) دلالة على حسن خلقة صلى الله عليه وسلم وعظيم حلمه زاده الله شرفًا وفخرًا (وفيها) غي ذلك من الفوائد والله أعلم (35) عن عبد الله بن أبي مليكة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا

ما شاء الله من يوم أستحاض فلا أصلّي لله عزَّ وجلَّ صلاةً، قالت اجلبي حتَّى يجيء النّبيّ صلى الله عليه وسلم فلما جاء النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله هذه فاطمة بنت أبي حبيش تخشى أن لا يكون لها حظُّ في الإسلام وأن تكون من أهل النًّار، تمكث ما شاء الله من يوم تستحاض فلا تصلَّي لله عزَّ وجلّ صلاةً، فقال مري فاطمة بنت أبي حبيش فلتمسك كلّ شهر عدد أيّام أقرانها ثم تغتسل وتحتشي وتستثفر وتتنظّف ثم تطهّر عند كلَّ صلاة وتصلّي فإنّما ذلك ركضة من الشَّيطان أو عرق انقطع أو داء عرض لها. (36) عن عروة ابن الزبير أن فاطمة بنت أبي حبيش رضي الله عنها حدَّثته أنّها أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشكت إليه الدّم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنّما ذلك عرق فانظري إذا أتى قرؤك فلا تصلّي، فإذا مرّ القرء تطهَّري

_ يحيى بن أبي بكير قال ثنا اسرائيل عن عثمان بن سعد عن عبد الله بن أبي مليكة الخ (غريبه) (1) الاحتشاء أن تخشى المرأة فرجها فعلنا أو نحوه ليمنع نزول الدم "والاستنفار" أن تشد فرجها بخرقة عريضة بعد الاحتشاء توثق طرفيها في نحو تكة تشدها على وسطها (2) بفتح أوله وثانية أي توضأ كما جاء مصر حابه في بعض الروايات (3) بكسر الكاف على خطاب المرأة أي انما ذلك الدم الزائد على الحالة السابقة ركضه "قال في النهاية" أصل الركض الضرب بالرجل والاصابة بها كما تركض الدابة وتصاب بالرجل، أراد الاضرار بها والأذى، والمعنى أن الشيطان قد وجد بذلك طريقًا إلى التلبيس عليها في أمر ديها وطهرها وصلاتها حتى انساها ذلك عادتها وصار في التقدير كأنه ركضه بآله من ركضاته اه (تخريجه) أخرجه أيضًا البيهقي وقال في اسنداه عثمان بن سعد كان يحيى بن معين ويحيى بن سعيد يضعفان أمره اه (قلت) قال فيه أبو حاتم شيخ، وقال أبو نعيم الحافظ بصري ثقة كذا في التهذيب. (36) عن عروة بن الزبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يونس بن محمد قال ثنا ليث عن يزيد بن أبي حبيب عن بكير بن عبد الله عن المنذر بن المغيرة عن عروة ابن الزبير الخ (غريبه) (4) هذا العرق يسمى العادل يكون في أدنى الرحم يسيل منه الدم في غير أيام الحيض "والقرء" بفتح القاف الحيض (تخريجه) (جه. هق) وسنده جيد

ثمَّ صلّى ما بين القرء إلى القرء (37) عن عائشة رضي الله عنها قالت أتت فاطمة بنت أبي حبيش النَّبي صلى الله عليه وسلم فقالت إنَّي استحضت، فقال دعي الصَّلاة أيام حيضك ثم اغتسلي وتوضَّئي عند كلّ صلاة وإن فطر الدَّم على الحصير. (38) عن سليمان بن يسار عن أمَّ سلمة زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم أنَّ امرأة كانت تهراق الدَّم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتت لها أم سلمة زوج النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال لتنظر عدّة اللّيالي والأيّام الّتي كانت تحيضهنَّ من الشَّهر فإذا بلغت ذلك فلتغتسل ثمَّ تستثفر بثوب ثمَّ تصلي

_ (37) عن عائشة (سند) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن هاشم ثنا الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة الخ (تخريجه) (جه. هق) قال الشوكاني أخرجه أيضًا الترمذي وأبو داود والنسائي وابن حبان ورواه مسلم بدون قوله وتوضئ لكل صلاة "وقال في آخره حرف تركنا ذكره" قال البيهقي هو قوله "وتوضآى لكل صلاة الخ) لأنها زيادة غير محفوظة، وقد روى هذه الزيادة من تقدم، وكذا رواها الدارمي والطحاوي وأخرجها أيضًا البخاري (وقد أعل الحديث) بأن حبيبا لم يسمع من عروة بن الزبير، وإنما سمع من عروة المزني، فان كان عروة المذكور في الاسناد عروة بن الزبير كما صرح بذلك ابن ماجه وغيره فالاسناد منطقع، لأن حبيب أبى ثابت مدلس، وان كان عروة هو المزني فهو مجهول اه (قلت) وحديث الباب قال فيه الهيثمي هو في الصحيح خلاقوله "وان قطر الدم على الحصير" ثم قال رواه أحمد من طريق عروة ولم ينسبه فقيل هو عروة المزني وهو مجهول وقيل عروة ابن الزبير ولم يسمع حبيب منه، وحبيب مدلس وفي عدمه اه (38) عن سليمان بن يسار (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت على عبد الرحمن مالك عن نافع عن سليمان عن يسار الخ (غريبه) (1) بضم التاء وفتح الهاء والدم بالنصب، قال الماحي يريد أنها من كثرة الدم بها كأنها طريقة اه وقال بن الأثير في النهاية كذا جاء الحديث على ما لم يسم فاعله أي تهراق هي الدماء منصوب على التمييز وان كل معرفة وله نظائر كقوله (الا من سعه نفسه) وهو مطرد عند الكوفيين وشاد عند البصرين اه (2) أي غاية مدة الحيض باعتبار عادتها (تخريجه) أخرجه الإمامان

(39) عن عائشة رضي الله عنها أنَّ أمَّ حبيبة بنت جحش كانت تحت عبد الرّحمن بن عوف وإنَّها استحيضت فلا تطهر فذكرت شأنها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ليست بالحيضة ولكنها ركضة من الرحم فلتنظر قدر قرئها الَّتي كانت تحيَّض له فلتترك الصلاة ثمَّ لتنظر ما بعد ذلك فلتغتسل عند كلّ صلاةٍ ولتصلّ

_ والأربعة إلا الترمذي (قال الشوكاني) الحديث أخرجه أيضًا الشافعي، قال النووي اسناده على شرطيهما، وقال البيهقي هو حديث مشهور إلا أن سليمان بن يسار لم يسمعه منها، وفي رواية لأبي داود عن سليمان أن رجلًا أخبره عن أم سلمة، وقال المنذري لم يسمعه سليمان، وقد رواه موسى ابن عقبة عن نافع عن سليمان عن مرجانة عنها اه وقال البيهقي ورواه أيوب السختياني عن سليمان بن يسار عن أم سلمة الا أنه سمى المستحاضة في الحديث فقال فاطمة بنت أبي جيش اه (39) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا أحمد بن الحجاج قال ثناء عبد العزيز بن أبي حازم عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن أبي بكر (يعني ابن محمد) عن عمره عن عائشة الحديث (غريبه) (1) ركضه بفتح فسكون كما تقدم تفسيره في الحديث الأول من الباب عند قوله ركضه من الشيطان ولعل معنى من الرحم أي في الرحم (2) بفتح التاء الفوقية والحاء المهملة والياء المشددة قال في النهاية تحيضت المرأة إذا قعدت أيام حيضها تنتظر انقطاعه اه أي أراد أنها تمكت قدر أيام حيضها المعتاد (تخريجه) الحديث أخرجه البيهقي والنسائي بلفظ حديث الباب وأخرجه مسلم بلفظ (فقال لها أمكثي قدر ما كانت تحبسك حيضتك ثم اغتسلي فكانت تغتسل عند كل صلاة) أه ورجال حديث الباب كلهم ثقات والله أعلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن المعتادة إذا استحيضت وتمادي بها الدم تعمل بعادتها، فإذا انتهت أيام عادتها ولم يرتفع الدم تغتسل وتصوم وتصلي ويطؤها زوجها ويكون الدم النازل دم استحاضة حكمه حكم الحدث الأصفر لا يمنع شيئًا من موانع الحيض، واختلفوا في غسل المستحاضة هل تغتسل مرة واحدة بعد مدة انهاء حيضها كما هو الظاهر من حديث فاطمة بنت ابي جبيش أو تغتسل لكل صلاة عملا بحديث أم حبيبة بنت جحش "قال النووي" رحمه الله لا يجب على المستحاضة الغسل لشيء من الصلاة ولا في وقت من الأوقات إلا مرة واحدة في وقت انقطاع حيضها، قال وبهذا قال جمهور العلماء من السلف والخلف، وهو مروى عن على وابن عباس وعائشة رضي الله عنهم، وهو قول عروة بن الزبير وأبي سلمة بن عبد الرحمن ومالك وأبي

(9) باب في المستحاضة تعمل بالتمييز (40) عن عائشة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالت استحيضت أمُّ حبيبة بنت جحشٍ وهي تحت عبد الرَّحمن بن عوف سبع سنين فشكت ذلك إلى رسول الله

_ حنيفة وأحمد (وروى) عن ابن عمر وابن الزبير وعطاء بن أبي رباح أنهم قالوا يجب عليها أن تغتسل لكل صلاة (وروى) هذا أيضا عن على وابن عباس (وروى) عن عائشة أنها قال تغتسل كل يوم غسلا واحدا، قال ودليل الجمهور أن الأصل عدم الوجوب فلا يجب إلا مارد الشرع بايحابه، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أمرها بالغسل إلا مرة واحدة عند انقطاع حيضها وهو قوله صلى الله عليه وسلم (إذا اقبلت الحيضة فدعى الصلاة وإذا أدبرت فاغتسلي) وليس في هذا ما يقتضي تكرار الغسل، وأما الأحاديث الواردة في سنن أبي داود والبيهقي وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها بالغسل فليس منها شيء ثابت، وقد بين البيهقي ومن قبله ضعفها، وإنما صح في هذا ما رواه البخاري ومسلم في صحيحها أن أم حبيبة بنت جحش رضي الله عنها استحيضت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنما ذلك عرق فاغتسلي ثم صلى فكانت تغتسل عند كل صلاة) قال الشافعي رحمه الله تعالى إن غسلها كان تطوعا غير ما أمرت به وذلك واسع لها، هذا كلام الشافي بلفظه، وكذا قال شيخه سفيان بن عيينة والليث بن سعد وغيرهما وعباراتهم متقاربة والله أعلم اهـ كلام النووي (وفي أحاديث الباب) أيضًا أن المستحاضة تتوضأ وجوبا لكل صلاة كما في رواية أبي معاوية عند البخاري (قال الحافظ) ولا تصلي بذلك الوضوء أكثر من فريضة واحدة مؤداة أو مقضية لظاهر قوله ثم توضئي لكل صلاة، قال وبهذا قال الجمهور، وعند الحنفية أن الوضوء متعلق بوقت الصلاة فلها أن تصلي به الفريضة الحاضرة وما شاءت من الفوائت ما لم يخرج وقت الحاضرة، وعلى قولهم المراد بقوله (وتوضئ لكل صلاة) أي لوقت كل صلاة ففيه مجاز الحذف ويحتاج إلى دليل (وعند) المالكية يستحب لها الوضوء لكل صلاة ولا يجب إلا بحدث آخر (وقال) أحمد واسحق أن اغتسلت لكل فرض فهو أحوط اهـ ما قاله الحافظ (ف) (40) عن عائشة {سنده} حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال ثنا الأوزاعي قال حدثني الزهري عن عروة عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (1) قال النوي نقلا عن الدارقطني قال إبراهيم الحربي الصحيح أنها أم حبيب للاهاء واسمها حبيبة، قال الدارقطني قول الحربي صحيح وكان من أعلم الناس بهذا الشأن، وقال ابن الأثير يقال لها أم حبيبة، وقيل أم حبيب قال والأول أكثر قال وأهل

صلى الله عليه وسلم فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّ هذه ليست بالحيضة، وإنما هو عرق، فإذا أقبلت الحيضة فدعي الصَّلاة، وإذا أدبرت فاغتسلي ثمَّ صلّي، قالت عائشة فكانت تغتسل لكلَّ صلاة ثمّ تصلّي، وكانت تقعد في مركن لأختها زينب بنت جحش حتَّى إنَّ حمرة الدَّم لتعلو الماء (وعنها من طريق آخر) أنّها قالت استفتت أم حبيبة بنت جحش رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إنّي أستحاض

_ السير يقولون المستحاضة أختها حمنة بنت جحش، قال ابن عبد البر الصحيح أنهما كانتا تستحاضان (1) بكسر الميم وفتح الكاف هو إناء كبير تغسل فيه النياب (وقوله) حتى أن حمرة الدم لتلعو الماء، قال النووي معناه أنها كانت تغتسل في المركن فتجلس فيه وتصب عليها الماء فيختلط الماء المتساقط عنها بالدم فيحمر الماء ثم أنه لابد أنها كانت تتنظف بعد ذلك عن تلك الغسالة المتغيرة اهـ (2) {سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق قال حدثني ليث قال حدثني ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة أنها قالت إستفتت الخ (تخريجه) (ق. فع. والأربعة) وفي الباب عن عروة عن فاطمة بنت أبي حبيش أنها كانت تستحاض فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم (إذا كان دم الحيضة فأنه أسود يعرف فإذا كان كذلك فأمسكي عن الصلاة فإذا كان الآخر فتوضئ وصلى فإنما هو عرق، رواه (د. نس. حب. ك) وصححاه ورواه البيهقي وقال قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) سمعت أبي يقول كان ابن أبي عدى حدثنا به عن عائشة ثم تركه اه، (قلت) وقد استنكر هذا الحديث أبو حاتم لأنه من رواية عدى بن ثابت عن أبيه عن جده، وجده لا يعرف وقد ضعف الحديث أبو داود (الأحكام) حديث الباب يدل على أن المستحاضة إذا كانت تميز بين دم الحيض ودم الاستحاضة وجب عليها العمل بالتمييز لقوله صلى الله عليه وسلم (وإذا أدبرت فاغتسلي ثم صلي) والأدبار معناه انقطاع دم الحيض المعروف بكونه أسود كما يؤخذ من حديث فاطمة بنت أبي حبيش الذ ذكر آنفا، "فان قيل" جاء في الباب السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم افتى فاطمة بنت أبي حبيش وأم حبيبة بنت جحش بالعمل بالعادة (قلت) يمكن أن يقال افتاهما بالأمرين فأيهما كان أظهر في الدلالة عملتا به (وقد وردت) أحاديث صحيحة بعضها بدل على العمل بالعادة وبعضها يدل على العمل بالتمييز بصفة الدم (قال الشوكاني) ويمكن الجمع بأن المراد بقول أقبلت حيضتك الحيضة التي تتميز بصفة الدم أو يكون المراد بقوله إذا أقبلت الحيضة في حق المعتادة، والتمييز في حق غيرها، وينبغي أن يعلم أن معرفة اقبال الحيضة قد يكون بمعرفة العادة

قال إنَّما ذلك عرق فاغتسلي ثمَّ صلَّي، فكانت تغتسل عند كلِّ صلاة، قال ابن شهاب لم يأمرها النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أن تغتسل عند كلّ صلاة، إنَّما فعلته هي (10) باب في المستحاضة التي جهلت عادتها ولم تميز، ماذا تفعل؟ (41) عن عمران بن طلحة عن أمِّه حمنة بنت جحش رضي الله عنها قالت كنت أستحاض حيضةً شديدةً كثيرةً فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش، قالت فقلت يا رسول الله إنّ لي إليك حاجةً: فقال وما هي؟ فقلت يا رسول الله إنّي أستحاض حيضةً كثيرةً شديدةً فا ترى فيها؟ قد منعتني الصَّلاة والصِّيام، قال أنعت لك الكرسف فإنه يذهب الدِّم، قال هو أكثر من ذلك، قال فتلجِّمي قالت إنَّما

_ وقد يكون بمعرفة دم الحيض، وقد يكون بمجموع الأمرين، اهـ (وفي حديث الباب أيضاً) أن المستحاضة لا يجب عليها الغسل بعد انقضاء الحيض الأ مرة واحدة وأن غسلها عند كل صلاة كان للوعا منها كما يؤخذ من كلام عائشة رضي الله عنها وابن شهاب، وقد تقدم الكلام على ذلك والخلاف فيه في الباب السابق (وفيه أيضًا) استحباب استفتاء المرأة ومشافهتها الرجال فيما يتعلق بالطهارة وأحداث النساء وجواز استماع صوتها عند الحاجة (وفيه) غير ذلك من الفوائد والله أعلم (41) عن عمران بن طلحة ٍ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك ابن عمرو قال ثنا زهير يعني ابن محمد الخراساني عن عبد الله بن محمد يعني ابن عقيل بن أبي طالب عن إبراهيم بن محمد بن طلحة عن عمه عمران بن طلحة الخ (غريبه) (1) بفتح الحاء وسكون الميم بنت جحش أخت زينب أم المؤمنين وامرأة طلحة بن عبيد الله رضي الله عنهم (2) بفتح العين المهملة أي أصف لك الكرسف بضم الكاف وسكون الراء وضم السين المهملة أي القطن فأنه يذهب الدم أي منع خروجه (3) أي شدي اللجام قال في الصحاح والقاموس اللجام ما تشد به الحائض، يعني تشد خرقة مكان الدم على هيئة اللجام كالاستثفار وتقدم معناه

أثجُّ ثجّا فقال لها سآمرك أمرين أيَّهما فعلت فقد أجزأ عنك من الآخر، فإن قويت عليهما فأنت أعلم: فقال لها إنَّما هذه ركضة من ركضات الشَّيطان، فتحيَّضي ستَّة أيّاَم إلى سبعة في علم الله ثمَّ اغتسلي حتَّى إذا رأيت أنَّك قد طهرت واستيقنت واستنقأت فصلّي أربعًا وعشرين ليلةً أو ثلاثًا وعشرين ليلةً وأيّامها وصومي، فإنّ ذلك يجزئك، وكذلك فافعلي في كلّ شهر كما تحيض النِّساء وكما يطهرن بميقات حيضهنَّ وطهرهنَّ، وإن قويت على أن تؤخّري الظُّهر وتعجّلي العصر فتغتسلين ثم تصلّين الظُّهر والعصر جميعًا ثمّ تؤخِّرين المغرب وتعجَّلين العشاء ثمَّ تغتسلين وتجمعين بين الصَّلاتين فافعلي، وتغتسلين مع الفجر وتصلِّين، وكذلك فافعلي وصلِّي وصومي إن قدرت على ذلك وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا أعجب الأمرين إليَّ

_ قبل هذا بباب (1) بضم المثلثة والثج شدة السيلان (2) بفتح التاء الفوقية والحاء المهملة والياء المشدة أي اجعلي نفسك حائضاً (3) قال الخطابي يشبه أن يكون ذلك عنه صلى الله عليه وسلم على غير وجه التخيير من الستة والسبعة لكن على معنى اعتبار حالها بحال من هي مثلها وفي مثل سنها من نساء أهل بيتها، فان كانت عادة مثلها أن تقعد ستا قعدت ستا وأن سبعا فسبعا؛ وفيه وجه أخر، وذلك أنه قد يحتمل أن تكون هذه المرأة قد ثبت لها فيما تقدم أيام ستة أو سبعة ألا أنها قد نستها فلا تدري أيتها كانت، فأمرها أن تتحرى وتجتهد وتبني أمرها على ما تيقنته من أحد العددين، ومن ذهب إلى هذا استدل بقوله (في علم الله) أي فيما علم الله من أمرك ستة أو سبعة اهـ (4) قال أبو البقاء كذا وقع في هذه الرواية بالألف والصواب استنقيت لأنه من نقي الشيء وانقيته إذا نظفته، ولا وجه فيه للألف ولا الهمزة اهـ (5) أي الجمع بين الصلاتين بغسل واحد، وفي بعش الروايات عند أبي داود، قالت حمنة وهذا أعجب الأمرين إلى، ولم يجعله من قول النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (فع. د. جه. قط. ك. مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح قال وسألت محمدا (يعني البخاري) عن هذا الحديث فقال حديث حسن وهكذا قال أحمد بن حنبل هو حديث حسن صحيح (قال الخطابي) قد ترك بعض العلماء

(11) باب حجة من قال تغتسل المستحاضة لكل صلاة إنَّ قررت (أو تجمع بين الصلاتين بغسل) (42) عن عائشة رضي الله عنها قالت إنّ سلمة (وفي رواية سهيلة) بنت سهيل بن عمرو استحيضت فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك، فأمرها

_ القول بهذا الحديث لأن ابن عقيل راويه ليس بذاك، وقال البيهقي تفرد به عبد الله بن محمد بن عقيل وهو مختلف في الاحتجاج به (وقال الحافظ الذهبي) في ترجمته بعد ذكر أقوال الجارحين والمعدلين حديثه في مرتبة الحسن (الأحكام) الحديث يدل على أن من جهلت عادتها ولم يمكنها التمييز بصفات الدم ترجع إلى الغالب من عادة النساء (قال الخطابي رحمه الله) في الكلام على هذا الحديث إنما هي امرأة مبتدأة لم يتقدم لها أيام ولا هي مميزة لدمها وقد استمر بها الدم حتى غلبها، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها إلى العرف الظاهر والأمر الغالب من أحوال النساء كما حمل أمرها في تحيضها كل شهر مرة واحدة على الغالب من عاداتهن، ويدل على ذلك قوله "كما تحيض النساء ويطهرن من ميقات حيضهن وطهرهن" قال وهذا أصل في قياس أمر النساء بعضهن على بعض في باب الحيض والحمل والبلوغ وما أشبه هذا من أمورهن اهـ (وقال أبو عيسى الترمذي رحمه الله) قال أحمد وإسحاق في المستحاضة إذا كانت تعرف حيصها بافبال الدم وإدباره، واقباله أن يكون أسود، وإدباره إن يتغير إلى الصفرة فالحكم فيها على حديث فاطمة بنت أبي حبيش، وأن كانت المستحاضة لها أيام معروفة قبل أن تستحاض فانها تدع الصلاة أيام اقرائها ثم تغتسل وتتوضأ لكل صلاة وتصلى، وإذا استمر بها الدم ولم يكن لها أيام معروفة ولم تعرف الحيض باقبال الدم وإدباره فالحكم لها على حديث حمنة بنت جحش اهـ (وقد استدل) بهذا الحديث أيضًا من قال ان سالمتحاضة تجمع بين الصلاتين بغسل واحد (وإليه) ذهب ابن عباس وعطاء والنخعي ووى ذلك عنهم ابن سيد الناس في شرح الترمذي (قال) ابن العربي والحديث في ذلك صحيح فينبغي أن يكون مستحبا اهـ (قال الشوكاني رحمه الله) وعلى فرض صحة الحديث فهذا جمع حسن لأنه صلى الله عليه وسلم علق الغسل بقوتها فيكون ذلك قرينة دالة على عدم الوجوب وكذا قوله في الحديث أيهما فعلت أجزأك اهـ والله عز وجل أعلم (42) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة "الحديث" (غريبه) (1) عند البيهقي وأبي داود سهلة بنت سهيل

بالغسل عند كلِّ صلاة فلمَّا جهدها ذلك أمرها أن تجمع بين الظُّهر والعصر بغسل، والمغرب والعشاء بغسل، والصُّبح بغسل (43) حدثنا عبد الله حدَّثني أبى ثنا محمَّد بن جعفر وحجَّاج قالا حدَّثنا شعبة عن عبد الرَّحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن امرأة مستحاضة سألت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل إنَّما هو عرق عاند وأمرت أن تؤخِّر الظُّهر وتعجّل العصر وتغتسل غسلًا واحدًا، وتؤخِّر المغرب وتعجِّل العشاء وتغتسل لهما غسلًا واحدًا، وتغتسل لصلاة الصُّبح غسلًا، قال ابن جعفر غسلًا واحدًا

_ وهو الصحيح الثابت في كتب الرجال (1) بفتحات أي شق عليها (تخريجه) (هق. د) قال المنذري في إسناده محمد بن إسحاق بن يسار وقد اختلف في الاحتجاج به (43) حدثنا عبد الله (غريبه) (2) قيل هي سهلة بنت سهيل كما تقدم آنفا (3) أي عنيد، والعنيد الجائر عن القصد الباغي، شبه به لكثرة ما يخرج منه على خلاف عادته، وقيل العائد الذي لا يرقأ (نه) (4) أي في روايته (تخريجه) الحديث رجاله كلهم رجال الصحيحين وأخرجه أيضاً (نس. د. هق) قال البيهقي ورواه معاذ بن معاذ عن شعبة وفيه قال (يعني شعبة) فقلت لعبد الرحمن، عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال لأ أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم بشيء (قلت) معنى ذلك أن شعبة قال لشيخه عبد الرحمن بن القاسم هل الأمر بتأخير الظهر وتعجيل العصر الخ ما في الحديث صادر عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال له عبد الرحمن لا أحدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم بشيء، أي ما أسندت الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم وما قلت أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرها، وإنما قال ذلك عبد الرحمن لأنه لم يسمع من شيخه ألا لفظ أمرت بالبناء للمفعول فلم يتسن له أن يسنده إلى النبي صلى الله عليه وسلم صريحاً ولذلك قال له ما قال، وكذلك رواه أبو داود بنحو رواية البيهقي، وفي بعض النسخ لا أحدثك بشيء إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم وهي ظاهرة في أن الحديث مرفوع والله أعلم (الأحكام) حديثا الباب يدلان على مشروعية غسل المستحاضة لكل صلاة مرة أو لكل صلاتين مرة والجمع بينهما، وبوجو به قال يعض الصحابة والأمامية (وذهب الجمهور) إلى عدم وجوبه، وحكى الترمذي عن أحمد وإسحاق أنهما قالا في المستحاضة أن اغتسلت لكل صلاة هو أحوط لها، وأن توضأت لكل صلاة أجزأها، وأن جمعت بين الصلاتين بغسل أجزأها أهو تقدم الكلام على ذلك مبسوطا في الباب السابع من كتاب الحيض فارجع إليه أن شئت والله أعلم

(12) باب في أن الاستحاضة لا تمنع شيئا من موانع الحيض (44) عن عائشة رضي الله عنها عن النُّبيّ صلى الله عليه وسلم قال تصلَّي المستحاضة وإن فطر الدَّم على الحصير (45) وعنها أيضًا قالت اعتكفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة من أزواجه مستحاضة فكانت ترى الصُّفرة والحمرة فربّما وضعنا الطّست تحتها وهي تصلِّي (46) وعنها أيضا أنّ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال في المرأة ترى ما يريبها بعد الطُّهر

_ (44) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا الأعمش عن حبيب عن عروة عن عائشة "الحديث" (غريبه) (1) أي أن غلبها بعد احتياطها لذلك بوضع نحو قطن في المحل وشده بخرقة كما تقدم في الباب السابع وفي هذه الحالة لا تجوز لها الصلاة في المسجد خوفًا من تلويثه بالنجاسة (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (45) وعنها أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان قال ثنا يزيد ابن زرايع قال ثنا خالد عن عكرمة عن عائشة قالت اعتكفت الخ (غريبه) (2) قيل هي زينب بنت جحش رضي الله عنها (3) أي الدم كما صرح بذلك في بعض الروايات وسيأتي تفسير الصفرة في شرح الحديث التالي (تخريجه) (خ. د. هق) (46) وعنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الملك بن عمرو قال ثنا على يعني ابن مبارك عن يحيى بن أبى سلمة أن أم بكر أخبرته عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في المرأة الخ (تخريجه) (د. جه) وفي الباب عن أم عطية رضي الله عنها قالت كنا لا نعد الصفرة الكدرة بعد الطهر شيئًا، رواه أبو داود والبخاري ولم يذكر بعد الطهر (قال النووري) رحمه الله في شرح المهذب قال الشيخ أبو حامد في تعليقه هما ماء أصفر وماء كدر وليسا بدم، وقال امام الحرمين هما شيء كالصديد يعلوه صفرة وكدرة ليسا على لون شيء من الدماء القوية ولا الضعيفة اه (وفي الباب ايضًا) عن عكرمة عن ... بنت جحش انها كانت تستحاض وكان زوجها يجامعها، رواه أبو داود والبيهقي وقال النووي اسناده حسن (الأحكام) أحاديث الباب تدل على ان الاستحاضة لا تمنع الصلاة ولا الاعتكاف ولا الوطء وان الصفرة او الكدرة بعد الطهر لا تعد حيضا "قال الخطابي رحمه الله" اختلف الناس في الصفرة والكدرة

قال إنّما هو عرق أو قال عروق (13) باب في مدة النفاس وأحكامه (47) عن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت كان الُّنفساء على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تقعد بعد نفاسها أربعين يومًا أو أربعين ليلةً شكَّ أبو خيثمة وكنَّا نطلي على وجوهنا الورس من الكلف

_ بعد الطهر والنقاء، فروى عن علي انه قال ليس ذلك بحيض ولا تترك لها الصلاة ولتتوضأ ولتصل، وهو قول سفيان الثوري والا وزاعي، وقال سعيد بن المسيب اذا رأت ذلك اغتسلت وصلت وبه قال أحمد بن حنبل (وعن ابي حنيفة) اذا رأت بعد الحيض وبعد انقطاع الدم الصفرة أو الكدرة يومًا أو يومين ما لميجاوز العشرة فهو من حيضها ولا تطهر حتى ترى البياض خالصًا، (واختلف) قول اصحاب الشافعي في هذا فالمشهور من مذهب اصحابه أنها اذا رأت الصفرة أو الكدرة بعد انقطاع دم العادة ما لم يجاوز خمسة عشر يومًا فانها حيض، وقال بعضهم إذا رأتها في ايام العادة كان حيضًا ولا يعتبرها فيما جاوزها، فاما البكر اذا رأت أول ما رأت الدم صفرة أو كدرة فانهما لا تعدان في قول أكثر الفقهاء حيضًا وهو قال عائشة وعطاه، وقال بعض أصحاب الشافعي حكم المبتدأة بالصفرة والكدرة حكم الحيض اه (وأما) جواز وطء المستحاضة فقد ذهب اليه الجمهور وحكاه ابن المنذر عن ابن عباس وابن المسيب والحسن البصري وعطاء وسعيد بن جبير وقتادة وحماد بن أبي سليمان وبكر بن عبد الله المزني والأوزاعي والثوري ومال واسحاق والشافعي وأبى ثور (وقال) النجعي والحكم إنه لا يأتيها زوجها (وكرهه) ابن سيرين وروى عن الامام أحمد المنع أيضًا والله اعلم. (47) عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر قال ثنا أبو خيثمة يعني زهير ابن معاوية عن على بن عبد الاعلى عن أبى سهل من أهل البصرة عن مسه عن أم سلمة "الحديث" (غريبه) (1) أي نلطخ وجوهنا (والورس) نبات كالسمسم ليس الا باليمين يزرع فيبقى عشرين سنة، نافع للكاف طلاء، واللبهق شربًا اه قاموس "والكلف" بفتح الكاف واللام لون بين السواد والحمرة وهي حمرة كذرة تعلو أوجه وشيء يعلو الوجه كالسمسم كذا في الصحاح للجوهري (2) زاد أبو داود "لا يأمرها النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء صلاة النفاس" (تنبيه) حكم النفساء كحكم الحائض في جميع ما يحل ويحرم ويكره ويندب (تخريجه) (قط. هق. ك. والأربعة إلا النسائي) وأورده الحافظ في بلوغ المرام وقال صححه الحاكم وأقر تصحيحه ولم ينكر عليه وتكلم بعضهم في مسة الراوية عن أم سلمة

كتاب التيمم

3 - كتاب التيمم (1) باب في سبب مشروعية التيمم وصفته (1) عن عمَّار بن ياسر رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرَّس بأولات الجيش ومعه عائشة زوجه رضي الله عنها فانقطع عقد لها من

_ لكن قال الحافظ في التقريب إنها مقبولة (وقال الخطابي) حديث مسة اثنى عليه محمد بن اسماعيل (يعني البخاري) وقال مسة هذه ازدية واسم أبى سهل كثير بن زياد وهو ثقة وعلى ابن عبد الأعلى ثقة (الأحكام) (قال الخطابي رحمه الله) النفاس في قول أكثر الفقهاء أربعون يومًا، وقد روى ذلك عن عمر بن الخطاب وابن عباس وانس بن مالك رضي الله عنهم، وهو قول سفيان الثوري وأصحاب الرأي واحمد بن حنبل وإحق بن راهويه، قال أبو عبيد وعى هذا جماعة الناس، وروى عن الشعبي وعطاء انهما جعلا النفاس أقصاه شهرين وإليه ذهب الشافعي وقال بن مالك في الأول ثم رجع عنه وقال تسئل النساء عن ذلك ولم يحدد فيه حدًا، (وعن الأوزاعي) تقعد امراة من نسائها من غير تحديد (فأما أقل النفاس) فساعة عند الشافعي وكذلك قال مالك والأوزاعي والي هذا مال محمد بن الحسن (واما أبو حنيفة) فانه قال أق النفاس خمسة وعشرون يومًا، وقال أبو يوسف أدنى ما تقعد له النفساء أحد عشر يومًا فان رات الطهر قبل ذلك فيكون أدناه زائدًا على أكثر الحيض بيوم (وعن الأوزاعي) في امرأة ولدت ولم تر دما قال تغتسل وتصلي من وقتها اه (كتاب التيمم) (1) قال الأزهري التيمم في كلام العرب القصد يقال تيممت فلانًا وتأممته ويممته وأممته أي قصدته، وفي الشرع القصد الى الصعيد لمسح الوجه واليدين بنية استباحة الصلاة ونحوها قاله الحافظ (ف) واعلم ان التيمم ثابت بالكتاب والسنة والاجماع قال الله عز وجل (وان كنتم مرضى أو على سفر أو جاء أحد منكم في الغائط أو لامستم النساء فلم تجدوا ماء فتيمموا صعيدًا طبيًا، فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) وهو من خصوصيات هذه الأمة واختلف هل التيمم عزيمة أو رخصة، فصل بعضهم فقال هو لعدم الماء عزيمة وللعذر رخصه (1) عن عماد بن ياسر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثناء يعقوب ثنا أبى عن صالح قال قال ابن شهاب حدثنى عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عماد بن ياسر الخ (غريبه) (1) التعريس بزول المسافر آخر الليل نزله للنوم والاستراحه، يقال منه عرس بفتح الراء مشددة بعرس تعريسًا ويقال فيه العرس، والمعرس بضم الميم وفتح العين

جزع ظفار فحبس النَّاس ابتغاء عقدها وذلك حين أضاء الفجر وليس مع النَّاس ماء، فأنزل الله على رسوله صلى الله عليه وسلم رخصة التَّطهر بالصَّعيد الطَّيَّب، فقام المسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربوا بأيديهم الأرض ثمَّ رفعوا أيديهم ولم يقبضوا من التّرُاب شيئًا فمسحوا بها وجوههم وأيديهم إلى المناكب ومن بطون أيديهم إلى الآباط، ولا يعتبر بهذا النّاس وبلغنا أنَّ أبا بكرٍ قال لعائشة رضي الله عنها والله ما علمت أنَّك لمباركة (2) حدثنا عبد الله حدَّثني أبى ثنا عفَّان ثنا عبد الواحد ثنا سليمان الأعمش ثنا شقيق قال كنت قاعدًا مع عبد الله (يعني ابن مسعود) وأبي موسى الأشعريِّ فقال أبو موسى لعبد الله لو أنَّ رجلًا لم يجد الماء لم يصلِّ؟ فقال عبد الله لا، فقال أبو موسى أما تذكر إذ قال عمَّار لعمر ألا تذكر إذ بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم وإيّاَك في إبل فأصابتني جنابة فتمرَّغت في التُّراب فلما رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرته، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إنَّما كان يكفيك أن تقول

_ والراء المشددة موضع التعريس "وقوله بأولات الجيس" عند البخاري بذات الجيش وهو اسم موضع على بريد من المدينة من طريق مكة، وكان ذلك في غزوة بنى المصطلق ويقال لها غزوة المريسيع أيضًا وكانت في السنة الخامسة من الهجرة (1) الجزع بفتح الجيم وكسرها وسكون الزاي خرزفي في سواده بياض (وظفار) بوزن قطام مدينة باليمين ينسب إليها الجزع (2) أي طلبه والبحث عنه (3) جمع منكب كمجلس ومجالس مجمع عظم العضد والكتف (4) أي ما أخذ به أحد والقائل "ولا يعتبر بهذا الناس" هو ابن شهاب أحد الرواة كما صرح بذلك أبو داود في بعض رواياته (5) أي لأنها كانت سببًا في نزول رخصة التيمم (تخريجه) (د. نس. فع. جه. هق) وحكى الحافظ عن الامام الشافعي نسخة بأحاديث الاقتصار على الوجه والكفين، وذكرها الحازمى في كتابه الاعتبار وحسنه وقال في موضع آخر قال الشافعي رضى اله عنه ولا يجوز على عمار إذا كان ذكر تيممهم مع النبي صلى الله عليه وسلم عند نزول الآية الى المناكب ان كان ذلك عن امر النبي صلى الله عليه وسلم إلا أنه منسوخ عنده اذ روى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بالتيمم على الوجه والكفين اه (قلت) وسيأتى هذا الحديث في آخر الباب من رواية عمار أيضًا وهو في الصحيحين. (2) حدثنا عبد الله (غريبه) (6) أي تفعل فمعنى القول هنا الفعل وتقدم الكلام

هكذا وضرب بكفَّيه إلى الأرض ثمَّ مسح كفَّيه جميعًا ومسح وجهه مسحةً واحدةً بضربةٍ واحدةٍ، فقال عبد الله لا جرم ما رأيت عمر قنع بذلك قال فقال أبو موسى فكيف بهذه الآية في سورة النّساء " فلم تجدوا ماء فتيمِّموا صعيدًا طيبًا" قال فما درى عبد الله ما يقول، وقال لو رخَّصنا لهم في التَّيمم لأوشك أحدهم إن برد الماء على جلده أن يتيمَّم، قال عفّّان وأنكره يحيى يعني ابن سعيد فسألت حفص ابن غياثٍ فقال كان الأعمش يحدّثنا به عن سلمة بن كهيل وذكر أبا وائل (ومن طريق ثان) حدثنا عبد الله حدَّثني أبو معاوية ثنا الأعمش عن شقيق قال كنت جالسًا مع أبي موسى وعبد الله: فقال أبو موسى يا أبا عبد الرّحمن أرأيت لو أنَّ رجلًا لم يجد الماء وقد أجنب شهرًا أما كان يتيمّم؟ قال لا،

_ على ذلك غير مرة (قال النووي) رحمه الله فيه دلالة لمذهب من يقول يكفى ضربة واحدة للوجه والكفين جميعًا، وللآخرين أن يجيبوا عنه بأن المراد هنا صورة الضرب للتعليم وليس المراد بيان جميع ما يحصل به التيمم وقد أوجب الله تعالى غسل اليدين إلى المرفقين فى الوضوء، ثم قال الله تعالى فى التيمم (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم) والظاهر أن اليد المطلقة هنا هى المقيدة فى الوضوء فى أول الآية فلا يترك هذا الظاهر إلا بصريح والله أعلم اهـ/1) قال فى النهاية هذه كلمة ترد بمعنى تحقيق الشئ وقد اختلف فى تقديرها فقيل أصلها التبرئة بمعنى لا بد ثم استعملت فى معنى حقًّا، وقيل جرم بمعنى كسب، وقيل بمعنى وجب وحقَّ، و (لا) رد لما قبلها من الكلام ثم يبتدأ بها، كقوله تعالى (لا جرم أن لهم النار) أي ليس الأمر كما قالوا، ثم ابتدأ فقال وحب لهم (2) ستأتى محاورة عمر وعمار في حديث عبد الرحمن بن أبزى (3) معنى أوشك قرب وأسرع وقد زعم بعض أهل اللغة أنه لا يقال أوشك وإنما يستعمل مضارعًا فيقال يوشك كذا، وليس كما زعم هذا القائل بل يقال أوشك أيضًا ومما يدل عليه هذا الحديث مع أحاديث كثيرة فى الصحيح مثله (وقوله برد) هو بفتح الباء والراء وقال الجوهري برد بضم الراء والمشهور الفتح والله أعلم قاله النووى فى شرح مسلم (4) يعنى والله أعلم أن يحيى بن سعيد أنكر رواية الأعمش عن شقيق وهى ثابتة في الصحيحين فى هذا الحديث نفسه (5) ستأتي رواية

ولو لم يجد الماء شهرًا (فذكر نحو الحديث المتقدّم وفيه) قال له أبو موسى ألم تسمع لقول عمَّار، بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة فاجتنبت فلم أجد الماء فتمرَّغت في الصَّعيد كما تمرَّغ الدّابة، ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال إنّما كان يكفيك أن تقول وضرب بيده على الأرض، ثمّ مسح كل واحدة بصاحبتها ثمَّ مسح بهما وجهه (وفيه) قال أبو عبد الرّحمن قال أبي وقال أبو معاوية مرّةً، قال فضرب بيده على الأرض ثم ضرب بشمال على يمينه ويمينه على شماله على الكفين ثمَّ مسح وجهه (ومن طريق ثالث) حدثنا عبد الله حدَّثني أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان عن أبى وائل قال قال أبو موسى لعبد الله بن مسعود إن لم نجد الماء لا نصلَّي، قال فقال عبد الله نعم، إن لم نجد الماء شهرًا لم نصل، ولو رخَّصت لهم في هذا كان إذا وجد أحدهم البرد قال هكذا يعني تيمم وصلّى، قال فقلت له فأين قول عمَّار لعمر قال إني لم أر عمر قنع بقول عمَّار (3) عن عبد الرحمن بن أبرى قال كنَّا عند عمر فأتاه رجل فقال يا أمير المؤمنين إنّا نمكث الشَّهر والشَّهرين لا نجد الماء: فقال عمر أمَّا أنا لم أكن لأصلِّي حتَّى أجد الماء، فقال عمَّار يا أمير المؤمنين تذكر حيث كنَّا بمكان كذا وكذا ونحن نرعى الإبل فتعلم أننا أجنبنا؟ قال نعم، قال فإني

_ الأعمش عن أبى وائل فى الطريق الثالث من هذا الحديث (1) يعنى عبد الله بن الامام أحمد رحمهما الله تعالى (تخرجه) (ق. وغيرهما) (3) عن عبد الرحمن بن أبزى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا سفيان عن سلمة يعنى ابن كهيل عن أبى ثابت وعبد الله بن عبد الرحمن بن

تمرَّغت في التّراب فأتيت النّبيّ صلى الله عليه وسلم فحدَّثته فضحك وقال كان الصَّعيد الطَّيِّب كافيك وضرب بكفَّيه الأرض ثمَّ نفخ فيهما ثمَّ مسح بهما وجهه وبعض ذراعيه، قال اتَّق الله يا عمَّار قال يا أمير المؤمنين إن شئت لم أذكر ما عشت أو حييت، قال كلّا والله، ولكن نولِّيك من ذلك ما تولَّيت (4) عن عمَّار بن ياسر رضي الله عنهما أنَّه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن التَّيمُّم، فقال ضربة للكفَّين والوجه (وفي لفظ) إنّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم كان يقول في التَّيمُّم ضربة للوجه والكفَّين (5) عن عمير مولى ابن عبَّاس قال أقبلت أنا وعبد الله بن يسار مولى ميمونة زوج النّبيّ صلى الله عليه وسلم حتَّى دخلنا على أبي جهيم بن الحارث بن الصِّمة الأنصاريِّ رضي الله عنه، قال أبو جهيم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر

_ أبزى عن عبد الرحمن بن أبزى الخ (غريبه) (1) الأكثرون على أنه الطاهر وقيل الحلال والله أعلم (2) معناه قال عمر لعمار اتق الله تعالى فيما ترويه وتثبت فلعلك نسيت أو اشتبه عليك الأمر، وأما قول عمار ان شئت لم أذكره فمعناه والله أعلم أن رأيت المصلحة في امساكى عن التحديث به راجحة على مصلحة تحديثى به أمسكت، فإن طاعتك واجبة على في غير المعصية، واصل تبليغ هذه السنة واداء العلم قد حصل، فاذا أمسك بعد هذا لا يكون داخلا فيمن كتم العلم، ويحتمل أنه أراد إن شئت لم أحدث به تحديثا شائعًا بحيث يشهر فى الناس بل لا أحدث به الا نادرًا والله أعلم (3) أي لا نمنعك عن تبليغ ما سمعت (تخريجه) (ق. وغيرهما) (4) عن عمار بن ياسر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي عفان ويونس قالا ثنا أبان ثنا قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن عمار بن ياسر انه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (مذ) وصححه (5) عن عمير (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا عبد الرحمن الأعرج قال سمعت عميرًا مولى ابن عباس قال أقبلت أنا وعبد الله الخ

جمل فلقيه رجل فسلِّم عليه فلم يردَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتّى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه ثمَّ ردَّ عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (غريبه) (1) بجيم وميم مفتوحتين، وفى رواية النسائى بئر الجمل الألف واللام وهو موضع بقرب المدينة (2) فى رواية للدارقطني من طريق ابن اسحاق عن الأعرج "حتى وضع يده على الجدار" وزاد الامام الشافعى رحمه الله "فتحه بعصّا" وهو محمول على أن الجدار كان مباحًا أو مملوكًا لانسان يعرف رضاه (وقوله فمسح بوجهه ويديه) قال النووى فى شرح مسلم هذا الحديث محمول على أنه صلى الله عليه وسلم كان عادما للماء حال التيمم مع وجود الماء لا يجوز للقادر على استعماله، ولا فرق بين أن يضيق وقت الصلاة وبين أن يتسع، ولا فرق أيضًا بين صلاة الجنازة والعيد وغيرهما، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وقال أبو حنيفه رضى الله عنه يجوز أن يتيمم مع وجود الماء لصلاة الجنازة والعيد اذا خاف فوتهما، وحكى البغوى من أصحابنا عن بعض أصحابنا انه اذا خاف فوت الفريضة لضيق الوقت صلاها بالتيمم ثم توضأ وقضاها، والمعروف الأول والله أعلم اه ـ (تخريجه) (ق. د. نس. هق. قط. فع. وغيرهم) قال الحافظ فى الفتح إن الأحاديث الواردة فى صفة التيمم لم يصح منها سوى حديث ابى جهيم وعمار، وما عداهما فضعيف أو مختلف فى رفعه ووقفه والراجح عدم رفعه، فأما حديث ابى جهيم فورد بذكر اليدين مجملا؛ وأما حديث عمار فورد بذكر الكفين في الصحيحين وبذكر المرفقين فى السنن؛ وفى رواية إلى نصف الذراع، وفى رواية الى الآبآط، فأما رواية المرفقين وكذا نصف الذراع ففيهما مقال، وأما رواية الآباط فقال الشافعى وغيره اذا كان ذلك وقع بأمر النبى صلى الله عليه وسلم فكل تيمم صح للنبى صلى الله عليه وسلم بعده فهو ناسخ له، وإن كان وقع بغير أمره فالحجة فيما أمر به، ومما يقوى رواية الصحيحين في الاقتصار على الوجه والكفين كون عمار يفتى بعد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وراوي الحديث أعرف بالمراد به من غيره ولاسيما الصحابى المجتهد اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الواجب ضربة واحدة للوجه والكفين وهو مذهب عطاء ومكحول والأوزاعى والامام أحمد وإسحاق وابن المنذر وعامة أصحاب الحديث، قال النووى فى شرح مسلم مذهبنا ومذهب الأكثرين أنه لابد من ضربتين، ضربة للوجه وضربة لليدين إلى المرفقين، وممن قال بهذا من العلماء على بن أبى طالب وعبد الله بن عمر والحسن البصرى والشعبى وسالم بن عبد الله ابن عمر وسفيان والثورى ومالك وأبو حنيفة وأصحاب الرأي وآخرون اهـ وذهب الجمهور إلى أن المسح فى التيمم يكون إلى المرفقين، وذهب الزهرى إلى أنه يجب المسح الى الابطين محتجًا بما ورد فى رواية من حديث عمار بلفظ (إلى الآباط) وقد نسخ ذلك كما قال الإمام الشافعي

(2) باب اشتراط دخول الوقت للتيمم وما يتيمم به (6) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت خمسًا لم يعطهنّ أحد من قبلي، بعثت إلى الأحمر والأسود وكان النّبيّ إنَّما يبعث إلى قومه خاصَّةً وبعثت إلى النَّاس عامةً، وأحلِّت لي الغنائم ولم تحلَّ لأحد قبلي، ونصرت بالرُّعب من مسيرة شهر وجعلت لي الأرض طهورًا ومسجدًا، فأيُّما رجل أدركته الصّلاة فليصلّ حيث أدركته (7) عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جعلت الأرض لي كلّها ولأمَّتي مسجدًا وطهورًا، فأينما أدركت رجلًا من أمَّتي الصَّلاة

_ رحمه الله وقال سليمان الخطابى رحمه الله لم يختلف أحد من العلماء فى أنه لا يلزم مسح ما وراء المرفقين اهـ (قلت) وفى حديث أبى جهيم دليل على جواز التيمم للنوافل والفضائل كسجود التلاوة والشكر ومس المصحف ونحوها كما يجوز للفرائض، قال النووى وهذا مذهب العلماء كافة الا وجهًا شاذًا منكرًا لبعض أصحابنا أنه لا يجوز التيمم الا للفريضة وليس هذا بشئ اهـ (م) (6) عن جابر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى هشيم أنا سيار عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله "الحديث" (غريبه) (1) العدد لا مفهوم له فقد اختص صل الله عليه وسلم بأكثر من ذلك كما فى أحاديث الباب وما سيأتى إن شاء الله تعالى وفى باب خصوصيًا به صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية (2) أى الى جميع أجناس البشر (3) يعنى التصرف فيها كيف شئت وقسمتها كيف أردت بخلاف الأمم السابقة فانهم كانوا على ضربين، منهم من لم يؤذن له فى الجهاد فلم يكن له مغانم، ومنهم من أذن له فيه لكن كانوا إذا غنموا شيئًا لم يحل لهم أكله وجاءت نار فأحرقته الا الذرية (4) أى ينصرنى الله بالقاء الخوف فى قلوب أعدائى من مسيرة شهر بينى وبينهم من سائر نواحى المدينة وجميع جهاتها (5) بفتح الطاء المهملة أى مطهرة (ومسجدًا) أى محل سجود فلا يختص السجود منها بموضع دون غيره بخلاف الأمم السابقة فانما أبيحت لهم الصلاة فى الكنائس فقط كما سيأتى فى حديث عمرو بن شعيب (تخريجه) (ق. نس) (7) عن أبى امامة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن أبى عدي عن

فعنده مسجده وعنده طهوره (8) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتيت جوامع الكلم وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا (9) عن عليّ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء، فقلنا يا رسول الله ما هو؟ قال نصرت بالرُّعب، وأعطيت مفاتيح الأرض وسمِّيت أحمد وجعل التُّراب لي طهورًا، وجعلت أمِّتي خير الأمم (10) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جعلت لي الأرض مساجد وطهورًا، أينما أدركتني الصَّلاة تمسَّحت

_ سليمان يعني التيمي عن سيار عن أبى امامة الخ (تخريجه) لم أقف عليه ورجاله كلهم ثقاب إلا سيارًا الأموى وهو صدوق والحديث له بقية تأتى ان شاء الله تعالى فى باب فضائل النبى صلى الله عليه وسلم فى آخر القسم الثانى من كتاب السيرة النبوية (8) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبدة ثنا محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ (غريبه) (1) أى الكلمة البليغة الوجيزة الجامعة للمعانى الكثيرة قال القرطبى وقد جاء هذا اللفظ ويراد به القرآن فى غير هذا الحديث اهـ (تخرجه) (م. مذ) (9) عن على (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا زهير عن عبد الله يعنى ابن محمد بن عقيل عن محمد بن على أنه سمع علي بن أبي طالب رضى الله عنه يقول قال رسول الله صلي الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) جمع مفتاح وهو اسم لكل ما يتوصل به الى استخراج المغلقات استعاره صلى الله عليه وسلم لو عد الله اياه بفتح البلاد (وقوله) وسميت أحمد أى نعته بذلك فى الكتب السابقة (تخريجه) (هق) وحسنه الهيثمى فى مجمع الزوائد وصحته الحافظ السيوطى (10) عن عمرو بن شعيب الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة ابن سعيد ثنا بكر بن مضر عن ابن الهاد عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (3) أي تيممت

وصلّيَت وكان من قبلي يعظِّمون ذلك، إنّما كانوا يصلُّون في كنائسهم وبيعهم (11) عن ابن عبّاس رضي الله عنهما أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخرج فيهريق الماء فيتمسَّح فأقول إنَّ الماء منك قريب فيقول، وما يدريني لعلِّي لا أبلغه (3) باب في وجوب التيمم على النفساء والحائض والجنب (إذا فقد الماء وإن مكثوا أشهرًا) (12) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال جاء أعرابي إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال

_ (تخريجه) (هق) وأصله في الصحيحين (11) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن اسحاق أنا عبد الله أنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن حنش عن ابن عباس"الحديث" (غريبه) (1) أي يتيمم (تخرجه) (طب) واسحاق بن راهويه فى مسنده وفى اسناده ابن بهيعة وهو ضعيف (الأحكام) أحاديث الباب تدل على اشتراط دخول الوقت للتيمم لتقييد الأمر بالتيمم بادراك الصلاة وادراكها لا يكون إلا بعد دخول الوقت قطعًا، وقد ذهب الى ذلك الاشتراط الأئمة مالك والشافعى وأحمد وداود واستدلوا بقوله تعالى (إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا) ولا قيام قبله، والوضوء خصه الاجماع والسنة، (قال الشوكانى رحمه الله) وذهب أبو حنيفة وأصحابه الى أنه يجزئ قبل الوقت كالوضوء، قال وهذا هو الظاهر، ولم يرد ما يدل على عدم الأجزاء والمراد بقوله (إذا قمتم) أى إذا أردتم القيام وارادة القيام تكون في الوقت وتكون قبله فلم يدل دليل على اشتراط الوقت حتى يقال خصص الوضوء الاجماع اهـ (قلت) وفى أحاديث الباب أيضًا دلالة على أن التيمم جائز بجميع أجزاء الأرض لعموم لفظ الأرض لجميعها في أحاديث الباب وقد أكده فى حديث أبى إمامة بقوله كلها ولقول الله عز وجل (فتيمموا صعيدًا طيبًا) قال صاحب القاموس والصعيد التراب أو وجه الأرض، وفى المصباح الصعيد وجه الأرض ترابًا كان أو غيره، وقال الزجاج لا أعلم اختلافًا بين أهل اللغة في ذلك؛ وإلى ذلك ذهب الأئمة مالك وعطاء والأوزاعى والثورى إلى أنه يجزئ بالأرض وما عليها، وذهب إلى تخصيص التيمم بالتراب العترة والامامان الشافعى وأحمد مستدلين بقوله صلى الله عليه وسلم فى حديث على (وجعل التراب لى طهورًا) وبما عند مسلم من حديث حذيفة (وجعلت تربتها لنا طهورًا) وقال الأزهرى مذهب أكثر العلماء أن الصعيد في قوله تعالى (صعيدًا طيبًا) هو التراب وفى كتاب فقه اللغة للثعالبى الصعيد تراب وجه الأرض ولم يذكر غيره اهـ والله أعلم (12) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا

يا رسول الله إنِّي أكون فى الرَّمل أربعة أشهر أو خمسة أشهر فيكون فينا النُّفساء والحائض والجنب فما ترى؟ قال عليك بالتُّراب (13) عن ناجية العنزيِّ قال تذارأ عمَّار (بن ياسرٍ) وعبد الله بن مسعود رضى الله عنهما فى التَّيمم، فقال عبد الله لو مكثت شهرًا لا أجد فيه الماء لما صلَّيت، فقال له عمَّار أما تذكر إذ كنت أنا وأنت فى الإبل فأجنبت فتمعَّكت تمعك الدَّابَّة فلمَّا رجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بالَّذى صنعت فقال إنَّما كان يكفيك التَّيمم (14) عن طارق بن شهاب رضى الله عنه قال أجنب رجلان فتيمَّم أحدهما فصلَّى ولم يصلِّ الآخر، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعب عليهما

_ المثنى بن الصباح أخبرنى عمرو بن شعيب عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة الخ (غريبه) (1) أى الصحراء لأنه لا ماء فيها (تخرجه) (عل. طب) وفي إسناده المثنى بن الصباح، قال فى النقريب ضعيف اختلط بآخره وكان عابدًا من كبار السابعة مات سنة تسع وأربعين (يعنى ومائة) (قلت) قال الهيثمى وروى عياش عن ابن معين توثيقه وروى معاوية بن صالح عن ابن معين ضعيف يكتب حديثه ولا يترك (13) عن ناجية العنزى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو بكر بن عياش ثنا أبو اسحاق عن ناجية العنزى الخ (غريبه) (2) الدرء الدفع وبابه قطع يقال أيدرأ درأ إذا دفع، يعنى أن عمارًا وعبد الله بن مسعود رضى الله عنهما اختلفا في حكم التيمم وصار كل واحد منهما بدفع حجة صاحبه، ومنه الحديث (إذا تدارأتم فى الطريق) أى تدافعتم واختلفتم (تخرجه) لم أقف عليه بهذا السياق، وفيه أن عبد الله بن مسعود كان مع عمار حينما تمرغ فى التراب وهو معنى قوله فتمعكت تمعك الدابة؛ وفى الباب السابق أن الذى كان معه عمر بن الخطاب ولا مانع من وجود الاثنين معه حينذاك والله أعلم (14) عن طارق بن شهاب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن مخارق عن طارق بن شهاب الخ (تخرجه) (نس) ورجال الإمام أحمد من رجال للصحيحين (الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب التيمم للصلاة عند عدم

(14) باب في تمم الجنب للجرح أو لخوف البرد مع وجود الماء (15) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّ رجلًا أصابه جرح في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فامر بالاغتسال فمات فبلغ ذلك النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال قتلوه قتلهم الله ألم يكن شفاء العيىِّ السؤال (16) عن عمرو بن العاص رضى الله عنه أنَّه قال لمَّا بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ذات السَّلاسل قال احتلمت في ليلة باردةٍ شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيمَّمت ثمَّ صلَّيت بأصحابى صلاة الصُّبح، قال فلمَّا

_ الماء من غير فرق بين الجنب وغيره وأن مكث أشهرًا، قال الشوكانى، وقد أجمع على ذلك العلماء ولم يخالف فيه أحد من الخلف ولا من السلف إلا ما جاء عن عمر بن الخطاب وعبد الله ابن مسعود وحكى مثله عن ابراهيم النخعى من عدم جوازه للجنب، وقيل إن عمر وعبد الله رجعا عن ذلك، وقد جاءت بجواره للجنب الأحاديث الصحيحة، وإذا صلى الجنب بالتيمم ثم وجد الماء وجب عليه الاغتسال باجماع العلماء إلا ما يحكى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن الامام التابعى أنه قال لا يلزمه، وهو مذهب متروك باجماع من بعده ومن قبله وبالأحاديث الصحيحة المشهورة فى أمره صلى الله عليه وسلم للجنب بغسل بدنه إذا وجد الماء اهـ (15) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة ثنا الأوزاعي قال بلغني أن عطاء بن أبي رباح قال سمع ابن عباس يخبرأن رجلا أصابه جرح الخ (غريبه) (1) بكسر العين المهملة هو الجهل وعدم الضبط والبيان، والمعنى لم لم يسألوا حين لم يعلموا الأن شفاء الجهل سؤال أهل العلم عن الأحكام قال الله تعالى "فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون" (تخرجه) (جه) و (د) من حديث جابر بن عبد الله بأطول من هذا، قال في التنقيح ورواه أيضًا الدارقطنى والبيهقى وضعفاه، لكن قد تعاضدت طرق حديث الباب فصلح للاحتجاج به ولذا صححه ابن السكن اهـ (16) عن عمرو بن العاص (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا يزيد بن أبى حبيب عن عمران بن أبى أنس عن عبد الرحمن بن جبير عن عمرو بن العاص "الحديث" (غريبه) (2) اسم موضع وراء وادي القرى

قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له فقال يا عمرو صلَّيت بأصحابك وأنت جنب؟ قال قلت نعم يا رسول الله، إنِّي احتلمت فى ليلةٍ باردةٍ شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك وذكرت قول الله عزَّ وجلَّ {ولا تقتلوا أنفسكم إنَّ الله كان بكم رحيمًا} فتيمَّمت ثمَّ صلَّيت. فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئًا (5) باب الرخصة فى الجماع والتيمم لعادم الماء وبطلان التيمم بوجوده (17) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا إسماعيل ثنا أيُّوب عن أبى قلابة عن رجل من بنى عامر (وفى روايةٍ من بنى قشير) قال كنت كافرًا فهداني الله للإسلام وكنت أعزب عن الماء ومعى أهلي فتصيبني الجنابة

_ وكانت هذه الغزوة فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة (تخرجه) (د. قط) وأخرجه البخاري تعليقًا وابن حبان والحاكم وفى اسناده ابن لهيعة وله شاهد من حديث ابن عباس ومن حديث أبى أمامة عند الطبراني (الأحكام) حديث عمرو رضى الله عنه فيه دلالة على جواز التيمم لخوف البرد وسقوط الفرض به وصحة اقتداء المتوضئ بالمتيمم، وبه استدل الثوري ومالك وأبو حنيفة وابن المنذر على أن من تيمم لشدة البرد وصلى لا تجب عليه الإعادة لأن النبى صلى الله عليه سلم لم يأمر عمرًا بالإعادة، ولو كانت واجبة لأمره بها، ولأنه أتى بما أمر به وقدر عليه فأشبه سائر من يصلى بالتيمم، قال ابن رسلان لا يتيمم لشدة البرد من أمكنه أن يسخن الماء أو يستعمله على وجه يأمن به الضرر، مثل أن يغسل عضوًا ويستره وكلما غسل عضوًا ستره ودفاه من البرد لزمه ذلك، وإن لم يقدر تيمم وصلى فى قول أكثر العلماء اهـ (وحديث ابن عباس) يدل على جواز العدول إلى التيمم لخشية الضرر (قال الشوكاني) وقد ذهب إلى ذلك العترة ومالك وأبو حنيفة والشافعي في أحد قوليه، وذهب أحمد بن حنبل والشافعي في أحد قوليه إلى عدم جواز التيمم لخشية الضرر، قالوا لأنه واجد، قال الحديث وقوله تعالى" وإن كنتم مرضى- الآية" يردان عليهما اهـ (17) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) هو عمرو بن بجدان كما في رواية عند النسائي (2) أي أغيب عنه وأبعد يقال عزب الشيء عزوبًا من باب قعد وعزب من بابي قتل وضرب

(وفي روايةٍ فلا أجد الماء فأتيمَّم) فوقع ذلك في نفسى وقد نعت لى أبو ذر فحججت فدخلت مسجد منى فعرفته بالنَّعت فإذا شيخ معروفٌ آدم عليه حلَّةٌ قطرىٌ فذهبت حتَّى قمت إلى جنبه وهو يصلِّى فسلَّمت عليه فلم يردَّ علىّ، ثمَّ صلَّى صلاة أتمَّها وأحسنها وأطولها، فلمَّا فرغ ردَّ علىَّ، قلت أنت أبو ذرّ؟ قال إنَّ أهلى ليزعمون ذلك، قال كنت كافرًا فهدانى الله للإسلام وأهمَّنى دينى، وكنت أعزب عن الماء ومعى أهلى فتصيبنى الجنابة (وفى روايةٍ فلبثت أيَّامًا أتيمَّم) فوقع ذلك فى نفسى (وفي روايةٍ وأشكل علىَّ) قال هل تعرف أبا ذرٍّ؟ قلت نعم، قال فإنِّى اجتويت المدينة قال أيُّوب أو كلمةً نحوها، فأمر لى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذودٍ من إبلٍ وغنمٍ فكنت أكون فيها فكنت أعزب عن الماء ومعى أهلى فتصيبني الجنابة فوقع فى نفسى أنِّى قد هلكت فقعدت على بعير منها، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف النَّهار وهو جالسٌ في ظلِّ المسجد في نفرٍ من أصحابه فنزلت عن البعير

_ غاب وخفي (1) أي موقع الخوف والقلق (2) أي وصف لي (3) الآدم من الناس الأسمر والجمع أدمان (4) هكذا بالأصل قطري وكان الظاهر أن يقال قطرية، قال في القاموس وثياب قطرية بالكسر على غير قياس اهـ وقال الأزهري في أعراض البحرين قرية يقال لها قطر وأحسب الثياب القطرية نسبت إليها فكسروا القاف للنسبة وخففوا اهـ وقال صاحب النهاية هو ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعلام فيها بعض الخشونة وقيل حلل جياد تحمل من قبل البحرين اهـ (5) أي تضرر بالإقامة فيها لمرض أو نحوه وفيه أقوال تقدمت في الباب الثاني من أبواب حكم البول (6) الذود بفتح الذال المعجمة وسكون الواو، ما بين الثلاث إلى العشر لا واحد له من لفظه، وتقدم الكلام عليه بأوسع من هذا في الباب الثاني من أبواب حكم البول (7) النفر مادون العشرة من الرجال قاله أبو زيد، وعند أبى داود فى رهط من أصحابه والرهط مادون عشرة من الرجال ليس فيهم امرأة وهو اسم جنس لا واحد له من لفظه، وقيل الرهط من سبعة إلى عشرة، وما دون السبعة إلى الثلاثة نفر، وقال ابن السكيت الرهط والعشيرة بمعنى، ويقال الرهط ما فوق

(وفي رواية فسلَّمت عليه فرفع رأسه وقال سبحان الله، أبو ذرٍّ؟ فقلت نعم) وقلت يا رسول الله هلكت، قال وما أهلكك؟ فحدَّثته فضحك فدعا إنسانًا من أهله فجاءت جاريةٌ سوداء بعسٍّ فيه ماء ما هو بملآن إنَّه ليتخضخض فاستترت بالبعير، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا من القوم فسترنى، فاغتسلت ثمَّ أتيته، فقال إنَّ الصَّعيد الطَّيِّب طهورٌ ما لم تجد الماء ولو إلى عشر حججٍ فإذا وجدت الماء فأمسَّ بشرتك (وفي روايةٍ فأمسسه بشرتك) (18) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله الرَّجل يغيب لا يقدر على الماء أيجامع أهله؟ قال نعم

_ العشرة إلى الأربعين، ورهط الرجل قومه وقبيلته الأقربون اهـ مصباح (1) العس القدح الكبير وجمعه عساس واعساس حزر بثمانية أرطال أو تسعة (نه) (2) أي سنين يعنى له أن يفعل التيمم مرة بعد أخرى وإن بلغت مدة عدم الماء واتصلت إلى عشر سنين وليس معناه أن التيمم دفعة واحدة يكفيه لعشر سنين (تخرجه) (نس. قط. هق. حب. مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح (18) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبى ثنا معتمر بن سليمان ثنا الحجاج عن عمرو بن شعيب الخ (تخرجه) قال الهيثمي رواه أحمد وفيه الحجاج بن أرطاة وفيه ضعف، ولا يتعمد الكذب (الأحكام) حديثا الباب يدلان على الرخصة في الجماع والتيمم لعادم الماء حتى يجده، فإن وجده وجب عليه الغسل بالماء، ولا يعيد مافات بالتيمم إلا إذا وجد الماء بعد الفراغ من الصلاة وإليه ذهب الأئمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد ووافقهم الإمام يحيى (واختلفوا) فيما إذا وجد الماء بعد الدخول في الصلاة قبل الفراغ منها، فذهب الهادى والناصر وأبو طالب وأبو حنيفة والأوزاعي والثوري والمزني وابن سريج إلى أنه يجب الخروج منها وإعادتها بالغسل أو الوضوء إن لم يكن جنبًا، وقال مالك وأبو داود لا يجب عليه الخروج بل يحرم والصلاة صحيحة (قال الخطابي) يحتج من هذا الحديث (يعني حديث أبي ذر عند أبي داود) بقوله" الصعيد الطيب وضوء المسلم ولو إلى عشر سنين" من يرى أن للمتيمم أن يجمع تيممه بين صلوات كثيرة وهو مذهب أصحاب أبى حنيفة، ويحتجون أيضًا بقوله صل الله عليه وسلم "فإذا وجدت الماء فأمسه جلدك"

(6) باب حجة من قال بوجوب الصلاة عن عدم الماء والتراب (19) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها أنَّها استعارَّت من أسماء قلادة فهلكت، فلعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالًا في طلبها فوجدوها، فأدركتهم الصَّلاة وليس معهم ماء فصلَّوا بغير وضوءٍ، فشكوا ذلك إلى النَّبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عزَّ وجلَّ التَّيمم، فقال أسيد بن حضير لعائشة جزاك الله خيرًا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلاَّ جعل الله لك وللمسلمين فيه خيرًا

_ في إيجاب انتقاض طهارة المتيمم بوجود الماء على عموم الأحوال سواء أكان في صلاة أم غيرها، ويحتج به من يرى أنه إذا وجد من الماء مالا يكفي لكمال الطهارة أن يستعمله فى بعض أعضائه ويتيمم للباقي منه، وهو قول الشافعي، ويحتج به أيضًا في أن لا يتيمم في مصر لصلاة فرض ولا جنازة ولا عيد لأنه واجد للماء فعليه أن يمسه جلده اهـ (19) عن هشام بن عروة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير ثنا هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (1) هى بنت أبي بكر أخها رضى الله عنهما وتقدم الكلام على ذلك فى الباب الثانى من حديث عمار بن ياسر (تخرجه) (ق. والأربعة وإلا الترمذي) (الأحكام) استدل بهذا الحديث جماعة من المحققين على وجوب الصلاة عند عدم المطهرين الماء والتراب، وليس في الحديث أنهم فقدوا التراب، وإنما فيه أنهم فقدوا الماء فقط، ولكن عدم الماء في ذلك الوقت كعدم الماء والتراب لأنه لا مطهر سواه، ووجه الاستدلال به أنهم صلوا معتقدين وجوب ذلك، ولو كانت الصلاة حينئذ ممنوعة لأنكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم، وبهذا قال الشافعي وأحمد وجمهور المحدثين وأكثر أصحاب مالك، لكن اختلفوا في وجوب الإعادة، فالمنصوص عن الشافعي وجوبها وصححه أكثر أصحابه واحتجوا بأنه عذر نادر فلم يسقط الإعادة، والمشهور عن أحمد وبه قال المزني وسحنون وابن المنذر لا تجب، واحتجوا بحديث الباب لأنها لو كانت واجبة لبينها لهم النبي صلى الله عليه وسلم إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، وتعقب بأن الإعادة يجب على الفور فلم يتأخر البيان عن وقت الحاجة، وعلى هذا فلابد من دليل على وجوب الإعادة، وقال مالك وأبو حنيفة في

كتاب الصلاة

4 - كتاب الصلاة (وفيه أبواب) (1) باب فى افتراضها ومتى كان (1) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال جاء رجلٌ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أخبرنى بما افترض الله علىَّ من الصَّلاة، فقال أفترض الله على عباده صلواتٍ خمسًا، قال هل علىَّ قبلهنَّ أو بعدهنَّ؟ قال أفترض الله على عباده صلواتٍ خمسًا قالها ثلاثًا، قال والَّذي بعثك بالحقِّ لا أزيد فيهنَّ شيئًا ولا أنقص منهنَّ شيئًا، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الجنَّة إن صدق (2) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال فرض على نبيِّكم صلى الله عليه وسلم خمسون

_ المشهور عنهما لا يصلى، لكن قال أبو حنيفة وأصحابه يجب عليه القضاء، وبه قال الثوري والأوزعي، وقال مالك فيما حكاه عنه المدنيون لا يجب عليه القضاء، وهذه الأقوال الأربعة هي المشهورة في المسألة، وحكى النووي في شرح المهذب عن تقديم تستحب الصلاة وتجب الإعادة، وبهذا تصير الأقوال خمسة قاله الحافظ (ف) (كتاب الصلاة) (1) اختلف العلماء في أصل الصلاة فقيل هي الدعاء لاشتمالها عليه وهذا أقول جماهير أهل العربية والفقهاء وغيرهم لقوله تعالى (وصل عليهم) أى ادع لهم (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) أى دعاء، ثم سمى بها هذه الافعال المشهورة لا شتمالها على الدعاء، وقيل هي من الصلوين وهما عرقان مع الردف، وقيل هما عظمان ينحنيان فى الركوع والسجود، قالوا لهذا كتبت الصلاة بالواو في المصحف، وقيل هى من الرحمة، وقيل أصلها الأقبال على الشيئ، وقيل غير ذلك والله تعالى أعلم (1) عن أنس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك ثنا نوح بن قيس الحداني ثنا خالد بن قيس عن قتادة عن أنس "الحديث" (تخرجه) (م. مذ. نس) و (هق. خ) من حديث طلحة بن عبيد الله (2) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم ثنا

صلاة فسأل ربه عزَّ وجلَّ فجعلها خمسًا (وعنه من طريقٍ آخر) أمر نبيُّكم صلى الله عليه وسلم بخمسين صلاة فذكر الحديث (3) عن أنس بن مالك (من حديث طويل عن أبيِّ بن كعب سيأتي بتمامه فى الإسراء) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض الله تبارك وتعالى على أمَّتى خمسين صلاةً، قال فرجعت بذلك حتَّى أمرَّ على موسى عليه السَّلام، فقال ماذا فرض ربُّك تبارك وتعالى على أمَّتك؟ قال فرض عليهم خمسين صلاةً، فقال له موسى عليه السَّلام راجع ربَّك تبارك وتعالى فإنَّ أمتك لا تطيق ذلك، قال فراجعت ربِّى عزَّ وجلَّ فوضع شطرها فرجعت إلى موسى فأخبرته، فقال راجع ربَّك فإن أمَّتك لا تطيق ذلك، قال فراجعت ربِّى، فقال هى خمسٌ وهى خمسون لا يبدَّل القول لدىَّ (4) عن عائشة رضى الله عنها قالت فرضت الصَّلاة ركعتين فزاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صلاة الحضر وترك صلاة السَّفر على نحوها

_ شريك عن أبي علوان قال سمعت ابن عباس يقول فرص على نبيكم الخ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين بن محمد ثنا شريك عن عبد الله بن عصم عن ابن عباس يقول أمر نبيكم صلى الله عليه وسلم بخمسين صلاة فسأل ربه فجعلها خمس صلوات (تخريجه) لم أقف عليه ومعناه فى الصحيحين وفى إسناده عبد الله بن عصم وثقه ابن معين وقال ابن حبان يخطئ (قلت) عبد الله بن عصم هو أبو علوان المذكور فى سند الرواية الأولى (3) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن اسحاق ابن محمد المسيبى ثنا أنس بن عياض عن يونس بن زيد قال قال ابن شهاب قال أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) أى فى القسم الأول من كتاب السيرة النبوية (تخريجه) (ق. وغيرهما) (4) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير قال حدثنا أسامة بن زيد الليثى عن القاسم بن محمد عن عائشة الخ (غريبه) (3) أى يوحى من الله عز وجل قال الله تعالى (وما ينطق عن الهوى) (تخريجه)

(5) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما إنَّ الله عزَّ وجلَّ فرض الصَّلاة على لسان نبيكم، على المقيم أربعًا، وعلى المسافر ركعتين، وعلى الخائف ركعة (6) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كانت الصلاة خمسين، والغسل من الجنابة سبع مرارٍ، والغسل من البول سبع مرارٍ، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل حتى جعلت الصَّلاة خمسًا، والغسل من الجنابة مرَّةً، والغسل من البول مرةً (2) باب فى فضل الصلوات الخمس وانها مكفرة للذنوب (7) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (ق. والأربعة الا الترمذى) (5) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا أبو عوانة ثنا بكير بن الأخنس عن مجاهد عن ابن عباس الخ (تخريجه) (م. د. نس) وهو يدل على أن الصلاة فرضت أربعًا على المقيم، وحديث عائشة يدل على أنها فرضت ركعتين فى الحضر والسفر، ثم ريد فى صلاة الحضر، وظاهر هذا التعارض، وأجاب الحافظ عن ذلك فقال انه يمكن الجمع بين حديث عائشة وابن عباس فلا تعارض، وذلك بأن يقال ان الصلاة فرضت ليلة الآسراء ركعتين ركعتين الا المغرب، ثم زيدت بعد الهجرة الا الصبح كما روى ابن خزيمة وابن حبان والبيهقى عن عائشة، قالت فرضت صلاة الحضر والسفر ركعتين ركعتين، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة واطمأن زيد فى صلاة الحضر ركعتان ركعتان، وتركت صلاة الفجر لطول القراءة، وصلاة المغرب لأنها وتر النهار اهـ (قلت) ومعنى قول عائشة فى الحديث السابق (وترك صلاة السفر على نحوها) أى باعتبار ما آل إليه الأمر من التخفيف (6) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حسين بن محمد ثنا أيوب بن جابر عن عبد الله يعنى ابن عصمة عن ابن عمر الخ (تخريجه) (د. هق) وفى إسناده أيوب بن جابر قال الحافظ فى التقريب ضعيف (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فرضية الصلاة، وانها فرضت ليلة الاسراء، وكانت خمسين فخففت إلى خمس، وان ركعاتها أربع فى الظهر والعصر والعشاء للمقيم بالاتفاق، واثنتان للمسافر، وهل قصرها للمسافر واجب أو رخصة؟ فى ذلك خلاف سيأتى تفصيله فى أبواب صلاة المسافر إن شاء الله تعالى (7) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هرون ثنا عبد الله

الصَّلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفِّرات لما بينهن ما اجتنبت الكبائر (8) وعنه أيضًا عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال الصَّلاة إلى الصَّلاة الَّتى قبلها كفَّارة، ولجمعة إلى الجمعة الَّتى قبلها كفَّارة، والشَّهر إلى الشَّهر الَّذي قبله كفَّارةٌ إلاَّ من ثلاثٍ، قال فعرفنا أنَّه أمرٌ حدث، إلاَّ من الشرك بالله ونكث الصَّفقة وترك السُّنَّة، قلنا يا رسول الله هذا الشِّرك بالله قد عرفناه، فما نكث الصَّفقة وترك السُّنَّة؟ قال أمَّا نكث الصَّفقة فأن تعطى رجلًا بيعتك ثمَّ تقاتله بسيفك، وأما ترك السُّنَّة فالخروج من الجماعة (9) عن أبى عثمان قال كنت مع سلمان الفارسىِّ رضى الله عنه تحت شجرة وأخذ منها غصنًا يابسًا فهزَّه حتَّى تحاتَّ ورقه، ثمَّ قال يا با عثمان ألا تسألنى لم أفعل هذا، قلت ولم تفعله؟ قال هكذا فعل بى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه تحت شجرة فأخذ منها غصنًا يابسًا فهزَّه حتَّى تحاتَّ ورقه، فقال يا سلمان ألا تسألنى لم أفعل هذا، قلت ولم تفعله؟ قال إنَّ المسلم إذا توضَّأ فأحسن الوضوء ثمَّ صلَّى الصَّلوات الخمس تحانَّت خطاياه كما يتحاتُّ

_ ابن وهب قال حدثنى أبو صخر حميد بن زياد أن عمر بن اسحاق مولى زائدة حدثه عن أبيه عن أبى هريرة الخ (غريبه) (1) أى من الصغائر (تخرجه) (م. مذ. ك) (8) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يزيد أنا العوَّام حدثنى عبد الله بن السائب عن رجل من الأنصار عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أى رمضان إلى رمضان الذى قبله (3) أى الابتداع فى الدين ومخالفة ما أجمع عليه المسلمون (تخرجه) لم أقف عليه وفى إسناده رجل لم يسم (9) عن أبى عثمان (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان حماد بن

هذا الورق، وقال {وأقم الصَّلاة طرفي النَّهار وزلفًا من الَّليل، إنَّ الحسنات يذهبن السَّيِّئات، ذلك ذكرى للذَّاكرين} (10) عن أبى ذرٍّ رضى الله عنه أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم خرج زمن الشّتاء والورق يتهافت فأخذ بغصنين من شجرة قال فجعل ذلك الورق يتهافت، قال فقال يا أبا ذرٍّ قلت لبَّيك يا رسول الله، قال إنَّ العبد المسلم ليصلِّى الصَّلاة يريد بها وجه الله تعالى فتهافت عنه ذنوبه كما يتهافت هذا الورق عن هذه الشَّجرة (11) عن الحارث مولى عثمان (بن عفَّان) رضي الله عنه قال جلس عثمان يومًا وجلسنا معه فجاءه المؤذِّن فدعا بماءٍ فى إناء أظنُّه سيكون فيه

_ سلمة أنا على بن زيد عن أبى عثمان الخ (غريبه) (1) المراد بطرفي النهار الغداة والعشى يعنى صلاة الصبح والظهر والعصر (وزلفًا) جمع زولفة أى طائفة من الليل وهي المغرب والعشاء (إن الحسنات) كالصلوات الخمس (يذهبن السيئات) أى الذنوب الصغار (ذلك ذكرى للذاكرين) أى عظة للمتعظين؛ سبب نزول هذه الآية أن رجلا قبَّل أجنبية ثم جاء يستفتى النبى صلى الله عليه وسلم هل له من توبة؟ فنزلت فأخبره النبى صلى الله عليه وسلم فقال ألى خاصة؟ فقال لجميع أمتى كلهم رواه الشيخان والامام أحمد، وستأتى قصة ذلك الرجل فى سورة هود من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى (تخريجه) أورده المنذرى فى الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد والنسائى والطبرانى ورواة أحمد محتج بهم فى الصحيح الا على بن زيد (قلت) على ابن زيد يعنى ابن جدعان ضعفوه لسوء حفظه والله أعلم (10) عن أبي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر ثنا عبد الجليل يعنى ابن عطية ثنا مزاحم بن معاوية الضبى عن أبى ذر"الحديث" (غريبه) (2) أى يسقط (3) أى أنا ملازم طاعتك لزومًا بعد لزوم، وعن الخليل أنهم ثنوه على جهة التأكيد (مختار) (تخريجه) قال المنذرى فى الترغيب والترهيب رواه أحمد باسناد حسن (11) عن الحارث مولى عثمان (سنده) حدثنا الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الرحمن

مدٌّ فتوضَّأ ثمَّ قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضَّأ وضوئى هذا، ثمَّ قال ومن توضَّأ وضوئي ثمَّ قام فصلَّى صلاة الظُّهر غفر له ما كان بينها وبين الصُّبح، ثمَّ صلَّى العصر غفر له ما بينها وبين صلاة الظُّهر، ثمَّ صلَّى المغرب غفر له ما بينها وبين صلاة العصر ثمَّ صلَّى العشاء غفر له ما بينها وبين صلاة المغرب، ثمَّ لعلَّه أن يبيت يتمرَّغ ليلته، ثمَّ إن قام فتوضَّأ وصلَّى الصُّبح غفر له ما بينها وبين صلاة العشاء، وهنَّ الحسنات يذهبن السَّيِّئات، قالوا هذه الحسنات فما الباقيات يا عثمان؟ قال هنَّ لا إله إلا الله وسبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلاَّ بالله (12) عن حمران قال كان عثمان رضى الله عنه يغتسل كلَّ يوم مرَّة من منذ أسلم فوضعت وضوءًا له ذات يوم للصَّلاة، فلمَّا توضَّأ قال إنِّي أردت أن أحدِّثكم بحديثٍ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قال بدا لى أن لا أحدِّثكموه فقال الحكم بن العاص يا أمير المؤمنين إن كان خيرًا فنأخذ به أو شرًّا فنتَّقيه، قال فقال فإنِّي محدِّثكم به، توضَّأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الوضوء ثمَّ قال من توضأ هذا الوضوء فأحسن الوضوء، ثمَّ قام إلى الصَّلاة فأتمَّ ركوعها وسجودها كفَّرت عنه ما بينها وبين الصَّلاة الأخرى ما لم يصب مقتلةً، يعنى كبيرةً (13) عن عثمان بن عفَّان رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ المقري ثنا حيوة أنبأنا أبو عقيل أنه سمع الحارث مولى عثمان يقول جلس عثمان يوما الح (غريبه) (1) أي يتقلب (تخريجه) قال المنذرى رواه أحمد باسناد حسن وأبو يعلى والبرار (12) عن حمران (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا أبو عوانة عن عاصم عن المسيب عن موسى بن طلحة عن حمران الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (13) عن عثمان بن عفان (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ابن مهدى ثنا شعبة عن جامع بن شداد قال سمعت عمران بن أبان يحدث عن عثمان رضي الله

من أتمَّ الوضوء كما أمره الله فالصَّلوات المكَّتوبات كفارات لما بينهن (14) وعنه أيضًا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أرأيت لو كان بفناء أحدكم نهر يجرى يغتسل منه كلَّ يوم خمس مرَّات ما كان يبقى من درنه قالوا لا شيء، قال إنَّ الصَّلاة تذهب الذُّنوب كما يذهب الماء الدَّرن (15) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أرأيتم لو أنَّ نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كلَّ يومٍ خمس مرَّاتٍ ما تقولون هل يبقى من درنه؟ قالوا لا يبقى من درنه شيءٌ، قال ذاك مثل الصَّلوات الخمس يمحو الله بها الخطايا (16) عن عامر بن سعد بن أبى وقَّاص قال سمعت سعدًا وناسًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولون كان رجلان أخوان فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أحدهما أفضل من الآخر، فتوفّي الذى هو أفضلهما، ثم عمَّر الآخر

_ عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث) (تخريجه) (م. وغيره) (14) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى وأبو خيثمة تالا ثنا يعقوب قال أبى فى حديثه قال أخبرنا ابن أخى ابن شهاب وقال أبو خيثمة حدثنى عن عمه قال أخبرنى صالح بن عبد الله بن أبى فروة أن عامر بن سعد بن أبى وقاص أخبره أنه سمع أبان بن عثمان يقول قال عثمان سمعت الخ (غريبه) (1) الفناء بالمد وكسر الفاء هو المتسع أمام الدار ويجمع الفناء على أفنية (والدرن) بفتح الراء الوسخ (تخريجه) (جه) ورواه (ق. نس. مذ) من حديث أبى هريرة (15) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا بكر بن مضر عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم عن أبى سلمة عن أبى هريرة (تخريجه) (ق. نس. مذ) (16) عن عامر بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون بن معروف قال عبد الله وسمعته أنا من هارون ثنا عبد الله بن وهب حدثنى محرمة عن أبيه عن

بعده أربعين ليلة، ثمَّ توفِّى فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضل الأوَّل على الآخر، فقال ألم يكن يصلِّى؟ فقالوا بلى يا رسول الله فكان لا بأس به، فقال ما يدريكم ماذا بلغت به صلاته، ثمَّ قال عند ذلك إنما مثل الصَّلاة كمثل نهرٍ جارٍ غمرٍ عذبٍ بباب أحدكم يقتحم فيه كلَّ يومٍ خمس مرَّات فما ترون يبقى من درنه (17) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الصَّلوات الخمس كمثل نهرٍ جارٍ غمرٍ على باب أحدكم يغتسل منه كلَّ يومٍ خمس مرَّاتٍ (18) عن ابن مسعودٍ رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من جعل لله ندًّا جعله الله فى النَّار، وقال وأخرى أقولها لم أسمعها منه، من مات لا يجعل لله ندًّا أدخله الجنَّة، وإنَّ هذه الصَّلوات كفَّارات لما بينهنَّ ما اجتنب القتل (19) عن أبى أمامة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من امرئ

_ عامر بن سعد الخ (غريبه) (1) الغمر بفتح الغين المعجمة وإسكان الميم بعدهما راء هو الكثير الذي يغمر من أدخل فيه (ومعنى يقتحم) أى يدخله ويلقى نفسه فيه (تخريجه) قال الهيثى رواه أحمد والطبرانى فى الأوسط إلا أنه قال ثم عمر الآخر بعده أربعين ليلة ورجال أحمد رجال الصحيح (قلت) وله شاهد عند مسلم من حديث جابر بن عبد الله مختصرًا (17) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبى سفيان عن جابر "الحديث" (تخريجه) (م) (18) عن ابن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود بن عامر أنا أبو بكر عن عاصم عن أبى وائل قال قال عبد الله (يعنى ابن مسعود) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) الند بكسر النون مشددة هو مثل الشئ وتقدم تفسيره فى الكلام على حديث 26 فى باب الرابع من كتاب التوحيد وأصول الدين (تخرجه) (ق. وغيرهما) (19) عن أبى أمامة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا عمر

مسلم تحضره صلاةٌ مكتوبةٌ فيقوم فيتوضَّأ فيحسن الوضوء ويصلِّى فيحسن الصَّلاة إلاَّ غفر الله له بها ما كان بينها وبين الصَّلاة الَّتى كانت قبلها من ذنوبه، ثمَّ يحضر صلاةً مكتوبةً فيصلِّى فيحسن الصَّلاة إلاَّ غفر له ما بينها وبين الصَّلاة الَّتى كانت قبلها من ذنوبه (20) عن أبى أيوب الأنصاريِّ رضى الله عنه أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كان يقول إنَّ كلّ صلاةٍ تحطُّ ما بين يديها من خطيئة (3) باب ما جاء فى فضل الصلاة مطلقًا (21) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال ما هجَّرت إلاَّ وجدت

_ ابن ذر ثنا أبو الرصافة رجل من أهل الشام من باهلة أعرابى عن أبى أمامة الخ (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (20) عن أبى أيوب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الحكم بن نافع ثنا إسماعيل بن عياش عن ضخم بن زرعة عن شريح بن عبيد أن أبارهم السمعي كان يحدث أن أبا أيوب الأنصارى حدثه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول الخ (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد وسنده حسن اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الصلوات الخمس مكفرات لما بينهن من الذنوب الصغائر مالم تؤت الكبائر، قال النووى رحمه الله فى شرح مسلم معناه أن الذنوب كلها تغفر إلا الكبائر فانها لا تغفر، وليس المراد أن الذنوب تغفر مالم تكن كبيرة فان كانت لا يغفر شئ من الصغائر، فان هذا وإن كان محتملا فيساق الأحاديث يأباه، قال القاضي عياض رحمه الله هذا المذكور فى الحديث من غفران الذنوب مالم تؤت كبيرة هو مذهب أهل السنة، وان الكبائر إنما تكفرها التوبة أو رحمة الله تعالى وفضله والله أعلم (21) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود بن عامر ثنا ذؤاد أبو المنذر عن ليث عن مجاهد عن أبى هريرة"الحديث" وذؤاد بضم الذال المعجمة بعدها همرة مفتوحة وفى نسخة الاصل (داود) بدل ذؤاد وهو خطأ (غريبه) (1) التهجير التبكير إلى كل شئ والمبادرة اليه يقال هجر يهجر تهجيرآ فهو فهو مهجر وهى لغة حجازية أراد

النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يصلِّى قال فصلِّى ثمَّ قال أشكنب ذرد قال قلت لا، قال قم فصلِّ فإنِّ في الصَّلاة شفاء (22) وعنه أيضًا قال جاء رجل إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال إنَّ فلانًا يصلِّى باللَّيلٍ فإذا أصبح سرق، قال إنَّه سينهاه ما يقول (23) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ الشَّيطان قد أيس أن يعبده المصلُّون ولكن فى التحرسش بينهم (24) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مفتاح الجنَّة

_ المبادرة إلى أول وقت الصلاة (نه) (1) هكذا بالأصل ولعل هذه لغة كان يعرفها أبو هريرة والظاهر من السياق والله أعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له ما معناه، هل صليت؟ قال لا، قال قم فصل (وقوله فان فى الصلاة شفاء) أى من أمراض القلوب وارتكاب الذنوب، قال تعالى (ان الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر) وأيضًا لاشتمالها على كثير من القرآن والله عز وجل يقول (وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين) (تخريجه) (جه) وفى اسناده ذؤاد أبو المنذر وصفه أبو داود بالفضل وقال ابن نمير شيخ صدوق وضعفه ابن معين (22) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا الأعمش قال أنا أبو صالح عن أبى هريرة الخ (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (23) عن جابر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية وابن نمير قالا ثنا الأعمش عن أبى سفيان عن جابر الخ (غريبه) (2) أى فىحملهم على الفتن والحروب (نه) (تخريجه) (م. مذ) (24) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن محمد ثنا سليمان بن قرم عن أبى يحيى القتات عن مجاهد عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ وفيه أى فى الأصل الذى نقلنا منه بعد قوله للطهور هذه الجملة (هكذا وقه فى الأصل حسن والصواب حسين) (قلت) الظاهر أن هذا التصويب حصل من بعض المحدثين عند قراءته النسخة المخطوطة فأدرج فى الحديث هذه الجملة، ووجهه والله أعلم أن كتب الرجال لم تذكر من مشايخ الامام أحمد حسن بن محمد وإنما ذكرت من مشايخه حسين بن محمد بن بهرام التميمى (تخريجه) (طب. بز. هب. ومذ) وفى إسناده أبو يحيى القتات ضعفه بعضهم، وقال

الصَّلاة، ومفتاح الصَّلاة الطُّهور (25) عن عثمان (بن عفَّان) رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال من علم أنَّ الصَّلاة حقٌّ واجبٌ دخل الجنَّة (26) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حبِّب إلىَّ من الدُّنيا النِّساء والطِّيب، وجعل قرَّة عينى فى الصَّلاة (27) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال لى جبريل عليه السَّلام إنَّه قد حبِّب إليك الصَّلاة، فخذ منها ما شئت

_ ابن عدي أحاديثه عندى حسان (وفى الباب) عن على عند الأربعة الا النسائى بلفظ (مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم) قال الترمذى هذا أصح شئ فى هذا الباب وأحسن، وقال ابن العربى حديث جابر يعنى حديث الباب أصح شئ فى هذا الباب، وقال الحافظ إسناد حديث جابر حسن (25) عن عثمان (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا عبيد الله بن عمر ثنا عثمان بن عمر ثنا عمران بن حدير عن عبد الملك بن عبيد عن حمران بن أبان عن عثمان الخ (تخريجه) أورده الهيثمى بلفظه وقال رواه عبد الله بن أحمد فى زياداته وأبو يهلى إلا أنه قال حق مكتوب واجب والبزار بنحوه ورجاله موثقون (قلت) لم أجد هذا الحديث من زوائد عبد الله فى مسند عثمان وإنما رواه عبد الله عن أبيه فى مسند عثمان كما ترى فى السند والله أعلم (26) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا سلام أبو المنذر القارى ثنا ثابت عن أنس (وله طريق آخر) قال حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أو عبيدة عن سلام أبى المنذر به (تخريجه) أورده السيوطي فى الجامع الصغير وعزاه للامام أحمد و (نس. ك. هق) بلفظ (حبب إلىَّ من دنياكم النساء والطيب وجعلت قرة عينى فى الصلاة) وبجانبه رمز الحسن (27) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس عن حماد يعنى ابن سلمة عن على بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس الخ (تخريجه) لم أقف عليه وأورده السيوطى فى الجامع الصغير وعزاه للامام أحمد فقط وبجانبه رمز الحسن

(28) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم النُّعمان ابن قوقل فقال يا رسول الله إن حلَّلت الحلال وحرَّمت الحرام وصلَّيت المكتوبات ولم أزد على ذلك أأدخل الجنَّة؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم (29) عن عبد الله بن محمَّد بن الحنفيَّة قال دخلت مع أبى على صهرٍ لنا من الأنصار فحضرت الصّلاة، فقال يا جارية ائتينى بوضوء لعلِّى أصلِّى فأستريح فرآنا أنكرنا ذاك عليه، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قم يا بلال فأرحنا بالصَّلاة (30) عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حزبه أمر صلَّى (31) عن أمِّ سلمة رضى الله عنها قالت كان من آخر وصيَّة رسول الله

_ (28) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية عن الأعمش وابن نمير أنا الأعمش عن أبى سفيان عن جابر "الحديث" (غريبه) (1) أى ان اعتقدت ذلك وعملت به (تخرجه) (م. وغيره) (29) عن عبد الله محمد بن الحنيفية (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا اسرائيل عن عثمان بن المغيرة عن سالم بن أبى الجعد عن عبد الله ابن محمد بن الحنيفية الخ (تخريجه) (د) (30) عن حذيفة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل بن عمر وخلف ابن الوليد قالا ثنا يحيى بن زكرياء يعنى ابن زائدة عكرمة بن عمار عن محمد ابن عبد الله الدولى قال قال عبد العزيز أخو حذيفة قال حذيفة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أى اذا نزل به مهم أو أصابه غم (صلى) أى لأن الصلاة معينة على دفع النوائب، ومنه أخذ بعضهم ندب صلاة المعصية وهى ركعتان عقبها، ونقل عن ابن عباس أنه كان يفعل ذلك ويقول نفعل ما أمرنا الله به بقوله (واستعينوا بالصبر والصلاة) (تخريجه) (د) وأورده السيوطى فى حص) ونقل العزيزى عن شيحه تصحيحه (31) عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن أبي عدي

صلى الله عليه وسلم الصَّلاة الصَّلاة وما ملكت أيمانكم حتَّى جعل نبيٌّ الله صلى الله عليه وسلم يلجلجها فى صدره وما يفيص بها لسانه (32) عن علىٍّ رضى الله عنه قال كان آخر كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّلاة الصَّلاة، اتقوا الله فيما ملكت أيمانكم (4) باب فى فضل انتظار الصلاة والسعى الى المساجد (33) عن عبد الله بن عمرو (بن العاص رضى الله عنهما) صلَّينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فعقَّب من عقَّب ورجع من رجع فجاء رسول الله

_ عن سعيد عن قتادة عن سفينة مولى أم سلمة عن أم سلمة الح (غريبه) (1) الصلاة بالنصب على الاغراء أى الزموا الصلاة والاحسان لما ملكت أيمانكم من الارقاء، وخصها لميل الطبع غلى الكسل وضعف المملوك، وكرر ذلك لمزيد التأكيد (2) أى رددها "قوله" وما يفيص بباء مضمومة بعدها فاء ثم صاد مهملة أى ما يقدر على الافصاح بها وفلان ذو افاصة إذا تكلم أى ذو بيان (نه) (تخرجه) (جه) وسنده جيد (32) عن على (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن فضيل ثنا المغيرة عن أم موسى عن على الخ (تخريجه) (بز) وسنده حيد و (جه. حب) من حديث أنس (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الصلاة فضلها عظيم وثوابها جسيم، وانها مفرجة للكرب، وأن مؤديها يحوز رضا الرب عز وجل، وأنها قرة عين المؤمنين، وشفاء لاسقام المذنبين وحصن حصين من كيد الشياطين، جعلنا الله من الذينهم على صلواتهم يحافظون، أولئك هم الوارثون الذين يرثون الفردوس هم فيها خالدون) (33) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد يعنى ابن سلمة عن ثابت عن أبى أيوب (يعنى المراغى) أن نوفا وعبد الله بن عمرو يعنى ابن العاص اجتمعا فقال نوف لو أن السموات والأرض وما فيهما وضع فى كفة الميزان ووضعت لا إله الا الله فى الكفة الأخرى لرجحت بهن؛ ولو أن السموات والأرض وما فيهن كن طبقا من حديد فقال رجل لا إله الا الله لخرقهن حتى تنتهى إلى الله عز وجل، فقال عبد الله ابن عمرو صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (3) فى الصحاح فهو في الصلاة،

صلى الله عليه وسلم وقد كاد يحسر ثيابه عن ركبتيه، فقال أبشروا معشر المسلمين، هذا ربكم قد فتح بابًا من أبواب السَّماء يباهى بكم الملائكة، يقول هؤلاء عبادى قضوا فريضةً وهم ينتظرون أخرى (وعنه من طريق آخر بنحوه وفيه قال) فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يثور النَّاس لصلاة العشاء فجاء وقد حفزه النَّفس رافعًا إصبعه هكذا وعقد تسعًا وعشرين وأشار بإصبعه السَّبَّابة إلى السَّماء وهو يقول أبشروا "فذكر نحو ما تقدَّم وفيه" يقول ملائكتى انظروا إلى عبادى أدَّوا فريضةً وهم ينتظروم أخرى ((34) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال منتظر الصَّلاة من بعد الصَّلاة كفارس اشتدَّ به فرسه فى سبيل الله على كسحه تصلّي عليه

_ وقال السيوطي التعقيب فى المساجد انتظار الصلاة بعد الصلاة (1) بكسر السين من باب ضرب أى يكشف عن ركبتيه (2) أى يفاخر (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن مطرف بن عبد الله بن الشخير أن نوفا وعبد الله بن عمرو واجتمعا فقال نوف فذكر الحديث، فقال عبد الله بن عمرو بن العاص أنا أحدثك عن النبى صلى الله عليه وسلم قال صلينا مع النبى صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فعقب من عقب ورجع من رجع فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (4) أى قبل انتشار الناس واجتماعهم لصلاة العشاء (5) بفتح الحاء المهملة والفاء بعدهما زاى أى شاقة وتعبه من شدة سعيه ليبشر الناس بما أنعم الله عليهم من رضاه عنهم والمفاخرة بهم، وفيه فضل عظيم وأجر جسيم لمن ينتظر الصلاة بعد الصلاة (تخرجه) (جه) وقال البوصيرى فى زوائد ابن ماجة اسناده صحيح ورجاله ثقات (34) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هرون بن معروف قال حدثنا عبد الله بن وهب عن سعيد بن أبى أيوب عن نافع بن سليمان عن عبد الرحمن بن مهران عن أبى هريرة (غريبه) (6) الكشح الخصر والكاشح العدو الذى يضمر عدواته ويطوى عليها كشحه أى باطنه (والرباط) الاقامة على جهاد العدو بالحرب (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد والطبرانى فى الأوسط وفيه نافع بن سليمان القرشي

ملائكة الله ما لم يحدث أو يقوم، وهو فى الرِّباط الأكبر (35) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أدلُّكم على ما يرفع الله به الدَّرجات ويكفِّر به الخطايا، إسباغ الوضوء فى المكاره وكثرة الخطا إلى المساجد، وانتظار الصَّلاة بعد الصَّلاة (36) وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كلُّ خطوةٍ يخطوها إلى الصَّلاة يكتب له بها حسنةٌ ويمحى بها عنه سيئةٌ (ومن طريقٍ ثانٍ) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حين يخرج أحدكم من بيته إلى مسجده فرجل تكتب حسنة والأخرى تمحوا سِّيئةً (37) وعنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال أحدكم فى صلاةٍ ما دام ينتظر الَّتى بعدها، ولا تزال الملائكة تصلِّى على أحدكم ما دام فى مسجده، تقول اللَّهمَّ اغفر له اللَّهمَّ ارحمه ما لم يحدث، فقال رجل من أهل حضرموت

_ وثقه أبو حاتم وبقية رجاله رجال الصحيح (قلت) وقال الحافظ المنذرى إسناد أحمد صالح اهـ (35) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن أبى عدى عن شعبة عن العلاء عن ابيه عن أبى هريرة (غريبه) (1) أى إكمال الوضوء وتتميمه فى نحو شدة برد (تخريجه) (م. لك. نس. مذ) (36) وعنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إبراهيم ابن خالد ثنا رباح عن معمر عن يحيى بن أبى كثير عن محمد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) ومن طريق ثان (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم عن ابن أبى ذئب عن الأسود بن العلاء الثقفى عن أبى سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) أى يكتب الله له بكل خطرة يخطوها باحدى رجليه حسنة ويمحو عنه بكل خطوة يخطوها برجله الأخرى شيئة، وإسناد الكتابة الى الجل مجاز لأنها سبب فى ذلك (تخرجه) (نس. ك) وقال صحيح على شرط مسلم ورواه أيضًا (حب) فى صحيحه وزاد حتى يرجع (37) وعنه قال (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إبراهيم بن خالد أخبرنى عبد الرحمن بن بوذويه أخبرنى من سمع وهبا يقول أخبرنى يعنى هماما كذا قال أبي قال

وما ذلك الحدث يا أبا هريرة؟ قال إنَّ الله لا يستحيى من الحقِّ، إن فسا أو ضرط (38) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مثله (39) وعنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما منكم من رجل يخرج من بيته متطهرًا فيصلِّى مع المسلمين الصَّلاة ثمَّ يجلس فى المجلس ينتظر الصَّلاة الأخرى إلاَّ قالت الملائكة اللَّهم اغفر الله اللَّهم ارحمه (40) عن سهل بن سعد (السَّاعدىِّ رضى الله عنه) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من جلس في المسجد ينتظر الصَّلاة فهو في الصَّلاة (41) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال جهَّز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشًا ليلة حتَّى ذهب نصف اللَّيل أو بلغ ذلك، ثمَّ خرج، فقال قد صلَّى النَّاس ورقدوا

_ أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه الخ (تخريجه) (ق. والأربعة إلا النسائى) (38) عن أبى سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبى سعيد الخدرى الخ (تخريجه) لم أقف عليه وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وعزاه للامام أحمد فقط، وقال فيه على بن زيد ابن جدعان وفى الاحتجاج به اختلاف (39) وعنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو حدثنا زهير يعنى ابن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعيد بن المسيب عن أبى سعيد الخدرى "الحديث" (تخريجه) (جه. خز. حب) فى صحيحه والدارمى فى مسنده (40) عن سهل بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الرحمن ثنا عياش يعنى ابن عقبة حدثنى يحيى بن ميمون المعنى قال وقف علينا سهل بن سعد فقال سهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (41) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو الجواب ثنا عمار بن رزيق عن الأعمش عن أبى سفيان عن جابر (تخريجه) (عل)

وأنتم تنظرون هذه الصَّلاة أما إنَّكم في صلاةٍ ما انتظرتموها (42) عن حميد قال سئل أنس بن مالكٍ هل اتَّخذ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم خاتمًا؟ قال نعم، أخَّر ليلة صلاة العشاء الاخرة إلى قربٍ من شطر اللَّيل فلمَّا صلّى أقبل علينا بوجهه فقال، النَّاس قد صلَّوا وقاموا ولم تزالوا فى صلاةٍ ما انتظرتموها، قال أنس كأنِّى أنظر الآن إلى وبيص خاتمه (43) عن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال إذا تطهَّر الرجل ثمَّ أتى المسجد يرعى الصَّلاة كتب له كاتباه أو كاتبه بكلِّ خطوةٍ يخطوها إلى المسجد عشر حسنات، والقاعد يرعى الصَّلاة كالقانت ويكتب من المصلِّين من حين يخرج من بيته حتَّى يرجع إليه (44) عن أبى أمامة رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال من مشى إلى

_ قال الهيثمي رواه أحمد وأبو يعلى وزاد ثم لولا ضعف الضعيف وكبر الكبير لأخرت هذه الصلاة إلى شطر الليل واسناد أبى يعلى رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وإسناد الامام أحمد رجاله رجال الحسن (42) عن حميد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عبد الله ثنا حميد الخ (غريبه) (1) أى نصفه وفى بعض الروايات ثلثه وسيأتى ذلك فى باب وقت العشاء (2) أى بريقه قال فى النهاية الوبيص البريق وقد وبص الشئ يبص وبيصًا (تخريجه) (ق. نس) (43) عن عقبة بن عامر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن سنا ابن لهيعة ثنا أبو عشانة أنه سمع عقبة بن عامر يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (3) أى ينتظرها (4) أى القائم فى الصلاة وله معان تقدم ذكرها فى الباب الثانى من أبواب الوضوء (تخريجه) أورده الحافظ المنذرى فى الترغيب والترهيب، وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانى فى الكبير والأوسط وبعض طرقه صحيح، وابن خزيمة فى صحيحه ورواه ابن حبان فى صحيحه مفرقا فى موضعين اهـ (44) عن أبى أمامة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو اليمان ثنا

صلاة مكتوبة وهو متطهِّر كان له كأجر الحاجِّ المحرم ومن مشى إلى سبحة الضُّحى كان له كأجر المعتمر، وصلاة على إثر صلاة لا لغو بينهما كتاب فى علِّيين، وقال أبو أمامة الغدوُّ والرَّواح إلى هذه المساجد من الجهاد فى سبيل الله (45) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه قال من قال حين يخرج إلى الصَّلاة اللَّهمَّ إنِّي أسألك بحقِّ السَّائلين عليك وبحقِّ ممشاى فإنِّى لم أخرج أشرًا ولا بطرًا ولا رياء ولا سمعةً، خرجت اتِّقاء سخطك وابتغاء

_ إسماعيل بن عياش عن يحيى بن خالد الذهارى عن القاسم أبى عبد الرحمن عن أبى أمامة الخ (غريبه) (4) أى كما أن الحاج إذا كان محرما من الميقات كان ثوابه أتم، فكذلك الخارج إلى الصلاة اذا كان متطهرًا من بيته كان ثوابه أفضل، (5) وفى رواية تسبيح الضحى أى صلاة الضحى النافلة جاءت بهذا الاسم من جهة أن التسبيحات فى الفرائض والنوافل سنة فكأنه قيل للنافلة تسبيحة على أنها شبيهة بالأدكار فى كونها غير واجبة (وقوله كأجر المعتمر) أى المحرم بعمرة من الميقات كما تقدم فى الحج (وقوله لا لغو بينهما) أى بكلام الدنيا (وقوله) كتاب أى عمل مكتوب (فى عليين) هو علم لديوان الخير الذى دون فيه أعمال الأبرار والله أعلم (تخريجه) (د) وفى إسناده القاسم بن عبد الرحمن مولى بنى أمية أبو عبد الرحمن الدمشقى وثقه ابن معين والعجلى والترمزى، قال يعقوب بن شيبة ومنهم من يضعف روايته كذا فى الخلاصة (45) عن أبى سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا فضيل ابن مرزوق عن عطية العوفى عن أبى سعيد الخدرى، فقلت لفضيل رفعه؟ قال أحسبه قد رفعه، قال من قال حين يخرج الخ (غريبه) (1) الاشر والبطر بمعنى وهو الافتخار والطغيان وكفران النعمة وعدم شكرها؛ وقيل الاشر أشد البطر والله أعلم (تخريجه) (جه) ونقل السندى عن الحافظ أبى بكر البوصيرى فى زوائد ابن ماجه أنه قال هذا اسناده مسلسل بالضعفاء وهم العوفى وفضيل بن مرزوق والفضل بن الموفق كلهم ضعفاء، لكن رواه ابن خزيمة فى صحيحه من طريق فضيل بن مرزوق فهو صحيح عنده اهـ وأورده النووى فى كتابه الأذكار وقال رويناه فى كتاب ابن السنى من رواية عطية العوفى وعطية ضعيف

مرضاتك، أسألك أن تنقذنى من النَّار، وأن تغفر لى ذنوبى، إنَّه لا يغفر الذُّنوب إلاَّ أنت، وكَّل الله به سبعين ألف ملكٍ يستغفرون له، وأقبل الله عليه بوجهه حتَّى يفرغ من صلاته (5) باب في فضل الصلاة لوقتها وانها أفضل الأعمال (46) عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما أنَّ رجلًا جاء إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فسأله عن أفضل الأعمال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّلاة، قال ثمَّ مه قال الصَّلاة، قال ثمَّ مه، قال الصَّلاة ثلاث مرَّاتٍ، قال فلمَّا غلب عليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجهاد فى سبيل الله، قال الرَّجل فإنَّ لى والدين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آمرك بالوالدين خيرًا، قال والذَّى بعثك بالحقِّ نبيًّا لأجاهدنَّ ولأتركنَّهما، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت أعلم

_ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل السعى إلى المساجد للصلاة فيها، وان الله تبارك وتعالى يكتب للساعى بكل خطرة يخطوها حسنة فاكثر الى عشر حسنات بقدر نيته وإخلاصه ويمحو عن من السيئات مثل ذلك، (وفيها) أيضًا أن منتظر الصلاة تدعو له الملائكة بالمغفرة والرحمة ويكتب له مثل ثواب المصلى القائم من حين يخرج من بيته حتى يرجع اليه مالم يحدث، وفيها غير ذلك وفضل الله واسع (46) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا حيي بن عبد الله أن أبا عبد الرحمن الحبلى حدثه عن عبد الله بن عمرو ان رجلا الخ (غريبه) (1) (قال ثم مه) أى قال الرجل ثم ماذا، (ومه) اسم فعل بمعنى اسكت وتقع بمعنى ماذا للاستفهام (وهو المراد هنا) فابدل الألف هاء للوقف والسكت (نه) (2) أى أكثر عليه بالأسئلة (3) أى بعد أن امرتك ببرهما والاحسان اليهما فأنت أعلم بما فيه رضاهما أو نحو ذلك والله اعلم (تخريجه) (حب) فى صحيحه وقال الهيثمى رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف وقد حسن له الترمذى وبقية رجاله رجال الصحيح؛ (قلت) واخراج ابن حبان اياه فى صحيحه بدل على صحته لأنهم قالوا ان أصح الكتب بعد الصحيحين صحيح ابن خزيمة ثم ابن حبان والله أعلم

(47) عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استقيموا (1) ولن تحصوا (وفى رواية استقيموا تفلحوا) واعلموا أن خير أعمالكم الصَّلاة ولن يحافظ على الوضوء إلاَّ مؤمنٌ (48) عن حنظلة الكاتب رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حافظ على الصَّلوات الخمس ركوعهنَّ وسجودهنَّ ووضوئهنَّ ومواقيتهنَّ وعلم أنَّها حقٌّ من عند الله دخل الجنَّة. أو قال وجبت له الجنَّة (وفي روايةٍ، براها حقا لله حرم على النار) (49) عن أبى عمرو الشيباني عن رجلٍ من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ العمل أفضل؟ قال أفضل العمل الصَّلاة لوقتها، وبرُّ الوالدين، والجهاد

_ (47) عن ثوبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى أبو معاوية ثنا الأعمش عن سالم عن ثوبان "الحديث" (غريبه) (1) أى الزموا طاعة الله عز وجل مع الاخلاص فيها (وقوله) ولن تحصوا اى ثواب الاستقامة أو لن تطيقوا أن تستقيموا حق الاستقامة لعسرها (تخريجه) (جه. هق. ك) وقال صحيح على شرطهما ولا علة له سوى وهم أبى بلال (قلت) ورواية الامام احمد من غير طريق أبى بلال بسند جيد، ورواه الطبرانى فى الأوسط من حديث سلمة بن الأكوع وقال فيه (واعلموا ان أفضل أعمالكم الصلاة) (48) عن حنظلة الكاتب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا همام ثنا قتادة عن حنظلة الكاتب الخ (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد والطبرانى ورجال أحمد رجال الصحيح (49) عن أبى عمرو الشيبانى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة أخبرنى عبد الملك لمكتِّب قال سمعت أبا عمر والشيبانى يحدث عن رجل الخ (تخريجه) أورده الهيثمى بلفظه وعزاه للامام أحمد فقط وقال رجاله رجال الصحيح

(50) عن أمِّ فروة رضى الله عنها وكانت قد بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أفضل العمل، فقال الصَّلاة لأول وقتها (وعنها من طريق ثانٍ) بنحوه (ومن طريقٍ ثالثٍ) عن القاسم بن غنَّام عن جدَّته أمِّ فروة وكانت ممَّن بايع أنَّها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر الأعمال فقال أحبُّ العمل إلى الله عزَّ وجلَّ، تعجيل الصَّلاة لأوَّل وقتها

_ (50) عن أم فروة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الخزاعى أنا عبد الله بن عمر العمرى عن القاسم بن غنام عن جدته الدنيا عن أم فروة الخ (1) (وعنها من طريق ثان بنحوه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عاصم قال أنا عبد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن عماته عن أم فروة بنحوه (2) (ومن طريق ثالث) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يونس قال ثنا ليث عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن الخطاب عن القاسم بن غنام عن جدته أم فروة الخ (قلت) فى سند الطريق الأولى أن القاسم بن غنام روى عن جدته الدنيا عن أم فروة (وفى الثانية) أنه روى عن عماته عن أم فروة (وفى الثالثة) أنه روى عن جدته أم فروة، وعند أبى داود فى رواية له عن القاسم عن بعض أمهاته عن ام فروة، وفى أخرى له عن القاسم أيضًا عن عمة له يقال لها أم فروة، وعند الترمذى عن القاسم عن عمته أم فروة وكانت قد بايعت النبى صلى الله عليه وسلم، قال الترمذى لا يروى إلا من حديث العمرى واضطربوا فى هذا الحديث اهـ وفى الخلاصه أن القاسم بن غنام يروى عن عمته أم فروة والله أعلم (تخريجه) (د. مذ. ك. قط. طب) قال الحافظ وأخرجه ابن السكن من طريق عبيد الله بن عمر بالتصغير الثقة عن القاسم فقال عن بعض أهله عن أم فروة وكانت ممن بايع النبى صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة قالت سألت فذكره، قال ابن السكن اختلف عنهما فى الاسناد اهـ قال وهذا يرد على إطلاق الترمذى وقد أخرجه الدارقطنى والحكام من طريق عبيد الله المصغر ايضًا وقال فى القاسم عن جدته الدنيا عن جدته أم فروة وكلام ابن السكن يوهم تفرد العمريين به عن القاسم ويرد عليه رواية بن أبى فديم عن الضحاك بن عثمان عن القاسم لكن قال عن امرأة من المبايعات ولم يسمها أخرجه الطبرانى اهـ (ص) (الأحكام) فى احاديث الباب الحث على أداء الصلاة فى اول وقتها والمبادرة، إلى ذلك لأنها سبب فى دخول الجنة وانها من أفضل الأعمال، وفيها التحذير من التهاون بالصلاة وتضييعها عن وقتها وفيها غير ذلك

(6) باب في فضل طول القيام وكثرة الركوع والسجود (51) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى الصَّلاة أفضل، قال طول القنوت (52) عن أبى وائل عن عبد الله بن مسعودٍ رضى الله عنه قال صلَّيت مع النَّبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلةٍ فلم يزل قائمًا حتَّى همت بأمر سوءٍ، قلنا وما هممت به؟ قللل هممت أن أجلس وأدعه (53) عن أبى إسحاق عن المخارق قال خرجنا حجَّاجًا فلمَّا بلغنا الرَّبذة قلت لأصحابى تقدَّموا وتخلَّفت فأتيت أبا ذرٍ رضى الله عنه وهو يصلِّى فرأيته يطيل القيام ويكثر الرُّكوع والسُّجود فذكرت ذلك له، فقال ما ألوت أن أحسن إنِّى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ركع ركعة أو سجد سجدة رفع بها درجةً وحطَّت عنه بها خطيئةٌ (ومن طريقٍ ثانٍ) عن علىِّ بن زيدٍ عن مطرِّفٍ قال قعدت إلى نفرٍ من قريشٍ، فجاء رجلٌ فجعل يصلَّى يركع ويسجد ثمَّ يقوم ثمَّ يركع ويسجد لا يقعد، فقلت والله ما أرى هذا يدري

_ (51) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا الأعمش عن ابى سفيان عن جابر قال شئل النبى صلى الله عليه وسلم أى الجهاد أفضل؟ قال طول القنوت (غريبه) (1) المراد بالقنوت هنا القيام فى الصلاة (تخريجه) (م) وغيره (52) عن أبى وائل (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثنى سليمان عن أبى وائل "الحديث" (غريبه) (2) أى من طول قيامه صلى الله عليه وسلم فى صلاة الليل أما فى الفرئض فكانت عادته مراعاة حال الناس (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (53) عن أبى اسحاق (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم ثنا زهير عن أبى لإسحاق عن المخارق الخ (غريبه) (3) أى ما قصرت (4) (سنده) حدثنا

ينصرف على شفعٍ أو وترٍ، فقالوا ألا تقوم إليه فتقول له، قال فقلت يا عبد الله ما أراك تدري تنصرف على شفعٍ أو وترٍ، قال ولكنَّ الله يدرى، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سجد لله سجدةً كتب الله بها حسنةً وحطَّ بها عنه خطيئةً ورفع له بها درجةً، فقلت من أنت؟ فقال أبو ذرٍّ، فرجعت إلى أصحابى فقلت جزاكم الله من جلساء شرًّا، أمرتمونى أن أعلم رجلًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (ومن طريقٍ ثالثٍ) عن الأحنف بن قيسٍ قال دخلت بيت المقدس فوجدت فيه رجلًا يكثر السُّجود فوجدت فى نفسى من ذلك فلمَّا انصرف قلت أتدري على شفعٍ أم على وترٍ؟ قال إن أك أدري فإنَّ الله عزَّ وجلَّ يدري، ثمَّ قال أخبرنى حبِّي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ثمَّ بكى، ثمَّ قال أخبرنى حبِّي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم ثمَّ بكى، ثمَّ قال أخبرنى حبِّي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم أنَّه قال ما من عبدٍ يسجد لله سجدةً إلاَّ رفعه الله بها درجةً وحطَّ عنه بها خطيئةً وكتب له بها حسنةً، قال قلت أخبرنى من أنت يرحمك الله؟ قال أنا أبو ذرٍ صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقاصرت إلىَّ نفسى (54) عن أبى فاطمة الأزدىِّ أو الأسدىِّ رضى الله عنه قال قال لي

_ عبد الله حدثني أبى ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن مطرف الخ (1) (ومن طريق ثالث) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق قال سمعت الأوزاعى يقول أخبرنى هارون بن رئاب عن الأحنف بن قيس الخ (غريبه) (2) أى اعترانى غضب، يقال وجد عليه يجد وجدًا وموجدة (3) أى حجلت وصغرت نفسى (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه أحمد والبزار بنحوه وهو بمجموع طرقه حسن أو صحيح (تر) (54) عن أبى فاطمة الأزدي

النبيُّ صلى الله عليه وسلم يا أبا فاطمة إن أردت أن تلقانى فأكثر السُّجود (ومن طريقٍ آخر) يا أبا فاطمة أكثر من السُّجود فإنَّه ليس من رجلٍ (وفي روايةٍ من مسلمٍ بدل رجلٍ) يسجد لله تبارك وتعالى سجدةً إلاَّ رفعه الله تبارك وتعالى بها درجةً (55) عن زياد بن أبى زيادٍ مولى بنى مخزوم عن خادمٍ للنَّبىِّ صلى الله عليه وسلم رجل أو امرأةٍ قال كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ممَّا يقول للخادم ألك حاجةٌ؟ قال حتَّى كان ذات يوم فقال يا رسول الله حاجتى. قال وما حاجتك؟ قال حاجتى أن تشفع لى يوم القيامة، قال ومن دلَّك على هذا؟ قال ربِّى، قال إمَّا لا فأعنِّى بكثرة السُّجود (56) عن معدان بن أبى طلحة اليعمري قال لقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أخبرنى بعمل أعمله يدخلنى الله به الجنة أو قل قلت بأحب الأعمال إلى الله، فسكت ثمَّ سألته الثَّالثة فقال سألت عن ذلك

_ أو الأسدي الخ (1) (ومن طريق آخر) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن إسحاق قال أخبرنى ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن كثير الأعرج عن أبى فاطمة قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا فاطمة "الحديث) (تخريجه) (جه) وقال المنذرى رواه أحمد وابن ماجه باسناد جيد (تر) (55) عن زياد بن أبى زياد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا خالد يعنى الواسطى قال ثنا عمرو بن يحيى الأنصارى عن زياد بن أبى زياد الخ (غريبه) (2) (إما) أصلها ان كان، فان شرطيه وما عوض عن كان المحذوفة، والمعنى ان كان لابد فكن لى عونا فى إصلاح نفسك بكثرة السجود (تخرجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وله شاهد عند (م. د) من حديث ربيعة بن كعب الأسلمى قال كنت أبيت مع النبى صلى الله عليه وسلم فآتيه بوضوئه وبحاجته، فقال لى سلنى، قلت فانى أسألك مرافقتك فى الجنة، فقال أو غير ذلك؟ قلت هو ذاك، قال فاعنى على نفسك بكثرة السجود (56) عن معدان بن أبى طلحة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الوليد ابن مسلم قال سمعت الأوزاعى يقول حدثنى الوليد بن هشام المعيطى حدثنى معدان بن أبى طلحة الخ (غريبه) (3) قوله ثم سألته الثالثة هكذا بالأصل ولم يذكر الثانية، وفى رواية مسلم بعد قوله فسكت (ثم سألته فسكت ثم سألته الثالثة) فيتحمل أن قوله ثم

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عليك بكثرة السُّجود، فإنَّك لا تسجد لله سجدة إلاَّ رفعك الله بها درجةً وحطَّ عنك بها خطيئةً، قال معدان ثمَّ لقيت أبا الدَّرداء فسألته فقال لى مثل ما قال لى ثوبان (7) باب فى فضل صلاتى الصبح والعصر (57) ز عن أبى جمرة الضَّبعىِّ عن أبى بكرٍ عن أبيه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال من صلَّى البردين دخل الجنَّة

_ سألته فسكت سقط هنا من الناسخ فى الأصل والله أعلم (تخريجه) (م. مذ. نس. جه) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل طول القيام وكثرة الركوع واليجود "قال النووى رحمه الله" وفى هذه المسألة ثلاثة مذاهب (أحدها) أن تطويل السجود أفضل من تكثير الركوع والسجود حكاه الترمذى والبغوى عن جماعة، وممن قال بتفضيل تطويل السجود ابن عمر رضى الله عنهما (والمذهب الثانى) مذهب الشافعى رضى الله عنه وجماعة أن تطويل القيام أفضل لحديث جابر فى صحيح مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال (أفضل الصلاة طول القنوت) والمراد بالقنوات القيام ولأن ذكر القيام القراءة؛ وذكر السجود التسبيح، والقراءة أفضل، لأن المنقول عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يطوِّل القيام أكثر من تطويل السجود (والمذهب الثالث) أنهما سواء، وتوقف أحمد بن حنبل رضى الله عنه فى المسألة ولم يقض فيها بشئ، وقال إسحاق بن راهويه أما فى النهار فتكثر الركوع والسجود أفضل، وأما فى الليل فتطويل القيام إلا أن يكون للرجل جزء بالليل يأتى عليه، فتكثير الركوع والسجود أفضل لأنه يقرأ أجزاءه ويربح كثرة الركوع والسجود، وقال الترمذى إنما قال إسحاق هذا لأنهم وصفوا صلاة النبى صلى الله عليه وسلم بالليل بطول القيام ولم يوصف من تطويله بالنهار ما وصف بالليل والله أعلم (57) ز عن أبى جمرة الضبعى (سنده) حدثنا عبد الله قال ثنا أبو خالد هدية ابن خالد قال ثنا همام بن يحيى قال ثنا أبو جمرة الضبعى الخ (غريبه) (1) قوله عن أبى بكر هكذا وقع فى المسند غير منسوب وقد نسبه البخارى فقال عن أبى بكر بن أبى موسى عن أبيه الحافظ هو ابن أبى موسى الأشعرى (ف) (2) تثنية برد بفتح الموحدة وسكون الراء والمراد بهما صلاة الصبح والعصر، قال القرطبى قال كثير من العلماء البردان الفجر والعصر، وسميا بذلك لأنهما يفعلان فى وقت البرد، وقال الخطابى لأنهما يصليان فى بردى

(58) عن عمارة بن رويبة عن أبيه قال سأله رجلٌ من أهل البصرة قال أخبرنى ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يلج (وفى روايةٍ لن يلج) النَّار أحدٌ صلَّى قبل طلوع الشَّمس وقبل أن تغرب قال آنت سمعته منه (وفى رواية من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟) قال سمعته أذناي ووعاه قلبي فقال الرَّجل والله لقد سمعته يقول ذلك (59) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ لله ملائكةً يتعاقبون ملائكة اللَّيل وملائكة النَّهار فيجتمعون في صلاة الفجر وصلاة العصر، ثمَّ يعرج إليه الذين كانوا فيكم فيسألهم وهو أعلم، فيقول كيف تركتم عبادى؟ فيقولون تركناهم يصلُّون وأتيناهم يصلُّون

_ النهار وهما طرفاه حين يطيب الهواء وتذهب سورة الحر والله أعلم (تخريجه) (ق. لك. غيرهم) (58) عن عمارة بن روبية (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن إسماعيل ثنا أبو بكر بن عمارة بن روبية عن أبيه الخ (غريبه) (1) أى يدخل (2) يعنى صلاتى الصبح والعصر لما فيهما من المشقة على النفس (تخريجه) (م. د. نس) (59) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا محمد عن موسى بن يسار عن أبى هريرة الخ (غريبه) (3) التعاقب يكون بين فريقين يأتى أحدهما عقب الآخر والمراد بملائكة الليل وملائكة النهار هم الحفظة وعليه الجمهور أخذًا من قوله تعالى (له معقبات من بين يديه ومن خلفه يحفظونه من أمر الله) أى بأمره عز وجل وقال بعضهم هم حفظة الأعمال أخذًا من قوله تعالى (وإن عليكم لحافظين كرامًا كاتبين) وقيل المراد بذلك الجميع واللفظ لا يأباه والله أعلم (تخريجه) (ق. نس) وابن خزيمة فى صحيحه ولفظه فى إحدى رواياته قال (تجتمع ملائكة الليل وملائكة النهار فى صلاة الفجر وصلاة العصر، فيجتمعون فى صلاة الفجر فتصعد ملائكة الليل وتثبت ملائكة النهار، ويجتمعون فى صلاة العصر فتصعد ملائكة النهار وتثبت ملائكة الليل فيسألهم ربهم كيف تركتم عبادى؟ فيقولون أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون فاغفر لهم يوم الدين) (تر)

(60) عن فضالة اللَّيثِّي رضى الله عنه قال أتيت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فأسلمت وعلَّمنى حتَّى علَّمنى الصَّلوات الخمس لمواقيتهنَّ، قال فقلت إنَّ هذه لساعات أشغل فيها فمرني بجوامع، فقال لى إن شغلت فلا تشغل عن العصرين، فقلت وما العصران؟ قال صلاة الغداة وصلاة العصر (61) عن جرير بن عبد الله رضى الله عنه قال كنَّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البدر، فقال إنَّكم سترون ربَّكم عزَّ وجلَّ كما ترون القمر، لا تضامون فى رؤيته، فإن استطمتم أن لا تغلبوا على هاتين الصلاتين

_ (قلت) وللامام أحمد رواية كرواية ابن خزيمة ستأتى فى باب فضل صلاة العصر وبيان أنها الوسطى إن شاء الله تعالى (60) عن فضالة الليثى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج بن النعمان ثنا هيثم أخبرنا داود بن أبى هند قال حدثنى أبو حرب بن أبى الأسود عن فضالة الليثى الخ (غريبه) (1) قد تحمل العرب احد الاسمين على الآخر فتجمع بينهما فى التسمية طلبًا للتخفيف كقولهم سنة العمرين لأبى بكر وعمر رضى الله عنهما والأسودين يريدون التمر والماء والأصل فى العصرين عند العرب الليل والنهار قال حميد بن ثور ولن يلبث العصران يوم وليلة ... إذا طلبا أن يدركا ما تيمما فيشبه أن يكون إنما قيل لهاتين الصلاتين العصران لأنهما تقعان فى طرفى العصرين وهما الليل والنهار، قاله الخطابى فى معالم السنن (تخريجه) (د) وإسناده حسن (61) عن جرير بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن إسماعيل قال سمعت قيس بن أبى حازم يحدث عن جرير قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) بتخفيف الميم من الضيم وهو الذل والتعب أى لا يضيم بعضكم بعضًا فى الرؤية بأن يدفعه عنه ونحوه، ويروى بفتح التاء وضمها وشدة الميم من الضم أى لا تزاحمون ولا تتنازعون ولا تختلفون فيها وفه وجوه أخرى قاله العينى (3) التعقيب بقوله فان استطعتم الخ مشعر بان الرؤية قد يرجى نيلها بالمحافظة على هاتين الصلاتين الصبح والعصر، وذلك لتعاقب الملائكة في وقتيهما ولأن وقت صلاة الصبح وقت لذة النوم، وصلاة العصر

قبل طلوع الشَّمس وقبل الغروب، ثمَّ تلا هذه الآية (فسبِّح بحمد ربِّك قبل طلوع الشَّمس وقبل غروبها) قال شعبة (أحد الرُّواة) لا أدري قال فإن استطعتم أو لم يقل (8) باب فضل صلاة التطوع وجبر الفرائضى بالنواقل (62) عن أبى أمامة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أذن الله لعبد فى شيءٍ أفضل من ركعتين يصليهما، وإنَّ البرَّ ليذرُّ فوق رأس العبد ما دام فى صلاته، وما تقرَّب العباد إلى الله بمثل ما خرج منه يعني القرآن (63) عن عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة الرَّجل فى بيته نورٌ فمن شاء نوَّر بيته (64) عن أنس بن حكيمٍ الضَّبِّيِّ أنَّه خاف زمن زيادٍ أو ابن زيادٍ

_ وقت الفراغ من الأشغال وطلب الراحة فالقيام فيهما أشق على النفس والله تعالى أعلم (1) قول شعبة لم يرد فى رواية البخارى وهو من رجالها أيضًا (تخريجه) (خ. وغيره) (الأحكام) دلت أحاديث الباب على فضل صلاتى الاصبح والعصر لما قدمنا فى خلال الشرح من اجتماع الملائكة فيهما وشهادتهم لمن يصليها، ولأنهما تفعلان فى وقتى لذة النوم وطلب الراحة فمن أداهما فى هذين الوقتين مبتغيا بذلك وجه الله تعالى فالله تعالى يعوضه خيرًا من تلك اللذة الفانية بلذة دار البقاء والنعيم ورؤية وجهه الكريم لا أحرمنا الله منها آمين (62) عن أبى امامة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم بن القاسم ثنا بكر بن خنيس عن ليث بن أبى سليم عن زيد بن أرطاة عن أبى امامة الخ (غريبه) (2) أى ينثر وفيه إشارة إلى كثرة الرحمة والاحسان الى المصلى مادام فى صلاته (3) أى من الله عز وجل وهو من المتشابه الذي نؤمن به كما جاء بدون تكييف ولا تشبيه ونكل علمه الى الله عز وجل (تخريجه) رواه أيضًا الترمذى وصححه السيوطى فى الجامع الصغير (63) عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه الخ، هذا طرف من حديث طويل تقدم الكلام عليه فى باب صفة الغسل من الجنابة (64) عن أنس بن حكيم الضبى الخ (سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

فأتى المدينة فلقى أبا هريرة رضى الله عنه، قال فانتسبني فانتسبت له فقال يا فتى ألا أحدَّثك حديثًا لعلَّ الله أن ينفعك به، قلت بلى رحمك الله، قال إن أوَّل ما يحاسب به النَّاس يوم القيامة من الصَّلاة، قال يقول ربُّنا عزَّ وجلَّ لملائكته وهو أعلم انظروا فى صلاة عبدى أتمَّها أم نقصها فإن كانت تامَّةً كتبت له تامَّةً، وإن كان انتقص منها شيئًا قال انظروا هل لعبدي من تطوعٍ، فإن كان له تطوعٌ، قال أتمُّوا لعبدى فريضته من تطوُّعه، ثمَّ تؤخذ الأعمال على ذلكم، قال يونس (أحد الرُّواة) وأحبه قد ذكر النَّبي صلى الله عليه وسلم (وعنه من طريقٍ ثان) قال قال لى أبو هريرة إذا أتيت أهل مصر فأخبرهم أنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أوَّل شيءٍ مَّما يحاسب به العبد يوم القيامة صلاته المكتوبة، فإن صلحت (وفى روايةٍ فإن أتمَّها) وإلاَّ زيد فيها من تطوُّعه ثمَّ يفعل بسائر الأَّعمال المفروضة كذلك (65) عن يحيى بن يعمر عن رجلٍ من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال قال

_ إسماعيل قال أنا يونس يعنى ابن عبيد عن الحسن عن أنس بن حكيم الضبى الخ (غريبه) (1) أى قال لى من أنت وابن من ومن أى قبيلة أو نحو ذلك (2) يحتمل أن يراد به ما انتقص من السنن والهيئات المشروعة فيها من الخشوع والأذكار ويحتمل أن يراد به ما انتقص من فروضها وشروطها (وقوله ثم تأخذ الأعمال على ذلكم) فى الروايه الثانية ثم يفعل بسائر الأعمال المفرضة كذلك أى تكمل فرائضها من نوافلها (3) أى ظن يونس أنه سمع الحديث مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقد ثبت رفعه فى الرواية الثانية (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا سفيان يعنى ابن حسين عن زيد عن أنس بن حكيم الضبى قال قال لى أبو هريرة "الحديث" (تخرجه) (د. نس) وسنده جيدو ورواه الترمذى بنحوه من حديث قبيصة بن جريث عن أبى هريرة وقال حديث حسن غريب من هذا الوجه (65) عن يحيى بن يعمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن

رسول الله صلى الله عليه وسلم أوَّل ما يحاسب به العبد صلاته، فإن كان أتمَّها كتبت له تامَّةً، وإن لم يكن أتمَّها قال الله عزَّ وجلَّ انظروا هل تجدون لعبدى من تطوُّع فتكلموا بها فريضته، ثمَّ الزَّكاة كذلك ثمَّ تؤخذ الأعمال على حسب ذلك (9) باب فى وعيد من تهاون بأمر الصلاة أو أخرها عن وقتها (66) حّدثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا عبد الملك بن عمرو ثنا خارجة بن عبد الله من ولد زيد بن ثابتٍ عن أبيه قال انصرفنا من الظُّهر مع خارجة بن زيدٍ فدخلنا على أنس بن مالكٍ (رضى الله عنه) فقال يا جارية انظرى هل حانت الصَّلاة، قال قالت نعم، فقلنا له إنَّما انصرفنا من الظُّهر الآن مع الإمام، قال فقام فصلَّى العصر ثمَّ قال هكذا كان يصلِّى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم

_ موسى قال ثنا حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن يحيى بن يعمر الخ (تخرجه) لم أقف عليه ورجاله رجال الصحيح وجهالة الصحابى لا تضر وتشهد له أحاديث الباب وله شاهد أيضًا عند أبى داود وابن ماجة من حديث تميم الدارى (الأحكام) فى أحاديث الباب دلالة على فضل ما يتقرب به العبد إلى ربه عز وجل تلاوة القرآن خصوصا فى الصلاة، وفيها أن صلاة التطوع تجبر الخلل الواقع فى الصلاة المفروضة، وكذلك سائر أنواع العبادات المفروضة تجبر من تطوعها، فينبغى للانسان أن يحافظ على فعلها ما استطاع وأن لا يتهاون بأمرها لكونها غير مفروضة ففيها نفع عظيم وثواب جسيم (66) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) يعنى ابن سليمان بن زيد بن ثابت الأنصارى (2) القائل هو عبد الله والد خارجة (وقوله) مع خارجة بن زيد يعنى ابنه، ونسبه إلى جده زيد ابن ثابت ولم ينسبه الى نفسه لأنه اشتهر بنسبته إلى جده (3) معناه أن أنسا رضى الله عنه يعيب عليهم فعلهم فى تأخير الصلاة عن وقتها الأول ويحتج عليهم بأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصليها فى أول وقتها وهو الأفضل فقد روى الترمذى وغيره عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول

(67) عن زياد بن أبي زياد مولى ابن عبَّاسٍ (رضى الله عنهما) قال انصرفت من الظُّهر أنا وعمر حين صلاَّها هشام بن إسماعيل بالنَّاس إذ كان على المدينة إلى عمرو بن عبد الله بن أبي طلحة نعوده في شكوى له، قال فما قعدنا، ما سألنا عنه إلاَّ قيامًا، قال ثمَّ انصرفنا فدخلنا على أنس بن مالكٍ فى داره وهى إلى جنب دار أبى طلحة، قال فلمَّا قعدنا أتته الجارية فقالت الصَّلاة يا أبا حمزة، قال قلنا أىُّ الصَّلاة رحمك الله، قال العصر، قال فقلنا إنَّما صلَّينا الظُّهر الآن، قال فقال إنَّكم تركتم الصَّلاة حتَّى نسيتموها، أو قال نسيتموها حتى تركتموها) إنِّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بعثت أنا والسَّاعة كهاتين ومدَّ إصبعه السبَّابة والوسطى (68) عن على رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثةٌ يا علي

_ الله صلى الله عليه وسلم قال الوقت الأول من الصلاة رضوان الله، والآخر عفو الله، (قلت) وشتان بين من يجوز الرضا وبين من يلتمس العفو نسأل الله التوفيق والهداية (تخريجه) لم أقف عليه وسنده حسن (67) عن زياد بن أبى زياد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب أخبرنا أبى عن ابن اسحاق حدثنى زياد بن أبى زياد الخ (غريبه) (1) يريد أنهم فرطوا فى الصلاة وتهاونوا فى أمرها، واستدلاله بالحديث يشير الى قرب قيام الساعة، ومن علاماتها التهاون بأمر الصلاة وقد بدت بوادر ذلك فيهم (2) روى بنصب الساعة ورفعها (3) فى رواية عند مسلم وضم السبابة والوسطى، قال قتادة كفضل احداهما على الأخرى بمعنى ان ما بقى من عمر الدنيا كقدر ما بين الاصبعين فى الطول، وقيل هو إشارة إلى قرب المجاوزة والله أعلم (تخريجه) (ق) مختصرًا على الحديث بدون ذكر القصة (68) عن على (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون بن معروف قال عبد الله وسمعته أنا من هارون أنبأنا ابن وهب حدثنى سعيد بن عبد الله الجهنى أن محمد بن عمر بن على بن أبى طالب حدثه عن أبيه عن جده على بن أبى طالب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ

لا تؤخرهنَّ، الصَّلاة إذا آذنت والجنازة إذا حضرت، والأيِّم إذا وجدت كفؤا (69) عن عبد الله ابن مسعودٍ رضى الله عنه أنَّ رجلًا أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال إنَّ فلانًا نام البارحة عن الصَّلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذالك الشيَّطان بال فى أذنه أو في أذنيه (70) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبىِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مثله (71) عن شدَّاد بن أوسٍ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال سيكون من بعدي

_ (غريبه) (1) أى حضر وقتها (2) الايم نفتح الهمزة وكسر التحتانية المشددة، من لا زوج لها بكرا كانت أوئيبا، ويسمى الرجل الذي لا زوج له أيّما أيضًا (والكفؤ) فى النكاح أن يكون الرجل مثل المرأة فى الاسلام والحرية والصلاح والنسب وحسن الكسب (تخريجه) (ك. جه. حب. ومذ) وأعله بجهالة سعيد بن عبد الله الجهنى ولكن عده ابن حبان فى الثقات واختلف فى سماع عمر بن على بن أبى طالب من أبيه ولكن قال أبو حاتم انه سمع منه والله أعلم (69) عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد ثنا منصور عن أبى وائل عن عبد الله بن مسعود "الحديث" (غريبه) (3) قيل معناه سخر منه وظهر عليه حتى نام عن طاعة الله عز وجل كقول الشاعر (باب سهيل فى الفصيح ففسد) أى لما كان الفضيخ يفسد بطلوع سهيل كان ظهوره عليه مفسدًا له (نه) (قلت) الفضيخ شراب يتخذ من البسر المفضوخ أى المشدوخ من غير أن تمسه النار فاذا ترك حتى اشتد اسكر، ويفسد عمله إذا ظهر النجم سهيل وكل هذا على سبيل المجاز والتمثيل (تخريجه) (ق. نس. جه) (70) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الاعلى ثنا يونس عن الحسن عن أبى هريرة قال ذكروا عند النبى صلى الله عليه وسلم رجلا أو أن رجلا قال يا رسول الله ان فلانًا نام البارحة ولم يصل حتى أصبح قال بال الشيطان فى اذنه (تخريجه) لم أقف عليه وقال المنذرى رواه أحمد باسناد صحيح (تر) (71) عن شداد بن أوس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الحكم بن

أئمةٌ يميتون الصَّلاة عن مواقيتها فصلُّوا الصَّلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم سبحةً (72) حّدثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا عبد الرَّزَّاق قال أنا ابن جريحٍ قال أخبرنى عاصم بن عبيد الله أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال إنَّها ستكون من بعدى أمراء يصلُّون الصَّلاة لوقتها ويؤخِّرونها عن وقتها فصلُّوها معهم، فإن صلَّوها لوقتها وصلَّيتموها معهم فلكم ولهم وإن أخَّروها عن وقتها فصلَّيتموها معهم فلكم وعليهم من فارق الجماعة مات ميتةً جاهليَّةً، ومن نكث العهد ومات ناكثًا للعهد جاء يوم القيامة لا حجَّة له، قلت له من أخبرك هذا الخبر؟ قال أخبرنيه عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه عامر بن ربيعة يخبر عامر ابن ربيعة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم (73) عن كعب بن عجرة رضى الله عنه قال بينما أنا جالس فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مسندي ظهورنا إلى قبلة مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة رهطٍ، أربعةٌ موالينا وثلاثةٌ من عربنا، إذ خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظُّهر حتَّى

_ نافع ثنا ابن عياش عن راشد بن داود عن أبى أسماء الرحبى عن شداد بن أوس "الحديث" (غريبه) (1) أى نافلة وسميت النافلة سبحة لأنها كالتسبيحات فى عدم الوجوب، وفيه أن الأولى هى الفرض وان الاخرى نافلة، وإنما أمرهم بالصلاة معهم حذرًا من وقوع الفرقة وشق عصا الطاعة (تخريجه) أخرج نحوه مسلم والاربعة من حديث أبى ذر (72) حدثنا عبد الله (غريبه) (2) أى فثوابها لكم ولهم (3) أىفثوابها لكم ووزرها عليهم (4) بكسر الميم حالة الموت أى كما يموت أهل الجاهلية من الضلال والفرقة حيث لم يعرفوا إماما مطاعا (تخريجه) أخرج نحوه أبو داود عن عبيدة بن الصامت وقبيصة بن وفاض وسنده جيد (73) عن كعب بن عجرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا هاشم

انتهى إلينا فقال ما يجلسكم ههنا؟ قلنا يا رسول الله ننتظر الصَّلاة، قال فأرَّم قليلًا ثمَّ رفع رأسه فقال أتدرون ما يقول ربُّكم عزَّ وجلَّ؟ قال قلنا الله ورسوله أعلم، قال فإنَّ ربَّكم عزَّ وجلَّ يقول، من صلَّى الصَّلاة لوقتها وحافظ عليها ولم يضيعها بحقِّها فله علىَّ عهد أن أدخله الجنَّة، ومن لم يصلِّها لوقتها ولم يحافظ عليها وضيَّعها استخفافًا بحقها فلا عهد له، إن شئت عذَّبته وإن شئت غفرت له (74) عن أبى اليسر الأنصارى كعب بن عمرو (رضى الله عنه) صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال منكم من يصلِّى الصَّلاة كاملةً ومنكم من يصلِّى النِّصف والثُّلث والربع حتى بلغ العشر (75) عن نوفل بن معاوية رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال من فاتته

_ ثنا عيسى بن المسيب البجلى عن الشعبى عن كعب بن عجرة الخ (غريبه) (1) أى سكت (تخريجه) (طب طس) قال الهيثمى وفيه عيسى بن المسيب البجلى وهو ضعيف (قلت) له شاهد عند الطبرانى فى الكبير عن ابن مسعود حسنه المنذرى (74) عن أبى اليسر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون ابن معروف وسريح ومعاوية بن عمرو قالوا ثنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبى هلال عن عمرو بن الحكم الأنصارى عن أبى اليسر الخ (غريبه) (2) أى إن أتى بها تامة الأركان وكان مخلصًا خاشعًا، فاذا نقص من ذلك شيئًا نقص من ثوابه بقدره وهكذا (تخريجه) (نس) قال المنذرى باسناد حسن قال واسم أبى اليسر بالياء المثناة تحت والسين المهملة مفتوحتين كعب بن عمرو السلمى شهد بدرًا (تر) (قلت) ويشهد له حديث عمار بن ياسر رضى الله عنه عنه (د. نس. حب) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الرجل ينصرف وما كتب له إلا عشر صلاته تسعها ثمنها سبعها سدسها خمسها ربعها ثلثها نصفها (قلت) فان أحسنها وأتقنها كتب له الثواب كاملا بل قد يضاعف له الثواب (75) عن نوفل بن معاوية (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الملك

الصَّلاة فكأنَّما وتر أهله وماله (76) عن عائشة رضى الله عنها أنَّها قالت ما صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّلاة لوقتها الآخر مرَّتين حتَّى قبضه الله عزَّ وجلَّ (10) باب فى وعيد من ترك الصلاة عمدا أو سكرا (77) عن أمِّ أيمن رضى الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تترك الصَّلاة متعمِّدًا، فإنَّه من ترك الصَّلاة متعمِّدًا فقد برئت منه ذمَّة الله ورسوله

_ ابن عمرو ثنا ابن أبى ذئب عن الزهرى عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن نوفل بن معاوية لخ (غريبه) (1) يعنى أن من لم يدرك الصلاة فى وقتها بغير عذر شرعى (فكأنما وتر) "بضم الواو وكسر التاء المثناه" أى نقس وسلب أهله وماله، قال فى النهاية يقال وترته اذا نقصته فكأنك جعلته وترًا بعد أن كان كثيرًا، وقيل هو من الوتر الجناية التى يجنيها الرجل على غيره من قتل أو نهب أو سى فشبه ما يلحق من فاتته الصلاة بمن قتل حميمه أوسلب أهله وماله، يروى بنصب الأهل ورفعه، فمن نصب جعله مفعولا ثانيًا لوتر وأضمر فيها مفعولا لم يسم فاعله عائدًا إلى الذي فاتته الصلاة، ومن رفع لم يضمر وأقام الأهل مقام ما لم يسم فاعله لأنهم المصابون المأخوذون، فمن رد النقص الى الرجل نصبهما، ومن ردة الى ااالأهل والمال رفعهما اهـ (تخرجه) (حب. عب) وسنده جيد (76) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة قال ثنا ليث ابن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبى هلال عن إسحاق بن عمر عن عائشة "الحديث" (تخريجه) أخرجه) (مذ) وقال هذا حديث غريب وليس إسناده بمتصل يريد والله أعلم أن إسحاق بن عمر ليس له سماع من عائشة (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل الصلاة فى أول الوقت ووعيد من تركها حتى خرج وقتها وبذلك قال جميع العلماء، قال الترمذى قال الشافعى والوقت الأول من الصلاة أفضل، ومما يدل على فضل أول الوقت على آخره اختيار النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر فلم يكونوا يختارون إلا ما هو أفضل ولم يكونوا يدعون الفضل وكانوا يصلون فى أول الوقت حدثنا بذلك ابن الوليد المكى عن الشافعى اهـ (77) عن أم أيمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الوليد بن مسلم قال أنا سعيد بن عبد العزيز عن مكحول عن أم أيمن الخ (غريبه) (2) الذمة والذمام

(78) عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال من ترك الصَّلاة سكرًا مرَّة واحدة فكأنَّما كانت له الدُّنيا وما عليها فسلبها، ومن ترك الصَّلاة سكرًا أربع مراتٍ كان حقًّا على الله أن يسقيه من طينة الخبال قيل وما طينة الخبال يا رسول الله؟ قال عصارة أهل جهنَّم (11) باب حجة من كفر تارك الصلاة (79) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين العبد وبين الكفر أو الشِّرك ترك الصَّلاة

_ العهد والأمان والضمان والحرمة والحق، والمعنى أن لكل واحد من الله عهدًا بالحفظ والكلاءة فاذا ألقى ببدء الى التهلكة وخالف ما أمر به أو فعل ما حرم عليه خذلته ذمة الله فيصير لا عهد له عند الله ولا حرمة، وأى مخالفة أشنع من ترك الصلاة نعوذ بالله من ذلك (تخرجه) أورده المنذرى وقال رواه أحمد والبيهقى ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أن مكحولا لم يسمع من أن أيمن (78) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون ابن معروف ثنا ابن وهب حدثنى عمرو يعنى ابن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو (يعنى ابن العاص رضى الله عنهما) "الحديث" (غريبه) (1) أى بسبب السكر (2) الخيال بفتح الخاء يطلق على الفساد فى البدن والجنون، وفسر فى الحديث بعصارة أهل جهنم، وهو ما يسيل منهم من الدم، والصديد وعبر عنه بطينة الخيال لكونه يذهب عقول أهل النار ويتلف أبدائهم عافانا الله من ذلك (فان قيل) لم اختير هذا العقاب لتارك الصلاة بسبب السكر (قلت) لأنه لما كانت الخمر تذهب العقل وتفسد البدن وقد نهاه الله عز وجل عنها فلم ينته عاقبه الله بمثل ما ارتكبه جزاءًا وفاقا والله أعلم (تخرجه) (هق) وسنده جيد (الأحكام) حديثا الباب يدلان على التغليظ الشديد على من ترك الصلاة عمدًا وعلى من تركها بسبب السكر وانه لا عذر له فى ذلك بل يجب عليه قضاؤها به قال الجمهور والله أعلم (79) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن الأعمش عن أبى سفيان عن جابر "الحديث" (غريبه) (3) رواية مسلم "بين الرجل وبن الكفر والشرك ترك الصلاة" قال النووى رحمه الله هكذا

(80) عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضى الله عنه قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول العهد الذَّي بيننا وبينهم الصَّلاة فمن تركها فقد كفر (81) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه اذكر الصَّلاة يومًا فقال له، من حافظ عليها كانت له نورًا وبرهانًا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نورٌ ولا برهانٌ ولا نجاةٌ وكان يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وأبيِّ بن خلفٍ

_ هو في جميع الأصول من صحيح مسلم الشرك والكفر بالواو وفى مخرج أبو عوانة الاسفراييى وأبى نعيم الأصبهانى أو الكفر بأو، ولكل واحد منهما وجه، ومعنى بينه وبين الشرك ترك الصلاة ان الذى يمنع من كفره كونه لم يترك الصلاة، فاذا تركها لم يبق بينه وبين الشرك حائل بل دخل فيه، ثم ان الشرك والكفر قد يطلقان بمعنى واحد وهو الكفر بالله تعالى، وقد يفرق بينها فيحض الشرك بعبدة الأوثان وغيرها من المخلوقات مع اعترافهم بالله تعالى ككفار قريش فكون الكفر أعم من الشرك والله أعلم اهـ (م) (تخريجه) (م) والأربعة الا النسائى (80) عن عبد الله بن بريدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن الحسن يعنى ابن شقيق ثنا الحسين بن واقد ثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه (يعنى بريدة الأسلمى رضى الله عنه) الخ (غريبه) (1) يعنى المنافقين والمعنى أن العمدة فى اجراء أحكام الاسلام عليهم تشبيههم بالمسلمين فى حضور الصلاة وانتقادهم للاحكام الظاهرة، فاذا تركوا ذلك كلنوا هم وسائر الكفار سواء وقوله صلى الله عليه وسلم (فمن تركها فقد كفر) صريح فى كفر تارك الصلاة وحمله الجمهور على ما اذا تركها جاحدًا والله أعلم (تخرجه) (الأربعة. حب. ك) وقال الترمذى حديث حسن صحيح وصححه أيضًا النسائى والعراقى (81) عن عبد الله بن عمرو الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الرحمن ثنا سعيد حدثنى كعب بن علقمة عن عيسى بن هلال الصدفى عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبه) (2) أى مخلدًا معهم وقيده الجمهور بما إذا كان جاحدا لوجوبها أما اذا كان مقرًا بوجوبها وتركها كسلا فانه يكون معهم فى النار وان اختلفت المحامل وكيفية العذاب ثم يخرج منها، قالوا ومجرد المعية والمصاحبة لا تدل على الاستمرار والتأييد لصدق المعنى اللغوى بلبثه معهم مدة (قلت) وعلى أخف الأمرين فيه تغليظ شديد وتوبيخ فظيع لمن

_ ثم يحافظ على الصلاة وفيه أنه لا انتفاع للمصلي بصلاته إلا إذا كان حافظاً عليها، لأنه إذا انتفى كونها نوراً وبرهاناً ... مع عدم المحافظة انتفى نفعها (تخريجه) (طب، طس هب) والدارمي وقال الهيثمي رجال أحمد ثقات (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن ترك الصلاة من موجبات الكفر (وقال الشوكاني رحمه الله) ولا خلاف بين المسلمين في كفر من ترك الصلاة منكراً لوجوبها إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام أو لم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة، وأن من كان تركه لها تكاسلا مع اعتقاده لوجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف الناس في ذلك، فذهبت العترة والجماهير من السلف والخلف منهم مالك والشافعي إلى أنه لا يكفر بل يفسق فإن تاب وإلا قتلناه حداً كالزاني المحصن ولكنه يقتل بالسيف، (وذهب جماعة من السلف) إلى أنه يكفر وهو مروي عن علي بن أبي طالب عليه السلام وهو أحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل وبه قال عبد الله بن المبارك وإسحاق ابن راهويه، وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي، (وذهب أبو حنيفة) وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي إلى أنه لا يكفر ولا يقتل بل يعزر ويحبس حتى يصلي، (احتج الأولون) على عدم كفره بقول الله عز وجل "إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء" واحتجوا على قتله بقوله تعالى: "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم" وبقوله صلى الله عليه وسلم "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها" الحديث متفق عليه، وتأولوا قوله صلى الله عليه وسلم "بين العبد وبين الكفر ترك الصلاة" وسائر أحاديث الباب على أنه مستحق بترك الصلاة عقوبة الكافر وهي القتل، أو أنه محمول على المستحل، أو على أنه قد يؤول به إلى الكفر أو على أن فعله فعل الكفار (واحتج أهل القول الثاني) بأحاديث الباب (واحتج أهل القول الثالث) على عدم الكفر بما احتج به أهل القول الأول، وعلى عدم القتل بحديث (لا يحل دم امريء مسلم إلا بإحدى ثلاث) وليس فيه الصلاة، والحق أنه كافر يقتل، أما كفره فلأن الأحاديث قد صحت أن الشارع سمى تارك الصلاة بذلك الاسم وجعل الحائل بين الرجل وبين جواز إطلاق هذا الاسم عليه هو الصلاة فتركها مقتض لجواز الإطلاق ولا يلزمنا شيء من المعارضات التي أوردها الأولون لأنا نقول لا يمنع أن يكون بعض أنواع الكفر غير مانع من المغفرة واستحقاق الشفاعة ككفر أهل القبلة ببعض الذنوب التي سماها الشارع كفرا فلا ملجيء إلى التأويلات التي وقع الناس في مضيقها، وأما أنه يقتل فلان حديث "أمرت أن أقاتل الناس" يقضي بوجوب القتل لاستلزام المقاتلة له، وقد شرط الله في القرآن التخلية بالتوبة وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة فقال: "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم" فلا يخلى من لم يقم الصلاة اهـ باختصار وتصرف

(12) باب حجة من لم يكفر تارك الصلاة ورجا له ما يرجى لاهل الكبائر (82) عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فيه إلى فىَّ، لا أقول حدَّثنى فلانٌ ولا فلانٌ، خمس صلواتٍ أفترضهنَّ الله على عباده فمن لقيه بهنَّ لم يضيِّع منهنَّ شيئًا لقيه وله عنده عهدٌ يدخله به

_ (82) عن عبادة بن الصامت (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحاق ثنا محمد بن يحيي بن حبان عن عبد الله بن محيريز عن المخدجي عن عبادة بن الصامت الحديث (تخريجه) أخرجه (لك. نس. جه. حب) وابن السكن، قال ابن عبد البر هو صحيح ثابت لم يختلف عن مالك فيه (الأحكام) احتج بحديث الباب القائلون بعدم كفر تارك الصلاة وعدم خلوده في النار لقوله صلى الله عليه وسلم (ان شاء عذبه وان شاء غفر له) لأنه لو كان كافرًا لم يدخل تحت المشيئة واحتجوا أيضًا بما رواه مسلم والامام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لكل نبي دعوة مستجابة فتعجل كل نبي دعوته، واني اختبات دعوتي شفاعة لأمتي يوم القيامة، فهي نائلة ان شاء الله من مات من أمتي لا يشرك بالله شيئا" وبقوله صلى الله عليه وسلم (أسعد الناس بشفاعتي من قال لا اله الا الله خالصا من قلبه) رواه البخاري عن أبي هريرة أيضا وبحديث (من مات يعلم أن لا اله الا الله دخل الجنة) رواه مسلم والامام أحمد عن عثمان وقد حملوا أحاديث التكفير على كفر النعمة أو على معنى قد قارب الكفر، وقد جاءت أحاديث في غير الصلاة اريد بها ذلك، فروى ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" متفق عليه وروى أبو ذر انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه الا كفر، ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليتبوأ مقعده من النار" متفق عليه، وروى ابو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اثنتان في الناس هما بهم كفر، الطعن في النسب والنياحة على الميت رواه مسلم والامام أحمد، وروى ابن عمر قال كان عمر يحلف وابي فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال من حلف بشيء دون الله فقد أشرك) رواه الامام أحمد، وروى ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "مدمن الخمر ان مات لقي الله كعابد وثن" رواه الامام احمد أيضًا (قال الشوكاني رحمه الله) قد أطبق أئمة المسلمين من السلف والخلف والاشعرية والمعتزلة وغيرهم أن الأحاديث الواردة بأن من قال لا إله الا الله دخل الجنة مقيدة بعدم الاخلال بما أوجب الله من سائر الفرائض وعدم فعل كبيرة من الكبائر التي لم يتب فاعلها عنها، وان مجرد الشهادة لا يكون موجبا

الجنَّة، ومن لقيه وقد انتقص منهنَّ شيئًا استخفافًا بحقِّهنَّ لقيه ولا عهد له، إن شاء عذَّبه وإن شاء غفر له (13) باب ما جاء فى الأحوال التى عرضت للصلاة (83) عن عبد الرَّحمن بن أبى ليلى عن معاذ بن جبلٍ رضى الله عنه قال أحيلت الصَّلاة ثلاثة أحوالٍ، وأحيل الصِّيام ثلاثة أحوال، فأمَّا أحوال الصَّلاة فإنَّ النَّبى صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهو يصلِّى سبعة عشر شهرًا إلى بيت المقدس، ثمَّ إنَّ الله أنزل عليه (قد نرى تقلب وجهك في السَّماء فلنولِّينَّك قبلةً ترضاها، فولِّ وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) قال

_ لدخول الجنة، فلا يكون حجة على المطلوب، ولكنهم لختلفوا في خلود من أخل بشيء من الواجبات أو قارف شيئا من المحرمات في النار مع تكلمه بكلمة الشهادة وعدم التوبة عن ذلك، فالمعتزلة جزموا بالخلود، والأشعرية قالوا يعذب في النار ثم ينقل الى الجنة، وكذلك اختلفوا في دخوله تحت المشيئة، فالأشعرية وغيرهم قالوا بدخوله تحتها، والمعتزلة منعت من ذلك وقالوا لا يجوز على الله المغفرة لفاعل الكبيرة مع عدم التوبة عنها، وهذه المسائل محلها علم الكلام، وإنما ذكرنا هذا للتعريف بإجماع المسلمين على أن هذه الأحاديث مقيدة بعدم المانع 0 قال) وسبب الوقوع في مضيق التأويل توهم الملازمة بين الكفر وعدم المغفرة وليست بكلية، وانتفاء كليتها يريحك من تأويل ما ورد في كثير من الأحاديث، منها ما ثبت في الصحيح بلفظ (لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض) (وحديث) أيما عبد أبق من مواليه فقد كفر حتى يرجع اليهم (وحديث) أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر، فأما من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب (وحديث) من قال لأخيه يا كافر فقد باء بها، وكل هذه الأحاديث في الصحيح وقد ورد من هذا الجنس أشياء كثيرة ونقول من سماه الرسول صلى الله عليه وسلم كافرًا سميناه كافرًا ولا نزيد على هذا المقدار ولا نتأول بشيء منها لعدم الملجئ الى ذلك اهـ يتصرف واختصار (83) عن عبد الرحمن بن أبي. ليلى الخ (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النصر ثنا المسعودي ويزيد بن هرون أخبرنا المسعودي قال أبو النضر في حديثه

فوجَّهه الله إلى مكَّة قال فهذا حولٌ (قال) وكانوا يجتمعون للصلاة ويوذن بها بعضهم بعضًا حتَّى نقسوا أو كادوا ينقسون، قال ثمَّ إن رجلًا من الأنصار يقال له عبد الله بن زيدٍ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنِّى رأيت فيما يرى النَّائم ولو قلت إنِّى لم أكن نائمًا لصدقت، إنِّى بينما أنا بين النَّائم واليقظان إذ رأيت شخصًا عليه ثوبان أخضر ان فاستقبل القبلة فقال الله أكبر، الله أكبر، أشهد أن لا إله إلَّا الله، أشهد أن لا إله إلاَّ الله مثنى حتَّى فرغ من الأذان ثمَّ أمهل ساعةً، قال ثمَّ قال مثل الَّذى قال غير أنَّه يزيد في ذلك قد قامت الصَّلاة قد قامت الصَّلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم علِّمها بلالًا فليؤذِّن بها، فكان بلالٌ أوَّل من أذَّن بها، قال وجاء عمر ابن الخطّاب فقال يا رسول الله إنَّه قد طاف بى مثل الذَّى أطاف به غير أنَّه سبقنى فهذان حولان (قال) وكانوا يأتون الصَّلاة وقد سبقهم ببعضها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قال فكان الرَّجل يشير الى الرَّجل إن جاءكم صلَّى؟ فيقول واحدةً أو اثنتين فيصلِّيها ثمَّ يدخل مع القوم في صلاتهم، قال فجاء معاذ فقال لا أجده على حال أبدًا إلاَّ كنت عليها ثمَّ قضيت ما سبقنى، قال فجاء وقد سبقه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ببعضها، قال فثبت معه فلمَّا قضي رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قام فقضى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّه

_ حدثني عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلي الخ (غريبه) (1) بفتح القاف من باب قتل قال في النهاية النقس الضرب بالناقوس وهي خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها والنصارى يعلمون بها أوقات صلاتهم اهـ (2) أي يكرر كل جملة مرتين (وقوله) ساعة أي مدة وجيزة من الزمن (3) أي رأيت مثل الذي رأى وفي لفظ مثل الذي أرى

قد سن لكم معاذٌ فهكذا فاصنعوا، فهذه ثلاثة أحوال، وأمَّا أحوال الصيِّام (فذكر الحديث) (14) باب أمر الصبيان بالصلاة وما جاء فيمن رفع عنهم القلم (84) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا صبيانكم بالصَّلاة إذا بلغوا سبعًا واضربوهم عليها إذا بلغوا عشرًا وفرِّقوا بينهم فى المضاجع (85) عن عبد الملك بن الربيع بن سبرة الجهنيِّ عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغ الغلام سبع سنين أمر بالصَّلاة، فإذا بلغ عشرًا ضرب عليها

_ (1) الحديث له بقية وهذا شطره الأول، وشطره الثاني أوله، وأما أحوال الصيام الخ، سيأتي في أول كتاب الصيام إن شاء الله تعالى، ولم أذكره هنا لطوله ولكونه خاصا بالصيام فقط (تخريجه) (د. قط. خز. هق. لس. والطحاوي) وسنده جيد (84) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا داود بن سوار عن عمر بن شعيب الحديث (وفي آخره قال عبد الله بن الأمام أحمد) قال أبي وقال الطفاوي محمد بن عبد الرحمن "في هذا الحديث سوار أبو حمزة" وأخطأ فيه اهـ (غريبة) (2) أي عند تمامها اذا ميزوا والافعند التمييز، وإنما قيد بالسبع لان التمييز يحصل بعدها في الغالب (وقوله) واضربوهم الخ أي على تركها عقب تمام العشر ضربا غير مبرح، واعتمد جماعة من الشافعية أن الضرب يجب بالشروع في العاشرة وذلك ليتمرنو عليها ويعتادوها بعد البلوغ، وأخر الضرب للعشرة لأنه عقوبة، والعشر زمن احتمال البلوغ بالاحتلام مع كونه حينئذ يقوى ويحتمله غالبا (3) أي التي ينامون فيها اذا بلغوا عشرًا حذرًا من غوائل الشهوة (تخريجه) (د. ك) وقال هذا الحديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت 9 وأقره الذهبي (85) عن عبد الملك بن الربيع (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد ابن الحباب حدثني عبد الملك بن الربيع بن سبرة الجهني عن أبيه عن جده الخ (تخريجه)

(86) عن علي رضى الله عنه، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رفع القلم عن ثلاثة، عن الصَّغير حتَّى يبلغ، وعن النَّائم حتِّى يستيقظ، وعن المصاب حتَّى يكشف عنه (87) عن عائشة رضى الله عنها عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن ثلاثٍ، عن النَّائم حتَّى يستيقظ، وعن الصبيِّ حتى يحتلم، وعن المجنون (وفى رواية وعن المعتوه) حتَّى يعقل (وعنها مت طريق آخر) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن ثلاثةٍ، عن النَّائم حتَّى يستيقظ، وعن المبتلى حتَّى يبرأ، وعن الصَّبيِّ حتَّى يعقل

_ (قط. مذ) وقال خسن صحيح وأخرجه البيهق بلفظ (علمو الصبي الصلاة ابن سبع سنين واضربوه عليها ابن عشر) (86) عن علي (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي هشيم أنبأنا يونس عن الحسن عن علي رضي الله عنه (غريبة) (1) كناية عن عدم التكليف (2) أي رفع عنه في الشعر ويكتب له ما فعل من الخير ان كان مميزا (وقوله) حتى يبلغ أي خمس عشرة سنة أو يحتلم (3) أي بجنون أو نحوه كما في حديث عائشة الآتي بعده (تخريجه) (نس. قط. حب. خز. مذ. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم نجز جاه (قلت) وأقره الذهبي (78) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى وعفان وروح قالوا ثنا حماد بن سلمة عن حماد عن ابراهيم عن الأسود عن عائشة "الحديث" (غريبة) (4) هذه رواية حماد، أما عفان وروح فاتفقا على رواية "وعن المجنون" والمعتوه هو المصاب بعقله المدهوش من غير مس أو جنون مطبق (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد انا حماد بن سلمة عن حماد بن ابراهيم عن الاسود عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخ (6) أي بجنون أو نحوه كما تقدم (تخريجه) أخرجه (ك) وقال صحيح على شرط الشيخين والأربعة وقال الترمذي حديث حسن (الأحكام) في أحاديث الباب دليل على أنه يجب على أولياء الصبيان أن يأمروهم بالصلاة اذا بلغوا سبع سنين ويضربهم على تركها اذا بلغوا عشرًا، ويفرقوا بينهم في المضاجع لعشر أيضًا، والذكر والأنثى في ذلك سواء، وبوجوب ذلك قال الجمهور، وحمله المالكية

(أبواب مواقيت الصلاة) (1) باب جامع الأوقات (88) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمَّنى جبريل عند البيت (وفي رواية مرَّتين عند البيت) فصلَّى بى الظهر حين زالت الشَّمس فكانت بقدر الشِّراك (وفي روايةٍ حين كان الفيء بقدر

_ على الندب (قال الشوكاني رحمه الله) إن صح ذلك في قوله مروهم لم يصح في قوله واضربوهم لأن الضرب إيلام للغير وهو لا يباح للأمر المندوب، والاعتراض بأن عدم تكليف الصبي يمنع من حمل الأمر على حقيقته لأن الاجبار إنما يكون على فعل واجب أو ترك محرم وليست الصلاة بواجبة على الصبي ولا تركها محظور عليه، مدفوع بأن ذلك إنما يلزم لو اتحد المحل وهو هنا مختلف فان محل الوجوب الولى ومحل عدمه ابن العشر، ولا يلزم من عدم الوجوب على الصغير عدمه على الولى اهـ (وقال النووي رحمه الله) قال الشافعي في المختصر، على الآباء والأمهات أن يؤدبوا أولادهم ويعلموهم الطهارة والصلاة ويضربوهم إذا عقلوا، قال أصحابنا ويأمره الولى بحضور الصلوات في الجماعة وبالسواك وسائر الوظائف الدينية ويعرفه تحريم الزنا واللواط والخمر والكذب والغيبة وشبهها اهـ ج (وفيها أيضًا) دليل على عدم تكليف الصبي والمجنون والنائم ماداموا متصفين بتلك الأوصاف، قال الحافظ في التلخيص حاكيا عن ابن حبان إن الرفع مجاز عن عدم التكليف لأنه يكتب له فعل الخير اه (قال الشوكاني) وهذا في الصبي ظاهر، وأما في المجنون فلا تتصف أفعاله بخير ولا شر اذ لا قصد له، والموجود منه من صور الأفعال لا حكم له شرعا، وأما في النائم ففيه بعد لن قصده منتف أيضًا فلا حكم لما صدر منه من الأفعال حال نومه؛ وللناس كلام في تكليف الصبي بجميع الأحكام أو ببعضها، ليس هذا محل بسطه وكذلك للنائم اهـ (88) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي عبد الرزاق ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث حدثني حكيم بن حكيم عن نافع بن جبير عن ابن عباس (غريبة) (1) أي صلى بي إمامًا عند الكعبة وكان ذلك في اليوم الذي يلي ليلة الاسراء قاله ابن عبد البر (2) أي مالت عن كبد السماء إلى جهة المغرب يسيرًا (وقوله) فكانت بقدر الشراك أي كان فيؤها قدر شراك النمل، وشراك النمل أحد سيوره التي تكون على وجهها (3) هو ظل الشمس من الزوال إلى الغروب (قال في الصباح) يذهب الناس إلى أن الظل والفيء، معنى واحد وليس كذلك بل الظل يكون غدوة وعشية، والفيء لا يكون إلا بعد الزوال،

الشِّراك) ثمَّ صلَّى بى العصر حين صار ظل كلِّ شيءٍ مثله، ثمَّ صلَّى بى المغرب حين أفطر الصَّائم ثمَّ صلَّى بى العشاء حين غاب الشَّفق ثمَّ صلَّى بى الفجر حين حرم الطَّعام والشَّراب على الصَّائم ثمَّ صلَّى الغد الظُّهر حين كان ظلُّ كلِّ شيءٍ مثله ثمَّ صلَّى بى العصر حين صار ظلُّ كلِّ شيءٍ مثليه، ثمَ صلَّى بى المغرب حين أفطر الصَّائم ثمَّ صلَّى بى العشاء إلى ثلث اللَّيل الأوَّل، ثمَّ صلَّى بى الفجر فأسفر ثمَّ التفت إلىَّ فقال يا محمَّد هذا وقت الأنبياء من قبلك (وفى روايةٍ هذا وقتك ووقت النَّبيِّن قبلك) الوقت فيما بين هذين الوقتين

_ فلا يقال لما قبل الزوال فئ، وإنما سمي بعد الزوال فيئًا لأنه ظل فاء من جانب المغرب الى جانب المشرق، والفيء الرجوع اهـ (1) أي دخل وقت افطاره بأن غابت الشمس (2) الشفق من الاضداد يقع على الحمرة التي ترى في المغرب بعد مغيب الشمس، وبع أخذ الشافعي، وعلى البياض الباقي في الأفق الغربي بعد الحمرة المذكورة، وبه أخذ أبو حنيفة (نه) (3) يعني أول الفجر الصادق وهو المراد بقوله عز وجل {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} (4) هو آخر وقت الظهر وأول وقت العصر في اليوم السابق (5) أي حين غابت الشمس كاليوم السابق (6) أي أخر الصبح في اليوم التالي الى وقت الاسفار وهو ظهور النهار جليا (7) قال ابن العربي في عارضة الاحوذي ظاهره يوهم أن هذه الصلوات في هذه الأوقات كانت مشروعة لمن قبله من الأنبياء وليس كذلك، وانما معناه أن هذا وقتك المشروع لك يعني الوقت الموسع المحدود بطرفين الأول والآخر، وقوله وقت النبيين قبلك أي صلاتهم كانت واسعة الوقت وذات طرفين والا فلم تكن هذه الصلوات على هذا الميقات الا لهذه الأمة خاصة وان كان غيرهم قد شاركهم في بعضها اهـ (8) قال ابن سيد الناس يريد هذين وما بينهما، أما ارادته أن الوقتين اللذين أوقع فيهما الصلاة وقت لها فتبين بفعله وأما الاعلام بأن ما بينهما أيضًا وقت فبينه قوله صلى الله عليه وسلم اهـ (قلت) لما كان الاداء في أول الوقت مما يتعسر على الناس ويؤدي أيضًا الى تقليل الجماعة، وفي التأخير الى آخر الوقت خشية الفوات كان المستحب ما بينهما والله أعلم (تخريجه) (هق. حب. خز. عب. مذ) وقال حديث جس و (ك) وقال صحيح الاسناد وصححه أبو بكر بن العربي وابن عبد البر وقال إن الكلام في اسناده لا وجه له اهـ

(89) عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بمعناه وفيه وصلَّى الصُّبح حين كادت الشَّمس تطلع، ثمَّ قال الصَّلاة فيما بين هذين الوقتين (90) عن جابر بن عبد الله (رضى الله عنهما) وهو الأنصاريُّ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم جاءه جبريل فقال قم فصلِّه فصلَّى الظُّهر حين زالت الشمس، ثمَّ جاءه العصر فقال قم فصلِّه، فصلَّى العصر حين صار ظلُّ كلِّ شيءٍ مثله، أو قال صار ظلُّه مثله، ثمَّ جاءه المغرب فقال قم فصلِّه، فصلَّى حين وجبت الشَّمس ثمَّ جاءه العشاء فقال قم فصلِّه، فصلَّى حين غاب الشَّفق، ثمَّ جاءه الفجر فقال قم فصلِّه فصلَّى حين برق الفجر أو قال حين سطع الفجر، ثمَّ جاءه من الغد للظُّهر فقال قم فصلِّه، فصلَّى الظُّهر حين صار ظلُّ كلِّ شيءٍ مثله، ثمَّ جاءه للعصر فقال قم فصلِّه، فصلَّى العصر حين صار ظلُّ كلِّ مثليه، ثم جاءه للمغرب حين غابت الشَّمس وقتًا واحدًا لم يزل عنه، ثمَّ جاءه للعشاء حين ذهب نصف الليل أو قال ثلث الليل فصلَّى العشاء، ثمَّ جاءه للفجر حين أسفر جدًّا فقال قم فصلِّه فصلَّى الفجر، ثمَّ قال ما بين هذين وقتٌ

_ (89) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسحاق بن عيسى ثنا عبد الله بن لهيعة بن عقبة ثنا بكر بن عبد الله بن الأشج عن عبد الملك ابن سعيد بن سويد الساعدي عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) اخرجه أيضًا الطحاوي وفي اسباده ابن لهيعة وبعضده ما قبله (90) عن جار بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي بن آدم ثنا ابن المبارك عن حسين بن علي قال حدثني وهب بن كيسان عن جار بن عبد الله إلخ (غريبه) (1) الهاء هاء السكت (2) أي غابت (3) أي طلع وظهر نوره (تخريجه) 0 نس. مذ. حب. ك) وروى الترمذي عن البخاري أنه أصح شيء في هذا الباب

(91) عن عبد الله بن عمرو (بن العاص) رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وقت الظهر إذا زالت الشَّمس وكان ظل الرَّجل كطوله ما لم يحضر العصر، ووقت العصر ما لم تصفرَّ الشَّمس، ووقت صلاة المغرب ما لم يغرب الشَّفق، ووقت صلاة العشاء إلى نصف اللَّيل إلا وسط. ووقت صلاة الصُّبح من طلوع الفجر ما لم تطلع الشَّمس، فإذا طلعت الشَّمس فأمسك عن الصلاة فإنَّها تطلع بين قرنى شيطانٍ (92) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ للصَّلاة أوَّلًا وآخرًا، وإنَّ أوَّل وقت الظُّهر حين تزول الشَّمس، وإنَّ آخر وقتها حين يدخل وقت العصر، وإنَّ أوَّل وقت العصر حين يدخل وقتها، وإنَّ آخر وقتها حين تصفرُّ الشَّمس، وإنَّ أوَّل وقت المغرب حين تغرب الشَّمس، وإنَّ آخر وقتها حين يغيب الأفق وإنَّ أوَّل وقت العشاء الآخرة حين يغيب الأفق، وإنَّ آخر وقتها حين ينتصف اللَّيل، وإنَّ أوَّل وقت الفجر حين يطلع الفجر،

_ (91) عن عبد الله ب عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا قتادة عن أبي أيوب عن عبد الله بن عمرو "الحديث" (غريبه) (1) قال النووي رحمه الله قيل المراد بقرنه جانب رأسه، وهذا ظاهر الحديث فهو أولى، ومعناه أنه يدني رأسه الى الشمس في هذا الوقت ليكون الساجدون للشمس من الكفار في هذا الوقت كالساجدين له، وحينئذ يكون له ولشيعته تسلط وتمكن من أن يلبسوا على المصلى صلاته فكرهت الصلاة في هذا الوقت لهذا المعنى كما كرهت في مأوى الشيطان م 0 تخريجه) (م. نس. د) (92) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل ثنا الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة (غريبه) (2) يعني الشفق كما في رواية للترمذي في هذا الحديث نفسه بلفظ (وإن أول وقت المغرب حين تغرب الشمس وإن آخر وقتها

وإنَّ آخر وقتها حين تطلع الشَّمس (93) عن أبى صدقة مرلى أنس بن مالك رضي الله عنه قال سألت أنسًا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كان يصلِّى الظُّهر إذا زالت الشَّمس، والعصر بين صلاتيكم هاتين والمغرب إذا غربت الشَّمس، والعشاء إذا غاب الشَّفق، والصُّبح إذا طلع الفجر إلى أن ينفسخ البصر (94) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال الظُّهر كاسمها (3) والعصر بيضاء حية والمغرب كاسمها وكنا نصلِّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب ثمَّ نأتى منازلنا وهى على قدر ميل فنرى مواقع النَّبل، وكان يعجِّل العشاء ويؤخر الفجر كاسمها وكان يغلِّس بها

_ حين يغيب الشفق) (تخريجه) (مذ. نس. ك) وقال صحيح الاسناد وصححه أيضًا ابن السكن (93) عن أبي صدقة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي صدقة الخ (غريبه) (1) وعند أبي يعلى (ويصلي العصر بين صلاتكم الأولى والعصر) (قلت) الأولى هي الظهر لما ثبت عند الامام أحمد والشيخين وغيرهم من حديث أبي برزة مرفوعًا (وسيأتي بعد حديثين) قال "كان يصلي الهجير التي تدعونها الأولى حين تدحض الشمس" أي يزول، وسميت الأولى لأنها أول صلاة صلاها جبريل بالنبي صلى الله عليه وسلم وكان الأمراء في زمن أنس رضي الله عنه قد اعتادوا تأخير صلاة العصر إلى قبيل المغرب وكان يعيب عليهم ذلك، فكأنه يقول لهم إن نصف الزمن من صلاة الظهر إلى صلاتكم العصر مؤخرة هو وقت العصر المختار والله أعلم (2) أي يتسع بضوء النهار فيبصر الرجل جليسه (تخريجه) (عل) واسناده حسن (94) عن جابر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر "الحديث" (غريبه) (3) أي يدخل وقتها في الظهيرة وهي شدة الحر نصف النهار (4) أي ويدخل وقت العصر والشمس بيضاء حية، ونقل وصف الشمس الى العصر توسع في المجاز (وقوله) والمغرب كاسمها أي بعد غروب الشمس (5) يعني أن المسافة التي بين المسجد وبين منازلهم تقدر بميل (وقوله) فترى مواقع النبل يستفاد منه أنهم كانوا يعجلون بصلاة المغرب بعد غروب الشمس (6) أيبعد انفجار النهار

(95) وعنه أيضًا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الظُّهر بالهاجرة والعصر والشَّمس نقية والمغرب إذا وجبت والعشاء أحيانًا يؤخِّرها وأحيانًا يعجِّل، وكان إذا رآهم قد اجتمعوا عجَّل، وإذا رآهم قد أبطئوا أخَّر، والصبح كان يصلّيها بغلس (96) عن أبي المنهال (سياربن سلامة) قال انطلقت مع أبى إلى أبى يرزة الاسلميِّ رضى الله عنه فقال له أبى حدِّسنا كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى المكتوبة، قال كان يصلِّى الهجير وهى التي تدعونها الأولى حين تدحض الشَّمس، ويصلِّى العصر ويرجع أحدنا إلى رحله بالمدينة والشَّمس حيَّةٌ قال ونسيت ما قال فى المغرب، وكان يستحب أن يؤخِّر العشاء وكان يكره

_ (وقوله يغلس بها) الغلس ظلمة آخر الليل اذا اختاطت بالنهار أي يصليها في ذلك الوقت (تخريجه) لم أقف عليه وسنده حسن (95) (وعنه أيضًا) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبه عن سعيد بن ابراهيم عن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي قال قدم الحجاج المدينة فسألنا جابر بن عبد الله فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر الخ (غريبه) (19 هي شدة الحر نصف النهار عقب الزوال قيل سميت هاجرة من الهجر وهو الترك لأن الناس يتركون العمل في هذا الوقت لشدة الحر (2) أي صافية خالصة لم يدخلها شيء من الصفرة (3) أي غابت الشمس والوجوب السقوط كقوله تعالى {فاذا وجبت جنوبها} أي سقطت وحذف ذكر الشمس للعلم بها كقوله عز وجل (حتى توارت بالحجاب) (تخريجه) (ق. وغيرهما) (96) عن أبي المنهال (سنده) حدثنا عبد الله عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي بن سعيد ثنا عوف حدثني أبو المنهال الخ (غريبه) (4) الهجير والهاجرة بمعنى واحد وتقدم تفسيرها وقوله (حين تدحض الشمس) أي يزول عن كبد السماء إلى جهة المغرب (5) أي بيضاء نقية قال الزين بن المنير المراد بحياتها قوة أثرها حرارة ولونا وشعاعًا وإنارة، وذلك لا يكون بعد مصير الظل مثلي الشيء اهـ وفي سنن أبي داود باسناد صحيح عن خيثمة أحد التابعين قال حياتها أن تجد حرارتها نقله الحافظ في الفتح (6) القائل ونسيت هو سيار

النَّوم قبلها والحديث بعدها وكان ينفصل من صلاة الغداة حين يعرف أحدنا جليسه، وكمان يقرأ بالسِّتِّين إلى المائة (ومن طريق ثان) حدثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا حجَّاج ثنا شعبة عن سيَّار بن سلامة قال دخلت أنا وأبي على أبى برزة فسألناه عن وقت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كان يصلِّى الظُّهر حين تزول الشَّمس، والعصر يرجع الرَّجل إلى أقصى المدينة والشَّمس حيَّةٌ، والمغرب قال سيَّارٌ نسيتها، والعشاء لا يبالى بعض تأخيرها إلى ثلث اللَّيل، وكان لا يحبُّ النَّوم قبلها ولا الحديث بعدها، وكان يصلِّى الصُّبح فينصرف الرَّجل فيعرف وجه جليسه، وكان يقرأ ما بين السِّتِّين إلى المائة قال سيَّاٌ لا أدري في إحدى الرَّكعتين أو فى كلتيهما

_ ابن سلامة أبو المنهال كما سيأتي في الطريق الثاني (1) قال (النووي رحمه الله) قال العلماء وسبب كراهة النوم قبلها أنه يعرضها لفوات وقتها المختار والأفضل، ولئلا يتساهل الناس في ذلك فيناموا عن صلاتها جماعة، وسبب كراهة الحديث بعدها أن يؤدي إلى السهر ويخاف منه غلبة النوم عن قيام الليل أو الذكر فيه أو عن صلاة الصبح في وقتها الجائز أو في وقتها المختار أو الأفضل، ولأن السهر في الليل سبب للكسل في النهار عما يتوجه من حقوق الدين والطاعات ومصالح الدنيا، قال العلماء والمكروه من الحديث بعد العشاء هو ما كان في الأمور التي لا مصلحة فيها، أما ما فيه مصلحة وخير فلا كراهية فيه، وذلك كمدارسة العلم وحكايات الصالحين، ومحادثة الضيف والعروس للتأنيس، ومحادثة الرجل أهله وأولاده للملاطفة والحاجة ومحادثة المسافرين بحفظ متاعهم أو أنفسهم والحديث في الاصلاح بين الناس والشفاعة اليهم في خير والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والارشاد إلى مصلحة ونحو ذلك فكل هذا لا كراهة فيه، وقد جاءت أحاديث صحيحة ببعضه والباقي في معناه، ثم كراهة الحديث بعدها إلا ما كان في خير كما ذكرناه، وأما النوم قبلها فكرهه عمر وابنه وابن عباس وغيرهم من السلف ومالك وأصحابنا رضي الله عنهم أجمعين، ورخص فيه علي وابن مسعود والكوفيون رضي الله عنهم أجمعين، وقال الطحاوي يرخص فيه بشرط أن يكون معه من يوقظه وروى عن ابن عمر مثله والله أعلم اهـ م (تخريجه) (ق. والأربعة)

(97) عن الزهريِ قل كنَّا مع عمر بن عبد العزيز فأخَّر صلاة العصر مرَّة فقال له عروة بن الزُّبير حدَّثنى بشير بن أبى مسعود الأنصارىُّ أنَّ المغيرة بن شعبة أخَّر الصَّلاة مرَّةً يعنى العصر فقال له أبو مسعود أما والله لقد علمت أنَّ جبريل عليه السَّلام نزل فصلىَّ وصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلَّى النَّاس معه ثمَّ نزل فصلَّى وصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى النَّاس معه حتَّى عدَّ خمس صلواتٍ (زاد فى روايةٍ ثمَّ قال بهذا أمرت) فقال له عمر انظر ما تقول يا عروة، أو إنَّ جبريل هو الذَّى سنَّ الصَّلاة؟ قال عروة كذلك حدَّثنى بشير بن أبى مسعودٍ، فمال زال عمر يتعلَّم وقت الصَّلاة بعلامةٍ حتَّى فارق الدُّنيا

_ (97) عن الزهري (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري الخ (غريبه) (1) قال ابن عبد البر إن عروة حدث عمر بن عبد العزبز وهو يومئذ أمير على المدينة في زمان الوليد بن عبد الملك وكان ذلك زمان يؤخرون فيه الصلاة يعني بني أمية، وذكر عروة حديث جبريل لأنه الذي يدل على أفضلية اداء الصلاة في أول أوقاتها، وفعل بني أمية هذا مما أخبر به صلى الله عليه وسلم قبل وقوعه في حديث أبي ذر عند مسلم والترمذي وأبي داود والنسائي وابن ماجه بلفظ "كيف أنت إذا كانت أمراء يميتون الصلاة" الحديث اهـ (قلت) وسبقهم بروايته الامام احمد (2) قال النووي أما تأخيرهم فلكونها لم يبلغهما الحديث أو أنهما كان يريان جواز التأخير ما لم يخرج الوقت كما هو مذهبنا ومذهب الجمهور اهـ م (3) هو عقبة بن عمرو بن ثعلبة الانصاري البدري صحابي شهد بدرًا رضي الله عنه (4) يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بصلاة جبريل وصلى الناس بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم فكان جبريل عليه السلام كلما فعل جزءًا من الصلاة تابعه النبي صلى الله عليه وسلم وبهذا جزم النووي (5) روى بضم التاء وفتحها وهما ظاهران قاله النووي م (6) بفتح الواو وكسر همزة ان (7) معناه أنه لم يؤخر الصلاة بعد ذلك حتى توفى رحمه الله (تخريجه) (ق. لك. د. نس. هق. قط)

(98) عن أبي بكر بن أبى موسى الأشعرىِّ (رضى الله عنه) عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأتاه سائل يسأله عن مواقيت الصلاة فلم يردَّ عليه شيئًا فأمر بلالًا فأقام بالفجر حين انشقَّ الفجر والناس لا يكاد يعرف بعضهم بعضًا، ثمَّ أمره فأقام بالظُّهر حين زالت الشَّمس والقائل يقول انتصف النَّهار أو لم ينتصف، وكان أعلم منهم، ثمَّ أمره فأقام بالعصر والشَّمس مرتفعةٌ، ثمَّ أمره فأقام بالمغرب حين وقعت الشَّمس، ثمَّ أمره فأقام بالعشاء حين غاب الشَّفق، ثمَّ أخَّر الفجر من الغد حتى انصرف منها والقائل يقول طلعت الشَّمس أو كادت، وأخَّر الظُّهر حتَّى كان قريبًا من وقت العصر بالأمس، ثمَّ أخَّر العصر حتَّى انصرف منها والقائل يقول أحمرَّت الشَّمس، ثمَّ أخَّر العصر حتَّى انصرف منها والقائل يقول احمرَّت الشَّمس، ثمَّ أخَّر المغرب حتَّى كان عند سقوط الشَّفق، وأخَّر العشاء حتَّى كان ثلث الَّليل الأوَّل، فدعا السَّائل فقال الوقت فيما بين هذين (99) عن سليمان بن بريدة عن أبيه عن النَّبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مثله

_ (98) عن أبي بكر بن أبي موسى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نعيم قال ثنا بدر بن عثمان مولى لآل عثمان قال حدثني أبو بكر بن أبي موسى عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (1) أي لم يرد عليه جوابا ببيان الأوقات باللفظ بل قال له صل معنا هذين اليومين، وليس المراد أنه لم يجب عليه بالقول ولا بالفعل كما هو الظاهر من حديث أبي موسى، لأن المعلوم من أحواله صلى الله عليه وسلم أنه كان يجيب من سأله عما يحتاج اليه، فلابد من تأويل ما في حديث أبي موسى من قوله فلم يرد عليه شيئا كما ذكرنا وقد ذكر معنى ذلك النووي، أفاده الشوكاني (تخريجه) (م. نس. د 9 (99) عن سليمان بن بريدة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسحاق ابن يوسف قال ثنا سفيان عن علقمة بن مرئد عن سليمان بن بريدة عن أبيه (بريدة الأسلمي رضي الله عنه) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فسأله عن وقت الصلاة فقال صل معنا هذين (يعني

.

_ اليومين. كما في رواية مسلم) فأمر بلالا حين طلع الفجر فأذن، ثم أمره فأقام، ثم أمره فأذن حين زالت الشمس الظهر، ثم أمره فأقام، ثم أمره فأقام العصر والشمس مرتفعة، ثم أمره فأقام المغرب حين غاب حاجب الشمس، ثم أمره حين غاب الشفق فأقام العشاء فصلى، ثم أمره من الغد فأقام الفجر فأسفر بها، ثم أمره فأبرد بالظهر فأنعم أن يبرد بها (يعني أطال الابراد) ثم صلى العصر والشمس بيضاء ظاخرها فوق ذلك الذي كان أمره، فأقام المغرب قبل أن يغيب الشفق، ثم أمره فأقام العشاء حين ذهب ثلث الليل، ثم قال أين السائل عن وقت الصلاة؟ قال الرجل أنا يا رسول الله، فقال وقت صلاتكم بين ما رأيتم (تخريجه) (م. والأربعة) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن للصلوات وقتين وقتين إلا المغرب، وعلى أن الصلاة لها أوقات مخصوصة لا تجزئ قبلها بالاجماع، وعلى أن ابتداء وقت الظهر الزوال ولا خلاف فى ذلك يعتد به وآخره مصير ظل الشئ مثله (واختلف العلماء) هل يخرج وقت الظهر بمصير ظل الشئ مثله أو لا، فذهب الهادى ومالك وطائفة من العلماء أنه يدخل وقت العصر ولا يخرج وقت الظهر، وقالوا يبقى بعد ذلك قدر أربع ركعات صالحا للظهر والعصر أداء؛ قال النووى رحمه الله واحتجوا بقوله -صلى الله عليه وسلم- فى حديث جبريل عليه السلام (فصلى بى الظهر فى اليوم الثانى حين صار ظل كل شئ مثله وصلى العصر فى اليوم الأول حين صار ظل كل شئ مثله) وظاهره اشتراكما فى قدر أربع كعات، قال وذهب الشافعى والأكثرون إلى أنه لا اشتراك بين وقت الظهر ووقت العصر لم يبق شئ من وقت الظهر، واحتجوا بحديث ابن عمرو بن العاص عند مسلم والامام أحمد وغيرهما مرفوعا بلفظ (وقت الظهر إذا زالت الشمس وكان ظل الرجل كطوله مالم يحضر العصر) الحديث قال وأجابوا عن حديث جبريل بأن معناه فرغ من الظهر حين صار ظل كل شئ مثله وشرع ى العصر فى اليوم الأول حين صار ظل كل شئ مثله لااشتراك بينهما، قال وهذا التأويل متعين للجمع بين الأحاديث ولأنه إذا حمل على الاشتراك يكون آخر وقت الظهر مجهولًا، لانه إذا ابتدأ بها حين صار ظل كل شئ مثله لم يعلم متى فرغ منها، وحينئذ لا يحصل بيان حدود الأوقات، وإذا حمل على ذلك التأويل حصل معرفة آخر الوقت انتظمت الاحاديث على اتفاق، قال الشوكانى رحمه الله ويؤيد هذا أن اتيان ماعدا الأوقات الخمسة دعوى مفتقره إلى دليل خالص عن شوائب المعارضة، فالتوقف على المتيقن هو الواجب حتى يقوم ما يلجئ إلى المصير إلى الزيادة عليها أاده الشوكانى_ واليك ما نله الخطابى فى بقية الأوقات قال رحمه الله تعالى ى شرح معالم السنن (اختلفوا ى أول وقت العصر) فقال بظاهر حديث ابن عباس مالك والثورى والشافعى واحمد وإسحاق، وقال أبو حنيفة أول وقت

_ العصر أن يصير الظل قامتين بعد الزوال فمن صلى قبل ذلك لا تجزئه صلاته وخالفه صاحباه، (واختلفوا في آخر وقت العصر) فقال الشافعى آخر وقتها إذا صار ظل كل شئ مثليه لمن ليس له عذر ولا به ضرورة على ظاهر الحديث، فأما أصحاب العذر والضرورات فآخر وقتها لهم غروب الشمس قبل أن يصلى منها ركعة على حديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدركها) وقال سفيان الثورى وأبو يوسف ومحمد وأحمد بن حنبل أول وقت العصر اذا صار ظل كل شئ مثله مالم تصفر الشمس، وقال بعضهم مالم تتغير الشمس، وعن الأوزاعى نحو ذلك، ويشبه أن يكون هؤلاءذهبوا إلى حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (وقت العصر مالم تصفر الشمس) (وأما المغرب) فقد أجمع أهل العلم على أن أول وقتها غروب الشمس، واختلفوا فى آخر وقتها فقال مالك والأوزاعى والشافعى لا وقت للمغرب الا وقت واحد قولا بظاهر حديث ابن عباس، وقال سفيان الثورى الثورى وأصحاب الرأى (يعنى أبا حنيفة وأهل العراق) وأحمد واسحاق وقت المغرب الى أن يغيب الشفق قال قلت هذا أصح للاخبار الثابتة وهى خبر أبى موسى الأشعرى وبريدة الاسلمى وعبد الله بن عمرو (ولم يختلفوا) فى أن أول وقت العشاء الآخرة غيبوية الشفق، الا أنهم اختلفوا فى الشفق ماهو فقالت طائفة هو الحمرة روى ذلك عن ابن أبى ليلى وأبى يوسف ومحمد والشافعى واحمد واسحاق (وروى) عن أبى هريرة أنه قال الشفق البياض، وأنشد لأبى النجم حتى اذا الليل جلاه المجتلى ... بين سماطى شفق مهوّل يريد الصبح، وقال بعضهم الشفق اسم للحمرة والبياض معًا الا أنه انما يطلق فى أحمر ليس بقان وأبيض ليس بناصع، وانما يعلم المراد منه بالأدلة لا بنفس اللفظ كالقرء الذى يقع اسمه على الطهر والحيض معًا وكسائر نظائره من الاسماء المشتركة (واختلفو) فى آخر وقت العشاء الآخرة، فروى عن عمر بن الخطاب وأبى هريرة أن آخر وقتها ثلث الليل، وكذلك قال عمر بن عبد العزيز وبه قال الشافعى قولا بظاهر حديث ابن عباس، وقال الثورى وأصحاب الرأى وابن المبارك واسحاق بن راهويه آخر وقت العشاء الى نصف الليل، وحجة هؤلاء حديث عبد الله بن عمرو قال (ووقت العشاء الى نصف الليل) وكان الشافعى يقول به اذ هو بالعراق، وقد روى عن ابن عباس أنه قال لا يفوت وقت العشاء الى الفجر واليه ذهب عطاء وطاوس وعكرمة (واختلفوا فى آخر وقت الفجر) فذهب الى ظاهر حديث ابن

(2) باب في وقت الظهر وتعجيلها (100) عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى الظُّهر حين زالت الشَّمس (101) وعنه أيضًا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى صلاة الظهر أيَّام الشتاء وما ندرى ما ذهب من النَّهار أكثر أو ما بقى منه (102) عن جابر بن سمرة رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى الظُّهر إذا دحضت الشَّمس (وفي روايةٍ كان بلالٌ يؤذِّن إذا دحضت الشَّمس)

_ عباس وهو الاسفار، وذلك لاصحاب الرفاهية ومن لاعذر له، وقال من صلى ركعة من الصبح قبل طلوع الشمس لم تفته الصبح، وهذا فى أصحاب العذر والضرورات، وقال مالك واحمد من صلى ركعة من الصبح وطلعت له الشمس أضاف اليها أخرى وقد أدرك الصبح فجعلوه مدركا للصلاة على ظاهر حديث أبى هريرة، وقال أصحاب الرأى من طلعت عليه الشمس وقد صلى ركعة من الفجر فسدت صلاته الا أنهم قالو فيمن صلى من العصر ركعة أو ركعتين فغربت الشمس قبل أن يتمها ان صلاته تامة اهـ (100) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهرى قال أخبرنى أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث) (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث صحيح وأخرجه البخارى بلفظ (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج زاغت الشمس فصلى الظهر (الحديث) (102) عن جابر بن سمرة (سنده) حديثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ابن مهدى ثنا شعبة عن سماك عن جابر بن سمرة الخ (غريبه) (1) أى زالت عن وسط السماء إلى جهة المغرب وأصل الدحض الولق يقال دحضت رجله أى زلت عن موضعها (تخرجه) (م. د. جه)

(103) عن خبَّاب (بن الأرتِّ رضى الله عنه) قال شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شدّة الرَّمضاء فلم يشكنا، قال شعبة يعنى في الظهر (104) عن عائشة رضى الله عنها قالت ما رأيت أحدًا كان أشد تعجيلا للظُّهر من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أبى بكر ولا عمر (105) عن أمِّ سلمة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ تعجيلًا للظُّهر منكم (وأنتم أشدُّ تعجيلا للعصر منه

_ (103) عن حباب (سنده) حديثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان بن داود أنا شعبة عن أبى اسحاق قال سمعت سعيد بن وهب يقول سمعت خبابا يقول شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غربيه) (1) أى الرمل الذى اشتدت حرارته"وقوله فلم يشكنا" أى لم يعذرنا ولم يزل شكوانا (تخريجه) (م. والبيهقى وغيرهما) (104) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن سفيان عن حكيم عن ابراهيم عن الاسود عن عائشة (غريبه) (2) رواية الترمذى ولا من أبىبكر ولا من عمر (تخريجه) (مذ) وقال حديث عائشة حديث حسن وهو الذى اختاره أهل العلم من آصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم (105) عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل بن ابرهيم قال ثنا ابن جريح عن عبد الله بن أبى مليكه قال قالت أم سلمة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) قال القارى الخطاب لغير الأصحاب"يعنى الصحاية رضى الله عنهم" وقال الطيبى ولعل الانكار عليهم بالمخالفة (تخريجه) (مذ. ش) قال الحافظ ابن العربى فى شرح الترمذى حديث ابن أبى مليكة عن أم سلمة رواه ابن أبى شيبة فقال (وأنتم أشد تعجيلا للعصر منه) وسكت عنه أبو عيس"يعنى الترمذى" قال وعندى أنه صحيح اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب تعجيل صلاة الظهر فى أول وقتها واليه ذهب الهادى والقاسم والشافعى والجمهور للأحاديث الواردة فى أفضلية أول الوقت، وقد خصه الجمهور بما عدا أيام شدة الحر، وقالو يستحب الابراد فيها إلى ان يبرد الوقت وينكسر الوهج وسيأتى تحقيق ذلك فى الباب الآتي إن شاء الله تعالى

(3) باب الرخصة في تأخير الظهر والايراد بها فى زمن الحر (106) عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال كنَّا نصلِّى مع نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم الظُّهر بالهاجرة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أبردوا بالصَّلاة فإنَّ شدَّة الحرِّ من فيح جهنَّم (107) عن القاسم بن صفوان الزُّهرىِّ عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبردوا بصلاة الظُّهر فإنَّ الحرِّ (وفى لفظٍ فإن شدَّة الحرِّ) من فور جهنَّم (108) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الحرُّ (وفى رواية إذا اشتدَّ الحرُّ) فأبردوا بالصلَّاة (وفي رواية بالظُّهر) فإنَّ شدَّة الحرِّ من فيح جهنَّم وذكر أنَّ النَّار اشتكت إلى ربِّها فأذن

_ (106) عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسحاق ابن يوسف الازرق عن شريك عن بيان بن بشر عن قيس بن أبى حازم عن المغيرة بن شعبة الخ (غريبه) (1) أى أخروها الى الزمان الذى يتبين فيه انكسار شدة الحر بحيث لا تخرج عن وقتها المختار (2) القبيح سطوع الحر وهور انه ويقال بالواو، وفحت القدر تفينح وتفوح إذا غلت وقد أخرجه مخرج التشبيه والتمثيل أى كأنه نار جهنم فى حرها (له) (تخريجه) (حه) قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه اسناده صحيح رجاله ثقات رواه ابن حبان فى صحيحه يعلى ثنا أبو اسماعيل يعنى بشيرًا عن القاسم بن صفوان الخ (غريبه) (3) أى وهجها وغليانها (تخريجه) (طب. ك ش) والبغوى وسنده جيد (108 عن أبى هريرة (سنده) حديثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت على عبد الرحمن مالك عن عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبى سلمه بن عبد الرحمن ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبى هريرة الخ (غريبه) (4) فاعل ذكر هو النبي صلى الله عليه وسلم كما فسره بذلك الحافظ (ف) (5) فى رواية لمسلم (قال قالت النار رب أكل بعض بعضًا فأذن لى أتنفس، فأذن لها بنفسين، نفس فى الشتاء ونفس فى الصيف، فما وجدتم من برد اوزمهرير فمن نفس جهم، وما وجدتم من حر أو حرور فمن نفس جهنم) وفى رواية له وللبخاري اشتكت

لها في كلِّ عام بنفسين، نفس فى الشَّتاء ونفسٍ فى الصيَّف (109) عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتدِّ الحرُّ فأبردوا بالصَّلاة، فإنَّ شدَّة الحرِّ من فيح جهنَّم (110) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبَّيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مثله (111) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا حجَّاج قال ثنا شعبة عن مهاجرٍ أبى الحسن من بنى تيم الله مولى لهم قال رجعنا من جنازةٍ فمررنا بزيد بن وهبٍ فحدَّث عن أبى ذرّ قال كنَّا مع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فى سفر فاراد المؤذِّن أن يؤذِّن (زاد فى روايةٍ للظُّر) فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أبرد، ثمَّ أراد أن يؤذِّن فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أبرد قالها ثلاث مرَّاتٍ، قال حتَّى رأينا فيء التُّلول فصلَّى ثمَّ قال إنَّ شدَّة الحرِّ

_ كما في حديث الباب"قال القاضى عياض" رحمه الله اختلف العلماء فى معناه، فقال بعضهم هو على ظاهره، واشتكت حقيقة وشدة الحر من وهجاء فيحها، وجعل الله فيها إدراكا وتميزًا بحيث تكلمت بهدا، ومذهب أهل السنة أن النار مخلوقة، قال وقيل ليس هو على ظاهره بل هو على وجه التشبيه والاستعارة والتقريب، وتقذيره أن شدة الحر يشبه نار جهنم فاحذروه واجتنبوا حروره، قال والأول أظهر، قال النووى رحمه الله تعالى والصراب الأول لأنه ظاهر الحديث ولا مانع من حمله على حقيقه فوجب الحكم بأنه على ظاهره والله أعلم م (تخريجه) (ق. لك) (109) عن أبى سعيد الخدرى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة ثنا يعقوب يعنى القارئ ثنا سهيل عن أبيه عن أبيه عن أبى الخدرى الخ (تخريجه) (خ. عل. هق) (110) عن أبى هريرة الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن الزهرى عن سعيد عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن الزهرى عن سعيد عن أبى هريرة (تخريجه) (ق. والأربعة) (111) حدثنا عبد الله الخ (غريبه) (1) الفئ تقدم تفسيره وهو الظل بعد ازوال لأنه ظل فاء من جانب إلى جانب أى رجع والفئ الرجوع (والتلول) جمع تل وهو الربوة من التراب المجتمع والمراد أنه أخر تأخيرآ كثيرآ حتى صار للتلول فيى، وهى منبطحة لا يصير

من فيح جهنَّمُّ. فإذا اشتدَّ الحرُّ فأبردوا بالصَّلاة

_ لها فيء في العادة إلا بعد زوال الشمس بكثير (تخريجه) (ق: والأربعة، هق، طب) (الأحكام) أحاديث الباب فيها الأمر بالابراد بصلاة الظهر، وحمله بعضهم على الوجوب حكى ذلك القاضى عياض، وحمله جماهير العلماء على الاستحباب لكنهم خصوا ذلك بأيام شدة الحر كما يشعر بذلك التعليل بقوله"فان شدة الحر من فيح جهنم" ولحديث أنس المذكور في الباب السابق (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى صلاة الظهر أيام الشتاء وما ندرى مامضى من النهار أكثر أو مابقى منه) وظاهر الاحاديث عدم الفرق بين الجماعة والمنفرد، لأن التأذى بالحر الذى يتسبب عنه ذهاب الخشوع يستوى فيه المنفرد وغيره، وقال أكثر المالكية الافضل للمنفرد التعجيل، وخصه الشافعية بالبلد الحار، وقيدوا الجماعة بما إذا كانوا ينتابون المسجد من مكان بعيد لا إذا كانوا مجتمعين أو كانوا يمشون فى ظل فالأفضل التعجيل، وظاهر الاحاديث عدم الفرق (وقد ذهب) إلى الاخذ بهذا الظاهر الامام أحمد واسحاق والكوفبون وابن المنذر ولكن التعليل يقوله فان شدة الحر يدل على ماذكر من التقييد الحار (وذهب) الهادى والقاسم وغيرهما إلى ان تعجيل الظهر أفضل مطلقًا وتمسكوا بحديث جابر بن سمرة وبحديث خباب المذكورين فى باب السابق وسائر الرويات المذكورة هنالك وبأحاديث أفضلية أول الوقت على العموم، ويجاب عن ذلك بأن الاحاديث الواردة بتعجيل الظهر وأفضلية أول الوقت عامة أو مطلقة وأحاديث الابراد خاصة أو مقيدة، ولا تعارض بين عام وخاص مطلق ومقيد، وأجيب عن حديث خباب بانه كما قال الاثرم والطحاوى منسوخ، قال الطحاوى ويدل عليه حديث المغيرة المذكور أول الباب، وقال آخرون ان حديث حباب محمول على أنهم طلبوا تأخيرًا زائدًا على الابراد، لأن الابراد أن يؤخر بحيث يصير للحيطان فئ يمشون فيه ويتناقص الحر، وحمل بعضهم حديث الابراد على ما إذا صار فيئّا وحديث حباب على ما إذا كان الحصى لم يبرد حتى تصفر الشمس فلذلك رخص فى الابراد ولم يرخص فى التأخير إلى خروج الوقت، وأصرح من هذا أنه قد صحح أبو حاتم والامام احمد حديث المغيرة وعنده البخارى محفوظًا من أعظم الادلة الدالة على النسيج كما قال الأثرم والطحاوى، ونقل الخلال عن الامام أحمد أنه قال هذا (يعنى الابرار) آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو سلم جهل التاريخ وعدم معرفة المتأخر لكانت أحاديث الابراد أرجح لأنها فى الصحيحين، بل فى جميع الامهات بطرق متعددة، وحديث خباب فى مسلم فقط، ولا شك أن المتفق عليه مقدم وكذا ماجاء من طرق، واحسن ما قيل فى ذلك أن أحاديث الوقت عامة أو مطلقة والأمر بالإبراد خاص

(4) باب وقت العصر وما جاء فيها (112) عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى العصر بقدر ما يذهب الذَّاهب إلى بني حارثة بن الحارث ويرجع قبل غرب الشَّمس، وبقدر ما ينحر الرَّجل الجزور ويبعِّضها لغروب الشَّمس، وكان يصلِّى الجمعة حين تميل الشَّمس وكان إذا خرج إلى مكَّة صلَّى الظهر بالِشَّجرة ركعتين (113) وعنه أيضًا قال ما كان أحدٌ أشدَّ تعجيلًا لصلاة العصر من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان أبعد رجلين من الأنصار دارًا من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبو لبابة بن عبد المنذر أخو بني عمرو بن عوف وأبو عيسى بن جبرٍ أخو بني حارثةً، دار أبى لبابة بقباءٍ ودار أبى عيسى بن جبر في بني حارثة،

_ فهو مقدم ولا التفات على قول من قال التعجيل أكثر مشقة فيكون أفضل، لان الافضلية لم تنحصر فى الاشق، بل قد يكون الاخف أفضل كما فى قصر الصلاة فى السفر والله أعلم، افاده الحافظ (ف) والشمر كانى (112) عن انس بن مالك (سند) حديثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس وسريج قالا ثنا فليح عن عثمان بن عبد الرحمن ان أنس بن مالك أخبره ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى الخ (غريبه) (1) هم من سكان الموالى، قال الحافظ والعوالى عبارة عن القوى المتجمعة حول المدينة جهه نجدها، وأما ما كان من جهة تهامتها فيقال لها السالفة (ف) وقال النووى أبعدها (يعنى العوالى) على ثمانية أميال من المدينة وأقربها ميلان، وبعضها ثلاثه أميال وبه فسرها مالك اهـ م (2) أى تزول عن كبد السماء (3) أى مسافرا صلى الظهر مقصورة، والشجرة كانت بذى الحليفة على بعد فرسخين من المدينة (تخريجه) (عل) وربجاله رجال الصحيح (113) أيضا حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى عاصم بن عمرو بن قتاة الانصارى ثم الظفرى عن آنس بن مالك الانصارى قال سمعته يقول ما كان أحد الخ (غريبه) (4) بالد والقصر والصر وعدمه وتذكر وتؤنث،

ثمَّ إن كانا ليصلِّيان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر، ثم يأتيان قومها وما صلَّوها لتبكير رسول الله صلى الله عليه وسلم بها (114) وعنه قال كان النَّبي صلى الله عليه وسلم يصلِّى العصر والشَّمس بيضاء محلقَّةٌ فأرجع إلى أهلى وعشيرتي فى ناحية المدينة فأقول إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قد صلَّى فقوموا فصلُّوا (115) وعن الزُّهرىِّ قال أخبرني أنس بن مالكٍ أنِّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى العصر فيذهب الذَّاهب إلى الموالى والشَّمس مرتفعةٌ (وفى رواية بيضاء حيَّةٌ) قال الزُّهريُّ والعوالى على ميلين من المدينة، وثلاثة أحسبه قال وأربعة (116) عن رافع بن خديج رضى الله عنه قال كنَّا نصلِّي مع

_ والأفصح فيه الصرف والتذكير والمد وهو على نحو ثلاثة أميال من المدينة قاله النووى م (تخريجه) (طب. طس) وسنده جيد (114) وعنه قال (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن منصور عن ربعى عن أبى الأبيض عن أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) أى مرتفعة، والتحليق الارتفاع، حلق الطائر فى جو السماء أى صعد، وحكى الازهرى عن شمر قال تحليق الشمس من أول النهار ارتفاعها، ومن آخره انحدارها (نه) (تخريجه) (نس. والطحاوى) وأورده الهيثمى وعزاه لليزار وأبو يعلى وقال رجاله ثقات (115) وعن الزهرى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهرى الخ (غريبه) (2) أى نقية خالية من الصفرة كما تقدم (3) الميل بالكسر عند العرب منتهى مد البصر، والفرسخ ثلاثة أميال كذا فى المختار والمصباح والنهاية (تخريجه) (ق. لك. والأربعة إلا الترمزى) (116) عن بن خديج (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة قال الأوزاعى قال ثنا أبو النجاشي قال حدثنى رافع بن خديج الخ

رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ثم تنحر الجزور فتقسم عشر قسمٍ، ثم تطبخ فنأكل لحمًا نضيجًا قبل أن تغيب الشمس، قال وكنا نصلى المغرب على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فينصرف أحدنا وإنه لينظر إلى مواقع نبله (117) وعن أبى أروي رضى الله عنه قال كنت أصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم العصر ثم آتى الشجرة قبل غروب الشمس (118) عن عائشة رضى الله عنها أن النبىِّ صلى الله عليه وسلم كان يصلى العصر والشمس طالعةٌ فى حجرتى لم يظهر الفيء بعد (ومن طريق

_ "غريبه" () فى القاموس والجزور البعير أو خاص بالناقة المجزورة الجمع جزائر وجزر وجزرات"تخريجه" (ق. وغيرهما) (117) عن أبى أروى"سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ابن مهدى عن وهيب عن أبى واقد الليثى حدثنى أبو أروى الخ"تخريجه" أورده الهيثمى عن أبى أروى بلفظ (قال كنت أصلى مع النبي عليه الصلاة والسلام صلاة العصر بالمدينة ثم آتى ذا الحليفة قبل ان تغيب الشمس وهى على قدر فرسخين) قال الهيتمى رواه البزار وأحمد باختصار والطبرى فى الكبير وفيه صالح بن محمد أبو واقد وثقه أحمد وضعفه يحي بن معين والدار قطنى وجماعة اهـ"قلت" يؤخذ من اللفظ الذى أورده الهيثمى ان الشجرة التى فى لفظ حديث الباب كانت بذى الحليفة لأن الراوى قال"تم آنى ذا الحليفة" بدل قوله فى حديث الباب"ثم آتى الشجرة" فما أورده الهيثمى مفسر لحديث الباب والله أعلم. (118) عن عائشة"سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن الزهرى عن عروة عن عائشة"الحديث" "غريبه" (2) أى لم يصعد ظلها ولم يعل على الحيطان من قوله تعالى {ومعارج عليها يظهرون} والمعنى أن ضوءها باق بالحجرة بدليل رواية أبى داود (كان صلى الله عليه وسلم يصلى العصر والشمس طالعة فى حجرتى لم يفئ القى بعد" وفى رواية (والشمش واقعة فى حجرتى) معناه كله التكبير بالعصر فى أول وقتها وهو حين يصير ظل كل شئ مثله، وكانت الحجرة ضيقة العرصة (أى ليست واسعة فى المساحة) قصيرة الجدار

ثان) عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى العصر والشمس لم تخرج من حجرتها وكان الجدار بسطةً وأشار عامرٌ (أحد الرواة) بيده (119) عن عبد الواحد بن نافع الكلابىِّ من أهل البصرة قال مررت بمسجد المدينة فأقيمت الصلاة فإذا شيخٌ، فلام المؤذِّن وقال أما علمت أن أبى أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بتأخير هذه الصلاة، قال قلت من هذا الشيخ، قالوا هذا عبد الله بن رافع بن خديج (120) عن أبى مليح قال كنا مع بريدة (يعنى الأسلمىَّ) فى غزاةٍ في

_ بحيث يكون طول جدارها أقل من مساحة العرصة بشئ يسير، فإذا صار ظل الجدار مثله دخل وقت العصر وتكون الشمس بعد فى أواخر العرصة لم يقع الفئ فى جدار الشرقى وكل الروايات محموله على ماذكرناه أهم ونقل عن الإمام الشافعى رحمه الله أنه قال هذا الحديث من أبين ماروى فى أول الوقت لأن حجرات أزواج النبى صلى الله عليه وسلم فى موضع منخفض عن المدينة وليست بالواسعة، وذلك أقرب لها من أن ترتفع الشمس منها فى أول وقت العصر (1) "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عامر بن صالح بن عبد الله بن عروة بن الزبير بن العوام أبو الحارث قال حدثنى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (2) أى متسع غير مرتفع"تخريجه" (ق. هق. قط. والأربة إلا الترمزى). (119) عن عبد الواحد بن نافع"سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الضحاك بن مخلذ عن عبد الواحد بن نافع الخ"غريبه" (3) أى صلاة العصر كما فى رواية الداقطنى عن عبد الواحد أيضًا قال دخلت مسجد المدينة فأذن مؤذن بالعصر فذكر الحديث"تخريجه" (طب. قط) وقال هذا حديث ضعيف الاسناد من جهة عبد الواحد هذا لأنه لم يروه عن ابن رافع بن خديج غيره، وقد اختلف فى اسم ابن هذا ولا يصح هذا الحديث عن رافع ولاعن غيره من الصحابة، والصحيح عن رافع بن خديج وعن غير واحد من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا، وهو التعجيل بصلاة العصر والتكبير بها ثم ذكر حديث رافع، وهو التعجيل بصلاة العصر والتكبير بها ثم ذكر حديث رافع، وهو الذى ذكر فى الباب قبل حدثنى. (120) عن أبى مليج"سنده" حثنا عبد الله حدثنى عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل بن إبراهيم

يومٍ ذي غيمٍ فقال بكروا بالصلاة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ترك صلاة العصر حبط عمله (5) باب فضل صلاة العصر وبيان أنها الوسطى (121) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ أنا هشام الدستوائى ثنا يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة عن أبى مليح الخ "غريبة" (1) وفى لفظ عند الإمام أحمد عن بريده أيضًا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بكروا بالصلاة فى اليوم الغيم فانه من فاته صلاة العصر حبط عمله (2) أى أبطل ثواب عمله أو المراد من يستحل تركه أو هو تغليظ، وقال الطيبى يحمل على نقصان عمله فى يومه سيما فى وقت ترفع فيه الأعمال إلى الله وإلا فإحباط عمل سبق إنما هو بالردة اهـ مجمع بحار الأنوار "تخريجه" (ق. والأربعة) "الأحكام" أحاديث الباب تدل على استحباب المبادرة بصلاة العصر أول وقتها لأنه لا يمكن الذاهب أن يذهب بعد صلاة العصر ميلين وثلاثة والشمس لم تتغير بصفرة ونحوها إلا إذا صلى العصر حين صار ظل الشئ مثله، ولا يمكن أن ينحر الجزور ثم يقسم ثم يطبخ ثم يؤكل نضيجا ويفرغ من أكله قبل غروب الشمس إلا إذا صليت العصر فى أول الوقت أيضًا كما تقدم، قال النووى ولا يكاد يحصل هذا إلا فى الأيام الطويلة (وفى أحاديث الباب أيضًا) تأكيد التبكير بصلاة العصر فى اليوم الغيم لأنه مظنة التباس الوقت فإذا وقع التراخى فربما خرج الوقت أو اصفرت الشمس قبل فعل الصلاة فى ذنب من فاتته صلاة العصر إذا تساهل فى التأخير، وليس فى أحاديث الباب ما يدل على تأخيرها إلا حديث عبد الواحد ابن نافع الكلابى وهو ضعيف، وقد علمت كلام الدار قطنى فيه فلا تقوم به حجة ولا يقوى على معارضة ما فى الصحيحين وغيرهما من الأحاديث الصحيحة (وقد ذهب) إلى التبكير بصلاة العصر الأئمة مالك والشافعى وأحمد والجمور القائلين بأن أول وقت العصر إذا صار ظل كل شئ مثله، وخالف فى ذلك أبو حنيفة فقال إن وقت العصر لا يدخل حتى يصير ظل الى ذلك شئ مثليه وقد خالفه الجمهور فى ذلك حتى أصحابه (قال النووى رحمه الله) قال أصحابنا للعصر خمسة أوقات، وقت فضيلة واختيار، وجواز بلا كراهة، وجواز مع كراهة، ووقت عذر، فاما وقت القضيلة فاول وقتها، ووقت الاختيار يمتد إلى أن يصير كل شئ مثليه، ووقت الجواز إلى الاصفرار، ووقت الجواز مع الكراهة حالة الاصفرار إلى الغروب، ووقت العذر وهو وقت الظهر فى حق من يجمع بين الظهر والعصر لسفر أو مطر، ويكون العصر فى هذه الأوقات الخمسة أداء، فإذا فاتت كلها بغروب الشمس صارت قضاء والله أعلم (م). (121) عن انس "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن الربيع ثنا

من صلى العصر فجلس يملى خيرًا حتى يمسى كان أفضل من عتق ثمانيةٍ م ولد إسماعيل (122) عن أبى بصرة الغفارىِّ رضى الله عنه قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فلما انصرف قال إن هذه الصلاة عرضت على من كان قبلكم فتوانوا فيها وتركوها، فمن صلاها منكم ضعِّف له أجرها ضعفين، ولا صلاة بعدها حتى يرى الشَّاهد، والشاهد النَّجم (123) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال تجتمع ملائكة الليل والنهار فى صلاة الفجر وصلاة العصر، قال فيجتمعون فى صلاة الفجر، قال فتصعد ملائكة الليل وتثبت ملائكة النهار، قال ويجتمعون فى صلاة العصر، قال فيصعد ملائكة النهار وتثبت ملائكة الليل، قال فيسألهم ربهم كيف تركتم عبادى؟ قال فيقولون أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون، قال سليمان "يعنى الأعمش أحد الرواة" ولا أعلمه إلا قد قال فيه فاغفر لهم يوم الدِّين

_ حماد بن زيد عن المعلى بن زياد عن أنس بن مالك الخ "غريبه" (1) أى يقول خيرًا من ذكر أو تلاوة قرآن أو مذاكرة علم أو نحو ذلك (2) أى من العرب لأنهم أفضل من غيرهم "تخريجه" لم أقف عليه وسند جيد. (122) عن أبى بصرة "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب قال ثنا أبى عن إسحاق قال حدثنى يزيد بن حبيب عن خير بن نعيم الحضرمى عن عبد الله بن هبيرة السبائى وكان ثقة عن أبى تميم عن أبى بصرة الخ "غريبه" (3) أى نافلة حتى تغيب الشمس ويظهر النجم فى السماء فحينئذ يدخل وقت المغرب وتحل النافلة "تخريجه" (م. نس). (123) عن أبى هريرة "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى معاوية ابن عمرو قال ثنا زائدة عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة "الحديث" "غريبه" (4) يسكون الراء فعل دعاء يعنى أن الملائكة تلتمس المغفرة من الله تعالى لهؤلاء الناس يوم

(124) عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارًا، قال ثم صلَّاتها بين العشاءين بين المغرب والعشاء، وقال أبو معاوية (أحد الرواة مرة يعنى بين المغرب والعشاء (125) زوعنه أيضًا رضى الله عنه قال كنا نراها الفجر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هى صلاة العصر، يعنى صلاة الوسطى (126) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قاتل النبى صلى الله عليه وسلم عدوًّا فلم يفرغ منهم حتى أخَّر العصر عن وقتها، فلما رأى ذلك، قال اللهم من حبسنا

_ القيامة وفي رواية ابن خزيمة أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون فاغفر لهم يوم الدين "تخريجه" (ق. نس. خز) وتقدم الكلام عليه فى باب فضل صلاتى الصبح والعصر (124) عن على رضى الله عنه "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن مسلم بن صبيح عن شتير بن شكل عن على الخ "غربيه" (1) هى الغزوة المشهورة التى سميت بها سورة الأحزاب، يقال لها غزوة الأحزاب ويقال غزوة الخندق أيضا، وكانت سنة أربع من الهجرة وقبل سنة خمس والله أعلم "تخريجه" (ق. د. وغيرهم) (125) ز وعنه أيضًا رضى الله عنه "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبو اسحاق الترمذى ثنا الأشجعى عن سفيان عن عاصم عن زر بن جيش عن عبيدة السلمانى عن على رضى الله عنه الخ "تخريجه" "الحديث" من زوائد عبد الله على مسند أبيه وسنده جيد قال الشوكانى، ورواه بن مهدى قال حدثنا سفيان عن عاصم عن زر قال قلت لعبيدة سل عليًا عليه السلام عن الصلاة الوسطى فسأله فقال كنا نراها الفجر حتى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم الأحزاب شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر، قال ابن سيد الناس وقد روى عنه من غير وجه اهـ. (126) عن ابن عباس "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا ثابت ثنا هلال عن عكرمة عن ابن عباس الخ "غربيه" (2) هم كفار غزوة الأحزاب

عن الصلاة الوسطى فاملأ بيوتهم نارًا واملأ قبورهم نارًا ونحو ذلك (127) عن سمرة بن جندبٍ رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصلاة الوسطى صلاة العصر (128) عن زيد بن ثابت رضى الله عنه وقد سأله مروان عن الصلاة الوسطى فقال هى الظهر (129) عن أبى يونس مولى عائشة رضى الله عنها قال أمرتنى عائشة أن اكتب لها مصحفًا، قالت إذا بلغت إلى هذه الآية (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) فآذنى، فلما بلغها آذنتها فأملت علىَّ (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتينً) قالت سمعتها

_ "تخريجه" قال الهيثمى وواه أحمد والطبرانى فى الكبير والأوسط ورجاله موثقون وله عند البزار أن النبى صلي الله عليه وسلم قال"صلاة الوسطى صلاة العصر" ورجاله موثقون أيضا اهـ (127) عن سمرة بن جندب "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الوهاب الحفاف ثنا سعيد عن قنادة عن الحسن عن سمرة بن جندب "الحديث" "تخريجه" (مذ) وحسنه فى كتاب الصلاة من سننه وصححه فى التفسير. (128) عن زيد بن ثابت الخ هذا طرف من حديث طويل ذكر بتمامه وسنده وتخريجه فى الباب السابع من كتاب العلم. (129) عن أبى يونس "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسحاق قال أخبرنى مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبى يونس مولى عائشة الخ "غريبة" (1) قال النووى رحمه الله هكذا هو فى الروايات "وصلاة العصر" بالواو واستدل به بعض أصحابنا على أن الوسطى ليست العصر لأن العطف يقتضى المغايرة لكن مذهبنا أن القراءة الشاذة لا يحتج بها ولا يكون لها حكم الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن ناقلها لم ينقلها إلا عن أنها قرآن والقرآن لا يثبت إلا بالتواثر بالإجماع، وإذا لم يثبت قرآنًا لا يثبت خبرًا، والمسألة مقررة فى أصول الفقه وفيها خلاف بيننا وبين أبى حنيفة رحمه الله تعالى اهم "تخريجه" (م. والامامان والأربعة إلا ابن ماجه) "الأحكام" أحاديث

من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (6) باب فى وعيد من ترك العصر أو أخرها عن وقتها (130) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ترك العصر (وفى لفظ الذى تفوته صلاة العصر) متعمدًا حتى تغرب الشمس فكأنما وتر أهله وماله زاد فى روايةٍ وقال شيبان (أحد الرواة)

_ الباب تدل غلى فاضل صلاة العصر وأنها هى الوسطى التى ذكرها الله عز وجل فى القرآن، وقد اختلف فيها العلماء من الصحابة رضى الله عنهم فمن بعدهم، فقال جماعة من الصحابة هى العصر، منهم على بن أبى طالب وابن مسعود وأبو أيوب وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد الخدرى وأبو هريرة رضى الله عنهم، ومن التابعين الحسن البصرى وإبراهيم النخعى وقتادة وغيرهم، ومن الأئمة أبو حنيفة وداود وابن المنذر وغيرهم رحمهم الله، قال الترمذى وهو قول أكثر العلماء من الصحابة فمن بعدهم، قال النووى رحمه الله، وقال الماوردى من أصحابنا هذا مذهب الشافعى رحمه الله لصحة الأحاديث فيه، قال وإنما نص على أنها الصبح لأنه لم يبلغه الأحاديث الصحيحة فى العصر ومذهبه اتباع الحديث (وقالت طائفة) هى الصبح وإليه ذهب جماعة من الصحابة والتابعين، ومن الأئمة مالك والشافعى وجمهور أصحابة (وقالت طائفة) هى الظهر، وقال قبيصة من ذؤيب هى المغرب، وقا لغيره العشاء، وقيل إحدى الخمس مبهمة وقيل الوسطى جميع الخمس، حكاه القاضى عياض، وقيل هى الجمعة، والصحيح من هذه الأقوال قولان، العصر والصبح، وأصحهما العصر للأحاديث الصحيحة اهـ بإختصار وتصرف (م). (130) عن ابن عمر "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى يزيد أنا محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر "الحديث" "غريبة" (3) روى بنصب اللامين ورفعهما والنصب هو الصحيح المشهور الذى عليه الجمهور على أنه مفعول ثان ومن رفع فعلى ما لم يسم فاعله، ومعناه انتزع منه أهله وماله وهذا تفسير مالك بن أنس، وأما على رواية النصب فقال الخطابى وغيره معناه نقص هو أهله وماله وسلبه فبقى بلا أهل ولا مال فليحذر من تفويتها كحذره من ذهاب أهله وماله، قال القاضى عياض رحمه الله تعالى واختلفوا فى المراد بفوات العصر فى هذا الحديث، فقال ابن وهب وغيره هو فيمن لم يصلها فى وقتها المختار، وقال سحنون والأصيلى هو أن تفوته بغروب الشمس، وقيل هو تفويتها إلى أن تصفر الشمس وقد ورد مفسرًا من رواية الأوزاعى فى هذا الحديث قال فيه وفواتها أن يدخل الشمس

يعني غلب على أهله وماله (131) عن أبى الدرداء رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك صلاة العصر متعمِّدًا حتى تفوته فقد أحبط عمله (132) عن العلاء بن عبد الرحمن قال دخلنا على أنس بن مالك أنا ورجل من الأنصار حين صلينا الظهر، فدعا الجارية بوضوء، فقلنا له أىَّ صلاة تصلى؟ قال العصر، قال قلنا إنما صلينا الظهر الآن، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تلك صلاة المنافق، يترك الصلاة حتى إذا كانت فى قرنى الشيطان أو بين قرنى الشيطان صلى لا يذكر الله فيها إلا قليلًا (وعنه من

_ صفرة، وروي عن سالم أنه قال هذا فيمن فاتته ناسيًا، وعلى قول الداودى هو فى العامد وهذا هو الأظهر، ويؤيده حديث البخارى فى صحيحه "من ترك صلاة العصر حبط عمله" وهذا إنما يكون فى العامد (م) "قلت" حديث البخارى رواه الإمام أحمد أيضًا وتقدم فى باب وقت العصر وسيأتى مثله بعد هذا من رواية أبى الدرداء "تخريجه" (ق. والثلاثة). (131) عن أبى الدرداء "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى سريج بن النعمان قال ثنا هشيم قال أنا عباد بن راشد المقرى عن الحسن وأبى قلابة أنهما كانا جالسين فقال أبو الدرداء قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك صلاة العصر الخ. (132) عن العلاء بن عبد الرحمن "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن فضيل ثنا محمد بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن الخ "غريبه" (1) قال الخطابى رحمه الله فى معالم السنن واختلفوا فى تأويله على وجوه (فقال قائل) معناه مقارنة الشيطان للشمس عند دنوها للغروب على معنى ماروى ان الشيطان يقارنها إذا طلعت فإذا ارتفعت فارقها، فاذا استوت قارنها، فاذا زالت فارقها، فاذا دنت للغروب قارنها، فاذا غربت فارقها، فحرمت الصلاة غى هذه الأوقات الثلاثة لذلك (وقيل) معنى قرن الشيطان قوته من قولك أنا مقرن لهذا الأمر أى مطيق له قوى عليه، وذلك لأن الشيطان إنما يقوى أمره فى هذه الأوقات لأنه يسول لعبده الشمس أن يسجدوا لها فى هذه الأزمان الثلاثة (وقيل) قرنه جزبه وأصحابه الذين يعبدون الشمس يقال هؤلاء قرن، أو نشوء جاؤا بعد قرن مضى (وقيل) إن هذا تمثيل وتشبيه، وذلك أن تأخير الصلاة إنما هو من تسويل الشيطان لهم وتزيينه ذلك في قلوبهم،

طريقٍ ثانٍ بنحوه وفيه قال أنسٌ) تلك صلاة المنافقين ثلاث مرَّاتٍ يجلس أحدهم حتَّى إذا اصفرَّت الشَّمس وكانت بين قرني شيطانٍ قام نقر أربعًا لا يذكر الله فيها إلاَّ قليلًا. (133) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بصلاة المنافق، يدع العصر حتَّى إذا كانت بين قرني الشَّيطان أو على قرني الشَّيطان قام فنقرها نقرات الدِّيك لا يذكر الله فيها إلاَّ قليلًا. (7) باب وقت المغرب وأنها وتر صلاة النهار (134) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال كنَّا نصلِّى مع رسول الله

_ وذوات القرون إنما تعالج الأشياء وتدفعها بقرونها فكأنهم لما دافعوا الصلاة وأخروها عن أوقاتها بتسويل الشيطان لهم حتى اصفرت الشمس صار ذلك منه بمنزلة ما تعالجه ذوات القرون وتدفعه بقرونها (وفيه) وجه خامس قال بعض أهل العلم وهو أن الشيطان بقابل الشمس حين طلوعها وينتصب دونها حتى يكون طلوعها بين قرنيه وهما جانبا رأسه فينقلب سجود الكفار للشمس عباده له أهـ (1) "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسحاق بن عباس قال أخبرنى مالك عن العلاء بنحوه (2) هو كناية عن الاسراع فى صلاته وعدم إتمام ركوعها وسجودها حتى كأنه لا يمكث فى الركوع والسجود إلا قدر وضع الغراب منقاره فيما يريد أكله، ففيه ذم صريح لمن يفعل ذلك فى صلاته فأشبه المنافق الذى لا يعتقد صحة الصلاة بل إنما يصلى تقية السيف ولا يبالى بالتأخير (تخريجه) (م. هق. والثلاثة) (133) عن أنس الح "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون قال ابن وهب وحدثنى أسامه بن زيد أن حفص بن عبد الله بن أنس حدثه قال سمعت أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (م. والثلاثة وغيرهم) "الأحكام" أحاديث الباب تدل على الترهيب من تأخير صلاة العصر عن وقتها وتشبيه من أخرها بالمنافقين الذين ذمهم فى كتابه العزيز بقوله {ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى} وتشبيههم أيضًا بمن فقد أهله وماله وقد بينا ذلك فى خلال الشرح نسأل الله التوفيق (134) عن أنس بن مالك "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن

صلى الله عليه وسلم الغرب ثمَّ يجيُّ أحدنا إلى بني سلمة وهو يرى مواقع نبله. (135) عن حسَّان بن بلالٍ يحدِّث عن رجلٍ من أسلم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يصلُّون مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم المغرب، ثمَّ يرجعون إلى أهليهم أقصى المدينة يرتمون يبصرون وقع سهامهم. (136) عن سلمة بن الأكوع رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي المغرب ساعة تغرب الشَّمس إذا غاب حاجبها. (137) عن أبي أيُّوب الأنصاريِّ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلُّوا المغرب لفطر الصَّائم وبادروا طلوع النُّجوم (وعنه من طريقٍ ثانٍ)

_ حميد عن أنس الخ (غريبه) (1) بكسر اللام أى مساكن بنى سلمة وهى فى أقصى المدينة (2) أى المواضع التى تصل اليها سهامه اذا رمى بها (والنبل) بفتح النون وسكون الموحدة هى السهام العربية وهى مؤنثه لا واحد لها من لفظها قاله ابن سيدة، وقيل واحدها نبلة مثل تمر وتمرة (تخريجه) لم أقف عليه وسنده حيد وهو من ثلاثيات الامام أحمد وأخرج نحوه الشيخان عن رافع بن خديج (135) عن حسان بن بلال "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة ثنا أبو بشر قال سمعت حسان بن بلال يحدث عن رجل الخ (تخرجه) (نس. والبغوى فى معجمه) واستشهد به الحافط فى الفتح وحسنه (136) عن سلمة بن الأكوع "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا صفوان قال ثنا ابن أبى عبيد عن سلمة بن الأكوع الخ (غريبه) (3) قال فى الصحاح حواجب الشمس نواحيها اهـ والمراد بحاجبها هنا حرفها الاعلى من قرصها كما فى المشارق (تخريجه) (ق. والأربعة الا النسائى) (137) عن أبى أيوب "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حماد بن خالد عن ابن أبى ذئب عن يزيد بن أبى حسيب عن رجل عن أبى أيوب الخ (غريبه) (4) أى اسرعوا بصلاة المغرب قبل انتشار النجوم وظهورها كلها فلا ينافى طلوع البعض الشديد الضوء منها (5) "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب عن أسلم أبى عمران عن أبى أيوب قال سمعت الخ (تخريجه) الحديث أورد الهيثمى الطريق الاول منه وقال رواه أحمد عن يزيد بن

قال سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، بادروا بصلاة المغرب قبل طلوع النَّجم. (138) عن ابن عمرو رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال صلاة المغرب وتر صلاة النَّهار فأوتروا صلاة اللَّيل، وصلاة اللَّيل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر اللَّيل

_ أبي حبيب عن رجل عن ابى أيوب وبقية رجاله ثقات، وقال فى الطريق الثانى رواه الطبرانى عن يزيد بن أبى حبيب عن أسلم أبى عمران عن أبى أيوب ورجاله موثقون (138) عن ابن عمر "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا هارون الأهوازى ثنا محمد بن سيرين عن ابن عمر الخ (غريبه) (1) أضيفت إليه لوقوعها عقبه فهى نهارية حكما، وإن كانت ليلة حقيقة (تخريجه) أخرج الشطر الأول منه (لك) موقوفا على ابن عمر، وصحح ابن عبد البر رفعه، وأخرجه (قط) عن ابن مسعود بسند ضعيف، وقال البيهقى الصحيح وقفه على ابن مسعود، وصحح الحافظ العراقى رواية الإمام أحمد، والشطر الثانى من الحديث أخرجه (ق. والأربعة وغيرهم) "الأحكام" أحاديث الباب تدل على أن وقت المغرب يدخل بغروب الشمس وهو مجمع عليمه (وفيها) استجاب المسارعة بصلاتها فى هذا الوقت، لأنها كانت عادة رسول الله صلى الله وعليه وسلم المتكررة التى واظب عليها إلا لعذر فالاعتماد عليها، وقد نقل أبو عيسى الترمذى رحمه الله عن العلماء كافة من الصحابة فمن بعدهم كراهة تأخير المغرب (قال الشوكانى) رحمه الله وقد اختلف السلف فيها هل هى ذات وقت أو وقتين، فقال الشافعى انه ليس لها إلا وقت واحد وهو أول الوقت، هذا هو الذى نص عليه فى كتبه القديمة والجديدة، ونقل أبو ثور أن لها وقتين، الثانى منهما ينتهى إلى مغيب الشفق، قال الزعفرانى وأنكر هذا القول جمهور الأصحاب، ثم اختلف أصحاب الشافعى فى المسألة على طريقين، أحدهما القطع بأن لها وقتا فقط، والثانى على قولين أحدهما هذا، والثانى يمتد إلى مغيب الشفق، وله أن يبدأ بالصلاة فى ك وقت من هذا الزمان اهـ (قلت) قال النووى فى القول الثانى هو ضعيف عند جمهور نقلة مذهبنا وقالوا الصحيح انها ليس لها الا وقت واحد، وهو عقب غروب الشمس بقدر ما يتطهر ويستر عورته ويؤذن ويقيم، فإن أخر الدخول فى الصلاة عن هذا الوقت أثم وصارت قضاء، قال وذهب المحققون من أصحابنا الى ترجيح القول بجواز تأخيرها مالم يغب الشفق وانه يجوز ابتداؤها فى كل وقت من ذلك ولا يأثم بتأخيرها عن أول الوقت، وهذا هو الصحيح أو الصواب الذي لا يجوز

(8) باب ما جاء في تعجيلها وكراهة تسميتها بالعشاء (139) عن السَّائب بن يزيد رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تزال أمَّتي على الفطرة ما صلَّوا المغرب قبل طلوع النُّجوم. (140) عن أبي عبد الرَّحمن الصُّناجيِّ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن تزال أمَّتي في مسنكة ما لم يعملوا بثلاثٍ، ما لم يؤخِّروا لمغرب بانتظار الإظلام مضاهاة اليهود، وما لم يؤخِّروا الفجر إمحاق النَّجوم

_ غيره، والجواب عن حديث جبريل عليه السلام حين صلى المغرب فى اليومين فى وقت واحد حين غربت الشمس من ثلاثة أوجه (أحدها) انه اقتصر على بيان وقت الاختيار ولم يستوعب وقت الجواز، وهذا جار فى كل الصلوات سوى الظهر (والثانى) انه متقدم فى أول الأمر بمكة، والاحاديث بامتداد وقت المغرب الى غروب الشفق متأخرة فى أواخر الأمر بالمدينة فوجب اعتمادها (قلت) يعنى حديث عبد الله بن عمرو بن العاص ونحوه وقد ذكرتها فى الباب الأول جامع الأوقات قال (والثالث) ان هذه الأحاديث أصح اسنادا من حديث بيان جبريل عليه السلام فوجب تقديمها فهذا مختصر ما يتعلق بوقت المغرب وقد بسط فى شرح المهذب دلائله والجواب عما يوهم خلاف الصحيح والله أعلم اهـ (م) (قلت) وفى أحاديث الباب أيضًا دلالة على أن صلاة المغرب وتر صلاة النهار وقد تقدم الكلام فى معنى ذلك والله أعلم (139) عن السائب بن يزيد "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون بن معروف قال عبد الله وسمعته أنا من هارون قال أنا ابن وهب قال حدثنى عبد الله ابن الاسود القرشى أن يزيد بن خصيفة حدثه عن السائب بن يزيد أن رسول الله صلى الله علية وسلم الخ (غريبه) (1) أى السنة والدين الحق (خريجه) قال الهيثمى رواه أحمد والطبرانى فى الكبير ورجاله موثقون (140) عن أبى عبد الرحمن الصنابحى "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير ثنا الصلت يعنى ابن العوام قال حدثنى الحارث بن وهب عن أبى عبد الرحمن الصنابحى الخ (غريبه) (2) بضم الميم أى بقية من خير (3) المضاهاة المشابهة وقد تهمز وقرئ بها فى قوله تعالى {يضاهون قول الذين كفروا} قرئ يضاهون أيضا ومعنى الحديث يؤخرون المغرب حتى يدخل الظلام تشبها باليهود (4) المحق النقص والمحو أى ما لم يؤخر صلاة الفجر حتى يظهر ضوء النهار ظهورا يختفى بسببه معظم النجوم تشبها

مضاهاة النَّصرانية، وما لم يكلوا الجنائز إلى أهلها. (141) عن يزيد بن أبي حبيب المصريِّ عن مرثد بن عبد الله اليزنيِّ ويزن بطن من حمير قال قدم علينا أبو أيُّوب خالد بن زيدٍ الأنصاريُّ رضى الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مصر غازيًا وكان عقبة بن عامر بن عبسٍ الجهني أمَّره علينا معاوية بن أبي سفيان قال فحبس عقبة بن عامر بالمغرب (وفي رواية فأخَّر المغرب) فلمَّا صلَّى قام إليه أبو أيُّوب الأنصاري فقال له يا عقبة أهكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تزال أمتي بخير أو على الفكرة ما لم يؤخِّر المغرب حتَّى تشتبك الَّنُّجوم قال فقال بلى، قال فما حملك على ما صنعت؟ قال شغلت، قال فقال أيُّوب أما والله ما بي إلاَّ أن يظن النَّاس أنَّك رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يصنع هذا.

_ بالنصارى (1) أى ما لم يتقاعدوا عن حضور الجنائز وتشييعها (تخريجه) قال الهيثمى رواه الطبرانى فى الكبير ورجاله ثقات (141) عن يزيد بن أبى حبيب "سنده" حدثنا عبد الله أبى ثنا يعقوب قال ثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى يزيد بن أبى حبيب المصرى الخ (غريبه) (2) قيل كان ذلك فى سنة أربع وأربعين (3) أى شغل عن صلاة المغرب فى أول وقتها ولعل اشتغاله كان بشئ من مصالح المسلمين (4) رواية أبى داود أما سمعت سول الله صلى الله ليه وسلم يقول الخ (5) أو للشك من الراوى، والفطرة السنة والدين الحق كما تقدم (6) أى تظهر جميعها ويختلط بعضها ببعض لكثرة ما ظهر منها وهو كناية عن الظلام (7) أى ما بى من بأس أو أسى أو حزن أو نحو ذلك إلا خوفى من أن يظن الناس الخ وهو خلاف ما كان عليه النبى صلى الله علية وسلم فيقتدون فيه (تخريجه) (د. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى وأخرجه (جه. ك. حز) عن العباس بن عبد المطلب بلفظ "لا تزال أمتى مالم يؤخروا المغرب حتى تشتبك النجوم"

(142) عن عبد الله المزنيِّ (يعني بن مغفَّل) رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تغلبنَّكم الأعراب على اسم صلاة المغرب، قال وتقول الأعراب هي العشاء. (9) باب وقت صلاة العشاء وكراهة السمر بعدها وتسميتها بالعتمة (143) عن النُّعمان بن بشير رضى الله عنه قال إنِّي أعلم النَّاس أو كأعلم النَّاس بوقت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم للعشاء، كان يصلِّيها بعد سقوط القمر في اللَّيلة الثَّالثة من أوَّل الشَّهر (وعنه من طريقٍ ثانٍ بنحوه وفيه) كان يصلِّيها مقدار ما يغيب القمر ليلة ثالثةٍ أو رابعةٍ.

_ (142) عن عبد الله المزني "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد حدثنى أبى ثنا حسين عن عبد الله بن بريدة حدثنى عبد الله المزنى الخ (غريبه) (1) قال الطيبى يقال غلبه على كذا غصبه منه أو أخذه منه قهرا، والمعنى لا تتعرضوا لما هو من عادتهم من تسمية المغرب بالعشاء والعشاء بالعشمة فيغضب منكم الاعراب اسم العشاء التى سماها الله بها، قال فالهى على الظاهر للأعراب وعلى الحقيقة لهم، وقال القرطبى الأعراب من كان من أهل البادية وإن لم يكن عربيا، والعربى من ينتسب الى العرب ولو لم يسكن البادية حكاه الحافظ (ف) واختلف فى علة النهى عن ذلك، فقيل هى خوف التباس المغرب بالعشاء، وقيل العلة الجامعة أن تسميها بالعشاء مخالفة لاذن الله، فانه سمى الأولى بالمغرب والثانية العشاء والآخرة وقيل غير ذلك والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) "الأحكام" أحاديث الباب تدل على استحباب التعجيل بصلاة المغرب بعد مغيب الشمس وكراهة تأخيرها حتى تشتبك النجوم لان المبادرة بها كانت من هدية صلى الله عليه وسلم والخير كله فى اتباعه وقد أجمع الأئمة على استحباب ذلك (وفيها) أيضا كراهية تسمية المغرب بالعشاء وقد عرفت العلة فى ذلك والله أعلم (143) عن النعمان بن بشير "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنا أبو بشر عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير الخ (غريبه) (2) سيأتى بيان ذلك فى الأحكام آخر الباب (3) "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبة ثنا يزيد أنا شعبة عن أبى بشر عن بشير بن ثابت عن حبيب بن سالم عن النعمان بنحوه الخ (تخريجه) (د. مذ. نس) والدارمى وقال النووى اسناده جيد صحيح وكذلك قال ابن العربي

(144) عن رجلٍ من جهينة قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم متى أصلِّي العشاء؟ قال إذا ملأ اللَّيل بطن كلِّ وادٍ. (145) عن عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سمر بعد الصلَّاة يعني العشاء الآخرة إلا لأخذ رجلين، مصلّ أو مسافرٍ. (146) وعنه أيضًا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجدب لنا السَّمر بعد العشاء (وعنه من طريق ثانٍ) قال جدب إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم السَّمر بعد العشاء. قال خالد (أحد الرُّواة) معنى جدب إلبنا يقول عابه ذمَّه.

_ (144) عن رجل من جهبنة "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد ثنا محمد يعنى ابن عمرو عن عبد العزيز بن عمرو بن ضمرة الفزارى عن رجل من جهبنة الخ (تخريجه) لم أقف عليه وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله موثقون (145) عن عبد الله بن مسعود "سنده" حدقنا عبد الله أبى ثنا جرير عن منصور عن خيثمة عن رجل من قومه عن عبدالله بن مسعود الخ (عربيه) (1) السمر بفتح الميم من المسامرة فهى الحديث باليل، وبسكونها فهو مصدر وأصل السمر لون ضوء القمر لأنهم كانوا يتحدثون فيه قال صاحب مجمع البحار (2) أى متهجد (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانى فى الكبير والأوسط، فأما أحمد وأبو يعلى فقالا عن خيثمة عن رجل عن ابن مسعود، وقال الطبرانى عن خيثمة عن زياد بن حدير ورجال الجميع ثقات اهـ (قلت) وله شاهد من حديث عائشة رواه الحافظ ضياء الدين المقدسى فى الأحكام وأبو يعلى مرفوعا "السمر لثلاثة، لعروس أو مسافر أو متهجد باليل" قال الهيثمى ورجاله رجال الصحيح (146) وعنه أيضا "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن أبيه عن عطاء عن أبى وائل عن عبد الله قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غربيه) (3) أي يعيبه ويذمه وبابه ضرب (4) "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا خلف ابن الوليد ثنا خالد عهن عطاء بن السائب عن شفيق بن سامة عن عبد الله بن مسعود قال جدب الينا الخ (تخريجه) (جه) ورجال الصحيح وأشار اليه الترمذى وذكره الحافظ ابن سيد الناس فى شرح الترمذي ولم يتعقبه بما يوجب ضعفا

(147) عن أبي برزة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره النَّوم قبل العشاء ولا يحبُّ الحديث بعدها. (148) عن عمر رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمر عند أبي بكرٍ الليلة كذلك في الأمر من أمر المسلمين وأنا معه. (149) عن أبي سلمة سمعت ابن عمر عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال لا تغلبنَّكم الأعراب على اسم صلاتكم، ألا وإنَّها العشاء وإنَّهم يعتمون بالإبل أو عن الإبل

_ (147) عن أبي برزة "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الوهاب ابن عبد المجيد ثنا خالد عن أبى المنهال عن أبى برزة "الحديث" (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (148) عن عمر "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عمر الخ (تخريجه) (نس. مذ) وحسنه ورجاله رجال الصحيح (149) عن أبى سلمة "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن أبن أبى لبيد عن أبى سلمة سمعت ابن عمر الخ (غربيه) (1) العتمة من الليل بعد غيبوبة الشفق الى آخر الثلث الاول، وعتمة الليل ظلام أوله عند سقوط نور الشفق، واعتم دخل فى العتمة مثل أصبح دخل فى الصباح قاله فى المصباح، وقال الأزهرى كان أرباب النعم فى البادية يريحون الابل ثم ينيخونها فى مراحها حتى يعتموا أى يدخلوا فى عتمة الليل وهى ظلمته، وكانت الأعراب يسمون صلاة العشاء صلاة العتمة تسمية بالوقت، فنهاهم عن الاقتداء بهم واستحب لهم التمسك بالاسم الناطق به لسان الشريعة، قال تعالى {ومن بعد صلاة العشاء} ولم يقل صلاة العتمة (فان قيل) قد جاء فى الأحاديث الصحيحة تسميتها بالعتمة كحديث أبى هريرة عند البخارى وغيره {ولو يعلمون ما في العتمة والصبح لاتوهما وأحبوا} (قلت) فالجواب عن ذلك من وجهين كما قاله النووى (أحدهما) انه استعمل لبيان الجواز، وان النهى عن العتمة للتنزيه لا للتحريم (والثانى) يحتمل أنه خوطب بالعتمة من لا يعرف العشاء فخوطب بما يعرفه واستعمل لفظ العتمة لأنه أشهر عند العرب وانما كانوا يطلقون العشاء على المغرب كما تقدم فى حديث عبد الله المزنى {لا تغلبنكم الاعراب على اسم صلاة المغرب}

(وفي لفظ) إنَّما يدعونها العتمة لإعتامهم بالإبل لحلابها

_ قال وتقول الاعراب هى العشاء) فلو قال لو يعلمون ما الصبح والعشاء لتوهموا أن المراد المغرب والله أعلم (تخريجه) (م. نس. جه. فع) وأخرج نحو ما بن ماجه من حديث أبى هريرة باسناد حسن قاله الحافظ، وأخرج نحوه أيضا البيهقى وأبو يعلى من حديث عبد الرحمن ابن عوف، ونقل الشوكانى أن الامام الشافعى زاد فى روايته فى حديث ابن عمر"وكان ابن عمر اذا سمعهم يقولون العتمة صاح وعضب" (قلت) لم أقف على هذه الزيادة قال وأخرج عبد الرازق هذا الموقوف من وجه آخر، قال وروى ابن أبى شبية عن ابن عمر أنه قال له ميمون بن مهران من أول من سمى العشاء بالعتما؟ قال الشيطان (الاحكام) أحاديث الباب تدل على أن صلاة النبى صلى عليه وسلم العشاء كانت بعد غروب القمر فى الليلة من الشهر، وذلك يكون بعد مضى نحو ساعة ونصف من غروب الشمس تقريبا وهذا هو غالب أحواله صلى الله عليه وسلم (وتارة) كان يؤخرها أكثر من ذلك كما فى الرواية الثانية لقوله"أو رابعة" أى بعد غروب القمر فى الليلة الرابعة، وهذا يكون بعد غروب الشمس بنحو ساعتين ونصف تقريبا، بل ثبت أنه صلى الله عليه وسلم اخرها أكثر من ذلك كما سيأتى فى الباب التالى"الى ثلث الليل أو شطره" (وفى أحاديث الباب أيضا) دليل على كراهية النوم قبلها والحديث بعدها، وقد اختلف أهل اختلف أهل العلم من أصحاب الني صلى الله عليه والتابعين ومن بعدهم فى السمر بعد العشاء، فكره قوم منهم السمر بعد صلاة العشاء، ورخص بعضهم اذا كان فى معنى العلم ومالا بد منه من الحوائج، وأكثر أهل الحديث على الرخصة، وحديث عمر رضى الله عنه يدل على كراهة السمر بعد العشاء اذا كان لحاجه دينية عامة أو خاصة، وحديثأبى برزة وابن مسعود وغيرهما تدل على الكراهية، وطريقة الجمع بينها بأن توجه أحاديث المنع الى الكلام المباح الذى ليس فيه فائدة تعود على صاحبه، وأحاديث الجواز الى ما فيه فائدة تعود على المتكلم، أو يقال دليل كراهة الكلام والسمر بعد العشاء عام يخصص بدليل جواز الكلام والسمر بعدها ف الامور العائدة الى مصالح المسلمين (قال النووى) واتفق العلماء على كراهة الحديث بعدها الا ما كان خير، قيل وعله الكراهه ما يؤدى اليه السهر من مخافة غلبة النوم آخر الليل عن القيام لصلاة الصبح فى جماعة والاتيان بها فى وقت الفضيلة والاختبيار والقيام الورد من صلاة أو قراءة فى حق من عدته ذلك ولا أقل لمن أمن من ذلك من الكسل بالنهار عما يجب من الحقوق فيه والطاعات نقله الشوكانى والله أعلم (وفيها أيضًا) دليل على كراهة تسمية العشاء بالعتمة وقد تقدم الكلام فى ذلك. مستوفى

(10) باب استحباب تأخيرها إلى ثلث الليل أو نصفه (150) عن أبي هريرة رضي الله عنه ببلغ به النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لولا أن أشقَّ على أمتي لأمرتهم بالسِّواك عند كلِّ صلاة وتأخير العشاء (وفي لفظٍ) ولأخَّرت العشاء إلى ثلث الليل أو شطر اللَّيل. (151) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال مسَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بصلاة العشاء حتَّى صلَّى المصلِّي واستيقظ المستيقظ ونام النَّائمون وتهجَّد المتهجِّدون ثمَّ هرج فقال لولا أن أشقَّ على أمَّتي أمرتهم أن يصلُّوا هذا الوقت أو هذه الصَّلاة أو نحو ذا. (152) وعنه أيضًا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم شغل عنها ليلةً فأخرها حتَّى رقدنا في المسجد ثمَّ استيقظنا، ثمَّ رقدنا، ثمَّ استيقظنا فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس أحدٌ من أهل الأرض ينتظر الصَّلاة غيركم. (153) عن جابر بن سمرة رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (150) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د. جه. حب. حز. ك) وصححاه ذكره النووى (ج) (قلت) وأخرجه الترمذى أيضًا وصححه وحسنه (151) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود أنا أبو اسرائيل عن فضل عن مجاهد عن ابن عمر"الحديث" (تخريجه) (م. د. نس) وأشار اليه الترمذى (152) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق انقلين جريح أخبرنى نافع عبد الله بن عمر الخ (تخريجه) (م. د. نس) (153) عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا حسين

يصلَّي بنا الصَّلاة المكتوبة ولا يطيل فيها ولا يخفِّف، وسطًا من ذلك، وكان يؤخِّر العتمة (وفي لفظٍ العشاء الآخرة). (154) عن أبي سميد الخدري رضى الله عنه قال انتظرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً بصلاة العشاء حتَّى ذهب نحو من شطر اللَّيل، قال فجاء فصلى بنا، ثمَّ قال خذوا مقاعدكم فإنَّ الناس قد أخذوا مضاجعهم وإنَّكم لن تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها، ولولا ضعف الضَّعيف وسقم السَّقيم وحاجة دي الحاجة لأخَّرت هذه الصَّلاة إلى شطر اللَّيل. (155) حدثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا روح وأبو داود قالا ثنا حمَّاد ابن سلمة قال ابو داود ثنا عليُّ بن زيدٍ عن الحسن عن أبي بكرة (رضي الله عنه) قال أخَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء تسع ليالٍ، قال أبو داود ثمان ليالٍ إلى ثلث اللَّيل، فقال أبو بكر يا رسول الله لو أنَّك عجلت لكان أمثل لقيامنا من اللَّيل قال فعجل بعد ذلك، قال أبي وحدَّثنا عبد الصَّمد فقال في حديثه سبع ليال وقال عفَّان تسع ليال

_ ابن محمد ثنا أيوب يعنى ابن جابر عن سماك عن جابر بن سمرة"الحديث" (تخريجه) (م. نس) (154) عن أبى سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن أبى عدى عن داود عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخ (غريبه) (1) هكذا بالأصل، ورواية أبى داود"فأخذنا مقاعدنا فقال ان الناس قد صلوا وأخذوا مضاجعهم" (تخريجه) (د. نس. جه. حز. هق) واسناده صحيح (155) حدثنا عبد الله (غريبه) (2) يعنى الطيالسى صاحب المسند (3) القائل هو عبد الله بن الامام أحمد رحمهما الله يعنى أن أباه الأمام أحمد رحمهما الله يعنى أن أباه الامام أحمد روى هذا الحديث أيضً من طريق عبد الصمد فقال فى حديثه سبع ليال، ورواه أيضًا من طريق عفان فقال عفان فى روايته تسع ليال (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد والطبرانى فى الكبير بنحوه وفيه على بن زيد وهو مختلف في الاحتجاح به

(156) عن عاصم بن حميدٍ الشكونيِّ وكان من أصحاب معاذ بن جبلٍ عن معاذٍ قال رقبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة العشاء فاحتبس حتى ظننَّا أن لن يخرج والقائل منَّا يقول قد صلَّى ولمن يخرج، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلنا يا رسول الله ظننَّا أنَّك لن تخرج والقائل منَّا يقول قد صلَّى ولن يخرج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتموا بهذه الصَّلاة فقد فضِّلتم بها على سائر الأمم ولم يصلِّها أمَّة قبلكم. (157) حدّثنا عبد الله حدَّثني أبى ثنا عبد الرَّزَّاق وابن بكرٍ قالا أنا ابن جريج قال قلت لعطاءٍ أي حين أحبُّ إليك أن أصلِّي العشاء إمامًا أو خلوًا قال سمعت ابن عباسٍ يقول أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً بالعشاء حتَّى رقد النَّاس واستيقظوا، فقام عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه فقال الصَّلاة، قال عطاء قال ابن عبَّاس فخرج نبيُّ اله صلى الله عليه وسلم كأنِّي أنظر إليه الآن يقطر رأسه ماءً واضعًا يده على شقِّ رأسه، فقال لولا أن أشقَّ على أمَّتي لأمرتهم أن يصلُّوها كذلك (ومن طريقٍ آخر) بنحوه وفيه فقال عمر يا رسول الله نام النِّساء والولدان فخرج فقال لولا أن أشقَّ على أمَّتي لأمرتهم أن يصلُّوها هذه السَّاعة. (158) عن عائشة رضي الله عنها قالت أعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعشاء حتَّى ناداه عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه قد نام النِّساء والصِّبيان فخرج

_ (156) عن عاصم بن حميد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هارون أنا حريز (فتح الحاء المهملة وكسر الراء) يعنى ابن عثمان ثنار اشد بن سعد عن عاصم بن حميد الخ (غريبه) (1) أى انتظرنا وبابه دخل (تخريجه) (د. هق) وسنده جيد (157) حدثنا عبد الله (غريبه) (2) أى منفردًا (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن عمرو عن عطاء وابن جريح عن عطاء عن ابن عباس بنحوه الخ (تخريجه) (ق. نس) (158) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه ليس أحد من أهل الأرض يصلِّي هذه الصَّلاة غيركم، ولم يكن أحد يصلِّي يومئذٍ غير أهل المدينة (وفي روايةٍ وذلك قبل أن يفشوا الإسلام. (159) حدّثنا عبد الله حدَّثني أبى ثنا عبد الرَّزَّاق ومحمَّد بن بكر قالا أنا ابن جريجٍ أخبرني المغيرة بن حكيمٍ عن أم كلثوم بنت أبي بكرٍ أنَّها أخبرته عن عائشة قالت أعتم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ذات ليلة حتَّى ذهب عامَّة اللَّيل وحتَّى نام

_ معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (تخريجه) (م. نس. وغيرهما) (159) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) أى كثير منه وليس المراد أكثره ولابد من هذا التأويل لقوله صلى الله عليه وسلم (انه لوقتها) ولا بجوز أن يكون المراد بهذا القول مابعد نصف الليل لأنه لم يقل أحد من العلماء أن تأخيرها الى مابعد نصف الليل أفضل قاله النووى م (تخريجه) (م. نس) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استجباب تأخير صلاة العشاء عن أول وقتها (قال الشوكانى رحمه الله" وقد اختلف العلماء هل الأفضل تقديمها أم تأخيرها، وهما مذهبان مشهور ان للسلف وقولان لمالك والشافعى، (فذهب) فريق الى تفضيل التأخير محتجا بهذه الأحاديث المذكورة فى هذا الباب (ذهب فلايق آخر) الى تفضيل التقديم محتجا بأن العادة الغالبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم هى التقديم، وانما أخرجها فى أوقات يسيرة لبيان الجوز والشغل والعذر، ولو كان تأخيرها افضل لواظب عليه وان كان فى مشقة، ورد بأن هذا انما يتم لو لم يكن منه صلى الله عليه وسلم الا مجرد الفعل لها فى ذلك الوقت، وهو ممنوع لورود الاقوال كما فى حديث ابن عباس وأبى هريرة وعائشة وغير ذلك (وفيها) تنبيه على أفضلية التأخير وعلى أن ترك الموظبة عليه. لما فيه من المشقة كما صرحت بذلك الحاديث، وأفعاله صلى الله عليه وسلم لا تعارض هذه الاقوال، وأما ما ورد من أفضلية أول الوقت على العموم فأحاديث، هذا الباب خاصة، فيجيب بناؤه عليها، وهذا لابد منه (واختلفوا أيضًا) في آخر وقتها فذهب عمر بن الخطاب والقاسم والهادى والشافعى وعمر بن عبد العزيز الى أن آخر وقت العشاء ثلث الليل، واحتجوا بحديث جبريل وحديث أبى موسى فى التعليم وقد تقدما. وفى قول للشافعى أن آخر وقتها نصف الليل. واحتج بما تقدم من الأحاديث المصرح فيها بالتاخير الى شطر الليل قال وهذه الأحاديث المصير اليها متعين لوجوه، (والاول) لاشتمالها على الزيادة وهى مقولة (الثانى) اشتمالها على الاقوال والاقوال والاقول وتلك أفعال فقط وهى لا تعارض الاقوال (والثالث) كثرة طرقها (والرابع) كونها فى الصحيحين، فالحق أن آخر وقت اختيار

أهل المسجد "وقال ابن بكر رقد" ثمَّ خرج فصلَّى فقال إنَّه لوقتها لولا أن يشق على أمتي وقال بن بكر أنَّ أشقَّ. (11) باب وقت صلاة الصبح وما جاء في التغليس بها والأسفار (160) عن قيس بن طلقٍ عن أبيه رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال ليس الفجر المستطيل في الأفق ولكنَّه المعترض الأحمر. (161) عن عائشة رضي الله عنها أن نساءً من المؤمنات كنَّ يصلين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم متلفِّحات بمروطهنَّ، ثمَّ يرجعن إلى أهلهنَّ وما يعرفهنَّ أحدٌ من الغلس.

_ العشاء نصف الليل، وما أجاب به صاحب البحر من أن النصف مجمل فصله خبر جبريل فليس على ما ينبغى، وأما وقت الجواز والاضطرار فهو ممتد الى الفجر لحديث أبى قتادة عند مسلم وفيه (ليس فى النوم تفريط، انما التفريط على من لم يصل الصلاة حتى يجئ وقت الصلاة الاخرى) الا صلاة الفجر فانها مخصوصة من هذا العموم بالاجماع اهـ بتصرف (160) عن قس بن طلق (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى عبد الله حدثنى أبى ثنا موسى ثنا محمد بن جابر عن عبد الله بن النعمان عن قيس بن طلق عن أبيه الخ (غريبه) (1) أى الابيض المرتفع فى السماه إلى فوق من جهة المشرق فان هذا يسمى الفجر الكاذب، وأما الفجر الصادق الذى تجب الصلاة بظهوره ويحرم على الصائم الأكل والشرب ونحوهما بعده فعلامته أن يكون خطا أبيض مشربا بحمرة معترضا من جهة المشرق وأكثر ما تكون الحمرة تحته (تخريجه) لم أقف عليه، وأورده السيوطي فى الجامع الصغير وعزاه للامام أحمد فقط ورمز له بالحسن، وله شاهد عند البيقى من حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال"الفجر فجران، فجر يحرم فيه الطعام وتحل فيه الصلاة، وفجر يحل فيه الطعام وتحرم فيه الصلاة" (161) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن الزهرى عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (2) بعين مهملة بعد الفاء أى متجللات ومتلففات، والتلفع هو التلفف، إلا أن فيه زيادة تغطية الرأس، فكل متلفع متلفف وليس كل متلفف متلفعًا (وقولها) بمروطهن اى بأكسيهن واحدها مرط بكسر الميم (والغلس) بالغين المعجمة هو بقايا ظلام الليل (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم)

(162) عن أبي الرَّبيع قال كنت مع ابن عمر في جنازةٍ فسمع صوت إنسان يصيح فبعث إليه فأسكته، فقلت يا أبا عبد الرَّحمن لم أسكته؟ قال إنَّه يتأذَّى به الميِّت حتَّى يدخل قبره، فقلت له إنِّي أصلِّي معك الصبح، ثمَّ ألتفت فلا أرى وجه جليسي، ثمَّ أحيانًا تسفر، قال كذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحبت أن أصلِّيها كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّيها. (163) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت صلاة الصُّبح، قال فأمر بلالًا حين طلع الفجر فأقام الصَّلاة ثمَّ أسفر من الغد حتَّى أسفر، ثمَّ قال أين السَّائل عن وقت صلاة الغداة، وأحبت أن أصلِّيها كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّيها. (163) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وقت صلاة الصُّبح، قال فأمر بلالًا حين طلع الفجر فأقام الصَّلاة، ثمَّ أسفر من الغد حتَّى أسفر، ثمَّ قال أين السَّائل عن وقت صلاة الغداة، ما بين هاتين أو قال هذين وقت. (164) عن رافع بن خديجٍ رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أصبحوا بالصبح فإنَّه أعظم لأجوركم أو أعظم للأجر (وعنه

_ (162) عن أبي الربيع (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد الزبيرى محمد بن عبد الله ثنا أبو شعبة الطحان جار الأعمش عن أبى الربيع الخ (تخريجه) لم أقف عليه وأوردة الهيثمى بالفظه وقال رواء أحمد، وأبو الربيع قال فيه الدار قطى مجهول اهـ (163) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل أنا حميد الطويل عن أنس الخ (تخريجه) أورده الهيثمى بلفظه إلا قوله فأمر بلالا وقال رواه البزار وجاله الصحيح اهـ (قلت) وهذا الحديث من ثلاثيات الامام أحمد رحمه الله ورواه البيهى أيضًا وصححه (164) عن رافع بن خديج (سنده) حديثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن ابن عجلان عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج الخ (غريبه) (1) أى صلوها عند طلوع الصبح، يقال أصبح الرجل اذا دخل فى الصبح،"قال الحافظ السيوطى" بهذا يعرف أن رواية من رواه بلفظ اسفروا بالفجر رواية بمعناه (2) يعنى أن الاصباح الماخوذ من قوله اصبحوا أكثر ثوابا من تأخيرها عن أول الوقت وهو

من طريق ثانٍ) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفروا بالفجر فإنَّه أعظم للأجر. (165) عن محمود بن لبيد الأنصاريِّ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفروا بالفجر فإنَّه أعظم للأجر أو لأجرها. (166) عن أبي زيادٍ عبيد الله بن زيادٍ الكنديِّ عن بلالٍ أنَّه حدَّثه أنَّه أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يؤذنه بصلاة الغداة، فشغلت عائشة بلالًا بأمرٍ سألته عنه حتَّى أفضحه الصبح وأصبح جدًّا، قال فقام بلالٌ فآذنه بالصَّلاة وتابع بين أذانه فلم يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمَّا خرج فصلَّى بالنَّاس أخبره أنَّ عائشة

_ تعليل للأمر بالاصباح (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو خالد الاحمر أنا ابن عجلان عن عاصم بن عمر بن فتادة عن محمود بن لبيد عن رافع بن خديج قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) معنى الاسفار أن ينكشف النهار ويضئ، والظاهر انه يعارض أحاديث التغليس بصلاة الصبح، ويجمع بين ذلك بأن الامر بالاسفار خاص بالليالى المقمرة لأن أول الصبح لا يتبين فيها فامروا بالاسفار احتياطا (تخريجه) (الاربعة. حب. طب. هق) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح، وقال الحافظ فى الفتح وصححه غير واحد (165) عن محمود بن لبيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسحاق بن عيسى ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن محمود بن لبيد الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وقال الهيثمى رواه الامام احمد وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف (قلت) يعضده ما قبله (166) عن أبى زياد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابو المتغيرة ثنا عبد الله بن العلاء حدثنى أبو زياد عبيد الله بن زياد الكندى الخ (غريبه) (3) اى دهمته فضحة الصبح وهى بياضه والأفضح الأبيض ليس بشديد (نه) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد والله أعلم (وفى الباب) عن أبى مسعود الأنصارى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الصبح مرة بغلس ثم صلى مرة أخرى فأسفر بها، ثم كانت صلاته بعد ذلك التغليس حتى مات لم يعد إلى أن يسفر رواه (نس. جه. د) من حديث طويل ورجاله فى سنن أبى داود من رجال الصحيح وأصاله فى الصحيحين، وقال الخطابى هو صحيح الاسناد، صلاة الصبح طلوع الفجر الصادق (وفيها) استحباب المبادرة بصلاة الصبح فى ذلك الوقت وقد اختلف العلماء فى ذلك، فذهبت العترة ومالك والشافعى واحمد واسحاق وأبو ثور

شغلته بأمر سألته حتى أصبح جدًّا، ثم إنه أبطأ عليه بالخروج، فقال إني ركعت ركعتي الفجر، قال يا رسول الله إنك قد أصبحت جدًّا، قال لو أصبحت أكثر مما أصبحت لركعتهما وأحسنتهما وأجملتهما. (12) باب في فضل صلاة الصبح والعشاء (167) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى صلاة الصبح فله ذمَّة الله فلا تخفروا الله ذمته، فإنه من أخفر ذمته طلبه الله

_ والأوزاعي وداود بن على وابو جعفر الطبرى وهو المروى عن عمر وعثمان وابن الزبير وأنس وأبى موسى وأبى هريرة إلى أن التغليس أفضل وأن الاسفار غير مندوب، وحكى هذا القول الحازمى عن بقية الخلفاء الأربعة وابن مسعود الأنصارى وأهل الحجاز واحتجوا بالأحاديث المذكورة فى هذا الباب وغيرها، ولتصريح أبى مسعود فى حديثه بأنها كانت صلاة النبى صلى الله عليه وسلم التغليس حتى مات ولم يعد إلى الاسفار (وذهب) الكوفيون أبو حنيفة وأصحابه والثورى والحسن بن حي وأكثر العراقيين وهو مروى عن على رضى الله عنه وابن مسعود إلى أن الأسفار أفضل، واحتجوا بحديث أسفروا بالفجر، وقد أجاب القائلون بالتغليس عن أحاديث الأسفار بأجوبة (منها) أن الأسفار التبين والتحقق فليس المراد إلا تبين الفجر وتحقق طلوعه (ومنها) أن الأمر بالأسفار فى المقمرة، فإنه لا يتحقق فيها الفجر إلا بالاستظهار فى الاسفار (وقال أبو جعفر الطحاوى) إنما يتفق معانى آثار هذا البات بان يكون دخوله فى صلاة الصبح مغلسًا ثم يطيل القراءة حتى ينصرف عنها مسفرًا، اهـ. فان قيل إن ما قاله الطحاوى يعارض حديث عائشة لنها حكت أن انصراف النساء كان وهن لا يعرفن من الغلس (قلت) لا معارضة فربما كان ذلك فى بعض الاحيان حينما يخفف القراءة، وبهذا يجمع بين أحاديث التغليس والأسفار فيقال كان يدخل فيها مغلسًا وينصرف عنها مسفرًا والله أعلم. (167) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن ابن عمرألخ"غريبه" (1) يقال خفرت الرجل أجرته وحفظته، وخفرته إذا كنت له خفرًا أى حاميًا وكفيلا، وتحفرت به إذا استجرت به، والحفارة بالكسر والضم الذمام، وأخفرت الرجل إذا نقضت عهده وذمامه والهمزة فيه للإزالة اى أزالت خفارته كأشكيته إذا أزالت شكايته وهو المراد في الحديث

حتى يكبَّه على وجهه. (168) عن جندب (بن سفيان البجليِّ) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صلى صلاة الفجر فهو في ذمة الله، فلا تخفروا ذمة الله عز وجل ولا يطلبنَّكم بشيءٍ من ذمته. (169) عن سمرة بن جندب رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى صلاة الغداة فهو في ذمة الله، فلا تخفروا الله تبارك وتعالى في ذمته. (170) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي بشر عن أبي عمير بن أنس عن عمومةٍ له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يشهدهما منافق، يعنى صلاة الصبح والعشاء قال أبو بشر

_ (نه) (1) أى يصرعه فى النار كما فى الحاديث الآتية، والسكبة بالفتح شدة الشئ ومعظمه وكبه النار صدمتها"تخريجه" (بز) ورواه (طب. طس. بنحوه) وحديث الباب فى إسناده ابن لهيعة ولكن تعضده الاحاديث الآتية بعده. (168) عن جندب بن سفيان البجلى"سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود بن عامر ثنا حماد سلمة عن على بن زيد وحميد عن الحسن عن جندب ألخ"تخريجه" رواه مسلم وغيره وزاد (فانه من يطلبه من ذمته بشئ يدركه ثم يكبه على وجهه فى نار جهنم). (169) عن سمرة بن جندب"سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا أشعث عن الحسن عن سمرة بن جندب ألخ"تخرجه" (جه) باسناد صحيح وزاده (فى جمعة) ورواه أيضًا من حديث أبى بكر الصديق رضى الله عنه وزاد فيه (فلا تخفروا الله فى عهده فمن قتله طلبه الله الله حتى يكبه فى النار على وجهه) ورواه مسلم من حديث جندب وتقدم. (170) حدثنا عبد الله الخ"تخرجه" لم أقف عليه وقال الهيثمى رواه أحمد وفيه أبو عمير بن أنس ولم أر أحدآ روى عنه غير أبى بشر جعفر بن أبى وحشية وبقيه رجاله موثقون، اهـ. (قلت) نقل صاحب الميزان أن ابن المنذر وابن جزم صححا حديثه وصححه

الصفحة ممسوحة غير واضحة

(173) عن جابر بن سمرة رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى الغداة جلس في مصلاه حتى تطلع الشمس حسناء أو ترتفع الشمس حسناء. (13) باب من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها كلها (174) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها كلها

_ وأبو يعلى بلفظ {من صلى صلاة الفجر ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس وحببت له الجنة} قال ورواه الثلاثة من طريق زبان بن قائد عن سهل وقد حسنت، وصححها بعضهم، وروى عن أبى أمامة رضى الله عنه يرفعه {قال من صلى الفجر ثم ذكر الله حتى تطلع الشمس لم يمس جلده النار أبدًا} رواه ابن أبى الدنيا اهـ (ز) (قلت) وأخرج أيضا حديث الباب البيهقى ولم يتعقبه بشئ. (173) عن جابر بن سمرة "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن (ابن مهدى) عن سفيان عن سماك قال سمعت جابر بن سمرة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ "غريبه" (1) فى بعض الروايات عند غير الإمام أحمد (حتى تطلع الشمس حسنًا) بفتح السين بالتنوين أى طوعا حسنا، وللمعنى حتى ترفع الشمس ارتفاعًا تحل به النافلة وقدر بنحو ربع أو ثلث ساعة فلكية والله أعلم "تخريجه" (م. طب خز. والثلاثة) "الأحكام" أحاديث الباب تدل على فضل صلاتى الصبح والعشاء خصوصا فى الجماعة وأن من حافظ عليهما كان فى ذمة الله تعالى وحفظه ورعايته، ومن لم يحافظ عليهما كان متصفا بخلال المنافقين الممقوتين عند الله تعالى نعوذ بالله من ذلك، (وفيها أيضا) فضل عظيم وثواب جسيم لمن صلى الصبح وبقي جالسا من مصلاه يذكر الله حتى ترفع الشمس وفيها غير ذلك والله تعالى أعلم. (174) عن أبى هريرة "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عبيد ثنا عبيد الله الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ "غربيه" (2) أى بركوعها وسجودها (3) عند مسلم فقد أدرك الصلاة كلها وعند النسائى كرواية مسلم وزاد) إلا أنه يقضى ما فاته) ولمسلم رواية أخرى "من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة" أى فضل الجماعة ولم أعلم خلافا فى ذلك، ومعنى حديث الباب أن من أدرك من الصلاة ركعة فى الوقت تكون الصلاة كلها أداء (قال الحافظ وبه قال الجمهور) أهـ "قلت" ومفهومه أن من أدرك أقل من ركعة لا يكون مدركا للوقت وتكون صلاته قضاء وقو قول الجمهور أيضًا

(175) وعنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى ركعةً من صلاة الصبح قبل أن تطلع الشمس فلم تفته، ومن صلى ركعتين من صلاة العصر قبل أن تغرب الشمس لم تفته "وفي لفظ فقد أدركها" (176) وعنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صلى من صلاة الصبح ركعةً قبل أن تطلع الشمس، ثم طلعت فليصلِّ إليها أخرى. (177) عن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من أدرك سجدة من العصر قبل أن تغرب الشمس ومن الفجر قبل

_ وقال البعض تكون أداء "تخريجه" (ق. والأربعة وغيرهم) باختلاف يسير (75) وعنه أن النبى صلى الله عليه وسلم "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الملك بن عمر وثنا على يمنى ابن المبارك عن يحيى يمنى ابن أبى كثير عن أبى سلمة حدثنى أبو هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم الخ "تخريجه" لم أقف عليه بهذا اللفظ وسنده جيد، والذى فى الصحيحين وغيرهما من حديث أبى هريرة أيضًا يرفعه (من أرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح، ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر) وهذا لفظ مسلم. (176) وعنه أيضًا "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر وروح قالا ثنا سعيد عن قتادة عن خلاس عن أبى رافع عن أبى هريرة الخ "غربيه" (1) هذا لفظ البيهقى أيضا، وعن البخارى فليتم صلاته وهى بمعنى حديث الباب إلا أنها فى الصبح والعصر "تخريجه" (هق. ك) وسنده جيد. (177) عن عائشة "سنده" حدثنا "عبد الله حدثنى أبى ثنا زكريا بن عدى قال أنا ابن المبارك عن يونس عن الزهرى قال حدثنى عروة عن عائشة الخ "غربيه" (2) المراد بالسجدة الركعة بركوعها وسجودها والركعة إنما يكون تمامها سجدوها فسميت على هذا سجدة قال الخطانى "قلت" وقد جاء ذلك مفسرًا فى رواية مسلم بنحو حديث الباب وزاد "السجدة انما هى الركعة "تخريجة" (ق. نس. جه) "الأحكام" الظاهر من أحاديث الباب خصوصا الحديث الأول أن من أدرك ركعة الصلاة كان مدركا

أن تطلع الشمس فقد أدركها

_ لجميعها وتكفيه وتجعل براعته من الصلاة بهذه الركعه (قال النووى رحمه الله) أجمع المسلمون على أن هذا ليس على ظاهره وأنه لا يتكون بالركعه مدركا لكل الصلاة وهو متأول، وفيه إضمار تقديره هو فقد أدرك حكم الصلاة أو وجوبها أو فصلها، قال أصحابنا يدخل فيه ثلاث مسائل (إحداها) إذا أدرك من لا تجب عليه الصلاة ركعة من وقتها لزمته تلك الصلاة، وذلك فى الصبى يبلغ والجنون والغمى عليه بفيقان والحائض والنفساء تطهران والكافر يعلم، فمن أدرك من هؤلاء ركعة قبل خروج وقت الصلاة لزهقه تلك الصلاة، وان أدرك دون ركعة كتكبيرة ففيه قولان للشافعى رحمه تعالى (احدهما) لا تلزمه مفهوم هذا الحديث وأصحابنا تلزمه لأنه أدرك جزءآ منه فاستوى قليله وكثيره، ولأنه يشترط قدر الصلاة بكمالها بالاتفاق، فينبغى ألا يفرق بين تكبير وركعه، وأحابوا عن الحديث بأن التقيد بركعة خرج على الغالب، فان تقالب ما يمكن معرفة أدركه ركعةونحوها، وأما للتكبير فلا يكاد يحس بها، وعلى يشترط (المسألة النائبة) إذا دخل فى صلاة فى آخر وقتها فصلى ركعة ثم خرج الوقت كان مدركا لأعلنها ويكون كلها أداء، وهذا هو الصحيح عند أصحابنا، وقال بعض أصحابنا يكون كلها قضاء، وقال بعضهم ما وقع فى الوقت أداء وما بعده قضاء، وتظهر قائدة الخلاف فى مسافر لوى القصر وصلى ركعة فى الوقت وباقيها بعده، فان قلنا الجميع أداء فله قصرها، وإن قلنا كلها قضاء أو بعضها، وجب اتمامها أربعا إن قلنا إن فائتة السفر إذا قضاها فى السفر يجب اتمامها، هذا كله إذا أدرك ركعة فى الوقت، فان كان دون ركعه فقال بعض أصحابنا هو كالركعه، وقال الجمهور يكون كلها قضاء، واتفقوا على أنه لا يجوز تصد التأخير إلى هذا الوقت وإن قلنا أنها أداء، وفيه احتمال لأبى محمد الجوينى على قولنا أداء وليس بعئ (المسألة الثالثة) إذا أدرك المسبوق مع الإمام ركعة كان مدركا لفضيلة الجماعة بلا خلاف، وإن يدرك بل أدركه قبل السلام بحيث لا يحسب له ركعة ففيه وجهان لأصحابنا (أحدهما) لا يكون مدركا للجماعه مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم"من أدرك ركعة من الصلاة مع الإمام فقد أدرك الصلاة" (والثانى) وهو الصحيح وبه قال جمهور أصحابنا يكون مدركا لفضلة الجماعة لانه ادرك جزءا منه، ويجاب عن مفهوم الحديث بما سبق، (قال) وقوله صلى الله عليه وسلم (من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح ومن أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدراك العصر) هذا دليل صحيح فى أن من صلى ركعة من الصبح أو العصر ثم خرج الوقت قبل سلامه لاتبطل صلاته بل يتمها

(أبواب الأوقات المنهى عن الصلاة فيها) (1) باب جامع أوقات النهي (178) عن عمرو بن عبسة رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله علِّمني مما علمك الله عز وجلَّ، قال إذا صليت الصبح فاقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت فلا تصلِّ حتى ترتفع، فإنها تطلع حين تطلع بين قرني شيطان وحينئذ يسجد لها الكفَّار، فإذا ارتفعت قيد رمحٍ أو رمحين فصلِّ فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى يعنى يستقلَّ الرمح بالمظلِّ ثم أقصر عن الصلاة فإنها حينئذ تسجر جهنَّم فإذا فاء الفيء

_ وهي صحيحة، وهذا مجمع عليه فى العصر، واما فى الصبح فقال به مالك والشافعى وأحمد والعلماء كافة إلا أبا حنيفة رضى الله عنه فانه قال تبطل صلاة الصبح بطلوع الشمس فيها لأنه دخل وقت النهى عن الصلاة بخلاف غروب الشمس والحديث حجة عليه، اهـ (م). (127) عن عمرو بن عبسة"سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا غندر قال ثنا عكرمة بن عمار قال حدثنى شداد بن عبد الله وكان قد أدرك نفرًا من أصحاب النبى صلى الله عليه الصلاة والسلام عن أبى أمامة عن عمرو بن عبسة الخ "غريبه" (1) يعنى أن الشيطان يدنو منها بحيث يكون طلوعها بين قرنى الشيطان، وغرض اللعين أى يقع سجود من يسجد للشمس له، فينبغى لمن يعبد ربه تعالى أن لا يصلى فى هذه الساعات احتراز من التشبيه بعيدة للشيطان (2) بكسر القاف، وفى بعض الروايات (قيس رمح) أى قدره. (3) أى تشهدها الملائكة وتحضرها وتكتب أجرها وتكتب أجرها للمصلى، وهذا الوقت الزوال بحيث يكون الظل يكون الظل قاصرًا على شخصه ليس مائلا إلى المشرق ولا إلى المغرب وهذه حالة الاستواء (5) أى يوقد عليها إيقادًا بليغًا قال الخطابى رحمه الله، قوله تسجر جهنم وبين قرنى الشيطان وأمثلها من الألفاظ الشرعية التى أكثرها يتفرد الشارع بمعانيها يجب علينا التصديق بها والوقوف عند الإقرار بصحتها والعمل بمؤداها اهـ (6) أى رجع من جانب الغرب إلى جانب الشرق، والفيء مختص بما بعد

فصل فإن الصلاة مشهودة محضورةٌ حتى تصلى العصر فإذا صليت العصر فاقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان فحينئذ يسجد لها الكفَّار. (179) عن كعب ابن مرَّة البهزيِّ رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله أيُّ الليل أسمع؟ قال جوف الليل الآخر، ثم قال ثم الصلاة مقبولة حتى يصلي الفجر، ثم لا صلاة حتى تكون الشمس قيد رمحٍ أو رمحين، ثم الصلاة مقبولة حتى يقوم الظِّل قيام الرمح، ثم لا صلاة حتى تزول الشمس، ثم الصلاة مقبولة حتى تكون الشمس قيد رمح أو رمحين، ثم لا صلاة حتى تغرب الشمس، قال وإذا غسلت وجهك خرجت خطاياك من وجهك، وإذا غسلت يديك خرجت خطاياك من يديك، وإذا غسلت رجليك خرجت خطاياك من رجليك. (180) عن أبي عبد الله الصُّنابحيِّ رضى الله عنه قال قال رسول الله

_ الزوال، وأما الظل فيقع على ما قبل الزوال وبعده وقد تقدم الكلام فى ذلك (1) فيه دليل على أن وقت النهى لا يدخل بدخول وقت العصر ولا صلاة غير المصلى، وانما يكره لكل إنسان بعد صلاة نفسه حتى لو أخرها عن أول الوقت لم يكره التنقل قبلها والله أعلم "تخريجه" (م. د. نس جه) (179) عن كعب بن مرة "سنده" حدثنا عبد الله خدثنى أبى ثنا عبد الرزاق قال أنا سفيان عن منصور عن سالم بن أبى الجعد عن رجل عن كعب بن مرة الخ "تخريجه" (طب) وفى اسناده لم يسم ويؤيده ما قبله (180) عن أبى عبد الله الصنابحى "سنده" حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى عبد الله الصنابحى الخ "غربيه" (2) بضم الصاد المهملة وفتح النون وكسر الموحده بعدها حاء مهملة نسبة إلى

صلى الله عليه وسلم إن الشَّس تطلع بين قرني شيطان، فإذا ارتفعت فارقها، فإذا كانت في وسط السَّماء قارنها، فإذا دلكت أو قال زالت فارقها، فإذا دنت للغروب قارنها، فإذا غربت فارقها، فلا تصلُّوا هذه الثَّلاث ساعات. (181) عن عقبة بن عامرٍ الجهنيِّ رضى الله عنه قال ثلاث ساعاتٍ كان ينهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلِّي فيهنَّ أو أن نقبر فيهنَّ موتانا، حين تطلع الشَّمس بازعةً حتَّى ترتفع، وحين يقوم قائم الظَّهيرة حتَّى تميل الشَّمس، وحين تضيَّف للغروب حتَّى تغرب. (182) عن صفوان بن المعطِّل الساميِّ رضى الله عنه أنَّه سأل النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال يا نبيَّ الله إنِّي أسألك عمَّا أنت به عالم وأنا به جاهلٌ، قال وما هو؟ قال

_ ضابح بطن من مراد، أنظر ما كتبناه فى التعليق على حديث 187 فى الباب الأول من أبواب الوضوء (1) دلوك الشمس زوالها عن وسط السماء وغروبها أيضا، وأصل الدواك الميل (نخريجه) (لك. نس. جه) (181) عن عقبة بن عامر (سنده) حدقنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن موسى بن على عن أبيه قال سمعت عقبة بن عامر الجهنى يقول ثلاث ساعات الخ (غربيه) (2) هو بضم الباء الموحده وكسرها لفتان، وقال النووى رحمه الله قال بعضهم المراد بالقبر صلاة الجنازة وهذا ضعيف لأن صلاة الجنازة لا تكره فى هذا الوقت بالإجماع، فلا يجوز تفسير الحديث بما يخالف الأجماع، بل الصواب أن معناه تعمد تأخير الدفن إلى هذه الأوقات كما يكره تعمد تأخير العصر إلى اصفرار الشمس بلا عذر وهى صلاة المنافقين، قال فأما اذا وقع الدفن لا تعمد فى هذه الأوقات فلا يكره م 0 قال الشوكانى رحمه الله) وظاهر الحديث أن الدفن فى هذه الأوقات محرم من غير فرق بين العامد وغيره الا أن يخص غير العامد بالأدلة القاضية بدفع الجناح عنه اهـ (3) أى ظاهرة (4) ضبطه النووى فى شرح مسلم بفتح التاء والضاد المعبة وتشديد الياء التحتية والمراد به الميل (تخريجه) (م. والأربعة) (182) عن صفوان بن المعطل (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن أبى بكر المقدمى ثنا حميد بن الأسود فما الضحاك بن عثمان عن المثبرى عن صفوان ابن

هل من ساعات اللَّيل والنَّهار ساعة تكره فيها الصَّلاة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم، إذا صلَّيت الصُّبح فأمسك عن الصَّلاة حتَّى تطلع الشَّمس، فإذا طلعت فصلِّ فإنَّ الصَّلاة محضورة متقبَّلة حتَّى تعتدل على رأسك مثل الرُّمح، فإذا اعتدلت على رأسك فإنَّ تلك السَّاعة تسجر فيها جهنم وتفتح فيها أبوابها حتَّى تزول عن حاجبك الأيمن فإذا زالت عن حاجبك الأيمن فصلِّ فإن الصَّلاة محضورةٌ متقبَّلةٌ حتَّى تصلِّى العصر. (2) باب في النهي عن الصلاة بعد صلاتي الصبح والعصر (183) عن سعد بن أبي وقَّاص رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صلاتان لا يصلى بعدهما، الصبح حتى تطلع الشمس، والعصر

_ المعطل الخ (غربيه) (1) أى الى الوراء ان كنت متجها الى جهة الشرق، وهى من علامات زوال الشمس (تخريجه) (جه) ورجاله ثقات (الأحكام) أحاديث الباب فيها النبى عن الصلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد طلوعها حتى ترتفع وعند استوائها حتى تزول وعند اسفرارها حتى تغرب، وأجمعت الأمة على كراهة صلاة لا سبب لها فى الأوقات، واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة فيها، واختلفوا فى النوافل التى لها سبب كصلاة تحية المسجد وسجود التلاوة والتكبير وصلاة العيد والكسوف وفى صلاة الجنازة وقضاء الفوائت، فذهب الشافعى وطائفة الى جواز ذلك كله بلا كراهة، وذهب أبو حفيظة ومالك وأحمد وآخرون إلى أنه فى النهى لعموم الأحاديث (قال النووى رحمه الله) واحتج الشافعى وموافقوه بأنه ثبت أن النبى صلى اله عليه وسلم قضى سنة الظهر بعد العصر، وهذا صريح فى قضاء السنة الفائتة فالحاضرة أولى والفريضة المقضية أولى وكذا الجنازة خذا مختصر ما يتعلق بجملة أحكام الباب قاله النووى (م) 0 قلت) وسيأتى تفصيل ذلك فى الأبواب الآتية إن شاء الله تعالى (183) عن سعد بن أبى وقاص (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسحاق ابن عيسي حدثنى ابراهيم يعنى ابن سعد عن أبيه عن معاذ التيمى قال سمعت بن أبي وقاص

حتى تغرب الشَّمس. (184) وعن أبي سعيد الخدريِّ رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مثله. (185) عن ابن عمر رضى الله عنهما مرفوعًا لا صلاة بعد العصر حتَّى تغيب الشَّمس، ولا بعد الصُّبح حتَّى ترتفع الشَّمس أو تضحى. (186) عن نصر بن عبد الرَّحمن عن جدِّه معاذ بن عفراء القرشيِّ أنَّه طاف بالبيت مع معاذ بن عفراء بعد العصر أو بعد الصبح فلم يصلِّ فسألته، فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة بعد صلاتين، بعد الغداة حتى تطلع الشَّمس وبعد العصر حتى تغرب الشَّمس. (187) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال شهد عندي رجالٌ مرضيون

_ يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (حث. عل) وسنده جيد (184) عن أبى سعيد الخدرى (سنده) حدقنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم ثنا زهير ثنا عبد الملك بن عمير حدثنى قزعة أنه سمه أبا سعيد الخدرى يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق. هق) (185 عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا ابن أبى ذئب عن مسلم الخياط عن ابن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتلقى الركبان أو يبيع حاضر لباد، ولا يخطب أحدكم على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع ول صلاة بعد العصر الخ (غربيه) (1) أى قدر رمح أو تدخل فى وقت الضحى (تخريجه) (ق. وغريها) بألفاظ مختلفة. (168) عن نصر بن عبد الرحمن (سنده) حثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال أنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن نصر بن عبد الرحمن الخ (تخريجه) الحديث سنده جيد وأشار إليه الترمذى وذكره ابن سيد الناس فى شرحه بنحو حديث سعد بن أبى وقاص الذى فى أول الباب (187) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا بهز ثنا

وأرضاهم عندي عمر (بن الخطَّاب) أنَّ نبيَّ الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان يقول لا صلاة بعد صلاة العصر حتَّى تغرب الشَّمس، ولا صلاة بعد صلاة الصُّبح حتَّى تطلع الشَّمس. (فصل فيما جاء في الركعتين بعد العصر) (188) ز عن عليٍ رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تصلَّوا بعد العصر إلاَّ أتصلُّوا والشَّمس مرتفعة. (189) عن معاوية (بن أبي سفيان) رضى الله عنه قال إنَّكم لتصلُّون صلاة، لقد صحبنا رسول اله صلى الله عليه وسلم فما رأيناه يصلِّيها، ولقد نهى عنها، يعني الركعتين بعد العصر. (190) عن ربيعة بن دراجٍ أنَّ عليَّ بن أبي طالبٍ رضى الله عنه سبَّح بعد العصر ركعتين في طريق مكَّة فرآه عمر فتغيَّظ عليه، ثمَّ قال أما والله لقد علمت أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنهما

_ أبان عن قتادة عن أبى العالية عن ابن عباس الخ (تخريجه) (ق. هق. والثلاثة) (188) عن على رضى الله (سنده) حدقنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن عن سفيان وشعبة عن منصور عن هلال عن وهب بن الأجدع عن على (غربيه) (1) وفى رواية نقية بدل مرتفعة وظاهرة أنه تجوز الصلاة بعد صلاة العصر ما دامت الشمس نقية مرتفعة وبه قال داود وغيره من أهل الظاهر وسيأتى الخلاف في ذلك آخر الباب (تخريجه) (د. نس) وقال الحافظ فى الفتح اسناده حسن وقال فى موضع آخر منه اسناجه صحيح (189) عن معاوية (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبى التباح قال سمعت حمران بن ابان يحدث عن معاوية الخ (تخريجه) (خ. هن) (190) عن ربيعة بن دراج (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سكن ابن نافع الباهلى قال ثنا صالح عن الزهرى قال حدثنى ربيعة بن دراج الخ (غربيه) (2) أى صلى بعد العصر ركعتين نقلا وسميت النافلة سبحة لأن التسبيحات فى الفرائض نوافل

(191) حدّثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا عبد الرَّزَّاق وابن بكر قالا أنا ابن جريج قال سمعت أبا سعيد الأعمى يخبر عن رجلٍ يقال له السَّائب مولى الفارسِّيين وقال ابن بكرٍ مولى لفارس وقال حجَّاج مولى الفارسيِّين عن زيد بن خالد الجهنيِّ رضى الله عنه أنَّه رآه عمر بن الخطَّاب وهو خليفةٌ ركع بعد العصر ركعتين فمشى إليه فضربه بالدِّرة وهو يصلِّي كما هو، فلمَّا انصرف قال زيد يا أمير المؤمنين فوالله لا أدعهما أبدًا بعد أن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّيهما، قال فجلس إليه عمر وقال يا زيد بن خالدٍ لولا أنِّي أخشى أن يتَّخذها النَّاس سلَّمًا إلى الصلاَّة حتَّى اللَّيل لم أضرب فيهما. (192) عن قبيصة بن ذؤيبٍ قال إنَّ عائشة أخبرت آل الزُّبير أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى عندها ركعتين بعد العصر فكانوا يصلُّونها قال قبيصة فقال زيد بن ثابت يغفر الله لعائشة نحن أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم من عائشة إنَّما كان ذلك لأن أناسًا من الأعراب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهجير فقعدوا يسألونه ويفتيهم حتَّى صلَّى الظُّهر ولم يصلِّ ركعتين، ثمَّ قعد يفتيهم حتَّى

_ فقيل لصلاة النافلة سبحة (تخريجه) أخرجه أيضا الطحاوى وسنده جيد (191) حدثنا عبد الله الخ (غربيه) (1) بكسر الدال المهملة مشددة اسم للسوط الذي يضرب به والجمع دور مثل سدره وسدرة (تخريجه) (لب) وسنده حسن (192) عن قبيصة الخ حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيمة ثنا عبد الله بن هبيرة قال سمعت قبيصة بن ذؤيب يتزل إن عائشة أخبرت آل الزبير الخ (غربيه) (2) لا تؤاخذ عائشة على هذا ما لم اخبرت بما وان من رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) أى بالأمر الخارجة عن المنزل فقد يسهل به تتنكر عليه عائشة كامسكار قوله للنبى صلى الله عليه وسلم من قيام وقولها من حدثك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بال فأنما فللا تصق مع أن ثبت أنه صلى الله عليه وسلم بال

صلَّى العصر فانصرف إلى بيته فذكر أنَّه لم يصلِّ بعد الظُّهر شيئاً فصلاهما بعد العصر، يغفر الله لعائشة نحن أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم من عائشة، نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصَّلاة بعد العصر (193) عن عطاء بن السائب قال كنت جالسًا مع عبد الله بن مغفلٍ المزنيِّ فدخل شابَّان من ولد عمر فصلَّيا ركعتين بعد العصر، فأرسل إليهما فدعاهما فقال ما هذه الصَّلاة الَّتي صلَّيتماها وقد كان أبوكما ينهى عنها، قالا حدَّثنا عائشة رضى الله تعالى عنها أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صلاَّهما عندها فسكت فلم يردَّ عليهما شيئاً. (194) عن عائشة رضى الله عنها أنَّها قالت وهم عمر، إنَّما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصَّلاة أن يتحرَّى طلوع الشَّمس وغروبها

_ من قيام فى الخارج ورآه مض الصحابة ونقل عنه ذلك، وقد فعله صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز، وكذلك كان الصحابة ينكر بعضهم على بعض أمورا لم يسمعها وسمعها البعض الآخر، فإذا ثت عندهم صدورها عن النبى صلى الله عليه وسلم رجعوا عن الأنكار رضى الله عنهم (تخريجه) (طب) وفى إسناده ابن لهيعة ضعفوه (193) عن عطاء بن السائب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على ابن عاصم عن عطاء بن السائب الخ (غربيه) (1) انما سكت لان النهى لم بيلغه عن النبى صلى الله عليه وسلم بل علمه من قول عمررضى الله عنه، فاما بلغه حديث عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم صلاهما عندها اقتنع وسكت (تخريجه) لم أقف عليه وفى اسناده من أبهم اسمه (194) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان قال ثنا وهيب قال حدثنى عبد الله بن مناوس عن أبيه عن عائشة الخ (غربيه) (2) وهم بفتح الواو وكسر الهاء يَوهم وسكون الواو وهما يفتحان إذا غلط أى غلط عمر، وانما قال ذلك والله أعلم لأنها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عمل عملا أنبته، فأما النهى فهو ثابت عن النبى صلى الله عليه وسلم من وجهة عمر وغيره كما تقدم والله أعلم (تخريجه) (م. نس. هق)

(فصل فيما جاء في الصلاة بعد الصبح) (195) عن يسارٍ مولى عبد الله بن عمر قال رآني ابن عمر رضى الله عنهما وأنا أصلِّي بعد ما طلع الفجر، فقال يا يسار كم صلَّيت؟ قلت لا أدري، قال لا دريت، إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج علينا ونحن نصلِّي هذه الصَّلاة فقال ألا ليبلغ شاهدكم غائبكم إن لا صلاة بعد الصبح إلا سجدتين. (196) عن محمد بن حي بن يعلى بن أمية عن أبيه قال رأيت يعلى يصلِّي قبل أن تطلع الشَّمس، فقال له رجل أو قيل له أنت رجلٌ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تصلِّي قبل أن أن تطلع الشَّمس قال يعلى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، إنَّ الشَّمس تطلع بين قرني شيطان، قال له يعلى فإن تطلع الشَّمس وأنت في أمر الله خيرٌ من أن تطلع وأنت لاهٍ

_ (195) عن يسار (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا قدامة بن موسى حدثنا أيوب بن حصين التميمى عن أبى عشمة مولى عبد الله بن عباس عن يسار مولى عيد الله بن عمر الخ (غربيه) (1) أى ركعتين كما صرح بذلك فى بعض الروايات (تخريجه) (د. قط. بذ) وقال غريب لا يعرف الا من حديث قدامة بن موسى قال الحافظ وقد اختلف فى اسم شيخه نثيل أيوب بن حصين وقيل حمد بن حصين وهو مجهول (196) عن محمد بن حى (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا أبو عاصم ثنا عبد الله بن أمية بن أبى عثمان القرشى قال ثنا محمد بن حى الخ (غربيه) (2) الظاهر أن يعلى رضى الله عنه كان اسفر جدًا بصلاة الصبح على غير عادة الصحابة "وربما كان ذلك لعذر" فاعترض عليه الرجل فدفع يعلى هذا الأعتراض بذكر الحديث، وهو قوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول {إن الشمس تطلع بين قرنى شيطان} يعنى أن مافعلته ليس بمحظور، وانما المحظور أن تؤخر الصلاة حتى تطلع الشمس قم تصلى عند طلوعها فانها تطلع بين قرنى شيطان، وقد تقدم الكلام فى معنى طلوعها بين قرنى شيطان فى الكلام على حديث عبد الله بن عمرو فى الباب الأول من أبواب مواقيت الصلاة فارجع إليه (3) هذه الجملة وما بعدها الخ من كلام يعلى لاص كلام النبى صلى الله عليه وسلم وقد أحسن الراوى حيث فصل بين كلام النبى صلى الله عليه وسلم وكلام

.

_ يعلى بقوله "قال له يعلى" ولولا ذلك لفهم القارئ أن هذه الجملة من كلام النبى صلى الله عليه وسلم "ومعنى قوله فان تطلع الخ" يعنى ان ابتدأت الصلاة قبل طلوع الشمس ثم طلعت وأنت متلبس بالعبادة خير من طلوعها وأنت لاه عن الصلاة (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على كراهة الصلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وبعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس وبه قال جمهور العلماء، قال الشوكانى رحمه الله وادعى النووى الاتفاق على ذلك وتعقبه الحافظ بأنه قد حكى عن طائفة من السلف الأباحة مطلقًا وأن أحاديث النهى منسوخة، قال وبه قال داود وغيره من أهل الظاهر وبذلك جزم بن حزم (وقد اختلف القائلون بالكراهة (فذهب الشافعى) إلى أنه يجوز من الصلاة فى هذين الوقتين ماله سبب، واستدل بصلاته صلى الله عليه وسلم سنة الظهر بعد العصر، وأجاب عن ذلك من أطلق الكراهة بأن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم والدليل عليه ما أخرجه أبو داود عن عائشة أنها قالت "كان يصلى بعد العصر وينهى عنها الوصال" وما أخرجه أحمد عن أم سلمة أنها قالت "فقلت يا رسول انقضيهما اذا فاتتا فقال لا" قال البيهقى وهى رواية ضعيفة وقد احتج بها الطحاوى على أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم، قال البيهقى الذى اختص به صلى الله عليه وسلم المداومة على ذلك لا أصل القضاء اهو فى سند حديث عائشة محمد بن اسحاق عن محمد بن عمرو ابن عطاء وهو مدلس ورواه عن محمد بن عمرو بالعنعنة، قال (وذهب أبو حنيفة) إلى كراهة التطوعات فى هذين الوقتين مطلقًا (قلت) وكذلك المالكية، قال واستدل القائلون بالاباحة مطلقًا بأدلة ثم ذكر تلك الأدلة وتكلم على كل واحد منها وكلها لا تخلو عن مقال، ثم قال واعلم أن الأحاديث القاضية بكراهة الصلاة بعد صلاة العصر والفجر عامة فما كان أخص منها مطلقًا كحديث يزيد بن الأسود وابن عباس وحديث على وقضاء سنة الظهر بعد العصر وسنة الفجر بعده فلا شك أنها مخصصة لهذا العموم، (قلت) أما حديث يزيد بن الأسود فرواه الامام أحمد والأربعة عن يزيد بن الأسود قال (شهدت مع النبى صلى الله عليه وسلم حجته فصليت معه صلاة الصبح فى مسجد الخيف فلما قضى صلاته انحرف فاذا هو برجلين فى أخرى القوم لم يصليا فقال على بهما، فجئ بهما ترعد فرائضهما، فقال ما منعكما أن تصليا معنا، فقالا يا رسول الله انا كنا قد صلينا فى رحالنا، قال فلا تفعلا، اذا صليتما فى رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فلها لكما نافلة) وأما حديث ابن عباس فرواه الدارقطنى والطبرانى وأبو نعيم فى تاريخ اصبهان والخطيب فى تلخيصه عن ابن عباس رضى الله عنهما (أن النبى صلى الله عليه وسلم قال يا بنى عبد مناف لا تمنعوا أحدًا يطوف بالبيت ويصلى، فانه لا صلاة بعد الفجر حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب الشمس الا عند هذا البيت يطوفون ويصلون) (قلت) أعله الحافظ فى التلخيص وله شاهد عند الامام أحمد عن أبى

(3) باب في النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس وعند غروبها وعند الاستواء (197) عن أبى أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصلُّوا عند طلوع الشَّمش، فإنَّها تطلع بين قرنى شيطان ويسجد لها كلُّ كافر، ولا عند غروبها فإنَّها تغرب بين قرنى شيطان ويسجد لا كلُّ كافر، ولا نصف النَّهار فإنه عند سجر جهنَّم. (198) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتحرَّوا

_ ذر سيأتي في آخر الباب التالى (وأما حديث على) فقد تقدم فى الفصل الاول من الباب، وأما حديث قضاء سنة الظهر فتقدم ذكره آنفا فى هذه الأحكام (وأما حديث قضاء سنة الفجر بعده) فرواه أبو داود والامام الشافعة عن قيس بن عمرو "وفى رواية قيس بن قهد" قال رآنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلى ركعتين بعد الصبح فقال ما هاتان الركعتان يا قيس؟ فقلت انى لم أكن صليت ركعتى الفجر، فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال) وما كان بينه وبين أحاديث الباب عموم وخصوص من وجه كأحاديث تحية المسجد وأحاديث قضاء الفوائت والصلاة على الجنازة لقوله صلى الله عليه وسلم يا على "الاث لا تؤخرها، الصلاة اذا أنت، والجنازة اذا حضرت" الحديث (قلت أخرجه الترمذى والامام أحمد أيضًا) قال وصلاة الكسوف لقوله صلى الله عليه وسلم (فاذا رأيتموها فافزعوا الى الصلاة، والركعتين عقب التطهير، وصلاة الاستخارة، وغير ذلك فلا شك أنها أعم من أحاديث الباب من وجه وأخص منها من وجه، وليس أحد العمومين أولى من الآخر يجعله خاصًا لما فى ذلك من التحكم، والوقف هو المتعين حتى يقع الترجيح بأمر خارج اهـ بتصرف (197) عن أبى امامة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الأسود بن عامر ثنا أبو بكر يعني ابن عياش عن ليث عن ابن سابط عن أبى امامة (غريبه) (1) أى إيقادها يقال سجرت التنور أوقدته من باب قتل أى توقد جهنم فى هذا الوقت ولعل تسجيرها حينئذ لمقارنة الشيطان الشمس او استعداد عباد الشمس للسجود لها، ولهذا نهى عن الصلاة فى هذا الوقت لما فيه من التشبيه بعباد الشمس والله اعلم (تخريجه) (م. هق. جه) من حديث أبى امامة عن عمرو بن عبسة مطولا وكذلك الامام أحمد وتقدم (198) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى ثنا هشام بن

بصلاتكم طلوع الشمس ولا غروبها، فإنَّها تطلع بين قرنى شيطان، فإذا طلع حاجب الشَّمس فلا تصلُّوا حتَّى تبرز، وإذا غاب حاجب الشمَّس فلا تصلُّوا حتَّى تغيب. (199) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال لا تصلُّوا حين تطلع الشمس ولا حين تسقط، فإنَّها تطلع بين قرنى الشَّيطان وتغرب بين قرنى الشيَّطان. (200) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلَّى إذا طلع قرن الشَّمس أو غاب قرنها وقال أنَّها تطلع بين قرنى شيطان أو من بين قرنى شيطان. (201) عن بلال (بن رباح) رضي الله عنه قال لم يكن ينهى عن الصَّلاة إلاَّ عند طلوع الشَّمس فإنَّها تطلع بين قرني الشَّيطان.

_ عروة أخبرني أبي أخبرني ابن عمر الخ (غريبه) (1) أى طرف قرصها الذى يبدو عند طلوعها ويغيب عند غروبها، وفى الصحاح حواجب الشمس نواحيها (وقوله تبرز) أى تظهر مرتفعة كما فى الأحاديث الاخرى (تخريجه) (لك. نس) وسنده جيد جدًا (199) عن سمرة بن جندب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن سماك قال سمعت المهلب يخطب قال قال سمرة بن جندب عن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (200) عن زيد بن ثابت (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن ابن سيرين عن زيد بن ثابت (غريبه) (2) قرن الشمس أعلاها وأول ما يبدو منها فى الطلوع وأول ما يغيب منها فى الغروب (تخريجه) (طب) ورجاله من رجال الصحيحين (201) عن بلال (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن شعبة عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن بلال الخ (تخريجه) أقف عليه وسنده جيد

(202) عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نهى عن الصلاَّة من حين تطلع الشَّمس حتَّى ترتفع ومن حين تصوَّب حتَّى تغيب. (فصل في الرخصة في ذلك بمكة) (203) عن أبى ذرّ رضي الله عنه أنَّه أخذ بحلقة باب الكعبة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة بعد العصر حتَّى تغرب الشَّمس ولا بعد

_ (202) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا موسى ثنا ابن لهيعة عن أبى الأسود عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (1) أى تميل للغروب (تخريجه) (عل) وفى اسناده ابن لهيعة ولكن تعضده رواية مسلم عن عائشة رضى الله عنها بلفظ (انما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتحرى طلوع الشمس وغربها) ورواه أيضًا الامام احمد وتقدم فى الباب السابق (203) عن أبى ذر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد عن عبد الله ابن المؤمل عن قيس بن سعد عن مجاهد عن أبى ذر الح (تخريجه) قط. طس. عل هق) وقال رواه عبد الله بن محمد الشافعى عن عبد الله بن المؤمل عن حميد الاعرج عن مجاهد، وهذا الحديث يعد فى افراد عبد الله بن المؤمل وعبد الله بن المؤمل ضعيف إلا أن ابراهيم ابن طهمان قد تابعه فى ذلك عن حميد وأقام اسناده اهـ (قلت) وفى الباب عند الأربعة والبيهقى عن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (يا بنى عبد مناف من ولى منكم من أمر الناس شيئا فلا تمنعوا أحدًا طاف بهذا البيت وصلى أية ساعة شاء من ليل أو نهار) وقال الترمذى حديث حسن صحيح (الاحكام) أحاديث الباب تدل على النهى عن الصلاة طلوع الشمس وعند غروبها، وعند الاستواء أى استواء الشمس فى كبد السماء وهو المعبر عنه فى الحديث بنصف النهار، وتقدم فى الباب السابق النهى عن الصلاة بعد صلاة العصر حتى تغيب الشمس، وعن الصلاة بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وترتفع قدر رمح، فأوقات الصلاة حمسة باعتبار تفاوت النهى فيها، فانه فى وقت طلوع الشمس ووقت غروبها أشد منه فى الاوقات الثلاثة الأخرى، وهذه الاوقات الخمسة باعتبار متعلق النهى قسمان (أحدهما) ما يتعلق فيه النهى بفعل المصلى الصلاة، وذلك بعد صلاة الصبح وصلاة العصر، فاذا صلى فريضته فى هذين الوقتين فهو منهى عن التنفيل بعدها، وتقدم الكلام على ذلك فى الباب السابق (ثانيهما) ما يتعلق النهى فيه بالوقت وهو وقت الطلوع الى الارتفاع ووقت الاستواء،

الفجر حتَّى تطلع الشَّمس إلاَّ بمكَّة إلاَّ بمكَّة. (أبواب قضاء الفوائت) (1) باب من نسى صلاة فوقتها عند ذكرها (204) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ ووقت الغروب، (وقد حكى النووى رحمه الله) الاجماع على الكراهة قال واتفقوا على جواز الفرائض المؤداة فيها، واختلفوا فى النوافل التى لها سبب كصلاة تحية المسجد وسجود التلاوة والشكر وصلاة العيد والكسوف وصلاة الجنازة وقضاء الفائتة، (فذهب الشافعى) وطائفة إلى جواز ذلك كله بلا كراهة، قال واحتج الشافعى بأنه صلى الله عليه وسلم قضى سنة الظهر بعد العصر وهو صريح فى قضاء السنة الفائتة فالحاضرة أولى والفريضه المقضية أولى ويلحق ماله سبب اهـ قال الحافظ بعد نقل كلام النووى هذا وما نقله من الاجماع والاتفاق متعقب فقد حكى غيره عن طائفة من السلف الاباحة مطلقا وان أحاديث النهى منسوخة وبه قال داود وغيره من أهل الظاهر وبذلك حزم ابن حزم، وعن طائفة أخرى المنع مطلقا فى جميع الصلوات وقد صح عن أبى بكرة وكعب بن عجرة المنع من صلاة الفرض فى هذه الأوقات اهـ (قلت) وذهب أبو حنيفة وآخرون إلى تحريم الصلاة فى هذه الأقات وعدم صحتها مطلقا مفروضة أو واجبة أو نافلة قضاء أو أراء مستدلين بعموم النهى عن الصلاة فى هذ الاوقات بناء على أن النهى يقتضى الفساد، واستثنوا من ذلك عصر اليوم لحديث أبى هريرة يرفعه "من أدرك ركعة من العصر قبل أن تغرب الشمس فقد أدرك العصر" رواه الشيخان والامام أحمد، ووافقهم الحنابلة فى حرمة الصلاة فى هذه الاوقات وعدم انعقادها لكن خصوا ذلك بصلاة التطوع فقط واستثنوا منها سنة الفجر قبلها وركعت الطواف وسنة الظهر بعد العصر إذا جمع، واعادة جماعة أقيمت وهو بالمسجد، قالوا ويجوز فيها قضاء الفرائض وفعل المنذورة (وذهب المالكية) إلى حرمة صلاة التطوع وقت طلوع الشمس ووقت غروبها، وكراهتها بعد صلاة العصر الى أن تغيب الشمس وبعد صلاة الصبح الى أن تطلع، واستثنوا من ذلك صلاة الجنازة وسجود التلاوة قبل اسفار واصفرار، (قال الشوكانى رحمه الله) "واستثنى الشافعية" وأبو يوسف الصلاة عند قائمة الظهيرة يوم الجمعة خاصة، وهى رواية عن الأوزاعى وأهل الشام، واستدلوا بما رواه الامام الشافعى رحمه الله فى مسنده عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم (نهى عن الصلاة نصف النهار حتى تزول الشمس إلا يوم الجمعة) ورواه أيضًا البيهقى والأثرم وفيه مقال (وروى الامام الشافعى رحمه الله) عن ثعلبة ابن أبى مالك عن عامة الصحابة أنهم كانوا يصلون نصف النهار يوم الجمعة اهـ بتصرف (204) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا إسحاق

من نسي صلاة أو نام عنها فإنمَّا كفارتها (وفى رواية فكفَّارتها) أن يصلَّيها اذا ذكرها. (205) وعنه في أخرى عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال إذا رقد أحدكم عن الصلاة أو غفل عنها فليصلِّها إذا ذكرها، فإنَّ الله عزَّ وجل يقول (أقم الصَّلاة لذكرى). (206) حدّثنا عبد الله حدَّثني أبى ثنا عفَّان ثنا همَّام أنا بشر بن حربٍ عن سمرة بن جندبٍ قال أحبسه مرفوعا من نسى صلاةً فليصلِّها حين يذكرها ومن الغد للوقت.

_ ابن يوسف الازرق عن ابن أبى عروبة ويزيد بن هارون أنا سعيد عن قتادة عن أنس "الحديث" وفى آخر قال يزيد فكفارتها ان يصليها، يعنى أن يزيد قال فى روايته فكفارتها ولم يقل فانما كفارتها كما قال ابن أبى عروبة (غريبه) (1) قال الخطابى هذا يحتمل وجهين أحدهما أنه لا يكفرها غير قضائها والآجر أنه لا يلزمه فى نسيانها غرامة ولا صدقة ولا زيادة تضعيف لها انما يصلى ما ترك اهـ (تخريجه) (ق. والثلاثة) (205) وعنه فى أخرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ابن مهدى ثنا المثنى بن سعيد عن قتادة عن أنس (غريبه) (2) قال التوربشتى هذه الآية تحتمل وجوها كثيرة من التأويل، لكن الواجب أن يصار الى وجه يوافق الحديث، فالمعنى أقم الصلاة لذكرها لأنه اذا ذكرها فقد ذكر الله تعالى أو يقدر المضاف أى لذكر صلاتى أو وقع ضمير الله موضع ضمير الصلاة لشرفها وخصوصيتها اهـ (تخريجه) (م) (206) حدّثنا عبد الله (غريبه) (3) هو عند الطبرانى مرفوع بغير شك ولا ظن (4) فسره بعضهم بأن يصلى الفائتة عند تذكرها فى أى وقت كان ثم يصلبها مرة أخرى من الغد فى وقتها وحملوا الاعادة على الاستحباب، (قال الخطابى رحمه الله) لا أعلم أحدًا من الفقهاء قال به وجوبا ويشبه أن يكون الأمر به استحبابا ليحرز فضيلة الوقت فى القضاء عند مصادفة الوقت اهـ (قال النووى رحمه الله) معناه أنه اذا فاتته صلاة فقضاها لا يتغير وقتها ولا يتحول فى المستقبل، بل يبقى كما كان، فاذا كان الغد صلى صلاة الغد فى وقتها المعتاد ولا يتحول، وليس معناه أنه يقضى الفائتة مرتين مرة فى الحال ومرة فى الغد، وانما معناه ما قدمناه فهذا هو الصواب فى معنى هذا الحديث، وقد اضطربت أقوال العلماء فيه واختار المحققون ما ذكرته والله أعلم اهـ (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمدة وبشر ابن حرب ضعفه ابن المديني

(2) باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس (207) عن عمران بن حصينٍ رضى الله عنه قال سرينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمَّا كان من آخر اللَّيل عرَّسنا فلم نستيقظ حتَّى أيقظنا حرُّ الشَّمس

_ وجماعة ووثقه ابن عدي وقال لم أر له حديثا منكرًا، وروى أحمد بإسناده عن بشر بن حرب أيضًا قال سمعت سمرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكر مثله اهـ (الأحكام) أحاديث الباب فيها الأمر بقضاء الناسي ما فاته من الصلاة من غير إثم وكذلك النائم سواء كثرت الصلاة أو قلت، وهذا مذهب العلماء كافة وشذ بعضهم فيمن زاد على خمس صلوات أنه لا يلزمه قضاء حكاه القرطبي ولا يعتد به، فإن تركها عامدًا فالجمهور على وجوب القضاء أيضًا، وحكى عن رواد وجمع يسير عن ابن حزم منهم خمسة من الصحابة عدم وجوب قضاء الصلاة على العامد لأن انتفاء الشرط يستلزم انتفاء المشروط فيلزم منه أن من لم ينس لا يصلى إذا ذكره، والخمسة الذين ذكرهم ابن حزم من الصحابة هم عمر بن الخطاب. وابنه عبد الله. وسعد بن أبي وقاص. وابن مسعود. وسلمان رضي الله عنهم، (وأجيب عنه) بأن القيد بالنسيان فيه لخروجه على الغالب، أو أنه إذا وجب القضاء على المعذور فغيره أولى بالوجوب وهو من باب التنبيه بالأدنى على الأعلى كقوله تعالى {ولا تقل لهما أف} فسبهما أو ضربهما من باب أولى (وفيها أيضا) وجوب القضاء على الفور (قال الشوكاني) وإليه ذهب الهادي والمؤيد بالله والناصر أبو حنيفة وأبو يوسف والمزني والكرخي، وقال القاسم ومالك والشافعي، وروى عن المؤيد بالله أنه على التراخي، واستدلوا في قضاء الصلاة بما في بعض روايات حديث نوم الوادي من أنه لما استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم بعد فوات الصلاة بالنوم آخر قضاءها واقتادوا رواحلهم التي خرجوا من الوادي، ورد بأن التأخير لمانع آخر، وهو ما دل عليه الحديث بأن ذلك الوادي كان به شيطان، ولأهل القول الأول حجج غير مختصة بقضاء الصلاة، وكذلك أهل القول الآخر (قال) واعلم أن الصلاة المتروكة في وقتها لعذر النوم والنسيان لا يكون فعلها بعد خروج وقتها المقدر لها لهذا العذر قضاء، وإن لزم ذلك باصطلاح الأصول لكن الظاهر من الأدلة أنها أداء لا قضاء، فالواجب الوقوف عند مقتضى الأدلة حتى ينهض دليل يدل على القضاء اهـ. (207) عن عمران بن حصين (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أن هشام وروح قال ثنا هشام عن الحسن عن عمران بن حصين الخ (غريبه) (1) هو السير بالليل من سرى يسرى سرى (2) التعريس نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم

فجعل الرَّجل منَّا يقوم دهشاً إلى طهوره، قال فأمرهم النَّبي صلى الله عليه وسلم أن يسكنوا ثمَّ ارتحلنا فسرنا حتَّى إذا ارتفعت الشَّمس توضَّأ، ثم أمر بلالًا فأذَّن، ثم صلَّى الرَّكعتين قبل الفجر، ثمَّ أقام الصَّلاة فصلَّينا، فقالوا يا رسول الله ألا نعيدها في وقتها من الغد؟ فقال أينهاكم ربكم تبارك وتعالى عن الرِّبا ويقبله منكم؟ (208) عن أبى قتادة رضى الله عنه أنَّه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ وقد أدركهم من التَّعب ما أدركهم من السَّير في اللَّيل: قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عرَّسنا، فمال إلى شجرةٍ فنزل، فقال أنظر هل ترى أحدًا؟ قلت هذا راكب هذان راكبان حتَّى بلغ سبعةً، فقال احفظوا علينا صلاتنا (4) فنمنا فما أيقظنا إلا حر الشَّمس فانتبهنا فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسار وسرنا هنيئةً ثمَّ نزل فقال أمعكم ماءٌ؟ قال قلت نعم، معى ميضأةٌ فيها شيءٌ من ماءٍ، قال أئت بها فقال مسُّوا منها مسُّوا منها، فتوضَّأ القوم وبقيت جرعةٌ فقال ازدهر بها يا أبا قتادة فإنَّه سيكون لها نبأ، ثمَّ أذَّن بلالٌ وصلَّوا الركعتين قبل الفجر، ثمَّ صلَّوا الفجر، ثمَّ ركب وركبنا، فقال بعضهم لبعضٍ

_ والاستراحة (1) قال في المصباح دهش دهشا فهو دهش من باب تعب دهب عقله حياءاً وخوفًا (2) أي يطمئنوا في الحركة والسير (3) المعنى لا تعيدوها فإن الله عز وجل نهاكم عن الربا في الدَّين فلا يقبله منكم في قضاء الصلاة (تخريجه) (ق) مطولا و (هق حب. فع. قط. ك) وقال صحيح. (208) عن أبي قتادة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هرون أنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة الخ وهو طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه في ترجمة أبي قتادة من كتاب الفضائل (غريبه) (4) أي ليبق أحدكم متيقظا ساهرا ليوقظنا لصلاة الفجر فأبى الله إلا أن يناموا جميعا (5) أي ساعة لطيفة ويقال هنية أيضا تصغير هنة (6) أي احتفظ بها واجعلها في بالك فإنه سيكون لها نبأ أي شأن عظيم وذلك أن القوم عطشوا عطشا شديدًا فكانت هذه الجرعة أصلا لربهم جميعا

فرَّطنا في صلاتنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تقولون؟ إن كان أمر دنياكم فشأنكم، وإن كان أمر دينكم فإلىَّ، قلنا يا رسول الله فرَّطنا في صلاتنا، فقال لا تفريط في النَّوم. إنَّما التَّفريط في اليقظة، فإذا كان ذلك فصلُّوها ومن الغد وقتها (209) عن ابن مسعودٍ رضى الله عنه قال أقبل النَّبي صلى الله عليه وسلم من الحديثية ليلًا فنزلنا دهاسًا من الأرض فقال من يطرنا فقال بلالٌ أنا قال

_ وكانوا ثلاثمائة وبقيت الجرعة كما هي بركة النبي صلى الله عليه وسلم ومعجزته وسيأتي ذكر ذلك في باب المعجزات من السيرة النبوية إن شاء الله تعالى فانظره (1) يستدل بذلك على أن النائم ليس بمكلف حال نومه وهو إجماع، ولا ينافي إيجاب الضمان عليه لما أتلفه وإلزامه أرش جنايته حال نومه، لأن ذلك من الأحكام الوضعية لا التكليفية، وأحكام الوضع تلزم النائم والصبي والمجنون بالاتفاق، وظاهر الحديث أن لا تفريط في النوم سواء كان قبل دخول وقت الصلاة أو بعده قبل تضيقه، وقيل إنه إذا تعمد النوم قبل تضيق الوقت واتخذ ذلك ذريعة إلى ترك الصلاة لغلبة ظنه أنه لا يستيقظ إلا وقد خرج الوقت كان آثما، والظاهر أنه لا إثم عليه بالنظر إلى النوم لأنه فعله في وقت يباح فعله فيه فيشمله الحديث، وأما إذا نظر إلى التسبب به للترك فلا إشكال للعصيان بذلك، ولا شك في إثم من نام بعد تضيق الوقت لتعلق الخطاب به، والنوم مانع من الامتثال، والواجب إزالة المانع أفاده الشوكاني (2) ليس المراد أنه يصليها مرة أخرى في وقتها من اليوم التالي، بل المراد أن يصلي صلاة الغد في وقتها وتقدم كلام النووي في ذلك في الكلام على الحديث الأخير من الباب السابق (تخريجه) (م. والأربعة). (209) عن ابن مسعود (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ثنا شعبة ثنا جامع بن شداد عن عبد الرحمن بن أبي علقمة قال سمعت بن مسعود يقول أقبل النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) بضم الحاء وفتح الدال المهملتين بعدهما ياء مثناه ساكنة ثم موحدة مكسورة ثم مثناة مفتوحة أي عند رجوعهم من غزوها وقد صرح بذلك في الحديث الذي بعده وهي قريبة قريبة في مكة سميت باسم بئر هناك (4) "الدهاس" بفتح الدال المهملة ما سهل ولأن من الأرض ولم يبلغ أن يكون رملا (5) أي يأخذ علينا طرر الوادي وهي أطرافه وجوانبه بمعنى بحرسنا ويكلؤنا كما سيأتي في رواية أخرى

إذًا تنام قال لا، فنام حتى طلعت الشمس فاستيقظ فلان وفلان وفيهم عمر، فقال اهضبوا فاستيقظ النبى صلى الله عليه وسلم فقل افعلوا ما كنتم تفعلون فلما فعلوا قال هكذا فافعلوا لمن نام منكم أو نسى. (210) عن عبد الرحمن بن أبى علقة الثَّقفى عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال لما انصرفنا من غزوة الحديبية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يحرسنا الليلة؟ قال عبد الله فقلت أنا حتى عاد مرارًا، قلت أنا يا رسول الله، قال فأنت إذًا، قال فحرستم حتى إذا كان وجه الصبح أدركنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك تنام فنمت فما أيقظنا إلا حرُّ الشمس في ظهورنا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وصنع كما كان يصنع من الوضوء وركعتى الفجر، ثم صلى بنا الصبح فلما انصرف قال إن الله عز وجل لو أراد أن لا تناموا ولكن أراد أن تكونوا لمن بعدكم فهكذا لمن نام أو نسى، قال ثم إن ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإبل القوم تفرَّقت فخرج الناس في طلبها فجاؤا بإبلهم إلا ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال عبد الله قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ ههنا، فأخذت حيث قال لى فوجدت زمامها قد التوى على شجرة ما كانت لتحلَّها إلا يدٌ،

_ (1) أي تكلموا لكي ينتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم، كرهوا أن يوقظوه فأرادوا أن يستيقظ بكلامهم يقال هضب في الحديث وأهضب إذا اندفع فيه. (2) أي من الوضوء وركعتي الفجر قبل صلاة الصبح وقد جاء ذلك مفسرًا في الحديث التالي. "تخريجه" (هق. بز) قال الهيثمي ورجاله موثقون. (210) عن عبد الرحمن بن أبي علقمة "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنبأنا المسعودي عن جامع بن شداد عن عبد الرحمن بن أبي علقمة. ألخ. "غريبه (3) أي تكونوا قدوة وسببًا في التشريع لمن بعدكم (وقوله فهكذا لمن نام أو نسى) أي يفعل كما فعلتم وقوله (قال ثم إن ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم ألخ الحديث) هذه الجملة لا تناسب ترجمة

قال فجئت بها النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله والذى بعثك بالحقِّ نبيًّا لقد وجدت زمامها ملتويًا على شجرة ما كانت لتحلَّها إلا يدٌ، قال ونزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الفتح (إنَّا فتحنا لك فتحًا مبينًا). (211) عن عمرو بن أميَّة الضمرىِّ رضى الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فنام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس لم يستيقظوا وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم بدأ بالركعتين فركعهما، ثم أقام الصلاة فصلى. (212) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر فعرَّس من الليل فرقد ولم يستيقظ إلا بالشمس، قال فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم بلالا فأذَّن فصلى ركعتين قال (الرَّواى) فقال ابن عباس ما تسرُّنى وما فيها يعنى الرُّخصة. (213) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال عرَّسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ الباب لكنها بقية الحديث وقد ذكرتها مستقلة في تفسير سورة الفتح من كتاب التفسير لأن فيها سبب نزول السورة والله ولي التوفيق "تخريجه" (طب. عل) باختصار، قال الهيثمي وفيه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وقد اختلط في آخر عمره اهـ. (211) عن عمرو بن أمية الضمري "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة أنا عياش بن عباس أن كليب بن صبح حدثه أن الزبر قان حدثه عن عمه عمرو ابن أمية الضمري ألخ "تخريجه" (د. هق) وسنده جيد. (212) عن ابن عباس "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيدة بن حميد ثنا يزيد ابن أبي زياد عن رجل عن ابن عباس ألخ "تخريجه" قال الهيثمي رواه أحمد وأبو يعلى وقال ما يسرني به الدنيا، والبزار والطبراني في الأوسط، فرواه أحمد بن يزيد بن أبي زياد عن رجل عن ابن عباس، ورواه أبو يعلى والبزار والطبراني عن يزيد بن أبي زياد عن تميم بن سلمة عن مسروق عن ابن عباس ورجال أبي يعلى ثقات اهـ. (213) عن أبي هريرة "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد

فلم نستيقظ حتى طلعت الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأخذ كل رجل برأس راحلته فإن هذا منزل حضرنا فيه الشيطان قال ففعلنا، قال فدعا بالماء فتوضأ، ثم صلى ركعتين قبل صلاة الغداة، ثم أقيمت الصلاة فصلى الغداة. (214) عن جبير بن مطعمٍ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر له قال من يكلؤنا الليلة لا نرقد عن صلاة الفجر؟ قال بلال أنا، فاستقبل مطلع الشمس فضرب على آذانهم فما أيقظهم إلا حرُّ الشمس فقاموا فأدوها ثم توضئوا فأذن بلال فصلوا الركعتين، ثم صلوا الفجر. (215) عن يزيد بن صليحٍ عن ذى مخمرٍ وكان رجلا من الحبشة بخدم النبى صلى الله عليه وسلم قال كنا معه في سفر فأسرع السير حين انصرف، وكان يفعل ذلك لقلَّة الزَّاد، فقال له قائل يا رسول الله قد انقطع الناس وراءك، فحبس

_ عن يزيد بن كيسان قال حدثني أبي حازم عن أبي هريرة "الحديث" "غريبه" (1) فيه دليل على استحباب اجتناب مواضع الشيطان وهذا أظهر المعنيين في النهي عن الصلاة في الحمام قاله النووي م "تخريجه" (م. جه. هق). (214) عن جبير بن مطعم "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ألخ "غريبه". (2) أي يحرسنا ويحفظ لنا وقت الصبح (وقوله لا نرقد) حملة مستأنفة في محل التعليل. (3) أي ألقى عليهم نوم شديد مانع عن وصول الأصوات إلى الآذان فكأنها ضرب عليها حجاب. (4) هكذا بالأصل "فقاموا فأدوها ثم توضئوا"، ورواية النسائي فقاموا فقال توضئوا ألخ وهي أظهر. (5) احتج به من يرى الأذان للفائتة وقضاء فائتة النفل وهم الشافعية ومن وافقهم "تخريجه" (نس) وسنده جيد جدًا. (215) عن يزيد بن صليح "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا جرير عن يزيد بن صليح ألخ "غريبه". (6) ذي محمر بكسر الميم الأولى وفتح الثانية بينهما خاء ساكنة ويقال ذو مخبر بموحدة بدل الميم الثانية وكان الأوزاعي لا يقوله إلا بالميم

وحبس الناس معه حتى تكافلوا إليه، فقال لهم هل لكم أن نهج هجعةً أو قال له قائل فنزل ونزلوا، فقال من يكلؤنا الليلة؟ فقلت أنا جعلنى الله فداك، فأعطانى خطام ناقته، فقال هاك لا تكونن لكع قال فأخذت بخطام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبخطام ناقتى فتنحَّيت غير بعيد فخليت سبيلهما برعيان، فإنى كذلك أنظر إليهما حتى أخذنى النوم فلم أشعر بشئ حتى وجدت حرَّ الشمس على وجهى، فاستيقظت فنظرت يمينًا وشمالًا فإذا أنا بالرَّاحلتين منى غير بعيد، فأخذت بخطام ناقة النبى صلى الله عليه وسلم وبخطام ناقتى، فأتيت أدنى القوم فأيقظته، فقلت له أصليتم؟ قال لا، فأيقظ الناس بعضهم بعضًا حتى أستيقظ النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا بلال هل لى في الميضأة يعنى الإداوة، قال نعم جعلنى الله فداءك، فأتاه بوضوء فتوضأ وضوءً لم يلتَّ منه التراب فأمر بلالًا فأذن، ثم قام النبى صلى الله عليه وسلم فصلى الركعتين قبل الصبح وهو غير عجلٍ، ثم أمره فأقام الصلاة فصلى وهو غير عجل، فقال له قائل يا نبى الله أفرطنا

_ وصححه الترمذي بالوحدة والله أعلم. (1) الهجوع النوم ليلا والهجع والهجعة والهجيع طائفة من الليل والمراد هنا النوم القليل. (2) معنى اللكع في اللغة العبد ثم استعمل في الحمق والذم والمرأة لكاع كقطام وأكثر مجيئه في النداء وهو اللئيم وقيل الوسخ ويطلق على الصغير فإن أطلق على الكبير أريد به الصغير العلم والعقل، والمعنى لا تكونن كالصغير في الجهل بالوقت وغلبة النوم إياه. (3) أي أقربهم مني (وقوله الميضأة) تقدم تفسيرها وضبطها وهي آنية الوضوء. (4) بفتح أوله وضم ثانيه بعدهما مثناة فوقية أي لم يتساقط من ماء وضوئه شيء يختلط به التراب أي يختلط بعضه ببعض من لت السويق إذا خلطه بشيء وهو كناية عن تخفيف وضوئه صلى الله عليه وسلم. (5) يعني في التقصير بنومنا عن الصلاة حتى خرج وقتها فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأنه ليس في ذلك تقصير منا فإن أرواحنا بيد الله عز وجل وليس في النوم تفريط ولا تقصير وقد أدينا ما علينا حين رد الله أرواحنا إلينا "تخريجه" أورده الهيثمي وقال روى أبو داود طرفاً منه

قال لا، قبض الله أرواحنا وقد ردها إلينا وقد صلينا. (3) باب تأخير الصلاة لعذر الاشتغال بحرب الكفار ونسخ ذلك بصلاة الخوف والترتيب فى قضاء الفوائت والأذان والإقامة للأولى والإقامة فقط لكل فائتة بعدها. (216) عن عبد الرحمن بن أبى سعيد عن أبيه (أبى سعيد الخدرىِّ) رضى الله عنه قال حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتى كان بعد المغرب هويًّا وذلك قبل أن ينزل فى القتال ما نزل (وفى رواية) وذلك قبل أن ينزل فى القتال ما نزل (وفى رواية) وذلك قبل أن ينزل صلاة الخوف (فرجالا أو ركبانًا) فلما كفينا القتال وذلك قوله (وكفى الله المؤمنين القتال وكان الله قويًّا عزيزًا) أمر النبى صلى الله عليه وسلم بلالًا فأقام الظهر فصلاها كما يصليها في وقتها، ثم أقام العصر فصلاها كما يصليها في وقتها، ثم أقام المغرب فصلاها كما يصليها في وقتها. (217) عن أبى عبيدة بن عبد الله عن أبيه (عبد الله بن مسعود) رضى الله عنه أن المشركين شغلوا النبى صلى الله عليه وسلم يوم الخندق عن أربع صلوات حتى ذهب من الليل ما شاء الله، قال فأمر بلالًا فأذن، ثم أقام فصلى الظهر

_ ورواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجال أحمد ثقات "الأحكام" أحاديث الباب تدل على وجوب قضاء الفائتة واستحباب الجماعة فيها والأذان والإقامة لها، والظاهر أن قصة نومهم في الوادي كانت غير مرة ورجحه النووي، وتقدم الكلام على فقه أحاديث الباب في الباب السابق. (216) عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ثنا ابن أبي ذئب سعيد بن أبي سعيد عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه قال حبسنا ألخ "غريبه". (1) الهوى بفتح الهاء وكسر الواو وبياء مشددة السقوط والمراد هنا بعد دخول طائفة من الليل "تخريجه" (نس. فع. خز. حب) ورجال إسناده رجال الصحيح وصححه ابن السكن. (217) عن أبي عبيدة "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنبأنا أبو الزبير عن نافع بن جبير عن أبي عبيدة بن عبد الله عن أبيه أن المشركين الخ.

ثم أقام فصلى العصر؛ ثم أقام فصلى المغرب؛ ثم أقام فصلى العشاء. (218) عن محمد بن يزيد أن عبد الله بن عوف حدثه أن أبا جمعة حبيب ابن سباعٍ وكان قد أدرك النبى صلى الله عليه وسلم حدثه أن النبى صلى الله عليه وسلم عام الأحزاب صلى

_ "تخريجه" (لك. مذ. نس) وسنده جيد. (218) عن محمد بن يزيد "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى ابن داود قال ثنا ابن لهيعة عن يزيد ابن أبي حبيب عن محمد بن يزيد الخ "تخريجه" (هق) وفي إسناده ابن لهيعة وقد ساقه البيهقي بسنده ولفظه كما هنا إلا أنه قال فصلى العصر ونقض الأولى ثم صلى المغرب، (قال البيهقي) وروينا في الحديث الثابت عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه صلى العصر ثم صلى المغرب بعدها فيحتمل أن يكون فعل ذلك في يوم وما روينا عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في يوم آخر، وما روينا في حديث ابن مسعود وأبي سعيد في يوم آخر، ويحتمل أن يكون المراد بقول عليه رضي الله عنه بين المغرب والعشاء، بين غروب الشمس ووقت العشاء، فيكون موافقاً لرواية جابر والله أعلم اهـ "قلت" (أما حديث جابر) الذي أشار إليه البيهقي فقد رواه الشيخان أيضا ولفظه "عن جابر بن عبد الله قال جاء عمر رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم. الخندق فجعل يسب الكفار قريش ويقول يا رسول الله ما صليت صلاة العصر حتى كادت أن تغيب الشمس قال النبي صلى الله عليه وسلم وأنا والله ما صليتها بعد، قال فنزل إلى بطحان (بضم أوله وسكون ثانية واد بالمدينة) فتوضأ وصلى العصر بعد ما غابت الشمس ثم صلى المغرب بعدها" (وأما حديث علي) فلفظه عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب "شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارًا ثم صلاها بين العشاءين بين المغرب والعشاء" قال البيهقي رواه مسلم في الصحيح عن أبي بكر بن أبي شيبة، قال وقد روى بإسناد ضعيف أنه نقض الأولى فصلى العصر ثم صلى المغرب "قلت" لعله يشير إلى حديث الباب، (وأما حديثا أبي سعيد وابن مسعود) فقد ذكرا في الباب أيضا "الأحكام" أحاديث الباب تدل على وجوب قضاء الصلاة المتروكة لعذر الاشتغال بحرب الكفار ونحوهم لكن إنما كان هذا قبل شرعية صلاة الخوف كما في حديث أبي سعيد، والواجب بعد شرعيتها على من حبس بحرب العدو أن يفعلها، وقد ذهب الجمهور إلى أن هذا منسوخ بصلاة الخوف، وذهب مكحول وغيره من الشاميين إلى جواز تأخير صلاة الخوف إذا لم يتمكن من أدائها، والصحيح الأول لما في آخر حديث أبي سعيد، وفيه التصريح بأنها فائتة الظهر والعصر، وحديث جابر المتقدم

المغرب فلما فرغ قال هل علم أحد منكم أنى صليت العصر؟ قالوا يا رسول الله ما صليتها، فأمر المؤذن فأقام الصلاة فصلى العصر؛ ثم أعاد المغرب.

_ في التعليق مصرح بأنها العصر، وحديث عبد الله بن مسعود مصرح بأنها أربع صلوات، فمن الناس من اعتمد الجمع فقال إن وقعة الخندق بقيت أياماً فكان في بعض الأيام الفائت العصر فقط، وفي بعضها الفائت العصر والظهر، وفي بعضها الفائت أربع صلوات، ذكره النووي وغيره، ومن الناس من اعتمد الترجيح فقال إن الصلاة التي شغل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة وهي العصر ترجيحًا لما في الصحيحين على ما في غيرهما؛ ذكره أبو بكر بن العربي قال ابن سيد الناس والجمع أرجح؛ لأن حديث أبي سعيد رواه الطحاوي عن المزني عن الشافعي حدثنا ابن أبي فديك عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه؛ قال وهذا إسناد صحيح جليل اهـ. (وقد استدل) بأحاديث الباب على وجوب الترتيب بين الفوائت المقضية والمؤادة؛ فأبو حنيفة ومالك والليث والزهري والنخعي وربيعة قالوا بوجوب تقديم الفائتة على خلاف بينهم؛ وقال الشافعي والهادي والقاسم لا يجب؛ ولا ينتهض استدلال الموجبين بالحديث للمطلوب لأن الفعل بمجرده لا يدل على الوجوب. قال الحافظ إلا أن يستدل بمفهوم قوله صلى الله عليه وسلم (صلوا كما رأيتموني أصلي) فيقوى؛ قال وقد اعتبر ذلك الشافعية في أشياء غير هذه اهـ (وقد استدل) للموجبين أيضاً بأن توقيت المقضية بوقت الذكر أضيق من توقيت المؤداة فيجب تقديم ما تضيق؛ والخلاف في جواز التراخي إنما هو في المطلقات لا المؤقتات المضيقة؛ (وقد اختلف أيضاً) في الترتيب بين المقضيات نفسها فقال بوجوبه زيد بن علي والناصر وأبو حنيفة؛ وقال الشافعي والهادي والإمام يحيى إنه غير واجب وهو الظاهر لأن مجرد الفعل لا يدل على الوجوب إلا أن يستدل بعموم قوله صلى الله عليه وسلم (صلوا كما رأيتموني أصلي) كما سبق ولكنه غير خالص عن شوب اعتراض ومعارضة (وفي أحاديث الباب أيضا) دليل على استحباب قضاء الفوائت في الجماعة؛ وخالف فيه الليث بن سعد والحديث يرد عليه أفاده الشوكاني "قلت" (وفيها أيضا) استحباب الأذان والإقامة للفائتة الأولى والإقامة فقط لكل واحدة بعدها وبه قالت الشافعية والحنفية والحنابلة (فإن قيل) لم يثبت الأذان في كل أحاديث الباب "قلت" أجاب الإمام النووي رحمه الله عن ذلك من وجهين أحدهما لا يلزم من ترك ذكره إنه لم يؤذن؛ فعله أذن وأهمله الراوي أو لم يعلم به (والثاني) لعله ترك الأذان في هذه المرة لبيان جواز تركه وإشارة إلى أنه ليس بواجب متحتم لاسيما في السفر اهـ (وفيها) أيضا دليل على أن صلاة النهار وإن قضيت ليلا لا يجهر فيها لقول أبي سعيد في حديثه فصلاها فأحسن صلاتها كما كان يصليها في وقتها؛ وفيها غير ذلك والله أعلم.

(4) باب مشروعية قضاء ما يفوت من الصلاة النافلة والأوراد (219) عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غلبته عينه أو وجع فلم يصلِّ بالليل صلى بالنهار اثنتى عشرة ركعةً. (220) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما نام عن الوتر أو نسيه فليوتر إذاذ كره أو استيقظ. (221) عن قيس بن عمرو رضى الله عنه أنه خرج إلى الصبح فوجد النبى صلى الله عليه وسلم في الصبح ولم يكن ركع ركعتى الفجر فصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم؛ ثم قام حين فرغ من الصبح فركع ركعتى الفجر فمرَّ به النبى صلى الله عليه وسلم؛ فقال ما هذه الصلاة؟ فأخبره؛ فسكت النبى صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئًا.

_ (219) عن عائشة "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا سريح ثنا أبو عوانة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة الخ "تخريجه" (م. هق). (220) عن أبي سعيد الخدري "سنده" حدثا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري الخ "تخريجه" (د. مذ. جه. ك) وقال صحيح على شرط الشيخين وصحح العراقي إسناد طرق أبي داود؛ وفي الباب عند الإمام أحمد والطبراني في الأوسط عن عائشة بلفظ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح فيوتر) وإسناده حسن؛ وعن أبي الدرداء عند الحاكم والبيهقي بلفظ "ربما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر وقد قام الناس لصلاة الصبح" وصححه الحاكم. (221) عن قيس بن عمرو "سنده" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج قال وسمعت عبد الله بن أخا يحيى بن سعيد يحدث عن جده (قيس بن عمرو) قال خرج إلى الصبح الخ؛ وله طريق آخر بلفظ آخر عند الإمام أحمد هكذا؛ حدثنا عبد الله حدثني أبا ثنا ابن نمير ثنا سعد بن سعيد حدثني محمد بن إبراهيم التيمي عن قيس بن عمرو وقال رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي بعد صلاة الصبح ركعتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلاة الصبح مرتين؟ فقال الرجل إني لم أكن صليت الركعتين اللتين قبلهما فصليتها الآن قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم "تخريجه" (د. مذجه. خز. حب. هق طب) وسنده جيد وحسنه العراقي

(222) عن ميمونة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم فاتته ركعتان قبل العصر فصلاَّهما بعد

_ (222) عن ميمونة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن إسحاق قال أنا عبد الله يعني ابن المبارك قال ثنا حنظلة عن عبد الله بن الحارث عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) عند البخاري ومسلم في حديث أم سلمة التصريح بأن الركعتين اللتين شغل عنهما الركعتان اللتان بعد الظهر، (قال الشوكاني) ويمكن الجمع بين الروايات بأن يكون مراد من قال بعد الظهر ومن قال قبل العصر، الوقت الذي بين الظهر والعصر، فيصح أن يكون مراد الجميع سنة الظهر المفعول بعده أو سنة العصر المفعولة قبله، وأما الجمع بتعدد الواقعة وأنه شغل تارة عن إحداهما وتارة عن الأخرى فبعيد، لأن الأحاديث مصرحة بأنه داوم عليهما وذلك يستلزم أنه كان يصلى بعد العصر أربع ركعات ولم ينقل ذلك أحد اهـ (2) أي بعد العصر كما جاء ذلك مصرحا به عند النسائي من حديث أم سلمة (تخريجه) الحديث سنده جيد وأخرج نحوه النسائي عن أم سلمة ورجاله الصحيح (وفي الباب) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من لم يصل ركعتي الفجر فليصلهما بعد ما تطلع الشمس" رواه (مذ. قط. حب. هق. ك) وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (وفي الباب) أيضًا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من نام عن حزبه من الليل أو عن شيء منه فقرأ ما بين صلاة الفجر وصلاة الظهر كتب له كأنما قرأه من الليل) رواه (م. والأربعة وغيرهم) والحزب بكسر الحاء المهملة وسكون الزاي بعدها باء موحدة الورد، والمراد به الورد من القرآن، وقيل المراد ما كان معتاده من صلاة الليل والله أعلم (الأحكام) في أحاديث الباب مشروعية قضاء النوافل الراتبة والوتر وصلاة الليل وغير ذلك من الأوراد، وقد اتفق الأئمة الأربعة وغيرهم وجمع من الصحابة والتابعين على قضاء الوتر إذا فات، لكن اختلفوا إلى متى يقضي على أقوال (منها) أنه يقضي ما لم يصل الصبح، وهو قول ابن عباس وعطاء بن أبي رباح ومسروق والحسن البصري والنخعي ومكحول وقتادة ومالك والشافعي وأحمد وإسحق وأبي أبي أيوب وأبي خيثمة حكاه محمد بن نصر عنهم (ومنها) أنه يقضيه أبدًا ليلا ونهارًا وهو الذي عليه فتوى الشافعية (ومنها) التفرقة بين أن يتركه لنوم أو نسيان وبين أن يتركه عمدًا، فإن تركه لنوم أو نسيان قضاه إذا استيقظ أو إذا ذكر في أي وقت كان ليلا أو نهاراً وهو ظاهر الحديث، واختاره ابن حزم، واستدل بعموم قوله صلى الله عليه وسلم (من نام عن صلاته أو نسيها فليصلها إذا ذكرها) قال وهذا عموم يدخل فيه كل صلاة فرض أو

(5) باب حجة من قال بعدم قضاء السنن الراتبة اذا فاتت (223) عن أمِّ سلمة رضى الله عنها قالت صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر ثمَّ دخل بيتى فصلَّى ركعتين، فقلت يا رسول الله صلَّيت صلاةً لم تكن تصلِّيها، فقال قدم علىَّ مالٌ فشغلني (وفى روايةٍ قدم علىَّ وفد بنى تميم فحبسوني) عن الرَّكعتين كنت أركعهما بعد الظُّهر فصلَّيتهما الآن، فقلت يا رسول الله أفنقضيهما إذا فاتتا؟ قال لا

_ نافلة، وهو في الفرض أمر فرض، وفي النفل أمر ندب، قال ومن تعمد تركه حتى دخل الفجر فلا يقدر عن قضائه أبدًا، قال فلو نسيه أحببنا له أن يقضيه أبدًا متى ذكره ولو بعد أعوام اهـ (واختلفوا) في قضاء النوافل غير الوتر على أقوال (أحدها) استحباب قضائها مطلقا سواء كان الفوت لعذر أو لغير عذر، وقد ذهب إلى ذلك من الصحابة عبد الله ابن عمر، ومن التابعين عطاء وطاوس والقاسم بن محمد، ومن الأئمة ابن جريج والأوزاعي والشافعي في الجديد وأحمد وإسحق ومحمد بن الحسن والمزني، (والقول الثاني) أنها لا تقضي، وهو قول أبي حنيفة ومالك وأبي يوسف في أشهر الروايتين عنه، وهو قول الشافعي في القديم ورواية عن أحمد والمشهور عن مالك قضاء ركعتي الفجر بعد طلوع الشمس (والقول الثالث) التفرقة بين ما هو مستقل بنفسه كالعيد والضحي فيقضي، وبين ما هو تابع لغيره كرواتب الفرائض فلا يقضي، وهو أحد الأقوال عن الشافعي (والقول الرابع) إن شاء قضاها وإن شاء لم يقضها على التخيير، وهو مروي عن أصحاب الرأي ومالك (والقول الخامس) التفرقة بين الترك لعذر نوم أو نسيان فيقضي، أو لغير عذر فلا يقضي، وهو قول ابن حزم وتقدم دليله، وأجاب الجمهور أن قضاء التارك لها تعمدًا من باب الأولى والله أعلم أفاده الشوكاني. (223) عن أبي سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنا حماد بن سلمة عن الأزرق بن قيس عن ذكوان عن أم سلمة الخ (تخريجه) (هق. والطحاوي) ورجاله موثقون (الأحكام) استدل بحديث الباب القائلون بعدم قضاء السنن الراتبة وتقدم ذكرهم في الباب السابق واحتج الطحاوي بحديث الباب على أن قضاء النافلة من خصائصه صلى الله عليه وسلم، قال البيهقي الذي اختص به صلى الله عليه وسلم المداومة على ذلك لا أصل القضاء والله أعلم.

بسم الله الرحمن الرحيم أبواب الأذان والإقامة 1 - باب الأمر بالأذان وتأكيد طلبه (224) عن عبادة بن نسي قال كان رجل بالشام يقال له معدان كان أبو الدرداء يقرئه القرآن ففقده أبو الدرداء فلقيه يوماً وهو بدابق فقال له

_ أبواب الأذان والإقامة الأذان لغة الإعلام. قال الله تعالى "وأذان من الله ورسوله" واشتقاقه من الأذن بفتحتين وهو الاستماع، وشرعاً الإعلام بوقت الصلاة بألفاظ مخصوصة، قال القرطبي وغيره الأذان على قلة ألفاظه مشتمل على مسائل العقيدة لأنه بدأ بالأكبرية، وهي تتضمن وجود الله وكماله، ثم ثنى بالتوحيد ونفي الشريك، ثم بإثبات الرسالة لمحمد صلى الله عليه وسلم ثم دعا إلى الطاعة المخصوصة عقب الشهادة بالرسالة لأنها لا تعرف إلا من جهة الرسول صلى الله عليه وسلم ثم دعا إلى الفلاح وهو البقاء الدائم، وفيه الإشارة إلى المعاد، ثم أعاد ما أعاد توكيداً، ويحصل من الأذان الإعلام بدخول الوقت والدعاء إلى الجماعة وإظهار شعائر الإسلام؛ والحكمة في اختيار القول له دون الفعل سهولة القول وتيسره لكل أحد في كل زمان ومكان، واختلف أيهما أفضل الأذان أو الإقامة؛ فقيل إن علم من نفسه القيام بحقوق الإمامة فهي أفضل وإلا فالأذان، وفي كلام الشافعي رحمه الله ما يوميء إليه، واختلف أيضا في الجمع بينهما فقيل يكره، وفي البيهقي في حديث جابر مرفوعاً النهي عن ذلك لكن سنده ضعيف، وصح عن عمر لو أطيق الأدان مع الخلافة لاذنت، رواه سعيد بن منصور وغيره، وقيل هو خلاف الأولى، وقيل يستحب وصححه النووي أفاده الحافظ. (224) عن عبادة بن نسى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن ثابت حدثني هشام بن سعد عن حاتم بن أبي نصر عن عبادة بن نسى (غريبة) (1) هي قرية بحلب وفي الأصل اسم نهر قاله في القاموس

أبو الدرداء يا معدان ما فعل القرآن الذي كان معك؟ كيف أنت والقرآن اليوم؟ قال قد علم الله منه فأحسن، قال يا معدان أفي مدينة تسكن اليوم أو في قرية؟ قال لا بل في قرية قريبة من المدينة (وفي رواية في قرية قريبة دون حمص) قال مهلا ويحك (1) يا معدان فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من خمسة أهل أبيات (2) لا يؤذن فيهم بالصلاة وتقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، وإن الذئب يأخذ الشاذة فعليك بالمدائن ويحك يا معدان (وعنه (5) من طريق ثان) (6) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من ثلاثة في قرية فلا يؤذن ولا تقام فيهم الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، عليك بالجماعة فإنما يأكل

_ (1) ويح كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع في هلكة لا يستحقها وقد يقال بمعنى المدح والتعجب وهي منصوبة على المصدر وقد ترفع وتضاف ولا تضاف يقال ويح زيد وويحا له وويح له (نه) (2) أي رجال أصحاب مساكن يسكنونها في قرية ورواية ابي داوود يفيد أن ما فوقها كذلك بالأولى (3) أي غلبهم وجعلهم من حزبه فأنساهم ذكر الله وأقام الصلاة (الا ان حزب الشيطان هم الخاسرون) نعوذ بالله من ذلك أما إذا أقاموا الشعائر بفعل الأذان وصلاة الجماعة فالله عز وجل يحفظهم من كيده فلا يصل إليهم قال تعالى (ان عبادي ليس لك عليهم سلطان) أي المؤمنين الطائعين الذين هم من حزب الله (الا أن حزب الله هم المفلحون) جعلنا الله منهم وقد روى الإمام احمد والبخاري وغيرهما عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له (إذا نودي للصلاة أدبر الشيطان وله ضراط على يسمع التأذين) الحديث سيأتي بتمامه قريبا ان شاء الله (4) أي التي شذت وانفردت وحدها عن قطيع الغنم والمعنى أن الشيطان يتسلط على من أهمل الأذان والجماعة كما يتسلط الذئب على الشاة المنفردة عن القطيع لان عين الراعي تحمي الغنم المجتمعة (5) أي عن معدان عن أبي الدردا ومعدان هذا هو ابن ابي طلحة ويقال ابن طلحة الكناني روي عن عمر وأبي الدرداء وغيرهما من الصحابة وروي عنه سالم بن أبي الجعد والوليد بن هشام وغيرهما وثقة العجلي وابن حبان وابن سعد وذكره في الطبقة الاولى من أهل الشام (6) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الرحمن بن مهدى عن زائدة بن قدامة ووكيع قال حدثني زائدة بن قدامة عن السائب قال وكيع بن حبيش الكلاعي عن معدان بن ابي طلحة اليعمري قال قال لي

الذئب القاصية قال ابن مهدي قال السائب يعني بالجماعة في الصلاة (225) عن مالك بن الحويرث قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن شبيبة متقاربون فأقمنا معه عشرين ليلة، قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا فظن أنا قد اشتقنا أهلنا فسألنا عمن تركنا في أهلنا فأخبرناه فقال ارجعوا إلى أهليكم فأقيموا فيهم وعلموهم ومروهم إذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم ثم ليؤمكم أكبركم. 2 - باب فضل الأذان والمؤذنين والأئمة (226) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الرزاق أنا مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو يعلم

_ أبو الدرداء أين مسكنك؟ قال قلت في قرية دون حمص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (1) أحد رجال السند يفسر قوله صلى الله عليه وسلم عليك بالجماعة يعني الجماعة في الصلاة (تخريجه) (د. نس. خز. حب. ك) وقال صحيح الإسناد. (255) عن مالك بن الحويرث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا أيوب عن أبي قلابة عن مالك بن الحويرث الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) (الأحكام) احتج بأحاديث الباب من قال بوجوب الأذان والإقامة لان الترك الذي هو نوع من استحواذ الشيطان يجب تجنبه وإلى وجوبها ذهب أكثر المترة وعطاء ومجاهد والاوزاعي وداود واحمد بن حنبل وحكى عن عطاء وجوب الإقامة دون الأذان فإن تركها بعذر أجزأه ولغير عذر قضى وفي البحر أن القائل بوجوب الإقامة دون الأذان الاوزاعي وروى عن علي بن ابي طالب أن الأذان واجب دون الإقامة وعند الشافعي وأبي حنيفة انهما سنة واختلف أصحاب الشافعي على ثلاثة أقوال (الأول) أنهما سنة (الثاني) فرض كفاية (الثالث) سنة في غير الجمعة وفرض كفاية فيها وروي ابن عبد البر عن مالك وأصحابه أنهما سنة مؤكدة واجبة على الكفاية وقال آخرون الأذان فرض على الكفاية أفاده الشوكاني (226) حدثنا عبد الله الخ (غريبة) (2) بالتصغير مولى أبي بكر رضي الله عنه صرح بذلك

الناس ما في النداء (1) والصف الأول لاستهموا (2) عليهما، ولو يعلمون ما في التهجير (3) لاستبقوا إليه، ولو يعلمون ما في العتمة (4) والصبح لأتوهما ولو حبواً، فقلت لمالك أما يكره أن يقول العتمة؟ قال هكذا قال الذي حدثني (227) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم الناس ما في التأذين لتضاربوا عليه بالسيوف (228) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول يعجب (5) ربك عز وجل من راعي غنم في رأس

_ البخاري في روايته (1) أي الأذان (2) أي لحكموا القرعة بينهم لكثرة الراغبين فيه وقيل إن المراد بالاستهمام هنا الترامي بالسهام وأنه أخرج مخرج المبالغة ويستأنس له بحديث أبي سعيد الآتي (لو يعلم الناس ما في التأذين لتضاربوا عليه بالسيوف) واختار البخاري الاول تدل عليه رواية لمسلم (لكانت قرعة) وقال النووي معناه أنهم لو علموا فضيلة الأذان وعظيم جزائه ثم لم يجدوا طريقا يحصلونه به لضيق الوقت أو لكونه لا يؤذن للمسجد الا واحد لاقترعوا في تحصيله (3) أي التبكير إلى الصلاة قاله الهروي (4) أي صلاة العشاء يعني لو يعلمون ما في ثواب أدائها وأداء الصبح لأتوهما ولو حبوا أي لو كانوا حابين من حبا الصبي إذا مشي على أربع قاله صاحب المجمل (وقوله فقلت لمالك الخ الحديث) هذه الزيادة لم أقف عليها لغير الامام أحمد والمعنى أن عبد الرزاق قال لمالك أما يكره النبي صلى الله عليه وسلم أو الراوي الذي رويت عنه أو غيرع أن يسمى العشاء بالعتمة وقد ثبت النهى عن تسميتها بذلك فقال مالك هكذا قال الذي حدثني يعني فأنا أنقل الحديث كما سمعت (قلت) والجواب عن هذا السؤال تقدم في الكلام على حديث ابن عمر في الباب التاسع من أبواب مواقيت الصلاة (تحريجه) (ق. لك. والثلاثة) (227) عن ابي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله خدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن طيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد (تخريجه) لم أقف عليه وفي إسناده ابن طيعة فيه ضعف (228) عن عقبة بن عامر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن طيعة ثنا أبو عشانة عن عقبة بن عامر الحديث (غريبه) (5) أي عظم عنده وكبر لديه واطلاق التعجب على الله عز وجل مجاز لأنه لا تخفى عليه أسباب الأشياء والتعجب مما خفى سببه ولم يعلم وقد أعلم الله أنه انما يتعجب الآدمي من الشيء إذا عظم موقعه عنده وخفى عليه سببه فأخبرهم بما يعرفون ليعلموا مواقع هذه الاشياء عنده وقيل

الشظية (1) للجبل يؤذن بالصلاة ويصلي فيقول الله عز وجل انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم يخاف شيئا قد غفرت له وأدخلته الجنة (وعنه من طريق ثان) (2) بسند صحيح قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يعجب ربك فذكر معناه إلا أنه قال قد غفرت له وأدخلته الجنة وعنه من طريق ثان) (2) بسند صحيح قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يعجب ربك فذكر معناه إلا أنه قال قد غفرت له فأدخلته الجنة (229) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في بعض أسفاره سمعنا مناديا ينادي الله أكبر، الله أكبر، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم على الفطرة (3) فقال أشهد أن لا إله إلا الله، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم خرج من النار فابتدرناه (4) فإذا هو صاحب ماشية أدركته الصلاة فنادى بها (230) وعن معاذ بن جبل رضي الله تعالى عنه نحوه، وفيه فقال أشهد أن لا إله إلا الله فقال (يعني النبي صلى الله عليه وسلم شهد بشهادة الحق قال أشهد أن محمداً

_ معناه الرضا والثواب فسماه عجبا مجازا وليس بعجب في الحقيقة والاول الوجه (نه) (1) الشظية قطعة مرتفعة في رأس الجبل والشظية الفلقة من العصى ونحوه والجمع الشظايا وهو من التشعب والتشقق (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف ثنا ابن وهب عن عمر بن الحارث أن أبا عشانة المعافري حدثه عن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د. نس) ورجال إسناده ثقات (229) عن ابن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر ثنا سعيد ثنا قتادة وعبد الوهاب عن ابن أبي الاحوص عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه) (3) أي السنة والدين الحق (4) أي تسابقنا اليه لنعرف من هذا الرجل الذي شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخروج من النار (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير ورجال أحمد رجال الصحيح (قلت) وأخرج نحوه مسلم عن أنس بلفظ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير إذا طله الفجر وكان يستمع الأذان فان سمع إذانا أمسك والا أغار فسمع رجلا يقول الله اكبر الله اكبر الحديث وفي آخره فنظروا فإذا هو راعي معزي رواه أيضا الامام أحمد سيأتي في كتاب الجهاد وأخرج البخاري منه ذكر الاغارة ولم يذكر قصة الرجل وأخرجه أيضا الأربعة الا النسائي بألفاظ متقاربة (230) عن معاذ بن جبل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا

رسول الله قال خرج من النار انظروا فستجدونه إما راعيا معزبا (1) وإما مكلبا (2) وفي رواية تجدونه راعي غنم أو عازبا عن أهله فنظروه فوجدوه راعيا حضرته الصلاة فنادى بها (231) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يغفر الله للمؤذن مد (3) صوته ويشهد له كل رطب ويابس سمع صوته (وفي لفظ) (4) يغفر الله للمؤذن منتهى أذانه ويستغفر له كل رطب ويابس (5) سمع صوته

_ الحكم بن عبد الملك عن عمار بن ياسر عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ الخ هكذا السند بالأصل فليحرر (غريبه) (1) المعزب طالب الكلأ أي المرعى العازب وهو البعيد الذي لم يرع وأعزب القوم أصابوا عازبا من الكلأ (2) بفتح الكاف وكسر اللام مشددة أي صاحب كلاب يتصيد بها كما في رواية عند الطبراني (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني ف يالصغير وفيه الحكم بن عبد الملك القرشي وهو ضعيف (قلت) له شاهد عند الطبراني في الكبير من حديث أبي جحيفة قال الهيثمي وفيه موسى بن محمد ابن حبان ضعفه أبو زرعة وذكره ابن حبان في الثقات وقال ربما خالف وبقية رجاله ثقات اهـ (231) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا ابو الجواب ثنا عمار بن رزيق عن الاعمش عن مجاهد عن ابن عمر الحديث (غريبه) (3) بفتح الميم والدال المهملة مشددة القدر يريد به قدر الذنوب أى يغفر له ذلك إلى منتهى مد صوته وهو تمثيل لسعة المغفرة يريد أن المكان الذي ينتهى اليه صوت المؤذن لو قدر وكان ما بين مقامه الذي هو فيه ذنوب تملأ تلك المسافة لغفرها الله تعإلى له (سنده) (4) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا معاوية ثنا زائدة عن الاعمش عن رجل عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يغفر الله الخ (5) أي كل نبات وحجر وما في معناها بل كا مخلوق من انس وجن وحيوان وغير ذلك يدل على ذلك مافي رواية البخاري من قوله صلى الله عليه وسلم (فارفع صوتك بالنداء فانه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا انس ولا شيئ الا شهد له يوم القيامة) أما معنى هذه الشهادة فقد نقل الحافظ عن ابن بزيزة قال تقرر في العادة ان السماع والشهادة والتسبيح لا يكون الا من حي فهل هي هنا لسان الحال لان الموجودات ناطقة بلسان حالها بجلال بارئها أم على ظاهرها وغير ممتنع عقلا أن الله تعإلى يخلق فيها الحياة والكلام اهـ

(332) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤذن يغفر له مد صوته ويشهد له كل رطب ويابس وشاهد الصلاة يكتب له خمس وعشرون حسنة ويكفر عنه ما بينهما (233) وعنه أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الإمام ضامن (2) والمؤذن مؤتمن (3) اللهم أرشد الأئمة واغفر للمؤذنين. (234) عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن فأرشد الله الإمام وعفا عن المؤذن

_ (232) عن ابي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن موسى بن أبي عثمان قال سمعت أبا عثمان قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (1) أي في الجماعة (وقوله حسن) هكذا رواية الإمام احمد ورواية أبي داود (درجة) بدل حسنة والمعنى أن من يلبي دعوة المؤذن ويحضر صلاة الجماعة يكتب له ثواب خمس وعشرين صلاة ويكفر عنه ما ارتكبه من الذنوب الصغائر بين الصلاتين اللتين شهدهما, أما إذا صلى منفردا فيكتب له ثواب صلاة واحدة (تخريجه) (دجة. خز. حب. هق. نس) إلى قوله كل رطب ويابس وقاله فيه وله مثل أجر من صلى (233) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الله بن نمير عن الاعمش قال حدثت عن أبي صالح ولا أراني إلا قد سمعته من أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أي لصلاة المأمومين لارتباط صلاتهم بصلاته فسادا وصحة فهو الاصل وهم الفره ولهذا الضمان كان ثواب الأئمة أكثر ووزرهم أكثر إذا أخلوا بها (3) بصيغة المفعول أي أمين على الاوقات يعتمد الناس على إذانه في الصلاة والصيام لما روي ابن ماجة من حديث ابن عمر"خصلتان متعلقتان في صلاتهم وصيامهم" (وما رواه البيهقي) من حديث أبي محذورة (امناء المسلمين على صلاتهم وسحورهم المؤذنون) ولان المؤذن يرتقي الاماكن المرتفعة فيطلب منه ان لا ينظر إلى بيوت الناس وعوراتهم (تخريجه) (د. حب. خز. فع) وغيرهم وصحة ابن بان (234) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا ابو عبد الرحمن ثنا حيوة ابن شريح قال حدثني نافع بن سليمان بن محمد بن ابي صالح حدثه عن ابيه انه سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الامام الخ (تخريجه) هق (حب) وصححه

(235) عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال، أطول الناس أعناقاً (1) يوم القيامة المؤذنون (236) وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (237) عن البراء بن عازب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله وملائكته يصلون (2) على الصف المقدم والمؤذن يغفر له مد صوته ويصدقه (3) من سمعه من رطب ويابس، وله مثل أجر من صلى معه (4)

_ (235) عن انس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابي ثنا عبد الصمد ثنا زائدة ثنا الأعمش قال حدثته عن انس عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أطول الناس الخ (غريبة) (1) هو بفتح الهمزة جمع عنق واختلف السلف والخلف في معناه , فقيل معناه اكثر الناس تشوفا إلى رحمة الله لان المتشوف يطيل عنقه لما يتطلع اليه فمعناه كثرة ما يرونه من الثواب وقال النضر بن شميل إذا الجم الناس العرق يوم القيامة طالت اعناقهم لئلا ينالهم العرق وقيل معناه اكثر اتباعا وقال ابن الاعرابي اكثر الناس أعمالا قال القاضي عياض وغيره وروي بعضهم إعناقا بكسر الهمزة أي اسراعا إلى الجنة وهو من سير العنق قال ابن ابي داود سمعت ابي يقول معناه ان الناس يعطشون يوم القيامة فإذا عطش الانسان انطوت عنقه والمؤذنين لا يعطشون فاعناقهم قائمة وفي صحيح ابن حبان من حديث ابي هريرة يعرفون بطول أعناقهم يوم القيامة زاد السراج لقولهم لا اله الا الله وظاهره الطول الحقيقي فلا يجوز المصير إلى تفسيره بغيره الا لمجيء نقله الشوكاني (تخريجه) لم اقف عليه وقال الهيثمي رواه احمد ورجاله رجال الصحيح الا أن الاعمش قال حدثت عن أنس (قلت) يعني فيه مبهم لان الأعمش لم يذكر من حدثه عن أنس) (236) عن معاوية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا ابن نمير ويعلى قالا ثنا طلحة يعني ابن يحي عن عيسى بن طلحة قال سمعت معاوية يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ان المؤذنين أطول الناس أعناقا يوم القيامة) (تخريجه) (م هق) (237) عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا على ابن عبد الله ثنا معاذ حدثني ابي قتادة عن ابي اسحاق الكوفي عن البراء بن عازب وفي آخره قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الامام أحمد) وحدثني عبيد الله القواريري قال ثنا معاذ بن هشام فذكر مثله (غريبة) (3) الصلاة من الله عز وجل الرحمة ومن الملائكة الدعاء والاستغفار (3) أي يشهد له كما تقدم (4) أي من حضر الصلاة بسماع أذانه

(3) باب الأمر برفع الصوت بالأذان وفضله واستجابة الدعاء بين الأذان (والإقامة وهروب الشيطان عند سماعهما) (338) عن ابن أبي صعصعة عن أبيه قال قال لي أبو سعيد الخدري وكان في حجره فقال لي يا بني إذا أذنت فارفع صوتك بالأذان فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس شيء يسمعه إلا شهد له، جن ولا إنس ولا حجر. وقال مرة يا بني إذا كنت في البراري فارفع صوتك بالأذان فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يسمعه جن ولا إنس ولا حجر ولا شيء يسمعه إلا شهد له

_ لانه المتسبب والدال على الخير كفاعله (تخريجه) قال المنذري رواه أحمد والنسائي بإسناد حسن جيد (قلت) وصححه ابن السكن (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل الأذان وقد جاء في ذلك أحاديث كثيره في الصحيحين وغيرهما مصرحة بعظيم فضله وارتفاع درجته وأنه من أجل الطاعات التي يتنافس فيها المتنافسون وان صاحبه يوم القيامة يمتاز من غيره بشرط أن يكون المؤذن غيره بشرط أن يكون المؤذن غير متخذ اجرا عليه والا كان فعله لذلك من طلب الدنيا والسعي للمعاش وليس من أعمال الآخرة وقد استدل بأحاديث الباب من قال ان الأذان أفضل من الامامة وهو نص الشافعي في الأم وقول أكثر أصحابة وذهب بعض أصحابه إلى أن الامامة أفضل وهو نص الشافعي أيضا قاله النووي وبعضهم ذهب إلى أنهما سواء وقال بعضهم انه ان علم من نفسه القيام بحقوق الامامة وجمع خصالها فهي أفضل والا فالأذان قال أبو علي وابو القاسم بن كج والمسعودي والقاضي حسين من أصحاب الشافعي واختلف في الجمع بين الأذان والامامة فقاله جماعة من أصحاب الشافعي انه يستحب ان لا يفعله وقال بعضهم يكره وقال محققوهم واكثرهم لا بأس به بل يستحب قال النووي رحمه الله وهذا أصح وفي البيهقي مرفوعا من حديث جابر النهى عن ذلك قال الحافظ لكن سنده ضعيف قال الشوكاني ويؤيد من ذهب إلى أن الامامة أفضل ان النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده أمو ولم يؤذنوا وكذا كبار العلماء بعدهم أهـ (238) عن ابن ابي صعصعة (سنده) حدثناا عبد الله حدثني ابي ثنا سفيان حدثني ابن ابي صعصعة عبد الله بن عبد الرحمن عن ابيه (الحديث) وفي أخره قال "يعني عبد الله بن الامام احمد" قال ابي وسفيان مخطئ في اسمه والصواب عبد الرحمن بن عبد الله

(وعنه من طريق ثان) (1) ان أبا سعيدا قال له إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. (239) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نودي بالصلاة أدبر الشيطان (2) وله ضراط حتى لا يسمع التأذين فإذا قضي التأذين أقبل حتى إذا ثوب بها (3) أدبر حتى إذا قضي التثويب أقبل حتى يخطر (4)

_ ابن عبد الرحمن بن ابي صعصعة (قلت) وسنده عند البخاري حدثنا عبد الله بن يوسف عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن ابي صعصعة عن أبيه الخ فالصواب ماصو به الامام احمد رحمه الله (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي قال قرأت على عبد الرحمن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن ابي صعصعة المازني عن أبيه انه أخبره ان ابا سعيد قال له الخ (تخريجه) (خ. نس. جه. لك. فع) (239) عن ابي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الرزاق ابن همام ثنا معمر عن همام بن منيه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نودي الخ (غريبة) (2) انما يدبر الشيطان لعظم أمر الأذان لما اشتمل عليه من قواعد التوحيد واظهار شعائر الإسلام وإعلانه وقيل ليأسه من وسوسة الانسان عند الاعلان بالتوحيد (وقوله ضراط) بضم الضاد المعجمة وهو ريح له صوت يخرج من دير الانسان وغيره ثم هو يحتمل أن يكون باقيا على ظاهره لأن الشيطان جسم يأكل ويشرب كما جاء في الاخبار فصح منه خروج الريح ويحتمل أن يكون على سبيل التمثيل فيكون النبي صلى الله عليه وسلم شبه حال الشيطان عند هروبه من سماع الأذان بحال من حزبه امر عظيم فلم يزل يحصل له الضراط من شدة ما هو فيه لأن الواقع في شدة من خوف وغيره تسترخي مفاصله ولا يملك نفسه فينفتح مخرجه (3) المراد بالتثويب الإقامة واصله من ثاب إذا رجع ومقيم الصلاة راجع إلى الدعاء اليها فان الأذان دعاء إلى الصلاة والإقامة دعاء اليها (4) هو بضم الطاء وكسرها حكاهما القاضي عياض في المشارق قال ضبطناه عن المتقنين بالكسر وسمعناه من أكثر الرواه بالضم قال والكسر هو الوجه ومعناه يوسوس وهو من قولهم خطر الفحل

بين المرء ونفسه فيقول له أذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر من قبل حتى يظل الرجل إن (1) يدري كيف يصلي (وعنه من طريق ثان) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سمع الشيطان المنادي ينادي بالصلاة ولي وله ضراط حتى لا يسمع الصوت فإذا فرغ رجع فوسوس فإذا أخذ في الإقامة فعل مثل ذلك. (240) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن هرب الشيطان حتى يكون بالروحاء وهي من المدينة ثلاثون ميلا (241) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة

_ بذنبه إذا حركه فضرب به فخذيه وأما بالضم فمن السلوك والمرور أي يدنو منه فيمر بينه وبين قلبه فيشغله عما هو فيه وبهذا فسره الشارحون للموطأ وبالاول فسره الخليل قاله النووي م (1) ان بمعنى ما كما في رواية عند مسلم قال النووي رحمه الله هذا هو المشهور في قوله ان يدري انه بكسر همزة ان قال القاضي عياض وروي بفتحها قال وهي رواية ابن عبد البر وادعى انها رواية اكثرهم وكذا ضبطه الاصيلي في كتاب البخاري والصحيح الكسر م (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا معاوية بن عمر وقال ثنا زائدة ثنا سليمان الاعمش عن ابي صالح عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليع وسلم الخ (تخريجه) (ق. لك. نس. هق) (240) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا أبو معاوية ثنا الاعمش عن أبي سفيان عن جابر الخ (تجريبه) (م. هق) (241) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي سفيان عن زيد العمى عن أبي إياس يعني معاوية بن قرة عن أنس بن مالك (الحديث) (تخريجه) (د. نس. حزحب. مذ) وحسنه

(242) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا ثوب (1) بالصلاة فتحت أبواب السماء واستجيب الدعاء (4) باب بدء الأذان ورؤيا عبد الله بن زيد وسبب مشروعية التثويب في الفجر (243) عن نافع أن ابن عمر كان يقول كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة (2) وليس ينادي بها أحد فتكلموا يوماً في ذلك فقال

_ (242) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا حسن ثنا ابن طيعة ثنا ابو الزبير عن جابر الخ (غريبة) (1) المراد بالتثويب هنا الإقامة وقد مر الكلام عليه في شرح حديث ابي هريرة المتقدم في الباب (تخريجه) الحديث لم أقف عليه وفي إسناده ابن طيعة وله شواهد (منها) مارواه الامام مالك في الموطأ وابن حبان في صحيحه عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ساعتان تفتح لهما أبواب السماء وقل داع ترد عليه دعوته عند حضرة النداء للصلاة والصق في سبيل الله) ومنها حديث أنس المتقدم (ومنها) ما أخرجه مسلم والامام احمد والنسائي وابن ماجة والترمذي وحسنة وصححه اليعمري من حديث سعد بن أبي وقاص مرفوعا وسيأتي في "باب ما يقول المستمع عند سماع الأذان" الخ ومنها ما أخرجه) ابو داود والترمذي من حديث ام سلمة قالت علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول عند إذان المغرب "اللهم ان هذا اقبال ليلك وادبار نهارك واصوات دعاتك فاغفر لي" وقد عين صلى الله عليه وسلم ما يدعى به لما قال "الدعاء بين الأذان والإقامة لا يرد) قالوا فما نقول يارسول الله "قال سلوا الله العفو والعافية في الدنيا والآخرة " قال ابن القيم هو حديث صحيح وفي المقام أدعية غير هذه (الأحكام) في أحاديث الباب دليل على استحباب رفع الصوت بالأذان لكونه سببا للمغفرة وشهادة الموجودات ولأنه أمر بالمجيء إلى الصلاة ,فكل ما كان ادعى لاسماع المأمورين بذلك كان أولى (وفيها) ما يدل على فضل الأذان الإقامة وهروب الشيطان عند سماعهما وتقدم الكلام على ذلك (وفيها) استجابة الدعاء بين الأذان والإقامة وهو مقيد بما لم يكن فيه اثم أو قطيعة رحم كما في الأحاديث الصحيحة وقد ورد تعيين أدعية تقال حال الأذان وبعده وبين الأذان والإقامة منها ما سلف (ومنها) ما سيأتي في كتاب الأذكار والدعوات ان شاء الله تعإلى والله الموفق (243) عن نافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرازق وابن بكر المعنى قالا أنا ابن جريج اخبرني نافع ان ابن عمر الخ (غريبة) (2) أي يقدرون حينها ليأتوا اليها فيه والحين الوقت من الزمان

بعضهم اتخذوا ناقوسا (1) مثل ناقوس النصاري وقال بعضهم بل قرنا (2) مثل قرن اليهود فقال عمر أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال قم فناد (3) بالصلاة. (244) عن عبد الله بن زيد (بن عبد ربه) قال لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناقوس ليضرب به للناس في الجمع للصلاة (وفي رواية وهو كاره لموافقته النصارى) طاف بي (4) وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت له يا عبد الله أتبيع الناقوس؟ قال ما تصنع به؟، قال: فقلت ندعوا به إلى الصلاة، قال أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك؟ قال: فقلت له بلى، قال: تقول الله أكبر الله أكبر

_ (1) الناقوس خشبة طويلة تضرب بخشبة أصغر منها والنصارى يعلمون بها أوقات الصلاة (2) أي ينفخ فيخرج منه صوت يكون علامة للأوقات كما كانت تفعل اليهود وهذا هو الذي يسمى بوقا بضم الباء وكان ذلك في الزمن الغابر ما الان فقد اتخذوا الاجراس بدل البوق والناقوس (3) كان اللفظ الذي ينادي به للصلاة قوله الصلاة جامعة كما أخرجه ابن سعد في الطبقات من مراسيل سعيد بن المسيب (تخريجه) (ق. نس. مذ) وقال حسن صحيح ووقع لابن ماجة من وجه أخر عن ابن عمر ان النبي صلى الله عليه وسلم استشار الناس فيما يجمعهم إلى الصلاة فذكروا البوق فكرهه من أجل اليهود ثم ذكروا الناقوس فكرهه من أجل النصارى والظاهر ان اشارة عمر رضي الله عنه بارسال رجل ينادي للصلاة كانت عقب المشاورة فيما يفعلونه وان رؤيا عبد الله بن زيد كانت بعد ذلك لان ما في قصة رؤيا عبد الله بن زيد بلفظ فسمع بذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه صريح في ان عمر لم يكن حاضرا عند قصة رؤيا عبد الله (244) عن عبد الله بن زيد (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا يعقوب قال حدثني ابي عن محمد بن اسحق قال حدثني محمد بن ابراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه قال حدثني عبد الله بن زيد قال لما امر الخ (4) أي ألم بي طائف حال

الله اكبر الله اكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمد رسول الله أشهد أن محمد رسول الله حي (1) على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله اكبر الله اكبر لا إله إلا الله ثم استأخر غير بعيد ثم قال تقول إذا أقيمت الصلاة الله اكبر الله اكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما رأيت فقال إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به قال فسمع بذلك عمر بن الخطاب وهو في بيته فخرج يجر رداءه يقول والذي بعثك بالحق لقد رأيت مثل الذي أرى قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فالله الحمد (وعنه من طريق ثان بنحوه) (3) وزاد ثم أمر بالتأذين فكان

_ النوم يقال طاف به الخيال طوفا ألم به في النوم (1) اسم فعل أمر أمر مبني على فتح الياء التحتية المشددة معناه اقبلوا اليها وهلموا إلى الفوز والنجاة وفتحت الياء لسكونها وسكون الياء السابقة المدغمة (2) أي ارفع وقيل أحسن وأعذب (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال أنا أبي عن ابن اسحاق قال وذكر محمد بن مسلم الزهري عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن زيد بن عبد ربه "الحديث" (تخريجه) أخرج الطريق الاول منه (جه خز حب هق) قال محمد بن يحي الذهلي ليس في أخبار عبد الله بن زيد أصح من حديث محمد بن اسحاق عن محمد بن ابراهيم التيمي يعني هذا لأن محمدا قد سمع من أبيه عبد الله بن زيد وقال ابن خزيمة في صحيحه هذا حديث صحيح ثابت من جهة النقل لأن محمدا سمع من أبيه وابن إسحاق س مع من التيمي وليس هذا مما دلسه وقد صحح هذه الطريقة البخاري فيما حكاه الترمذي في العلل عنه وأخرج الطريق الثانية منه الحاكم وقال هذه أمثل الروايات في قصة عبد الله بن زيد لأن سعيد بن المسيب قد سمع من عبد الله بن

بلال مولى أبي بكر يؤذن بذلك ويدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة قال فجاءه فدعاه ذات غداة إلى الفجر فقيل له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم قال فصرخ بلال بأعلى صوته الصلاة خير من النوم قال سعيد بن المسيب فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر [(245) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال جاء رجل من الأنصار إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني رأيت في النوم كأني مستيقظ أرى رجلا نزل من السماء عليه بردان أخضران نزل على جذم (1) حائط من المدينة فأذن مثنى مثنى ثم جلس، فقال نعم ما رأيت، علمها بلالاً، قال عمر قد رأيت مثل ذلك ولكنه سبقني. (246) عن بلال رضي الله عنه قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أثوب (2) في شيء من الصلاة إلا في صلاة الفجر وقال أبو أحمد (أحد الرواة) في حديثه

_ زيد ورواه يونس ومعمر وشعيب وابن إسحاق عن الزهري، ومتابعة هؤلاء لمحمد بن إسحاق عن الزهري ترفع احتمال التدليس الذي تحتمله عنعنة ابن إسحاق اهـ (245) عن معاذ بن جبل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر أنبأنا ابو بكر يعني ابن عياش عن الاعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن ابي ليلى عن معاذ بن جبل (غريبة) (1) الجذم بكسر الجيم وسكون الذال الأصل اراد بقية حائط أو قطعة من حائط (نه) (تخريجه) (قط هق) وسنده جيد (246) عن بلال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن الربيع وأبو أحمد قالا ثنا اسرائيل قال أبو أحمد في حديثه ثنا الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بلال الخ (غريبه) (2) الأصل في التثويب أن يجيء الرجل مستصرخا فيلوح بثوبه ليرى ويشهر فسمى الدعاء تثويبا لذلك وكل داع مثوب وقيل انما سمى تثويبا من ثاب يثوب إذا رجع فهو رجوع إلى الأمر بالمبادرة إلى الصلاة وان المؤذن إ ذا قال حي على الصلاة فقد دعاهم اليها وإذا رجع فهو رجوع إلى الآمر بالمبادرة إلى الصلاة وان المؤذن إذا قال حي على الصلاة فقد دعاهم اليها وإذا قال بعدها الصلاة خير من النوم فقد رجع إلى كلام معناه

قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذنت فلا تثوب (ومن طريق ثان) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو قطن قال ذكر رجل لشعبة الحكم عن ابن أبي ليلى عن بلال قال فأمرني أن أثوب في الفجر ونهاني عن العشاء فقال شعبة والله ماذكر ابن ابي ليلى ولا ذكر إلا إسنادا ضعيفا قال أظن شعبة قال كنت أراه رواه عن عمران بن مسلم.

_ المبادرة اليها ومنه حديث بلال قال "أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لا أثوب في شيء من الصلاة الا في صلاة الفجر" وهو قوله الصلاة خير من النوم مرتين (نه) (تخريجه) (جه مذ) وفيه انقطاع بين ابن أبي ليلى وبلال لأن ابن أبي ليلى ولد سنه سبع عشرة ووفاة بلال كانت سنه عشرين أو احدى وعشرين بالشام وكان مرابطا بها قبل ذلك من أوائل فتوحها فهو شامي وابن أبي ليلى كوفي فكيف يسمع منه مع حداثة السن وتباعد الديار لكن له شواهد تعضده (منها) ما رواه أبو داود في بعض طرقه عن أبي محذورة وصححه ابن غزيمة من طريق ابن جريج (ومنها) ما رواه النسائي من وجه أخر وصححه أيضا ابن خزيمة ومنها ما رواه الامام أحمد من حديث ابي محذورة أيضا وسيأتي في الباب التالي وروي التثويب أيضا الطبراني والبيهقي بإسناد حسن عن ابن عمر بلفظ "كان الأذان بعد حي على الفلاح "الصلاة خير من النوم مرتين" قال اليعمري وهذا اسناد صحيح وروي ابن خزيمة والدار قطى والبيهقي عن أنس أنه قال من السنة إذا قال المؤذن في الفجر "حي على الفلاح قال الصلاة خير من النوم" قال ابن سيد الناس وهو اسناد صحيح والله أعلم (الأحكام) حديث ابن عمر فيه أول بدء الأذان (وفيه) منقبة عظيمة لعمر بن الخطاب رضي الله عنه لأنه الذي أشار بالنداء إلى الصلاة ولاصابته الصواب في ذلك وان كان بغير اللفظ المشروع (وفيه) التشاور في الامور لاسيما المهمة وذلك مستحب في حق الأمة بإجماع العلماء وفيه انه ينبغي للمتشاورين أن يقول كل منهم ما عنده ثم صاحب الأمر يفعل ما ظهرت له فيه المصلحة (وحديث عبد الله ابن زيد) "وهو عمدة أحاديث الباب" فيه سبب مشروعية الأذان والإقامة والتثويب في الفجر بالألفاظ المخصوصة (وفيه تربيع التكبير) واليه ذهب الأئمة أبو حنيفة والشافعي واحمد وجمهور العلماء كما قال النووي واحتجوا بهذا الحديث وبان التربيع عمل أهل مكة

وهي مجمع المسلمين في المواصم وغيرها ولم ينكر ذلك أحد من الصحابة وغيرهم وفيه أيضا ذكر الشهادتين مثنى مثنى وقد اختلف الناس في ذ لك فذهب ابو حنيفة والكوفيون والهادوية والناصرية إلى عدم استحباب الترجيع تمسكا بظاهر الحديث والترجيع هو العود إلى الشهادتين مرتين مرتين برفع الصوت بعد قولها مرتين مرتين بخفض الصوت ذكر ذلك النووي في طرح مسلم وذهب الشافعي ومالك واحمد وجمهور العلماء كما قال النووي إلى ان الترجيع في الأذان ثابت لحديث ابي محذورة الاتي في الباب التالي وهو حديث صحيح مش تمل على زيادة غير منافية فيجب قبولها وهو أيضا متأخر عن حديث عبد الله بن زيد قال النووي في شرح مسلم إن حديث ابي محذورة سنة ثمان من الهجرة بعد حنين وحديث عبد الله ابن زيد في أول الامر ويرجحه أيضا عمل أهل مكة والمدينة به قال وقد ذهب جماعة من المحدثين وغيرهم إلى التخيير بين فعل الترجيع وتركه اهـ وفيه أيضا التثويب في صلاة الفجر لقول سعيد بن المصيب فأدخلت هذه الكلمة في التأذين إلى صلاة الفجر يعني قول بلال "الصلاة خير من النوم" وقد ذهب إلى القول بشرعية التثويب عمر بن الخطاب وابنه وأنس والحسن البصري وابن سيرين والزهري ومالك والنووي واحمد واسحاق وأبو ثور وداود وأصحاب الشافعي وهو راي الشافعي في القديم ومكروه عنده في الجديد وهو مروى عن أبي حنيفة واختلفوا في محله فالمشهور أنه في صلاة الصبح فقط وعن النخعي وابي يوسف انه سنة في كل الصلوات وحكى القاضي ابو الطيب عن الحصن بن صالح انه يستحب في إذان العشاء وروي عن الشعبي وغيره انه يستحب في العشاء والفجر والأحاديث لم ترد باثباته الا في صلاة الصبح لا في غيرها فالواجب الاقتصار على ذك والجزم بان فعله في غيرها بدعة كما صرح بذلك ابن عمر وغيره افاده الشوكاني وفيه أيضا دليل على استحباب اتخاذ مؤذن حسن الصوت لقوله صلى الله عليه وسلم "فانه اندى صوتا منك" قال النووي قيل معناه أرفع صوتا وقيل أطيب فيؤخذ منه كون المؤذن رفيع الصوت وحسنه وهذا متفق عليه قال اصحابنا فلو وجدنا مؤذنا حسن الصوت يطلب على أدانة رزقا واخر يتبرع بالأذان لكنه غير حسن الصوت فايهما يؤخذ؟ فيه وجهان اصحهما يرزق حسن الصوت وهو قول شريح والله اعلم وذكر العلماء في حكمة الأذان اربعة اشساء اظهار شعائر الاسلام وكلمة التوحيد والاعلام بدخول وقت الصلاة وبمكانها والدعاء إلى الجماعة والله اعلم أهـ وحديث معاذ يدل على تثنية الأذان والإقامة وسيأتي الكلام على ذلك في الباب التالي وحديث بلال يدل على التثويب في الفجر وتقدم الكلام عليه.

(5) باب صفة الأذان والإقامة وعدد كلمتهما وقصة أبي محذورة [(247) عن عبد العزيز بن عبد الملك بن أبي محذورة أن عبد الله بن محيريز أخبره وكان يتيما في حجر أبي محذورة حين جهزه إلى الشام قال فقلت لأبي محذورة يا عم إني خارج إلى الشام وأخشى أن أسأل عن تأذينك فأخبرني أن أبا محذورة قال له نعم، خرجت في نفر (وفي رواية في عشرة فتيان) فكنا ببعض طريق حنين فقفل (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم من حنين فلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض الطريق فأذن مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعنا صوت المؤذن ونحن متنكبون (2) فصرخنا نحكيه ونستهزيء به فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصوت فأرسل إلينا إلى أن وقفنا بين يديه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيكم الذي سمعت صوته قد ارتفع؟ فأشار القوم كلهم إلي وصدقوا، فأرسل كلهم وحبسني، فقال قم فأذن بالصلاة فقمت ولا شيء أكره إلي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مما يأمرني به، فقمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم التأذين هو نفسه فقال: قل الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، ثم قال لي ارجع فامدد من صوتك (3) ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن لا إله إلا الله، أشهد أن محمداً رسول الله، أشهد أن محمداً رسول الله، حي على الصلاة، حي على الصلاة، حي على الفلاح

_ (247) عن عبد العزيز بن عبد الملك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح بن عبادة ثنا ابن جريج ومحمد بن بكر انا ابن جريج قال اخبرني عبد العزيز بن عبد الملك الخ (غريبة) (1) أي رجع من غزوة حنين (2) يقال نسكب عن الطريق إذا عدل عنه وتنكب أي تنحى واعرض والمعنى انهم عدلوا عن الطريق التي بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذوا يصرخون بالأذان كما يفعل مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم استهزاء به لانهم كانوا كفارا (3) أي ارفع صوتك اكثر من المرة الاولى وهذا هوا المسمى بالترجيع في الأذان

حي على الفلاح الله اكبر الله اكبر لا اله الا الله ثم دعاني حين قضيت التأذين فأعطاني صرة فيها شيء من الفضة (1) ثم وضع يده على ناصية أبي محذورة ثم أمرها على وجهه مرتين ثم مرتين على يديه ثم على كبده ثم بلغت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم سرة أبي محذورة (2) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بارك الله فيك فقلن يارسول الله مر بي بالتأذين بمكة فقال قد أمرتك به وذهب كل شيء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كراهية وعاد ذلك محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقدمت على عتاب بن اسيد عامل رسول الله صلى عليه وسلم بمكة فأذنت معه بالصلاة عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر بي ذلك من ادركت من أهلي ممن أدرك أبا محذورة على نحو ما أخبرني عبد الله بن محيريز

_ (1) استدل به ابن حبان على الرخصة في أخذ الاجرة وعارض به الحديث الوارد في النهي عن ذلك قال ابن سيد الناس ولا جليل فيه لوجهين الاول حديث ابي محذورة هذا متقدم قبل اسلام عثمان بن ابي العاص الراوي لحديث النهي فحديث عثمان متاخر بيقين الثاني انها واقعة يتطرق اليها الاحتمال بل اقرب الاحتمالات فيها ان يكون من باب التأليف لحداثة عمدة بالاسلام كما أعطى حينئذ غيره من المؤلفة قلوبهم ووقائع الاحوال إذا تطرق اليها الاحتمال سلبها الاستدلال لما يبقى فيها من الاجمال قلت هذا حسن ويمكن الجمع بان يحمل حديث النهى على من اشترط على إذانه اجرا ويحمل حديث الباب على من إذان محتسبا واتاه شيء من عند الله بدون مسألة فله أخذه ولا يعد اجرا والله اعلم (2) لعله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مع أبي محذورة ليزول ما عنده من الكراهة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وليحفظ ما يلقى اليه وقد كان ذلك ببركته صلى الله عليه وسلم ومعجزته فقد صرح به ابو محذورة فقال وذهب كل شيء كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كراهية وعاد ذلك محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم (فائدة) اسم ابي محذورة أوس بن معير بكسر الميم وسكون العين المهملة ابن لوذان بن سعد بن جمح قال الزبير بن بكار من قال غير هذا فقد أخطأ أهـ روي عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنه ابنه عبد الملك وعبد الله بن محيريز ومحمد بن يزيد النخعي وغيرهم ولاه النبي صلى الله عليه وسلم الأذان يوم الفتح وكان أحسن الناس إذانا وانداهم صوتا وقد اخرج الدارمي وابو الشيخ بإسناد متصل بابي محذورة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بنحو عشرين

(248) عن السائب مولى أبي محذورة وأم عبد الملك بن أبي محذورة أنهما سمعا من أبي محذورة فذكر نحو الحديث المتقدم مختصراً وفيه ذكر التكبير الأول أربعاً وزاد فيه قوله صلى الله عليه وسلم وإذا أذنت بالأول (1) من الصبح فقل الصلاة خير من النوم، الصلاة خير من النوم، وإذا أقمت فقلها مرتين قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة، أسمعت؟ قال وكان أبو محذورة لا يجز ناصيته ولا يفرقها لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح عليها (249) عن أبي محذورة رضي الله عنه قال كنت أؤذن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح فإذا قلت حي على الفلاح قلت الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الأذان الأول (250) وعنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة

_ رجلا فأذنوا فأعجبه صوت أبي محذورة فعلمه الأذان وأخرجه أيضا ابن حبان من طريق اخرى ورواه ابن خزيمة في صحيحه قال الزبير بن بكار كان أبو محذورة أحسن حسن الناس صوتا وإذانا ولبعض شعراء قريش في إذان أبي محذورة أما ورب الكعبة المستورة, وما تلا محمد من سورة , والنغمات من أبي محذورة , لافعلن فعلة مذكورة (تخريجه) (د. نس. حب. جه. هق) ورجالة عند الامام احمد كلهم من رجال الصحيحين الا عبد العزيز بن عبد الملك وقد أخرج له الاربعة وقال فيه الحافظ في التقريب صدوق (248) عن السائب مولى ابى محذورة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الرزاق اخبرني ابن جريج حدثني عثمان بن السائب مولاهم عن أبيه السائب مولى أبي محذورة الخ (غريبة) (1) أي بالأذان الاول (تخريجه) (د. هق. قط والطحاوي) وسنده جيد (249) عن أبي محذورة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي سفيان عن أبي جعفر قال عبد الرحمن ليس هو الفراء عن أبي سليمان عن أبي محذورة (الحديث) (تخريجه) (نس. هق) وسنده جيد (250) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا همام ثنا عامر الاحول حدثني مكحول ان عبد الله بن محيريز حدثه أن أبا محذورة حدثه أن رسول

(276) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلعات (1) اليمن فقام بلال ينادي فلما سكت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال مثل ما قال هذا يقيناً دخل الجنة. (277) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن. (278) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة (2) والصلاة القائمة آتِ

_ (276) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف وقال عبد الله وسمعته أنا من هارون قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن بكير بن الأشج حدثه أن علي بن خالد الدؤلي حدثه أن النضر بن سفيان الدؤلي حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) التلعات بفتحات جمع تلعة كسجدة وسجدات ويجمع أيضا على تلاع مثل قلعة وقلاع والتلعة مجرى الماء من أعلى الوادي, والتلعة أيضا ما انهبط من الأرض, فهي من الأضداد , والمعنى كنا بهذه الأماكن من بلاد اليمن (تخريجه) (نس. جه. ك) وقال صحيح الإسناد (277) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن مالك وثنا عبد الرحمن ثنا مالك عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخ (تخريجه) (ق. هق. والإمامان والأربعة) (278) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ابن عياش ثنا شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر الخ (غريبه) (2) المراد بها دعوة التوحيد لقوله تعالى (له دعوة الحق) وقيل لدعوة التوحيد تامة لأنه لا يدخلها تغيير ولا تبديل بل هي باقية إلى يوم القيامة , وقال ابن التين وصفت بالتامة لأن فيها أتم القول وهو لا إله إلا الله اهـ (والوسيلة) فسرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث عبد الله بن عمرو , ولا قول لأحد بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي المنزلة العلية في الجنة فيتعين المصير إلى ذلك «والفضيلة» أي المرتبة الزائدة على سائر الخلائق ويحتمل أن تكون تفسيرا للوسيلة (وقوله مقاماً محمود) أي يحمد القائم فيه وهو يطلق على كل ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات ونصبه على الظرفية أي ابعثه يوم القيامة فأقمه مقاما محمودا أو ضمن ابعثه معنى أقمه , أو على أنه مفعول به ومعنى ابعثه أعطه , ويجوز أن يكون حالا.

إلا الله, أشهد أن محمدا رسول الله, أشهد أن محمدا رسول الله, مرتين تخفض بها صوتك ثم ترفع صوتك أشهد أن لا إله إلا الله مرتين أشهد أن محمدا رسول الله مرتين حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح مرتين فإن كان صلاة الصبح قلت الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله (زاد في رواية) قال والإقامة مثنى مثنى لا يرجع. (252) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة سمعت أبا جعفر يعني المؤذن (1) يحدث عن مسلم أبي المثنى (2) يحدث عن ابن عمر قال إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين وقال حجاج يعني مرتين مرتين (3) والإقامة مرة غير أنه يقول قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة وكنا إذا سمعنا الإقامة توضأنا ثم خرجنا إلى الصلاة (4) قال شعبة لا أحفظ غير هذا (5).

_ (252) حدثنا عبد الله الخ (غريبه) (1) هو محمد بن إبراهيم بن مسلم بن مهران ابن المثنى القرشي مولاهم ويقال البصري, قال ابن معين والدارقطني لا بأس به, وقال الحافظ في التقريب صدوق يخطئ وقال ابن عدي ليس له من الحديث إلا اليسير, روى له الأربعة إلا ابن ماجه (2) هو ابن المثنى ويقال ابن مهران بن المثنى الكوفي المؤذن وثقه أبو زرعة وابن حبان, روى له مسلم وأبو داود والنسائي (3) لم يذكر الترجيع في هذا الحديث وتقدم ذكره في روايات أخرى صحيحة (4) الظاهر من هذا أن بعضهم كان يؤخر الخروج إلى الصلاة في بعض الأحيان إلى حين الإقامة اعتماداً على تطويل قراءة النبي صلى الله عليه وسلم (5) رواية أبي داود قال شعبة لم أسمع من أبي جعفر غير هذا الحديث, ولعله يريد أن أبا جعفر كان قليل الرواية والله أعلم (تخريجه) (د. نس. فع. قط. ك. هق. خز. والدارمي وأبو عوانة والطحاوي) وقال اليعمري في شرح الترمذي إن حديث ابن عمر إسناده صحيح.

(253) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أمر (1) بلال أن يشفع الأذان (2) ويوتر الإقامة (ومن طريق ثانٍ) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا خالد عن أبي قلابة قال أنس أمر بلالٌ أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة فحدثت به أيوب فقال إلا الإقامة. (254) عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه (أبي جحيفة رضي الله عنه) قال رأيت بلالاً يؤذن ويدور وأتتبع فاه (3) هاهنا وهاهنا (زاد في رواية يعني يميناً وشمالاً وإصبعاه في أذنيه (4).

_ (253) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس الخ (غريبه) (1) هو بضم الهمزة وكسر الميم أي أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم قال النووي رحمه الله هذا هو الصواب الذي عليه جمهور العلماء من الفقهاء وأصحاب الأصول وجميع المحدثين وشذ بعضهم فقال هذا اللفظ وشبههه موقوف لاحتمال أن يكون الآمر غير رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا خطأ, والصواب أنه مرفوع لأن إطلاق ذلك إنما ينصرف إلى صاحب الأمر والنهي وهو رسول الله صلى الله عليه وسلم, ومثل هذا اللفظ قول الصحابي أمرنا بكذا ونهينا عن كذا أو أمر الناس بكذا ونحوه فكله مرفوع سواء قال الصحابي ذلك في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم أم بعد وفاته والله أعلم اهـ م (2) أي يأتي به مثنى وهذا مجمع عليه اليوم وحكى في افراده خلاف عن بعض السلف, وأما قوله ويوتر الإقامة فمعناه يأتي بها وتراً ولا يثنيها بخلاف الأذان (وقوله) إلا الإقامة معناه إلا لفظ الإقامة وهي قوله قد قامت الصلاة فإنه لا يوترها بل يثنيها قاله النووي م (تخريجه) (ق. الأربعة. فع. هق. قط. والطحاوي) (254) عن عون بن أبي جحيفة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن عون بن أبي جحيفة عن أبيه الخ (غريبه) (3) في لفظ آخر وكنت أتتبع فاه الخ ولم يبين في الحديث وقت التفات المؤذن يميناً وشمالا والظاهر أنه مقيد بوقت الحيعلتين لما في رواية أبي داود «رأيت بلال خرج إلى الأبطح فأذن فلما بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح لوى عنقه يمينا وشمالا ولم يستدر» وقد بوب له ابن خزيمة فقال باب انحراف المؤذن عند قوله «حي على الصلاة حي على الفلاح بفمه لا ببدنه كله» والحكمة في ذلك الاسماع (4) في وضع المؤذن إصبعيه في أذنيه حال الأذان فائدتين ذكرهما العلماء, (الأولى) أن ذلك أرفع لصوته, قال الحافظ وفيه حديث ضعيف من طريق سعد القرظ

(255) عن ابن أبي محذورة عن أبيه أو عن جده قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان لنا ولموالينا, (1) والسقاية لبني هاشم, والحجامة لبني عبد الدار.

_ عن بلال, (والثانية) أنه علامة للمؤذن ليعرف من يراه على بعد أو من كان به صمم أنه يؤذن والله أعلم (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (255) عن ابن أبي محذورة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف ابن الوليد قال ثنا هذيل بن بلال عن ابن أبي محذورة الخ (غريبه) (1) الظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم خصهم بذلك لمزية علمها فيهم وربما كانت حسن الصوت وارتفاعه في الأذان والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه رجل لم يسم (الأحكام) الحديث الأول من أحاديث الباب فيه تثنية التكبير لا تربيعه وإليه ذهبت المالكية وأبو يوسف, ومن أهل البيت زيد بن علي والصادق والهادي والقاسم محتجين به وبما أخرجه مسلم من روايات هذا الحديث عن أبي محذورة وفيه أن الأذان مثنى فقط وبأن التثنية عمل أهل المدينة وهم أعرف بالسنن, وبحديث أمره صلى الله عليه وسلم لبلال بتشفيع الأذان وإيتار الإقامة وهو من أحاديث الباب أيضاً وأخرجه الشيخان وغيرهما (قال الشوكاني رحمه الله) الحق أن روايات التربيع أرجح لاشتمالها على الزيادة وهي مقبولة لعدم منافاتها وصحة مخرجها اهـ (قلت) وفي أحاديث الباب أيضاً ذكر الترجيع والتثويب وقد تقدم الكلام عليهما في الباب السابق (وفيها أيضا) تثنية الإقامة وإفرادها, أما تثنيتها فقد جاءت في حديث أبي محذورة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه الأذان تسع عشرة كلمة وفيه والإقامة مثنى مثنى ثم ذكرها مفصلة وأما إفرادها فقد جاء في حديث أنس «أمر بلال أن يشفع الأذان ويوتر الإقامة إلا الإقامة» وحديث ابن عمر, إنما كان الأذان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين مرتين والإقامة مرة مرة, غير أنه يقول قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الخ (وقد اختلف الناس في ذلك) فذهب الشافعي وأحمد وجمهور العلماء إلى أن ألفاظ الإقامة إحدى عشرة كلمة كلها مفردة إلا التكبير في أولها وآخرها ولفظ قد قامت الصلاة فإنها مثنى مثنى مستدلين بحديث أنس وابن عمر المشار إليهما, قال الخطابي مذهب جمهور العلماء والذي جرى به العمل في الحرمين والحجاز والشام واليمن ومصر والمغرب إلى أقصى بلاد الإسلام أن الإقامة فرادى

قال ومذهب كافة العلماء أنه يكرر قوله قد قامت الصلاة إلا مالكا فإن المشهور عنه أنه لا يكررها (وذهب الشافعي) في قديم قوليه إلى ذلك, قال النووي ولنا قول شاذ أنه يقول في التكبير الأول الله أكبر مرة وفي الأخيرة مرة ويقول قد قامت الصلاة مرة, قال ابن سيد الناس وقد ذهب إلى القول بأن الإقامة إحدى عشرة كلمة عمر بن الخطاب وابنه وأنس والحسن البصري والزهري والأوزاعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور ويحيى بن يحيى وداود وابن المنذر, (وذهبت) الحنفية والهادوية والثوري وابن المبارك وأهل الكوفة إلى أن ألفاظ الإقامة مثل الأذان عندهم مع زيادة قد قامت الصلاة مرتين واستدلوا بما في روايات أبي محذورة عند الإمام أحمد وغيره وبما في رواية من حديث عبد الله بن زيد عند الترمذي وأبي داود بلفظ «كان أذان رسول الله صلى الله عليه وسلم شفعا شفعا في الأذان والإقامة» قال الحافظ وحديث أبي محذورة في تثنية الإقامة مشهور عند النسائي وغيره اهـ وساقه الحازمي في الناسخ والمنسوخ وذكر فيه الإقامة مرتين مرتين وقال هذا حديث حسن على شرط أبي داود والترمذي والنسائي (قلت) وصححه الترمذي وغيره, وهو متأخر عن حديث بلال الذي فيه الأمر بإيتار الإقامة لأنه بعد فتح مكة لأن أبا محذورة من مسلمة الفتح وبلال أمر بإفراد الإقامة أول ما شرع الأذان فيكون ناسخاً, وقد روى أبو الشيخ أن بلالا أذن بمنى ورسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مرتين مرتين وأقام مثل ذلك, إذا عرفت هذا تبين لك أن أحاديث تثنية الإقامة صالحة للاحتجاج بها لما أسلفنا, وأحاديث إفراد الإقامة وإن كانت أصح منها لكثرة طرقها وكونها في الصحيحين لكن أحاديث التثنية مشتملة على الزيادة فالمصير إليها لازم لاسيما مع تأخر تاريخ بعضها كما عرفناك, (وقد ذهب) بعض أهل العلم إلى جواز إفراد الإقامة وتثنيتها, قال أبو عمر بن عبد البر: ذهب أحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه وداود بن علي ومحمد بن جرير إلى إجازة القول بكل ما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك وحملوه على الإباحة والتخيير, قالوا كل ذلك جائز لأنه قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم جميع ذلك وعمل به أصحابه فمن شاء قال الله أكبر أربعا في الأذان, ومن شاء ثنى الإقامة ومن شاء أفردها إلا قوله قد قامت الصلاة فإن ذلك مرتان على كل حال أفاده الشوكاني (قلت) وفي أحاديث الباب أيضا مشروعية التفات المؤذن يمينا وشمالا حال الأذان ووضع أصبعيه في أذنيه وتقدم الكلام على الحكمة في ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم.

(6) باب النهي عن أخذ الأجرة على الأذان (266) عن عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله اجعلني إمام قومي؛ فقال أنت إمامهم, واقتد بأضعفهم, واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً. (7) باب ما يقول المستمع عند سماع الأذان والإقامة وبعد الأذان (267) عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن النبي

_ (266) عن عثمان بن أبي العاص (سنده) حدثنا عبد الله حدثي أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا حماد عن الجريري عن أبي العلاء عن عثمان بن أبي العاص الخ (تخريجه) (الأربعة وغيرهم) وسنده جيد وصححه الحاكم وقال ابن المنذر ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعثمان بن أبي العاص «واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا» وأخرج ابن حبان عن يحيى البكالي قال سمعت رجلا قال لابن عمر إني لأحبك في الله, فقال له ابن عمر إني لأبغضك في الله, فقال سبحان الله, أحبك في الله وتبغضني في الله, قال نعم, إنك تسأل على أذانك أجرا, وروي عن ابن مسعود أنه قال أربع لا يؤخذ عليهن أجر, الأذان, وقراءة القرآن, والمقاسم, والقضاء, ذكره ابن سيد الناس في شرح الترمذي , وروى ابن أبي شيبة عن الضحاك أنه كره أن يأخذ المؤذن على أذانه جعلا ويقول إن أعطي بغير مسئلة فلا بأس , وروى أيضا معاوية بن قرة أنه قال كان يقال لا يؤذن لك إلا محتسب (الأحكام) حديث الباب مع هذه الآثار فيها النهي عن أخذ الأجرة شرطا على الأذان والإقامة, وقد ذهب إلى تحريم ذلك القاسم والهادي والناصر وأبو حنيفة وغيرهم , (وقال مالك) لا بأس بأخذ الأجر على ذلك, وقال الأوزاعي يجاعل عليه ولا يؤاجر (وقال الشافعي) في الأم أحب أن يكون المؤذنون متطوعين , قال وليس للإمام أن يرزقهم وهو يجد من يؤذن متطوعا ممن له أمانة إلا أن يرزقهم من ماله قال ولا أحسب أحد ببلد كثير الأهل يعوزه أن يجد مؤذنا أمينا يؤذن متطوعا , فإن لم يجده فلا بأس أن يرزق مؤذنا , ولا يرزقه إلا من خمس الخمس الفضل , وقد عقد ابن حبان ترجمة على الرخصة في ذلك. وأخرج عن أبي محذورة أنه قال فألقى عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الأذان فأذنت ثم أعطاني حين قضيت التأذين صرة فيها شيء من فضة , وتقدم الكلام على ذلك في أول باب صفة الأذان فارجع إليه (267) عن أبي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر

صلى الله عليه وسلم قال كان إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول حتى إذا بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله. (268) عن عبد الله بن ربيعة السلمي رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فسمع مؤذناً يقول أشهد أن لا إله إلا الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم أشهد أن لا إله إلا الله, قال أشهد أن محمداً رسول الله, قال النبي صلى الله عليه وسلم أشهد أني محمدٌ رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم تجدونه راعي غنم أو عازبا عن أهله فلما هبط الوادي قال مر على سخلة (1) منبوذة فقال أترون هذه هينةً على أهلها؟ للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها. (269) عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع المنادي (2) قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله.

_ وحسين بن محمد قالا ثنا شريك عن عاصم بن عبيد الله عن علي بن حسين عن أبي رافع الخ (تخريجه) (نس) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير وفيه عاصم ابن عبيد الله وهو ضعيف إلا أن مالكا روى عنه اهـ (268) عن عبد الله بن ربيعة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن عبد الله بن ربيعة الخ (غريبه) (1) السخلة تطلق على الذكر والأنثى من أولاد الضأن والمعز ساعة تولد والجمع سخال وتجمع أيضا على سخل مثل تمرة وتمر قاله في المصباح , (وقوله منبوذة) أي متروكة مطروحة على الأرض لا قيمة لها ولا انتفاع بها فهي هينة على أصحابها من غير شك فكذلك الدنيا أهون على الله من هذه السخلة على أصحابها (تخريجه) (نس) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح. (269) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال حدثني عمرو بن ميمون بن مهران قال أخبرني أبي قال قالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أي المؤذن يؤذن (قال) أي النبي صلى الله عليه وسلم

(270) عن أم حبيبة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا سمع المؤذن يؤذن قال كما يقول حتى يسكت. (271) ز عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال كان علي بن أبي طالب رضي الله عنه إذا سمع المؤذن يؤذن قال كما يقول, فإذا قال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله, قال عليٌ رضي الله عنه أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله, وأن الذين جحدوا محمداً هم الكاذبون. (272) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يسمع المؤذن وأنا أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك

_ أشهد أن لا إله إلا الله الخ, واختلف في أنه هل كان صلى الله عليه وسلم يتشهد مثلنا؟ أو يقول أني رسول الله , وهذا الحديث يرفع الخلاف ويدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول أشهد أن محمدا رسول الله كما نقول (تخريجه) (هق. حب. ك) وصححه (270) عن أم حبيبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن أبي بشر عن أبي المليح عن أم حبيبة الخ (تخريجه) (جه. خز. ك) ورجاله ثقات (271) ز عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني محمد بن المنهال أخو حجاج بن منهال ثنا عبد الواحد بن زياد عن عبد الرحمن بن اسحاق حدثني أبو سعيد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الخ (تخريجه) لم أقف على هذا الأثر وهو من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه وأورده الهيثمي وقال رواه عبد الله في زياداته وفيه أبو سعيد عن ابن أبي ليلى ولم أجد من ذكره اهـ (272) عن سعد بن أبي وقاص (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس بن محمد ثنا ليث عن الحكم بن عبد الله بن قيس عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه سعد «الحديث» (تخريجه) (م والأربعة. ك. هق. والطحاوي)

له وأن محمداً عبده ورسوله رضينا بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا غفر له ذنبه. (273) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سمعتم مؤذناً فقولوا مثل ما يقول, ثم صلوا علي فإن من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشراً ثم سلوا لي الوسيلة فإنها منزلةٌ في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو, فمن سأل لي الوسيلة حلت عليه الشفاعة. (274) عن سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الوسيلة درجةٌ عند الله ليس فوقها درجةٌ, فسلوا الله أن يؤتيني الوسيلة. (275) عن عبد الله بن عمرو (ابن العاص) رضي الله عنه أن رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله إن المؤذنين يفضلونا بأذانهم, فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل كما يقولون فإذا انتهيت فسل تعط.

_ (273) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة انا كعب بن علقمة أنه سمع عبد الرحمن بن جبير يقول أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص الخ (تخريجه) (م والثلاثة وغيرهم) (274) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود عن ابن لهيعة عن موسى بن وردان قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه وأورده السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للإمام أحمد فقط ورمز له بالصحة (275) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا حيي بن عبد الله أن أبا عبد الرحمن الحبلي حدثه عن عبد الله بن عمرو أن رجلا الخ (تخريجه) (د. حب. نس) في عمل اليوم والليلة وفي إسناده ابن لهيعة ووجود هذا الحديث في صحيح ابن حبان يدل على صحته والله أعلم.

(276) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلعات (1) اليمن فقام بلال ينادي فلما سكت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال مثل ما قال هذا يقيناً دخل الجنة. (277) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن. (278) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يسمع النداء اللهم رب هذه الدعوة التامة (2) والصلاة القائمة آتِ

_ (276) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف وقال عبد الله وسمعته أنا من هارون قال حدثنا عبد الله بن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن بكير بن الأشج حدثه أن علي بن خالد الدؤلي حدثه أن النضر بن سفيان الدؤلي حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) التلعات بفتحات جمع تلعة كسجدة وسجدات ويجمع أيضا على تلاع مثل قلعة وقلاع والتلعة مجرى الماء من أعلى الوادي, والتلعة أيضا ما انهبط من الأرض, فهي من الأضداد , والمعنى كنا بهذه الأماكن من بلاد اليمن (تخريجه) (نس. جه. ك) وقال صحيح الإسناد (277) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن مالك وثنا عبد الرحمن ثنا مالك عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي سعيد الخ (تخريجه) (ق. هق. والإمامان والأربعة) (278) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ابن عياش ثنا شعيب بن أبي حمزة عن محمد بن المنكدر عن جابر الخ (غريبه) (2) المراد بها دعوة التوحيد لقوله تعالى (له دعوة الحق) وقيل لدعوة التوحيد تامة لأنه لا يدخلها تغيير ولا تبديل بل هي باقية إلى يوم القيامة , وقال ابن التين وصفت بالتامة لأن فيها أتم القول وهو لا إله إلا الله اهـ (والوسيلة) فسرها النبي صلى الله عليه وآله وسلم في حديث عبد الله بن عمرو , ولا قول لأحد بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي المنزلة العلية في الجنة فيتعين المصير إلى ذلك «والفضيلة» أي المرتبة الزائدة على سائر الخلائق ويحتمل أن تكون تفسيرا للوسيلة (وقوله مقاماً محمود) أي يحمد القائم فيه وهو يطلق على كل ما يجلب الحمد من أنواع الكرامات ونصبه على الظرفية أي ابعثه يوم القيامة فأقمه مقاما محمودا أو ضمن ابعثه معنى أقمه , أو على أنه مفعول به ومعنى ابعثه أعطه , ويجوز أن يكون حالا.

محَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي أَنْتَ وَعَدْتَهُ إِلَّا حَلَّتْ (1) لَهُ الشَّفَاعَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ (279) وعنه أيضا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال من قال حين ينادي المنادي اللهم رَبِّ هذه الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلاَةِ النَّافِعَةِ صَلِّ على مُحَمَّدٍ وَارْضَ عني (¬1) رِضَاً لاَ تَسْخَطُ بَعْدَهُ اسْتَجَابَ الله له دَعْوَتَهُ (280) خط عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ قَالَ إِنِّي لَعِنْدَ مُعَاوِيَةَ إِذْ أَذَّنَ مُؤَذِّنُهُ فَقَالَ مُعَاوِيَةُ كَمَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ حَتَّى إِذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَلَمَّا قَالَ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ قَالَ لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ وَقَالَ بَعْدَ ذَلِكَ مَا قَالَ الْمُؤَذِّنُ ثُمَّ قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ ذَلِكَ

_ أي أبعثه ذا مقام محمود والتنكير للتفخيم والتعظيم كما قال الطيبي كأنه قال مقاما أي مقام محمود بكل لسان وقد روى بالتعريف عند النسائي وابن حبان والطحاوي والطبراني والبيهقي قاله الشوكاني (1) أي استحق ووجبت أو نزلت عليه ولا يجوز أن تكون من الحل لأنها لم تكن قبل ذلك محرمة فا اللام في قوله << له >> بمعنى على كما في رواية ((حلت عليه الشفاعة)). ((تخريجه)) (خ والأربعة وغيرهم) (279) وعنه أيضا (سنده) - حدثنا عبد اللَّهِ حدثني أبي ثنا حَسَنٌ ثنا ابن لَهِيعَةَ ثنا أبو الزُّبَيْرِ (¬2) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال من قال الخ ((تخريجه)) (طس) وفي إسناده ابن لهيعة وفيه ضعف ولكن أحاديث الباب تعضده (280) <<خط>> عن علقمة بن وقاص < (سنده) > قَالَ عَبْد اللَّهِ وَجَدْتُ هَذَا الْحَدِيثَ فِي كِتَابِ أَبِي بِخَطِّ يَدِهِ قَالَ حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَكْرٍ وَهُوَ البُرْسَانِيُّ قَالَ أَنْبَأَنَا ابْنُ جُرَيْجٍ قَالَ حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ يَحْيَى أَنَّ عِيسَى بْنَ عُمَرَ أَخْبَرَهُ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَلْقَمَةَ بْنِ وَقَّاصٍ الخ < (تخريجه) > (نس) ورواه البيهقي بسنده عن عيسى بن طلحة قال دخلنا على معاوية فنادى المنادى بالصلاة فذكر نحوه وقال رواه البخاري في الصحيح عن معاذ بن فضالة عن هشام مختصرا اهـ ((قلت)) وقد روى مسلم وابو داود وغيرهما نحوه من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر فقال احدكم الله اكبر الله اكبر ثم قال اشهد ان لا إله إلا الله قال اشهد أن لا إله إلا الله ثم قال اشهد أن محمدا رسول الله قال اشهد أن محمدا رسول الله ثم قال حي على الصلاة قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة)

(281) عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتشهد مع المؤذنين (1) (282) عن مُجَمِّعُ بْنُ يَحْيَى الْأَنْصَارِيُّ قَالَ كُنْتُ إِلَى جَنْبِ أَبِي أُمَامَةَ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ مُسْتَقْبِلُ الْمُؤَذِّنِ وَكَبَّرَ الْمُؤَذِّنُ اثْنَتَيْنِ فَكَبَّرَ أَبُو أُمَامَةَ اثْنَتَيْنِ وَشَهِدَ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ اثْنَتَيْنِ فَشَهِدَ أَبُو أُمَامَةَ اثْنَتَيْنِ وَشَهِدَ الْمُؤَذِّنُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ اثْنَتَيْنِ وَشَهِدَ أَبُو أُمَامَةَ اثْنَتَيْنِ ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَيَّ فَقَالَ هَكَذَا حَدَّثَنِي مُعَاوِيَةُ بْنُ أَبِي سُفْيَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

_ (281) عن معاوية (سنده) حدثنا عبد اللَّهِ حدثني أبي ثنا وَكِيعٌ ثنا محمد بن يحيى عن أبي أُمَامَةَ بن سَهْلٍ عن مُعَاوِيَةَ الخ (غريبه) (1) أي يقول اشهد ان محمدا رسول الله كما يقول المؤذن وليس المراد انه كان يقتصر على ذكر الشهادتين فقط بل كان يحكى الاذان جميعه كما يقول حتى في ذكر الشهادتين بدليل ما ثبت في الأحاديث الاخرى (تخريجه) (نس) واسنده أبي أمامة بن سهل قال سمعت معاوية رضي الله عنه يقول سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع المؤذن فقال مثل ما قال وسنده عند الامام احمد والنسائي جيد (282) عن مجمع {سنده} حدثنا عبدالله حدثني ابي ثنا يعلى ويزيد بن هارون قالا ثنا مجمع بن يحيى الخ {تخريجه} رواه (البخاري والنسائي) {الاحكام} احاديث الباب فيها الامر باجابة المؤذن وقول السامع مثل ما يقول من غير فرق بين الترجيح وغيره قال الشوكاني وفيه متمسك لمن قال بوجوب الاجابة لان الامر يقتضيه بحقيقته وقد حكى ذلك الطحاوي عن قوم من السلف وبه قالت الحنفية وأهل الظاهر وابن وهب وذهب الجمهور الى عدم الوجوب اهـ {قلت} وممن ذهب الى عدم الوجوب الأئمة مالك والشافعي واحمد والطحاوي محتجين بما رواه الامام احمد عن ابن مسعود وتقدم في الباب الثاني من ابواب الاذان وما رواه مسلم من حديث أنس أنهم سمعوا مناديا ينادي «الله اكبر الله اكبر فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم على الفطرة فقال اشهد ان لا إله إلا الله فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم خرج من النار فابتدرناه فإذا هو صاحب ماشية ادركته الصلاة فنادى بها» قال الطحاوي فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد سمع المنادي ينادي فقال غير ما قال فدل ذلك على أن قوله «إذا سمعتم المنادي فقولوا مثل الذي يقول» ليس على الإيجاب وانه على الاستحباب

والندب الى الخير واصابة الفضل كما علم الناس في الدعاء الذي أمرهم به أن يقولو الصلوات وما أشبه ذلك اهـ {قلت} ومن حججهم أيضا أن الأذان الذي هو الأصل ليس عند الجمهور فالاجابة لا تكون واجبة وعلى هذا فيستحب لسامع الأذان أن يقول مثل ما يقول المؤذن الا في الحيعلتين فانه يقول لا حول ولا قوة إلا بالله وقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد «إذا سمعتم النداء فقولوا مثل ما يقول المؤذن» عام مخصوص بحديث ابي رافع ان النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا سمع المؤذن قال مثل ما يقول حتى اذا بلغ حي على الصلاة حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله» وتقدم أول الباب وبحديث عمر رضي الله عنه عند مسلم وابي داود والنسائي وتقدم في الكلام على حديث علقمة بن الوقاص (قال النووي في شرح المهذب) قال اصحابنا وانما استحب للمتابع أن يقول مثل المؤذن في غير الحيعلتين ليدل على رضاه به وموافقته في ذلك وأما الحيعلة فدعاء الى الصلاة وهذا لا يليق بغير المؤذن فاستحب للمتابع ذكر آخر فكان لا حول ولا قوة إلا بالله لانه تفويض محض الى الله تعالى وثبت في الصحيحين عن أبي موسى الاشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة» قال اصحابنا ويستحب متابعه لكل سامع من طاهر ومحدث وجنب وحائض وكبير وصغير لانه ذكر وكل هؤلاء من أهل الأهواء من أهل الذكر ويستثنى من هذا المصلي ومن هو على الخلاء والجماع فإذا فرغ من الخلاء والجماع تابعه صرح به صاحب الحاوي وغيره فإذا سمعه وهو في قراءة أو ذكر أو درس أو نحو ذلك قطعه وتابع المؤذن ثم عاد الى ما كان عليه ان شاء وان كان في صلاة فرض أو نفلقال الشافعي والاصحاب لا يتابع عليه في الصلاة فإذا فرغ منها قاله اهـ (قال الشوكاني) في الدرر البهية وقد اختار بعض العلماء الجمع عند الحيعلتين بين المتابع للمؤذن والحوقله وهو جمع حسن وان لم يكن متعينا اهـ {وفي احاديث الباب أيضا} أنه يستحب للسامع أن يقول كل كلمة بعد فراغ المؤذن منها ولا ينتظر فراغه من كل الأذان لحديث عمر المشار إليه سابقا (وفيها) أنه يستحب أن يقول بعد قوله وانا أشهد ان محمدا رسول الله رضينا بالله ربا وبمحمد رسولا وبالإسلام دينا لحديث سعد بن ابي وقاص (وفيها) استحباب الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فراغه من متابعة المؤذن واستحباب سؤال الوسيلة له صلى الله عليه وسلم ويستحب الدعاء بين الإذان والإقامة لحديث أنس المتقدم في الباب الثالث ان النبي صلى الله عليه وسلم قال «الدعاء لا يرد بين الأذان والاقامة» فإذا كان الاذان لصلاة المغرب استحب للسامع أن يقول بعد فراغ وقبل الإقامة «اللهم هذا اقبال ليلك وادبار نهارك وأصوات دعاتك اغفر لي» لان النبي صلى الله عليه وسلم أمر أم سلمة رضي الله عنها أن تقول ذلك رواه أبو داود والترمذي (يستحب) أيضا متابعة المقيم في ألفاظ

(8) باب الأذان في أول الوقت وتقديمه عليه في الفجر خاصة (283) عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قال كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ إِذَا زَالَتْ الشَّمْسُ لَا يَخْرِمُ ثُمَّ لَا يُقِيمُ حَتَّى يَخْرُجَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فَإِذَا خَرَجَ أَقَامَ حِينَ يَرَاهُ (284) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن سليمان (2) عن أبي عثمان (3) عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا يَمْنَعَنَّ أَحَدَكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ مِنْ سَحُورِهِ (4) فَإِنَّهُ إِنَّمَا يُنَادِي أَوْ قَالَ يُؤَذِّنُ لِيَرْجِعَ (5) قَائِمُكُمْ وَيُنَبِّهَ نَائِمَكُمْ لَيْسَ أَنْ يَقُولَ هَكَذَا (6) وَلَكِنْ حَتَّى يَقُولَ هَكَذَا وَضَمَّ ابْنُ أَبِي عَدِيٍّ أَبُو عَمْرٍو أَصَابِعَهُ وَصَوَّبَهَا وَفَتَحَ مَا بَيْنَ أُصْبُعَيْهِ السَّبَّابَتَيْنِ يَعْنِي الْفَجْرَ

_ الإقامة كالأذان إلا أنه يقول عند قوله قد قامة الصلاة أقامها الله وأدامها لما روى عن شهر بن حوشب عن أبي أمامة أو عن بعض أصحاب النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (أن بلالا أخذ في الإقامة فلما أن قال قد قامت الصلاة قال النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أقامها الله وأدامها) وقال في سائر الإقامة بنحو حديث عمر في سائر الأذان رواه أبو داود يعني أنه تابعه في باقي ألفاظ الإقامة كما تابعه في باقي ألفاظ الأذان عدا الحيعلتين فأنه قال لا حول ولا قوة إلا بالله كما تقدم (وفيها) غير ذلك كثير والله أعلم (283) عن جابر بن سمرة {سنده} حدثنا عبدالله حدثني أبي حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ (¬1) عَبْدِ الرَّحْمَنِ حَدَّثَنَا زُهَيْرٌ عَنْ سِمَاكٍ عَنْ جَابِرِ بن سمرة الخ {غريبه} (1) أي لا يترك شيئا من ألفاظه قاله الشوكاني {تخريجه} (م. د. نس) (284) حدثنا عبدالله الخ {غريبه} (2) يعني التيمي (3) يعني النهدي (4) بفتح أوله اسم لما يؤكل في السحر ويجوز الضم وهو اسم للفعل (5) بفتح الياء المثناه من تحت وكسر الجيم المخففة يستعمل هذا لازما ومتعديا يقال رجع زيد ورجعت زيدا ولا يقال في المتعدي بالتثقيل فعلى هذا من رواه بالضم والتثقيل أخطأ فإنه يصير من الترجيع وهو الترديد وليس مرادا هنا وغنما معناه يرد القائم أي المجتهد الى راحته ليقوم الى الصلاة الصبح نشيطا أو يكون له حاجة الى الصيام فيتسحر ويوقظ النائم ليتأهب لها بالغسل ونحوه (ف) (6) رواية البخاري «وليس أن يقول الفجر أو الصبح وقال باصابعه ورفعها الى فوق وطأطا

(285) عَنْ سَالِمٍ عَنْ أَبِيهِ (عبدالله بن عمر رضي الله عنهما) عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بِلَالًا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ (286) وعنه أيضا عَنْ أَبِيهِ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنَّ بِلَالًا يُنَادِي بِلَيْلٍ فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى تَسْمَعُوا تَأْذِينَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ قَالَ وَكَانَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ رَجُلًا أَعْمَى لَا يُبْصِرُ لَا يُؤَذِّنُ حَتَّى يَقُولَ النَّاسُ أَذِّنْ قَدْ أَصْبَحْتَ (287) عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم

_ الى أسفل حتى يقول هكذا» وقال زهير بسبابتيه إحدهما فوق الأخرى ثم مدها عن يمينه وشماله {قلت} وقوله في رواية البخاري وطأطأ إلى أسفل هو معنى قوله في الباب (وصوبها) أي أمالها إلى أسفل قال الحافظ في الفتح (قوله وليس أن يقول الفجر) فيه اطلاق القول على الفعل أي يظهر وكذا قوله وقال باصابعه ورفعها أي أشار وفي رواية الكشميهني باصبعيه ورفعها (وقوله الى فوق) بالضم على البناء وكذا أسفل لنية المضاف إليه دون لفظه نحو لله الامر من قبل ومن بعد (وقوله وقال زهير) أي الراوي وهي أيضا بمعنى اشار وكأنه جمع بين أصبعيه ثم فرقها ليحكى صفة الفجر الصادق لانه يطلع معترضا ثم الأفق ذاهبا يمينا وشمالا بخلاف الفجر الكاذب وهو الذي تسميه العرب ذنب السرحان فانه يظهر في أعلى السماء ثم ينخفض والى ذلك أشار بقوله رفع وطأطأ رأسه وفي رواية الاسماعيلي من طريق عيسى بن يونس عن سليمان فان الفجر ليس هكذا ولا هكذا ولكن الفجر هكذا فكأن أصل الحديث كان بهذا اللفظ مقرونا بالاشارة الدالة على المراد وبهذا أختلف عبارة الرواة وأخصر ما وقع فيها رواية جرير عن سليمان عند مسلم «وليس الفجر المعترض ولكن المستطيل» اهـ {تخريجه} (ق والاربعة إلا الترمذي) (285) عن سالم عن أبيه {سنده} حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا هشام بن ثنا عبدالعزيز يعني ابن عبدالله ابن أبي سلمة أنا ابن شهاب عن سالم عن أبيه الخ {تخريجه} (ق لك نس مذ) (287) عن نافع عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا محمد

مؤذنان (7)

_ ابن بشر ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ {غريبه} (7) يعني بالمدينة وهما بلال وابن أم مكتوم وكان أبو محذورة مؤذنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وسعد القرظ اذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء مرات {تخريجه} (م. وغيره) زاد مسلم في روايته بعد قوله مؤذنان (بلال وابن مكتوم الاعمى) {الأحكام} في احاديث الباب المحافظة على الأذان عند دخول الوقت الظهر بدون تقديم ولا تأخير وهكذا سائر الصلوات إلا صلاة الفجر ففي أحاديث الباب دلالة على جواز الأذان قبل دخول وقتها (وقد ذهب) الى مشروعيته الجمهور وخالف في ذلك الثوري وأبو حنيفة ومحمد والقاسم والناصر وزيد بن علي (قال الترمذي) وقد أختلف أهل العلم في الأذان بالليل فقال بعض أهل العلم إذا أذان المؤذن بالليل أجزأه ولا يعيد وهو قول مالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وإسحاق وقال بعض أهل العلم إذا أذن بالليل أعاد وبه يقول سفيان الثوري وروى حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أن بلالا أذن بليل فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن ينادي إن العبد نام قال الترمذي هذا حديث غير محفوظ والصحيح ما روى عبيد الله بن عمر وغيره عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «ان بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم» اهـ (قال الخطابي) في معالم السنن وذهب بعض أصحاب الحديث الى أن ذلك جائز (يعني الأذان قبل دخول وقت الفجر) إذا كان للمسجد مؤذنان كما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأما إذا لم يؤذن فيه إلا واحد فانه لا يجوز أن يفعله إلا بعد دخول الوقت فيحتمل على هذا لم يكن لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الوقت الذي نهى فيه بلالا الا يؤذن واحدة وهو بلال ثم أجاز حين أقام ابن أم مكتوم مؤذنا لان الحديث في تأذين بلال قبل الفجر ثابت من رواية ابن عمر. اهـ (وقد أختلف) في أي وقت يشرع في ذلك فقيل انه يشرع من وقت السحور ورجحه جماعة من أصحاب الشافعي وقيل انه يشرع من النصف الأخير ورجحه النووي وتأول ما خالفه وقيل يشرع في السبع الأخير في الشتاء وفي الصيف لنصف السبع قاله الجويني وقد ورد ما يشعر بتعيين الوقت الذي كان بلال يؤذن فيه وهو ما رواه الامام أحمد والنسائي والطحاوي من حديث عائشة (سيأتي في الصيام) أنه (لم يكن بين أذان بلال وابن أم مكتوم إلا ان يرتقي هذا وينزل هذا) وكانا يؤذنان في بيت مرتفع كما أخرجه أبو داود فهذه الرواية تقيد اطلاق سائر الروايات {وفي أحاديث الباب أيضا} استحباب اتخاذ مؤذنين للمسجد الواحد يؤذن احدهما قبل طلوع الفجر والآخر عند طلوعه كما كان بلال وابن مكتوم يفعلان (قال النووي) قال أصحابنا فإذا احتاج إلى أكثر من مؤذنين اتخذ ثلاثة وأربعة فأكثر بحسب الحاجة وقد اتخذ عثمان رضي الله عنه أربعة للحاجة عند كثرة الناس اهـ.

(9) باب ما جاء في الأذان للجمعة واليوم المطير (288) عَنِ السَّائِبِ بْنِ يَزِيدَ رضي الله عنه ابْنِ أُخْتِ نَمِرٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَّا مُؤَذِّنٌ وَاحِدٌ (1) فِي الصَّلَوَاتِ كُلِّهَا فِي الْجُمُعَةِ وَغَيْرِهَا يُؤَذِّنُ وَيُقِيمُ قَالَ كَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ إِذَا جَلَسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْمِنْبَرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ وَيُقِيمُ إِذَا نَزَلَ وَلِأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ (2) رَضِيَ اللَّهُ تعالى عَنْهُمَا حَتَّى كَانَ عُثْمَانُ (289) وعنه أيضا قَالَ كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمَا أَذَانَيْنِ (3) حَتَّى كَانَ زَمَنُ عُثْمَانَ فَكَثُرَ النَّاسُ فَأَمَرَ بِالْأَذَانِ الْأَوَّلِ (4) بِالزَّوْرَاءِ (5)

_ (288) عن السائب بن يزيد {سنده} (¬1) حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني قال حدثني محمد بن مسلم بن عبيد الله الزهري عن السائب بن يزيد الخ {غريبه} (1) هذا يعارض ما ثبت في الصحيح من أن الني صلى الله عليه وسلم كان له أكثر من واحد وتقدم في الباب السابق ويجمع بين ذلك بأنه أراد بالمؤذن الواحد يعني الراتب وهو بلال وأما أبو محذورة وسعد القرط فكان كل منهما بمسجده الذي رتب فيه وأما ابن أم مكتوم فلم يرد انه كان يؤذن الا الصبح فقط كما تقدم وأما من فسره بان المراد بقوله مؤذن واحد أي في الجمعة فينا فيه ما في حديث الباب من قوله في الصلوات كلها في الجمعة وغيرها والله أعلم (2) يعني ان الأذان كان في عهد أبي بكر وعمر إذا جلس الامام على المنبر يوم الجمعة وقد جاء ذلك مفسرا في رواية البخاري بسنده عن السائب بن يزيد أيضا قال «كان النداء يوم الجمعة أوله اذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما فلما كان عثمان رضي الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء» {تخريجه} (خ والأربعة وغيرهم) (289) وعنه أيضا {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن السائب بن يزيد قال كان الأذان الخ {غريبه} (3) يريد الأذان والإقامة يعني تغليباء أولا شتراكهما في الأعلام قاله ابن خزيمة (4) أي الذي يفعل الآن اولا في يوم الجمعة (5) بفتح الزاي وسكون الواو بعدها راء ممدودة وقد فسرها البخاري بقوله موضع

(290) عن عمرو بن أوس أَنَّ رَجُلًا مِنْ ثَقِيفٍ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ سَمِعَ مُؤَذِّنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي يَوْمٍ مَطِيرٍ (1) يَقُولُ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ صَلُّوا فِي رِحَالِكُمْ (2)

_ بالسوق بالمدينة وقال ابن بطال هو حجر كبير عند باب المسجد وعند الطبراني «فامر بالنداء الاول على دار له يقال لها الزوراء» {تخريجه} (خ والاربعة وغيرهم) (290) عن عمرو بن أوس {سنده} حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبدالرزاق أخبرني ابن جريج أخبرني عمرو بن دينار أن عمر بن اوس أخبره ان رجلا الخ {غريبه} (1) أي ذا مطر (2) الرحال جمع رحل وهو مسكن الرجل وما فيه من اثاث سواء من حجر ومدر وخشب أو شعر وصوف ووبر وغيرها والظاهر أن قوله صلوا في رحالكم إذن لهم لا إيجاب لذلك فقوله حي على الصلاة نداء بالحضور لمن يريد ذلك فلا منافاة بين مؤداهما وقد جاء في بعض روايات مسلم ان هذه الجملة تقال بعد الشهادتين وعند النسائي بعد الفراغ من الأذان قال النووي وكل ذلك جائز كما نص عليه الشافعي لكن بعده احسن ليتم نظم الأذان نقله عنه الحافظ (ف) {تخريجه} (نس) من هذا الطريق وفي اسناده مبهم ورواه مسلم بسنده عن نافع عن ابن عمر أنه نادى بالصلاة في ليلة ذات برد وريح ومطر فقال في آخر ندائه الا صلوا في رحالكم الا صلوا في رحالكم ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يامر المؤذن إذا كانت ليلة باردة ذات مطر في السفر أن يقول «الا صلوا في رحالكم» رواه البخاري من حديث ابن عباس بنحوه ومالك والبخاري أيضا من حديث عبدالله بن عمر {الأحكام} في أحاديث الباب دليل على أن الأذان المشروع الذي كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر هو ما كان يفعله بلال على باب المسجد والنبي صلى الله عليه وسلم جالس على المنبر كما في رواية الطبراني «ان بلالا كان يؤذن على باب المسجد» وان الأذان الذي يفعل اليوم على المنارة انما احدثه عثمان رضي الله عنه حينما كثر الناس بالمدينة» كما هو مصرح به في رواية وكان امره بذلك بعد مدة من خلافته كما عند أبي نعيم في المستخرج للاعلام بوقت الجمعة قال الحافظ والذي يظهر أن الناس أخذوا بفعل عثمان في جميع البلاد إذ ذاك لكونه كان خليفة مطاع الأمر لكن ذكر الفاكهاني ان أول من أحدث الأذان الاول بمكة الحجاج وبالبصرة زياد قال الحافظ وبلغني أن أهل الغرب الأدنى الآن الآن لا تاذين عندهم سوى مرة وروى ابن ابي شيبة من طريق ابن عمر قال الأذان الأول يوم الجمعة بدعة فيحتمل أن يكون قال ذلك على سبيل الأنكار ويحتمل ان يريد انه لم يكن في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وكل ما لم يكن في

(10) باب في الفصل بين الاذان والإقامة ومن أذن فهو يقيم (291) عن جَابِر بْنَ سَمُرَةَ رضي الله عنهما قال كَانَ مُؤَذِّنُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُؤَذِّنُ ثُمَّ يُمْهِلُ فَلَا يُقِيمُ حَتَّى إِذَا رَأَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ خَرَجَ أَقَامَ الصَّلَاةَ حِينَ يَرَاهُ (292) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي قَتَادَةَ عَنْ أَبِيهِ (رضي الله عنه) قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ (وفي رواية إذا أقيمت الصلاة) فَلَا تَقُومُوا حَتَّى تَرَوْنِي

_ زمنه يسمى بدعة وتبين بما مضى أن عثمان أحدثه لإعلام الناس بدخول وقت الصلاة قياسا على بقية الصلوات والحق الجمعة بها خصوصيتها بالأذان بين يدي الخطيب وأما ما احدث الناس قبل الجمعة من الدعاء اليها بالذكر والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فهو في بعض البلاد دون بعض واتباع السلف الصالح أولى كذا في الفتح اهـ {وفي أحاديث الباب} أيضا مشروعية الأذان في السفر وادخال جملة صلوا في رحالكم في الأذان في اليوم المطير واستنبط منه بعضهم جواز الكلام في الأذان ومنهم البخاري ولذا ترجم له في صحيحه بقوله (باب الكلام في الأذان وتكلم سليمان بن صرد في اذانه وقال الحسن لا بأس أن يضحك وهو يؤذن أو يقيم) هكذا ترجم البخاري وحى ابن المنذر الجواز مطلقا عن عروة وعطاء والحسن وقتادة وبه قال احمد وعن النخعي وابن سيرين والأوزاعي الكراهة وعن الثوري المنع وعن أبي حنيفة وصاحبيه أنه خلاف الأولى وعليه يدل كلام مالك والشافعي وعن اسحاق ابن راهويه يكره الا ان كان فيما يتعلق بالصلاة واختاره ابن المنذر افاده الحافظ (ف) (291) عن جابر بن سمره) {سنده} حدثنا عبدالله حدثني ابي ثنا عبدالرزاق انا اسرائيل قال أخبرني سماك انه سمع جابر بن سمرة يقول كان مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {تخريجه} (م. د. مذ. نس. هق) (292) عن عبدالله بن أبي قتادة) {سنده} حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا اسماعيل ثنا الحجاج بن أبي عثما ن حدثني يحيى بن ابي كثير عن عبدالله بن أبي قتادة الخ) {تخريجه} (ق. د. نس)

(293) ز عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا بِلَالُ اجْعَلْ بَيْنَ أَذَانِكَ وَإِقَامَتِكَ نَفَسًا يَفْرُغُ الْآكِلُ مِنْ طَعَامِهِ فِي مَهَلٍ وَيَقْضِي الْمُتَوَضِّئُ حَاجَتَهُ فِي مَهَلٍ (294) عَنْ زِيَادِ بْنِ نُعَيْمٍ الْحَضْرَمِيِّ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ أَنَّهُ أَذَّنَ فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَا أَخَا صُدَاءٍ إِنَّ الَّذِي أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ عَنْ زِيَادِ بْنِ الْحَارِثِ الصُّدَائِيِّ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَذِّنْ يَا أَخَا صُدَاءٍ قَالَ فَأَذَّنْتُ وَذَلِكَ حِينَ أَضَاءَ الْفَجْرُ قَالَ فَلَمَّا تَوَضَّأَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَامَ إِلَى الصَّلَاةِ فَأَرَادَ بِلَالٌ أَنْ يُقِيمَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُقِيمُ أَخُو صُدَاءٍ فَإِنَّ مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ (295) عن عبد الله بن زيد رضي الله عنه أنه أرى الأذان قال فجئت

_ (293) ز عن أبي بن كعب {سنده} حدثنا عبدالله حدثني زكريا بن يحيى بن عبدالله بن أبي سعيد الرقاشي الحزاز ثنا مسلم بن قتيبة ثنا مالك بن مغول عن ابن الفضل عن أبي الجوزاء عن أبي ابن كعب الخ {تخريجه} الحديث من زيادات عبدالله بن الامام أحمد ولم أقف عليه لغيره وأورده الهيثمي وقال رواه عبدالله بن احمد من زياداته من رواية أبي الجوزاء عن أبي وأبو الجوزاء لم يسمع من أبي {قلت} اخرج نحوه الترمذي من حديث جابر بزيادة «والمعتصر اذا دخل لقضاء الحاجة» قال الترمذي لا نعرفه الا من حديث عبدالمنعم واسناده مجهول اهـ (294) عن زياد بن نعيم الحضرمي الخ {سنده} حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن عبدالرحمن بن زياد عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الصدائي الخ (1) وعنه من طريق ثان {سنده} حدثنا عبدالله حدثني ابي ثنا محمد بن يزيد الواسطي الافريقي عن زياد بن نعيم الحضرمي عن زياد بن الحارث الخ {تخريجه} (الأربعة إلا النسائي) وقال الترمذي حديث زياد إنما نعرفه من حديث الافريقي والأفريقي هو ضعيف عند أهل الحديث ضعفه يحيى بن سعيد القطان وغيره قال أحمد لا أكتب حديث الأفريقي قال ورأيت محمد بن أسماعيل يقوي امره ويقول هو مقارب الحديث والعلم على هذا عند أكثر أهل العلم من اذن فهو يقيم اهـ (295) عن عبدالله بن زيد {سنده} حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا زيد

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال ألقه على بلال، فألقيته فأذن قال فأراد أن يقيم فقلت يا رسول الله أنا رأيت، أريد أن أقيم، قال فأقم أنت، فأقام هو وأذن بلال

_ ابن الحباب أبو الحسين العكلي قال أخبرني أبو سهل عن محمد بن عمرو قال أخبرني عبد الله بن محمد بن زيد عن عمه عبد الله بن زيد رائي الأذان قال فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د) وفي إسناده محمد بن عمرو الواقفي الأنصاري البصري وهو ضعيف ضعفه القطان وابن نمير ويحيى بن معين واختلف عليه فيه فقيل عن محمد بن عبد الله وقيل عبد الله بن محمد، قال ابن عبد البر إسناده أحسن من حديث الإفريقي وقال البيهقي إن صحا لم يتخالفا، لأن قصة الصدائي بعد اهـ. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الفصل بين الأذان والإقامة وكراهة الموالاة بينهما لما في ذلك من تفويت صلاة الجماعة على كثير من المريدين لها، لأن من كان على طعامه أو غير متوضيء حال النداء إذا استمر على أكل الطعام أو توضأ للصلاة فاتته الجماعة أو بعضها بسبب التعجل وعدم الفصل لا سيما إذا كان مسكنه بعيدا من مسجد الجماعة، فالتراخي بالإقامة نوع من المعاونة على البر والتقوى المندوب إليهما، وقد ضاعت هذه السنة في زمننا هذا في كثير من المساجد فلا حول ولا قوة إلا بالله (وفي أحاديث الباب) دلالة على أن المقيم لا يقيم إلا إذا أراد الإمام الصلاة، وقد أخرج ابن عدي من حديث أبي هريرة مرفوعاً "المؤذن أملك بالأذان والإمام أملك بالإقامة" وضعفه وله شواهد عند البيهقي وغيره وإن كانت ضعيفة فيعضد بعضها بعضاً (وفيها أيضاً) جواز الإقامة من المؤذن وغيره (واتفق العلماء على ذلك) واختلفوا في الأولوية فقال أكثرهم لا فرق والأمر متسع، ممن رأى ذلك مالك وأكثر أهل الحجاز وأبو حنيفة وأكثر أهل الكوفة وأبو ثور، وقال بعض العلماء من أذن فهو يقيم، قال الشافعي وإذا أذن الرجل أحببت أن يتولى الإقامة، وإلى أولوية المؤذن بالإقامة ذهب الهادوية، واحتجوا بحديث الصدائي، واحتج القائلون بعدم الفرق بحديث عبد الله بن زيد (قال الشوكاني) والأخذ بحديث الصدائي أولى؛ لأن حديث عبد الله ابن زيد كان أول ما شرع الأذان في السنة الأولى، وحديث الصدائي بعده بلا شك قاله الحافظ اليعمري، قال الشوكاني على أنه لو لم يتأخر لكان حديث عبد الله بن زيد خاصا به، والأولوية باعتبار غيره من الأمة، والحكمة في التخصيص تلك المزية التي لا يشاركه فيها غيره أعني الرؤيا فإلحاق غيره به لا يجوز لوجهين، (الأول) أنه يؤدي إلى إبطال فائدة النص أعني

(11) باب تغليظ التخلف عن إجابة المؤذن والخروج من المسجد بعد الأذان (296) عن سهل عن أبيه (معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال، الجفاء كل الجفاء والكفر والنفاق من سمع منادي الله ينادي يدعوا إلى الفلاح ولا يجيبه (297) حدقنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا المسعودي وشريك عن أشعث بن أبي الشعثاء عن أبيه عن أبي هريرة قال خرج رجل من المسجد بعد ما أذن المؤذن، فقال أما هذا فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم قال (1) وفي حديث شريك ثم قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم في المسجد فنودي بالصلاة فلا يخرج أحدكم حتى يصلي

_ حديث "من اذن فهو يقيم" فيكون فاسد الاعتبار (الثاني) وجود الفاروق وهو بمجرده مانع من الالحاق أهـ فان أذن واحد فهو الذي يقيم الا إذا تعذر ذلك وبه قالت الحنابة وإذا أذن جماعة دفعة واتفقوا على من يقيم منهم فهو الذي يقيم وان تشاحنوا أقرع بينهم قال ابن سيد الناس اليعمري ويستحب ان لا يقيم في المسجد الواحد الا واحد الا إذا لم تحصل به الكفاية اهـ والله اعلم (11) باب تغليظ التخلف عن إجابة المؤذن والخروج من المسجد بعد الأذان (296) عن سهل عن أبيه الخ (سنده) حدثنا ------ (1) الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن طيعة ثنا زبان ثنا سهل عن أبيه "الحديث" (تخريجه) أورده المنذري في (تر.) وقال رواه احمد والطبراني عن رواية زبان بن فائد وفي رواية الطبراني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "بحسب المؤمن من الشقاء الخيبة ان سمع المؤذن يثوب بالصلاة فلا يجيبه" قال المنذري (التثويب) هنا اسم لإقامة الصلاة (قلت) حديث الباب في إسناده ابن طيعة وسكت عنه المنذري فالظاهر انه قوي من طريق أخرى (297) حدثنا عبد الله (غريبة) (1) أي الراري يعني ان شريكا زاد في روايته "امرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ الحديث اما رواية السعودي فقد انتهت عند قوله فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد واللفظ له وإسناده صحيح ورواه (م. د. مذ. نس. جه) دون قوله أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى آخره اهـ (تر.)

(298) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سمع أحدكم الأذان والإناء على يده فلا يدعه حتى يقضي حاجته منه (ومن طريق ثان) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حماد عن عمار بن أبي عمار عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد فيه وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر

_ (298) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي روح ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة (الحديث) (غريبة) (1) البزوغ الطلوع يقال بزغت الشمس وبزغ القمر وغيرهما إذا طلعت (نه) (تخريجه) (د. ك) وسنده جيد وصححه العيوطي (في الجامع الصغير) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على تحريم التخلف عن صلاة الجماعة في المسجد بدون عذر وان ذلك من خصال المنافقين لا سيما إذا سمع النداء وعلم بدخول الوقت قال الترمذي وقد روي عن غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم انهم قالوا (من سمع النداء فلك يجب فلا صلاة له) وقال بعض أهل العلم هذا على التغليظ والتشديد ولا رخصة لاحد في ترك الجماعة الا من عذر قال مجاهد وسئل ابن عباس عن رجل يصوم النهار ويقوم الليل لا يشهد جمعة ولا جماعة فقال هو في النار حدثنا بذلك هناد المحاربي عن ليث عن مجاهد ومعنى الحديث ان لا يشهد الجماعة والجمعة رغبة عنها واستخفافا لحقها ونهاونا بها اهـ وفيها أيضا تحريم الخروج من المسجد بعد الأذان وإلى ذلك ذهبت الحنابلة وقالت المالكية بالكراهة عقب الأذان وقبل الإقامة ويحرم بعدها وذهبت الحنفية والشافعية إلى الكراهة أيضا قال ابو عيسى الترمذي وعلى هذا العمل عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم أن لا يخرج أحد من المسجد بعد الأذان الا من عذر ان يكون على غير وضوء او لابد منه ويروي عن ابراهيم النخمي انه قال يخرج مالم يأخذ المؤذن في الإقامة قال أبو عيسى الترمذي وهذا عندنا لمن له عذر في الخروج منه قال وأبو الشعثاء اسمه سليم بن الاسود وهو والد اسود بن ابي الشعثاء وقد روي اشعث بن ابي الشعثاء هذا الحديث عن أبيه اهـ قلت وحديث ابي هريرة الاخير يدل على جواز التخلف لمن سمع النداء إذا كان يأكل او يشرب بقدر حاجته والله اعلم

(أبواب المساجد) (1) باب أول مسجد وضع في الأرض وفضل بناء المساجد (299) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبو عوانة وسليمان الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال كنت أعرض عليه ويعرض علي (1) وقال أبو عوانة كنت أقرأ عليه ويقرأ علي في السكة فيمر بالسجدة (2) فيسجد قال قلت أتسجد في السكة؟ قال نعم سمعت أبا ذر يقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أولاً، قال المسجد الحرام (3) قال قلت ثم أي؟ قال ثم المسجد الأقصى (4) قال قلت كم بينهما؟ قال أربعون سنة، ثم قال أينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد، وفي رواية فكلها مسجد (5) (300) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من بنى لله مسجداً يذكر فيه اسم الله تعالى بنى الله له به بيتاً في الجنة

_ (299) حدثنا عبد الله (غريبة) (1) أي أقرأ عليه القران ويقرأ عليّ كما فسره أبو عوانة في روايته والسكة بكسر السين مشددة وفتح الكاف مشددة أيضا الطريق (2) أي بالآية من القرآن تكون فيها السجدة كقوله تعإلى (ان الذين عند ربك لا يستكبرون عن عبادته ويسبحونه وله يسجدون) فيسجد في الطريق وسيأتي الكلام على سجدات القرآن في بابه ان شاء الله (3) يعني مسجد مكة (4) يعني مسجد بيت المقدس (5) أي فكل بقعة من الارض تصح الصلاة فيها الاما استثني من ذلك كالمواضع المتنجسة ونحوها (تخريجه) (ق. نس. جه وغيرهم) (300) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا أبو سلمة الخزاعي أنبأ ليث ويونس ثنا ليث عن يزيد بن عبد الله بن اسامة بن الهاد عن الوليد بن أبي الوليد بن عثمان بن عبد الله يعني ان سراقة عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال

(301) عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من بنى لله مسجداً بنى الله له مثله في الجنة. (302) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (عبد الله بن عمرو ابن العاص رضي الله عنهما) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من بنى لله مسجداً بني له بيت أوسع منه في الجنة. (303) وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. (304) عن بشر بن حيان قال جاء واثلة بن الأسقع رضي الله عنه ونحن نبني مسجدنا، قال فوقف علينا فسلم ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من أظل رأس غاز أظله الله يوم القيامة ومن جهز غازيا حتى يستقل كان له مثل أجره حتى يموت قال قال يونس أو يرجع ومن بنى لله مسجدا الخ " (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقي قلت ووجوده في صحيح ابن حبان وسكوت المنذري عنه يدل على صحته (301) عن عثمان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الكبير بن عبد المجيد أبو بكر الحنفي قنا عبد الحميد يعني ابن جعفر عن أبيه عن محمود بن لبيد عن عثمان (الحديث) (تخريجه) (ق وغيرهما) (302) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (تخريجه) لم أقف عليه وقال الهيثمي رواه احمد وفيه الحجاج بن أرطاه فهو يتكلم فيه (303) عن أسماء بنت يزيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سويد بن عمر ثنا أبان يعني العطار قال حدثني يحي بن ابي كثير عن محمود بن عمرو عن اسماء بنت يزيد الخ (تخريجه) أورده الهيثمي بلفظ "من بنى لله مسجدا بنى الله له بيتا في الجنة" وقال رواه احمد والطبراني في الكبير والأوسط واللفظ له وقال احمد "فان الله يبني له بيتا أوسع منه في الجنة " ورجاله موثقون أهـ (304) عن بشر بن حيان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هيثم بن خارجة قال أنا أبو عبد الملك الحسن بن يحي الخشني عن بشر بن حيان الخ

يقول من بنى لله مسجدا يصلي فيه بنى الله عز وجل له في الجنة أفضل منه قال أبو عبد الرحمن (1) وقد سمعته من هيثم بن خارجة. (305) عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من بنى لله مسجداً ولو كمفحص قطاة (2) لبيضها بنى الله له بيتا في الجنة. (306) عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من بنى لله مسجداً ليذكر الله عز وجل فيه بنى الله له بيتاً في الجنة ومن أعتق نفساً مسلمة كانت فديته من جهنم، ومن شاب شيبة في سبيل الله عز وجل كانت له نوراً يوم القيامة.

_ (غريبة) (1) هو عبد الله بن الامام احمد يعني أن عبد الله سمع هذا الحديث من هيثم كما سمعه أبوه منه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني في الكبير وفيه الحسن بن يحي الخشني ضعفه الدارقطني وابن معين في رواية ووقفه في روايه ووثقه دحيم وأبو حاتم اهـ (305) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن جابر عن عمار عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (الحديث) (غريبة) (2) مفحص بوزن مذهب وهو موضع تجثم فيه القطاة وتبيض يقال جثم الطائر يجثم جثوما من باب ضرب وهو كالبروك من البعير وربما أطلق على الظباء والفحص البحث والكشف كأنها تفحص عن التراب أي تكشف (والقطاة) طائر يقال له في الفارسية سنكخوار ومفحصه لا يكفي للصلاة فيحمل على المبالغة أو على أن يشترك في بنائه أو يزيد فيه قدرا محتاجا اليه (تخريجه) (حب. بز. ش) وسنده جيد (306) عن عمرو بن عبسة حدثني أبي ثنا حيوة بن شريح ثنا بقية ثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن عمرو بن عبسة أنه حدثعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (نس) وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن أول مسجد وضع في الارض مسجد مكة وذلك ثابت بنص القرآن قال تعإلى (ان أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا) وبكة بالباء المهملة لغة في مكة بالميم ومن المعلومات الثابت الذي لا يشك فيه أن باني المسجد الحرام هو ابراهيم وابنه اسماعيل عليهما الصلاة والسلام

-[كلام العلماء في بناء المساجد]- (2) باب قول النبي صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض طهورا ومسجدًا. (307) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جعلت لي الأرض طهوراً ومسجداً، فأيما رجل أدركته الصلاة فليصل حيث أدركته

_ كما لا يشك أن باني مسجد بيت المقدس هو داود وابنه سليمان من بعده عليهما الصلاة والسلام، وكان بين إبراهيم وبينهما من المدد ما يتجاوز عن الأربعين بأمثالها ولكن الوضع غير البناء والسؤال عن مدة ما كان بين وضعهما لا عن مدة ما بين بنائهما، فيحتمل أن يكون واضع المسجد الأقصى بعض الأنبياء قبل داود وسليمان ثم بناه داود وابنه في الوقت الذي بنياه فيه، وكذلك يجب أن يحمل تأويل مثله عليه لا سيما وقد ورد الحديث في ذلك (قال علي كرم الله وجهه) إذا حدثتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا فظنوا برسول الله صلى الله عليه وسلم أهناه وأنقاه وأهداه، وقد تقدم هذا الأثر والكلام عليه في الباب التاسع من كتاب العلم (وفي أحاديث الباب) أيضا فضل بناء المساجد وإن ذلك من أعظم القرب إلى الله عز وجل سواء أكان المسجد كبيرا أم صغيرا ولو كمفحص قطاة كما في بعض الروايات، وفي رواية (بنى الله له مثله) على المماثلة في التسمية لا غير كقوله تعإلى (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم) وبذلك تتفق روايه المثلية مع رواية التفضيل (قال النووي) رحمه الله يحتمل أن يكون مثله معناه بنى الله له مثله في مسمى البيت وأما صفته في السعة وغيرها فمعلوم فضلها فانها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ويحتمل أن يكون معناه أن فضله على بيوت الجنة كفضل المسجد على بيوت الدنيا اهـ والله أعلم (307) عن جابر عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا هشيم ثنا سيار عن يزيد الفقير عن جابر بن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أعطيت خمسا لم يعطهن أحد قبلي بعثت إلى الأحمر والأسود وكان النبي إنما يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي ونصرت بالرعب من مسيرة شهر وجعلت لي الأرض الخ (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم) وتقدم الكلام على شرحه في الباب الثاني من كتاب التيمم

-[أبواب المساجد - الفتح الرباني]- (3) باب فضل الجلوس في المساجد والسعى إليها وفضل أهل الدور القريبة منها (308) عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل الدَّار (1) القريبة من المسجد على الدَّار الشَّاسعة (2) كفضل الغازي على القاعد (3) (309) عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النَّبى صلى الله عليه وسلم إنَّ للمساجد أوتاداً (4) الملائكة جلساؤهم، إن غابوا يفتقدونهم، وان مرضوا عادوهم، وإن كانوا في حاجة أعانوهم، وقال صلى الله عليه وسلم جليس المسجد على ثلاث خصال، أخٌ مستفادٌ (5)

_ (308) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود ثنا ابن طيعة عن بكر بن عمرو عن أبي عبد الملك عن حذيفة الخ (غريبه) (1) قال المناوي أضاف الفضل للدار والمراد أهلها على حد (وأسأل القرية) اهـ (2) أي البعيدة (3) هذا يعارض ما ورد في فضل كثرة الخطأ إلى المساجد وقوله صلى الله عليه وسلم "أعزم الناس أجرا في الصلاة أبعدهم اليها ممشي فأبعدهم" أخرجه الشيخان وغيرهما وأجاب العلقمي عن التعارض بأن ما هنا في نفس البقعة وذاك في الفعل فالبعيد دارا مشيه أكثر وثوابه أعظم والبيت القريب أفضل وقال بعض العلماء هذا (يعني حديث الباب) محمول على من تتوقف عليه الجماعة من إمام وغيره فسكناه قريبا من المسجد أفضل من بعده عنه وما ورد من أهل الدار البعيدة عن المسجد أكثر ثوابا لكثرة السعي والمشي في الخير محمول على من لم تتوقف عليه الجماعة والله اعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وأورده السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام احمد فقط ورمز له بالصحة وحسنه المناوي (309) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة قال حدثني ابن طيعة عن دراج عن ابن حجيرة عن أبي هريرة (غريبة) (4) جمع وتد بكسر التاء على اللغة الفصحى ويجوز فتحها أي اناسا يحبون المساجد يكثرون الجلوس فيها للعبادة ثابتين على ذلك كثبوت الوتد في الأرض هؤلاء تجالسهم الملائكة فان غابوا بحثوا عنهم وإن مرضوا عادوهم الحديث (5) أي لا يعدم صحبة أخ صالح في الله يستفيد منه نصيحة أو مساعدة أو نحو ذلك والإخوة في الله لها فضل عظيم وثواب جسيم وسيأتي بيان ذلك في كتاب الصحبة من قسم الترغيب إن شاء الله

-[فضل الجلوس في المسجد]- أو كلمةٌ محكمةٌ (1) أو رحمةٌ منتظرةٌ (2) (310) وعنه أيضاً عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال لا يوطن (3) رجلٌ مسلمٌ المساجد للصَّلاة والذِّكر إلاَّ تبشبش الله به (4) يعني حين يخرج من بيته كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم عليهم (311) وعنه رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال من غدا (5) إلى المسجد وراح أعدَّ الله له الجنَّة نزولاً كلَّما غدا وراح (312) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم الرَّجل يعتاد المسجد فاشهدوا عليه بالإيمان، قال الله عزَّ وجلَّ

_ (1) أي مما يتيسر الحصول عليه في المسجد أكثر من غيره كسماع تلاوة القرآن أو حضور مجالس العلم أو رأى رجل عاقل صالح (2) أي لما ثبت أن الجالس في المسجد تدعو له الملائكة بالمغفرة والرحمة (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه أحمد من رواية ابن لهيعة ورواه الحاكم من حديث عبد الله بن سلام دون قوله جليس المسجد الخ فإنه ليس في أصلى وقال صحيح على شرطهما اهـ (2) (310) وعنه أيضاً (سنده) حدَّنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج قال أنا ابن أبى ذئب عن سعيد المقبرى عن سعيد بن يسار عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (3) أي يألفها ويلتزم حضورها (4) أصل التبشبش فرح الصديق بمجيء الصديق واللطف في المسألة والإقبال، والمراد هنا تلقيه ببره وتقريبه وإكرامه (تخريجه) (جه. ش. خز. حب. ك) وقال صحيح على شرط الشيخين وفى رواية لابن خزيمة قال "ما من رجل كان توطن المساجد فشغله أمر أو علة ثم عاد إلى ما كان إلا تبشبش الله إليه كما يتبشبش أهل الغائب بغائبهم إذا قدم" نقله المنذرى (تر). (311) وعنه رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة الخ (غريبه) (5) الغدو الذهاب بكرة النهار، والرواح الإياب بالعشى، والمراد هنا مطلق الذهاب والأوبة (والنزول) المنزل ومنه قوله تعالى} كانت لهم جنات الفردوس نزلاً {وما يهيأ للضيف من القِرى ويراد به هنا الأجر والمثوبة والله أعلم (تخريجه) ق. وغيرهما. (312) عن ابى سعيد الخدرى (سندن) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج

-[أبواب المساجد - الفتح الرباني]- (إنَّما يعمر مساجد الله من آمن بالله واليوم الآخر). (313) عن عبد الله بن عامر الألهانىِّ قال دخل المسجد حابس بن سعدٍ الطَّائى رضى الله عنه من السَّحر وقد أدرك النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم فرأى النَّاس يصلَُّون في مقدَّم المسجد (1) فقال مراؤن وربِّ الكعبة ارعبوهم فمن أرعبهم فقد أطاع الله ورسوله، فأتاهم النَّاس فأخرجوهم، فقال إنَّ الملائكة يصلُّون من السَّحر في مقدَّم المسجد. (4) باب ما يقال عند دخول المسجد والخروج منه وآداب الجلوس فيه والمرور (314) عن عبد الملك بن سعيد بن سويد الأنصارىِّ قال سمعت

_ ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن دراجاً أبا السمح حدثه عن أبى الهيثم عن ابى سعيد الخدرى الخ (تخريجه) (مذ. جه. خز. حب. ك) كلهم من طريق دراج أبى السمح عن أبى الهيثم عن أبى سعيد وقال الترمذى حسن غريب وقال الحاكم صحيح الإسناد. (313) عن عبد الله بن عامر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة ثنا حريز بن عثمان الرحبى قال سمعت عبد الله بن عامر الخ (غريبه) (1) مقدم المسجد هو ما يلى المحراب مكان الصف الأول والظاهر أن هؤلاء الناس كانوا مرائين في صلاتهم وتحقق حابس بن سعد رضى الله عنه ذلك منهم فأمر بإخراجهم (وفيه) أن الصلاة في مقدم المسجد أفضل منها في غيره ولذلك أختاره الملائكة للصلاة فيه (وفيه أيضاً استحباب التهجد من وقت السحر والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه عبد الله بن عامر الألهاني ولم أجد من ذكره اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل السعي إلى المساجد والجلوس فيها للعبادة وإن ذلك من أسباب دخول الجنة والسعادة في الدارين ورضا الله عز وجل ومحبته لعبده وعنايته به، ومن كان هذا شأنه فقد حاز خيري الدنيا والآخرة جعلنا الله منهم (وفيها) أن العمل لغير الله يودى بصاحبه إلى الهلاك والدمار ولابد أن يفضحه الله عز وجل على رؤوس الأشهاد إما معجلاً وإما مؤجلاً ويكون نصيبه الخزى والخذلان ودخول نار جهنم نعوذ بالله من ذلك (وفيها) غير ذلك تقدم بعضه في الشرح والله أعلم. (314) عن عبد الملك بن سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[ما يقال عند دخول المسجد وعند الخروج منه]- أبا حميد وأبا أسيد (1) يقولان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل أحدكم المسجد فليقل (2)، اللَّهمَّ افتح لنا أبواب رحمتك وإذا خرج فليقل اللَّهمَّ إنىِّ أسألك من فضلك. (315) عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله ورضى عنها وأرضاها قالت كان رسول الله صلى الله إذا دخل المسجد صلَّى على محمَّد وسلَّم (وفى رواية قال بسم الله والسَّلام على رسول الله) وقال اللَّهم اغفر لى ذنوبى وافتح لى أبواب رحمتك، وإذا خرج صلَّى على محمِّد وسلِّم (وفى رواية قال بسم الله والسَّلام على رسول الله) ثمَّ قال اللَّهم اغفر لى ذنوبي وافتح لى أبواب فضلك. (316) عن عبيد الله بن عبد الرَّحمن بن موهب عن مولى لأبي

_ ابو عامر قال ثنا سليمان بن بلال عن ربيعة بن ابي عيد الرحمن عن عبد الملك بن سعيد الخ (غريبه) (1) ابو حميد هو عبد الرحمن بن سعد الساعدي وابو أسيد بضم الهمزة مصغرا هو مالك بن ربيعة الساعدي الانصاري (2) في رواية ابي داود فليسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليقل الخ وروى ابن السني عن أنس رضي الله عنه "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل المسجد قال بسم الله اللهم صلى على محمد وإذا خرج قال بسم الله اللهم صلي على محمد" قال النووي وروينا الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند دخول المسجد والخروج منه من رواية ابن عمر أيضا اهـ وسيأتي حديث فاطمة رضي الله عنها (تخريجه) (م. د. نس. جه) (315) عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا اسماعيل بن ابراهيم قال ثنا ليث يعني ابن ابي سليم عن عبد الله بن حسن عن امه فاطمة ابنة حسين عن جدتها فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث) وفي آخره قال اسمان عيل فلقيت عبد الله بن حسن فسألته عن هذا الحديث فقال كان إذا دخل قال رب افتح لي باب رحمتك وإذا خرج قال رب افتح لي باب فضلك (تخريجه) (جه. مذ) وقال حديث فاطمة حديث حسن وليس إسناده بمتصل وفاطمة ابنة الحسين لم تدرك فاطمة الكبرى انما عاشت فاطمة بعد النبي صلى الله عليه وسلم اشهر اهـ (316) عن عبيد الله بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير قال ثنا عبيد الله بن عبد الله بن موهب قال حدثني عمي يعني

-[كراهة الاحتباء والتشبيك فى المسجد]- سعيد الخدرىِّ قال بينما أنا مع أبى سعيد الخدرىِّ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ دخلنا المسجد فإذا رجلٌ جالسٌ فى وسط المسجد محتبيًا (1) مشبِّكًا أصابعه بعضها فى بعضٍ، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يفطن الرَّجل لإشارة رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتفت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبى سعيدٍ فقال إذا كان أحدكم فى المسجد فلا يشبِّكنـ فإنَّ التَّشبيك من الشَّيطان، وإنَّ أحدكم لا يزال فى صلاةٍ ما دام فى المسجد حتى يخرج منه. (317) عن كعب بن عجرة رضى الله عنه قال دخل علىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وقد شبَّكت بين أصابعى، فقال لى يا كعب إذا كنت فى المسجد فلا تشبِّك بين أصابعك، فأنت فى صلاةٍ ما انتظرت الصَّلاة. (318) عن أبى موسى (الأشعرى) رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال إذا مررتم بالسِّهام (2) فى أسواق المسلمين أو مساجدهم فأمسكوا بالأنصال لا تجرحوا بها أحدًا (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (3) قال قال رسول الله

_ عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب الخ (غريبة) (1) الاحتباء هو أن يضم الانسان وجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشده عليهما وقد يكون الاحتياء باليدين عوض الثوب (نه) (تخريجه) لم أقف عليه وأورده المنذري (تر) وقال رواه أحمد بإسناد حسن وكذلك قال الهيثمي في مجمع الزوائد (317) عن كعب بن عجرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ثنا شريك بن عبد الله عن محمد بن عجلان عن المقبري عن كعب بن عجرة الخ (تخريجه) (د. مذ. جه. جه. حب) وجود المنذري اسناد الامام احمد وابي داود (318) عن أبي موسى الأشعري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن ليث عن أبي برده عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (2) السهم واحد من النبل وقيل السهم نفس النصل اهـ مصباح (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يزيد قال انا حماد بن سلمة عن ثابت البنائي عن ابي برده عن

-[كراهة دخول المسجد بالسلاح]- صلى الله عليه وسلم إذا مرَّ أحدكم بسوقٍ أو مجلسٍ أو مسجدٍ ومعه نبلٌ (1) فليقبض على نصالها فليقبض على نصالها ثلاثًا قال أبا موسى فما زال بنا البلاء حتىَّ سدَّد بها بعضنا فى وجوه بعضٍ (2) (319) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا سفيان (3) قال قلت لعمرٍ وأسمعت جابرًا يقول مرَّ رجلٌ فى المسجد معه سهامٌ فقال له النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم أمسك بنصالها؟ فقال نعم (ومن طريقٍ ثانٍ) حدَّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا موسى ثنا ابن لهيعة عن جابرٍ أنَّ بنَّة الجهنىَّ أخبره أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم مرَّ على قومٍ فى المسجد أو فى المجلس يسلُّون سيفًا بينهم يتعاطونه بينهم غير مغمود، فقال لعن الله من يفعل ذلك، أو لم أزجركم عن هذا؟ فإذا سللتم السَّيف فليغمده الرَّجل ثمَّ ليعطه كذلك. (320) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ

_ أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا مر احدكم الخ (1) النبل بفتح النون المشددة وسكون الموحدة السهام العربية وهى مؤنثة ولا واحدّا لها من لفظها بل الواحد سهم فى مفردة اللفظ مجموعة المعنى وتقدم معنى السهم، وانما خص هذه المواضع بالذكر لازدحام الناس فيها عادة (2) يعنى ان النبى صلى الله عليه وسلم كان يحذرهم من المرور بهذه المواضع بالنصال الا مقبوضًا عليها خوفًا من اصابة أحدهم بها خطأ، فتساهلوا فى ذلك حتى آل أمرهم الى ان ضرب بعضهم بعضًا بها عمدًا أيام الفتن والحروب فلا حول ولا قوة الا بالله (تخريجه) (ق. د. جه. وغيرهم) (319) حدّثنا عبد الله (غريبه) (3) سفيان المذكور فى الاسناد هو ابن عيبنة وعمرو هو ان دينار وجابر هو ابن عبد الله رضى الله عنهما (تخريجه) اخرج الطريق الاولى منه (ق. نس. جه وغيرهم) ولم اقف على من أخرج الطريق الثانى وفى اسناده نظر (320) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا ابو بكر الحنفى الضحاك بن عثمان عن سعيد المقبرى عن أبى هريرة الحديث

-[أحكام الباب وما فيها من الفوائد]- أحدكم إذا كان فى المسجد جاء الشَّيطان فأبسَّ به (1) كما يبس الرَّجل بدابَّته فإذا سكن له زنقه (2) أو ألجمه، قال أبو هريرة فأنتم ترون ذلك، أمَّا المزنوق فتراه مائلًا كذا لا يذكر الله، وأمَّا الملجوم ففاتحٌ فاه لا يذكر الله عزَّ وجلَّ (5) باب تنزيد المساجد عن الأقذار (321) عن سعد بن أبى وقَّاصٍ رضى الله عنه قال سمعت رسول الله

_ (غريبه) (1) بالسين المهملة اى احتال عليه بالوسوسة وتقدم تفسيره فى الباب الثانى من ابواب نواقض الوضوء (وقوله فاذا سكن اليه) اى انقاد له (2) المزنوق المائل شقه فسره بذلك ابو هريرة، قيل اصله من الزنقة وهو ميل فى جدار فى سكة أو عرقوب دار هكذا فسره الزمخشرى (نه) (تخريجه) ام أقف عليه بهذا اللفظ، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (الأحكام) فى أحاديث الباب استحباب التسمية عند دخول المسجد والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم والدعاء بالمغفرة والدعاء بالفتح لأبواب الرحمة داخلًا ولابواب الفضل خارجًا، والفضل هو الرزق الحلال وطلب العلم، وينبغى ان يضم الى ذلك ما أخرجه أبو داود من حديث ابن عمر وعن النبى صلى الله عليه وسلم انه كان اذا دخل المسجد قال ((اعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم قال فاذا فعل ذلك قال الشيطان حفظ منى سائر اليوم)) وما أخرج الحاكم فى المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين عن ابن عباس رضى الله عنهما فى قوله تعالى {فاذا دخلتم بيوتًا فسلموا على انفسكم} قال هو المسجد اذا دخلته فقل السلام علينا وعلى عباد الصالحين (وفيها أيضًا) كراهة الاحتباء فى المسجد وتشبيك الاصابع سواء أكان فى الصلاة أم خارجًا عنها (وفيها) أنه يكتب لمنتظر الصلاة فى المسجد اجر المصلى (وفيها أيضًا) اشارة الى تعظيم حرمة دم المسلم قليله وكثيره وكراهة ادخال السلاح المسجد الا اذا كان غمده فيجوز (وفيها) انه ينبغى لمن فى المسجد مصليًا أو جالسًا عدم الالتفات لوسوسة الشيطان فانها تكثر فى مواضع العبادة ليحرم الانسان من ثوابها، فالحذر من موافقته والاسترسال معه فعداوته للانسان ثابتة بنص القرآن، قال تعالى {ان الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوًا، انما يدعو حزبه ليكونوا أصحاب السعير} نعوذ بالله من ذلك (321) عن سعيد بن أبى وقاص (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن ابى عدى عن ابن اسحاق ويعقوب ثنا أبى عن أبى اسحاق حدثنى عبد الله بن محمد قال يعقوب ابن أبى عتيق عن عامر بن سعد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث

-[كراهة النخامة فى المسجد]- صلى الله عليه وسلم إذا تنخَّم أحدكم في المسجد فليغِّيب نخامته (1) أن تصيب جلد مؤمن أو ثوبه فتؤذيه (322) عن ابن عمر رضى الله عنه قال صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد فرأى فى القبلة نخامةً، فلمَّا قضى صلاته قال إنَّ أحدكم إذا صلَّى فى المسجد فإنَّه يناجى (2) ربه، وإنَّ الله تبارك وتعالى يستقبله بوجهه (3) فلا يتنخَّمنَّ أحدكم في القبلة ولا عن يمينه، ثمَّ دعا فحكَّه ثمَّ دعا بخلوق (4) فخضبه (323) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا

_ (غريبة) (1) النخامة بضم النون النخاعة وقد ذكره البخاري بهذا اللفظ بهذا اللفظ في باب الالتفات يقال تنخم الرجل إذا تنخع وفي المطالع النخامة ما يخرج من الصدر وهو البلغم اللزج وفي النهاية النخامة البزقة التي تخرج من الرأس ويقال النخامة ما يخرج من الصدر والبصاق ما يخرج من الفم والمخاط ما يسيل من الأنف (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد وأبو يعلي ورجاله موثقون اهـ (322) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) أصل المناجاة والنجوى هو السر بين الاثنين يقال ناحيته إذا ساررته وكذلك نجوت نجوى ومناجاة الرب مجاز لأن القرينة صارفة عن إرادة الحقيقة إذا لا كلام محسوسا إلا من طرف العبد فيكون المراد لازم المناجاة وهو إرادة الخير وفسر النووي رحمه الله المناجاة هنا بأنها إشارة إلى إخلاص القلب وحضوره وتفريغه لذكر الله تعإلى (3) رواية البخاري "فإنه يناجي ربه أو أن ربه بينه وبين القبلة" (قال الخطابي) معناه أن توجهه إلى القبلة مفض بالقصد منه إلى ربه فصار في التقدير كأن مقصوده بينه وبين قبلته فأمر أن تصان ذلك الجهة عن البصاق ونحوه من أثقال البدن اهـ (4) الخلوق بفتح الخاء هو طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة (تخريجه) (ق. د. نس. لك) (323) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب أخبرني أبو مورود حدثني عبد الله بن أبي حدرد قال سمعت باهريرة يقول قال رسول الله

-[أبواب المساجد - الفتح الربانى]- بزق (1) أحدكم فى المسجد فليدفنه فإن لم يفعل فليبزق في ثوبه (324) عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضى الله عنه أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم رآى نخامةُّ فى قبلة المسجد فحكَّها بحصاةٍ ثمَّ نهي أن يبصق الرَّجل بين يديه وعن يمينه، وقال ليبصق عن يساره أو تحت قدمه اليسرى (325) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا يحى عنابن عجلان قال حدّثنى عياض بن عبد الله عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه العراجين (2) أن يمسكها بيده، فدخل المسجد ذات يوم وفي يدره واحدٌ منها فرآى نخاماتٍ فى قبلة المسجد فحتَّهنَّ به حتَّى أنقاهن، ثمَّ أقبل على النَّاس مغضبًا فقال أيحب أحدكم أن يستقبله رجلٌ فيبصق في وجهه؟ إنَّ أحدكم إذا قام إلى الصَّلاة فإنَّما يستقبل ربَّه (3) عزَّ وجلَّ والملك عن يمينه فلا يبصق بين يديه ولا عن يمينه، وليبصق تحت قدمه اليسرى أو عن يساره، فإن عجَّلت به بادرةٌ (4) فليقل هكذا وردَّ بعضه على بعض وتفل يحيى فى ثوبه ودلكه

_ "الحديث" (غريبة) (1) البزاق بضم الباء فيه ثلاث لغات بالزاي والصاد والسين المهملتين والاوليان مشهورتان وبابه نصر وتقدم انه ما يخرج من الفم (تخريجه) (ق. جه. وغيرهم) (324) عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) (ق. نس. جه) (325) حدثنا عبد الله (غريبة) (2) العراجين جمع عرجون بضم العين المهملة وهو أصل العذق الذي يعوج ويقطع منه الشماريخ فيبقى على النخل يابسا ولعله صلى الله عليه وسلم كان يحب حملها لما فيها من المنافع (3) أي قبلة ربه (وقوله والملك عن يمينه) الظاهر أن هذا الملك كاتب الحسنات وخص به تكرمة له على صاحب الشمال وقيل انه ملك خاص يحضر الصلاة للتأمين على الدعاء والله أعلم (4) أي إن غلب عليه البصاق أو النخامة ولم يتمكن من

-[التفل في المسجد سيئة ودفنه حسنة]- (326) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّ نبى الله صلى الله عليه وسلم قال النُّخاعة (1) فى المسجد خطيئةٌ (2) وكفَّارتها دفنها (327) وعنه أيضًا أنَّ نبىَّ الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان أحدكم فى الصَّلاة فإنَّه مناجٍ ربَّه، فلا يتفلنَّ أحدٌ منكم عن يمينه، قل ابن جعفرٍ فلا يتفل أمامه ولا عن يمينه، ولكن عن يساره أو تحت قدميه (328) عن أبى غالبٍ أنَّه سمع أبا أمامة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التَّفل (3) فى المسجد سيِّئةٌ ودفنه حسنةٌ

_ القائها جهة يساره أو تحت قدمه (فليقل هكذا) أى فليفعل هكذا وتفل يحيى أحد الرواة فى ثوبه ودلكه ورد بعضه على بعض يصف فعل النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (د. ك) بنحو حديث الباب ورواه (ق. نس. جه) بدون قصة العرجون. (326) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن أبى عدى عن سعيد وابن جعفر قال أنا سعيد عن قتادة عن أنس الخ (غريبه) (1) هى البزقة التى تخرج من أصل الفم مما يلى أصل النخاع، وهو الخيط الأبيض الذى فى فقار الظهر ويقال له خيط الرقبة (نه) (2) أى إثم وأصلها بالهمزة ويجوز تشديد الياء، واختلف العلماء فى المراد بدفن البزاق، فالجمهور على انه الدفن فى تراب المسجد ورمله وحصائه ان كانت فيه هذه الأشياء والا يخرجه، لما روى أبو داود من حديث أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ((من دخل هذا المسجد فبزق فيه أو تنخم فليحفر فليدفنه فان لم يفعل فليبزق فى ثوبه ثم ليخرج به)) (قلت) ويكفى عن ذلك استصحاب نحو منديل لهذا الغرض (تخريجه) (ق. د. طب. وغيرهم) (327) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن أبى عدى عن سعيد وابن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن أنس ان نبى الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق نس) ورواه أيضًا (د. مذ. نس) من حديث أبى هريرة وأبى سعيد وعائشة (328) عن أبى غالب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد بن الخباب أنا حسين بن واقد ثنا أبو غالب الخ (غريبه) (3) التفل بوزن النخل نفخ معه أدنى بزاق وهو أكثر من النفث (نه) (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواها احمد والطبرانى فى الكبير الا انه قال خطية وكفارتها دفنها ورجال أحمد موثقون اهـ

-[تأديب من بصق فى القبلة]- (329) عن أبي سعدٍ (1) قال رأيت واثلة بن الأسقع يصلىِّ فى مسجد دمشق فبزق تحت رجله اليسرى ثمَّ عركها برجله، فلمَّا انصرف قلت أنت من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تبزق فى المسجد؟ قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل (330) عن أبى سهلة السَّائب بن خلاَّدٍ رضى الله عنه أنَّ رجلًا أمَّ قومًا فبسق (2) فى القبلة ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين فرغ لا يصلِّ لكم، فأراد بعد ذلك أن يصِّلى لهم فمنعوه وأخبروه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم، وحسبت (3) أنَّه قال آذيت الله عز وجلَّ

_ (329) عن أبى سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا هشام قال ثنا الفرج بن فضالة قال ثنا أبو سعد قال رأيت وائلة الخ (غريبه) (1) هو أبو سعد الحميرى الحمصى (تخريجه) لم أقف عليه وفى اسناده الفرج بن فضالة قال صاحب الخلاصة ضعيف وقال الحافظ فى التقريب مجهول (قلت) وقد وقع اسم الفرج بن فضالة فى الأصل أعنى نسخة المسند المطبوعة محرفًا حيث ذكر هكذا (أبو فضالة الفرج) وهو خطأ والصواب ما ذكرنا (330) عن أبى سهلة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبى ثنا سريج بن النعمان قال ثنا عبد الله بن وهب عن عمر وبن الحارث بن بكر بن سوادة الحذامى عن صالح بن حيوان عن أبى سهلة الخ (غريبه) (2) هو لغة فى بزق وبصق (نه) (3) أى قال أبو سهلة رضى الله عنه ظننت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال بعد قوله نعم. تعليلًا. (آذيت الله) وعند أبى داوود (انك آذيت الله ورسوله) والمعنى فعلت فعلًا يكرهه الله ورسوله (تخريجه) (د. حب) وسنده جيد، وروى الطبرانى فى الكبير باسناد جيد عن ابن عمر رضى الله عنهما نحوه بلفظ (أمر رسول الله صلى الله عليه وسلمرجلًا يصلى بالناس الظهر فتفل بالقبلة وهو يصلى، للناس فلما كان العصر أرسل صلى الله عليه وسلم الى آخر فاشفق الرجل الاول، فجاء الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انزل فىّ شى؟ قال لا ولكنك تفلت بين يديك وأنت تؤم الناس فآذيت الله والملائكة)

-[مذاهب العلماء فى حكم البصاق فى المسجد]- (331) عن أبي ذرٍ رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال عرضت علىَّ أمَّتى بأعمالها حسنةٍ وسيِّئةٍ، فرأيت فى محاسن أعمالها إماطة الأذى عن الطريق، ورأيت فى سيِّئ أعمالها النُّخاعة فى المسجد لا تدفن (332) عن طارق بن عبد الله رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال إذا صلَّيت فلا تبصق بين يديك ولا عن يمينك، ولكن ابصق تلقاء شمالك إن كان فارغًا، وإلاَّ فتحت قدميك وادلكه

_ (231) عن أبي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا مهدي ثنا واصل عن يحي بن عقيل عن يحي بن يعمر وكان واصل ربما ذكر ابا الاسود الديلي عن ابي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم (الحديث) (تخريجه) (م. جه) (332) عن طارق بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر قال شعبة عن منصور قال سمعت ربى بن حراش عن طارق بن عبد الله (تخريجه) (د. نس. مذ) وقال حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم اهـ (الأحكام) أحاديث الباب فيها النهي عن البصاق في المسجد وانه خطيئة وكفارته دفنه أو إخراجه من المسجد حمل بعض العلماء النهي على التنزيه وحمله بعضهم على التحريم وهو الاظهر ونقل العيني عن القرطبي تحريم البصاق في القبلة قال فان الدفن لا يكفيه قيل هو كما قال وقيل دفنه كفارته وقيل النهى فيه للتنزيه والأصح انه للتحريم وفي صحيحي ابن خزيمة وابن حبان من حديث حذيفة مرفوعا " من تفل تجاه القبلة جاء يوم القيامة وتفله بين عينيه" اهـ (قال النووي رحمه الله) واعلم ان البزاق في المسجد خطيئة وعليه أن يكفر هذه الخطيئة بدفن البزاق هذا هو الصواب ان البزاق خطيئة كما صرح به رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها ان البزاق والمخاط والنخاعة طاهرات وهذا لا خلاف فيه بين المسلمين الا ما حكاه الخطابي عن ابراهيم النخعي انه قال البزاق نجس ولا أظنه يصح عنه وفيها ان البصاق لا يبطل الصلاة وكذا التنخع ان لم يتبين منه حرفان أو كان أو كان مغلوبا عليه وفيها أيضا تعظيم المساجد وجهتي القبلة واليمين وجواز البزاق جهة اليسار أو نحن القدم عند الضرورة وفيها انه صلى الله عليه وسلم علم الأمة جميع الآداب حتى كيف ... وفيها غير ذلك (12) الشرعية والله اعلم اهـ م

-[أبواب المساجد - الفتح الربانى]- (6) باب صيانة المساجد من الروائح الكريهة (333) عن عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه أنَّه قال فى خطبةٍ (1) له ثمَّ إنَّكم أيُّها النَّاس تأكلون من شجرتين لا أراهما إلا خبيثتين هذا الثَّوم والبصل وايم الله لقد كنت أرى النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم يجد ريحها من الرَّجل فيأمر به فيؤخذ بيده فيخرج به من المسجد حتَّى يؤتى به البقيع، فمن أكلها لابدَّ فليمتها طبخًا (2) (334) عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال (3) من أكل من هذه الشَّجرة فلا يأتينَّ المساجد (335) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكل من هذه الشَّجرة يعنى الثَّوم فلا يؤذينَّا فى مسجدنا، وقال فى موضعٍ آخر فلا يقربنَّ مسجدنا ولا يؤذينا بريح الثُّوم

_ (333) عن عمر بن الخطاب (غريبة) (1) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في الباب الرابع من سيرة عمر في خطبه رضي الله عنه (2) معناه من أراد أكلهما فليمت رائحتها بالمطبخ واماته كل شيء كسر قوته وحدته ومنه قولهم قتلت الخمر إذا مزجها بالماء وكسر حدتها (تخريجه) (م. نس) (334) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يحيي عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر (الحديث) (غريبة) (3) رواية مسلم قال في غزوة خيبر من أكل من هذه الشجرة يعني الثوم فلا يأتين المساجد وعنده من رواية أخرى عن ابن شمر أيضا يرفعه (من أكل من هذه البقلة فلا يقربن مساجدنا حتى يذهب ريحها يعنى الثوم) (تخريجه) (ق. د. وغيرهم) (335) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (م وغيره)

-[كراهة دخول المسجد بالرئحة الكريهة]- (336) عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه لم نعد (1) أن فتحت خيبر وقعنا فى تلك البقلة فأكلنا منها أكلًا شديدًا وناسٌ جياعٌ، ثم رحنا إلى المسجد فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الرِّيح، فقال من أكل من هذه الشجرة الخبيثة (2) شيئًا قلا يقربنَّا فى المسجد، فقال النّاس حرِّمت حرَّمت! فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيها النَّاس، إنَّه ليس لى تحريم ما أحلَّ الله ولكنَّهما شجرةٌ أكره ريحها (337) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أكل ثومًا أو بصلًا فليعتزلنا، أو قال فليعتزل مسجدنا وليقعد فى بيته (338) عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال أكلت ثومًا ثمَّ

_ (336) عن أبى سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا اسماعيل انا الجريرى عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخ (1) أى لم نتجاوز فتح خيبر (2) سماها خبيثة لقبح رائحتها، (قال أهل اللغة) الخبيث فى كلام العرب المكروه من قول أو فعل أو مال أو طعام أو شراب أو شخص قاله النووى م. (تخريجه) (م. وغيره) (337) عن جابر بن عبد الله حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن عبد الله حدثنا ابو صفوان وسماه فى غير هذا الحديث عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان اخبرنى يونس بن يزيد عن ابن شهاب حدثنى عطاء ان جابر بن عبد الله زعم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أكل الخ (وقوله زعم) هنا ليست للشك لانها تأتى فى القول المحقق والصدق الذى لاشك فيه كقوله زعم جبريل كذا وتقدم الكلام عليها فى الباب الثالث من كتاب الايمان (تخريجه) (ق. نس. مذ) (338) عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سليمان بن المغبرة عن حميد بن هلال عن أبى بردة عن المغيرة بن شعبة الخ

-[كلام العلماء فى حكم من دخل المسجد بالروائح الكريهة]- أتيت مصلَّى النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم فوجدته قد سبقنى بركعةٍ فلمَّا صلَّى قمت أقضى فوجد ريح الثُّوم، فقال من أكل هذه البقلة فلا بقر بنَّ مسجدنا حتَّى يذهب ريحها، قال فلمَّا قضيت الصَّلاة أتيته فقلت يا رسول الله إنَّ لى عذرًا، ناولنى يدك، قال فوجدته والله سهلًا (2) فناولنى يده فأدخلها فى كمِّى إلى صدرى فوجده معصوبًا (3) فقال إنَّ لك عذرًا

_ (غريبه) (1) أى مسجده، (2) أى حيث قد أجاب طلبه وناوله يده بسهولة (3) أى لمرض، به والظاهر ان مرضه هذا كان يستدعى أكل الثوم للتداوى، قال صاحب بذل المجهود فى شرح سنن أبى داود (ومعنى قوله ان لك عذرًا) ليس هو الرخصة فى أكل الثوم ودخول المسجد بريحه، بل المعنى انك معذور فى أكله وان لم يكن حرامًا من دون العذر أيضًا الا أنه ليس لك دخول المسجد قبل ازالة الرائحة عن فيك هكذا قال اهـ والله أعلم (تخريجه) (د. مذ) وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب فيها التصريح بنهى من أكل الثوم والبصل عن دخول كل مسجد قال النووى رحمه الله وهذا مذهب العلماء كافة الا ما حكاه القاضى عياض عن بعض العلماء ان النهى هـ=خاص فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم فى بعض روايات مسلم ((فلا يقربن مسجدنا)) وحجة الجمهور ((فلا يقربن المساجد)) ثم ان هذا النهى انما هو عن حضور المساجد لا عن أكل الثوم والبصل ونحوهما، فهذه البقول حلال باجماع من يعتد به، وحكى القاضى عياض عن أهل الظاهر تحريمها لانها تمنع من حضور الجماعة وهى عندهم فرض عين، وحجة الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم فى احاديث الباب ((كل فانى اناجى من لا تناجى)) وقوله صلى الله عليه وسلم أيها الناس انه ليس لى تحريم ما أحل الله لى (قلت) هذان الحديثان عند مسلم ورواهما الامام احمد أيضًا وسيأتيان فى كتاب الاطعمة فى الباب السادس من أبواب ما يباح اكله (قال النووى) قال العلماء ويلحق بالثوم والبصل والكراث كل ما له رائحة كريهة من المأكولات وغيرها (قال القاضى) ويلحق به من أكل فجلًا وكان يتجشى، قال وقال ابن المرابط ويلحق به من به بخر فى فيه أو به جرح له رائحة، (قال القاضى) وقاس العلماء عن هذا مجامع الصلاة غير المسجد كمصلى العيد والجنائز ونحوها من مجامع العبادات وكذا مجامع العلم والذكر والولائم ونحوها ولا يلتحق بها الاسواق ونحوها (قال النووى) وقد اختلف اصحابنا فى الثوم هل كان حرامًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ام كان يتركه تنزهًا وظاهر هذا الحديث (يعنى قوله صلى الله عليه وسلم ايها الناس انه ليس لى تحريم ما أحل الله لى ولكنها شجرة أكره

-[كراهة البيع والشراء فى المسجد]- (7) باب جامع فيما تصان عند المساجد (339) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشِّراء والبيع فى المسجد، وأن تنشد فيه الأشعار، (1) وأن تنشد فيه الضَّالَّة (2) وعن الحلق يوم الجمعة قبل الصَّلاة (340) عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البيع والاشتراء في المسجد

_ ريحها أنه ليس بمحرم عليه صلى الله عليه وسلم ومن قال بالتحريم يقول المراد ليس أن أحرم على أمتي ما أحل الله لها اهـ م (339) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحي ابن عجلان ثنا عمرو بن شعيب الخ (غريبة) (1) أي المذمومة كالمباهاة والافتخار لا ما كانت في الزهد وذم الدنيا والدفاع عن الاسلام كما فعل حسان فقد ثبت عند البخاري والامام احمد وغيرهما وسيأتي في الباب التالي نه أنشد الشعر في المسجد يدافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بل قال له النبي صلى الله عليه وسلم اجب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعا له فقال اللهم أيده بروح القدس (2) بتشديد اللام الضائعة من كل ما يقتني من الحيوان وغيره يقال ضل الشيء إذا ضاع قال في المصباح الضالة مختص بالحيوان ويقال لغير الحيوان ضائع ولقيط اهـ ويقال نشدت الدابة إذا طلبتها وعرفتها وانشتها إذا عرفت فالنشد يستعمل في الطلب والتعريف بخلاف الانشاد فانه يستعمل في التعريف فقط (وقوله عن الحلق) بكسر الحاء وفتح اللام جمع حلقة بفتح الحاء وسكون اللام أي القعود حلقا حلقا لانه يقطع الصفوف مع كونهم مأمورين يوم الجمعة بالتبكير والتراص في الصفوف فيكره عل جميع المذكورات والله أعلم (تخريجه) (الاربعة) وحسنه الترمذي (340) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن اسحق انا عبد الله يعني ابن المبارك حدثني اسامة بن زيد حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو يعني ابن العاص الخ (تخريجه) (جه) وفي إسناده أسامة بن زيد بن أسلم العدوي المدني ضعفه الامام احمد وابن معين من قبل حفظه وسنده عند بن ماجه جيد

-[كراهة نشد الضالة في المسجد]- (341) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سمع رجلًا ينشد فى المسجد ضالَّةً فليقل له لأدَّاها الله إليك (1) فإنَّ المساجد لم تبن لهذا (2) (342) عن سليمان بن بريدة عن أبيه بريدة الأسلمىِّ أنَّ أعرابيًا قال فى المسجد من دعا للجمل الأحمر بعد الفجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا وجدته لا وجدته، إنَّما بنيت هذه البيوت قال مؤملٌ هذه المساجد لما بنيت له (343) عن حكيم بن حزامٍ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقام الحدود فى المساجد (3) ولا يستفاد فيها (زاد فى وراية غير مرفوعة) ولا ينشد فيها الأشعار

_ (341) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابو عبد الرحمن المقري حدثنا حيوة قال سمعت ابا الاسود يقول اخبرني ابو عبد الله مولى شداد انه سمع ابا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) أي لا أوصلها الله اليك وعند مسلم لا ردها الله عليك وعند النسائي لا وجدت فهو دعاء عليه (2) أي لنشد الضالة بل ينيت لذكر الله تعإلى والصلاة وتعليم العلم كما في رواية (تخريجه) (م. د. جه) (342) عن سليمان بن بريدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الله ابن الوليد ومؤمل قال ثنا سفيان ثنا علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه "الحديث" (تخريجه) (م. وغيره) (343) عن حكيم بن حزام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا محمد ابن عبد الله الشعيثي عن العباس بن عبد الرحمن المدني عن حكيم بن حزام "الحديث" (غريبة) (3) قال المناوى صونا لها وحفظا لحرمتها فيكره اهـ (وقوله ولا يستقاد) القود القصاص وقتل القاتل بدل القتيل وتقدم الكلام على انشاد الشعر في المسجد (تخريجه) (د. قط. ك. هق. وابن السكن) قال الحافظ في التلخيص ولا باس بإسناده وقال في بلوغ المرام إسناده ضعيف وفي الباب عن ابن عباس عند الترمذي وابن ماجة وفيه اسماعيل ابن مسلم المكي وهو ضعيف من قبل حفظه أفاده الشوكاني

-[كراهة وضع شئ فى المسجد يلهى المصلين]- (344) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا علىُّ بن إسحاق قال أنا عبد الله قال أنا محمَّد بن عبد الرَّحمن عن منصور بن عبد الرَّحمن عن أمِّه (1) عن أمِّ عثمان ابنة سفيان وهى أمُّ بنى شيبة الأكابر قال محمَّد بن عبد الرَّحمن وقد بايعت النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم دعا شيبة (2) ففتح فلمَّا دخل البيت ورجع وفرغ، ورجع شيبة، إذا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجب، فأتاه فقال إنِّى رأيت فى البيت قرنًا فغيِّبه، قال منصورٌ فحدَّثنى عبد الله بن مسافع عن أمِّى عن أمِّ عثمان بنت سفيان أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم قال له فى الحديث فإنَّه لا ينبغى أن يكون فى البيت شئ لا يلهى المصلِّين (ومن طريقٍ ثانٍ) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا سفيان قال حدَّثنى منصورٌ عن خالة مسافع (3) عن صفيَّة بنت شيبة أمَّ منصورٍ قالت أخبرتني امرأةٌ من بنى سليمٍ (4) ولدت عامَّة أهل دارنا، أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن طلحة، وقال مرَّة إنَّها سألت عثمان بن طلحة لم دعاك النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم؟ قال قال لى إنِّى كنت رأيت قرنى الكبش (5) حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمِّرهما (6)

_ (344) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) هي صفية بنت شيبة القرشية العبدرية وقد جاءت مسماة في الطريق الثانية من هذا الحديث واختلف في صحبتها وقد جاءت أحاديث ظاهرة في صحبتها (2) هكذا بالأصل دعا شيبة والذي في الكتب الستة وغيرها أن الذي دعاه النبي صلى الله عليه وسلم لفتح باب الكعبة هو عثمان بن طلحة وكذلك عند الامام أحمد في غير هذه الرواية عثمان بن طلحة بل ف يالطريق الثانية عثمان بن طلحة وهي الرواية المعتمدة وعثمان ابن طلحة المذكور هو القرشي العبدري الحجي بفتح الحاء المهملة وبعدها جيم مفتوحة وباء موحدة منسوب إلى حجابة بيت الله الحرام شرفه الله تعإلى وهم جماعة من بني عبد الدار واليهم حجابة الكعبة وكانت هذه القصة في فتح مكة سنة ثمان من الهجرة (3) هو ابن ابي شيبة أخو صفية بنت شيبة (4) سليم بالتصغير والظاهر أن هذه المرأة هي أم عثمان بنت سفيان المذكورة في الطريق الاولى (5) أي كبش ابراهيم الذي فدى به اسماعيل عليهما الصلاة والسلام (6) أي تغطيهما وتسترهما عن أعين الناس وقد ذكر العلة وهي اشتغال المصلى

-[تاريخ وقعة الحرة بالمدينة واحتراق الكعبة بمكة]- فخمِّرهما، فإنَّه لا ينبغى أن يكون فى البيت شئٌ يشغل المصلىِّ، قال سفيان لم تزل قرنا الكبش فى البيت، حتَّى احترق البيت (1) فاحترقا (345) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوم السَّاعة حتى يتباهى (2) النَّاس في المساجد (346) عن الحضرمىِّ بن لاحق عن رجلٍ من الأنصار أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا وجد أحدكم القملة في ثوبه فليصرَّها (3) ولا يلقها في المسجد

_ (1) كان ذلك في الخلافة المشؤومة خلافة يزيد بن معاوية بعد وقعة الحرة بالمدينة ثم سار الجيش إلى مكة وحاصروا بها ابن الزبير وقاتلوه ورموه بالمنجنيق وذلك في صفر سنة أربع وستين وأحرقت من شرارة نيرانهم استار الكعبة وسقفها وقرنا الكبش الذي فدى الله به اسماعيل وكانا في السقف وأهلك الله يزيد في نصف شهر ربيع الاول من ذلك العام كدا في تاريخ الخلفاء للحافظ السيوطي (تخريجه) (د. وغيره) وقصة المفتاح رواها (ق والاربعة) والامام احمد من طرق اخرى (345) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عبد الله حدثني ابي ثنا حماد سلمة عن أيوب عن ابي قلابة عن أنس بن نالك الحديث (غريبه) (2) أي يتفاخرون في بناء المساجد والمباهاة بها كما في رواية البخاري أن يتفاخروا بها بالنقش والكثرة وروي في شرح السنة بسنده عن أبي قلابة قال غدونا مع أنس بن مالك إلى الزاوية فحضرت صلاة الصبح فمررنا بمسجد فقال أنس أي مسجد هذا؟ قالوا مسجد احدث الآن فقال أنس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "سيأتي على الناس زمان يتباهون في المساجد ثم لا يعمرونها الا قليلا" (تخريجه) (خز والاربعة) واورده البخاري عن أنس تعليقا ووصله أبو يعلى وحديث الباب صححه ابن خزيمة (346) عن الحضرمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسماعيل حدثني حجاج الصواف عن يحي بن أبي كثير عن الحضرمي الخ (غريبه) (3) أي فليقبض عليها في ثوبه حتى يخرجها من المسجد ولا يلقها فيه حية ويقتلها (فان قيل) ثبت في مسند الامام احمد ان ابا امامة كان يتفلى في المسجد ويدفن القمل في الحصى وتقدم ذلك في الباب الثالث من أبواب الوضوء (قلت) يحمل على أنه كان يدفنه بعد قتله وهذا ليس بمحظور أنما المحظور القاء القملة في المسجد حية لئلا تؤذي غيره وقد ثبت قتل القمل في المسجد عند الطبراني في الكبير بسنده عن مالك بن يخامر قال "رأيت معاذ بن جبل

-[كراهة طرح القمل في المسجد وقصة بول الأعرابى]- (347) عن طلحة بن عبيد الله يعنى بن كرزٍ عن شيخٍ من أهل مكَّة من قريش قال وجد رجلٌ في ثوبه قملةً فأخذها ليطرحها في المسجد، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفعل، اردها في ثوبك حتَّى تخرج من المسجد (348) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا في المسجد وأصحابه معه إذ جاء أعرابىٌّ فبال في المسجد، فقال أصحابه مه مه (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزرموه (2) دعوه، ثمَّ دعاه فقال له إنَّ هذه المساجد لا تصلح لشئ من القذر والبول والخلاء أو كما فال رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنَّما هي لقراءة القرآن وذكر الله والصَّلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ يقتل القمل والبراغيث في المسجد " قال الهيثمي ورجاله موثقون (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله موثقون (347) عن طلحة بن عبيد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا محمد ابن عبيد ثنا محمد بن اسحاق عن طلحة بن عبيد الله الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات الا ان محمد بن اسحاق عنعنه وهو مدلس اهـ (348) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا عكرمة بن عمار ثنا اسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الانصاري عن عمه أنس بن مالك الحديث (غريبة) (1) اسم فعل مبني على السكون معناه اكفف وقال صاحب المطالع هي كلمة زجر اصلها ما هذا ثم حذف تخفيفا وتقال مكررة وفردة ومثله به به بالباء الموحدة (2) بضم التاء الفوقية واسكان الزاي بعدها راء أي لا تقطعوا عليه بوله والازرام القطع وقطع البول فجأة يضر بصاحبه ولذل نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك رأفة بالرجل (وقوله ان هذه المساجد الخ) قال الشوكاني مفهوم الحصر مشعر بعدم جواز ماعدا هذه المذكورة من الأقذار والقذى والبصاق ورفع الصوت والخصومات والبيع والشراء وسائر العقود وانشاد الضالة والكلام الذي ليس بذكر وجميع الامور التي لا طاعة فيها واما التي فيها طاعة كالجلوس في المسجد للاعتكاف والقراءة للعلم وسماع الموعظة وانتظار الصلاة ونحو ذلك فهذه الامور وان لم تدخل في المحصور فيه لكنه أجمع المسلموت على جوازها كما حكاه النووي فيخصص مفهوم الحصر بالامور التي فيها طاعة لائقة بالمسجد لهذا الاجماع وتبقى الامور التي لا طاعة

-[مذاهب العلماء فى أحكام تتعلق بالمسجد]- لرجل من القوم قم فأتنا بدلو من ماء فشنه عليه (1) فأتاه بدلو من ماء فشنه عليه

_ فيها داخلة تحت المنع وحكي الحافظ في الفتح الاجماع على ان مفهوم الحصر منه غير معمول به قال ولا ريب ان فعل غير المذكورات ومافي معناها خلاف الاولى (1) يروي بالشين المعجمة والسين المهملة قال النووي وهو في أكثر الاصول والروايات بالمعجمة ومعناه صبه وفرق بعض العلماء بينهما فقال هو بالمهملة الصب بسهولة وبالمعجمة التفريق في صبه وتقدم الكلام على فقه الحديث في الباب الرابع من أبواب تطهير النجاسة والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) لكن ليس للبخاري فيه "ان هذه المساجد" إلى تمام الامر بتنزيهها (الأحكام) في أحاديث الباب دلالة على تحريم البيع والشراء وانشاد الضالة وانشاد الاشعار والتحلق يوم الجمعة قبل الصلاة (أما البيع والشراء) فذهب جمهور العلماء إلى ان النهى محمول على الكراهة قال العراقي وقد أجمع العلماء على أن ما عقد من البيع في المسجد لا يجوز نقضه وهكذا قال الماوردي قال الشوكاني وأنت خبير بان حمل النهى على الكراهة يحتاج إلى قرينة صارفة عن المعنى الحقيقي الذي هو التحريم عند القائلين بان النهي حقيقة في التحريم وهو الحق وإجماعهم على عدم جواز النقض وصحة العقد لا منافاة بينه وبين التحريم فلا يصح جعله قرينه لحمل النهي على الكراهة وذهب بعض اصحاب الشافعي إلى انه لا يركه البيع والشراء في المسجد والأحاديث ترد عليه وفرق أصحاب ابي حنيفة بين أن يغلب ذلك ويكثر فيكره أو يقل فلا كراهة وهو فرق لا دليل عليه (وأما إنشاد الأشعار) في المسجد فحديث الباب ومافي معناه يدل على عدم جوازه ويعارضه ما سيأتي في الباب التالي من قصة عمر وحسان وتصريح حسان بانه كان ينشد الشعر بالمسجد وفيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جمع بين الأحاديث بوجهين (الاول) حمل النهى على التنزبه والرخصة على بيان الجواز (والثاني) حمل أحاديث الرخصة على الشعر الحسن المأذون فيه كهجاء حسان للمشركين ومدحه النبي صلى الله عليه وسلم وغير ذلك ويحمل النهى على التفاخر والهجاء ونحو ذلك ذكر هذين الوجهين العراقي في شرح الترمذي وقال الشافعي رحمة الله الشعر كلام فحسنه حسن وقبيحه قبيح وقد ورد هذا مرفوعا عن عائشة عند أبي يعلى وحسنة العراقي (وفيها أيضا) النهى عن رفع الصوت بنشد الضالة وما في معناه من البيع والشراء والإجارة والعقود كما تقدم وفيها دليل على جواز الدعاء على الناشد في المسجد بعدم الوجدان معاقبة له على فعله ومعاملة له بنقيض قصده قال ابن رسلان ويلحق بذلك من رفع صوته فيه بما يقتضي مصلحة ترجع إلى الرافع

-[مذاهب العلماء فى أحكام تتعلق بالمساجد]- .....

_ صوته وقال مالك وجماعة من العلماء يكره رفع الصوت في المسجد بالعلم وغيره واجاز أبو حنيفة ومحمد بن مسلمة من أصحاب مالك رفع الصوت فيه بالعلم والخصومة وغير ذلك مما يحتاج اليه الناس لانه مجمعهم ولابد لهم منه (وفيها أيضا) دليل على تحريم إقامة الحدود في المساجد وتحريم الاستقادة فيها لان النهى حقيقة في التحريم ولا صارف له ههنا عن معناه الحقيقي وفي أحاديث الباب أيضا دلل على كراهة تزيين المحاريب وغيرها مما يستقبله المصلي بنقش أو تصوير مما يلهي وعلى أن تخمير التصاوير مزيل لكراهة الصلاة في المكان الذي فيه لارتفاع العلة وهي اشتغال قلب المصلي بالنظر اليها وفيها أيضا كراهة التفاخر والمباهاه ببناء المساجد وتشييدها وزخرفتها قال الشوكاني وقد روي عن ابي حنيفة الترخيص في ذلك وروي عن ابي طالب انه لا كراهه في تزيين المحراب وقال المنصور بالله انه يجوز في جميع المسجد وقال البدر بن المنير لما شيد الناس بيوتهم وزخرفها ناسب أن يصنع ذلك بالمساجد صونا لها عن الاستهانة وتعقب بان المنع ان كان للحث على اتباع السلف في ترك الرفاهية فهو كما قال وان كان لخشبة شغل بال المصلي بالزخرفة فلا لبقاء العلة ومن جملة ما عول عليه المجوزون للتزيين بان السلف لم يحصل منهم الانكار على من فعل ذلك وبانه بدعة مستحسنة وبانه مرعب إلى المسجد وهذه حجج لا يعول عليها من له حظ من التوفيق لا سيما مع مقابلتها للأحاديث الدالة على ان التزيين ليس من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وانه نوع من المباهاة المحرمة وانه من علامات الساعة كما روي عن علي عليه السلام وانه من صنع اليهود والنصارى وقد كان صلى الله عليه وسلم يحب مخالفتهم ويرشد اليها عموما وخصوصا ودعوى ترك انكار السلف ممنوعة لان التزيين بدعة أحدثها أهل الدول الجائرة من غير مؤاذنة لأهل العلم والفضل وأحدثوا من البدع مالا يأتي عليه الحصر ولا ينكره أحد وسكت العلماء عنهم تقية لا رضا بل قام في وجه باطلهم جماعة من علماء الآخرة وصرخوا بين اظهرهم بنعى ذلك عليهم ودعوى انه بدعة مستحسنة باطلة للحديث الصحيح " من عمل عملا ليس عليه امرنا فهو رد" ودعوى انه مرغوب إلى المسجد فاسدة لان كونه داعيا إلى المسجد ومرغبا اليه لا يكون الا لمن كان غرضه وغاية قصده النظر إلى تلك النقوش والزخرفة فأما من كان غرضه قصد المساجد لعبادة الله التي لا تكون عبادة على الحقيقة الا مع خشوع والا كانت كجسم بلا روح فليست الا شاغلة عن ذلك كما فعله صلى الله عليه وسلم في الانبجانية التي بعث بها إلى أبي جهنم وكهتكه للستور التي فيها نقوش وتقويم البدع المعوجة التي يحدثها الملوك توقع أهل العلم في المسالك الضيقة فيتكلمون في ذلك من الحجج الواهية ما لا ينفق إلا على بهيمة اهـ بتصرف في بعض الألفاظ قلت وفي الباب

-[جواز النوم فى المسجد]- (8) باب ما يباح قعد فى المساجد (349) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كنَّا فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم تنام فى المسجد فقيل فيه ونحن شبابٌ (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (1) قال ما كان لى مبيتٌ ولا مأوى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلاَّ فى المسجد (350) عن عبَّاد بن تميم عن عمِّه أنَّه أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم مستلقيًا فى المسجد على ظهره واضعًا إحدى رجليه على الأخرى (351) حدَّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا إسحاق بن عيسى ثنا ابن لهيعة قال

_ عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما أمرت بتشييد المساجد" قال ابن عباس لتزخرفنها اليهود والنصارى رواه ابو داود وصححه ابن حبان قال محيي السنة انهم زخرفوا المساجد (يعني اليهود والنصارى) عند ما بدلوا دينهم وحرفوا كتبهم وانتم تصيرون إلى مثل حالهم وسيصير امركم إلى المرآآه بالمساجد والمباهاة بتشييدها وتزيينها قال ابو الدرداء إذا حليتم مصاحفكم وزوقتم مساجدكم فالدمار عليكم قال ابن رسلان وهذا الحديث فيه معجزة ظاهرى لاخباره صلى الله عليه وسلم عما سيقع بعده فان تزويق المساجد والمباهاة بزخرفتها كثر من الملوك والامراء في هذا الزمان بالقاهرة والشام وبيت المقدس باخذهم اموال الناس ظلما وعمارتهم بها المدارس على شكل بديع نسأل الله الصحة والعافية اهـ (وفي أحاديث الباب أيضا) النهى عن القاء القمل ودفنه حيا في المسجد والبول فيه وقد تقدم الكلام على ذلك والله أعلم (8) باب ما يباح فعله في المساجد (349) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ادريس أنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (1) وعنه من طريق ثان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا العمري عن نافع عن ابن عمر قال ما كان لي الخ (تخريجه) (خ. نس. د) (350) عن عباد بن تميم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ان محمد عن ابن جريج قال أخبرني يحي بن جرحة عن ابن شهاب عن عباد بن تميم الخ (مخرجه) (ق. وغيرهما) (351) حدثنا عبد الله الخ (تخريجه) أورده الهيثمي هكذا عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم في المسجد قلت لابن عيينة في مسجد بيته؟ قال لا في مسجد

-[حكم اللعب بالحراب فى المسجد وإنشاد الشعر فيه]- كتب إلىَّ موسى بن عقبة يخبرنى عن بسر بن سعدٍ عن زيد بن ثابتٍ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتجم فى المسجد، قلت لابن لهيعة فى مسجد بيته؟ قال لا، فى مسجد الرَّسول صلى الله عليه وآله وسلَّم (352) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد والحبشة يلعيون فزجرهم (1) عمر، فقال النَّبى صلى الله عليه وسلم دعهم يا عمر، فإنَّهم بنو أرفدة (2) (353) عن سعيد (بن المسيَّب) قال مرَّ عمر رضى الله عنه بحسَّان بن ثابت وهو ينشد (وفى روايةٍ وهو ينشد الشِّعر) فى المسجد فلحظ إليه (3) ((وفى رواية فقال في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم تنشد الشِّعر؟)) قال

_ الرسول صلى الله عليه وسلم رواه أحمد وفيه ابن طيعة وفيه كلام وذكر مسلم في كتاب التمييز ان ابن طيعة أخطأ حيث قال احتجم بالميم وإنما هو احتجز أي اتخذ حجرة والله أعلم اهـ (352) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن مصعب ثنا الاوزاعي عن الزهري عن سعيد عن ابي هريرة الخ (غريبه) (1) في رواية الزهري أيضا عن سعيد عن أبي هريرة عند البخاري غي الجهاد قال فاهوى إلى الحصباء فخصبهم بها فقال النبي صلى الله عليه وسلم دعهم يا عمر (2) بفتح الهمزة وسكون الراء وكسر الفاء وقد تفتح قيل هو لقب للحبشة وقيل هو اسم جنس لهم وقيل اسم جدهم الاكبر وكأنه يعني بالتعليل أن هذا شأنهم وطريقهم وهو من الأمور المباحة فلا انكار عليهم قال المحب الطبري فيه تنبيه على أنه يغتفر لهم مالا يغتفر لهم لغيرهم لأت الأصل في المساجد تنزيهها عن اللعب فيقتصر على ما ورد فيه النص اهـ وروى السراج من طريق أبي الزناد عن عروة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال يومئذ "لتعلم يهود أن في ديننا فسحة أني بعثت بحنيفية سمحة" وهذا يشعر بعدم التخصيص وكأن عمر بني على الأصل في تنزيه المساجد فبين له النبي صلى الله عليه وسلم وجه الجواز فيما كان هذا سبيله أو لعله لم يكن على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يراهم أفاده الحافظ ف (تخريجه) (ق. وأبو عوانة في صحيحه وغيرهم) (353) عن سعيد بن المسيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ابن عيينة عن الزهري عن سعيد الخ (غريبة) (3) أي نظر اليه نظرة إنكار

-[كلام العلماء فيما يجوز فعله فى المسجد]- كنت أنشد وفيه من هو خيرٌ منك (1) ثمَّ التفت إلى أبى هريرة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أجب عنِّى اللهمَّ أيِّده بروح القدس؟ (2) قال نعم (زاد فى رواية قال فانصرف عمر وهو يعرف أنَّه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم) (9) باب النهى عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد للتبرك والتعظيم (354) عن عبد الله بن عبَّاس وعن عائشة رضى الله عنهما أنَّهما قالا لما

_ (1) يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) أي قوة وروح القدس المراد به هنا جبريل عليه السلام بدليل حديث البراء عند البخاري بلفظ "وجبريل معك" والمراد بالإجابة الرد على الكفار الذين هجوا رسول صلى الله عليه وسلم وفي الترمذي من حديث عائشة قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصب لحسان منبرا في المسجد فيقوم عليه يهجو الكفار) وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال هذا حدث صحيح الاسناد اهـ (تخريجه) (ق. وغيرهم) (الأحكام) في أحاديث الباب جواز النوم في المسجد وقد ذهب إلى ذلك الجمهور وروي عن عباس كراهه إلا لمن يريد الصلاة وعن ابن مسعود مطلقا وعن مالك التفصيل بين من له مسكن فيكره وبين من لا مسكن له فيباح وثبت عند البخاري ان النبي صلى الله عليه وسلم جاء وعلي مضطجع ف يالمسجد قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسحه ويقول قم أبا تراب (وفيها أيضا) جواز الاستلقاء في المسجد ووضع احدى الرجلين على الاخرى قال الخطابي فيه ان النهي الوارد عن ذلك منسوخ او يحمل النهي حيث يخشى ان تبدو عورته والجواز حيث يؤمن من ذلك قال الحافظ والثاني اولى من ادعاء النسخ لأنه لا يثبت بالاحتمال وممن جزم به البيهقي والبغوي وغيرهما (وفيها أيضا) جواز الحجامة في المسجد ان ثبت الحديث في ذلك بشرط عدم تلويث المسجد بشيء من الدم وقد علمت ما في الحديث وفيها أيضا جواز اللعب بالحراب في المسجد بقصد التدريب لحرب العدو لا لمجرد اللعب قال الحافظ واللعب بالحراب ليس لعبا مجردا قيل فيه تدريب الشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو قال وقال المهلب المسجد موضوع لأمن جماعة المسلمين فما كان من الأعمال يجمع منفعة الدين وأهله جاز فيه اهـ وفي أحاديث الباب أيضا) جواز انشاد الشعر في المسجد وقد تقدم الجمع بين حديث الباب وبين ما يعارضه في الباب السابق والله اعلم (9) باب النهى عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد للتبرك والتعظيم (354) عن عبد الله بن عباس الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن عبد الله بن عباس الخ

-[التحذير من اتخاذ القبور مساجد]- نزل (1) برسول الله صلى الله عليه وسلم طفق (2) يلقى خميصته على وجهه فإذا اغتمَّ (3) رفعناها عنه وهو يقول لعن الله اليهود والنَّصارى، اتَّخذوا قبور أنبيائهم مساجد (4) تقول عائشة يحذِّرهم مثل الَّذى صنعوا (355) عن عائشة رضى الله عنها أن أمَّ حبيبة وأمَّ سلمة ذكرتا كنيسةً رأينها بالحبشة (وفى رواية تذاكروا عند النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم فى مرضه فذكرت أمُّ سلمة وأمُّ حبيبة كنيسةً رأينها فى أرض الحبشة) فيها تصاوير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ أولئك إذا كان فيهم الرَّجل الصَّالح فمات بنوا على قبره مسجدًا وصوَّروا فيه تلك الصُّور، أولئك شرار الخلق عند الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة (356) وعنها رضى الله عنها قالت كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم خميصةٌ سوداء حين اشتدَّ به وجعه قالت فهو يضعها مرَّة على وجهه ومرَّة يكشفها

_ (غريبه) (1) بضم النون وكسر الزاي قال النووي هكذا ضبطناه قال وفي اكثر الاصول بفتح الحروف الثلاثة وبتاء التأنيث الساكنة أي لما حضرت المنية أو الوفاه واما الاول فمعناه نزل ملك الموت والملائكة الكرام اهـ (2) يقال طفق بكسر الفاء وفتحها أي جعل الكسر افصح واشهر وبه جاء القرآن وممن حكى الفتح الاخفش والجوهري والخميصة كساء له اعلام قاله النووي م (3) أي إذا احتبس نفسه عن الخروج وهو افتعل من الفم التغطية والستر (نه) (4) ظاهرة انهم كانوا يجعلونها مساجد يصلون فيها وقيل هو اعم من الصلاة عليها وفيها (تخريجة) (ق. وغيرهم) (355) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابى يحيى عن هشام قال ابي ووكيع ثنا هشام المعنى قال حدثني ابي عن عائشة (الحديث) (تخريجه) (ق. نس) (356) وعنها رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يعقوب قال ثنا ابي عن ابن اسحاق عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عتبة أن

-[التحذير من اتخاذ القبور مساجد وكلام العلماء فى ذلك]- عنه ويقول قاقل الله قومًا (1) اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحرِّم ذلك على أمته

_ عائشة قالت كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) عند مسلم قاتل الله اليهود كما عند الامام احمد في رواية اخرى ومعناه لعنهم كما في رواية وقيل معناه قتلهم واهلكهم (تخريجه) (ق. وغيرهما) وفي الباب عند مسلم بسنده إلى عبد الله بن الحارث النجراني قال حدثني جندب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم قبل ان يموت بخمس وهو يقول (اني أبرأ إلى الله ان يكون لي منكم خليل فان الله تعالى قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من امتى خليلا لاتخذت ابا بكرا خليلا الا وان من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد الا فلا تتخذوا القبور مساجد انى أنهاكم عن ذلك) ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم أبرأ أي امتنع من هذا وأنكره والخليل هو المنقطع إليه وقيل المختص بشيء دون غيره قيل هو مشتق من الخلة بفتح الخاء وهو الحاجة وقيل من الخلة بضم الخاء وهي تخلل المودة في القلب فنفي صلى الله عليه وسلم ان تكون حاجته وانقطاعه إلى غير الله تعالى وقيل الخليل من لا يتسع القلب لغيره الأحكام أحاديث الباب تدل على تحريم اتخاذ المساجد على قبور الأنبياء والصالحين لان في الصلاة فيها استنانا بسنة اليهود والنصارى وقد نهينا عن التشبه بهم في العادات فما بالك بالعبادات وقد لعنهم النبي صلى الله عليه وسلم على هذا الاتخاذ احاديث الباب برهان قاطع لمواد النزاع وحجة نيرة على كون هذه الأفعال جالبة للعن واللعن امارة الكبيرة المحرمة بركته في العبادة ومجاروة روح ذلك الميت فقد شمله الحديث شمولا واضحا كشمس النهار ومن توجه اليه في صلاته خاضعا له مستمدا منه فلا شك انه أشرك بالله وخالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في احاديث الباب ومافي معناها ولم تشرع الزيادة في ملة الإسلام إلا للعبرة والزهد في الدنيا وتذكر الآخرة والدعاء بالمغفرة للموتى نسأل الله السلامة قال النووي رحمة الله قال العلماء انما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن اتخاذ قبره وقبر غيره مسجدا خوفا من المبالغة في تعظيمه والافتتان به فربما ادى ذلك الى الكفر كما جرى لكثير من الامم الخالية ولما احتاجت الصحابة رضوان الله عليهم اجمعين والتابعون الى الزيادة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كثر المسلمون وامتدت الزيادة الى ان دخلت بيوت امهات المؤمنين فيه ومنها حجرة عائشة رضي الله عنها مدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ابي بكر وعمر رضي الله عنهما بنوا على القبر حيطانا مرتفعة مستديرة حوله لئلا يظهر في المسجد فيصلي اليه العوام ويؤدي

-[أصل مسجد النبي صلى الله عليه وآله وسلم]- (10) باب جواز نبسن قبور الكفار واتخاذ أرضها مساجد (357) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال كان موضع مسجد النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم لبنى النَّجار وكان فيه نخلٌ وخربٌ (1) وقبورٌ من قبور الجاهليِّة فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثامنونى (2) فقالوا لا نبغى به ثمنًا إلاَّ عند الله عزَّ وجلَّ (3) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنَّخل فقطَّع وبالحرث فأفسد (4) وبالقبور فنبشت (5) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك يصلِّى فى مرابض (6) الغنم حيث أدركته الصَّلاة

_ ألى المحذور ثم بنوا جدارين من ركنيي القبر الشماليين وحرفوهما حتى التقيا حتى لا يتمكن أحد من استقبال القبر ولهذا قال في الحديث يعني حديث مسلم "ولولا ذلك لا برز قبره غير انه خشي أن يتخذ مسجدا" والله تعالى اعلم بالصواب اهـ (10) باب جواز نبش قبور الكفار واتخاذ أرضها مساجد (357) عن انس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يزيد انا حماد بن سلمة عن ابي التياح عن أنس بن مالك "الحديث" (غريبه) (1) بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء قال النووي هكذا ضبطناه وقال القاضي عياض رويناه هكذا ورويناه بكسر الخاء المعجمة وفتح الراء وكلاهما صحيح وهو ما تخرب من البناء لانه كما أمر بقطع النخل لتسوية الارض امر بالخرب فرفعت رسومها وسويت مواضعها لتصير جميع الارض مبسوطة مستوية للمصلين وكذلك فعل بالقبور (2) أي بايعوني (3) قال النووي هذا الحديث كذا هو مشهور في الصحيحين وغيرهما وذكر محمد بن سعد في الطبقات عن الواقدي ان النبي صلى الله عليه وسلم اشتراه منهم بعشرة دنانير دفعها عنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه (4) أي الزرع وقوله فأفسد أي سوى كما في رواية عند ابي داود (فقطع النخل وسوى الحرث) (5) أي قبور المشركين فاخرج ما فيها من العظام وأمر بنبشها لانهم لا حرمة لهم (6) قال أهل اللغة هي مباركا ومواضع مبيتها ووضعها أجسادها على الارض للاستراحة قال ابن دريد ويقال ذلك أيضا لكل دابة من ذوات الحوافر والسباع واستدل بهذا الحديث الإمامان مالك واحمد رحمهما الله وغيرهما ممن يقول بطهارة بول الماكول وروثه وقد سبق الكلام على ذلك في الباب الثاني من أبواب حكم البول في كتاب الطهارة وفيه انه لا كراهة في الصلاة في مراح الغنم بخلاف اعطان الابا وسيأتي الكلام على ذلك والله اعلم (تخريجه) (ق. د. نس) (الأحكام) حديث الباب يدل على جواز بناء المساجد موضع قبور

-[كلام العلماء في اتخاذ المساجد فى المقبرة اذا درست]- (11) باب جواز اتخاذ البيع مساجد (358) عن طلق بن علىّ رضى الله عنه قال وفدنا (1) على النَّبي صلى الله عليه وسلم

_ المشركين بعد نبشها واخراج ما فيها وفيه دليل على ان من لا حرمه لدمه في حياته لا حرمة لعظامه بعد مماته وفيه طلب المبادرة ببناء المساجد اذا احتاج الامر اليها وفيه أيضا دليل على مشروعية البيع والشراء ومنع الغصب وعلى مشروعية التبرع لله عز وجل وجواز قطع الاشجار الغير المثمرة مطلقا والمثمرة للحاجة وعلى جواز الصلاة في مقابر المشكرين بعد نبشها واخراج ما فيها قال الخطابي ان المقابر اذا نبشت ونقل ترابها ولم يبق هناك نجاسة تخالط ارضها فان الصلاة جائزة وانما نهي عن الصلاة في المقبرة اذا كان قد خالط ترابها صديد الموتى ودماؤهم فاذا نقلت عنها زال ذلك الاسم وعاد حكم الارض الى الطهارة اهـ وقال ابن القاسم من المالكية لو ان مقبرة من مقابر المسلمين عفت فبنى قوم عليها مسجدا لم ار بذلك بأسا وذلك لان المقابر وقف من أوقاف المسلمين لدفن موتاهم لا يجوز لاحد ان يملكها فاذا درست واستغنى عن الدفن فيها جاز صرفها الى المسجد لان المسجد أيضا وقف من أوقاف المسلمين لا يجوز تمليكه لاحد وما هو الله فلا بأس أن يستعان ببعضه في بعض وقال ابن وهب منهم أيضا ان المقبرة اذا ضاقت عن الدفن تحرث أي تزرع بعد عشر سنين وقال ابن الماجشون منهم أيضا اذا ضاقت عن الدفن وبجانبها مسجد ضاق باهله لا بأس ان يوسع المسجد ببعضها والمقبرة والمسجد حبس المسلمين وقالت الحنابلة اذا صار الميت رميما جازت زراعة المقبرة وحرثها والبناء عليها والا فلا يجوز وقال العيني من الحنفية ذكر اصحابنا ان المسجد اذا خرب ودثر ولم يبق حوله جماعة والمقبرة اذا عفت ودثرت تعود ملكا لاربابها فاذا عادت ملكا يجوز ان يبنى موضع المسجد دار وموضع المقبرة مسجد وغير ذلك فان لم يكن لها أرباب تكون لبيت المال اهـ وقالت الشافعية يكره البناء في مقبرة غير مسبلة ويحرم في المسبلة سواء اكان البناء فوق الارض ام في باطنها فيجب على الحاكم هدم جميع الابنية التي في القرافة المسبلة للدفن فيها وهي التي جرت عادة أهل البلد بالدفن فيها لانه يضيق على الناس ولا فرق بين أن يكون البناء قبة او بيتا او مسجدا او غير ذلك والله اعلم (11) باب جواز اتخاذ البيع مساجد (358) عن طلق بن علي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا موسى بن داود ثنا محمد بن جابر عن عبد الله بن بدر عن طلق بن علي الخ (غريبه) (1) قال في المختار وفد فلان على الامير أي ورد رسولا وبابه وعد فهو وافد والجمع وفد مثل صاحب وصحب وجمع الوفد أوفاد ووفود والاسم الوفادة بالكسر وأوفده إلى الأمير أرسله اهـ

-[جواز اتخاذ البيع مساجد]- فلمَّا ودَّعنا أمرنى فأتيته بإداوةٍ من ماء فحثا (1) منها ثمَّ مجَّ فيها ثلاثًا ثمَّ أوكأها ثمَّ قال اذهب بها وانضج مسجد قومك (2) وأمرهم أن يرفعوا برؤوسهم أن رفعها الله، قلت إنَّ الأرض بيننا وبينك بعيدةٌ وإنَّها تيبس، قال فإذا يبست فمدَّها (3) (12) باب ما جاء فى اتخاذ المساجد فى البيوت (359) عن سمرة بن جندبٍ رضى الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتَّخذ المساجد فى ديارنا (4) وأمرنا أن ننظِّفها.

_ (1) عند النسائي فاستوهبناه أي سألناه ان يعطينا من فضل طهوره فدعا بماء فتوضأ ومضمض ثم صبه في اداوه الحديث فمعنى قوله في حديث الباب فحثا منها أي اغترف منها فتوضأ وتمضمض ثلاثا ومج ماء المضمضة في الاداوة وقوله ثم اوكأها أي شد رأسها بالوكاء وهو الحبل الذي يشد به رأس القربة ونحوها (2) رواية النسائي فاذا اتيتم ارضكم فاكسروا بيعتكم والضحوا مكانها بهذا الماء واتخذوها مسجدا والبيعة بكسر الباء الموحدة معبد النصارى أو اليود كالمسجد للمسلمين (والنضح) معناه الرش وفيه من التبرك بآثار الصالحين مالا بخفى (3) رواية النسائي قلنا ان البلد بعيد والحر شديد والماء ينشف فقال مدوه من الماء (أي زيدوه ماء) فانه لا يزيده الا طيبا يعني والله أعلم ان فضل الطهور الذي في الاداوة لا يزيد الماء الزائد الا طيبا فيصير الكل طيبا والعكس غير مناسب فتأمل (تخريجه) (نس. طب. طس) (وسنده جيد) (وفي الباب) عن عثمان بن أبي العاص ان النبي صلى الله عليه وسلم أمره أن يجعل مساجد الطائف حيث كان طواغيتهم رواه أبو داود وابن ماجة قال البخاري وقال عمر انا لا ندخل كنائسهم من جل التماثيل التي فيها الصور قال وكان ابن عباس يصلي في البيعة الا بيعة فيها التماثيل (الاحكام) هذا الحديث مع حديث الباب يدلان على جواز جعل الكنائس والبيع وأمكنة الاصنام مساجد وكذلك فعل كثير من الصحابة حين فتحوا البلاد وجعلوا متعبداتهم متعبدات للمسلمين وغيروا محاريبها وفي أُري عمر وابن عباس رضي الله عنهم ما يدل على جواز دخول البيع والصلاة فيها الا اذا كان فيها تماثيل والله أعلم (12) باب ما جاء في اتخاذ المساجد في البيوت (359) عن سمرة بن جندب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ابن النعمان ثنا بقية عن اسحاق بن ثعلبة عن مكحول عن سمرة بن جندب الخ (غريبة) (4) فسر سفيان بن عيينة الدور بالقبائل في رواية عند الترمذي وقال

-[إستحباب تنظيف المساجد وتطييبها]- (360) عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر ببنيان المساجد فى الدور وأمر بها أن تنظَّف (1) وتطيب (361) عن علىِّ بن زيد بن جدعان قال حدَّثنى أبو بكر بن أنس ابن مالك قال قدم أبى من الشَّام وافدًا وأنا معه فلقينا محمود بن الرَّبيع فحدث

_ صاحب المرفاة هو جمع دار وهو اسم جامع للبناء والعرصة والمحلة والمراد المحلات فانهم كانوا يسمون المحلة التي اجتمعت فيها قبيلة دارا أو محمول على اتخاذ بيت في الدار للصلاة كالمسجد يصلي فيه أهل البيت قاله ابن الملك والأول هو المعول وعليه العمل وحكمه أمره صلى الله عليه وسلم لأهل كل محلة ببناء مسجد فيها أنه قد يتعذر او يشق على أهل محلة الذهاب للاخرى فيحرمون أجر المسجد وفضل إقامة الجماعة فيه فأمروا بذلك ليتيسر لاهل كل محلة العبادة في مسجدهم من غير مشقة تلحقهم وقال البغوي قال عطاء لما فتح الله تعالى على عمر رضي الله عنه الا مصار امر المسلمين ببناء المساجد وأمرهم أن لا يبنوا مسجدين يضار أحدهما الاخر ومن المضار فعل تفريق الجماعة اذا كان هناك مسجد يسعهم فان ضاق من توسعته أو اتخاذ مسجد يسعهم اهـ مافي المرقاة (تخريجه) (د. مذ) بلفظ حديث الباب وصححه س (360) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا عامر ابن صالح قال حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الحديث (غريبه) (1) بالتاء والياء بصيغة المجهول أي تطهر كما في رواية ابن ماجة والمراد تنظيفها من الوسخ والدنس والنتن والتراب (وقوله وتطيب) بالتاء والياء أيضا أي بالرش والعطر ويجوز أن يحمل التطيب على التجمير في المسجد قال القارئ في المرفاة قال ابن حجر وبه يعلم أنه يستحب تجمير المسجد بالبخور خلافا لمالك حيث كرهه فقد كان عبد الله يجمر المسجد اذا قعد عمر رضي الله عنه على المنبر واستحب بعض السلف التخليق بالزعفران والطيب وروي عنه عليه السلام فعله وقال الشعبي هو سنة وأخرج ابن أبي شيبة أن ابن الزبير لما بنى الكعبة طلى حيطانها بالمسك وأنه يستحب أيضا كنس المسجد وتنظيفه وقد روي ابن أبي شيبة أنه عليه السلام كان يتبع غبار المسجد بجريدة اهـ من المرفاة (تخريجه) (د. جه. حب) وسنده جيد (361) عن علي بن زيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حسين بن

-[جواز اتخاذ المساجد في الدور]- أبي حديثًا عن عتبان (1) بن مالك قال أبى أى بنىِّ احفظ هذا الحديث فإنَّه من كنوز الحديث، فلمَّا قفلنا (2) انصرفنا إلى المدينة فسألنا عنه فإذا هو حىٌّ، وإذا شيخٌ أعمى معه، قال فسألناه عن الحديث فقال نعم، ذهب بصرى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ذهب بصرى ولا أستطيع الصَّلاة خلفك فلو بوَّأت (3) فى دارى مسجدًا فصلَّيت فيه فأتَّخذه مصلىَّ قال نعم، فإنِّى غادٍ عليك غدًا، قال فلمَّا صلَّّى من الغد التفت إليه فقام حتَّى أتاه (وفى روايةٍ فجاء هو أبو بكرٍ وعمر) فقال يا عتبان أين تحبُّ أن أبوِّئ لك فوصف له مكانًا فبوَّأ له وصلَّى فيه، ثمَّ حبس (4) أو جلس (وفى رواية فاحتبسوا على طعامٍ) وبلغ من حولنا من الأنصار فجاؤا حتَّى ملئت علينا الدَّار فذكروا المنافقين وما يلقون من أذاهم وشرَّهم حتَّى صيروا وأمرهم (5) إلى رجلٍ منهم يقال له مالك بن الدُّخشم (6) (وفى روايةٍ الدُّخشن أو الدُّخيشن)

_ محمد قال ثنا جرير يعني ابن حازم عن علي بن زيد بن جدعان (الحديث) {غريبه} (1) بكسر أوله وسكون ثانيه هو ابن مالك بن عمرو العجلاني رضي الله عنه (2) القفول الرجوع من السفر وبابه دخل ومنه القافلة. وهي الرفقة الراجعة من السفر، قاله في المصباح (3) أي اتخذت واخترت (4) رواية البخاري وحبسناه على خزيرة صنعناها له أي منعناه من الرجوع (والخزيرة) نوع من الأطعمة، قال ابن قتيبة تصنع من لحم يقطع صغارا ثم يصب عليه ماء كثير فإذا نضج ذر عليه الدقيق، وإن لم يكن فيه لحم فهو عصيدة اهـ (5) عند الإمام أحمد من طريق آخر تقدم في الباب التاسع من كتاب الإيمان " فأسندوا عظيم ذلك إلى مالك بن دخيشم " تصغير دخشم بالميم هكذا بالأصل هناك، أي جعلوه رأس المنافقين (6) بضم الدال المهملة مشددة وسكون الخاء المعجمة بعدها شين مضمومة ثم ميم. ونقل الطبراني عن أحمد بن صالح أنه الصواب. وهي رواية الطيالسي، وكذا لمسلم من طريق ثابت عن أنس عن عتبان، والطبراني من طريق النضر بن أنس عن أبيه، وفي رواية للإمام أحمد والبخاري "الدخشن" بضم الدال المهملة والشين المعجمة بينهما خاء ساكنة (أو الدخيشن) بضم الدال المهملة وفتح الخاء المعجمة وسكون الياء التحتانية بعدها شين معجمة مكسورة ثم نون، والشك فيه من الراوي هل هو مصغر أو مكبر

-[أبواب المساجد - الفتح الرباني]- وقالوا من حاله ومن حاله (1) ورسول الله صلى الله عليه وسلم ساكتٌ، فلمَّا أكثروا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أليس يشهد أن لا إله إلاَّ الله؟ فلمَّا كان فى الثَّالثة قالوا إنَّه ليقوله، قال والذَّى بعثنى بالحقَّ لئن قالها صادقًا من قلبه لا تأكله النَّار أبدًا (2) قالوا فما فرحوا بشئٍ قطُّ كفرحهم بما قال (3) (ومن طريقٍ ثانٍ) (4) عن ثابتٍ عن أنس (بن مالكٍ) رضى الله عنه أنَّ عتبان بن مالكٍ ذهب بصره فقال يا رسول الله لو جئت صلَّيت فى دارى أو قال فى بيتى لاتَّخذت مصلاَّك مسجدًا، فجاء النَّبى صلى الله عليه وسلم فصلَّى في داره أو قال فى بيته، واجتمع قوم عتبان إلى النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال فذكروا مالك بن الدُّخشم، فقالوا يا رسول الله إنَّه وإنَّه يعرِّضون (5) بالنِّفاق، فقال النَّبى صلى الله عليه وسلم أليس يشهد أن لا إله إلاَّ الله وأنِّى رسول الله؟ قالوا بلى، قال والَّذى نفسي بيده لا يقولها عبدٌ صادقٌ بها إلاَّ حرِّمت عليه النَّار (362) عن أنس بن سيرين قال سمعت أنس بن مالكٍ قال كان رجلٌ من الأنصار ضخمًا (6) لا يستطيع لأن يصلِّى مع النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول

_ (1) أي من حاله كذا وكذا ومن حاله كذا وكذا من الخصال الذميمة (2) رواية البخاري " إن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله " والمعنى واحد، والمراد من التحريم هنا وعدم أكل النار إياه تحريم التخليد؛ جمعا بينه وبين ما ورد من دخول أهل المعصية فيها وتوفيقا بين الأدلة (3) أي لما في الدين الإسلامي من السهولة والتسامح (4) {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل ثنا حماد عن ثابت عن أنس "الحديث" {غريبه} (5) التعريض ضد التصريح يقال عرّض لفلان وبفلان إذا قال قولا وهو يعنيه، ومنه المعاريض في الكلام وهي التورية بالشئ عن الشئ {تخريجه} (ق. لك. نس. جه. طب. وغيرهم) (362) عن أنس بن سيرين {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا شعبة قال أخبرني أنس بن سيرين الخ {غريبه} (6) الضخم الغليظ من كل شئ والأنثى ضخمة والجمع ضخمات بالتسكين لأنه صفة وإنما يحرك إذا كان اسما مثل جفنات وثمرات

-[كلام العلماء فى فوائد حديث عتبان بن مالك]- الله إنّي لا أستطيع أن أصلَّى معك، فصنع له طعامًا ودعا النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم إليه وبسطوا له حصيرًا ونضحوه فصلَّى عليه ركعتين، فقال له رجلٌ من آل الجارود، أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلَّى الضُّحى؟ قال ما رأيته صلَّاها إلاَّ يومئذٍ (أبواب ستر العورة) (1) باب حد العورة وبيانها وحجة من قال ان الفخذ عورة (363) ز عن علىٍّ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه

_ قاله في المختار اهـ {تخريجه} (خ. جه. جب. وابن أبي شيبة) الصحيحين {الأحكام} اشتمل هذا الباب على أحكام وفوائد جليلة (منها) جواز التخلف عن الجماعة لعذر شرعي كعدم قدرته على الوصول إلى مسجد الجماعة لعاهة ونحوها (ومنها) جواز إخبار المرء عن نفسه بما فيه من عاهة، ولا يكون ذلك من الشكوى المذمومة (ومنها) جواز اتخاذ موضع معين للصلاة في البيوت (ومنها) أن المسجد المتخذ في البيوت لا يخرج عن ملك صاحبه بخلاف المسجد المتخذ في المحلة (ومنها) التبرك بمصلى الصالحين ومساجد الفاضلين (ومنها) أن من دعي من الصالحين إلى شئ يتبرك به منه فله أن يجيب إليه إذا أمن العجب (ومنها) الوفاء بالعهد (ومنها) جواز صلاة النافلة في جماعة بالنهار لأنه ثبت في بعض طرق هذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم جماعة (ومنها) إكرام العلماء إذا دعوا إلى شئ بالطعام وشبهه (ومنها) التنبيه على أهل الفسق والنفاق عند السلطان؛ فيه أن السلطان يجب عليه أن يتثبت في أمر من يذكر عنده بفسق ويوجه له أجمل الوجوه، (ومنها) إمامة الزائر المزور برضاه (ومنها) أن السنة في نوافل النهار ركعتان، وفيه خلاف سيأتي في بابه إن شاء الله (ومنها) أنه يستحب لأهل المحلة إذا ورد رجل صالح إلى منزل بعضهم أن يجتمعوا إليه ويحضروا مجلسه لزيارته وإكرامه والاستفادة منه، (ومنها) الذب عمن ذكر بسوء وهو برئ منه (ومنها) أنه لا يخلد في النار من مات على التوحيد {تنبيه} سيأتي ذكر فضائل المساجد الثلاثة ومسجد قباء في آخر كتاب الحج إن شاء الله لأنه أليق به (363) ز عن علي رضي الله عنه {سنده} حدثنا عبد الله حدثني عبيد الله بن عمر القواريري حدثني يزيد أبو خالد البيسري القرشي ثنا ابن جريج أخبرني حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن أبي ضمرة عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث "

-[حجة من قال أن الفخذ عورة]- وآله وسلَّم لا تبرز (1) فخذك ولا تنظر إلى فخذ حىٍّ ولا ميِّتٍ (364) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل وفخذه خارجةٌ، فقال غطِّ فخذك فإنَّ فخذ الرَّجل من عورته (365) عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا أبناءكم بالصَّلاة لسبع سنين واضربوهم عليها العشر سنين، وفرِّقوا بينهم فى المضاجع، وإذا أنكح أحدكم خادمه (2) عبده أو أجيره فلا ينظرنَّ إلى شئٍ من عورته، فإنَّ ما أسفل من سرَّته إلى ركبتيه من عورته (366) عن زرعة بن مسلمٍ عن جرهد أنَّ النَّبىَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم رآى جرهدًا في المسجد وعليه بردة قد انكشف فخذه، فقال الفخذ عورةٌ (ومن طريقٍ ثانٍ) (3) عن عبد الله بن جرهدٍ الأسلمي أنَّه

_ {غريبه} (1) أي لا تظهرها عارية ينظرها الناس {تخريجه} (د. جه. ك. بز) وهو معلوم بعدم سماع حبيب من عاصم وأن بينهما رجلا ليس بثقة قاله ابن معين (364) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا محم بن سابق ثنا إسرائيل عن أبي يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عباس " الحديث " {تخريجه} (مذ. خ) تعليقا وفي إسناده أبو يحيى القتات فيه لين (365) عن عمرو بن شعيب {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي وعبد الله بن بكر السهمي المعنى واحد قال ثنا سوّار أبو حمزة عن عمرو بن شعيب الخ {غريبه} (2) أي أمته يعني إذا زوج أحدكم أمته لعبده أو أجيره فلا يحل له أن ينظر من أمته إلى ما بين السرة والركبة لأنها حرمت عليه حينئذ، ومن باب أولى لو زوجها لغير عبده أو أجيره ومفهومه أنه يجوز له النظر إلى غير ذلك إلا إذا كان بشهوة فلا يجوز والله أعلم {تخريجه} (د. ك. قط) وسنده جيد (366) عن زرعة بن مسلم {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي النضر عن زرعة بن مسلم الخ (3) ومن طريق ثان {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر قال ثنا زهير يعني ابن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله بن جرهد

-[حجة من قال أن الفخذ عورة]- سمع أباه جرّهدًا يقول سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقول فخذ المرء المسلم عورةٌ (وعنه من طريقٍ ثالثٍ) (1) عن أبيه قال مرَّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا كاشفٌ فخذى فقال النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم غطِّها فإنَّها من العورة (367) عن محمَّد بن جحشٍ ختن (2) النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّ النَّبىَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم مرَّ على معمرٍ بفناء المسجد محتبيًا كاشفًا عن طرف فخذه، فقال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم خمِّر فخذك يا معمر، فإنَّ الفخذ عورةٌ (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (3) قال مرَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وأنا معه على معمرٍ وفخذاه مكشوفتان فقال يا معمر غطِّ فخذيك فإنَّ الفخذين عورةٌ

_ "الحديث" (1) (وعنه من طريق ثالث) {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن أبي الزناد عن ابن جرهد عن أبيه الخ {تخريجه} (لك. د. مذ. حب) وصححه، وحسنه الترمذي (367) عن محمد بن جحش {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم ثنا حفص بن ميسرة عن العلاء عن أبي كثير مولى محمد بن جحش عن محمد بن جحش الخ {غريبه} (2) الختن "بفتحتين" عند العرب كل من كان من قبل المرأة كالأب والأخ والجمع أَختان، وختن الرجل عند العامة زج ابنته قاله الجوهري؛ وقال الأزهري الختن أبو المرأة والختنة أمها فالأختان من قبل المرأة، والأحماء من قبل الرجل، والأصهار يعمهما، ويقال المخاتنة المصاهرة من الطرفين، يقال خاتنتهم إذا صاهرتهم اهـ (ومحمد بن جحش) هذا هو محمد بن عبد الله بن جحش نسب إلى جده، له ولأبيه صحبة (وزينب بنت جحش) زوج النبي صلى الله عليه وسلم هي عمته، (ومعمر) المشار إليه هو معمر بن عبد الله بن نضلة القرشي العدوي (والفناء) بالمد وكسر الفاء هو المتسع أمام المسجد وقيل ما امتد من جوانبه (والاحتباء) ضم الساق إلى البطن بالثوب أو باليدين (3) {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود ثنا إسماعيلي أخبرني العلاء عن أبي كثير عن محمد بن جحش قال مر النبي صلى الله عليه وسلم الحديث {تخريجه} (ك. خ. في التاريخ) وأخرجه أيضا البخاري في صحيحه تعليقا، قال الحافظ رجاله رجال الصحيح غير أبي كثير فقد روى عنه جماعة لكن لم أجد فيه تصريحا بتعديل، وقد أخرج ابن قانع هذا الحديث من طريقه أيضا، قال وقد وقع لي حديث محمد بن جحش هذا

-[مذاهب العلماء فى حد العورة]- (2) باب حجة من لم ير أن الفخذ والسرة من العورة (368) عن أنس (بن مالكٍ رضى الله عنه) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا خيبر فصلَّينا عندها صلاة الغداة بغلسٍ فركب رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وركب أبو طلحة وأنا رديف أبى طلحة فأجرى النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم (1) في زقاق خيبر وإنَّ ركبتى لتمسُّ فخذي نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم وانحسر (2) الإزار عن فخذى نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم فإنِّى لأرى بياض فخذى نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم ((الحديث)) (369) عن عائشة رضى الله عنها أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله

_ مسلسلا بالمحمدين من ابتدائه إلى انتهائه وقد أمليته في الأربعين المتباينة أفاده الشوكاني {قلت} أورده الهيثمي بروايتيه وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير إلا أنه قال في الأولى (يعني الطبراني) فإن الفخذ من العورة ورجال أحمد ثقات اهـ {الأحكام} أحاديث الباب تدل على أن ما بين السرة والركبة عورة ومنها الفخذ، وليست السرة والركبة داخلة فيها وإلى ذلك ذهبت الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة، إلا أن الحنفية يقولون بدخول الركبة في العورة ووافقهم المؤيد بالله وعطاء وهو قول للشافعي (قال النووي) رحمه الله ذهب أكثر العلماء إلى أن الفخذ عورة، وعن أحمد ومالك في رواية، العورة القبل والدبر فقط، وبه قال أهل الظاهر وابن جرير والاصطخري، قال الحافظ في ثبوت ذلك عن ابن جرير نظر، فقد ذكر المسألة في تهذيبه ورد على من زعم أن الفخذ ليست بعورة اهـ (368) عن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا عبد العزيز عن أنس الحديث {غريبه} (1) أي أجرى فرسه (2) أي انكشف قال النووي رحمه الله هذا محمول على أنه انكشف الإزار وانحسر بنفسه، لا أن النبي صلى الله عليه وسلم تعمد كشفه بل انكشف لإجراء الفرس، ويدل عليه أنه ثبت في رواية الصحيحين فانحسر الإزار اهـ ج {قلت} وعلى هذا فلا حجة فيه للقائلين بأن الفخذ ليست بعورة والله أعلم {تخريجه} (ق) وليس هذا آخر الحديث بل له بقية، وسيأتي بتمامه في الفصل الأول من باب غزوة خيبر من كتاب السيرة النبوية، إن شاء الله وهذا الحديث من ثلاثيات الإمام أحمد (369) عن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مروان قال انا

-[تحقيق أن الفخذ من العورة]- وسلَّم كان جالسًا كاشفًا عن فخذه فاستأذن أبو بكرٍ فأذن له وهو على حاله، ثمَّ استأذن عمر فأذن له وهو على حاله، ثمَّ استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه، فلمَّا قاموا قلت يا رسول الله استأذن أبو بكرٍ وعمر فأذنت لهما وأنت على حالك، فلمَّا استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك، فقال يا عائشة ألا أستحى من رجلٍ والله إنَّ الملائكة تستحى منه (370) عن عمير بن إسحاق قال كنت مع الحسن بن علىٍ رضى الله عنهما فلقينا أبو هريرة فقال أرنى أقبل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّل، فقال (1) بقميصه، قال فقبل سرَّته

_ عبد الله بن سيار قال سمعت عائشة بنت طلحة تذكر عن عائشة أم المؤمنين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسا "الحديث" {تخريجه} (م) والبخاري تعليقا، ولفظ مسلم عن عائشة قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعا في بيتي كاشفا عن فخذيه أو ساقيه الحديث) وفيه فلما استأذن عثمان جلس (370) عن عمير بن إسحاق {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عون عن عمير بن إسحاق الخ {غريبه} (1) هذا من التعبير بالقول عن الفعل وهو كثير {تخريجه} (ك) وصححه بإسناد آخر من غير طريق عمير، وحديث الباب في إسناده عمير بن إسحاق الهاشمي مولاهم وفيه مقال والله أعلم بحقيقة الحال {الأحكام} استدل بأحاديث الباب من قال أن الفخذ ليست بعورة؛ وقد تقدم ذكرهم في الباب السابق وأجاب القائلون أن الفخذ عورة بأجوبة، (منها) أن أحاديث الباب حكاية فعل (ومنها) أنها لا تقوى على معارضة تلك الأقوال الصحيحة العامة لجميع الرجال (ومنها) التردد الواقع في رواية مسلم التي ذكرناها في خلال الشرح بلفظ (كاشفا عن فخذيه أو ساقيه) قالوا والساق ليس بعورة إجماعا (ومنها) أن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يظهر فيها دليل يدل على التأسي به في مثل ذلك، وأجابوا أيضا عن حديث أبي هريرة وتقبيله سرة الحسن بأن فعل أبي هريرة لا حجة فيه، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم وقع والحسن طفلا، وفرق بين عورة الصغير والكبير، وإلا لزم أن ذكر الرجل ليس بعورة، لما روي أنه صلى الله عليه وسلم قبل زبيبة الحسن أو الحسين أخرجه الطبراني والبيهقي من حديث أبي ليلى الأنصاري، قال البيهقي وإسناده ليس بالقوي

-[احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك]- (3) باب ما جاء فى وجوب ستر العورة (371) عن بهز بن حكيمٍ قال حدَّثني أبى عن جدِّى (معاوية بن حيدة رضى الله عنه) قال قلت يا رسول الله عوراتنا ما نأتى منها وما نذر؟ (1) قال احفظ عورتك إلَّا من زوجتك أو ما ملكت يمينك (2) قال قلت ي رسول الله فإذا كان القوم بعضهم فى بعضٍ (3) قال إن استطعت أن لا يراها أحدٌ فلا يرينَّها (4) قلت فإذا كان أحدنا خاليًا (5) قال فالله أحقُّ أن يستحيا (6) منه (زاد فى رواية وقال النَّبىُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بيده (7) فوضعها على فرجه (372) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه عنه أنَّ النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال

_ (قال الشوكاني رحمه الله) فالواجب التمسك بتلك الأقوال الناصة على أن الفخذ عورة والله أعلم (371) عن بهز بن حكيم {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن بهز بن حكيم الخ {غريبه} (1) أي ما يجوز النظر إليه منها وما لايجوز (2) أي من الإماء ملكا شرعيا كسبايا حرب الكفار، أما من بيعت أو ملكت بسبب سرقة أو اغتصاب أو فقر والديها فلا يجوز شراؤها ولا التمتع بها إلا بالعقد الشرعي (وفيه) أنه يجوز للرجل النظر إلى جميع بدن زوجته أو أمته الشرعية كما يجوز لها منه ذلك ويؤخذ منه أنه لا يجوز النظر لغير من استثني، ومنه الرجل للرجل والمرأة للمرأة كما تقدم (3) أي من بعض كما في بعض الروايات كأب وجد وابن وابنة، أو المراد المثل لمثله كرجل لرجل وأنثى لأنثى (4) بنون التوكيد شديدة أو خفيفة، أي اجتهد في حفظها ما استطعت، وإن دعت ضرورة للكشف جاز بقدرها (5) أي في خلوة لا يراه أحد (6) بالبناء للمفعول أي فالله أوجب أن يستحيا منه من الناس، وقد استدل به القائلون بعدم جواز كشف العورة مطلقا، ويؤيده حديث ابن عمر عند الترمذي بلفظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إياكم والتعري فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط وحين يفضي الرجل إلى أهله فاستحيوهم وأكرمهم " (7) أي رفع يده فوضعها على فرجه إشارة إلى التستر والله أعلم {تخريجه} (أخرجه الأربعة وغيرهم) وحسنه الترمذي، وصححه الحاكم (372) عن أبي سعيد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمدبن إسماعيل

-[الدليل على وجوب ستر العورة]- لا ينظر الرَّجل إلى عورة الرَّجل ولا تنظر المرأة إلى عورة المرأة ولا يفضى (1) الرَّجل إلى الرَّجل فى الثَّوب، ولا تفضى المرأة إلى المرأة فى الثَّوب (373) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إنَّ موسى بن عمران كان إذا أراد أن يدخل الماء لم يلق ثوبه حتَّى يوارى عورته فى الماء (374) عن عائشة رضى الله عنها قالت ما نظرت إلى فرج النَّبىِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قطُّ، أو ما رأيت فرج النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قطُّ

_ ابن أبي فديك ثنا الضحاك يعني ابن عثمان عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (1) قال في المصباح أفضى الرجل بيده إلى الأرض بالألف مسها بباطن راحته، قاله ابن فارس وغيره، وأفضيت إلى الشئ وصلت إليه، وأفضيت إليه بالسر أعلمته اهـ {قلت} والمارد هنا نوم الرجل مع الرجل في لحاف واحد ليس بينهما حائل يمنع مباشرة جسد أحدهما الآخر، وكذلك المرأة مع المرأة لما في ذلك من المفاسد {تخريجه} (م. د. ت. وغيرهم) (373) عن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد التيمي ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس "الحديث" {تخريجه} لم أقف عليه، وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله موثقون إلا أن علي بن زيد مختلف في الاحتجاج به اهـ (374) عن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن منصور عن موسى بن عبد الله بن يزيد الخطمي عن مولى لعائشة عن عائشة " الحديث " {تخريجه} لم أقف عليه وفي إسناده مبهم {الأحكام} أحاديث الباب تدل على وجوب ستر العورة عن العيون إلا لحاجة، فإن احتاج إلى الكشف جاز أن يكشف قدر الحاجة فقط، وبذلك قال جمهور العلماء، وقد ذهب قوم إلىعدم وجوب ستر العورة، وتمسكوا بأن تعليق ألاَّ بالاستطاعة في الحديث الأول من الباب قرينة تصرف الأمر إلى معناه المجازي الذي هو الندب، ورد بأن ستر العورة مستطاع لكل أحد، فهو من الشروط التي يراد بها التهييج والإلهاب كما في علم البيان، وتمسكوا أيضاً من كشفه صلى الله عليه وسلم لفخذه وقد تقدم الكلام على ذلك، والحق وجوب ستر العورة في جميع الأوقات إلا وقت قضاء الحاجة وإفضاء الرجل

-[أبواب ستر العورة- الفتح الربانى]- (4) باب ما جاء فى أن المرأة الحرة كلها عورة الا وجهها وكفيها (375) عن عائشة رضى الله عنه أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم قال لا تقبل صلاة حائضٍ (1) إلَّا بخمارٍ (376) عن محمدٍ (2) أنَّ عائشة نزلت على صفية أمِّ طلحة الطَّلحات فرأت بناتٍ لها يصلِّين بغير خمرةٍ قد حضن، قال فقالت عائشة لا تصلِّينَّ جاريةٌ منهنَّ إلَّا فى خمارٍ، إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم دخل علىَّ وكانت فى حجري (3) جاريةٌ (4) فألقي علىَّ حقوه (5) فقال شقِّيه بين هذه

_ إلى أهله كما في حديث ابن عمر " ذكر في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب " وعند الغسل على الخلاف فيه، ومن جميع الأشخاص إلا في الزوجة والأمة كما في حديث الباب والطبيب والشاهد والحاكم على نزاع في ذلك، أفاده الشوكاني (375) عن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل وعفان قالا ثنا حماد عن قتادة قال عفان أنا قتادة عن محمد بن سيرين عن صفية بنت الحارث عن عائشة "الحديث" {غريبه} (1) أي لا تصح صلاة المرأة البالغة سن الحيض، لا من هي ملابسة للحيض فإنها ممنوعة من الصلاة، وهو مبين في رواية ابن خزيمة في صحيحه بلفظ " لايقبل الله صلاة امرأة قد حاضت إلا بخمار " فأراد بنفي القبول نفي الصحة وبه قال جماعة، وقال آخرون لا يقبل الله صلاة حائض أي قبولا كاملا وقوله " إلا بخمار " هو بكسر الخاء ما يغطى به رأس المرأة وجمعه أخمرة وخمر {تخريجه} (د. جه. مذ.) وحسنه. والحاكم صححه (376) عن محمد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن زيد قال ثنا أيوب عن محمد الحديث {غريبه} (2) هو ابن سيرين (وقوله نزلت على صفية) أي في قصر عبد الله بن خلف بالبصرة عقب وقعة الجمل وكنيت بأم طلحة مضافا إلى الطلحات لأنه كان في أجداده جماعة يسمى كل منهم بطلحة (والخمرة) بكسر الخاء المعجمة لغة في الخمار وتقدم تفسيره آنفاً (3) بكسر الحاء المهملة وفتحها قال في القاموس نشأ في حِجره وحَجره أي في حفظه وستره اهـ (4) أي شابة وكانت مولاة لها (5) بفتح الحاء المهملة أي إزاره. لأن الحقو في الأصل موضع شد الإزار ثم توسعوا فيه حتى سموا الإزار حقوا، تسمية للحال باسم المحل (وقوله شقيه) أي اقطعيه قطعتين فأعطي جاريتك هذه

-[مذاهب الأئمة فى احكام العورة]- وبين الفتات الَّتى في حجر أمِّ سلمة فإنِّى لآ أراها إلا قد حاضت أو لا أراهما إلَّا قد حاضتا

_ نصف الأزار وأعطى الشابة التي عند أم سلمة النصف الآخر فإني لا أظنهما الاقد بلغتا سن الحيض (تخريجه) (د. جه) ورجاله من رجال الصحيحين (الأحكام) استدل بحديثي الباب على وجوب ستر المرأة لرأسها حال الصلاة واستدل بهما من سوى بين الحرة والأمة في العورة لعموم ذكر الحائض ولم يفرق بين الحرة والأمة وهو قول أهل الظاهر وفرق الجمهور بين عورة الحرة والأمة (فذهب الشافعي) إلى أن عورة الحرة جميع بدنها إلا الوجه والكفين إلى الكوعين وحكي الخراسانيون قولا وبعضهم يحكيه وجهاً أن باطن قدميها ليس بعورة وقال المزني القدمان ليسا بعورة والمذهب الأول (وممن قال) عورة الحرة جميع بدنها إلا وجهها وكفيها مالك والأوزاعي وأبو ثور (وقال) أبو حنيفة والنوري والمزني قدماها أيضاً ليس بعورة (وقال أحمد) جميع بدنها إلا وجهها فقط وحكى المارودي والمتولى عن أبي بكر بن عبد الرحمن التابعي أن جميع بدنها عورة (وأما عورة الامة) فقد ذهب الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة إلى أنها ما بين السرة والركبة كالرجل (وقد استدل بحديث عائشة) على أن ستر العورة شرط في صحة الصلاة لأن قوله لا تقبل صالح للاستدلال به على الشرطية كما قيل (وقد اختلف في ذلك) فقال الحافظ في الفتح ذهب الجمهور إلى أن ستر العورة من شروط الصلاة قال وعن بعض المالكية التفرقة بين الذاكر والناسي ومنهم من أطلق كونه سنة لا يبطل الصلاة اهـ (قال الشوكاني) والحق أن ستر العورة في الصلاة واجب فقط كسائر الحالات لا شرط يقتضي تركه عدم الصحة اهـ والله أعلم (فائدة) ذكر الإمام النووي رحمه الله في هذا الباب جملة أحكام في شرحه على صحيح مسلم آثرت نقلها هنا لما فيها من الفوائد الجليلة قال رحمه الله أما أحكام الباب ففيه تحريم نظر الرجل إلى عورة الرجل والمرأة إلى عورة المرأة وهذا لا خلاف فيه وكذلك نظر الرجل إلى عورة المرأة والمرأة إلى عورة الرجل حرام بالاجماع ونبه صلى الله عليه وسلم بنظر الرجل إلى عورة الرجل على نظره إلى عورة المرأة وذلك بالتحريم أولى وهذا التحريم في حق غير الأزواج والسادة أما الزوجان فلكل واحد منهما النظر إلى عورة صاحبه جميعها إلا الفرج نفسه ففيه ثلاثة أوجه لأصحابنا (اصحها) انه مكروه لكل واحد منهما النظر إلى فرج صاحبه من غير حاجة وليس بحرام (والثاني) إنه حرام عليهما (والثالث) انه حرام على الرجل مكروه للمرأة والنظر إلى باطن فرجها أشد كراهة وتحريماً و (أما السيد) مع أمته

-[كلام الإمام النووي في أحكام العورة]- .....

_ فإن كان يملك وطأها فهما كالزوجين وإن كانت محرمة عليه بنسب كأخته وعمته وخالته أو برضاع أو مصاهرة كأم الزوجة وبنتها وزوجة ابنه فهي كما إذا كانت حرة وإن كانت الأمة مجوسية أو مرتدة أو وثنية أو معتدة أو مكاتبة فهي كالأمة الأجنبية (وأما) نظر الرجل إلى محارمه ونظرهن إليه فالصحيح أنه يباح فيما فوق السرة وتحت الركبة وقيل لا يحل إلا ما يظهر في حال الخدمة والتصرف والله أعلم (وأما) ضبط العورة في حق الأجانب فعورة الرجل مع الرجل ما بين السرة والركبة وكذلك المرأة مع المرأة وفي السرة والركبة ثلاثة أوجه لأصحابنا أصحها ليستا بعورة (والثاني) هما عورة (والثالث) السرة عورة دون الركبة (وأما) نظر الرجل إلى المرأة فحرام في كل شيء من بدنها فكذلك يحرم عليها النظر إلى كل شيء في بدنه سواء كان نظره ونظرها بشهوة أم بغيرها وقال بعض أصحابنا لا يحرم نظرها إلى وجه الرجل بغير شهوة وليس هذا القول بشيء ولا فرق أيضاً بين الأمة والحرة إذا كانتا أجنبيتين (وكذلك) يحرم على الرجل النظر إلى وجه الأمر إذا كان حسن الصورة سواء كان نظره بشهوة أم لا سواء أمن الفتنة أم خافها هذا هو المذهب الصحيح المختار عند العلماء المحققين نص عليه الشافعي وحذاق أصحابه رحمهم الله تعالى ودليله أنه في معنى المرأة فإنه يشتهي كما تشتهي وصورته في الجمال كصورة المرأة بل ربما كان كثير منهم أحسن صورة من كثير من النساء بل هم في التحريم أولى لمعنى آخر وهو أنه يتمكن في حقهم من طرق الشر مالا يتمكن من مثله في حق المرأة والله أعلم وهذا الذي ذكرناه في جميع هذه المسائل من تحريم النظر هو فيما إذا لم تكن حاجة أما إن كانت حاجة شرعية فيجوز النظر كما في حالة البيع والشراء والتطبب والشهادة ونحو ذلك ولكن يحرم النظر في هذه الحال بشهوة فإن الحاجة تبيح النظر للحاجة إليه وأما الشهوة فلا حاجة إليها قال أصحابنا النظر بالشهوة حرام على كل أحد غير الزوج والسيد حتى يحرم على الإنسان النظر إلى أمه وبنته بالشهوة والله أعلم (وأما) قوله صلى الله عليه وسلم " لا يفضى الرجل إلى الرجل في ثوب واحد وكذلك في المرأة مع المرأة فهو نهى تحريم إذا لم يكن بينهما حائل وفيه دليل على تحريم لمس عورة غيره بأي موضع من بدنه كان وهذا متفق عليه وهذا مما تعم به البلوى ويتساهل فيه كثير من الناس باجتماع الناس في الحمام فيجب على الحاضر فيه أن يصون بصره ويده وغيره عن عورة غيره وأن يصون عورته عن بصر غيره ويد غيره من قيم وغيره ويجب عليه إذا رأى من يخل بشيء من هذا أن ينكر عليه (قال العلماء) ولا يسقط عنه الإنكار بكونه يظن أن لا يقبل منه بل يجب عليه الإنكار إلا أن يخاف على نفسه وغيره فتنة والله أعلم (وأما) كشف الرجل عورته في حال الخلوة بحيث لا يراه آدمي فإن كان لحاجة جاز وإن كان

-[الحكمة في النهي عن تجريد المنكبين فى الصلاة]- (5) باب النهى عن تجريد المنكبين فى الصلاة وجوزا الصلاة فى ثوب واحد (377) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال لا يصلَّ الرَّجل فى الثَّوب الواحد ليس على منكبيه (1) منه شئٌ وقال مرَّةً عاتقه (378) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى أحدكم فى ثوبٍ فليخالف (2) بين طرفيه على عاتقه

_ لغير حاجة ففيه خلاف للعلماء في كراهته وتحريمه والأصح عندنا أنه حرام ولهذه المسائل فروع وتتمات وتقييدات معروفة في كتب الفقه وأشرنا هنا إلى هذه الأحرف لئلا يخلو هذا الكتاب من أصل ذلك والله أعلم اهـ (377) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبه) (1) المنكب كالمجلس مجمع عظم العضد والكتف (والعاتق) ما بين المنكبين إلى أصل العنق والمراد أنه لا يتزر في وسطه ويشد طرفي الثوب في حقويه " أي خاصرتيه " بل يتوشح بهما على عاتقيه فيحصل الستر من أعالي البدن وأن كان ليس بعورة أو لكون ذلك أمكن في ستر العورة (قال النووي) قال العلماء حكمته أنه إذا اتزر به ولم يكن على عاتقه منه شيء لم يأمن أن تنكشف عورته بخلاف ما إذا جعل بعضه على عاتقه ولأنه قد يحتاج إلى إمساكه بيده فيشتغل بذلك وتفوته سنة وضع اليد اليمنى على اليسرى تحت صدره ورفعها اهـ (تخريجه) (ق. لك. د. نس) (378) وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن أبي هريرة الحديث (غريبه) (2) أي كما هو مشاهد في الأزياء العربية اليوم أعني يتزر به ويرفع طرفيه فيخالف بينهما ويشده على عاتقه فيكون بمنزلة الأزار والرداء وقد جاء في بعض الروايات بلفظ الاشتمال والتوشح ومعناها كلها واحد قال ابن السكيت التوشح أن يأخذ طرف الثوب الذي ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى ويأخذ طرفه الذي ألقاه على الأيسر من تحت يده اليمنى ثم يعقدهما على صدره اهـ وحكمة ذلك أنه أحفظ للسوأة من النظر وأبعد عن وقوع الثوب وأقوم للصلاة وأدنى إلى الكمال (تخريجه) (خ. د)

-[جواز الصلاة فى الثوب الواحد]- (379) عن عبد الرَّحمن بن كيسان مولى خالد بن أسيدٍ قال حدَّثني أبى أنَّه رآى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم خرج من المطابخ حتَّى أتى البئر (1) وهو متَّزرٌ بإزار ليس عليه رداءٌ، فرآى عند البئر عبيدًا يصلُّون، فحلَّ الإزار وتوشَّح به (2) وصلَّى ركعتين لا أدرى الظُّهر أو العصر (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (3) قال سألت أبى كيسان ما أدركت من النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم؟ قال رأيته يصلِّى عند البئر العليا بئر بنى مطيعٍ متلبِّبًا (4) فى ثوبٍ الظُّهر أو العصر فصلَّاها ركعتين

_ (379) عن عبد الرحمن بن كيسان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس بن محمد أنا عمرو بن كثير المكي قال سألت عبد الرحمن بن كيسان مولى خال بن أسيد قلت ألا تحدثني عن أبيك؟ فقال ما سألتني! فقال حدثني أبي الخ (غريبه) (1) البئر والمطابخ مكانان معلومان عندهم وقد عرف البئر في الرواية الثانية (والأزار) معروف وهو يغطي العورة كلها من السرة إلى الركبة بمنزلة السراويل (والرداء) ما يغطى الجسم كله (2) أصل الوشاح شيء ينسج عريضاً من أديم وربما رصع بالجواهر والخرز شبه قلادة تلبسه النساء وتشده المرأة بين عاتقيها وكشحها والتوشح هو أن يدخله تحت إبطه الأيمن ويلقيه على منكبه الأيسر كما يفعله المحرم أفاده في النهاية والمصباح (قلت) والظاهر أن ذلك كان بمكة في حجة الوداع والنبي صلى الله عليه وسلم محرم وكان الأزار كبيراً وإنما توشح به ليستر جميع بدنه حيث أراد الصلاة ليكون على أكمل الحالات والله أعلم (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن خالد الخياط ثنا عمرو بن كثير بن أفلح عن عبد الرحمن بن كيسان قال سألت أبي الخ (4) بموحدتين أي متجمعاً به عنده صدره يقال تلبب بثوبه إذا جمعه عليه (تخريجه) الحديث أورده الحافظ في الإصابة وعزاه للإمام أحمد (وحسنه الحافظ) قال وأخرجه ابن ماجه وابن أبي حثمة من وجه آخر عن عبد الرحمن بمعناه وأخرجه البغوى عن إبراهيم بن سعيد الجوهري عن بشر مثله وعن عمر والناقد عن حماد ابن خالد الخياط عن عمرو بن كثير عن عبد الرحمن بن كيسان عن أبيه قال (قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم) يصلى عند البئر العليا بئر ابن مطيع بالابطح ملتفاً في ثوب الظهر والعصر صلاها

-[الرخصة في الصلاة فى الثوب الواحد]- (380) عن سعيد بن الحارث قال دخلنا على جابر بن عبد الله وهو يصلِّى فى ثوبٍ واحدٍ ملتحفًا به ورداؤه قريبٌ لو تناوله بلغه، فلمَّا سلَّم سألناه عن ذلك، فقال إنَّما أفعل هذا ليرانى الحمقى (1) أمثالكم فيفشوا على جابرٍ رخصةً رخَّصها رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، ثم َّ قال جابرٌ خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض أسّفاره فجئته ليلةً وهو يصلِّى في ثوبٍ واحدٍ، وعلىَّ ثوبٌ واحدٌ فاشتملت به، (2) ثمَّ قمت إلى جنبه، قال يا جابر ما هذا الإشتمال؟ إذا صلَّيت وعليك ثوبٌ واحدٌ فإن كان واسعًا فالتحف به، (3) وإن كان ضيِّقًا فاتَّزر به،

_ ركعتين) وأخرجه أحمد عن حماد بنحوه اهـ كلام الحافظ (قلت) وهذه الرواية تؤيد ما استظهرنا من أن ذلك كان بمكة لأن الابطح مكان معروف بها وصلاته صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر ركعتين تدل على السفر والله أعلم (380) عن سعيد بن الحارث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا فليح ثنا سعيد بن الحارث قال دخلنا على جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (1) كسكرى وسكارى يقال قوم حمقى ونسوة حمقى وحماق وحمق واستمحق فهو أحمق قليل العقل قاله في القاموس وفي النهاية الحمق وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه وقال الأزهري الحمق فساد في العقل اهـ (قلت) والمراد به هنا الجهل والغرض بيان جواز الصلاة في الثوب الواحد وإن كانت الصلاة في الثوبين أفضل فكأنه قال صنعته عمدا لبيان الجواز إما يقتدى بي الجاهل ابتداء أو ينكر على فاعلمه إن ذلك جائز وإنما أغلظ لهم في الخطاب زجراً عن الإنكار على العلماء وليحثهم على البحث عن الأمور الشرعية (2) الاشتمال افتعال من الشملة وهو كساء يتغطى به ويتلفف في والمنهى عنه هو التجلل بالثوب واسباله من غير أن يرفع طرفه (نه) (3) الالتحاف بالثوب التغطي به كما أفاده في القاموس والمراد أنه لا يشد الثوب في وسطه فيصلى مكشوف المنكبين بل يتزر به ويرفع طرفيه فيلتحف بهما فيكون بمنزلة الأزار والرداء هذا إذا كان واسعاً وأما إذا كان ضيقاً جاز الاتزار به بدون كراهة والله أعلم (تخريجه) (ق. د. هق)

-[كلام العلماء في حكم الصلاة فى الثوب الواحد]- (381) عن عبد الله بن محمِّد بن عقيل قال قلت لجابر بن عبد الله صلَّ بنا كما رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يصلَّى، فصلَّى بنا فى ثوبٍ واحدٍ وشدَّه تحت التَّندوتين (1) (382) عن سهل بن سعدٍ السَّاعدي رضى الله عنه قال رأيت الرِّجال عاقدى أزرهم فى أعناقهم أمثال الصِّبيان من ضيق الإزار خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلَّاة، فقال قائل يا معشر النِّساء لا ترفعنَّ رؤوسكنَّ حتَّى يرفع الرِّجال (383) عن أم هانئ (بنت أبى طالبٍ) رضى الله عنها أنها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى فى ثوبٍ واحدٍ مخالفًا بين طرفيه ثمان ركعاتٍ بمكَّة يوم الفتح (وفي روايةٍ) فصلَّي الضُّحي ثمان ركعاتٍ

_ (381) عن عبد الله بن محمد بن عقيل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ثنا عبيد الله عن عبد الله بن محمد بن عقيل الخ (غريبه) (1) بفتح الثاء المثلثة مشددة وسكون النون بعدها دال مضمومة والتندوتان للرجل كالثديين للمرأة فمن ضم الثاء همز ومن فتحها لم يهمز (نه) (تخريجه) لم أقف عليه ويؤيده ما قبله (382) عن سهل بن سعد الساعدي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا وكيع عن سفيان عن أبي حازم عن سهل بن سعد الخ (تخريجه) (ق. د. نس. هق) (383) عن أم هانئ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا عبد الله بن الحارث المخزومي قال حدثني الضحاك بن عثمان عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبي مرة عن أم هانئ " الحديث " (تخريجه) (ق. وغيرهما) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز الصلاة في الثوب الواحد قال النووي رحمه الله ولا خلاف وفي هذا الا ما حكى عن ابن مسعود ولا أعلم صحته واجمعوا أن الصلاة في ثوبين أفضل (وفيها أيضاً) دليل على المنع من الصلاة في الثوب الواحد إذا لم يكن على عاتق المصلى منه شيء وقد حمل الجمهور هذا النهي على التنزيه وعن الإمام أحمد لا تصح صلاة من قدر على ذلك فتركه وعنه أيضاً تصح ويأثم ونقل ابن المنذر عن محمد بن على عدم الجواز وكلام الترمذي يدل على ثبوت الخلاف أيضاً وعقد الطحاوي له باباً في شرح المعاني ونقل المنع عن

-[إستحباب الصلاة فى ثوبين]- (6) باب استحباب الصلاة فى ثوبين وجوازها فى الثوب الواحد (وما يفعل من صلى فى قميص واحد تبدو منه عورة) (384) ز عن أبى نضرة بن بقيَّة قال قال أبيُّ بن كعبٍ الصَّلاة فى الثَّوب الواحد سنَّةٌ كنَّا نفعله مع رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ولا يعاب علينا، فقال ابن مسعودٍ إنَّما كان ذاك إذا كان فى الثِّياب قلَّةٌ، فأمَّا إذ وسَّع الله فالصَّلاة فى الثَّوبين أزكى (1) (385) عن عبد الله بن عبَّاس رضي الله عنهما قال لقد رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يصلِّى من اللَّيل فى بردٍ (2) له حضرمىٍّ متوشِّحه ما عليه غيره

_ عن ابن عمر ثم عن طاوس والنخعى ونقله غيره عن ابن وهب وابن جرير وجمع الطحاوي بين الأحاديث بأن الأصل أن يصلي مشتملاً فإن ضاق اتزر واختاره ابن المنذر وبان حزم وهو الحق الذي يتعين المصير إليه فالقول بوجوب طرح الثوب على العاتق والمخالفة من غير فرق بين الثوب الواسع والضيق ترك للعمل بما تقيده الأحاديث وتعمير مناف للشريعة السمحة أفاده الشوكاني والله أعلم (384) ز عن أبي نضرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني محمد بن أبي بكر المقدمى ثنا عبد الوهاب الثقفي وحدثنا عبد الله قال وحدثني وهب أنا خالد الواسطى قال الثقفي في حديثه ثنا أبو مسعود الجربري قال وهب أنا خالد عن الجريري عن أبي نضرة بن بقية الخ (غريبه) (1) يعني أفضل (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله من زياداته والطبراني في الكبير بنحوه من رواية زر عنهما (يعني من رواية زر بن حبيش عن أبي بن كعب وابن مسعود) موقوفاً وأبو نضرة لم يسمع من أبي ولا ابن مسعود اهـ (385) عن عبد الله بن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحاق حدثني سلمة بن كهيل الحضرمي ومحمد بن الوليد بن نويفع مولى آل الزبير كلاهما حدثني عن كريب مولى عبد الله بن عباس عن عبد الله بن عباس الخ (غريبه) (2) البرد بالضم ثوب مخطط جمعه ابراد وأبرد وبرود اكسية يلتحف بها

-[أبواب ستر العورة- الفتح الربانى]- (368) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال نادى رجلٌ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيصلِّى أحدنا فى ثوبٍ واحدٍ؟ قال أو كلُّكم يجد ثوبين (زاد فى روايةٍ من طريقٍ ثانٍ) (1) قال أبو هريرة أتعرف أبا هريرة يصلِّى فى ثوبٍ واحدٍ وثيابه على المشجب (2) (387) عن نافعٍ قال كان عبد الله بن عمر يقول إذا لم يكن للرَّجل إلَّا ثوبٌ واحدٌ فليأتزر به ثمَّ ليصلِّ، فإنِّى سمعت عمر يقول ذلك، ويقول لا تلتحفوا بالثَّوب إذا كان وحده كما تفعل اليهود، قال نافعٌ ولو قلت لك إنَّه أسند ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) لرجوت أن لا أكون كذبت (388) عن زهيرٍ قال ثنا أبو الزُّبير عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى فى ثوبٍ واحدٍ متوشِّحًا به، فقال بعض

_ الواحدة بهاء قاله في القاموس (وقوله) حضرمي نسبة لحضرموت بلدة باليمن تصنع بها هذه الثياب (والتوشح) تقدم تفسيره (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وسنده جيد (386) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا إسماعيل ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن محمد عن أبي هريرة الخ (غريبه) (1) سند هذه الرواية هكذا حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة قال رجل يا رسول الله أيصلي أحدنا في ثوب؟ قال أو لكلكم ثوبان؟ قال أبو هريرة الخ (2) كمنبر قال في النهاية هو بكسر الميم عيدان تضم رؤسها ويفرج بين قوائمها وتوضع عليها الثياب وقد تعلق عليها الأسقية لتبريد الماء وهو من تشاجب الأمر إذا اختلط اهـ ومراد أبي هريرة أن الصلاة في الثوب الواحد جائزة مع وجود غيره وإن كانت في الثوبين أفضل كما تقدم والله أعلم (تخريجه) (ق. هق. والأربعة إلا الترمذي) بدون الزيادة 387 عن نافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق كما حدثني عنه نافع مولاه قال كان عبد الله بن عمر الخ (غريبه) (3) أي رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وجعله من كلامه (تخريجه) (د. هق) وسنده جيد 388 عن زهير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زهير قال ثنا

-[ما يفعل من لم يجد الا قميصًا واحدًا]- القوم لأبي الزُّبير آلمكتوبة (1) قال المكتوبة وغير المكتوبة (389) عن سلمة بن الأكوع رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله إنِّى أكون فى الصيد فأصلِّي وليس علىَّ إلَّا قميصٌ واحدٌ، قال فزرَّه (32) وإن لم تجد إلَّا شوكةً (7) باب كراهية اشتمال الصماء والاحتباء فى ثوب واحد (390) عن أبى هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبستين، (3) الصَّمَّاء (4) وأن يحتبي الرَّجل بثوبه ليس على فرجه منه شيء

_ أبو الزبير الخ (غريبه) (1) مفعول لفعل محذوف والمعنى أصلى المكتوبة في ثوب واحد؟ قال نعم صلى المكتوبة وغير المكتوبة في ثوب واحد والمراد بالمكتوبة المفروضة (وغير المكتوبة) النافلة (تخريجه) (ق. د. هق) 389 عن سلمة بن الأكوع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ابن القاسم قال ثنا عطاف عن موسى بن إبراهيم بن أبي ربيعة قال سمعت سلمة بن الأكوع قال قلت يا رسول الله " الحديث " (غريبه) (2) هكذا وقع في المسند وفي رواية البخاري قال يزره وفي رواية أبي داود فازرره وفي رواية ابن حبان والنسائي زره والمراد شد القميص والجمع بين طرفيه لئلا تبدو عورته ولو لم يمكنه ذلك إلا بأن يغرز في طرفه شوكة يستمسك بها (تخريجه) (د. نس. فع. خز. حب. والطحاوي) وعلقه البخاري في صحيحه ووصله في تاريخه (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب الصلاة في ثوبين وجوازهما في ثوب واحد وتقدم الكلام على ذلك في الباب (السابق) وفيها دلالة أيضاً على جواز الصلاة في القميص منفرداً عن غيره مقيداً بعقد الزر أو طول القميص زيادة عن محل العورة والله أعلم 390 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبه بن سعيد قال ثنا يعقوب يعني ابن عبد الرحمن عن سهيل بن صالح عن أبيه عن أبي هريرة " الحديث " (غريبه) (3) هو بكسر اللام لأن المراد بالنهي الهيئة المخصوصة لا المرة الواحدة من اللبس (4) أي أحداهما الصماء بالصاد المهملة والمد " قال أهل اللغة " هو أن يجلل جسده بالثوب لا يرفع منه جانباً ولا يبقى ما يخرج منه يده قال ابن قتيبة سميت صماء لأنه

-[كراهة الاحتباء واشتمال الصماء وكلام العلماء فى ذلك]- (391) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم قال لا ترتدوا الصَّماء فى ثوبٍ واحدٍ، ولا يأكل أحدكم بشماله، ولا يمش فى نعلٍ واحدةٍ، ولا يحتب فى ثوبٍ واحدٍ (أبواب اجتناب النجاسة فى مكان المصلى وثوبه وبدنه والعفو عما لا يعلم منها) (1) باب الأماكن المنهى عنها والمأذون فيها للصلاة (392) عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلُّ الأرض مسجدٌ وطهورٌ إلَّا المقبرة (1) والحمَّام

_ يسد المنافذ كلها فيصير كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق " وقال الفقهاء " هو أن يلتحف بالثوب ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبيه فيصير فرجه بادياً " قال النووي " فعلى تفسير أهل اللغة يكون مكروها لئلا تعرض له حاجة فيتعسر عليه إخراج يده فيلحقه الضرر وعلى تفسير الفقهاء يحرم لأجل انكشاف العورة (والاحتباء) أن يقعد على اليتيه وينصب ساقيه ويلف عليه ثوباً يقال له الحبوة وكانت من شأن العرب (وقوله ليس على فرجه منه شيء) فيه دليل على أن الواجب ستر السوءتين فقط لأنه قيد النهي بما إذا لم يكن على الفرج شيء ومقتضاه أن الفرج إذا كان مستوراً فلا نهى قاله الشوكاني اهـ (تخريجه) (ق. وغيرهما) 391 عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب أنا هشام بن أبي عبد الله عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (تخريجه) (الأربعة وغيرهم) وسنده جيد (الأحكام) في حديثي الباب النهي عن هاتين اللبستين وحمله الجمهور على الكراهة وحمله الشوكاني على التحريم قال لأنه المعنى الحقيقي للنهي وصرفه إلى الكراهة مفتقر إلى دليل والله أعلم 392 عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن عمرو بن يحيى بن عمارة عن أبيه عن أبي سعيد (غريبه) (1) مثلثة الباء مفتوحة الميم وقد تكسر الميم وهي المحل الذي يدفن فيه الموتى (تخريجه) (فع. خزاك. حب. والأربعة إلا النسائي) وتكلم فيه بالاضطراب

-[النهي عن الصلاة الى القبر والجلوس عليه]- (393) عن أبي مرثدٍ الغنويِّ رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تصلُّوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها (وفي لفظ) لا تجلسوا على القبور ولا تصلُّوا عليها (394) عن عبد الله بن عمروٍ (بن العاص رضى الله عنهما) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى فى مرابدٍ (1) الغنم ولا يصلِّى فى مرابد الإبل والبقر (395) عن أبى هريرة عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال إذا لم تجدوا إلا

_ والإرسال وقال صاحب الإمام حاصل ما علل به الإرسال وإذا كان الواصل له ثقة فهو مقبول قال الحافظ وافحش ابن دحية فقال في كتابه التنوير له هذا لا يصح من طريق من الطرق كذا قال فلم يصب انتهى " والحديث " صححه الحاكم في المستدرك وابن حزم الظاهري وأشار ابن دقيق العبد في الإمام إلى صحته 293 عن أبي مرثد الغنوى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم قال سمعت ابن جابر (يعني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر) يقول حدثني بسر ابن عبيد الله الخضرمي أنه سمع وائلة بن الأسقع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حدثني أبو مرثد الغنوى " الحديث " (تخريجه) (م والأربعة إلا ابن ماجه) ورواه مسلم والإمام أحمد أيضاً من راوية أبي هريرة بلفظ (لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه فتخلص إلى جلده خير من أن يجلس على قبر أخيه) 394 عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة عن حييى بن عبد الله أن أبا عبد الرحمن الحبلى حدثه عن عبد الله بن عمرو " الحديث " (غريبه) (1) جمع مربد بكسر الميم وفتح الباء الموحدة آخره دال مهملة قال في النهاية الموضع الذي تحبس فيه الإبل والغنم وبه سمى مربد المدينة والبصرة وهو بكسر الميم وفتح الباء من ربد بالمكان إذا اقام به وربده إذا حبسه قال والمربد أيضاً الموضع الذي يجعل فيه التمر لينشف كالبيدر للحنطة اهـ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير بنحوه ولم يذكر البقر وفيه ابن لهيعة وفيه كلام اهـ (قلت) له شواهد صحيحة عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم تعضده 395 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا يزيد قال ثنا

-[الأماكن المنهي عنها والمأذون فيها للصلاة]- مرابض (1) الغنم ومعاطن الإبل فصلُّوا فى مرابض الغنم ولا تصلُّوا فى معاطن الإبل (396) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا عبد الملك بن الرَّبيع بن سبرة عن أبيه عن جدِّه (سبرة بن معبدٍ صلى الله عليه وسلم) عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم نحوه (397) عن ابن مغفلٍ (2) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرت الصلَّاة وأنتم فى مرابض الغنم فصلُّوا، وإذا حضرت وأنتم فى أعطان (3) الإبل فلا تصلُّوا، فإنَّها خلقت من الشَّياطين (4) (398) وعنه أيضًا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تصلُّوا في عطن

_ هشام عن محمد عن أبي هريرة الخ (غريبه) (1) مرابض جمع مربض كمجلس آخره ضاد معجمه هكذا جاءت هذه الرواية وفي رواية عبد الله بن عمرو المتقدمة بالدال المهملة الكل صحيح قال الجوهري المرابض للغنم كالمعاطن للإبل وأحدهما مريض مثال مجلس قال وربوض الغنم والفرس مثل بروك الإبل وجثوم الطير (تخريجه) (جه مذ) وصححه 396 حدثنا عبد الله الخ (تخريجه) (جه) وسنده جيد 397 عن ابن مفغل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سليمان عن أبي سفيان بن العلاء عن الحسن عن ابن مغفل (الحديث) (غريبه) (2) هو عبد الله بن مغفل المزني الصحابي رضي الله عنه (3) جمع عطن بفتح العين والطاء المهملتين وفي بعض الطرق معاطن وهي جمع معطن بفتح الميم وكسر الطاء قال في النهاية العطن مبرك الإبل حول الماء اهـ (4) أي أنها لما فيها من النفار والشرور فربما أفسدت على المصلى صلاته فصارت كأنها في حق المصلى من نجس الشياطين (تخريجه) (جه) بنحو حديث الباب والنسائي مقتصراً على النهى عن إعطان الإبل ورجال حديث الباب من رجال الصحيح إلا أبا سفيان بن العلاء فلم أجد من ذكره 398 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن إسحاق حدثني عبيد الله بن طلحة بن كريز الخزاعي عن الحسن بن أبي الحسن البصري عن عبد الله بن مغفل المزني قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ

-[مذاهب العلماء فى حكم الصلاة فى الاماكن المنهى عنها]- الإبل فإنَّها من الجنِّ خلقت، ألا ترون عيونها وهبابها (1) إذا نفرت وصلُّوا في مراح (2) الغنم فإنَّها هى أقرب من الرَّحمة

_ (غريبه) (1) الهباب بكسر الهاء النشاط (وقوله إذا نفرت) أي فرت وذهبت يقال نفر ينفر نفوراً ونفاراً إذا فر وذهب (نه) (2) هو بضم الموضع الذي تروح إليه الغنم وتأوى إليه ليلاً (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير إلا أنه قال " وصلوا في مراح الغنم فإنها بركة من الرحمن وقد رواه ابن ماجه والنسائي باختصار ورجال أحمد ثقات وقد صرح ابن إسحاق بقوله حدثني اهـ (قلت) يعني أن ابن إسحاق مدلس إنا عنعن فإذا صرح بالتحديث انتفى التدليس وهنا قد صرح بالتحديث فلا تدليس (الأحكام) في أحاديث الباب دليل على المنع من الصلاة في المقبرة والحمام وقد اختلف الناس في ذلك (أما المقبرة) (فذهب الإمام أحمد) إلى تحريم الصلاة فيها ولم يفرق بين المنبوشة وغيرها ولا بين أن يفرش عليها شيئاً يقيه من النجاسة أم لا ولا بين أن يكون في القبور أو في مكان منفرد عنها كالبيت (وإلى ذلك ذهبت الظاهرية) ولم يفرقوا بين مقابر المسلمين والكفار قال ابن حزم وبه يقول طوائف من السلف فحكى عن خمسة من الصحابة النهى عن ذلك وهم عمر وعلي وأبو هريرة وأنس وابن عباس رضي الله عنهم (وقد ذهب) إلى تحريم الصلاة على القبر من أهل البيت المنصور بالله والهادوية وصرحوا بعدم صحتها إن وقعت فيها (وذهب الشافعي) إلى الفرق بين المقبرة المنبوشة وغيرها فقال إذا كانت مختلطة بلحم الموتى صديدهم وما يخرج منهم لم تجز الصلاة فيها للنجاسة فإن صلى رجل في مكان طاهر منها اجزأته وقال الرافعي بكراهة الصلاة فيها بكل حال (وذهب) النوري والأوزاعي وأبو حنيفة إلى كراهة الصلاة في المقبرة ولم يفرقوا كما فرق الشافعي ومن معه بين المنبوشة وغيرها (وذهب مالك) إلى جواز الصلاة في المقبرة وحكى أيضاً عن الحسن أنه صلى في المقبرة (وأما الحمام) فذهب أحمد إلى عدم صحة الصلاة فيه ومن صلى فيه أعاد أبداً وقال أبو ثور لا يصلي في حمام ولا مقبرة على ظاهر الحديث وإلى ذلك ذهبت الظاهرية وروى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال " لا تصلين إلى حش ولا في حمام ولا في مقبرة " قال ابن حزم ما نعلم لابن عباس في هذا مخالفاً من الصحابة وروينا مثل ذلك عن نافع بن جبير بن مطعم وإبراهيم النخعي وخيثمة والعلاء ابن زياد عن أبيه (قال ابن حزم) ولا تحل الصلاة في حمام سواء في ذلك مبدأ بابه إلى جميع حدوده ولا على سطحه وسقف مستوقده وأعالي حيطانه خرباً كان أو قائماً فإن سقط من بنائه شيء يسقط عنه اسم حمام جازت الصلاة في أرضه حينئذ اهـ (وذهب الجمهور) إلى صحة الصلاة

-[مذاهب العلماء فى حكم الصلاة فى الاماكن المنهى عنها]- .....

_ في الحمام مع الطهارة وتكون مكروهة وتمسكوا بعمومات نحو حديث " أينما أدركت الصلاة فصل " وحملوا النهي على حمام متنجس أفاده الشوكاني قال والحق ما قاله الأولون لأن أحاديث المقبرة والحمام مخصصة ذلك للعموم وحكمة المنع من الصلاة في المقبرة قيل هو ما تحت المصلى من النجاسة وقيل لحرمة الموتى وحكمة المنع من الصلاة في الحمام أنه بكثر فيه النجاسات وقيل أنه مأوى الشياطين اهـ (وفي الباب) عن زيد بن جبيرة عن داود بن حصين عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يصلي في سبعة مواطن في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي أعطان الإبل وفوق ظهر بيت الله رواه عبد بن حميد في مسنده وابن ماجه والترمذي وقال اسناده ليس بذاك القوي وقد تكلم في زيد بن جبيرة من قبل حفظه والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضاً) دليل على جواز الصلاة في مرابض الغنم وعلى تحريمها في معاطن الإبل " قال الشوكاني " وإليه (ذهب أحمد بن حنبل) فقال لا تصح بحال وقال من صلى في عطن إبل أعاد أبدا (وسئل مالك) عمن لا يجد إلا عطن إبل قال لا يصلي فيه قيل فإن بسط عليه ثوبا قال لا (وقال ابن حزم لا تحل في عطن إبل وذهب الجمهور) إلى حمل النهى على الكراهة مع عدم النجاسة وعلى التحريم مع وجودها وهذا إنما يتم على القول بأن علة النهي هي النجاسة وذك متوقف على نجاسة أبوال الإبل وإزبالها قال ولو سلمنا النجاسة فيه لم يصح جعلها علة لأن العلة لو كانت النجاسة لما افترق الحال بين أعطانها وبين مرابض الغنم إذ لا قائل بالفرق بين أرواث كل من الجنسين وأبوالها كما قال العراقي وأيضاً قد قيل أن حكمة النهى ما فيها من النفور فربما نفرت وهو في الصلاة فتؤدي إلى قطعها أو أذى يحصل له منها أو تشوش الخاطر الملهى عن الخشوع في الصلاة وبهذا علل النهي أصحاب الشافعي وأصحاب مالك وعلى هذا فيفرق بين كون الإبل في معاطنها وبين غيبتها عنها إذ يؤمن نفورها حينئذ ويرشد إلى صحة هذا حديث ابن مغفل وقد يحتمل أن علة النهي أن يجاء بها إلى معاطنها بعد شروعه في الصلاة فيقطعها أو يستمر فيها مع شغل خاطره وقيل لأن الراعي يبول بينها وقيل الحكمة في النهي كونها خلقت من الشياطين وبدل على هذا أيضاً حديث ابن مغفل السابق وكذا عند النسائي من حديثه وعند أبي داود من حديث البراء وعند ابن ماجه بإسناد صحيح من حديث أبي هريرة إذا عرفت هذا الاختلاف في العلة تبين لك أن الحق الوقوف على مقتضى النهي وهو التحريم كما ذهب إليه أحمد والظاهرية (وأما) الأمر بالصلاة في مرابض الغنم فأمر إباحة ليس للوجوب قال العراقي اتفاقا وإنما نبه على ذلك لئلا يظن أن حكمها حكم الإبل أو أنه أخرج على جواب السائل حين سأله عن الأمرين فأجاب في الإبل بالمنع وفي الغنم بالإذن (وأما) الترغيب المذكور في الأحاديث بلفظ فإنه بركة فهو إنما ذكر لقصد تبعيدها عن حكم

-[جواز الصلاة فى النعل وتطهيرها بالدلك]- (6) باب ما جاء فى الصلاة فى النعل (399) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي ينتفل (1) عن يمينه وعن شماله، ورأيته يصلِّى حافيًا ومنتعلًا، (2) ورأيته يشرب قائمًا وقاعدًا (400) عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى فخلع نعليه فخلع النَّاس نعالهم، فلمَّا انصرف قال لم خلعتم نعالكم؟ فقالوا يا رسول الله رأيناك خلعت فخلعنا، قال إنَّ جبريل أتانى فأخبرنى أنَّ بهما خبثًا، فإذا جاء أحدكم المسجد فليقلب نعله فلينظر فيهما، فإن رآى بهما خبثًا فليمسحه بالأرض ثمَّ ليصلِّ فيهما (401) عن سعيد بن يزيد أبى مسلمة قال قلت لأنس بن مالكٍ رضى الله عنه أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى فى نعليه؟ قال نعم (402) عن أبى هريرة رضى الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي

_ الإبل كما وصف أصحاب الإبل بالغلظ والقسوة ووصف أصحاب الغنم بالسكينة والله أعلم 399 عن عمرو بن شعيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد بن أبي عروبة عن حسين المعلم عن عمرو بن شعيب (الحديث) وفي آخره قال محمد بعني غندراً أنبأنا به الحسين عن عمرو بن شعيب " الحديث " وفي آخره قال محمد يعني غندراً أنبأنا به الحسين عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (غريبه) (1) أي ينصرف (2) أي وهو لابس نعله (تخريجه) (د. جه. هق) والطحاوي وسنده جيد 400 عن أبي سعيد الخدري سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا حماد بن سلمة عن أبي نعامة عن أبي نضرة عن أبي سعيد (تخريجه) (د. حب. هق ك) وسنده جيد وتقدم الكلام على فقه في الباب الثالث من أبواب تطهير النجاسة من كتاب الطهارة 401 عن سعيد بن يزيد سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عباد بن عباد وغسان بن مضر عن سعيد بن يزيد "الحديث " (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم) 402 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن

-[أبواب اجتناب النجاسة- الفتح الربانى]- قائمًا وقاعدًا وحافيًا ومنتعلًا (403) عن أبي العلاء بن الشِّخِّير عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى فى نعليه قال فتنخَّع (1) فتفله تحت نعله اليسرى قال ثمَّ رأيته حكَّها بنعليه (404) عن أبى الأوبر قال أتى رجلٌ أبا هريرة فقال أنت الَّذى تنهى النَّاس أن يصلُّوا وعليهم نعالهم؟ قال لا، ولكن وربِّ هذه الحرمة (2) لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى إلى هذا المقام وعليه نعلاه وانصرف وهما عليه، ونهى النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم الجمعة إلَّا أن يكون في أيَّامٍ (3) (وفى روايةٍ) رأيت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى في نعليه

_ عبد الملك بن عمير عن أبي الأوبر عن أبي هريرة الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد عن أبي هريرة ورجاله ثقات 403 عن أبي العلاء بن الشخير عن أبيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عاصم أخبرني الجريري عن أبي العلاء بن الشخير عن أبيه " الحديث " (غريبه) (1) النخاعة في البزقة التي تخرج من أصل الفم مما يلي أصل النخاع وهو خيط الرقبة المتصل بفقار الظهر (وقوله فتفله) أي طرحه (تخريجه) (م. طب) 404 عن أبي الأوبر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية ابن عمرو قال ثنا زائدة عن عبد الملك بن عمير عن أبي الأوبر الخ (غريبه) (2) بضم الحاء المهملة وسكون الراء هي مالا يحل انتهاكه ولعله يريد حرمة مكة أو المدينة أو الكعبة أو الشهر الحرام أو ما حرمه الله مطلقاُ والله أعلم (3) أي ضمن أيام صامها معه (تخريجه) (هق. والطحاوي) وقال الهيثمي رواه أحمد والبزار باختصار ورجاله ثقات خلا زياد بن الأوبر الحارئي فأنى لم أجد من ترجمه بثقة ولا ضعف اهـ (قلت) قال الحافظ في تعجيل المنفعة قد جزم الحسيني بأنه أبو الأوبر وهو معروف ولكنه مشهور بكنيته أكثر من اسمه وقد سماء زياداً النسائي والدولابي وأبو أحمد الحاكم ووثقه ابن معين وابن حبان وصحح حديثه اهـ

-[جواز الصلاة في النعلين]- (405) عن مجمِّع بن يعقوب عن غلامٍ من أهل قباء أنَّه أدركه شيخًا أنَّه قال جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقباء فجلس فى فئ الأحمر (1) (وفى روايةٍ فى فناء الأجم) واجتمع إليه ناسٌ فاستسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسقى فشرب وأنا عن يمينه وأنا أحدث القوم، فناولني فشربت وحفظت أنَّه صلَّى بنا يومئذٍ الصَّلاة وعليه نعلاه لم ينزعهما (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (2) عن محمَّد بن إسماعيل بن مجمِّع قال قيل لعبد الله بن أبى حبيبة (3) ما أدركت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم وهو غلامٌ حديثٌ، قال جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا إلى مسجدنا يعنى مسجد قباءٍ، قال فجئنا فجلسنا إليه وجلس إليه النَّاس (4) قال فجلس ما شاء الله أن يجلس ثمَّ قام يصلِّي فرأيته يصلِّى في نعليه

_ 405 عن مجمع بن يعقوب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ابن محمد قال ثنا العطاف قال حدثني مجمع بن يعقوب " الحديث " (غريبه) (1) هكذا بالأصل هو غير ظاهر عندي وما في الرواية الثانية أظهر وهو قوله (وفي رواية في فناء الأجم) لأن الفناء " بكسر الفاء " معناه المتسع أمام الدار (والأجم) بفتح الهمزة وسكون الجيم هو كل بيت مربع مسطح أو بضم الهمزة والجيم حصن بالمدينة كما في القاموس والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم جلس في المتسع الذي أمام الدار أو الحصن وطلب الشراب فشرب " الحديث " هذا ما ظهر لي والله أعلم (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد وكتب به إلى قتيبة ثنا مجمع بن يعقوب عن محمد بن إسماعيل بن مجمع الخ (3) هو ما أبهمه في الطريق الأولى بقوله عن غلام من أهل قباء (4) يؤخذ منه أن جلوسه صلى الله عليه وسلم معهم كان في المسجد وفي الحديث السابق أنه صلى الله عليه وسلم جلس بفناء الأجم ويجمع بين ذلك باحتمال أنه صلى الله عليه وسلم جلس أولا بنفاء الأجم فاستسقى فشرب ثم قام معهم إلى المسجد فجلس فيه والله أعلم (تخريجه) أو رده الهيثمي وقال رواه أحمد وسماه عبد الله بن أبي حبيبة في رواية أخرى وكذلك رواه الطبراني ورجال أحمد موثقون ورواه البزار مختصراً " إن النبي صلى الله عليه وسلم " صلى في نعلين " وقال لا نعلم روى عن أبي حبيبة إلا هذا اهـ

-[أين يضع المصلي نعليه اذا خلعهما]- (406) عن ابن مسعودٍ رضى الله عنه قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى فى الخفَّين والنَّعلين (407) عن النُّعمان بن سالمٍ عن رجلٍ (1) جدُّه أوس بن أبى أوسٍ كان يصلِّى ويومئ إلى نعليه وهو فى الصَّلاة (2) فيأخذهما فينتعلهما ويصلِّى فيهما ويقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى فى نعليه (408) عن عبد الله بن السَّائب رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى يوم الفتح (3) فوضع نعليه عن يساره (4)، قال عبد الله سمعت هذا الحديث من أبى ثلاث مرارٍ

_ 406 عن ابن مسعود الخ هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب من هو أحق بالإمامة من أبواب صلاة الجماعة 407 عن النعمان بن سالم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهزئنا شعبة ثنا النعمان بن سالم الخ (غريبه) (1) في رواية أخرى عن ابن أبي أوس عن جدة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى في نعليه (2) لعله فعل ذلك لحاجة كألم في رجليه يؤذيه الحصى أو نحو ذلك والله أعلم (تخريجه) (بجه طب) وفيه رجل لم يسم 408 عن عبد الله بن السائب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن سعيد عن ابن جريج قال حدثني محمد بن عباد بن جعفر عن عبد الله بن سفيان عن عبد الله بن السائب " الحديث " (غريبة) (3) أي فتح مكة (4) هذا محمول على ماذا لم يكن على يساره أحد والمراد أنه ينحيهما عن الناس يؤذ بهما أحدا كما في رواية وقد أحسن أهل زماننا في جعلهم أماكن مخصوصة في المساجد توضع بها النعال (تخريجه) (د. نس. جه ش) وسنده جيد (وفي الباب) عند أبي داود والحاكم وابن حبان في صحيحه عن يعلى بن شداد بن أوس عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " خالفوا اليهود فإنهم لا يصلون في نعالهم ولا خفافهم " ورواه أيضاً الطبراني في الكبير بسند صحيح مرفوعاً بلفظ (صلوا في النعال خالفوا اليهود) " وفي الباب أيضاً " عند ابي داود والبيهقي والحاكم وصحح العراقي إسناده عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا صلى أحدكم فخلع نعليه فلا يؤذ بهما أحد ليجعلهما بين رجليه أو ليصل فيهما) (الأحكام) أحاديث

-[مذاهب الأئمة فى حكم الصلاة فى النعلين]- ......

_ الباب تدل على مشروعية الصلاة في النعال وقد اختلف نظر الصحابة والتابعين في ذلك هل هو مستحب أو مباح أو مكروه؟ فروى عن عمر بإسناد ضعيف إنه كان يكره خلع النعال ويشتد على الناس في ذلك وكذا عن ابن مسعود وكان أبو عمر الشيباني يضرب الناس إذا خلعوا نعالهم وروى عن إبراهيم أنه كان يكره خلع النعال وهذا يشعر بأنه مستحب عند هؤلاء قاله الشوكاني وقال العراقي في شرح الترمذي (وممن كان يفعل ذلك) يعني لبس النعل في الصلاة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن مسعود وعويمر بن ساعدة وأنس بن مالك وسلمة بن الأكوع وأوس الثقفي ومن التابعين سعيد بن المسيب والقاسم وعروة بن الزبير وسالم بن عبد الله وعطاء بن يسار وعطاء بن أبي رباح ومجاهد وطاوس وعد جماعة كثيرة (وممن كان لا يصلي فيهما) عبد الله بن عمر وأبو موسى الأشعري قال الشوكاني (وممن ذهب إلى الاستحباب) الهادوية وأن أنكر ذلك عوامهم قال الإمام المهدي في البحر (مسئلة) ويستحب في النعل الطاهر لقوله صلى الله عليه وسلم " صلوا في نعالكم " (قلت) يشير إلى حديث شداد بن أوس عن أبيه عند الطبراني وبقيته " خالفوا اليهود " ورواه أيضاً أبو داود والحاكم وابن حبان بلفظ آخر وتقدم ذكره آنفاً " واستدل من قال بالجواز فقط " لا بالاستحباب بأحاديث الباب التي ليس فيها أمر وبما رواه ابن أبي شيبة باسناده إلى عبد الرحمن بن أبي ليلى أنه قال (صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في نعليه فصلى الناس في نعالهم فخلع نعليه فخلعوا فلما صلى قال من شاء أن يصلي في نعله فليصل ومن شاء أن يخلع فليخلع " قال العراقي وهذا مرسل صحيح الإسناد قال الشوكاني رحمه الله ويجمع بين أحاديث الباب بجعل أبي هريرة وما بعده يعني الأحاديث التي ليس فيها أمر صارفاً للأوامر المذكورة المعللة بالمخالفة لأهل الكتاب من الوجوب إلى الندب لأن التحيير والتفويض إلى المشيئة بعد تلك الأوامر لا ينافي الاستحباب كما في حديث " بين كل اذانين صلاة لمن شاء " وهذا أعدل المذاهب وأقواها عندي اهـ (وقال ابن بطال) الصلاة في النعال والخفاف من الرخص كما قال ابن دقيق العيد لا من المستحبات لأن ذلك يدخل في المعنى المطلوب من الصلاة وهو وأن كان من ملابس الزينة إلا أن ملامسة الأرض التي تكثر فيها النجاسات قد تقصر عن هذه الرتبة وإذا تعارضت مراعاة مصلحة التحسين التي هي من جلب المصالح ومراعاة إزالة النجاسة التي هي من باب دفع المفاسد قدم دفع المفاسد إلا أن يرد دليل بالحافة بما يتجمل به فيرجع إليه ويترك هذا النظر اهـ (وقال القاضي عياض) الصلاة في النعل رخصة مباحة فعلها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم وذلك ما لم تعلم نجاسة النعل فإن علمت وكانت نجاسة متقفاً عليها كالدم لم يطهرها إلا الماء وإن كانت مختلفاً فيها كأرواث الدواب وأبوالها ففي تطهيرها بالدلك بالتراب عندنا قولان وأطلق الأوزاعي والنوري أجزاء الدلك (وقال أبو حنيفة) لا يجزئ

-[جواز الصلاة على الحصير]- (7) باب في الصلاة على الحصير والبسط والفراء وألخمرة (409) عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضى الله عنه قال صلَّى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم على حصيرٍ (410) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال صنع بعض عمومتى للنَّبيَّ صلى الله عليه وسلم طعامًا فقال يا رسول الله إنِّي أحبُّ أن تأكل فى بيتى، قال فأتاه وفى البيت فحلٌ (1) من تلك الفحول، فأمر بجانبٍ منع فكنس ورشَّ فصلَّى وصلَّينا معه (411) وعنه أيضًا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ربَّما تحضره الصَّلاة وهو فى بيتنا فيأمر بالبساط الَّذى تحته فيكنس ثمَّ ينضح بالماء

_ في البول ورطب الروث إلا الغسل (وقال الشافعي) لا يطهر شيئاً من ذلك إلا الماء واختلف عندنا فيما أصاب الرجل من المتخلف فيه هل يكفي فيه الدلك بالتراب؟ وبالأجزاء قال النوري وبعدمه قال أبو يوسف وفي الصلاة في النعل حمل الجلد على الطهارة مالم يتعين أنها ميتة أو جلد خنزير واختلف العلماء فيهما إذا كانا مدبوغين وفيه حمل الطرقات والتراب على الطهارة حتى تتيقن النجاسة اهـ 409 عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن أبي سعيد الخدري " الحديث " (تخريجه) (م. جه. هق) 410 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم ثنا إبن عون أنا أنس بن سيرين عن عبد الحميد بن المنذر بن الجارود عن أنس بن مالك " الحديث " (غريبه) (1) الفحل ها هنا حصير معمول من سعف فحال النخل وهو فحلها وذكرها الذي تلقح منه فسمى الحصير فحلا مجاز (نه) والسعف بالتحريك ورق النخل تنسج منه الأوعية والظروف قاله الفارسي (تخريجه) (ق. وغيرهما) 411 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد حدثني أبي قال أنا أبو التياح ثنا أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس خلقاً وكان لي أخ يقال عمير قال أحسبه قال فطيماً قال وكان إذا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه قال أبا عمير ما فعل النفير قال نفر كان يلعب به قال فربما تحضره الصلاة " الحديث " وقد ذكرته بتمامه في الباب الثاني

-[جواز الصلاة على البساط]- ثمَّ يقوم رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ونقوم خلفه فيصلِّي بما قال وكان بساطهم من جريد النَّخل (1) (412) عن ابن عباسٍ رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم صلَّى على بساطٍ (413) عن أنسٍ بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم صلَّى فى بيت أم حرامٍ (2) على بساطٍ

_ من كتاب الشمائل من قسم السيرة النبوية وإنما ذكرت هذا الطرف منه هنا لمناسبة الترجمة (1) ذكر في هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم صلى على البساط وفسر بأنه من جريد النخل وذكر في الحديث السابق أنه صلى على فحل وفسره صاحب النهاية بأنه حصير معمول من سعف ذكور النخل فيحتمل أن ما عمل من سعف النخل يسمى حصيراً وما عمل من جريده يسمى بساطاً ولذا فرق الترمذي بين حديث أنس في الصلاة على البسط وبين حديثه في الصلاة على الحصير وعقد لكل منهما باباً لكن يمنع من ذلك أن ما رواه أنس بلفظ البسط أخرجه أصحاب الكتب الستة بلفظ الحصير قال العراقي في شرح الترمذي وقد روى ابن أبي شيبة في سننه ما يدل على أن المراد بالبساط الحصير بلفظ فيصلي أحياناً على بساط لنا وهو حصير ننضحه بالماء قال العراقي فتبين أن مراد أنس بالبساط الحصير ولا شك أنه صادق على الحصير لكونه يبسط على الأرض أي يفرش اهـ (قلت) فتلخص من هذا أنه يرى يراد بالبساط في حديث أنس وغيره مما سيأتي الحصير المصنوع من سعف النخل أو من جريده لأنه هو المعروف عند العرب إذ ذاك أما البساط المعروف في زماننا المصنوع من الصوف ونحوه فسيأتي الكلام عليه في الأحكام والله أعلم (تخريجه) (ق. د. مذ. هق) 412 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا زمعة ابن صالح عن عمرو بن دينار عن ابن عباس (الحديث) (تخريجه) (جه. ش هق) وفي إسناده زمعة بن صالح الحيدي ضعفه الإمام أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي وقد أخرج له مسلم فرد حديث مقروناً بآخر وأحاديث الباب تعضده 413 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا حماد عن ثابت عن أنس الخ (غريبه) (2) بفتح الحاء المهملة بنت ملحان هي خالة أنس بن مالك رضي الله عنهما (تخريجه) (هق وسنده جيد)

-[جواز الصلاة على الفروة والخمرة]- (414) عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى أو يستحبُّ أن يصلِّى على فروةٍ (1) مدبوغةٍ (415) عن ميمونة زوج النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى على الخمرة (2) فيسجد فيصيبنى ثوبه وأنا إلى جنبه وأنا حائضٌ (416) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى على الخمرة

_ 414 عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن ربيعة ثنا يونس بن الحارث الطائفي عن أبي عون عن أبيه عن المغيرة بن شعبة " الحديث " (غريبه) (1) الفروة هي التي تلبس وجمعها فراء كبهمة وبهام (تخريجه) (د. هق) الحديث في إسناده عبيد الله بن سعيد والد أبي عون وفيه جهالة لكن صلاته صلى الله عليه وسلم على الحصير وغيره ثابتة من طرق كثيرة صحيحة عند الجماعة وغيرهم والله أعلم 415 عن ميمونة سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد ثنا سليمان الشيباني قال ثنا عبد الله بن شداد قال سمعت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (غريبه) (2) بضم الخاء المعجمة سجادة من سعف النخل على قدر ما يسجد عليه المصلى فإن عظم بحيث يكفي لجسده كله في صلاة أو اضطجاع فهو حصير وليس بخمرة قاله أبو عبيدة وقال الجوهري الخمرة بالضم سجادة صغيرة تعمل من سعف النخل وترمل بالخيوط " وقال الخطابي " الخمرة السجادة وكذا قال صاحب المشارق قال وهي على قدر ما يضع عليه الوجه والأنف " وقال صاحب النهاية " هي مقدار ما يضع عليها الرجل وجهه في سجوده من حصير أو نسيجة خوص ونحوه من الثياب ولا يكون خمرة إلا في هذا المقدار اهـ (تخريجه) (ق والأربعة إلا الترمذي) 416 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن وأبو سعيد قالا ثنا زائدة ثنا سماك قال عبد الرحمن عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (تخريجه) (هق. مذ) وقال حسن صحيح وفي الباب عن أم حبيبة عند (طب هق) وعن عائشة عند (م. د. مذ. نس) وعن أنس وأم سليم عند (هق) وغير ذلك (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز الصلاة على الحصر والبسط والفراء والخمرة من غير كراهة ويلحق بها ما في معناها مما يفرش سواء أكان من حيوان أو نبات وحكاه الترمذي عن

-[أقوال العلماء فى الصلاة على الحصير والبسط والفراء]- (4) باب في الصلاة فى ثوب النوم وشعر النساء وحكم ثوب الصغير (417) عن معاوية رضي الله عنه قال قلت لأمَّ حبيبة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ورضى عنها أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى فى الثَّوب الَّذى ينام معك فيه؟ قالت نعم ما لم ير فيه أذًى (1) (418) عن جابر بن سمرة رضي الله عنهما قا لسمعت رجلًا سأل النَّبىَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أصلِّى فى ثوبى الَّذى آتى فيه أهلى؟ قال نعم إلَّا أن ترى فيه شيئًا تغسله

_ أكثر أهل العلم ومن بعدهم وبذلك قال الإمام أحمد والأوزاعي والشافعي وإسحاق وجمهور الفقهاء بل روى البيهقي بسنده عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه قال ما أبالي لو صليت على خمس طنافس وقد كره ذلك جماعة من التابعين فمن بعدهم فروى ابن أبي شبيبة في المصنف عن سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين أنهما قالا الصلاة على الطنفسة وهي البساط الذي تحته خمل محدثة وعن جابر بن زيد أنه كان يكره الصلاة على كل شيء من الحيوان ويستحب الصلاة على كل شيء من نبات الأرض وعن عروة بن الزبير أنه كان يكره أن يسجد على شيء دون الأرض وإلى كراهة الصلاة على ما كان من نبات الأرض وعن عروة بن الزبير أنه كان يكره أن يسجد على شيء دون الأرض وإلى كراهة الصلاة على ما كان من نبات الأرض فدخلته صناعة أخرى كالكتان والقطن ذهب مالك قال ابن العربي وإنما كرهه من جهة الزخرفة (قلت) ذهب المالكية إلى كراهة السجود على الثياب والبسط ونحوها مما فيه رفاهية بخلاف الحصير فإنه لا يكره قالوا وتركه أولى والسجود على الأرض أفضل والله أعلم 417 عن معاوية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن خديج عن معاوية الخ (غريبه) (1) أي نجاسة (تخريجه) (د. نس. جه) ورجال إسناده كلهم ثقات 418 عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله ابن ميمون أبو عبد الرحمن يعني الرقى ثنا عبيد الله يعني ابن عمرو عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة " الحديث " وفي آخره قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الإمام أحمد) قال أبي هذا الحديث لا يرفع عن عبد الملك بن عمير (تخريجه) (جه) ورجال اسناده عند ابن ماجه ثقات

-[إجتناب الصلاة في شعر النساء]- (419) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا عفَّان قال ثنا بشرٌ يعنى ابن مفضِّلٍ قال ثنا سلمة بن علقمة عن محمَّد بن سيرين قال نبِّئت أن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلِّى فى شعرنا (1) قال بشرٌ هو الثَّوب الَّذى يلبس تحت الدِّثار (420) عن أبى قتادة رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة أو أميمة (2) بنت أبي العاص وهى بنت زينب يحملها إذا قام ويضعها إذا ركع حتَّى فرغ

_ 419 حدثنا عبد الله (غريبه) (1) بضم الشين والعين المهملة جمع شعار على وزن كتب وكتاب وهو الثوب الذي يلي الجسد وخصتها بالذكر لأنها أقرب إلى أن تنالها النجاسة من الدثار وهو الثوب الذي يكون فوق الشعار قال ابن الأثير المراد بالشعار هنا الأزار الذي كانوا يتغطون به عند النوم وفي رواية أبي داود في شعرنا أو لحفنا شك من الراوي واللحاف اسم لما يلتحف به (تخريجه) (الأربعة وغيرهم) وصححه الترمذي ولفظه عنده " لا يصلي في لحف نسائه " 420 عن أبي قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بشر بن المفضل أبو إسماعيل عبد الرحمن يعني إبن إسحاق عن يزيد بن أبي عتاب عن عمرو بن أبي سليم عن أبي قتادة " الحديث " (غريبه) (2) شك من الراوي في اسمها والمشهور أمامة بضم الهمزة وتخفيف الميمن وهي بنت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوها أبو العاص ابن الربيع وكانت صغيرة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوجها على رضى الله عنه بعد فاطمة بوصية منها وفي رواية عند الإمام أحمد أيضاَ " فحملها على عاتقه " وفي أخرى " على رقبته " ذكرتهما في باب جواز حمل الصغير في الصلاة وسيأتي (تخريجه) (ق. لك. د. نس. حب. هق) الأحكام في أحاديث الباب دلالة على جواز الصلاة في ثياب النوم إذا لم تكن متنجسة وهل طهارة ثوب المصلى شرط لصحة الصلاة أم لا؟ ذهب الجمهور إلى أنه شرط وروى عن ابن مسعود وابن عباس وسعيد بن جبير وهو مروى عن مالك أنها ليست بواجبة ونقل صاحب النهاية عن مالك قولين أحدهما إزالة النجاسة

-[مذاهب العلماء فى حكم الصلاة فى ثياب النوم والعمل باليقين]- .........

_ سنة وليست بفرض وثانيهما أنها فرض مع الذكر ساقطة مع النسيان وقديم قولى الشافعي إن إزالة النجاسة غير شرط قال الشوكاني احتج الجمهور (يعني القائلين بأن طهارة الثوب شرط في صحة الصلاة) بحجج منها قول الله تعالى (وثيابك فطهر) وأتى بادلة أخرى ثم أخذ ينقضها دليلاً دليلاً وأطال في ذلك ثم قال إذا تقرر لك ما سقناه من الأدلة وما فيها فأعلم أنها لا تقصر عن إفادة وجوب تطهير الثياب فمن صلى وعلى ثوبه نجاسة كان تاركاً لواجب وأما إن صلاته باطلة كما هو شأنه فقدان شرط الصحة باطلة كما هو شأن فقدان شرط الصحة فلا لما عرفت قال (ومن فوائد حديثي الباب) " يعني حديثي أم حبيبة وجابر بن سمرة رضي الله عنهما " أنه لا يجب العمل بمقتضى المظنة لأن الثوب الذي يجامع فيه لوقوع النجاسة فيه فأرشد الشارع إلى أن الواجب العمل بالمئنة دون المظنة (ومن فوائدهما) كما قال ابن رسلان في شرح السنن طهارة رطوبة فرج المرأة لأنه لم يذكر هنا أنه كان يغسل ثوبه من الجماع قبل أن يصلي ولو غسله لنقل ومن المعلوم أن الذكر يخرج وعليه رطوبة من فرج المرأة انتهى (قلت) وقال الشوكاني في حديث عائشة أنه يدل على مشروعية تجنب ثياب النساء التي هي مظنة لوقوع النجاسة فيها وكذلك سائر الثياب التي تكون كذلك قال (وفيه أيضاً) أن الاحتياط والأخذ باليقين جائز غير مستنكر في الشرع وأن ترك المشكوك فيه إلى المتيقن المعلوم جائز وليس من نوع الوسواس كما قال بعضهم وقد تقدم (يعني في حديثي أم حبيبة وجابرة بن سمرة) أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي في الثوب الذي يجامع فيه أهله ما لم ير فيه أذى وأنه قال لمن سأله هل يصلي في الثوب الذي يأتي فيه أهله " نعم إلا أن يرى فيه شيئاً فيغسله " وذكرنا هناك أن من باب الأخذ بالمئنة لعدم وجوب العمل بالمظنة وحديث عائشة عند مسلم وأبي داود وابن ماجه وغيرهما " قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وأنا إلى جنبه وأنا حائض وعلي مرط وعليه بعضه " يدل على عدم وجوب تجنب ثياب النساء وإنما هو مندوب فقط عملاً بالاحتياط كما يدل عليه حديث الباب وبهذا يجمع بين الأحاديث اهـ (قلت) وحديث أبي قتادة يدل على صحة صلاة من حمل آدمياً أو حيواناً طاهراً وأن ثياب الصبيان وأجسادهم طاهرة حتى تحقق نجاستهما (قال النووي رحمه الله) هذا يدل لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى ومن وافقه أنه يجوز حمل الصبي والصبية وغيرها من الحيوان الطاهر في صلاة الفرض وصلاة النفل ويجوز ذلك للإمام والمأموم والمنفرد وحمله أصحاب مالك رضي الله عنه على النافلة ومنعو أجواز ذلك الفريضة وهذا التأويل فاسد لأن قوله " يؤم الناس " (يعني في رواية مسلم وبعض روايات الإمام أحمد وستأتي في غير هذا المكان) صريح أو كالصريح في أنه كان في الفريضة وادعى بعض المالكية أنه منسوخ وبعضهم أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم أنه كان لضرورة

-[مدة استقبال بيت المقدس]- (أبواب القبلة) (1) باب مدة استقبال بيت المقدس وتحويل القبلة منه الى الكعبة (421) عن البراء بن عازبٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أوَّل ما قدم المدينة نزل على أجداده أو أخواله من الأنصار، وأنَّه صلَّى قبل بيت المقدس ستَّة عشر أو سبعة عشر شهرًا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت (1) وأنَّه صلَّى أوَّل صلاةٍ صلَّاها صلاة العصر (2) وصلَّى معه قومٌ فخرج رجلٌ ممَّن صلَّى معه (3) فمرَّ على أهل مسجدٍ (4) وهم راكعون فقال أشهد بالله لقد صلَّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل مكَّة، قال فداروا كما هم قبل البيت (5) وكان يعجبه أن يحوَّل قبل البيت، وكان اليهود قد أعجبهم

_ وكل هذه الدعاوي باطلة ومردودة فإنه لا دليل عليها ولا ضرورة إليها بل الحديث صحيح صريح في جواز ذلك وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع لأن الآدمي طاهر وما في جوفه من النجاسة معفو عنه لكونه في معدته وثياب الأطفال وأجسادهم على الطهارة ودلائل الشرع متظاهرة على هذا والأفعال في الصلاة لا تبطلها إذا قلت وتفرقت وفعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا بياناً للجواز وتنبيها به على هذه القواعد التي ذكرتها اهـ باختصار والله أعلم 421 عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ابن موسى ثنا زهير أبو إسحاق عن البراء بن عازب " الحديث " (غريبه) (1) أي الكعبة لأنها قبلة أبيه إبراهيم الخليل عليهما الصلاة والسلام (2) أي أن أول صلاة صلاها كاملة إلى الكعبة صلاة العصر (3) قيل هو عباد بن بشر وقيل عباد بن نهيك وقيل غيرهما (4) هو مسجد قباء كما في حديث ابن عمر الآتي (5) يعني الكعبة وقد وقع بيان كيفية التحول في خبر تويلة قالت فتحول النساء مكان الرجال والرجال مكان النساء (قال الحافظ) وتصويره أن الإمام تحول من مكانه في مقدم المسجد إلى مؤخر المسجد لأن من استقبل الكعبة استدبر بيت المقدس وهو لو دار في مكانه لم يكن خلفه مكان يسع الصفوف ولما تحول الإمام تحولت الرجال حتى صاروا خلفه وتحول النساء حتى صرن خلف الرجال وهذا يستدعي

-[صحة صلاة من علم الصواب فى القبلة فتحول اليها وهو فى الصلاة]- إذا كان يصلِّي قبل بيت المقدس وأهل الكتاب (1) فلمَّا ولَّى وجهه قبل البيت أنكروا ذلك (422) عن عبد الله بن دينارٍ عن ابن عمر رضى الله عنهما قال بينما النَّاس بقباء (2) فى صلاة الصُّبح إذ أتاهم آتٍ فقال إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل عليه قرآنٌ اللَّيلة، وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها (3) وكانت وجوههم إلى الشَّام فاستداروا إلى الكعبة (423) عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى بيت المقدس ستَّة عشر شهرًا ثمَّ صرفت القبلة (424) عن عبيد بن آدم وأبى مريم وأبى شعيبٍ أنَّ عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه كان بالجابية فذكر فتح بيت المقدس، قال فقال أبو سلمة

_ عملاً كثيراً في الصلاة فيحتمل أن ذلك وقع قبل تحريم العمل الكثير كما كان قبل تحريم الكلام ويحتمل أن يكون اغتفر العمل المذكور من أجل المصلحة المذكورة أو وقعت الخطوات غير المتوالية عند التحول بل وقعت متفرقة اهـ (1) لأي لأنه قبلتهم وكانوا يطمعون أن يكون على دينهم فخيبهم الله (تخريجه) (ق. نس. مذ. جه) 422 عن عبد الله بن دينار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق أنا مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) هو بالمد ومصروف ومذكر وقيل مقصور وغير معروف وقيل مؤنث وهو موضع بقرب المدينة معروف (3) روى فاستقبلوها بكسر الباء وفتحها والكسر أصح وأشهر وهو الذي يقتضيه تمام الكلام بعده قاله النووي م (تخريجه) (ق. هق. وغيرهم) 423 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن علي عن زائدة عن سماك بن حرب عكرمة عن ابن عباس " الحديث " (تخريجه) (بز. هق. طب) قال العراقي وإسناده صحيح 424 عن عبيد بن آدم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا حماد ابن سلمة عن أبي سنان عن عبيد بن آدم وأبي مريم وأبي شعيب " الحديث "

-[الاجتهاد في معرفة القبلة]- فحدثني أبو سنانٍ عن عبيد بن آدم قال سمعت عمر بن الخطاب يقول لكعبٍ أين ترى أن أصلِّى فقال إن أخذت عنِّي صلَّيت خلف الصَّخرة فكانت القدس كلُّها بين يديك، فقال عمر ضاهيت (1) اليهوديَّة، لا، ولكن أصلَّى حيث صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدَّم، إلى القبلة (2) فصلَّى ثمَّ جاء فبسط رداءه فكنس الكناسة فى ردائه وكنس النَّاس (425) عن إبراهيم بن أبى عبلة قال رأيت عبد الله بن عمرو بن أمِّ حرامٍ (3) الأنصارىَّ وقد صلَّى مع النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم القبلتين وعليه ثوب خزٍّ (4) أغبر وأشار إبراهيم بيده إلى منكبيه فظنَّ كثيرٌ أنَّه ردأه (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (5) قر قال رأيت أبا أبىِّ الأنصارىَّ وهو ابن أبي حرامٍ الأنصارىِّ فأخبرنى أنَّه صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلتين جميعًا وعليه كساء خزٍّ أغبر

_ (غريبه) (1) بضم التاء أي فعلت كفعلهم أن عملت برأيك لأنهم يستقبلون بيت المقدس (2) أي إلى جهة الكعبة (وقوله فكنس الخ) الظاهر أنهم كانوا يريدون المقيل أو البيتوتة في هذا المكان فقام عمر رضي الله عنه يكنسه واقتدى الناس به وفي هذا منتهى التواضع من أمير المؤمنين عمر رضي الله عنه (تخريجه) لم أقف عليه وإسناده جيد 425 عن إبراهيم بن أبي عبلة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا كثير بن مروان أبو محمد سنة إحدى وثمانين ومائة ثنا إبراهيم بن أبي عبلة قال رأيت عبد الله ابن عمرو الخ (غريبه) (3) هو آخر من مات من الصحابة بفلسطين واختلف في اسم أبيه واخرج حديثه البغوى وغيره من طريق إبراهيم ابن أبي عبلة قال الحافظ ص (4) الخز المعروف أولا ثياب تنسج من صوف وابر يسنم وهي مباحة وقد لبسها الصحابة والتابعون (نه) (والأغبر) الذي يشبه لونه لون الغبار (5) (سنده) قر قال عبد الله قرأت على أبي أو في كتاب أبى والظاهر أن هذا تحريف) أنا سفيان ثنا مهدي بن جعفر الرملي ثنا أبو الوليد رديح بن عطية عن إبراهيم بن أبي عبلة قال رأيت أبا أبي الخ (تخريجه)

-[كلام العلماء فى جواز نسخ السنة بالقرآن والعكس وجواز الصلاة الواحدة الى جهتين]- (2) باب وجوب استقبال القبلة فى الفريضة (426) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرَّت أن أقاتل النَّاس حتَّى يشهدوا أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمَّدًا رسول الله

_ قال الحافظ في الإصابة أخرجه البغوى وغيره (قلت) في إسناد الطريق الأول كثير بن مروان ضعيف ولا يحتج به وإسناد الطريق الثاني جيد فيعضده (الأحكام) في أحاديث الباب جواز النسخ ووقوعه (وفيها) قبول خبر الواحد (وفيها) جواز الصلاة الواحدة إلى جهتين (قال النووي رحمه الله) وهذا هو الصحيح عند أصحابنا من صلى إلى جهة بالاجتهاد ثم تغير اجتهاده في أثنائها فيستدير إلى الجهة الأخرى حتى لو تغير اجتهاده أربع مرات في الصلاة الواحدة فصلى كل ركعة منها إلى جهة صحت صلاته على الأصح لأن أهل هذا المسجد المذكور في الحديث استداروا في صلاتهم واستقبلوا الكعبة ولم يستأنفوها وفيه دليل على أن النسخ لا يثبت في حق المكلف حتى يبلغه فإن قيل هذا نسخ للمقطوع به بخبر الواحد وذلك ممتنع عند أهل الأصول فالجواب أنه احتفت به قرائن ومقدمات أفادت العلم وخرج عن كونه خبر واحد مجرداً (واختلف أصحابنا) وغيرهم من العلماء رحمهم الله تعالى في أن استقبال بيت المقدس هل كان ثابتاً بالقرآن أم باجتهاد النبي صلى الله عليه وسلم فحكى المارودي في الحاوى وجهين في ذلك لأصحابنا قال القاضي عياض رحمه الله تعالى الذي ذهب إليه أكثر العلماء أنه كان بسنة لا بقرآن فعلى هذا يكون فيه دليل لقول من قال أن القرآن ينسخ السنة وهو قول أكثر الأصوليين المتأخرين وهو أحد قولى الشافعي رحمه الله تعالى (والقول الثاني له) لا يجوز وبه قالت طائفة لأن السنة مبينة للكتاب فكيف ينسخها وهؤلاء يقولون لم يكن استقبال بيت المقدس بسنة بل كان بوحى قال الله تعالى (وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الآية) واختلفوا أيضاً في عكسه هو نسخ السنة للقرآن فجوزه الأكثرون ومنعه الشافعي رحمه الله وطائفة اهـ م (وفيها أيضاً) الاجتهاد في معرفه القبلة لمريد الصلاة بنفسه أو بسؤال من يعرفها وأن كان أقل منه قدراً وشرفاً (وفيها) دليل على تواضع عمر ابن الخطاب رضي الله عنه حيث كنس المكان ووضع الكناسة في ردائه وهو أمير المؤمنين فرضى الله عنك يا عمر (وفيها) منقبة لأبي أبي الأنصارى واسمه عبد الله (واختلف في اسم أبيه) حيث قد صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى القبلتين مما يدل على أنه من السابقين في الإسلام رضي الله عنه (وفيها) أن القبلة أولاً إلى بيت المقدس (وفيها) غير ذلك والله أعلم 426 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن

-[وجوب استقبال القبلة فى الفريضة]- فإذا شهدوا واستقبلوا قبلتنا وأكلوا ذبيحتنا وصلَّوا صلاتنا فقد حرمت علينا دماؤهم وأموالهم إلَّا بحقَّها، لهم ما للمسلمين وعليهم ما عليهم (427) عن رفاعة بن رافعٍ الزرقىِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (للمسيء فى صلاته) إذا اردت أن تصلِّى فتوضَّأ فأحسن وضوءك ثمَّ استقبل القبلة ثمَّ كبِّر ((الحديث)) (428) عن عامر بن ربيعة رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبَّح (1) وهو على الرَّاحلة ويومئ (2) برأسه قبل أىِّ وجهٍ توجَّه، ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك فى الصَّلاة المكتوبة

_ إسحاق قال أنا عبد الله أنا حميد الطويل عن أنس " الحديث " (تخريجه) (خ. والثلاثة) باختلاف في بعض الألفاظ وتقدم شرحه في حديث أي هريرة في الباب التاسع من كتاب الإيمان 427 عن رفاعة بن رافع هذا طرف من حديث صحيح طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في الباب الأول من أبواب صفة الصلاة وذكرت هذا الطرف هنا لمناسبة الترجمة ففيه دليل على وجوب استقبال القبلة لقوله صلى الله عليه وسلم ثم استقبل القبلة هو أمر في مقام التعليم (تخريجه) (الثلاثة) 428 عن عامر بن ربيعة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا ليث حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عامر بن ربيعة قال رأيت الخ (غريبه) (1) أي يتنقل والسبحة بضم السين وإسكان الباء النافلة (2) الإيماء الإشارة بالأعضاء كالرأس واليد والعين والحاجب وإنما يريد ههنا الرأس يقال أو مات إليه أو مئ وإيماءً وومأت لغة فيه ولا يقال أو ميت وقد جاءت في الحديث غير مهموزة على لغة من قال في قرأت قريت وهمزة الإيماء زائدة وبابها الواو (نه) (تخريجه) (ق. وغيرها) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب استقبال القبلة وهو ثابت بالكتاب والسنة والاجماع قال تعال (ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام وحيث ما كنتم فولوا وجوهكم شطره) واستدل بذلك النووي رحمه الله على أن المكتوبة

-[جواز التبرك بالكعبة والتمسح بها]- (3) باب صلاة التطوع فى الكعبة (429) عن أسامة بن زيدٍ رضى الله عنهما قال دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت (1) فجلس فحمد الله وأثني عليه وكبَّر وهلَّل، ثمَّ قام إلى ما بين يديه من البيت فوضع صدره عليه وخدَّه ويديه، قال ثمَّ كبَّر وهلَّل ودعا، ثمَّ فعل ذلك بالأركان كلِّها، ثمَّ خرج فأقبل على القبلة وهو على الباب، فقال هذه القبلة هذه القبلة، مرَّتين أو ثلاثًا (430) عن ابن جريجٍ قال قلت لعطاء أسمعت ابن عبَّاسٍ يقول إنَّما أمرتم بالطَّواف ولم تؤمروا بالدُّخول؟ قال لم يكن ينهى عن دخوله، ولكنِّى سمعته يقول أخبرنى أسامة بن زيدٍ أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا دخل البيت دعا فى نواحيه كلِّها ولم يصلِّ فيه حتَّى خرج، فلمَّا خرج ركع

_ لا تجوز إلى غير القبلة ولا على الدابة قال وهذا مجمع عليه إلا في شدة الخوف فلو أمكنه استقبال القبلة والقيام والركوع والسجود على الدابة واقفة عليها هودج أو نحوه جازت الفريضة على الصحيح من مذهبنا فإن كانت سائرة لم تصح على الصحيح المنصوص للشافعي وقيل تصح كالسفينة فإنها تصح فيها الفريضة بالإجماع ولو كان في ركب وخاف لو نزل للفريضة انقطع عنهم ولحقه ضرر قال أصحابنا يصلي الفريضة على الدابة بحسب الإمكان وتلزمه إعادتها لأنه عذر نادر اهـ م (قلت) وسيأتي بعد باب الخلاف في صلاة الفرض على الراحلة لعذر 429 عن أسامة بن زيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا عبد الله عطاء قال قال أسامة دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) أي الكعبة وكذلك قوله في آخر الحديث ثم أقبل على القبلة وهو على الباب يعني الكعبة أيضاً (وقوله هذه القبلة هذه القبلة) أي التي استقر الأمر عليها وكرر هذه الجملة للتأكيد (تخريجه) (م. نس) بلفظ (دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة فسبح في نواحيها ولم يصل ثم خرج فصلى خلف المقام ركعتين) ورواه أبو داود الطيالسى في مسنده بنحو حديث الباب وجود الحافظ إسناده 430 عن ابن جريج (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق

-[جواز صلاة التطوع في الكعبة]- ركعتين في قبل (1) القبله قال عبد الرزَّاق وقال هذه القبلة (2) (431) عن عمرو بن دينارٍ أنَّ ابن عمر حدَّث عن بلالٍ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى فى البيت، قال وكان ابن عبَّاس يقول لم يصلِّ فيه ولكنَّه كبَّر فى نواحيه (432) عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّه سأل بلالًا هل صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الكعبة؟ قال نعم ركع ركعتين بين السَّاريتين (3)

_ أنا ابن جريج وروح قال ثنا ابن جريج قال قلت لعطاء الخ (غريبه) (1) هو بضم القاف والباء الموحدة ويجوز إسكان الباء كما في نظائره قيل معناه ما استقبلك منها وقيل مقابلها (قال النووي رحمه الله) وهو دليل لمذهب الشافعي والجمهور أن تطوع النار يستحب أن يكون مثنى وقال أبو حنيفة أربعاً (2) قال الخطابي رحمه الله معناه أن أمر القبلة قد استقر على استقبال هذا البيت فلا ينسخ بعد اليوم فصلوا إليه أبداً ويحتمل أنه علمهم سنة موقف الإمام وأنه يقف في وجهها دون أركانها وجوانبها وإن كانت الصلاة في جميع جهاتها مجزئة هذا كلام الخطابي (وقال النووي) يحتمل معنى ثالثاً وهو أن معناه هذه الكعبة هي المسجد الحرام الذي أمرتم باستقباله لا كل الحرم ولا مكة ولاكل المسجد الذي حول الكعبة بل هي الكعبة نفسها فقط والله أعلم (تخريجه) (م. وغيره) وزاد مسلم بعد قوله هذه القبلة " قلت له ما نواحيها؟ أفي زواياها؟ قال بل في كل قبلة من البيت " 431 عن عمرو بن دينار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن زيد ثنا عمرو بن دينار " الحديث " (تخريجه) (م. وغيره) 432 عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد افتح باب الكعبة فقال علي بعبد الله بن عمر قال فجاء ابن عمر فقال له معاوية هل بلغك أن رسول اله صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة؟ فقال نعم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعب فتأخر خروجه فوجدت شيئاً فذهبت ثم جئت سريعاً فوجدت سريعاً رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجاً فسألت بلال بن رباح هل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث " (غريبه) (3) لفظ مسلم قال بين العمودين تلقاء وجهه قال ونسيت أن أسأله كم صلى (تخريجه) (ق. وغيرهما)

-[مذاهب الأئمة في حكم الصلاة فى الكعبة]- (433) عن عثمان بن طلحة رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم دخل البيت فصلَّى ركعتين وجاهك حين تدخل بين السَّاريتين (4) باب جواز تطوع المسافر على راحلة حيث توجهت به (434) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى على ناقته تطوُّعًا فى السَّفر لغير القبلة

_ 433 عن عثمان بن طلحة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدي وحسن بن موسى قالا ثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عثمان بن طلحة " الحديث " (تخريجه) لم أقف عليه ورجاله من رجال الصحيحين (الأحكام) في أحاديث الباب دليل على جواز صلاة النفل في الكعبة (قال النووي رحمه الله) واختلف العلماء في الصلاة في الكعبة إذا صلى متوجهاً إلى جدار منها أو إلى الباب وهو مردود (فقال الشافعي) والثوري وأبو حنيفة وأحمد والجمهور تصح فيها صلاة النفل وصلاة الفرض (وقال مالك) تصح فيها صلاة النفل المطلق ولا يصح الفرض ولا الوتر ولا ركعتا الفجر ولا ركعتا الطواف (وقال محمد بن جرير) وأصبغ المالكي وبعض أهل الظاهر لا تصح فيها صلاة أبداً لا فريضة ولا نافلة وحكاه القاضي عن ابن عباس أيضاً ودليل الجمهور حديث بلال وإذا صحت النافلة صحت الفريضة لأنهما في الموضع سواء في الاستقبال في حالة النزول في الحضر وإنما يختلفان في الاستقبال في حال السير في السفر والله أعلم (قال) وأجمع أهل الحديث على الأخذ برواية بلال لأنه مثبت فمعه زيادة علم فواجب ترجيحه والمراد الصلاة المعهودة ذات الركوع والسجود ولهذا قال ابن عمر ونسيت أن أسأله كم صلى وأما نفى أسامة فسببه أنهم لما دخلو الكعبة أغلقوا الباب واشتغلوا بالدعاء فرأى أسامة النبي صلى الله عليه وسلم يدعو ثم اشتغل أسامة بالدعاء في ناحية من نواحي البيت والنبي صلى الله عليه وسلم في ناحية أخرى وبلال قريب منه ثم صلى النبي صلى الله عليه وسلم فرآه بلال لقربه ولم يره أسامة لبعده واشتغاله وكانت صلاة خفيفة فلم يرها أسامة لإغلاق الباب مع بعده واشتغاله بالدعاء وجاز له نفيها عملاً بظنه وأما بلال فحققها فأخبر بها والله أعلم اهـ م 434 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ابن عبد الوارث ثنا بكار بن ماهان ثنا بن سيرين عن أنس بن مالك " الحديث " (تخريجه) (ق. د. نس)

-[جواز تطوع المسافر على راحلته حيث توجهت به]- (435) وعنه أيضًا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يصلِّى على راحلته (1) تطوُّعًا استقبل القبلة فكبَّر للصَّلاة ثمَّ خلَّى عن راحلته فصلَّى حيثما توجَّهت به (2) (436) عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ وعن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهم أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى على راحلته فى التَّطوُّع حيثما توجَّهت به، يوميء إيماءً، ويجعل السُّجود أخفض من الرُّكوع (437) وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم مثله (438) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى على راحلته مقبلًا من مكَّة إلى المدينة حيث توجَّهت به، وفيه نزلت

_ 435 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هرون قال أنا ربعي بن الجارود بن أبي سبرة التميمي قال حدثني عمرو بن أبي الحجاج عن الجارود بن أبي سبرة عن أنس بن مالك قال كان الخ (غريبه) (1) الراحلة من الإبل البعير القوي على الأسفار والأحمال والذكر والأنثى فيه سواء والهاء فيها للمبالغة وهي التي يختارها الرجل لمركبه ورحله على النجابة وتمام الخلق وحسن المنظر فإذا كانت في جماعة الإبل عرفت (نه) (2) يعني في جهة مقصدة (قال النووي) قال أصحابنا فلو توجه إلى غير المقصد فإن كان إلى القبلة جاز وإلا فلا (تخريجه) (ق. هق. قط وغيرهما) 436 عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا ابن أبي ليلى عن عطاء وعطية عن أبي سعيد الخ وفي آخره قال عبد الله " يعني ابن الإمام أحمد " والصواب عطية (تخريجه) (ق. هق) عن ابن عمر 437 وعن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج اخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصلي وهو على راحلته النوافل في كل جهة ولكنه يخفض السجود من الركعة ويومئ إيماء (تخريجه) (خ. د. لك. نس. جه. حب. مذ) وقال حسن صحيح والعمل على هذا عند عامة أهل العلم 438 عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يحيى عن عبد الملك

-[صلاة التطوع على الحمار فى السفر]- {فأينما تولُّوا فثمَّ وجه الله} (439) وعنه أيضًا قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى على حمارٍ (1) وهو موجِّهٌ (وفى رواية وهو متوجّهٌ) إلى خيبر (440) عن نافعٍ قال رأيت ابن عمر يصلِّى على دابَّته التطَّوع حيث توجَّهت به، فذكرت له ذلك فقال رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يفعله (441) عن أنس بن سيرين قال تلقَّينا أنس بن مالكٍ حين قدم

_ ثنا سعيد بن جبير أن ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث " (تخريجه) (م. وغيره) 439 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن مالك عن عمرو بن يحيى عن سعيد بن يسار عن ابن عمر " الحديث " (غريبه) (1) قال النووي قال الدارقطني وغيره هذا غلط من عمرو بن يحيى المازني قالوا وإنما المعروف في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على راحلته أو على البعير والصواب أن الصلاة على الحمار من فعل أنس كما ذكره مسلم بعد هذا ولهذا لم يذكر البخاري حديث عمرو هذا كلام الدارقطني ومتابعيه (قال النووي) وفي الحكم بتغليظ رواية عمر ونظر لأنه ثقة نقل شيئاً محتملاً فلعله كان الحمار مرة والبعير مرة أو مرات لكن قد يقال أنه شاذ فإنه مخالف لرواية الجمهور في البعير والراحلة والشاذ فإنه مخالف للجماعة والله أعلم (قلت) وحديث مسلم المشار إليه هو الآتي في أحاديث الباب بعد حديث واحد عن أنس بن سيرين رواه البخاري أيضاً (تخريجه) (م. لك. د. نس. هق. قط) قال الحافظ وقد روى السراج من طريق يحيى بن سعيد عن أنس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصلي على حمار وهو ذاهب إلى خيبر إسناده حسن اهـ ف (قلت) وما ذكره الحافظ يقول الحديث ويرفع عنه الشذوذ الذي ذكره النووي والله أعلم 440 عن نافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معتمر بن سليمان عن عبد الله عن نافع قال رأيت ابن عمر الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وسنده جيد ورواه مسلم عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته حيث توجهت به 441 عن أنس بن سيرين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد

-[مذهب العلماء في السفر الذى يجوز فيه التنقل على الراحة]- من الشام (1) فلقيناهُ بعين وهُو يُصلَّي على دابته لغير القبلة، فقُلنا لهُ إنَّك تُصلى إلى غير القبلة، فقال لولا أنَّة رأيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يفعلُ ذلك ما فعلتُ. (442) عن عامر بن ربيعة رضى الله عنهُ رأيتٌ رسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصلَّى على ظهر راحلته النَّوافل فى كلَّ جهة

_ ابن هرون أنا همام عن أنس ابن سيرين الخ (غريبه) (1) قيل قدم أنس الشام يشكو من الحجاج بن يوسف فلقيه أنس بن سيرين (بعين التمر) وهو موضع بطريق العراف مما يلي الشام وكانت به وقعة شهيرة في آخره خلافة أبي بكر رضي الله عنه بين خالد ابن الوليد والأعاجم ووجد بها غلماناً من العرب كانوا رهناً تحت يد كسرى منهم جد الكلبي المفسر وحمران مولى عثمان وسيرين مولى أنس أفاده الحافظ (ف) (فائدة) لم يبين في هذا الحديث كيفية صلاة أنس وذكره في الموطأ عن يحيى بن سعيد " قال رأيت أنسا وهو يصلي على حمار وهو متوجه إلى غير القبلة يركع ويسجد إيماء من غير أن يضع جبهته على شيء " (تخريجه) (ق. لك. وغيرهم) 442 عن عامر بن ربيعة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه (عامر بن ربيعة) الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز التنقل على الراحلة في السفر قبل مقصده حيث توجهت به ولو إلى غير القبلة وقد حكى النووي وغيره الإجماع على ذلك إلا أن حديث أنس الثاني من أحاديث الباب يدل على استقبال القبلة عند تكبيرة الإحرام وإليه ذهب الشافعي وابن حبيب من المالكية وهو رواية عن أحمد وخالفهم الجمهور محتجين بالأحاديث المطلقة (واختلفوا) أيضاً في الصلاة على الدواب في السفر الذي لا تقصر فيه الصلاة فذهب الجمهور إلى جواز ذلك في كل سفر غير مالك فخصه بالسفر الذي تقصر فيه الصلاة قال الطبري لا أعلم أحداً وافقه على ذلك (قال الحافظ) ولم يتفق على ذلك عنه وحجته أن هذه الأحاديث إنما وردت في أسفاره صلى الله عليه وسلم ولم ينقل عنه أنه سافر سفراً قصيراً فصنع ذلك وحجة الجمهور مطلق الأخبار في ذلك (قال النووي) وقال أبو السعيد الاصطخرى من أصحابنا يجوز التنقل على الدابة في البلد وهو محكي عن أنس بن مالك وأبي يوسف صاحب أبي حنيفة (قلت)

-[الرخصة فى صلاة الفرض على الراحلة لعذر]- (5) باب الرخصة فى صلة الفرض على الراحلة لعذر (443) عن يعلى بن مرَّة رضى الله عنهُ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتهي إلى مضيق هُو وأصحابُهُ وهُو على راحلته والسّماء (1) من فوقهم والبلةُ (2) من أسفل منهم، حضرت الصَّلاةُ، فأمر المُؤذَّن فأذَّن وأقام، ثُمّ تقدَّم رسول الله

_ قال ابن حزم وقد روينا عن وكيع عن سفيان عن منصور بن المعتمر عن إبراهيم النخمى قال كانوا يصلون على رحالهم ودوابهم حيثما توجهت قال وهذه حكاية عن الصحابة والتابعين رضي الله عنهم عموماً في الحضر والسفر اهـ وهو مبني على عدم حمل المطلق على المقيد لكن الجمهور يقولون بحمل الروايات المطلقة على المقيدة وظاهر أحاديث الباب أن جواز التنقل على الراحلة إلى الجهة المقصودة مختص بالراكب (وإليه ذهب الأمامان) أبو حنيفة وأحمد والظاهرية (وقال الأمامان) الشافعي والأوزاعي يجوز التنقل إلى الجهة المقصودة للراجل قياساً على الراكب بجامع التيسير للمتطوع إلا أنه قيل لا يعفى له عدم الاستقبال في الركوع والسجود وعدم إتمامها وأنه لا يمشى إلا في قيامه وتشهده وهل يمشى حال الاعتدال من الركوع؟ قولان ولا يمشى في الاعتدال بين السجدتين (وفي أحاديث الباب أيضاً) دليل على أن الصلاة المفروضة لا تجوز إلى غير القبلة ولا على الدابة وهو مجمع عليه إلا حال العذر كما سيأتي بيانه في الباب الآتي والله أعلم 443 عن يعلى بن مرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج بن النعمان ثنا عمر بن ميمون بن الرماح عن أبي سهل كثير بن زياد البصري عن عمرو بن عثمان ابن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده (يعلى بن مرة) أن رسول اله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) المراد بالسماء هنا المطر قال الشاعر إذا نزل المساء بأرض قوم رعيناه وأن كانوا غضابا قال الجوهري يقال ما زلنا نطأ في السماء حتى أتيناكم (2) بكسر الباء الموحدة وتشديد اللام قال الجوهري البلة بالكسر النداوة اهـ والمراد هنا الوحل والله أعلم (تخريجه) (نس. قط. مذ) وقال حديث غريب تفرد به عمر بن الرماح وقد روى عنه غير واحد من أهل العلم (الأحكام) حديث الباب يدل على جواز صلاة الفرض على الراحلة لمن يتأذى بنحو مطر ووحل أو يخاف على نفسه من نزوله وعليه الاستقبال وما يقدر عليه ويومئ من الماء والطين وحكى النووي الإجماع على عدم جواز صلاة الفريضة على

-[اختلاف العلماء فى العذر الذى يبيح صلاة الفرض على الراحلة]- صلى الله عليه وسلم على راحلته فصلَّى بهم يُومى، إيماء تجعلُ السجُود أخفض من الركُوع أو يجعلُ سُجُودهُ أخفض من رُكُوعه (أبواب السترة أمام المصلى وحكم المرور دونها) (1) باب استحباب السترة للمصلى والدنو منها ومن أى شئ تكون وأين تكون من المصلى (444) عن أبى هٌريرة رضى الله عنهُ قال قال أبُو القاسم صلى الله عليه وسلم إذا

_ الدابة من غير ضرورة وتقدم كلامه في ذلك في باب وجوب استقبال القبلة في الفريضة (وقالت الحنفية) لا يجوز الفرض على الدابة إلا لضرورة كتعذر النزول لخوف مرض أو زيادته وخوف عدو وسبع ونفار دابة وكثرة طين ووحل وفوات رفقة فيجوز أن يصلي على الراحلة بإيماء للسجود اخفض من الركوع وقبلته حيث توجهت دابته ولا يضره نجاسة السرج والركابين والدابة ومثل الفرض في ذلك صلاة الجنازة والواجب كقضاء نفل أفسده ومنذورة والوتر عند أبي حنيفة وسجدة التلاوة إذا وجبت على الأرض فلا يجوز على الدابة بغير ضرورة لأنها وجبت كاملة فلا تتأدى بما هو ناقص (وقالت المالكية) لا يصح فرض على الدابة ولو كان مستقبل القبلة إلا في حرب جائز لا يمكن النزول فيه عن الدابة أو خوف من نحو سبع أن نزل عن دابته ويعيد الخائف في الوقت إن أمن أو كان راكباً في طين رقيق لا يمكنه النزول فيه فله أن يصلي على الدابة يؤديها على الدابة كما يؤديها على الأرض فإن أمكنه أن يؤديها على الأرض أكمل من تأديتها على الدابة وجب علي أن يؤديها على الأرض ويجب عليه استقبال القبلة في هذه الأحوال كلها متى أمكنه ذلك وإلا صلى على الدواب؟ " قلت لم يرخص لهن في ذلك في شدة ولا رخاء " قال محمد هذا في المكتوبة رواه أبو داود والبيهقي وكذا الدار قطنى وقال تفرد به النعمان بن المنذر عن سليمان بن موسى عن عطاء (وقوله) قال محمد يعني ابن شعيب قال حديث عائشة إنما هو في الفرائض أما النوافل فيجوز لهن صلاتها على الدابة في السفر مطلقاً كالرجال بل هن أولى والله أعلم 444 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن إسماعيل بن أمية عن أبي محمد بن عمرو بن حريث العدوى وقال مرة عن أبي عمرو بن محمد ابن حريث عن جده سمعت أبا هريرة يقول أبو القاسم صلى الله عليه وسلم " الحديث "

-[مشروعية السترة أمام المصلى]- صلَّى أحدُكُم فليجعل تلقاء وجهه شيئًا (1) فإن لم يجد شيئًا فلينصب (2) عصًا، فإن لم يكُن معهُ عصًا فليخُطَّ خطَّا (3) ولا يضرُهُ ما مرَّ بين يديه (445) عن سبرة بن معبد رضى الله عنهُ قال قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى أحدكُم فليستتر لصلاته ولو بسم (4) (446) عن عبيد الله بن عُمر (5) عن نافع عن أبن عُمر رضي الله

_ (غريبه) (1) فيه أن السترة لا تختص بنوع بل كل شيء ينصبه المصلى تلقاء وجهه يحصل به الامتثال (2) فلينصب بكسر الصاد أي يرفع أو يقم (وقوله عصاً) ظاهره عدم الفرق بين الرقيقة والغليظة يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث سبرة بن معبد الآتي " فليستتر ولو بسهم " (3) رواية أبي داود فليخطط وصفة الخط ما ذكره أبو داود في سننه قال سمعت أحمد يعني ابن حنبل سئل عن وصف الخط غير مرة فقال هكذا عرضنا مثل الهلال قال أبو داود وسمعت مسدداً قال قال ابن داود الخط بالطول اهـ فاختار أحمد أن يكون مقوساً كالمحراب ويصلى إليه كما يصلي في المحراب واختار مسدد أن يكون مستقيماً من بين يديه إلى القبلة (قال النووي رحمه الله) في كيفية المختار ما قاله الشيخ أبو إسحاق أنه إلى القبلة لقوله في الحديث تلقاء وجهه واختار في التهذيب أن يكون من المشرق إلى المغرب اهـ (تخريجه) (د. جه. هق. حب. وصححه) وصححه أيضاً الإمام أحمد وابن المديني فيما نقله إبن عبد البر في الاستذكار وأشار إلى ضعفه سفيان بن عيينة والشافعي والبغوى وغيرهم (قال الحافظ) وأورده ابن الصلاح مثالا للمضطرب ونوزع في ذلك قال في بلوغ المرام ولم يصب من زعم أنه مضطرب بل حسن اهـ 445 عن سبرة بن معبد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد أخبرني عبد الملك بن الربيع بن سبرة عن أبيه عن جده (سبرة بن معبد رضي الله عنه) " الحديث " (غريبه) (4) السهم واحد من النبل وقيل نفس النصل " مصباح " (تخريجه) (طب. عل) وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه الحاكم أيضاً وقال صحيح على شرط مسلم 446 عن عبيد الله بن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيدة ابن حميد حدثني عبيد الله بن عمر الخ (غريبه) (5) هو ابن حفص بن عاصم بن

-[مقدار ما يجزيء سترة أمام المصلى]- عنهُما قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصلَّى فيعرضُ (1) البعير بينهُ وبين القبلة وقال عُبيد الله سألت نافعًا فقُلتُ ذهبت الإبل كيف كان يصنعُ ابنُ عُمر؟ قال كان يعرضُ مُؤخرة (2) الرَّجل بينهُ وبين القبلة (وفى لفظ) قال كان رسًولُ الله صلى الله عليه وسلم يعرضُ على راحلته ويُصلِّى إليها (447) عن ابن عُمر رضى الله عنهُما أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان تُركز لهُ الحر بةُ فى العيد قيُصلِّى إليها (3) (448) عن طلحة (بن عُبيد الله) رضى الله عنهُ قال كنَّا نصلِّى والدّواب تمرُ بين أيدينا فذكرنا ذلك للنَّبى صلى الله عليه وسلم فقال مثلُ مُؤخرة الرحل تكُونُ بين يدى أحدكُم ثُم لا يضُرهُ ما مرَّ عليه وقال عُمرُ (4) مرة بين يديه

_ عمر بن الخطاب العمري أبو عثمان المدني أحد الفقهاء السبعة والعلماء الأثبات (1) هو بفتح الياء وكسر الراء وروى بضم الياء وتشديد الراء معناه يجعلها معترضة بينه وبين القبلة قاله النووي م (2) المؤخرة بضم الميم وكسر الخاء وهمزة ساكنة ويقال بفتح الخاء مع فتح الهمزة وتشديد الخاء ومع إسكان الهمزة وتخفيف الخاء ويقال آخره الرحل وهي بهمزة ممدودة وكسر الخاء فهذه أربع لغات وهي العود الذي آخر الرحل وهي قدر عظم الذراع وهو نحو ثلثي ذراع ويحصل بأي شيء أقامه بين يديه هكذا أفاده النووي م (تخريجه) (ق. د. مذ. هق) 447 عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا العمرى عن نافع عن ابن عمر " الحديث " (غريبه) (3) زاد في رواية الشيخين " والناس وراءه وكان يفعل ذلك في السفر فمن ثم اتخذها الأمراء " أي فمن تلك الجهة اتخذ الأمراء الحربة يخرج بها بين أيديهم في العيد ونحوه قاله الحافظ ف (تخريجه) (ق. د. نس. جه) 448 عن طلحة بن عبيد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عمر ابن عبيد ثنا زائدة ثنا سماك بن حرب عن موسى بن طلحة عن أبيه (طلحة بن عبيد الله) الخ (غريبه) (4) هو ابن عبيد شيخ الإمام أحمد يعني أن الإمام أحمد رحمه الله سمع الحديث من عمر بروايتين رواية قال فيها ثم لا يضره ما مر عليه وقال في الأخرى ثم

-[المرور وراء سترة المصلى لا يضره]- (449) عن ابن عبَّاس رضضى الله عنهُما قال رُكزت المنزةُ (1) بين يدى النبىّ صلى الله عليه وسلم بعرفات (2) فصلَّى إليها واُلحمار يمُر من وراء العنزة (450) عن عون بن أبى جُحيفة عن أبيه رضى الله عنه قال صلَّى بنا رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بالأبطح (3) (وفى رواية بالبطحاء) الظُهر والعصر ركعتين ركعتين وبين يديه عمزة قد أقامها بين يديه يمرُ من ورائها الناسُ والحمارُ والمرأةُ (4) (زاد فى رواية) قال قيل لهُ مثلُ من أنت يومئذ؟ قال أبرى النَّبل وأريشُها (5) (451) عن سهل بن أبى حثمة رضى الله عنهُ أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلَّى أحدُكُم إلى سُترة فليدنُ منها (6) لا يقطع (7) الشيَّطانُ عليه صلاتهُ

_ لا يضره ما مر بين يديه (تخريجه) (م. د. جه. مذ) وقال حسن صحيح 449 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن أبي حكيم ثنا الحكم يعني ابن أبان قال سمعت عكرمة يقول قال ابن عباس ركزت العنزة الخ (غريبه) (1) العنزة بفتحات مثل نصف الرمح أو أكبر شيئاً وفيها سنان مثل سنان الرمح والعكازة قريب منها وقد مر تفسيرها في غير هذا الموضع (2) كان ذلك في حجة الوداع (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وأخرجه الشيخان بلفظ آخر وحديث الباب سنده جيد وله شواهد تعضده منها حديث أي جحيفة الآتي بعده 450 عن عون بن أبي جحيفة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال أخبرني مالك بن مغول وعمر بن أبي زائدة عن عون بن أبي جحيفة الخ (غريبه) (3) هو الموضع المعروف على باب مكة ويقال البطحاء أيضاً (4) معناه يمر الناس والحمار والمرأة وراء السترة فلم يمنعهم ولا يضره من مر وراء ذلك (5) أي أنحتها وأصلحها وأعلم لها ريشاً لتصير سهاماً (نه) ومثل هذا لا بد أن تكون سنة فوق سن التمييز (تخريجه) (ق. وغيرهما) 451 عن سهل بن أبي حثمه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عيينة عن صفوان بن سليم عن نافع بن جبير عن سهل بن أبي حثمه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال وقال سفيان مرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلى أحدكم " الحديث " (غريبه) (6) فيه مشروعية الدنو من السترة حتى يكون مقدار ما بينهما ثلاثة أذرع كما سيأتي في حديث بلال (7) جملة مستأنفة في قول التعليل أي لئلا يقطع الشيطان عليه صلاته والمراد بالشيطان

-[استحباب جعل السترة منحرفة الى يمين المصلى أو يساره]- (452) عن ضُباعة بنت المقداد بن الأسود عن أبيها أنَّه قال ما رأيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم صلى إلى عُمود ولا عُود ولا شجرة إلاَّ جعلهُ على حاجبه الأيمن أو الأيسر (1) ولا يصعدُ (2) لهُ صمدًا (453) عن بلال رضى الله عنه وقد سألهُ ابن عُمر عن ما صنع رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم منذ دخُوله الكعبة، قال ترك عمُودين عن يمينه وعنودًا عن يساره وثلاثة أعمدة خلفهُ، ثُم صلَّى وبينهُ وبين القبلة ثلاثة أذرُع

_ المار بين يدي المصلي كما في حديث " فأن أبي فليقاتله فإنما هو شيطان " قال في شرح المصابيح معناه يدنو من السترة حتى لا يوسوس وسيأتي سبب تسمية المار شيطاناً والخلاف فيه (تخريجه) (د. طب. بز. حب. هق. ك) وقال على شرط الشيخين 452 عن ضباعه بنت المقداد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بني عياش ثنا أبو عبيدة الوليد بن كامل من أهل حمص البجلي حدثني المهلب بن حجر البهراني عن ضباعه بنت المقداد بن الأسود الخ (غريبه) (1) شك الرواي هل الأيمن أو الأيسر والأولى الأيمن ولذا بدأبه وكذلك في رواية أبي داود ويرجح ذلك حديث أنه صلى الله عليه وسلم " كان بعجبه التيمن في تنعله وترجله وطهوره وفي شأنه كله " (4) فتح أوله وضم ثالثه والصمد في اللغة القصد يقال أصمد صمد فلان أي أقصد قصده أي لا يجعله قصده الذي يصلي إليه تلقاء وجهه (تخريجه) (د) وفي إسناده أبو عبيدة الوليد بن كامل قال المنذرى فيه مقال 453 عن بلال رضي الله عنه (سنده) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب دخول الكعبة والصلاة فيها من كتاب الحج إن شاء الله وهو حديث صحيح رواه البخاري وغيره (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية السترة أمام المصلى منحرفة شيئاً يسيراً إلى يمينه أو يساره (قال الحافظ) اعتبر الفقهاء مؤخرة الرحل في مقدار أقل السترة واختلفوا في تقديرها فقيل ذراع وقيل ثلثا ذراع وهو أشهر ليكن في مصنف عبد الرزاق عن نافع أن مؤخرة رحل ابن عمر كانت قدر ذراع اهـ (قال النووي) في شرح حديث طلحة بن عبيد الله عند مسلم وفي هذا الحديث الندب إلى السترة بين يدي المصلى وبيان أن أقل السترة مؤخرة الرحل وهي قدر عظم الذراع وهو نحو ثلثي ذراع ويحصل بأي شيء أقامه بين بيديه هكذا (وشرط مالك) رحمه الله تعالى أن

-[كلام العلماء فى أحكام السترة]- (2) باب دفع المار بين يدى المصلى من آدمى وغيره (454) عن عبد الله بن عُمر رضى الله عنهُما أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم

_ يكون في غلظ الرمح قال العلماء والحكمة في السترة كف البصر عما وراءه ومنع من يجتاز بقربه واستدل القاضي عياض رحمه الله تعالى بهذا الحديث على أن الخط بين يدي المصلى لا يكفي قال وإن كان قد جاء به حديث وأخذ به أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى فهو ضعيف (واختلف فيه) فقيل يكون مقوساً كهيئة المحراب وقيل قائماً بين يدي المصلى إلى القبلة وقيل من جهة يمينه إلى شماله قال ولم ير مالك رحمه الله ولا عامة الفقهاء الخط هذا كلام القاضي وحديث الخط رواه أبو داود وفيه ضعف واضطراب واختلف قول الشافعي رحمه الله تعالى فيه فاستحبه في سنن حرملة وفي القديم ونفاه في البويطي وقال جمهور أصحابه باستحبابه وليس في حديث مؤخرة الرحل دليل على بطلان الخط والله أعلم اهـ كلام النووي (قلت) حديث الخط صححه الإمام أحمد وابن المديني وقال الحافظ لم يصب من زعم أنه مضطرب بل حسن اهـ (وقالت الشافعية) يستحب أن يدنو المصلى من السترة ولا يزيد ما بينهما على ثلاثة أذرع فإن لم يجد عصاَ ونحوها جمع أحجاراً أو تراباً أو متاعه وإلا فليبسط مصلى وإلا فليخط الخط وإنما قدروا المسافة بين المصلى وسترته بثلاثة أذرع لحديث بلال الذي في الباب وفيه ثم صلى وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع " وقال البغوى " استحب أهل العلم الدنو من السترة بحيث يكون بينه وبينها قدروا مكان السجود وكذلك بين الصفوف اهـ (وقالت المالكية) لا تصح السترة إلا إذا كان بشيء مرتفع في غلط رمح وطول ذراع (وقالت الحنفية) طولها ذراع وغلظها قدر أصبع (وقالت الحنابلة) تصح السترة ولو بسهم كما في حديث سبرة بن معبد وهي مندوبة عند الأئمة الأربعة ولم يقل أحد منهم بوجوبها وحملوا الأمر على الاستحباب لقرائن ستأتي (فائدة) قال الشوكاني أعلم أن ظاهر أحاديث الباب عدم الفرق بين الصحاري والعمران وهو الذي ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من اتخاذه السترة سواء كان في الفضاء أو في غيره وحديث أنه كان بين مصلاه وبين الجدار ممر شاة ظاهر أن المراد في مصلاه في مسجده لأن الإضافة للعهد وكذلك حديث صلاته في الكعبة المتقدم فلا وجه لتقييد مشروعية السترة بالفضاء اهـ 454 عن عبد الله بن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن أبي فديك ثنا الضحاك بن عثمان عن صدقة بن يسار عن عبد الله بن عمر " الحديث "

-[دفع المار بين يدى المصلي]- قال إذا كان أحدُكُم يصلَّى (1) فلا يدع أحدًا يمُر بين يديه، فإن أبى فليثُا تلهُ (2) فإنَّ معهُ القرين (3) (455) عن أبى سعيد الخُدرى رضى الله عنهٌ قال قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم إذا كان أحدُكُم يصلَّى فلا يدع أحدًا يمُر بين يديه، وليدرأه (4) ما استطاع، فإن أل فليقُا تلهُ، فإنما هو شيطان (456) عن أبى عُبيد صاح سُليمان قال رأيتُ عطاء بن يزيد الليثى قائمًا يُصلَّى مٌعيًّا معمامة سوداء مرحٍ طرفها من خلف مُصفر اللّحية، فذهبتُ أمر بين يديه فردنى ثُم قال حدثنى، أبُو سعيد الخُدرى (رضى الله عنهُ) أنَّ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قام فصلَّى صلاة الصُبح وهُو خلفهُ فقرأ

_ (غريبه) (1) في رواية عند مسلم " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس " (2) في رواية عند الإسماعيلي بلفظ " فإن أبي فليجعل يده في صدره ليدفعه " وهي مفسرة لقوله فليقاتله فالمراد بالمقاتلة المدافعة (قال الحافظ) وهو صريح في الدفع باليد وكذلك فعل أبو سعيد بالغلام الذي أراد أن يجتاز بين يديه فإنه دفعه في صدره ثم عاد فدفعه أشد من الأولى كما في البخاري وغيره ونقل البيهقي عن الشافعي أن المراد بالمقاتلة دفع أشد من الدفع الأول (3) في القاموس القرين المقارن والصاحب والشيطان المقرون بالإنسان لا يفارقه وهو المراد هنا أو يراد به المار نفسه لأنه فعل فعل الشيطان وقيل إنما حمله على مروره وامتناعه من الرجوع الشيطان والله أعلم (تخريجه) (م. جه. وغيرهما) 455 عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن زيد بن أسلم عن عبد الرحمن بن أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن زيد بن اسلم عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (4) أي يدفعه " وقوله فإنما هو شيطان " قال الحافظ اطلاق الشيطان على المار من الأنس شائع ذائع وقد جاء في القرآن قوله تعالى " شياطين الإنس والجن " وسبب اطلاقه عليه أنه فعل فعل فعل الشيطان (تخريجه) (قد. د. نس. وغيرهم) 456 عن أبي عبيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد ثنا

-[كلام العلماء فى أمور تتعلق بلجن]- فالتيست عليه القراءةُ (1) فلمَّا فرغ من صلاته قال لو رأيتمُونى وإبليس فأهويتُ بيدى فما زلت أخنقهُ (2) حتى وجدتُ برد لعُابه بين إصبعى هاتين، الإبهام والتى تليها (3) ولولا دعوة أخى سُليمان (4) لأصبح مربُوطًا بسارية من سوارى المسجد يتلاعب به صبيانُ المدينة (5) فمن استطاع

_ مسرة بن معبد حدثني أبو عبيد " الحديث " (غريبه) (1) أي توقف فيها بعض التوقف (2) لفظ البخاري من حديث أبي هريرة (أن عفريتا من الجن تفلت على البارحة أو كلمة نحوها ليقطع على الصلاة فأمكنني الله منه فأردت أن أربطه إلى سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا أو تنظروا إليه كلكم فذكرت قول أخي سليمان رب هب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي) ولفظ مسلم (أن عفريتا من الجن جعل يفتك على البارحة ليقطع علي الصلاة وإن الله أمكنني منه فذعته فلقد هممت أن أربطه) وبقية الحديث كرواية البخاري (قال النووي) هكذا هو في مسلم يفتك وفي رواية البخاري تفلت وهما صحيحان والفتك الأخذ في غفلة وخديعة والعفريت العاتي المارد من الجن وقوله صلى الله عليه وسلم فذعته هو بذال معجمة وتخفيف العين المهملة أي خنقته (3) قال العيني رحمه الله فيه دليل على أن الجن ليسوا باقين على عنصرهم الناري وقال صلى الله عليه وسلم " رأيت ليلة أسرى بي عفريتا من الجن يطلبني بشعلة من نار كلما التفت إليه رأيته " ولو كانوا باقين على عنصرهم الناري وأنهم نار محرقة لما احتاجوا إلى أن يأتي الشيطان أو العفريت منهم بشعلة من نار ولكانت يد الشيطان أو العفريت أو شيء من أعضائه إذا مس ابن آدم أحرقه كما تحرق الآدمي النار الحقيقية بمجرد اللمس فدل على أن تلك النارية انغمرت في سائر العناصر حتى صار إلي البرد ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم " حتى وجدت برد لسانه على يدي " وفي رواية " برد لعابه " اهـ (4) أي قوله (رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي) كما حكاه الله عز وجل عنه في كتابه العزيز " قال القاضي عياض رحمه الله " معناه أنه مختص بهذا " يعني سليمان " عليه الصلاة والسلام فامتنع نبينا صلى الله عليه وسلم من ربطه إما أنه لم يقدر عليه لذلك وإما لكونه لما تذكر ذلك لم يتعاط ذلك لظنه أنه لم يقدر عليه أو تواضعاً وتأدبا اهـ والله أعلم (5) رواية البخاري ومسلم (حتى تصبحوا وتنظروا إليه كلكم) قال النووي رحمه الله فيه دليل على أن الجن موجودون وأنهم قد يراهم بعض الآدميين وأما قول الله تعالى (أنه يراكم هو وقبيله من حيث لا ترونهم) فمحمول على الغالب فلو كانت رؤيتهم محالاً لما قال صلى الله عليه وسلم ما قال من رؤيته إياه ومن أنه كاد يربطه لينظروا كلهم إليه ويلعب به ولدان أهل المدينة (قال القاضي) وقيل أن رؤيتهم على خلقهم وصورهم الأصلية ممتنعة لظاهر الآية إلا للأنبياء صلوات الله وسلامه

-[دفع المار بين يدي المصلي]- منكُم أن لا يحُول بينهُ وبين القبلة أحد فليفعل (1) (457) عن عبد الله بن زيد وأبى بشير الأنصارى رضى اله عنهُما أنَّ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم ذات يوم فمرَّت أمرأة بالبطحاء فأشار إليها رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم أن تأخرى، فرجعت حتَّى صلَّى ثمَّ مرت (458) عن محمد بن قيس عن أُمه عن أُم سلمة رضى الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يُصلَّى فى حُجرة أُم سلمة فمر بين يديه عبد الله أو عُمرُ (2) فقال بيده هكذا قال فرجع، قال فمرت ابنةُ أُم سلمة فقال بيده هكذا، قال فمضت فلما صلَّى رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم قال هُنَّ أغلبُ (3) (459) ز عن إبراهيم بن سعد حدثنى أبى عن أبيه قال كُنت أصلِّي فمرَّ

_ عليهم أجمعين ومن خرقت له العادة وإنما يراهم بنو آدم في صور غير صورهم كما جاء في الآثار (قال النووي) قلت هذه دعوى مجردة فإن لم يصح لها مستند فهي مردودة قال الإمام أبو عبد اله المازري الجن أجسام لطيفة روحانية فيحتمل أنه تصور بصورة يمكن ربطه معها ثم يمنع من أي يعود إلى ما كان عليه حتى يتأنى اللعب به وإن خرقت العادة أمكن غير ذلك اهـ م (1) أي فليدفعه ولا يتركه يمر بينه وبين سترته (تخريجه) (ق. د) 457 عن عبد الله بن زيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على ابن إسحاق ثنا عبد الله ثنا ابن لهيعة حدثني حبان بن واسع عن أبيه عن عبد الله بن زيد الخ (تخريجه) (طب) وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام 458 عن محمد بن قيس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا أسامة بن زيد عن محمد بن قيس عن أمه عن أم سلمة " الحديث " (غريبه) (2) في رواية ابن ماجه عبد الله أو عمر بن أبي سلمة (وقوله فقال بيده) أي أشار إليه أن يرجع فرجع (3) يعني أن النساء أغل في المخالفة والمعصية فلذلك امتنع الغلام من المرور ومضت الجارية والمعنى أنه مضى على صلاته فعلم أن مرورها لا يقطع (تخريجه) (جه) وفي إسناده ضعف لأن ابن ماجه رواه عن محمد بن قيس عن أبيه وفي حديث الباب عن أمه وكلاهما لا يعرف والله أعلم 459 ز عن إبراهيم بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا سويد بن

-[دفع المار بين يدي المصلي]- رجُل بين يدى فمنعتُهُ فأتى فسألتُ عُثمان بن عفَّان رضى لله عنهُ فقال لا يضُرُك يابن أخى (460) عن ابن عباس رضى الله عنهُما قال كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم يُصلّى فجاءت جاريتان حتَّى قامتا بين يديه عند رأسه فنحَّاهُما وأمأ بيديه عن يمينه وعن يساره (461) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهُما قال بينما نحنُ مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم ببعض أعلى الوادى نُريد أن نصلَّى قد قام وقُمنا إذ خرج علينا حمار من شعب أبى دُب مُوسى فأمسك النَّبى صلى الله عليه وسلم فلم يكبِّر وأجرى إليه يعقُوب بن زمعة حتِّى ردهُ (462) صلَّى بهم إلى جدر اتخذهُ قبلة فأقبلت بهمة (1) تمر بين يدى النبي

_ سعيد ثنا إبراهيم بن سعد " الحديث " (تخريجه) لم أقف عليه وقال الهيثمي رواه عبد الله بن أحمد ورجاله رجال الصحيح 460 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا المسعودي عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس الخ (تخريجه) (د. نس خز. بز) 461 عن عبد الله بن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني عمرو بن شعيب عن عبد الله بن عمرو بن العاص " الحديث " (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله موثقون 462 عن ابن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو مغيرة ثنا هشام بن الغاز حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده " الحديث " وتجمع على بهم مثل تمرة وتمر وجمع البهم بهام مثل سهم وسهام وتطلق البهمة أيضاً

-[لا يضر المصلي مرور شئ بين يديه اذا قام بالمدافعة]- صلى الله عليه وسلم قما زال يُدارئُها (1) ويدنُو من الجدر حتى نظرتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قد لصق بالجدار ومرت من خلفه (463) عن ميمُونة (زوج النبَّى صلى الله عليه وسلم ورضى عنها) قالت كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وثمَّ بهمةُ (2) أرادت أن تمرَّ بين يديه تجافى (3) (464) حدثنا عبدُ الله حدثنى أبى ثنا مُحمد بنُ جعفرٍ ثنا شُعبةُ وحجَّاج عن عمر بن مُة عن يحيى بن الجزَّار عن ابن عبَّاس رضى الله عنهُما أنَّ النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى فجعل جدى (4) يُؤسدُ أن يمُرَّ بين يدى النبىِّ صلى الله عليه وسلم فجعل يتقدّمُ ويتأخَّرُ قال، حجَّاج يتَّقيه (5) ويتأخَّرُ حتى يُرى وراء الجدي (6)

_ على أولاد الضأن والمعز تغليباً فإذا انفردت قيل لأولاد الضأن بهام ولأولاد المعز سخال (1) أي يدافعها (تخريجه) (د) وسنده جيد وهو طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه في باب نهى الرجال عن لبس المعصفر من كتاب اللباس إن شاء الله تعالى 463 عن ميمونة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن ابن الأصم قال أبي وقرئ على سفيان اسمه عبيد الله بن عبد الله بن أخي يزيد بن الأصم عن عمه عن ميمونة وهي خالته قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث " (غريبه) (2) البهمة تقدم تفسيرها آنفاً (3) أي باعد يديه عن جنبيه يضيق عليها الطريق لئلا تمر بين يديه (تخريجه) لم أقف عليه 464 حدثنا عبد الله (غريبه) (4) بفتح الجيم وسكون الدال على اللغة الفصحى هو الذكر من أولاد المعز والأنثى عناق (5) أي يدفعه حتى لا يمر بينه وبين السترة (6) أي أثناء تأخره وفيه أن العمل القليل لا يبطل الصلاة (تخريجه) (د) وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب فيها مشروعية دفع المار بين يدي المصلى سواء أكان آدمياً أو بهيمة أو نحوها ما استطاع وإن لزم على ذلك انتقال المصلى نحو خطوة أو خطوتين بحيث لا يفعل فعلاً يبطل الصلاة هذا إذا كان المرور بين المصلى وبين سترته أما إذا كان خارجاً عنها فلا حاجة إلى الدفع ولا يضره المرور وهل الأمر بالدفع للوجوب أم للاستحباب؟ الظاهر أنه للوجوب وبه قال

-[كلام العلماء فى كيفية دفع المار بين يدى المصلى وحكمه]- (3) باب التغليظ فى المرور بين يدى المصلى وبين سترته (465) عن بُسر بن سعيدٍ قال أرسلنى أبو جًهيم (1) بن أخت أًبىِّ أبن كعب إلى زيد بن خالد (الجًهنيِّ) رضى الله عنه أسألهً ما سمع فى المارِّ بين يدى المصلِّى؟ قال سمعتً رسول الله صلى الله عليه وسلم يقًول لأن يقًوم

_ أهل الظاهر وقال النووي الأمر بالدفع أمر ندب وهو ندب متأكد قال ولا أعلم أحداً من العلماء أوجبه بل صرح أصحابنا وغيرهم بأنه مندوب غير واجب قال القاضي عياض وأجمعوا على أنه لا يلزم مقاتله بالسلاح ولا ما يؤدي إلى هلاكه فإن دفعه بما يجوز فهلك من ذلك فلا قود عليه باتفاق العلماء وهل يجب ديته أم يكون هدراً؟ فيه مذهبان للعلماء وهما قولان في مذهب مالك رضي الله عنه قال واتفقوا على أن هذا كله لمن لم يفرط في صلاته بل احتاط وصلى إلى سترة أو في مكان يأمن المرور بين يديه ويدل عليه قوله في حديث أبي سعيد " إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفع في نحره فإن أبى فليقاتله " قال وكذا اتفقوا على أنه لا يجوز له المشي إليه من موضعه ليرده وإنما يدفعه ويرده من موقفه لأن مفسدة الشيء في صلاته أعظم من مروره من بعيد بين يديه وإنما أبيح له قدر ما تناله يده من موقفه ولهذا أمر بالقرب من سترته وإنما يرده إذا كان بعيداً بالإشارة والتسبيح قال وكذلك اتفقوا على أنه إذا مر لا يرده لئلا يصير مروراً ثانياً إلا شيئاً روى عن بعض السلف أنه يرده وتأوله بعضهم هذا آخر كلام القاضي رحمه الله تعالى قال النووي رحمه الله تعالى وهو كلام نفيس والذي قاله أصحابنا إنه يرده إذا أراد المرور بينه وبين سترته بأمهل الوجوه فإن أبى فيأشدها وإن أدى إلى قتله فلا شيء عليه كالصائل عليه لأخذ نفسه أو ماله وقد أباح له الشرع مقاتله والمقاتلة المباحة لا ضمان فيها اهـ م (قلت) وهل يدفع المار إذا لم يتخذ المصلى سترة أو اتخذها وتباعد عنها أم لا يدفع؟ (قال النووي) الأصح عدم الدفع لتقصيره قال ولا يحرم حينئذ المرور بين يديه لكن يكره ولو وجد الداخل فرجة في الصف الأول فله أن يمر بين يدي الصف الثاني ويقف فيها لتقصير أهل الصف الثاني بتركها والله أعلم اهـ م 465 عن بسر بن سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن سالم أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله بن معمر عن بسر بن سعيد (غريبه) (1) هو بضم الجيم وفتح الهاء مصغراً واسمه عبد الله بن الحارث بن الصمة الأنصاري النجاري

-[التغليظ في المرور بين يدى المصلى]- أربعين (1) لا أدري (2) من يومٍ أو شهر أو سنةٍ خير له من أن يُمرَّ بين يديه (466) عن أَبى هُريرة رضى الله عنهُ عن رسُول الله صلى الله عليه وسلم لو يعلمُ أحدُكُم مالهُ فى أن يمشى بين يدى أخيه مُعترضًا وهو يُناجى ربَّهُ كان أن يقف فى ذلك المكان مائة عامٍ أحبَّ إليه من أن يخطُو

_ وهو المذكور في التيمم وهو غير أبي جهم الذي قال النبي صلى الله عليه وسلم اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بفتح الجيم وبغير ياء واسمه عامر بن حذيفة العدوى قاله النووي م (1) ذكر الأربعين لا مفهوم له فقد روى ابن ماجه والإمام أحمد وسيأتي بعد ذلك وابن حيان في صحيحه واللفظ له عن ابي هريرة رضي اله عنه مرفوعاً " لو يعلم أحدكم ماله في أن يمشي بين يدي أخيه معترضاً وهو يناجي ربه لكان أن يقف في ذلك المقام مائة عام أحب إليه من الخطوة التي خطاها " وهذا مثمر بأن إطلاق الأربعين للمبالغة في تعظيم الأمر لا لخصوص عدد معين وفي مسند البزار لكان أن يقف خريفاً (2) القائل لا أدرى هو أبو النضر كما صرح بذلك في رواية الشيخين بلفظ " لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه لكان أن يقف أربعين خيراً له من أن يمر بين يديه " قال أبو النضر لا أدري قال أربعين يوماً أو شهراً أو سنة والغرض منه التغليظ في المرور بين يدي المصلى والإشارة إلى عظيم ما يرتكبه المار (واختلف) في تحديد المكان الذي يأثم المار بمروره فيه فقيل ما بين المصلي وبين موضع سجوده (وقيل) مقدار ثلاثة أذرع (وقيل) مقدار رمية بحجر والأول أظهر والمعنى لو علم المار مقدار الإثم الذي يلحقه من مروره بين يدي المصلي لا ختار أن يقف المدة المذكورة حتى لا يلحقه ذلك الإثم فجواب لو قوله لكان أن يقف والله أعلم (تخريجه) (ق. لك. هق. والأربعة) 466 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله يعني أبا أحمد الزبيري قال أنا عبيد الله يعني ابن عبد الله بن موهب قال أخبرني عمي عبيد الله ابن عبد الرحمن بن موهب عن أبي هريرة " الحديث " (تخريجه) (جه حب) قال البوصيري في زوائد بن ماجه في إسناده مقال لأن عم عبيد الله بن عبد الرحمن اسمه عبيد الله ابن عبد الله قال أحمد بن حنبل أحاديثه منا كبير ولكن ابن حبان خص ضعف أحاديث بما إذا روى عنه اهـ (قلت) وهذا الحديث لبس من رواية ابنه عنه ولذا رواه ابن حبان في صحيحه ومن شرطه أنه لا يروى في صحيحه إلا الصحيح والله أعلم

-[المرور بين يدي المصلي من الكبائر وقصة من أصيب بداء أقعده بسبب ذلك]- (463) عن يزيد بن نمر أن قال لقيت رجلا مقعدا (1) بتبوك فسألته فقال مررت بين يدى رسُول الله صى الله عليه وسلم على أتانٍ (2) أو حمارٍ فقال قطع علينا صلاتنا قطع الله عليه أثرهُ (3) فأقعد (3) باب من صلى وبين يديه انسان أو بهيمة (463) عن على رضى الله عنه قال كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم يُسبَّحُ

_ 463 عن يزيد بن نمران (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عاصم عن سعيد بن عبد العزيز التنوخي ثنا مولى ليزيد بن نمران ثنا يزيد بن نمران الخ (غريبه) (1) بضم الميم وسكون القاف أي لا يقدر على المشي لداء أصابه وقوله (تبوك) بفتح أوله وضم ثانيه اسم موضع من بادية الشام قريب من مدين الذين بعث الله إليهم شعيباً بينه وبين المدينة أربع عشرة مرحلة وبه سميت غزوة تبوك (2) بفتح الهمزة أنثى الحمير ولا تقل أتانة وأو للشك من الراوي هل كان راكباً على حمار أم أتان (3) أي أثر إقدامه وهو إنشاء في صورة الأخبار أي اللهم أقطع أثره فاستجاب الله دعاء نبيه صلى الله عليه وسلم واقعد الرجل بسبب تجاوزه الحدود الشرعية (تخريجه) (د. هق) وسنده جيد ولأبي داود رواية أخرى من طريق أخر عن سعيد بن غزوان عن أبيه (أنه نزل بتبوك وهو حاج فإذا هو برجل مقعد فسأله عن أمره فقال سأحدثك حديثاً فلا تحدث به ما سمعت أنى حيي " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " نزل بتبوك إلى نخلة فقال هذه قبلتنا ثم صلى إليها قال فاقبلت أنا وغلام اسعى حتى مررت بينه وبينها فقال قطع صلاتنا قطع الله أثره فما قمت عليها إلى يومي هذا وهذا الحديث ضعيف لأن فيه سعيداً وأباه غزوان وهما مجهولان وأخرجه أيضاً البيهقي (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن المرور بين يدي المصلي من الكبائر الموجبة للنار وظاهره عدم الفرق بين صلاة الفريضة والنافلة (تنبيه) ما ورد في الأحاديث من قطع الصلاة بمرور بعض الآدميين أو الدواب أمام المصلى مؤول بأن المراد بالقطع نقص الصلاة بشغل القلب بهذه الأشياء وليس المراد أبطأها قاله النووي وغيره وإلى ذلك ذهب الجمهور وقال قوم بالبطلان حقيقة وهم أهل الظاهر وسيأتي لذلك مزيد بحث في مبطلات الصلاة إن شاء الله تعالى 464 عن على رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا موسى بن أبي أيوب حدثني عمي إياس بن عامر سمعت على بن أبي طالب يقول

-[من صلى وبين يديه إنسان أو بهيمة]- من الليل (1) وعائشةُ مُمَّرضه يينهُ وبين القلة (2) (465) عن محُمدٍ بن الزُّبير قال حدث عُروةُ بِّنُ الزُّبير عٍمر بن عبد العزيز وهُو أمير على المدينة عن عائشة زوج النِّبىِّ صلى الله عليه وسلم ورضى عنها أن رسُول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى إليها وهى معترضة بين يديه، قال فقال أبو أثمامة بنُ سهلٍ وكان عند عُمر فلعلَّها يا أبا عبد الله قالت وأنا إلى جنبه، قال فقال عرُروةُ أُخبرُك باليقين وترُد علىَّ بالظَّنِّ، بل معترضة بين يديه اعتراض الجنازة (466) عن الفضل بن عباٍس رضي الله عنهما قال زار الُنَّبى صلى الله عليه وسلم عباسًا فى باديةٍ (3) لنا ولنا كليبة وحمارة ترعي فصلَّى النبَّبى صلى الله عليه وسلم العصر وهما بين يديه فلم تُؤخَّرا ولم تُزجرا

_ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (غريبه) (1) أي يصلي تطوعاً (2) زاد أبو داود من حديث عروة بن الزبير عن عائشة " وعائشة راقدة على الفراش الذي يرقد عليه حتى إذا أراد أن يوتر أيقظها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله موثقون 465 عن محمد بن جعفر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني محمد بن جعفر بن الزبير " الحديث " (تخريجه) (ق. والأربعة) بدون ذكر عمر بن عبد العزيز وأبي أمامة 466 عن الفضل بن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال قال ابن جريج أخبرني محمد بن عمر بن على عن عباس بن عبيد الله بن عياس عن الفضل ابن عباس " الحديث " (غريبه) (3) البادية البدو وهو خلاف الحضر (وقوله كليبة) بالتصغير ورواية أبي داود كلبة بالتكبير (وحمارة) قال في المفاتيح التاء في حمارة وكلبة للأفراد كما يقال تمر وتمرة ويجوز أن تكون للتأنيث قال الجوهري وربما قالوا حمارة والأكثر أن يقال للأنثى أتان اهـ (تخريجه) (د. نس. هق. قط) وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الحمار والكلب والمرأة لا تقطع الصلاة وفي ذلك خلاف سيأتي

-[حكم المرور بين الصفوف]- (4) باب سرة الامام سترة لمن صلى خلفه وأنه لا يقطع الصلاة مرور شئ (467) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهُما قال جئتُ أنا والفضلُ ونحنُ على أتان (1) ورسُولُ الله عليه وسلم يصُلِّلى بالنَّاس بعرفة (2) فمررنا على بعض الصفَّ فنزلنا عنها وتر كناها ترتع (3) ودخلنا فى الصَّف فلم يقُل لى رسُول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا (4) (وعنهُ من طريق ثانٍ) (5) قال أقبلت وقد ناهزتُ الُحُلم (6) أسيرُ على أتان ورسُولُ صلى الله عليه وسلم قائم يُصلِّى للناس يعنى حتى صرت بين يدى بعض الّصف الأوَّل ثُم نزلت عنها فرتعت (7) فصففُ مع

_ تفصيله في باب مبطلات الصلاة إن شاء الله تعالى 476 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سفيان عن الزهري عن عبد الله عن ابن عباس الحديث (غريبه) (1) هي الأنثى من الحمير ولا يقال أتانة والحمار يطلق على الذكر والأنثى كالفرس (2) رواية البخاري وأبي داود (بمنى) قال الحافظ كذا قال مالك وأكثر أصحاب الزهرى ووقع عند مسلم من رواية ابن عيينه (بعرفة) قال النووي يحمل ذلك على أنهما فضيتان وتعقب بأن الأصل عدم التعدد ولا سيما مع اتحاد مخرج الحديث فالحق أن قول ابن عيينة بعرفة شاذ ووقع عند مسلم أيضاً من رواية معمر عن الزهري (وذلك في حجة الوداع أو الفتح) وهذا الشك من معمر لا يعول عليه والحق أن ذلك كان في حجة الوداع اهـ ف (3) أي ترعى (4) رواية البخاري فلم ينكر ذلك على أحد (قال ابن دقيق العيد) استدل ابن عباس بترك الإنكار على الجواز ولم يستدل بترك إعادتهم للصلاة لأن ترك الإنكار أكثر فائدة (قال الحافظ) وتوجيهه أن ترك الإعادة يدل على صحتها فقط لا على جواز المرور وترك الإنكار يدل على جواز المرور وصحة الصلاة معاً اهـ ف (5) (حدثنا) عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمه قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن ابن عباس قال أقبلت الخ (6) أي قاربته ومن قولهم نهز نهزاً أي نهض يقال ناهز الصبي البلوغ أي داناه وقد أخرج البزار بإسناد صحيح أن هذه القصة كانت في حجة الوداع كما تقدم ففيه دليل على أن ابن عباس كان في حجة الوداع دون البلوغ (قال العراقي) وقد اختلف في سنة حين توفي النبي صلى الله عليه وسلم فقيل ثلاث عشرة ويدل له قولهم إنه ولد في الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين وقيل كان عمره عشرة سنين وهو ضعيف وقيل خمس عشرة قال أحمد إنه الصواب (7) يقال رتعت الماشية

-[مذاهب العلماء في حكم سترة الامام وانه لا يقطع الصلاة مرور شئ]- النَّاس وراء رسُول الله صلى الله عليه وسلم (468) وعنهُ أيضًا أنه كان على حمار هُو وغُلام من بنى هاشمٍ (1) فمر بين يدى النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم وهُو يُصلِّى فلم ينصرف، وجاءت جاريتان (2) من بنى عبد المطُلب فأخذتا برُكبى النَّبى صلى الله عليه وسلم ففرع بينهما (3) أو فرق بينهما ولم ينصرف (469) عن الحسن المُرنىِّ قال ذكر عند ابن عبَّاس رضى الله عنهُما يقطع الصلَّاة الكلب والحمارُ والمرأة، قال بئسما عدلتم بامرأة مسلمة كلبًا وحمارًا، لقد رأيتنى أقبلت على حماًر ورسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى بالنَّاس حتَّى إذا كُنتُ قريبًا منهُ مُستقبلهُ نزلت عنهُ وخلَّيتُ عنهُ ودخلت مع رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّى بالنَّاس فجاءت وليدة (4)

_ أكلت ما شاءت وبابه خضع (تخريجه) (ق. لك. هق. والأربعة) 468 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر وعفان قالا ثنا شعبة عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن صهيب عن ابن عباس وقال عفان يعني في حديثه اخبرنيه الحكم عن يحيى بن الجزار عن صهيب قلت من صهيب؟ قال رجل من أهل البصرة عن ابن عباس أنه كان على حمار " الحديث " (غريبه) (1) لعله الفضل بن العباس أخوه كما في الحديث الأول من أحاديث الباب (2) يعني صغيرتين وهي في الأصل الشابة ثم توسعوا حتى سموا كل أمة جارية وإن كانت عجوزاً لا تقدر على السعي تسمية بما كانت عليه وجمعها جوار وسميت جارية تشبيها لها بالسفينة لجريها مسخرة في أعمال مواليها (3) أي فرق بينهما كما في رواية ابن أبي شيبة بغير شك وأو للشك من الراوي " وقوله ولم ينصرف " أي من صلاته وفي رواية أبي داود " فما بالي ذلك " أي لم يهتم بفعلها ولم يقطع صلاته (تخريجه) (دنس. خز. بز) 469 عن الحسن العربي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عاصم أنا أبو المعلى العطار ثنا الحسن العربي الخ (غريبه) (4) الوليد في الأصل

-[مرور المرأة والحمار لا يقطع الصلاة]- تخلل الصفُوف حتَّى عادت (1) برسُول الله صلى الله عليه وسلم فما أعاد رسثولُ الله صلى الله عليه وسلم صلاتهُ ولا نهاها عماَّ صنعت، ولقد كان رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصلِّى فى مسجدٍ فخرج جدي من بعض حُجرات النَّبي صلى الله عليه وسلم فذهب يجتازُ بين يديه فمنعه رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، قال ابنُ عبَّاس أفلا تقُولُون الجدى يقطع الصلاة؟ (5) باب من صلى الى غير سترة (470) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهُما أنَّ رسثولُ الله صلى الله عليه وسلم صلى

_ الطفل الصغير والجمع ولدان والأنثى وليدة والجمع الولائد وقد تطلق الوليدة على الجارية والأمة وإن كانت كبيرة (1) أي لجأت إليه واستغاثت به وفي رواية أبي داود " فجاءت جاريتان من بني عبد المطلب اقتتلتا فأخذهما فنزع أحداهما من الأخرى " فما بالي ذلك " أي فما اهتم بدخولهما بين الصف (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ ومعناه في الصحيحين وغيرهما ورجاله ثقات (الأحكام) في أحاديث الباب دليل القائلين بعدم قطع الصلاة بمرور شيء وهم الجمهور (وفيها) أن سترة الإمام سترة لم خلفه لأنه ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدفع المار بين يديه وهو يصلي سواء أكان آدمياً أم غيره ولم ينكر على ابن عباس مروره بين يدي الصف ولا على الجاريتين ولم يقل شيئاً وحكى الحافظ عن ابن عبد البر أنه قال حديث ابن عباس هذا يخص حديث أبي سعيد " إذا كان أحدكم يصلي فلا يدع أحداً يمر بين يديه " فإن ذلك مخصوص بالإمام والمنفرد فأما المأموم فلا يضره من مر بين يديه لحديث ابن عباس هذا قال وهذا كله لا خلاف فيه بين العلماء وكذا نقل القاضي عياض الاتفاق على أن المأمومين يصلون إلى سترة لكن اختلفوا هل سترتهم سترة الإمام أو سترتهم الإمام بنفسه اهـ (قلت) ذهبت الحنفية والحنابلة إلى أن سترة الإمام سترة لمن خلفه (وعند المالكية) قولان أحدهما قول الإمام مالك أن الإمام نفسه سترة للمأمومين وهو المعتمد وقيل سترة الإمام سترة للمأموم قال الحافظ ويظهر أثر الخلاف الذي نقله عياض فيما لو مر بين يدي الإمام أحد فعلى قول من يقول إن سترة الإمام سترة من خلفه يضر صلاته وصلاتهم معاً وعلى قول من يقول إن الإمام نفسه سترة من خلفه يضر صلاته ولا يضر صلاتهم اهـ (وفي الباب) عند الطبراني في الأوسط من طريق سويد بن عبد العزيز عن عاصم عن أنس مرفوعاً " سترة الإمام سترة لمن خلفه " وقال تفرد به سويد عن عاصم قال الحافظ وسويد ضعيف عندهم والله أعلم 473 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية

-[حجة من رأى عدم وجوب السترة]- في فضاء ليس بين يديه شئ (471) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سُفيان بنُ عيينة قال حدثنى كثير بنُ المثطَّلب بن أبى وداعة سمع بعض أهله يُحدِّثُ عن جده أنَّهُ رأى النَّىِّ صلى الله عليه وسلم يُصلِّى ممِّا يلى باب بنى سهمُ والنِّاس يُمرُّون بين يديه وليس بينه وبين الكعبة سترة، وقال سفيان مرة أُخرى حدثنى كثير بنُ كثير بن المُطَّلب بن أبى وداعة عمَّن سمع جدهُ يقُولُ رأيتُ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يُصلَّى ممَّا يلى باب بنى سهمٍ والنَّاسث يُرون بين يديه ليس بينهُ وبين الكعبة سترة، قال سفيان وكان ابنُ جُريح أنبأ عنه قال ثنا كثير عن أبيه فقال ليس من أبى سمعتُهُ ولكن من بعض أهلى عن جدِّي أنَّ النَّبى صلى الله عليه وسلم صلِّى ممَّا يلى باب بنى سهمٍ ليس بينه وبين الطَّواف سترة (أبواب صفه الصلاة) (6) باب جامع صفة الصلاة) (472) عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يفتتح

_ ثنا الحجاج عن الحكم عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس " الحديث " (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أبو يعلى وفيه الحجاج بن أرطاة وفيه ضعف اهـ " قلت " قال صاحب التنقيح قال أحمد كان من الحفاظ وقال شعبة اكتبوا عن حجاج بن أرطاة وابن إسحاق فإنهما حافظان اهـ 471 حدثنا عبد الله (تخريجه) (د) ورواه (جه. نس) ولفظهما (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من سبعه جاء حتى يحاذى بالركن فصلى ركعتين في حاشية المطاف " أي جانبه " وليس بينه وبين الطواف أحد " وحديث الباب من رواية كثير بن كثير ابن المطلب بن أبي وداعة عن بعض أهله عن جده ففي إسناده مجهول والمطلب وأبوه لهما صحبة وهما من مسلمة الفتح (الأحكام) أحاديث الباب احتج بها الجمهور على عدم وجوب السترة لأنها لو كانت واجبة لما تركها لكن قال الشوكاني إن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بنا اهـ فهو يرى الوجوب والله أعلم 472 عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن حسين

-[إفتتاح الصلاة بالتكبير والقرأءة]- الصلَّاة بالتَّكبير، والقراءة بالحمد لله رب العالمين، فإذا ركع لم ايثشخص رأسه (1) ولم يصوَّبهُ، ولكن بين ذلك، وكان إذا رفع رأسهُ من الرَّكوع لم يسجد حتَّى بستوى قائما (2) وكان إذا رفع رأسهُ من السجُود لم يسجدثد حتَّى يستوى قاعدًا، وكان يقول فى كُل ركعتين التحيَّة (3) وكان يكره أن يفترش ذراعيه افترش السبعُ (4) وكان بفرش رجلهُ اليُسرى وينصب رجلهُ اليمنى وكان ينهى عن عقب (5) الشَّيطان، وكان يختمُ الصلاة بالتّسليم (6)

_ قال حدثني بديل عن أبي الجوزاء عن عائشة " الحديث " (غريبه) (1) أي لم يرفعها من أشخص رأسه إذا رفعا (ولم يصوبه) أي لم يخفضه من صوب إذا خفض رأسه كثيراً ولكن بين الخفض والرفع والمراد أنه صلى الله عليه وسلم كان يجعل رأسه حال الركوع مستوية مع ظهره لا مرتفعة ولا منخفضة (2) أي مطمئناً بعد الرفع من الركوع كما سيأتي في بابه وقد رأيت بعيني رأسي يسيراً بدون طمأنينة بين الرفع والسجود محتجين بأنه ليس ركناً عندهم فإذا لم يكن ركناً فهو من السنن المنصوص عليها في المذهب بل نقل عن الإمام أبي حنيفة رحمه الله أنه فرض وعلى القول بأنه سنة فلم يتركون السنة وهم قدوة؟ ألم يبلغهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم " ولا ينظر الله إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه بين ركوعه وسجوده " رواه الإمام أحمد عن أبي هريرة (وفي هذا الباب) أحاديث كثيرة سيأتي ذكرها في باب الرفع من الركوع اللهم قنا شر الغفلة واهدنا بهدى نبيك صلى الله عليه وسلم ونور بصائرنا حتى نرى الحق حقاً فنتبعه ونرى الباطل باطلاً فنتجنبه (3) أي يتشهد بالتحيات لله بعد كل ركعتين وهذا باعتبار الغالب فإن المغرب يتشهد فيها بعد الركعة الأخيرة وحدها (4) وكيفيته أن يبسط الرجل ذراعيه في السجود كما يبسط الكلب والذئب ذراعيه (قال القرطبي) ولا شك في كراهة هذه الهيئة والسنة أني يضع كفيه على الأرض ويجافي ذراعيه اهـ (5) بفتح العين المهملة وكسر القاف وفي رواية مسلم " عن عقبة الشيطان " وهو الإفعاء في الجلوس وصفته أن يلصق الرجل اليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كما يقعى الكلب وغيره من السباع (6) فيه دليل على وجوب التسليم وفيه خلاف سيأتي في بابه والله أعلم (تخريجه) (م. د. جه)

-[جامع صفة الصلاة]- (473) عن القاسم قال جلسنا إلى عبد الرحمن بن أبزى رضى الله عنهُ فقال ألا أريكُم صلاة رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم؟ قال فقلنا بلى، قال فقام فكبَّر ثُم ركع فوضع يديه على رُكبتيه حتَّى أخذ كُل عثضوٍ مأخذهُ، (1) ثُم رفع حتَّى أخذ كُل عثضوٍ مأخذه، ثُمَّ سجد حتَّى أخذ كُل عظمٍ مأخذه، ثُم رفع فصنع في الركعة الثَّانية كما صنع فى الُركعة الأولى، ثُم قال هكذا صلاةُ رسثول الله صلى الله عليه وسلم (474) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمَّد ثنا زائدة ثنا عاصم بن كليب أخبرنى أبى أن وائل بن حجر الخضرىَّ أخبرهُ قال قُلتُ لا نظرنَّ إلى صلاة رسُول الله صلى الله عليه وسلم كيف يُصلِّى، قال فنظرتُ إليه قام (وفى رواية فاستقبللل القبلة) فكبرَّر ورفع يديه (3) حتىَّ حاذتا أذنيه (وفي رواية حتى كانتا حذو منكبيه) (4) ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفِّه اليسرى والرسغ والساعد، (5) ثُمَّ قال لماَّ أراد أن يركع رفع

_ 473 عن القاسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هرون بن معروف ثنا ضمرة عن ابن شوذر عن عبد الله عن القاسم الخ (غريبه) (1) أي اطمأنت المفاصل كما في رواية عند أبي داود (2) عبر العظم في هذه المرة والتي بعدها والمعنى واحد (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله ثقات 474 حدثنا عبد الله (غريبه) (3) أي حين التكبير أخذا من رواية أخرى عن وائل أيضاً قال " رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فرفع يديه حين كبر يعني استفتح الصلاة الحديث " سيأتي ذكره بعد سند الطريق الثالثة (4) ربما يتوهم أن هذه الرواية تعارض التي قبلها ولا معارضة وتصوير أنه جعل الكوعين " وهما طرفا الزند مما يلي الإبهام " محاذيين للمنكبين فتكون الأصابع محاذية للأذنين وبهذا تتفق الروايتان والله أعلم (5) الرسغ من الإنسان مفصل ما بين الكف والساعد وما بين القدم والساق ويجمع على أرساغ

-[كيفيه الجلوس للتشهد والاشارة بالسبابة]- يديه مثلها فلمَّا ركع وضع يديه على ركبتيه، ثُم رفع رأسه فرفع يديه مثلها، ثُم سجد فجعل كيفَّه محذاء أذنيه، ثُمَّ قعد فافترش رجله اليُسرى فوضع كفّهُ اليُسرى على فخده ورُكبته اليُسرى، وجعل حد مرفقه الايمن على فخذه اليُمنى، ثُمَّ قبض بين أصابه فخلَّّق حلقه (1) (وفى رواية حلَّق بالوسطى والابهام وأشار بالسبابة) ثُمَّ رفع إِصبعهُ (3) فرأيته يّحرِّكُها يدعو بها، ثُمَّ جئت بعد ذلك فى زمان فيه برد فرأيتُ النَّاس عليهم الثياب تحرك (3) أيديهم من تحت الثياب من البرد (ومن طريق ثان (4) بنحوه وفيه) قال أتيتهُ مرةَّ أخرى وعلى النَّاس ثياب فيها البرانسُ (5) والأكسية فرأيتهم يقولون هكذا تحت الثياب (ومن طريق ثالث (6) بنحوه وفيه قال) ثم وضع يده اليُسرى

_ (والساعد) ما بين المرفق والكف وهو مذكر ويجمع على سواعد وسمى ساعدا لأنه يساعد الكف في بطشها وعملها (1) في رواية للإمام أحمد أيضاً وقبض أصبعين وحلق الإبهام على السبابة " أي قبض الخنصر والبنصر وجعل الإبهام والوسطى كالحلقة بسكون اللام (2) يعني السبابة (وقوله يدعو بها) أي يحركها حال الدعاء (3) أصله تتحرك حذفت منه إحدى التاءين تخفيفاً أي ترتفع عند الإحرام وغيره وهي مستورة تحت الثياب من شدة البرد (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا زهير ابن معاوية عن عاصم بن كليب أن أباه أخبره أن وائل بن حجر أخبره قالت قلت لأنظرن إلى صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره نحوه وفيه قال أتيته مرة أخرى الخ (5) البرانس جمع برنس وهو كل ثوب رأسه منه ملتصق به وقال الجوهري هو قلنسوة كان النساك يلبسونها في صدر الإسلام اهـ والبرنس شائع عند المغاربة يلبسونه بدون أكمام (وإلا كسية) جمع كساء (وقوله) فرأيتهم " يقولون هكذا " أي يحركون أيديهم من تحت الثياب فعبر بالقول عن الفعل وهو شائع عند العرب وتقدم بيان ذلك غير مرة (6) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم كبر فرفع يديه حين كبر يعني استفتح الصلاة

-[وضع اليمين على اليسار فى القيام]- على رُكبته اليسرى ووضع ذراعيهُ اليُمنى على فخذه اليُمنى ثُمَّ أشار بسباَّبته ووضع الابهام على الوسُطي وقبض سائر أصابعه (1) (475) حدثنا عبد الله حدَّثنى عبد الجبار بن وائل عن علقمة بن وائل ومولى لهم أنهُما حدَّثاهُ عن أبيه وائل بن حُجر أنَّنه رأى النَّبى صلى الله عليه وسلم رفع يديه حين دخل فى الصلاة وصف همام (3) حيال أذنيه، ثم التحفف بثوبه، ثُم وضع يده اليمنى على اليُسرى (3) فلمَّا قال سمع الله لمن حمده رفع يديه، فلمَّا سجد سجد بين كفيه (4) (476) عن عطاء بن السائب قال حدثنا سالم البرَّادُ قال وكان عندى أوثقُ من نفسى قال قال لنا أبو مسعُود البدرىَّ (رضى الله عنه) ألا أصلى لكم صلاة رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال فكبَّر فوضع كفيه على ركبتيه وفصلت أصابعهُ على ساقيه (وفى روايةٍ وفرج بين أصابعه من

_ ورفع يديه حين ركع ورفع يديه حين قال سمع الله لمن حمده وسجد فوضع يديه حذو أذنيه ثم جلس فافترش رجله اليسرى ثم وضع يده اليسرى الخ (1) في هذه الرواية أنه قبض سائر أصابعه ووضع الإبهام على الوسطى وهذه كيفية غير التي تقدمت والكل جائز (تخريجه) (د. نس. جه خز. هق) وسنده جيد 475 حدثنا عبد الله (غريبه) (2) أي وصف همام شيخ الإمام أحمد كيفية رفع اليدين حيال الأذنين عند تكبيرة الإحرام بالفعل " وقوله ثم التحف بثوبه " يعني أنه جعل يديه داخل ثوبه ولعل ذلك كان لبرد شديد أو لبيان أن عدم كشف اليدين في غير التكبير جائز من غير كراهة (3) أي قبض بيده اليمنى على يده اليسرى واضعهما على صدره (4) أي جعلهما إزاء أذنيه (تخريجه) (هق) بلفظ حديث الباب (م. د. مذ. خز) بألفاظ متقاربة 476 عن عطاء ابن السائب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا

-[جامع صفة الصلاة]- وراء ركبته) (1) وجافى عن إبطيه حتى استقر كل شئ منهُ (2) ثُمَّ قال سمع الله لمن حمدهُ فأستوى قائمًا حتى استقر كل شئٍ منهُ، ثُمَّ كَّبر وسجد وجافى عن إبطيه حتَّى أستقر كُل شئٍ منهُ، ثُمَّ رفع رأسهُ فاستوى جالسً حتَّى استقرَّ كُلُّ شئٍ منهُ، ثُمَّ سجد الثانية فصلى بنا أربع ركعات هكذا، كانت صلاةُ رسُولُ الله، صلى الله عليه وسلم وقال هكذا رأيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم (477) عن أيُّوب عن أبى قلابة عن مالك بن الحُويرث الليثىِّ (رضى الله عنهُ) أنَّهُ قال لأصحابه يومًا ألا أريكُم كيف كانت صلاةُ رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وذلك فى غير حين صلاةٍ، فقام فأمكن القيام (3) ثُمَّ ركع غأمكن الرّكُوع، ثُمَّ رفع رأسهُ وانتصب قائمًا هُنيّة (4) ثُمَّ سجد، قال أبو قلابة فصلَّى صلاة كصلاة شيخنا هذا يعنى عمرو بن سلمه الجرمىَّ، وكان يؤم على عهد النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم، قال أيّوبُ فرأيت عمرو بن سلمه سصنعُ شيئًا لا أراكُم تصنعُونُه، كان إذا رفع رأسهُ من السَّجدتين استوى قاعدًا ثُمّ قام من الرَّعة الأولى والثالثة (5)

_ عفان ثنا همام ثنا عطاء بن السائب الخ (غريبه) (1) هذه الرواية تفسير للأولى وهي قوله وفصلت أصابعه على ساقيه والمعنى أنه فرق بين أصابعه جاعلها وراء ركبتيه (2) أي اطمأن جسمه جميعاً (تخريجه) (د. نس) ورجال إسناده ثقات 477 عن أيوب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا حماد يعني ابن يزيد ثنا أيوب عن أبي قلابة " الحديث " (غريبه) (3) أي اتقنه وأحسنه بأن وقف معتدلاً غير مائل ولا متحرك وكذا يقال في الركوع وفعل ذلك في غير وقت صلاة ليكونوا متفرغين لقبول التعليم وهكذا ينبغي للعالم تعليم الجاهل بالفعل في الأمور الفعلية وبالقول في الأمور القولية وصلى أربع ركعات لاشتمالها على جميع أحوال الصلاة والله أعلم (4) أي قليلاً من الزمن وهو تصغير هنة ويقال هنيهية أيضاً (5) يعني أنه كان

-[تعليم الرجل أهله وأولاده ما يجب عليهم]- (478) عن عبد الرَّحمن بن غنم أنَّ أبا مالك الأشعريَّ (رضى الله عنه) جمع قومه فقال يا معشر الأشعريين اجتمعوا واجمعوا نساءكم وأبناءكم أعلمكم صلاة النبيِّ صلى الله عليه وسلم التى كان يصلِّى لنا بالمدينة, فاجتمعوا وجمعوا نساءهم وأبناءهم فتوضَّأ وأراهم كيف يتوضأ فأحصى الوضوء إلى أماكنه (1) حتىَّ لمَّا أن فاء الفئ (2) وانكسر الظِّلُّ قام فأذن فصف الرِّجال فى أدنى الصِّفِّ, وصفَّ الولدان (3) خلفهم, وصفَّ النِّساء خلف الولدان, ثمَّ أقام الصَّلاة, فتقدَّم فرفع يديه فكبَّر, فقرأ بفاتحة الكتاب وسورةٍ يسرُّها, ثمَّ كبَّر فركع فقال سبحان الله وبحمده ثلاث مرَّات, ثمَّ قال سمع الله لمن حمده واستوى قائمًا, ثمَّ كبِّر وخرَّ ساجدًا ثمَّ كبَّر فرفع رأسه, ثمَّ كبَّر فسجد, ثمَّ كبَّر فانتهض قائمًا, فكان تكبيره فى أوَّل ركعة ستَّ تكبيرات (4) وكبَّر حين قام إلى الركعة التَّانية, فلمَّا قضى صلاته أقبل إلى قومه بوجهه فقال احفظوا تكبيرى, وتعلَّموا ركوعىوسجودى, فإنَّها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التى كان يصلَّى لنا كذا الساعة من النهار (5) ثمَّ إنَّ

_ يجلس جلسة خفيفة عقب رفعه من السجود وقبل القيام من الركعة الأولى والثالثة، وهي التي يسميها الشافعية جلسة الاستراحة (تخريجه) (ق. وغيرهما). (478) عن عبد الرحمن بن غنم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا عبد الحميد بن بهرام الفزاري عن شهر بن حوشب ثنا عبد الرحمن بن غنم "الحديث" (غريبه) (1) بفتح الواو أي استوعب جميع الأعضاء بالماء (2) أي رجع الظل بعد الزوال من جانب الغرب إلى جانب الشرق (وقوله) وانكسر الظل أي مال وهو الوقت المستحب للظهر في شدة الحر (3) جمع وليد وهو الصبي الذي لم يبلغ الحلم (وقوله) وصف النساء خلف الولدان أي كما هي السنة (4) أي بتكبيرة الإحرام وتكبيرة القيام إلى الركعة الثانية (5) أي كان يصلي لنا هكذا في هذه الساعة من النهار كما صليت فاحرصوا على ذلك وافعلوا

-[فضل المتحابين فى الله عز وجل]- رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا قضى صلاته أقبل إلى النَّاس بوجهه, فقال يا أيُّها النَّاس اسمعوا واعقلوا واعلموا أنَّ لله عزَّ وجلَّ عبادًا ليسوا بأنبياء ولا شهداء, يغبطهم (1) الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله, فجاء رجل من الأعراب من قاصية الناس (2) وألوى بيده إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبيَّ الله, ناس من النَّاس ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله, انعتهم لنا يعني صفهم لنا, فسرَّ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لسؤال الأعرابىِّ, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم ناس من أفناء النَّاس (3) ونوازع القبائل لم تصل بينهم أرحام متقاربة, تحابُّوا فى الله وتصافوا, يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها, فيجعل وجوههم نورًا وثيابهم نورًا, يفزع النًّاس يوم القيامة ولا يفزعون, وهم أولياء الله الَّذين لا خوف عليهم ولا يحزنون (479) عن أبى مالك الأشعريَّ رضى الله عنه عن رسول الله

_ كما فعلت وقد أتى في هذا الحديث بمعظم أفعال الصلاة وأقوالها فرائضها وسننها وهكذا يجب على كل مسلم أن يعلم أهل بيته وذويه كل ما يطلب منهم شرعاً مقدماً الأهم على المهم كما فعل أبو مالك رضي الله عنه ليخرج من تبعة ذلك وليقي نفسه وأهله من الوقوع في المهالك قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم ناراً وقودها الناس والحجارة) (1) الغبطة بالكسر أن تتمنى مثل حال المغبوط من غير أن تريد زوالها عنه وليس بحسد (2) أي من أبعدهم وليس معروفاً عندهم " والوى بيده " أي أشار (3) أي ناس غير معلومين غرباء عن قبائلهم وعشيرتهم لا تصلهم قرابة ولا مصاهرة ولا تجمعهم إلا رابطة الذين (تخريجه) قال المنذرى رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن والحاكم وقال صحيح الإسناد 479 عن أبي مالك الأشعري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا أبو معاوية يعني شيبان وليث عن شهر بن حوشب عن أبي مالك الأشعري

-[تطويل الركعة الأولى وترتيب الصفوف]- صلى الله عليه وسلم أنّضه كان يسوِّي بين الأربع ركعات فى القراءة والقيام ويجعل الرَّكعة الأولى هى أطولهن لكى يثوب الناس (1) ويجعل الرِّجال قدَّام الغلمان والغلمان خلفهم والنِّساء خلف الغلمان ويكبِّر كلَّما سجد وكلَّما رفع, ويكبَّر كلَّما نهض بين الرَّكعتين إذا كان جالسًا (480) عن محمد بن عطاء (2) عن أبى حميدٍ السَّاعدى رضى الله عنه قال سمعته (3) وهو فى عشرة من أصحاب النبيِّ صلى الله عليه وسلم أحدهم أبو قتادة بن ربعىّ يقول (4) أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم, قالوا له ما كنت أقدمنا صحبة ولا أكثر ناله تباعة (5) قال بلى (6) قالوا فاعرض, (7) قال

_ الخ (غريبه) (1) أي يرجعون إلى الصلاة ويكثر جمعهم ومنه قوله تعالى (وإذا جعلنا البيت مثابة للناس) أي مرجعاً مجتمعاً (تخريجه) (طب) قال الهيثمي وفي إسناده شهر بن حوشب وفيه كلام وهو ثقة إن شاء الله (قلت) شهر بن حوشب وثقة ابن معين والإمام أحمد وقال يعقوب بن سفيان شهر وأن قال ابن عون تركوه فهو ثقة وقال ابن معين ثبت قاله في الخلاصة 480 عن محمد بن عطاء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا يحيى بن سعيد عن عبد الحميد بن جعفر قال حدثني محمد بن عطاء عن أبي حميد الساعدي الخ (غريبه) (2) هكذا بالأصل محمد بن عطاء والمعروف في كتب الرجال والأصول الأخرى محمد بن عمرو بن عطاء قال في الخلاصة محمد بن عمرو بن عطاء القرشي العامري أبو عبد الله المدني عن أبي حميد وأبي أسيد وأبي هريرة وجماعة وعنه يزيد بن أبي حبيب ومحمد ابن عمرو بن طلحة وطائفة وثقة ابن سعد وقال مات في آخر ولاية هشام اهـ (3) يعني أن محمد ابن عمرو بن عطاء سمع أبا حميد الساعدي كما صرح بذلك في رواية أبي داود (4) القائل أنا أعلمكم الخ هو أبو حميد وفيه مدح الإنسان نفسه لمن يأخذ عنه ليكون كلامه أوقع وأثبت عند السامع كما أنه يجوز مدح الإنسان نفسه افتخاره في الجهاد ليوقع الرهبة في قلوب الكفار (5) أي اقتداء وفي رواية الترمذي " ما كنت أقدم منا له صحبة ولا أكثرنا اتياناً " وخصوا هاتين الحالتين لأنهما اللتان يظن بجمعيهما كثرة العلم (6) أي قال أبو حميد رداً لقولهم ما كنت أقدمنا الخ (بلى أي أنا أكثركم متابعة وأقدمكم صحبة فبلى لنفي النفي (7) بوصل الهمزة وكسر الراء من قولهم عرضت الكتاب عرضاً قرأته عن

-[جامع صفة الصلاة]- كان إذا قام الصَّلاة اعتدل قائمًا ورفع يديه حتَّى حاذى بهما منكبيه, فإذا أراد أن يركع رفع يديه حتى يحاذى بهما منكبيه, ثمَّ قال الله أكبر فركع ثمَّ اعتدل فلم يصبَّ (1) رأسه ولم يقنعه, ووضع يديه على ركبتيه (7) ثمَّ قال سمع اله لمن حمده, ثمَّ رفع واعتدل حتىَّ رجع كل عظم فى موضعه معتدلا, ثمَّ هوى ساجدًا وقال الله أكبر, ثمَّ جافى وفتح عضديه عن بطنه, وفتح (7) أصابع رجليه, ثمَّ رجله اليسرى وقعد عليها واعتدل حتَّى رجع كل عظم فى موضعه, ثمَّ هوى ساجدًا وقال الله أكبَّر, ثمَّ ثنى رجله وقعد عليها حتًّى يرجع كلّ عضو إلى موضعه, ثمَّ نبض فصنع فى الرَّكعة الثانية مثل ذلك, حتَّى إذا قام من السَّجدتين كبَّر ورفع يديه حتَّى يحاذى بهما منكبيه كما صنع حين افتتح الصلاة ثمَّ كذلك حتَّى إذا كانت الرَّكعة التىتنقضى فيها الصَّلاة أخَّر رجله اليسرى (4) وقعد على شقه متورِّكا ثم سلَّم

_ ظهر قلب ويحتمل أن يكون من قولهم عرضت الشيء عرضاً من باب ضرب أي أظهرته والمعنى بين لنا كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم إن كنت صادقاً فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (1) بفتح الياء التحتية وضم الصادر أي لم يمله إلى أسفل (وقوله) ولم يقنعه بضم أوله وسكون ثانيه من أقنع إذا رفع رأسه حتى تكون أعلى من ظهره والمراد أنه صلى الله عليه وسلم كان يحوى ظهره ورأسه حين الركوع (2) أي وضع باطن كفيه على ركبتيه حال الركوع (3) بالخاء المعجمة أي يلينها ويثنيها والمراد أنه يجعل بعاون الأصابع إلى الأرض ورؤسها إلى القبلة (4) أي أخرجها من تحت مقعدته إلى الجانب الأيمن وقعد (متوركاً) على شقه الأيسر أي مفضياً بوركه اليسرى إلى الأرض وسيأتي الكلام على تفصيل ذلك في أبوابه إن شاء الله (تخريجه) (حب. هق والأربعة إلا النسائي) وأخرجه أيضا البخاري مختصراً وصححه الترمذي

-[حديث المسيء صلاته]- (فصل منه فى حديث المسئفى صلاته) (481) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال دخل رجل (1) المسجد فصلى (2) ثم جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فسلَّم فردِّ عليه السَّلام وقال ارجع فصل فإنَّك لم تصلَّ (3) فرجع ففعل ذلك ثلاث مرَّات, قال فقال والَّذى بعثك بالحق ما أحسن غير هذا فعلَّمى. قال إذا قمت إلى الصَّلاة فكبر (4) ثمَّ اقرأ ما تيسَّر معك من القرآن (5) ثمَّ اركع حتَّى تطمن راكعًا, ثمَّ اسجد حتَّي تطمئنَّ ساجدّا, ثم أرفع حتى تستدل قائمًا, ثمَّ أسجد حتىَّ تطمئنَّ ساجدًا ثمَّ ارفع حتَّى تطمئنَّ جالسًا, ثمَّ افعل ذلك في صلاتك كلهِّا (482) عن رفاعة بن رافع الزُّرقىَّ رضى الله عنه وكان من أصحاب النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال جاء رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس فى المسجد فصلَّي قريبًا منه, ثمَّ انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعد صلاتك فإنَّك لمّ تصلِّ, قال فرجع فصلَّى كنحو مَّما صلَّى, ثمَّ انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له أعد صلاتك فإنك لم تصلَّ, فقال يا رسول

_ 481 عن أبي هريرة حدثنا عبد الله أبي ثنا يحيى عن عبيد الله قال حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة " الحديث " (1) هو خالد بن رافع كذا بينه ابن أبي شيبة (2) زاد النسائي ركعتين وفيه إشعار بأنه صلى نفلاً قال الحافظ والأقرب أنها تحية المسجد (3) فيه أن أفعال الجاهل في العبادة على غير علم لا تجزئ وهذا مبني على أن المراد بالنفي الأجزاء وهو الظاهر وحمله بعضهم على نفي الكمال (4) وفي رواية للبخاري " إذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر " وهي في مسلم أيضا وستأتي في حديث رفاعة بن رافع الآتي (5) في رواية لأبي داود والنسائي من حديث رفاعة " فإن كان معك قرآن فأقرأ وإلا فاحمد الله تعالى وكبره وحلله " وفي رواية لأبي داود من حديث رفاعة أيضاً " ثم اقرأ بأم القرآن وبما شاء الله " وسيأتي ذلك أيضاً (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) 482 عن رفاعة بن رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن

-[بقية حديث المسيء صلاته]- الله علَّمني كيف أصنع قال إذا استقبلت القبلة (1) فكبِّر ثمَّ اقرأ بأم القرآن, ثم اقرأ بما شئت, فإذا ركعت فاجعل راحتيك (2) على ركبتيك وامدد ظهرك (3) ومكن لركوعك (4) فإذا رفعت رأسك فأقم صلبك حتَّ ترجع العظام إلى مفاصلها, (5) وإذا سجدت فمكِّن لسجودك (6) فإذا رفعت رأسك فاجلس على فخذك اليسرى ثم اصنع ذلك فى كلِّ ركعةٍ وسجدةٍ (وعنه من طريق ثانٍ) (7) قال كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد فدخل رجل فصلَّى فى ناحية المسجد, فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمقه (8) ثمَّ جاء فسلَّم فردَّ عليه وقال ارجع فصلِّ فإنَّك لم تصل, قال مرَّتين أو ثلاثًا, فقال له فى الثَّالثة أو فى الرَّابعة والَّذى بعتك بالحقَّ لقد أجهدت نفسى (9) فعلمنى وأرنى؟ فقال له النَّبى صلى الله عليه وسلم إذا أردت أن تصلى فتوضَّأ فأحسن وضوءك, ثمَّ استقبل القبلة, ثمَّ كبِّر, ثمَّ أقرأ, ثمَّ اركع حتَّى تطمئن راكعًا, ثمَّ ارفع حتَّى تطمئن قائمًا, ثمَّ اسجد حتَّى تطمئنَّ ساجدًا, ثمَّ ارفع حتَّى تطمئن جالسًا, ثمَّ اسجد حتَّى تطمئن ساجدًا, ثمَّ قم فإذا أتممت صلاتك على هذا فقد أتممتها, وما انتقصت من هذا من

_ هرون قال أخبرنا محمد بن عمرو عن علي بن يحيى بن خلاد الزرقى عن رفاعة بن رافع الزرقى " الحديث " (غريبه) (1) في الطريق الثانية ثم استقبل القبلة بلفظ الأمر وكذلك عند مسلم من رواية أبي هريرة (2) أي باطن كفيك (3) أي أبسطه معتدلاً (4) أي اطمئن في ركوعك اطمئناناً كاملاً (5) في الطريق الثانية ثم ارفع حتى تطمئن قائماً ونحو ذلك عند الشيخين من حديث أبي هريرة وفيه رد على القائلين بعدم وجوب الطمأنينة في الرفع من الركوع (6) أي اطمئن في سجودك على جبهتك إطمئناناً كاملاً (7) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد ثنا ابن عجلان ثنا على بن ثنا بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه وكان بدر يا قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث " (8) أي ينظر إليه (9) أي بذلت ما في

-[إستدلال الفقهاء بحديث المسئ صلاته فى أركان الصلاة]- شيء فإنَّما تنقصه من صلاتك (1)

_ طاقتي في إصلاح صلاتي بقدر ما أعرف (1) أي ما تركته مما ذكر فقد انتقصته من صلاتك وترك شيء مما ذكر يؤدي إلى بطلان الصلاة عند الجمهور (تخريجه) (د. نس. مذ) (الأحكام) اشتملت أحاديث الباب على كيفية الصلاة وصفتها ومعظم أحكامها من فرائض وسنن وأقوال وأفعال وسنأتي على ذكر والخلاف فيه مفصلاً في أبوابه إن شاء الله تعالى وقد اشتمل حديث المسئ في صلاته على معظم أحكامها من فرائض وسنن وأقوال وأفعال وسنأتي على ذكر والخلاف فيه مفصلاً في أبوابه إن شاء الله تعالى وقد اشتمل حديث المسئ في صلاته على معظم أركان الصلاة وصفتها ومعظم أحكامها من فرائض وسنن واقوال وأفعال وسنأتي على ذكر ذلك والخلاف فيه مفصلاً في أبوابه إن شاء الله تعالى وقد اشتمل حديث المسئ في صلاته على معظم أركان الصلاة واعتمده الفقهاء في بيان الواجبات دون السنن (قال ابن دقيق العيد) قد تكرر من الفقهاء في بيان الواجبات دون السنن (قال ابن دقيق العيد) قد تكرر من الفقهاء الاستدلال بهذا الحديث على وجوب ما ذكر فيه وعلى عدم وجوب ما لم يذكر (فأما) وجوب ما ذكر فيه فلتعلق الأمر به (وأما) عدم وجوب غيره فليس ذلك بمجرد كون الأصل عدم الوجوب بل لأمر زائد على ذلك وهو أن الموضع موضع تعليم وبيان للجاهل وتعريف لواجبات الصلاة وذلك يقتضي انحصار الواجبات فيما ذكره ويقوى مرتبة الحصر أنه صلى الله عليه وسلم ذكر ما تعلقت به الإساءة من هذا المصلى وما لم يتعلق به الإساءة من واجبات الصلاة وهذا يدل على أنه لم يقصر المقصود على ما وقعت فيه الإساءة (فإذا تقرر هذا) فكل موضع اختلف الفقهاء في وجوبه وكان مذكوراً في هذا الحديث فلنا أن نتمسك به في وجوبه وكل موضع اختلفوا في وجوبه ولم يكن مذكوراً في هذا الحديث فلنا أن نتمسك به في وجوبه وكل موضع اختلفوا في وجوبه ولم يكن مذكوراً في هذا الحديث فلنا أن نتمسك به في عدم وجوبه لكونه غير مذكور في هذا الحديث على ما تقدم من كونه موضع تعليم وقد ظهرت قرينة مع ذلك على قصد ذكر الواجبات إلا أن على طالب التحقيق أن يجمع طرق هذا الحديث ويحصى الأمور المذكورة فيه ويأخذ بالزائد فالزائد فإن الأخذ بالزائد واجب وإذا قام دليل على أحد الأمرين أما على عدم الوجوب أو الوجوب فالواجب العمل به ما لم يعارضه ما هو أقوى منه اهـ (قال الحافظ) وقد جمعت طرقه القوية من رواية أبي هريرة ورفاعة وقد أمليت الزيادات التي اشتملت عليها اهـ باختصار (قال النووي) رحمه الله (فإن قيل) لم يذكر فيه " يعني حديث المسئ في صلاته " كل الواجبات فقد بقى واجبات مجمع عليها ومختلف فيها فمن المجمع عليه النية والقعود في التشهد الأخير وترتيب أركان الصلاة ومن المختلف فيه التشهد الأخير والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والسلام وهذه الثلاثة واجبة عند الشافعي رحمه الله تعالى وقال بوجوب السلام الجمهور وأوجب التشهد كثيرون وأوجب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم مع الشافعي الشعبي وأحمد بن حنبل وأصحابهما وأوجب جماعة من أصحاب الشافعي نية الخروج من الصلاة وأوجب أحمد رحمه الله تعالى التشهد الأول وكذلك التسبيح

-[كلام العلماء في أحكام حديث المسئفى صلاته]- ..........

_ وتكبيرات الانتقالات (فالجواب) أن الواجبات الثلاثة المجمع عليها كانت معلومة عند السائل فلم يحتج إلى بيانها وكذلك المختلف فيه عند من يوجبه يحمله على أنه كان مملوما عنده (وفي هذا الحديث دليل) على أن إقامة الصلاة ليست واجبة (وفيه) وجوب الطهارة واستقبال القبلة وتكبيرة الإحرام والقراءة (وفيه) أن التعوذ ودعاء الافتتاح ورفع اليدين في تكبيرة الإحرام ووضع اليد اليمنى على اليسرى وتكبيرات الانتقالات وتسبيحات الركوع والسجود وهيئات الجلوس ووضع اليد اليمنى على اليسرى وتكبيرات الانتقالات وتسبيحات الركوع والسجود وهيئات الجلوس ووضع اليد على الفخذ وغير ذلك مما لم يذكره في الحديث ليس بواجب إلا ما ذكرناه من المجمع عليه والمختلف فيه (وفيه) دليل على وجوب الاعتدال في الركوع والجلوس بين السجدتين ووجوب الطمأنينة في الركوع والسجود والجلوس بين السجدتين وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور ولم يوجبها أبو حنيفة رحمه الله تعالى وطائفة يسيرة وهذا الحديث حجة عليهم وليس عنه جواب صحيح (وأما) الاعتدال فالمشهور من مذهبنا ومذاهب العلماء يجب الطمأنينة فيه كما يجب في الجلوس بين السجدتين وتوقف في إيجابها بعض أصحابنا واحتج هذا القائل بقول صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث " ثم ارفع حتى تعتدل قائماً " فاكتفى بالاعتدال ولم يذكر الطمأنينة كما ذكرها في الجلوس بين السجدتين وفي الركوع والسجود (وفيه) وجوب القراءة في الركعات كلها وهو مذهبنا ومذهب الجمهور كما سبق (وفيه) أن المفتي إذا سئل عن شيء وكان هناك شيء آخر يحتاج إليه السائل ولم يسأله عنه يستحب له أن يذكر له ويكون هذا من النصيحة لا من الكلام فيما لا يعني وموضع الدلالة أنه قال علمني يا رسول الله أي علمني الصلاة فعلمه الصلاة واستقبال القبلة والوضوء وليسا من الصلاة لكنها شرطان لها (وفيه) الرفق بالمتعلم والجاهل وملاطفته وإيضاح المسألة له وتلخيص المقاصد والاقتصاد في حقه على المهم دون المكملات التي لا يحتمل حاله حفظها والقيام بها (وفيه) استحباب السلام عند اللقاء ووجوب رده وأنه يستحب تكراره إذا تكرر اللقاء وإن قرب العهد وإنه يجب رده في كل مرة وأن صبغة الجواب وعليكم السلام أو وعليك بالواو وهذه الواو مستحبة عند الجمهور وأوجبها بعض أصحابنا وليس بشيء بل الصواب أنها سنة قال الله تعالى " قالوا سلاماً قال سلام " (وفيه) أن من أخل ببعض واجبات الصلاة لا تصح صلاته ولا يضحى مصلياً بل يقال لم تصل (فإن قيل) كيف تركه مراراً يصلي صلاة فاسدة (فالجواب) أنه لم يأذن له في صلاة فاسدة ولا أعلم من حاله أنه يأتي بها في المرة الثانية والثالثة فاسدة بل هو محتمل أن يأتي بها صحيحة وإنما لم يعلمه أولاً ليكون أبلغ في تعريفه وتعريف غيره بصفة الصلاة المجزئة كما أمرهم بالإحرام بالحج ثم بفسخه إلى العمرة ليكون أبلغ في تقرير عندهم والله أعلم اهـ م

-[مفتاح الصلاة الطهور]- (7) باب افتتاح الصلاة والخشوع فيها (483) عن علىٍ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مفتاح الصَّلاة الطهُّور (1) وتحريمها التكبير (2) وتحليلها التسليم (3) (وفى لفظٍ) مفتاح الصلاة الوضوء وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم (484) عن الفضل بن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّلاة مثنى مثنى تشهَّد (4) فى كلِّ ركعتين

_ 483 عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن الحنفية عن أبيه " على بن أبي طالب رضي الله عنه الحديث " (غريبه) (1) بضم الطاء ويفتح والمراد به المصدر وسمى النبي صلى الله عليه وسلم الطهور مفتاحاً مجازاً لأن الحديث مانع من الصلاة فالحدث كالقفل موضوع على المحدث حتى إذا توضأ انحل الغلق وهذه استعارة بديعة لا يقدر عليها انحل الغلق وهذه استعارة بديعة لا يقدر عليها إلا النبوة وكذلك مفتاح الجنة الصلاة لأن أبواب الجنة مغلقة يفتحها الطاعات وركن الطاعات الصلاة قاله ابن العربي (2) قال المظهر سمى الدخول في الصلاة تحريماً لأنه يحرم الأكل والشرب وغيرهما على المصلى فلا يجوز الدخول في الصلاة إلا بالتكبير مقارناً به النية (3) التحليل جعل الشيء المحرم حلالاً وسمي التسليم به لتحليل ما كان حراماً على المصلى لخروجه عن الصلاة وهو واجب وقال الحافظ ابن الأثير في النهاية كأن المصلى بالتكبير والدخول في الصلاة صار ممنوعاً من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها فقيل للتكبير تحريم لمنعه المصلى من ذلك ولهذا سميت تكبيرة الإحرام أي الإحرام بالصلاة (وقال) في قوله تحليلها التسليم أي صار المصلى بالتسليم يحل له ما حرم عليه بالتكبير من الكلام والأفعال الخارجة عن كلام الصلاة وأفعالها كما يحل للمحرم بالحج عند الفراغ منه ما كان حراماً عليه اهـ (تخريجه) (فع. د. جه. بز. ك. مذ) وقال هذا أصح شيء في هذا الباب وأحسن (قلت) وصححه ابن السكن أيضاً 484 عن الفضل بن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على ابن إسحاق أنا عبد الله بن مبارك أنبأنا ليث بن ربيعة سعد ثنا عبد ربه بن سعيد عن عمر أن بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع بن العمياء عن ربيعة بن الحارث عن الفضل بن عباس " الحديث " (غريبه) (4) أي صلاة الليل كما في حديث ابن عمر عند الشيخين وغيرهما " صلاة الليل مثنى مثنى " (5) أصله تتشهد حذفت منه إحدى التاءين تخفيفاً وقيل بالتنوين خبر بعد خبر لقوله الصلاة وكذا ما عطف عليه وقال التوربشني وجدنا الرواية فيهن بالتنوين لا غير وكثير ممن لا علم له بالرواية يسردونها على الأمر وتراها تصحيفاً كذا في المرقاة شرخ المشكاة وقال (الحافظ السيوطي) في قوت المغتذى قال العراقي المشهور في هذه الرواية

-[الخشوع فى الصلاة]- وتضرع (1) وتخشع) (2) وتمسكن (3) ثمَّ تقنع يديك (4) يقول (5) ترفعها إلى ربِّك مستقبلاً ببطونهما وجهك تقول يارب يارب (6) , فمن لم يفعل ذلك فقال فيه قولا شديدًا (7)

_ أنها أفعال مضارعة حذف منها إحدى التاءين ويدل عليه قوله في رواية أبي داود " وإن تتشهد " ووقع في بعض الروايات بالتنوين فيها على الاسمية وهو تصحيف من بعض الرواة اهـ (1) في النهاية التضرع التذلل والمبالغة في السؤال والرغبة يقال ضرع يضرع بالكسر والفتح وتضرع إذا خضع وذل اهـ (2) التخشع في البصر والبدن والصوت وقيل الخضوع في الظاهر والخشوع في الباطن والأظهر أنهما بمعنى لقوله صلى الله عليه وسلم " لو خشع قلبه لخشعت جوارحه " كذا في المرقاة والخشوع من كمال الصلاة قال الله عز وجل (قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون) قال القارئ وفي قوله تخشع إشارة إلى أنه إن لم يكن له خشوع فيتكلف ويطلب من نفسه الخشوع ويتشبه بالخاشعين (3) قال أنه قال لمصلي تبأس وتمسكن أي تذل وتخضع وهو ثم فعل من السكون والقياس أن يقال تسكن وهو الأكثر الأفصح وقد جاء على الأول أحرف قليلة قالوا تمدرع وتمنطق وتمندل اهـ (4) من إقناع اليدين رفعهما في الدعاء ومنه قوله عز وجل (مقنعي رؤسهم) أي ترفع بعد الصلاة يديك للدعاء فعطف على محذوف أي إذا فرغت منها فسلم ثم ارفع يديك سائلاً حاجتك فوضع الخبر موضع الطلب أفاده الطيبي (5) أي الراوي معناه " ترفعهما " أي لطلب الحاجة " إلى ربك " (6) الظاهر أن المراد بالتكرير التكثير (7) رواية الترمذي ومن لم يفعل ذلك فهو كذا وكذا (قال أبو عيسى) أعني الترمذي وقال غير ابن المبارك في هذا الحديث من لم يفعل ذلك فهو خداج اهـ (قلت) وخداج بكسر الخاء المعجمة أي ناقص قيل تقديره فهو ذات خداج أي صلاته ذات خداج أو وصفها بالمصدر نفسه له مبالغة والمعنى أنها ناقصة (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه الترمذي والنسائي وابن خزيمة في صحيحه وتردد في ثبوته وروه كلهم عن ليث بن سعد حدثنا عبد ربه بن سعيد عن عمران بن أبي أنس عن عبد الله بن نافع بن العمياء عن ربيعة بن الحارث عن الفضل وقال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل يعني البخاري يقول روى شعبة هذا الحديث عن عبد ربه فأخطأ في مواضع قال وحديث ليث ابن سعد أصح من حديث شعبة اهـ " تر " (قلت) وحديث الباب لم يروه الإمام أحمد من طريق شعبة بل من طريق ليث بن سعد فهو صالح والله أعلم

-[من معجزات النبى صلى الله عليه وسلم انه كان يرى من خلفه كما يرى من أمامه]- (485) عن أبي هريرة رضى الله عنه أنَّ النبى صلى الله عليه وسلم قال هل ترون قبلتى (1) ههنا؟ ما يخفى على شئ من خشوعكم وركوعكم (2) (وعنه من طريق ثان) (3) عن النبى صلى الله عليه وسلم إنِّى لأري (4) خشوعكم (486) عن مطرف (5) عن أبيه رضى الله عنه قال انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى ولصدره أزير (6) كأزير المرجل (وعنه من

_ 485 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسين قال ثنا سفيان يعني ابن عيينة عن أبي الزناد عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة رواية أن النبي صلى لله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) هو استفهام إنكار لما يلزم منه أي أنتم تظنون أني لا أرى فعلكم لكون قبلتي في هذه الجهة لأن من استقبل شيئاً استدبره ما وراءه لكن بين النبي صلى الله عليه وسلم أن رؤيته لا تختص بجهة واحدة وقد اختلف في معنى ذلك على أقوال والصواب المختار أنه محمول على ظاهره وأن هذا الإبصار إدراك حقيقي خاص به صلى الله عليه وسلم انخرقت له فيه العادة وكذا نقل عن الإمام أحمد ولهذا أخرج البخاري هذا الحديث علامات النبوة ثم ذلك الإدراك يجوز أن يكون بروية عينه انخرقت له العادة فيه أيضاً فكان يرى بها من غير مقابلة لأن الحق عند أهل السنة أن الرؤية لا يشترط لها عقلاً عضو مخصوص ولا مقابلة ولا قرب فإنما تلك أمور عادية يجوز حصول الإدراك مع عدمها عقلاً ولذلك حكموا بجواز رؤية الله تعالى في الدار الآخرة خلافاً لأهل البدع لوقوفهم مع العادة أفاده الحافظ (2) أي في جميع الأركان ويحتمل أن يريد به السجود لأن فيه غاية الخشوع وقد صرح بالسجود في رواية مسلم (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأ على سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (4) بفتح الهمزة (تخريجه) (ق وغيرهما) وفي الباب عند مسلم عن أبي هريرة أيضاً قال (صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً ثم انصرف فقال يا فلان ألا تحسن صلاتك؟ ألا ينظر المصلى إذا صلى كيف يصلي؟ فإنما يصلي لنفسه أنى والله لأبصر من بين يدي) 486 عن مطرف سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا حماد عن ثابت عن مطرف عن أبيه " الحديث " (غريبه) (5) مطرف بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الراء المكسورة وأبوه هو عبد الله بن الشخير بكسر الشين وتشديد الخاء المعجمتين بن عوف العامري صحابي من مسلمة الفتح (6) الأزيز بفتح الهمزة

-[كلام العلماء في حكم تكبيرة الأحرام والخشوع فى الصلاة]- طريق ثان) (1) عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى صدره أزيز كأزيز المرجل من البكاء (487) عن زيد بن خالد الجهنى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى سجدتين لا يسهو فيهما غفر الله له ما تقدم من ذنبه

_ بعدها زاي معجمة مكسورة ثم تحتانيه ساكنة ثم زاي أيضاً هو صوت القدر عند غليان الماء (والمرجل) بكسر الميم وسكون الراء المهملة وفتح الجيم قدر من نحاس قد يطلق على كل قدر يطبخ فيها ولعله المراد في الحديث وحاصل المعنى أنه يجيش جوفه ويغلى من البكاء خوفاً وخشية من الله تعالى (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنا حماد ابن سلمة عن ثابت البناني عن مطرف بن عبد الله عن أبيه " الحديث " وفي آخره قال عبد الله " يعني ابن الإمام أحمد " لم يقل من البكاء إلا يزيد بن هرون (تخريجه) (د. نس. حب. خز. مذ) وصححه 487 عن زيد بن خالد الجهني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مريج ثنا عبد الرحمن ثنا عبد العزيز يعني ابن الدراوردي عن زيد بن أسلم عن زيد بن خالد الجهني " الحديث " (تخريجه) (د) ولفظه " من توضأ فأحسن وضوءه ثم صلى ركعتين لا يسهو فيهما غفر له ما تقدم من ذنبه " وفي رواية عنده (ما من أحد يتوضأ فيحسن الوضوء ويصلي ركعتين يقبل بقلبه وبوجهه عليهما إلا وجبت له الجنة) (الأحكام) الحديث الأول من أحاديث الباب يدل على وجوب تكبيرة الإحرام وإليه ذهب الجمهور (قال النووي رحمه الله) وتكبيرة الإحرام واجبة عند مالك والنوري والشافعي وأبي حنيفة وأحمد والعلماء كافة من الصحابة والتابعين فمن بعدهم رضي الله عنهم لا ما حكاه القاضي عياض رحمه الله وجماعة عن ابن المسيب والحسن والزهري وقتادة والحكم والأوزاعي له سنة ليس بواجب وأن الدخول في الصلاة يكفي فيه النية ولا أظن هذا يصح عن هؤلاء الإعلام مع هذه الأحاديث الصحيحة مع حديث على رضي الله عنه أن رسول الله عليه وسلم قال " مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم " ولفظة التكبير (الله أكبر) فهذا يجزى بالإجماع (قال الشافعي) ويجزى الله الأكبر لا يجزى غيرهما (وقال مالك) لا يجزى إلا (الله أكبر) وهو الذي ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقوله وهذا قول منقول عن الشافعي في القديم وأجاز (أبو يوسف) الله الكبير وأجاز (أبو حنيفة) الاقتصار فيه على كل لفظ فيه

-[كلام العلماء فى حكم تكبيره الأحرام والخشوع فى الصلاة]- ....

_ تعظيم الله تعالى كقوله (الرحمن أكبر) (والله أجل) أو أعظم وخالفه جمهور العلماء من السلف والخلف والحكمة في ابتداء الصلاة بالتكبير افتتاحها بالتنزيه والتعظيم لله تعالى ونعته بصفات الكمال والله أعلم (قلت) احتج الجمهور على وجوب تكبيرة الإحرام وكونها بلفظ التكبير بحديث الباب وبأنه صلى عليه وآله وسلم لم ينقل عنه أنه تركها أو تلفظ بغير التكبير وبحديث المسئ صلاته عند مسلم والإمام أحمد وغيرهما بلفظ " فإذا قمت إلى الصلاة فأسبغ الوضوء ثم استقبل القبلة فكبر " وعند الجماعة من حديثه بلفظ (إذا قمت إلى الصلاة فكبر) وقد تقرر أن حديث المسئ هو المرجع في معرفة واجبات الصلاة وأن كل ما هو مذكور فيه واجب وما خرج عنه وقامت عليه أدلة تدل على وجوبه ففيه خلاف ويدل للشرطية حديث رفاعة في قصة المسئ صلاته عند أبي داود بلفظ " لا تتم صلاة أحد من الناس حتى يتوضأ فيضع الوضوء مواضعه ثم يكبر " ورواه الطبراني بلفظ " ثم يقول الله أكبر " قال الشوكاني والاستدلال بهذا على الشرطية صحيح أن كان نفي التمام يستلزم نفي الصحة وهو الظاهر لأنا متعبدون بصلاة لا نقصان فيها فالناقصة غير صحيحة ومن ادعى صحتها فعليه البيان اهـ (وفي أحاديث الباب أيضاً) مشروعية الخشوع في الصلاة قال الحافظ والخشوع تارة يكون من فعل القلب كالخشية وتارة يكون من فعل البدن كالسكون وقيل لا بد من اعتبارهما حكاه الفخر الرازي في تفسيره وقال غيره هو معنى يقوم بالنفس يظهر عنه سكون في الأطراف يلائم مقصود العبادة ويدل على أنه من عمل القلب حديث على (الخشوع في القلب) أخرجه الحاكم وأما حديث " لو خشع هذا خشعت جوارحه " ففيه إشارة إلى أن الظاهر عنوان الباطن (قال) وقد حكى النووي الإجماع على أن الخشوع ليس بواجب ولا يرد عليه قول القاضي حسين أن مدافعة الأخبثين إذا انتهت إلى حد يذهب معه الخشوع أبطلت الصلاة وقال أيضاً أبو زيد المروزي لجواز أن يكون بعد الإجماع السابق أو المراد بالإجماع أنه لم يصرح أحد بوجوبه وكلاهما في أمر يحصل من مجموع المدافعة وترك الخشوع وفيه تعقب على من نسب إلى القاضي وأبى زيد أنهما قالا أن الخشوع شرط في صحة الصلاة وقد حكاه المحب الطبري وقال هو محمول على أن يحصل في الصلاة في الجملة لا في جميعها والخلاف في ذلك عند الحنابلة أيضاً وأما قول ابن بطال فإن قال قائل فإن الخشوع فرض في الصلاة قيل له بحسب الإنسان أن يقبل على صلاته بقلبه ونيته يريد بذلك وجه الله عز وجل ولا طاقة له بما اعترضه من الخواطر فحاصل كلامه أن القدر المذكور هو الذي يجب من الخشوع وما زاد على ذلك فلا وأنكر ابن المنير إطلاق الفرضية وقال الصواب

-[فضل الخشوع فى الصلاة وما ورد فيه]- (8) باب رفع اليدين عند تكبيرة الاحرام وغيرها (488) عن على بن أبى طالب رضى الله عنه عن رسول الله

_ أن عدم الخشوع تابع لما يظهر عنه من الآثار وهو أمر متفاوت فإن أثر نقصاً في الواجبات كان حراماً وكان الخشوع واجباً وإلا فلا (وقد سئل) عن الحكمة في تحذيرهم من النقص في الصلاة برؤيته إياهم دون تحذيرهم برؤية الله تعالى لهم وهو مقام الإحسان المبين في سؤال جبريل كما تقدم في كتاب الإيمان (اعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك) (فأجيب) بأن في التعليل برؤيته صلى الله عليه وسلم لهم تنبيهاً على رؤية الله تعالى لهم فإنهم إذا أحسنوا الصلاة لكون النبي صلى الله عليه وسلم يراهم أيقظهم ذلك إلى مراقبة الله تعالى مع ما تضمنه الحديث من المعجزة له صلى الله عليه وسلم بذلك ولكونه يبعث شهيداً عليهم يوم القيامة فإذا علموا أنه يراهم تحفظوا في عبادتهم ليسهد لهم بحسن عبادتهم أفاده الحافظ (ف) (قلت) إذا علمت ذلك فإعلم أن الخشوع لب العبادة ولا تكون الصلاة كاملة إلا به فقد روى عن عثمان بن أبي دهر شن عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " لا يقبل الله من عبد عمله حتى يشهد له قلبه مع بدنه " أورده المنذرى وقال رواه محمد بن نصر المروزي في كتاب الصلاة هكذا مرسلاً وصله أبو منصور الديملي في مسند الفردوس يأبي بن كعب والمرسل أصح اهـ لذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر الناس خشوعاً في صلاته وعباداته كلها وقد وصل به الخشوع في الصلاة إلى درجة البكاء وفي ذلك يقول صلى الله عليه وسلم " أما والله إني لأخشاكم لله " وتورمت قدماه في العبادة فقيل له يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك (قال أفلا أكون عبد شكوراً) رواه مسلم والإمام أحمد وغيرهما وروى ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " قال عز وجل إنما أتقبل الصلاة ممن تواضع بها لعظمتي ولم يستطل على خلقي ولم يبت مصراً على معصيتي وقطع النهار في ذكري ورحم المسكين وابن السبيل والأرملة ورحم المصاب ذلك نوره كنور الشمس أكلؤه بعزتي واستحفظه ملائكتي اجعل له في الظلمة نوراً وفي الجهالة حلماً ومثله في خلقي كمثل الفردوس في الجنة " أورده المنذرى وقال رواه البزار من رواية عبد الله بن واقد الحراني وبقية رواته ثقات اهـ (تر) فعليكم أيها المسلمون بالخشوع والتواضع والتخلق بأخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن الله يمن علينا بنور الإسلام فيطمئن بالخشوع قلوبنا ويغرس التواضع في نفوسنا ويثبت الإيمان في أفئدتنا والله أسأل أن يرزقنا إيماناً كاملاً وعملاً متقبلاً إنه سميع الدعاء 488 عن على بن أبي طالب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[رفع اليدين عند تكبير الأحرام وغيرها]- صلى الله عليه وسلم أنَّهُ كان إذا قام إلى الصلاة المكتوُبة (1) كبَّرو رفع يديه حذو منكبيه، ويصنعُ مثل ذلك إذا قضى قراءتهُ وأراد أن يركع، ويصنعُهُ إذا رفع رأسهُ من الرّكوع، ولا يرفعُ يديه فى شئ من صلاته وهُو قاعد، (2) وإذا فلم من السجدتين (3) رفع يده كذلك وكَّر (489) عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن عن أبيه رضى الله عنهُ قال رأيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم أفتتح الصلاَّة فرفع يديه حتَّى جاوز بهما بهما أذنبه

_ سليمان بن داود ثنا عبد الرحمن يعني ابن الزناد عن موسى بن عقبة عن عبد الله بن الفضل بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي عن عبد الرحمن الأعرج عن عبيد الله ابن أبي رافع عن علي بن أبي طالب "الحديث " (غريبه) (1) لا مفهوم لقوله المكتوبة بل النافلة كذلك ولعله قيد بالمكتوبة نظراً لما رآه (2) يعني لا يرفع يديه حين يرفع رأسه من السجدة الأولى ولا حين يهوى إلى السجدة الثانية (3) المراد بهما الركعتان كما قاله العلماء والمحدثون وقال أبو داود عقب هذا الحديث وفي حديث أبو حميد الساعدي حين وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم " إذا قام من الركعتين كبر ورفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه كما كبر عند افتتاح الصلاة " اهـ (قلت) فالمراد بالسجدتين هنا الركعتان كما جاء في رواية الباقين (تخريجه) (الأربعة) وصححه الترمذي وصححه أيضاً الإمام أحمد ابن حنبل فيما حكاه الخلال 489 عن عامر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد القدوس بن بكر بن خنيس قال أنا حجاج عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه " الحديث " وفي آخره قال قرئ على سفيان وأنا شاهد سمعت ابن عجلان وزياد بن سعد عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم هكذا وعقد ابن الزبير (قلت) يعني وصف كيفية رفع اليدين بالفعل والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه الحجاج بن أرطاة واختلف في الاحتجاج به اهـ (قلت) قال أبو حاتم إذا قال حدثنا فهو صالح لا يرتاب في حفظه وصدقه وقال ابن معين صدوق يدلس وقال أيضاً هو والنسائي ليس بالقوي روى له مسلم مقروناً بغيره (خلاصة)

-[المواضع التي يشرع فيها رفع اليدين]- (490) عن أبي هريرة رضى الله عنهُ قال ثلاث كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم بهنَّ قد تركهُن النَّاس، كان يرفع يديه مدَّا (1) إذا دخل فى الصلَّاة، ويكُبَّبرُ كلَّما ركع ورفع، والسَّكوتُ قبل القراءة يدعوُ (2) ويسأل الله من فضله، (491) عن أبن عُمر رضى الله عنهمُا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفعُ يديه حين يُكبِّرُ حتَّى يكُونا حذو منكبيه أو قريبًا من ذلك، وإذا ركع رفعهُما، وإذا رفع رأسهُ من الرَّكعة رفعهُما، ولا يفعل ذلك في السّجُود

_ 490 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن ذئب ويزيد بن هارون قال أنا ابن أبي ذئب المعنى قال ثنا سعيد بن سمعان قال أتانا أبو هريرة في مسجد بني زريق قال ثلاث الخ (غريبه) (1) يجوز أن يكون منتصباً على المصدرية بفعل مقدر وهو يمدها مداً ويجوز أن يكون منتصباً على الحالية أي رفع يديه في حال كونه ماداً لهما إلى رأسه ويجوز أن يكون مصدراً منتصباً بقول رفع لأن الرفع بمعنى المد وأصل المد في اللعنة الجر قاله الراغب وقد فسر ابن عبد البر المد المذكور في الحديث بمد اليدين فوق الأذنين مع الرأس (2) يعني دعاء الافتتاح (تخريجه) (هق والأربعة إلا ابن ماجه) وقال الشوكاني لا مطعن في إسناده 491 عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر " الحديث " (تخريجه) (ق. فع. وغيرهم) وللبخاري " ولا يفعل ذلك حين يسجدو ولا حين يرفع رأسه من السجود " ولمسلم " ولا يفعله حين يرفع رأسه من السجود " وله أيضاً " ولا يرفعهما بين السجدتين " وأخرجه (هق) بزيادة " فما زالت تلك صلاته حتى لقى الله تعالى " قال ابن المديني هذا الحديث عندي حجة على الخلق كل من سمعه فعليه أن يعمل به لأنه ليس في إسناده شيء وقد صنف البخاري في هذه المسألة جزءاً مفرداً وحكى فيه عن الحسن وحميد بن هلال أن الصحابة كانوا يفعلون ذلك يعني الرفع في الثلاثة المواطن ولم يستثن الحسن أحداً وقال ابن عبد البر كل من روى عنه ترك الرفع في الركوع والرفع منه روى عنه فعله إلا ابن مسعود

-[صفة رفع اليدين وبيان غاية الرفع]- (492) وعنهُ أيضًا قال إنَّ رفعكم أيديكُم بدعه، (1) مازاد رسُول الله صلى الله عليه سلم على هذا يعنى إلى الصَّدر (493) عن مالك بن الحُويرث رضى الله عنهُ أنَّهُ رآى رسُول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه إذا أراد أن يركع، وإذا رفع رأسه من الرُّكُوع، وإذا رفع رأسهُ من السُّجُود حتَّى يحُاذى بهما فُروع (2) أذُونيه (494) عن ميمُون المكِّىِّ أنَّهُ رآى ابن الزبير عبد الله (رضى الله عنهُ) وصلَّى بهم يشُيرُ بكفيه حين يقوم (3) وحين يركعُ وحين يسجد (4) وحين ينهض للقيام (5) فيقُومُ فيُشبرُ بيديه، قال فانطلقتُ إلى

_ 492 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن حماد بن بشر بن حرب سمعت ابن عمر يقول أن رفعكم الخ (غريبه) (1) يعني لم يفعله النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر والله أعلم أنه يريد بذلك رفعهم أيديهم زيادة عن الصدر في غير تكبيرة الإحرام أما هي فيجوز رفع اليدين عندها حتى يكونا حذو منكبيه أخذا من حديثه وفي غيره دون ذلك (وهذا) رأى ابن عمر رضي الله عنهما وقد صحت الأحاديث برفع اليدين حتى يحاذى بهما أذنيه كما صحت بمحاذاة المنكبين أيضاً وعنده أبي داود من رواية عاصم بن كليب عن أبيه عن وائل بن حجر أنه جمع بينهما فقال حتى يحاذي بظهر كفيه المنكبين وبأطراف أنامله الأذنين وعلى هذا فلا تعارض والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد 493 عن مالك بن الحويرث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن نصر بن عاصم عن مالك بن الحويرث " الحديث " (غريبه) (2) أي أعالي أذنيه وهو غاية للرفع (تخريجه) (ق. د. وغيرهم) بدون قوله وإذا رفع رأسه من السجود فتحمل الزيادة على الرفع من السجود للركعة الثالثة 494 عن ميمون المكي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن أبي هبيرة عن ميمون المكي الخ (غريبه) (3) أي يرفع يديه وقت قيامه وافتتاحه الصلاة أخذاً مما تقدم لأحال الشروع في القيام لأحال الشروع في القيام (4) أي حين الرفع من السجدة الأولى كما في أخرى عند أبي داود (5) أي من السجدة الثانية

-[بيان ضعف حديث رفع اليدين عند الرفع من السجدتين]- ابن عبَّاس فقُلت لهُ إنِّى قد رأيتُ ابن الزُبير صلَّى صلاًة لم أر أحدًا يُصليَّها فوصف لهُ هذه الاشارة (1) فقال إن أحببت أن تنظر إلى صلاة رسُول الله صلى الله عليه وسلم فاقتد بصلاة ابن الزُبير فصل منفى حجة من لم يد الرفع الا عند تكبيرة الاحرام (495) عن علقمة قال قال ابن مسعُود رضى الله عنه ألا أصلّى لكم صلاة رسول الله صلى الله عليه قال فصلَّى فلم يرفع يديه ألا مرة (2)

_ (1) يعني رفع ابن الزبير يديه في هذه المواضع فقال ابن عباس أن أحببت أن تنظر الخ الحديث (تخريجه) (د) وفي إسناده ابن لهيعة وفيه مقال وفيه أيضاً ميمون المكي وهو مجهول وتقدم في الأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يرفع يديه في هذين الموضعين قال بعض العلماء وعلى تقدير صحة حديث الباب فلا يعارض ما تقدم أيضاً لاحتمال أن يراد بقوله حين يسجد أي يرفع رأسه من الركوع ليهوى للسجود ويراد بقوله وحين ينهض للقيام أي من التشهد الأول إلى الركعة الثالثة (قلت) وفيه نظر لأنه لو كان كما قال لما أنكره ميمون المكي بقوله أني قد رأيت ابن الزبير صلى صلاة لم أر أحداً يصليها ولأنه يخالف صريح وراية أبي داود بلفظ " فكان إذا سجد السجدة إلا ولى فرفع رأسه منها رفع يديه تلقاء وجهه " فالأولى أن يقال إن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة والله أعلم 495 عن علقمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن بن الأسود عن علقمة قال قال ابن مسعود الخ (غريبه) (3) أي لم يرفع عبد اله بن مسعود يديه في الصلاة إلا مرة واحدة عند افتتاح الصلاة وبه استدل من قال بعدم رفع اليدين عند الركوع الرفع منه لكنه لا يصلح للاستدلال به لأنه ضعفه الإمام أحمد ويحيى بن آدم وقال ابن مبارك لم يثبت عندي وقال ابن أبي حاتم عن أبيه حديث خطأ (تخريجه) (د. نس. مذ) وقد اختلف الحفاظ في هذا الحديث فحسنه الترمذي وصححه بان حزم وابن القطان وضعفه الإمام أحمد وشيخه يحيى بن آدم والبخاري وأبو داود وأبو حاتم ورواه أيضاً (هق. قط وابن عدي) من طريق محمد بن جابر عن حماد عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود بلفظ (صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر فلم يرفعوا أيديهم إلا عند الاستفتاح) وأورده ابن الجوزي في الموضوعات من هذا الطريق وقال الإمام أحمد محمد بن جابر لا شيء ولا يحدث عنه إلا

-[حجة من قال بعدم الرفع الا عند تكبيرة الاحرام وبيان ضعفها]- (496) عن البراء بن عازب رضى الله عنه قال كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم أفتتح الصلَّاة رفع يديه حتى تكون إبهاماه حذاء أُذنيه (1)

_ من هو شر منه اهـ أما حديث الباب فسنده جيد ولكن صحة السند لا تستلزم صحة المتن فالظاهر والله أعلم أن ابن مسعود قد نسيه كما نسي أموراً كثيرة قال الحافظ الزيلعى في نصب الراية نقلاً عن صاحب التنقيح ليس في نسيان ابن مسعود لذلك ما يستغرب قد نسي ابن مسعود لذلك ما يستغرب قد نسي ابن مسعود من القرآن ما لم يختلف المسلمون فيه بعد وهي المعوذتان ونسي ما اتفق العلماء فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم النحر في وقتها ونسي كيفية جمع النبي صلى الله عليه وسلم بعرفة ونسي ما لم يختلف العلماء فيه من وضع المرفق والساعد على الأرض في السجود ونسي كيف كان يقرأ النبي صلى الله عليه وسلم " وما خلق الذكر والأنثى " وإذا جاز على ابن مسعود أن ينسى مثل هذا في الصلاة كيف لا يجوز مثله في رفع اليدين اهـ 496 عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسباط ثنا يزيد ابن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب " الحديث " (غريبه) (1) زاد أبو داود (ثم لا يعود) ولفظه " كان إذا افتتح الصلاة رفع يديه على قريب من أذنيه ثم لا يعود " وقد استدل به القائلون بعدم رفع اليدين عند الركوع والرفع منه ولا دلالة فيه بغير الزيادة وهي قوله " ثم لا يعود " وقد اتفق الحفاظ على أن قوله " ثم لا يعود " مدرج في الخبر من قول يزيد بن أبي زياد وقد رواه بدون قوله " ثم لا يعود " شعبة والنوري وخالد الطحان وزهير وغيرهم من الحفاظ (وقال الحميدي) روى هذه الزيادة يزيد ويزيد يزيد اهـ (وقال البزار) قوله في الحديث ثم لا يعود لا يصح (وروى الدارقطني) هذا الحديث بدون هذه الزيادة عن زيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء " أنه رأي النبي صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الصلاة كبر ورفع يديه قال وهذا هو الصواب وإنما لقن يزيد في آخر عمره " ثم لم يعد " فتلقنه وكان قد اختلط اهـ باختصار على أنه قد أنكر هذه الزيادة يزيد نفسه فقد روى الدارقطني من طريق على بن عاصم قال حدثنا محمد بن أبي ليلى عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قام إلى الصلاة فكبر ورفع يديه حتى ساوى بهما أذنيه ثم لم يعد قال على فلما قدمت الكوفة قيل لي إن يزيد حي فأتيته فحدثني بهذا الحديث وقال إلى الصلاة فكبر ورفع يديه حتى ساوى بهما أذنيه

-[مذاهب العلماء في حكم رفع اليدين عند تكبيرة الاحرام ها]- ....

_ فقلت له أخبرني ابن أبي ليلى إنك قلت ثم لم يعد قال لا أحفظ هذا فعاودته فقال ما أحفظه (تخريجه) (د. قط. والطحاوي) في شرح معاني الآثار والبيهقي وقال يزيد بن أبي زياد غير قوي وضعفه البخاري والإمام أحمد والإمام الشافعي وابن عيينة وابن الزبير والدارمي وغيرهم من الأئمة (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام والركوع والرفع منه (قال النووي رحمه الله) أجمعت الأمة على استحباب رفع اليدين عند تكبيرة الإحرام واختلفوا فيما سواها (وقال الشافعي وأحمد) وجمهر العلماء من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم يستحب رفعهما أيضاً عند الركوع وعند الرفع منه وهو رواية عن مالك (وللشافعي) قول أنه يستحب رفعهما في موضع آخر رباع وهو إذا قام من التشهد الأول وهذا القول هو الصواب فقد صح فيه حديث ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يفعله رواه البخاري وصح أيضاً من حديث أبي حميد الساعدي رواه أبو داود والترمذي بأسانيد صحيحة (قلت) (ورواه الأمام أحمد أيضاً وتقدم في باب جامع صفة الصلاة فارجع إليه) قال وقال أبو بكر ابن المنذر وأبو علي الطبري من أصحابنا وبعض أهل الحديث يستحب أيضاً في السجود (وقال أبو حنيفة وأصحابه) وجماعة من أهل الكوفة لا يستحب في غير تكبيرة الإحرام وهو أشهر الروايات عن مالك اهـ (قلت) قال بان عبد الحكم لم يرو أحد عن مالك ترك الرفع في هذه المواضع إلا ابن القاسم والذي نأخذ به الرفع على حديث ابن عمر وهو الذي رواه ابن وهب وغيره ولم يحك الترمذي عن مالك غيره ونقل الخطابي وتبعه القرطبي في المفهم أنه آخر قول مالك اهـ واحتج القائلون بعدم الرفع إلا عند تكبيرة الإحرام بحديثي ابن مسعود والبراء بن عازب وقد علمت ما فيهما قال النووي رحمه الله وأجمعوا على أنه لا يجب شيء من الرفع وحكى عن داود إيجابه عند تكبيرة الإحرام وبهذا قال الإمام أبو الحسن أحمد بن سيار السيارى من أصحابنا أصحاب الوجوه وقد حكيته عنه في شرح المهذب وفي تهذيب اللغات قال (وأما صفة الرفع) فالمشهور من مذهبنا ومذهب الجماهير أنه يرفع يديه حذو منكبيه بحيث تحاذى أطراف أصابعه فروع أذنيه أي أعلى أذنيه وابهاماه شحمتي أذنيه وراحتاه منكبيه فهذا معنى قولهم حذو منكبيه وبهذا جمع الشافعي رضي الله عنه بين روايات الأحاديث فاستحسن الناس ذلك منه (وأما وقت الرفع) فالأصح أنه يبتدى الرفع مع ابتداء التكبير ولا استحباب في الانتهاء فإن فرغ من التكبير قبل تمام الرفع أو بالعكس تمم الباقي وإن فرغ منهما حط يديه ولم يستدم الرفع ويستحب أن يكون كفاه إلى القبلة عند الرفع وأن يكشفهما وأن يفرق بين أصابعهما تفريقاً وسطاً ولو ترك الرفع حتى أتى ببعض التكبير رفعهما في الباقي فلو تركه حتى أتمه لم يرفعهما بعده ولا

-[اختلاف العلماء فى الحكمة فى رفع اليدين]- (9) باب ما جاء فى وضع اليمين على الشمال (497) ز عن علّى رضى الله عنهُ قال إن من السُّنة فى الصّلاة وضع الأكُف على الأكُف تحت السرَّة (498) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهُما قال مرَّ رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم برجُل وهُو يُصلَّي وقد وضع اليُسرى على اليمنى فانتزعها ووضع اليُمني على اليُسرى

_ يقصر التكبير بحيث لا يفهم ولا يبالغ في مده بالتمطيط بل يأتي مبيناً وهل يمده أو يخففه؟ فيه وجهان أصحهما يخففه وإذا وضع يديه حطهما تحت صدره فوق سرته هذا مذهب الشافعي والأكثرين وقال (أبو حنيفة) وبعض أصحاب الشافعي تحت سرته وإلا صح أنه إذا أرسلهما أرسلهما إرسالاً خفيفاً إلى تحت صدره والله أعلم قال (واختلفت عبارات العلماء في الحكمة في رفع اليدين) فقال الشافعي رضي الله عنه فعلته إعظاماً لله تعالى وإتباعاً لرسول صلى الله عليه وسلم (وقال غيره) هو استكانة واستسلام وانقياد وكان الأمير إذا غلب مد يديه علامة للاستسلام (وقيل) هو إشارة إلى إستعظام ما دخل فيه (وقيل) إشارة إلى طرح أمور الدنيا والإقبال بكليته على الصلاة ومناجاة ربه سبحانه وتعالى كما تضمن ذلك قوله الله أكبر فيطابق فعله قوله (وقيل) إشارة إلى دخوله في الصلاة وهذا الأخير مختص بالرفع لتكبير الإحرام (وقيل) غير ذلك وفي أكثرها نظر والله أعلم اهـ م 497 ز عن على (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا محمد بن سليمان الأسدي لوين ثنا يحيى بن أبي جحيفة عن على " الحديث " (تخريجه) (د. هق) وفي إسناده عبد الرحمن إبن إسحاق قال البيهقي هو الواسطى القرشي جرحه أحمد بن حنبل ويحيى بن معين والبخاري وغيرهم ورواه أيضاً عن عبد الرحمن عن يسار عن أبي وائل عن ابي هريرة كذلك وعبد الرحمن بن اسحاق متروك اهـ 498 عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن الحسن الواسطى يعني المزني ثنا أبو يوسف الحجاج يعني ابن أبي زينب الصيقل عن أبي سفيان عن جابر الخ (تخريجه) (قط) وقال النووي في الخلاصة إسناده صحيح على

-[ثبوت وضع اليد اليمنى على اليسرى فى الصلاة]- (499) عن قبيصة بن هلب عن أبيه (1) رضى الله عنهُ قال كان رسُول الله صلى الله عليه وسلم يؤمُنا فيأخُذُ شمالهُ يمينه (2)، وكان ينصرف عن جانبيه جميعًا عن يمينه وعن شماله (3) (وعنه من طريق ثانٍ) (4) قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم واضعًا يمينهُ على شماله فى الصلاة ورأيتُهُ ينصرفُ عن يمينهُ وعن شماله (وفي لفظٍ) ورأيتهُ ينصرف مرة عن يمينه ومرة عن شماله (500) عن أبى حازم عن سهل بن سعد رضى الله عنهُما قال كان النَّاس يؤمرون (5) أنَّ يضعوا اليمنى على اليسرى فى الصلاة قال أبو حازم

_ شرط مسلم كذا في التعليق المعنى على سنن الدارقطني 499 عن قبيصة بن هلب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان ابن أبي شيبة ثنا أبو الأحوس عن سماك عن قبيصة بن علب عن أبيه " الحديث " (غريبه) (1) اسمه هلب بضم أوله وسكون اللام ثم موحدة الطائي صحابي نزل الكوفة وقيل اسمه يزيد وهلب لقب قاله الحافظ في التقريب وقال التزمذي اسم هلب يزيد بن قنافة الطائي اهـ (2) وفي رواية عند الإمام أحمد أيضاً (ورأيته قال يضع هذه على صدره وصف يحيى اليمني على اليسرى فوق للفصل) (3) أي تارة عن يمينه وتارة عن شماله كما في الرواية الثانية والمراد بالانصراف تحوله من مكانه بعد السلام وسيأتي الكلام على ذلك في بابه إن شاء الله تعالى (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر بن أبي شيبة ثنا وكيع عن سفيان عن سماك بن حرب عن قصيبة بن الهلب عن أبيه قال رأيت الخ (تخريجه) (جه. قط. مذ) وقال حديث هلب حديث حسن والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين ومن بعدهم يرون أن يضع الرجل يمينه على شماله في الصلاة ورأى بعضهم أن بعضها فوق السرة ورأي بعضهم أن يضعها تحت السرة وكل ذلك واسع عندهم اهـ 500 عن أبي حازم عن سهل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد الخ (غريبه) (5) قال

-[مذاهب الأئمة في حكم وضع اليد اليمنى على اليسرى]- ولا أعلم إلا ينمي (1) ذلك، قال أبو عبد الرَّحمن ينمي برفعُه إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلَّم (501) عن غضيف بن الحارث قال ما نسيتُ من الأشياء (1) ما نسيتُ (وفى رواية لم أنس) أنَّى رأيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم واضعًا يمينهُ على شماله في الصَّلاة

_ الحافظ هذا حكمه الرفع لأنه محمول على أن الآمر بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم قال البيهقي لا خلاف في ذلك بين أهل النقل (1) هو بفتح أوله وسكون النون وكسر الميم (وقوله) قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الإمام أحمد) (وقوله يرفعه) تفسير لقوله ينمى فسره بذلك عبد الله بن الإمام أحمد رحمها الله قال أهل اللغة نميت الحديث أي رفعته وأسندته (وفي رواية) يرفع مكان ينمى (تخريجه) (خ وغيره) قال النووي هذا حديث صحيح مرفوع 501 عن غضيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن خالد ثنا معاوية بن صالح عن يونس بن سيف عن غضيف بن الحارث الخ (غريبه) (1) المعنى ما نسيت من الأشياء شيئاً رأيته أو سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات (وفي الباب) عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يصلي فوضع يده اليسرى على اليمنى فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه (وفي الباب) غير ذلك تقدم في باب جامع صفة الصلاة (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية وضع اليد اليمنى على ظهر اليسرى في الصلاة كما صرح بذلك في رواية عند الطبراني وإليه ذهب الجمهور (قال الشوكاني رحمه الله) وروى ابن المنذر عن ابن الزبير والحسن البصري والنخعى أنه يرسلهما ولا يضع اليمنى على اليسرى ونقله النووي عن الليث بن سعد ونقله المهدي في البحر عن القاسمية والناصرية والباقر ونقله ابن القاسم عن مالك وخالفه ابن الحكم فنقل عن مالك الوضع والرواية الأولى عنه هي رواية جمهور أصحابه وهي المشهورة عندهم ونقل ابن سيد الناس عن الأوزاعي التخيير بين الوضع والإرسال احتج الجمهور على مشروعية الوضع بأحاديث الباب وأشار الشوكاني إلى عشرين حديثاً وردت في هذا الباب عن ثمانية عشر صحابياً وتابعيين وحكى الحافظ عن ابن عبد البر أنه قال لم يأت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه خلاف (واحتج القائلون بالإرسال) بأن الوضع مناف للخشوع وهو مأمور به في الصلاة وهذه المنافاة ممنوعة قال الحافظ قال

-[إختلاف العلماء فى مكان وضع اليد اليمنى على اليسرى]- (10) باب السكتات بعد تكبيرة الاحرام وقبل القراءة بعد قوله ولا الضالين وبعد السورة قبل الركوع (502) حدثنا عبدُ الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا حمَّاد بنُ سلمة عن حُميد الطَّويل عن الحسن عن سمرة بن جُندُب رضى الله عنهُ قال أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم كانت له سكتتان، سكتة حين يفتح الصلاَّة (1)، وسكتة إذا فرغ من السورة الثانية قبل أن يركع (2)، فذكر ذلك لعمران بن حُصينٍ

_ العلماء الحكمة في هذه الهيئة أنها صفة السائل الذليل وهو أمنع للعبث وأقرب للخشوع ومن اللطائف قول بعضهم القلب موضع النية والعادة أن من حرص على حفظ شيء جعل يديه عليه اهـ قال المهدي في البحر ولا معنى لقول أصحابنا ينافي الخشوع والسكون أفاده الشوكاني (قلت) واحتجوا أيضاً بحجج لا تنتهض مع حجج الجمهور (أما كيفية الوضع) فقد ذهب أبو حنيفة وسفيان النووي وإسحاق بن راهويه وأبو إسحاق المروزي من أصحاب الشافعي إلى أنه يكون تحت السرة محتجبين بحديث على الذي ذكر أول الباب (وذهبت الشافعية) قال النووي وبه قال الجمهور إلى أن الوضع يكون تحت صدره فوق سرته وعن أحمد روايتان كالمذهبين ورواية ثالثة أنه يخير بينهما ولا ترجيح (وبالتخيير) قال الأوزاعي وابن المنذر قال ابن المنذر في بعض تصانيفه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك شيء فهو مخير وعن مالك روايتان إحداهما يضعها تحت صدره (والثانية) يرسلهما ولا يضع إحداهما على الأخرى واحتجت الشافعية لما ذهبت إليه بما أخرجه ابن خزيمة في صحيحه وصححه من حديث وائل بن حجر قال (صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضع يده اليمنى على اليسرى على صدره " (قال الشوكاني) وحديث وائل لا يد على ما ذهبوا إليه لأنهم قالوا إن الوضع يكون تحت الصدر كما تقدم والحديث مصرح بأن الوضع على الصدر قال وهو المناسب لتفسير على وابن عباس لقوله تعالى " فصل لربك وانحر " بأن النحر وضع اليمين على الشمال في محل النحر والصدر اهـ (قلت) ونسبة هذا التفسير إلى علي وابن عباس لا تصح كما قال ابن كثير والصحيح نحر البدن 502 حدثنا عبد الله غريبه (1) الغرض من هذه السكتة ليفرغ المأمومون من النية وتكبيرة الإحرام لأنه لو قرأ الإمام عقب التكبير لفات من كان مشتغلاً بالتكبير والنية بعض سماع القراءة وهذه ليست سكتة حقيقة بل المراد عدم الجهر بشيء من القراءة لأنه يكون مشتغلاً بالدعاء حينئذ كما تؤيده رواية أبي هريرة الآتية (2) رواية ابن

-[عدد سكتات المصلي في الصلاة]- رضي اللهُ عنهُ فقال كذب سُمرةُ (1) (وفى رواية فقال أنا ما أحفظُها عن رسُول الله صلى الله عليه وسلم) فكتب (2) فى ذلك إلى المدينة إلى أبي بن كعب فقال صدق سُمرةُ (ومن طريق ثانٍ) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هُشيم أنا منصُور ويونس عن الحسن عن سمرة بن جُندُب (رضى الله عنهُ) أنَّهُ كان إذا صلَّى بهم سكت سكتتين إذا فتتح الصَّلاة، وإذا قال ولا الضالَّين سكت أيضًا هُنية (3)، فانكروا ذلك عليه، فكتب إلى أبىِّ ابن كعب فكتب إليهم أبى إنَّ الأمر كما صنع سمُرةُ (ومن طريق ثالثٍ) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفَّانُ ثنا يزيد بن وُريع عن يونس قال وإذا فرغ من قراءة السورة (4)

_ ماجه " وسكتة عند الركوع " وهي أخف من الأولى لأنه بقدر فصل القراءة عن تكبير الركوع وتراد النفس (1) يريد أنه نسي أو اختلط عليه الأمر لا تعمد الكذب وإنما قال ذلك عمران لأنه لم يبلغه إلا سكتة واحدة ولذا قال (حفظنا سكتة واحدة) كما في رواية الترمذي (2) أي عمران ويحتمل أني كون سمرة هو الذي كتب وفي رواية عند أبي داود " فكتبنا في ذلك إلى أبي بن كعب " وهي تفيد أن الكتابة حصلت منهما وغرضهما بذلك الوصول إلى الحق والاستظهار بما سمعه أبي في ذلك فأقرأ بن سمرة ووافقة على ما حفظه فما أجمل هذا (3) أي زمناً يسيراً وتقدم تفسيره وظاهر هذه الرواية ينافي ما تقدم عن سمرة نفسه من أن السكتة الثانية تكون إذا فرغ من السورة الثانية قبل أن يركع ويمكن الجمع بينهما بأنه صلى الله عليه وسلم كان يسكت في الصلاة ثلاث سكتات سكتة بعد تكبيرة الإحرام وسكتة بعد قراءة الفاتحة وسكتة بعد الفراغ من قراءة السورة وقبل الركوع وسمرة اخبر مرة ببعضهما ومرة ببعضها الآخر ويؤيده ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه قال حدثنا حفص عن عمرو عن الحسن قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سكتات إذا افتتح التكبير حتى يقرأ الحمد وإذا فرغ من الحمد حتى يقرأ السورة وإذا فرغ من السورة حتى يركع (4) يعني أن يونس زاد في روايته عن الطريق الثانية سكتة ثالثة هي عند فراغه من قراءة السورة بعد الفاتحة (د. قط. جه. مذ) وقال حديث سمرة حديث حسن

-[ما يقول في السكتة الأولى]- (503) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كبَّر فى الصَّلاة سكت بين التَّكبير والقراءة، فقلت بأبى أنت وأمِّى (1) أرأيت إسكاتك بين التَّكبير والقراءة أخبرنى ما هو؟ قال أقول اللَّهمَّ باعد (2) بينى وبين خطاياى كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللَّهمَّ نقِّني (3) من خطاياى كالثَّوب الأبيض من الدَّنس، قال جرير كما ينقَّى الثَّوب، اللَّهمَّ اغسلنى من خطاياى بالثَّلج والماء والبرد (4)

_ 503 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل ثنا عمارة وجرير عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة " الحديث " وفي آخره بعد قوله والبرد (قال عبد الله بن الإمام أحمد) قال أبي كلها عن أبي زرعة إلا هذا عن أبي صالح (غريبه) (1) هو متعلق بمحذوف أما اسم أو فعل والتقدير أنت مفدى أو أفديك (وقوله) أرأيت الظاهر أنه بفتح التاء بمعنى أخبرني (2) قال الحافظ المراد بالمباعدة نحو ما حصل منها يعني الخطايا والعصمة عما سيأتي منها اهـ (3) بتشديد القاف وهو مجاز عن زوال الذنوب ومحوها بالكلية (قال الحافظ) ولما كان الدنس في الثوب الأبيض أظهر من غيره من الألوان وقع التشبيه به " والدنس " الوسخ الذي يدنس الثوب (4) جمع بين الثلج والماء والبرد تأكيداً ومبالغة كما قال الخطابي لأن الثلج والبرد نوعان من الماء قال ابن دقيق العيد عبر بذلك عن غاية المحو فإن الثوب الذي يتكرر عليه ثلاثة أشياء منقية يكون في غاية النقاء قال ويحتمل أن يكون المراد أن كل واحد من هذه الأشياء مجاز عن صفة يقع به المحو (تخريجه) (ق. والأربعة إلا الترمذي) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية السكتات الثلاث السكتة الأولى بعد الإحرام لقراءة دعاء الافتتاح ويشترك في هذه السكتة الإمام والمأموم والفذ والتقييد بالإمام في بعض الروايات لا مفهوم له (والثانية) للإمام بعد الفراغ من الفاتحة وقبل السورة قالت الحنابلة والشافعية ليقرأ المأمون فيها الفاتحة قال النووي ويختار الذكر والدعاء والقراءة سراً لأن الصلاة ليس فيها سكوت في حق الإمام (والثالثة) إذا فرغ من القراءة كلها قبل الركوع وقد ذه إلى استحباب هذه السكتات الثلاث الأوزاعي والشافعي وأحمد وإسحق وقال أصحاب الرأي ومالك السكتة مكروهة وهذه الثلاث السكتات قد دل عليها حديث سمرة باعتبار الروايتين المذكورتين وفي رواية في سنن أبي داود بلفظ إذا دخل في صلاته وإذا

-[كتاب الصلاة - الفتح الرباني]- (11) باب في دعاء الافتتاح والتعوذ قبل القراءة (504) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من اللَّيل واستفتح صلاته وكبَّر قال سبحانك (1) اللَّهمَّ وبحمدك تبارك اسمك (2) وتعالى جدُّك (3) ولا إله غيرك، ثمَّ يقول لا إله إلاَّ الله ثلاثًا (4) ثمَّ يقول أعوذ بالله السَّميع العليم من الشَّيطان الرَّجيم من همزه ونفخه (5) ثمَّ يقول الله أكبر ثلاثًا ثمَّ يقول أعوذ بالله السَّميع العليم من

_ فرغ من القراءة ثم بعد وإذا قال غير المغضوب عليهم ولا الضالين " واستحب أصحاب الشافعي سكتة رابعة بين ولا الضالين وبين آمين قالوا ليعلم المأموم أن لفظة آمين ليست من القرآن 504 عن أبي سعيد الخدري حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن الحسن بن أنس ثنا جعفر يعني ابن سليمان عن على بن علي الشكري عن أبي المتوكل الناجي عن أبي سعيد الخدري " الحديث " (غريبه) (1) قال ابن الملك سبحان اسم أقيم مقام المصدر وهو التسبيح منصوب بفعل مضمر تقديره أسبحك تسبيحاً أي انزهك تنزيهاً من كل السوء والنقائض وقيل تقديره أسبحك تسبيحاً متلبساً ومقترناً بحمد الله فالباء للملابسة والواو زائدة وقيل الواو بمعنى مع أي أسبحك مع التلبس بحمدك وحاصله نفي الصفات السلبية وإثبات النعوت الثبوتية (2) أي كثرت بركة أسمك إذ وجد كل خير من ذكر اسمك وقيل تعاظم ذاتك أو هو على حقيقته لأن التعاظم إذا ثبت لاسمائه تعالى فأولى لذاته ونظيره قوله تعالى (سبح اسم ربك الأعلى) (3) أي علا جلالك وعظمتك " والجد " الحظ والسعادة والغنى وقال الحافظ أي تعالى عناك عن أن ينقصه انفاق أو يحتاج إلى معين ونصير (4) رواية الترمذي (ثم يقول الله أكبر كبيرا) (5) زاد الترمذي ونفثه وبها انتهى الحديث عنده (وقوله أعوذ بالله) هذه الزيادة المكررة إلى قوله ونفثه ثابتة في المسند ولم أجدها مكررة عند غيره فلا أدري إذا كانت من أصل الحديث أم كررت خطأ من الناسخ وقد جاء معنى الهمز والنفخ والنفث مفسراً في حديث جبير بن مطعم الآتي بعد حديث أبي أمامة قال (قلت يا رسول الله ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال أما همزه فالموتة " بضم الميم " التي تأخذ ابن آدم وفي رواية يعني الصرع وأما نفخه الكبر ونفثه الشعر) وأصل النفث قذف النفس مع شيء من الريق وهو شبيه بالنفخ وأقل من التفل وكان الشعر من نفث الشيطان لأنه

-[دعاء الافتتاح]- الشَّيطان الرَّجيم من همزه ونفخه ونفثه (505) عن أبى أمامة الباهلىِّ رضى الله عنه قال كان نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصَّلاة (وفى رواية إذا دخل فى الصَّلاة من اللَّيل) كبَّر ثلاث مرَّاتٍ، ثمَّ قال لا إله إلاَّ الله ثلاث مرَّاتٍ، وسبحان الله وبحمده ثلاث مرَّاتٍ، ثمَّ قال أعوذ بالله من الشَّيطان الرَّجيم من همزه ونفخه ونفثه (506) عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبيه قال سمعت النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم يقول فى التَّطوع الله أكبر (1) كبيرًا ثلاث مرارٍ، والحمد لله كثيرًا

_ كالشيء ينفثه الإنسان من فيه وذلك لأن الشيطان يحس الشعراء على المدح والذم والتعظيم والتحقير في غير موضعها (وفر النفخ بالكبر) وكان الكبر من نفخ الشيطان لأنه ينفخ في الشخص بالوسوسة فيعتقد عظم نفسه وحقارة غيره (وفسر الهمز بالموتة) وهي نوع من الجنون والصرع يعتري الإنسان فإذا أفاق عاد إليه عقله واصل الهمز النخس والغمز والغيبة والوقيعة في الناس وذكر عيوبهم وسمي به الجنون لأنه سببه فهو إطلاق اسم المسبب على السبب (تخريجه) (مذ. هق) قال الترمذي وفي الباب عن على وعبد الله بن مسعود وعائشة وجابر وجبير بن مطعم وابن عمر قال وحديث أبي سعيد أشهر حديث في هذا الباب وقد أخذ قوم من أهل العلم بهذا الحديث وأما أكثر أهل العلم فقالوا إنما يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) وهكذا روى عن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم من التابعين وغيرهم وقد تكلم في إسناد حديث أبي سعيد كان يحيى بن سعيد يتكلم في علي بن علي وقال أحمد لا يصح هذا الحديث اهـ 505 عن ابن أمامة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن يوسف ثنا شريك عن يعلى بن عطاء عن رجل حدثه أنه سمع أبا أمامة الباهلي الخ (تخريجه) لم أقف عليه وفي سنده رجل لم يسم 506 عن نافع بن جبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا يحيى بن سعيد عن مسعر قال حدثني عمرو بن مرة عن رجل عن نافع بن جبير بن مطعم الخ (غريبه) (1) أي أعظم من أن تدرك حقيقته أو تعرف عظمته (وقوله) كبيراً

-[التعوذ قبل القراءة]- ثلاث مرارٍ وسبحان الله بكرةً وأصيلًا (1) ثلاث مرارٍ اللَّهمَّ إنى أعوذ بك من الشَّيطان الرَّجيم من همزه ونفثه ونفخه، قلت يا رسول الله ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال أمَّا همزه فالموتة الَّتى تأخذ بن آدم (وفى روايةٍ قال فذكر كهيئة الموتة يعنى يصرع) وأمَّا نفخه الكبر ونفثه الشَّمر (507) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال بينا نحن نصلِّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال رجلٌ في القوم الله أكبر كبيرًا، والحمد لله كثيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من القائل كذا وكذا؟ فقال رجلٌ من القوم أنا يا رسول الله، قال عجبت لها، فتحت لها أبواب السَّماء، قال ابن عمر فما تركتهنَّ منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك (508) عن عبد الله بن عمرو (بن العاص رضى الله عنهما) أنَّ رجلًا قال ذات يومٍ ودخل الصَّلاة الحمد لله ملء السموات وسبَّح ودعا،

_ منصوب بفعل محذوف أي أكبر كبيراً أو على أنه صفة لمحذوف أي تكبيراً كبيراً أو حال مؤكدة للجملة التكرير للتأكيد (1) أي أول النهار وآخره وخص هذين الوقتين بالذكر لاجتماع ملائكة الليل والنهار فيهما أو لتنزيه الله عز وجل عن التغير في أوقات تغير المخلوقات وقال الطيبي الأظهر أن يراد بهما الدوام كما في قوله تعالى (ولهم رزقهم فيها بكرة وعشياً) (تخريجه) (م. د. جه. حب) والحديث عند الإمام أحمد في إسناده رجل لم يسم وقد سماه أبو داود فقال عن عمرو بن مرة عن عاصم العنزي عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه وقد ورد من طرق متعددة يقوى بعضها بعضاً ولذا سكت عنه أبو داود والمنذري ورواه ابن حبان في صحيحه 507 عن أبي عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا الحجاج بن إبن عثمان عن أبي الزبير عن عون بن عبد الله بن عتبة عن ابن عمر (الحديث) (تخريجه) (م. طب) 508 عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حماد عن عطاء عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما

-[فضل التهليل والتكبير والتسبيح]- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قائلهنَّ؟ فقال الرَّجل أنا، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لقد رأيت الملائكة تلقَّي به بعضهم بعضًا (1) (509) عن عبد الله بن أبى أوفى رضى الله عنه قال جاء رجل ونحن في الصَّفِّ خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الله أكبر كبيرًا، وسبحان الله بكرةً وأصيلًا، قال فرفع المسلمون رؤسهم واستنكروا الرَّجل وقالوا من الَّذى يرفع صوته فوق صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فامَّا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من هذا العالى الصَّوت؟ فقيل هو ذا يا رسول الله، فقال والله لقد رأيت كلامك يصعد في السَّماء حتَّى فتح بابٌ فدخل فيه (510) عن عبد الجبَّار بن وائل عن أبيه (وائل بن حجرٍ رضى الله عنه) قال صلَّيت مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال رجلٌ الحمد لله كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، فلمَّا صلَّي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من القائل؟ قال الرَّجل أنا

_ الخ (غريبه) (1) أي يستبقون برفعها إلى محل العرض والقبول لعظم قدرها وكثرة ثوابها فيلاقي بعضهم بعضاً أثناء المسابقة ويؤيد ذلك ما في رواية أنس عند مسلم وأبي داود (فقال لقد رأيت اثنى عشر ملكاً يبتدرونها أيهم يرفعها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار وفيه عطاء بن السائب وهو ثقة اختلط ولكنه من رواية حماد بن سلمة عن عطاء وحماد سمع منه قبل الاختلاط قاله أبو داود اهـ 509 عن عبد الله بن أبي أوفى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن عبد الملك ثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط ثنا إياد عن عبد الله بن سيعد عن عبد الله بن أبي أوفى " الحديث " وفي آخره قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الإمام أحمد) حدثناه جعفر ابن حميد الكوفي ثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط عن إياد عن عبد الله بن سعيد عن عبد الله ابن أبى أوفى مثله (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال ثقات 510 عن عبد الجبار بن وائل (سند هـ) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه " الحديث "

-[دعاء التوجه]- يا رسول الله وما أردت إلاَّ الخير، فقال لقد فتحت لها أبواب السَّماء فلم ينهِّها (1) دون الَّعرش (511) عن على بن أبى طالب رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبَّر استفتح (2) ثمَّ قال (وفى روايةٍ كان إذا استفتح الصَّلاة يكبِّر (3) ثمَّ يقول) وجَّهت وجهى (4) للَّذى فطر السَّموات والأرض

_ (غريبه) (1) أي ما منعها وكفها عن الوصول إلى العرش شيء (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد 511 عن علي بن أبي طالب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا عبد العزيز بن عبد الله الماجشون ثنا عبد الله بن الفضل والماجشون عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طال ب رضي الله عنه " الحديث " (تنبيه) ما ذكر في هذا الحديث بين قوسين هو ما زاد من رواية أخرى سندها هكذا حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا عبد العزيز يعني أبي عبد الله بن أبي سلمة عن عمه الماجشون بن ابي سلمة عن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استفتح الصلاة يكبر ثم يقول وجهت وجهي فذكر الحديث وفي آخره قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد رحمها الله) قال بلغنا عن ابن اسحق بن راهويه عن النضر بن شميل أنه قال في هذا الحديث والشر ليس إليك قال لا يتقرب بالشر إليك (غريبه) (2) أي استفتحها بالدعاء بعد التكبير (3) يعني إذا ابتدأ الصلاة يكبر ثم يقول (وجهت وجهي الخ) وبه يقول جمهور العلماء وخالف في ذلك الهادي والقاسم وأبو العباس ذلك ممنوع لورود التقييد في حديث أبي هريرة المتقدم (بلفظ كان رسول الله صلى الله عليه سلم إذا كبر في الصلاة سكت هنية قبل القراءة فقلت يا رسول الله يأبي أنت أمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول؟ قال أقول الله باعد بيني وبين خطاياي الخ) رواه الشيخان والإمام أحمد وغيرهم وقد ورد التقييد في غير حديث وحمل المطلق على المقيد واجب كما هو الحق في الأصول (4) قيل معناه قصدت بعبادتي وقيل أقبلت بوجهي وجمع المسوات وأفراد الأرض مع كونها سبعاً لشرفها وقال القاضي أبو الطيب لأنا لا ننتفع من الأرضي إلا بالطبقة الأولى بخلاف السماء فإن الشمس والقمر والكواكب موزعة عليها

-[بقية دعاء التوجه]- حنيفًا (1) مسلمًا وما أنا من المشركين، إنَّ صلاتى ونسكى (2) ومحياى ومماتى لله ربِّ العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، قال أبو النَّضر وأنا أوَّل المسلمين (3) الَّلهمَّ لا إله إلاَّ أنت (وفى روايةٍ اللَّهمَّ أنت الملك لا إله إلاَّ أنت) ربِّي وأنا عبدك ظلمت نفسى (4) واعترفت بذنبي فاغفرلى ذنوبى جميعًا لا يغفر الذُّنوب إلاَّ أنت واهدنى لأحسن الأخلاق لا يهدى لأحسنها إلاَّ أنت واصرف عنِّي سيِّئها لا يصرف عنِّى سيِّئها إلاَّ أنت تباركت (5) (وفي رواية لبَّيك (6) وسعديك والخير كلُّه فى يديك (7) والشَّرُّ ليس

_ وقوله " فطر " أي خلق (1) الحنيف المائل إلى الدين الحق وهو الإسلام قاله الأكثر ويطلق على المائل والمستقيم وهو عند العرب اسم لمن كان على ملة إبراهيم وانتصابه على الحال (2) النسك العبادة لله وهو من ذكر العام بعد الخاص (ومحياي ومماتي) أي حياتي وموتي والجمهور على فتح الياء الآخرة في محياي وقرئ بإسكانها (3) عند مسلم وأبي داود وأنا أول المسلمين كالرواية الأولى واختارها الشافعية ويقولها الرجل والمرأة سواء وفي المستدرك للحاكم من رواية عمران بن حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة " قومي فاشهدي اضحيتك وقولي أن صلاتي ونسكي محياي ومماتي إلى قوله وأنا من المسلمين " فدل على ما ذكرناه (4) هو اعتراف بما يوجب نقص حظ النفس من ملابسة المعاصي تأدباً وأراد بالنفس هنا الذات المشتملة على الروح (5) قال ابن الأنباري تبارك العباد بتوحيدك وقيل ثبت الخير عندك وقال النووي استحققت الثناء (6) هو من الب بالمكان إذا أقام به وثنى هذا المصدر مضافاً إلى الكاف وأصل لبيك لبين فحذف النون للإضافة وقال النووي قال العلماء ومعناه أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة (وقوله) وسعديك قال الأزهري وغيره معناه مساعدة لأمرك بعد مساعدة ومتابعة لدينك بعد متابعة (7) زاد الشافعي عن مسلم بن خالد عن موسى بن عقبة (والمهدي من هديت) قال الخطابي وغيره فيه الإرشاد إلى الأدب في الثناء على الله ومدحه بأن يضاف إليه محاسن الأمور دون مساويها على الأدب ولفظ اليدين في الحديث من المتشابه وللسلف والخلف فيه مذهبان مشهوران فالسلف يقولون فيه وفي أمثاله نؤمن بكل ما ورد من ذلك ولا يعلم المراد منه إلا الله

-[بقاء دعاء التوجه]- إليك (1) إنَّا بك وإليك (2) تباركت) وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك، وكان إذا رفع قال اللَّهمَّ لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع (3) لك سمعى وبصرى ومخِّى وعظامى وعصبي، وإذا رفع رأسه من الرَّكعة قال سمع الله لمن حمده ربَّنا ولك الحمد ملء (4) السَّموات والأرض وما بينهما وملء ما شئت من شئ بعد، وإذا سجد قال اللَّهمَّ لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهى للَّذي خلقه فصوَّره فشقَّ سمعه

_ والخلف يؤولونه وأمثاله فيقولون المراد باليدين القدرة أو القوة ومذهب السلف أسلم وهو مذهبي وعقيدتي (1) قال الخليل بن أحمد والنضر بن شميل وإسحاق بن راهويه ويحيى بن معين وأبو بكر بن خزيمة والأزهري وغيرهم معناه لا يتقرب به إليك روى ذلك النووي عنهم (وهذا القول الأول) والقول الثاني حكاه الشيخ أبو أحمد عن المزني أن معناه لا يضاف إليك على انفراد لا يقال يا خالق القردة والخنازير ويارب الشر ونحو هذا وإن كان خالق كل شيء ورب كل شيء وحينئذ يدخل الشر في العموم (والثالث) معناه والشر لا يصعد إليك وإنما يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح (والرابع) معناه والشر ليس شراً بالنسبة إليك فإنك خلقته بحكمة بالغة وإنما هو شر بالنسبة إلى المخلوقين (والخامس) حكاه الخطابي أنه كقولك فلان إلى بني فلان إذا كان عداده منهم حكى هذه الأقوال النووي في شرح مسلم وقال إنه يجب تأويله لأن مذهب أهل الحق أن كل المحدثات فعل الله تعالى وخلقه سواء خيرها وشرها اهـ وفي المقام كلام طويل ليس هذا موضعه (2) أي التجائي وانتمائي إليك وتوفيقي بك قاله النووي (3) أي خضع وأقبل عليك من قولهم خشعت الأرض إذا سكنت واطمأنت (وقوله) ومخي قال ابن رسلان المراد به هنا الدماغ وأصله الودك الذي في العظم " أي الدهن " وخالص كل شيء مخه (وقوله وعصبى) العصب طنب المفاصل وهو ألطف من العظم (زاد الشافعي) في مسنده من رواية أبي هريرة " وشعري وبشرى " والجمهور على تضعيف هذه الزيادة (وزاد النسائي) من رواية جابر " ودمي ولحمي " بكسر الميم ونصب الهمزة ورفعها والنصب أشهر قاله النووي ورجحه ابن خالويه واطنب في الاستدلال وجوز الرفع على أنه مرجوح وحكى عن الزجاج أنه يتعين الرفع ولا يجوز غيره وبالغ في إنكار النصب والذي تقتضيه القواعد النحوية هو ما قاله ابن خالويه

-[مذاهب العلماء فى حكم دعاء الافتتاح]- وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين (1)، فإذا سلَّم من الصَّلاة قال اللَّهمَّ اغفر لي ما قدَّمت وما أخَّرت (2) وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت (3) وما أنت أعلم به منِّى (4) أنت المقدِّم وأنت المؤخِّر (5) لا إله إلاَّ أنت

_ (قال النووي) قال العلماء معناه حمداً لو كان أجساماً لملا السموات والأرض وما بينهما لعظمه وهكذا قال القاضي عياض وصرح أنه من قبيل الاستعارة (وقوله وملء ما شئت من شيء بعد) وذلك كالكرسي والعرش وغيرهما مما لم يعلمه إلا الله والمراد الاعتناء في تكثير الحمد (1) أي المصورين والمقدرين والخلق في اللغة الفعل الذي يوجده فاعله مقدراً له لا عن سهو وغفلة والعبد قد يوجد منه ذلك قال الكعبي لكن لا يطلق الخالق على العبد إلا مقيداً كالرب (2) المراد بقوله ما أخرت إنما هو بالنسبة إلى ما وقع من ذنوبه المتأخرة لأن الاستغفار قبل الذنب محال كذا قال أبو الوليد النيسابوري قال الأسنوي ولقائل أن يقول المحال إنما هو طلب مغفرته قبل وقوعه وإما الطلب قبل الوقوع أن يغفر إذا وقع فلا استحالة فيه (3) المراد به الكبائر لأن الإسراف الإفراط في الشيء ومجاوزة الحد فيه (4) أي من ذنوبي وإسرافي في أموري وغير ذلك (5) قال البيهقي قدم من شاء بالتوفيق إلى مقامات السابقين وأخر من شاء عن مراتبهم وقيل قدم من أحب من أوليائه على غيرهم من عبيده وأخر من أبعده عن غيره فلا مقدم لما أخر ولا مؤخر لما قدم (6) أي ليس لنا معبود نتذلل له ونتضرع إليه في غفران ذنوبنا إلا أنت ربنا إغفر لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا وثبت إقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين (تخريجه) (م. فع. د. مذ. قط) وصححه الترمذي ورواه ابن ماجه مختصراً (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الافتتاح بالأدعية المذكورة فيه (قال النووي رحمه الله تعالى) أما الاستفتاح فقال باستحبابه جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم ولا يعرف من خالف فيه إلا مالكاً رحمه الله فقال لا يأتي بدعاء الاستفتاح ولا بشيء بين القراءة والتكبير أصلاً بل يقول الله أكبر الحمد لله رب العالمين " قال النووي " وأما ما يستفتح به فإنه يستفتح بوجهت وجهي الخ وبه قال علي بن أبي طالب (وقاله عمر) بن الخطاب وابن مسعود والأوزاعي والنوري وأبو حنيفة وأصحابه وإسحاق وداود يستفتح بسبحانك اللهم الخ ولا يأتي بوجهت وجهي (وقال أبو يوسف) يجمع بينه وهو قال أبي إسحاق المروزى والقاضي أبي حامد من أصحابنا قال ابن المنذر أي ذلك قال أجزأه وأنا

-[روايات أنس بن مالك رضى الله عنه فى البسملة]- (12) باب ما جاء فى البسملة عند قراءة الفاتحة (512) عن سعيد بن يزيد أبى مسلمة قال سألت؟؟؟ أكان النَّبيّ صلى الله عليه وسلم يقرأ بسم الله الرَّحمن الرَّحيم أو الحمد لله ربِّ العالمين؟، فقال إنَّك لتسألني عن شيءٍ ما أحفظه (1) أو ما سألني أحد قبلك

_ إلى الحديث وجهت وجهي أميل دليلنا أنه لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم في الاستفتاح بسبحانك اللهم شيء وثبت وجهت وجهي فتعين اعتقاده والعمل به والله أعمل اهـ ج (قلت) وفي أحاديث الباب رد لما ذهبت إليه المالكية من عدم استحباب الافتتاح بشيء وفي تقييده بكونه يكون بعد التكبير كما هو صرح في أحاديث الباب رد لما ذهب إليه من قال أن الافتتاح قبل التكبير (وفيها أيضاً) مشروعية التعوذ من الشيطان من غمزه ونفخه ونفثه وإلى ذلك ذهب أحمد وأبو حنيفة والثوري وابن راهويه وغيرهم وقد ذهب الهادي والقاسم من أهل البيت إلى أن محله قبل التوجه ومذهبهما أن التوجه قبل التكبير وقد عرفت التصريح بأنه بعد التكبير (قال النووي رحمه الله تعالى) التعوذ مشروع في أول ركعة فيقول بعد دعاء الاستفتاح أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هذا هو المشهور الذين نص عليه الشافعي وقطع به الجمهور (قال الشافعي رحمه الله تعالى) في الأم وأصحابنا يحصل التعوذ بكل ما اشتمل على الاستعاذة بالله من الشيطان لكن أفضله أعوذ بالله من الشيطان الرجيم قال صاحب الحاوي وبعده في الفضيلة أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وبعد هذا أعوذ بالله العلي من الشيطان القوي اهـ ج (فائدة) قال الشوكاني رحمه الله الأحاديث الواردة في التعوذ ليس فيها إلا أنه فعل ذلك في الركعة الأولى وقد ذهب الحسن وعطاء وإبراهيم إلى استحبابه في كل ركعة واستدلوا بعموم قوله تعالى (وإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) ولا شك أن الآية تدل على مشروعية الاستعاذة قبل قراءة القرآن وهي أعم من أن يكون القارئ خارج الصلاة أو داخلها وأحاديث النهي عن الكلام في الصلاة تدل على المنع منه إلى الصلاة من غير فرق بين الاستعاذة وغيرهما مما لم يرد به دليل يخصه ولا رفع الأذن بجنسه فالأحوط الاقتصار على ما وردت به السنة وهو الاستعاذة قبل قراءة الركعة الأولى فقط اهـ 512 عن سعيد بن يزيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا غسان ابن مضر ثنا سعيد يعني ابن يزيد أبو مسلمة " الحديث " (1) أي نسيته

-[ما رواه أنس بن مالك فى البسملة]- (513) عن قتادة عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال صلَّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان فلم أسمع أحدًا منهم يقرأ بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، قال قتادة سألت أنس بن مالك بأىِّ شئٍ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح القراءة؟ فقال إنَّك لتسألنى عن شيءٍ ما سألنى عنه أحد (514) وعن أنسٍ رضى الله عنه فى روايةٍ أخري قال صلَّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبى بكرٍ وعمر وعثمان رضى الله عنهم وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم (515) وعنه أيضًا قال صلَّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكرٍ وعمر وعثمان رضى الله عنهم فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله

_ وعروض النسيان في مثل هذا غير مستنكر فقد حكى الحازمي عن نفسه أنه حضر جامعاً وحضره جماعة من أ÷ل التمييز المواظبين في ذلك الجامع فسألهم عن حال أمامهم في الجهر والأخفات قال وكان صيتاً يملأ صوته الجامع فاختلفوا في ذلك فقال بعضهم يجهر وقال بعضهم يخفت اهـ (قلت) رما كان ذلك في آخر أيام أنس عندما ضعفت ذاكرته في الكبر فقد عاش إلى سنة اثنتين وتسعين وقيل ثلاثة وتسعين وقد جاوز المائة رضي الله عنه (تخريجه) (قط) وقال هذا إسناد صحيح وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله موثقون 513 عن قتادة عن أنس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك (الحديث) (تخريجه) (م. هق) وليس فيه قال قتادة الخ الحديث 514 وعن أنس الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا شعبة عن قتادة عن أنس "الحديث " (تخريجه) (نس. حب. قط. طب والطحاوي) بإسناد على شرط الصحيح 515 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا الأوزاعي قال كتب إلى قتادة حدثني أنس بن مالك قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ

-[بقية روايات أنس فى البسملة]- ربِّ العالمين (1) لا يذكرون بسم الله الرَّحمن الرَّحيم في أوَّل القراءة ولا فى آخرها (516) قط عن شعبة عن قتادة عن أنس رضى الله عنه قال صليَّت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبى بكرٍ وعمر وعثمان رضي الله عنهم فلم يكونوا يستفتحون ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم، قال شعبة قلت لقتادة أسمعته من أنسٍ؟ قال نعم نحن سألناه عنه (517) عن ابن عبد الله (1) بن مغفَّل قال سمعني أبى وأنا أقرأ بسم الله الرَّحمن الرَّحيم الحمد لله ربِّ العالمين، فلمَّا انصرف قال يا بنَّي إيَّاك والحدث فى الإسلام (2) فإنِّي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلف أبي بكرٍ

_ (غريبه) (1) " قوله فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين " قال الشوكاني هذا متفق عليه " يعني اتفق البخاري ومسلم على هذا اللفظ " قال وإنما انفرد مسلم بزيادة لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم وقد أعل هذا اللفظ بالاضطراب لأن جماعة من أصحاب شعبة رووه عنه بهذا وجماعة رووه عنه بلفظ " فلم أسمع أحداً منهم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم " وأجاب الحافظ عن ذلك بأنه قد رواه جماعة من أصحاب قتادة عنه باللفظين اهـ وأخرجه مسلم أيضاً من طريق الأوزاعي عن قتادة بلفظ " لم يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم " (تخريجه) (م. هق) والبخاري إلى قوله رب العالمين 516 قط عن شعبة (سنده) حدثنا أبو عبد الله السلمي ثنا أبو داود عن شعبة ولم أقف عليه بهذا اللفظ ويؤيده الحديث الذي قبله والله أعلم 517 عن ابن عبد الله بن مغفل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان وهيب عن أبي مسعود الجريري سعيد بن إياس عن قيس بن عباية حدثني ابن عبد الله بن مغفل قال سمعني أبي الخ (غريبه) (1) اسمه يزيد بن عبد الله بن مغفل (2) يحذره من الحدث في الإسلام وهو فعل شيء في الدين لم يكن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا باعتبار علمه لأنه لم يبلغه ذكر البسملة في الصلاة ولم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم ولا من

-[حجة من لم ير ذكر البسملة قبل الفاتحة فى الصلاة]- وخلف عمر وعثمان رضى الله عنهم (1) فكانوا لا يستفتحون القراءة ببسم الله الرَّحمن الرَّحيم (وفى روايةٍ فلا تقلها، إذا أنت قرأت فقل الحمد لله ربِّ العالمين) قال ولم أر رجلًا. قطُّ أبغض إليه الحدث منه (518) عن عائشة رضى الله عنها أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم كان يستفتح القراءة بالحمد لله ربِّ العالمين (519) عن أم سلمة رضي الله عنها أنَّها سئلت عن قراءة رسول الله

_ الخلفاء بعده ولكن غيره سمع وعلم ومن حفظ حجة على من لم يحفظ (1) لم يذكر عليا رضي الله عنه لأنه عاش في خلافته بالكوفة وما أقام بالمدينة إلا يسيرا فلعل عبد الله بن مغفل لم يدركه ولم يضبط صلاته (تخريجه) (هق. والأربعة إلا أبا داود) وحسنه الترمذي وضعفه الخطيب وغيره وسبب تضعيفهم هذا الحديث جهالة ابن عبد الله بن مغفل والمجهول لا تقوم به حجة (قال أبو الفتح اليعمري) والحديث عندي ليس معللاً بغير الجهالة في ابن عبد الله بن مغفل وهي جهالة حالية لا عينية للعلم بوجوده فقد كان لعبد الله بن مغفل سبعة أولاد سمي هذا منهم يزيد وما رمى بأكثر من أنه لم يزو عنه إلا أبو نعامة فحكمه حكم المستور قال وليس في رواة هذا الخبر من يتهم بكذب فهو جار على رسم الحسن عنده وأما تعليله بجهالة المذكور ما أراه يخرجه عن رسم الحسن عند الترمذي ولا غيره وأما قول من قال غير صحيح فكل حسن كذلك اهـ 518 عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا أسود بن عامر ثنا أبان عن بديل بن ميسرة عن أبي الجوزاء عن عائشة الخ (تخريجه) (جه) وسنده جيد 519 عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد الأموي قال ثنا ابن جريج عن عبد الله بن أبي مليكة عن أم سلمة الحديث (تخريجه) (د. ك) وابن خزيمة والدارقطني بسنده ولفظه وقال إسناده صحيح وكلهم ثقات (الأحكام) أحاديث الباب بعضها يدل على قراءة البسملة جهراً في أول الفاتحة في الصلاة وبعضها يدل على قراءتها سراً وبعضها يدل على عدم قراءتها مطلقاً وقد اختلف العلماء في ذلك على ثلاثة مذاهب (أحدها) أن قراءتها واجبة وهو مذهب الشافعي وإحدى الروايتين عن أ؛ مد وطائفة من المحدثين بناء على أنها من الفاتحة قالوا وحكمها حكم الفاتحة في السر والجهر واستدلوا على ذلك بحديث أم سلمة المذكور في الباب (صححه الدارقطني)

-[صفة قراءة النبى صلى الله عليه وسلم ومذاهب الأئمة فى حكم البسملة]- صلى الله عليه وسلم فقالت كان يقطع قراءته آيةً آيةً، بسم الله الرَّحمن الرَّحيم، الحمد لله ربِّ العالمين، الرَّحمن الرَّحيم، مالك يوم الدِّين،

_ وبعده أحاديث أخرى أكثرها ضعيف وأجودها حديث نعيم المجمر قال (صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم ثم قرأ بأم القرآن حتى إذا بلغ غير المغضوب عليهم ولا الضالين قال آمين وقال الناس آمين الحديث وفي آخره قال والذي نفسي بيده أني لأشبهكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم) أخرجه النسائي وابن خزيمة وابن حبان وغيرهم قال الحافظ في الفتح بعد ذكر هذا الحديث وهو أصح حديث ورد في ذلك يعني في الجهر بالبسملة قال وقد تعقب الاستدلال بهذا الحديث باحتمال أن يكون أبو هريرة أراد بقوله أشبهكم أي في معظم الصلاة لا في جميع أجزائها وقد رواه جماعة غير نعيم عن أبي هريرة بدون ذكر البسملة " والجواب " أن نعيماً ثقة فتقبل زيادته والخبر ظاهر في جميع الأجزاء فيحمل على عمومه حتى ينبت دليل يخصصه اهـ (والثاني) أن قراءتها جائزة بل مستحبة ولا يسن الجهر بها وهو كما قال الترمذي مذهب أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم أبو بكر وعمر وعثمان وعلي وغيرهم ومن بعدهم من التابعين وبه يقول سفيان النوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق لا يرون أن يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم قالوا ويقولها في نفسه (قلت) وإليه ذهب جماعة من أصحاب الشافعي أيضاً وهو مذهب أبي حنيفة وجمهور أهل الحديث والرأي وفقهاء الأمصار وقالوا هي آية مستقلة من القرآن انزلت للتيمن والفصل بين السور وليست آية من الفاتحة ولا من غيرها واحتج هؤلاء بما رواه أنس في أحاديث الباب قال " صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم وكانوا لا يجهرون ببسم الله الرحمن الرحيم " وإسناده على شرط الصحيح وبما رواه أبو بكر الرازي عن عبد اللهب ن مسعود قال (ما جهر رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة مكتوبة ببسم الله الرحمن الرحيم ولا أبو بكر ولا عمر) وبغير ذلك من الأحاديث التي يطول ذكرها (والثالث) أنها مكروهة سراً وجهراً في الفرض دون النافلة وهو المشهور عن مالك وأصحابه وهي عندكم ليست آية من الفاتحة ولا من غيرها إلا في سورة النمل فإنها بعض آية منها قالوا لأن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ولم ويوجد واستدلوا على عدم قراءتها بحديث أنس المذكور في الباب " صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم فكانوا يستفتحون القراءة بالحمد لله رب العالمين لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها " ورواه أيضاً مسلم في صحيحه وبحديث عبد الله بن المغفل المذكور في الباب أيضاً (فإن قيل) أن أدلة المالكية تعارض أدلة من أثبت البسملة (قلت) لا تعارض لأن رواية أنس

-[بقية مذاهب الائمة فى حكم البسملة]- (13) باب تفسير سورة الفاتحة وحجة من قال ان البسملة ليست آية منها (520) عن العلاء بن عبد الرَّحمن بن يعقوب أنَّ أبا السَّائب مولى

_ التي استدل بها المالكية وفيها " لا يذكرون بسم الله الرحمن الرحيم في أول القراءة ولا في آخرها " محمولة على أنهم لا يذكرونها جهراً في أول الفاتحة ولا في أول السورة بعدها وليس المراد نفي ذكرها مطلقاً لما في بعض روايات الحديث من أنهم كانوا يسرون بها وحديث عبد الله بن المغفل ليس بحجة على عدم قراءتها لأنه أخبر بما علم وغيره من الصحابة أثبت قراءتها والمثبت مقدم على النافي بل قال العلماء أن حديث عبد الله بن المغفل يدل على عدم الجهر بها فقط لا على نفيها ولهذا ترجم له الترمذي فقال (باب ماجاء في ترك الجهر ببسم الله الرحمن الرحيم) ولم يورد في الباب غيره وهو من حجج القائلين بعدم الجهر (وأما قول المالكية) أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ولم يوجد في البسملة " فغير مسلم " لأن بعض القراء السبعة أثبت البسملة والقراآت السبع متواترة فيلزم تواترها وأيضاً فإن أثباتها في المصحف في معنى التواتر وقد صرح عضد الدين بأن الرسم دليل علمي (أي قطعي) على أن التواتر يشترط فيما يثبت قرآنا على سبيل القطع بخلاف ما ثبت قرآنا على سبيل الحكم والذي يظهر لي أن أدلة القائلين بعدم البسملة مطلقاً غير قوية (بقيت أدلة القائلين بالجهر بها والقائلين بعدمه) والجمع سهل وهو أن النبي صلى اله عليه وسلم كان يجهر بها أحياناً ويسر بها أخرى قال بان القيم رحمه الله تعالى في الهدى كان صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم تارة ويخفيها أكثر مما يجهر بها ولا ريب أنه لم يكن يجهر بها دائماً في كل ليلة خمس مرات أبدا حضراً وسفراً ويخفي ذلك على خلفائه الراشدين وعلى جمهور أصحابه وأهل بلده في الإعصار الفاضلة اهـ (قال الشوكاني) وقد جمع القرطبي بما حاصله أن المشركين كانوا يحضرون المسجد فإذا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا أنه يذكر رحمن اليمامة يعنون مسيلمة فأمران يخافت ببسم الله الرحمن الرحيم ونزلت " ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها " قال الحكيم الترمذي فبقى ذلك إلى يومنا هذا على ذكر الرسم وإن زالت العلة وقد روى هذا الحديث الطبراني في الكبير والأوسط وعن سعيد بن جبير قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم وكان المشركون يهزؤن بمكاء وتصدية ويقولون محمد يذكر إله اليمامة وكان مسيلمة الكذاب يسمى رحمن فأنزل الله " ولا تجهر بصلاتك " فتسمع المشركين فيهزؤا بك " ولا تخافت عن أصحابك فلا تسمعهم " رواه ابن جبير عن ابن عباس ذكره النيسابوري في التفسير وهذا جمع حسن أن صح أن هذا كان السبب في ترك الجهر وقد قال في مجمع الزوائد أن رجاله موثقون اهـ 520 عن العلاء بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[تفسير سورة الفاتحة عدم صحة الصلاة بغيرها]- هشام بن زهرة أخبره أنَّه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلَّى صلاةً لم يقرأ فيها بأمِّ القرآن (1) (وفى روايةٍ بفاتحة الكتاب) فهى خداجٌ (2) هى خداجٌ غير تمامٍ، قال أبو السَّائب لأبى هريرة إنِّى أكون أحيانًا وراء الإمام، قال أبو السَّائب فغمز (3) أبو هريرة ذراعى فقال يا فارسى اقرأها فى نفسك، إنِّى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله عزَّ وجلَّ قسمت الصَّلاة (4) بينى وبين عبدى نصفين فنصفها لى (5) ونصفها لعبدى (6) ما سأل، (7) قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرءوا يقول فيقول العبد (8) الحمد لله ربِّ العالمين، فيقول الله حمدني (9) عبدي،

_ عبد الرزاق قال ابن جريج قال أخبرني العلاء بن عبد الرحمن الخ (غريبه) (1) أم القرآن اسم الفاتحة وسميت أم القرآن لأنها فاتحته كماس ميت أم القرى لأنها أصلها (2) الخداج النقصان يقال خدجت الناقة إذا ألقت ولدها قبل أوانه وإن كان تام الخلق وأخدجته إذا ولدته ناقص الخلق وإن كان لتمام الحمل وإنما قال فهي خداج والخداج مصدر على حذف المضاف أي ذات خداج أو يكون قد وصفها بالمصدر نفسه مبالغة كقوله " فإنما هي إقبال وإدبار " (نه) (3) غمزه تنبيهاً له وحثاً على جمع ذهنه وفهمه لجوابه (وقوله) اقرأها في نفسك يعني اقرأ الفاتحة سراً في نفسك وفيه حجة لمذهب الشافعي من أن المأموم يقرأ الفاتحة خلف الإمام مطلقاً سواء أكانت الصلاة سرية أم جهرية (4) قال النووي قال العلماء المراد بالصلاة الفاتحة سميت بذلك لأنها لا تصح إلا بها والمراد قسمتها من جهة المعنى لأن نصفها الأول تحميد لله وتمجيد وثناء عليه وتفويض إليه والنصف الثاني سؤال وطلب وتضرع وافتقار (5) يعني خاصة وهو الثلاث آيات الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين (6) وهو من اهدنا الصراط المستقيم إلى آخرها (وإياك نعبد وإياك نستعين) بينه وبين عبده (7) أي لعبدي سؤاله ومني الإعطاء (8) هكذا بالأصل " اقرءوا يقول فيقول العبد " وفي رواية عند الإمام أحمد أيضاً " اقرءوا يقوم العبد فيقول " في رواية الموطأ " وأبي داود " اقرءوا يقول العبد " ورواية مسلم " ولعبد ما سأل فإذا قال العبد " ومعنى قوله اقرؤا أي الفاتحة (9) الحمد الثناء بجميل الفعال (والتمجيد) الثناء بصفات الجلال (والثناء)

-[بقية تفسير سورة الفاتحة]- ويقول العبد الرَّحمن الرَّحيم، (1) فيقول الله أثنى علىَّ عبدي، فيقول العبد مالك يوم الدِّين، (2) فيقول الله مجَّدنى عبدى، وقال هذه (3) بينى وبين عبدى، يقول العبد إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين قال أجدها، (4) لعبدى ولعبدى ما سأل، (5) قال يقول عبدى اهدنا الصِّراط المستقيم (6) صراط الَّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضَّالِّين يقول الله عزَّ وجلَّ هذا (7) لعبدى ولعبدى ما سأل (وعنه من طريقٍ ثانٍ (8) بنحوه)

_ مشتمل على الأمرين (1) أي المحسن بجميع النعم الموصوف بكمال الأنعام (2) أي الجزاء بالثواب للطائعين والعقاب للعاصين وهو يوم القيامة وخص بالذكر لأن الله هو المالك المتصرف فيه ولا دعوى لأحد ذلك اليوم حقيقة ولا مجازاً وأما في الدنيا فلبعض العباد ملك مجازى ويدعى ببعضهم دعوى باطلة وكل هذا ينقطع في ذلك اليوم (3) رواية أبي داود وهذه الآية بنين وبني عبدي يعني قوله تعالى " إياك نعبد وإياك نستعين " فمعنى إياك نعبد أي فخصك بالعبادة من توحيد وغيره وقدم المعمول إفادة للاختصاص والحصر " وإياك نستعين " أي نطلب المعونة على العبادة ومعنى كون هذه الآية بين العبد وبين ربه أن بعضها تعظيم لله تعالى وبعضها استعانة العبد على أمر دينه ودنياه فالذي لله منها إياك نعبد والذي للعبد وإياك نستعين (4) الضمير يرجع إلى قوله " وإياك نستعين " (5) قال القرطبي إنما قال الله تعالى هذا لأن في ذلك تذلل العبد لله وطلبه الاستعانة منه وذلك يتضمن تعظيم الله وقدرته على ما طلب منه (6) أي أرشدنا إلى المنهاج الواضح الذي لا اعوجاج فيه وأصل الصراط الطريق الحسي ثم أريد به هنا دين الإسلام ويبدل منه " صراط الذين أنعمت عليهم " أي بالهداية وهم جميع المؤمنين وقيل هم المذكورون في قوله عز وجل " فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين " والأنعام الإحسان ويبدل من الذين بصلته " غير المغضوب عليهم " وهم اليهود " ولا " بمعنى غير " الضالين " وهم النصارى ونكتة البدل إفادة أن المهتدين ليسوا بيهود ولا نصارى (7) رواية أبي داود (فهؤلاء لعبدي) أي هؤلاء الآيات مختصة به لأنها دعاؤه بالتوفيق إلى صراط من أنعم عليهم والعصمة من صراط المغضوب عليهم ولا الضالين المخالفين وقد وعد الله العبد بأن له ما سأله ولا يخلف الله وعده (8) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان أخبرني العلاء ابن عبد الرحمن عن يعقوب الحرقي في بيته على فراشه عن أبي هريرة الحديث وفيه أيما صلاة الخ

-[إختلاف الائمة فى البسملة هل هى آية من الفاتحة أم لا]- وفيه أيُّما صلاةٍ لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهى خداجٌ ثمَّ هى خداجٌ ثمَّ هى خداجٌ، وفيه فإذا قال مالك يوم الدِّين قال فوَّض إلىِّ عبدى (1) فإذا قال إيَّاك نعبد وإيَّاك نستعين، قال فهذه بينى وبين عبدى ولعبدى ما سأل، وقال مرَّة ما سألنى فيسأله عبده اهدنا الصِّراط المستقيم صراط الَّذين أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضَّالِّين، قال هذا لعبدى، لك ما سألت، وقال مرَّة ولعبدى ما سألنى (14) باب وجوب قراءة الفاتحة (521) عن عبادة بن الصَّامت رضى الله عنه روايةً يبلغ بها

_ (1) هذه الجملة في مقابلة قوله في الطريق الأولى " مجدني عبدي " والمعنى أن هذا اعتراف من العبد لربه بأنه المالك ليوم الجزاء وتقدم تفسيره وفي هذا الاعتراف من التعظيم والتمجيد وتفويض الأمر مالا يخفى (تخريجه) (م. لك. والأربعة إلا ابن ماجه) (الأحكام) قال النووي رحمه الله احتج القائلون بأن البسملة ليست من الفاتحة بهذا الحديث وهو من أوضح ما احتجوا به قالوا لأنها سبع آيات بالإجماع فثلاث في أولها ثناء أولها الحمد لله وثلاث دعاء أولها اهدنا الصراط المستقيم والسابعة متوسطة وهي " إياك نعبد وإياك نستعين " قالوا ولأنه سبحانه وتعالى قال قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين فإذا قال العبد الحمد لله رب العالمين فلم يذكر البسملة ولو كانت منها لذكرها وأجاب أصحابنا وغيرهم ممن يقول أن البسملة آية من الفاتحة بأجوبة " إحدها " إن التنصيف عائد إلى جملة الصلاة لا إلى الفاتحة هذا حقيقة اللفظ " والثاني " إن التنصيف عائد إلى ما يختص بالفاتحة من الآيات الكاملة " والثالثة " معناه فإذا انتهى العبد من قراءته إلى الحمد لله رب العالمين فحينئذ تكون القسسة اهـ قال الشوكاني رحمه الله ولا يخفى أن هذه الأجوبة منها ما هو غير نافع ومنها ما هو متعسف اهـ (قلت) وقال القاضي عياض رحمه الله في هذا الحديث عند قوله اهدنا الصراط إلى آخر السور ما نصه هذا يدل على أن من اهدنا إلى أخرها ثلاث آيات وأن صراط الذين أنعمت عليهم آية وهو عداد المدنيين والبصريين والشاميين وبه تتم القسمة المتقدمة ولو كانت على عداد الكوفيين والمكيين أن صراط الذين أنعمت عليهم إلى آخرها آية واحدة وجعلوا السابعة البسملة لم تصح تلك القسمة لأن أربعة أولاً لله تعالى وواحدة مشتركة وثنتان للعبد اهـ (قلت) وفي الحديث أيضاً دلالة على وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة وإليه ذهب الجمهور وسيأتي الكلام على ذلك في الباب التالي إن شاء الله تعالى 521 عن عبادة بن الصامت (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[الدليل على وجوب قراءة الفاتحة فى الصلاة]- النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم (1) لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة لمن لم يقرأ بأمِّ القرآن فصاعدًا (3) (522) عن عائشة زوج النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صلَّي صلاةً لا يقرأ فيها بأمِّ القرآن فهى خداجٌ (523) عن عبادة بن الصَّامت رضى الله عنه قال صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة فثقلت عليه القراءة فلمَّا انصرف قال إنِّى لأراكم تقرءون وراء إمامكم، قلنا نعم والله يا رسول الله إنَّا لنفعل هذا، قال فلا تفعلوا إلاَّ بأمِّ القرآن (4) فإنَّه لا صلاة لمن لم يقرأ بها

_ سفيان بن عيينة عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت الخ (غريبه) (1) أي يرفعها إلى النبي صلى الله عليه وسلم (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت الخ (3) أي فما زاد عليها كقولهم اشتريته بدرهم فصاعداً وهو منصوب على الحال تقديره فما زاد الثمن صاعداً (نه) (تخريجه) أخرج الرواية الأولى منه (ق. والأربعة وغيرهم) وأخرج الرواية الثانية (م. د. حب) بزيادة فصاعداً كرواية حديث الباب 522 عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة " الحديث " (تخريجه) (جه) ويشهد لصحته حديث أبي هريرة المتقدم الذي أخرجه الشيخان وغيرهما يلفظ " من صلى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج " وما أخرجه البيهقي عن على مرفوعاً بلفظ " كل صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي خداج " والخداج تقدم تفسيره في الكلام على حديث أبي هريرة 523 عن عبادة بن الصامت (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنا محمد بن إسحاق عن مكحول عن محمود بن الربيع عن عبادة بن الصامت " الحديث " (غريبه) (4) في رواية عند أبي داود والنسائي والدارقطني " بلفظ " فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت به إلا بأم القرآن (تخريجه) (د. نس. مذ حب. قط) وقال كلهم ثقات

-[الدليل على وجوب قراءة الفاتحة فى الصلاة]- (524) عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلُّ صلاةٍ لا يقرأ فيها (1) فهى خداجٌ ثمَّ هى خداجٌ ثمَّ هى خداجٌ (525) عن أبى هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره أن يخرج فينادى أن لا صلاة إلاَّ بقراءة فاتحة الكتاب فما زاد (2) (526) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم وأبا بكرٍ وعمر وعثمان كانوا يفتتحون القراءة بالحمد لله ربِّ العالمين (527) عن عبد الله بن سوادة القشيرى قال حدَّثنى رجلٌ من

_ 524 عن عمرو بن شعيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا نصر ابن باب عن حجاج عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (1) هكذا في الأصل ورواية ابن ماجه " لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب " (تخريجه) الحديث في إسناده من اختلف فيه ورواه ابن ماجه حدثنا الوليد بن عمرو بن شعيب الخ قال الحافظ البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده حسن 525 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن جعفر بن ميمون قال ثنا أو عثمان النهدي عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) أي فما زاد عليها فهو خير كما تفيده رواية عبادة بن الصامت المتقدمة (لا صلاة لمن لم يقرأ بأم القرآن فصاعداً) ورواية أبي سعيد الخدري عند أبي داود والطبراني " أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر " (تخريجه) الحديث أخرجه (د. قط) من طريق جعفر بن ميمون قال النسائي ليس بثقة وقال الإمام أحمد لير بقوى وقال ابن عدي يكتب حديثه أهـ ولكنه يشهد لصحته حديث عبادة المتقدم الذي رواه المتقدم الذي رواه مسلم وأبو داود وابن حبان بلفظ " لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب فصاعداً " ويشهد له أيضاً حديث أبي سعيد عند أبي داود بلفظ " أمرنا أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسر " قال ابن سيد وإسناده صحيح ورجاله ثقات وقال الحافظ إسناده صحيح 526 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس " الحديث " (تخريجه) (ق. وغيرهما) 527 عن عبد الله بن سوادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي

-[مذاهب الأئمة فى حكم قراءة الفاتحة فى الصلاة]- أهل البادية عن أبيه وكان أبوه أسيرًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت محمَّدًا صلى الله عليه وسلم يقول لا تقبل صلاةٌ لا يقرأ فيها بأمِّ الكتاب

_ ثنا عفان ثنا عبد الوارث حدثني عبد اله بن سوادة القشيري " الحديث " (تخريجه) لم أقف عليه وفيه مبهم لكن أحاديث الباب تعضده (الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب قراءة الفاتحة في الصلاة وأنها متعينة لا يجزئ غيرها إلا لعاجز عنه " قال النووي " وهو مذهب مالك والشافعي وجمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم (قلت وبه قال الحنابلة أيضاً) قال وقال أبو حنيفة رضي الله عنه وطائفة قليلة لا تجب الفاتحة بل الواجب آية من القرآن لقوله صلى الله عليه وسلم (اقرأ ما تيسر) ودليل الجمهور قوله صلى الله عليه وسلم " لا صلاة إلا بأم القرآن " فإن قالوا المراد لا صلاة كاملة قلنا هذا خلاف ظاهر اللفظ ومما يؤيده حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا يجزئ صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب " رواه أبو بكر بن خزيمة في صحيحه بإسناد صحيح وكذا رواه أبو حاتم وابن حبان وأما حديث " اقر ما تيسر " فمحمول على الفاتحة فإنها متيسرة أو على ما زاد على الفاتحة فإنها متيسرة أو على ما زاد على الفاتحة بعدها أو على من عجز عن الفاتحة بعدها أو على من عجز عن الفاتحة وقوله صلى الله عليه وسلم " لا صلاة لمن لا يقرأ بفاتحة الكتاب " فيه دليل لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى ومن وافقه أن قراءة الفاتحة واجبة على الإمام والمأموم والمنفرد ومما يؤيد وجوبها على المأموم قول أبي هريرة " اقرأ بها في نفسك " فمعناه اقرأها سراً بحيث تسمع نفسك وإن ما حمله عليه بعض المالكية وغيرهم أن المراد تدبر ذلك وتذكره فلا يقبل لأن القراءة لا تطلق إلا على حركة اللسان بحيث يسمع نفسه ولهذا اتفقوا على أن الجنب لو تدبر القرآن بقلبه من غير حركة لسانه لا يكون قارئاً مرتكباً لقراءة الجنب المحرمة وحكى القاضي عياض عن علي بن أبي طال رضي الله عنه وربيعة ومحمد بن أبي صفرة من أصحاب مالك أنه لا يجب قراءة أصلاً وهي رواية شاذة عن مالك وقال النوري والأوزاعي وأبو حنيفة رضي الله عنهم لا يجب القراءة في الركعتين الأخيرتين بل هو بالخياران شاء قرأ وإن شاء سبح وإن شاء سكت والصحيح الذي عليه جمهور العلماء من السلف والخلف وجوب الفاتحة في كل ركعة لقوله صلى الله عليه وسلم للأعرابي (ثم افعل ذلك في صلاتك كلها) اهـ م (قلت) وحديث أبي هريرة والرواية الثانية من حديث عبادة بن الصامت يدلان بظاهرهما على وجوب قراءة شيء من القرآن مع الفاتحة قال الشوكاني وإلى ذلك ذهب عمر وابنه عبد الله رضي الله عنهما وعثمان بن أبي العاص والهادي والقاسم والمؤيد بالله كذا في البحر اهـ ولا خلاف في استحباب قراءة السورة مع الفاتحة في صلاة الصبح والجمعة والأوليين من كل

-[حجة القائلين بعدم قراءة المأموم اذا جهر الامام]- (15) باب ما جاء فى قراءة المأموم وانصاته اذا سمع امامه (528) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّما جعل الإمام ليؤتمَّ به فإذا كبَّر فكربِّروا، وإذا قرأ فأنصتوا (529) وعن أبى موسى الأشعرىِّ رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم نحوه (530) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى صلاةً جهر فيها بالقراءة، ثمَّ أقبل على النَّاس بعد ما سلَّم فقال هل قرأ منكم أحدٌ معى آنفًا (1) قالوا نعم يا رسول الله، قال إنِّى أقول مالى أنازع القرآن فانتهى النَّاس عن القراءة (3) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يجهر به من القراءة

_ الصلوات (قال النووي رحمه الله تعالى) إن ذلك سنة عند جميع العلماء (قلت) وحجتهم في ذلك ما رواه الشيخان وغيرهما عن أبي هريرة أنه قال " في كل صلاة يقرأ فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم وما أخفى عنا أخفينا عنكم وإن لم تزد على أم القرآن اجزأت وإن زدت فهو خير " وبأدلة أخرى يطول ذكرها وحملوا ما يشعر بالوجوب في أحاديث الباب على الاستحباب والله أعلم بالصواب 528 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد قال عبد الله بن أحمد وسمعت أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال ثنا أبو خالد الأحمر عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة " الحديث " (تخريجه) (الأربعة إلا الترمذي) وقال مسلم هو صحيح 529 وعن أبي موسى الأشعري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بين عبد الله قال ثنا جرير عن سليمان التيمى عن قتادة عن أبي غلاب عن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبي موسى قال علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قمتم إلى الصلاة فليؤمكم أحدكم وإذا قرأ الإمام فأنصتوا (تخريجه) (م. وغيره) 530 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري قال سمعت بن أكيمة يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث " (غريبه) (1) أي قريباً (2) مبني للمفعول أي اجاذب وأغالب في قراءته كأنهم جهروا بالقراءة خلفه فشغلوه ولم يدر أولاً ما سبب ذلك (3) أي جهراً ولا بد من تقدير

-[حجة من أوجب قراءة الفاتحة على المأموم وان جهر الامام]- حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم (531) عن عبد الله بن بحينة رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم مثله (532) عن محمد بن أبى عائشة عن رجل من أصحاب النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال قال النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم لعلكم تقرءون خلف الإمام والإمام يقرأ؟ قالوا يا رسول الله إنَّا لنفعل، قال فلا تفعلوا، إلاَّ أن يقرأ أحدكم بأمِّ القرآن أو قال فاتحة الكتاب (533) وعن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه (534) عن عبد الله (بن مسعود) رضى الله عنه قال كانوا يقرءون

_ ذلك لأنه ثبت في حديث عبادة الثاني في الباب السابق وحديث محمد بن أبي عائشة الآتي بعد حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم " لا تفعلوا إلا بأم القرآن " وفي لفظ " إلا أن يقرأ أحدكم بفاتحة الكتاب " وهما صحيحان وثبت الأمر بالقراءة في غير حديث فيحمل النهي في أحاديث الباب على الجهر فقط (تخريجه) (نس. حب. والإمامان. مذ) وقال حديث حسن الباب على الجهر فقط (تخريجه) (نس. حب والإمامان. مذ) وقال حديث حسن 531 عن عبد الله بن بحينة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا ابن أخي ابن شهاب عن عمه قال أخبرني عبد الرحمن بن هرمز عن عبد الله ابن بحينة " الحديث " بنحو الحديث المتقدم إلا قوله (فيما يجهر به من القراءة) فليس فيه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح 532 عن محمد بن أبي عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا سفيان عن خالد عن أبي قلابة عن محمد بن أبي عائشة عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم "الحديث " (تخريجه) لم أقف عليه وقال الحافظ إسناده حسن وله شاهد عن ابن حبان من حديث أنس 533 وعن عبد الله بن أبي قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هرون أنا سليمان يعني التيمى قال حدثت عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تقرءون خلفي؟ قالوا نعم قال فلا تفعلوا إلا بأم القرآن (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه رجل لم يسم (قلت) يعضده ما قبله 534 عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[حجة القائلين بعدم قراءة المأموم مطلقًا]- خلف النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال خلطتم (1) علىَّ القرآن (535) عن كثير بن مرَّة الحضرمى قال سمعت أبا الدَّرداء رضى الله عنه يقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أفى كلِّ صلاةٍ قراءةٌ؟ قال نعم، فقال رجلٌ من الأنصار وجبت هذه (2) فالتفت إلىَّ أبو الدَّرداء وكنت أقرب القوم منه فقال يا ابن أخى ما أرى الإمام إذا أمَّ القوم إلاَّ قد كفاهم (536) عن عمران بن حصينٍ رضى الله عنه قال صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظُّهر فقرأ رجل خلفه بسبِّح اسم ربِّك الأعلى، فلمَّا صلَّى قال أيُّكم قرأ بسبِّح اسم ربِّك الأعلى؟ فقال رجل أنا، قال قد عرفت أنَّ بعضكم خالجنيها (3)

_ أبو أحمد الزبيري ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي إسحاق عن الأحوص عن عبد الله (بن مسعود) الحديث (غريبه) (1) لمعنى أنهم جهروا بالقراءة خلفه فالتبست عليه القراءة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجال أحمد الصحيح 535 عن كثير بن مرة الحضرمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب ثنا معاوية بن صالح حدثني أبو الزاهرية حدبر بن كريب عن كثير بن مرة الحضرمي "الحديث " (غريبه) (2) يعني القراءة (تخريجه) (هق. نس) وسنده جيد وقد أورده نحوه الهيثمي عن أبي الدرداء بلفظ " قال سأل رجل النبي صلى الله عله وسلم فقال يا رسول الله أفي كل صلاة قراءة؟ قال نعم فقال رجل من القوم وجب هذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما أرى الإمام إذا قرأ إلا كان كافياً " قال الهيثمي رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن اهـ (قلت) حديث الطبراني وإن كان الهيثمي حسن إسناده لكن متنه خطأ فقدروي نحوه البيهقي وقال كذا رواه أبو صالح كاتب الليث وغلط فيه وكذلك رواه زيد بن الحباب في إحدى الروايتين عنه واخطأ فيه والصواب أن أبا الدرداء قال ذلك لكثير بن مرة (يعني أنه من قول أبي الدرداء) كما قال ابن وهب وهم فيه زيد بن الحباب أفاده البيهقي 536 عن عمران بن حصين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة ثنا قتادة وإسماعيل بن إبراهيم أنا سعيد ثنا قتادة عن زرارة بن أو في عن عمران بن حصين " الحديث " (غريبه) (3) أي نازعنيها ومعنى هذا

-[مذاهب الأئمة في حكم القراءة خلف الامام]- .....

_ = الكلام الإنكار عليه في جهره أو رفع صوته بحيث أسمع غيره، لا عن أصل القراءة، بل فيه أنهم كانوا يقرءون بالسورة في الصلاة السرية، وفيه إثبات قراءة السورة في الظهر للإمام والمأموم. تخريجه: (ق. نس. قط). وفي الباب عن عبد الله بن شداد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (مَنْ كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة) رواه الدارقطني، قال صاحب المنتقى: وقد روي مسندًا من طرق كلها ضعاف، والصحيح أنه مرسل، اهـ. قلت: وفي الباب أيضًا عند ابن ماجة: حدثنا علي بن محمد ثنا عبيد الله بن موسى عن الحسن بن صالح عن جابر (يعني الجعفي) عن أبي الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من كان له إمام فقراءة الإمام له قراءة). قال الحافظ البوصيري في زوائد ابن ماجة: في إسناده جابر الجعفي، كذاب، والحديث مخالف لما رواه السنة من حديث عبادة، اهـ الأحكام: أحاديث الباب منها ما يدل على عدم قراءة المأموم خلف الإمام في الصلاة الجهرية. ومنها ما يدل بظاهره على عدم القراءة خلف الإمام مطلقًا سواء في ذلك الجهرية والسرية. ومنها ما يدل على عدم الجهر فقط بالقراءة خلف الإمام ولكنه يقرأ بأم القرآن في كل صلاة، سواء كانت سرية أم جهرية، لهذا اختلفت أنظار العلماء. فذهب الأئمة: مالك وأحمد وزيد بن علي والهادي والقاسم وإسحاق بن راهويه وآخرون إلى عدم قراءة المأموم في الصلاة الجهرية، محتجين بقول الله عز وجل: {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا}، وبحديث أبي هريرة المذكور أول الباب، وفيه: (وإذا قرأ فأنصتوا). وذهبت الحنفية إلى عدم قراءة المأموم مطلقًا في كل صلاة، سواء أكانت سرية أم جهرية، محتجين بحديث الباب عن أبي الدرداء، وحديث عبد الله بن شداد عند الدارقطني، وحديث جابر عند ابن ماجة، أما حديث أبي الدرداء فلا يدل على المطلوب، لأن قوله (يا ابن أخي ما أرى الإمام إذا أم القوم إلا قد كفاهم) يُفيد أن هذا رأي أبي الدرداء، ورأي الصحابي لا تقوم به حجة بمفرده إلا إذا استند إلى حديث مرفوع، بل الجزء المرفوع من حديث أبي الدرداء يدل على إثبات القراءة، لأنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفي كل صلاة قراءة؟ قال: (نعم). وأما حديث عبد الله بن شداد فضعيف، قال الحافظ في الفتح: إنه ضعيف عند جميع الحفاظ، اهـ وأما حديث جابر فأضعف منه، لأن في إسناده جابر الجعفي، نُسب إلى الكذب، فلا تقوم بمثلهما حجة. وذهبت الشافعية إلى وجوب قراءة الفاتحة على المؤتم من غير فرق بين الجهرية والسرية، سواء سمع المؤتم قراءة الإمام أم لا، واستدلوا على ذلك بحديث عبادة بن الصامت الذي ذُكر في الباب السابق، وبحديث محمد بن أبي عائشة وحديث أبي قتادة اللذين في الباب، وأجابوا عن أدلة المخالفين بأنها عمومات. قال الشوكاني: وحديث عبادة خاص، وبناء العام على الخاص واجب، كما تقرر في الأصول، وهذا لا محيص عنه، ويؤيده الأحاديث المتقدمة القاضية =

-[أبواب صفة الصلاة - الفتح الربانى]- (16) باب النهي عن الجهر بالقراءة فى الصلاة اذا هو سن على مصل آخر (537) عن علىّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يرفع الرَّجل صوته بالقراءة قبل العشاء وبعدها (1) يغلِّط أصحابه وهم يصلُّون (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (2) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يجهر القوم بعضهم على بعضٍ بين المغرب والعشاء بالقرآن (538) عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم اعتكف وخطب

_ = بوجوب فاتحة الكتاب في كل ركعة، من غير فرق بين الإمام والمأموم، لأن البراءة عن عهدتها إنما تحصل بناقل صحيح، لا بمثل هذه العمومات التي اقترنت بما يجب تقديمه عليها، قال: وظاهر الأحاديث المنع من قراءة ما عدا الفاتحة من القرآن من غير فرق بين أن يسمع المؤتم الإمام أو لا يسمعه، لأن قوله صلى الله عليه وسلم: (فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت) يدل على النهي عن القراءة عند مجرد وقوع الجهر من الإمام، وليس فيه ولا في غيره ما يُشعر باعتبار السماع، والله أعلم، اهـ. قلت: وقوله: (فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت) يعني رواية أبي داود والنسائي والدارقطني من حديث أبي عبيدة، وتقدمت الإشارة إليها في الكلام على حديث عبادة في الباب السابق، ولفظه: (فلا تقرءوا بشيء من القرآن إذا جهرت به، إلا بأم القرآن)، ورواه الدارقطني عن عبادة أيضًا بلفظ (لا يقرأن أحد منكم شيئًا من القرآن إذا جهرت بالقراءة إلا بأم القرآن)، وقال: رجاله كلهم ثقات، والله أعلم. (537) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن خالد عن مطرف عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه. (غريبه) (1) إنما خص هذين الوقتين بالذكر لكون الأول وقت انتظار العشاء، والثاني وقت التهجد، وكلاهما مرغب في الصلاة فيه تطوعًا، وكان الصحابة رضوان الله عليهم أحرص الناس على ذلك، فكان يجهر بعضهم على بعض بالقراءة في الصلاة، فيحصل التهويش والغلط لبعضهم في القراءة ويختلط عليه الأمر، وهو معنى التهويش، فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك. (2) سنده: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون ثنا خالد بن عبد الله عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... إلخ تخريجه: لم أقف عليه، وفي إسناد الطريقين الحارث بن عبد الله الهمداني الحوتي: ضعيف، لكن يشهد له حديث أبي هريرة وأبي سعيد والبياضي. (538) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن =

-[النهي عن الجهر فى الصلاة إذا شوش على غيره]- النَّاس فقال أما إنَّ أحدكم إذا قام فى الصَّلاة فإنه يناجى (1) ربَّه فليعلم أحدكم ما يناجى ربَّه، ولا يجهر بعضكم على بعضٍ بالقراءة فى الصَّلاة (539) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ عبد الله بن حذافة السَّهمىَّ رضى الله عنه قام يصلِّي فجهر بصلاته. فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يا ابن حذافة لا تسمعنى وأسمع ربَّك عزَّ وجلَّ (540) عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضى الله عنه قال اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعهم يجهرون بالقراءة وهم فى قبَّة (2) لهم فكشف السُّتور وقال ألا إنَّ كلَّكم مناجٍ ربَّه، فلا يؤذينَّ بعضكم بعضًا، ولا يرفعنَّ بعضكم على بعضٍ بالقراءة أو قال فى الصَّلاة (541) عن البياضيَّ (3) رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على

_ = خالد ثنا رباح عن معمر عن صدقة المكي عن عبد الله بن عمر ... الحديث. غريبه: (1) المناجي: المخاطب للإنسان والمحدّث له، يقال: ناجاه مناجاة فهو مناجٍ، (نه) وإنما سمي المصلي مناجٍ ربه لأنه يخاطبه بقوله: (إياك نعبد وإياك نستعين)، وهو يعلم أن الله يعلم السر وأخفى، فلا داعي للجهر الذي يشوّش على غيره والله أعلم. تخريجه: (طب) والبزار، وفي إسناده صدقة بن عمرو المكي، قال في التقريب: مجهول، اهـ. قلت: يؤيده ما بعده. (539) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب بن جرير ثنا أبي قال: سمعت النعمان يحدّث عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة ... الحديث. تخريجه: أخرجه أيضًا البزار وقال العراقي: إسناده صحيح. (540) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن إسماعيل بن أمية عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري ... الحديث. غريبه: (2) القبة من الخيام: بيتٌ صغير مستدير، وهو من بيوت العرب يتخذه المعتكف في المسجد للإقامة فيه مدة الاعتكاف. تخريجه: (نس) وصححه النووي. (541) عن البيّاضي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال: قرأت عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي حازم التمار عن البياضي ... الحديث. غريبه: (3) بفتح الباء الموحدة وتخفيف الياء =

-[كلام العلماء فى حكم الجهر بالقراءة فى الصلاة]- النَّاس وهم يصلُّون وقد علت أصواتهم بالقراءة فقال إنَّ المصلِّى يناجى ربَّه عزَّ وجلَّ فلينظر ما يناجيه، ولا يجهر بعضكم على بعضٍ بالقرآن (17) باب ما جاء فى التأمين والجهر به فى القراءة واخفائه (542) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال إذا قال الإمام غير المغضوب عليهم ولا الضَّالِّين فقولوا آمين (1) فإنَّ الملائكة (2) يقولون

_ = التحتية ثم ضاد معجمة، اسمه فروة بن عمرو، وقيل له البياضي نسبة إلى بياضة بن عامر. تخريجه: (لك) وقال العراقي: إسناده صحيح، وقال صاحب التنقيح: رجال إسناد أحمد لا بأس به، ورواه أيضًا مالك في الموطأ يرفعه، وله شاهد عند النسائي من حديث أبي سعيد، قال ابن عبد البر: حديث البياضي وأبي سعيد ثابتان صحيحان، وله شاهد أيضًا عند الطبراني من حديث ابن عمر، اهـ. الأحكام: في أحاديث الباب النهي عن الجهر بالقراءة في صلاة الليل إذا شوش على غيره، فإن قيل: إن السنة في القراءة في صلاة الليل الجهر، فالجواب: إن ذلك إذا لم يتأذّ به غيره، وإلا حرم ذلك بالإجماع، بل ورد ما يفيد جواز الجهر والإسرار، فعند أبي داود والترمذي والنسائي عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة، والمسرّ بالقرآن كالمسر بالصدقة). وفي الباب أحاديث كثيرة تفيد أن الجهر والإسرار جائزان في قراءة الليل، وأكثرها تدل على أن المستحب في الصلاة في صلاة الليل التوسط بين الجهر والإسرار، وحديث عقبة وما في معناه يدل على أن السر أفضل، لما علم من أن إخفاء الصدقة أفضل من إظهارها، والله أعلم. (542) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب وعن أبي سلمة بن عبد الرحمن، أنهما حدثاه عن أبي هريرة ... الحديث. غريبه: (1) هو بالمد والتخفيف في جميع الروايات عن جميع القراء، وحكى أبو نصر عن حمزة والكسائي الإمالة، وفيه ثلاث لغات أخر شاذة، وآمين من أسماء الأفعال، ويُفتح في الوصل لأنها مثل كيف، ومعناه (اللهم استجب) عند الجمهور، وقيل غير ذلك مما يرجع جميعه إلى هذا المعنى، وقيل: إنه اسم الله، حكاه صاحب القاموس عن الواحدي. (2) قال النووي: واختلف في هؤلاء الملائكة، فقيل: هم الحفظة، وقيل غيرهم لقوله صلى الله عليه وسلم: (من وافق قوله قول أهل السماء)، وأجاب الأولون عنه بأنه إذا قالها الحاضرون من =

-[فضل قول المصلي آمين عقب الفاتحة]- آمين، وإنَّ الإمام يقول آمين فمن وافق (1) تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدَّم من ذنبه (543) ز وعنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أمَّن القارئ (2) فأمِّنوا فإنَّه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدَّم من ذنبه (544) ز وعنه فى أخرى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قال أحدكم آمين، قالت الملائكة فى السَّماء آمين فوافقت إحداهما الأخرى غفر له ما تقدَّم من ذنبه

_ = الحفظة قالها من فوقهم حتى ينتهي إلى أهل السماء. (1) المراد بالموافقة: الموافقة في وقت التأمين، فيؤمّن مع تأمينهم، قاله النووي، وقال ابن المنير: الحكمة في إثبات الموافقة في القول والزمان أن يكون المأموم على يقظة للإتيان بالوظيفة في محلها، وقال القاضي عياض: معناه وافقهم في الصفة والخشوع والإخلاص، قال الحافظ: والمراد بتأمين الملائكة استغفارهم للمؤمنين. تخريجه: (د، نس) وفي الصحيحين بعضه. (543) ز وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله قال قرأت على عبد الرحمن بن معدي عن مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنهما أخبراه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (إذا أمّن القارئ ...) الحديث. غريبه: (2) يعني الإمام كما في الروايات الأخرى. تخريجه: (ق، فع، والأربعة) بلفظ: (إذا أمن الإمام ...) وفي آخره: (وقال ابن شهاب: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: آمين)، إلا أن الترمذي لم يذكر قول ابن شهاب، ومعنى قول ابن شهاب: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول آمين، يعني أن هذه صيغة تأمين النبي صلى الله عليه وسلم، وهو تفسير لقوله: (إذا أمّن الإمام فأمّنوا)، وردٌّ لقول من زعم أن معناه: إذا دعا الإمام بقوله إهدنا الصراط إلى آخره، وفي هذا الحديث دليل على قراءة الفاتحة، لأن التأمين لا يكون إلا عقبها والله أعلم، قاله النووي. قلت: وظاهر الرواية الأولى من أحاديث الباب أن المؤتم يوقع التأمين عند قول الإمام {غير المغضوب عليه ولاالضالين}، وظاهر الرواية الثانية أنه يوقعه عند تأمين الإمام، وجمع الجمهور بين الروايتين بأن المراد بقوله (إذا أمّن) أي إذا أراد التأمين، ليقع تأمين الإمام والمأموم معًا. (544) ز وعنه في أخرى (سنده) حدثنا عبد الله قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا قال أحدكم =

-[أدلة من قال بالجهر بالتأمين ومن قال بالاخفاء]- (545) عن وائل بن حجرٍ رضى الله عنه قال سمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قرأ ولا الضَّالِّين فقال آمين يمدُّ (1) بها صوته صلى الله عليه وسلم (546) وعنه أيضًا قال صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمَّا قرأ غير المغضوب عليهم ولا الضَّالِّين قال آمين وأخفى بها صوته ووضع يده اليمنى على يده اليسرى وسلَّم عن يمينه وعن يساره

_ = ... إلخ. تخريجه: (ق، هق، وغيرهم). (545) عن وائل بن حجر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر ... الحديث. غريبه: (1) أي يرفع بها صوته، كما في رواية عند البيهقي من حديثه. تخريجه: (مذ، هق، قط، حب، د)، وزاد: ورفع بها صوته، قال الحافظ: وسنده صحيح، وصححه أيضًا الدارقطني وحسّنه الترمذي. (546) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن حجر أبي العنبس قال: سمعت علقمة يحدث عن وائل أو سمعه حجر من وائل قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ... إلخ. تخريجه: (جه، قط). وأُعلّت هذه الرواية باضطراب شعبة في إسنادها ومتنها، ورواها سفيان ولم يضطرب في الإسناد ولا المتن، قال ابن القطان: اختلف شعبة وسفيان، فقال شعبة: خفض، وقال الثوري: رفع، وقال شعبة: حجر أبو عنبس، وقال الثوري: حجر بن عنبس، وصوب البخاري وأبو زرعة قول الثوري، وقد جزم ابن حبان في الثقات أن كنيته كاسم أبيه، فيكون ما قاله صوابًا، وقال البخاري: إن كنيته أبو السكن، ولا مانع من أن يكون له كنيتان، وقد ورد الحديث من طرق ينتفي بها إعلاله بالاضطراب من شعبة، ولم يبق إلا التعارض بين شعبة وسفيان، وقد رجحت رواية بمتابعة اثنين له بخلاف شعبة، فلذلك جزم النقاد بأن روايته أصح، كما روي ذلك عن البخاري وأبي زرعة، وقد حسّن الحديثَ الترمذيُّ، قال ابن سيد الناس: ينبغي أن يكون صحيحًا، أفاده الشوكاني. الأحكام: أحاديث الباب تدل على مشروعية التأمين عقب قراءة الفاتحة، قال النووي رحمه الله: في هذه الأحاديث استحباب التأمين عقب الفاتحة للإمام والمأموم والمنفرد، وأنه ينبغي أن يكون تأمين المأموم مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده، لقوله صلى الله عليه وسلم: (وإذا قال {ولا الضالين} فقولوا: آمين)، وأما رواية: (إذا أمّن فأمّنوا)، فمعناه: إذا أراد التأمين، قال: ويُسنّ للإمام والمنفرد الجهر بالتأمين، وكذا للمأموم على المذهب الصحيح =

-[مذاهب العلماء فى حكم التأمين والجهر به واخفائه]- (18) باب حكم من لم يحسن فرض القراءة (547) عن عبد الله بن أبى أوفى رضى الله عنه قال أتى رجلٌ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنِّي لا أقرأ القرآن (1) فمرنى بما يجزئنى منه، فقال له النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قل الحمد لله وسبحان الله ولا إله إلاَّ الله والله أكبر ولا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله، قال فقالها الرَّجل وقبض كفَّه وعدَّ خمسًا مع إبهامه، فقال يا رسول الله هذا لله تعالى فما لنفسى؟ قال قل اللَّهم اغفر لى وارحمنى وعافنى واهدنى وارزقنى، قال فقالها وقبض على كفِّه الأخرى وعدَّ خمسًا

_ = هذا تفصيل مذهبنا، وقد اجتمعت الأمة على أن المنفرد يؤمّن، وكذلك الإمام والمأموم في الصلاة السرية، وكذلك قال الجمهور في الجهرية. وقال مالك رحمه الله تعالى في رواية: لا يؤمّن الإمام في الجهرية. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه والكوفيون ومالك في رواية: لا يجهر بالتأمين، وقال الأكثرون: يجهر، اهـ م. قلت: ومذهب الحنابلة كمذهب الشافعية في التأمين. وفي الباب عن أبي هريرة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تلا {غير المغضوب عليهم ولا الضالين} قال: (آمين) حتى يسمع من يليه من الصف الأول، رواه أبو داود، وابن ماجة وزاد: حتى يسمعها أهل الصف الأول فيرتج بها المسجد، وذكر نحوه البخاري تعليقًا في صحيحه عن ابن الزبير بصيغة الجزم، قال النووي: إن تعليق البخاري إذا كان بصيغة جزم كان صحيحًا عنده وعند غيره، اهـ ج، والله أعلم. (547) عن عبد الله بن أبي أوفى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يزيد أنا المسعودي عن إبراهيم بن إسماعيل السكسكي عن عبد الله بن أبي أوفى ... الحديث. غريبه: (1) رواية أبي داود والنسائي والدارقطني: إني لا أستطيع أن آخذ شيئًا من القرآن، ورواية ابن ماجة: إني لا أحسن من القرآن شيئًا. قال شارح المصابيح: اعلم أن هذه الواقعة لا تجوز أن تكون في جميع الأزمان، لأن من يقدر على تعلم هذه الكلمات لا محالة يقدر على تعلم الفاتحة، بل تأويله: لا أستطيع أن أتعلم شيئًا من القرآن في هذه الساعة، وقد دخل عليَّ وقت الصلاة، فإذا فرغ من تلك الصلاة لزمه أن يتعلم، اهـ. تخريجه: (د، نس، جه، قط، حب، ك) وابن الجارود، وفي إسناده إبراهيم بن إسماعيل السكسكي، وهو من رجال البخاري، ولكن عيب عليه إخراج حديثه وضعفه النسائي، وقال ابن القطان: ضعفه قوم فلم يأتوا بحجة، وقال ابن عدي: لم أجد له حديثًا منكر المتن، وذكره النووي في الخلاصة =

-[مذاهب العلماء فى حكم من لم يحسن القراءة]- مع إبهامه فانطلق الرَّجل وقد قبض كفَّيه جميعًا، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لقد ملأ كفَّيه من الخير (19) باب قراءة السورة بعد الفاتحة فى الأوليين وهل تسن قراءتها فى الأخريين أم لا؟ (548) عن أبى قتادة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى بنا فيقرأ فى الظُّهر والعصر فى الرَّكعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين (1) ويسمعنا الآية أحيانًا (2) (زاد فى روايةٍ ويقرأ فى الرَّكعتين الأخريين

_ = في فصل الضعيف، وقال في شرح المهذب: رواه أبو داود والنسائي بإسناد ضعيف، اهـ. ولم يتفرد بالحديث إبراهيم، فقد رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه أيضًا من طريق طلحة بن مصرف عن ابن أبي أوفى، ولكن في إسناده الفضل بن موفق، ضعفه أبو حاتم، كذا قال الحافظ. قلت: يشهد لحديث الباب حديث رفاعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علم رجلاً الصلاة، فقال: (إن كان معك قرآن فاقرأ، وإلا فاحمد الله وكبره وهلله ثم اركع) رواه أبو داود والنسائي والترمذي، وقال حديث رفاعة حديث حسن. قلت: وهو طرف من حديث المسيء صلاته. الأحكام: حديث الباب يدل على أن الذكر المذكور يجزئ من لا يستطيع أن يتعلم القرآن، وليس فيه ما يقتضي التكرار، فظاهره أنها تكفي مرة، وقد ذهب البعض إلى أنه يقوله ثلاث مرات، والقائلون بوجوب الفاتحة في كل ركعة لعلهم يقولون بوجوبه في كل ركعة، أفاده الشوكاني. وقال النووي فيمن لم يُحسن قراءة الفاتحة ولم يمكنه التعلم، مذهبنا أنه يجب عليه قراءة سبع آيات غيرها، فإن لم يحسن شيئًا من القرآن لزمه الذكر، فإن لم يحسنه ولا أمكنه وجب أن يقف بقدر قراءة الفاتحة، وبه قال أحمد، وقال أبو حنيفة: إذا عجز عن القرآن قام ساكتًا ولا يجب الذكر، وقال مالك: لا يجب ولا القيام، اهـ ج. (548) عن أبي قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي عن الحجاج يعني الصواف بن أبي عثمان عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة وأبي سلمة عن أبي قتادة ... الحديث. غريبه: (1) أي في كل ركعة سورة، ويدل على ذلك ما ثبت من حديث أبي قتادة أيضًا عند البخاري بلفظ: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الركعتين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة سورة، وفيه دليل على إثبات القراءة في الصلاة السرية والرد على من أنكر ذلك. (2) قال الطيبي: أي يرفع صوته ببعض =

-[قراءة السورة بعد الفاتحة وتطويل الركعة الاولى]- بأمِّ الكتاب) (1) وكان يطوِّل فى الرَّكعة الأولى (2) من الظُّهر ويقصِّر فى الثَّانية وكذا في الصُّبح (3) (549) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم فى الظُّهر في الرَّكعتين الاوليين فى كلِّ ركعة قدر قراءة ثلاثين آيةً (4)

_ = الكلمات من الفاتحة والسورة، بحيث يسمع، حتى يعلم ما يقرأ من السورة. قال النووي رحمه الله: والحديث محمول على أنه أراد به بيان جواز الجهر في القراءة السرية وأن الإسرار ليس بشرط لصحة الصلاة بل هو سنة، ويُحتمل أن الجهر بالآية كان يحصل بسبق اللسان للاستغراق في التدبر، اهـ والله أعلم. (1) روى هذه الزيادة مسلم في صحيحه بنحو حديث الباب، ورواها البخاري مختصرًا على الظهر بلفظ: كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين، وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب ... الحديث. (2) استدل به على استحباب تطويل الأولى على الثانية، سواء أكان التطويل بالقراءة أم بترتيلها مع استواء المقرون في الأوليين. (3) زاد أبو داود: فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى، وكذلك روى هذه الزيادة عبد الرزاق وابن خزيمة، والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوّل الركعة الأولى ليدركها الناس، وروى أيضًا عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال: إني لأحب أن يطول الإمام الركعة الأولى من كل صلاة حتى يكثر الناس، وقيل: الحكمة في تطويل الركعة أن النشاط فيها أكثر، فيكون الخشوع والخضوع فيها كذلك، وخفف في غيرها حذرًا من الملل، والتطويل في الأولى إما بكثرة القراءة فيها أو بالمبالغة في الترتيل وإن استوت القراءة فيهما. قال الشوكاني رحمه الله: فيه دليل على عدم اختصاص القراءة بالفاتحة وسورة في الأوليين وبالفاتحة في الأخريين والتطويل في الأولى بصلاة الظهر، بل ذلك هو السنة في جميع الصلوات، اهـ. تخريجه: (ق، د، نس، جه). (549) عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يونس ثنا أبو عوانة عن منصور بن زاذان عن الوليد بن بشر عن أبي الصديق عن أبي سعيد ... الحديث. غريبه: (4) في هذا الحديث استحباب التسوية بين الأوليين في التطويل، وبه قال جماعة، وفي حديث أبي قتادة استحباب التطويل في الأولى، وبه قال آخرون، وجمع بعضهم بأنهما في القراءة سواء، وإنما طالت الأولى بسبب دعاء الافتتاح والتعوذ، وقد جمع البيهقي بين الأحاديث بأن الإمام يطول في الأولى إن كان منتظرًا لأحد، وإلا سوّى بين =

-[دليل من قال بزيادة القراءة على الفاتحة فى الاخيرتين من الظهر]- وفي الأخريين في كلِّ ركعةٍ قدر قراءة خمس عشرة آيةً (1) وكان يقوم فى العصر فى الركعتين الأوليين فى كلِّ ركعةٍ قدر قراءة خمس عشرة آيةً، وفي الأخريين قدر نصف ذلك (2) (550) وعنه أيضًا قال أمرنا نبيُّنا صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وما تيسَّر (3) (551) عن جابر بن سمرة رضى الله عنه قال شكا أهل الكوفة سعدًا (يعنى ابن أبى وقَّاص) إلى عمر رضى الله عنه فقالوا لا يحسن يصلِّى قال فسأله عمر رضى الله عنه، فقال إنِّى أصلِّي بهم صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أركد (4) فى الأوليين، وأحذف فى الأخريين، قال ذلك الظَّنُّ بك يا أبا إسحاق.

_ = الأوليين، وجمع ابن حبان بأن تطويل الأولى إنما كان لأجل الترتيل في قراءتها مع استواء المقروء في الأوليين والله أعلم. (1) هذا يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الأخريين من الظهر بزيادة على الفاتحة لأنها ليست إلا سبع آيات. (2) هذا يدل على استحباب التخفيف في صلاة العصر وجعلها على النصف من صلاة الظهر، والحكمة في إطالة الظهر أنها في وقت غقلة بالنوم في القائلة، فطولت ليدركها المتأخر، والعصر ليست كذلك، بل تُفعل في وقت تعب أهل الأعمال فخففت، وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوّل في صلاة الظهر تطويلاً زائدًا على هذا المقدار كما في حديث: إن صلاة الظهر كانت تقام ويذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته، ثم يأتي أهله فيتوضّأ ويدرك النبي صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى مما يطيلها، أفاده الشوكاني. تخريجه: (م، وغيره). (550) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال ... إلخ. غريبه: (3) أي: وما تيسر من القرآن زيادة على الفاتحة. تخريجه: (د، وغيره). قال ابن سيد الناس: وإسناده صحيح ورواته ثقات. (551) عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة ... الحديث. (4) أي أسكن وأطيل القيام في الركعتين الأوليين من الصلاة الرباعية (نه)، وقال القزاز: أي أقيم طويلاً أطوّل فيهما القراءة، ويحتمل التطويل لما هو أعم كالأذكار والقراءة والركوع والسجود =

-[قصة سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه مع أهل الكوفة]- (وعنه من طريق ثان) (1) قال قال عمر رضى الله عنه لسعد شكاك النَّاس (2) فى كلِّ شيء حتَّى في الصَّلاة، قال أمَّا (3) أنا فأمد من الأوليين وأحذف من الأخريين ولا آلو (4) ما اقتديت به من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال عمر ذاك الظَّن بك أو ظنِّي بك (5)

_ والمعهود في التفرقة بين الركعات إنما هو ة (وقوله وأحذف) بفتح الهمزة وسكون الحاء المهملة قال الحافظ وكذا هو في جميع طرق هذا الحديث التي وقفت عليها لكن في رواية البخاري (وأخف) بضم الهمزة وكسر الخاء المعجمة والمراد بالحذف حذف الأوليين لا حذف أصل القراءة والإخلال بها فكأنه قال أحذف المد (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر شعبة عن أبي عون عن جابر بن سمرة وبهز وعفان قالا حدثنا شعبة أخبرني أبو عون قال بهز قال سمعت جابر بن سمرة قال قال عمر الخ (2) يعني أهل الكوفة وقد سمى الطبري منهم الجراح بن سنان وقبيصة وذكر العسكري في الأوائل أن منهم الأشعث بن قيس وقال الزبير بن بكار رفع أهل الكوفة عليه أشياء كشفها عمر فوجدها باطلة ويقويه قول عمر في وصيته فإنى لم أعزله من عجز ولا خيانة وكان عمر رضي الله عنه أمر سعداً على قتال الفرس في سنة أربع عشرة ففتح الله عز وجل العراق على يديه ثم احتط الكوفة سنة سبع وعشرة واستمر عليها أميراً إلى سنة إحدى وعشرين فوقع له من أهل الكوفة ما وقع (3) أما بالتشديد للتقسيم والقسيم محذوف والتقدير أما هم فقالوا ما قالوا وأما أنا فأمد أي أطول القراءة في الركعتين الأوليين (واحذف) أي أقصرها في الأخريين (4) بمد الهمزة وضم اللام من آلا يألو ومنه قوله عز وجل " لا يألونكم خبالاً " أي لا يقصرون في إفسادكم والمراد هنا أي ما قصرت في صلاتي بهم فإني اقتديت بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) أي هذا الذي تقوله هو الذي نظنه بك (تخريجه) (ق. د. هق وغيرهم) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية قراءة سورة أو شيء من القرآن بعد الفاتحة (وقد ذهب) إلى إيجاب قرآن مع الفاتحة عمر وابنه عبد الله وعثمان بن أبي العاص والهادي والقاسم والمؤيد بالله كذا في البحر وقدره الهادي بثلاث آيات قال القاسم والمؤيد بالله أو آية طويلة أفاده الشوكاني (قال النووي رحمه الله) واستحباب السورة بعد الفاتحة مجمع عليه في الصبح والجمعة والأوليين من كل الصلوات وهو سنة عند جميع العلماء وحكى القاضي عياض رحمه الله تعالى عن بعض أصحاب مالك وجوب السورة وهو شاذ مردود وأما السورة الثالثة والرابعة فاختلف العلماء

-[مذاهب العلماء فى حكم السورة بعد الفاتحة وبيان المفصل من السور]- (20) باب قراءة سورتين أو أكثر فى ركعة، وقراءة بعض سورة وجواز تكرر السورة أو الآيات فى ركعة (552) عن عبد الله بن شقيق قال قلت لعائشة رضى الله عنها هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين السُّور في ركعةٍ (1) قالت المفضَّل

_ هل تستحب أم لا وكره ذلك مالك رحمه الله تعالى واستحبه الشافعي رضي الله عنه في قوله الجديد دون القديم والقديم هنا أصح وقال آخرون هو مخير إن شاء قرأ وإن شاء سبح وهو ضعيف وتستحب السورة في صلاة النافلة ولا تستحب في الجنازة على الأصح لأنها مبنية على التخفيف ولا يزاد على الفاتحة إلا التأمين عقبها ويستحب أن تكون السورة في الصبح والأوليين من الظهر من طوال المفصل وفي العصر والعشاء من أوساطه وفي المغرب من قصاره (واختلفوا) في تطويل القراءة في الأولى على الثانية والأشهر عندنا أنه لا يستحب بل يسوى بينهما والأصح أنه يطول الأولى للحديث الصحيح (وكان يطول في الأولى مالا يطول في الثانية) ومن قال بالقراءة في الأخريين من الرباعية يقول هي أخف من الأوليين واختلفوا في تقصير الرابعة على الثالثة والله أعلم قال وقراءة سورة قصيرة أفضل من قراءة قدرها من طويلة ويقرأ على ترتيب المصحف ويكره عكسه ولا تبطل به الصلاة اهـ بتصرف 552 عن عبد الله بن شقيق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا كهمس بن الحسن عن عبد الله بن شقيق الخ (غريبه) (1) أي يقرأ أكثر من سورة في الركعة " قالت المفصل " أي كان يقرأ بأكثر من سورة من سور المفصل والمفصل بضم الميم وفتح الفاء بعدها صاد مهملة مشددة مفتوحة عبارة عن السبع الأخير من القرآن قال الطيبي أوله سورة الحجرات لأن سورة قصار كل سورة كفصل من الكلام اهـ وهو على ثلاثة أقسام طوال وأوساط وقصار وقد اختلف العلماء في تحديث ذلك (فعند الحنفية) طواله من الحجرات إلى البروج وأوساطه من البروج إلى آخر لم يكن وقصاره إلى آخر القرآن (وعند المالكية " طواله من الحجرات إلى والنازعات وأوساطه من عبس إلى الليل وقصاره من الضحى إلى آخر القرآن (وعند الشافعية) طواله من الحجرات إلى سورة عم يتساءلون وأوساطه إلى الضحى وقصاره إلى آخر القرآن (وعند الحنابلة) طواله من ق إلى عم يتساءلون وأوساطه إلى الضحى وقصاره إلى آخر القرآن وقيل غير ذلك والله أعلم (تخريجه) (هق) وسنده جيد

-[جواز قراءة أكثر من سورة بعد الفاتحة]- (553) عن نافعٍ قال رَّبما أمَّنا ابن عمر بالسُّورتين والثَّلاث فى الفريضة (554) عن نهيك بن سنانٍ السَّلميِّ أنه أتى عبد الله بن مسعودٍ رضى الله عنه فقال قرأت المفصَّل اللَّيلة فى ركعةٍ (1) فقال هذَّا مثل هذِّ الشِّعر (2) أو نثرًا مثل نثرٍ الدَّقل (3) إنَّما فصِّل لتفِّصلوا، لقد علمت النَّظائر (4) الَّتى كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقرن (5) عشرين سورةً، الرَّحمن

_ 553 عن نافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع قال الخ (تخريجه) (هق) وأرده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح 554 عن نهيك بن سنان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام (غريبه) (1) سبب قول نهيك جاء في رواية أخرى للإمام أحمد ذكرته في كتاب تفسير القرآن في باب ما جاء من القراآت مفصلاً وذكره مسلم من رواية أبي وائل قال " جاء رجل يقال له نهيك بن سنان إلى عبد الله (يعني ابن مسعود رضي الله عنه) فقال يا أبا عبد الرحمن كيف تقرأ هذا الحرف؟ ألفاً تجده أم ياء؟ من ماء غير آسن أو ماء غير ياسن قال فقال عبد الله وكل القرآن قد أحصيت غير هذا؟ قال إني لأقرأ المفصل في ركعة الحديث " والمعنى أن نهيك أخبر ابنم سعود بكثرة تهذبه هذا كهذ الشعر وهو بتشديد الذال أي تسرع إسراعاً كإسراع الشعر لأن الهذ معناه شدة الإسراع والإفراط في العجلة والاستفهام إنكاري بمعنى النهي فكأنه قال لا تسرع في القراءة ففيه النهي عن الهذ والحث على الترتيل والتدبر وبه قال الجمهور (3) الدقل بفتحتين هو ردئ التمر ويابسه لأن لردائته ويبسه لا يجتمع ويكون منثوراً وشبه قراءته به لتساقط الترتيل فيها كما يتساقط الرطب اليابس من العذق (وقوله إنما فصل) أي بينت معانيه أحكمت أحكامه (لتفصلوا) أي تبينوا ألفاظه وترتلوا قراءته (4) يعني السور المتماثلة في المعني كالمواعظ والحكم والقصص لا المتماثلة في عدد الآي (5) أي يجمع بين كل اثنتين منهن وقوله عشرين مفعول ثان لقول علمت وفي رواية لمسلم " إني لأعرف النظائر التي كان يقرأ بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتين في ركعة عشرين سورة في عشر ركعات " ورواية أبي داود " كان يقرأ النظائر السورتين في ركعة النجم والرحمن في ركعة واقتربت والحاقة في ركعة

-[تأليف مصحف عبد الله بن مسعود خلاف تأليف المصحف العثمانى]- والنَّجم (1) على تأليف ابن مسعود كلَّ سورتين فى ركعةٍ، وذكر الدُّخان وعمَّ يتساءلون فى ركعةٍ (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (2) عن أبى إسحاق عن الأسود بن يزيد وعلقمة عن عبد الله (يعنى ابن مسعودٍ) أنَّ رجلًا أتاه فقال قرأت المفصَّل فى ركعةٍ فقال بل هذذت كهذِّ الشعر أو كنتر الدَّقل، لكنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفعل كما فعلت، كان يقرأ النُّظر (3) الرَّحمن والنِّجم فى ركعةٍ، قال فذكر أبو إسحاق عشر ركعاتٍ بعشرين سورةً على تأليف عبد الله (يعنى ابن مسعود) آخرهنَّ إذا الشَّمس كوِّرت والدُّخان (555) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ والطور والذاريات في ركعة وإذا وقعت ونون في ركعة وسأل سائل والنازعات في ركعة وويل للمطففين وعبس في ركعة والمدثر والمزمل في ركعة وهل أتى ولا أقسم بيوم القيامة في ركعة وعم يتساءلون والمرسلات في ركعة والدخان وإذا الشمس كورت في ركعة قال أبو داود هذا تأليف ابن مسعود رحمه الله تعالى " أي ما ذكر من ترتيب السور في كل ركعتين على هذه الهيئة تأليف ابن مسعود وجمعه له في صحيفته (قال الحافظ) فيه دلالة على أن تأليف مصحف ابن مسعود غير تأليف العثماني وكان أوله الفاتحة ثم البقرة ثم النساء ثم أل عمران ولم يكن على ترتيب النزل ويقال إن مصحف على كان على ترتيب النزول أوله اقرأ ثم المدثر ثم ن والقلم ثم المزمل ثم تبت ثم التكوير ثم سبح وهكذا الخ المكي ثم المدني وال تعالى أعلم وأما ترتيب المصحف على ما هو عليه الآن فقد قال القاضي أبو بكر الباقلاني يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمر بترتيبه هكذا ويحتمل أن يكون من اجتهاد الصحابة اهـ (1) أي في ركعة على تأليف ابن مسعود وقد علمته وهكذا كل سورتين من العشرين في ركعة كما تقدم بيانه في رواية أبي داود قال القاضي عياض رحمه الله هذا صحيح موافق لرواية عائشة وابن عباس أن قيام النبي صلى الله لعيه وسلم كان إحدى عشرة ركعة بالوتر وأن هذا كان قدر قراءته غالباً وأن تطويله الوارد إنما كان في التدبر والترتيل وما ورد غير ذلك في قراءته البقرة والنساء وآل عمران كان في نادر من الأوقات اهـ (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا زهير عن أبي إسحاق الخ (3) هكذا بالأصل في هذه الرواية ولم أقف عليها لغير الإمام أحمد (تخريجه) (ق. د. وغيرهم) 555 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب

-[جواز قراءة بعض سورة عقب الفاتحة]- يقرأ فى ركعتيه قبل الفجر بفاتحة القرآن والآيتين من خاتمة البقرة فى الراَّكعة الأولى، وفى الرَّكعة الآخرة بفاتحة القرآن وبالآية من سورة آل عمران {قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمةٍ سواء بيننا وبينكم} حتَّى يختم الآية (556) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال أيحب أحدكم إذا رجع إلى أهله أن يجد ثلاث خلفاتٍ (2) عظامٍ سمانٍ؟ قال قلنا نعم، قال فثلاث آياتٍ يقرأ بهنَّ في الصَّلاة خيرٌ له منهنَّ (557) عن أبي ذرٍّ رضى الله عنه قال صلَّي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً

_ ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني العباس بن عبد الله بن معبد بن عباس عن بعض أهله عن عبد الله بن عباس أنه كان يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث " (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ ورواه مسلم بسنده عن سعيد بن يسار عن ابن باس قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في ركعتي الفجر قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا " والتي في آل عمران " تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم " وفي لفظ آخر عند مسلم أيضاً عن سعيد بن يسار أن ابن عباس أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في ركعتي الفجر في الأولى منهما (قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا) الآية التي في البقرة وفي الآخرة منهما (آمنا بالله واشهد بأنا مسلمون) وفي إسناد رواية الإمام أحمد من لم يسم لكن يشهد ما ذكرناه من روايتي مسلم 556 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو قال ثنا زائدة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة " الحديث " (غريبه) (1) بفتح الخاء وكسر اللام الحوامل من الإبل على أن يمضي عليها نصف أمدها ثم هي عشار والواحدة خلفة وعشراء وكانت الإبل المتصفة بذلك لها قيمة عظيمة عند العرب والمعنى أن تعلم ثلاث آيات من القرآن يقرأ بهن في الصلاة خير له من وجود هذه الإبل ملكاً له بغير ثمن ومحل هذا الحديث في فضل تعلم القرآن وقد أثبته هنا للاستشهاد به على جواز القراءة بعد الفاتحة ببعض سورة لاحتماله ذلك (تخريجه) (م. وغيره) 557 عن أبي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل

-[جواز تكرير آية أو سورة فى كل ركعة]- فقرأ بآية حتَّى أصبح يركع ويسجد بها {إن تعذِّبهم فإنَّهم عبادك، وإن تغفر لهم فإنَّك أنت العزيز الحكيم} فلمَّا أصبح قلت يا رسول الله ما زلت نقرأ هذه الآية حتَّى أصبحت تركع وتسجد بها، قال إنِّى سألت الله الشَّفاعة لأمَّتى فأعطانيها، وهى نائلةٌ إن شاء الله لمن لا يشرك بالله عزَّ وجلَّ شيئًا (21)) باب جامع القراءة فى الصلوات (558) عن سليمان بن يسارٍ عن أبى هريرة رضى الله عنه قال ما رأيت رجلًا (وفى روايةٍ ما صلَّيت وراء أحدٍ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم) أشبه صلاةٍ برسول الله صلى الله عليه وسلم من فلانٍ لإمامٍ كان بالمدينة (1) قال سليمان بن يسارٍ فصلَّيت خلفه فكان يطيل الأوليين (وفى روايةٍ الرَّكعتين الأوليين) من الظُّهر

_ حدثني فليت العامري عن ميسرة العامرية عن أبي ذر الخ (تخريجه) (نس. جه. ك) وقال صحيح (وفي الباب) عن أنس رضي الله عنه قال " كان رجل من الأنصار يؤمهم في مسجد قباء فكان كلما افتتح سورة يقرأ بها لهم في الصلاة مما يقرأ به افتتح بقل هو الله أحد حتى يفرغ منها ثم يقرأ سورة أخرى معها فكان يصنع ذلك في كل ركعة فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر فقال وما يحملك على لزوم هذه السورة في كل ركعة قال إني أحبها قال حبك إياها أدخلك الجنة " روا الترمذي وأخرجه البخاري تعليقاً (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز قراءة أكثر من سورة بعد الفاتحة في ركعة وعلى قراءة بعض سورة مع الفاتحة في ركعة وعلى جواز تكرير سورة أو آية بعد الفاتحة في كل ركعة وعلى استحباب القراءة في ركعتي الفجر بعد الفاتحة بالآية من سورة البقرة في الركعة الأولى وفي الثانية بالآية من سورة آل عمران إلى قوله (بأنا مسلمون) أو يقل يأ أيها الكافرون في الركعة الأولى ويقل هو الله أحد في الثانية لثبوت ذلك في الأحاديث الصحيحة وسيأتي مزيد بحث في محله من أبواب الرواتب والله الموفق 558 عن سليمان بن يسار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر الحنفي ثنا الضحاك بن عثمان عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة " الحديث (غريبه) (1) هو عمر بن عبد العزيز كما سيأتي التصريح بذلك

-[جامع القراءة فى الصلوات]- ويخفِّف الأخريين، ويخفِّف العصر، ويقرأ في الأوليين من المغرب بقصار المفصَّل، ويقرأ فى الأوليين من العشاء من وسط المفصَّل، ويقرأ فى الغداة (وفي روايةٍ فى الصُّبح) بطوال المفصَّل، قال الضَّحَّاك وحدَّثنى من سمع أنس بن مالكٍ (1) يقول ما رأيت أحدًا أشبه صلاةٍ بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الفتى يعنى عمر بن عبد العزيز، قال الضَّحَّاك فصلَّيت خلف عمر بن عبد العزيز وكان يصنع مثل ما قال سليمان بن يسارٍ (559) عن جابر بن سمرة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقرأ فى الظُّهر واللَّيل إذا يغشى، وفى العصر نحو ذلك، وفى الصُّبح أطول من ذلك (560) عن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمُّنا يقرأ بنا فى الرَّكعتين الأوليين من صلاة الظُّهر ويسمعنا الآية أحيانًا، ويطول في الأولى، ويقصِّر في الثَّانية، وكان يفعل ذلك في صلاة الصُّبح يطوِّل

_ في الحديث من طريق الضحاك (1) حديث أنس بن مالك رواه النسائي قال أخبرنا قتيبة قال حدثنا العطاف بن خالد عن زيد بن أسلم قال " دخلنا على أنس بن مالك فقال صليتم؟ قلنا نعم قال يا جارية هلمي لي وضوأ ما صليت وراء إمام أشبة صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من إمامكم هذا قال زيد وكان عمر بن عبد العزيز يتم الركوع والسجود ويخفف القيام والقعود " (تخريجه) (نس وغيره) وقال الحافظ في الفتح صححه ابن خزيمة وغيره وقال في بلوغ المرام أن اسناده صحيح 559 عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدي ثنا شعبة عن سماك عن جابر بن مسرة الخ (تخريجه) (م. د. نس) 560 عن عبد الله بن أبي قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة

-[لا صلاة إلا بقراءة]- الأولى ويقصِّر فى الثَّانية وكان يقرأ بنا في الرَّكعتين الأوليين من صلاة العصر (1) (561) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال كلُّ صلاة يقرأ (2) فيها فما أسمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمعناكم، وما أخفى علينا أخفينا عليكم (3) (562) وعنه أيضًا قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمُّنا فى الصَّلاة فيجهر ويخافت، فجهرنا فيما جهر به، وخافتنا فيما خافت فيه، فسمعته يقول لا صلاة إلاَّ بقراءةٍ (4)

_ عن أبيه (غريبه) (1) يعني بفاتحة الكتاب وسورة كما يستفاد ذلك من رواية أخرى عن ي باب قراءة السورة بعد الفاتحة (تخريجه) (ق. د. نس. جه) وتقدم الكلام على شرحه في باب قراءة السورة بعد الفاتحة حيث لا ذكر لأبي قتادة حديث آخر هناك بنحو هذا 561 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عد الله حدثني أبي ثنا عبد الواحد الحداد أبو عبيدة ثنا حبيب بن الشهيد عن عطاء قال قال أبو هريرة كل صلاة يقرأ فيها الخ (غريبه) (2) بالبناء للمجهول (3) يعني أن الصلاة التي كان يجهر فيها رسول الله صلى اله عليه وسلم ويسمعنا القراءة فيها جهرنا وأسمعناكم القراءة والتي كان يسر فيها اسررنا بها وأخفيناها عليكم والغرض من هذا أن الجهر والسر منقولان عن النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق. د. نس. وغيرهم) 562 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال حدثنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن أبي هريرة " الحديث " (غريبه) (4) رواية أبي عوانه " وسمعته يقول لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب " قال الحافظ في الفتح وظاهر سياقه أن ضمير سمعته للنبي صلى الله عليه وسلم فيكون مرفوعاً بخلاف رواية الجماعة " يعني الحديث الذي قبله " فقوله ما أسمعنا وما أخفى عنا يشعر بأن جميع ما ذكره متلقى عن النبي صلى اله عليه وسلم فيكون للجميع حكم الرفع اهـ (تخريجه) (هق. وأبو عوانه) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية تطويل القراءة في صلاتي الصبح والظهر وتكون في الصبح أطول وعلى التوسط في العصر والعشاء وعلى التخفيف في المغرب (قال النووي رحمه الله تعالى) قال العلماء كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم تختلف في الإطالة ولتخفيف باختلاف الأحوال فإذا كان المأمون يؤثرون التطويل ولا شغل هناك له ولا لهم طول وإذا لم يكن كذلك خفف وقد يريد

-[حكم تطويل القراءة وتقصيرها، والجهر والاسرار بها]- (22) باب القراءة فى الظهر والعصر (563) عن أبى معمر قال قلنا لخبَّابٍ (1) رضى الله عنه هل كان

_ الإطالة ثم يعرض ما يقتضي التخفيف كبكاء صبي ونحوه وينضم إلى هذا أنه قد يدخل في الصلاة في أثناء الوقت فيخفف وقيل إنما طول في بعض الأوقات وهو الأقل وخفف ف معظمها فالإطالة لبيان جوازها والتخفيف لأنه الأفضل وقد أمر صلى الله عليه وسلم بالتخفيف وقال " إن منكم منفرين فإيكم صلى بالناس فليخفف فإن فيهم السقيم والضعيف وذا الحاجة " وقيل طول في وقت وخفف في وقت ليبين أن القراءة فيما زاد على الفاتحة لا تقدير فيها من حيث الاشتراط بل يجوز قليلها وكثيرها وإنما المشترط الفاتحة ولهذا اتفقت الروايات عليها واختلف فيما زاد وعلى الجملة السنة التخفيف كما أمر به النبي صلى الله عليه وللعلة التي بينها وإنما طول في بعض الأوقات لتحققه انتفاء العلة فإن تحقق أحد انتفاء العلة طول قال (وأما اختلاف قدر القراءة في الصلوات) فهو عند العلماء على ظاهره قالوا فالسنة أن يقرأ في الصبح والظهر بطوال المفصل ويكون الصبح أطول وفي العشاء والعصر بأوساطه وفي المغرب بقصاره قالوا والحكمة في إطالة الصبح والظهر أنهما في وقت غفلة بالنوم آخر الليل وفي القائلة فيطولهما ليدركهما المتأخر بغفلة ونحوها والعصر ليست كذلك بل تفعل في وقت تعب أهل الأعمال فخففت عن ذلك والمغرب ضيقة الوقت فاحتيج على زيادة تخفيفها لذلك ولحاجة الناس إلى عشاء صائمهم وضيفهم والعشاء في وقت غاية النوم والنعاس ولكن وقتها واسع فاشبهت العصر والله أعلم اهـ م (وأما الجهر والإسرار بالقراءة في الصلوات) فقد اجمعت الأمة على أن الجهر يكون في ركعتي الصبح والجمعة والأوليين من المغرب والعشاء وعلى أن الأسرار في الظهر والعصر وثالثة المغرب والأخريين من العشاء (واختلفوا) في العيد والاستسقاء فجمهور الأئمة على أنه يجهر في العيدين (أما الاستسقاء) فذهب مالك والشافعي وأحمد إلى أنه يجهر فيهما وبه قال أبو يوسف ومحمد (وقال أبو حنيفة) لا صلاة في الاستسقاء وإنما فيها دعاء واستغفار (وأما الخسوف والكسوف) فقال جمهور الفقهاء يسر في كسوف الشمس ويجهر في خسوف القمر وقال الطبري يخير فيهما بين السر والجهر وقال ابن المنذر وابن خزيمة وإسحاق يجهر فيهما (وأما بقية النوافل) فالنهارية لا جهر فيها والليلية يخير فيها بين الجهر والاسرار (والجنازة) يسر فيها ليلاً ونهاراً وقيل يجهر بها ليلاً والله أعلم 563 عن أبي معمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبي معمر " الحديث " (غريبه) (1) بفتح الخاء

-[ما كان يستدل به على قراءة النبى صلى الله عليه وسلم فى الظهر والعصر]- رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الظُّهر والعصر؟ قال نعم (1) قال فقلنا بأىِّ شئٍ كنتم تعرفون ذلك؟ قال فقال باضطراب لحيته (564) عن عبد الله بن عبيد الله بن عبَّاسٍ قال دخلت أنا وفتيةٌ (2) من قريش على ابن عبَّاس، قال فسألوه هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الظُّهر والعصر؟ قال لا، فقالوا فلعلَّه كان يقرأ فى نفسه (3) قال خمشًا، هذه شرٌّ، (4) إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عبدًا مأمورًا بلَّغ ما أرسل به، وإنَّه لم يخصَّنا دون النَّاس إلاَّ بثلاث (5) أمرنا أن نسبغ الوضوء (6) ولا نأكل الصدَّقة (7) ولا ننرى (8) حمارًا على فرسٍ

_ ثم باء مشددة مفتوحة هو ابن الأرث بفتح الهمزة والراء صحابي جليل وهو عربي لحقه سباء في الجاهلية فبيع بمكة وكان من السابقين إلى الإسلام وممن عذب في الله تعالى وكان سادس ستة في الإسلام قال مجاهد أول من أظهر إسلامه من الصحابة أبو بكر وخباب وصهيب وبلال وعمار وسمية أم عمار فكان أبو بكر رضي الله عنه يمنه عنه قومه وأما الآخرون فكانوا يعذبونهم وهم صابرون رضي الله عنهم وستأتي ترجمته مستوفاة في كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (1) لعلهم ظنوا أنه لا قراءة في الظهر والعصر لعدم الجهر بالقراءة فيهما فسألوا خبايا ليتثبتوا (تخريجه) (خ. نس. جه. هق. والطحاوي) 564 عن عبد الله بن عبيد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا موسى بن سالم أبو جهضم ثنا عبد الله بن عبيد الله بن عباس " الحديث " (غريبه) (2) جمع فتى وهو الشاب وفي رواية أبي داود " دخلت على ابن عباس في شباب من بني هاشم " والشباب جمع شاب وهو من بلغ الحلم إلى الثلاثين (3) أي سراً (وقوله خمشاً) بالشين المعجمة مصدر خمش من بابي ضرب ونصر أي دعا عليه بخموش جلده أو وجهه كما يقال جدعاً له وطعناً (4) رواية أبي داود هذه شر من الأولى أي مسألتك الثانية شر لأنها تتضمن اتهامه صلى الله عليه وسلم بالكتمان ولذلك قال (كان عبداً مأمور بلغ ما أرسل به) فأفعل التفضيل ليس على بابه لأن المسألة الأولى لا شر فيها (5) لعل ابن عباس رضي الله عنهما فهم من حال السائل أنه صلى الله عليه وسلم كان يخص آل بيته ببعض المسائل الدينية فقال ذلك (6) أي نتمه (7) أي واختصنا صلى الله عليه وسلم أن لا نأكل الزكاة لما روى مسلم وغيره عن عبد المطلب بن ربيعة مرفوعاً " إن هذه الصدقات إنما هي أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمد " (8) أي لا نحمله عليها للنسل يقال نزا على الشيء ينزو إذا وثب عليه ويتعدى بالهمز

-[من قال بعدم القراءة فى الظهر والعصر]- (565) عن عكرمة عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال قرأ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فى صلواتٍ وسكت (1) فنقرأ فيما قرأ فيهنَّ نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم ونسكت فيما سكت، فقيل له فلعلَّه كان يقرأ فى نفسه، فغضب منها وقال أيتَّهم (وفى روايةٍ أنتَّهم) رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) (566) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال قد حفظت السُّنَّة

_ والتضعيف فيقال أنزاه صاحبه ونزاه ينزيه أي حمله على النزو واستشكل اختصاص آل البيت بإسباغ الوضوء وبالنهي عن إنزاء الحمار على الفرس والناس كلهم في ذلك سواء (وأجيب) بأن إسباغ الوضوء في حقهم للوجوب وفي حق غيرهم للندب ولعل وجوب كل أعمال الوضوء عليهم كان في صدر الإسلام وبأن النهي عن انزاء الحمار على الفرس في حقهم للتحريم وفي حق غيرهم للكراهة وشدد على أهل البيت دون غيرهم لمزيد شرفهم ولأنه يقتدي بهم والحكمة في النهي عن ذلك كما قاله الخطابي أن الحمر إذا حملت على الخيل قل عددها وانقطع نماؤها وتعطلت منافعها والخيل يحتاج إليها للركوب والركض والجهاد وإحراز الغنائم وغير ذلك من المنافع وليس للبغال شيء من هذه فأحب أن يكثر نسلها ليكثر الانتفاع لها اهـ (تخريجه) (د. نس. والطحاوي) وسنده جيد 565 عن عكرمة عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن سعيد وابن جعفر ثنا سعيد المعنى وقال ابن أبي عدي عن سعيد عن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس " الحديث " (غريبه) (1) يعني أنه سكت في الظهر والعصر وهذا باعتبار علمه وقتئذ فقد ثبت الأمر بالقراءة عن كثير من الصحابة ولعل ابن عباس لم يبلغه قراءة صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر إذ ذاك فلما بلغه رجع عنه فقد روى أبو بكر بن أبي شيبة من طريق سلمة بن كهيل عن الحسن العربي عن ابن عباس قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر " وروى الطحاوي في شرح معاني الآثار عن يزيد بن هارون قال أنبأنا إسماعيل بن أبي خالد عن العيزار بن حريث عن ابن عباس قال " اقرأ خلف الإمام بفاتحة الكتاب في الظهر والعصر " وروى عن العيزار أيضاً قال شهدت ابن عباس فسمعته يقول لا تصل صلاة إلا قرأت فيها ولو بفاتحة الكتاب (2) يعني أنه صلى الله عليه وسلم لم يكتم شيئاً أمر بتبليغه فلو كان يقرأ في الظهر والعصر لبلغنا ذلك وقد علمت ما فيه (تخريجه) (خ) ولفظه " قرأ النبي صلى الله عليه وسلم فيما أمر وسكت فيما أمر وما كان ربك نسياً لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة " 566 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج بن

-[حجة من قال بالقراءة فى الظهر والعصر]- كلَّها (1) غير أنِّي لا أدرى أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الظُّهر والعصر أم لا، (2) (زاد في روايةٍ ولكنَّا نقرأ) ولا أدرى كيف كان يقرأ هذا الحرف (وقد بلغت من الكبر عتيًّا أو عسيًّا) (3) (567) عن المطَّلب بن عبد الله قال تماروا فى القراءة في الظُّهر والعصر فأرسلوا إلى خارجة بن زيدٍ فقال قال أبى (4) قام أو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيل القيام ويحرِّك شفتيه فقد أعلم ذلك لم يكن إلاَّ لقراءة (5)

_ النعمان ثنا هشيم أنا حصين عن عكرمة عن ابن عباس " الحديث " (غريبه) (1) أي معظمها وكان يقال لابن عباس حبر الأمة والبحر لكثرة علمه دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة وحنكه بريقه حين ولد وثبت في صحيح البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم ضم ابن عباس إلى صدره وقال " اللهم علمه الكتاب " وله في رواية أخرى " اللهم علمه الحكمة " ولمسلم في رواية " اللهم فقهه " وعند الإمام أحمد " اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل " ومناقبه كثيرة سنذكرها في كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (2) المعنى أن ابن عباس رضي الله عنهما شك في قراءته صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر وقد روى عنه الجزم بعد القراءة كما تقدم وروى عنه أيضاً ثبوت القراءة فكيف الجمع بين هذه الروايات؟ (قلت) كيفية الجمع أن يقال أنه جزم أولاً بعد القراءة كما تفيده رواياته السابقة ولما تكلم بعض الصحابة بأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فيهما تشكك فقال لا أدري ولما تواترت أخبار الصحابة بالقراءة جزم بالقراءة فيهما والله أعلم (3) يعني ابن عباس رضي الله عنهما شك أيضاً في القراءة في قوله تعالى حكاية عن زكريا (وقد بلغت من الكبر عتياً) هل قرأ النبي صلى الله عليه وسلم عتياً بالتاء الفوقية أو عسياً بالسين المهملة لأن معناهما واحد يقال عتا أي عسى عظمه ونجل ولم يبق فيه لقاح ولا جماع والعرب تقول للعود إذا يبس عتا يعتو عتياً وعتواً وعسى يعسو عسواً وعسياً (تخريجه) (د) وابن جرير في تفسيره وسنده جيد 567 عن المطلب بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد ثنا كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله " الحديث " (غريبه) (4) يعني زيد ابن ثابت رضي الله عنه (وقوله قام أو كان) شك الراوي هل قام زيد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيل القيام أو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيل القيام أو كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيل القيام (5) يعني أن زيداً رضي الله عنه كان يستدل على قراءته صلى الله عليه وسلم في الظهر والعصر بتحريك شفتيه وفي حديث أبي الأحوص الآتي بعد هذا عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال (كانت تعرف قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في الظهر

-[ثبوت القراءة فى الظهر والعصر]- (568) عن أبي الأحوص عن بعض أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال كانت تعرف قراءة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فى الظُّهر بتحريك لحيته (569) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه قال كنَّا نحرر (1) قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظُّهر والعصر، قال فحزرنا قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الظُّهر الرَّكعتين الأوليين قدر قراءة ثلاثين آيةً (2) قدر قراءة سورة آلم تنزيل السَّجدة، قال وحزرنا قيامه في الأخريين على النَّصف من ذلك، قال وحزرنا قيامه فى العصر فى الرَّكعتين الأوليين على النَّصف من ذلك (3) قال وحزرنا قيامه فى الأخريين فى النِّصف من الأوليين

_ بتحريك لحيته) وكل من تحريك شفتيه أو لحيته ليس كافياً في الدلالة على القراءة لاحتمال انه صلى الله عليه وسلم كان يشتغل بتسبيح أو ذكر فلا بد من قرينة أخرى تعيين القراءة ولعلهم قاسوا هاتين الصلاتين على الصلاة الجهرية سيما إذا انضم إلى ذلك قول أبي قتادة (فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ويسمعنا الآية أحيانا) وهو حديث صحيح رواه الشيخان والإمام احمد وتقدم في باب قراءة السورة بعد الفاتحة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه كثير بن زيد واختلف في الاحتجاج به 568 عن أبي الأحوص (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدي عن سفيان بن أبي الزعراء عن أبي الأحوص " الحديث " (تخريجه) لم أقف عليه وقال الهيثمي رواه أحمد ورجاله ثقات 569 عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم ثنا منصور يعني ابن زاذان عن الوليد بن مسلم عن أبي المتوكل أو عن أبي الصديق عن أبي سعيد الخدري " الحديث " (غريبه) (1) بتقديم الزاي على الراء من باب ضرب وقتل أي تقدر قيامه للقراءة في صلاتي الظهر والعصر (2) أي في كل ركعة كما في رواية سلم " كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية " (3) أي قدر الأخريين من الظهر كما صرح بذلك في رواية أبي داود (تخريجه) (م. د. نس والطحاوي وغيرهم)

-[تطويل الركعة الأولى من صلاة الظهر]- (570) عن ربيعة بن يزيد قال حدَّثنى فزعة قال أتيت أبا سعيدٍ وهو مكثورٌ (1) عليه، فلمَّا تفرَّق النَّاس عنه قلت إنِّى لا أسألك عمَّا يسألك هؤلاء عنه، قلت أسألك عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال مالك فى ذلك من خيرٍ، (2) فأعادها عليه، فقال كانت صلاة الظُّهر تقام فينطلق أحدنا إلى البقيع فيقضى حاجته ثمَّ يأتى أهله فيتوضَّأ ثمَّ يرجع إلى المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى الرَّكعة الأولى (571) عن عبد الله بن أبى أوفي رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقوم فى الرَّكعة الأولى من صلاة الظُّهر حتَّى يسمع وقع (2) قدم (572) عن جابر بن سمرة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الظُّهر بسبِّح اسم ربِّك الأعلى ونحوها، وفى الصُّبح بأطول من ذلك،

_ 570 عن ربيعة بن يزيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدي قال حدثني معاوية يعني ابن صالح عن ربيعة بن يزيد " الحديث " (غريبه) (1) أي عنده ناس كثيرون للاستفادة منه (2) معناه أنك لا تستطيع الإتيان بمثلها لطولها وكمال خشوعها وان تكلفت ذلك شق عليك ولم تحصله فتكون قد علمت السنة وتركتها 0 تخريجه) (م. وغيره) 571 عن عبد الله بن أبي أوفى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام محمد بن جحادة (بتقديم الجيم وضمها) عن رجل عن عبد الله بن أبي أوفي " الحديث " (غريبه) (3) أي حتى لا يحس بداخل وهو غاية للتطويل في القيام للقراءة في الركعة الأولى من الظهر (تخريجه) رواه أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة عن عفان بسند حديث الباب وفيه رجل لم يسم وهو طرفة الحضرمي صاحب ابن أبي أوفى مقبول من الخامسة لم يقع مسمى في رواية أبي داود اهـ (قلت) وبقية رجال حديث الباب ثقات 572 عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان ابن داود ثنا شعبة عن سماك سمع جابراً يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث ط (تخريجه) (م. وغيره)

-[مقدار القراءة في الظهر والعصر]- (573) عن أبي العالية قال اجتمع ثلاثون من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقالوا أمَّا ما يجهر فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقراءة فقد علمناه، وما لا يجهر فيه فلا نقيس بما يجهر به، قال فاجتمعوا فما اختلف منهم اثنان أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الظُّهر قدر ثلاثين آيةً فى الرَّكعتين الأوليين فى كلِّ ركعةٍ، وفى الرَّكعتين الأخريين قدر النِّصف من ذلك،

_ 573 عن أبي العالية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا المسعودي عن زيد العمي عن أبي نضرة قال يزيد أنا سفيان عن زيد العمي عن أبي العلاية " الحديث " (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وهو ثقة ولكنه اختلط ويقال أن يزيد بن هارون سمع منه في حال اختلاطه والله أعلم اهـ (قلت) الحديث له شاهد عند مسلم والنسائي والطحاوي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم " كان يقرأ في صلاة الظهر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية وفي الأخريين قدر خمس عشرة آية أو قال نصف ذلك وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر خمس عشرة آية أو قال نصف ذلك وفي العصر في الركعتين الأوليين في كل ركعة قدر ثلاثين آية وفي الآخريين قدر قراءة خمس عشرة آية وفي الآخريين قدر نصف ذلك " وهذا لفظ مسلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية القراءة في الظهر والعصر وأما إنكار ابن عباس رضي الله عباس رضي الله عنهما ذلك فكان في أول الأمر ثم ثبت عنه الرجوع إلى القراءة كما تقدم (قال الخطابي رحمه الله) وهذا وهم من ابن عباس قد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقرأ في الظهر والعصر من طريق كثيرة (منها) حديث أبي قتادة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأوليين بفاتحة الكتاب وسورتين ويسمعنا الآية أحيانا (ومنها) حديث خباب " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر فقيل له بم كنتم تعرفون؟ قال باضطراب لحيته؟ اهـ (وفي أحاديث الباب أيضاً) دلالة على تطويل القراءة في الركعتين الأوليين من الظهر بقدر ثلاثين آية في كل ركعة وفي الركعتين الأوليين من العصر في كل ركعة قدر خمس عشرة آية وقد وردت أحاديث مختلفة في قدر القراءة في الظهر والعصر (قال الترمذي رحمه الله) وقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ في الظهر قدر تنزيل السجدة وروى عنه أنه كان يقرأ في الركعة الأولى من الظهر قدر ثلاثين آية وفي الركعة الثانية قدر خمس عشرة آية وروى عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في الظهر بأوساط المفصل ورأى بعض أهل العلم أن قراءة صلاة العصر كنحو القراءة في صلاة المغرب يقرأ بقصار المفصل

-[القراءة في المغرب بسورة والطور]- ويقرأ في العصر فى الأوليين بقدر النِّصف من قراءته في الرَّكعتين الأوليين من الظُّهر، وفي الأخريين قدر النَّصف من ذلك (23) باب القراءة فى المغرب (574) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا محمَّد بن جعفرٍ وبهزٌ قالا ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم قال سمعت بعض إخونى يحدِّث عن أبى عن جبير (1) ابن مطعمٍ أنَّه أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم في فداء المشركين قال بهزٌ فى فداء أهل بدرٍ، وقال ابن جعفرٍ وما أسلم يومئذٍ، قال فانتهيت إليه وهو يصلِّى المغرب وهو يقرأ فيها بالطُّور، قال فكأنَّما صدع قلبي (2) حيث سمعت القرآن، وقال

_ وروي عن إبراهيم النخمي أنه قال تعدل صلاة العصر بصلاة المغرب في القراءة وقال إبراهيم تضعف صلاة الظهر على صلاة الظهر على صلاة العصر في القراءة أربع مرار اهـ (قلت وفي الباب أيضاً) عند مسلم من حديث جابر بن سمرة قال " كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر بالليل إذا يغشى وفي العصر نحو ذلك وفي الصبح أطول من ذلك " وعنه في رواية أخرى عند أبي داود والترمذي وصححه " كان يقرأ في الظهر بو السماء ذات البروج " وعنه في رواية أخرى عند أبي داود والترمذي وصححه " كان يقرأ في الظهر بو السماء ذات البروج والسماء والطارق وشبههما " (وعن البراء بن عازب) أنه صلى الله عليه وسلم قرأ من سورة لقمان والذاريات في صلاة الظهر " أخرجه النسائي (وعن أنس) " أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في الأولى من الظهر بسبح اسم ربك العلى وفي الثانية هل أتاك حديث الغاشية " أخرجه أيضاً النسائي (قال الحافظ) في الفتح وجمع بينها بوقوع ذلك في أحوال متغايرة إما لبيان الجواز أو لغير ذلك من الأسباب واستدل ابن العربي باختلافها على عدم مشروعية سورة معينة في صلاة معينة وهو واضح فيما اختلف لا فيما لم يختلف كتنزيل وهل أتى في صبح يوم الجمعة اهـ كلام الحافظ (قلت) وقوله كتنزيل (يعني ألم تنزيل الكتاب لا ريب فيه) سورة السجدة 574 حدثنا عبد الله (غريبه) (1) جبير بالتصغير ومطعم بضم الميم وكسر العين بينهما طاء مهملة ساكنة ابن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي النوفلي قدم على النبي صلى اله عليه وسلم في وفد أسارى بدر فسمعه يقرأ الطور قال فكان ذلك أول ما دخل الإيمان في قلبي روى ذلك البخاري في الصحيح وقال له النبي صلى الله عليه وسلم لو كان أبوك حياً وكلمني فيهم وهبتهم له وأسلم جبير ببن الحديبية والفتح وقيل في الفتح وقال البغوي أسلم قبل فتح مكة ومات في خلافة معاوية أفاده الحافظ (ص) (2) أي انشق وتمزق لشدة تأثره

-[القراءة في المغرب بسورة الأعراف فى الركعتين]- بهزٌ في حديثه فكأنِّما صدع قلبي حين سمعت القرآن (575) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا محمَّد بن جعفرٍ ثنا ابن جريجٍ عن ابن أبى مليكة أخبرنى عروة بن الزُّبير أنَّ مروان أخبره أنَّ زيد بن ثابتٍ قال له مالى أراك تقرأ فى المغرب بقصار السُّور، قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فيها بطولى الطُّوليين، قال ابن أبى مليكة (وفى روايةٍ قلت (1) لعروة) ما طولى الطُّوليين قال الأعراف (576) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا وكيعٌ ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبى أيوب أو (2) عن زيد بن ثابتٍ أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قرأ فى المغرب بالأعراف في الرَّكعتين

_ بسماع القرآن وفي رواية للبخاري في التفسير بلفظ سمعته يقرأ في المغرب بالطور فلما بلغ هذه الآية " أم خلقوا من غير شيء أم هم الخالقون " الآيات التي قوله المصيطرون كاد قلبي يطير (تخريجه) (ق. د. نس. جه) كلهم من طريق محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه بلفظ (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بالطور في المغرب) وللإمام أحمد رحمه الله روايات أخرى من هذا الطريق بهذا اللفظ وبأطول منه (فمن الطوال) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد قال ثنا محمد بن عمرو عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال (قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أهل بدر فقام فصلى بالناس صلاة الغرب فقرأ بالطور) وقد أتيت بهذا الطريق دفعاً لما يتوهم من أن الإمام أحمد لم يرو هذا الحديث من طريق محمد بن جبير عن أبيه كما رواه الجماعة 575 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر الخ (غريبه) (1) أي قال ابن أبي مليكة لعروة ما طولي الطوليين قال الأعراف زاد أبو داود في روايته (والأنعام قال " يعني ابن جريج " وسألت أنا ابن أبي مليكة فقال لي من قبل نفسه المائدة والأعراف) اهـ (قلت) والثانية من الطوليين الأنعام قال الحافظ وهو المحفوظ قال ابن المنير تسمية الأعراف والأنعام بالطوليين إنما هو لفرق فيهما لا أنهما أطول من غيرهما اهو قيل ثانية الطوليين المائدة كما ذكره ابن أبي مليكة وقيل يونس والله أعلم (تخريجه) (خ. والثلاثة. هق. طب) 576 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع (غريبه) (2) شك الراوي

-[القراءة في المغرب بالمرسلات]- (577) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما أنَّه قال إنَّ أمِّ الفضل بنت الحارث (1) سمعته (2) وهو يقرأ والمرسلات عرفًا فقالت يا بنىَّ لقد ذكَّرتنى (3) بقراءتك هذه السوُّرة، إنَّها لآخر ما سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقرأ بها في المغرب (578) عن أمِّ الفضل بنت الحارث رضى الله عنها قالت صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيته متوشِّحًا فى ثوبٍ المغرب فقرأ المرسلات، ما صلَّى بعدها حتَّى قبض صلَّى الله عليه وآله وسلَّم (579) عن حنظلة السُّدوسىِّ قال قلت لعكرمة إنِّى أقرأ في صلاة

_ فيمن روى هذا الحديث من الصحابة هل هو أبو أيوب أو زيد بن ثابت وقد روى هذا الحديث عن كل واحد منهما منفرداً وسيأتي بيان ذلك في التخريج (تخرجيه) أورده الهيثمي بلفظه وقال رواه أحمد والطبراني وحديث زيد بن ثابت في الصحيح خلا قوله فرقها في الركعتين ورجال أحمد رجال الصحيح اهـ (قلت) وأخرجه أيضاً ابن أبي شيبة في مصنفه عن أبي أيوب وأخرجه ابن خزيمة عن زيد بن ثابت وأخرج مثله النسائي عن عائشة وقد استدل الخطابي وغيره بالحديث على امتداد وقت المغرب إلى غروب الشفق والله أعلم 577 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن بن مهدي عن مالك وحدثنا حماد بن خالد قال ثنا مالك المعنى عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس " الحديث " (غريبه) (1) هي والدة ابن عباس الراوي عنها وبذلك صرح الترمذي فقال (عن أمه أم الفضل) واسمها لبابة بنت الحارث الهلالية ويقال إنها امرأة أسلمت بعد خديجة (2) أي شيئاً نسيته (ت. لك والثلاثة وغيرهم) 578 عن أم الفضل (سنده) حدثنا عبد الله حدود ثنا عبد العزيز بن أبي سلمة عن حميد عن أنس عن أم الفضل " الحديث " (تخريجه) (نس. هق) وسنده جيد 579 عن حنظلة السدوسي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان

-[القراءة في المغرب بالمعوذتين]- المغرب بقل أعوذ بربِّ الفلق وقل أعوذ بربِّ النَّاس، وإنَّ ناسًا يعيبون ذلك علىَّ، فقال وما بأسٌ بذلك، اقرأهما فإنَّهما من القرآن، ثمَّ قال حدَّثنى ابن عباسٍ رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم جاء فصلَّى ركعتين لم يقرأ فيهما إلا بأمِّ الكتاب (580) عن يزيد بن أبى حبيب قال حدَّثنى أبو عمران أنَّه سمع عقبة بن عامرٍ يقول تعلَّقت بقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أقرئنى سورة هودٍ وسورة يوسف، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عقبة بن عامرٍ لم تقرأ سورةٌ أحبُّ إلى الله عزَّ وجلَّ ولا أبلغ عنده من قل أعوذ بربِّ الفلق، قال يزيد لم يكن أبو عمران يدعها، وكان لا يزال يقرؤها فى صلاة المغرب

_ ثنا عبد الوارث ثنا حنظلة السدوسي " الحديث " (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير وفيه حنظلة السدوسي ضعفه ابن معين وغيره ووثقه ابن حبان اهـ 580 عن يزيد بن أبي حبيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة وابن لهيعة قال سمعنا يزيد بن أبي حبيب يقول حدثني أبو عمران " الحديث " (تخريجه) راه النسائي بمثل حديث الباب إلى قوله قل أعوز برب الفلق وليس فيه قال يزيد الخ الحديث وسنده جيد (وفي الباب) عن زيد بن ثابت (كان يقرأ في الركعتين من المغرب بسورة الأنفال) رواه الطبراني ف الكبير ورجاله رجال الصحيح (وعن عمر) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في المغرب الذين كفروا وصدوا عن سبيل الله رواه الطبراني في الثلاثة ورجاله رجال الصحيح (وعن عبد الله بن زيد) أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بالتين وه الطبراني في الكبير وفيه جابر الجعفي وثقه شعبة وسفيان وضعفه بقية الأئمة (وعن عبد الله بن الحارث) بن عبد المطلب " آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فقرأ في الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى وفي الثانية يقل يا أيها الكافرون " رواه الطبراني في الكبير وفيه حجاج بن نصير ضعفه ابن المديني وجماعة ووثقه ابن معين في رواية ووثقه ابن حبان ذكر هذه الأحاديث الأربعة مع بيان درجاتها الهيثمي في مجمع الزوائد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في المغرب بطوال المفصل وأحياناً

-[القراءة في العشاء بسورتى البروج والطارق]- (24) باب القراءة فى العشاء (581) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أمر أن يقرأ بالسَّموات (1) فى العشاء (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (2) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى العشاء الآخرة بالسَّماء يعني ذات البروج والسَّماء والطارق

_ بقصاره وقرأ في بعض الأحيان بطولي الطوليين في الركعتين وأنه صلى الله عليه وسلم لم يلتزم حالة واحدة في القراءة (قال الحافظ) وطريق الجمع بين هذه الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم كان أحياناً يطيل القراءة في المغرب إما لبيان الجواز وإما لعلمه بعدم المشقة على المأمومين اهـ (ف) وقال ابن خزيمة في صحيحه هذا من الاختلاف المباح فجائز للمصلى أن يقرأ في المغرب وفي الصلوات كلها بما أحب إلا أنه إذا كان إماماً استحب له أن يخفف في القراءة اهـ (وقال الترمذي) روى عن عمر أنه كتب إلى أبي موسى أن اقرأ في المغرب بقصار المفصل وروى عن أبي بكر أنه قرأ في المغرب بقصار المفصل قال وعلى هذا العمل عند أهل العلم وبه يقول ابن المبارك وأحمد وإسحاق قال الشافعي لا اكره ذلك بل أستحب أن يقرأ بهذه السور في صلاة المغرب اهـ كلام الترمذي (قال الحافظ) وكذا نقله البغوي في شرح السنة عن الشافعي والمعروف عند الشافعية أنه لا كراهية في ذلك ولا استحباب (وأما مالك) فاعتمد العمل بالمدينة بل وبغيرها (قال ابن دقيق) العيد استمر العمل على تطويل القراءة في الصبح تصيرها في المغرب والحق عندنا أن ما صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك وتثبتت مواظبته عليه فهو مستحب وما لا تثبت مواظبته عليه فلا كراهة فيه اهـ (ف) والله أعلم 581 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا حماد بن عباد السدوسي قال أنا المهزم يحدث عن أبي هريرة (الحديث) (غريبه) (1) المراد بالسموات هنا والسماء ذات البروج والسماء والطارق كما فسرت بذلك في الطريق الثانية (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا رزيق يعني ابن أبي سلمى ثنا أبو المهزم عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث " (تخريجه) أورده الهيثمي بطريقيه وقال رواهما أحمد وفيهما أبو المهزم ضعفه شعبة وابن المديني وأبو زرعه وأبو حاتم والنسائي وقال أحمد ما أقرب حديثه (قلت) قال الحافظ أبو المهزم بتشديد الزاي مكسورة التميمي البصري اسمه يزيد وقيل عبد الرحمن بن سفيان متروك من الثالثة اهـ (تق)

-[القراءة في العشاء بالتين والشمس وضحاها وبأطول من ذلك]- (582) عن البراء (بن عازبٍ رضى الله عنه) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى سفرٍ فقرأ فى العشاء الآخرة فى إحدى الرَّكعتين بالتِّين والزَّيتون (زاد فى روايةٍ) وما سمعت إنسانًا أحسن قراءةً منه (وفى أخرى) فلم أسمع أحسن صوتًا ولا أحسن صلاةً منه (583) عن عبد الله بن بريدة (الأسلمىِّ) عن أبيه أنَّ رسول لله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى صلاة العشاء بالشَّمس وضحاها وأشباهها من السُّور (584) عن أبى مجلزٍ قال صلَّى أبو موسى الأشعرىُّ رضى الله عنه بأصحابه وهو مرتحلٌ من مكَّة إلى المدينة فصلَّى العشاء ركعتين ثمَّ قام فقرأ مائة آيةٍ من سورة النِّساء فى ركعةٍ فأنكروا ذلك عليه فقال ما ألوت (1) أن أضع قدمى حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمه، وأن أصنع مثل ما صنع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم

_ 582 عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا شعبة ثنا عدي بن ثابت عن البراء (الحديث) (تخريجه) (ق. مذ. هق. وغيرهم) 583 عن عبد الله بن بريدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد ابن الحباب حدثني حسين بن واقد حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه " الحديث " 584 عن أبي مجاز (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا ثابت قال ثنا عاصم عن أبي مجاز " الحديث " (غريبه) (1) أي ما قصرت " وقوله " أن أضع قدمي إلى آخره مبالغة في شدة الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في كل شيء والمعنى أني ما فعلت شيئاً باجتهادي وإنما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا فعلته اقتداء به صلى الله عليه وسلم (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (وفي الباب) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال " يا معاذ أفتان أنت؟ أو قال أفاتن أنت؟ فلولا صليت بسبح اسم ربك الأعلى والشمس وضحاها والليل إذا يغشى " وهو طرف من حديث طويل رواه الشيخان والإمام أحمد وكان ذلك في صلاة العشاء وسيأتي الحديث بطوله في باب قصة معاذ في تطويل الصلاة من أبواب الجماعة إن شاء الله تعالى (قال

-[القراءة في الصبح بق~ ويس~]- (25) باب القراءة فى الصبح وصبح يوم الجمعة (585) عن سماك بن حربٍ عن رجلٍ من أهل المدينة أنَّه صلَّى خلف النَّبىِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فسمعه يقرأ في صلاة الفجر ق~ والقرآن المجيد ويس~ والقرآن الحكيم (586) عن عمرو بن حريث (رضى الله عنه) قال سمعت رسول الله

_ الترمذي) وروى عن عثمان بن عفان أنه كان يقرأ في العشاء بسور من أوساط المفصل نحو سورة المنافقين وأشباهها وروى عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والتابعين أنهم قرءوا بأكثر من هذا وأقل كأن الأمر عندهم واسع في هذا وأحسن شيء في ذلك ما روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ بالشمس وضحاها والتين والزيتون اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية القراءة في العشاء بأوساط المفصل كما حكاه الترمذي عن الصحابة والتابعين وتقدم حديث سليمان بن يسار عن أبي هريرة في باب جامع القراءة وفيه " ويقرأ في الأوليين من العشاء من وسط المفصل " وفي حديث معاذ الذي أشرنا إليه مشروعية التخفيف للإمام لما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في بعض رواياته بلفظ " فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير " وفي لفظ " فإن خلفه الضعيف والكبير وذا الحاجة " (قال أبو عمر) التخفيف لكل إمام أمر مجمع عليه مندوب عند العلماء إلي إلا أن ذلك إنما هو أقل الكمال وأما الحذف والنقصان فلا لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن نقر الغراب ورأي رجلاً يصلي ولم يتم ركوعه وسجوده فقال له ارجع فصل فإنك لم تصل وقال لا ينظر الله عز وجل إلى من لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده وقال أنس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخف الناس صلاة في تمام قال ابن دن الأمور الإضافية فقد يكون الشيء ضعيفاً بالنسبة إلى عاد قوم طويلاً بالنسبة إلى عاد آخرين اهـ 585 عن سماك بن حرب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا أبو عوانة عن سماك بن حرب الخ (تخريجه) لم أقف عليه وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح 586 عن عمرو بن حريث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مسعر

-[القراءة في الصبح بق أو التكوير]- صلى الله عليه وسلم بقرأ في الفجر إذا الشَّمس كوِّرت (1) وسمعته يقول واللَّيل إذا عسعس (2) (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (3) قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقرأ لا أقسم بالخنَّس (4) الجوار الكنَّس (5) (587) عن قطبة بن مالكٍ رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الفجر {والنَّخل باسقاتٍ} (6) (588) عن أم هشامٍ بنت حارثة بن النُّعمان رضى الله عنها قالت ما أخذت ق~ والقرآن المجيد إلاَّ من وراء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، كان يصلِّى بها فى الصُّبح (589) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال كانت صلاة رسول الله

_ والمسعودي عن الوليد بن سريع عن عمرو بن حريث " الحديث " (غريبه) (1) أي ذهب بضوئها من كورت العمامة إذا لففتها أي يلف ضوؤها لفاً فيذهب انبساطه وانتشاره في الآفاق (2) أي أقبل بظلامه أو أدبر فهو من الأضداد (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحجاج المحاربي عن أبي الأسود عن عمرو بن حريث قال صليت " الحديث " (4) قيل هي النجوم الخمسة زحل والمشتري والمريخ والزهرة وعطار تجري مع الشمس والقمر وتخنس أي ترجع حتى تختفي تحت ضوء الشمس (وقوله الجوار) أي السيارة (5) أي الغيب من كنس الوحش إذا دخل كناسه فخنوسها رجوعها وكنوسها اختفاؤها تحت ضوء الشمس وقيل هي جميع الكواكب والله أعلم (تخريجه) (م. هق. والأربعة) 587 عن قطبة بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعلى ثنا مسعر عن زياد بن علاقة عن عمه قطبة بن مالك " الحديث " (غريبه) (6) أي طويلات (تخريجه) (م. والأربعة. وغيرهم) ولفظ مسلم " قال صليت وصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأ ق والقرآن المجيد حتى قرأ والنخل باسقات قال فجعلت أرددها ولا أدري " 588 عن أم هشام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن موسى قال عبد الله وسمعته أنا من الحكم قال ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال قال ذكره يحيى ابن سعيد عن عمرة عن أم هشام الخ (تخريجه) (نس) وسنده لا بأس به 589 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا حميد

-[القراءة في الصبح بالواقعة ونحوها]- صلى الله عليه وسلم متقاربة (1) وأبو بكرٍ حتَّى كان عمر فمدَّ فى صلاة الغد (2) (590) عن سماك بن حربٍ قال سألت جابر (بن سمرة) رضى الله عنه عن صلاة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال كان يخفِّف ولا يصلِّى صلاة هؤلاء، قال ونبَّأنى أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى الفجر بق~ والقرآن المجيد ونحوها (591) وعنه أيضًا أنه سمع جابر بن سمرة رضى الله عنه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّي الصَّلوات كنحوٍ من صلاتكم الَّتي تصلُّون اليوم ولكنَّه كان يخفِّف، كانت صلاته أخفَّ من صلاتكم، وكان يقرأ في الفجر الواقعة ونحوها من السُّور (592) عن أبى برزة الأسلمىِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان

_ عن أنس " الحديث " (غريبه) (1) أي وسطاً ليست بالطويلة جداً ولا القصيرة (2) أي أطال فيها ولعله فعل ذلك لكون الناس لم يبادروا بالمجيء إلى المسجد كما كان ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطالها ليدرك الناس الجماعة أو نحو ذلك من الأمور التي فيها مصلحة (تخريجه) (م وغيره) 590 عن سماك بن حرب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا زهير ثنا سماك بن حرب " الحديث " (تخريجه) (م وغيره) 591 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا إسرائيل ويحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن سماك بن حرب أنه سمع جابر بن سمرة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث " (تخريجه) (عب) وسنده جيد (وروى مسلم) عن جابر بن سمرة أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يقرأ في الفجر " بق والقرآن المجيد " وكانت صلاته بعد تخفيفاً " وورد أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في الصبح بالمعوذتين أخرجه النسائي (وروى أبو داود) بسنده عن رجل من جهينة " أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في الصبح إذا زلزلت الأرض في الركعتين كلتيهما قال فلا أدري أنسي رسول الله صلى الله عليه وسلم أم قرأ ذلك عمد " ورجاله رجال الصحيح وجهالة الصحابي لا تضر عند الجمهور 592 عن أبي برزة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معتمر قال أنبأني

-[القراءة في صبح يوم الجمعة بسورة السجدة وهل أتى على الانسان]- نقرأ في صلاة الغداة بالسِّتِّين إلى المائة (593) عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصُّبح يوم الجمعة الم~ تنزيل وهل أتي، وفى الجمعة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون (594) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال صلَّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرَّاتٍ فقرأ السَّجدة في المكتوبة (1)

_ أبي عن أبي المنهال عن أبي برزة " الحديث " (تخريجه) (م. نس. جه) 593 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن شعبة حدثني مخول عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس " الحديث " (تخريجه) (م. والثلاثة) ولم يذكر الترمذي الشق الأخير منه 594 عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن جابر عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عمر " الحديث " (غريبه) (1) يعني سورة السجدة ولم يبين في أي صلاة من المكتوبات قرأها والظاهر أن ذلك كان في صلاة الصبح أخذا من حديث ابن عباس المتقدم (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (وفي الباب أيضاً) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في صلاة الصبح يوم الجمعة (ألم تنزيل وهل أتى على الإنسان) رواه مسلم والبخاري والنسائي وابن ماجه (وعن ابن مسعود) عند ابن ماجه والطبراني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " كان يقرأ في صلاة الفجر يوم الجمعة ألم تنزيل وهل أتى " ورجاله ثقات وفيه غير ذلك (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب تطويل القراءة في صلاة الصبح بنحو ما ذكر فيها مع مراعاة المأمومين فإن كان فيهم أحد من ذوي الأعذار فللإمام أن يقتصر على قصار المفصل وقد فعل النبي صلى الله عليه وسلم كل ذلك ولنا برسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة (وفيها أيضاً) مشروعية قراءة ألم تنزيل السجدة وهل أتى على الإنسان إلى أخرهما في صبح يوم الجمعة (قال العراقي) وممن كان يفعله من الصحابة عبد الله بن عباس ومن التابعين إبراهيم ابن عبد الرحمن بن عوف وهو (مذهب الشافعي وأحمد) وأصحاب الحديث وكرهه مالك وآخرون اهـ (قلت) أما السجود عند تلاوة آية السجدة في صبح يوم الجمعة فقد قال الحافظ ليس في شيء من الطريق التصريح بأنه صلى اله عليه وسلم سجد لما قرأ سورة تنزيل (يعني ألم

-[مذاهب العلماء فى حكم السجدة فى صبح يوم الجمعة]- (26) باب جامع صفة القراءة من سر وجهر ومد وترتيل وغير ذلك (595) عن علّىٍ رضى الله عنه قال كان أبو بكرٍ رضى الله عنه يخافت بصوته إذا قرأ، وكان عمر رضى الله عنه يجهر بقراءته، وكان عمَّارٌ رضى الله عنه إذا قرأ يأخذ من هذه السُّورة وهذه، فذكر ذاك للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال لأبى بكرٍ رضى الله عنه لم تخافت؟ قال إنِّى لأسمع من أناجى، (1) وقال لعمر رضى الله عنه لم تجهر بقراءتك؟ قال أفزع الشَّيطان (2) وأوقظ الوسنان، (3) وقال لعماَّرٍ لم تأخذ من هذه السُّورة وهذه؟ قال أتسمعنى أخلط به

_ تنزيل) في هذا المحل إلا في كتاب الشريعة لابن أبي داود من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس قال (غدوت على النبي صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة في صلاة الفجر فقرأ سورة فيها سجدة فسجد الحديث) وفي إسناده من ينظر في حاله (وللطبراني في الصغير) من حديث علي " أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في صلاة الصبح في تنزيل السجدة " لكن في إسناده ضعف اهـ (قال العراقي) قد فعله عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وابن مسعود وابن عمر وعبد الله بن الزبير (وهو قول الشافعي وأحمد) وقد كرهه في الفريضة من التابعين أبو مجاز وهو قول (مالك وأبي حنيفة) وبعض الحنابلة ومنعته الهادوية (قلت) رحم الله الإمام مالكاً فإنه ما كره ذلك السجود إلا خوفاً من اعتقاد العوام فرضيته لأن رحمه الله بني مذهبه على سد الذرائع وقد وقع ما خاف منه فقد رأيت بنفسي بعض عوام الشافعية يستجهلون كل إمام لا يأتي بالسجدة في صبح يوم الجمعة ويشنون الغارة عليه ويعيدون صلاتهم لاعتقادهم أنه ترك فرضاً من فرائض الصلاة فينبغي للأئمة الشافعية ترك هذه السجدة في بعض الأحيان وعدم المواظبة عليها وتفهيم العوام أنها غير مفروضة وتركها جائز والصلاة صحيحة بدونها حتى تزول هذه العقيدة الفاسدة من أذهانهم نسأل الله الهداية والتوفيق على أقوم طريق 595 عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ابن بحر ثنا عيسى بن يونس ثنا زكريا عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي رضي الله عنه " الحديث " (غريبه) (1) أي من أخاطب يعني أنه يخاطب الله تعالى وهو لا يحتاج إلى رفع الصوت قال تعالى " والله يعلم ما تكن صدورهم وما يعلنون " (2) أي أخفيه وأطرده عن الوسوسة (3) أي أنبه النائم نوماً خفيفاً وهو من ليس بمستغرق في نومه

-[الجهر بالقراءة فى صلاة الليل وصفة قراءة النبى صلى الله عليه وسلم]- ما ليس منه؟ قال لا، قال فكلُّه طيِّبٌ (1) (596) عن قتادة قال سألت نس بن مالكٍ رضى الله عنه عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان يمدُّ بها صوته مدًّا (2) (597) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل قدر ما يسمعه من فى الحجرة وهو في البيت

_ (1) أي فقال عمار في سبب جمعه آيات من سور القرآن كلام حسن طيب جمع الله بعضه على بعض وهو كلام الله أقرأ منه ما تدعو إليه الحاجة (تخريجه) الحديث لم أقف عليه من رواية على رضي الله عنه لغير الإمام أحمد ورواه محمد بن نصر في كتاب قيام الليل ذكر عن يحيى بن القطان عن عبد الله بن حرملة عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بأبي بكر فذكر نحو حديث الباب إلا أنه جعل مكان عمار بلالاً وفيه فقال لأبي بكر ارفع من صوتك شيئاً وقال لعمر اخفض شيئاً وقال لبلال اقرأ السورة على وجهها (وفي رواية) قال لبلال إذا قرأت السورة فأنفذها " أي أتمها " ورواه (د. مذ. هق. ك) وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) رووه بنحو حديث الباب عن أبي قتادة إلا أنهم لم يذكروا بلالاً ولا عماراً وزاد الحاكم والبيهقي وأبو داود في رواية فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئاً وقال لعمر اخفض من صوتك شيئاً (ولأبي داود) في رواية أخرى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بهذه القصة لم يذكر " فقال لأبي بكر ارفع شيئاً ولا لعمر اخفض شيئاً " زاد وقد سمعتك يا بلال وأنت تقرأ من هذه السورة ومن هذه السورة قال كلام طيب يجمعه الله بعضه إلى بعض فقال النبي صلى الله عليه وسلم كلكم قد أصاب 596 عن قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا جرير بن حازم عن قتادة الخ (غريبه) (2) المد تطويل الصوت وهو خلاف القصر ويكون في السر والجهر (تخريجه) (خ. د. جه. هق) زاد البخاري " ثم قرأ بسم الله الرحمن الرحيم يمد بسم الله ويمد بالرحمن ويمد بالرحيم " والمعنى أنه يمد لام لفظ الجلالة والميم من لفظ الرحمن والحاء من لفظ الرحيم وهو الذي يسميه القراء المد لطبيعي الذي لا يتحقق حرف المد بدونه وحروف المد هي الألف والواو والياء 597 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا ابن أبي الزناد عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس " الحديث " (تخريجه) (د.

-[الوقف على رؤوس الآى فى القراءة]- (598) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى حدَّنا وكيعٌ عن نافه بن عمر (ابن عبد الله بن جميلٍ) وأبو عامر ثنا نافعٌ عن ابن أبى مليكة عن بعض أزواج النبيٍّ صلى الله عليه وسلم قال نافعٌ أراها حفصة أنَّها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إنكم لا تسطيعونها، قال فقيل لها أخبرينا بها، قال فقرأت قراءة ترسَّلت (1) فيها، قال أبو عامرٍ قال نافعٌ فحكى لنا ابن أبى مليكة، الحمد لله رب العالمين. ثمَّ قطه (2). الرَّحمن الرَّحيم، ثمَّ قطع، مالك يوم الدِّين. (599) عن أم هانئٍ (بنت أبى طالب) رضي الله عنها قالت أنا أسمع قراءة النبِّي صلى الله عليه وسلم في جوف الليَّل وأنا على عريشى (3) هذا وهو عند الكعبة

_ هق) وفي إسناده ابن أبي الزناد وفيه مقال لكن استشهد به البخاري في مواضع 598 حدثنا عبد الله (غريبه) (1) أي تمهلت فيها قال اليزيدي الترسل والترسيل في القراءة هو التحقيق بلا عجلة (2) أي وقف (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ (وسنده جيد) وفي معناه ما رواه الإمام أبو عبيد ثنا أحمد بن عثمان عن عبد الله ابن مبارك عن الليث بن سعد عن ابن مليكة عن يعلى بن مملك عن أم سلمة أنها نعتت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم مفسرة حرفاً حرفاً وهكذا رواه الإمام أحمد عن يحيى بن إسحاق وأوب داود عن يزيد بن خالد الرملي والترمذي والنسائي كلاهما عن قتيبة كلهم عن الليث بن سعد به وقال الترمذي حسن صحيح ثم قال أبو عبيد وحدثنا يحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج عن ابن بن أبي مليكة عن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى اله عليه وسلم يقطع قراءته بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين وهكذا رواه أبو داود من حديث ابن جريج وقال الترمذي غريب وليس إسناده بمتصل يعني أن عبد الله ابن عبيد الله بن أبي مليكة لم يسمعه من أم سلمة إنما رواه عن يعلي بن مملك كما تقدم والله تعالى أعلم 599 عن أم هانئ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا ثابت بن يزيد أبو زيد ثنا هلال يعني أن خباب قال نزلت أنا ومجاهد على يحيى بن جعدة بن أم هانئ فحدثنا عن أم هانئ قالت أنا اسمع الخ (غريبه) (3) هو ما يستظل

-[استحباب التعوذ من النار وسؤال الرحمة إذا مر بذكرهما فى القراءة]- (600) عن أبي ليلي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى صلاةٍ ليست بفريضةٍ فمرَّ بذكر الجنَّة والنَّار، فقال أعوذ بالله من النَّار، ويحٌ أو ويلٌ (1) لأهل النَّار. (601) عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا مرَّ بآية رحمةٍ سأل (2) وإذا مرَّ بآيةٍ فيها عذابٌ تعوَّذ، (3) وإذا مرَّ بآيةٍ فيها تنزيه الله عزِّ وجلَّ سبّح (27) باب حكم ما يطرأ على الامام فى القراءة وحكم الفتح عليه (602) عن سعيد بن عبد الرَّحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله عنه

_ به كعريش الكرم والمراد أنها كانت على سقف بيتها وكان سقف البيت على تلك الهيئة (تخريجه) (نس. جه) إلى قولها وأنا على عريشي بدون ذكر الكعبة وقال الحافظ البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله ثقات ورواه الترمذي في التماثل والنسائي في الكبرى اهـ 600 عن أبي ليلى (سنده) حثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا ابن أبي ليلى عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى " الحديث " (غريبه) (1) شك الراوي هل قال ويح أو ويل ومعناهما واحد وهو الحزن الهلاك المشقة من العذاب وهو المراد هنا وقد تكون ويح كلمة رحمة في بعض المواضع (تخريجه) (جه) وسنده جيد 601 عن حذيفة بن اليمان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن مستوردين أحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة " الحديث " (غريبه) (2) أي سأل الله تعالى الرحمة (3) أي تعوذ بالله عز وجل من النار وعذابها (تخريجه) (م. نس. جه. وغيرهم) وهو طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه في أبواب صلاة الليل (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب التوسط في القراءة بين الجهر والسر والترسل فيها ومد الممدود منها والوقف على رءوس الآي وإذا مر بآية فيها ذكر الجنة سأل الله الجنة وإذا مر بآية فيها ذكر النار تعوذ بالله من النار وإذا مر بآية فيها تنزيله الله عز وجل سبح الله تعالى ونزهه عما لا يليق به (قال النووي رحمه الله) فيه استحباب هذه الأمور لكل قارئ في الصلاة وغيرها ومذهبنا استحبابه للإمام والمأموم والمنفرد اهـ 602 عن سعيد بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[جواز النسيان على الأنبياء وقطع القراءة لعذر]- أن النبي صلى الله عليه وسلم صلَّى فى الفجر فترك آية فلمَّا صلَّى قال أفي القوم أبىُّ بن كعبٍ؟ (1) قال أبى يا رسول الله نُسخت آية كذا أو نسيتها؟ قال نسيتُها (2) (603) عن عبد الله بن السَّائب صلى الله عليه وسلم أنَّ النبسَّ صلى الله عليه وسلم افتتح الصلاَّة يوم الفتح فى الفجر فقرأ بسورة المؤمنين فلمَّا بلغ ذكر موسى وهرون أصابته سعلة (3) فركع (604) ز عن مسوَّر (4) بن يزيد الأسديَّ رضي الله عنه قال

_ يحيى بن سعيد عن سفيان ثنا سلمة بن كهيل عن ذر عن سعيد بن عبد الرحمن بن ابزى عن أبيه " الحديث " (غريبه) (1) إنما سأل صلى الله عليه وسلم عن أبي بن كعب رضي الله عنه لكونه كان أقرأهم (2) يستدل الفقهاء بمثل هذا على جواز النسيان على النبي صلى الله عليه وسلم ولكن قيدوه إجماعاً بما ليس سبيله التبليغ فلا يجوز نسيانه كما لا يجوز كتمانه ونتيجتها واحدة وإن كان حكيماً في الناس مختلفاً من حيث يكون النسيان عن غير تقصير أمراً طبيعياً لا يؤاخذ صاحبه عليه ولكن الله عصم رسله من نسيان ما أمرهم بتبليغه لئلا تبطل به حكمة الرسالة فيه (تخريجه) لم أقف عليه مروياً عن عبد الرحمن بن أبزى إلا عند الإمام احمد (وروى نحوه) أبو داود والحاكم وابن حبان بسند رجاله ثقات عن عبد الله بن عمر رضي اله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة فقرأ فيها فليس عليه فل انصرف قال لأبي أصليت معنا؟ قال نعم قال فمامنعك ولفظ ابن حبان فالتبس عليه فلما فرغ قال لأبي أشهدت معنا؟ قال نعم قال فما منعك أن تفتحها على) " وقوله فلبس عليه " ضبطه ابن رسلان بفتحات كضرب أي التبس واختلط عليه قال ومنه قوله تعالى (وللبسنا عليهم ما يلبسون) اهـ 603 (3) بفتح السين قال في المصباح سعل يسعل من باب قتل سعلة بالضم والسعال اسم منه والمسعل مثال جعفر موضع السعال من الخلق اهـ (تخريجه) (ق. د. نس) 604 ز عن مسور (سنده) سريج بن يونس قال ثنا مروان بن معاوية عن يحيى بن كثير الكاهلي عن مسور بن يزيد الأسدي الحديث (غريبه) (4) مسور بوزن محمد كذا ضبطه الدارقطني وابن ما كولا والمنذري قال الخطيب يروي عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث واحد (قلت) ولم أقف على غير هذا الحديث له

-[جواز الفتح على الإمام ومذاهب العلماء فى ذلك]- صلَّى رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وترك آيةً، فقال له رجلٌ يا رسول الله تركت آيةً كذا وكذا، قال فهلاَّ ذكَّرتنيها؟ (1)

_ في مسند الإمام أحمد (1) زاد ابن حبان فقال ظننت أنها قد نسخت قال فإنها لم تنسخ (تخريجه) (د. حب. والأثرم) وفي إسناده يحيى بن كثير الكاهلي وثقة ابن حبان وابن شاهين وقال أبو حاتم لما سئل عنه شيخ وضعفه النسائي وقال الحافظ في التقريب لين الحديث (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز النسيان على الأنبياء في غير ما أمروا بتبليغه وتقدم الكلام على ذلك وفيها جواز قطع القراءة لعذر كسعال (قال النووي) وهذا جائز بلا خلاف ولا كراهة فيه إن كان القطع لعذر وإن لم يكن له عذر فلا كراهة اهـ (قلت) وفيها أيضا على الإمام لقوله صلى الله عليه وسلم " فهلا ذكرتنيها " أي ذكرتني الآية التي تركتها وفيه أشعار بأن الفتح على الإمام كان معهوداً لهم ويؤيده ما رواه الحاكم عن أسن رضي اله عنه قال (كنا نفتح على الأئمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال الحافظ وقد صح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال قال على (إذا استطعمك الإمام فأطعمه) يعني أنه إذا تعايا في القراءة فلقيه (وقد اختلف الناس في حكم هذه المسألة فروى عن المنصور بالله أنه كان يرى الوجوب (وروى) عن عثمان ابن عفان وابن عمر رضي الله عنهما أنهما كانا لا يريان بذلك بأساً وهو قول طاء والحسن وابن سيرين ومالك والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق (وروى) عن ابن مسعود والشعبي والنوري كراهة ذلك وهو قول بي حنيفة في رواية (وفي رواية) أنه ينوي الفتح على الإمام ولا ينوي القراءة على الصحيح لأن الفتح مرخص فيه والقراءة منهي عنها (واختلفوا أيضاً في الفتح على غير الإمام) سواء أكان ذلك الغير مصلياً أم تالياً (فذهبت الحنفية) إلى أنه مبطل للصلاة إلا إذا قصد به التلاوة (وذهبت المالكية) إلى البطلان إلا إذا فتح مأموم على مأموم آخر ففيه خلاف والأصح البطلان (وذهبت الشافعية) إلى جواز الفتح مطلقاً على إمامه وغيره إلا أن الفتح على غير إمامه يقطع الموالاة في قراءة الفاتحة إن كان مشغولاً بها أثناء الفتح على أمامه فلا (وذهبت الحنابلة) إلى أن الفتح على غير الإمام مكروه والصلاة صحيحة (قال الشوكاني رحمه الله) والأدلة قد دلت على مشروعية الفتح مطلقاً فعند نسيان الإمام الآية في القراءة الجهرية يكون الفتح عليه بتذكيره تلك الآية كما في حديث الباب وعند نسيانه لغيرها من الأركان يكون الفتح بالتسبيح للرجال والتصفيق للنساء اهـ والله أعلم

-[منقبة عظيمة لعبد الله بن مسعود رضي الله عنه]- (28) باب الحجة فى الصلاة بقراءة ابن مسعود وأبى ممن اثنى على قراءته (605) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال من سرَّه أن يقرأ القرآن رطبّا (1) (وفى رواية غضَّا) كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أمِّ عبدٍ (2) (606) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا محمَّد بن جعفر ثنا شعبة وحجَّاجٌ قال حدّثنى شعبة قال سمعت قتادة يحدِّث عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبىِّ بن كعبٍ قال حجاجٌ حين أنزل لم يكن الذين كفروا، ولا جميعًا إنَّ الله عزَّ وجلَّ أمرني أن أقرأ عليك (3) لم يكن الَّذين

_ 605 عن عمر بن الخطاب الخ هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده في باب مناقب عبد الله بن مسعود من كتاب مناقب الصحابة رضي الله عنهم (غريبه) (1) أي ليناً لا شدة في صوت قارئه (وفي رواية عنا) أي رطباً لم يتغير (2) هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وكانت أمه تكنى أم عبد ومات أبوه في الجاهلية وأسلمت أمه وصحبت فلذلك نسب إليها أحياناً وكان من السابقين وقد روى ابن حبان من طريقه أنه كان سادس ستة في الإسلام وهاجر الهجرتين وشهد بدراً وولى بيت المال بالكوفة لعمر وعثمان سنة اثنتين وثلاثين وقد جاوز الستين وكان من علماء الصحابة وممن انتشر بكثرة أصحابه والآخذين عنه وستأتي ترجمته وافية في كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث عمر ورواه البزار والطبراني في الكبير والأوسط من حديث عمار بن ياسر قال في مجمع الزوائد ورجال البزار ثقات اهـ ورواه أبو يعلى والبزار عن أبي هريرة وفيه جرير بن أيوب البجلي وهو متروك 606 حدثنا عبد الله (غريبه) (3) فيه استحباب قراءة القرآن على الهذاق فيه وأهل اعلم به والفضل وإن كان القارئ أفضل من المقروء عليه وفيه منقبة عظيمة لأبي بقراءته صلى الله عليه وسلم لم يشاركه فيها أحد لا سيما مع ذكر الله تعالى لاسمه ونصه عليه في

-[ذكر حذّاق القرّاء من الصحابة رضي الله عنهم]- كفروا (1) قال وقد سمانَّى؟ (2) قال نعم، قال فبكى (3) (607) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا يملى ثنا الأعمش عن أبى وائلٍ عن مسروقٍ قال كنت جالسًا عند عبد الله بن عمرٍو فذكر عبد الله بن مسعودٍ، فقال إنَّ ذاك الرَّجل لا أزال أحبُّه أبدًا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خذوا القرآن عن أربعةً (4) عن ابن أمِّ عبد فبدأ به، (5) وعن معاذٍ، وعن سالمٍ مولى أبى حذيفة، قال يعلى ونسيت الرَّابع (6) (ومن طريقٍ ثانٍ) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا محمَّد بن جعفرٍ ثنا شعبة عن سليمان سمعت أبا وائلٍ يحدِّث عن مسروقٍ عن عبد الله بن عمر وعن النبى صلى الله عليه وسلم قال،

_ هذه المنزلة الرفيعة (1) وجه تخصيص هذه السورة أنها وجيزة جامعة لقواعد كثيرة من أصول الدين وفروعه ومهماته والإخلاص وتطهير القلوب وكان الوقت يقتضي الاختصار (2) فيه جواز الاستثبات في الاحتمالات وسببه هنا أنه جوز أن يكون الله تعالى أمر النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ على رجل من أمته ولم ينص عليه (3) فيه جواز البكاء للسرور والفرح بما يبشر الإنسان ويعطاه من معالي الأمور واختلفوا في وجه الحكمة في قراءته على أبي فقيل سببها أن يسن لأمته القراءة على أهل الاتقان والفضل ليتعلموا آداب القرآن ولا يأنف أحد من ذلك وقيل التنبيه على جلالة أبي وأهليته لأخذ القرآن عنه ولذلك كان بعده صلى الله عليه وسلم رأسا وإماماً في إقراء القرآن وهو أجل ناشريه أو من أجلهم رضي الله عنه (تخرجيه) (ق وغيرهما) 607 حدثنا عبد الله (غريبه) (4) أي تعلموه عنهم ولم يذكر الرابع في هذه الرواية وذكر في الرواية الثانية وهو أبي بن كعب كما في رواية الشيخين أيضاً والأربعة المذكورون منهم اثنان من المهاجرين وهما عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة وهو ابن معقل بوزن مسجد وتخصيص هؤلاء الأربعة بأخذ القرآن عنهم إما لأنهم كانوا أكثر ضبطاً له وأتقن لأدائه أو لأنهم تفرغوا لأخذه منه صلى الله عليه وسلم مشافهة وتصدوا لأدائه من بعده فلذلك ندب إلى الأخذ عنهم ل أنه لم يجمعه غيرهم ولا شاركهم أحد في حفظ القرآن بل حفظه جماعة من الصحابة أيضاً قتل منهم سبعون في غزوة بئر معونة وكان يقال لهم القراء رضي الله عنهم أجمعين (5) فيه أن البداءة بالرجل في الذكر على غيره في أمر اشترك فيه مع غيره يدل على تقدمه فيه (6) هو أبي بن كعب كما في الرواية الثانية

-[حكم القراءة فى الصلاة وغيرها بغير قراءة السبعة المشهورين]- استقرئوا القرآن من أربعةٍ (1) من عبد الله بن مسعودٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة، ومعاذ بن جبل وأبىِّ بن كعبٍ،

_ (1) أي اطلبوا تعليمه منهم (تخريجه) (ق. مذ. ك) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل هؤلاء الأربعة وأن قراءتهم حجة في الصلاة وغيرها إذا صح سندها ولم تشذ عن أحد أوجه العربية ووافقت رسم المصحف العثماني ولو احتمالاً وإن خالفت قراءة السبعة وقد قال جماعة من المتأخرين إنها لا تجزئ في الصلاة إلا قراءة السبعة المشهورين قالوا لأن ما نقل آحادياً ليس بقرآن ولم تتواتر إلا السبع دون غيرها فلا قرآن إلا ما اشتملت عليه وقد هذا الاشتراط إمام القراآت الجزري فقال في النشر زعم بعض المتأخرين أن القرآن لا يثبت إلا بالتواتر ولا يخفى ما فيه لأنا إذا اشترطنا التواتر في كل حرف من حروف الخلاف انتفى كثة عن هؤلاء السبعة وغيرهم وقال ولقد كنت أنجح إلى هذا القول ثم ظهر فساده وموافقة أئمة السلف والخلف على خلافه وقال القراءة المنسوبة إلى كل قارئ من السبعة وغيرهم منقسمة إلى المجمع عليه والشاذ غير أن هؤلاء السبعة لشهرتهم وكثرة الصحح المجمع عليه في قراءتهم تركن النفس إلى ما نقل عنهم فوق ما نقل عن غيرهم اهـ انظر كيف جعل اشتراط التواتر قولاً لبعض المتأخرين وجعل قول أئمة السلف والخلف على خلافه وقال أيضاً في النشر كل قراءة وافقت العربية ولو بوجه ووافقت احد المصاحف العثمانية ولو احتمالاً وصح إسنادها فهي القراءة الصحيحة التي لا يجوز ردعا ولا يحل إنكارها بل هي عن الأحرف السبعة التي نزل بها القرآن ووجب على الناس قبولها سواء كانت عن الأئمة السبعة أم عن العشرة أم عن غيرهم من الأئمة المقبولين ومتى اختل ركن من هذه الأركان الثلاثة أطلق عليها ضعيفة أو شاذة أو باطلة سواء كانت عن السبعة أو عمن هو أكبر منهم هذا هو الصحيح عند أئمة التحقيق من السلف والخلف صرح بذلك المدني والمكي والمهدي وأبو شامة وهو مذهب السلف الذي لا يعرف من أحدهم خلافه (قال أبو شامة) في المرشد الوجيز لا ينبغي أن يغتر بكل قراءة تعزى إلى أحد هؤلاء السبعة ويطلق عليها لفظ الصحة وأنها أنزلت هكذا إلا إذا دخلت في تلك الضابطة وحينئذ لا ينفرد مصنف عن غيره ولا يختص ذلك بنقلها عنهم بل إن نقلب عن غيرهم من القراء فذلك لا يخرجها عن الصحة فإن الاعتماد على استجماع تلك الأوصاف لا على من تنسب إليه إلى آخر كلام ابن الجزري الذي حكاه عنه صاحب الاتقان (وقال أبو شامة) شاع على

-[ضابط مهم من الطيبة لابن الجوزى فيما تجوز به القراءة]- (39) باب تكبيرات الانتقال (608) عن واسع بن حبَّان قال قلت لابن عمر أخبرنى عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف كانت، قال فذكر التًّكبير كلَّما وضع رأسه وكلَّما رفعه (1)

_ ألسنة جماعة من المقرئين المتأخرين وغيرهم من المقلدين أن السبعة كلها متواترة أي كل حرف مما يروي عنهم قالوا والقطع بأنها منزلة من عند الله واجب ونحن نقول بهذا القول ولكن فيما أجمعت على نقله عنهم الطرق واتفقت عليه الفرق من غير نكير فلا أدل من اشتراط ذلك إذ لم يتفق التواتر في بعضها اهـ أفاده الشوكاني ثم قال إذا تقرر لك إجماع أئمة السلف والخلف على عدم تواتر كل حرف من حروف القراآت السبع وعلى أنه لا فرق بينها وبين غيرها إذا وافق وجهاً عربياً وصح إسناده ووافق الرسم ولو احتمالاً بما نقلناه عن أئمة القراء تبين لك صحة القراءة في الصلاة بكل قراءة متصفة بتلك الصفة سواء كانت من قراءة الصحابة المذكورين في الحديث أو من قراءة غيرهم وقد خالف هؤلاء الأئمة النويري المالكي في شرح الطيبة فقال عند شرح قول ابن الجزري فيها فكل ما وافق وجه نحوى وكان للرسم احتمالاً يحوى وصح إسناداً هو القرآن فهذه الثلاثة الأركان وكل ما خالف وجها أثبت شذوذه لو أنه في السبعة قال النويري ما لفظه إن القرآن يكتفي في ثبوته مع الشرطين المتقدمين بصحة السند فقط ولا يحتاج على التواتر وهذا قول حادث مخالف لأجماع الفقهاء والمحدثين وغيرهم من الأصوليين والمفسرين اهـ وأنت تعلم أن نقل مثل الإمام الجزري وغيره من أئمة القراءة لا يعارضه نقل النويري لما يخالفه لأنا إن رجعنا نقل أولئك الأئمة أرجح وقد وافقهم عليه كثير من أكابر الأئمة حتى إن الشيخ زكريا بن محمد الأنصاري لم يحك فابن الحاجب اهـ 608 عن واسع بن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سلمة الخزاعي أنا عبد العزيز بن محمد بن الأندراوردي مولى بني ليث عن عمرو بن حيى ابن عمارة بن أبي حسن الأنصاري ثم المحاربي عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع ابن حبان الخ (غريبه) (1) هذا وأمثاله مما يأتي في أحاديث الباب عام في جميع

-[مشروعية تكبيرات الانتقال ومواظبة النبى صلى الله عليه وسلم عليها والخلفاء الراشدين بعده]- وذكر السلاَّم ورحمة الله عن يمينه السلاَّم عليكم (1) عن يساره (609) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال إنَّ أبا بكرٍ وعمر وعثمان كانوا يتمنون للتكبير فيكبرون إذا سجدوا، وإذا رفعوا أو خفضوا كبَّروا (610) عن عبد الرَّحمن بن غنم (2) عن أبى مالكٍ الأشعرىِّ رضي الله عنه أنَّه جمع أصحابه فقال هلمَّ أُصلّى صلاة نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم قال وكان رجلاً من الأشعريِّين، قال فدعا بجفنةٍ (3) من ماءٍ فغسل يديه ثلاثًا، ومضمض واستنشق، وغسل وجهه ثلاثاً، وذراعيه ثلاثاً، ومسح برأسه، وأذنيه، وغسل قدميه، قال فصلَّي الظُّهر فقرأ فيها بفاتحة الكتاب وكبَّر ثنتين وعشرين تكبيرةٌ (4) (وعنه من طريق ثانٍ بنحوه) (5) وفيه ومسح برأسه وظهر قدميه ثمَّ صلَّي بهم فكبَّر بهم ثنتين وعشرين تكبيرة، يكبَّر إذا سجد وإذا رفع رأسه من السُّجود، وقرأ فى الرَّكعتين بفاتحة الكتاب وأسمع من يليه

_ الانتقالات في الصلاة لكن خصمنه الرفع من الركوع بالإجماع فإنه شرع فيه التحميد أعني سمع الله لمن حمده بدل التكبير فتنبه (1) لم يذكر ورحمة الله في التسليمة الثانية وكذلك عند النسائي في رواية وذكرها في أخرى (تخريجه) (نس) وسنده جيد 609 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا يع عن يحيى عن سفيان عن عبد الرحمن الأصم سمعت أنس بن مالك يقول إن أبا بكر " الحديث " (تخريجه) (نس هق) وسنده جيد 610 عن عبد الرحمن بن غنم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبان العطار ثنا قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم "الحديث " (غريبه) (2) بفتح الغين المعجمة وسكون النون (3) إناء كبير كالقصعة (4) أي لأن كل ركعة فيها خمس تكبيرات بعشرين تكبيرة يزاد عليها تكبيرة الإحرام وتكبيرة القيام من التشهد إلى الركعة الثالثة (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم الخ (تخريجه)

-[تسوية الركعات فى القراءة والقيام وتطويل الأولى وصفة تكبيرات الأنتقال]- (611) عن أبي مالك الأشعرىَّ رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يسوِّى بين الأربع ركعاتٍ فى القراءة والقيام، ويجعل الرَّكعة الأولى هى أطولهنَّ لكى يثوب النَّاس، ويجعل الرِّجال قدَّام العلمان، والغلمان خلفهم، والنسِّاء خلف الغلمان، ويكبِّر كلَّما سجد وكلَّما رفع، ويكبِّر كلَّما نهض بين الرَّكعتين إذا كان جالسًا (612) عن عكرمة قال قلت لابن عبِّاس رضي الله عنهما صلَّيت الظُّهر بالبطحاء (1) خلف شيخٍ أحمق فكبَّر ثنتين وعشرين تكبيرةً، يكبِّر إذا سجد وإذا رفع رأسه، قال فقال ابن عبَّاسٍ تلك صلاة أبى القاسم (2) صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلم (613) عن عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه قال أنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبِّر فى كلِّ خفض ورفعٍ وقيامٍ، ويسلِّم عن يمينه وعن يساره

_ (ش) وأورده الهيثمي بروايتيه مع الرواية الآتية بعده وقال رواها كلها أحمد وروى الطبراني بعضها في الكبير وفي طرقها كلها شهر بن حوشب وفيه كلام وهو ثقة إن شاء الله اهـ 611 عن أبي مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا أبو معاوية يعني شيبان ولينا عن شهر بن حوشب عن أبي مالك " الحديث " (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري وفي إسناده شهر بن حوشب فيه مقال والراجح أنه ثقة وتقدم كلام الهيثمي عليه في الحديث السابق 612 عن عكرمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن سعيد عن قتادة عن عكرمة " الحديث " (غريبه) (1) هو مسيل واد بمكة (وقوله أحمق) أي جاهل وقليل العقل (2) في لفظ للبخاري " أوليس تلك صلاة أبي القاسم؟ لا أم لك " وفي لفظ له " ثكلتك أمك سنة أبي القاسم صلى الله عليه وسلم " (تخرجيه) (خ. هق) 613 عن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن

-[أحاديث أبي هريرة رضي الله عنه فى صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم]- حتَّى يرى بياض خدَّيه، أوخدِّه، ورأيت أبا بكرٍ وعمر يفعلان ذلك (614) عن أبى سلمة بن عبد الرحمن قال كان أبو هريرة يصلِّى بنا فيُكبِّر حين يقوم وحين يركع، وإذا أراد أن أن يسجد بعد ما يرفع من الرُّكوع، وإذا أراد أن يسجد بعد ما يرفع به من السُّجود، وإذا جلس، وإذا أراد أن يرفع فى الرَّكعتين كبَّر، ويُكبَّر مثل ذلك فى الرَّكعتين الأخريين، فإذا سلمَّ قال والِّذى نفسى بيده إنِّى لأقربكم شبهًا برسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى صلاته، مازالت هذه صلاته حتَّى فارق الدُّنيا (615) عن سهيلٍ عن أبيه عن أبى هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكبِّر كُلُّما خفض ورفع (1) ويحدِّث أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك (616) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاَّة يكبِّر حين يقوم، ثمَّ يكبِّر حين يركع، ثم يقول سمع الله

_ زهير قال حدثني أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن الأسود وعلقمة عن عبد الله " الحديث " (تخريجه) (نس. مذ) وصححه وأرج نحوه البخاري ومسلم من حديث عمران بن حصين وأخرجا نحوه أيضاً من حديث أبي هريرة وأخرج نحوه البخاري من حديثه 614 عن أبي سلمة بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن " الحديث " (تخريجه) (ق. هق. عب وغيرهم) 615 عن سهيل عن أبيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة قال ثنا يعقوب عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة" الحديث " (غريبه) (1) أي إلا في الرفع من الركوع فيقول سمع الله لمن حمده بدل التكبير وتقدمت الإشارة إلى ذلك في الكلام على الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه) (ق. وغيرهما) 616 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال

-[جواز جهر الإمام بتكبيرات الانتقال ليسمع من خلفه]- لمن حمده حين يرفع صلبه من الرَّكعة، ثمَّ يقول وهو قائمٌ ربَّنا لك الحمد، ثم يكبِّر حين يهوى ساجداً، ثمَّ يكبِّر حين يرفع رأسه، ثمَّ يكبِّر حين يهوى ساجداً، ثم يكبِّر حين يرفع رأسه، ثمَّ يفعل ذلك فى الصَّلاة كلِّها حتَّى يقضيها، ويكبَّر حين يقوم من اللَّتين بعد الجلوس (617) عن سعيد بن الحارث قال اشتكى أبو هريرة أو غاب فصلَّى بنا أبو سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه فجهر بالتَّكبير حين افتتح الصَّلاة وحين ركع وحين قال سمع الله لمن حمده وحين رفع رأسه من السُّجود وحين سجد وحين قام بين الرَّكعتين حتَّى قضى صلاته على ذلك، فلمَّا صلَّي قيل له قد اختلف النَّاس على صلاتك، (1) فخرج فقام عند المنبر فقال أيُّها النَّاس، والله ما أُبالى اختلفت صلاتكم أو لم تختلف، هكذا رأيت النِّبي صلى الله عليه وسلم يصلِّى (618) عن أبى موسى الأشعرىِّ رضي الله عنه قال لقد ذكِّرنا علىُّ ابن أبى طالب صلاة كنا نصلِّيها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إمَّا نسياناها وإمَّا تركناها

_ ثنا ليث قال حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب أنهال أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث أنه سمع أبا هريرة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث " (تخريجه) (ق. د. وغيرهم) 617 عن سعيد بن الحارث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا فليح عن سعيد بن الحارث الخ (غريبه) (1) إنما اختلفوا عليه لأنهم كانوا لا يجهرون بالتكبير وحكى الطحاوي أن بني أمية كانوا يتركون التكبير في الخفض دون الرفع وما هذا بأول سنة تركوها ولهذا اختلف الناس لما صلى أبو سعيد هذه الصلاة فقام عند المنبر وقال ما قال (تخرجيه) أخرجه البخاري مختصراً 618 عن أبي موسى الأشعري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود قال قال أبو موسى لقد ذكرنا الخ

-[ذكر أول من ترك تكبيرات الأنتقال]- عمداً (2) يكبِّر كلَّما سجد (619) عن مطرِّف بن الشِّخِّير عن عمران بن حصينٍ رضي الله عنه قال صلَّيت خلف علىِّ بن طالبٍ رضي الله عنه صلاةً ذكَّرنى صلاةً صلَّيتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والخليفتين، قال فانطلقت فصلَّيت معه فإذا هو يكبِّر كلَّما سجد وكلَّما رفع رأسه من الرُّكوع (1) فقلت يا أبا نجيدٍ كم أوَّل من تركه؟ قال عثمان بن عفانٍ رضي الله عنه حين كبر وضعف صوته تركه (2) (620) عن شعبة حدَّثنا الحسن بن عمران رجل كان بواسطٍ (3)

_ (غريبه) (2) يرمي بذلك إلى أئمة بني أمية حيث قد تركوا تكبير الانتقال وسيأتي ذكر أول من تركه وسبب ذلك في الكلام على الحديث التالي (تخريجه) قال الحافظ في الفتح رواه أحمد والطحاوي بإسناد صحيح اهـ (قلت) وأورده الهيثمي بلفظه وقال رواه البزار ورجاله ثقات 619 عن مطرف بن الشخير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب خالد عن رجل عن مطرف بن الشخير "الحديث " (غريبه) (1) هكذا بالأصل " من الركوع " ولعل صوابه من السجود لأنه لا يستقيم المعنى إلا بهذا لا سيما وسياق اللفظ يدل عليه ولأنه ثبت في أحاديث الباب الصحيحة التي رواها الإمام أحمد والشيخان وغيرهم أن النبي صلى اله عليه وسلم " كان يكبر حين يركع ثم يقول سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه " بل حكى النووي والحافظ الإجماع على ذلك ولفظ البخاري في هذا الحديث نفسه كان يكبر كلما رفع وكلما وضع) يعني في كل رفع وخفض ولمسلم والبخاري بلفظ آخر " فان إذا سجد كبر وإذا رفع رأسه كبر) والله أعلم (2) يستفاد منه أن عثمان رضي الله عنه ما تركه إلا لعذر (قال الحافظ) وهذا يحتمل إرادة ترك الجهر وروى الطبراني عن أبي هريرة أن أول من ترك التكبير معاوية وروى أبو عبيد أول من تركه زياد وهذا لا ينافي الذي قبله لأن زياداً تركه بترك معاوية وكان معاوية تركه بترك عثمان وقد حمل ذلك جماعة من أهل العلم على الإخفاء اهـ (تخرجيه) وه بدون ذكر قصة عثمان 620 عن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح بن عبادة ثنا شعبة الخ (غريبه) (3) في القاموس واسط مذكر مصروف وقد يمنع بلد

-[مذاهب العلماء فى حكم تكبيرات الأنتقال]- قال سمعت عبد الله بن عبد الرَّحمن بن أبزى يحدَّث عن أبيه أنَّه صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان لا يتمُّ (1) التكبير، يعنى إذا خفض وإذا رفع

_ بالعراق اختطها الحجاج في سنتين قال وقرية بحلب اهـ (قلت) وهي المرادة هنا فقد نسبه أبو داود الطيالسي إلى عسقلان فقال أبو عبد الله العقلاني ونسبه ابن بشار إلى الشام فقال الشامي كذا في سنن أبي داود وواسط وعسقلان كلاهما بلد بالشام فيحتمل أنه أقام بكل واحد منهما مدة فنسب إليه والله أعلم (1) أي لم يتم الجهر به أو لم يمده أو لم يأت به جميعه والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لبيان الجواز إذا صح الحديث وإلا فالمروى عنه بل المتواتر أن صلاته صلى الله عليه وسلم كانت أتم صلاة وأكملها وأحسنها (تخريجه) (د. هق) وفي إسناده الحسن بن عمران قال أبو زرعة شيخ وثقة ابن حبان (قال الحافظ) وقد نقل البخاري في التاريخ عن أبي داود الطيالسي أنه قال هذا عندنا باطل وقال الطبري والبزار تفرد به الحسن بن عمران وهو مجهول وأجب على تقدير صحته بأنه فعل ذلك لبيان الجواز أو المراد لم يتم الجهر به أو لم يمده اهـ ف (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية التكبير في كل رفع وخفض وقيام وقعود إلا في الرفع من الركوع فإنه يقول سمع الله لمن حمده (قال النووي) وهذا مجمع عليه اليوم من الإعصار المتقدمة وقد كان فيه خلاف في زمن أبي هريرة وكان بعضهم لا يرى التكبير إلا للإحرام وقد حكى مشروعية التكبير في كل رفع وخفض الترمذي عن الخلفاء الأربعة وغيرهم ومن بعدهم من التابعين قال وعليه عامة الفقهاء والعلماء وحكاه ابن المنذر عن أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب وابن مسعود وابن عمر وجابر وقيس بن عباد والشعبي وأبي حنيفة والأوزاعي ومالك وسعيد بن عبد العزيز وعامة أهل العلم (وقال البغوي) في شرح السنة اتفقت الأمة على هذه التكبيرات قال ابن سيد الناس (وقال آخرون) لا يشرع إلا تكبير الإحرام فقط يحكي ذلك عن عمر بن الخطاب وقتادة وسعيد بن جبير وعمر بن عبد العزيز والحسن البصري ونقله ابن المنذر عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر ونقله بن بطال عن جماعة أيضاً منهم معاوية بن أبي سفيان وابن سيرين (وقال أبو عمر) قال قوم من أهل العلم إن التكبير ليس بسنة إلا في الجماعة وأما من صلى وحده فلا بأس عليه أن يكبر (وقال أحمد) أحب إلي أن يكبر إذا صلى وحده في الفرض وأما في التطوع فلا وروى ابن عمر أنه كان لا يكبر إذا صلى وحده (واستدل من قال بعدم مشروعية التكبير) بالحديث الأخير من أحاديث الباب المروي

-[كيفية التكبير للانتقال وحكمته]- أبواب الركوع والسجود وما جاء فيهما (1) باب مشروعية التطبيق فى الركوع ثم نسخه (621) عن ابن الأسود عن علقمة والأسود أنهما كانا مع ابن

_ عن ابن أبزي عن أبيه وقد علمت ما فيه وأنه لا يقوى عل معارضة صحتها وكونها مثبتة ومشتملة على الزيادة والأحاديث الواردة في هذا الباب أقل أحوالها الدلالة على سنية التكبير في كل خفض ورفع (وحكى الطحاوي) أن قوماً كانوا يتركون التكبير في الخفض دون الرفع قال وكذلك كانت بنو أمية تفعل وروى ابن المنذر نحوه عن ابن عمر وعن بعض السلف أنه كان لا يكبر سوى تكبيرة الإحرام وفرق بعضهم بين المنفرد وغيره ووجهه بان التكبير شرع بالأذان لحركة الإمام فلا يحتاج إليه المنفرد لكن استقر الأمر على مشروعية التكبير في الخفض والرفع لكل مصلى فالجهور على ندبية ما عدا تكبيرة الإحرام أهل العلم بالظاهر يجب كله " وفي أحاديث الباب أيضاً " مشروعية الجهر بتكبيرات الانتقال للإمام ليسمع من وراءه (أما كيفية التكبير) فقد ذكرها النووي في شرح مسلم بقوله يبدأ بالتكبير حين يشرع في الانتقال إلى الركوع ويمده حتى يصل حدا الراكعين ثم يشرع في تسبيح الركوع ويبدأ في قول سمع الله لمن حمده حين يشرع في الرفع من الركوع ويمده حتى ينتصب قائماً ثم يشرع في ذكر الاعتدال وهو ربنا لك الحمد إلى آخره ويبدأ بالتكبير حين يشرع في الهوى إلى السجود ويمده حتى يضع جبهته على الأرض ثم يشرع في تسبيح السجود ويشرع في التكبير للقيام من التشهد الأول حين يشرع في الانتقال ويمده حتى ينتصب قائماً هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا ما رو عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه (وبه قال مالك) أنه لا يكبر للقيام من الركعتين حتى يستوي قائماً ودليل الجمهور ظاهر الحديث وفيه دلالة لمذهب الشافعي رضي الله عنه وطائفة أنه يستحب لكل مصل من إمام ومأموم ومنفرد أني يجمع بين سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد فيقول سمع الله لمن حمده في حال ارتفاعه وربنا لك الحمد في حال استوائه وانتصابه في الاعتدال لأنه ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلهما جميعاً وقال صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " اهـ ببعض تصرف (وأما حكمة التكبير) فقد قال ناصر الدين بن المنير حكمة في مشروعية التكبير في الخفض والرفع أن المكلف أمر النية أو الصلاة مقرونة بالتكبير وكان من حقه أن يستصحب النية إلى آخر الصلاة فأمر أن يجدد العهد في أثنائها بالتكبير الذي هو شعار لنية اهـ والله أعلم 621 عن ابن الأسود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود أنا

-[مشروعية التطبيق فى الروكوع]- مسعود رضي الله عنه فحضرت الصَّلاة فتأخَّر علقمة والأسود فأخذ ابن مسعود بأيديهما فأقام أحدهما عن يمينه والآخر عن يساره (1) ثمَّ ركعا فوضعا أيديهما على ركبهما فضرب أيديهما ثمّ طبق (2) بين يديه وشبك وجعلهما بين فخذيه وقال رأيت النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم فعله (622) عن الأسود وعلقمة عن عبد الله (بن مسعود رضي الله عنه) قال إذا ركع أحدكم فليفرش ذراعيه فخذيه (3) وليحنأ (4) ثمَّ طبَّق بين كفيَّه فكأنَّى أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قال ثم صبق بين كفيَّه فأراهم

_ إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأسود عن علقمة والأسود الخ (غريبه) (1) قال النووي هذا مذهب ابن مسعود وصاحبيه وخالفهم جميع العلماء من الصحابة فمن بعدهم إلى الآن فقالوا إذا كان مع الإمام رجلان وقفاً وراءه صفاً قال وأجمعوا إذا كانوا ثلاثة أنهم يقفون وراءه وأما الواحد فيقف عن يمين الإمام عند العلماء كافة ونقل جماعة الإجماع فيه ونقل القاضي عياض رحمه الله تعالى عن ابن المسيب أنه يقف عن يساره ولا أظنه يصح عنه وإن صح فلعله لم يبلغه حديث ابن عباس وكيف كان فهم اليوم مجمعون على أنه يقف عن يمينه اهـ م (2) التطبيق الألصاق بين باطني الكفين حال الركوع وجعلهما بين الفخذين (تخريجه) (م. هق وغيرهم) 622 عن الأسود وعلقمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأس (3) رواية مسلم " فليفرش ذراعيه على فخذيه " أي يلقيهما على فخذيه كما يلقى البساط على الأرض ممدوتين مطبقاً بين كفيه (4) بفتح الياء وإسكان الحاء المهلمة آخره مهموز هكذا بالأصل ورواية مسلم وليجنأ بالجيم بدل الحاء (قال صاحب النهاية) وليجنأ هكذا جاء الحديث فإن كانت بالحاء فهي من حتى ظهره عطفه وإن كانت بالجيم هفي من جنا الرجل على الشيء إذا أكب عليه وهما متقاربان قال والذي قرأناه في كتاب مسلم بالجيم وفي كتاب الحميدي بالحاء اهـ (تخريجه) (م. نس. هق)

-[فسخ التطبيق في الركوع بوضع الكفين على الركبتين]- (632) عن علقمة عن عبد الله (بن مسعود رضي الله عنه) قال علَّمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّلاة فكبَّر ورفع يديه ثمَّ ركع وطبَّق بين يديه وجعلهما بين ركبتيه، فبلغ سعدًا (1) فقال صدق أخى، فد كنَّا نفعل ذلك ثم أمرنا بهذا وأخذ بركبتيه (624) عن مصعب بن سعد (بن أبى وقاص) قال كنت إذا ركعت وضعت يدىَّ بين ركبتىَّ (2) قال فرآنى سعد بن مالكٍ (3) فنهانى وقال إنَّا كنَّا نفعله فنهينا عنه (4) (625) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال سأل رجلٌ النبيَّ صلى الله عليه وسلم عن

_ 623 عن علقمة عن عبد الله الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا عبد الله بن إدريس أملاه على من كتابه عن عاصم بن كليب عن عبد الرحمن ابن الأسود علقمة عن عبد الله " الحديث " وفي آخره حدثني عاصم بن كليب هكذا (غريبه) (1) يعني ابن أبي وقاص رضي الله عنه (تخريجه) (نس. وابن خزيمة) وسنده جيد وأورده الحازمي في الاعتبار مستدلاً به على النسخ الأول والثاني وفهم الناسخ والمنسوخ اهـ 624 عن مصعب بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا ابن خالد عن الزبير بن عدي عن مصعب بن سعد " الحديث " (غريبه) (2) في رواية البخاري " فطبقت بين كفي ثم وضعتهما بين فخذي " (3) يعني والده سعد بن أبي وقاص ويقال سعد بن مالك فمالك اسم والد سعد وأبو وقاص وكنيته فكان سعد ينسب أحياناً إلى اسم والده وأحياناً إلى كنيته (4) زاد أبو داود " وأمرنا أن نضع أيدينا على الركب " وعند مسلم " وأم بالأكف على الركب " والمراد بالأيدي في رواية أبي داود الأكف كما في رواية مسلم (قوله فنهينا عن ذلك) يعني نهانا النبي صلى الله عليه وسلم عن التطبيق في الصلاة وأمرنا أن نضع أكفنا على الركب وفي هذا دليل على نسخ التطبيق أيضاً لأن الآمر والناهي هو النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) 625 عن ابن عباس الخ هذا الحديث تقدم بسنده وتخريجه في الفصل الثالث من

-[إتفاق العلماء على أن السنة وضع الكفين على الركبتين فى الركوع]- شئ من أمر الصَّلاة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خلَّل أصابع يديك ورجليك، يعنى إسباغ الوضوء، وكان فيما قال له، إذا ركعت فضع كفيَّك على ركبتيك حتى تطمئن (1) (وفى روايةٍ حتَّى تطمئنَّا) وإذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض حتَّى حجم (2) الأرض (2) باب مقدار الركوع وصفته والطمأنينة فيه وفى جميع الأركان على السواء (626) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا عفَّان ثنا محمَّد بن عبد الرَّحمن الطفاوىَّ ثنا سعيدٌ الجريرىُّ (3) عن رجلٍ من بنى تميمٍ وأحسن الثَّناء عليه

_ الباب الثالث عشر من أبواب الوضوء وقد ذكرته هناك لمناسبة تخليل الأصابع وذكرته هنا لمناسبة الركوع والسجود (غريبه) (1) أي مفاصلك (وقوله) في الرواية الثانية " حتى تطمئنا " يعني الكفين على الركبتين (2) المراد بذلك تمكين جبهته من الأرض أو ما فرش عليها حتى تستقر وتطن المفاصل والله أعلم (تخريجه) (مذ. جه. ك) وحسنه البخاري والترمذي (وفي الباب) عن أبي مسعود البدري واسمه عقبة بن عمرو ورضي الله عنه أنه ركع فجافى بين إبطيه ووضع كفيه على ركبتيه وفرج بين أصابعه من رواء ركبتيه وقال هكذا رأيت رسول الله عليه وسلم يصلي رواه الإمام أحمد " وتقدم في باب صفة الصلاة " وأبو داود والنسائي ورجاله ثقات (وفي حديث رفاعة بن رافع) عن النبي صلى الله عليه وسلم " وإذا ركعت فضع راحتيك على ركبتيك " رواه أبو داود بإسناد لا مطعن فيه (وعن عبد الرحمن بن أبزي ووائل بن حجر) عند الإمام أحمد وتقدماً أيضاً في باب صفة الصلاة (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية وضع اليدين على الركبتين ونسخ التطبيق (قال النووي رحمه الله) مذهبنا ومذهب العلماء كافة أن السنة وضع اليدين على الركبتين وكراهة التطبيق إلا ابن مسعود وصاحبيه علقمة والأسود فإنهم يقولون إن السنة التطبيق لأنه لم يبلغهم الناسخ وهو حديث سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه والصواب ما عليه الجمهور بثبوت الناسخ الصريح اهـ م 626 حدثنا عبد الله (غريبه) (3) هو ابن إياس (وقوله عن رجل من بني

-[مقدار الركوع والسجود]- عن أبيه أو عمَّه (1) قال صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسألناه عن قدر ركوعه وسجوده، فقال قدر ما يقول الرَّجل سبحان الله وبحمده ثلاثاً (ومن طريقٍ ثانٍ) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا خلف بن خلف بن الوليد ثنا خالد عن سعيدٍ الجريرى عن السعَّدى عن أبيه عن عمَّه قال رمقت (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صلاته فكان يمكث فى ركوعه وسجوده قدر ما يقول سبحان الله وبحمده ثلاثاً (627) عن سعيد بن جبيرٍ عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ما رأيت أحداً أشبه صلاةٍ برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الغلام (3) يعني عمر

_ تميم) هو السعدي المذكور اسمه عبد الله (وقوله وأحسن الثناء عليه) يعني أن سعيداً أحسن الثناء على الرجل التميمي (1) شك الراوي وهو صحابي مجهول وفي الطريق الثانية عن أبيه عن عمه فعلى الرواية الأولى يكون بين السعدي والنبي صلى الله عليه وسلم واحد وعلى الرواية الثانية اثنان (وقوله فسألناه) أي سألنا هذا الصحابي المجهول عن قدر ركوع النبي صلى الله عليه وسلم الخ (2) أي نظرت إليه حال صلاته فكان يطمئن في ركوعه وسجوده زمناً قدر قوله سبحان الله وبحمده ثلاث مرات (تخريجه) (د. هق) وفي إسناده السعدي مجهول قال الحافظ في التقريب لا يعرف ولم يسم (قلت) له شاهد عند أبي داود والترمذي وابن ماجه وغيرهم عن عون بن عبيد الله بن عتبة عن ابن مسعود (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه وذلك أدناه وإذا سجد فقال في سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات فقد تم سجوده وذلك أدناه) قال أبو داود هذا مرسل عون لم يدرك عبيد الله وذكره البخاري في تاريخه الكبير وقال مرسل وقال الترمذي ليس إسناده بمتصل اهـ (قلت) فمراد أبي داود والبخاري بقولهما مرسل أي منقطع كما أشار إلى ذلك الترمذي 627 عن سعيد بن جبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم ابن عمر بن كيسان قال أخبرني أبي عن وهب بن مانوس عن سعيد بن جبير " الحديث " (غريبه) (3) الغلام في الأصل الابن الصغير وجمع القلة غلمة بالكسر وجمع الكثرة غلمان ويطلق الغلام على الرجل مجازاً باسم ما كان عليه كما يقال للصغير شيخ مجازاً

-[تساوي الركوع والرفع منه والسجود والرفع منه والجلوس بين السجدتين فى المقدار]- ابن عبد العزيز قال فحزرنا (1) فى الرُّكوع عشر تسبيحاتٍ وفى السُّجود عشر تسبيحاتٍ (628) عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى فركع، وإذا رفع رأسه من الرُّكوع، وإذا سجد، وإذا رفه رأسه من السُّجود، وبين السَّجدتين قريبًا من السَّواء (2)

_ باسم ما يئول إليه أفاده في الصباح (قلت) وإطلاقه على الرجل هو المراد هنا (1) أي قدرنا في ركوع عمر بن عبد العزيز عشر تسبيحات وهو بيان لأشبهية صلاته بصلاة رسول الله صلى اله عليه وسلم (تخريجه) (د. نس) وسنده جيد 828 عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني قال فحدث أن البراء بن عازب قال كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث " (غريبه) (2) يعني أن رمان ركوعه وسجوده واعتداله وجلوسه متقارب ولم يذكر القيام في هذه الرواية وذكر في بعض روايات مسلم بلفظ (رمقت الصلاة مع محمد صلى الله عليه وسلم فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته فجلسته بين السجدتين فجلسته ما بين التسليم والانصراف قريباً من السواء) (قال النووي) رحمه الله فيه دليل على تخفيف القراءة والتشهد وإطالة الطمأنينة في الركوع والسجود وفي الاعتدال عن الركوع وعن السجود ونحو هذا قول أنس في الحديث الثاني بعده (يعني عند مسلم) ما صليت خلف أحد أوجز صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام (وقوله قريباً من السواء) يدل على أن بعضها كان فيه طول يسير على بعض وذلك في القيام ولعله أيضاً في التشهد واعلم أن هذا الحديث محمول على بعض الأحوال وإلا فقد ثبتت الأحاديث السابقة بتطويل القيام وأنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الصبح بالستين إلى المائة وفي الظهر بالم تنزيل السجدة وأنه كان تقام الصلاة فيذهب الذاهب إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يرجع فيتوضأ ثم يأتي المسجد فيدرك الركعة الأولى وأنه قرأ سورة المؤمنين حتى بلغ ذكر موسى وهارون صلى الله عليه وسلم وأنه قرأ في المغرب باري بالأعراف وأشباه هذا وكله يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كانت له في إطالة القيام أحوال بحسب الأوقات وهذا الحديث الذي نحن فيه جرى في بعض الأوقات وقد ذكره مسلم في الرواية الأخرى ولم يذكر فيه القيام وكذا ذكره البخاري وفي رواية للبخاري ما خلا القيام والقعود وهذا تفسير الرواية الأخرى اهـ م (تخرجيه) (ق وغيرهم)

-[إستواء الظهر في الركوع وتسوية الأركان فى المقدار]- (629) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد الأموىُّ عن عاصم قال ثنا أبو العالية قال أخبرنى من سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول لكل سورةٍ حظُّها (1) من الرُّكوع والسُّجود (وفى روايةٍ أعطوا كلَّ سورةٍ حظَّها من الرَّكوع والسُّجود) قال ثمَّ لقيته بعد فقلت له إنَّ ابن غمر كان يقرأ فى الرَّكعة بالسُّور، فتعرف من حدَّثك هذا الحديث؟ قال إنَّي لأعرفه وأعرف منذ كم حدَّثنيه، حدَّثنى منذ خمسين سنة (630) خط عن علىّ رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع لو وضع قدحٌ من ماء على ظهره لم يهراق (2)

_ 629 حدثنا عبد الله (غريبه) (1) أي نصيبها ومقدارها يعني والله أعلم أنه إذا كانت القراءة طويلة يكون الركوع والسجود قريبين من ذلك في الطول وإذا كانت قصيرة فكذلك تكون النسبة ويؤيد ذلك ما قدمنا في الكلام على الحديث السابق من رواية مسلم عن البراء بن عازب وفيها قال " فوجدت قيامه فركعته فاعتداله بعد ركوعه فسجدته فجلسته بين السجدتين فجلسته بين التسليم والانصراف قريباً من ذلك " فهذه الرواية تشير على تقارب الأركان بعضها من بعض ومنها القيام للقراءة هذا ما ظهر لي والله أعلم وحمل بعضهم قوله " لكل سورة حظها من الركوع والسجود " على جواز القراءة فيهما ويمنع من ذلك ما صح في النهي عن القراءة في الركوع لسجود عن مسلم والإمام أحمد وغيرهما وقد عقدت لذلك باباً مخصوصاً سيأتي بعد بابين إن شاء الله تعالى والله الموفق (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده صحيح 630 خط عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله قال وجدت في كتاب أبي قال أخبرت عن سنان بن هارون ثنا بيان عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن على " الحديث " (غريبه) (2) أي لم ينصب منه شيء لاستواء ظهره في الركوع غير مرتفع ولا منخفض وقد ترجم له البخاري فقال (باب في استواء الظهر في الركوع) (تخريجه) قال الحافظ في التخليص رواه أبو داود في مراسيله من حديث عبد الرحمن ابن أبي ليلى ووصله أحمد في مسنده عنه عن علي وذكره الدارقطني في العلل عنه عن البراء

-[كلام العلماء فى مقدار الركوع والطمأنينة فيه]- .....

_ ورجح أبو حاتم المرسل (ورواه الطبراني) في الكبير من حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو ومن حديث أبي برزة السلمي وإسناد كل منهما حسن ومن حديث أسن وابن عباس وإسناد كل منهما ضعيف وعزاه القاضي حسن في تعليقه لرواية عائشة ولم أره من حديثها ومعناه عند مسلم من حديثها " كان إذ ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك " اهـ (الأحكام) في أحاديث الباب دلالة على مقدار الطمأنينة في الركوع والسجود وهو قدر ما يقول الرجل سبحان الله وبحمده ثلاث مرات وهو أدناه كما صرح بذلك في حديث ابن مسعود وفيه إشعار بأن المصلى لا يكون متسنناً بدون الثلاث قال النووي (قال الشافعي) رحمه اله في المختصر يقول سبحان ربي العظيم ثلاثاً وذلك أدنى الكمال وقال في الأم أحب أن يبدأ الراكع فيقول سبحان ربي العظيم ثلاثاً ويقول ما حكيته عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني حديث على رضي اله عنه (سيأتي بعد باب الذكر في الركوع والسجود) قال وقال أصحابنا يستحب التسبيح في الركوع ويحصل أصل السبحة بقوله سبحان الله أو سبحان ربي وأدنى الكمال أن يقول سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فهذا أدنى مراتب الكمال (قال القاضي) حسين قول الشافعي يقول سبحان ربي العظيم ثلاثاً وذلك أدنى الكمال لم يرد أنه لا يجزيه أقل من الثلاث لأنه لو سبح مرة واحدة كان آتياً بسنة التسبيح وإنما أراد أن أول الكمال الثلاث قال ولو سبح خمساً أو سبعاً أو تسعاً أو إحدى عشرة كان أفضل وأكمل لكنه إذا كان إماماً يستحب أن لا يزيد على ثلاث وكذا اقل صاحب الحاوي أدنى الكمال ثلاث وأعلى الكمال إحدى عشرة أو تسع وأوسطه خمس ولو سبح مرة حصل التسبيح قال أصحابنا ويستن يقول سبحان ربي العظيم وبحمده وممن نص على استحباب قوله وبحمده القاضي أبو الطيب والقاضي حسين وصاحب الشامل والغزالي وآخرون اهـ ج (قلت) وقد ترك جماعة العمل بحديث بن المروي عن السعدي وحديث ابن مسعود الذي أشرنا إليه بحجة أنهما ضيفان وان الثابت هو حديث العشر تسبيحات المروي عن سعيد بن جبير عن أنس قالوا وثبت أيضاً أنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل الركوع والسجود (والجواب عن ذلك) أن حديثي السعدي وابن مسعود وإن كانا ضعيفين إلا أن لهما شواهد تعقيدهما (فمن ذلك) حديث أبي بكرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسبح في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاثاً وفي سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاثاً رواه البزار والطبراني في الكبير وقال البزار لإنعامه روى عن أبي بكرة إلا بهذا الإسناد وعبد الرحمن بن أبي بكرة صالح الحديث (ومن ذلك) حديث جبير بن مطعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ركوعه سبحان ربى العظيم ثلاثاً رواه البزار والطبراني قال البزار

-[حجة من قدر الطمأنينة فى كلّ من الركوع والسجود بثلاث تسبيحات]- (3) باب بطلان صلاة من لم يتم الركوع والسجود (631) عن البراء بن عثمان الأنصاريِّ عن هانئ بن معاوية الصَّد فىِّ حدَّثه قال حججت زمان عثمان بن عفَّان فجلست فى مسجد النبي

_ لا يروى عن جبير إلا بهذا إسناد وعبد العزيز بن عبد الله صالح ليس بالقوي (ومن ذلك) حديث أبي مالك الأشعري " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فلما ركع قال سبحان الله وبحمده ثلاث مرات ثم رفع رأسه " رواه الطبراني في الكبير وفيه شهر بن حوشب وفيه بعض كلام وقد وثقه غير واحد أورد هذه الأحاديث الثلاثة الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد مع بيان درجاتها كما ذكرنا وهي بمجموعها تدل على استحباب التسبيح في الركوع والسجود ثلاثاً لا أقل ومن فعل ذلك كان عاملاً بأصل السنة قال الترمذي والعمل على هذا عند أهل العلم يستحبون أن لا ينقص الرجل في الركوع والسجود عن ثلاث تسبيحات وروى عن ابن المبارك أنه قال أستحب للإمام أن يسبح خمس تسبيحات لكي يدرك من خلفه ثلاث تسبيحات وهكذا قال إسحاق بن إبراهيم اهـ (قلت) وفي أحاديث الباب أيضاً مشروعية التسبيح عشر مرات أخذاً من حديث الباب المروي عن أبي سعيد عن أنس قال الشوكاني قيل فيه حجة لمن قال إن كمال التسبيح عشر تسبيحات والأصح أن المنفرد يزيد في التسبيح وما أراد وكلما زاد كان أولى والأحاديث الصحيحة في تطويله صلى الله عليه وسلم ناطقة بهذا وكذلك لإمام إذا كان المؤتمون لا يتأذون بالتطويل اهـ (وقال ابن عبد البر) ينبغي لكل إمام أن يخفف لأمره صلى الله عليه وسلم وإن علم قوة من خلفه فإنه لا يدري ما يحدث عليهم من حادث وشغل وعارض وحاجة وحدث وغير ذلك (وفي أحاديث الباب أيضاً) استحباب تسوية الأركان بعضها ببعض ما عدا القيام للقراءة والجلوس للتشهد فإنهما يكونان أطول وإن لم يرد هذا الاستثناء في أحاديث الباب لكنه ورد عند البخاري عن البراء بن عازب قال " كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده بين السجدتين وإذا رفع من الركوع ما خلال القيام والقعود قريباً من السواء " وهذا الحديث عند الإمام أحمد ومسلم بدون استثناء (قال الحافظ) وإذا جمع بين الروايتين ظهر من الأخذ بالزيادة فيهما أن المراد بالقيام المستثنى القيام للقراءة وكذا القعود المراد به القعود للتشهد اهـ (وفيهما أيضاً) استحباب تسوية الظهر في الركوع وفيها غير ذلك والله أعلم 631 حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا بن لهيعة ثنا الحارث

-[بطلان الصلاة بعدم الاطمئنان]- صلى الله عليه وسلم فإذا رجل يحدِّثهم، قال كنَّا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فأقبل رجلٌ فصلَّى فى هذا العمود فعجَّل قبل أن يتم صلاته ثمَّ خرج، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ هذا لو مات لمات وليس من الدِّين على شئٍ، إنَّ الرَّجل ليخفّف صلاته ويتمُّها، قال فسألت عن الرَّجل (1) من هو فقيل عثمان بن حنيفٍ الأنصارىُّ (632) عن زيد بن وهب قال دخل حذيفة بن اليمان المسجد فإذا رجلٌ (2) يصلِّى ممَّا يلى أبواب كندة (3) فجعل لا يتّمُّ الرُّكوع ولا السُّجود فلمَّا انصرف قال له حذيفة منذ كم هذه صلاتك"؟ قال منذ أربعين سنةً (4) قبال فقال له حذيفة ما صلَّيت (5) منذ أربعين سنةً، ولو متَّ وهذه

_ عن البراء بن عثمان " الحديث " (غريبه) (1) أي سأل هانئ الحاضرين في المجلس عن الرجل الذي يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا هو عثمان بن حنيف رضي الله عنه وهو صحابي جليل من أهل الكوفة شهد أحداً وما بعدها من المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وبقى إلى زمن معاوية وولاه عمر بن الخطاب ساحة سواد العراق روى عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه عمارة ابن خزيمة وابن أخيه أبو أمامة بن سهل وعبد الله بن عبد الله بن عتبة وغيرهم ذره النووي (سغ) (تخريجه) (طب) قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه ابن لهيعة وفيه كلام وفيه البراء بن عثمان ول حديث حذيفة الآتي بعده 632 عن زيد بن وهب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا العشم عن زيد (3) بضم الكاف قرية بسمر قند (4) هذا مشكل لأن حذيفة رضي الله عنه مات سنة وثلاثين من الهجرة فعلى هذا يكون ابتداء صلاة الرجل قبل الهجرة بأربع سنين أو أكثر قال الحافظ ولعل الصلاة لم تكن فرضت بعد فلعله أراد المبالغة أو لعله كان ممن يصلي قبل إسلامه ثم أسلم فحصلت المدة المذكورة من الأمرين ولهذا العلة لم يذكر البخاري هذه الزيادة (5) هو نظير صلى الله عليه وسلم للمسيء صلاته فإنك لم

-[كلام العلماء فى حكم من لم يطمئن فى صلاته]- صلاتك لمتَّ على الفطرة (1) التَّى فُطر عليها محمد صلى الله عليه وسلم وقال ثمَّ أقبل عليه يعلَّمه. فقال إن الرَّجل ليخفِّف فى صلاته وإنه اليتم الركوع والسجود (4) باب الذكر فى الركوع (633) عن علىِّ بن أبى طالبٍ رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع قال اللَّهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت أنت ربِّي خشع سمعى وبصرى ومخِّى وعظمى وعصبي وما استقلَّت به قدمى لله رب العالمين (634) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه لَّما نزلت فسبِّح باسم

_ تصل (1) قال الخطابي الفطرة الملة والدين قال ويحتمل أن يراد بها السنة كما في حديث خمس من الفطرة (تخريجه) (خ) مختصراً بلفظ " رأى حذيفة رجلاً لا يتم الركوع والسجود قال ما صليت ولومت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمداً صلى الله عليه وسلم " ورواه أيضاً (نس. حب. عب) وابن خزيمة بنحو حديث الباب (الأحكام) حديثاً الباب يدلان على أن السرعة في الصلاة وعدم الطمأنينة في ركوعها وسجودها مبطل لها (قال الحافظ) واستدل به على والطمأنينة في الركوع والسجود وعلى أن الإخلال بها مبطل للصلاة وعلى تكفير تارك الصلاة لأن ظاهره أن حذيفة نفي الإسلام عمن أخل ببعض أركانها فيكون نفيه عمن أخل بها كلها أولى وهذا بناءً على أن المراد بالفطرة الدين وقد أطلق الكفر على من لم يصل كما رواه مسلم وهو إما على حقيقته عند قوم وإما على المبالغة في الزجر عند آخرين ويكون حذيفة قد أراد توبيخ الرجل ليرتدع في المستقبل ويرجحه وروده من وجه آخر عند البخاري بلفظ سنة محمد صلى الله عليه وسلم قال وهذه الزيادة تدل على أن حديث حذيفة المذكور مرفوع لأن قول الصحابي من السنة يفيد ذلك وقد مال إليه قوم وخالفه آخرون والأول هو الراجح اهـ ف بتصرف قليل 633 عن علي بن أبي طالب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة عن عبد االفضل عن عبد الرحمن بن الأعرج عن عبيد الله بن أبي رافع رضي الله عنه " الحديث " (غريبه) تقدم الكلام عليه في الباب الحادي عشر من أبواب صفة الصلاة في دعاء الافتتاح فارجع إليه (تخريجه) (م. فع. د. مذ. قط. هق) 634 عن عقبة بن عامر (سند) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد

-[أذكار الركوع والسجود]- ربِّك العظيم قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوها (1) فى ركوعكم، فلمَّا نزلت سبَّح اسم ربَّك الأعلى، قال اجعلوها فى سجودكم (635) عن حذيفة (بن اليمان) رضي الله عنه قال صلَّيت مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقول فى ركوعه سبحان ربِّي العظيم وفى سجوده سبحان ربِّى الأعلى، قال وما مرِّ بآية رحمةٍ إلا وقف عندها فسأل (2) ولا آية عذابٍ إلاَّ تعوَّذ منها (636) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول فى ركوعه وسجوده سبُّوحٌ قدُّوسٌ (3) الملائكة والرُّوح

_ الرحمن ثنا موسى يعني ابن أيوب الغافقي حدثني عمي إياس بن عامر قالت سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول لما نزلت الخ (غريبه) (1) أي اجعلوها بلفظها وقد جاء تفسير هذا الجعل في حديث حذيفة الآتي بعده وهو أن يقول سبحان ربي العظيم في الركوع وسبحان ربي الأعلى في السجود والحكمة في تخصيص الركوع بالعظيم والسجود بالأعلى أن السجود لما كان فيه غاية التواضع لما فيه من وضع الجبهة التي هي أشرف الأعضاء على مواطئ الأقدام كان أفضل الركوع فحسن تخصيصه بما فيه صيغة أفعل التفضيل وهو الأعلى بخلاف العظيم جعل للأبلغ من الأبلغ والمطلق مع المطلق والله أعلم (تخريجه) (د. جه. ك. حب. هق) وسنده جيد 635 عن حذيفة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان يعني الأعمش عن سعد بن عبيدة عن المستورد عن صلة عن حذيفة " الحديث " (غريبه) (2) أي سأل الله تعالى الرحمة (قوله تعوذ) أي من العذاب وشر العقاب قال ابن رسلان ولا بآية تسبيح إلا سبح وكبر ولا بآية دعاء واستغفار إلا دعا واستغفر وإن مر بمرجو سأل يفعل ذلك بلسانه أو بقلبه (تخريجه) (م. والأربعة) وصححه الترمذي 636 عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عمرو بن الهيثم قال ثنا هشام عن قتادة عن مطرف عن عائشة " الحديث " (غريبه) (3) هما بضم

-[أذكار الركوع والسجود]- (637) وعنها أيضاً قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول فى ركوعه وسجوده سبحانك (1) اللَّهم وبحمدك أغفر لى يتأوَّل القرآن (2)

_ السين والقاف (قال النووي رحمه الله) والضم أفصح وأكثر قال الجوهري في فصل (سبح) سبوح من صفات الله تعالى قال ثعلب كل اسم على فعول فهو مفتوح الأول إلا السبوح والقدوس فإن الضم فيهما أكثر وكذلك الذروح وهي دويبة حمراء منقطة بسواد تطير وهي من ذوات السموم وقال ابن فارس والزبيدي وغيرهما سبوح هو الله عز وجل فالمراد بالسبوح القدوس المقدس فكأنه قال مسبح مقدس رب الملائكة والروح ومعنى سبوح المبرأ من النقائص والشريك وكل مالا يليق بالألهية قدوس المطهر من كل ما لا يليق بالخالق وقال الهروي قيل القدوس المبارك قال القاضي عياض وقيل فيه سبوحاً قدوساً على تقدير أسبح سبوحاً أو أذكر أو أعظم أو أعبد (وقوله رب الملائكة الروح) قيل الروح ملك عظيم وقيل يحتمل أن يكون جبريل عليه السلام وقيل خلق لأراهم الملائكة كما لا نرى نحن الملائكة والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ م (تخريجه) (م. د. نس. هق) 637 وعنها أيضاً (نسده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير عن منصور عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة قلت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث " (غريبه) (1) في رواية ما صلى النبي صلى الله عليه وسلم صلاة بعد أن نزلت عليه إذا جاء نصر الله والفتح إلا يقول فيها سبحانك " الحديث " وفي بعض طرقه عند مسلم ما يشعر بأنه كان يواظب على غير ذلك داخل الصلاة وخارجها (وقوله سبحانك) منصوب على المصدرية والتسبيح التنزيه كما تقدم غير مرة (وقوله بحمدك) هو متعلق بمحذوف دل عليه التسبيح أي وبحمدك سبحتك ومعناه بتوفيقك لي وهدايتك وفضلك علي سبحتك لا بحولي وقوتي قال القرطبي ويظهر وجه آخر وهو إبقاء معنى الحمد على أصله وتكون الباء باء السببية ويكون معناه بسبب أنك موصوف بصفات الكمال والجلال سبحك المسبحون وعظمك المعظمون قد روى بحذف الواو من قوله وبحمدك وبإثباتها (2) يعني قوله تعالى " فسبح بحمد ربك واستغفره " أي يعمل بما أمر به فيه فكأني قول هذا الكلام البديع في الجزالة المستوفى ما أمر به في الآية وكان يأتي به في الركوع والسجود لأن حالة اختارها لأداء هذا الواجب الذي أمر به فيكون أكمل والله أعلم (تخريجه) (ق. هق. والأربعة إلا الترمذي)

-[الذكر في الركوع والسجود والرفع منهما]- (638) عن عبد الله (بن مسعود) رضي الله عنه أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان ما يكثر أن يقول سبحانك ربنَّا وبحمَّدك اللَّهم اغفر لى، قال لها فلمَّا نزلت إذا جاء نصر الله، الفتح قل سبحانك ربَّنا بحمدك اللَّهم أغفر لى، إنَّك أنت التَّواب الرَّحيم (وعنه إن طريق ثانٍ) (1) قال منذ أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء نصر الله والفتح كان يكثر أن يقول إذا قرأها ثمَّ ركع بها أن يقول سبحانك ربَّنا بحمدك، اللهم اغفر لى إنَّك أنت التوَّاب الرَّحيم ثلاثاً (639) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال بتُّ عند خالتى ميمونتة قال فانتبه رسول الله صلى الله عليه وسلم من اللَّيل فذكر الحديث (2) قال ثمَّ ركع قال فرأيته قال فى ركوعه سبحان ربَّى العظيم، ثمَّ رفع رأسه فحمد الله ما شاء أن يحمده (3) قال ثمَّ سجد فكان يقول فى سجوده سبحان ربِّى الأعلى، قال ثمَّ رفع رأسه قال فكان يقول فيما بين السَّجدتين ربِّ اغفر لى وارحمنى واجبرني وارفعني وارزقني واهدني

_ 638 عن ابن مسعود (نسده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله " الحديث " (1) وعنه من طريق ثان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله قال منذ أنزل الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلي والبزار والطبراني في الأوسط وفي إسناد الثلاثة أبو عبيدة عن أبيه ولم يسمع منه ورجال الطبراني رجال الصحيح حماد بن أبي سليمان وهو ثقة ولكنه اختلط (قلت) يؤيده حديث عائشة الذي قبله 639 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر قال أنا كامل عن حبيب عن ابن عباس "الحديث " (غريبه) (2) هكذا بالأصل يعني حديث صلاته صلى الله عليه وسلم منا لليل وسيأتي ذلك في غيرهم حديث ابن عباس رضي الله عنهما في أبواب صلاة الليل إن شاء الله تعالى (3) أي قال سمع الله لمن حمده مع ما يأتي من

-[مذاهب الأئمة فى حكم التسبيح فى الركوع والسجود]- (5) باب النهي عن القراءة فى الركوع والسجود (640) عن علىّ رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ

_ أذكار الاعتدال قريباً في باب الرفع من الركوع (تخريجه) (فع. د. مذ. جه. هق) وغيرهم بإسناد جيد ورواه الحاكم في المستدرك وقال صحيح الإسناد ولفظ أبي داود (اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارزقني) ولفظ الترمذي مثله لكنه ذكر (واجبرني وعافني) وفي رواية ابن ماجه (وارفعني بدل واهدني) وفي رواية البيهقي (رب اغفر لي وارحمني وأجرني وارفعني وارزقني واهدني) قال النووي رحمه الله فالاحتياط والاختيار أن يجمع بين الروايات ويأتي بجميع ألفاظها وهي سبعة " اللهم اغفر لي وارحمني وعافني وأجرني وارفعني واهدني وارزقني " اهـ ج (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية هذا التسبيح في الركوع والسجود وقد ذهبت الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي وجمهور العلماء إلى أنه سنة وليس بواجب (وقال إسحاق بن راهويه) التسبيح واجب فإن تركه عمداً بطلت صلاته وإن نسيه لم تبطل (وقال الظاهري) واجب مطلقاً وأش اختياره (وقال أحمد) التسبيح في الركوع والسجود وقول سمع الله لمن حمده وربنا لك الحمد والذكر بين السجدتين وجميع التكبيرات واجب فإن ترك منه شيئاً عمداً بطلت صلاته وإن نسيه لم تبطل ويسجد للسهو هذا هو الصحيح عنه وعنه رواية أنه سنة كقول الجمهور وقد روى القول بوجوب تسبيح الركوع والسجود عن ابن خزيمة احتج الموجبوب بحديث عقبة بن عامر وبقوله صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " وبقول الله تعالى " سبحوه " ولا وجوب في غير الصلاة فتعين أن يكون فيها وبالقياس على القراءة (واحتج الجمهور) حديث المسيء صلاته فإن النبي صلى الله عليه وسلم علمه واجبات الصلاة ولم يعلمه هذه الأذكار مع أنه علمه تكبيرة الإحرام والقراءة فلو كانت هذه الأذكار واجبة لعلمه إياها لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز فيكون تركه لتعليمه دالاً على أن الأوامر الواردة بما زاد على علمه للاستحباب لا للوجوب جمعاً بين الأدلة (قال النووي) وأما القياس على القراءة ففرق أصحابنا بأن الأفعال في الصلاة ضربان (أحدهما) معتاد للناس في غير الصلاة وهو القيام والقعود وهذا لا تتميز العبادة من العادة فوجب فيه الذكر ليتميز (والثاني) غير معتاد وهو الركوع والسجود فهو خضوع في نسفه متميز لصورته عن أفعال العادة فلم يفتقر إلى مميز والله أعلم اهـ 640 عن علي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن نمير ثنا

-[النهي عن القراءة فى الركوع والسجود]- الرَّجل وهو راكعٌ أو ساجدٌ (641) ز عن النُّعمان بن سعدٍ عن علىٍ رضي الله عنه قال سأله رجلٌ آاقرأ فى الرُّكوع والسُّجود؟ فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنِّى نهيت (1) أن أقرأ فى الرُّكوع السُّجود، فإذا ركعتم فعظِّموا الله، (2) وإذا سجدتم فاجتهدوا فى المسألة (3) فقمنٌ (4) أن يُستجاب لكم (642) عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النَّبي صلى الله عليه وسلم ألا إنَّي نهيت

_ حجاج عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه " الحديث " تخريجه) (م. د. مذ. نس. هق) 641 ز عن النعمان بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني سويد بن سعيد سنة ست وعشرين ومائتين أخبرنا علي بن مسهر عن عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان ابن سعد عن علي رضي الله عنه " الحديث " (غريبه) (1) النهي له صلى الله عليه وسلم نهي لأمته كما يشعر بذلك قوله في الحديث فإذا ركعتم فعظموا الله الخ ويشعر به أيضاً ما في صحيح مسلم وغيره أن علياً رضي الله عنه قال " نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ القرآن راكعاً وساجداً " (2) أي سبحوه ونزهوه ومجدوه وقد بين صلى الله عليه وسلم اللفظ الذي يقع به هذا التعظيم بالأحاديث المتقدمة في الباب السابق (3) أي الدعاء كما في الحديث الآتي وفيه الحدث على الدعاء في السجود وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم في الصحيح أنه قال " أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء " (4) قال النووي هو بفتح القاف وفتح الميم وكسرها لغتان مشهورتان فمن فتح عنده مصدر لا يثني ولا يجمع ومن كسر فهو وصف يثني ويجمع وفيه لغة ثالثة قمين بزيادة ياء وفتح القاف وكسر الميم ومعناه حقيق وجدير وفيه الحث على الدعاء في السجود فيستحب أن يجمع في سجوده بين الدعاء والتسبيح اهـ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ عليه بهذا اللفظ عند غير الإمام أحمد من حديث علي رضي الله عنه وهذا الحديث من زائد عبد الله على مسند أبيه ورواه (م. نس. مذ هق) م حديث ابن عباس بنحو هذا ورواه الإمام أحمد أيضاً من حديث ابن عباس وهو التالي لهذا الحديث حدثنا عبد الله حدثي أبي ثنا سفيان ثنا سليمان بن سجيم قال سفيان لم أحفظ عنه غيره قال مسته عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد

-[كلام العلماء فى النهى عن القراءة فى الركوع والسجود]- أن أقرأ راكعًا أو ساجدًا، فأمَّا الرُّكوع فعظِّموا فيه الرَّبَّ، وأمَّا السُّجود فاجتهدوا فى الدُّعاء فقمنٌ أن يُستجاب لكم (6) باب وجوب الرفع من الركوع والسجود والطمأنينة بعدهما ووعيد من ترك ذلك (643) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينظر الله (1)

_ ابن عباس عن أبيه عن ابن عباس قال كشف رسول الله عن الستارة والناس صفوف خلف أبي بكر فقال أيها الناس إنه لم يبق من مبشرات النبوة إلا الرؤيا صالحة يراها المسلم أو ترى له ثم قال ألا إني نهيت أن أقرأ الخ وسيأتي الحديث بطوله في كتاب تعبير الرؤيا في باب الرؤيا الصالحة (تخريجه) (م. د. نس. هق) (الأحكام) أحاديث الباب فيها النهي عن قراءة القرآن في الركوع والسجود (قال الشوكاني) وهذا النهي يدل على تحريم قراءة القرآن في الركوع والسجود وفي بطلان الصلاة بالقراءة حال الركوع والسجود خلاف اهـ (قلت) وحمله الجمهور على الكراهة قال الترمذي وهو قول أهل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم كرهوا القراءة في الركوع والسجود اهـ (قال النووي) وإنما وظيفة الركوع التسبيح ووظيفة السجود التسبيح والدعاء فلو قرأ في ركوع أو سجود غير الفاتحة كره ولم تبطل صلاته وإن قرأ الفاتحة ففيه وجهان لأصحابنا أصحها أنه كغير الفاتحة فيكره ولا تبطل صلاته والثاني يحرم وتبطل صلاته هذا إذا كان عمداً فإن قرأ سهواً لمي كره وسواء قرأ عمداً أو سهواً يسجد للسهو عند الشافعي رحمه الله اهـ م (قلت) وفي أحاديث الباب أيضاً الأمر بتعظيم الله عز وجل في الركوع والاجتهاد في الدعاء في السجود وهو محمول على الندب عند الجمهور وقد تقدم ذكر من قال بوجوب تسبيح الركوع والسجود والله أعلم 643 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا عامر بن يساف يحيى بن أبي كثير عن عبد اله بن بدر الحنفي عن أبي هريرة " الحديث " (غريبه) (1) أي نظر قبول فهي مردودة على صاحبها باطلة غير مقبولة لا تجزئ كما صرح بذلك في رواية أبي مسعود الأنصاري عند الإمام أحمد أيضاً والأربعة وصححه

-[وعيد من لم يقم صلبه بين الركوع والسجود]- إلى صلاة رجل لا يقيم صلبه (1) بين ركوعه وسجوده (644) عن طلق بن علىٍ الحنفِّى رضي الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم مثله (645) عن علىِّ بن شيبان رضي الله عنه أنَّه خرج وافدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فصلَّينا خلف النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم فلمح بمؤخر (2) عينيه إلى رجلٍ لا يقيم صلبه فى الرُّكوع والسُّجود، فلمَّا انصرف قال يا معشر المسلمين إنَّه لا صلاة لمن لا يُقيم صلبه فى الرُّكوع والسُّجود (646) عن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوأ النَّاس سرقةً الذَّى يسرق من صلاته، قالوا يا رسول الله

_ الترمذي بلفظ " لا تجزئ صلاة لا يقيم فيها الرجل صلبه في الركوع والسجود " (1) أي ظهره كما في رواية أبي داود من حديث أبي مسعود الأنصار أي لا تصح صلاة من لم يسو ظهره في الركوع والسجود (تخريجه) تفرد به الإمام أحمد وسنده جيد لكن قال الحافظ في تعجيل المنفعة إن عبد الله بن بدر لا يروي عن أبي هريرة إلا بواسطة (قلت) تؤيده الأحاديث التي بعده 644 عن طلق بن علي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا عكرمة بن عمار عن عبد الله بن زيد أو بدر أنا أشك عن طلق بن علي الحنفي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينظر الله عز وجل إلى صلاة عبد لا يقيم فيها صلبه بين ركوعها وسجودها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات 645 عن علي بن شيبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد وسريج قال ثنا ملازم بن عمرو ثنا عبد الله بن بدر أن عبد الرحمن بن 'لي حدثه أن أباه على بن شيبان حدثه أنه خرج وافداً الخ (غريبه) (2) بوزن مؤمن ما يلي الصدغ ومقدمها ما يلي الأنف (تخريجه) (جه. حب. وابن خزيمة) في صحيحهما وسنده جيد 646 عن عبد اله بن أبي قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن النوشجان وهو أبو جعفر السويدي ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة " الحديث " (تخريجه) (طب. ك) وقال صحيح

-[وجوب الطمأنينة بعد الرفع من الركوع والسجود]- وكيف يسرق من صلاته؟ قال لا يتمُّ ركوعها ولا سجودها أو قال لا يقيم صلبه فى الرُّوع والسُّجود (647) وعن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضي الله عنه عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نحوه (648) عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من السَّجدة أو الرَّكعة فيمكث بينهما حتَّى نقول أنسى (1) صلى الله عليه وسلم

_ الإسناد ورواه ابن خزيمة في صحيحه قاله المنذري (تر) 647 وعن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد أنا علي بن زيد عن المسيب عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله عليه وسلم يشرق صلاته قال يا رسول الله وكيف يسرقها؟ قال لا يتم ركوعها ولا سجودها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار وأبو يعلى وفيه علي بن زيد وهو مختلف في الاحتجاج به وبقية رجاله رجال الصحيح 648 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ثابت عن أنس " الحديث " (غريبه) (1) أي نسي أنه في صلاة ولفظ أبي داود " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده قام حتى نقول قد أوهم ثم يكبر ويسجد وكان يقعد بين السجدتين حتى تقول قد أوهم " ومعنى أوهم أي نسي كما في حديث الباب ويؤيده أيضاً ما رواه البخاري عن ثابت قال (كان أنس بن مالك ينعت لنا صلاة النبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا رفع رأسه من الركوع قام حتى نقول قد نسي) وفي بعض النسخ حتى نقول قد وهم أي غلط (وفي لفظ لمسلم) من طريق حماد بن زيد عن ثابت عن أنس بن مالك قال إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بنا قال ثابت كان أنس يصنع شيئاً لم أركم تصنعونه كان إذا رفع رأسه من الركوع قام حتى يقول القائل فد نسي (وله في لفظ آخر) عن أنس أيضاً قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده قام حتى نقول قد أوهم ثم يسجد ويقعد بين السجدتين حتى نقول قد أوهم) (تخريجه) (ق. د) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب الرفع من الركوع والسجود وعلى وجوب الطمأنينة بعدهما وإلى ذلك ذهب الأئمة مالك والشافعي وأحمد وإسحاق وداود وأكثر العلماء قالوا ولا تصح صلاة

-[تحقيق أن الطمأنينة واجبة الركوع والسجود والأعتدال منهما حتى عند الحنفية]- (7) باب أذكار الرفع من الركوع (649) عن علىّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الرَّكعة قال سمع الله لمن حمده ربَّنا ولك الحمد ملء السمَّوات والأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيءٍ بعد

_ من لم يقم صلبه مع الطمأنينة فيهما (قال الترمذي) رحمه الله والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم يرون أن يقيم الرجل صلبه في الركوع والسجود (قال وقال الشافعي وأحمد وإسحاق) من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود فصلاته فاسدة لحديث النبي صلى الله عليه وسلم " لا تجزئ صلاة لا يقيم الرجل فيها صلبه في الركوع والسجود " اهـ (قال الحافظ) واشتهر عن الحنفية أن الطمأنينة سنة وصرح بذلك كثير من مصنفيهم لكن كلام الطحاوي كالصريح في الوجوب عندهم فإنه ترجم (مقدار الركوع والسجود) ثم ذكر الحديث الذي أخرجه أبو داود وغيره في قوله سبحان ربي العظيم ثلاثاً في الركوع وذلك أدناه قال فذهب قوم إلى أن امقدار الركوع والسجود ولا يجزئ أدنى منه قال وخالفهم آخرون فقالوا إذا استوى راكعاً واطئمن ساجداً أجزأ ثم قال وهذا قول أبي حنيفة وأبي يوسف ومحمد اهـ ف (قلت) قال صاحب السعاية بعد ذكر عبارات كتب الحنفية في هذا الباب ما لفظه وجمله المرام في هذا المقام أن الركوع والسود ركنان اتفاقاً وإنما الخلاف في اطمئنانهما (فعند الشافعي) وأبي يوسف فرض (وعند محمد وأبي الطحاوي (وسنة) على تخريج الجرجاني (وواجب) على تخريج الكرخي وهو الذي نقله جمع عظيم عنهما وعليه المتون والقومة والجلسة والاطئمنان فيهما كل منها فرض أيضاً عند أبي يوسف والشافعي سنة عند أبي حنيفة ومحمى ما ذكره القدماء واجب على ما حققه المتأخرون ومقتضى القاعدة المشهورة أن تقوم القومة والجلسة واجبتين والاطمئنان فيهما سنة لكن لا عبرة بها بعد تحقيق الحق اهـ كلامه (قلت) وفي أحاديث الباب أيضاَ دم ترك إقامة الصلب في الركوع والسجود وجعله الشارع من أشر أنواع السرقة وجعل الفاعل لذلك أشر من تلبيس بهذه الوظيفة الخسيسة التي لا أوضع ولا أخبث منها تنفيراً عن ذلك على تحريمه فضلاً عن بطلان صلاته كما صرح صلى الله عليه وسلم بذلك في أحاديث الباب بأن صلاة من لا يقيم صلبه في الركوع والسجود غير مجزئة نسأل الله تعالى الهداية والتوفيق لأقوم طريق 649 عن علي رضي الله عنه هذا طرف من حديث طويل تقدم

-[قول سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد، فى الرفع من الركوع عند الأعتدال منه]- (650) عن سعيد بن جبيرٍ عن ابن عبَّاس أحسبه رفعه (1) قال إذا كان رفع رأسه من الرُّكوع قال سمع الله لمن حمد اللهمَّ ربنًّا لك الحمد ملء السماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيءٍ بعد (651) وعن عبد الله بن أبى أوفي رضي الله عنه عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم مثله (وعنه من طريق ثانٍ) (2) عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يقول (وفى لفظٍ يدعو إذا رفع رأسه من الرُّكوع) اللهمَّ لك الحمد ملء السَّماء وملء الأرض وملء ما شئت من شيءٍ بعد اللَّهم طهرِّنى بالثَّلج والبرد والماء البارد (3) اللَّهمَّ

_ بسنده وشرحه وتخريجه في باب دعاء الافتتاح 650 عن سعيد بن جبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا حماد يعني ابن سلمة عن قيس عن سعيد بن جبير " الحديث " (غريبه) (1) أي أظنه رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (قلت) جاء مرفوعاً بالتحقيق عند مسلم من طريق عطاء عن ابن عباس بلفظ حديث الباب وزاد في رواية أخرى عنده بعد قوله وملء ما شئت م شيء بعد " أهل الثناء والمجد لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد " وهذه الزيادة جاءت عند الأمام أحمد من حديث أبي سعيد وسيأتي في آخر هاذ الباب مع شرحه إن شاء الله (تخريجه) (م. وغيره) 651 وعن عبد الله بن أبي أوفى (نسده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد ثنا مسعر عن عبيد بن حسن عن ابن أبي أوفى " الحديث " مثل حديث سعيد بن جبير عن ابن عباس إلا أنه قال ملء السموات بالجمع (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن مجزأة بن زاهر وروح قال ثنا شعبة عن مجزأة بن زاهر مبولى لقريش قال سمعت عبد الله بن أبي أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول " الحديث " (غربه) (3) استعارة للمبالغة في الطهارة من الذنوب وغيرها (والثلج) معروف (والبرد) بفتحتين شيء ينزل من السماء يشبه الحصى ويسمى حب الغمام وحب المزن قاله في المصباح وقال الحافظ ابن الأثير إنما خصهما بالذكر تأكيداً للطهارة ومبالغة فيها لأنهما ماءان مفطوران على خلقتهما لم يستعملا ولم تنلهما الأيدي ولم تخضهما الأرجل كسائر المياه

-[غفران الذنوب بقول سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد الخ]- طهِّرني من الذُّنوب ونقنَّى منها كما ينقَّى الثَّوب الأبيض من الوسخ (1) (652) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال القارئ (2) سمع الله لمن حمده فقال من خلفه اللهمَّ ربَّنا لك الحمد فوافق قوله ذلك قول أهل السَّماء (3) اللَّهم وبَّنا لك الحمد غفر له ما تقدَّم من ذنبه (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (4) ز أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللَّهم ربَّنا لك الحمد فإنَّ من وافق قوله قول الملائكة غفر له ما تقدَّم من ذنبه (5)

_ التي خالطت التراب وجرت فيها الأنهار وجمعت في الحياض فكانا أحق بكال الطهارة (1) في رواية عند مسلم من الدرن وفي رواية عنده أيضاً من الدنس (قال النووي) كله بمعنى واحد ومعناه اللهم طهرني طهارة كاملة معتنى بها كما يعتني بتنقية الثوب الأبيض من الوسخ (تخريجه) أخرجه مسلم بطريقيه وأخرج الطريق الأولى منه أبو داود وابن ماجه 652 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا يعقوب عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال القارئ الخ (غريبه) (2) أي الإمام كما في الرواية الثانية (3) أي الملائكة كما في الرواية الثانية (قال الحافظ) وهو الدال على أن المراد الموافقة في القول والزمان قال وقال ابن المنير الحكمة في إيثار الموافقة في القول والزمان أن يكون المأموم على يقظة للإتيان بالوظيفة في محلها لأن الملائكة لا غفلة عندهم فمن وافقهم كان متيقظاً ثم إن ظاهره أن المراد بالملائكة جميعهم واختاره ابن بز بزة وقيل الحفظة منهم وقيل الذين يتعاقبون منهم إذا قلنا إنهم غير الحفظة والذي يظهر أن المراد بهم من يشهد تلك الصلاة من الملائكة ممن في الأرض أو في السماء اهـ باختصار (4) (سنده) حدثنا ز عبد الله قال قرأت علي عبد الرحمن عن مالك وثنا إسحاق قال أنا مالك عن سمى مولى أبي بكر يعني ابن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث " (5) ظاهره غفران جميع الذنوب الماضية وهو محمول عند العلماء على الصغائر وتقدم البحث في ذلك غير مرة في مواضع متعددة (تخريجه) (ق. مذ)

-[الجمع بين قول سمع الله لمن حمد وقول اللهم ربنا ولك الحمد]- (653) عن رفاعة بن رافعٍ الزرقىِّ رضي الله عنه قال كنَّا نصلِّى بومًا (1) وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمَّا رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الرَّكعةِ وقال سمع الله لمن حمده (2) قال رجلُ وراءه ربًّنا لك الحمد حمدًا كثيراً طيبّْاً مباركاً فيه، فلمَّا انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من المتكلِّم آنفاً، (3) قال الرَّجل أنا يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأيت بضعةً (4) وثلاثين ملكاً يبتدرونها (5) أيُّهم يكتبها أوَّلاً (6) (654) عن سعيدٍ المقبريِّ عن أبى هريرة رضي الله عنه قال أنا أشبهكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده قال اللَّهمَّ ربَّنا ولك الحمد (7) قال وكان يكبِّر إذا ركع وإذا قام من

_ 653 عن رفاعة بن رافع الزرقى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن نعيم بن عبد الله المجمر عن علي بن يحيى الزرقي عن أبيه عن رفاعة بن رافع الزرقي " الحديث " (غريبه) (1) أي صلاة المغرب كما أفاده) أي عند شروعه في الرفع (وقوله قال رجل) لم يعرف اسم ها الرجل (3) يعني من المتكلم بهذه الكلمات المذكورة قريباً (4) البضع بكسر الباء ما بين الثلاث إلى التسع يستوي فيه المذكر والمؤنث فيقال بضع رجال وبضع نسوة والظاهر أن هؤلاء الملائكة غير الحفظة كما يؤيده ما في الصحيحين " إن لله ملائكة يطوفون في الطرق يلتمسون أهل الذكر " ولعل الحكمة في تخصيص هذه العدد من الملائكة أن حروف هذه الكلمات أربع وثلاثون فأنزل الله تعالى ملائكة بعددها وفي مسلم اثنا عشر ملكاً فهو على عدد كلماتها على اصطلاح النجاة كذا في مجمع بحار الأنوار (5) أي يسرع كل ليكتب قبل الآخر ويصعد بها إلى حضرة الرب لعظم قدرها (6) رواية البخاري وأبي داود (أول) بالبناء على ضم ويجوز نصبه غير منصرف على الحال وأيهم مبتدأ مرفوع ويكتبها خبره ولعل الحكمة في سؤاله صلى الله عليه وسلم هي أن يتعلم السامعون كلامه فيقولوا مثله (تخريجه) (خ. لك. د) خرج الطبراني نحوه 654 عن سعيد المقبري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال ثنا يزيد قال أنا ابن أبي ذب عن سعيد المقبري الخ (غريبه) (7) في هذه الرواية

-[الذكر في الأعتدال من الركوع]- السُّجود، وإذا رفع رأسه من السَّجدتين (655) عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده قال اللَّهمَّ ربَّنا لك الحمد ملء السَّموات (1) وملء الأرض وملس ما شئت من شيءٍ بعد، أهل (2) الثَّناءٍ والمجد أحقُّ ما قال العبد وكلُّنا لك عبدٌ، لا مانع لما أعطيت (3) ولا ينفع ذا الجدِّ (4) منك الجدُّ

_ ثبوت الواو في قوله "ربنا ولك الحمد " وفي حديث علي أول الباب ولم تثبت في غيرهما من أحاديث الباب (قال النووي رحمه الله) وثبت في الأحاديث الصحيحة من روايات كثيرة " ربنا لك الحمد " وفي روايات كثيرة " ربنا ولك الحمد " بالواو وفي روايات " اللهم ربنا ولك الحمد " وفي روايات " اللهم ربنا لك الحمد " وكله في الصحيح قال الشافعي والأصحاب كله جائز (قال الأصمعي) سألت أبا عمرو عن الواو في قوله " ربنا ولك الحمد " فقال هي زائدة قلت يحتمل أن تكون عاطفة على محذوف أي ربنا أطعناك وحمدناك ولك الحمد (قال الشافعي) والأصحاب ولو قال " ولك الحمد ربنا " أجزأه لأنه أتى باللفظ والمعنى وقد سبق الآن الفرق بينه وبين قوله " أكبر الله " قالوا ولكن الأفضل قوله " ربنا لك الحمد " على الترتيب الذي وردت به السنة قال صاحب الحاوي وغيره يستحب للإمام أن يجهر بقوله " سمع الله حمده " ليسمع المأمومون ويعلموا انتقاله كما يجهر بالتكبير ويسر بقوله " ربنا لك الحمد " لأنه يفعله في الاعتدال فيسر به كالتسبيح في الركوع والسجود وأما المأموم فيسر بهما كما يسر بالتكبير فإن أراد تبليغ غيره انتقال الإمام كما يبلغ التكبير جهر بقوله سمع الله لمن حمده لأنه المشروع في حال الارتفاع ولا يجهر بقوله ربنا لك الحمد لأنه إنما يشرع في حال الاعتدال والله أعلم (تخريجه) (ق. د. عب) 655 عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا سعيد بن عبد العزيز قال حدثني عطية بن قيس عمن حدثه عن أبي سعيد الخدري " الحديث " (غريبه) (1) تقدم تفسيره في الكلام على حديث على رضي الله عنه في باب دعاء الافتتاح (2) أهل منصوب على النداء أو الاختصاص وهذا هو المشهور وجوز بعضهم رفعه على أنه خبر مبتدأ محذوف (والثناء) الوصف الجميل (والمجد) العظمة والشرف وقد وقع في بعض نسخ مسلم الحمد مكان المجد (3) هذه جملة مستأنفة متضمنة للتفويض والإذعان والاعتراف (4) بفتح الجيم على المشهور وروى ابن عبد البر عن

-[كلام العلماء فى أذكار الأعتدال من الركوع والرفع منه]- .....

_ البعض الكسر قال ابن جرير هو خلاف ما عرفه أهل النقل ولا يعلم من قاله غيره ومعناه بالفتح الحظ والغنى والعظمة وغنما ينفعه العمل الصالح وبالكسر الاجتهاد أي لا ينفعه اجتهاده وإنما تنفعه الرحمة (تخريجه) (م. د. نس) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الإتيان بما جاء فيها من الأذكار حين الرفع من الركوع وحين الاعتدال بعده وإنه عام لكل مصل وقد اختلف الأئمة في ذلك (فذهب الشافعي) إلى أنه يقول في حال ارتفاعه سمع الله لمن حمده وإذا استوى قائماً قال ربنا لك الحمد إلى آخره وأنه يستحب الجمع بين هذين الذكرين للإمام والمأموم والمنفرد وبهذا قال عطاء وأبو بردة ومحمد بن سيرين وإسحاق وداود (وقال أبو حنيفة) يقول الإمام والمنفرد سمع الله لمن حمده فقط والمأموم ربنا لك الحمد فقط وحكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وأبي هريرة الشعبي ومالك وأحمد قال وبه أقول وقال (النووي) والأوزاعي وروى عن مالك أنه يجمع بينهما الإمام والمنفرد ويحمد المؤتم (وقال أبو يوسف ومحمد) الإمام والمنفرد أيضاً ولكن يسمعل المؤتم احتج القائلون بأن الإمام والمنفرد يقولان سمع الله لمن حمده فقط والمأموم ربنا لك الحمد فقط بحديث الباب عن أبي هريرة (إذا قال الإمام سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد) الحديث رواه أيضاً البخاري ومسلم واحتج القائلون بأنه يجمع بينهما كل مصل بحديث أبي هريرة الثاني في الباب (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قال سمع الله لمن حمده قال اللهم ربنا ولك الحمد) رواه الشيخان أيضاً بأحاديث أخرى بهذا المعنى وكلها صحيحة (قال النووي) وثبت في صحيح البخاري من حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" صلوا كما رأيتموني أصلي " فيقتضي هذا مع ما قبله أن كل مصل يجمع بينهما ولأنه ذكر يستحب للإمام فيستحب لغيره كالتسبيح في الركوع وغيره ولأن الصلاة مبينة على أن لا يفتر عن الذكر في شيء منها فإن لم يقل بالذكرين في الرفع واعتدال بقي أحد الحالين خالياً عن الذكر قال (وأما الجواب) عن قوله صلى الله عليه وسلم " وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا ربنا لك الحمد " فقال أصحابنا فمعناه قولوا ربنا لك الحمد مع ما قد علمتموه من قول سمع الله لمن حمده وإنما خص هذا بالذكر لأنهم كانوا يسمعون جهر النبي صلى الله عليه وسلم يسمع الله لمن حمده وإنما خص هذا بالذكر لأنهم كانوا يسمعون جهر النبي صلى الله عليه وسلم بسمع الله لمن حمده فإن السنة فيه الجهر ولا يسمعون قوله ربنا لك الحمد لأنه يأتي به سراً وكانوا يعلمون قوله صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " مع قاعدة التأسي به صلى الله عليه وسلم مطلقاً وكانوا يوافقون في سمع الله لمن حمده فلم يحتج إلى الأمر به ولا يعرفون ربنا لك الحمد فأمروا به والله أعلم اهـ ج واحتج الباقون ببعض هذه الأدلة (أما حكم هذه الأذكار) فالجمهور على استحبابها وتقدم الخلاف في ذلك في باب الذكر في الركوع والسجود (قال

-[كيفية الهوي إلى السجود]- (8) باب هيئات السجود وكيف الهوىّ اليه (656) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد أحدكم فلا يبرك كما يبرك الجمل، وليضع يديه ثمَّ ركبتيه (1) (657) عن ابن عمر رضي الله عنهما رفعه قال إن اليدين يسجدان

_ النووي) رحمه الله ويستحب أن يجمع بين هذه الأذكار كلها فإن اقتصر على بعضها فليقتصر على سمع الله لمن حمده ربنا لك الحمد ملء السموات والأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد فإن بالغ في الاقتصار اقتصر على سمع الله لمن حمده فلا أقل من ذلك واعلم أن هذه الأذكار مستحبة كلها للإمام والمأموم والمنفرد إلا أن الإمام لا يأتي بجميعها إلا أن يعلم من حال المأمومين أنهم يؤثرون التطويل واعلم أن هذا الذكر سنة ليس بواجب فلو تركه كراهة تنزيه ولا يسجد للسهو ويكره قراءة القرآن في هذا الاعتدال كما يكره في الركوع والله أعلم اهـ أذكار 656 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سعيد بن منصور قال حدثنا عبد العزيز بن محمد قال حدثني محمد بن عبد الله بن الحسن عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة " الحديث " (غريبه) (1) لفظ أبي داود وغيره " وليضع يديه قبل ركبتيه " (تخريجه) (د. نس) قال النووي بسند جيد اهـ ج وأورده الحازمي في كتابه الاعتبار وقال هو على شرط أبي داود والترمذي والنسائي أخرجوه في كتبهم اهـ وقال القارئ في المرقاة قال ابن حجر سنده جيد اهـ (قلت) وأخرجه الترمذي أيضاً ولفظه (عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يعمد أحدكم فيبرك في صلاته برك الجمل) قال الترمذي حديث غريب لا نعرفه من حديث أبي الزناد إلا من هذا الوجه اهـ وقال أبو بكر بن أبي داود السجستاني هذه سنة تقربها أهل المدينة ولهم فيها إسنادان هذا أحدهما والآخر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم (قلت) حديث ابن عمر المشار إليه أخرجه الدارقطني والحاكم في المستدرك بلفظ (إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضع يديه قبل ركبتيه) وقال على شرط مسلم وقال الحافظ في بلوغ المرام صححه ابن خزيمة وذكره البخاري تعليقاً 657 عن ابن عمر (نسده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا

-[استحباب تفريح المصلى عن جنبيه فى السجود]- كما يسجد الوجه فإذا وضع أحدكم وجهه فليضع يديه (1) وإذا رفعه فليرفعهما (658) عن ابن بجينة (2) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد يجنِّح (3) فى سجوده حتَّى يُري (4) وضح إبطيه (وعنه من طريق ثانٍ) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلَّي فرَّج حتَّى يبدو (6) بياض إبطيه (659) عن أبى جميدٍ الساعدىِّ رضي الله عنه يصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثمَّ خوى ساجداً وقال اللها أكبر، ثمَّ جافي وفتح عضديه عن

_ أيوب عن نافع عن ابن عمر "حديث" (غريبه) (1) يعني أن حكم اليدين في السجود وفي الوضع والرفع حكم الوجه ولا يشاركهما في ذلك سائر الأعضاء (تخريجه) (د. س. لك) 658 عن ابن بجينة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن غيلان ثنا رشدين ثنا عمرو بن الحارث عن جعفر بن ربيعة عن ابن هرمز عن ابن بجينة " الحديث " (غريبه) (2) اسمه عبد الله بن مالك بن بجينة كما جاء ذلك صريحاً في سند الطريق الثانية (3) بضم الباء المثناة من تحت فتح الجيم وكسر النون المشددة وروى فرج وروى خوي وكلها بمعنى واحد والمراد أنه نحى كل يد عن الجنب الذي يليها (4) بالياء المثناة من تحت مبنى للمجهول وفي رواية عند مسلم (حتى نرى) بالنون قال النووي وكلاهما صحيح (وقوله وضح إبطيه) أي بياضهما كما في الطريق الثانية وقد أتيت بها لأنها مفسرة للطريق الأولى وسندها أصح قال (الحافظ) قال القرطبي والحكمة في استحباب هذه الهيئة أن يخفف اعتماده على وجهه ولا يتأثر أنفه ولا جبهته ولا يتأذى بملاقاة الأرض (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا بكر بن مضر عن جعفر بن ربيعة عن الأعرج عن عبد الله بن مالك بن بجينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) أي يظهر (تخريجه) (ق. وغيرهما) 659 عن أبي حميد الساعدي الخ هذا طرف من حديث طويل تقدم بتمامه وسنده وشرحه في باب جامع صفة الصلاة وقد أثبتت هذا الطرف منه هنا لمناسبة هيئات السجود

-[صفة السجود والرفع منه والطمأنينة فيهما]- بطنه وفتخ (1) أصابع رجليه ثمَّ ثنى رجله اليسرى وقعد عليها واعتدل (2) حتَّى رجع كلُّ عظيم فى موضعه (3) "الحديث" (660) قط عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال اعتدلوا فى سجودكم ولا يفترش (4) أحدكم ذراعيه افتراش الكلب، أتمُّوا الرُّكوع والسُّجود، فوالله إنىِّ لأراكم من بعدى أو من بعد ظهرى (5) إذا ركعتم وإذا سجدتم (661) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد أحدكم فليعتدل ولا يفترش ذراعيه افتراش الكلب

_ (غريبه) (1) بالخاء المعجمة وتقدم تفسيره في باب جامع الصلاة (2) أي في الجلوس بين السجدتين (3) أي اطمأنت المفاصل وفيه دلالة على مشروعية الطمأنينة في هذا الوضع وقد تقدم الكلام على ذلك قريباً (وفي الباب) عند أبي داود من حديث أبي حميد أيضاً يصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال " إذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه " 660 قط عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبيد الله بن سعيد قال حدثني عمي يعقوب عن شريك عن شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم " الحديث " (غريبه) (4) في رواية " ولا يبسط " وفي رواية " يبتسط " بزيادة التاء المثناة من فوق ومعناها واحد كما قاله ابن المنير وابن رسلان أي لا يجعل ذراعيه على الأرض كالفراش أو البساط قال القرطبي ولا شك في كراهة هذه الهيئة ولا في استحباب نقيضها اهـ والمراد بالاعتدال المأمور به في الحديث هو التوسط بين الافتراش والقبض (5) تقدم تفسيره في شرح حديث أبي هريرة في باب افتتاح الصلاة والخشوع فيها (تخريجه) (ق والأربعة وغيرهم) 661 عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ووكيع قالا ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر " الحديث " (تخريجه) (هق. جه. مد) وقال حديث جابر حديث حسن صحيح والعمل عليه عند أهل العلم يختارون الاعتدال في السجود ويكرهون الافتراش كافتراش السبع

-[النهي عن الافتراش فى السجود كافتراش الكلب]- (662) عن شعبة قال جاء رجلٌ إلى ابن عبَّاس فقال إنَّ مولاك إذا سجد وضع جبهته وذراعيه وصدره بالأرض، فقال له ابن عبَّاس ما يحملك على ما تصنع؟ قال التَّواضع، قال هكذا ربضة الكلب (1) رأيت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم إذا يسجد رؤى بياض إبطيه (2) (663) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال تدبَّرت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيته مخوِّيَّا (3) فرأيت بياض إبطيه

_ 662 عن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم عن ابن أبي ذئب عن شعبة " الحديث " وفي آخره قال أبي وحدثنا هـ حسن أنا ابن أبي ذئب فذكر مثله (غريبه) (1) أي هيئة نومه ولصوقه بالأرض وربوض الكلب والغنم والبقر والفرس مثل بروك الإبل وجثوم الطير وبابه جلس قاله في المختار (2) يعني أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع مرفقيه عن إبطيه في السجود حتى يرى بياضهما (قال الحافظ) قال إن التين فيه دليل على أنه لم يكن عليه صلى الله عليه وسلم قميص لانكشاف إبطيه وتعقب باحتمال أن يكون القميص واسع الأكمام وقد روى الترمذي في الشمائل عن أم سلمة (قالت كان أحب الثياب إلى النبي صلى الله عليه وسلم القميص) أو أراد الراوي أن موضع بياضهما لو لم يكن عليه ثوب الرؤى قاله القرطبي اهـ ما نقله الحافظ (فإن قيل) يؤخذ منه أن إبطيه صلى الله عليه وسلم لم يكن عليهما شعر (قلت) في ذلك نظر لأنه سيأتي في حديث عبد الله بن أقرم (فلما أنظر إلى عفرتي إبطي رسول الجلد بسواد الشعر لأن العفرة بياض غير خالص وسيأتي توضيح ذلك فيكون المراد بالبياض بياض الجلد من خلال الشعر (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد 663 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن التميمي عن ابن عباس " الحديث " (غريبه) (3) أي مجافياً بطنه عن الأرض (وفي رواية كان إذا سجد خوّى) أي جافى بطنه عن الأرض ورفعها وجافى في عضديه عن جنبيه حتى يخوى ما بين ذلك (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد

-[استحباب التجنيح فى السجود]- (664) عن أبي سعيد الخدرىِّ رضي الله عنه قال رأيت بياض كشح (1) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلَّم وهو ساجدٌ (665) عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجد رؤى أو رأيت بياض إبطيه (666) عن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم الخزاعىِّ عن أبيه (2) قال كنت مع أبى أقرم بالقاع (3) (وفى روايةٍ بالقاع من نمرة) قال فمرَّ بنا ركبٌ فأناخوا بناحية الطريق فقال لى أبى أى بني كن فى بهمك (4) حتَّى آتى هؤلاء القوم وأسأئلهم، قال فخرج وخرحت فى أثره فإذا رسول

_ 664 عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن إسحاق أنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن المغيرة سمعت أبا الهيثم يقول سمعت أبا سعيد الخدري يقول رأيت الخ (غريبه) (1) الكشح مثال فلس ما بخاصرة إلى الضلع الخلف يعني أنه صلى الله عليه وسلم جافى عضديه عن جنبيه حتى ظهر كشحه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه كلام 665 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن خالد عمن سمع أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث " (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد لولا ما فيه من إبهام الراوي عن أنس 666 عن عبيد الله بن عبد الهرم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا داود بن قيس عن عبيد الله بن عبد الله بن أقرم " الحديث " (غريبه) (2) أي عبد الله بن أقرم وهو صحابي مقل (3) قال في القاموس القاع أرض سهلة مطمئنة قد انفرجت عنها الجبال والآكام جمعه قيع وقيعة وقيعان بكسرهن وأقواع وأقواع اهـ (وقوله من نمرة) بفتح النون ثم كسر الميم قال في القاموس نمرة كفرحة موضع بعرفات أو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم علي يمينك خارجاً من المأزمين اهـ (4) جمع بهمة وهي ولد الضأن ذكراً كان أو أنثى والسخال أولاد المعز فإذا اجتمعت البهام

-[كيفية السجود المستحبة]- الله صلى الله عليه وسلم، قال فحضرت الصّلاة فصلَّيت معه فكنت أنظر إلى عفرتى (1) أبطى رسول الله صلى الله عليه وسلم كلَّما سجد (667) عن أبى إسحاق عن البراء بن عازبٍ صلى الله عليه وسلم أنَّه وصف السجود قال فبسط كفَّيه ورفع عجيزته (2) وخوَّى وقال هكذا سجد النَّبيُّ صلَّي الله عليه وآله وسلَّم (668) عن ميمونة زوج النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا سجدت فضع كفَّيك (3) وارفع مرفقيك

_ والسخال قيل لهم جميعاً بهام وبهم أيضاً قاله في المختار (1) العفرة بالضم هو بياض غير خالص كلون عفر الأرض وهو وجهها أراد منبت الشعر من الإبطين بمخالطة بياض الجلد سواد الشعر كذا في مجمع البحار (تخريجه) (فع. نس. مذ) وقال حديث عبد الله بن أقرم حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث داود بن قيس ولا يعرف لعبد الله بن أقرم عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث والعمل عليه عند أهل العلم 667 عن أبي إسحاق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أبو كامل ثنا شريك عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب " الحديث " (غريبه) (2) أي عجزه والعجز مؤخر الشيء والعجيزة للمرأة فاستعارها للرجل (قوله خوّى) أي جافى بطنه عن الأرض وتفسيره آنفاً (تخريجه) (نس. ش. هق) وسنده جيد 668 عن ميمونة (سنده) حدثنا عبد الله حثني أبي ثنا وكيع جعفر ابن برقان عن يزيد الأصم عن ميمونة " الحديث " (تخريجه) (م. والأربعة. هق. ط. طب) 669 عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الوليد وعفان قالا ثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط عن البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث " (غريبه) (3) أي مبسوطتين على الأرض رافعاً مرفقيك عنها (تخريجه) (م. وغيره)

-[وضع الأنف مع الجبهة على الارض فى السجود]- (670) عن وائل بن حجر رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد على أنفه مع جبهته (وعنه من طريق ثانٍ) (1) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع أنفه على الأرض (671) وعنه أيضاً أنَّه رأي النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم يسجد بين كفيَّه (وفى روايةٍ) ويداه قريبتان من أذنيه (672) عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما أن النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ وإذا سجدت فأمكن جبهتك من الأرض حتَّى تجد حجم الأرض

_ 670 عن وائل بن حجر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد القدوس بن بكر بن خنيس قال أنبأنا الحجاج عن عبد الجبار بن وائل الحضرمي عن أبيه وائل بن حجر " الحديث " (غريبه) (1) (وعنه من طريق ثان) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا حجاج عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث " (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد وله شاهد عند الأربعة وغيرهم من حديث أبي حميد الساعدي وقال الترمذي حديث أبي حميد حديث حسن صحيح 671 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عاصم بن كليب عن أبيه وائل الحضرمي (يعني بن حجر) أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم " الحديث " (تخريجه) وتقدم نحوه في باب جامع صفة الصلاة 672 (عن ابن عباس الخ) طرف من حديث طويل ذكر بتمامه وشرحه في الباب الأول من أبواب الركوع والسجود (تخريجه) (مذ. جه. ك) وحسنه البخاري والترمذي (الأحكام) في أحاديث الباب النهي عن وضع الركبتين قبل اليدين في الهوى إلى السجود والأمر بوضع اليدين ثم الركبتين وإلى ذلك ذهبت العترة والأوزاعي ومالك وابن حزم وهي رواية عن أحمد وروى الحازمي عن الأوزاعي أنه قال أدركت الناس يضعون أيديهم قبل ركبهم قال ابن أبي داود وهو قول أصحاب الحديث (وذهب الجمهور) إلى استحباب وضع الركبتين قبل اليدين (قال النووي) مذهبنا أنه يستحب أن يقدم في السجود الركبتين ثم اليدين ثم الجبهة ثم الأنف وحكاه القاضي

-[اختلاف العلماء فى كيفية الهوّى الى السجود]- ....

_ أبو الطيب عن عامة الفقاء وحكاه بن المنذر عن عمر بن الخطاب قول اهـ ج وحجتهم في ذلك حديث وائل بن حجر رضي الله عنه قال (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد وضع ركبتيه قبل يديه) رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم (قال الترمذي) وهو حديث تقديم اليدين وهو أرفق بالمصلى وأحسن في الشكل ورأي العين (وقال الدارقطني) قال ابن أبي داود وضع الركبتين اليدين تفرد به شريك القاضي عن ابن كليب وشريك ليس هو منفرداً به (وقال البيهقي) هذا الحديث يعد من أفراد شريك هكذا ذكره البخاري وغيره من الحفاظ المتقدمين وزاد أبو داود في رواية له " وإذا نهض نهض على ركبتيه واعتمد على فخذه " وهي زيادة ضعيفة من رواية عبد الجبار ابن وائل عن أبيه ولم يسمعه وقيل ولدلى الله عليه وسلم كبر وذكر الحديث وقال في السجود سبقت ركبتاه يديه " رواه الدارقطني والبيهقي وأشار إلى تضعيفه (واحتج الأولون) بحديث أبي هريرة المذكور أول الباب وقد بينا درجته وشواهده (وأجاب الآخرون) عن ذلك بأجوبه (منها) أن حديث أبي هريرة وابن منسوخان بما أخرج ابن خزيمة في صحيحه من حديث مصعب بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال " كنا نضع اليدين قبل الركبتين فأمرنا أن نضع الركبتين قبل اليدين " ولكن قال الحازمي في إسناده مقال ولو كان محفوظاً لدل على النسخ غير أن المحفوظ عن مصعب عن أبيه حديث نسخ التطبيق وقال الحافظ في الفتح إنه من أفراد إبراهيم بن إسماعيل بن سلمة بن كهيل عن أبيه وهما ضعيفان وقد عكس ابن حزم فجعل حديث أبي هريرة في وضع اليدين قبل الركبتين ناسخاً لما خالفه (ومنها) ما جزم ب ابن القيم في الهدي أن حديث أبي هريرة انقلب متنه على بعض الرواة قال ولعله " وليضع ركبتيه قبل يديه " قال وقد رواه كذلك أبو بكر بن أبي شيبة فقال حدثنا محمد بن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال " إذا سجد أحدكم فليبدأ بركبتيه قبل يديه ولا يبرك كبروك الفحل " ورواه الأثرم في سننه أيضاً عن أبي بكر كذلك وقد روى عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ما يصدق ذلك ويوافق حديث وائل بن حجر قال ابن أبي داود حدثنا يوسف بن عدي حدثنا ابن فضيل عن عبد الله بن سعيد عن جده عن أبي هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد بدأ بركبتيه قبل يديه اهـ ولكنه قد ضعف عبد الله بن سعيد يحيى بن القطان وغيره قال أبو أحمد الحاكم إنه ذاهب الحديث وقال

-[اختلاف المحدثين فى حديثى ابى هريرة ووائل بن حجر ايهما اصح]- (8) باب أعضاء السجود والنهى عن كف الشعر والثوب (673) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنه قال

_ أحمد بن حنبل هو منكر الحديث (ومما أجاب به ابن القيم) عن حديث أبي هريرة أن أوله يخالف آخره قال فإنه إذا وضع يديه قبل ركبتيه فقد برك كما يبرك البعير فإن البعير إنما يضع يديه أولاً قال ولما علم أصحاب هذا القول ذلك قالوا ركبتا البعير في يديه لا في رجليه فهو إذا برك وضع ركبتيه أولا فهذا هو المنهي عنه قال وهو فاسد لوجوده حاصلها أن البعير إذا برك يضع يديه ورجلاه قائمتان وهذا هو المنهي عنه وأن القول بأن ركبتي البعير ف يديه لا يعرفه أهل اللغة وأنه لو كان الأمر كما قالوا صلى الله عليه وسلم فليبرك كما يبرك البعير لأن أول ما يمس الأرض من البعير يداه (ومنها) الاضطراب في حديث أبي هريرة فإن منهم من يقول وليضع يديه قبل ركبتيه ومنهم من يقول بالعكس كما تقدم ومنهم من يقول وليضع يديه على ركبتيه كما رواه البيهقي (ومنها) أن حديث وائل موافق لما نقل عن الصحابة كعمر بن الخطاب وابنه وعبد الله بن مسعود (ومنها) أنه مذهب الجمهور (ومنها) أن لحديث وائل شواهد من حديث أنس وابن عمر اهـ (قال الشوكاني) ويجنه بأن لحديث أبي هريرة شواهد كذلك (من المرجحات) لحديث أبي هريرة أنه قول وحديث وائل حكاية فعل والقول أرجح مع أنه قد تقرر في الأصول أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض قوله الخاص بالأمة ومحل النزاع من هذا القبيل وأيضا حديث أبي هريرة مشتمل على النهي المقتضي للحظر وهو مرجح مستقل وهذا خلاصة ما تكلم به الناس في هذه المسألة والمقام من معارك الأنظار ومضايق الأفكار ولهذا قال النووي لا يظهر له ترجيح أحد المذهبين وأما الحافظ ابن القيم فقد رجح حديث وائل بن حجر وأطال الكلام في ذلك وذكر عشرة مرجحات قد أشرنا ههنا على بعضها أفاده الشوكاني (وفي أحاديث الباب أيضاً) أنه ينبغي للساجد أن يضع كفيه على الأرض ويرفع مرفقيه عن الأرض وعن جنبيه رفعاً بليغاً بحيث يظهر باطن إبطيه إذا لم يكن مستوراً وهذا أدب متفق على استحبابه فلو تركه كان مسيئاً مرتكباً والنهي للتنزيه وصلاته صحيحة والله أعلم قال العلماء والحكمة في هذا أنه أشبه بالتواضع وأبلغ في تمكين الجبهة والأنف من الأرض وأبعد هيئات الكسالى فإن المتبسط يشبه الكلب ويشعر بالتهاون بالصلاة وقلة الاعتناء بها والإقبال عليها والله أعلم أفاده النووي 673 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر

-[أعضاء السجود]- أمرت (1) أن أسجد على سبعةٍ (2) ولا أكفَّ شعرًا ولا ثوبًا (3) (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (4) قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن يسجد على سبعٍ ونهى أن يكفَّ شعره وثيابه (وعنه من طريقٍ ثالثٍ) (5) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أمرت أن أسجد على سبعة أعظمٍ، الجبهة وأشار بيده إلى أنفه (6) واليدين والركبتين وأطراف الأصابع (7) ولا أكف الثَّياب ولا الشعر (674) عن العبَّاس (بن عبد المطَّلب) رضي الله عنه قال قال رسول

_ ثنا شعبة عن عمرو بن دينار عن طاوس يحدث عن ابن عباس " الحديث " (غريبه) (1) قال الحافظ هو بضم الهمزة في جميع الروايات على البناء لم لم يسم فاعله وهو الله عز وجل اهـ وهذا الخطاب عام يشمل النبي صلى الله عليه وسلم وأمته كما هو الأصل إلا إذا دل دليل على الخصوصية ولا دليل إلا على العموم أخرجه البخاري في صحيحه من هذا الطريق بلفظ أمرنا وهو دال على العموم (2) أي سبعة أعظم كما صرح بذلك في الطريق الثالثة وكذلك في رواية لمسلم أيضاً (3) ظاهره أن ترك الكف واجب حال الصلاة لا خارجها ورد القاضي عياض بأنه خلاف ما عليه الجمهور فأهم كرهوا ذلك للمصلى سواء فعله في الصلاة أو قبل أن يدخلها (قال الحافظ) واتفقوا على أنه لا يعيد الصلاة لكن حكى ابن المنذر عن الحسن وجوب الإعادة قيل والحكمة في ذلك إذا رفع ثوبه وشعره عن مباشرة الأرض أشبه المتكبرين (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمر وعن طاوس عن ابن عباس قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم " الحديث " (5) (وعنه من طريق ثالث) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيى بن إسحاق قال أنا وهيب بن خالد ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) عند النسائي من طريق سفيان عن ابن طاوس فذكر هذا الحديث وقال في آخره قال ابن طاوس ووضع يده على جبهته وأمرها على أنفه وقال هذا واحد فهذه رواية مفسرة قال القرطبي هذا يدل على أن الجبهة الأصل في السجود والأنف تبع وقال ابن دقيق العيد قيل معناه أنهما جعلا كعضو واحد إلا لكانت الأعضاء ثمانية اهـ (وقوله واليدين) المراد بهما الكفان بقرينة ما تقدم من النهي عن افتراش السبع والكلب (7) أي أطراف أصابع الرجلين (تخريجه) (ق. وغيرهما) 674 عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله

-[كراهته كف الشعر حين السجود]- الله صلّى عليه وآله وسلَّم إذا سجد الرَّجل سجد معه سبعة آرابٍ (1) وجهه وكفَّاه وركبتاه وقدماه (675) ز عن عمرو بن يحيى عن أبيه أو عمِّه قال كانت لى جمَّةٌ (2) كنت إذا سجدت رفعتها فرآنى أبو حسنٍ المانُّى (3) فقال ترفعها لا يصيها التُّراب؟ والله لأحلقنها فحلقها

_ حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا عبده بن جعفر عن إسماعيل بن محمد عن عامر بن سعد عن العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه " الحديث " (غريبه) (1) أراب بالمد جمع إرب بكسر أوله وإسكان ثانيه وهو العضو (تخريجه) (م. والأربعة) 675 ز عن عمرو بن يحيى (سنده) حدثنا عبد الله قال ثنا أحمد بن حاتم الطويل وكان ثقة رجلاً صالحاً قال ثنا عبد العزيز بن محمد يعني الدرا وردي عن عمر بن يحيى عن أبيه أو عمه الخ (غريبه) (2) الجمة " بضم الجيم " من شعر الرأس ما سقط عن المنكبين (3) أبو حسن المازني هو جد عمرو بن يحيى (وقوله ترفعها لا يصيبها التراب) يعني خشية أن يصيبها تراب الأرض وأن ساجد وغنما وبخ حفيده وحلق جمته لكراهة رفع الشعر والنهي عنه وأنه من أفعال رين (قال العلماء) والحكمة في النهي عنه أن الشعر يسجد معه ولهذا جاء في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال " سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما مثل الذي يصلي ورأسه معقوص مثل الذي يصلي وهو مكتوف " رواه مسلم وعن عبد الله بن مسعود أنه مر على رجل ساجد ورأسه معقوص فحله فلما انصرف قال له عبد الله لا تعقص فإن الشعر يسجد وإن لك بكل شعرة أجراً قال إنما عقصته لكيلا يتترب قال إن يتترب خير لك أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (وفي الباب) أيضاً عن ابن مسعود رضي اله عنه قال " إذا سجد أحدكم فلا يسجد مضطجعاً ولا متوركاً فإنه إذا أحسن السجود سجد كل عضو فيه " أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن أعضاء السجود سبعة وأنه ينبغي للساجد أن يسجد عليها كلها وأن يسجد عليها كلها وأن يسجد على الجب الله فأما الجبهة وضعها مكشوفة على الأرض ويكفي بعضها والأنف مستحب فلو تركه جاز ولو اقتصر عليه وترك الجبهة لم يجز هذا مذهب الشافعي ومالك رحمهما الله تعالى والأكثرون (وقال أبو حنيفة)

-[مذاهب العلماء فيما يجب السجود عليه فى الأعضاء وما لا يجب]- (9) باب سجود المصلي على ثوبه لحاجة وكيف يسجد من زوحم (676) عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى فى ثوبٍ واحدٍ

_ رضي الله عنه وابن القاسم من أصحاب مالك له أن يقتصر على أيهما شاء (وقال أحمد رحمه الله وابن حبيب) من أصحاب مالك رضي الله عنهما يجب أن يسجد على الجبهة والأنف جميعاً لظاهر الحديث قال الأكثرون بل ظاهر الحديث أنهما في حكم عضو واحد لأنه قال في الحديث سبعة فاز جعلا عضوين صارت ثمانية وذكر الأنف استحباباً وأما اليدان والركبتان والقدمان فهل يجب السجود عليهما فيه قولان للشافعي رحمه الله تعالى (أحدهما) لا يجب لكن يستحب استحباباً متأكداً (والثاني) يجب وهو الأصح وهو الذي رجحه الشافعي الله تعالى فلو أخل بعضو منها لم تصح صلاته وإذ أوجبناه لم يجب كشف القدمين والركبتين وفي الكعبين قولان للشافعي رحمه الله تعالى أحدهما يجب كشفهما كالجبهة وأصحهما لا يجب اهـ (قلت) ومذهب الحنابلة كمذهب الشافعية في السجود على هذه الأطراف إلا أن الحنابلة قالوا لا يتحقق السجود إلا بوضع جزء من الأنف زيادة على ما ذكر والشافعية قالوا يشترط أن يكون السجود على بطون الكفين وبطون الأصابع (وقالت الحنفية) لا بد من وضع إحدى اليدين وإحدى الركبتين وشيء من أطراف إحدى القدمين ولو كان إصبعاً واحداً أما وضع أكثر الجبهة فإنه واجب ويتحقق السجود الكامل بوضع جمع اليدين والركبتين وأطراف القدمين والجبهة والأنف (وقالت المالكية) بوجوب السجود على الجبهة واستحبابه على كل ما عدها إلا أنه يعيد الصلاة في الوقت إذا ترك السجود على الأنف مراعاة ثم لوجوبه (وفي أحاديث الباب أيضاً) والنهي عن كف الشعر والثياب (قال النووي) رحمه الله اتفق العلماء على النهي عن الصلاة وثوبه مشمر أو كمه أو نحوه أو رأسه معقوص أو مردود شعره تحت عمامته أو تحو ذلك فكل هذا منهي عنه باتفاق العلماء وهو كراهة تنزيه فلو صلى كذلك فقد أساء وصحت صلاته واحتج في ذلك أبو جعفر محمد بن جرير الطبري بإجماع العلماء حكى ابن المنذر الإعادة فيه عن الحسن البصري ثم مذهب الجمهور أن النهي مطلقاً لمن صلى كذلك سواء تعمده للصلاة أم كان قبلها كذلك لا لها بل لمعنى آخر وقال الداودي يختص النهي بمن فعل ذلك للصلاة والمختار الصحيح هو الأول وها هو ظاهر المنقول عن الصحابة وغيرهم اهـ م 676 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله

-[حجة من قال بجواز السجود على ثوب المصلى المتصل به]- متوشِّحاً به يتقَّى بفضوله (2) حرَّ الأرض وبردها (677) عن أنس بن نالٍ رضي الله عنه قال كنَّا نصلَّى مع النَّبيِّ صلى الله عليه وآله وسلم فى شدَّة الحرِّ فإذا لم يستطع أحدنا أن يمكَّن وجهه من الأرض بسط ثوبه فيسجد عليه (678) عن عبد الله بن عبد الرحمن قال جاءنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فصلَّى بنا فى مسجد بنى عبد الأشهل فرأيته واضعاً يديه فى ثوبه إذا سجد (679) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه ولآله وسلم فى يومٍ مطيرٍ وهو يتَّقى الطِّين إذا يجد بكساءٍ عليه يجمله دون يديه إلى الأرض إذا سجد

_ ابن محمد وسمعته أنا منهيك عن حسين عن عكرمة عن ابن عباس " الحديث " (غريبه) (1) أي بما فضل منه وفيه دليل على أن الكساء الذي سجد عليه كان متصلاً به (تخريجه) (عل. طب. طس) قال في مجمع الزائد رجال أحمد رجال الصحيح 677 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بشر بن المفضل ثنا غالب القطان بن عبد الله عن أنس بن مالك " الحديث " (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) 678 عن عبد الله بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال عبد الله وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن إسماعيل بن أبي حبيبة عن عبد الله بن عبد الرحمن " الحديث " (تخريجه) أخرجه أيضاً ابن ماجه بهذا السند وهذا الحديث قد اختلف في إسناده فقال ابن أبي أويس عن إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حبيبة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن ثابت بن الصامت عن أبيه عن جده وهذا أولى بالصواب قاله المزني 679 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال ثنا حسين بن عبيد الله بن عبد الله بن عباس عن عكرمة مولى عبد الله بن عباس عن عبد الله بن عباس قال لقد رأيت الخ (تخريجه) لم أقف عليه وفي

-[ما يفعل من زوحم أو أعياه السجود بسبب التفريج]- (680) عن سيَّار بن المعرور قال سمعت عمر وهو يخطب يقول إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى هذا المسجد (1) ونحن معه المهاجرون والأنصار (2) فإذا اشتدَّ الزِّحام فليسجد الرَّجل منكم على ظهر أخيه، ورآى قوماً يصلُّون فى الطَّريق فقال صلُّوا فى المسجد (3) (681) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال شكا أصحاب النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم إليه مشقَّة السُّجود عليهم إذا تفرَّجوا (4) قال استعينوا بالرُّكب، قال ابن عجلان وذلك أن يضع مرفقة على ركبتيه إذا طال السُّجود وأعيا

_ إسناده الحسين بن عبد الله بن عبيد اله بن عباس ضعيف 680 عن سيار بن المعرور (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود ثنا سلام يعني أبا الأحوص عن سماك بن حرب عن سيار بن المعرور " الحديث ط (غريبه) (1) يعني مسجد المدينة المنورة (2) يريد أنهم كانوا قليلي العدد أما وقد كثر الناس فإذا ضاق بكم المسجد واشتد الزحام فليسجد الرجل منكم على ظهر أخيه للضرورة وهذا لا يكون إلا في صلاة الجمعة لاش المسجد والجماعة أما غيرها فلا ضرورة إذ يمكنه أن يصلي في أي مكان شاء (3) أي وإن زوحمتم وفي ذلك إشارة إلى أن الجمعة لا تصح إلا في المسجد وللأئمة تفصيل في ذلك وسنبسط المقام في باب صلاة الجمعة إن شاء الله تعالى (تخريجه) هذا الأثر سنده جيد ورواه أيضاً البيهقي بسنده ولفظه في الجمعة قال النووي في المجموع وإسناده صحيح 681 عن أبي هريرة (سند) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا ليث عن ابن عجلان عن سمى مولى أبي بكر عن أبي صالح عن أبي هريرة " الحديث " (غريبه) (4) يعني أنهم اشتكوا تعب السجود عليهم إذا باعدوا أيديهم عن جنوبهم ورفعوا بطونهم عن أفخاذهم كما هو المطلوب في الأحاديث السابقة فقال صلى الله عليه وسلم (استعينوا بالركب) وقد فسر ابن عجلان أحد الرواة معنى ذلك في الحديث (قال النووي رحمه الله) قال صاحب التتمة إذا طول السجود ولحقه المشقة بالاعتماد على كفيه وضع ساعديه على ركبتيه لحديث سمى أهـ وقد رخص لهم النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك للمشقة ولهذا ترجم له أبو داود فقال باب الرخصة في ذلك (تخريجه) (د. مذ. ك. هق) وابن خزيمة وقال

-[مذاهب الأئمة فى حكم السجود على الثياب وكور العمامة]- ....

_ الترمذي هذا حديث لا نعرفه من حديث أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه من حديث الليث عن ابن عجلان وقد روى هذا الحديث سفيان عن عيينة وغير واحد عن سمي عن النعمان بن أبي عياش عن النبي صلى الله عليه وسلم نحو هذا وكأن رواية هؤلاء أصح من رواية الليث اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز السجود على الثياب لاتقاء حر أو برد أو وحل أو نحو ذلك وفيها إلى أن مباشرة الأرض عند السجود هي الأصل لتعليق بسط الثوب بعدم الاستطاعة وقد استدل لها أيضاً على جواز السجود على الثوب المتصل بالمصلى " قال النووي رحمه الله " وبه قال (أبو حنيفة ومالك والأوزاعي وإسحاق وأحمد في رواية قال صاحب التهذيب وبه قال أكثر العلماء واحتج لهم بحديث أنس رضي الله عنه " يعني حديث الباب " وبحديث ابن عباس رضي اله عنهما (قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم مطير) فذكر حديث الباب وعن الحسن قال (كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسجدون وأيديهم في ثيابهم ويسجد الرجل على عمامته) رواه البيهقي وبما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد على كور عمامته وقياساً على باقي الأعضاء (قال ومذهبنا) أنه لا يصح السجود على كمه وذيله وكور عمامته وغير ذلك مما هو متصل به وال داود وأحمد في رواية (قال الشافعي والأصحاب) ويجب أن يكشف ما يقع عليه الاسم فيباشر به موضع السجود اهـ (قلت) واحتج الشافعية بحديث خباب بن الأرت رضي الله عنه " شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حر الرمضاء في جباهنا وأكفنا فلم يشكنا " قال النووي رواه البيهقي بلفظه وإسناد جيد قال رورواه مسلم بغير هذا فرواه عن زهير عن أبي إسحاق السبيعي عن سعيد بن وهب عن حبان قال " أتينا رسول الله صلى اله عليه وسلم فشكونا إليه حر الرمضاء فلم يشكنا " قال زهير قلت لأبي إسحاق أفي الظهر؟ قال نعم قلت في تعجيلها؟ قال نعم هذا لفظ مسلم (قلت) ورواه الإمام أحمد أيضاً بنحو رواية مسلم وتقدم في باب وقت الظهر وتعجيلها قال النووي ورواه البيهقي من طريق آخر وقال " فما أشكانا وقال إذا زالت الشمس فصلوا " وقد اعترض بعضهم على أصحابنا في احتجاجهم بهذا الحديث على وجوب كشف الجبهة وقال هذا ورد في الأبراد وهذا الاعتراض ضعيف لأنهم شكوا حر الرمضاء في جباههم وأكفهم ولو كان الكشف غير واجب لقيل لهم استروها فلما لم يقل ذلك دل على أنه لا بد من كشفها وقوله فلم يشكنا أي لم يجبنا إلى ما طلبناه ثم نسخ هذا وثبتت السنة بالأبراد بالظهر قال واحتج أصحابنا أيضاً بحديث رفاعة بن رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمسيء صلاته أنه لا يتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء وذكر صفة الصلاة إلى أن قال فيمكن وجهه وربما قال جبهته من الأرض وذكر تمام صفة الصلاة ثم قال " لا يتم صلاة أحدكم حتى يفعل

-[الدعاء في السجود بقوله اللهم لك سجدت الخ اللهم اجعل فى قلبى نوراً الخ]- (10) باب الدعاء فى السجود وما يقال فيه من الأذكار غير ما مد فى الركوع (682) عن علىّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سجد يقول اللهمَّ لك سجدت، وبك آمنت، ولك أسلمت، سجد وجهى للَّذى خلقه فصوَّره فأحسن صوره فشقَّ سمعه وبصره فتبارك الله أحسن الخالقين (683) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما يضف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى التَّهجُّد، قال ثمَّ خرج إلى الصَّلاة فصلَّى وجعل يقول فى صلاته أو فى سجوده اللَّهمَّ اجعل فى قلبى نوراً (1) وفى يمعي نوراَ، وفي بصرى نوراً، وعن يميني

_ ذلك " رواه أبو داود والبيهقي بإسنادين صحيحين وفي رواية للبيهقي " فيمكن وجهه " بلا شك قال وأجاب أصحابنا عن حديث أنس أنه محمول على ثوب منفصل وأما حديث ابن عباس المذكور في مسند أحمد فضعيف في إسناده مجروح ولو صح لم يكن فيه دليل لستر الجبهة وأجاب البيهقي والأصحاب عن حديث الحسن أنه محمول على مع بعض الجبهة ويدل على هذا أن العلماء مجمعون على أن المختار مباشرة الجبهة للأرض فلا يظن بالصحابة إهمال هذا وأما المروي أن النبي صلى الله عليه وسلم " سجد على كور عمامته " فليس بصحيح قال البيهقي فلا يثبت في هذا شيء وأما القياس على باقي الأعضاء أنه لا يختص وضعها على قول وإن وجب ففي كشفها مشقة بخلاف الجبهة اهـ بتصرف ج (وفي أحاديث الباب أيضاً) دليل على جواز سجود المصلى على ظهر غيره وإذا اشتد الزحام في صلاة الجمعة وسيأتي تفصيله في أبواب الجمعة إن شاء الله تعالى (وفيها أيضاً) دليل على جواز ترك التحافي حال السجود للضرورة فتكون قرينة صارفة للأحاديث المتقدمة في باب هيئات السجود في تفريجه صلى الله عليه وسلم والأمر به من الوجوب إلى الندب والله أعلم 682 عن علي رضي الله عنه هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب دعاء الافتتاح فأرجع إليه 683 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن كريب عن ابن عباس " الحديث " وهو طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه في باب ما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما في صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في الليل (غريبه) (1) قال القرطبي رحمه الله هذه الأنوار التي دعا بها النبي صلى الله عليه وسلم يمكن أن

-[ما يقال في السجود]- نوراً، وعن يساري نوراً، وأمامى نوراً، وخلفى نوراً، وفوقى نوراً، وتحتى نوراً، واجعلنى نوراً، قال شعبة أو قال اجعل لى نوراً "الحديث" (684) عن عائشة رضي الله عنها أنَّها فقدت (1) النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم من مضجعه فلمسته بيدها فوقعت عليه (2) وهو ساجدٌ وهو يقول ربِّ أعط نفسى تقواها، وكِّها أنت خير من زكَّاها، أنت وليَّها ومولاها (685) وعنها أيضاً قالت افتقدت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ذات ليليةٍ فظنت أنَّه ذهب إلى بعض نسائه فتحسَّست (3) (وفى روايةٍ فطلبته) ثمَّ رجعت فإذا هو راكعٌ أو ساجدٌ يقول سبحانك وبحمدك لا إله إلاَّ أنت (وفى روايةٍ فإذا هو ساجدٌ يقول ربِّ اغفر لى ما أسررت وما أعلنت) فقلت بأبى أنت وأمِّى (4) إنَّك لفى شأنٍ وأنا فى شأنٍ آخر

_ تحمل على ظاهرها فيكون معنى سؤاله أن يجعل الله تعالى في كل عضو من أعضائه نوراً يوم القيامة يستضيء به في تلك الظلم هو ومن تبعه والأولى أن يقال هي مستعارة للعلم والهداية (وقال النووي) قال العلماء سأل النور في أعضائه وجهاته والمراد بيان الحق وضياؤه والهداية إليه فسأل النور في جميع أعضائه وجسمه وتصرفاته وتقلباته وحالته وجملته في جهاته الست حتى لا يزيغ شيء منها عنه اهـ (تخريجه) (م. والأربعة. إلا الترمذي) 684 عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن نافع يعني أبن عمر عن صالح بن سعيد عن عائشة " الحديث " (غريبه) (1) أي لم تجهد سراج (2) الظاهر أنها عثرت فيه فوقعت أي سقطت عليه وهو ساجد الخ (وقوله زكها) أي طهرها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات 685 وعنها أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج أخبرني ابن أبي مليكة عن عائشة " الحديث " (غريبه) (3) بالحاء المهملة أي طلبت معرفة خبره (4) أي أفديك بأبي وأمي إنك مشغول بعبادة ربك وأنا أظنك عند بعض نسائك (تخريجه) (م. د. جه. وغيرهم) وفي رواية لمسلم عن عائشة رضي الله عنها

-[حديث أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد]- (686) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أقرب ما يكون العبد من ربه (1) وهو ساجدٌ فأكثروا الدعاء (11) باب الجلسة بين السجدتين وما يقال فيها (687) عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع أسه من السُّجود لم يسجد حتَّى يستوى قاعداً

_ قالت " فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من الفراش فالتمسته فوقعت يدي على بطن قدميه وهو في المسجد وهما منصوبتان وهو يقول اللهم أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك " 686 عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون قال عبد الله وسمعته أنا من هارون قال ثنا ابن وهب عن عمرو عن عمارة بن غزية عن سميي مولى أبي بكر أنه سمع أبا صالح ذكوان يحدث عن أبي هريرة " الحديث " (غريبه) (1) معناه أقرب ما يكون من رحمة ربه وإنما كان العبد في السجود أقرب إلى رحمة ربه من سائر أحوال الصلاة وغيرها لأن العبد بقدر ما يبعد عن نفسه يقرب من ربه والسجود فيه غاية التواضع وترك التكبر وكسر النفس لأنها لا تأمر صاحبها بالمذلة ولا ترضى بها ولا بالتواضع فإذا سجد فقد خالف نفسه وبعد عنها فإذا بعد عن نفسه قرب من رحمة ربه (تخريجه) (م. د. نس. ك) (وفي الباب) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في سجوده " اللهم اغفر لي ذنبي كله دقه وجله وأوله وآخره وعلانيته وسره " وقوله دقه وجله بكسر أولهما يعني صغيره وكبيره رواه مسلم واللفظ له وأبو داود والحاكم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الإتيان بما ذكر فيها من الدعاء والذكر وفيها الترغيب في الاستكثار من الدعاء في السجود وهو مستحب عند جمهور العلماء (قال النووي رحمه الله) واعلم أنه يستحب أن يجمع في سجوده جميع ما ذكرناه فإن لم يتمكن منه في وقت أتى به في أوقات وإذا اقتصر يقتصر على التسبيح مع قليل من الدعاء اهـ أذكار 687 عن عائشة رضي الله عنها الخ هذا طرف من حديث طويل تقدم بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه ف أول باب من أبواب صفة الصلاة

-[الجلسة بين السجدتين وما يقال فيها وكلام العلماء فى ذلك]- (688) عن عبد الرَّحمن بن أبزى رضي الله عنه أنًّه صلَّى يصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد حتَّى أخذ كلُّ عضوٍ مأخذه، ثمَّ رفع حتَّى أخذ كلُّ عظمٍ مأخذه، ثمَّ سجد حتَّى أخذ كلُّ عظمٍ مأخذه، ثمَّ رفع فصنع فى الرَّكعة الثَّانية كما صنع فى الرَّكعة الأولى، ثمَّ قال هكذا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (689) عن ابن عبِّاس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بين السَّجدتين فى صلاة الليل ربِّ اغفر لى وارحمني (1) وارفعنى وارزقني واهدني

_ 688 عن عبد الرحمن بن أبزى الخ طرف من حديث طويل تقم بتمامه وتقدم الكلام عليه سنداً وشرحاً وتخريجاً في باب جامع صفة الصلاة 689 عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا كامل بن العلاء عن حبيب بن أبي ثابت عن ابن عباس أو عن سعيد بن جبير عن ابن عباس " الحديث " (غريبه) (1) في رواية أخرى للإمام أحمد أطول من هذه تقدمت في آخر باب الذكر في الركوع زيادة (واجبرني) بعد قوله وارحمني (تخريجه) (ك. هق. والأربعة إلا النسائي) وصححه الحاكم وحسنه النووي في رواية ابن ماجه زيادة (واجبرني) ولم يقل اهدني ولا عافني وزاد أبو داود عافني) ولم يقل واجبرني وجمع بينها الحاكم كلها إلا أنه لم يقل (وعافني) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية تطويل الجلسة بين السجدتين والطمأنينة في ذلك ولا عبرة من قال أن تطويلها ينفي الموالاة فقد ثبت في صحيح البخاري وغيره وتقدم عند الإمام أحمد أيضاً " كان ركوع النبي صلى الله عليه وسلم وسجوده وبين السجدتين وإذا رفع رأسه من الركوع وبين السجدتين قريباً من السواء " قال ابن دقيق العيد هذا الحديث يدل على أن الاعتدال ركن طويل وحديث أنس أصرح في الدلالة على ذلك بل هو نص فيه (قلت) يعني حديث أنس في صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم وفيه " فكان إذا رفع رأسه من الركوع انتصب قائماً حتى يقول الناس قد نسي وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول الناس قد نسي " رواه الشيخان والإمام أحمد قال فلا ينبغي العدول عنه لدليل ضعيف وهو قولهم لم يسن فيه تكرير التسبيحات كالركوع والسجود ووجه ضعفه أنه قياس في مقابلة النص فهو فاسد اهـ (وفي أحاديث الباب أيضاً) دليل على مشروعية الدعاء بهذه الكلمات في الجلسة بين السجدتين (ويستحب) للداعي أن

-[مشروعية جلسة الاستراحة]- (12) باب جلسة الاستراحة (690) عن أبى قلابة قال جاء أبو سليمان مالك بن الحويرث رضي الله عنه إلى مسجدنا فقال والله إنِّي لأصلِّى وما أريد الصلاَّة (1)، ولكنِّي أريد أن أريكم كيف رأيت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يصلِّى، قال فقعد فى الرَّكعة الأولى حين رفع رأسه من السَّجدة الأخيرة (2) ثمَّ قام (وعنه من طريق ثانٍ) بنحوه (3) وفيه قال أبو قلابة فصلَّى صلاةً كصلاة شيخنا هذا يعنى عمرو بن سلمة الجرمىَّ، وكان يومُّ على عهد النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم، قال أيوب فرأيت عمرو بن سلمة يصنع شيئاً لا أراكم تصنعونه، كان إذا رفع من السَّجدتين (4) استوى قاعداً ثمَّ قام من الرَّكعة الأولى والثَّالثة

_ يجمع بين رواياتها في دعائه ليكون عاملاً بجميع الوارد وله أن يدعو بما شاء من خيري الدنيا والآخرة ولكن التمسك بالوارد أكثر ثواباً وأقرب إجابة (وفي الباب) عند النسائي وابن ماجه عن حذيفة " أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول بين السجدتين ربي اغفر لي ربي اغفر لي " قال المتولي ويستحب للمنفرد أن يزيد هنا " اللهم هب لي قلباً تقياً نقياً من الشرك برياً لا كافراً ولا شقياً " قال الأذرعي لحديث ورد فيـ والله أعلم 690 عن أبي قلابة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن أبي قلابة الخ (غريبه) (1) استشكل نفي هذه الإرادة لما يلزم عليها من وجود صلاة غير قربة ومثلها لا يصح (وأجيب) بأنه لم يرد نفي القربة وإنما أراد بيان السبب الباعث له على الصلاة في غير وقت صلاة معينة جماعة وكأنه قال ليس الباعث لي على هذا الفعل حضور صلاة معينة من أداء أو إعادة أو غير ذلك وإنما الباعث لي عليه قصد التعليم وكأنه تعين عليه حينئذ لأنه أحد من خوطب بقوله صلى الله عليه وسلم " صلوا كما رأيتموني أصلي " ورأي أن التعليم بالفعل أوضح من القول ففيه دليل على جواز مثل ذلك أفاده الحافظ ف (2) أي الثانية من الركعة الأولى (وقوله ثم قام) أي إلى الركعة الثانية ولم تذكر جلسة الركعة الثالثة في هذا الطريق وذكرت في الطريق الثاني (3) ذكر حديثه بتمامه وسنده وشرحه في باب جامع صفة الصلاة (4) يعني الأخيرتين من الركعة الأولى والثالثة (وقوله استوى

-[كلام العلماء فى حكم جلسة الأستراحة]- أبواب القنوت (*) (1) باب القنوت فى الصبح وسببه وهل هو قبل الركوع أو بعده (691) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا ابن أبى عدىّ عن سعيد وابن جعفر ثنا سعيدٌ المعني عن قتادة عن أنس (بن مالكٍ) رضي الله عنه أن نبَّي صلى الله عليه وسلم أتاه رعلٌ وذكوان (1) وعصيَّة وبنو لحيان فزعموا أنَّهم

_ قاعداً) أي جلس مدة يسيرة ثم قام من الركعة الأولى إلى الثانية (وقوله والثالثة) يعني كذلك يجلس مدة يسيرة بعد الرفع من السجدة الثانية من الركعة الثالثة ثم يقوم إلى الرابعة (وفي رواية) للبخاري والأربعة إلا ابن ماجه عن مالك بن الحويرث أيضاً أنه رأي النبي صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا كان في وتر من صلاته لم ينهض حتى يستوي قاعداً (تخريجه) حديث الباب أخرجه (خ. دنس. مذ. فع. هق. قط) (الأحكام) في حديث الباب مشروعية جلسة الاستراحة وهي بعد الفراغ من السجدة الثانية من الركعة الأولى والثالثة وقبل النهوض إلى الركعة الثانية والرابعة وقد ذهب إلى استحباب ذلك (الشافعي) في المشهور عنه وطائفة من أهل الحديث وعن أحمد روايتان وذكر الخلال أن أحمد رجع إلى وصف صلاته صلى الله عليه وسلم (تقدم في باب جامع صفة الصلاة) ولم يذكر فيه هذه الجلسة بل ثبت في بعض ألفاظه أنه قام ولم يتورك كما أخرجه أبو داود قال فيتحمل أن ما فعله في حديث مالك بن الحويرث لعلة كان لها ذكر مخصوص وتعقب بأن الأصل عدم العلة وبأن مالك بن الحويرث هو راوي حديث (صلوا كما رأيتموني أصلي) فحكاياته لصفات صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم داخلة تحت هذا الأمر وحديث أبي حميد يستدل به على عدم وجوبها وأنه تركها لبيان الجواز لا لعدم مشروعيتها على أنها لم تتفق الروايات عن أبي حميد في نفي هذه الجلسة بل أخرج أبو داود والترمذي وأحمد عنه من وجه آخر بإثباتها (وأما) الذكر المخصوص فأنها جلسة خفيفة جداً استغنى فيها بالتكبير المشروع للقيام أفاده الشوكاني القنوت له معان كثيرة كالطاعة والخشوع والصلاة والدعاء والعبادة والقيام والسكوت فيصرف كل واحد من هذه المعاني إلى ما يحتمله لفظ الحديث الوارد فيه والمراد بالقنوت هنا الدعاء 691 حدثنا عبد الله (غريبه) (1) رعل بكسر الراء وسكون المهملة

-[سبب مشروعية القنوت]- قد أسلموا فاستمدوه على قومهم (1) فأمدَّهم نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ بسبعين من لأنصار، ال أنسٌ كنا نسماقَّيهم في زمانهم القرَّاء، (2) كانوا يحتطبون بالنَّهار ويصلون بالليَّل، فانطلقوا بهم حتَّى إذا أتوا بئر معونة (3) غدروا بهم فقتلوهم، فقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا فى صلاةٍ الصبُّح يدعوا على هذه الحياء رعلٍ وذكوان وعصيَّة وبنى الحيان (4) قال قتادة وحدَّثنا أنسٌ أنَّهم قرؤا به قرآناً (5) وقال ابن جعفرٍ فى حديثه إنَّا قرأنا بهم قرآناً (يلِّغوا عنَّا قومنا أنَّا قد لقينا ربَّنا فرضى عنَّا وأرضانا) ثم رفع ذلك بعد، (6) قال ابن جعفرٍ ثمَّ نسخ

_ بطن من بني سليم ينسبون رعل بن عوف بن مالك بن امرئ القيس بن لهيعة بن سليم وأما ذكوان فبطن من بني سليم أيضاً ينسبون إلى ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم (وعصيه) بوزن رقيه قبيلة من بني سليم أيضاً (1) في رواية للبخاري أنهم استمدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على عدو فأمدهم بسبعين الخ (2) أي لأنهم كانوا يحفظون القرآن وكانوا من أصلح الناس وقد بين قتادة في روايته أنهم كانوا يحتطبون بالنهار (أي يجمعون الحطب فيبيعونه ويشترون بثمنه الطعام) ويصلون بالليل وفي رواية ثابت ويشترون به الطعام لأهل الصفة ويتدارسون القرآن بالليل ويتعلمون (3) بفتح الميم وضم المهملة وسكون الواو بعدها نون موضع في بلاد هذيل بين مكة وعسفان وهذه الوقعة تعرف بسرية القراء وكانت مع بني رعل وذكوان المذكورين قاله الحافظ ف (4) هذا يوهم أن بني لحيان ممن أصاب يوم بئر معونة وليس كذلك وإنما أصاب هؤلاء القراء رعل وذكوان وعصية ومن يحبهم من سليم وأما بنو لحيان فهم الذين أصابوا بعث الرجيع وإنما أتى الخبر إلى رسول الله عنهم كلهم في وقت واحد فدعا على الذين أصابوا أصحابه في الموضعين دعاء واحداً والله أعلم قاله القسطلاني في المواهب لت) وعلى هذا يحمل حديث الباب ويندفع الإيهام وسيأتي ذكر سرية الرجيع وبئر معونه بأوسع من هذا في كتاب الغزوات إن شاء الله تعالى (5) سبب نزوله أنهم قالوا (اللهم بلغ عنا نبينا " وفي لفظ " اخواننا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا) فأخبره جبريل فحمد الله وأثنى عليه فقال إن إخوانكم قد لقوا ربهم فرضي عنهم وأرضاهم قال أنس فكنا نقرأ (بلغوا عنا الخ) قال الإمام السهيلي ثبت هذا في الصحيح وليس عليه رونق الإعجاز فيقال إنه لم ينزل بهذا النظم ولكن بنظم معجز كنظم القرآن اهـ (6) أي

-[إكرام الله عز وجل لقراء الصحابة وحزن النبى صلى الله عليه وسلم على قتلهم]- ذلك أو رفع (ومن طريقٍ ثانٍ) حدَّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا سفيان عن عاصمٍ عن أنسٍ قال ما وجد (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم على سريَّةٍ ما وجد عليهم، كانوا يسمَّون القرَّاء، قال سفيان نزل فيهم (بلغَّوا قومنا عنَّا أنًّا قد رضينا ورضى عنَّا) قيل لسفيان فيمن نزلت؟. قال فى أهل بئر معونة (692) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا بعد الرُّوع يدعوا على رعلٍ وذكوان، وقال عصيَّة عصت الله ورسوله (693) (وعنه أيضًا) قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعوا بعد الرُّكوع على حىٍ أحياء العرب ثمَّ تركه

_ نسخ كما قال ابن جعفر (قال في الروض الأنف) فإن قيل هو خبر والخبر لا ينسخ (قلنا) لم ينسخ منه الخبر وإنما نسخ الحكم فإن حكم القرآن أن يتلى في الصلاة ولا يمسه إلا طاهر ويكتب بين اللوحين وتعلمه فرض كفاية فما نسخ رفعت عنه هذه الأحكام وإن بقي محفوظاً فهو منسوخ فإن تضمن حكماً جاز أن يبقى ذلك الحكم معمولاً به وإن تضمن خبراً بقي ذلك الخبر مصدقاً به وأحكام التلاوة منسوخة عنه كما نزل (لو أن لابن آدم واديين من ذهب لابتغى لهما ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب) ويروي " ولا يملأ عيني ابن آدم وفم ابن آدم " وكلها في الصحاح وكذا روى من مال فهذا خبر حق والخبر لا ينسخ وإنما نسخت أحكام تلاوته قال وكانت هذه الآية في سورة الانسان بعد قوله تعالى (كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) كما قال ابن سلام اهـ (1) أي ما حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتل سرية مثل ما حزن عليهم لأنهم كانوا من خواص الصحابة رضي الله عنهم (تخريجه) (ق. وغيرهما) 692 عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد حدثنا التيمي عن أبي مجلز عن أنس "الحديث " (تخريجه) (ق. وغريهما) 693 وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن هشام عن قتادة عن أنس الحديث (تخريجه) (م. د. نس. جه. هق) وقد استدل به الحنفية على نسخ القنوت في الصلوات المكتوبة لكنه لا يصلح دليلاً على النسخ لأنه صلى الله عليه وسلم

-[القنوت في الصبح بعد الركوع]- (694) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى صلاة الفجر حين رفع رأسه من الرَّكعة، قال ربَّنا ولك الحمد فى الرَّكعة الآخرة، ثمَّ قال اللَّهمَّ العن فلاناً دعا على ناسٍ من المنافقين (1) فأنزل الله تعالى (ليس لك من الأمر شيءٌ أو يتوب عليهم أو يعذِّبهم فإنِّهم ظالمون) (695) عن أبى هريرة رضي الله عنه لماَّ رفع النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم رأسه من

_ كان يدعو على أحياء من العرب في هذا الشهر ثم ترك الدعاء عليهم فالمراد ترك الدعاء على هؤلاء الكفار فقط لا أنه ترك أصلاً حتى عند النوازل فقد روى ابن خزيمة بإسناد صحيح عن أنس (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت إلا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم) وأجاب القائلون بالقنوت في الصبح دائماً بأن المراد ترك القنوت في غير الصبح من الصلوات لحديث أنس " ما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا" وسيأتي الكلام عليه آخر الباب إن شاء الله تعالى 694 عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر " الحديث " (غريبه) (1) وقع تسميتهم في حديث أبي هريرة بلفظ (الله العن لحيان ورعلاً وذكوان وعصية عصت الله ورسوله) ثم بلغنا ترك ذلك لما نزل " ليس لك من الأمر شيء " الآية رواه مسلم " والقائل ثم بلغنا هو الزهري " بين ذلك مسلم وظاهره يدل على أن الآية نزلت بعد قصة رعل وذكوان لكن ثبت عند مسلم أيضاً والإمام أحمد من حديث أنس وسيأتي في غزوة أحد (أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته يوم أحد وشج وجهه حتى سال الدم على وجهه (قال كيف فيها قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم) فأنزل الله تعالى (ليس لك من الأمر شيء الآية) فهذا يدل على أن نزول الآية كان في غزوة أحد وقصة رعل وذكوان كانت بعد أحد فكيف الجمع بين الحديثين؟ قال الحافظ طريق الجمع بينه وبين حديث ابن عمر أنه صلى الله عليه وآله وسلم دعا على المذكورين بعد ذلك في صلاته فنزلت الآية في الآمرين معاً وقع له من الأمر المذكور وفيما نشأ عنه من الدعاء عليهم وذلك كله في أحد بخلاف قصة رعل وذكوان فإنها أجنبية ويحتمل أن يقال إن قصتهم كانت عقب ذلك وتأخر نزول الآية عن سببها قليلاً ثم نزلت في جميع ذلك والله أعلم اهـ ف (تخريجه) (خ. مذ. وغيرها) 695 عن أبي هريرة) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا

-[جواز الدعاء فى القنوات للمظلومين بأسمائهم]- الرَّكعة الآخرة من صلاة الصُّبح (وفى روايةٍ الفجر) قال اللَّهم أنج الوليد 1 (وفى روايةٍ قال اللَّهمَّ ربنَّا ولك الحمد أنج الوليد) ابن الوليد وسلمة ابن هشامٍ (2) وعيَّاش بن لأبى ربيعة (3) والمستضعفين بمكًّة (4) اللَّهم اشدد وطأتك (5) على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف (6)

_ الزهري عن سعيد عن أبي هريرة " الحديث " {غريبة} (1) قال الحافظ هو ابن الوليد بن المغيرة وهو أخو خالد بن الوليد رضي الله عنهما، وكان ممن شهد بدراً مع المشركين وأسر وفدى نفسه، ثم أسلم فحبس بمكة ثم تواعد هو وسلمة وعياش المذكورين معه وهربوا من المشركين، فعلم النبي صلى الله عليه وسلم بمخرجهم ودعا لهم،، أخرجه عبد الرزاق بسند مرسل، ومات الوليد المذكور لما قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، روينا ذلك في فوائد الزيادات من حديث الحافظ أبي بكر بن زياد النيسابوري بسنده عن جابر " قال رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه من الركعة الآخيرة من صلاة الصبح صبيحة خمسة عشرة من رمضان فقال اللهم اللهم أنج الوليد " الحديث " وفيه فدعا بذللك خمسة عشرة يوماً حتى إذا كان صبيحة يوم الفطر ترك الدعاء فسأله عمر فقال أوما علمت أنهم قدموا؟ قال بينما هو يذكرهم أنفتح عليهم الطريق يسوق بهم الوليد بن الوليد قد نكت أصبعه بالحرة وساق بهم ثلاثاً على قدمية فنهج بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم حتى قضى فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا الشهيد، أنا على هذا شهيد، ورثته أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم بآبيات مشهورة أهـ (2) أي ابن المغيرة وهو ابن الذي قبله وهو أخو أبو جهل وكان من السابقين إلى الإسلام إيضاً وهاجر الهجرتين ثم خدعه أبو جهل فرجع إلى مكة فحبسه ثم فر مع رفيقيه المذكورين وعاش إلى خلافة عمر فمات سنة خمسة عشرة، وقيل قبل ذلك والله أعلم أفادة الحافظ ف (4) يعني ضعفاء المؤمنين الذين حبسهم الكفار عن الهجرة وآذوهم (5) أي اللهم أجعل بأسك وعذابك عليهم (والوطأة والوطء) في الأصل الدوس بالقدم، والمراد به هنا الإهلاك والعذاب الشديد (ومضر) أسم قبيلة سميت بأسم مضر بن نزار بن معد بن عدنان وقد ظهر من ثمرة ذلك التجائهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يدعو لهم برفع القحط كما ثبت ذلك عند البخاري والإمام أحمد (6) المراد بسنى يوسف ما وقع في زمانه عليه السلام من القحط في

-[جواز الدعاء في القنوت على الظالمين بأسماء قبائلهم]- (696) عن خفاف (1) بن إيناء بن رحضة الغفارىِّ قال صلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصُّبح ونحن معه، فلماًّ رفع رأسه من الرَّكعة الأخيرة قال لعن الله لحيان ورعلاً وذكوان وعصيَّة، عصوا الله ورسوله، أسلم سالمها الله، (2) وعفار عفر الله لها، ثمَّ وقع رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجداً، فلمَّا انصرف قرأ على النَّاس يا أيها النَّاس إنَّى أنا لست قلته، ولكنَّ الله عزَّ وجلَّ قاله (3) (زاد فى روايةٍ) قال خفافٌ فجعلت لعنة الكفرة من أجل ذلك (4) (697) عن ابن سيرين قال سئل أنس بن مالك هل قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم بعد الركوع، ثمَّ سُئل بعد ذلك مرَّة أخرى هل قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صلاة الصبُّح قال بعد الرُّكوع يسيراً (5)

_ السنين السبع كما جاء في القرآن، وجاء مصرحاً به في رواية للبخاري حيث قال قال سبع كسبع يوسف، وأضيفت إليه لكونه الذي أنذر به أو لكونه الذي قام بأمور الناس فيها {تخريجه} (ق. هق)). (696) عن خفاف بن إيماء {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ابن هارون قال: أنا محمد بن إسحاق عن عمران بن أبي أنس عن حنظلة بن علي الأسلمي عن خفاف بن إيماء " الحديث " (غريبه) (1) بضم الخاء المعجمة (وإيماء) بكسر الهمزة وهو مصروف، قاله النووي (2) اختصت هاتان القبيلتان بهذا الدعاء، لأن غفار أسلموا قديماً، وأسلم سالموا النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتي بيان ذلك في باب ما جاء في بعض القبائل من كتاب الفضائل إن شاء الله تعالى (3) يعني والله أعلم أن ما صدر منه صلى الله عليه وسلم من الدعاء على قوم والدعاء لآخرين ليس بإرادته واختياره، وإنما هو بوحي من الله تعالى (وما ينطق عن الهوى) (4) أي بسبب معصيتهم وما حصل منهم (تخريجه) (م. وغيره) (697) عن ابن سيرين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن ابن سيرين " الحديث " (غريبه) (5) أي من الزمن وقد جاء عن أنس

-[حجة القائلين بالقنوت فى الصبح لغير نازلة]- عن عاصم الأحول عن أنسٍ رضي الله عنه قال سألته عن القنوت أقبل الرُّكوع أو بعد الرُّكوع؟ فقال قبل الرُّكوع، قال قلت فإنَّهم يزعمون أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت بعد الرّ! كوع، (1) فقال كذبوا، إنَّما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا يدعوا على ناسٍ قتلوا أناساً من أصحابه يقال لهم القرَّاء (699) عن أنسٍ رضي الله عنه قال مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت فى الفجر حتى فارق الدنيا

_ في عدة طرق أن القنوت بعد الركوع كان شهراً ومنها الحديث الآتي بعد هذا {تخريجه} (ق. د. نس. جه. والطحاوي وغيرهم) (698) عن عاصم الأحول {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا عاصم الأحول ألخ {غريبة} (1) رواية البخاري (قال فإن فلاناُ أخبرني عنك أنك قلت بعد الركوع، فقال كذب) قال الحافظ لم أقف على تسمية هذا الرجل صريحاً (يعني المعبر عنه بفلان) قال ويحتمل أن يكون محمد بن سيرين بدليل روايته المتقدمة، فإن مفهوم قوله بعد الركوع يسيراً ويحتمل أن يكون وقبل الركوع كثيراً، ويحتمل أن يكون لا قنوت قبله أصلاً، ومعنى قوله كذب (باعتبار لفظ رواية البخاري) أي أخطأ وهو لغة أهل الحجاز يطلقون الكذب على ما هو أعم من العمد والخطأ، ويحتمل أن يكون أراد بقوله كذب أي أن كان حكى أن القنوت دائماً بعد الركوع، وهذا يرجع الاحتمال الأول، وبينه ما أخرجه ابن ماجه من رواية حميد عن أنس أنه سئل عن القنوت فقال في الركوع وبعده، اسناده قوى أهف {تخريجه} (ق. وغيرهما) (699) عن أنس رضي الله عنه {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال ثنا أبو جعفر يعني الرزاي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك " الحديث " {تخريجه} (قط. والبزار) وقال الهيثمي رجاله موثوقون، وقال النووي رواه جماعة من الحفاظ وصححوه، وممن نص على صحته الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي البلخي والحاكم أبو عبد الله في مواضع من كثبه والبيهقي، ورواه الدارقطني من طرق بأسانيد صحيحة أهـ ج {الأحكام} أحاديث الباب تدل على مشروعية القنوت عند النوازل، وأن سبب مشروعية اعتداء الكفار على المسلمين وقتلهم ظلماً وعدواناً وحبس ضعفائهم كعمار بن ياسر.

-[اختلاف العلماء في محل القنوات هل هو قبل الركوع أو بعده]- .....

_ وأمه وأبيه رضي الله عنهم وتعذيبهم بانواع العذاب، وأنه صلى الله عليه وسلم، مكث شهراً متوالياً يدعو على الكافرين ويدعو للمسلمين (وفيها) أن محل القنوت بعد الركوع من الركعة الأخيرة، واليه ذهب الخلفاء الأربعة أبوبكر وعمر وعثمان وعلى رضي الله عنه وأبو قلابه وأبو المتوكل والشافعي وابن حبيب من المالكية (وذهب جماعة) إلى أنه قبل الركوع، منهم مالك واسحاق وهو مروى عن ابن عباس والبراء وعمر بن عبد العزيز وعبيدة السلماني وحميد الطويل وابن أبي ليلى، محتجبين بحديث الباب عن عاصم الأحول عن أنس وقد رواه الشيخان أيضاً، وبما رواه ابن نصر عن الأسود أن عمر بن الخطاب قنت في الوتر قبل الركوع، وفي رواية بعد القراءة قبل الركوع، وبما رواه أيضاً عن ابن مسعود أنه قنت في الوتر قبل الركوع، وبما روى أيضاً عن عبد الله بن شداد قال صليت خلف عمر وعلى وأبي موشى فقنتوا في صلاة الصبح قبل الركوع، وأول من قنت قبل الركوع عثمان كما رواه ابن نصر من طريق حميد عن أنس قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت بعد الركعة وأبو بكر وعمر حتى كان عثمان قنت قبل الركعة ليدركها الناس، وقال الأثرم قلت لأحمد أيقول أحد في حديث أنس أنه قنت قبل الركوع غير عاصم الأحول؟ قال لا يقوله غيره، خالفوه، كلهم هشام عن قتادة والتيمى عن أبي مجلز، وأيوب عن ابن سيرين، وغير واحد عن حنظلة، وكلهم عن أنس، وكذا روى أبو هريرة وخفاف بن إيماء وغير واحد، وروى ابن ماجه من طريق سهل بن يوسف عن حميد عن أنس أنه سئل عن القنوت في صلاة الصبح قبل الركوع أم بعده؟ فقال كلاهما قد كنا نفعل وقبل وبعد، وصححه أبو موسى المديني، وقال الحافظ اسناده قوى، وروى ابن المنذر من طريق أخرى عن حميد عن أنس أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قنتوا في صلاة الفجر قبل الركوع، وبعضهم بعد الركوع، (قال الحافظ) ومجموع ما جاء عن أنس في ذلك أن القنوت للحاجة بعد الركوع لا خلاف عنه في ذلك، وأما لغير الحاجة فالصحيح عنه أنه قبل الركوع قال وقد أختلف الصحابة في ذلك، والظاهر أنه من الاختلاف المباح (وفيها) دليل على أنه صلى الله عليه وسلم قنت في الصبح وغيرها عند النوازل، فلما زالت استمر يقنت في الصبح فقط حتى فارق الدنيا، وقد اختلف العلماء في ذلك (فذهب جماعة) إلى مشروعية القنوت في الصلوات المكتوبات كلها عند النوازل، وعليه أكثر أهل العلم، أما عند عدم النوازل فاتفقوا ايضاً على عدم القنوت في الظهر والعصر والمغرب والعشاء، واختلفوا في الصبح (فقال جماعة) إنه مشروع فيها، وقد حكاه الحازمي عن أكثر الناس، الصحابة والتابعين فمن بعدهم من علماء الأمصار، ثم عد من الصحابة الخلفاء الأربعة إلى تمام تسعة عشر من الصحابة، ومن التابعين أثنا عشر، ومن الأئمة والفقهاء أبو اسحاق الفزارى وأبو بكر بن محمد، والحكم بن عتيبة

-[اختلاف العلماء فى القنوت فى الصبح لغير نازلة]- .....

_ وحماد ومالك بن أنس وأهل الحجاز والأوزاعي وأكثر أهل الشام والشافعي وأصحابه، (وعن النوري) روايتان ثم قال وغير هؤلاء خلق كثير، وحكاه الخطابي في معالم السنن عن أحمد بن حنبل واسحاق بن راهويه وحكى الترمذي عنهما خلاف ذلك (قال النووي) في المجموع " شرح المهذب " القنوت في الصبح مذهبنا، وبه قال أكثر السلف ومن بعدهم أو كثير منهم، وقال الثوري وابن حزم كل من الفعل والترك حسن (احتج المثبتون) بحديث الباب عن أنس " مازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقنت في الفجر حتى فارق الدنيا " وبما رواه الحاكم وصححه والدارقطني عن أنس أيضاً من عدة طرق " أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت شهراً يدعو عليهم ثم تركه فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا " (وذهب جماعة) إلى عدم مشروعية القنوت في الصبح إذا لم تكن نازلة، منهم ابن المبارك وابن عباس وابن مسعود وأبو الدرداء وأبو اسحاق وأصحابه وسفيان الثوري وأبو حنيفة، مستدلين بحديث أبي مالك الأشجعي عند الترمذي وابن ماجه والأمام احمد "وسيأتي في باب حجة من أنكر القنوت " وبما أخرجه ابن حبان عن ابراهيم بن سعد عن الزهري عن سعيد وأبي سلمة عن أبي هريرة قال " كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقنت في صلاة الصبح إلا أن يدعو لقوم أو على قوم " وبما أخرجه الخطيب في كتاب القنوت من حديث محمد بن عبد الله الأنصاري ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يقنت لا إذا دعا لقوم أو دعا على قوم "رواه ابن خزيمة "أيضاً وصححه وبأحاديث أخري لا تخلو من مقال، وأجابوا عن حديث أنس بإنه ضعيف لا تقوم به حجة لأنه من طريق أبي جعفر الرازي وهو أن وثقه جماعة فيه مقال، ويزيده ضعفا ما رواه الخطيب من طريق قيس بن الربيع عن عاصم بن سليمان قال قلنا لأنس بن مالك إن قوما يزعمون " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال يقنت بالفجر "قال كذبوا، وإنما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً واحداً يدعو على حي من أحياء العرب (قال ابن القيم في الهدى) قيس ابن الربيع وان كان يحي ضعفه فقد وثقه غيره، وليس بدون أبي جعفر الرازي، فكيف يكون أبو جعفر حجة في قوله " لم يزل يقنت حتى فارق الدنيا " وقيس ليس بحجة في هذا الحديث وهو أوثق منه أو مثله، والذين ضعفوا أبا جعفر أكثر من الذين ضعفوا قيسا، فإنما يعرف تضعيف قيس عن يحي، قال أحمد بن سعيد بن أبي مريم سألت يحي عن قيس ابن الربيع فقال ضعيف لا يكتب حديثه، كان يحدث بالحديث عن عبيدة وهو عنده عن منصور، ومثل هذا لا يوجب رد حديث الراوي، لأن غاية ذلك أن يكون غلط ووهم في ذكر عبيدة بدل منصور، ومن الذي يسلم من هذا من المحدثين (قال) وكان هديه صلى الله عليه وسلم القنوت في النوازل خاصة وتركه عند عدمها، ولم يكن يخصه بالفجر بل كان أكثر قنوته

-[مذهب أهل الحديث في القنوت]- ......

_ فيها لأجل ما شرع فيها من الطول ولاتصالها بصلاة الليل وقربها من السحر وساعة الأجابة وللتنزل الألهي ولأنها الصلاة المشهودة التي يشهدها الله وملائكته أو ملائكة الليل والنهار كما روى هذا في تفسير قوله تعالى أن قرآن الفجر كان مشهودا (ثم قال) نعيم يصح عن أبي هريرة أنه قال والله لأنا أقربكم صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم فكان أبو هريرة يقنت في الركعة الأخيرة من صلاة الصبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده فيدعو للمؤمنين ويلعن الكافرين، ولا ريب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ثم تركه، فأحب أبو هريرة أن يعلمهم أن مثل هذا القنوت سنة وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله، وهذا يرد على أهل الكوفة الذين يكرهون القنوت في الفجر مطلقا عند النوازل وغيرها، ويقولون هو منسوخ وفعله بدعة، فأهل الحديث متوسطون بين هؤلاء وبين من استحبه عند النوازل وغيرها، وهم أشعر بالحديث من الطائفتين، فأنهم يقنتون حيث يقنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويتركونه حيث تركه، فيقتدون به فب فعله وتركه، ويقولون فعله سنة وتركه سنة، ومع هذا فلا ينكرون على من داوم عليه ولا يكرهون فعله ولا يرونه بدعة ولا فاعله مخالفا للسنة، كما لا ينكرون على من تركه عند النوازل ولا يرون تركه بدعة ولا تاركه مخالفا للسنة بل من قنت فقد أحسن ومن تركه فقد أحسن، وهذا من الاختلاف المباح الذي لا يعنف فيه من فعله ولا من تركه، وهذا كرفع اليدين في الصلاة وتركه، كالخلاف في أنواع التشهدات، وانواع الأذان والأقامة، وأنواع النسك من الأفراد والقران والتمتع وليس مقصودنا إلا ذكر هديه صلى الله عليه وسلم الذي كان يفعله هو فانه قبله القصد، وإليه التوجه وعليه مدار التفتيش والطلب، وهذا شيء والجائز الذي لا ينكر فعله وتركه شيء فنحن لم نتعرض لما يجوز ولما لا يجوز، وإنما مقصدونا فيه هدي النبي صلى الله عليه وسلم الذي كان يختاره لنفسه فإنه أكمل الهدي وأفضله، فإذا قلنا لم يكن من هديه المداومة على القنوت في الفجر ولا الجهر بالبسملة لم يدل ذلك على كراهية غيره ولا أنه بدعة، ولكن هديه صلى الله عليه وسلم أكمل الهدي وأفضله أهـ {قلت} وقال الحافظ في التلخيص اختلفت الأحاديث عن أنس واضطربت فلا يقوم بمثل هذا حجة أهـ _ (وقال الشوكاني الحق ما ذهب إليه من قال أن القنوت مختص بالنوازل وأنه ينبغي عند نزول النازلة إلا تختص به صلاة دون صلاة، وقد ورد ما يدل على هذا الاختصاص في حديث أنس عند ابن خزيمة في صحيحة، ومن حديث أبي هريرة عند ابن حبان بلفظ " كان لا يقنت إلا أن يدعو لآحد ويدعو على أحد " قال وأعلم أنه قد وقع الأتفاق على عدم وجوب القنوت مطلقاً كما صرح بذلك صاحب البحر وغيره أهـ {قلت} وفي أحاديث الباب أيضاً جواز الدعاء في القنوت لضعفة المسلمين بتخليصهم من الأسر ويقاس عليه جواز الدعاء لهم

-[القنوت في الصبح والظهر والمغرب والعشاء]- (2) باب القنوت فى الظهر وصلوات أخرى (700) عن أبى هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعوا فى دبرٍ صلاة الظُّهر اللًّهمَّ خلِّص الوليد بن الوليد، وسلمة بن هشامٍ، وعياش ابن أبى ربيعة، وضعفة المسلمين من أيدى المشركين الَّذين لا يستطيعون حيلة ولا يهتدون سبيلاً (701) عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وآله وسلم قنت فى الصبُّح والمغرب (1) (702) عن أبى هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيًّ صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الرَّكعة الأخيرة من صلاة العشاء الآخرة قنت وقال اللَّهم أنج الوليد ابن الوليد، اللَّهمَّ أنج سلمة بن هشامٍ، اللَّهم أنج عيَّاش بن أبي ربيعة

_ بالنجاة من كل ورطة يقعون فيها من غير فرق بين المستضعفين وغيرهم والله أعلم (700) عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال أنا على بن زيد عن عبد الله بن إبراهيم القرشي أو إبراهيم بن عبد الله القرشي عن أبي هريرة " الحديث " {تخريجه} لم أقف عليه بهذا الفظ وفي أسناده على بن زيد ضعيف ويؤيده ما بعده. (701) عن البراء بن عازب {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن ادريس أنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلي عن البراء بن عازب " الحديث " {غريبه} (1) تمسك بهذا الطحاوي والحنيفية في ترك القنوت في الفجر، قال لأنهم أجمعوا على نسخه في المغرب فيكون في الصبح كذلك، وقد عارضه بعضهم فقال أجمعوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم قنت في الصبح، ثم أختلفوا هل ترك أم لا، فيتمسك بما أجمعوا عليه حتى يثبت ما أختلفوا فيه، وقد تقدم الكلام في ذلك مستوفى {تخريجه} (م. هـ. مد. نس. هق) (702) عن أبي هريرة {سنده} حثنا عبد الله أبي ثنا عبد الملك

-[القنوت في الصبح والظهر والعشاء]- اللَّهمَّ أنج المستضعفين من المؤمنين، اللَّهمّ أشدد وطأتك على مضر، اللَّهمَّ اجعلها سنين كسنى يوسف عليه السَّلام (703) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو قطنٍ وأبو عامرٍ قالا حدّثنا هشامٌ يعنى الدَّستوائىَّ عن يحيى عن أبى سلمة عن أبى هريرة رضي الله عنه قال والله لأقرِّبنَّ لكم (1) صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفى رواية إنَّى لأقربكم صلاةً برسول الله صلى الله عليه وسلم) قال فكان أبو هريرة يقنت فى الرَّكعة الآخرة من صلاة الظُّهر وصلاة العشاء وصلاة الصُّبح، قال أبو عامرٍ فى حديثه العشاء الآخرة وصلاة الصُّبح بعد ما يقول سمع الله لمن حمده (2) ويدعو للمؤمنين ويلعن الكفَّار قال أبو عامرٍ فى ويلعن الكافرين (فصل منه فى القنوت فى الصلوات الخمس) (704) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهراً متتابعاً فى الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء والصبُّح فى دبر كلِّ صلاةٍ إذا قال سمع الله لمن حمده من الرَّكعة الأخيرة، يدعو عليهم، على حيٍ من بني سليمٍ

_ ابن عمر قال ثنا هشام عن يحي عن أبي سلمة عن أبي هريرة " الحديث " {تخريجه} (ق. د. هق) (703) حدثنا عبد الله ألخ {غريبة} (1) أي لأبيننها لكم بياناً فعليا فأصلى كما كان يصلي، وفي الرواية الثانية " أني لأقربكم " كما في رواية الأسماعيلي، وفي رواية عند الطحاوي " لأرينكم " (2) (قوله بعدما يقول سمع الله لمن حمده) هذه الجملة لم تأت في رواية الشيخين وأبي داود، وبدونها يحتمل أن يكون القنوت قبل الركوع أو بعده، فوجدوها هنا عين المراد، وهو بعد الركوع، وفي رواية أخ رى عند الشيخين عن أبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت قبل الركوع) {تخريجه} (ق. د. نس. هق. قط) (704) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد وعفان

-[مذاهب العلماء في القنوت هى الصلوات الخمس للنازلة]- على رعلٍ وذكوان وعصيَّة ويرمِّن من خلفه، أرسل إليهم يدعوهم إلى الإسلام (1) فقتلوهم، قال عفَّان فى حديثه قال وقال عكرمة هذا كان مفتاح القنوت (2) (3) باب ما جاء فى الجهر بالقنوت (705) عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يدعو على أحدٍ أو يدعو لأحدٍ قنت بعد الرُّكوع، فربَّما قال إذا قال

_ قالا ثنا ثابت عن هلال عن عكرمة عن ابن عباس " الحديث " {غريبه} (1) تقدم في حديث أنس رضي الله عنه في أول الباب الأول أن رعل وذكوان وعصية وبني لحيان أتو النبي صلى الله عليه وسلم فزعموا أنهم قد أسلموا واستمدواه على قومهم، وفي رواية للبخاري (استمدوه على عدو فأمدهم) وظاهر حديث الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أرسل إليه يدعوهم إلى الإسلام، ويمكن الجمع بين الحديثين بأن يقال أن هؤلاء الناس أتوا النبي صلى الله عليه وسلم بدعوى أنهم مسلمون وأن قومهم لم يوافقوهم على الإسلام فطلبوا من النبي صلى الله عليه وسلما والمدد ليستعينوا به على محاربة من خالفهم من قومه لأنهم صاروا أعداء، ولما كان مبدؤ الإسلام المسألة أمدهم النبي صلى الله عليه وسلم بسبعين لدعاية المخالفين إلى الإسلام، واختارهم من القراء لأنهم أقدر على أستمالة القلوب من غيرهم فغدروا بهم (2) يعني أن قتل المرسلين كان سبباً في مشروعية القنوت {تخريجه} (د. هق. ك) وقال صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه بهذا اللفظ (قلت) وأقره الذهبي {الأحكام} أحاديث الباب تدل على مشروعية القنوت للنازلة في الصلوات الخمس ولا يختص به فرض دون آخر، وبذلك قال جمهور العلماء، وخالف في ذلك الحنفية فقالوا هو مختص بصلاة الصبح فقط للنازلة، وأحاديث الباب ترده (وفي حديث ابن عباس) مشروعية تأمين المأمومين على دعاء الأمام في القنوت، قال أبو داود سمعت أحمد سئل عن القنوت فقال الذي يعجبنا أن يقنت الأمام ويؤمن من خلفه، وروى محمد بن نصر عن أبي عثمان النهدي قال كان عمر يقنت بنا في صلاة الغداة حتى يسمع صوته من وراء المسجد، فيؤخذ من هذا ومن حديث ابن عباس أيضاً أن القنوت يكون جهراً لأن المأمومين إذا لم يسمعوا لم يؤمنوا، وحكى الحافظ في الفتح الاتفاق على الجهر في قنوت النازلة قال بخلاف القنوت في الصبح فاختلف في محله وفي الجهر به أهـ والله أعلم (705) عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل

-[الجهر بالقنوت]- سمع الله لمن حمده ربَّنا ولك الحمد، اللَّهمَّ أنج الوليد بن الوليد، وسلمة ابن هشامٍ، وعياش بن أبى ربيعة، والمستضعفين من المؤمنين، اللَّهمَّ اشدد وطأتك على مصر وأجعلها سنين كسني يوسف، قال يجهر بذلك، ويقول فى بعض صلاته فى صلاة الفجر، اللَّهمَّ العن فلاناً وفلاناً حييَّن من العرب حتَّى أنزل الله عزَّ وجل (ليس لك من الأمر شئٌ أو يتوب عليهم أو يعذَّبهم فإنَّهم ظالمون) (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (1) قال ركع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصَّلاة ثمَّ رفع رأسه فقال اللَّهمَّ أنج عيَّاش بن أبى ربيعة إلى أن قال اللَّهمَّ أجعلها سنين كسنى يوسف، الله أكبر ثم خرَّ ساجداً (4) باب حجة القائلين بعدم القنوت فى الصبح الا عند النوازل (706) عن أبى مالكٍ (الأشجعىَّ) قال قلت لأبى (2) يا أبت إنَّك قد صلَّيت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر وعثمان وعلى ههنا بالكوفة قريبا من خمس سنين أكانوا يقنتون؟ قال أى بنيَّ محدثٌ (3) وعنه من طريقٍ

_ ثنا إبراهيم يعني ابن سعيد ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة " الحديث " (1) وعنه من طريق ثان {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال ركع ألخ {تخريجه} (خ. وغيره) {الأحكام} حديث الباب يدل على مشروعية الجهر بالقنوت وأنه بعد الركوع وتقدم الكلام على ذلك في الباب السابق (706) عن أبي مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا أبو مالك (الأشجعي) قال قلت لأبي " الحديث " {غريبة} (2) هو طارق بن أشيم بوزن أحمر صحابي له أحاديث، قال مسلم لم يرو عنه إلا ابنه كذا في التقريب (3) يعني استمرار القنوت في الصبح لغير نازلة، لأنه قد ثبت في الصحيحن وغيرهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قنت في الصبح وغيرها من الفرائض في النوازل كما تقدم

-[حجة القائلين بعدم القنوات فى الصبح الا عند النوازل]- ثانٍ) (4) قال كان أبى قد صلَّي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ستَّ عشرة سنةً وأبى بكرٍ وعمر وعثمان، فقلت له أكانوا يقنتون؟ قال لا، أى بنيَّ محدثٌ (5) باب القنوت فى الوتر وألفاظه (707) عن الحسن بن على رضي الله عنهما قال علمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (4) {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي حسين بن محمد ثنا خلف عن أبي مالك قال كان أبي ألخ {تخريجه} (نس. جه. مذ) وصححه وقال الحافظ في التلخيص إسناده حسن (قلت) مسند الطريق الأولى من حديث الباب من ثلاثيات الأمام أحمد رحمه الله، وفي الباب عن ابن عباس عند الدارقطني والبيهقي أن القنوت ي صلاة الصبح بدعة، قال البيهقي لا يصح (وعن ابن عمر) عند الطبراني قال في قيامهم عند فراغ القارئ من السورة يعني قيام القنوت إنها لبدعة، ما فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي إسناده بشر بن حرب الداري وهو ضعيف (وعن ابن مسعود) عند الطبراني في الأوسط والبيهقي والحاكم في كتاب القنوت بلفظ (ما قنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيئ من صلاته " زاد الطبراني " إلا في الوتر وأنه إذا حارب يقنت في الصلوات كلها يدعو على المشركين، ولا قنت أبو بكر ولا عمر حتى ماتوا ولا قنت علىّ حتى حارب أهل الشام، وكان يقنت في الصلوات كلهن، وكان معاوية يدعو عليه أيضاً) قال البيهقي كذا رواه محمد بن جابر السحيمي وهو متروك (وعن أم سلمة) عند ابن ماجه قالت (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القنوت في الفجر) ورواه الدارقطني وفي أسناده ضعف {الأحكام} قال الشوكاني الحديث يدل على عدم مشروعية القنوت وقد ذهب إلى ذلك أكثر أهل العلم كما حكاه الترمذي في كتابه وحكاه العراقي عن أبي بكر وعمر وعلى وابن عباس، وقال قد صح عنهم القنوت، وإذا تعارض الأثبات والنفي قدم المثبت، وحكاه عن أربعة من التابعين وعن أبي حنيفة وابن المبارك وأحمد وأسحاق، وحكاه المهدي في البحر عن العبادلة وأبي الدرداء وابن مسعود أهـ (قلت) تقدم الخلاف في ذلك مبسوطاً لا يحتاج إلى أعادة، وقد رجح الشوكاني مذهب القائلين بأن القنوت مختص بالنوازل في الصلوات الخمس والله أعلم (707) عن الحسن بن على رضي الله عنهما {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا يونس بن أبي أسحاق عن يزيد (بموحدة راء معغرا) بن أبي مريم السلولي عن أبي الحوراء (بحاء مهملة فواو ثم راء) عن الحسن بن على "الحديث "

-[القنوت في الوتر والفاظه]- كلماتٍ أقولهنَّ فى قنوت الوتر، اللَّهمَّ اهدني فيمن هديت (1) وعافنى فيمن عافيت، وتولَّنى فيمن تولَّيت، وبارك لى فيما أعطيت، وقنى شرَّ ما قضيت (2) فإنَّك تقضى ولا يقضى عليك (3) إنَّه لا يذل (4) من واليت، تباركت ربَّنا وتعاليت (5)

_ {غريبه} (1) قال النووي أن كان إماماً لم يخص نفسه بالدعاء بل يعمم فيأي بلفظ الجمع اللهم أهدنا ألخ (2) أي أحفظني مما يترتب على ما قضيته علىّ من السخط والجزع، هذا إن أريد بالقضاء القضاء المبرم إذا لا بد من نفوذه، وأن أريد به المعلق فلا حاجة إلى هذا التأويل (3) أي تحكم بما تريد ولا يُحكم عليك، ولا رادّ لما قضيت ولا معقب لحكمك (4) بفتح الياء وكسر الذال أي لا يخذل من واليته من عبادك في الآخرة أو في الدارين، وإن ابتلى في الدنيا بأنواع البلايا فإن ذلك يزيده رفعة عند الله عز وجل، ومن ثم كلن أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الأولياء ثم الأمثل فالأمثل (5) أي تزايد برك واحسانك وتنزهت عما لا يليق بك {تخريجه} قال النووي في المجموع بعد إيراده بلظ حديث الباب رواه أبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم بإسناد صحيح، قال الترمذي هذا حديث حسن، قال ولا يعرف عن النبي صلى الله عليه وسلم في القنوت شيء أحسن من هذا، قال وفي رواية رواها البيهقي عن محمد بن الحنيية وهو ابن على بن أبي طالب رضي الله عنه قال أن هذا الدعاء هو الذي كان أبي يدعو به في صلاة الفجر في قنوته، ورواه البيهقي من طرق عن ابن عباس وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم هذا الدعاء ليدعو به في القنوت من صلاة الصبح (وفي رواية) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقنت في صلاة الصبح وفي وتر الليل بهذه الكلمات) (وفي رواية) كان يقوها في قنوت الليل، قال البيهقي فدل كله على أن تعليم هذا الدعاء وقع لقنوت صلاة الصبح وقنوت الوتر وبالله التوفيق أهـ (قلت) زاد أبو داود والبيهقي هذه الجملة " ولا يعز من عاديت " قيل قوله في حديث الباب " تباركت ربنا وتعاليت " قال الحافظ في التلخيص وهذه الزيادة ثابته في الحديث، إلا أن النووي قال في الخلاصة أن البيهقي رواها بسند ضعيف، وتبعه ابن الرفعة في المطلب فقال لم تثبت هذه الزيادة (قال الحافظ) وهو معترض وساق سند البيهقي ثم قال وروى هذه الزيادة الطبراني أيضاً من حديث شريك وزهير بن معاوية عن أبي أسحاق ومن حديث الأحوص عن أبي اسحاق قال وقد وقع لنا عالياً متصلاً بالسماع ذكر سنده متصلاً إلى إبي الأحوص عن أبي اسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أبي الحوراء عن الحسن بن على، قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولهن في قنوت الوتر

-[القنوت بقوله اللهم إنا نستعينك الخ]- .......

_ " اللهم اهدني فيمن هديت " فذكر الحديث وزاد " ولا بعز من عاديت " اهـ. (قلت) وزاد النسائي بعد قوله في حديث الباب " تباركت ربنا وتعاليت " وصلى الله على النبي وآله وسلم " قال النووي: إنها زيادة بسند صحيح أو حسن، وتعقبه الحافظ بأنه منقطع وتوقف ابن حزم في صحة حديث الباب عن الحسن، فقال: هذا الحديث وإن لم يكن مما يحتج به فإنا لم نجد فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم غيره، والضعيف من الحديث أحب إلينا من الراي كما قال ابن حنبل. اهـ (وفي الباب عند البيهقي) عن خالد بن أبي عمران قال: بينا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يدعو على مضر إذ جاءه جبريل فأومأ إليه أن اسكت، فسكت فقال: يا محمد إن الله لم يبعثك سبابا ولا لعانا، وإنما بعثك رحمة، ولم يبعثك عذابا (ليس لك من الأمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) ثم علّمه هذا القنوت: اللهم إنا نستعينك ونستغفرك، ونؤمن بك، ونخضع لك، ونخلع ونترك من يكفرك، اللهم إياك نعبد، ولك نصلى ونسجد، وإليك نسعى ونحفد، نرجو رحمتك ونخشى عذابك ونخاف عذابك الجد، إن عذابك بالكافرين ملحق " قال البيهقي: هذا مرسل، وروى البيهقي أيضاً: عن عطاء عن عبيد الله بن عمير: أن عمر رضى الله عنه قنت بعد الركوع فقال: اللهم اغفر لنا، وللمؤمنين والمؤمنات والمسلمين والمسلمات، وألف بين قلوبهم، وأصلح ذات بينهم، وانصرهم على عدوك وعدوهم، اللهم العن كفرة أهل الكتاب الذين يصدون عن سبيلك، ويكذبون رسلك، ويقاتلون أولياءك اللهم خالف بين كلمتهم، وزلزل أقدامهم، وأنزل بهم بأسك الذى لا ترده عن القوم المجرمين، بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إنا نستعينك ونستغفرك ونثنى عليك ولا نكفرك، ونخلع ونترك من يفجرك، بسم الله الرحمن الرحيم اللهم إياك نعبد، ولك نصلى ونسجد، ولك نسعى ونحفد، ونخشى عذابك الجد، ونرجو رحمتك، إن عذابك بالكافرين ملحق. قال البيهقي: هذا صحيح موصول. (قلت وفي الباب أيضاً) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبى -صلى الله عليه وسلم- كان يقول فى آخر وتره (اللهم إنى أعوذ برضاك من سخطك وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك) رواه أحمد والأربعة، وسيأتي في كتاب الأذكار (وعن أبي بن كعب) رضي الله عنه عند النسائي وابن ماجه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع، (وعن ابن مسعود رضي الله عنه عند أبي شيبة في المصنف والدارقطني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفنت في الوتر قبل الركوع، وفي إسناده أبان بن أبي عياش ضعيف. (الأحكام) حديث الباب مع ما ذكر في الشرح يدل على مشروعية القنوت في الوتر، وبه قالت (الحنفية والحنابلة) من غير فرق بين رمضان وغيره، ورواه الترمذي ومحمد بن النصر عن ابن مسعود، قال العراقي: بأسانيد جيدة، ورواه محمد بن النصر أيضاً عن علي وعمر رضي الله عنهما، وحكاه

-[مذاهب العلماء فى القنوت فى الوتر وهل هو قبل الركوع أو بعده؟]- ......

_ ابن المنذر عن الحسن البصري وإبراهيم النخعي وأبي ثور، واختار ابن مسعود وأبو موسى وابن عباس وأنس والبراء رضي الله عنهم أن يكون قبل الركوع، وبه قال عمر بن عبد العزيز وسفيان الثوري وابن المبارك وإسحاق وأبو حنيفة وأهل الكوفة. (وذهب آخرون) إلى أنه لا يقنت في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان، منهم علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابن سيرين والزهري والشافعي، واختاره أبو بكر الأثرم (لما رواه) أبو داود أن عمر بن الخطاب جمع الناس على أبي بن كعب رضي الله عنه، وكان يصلي لهم عشرين ليلة ولا يقنت إلا في النصف الباقي من رمضان (ولمارواه) أيضاً محمد بن النصر بإسناد صحيح أن ابن عمر كان لا يقنت في الصبح ولا في الوتر إلا في النصف الأخير من رمضان (وروى أيضاً) عن الزهري أنه قال: لا قنوت في السنة كلها إلا في النصف الأخير من رمضان. (وذهب مالك) فيما حكاه النووي في شرح المهذب وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي، كما قال العراقي إلى مشروعية القنوت في جميع رمضان دون بقية السنة. (وذهب الحسن وقتادة ومعمر) كما روى ذلك محمد بن نصر عنهم: أنه يقنت في جميع السنة إلا في النصف الأول من رمضان. (وذهب طاوس) إلى أن القنوت في الوتر بدعة، وروى ذلك محمد بن نصر عن ابن عمر وأبي هريرة وعروة بن الزبير (وروي عن مالك) مثل ذلك، قال بعض أصحاب مالك سألت مالكاً عن الرجل يقوم لأهله في شهر رمضان، أترى أن يقنت بهم في النصف الباقي من الشهر؟ فقال: مالك: لم أسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قنت ولا أحداً من أولئك، وما هو من الأمر القديم، وما أفعله أنا في رمضان، ولا أعرف القنوت قديماً، وقال معن بن عيسى عن مالك: لا يفنت في الوتر عندنا. (وقال ابن العربي) اختلف قول مالك فيه في صلاة رمضان، قال: والحديث لم يصح، والصحيح عندي تركه، إذ لم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ولا قوله اهـ. (قال العراقي) قلت: بل هو صحيح أو حسن. (وروى محمد بن نصر) أنه سئل سعيد بن جبير عن بدء القنوت في الوتر، فقال: بعث عمر بن الخطاب جيشاً فتورطوا متورطاً خاف عليهم، فلما كان النصف الآخر من رمضان قنت يدعو لهم (وقد اختلفوا أيضاً) في محل القنوت هل هو قبل الركوع أو بعده؟ قال النووي في المجموع: مذهبنا أن محله بعد رفع الرأس من الركوع، قال: وبهذا قال أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان وعلي رضي الله عنهم حكاه ابن المنذر عنهم اهـ. (قلت) وفي بعض طرق الحديث عند البيهقي التصريح بكونه بعد الركوع، وقال: تفرد بذلك أبو بكر بن أبي شيبة، وقد روى عنه البخارى في صحيحه، وذكره ابن حبان في الثقاة، فلا يضر تفرده، وبه قال الإمام أحمد وهو مشهور مذهب الشافعية. (وذهب جماعة) إلى أنه قبل الركوع، منهم ابن مسعود رضي الله عنه وسفيان الثوري وابن المبارك وأبو حنيفة وغيرهم مستدلين بحديث أبي بن كعب

-[استحباب القنوت بالألفاظ المأثورة]- ....

_ عند النسائي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث يقرأ في الأولى (سبح اسم ربك الأعلى) وفي الثانية (قل يا أيها الكافرون)، وفي الثالثة (قل هو الله أحد)، ويقنت قبل الركوع (وبما رواه) ابن ماجه عن أبيّ أيضاً " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر فيقنت قبل الركوع " (وعن ابن عمر) عند الطبراني نحوه، ولا منافاة بين هذه الروايات، لأن هذا من باب المباح فيجوز القنوت قبل الركوع وبعده لورود كل ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد تقدم الكلام على ذلك مستوفى في أحكام الباب الأول. (وفي الباب أيضاً) مشروعية القنوت بالألفاظ المتقدمة، وهل تتعين هذه الألفاظ أم لا؟ قال النووي في المجموع: الصحيح المشهور الذي قطع به الجمهور أنه لا تتعين، بل يحصل بكل دعاء، قال أصحابنا: ولو قنت بالمنقول عن عمر رضي الله عنه كان حسناً. (قلت) يعني الدعاء الذي رواه البيهقي وفيه " اللهم العن كفرة أهل الكتاب .. الخ " قال: وقوله: اللهم عذب كفرة أهل الكتاب (هكذا قال النووي بلفظ عذِّب. وفي الحديث بلفظ: العن) إنما اقتصر على أهل الكتاب لأنهم الذين كانوا يقاتلون المسلمين في ذلك العصر، وأما الآن فالمختار أن يقال: عذب الكفرة ليعم أهل الكتاب وغيرهم من الكفار، فإن الحاجة الى الدعاء على غيرهم أكثر، والله أعلم. (قال) أصحابنا يستحب الجمع بين قنوت عمر رضي الله عنه وبين ما سبق " يعني حديث الحسن " فإن الجمع بينهما فالأصح تأخير قنوت عمر، وفي وجه يستحب تقديمه، وإن اقتصر فليقتصر على الأول، وإنما يستحب الجمع بينهما إذا كان منفرداً أم إمام محصورين يرضون بالتطويل، والله أعلم. اهـ ج (تتمة في حكم التكبير ورفع اليدين في أول القنوت ومسح الوجه في آخره) من قال بالقنوت في الوتر، قال: يكبر قبله ويرفع يديه، لما روى محمد بن نصر عن علي رضي الله عنه: أنه كبر في القنوت حين فرغ من القراءة وحين ركع، وفي رواية: كان يفتتح القنوت بتكبيرة، وروى أيضاً أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كان يكبر في الوتر إذا فرغ من قراءته حين يقنت، وغذا فرغ من القنوت؛ وكان يرفع يديه في القنوت إلى صدره (وعن البراء) رضي الله عنه أنه كان إذا فرغ من السورة كبر ثم قنت (وعن الإمام أحمد) إذا كان يقنت قبل الركوع افتتح القنوت بتكبيرة، وكان سعيد بن جبير يقنت في رمضان في الوتر بعد الركوع، فكان إذا رفع رأسه كبر ثم قنت (وحكى النووي) رحمه الله وجهين في رفع اليدين في القنوت عند الشافعية (أحدهما) لا يستحب وهو اختيار صاحب المهذب والقفال والبغوي، وحكاه إمام الحرمين عن كثير من الأصحاب، وأشاروا إلى ترجيحه، واحتجوا بأن الدعاء في الصلاة لا ترفع له اليد كدعاء السجود والتشهد (والثاني) يستحب، قال: وهذا هو الصحيح عند الأصحاب، وفي الدليل، وهو اختيار أبي زيد المروزي إمام طريقة أصحابنا الخراسانيين والقاضي أبي الطيب في تعليقه وفي المنهاج، والشيخ أبي محمد وابن الصياغ والمتولي والغزالي

-[حكم رفع اليدين عند القنوت ومسح الوجه فى آخره]- .......

_ والشيخ نصر المقدسي ي كتبه الثلاث، الانتخاب والتهذيب والكافي وآخرين (قال صاحب البيان) وهو قول أكثر أصحابنا، واختاره من أصحابنا الجامعين بين الفقه والحديث الأمام الحافظ أبو بكر البيهقي، واحتج له البيهقي بما رواه بإسناد له صحيح أو حسن عن أنس رضي الله عنه في قصة القراء الذين قتلوا رضي الله تعالى عنهم قال " لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما صلى الغداءة يرفع يديه يدعو عليهم يعني على اللذين قتلوهم " قال البيهقي رحمه الله تعالى ولأن عدداً من الصحابة رضي الله تعالى عنهم رفعوا أيديهم في القنوت، ثم روى عن أبي رافع قال " صليت خلف عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقنت بعد الركوع ورفع يديه وجهر بالدعاء " (قال البيهقي) هذا عن عمر صحيح، وروى عن على بن أبي طالب رضي الله عنه بإسناد ضعيف، وروى عن أبن مسعود وأبي هريرة رضي الله عنهما في قنوت الوتر قال (وأما مسح الوجه) باليدين بعد الفراغ من الدعاء فإن قلنا لا يرفع اليدين لم يشرع المسح بلا خلا ف، وأن قلنا برفع فوجهان (أشهرهما) أنه يستحب، وممن قطع به القاضي أبو الطيب والشيخ أبو محمد الجويني وابن الصباغ والمتولى والشيخ نصر ي كتبه والغزالى وصاحب البيان (والثاني) لا يمسح وهذا هو الصحيح، صححه البيهقي والرافعي وآخرون من المحققين (قال البيهقي) لست أحفظ في مسح الوجه هنا عن أحد من السلف شيئاً، وأن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة، فإما في الصلاة فهو عمل لم يثبت فيه خبر ولا أثر ولا قياس، فالأولى أن لا يفعله ويقتصر على ما نقله السلف عنهم من رفع اليدين دون مسحهما بالوجه في الصلاة، ثم روى بإسناد حديثا من سنن أبي داود عن محمد بن كعب القوظى عن ابن عباس رضى الله عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سلوا الله ببطون كفوفكم ولا تسألوه بظهورها، فإذا فرغتم فامسحوا بها وجوهكم " قال أبو داود روى هذا الحديث من غير وجه عن محمد بن كعب كلها واهية، هذا متنها وهو ضعيف أيضاً " ثم روى البيهقي " عن على الباشاني قال سألت عبد الله (يعني ابن المبارك) عن الذي إذا دعا مسح وجهه، قال لم أجد له ثبتا، قال على ولم أره يفعل ذلك، قال وكان عبد الله يقنت بعد الركوع في الوتر، وكان يرفع يديه هذا آخر كلام البيهقي في كتاب السنن، وله رسالة مشهورة كتبها إلى الشيخ أبي محمد الجوني أنكر عليه فيها أشياء، من جملتها مسحه وجهه بعد القنوت، وبسط الكلام في ذلك (وأما حديث عمر) رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطمها حتى يمسح بهما وجهه " فرواه الترمذي وقال حديث غريب انفرد به حماد بن عيسى وحماد هذا ضعيف أهـ وذكر الشيخ عبد الحق هذا الحديث في كتاب الأحكام وقال قال الترمذي وهو حديث صحيح وغلط في قوله أن الترمذي قال هو حديث صحيح، وإنما قال غريب (والحاصل) لأصحابنا ثلاثة

-[خاتمة الجزء الثالث]- .....

_ أوجه (الصحيح) يستحب رفع يديه دون مسح الوجه (والثاني) ولا يستحبان (والثالث) يستحبان، وأما غير الوجه من الصدر وغيره فاتفق أصحابنا على أنه لا يستحب بل قال ابن الصباغ وغيره هو مكروه والله أعلم أهـ ج ----- تم الجزء الثالث ----- من الفتح الرباني مع شرحه بلوغ الأماني ويليه الجزء الرابع وأوله أبواب التشهد نسأل الله الإعانة على التمام آمين

بسم الله الرحمن الرحيم (أبواب التشهد) 1 - باب ما ورد في ألفاظه (فصل فيما روي في ذلك عن عبد الله بن مسعود) 708 - عن عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي عن أبيه عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في وسط الصلاة وفي آخرها. فكنا نحفظ عن عبد الله حين أخبرنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه إياه، فكان يقول إذا جلس في وسط الصلاة وفي آخرها على وركه اليسرى: التحيات لله (1) والصلوات (2) والطيبات (3) السلام عليك أيها النبي ورحمة

_ 708 - عن عبد الرحمن بن الأسود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال حدثني أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني عن تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في وسط الصلاة وفي آخرها عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد الخ (غريبه) 1 - هي جمع تحية. قال الحافظ: ومعناها السلام. وقيل البقاء. وقيل العظمة. وقيل السلامة من الآفات والنقص. وقيل الملك. قال المحب الطبري: يحتمل أن يكون لفظ التحية مشتركًا بين هذه المعاني. وقال الخطابي والبغوي: المراد بالتحيات أنواع التعظيم. قال النووي: وإنما قيل التحيات بالجمع لأن ملوك العرب كان كل واحد منهم تحييه أصحابه بتحية مخصوصة، فقيل جمع تحياتهم لله تعالى وهو المستحق لذلك حقيقة. 2 - قيل المراد بها الخمس. وقيل أعم. وقيل العبادات كلها. وقيل الدعوات. وقيل الرحمة. وقيل «التحيات» العبادات القولية، و «الصلوات» العبادات الفعلية، و «الطيبات» العبادات المالية. كذا قال الحافظ. 3 - «والطيبات» قيل هي ما طاب من الكلام. وقيل ذكر الله. وهو أخص. وقيل الأعمال الصالحة. وهو أعم. وقوله «السلام عليك» قال الحافظ في (التلخيص): أكثر الروايات فيه (يعني حديث ابن مسعود) بتعريف «السلام» في الموضعين، ووقع في رواية للنسائي «سلام علينا» بالتنكير، وفي رواية للطبراني «سلام عليك» بالتنكير. وقال في (الفتح): لم يقع شيء

الله (1) وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله (2)، وأشهد أن محمدًا عبده (3) ورسوله، قال: ثم إن كان في وسط الصلاة (4) نهض حين يفرغ من تشهده، وإن كان في آخرها دعا بعد تشهده (5) بما شاء الله أن يدعو ثم يسلم

_ من طرق حديث ابن مسعود بحذف اللام، وإنما اختلف في ذلك في حديث ابن عباس. قال النووي: لا خلاف في جواز الأمرين، ولكنه بالألف واللام أفضل، وهو الموجود في روايات صحيحي البخاري ومسلم، وأصله النصب، وعدل إلى الرفع على الابتداء للدلالة على الدوام والثبات، والتفريق فيه بالألف واللام: إما للعهد التقديري، أي السلام الذي وجه إلى الرسل والأنبياء عليك أيها النبي، أو للجنس، أي السلام المعروف لكل واحد، وهو اسم من أسماء الله تعالى، ومعناه التعويذ بالله والتحصين به، أو هو السلامة من كل عيب وآفة ونقص وفساد. قال البيضاوي: علمهم أن يفردوه صلى الله عليه وسلم بالذكر لشرفه ومزيد حقه عليهم، ثم علمهم أن يخصوا أنفسهم لأن الاهتمام بها أهم، ثم أمرهم بتعميم السلام على الصالحين إعلامًا منه أن الدعاء للمؤمنين ينبغي أن يكون شاملاً لهم. اهـ. 1 - المراد بقوله «ورحمة الله» أي إحسانه، وقوله «وبركاته» أي زيادته من كل خير. قاله الحافظ. 2 - زاد ابن أبي شيبة «وحده لا شريك له». قال الحافظ في (الفتح): وسنده ضعيف، لكن ثبتت هذه الرواية في حديث أبي موسى عند مسلم، وفي حديث عائشة الموقوف في (الموطأ)، وفي حديث ابن عمر عند الدارقطني، وعند أبي داود عن ابن عمر أنه قال: زدت فيها «وحده لا شريك له». وإسناده صحيح. 3 - سيأتي في حديث ابن عباس بدون قوله «عبده»، وقد أخرج عبد الرزاق عن عطاء أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً أن يقول: «عبده ورسوله». ورجاله ثقات لولا إرساله. قال الأستاذ أبو القاسم القشيري رحمه الله في رسالته: سمعت أبا علي الدقاق يقول: ليس شيء أشرف من العبودية، ولهذا قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج وكانت أشرف أوقاته: {سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً} (الإسراء 1) وقال تعالى: {فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ} (النجم 10). اهـ. 4 - يعني في التشهد الأول من كل صلاة ذات تشهدين. وقد احتج به المالكية ومن وافقهم في القيام إلى الركعة الثالثة عقب التشهد الأول بدون ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فيه، وسيأتي الكلام على ذلك. 5 - يعني التشهد الأخير، وإنما يدعو بعد ذكر الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في حديث عمرو بن مالك الجنبي بعد بابين، وفيه استحباب الدعاء في آخر الصلاة قبل السلام، وسيأتي الكلام على ذلك في الأحكام. (تخريجه)

4 709 - عن القاسم بن مخيمرة قال: أخذ علقمة بيدي وحدثني أن عبد الله بن مسعود أخذ بيده وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد عبد الله فعلمه التشهد في الصلاة، فقال: قل التحيات لله (كما تقدم (2) إلى قوله «وأن محمدًا عبده ورسوله») قال: فإذا قضيت هذا (3) أو قال: فإذا فعلت هذا فقد قضيت صلاتك، إن شئت أن تقوم فقم، وإن شئت أن تقعد فاقعد. 710 - عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه

_ أورده الهيثمي في (مجمع الزوائد) وقال: هو في (الصحيح) باختصار عن هذا، ورواه أحمد ورجاله موثقون. اهـ. 709 - عن القاسم بن مخيمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا زهير ثنا الحسن بن الحر قال حدثني القاسم بن مخيمرة (الحديث). (غريبه) 1 - هو حديث مسلسل بالأخذ باليد. وأخذ كل شيخ بيد من يحدثه للاهتمام به. 2 - أعني بلفظ الحديث السابق. 3 - يعني التشهد وما شئت من الدعاء. وقد اختلف الرواة في هذه الجملة وهي قوله «فإذا قضيت هذا» الخ الحديث، أهي من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أم من كلام ابن مسعود؟ قال العيني: إن أبا داود روى هذا الحديث وسكت عنه، ولو كان فيه ما ذكروه يعني من كون هذه العبارة من كلام ابن مسعود لنبه عليه، لأن عادته في كتابه أن يلوح على مثل هذه الأشياء، وزعم زيد الدبوسي وغيره أن هذه الزيادة رواها أبو داود الطيالسي وموسى بن داود الضبي وهاشم بن القاسم ويحيى بن أبي كثير ويحيى بن يحيى النيسابوري متصلاً، فرواية من رواه مفصولاً لا تقطع بكونه مدرجًا، لاحتمال أن يكون نسيه ثم ذكره فسمعه هؤلاء متصلاً وهؤلاء منفصلاً، أو قاله ابن مسعود فتيا كعادته. إلى أن قال: فيحمل على أن ابن مسعود سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم فرواه كذلك مرة وأفتى به مرة أخرى، وهذا أولى من جعله من كلامه. اهـ. وصوب الدارقطني عن جماعة أنها من كلام ابن مسعود. وذكر النووي اتفاق الحفاظ عليه. والله أعلم. (تخريجه) (د. قط. هق. حب) وأورده الهيثمي، وقال: رواه أحمد والطبراني في (الأوسط) وبين أن ذلك من قول ابن مسعود، يعني من قوله «فإذا فرغت من هذا فقد قضيت صلاتك» كذلك لفظه عند الطبراني ورجال أحمد موثقون. اهـ. وقد احتج به من قال: إن الخروج من الصلاة لا يتوقف على التسليم. 710 - عن أبي الأحوص (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن

قال: إن محمدًا صلى الله عليه وسلم علم (1) فواتح الخير وجوامعه وخواتمه. (زاد في رواية «وإنا كنا لا ندري ما نقوله في صلاتنا حتى علمنا») فقال: إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا: التحيات لله (فذكر مثل ما تقدم إلى قوله «عبده ورسوله») قال: ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه (2) فليدع ربه عز وجل (3). 711 - عن أبي عبيدة بن عبد الله عن عبد الله (بن مسعود رضي الله عنه) قال: علمه رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد وأمره أن يعلم الناس: التحيات لله والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. 712 - عن عبد الله بن سخبرة أبي معمر قال سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد كفي بين كفيه كما يعلمني

_ جعفر ثنا شعبة قال سمعت أبا إسحاق يحدث عن أبي الأحوص الخ. (غريبه) 1 - بفتح اللام مشددة من التعليم، وبكسرها من العلم. وقوله «فواتح الخير وجوامعه وخواتمه» كناية عن تمام الخير. 2 - ظاهره عموم الدعاء، ومن لا يقول به يخصه بالوارد أي أعجبه إليه من الأدعية الواردة، إذ كل دعاء لا يناسب الصلاة فخصوه بالوارد. والله أعلم. 3 - ليس هذا آخر الحديث في المسند، وإنما اقتصرت على هذا الجزء منه لمناسبة الباب، وبقيته «وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: ألا أنبئكم ما العضه؟ قال: هي النميمة القالة بين الناس، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل يصدق حتى يكتب صديقًا ويكذب حتى يكتب كذابًا» وستأتي هذه البقية في باب النميمة والكذب إن شاء الله تعالى. والله أعلم. (تخريجه) (نس) وسنده جيد. 711 - عن أبي عبيدة (يعني ابن عبد الله بن مسعود) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل ثنا خصيف الجزري قال حدثني أبو عبيدة بن عبد الله. الخ. (تخريجه) الحديث في إسناده أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود. قال الحافظ: لم يسمع من أبيه. قلت: وقد روى نحوه الشيخان عن ابن مسعود من غير طريق أبي عبيدة. 712 - عن عبد الله بن سخبرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

السورة من القرآن، قال: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. وهو بين ظهرانينا (1) فلما قبض قلنا: السلام على النبي. 713 - عن عبد الله (بن مسعود) رضي الله عنه قال: كنا إذا جلسنا

_ أبو نعيم ثنا سيف قال: سمعت مجاهدًا يقول: حدثني عبد الله بن سخبرة الخ. (غريبه) 1 - يعني كنا نقول: السلام عليك أيها النبي بكاف الخطاب وهو حي بين أظهرنا، فلما مات قلنا: السلام على النبي بلفظ الغيبة. قال الحافظ: فإن قيل: ما الحكمة في العدول عن الغيبة إلى الخطاب في قوله «عليك أيها النبي» مع أن لفظ الغيبة هو الذي يقتضيه السياق كأن يقول: السلام على النبي، فينتقل من تحية الله إلى تحية النبي صلى الله عليه وسلم ثم إلى تحية النفس ثم إلى الصالحين، أجاب الطيبي بما محصله: نحن نتبع لفظ الرسول صلى الله عليه وسلم بعينه الذي كان علمه الصحابة. اهـ. قال الحافظ: وقد ورد في بعض طرق حديث ابن مسعود هذا ما يقتضي المغايرة بين زمانه صلى الله عليه وسلم فيقال بلفظ الخطاب، وأما بعده فيقال بلفظ الغيبة. قلت: يشير الحافظ إلى ما رواه البخاري عن ابن مسعود في كتاب الاستئذان وسنذكره بعد التخريج. (تخريجه) (ق. وغيرهما) ولفظ البخاري في كتاب الاستئذان من طريق أبي معمر عن ابن مسعود بعد أن ساق حديث التشهد قال: «وهو بين ظهرانينا فلما قبض قلنا السلام يعني على النبي» كذا وقع في البخاري، قاله الحافظ، قال: وأخرجه أبو عوانة في صحيحه والسراج والجوزقي وأبو نعيم الأصبهاني والبيهقي من طرق متعددة إلى أبي نعيم شيخ البخاري بلفظ «فلما قبض قلنا: السلام على النبي» بحذف لفظ «يعني»، وكذلك رواه أبو بكر بن أبي شيبة وأبو نعيم، قال السبكي في (شرح المنهاج) بعد أن ذكر هذه الرواية من عند أبي عوانة وحده: إن صح هذا عن الصحابة دل على أن الخطاب في السلام بعد النبي صلى الله عليه وسلم غير واجب، فيقال: السلام على النبي. قال الحافظ: قلت: وقد صح بلا ريب، وقد وجدت له متابعًا قويًا، قال عبد الرزاق أخبرنا جريج أخبرني عطاء أن الصحابة كانوا يقولون والنبي صلى الله عليه وسلم حي: «السلام عليك أيها النبي» فلما مات قالوا: «السلام على النبي» وهذا إسناد صحيح. اهـ. 713 - عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في الصلاة (1) قلنا: السلام على الله من عباده (2) السلام على فلان وفلان (3) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقولوا السلام على الله، فإن الله هو السلام (4)، ولكن إذا جلس أحدكم فليقل: التحيات لله، والصلوات والطيبات، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين (5)، فإنكم إذا قلتم ذلك أصابت كل عبد صالح بين السماء والأرض (6)، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم ليتخير أحدكم من الدعاء أعجبه إليه فليدع به. (وعنه من طريق ثان بنحوه) (7) وفيه: كنا إذا جلسنا

_ يحيى عن الأعمش حدثني شقيق عن عبد الله (بن مسعود) (الحديث). (غريبه) 1 - يعني للتشهد. 2 - كأنهم رأوا السلام من قبيل الحمد والشكر فجوزوا ثبوته لله عز وجل، ولكن السلام معناه السلامة من الآفات والنقائص، والله تعالى هو الذي يعطيها لمن يشاء من عباده، فكيف يدعى بها له؟ ولذلك نهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك بقوله «لا تقولوا السلام على الله»، وفي رواية البخاري «فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله هو السلام»، وعند مسلم: «فلما انصرف النبي صلى الله عليه وسلم أقبل علينا بوجهه وقال: لا تقولوا السلام على الله» الخ. 3 - أي من الملائكة يعني جبريل وميكائيل كما في الطريق الثانية، وكما عند ابن ماجه «السلام على فلان وفلان يعنون الملائكة»، وللسراج من طريق الأعمش «فعد من الملائكة ما شاء الله». 4 - هذا تعليل للنهي المذكور، أي أن السلام اسم من أسماء الله تعالى، ومعناه السالم من الشريك، أو الذي يسلم على عباده المؤمنين في الجنة وعلى الأنبياء في الدنيا، أو المؤمّن من المخاوف والمهالك. والله أعلم. 5 - الأشهر في تفسير الصالح أنه القائم بما يجب عليه من حقوق الله وحقوق عباده، وتتفاوت درجاته، قال الترمذي الحكيم: من أراد أن يحظى بهذا السلام الذي يسلمه الخلق في الصلاة فليكن عبدًا صالحًا وإلا حرم هذا الفضل العظيم. وقال الفاكهاني: ينبغي للمصلي أن يستحضر في هذا المحل جميع الأنبياء والملائكة والمؤمنين، يعني فيتوافق لفظه مع قصده. 6 - رواية البخاري: «أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض». قال الحافظ: وهذا من جوامع الكلم التي أوتيها صلى الله عليه وسلم، وإلى ذلك الإشارة بقول ابن مسعود «إن محمدًا علم فواتح الخير وخواتمه» كما تقدم. (سنده) 7 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا

مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة قلنا: السلام على الله قبل (1) عباده، السلام على جبريل، السلام على ميكائيل، السلام على فلان (الحديث كما تقدم). (فصل فيما روي في ذلك عن ابن عباس وأبي موسى الأشعري رضي الله عنهم) 714 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا القرآن، فكان يقول: التحيات المباركات الصلوات الطيبات لله (2) السلام عليك. قال حُجين: سلام عليك (3) أيها النبي ورحمة الله وبركاته، سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، وأشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله

_ الأعمش عن شقيق عن عبد الله قال: كنا إذا جلسنا. الخ. 1 - أي قبل السلام على عباده، فقبل ظرف، وقيل بكسر القاف وفتح الموحدة، فتكون منصوبة على نزع الخافض، أي السلام على الله من قِبَل عباده، ويؤيد ذلك ما جاء في الطريق الأولى، وهو قوله «السلام على الله من عباده»، ورواية «قبل» رواها أيضًا مسلم وابن ماجه. (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) 714 - عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثني يونس وحجين قالا ثنا ليث بن سعد عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير وطاوس عن ابن عباس (الحديث). (غريبه) 1 - قال النووي: تقديره والمباركات والصلوات والطيبات كما في حديث ابن مسعود وغيره، ولكن حذفت اختصارًا، وهو جائز معروف في اللغة. اهـ. والمعنى أن التحيات وما بعدها مستحقة لله تعالى، ولا يصح حقيقتها لغيره، و «المباركات» جمع مباركة، وهي كثيرة الخير، وقيل النماء. وهذه زيادة اشتمل عليها حديث ابن عباس كما اشتمل حديث ابن مسعود على زيادة الواو. 2 - يعني أن حجينًا أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث قال في روايته: «سلام عليك» بالتنكير، والثاني وهو يونس قال في روايته: «السلام عليك» بالتعريف، قال النووي رحمه الله تعالى: وقع في (المهذب) في التشهد «سلام عليك أيها النبي سلام علينا» بتنكير «سلام» في الموضعين، وكذا هو في البويطي، وكذا ذكره المصنف (يعني صاحب المهذب) في (التنبيه) وآخرون، وكذا جاء في بعض الأحاديث، وقال جماعات من الأصحاب «السلام عليك»، «السلام علينا» بالألف واللام فيهما، وكذا جاء في أكثر الأحاديث وأكثر كلام الشافعي، ووقع في مختصر المزني «السلام عليك أيها النبي سلام علينا» بإثبات الألف واللام

715 - عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث ذكر فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم علمهم الصلاة (إلى أن قال): فإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم أن يقول: التحيات الطيبات الصلوات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله

_ في الأول دون الثاني، واتفق أصحابنا على أن جميع هذا جائز، لكن الألف واللام أفضل لكثرته في الأحاديث، ولكلام الشافعي، ولزيادته فيكون أحوط، ولموافقته سلام التحلل من الصلاة، والله أعلم. اهـ. ج. (تخريجه) أورده صاحب (المنتقى) معرفًا في الموضعين، وقال رواه مسلم وأبو داود بهذا اللفظ، ورواه الترمذي وصححه كذلك، لكنه ذكر السلام منكرًا، ورواه ابن ماجه كمسلم، لكنه قال: «وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله»، ورواه الشافعي وأحمد بتنكير السلام، وقالا فيه: «وأن محمدًا» ولم يذكرا «أشهد»، والباقي كمسلم، قال: ورواه أحمد من طريق آخر كذلك لكن بتعريف السلام، ورواه النسائي كمسلم لكنه نكّر السلام، وقال: «وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله» اهـ. قال الشوكاني: الحديث أخرجه أيضًا الدارقطني في أحد روايتيه وابن حبان في صحيحه بتعريف السلام الأول وتنكير الثاني، وأخرجه الطبراني بتنكير الأول وتعريف الثاني. اهـ. 715 - عن أبي موسى الأشعري الخ. هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب وجوب متابعة الإمام من أبواب صلاة الجماعة. (تخريجه) (م. د) مطولاً، وأخرجه (نس. جه. قط. والطحاوي) مختصرًا. وفي الباب عن أبي بشر سمعت مجاهدًا يحدث عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في التشهد «التحيات لله الصلوات الطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته (قال: قال ابن عمر: زدتُ فيها «وبركاته») السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله (قال ابن عمر: زدت فيها «وحده لا شريك له» وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله». رواه أبو داود وهذا لفظه والطحاوي والدارقطني في (شرح معاني الآثار). وقوله «زدت فيها (وبركاته)» ظاهره أنه زادها من نفسه، وليس كذلك، بل المراد أنه زادها في روايته على من روى التشهد، وكذلك قوله «زدت فيها (وحده لا شريك له)» يعني رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد زيادة عن بعض الصحابة الذين رووا التشهد عن

_ النبي صلى الله عليه وسلم. وعن عبد الرحمن بن عبد القاريّ (بتشديد الياء) أنه سمع عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهو على المنبر يعلِّم الناس التشهد يقول: قولوا: التحيات لله الزاكيات لله الصلوات الطيبات لله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. رواه مالك في (الموطأ). وعن القاسم بن محمد أن عائشة رضي الله عنها كانت إذا تشهدت قالت: التحيات الطيبات الصلوات الزاكيات لله، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله، السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين. رواه مالك في (الموطأ) وصححه النووي في (المجموع)، وقال بعد ذكر الأحاديث التي ذكرناها: فهذه الأحاديث الواردة في التشهد، وكلها صحيحة، وأشدها صحة حديث ابن مسعود، ثم حديث ابن عباس. قال الشافعي والأصحاب: وبأيها تشهد أجزأ. اهـ. قال أبو بكر البزار في حديث ابن مسعود: هو أصح حديث في التشهد. قال: وقد روي من نيف وعشرين طريقًا. وسرد أكثرها. وممن جزم بذلك البغوي في (شرح السنة). وقال مسلم: إنما أجمع الناس على تشهد ابن مسعود لأن أصحابه لا يخالف بعضهم بعضًا، وغيره قد اختلف أصحابه. وقال الذهلي: إنه أصح حديث روي في التشهد، ومن مرجحاته أنه متفق عليه دون غيره، وأن رواته لم يختلفوا في حرف منه بل فعلوه مرفوعًا على صفة واحدة. نقله الشوكاني. قال النووي: وقد أجمع العلماء على جواز كل واحد منها، وممن نقل الإجماع القاضي أبو الطيب. اهـ. ج. (الأحكام) أحاديث الباب فيها الأمر بالتشهد مطلقًا سواء في ذلك الأول والثاني، وقد اختلف الأئمة في التشهد: هل هو واجب أم سنة؟ قال النووي: قال الشافعي رحمه الله تعالى: وطائفة التشهد الأول سنة والأخير واجب. وقال جمهور المحدثين: هما واجبان. وقال أحمد رضي الله عنه: الأول واجب والثاني فرض. وقال أبو حنيفة ومالك رضي الله عنهما وجمهور الفقهاء: هما سنتان. وعن مالك رحمه الله رواية بوجوب الأخير. وقد وافق من لم يوجب التشهد على وجوب القعود بقدره في آخر الصلاة. اهـ. م. قلت: احتج القائلون بوجوب التشهدين بما في بعض روايات ابن مسعود من قوله صلى الله عليه وسلم «إذا قعدتم في كل ركعتين فقولوا التحيات لله» الخ، وبتعليمه صلى الله عليه وسلم لابن مسعود وأمره أن يعمله الناس، وبحديث ابن

2 - باب هيئة الجلوس للتشهد والإشارة بالسبابة وغير ذلك 716 - عن ابن إسحاق قال حدثني عن افتراش رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخذه اليسرى في وسط الصلاة وفي آخرها وقعوده على وركه اليسرى ووضعه يده اليسرى على فخذه اليسرى ونصبه قدمه اليمنى ووضعه

_ ولعدم ذكر التشهد الأخير في حديث المسيء، وعن قول ابن مسعود بأنه تفرد به ابن عيينة كما قال ابن عبد البر. ولكن هذا لا يعد قادحًا، وأما الاعتذار بعدم الذكر في حديث المسيء فصحيح إلا أن يعلم تأخر الأمر بالتشهد عنه. اهـ. واختلفوا أيضًا في الأفضل من التشهدات، قال النووي رحمه الله: مذهب الشافعي رحمه الله تعالى وبعض أصحاب مالك أن تشهد ابن عباس أفضل، قال: قال أصحابنا: إنما رجح الشافعي تشهد ابن عباس على تشهد ابن مسعود لزيادة لفظ «المباركات»، ولأنها موافقة لقول الله تعالى: {تَحِيَّةً مِّنْ عِندِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} (النور 61)، ولقوله «كما يعلمنا السورة من القرآن». ورجحه البيهقي، قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم علمه لابن عباس وأقرانه من أحداث الصحابة فيكون متأخرًا عن تشهد ابن مسعود وأضرابه. واختار أبو حنيفة والثوري وأحمد وأبو ثور وجمهور الفقهاء وأهل الحديث تشهد ابن مسعود، وقالوا: إنه أفضل لأنه عند المحدثين أشد صحة وإن كان الجميع صحيحًا. واختار مالك رحمه الله تعالى تشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه الموقوف عليه وقال: إنه أفضل لأنه علمه الناس على المنبر ولم ينازعه أحد، فدل على تفضيله. اهـ. قلت: قال البيهقي: لم يختلفوا في أن حديث عمر موقوف عليه، ورواه بعض المتأخرين عن مالك مرفوعًا. وفي أحاديث الباب أيضًا مشروعية الدعاء في الصلاة قبل السلام بما شاء من أمور الدنيا والآخرة ما لم يكن فيه إثم، وإلى ذلك ذهب الجمهور. وقال أبو حنيفة: لا يجوز إلا بالدعوات المأثورة من كتاب الله تعالى أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم أو ما يشبه ألفاظ القرآن لا بما يشبه كلام الناس. وقالت الهادوية: لا يجوز الدعاء في الصلاة مطلقًا. وأحاديث الباب وغيرها من الأدلة المتكاثرة التي فيها الإذن بمطلق الدعاء ومقيدة ترد عليهم، ولولا ما رواه ابن رسلان عن البعض من الإجماع على عدم وجوب الدعاء قبل السلام لكانت منتهضة للاستدلال بها عليه، لأن التخيير في آحاد الشيء لا يدل على عدم وجوبه كما قال ابن رشد، وهو المتقرر في الأصول، على أنه قد ذهب إلى الوجوب أهل الظاهر، وروي عن أبي هريرة. أفاده الشوكاني. مسعود أيضًا: «كنا نقول قبل أن يفرض علينا التشهد: السلام على عباد الله» (الحديث) أخرجه الدارقطني والبيهقي وصححاه، وهو مشعر بفرضية التشهد، واستدل الشافعية ومن وافقهم لعدم فرضية الأول بما في الصحيحين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم قام من ركعتين ولم يتشهد، فلما قضى صلاته سجد سجدتين قبل السلام. قالوا: فعدم تداركه يدل على عدم وجوبه. قال الشوكاني: وأجاب القائلون بعدم الوجوب فيهما بأن الأوامر المذكورة في الحديث للإرشاد 716 - عن ابن إسحاق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب بن

يده اليمنى على فخذه اليمنى ونصبه إصبعه السبابة يوحد بها ربه عز وجل عمرانُ (1) بن أبي أنس أخو بني عامر بن لؤي وكان ثقة عن أبي القاسم مقسم مولى عبد الله بن الحارث بن نوفل، قال: حدثني رجل من أهل المدينة قال: صليت في مسجد بني غفار، فلما جلست في صلاتي افترشت فخذي اليسرى ونصبت السبابة، قال: فرآني خُفاف بن إيماء (2) رحضة الغفاري، وكانت له صحبة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصنع ذلك، قال: فلما انصرفت من صلاتي قال لي: أي بني لم نصبت إصبعك هكذا؟ قال: وما تنكر (3) رأيت الناس يصنعون ذلك. قال: فإنك أصبت، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى يصنع ذلك، فكان المشركون يقولون: إنما يصنع هذا محمد بإصبعه يسحر بها (4) وكذبوا، إنما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع ذلك يوحد بها ربه عز وجل (5)

_ إبراهيم قال ثنا أبي ابن إسحاق الخ. (غريبه) 1 - فاعل حدثني. 2 - خفاف بضم الخاء وإيماء بكسر الهمزة وهو مصروف وتقدم. 3 - بفتحات مع تشديد الكاف مفتوحة أيضًا، أي قال الرجل بجرأة وما تغير عن حالته التي كان عليها: رأيت الناس. الخ. 4 - بفتح الحاء المهملة من السحر بكسر السين المهملة وسكون الحاء. 5 - أي يشير بها إلى أن الله عز وجل واحد. وروى البيهقي بسنده عن الأعمش عن أبي إسحاق عن العيزار قال: سئل ابن عباس عن الرجل يدعو يشير بأصبعه، فقال ابن عباس: هو الإخلاص. وعن أبان بن أبي عياش عن أنس بن مالك قال: ذلك التضرع. وعن عثمان عن مجاهد قال: مقمعة للشيطان. وعن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هكذا الإخلاص (يشير بأصبعه التي تلي الإبهام) , وهذا الدعاء (فرفع يديه حذو منكبيه) وهذا الابتهال (فرفع يديه مدًا). ذكره البيهقي في سننه. (تخريجه) (هق) وفي إسناده مبهم. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه، وسمى المبهم الحارث، ولم أجد من ترجمه ولم يسمه أحمد. اهـ. ورواه الطبراني في (الكبير) عن خفاف أيضًا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في آخر صلاته يشير بأصبعه السبابة وكان المشركون يقولون: يسحر بها وكذبوا ولكنه التوحيد. قال الهيثمي: ورجاله ثقات.

717 - عن أبي الزبير أنه سمع طاوسًا يقول: قلنا لابن عباس في الإقعاء (1) على القدمين. فقال: هي السنة. قال: فقلنا: إنا لنراه جفاءً (2) بالجرل. فقال ابن عباس: هي سنة نبيك صلى الله عليه وسلم. وعنه من طريق ثان (3) عن طاوس أيضًا قال: رأيت ابن عباس يحبو على صدور قدميه، فقلت: هذا يزعم الناس أنه من الجفاء. قال: هو سنة نبيك صلى الله عليه وسلم

_ 717 - عن أبي الزبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر وعبد الرزاق قالا أنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع طاوسًا يقول: الخ. (غريبه) 1 - اختلف في تفسير الإقعاء، قال النووي: والصواب الذي لا معدل عنه أن الإقعاء نوعان: أحدهما أن يلصق إليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب، هكذا فسره أبو عبيدة معمر بن المثنى وصاحبه أبو عبيد القاسم بن سلام وآخرون من أهل اللغة، وهذا النوع هو المكروه الذي ورد فيه النهي. قلت: يعني ما رواه الإمام أحمد وغيره من حديث أبي هريرة، وسيأتي بتمامه في باب ما جاء في الالتفات في الصلاة الخ. وفيه قال: «ونهاني عن الالتفات وإقعاء كإقعاء القرد ونقر كنقر الغراب». قال: والنوع الثاني أن يجعل إليتيه على عقبيه بين السجدتين، وهذا هو مراد ابن عباس بقوله «سنة نبيكم صلى الله عليه وسلم». وقد نص الشافعي رضي الله عنه في (البويطي) و (الإملاء) على استحبابه في الجلوس بين السجدتين، وحمل حديث ابن عباس رضي الله عنهما عليه جماعة من المحققين، منهم البيهقي والقاضي عياض وأخرون رحمهم الله تعالى. قال القاضي (يعني عياضًا) وقد روي عن جماعة من الصحابة والسلف أنهم كانوا يفعلونه، قال: وكذا جاء مفسرًا عن ابن عباس رضي الله عنهما «من السنة أن تمس عقبيك إليتيك» هذا هو الصواب في تفسير حديث ابن عباس. اهـ. قلت: وأخرج البيهقي عن ابن عمر أنه كان إذا رفع رأسه من السجدة الأولى يقعد على أطراف أصابعه ويقول: إنه من السنة. وعن ابن عمر وابن عباس أنهما كانا يقعيان. وعن طاوس قال: رأيت العبادلة يقعون. قال الحافظ: وأسانيدها صحيحة. 2 - أي غير مألوف. وقوله «بالرجل» قال النووي: ضبطناه بفتح الراء وضم الجيم، أي بالإنسان. وكذا نقله القاضي عن جميع رواة مسلم، قال: وضبطه أبو عمر بن عبد البر بكسر الراء وإسكان الجيم. قال أبو عمر: ومن ضم الجيم فقد غلط. ورد الجمهور على ابن عبد البر وقال: الصواب بالضم وهو الذي يليق به إضافة الجفاء إليه. والله أعلم. اهـ. (سنده) 3 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق أنا

14 718 - عن عائشة رضي الله عنها في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: وكان يقول في كل ركعتين التحية، وكان يكره أن يفترش ذراعيه افتراش السبع، وكان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى، وكان ينهى عن عقب الشيطان، وكان يختم الصلاة بالتسليم. 719 - عن وائل بن حجر الحضرمي رضي الله عنه يصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ثم قعد فافترش رجله اليسرى فوضع كفه اليسرى على فخذه وركبته اليسرى، وجعل حد مرفقه الأيمن على فخذه اليمنى، ثم قبض بين أصابعه فحلق حلقة (وفي رواية: حلق بالوسطى والإبهام وأشار بالسبابة) ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها. 720 - عن شعبة قال: سمعت أبا إسحاق يحدث أنه سمع رسجلاً من بني تميم قال: سألت ابن عباس عن قول الرجل بإصبعه يعني هكذا في الصلاة قال: ذاك الإخلاص.

_ ابن لهيعة عن أبي الزبير عن طاوس الخ. (تخريجه) (م. د. مذ) 718 - عن عائشة هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب جامع صفة الصلاة فارجع إليه. 719 - عن وائل بن حجر هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب جامع صفة الصلاة أيضًا. 720 - عن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال: سمعت أبا إسحاق. الخ. (تخريجه) (هق) وفي سنده عند الإمام أحمد رجل مبهم وسماه البيهقي فقال: عن أبي إسحاق عن العيزار قال: سئل ابن عباس الخ. وتقدم لفظه في الكلام على الحديث الأول من أحاديث الباب. قال في (الخلاصة): والعيزار بسكون التحتانية وفتح الزاي العبدي الكوفي عن الحسن وابن عباس وعنه ابنه الوليد وأبو إسحاق وثقه النسائي. قلت: وبقية رجال حديث الباب ثقات.

15 721 - عن نافع قال: كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما إذا جلس في الصلاة وضع يديه على ركبتيه، وأشار بإصبعه وأتبعها بصره، ثم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لهي أشد على الشيطان من الحديد. (1) يعني السبابة. 722 - عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في التشهد وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى وأشار بالسبابة ولم يجاوز بصره إشارته (2). 723 - عن علي بن عبد الرحمن المعاوي أنه قال: رآني عبد الله بن عمر وأنا أعبث بالحصي في الصلاة، فلما انصرف نهاني، وقال: اصنع كما كان رسول الله

_ 721 - عن نافع حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله أبو أحمد الزبيري ثنا كثير بن زيد عن نافع. الخ. (غريبه) 1 - يعني أن الإشارة بالسبابة عند التشهد في الصلاة أشد على الشيطان من الضرب بالحديد لأنها تذكر العبد بوحدانية الله تعالى والإخلاص في العبادة، وهذا أعظم شيء يكرهه الشيطان نعوذ بالله منه. (تخريجه) أورده الهيثمي وقال: رواه البزار وأحمد وفيه كثير بن زيد وثقه ابن حبان وضعفه غيره. قلت: ورواه البيهقي من طريق الواقدي عن كثير بن زيد عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تحريك الأصبع في الصلاة مذعرة للشيطان»، وقال: تفرد به محمد بن عمر الواقدي، وليس بالقوي. قال: وروينا عن مجاهد أنه قال: تحريك الرجل أصبعه في الجلوس في الصلاة مقمعة للشيطان. اهـ. 722 - عن عامر بن عبد الله بن الزبير. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان قال: حدثني عامر بن عبد الله بن الزبير (الحديث). (غريبه) 2 - يعني أنه يستحب إدامة النظر إلى أصبعه وهو مشير بها لأنها تذكره بوحدانية الله تعالى كما سبق. وقال المزني وأصحاب الشافعي رحمهم الله: ينوي بالإشارة الإخلاص والتوحيد. (تخريجه) (م. نس. هق) 723 - عن علي بن عبد الرحمن المعاوي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال: قرأت على عبد الرحمن عن مالك قال أبي وحدثنا إسحاق أخبرنى مالك عن مسلم

صلى الله عليه وسلم يصنع، قلت: وكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع؟ قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة وضع كفه اليمنى على فخذه اليمنى وقبض أصابعه كلها وأشار بإصبعه التي تلي الإبهام ووضع كفيه اليسرى على فخذه اليسرى ومن طريق ثان (1) عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس وضع يديه على ركبتيه ورفع إصبعه اليمنى التي تلي الإبهام فدعا بها (2) ويده اليسرى على ركبتيه باسطها عليها. 724 - عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً ساقطًا يده في الصلاة (3) فقال: لا تجلس هكذا، إنما هذه جلسة الذين يعذبون. وعنه من طريق ثان (4) قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجلس الرجل في الصلاة وهو يعتمد على يديه.

_ ابن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعاوي (الحديث). 1 - ومن طريق ثان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر. الخ. (غريبه) 2 - ظاهره أنه كان يحركها مدة الدعاء، ويؤيده حديث وائل بن حجر، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم «رفع أصبعه قال: فرأيته يحركها يدعو بها» وتقدم في الباب. وقال النووي: رواه البيهقي بإسناد صحيح. قال البيهقي: يحتمل أن يكون المراد بالتحريك الإشارة بها لا تكرير تحريكها فيكون موافقًا لرواية ابن الزبير. وذكر بإسناده الصحيح عن ابن الزبير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يشير بأصبعه إذا دعا لا يحركها» رواه أبو داود بإسناد صحيح. أفاده النووي. ج. (تخريجه) (م. نس. طب) 724 - عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا هشام يعني ابن سعد عن نافع عن ابن عمر (الحديث). (غريبه) 3 - أي وضعهما بجانبيه معتمدًا عليهما كما في الطريق الثانية. (سنده) 4 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن إسماعيل بن أمية عن نافع عن ابن عمر قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ. (تخريجه) (د. هق) وسنده جيد. وأخرج الطريق الأولى منه الحاكم والترمذى وقال: حسن غريب.

17 725 - عن أبي عبيدة عن أبيه (يعني عبد الله بن مسعود) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان في الركعتين كأنه على الرضف (1) قلت: حتى يقوم. قال: حتى يقوم. وعنه من طريق ثان (2) قال: كأنما كان جلوس رسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعتين على الرضف.

_ 725 - عن أبي عبيدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال: حدثني سعد بن إبراهيم عن أبي عبيدة (الحديث) (غريبه) 1 - «الرضف» بفتح الراء وسكون الضاد المعجمة جمع رضفة، وهي الحجارة المحماة، وهو كناية عن تخفيف الجلوس للتشهد الأول. (سنده) 2 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد القدوس بن بكر بن خنيس عن مسعر عن سعد بن إبراهيم عن أبي عبيدة عن عبد الله (يعني ابن مسعود) (الحديث). (تخريجه) (هق. فع. والأربعة) (الأحكام) في أحاديث الباب كيفية الجلوس للتشهد ومشروعية الإشارة بالسبابة فيه وتخفيف التشهد الأول وغير ذلك. أما كيفية الجلوس له، فقال الشافعي رحمه الله تعالى: السنة أن يجلس كل الجلسات مفترشًا إلا التى يعقبها السلام. قال النووي رحمه الله: والجلسات عند الشافعي رحمه الله أربع: الجلوس بين السجدتين، وجلسة الاستراحة عقب كل ركعة يعقبها قيام، والجلسة للتشهد الأول، والجلسة للتشهد الأخير، فالجميع يسن مفترشًا إلا الأخيرة، فلو كان مسبوقًا وجلس إمامه في آخر صلاته متوركًا بجلس المسبوق مفترشًا لأن جلوسه لا يعقبه سلام، ولو كان على المصلي سجود سهو فالأصح أنه يجلس مفترشًا في تشهده، فإذا سجد سجدتي السهو تورك ثم سلم، هذا تفصيل مذهب الشافعي رحمه الله تعالى. اهـ م. وقال في المجموع: قال مالك: يجلس فيهما متوركًا. وقال أبو حنيفة والثوري: يجلس فيهما مفترشًا. وقال أحمد: إن كانت الصلاة ركعتين افترش، وإن كانت أربعًا افترش في الأولى وتورك في الثاني، واحتج لمن قال يفترش فيهما بحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى وينهى عن عقب الشيطان» (قلت: وهو من أحاديث الباب) قال: وفي رواية البيهقي «يفرش رجله اليسرى وينصب رجله اليمنى» وعن وائل بن حجر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفرش رجله اليسرى، واحتج للتورك بحديث عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا قعد في الصلاة جعل قدمه اليسرى بين فخذه وساقه وفرش قدمه اليمنى» رواه مسلم. وعن ابن عمر رضي الله عنهما «سنة الصلاة أن تنصب رجلك اليمنى وتثني اليسرى» رواه البخاري

_ وروى مالك بإسناده الصحيح عن ابن عمر الجلوس على قدمه اليسرى، واحتج أصحابنا بحديث أبي حميد في عشرة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه وصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قال: «فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى، فإذا جلس في الركعة الأخيرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته» رواه البخاري بهذا اللفظ. قلت: وتقدم حديث أبي حميد في آخر باب جامع صفة الصلاة. قال: قال الشافعي والأصحاب: فحديث أبي حميد وأصحابه صريح في الفرق بين التشهدين، وباقي الأحاديث مطلقة، فيجب حملها على موافقته، فمن روى التورك أراد الجلوس في التشهد الأخير، ومن روى الافتراش أراد الأول، وهذا متعين للجمع بين الأحاديث الصحيحة، لا سيما وحديث أبي حميد وافقه عليه عشرة من أكابر الصحابة رضي الله عنهم. قال: وقال أصحابنا: الحكمة في الافتراش في التشهد الأول والتورك في الثاني، أنه أقرب إلى تذكر الصلاة وعدم اشتباه عدد الركعات، ولأن السنة تخفيف التشهد الأول فيجلس مفترشًا ليكون أسهل للقيام، والسنة تطويل الثاني ولا قيام بعده فيجلس متوركًا ليكون أعون له وأمكن ليتوفر الدعاء، ولأن المسبوق إذا رآه علم في أي التشهدين. اهـ. قلت: وفي أحاديث الباب أيضًا استحباب جعل الإليتين على العقبين في الجلسة بين السجدتين لحديث الباب عن ابن عباس رضي الله عنهما «هو سنة نبيك صلى الله عليه وسلم» وتقدم الكلام عليه. وفيها أيضًا استحباب وضع اليدين على الركبتين حال الجلوس للتشهد، وهو مجمع عليه. وفيها أيضًا: استحباب الإشارة بالأصبع السبابة من اليد اليمنى حال التشهد. قال أصحاب الشافعي: تكون الإشارة بالأصبع عند قوله «إلا الله» من الشهادة، ولا يشير بها إلا مرة واحدة. قال النووي: والسنة أن لا يجاوز بصره إشارته، واحتج له البيهقي وغيره بحديث عبد الله بن الزبير (قلت: هو المذكور في الباب) قال: رواه أبو داود بإسناد صحيح. والله أعلم. اهـ. واعلم أنه قد ورد في وضع اليد المنى على الفخذ حال التشهد هيئات، منها ما ذكر في الباب من حديث وائل بن حجر، وفيه «ثم قبض بين أصابعه فحلق حلقة (وفي رواية حلق بالوسطى والإبهام) وأشار بالسبابة ثم رفع إصبعه فرأيته يحركها يدعو بها»، ومنها قبض كل الأصابع والإشارة بالسبابة كما في الباب أيضًا من حديث ابن عمر، ومنها ما رواه مسلم من حديث ابن عمر أيضًا «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس في الصلاة وضع يده اليمنى على ركبته اليمنى وعقد ثلاثة وخمسين وأشار بالسبابة»، ومنها وضع يده اليمنى على فخذه اليمنى ويده اليسرى على فخذه اليسرى من غير قبض والإشارة بسبابة يده اليمنى كما في الباب من حديث ابن الزبير، وقد أخرج مسلم رواية أخرى عن ابن الزبير تدل على ذلك لأنه اقتصر فيها على مجرد الوضع والإشارة، وكذلك أخرج عن ابن عمر ما يدل على ذلك، وفي

3 - باب ما جاء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب التشهد الأخير وكذا آله 726 - عن أبي مسعود عقبة بن عمرو رضي الله تبارك وتعالى عنه قال: أقبل

_ أحاديث الباب عن ابن عمر مثل ذلك، وكذلك أخرج أبو داود والترمذي من حديث أبي (...) بدون ذكر القبض، إلا أن تحمل الرواية التي لم يذكر فيها القبض على الروايات التي فيها القبض حمل المطلق على المقيد، وقد جعل ابن القيم في (الهدي) الروايات المذكورة كلها واحدة، قال: فإن من قال «قبض أصابعه الثلاث» أراد به أن الوسطى كانت مضمومة ولم تكن منشورة كالسبابة، ومن قال «قبض اثنتين» أراد أن الوسطى لم تكن مقبوضة مع البنصر بل الخنصر والبنصر متساويتان في القبض دون الوسطى، وقد صرح بذلك من قال «وعقد ثلاثًا وخمسين»، فإن الوسطى في هذا العقد تكون مضمومة ولا تكون مقبوضة مع البنصر. اهـ. قلت: وقد تقدم تفسير القبض والتعليق في الكلام على حديث وائل بن حجر في باب جامع صفة الصلاة. وفي أحاديث الباب أيضًا تخفيف الجلوس للتشهد الأول، قال الترمذي: والعمل على هذا عند أهل العلم يختارون أن لا يطيل الرجل في القعود في الركعتين الأوليين لا يزيد على التشهد شيئًا، وقالوا: إن زاد على التشهد فعليه سجدتا السهو، هكذا روي عن الشعبي وغيره. وقد ذهبت الحنيفية والمالكية والحنابلة وإسحاق والنخعي والثوري إلى تخفيف القعود الأول، وقالوا: لا يزيد على التشهد شيئًا من الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، فإن زاد شيئًا من ذلك قالت الحنفية: عليه سجدتا السهو. وذهبت الشافعية إلى أنه يزيد على التشهد الأول الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم دون الصلاة على الآل والدعاء. وفيها أيضًا النهي عن الاعتماد على اليد في الصلاة حال الجلوس، لحديث ابن عمر الذي في الباب، وهذا الحديث رواه أبو داود عن أربعة كلهم رووه عن عبد الرزاق بألفاظ مختلفة، منهم الإمام أحمد بلفظه، والثاني ابن شَبُّوبة ولفظه «نهى أن يعتمد الرجل على يده في الصلاة»، والثالث ابن رافع ولفظه «نهى أن يصلي الرجل وهو معتمد على يده»، والرابع ابن عبد الملك ولفظه «نهى أن يعتمد الرجل على يديه إذا نهض في الصلاة». ورجح البيهقي رواية الإمام أحمد لأنه أوثق من غيره ومشهور بالعدالة، فقال بعد ذكر حديثه: وهذا أبي الروايات، ورواية غير ابن عبد الملك لا تخالفه وإن كان أبين منها، ورواية ابن عبد الملك وهم، والذي يدل على أن رواية أحمد بن حنبل هي المراد بالحديث، أن هشام بن يوسف رواه عن معمر كذلك. اهـ. والله أعلم. 726 - عن أبي مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يعقوب ثنا أبي

رجل (1) حتى جلس بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن عنده فقال: يا رسول الله أما السلام عليك فقد عرفناه (2) فكيف نصلي عليك إذا نحن صلينا في صلاتنا صلى الله عليك؟ قال: فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحببنا أن الرجل لم يسأله (3) فقال: إذا أنتم صليتم عليّ فقولوا: اللهم صل على محمد (4) النبي الأمي وعلى آل محمد كما (5)

_ عن ابن إسحاق قال: وحدثني في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا المرء المسلم صلى عليه فيه صلاته محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه الأنصاري أخي بلحارث بن الخزرج عن أبي مسعود عقبة بن عمرو (الحديث). (غريبه) 1 - الظاهر أنه بشير بن سعد كما سيأتي في الحديث التالي. 2 - أي عرفوه في التشهد، وهو قولهم «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته». 3 - عند الطبراني «فسكت حتى جاءه الوحي» وتمنوا أنه لم يسأله خشية أن يكون صلى الله عليه وسلم كره سؤاله؛ لما تقرر عندهم من النهي عن ذلك في قوله تعالى {لاَ تَسْأَلُوا عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} (المائدة 101). 4 - قال أبو العالية: صلاة الله عز وجل على نبيه ثناؤه عليه عند ملائكته. وقال ابن عباس والضحاك: رحمته. وقيل: المراد بذلك تعظيمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دينه وإبقاء شريعته وفي الآخرة بإجزال مثوبته وتشفيعه في أمته. 5 - استشكل جماعة من العلماء هذا التشبيه بأن المشبه يكون دون المشبه به في الغالب، وما هنا ليس كذلك، لأنه صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء. وأجيب عن ذلك بأجوبة كثيرة، منها أن ذلك من غير الغالب كما في قوله تعالى {مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكَاةٍ فِيهَا مِصْبَاحٌ} (النور 35). ومنها أنه صلى الله عليه وسلم من جملة آل إبراهيم وكذلك آله، فالمشبه هو الصلاة عليه وعلى آله بالصلاة على إبراهيم وآله الذي هو من جملتهم. قال النووي رحمه الله: والمختار في ذلك أحد ثلاثة أقوال: أحدها: حكاه بعض أصحابنا عن الشافعي رحمه الله تعالى، أن معناه «صل على محمد» وتم الكلام هنا، ثم استأنف «وعلى آل محمد»، أي وصل على آل محمد كما صليت على آل إبراهيم، فالمسئول له مثل إبراهيم وآله هم آل محمد صلى الله عليه وسلم لا نفسه. القول الثاني: معناه اجعل لمحمد وآله صلاة منك كما جعلتها لإبراهيم وآله، فالمسئول المشاركة في أصل الصلاة لا قدرها. القول الثالث: أنه على ظاهره والمراد اجعل لمحمد وآله صلاة بمقدار الصلاة التي لإبراهيم وآله، والمسئول مقابلة الجملة، فإن المختار في الآل أنهم جميع الأتباع ويدخل في آل إبراهيم خلائق لا يحصون من الأنبياء، ولا يدخل في آل محمد صلى الله عليه وسلم نبي، فطلب إلحاق هذه الجملة التي فيها نبي واحد بتلك الجملة التي فيها خلائق من الأنبياء، والله أعلم. اهـ. قيل: وخص إبراهيم بذكرنا له في الصلاة من بين سائر الأنبياء لأنه أفضلهم

21 صليت على إبراهيم وآل إبراهيم (1) وبارك على محمد (2) النبي الأمي كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (3). وعنه من طريق ثان (4) قال: قيل: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد. 727 - وعنه أيضًا قال: أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس سعد بن

_ بعد نبينا صلى الله عليه وسلم، ولأنه صلى الله عليه وسلم رأى ليلة الإسراء جميع الأنبياء والمرسلين، وسلم على كل نبي، ولم يسلم أحد منهم على أمته غير إبراهيم، فأمرنا صلى الله عليه وسلم أن نثني عليه في آخر كل صلاة إلى يوم القيامة مجازاة على إحسانه. قال العيني رحمه الله: ويقال: إن إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لما فرغ من بناء الكعبة دعا لأمة محمد صلى الله عليه وسلم وقال «اللهم من حج هذا البيت من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فهبه مني السلام» وكذلك دعا أهله وأولاده بهذه الدعوة، فأمرنا بذكرهم في الصلاة مجازاة على حسن صنيعهم. اهـ. 1 - هم إسماعيل وإسحاق وأولادهما. وقد جمع الله لهم الرحمة والبركة في قوله عز وجل {رَحْمَتُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ الْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ} (هود 73) ولم يجمعهما لغيرهم، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم إعطاء ما تضمنته الآية. 2 - قيل «البركة» هنا الزيادة من الخير والكرامة، وقيل: الثبات على ذلك، من قولهم «بركت الإبل» أي ثبتت على الأرض، ومنه بركة الماء. وقيل: التزكية والتطهير من العيوب كلها. 3 - يعني أنك فاعل ما تستوجب به الحمد من النعم المترادفة، كريم بكثرة الإحسان إلى عبادك، و «حميد» فعيل من المحمد بمعنى محمود وأبلغ منه وهو من حصل له من صفات الحمد أكملها. و «مجيد» من المجد، وهو صفة من كمل في الشرف، وهو مستلزم للعظمة والجلال. (سنده) 4 - حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عثمان بن عمر أنا مالك عن نعيم المجمر عن محمد بعني ابن عبد الله عن أبي مسعود قال: قيل: يا رسول الله (الحديث) وفي آخره بعد قوله «إنك حميد مجيد» قال عبد الله: وقال أبي: قرأت هذا الحديث على عبد الرحمن عن مالك عن نعيم بن عبد الله أن محمد بن عبد الله بن زيد أخبره عن أبي مسعود. (تخريجه) (حب قط. هق. ك) وابن خزيمة وحسنه الدارقطني وصححه الحاكم والبيهقي. 727 - وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال: قرأت على عبد

عبادة فقال له بشر بن سعد: أمرنا الله أن نصلي عليك (1) يا رسول الله فكيف نصلي عليك؟ قال: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تمنينا أنه لم يسأله، ثم قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم (2)، وبارك على محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين، إنك حميد مجيد، والسلام كما قد علمتم. (3) 728 - عن عمرو بن مالك الجنبي أنه سمع فضالة بن عبيد صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً يدعو في الصلاة ولم يذكر الله عز وجل ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عجل هذا (4). ثم دعاه فقال له ولغيره: إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه وثناءه عليه (5) ثم ليصل على النبي صلى الله عليه وسلم ثم ليدع بعد بما شاء

_ الرحمن عن مالك وثنا إسحاق أخبرني مالك عن تميم بن عبد الله المجمر أن محمد بن عبد الله بن زيد الأنصاري (في حديث عبد الرحمن). وعبد الله بن زيد هو الذي كان أري النداء بالصلاة أخبره عن أبي مسعود الأنصاري أنه قال: أتانا الخ. (غريبه) 1 - يريد قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (الأحزاب 56). 2 - لفظ مسلم «كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين» الخ. 3 - هو بفتح العين وكسر اللام المخففة، ومنهم من رواه بضم العين وتشديد اللام، أي علمتموه، وكلاهما صحيح. قاله النووي. والمراد بالسلام هنا هو قولهم «السلام عليك أيها النبي» في التشهد، وتقدم ذلك. (تخريجه) (م. نس. مذ) وصححه. 728 - عن عمرو بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن المقري ثنا حيوة قال أخبرني أبو هانئ حميد بن هانئ عن عمرو بن مالك الجنبي (الحديث). (غريبه) 4 - أي بدعائه قبل تقديم الصلاة، وفيه دليل على مشروعية تقديم الصلاة قبل الدعاء ليكون وسيلة للإجابة، لأن من حق السائل أن يتلطف في نيل ما أراده. 5 - هو من عطف الخاص على العام. وقوله «بما شاء» أي من خيري الدنيا والآخرة بدون تقييد بدعاء مخصوص وإن كان الوارد أفضل، وتقدم الكلام على ذلك. (تخريجه) (نس د. حب. هق. ك. مذ) وصححه وقال الحاكم: حديث صحيح على شرط مسلم.

23 729 - عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أن رجلاً قال للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله قد علمنا السلام عليك فكيف الصلاة عليك؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد. 730 - عن ابن أبي ليلى قال: لقيني كعب بن عجرة رضي الله عنه قال ابن جعفر (1) قال: ألا أهدي لك هدية؟ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا: يا رسول الله قد علمنا أو عرفنا كيف السلام عليك، فكيف الصلاة؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. 731 - عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب

_ 729 - عن كعب بن عجرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب بن عجرة (الحديث) (تخريجه) (ق. مذ. هق) 730 - عن ابن أبي ليلى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال: حدثني الحكم عن ابن أبي ليلى، قال: وحدثنا محمد بن جعفر أنا شعبة عن الحكم سمعت ابن أبي ليلى قال كعب: لقيني الخ. (غريبه) 1 - هذا الحديث رواه الإمام أحمد بإسنادين: أحدهما من طريق يحيى بن سعيد، والثاني من طريق محمد بن جعفر، فقوله «قال ابن جعفر» يعني في حديثه «قال كعب بن عجرة لابن أبي ليلى: ألا أهدي لك هدية»، ولم تثبت هذه الجملة في حديث يحيى بن سعيد. (تخريجه) (ق. والأربعة) إلا أن الترمذي قال «إبراهيم» في الموضعين ولم يذكر «آله». 731 - عن يزيد بن أبي زياد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن

24 (يعني بن عجرة) رضي الله عنه قال: لما نزلت {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} (الأحزاب 56) قالوا: كيف نصلي عليك يا نبي الله؟ قال: قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. قال: ونحن نقول «وعلينا معهم». قال يزيد: فلا أدري أشيء زاده ابن أبي ليلى من قبل نفسه، أو شيء رواه كعب (1). 732 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قلنا: يا رسول الله هذا السلام عليك قد علمناه، فكيف الصلاة عليك؟ فقال: قولوا: اللهم صل على محمد عبدك ورسولك كما صليت على إبراهيم، وبارك على محمد وآل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم. 733 - عن بريدة الخزاعي رضي الله عنه قال: قلنا: يا رسول الله قد

_ فضيل ثنا يزيد بن أبي زياد الخ. (غريبه) 1 - سيأتي في التخريج بيان ذلك. (تخريجه) الحديث أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للبخاري، وفيه «وكان عبد الرحمن بن أبي ليلى يقول «وعلينا معهم»، قال: ورواه الترمذي بهذه الزيادة، ومعنى قولهم «أما السلام عليك فقد عرفناه» هو الذي في التشهد الذي كان يعلمهم إياه كما يعلمهم السورة من القرآن، وفيه «السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته» اهـ. قلت: يظهر مما نقله الحافظ ابن كثير أن القائل «ونحن نقول وعلينا معهم» هو ابن أبي ليلى، ومعنى قوله «وعلينا معهم» أي صل وبارك علينا معهم، ويؤخذ منه جواز الصلاة والسلام على غير الأنبياء تبعًا لهم، وفي الاستقلال خلاف سيأتي إن شاء الله تعالى في باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الأذكار. 732 - عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الملك بن عمر ثنا عبد الله بن جعفر الزاهري عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري (الحديث). (تخريجه) (خ. نس. جه. هق) 733 - عن بريدة الخزاعي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد

علمنا كيف نسلم عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: قولوا: اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد كما جعلتها على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. 734 - عن موسى بن طلحة (بن عبيد الله) عن أبيه قال: قلت: يا رسول الله كيف الصلاة عليك؟ قال: قل: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد. 735 - عن زيد بن خارجة رضي الله عنه قال: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسي كيف الصلاة عليك؟ قال: صلوا واجتهدوا، ثم قولوا: اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم إنك حميد مجيد.

_ ابن هارون أنا إسماعيل عن أبي داود الراعي عن بريدة الخزاعي (الحديث). (تخريجه) لم أقف عليه، وفي إسناده أبو داود الأعمى وهو ضعيف، قاله الهيثمي في (مجمع الزوائد). 734 - عن موسى بن طلحة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر ثنا مجمع بن يحيى الأنصاري ثنا عثمان بن موهب عن موسى بن طلحة الخ. (تخريجه) (نس) وسنده جيد. 735 - عن زيد بن خارجة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن بحر ثنا عيسى بن يونس حدثنا عثمان بن حكيم ثنا خالد بن سلمة أن عبد الحميد بن عبد الرحمن دعا موسى بن طلحة حين عرس على ابنه فقال: يا أبا عيسى كيف بلغك في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم؟ فقال موسى: سألت زيد بن خارجة عن الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال زيد: إني سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسي (الحديث). (تخريجه) (نس) وسنده جيد.

(فصل فيما يستدل به على تفسير آل النبي صلى الله عليه وسلم المصلى عليهم) 736 - عن ابن طاوس عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: اللهم صل على محمد وعلى أهل بيته (1) وعلى أزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه وذريته كما باركت

_ 736 - عن ابن طاوس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا هارون عن ابن طاوس الخ. (غريبه) 1 - قال النووي رحمه الله: اختلف العلماء في آل النبي صلى الله عليه وسلم على أقوال، أظهرها وهو اختيار الأزهري وغيره من المحققين أنهم جميع الأمة. والثاني بنو هاشم وبنو المطلب. والثالث أهل بيته صلى الله عليه وسلم وذريته. والله أعلم. اهـ. قال الشوكاني: وقد ذهب نشوان الحميري إمام اللغة إلى أنهم جميع الأمة، ومن شعره في ذلك: آل النبي هم أتباع ملته ..... من الأعاجم والسودان والعرب لو لم يكن آله إلا قرابته ..... صلى المصلي على الطاغي أبي لهب ويدل على ذلك أيضًا قول عبد المطلب في أبيات وانصر على آل الصليـ ..... ـب وعابديه اليوم آلك والمراد بآل الصليب أتباعه، قال: ومن الأدلة على ذلك قول الله تعالى {أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ} (غافر 46) لأن المراد بآله أتباعه، واحتج لهذا القول بما أخرجه الطبراني أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن الآل قال: «آل محمد كل تقي» وروي هذا من حديث علي ومن حديث أنس وفي أسانيدها مقال، ويؤيد ذلك معنى الآل لغة، فإنهم كما قال في (القاموس): أهل الرجل وأتباعه، ولا ينافي هذا اقتصاره صلى الله عليه وسلم على البعض منهم في بعض الحالات كما تقدم، وكما في حديث مسلم في الأضحية «اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد» فإنه لا شك أن القرابة أخص الآل، فتخصيصهم بالذكر ربما كان لمزايا لا يشاركهم فيها غيرهم كما عرفت، وتسميتهم بالأمة لا ينافي تسميتهم بالآل، وعطف التفسير شائع ذائع كتابًا وسنةً ولغةً، على أن حديث أبي هريرة فيه عطف أهل بيته على ذريته (سيأتي حديث أبي هريرة بعد تخريج الحديث التالي) فلما كان مجرد العطف يدل على التغاير مطلقًا لزم أن تكون ذريته خارجة عن أهل بيته والجواب الجواب، ولكن ههنا مانع من حمل الآل على جميع الأمة، وهو حديث «إني تارك فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا: كتاب الله وعترتي» (الحديث) وهو في صحيح مسلم وغيره

على آل إبراهيم إنك حميد مجيد. قال ابن طاوس: وكان أبي يقول مثل ذلك. 737 - عن عمرو بن سليم أنه قال: أخبرني أبو حميد الساعدي أنهم قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

_ (تقدم في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة) فإنه لو كان الآل جميع الأمة لكان المأمور بالتمسك والأمر المتمسك به شيئًا واحدًا وهو باطل. اهـ. وسيأتي لذلك ميزد بحث في باب ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم وآل بيته في آخر كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى. (تخريجه) لم أقف عليه، وأورده الهيثمي وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. 737 - عن عمرو بن سليم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال: قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه عن عمرو بن سليم الخ. (تخريجه) (ق. لك. د. نس. جه) وفي الباب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سره أن يكتال بالمكيال الأوفى إذا صل علينا أهل البيت فليقل: اللهم صل على محمد النبي وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد» رواه أبو داود وسكت عنه، وكذلك سكت عنه المنذري أيضًا، وأخرجه عبد بن حميد في مسنده وأبو نعيم والطبراني، ورواه مالك من حديث ابن مسعود. وفي الباب أيضًا عن رويفع بن ثابت وجابر وابن عباس عند المستغفري في الدعوات. قال النووي في (شرح المهذب): ينبغي أن نجمع ما في الأحاديث الصحيحة فنقول: «اللهم صل على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد». قال العراقي: بقي عليه مما في الأحاديث الصحيحة ألفاظ أخر، وهي خمسة يجمعها قولك «اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد» اهـ. قلت: من هذا يعلم القارئ أن مسند الإمام أحمد رحمه الله تعالى أغزر كتب السنة مادة وأجمعها لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن زيادات النووي

_ والعراقي جاءت متفرقة في عدة كتب، وقد وُجدت جميعها في مسند الإمام أحمد عدا لفظ «أمهات المؤمنين» الذي جاء في حديث أبي هريرة، ولقد صدق المحدثون حيث أطلقوا عليه لقب إمام أئمة السنة، فهو جدير به، جزاه الله عن الأمة المحمدية خيرًا، وأمطر عليه وابل رحمته وحشرنا في زمرته آمين. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد الأخير، وقد اختلف الناس في ذلك، فذهب إلى الوجوب عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنه وجابر بن زيد والشعبي ومحمد بن كعب القرظي وأبو جعفر الباقر والهادي والقاسم والشافعي وأحمد بن حنبل وإسحاق وابن الموّاز رحمهم الله، واختاره القاضي أبو بكر بن العربي. وذهب الجمهور إلى عدم الوجوب، منهم مالك وأبو حنيفة وأصحابه والثوري والأوزاعي والناصر من أهل البيت وآخرون ووافقهم ابن المنذر من الشافعية، وقال إسحاق: إن تركها عمدًا لم تصح صلاته، وإن تركها سهوًا رجوت أن تجزئه. قال النووي: واحتج لهم بحديث المسيء صلاته وبحديث ابن مسعود في التشهد ثم قال في آخره: «فإذا فعلت هذا فقد تمت صلاتك»، واحتج أصحابنا بقوله تعالى: {صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا} (الأحزاب 56) قال الشافعي رحمه الله تعالى: أوجب الله تعالى بهذه الآية الصلاة، وأولى الأحوال بها حال الصلاة. قال أصحابنا الآية تقتضي وجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم، وقد أجمع العلماء أنها لا تجب في غير الصلاة. قال: واحتجوا أيضًا بالأحاديث الصحيحة السابقة، وأجابوا عن حديث المسيء صلاته بأنه محمول على أنه كان يعلم التشهد والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحتج إلى ذكرها كما لم يذكر الجلوس، وقد أجمعنا على وجوبه، وإنما ترك للعلم به كما تركت النية للعلم بها، والجواب عن حديث ابن مسعود أنه ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق الحفاظ. اهـ. قلت: حديث ابن مسعود تقدم وهو الحديث الثاني من أبواب التشهد وتقدم الكلام عليه فانظره. وفي أحاديث الباب مشروعية الصلاة على آل النبي صلى الله عليه وسلم وفيها خلاف أيضًا، فذهب الهادي والقاسم والمؤيد بالله والإمام أحمد بن حنبل وبعض أصحاب الشافعي إلى الوجوب، واستدلوا بالأوامر المذكورة في الأحاديث المشتملة على الآل. وذهب الشافعي في أحد قوليه - قال النووي: وهو الصحيح المنصوص، وبه قطع جمهور الأصحاب ومالك وأبو حنيفة وأصحابه - إلى عدم الوجوب، احتج الأولون بالأوامر المذكورة في الأحاديث المشتملة على الآل وبحديث أبي حميد «قال: قالوا: يا رسول الله كيف نصلي عليك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا: اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته» (الحديث)، واحتج الآخرون بالإجماع على عدم الوجوب، حكاه النووي، قالوا: فيكون قرينة لحمل الأوامر على الندب، قالوا: ويؤيد ذلك عدم الأمر بالصلاة على الآل في القرآن، وأقل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم كما قال النووي «اللهم صل على محمد»، وأقل الصلاة على الآل «اللهم صل على محمد وآله» ويشترط أن يأتي بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد فراغه من التشهد، حكاه النووي عن

29 4 - باب التعوذ والدعاء بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 738 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا فرغ أحدكم من التشهد الآخر فليتعوذ من أربع: من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر (1)، ومن فتنة المحيا والممات (2)، ومن شر المسيح (3) الدجال. 739 - عن ابن طاوس عن أبيه أنه كان يقول بعد التشهد في العشاء

_ البغوي وغيره. اهـ. ج. والله أعلم. 738 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم أبو العباس ثنا الأوزاعي حدثني حسان بن عطية حدثني محمد بن أبي عائشة أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث). (غريبه) 1 - فيه رد على المنكرين لذلك من المعتزلة، والأحاديث في هذا الباب متواترة، وقد أفردت لذلك بابًا في كتاب الجنائز فانظره. 2 - قال ابن دقيق العيد: «فتنة المحيا» ما يعرض للإنسان مدة حياته من الافتتان بالدنيا والشهوات والجهالات، وأعظمها والعياذ بالله أمر الخاتمة عند الموت، و «فتنة الممات» يجوز أن يراد بها الفتنة عند الموت، أضيفت إليه لقربها منه، ويكون المراد بفتنة المحيا على ذها ما قبل ذلك، ويجوز أن يراد بها فتنة القبر وقد صح «إنكم تفتنون في قبوركم مثل أو قريبًا من فتنة الدجال» ولا يكون مع هذا الوجه متكررًا مع قوله عذاب القبر، لأن العذاب مرتب عن الفتنة، والسبب غير المسبب، وقيل: أراد بفتنة المحيا الابتلاء مع زوال الصبر، وبفتنة الممات السؤال في القبر مع الحيرة، وهذا من العام بعد الخاص، لأن عذاب القبر داخل تحت فتنة الممات، وفتنة الدجال داخلة تحت فتنية المحيا، وأخرج الحكيم الترمذي في (نوادر الأصول) عن سفيان الثوري أن الميت إذا سئل من ربك تراءى له الشيطان فيشير إلى نفسه إني أنا ربك، فلهذا ورد سؤال التثبت له حين يسئل، ثم أخرج بسند جيد إلى عمرو بن مرة: كانوا يستحبون إذا وضع الميت في القبر أن يقولوا: اللهم أعذه من الشيطان. اهـ. 3 - «المسيح» بفتح الميم وتخفيف السين وبالحاء المهملة، قال النووي: وهو الصواب في ضبطه، قال أبو عبيد وغيره: المسيح هو الممسوح العين، وبه سمي الدجال، وقال غيره: لمسحه الأرض، فهو فعيل بمعنى فاعل، وقيل: المسيح الأعور، وقال أبو العباس ثعلب: المسيح الكذاب. والدجال من الدجل وهو التغطية، سمي بذلك لتمويهه وتغطيته الحق بباطله. اهـ. ج. (تخريجه) (ق. د. جه) وأخرجه أيضًا (نس. هق) بزيادة «ثم يدعو لنفسه بما بدا له» قال النووي: بإسناد صحيح. 739 - عن ابن طاوس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق

الآخرة (1) كلمات كان يعظمهن جدًا (2). يقول: أعوذ بالله من عذاب جهنم، وأعوذ بالله من شر المسيح الدجال، وأعوذ بالله من عذاب القبر، وأعوذ بالله من فتنة المحيا والممات. قال: كان يعظمهن ويذكرهن عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم. 740 - عن عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو في الصلاة (3): اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات، اللهم إني أعوذ بك من المأثم (4) والمغرم. قالت: فقال له قائل (5): ما أكثر ما تستعيذ

_ قال أنا ابن جريج عن ابن طاوس الخ. (غريبه) 1 - لفظه عند ابن خزيمة من رواية ابن جريج أخبرني عبد الله بن طاوس عن أبيه أنه كان يقول بعد التشهد كلمات يعظمهن جدًا. قلت: في المثنى كليهما؟ (يعني في التشهدين الأول والثاني) قال: بل في التشهد الأخير. قلت: ما هي؟ قال: أعوذ بالله الخ الحديث. قال ابن جريج: أخبرنيه عن أبيه عن عائشة مرفوعًا، فترى أن رواية ابن خزيمة لم تقيد هذه الكلمات بصلاة مخصوصة، ورواية حديث الباب قيدتها بالعشاء الآخرة، فيحتمل أن ابن طاوس رواه مرة بلفظ حديث الباب لأنه رأى والده يفعل ذلك في العشاء الآخرة، ثم علم أنه يفعله في كل الصلوات فرواه مطلقًا, والله أعلم. 2 - أي يعتني بشأنهن ويواظب عليهن لأنهن من جوامع الكلم. (تخريجه) رواه ابن خزيمة أيضًا وقد علمت لفظه، وسنده جيد. 740 - عن عروة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان قال أنا شعيب عن الزهري قال: وأخبرني عروة بن الزبير أن عائشة الخ. (غريبه) 3 - أي بعد التشهد الأخير كما يستفاد ذلك من الحديثين قبله. 4 - أي ما يجر إلى ارتكاب الإثم وهو الذنب. و «المغرم» قال الحافظ: أي الدين. يقال غرم بكسر الراء أي ادّان، قيل: والمراد به ما يستدان فيما لا يجوز وفيما يجوز ثم يعجز عن أدائه، ويحتمل أن يراد به ما هو أعم من ذلك، وقد استعاذ صلى الله عليه وسلم من غلبة الدين، وقال القرطبي: المغرم الغرم، وقد نبه في الحديث على الضرر اللاحق من المغرم، والله أعلم. اهـ. 5 - قال الحافظ: لم أقف على اسمه، ثم وجدت في رواية للنسائي من طريق معمر عن الزهري أن السائل عن ذلك عائشة، ولفظها «فقلت

من المغرم يا رسول الله. فقال: إن الرجل إذا غرم حدث فكذب ووعد فأخلف. 741 - عن أبي صالح عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل: كيف تقول في الصلاة؟ قال: أتشهد ثم أقول: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار. أما إني لا أحسن دندنتك (1) ولا دندنة معاذ. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: حولها ندندن. 742 - عن محجن بن الأدرع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد، فإذا هو برجل قد قضى صلاته (2) وهو يتشهد وهو يقول: اللهم إني أسألك يا الله الواحد الأحد (3) الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له

_ يا رسول الله ما أكثر ما تستعيذ الخ. و «أكثر» بفتح الراء على التعجب. وقوله «إذا غرم» بكسر الراء. اهـ. (تخريجه) (ق. والثلاثة وغيرهم). 741 - عن أبي صالح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو قال ثنا زائدة عن الأعمش عن أبي صالح عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (الحديث). (غريبه) 1 - قال أهل اللغة: الدندنة كلام لا يفهم. وقد سمى الرجل دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ودعاء معاذ بالدندنة لكونه لم يفهمه، إما لكونهما كانا يدعوان سرًا، أو لكونه كان أعرابيًا لم يحسن لغة العرب الفصحى، والظاهر أن هذا الرجل كان ممن يصلون مع معاذ في حيه، ولذا خصه بالذكر، وقول النبي صلى الله عليه وسلم «حولها ندندن» معناه أن دعاءنا لم يخرج عن دعائك. قال النووي: يعني فكلنا ندندن حولهما أي حول سؤاليهما، إحداهما سؤال طلب، والثانية سؤال رهب. اهـ. ج. والله أعلم. (تخريجه) قال النووي: رواه أبو داود بإسناد صحيح. 742 - عن محجن بن الأدرع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد حدثني أبي ثنا حسين المعلم عن ابن بريدة حدثني حنظلة بن علي أن محجن بن الأدرع حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد (الحديث) (غريبه) 2 - أي معظم صلاته حتى كان في التشهد الذي يعقبه السلام. 3 - رواية أبي داود «يا الله الأحد» بدون الواحد، ورواية النسائي كلفظ حديث الباب، و «الأحد» معناه الواحد كما روي تفسيره بذلك عن ابن عباس وأبي عبيدة، ويؤيده قراءة الأعمش «قل هو الله الواحد»، ومعنى ذلك أنه تعالى واحد في

كفوًا أحد أن تغفر لي ذنوبي إنك أنت الغفور الرحيم. قال: فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: قد غُفر له، قد غفر له، قد غفر له. ثلاث مرات. (فصل منه في رفع الأصبع عند الدعاء في الصلاة) (*) 743 - عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه رضي الله عنه

_ ذاته وصفاته وأفعاله. و «الصمد» قال ابن الأنباري: بين أهل اللغة أنه السيد الذي ليس فوقه أحد، الذي يصمد إليه، أي يقصده الناس في حوائجهم وأمورهم. وعن قتادة: هو الذي يحكم ما يريد ويفعل ما يشاء لا معقب لحكمه ولا راد لقضائه. (تخريجه) (د. نس. وابن خزيمة) وسنده جيد. (فائدة) اشتهر عند الشافعية الإتيان بلفظ «سيدنا» قبل لفظ «محمد» صلى الله عليه وسلم في الصيغ الواردة وغيرها. وقد روي عن ابن عبد السلام أنه جعله من باب سلوك الأدب، وهو مبني على أن سلوك طريق الأدب أحب من الامتثال، وحجتهم في ذلك امتناع عليّ رضي الله عنه عن محو اسم النبي صلى الله عليه وسلم من الصحيفة في صلح الحديبية بعد أن أمره بذلك، وقال: لا أمحو اسمك أبدًا. وتأخر أبي بكر حين كان يؤم الناس فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يثبت فلم يمتثل، وقال: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. ويمكن أن يقال: إن هذه وقائع خارجة عن الأمور المتعبد بها، فمراعاة الأدب فيها أفضل، أما الأمور التعبدية والتي تعد من شعائر الدين كالأذان والإقامة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بعد التشهد فالواجب فيها الوقوف مع الوارد. ومذهب المالكية وكثيرون أنه يؤتى بلفظ السيادة في غير الصيغ الواردة عنه صلى الله عليه وسلم تأدبًا، أما الواردة فيقتصر فيها على ما ورد، وقوفًا على ما حده الشارع واتباعًا للفظه وفرارًا من الوقوع فيما حذر منه، فقد روى الإمام أحمد في مسنده ومسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد»، وما ذهب إليه المالكية هو الذي ينشرح له صدري ويرتاح له ضميري، نسأل الله التوفيق إلى أقوم طريق. (*) - إنما ذكرت هذا الفصل هنا وإن تقدم رفع الأصبع عند التشهد تبعًا للنص، فهناك نص عليه عند التشهد، وهنا نص عليه عند الدعاء، والنص هنا يشعر بدوام رفع الأصبع حتى يسلم، فدفعًا لما يتوهم من أنه لا يشير بالأصبع إلا عند التشهد ذكرته هنا أيضًا. 743 - عن سعيد بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس في الصلاة فدعا (1) وضع يده اليمنى على فخذه ثم كان يشير بإصبعه. وعنه من طريق ثان (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشير بإصبعه السباحة (3) في الصلاة. 744 - عن مالك بن نمير الخزاعي عن أبيه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قاعد في الصلاة قد وضع ذراعه اليمنى على فخذه اليمنى رافعًا بأصبعه السبابة قد حناها شيئًا (4) وهو يدعو. 745 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسعد وهو يعدو بأصبعين (5) فقال: أحِّد يا سعد.

_ جرير عن منصور عن راشد أبي سعيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى الخ. (غريبه) 1 - أي بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم قبل السلام لأنه موضع الدعاء كما يستفاد ذلك من حديث عمرو بن مالك الجنبي المتقدم. (سنده) 2 - حدثنا عبد حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن منصور عن أبي سعيد الخزاعي عن ابن أبزى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يشير الخ. 3 - السباحة والمسبحة الأصبع التي تلي الإبهام، سميت بذلك لأنها يشار بها عند التسبيح. (له). (تخريجه) (طب) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد عن عبد الرحمن بن أبزى أيضًا بلفظ قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في صلاته هكذا وأشار بأصبعه». وقال رواه الطبراني في (الكبير) عن أبي سعيد الخزاعي ولم يرو عنه غير منصور بن المعتمر كما قال ابن أبي حاتم عن أبيه، وأورده أيضًا بلفظ آخر عن عبد الرحمن بن أبزى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا دعا في الصلاة وضع يده على فخذه ثم قال بأصبعه هكذا خفض إصبعه الخنصر والتي تليها. قال الهيثمي: رواه الطبراني في (الكبير) من طريق راشد أيضًا. اهـ. 744 - عن مالك بن نمير الخزاعي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم قال ثنا عصام بن قدامة البجلي قال حدثنا مالك بن نمير الخزاعي عن أبيه (الحديث) 4 - أي أمالها شيئًا قليلاً. (تخريجه) (د. نس. جه. هق. وابن خزيمة) وسنده جيد. 745 - عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عمن سمع أنسًا يقول: مر رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث). (غريبه) 5 - أي كان يشير في دعائه بأصبعين. وقوله «أحِّد» بفتح الهمزة وكسر الحاء المشددة، كذا ضبطه الحافظ

_ السيوطي، أي أشر بأصبع واحدة، لأن الذي تطلب منه واحد، وفي (النهاية) في أسماء الله تعالى «الأحد» وهو الفرد الذي لم يزل وحده ولم يكن معه آخر، وهو اسم بني لنفي ما يذكر معه من العدد، تقول: ما جاءني أحد، والهمزة فيه بدل من الواو، وأصله وحد لأنه من الوحدة، وقيل من الواحد، وقد حمله بعضهم على رفع السبابة في الاستغفار لما رواه أبو داود عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا «المسألة رفع يديك حذو منكبيك، والاستغفار أن تشير بأصبع واحدة، والابتهال أن تمد يديك جميعًا» وقال بعض العلماء: إن ذلك كان في التشهد. (تخريجه) (د) في الدعوات. (نس) في الصلاة. ورواه الحاكم في الدعوات وصححه عن سعد بن أبي وقاص، قال: «مر النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أدعو بأصبعيّ فقال: أحِّد أحِّد وأشار بالسبابة» ورواه (مذ. نس. ك.) عن أبي هريرة «أن رجلاً كان يدعو بأصبعيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحِّد أحِّد» قال الترمذي: حسن غريب. وصححه الحاكم وأقره الذهبي. وقال الهيثمي: رجاله ثقات. اهـ. وقد أثبته هنا لاحتمال أن يكون ذلك في الدعاء بعد التشهد ولمناسبة أحاديث الباب والله أعلم بالصواب. وفي الباب عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا ورجل قائم يصلي فلما ركع وتشهد قال في دعائه اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا إله إلا أنت المنان بديع السموات والأرض يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم إني أسألك، فقال صلى الله عليه وسلم لأصحابه: أتدرون بم دعا؟ قالوا: الله ورسوله أعلم. قال: والذي نفس محمد بيده لقد دعا الله باسمه العظيم الذي إذا دعي به أجاب وإذا سئل به أعطى. رواه النسائي وغيره. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية التعوذ بعد التشهد الأخير لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة «إذا فرغ أحدكم من التشهد فليتعوذ» وقد استدل بهذا الأمر على وجوب الاستعاذة وإليه ذهب بعض الظاهرية، واختاره الشوكاني إن علم تأخر الأمر عن حديث المسيء. وحمله الجمهور على الاستحباب. وفيها أيضًا دليل على ثبوت عذاب القبر وعلى ظهور الدجال وحصول فتنته (وقد أفردت لذلك بابًا في كتاب أشراط الساعة وعلاماتها). وفيها دلالة أيضًا على التنفير من الديْن (بفتح الدال المهملة مشددة) بقدر المستطاع لأنه يحمل المدين على ارتكاب الكذب والخلف في الوعد كما صرح بذلك في الحديث، ولأنهما من صفات المنافقين، ولما روى الحاكم عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «الدين راية الله في الأرض، فإذا أراد الله أن يذل عبدًا وضعها في عنقه» أورده الحافظ السيوطي في (الجامع الصغير) ورمز له بالصحة. فينبغي لكل عاقل أن لا يستدين إلا لحاجة شرعية ضرورية مع العزم على الوفاء، فإن كان كذلك فلا بأس به، وقد استدان صلى الله عليه وسلم ووفّى. وفيها أيضًا مشروعية

باب جامع أدعية منصوص عليها في الصلاة 746 - عن عبد الله بن عمرو عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: علمني دعاء أدعو به في صلاتي. قال: قل: اللهم إني ظلمت نفسي ظلمًا كثيرًا (1) (وفي رواية «كبيرًا» بدل «كثيرًا») ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم. 747 - عن أبي مجلز قال: صلى بنا عمرا (بن ياسر) صلاة فأوجز فيها. (2) فأنكروا ذلك، فقال: ألم أتم الركوع والسجود؟ قالوا: بلى. قال: أما إني دعوت فيها بدعاء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به: اللهم بعلمك الغيب وقدرتك على

_ الدعاء عقب التعوذ كما يستفاد ذلك من أحاديث الباب. وفيها أيضًا استحباب رفع أصبعه السبابة مع انحنائها قليلاً عند الدعاء واستدامة ذلك حتى يسلم وقد تقدم الكلام في ذلك. 746 - عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا هاشم بن القاسم قال ثنا الليث قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو (الحديث). (غريبه) 1 - قال النووي: هو بالثاء المثلثة في أكثر الروايات، وفي بعض الروايات «كبيرًا» بالباب الموحدة، فينبغي أن يجمع بينهما فيقال: «كبيرًا». قلت: يعني أنه يقول «كثيرًا كبيرًا». قال الشيخ عز الدين بن جماعة: ينبغي أن يجمع بين الروايتين فيأتي مرة بالمثلثة ومرة بالموحدة، فإذا أتى بالدعاء مرتين فقد نطق بما نطق به النبي صلى الله عليه وسلم بيقين، وإذا أتى بما ذكره النووي لم يكن آتيًا بالسنة لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينطلق به كذلك. اهـ. قال النووي: واحتج البخاري وخلائق من الأئمة بهذا الحديث في الدعاء بين التشهد والسلام. اهـ. ج. (تخريجه) (ق. وغيرهما) 747 - عن أبي مجلز (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق الأزرق عن شريك عن أبي هاشم عن أبي مجلز (الحديث) (غريبه) 2 - قال الشوكاني: لعله لم يصاحب هذا الإيجاز تمام الصلاة على الصفة التي عهدوا عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلا لم يكن

الخلق (1) أحيني ما علمت الحياة خيرًا لي وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي، أسألك خشيتك في الغيب والشهادة (2) وكلمة الحق في الغضب والرضا (3) والقصد في الفقر والغني (4) ولذة النظر إلى وجهك والشوق إلى لقائك، وأعوذ بك من ضراء مضرة (5) ومن فتنة مضلة (6) اللهم زينا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهديين.

_ للإنكار عليه وجه، فقد ثبت من حديث أنس في مسلم وغيره أنه قال: «ما صليت خلف أحد أوجز صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام». وقوله «ألم أتم الركوع والسجود» فيه إشعار بأنه لم يتم غيرهما، ولذلك أنكروا عليه. وقوله «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به» يحتمل أنه كان يدعو به في الصلاة ويكون فعل عمار قرينة تدل على ذلك، ويحتمل أنه كان يدعو به من غير تقييد بحال الصلاة كما هو الظاهر من الكلام. اهـ. 1 - فيه دليل على جواز التوسل إليه تعالى بصفات كماله وخصال جلاله. وقوله «أحيني» إلى قوله «خيرًا لي» هذا ثابت عند الشيخين والإمام أحمد من حديث أنس ولفظه «قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يتمنين أحدكم الموت لضر نزل به، فإن كان لا بد يتمنى الموت فليقل: اللهم أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفني إذا كانت الوفاة خيرًا لي» وسيأتي في الباب الثالث من كتاب الجنائز إن شاء الله تعالى. وهو يدل على جواز الدعاء بهذا لكن عند نزول الضرر كما وقع التقييد بذلك في حديث أنس المذكور. 2 - أي في مغيب الناس وحضورهم، لأن الخشية بين الناس فقط ليست من الخشية لله بل من خشية الناس. 3 - إنما جمع بين الحالتين لأن الغضب ربما حال بين الإنسان وبين الرجوع إلى الحق، وكذلك الرضا ربما قاد في بعض الحالات إلى المداهنة وكتم كلمة الحق. 4 - القصد في كتب اللغة بمعنى استقامة الطريق والاعتدال، وبمعنى ضد الإفراد، وهو المناسب هنا لأن بطر الغنى رما جر إلى الإفراط، وعدم الصبر على الفقر ربما أوقع في التفريط، فالقصد فيهما هو الطريقة القويمة. 5 - إنما قيد بذلك لأن الضراء ربما كانت نافعة آجلاً أو عاجلاً فلا يليق الاستعاذة منها. 6 - وصفها بذلك صلى الله عليه وسلم لأن من الفتن ما يكون من أسباب الهداية، وهي بهذا الاعتبار مما لا يستعاذ منه، قال أهل اللغة: الفتنة الامتحان والاختبار. أفاده الشوكاني. (تخريجه) (نس) وسنده جيد.

37 748 - عن زاذان عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة وهو يقول: رب اغفر لي، قال شعبة (1) أو قال: اللهم اغفر لي وتب عليّ إنك أنت التواب الغفور مائة مرة. 749 - عن أبي السليل عن عجوز من بني نمير أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالناس ووجهه إلى البيت. قالت: فحفظت منه: رب اغفر لي خطاياي وجهلي. 750 - عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال: لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا معاذ إني لأحبك. فقلت: يا رسول الله وأنا والله أحبك. قال: فإني أوصيك بكلمات تقولهن (2) في كل صلاة: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك

_ 748 - عن زاذان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن هلال بن يساف عن زاذان (الحديث). (غريبه) 1 - يعني أحد الرواة. (تخريجه) لم اقف عليه وأورده الهيثمي وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. 749 - عن أبي السليل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي مسعود عن أبي السليل (الحديث). (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد. 750 - عن معاذ بن جبل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عاصم ثنا حيوة حدثني عقبة بن مسلم ثنا أبو عبد الرحمن الحبلي عن الصنابحي عن معاذ (الحديث). (غريبه) 2 - قال الشوكاني: في رواية أبي داود «لا تدعهن» والنهي أصله التحريم، فيدل على وجوب الدعاء بهذه الكلمات، وقيل: إنه نهى إرشاد وهو محتاج إلى قرينة، ووجه تخصيص الوصية بهذه الكلمات أنها مشتملة على جميع خيري الدنيا والآخرة. اهـ. (تخريجه) (د. نس. وغيرهما) قال الحافظ: سنده قوي. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الإتيان بما فيها من الأدعية في مطلق الصلاة من غير تقييد بمحل منها مخصوص كما هو الظاهر من منطوقها، لكن قال ابن دقيق العيد: ولعل الأولى أن تكون في موطنين: السجود أو التشهد، لأنه أمر فيهما بالدعاء. قلت: وأرى أن تكون بعد الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والتعوذ في جلوس التشهد قبل السلام، ويرجح ذلك إيراد البخاري حديث أبي بكر المذكور

أبواب الخروج من الصلاة بالسلام وما يتبع ذلك 1 - باب كيفية السلام ولفظه وأنه مرتان 751 - عن عبد الله (يعني ابن مسعود رضي الله عنه) قال: أنا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكبر في كل خفض ورفع وقيام وقعود ويسلم عن يمينه وعن يساره حتى يرى (1) بياض خديه أو خده، ورأيت أبا بكر وعمر يفعلان ذلك. وعنه من طريق ثان (2) قال: كأنما أنظر إلى بياض خد رسول الله صلى الله عليه وسلم لتسليمته اليسرى. 752 - وعنه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن يساره السلام

_ في الباب تحت ترجمة (باب الدعاء قبل السلام) وكان مقتضى ذلك أن لا أفرد لها بابًا بل أدرجها تحت ترجمة الباب السابق، ولكني عدلت عن ذلك لأن الأدعية في أحاديث الباب السابق مقيدة بكونها قبل السلام، أما أحاديث هذا الباب فمطلقة، ولذا أفردت لها بابًا تسهيلاً للطالب وتقريبًا للمراجع، وأما السجود فقد وردت فيه أذكار خاصة به تقدم ذكرها في باب مستقل. وليس معنى ذلك أنه لا يجوز فيه الإتيان بغيرها، بل المراد أن ذلك من باب الأولى فقط. والله أعلم. 751 - عن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن زهير قال حدثني أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود عن الأسود وعلقمة عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ. (غريبه) 1 - بضم الياء المثناة من تحت مبنيًا للمجهول، كذا قال ابن رسلان. و «بياض» بالرفع على النيابة، وفيه دليل على المبالغة في الالتفات إلى جهة اليمين وإلى جهة اليسار. وقوله «أو خده» شك من الراوي. ولفظ رواية النسائي «عن يمينه حتى يرى بياض خده الأيمن وعن يساره حتى يرى بياض خده الأيسر» وفي رواية «حتى يرى بياض خده من ههنا وبياض خده من ههنا». (سنده) 2 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن مغيرة عن إبراهيم قال: قال عبد الله: كأنما أنظر الخ. (تخريجه) (قط. والأربعة) وصححه الترمذي وله ألفاظ، وأصله في صحيح مسلم. قال العقيلي: والأسانيد صحاح ثابتة في حديث ابن مسعود في تسليمتين، ولا يصح في تسليمة واحدة شيء. أفاده الحافظ في التلخيص. قلت: قد صح بعضها كما سيأتي في بابه وهو محمول على بيان الجواز، والله أعلم. 752 - وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان

عليكم ورحمة الله، السلام عليكم ورحمة الله، حتى يرى أو نرى بياض خديه. 753 - عن واسع أنه سأل عبد الله بن عمر عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: الله أكبر كلما وضع وكلما رفع، ثم يقول السلام عليكم ورحمة الله على يمينه، السلام عليكم (1) على يساره. 754 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو سعيد قالا: ثنا عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد قال أبو سعيد: قال ثنا إسماعيل بن محمد عن عامر بن سعد (2) رضي الله عنه عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أبو سعيد (3): رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم عن يمينه حتى يرى بياض خده، وعن يساره حتى يرى بياض خده. 755 - عن سهل بن سعد الأنصاري رضي الله عنه عن النبي صلى الله

_ عن جابر عن أبي الضحى عن مسروق عن عبد الله قال: ما نسيت فيما نسيت أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ. (تخريجه) (هق. والأربعة وغيرهم) وصححه الترمذي. 753 - عن واسع (يعني ابن حبان) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا ابن جريج أخبرني عمرو بن يحيى عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع (الحديث). (غريبه) 1 - لم يذكر «ورحمة الله» على يساره، وكذلك عند النسائي، وذكرها البيهقي في روايته، وعليه العمل، فلعله كان يترك أحيانًا. (تخريجه) (نس. هق) وسنده جيد. 754 - حدثنا عبد الله (غريبه) 2 - يعني ابن أبي وقاص رضي الله عنه. 3 - هو أحد مشايخ الإمام أحمد، وقد روى الإمام أحمد هذا الحديث عن أبي سعيد المذكور وعبد الرحمن بن مهدى كما ترى في السند، فقوله «قال أبو سعيد» (يعني في روايته) أن سعدًا قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم الخ. وأما ابن مهدي فقال في روايته: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم الخ. (تخريجه) (م. نس. جه. قط. حب. هق. والبزار) وقال روي عن سعد من غير وجه. 755 - عن سهل بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى

عليه وآله وسلم نحوه. 756 - عن وائل بن حجر الحضرمي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. 757 - عن عدي بن عميرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سجد يرى بياض إبطه، ثم إذا سلم أقبل بوجهه عن يمينه حتى يرى بياض خده، ثم يسلم عن يساره ويقبل بوجهه حتى يرى بياض خده عن يساره

_ ابن إسحاق ثنا ابن لهيعة عن محمد بن عبد الله بن مالك عن سهل بن سعد الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسلم في صلاته عن يمينه وعن يساره حتى يرى بياض خديه. (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده ابن لهيعة فيه مقال، وأحاديث الباب تؤيده. 756 - عن وائل بن حجر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن حجر بن عنبس عن وائل بن حجر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم عن يمينه وعن شماله. (تخريجه) (د. طب) قال النووي في (الخلاصة): إسناده صحيح. 757 - عن عدي بن عميرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن علد الله ثنا معتمر بن سليمان قال: قرأت على الفضيل بن ميسرة قال: حدثني ابن حريز أن قيس بن أبي حازم حدثه أن عدي بن عميرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم (الحديث) وفي آخره: قال أبو عبد الرحمن وحدثني يحيى بن معين قال ثنا معتمر بن سليمان فذكر الحديث. قلت: ومعنى هذا أن أبا عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله رواه أيضًا عن غير أبيه، واتصل سنده مع سند أبيه بمعتمر بن سليمان. (تخريجه) أورده الهيثمي وقال: رواه الطبراني في (الأوسط) بطوله وفي (الكبير) باختصار السلام، ورجال (الأوسط) ثقات. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية التسلمتين، وقد حكاه ابن المنذر عن أبي بكر الصديق وعلي وابن مسعود وعمار بن ياسر ونافع بن عبد الحارث من الصحابة رضي الله عنهم، وعن عطاء بن أبي رباح وعلقمة والشعبي وأبي عبد الرحمن السلمي من التابعين، وعن أ؛ مد وإسحاق وأبي ثور وأصحاب الرأي، قال ابن المنذر: وبه أقول. أفاده الشوكاني. قال النووي رحمه الله: في هذا دلالة لمذهب الشافعي والجمهور من السلف والخلف أنه يسن تسليمتان. وقال مالك وطائفة: إنما يسن تسليمة واحدة، وتعلقوا بأحاديث ضعيفة لا تقاوم هذه الأحاديث الصحيحة، ولو ثبت شيء منها حمل على أنه فعل ذلك لبيان جواز الاقتصار على تسليمة واحدة، وأجمع العلماء الذين

_ يعتد بهم على أنه لا يجب إلا تسليمة واحدة. فإن سلم واحدة استحب له أن يسلمها تلقاء وجهه، وإن سلم تسليمتين جعل الأولى عن يمينه والثانية عن يساره، ويلتفت في كل تسليمة حتى يرى من عن جانبه خده، هذا هو الصحيح. وقال بعض أصحابنا: حتى يرى خديه من على جانبه، ولو سلم التسلمتين عن يمينه أو عن يساره أو تلقاء وجهه أو الأولى عن يساره والثانية عن يمينه صحت صلاته وحصلت تسليمتان ولكن فاتته الفضيلة في كيفيتهما، واعلم أن السلام ركن من أركان الصلاة وفرض من فروضها لا تصح إلا به، هذا مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم. وقال أبو حنيفة: رضي الله عنه: هو سنة، ويحصل التحلل من الصلاة بكل شئ ينافيها من سلام أو كلام أو حدث أو قيام أو غير ذلك، واحتج الجمهور بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا كما رأيتموني أصلي» وبالحديث الآخر «تحريمها التكبير وتحليلها التسليم» اهـ. م. قال الشوكاني رحمه الله: وذهب عبد الله بن موسى بن جعفر من أهل البيت إلى أن الواجب ثلاث يمينًا وشمالاً وتلقاء وجهه، واختلف القائلون بمشروعية التسليمتين: هل الثانية واجبة أم لا؟ فذهب الجمهور إلى استحبابها، واحتج القائل بمشروعية ثلاث أن في ذلك جمعًا بين الروايات. والحق ما ذهب إليه الأولون لكثرة الأحاديث الواردة بالتسليمتين وصحة بعضها وحسن بعضها واشتمالها على الزيادة وكونها مثبتة، بخلاف الأحاديث الواردة بالتسليمة الواحدة فإنها مع قلتها ضعيفة لا تنتهض للاحتجاج كما ستعرف ذلك، ولو سلم انتهاضها لم تصلح لمعارضة أحاديث التسليمتين لما عرفت من اشتمالها على الزيادة. وأما القول بمشروعية ثلاث فلعل القائل به ظن أن التسليمة الواحدة الواردة في الباب الذي سيأتي غير التسليمتين المذكورتين في هذا الباب، فجمع بين الأحاديث بمشروعية الثلاث وهو فاسد. اهـ. وفي أحاديث الباب أيضًا دلالة على أن السلام يكون لفظ «السلام عليكم ورحمة الله» لا غير، لكن زاد أبو داود من حديث وائل «وبركاته» وأخرجها أيضًا ابن حبان في صحيحه من حديث ابن مسعود، وكذلك ابن ماجه من حديثه. قال الحافظ في (التلخيص): فيتعجب من ابن الصلاح حيث يقول: إن هذه الزيادة ليست في شيء من كتب الحديث إلا في رواية وائل بن حجر. وقد ذكر لها الحافظ طرقًا كثيرة في (تلقيح الأفكار تخريج الأذكار) لما قال النووي: إن زيادة «وبركاته» رواية فردة، ثم قال الحافظ بعد أن ساق تلك الطرق: فهذه عدة طرق تثبت بها «وبركاته» بخلاف ما يوهمه كلام الشيخ أنها رواية فردة. اهـ. وقد صحح أيضًا في (بلوغ المرام) حديث وائل المشتمل على تلك الزيادة. أفاده الشوكاني. قال النووي رحمه الله: ويستحب للإمام أن ينوي بالتسليمة الأولى السلام على من على يمينه من الملائكة ومسلمي الجن والإنس، وبالثانية على من

2 - باب حذف السلام وكراهة الإشارة باليد معه 758 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: حذف السلام (1) سنة. 759 - عن جابر بن سمرة رضي الله عنه: كنا إذا صلينا وراء رسول الله

_ على يساره منهم، وينوي المأموم مثل ذلك ويختص بشيء آخر، وهو أنه إن كان عن يمين الإمام نوى بالتسليمة الثانية الرد على الإمام، وإن كان عن يساره نواه في الأولى، وإن كان محاذيًا له نواه في أيتهما شاء، والأول أفضل نص عليه في (الأم)، واتفق الأصحاب عليه، ويستحب أن ينوي بعض المأمومين الرد على بعض، ولكل منهم أن ينوي بالأولى الخروج من الصلاة إن لم توجبها، ودليل هذه النيات ما روي عن علي رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي قبل العصر أربع ركعات يفصل بينهن بالتسليم على الملائكة المقربين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين» رواه الترمذي في موضعين من كتابه وقال: حديث حسن، وفي رواية منه في مسند الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله «على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المسلمين والمؤمنين» وعن سمرة بن جندب رضي الله تعالى عنه قال: «أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن نرد على الإمام وأن يسلم بعضنا على بعض» رواه أبو داود والدارقطني والبيهقي، وفي إسناد أبي داود سعيد بن بشير وهذا مختلف في الاحتجاج به، والأكثرون لا يحتجون به، وإسناد روايتي الدارقطني والبيهقي حسن، واعتضدت طرق هذا الحديث فصار حسنًا أو صحيحًا. اهـ. ج. قلت: حديث علي الذي أشار إليه النووي في (المسند) سيأتي في باب راتبة العصر من أبواب صلاة التطوع إن شاء الله تعالى. 758 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن يوسف يعني الفريابي بمكة ثنا الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة (الحديث). (غريبه) 1 - الحذف بفتح الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة بعدها فاء هو كما قال ابن المبارك أن لا يمده مدًا، يعني تخفيفه والسرعة فيه وعدم الإطالة به، قال الترمذي: وهو الذي يستحبه أهل العلم. قال ابن سيد الناس: قال العلماء: يستحب أن يدرج لفظ السلام ولا يمد مدًا لا أعلم في ذلك خلافًا بين العلماء. (تخريجه) (د. مذ) وقال: هو حديث حسن صحيح. 759 - عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا

صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام عليكم بأيدينا يمينًا وشمالاً (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال أقوام يرمون (2) بأيديهم كأنها أذناب الخيل الشمس (3) ألا يسكن أحدكم ويشير بيده على فخذه ثم يسلم على صاحبه عن يمينه وعن شماله؟ وعنه من طريق ثان (4) قال: كنا نقول خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلمنا: السلام عليكم يشير أحدنا بيده عن يمينه وعن شماله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما بال الذين يرمون بأيديهم في الصلاة كأنها أذناب الخيل الشمس، ألا يكفي أحدكم أن يضع يده على فخذه ثم يسلم عن يمينه وعن شماله.

_ مسعر عن عبيد الله بن القبطية عن جابر بن سمرة (الحديث) (غريبه) 1 - أي أشرنا بأيدينا يمينًا وشمالاً كما صرح بذلك في الرواية الثانية. 2 - «يرمون» بالراء، ورواية أبي داود «ما بال أحدكم يرمي بيده» بالراء أيضًا، قال ابن الأثير: إن صحت الرواية بالراء ولم يكن تصحيفًا للواو فقد جعل الرمي باليد موضع الإيماء بها لجواز ذلك في اللغة، تقول: رميت ببصري إليك أي مددته، ورميت إليك بيدي أي أشرت بها، قال: والرواية المشهورة رواية مسلم «علام تومئون» بهمزة مضمومة بعد الميم، والإيماء الإشارة أومأ يومئ إيماءً وهم يومئون مهموزًا ولا تقل أوميت بياء ساكنة. قاله الجوهري. 3 - رواية مسلم «كأنها أذناب خيل شمس» بدون تعريف، وعلى كلتا الروايتين هو بإسكان الميم وضمها مع ضم الشين المعجمة، وهي التي لا تستقر بل تضطرب وتتحرك بأذنابها وأرجلها وتمتنع على راكبها يقال: شمس الفرس: منع ظهره، وبابه دخل، ورجل شموس أي صعب الخلق، والمراد هنا النهي عن رفعهم أيديهم عند السلام مشيرين إلى السلام من الجانبين كما سيأتي في الرواية الثانية. (سنده) 4 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا مسعر عن عبد الله بن القبطية قال: سمعت جابر بن سمرة قال: كنا نقول الخ. (تخريجه) (م. د. نس. وغيرهم) (الأحكام) حديث أبي هريرة يدل على مشروعية حذف السلام، وقد تقدم تفسيره، قال ابن سيد الناس: قال العلماء: يستحب أن يدرج لفظ السلام ولا يمد مدًا لا أعلم في ذلك خلافًا بين العلماء. اهـ. واحتج به أبو داود والترمذي والبيهقي وغيرهم، قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح، وهو الذي يستحبه أهل العلم، وروي عن إبراهيم النخعي أنه قال

3 - باب ما جاء في كون السلام فريضة والاجتزاء بتسليمة واحدة 760 - عن علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مفتاح الصلاة الطهور، وتحريمها التكبير، وتحليلها التسليم. 761 - عن عائشة رضي الله عنها في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل قالت: ثم يجلس فيتشهد ويدعو ثم يسلم تسليمة واحدة، السلام عليكم، يرفع بها صوته يوقظنا

_ «التكبير جزم والسلام جزم» اهـ. قلت: بعضهم يرويه على أنه حديث مرفوع، وقد وقع ذلك للرافعي رحمه الله في (شرح الوجيز) ولفظه «روي أنه صلى الله عليه وسلم قال: التكبير جزم والسلام جزم» قال الحافظ في (التلخيص): لا أصل له بهذا اللفظ، إنما هو قول إبراهيم النخعي حكاه الترمذي عنه. اهـ. وقال السخاوي في (المقاصد الحسنة): حديث «التكبير جزم» لا أصل له في المرفوع مع وقوعه في كتاب الرافعي، وإنما هو من قول إبراهيم النخعي حكاه الترمذي في جامعه، ومن جهته رواه سعيد بن منصور في سننه بزيادة «والقراءة جزم والأذان جزم»، وفي لفظ عنه «كانوا يجزمون التكبير» اهـ. قلت: ومعنى قوله «جزم» أي لا يمدان ولا يعرب أواخر حروفهما بل يسكن، فيقال: الله أكبر، السلام عليكم ورحمة الله. قال في (النهاية): والجزم القطع، ومنه سمي جزم الإعراب وهو السكون. اهـ. وحديث جابر بن سمرة يدل على كراهة رفع اليدين والإشارة بهما عند السلام في الصلاة. وفيه الحث على الخشوع في الصلاة والسكون فيها والإقبال عليها، وأن السلام يكون مرتين: مرة عن يمينه ومرة عن يساره، ناويًا بذلك السلام على إخوانه الحاضرين عن اليمين والشمال، والله أعلم. 760 - عن علي رضي الله عنه هذا الحديث تقدم الكلام عليه سندًا وشرحًا وتخريجًا في باب افتتاح الصلاة والخشوع فيها، وإنما أثبته هنا لاحتجاج بعض الأئمة به على وجوب السلام. 761 - عن عائشة رضي الله عنها هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب ما روي عن عائشة رضي الله عنها في صلاة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ممن الليل. (تخريجه) (نس. حب. وغيرهما) وقد أخرج نحوه أيضًا (مذ. جه. حب. ك. قط) بلفظ «أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة تلقاء وجهه» وقال الحاكم: هو صحيح على

_ شرط البخاري ومسلم، وقال آخرون: هو ضعيف، وكذا قال البغوي في (شرح السنة): في إسناده مقال، وقال الترمذي: لا نعرفه مرفوعًا من هذا الوجه. قال النووي: واتفق أصحابنا في كتب المذهب على تضعيفه. اهـ. ج. قال الحافظ في (التلخيص): وروى ابن حبان في صحيحه وأبو العباس السراج في مسنده عن عائشة من وجه آخر شيئًا من هذا، أخرجاه من طريق زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة فذكر نحو رواية الإمام أحمد. وقال: إسناده على شرط مسلم. اهـ. قلت: وبهذا تعرف عدم صحة قول العقيلي: «ولا يصح في تسليمة واحدة شيء» وتقدمت الإشارة إلى ذلك. وفي الباب عند الإمام أحمد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل بين الشفع والوتر بتسليمة يسمعناها» وسيأتي في باب الوتر بركعة الخ. من أبواب الوتر. وهو وحديث عائشة المذكور في الباب ليسا صريحين في الاقتصار على التسليمة الواحدة، فعائشة تقول: إنه صلى الله عليه وسلم كان يسلم تسليمة واحدة يوقظهم بها ولم تنف الأخرى بل سكتت عنها، وليس سكوتها عنها مقدمًا على رواية من حفظها وضبطها وهم أكثر عددًا وأحاديثهم أصح، وكذا يقال في حديث ابن عمر. قال أبو عمر بن عبد البر: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يسلم تسليمة واحدة من حديث سعد بن أبي وقاص ومن حديث عائشة ومن حديث أنس إلا أنها معلولة ولا يصححها أهل العلم بالحديث. اهـ باختصار. (الأحكام) احتج بحديث علي رضي الله عنه القائلون بوجوب التسليم، لأن الإضافة في قوله «وتحليلها» تقتضي الحصر، فكأنه قال جميع تحليلها التسليم، أي انحصر تحليلها في التسليم لا تحليل لها غيره، وإليه ذهب أكثر العترة والشافعي ومالك وأحمد وغيرهم. وتقدم كلام النووي رحمه الله أنه مذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم محتجين بحديث الباب. قال الشوكاني: وهو لا ينتهض للاحتجاج به إلا بعد تسليم تأخره عن حديث المسيء، لأنه لا يثبت الوجوب إلا بما علم تأخره عنه، لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز بالإجماع لا سيما وقد ثبت في بعض الروايات «فإذا فعلت ذلك فقد تمت صلاتك» إذا عرفت هذا تبين لك أن هذا الحديث لا يكون حجة يجب التسليم لها إلا بعد العلم بتأخره. اهـ. وذهب إلى عدم وجوب السلام أبو حنيفة والناصر، وروى ذلك الترمذي عن أحمد وإسحاق بن راهويه، ورواه أيضًا عن بعض أهل العلم. قال العراقي: وروي عن علي بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهما. واحتج بحديث عائشة رضي الله عنها القائلون بمشروعية تسليمة واحدة، وهم ابن عمر وأنس وسلمة بن الأكوع وعائشة رضي الله عنهم والحسن وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز والأوزاعي وكثيرون. وذهب الجمهور إلى مشروعية التسليمتين، وقد تقدم الكلام على ذلك مستوفى في الباب الأول فارجع إليه والله أعلم.

4 - باب مقدار مكث الإمام عقب الصلاة وجواز انحرافه عن اليمين أو الشمال 762 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس بعد صلاته إلا قدر ما يقول: اللهم أنت السلام ومنك السلام (1) تباركت يا ذا الجلال والإكرام. 763 - عن عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي عن أبيه قال: سمعت رجلاً يسأل عبد الله بن مسعود عن انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته: عن يمينه كان ينصرف أو عن يساره؟ قال: فقال عبد الله بن مسعود: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف حيث أراد، كان أكثر انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته على شقه الأيسر إلى حجرته. (وفي لفظ «كان عامة (2) ما ينصرف من الصلاة على يساره إلى الحجرات»). وعنه من طريق ثان (3) قال: لا يجعل أحدكم للشيطان من نفسه جزءًا (4) لا يرى إلا أن حقًا عليه أن لا ينصرف إلا عن

_ 762 - عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا عاصم الأحول عن أبي الوليد عن عائشة. (غريبه) 1 - السلام الأول من أسماء الله تعالى، والثاني السلامة. وقوله «تباركت» تفاعلت من البركة، وهي الكثرة والنماء. ومعناه تعاظمت إذ كثرت صفات جلالك وكمالك. (تخريجه) (م. مذ. جه. وغيرهم) 763 - عن عبد الرحمن الخ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال: حدثني عن انصراف رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي عن أبيه (الحديث). (غريبه) 2 - المراد بالعموم الأكثرية كما صرح بذلك في الرواية الأولى. (سنده) 3 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية وابن نمير عن الأعمش ويحيى عن الأعمش حدثني عمارة حدثني الأسود المعنى عن عمارة عن الأوسد عن عبد الله لا يجعل أحدكم الخ. 4 - أي شيئًا من صلاته كما في رواية البخاري. وقوله «يرى» بفتح أوله أي يعتقد ويجوز الضم أي يظن، ولفظ البخاري «يرى أن حقًا عليه

يمينه، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن أكثر انصرافه لعلى يساره. 764 - عن أبي هريرة رضي الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قائمًا وقاعدًا وحافيًا ومنتعلاً (زاد في رواية «وينفتل (1) عن يمينه ويساره»). 765 - عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ينفتل عن يمينه وعن شماله، ورأيته يصلي حافيًا ومنتعلاً، ورأيته يشرب قائمًا وقاعدًا. 766 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة عن يمينه.

_ أن لا ينصرف الخ. بدون نفي قبل «يرى» وبدون استثناء قبل «أن». وقوله «أن حقًا عليه» هو بيان للجعل في قوله «لا يجعل)). وقوله «أن لا ينصرف» أي يرى أن عدم الانصراف حق عليه. (تخريجه) (ق. د. نس. جه) 764 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن أبي الأوبر عن أبي هريرة. (غريبه) 1 - أي ينصرف. (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وسنده جيد. 765 - عن عمرو بن شعيف هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه في باب ما جاء في الصلاة في النعل. (تخريجه) (د. جه. هق) وسنده جيد. 766 - عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا سفيان عن إسماعيل السدي قال: سمعت أنس بن مالك يقول: انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث). (تخريجه) (م. نس. وغيرهما) (الأحكام) حديث عائشة يدل على مشروعية إسراع الإمام بالقيام من موضعه الذي صلى فيه بعد سلامه وعدم المكث فيه إلا بقدر ما يقول: اللهم أنت السلام (الحديث)، وقد ذهب بعض المالكية إلى كراهة المقام للأمام في مكان صلاته بعد السلام، ويؤيد ذلك ما أخرجه عبد الرزاق من حديث أنس قال: «صليت رواء النبي صلى الله عليه وسلم فكان ساعة يسلم يقوم ثم صليت وراء أبي بكر فكان إذا سلم وثب فكأنما يقوم عن رضفة» (يعني حجارة محماة) ويؤيده أيضًا حديث أم سلمة الآتي في باب مكث الإمام بالرجال قليلاً، فإنه يشعر بأن الإسراع

5 - باب استقبال الإمام الناس بوجهه عقب السلام وتبرك الصحابة بالنبي صلى الله عليه وسلم 767 - عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه رضي الله عنه قال: حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، قال: فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ بالقيام هو الأصل والمشروع، لكن يعارضه ما سيأتي من الأحاديث الدالة على استحباب الذكر بعد الصلاة إلا أن يقال إنه لا ملازمة بين مشروعية الذكر بعد الصلاة والقعود في المكان الذي صلى المصلي تلك الصلاة فيه، لأن الامتثال يحصل بفعله بعدها سواء كان ماشيًا أو قاعدًا في محل آخر، نعم ما ورد مقيدًا نحو قوله «وهو ثان رجليه» وقوله «قبل أن ينصرف» كان معارضًا، ويمكن الجمع بحمل مشروعية الإسراع على الغالب كما يشعر به لفظ «كان»، أو على غير ما ورد مقيدًا بذلك من الصلوات، أو على أن اللبث مقدار الإتيان بالذكر المقيد لا ينافي الإسراع، فإن اللبث مقدار ما ينصرف النساء ربما اتسع لأكثر من ذلك والله أعلم. أفاده الشوكاني. وفي سائر أحاديث الباب جواز انصراف الإمام عن يمينه وعن شماله كما في حديثي أبي هريرة وعمرو بن شعيب اللذين في الباب وحديث قبيصة بن هل عن أبيه عند أبي داود والترمذي وابن ماجه بلفظ «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤمنا فينصرف عن جانبيه جميعًا على يمينه وعلى شماله» وقال الترمذي: صح الأمران عن النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: لكن في حديث ابن مسعود «أكثر انصرافه صلى الله عليه وسلم عن يساره» وفي حديث أنس «انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة عن يمينه» وفي لفظ له عند مسلم «أكثر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه» ففي حديثيهما المنافاة لأن كل واحد منهما قد استعمل فيه صيغة أفعل التفضيل. قال النووي: ويجمع بينهما بأنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل تارة هذا وتارة هذا، فأخبر كل منهما بما اعتقده أنه الأكثر، وإنما كره ابن مسعود أن يعتقد وجوب الانصراف عن اليمين. اهـ. قال العلماء: يستحب الانصراف إلى جهة حاجته، لكن قالوا: إذا استوت الجهتان في حقه فاليمين أفضل لعموم الأحاديث المصرحة بفضل التيامن. قال ابن المنير: فيه أن المندوبات قد تنقلب مكروهات إذا رفعت عن رتبتها، لأن التيامن مستحب في كل شيء، لكن لما خشي ابن مسعود أن يعتقدوا وجوبه أشار إلى كراهته. قال الترمذي بعد أن ساق حديث هلب الذي تقدم آنفًا: وعليه العلم عند أهل العلم. قال: ويروي عن علي أنه قال: إن كانت حاجته عن يمينه أخذ عن يمينه، وإن كانت حاجته عن يساره أخذ عن يساره. اهـ. 767 - عن يزيد بن الأسود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز

صلاة الصبح أو الفجر. قال: ثم انحرف جالسًا أو استقبل الناس بوجهه، فإذا هو برجلين من وراء الناس لم يصليا مع الناب فذكر قصتهما (1) قال: ونهض الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهضت معهم، وأنا يومئذ أشب الرجال وأجلده (2) قال: فما زلت أزحم الناس حتى وصلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده فوضعتها إما على وجهي أو صدري، قال: فما وجدت شيئًا أطيب ولا أبرد من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وهو يومئذ في مسجد الخيف. وعنه من طريق ثان قال: ثم ثار الناس يأخذون بيده يمسحون بها وجوههم، قال: فأخذت بيده فمسحت بها وجهي فوجدتها أبرد من الثلج وأطيب ريحًا من المسك. 768 - عن أبي جحيفة رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهاجرة (3) إلى البطحاء فتوضأ وصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين (4) وبين يديه عنزة (5) وكان يمر من ورائها الحمار والمرأة (6) ثم قام الناس

_ ثنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه (الحديث) (غريبه) 1 - سيأتي الحديث بطوله في باب من صلى ثم أدرك جماعة الخ. من أبواب أحكام تتعلق بالجماعة. 2 - أي أقواهم وأعظمهم صبرًا على المكاره وجعل ضمير الجماعة مفردًا في قوله «واجلده» لغة قليلة، ومنه «هو أحسن الفتيان وأجمله» ومنه أيضًا قول الشاعر: إن الأمور إذ الأحداث دبرها ..... دون الشيوخ ترى في بعضها خللاً (تخريجه) (د. جه. مذ) وقال: حسن صحيح. 768 - عن أبي جحيفة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج أخبرني شعبة عن الحكم قال: سمعت أبا جحيفة قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث). (غريبه) 3 - الهاجرة نصف النهار عند اشتداد الحر. و «البطحاء» موضع خارج مكة وهو الذي قال له الأبطح. 4 - يستفاد منه أنه جمع جمع تقديم لأنه كان مسافرًا. 5 - «العنزة» بفتحات هي الرمح القصير. 6 - فيه حجة لمن قال: إن المرأة لا تقطع الصلاة

فجعلوا يأخذون يده فيمسحون بها وجوههم، قال: فأخذت يده فوضعتها على وجهي فإذا هي أبرد من الثلج وأطيب ريحًا من المسك. 6 - باب مكث الإمام بالرجال قليلاً ليخرج النساء والفصل بين الفرض والنافلة بخروج أو كلام أو انتقال 769 - عن أم سلمة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم قام النساء حين يقضي تسليمه، ويمكث في مكانه يسيرًا قبل أن يقوم. وعنها من طريق ثان (1) أن النساء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من

_ (تخريجه) (خ) مطولاً ومختصرًا في مواضع من كتابه، ذكره في الطهارة، وفي باب الصلاة في الثوب الأحمر في أوائل كتاب الصلاة، وفي الأذان، وفي أبواب السترة في موضعين، وفي صلة النبي صلى الله عليه وسلم في موضعين، وفي اللباس في موضعين، وأخرجه غيره أيضًا. وفي الباب عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أقبل علينا بوجهه». رواه البخاري. وعن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: «كنا إذا صلينا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نكون عن يمينه فيقبل علينا بوجهه». رواه (م. د). (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية استقبال الإمام للمؤتمين بعد الفراغ من الصلاة والمواظبة على ذلك لما يشعر به لفظ «كان» كما في حديث سمرة بن جندب. قال النووي رحمه الله: المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من الأصوليين أن لفظة «كان» لا يلزمها الدوام ولا التكرار، وإنما هي فعل ماض تدل على وقوعه مرة. اهـ. قيل: والحكمة في استقبال المؤتمين أن يعلمهم ما يحتاجون إليه، وعلى هذا يختص بمن كان في مثل حاله صلى الله عليه وسلم من الصلاحية للتعليم والموعظة. وقيل: الحكمة أن يعرف الداخل انقضاء الصلاة، إذ لو استمر الإمام على حاله لأوهم أنه في التشهد مثلاً. وقال الزين بن المنير: استدبار الإمام المأمومين إنما هو لحق الإمامة، فإذا انقضت الصلاة زال السبب، واستقبالهم حينئذ يرفع الخيلاء والترفع على المأمومين. أفاده الشوكاني. وفي أحاديث الباب أيضًا مشروعية التبرك بملامسة أهل الفضل الصالحين والتبرك بهم لتقرير النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه على ذلك. انظر (شرح المهذب) للنووي ص 488 ج ثالث. 769 عن أم سلمة (سنده) حدثنا حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل قال ثنا إبراهيم بن سعد قال ثنا ابن شهاب عن هند بنت الحارث عن أم سلمة (الحديث). 1 - وعنها من طريق ثان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر

الصلاة المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت من صلى من الرجال ما شاء الله، فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرجال. 770 - عن السائب بن يزيد قال: صليت مع معاوية (بن أبي سفيان) الجمعة في المقصورة، فلما سلم قمت في مقامي فصليت، فلما دخل أرسل إليّ فقال: لا تعد لما فعلت، إذا صليت الجمعة فلا تصلها بصلاة حتى تتكلم أو تخرج، فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك، لا توصل صلاة بصلاة حتى تخرج أو تتكلم. 771 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أيعجز (1) أحدكم إذا صلى أن يتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله.

_ أخبرنا يونس عن الزهري قال: حدثتني هند ابنة الحارث القرشية أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتها أن النساء الخ. (تخريجه) (خ) في جملة مواضع من صحيحه والشافعي في مسنده. 770 - عن السائب بن يزيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا انا ابن جريج قال أخبرني عمر بن عطاء بن أبي الخوار أن نافع بن جبير أرسله إلى السائب بن يزيد بن أخت نمر يسأله عن شيء رآه منه معاوية في الصلاة فقال: نعم، صليت مع معاوية إلى آخره. (تخريجه) (م. د. فع. هق) 771 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن ليث عن الحجاج بن عبيد عن إبراهيم بن إسماعيل عن أبي هريرة (الحديث). (غريبه) 1 - بكسر الجيم ممن باب ضرب. (تخريجه) (د. جه) وفي إسناده إبراهيم بن إسماعيل. قال أبو حاتم الرازي: هو مجهول. اهـ. ورواه البيهقي من رواية حماد عن الليث بلفظ «إذا أراد أحدكم أن يتطوع بعد الفريضة فليتقدم أو يتأخر أو عن يمينه أو عن شماله». وروي من طريق المعتمر «أيعجز أحدكم إذا صلى فأراد أن يتطوع أن يتقدم أو يتأخر أو يتحول عن يمينه أو عن يساره». (الأحكام) حديث أم سلمة يدل على أنه يستحب للإمام مراعاة أحوال المأمومين والاحتياط في اجتناب ما قد

7 - باب فضل جلوس المصلي في مصلاه بعد الصلاة 772 - عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن (1) قال: سمعت عليًا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد إذا جلس في مصلاه بعد الصلاة صلت عليه الملائكة، وصلاتهم عليه: اللهم اغفر له اللهم ارحمه، وإن جلس ينتظر الصلاة صلت عليه الملائكة، وصلاتهم عليه: اللهم اغفر له اللهم ارحمه. وعنه من طريق ثان (2) قال: دخلت على أبي عبد الرحمن السلمي وقد صلى الفجر وهو جالس في المجلس فقلت: لو قمت إلى فراشك كان أوطأ لك. فقال: سمعت عليًا رضي الله عنه

_ يفضي إلى المحذور، واجتناب مواقع التهم، وكراهة مخالطة الرجال للنساء في الطرقات فضلاً عن البيوت، لهذا كان صلى الله عليه وسلم يمكث في مكان صلاته يسيرًا حتى ينصرف النساء، ومقتضى هذا أن المؤممين إذا كانوا رجالاً فقط لا يستحب هذا المكث، وعليه حمل ابن قدامة حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم لا يقعد إلا قدر ما يقول اللهم أنت السلام (الحديث المتقدم) وتقدم الكلام عليه. وحديث السائب بن يزيد وأبي هريرة يدلان على مشروعية انتقال المصلي عن مصلاه الذي صلى فيه لكل صلاة يفتتحها من أفراد النوافل، والعلة في ذلك تكثير مواضع العبادة كما قال البخاري والبغوي، لأن مواضع السجود تشهد له كما في قوله تعالى {يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا} [الزلزلة/4] أي تخبر بما عمل عليها، وورد في تفسير قوله تعالى {فَمَا بَكَتْ عَلَيْهِمُ السَّمَاءُ وَالْأَرْضُ} [الدخان/29] أن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء، وهذه العلة تقضي أيضًا أن ينتقل إلى الفرض من موضع نفله، وأن ينتقل لكل صلاة يفتتحهها من أفراد النوافل، فإن لم ينتقل فينبغي أن يفصل بالكلام أو الخروج، لحديث السائب بن يزيد ولا أعلم خلافًا في ذلك، والله أعلم. 772 - عن عطاء بن السائب الخ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن آدم ثنا إسرائيل عن عطاء بن السائب. (غريبه) 1 - اسمه عبد الله بن حبيب بن ربيعة بضم المهملة وكسر التحتانية مشددة بينهما موحدة مفتوحة. «السلمي» بضم السين المهملة وفتح اللام المقرئ الكوفي وثقه ابن معين. (سنده) 2 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى الفجر ثم جلس في مصلاه صلت عليه الملائكة (وذكر نحو الحديث المتقدم. أبواب الأذكار الواردة عقب الصلاة 7 - باب الأدعية الواردة من ذلك 773 - عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول:

_ حسين بن محمد ثنا إسرائيل عن عطاء بن السائب قال: دخلت على أبي عبد الرحمن السلمي الخ. (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال: رواه أحمد وفيه عطاء بن السائب ثقة ولكنه اختلط في آخر عمره. اهـ. قلت: حديث الباب له شواهد كثيرة صحيحة تعضده رواها الإمام أحمد والبخاري ومسلم، انظر الباب الرابع في فضل انتظار الصلاة والسعي إلى المساجد في أول كتاب الصلاة. ومما ورد في ذلك أيضًا ما رواه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله قال: «لا يزال أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه لا يمنعه أن ينقلب إلى أهله إلا الصلاة». وللبخاري «إن أحدكم في صلاة ما دامت الصلاة تحبسه، والملائكة تقول: اللهم اغفر له اللهم ارحمه ما لم يقم من مصلاه أو يحدث». وفي رواية لمسلم وأبي داود قال: «لا يزال العبد في صلاة ما كان في مصلاه ينتظر الصلاة والملائكة تقول: اللهم اغفر له اللهم ارحمه حتى ينصرف أو يحدثن قيل: وما يحدث؟ قال: يفسو أو يضرط». وعن أنس رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر ليلة صلاة العشاء إلى شطر الليل ثم أقبل بوجهه بعدما صلى فقال: صلى الناس ورقدوا ولم تزالوا في صلاة منذ انتظرتموها» رواه البخاري. (الأحكام) حديث الباب يدل على استحباب جلوس المصلي في مصلاه بعد الصلاة لانتظار الصلاة التي تليها (إن كان خاليًا من الأشغال الضرورية لدنياه) أو لأداء بعض أوراده، وأن الملائكة تدعو له بالمغفرة والرحمة ما دام في مصلاه ما لم يحدث كما في الأحاديث الأخرى. فإن قيل: هل هذا عام في كل صلاة أم خاص بصلاة الفجر كما هو ظاهر حديث الباب؟ قلت: هو عام في كل صلاة بدليل ما أوردنا من الأحاديث العامة في ذلك، وذكر الفجر والعشاء في بعض الأحاديث للاهتمام بشأنهما، فهو خصوص بعد عموم كقوله تعالى {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى} [البقرة/238] والله أعلم. 773 - عن زيد بن أرقم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم

في دبر صلاته: اللهم ربنا ورب كل شيء أنا شهيد (1) أنك أنت الرب وحدك لا شريك لك. قال إبراهيم (2) مرتين: ربنا ورب كل شيء، أنا شهيد أن محمدًا عبدك ورسولك، ربنا ورب كل شيء، أنا شهيد أن العباد كلهم إخوة (3)، اللهم ربنا ورب كل شيء اجعلني مخلصًا لك وأهلي (4) في كل ساعة من الدنيا والآخرة، ذا الجلال والإكرام اسمع (5) واستجب، الله الأكبر الأكبر نور السموات والأرض (6)، الله الأكبر الأكبر حسبي الله (7) ونعم الوكيل، الله الأكبر الأكبر. 774 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا المقرئ حدثنا حيوة قال: سمعت عقبة بن مسلم التجيبي يقول: حدثني أبو عبد الرحمن الحبلي عن الصنابحي عن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيده يومًا ثم قال: يا معاذ إني لأحبك. فقال له معاذ: بأبي أنت وأمي (8) يا رسول الله وأنا أحبك. قال: أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة (وفي رواية في كل صلاة) (9)

_ ابن مهدي ثنا معتمر قال: سمعت داود الطفاوي يحدث عن أبي مسلم البجلي عن زيد بن أرقم (الحديث). (غريبه) 1 - أي معترف بأنك أنت المربي لكل شيء حال كونك منفردًا بذلك لا شريك لك. 2 - يعني ابن مهدي أحد رجال السند. 3 - أي لأنهم جميعًا من آدم وحواء، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَى} [الحجرات/13]. 4 - عطف على ياء المتكلم في «اجعلني» أي اجعلني وأهلي مخلصين لك دائمًا في أحوال الدنيا والآخرة. 5 - أي سماع إجابة وقبول. 6 - أي منورهما بالشمس والقمر والكواكب. 7 - أي كافيني الله فيما أحتاج إليه. «ونعم الوكيل» أي المفوض إليه الأمر. (تخريجه) (د. نس. قط) وفي إسناده داود الطفاوي وفيه مقال. 774 - حدثنا عبد الله (غريبه) 8 - أي أفديك بأبي وأمي وفيه منقبة عظيمة لمعاذ رضي الله عنه، فإن من أحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم أحبه الله. 9 - هذه الرواية تقدم

أن تقول: اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. قال: وأوصى بذلك معاذ الصنابحي أبا عبد الرحمن، وأوصى أبو عبد الرحمن عقبة بن مسلم. 775 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أتحبون أن تجتهدوا في الدعاء؟ قولوا: اللهم أعنا على شكرك وذكرك وحسن عبادتك. 776 - عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا صلى الصبح حين يسلم: اللهم إني أسألك علمًا نافعًا ورزقًا واسعًا (وفي رواية «طيبًا») وعملاً متقبلاً (1)

_ حديثها في باب جامع أدعية منصوص عليها في الصلاة لمناسبته ترجمة الباب هناك، وذكرت حديث الباب هنا للتصريح فيه بأنه يقال دبر كل صلاة فيناسب الترجمة هنا، قال الشوكاني: وهو عند أبي داود بلفظ «دبر كل صلاة»، وكذلك رويته عن طرق مشايخى مسلسلاً بالمحبة، فلا يكون باعتبار هذه الزيادة من أدعية الصلاة لأن دبر الصلاة بعدها على الأقرب، قال: ويحتمل دبر الصلاة آخرها قبل الخروج منها لأن دبر الحيوان منه، وعليه بعض أئمة الحديث. اهـ. والله أعلم. (تخريجه) (د. نس. وابن خزيمة. حب. ك) وقال صحيح على شرط الشيخين. 775 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على أبي قرة الزبيدي موسى بن طارق عن موسى يعني ابن عتبة عن صالح السمان وعطاء بن يسار أو عن أحدهما عن أبي هريرة (الحديث). (تخريجه) لم أقف عليه، وسنده جيد، ويعضده حديث معاذ الذي قبله. 776 - عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا شعبة عن موسى بن أبي عائشة قال سمعت مولى أبي سلمة يحدث أنه سمع أم سلمة تقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث). (غريبه) 1 - إنما قيد العلم بالنافع والرزق بالطيب والعمل بالمتقبل لأن كل علم لا ينفع فليس من عمل الآخرة وربما كان من ذرائع الشقاوة، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ من علم لا ينفع، ولك رزق غير طيب موقع في ورطة العقاب، وكل عمل غير متقبل إتعاب للنفس في غير طائل، نعوذ بالله من ذلك. (تخريجه) (جه) وأخرجه أيضًا ابن أبي شيبة عن شبابة عن شعبة عن موسى بن أبي عائشة عن مولى لأم سلمة عن أم

777 - عن علي رضي الله عنه في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فإذا سلم من الصلاة قال: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت. 778 - عن عبد الرحمن بن حسان الكناني أن مسلم بن الحارث التميمي حدثه عن أبيه رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صليت الصبح فقل قبل أن تكلم أحدًا من الناس: اللهم أجرني من النار سبع مرات، فإنك إن مت من يومك ذلك كتب الله عز وجل لك جوارًا من النار، وإذا صليت المغرب فقل قبل أن تكلم أحدًا من الناس: اللهم إني أسألك الجنة، اللهم أجرني من النار سبع مرات، فإنك إن مت من ليلتك تلك كتب الله عز وجل لك جوارًا من النار. 779 - عن شداد بن أوس رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ سلمة، ورواه ابن ماجه في سننه عن أبي بكر بن أبي شيبة بهذا الإسناد، ورجاله ثقات لولا جهالة مولى أم سلمة. 777 - عن علي رضي الله عنه هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه في باب دعاء الافتتاح فارجع إليه. (تخريجه) (م. فع. د. ن. قط) وصححه الترمذي ورواه ابن ماجه مختصرًا. 778 - عن عبد الرحمن بن حسان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن عبد ربه قال ثنا الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن حسان الكناني (الحديث). (تخريجه) (د. نس) وسنده جيد. 779 - عن شداد بن أوس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون ثنا أبو مسعود الجريري عن أبي العلاء بن الخشير عن الحنظلي عن شداد

يعلمنا كلمات ندعو بهن في صلاتنا أو (1) قال: في دبر صلاتنا: اللهم إني اسألك الثبات في الأمر (2) وأسألك عزيمة الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وحسن عبادتك، وأسألك قلبًا سليمًا (3) ولسانًا صادقًا، وأستغفرك لما لا تعلم وأسألك من خير ما تعلم (4) وأعوذ بك من شر ما تعلم. 2 - باب ما جاء في التسبيح والتحميد والتكبير والاستغفار عقب الصلوات 780 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سبح الله في دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وحمد الله ثلاثًا وثلاثين، وكبر الله ثلاثًا

_ ابن أوس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من رجل يأوي إلى فراشه فيقرأ سورة من كتاب الله عز وجل إلا بعث الله عز وجل إليه ملكًا يحفظه من كل شيء يؤذيه حتى يهب متى هب. قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا كلمات (الحديث). (غريبه) 1 - «أو» للشك من الراوي. وجاء عند النسائي من غير شك بلفظ «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في صلاته: اللهم إني أسألك» الخ. فعلى رواية النسائي محله في الصلاة، وعلى رواية الإمام أحمد يحتمل أن يكون في الصلاة أو في دبرها، فمن أتي بهذا الدعاء في الصلاة وفي دبرها كان لا شك آتيًا بالسنة. 2 - سؤال «الثبات في الأمر» من جوامع الكلم النبوية، لأن من ثبته الله في أموره عصم عن الوقوع في الموبقات، ولم يصدر منه أمر على خلاف ما يرضاه الله. و «العزيمة على الرشد» تكون بمعنى إرادة الفعل ويمعنى الجد في طلبه، والمناسب هنا هو الثاني. 3 - أي غير عليل بكدر المعصية ولا مريض بالاشتمال على الغل والانطواء على الإحن. 4 - هو سؤال لخير الأمور على الإطلاق لأن علمه جل جلاله محيط بجميع الأشياء، وكذلك التعوذ من شر ما يعلم والاستغفار لما يعلم، فكأنه قال: أسألك من خير كل شيء وأعوذ بك من شر كل شيء وأستغفرك لكل ذنب. أفاده الشوكاني. (تخريجه) (نس. مذ) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الدعاء بهذه الأدعية المذكورة في الباب عقب الصلاة باتفاق العلماء، وحمله الجمهور على الاستحباب والله أعلم. 780 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن الصباح قال حدثينا إسماعيل يعني ابن زكريا عن سهيل بن أبي صالح عن أبي عبيد عن عطاء

وثلاثين، فتلك تسع وتسعون، ثم قال: تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، غفر له خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (1). 781 - عن محمد بن أبي عائشة عن أبي هريرة أنه حدثهم أن أبا ذر رضي الله عنه قال: يا رسول الله ذهب أصحاب الدثور (2) بالأجور يصلون كما نصلي ويصومون كما نصوم ولهم فضول أموالهم يتصدقون بها، وليس لنا ما نتصدق به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفلا أدلك على كلمات إذا عملت بهن أدركت من سبقك ولا يلحقك إلا من أخذ بمثل عملك؟ قلت: بلى يا رسول الله. قال: تكبر دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وتسبح ثلاثًا وثلاثين، وتحمد ثلاثًا وثلاثين، وتختمها بلا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، (وفي لفظ «تسبح الله خلف كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وتحمد ثلاثًا وثلاثين، وتكبر أربعًا وثلاثين»). 782 - عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: أمرنا (3) أن نسبح في

_ ابن يسار عن أبي هريرة (الحديث). (غريبه) 1 - زبد البحر بفتح الزاي والباء الموحدة هو ما يعلو الماء من الرغوة عند تلاطم الأمواج، والمعنى غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر في الكثرة لأن الزبد لا يتناهى، والمراد بالذنوب الصغائر. والله أعلم. (تخريجه) (ق. وغيرهما) 781 - عن محمد بن أبي عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا الوليد ثنا الأوزاعي حدثني حسان بن عطية حثني محمد بن أبي عائشة عن أبي هريرة (الحديث). (غريبه) 2 - أي الأموال الكثيرة. (تخريجه) (ق. د) وأخرجه النسائي والترمذي من حديث ابن عباس وحسنه. 782 - عن زيد بن ثابت (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر أنا هشام عن محمد عن كثير بن أفلح عن زيد بن ثابت (الحديث). (غريبه) 3 - مبني

دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين، وتحمد ثلاثًا وثلاثين، وتكبر أربعًا وثلاثين. فأتى رجل في المنام من الأنصار، فقيل له: أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسبحوا في دبر كل صلاة كذا وكذا؟ قال الأنصاري في منامه: نعم. قال: فاجعلوها خمسًا وعشرين خمسًا وعشرين، واجعلوا فيها التهليل، فلما أصبح غدا على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فافعلوا (1). 783 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خلتان (2) من حافظ عليهما أدخلتاه الجنة، وهما يسير (3)، ومن يعمل بهما قليل. قالوا: وما هما يا رسول الله؟ قال: أن تحمد الله وتكبره وتسبحه في دبر كل صلاة مكتوبة عشرًا عشرًا (4)، وإذا أتيت إلى مضجعك تسبح الله وتكبره وتحمده مائة مرة. فتلك خمسون ومائتان باللسان وألفان وخمسمائة في الميزان، فأيكم يعمل في اليوم والليلة ألفين وخمسمائة سيئة؟ قالوا: كيف مَن

_ للمفعول، والآمر بذلك هو النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في الحديث. 1 - هذا تقرير لرؤيا الأنصاري لكونها صالحة صحيحة، فصار هذا بتقريره صلى الله عليه وسلم أحد طرق هذا الذكر. أفاده الحافظ والشوكاني. (تخريجه) (نس. حب) وابن خزيمة والدارمي، وهو حديث صحيح. 783 - عن عبد الله بن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن العاص (الحديث). (غريبه) 2 - بفتح الخاء أي خصلتان كما صرح بذلك في بعض روايات الحديث. 3 - يعني العمل بهما يسير لا يكلف الإنسان مشقة ولكن قل من يعمل بهما. 4 - أي يذكر كل واحدة عشر مرات عقب كل صلاة من الصلوات الخمس، فمجموع ذلك خمسون ومائة باعتبار ثلاثين لكل صلاة من ضرب ثلاثين في خمسة. وقوله «مضجعك» بفتح الجيم أي مكان نومك. وقوله «فتلك مائتان وخمسون» أي بزيادة المائة التي تقال عند المضجع. وقوله «باللسان» يعني أن هذا عدد ما قاله بلسانه،

يعمل بها قليل؟ (1) قال: يجيء أحدكم الشيطان في صلاته فيذكره حاجة كذا وكذا فلا يقولها (2) ويأتيه عند منامه فينومه فلا يقولها: قال: ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعقدهن بيده (3). 784 - عن علي رضي الله عنه وقد جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم هو وفاطمة رضي الله عنها يطلبان خادمًا من السبي يخفف عنهما بعض العمل فأبى عليهما ذلك فذكر قصة (4) قال: ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لهما: ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ قالا: بلى. فقال: كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام، فقال: تسبحان في دبر كل صلاة عشرًا، وتحمدان عشرًا، وتكبران عشرًا، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثًا وثلاثين، واحمدا ثلاثًا وثلاثين، وكبرا أربعًا وثلاثين، قال: فوالله ما تركتهن منذ علمنيهن (5) رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فقال له ابن الكواء:

_ أما عدد ما يوزن في عمله فألفان وخمسمائة لأن الحسنة بعشر أمثالها كما جاء في التنزيل، فإذا ضربت مائتين وخمسين في عشرة يكون المجموع ألفين وخمسمائة. 1 - المعنى أنهم قالوا مستفهمين استفهام تعجب: إذا كان هذا الثواب الجزيل لمن يعمل هذا العمل القليل، فكيف يقل العاملون به؟ 2 - يعني أنه ينصرف من الصلاة وهو مشغول بالحاجة التي ذكره بها الشيطان، فلا يقول الذكر المطلوب إما نسيانًا أو عمدًا لاشتغاله بغيره، وهكذا يفعل معه عند النوم حتى ينام بدون ذكر، نعوذ بالله من الشيطان الرجيم ومن فعله الذميم. 3 - يعني يعدهن بيده الشريفة حينما ذكر الحديث. (تخريجه) رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح. وأورده النووي في الأذكار وعزاه لأبي داود والترمذي والنسائي وقال: إسناده صحيح إلا أن فيه عطاء بن السائب، وفيه اختلاف بسبب اختلاطه. قال: وقد أشار أيوب السختياني إلى صحة حديثه هذا. اهـ. 784 - عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد أنبأنا عطاء بن السائب عن أبيه عن علي رضي الله عنه (الحديث). (غريبه) 4 - سيأتي الحديث تامًا بقصته في كتاب الأذكار في باب ما يقال عند النوم إن شاء الله تعالى. 5 - أي لم يمنعني منهن ذلك الأمر والشغل الذي كنت فيه منذ سمعتهن

ولا ليلة صفين؟ فقال: قاتلكم الله يا أهل العراق، نعم ولا ليلة صفين. 785 - عن أبي عمر الصيني عن أبي الدرداء رضي الله عنه أنه كان إذا نزل به ضيف قال: يقول له أبو الدرداء: مقيم فنسرح (1) أو ظاعن فنعلف؟ قال: فإن قال: له: ظاعن، قال له: ما أجد لك شيئًا خيرًا من شيء أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلنا: يا رسول الله ذهب الأغنياء بالأجر، يحجون ولا نحج، ويجاهدون ولا نجاهد، وكذا وكذا. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أدلكم على شيء إن أخذتم به جئتم من أفضل ما يجيء به أحد منهم: أن تكبروا الله أربعًا وثلاثين، وتسبحوه ثلاثًا وثلاثين، وتحمدوه ثلاثًا وثلاثين في دبر كل صلاة. وعنه من طريق ثان (2) قال: نزل بأبي الدرداء رجل فقال أبو الدرداء: مقيم فنسرح أم ظاعن فنعلف؟ قال: بل ظاعن. قال: فإني سأزودك زادًا لو أجد ما هو أفضل منه لزودتك، أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله ذهب الأغنياء بالدنيا والآخرة، نصلي ويصلون، ونصوم ويصومون، ويتصدقون ولا نتصدق. قال: ألا أدلك على شيء إن أنت فعلته لم يسبقك أحد كان قبلك ولم يدركك أحد بعدك إلا من فعل الذي

_ و «ليلة صفين» هي ليلة الحرب المعروفة بصفين، وهو موضع بقرب الفرات كانت فيه حرب عظيمة بينه وبين أهل الشام بسبب قتل عثمان رضي الله عنه، ولهذه الوقعة باب مخصوص سيأتي إن شاء الله تعالى في خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه. (تخريجه) (ق. وغيرهما) 785 - عن أبي عمر الصيني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم قال: سمعت أبا عرم الصيني عن أبي الدرداء (الحديث). (غريبه) 1 - بالتثقيل قال في المصباح: سرحت الإبل سرحًا من باب نفع وسروحًا أيضًا رعت لنفسها، وسرحتها يتعدى ولا يتعدى، وسرحتها بالتثقيل مبالغة وتكثير، ومنه قيل: سرحت المرأة إذا طلقتها، والاسم السراح بالفتح، ويقال للماء الراعي سرح تسمية بالمصدر. اهـ. وقوله «أو ظاعن» أي مرتحل، والمعنى: أمقيم أنت فنسرح دابتك إلى المرعى أم مرتحل فنعلفها هنا؟ (سنده) 2 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا مالك يعني ابن مغول عن

تفعل، دبر (1) كل صلاة ثلاثًا وثلاثين تسبيحة، وثلاثًا وثلاثين تحميدة، وأربعًا وثلاثين تكبيرة. 786 - عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينصرف (2) من صلاته استغفر ثلاث مرات ثم قال: اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام.

_ الحكم عن أبي عمر عن أبي الدرداء قال: نزل بأبي الدرداء الخ. 1 - مفعول لفعل محذوف أي تسبح دبر كل صلاة وكذا يقال فيما عطف عليه. (تخريجه) أورده الهيثمي وقال: رواه أحمد والبزار والطبراني بأسانيد، وأحد أسانيد الطبراني رجاله رجال الصحيح. اهـ. 786 - عن ثوبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا الأوزاعي عن أبي عمار شداد عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان (الحديث). (غريبه) 2 - في رواية إذا انصرف قال النووي: المراد بالانصراف السلام. وقوله «استغفر ثلاثًا» فيه مشروعية الاستغفار ثلاثًا، وقد استشكل استغفاره صلى الله عليه وسلم مع أنه مغفور له. قال ابن سيد الناس: هو وفاء بحق العبودية وقيام بوظيفة الشكر كما قال «أفلا أكون عبدًا شكورًا» وليبين للمؤمنين سنته فعلاً كما بينها قولاً في الدعاء والضراعة ليقتدي به في ذلك. (تخريجه) (م. والأربعة) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية التسبيح والتكبير والتحميد بعد الفراغ من الصلاة والمكتوبة وتكريره بالعدد الوارد، وقد وردت هذه الأحاديث بأعداد مختلفة وكلها صحيحة، والأخذ بها حسن، إلا أنه ينبغي الأخذ بالزائد، فهي بمنزلة أحرف القرآن، من قرأ منها شيئًا فاز بالثواب المعود به. قال العراقي في (شرح الترمذي): كان بعض مشايخنا يقول: إن هذه الأعداد الواردة عقب الصلاة أو غيرها من الأذكار الواردة في الصباح والمساء وغير ذلك، إذا ورد لها عدد مخصوص مع ثواب مخصوص، فزاد الآتي بها في أعدادها عمدًا لا يحصل له ذلك الثواب الوارد على الإتيان بالعدد الناقص، فلعل لتلك الأعداد حكمة وخاصة تفوت بمجاوزة تلك الأعداد وتعديها، ولذلك نهي عن الاعتداء في الدعاء. وفيما قاله نظر؛ لأنه قد أتى بالمقدار الذي رتب على الإتيان به ذلك الثواب فلا تكون الزيادة عليه مزيلة له بعد الحصول بذلك العدد الوارد، وقد ورد في الأحاديث الصحيحة ما يدل على ذلك، ففي الصحيحين من حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء

3 - باب جامع الأذكار وتعوذات وأدعية وقراءة بعض سور عقب الصلوات 787 - عن مسلم بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في دبر كل صلاة: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر (1) وعذاب

_ قدير» في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزًا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر من ذلك (الحديث). ولمسلم من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه. وقد يقال: إن هذا واضح في الذكر الواحد الوارد بعدد مخصوص، وأما الأذكار التي يعقب كل عدد منها عدد مخصوص من نوع آخر كالتسبيح والتحميد والتكبير عقب الصلوات فقد يقال: إن الزيادة في كل عدد زيادة لم يرد بها نص ليقطع التتابع بينه وبين ما بعده من الأذكار، وربما كان لتلك الأعداد المتوالية حكمة خاصة، فينبغي أن لا يزاد فيها على العدد المشروع. قال العراقي: وهذا محتمل لا تأباه النصوص الواردة في ذلك، وفي التعبد بالألفاظ الواردة في الأذكار والأدعية كقوله صلى الله عليه وسلم للبراء: «قل ونبيك الذي أرسلت» اهـ. قال الشوكاني: وهذا مسلم في التعبد بالألفاظ، لأن العدول إلى لفظ آخر لا يتحقق معه الامتثال، وأما الزيادة في العدد فالامتثال متحقق لأن المأمور به قد حصل على الصفة التي وقع الأمر بها، وكون الزيادة عليه مغيرة له غير معقول، وقيل: إن نوى عند الانتهاء إليه امتثال الأمر الوارد ثم أتى بالزيادة فقد حصل الامتثال، وإن زاد بغير نية لم يعد ممتثلاً. اهـ. أما حكم هذه الأذكار، فالاستحباب باتفاق العلماء. قال النووي: وهذا الدعاء والذكر مستحب للإمام والمأموم والمنفرد بلا خلاف. 787 - عن مسلم بن أبي بكرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عثمان الشحام ثنا مسلم بن أبي بكرة عن أبيه (الحديث). (غريبه) 1 - أي الفقر الذي لا يصحبه خير ولا ورع، ولذا ورد في الحديث «كاد الفقر أن يكون كفرًا» رواه أبو نعيم في الحلية وهو ضعيف، ومعناه أي قارب أن يوقع في الكفر لأنه يحمل على عدم الرضا بالقضاء وتسخط الرزق، وذلك يجر إلى الكفر والعياذ بالله. قال العلامة الدلجي في (شرح الشفا): الفقر إما محمود وهو غنى النفس الممدوح بقوله صلى الله عليه وسلم: «ليس الغنى بكثرة العرض وإنما الغنى غنى النفس» ومنه قول الشاعر:

القبر. وعنه من طريق ثان (1) أنه مر بوالده وهو يدعو ويقول: اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وعذاب القبر. قال: فأخذتهن عنه، وكنت أدعو بهن في دبر كل صلاة. قال: فمر بي وأنا أدعو بهن فقال: يا بني أنّى عقلت هؤلاء الكلمات؟ قال: يا أبتاه سمعتك تدعو بهن في دبر كل صلاة فأخذتهن عنك. قال: فالزمهن (2) يا بني فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهن في دبر كل صلاة. 788 - عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره.

_ غنى النفس ما يغنيك عن سد حاجة ..... فإن زاد شيء عاد ذاك الغنى فقرًا ومذموم وهو فقر النفس الذي استعاذ منه صلى الله عليه وسلم. اهـ. قلت: حديث «ليس الغنى عن كثرة العرض» رواه الشيخان والترمذي والإمام أحمد، وسيأتي في قسم التغريب في باب الغنى الصالح للرجل الصالح من كتاب الفقر والغنى. قال ابن بطال: معنى الحديث ليس حقيقة الغنى كثرة المال، لأن كثيرًا ممن وسع الله عليه في المال لا يقنع بما أوتي، فهو يجهد في الازدياد، فكأنه فقير من شدة حرصه، ولكن الغنى أي حقيقته غنى النفس، وفي رواية «غنى القلب»، فالغني من استغنى بما أوتي وقنع به ورضي ولم يحرص على الازدياد ولا ألح في الطلب. وقال القرطبي: معنى الحديث أن الغنى النافع أو العظيم أو الممدوح هو غنى النفس، وبيانه أنه إذا استغنت نفسك كفت عن المطامع فعزت وعظمت وحصل لها من الحظوة والنزاهة والشرف والمدح أكثر من الغنى الذي يناله من يكون فقير النفس لحرصه، فإنه يورطه في رذائل الأمور فيكثر من يذمه من الناس ويصغر قدره عندهم فيكون أحقر من كل حقير وأذل من كل ذليل. اهـ. (سنده) 1 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا عثمان الشحام ثنا مسلم بن أبي بكرة أنه مر بوالده (الحديث). 2 - أي حافظ على قراءتهن. (تخريجه) (مذ. نس). وأورده الحافظ السيوطي في (الجامع الصغير) بلفظ «اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت» وعزاه لأبي داود والحاكم عن أبي بكرة ورمز له بالصحة. 788 - عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنبأنا حمد بن سلمة عن هشام بن عمرو عن عبد الله بن الحارث بن هشام عن علي رضي الله

اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك (1)، وأعوذ بك منك (2)، لا أحصي ثناء عليك (3)، أنت كما أثنيت على نفسك. 789 - عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة أن المغيرة رضي الله عنه كتب إلى معاوية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم قال: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد (5) وهو على كل شيء قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد (6). وعنه من

_ عنه (الحديث). (غريبه) 1 - قال المناوي: استعاذ بمعافاته بعد استعاذته برضاه لأنه يحتمل أن يرضى عنه من جهة حقوقه ويعاقبه على حق غيره. 2 - أي برحمتك من عقوبتك. قال الخطابي: فيه معنى لطيف، وذلك أنه استعاذ بالله وسأل أن يجيره برضاه من سخطه وبمعافاته من عقوبته، والرضا والسخط ضدان متقابلان، وكذلك المعافاة والعقوبة، فلما صار إلى ذكر ما لا ضد له وهو الله استعاذ به منه لا غير، ومعناه الاستغفار من التقصير في بلوغ الواجب في حق عبادته والثناء عليه. اهـ. 3 - أي لا أطيقه في مقابلة نعمة واحدة. وقيل لا أحيط به. وقال مالك: معناه لا أحصي نعمتك وإحسانك والثناء بها عليك وإن اجتهدت في الثناء عليك. 4 - أي أنت موصوف بالثناء الذي مثل ثنائك على نفسك. قاله اعترافًا بالعجز عن تفصيل الثناء، وأنه لا يقدر على بلوغ حقيقته، ورد الثناء إلى الجملة دون التفصيل والإحصاء والتعيير، فوكل ذلك إلى الله سبحانه وتعالى المحيط بكل شيء علمًا جملة وتفصيلاً، وكما أنه لا نهاية لصفاته لا نهاية للثناء عليه، لأن الثناء تابع للمثني عليه، فكل ثناء أثنى به عليه وإن كثر وطال وبولغ فيه فقدرة الله أعظم، وسلطانه أعز، وصفاته أكبر وأكثر، وفضله وإحسانه أوسع وأسبغ. (تخريجه) (هق. ك. حب. والأربعة) والدارمي وابن خزيمة وابن الجارود ومحمد بن نصر. وأخرجه مسلم والأربعة من حديث عائشة. 789 - عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن منصور قال: سمعت المسيب بن راقع يحدث عن وراد كاتب المغيرة بن شعبة أن المغيرة كتب إلى معاوية (الحديث). (غريبه) 5 - قال الحافظ في (الفتح): زاد الطبراني من طريق أخرى عن المغيرة: «يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير» إلى «قدير» ورواته موثقون. وثبت مثله عند البزار من حديث عبد الرحمن بن عوف بسند صحيح، لكن في القول «إذا أصبح وإذا أمسى» اهـ. 6 - الجد الغنى والحظ، أي لا ينفع

طريق ثان (1) قال: كتب معاوية إلى المغيرة أن اكتب إلي بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: كان إذا صلى ففرغ قال: لا إله إلا الله (فذكر الحديث بنحو ما تقدم). ومن طريق ثالث (2) عن عبدة بن أبي لبابة أن ورادًا مولى المغيرة بن شعبة أخبره أن المغيرة بن شعبة كتب إلى معاوية، كتب ذلك الكتاب له وراد: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول حين يسلم: لا إله إلا الله (الحديث) وفي آخره قال وراد: ثم وفدت بعد ذلك على معاوية فسمعته على المنبر يأمر الناس بذلك القول ويعلمهموه. 790 - عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سلم من الصلاة قال: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام. 791 - عن أبي الزبير قال: سمعت عبد الله بن الزبير يحدث على

_ ذا الغنى عندك غناه، وإنما ينفعه الإيمان والطاعة. (سنده) 1 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا أبو عوانة قال أنبأني أبو سعيد قال أنبأني وراد كاتب المغيرة قال: كتب معاوية الخ. 2 - ومن طريق ثالث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا أنا ابن جريج وثنا روح ثنا بن جريج أخبرني عبدة بن أبي لبابة الخ. (تخريجه) (ق. وغيرهما) 790 - عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عاصم عن الحذاء عن عبد الله بن الحارث عن عائشة أم المؤمنين (الحديث). (تخريجه) (د. نس) وسنده جيد، وتقدم نحوه في باب مقدار مكث الإمام عقب الصلاة الخ عن عائشة أيضًا بلفظ «ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس بعد صلاته إلا قدر ما يقول: اللهم أنت السلام، ومنك السلام، تباركت يا ذا الجلال والإكرام» أخرجه (م. مذ. جه. وغيرهم) 791 - عن أبي الزبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل

هذا المنبر وهو يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم في دبر الصلاة أو الصلوات يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، ولا نعبد إلا إياه، أهل النعمة والفضل والثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. ومن طريق ثان (2) عن هشام بن عروة بن الزبير قال: كان عبد الله بن الزبير يقول في دبر كل صلاة حين يسلم: لا إله إلا الله (فذكر نحوه، وفيه بعد قوله «لا حول ولا قوة إلا بالله»: «لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه» الحديث) قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلل بهن دبر كل صلاة. 792 - عن عبد الرحمن بن غنم (الأشعري) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال قبل أن ينصرف (3) ويثني رجله من صلاة المغرب والصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير يحيي ويميت، وهو على كل شيء قدير، عشر مرات كتب له

_ ثنا حجاج بن أبي عثمان ثنا أبو الزبير قال: سمعت عبد الله بن الزبير (الحديث). (غريبه) 1 - بالنصب على الاختصاص أو المدح أو البدل من مفعول نعبد أو الرفع بتقدير هو. (سنده) 2 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن نمير قال ثنا هشام يعني ابن عروة بن الزبير قال: كان عبد الله بن الزبير الخ. (تخريجه) (م. د. نس. وغيرهم) 792 - عن عبد الرحمن بن غنم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي روح ثنا همام ثنا عبد الله بن أبي حسين المكي عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم (الحديث). (غريبه) 3 - أي عن مكان صلاته. وقوله «ويثني رجله» أي

بكل واحدة (1) عشر حسنات، ومحيت عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات، وكانت حرزًا من كل مكروه وحرزًا من الشيطان الرجيم، ولم يحل لذنب (2) يدركه إلا الشرك، فكان من أفضل الناس عملاً إلا رجلاً يفضله يقول أفضل مما قال (3). 793 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا عبد الحميد حدثني شهر قال: سمعت أم سلمة تحدث زعمت أن فاطمة جاءت إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم تشتكي إليه الخدمة (4) فقالت: يا رسول الله، والله لقد مجلت (5) يدي من الرحى

_ يعطفها ويغيرها عن هيئة التشهد. 1 - أي من المرات. 2 - أي لم يجز، وفي رواية الترمذي «لم ينبغ لذنب أن يدركه» أي يهلكه ويبطل عمله، وفي رواية «في ذلك اليوم». «إلا الشرك» أي إن وقع منه، والمعنى أن الله تبارك وتعالى يغفر للعبد القائل: هذا الذكر في يومه وليلته ما اكتسبه من الذنوب ولم يؤاخذه بها، ولا ينبغي لذنب أي ذنب أن يدركه ويحيط به ويستأصله سوى الشرك، قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ، وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء/48]. 3 - يحتمل أنه يدعو به أكثر، فيكون حجة للقائلين بأن الزيادة على الوارد لا تزيل ذلك الثواب، بل تكون سببًا لزيادة الأجر، أو أنه يأتي بدعاء أو قراءة أفضل منه، والله أعلم. (تخريجه) أورده البغوي في (المصابيح) وقال: رواه أحمد، وروى الترمذي نحوه عن أبي ذر إلى قوله «إلا الشرك» ولم يذكر «صلاة المغرب» ولا «بيده الخير» وقال: هذا حديث صحيح غريب. اهـ، وأورده المنذري عن أبي ذر وعزاه للترمذي. قال: ورواه النسائي وزاد فيه «بيده الخير» وزاد فيه أيضًا «وكان له بكل واحدة قالها عتق رقبة مؤمنة»، ورواه النسائي أيضًا من حديث معاذ وزاد فيه «من قالهن حين ينصرف من صلاة العصر أعطي مثل ذلك في ليلته» اهـ. قلت: رجال حديث الإمام أحمد رجال الصحيح خلا شهر بن حوشب، وهو مختلف فيه: ضعفه ابن عدي والنسائي، ووثقه الإمام أحمد وابن معين، وقال أبو زرعة: لا بأس به. وقال الهيثمي في (مجمع الزوائد): حديثه حسن. 793 - حدثنا عبد الله (غريبه) 4 - يعني: وتطلب خادمًا، كما في الروايات الأخرى. 5 - بفتح الجيم وكسرها، يقال: مجلت يده تمجُل مجْلاً، ومجِلت تمجَل مجَلا، إذا ثخن جلدها

أطحن مرة وأعجن مرة. فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن يرزقك الله شيئًا يأتك، وسأدلك على خير من ذلك: إذا لزمت مضجعك فسبحي الله ثلاثًا وثلاثين، وكبري ثلاثًا وثلاثين، واحمدي أربعًا وثلاثين، فذلك مائة، فهو خير لك من الخادم، وإذا صليت صلاة الصبح فقولي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت، بيده الخير وهو على كل شيء قدير، عشر مرات بعد صلاة الصبح، وعشر مرات بعد صلاة المغرب، فإن كل واحدة منهن تكتب عشر حسنات، وتحط عشر سيئات، ولك واحدة منهن كعتق رقبة من ولد إسماعيل (1)، ولا يحل لذنب كسب ذلك اليوم أن يدركه إلا أن يكون الشرك، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وهو حرسك (2) ما بين أن تقوليه غدوة إلى أن تقوليه عشية من كل شيطان ومن كل سوء. 794 - عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال إذا صلى الصبح: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله

_ وتعجر وظهر فيها ما يشبه البثر من العمل بالأشياء الصلبة الخشنة. 1 - أي من العرب لأنهم من ذرية إسماعيل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وهم أشرف الناس، والمعنى أن من قال هذا الذكر كما ورد وقع له من جزيل الأجر ما لو استبى رقبة من ولد إسماعيل وحررها، أو كان له رقيق من أمة تحت واحد منهم وأعتقه، وآثر إسماعيل عليه السلام بالذكر لشرفه وكفاه شرفًا أن النبي صلى الله عليه وسلم من أبنائه. وفي هذا الحديث إشعار بجواز استرقاق العرب وتملكهم كسائر الفرق، ويستشكل بأن العرب لا تسبى، ويجاب بأن المسألة مختلف فيها، ويمكن أن يسبى بالاشتباه أو المراد بالعتق إنقاذهم من المهالك، والله أعلم. 2 - يعني هذا الذكر بدليل رواية الطبراني «هي تحرسك» يعني هذه الكلمات، والله أعلم. (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني بأخصر منه وقال «هي تحرسك» مكان «وهو حرسك» وإسنادهما حسن. 794 - عن أبي أيوب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي ثنا سلمة بن الفضل حدثني محمد بن إسحاق عن يزيد بن يزيد عن جابر عن

الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات، كن كعدل أربع رقاب، وكتب له بهن عشر حسنات، ومحي عنه بهن عشر سيئات، ورفع له بهن عشر درجات، وكن له حرسًا من الشيطان حتى يمسي، وإذا قالها بعد المغرب فمثل ذلك. 795 - عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات (1) دبر كل صلاة.

_ القاسم بن مخيمرة عن عبد الله بن يعيش عن أبي أيوب (الحديث). (تخريجه) (م. وغيره). 795 - عن عقبة بن عامر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون حدثنا ابن وهب حدثني الليث عن حسين بن أبي حكيم حدثه عن علي بن رباح اللخمي عن عقبة بن عامر الجهني (الحديث). (غريبه) 1 - رواية النسائي والترمذي «بالمعوذتين» ورواية أبي داود بالمعوذات كلفظ حديث الباب، وهو بكسر الواو المشددة جمع معوذة أي محصنة، وهما سورتا الفلق والناس، وعبر عنهما بلفظ الجمع باعتبار أن ما يستعاذ منه كثير فيهما، أو المراد بالجمع ما فوق الواحد. (تخريجه) (د. نس. مذ) وقال: حديث غريب. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية التعوذات والأدعية والتسبيح والتهليل وقراءة بعض سور من القرآن عقب الصلوات، وأن لها فضل عظيم وثواب جسيم، مع سهولتها على النفس وعدم المشقة في الإتيان بها، فينبغي لكل مسلم أن يحافظ على هذه الأذكار كما وردت، ولا يحرم نفسه من الدخول في حظيرة ربه، فمن حافظ عليها فقد أدخل نفسه حرمًا آمنًا يستحيل على الشيطان أن يستحله ويهتك حرمته، ولا يستقيم للذنب أن يبقى معه. وقد اختلف: هل الأفضل التسبيح أم التهليل؟ فقال قوم: التسبيح، لغفران الذنوب به وإن كانت مثل زبد البحر. وقيل: التكبير، لأنه لم يأت أحد بأفضل مما جاء به كما في الحديث. قال القاضي عياض رحمه الله في الجواب عن هذا: إن التهليل المذكور أفضل، ويكون ما فيه من زيادة الحسنات ومحو السيئات وما فيه من فضل عتق الرقاب وكونه حرزًا من الشيطان زائدًا على فضل التسبيح وتكفير الخطايا، لأنه قد ثبت أن من أعتق رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوًا منه من النار، فقد حصل بعتق رقة واحدة تكفير جميع الخطايا مع ما يبقى له من زيادة عتق الرقاب الزائدة على الواحدة مع ما فيه من زيادة مائة درجة وكونه حرزًا من الشيطان

4 - باب رفع الصوت بالذكر عقب الانصراف من الصلاة 796 - عن عمرو بن دينار أن أبا معبد مولى ابن عباس أخبره أن ابن عباس رضي الله عنهما أخبره أن رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة كان على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأنه قال: قال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته. 797 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو عن أبي معبد عن ابن عباس رضي الله عنهما: ما كنت أعرف انقضاء صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بالتكبير. قال عمرو (1) قلت له: حدثتني؟ قال: لا، ما حدثتك به.

_ ويؤيده ما جاء في الحديث «أفضل ما قلته أنا والنبيون قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له» (الحديث)، وقيل: إنه اسم الله الأعظم، وهي كلمة الإخلاص. اهـ. والله أعلم. 796 - عن عمرو بن دينار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا أنا ابن جريج قال: أخبرني عمرو بن دينار (الحديث). (تخريجه) (ق. وغيرهما). 797 - حدثنا عبد الله (غريبه) 1 - يعني ابن دينار قال لأبي معبد: «حدثتني» يعني هذا الحديث، قال: «لا». وقد حمل هذا الإنكار من أبي معبد على النسيان، فقد روى هذا الحديث الإمام الشافعي في مسنده بسند حديث الباب ولفظه، وقال في آخره: «قال عمرو بن دينار: ثم ذكرته لأبي معبد بعدُ فقال: لم أحدثك. قال عمرو: قد حدثتنيه. قال: وكان من أصدق موالي ابن عباس». قال الشافعي رضي الله عنه: كأنه نسيه بعدما حدثه إياه. كذا في مسند الشافعي. (تخريجه) (ق. فع. هق). (الأحكام) حديثا الباب يدلان على مشروعية رفع الصوت بالذكر عقب الانصراف من الصلاة، وهو محمول على أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لتعليم الناس الذكر فقط، وفي غير ذلك كان يسر به. قال الإمام الشافعي رحمه الله تعالى في (الأم) بعد أن ذكر حديث الباب وحديث ابن الزبير ولفظه عنده «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم من صلاته يقول بصوته الأعلى: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، ولا حول ولا قوة إلا بالله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة، وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون» وحديث أم سلمة وتقدم في باب مكث الإمام

أبواب ما يبطل الصلاة وما يكره فيها وما يباح 1 - باب النهي عن الكلام في الصلاة 798 - عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: كان الرجل يكلم صاحبه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في الحاجة في الصلاة حتى نزلت هذه الآية: {وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة/238] فأمرنا بالسكوت.

_ بالرجال قليلاً الخ. قال: أختار للإمام والمأموم أن يذكرا الله تعالى بعد السلام من الصلاة ويخفيان الذكر إلا أن يكون إمامًا يريد أن يُتعلم منه فيجهر حتى يرى أنه قد تعلم منه فيُسر، فإن الله تعالى يقول: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء/110] يعني والله أعلم الدعاء. {وَلَا تَجْهَرْ} ترفع {وَلَا تُخَافِتْ} حتى لا تسمع نفسك. قال: وأحسب أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما جهر قليلاً يعني في حديث ابن عباس وحديث ابن الزبير ليتعلم الناس منه، لأن عامة الروايات التي كتبناها مع هذا وغيرها ليس يذكر فيها بعد التسليم تهليل ولا تكبير، وقد ذكرت أم سلمة مكثه صلى الله عليه وسلم ولم يذكر جهرًا، وأحسبه صلى الله عليه وسلم لم يمكث إلا ليذكر سرًا. قال: وأستحب للمصلي منفردًا أو مأمومًا أن يطيل الذكر بعد الصلاة ويكثر الدعاء رجاء الإجابة بعد المكتوبة. هذا نصه في (الأم). قال النووي رحمه الله: واحتج البيهقي وغيره لتفسيره الآية بحديث عائشة رضي الله عنها قالت في قول الله تعالى: {وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا} [الإسراء/110] نزلت في الدعاء، رواه البخاري ومسلم، وهكذا قال أصحابنا: إن الذكر والدعاء بعد الصلاة يستحب أن يسر بهما إلا أن يكون إمامًا يريد تعليم الناس فيجهر ليتعلموا، فإذا تعلموا وكانوا عالمين أسره، واحتج البيهقي وغيره في الإسرار بحديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: «كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا وارتفعت أصواتنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبًا، إنه معكم سميع قريب» رواه البخاري ومسلم. «أربعوا» بفتح الباء أي أرفقوا. اهـ. ج. 798 - عن زيد بن أرقم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن المنهال عن إسماعيل حدثني الحارث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم (الحديث). (تخريجه) (ق. والثلاثة) وقال الترمذي: حسن صحيح. ولفظه عند الترمذي «كنا نتكلم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الصلاة» (الحديث).

799 - عن عبد الله (يعني ابن مسعود رضي الله عنه) قال: كنا نسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الصلاة فيرد علينا، فلما رجعنا من عند النجاشي سلمنا عليه فلم يرد علينا (1). فقلنا: يا رسول الله كنا نسلم عليك في الصلاة فترد علينا. فقال: إن في الصلاة لشغلاً (2). وعنه من طريق ثان (3) قال: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم إذ كنا بمكة قبل أن نأتي أرض الحبشة، فلما قدمنا من أرض الحبشة أتيناه فسلمنا عليه فلم يرد، فأخذني ما قرب وما بعد (4) حتى قضوا الصلاة فسألته، فقال: إن الله عز وجل يحدث في أمره ما يشاء، وإنه قد أحدث من أمره أن لا نتكلم في الصلاة (5). 800 - عن معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال: بينا نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ عطس رجل من القوم، فقلت: يرحمك الله، فرماني القوم بأبصارهم (6) فقلت: واثكل أمياه (7) ما شأنكم تنظرون إلي؟ قال:

_ 799 - عن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل ثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله (الحديث). (غريبه) 1 - قال الشوكاني: هو يرد على من قال بجواز السلام في الصلاة لفظًا، وهم أبو هريرة وجابر والحسن وسعيد بن المسيب وقتادة. 2 - أي مانعًا من الكلام، وهو الإقبال على الله عز وجل في الصلاة، لأنه لا يجوز لمن يناجي ربه أن يلتفت إلى غيره. (سنده) 3 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله قال: كنا نسلم على النبي صلى الله عليه وسلم إذ كنا بمكة (الحديث). 4 - أي تفكرت فيما يصلح للمنع من الوجوه القريبة أو البعيدة أيها كانت سببًا لترك رد السلام. 5 - زاد أبو داود «فرد علي السلام» يعني بعد فراغه. (تخريجه) أخرج الرواية الأولى منه (ق.) وأخرج الرواية الثانية (د. نس. حب). 800 - عن معاوية بن الحكم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم حدثني الحجاج بن أبي عثمان حدثني يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن معاوية بن الحكم السلمي (الحديث). (غريبه) 6 - أي نظروا إليّ بأبصارهم نظر منكر، ولذلك استعير له الرمي. 7 - «وا» حرف للندبة. و «ثكل» بضم المثلثة

فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم (1) فلما رأيتهم يصمتوني، لكني سكت، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبأبي هو وأمي (2) ما رأيت معلمًا قبله ولا بعده أحسن تعليمًا منه، والله ما كهرني (3) ولا شتمني ولا ضربني، قال: إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس هذا، إنما هي التسبيح والتكبير وقراءة القرآن، أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله إنا قوم حديث عهد بالجاهلية (4) وقد جاء الله بالإسلام، وإن منا قومًا يأتون الكهان (5)

_ وإسكان الكاف وبفتحهما جميعًا لغتان كالبُخل والبَخل، حكاهما الجوهري وغيره، وهو فقدان المرأة ولدها وحزنها عليه لفقده، يقال: امرأة ثكلى وثاكل، وثكلته أمه بكسر الكاف وأثكله الله تعالى أمه. وقوله «أمياه» بكسر الميم المشددة وأصله (أمي) زيدت عليه ألف الندبة لمد الصوت، وأردفت بهاء السكت، وفي رواية أبي داود «أماه». 1 - يعني فعلوا هذا ليسكتوه، وهذا محمول على أنه كان قبل أن يشرع التسبيح لمن نابه شيء في صلاته، وفيه دليل على جواز الفعل القليل في الصلاة وأنها لا تبطل به الصلاة، وأنه لا كراهة فيه إذا كان لحاجة. قاله النووي. م. 2 - متعلق بفعل محذوف تقديره (أفديه بأبي وأمي). 3 - أي ما انتهرني، و (الكهر) الانتهار، قاله أبو عبيد. وقرأ عبد الله بن مسعود {فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَكْهَرْ} [الضحى/9]، وقيل: الكهر العبوس في وجه من تلقاه، وفيه ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من عظيم الخلق الذي شهد الله تعالى له به ورفقه بالجاهل ورأفته بأمته وشفقته عليهم، وفيه التخلق بخلقه صلى الله عليه وسلم في الرفق بالجاهل وحسن تعليمه واللطف به وتقريب الصواب إلى فهمه. 4 - قال العلماء: الجاهلية ما قبل ورود الشرع، سموا جاهلية لكثرة جهالاتهم وفحشهم. 5 - المراد بالكهان هم من يدعون علم الغيب، وسيأتي الكلام عليهم في باب ما جاء في الكهانة وأصل مأخذها من كتاب الحدود إن شاء الله تعالى. قال العلماء: وإنما نهى عن إتيان الكهان لأنهم يتكلمون في مغيبات قد يصادف بعضها الإصابة فيخاف الفتنة على الإنسان بسبب ذلك، لأنهم يلبسون على الناس كثيرًا من أمر الشرائع، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة بالنهي عن إتيان الكهان وتصديقهم فيما يقولون وتحريم ما يعطون من الحلوان، وهو حرام بإجماع المسلمين، وقد نقل الإجماع في تحريمه جماعة منهم أبو محمد البغوي رحمهم الله تعالى، قال البغوي: اتفق أهل العلم على تحريم حلوان الكاهن، وهو ما أخذه المتكهن على كهانته، لأن فعل الكهانة باطل لا يجوز أخذ الأجرة

قال: فلا تأتوهم. قلت: إن منا قومًا يتطيرون (1). قال: ذاك شيء يجدونه في صدورهم فلا يصدنهم (2). قلت: إن منا قومًا يخطون (3). قال: كان نبي يخط، فمن وافق خطه فذلك (4). قال: وكانت لي جارية ترعى غنمًا (فذكر قصتها) (5).

_ عليه، قاله النووي. م. 1 - التطير ما يتفاءل به من الفأل الرديء، وأصله كانوا يأتون الطير أو الظبي فينفرونه، فإن أخذ ذات اليمين مضوا إلى ما قصدوا وعدوه حسنًا، وإن أخذ ذات الشمال انتهوا عن ذلك وتشاءموا به، وسيأتي الكلام على ذلك مستوفى في بابه إن شاء الله. 2 - في لفظ لمسلم «فلا يصدنكم»، قال العلماء: معناه أن الطيرة شيء تجدونه في نفوسكم ضرورة ولا عتب عليكم في ذلك، فإنه غير مكتسب لكم فلا تكليف به، ولكن لا تمتنعوا بسببه من التصرف في أموركم، فهذا هو الذي تقدرون عليه، وهو مكتسب لكم فيقع به التكليف، فنهاهم صلى الله عليه وسلم عن العمل بالطيرة والامتناع من تصرفاتهم بسببها، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة في النهي عن التطير والطيرة، وهي محمولة على العمل بها لا على ما يوجد في النفس من غير علم على مقتضاه عندكم. قاله النووي م. 3 - أي يشتغلون بعلم الرمل. وقوله صلى الله عليه وسلم «كان نبي يخط» قيل: هو إدريس، وقيل: دانيال. والله أعلم. 4 - أي فذلك هو المصيب، قيل: لم يصرح صلى الله عليه وسلم بالنهي عن الاشتغال به كما نهى عن الإتيان إلى الكهان والتطير لنسبته إلى بعض الأنبياء، لئلا يتطرق الوهم إلى نقصانهم وإن كانت الشرائع مختلفة ومنسوخة، بل ذكر على وجه يحتمل التحريم والإباحة، وقال المحرمون وهم أكثر العلماء: علق الإذن فيه على موافقة خط ذلك النبي وهي غير معلومة، إذ لا يعلم بتواتر أو نص منه صلى الله عليه وسلم ومن أصحابه أن الأشكال التي لأهل علم الرمل هي التي كانت لذلك النبي. وحكى النووي رحمه الله الاتفاق على النهي عنه الآن. والله أعلم. 5 - سيأتي ذكر قصتها في باب ضرب المملوك من كتاب العتق إن شاء الله تعالى. (تخريجه) (م. د. نس. حب. هق) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على تحريم الكلام في الصلاة، ولا خلاف بين أهل العلم في بطلان صلاة من تكلم عامدًا عالمًا. قال ابن المنذر: أجمع أهل العلم على أن من تكلم في صلاته عامدًا وهو لا يريد إصلاح صلاته أن صلاته فاسدة، واختلفوا في كلام الساهي والجاهل، وقد حكى الترمذي عن أكثر أهل العلم أنهم سووا بين كلام الناسي والعامد والجاهل، وإليه ذهب الثوري وابن المبارك، حكى ذلك الترمذي عنهما، وبه قال النخعي وحماد بن أبي سليمان وأبو حنيفة وهو إحدى الروايتين عن قتادة، وإليه ذهبت الهادوية. وذهب قوم إلى الفرق بين كلام الناسي والجاهل وبين كلام العامد، وقد حكى ذلك ابن المنذر عن ابن مسعود

_ وابن عباس وعبد الله بن الزبير ومن التابعين عن عروة بن الزبير وعطاء بن أبي رباح والحسن البصري وقتادة في إحدى الروايتين عنه، وحكاه الحازمي عن عمرو بن دينار. وممن قال به مالك والشافعي وأحمد وأبو ثور وابن المنذر، وحكاه الحازمي عن نفر من أهل الكوفة وعن أكثر أهل الحجاز وأكثر أهل الشام وعن سفيان الثوري وهو إحدى الروايتين عنه، وحكاه النووي في (شرح مسلم) عن الجمهور. استدل الأولون بحديث زيد بن أرقم الذي في أول الباب وسائر الأحاديث المصرحة بالنهي عن التكلم في الصلاة وظاهرها عدم الفرق بين العامد والناسي والجاهل. واحتج الآخرون لعدم فساد صلاة الناسي أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم في حال السهو وبنى عليه كما في حديث ذي اليدين - وسيأتي عليه في أبواب سجود السهو إن شاء الله - وبما روى الطبراني في (الأوسط) من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم تكلم في الصلاة ناسيًا فبنى على ما صلى، وبحديث «رفع عن أمتي الخطأ والنسيان» الذي أخرجه (جه. حب. قط. طب. هق. ك) بنحو هذا اللفظ، واحتجوا لعدم فساد صلاة الجاهل بحديث معاوية بن الحكم المذكور في الباب، فإنه صلى الله عليه وسلم لم يأمره بالإعادة، أفاده الشوكاني. قلت: وفيما ذكر بيان أصول المسائل بأدلتها، ومن أراد الفروع فعليه بكتب الفقه. وفي أحاديث الباب أيضًا دليل على عدم رد السلام بالكلام من المصلي على من سلم عليه وهو في الصلاة، لكن رخصت طائفة في الرد، وكان سعيد بن المسيب لا يرى بذلك بأسًا، وكذلك الحسن البصري وقتادة، وروي عن أبي هريرة أنه كان إذا سُلم عليه وهو في الصلاة رده حتى يسمع، ورُوى عن جابر نحو من ذلك، وقال أكثر الفقهاء: لا يرد السلام. وروي عن ابن عمر أنه قال برد إشارة، وقال عطاء والنخعي وسفيان الثوري: إذا انصرف من الصلاة رد السلام. وقال أبو حنيفة: لا يرد ولا يشير. قال الخطابي رحمه الله: رد السلام في الصلاة قولاً ونطقًا محظور، ورده بعد الخروج من الصلاة سنة، وقد رد النبي صلى الله عليه وسلم على ابن مسعود بعد الفراغ من صلاته السلام، والإشارة حسنة، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه أشار في الصلاة، وقد رواه أبو داود في هذا الباب، قال أبو داود: حدثنا يزيد بن خالد بن موهب وقتيبة بن سعيد أن الليث حدثهم عن بكير عن نابل صاحب العباء عن ابن عمر عن صهيب أنه قال: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد إشارة. قال قتيبة: ولا أعلمه إلا قال: إشارة بأصبعه. اهـ. قال ابن رسلان: ومذهب الشافعي والجمهور أن المستحب أن يرد في الصلاة بالإشارة، واستدلوا بما أخرجه أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه عن صهيب، فذكر حديث صهيب المتقدم. اهـ. وفي أحاديث الباب أيضًا النهي عن تشميت العاطس في الصلاة، وأنه من كلام الناس الذي يحرم في الصلاة وتفسد به إذا أتى به عالمًا عامدًا. قال

باب ما يقطع الصلاة: 801 - ز عن حصين المزني قال: قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه على المنبر: أيها الناس، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يقطع الصلاة إلا الحدث، لا أستحييكم (1) مما لا يستحيي منه رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: والحدث أن يفسو أو يضرط. 802 - عن حميد بن هلال سمع عبد الله بن الصامت عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقطع صلاة الرجل (2) إذا لم يكن بين يديه كآخرة الرحل المرأة والحمار والكلب الأسود. قلت: ما بال الأسود

_ النووي: قال أصحابنا: إن قال: «يرحمه الله» بكاف الخطاب بطلت صلاته، وإن قال: «يرحمه الله» أو «اللهم ارحمه» أو «رحم الله فلانًا» لم تبطل صلاته؛ لأنه ليس بخطاب، وأما العاطس في الصلاة فيستحب أن يحمد الله تعالى سرًا، هذا مذهبنا وبه قال مالك وغيره، وعن ابن عمر والنخعي وأحمد رضي الله عنهم أنه يجهر به، والأول أظهر لأنه ذكر، والسنة في الأذكار في الصلاة الإسرار، إلا ما استثني من القراءة في بعضها ونحوها. اهـ. والله أعلم. 801 - ز عن حصين المزني (سنده) حدثنا عبد الله ثنا محمد بن بكار ثنا حبان بن علي عن ضرار بن مرة عن حصين المزني (الحديث). (غريبه) 1 - أي لا أستحيي من تبليغكم حكمًا لم يستح من تبليغه رسول الله صلى الله عليه وسلم مع كونه صلى الله عليه وسلم كان من أشد الناس حياءً، ولكن لا محل للحياء في تبليغ الأحكام الشرعية وتعليمها للجاهل. (تخريجه) الحديث أورده الهيثمي وقال: رواه عبد الله بن أحمد في زياداته على أبيه والطبراني في (الأوسط)، وحصين قال ابن معين: لا أعرفه. اهـ. قلت: وفي إسناده حبان بن علي، قال الحافظ في (التقريب): ضعيف. 802 - عن حميد بن هلال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا شعبة أخبرني حميد بن هلال (الحديث) (غريبه) 2 - حمله الجمهور على قطع الخشوع والذكر للشغل بتلك الأشياء والالتفات إليها، لا أنها تفسد الصلاة، وسيأتي الخلاف

من الأحمر (1)؟ قال: ابن أخي، سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتني، فقال: الكلب الأسود شيطان. 803 - عن راشد بن سعد عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقطع صلاة المسلم شيء إلا الحمار والكافر (2) والكلب والمرأة. فقالت عائشة: يا رسول الله، لقد قُرنّا بدواب سوء. 804 - عن عبد الله بن مغفل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقطع الصلاة المرأة (زاد في رواية «الحائض») (3) والحمار والكلب. 805 - عن الأسود عن عائشة بلغها أن ناسًا يقولون: إن الصلاة يقطعها الكلب والحمار والمرأة. قالت: ألا أراهم قد عدلونا بالكلاب

_ في ذلك. وقوله «آخرة الرحل» تقدم ضبطها وتفسيرها في الكلام على الحديث الثالث من باب استحباب السترة للمصلي. 1 - يعني أن عبد الله بن الصامت قال لأبي ذر: ما شأن الكلب الأسود يقطع الصلاة دون غيره، فقال: الكلب الأسود شيطان، ومعنى ذلك أن الشيطان يتصور بصورة الكلاب السود. وقيل: سمي شيطانًا لأنه أشد ضررًا من غيره، والحكمة في قطع المرأة الصلاة خشية الفتنة، أما الحمار فلخشية نهيقه فيشوش على المصلي. والله أعلم. (تخريجه) (م. نس. مذ. جه. هق) 803 - عن راشد بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال: ثنا أبو المغيرة قال: ثنا صفوان قال: ثنا راشد بن سعد عن عائشة (الحديث). (غريبه) 2 - لعل الحكمة في قطع الصلاة بمرور الكافر ما فيه من النجاسة المعنوية. (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وقال الهيثمي والعراقي: رجاله موثقون. 804 - عن عبد الله بن مغفل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن عبد الله بن مغفل (الحديث) (غريبه) 3 - لعل الحكمة في تخصيص الحائض خشية النجاسة. (تخريجه) (جه) ورجال الإمام أحمد ثقات. 805 - عن الأسود عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة (الحديث). (غريبه)

والحمر (1) ربما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالليل وأنا على السرير بينه وبين القبلة، فتكون لي الحاجة فأنسل من قبل رجل السرير كراهية أن أستقبله بوجهي. وعنها من طريق ثان (2) قالت: بئسما عدلتمونا بالكلب والحمار، قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا معترضة بين يديه، فإذا أراد أن يسجد غمز، يعني رجلي، فضممتها إليّ ثم يسجد (3). 806 - عن ابن عباس رضي الله عنهما مرفوعًا: يقطع الصلاة الكلب والمرأة الحائض. 807 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: يقطع الصلاة المرأة والكلب والحمار.

_ 1 - تريد بذلك الإنكار عليهم في قولهم «إن المرأة تقطع الصلاة». (سنده) 2 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله قال: سمعت القاسم يحدث عن عائشة قالت: بئسما عدلتمونا الخ. 3 - استدل به من يقول لمس النساء لا ينقض الوضوء، والجمهور على أنه ينقض، وحملوا الحديث على أنه غمزها فوق حائل، وهذا هو الظاهر من حال النائم، فلا دلالة فيه على عدم النقض. قاله النووي م. (تخريجه) (ق. وغيرهما). 806 - عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن شعبة قال: حدثني قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس. قال يحيى: كان شعبة يرفعه: يقطع الصلاة الكلب والمرأة الحائض. (تخريجه) (د. جه) والمحفوظ وقفه على ابن عباس. 807 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعيد بن هشام عن أبي هريرة (الحديث). (تخريجه) (م. جه). وزاد مسلم «ويقي من ذلك مثل مؤخرة الرحل». (الأحكام) أحاديث الباب تدل بظاهرها على أن المرأة والكلب والحمار تقطع الصلاة، أي تبطلها، وقد ذهب إلى ذلك جماعة من الصحابة، منهم أبو هريرة وأنس وابن عباس في رواية عنه، وحُكي أيضًا عن أبي ذر وابن عمر، وجاء عن ابن عمر أنه قال به في الكلب، وقال به الحكم بن عمرو الغفاري في الحمار، وممن قال من التابعين بقطع الثلاثة المذكورة: الحسن البصري وأبو الأحوص صاحب ابن مسعود. وذهب أهل الظاهر أيضًا إلى قطع الصلاة بالثلاثة

3 - باب ما جاء في عقص الشعر والعبث بالحصى والنفخ في الصلاة 808 - عن كريب عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه رأى عبد الله بن الحارث (1) يصلي ورأسه معقوص (2) من ورائه، فقام وراءه وجعل يحله

_ المذكورة إذا كان الكلب والحمار بين يديه، سواء كان الكلب والحمار مارًا أم غير مار، صغيرًا أم كبيرًا، حيًا أم ميتًا، وكون المرأة بين يدي الرجل مارة أم غير مارة، صغيرة أم كبيرة، إلا أن تكون مضطجعة معترضة. وذهب إلى أنه يقطع الصلاة الكلب الأسود والمرأة الحائض ابن عباس وعطاء بن أبي رباح. أفاده الشوكاني. قال النووي: وقال أحمد بن حنبل رضي الله عنه: يقطعها الكلب والأسود، وفي قلبي من الحمار والمرأة شيء. ووجه قوله أن الكلب لم يجئ في الترخيص فيه شيء يعارض هذا الحديث (يعني حديث أبي ذر الثاني من أحاديث الباب) قال: وأما المرأة ففيها حديث عائشة رضي الله عنها (قلت هو الخامس من أحاديث الباب) قال: وفي الحمار حديث ابن عباس (قلت: تقدم في الجزء الثالث في باب سترة الإمام سترة لمن صلى خلفه) وفي بعض رواياته «أنه كان على حمار هو وغلام من بني هاشم، فمر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فلم ينصرف» قال: وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي رضي الله عنهم وجمهور العلماء من السلف والخلف: لا تبطل الصلاة بمرور شيء من هؤلاء ولا من غيرهم، وتأول هؤلاء هذا الحديث (يشير إلى حديث أبي ذر) على أن المراد بالقطع نقص الصلاة لشغل القلب بهذه الأشياء، وليس المراد إبطالها، ومنهم من يدعي نسخه بالحديث الآخر «لا يقطع صلاة المرء شيء وادرءوا ما استطعتم»، وهذا غير مرضي، لأن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع بين الأحاديث وتأويلها وعلمنا التاريخ، وليس هنا تاريخ ولا تعذر الجمع والتأويل، بل يتأول على ما ذكرناه، مع أن حديث لا يقطع صلاة المرء شيء ضعيف. والله أعلم. اهـ م. وحديث عليّ المذكور أول الباب يدل على بطلان الصلاة بالحدث، وظاهره حصر البطلان في الحديث وليس مرادًا، لأن هناك أمورًا أخرى غيره مبطلة كالكلام ونحوه، بل الظاهر أن عليًا رضي الله عنه كان يرى عدم قطع الصلاة بمرور شيء أمام المصلي فقاله ردًا على من يقول بذلك، ويؤيده ما رواه البيهقي أن عثمان وعليًا رضي الله عنهما قالا: لا يقطع صلاة المسلم شيء وادرءوهم ما استطعتم. والله أعلم. 808 - عن كريب عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن غيلان ثنا رشدين حدثني عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن كريب عن ابن عباس (الحديث). (غريبه) 1 - هو ابن جزء (بفتح الجيم، وسكون الزاي، بعدها همزة) السهمي رضي الله عنه شهد بدرًا. 2 - عقص الشعر ضفره وفتله، والعقاص خيط يشد به أطراف الذوائب

وأقر له الآخر (1) ثم أقبل على ابن عباس فقال: مالك ورأسي؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنما مثل هذا كمثل الذي يصلي وهو مكتوف (2). 809 - عن أبي رافع رضي الله عنه (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أن يصلي الرجل وشعره معقوص. 810 - عن علي بن عبد الرحمن المعاوي قال: صليت إلى جنب ابن عمر رضي الله عنهما فقلبت الحصى، فقال: لا تقلب الحصى فإنه من الشيطان (3) ولكن كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل، كان يحركه هكذا، قال أبو عبد الله (4) يعني مسحة.

_ ذكر معنى ذلك في القاموس. 1 - أي استقر لما فعله ولم يتحرك. 2 - يقال كتفته كتفًا كضربته ضربًا إذا شددت يده إلى خلف كتفيه موثقًا بحبل. (تخريجه) (م. د. نس). 809 - عن أبي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن مخول بن راشد عن رجل عن أبي رافع (الحديث). (تخريجه) (د. جه. مذ) وحسنه بمعناه. وفي حديث الباب عند الإمام أحمد رجل لم يسم. ورواية ابن ماجه من طريق مخول قال: سمعت أبا سعد رجلاً من أهل المدينة يقول: رأيت رافعًا مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى الحسن بن علي رضي الله عنه يصلي وقد عقص شعره فأطلقه أو نهى عنه وقال: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي الرجل وهو عاقص شعره»، ولفظ الترمذي عن أبي رافع أنه مر بالحسن بن علي وهو يصلي وقد عقص ضفرته فحلها، فالتفت إليه الحسن مغضبًا، فقال: أقبل على صلاتك ولا تغضب؛ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ذلك كفل الشيطان». كفل بكسر الكاف وسكون الفاء أي موضع قعوده. 810 - عن علي بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان حدثني مسلم بن أبي مريم عن علي بن عبد الرحمن المعاوي (الحديث). (غريبه) 3 - أي فإن العبث بالحصى من الشيطان أي من وسوسته ليشغل الإنسان عن صلاته فيحرم من الرحمة التي تواجهه كما في الحديث الذي بعده. 4 - أي الإمام أحمد رحمه الله يفسر قول ابن عمر «كان يحركه هكذا». وقوله «مسحة» أي يمسحه مسحة واحدة

811 - عن أبي ذر رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قام أحدكم إلى الصلاة (1) فإن الرحمة تواجهه (2) فلا يمسح الحصى. (وفي رواية «فلا يحرك الحصى» أو «لا يمس الحصى»). 812 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى فقال: واحدة، ولئن تمسك عنها خير لك من مائة بدنة كلها سود الحدقة (3). (زاد في رواية «فإن غلب أحدكم الشيطان فليمسح مسحة واحدة»).

_ إن كان ولا بد فاعلاً، وتركه أفضل وأحسن كما في حديث جابر الآتي والله أعلم. (تخريجه) لم أقف عليه ورجاله كلهم ثقات. 811 - عن أبي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن أبي الأحوص عن أبي ذر (الحديث). (غريبه) 1 - قيل المراد بالقيام إلى الصلاة الدخول فيها، فلا يكون منهيًا عن مسح الحصى إلا بعد دخوله، وقيل إن المراد قبل الدخول حتى لا يشتغل عند إرادة الصلاة إلا بالدخول فيها. قال العراقي: والأول أظهر، ويرجحه حديث معيقيب فإنه سأل عن مسح الحصى في الصلاة دون مسحه عند القيام كما في رواية الترمذي اهـ. قلت: حديث معيقيب المشار إليه سيأتي بعد حديث، ورواية الإمام أحمد ليست صريحة في المسح في الصلاة، وأصرح منها رواية أبي داود عن معيقيب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: «لا تمسح وأنت تصلي، فإن كنت لا بد فاعلاً فواحدة تسوية الحصى». 2 - هذا التعليل يدل على أن الحكمة في النهي عن المسح أن لا يشغل خاطره بشيء يلهيه عن الرحمة المواجهة له فيفوته حظه منها. وقد روي أن حكمة ذلك أن لا يغطي شيئًا من الحصى بمسحه فيفوته السجود عليه، رواه ابن أبي شيبة في المصنف عن أبي صالح قال: «إذا سجدت فلا تمسح الحصى فإن كل حصاة تحب أن يسجد عليها». وقال النووي: لأنه ينافي التواضع ويشغل المصلى. (تخريجه) (الأربعة وغيرهم) وحسنه الترمذي. 812 - عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن ابن أبي ذئب عن شرحبيل بن سعد عن جابر بن عبد الله (الحديث). (غريبه) 3 - حدقة العين سوادها الأعظم، والجمع حدق، وحِداق وقد تكون الحدقة ذات لون آخر

813 - عن معيقيب رضي الله عنه قال: قيل للنبي صلى الله عليه وسلم: المسح في المسجد يعني الحصى. فقال (1): إن كنت لا بد فاعلاً فواحدة. وعنه من طريق ثان (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال: إن كنت فاعلاً فواحدة. 814 - عن سعيد بن الحارث الأنصاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: كنت أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فآخذ قبضة من حصى في كفي لتبرد حتى أسجد عليه من شدة الحر (3). (وفي رواية «فأجعلها في يدي الأخرى حتى تبرد من شدة الحر»).

_ وأفضلها السوداء، ولذا خصها النبي صلى الله عليه وسلم بالذكر، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم أباح له المسح مرة واحدة وبين له أن الرجوع عن فعله خير له من تملك مائة ناقة أو بعير من أفضل البُدن وأحسنها. (تخريجه) (ش) وفي إسناده شرحبيل بن سعد ضعيف، ورواه أيضًا ابن خزيمة في صحيحه فهو صحيح عنده لأنه التزم إيراد الصحيح في كتابه، وربما كان عنده من طريق أخرى. 813 - عن معيقيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد ثنا هشام حدثني يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة حدثني معيقيب (الحديث). (غريبه) 1 - رواية الترمذي عن معيقيب قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مسح الحصى في الصلاة فقال الخ. (سنده) 2 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا شيبان عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة حدثني معيقيب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث). (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) ويستفاد منه أن التقييد بالحصى ليس شرطًا بل مثله التراب. 814 - عن سعيد بن الحارث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن الوليد ثنا عباد بن عباد عن محمد بن عمرو عن سعيد بن الحارث الأنصاري الخ. (غريبه) 3 - الظاهر أن ذلك كان في أول الأمر قبل الأمر بالإبراد بالظهر، وهو من حجج القائلين بتعجيل الظهر في أول وقتها، وفيه أنه يجوز نقل الحصى ومسحه مرة واحدة للحاجة. (تخريجه) (د. نس. هق) وسنده جيد

815 - عن أبي صالح قال: دخلت على أم سلمة (زوج النبي صلى الله عليه وسلم) فدخل عليها ابن أخر لها فصلى في بيتها ركعتين، فلما سجد نفخ التراب (1) فقالت له أم سلمة: ابن أخي لا تنفخ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لغلام له يقال له يسار ونفخ: ترِّب وجهك لله (2). 816 - عن عبد الله بن عمرو (بن العاص رضي الله عنهما) يصف صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في كسوف الشمس قال: وجعل ينفخ في الأرض (3) ويبكي

_ 815 - عن أبي صالح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا طلق بن غنام بن طلق ثنا سعيد بن عثمان الوراق عن أبي صالح (الحديث). (غريبه) 1 - أي من مكان سجوده لئلا يغبر وجهه، فنهته أم سلمة عن ذلك. 2 - أي أوصله إلى التراب وضعه عليه ولا تبعده عن موضع وجهك بالنفخ ليبقى أثر السجود وبركة الصلاة في وجهك، فإن إلصاق التراب بالوجه الذي هو أفضل الأعضاء غاية في التواضع، ولهذا نهت أم سلمة ابن أخيها عن النفخ ليحوز هذه الفضيلة. (تخريجه) (هق. حب) بنحو حديث الباب. ورواه الترمذي أيضًا مختصرًا قال: حدثنا أحمد بن منيع حدثنا عباد بن العوام أخبرنا ميمون أبو حمزة عن أبي صالح مولى طلحة عن أم سلمة قالت: «رأى النبي صلى الله عليه وسلم غلامًا لنا يقال له أفلح، إذا سجد نفخ، فقال: يا افلح ترَِّب وجهك» قال الترمذي: وروى بعضهم عن أبي حمزة هذا الحديث وقال: «مولى لنا يقال له رباح». قلت: جاء ذلك في رواية البيهقي وابن حبان. قال أبو عيسى يعني الترمذي: وحديث أم سلمة إسناده ليس بذاك، وميمون أبو حمزة قد ضعفه بعض أهل العلم. قلت: قال الإمام أحمد: متروك الحديث. وقال الدارقطني: ضعيف. وقال البخاري: ليس بالقوي عندهم. وقال النسائي: ليس بثقة. كذا في الميزان. وسند حديث الباب عند الإمام أحمد جيد. وميمون أبو حمزة المشار إليه ليس من رجال حديث الباب عند الإمام أحمد، لا سيما وقد رواه ابن حبان في صحيحه، وقد التزم إيراد الصحيح فقط في كتابه، فهو صحيح والله أعلم. 816 - عن عبد الله بن عمرو هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وشرحه في باب من روى أنها ركعتان كالركعات المعتادة من أبواب صلاة الكسوف إن شاء الله تعالى. (غريبه) 3 - لفظ أبي داود «ثم نفخ في آخر سجوده فقال: أف أف ثم قال: يا رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم؟ ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون؟ ففرغ رسول

وهو ساجد في الركعة الثانية وجعل يقول: رب لم تعذبهم وأنا فيهم، رب لم تعذبنا ونحن نستغفرك، فرفع رأسه وقد تجلت الشمس (الحديث).

_ الله صلى الله عليه وسلم وقد انمحصت الشمس. و «النفخ» في أصل اللغة إخراج الريح من الفم كما في القاموس وغيره، وقد فسره في الحديث بقوله «أف أف». (تخريجه) (د. نس. مذ. وغيرهم). (الأحكام) في أحاديث الباب دلالة على كراهة صلاة الرجل وهو معقوص الشعر أو مكفوفه، وقد حكى الترمذي عن أهل العلم أنهم كرهوا ذلك. قال العراقي: وممن كرهه من الصحابة عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب وحذيفة وابن عمر وأبو هريرة وابن عباس وابن مسعود رضي الله عنهم، ومن التابعين إبراهيم النخعي في آخرين. وحكى النووي اتفاق العلماء على النهي عن ذلك. انظر الشرح والأحكام في باب أعضاء السجود والنهي عن كف الشعر والثوب، من الجزء الثالث ففيه الكفاية. قال الشوكاني: وظاهر النهي التحريم فلا يعدل عنه إلا لقرينة. قال العراقي: وهو مختص بالرجال دون النساء لأن شعرهن عورة يجب ستره في الصلاة، فإذا نقضته ربما استرسل وتعذر ستره فتبطل صلاتها، وأيضًا فيه مشقة عليها في نقضه للصلاة، وقد رخص لهن صلى الله عليه وسلم في أن لا ينقضن ضفائرهن في الغسل مع الحاجة إلى بلّ جميع الشعر. اهـ. وفي أحاديث الباب أيضًا دليل على كراهة مسح الحصى، والتقييد بالحصى خرج مخرج الغالب لكونه كان الغالب على فرش مساجدهم، ولا فرق بينه وبين التراب والرمل على قول الجمهور، ويدل على ذلك قوله في حديث معيقيب «في الرجل يسوي التراب» وقد ذهب إلى كراهة ذلك من الصحابة عمر بن الخطاب وجابر، ومن التابعين مسروق وإبراهيم النخعي والحسن البصري وجمهور العلماء بعدهم، وحكى النووي في (شرح مسلم) اتفاق العلماء على كراهته. قال الشوكاني: وفي حكاية الاتفاق نظر، فإن مالكًا لم ير به بأسًا وكان يفعله في الصلاة كما حكاه الخطابي في (المعالم) وابن العربي. قال العراقي في (شرح الترمذي): وكان ابن مسعود وابن عمر يفعلانه في الصلاة، وعن ابن مسعود أيضًا أنه كان يفعله في الصلاة مرة واحدة، قال: وممن رخص فيه في الصلاة مرة واحدة أبو ذر وأبو هريرة وحذيفة، ومن التابعين إبراهيم النخعي وأبو صالح، وذهب أهل الظاهر إلى تحريم ما زاد على المرة. اهـ. وفيها أيضًا دليل على كراهة النفخ في الصلاة موضع السجود تحاشيًا مما عساه يعلق بوجهه من التراب، وقد استدل بحديث ابن عمرو من قال: إن النفخ لا يفسد الصلاة، وذهب إلى كراهة النفخ ابن مسعود وابن عباس، وروى البيهقي بإسناد صحيح إلى ابن عباس أنه كان يخشى أن يكون النفخ كلامًا، وروى

4 - باب ما جاء في الضحك والالتفات في الصلاة وتفقيع الأصابع وتشبيكها 817 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: أوصاني خليلي بثلاث ونهاني عن ثلاث، أوصاني بالتوتر قبل النوم، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، قال: ونهاني عن الالتفات (1) وإقعاء كإقعاء القرد، ونقر كنقر الديك (2). وعنه من طريق ثان (3) بنحوه، وفيه ونهاني عن نقرة كنقرة الديك، وإقعاء

_ سعيد بن منصور في سننه عن ابن عباس قال: «النفخ كلام»، وكرهه من التابعين النخعي وابن سيرين والشعبي وعطاء بن أبي رباح وآخرون، ورخص فيه من الصحابة قدامة بن عبد الله بن عمار الكلابي كما رواه البيهقي عنه. وقالت الشافعية والهادوية: إن بان من حرفان بطلت صلاته وإلا فلا، ورواه ابن المنذر عن مالك وأبي حنيفة ومحمد بن الحسن وأحمد بن حنبل، وأجابوا عن حديث عبد الله بن عمرو بأن قوله «أف» لا يكون كلامًا حتى يشدد الفاء فيكون ثلاثة أحرف كذا قال الخطابي، قال ابن الصلاح: ما ذكره لا يستقيم على أصلنا، لأن حرفين كلام مبطل، وأجاب البيهقي بأن هذا نفخ يشبه الغطيط، وذلك لما عرض عليه من تعذيب بعض من وجب عليه العذاب، واستدل من قال إنه يفسد الصلاة بأحاديث النهي عن الكلام، والنفخ كلام كما قال ابن عباس، وأجيب بمنع كون النفخ من الكلام لما هو معلوم من أن الكلام مركب من الحروف المعتمدة على المخارج، ولا اعتماد في النفخ، وأيضًا الكلام المنهي عنه في الصلاة هو المكالمة، ولو سلم صدق اسم الكلام على النفخ كما قال ابن عباس لكان فعله صلى الله عليه وسلم لذلك في الصلاة مخصصًا لعموم النهي عن الكلام. أفاده الشوكاني. والله أعلم. 817 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل ثنا يزيد بن أبي زياد حدثني من سمع أبا هريرة يقول: أوصاني خليلي (الحديث). (غريبه) 1 - يعني في الصلاة كما سيأتي مصرحًا به في الروايات الأخرى. و «الإقعاء» نوعان وتقدم تفسيرهما في الكلام على حديث ابن عباس في باب هيئة الجلوس للتشهد، وقد أشرنا هناك إلى هذا الحديث وقلنا فيه ونقر كنقر الغراب وهو خطأ، والصواب كنقر الديك كما هنا، وإن كان لفظ الغراب واردًا أيضًا لكن في غير هذه الرواية المشار إليها فتداركه بالتصويب، والمراد بالإقعاء هنا هو أن يلصق إليتيه بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كإقعاء الكلب أو القرد هكذا فسره أهل اللغة. 2 - النقر بفتح النون والمراد به ترك الطمأنينة في الأركان وتخفيف السجود وعدم المكث فيه إلا قدر وضع الديك منقاره لالتقاط ما يأكله لأنه يتابع في النقر من غير تلبث. (سنده) 3 - حدثنا

كإقعاء الكلب والتفات كالتفات الثعلب. 818 - عن سهل بن معاذ عن أبيه (1) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول: الضاحك في الصلاة (2) والملتفت والمفقع أصابعه بمنزلة واحدة. 819 - عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يزال الله عز وجل مقبلاً على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه

_ عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن أبي هريرة (الحديث). (تخريجه) (هق. طس. عل) وأشار إليه الترمذي، قال الهيثمي: وإسناده حسن. 818 - عن سهل بن معاذ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة عن زياد عن سهل بن معاذ عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث). (غريبه) 1 - هو معاذ بن أنس الجهني رضي الله عنه. 2 - أي المبتسم لا المقهقه، فإن القهقهة تبطل الصلاة لما رواه البيهقي والطبراني في (الصغير) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مرفوعًا «لا يقطع الصلاة الكشر ولكن يقطعها القرقرة» (وفي لفظ «القهقهة»). قلت: والكشر معناه ظهور الأسنان عند الضحك تبسمًا بدون صوت، وروى البيهقي أيضًا عن جابر قال: «التبسم لا يقطع الصلاة ولكن القهقهة» قال البيهقي: هذا هو المحفوظ موقوف وقد رفعه ثابت بن محمد وهو وهم منه. اهـ. وقوله «والمفقع أصابعه» بفاء مفتوحة ثم قاف مشددة مكسورة هو غمز الأصابع حتى يسمع لها صوت، قال في (القاموس): والتفقيع التشدق في الكلام والفرقعة، وفسر الفرقعة بنقض الأصابع. وقوله «بمنزلة واحدة» أي في الكراهة. (تخريجه) (طب. هق) وقال: زبان بن فائد غير قوي. قلت: وفيه أيضًا ابن لهيعة ضعيف. 819 - عن أبي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن إسحاق قال عبد الله حدثني يونس عن الزهري قال: سمعت أبا الأحوص مولى بني ليث يحدثنا في مجلس ابن المسيب وابن المسيب جالس أنه سمع أبا ذر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يزال الله عز وجل» (الحديث). (تخريجه) أورده المنذري وقال: رواه أحمد وأبو داود والنسائي وابن خزيمة في صحيحه والحاكم وصححه، قال: وأبو الأحوص هذا لا يعرف اسمه، لم يرو عنه غير الزهري وقد صحح له الترمذي وابن حبان وغيرهما. قلت: له شاهد عند

820 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن التلفت في الصلاة فقال: اختلاس (1) يختلسه الشيطان من صلاة العبد. 821 - عن أبي الدرداء رضي الله عنه مرفوعًا: يا أيها الناس إياكم والالتفات، فإنه لا صلاة (2) للملتفت، فإن غلبتم في التطوع فلا تغلبن في الفرائض (3). 822 - عن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وقد شبكت بين أصابعي، فقال لي: يا كعب إذا كنت في المسجد فلا تشبك بين أصابعك فأنت في صلاة ما انتظرت الصلاة

_ الترمذي من حديث الحارث الأشعري وصححه من حديث طويل «إن الله أمركم بالصلاة فإذا صليتم فلا تتلفتوا، فإن الله تعالى ينصب وجهه لوجه عبده في صلاته ما لم يلتفت». 820 - عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو قال ثنا زائدة عن أشعث بن أبي الشعثاء عن مسروق عن عائشة (الحديث). (غريبه) 1 - الاختلاس أخذ الشيء بسرعة، يقال: اختلس الشيء إذا استلبه أي سلب الشيطان من كمال صلاته بسبب التفاته. (تخريجه) (خ. د. نس). 821 - عن أبي الدرداء هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده في باب مناقب أبي الدرداء من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله. (غريبه) 2 - أي لا صلاة كاملة لما اعتراها من النقص بسبب الالتفات وعدم الخشوع. 3 - يعني إن تغلب عليكم الشيطان وأطعتموه بالالتفات في صلاة التطوع فاحذروا أن تطيعوه في الفريضة لأنها أهم وضرر نقصها أعظم. (تخريجه) (طب) وفي إسناده عند الطبراني عطاء بن عجلان ضعيف، قاله في (مجمع الزوائد). قلت: سنده عند الإمام أحمد جيد وليس في عطاء بن عجلان المذكور، وروى نحوه الترمذي وصححه عن أنس بن مالك قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إياك والالتفات في الصلاة، فإن الالتفات في الصلاة هلكة، فإن كان لا بد ففي التطوع لا في الفريضة» والله أعلم. 822 - عن كعب بن عجرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ثنا شريك بن عبد الله عن محمد بن عجلان عن المقبري عن كعب بن عجرة (الحديث). (تخريجه) (د. مذ. جه. حب) وسنده جيد.

823 - عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يتطهر رجل في بيته ثم يخرج لا يريد إلا الصلاة إلا كان في صلاة حتى يقضي صلاته، ولا يخالف (1) أحدكم بين أصابع يديه في الصلاة

_ 823 - عن كعب بن عجرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج أنا بن أبي ذئب عن رجل من بني سالم عن أبيه عن جده عن كعب بن عجرة (الحديث). (غريبه) 1 - المراد بالمخالفة هنا التشبيك بين الأصابع كما صرح بذلك في رواية الترمذي. (تخريجه) أورده المنذري وقال: رواه أحمد وأبو داود بإسناد جيد، والترمذي من رواية سعيد المقبري عن رجل عن كعب بن عجرة، وابن ماجه من رواية سعيد المقبري أيضًا عن كعب وأسقط الرجل المبهم. اهـ. (الأحكام) أحاديث الباب جاء فيها جملة أشياء كلها منهي عن فعلها في الصلاة: منها: الالتفات لأنه نوع من تسويل الشيطان واختلاسه، فمن استكثر منه كان من المتبعين للشيطان واتباع الشيطان هلكة، أو لأنه إعراض عن التوجه إلى الله عز وجل والإعراض عنه عز وجل هلكة. وحكمه: الكراهة عند جمهور العلماء إذا كان لغير حاجة، فإن كان لحاجة جاز بلا كراهة إن لم يتحول عن القبلة وإلا بطلت صلاته، ودليل جواز الالتفات للحاجة ما ثبت في الصحيحين وغيرهما عن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال: «ثوّب بالصلاة يعني الصبح فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب» ورواه أبو داود بإسناد صحيح وقال: «كان أرسل فارسًا إلى الشعب من أجل الحرس». ومنها: الضحك والتبسم، قال النووي: مذهبنا أن التبسم لا يضر، وكذا الضحك إذا لم يبن منه حرفان فإن بان بطلت صلاته، ونقل ابن المنذر الإجماع على بطلانها بالضحك، وهو محمول على من باب منه حرفان، قال: وقال أكثر العلماء: لا بأس بالتبسم، وممن قاله جابر بن عبد الله وعطاء ومجاهد النخعي والحسن وقتادة والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي، وقال ابن سيرين: لا أعلم التبسم إلا ضحكًا. ومنها: تشبيك الأصابع أو تفقيعها في المسجد سواء أكان في الصلاة أم في انتظارها، وهو مكروه عند جمهور العلماء. قال النووي: وكره ذلك في الصلاة ابن عباس وعطاء والنخعي ومجاهد وسعيد بن جبير. اهـ. أما ما ورد في الصحيحين وغيرهما من تشبيكه صلى الله عليه وسلم في قصة ذي اليدين من حديث أبي هريرة بلفظ «ثم قام إلى خشبة معروضة في المسجد فاتكأ عليها كأنه غضبان وشبك أصابعه» وحديث «المؤمن للمؤمن كالبنيان وشبك بين أصابعه» ونحو ذلك فكان لحاجة خاصة، وأحاديث النهي محمولة على التشبيك للعبث، أو يقال إن النهي عن التشبيك ورد بألفاظ

5 - باب ما جاء في رفع البصر والإشارة باليد واتخاذ مكان مخصوص للصلاة فيه 824 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم، واشتد قوله في ذلك حتى قال: لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم (1). 825 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. 826 - عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم في صلاته فلا يرفع بصره إلى السماء أن يلتمع (2) بصره. 827 - عن جابر بن سمرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: أما

_ خاصة بالأمة، وفعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض قوله الخاص بهم كما تقرر في الأصول. ومنها: الإقعاء والنقر وقد تقدم الكلام عليهما في باب هيئة الجلوس للتشهد. والله أعلم. 824 - عن أنس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن سعيد وابن جعفر ثنا سعيد والخفاف عن سعيد عن قتادة عن أنس (الحديث). (غريبه) 1 - أي لا ترجع إليهم أبصارهم كما في رواية أبي داود. و «أو» لأحد الشيئين، يعني أن أحد الأمرين واقع، إما الانتهاء عن رفع أبصارهم إلى السماء في صلاتهم، أو أن الله يذهب أبصارهم عقوبة لهم على فعلهم، وفي هذا وعيد شديد على فاعله. (تخريجه) (خ. د. نس. جه). 825 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا المبارك عن الحسن عن أبي هريرة قال: وأراه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لينتهين أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في الصلاة أو لتخطفن أبصارهم». (تخريجه) (م. نس). 826 - عن عبيد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن إسحاق قال: أنا عبد الله قال: أنا يونس عن ابن شهاب قال: حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الخ. (غريبه) 2 - أن يلتمع بضم الياء أي لئلا يذهب بصره. (تخريجه) (نس). 827 - عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان عن المسيب عن نافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة (الحديث).

يخشى أحدكم إذا رفع رأسه وهو في الصلاة أن لا يرجع إليه بصره. 828 - وعنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل المسجد وهم حلق (1) فقال: ما لي أراكم عزين (2). ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وقد رفعوا أيديهم (3) فقال: قد رفعوها كأنها أذناب خيل شمس، اسكنوا في الصلاة. 829 - عن عبد الرحمن بن شبل الأنصاري رضي الله عنه قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى في الصلاة عن ثلاث: نقر الغراب (4)، وافتراش السبع، وأن يوطن الرجل المقام الواحد كإيطان البعير (5). وعنه من طريق

_ (تخريجه) (م. د. جه) 828 - وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن الأعمش عن مسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة (الحديث). (غريبه) 1 - هو بكسر الحاء وفتحها لغتان جمع حلقة بإسكان اللام، وحكى الجوهري وغيره فتحها في لغة ضعيفة. 2 - أي متفرقين جماعة جماعة، وهو بتخفيف الزاي الواحدة عزة، معناه النهي عن التفرق والأمر بالاجتماع. 3 - أي عند السلام مشيرين بها لغير حاجة. وقوله «أذناب خيل شمس» تقدم تفسيره في باب حذف السلام. وقوله «اسكنوا في الصلاة» يستفاد منه أن فعلهم هذا مكروه وأنه ينافي الخشوع، فأمرهم صلى الله عليه وسلم بالسكون في الصلاة والخشوع فيها والإقبال عليها. (تخريجه) (م. د. نس. وغيرهم). 829 - عن عبد الرحمن بن شبل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحجاج ثنا الليث بعني ابن سعد قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب أن جعفر بن عبد الله بن الحكم حدثه عن تميم بن محمود الليثي عن عبد الرحمن بن شبل الأنصاري (الحديث). (غريبه) 4 - نقر الغراب كناية عن تخفيف السجود بقدر وضع الغراب منقاره للأكل. وافتراش السبع أن يبسط ذراعيه في سجوده ولا يرفعهما عن الأرض، وتقدم الكلام على ذلك في باب هيئة الجلوس للتشهد. 5 - قيل معناه أن يألف الرجل مكانًا معلومًا من المسجد مخصوصًا به يصلي فيه، كالبعير لا يأوي من عطن إلا إلى مبرك دمث قد أوطنه واتخذه مناخًا، وقيل معناه أن يبرك على ركبتيه قبل يديه إذا أراد السجود مثل بروك البعير، يقال: أوطنت الأرض ووطنتها واستوطنتها أي اتخذتها وطنًا ومحلاً (نه). قلت:

ثان (1) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن ثلاث: عن نقرة الغراب، وعن افتراش السبع، وأن يوطن الرجل مقامه في الصلاة كما يوطن البعير. 6 - باب كراهة الصلاة وهو حاقن وبحضرة الطعام وبمدافعة النعاس 830 - عن هشام بن عروة قال: أخبرني أبي عن عبد الله بن أرقم رضي الله عنه أنه حج فكان يصلي بأصحابه يؤذن ويقيم، فأقام يومًا الصلاة، وقال: ليصل أحدكم، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أراد أحدكم أن يذهب

_ والحكمة في النهي عن ذلك على المعنى الأول إرادة تكثير مواضع السجود لتشهد له الأرض بذلك، وعلى المعنى الثاني عدم التشبه بالبهائم في أشرف المواقف وأفضلها، والله أعلم. (سنده) 1 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن عبد الحميد قال: حدثني أبي عن تميم بن محمود عن عبد الرحمن بن شبل قال: سمعت الخ. (تخريجه) (د. نس. جه. ك) وقال: هذا حديث صحيح ولم يخرجاه. قلت: وأقره الذهبي. (الأحكام) أحاديث النهي عن رفع البصر إلى السماء حال الصلاة تدل على تحريم هذا الفعل لكثرتها وصحتها ولما فيها من الوعيد الشديد والنهي الأكيد، وقد نقل الإجماع في النهي عن ذلك، وقد ذهب إلى تحريمه جماعة من العلماء، وبالغ ابن حزم فقال: تبطل به الصلاة. وذهب الأئمة الأربعة إلى كراهته، قال القاضي عياض: واختلفوا في كراهة رفع البصر إلى السماء في الدعاء في غير الصلاة، فكرهه شريح وآخرون، وجوزه الأكثرون، وقالوا: لأن السماء قبلة الدعاء كما أن الكعبة قبلة الصلاة، ولا ينكر رفع الأبصار إليها كما لا يكره رفع اليد، قال الله تعالى: {وَفِي السَّمَاءِ رِزْقُكُمْ وَمَا تُوعَدُونَ} [الذاريات/22] اهـ. وفي أحاديث الباب أيضًا كراهة الإشارة في الصلاة لغير حاجة، لأن ذلك ينافي الخشوع، أما إذا كان لحاجة فلا كراهة وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم في الصلاة في جملة وقائع للحاجة، وسيأتي الكلام على ذلك في باب التسبيح والتصفيق والإشارة باليد في الصلاة للحاجة. وفيها أيضًا كراهة اتخاذ الرجل مكانًا خاصًا في المسجد لصلاته لا يصلي إلا فيه، لأن تعدد مواضع الصلاة من السنة، وقد تقدم الكلام على ذلك في باب مكث الإمام بالرجال قليلاً من أبواب الخروج من الصلاة بالسلام الخ. والله أعلم. 830 - عن هشام بن عروة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى

إلى الخلاء (1) وأقيمت الصلاة فليذهب إلى الخلاء. 831 - عن أبي أمامة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يأت أحدكم الصلاة وهو حاقن (2) ولا يدخل بيتًا إلا بإذن، ولا يؤمن إمام قومًا فيخص نفسه بدعوة دونهم (3). 832 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: لا يصلى بحضرة الطعام (4) ولا وهو يدافعه

_ ابن سعيد عن هشام بن عروة (الحديث). (غريبه) 1 - أي إذا وجد عنده ما يدعو إلى الذهاب إلى الخلاء لقضاء حاجته. (تخريجه) (الأربعة وغيرهم) وسنده جيد. 831 - عن أبي أمامة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن خالد ثنا معاوية يعني ابن صالح عن السفر بن نمير عن يزيد بن شريح عن أبي أمامة (الحديث). (غريبه) 2 - في بعض الروايات وهو حقن وهما سواه وهو الذي حبس بوله كالحاقب (بالباء الموحدة) للغائط، والمعنى أنه يكره للرجل أن يصلي وهو حابس للبول أو الغائط لأنه ينافي الخشوع، وهذا إذا لم يمنعه عن أداء شيء من الأركان، فإن منعه عن ذلك بطلت صلاته. 3 - زاد في رواية «فإن فعل فقد خانهم» أي لأنهم يعتمدون على دعائه ويؤمنون جميعًا إذا دعا اعتمادًا على عمومه فكيف يخص بذلك الدعاء نفسه، وهذا في القنوت ونحوه من كل ما يجهر به، أما ما يسر فيه كدعاء الافتتاح ونحوه فلا كراهة. (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ عن أبي أمامة لغير الإمام أحمد، وروى ابن ماجه الجملة الأولى منه في كتاب الطهارة بلفظ «لا يقوم أحد من المسلمين وهو حاقن حتى يخفف» يعني لا يقوم إلى الصلاة، وروى الجملة الأخيرة منه في كتاب الصلاة بلفظ «لا يؤم عبد فيخص نفسه بدعوة دونهم فإن فعل فقد خانهم» وروى نحوه الإمام أحمد عن ثوبان (وسيأتي في باب الثلاثيات من قسم الترهيب) وأبو داود والترمذي وقال: حديث ثوبان حديث حسن. قلت: وحديث الباب في إسناده السفر بن نمير ضعيف، وقد وثقه ابن حبان، والله أعلم. 832 - عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن أبي حزرة قال: حدثني عبد الله بن محمد قال: سمعت عائشة تقول: سمعت رسول الله (الحديث). (غريبه) 4 - قال الخطابي: إنما أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يبدأ بالطعام لتأخذ النفس حاجتها

الأخبثان (1). 833 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام (2) قال: أخبرني أبي أخبرتني عائشة (رضي الله عنها) قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء، وقال وكيف إذا حضرت الصلاة والعشاء. وقال ابن عيينة: إذا وضع العشاء. 834 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نعس (3)

_ منه فيدخل المصلي في صلاته وهو ساكن الجأش لا تنازعه نفسه شهوة الطعام فيعجله ذلك عن إتمام ركوعها وسجودها وإيفاء حقوقها، وكذلك إذا دافعه البول فإنه يضيع به نحو من هذا، وهذا إذا كان في الوقت متسع فإن لم يكن بدأ بالصلاة. 1 - هما البول والغائط وفي معناهما القيء والريح، والمدافعة إما على حقيقتها لأنهما يدافعانه بطلب خروجهما وهو يدافعهما بمنعهما من الخروج، وإما بمعنى الدفع مبالغة، وهو مكروه إن لم يمنعه من أداء ركن كما تقدم وإلا بطلت صلاته. (تخريجه) (م. د. حب. وغيرهم) ولفظ ابن حبان «لا يصلي أحدكم وهو يدافع الأخبثين». 833 - حدثنا عبد الله (غريبه) 2 - هكذا بالأصل حدثني أبي ثنا هشام ولا يستقيم ذلك، لأن هشامًا توفي سنة خمس أو ست وأربعين ومائة، والإمام أحمد ولد سنة أربع وستين ومائة، فكيف يحدث عنه، والذي يظهر لي أن الإمام أحمد رحمه الله تعالى روى هذا الحديث عن وكيع وابن عيينة عن هشام وقد سقطا معًا من الناسخ بدليل قوله في آخر الحديث «وقال وكيع» يعني في روايته إذا حضرت الصلاة والعشاء. «وقال ابن عيينة» يعني في روايته «إذا وضع العشاء»، وعادته أن يقول ذلك إذا روى الحديث عن شيخين اختلف لفظهما فيذكر لفظ كل واحد منهما، ويؤيد ذلك رواية مسلم هذا الحديث من طريق وكيع عن هشام عن أبيه عن عائشة ورواه أيضًا من طريق ابن عيينة عن الزهري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا حضر العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء» هذا ما ظهر لي والله أعلم. وهشام المذكور في هذا الحديث هو هشام بن عروة بن الزبير بن العوام، وتقدم الكلام على معنى الحديث في الذي قبله. 834 - عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا هشام عن أبيه عن عائشة (الحديث). (غريبه) 3 - بفتح العين المهملة من بابي نفع وقتل

أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم، فإنه إذا صلى وهو ينعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه (1). 835 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا نعس أحدكم وهو يصلي فلينصرف (2) فلينم حتى يعلم ما يقول

_ أي أصابه النعاس، والنعاس هو النوم الخفيف، وأل في الصلاة للجنس، فهو عام في كل صلاة سواء كانت فرضًا أم نفلاً ليلاً أم نهارًا. وقوله «فليرقد» معناه فلينم، وهو أمر استحباب إذا أريد بالنعاس النوم الخفيف، أما إذا أريد به النوم الثقيل فالأمر بالرقاد للوجوب. 1 - بين ذلك النسائي من طريق أيوب عن هشام بأن يريد اللهم اغفر فيقول اللهم اعفر بالعين المهملة فيكون دعاء على نفسه بالذل والهوان، ويجوز في قوله يسب النصب في جواب لعل ويجوز الرفع عطفًا على يستغفر. (تخريجه) (ق. لك. والأربعة. هق. مذ) وقال: حسن صحيح. 835 - عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أنس (الحديث). (غريبه) 2 - المراد به التسليم من الصلاة إذا أدركه فيها النوم. (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث أنس لغير الإمام أحمد، ورواه الإمام الشافعي في مسنده عن أنس بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «رأى حبلاً ممدودًا بين ساريتين فقال: ما هذا الحبل؟ فقالوا لفلانة تصلي فإذا غلبت تعلقت به، فقال: لا تفعل، تصلي ما عقلت، فإذا غلبت فلتنم». (الأحكام) أحاديث الباب فيها النهي عن الصلاة للحاقن الذي يدافع الأخبثين، والجائع وقت حضور الطعام، ومن غلبه النوم في الصلاة حتى تزول هذه الأشياء التي تذهب الخشوع في الصلاة، وحمله أهل الظاهر على الوجوب وأن من صلى وهو كذلك فصلاته باطلة، وحمله الجمهور على الكراهة. قال النووي رحمه الله: وفي هذه الأحاديث كراهة الصلاة بحضرة الطعام الذي يريد أكله لما فيه من اشتغال القلب به وذهاب كمال الخشوع وكراهتها مع مدافعة الأخبثين، وهما البول والغائط، ويلحق بهذا ما كان في معناه مما يشغل القلب ويذهب كمال الخشوع، وهذه الكراهة عند جمهور أصحابنا وغيرهم إذا صلى كذلك وفي الوقت سعة، فإذا ضاق بحيث لو أكل أو تطهر خرج وقت الصلاة صلى على حاله محافظة على حرمة الوقت ولا يجوز تأخيرها، وحكى أبو سعد المتولي من أصحابنا وجهًا لبعض أصحابنا لا يصلي بحاله بل يأكل ويتوضأ وإن خرج الوقت لأن مقصود الصلاة الخشوع فلا يفوته. اهـ. قلت: ويؤيد ما حكاه أبو سعد رواية مسلم عن

7 - باب كراهة الصلاة بالاشتمال والسدل والإسبال وفي ثوب له أعلام وفي ملاحف النساء 836 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين وعن بيعتين، أما البيعتان: الملامسة والمنابذة (1)، واللبستان: اشتمال الصماء (2) والاحتباء في ثوب واحد ليس على فرجه منه شيء.

_ ابن عمر رضي الله عنهما قال: «إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء ولا يعجلن حتى يفرغ منه». قال النووي: وفيه دليل على أنه يأكل حاجته من الأكل بكماله وهذا هو الصواب، وأما ما تأوله بعض أصحابنا على أنه يأكل لقمًا يكسر بها شدة الجوع فليس بصحيح، وهذا الحديث صريح في إبطاله. قال: وإذا صلى على حاله وفي الوقت سعة فقد ارتكب المكروه وصلاته صحيحة عندنا وعند الجمهور، لكن يستحب إعادتها ولا يجب، ونقل القاضي عياض عن أهل الظاهر أنها باطلة. اهـ. م. وفي أحاديث الباب أيضًا دليل على استحباب قطع الصلاة عند غلبة النوم على المصلي ليأخذ راحته من النوم ثم يصلي فإن ذلك أدعى إلى الإقبال على الصلاة بخشوع وفراغ قلب ونشاط. قال النووي: وهذا عام في صلاة الفرض والنفل في الليل والنهار، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور، لكن لا يخرج فريضة عن وقتها، قال القاضي عياض: وحمله مالك وجماعة على نفل الليل لأنه محل النوم غالبًا. اهـ. والله أعلم. 836 - عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا ليث حدثني ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبي سعيد (الحديث). (غريبه) 1 - سيأتي الكلام عليهما في باب النهي عن بيوع الغرر من كتاب البيوع إن شاء الله تعالى. 2 - هو أن يتجلل الرجل بثوبه ولا يرفع منه جانبًا، وإنما قيل لها «صماء» لأنه يسد على يديه ورجليه المنافذ كلها كالصخرة الصماء التي ليس فيها خرق ولا صدع، والفقهاء يقولون: هو أن يتغطى بثوب واحد ليس عليه غيره ثم يرفعه من أحد جانبيه فيضعه على منكبه فتنكشف عورته (نه). و «الاحتباء» هو أن يضم الإنسان رجليه إلى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشده عليهما، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب، وإنما نهى عنه لأنه إذا لم يكن عليه إلا ثوب واحد ربما تحرك أو نزل الثوب فتبدو عورته. (تخريجه) (ق. والأربعة) إلا الترمذي رواه من حديث أبي هريرة، وللبخاري من حديث أبي هريرة «نهى عن لبستين، واللبستان: اشتمال الصماء، والصماء أن يجعل ثوبه على

837 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن السدل (1) يعني في الصلاة.

_ أحد عاتقيه فيبدو أحد شقيه ليس عليه ثوب، واللبسة الأخرى احتباؤه بثوبه وهو جالس ليس على فرجه منه شيء» ورواه الإمام أحمد أيضًا من حديث أبي هريرة وتقدم في باب كراهة اشتمال الصماء الخ من أبواب سترة العورة. 837 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا وهيب وحماد عن عِسْل عن عطاء عن أبي هريرة (الحديث). (غريبه) 1 - قال أبو عبيد في غريبه: السدل إسبال الرجل ثوبه من غير أن يضم جانبيه بين يديه، فإن ضمه فليس بسدل. وقال صاحب (النهاية): هو أن يلتحف بثوبه ويدخل يديه من داخل فيركع ويسجد وهو كذلك. قال: وهذا مطرد، القميص وغيره من الثياب. قال: وقيل: هو أن يضع وسط الإزار على رأسه ويرسل طرفيه عن يمينه وشماله من غير أن يجعلهما على كتفيه. وقال الجوهري: سدل ثوبه يسدله بالضم سدلاً أي أرخاه. وقال الخطابي: السدل إرسال الثوب حتى يصيب الأرض. اهـ. فعلى هذا السدل والإسبال واحد. قال العراقي: ويحتمل أن يراد بالسدل سدل الشعر، ومنه حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سدل ناصيته، وفي حديث عائشة أنها سدلت قناعها وهي محرمة أي أسبلته. اهـ. ولا مانع من حمل الحديث على جميع هذه المعاني إن كان السدل مشتركًا بينها، وحمل المشترك على جميع معانيه هو المذهب القوي، وقد روى أن السدل من فعل اليهود، أخرج الخلال في (العلل) وأبو عبيد في (الغريب) من رواية عبد الرحمن بن سعيد بن وهب عن أبيه عن علي رضي الله عنه أنه خرج فرأى قومًا يصلون وقد سدلوا ثيابهم فقال: كأنهم اليهود خرجوا من قهرهم. قال أبو عبيد: هو موضع مدراسهم الذي يجتمعون فيه. قال صاحب (الإمام): والقهر بضم القاف وسكون الهاء موضع مدراسهم الذي يجتمعون فيه، وذكره في (القاموس) و (النهاية) في الفاء لا في القاف. أفاده الشوكاني. (تخريجه) (مذ) بلفظ حديث الباب وسنده وقال: لا نعرفه من حديث عطاء عن أبي هريرة مرفوعًا إلا من حديث عسل بن سفيان. قلت: وعسل بكسر العين المهملة وسكون السين المهملة وقيل بفتحتين، أبو قرة البصري. قال الحافظ في (التقريب): ضعيف، ورواه أبو داود وابن ماجه من طريق أخرى ليس فيها عسل بزيادة «وأن يغطي الرجل فاه»، ورواه الحاكم في (المستدرك) من الطريق التي رواها أبو داود بالزيادة التي ذكرها وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجا فيه تغطية الرجل فاه في الصلاة. قلت: وأقره الذهبي. قال الشوكاني: وكلامه هذا

838 - عن عطاء بن يسار عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: بينما رجل يصلي وهو مسبل إزاره (1) إذ قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ. قال: فذهب فتوضأ، ثم جاء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذهب فتوضأ. قال: فذهب فتوضأ ثم جاء، فقال (له رجل) (2): مالك يا رسول الله؟ مالك أمرته يتوضأ ثم سكت؟ (3) قال: إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره وإن الله عز وجل لا يقبل صلاة عبد مسبل إزاره (4).

_ (يعني الحاكم) يفهم أنهما أخرجا أصل الحديث مع أنهما لم يخرجاه. وفي الباب عن أبي جحيفة عند الطبراني في معاجمه الثلاث والبزار في مسنده وفي إسناده حفص بن أبي داود، وقد اختلف فيه عليه وهو ضعيف، وكذلك أبو مالك النخعي وقد ضعفه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم وغيرهم، قال البيهقي: وقد كتبناه من حديث إبراهيم بن طهمان عن الهيثم، فإن كان محفوظًا فهو أحسن من رواية حفص. اهـ. قلت: والحديث له طرق كثيرة وإن كانت كلها ضعيفة لكن يعضد بعضها بعضًا والله أعلم. 838 - عن عطاء بن يسار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس بن محمد قال ثنا أبان وعبد الصمد قال ثنا هشام عن يحي عن أبي جعفر عن عطاء بن يسار عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (الحديث). (غريبه) 1 - هو الذي يطول ثوبه ويرسله إلى الأرض إذا مشى وإنما يفعل ذلك كبرًا واختيالاً (نه). 2 - سقط لفظ «له رجل» من نسخة (المسند) ولذلك جعلتها بين قوسين، وثبتت عند أبي داود والبيهقي. 3 - بفتح التاء المشددة، وفي رواية البيهقي «ثم سكت عنه» يريد أن الرجل توضأ فلماذا أمرته بالوضوء مرة أخرى ولم تبين له سبب ذلك؟ فقال صلى الله عليه وسلم إنه كان يصلي وهو مسبل إزاره. ولعله السر في أمره بالوضوء وهو طاهر إلفات نظره إلى ما ارتكبه من المخالفة، فلما لم يفطن لذلك أمره صلى الله عليه وسلم بالوضوء مرة أخرى، أو زجرًا له لما فعله من إسبال الإزار. 4 - أي لأن فعله هذا ينافي الخشوع والتواضع، والله تعالى لا يقبل الصلاة إلا من عبده الخاشع المتواضع، وكلما ازداد الإنسان إقبالاً على الله ازداد قبولاً عنده، جعلنا الله ممن تقبل عملهم وستر زللهم وغفر خطاياهم. (تخريجه) (د. هق) وحديث الباب أُبهم في سنده الصحابي وجاء في (المسند) تحت

839 - عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في خميصة (1) لها أعلام، فلما قضى صلاته قال: شغلتني أعلامها (2) اذهبوا بها إلى أبي جهم (3) وائتوني

_ ترجمة حديث حية التميمي، ولم يُذكر تحت هذه الترجمة إلا هو وحديث آخر عن حية التميمي عن أبيه في العين والفأل، وأبوه هو حابس بن ربيعة التميمي، قال البغوي: لا أعلم له إلا حديث العين. قلت: فذكر حديث الباب تحت هذه الترجمة خطأ، ورواه أبو داود والبيهقي بسنديهما عن أبان عن يحيى عن أبي جعفر عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: بينما رجل يصلي (الحديث) وفي إسناده عند الجميع أبو جعفر، قال الترمذي: لا يعرف اسمه، قلت: وقد جاء منسوبًا عند البيهقي في بعض طرقه فقال أبو جعفر المدني، وترجمه الحافظ في (التقريب) فقال: أبو جعفر المؤذن الأنصاري المدني مقبول من الثالثة، ومن زعم أنه محمد بن علي بن الحسين فقد وهم، وقال في موضع آخر: هذا ليس بمستقيم، لأن محمد بن علي لم يكن مؤذنًا، ولأن أبا جعفر هذا قد صرح بسماعه من أبي هريرة فتعين أنه غيره. اهـ. 839 - عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة (الحديث). (غريبه) 1 - هي ثوب خز أو صوف معلم. وقيل لا تسمى خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة، وكانت من لباس الناس قديمًا وجمعها الخمائص (نه). قيل سميت بذلك لرقتها وصغرها إذا طويت، مأخوذة من الخمص وهو ضمور البطن. و «الأعلام» جمع علم وهو رقم الثوب أي النقش الذي في طرفه يشبه الكتابة. 2 - يعني كادت تشغله وتلهيه عن كمال الحضور في الصلاة، وليس المراد أنها شغلته صلى الله عليه وسلم بالفعل، ويؤيد ذلك ما رواه البخاري عن عروة عن أبيه عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال: «كنت أنظر إلى علمها وأنا في الصلاة فأخاف أن تفتنني» وما جاء في رواية مالك في (الموطأ) وفيها «فإني نظرت إلى علمها في الصلاة فكاد يفتنني» فإطلاق رواية الباب للمبالغة في القرب لتحقق وقوع الشغل. 3 - رواية مسلم «اذهبوا بهذه الخميصة إلى أبي جهم بن حذيفة» واسم أبي جهم هذا عامر بن حذيفة بن غانم القرشي العدوي المدني الصحابي، قال الحاكم: أبو أحمد ويقال اسمه عبيد بن حذيفة. قال النووي: وهو غير أبي جهيم بضم الجيم وزيادة ياء على التصغير. م. وقال الزبير بن بكار: كان أبو جهم عالمًا بالنسب وكان من المعمرين شهد بنيان الكعبة في الجاهلية، وشهد بنيانها في أيام ابن الزبير. اهـ. وأمر صلى الله عليه وسلم بإرسال الخميصة إلى أبي جهم لكراهته إياها لما يترتب على لبسها في الصلاة من الاشتغال بها، وخص بها أبا جهم لأنه كان أهداها للنبي صلى الله عليه وسلم كما رواه مالك والطحاوي عن عائشة رضي الله عنها قالت: «أهدى أبو جهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم خميصة شامية

بأنبجانيته (1). وعنه من طريق ثان (2) قالت: كان للنبي صلى الله عليه وسلم خميصة فأعطاها أبا جهم وأخذ أنبجانية له، فقالوا: يا رسول الله: إن الخميصة هي خير من الأنبجانية، قالت: فقال: إني كنت أنظر إلى علمهما في الصلاة (3). 840 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا همام قال ثنا قتادة عن ابن سيرين أن النبي صلى الله عليه وسلم كره الصلاة في ملاحف النساء (4). قال قتادة: وحدثني، إما قال: كثير، وإما قال: عبد ربه، شك همام (5)، عن أبي عياض عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وعليه مرط (6) من صوف لعائشة عليها بعضه وعليه بعضه

_ لها علم فشهد فيها النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة فلما انصرف قال: ردي هذه الخميصة إلى أبي جهم فإنها كادت تفتنني» ولا يقال كيف أرسل صلى الله عليه وسلم لأبي جهم ما كرهه لأنه لا يلزم من إرسالها استعمالها في الصلاة. 1 - بفتح الهمزة وسكون النون وكسر الموحدة وتخفيف الجيم وكسر النون الثانية وفتح الياء التحتية مشددة. وقال ثعلب: يجوز فتح الهمزة وكسرها وكذا الموحدة، وهو منسوب إلى موضع اسمه أنبجان، وطلبها صلى الله عليه وسلم من أبي جهم لئلا يؤثر في قلبه رد الهدية، وهذا يدل على كرم أخلاقه صلى الله عليه وسلم وحسن سياسته. (سنده) 2 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: كان للنبي صلى الله عليه وسلم الخ. 3 - المعنى أن ما في طرفها من النقوش كان يلفت نظره إليها، لا أنه صلى الله عليه وسلم كان يتعمد النظر والله أعلم. (تخريجه) (ق. لك. نس. جه) وغيرهم. 840 - حدثنا عبد الله (غريبه) 4 - جمع ملحفة بكسر الميم وهي الملاءة التي تلتحف بها المرأة، واللحاف كل ثوب يتغطى به، والجمع لحف، ككتاب وكتب. 5 - المعنى أن همامًا روى هذين الحديثين عن قتادة فذكر سند الحديث الأول ثم شك همام في سند الحديث الثاني هل قال قتادة حدثني كثير عن أبي عياض عن عائشة أم قال: حدثني عبد ربه عن أبي عياض عن عائشة، شك همام في ذلك، وكلاهما حسن، أما كثير فهو ابن أبي كثير البصري قال في (الخلاصة): وثقه العجلي، وأما عبد ربه فهو ابن أبي يزيد قال في (التقريب) مستور. 6 - بكسر الميم وهو كساء من صوف أو خز يؤتزر به وتتلفع المرأة به، والجمع مروط مثل حمل وحمول. (تخريجه) الحديث الأول جاء مرسلاً عند الإمام أحمد وقد وصله أبو داود فقال

8 - باب نهي المصلي عن التنخم جهة الإمام أو اليمين وعن الاختصار في الصلاة 841 - عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى

_ حدثنا عبيد الله بن معاذ نا أبي نا أشعث عن محمد بن سيرين عن عبد الله بن شقيق عن عائشة رضي الله عنها «قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلي في شعرنا ولحفنا» ورواه أيضًا النسائي وابن ماجه وكذا الترمذي وصححه ولفظه «لا يصلي في لحف نسائه» والحديث الثاني أخرجه (م. نس. جه) وظاهر الحديثين التناقض، فإن في الأول كراهة الصلاة في لحف النساء، وفي الثاني الجواز ولا تناقض، لأنه يمكن الجمع بحمل الكراهة على ما إذا صلى فيه مع وجود غيره، لأنه في هذه الحالة يستحب الاحتياط والأخذ باليقين، ويحمل الجواز على ما إذا لم يجد غيره ولم يعلم بنجاسة فيصلي فيه، وفي هذا دفع للوسواس والله أعلم. (الأحكام) أحاديث الباب فيها النهي عن اللبستين: اشتمال الصماء والاحتباء في ثوب واحد. وقد مر تفسيرهما آنفًا. قال النووي: فعلى تفسير أهل اللغة يكون مكروهًا لئلا تعرض له حاجة فيتعسر عليه إخراج يده فيلحقه الضرر، وعلى تفسير الفقهاء يحرم لأجل انكشاف العورة. قال الشوكاني: والحديث يدل على تحريم هاتين للبستين لأنه المعنى الحقيقي للنهي، وصرفه إلى الكراهة مفتقر إلى دليل. وفيها أيضًا دليل على عدم قبول صلاة المسبل إزاره في الصلاة، والسبل والإسدال معناهما واحد على قول الأكثر، وهو حرام بإجماع العلماء، إذا قصد به الكبر والخيلاء، وسواء كان في الصلاة أم خارجًا عنها، وإذا كان بغير قصد الخيلاء يكره عند الشافعية، وقالت الحنابلة والمالكية: لا بأس به. وقالت الحنفية: إن كان يقصد الخيلاء كره وإلا فلا. قال الشوكاني: قال جابر بن عبد الله وعطاء والحسن وابن سيرين ومكحول وعطاء والزهري: لا بأس به. وروي ذلك عن مالك، وأنت خبير بأنه لا موجب للعدول عن التحريم إن صح الحديث لعدم وجدان صارف له عن ذلك. اهـ. وفيها أيضًا كراهة امتداد النظر إلى ما يشغل وإزالة ما يخاف اشتغال القلب به وكراهية تزويق محراب المسجد وحائطه ونقشه وغير ذلك من الشاغلات لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل العلة في إزالة الخميصة هذا المعنى، وفي حديث الخميصة أن الصلاة تصح وإن حصل فيها فكر شاغل ونحوه مما ليس متعلقًا بالصلاة. قال النووي: وهذا بإجماع الفقهاء. وفيه صحة الصلاة في ثوب له أعلام وأن غيره أولى. اهـ. وفي أحاديث الباب أيضًا دليل على اجتناب ثياب النساء التي يظن نجاستها وتقدم الكلام على ذلك في باب الصلاة في ثوب النوم وشعر النساء من أبواب ستر العورة. والله أعلم. 841 - عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

نخامة (1) في قبلة المسجد، فقام فحكها أو قال: فحتها (2) بيده ثم اقبل على الناس فتغيظ عليهم، وقال: إن الله عز وجل قبل وجه أحدكم في صلاته (3) فلا يتنخمن أحد منكم قبل وجهه في صلاته. 842 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن سعيد وابن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن أنس رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا كان أحدكم في الصلاة فإنه مناج ربه (4) فلا يتفلن أحد منكم عن يمينه،

_ إسماعيل أنا أيوب عن نافع عن ابن عمر (الحديث). (غريبه) 1 - النخامة هي البزقة التي تخرج من أقصى الحلق ومن مخرج الخاء المعجمة يقال تنخم إذا رمى نخامته. 2 - الحت والحك بمعنى، وهو الفرك والقشر، قاله الأزهري، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم باشر إزالتها بيده الشريفة وأنها كانت يابسة إذ لو كانت رطبة لقال مسحها. وقوله «فتغيظ عليهم» أي غضب صلى الله عليه وسلم على الحاضرين لتركهم ما يقذر المسجد وإن كان طاهرًا. 3 - قال الخطابي: تأويله أن القبلة التي أمر الله عز وجل بالتوجه إليها في الصلاة قبل وجهه فليصنها عن النخامة، وفيه إضمار وحذف واختصار، كقوله تعالى {وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ} [البقرة/93] أي حب العجل، وإنما أضيفت تلك الجهة إلى الله تعالى على سبيل التكرمة كما قيل بيت الله وكعبة الله. اهـ. وقال المازري: لما كانت القبلة دليلاً على أن قاصدها موحد كانت علامة على التوحيد، والمصلي يتقرب إلى الله تعالى بالتوجه إليها فهو محل معظم المعنى، فإن الجهة المعظمة قبل وجهه، فلا يقابلها بالبصاق الذي جرت به العادة أن لا يقابل به إلا الحقير المهان ولذا قال (في بعض الروايات) «أيحب أحدكم أن يستقبل فيتنخم في وجهه». اهـ. (تخريجه) (ق. لك. نس). 842 - حدثنا عبد الله (غريبه) 4 - المراد بالمناجاة هنا إقباله تعالى على عبده بالرحمة والرضوان، وإقبال العبد على ربه بالخشوع وحضور القلب وتدبر القرآن، ومن كان هذا حاله فلا يتفلن أمامه لأنه مستقبل أشرف جهة عظمها الله، ولا عن يمينه لأن الملك عن يمينه كما في رواية وخصص ملك اليمين إكرامًا له، فإن كان ولا بد من ذلك فليكن عن يساره في ثوبه أو منديل يعده لذلك أو تحت قدمه إن كان فرش المسجد حصى أو ترابًا كما كان مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بشرط أن يدفنها فيه وإلا ارتكب خطيئة، فقد روى الشيخان والإمام أحمد

قال ابن جعفر: فلا يتفل أمامه ولا عن يمينه ولكن عن يساره أو تحت قدميه. 843 - عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى نخامة في القبلة قال: يقول مرة فحتها قال: ثم قال: قمت فحتيتها (1) ثم قال: أيحب أحدكم إذا كان في صلاته أن يتنخع في وجهه أو يبزق في وجهه؟ إذا كان أحدكم في صلاته فلا يبزقن بين يديه ولا عن يمينه، ولكن عن يساره تحت قدمه، فإن لم يجد (2) قال بثوبه هكذا. 844 - عن زياد بن صبيح الحنفي قال: كنت قائمًا أصلي إلى البيت وشيخ إلى جانبي فأطلت الصلاة فوضعت يدي على خصري (3) فضرب الشيخ صدري بيده ضربة لا يألو (4) فقلت في نفسي: ما رابه (5) مني؟ فأسرعت الانصراف

_ وغيرهما عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها». (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم) 843 - عن أبي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا شعبة قال قاسم بن مهران أخبرنيه قال سمعت أبا رافع يحدث عن أبي هريرة (الحديث). (غريبه) 1 - يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم حت منها جزءًا ففطن له أبو هريرة فقام فحت الباقي. 2 - أي فإن لم يجد مكانًا عن يساره بأن كان مشغولاً بمصل آخر أو غلب عليه البزاق أو النخامة فليتفل في ثوبه. وفي رواية لمسلم «فإن لم يجد فليقل به هكذا» وفي رواية عند أبي داود بعد قوله «هكذا» قال: «ووصف لنا ابن عجلان ذلك أن يتفل في ثوبه ثم يرد بعضه على بعض». (تخريجه) (ق. وغيرهما). 844 - عن زياد بن صبيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا سعيد بن زياد الشيباني ثنا زياد بن صبيح الحنفي الخ. (غريبه) 3 - الخصر من الإنسان وسطه وهو المستدق فوق الوركين، والجمع خصور مثل فلس وفلوس، والاختصار والتخصر في الصلاة وضع اليد على الخصر، قاله في (المصباح). 4 - أي ضربة شديدة لا يقصر في شدتها. 5 - الريب الظن والشك ورابني الشيء يريبني إذا جعلك شاكًا قال أبو زيد: رابني من فلان أمر يريبني ريبًا إذا استيقنت منه الريبة، فإذا أسأت به الظن ولم تستيقن منه الريبة قلت: أرابني

فإذا غلام خلفه قاعد فقلت: من هذا الشيخ؟ فقال: هذا عبد الله بن عمر. فجلست حتى انصرف. فقلت: أبا عبد الرحمن ما رابك مني؟ قال: أنت هو؟ قلت: نعم. قال: ذاك الصلب (1) في الصلاة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عنه. 845 - عن يزيد بن هارون عن هشام (2) عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: نُهي عن الاختصار في الصلاة، قال (3): قلنا لهشام: ما الاختصار؟ قال: يضع يده على خصره وهو يصلي. قال يزيد: قلنا لهشام ذكره عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم؟ قال برأسه نعم.

_ منه أمر هو فيه إرابة، وأراب فلان إرابة فهو مريب إذا بلغك عنه شيء أو توهمته. اهـ. (مصباح). 1 - يعني وضع اليدين على الخاصرتين في الصلاة حالة القيام شبيه بالمصلوب، فإن المصلوب يمد يديه على الجذع، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن التخصر الشبيه بالصلب. (تخريجه) (د. نس) وسنده جيد. 845 - عن يزيد بن هارون (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا هشام عن محمد الخ. (غريبه) 1 - هشام هو ابن حسان البصري. و (محمد) هو ابن سيرين. 2 - قال يعني يزيد بن هارون. 3 - وذكره ابن أبي شيبة في مصنفه عن محمد بن سيرين وكذا فسره الترمذي، وفي رواية للبخاري «نهى عن الخصر في الصلاة» وفي أخرى له «نهى أن يصلي الرجل مختصرًا» ونحوها للنسائي، وفي رواية للبيهقي «نهى عن التخصر». (تخريجه) (ق. والثلاثة). (الأحكام) أحاديث الباب فيها النهي عن البصاق جهة اليمين أو الأمام لمن كان في المسجد أو غيره سواء أكان متلبسًا بصلاة أم لا، وبذلك جزم النووي. قال الحافظ: ويشهد للمنع ما رواه عبد الرزاق وغيره عن ابن مسعود أنه كره أن يبصق عن يمينه وليس في صلاة، وعن معاذ بن جبل: «ما بصقت عن يميني منذ أسلمت»، وعن عمر بن عبد العزيز أنه نهى ابنه عنه مطلقًا، وقال مالك: لا بأس به خارج الصلاة، ويدل لما قاله التقييد بالصلاة في حديث أنس المذكور في الباب. اهـ. ويجوز أن يبصق جهة يساره أو تحت قدمه بشرط أن يدفن بصقته إن كان في المسجد، فإن لم يدفنها فقد أساء وارتكب خطيئة ولا كفارة لها إلا دفنها كما في الحديث، فإن دفنها محيت عنه هذه الخطيئة

9 - باب جواز التسبيح والتصفيق والإشارة في الصلاة للحاجة 846 - عن جابر (بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو منطلق إلى بني المصطلق (1) فأتيته وهو يصلي على بعيره (2) فكلمته

_ وتقدم الكلام على ذلك في باب تنزيه المساجد عن الأقذار من أبواب المساجد، وإنما ذكرت هنا طرفًا من الأحاديث الواردة في ذلك غير ما ذكرت هناك لمناسبة ما يجوز فعله في الصلاة، وما لا يجوز. وحكم البصاق في الصلاة أنه لا يبطلها، وكذا التنخع إن لم يتبين منه حرفان أو كان مغلوبًا عليه. ذكره النووي. وفي أحاديث الباب أيضًا النهي عن التخصر في الصلاة، وظاهر النهي التحريم لعدم قيام قرينة تصرف النهي عن التحريم الذي هو معناه الحقيقي، وبه قال أهل الظاهر. قال العيني في (شرح البخاري): اختلفوا في حكم الخصر في الصلاة، فكرهه ابن عمر وابن عباس وعائشة وإبراهيم النخعي ومجاهد وأبو مجلز وآخرون، وهو قول أبي حنيفة ومالك والشافعي والأوزاعي. وذهب أهل الظاهر إلى تحريم الاختصار في الصلاة عملاً بظاهر الحديث. اهـ. فائدة: قال الحافظ اختلف في حكمة النهي عن ذلك (يعني الاختصار في الصلاة) فقيل: لأن إبليس أهبط متخصرًا، أخرجه ابن أبي شيبة من طريق حميد بن هلال موقوفًا، وقيل: لأن اليهود تكثير من فعله فنهي عنه كراهة للتشبه بهم. أخرجه البخاري في ذكر بني إسرائيل عن عائشة، زاد ابن أبي شيبة فيه «في الصلاة»، وفي رواية له «لا تشبهوا باليهود». وقيل: لأنه راحة أهل النار، أخرجه ابن أبي شيبة أيضًا عن مجاهد قال: «وضع اليد على الحقو استراحة أهل النار». وقيل: لأنه صفة الراجز حين ينشد، رواه سعيد بن منصور من طريق قيس بن عبادة بإسناد حسن. وقيل: لأنه فعل المتكبرين. حكاه المهلب. وقيل: لأنه فعل أهل المصائب. حكاه الخطابي. قال الحافظ بعد ذكر هذه الأقوال: وقول عائشة أعلى ما ورد في ذلك، ولا منافاة بين الجميع. اهـ. والله أعلم. 846 - عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زهير ثنا أبو الزبير عن جابر (الحديث). (غريبه) 1 - هي غزوة كانت في شعبان من السنة السادسة بعد الهجرة، وكان قد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن بني المصطلق تجمعوا له، وكان قائدهم الحارث بن أبي ضرار أبو جويرية زوج النبي صلى الله عليه وسلم فنصره الله عليهم وقتل منهم من قتل وأسر من أسر، ووقعت جويرية في الأسر فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، فلما علم الناس بذلك قالوا: أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم. فأعتقوا أكثر من مائة بيت من أهل بني المصطلق، فما كانت امرأة أعظم بكرة على قومها منها. وسيأتي تفصيل ذلك في الغزوات من كتاب السيرة إن شاء الله تعالى. 2 - يعني

فقال بيده هكذا، ثم كلمته فقال بيده هكذا، وأنا أسمعه يقرأ ويومئ برأسه، فلما فرغ قال: ما فعلت في الذي أرسلتك؟ فإنه لم يمنعني إلا أني كنت أصلي (1)، زاد في رواية «وهو موجه (3) حينئذ إلى الشرق». 847 - عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر فجعل يهوي بيده قال خلف: يهوي في الصلاة (3) قدامه، فسأله القوم حين انصرف، فقال: إن الشيطان هو كان يلقي عليّ شرر النار ليفتنن عن صلاتي، فتناولته فلو أخذته ما انفلت مني حتى يناط (4) إلى سارية

_ صلاة النافلة. وقوله «فقال بيده» يعني أشار بيده ولم يكلمه لاشتغاله بالصلاة. 1 - رواية مسلم «فإنه لم يمنعني أن أكلمك إلا أني كنت أصلي» وله في رواية أخرى «فسلمت عليه فلم يرد علي، فلما انصرف قال: إنه لم يمنعني أن أرد عليك إلا أني كنت أصلي». 2 - بكسر الجيم أي موجه وجهه وراحلته، وفيه دليل لجواز النافلة في السفر حيث توجهت به راحلته، وهو مجمع عليه. قاله النووي. وتقدم الكلام على ذلك في الباب الرابع من أبواب القبلة. (تخريجه) (م. نس. هق. وغيرهم). 847 - عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق وخلف بن الوليد قالا ثنا إسرائيل عن سماك أنه سمع جابر بن سمرة يقول: صلى بنا (الحديث). (غريبه) 3 - يعني أن خلفًا أحد مشايخ الإمام أحمد قال في روايته «فجعل يهوي في الصلاة» وقال عبد الرزاق (الشيخ الثاني للإمام أحمد): «فجعل يهوي بيده في الصلاة»، فلما اختلف لفظهما ذكر الإمام أحمد لفظ كل واحد منهما كما هي عادته في مثل ذلك، وهذا من الدقة والتحري في الرواية، والمعنى فجعل يشير بيده في الصلاة أمامه يريد أن يمسك الشيطان بيده ليريهم إياه، وهذا غير ممتنع عقلاً على من اصطفاهم الله وخرق لهم العوائد. قال الخطابي رحمه الله: فيه دليل على أن رؤية الجن البشر غير مستحيلة، والجن أجسام لطيفة، والجسم وإن لطف فدركه غير ممتنع أصلاً، وأما قوله تعالى {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ} [الأعراف/27] فإن ذلك حكم الأعم الأغلب من أحوال بني آدم، امتحنهم الله بذلك وابتلاهم ليفزعوا إليه ويستعيذوا به من شرهم ويطلبوا الأمان من غائلتهم، ولا ينكر أن يكون حكم الخاص والنادر من المصطفين من عباده بخلاف ذلك. اهـ. 4 - أي يعلق من ناط الشيء

من سواري المسجد ينظر إليه ولدان أهل المدينة. 848 عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن صهيب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه أنه قال: مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي، فسلمت، فرد إلي إشارة، وقال: لا أعلم إلا أنه قال إشارة بإصبعه. 849 - وعنه أيضًا قال: قلت لبلال: كيف كان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون في الصلاة؟ قال: كان يشير بيده. 850 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يشير في الصلاة.

_ علقه وبابه قال: والسارية هي العمود. (تخريجه) لم أقف عليه من حديث جابر بن سمرة، وروى نحوه الشيخان من حديث أبي هريرة، ووجه الدلالة منه أنه صلى الله عليه وسلم أشار بيده وهو في الصلاة فدل على أن الإشارة جائزة للحاجة. 848 عن عبد الله بن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج بن محمد قال: قال ليث يعني ابن سعد حدثني بكير يعني ابن عبد الله بن الأشج عن نابل صاحب العباء عن عبد الله بن عمر (الحديث). (تخريجه) (الثلاثة والبيهقي) وصححه الترمذي. 849 - وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا هشام بن سعد عن نافع عن ابن عمر قال قلت لبلال (الحديث). (تخريجه) (الأربعة والبيهقي) إلا أن في رواية النسائي وابن ماجه صهيبًا مكان بلال والحديث رجاله رجال الصحيح وصححه الترمذي. 850 - عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن أنس (الحديث). (تخريجه) (د. قط. حب. وابن خزيمة) ورجاله من رجال الصحيحين، وقد صحت الإشارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية أم سلمة في حديث الركعتين بعد العصر، ومن حديث عائشة وجابر لما صلى بهم جالسًا في مرض له فقاموا خلفه فأشار غليهم أن اجلسوا، وحديث أم سلمة المشار إليه رواه

851 - عن يزيد بن كيسان استأذنت على سالم بن أبي الجعد (1) وهو يصلي فسبح لي، فلما سلم قال: إن إذن الرجل إ اكان في الصلاة يسبح (2) وإن إذن المرأة أن تصفق (3). 852 - ز. عن علي رضي الله عنه قال: كنت آتي النبي صلى الله عليه وسلم فأستأذن

_ البخاري ومسلم وأبو داود من رواية كريب أن ابن عباس والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن أزهر أرسلوه إلى عائشة ثم إلى أم سلمة فقالت أم سلمة: «سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عن الركعتين بعد العصر، ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر، ثم دخل عليّ وعندي نسوة من بني حرام، فأرسلت إليه الجارية فقلت: قومي بجنبه، وقولي له: تقول لك أم سلمة: يا رسول الله سمعتك تنهى عن هاتين وأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخري عنه، ففعلت الجارية، فأشار بيده (الحديث). وحديث عائشة أخره أيضًا الشيخان وأبو داود وابن ماجه في صلاته شاكيًا، وفيه «فأشار إليهم أن اجلسوا» (الحديث) وحديث جابر أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه في قصة شكوى النبي صلى الله عليه وسلم وفيه «فأشار إلينا فقعدنا» (الحديث). 851 - عن يزيد بن كيسان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مروان ابن معاوية الفزاري أنا يزيد بن كيسان. (غريبه) 1 - هو من التابعين ومن رجال الستة مات سنة سبع وتسعين وقيل سنة ثمان وقيل سنة مائة. 2 - أي يقول: سبحان الله كما في رواية للبخاري والإمام أحمد «من نابه شيء في صلاته فليقل سبحان الله» وستأتي. 3 - التصفيق بالقاف، وفي رواية عند أبي داود والإمام أحمد بالحاء المهملة، قال ابن حزم: لا خلاف في أن التصفيح والتصفيق بمعنى واحد، وهو الضرب بإحدى صفحتي الكف على الأخرى. قال العراقي: وما ادعاه من نفي الخلاف ليس بجيد، بل فيه قولان آخران أنهما مختلفا المعنى. أحدهما أن التصفيح الضرب بظاهر إحداهما على الأخرى، والتصفيق الضرب بباطن إحداهما على باطن الأخرى. حكاه صاحب (الإكمال) وصاحب (المفهم). والقول الثاني: أن التصفيح الضرب بإصبعين للإنذار والتنبيه، وبالقاف بالجميع للهو واللعب، وروى أبو داود في سننه عن عيسى بن أيوب أن التصفيح الضرب بأصبعين من اليمين على باطن الكف اليسرى. (تخريجه) الحديث منقطع ولم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأحاديث الباب الموصولة تعضده. 852 - ز. عن عليّ رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبو كريب

فإن كان في صلاة سبح، وإن كان في غير صلاة أذن لي. 853 - عن جابر (بن عبد الله رضي الله عنهما) قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: إذا أنساني الشيطان شيئًا من صلاتي فليسبح الرجال وليصفق النساء. 854 - عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: من نابه شيء في صلاته (1) فليقل: سبحان الله،

_ محمد بن العلاء ثنا ابن المبارك عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة قال: قال علي رضي الله عنه: كنت آتي النبي صلى الله عليه وسلم (الحديث). (تخريجه) قال الحافظ في (التلخيص): رواه النسائي من حديث جرير عن مغيرة عن الحارث الفلكي عن عبد الله بن نجي عن عليّ قال: «كان لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة آتيه فيها، إذا أتيت استأذنت، فإن وجدته يصلي فسبح دخلت، وإن وجدته فارغًا أذن لي» ورواه من حديث أبي بكر بن عياش عن مغيرة بلفظ «فتنحنح» بدل «فسبح»، وكذا رواه ابن ماجه وصححه ابن السكن، وقال البيهقي: هذا مختلف في إسناده ومتنه، قيل: «سبح» وقيل «تنحنح» قال: ومداره على عبد الله بن نجي. قلت: واختلف عليه فقيل عنه عن عليّ، وقيل عن أبيه عن عليّ، وقال يحيى بن معين: لم يسمعه عبد الله من عليّ، بينه وبين عليّ أبوه. اهـ. قلت: رواية الإمام أحمد ليست من هذا الطريق، وليس فيها «تنحنح»، لكن في إسنادها عليّ بن يزيد بن أبي زياد الألهاني ضعيف. 853 - عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن إسحاق ثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر (الحديث). (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد، ورواه ابن أبي شيبة عن جابر لفظ «التسبيح للرجال والتصفيق للنساء» واختلف في رفعه ووقفه، ورواه ابن أبي شيبة أيضًا عن جابر من قوله، ورواية الإمام أحمد في إسنادها ابن لهيعة فيه كلام. 854 - عن سهل بن سعد الساعدي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي حازم سمع سهل بن سعد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من نابه شيء في صلاته (الحديث). (غريبه) 1 - أي نزل به شيء من الحوادث والمهمات وأراد إعلام غيره كإذنه لداخل

إنما التصفيق للنساء والتسبيح للرجال. 855 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: التسبيح للرجال والتصفيق للنساء.

_ وإنذاره لأعمى وتنبيهه لساه أو غافل. (تخريجه) (ق. د. نس) وهو حديث طويل وهذا طرف منه، وسيأتي بتمامه في باب الإمام ينتقل مأمومًا إذا استخلف فحضر مستخلفه من أبواب صلاة الجماعة. 855 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد قال ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة (الحديث). (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم). (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أنه لا بأس أن يسلم غير المصلي على المصلي لتقريره صلى الله عليه وسلم من سلم عليه على ذلك، وجواز تكليم المصلي بالغرض الذي يعرض لذلك، وجواز الرد بالإشارة، وقد قدمنا في الأحكام في آخر باب النهي عن الكلام في الصلاة ذكر القائلين باستحباب الرد بالإشارة والمانعين من ذلك، وقد استدل القائلون بالاستحباب بالأحاديث المذكورة في هذا الباب، واستدل المانعون بحديث ابن مسعود المذكور هناك، لقوله فيه «فلم يرد علينا» ولكنه ينبغي أن يحمل الرد المنفي هناك على الرد بالكلام لا الرد بالإشارة، لأن ابن مسعود نفسه قد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رد عليه بالإشارة، ولو لم ترد عنه هذه الرواية لكان الواجب هو ذلك جمعًا بين الأحاديث. فائدة: ورد في أحاديث الباب في كيفية الإشارة لرد السلام في الصلاة حديث ابن عمر عن صهيب قال: «لا أعلمه إلا أنه قال إشارة بأصبعه» وحديث بلال «كان يشير بيده» ولا اختلاف بينهما فيجوز أن يكون أشار مرة بأصبعه ومرة بجميع يده، ويحتمل أن يكون المراد باليد الأصبع حملاً للمطلق على المقيد، وفي حديث ابن عمر الذي في الباب ورواه أبو داود أيضًا أنه سأل بلالاً: كيف رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم حين كانوا يسلمون عليه وهو يصلي؟ فقال: يقول هكذا. وبسط جعفر بن عون كفه وجعل بطنه أسفل وجعل ظهره إلى فوق، ففيه الإشارة بجميع الكف، وفي حديث ابن مسعود عند البيهقي بلفظ «فأومأ برأسه»، وفي رواية له «فقال برأسه يعني الرد» ويجمع بين الروايات بأنه صلى الله عليه وسلم فعل هذا مرة وهذا مرة فيكون جميع ذلك جائزًا. أفاده الشوكاني. قلت: وفي أحاديث الباب أيضًا جواز الإشارة في الصلاة للحاجة ولو لغير رد السلام كما في حديث جابر بن سمرة، وما ذكرناه في

10 - باب جواز البكاء في الصلاة من خشية الله 856 - عن مطرق (بن عبد الله) عن أبيه (1) رضي الله عنه قال: انتهيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي ولصدره أزيز (2) كأزيز المرجل. (زاد في رواية «من البكاء») (3). 857 - عن عائشة رضي الله عنها في حديث مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مروا أبا بكر فليصل بالناس. قالت عائشة: يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق (4) لا يملك دمعه، وإنه

_ خلال الشرح من حديث أم سلمة وعائشة وجابر. وفيها أيضًا دليل على جواز التسبيح للرجال والتصفيق للنساء إذا ناب أمر من الأمور. قال الشوكاني: وهي ترد على ما ذهب إليه مالك في المشهور عنه من أن المشروع في حق الجميع التسبيح دون التصفيق، وعلى ما ذهب إليه أبو حنيفة من فساد صلاة المرأة إذا صفقت في صلاتها، قال: وقد اختلف في حكم التسبيح والتصفيق: هل الوجوب أو الندب أو الإباحة؟ فذهب جماعة من الشافعية إلى أنه سنة، منهم الخطابي وتقي الدين السبكي والرافعي، وحكاه عن أصحاب الشافعي. اهـ. والله أعلم. 856 - عن مطرف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا حماد عن ثابت عن مطرف (بن عبد الله) عن أبيه (الحديث). (غريبه) 1 - هو عبد الله بن الشخير بكسر الشين المعجمة والخاء المشددة المكسورة صحابي من مسلمة الفتح. 2 - «الأزيز» هو صوت القدر عند غليان الماء. و «المرجل» بوزن منبر قدر من نحاس، وقد يطلق على كل قدر يطبخ فيه. والمعنى أنه يجيش جوفه ويغلي من البكاء من خشية الله تعالى. 3 - قال عبد الله بن الإمام أحمد في آخر الحديث «لم يقل من البكاء إلا يزيد بن هارون». قلت: يعني في روايته وتقدمت في باب افتتاح الصلاة والخشوع فيها. (تخريجه) (د. نس. حب. مذ) وصححه. 857 - عن عائشة هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في الفصل الثالث من باب مرضه صلى الله عليه وسلم إلى أن لحق بالرفيق الأعلى من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى. (غريبه) 4 - أي رقيق القلب، وفي رواية للبخاري أنها قالت: إن أبا بكر

إذا قرأ القرآن بكى، قالت: ما قلت ذلك إلا كراهية أن يتأثم الناس بأبي بكر (5) أن يكون أول من قام مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس فراجعته، فقال: مروا أبا بكر فليصل بالناس، إنكن صواحب يوسف (1).

_ أسيف إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس. 5 - أي يتشاءموا به ويتجنبوه كتجنبهم الإثم لكونه أول من قام مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم. 1 - صواحب جمع صاحبة والمراد أنهن مثل صواحب يوسف في إظهار خلاف ما في الباطن، وهذا الخطاب وإن كان بلفظ الجمع فالمراد به واحدة هي عائشة فقط، كما أن المراد بصواحب يوسف زليخا فقط، كذا قال الحافظ، ووجه المشابهة بينهما في ذلك أن زليخا استدعت النسوة وأظهرت لهن الإكرام بالضيافة ومرادها زيادة على ذلك، وهو أن ينظرن إلى حسن يوسف ويعذرنها في محبته، وأن عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرف الإمامة عن أبيها كونه لا يسمع المأمومين القراءة لبكائه ومرادها زيادة، وهو أن لا يتشاءم الناس به كما صرحت بذلك في بعض طرق الحديث عند مسلم فقالت: والله ما بي إلا كراهية أن يتشاءم الناس بأول من يقوم في مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) (د. س. حب. مذ) وصححه. ووجه الاستدلال بهذا الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما صمم على استخلاف أبي بكر بعد أن أخبر أنه إذا قرأ غلبه البكاء دل ذلك على الجواز، والله أعلم. وفي الباب عند ابن حبان والإمام أحمد وسيأتي في غزوة بدر من أبواب الغزوات إن شاء الله تعالى عن عليّ رضي الله عنه قال: «ما كان فينا فارس يوم بدر غير المقداد، ولقد رأيتنا وما فينا إلا نائم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة يصلي ويبكي» وهذا لفظ الإمام أحمد، وترجم له ابن حبان بذكر الإباحة للمرء أن يبكي من خشية الله، وأخرج البخاري وسعيد بن منصور وابن المنذر أن عمر صلى صلاة الصبح وقرأ سورة يوسف حتى بلغ إلى قوله تعالى {إِنَّمَا أَشْكُو بَثِّي وَحُزْنِي إِلَى اللَّهِ} [يوسف/86] فسمع نشيجه». (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز البكاء في الصلاة وأنه لا يبطلها، وللأئمة تفصيل في ذلك. فذهبت الحنفية إلى أنه غير مبطل للصلاة إن كان من خشية الله تعالى أو لذكر الجنة أو النار، فإن كان لوجع أو مصيبة بطلت. وذهبت المالكية إلى أن البكاء لخوف الله تعالى والدار الآخرة غير مبطل للصلاة ولو بصوت، أما إن كان لغير ذلك فإن كان بلا صوت فلا بأس وإلا فالكلام إن كان عمدًا أبطل قليله وكثيرة، وإن كان سهوًا أبطل كثيرة دون قليله. وذهبت الشافعية

11 - باب جواز قتل الأسودين في الصلاة والمشي اليسير والالتفات فيها لحاجة 858 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأسودين (1) في الصلاة: العقرب والحية. 859 - عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي (2) في البيت والباب عليه مغلق، فجئت فمشى حتى فتح لي ثم رجع إلى مقامه، ووصفت أن الباب في القبلة (3). وعنها من طريق ثان (4) قالت: استفتحت الباب ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم يصلي فمشى في القبلة إما عن يمينه

_ إلى عدم البطلان إن لم يظهر منه حرفان، فإن ظهر أبطل مطلقًا، سواء أكان من خشية الله تعالى أم لا. وذهبت الحنابلة إلى أنه إن كان من خشية الله تعالى فغير مبطل مطلقًا، ظهر من حرفان أم لا، وإن كان لغير ذلك فإن ظهر من حرفان أبطل ما لم يكن غلبه وإلا فلا. 858 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان قال حفظت عن معمر عن يحيى أخبره عن ضمضم عن أبي هريرة (الحديث). (غريبه) 1 - تسمية الحية والعقرب بالأسودين من باب التغليب ولا يسمى بالأسود في الأصل إلا الحية. (تخريجه) (الأربعة) وقال الترمذي: حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح. اهـ. وأخرجه أيضًا (حب. ك.) وصححه. 859 - عن عروة عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي أنا بشر بن المفضل ثنا برد عن الزهري عن عروة عن عائشة (الحديث). (غريبه) 2 - عند النسائي يصلي تطوعًا وبوب عليه الترمذي فقال: باب ما يجوز من المشي والعمل في صلاة التطوع. 3 - يعني أن عروة قال: ووصفت عائشة أن الباب في القبلة. أي كان إلى جهتها، فيستفاد منه أنه صلى الله عليه وسلم لم يتحول عن القبلة لأن مشيه كان متجهًا إليها ثم تأخر وهو مستقبلها حتى رجع إلى مكانه، ويؤيد ذلك ما رواه الدارقطني عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فإذا استفتح إنسان الباب فتح الباب ما كان في القبلة أو عن يمينه أو عن يساره ولا يستدبر القبلة». (سنده) 4 - حدثنا عبد الله حدثني أبي أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد قال حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى

وإما عن يساره (1) حتى فتح لي ثم رجع إلى مصلاه. 860 - عن الأزرق بين قيس قال: كان أبو برزة (الأسلمي) رضي الله عنه بالأهواز (2) على حرف نهر وقد جعل اللجام في يده، وجعل يصلي، فجعلت الدابة تنكص (3)، وجعل يتأخر معها، فجعل رجل من الخوارج يقول: اللهم اخز هذا الشيخ كيف يصلي؟ قال: فلما صلى قال: قد سمعت مقالتكم، غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ستًا أو سبعًا أو ثمانيًا فشهدت أمره وتيسيره، لكان رجوعي مع دابتي أهون علي من تركها فتنزع (4) إلى مألفها فيشق عليّ. وصلى أبو برزة العصر ركعتين (5).

_ السامي حدثنا برد عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: استفتحت الخ. 1 - المعنى أنه صلى الله عليه وسلم مشى متجهًا إلى القبلة من جهة يمينه أو جهة يساره شك الراوي في ذلك. (تخريجه) (د. نس. قط. مذ) وسنده جيد. 860 - عن الأزرق بن قيس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الأزرق بين قيس (الحديث). (غريبه) 2 - الأهواز بفتح الهمزة وسكون الهاء، هي بلدة معروفة بين البصرة وفارس، فتحت في خلافة عمر. قال في (المحكم): ليس له واحدة من لفظه. قال أبو عبيدة البكري: هي بلد يجمعها سبع كور فذكرها. قال ابن خرداذبه: هي بلاد واسعة متصلة بالجبل وأصبهان. أفاده الحافظ في (الفتح). 3 - بضم الكاف من باب قعد أي تتأخر والنكوص الإحجام عن الشيء. 4 - بكسر الزاي من باب ضرب أي تذهب إلى المكان الذي ألفته من قبل، يقال: نزع إلى الشيء نزاعًا ذهب إليه واشتاق أيضًا. 5 - أي لكونه كان مسافرًا، والمعنى أن بعض الخوارج عاب على أبي برزة صلاته لكونه كان يصلي وهو آخذ بلجام دابته ولكونه تأخر معها ففهم ذلك أبو برزة وأخبرهم أنهم لم يشهدوا زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هو فقد شهد ذلك وعلم أوامره صلى الله عليه وسلم في الدين وأنه يسر لا حرج فيه، فلو لم يمسك بلجام دابته ويجاريها في تأخرها لتفلتت منه وشق عليه الحصول عليها وتعطلت مصالحه، فسهولة الدين تقضي بما فعله والله أعلم. (تخريجه) (خ. هق).

861 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي يلتفت يمينًا وشمالاً ولا يلوي عنقه خلف ظهره. 862 - عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن رجل (1) من أصحاب عكرمة قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلحظ (2) في صلاته من غير أن يلوي عنقه. 863 - عن أنس بن سيرين قال: رأيت أنس بن مالك يستشرف (3) لشيء وهو في الصلاة ينظر إليه.

_ 861 - عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحسن بن يحيى والطالقاني قالا ثنا الفضل بن موسى نا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس (الحديث). وفي آخره قال الطالقاني: حدثني ثور عن عكرمة عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله. (تخريجه) الحديث أورده الحازمي في الاعتبار وقال: هذا حديث غريب تفرد به الفضل بن موسى عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند متصلاً وأرسله غيره عن عكرمة. اهـ. قلت: لعله يشير إلى الحديث الآتي بعده. 862 - عن عبد الله بن سعيد بن أبي هند (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن رجل من أصحاب عكرمة الخ. (غريبه) 1 - لعله يريد بذلك الرجل ثور بن زيد المتقدم ذكره فهو من أصحاب عكرمة لأن هذا الحديث يشبه الذي قبله سندًا ومتنًا ولأنه من طريق عبد الله بن سعيد بن أبي هند المتقدم ذكره. 2 - أي ينظر بمؤخر عينه، واللحاظ بالكسر مؤخر العين مما يلي الصدغ، وقال الجوهري: بالفتح. (تخريجه) الحديث مرسل ورجاله ثقات، ولم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأشار غليه الحازمي في (الاعتبار). 863 - عن أنس بن سيرين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا خالد عن أنس بن سيرين الخ. (غريبه) 3 - أي يرفع بصره ينظر إليه. (تخريجه) لم أقف على هذا الأثر لغير الإمام أحمد وسنده جيد. (الأحكام) الحديث الأول من أحاديث الباب يدل على جواز قتل الحية والعقرب في الصلاة من غير كارهة، وقد ذهب إلى ذلك جمهور العلماء كما قال العراقي، وحكى الترمذي عن جماعة كراهة ذلك، منهم إبراهيم النخعي، وكذا روى ذلك عن إبراهيم ابن أبي شيبة في (المصنف)، وروى ابن أبي شيبة أيضًا

_ عن قتادة أنه قال: إذا لم تتعرض لك فلا تقتلها. قال العراقي: وأما من قتلها في الصلاة أو هم بقتلها لعلي بن أبي طالب وابن عمر، روى ابن أبي شيبة عنه بإسناد صحيح أنه رأى ريشة وهو يصلي فحسب أنها عقرب فضربها بنعله، وروى البيهقي أيضًا قال: فضربها برجله، وقال حسبت أنها عقرب. ومن التابعين الحسن البصري وأبو العالية وعطاء ومورق العجلي وغيرهم. واستدل المانعون من ذلك إذا بلغ إلى حد الفعل الكثير كالهادوية، والكارهون له كالنخعي بحديث «إن في الصلاة لشغلاً». ويجاب عن ذلك بأن حديث الباب خاص فلا يعارضه ما ذكروه. وهكذا يقال في كل فعل كثير ورد الإذن به كحديث حمله صلى الله عليه وسلم لأمامة، وحديث خلعه للنعل، وحديث صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر ونزوله للسجود ورجوعه بعد ذلك، وحديث أمره صلى الله عليه وسلم بدرء المار وإن أفضى إلى المقاتلة، وحديث مشيه صلى الله عليه وسلم لفتح الباب لعائشة، وكل ما كان كذلك ينبغي أن يكون مخصصا لعموم أدلة المنع. واعلم أن الأمر بقتل الحية والعقرب مطلق غير مقيد بضربة أو ضربتين، وقد أخرج البيهقي من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «كفاك للحية ضربة أصبتها أم أخطأتها» وهذا يوهم التقييد بالضربة. قال البيهقي: وهذا إن صح فإنما أرد والله تعالى أعلم وقوع الكفاية بها في الإتيان بالمأمور فقد أمر صلى الله عليه وسلم بقتلها، وأراد والله أعلم إذا امتنعت بنفسها عند الخطأ، ولم يرد به المنع من الزيادة على ضربة واحدة. ثم استدل البيهقي على ذلك بحديث أبي هريرة عند مسلم «من قتل وزغة في أول ضربة فله كذا وكذا حسنة، ومن قتلها في الضربة الثانية فله كذا وكذا حسنة أدنى من الأولى، ومن قتلها في الضربة الثالثة فله كذا وكذا حسنة أدنى من الثانية» قال في (شرح السنة): وفي معنى الحية والعقرب كل ضرار مباح القتل كالزنابير ونحوها. أفاده الشوكاني. وفي أحاديث الباب أيضًا جواز الفعل القليل الخارج عن الصلاة للحاجة سواء أكانت الصلاة نفلاً أم فرضًا كان الفعل مشيًا أو نحوه، فيستدل لجواز ذلك في النفل بحديث عائشة، وفي الفرض بحديث أبي برزة. قال النووي رحمه الله: ومختصر ما قاله أصحابنا أن الفعل الذي من جنس الصلاة إن كان كثيرًا أبطلها بلا خلاف، وإن كان قليلاً لم يبطلها بلا خلاف، هذا هو الضابط، قال: ثم اختلفوا في ضبط القليل والكثير على أربعة أوجه، فذكر ثلاثة منها، ثم قال: والرابع وهو الصحيح المشهور وبه قطع صاحب (المهذب) والجمهور أن الرجوع فيه إلى العادة، فلا يضر ما يعده الناس قليلاً كالإشارة برد السلام وخلع النعل ورفع العمامة ووضعها ولبس ثوب خفيف ونزعه وحمل صغير ووضعه ودفع مار ودلك البصاق في ثوبه وأشباه هذا، وأما ما عده الناس كثيرًا كخطوات كثرة متوالية وفعلات متتابعة فتبطل الصلاة. اهـ. ج. قال الحافظ في (الفتح): وقد أجمع الفقهاء على أن المشي الكثير في الصلاة

12 - باب في جواز حمل الصغير في الصلاة 864 - عن عمرو بن سليم الزرقي أنه سمع أبا قتادة يقول: بينا نحن في المسجد جلوس خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحمل أمامة بنت أبي العاص بن الربيع (1) وأمها زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي صبية (2) فحملها على عاتقه فصلى صلى الله عليه وسلم وهي على عاتقه، يضعها إذا ركع، ويعيدها على عاتقه إذا قام (3)، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي على عاتقه حتى قضى صلاته، يفعل ذلك بها

_ المفروضة يبطلها فيحمل حديث أبي برزة على القليل، قال: وفي بعض طرقه أن الصلاة المذكورة كانت صلاة العصر. اهـ. وفي أحاديث الباب أيضًا دليل على جواز الالتفات في الصلاة لحاجة بدون أن يلوي عنقه إلى ظهره كما في حديث ابن عباس وما بعده في الباب وإليه ذهب عطاء ومالك وأبو حنيفة وأصحابه والأوزاعي وأهل الكوفة. قاله الحازمي، واستدل على نسخ الالتفات بحديث رواه بإسناده إلى ابن سيرين قال: «كان رسول الله إذا قام في الصلاة نظر هكذا وهكذا فلما نزل {قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ (1) الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (2)} [المؤمنون/1، 2] نظر هكذا. قال ابن شهاب ببصره نحو الأرض، قال: وهذا وإن كان مرسلاً فله شواهد، واستدل أيضًا بقول أبي هريرة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى رفع بصره إلى السماء فنزل {الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ} [المؤمنون/2]. 864 - عن عمرو بن سليم الزرقي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج بن محمد ثنا ليث يعني بن سعد حدثني سعيد بن أبي سعيد عن عمرو بن سليم الزرقي (الحديث). (غريبه) 1 - قال النووي: قوله «ابن الربيع» هو الصحيح المشهور في كتب أسماء الصحابة وكتب الأنساب وغيرها، ورواه أكثر رواة (الموطأ) عن مالك رحمه الله تعالى، فقالوا: ابن ربيعة، وكذا رواه البخاري من رواية مالك رحمه الله تعالى، قال القاضي عياض: وقال الأصيلي هو ابن الربيع بن ربيعة فنسبه مالك إلى جده، قال القاضي: وهذا الذي قاله غير معروف، ونسبه عند أهل الأخبار والأنساب باتفاقهم أبو العاص بن الربيع بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف، واسم أبي العاص لقيط، وقيل مهشم، وقيل غير ذلك، والله تعالى أعلم. اهـ. م. 2 - أي صغيرة قيل أنها كانت لم تفطم من الرضاع. وقوله «على عاتقه» أي بين منكبه وعنقه، والعاتق يذكر ويؤنث وجمعه عواتق. وفي الحديث التالي قال: «على رقبته» بدل «عاتقه». 3 - أي من السجود كما في الحديث التالي. (تخريجه) (ق. لك. نس. حب. عب).

865 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني عامر بن عبد الله بن الزبير عن عمرو بن سليم الزرقي أنه سمع أبا قتادة يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وأمامة بنت زينب ابنة النبي صلى الله عليه وسلم وهي ابنة أبي العاص بن الربيع بن عبد العزى على رقبته (1)، فإذا ركع وضعها، وإذا قام من سجوده أخذها فأعادها على رقبته، فقال عامر: ولم أسأله أي صلاة هي (2). قال ابن جريج وحدثت عن زيد بن أبي عتاب عن عمرو بن سليم أنها صلاة الصبح. قال أبو عبد الرحمن: جوده. 866 - عن عبد الله بن شداد عن أبيه (3) قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى صلاتي العشي الظهر أو العصر (4) وهو حامل حسن أو

_ 865 - حدثنا عبد الله (غريبه) 1 - في رواية عند مسلم «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يؤم الناس وأمامة على عاتقه». 2 - يعني أن عامر بن عبد الله بن الزبير لم يسأل عمرو بن سليم عن الصلاة التي حمل فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامة، فقال ابن جريج: حدثت (يعني من طريق آخر) عن زيد بن أبي عتاب عن عمرو بن سليم أنها صلاة الصبح. قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الإمام أحمد) جود ابن جريج إسناد الحديث الذي فيه أنها صلاة الصبح. والله أعلم. (تخريجه) (ق. لك. نس. وغيرهم) 866 - عن عبد الله بن شداد حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا جريج بن حازم قال ثنا محمد بن يعقوب عن عبد الله بن شداد الخ. (غريبه) 3 - هو شداد بن الهاد الليثي صحابي شهد الخندق وما بعدها. وعبد الله ابنه راوي الحديث كنيته أبو الوليد المدني ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم وذكره العجلي من كبار التابعين الثقات، وكان معدودًا في الفقهاء، مات بالكوفة مقتولاً سنة إحدى وثمانين وقيل بعدها، ذكره الحافظ في (التقريب). 4 - أي في واحدة من صلاتي العشي، إما الظهر وإما العصر، شك الراوي، وسميت الظهر والعصر بالعشي لأن ما بعد الزوال إلى المغرب عشي، وقيل العشي من زوال الشمس إلى الصباح، وقيل لصلاة المغرب والعشاء العشاءان، ولما بين المغرب والعتمة عشاء. (نه).

حسين فتقدم النبي صلى الله عليه وسلم فوضعه، ثم كبر للصلاة، فصلى، فسجد بين ظهري (1) صلته سجدة أطالها، قال: إني رفعت رأسي فإذا الصبي على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، فرجعت في سجودي، فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قال الناس: يا رسول الله إنك سجدت بين ظهري الصلاة سجدة أطلتها حتى ظننا أنه قد حدث أمر أو أنه يوحى إليك، قال: كل ذلك لم يكن، ولكن ابني ارتحلني (2) فكرهت أن أعجله حتى يقضي حاجته.

_ 1 - أي في وسط الصلاة. 2 - أي جعلني كالراحلة فركب على ظهري. وقوله «حتى يقضي حاجته» يعني حتى يتم له مقصوده من الركوب، لأنه لو منعه من ذلك لبكى الصبي وهوش على المصلين، وفي فعله صلى الله عليه وسلم من الحكمة وسداد الرأي وحسن الخلق وكمال الرحمة ما لا يخفى. (تخريجه) (نس. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. قلت: وأقره الذهبي. تنبيه: حديث عبد الله بن شداد هذا هو آخر حديث وقع في مسند الإمام أحمد وقد أشرت إلى ذلك في المقدمة. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز حمل الصغير في الصلاة بالكيفية التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم مع أمامة، وأن ذلك غير مبطل للصلاة متى كانت الأفعال قليلة أو كثيرة غير متوالية. قال النووي رحمه الله تعالى في الكلام على حديث أبي قتادة عند مسلم: هذا يدل لمذهب الشافعي رحمه الله تعالى ومن وافقه أنه يجوز حمل الصبي والصبية، وغيرهما من الحيوان الطاهر في صلاة الفرض وصلاة النفل، ويجوز ذلك للإمام والمأموم والمنفرد، وحمله أصحاب مالك رضي الله عنه على النافلة ومنعوا جواز ذلك في الفريضة، وهذا التأويل فاسد لأن قوله «يؤم الناس» صريح أو كالصريح في أنه كان في الفريضة. (قلت: جاء في رواية ابن جريج من أحاديث الباب عند الإمام أحمد أن ذلك كان في صلاة الصبح وهو صريح في الفرض) قال: وادعى بعض المالكية أنه منسوخ، وبعضهم أنه خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم، وبعضهم أنه كان لضرورة، وكل هذه الدعاوى باطلة ومردودة، فإنه لا دليل عليها ولا ضرورة إليها، بل الحديث صحيح صريح في جواز ذلك، وليس فيه ما يخالف قواعد الشرع، لأن الآدمي طاهر وما في جوفه معفو عنه لكونه في معدته، وثياب الأطفال وأجسادهم على الطهارة، ودلائل الشرع متظاهرة على هذا، والأفعال في الصلاة لا تبطلها

13 - باب جواز الصلاة في الثوب المخطط وفي ثوب واحد وفي ثوب بعضه على المصلي وبعضه على الحائض 867 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في بردة حبرة (1)

_ إذا قلت أو تفرقت، وفعل النبي صلى الله عليه وسلم هذا بيانًا للجواز وتنبيهًا به على هذه القواعد التي ذكرتها، وهذا يرد ما ادعاه الإمام أبو سليمان الخطابي أن هذا الفعل يشبه أن يكون كان بغير تعمد فحملها في الصلاة لكونها كانت تتعلق به صلى الله عليه وسلم فلم يدفعها، فإذا قام بقيت معه، قال: ولا يتوهم أنه حملها ووضعها مرة بعد أخرى عمدًا لأنه عمل كثير ويشغل القلب، وإذا كان علم الخميصة شغله فكيف لا يشغله هذا؟ هذا كلام الخطابي رحمه الله تعالى، وهو باطل ودعوى مجردة، ومما يردها قوله في (صحيح مسلم) «فإذا قام حملها» وقوله «فإذا رفع من السجود أعادها» وقوله في رواية غير مسلم «خرج علينا حاملاً أمامة فصلى» فذكر الحديث، وأما قضية الخميصة فلأنها تشغل القلب بلا فائدة، وحمل أمامة لا نسلم أنه يشغل القلب، وإن شغله فيترتب عليه فوائد وبيان قواعد مما ذكرناه وغيره، فأحل ذلك الشغل لهذه الفوائد لخلاف الخميصة، فالصواب الذي لا معدل عنه أن الحديث كان لبيان الجواز والتنبيه على هذه الفوائد، فهو جائز لنا وشرع مستمر للمسلمين إلى يوم الدين والله أعلم. اهـ. م. قال الفاكهاني: وكان السر في حمله صلى الله عليه وسلم أمامة في الصلاة دفعًا لما كانت العرب تألفه من كراهة البنات وحملهن، فخالفهم في ذلك حتى في الصلاة للمبالغة في ردعهم، والبيان بالفعل قد يكون أقوى من القول. اهـ. قلت: وفي أحاديث الباب أيضًا ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من التواضع مع الصبيان وسائر الضعفة ورحمتهم وملاطفتهم وفيها غير ذلك والله أعلم. 867 - عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم عن حميد عن أنس (الحديث). (غريبه) 1 - البردة في الأصل كساء أسود مربع فيه صغر تلبسه الأعراب، والجمع برد بضم الباء الموحدة وفتح الراء، فإذا وصفت بالحبر بوزن عنب أو أضيفت إليه كان المراد بها الثياب اليمانية التي من قطن أو كتان مخطط، يقال: بردة حبرة على الوصف، وبردة حبرة على الإضافة، والجمع حبر وحبرات كعنب وعنبات. قال الأزهري: ليس حبرة موضعًا أو شيئًا معلومًا، وإنما هو شيء معلوم أضيف الثوب إليه كما قيل ثوب قرمز بالإضافة، والقرمز صبغة فأضيف الثوب إلى الوشي والصبغ للتوضيح. اهـ. وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب ثياب الحبرة لما رواه مسلم والإمام أحمد من حديث أبي قتادة وسيأتي في كتاب اللباس إن شاء الله قال: قلنا لأنس بن مالك أي اللباس كان أعجب (وفي رواية أحب) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:

قال أحسبه عقد بين طرفيها (1). 868 - وعنه أيضًا قال: آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مع القوم صلى في ثوب واحد متوشحًا به خلف أبي بكر. 869 - عن موسى بن إبراهيم بن أبي ربيعة عن أبيه قال: دخلنا على أنس بن مالك وهو يصلي في ثوب واحد ملتحفًا ورداؤه موضوع، قال: فقلت له: تصلي في ثوب واحد؟ قال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي هكذا. 870 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم في ثوب واحد فليخالف بين طرفيه فليجعل طرفه على عاتقيه

_ الحبرة. 1 - العقد بين طرفي الثوب أو المخالفة بين طرفيه أو التوشح به كلها بمعنى واحد، وهو أن يأخذ طرف الثوب الذي ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى ويأخذ طرفه الذي ألقاه على الأيسر من تحت يده اليمنى ثم يعقدهما على صدره، وتقدم الكلام على ذلك في الباب الخامس من أبواب ستر العورة. (تخريجه) (عل والبزار) بنحوه ورجاله موثقون. 868 - وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان إسماعيل قال: أخبرني حميد عن أنس (الحديث). (تخريجه) لم أقف عليه ورواه البزار بلفظ «خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه متوكئًا على أسامة مرتديًا بثوب قطن فصلى بالناس» قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح. 869 - عن موسى بن إبراهيم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي عن موسى بن إبراهيم (الحديث). (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد. 870 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق ثنا ابن لهيعة عن حبان بن واسع عن أبيه قال: سمعت أبا سعيد الخدري (الحديث). (تخريجه) لم أقف عليه وأخرج نحوه الشيخان من حديث أبي هريرة

871 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عيينة عن الشيباني عن عبد الله بن شداد (1) عن ميمونة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى وعليه مرط (2) لبعض نسائه وعليها بعضه. قال سفيان أراه قال: حائض. 872 - عن عبد الله بن شداد بن الهاد قال: سمعت خالتي ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تكون حائضًا وهي مفترشة بحذاء مسجد (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي على خمرته (4) إذا سجد أصابني طرف ثوبه. وعنها من طريق ثان (5) قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم فيصلي من الليل وأنا نائمة إلى جنبه، فإذا سجد أصابني ثيابه وأنا حائض

_ 871 - حدثنا عبد الله (غريبه) 1 - هو ابن الهاد وتقدمت ترجمته وترجمة عبد الله ابنه في الباب السابق، وعبد الله هو ابن أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي عنه في سند الحديث التالي. 2 - بكسر الميم كساء من خز أو صوف يؤتزر به وتتلفع به المرأة وتقدم تفسيره، وجمعه مروط بضم الميم، وقد أبهم في هذه الرواية اسم صاحبة المرط وهي عائشة، وصُرح بذلك في رواية أخرى عند الإمام أحمد ومسلم عن عائشة قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل وأنا إلى جنبه وأنا حائض وعليّ مرط وعليه بعضه إلى جنبه» فهذه الرواية أظهرت ما أُبهم في حديث الباب وأيدت ما ظنه سفيان بقوله «أراه قال: حائض» يعني أن سفيان ظن أن شيخه قال في الحديث وعليها بعضه وهي حائض، والله أعلم. (تخريجه) (م. وغيره). 872 - عن عبد الله بن شداد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بكر بن عيسى الراسي ثنا أبو عوانة قال ثنا سليمان الشيباني قال ثنا عبد الله بن شداد بن الهاد (الحديث). (غريبه) 3 - أي موضع سجوده صلى الله عليه وسلم وهو يصلي على خمرته في البيت لا في المسجد. 4 - بضم الخاء المعجمة. قال الخطابي: هي السجادة يسجد عليها المصلي، وهي عند بعضهم قدر ما يضع عليه المصلي وجهه فقط، وقد تكون عند بعضهم أكبر من ذلك. (سنده) 5 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد ثنا سليمان الشيباني قال ثنا عبد الله بن شداد قال: سمعت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث). (تخريجه) (ق. د. نس. جه). (الأحكام) أحاديث الباب

14 - باب جواز نوم المرأة أمام المصلي في الظلام 873 - عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كنت أنام بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجلي في قبلته فإذا سجد غمزني (1) فقبضت رجلي، وإذا قام بسطتها، والبيوت ليس يومئذ فيها مصابيح (2). 874 - عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها قالت: لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي وأنا عن يمينه وعن شماله مضطجعة (3). 875 - عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاته من الليل وأنا معترضة بينه وبين القبلة كاعتراض الجنازة

_ تدل على جواز الصلاة في الثوب المخطط كالحبر ونحوه مما لا يشغل المصلي، لا كالخميصة فإنها تشغل. وفيها أيضًا جواز الصلاة في الثوب الواحد بشرط أن يكون ساترًا للعورة، وكلما زاد كان أفضل. وفيها أيضًا جواز الصلاة في ثوب بعضه على المصلي وبعضه على الحائض ما لم يمس منها موضعًا فيه دم، ولم يخالف في ذلك أحد فيما أعلم، والله أعلم. 873 - عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال: قرأت على عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبد الله عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة (الحديث). (غريبه) 1 - المراد بالغمز هنا الضرب أو الدفع الخفيف كما في رواية عند أبي داود «فإذا أراد أن يسجد ضرب رجلي قبضتها». 2 - تريد لو كان فيها مصابيح لقبضت رجلي عند إرادته السجود ولما أحوجته إلى غمزي. (تخريجه) (ق. فع. د. وغيرهم). 874 - عن عطاء عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن عطاء عن عائشة (الحديث). (غريبه) 3 - أي تكون أحيانًا مضطجعة عن يمينه وهو يصلي وتكون أحيانًا عن شماله كذلك. (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وسنده جيد وأحاديث الباب تؤيده. 875 - عن عروة عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة (الحديث). (تخريجه) (ق. د. وغيرهم)

876 - عن عطاء عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى وهي معترضة بين يديه، وقال: أليس هن أمهاتكم وأخواتكم وعماتكم (1). 877 - وعنه أيضًا عن عروة بن الزبير أخبره أن عائشة رضي الله عنها أخبرته قالت: كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي وأنا معترضة على السرير بينه وبين القبلة. قلت: أبينهما جدر المسجد؟ (2) قال: لا، في البيت إلى جدره.

_ 876 - عن عطاء الخ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا داود يعني ابن أبي الفرات عن إبراهيم بن ميمون الصائغ عن عطاء عن عروة عن عائشة (الحديث). (غريبه) 1 - الظاهر والله أعلم أن عروة سئل كيف تنام المرأة أمام الرجل وهو يصلي؟ فقال: أليس هن أمهاتكم الخ. يعني أن المرأة إذا كانت محرمًا أو زوجة لا يشغل بها المصلي فلا بأس من نومها أمامه، وفي ذلك خلاف سيأتي. (تخريجه) أورده الهيثمي وقال: هو في الصحيح خلا قوله «أليس هن أمهاتكم وأخواتكم وعماتكم» رواه أحمد ورجاله ثقات. اهـ. 877 - وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر قال أنا ابن جريج قال أخبرني عطاء عن عروة بن الزبير الخ. (غريبه) 2 - الجدر بفتح الجيم وسكون الدال المهملة لغة في الجدار وهو الحائط، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي في البيت على السرير لا في المسجد كما فهم السائل وعائشة مضطجعة على السرير بينه وبين جدار البيت. (تخريجه) (ق. د. نس. جه). (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز الصلاة إلى المرأة وهي نائمة وبه قال بعض العلماء. قال النووي رحمه الله: وكره العلماء أو جماعة منهم الصلاة إليها لغير النبي صلى الله عليه وسلم لخوف الفتنة بها وتذكرها وإشغال القلب بها بالنظر إليها، وأما النبي صلى الله عليه وسلم فمنزه عن هذا كله مع أنه كان في الليل والبيوت يومئذ ليس فيها مصابيح، قال: وأما استقبال المصلي وجه غيره فمذهبنا ومذهب الجمهور كراهته، ونقله القاضي عياض عن عامة العلماء رحمهم الله تعالى. اهـ. م.

أبواب سجود السهو 1 - باب ما يصنع من شك في صلاته 878 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال له عمر: يا غلام هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من أحد من أصحابه إذا شك الرجل في صلاته ماذا يصنع؟ قال: فبينما هو كذلك إذ أقبل عبد الرحمن بن عوف فقال: فيم أنتما؟ فقال عمر: سألت هذا الغلام هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أحد من أصحابه إذا شك الرجل في صلاته ماذا يصنع؟ فقال عبد الرحمن: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر أواحدة صلى أم ثنتين فليجعلها واحدة، وإذا لم يدر ثنتين صلى أم ثلاثًا فليجعلها ثنتين، وإذا لم يدر أثلاثًا صلى أم أربعًا فليجعلها ثلاثًا، ثم يسجد إذا فرغ من صلاته وهو جالس قبل أن يسلم سجدتين. 879 - عن مرة بن معبد عن يزيد بن أبي كبشة عن عثمان (بن عفان) رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله إني صليت فلم

_ 878 - عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن سعد حدثني محمد بن إسحاق عن مكحول عن كريب عن ابن عباس (الحديث). (تخريجه) (جه. هق. مذ) وقال: هذا حديث حسن صحيح. قلت: وسنده عنده: حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن خالد بن عتمة البصري حدثنا إبراهيم بن سعيد إلى آخر سند رواية الإمام أحمد. قال الترمذي: وقد روي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن عوف من غير هذا الوجه رواه الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي صلى الله عليه وسلم. اهـ. 879 - عن مرة بن معبد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن

أدر أشفعت أم أوترت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إياي (1) وأن يتلعب بكم الشيطان في صلاتكم، من صلى منكم فلم يدر أشفع أو أوتر (2) فليسجد سجدتين فإنهما تمام صلاته (3). وعنه من طريق ثان (4) قال: صلى بنا يزيد بن أبي كبشة العصر، فانصرف إلينا بعد صلاته، فقال: إني صليت مع مروان بن الحكم فسجد مثل هاتين السجدتين (5) ثم انصرف إلينا فأعلمنا أنه صلى مع عثمان (بن عفان رضي الله عنه) وحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر مثله (6) أو نحوه. 880 - عن إبراهيم (7) عن علقمة عن عبد الله (بن مسعود) رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا أدري (8) زاد أم نقص فلما سلم قيل له: يا رسول

_ عبد الله بن الزبير ثنا مرة بن معبد (الحديث). (غريبه) 1 - أي احذر نفسي، ففيه تحذير المتكلم وهو شاذ عند النحاة، لكن المراد في الحقيقة تحذير المخاطبين وتعليمهم بأن ذلك منهي عنه أما هو فقد عصمه الله من الشيطان قال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ} [الحجر/42] وهو صلى الله عليه وسلم صفوة عباده وخيرته من خلقه. 2 - أي من شك في ذلك فليبن على اليقين أخذًا من الحديث السابق ثم ليسجد سجدتين. 3 - أي تجبر الخلل الذي وقع في الصلاة وترغم الشيطان كما في حديث أبي سعيد الآتي في الباب. (سنده) 4 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن معين وزياد بن أيوب قالا ثنا سوار أبو عمارة الرملي عن مرة بن معبد قال: صلى بنا يزيد (الحديث). 5 - الظاهر والله أعلم أن يزيد بن أبي كبشة سها في صلاته فسجد بهم سجدتي السهو، فلما انصرف من صلاته قال لهم: إني صليت مع مروان فذكر الحديث. 6 - أي مثل الطريق الأول من حديث عثمان. (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وقال العراقي: رجاله ثقات غلا أن يزيد بن أبي كبشة لم يسمع من عثمان، وقد رواه أحمد أيضًا عن يزيد بن أبي كبشة عن مروان عن عثمان. اهـ. قلت: سند الطريق الأولى من الحديث منقطع لأن يزيد بن أبي كبشة لم يسمع من عثمان كما قال العراقي، وسند الطريق الثانية متصل لأنه عن يزيد بن أبي كبشة عن مروان عن عثمان، قال الهيثمي: ورجال الطريقين ثقات. 880 - عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله (بن مسعود). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله (بن مسعود) (الحديث). (غريبه) 7 - هو النخعي. 8 - القائل «فلا أدري» هو إبراهيم النخعي

الله هل حدث في الصلاة شيء؟ قال: لا، وما ذاك؟ قالوا: صليت كذا وكذا. قال: فثني رجليه (1) فسجد سجدتي السهو، فلما سلم قال: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون (2)، وإذا شك أحدكم في الصلاة فليتحر الصلاة، فإذا سلم فليسجد سجدتين

_ وتصوير ذلك أنه روى الحديث عن علقمة عن ابن مسعود بلفظ «صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة زاد أو نقص فلما سلم» الخ. فقال إبراهيم «لا أدري» يعني مَن القائل منهما «زاد أم نقص» هل هو علقمة أم ابن مسعود؟ ويستفاد هذا التصوير من كلام منصور الراوي هذا الحديث عن إبراهيم في الطريق الثانية، لكن سيأتي في رواية الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله في باب ما يفعل من صلى الرباعية خمسًا الجزم بالزيادة، ولعل إبراهيم شك لما حدث منصورًا، وتيقن الزيادة لما حدث الحكم والله أعلم. 1 - يؤخذ منه أنه صلى الله عليه وسلم كان قد تحول عن هيئة الجلوس في الصلاة، وفي رواية أبي داود والنسائي وابن ماجه والإمام أحمد «فثني رجله بالإفراد» ومعنى ثنى الرجل صرفها عن حالتها التي كانت عليها. 2 - في ذلك دليل على جواز السهو عليه صلى الله عليه وسلم في الأفعال الشرعية، قال ابن دقيق العيد: وهو مذهب عامة العلماء والنظار، وهذا الحديث مما يدل عليه، وشذت طائفة فقالت: لا يجوز السهو عليه وإنما ينسى عمدًا ويتعمد صورة النسيان ليسن، وهو باطل وحديث الباب يرد عليهم. قال الحافظ: اتفق من جوز ذلك (يعني السهو عليه صلى الله عليه وسلم) على أنه لا يقر عليه بل يقع له بيان ذلك إما متصلاً بالفعل أو بعده كما وقع في هذا الحديث، وفائدة جواز السهو في مثل ذلك بيان الحكم الشرعي إذا وقع مثله لغيره. اهـ. وحكى النووي عن القاضي عياض أنهم اختلفوا في جواز السهو عليه صلى الله عليه وسلم في الأمور التي لا تتعلق بالبلاغ وبيان أحكام الشرع من أفعاله وعاداته وأذكار قلبه فجوزه الجمهور. وأما السهو في الأقوال البلاغية، فأجمعوا على منعه كما أجمعوا على امتناع تعمده. وأما السهو في الأقوال الدنيوية وفيما ليس سبيله البلاغ من الكلام الذي لا يتعلق بالأحكام ولا أخبار القيامة وما يتعلق بها ولا يضاف إلى وحي، فجوزه قوم إذ لا مفسدة فيه. قال القاضي رحمه الله تعالى: والحق الذي لا شك فيه ترجيح قول من منع ذلك على الأنبياء في كل خبر من الأخبار، كما لا يجوز عليهم خلف في خبر لا عمدًا ولا سهوًا، لا في صحة ولا في مرض، ولا رضا ولا غضب. اهـ. باختصار م. قلت: وفي المسألة كلام طويل محله علم الكلام والأصول، وقد أتى القاضي عياض في كتابه (الشفاء) بما يشفي فمن

وعنه من طريق ثان بنحوه (1) وفيه: فثنى رجله واستقبل القبلة وسجد سجدتين، ثم اقبل علينا بوجهه فقال: لو حدث في الصلاة شيء لأنبأتكموه (2) ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإن نسيت فذكروني (3)، وأيكم ما شك في صلاته فليتحر أقرب ذلك للصواب (4) فليتم عليه ويسلم ثم

_ أراد الزيادة فليرجع إليه، والله أعلم. (سنده) 1 - حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال: كتب إلي منصور وقرأته عليه، قال: حدثني إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة لا أدري زاد أم نقص، إبراهيم القائل لا يدري علقمة قال «زاد أو نقص» أو عبد الله، ثم استقبلنا فحدثناه بصنيعه فثنى رجله (الحديث). 2 - فيه أن الأصل في الأحكام بناؤها على ما قررت عليه وأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز. وقوله صلى الله عليه وسلم «إنما أنا بشر» فيه حصر له في البشرية باعتبار من أنكر ثبوت ذلك ونازع فيه عنادًا أو جحودًا، وأما باعتبار غير ذلك مما هو فيه فلا ينحصر في وصف البشرية إذ له صلى الله عليه وسلم صفات أخر ككونه نبيًا رسولاً بشيرًا نذيرًا سراجًا منيرًا وغير ذلك. 3 - فيه أمر التابع بتذكير المتبوع بما ينساه. 4 - قال الحافظ: اختلف في المراد بالتحري فقال الشافعية: هو البناء على اليقين لا على الأغلب، لأن الصلاة في الذمة بيقين فلا تسقط إلا بيقين، وقال ابن حزم: التحري في حديث ابن مسعود يفسره حديث أبي سعيد يعني الذي رواه مسلم بلفظ «وإذا لم يدر أصلى ثلاثًا أو أربعًا فليطرح الشك وليبين على ما استيقن» وروى سفيان في جامعه عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: «إذا شك أحدكم في صلاته فليتوخ حتى يعلم أنه قد أتم» اهـ. وفي كلام الشافعي نحوه، ولفظه قوله «فلينحر» أي في الذي يظن أنه نقص فيكون التحري أن يعيد ما شك فيه ويبني على ما استيقن، وهو كلام عربي مطابق لحديث أبي سعيد، إلا أن الألفاظ تختلف، وقيل التحري الأخذ بغالب الظن وهو ظاهر الروايات التي عند مسلم، وقال ابن حبان في صحيحه: البناء غير التحري فالبناء أن يشك في الثلاث أو الأربع مثلاً فعليه أن يلغي الشك، والتحري أن يشك في صلاته فلا يدري ما صلى فعليه أن يبني على الأغلب عنده، وقال غيره: التحري لمن اعتراه الشك مرة بعد أخرى فيبني على غلبة ظنه وبه قال مالك وأحمد، وعن أحمد في المشهور: التحري يتعلق بالإمام فهو الذي يبني على ما غلب على ظنه، وأما المنفرد فيبني على اليقين دائمًا، وعن أحمد رواية أخرى كالشافعية وأخرى كالحنفية، وقال أبو حنيفة: إن طرأ الشك أولاً استأنف، وإن كثر بني

يسجد سجدتين. 881 - عن أبي عبيدة عن أبيه عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا كنت في الصلاة فشككت في ثلاث أو ربع، وأكثر ظنك على أربع تشهدت ثم سجدت سجدتين وأنت جالس قبل أن تسلم، ثم تشهدت أيضًا ثم سلمت. وعنه من طريق ثان (1) عن عبد الله بن مسعود قال: إذا شككت في صلاتك وأنت جالس فلم تدر ثلاثًا صليت أم أربعًا، فإن كان أكبر ظنك أنك صليت ثلاثًا فقم فاركع ركعة ثم سلم ثم اسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم، وإن كان أكبر ظنك أنك صليت أربعًا فسلم ثم اسجد سجدتين ثم تشهد ثم سلم. 882 - عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم (2) يأتي

_ على غالب ظنه وإلا فعلى اليقين، ونقل النووي أن الجمهور مع الشافعي وأن التحري هو القصد قال الله تعالى: {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} [الجن/14] اهـ. وسيأتي الخلاف في ذلك في الأحكام آخر الباب والله أعلم بالصواب. (تخريجه) (ق. د. نس. جه. وغيرهم). 881 - عن أبي عبيدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن سلمة عن خصيف عن أبي عبيدة عن أبيه (الحديث). 1 - وعنه من طريق ثان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل ثنا خصيف به أعني بسند الطريق الأولى لكن الطريق الأولى مرفوعة وهذه موقوفة على ابن مسعود وهو من حجج القائلين بالعمل بغلبة الظن والتشهد بعد السلام للزيادة لكنه ضعيف. (تخريجه) (د. نس) قال البيهقي: هذا حديث مختلف في رفعه، ومتنه غير قوي، وهو من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، قال البيهقي: مرسل. قال الشوكاني: وقد ضعف الحافظ في (الفتح) إسناد هذا الحديث. قلت: في إسناده خصيف (بالتصغير) بن عبد الرحمن الخضرمي بكسر الخاء مختلف فيه، فالظاهر أن الحافظ ضعفه لذلك، والله أعلم. 882 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة (الحديث). (غريبه) 2 - أي يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم

أحدكم الشيطان وهو في صلاته فيلبس عليه (1) حتى لا يدري كم صلى فمن وجد من ذلك شيئًا فليسجد سجدتين وهو جالس (2). 883 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم فلا يدري كم صلى فليسجد سجدتين وهو جالس (3)، وإذا جاء أحدكم الشيطان فقال: إنك قد أحدثت (4) فليقل كذبت إلا ما وجد ريحه بأنفه (5) أو سمع صوته بأذنه. 884 - وعنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا شك أحدكم في

_ 1 - بضم الياء التحتية وفتح اللام وتشديد الباء الموحدة مكسورة أي يخلط، ومنه قوله تعالى {وَلَلَبَسْنَا عَلَيْهِمْ مَا يَلْبِسُونَ} [الأنعام/9]. 2 - يستفاد منه أن المصلي إذا شك أزاد أم نقص فليس عليه إلا سجدتا السهو، وإليه ذهب الحسن البصري وطائفة من السلف، وروي عن أنس وأبي هريرة وخالفهم الجمهور، فمنهم من قال: يبني على الأقل، ومنهم من قال: يعمل على غلبة ظنه ويسجد كما تقدم، ويجاب عن هذا الحديث بأنه مجمل فيحمل على الأحاديث الدالة على أنه يبني على اليقين أو على غلبة الظن والله أعلم. (تخريجه) (ق. والأربعة). 883 - عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا الدستوائي ثنا يحيى بن أبي كثير ثنا عياض قال: قلت لأبي سعيد الخدري: أحدنا يصلي فلا يدري كم صلى فقال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى أحدكم (الحديث). (غريبه) 3 - أي قبل السلام أخذًا من حديثه الآتي بعد هذا. 4 - كناية عن وسوسة الشيطان لمصلي. وقوله «فليقل: كذبت» كناية عن دفع وسوسته والإعراض عنها. 5 - هو استثناء من محذوف وما مصدرية، والتقدير فليقل: كذبت في كل حال إلا حال وجدان ريح شمه بأنفه أو ظهور صوت سمعه بأذنه فيعمل بمقتضى ذلك ويخرج من الصلاة لأنه تيقن الحديث بنفسه، قال العلماء: والمراد بسماع الصوت وشم الريح تيقن الحدث، فمتى تيقن خروجه انصرف من الصلاة وإن لم يسمع ولم يشم. (تخريجه) (ق. د. وغيرهم). 884 - وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس بن محمد ثنا فليح عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يساء عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

صلاته فلم يدر كم صلى فليبن على اليقين (1) حتى إذا استيقن أن 02) قد أتم فليسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإنه إن كانت صلاته وترًا صارت شفعًا (3) وإن كانت شفعًا كان ذلك ترغيمًا للشيطان (4). 885 - خط. عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: ألا أحدثكم بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا: بلى. قال: فأشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: من صلى صلاة يشك في النقصان (5)

_ قال: إذا شك أحدكم (الحديث). (غريبه) 1 - في رواية لأبي داود «فلم يدر كم صلى ثلاثًا أو أربعًا فليصل ركعة وليسجد وهو جالس قبل التسليم، فإن كانت الركعة التي صلى خامسة شفعها بهاتين، وإن كانت رابعة فالسجدتان ترغيم للشيطان» فقوله في حديث الباب «فليبن على اليقين» معناه فليأت بركعة. 2 - أن مخففة من الثقيلة. وقوله «قد أتم» يعني بإتيانه بالركعة. 3 - يريد أن السجدتين بمنزلة الركعة لأنهما ركناها فكأنه بفعلهما قد فعل ركعة سادسة فصارت الصلاة شفعًا. 4 - أي لأنه لما قصد التلبيس على المصلي وإبطال صلاته كانت السجدتان لما فيهما من الثواب ترغيمًا له فعاد عليه بسببهما قصده بالنقض. (تخريجه) (م. د. حب. ك. هق) ولفظه عند أبي داود «فليلق الشك وليبن على اليقين، فإذا استيقن التمام سجد سجدتين، فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة والسجدتان نافلة، وإن كانت صلاته ناقصة كانت الركعة تمامًا والسجدتان ترغيمًا للشيطان» واختلف فيه على عطاء بن يسار فروي مرسلاً، وروي بذكر أبي سعيد فيه، وروي عنه عن ابن عباس قال الحافظ: وهو وهم، وقال ابن المنذر: حديث أبي سعيد أصح حديث في الباب. اهـ. 885 - خط. عن عبد الرحمن بن عوف (سنده) قال أبو بكر (أعني القطيعي) أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك قال: أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل) وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده ثنا محمد بن يزيد عن إسماعيل بن مسلم عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله عن ابن عباس أنه كان يذاكر عمر في شأن الصلاة فانتهى إليهم عبد الرحمن بن عوف فقال: ألا أحدثكم بحديث الخ. (غريبه) 5 - أي مثل كونه يصلي صلاة رباعية فشك هل صلى ثلاثًا أم أربعًا، ففي هذه الحالة يبني على الأقل ويأتي بركعة رابعة، وهذا معنى قوله «فليصل حتى يشك في الزيادة» لأنه بعد إتيانه بركعة إن اعتراه شك لا يعتريه إلا في الزيادة، وفيه أن جعل الشك في جانب الزيادة أولى من جعله في جانب

فليصل حتى يشك في الزيادة. 886 - عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من شك في صلاته (1) فليسجد سجدتين وهو جالس (وفي لفظ «فليسجد سجدتين بعدما يسلم») (2). 887 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا إغرار (3)

_ النقصان. (تخريجه) (جه) بنحوه وفيه «ثم ليتم ما بقي من صلاته حتى يكون الوهم في الزيادة» وفي إسناد رواية الإمام أحمد إسماعيل بن مسلم ضعيف، لكن أحاديث الباب تعضده. 886 - عن عبد الله بن جعفر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح حدثنا ابن جريج أخبرني عبد الله بن مسافع أن مصعب بن شيبة أخبره عن عقبة بن محمد بن الحارث عن عبد الله بن جعفر (الحديث). (غريبه) 1 - ظاهره سواء أكان الشك في زيادة أم نقص. 2 - فيه أن سجود السهو للشك بعد السلام ولا ينافيه ما تقدم في حديث أبي سعيد من أنه يسجد سجدتين قبل أن يسلم لأن الأمر في ذلك واسع والكل جائز كما سيأتي في الأحكام. (تخريجه) (د. نس. هق. حب) وفي إسناده مصعب بن شيبة فيه مقال، لكن تقويه أحاديث الباب. 887 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن (يعني ابن مهدي) قال: ثنا سفيان (يعني الثوري) عن أبي مالك الأشجعي عن أبي حازم عن أبي هريرة (الحديث). (غريبه) 3 - رواية أبي داود «لا غرار» وهي المحفوظة كما سيأتي في الحديث التالي. و «الغرار» (بالغين المعجمة): النقصان، وغرار النوم: قلته، ويريد بغرار الصلاة نقصان هيئاتها وأركانها، وغرار التسليم أن يقول المجيب: وعليك، ولا يقول: السلام، وقيل أراد بالغرار النوم، أي ليس في الصلاة نوم، والتسليم يروى بالنصب والجر فمن جره كان معطوفًا على الصلاة كما تقدم، ومن نصب كان معطوفًا على الغرار، ويكون المعنى لا نقص ولا تسليم في صلاة، لأن الكلام في الصلاة بغير كلامها لا يجوز. (نه) وقال الخطابي: الغرار في الصلاة على وجهين: أحدهما أن لا يتم ركوعه وسجوده، والآخر أن يشك هل صلى ثلاثًا أو أربعًا فيأخذ بالأكثر ويترك اليقين وينصرف بالشك، والغرار في السلام أن تقول لمن قال «السلام عليكم ورحمة الله»: السلام عليكم أو عليكم فقط ولا ترد التحية

في صلاة ولا تسليم. 888 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن (يعني بن مهدي) عن سفيان (يعني الثوري) قال: سمعت أبي يقول: سألت أبا عمر والشيباني عن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إغرار في الصلاة، فقال: إنما هو: لا غرار (1) في الصلاة، ومعنى غرار يقول: لا يخرج منها وهو يظن أنه قد بقي عليه منها شيء حتى يكون على اليقين والكمال.

_ كما سمعتها من صاحبك فتبخسه حقه. اهـ. والمعنى لا نقص في الصلاة ولا تسليم فيها أي لا يسلم المصلي على غيره ولا يسلم الغير عليه، وقد فسره بذلك الإمام أحمد، ورواه عنه أبو داود في سننه عقب ذكر حديث الباب، قال: قال أحمد: يعني فيما أرى أن لا تسلم ولا يسلم عليك ويغرر الرجل بصلاته فينصرف وهو فيها شاك. اهـ. (تخريجه) (د. هق) وسنده جيد. 888 - حدثنا عبد الله (غريبه) 1 - يعني بدون همز وهي المحفوظة وأما رواية الهمز فغير محفوظة كما تقدم. (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد. (الأحكام) في حديثي عبد الرحمن بن عوف وأبي سعيد المذكورين في الباب دلالة على أن من شك في ركعة بنى على الأقل مطلقًا، قال النووي: وإليه ذهب الشافعي والجمهور وحكاه المهدي في (البحر) عن علي وأبي بكر وعمر وابن مسعود وربيعة والشافعي ومالك رضي الله عنهم أجمعين، واستدلوا بحديث أبي سعيد المذكور في الباب، وذهب عطاء والأوزاعي والشعبي وأبو حنيفة وهو مروي عن ابن عباس وابن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص من الصحابة إلى أن من شك في ركعة وهو مبتدأ بالشك لا مبتلى به أعاد. هكذا في (البحر). وقال: إن المبتلى الذي يمكنه التحري يعمل بتحريه، وحكاه عن ابن عمر وأبي هريرة وجابر بن زيد والنخعي وأبي طالب وأب حنيفة. والذي حكاه النووي عن أبي حنيفة وموافقيه من أهل الكوفة وغيرهم من أهل الرأي أن من شك في صلاته في عدد ركعاته تحرى وبنى على غالب ظنه ولا يلزم الاقتصار والإتيان بالزيادة، قال: واختلف هؤلاء فقال أبو حنيفة ومالك في طائفة: هذا لمن اعتراه الشك مرة بعد أخرى، وأما غيره فيبني على اليقين، وقال آخرون: هو على عمومه. اهـ. وحكى العراقي في (شرح الترمذي) عن عبد الله بن عمر وسعيد بن جبير وشريح القاضي ومحمد بن الحنفية وميمون بن مهران وعبد الكريم الخرزي والشعبي والأوزاعي

_ أنهم يقولون بوجوب الإعادة مرة بعد أخرى حتى يستيقن، ولم يرو عنهم الفرق بين المبتدأ والمبتلى. وروي عن عطاء ومالك أنهما قالا: يعيد مرة، وعن طاوس كذلك، وعن بعضهم: يعيد ثلاث مرات. واحتج القائلون بالاستئناف بما أخرجه الطبراني في (الكبير) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن رجل سها في صلاته فلم يدر كم صلى فقال: ليعد صلاته وليسجد سجدتين قاعدًا» وهو من رواية إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت. قال العراقي: لم يسمع إسحاق من جده عبادة. اهـ. فلا ينتهض لمعارضة الأحاديث الصحيحة المصرحة بوجوب البناء على الأقل، ومع هذا فظاهره عدم الفرق بين المبتدأ والمبتلى، والمدَّعى اختصاص الإعادة بالمبتدئ. واحتج القائلون بوجوب العمل بالظن والتحري إما مطلقًا أو لمن كان مبتلى بالشك بحديث ابن مسعود الذي في الباب لما فيه من الأمر لمن شك بأن يتحرى الصواب. وأجاب عنهم القائلون بوجوب البناء على الأقل بأن التحري هو القصد، ومنه قوله تعالى {فَأُولَئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا} [الجن/14] فمعنى الحديث فليقصد الصواب فيعمل به، وقصد الصواب هو ما بينه في حديث أبي سعيد وغيره. وفي (القاموس) أن التحري التعمد وطلب ما هو أحرى بالاستعمال. أفاده الشوكاني. قال النووي: فإن قالت الحنفية: حديث أبي سعيد لا يخالف ما قلنا؛ لأنه ورد في الشك وهو ما استوى طرفاه، ومن شك ولم يترجح له أحد الطرفين يبني على الأقل بالإجماع، بخلاف من غلب على ظنه أنه صلى أربعًا مثلاً، فالجواب: أن تفسير الشك بمستوي الطرفين إنما هو اصطلاح طارئ للأصوليين، وأما في اللغة فالتردد بين وجود الشيء وعدمه كله يسمى شكًا سواء المستوي والراجح والمرجوح، والحديث يحمل على اللغة ما لم يكن هناك حقيقة شرعية أو عرفية، ولا يجوز حمله على ما يطرأ للمتأخرين من الاصطلاح. اهـ. قال الشوكاني رحمه الله: والذي يلوح لي أنه لا معارضة بين أحاديث البناء على الأقل والبناء على اليقين وتحري الصواب، وذلك لأن التحري في اللغة كما عرفت هو طلب ما هو أحرى إلى الصواب، وقد أمر به صلى الله عليه وسلم وأمر بالبناء على اليقين والبناء على الأقل عند عروض الشك، فإن أمكن الخروج بالتحري عن دائرة الشك لغة ولا يكون إلا بالاستيقان بأنه قد فعل من الصلاة كذا ركعات فلا شك أنه مقدم على البناء على الأقل، لأن الشارع قد شرط في جواز البناء على الأقل عدم الدراية كما في حديث عبد الرحمن بن عوف، وهذا التحري قد حصلت به الدراية، وأمر الشاك بالبناء على ما استيقن كما في حديث أبي سعيد، ومن بلغ به تحريه إلى اليقين قد بنى على ما استيقن، وبهذا تعلم أنه لا معارضة بين الأحاديث المذكورة، وأن التحري المذكور مقدم على البناء على الأقل، وقد أوقع الناس ظن التعارض بين هذه الأحاديث في مضايق ليس عليها أثارة

.

_ من علم كالفرق بين المبتدأ والمبتلى والركن والركعة. اهـ. فائدة: ذكر الإمام النووي رحمه الله تعالى في كتابه (المجموع شرح المهذب) فرعًا نفيسًا يختص بأبواب السهو اخترت نقله هنا لما فيه من النفائس، قال رحمه الله: فرع في بيان الأحاديث الصحيحة التي عليها مدار باب سجود السهو وعنها تتشعب مذاهب العلماء، وهي ستة أحاديث: إحداها: حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إذا نودي بالأذان أدبر الشيطان له ضراط حتى لا يسمع الأذان، فإذا قضي الأذان أقبل، فإذا ثوب بها أدبر، فإذا قضي التثويب أقبل يخطر بين المرء ونفسه يقول: اذكر كذا اذكر كذا لما لم يكن يذكر حتى يظل الرجل لا يدري كم صلى، فإذا لم يدر أحدكم كم صلى فليسجد سجدتين وهو جالس» رواه البخاري ومسلم، وفي رواية لأبي داود «فليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم. الثاني: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر، فسلم في ركعتين ثم أتى جذعًا في قبلة المسجد فاستند إليها وخرج سرعان الناس فقام ذو اليدين فقال: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت فنظر النبي صلى الله عليه وسلم يمينًا وشمالاً فقال: ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: صدق، لم تصل إلا ركعتين. فصلى ركعتين وسلم ثم كبر ثم سجد ثم كبر فرفع ثم كبر وسجد ثم كبر ورفع» رواه البخاري ومسلم من طرق كثيرة، ورواه مسلم أيضًا من حديث عمران بن الحصين ببعض معناه وقال فيه: «سلم من ثلاث ركعات فلما قيل له صلى ركعة ثم سلم ثم سجد سجدتين ثم سلم». الثالث: عن عبد الله بن بحينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «قام من صلاة الظهر وعليه جلوس فلما أتم صلاته سجد سجدتين يكبر في كل سجدة وهو جالس قبل أن يسلم وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس» رواه البخاري ومسلم. الرابع: عن إبراهيم النخعي عن علقمة عبن ابن مسعود رضي الله عنه قال: «صلى رسول الله قال: إبراهيم زاد أو نقص، فلما سلم قيل له: يا رسول الله أحدث في الصلاة شيء؟ قال: وما ذاك؟ قالوا: صليت كذا وكذا فثنى رجله واستقبل القبلة فسجد سجدتين ثم سلم ثم أقبل علينا بوجهه، فقال: إنه لو حدث في الصلاة شيء أنبأتكم به، ولكن إنما أنا بشر أنسى كما تنسون، فإذا نسيت فذكروني، وإذا شك أحدكم في صلاته فليتحر الصواب، فليتم عليه ثم ليسجد سجدتين» رواه البخاري ومسلم إلا قوله «فإذا نسيت فذكروني» فإنه للبخاري وحده. وفي رواية للبخاري «ثم ليسلم ثم يسجد سجدتين»، وفي رواية لمسلم «ليتحرى الذي يرى أنه الصواب». وفي رواية لهما عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم «صلى الظهر خمسًا فقيل: أزيد في الصلاة؟ فقال: وما ذاك؟ قالوا: صليت خمسًا فسجد سجدتين». الخامس: عن أبي سعيد الخدري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى أثلاثًا أم أربعًا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم

_ يسجد سجدتين قبل أن يسلم، فإن كان صلى خمسًا شفعن له صلاته، وإن كان صلى إتمامًا لأربع كانتا ترغيمًا للشيطان» رواه مسلم. السادس: عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «إذا سهى أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أم اثنتين فليبن على واحدة، فإن لم يدر اثنتين صلى أم ثلاثًا فليبن على اثنتين، فإن لم يدر أثلاثًا صلى أم أربعًا فليبن على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم» رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح، فهذه الأحاديث الستة هي عمدة باب سجود السهو، وفي الباب أحاديث بمعناها وأحاديث في مسائل مفردة من الباب ستأتي في مواضعها إن شاء الله تعالى. فأما أبو حنيفة فاعتمد حديث ابن مسعود وقال: سجود السهو بعد السلام مطلقًا، وقال: إذا شك في عدد الركعات تحرى، فما غلب على ظنه عمل به، فإن لم يترجح له أحد الطرفين بنى على اليقين، هذا إذا تكرر منه الشك، فإن كان لأول مرة لزمه استئناف الصلاة. وأما مالك فاعتمد حديثي قصة ذي اليدين وابن بحينة فقال: إن كان السهو بزيادة سجد بعد السلام لحديث ذي اليدين، وإن كان نقصًا فقبله لحديث ابن بحينة. وأما أحمد فقال: يستعمل كل حديث منها فيما جاء فيه، ولا يحمل على الاختلاف، قال: وترك الشك قسمان: أحدهما يتركه ويبني على اليقين عملاً بحديث أبي سعيد فهذا يسجد قبل السلام، والثاني يتركه ويتحرى فهذا يسجد بعد السلام عملاً بحديث ابن مسعود. وأما الشافعي فجمع بين الأحاديث كلها ورد المجمل إلى المبين وقال: البيان إنما هو في حديث أبي سعيد وعبد الرحمن بن عوف وهما مسوقان لبيان حكم السهو، وفيهما التصريح بالبناء على اليقين والاختصار على الأقل ووجوب الباقي، وفيهما التصريح بأن سجود السهو قبل السلام وإن كان السهو بالزيادة، وأما التحري المذكور في حديث ابن مسعود فالمراد به البناء على اليقين. قال الخطابي: حقيقة التحري طلب أحرى الأمرين وأولاهما بالصواب، وأحراهما ما ثبت في حديثي أبي سعيد وعبد الرحمن من البناء على اليقين لما في من يقين إكمال الصلاة والاحتياط لها، وأما السجود في حديث ذي اليدين بعد السلام فقال الشافعي والأصحاب: هو محمول على أن تأخيره كان سهوًا لا مقصودًا، قالوا: ولا يبعد هذا، فإن هذه الصلاة وقع فيها السهو بأشياء كثيرة، فهذا الحديث محتمل مع أنه لم يأت لبيان حكم السهو فوجب تأويله على وفق حديثي أبي سعيد وعبد الرحمن الواردين لبيان حكم السهو الصريحين اللذين لا يمكن تأويلهما ولا يجوز ردهما وإهمالهما، فهذا مختصر ما يدور عليه باب سجود السهو من الأحاديث والجمع بينها وبيان معتمد العلماء في مذاهبهم فيها، وهو من النفائس المطلوبة وبالله التوفيق. اهـ. قلت: الأحاديث الستة التي ذكرها النووي في هذا الفرع جاءت في مسند الإمام أحمد وزيادة عليها

_ فأما حديث أبي هريرة الأول المذكور في هذا الفرع فتقدم بلفظه في الباب الثالث من أبواب الأذان عدا قوله «فليسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم» فهذا ذكرته هناك، وحديثه الثاني سيأتي في الباب التالي، وحديث عبد الله بن بحينة سيأتي في الباب الذي بعد التالي، والثلاثة الباقية ذكرت في هذا الباب، وحديث ابن مسعود الرابع من أحاديث الباب استدل به القائلون بالتشهد بعد السلام، وتقدم الكلام على ضعفه، لكن له شواهد تعضده منها ما رواه الترمذي عن عمران بن حصين «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم فسهى فسجد سجدتي السهو ثم تشهد ثم سلم» قال الترمذي: حديث حسن غريب. وأخرجه أيضًا ابن حبان والحاكم وقال: صحيح على شرط الشيخين، وصححه ابن حبان، وضعفه البيهقي وابن عبد البر وغيرهما، وأخرجه النسائي بدون ذكر التشهد. ومنها ما رواه البيهقي عن المغيرة بن شعبة «أن النبي صلى الله عليه وسلم تشهد بعد أن رفع رأسه من سجدتي السهو» قال البيهقي: تفرد به محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الشعبي ولا يفرح بما تفرد به، وقال في (المعرفة): لا حجة فيما تفرد به لسوء حفظه وكثرة خطئه في الروايات. اهـ. وقد أخرج حديث المغيرة الترمذي من رواية هشام عن ابن أبي ليلى المذكور، ولم يذكر فيه التشهد بعد سجدتي السهو. قال الحافظ: قد يقال إن الأحاديث الثلاثة (يعني حديث ابن مسعود وعمران والمغيرة) باجتماعها ترتقي إلى درجة الحسن، قال العلاء: وليس ذلك ببعيد، وقد صح ذلك عن ابن مسعود من قوله أخرجه ابن أبي شيبة. اهـ. قال الترمذي: واختلف أهل العلم في التشهد في سجدتي السهو، قال بعضهم: يتشهد فيهما ويسلم، وقال بعضهم: ليس فيهما تشهد وتسليم، وإن سجدهما قبل السلام لم يتشهد، وهو قول أحمد وإسحاق قالا: إذا سجد سجدتي السهو قبل السلام لم يتشهد. اهـ. قال الحافظ: وهو قول الجمهور على أنه لا يعيد التشهد، وحكى ابن عبد البر عن الليث أنه يعيده، وعن البويطي عن الشافعي مثله، وخطؤه في هذا النقل فإنه لا يعرف، وعن عطاء يتخير، واختلف فيه عند المالكية، وأما من سجد بعد السلام فحكى الترمذي عن أحمد وإسحاق أنه يتشهد، وهو قول بعض المالكية والشافعية، ونقله أبو حامد الإسفراييني عن القديم، لكن وقع في (مختصر المازني) سمعت الشافعي يقول: إذا سجد بعد السلام تشهد أو قبل السلام أجزأه التشهد الأول، وتأول بعضهم هذا النص على أنه تفريع على القول القديم وفيه ما لا يخفى. اهـ. (ف). واختلف العلماء في حكم سجود السهو، فذهب إلى سنيته المالكية والشافعية، وهو واجب عند الحنفية، وفيه تفصيل عند الحنابلة، فقالوا: يسن إذا أتى بقول مشروع في غير محله سهوًا، ويباح إذا ترك مسنونًا، ويجب إذا زاد ركوعًا أو سجودًا أو قيامًا أو قعودًا ولو قدر جلسة الاستراحة، أو سلم قبل إتمامها، أو لحن لحنًا يحيل المعنى، أو ترك واجبًا، أو شك في زيادة وقت فعلها، وتبطل الصلاة عندهم بتعمد ترك سجود السهو الواجب. واعلم

2 - باب ما جاء في وسوسة الشيطان للمصلي وما يدفع ذلك 889 - عن عمر بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن أبيه أن عمارًا (يعني بن ياسر) رضي الله عنه صلى ركعتين فقال له عبد الرحمن بن الحارث: يا أبا اليقظان (1) لا أراك إلا خففتهما، قال: هل نقصت من حدودهما شيئًا (2) قال: لا، ولكن خففتهما. قال: إني بادرت بهما السهو (3) إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الرجل ليصلي ولعله أن لا يكون له من صلاته إلا عشرها أو تسعها أو ثمنها أو سبعها حتى انتهى إلى آخر العدد. ومن طريق ثان (4) عن ابن لاس الخزاعي (5) قال: دخل عمار بن ياسر

_ أن سجود السهو مشروع في صلاة النافلة كما هو مشروع في صلاة الفريضة، وإلى ذلك ذهب الجمهور من العلماء قديمًا وحديثًا لأن حكمته جبر الخلل وإرغام الشيطان وهذا يحتاج إليه في النفل كما يحتاج إليه في الفرض. وذهب ابن سيرين وقتادة وروي عن عطاء ونقله جماعة من أصحاب الشافعي عن قوله القديم على أن التطوع لا يسجد فيه، والله أعلم. 889 - عن عمر بن أبي بكر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال حدثني سعيد بن أبي سعيد عن عمر بن أبي بكر الخ. (غريبه) 1 - كنية عمار بن ياسر رضي الله عنه. 2 - أي شيئًا يخل بالصلاة. 3 - يريد أنه لو أطالها لخشي هجوم الشيطان عليه بالوسوسة، فهو يرى الاقتصار فيها على المطلوب مع الاستحضار أفضل من طولها مع وسوسة الشيطان، لأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: «إن العبد ليصلي ولعله أن لا يكون له من صلاته إلا عشرها» الخ. يعني على قدر ما عقل منها، فإن تمادى مع وسوسة الشيطان ولم يعقل منها شيئًا لم يكتب له ثواب أصلاً نعوذ بالله من ذلك. (سنده) 4 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن محمد بن إسحاق حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن عمر بن الحكم بن ثوبان عن ابن لاس الخزاعي (الحديث). 5 - هكذا بالأصل ابن لاس، وفي رواية البيهقي أبو لاس، وفي (الخلاصة) أبو لاس بمهملة الخزاعي المدني، اسمه عبد الله أو زياد، صحابي له حديثان، وعنه عمر بن الحكم بن ثوبان. اهـ. وفي (التهذيب)

المسجد فركع فيه ركعتين أخفهما وأتمهما، قال: ثم جلس، فقمنا إليه، فجلسنا عنده ثم قلنا له: لقد خففت ركعتيك هاتين جدًا يا أبا اليقظان، فقال: إني بادرت بهما الشيطان أن يدخل علي فيهما. قال: فذكر الحديث (1). 890 - عن أبي العلاء بن الشخير أن عثمان (بن أبي العاص) رضي الله عنه قال: يا رسول الله حال الشيطان بيني وبين صلاتي وبين قراءتي (2). قال: ذاك شيطان يقال له خنزب (3)، فإذا أنت حسسته (4) فتعوذ بالله منه واتفل عن يسارك ثلاثًا، قال: ففعلت ذاك فأذهب الله عز وجل عني

_ ويقال ابن لاس أيضًا. اهـ. 1 - يعني المتقدم في الطريق الأولى. (تخريجه) (د. نس. حب. هق) وسنده جيد. وفي الباب عند البيهقي عن أبي اليسر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «منكم من يصلي الصلاة كاملة ومنكم من يصلي النصف والثلث والربع والخمس حتى بلغ العشر»، وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: «قال: إن العبد ليصلي فما يكتب له غلا عشر صلاته والتسع والثمن والسبع حتى يكتب له صلاته تامة». 890 - عن أبي العلاء بن الشخير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن الجريري (يعني سعيدًا) عن أبي العلاء بن الشخير الخ. وله طريق ثان: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن سعيد الجريري عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن عثمان بن أبي العاص الثقفي قال: قلت: يا رسول الله حال الشيطان فذكر معناه. (غريبه) 2 - كناية عن الوسوسة. 3 - مثلث الخاء المعجمة مع سكون النون وفتح الزاي، قال أبو عمرو: وهو لقب له، والخنزب قطعة لحم منتنة ويروى بالكسر والضم. (نه). 4 - أي شعرت به. (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد. (الأحكام) في حديث عمار دلالة على استحباب تخفيف الصلاة مع إتمامها لمن خشي الوسوسة فإن المطلوب من الإنسان مدافعة الشيطان بقدر استطاعته وعدم التمادي معه لئلا يتلف عليه عبادته، وقد حذرنا الله تعالى منه بقوله عز من قائل: {يَا بَنِي آَدَمَ لَا يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُمْ مِنَ الْجَنَّةِ يَنْزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْآَتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لَا تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاءَ لِلَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ} [الأعراف/27] وقال في آية

3 - باب من سلم من ركعتين وفيه ذكر قصة ذي اليدين 891 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عون عن محمد (يعني ابن سيرين) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى رسول الله (1)

_ أخرى {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} [فاطر/6] حقًا إن الشيطان عدو للإنسان يتربص به الدوائر ويتحين الفرص لوقوعه في شباكه خصوصًا في الصلاة التي هي أشرف العبادة وأعظم وسيلة تقرب العبد من ربه، فإذا استرسل معه الإنسان وقع في حبائله وحرم الثواب العظيم والأجر الجسيم {وَقَالَ الشَّيْطَانُ لَمَّا قُضِيَ الْأَمْرُ إِنَّ اللَّهَ وَعَدَكُمْ وَعْدَ الْحَقِّ وَوَعَدْتُكُمْ فَأَخْلَفْتُكُمْ وَمَا كَانَ لِيَ عَلَيْكُمْ مِنْ سُلْطَانٍ إِلَّا أَنْ دَعَوْتُكُمْ فَاسْتَجَبْتُمْ لِي فَلَا تَلُومُونِي وَلُومُوا أَنْفُسَكُمْ} [إبراهيم/22]. وفي حديث عثمان بن أبي العاص دليل على أن للصلاة شيطانًا يقال له خنزب يوسوس للإنسان في صلاته ويلبس عليه قراءته، وطريقة دفعه أن يتعوذ بالله منه وأن يتفل عن يساره ثلاثًا، وقد أنزل الله عز وجل سورتي المعوذتين مِطردة لأنواع الشر وأسبابه وغاياته، فقد روى الترمذي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من الجان وعين الإنسان حتى نزلت المعوذتان، فلما نزلت أخذ بهما وترك ما سواهما» قال الترمذي: حديث حسن. وسيأتي ذكر فضلهما في كتاب التفسير إن شاء الله تعالى بما يثلج الصدر. 891 - حدثنا عبد الله (غريبه) 1 - في بعض طرق الحديث عند الإمام أحمد وغيره «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) وستأتي. قال الشوكاني: ظاهره أن أبا هريرة حضر القصة، وحمله الطحاوي على المجاز فقال: إن المراد به صلى بالمسلمين، وسبب ذلك قول الزهري إن صاحب القصة استشهد ببدر لأنه يقتضي أن القصة وقعت قبل بدر، وهي قبل إسلام أبي هريرة بأكثر من خمس سنين، لكن اتفق أئمة الحديث كما نقله ابن عبد البر وغيره على أن الزهري وهم في ذلك، وسببه أنه جعل القصة لذي الشمالين، وذو الشمالين هو الذي قتل ببدر وهو خزاعي واسمه عمير بن عبد عمرو بن نضلة، وأما ذو اليدين فتأخر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بمدة وحدث بهذا الحديث بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم كما أخرج ذلك الطبراني واسمه الخرباق كما سيأتي، وقد جوز بعض الأئمة أن تكون القصة وقعت لكل من ذي الشمالين وذي اليدين وأن أبا هريرة روى الحديثين فأرسل أحدهما وهو قصة ذي الشمالين، وشاهد الآخر وهو قصة ذي اليدين، قال في (الفتح): وهذا محتمل في طريق الجمع، وقيل: يحمل على أن

صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي (1) قال: ذكرها أبو هريرة ونسيها محمد، فصلى ركعتين ثم سلم، وأتى خشبة معروضة في المسجد (وفي رواية «ثم أتى جذعًا في القبلة (2) كان يسند إليه ظهره فأسند إليه ظهره» فقال بيده (3) عليها كأنه

_ ذا الشمالين كان يقال له أيضًا ذو اليدين وبالعكس فكان ذلك سبب الاشتباه، ويدفع المجاز الذي ارتكبه الطحاوي الرواية الأخرى ولفظها «بينما أنا أصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم» قال الحافظ في (الفتح): وقد اتفق معظم أهل الحديث من المصنفين وغيرهم على أن ذا الشمالين غير ذي اليدين ونص على ذلك الشافعي في اختلاف الحديث. اهـ. قلت: لكن جاء في الطريق الثالثة من طرق الحديث عند الإمام أحمد ما يشعر بأن ذا الشمالين يقال له ذو اليدين أيضًا والله أعلم بحقيقة الحال. 1 - قال النووي: هو بفتح العين المهملة وكسر الشين المعجمة وتشديد الياء قال: قال الأزهري: العشي عند العرب ما بين زوال الشمس وغروبها. اهـ. قلت: قد اختلفت الروايات في بابن هذه الصلاة، فعند البخاري والإمام أحمد من حديث أبي هريرة قال: «صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر» وفي رواية لهما قال محمد يعني ابن سيرين «وأكثر ظني أنها العصر» وفي رواية لمسلم وعبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على مسند أبيه «العصر من غير شك» ولمسلم والإمام أحمد «الظهر من غير شك أيضًا»، ولهما في رواية «إحدى صلاتي العشي إما الظهر وإما العصر». قال الحافظ: والظاهر أن الاختلاف فيه من الرواة، وأبعد من قال يحمل على أن القصة وقعت مرتين، بل روى النسائي من طريق ابن عون عن ابن سيرين أن الشك فيه من أبي هريرة ولفظه «صلَّى صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي. قال أبو هريرة: ولكني نسيت»، فالظاهر أن أبا هريرة رواه كثيرًا على الشك، وكان ربما غلب على ظنه أنها الظهر فجزم بها، وتارة غلب على ظنه أنها العصر فجزم بها، وطرأ الشك أيضًا في تعيينها على ابن سيرين، وكأن سبب ذلك الاهتمام بما في القصة من الأحكام الشرعية. 2 - في رواية للبخاري في مقدم المسجد. 3 - أي استند بيده عليها أي على الخشبة وفي رواية للبخاري «فاتكأ عليها كأنه غضبان ووضع يده اليمنى على اليسرى وشبك بين أصابعه ووضع خده الأيمن على ظهر كفه اليسرى» ولعل غضبه صلى الله عليه وسلم كان لأمر من أمور المسلمين، وفي رواية عند مسلم «ثم أتي جذعًا في قبلة المسجد فاستند إليها» قال النووي: هكذا هو في كل الأصول «فاستند إليها» والجذع مذكر ولكن أنثه على إرادة الخشبة، وكذا جاء في رواية البخاري وغيره «خشبة».

غضبان وخرجت السرعان (1) من أبواب المسجد قالوا: قصرت الصلاة؟ قال: وفي القوم أبو بكر وعمر (رضي الله عنهما) فهاباه (2) أن يكلماه، وفي القوم رجل في يديه طول يسمى ذا اليدين (3) فقال: يا رسول الله أنسيت أم قصرت الصلاة؟ فقال: لم انس ولم تقصر الصلاة (4) (وفي رواية «ما قصرت

_ 1 - بفتح السين المشددة والراء، قال النووي: هكذا هو الصواب الذي قاله الجمهور من أهل الحديث واللغة، وهكذا ضبطه المتقنون، والسرعان المسرعون إلى الخروج، ونقل القاضي عياض عن بعضهم إسكان الراء، قال: وضبطه الأصيلي في البخاري بضم السين وإسكان الراء ويكون جمع سريع كقفير وقفزان وكثيب وكثبان. وقوله «قصرت الصلاة» بضم القاف وكسر الصاد، وروي بفتح القاف وضم الصاد، وكلاهما صحيح، ولكن الأول أشهر وأصح. اهـ. م. 2 - أي غلب عليهما احترامه وتعظيمه عن الاعتراض عليه، وأما ذو الديني فغلب عليه حرصه على تعلم العلم. 3 - قال القرطبي: هو كناية عن طولهما، وعن بعض شراح (التنبيه) أنه كان قصير اليدين، وجزم ابن قتيبة أنه كان يعمل بيديه جميعًا، وذهب الأكثر إلى أن اسم ذي اليدين الخرباق بكسر المعجمة وسكون الراء بعدها موحدة وآخره قاف اعتمادًا على ما وقع في حديث عمران بن حصين الآتي في الباب الرابع. قال الحافظ: وهذا موضع من يوحد حديث أبي هريرة بحديث عمران وهو الراجح في نظري، وإن كان ابن خزيمة ومن تبعه جنحوا إلى التعدد، والحامل لهم على ذلك الاختلاف الواقع في السياقين، ففي حديث أبي هريرة أن السلام وقع من اثنتين وأنه صلى الله عليه وسلم قام إلى خشبة في المسجد، وفي حديث عمران أنه سلم من ثلاث ركعات وأنه دخل منزله لما فرغ من الصلاة، فأما الأول فقد حكى العلائي أن بعض شيوخه حمله على أن المراد أنه سلم في ابتداء الركعة الثالثة واستبعده، ولكن طريق الجمع يكتفى فيها بأدنى مناسبة، وليس بأبعد من دعوى تعدد القصة، لأنه يلزم منه كون ذي اليدين في كل مرة استفهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، واستفهم النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة عن صحة قوله. وأما الثاني فلعل الراوي لما رآه تقدم عن مكانه إلى جهة الخشبة ظن أنه دخل منزله لكون الخشبة كانت في جهة منزله، فإن كان كذلك وإلا فرواية أبي هريرة أرجح لموافقة ابن عمر له على سياقه كما أخرجه الشافعي وأبو داود وابن ماجه وابن خزيمة، ولموافقة ذي اليدين كما أخرجه أبو بكر الأثرم وعبد الله بن الإمام أحمد في زيادات المسند وأبو بكر بن أبي خيثمة وغيرهم. اهـ. 4 - هو تصريح بنفي النسيان ونفي القصر وهو مفسر لما

وما نسيت؟ قال: فإنك لم تصل إلا ركعتين. قال: كما يقول ذو اليدين؟ (1) قالوا: نعم. فجاء فصلى الذي ترك ثم سلم ثم كبر (2) فسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر وسجد مثل سجوده أو أطول، ثم رفع رأسه وكبر، قال: فكان محمد (3) يسئل: ثم سلم؟ فيقول: نبئت أن عمران بن حصين قال: ثم سلم. ومن طريق ثان حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان سمع أيوب عن محمد بن سيرين يقول: سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول: صلى صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي إما الظهر وأكثر ظني أنها العصر فذكر نحو ما تقدم (4). ومن طريق ثالث (5) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر أو العصر فسلم في ركعتين فقال له ذو الشمالين (6) بن عبد عمرو وكان حليفًا لبني زهرة: أخففت الصلاة أم نسيت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما يقول ذو اليدين؟ قالوا:

_ عند مسلم والإمام أحمد وسيأتي بلفظ «كل ذلك لم يكن» وتأييد لما قاله علماء المعاني أن لفظ كل إذا تقدم وعقبه نفي كان نفيًا لكل فرد لا للمجموع بخلاف ما إذا تأخر، ولهذا أجاب ذو اليدين بقوله «قد كان بعض ذلك» كما عند مسلم وعبد الله بن الإمام أحمد في الزوائد، وفي البخاري ومسلم أنه قال: «بلى قد نسيت»، وفيه دليل على جواز دخول السهو عليه صلى الله عليه وسلم في الأحكام الشرعية، وقد تقدم الكلام على ذلك في الباب السابق. 1 - في رواية أخرى للإمام أحمد ستأتي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أحق ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم» وفي رواية لمسلم «أصدق ذو اليدين؟ فقالوا: نعم». 2 - في قوله «ثم سلم ثم كبر» دليل لمن قال: إن سجود السهو بعد السلام، وسيأتي الخلاف في ذلك إن شاء الله. 3 - يعني ابن سيرين كان يسأله الناس: هل سلم النبي صلى الله عليه وسلم بعد سجدتي السهو؟ فروى عن عمران بن حصين أنه أخبر النبي صلى الله عليه وسلم بعدها، ولفظ أبي داود «فقيل لمحمد: سلم في السجود؟ فقال: لم أحفظ من أبي هريرة ولكن نبئت أن عمران بن حصين قال: نعم سلم». 4 - أي في الطريق الأولى. (سنده) 5 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وأبي بكر بن سليمان بن أبي خيثمة عن أبي هريرة (الحديث). (غريبه) 6 - هذا يدل على أن ذا الشمالين هو ذو اليدين لقوله صلى الله عليه وسلم في جواب

صدق يا نبي الله. فأتم بهم الركعتين اللتين نقص. وعنه من طريق رابع (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر ركعتين ثم سلم، قالوا: أقصرت الصلاة؟ قال: فقام فصلى ركعتين ثم سجد سجدتين بعدما سلم. وعنه من طريق خامس (2) قال: بينما أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الظهر سلم رسول الله صلى الله عليه وسلم من ركعتين، فقام رجل من بني سليم فقال: يا رسول الله أقصرت الصلاة أم نسيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم تقصر ولم أنسه. قال: يا رسول الله إنما صليت ركعتين. فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أحق ما يقول ذو اليدين؟ قالوا: نعم. قال: فقام فصلى بهم ركعتين آخرتين قال يحيى (3) حدثني ضمضم بن جوس أنه سمع

_ سؤاله ما يقول ذو اليدين؟ لكن نص كثير من العلماء على أنه غيره، قالوا: والاتحاد وهم من قائله، قال ابن عبد البر: لم يتابع الزهري على قوله أن المتكلم ذو الشمالين. قلت: روى النسائي هذا الحديث من طريق الزهري، ومن طريق آخر ليس فيه الزهري ولفظه «حدثنا الليث عن يزيد بن أبي حبيب عن عمرا، بن أبي أنس عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يومًا فسلم في ركعتين ثم انصرف فأدركه ذو الشمالين فقال: يا رسول الله أنقصت الصلاة أم نسيت؟ فقال: لم تنقص الصلاة ولم أنس. قال: بلى والذي بعثك بالحق، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أصدق ذو اليدين؟ قالوا: نعم. فصلى بالناس ركعتين». ويلزم منه أنه قد تابعه على ذلك عمران، فلا يصح قول ابن عبد البر «لم يتابع الزهري» كما لا يخفى، إلا أن يقال: لم يتابع من طريق صحيحة لأن عمران ضعيف. والله أعلم. (سنده) 1 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز قال ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم أنه سمع أبا سلمة يحدث عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر ركعتين (الحديث)، وفي حجة لمن قال بسجود السهو بعد السلام. (سنده) 2 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا شيبان بن عبد الرحمن ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي هريرة قال: بينما أنا أصلى (الحديث). 3 - هو ابن أبي كثير أحد رجال السند، وضمضم بفتح المعجمتين ابن جوس بفتح الجيم، قال الحافظ في (التقريب): ويقال ابن الحارث بن جوس اليمامي ثقة. اهـ.

أبا هريرة يقول: ثم سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدتين. وعنه من طريق سادس (1) ز. قال: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر فسلم من ركعتين فقام ذو اليدين فقال: أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل ذلك لم يكن. فقال: قد كان ذلك يا رسول الله. فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الناس فقال: أصدق ذو اليدين؟ فقالوا: نعم. فأتم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بقي من صلاته ثم سجد سجدتين وهو جالس. 892 - عن عطاء أن ابن الزبير صلى المغرب فسلم في ركعتين ونهض ليستلم الحجر فسبح القوم، فقال: ما شأنكم؟ قال: فصلى ما بقي وسجد

_ قلت: ضمضم هذا ليس من رجال هذا الطريق، والمعنى أن يحيى روى الحديث من طريق آخر عن ضمضم بن جوس وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد سجدتين، وحديث ضمضم هذا أخرجه أيضًا أبو داود وفيه «ثم سجد سجدتي السهو بعدما سلم». (سنده) 1 - ز. حدثنا عبد الله قال: قرأت على عبد الرحمن عن مالك وثنا إسحاق قال ثنا مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان في حديث عبد الرحمن مولى ابن أبي أحمد أنه قال: سمعت أبا هريرة يقول: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر (الحديث). (تخريجه) أخرج الطريق الأولى (ق. والأربعة وغيرهم) والطريق الثانية أخرجها (ق. وغيرهما) والطريق الثالثة أخرجها النسائي، والطريق الرابعة أخرجها (م. د. نس) والطريق الخامسة أخرجها مسلم، والطريق السادسة أخرجها (د. نس) وأسانيد هذه الطرق جميعها جيدة. قال الحافظ في (التلخيص): لهذا الحديث طرق كثيرة وألفاظ، وقد جمع جميع طرقه الحافظ صلاح الدين العلائي وتكلم عليه كلامًا شافيًا. اهـ. وفي الباب عن ابن عمر عند أبي داود وابن ماجه، وعن ابن عباس عند البزار في مسنده والطبراني، وعند عبد الله بن مسعدة عند الطبراني في (الأوسط)، وعن معاوية ابن حديج عند أبي داود والنسائي. 892 - عن عطاء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى ثنا

سجدتين قال: فذكر ذلك لابن عباس فقال: ما أماط (1) عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم

_ سعيد عن مطرف عن عطاء أن ابن الزبير الخ. (غريبه) 1 - يعني أن ابن الزبير رضي الله عنه ما بعد ولا تنحى عن السنة، أو ما أبعد ولا نحى غيره عنها بما فعله لما تقدم من ثبوت ذلك عنه صلى الله عليه وسلم، والخلاف في جواز البناء سيأتي إن شاء الله تعالى. (تخريجه) (طب. طس) والبزار وقال الهيثمي: رجال أحمد رجال الصحيح. (الأحكام) قال النووي رحمه الله تعالى في (شرح مسلم): اعلم أن حديث ذي اليدين هذا في فوائد كثيرة وقواعد مهمة: منها جواز النسيان في الأفعال والعبادات على الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين، وأنهم لا يقرون عليه، وقد تقدمت هذه القاعدة. ومنها أن الواحد إذا ادعى شيئًا جرى بحضرة جمع كثير لا يخفي عليهم سئلوا عنه ولا يعمل بقوله من غير سؤال. ومنها إثبات سجود السهو وأنه سجدتان وأنه يكبر لكل واحدة منهما، وأنهما على هيئة سجود الصلاة لأنه أطلق السجود، فلو خالف المعتاد لبينه، وأنه يسلم من سجود السهو، وأنه لا تشهد له, وأن سجود السهو في الزيادة يكون بعد السلام، والشافعي رحمه الله تعالى يحمله على أن تأخير سجود السهو كان نسيانًا لا عمدًا. ومنها أن كلام الناسي للصلاة والذي يظن أنه ليس فيها لا يبطلها، وبهذا قال جمهور العلماء من السلف والخلف، وهو قول ابن عباس وعبد الله بن الزبير وأخيه عروة وعطاء والحسن والشعبي وقتادة والأوزاعي ومالك والشافعي وأحمد وجميع المحدثين رضي الله عنهم. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه وأصحابه والثوري في أصح الروايتين: تبطل صلاته بالكلام ناسيًا أو جاهلاً لحديث ابن مسعود وزيد بن أرقم رضي الله عنهما. (قلت: تقدما في الباب الأول من أبواب ما يبطل الصلاة). قال: وزعموا أن حديث قصة ذي اليدين منسوخ بحديث ابن مسعود وزيد بن أرقم، قالوا: لأن ذا اليدين قتل يوم بدر، ونقلوا عن الزهري أن ذا اليدين قتل يوم بدر وأن قضيته في الصلاة كانت قبل بدر، قالوا: ولا يمنع من هذا كون أبي هريرة رواه وهو متأخر الإسلام عن بدر لأن الصحابي قد يوري ما لا يحضره بأن يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابي آخر، وأجاب أصحابنا وغيرهم من العلماء عن هذا بأجوبة صحيحة حسنة مشهورة، أحسنها وأتقنا ما ذكره أبو عمر بن عبد البر في (التمهيد) قال: أما ادعاؤهم أن حديث أبي هريرة منسوخ بحديث ابن مسعود رضي الله عنه فغير صحيح، لأنه لا خلاف بين أهل الحديث والسير أن حديث ابن مسعود كان بمكة حين رجع من ارض الحبشة قبل الهجرة، وأن حديث أبي هريرة في قصة ذي اليدين كان بالمدينة، وإنما أسلم أبو هريرة عام خيبر سنة سبع من الهجرة بلا خلاف

_ وأما حديث زيد بن أرقم رضي الله عنه فليس فيه بيان أنه قبل حديث أبي هريرة أو بعده، والنظر يشهد أنه قبل حديث أبي هريرة. وأما قولهم إن أبا هريرة رضي الله عنه لم يشهد ذلك فليس بصحيح، بل شهوده لها محفوظ من روايات الثقات الحفاظ. ثم ذكر بإسناده ما رواه البخاري ومسلم وغيرهما أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: «صلى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى صلاتي العشي فسلم من اثنتين» وذكر الحديث وقصة ذي اليدين، وفي رواية «صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم»، وفي رواية في مسلم وغيره «بينا أنا أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم» وذكر الحديث، وفي رواية في غير مسلم «بينا نحن نصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم»، قال: وقد روى قصة ذي اليدين عبد الله بن عمر ومعاوية بن حديج بضم الحاء المهملة وعمران بن حصين وابن مسعدة رجل من الصحابة رضي الله عنهم وكلهم لم يحفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا صحبه إلا بالمدينة متأخرًا، ثم ذرك أحاديثهم بطرقها، قال: وابن مسعدة هذا رجل من الصحابة يقال له صاحب الجيوش اسمه عبد الله معروف في الصحابة له رواية، قال: وأما قولهم إن ذا اليدين قتل يوم بدر فغلط، وإنما المقتول يوم بدر ذو الشمالين، ولسنا ندافعهم أن ذا الشمالين قتل يوم بدر، لأن ابن إسحاق وغيره من أهل السير ذكره فيمن قتل يوم بدر، قال ابن إسحاق: ذو الشمالين هو عمير بن عمرو بن عيشان من خزاعة حليف لبني زهرة، قال أبو عمر: فذو اليدين غير ذي الشمالين المقتول ببدر بدليل حضور أبي هريرة ومن ذكرنا قصة ذي اليدين، وأن المتكلم رجل من بني سليم كما ذكره مسلم في صحيحه، وفي رواية عمران بن الحصين رضي الله عنه اسمه الخرباق ذكره مسلم، فذو اليدين الذي شهد السهو في الصلاة سليمي، وذو الشمالين المقتول ببدر خزاعي، يخالفه في الاسم والنسب، وقد يمكن أن يكون رجلان وثلاثة يقال لكل واحد منهم ذو اليدين وذو الشمالين، لكن المقتول ببدر غير المذكور في حديث السهو، هذا قول أهل الحذق والفهم من أهل الحديث والفقه، ثم روى هذا بإسناده عن مسدد. وأما قول الزهري في حديث السهو إن المتكلم ذو الشمالين فلم يتابع عليه. (قلت: تقدم أنه توبع عليه في رواية للنسائي وإن كان فيها ضعف). قال: وقد اضطرب الزهري في حديث ذي اليدين اضطرابًا أوجب عند أهل العلم بالنقل تركه من روايته خاصة، ثم ذكر طرقه وبين اضطرابها في المتن والإسناد، وذكر أن مسلم بن الحجاج غلَّط الزهري في حديث، قال أبو عمر رحمه الله تعالى: لا أعلم أحدًا من أهل العلم بالحديث المصنفين فيه عوّل على حديث الزهري في قصة ذي اليدين، وكلهم تركوه لاضطرابه، وأنه لم يتم له إسنادًا ولا متنًا وإن كان إمامًا عظيمًا في هذا الشأن فالغلط لا يسلم منه بشر، والكمال لله تعالى، وكل أحد يؤخذ من قوله ويترك إلا النبي صلى الله عليه وسلم

4 - باب ما يفعل من سلم وقد بقي من الصلاة ركعة 893 - عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سلَّم في ثلاث ركعات من العصر ثم قام فدخل (1) فقام إليه رجل يقال له الخرباق (2) وكان في يده طول، فقال: يا رسول الله، فخرج إليه، فذكر له صنيعه، فجاء فقال: اصدق هذا؟ قالوا: نعم، فصلى الركعة التي ترك ثم سلم

_ فقول الزهري إنه قتل يوم بدر متروك لتحقق غلطه فيه. هذا كلام أبي عمر بن عبد البر مختصرًا، وقد بسط رحمه الله تعالى في شرح هذا الحديث بسطًا لم يبسطه غيره مشتملاً على التحقيق والإتقان والفوائد الجمة رضي الله عنه. قال النووي: فإن قيل: كيف تكلم ذو اليدين والقوم وهم بعد في الصلاة؟ فجوابه من وجهين: أحدهما أنهم لم يكونوا على يقين من البقاء في الصلاة لأنهم كانوا مجوزين نسخ الصلاة من أربع إلى ركعتين، ولهذا قال «أقصرت الصلاة أم نسيت»، والثاني أن هذا كان خطابًا للنبي صلى الله عليه وسلم وجوابًا، وذلك لا يبطل عندنا وعند غيرنا، والمسألة مشهورة بذلك. وفي رواية لأبي داود بإسناد صحيح أن الجماعة أومئوا إي نعم، فعلى هذه الرواية لم يتكلموا. فإن قيل: كيف رجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى قول الجماعة وعندكم لا يجوز للمصلي الرجوع في قدر صلاته إلى قول غيره إمامًا كان أو مأمومًا ولا يعلم إلا على يقين نفسه؟ فجوابه: أن النبي صلى الله عليه وسلم سألهم ليتذكر، فلما ذكروه تذكر، فعلم السهو فبنى عليه، لا أنه رجع إلى مجرد قولهم، ولو جاز ترك يقين نفسه والرجوع على قول غيره لرجع ذو اليدين حين قال النبي صلى الله عليه وسلم: لم تقصر ولم أنس. وفي هذا الحديث دليل على أن العمل الكثير والخطوات إذا كانت في الصلاة سهوًا لا تبطلها كما لا يبطلها الكلام سهوًا، وفي هذه المسألة وجهان لأصحابنا، أصحهما عند المتولي لا يبطلها لهذا الحديث، فإنه ثبت في مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم مشى إلى الجذع وخرج السرعان، وفي رواية: دخل الحجرة ثم خرج ورجع الناس وبنى على صلاته. والوجه الثاني وهو المشهور في المذهب أن الصلاة تبطل بذلك، وهذا مشكل، وتأويل الحديث صعب على من أبطلها، والله أعلم. اهـ. م. 893 - عن عمران بن حصين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين (الحديث). (غريبه) 1 - في رواية عند مسلم «ثم قام فدخل الحجرة»، وفي رواية «ثم دخل منزله». 2 - بكسر الخاء

ثم سجد سجدتين ثم سلم. 894 - عن معاوية بن حديج (1) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يومًا وانصرف وقد بقي من الصلاة ركعة فأدركه رجل فقال: نسيت من الصلاة ركعة، فرجع فدخل المسجد وأمر بلالاً فأقام الصلاة (2) فصلى بالناس ركعة، فأخبرت بذلك الناس فقالوا لي: أتعرف الرجل؟ (3) قلت: لا، إلا أن أراه، فمر بي فقلت: هو ذا. فقالوا: طلحة بن عبيد الله (4) رضي الله عنه

_ وسكون الراء وتقدم ضبطه وأنه اسم ذي اليدين. (تخريجه) (م. د. نس. جه. هق). 894 - عن معاوية بن حديج (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال ثنا ليث قال حدثني يزيد بن أبي حبيب أن سويد بن قيس أخبره عن معاوية بن حديج (الحديث). (غريبه) 1 - أوله حاء مهملة مضمومة وآخره جيم مصغرًا كنيته أبو عبد الرحمن صحابي صغير رضي الله عنه. 2 - لعل المراد أنه أمره بإعلام الناس بذلك، أو المراد حقيقة الإقامة فيكون الحديث منسوخًا للإجماع على أنه الإقامة أثناء الصلاة مبطلة لها، والله أعلم. 3 - يعني الذي قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم «نسيت من الصلاة ركعة». 4 - هو الصحابي المشهور من السابقين في الإسلام ومن العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم. (تخريجه) (د. نس. ك. وسنده جيد). (الأحكام) حديثا الباب يدلان على جواز البناء على الصلاة التي خرج منها المصلي قبل تمامها ناسيًا، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء كما قال العراقي من غير فرق بين من سلم من ركعتين أو أكثر أو أقل، وقال سحنون: إنما يبني من سلم من ركعتين كما في قصة ذي اليدين، لأن ذلك وقع على غير القياس فيقتصر على مورد النص، وحديثا الباب يبطلان ما زعمه من قصر الجواز على ركعتين، على أنه يلزمه أن يقصر الجواز على إحدى صلاتي العشي ولا قائل به، والذين قالوا بجواز البناء مطلقًا قيدوه بما إذا لم يطل الفصل. واختلفوا في قدر الطول، فحده الشافعية بمضي قدر ركعة، وعليه نص في (البويطي). وقال غيره: يرجع فيه إلى العادة، فإن كان قد مضى ما يعد تطاولاً استأنف الصلاة، وإن مضى ما لا يعد تطاولاً بنى، لأنه ليس له حد في الشرع فيرجع فيه إلى العادة، وذهب فريق من العلماء إلى أن القدر المنقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قصة ذي اليدين قليل والزيادة عليه

5 - باب من نسي الجلوس الأول حتى انتصب قائمًا لم يرجع 895 - عن عبد الرحمن بن الأعرج أن ابن بحينة (1) أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في الثنتين من الظهر نسي الجلوس حتى إذا فرغ من صلاته إلى أن يسلم سجد سجدتين ثم ختم بالتسليم. (وفي رواية «فلما صلى الأخريين انتظر الناس تسليمه فكبر فسجد ثم كبر فسجد ثم سلم»). وعنه من طريق ثان (2) عن ابن بحينة أيضًا: صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة نظن أنها العصر

_ طويل، والقدر المنقول هو ما صح في هذا الباب والذي قبله من قصة ذي اليدين من أنه صلى الله عليه وسلم قام إلى ناحية المسجد وراجع ذا اليدين وسأل الجماعة فأجابوا الخ، وهذا ما اختاره. قال النووي رحمه الله: قال أصحابنا: وحيث جوزنا البناء لا فرق بين أن يكون تكلم بعد السلام وخرج من المسجد واستدبر القبلة ونحو ذلك وبين أن لا يكون، لحديث ذي اليدين. اهـ. ج. وفي حديثي الباب أيضًا التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم سلم وقد بقي من الصلاة ركعة وصرح في حديث عمران بن حصين بأنها العصر، وما تقدم من الروايات في الباب السابق صريح في أنه صلى الله عليه وسلم سلم في الظهر أو العصر من ركعتين، ولا منافاة بينها لجواز تعدد القصة، وهو الظاهر، وإن كان الحافظ رحمه الله استبعد ذلك واختار اتحادها، وتقدم كلامه في ذلك في شرح روايات الباب السابق، وما قاله ابن خزيمة وغيره من جواز التعدد، ولا يبعد تعدد القصة وتكرار السؤال من ذي اليدين كما تقدم من شدة حرصه على العلم ومن أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما هاباه أن يكلماه واستفهم صلى الله عليه وسلم ثانيًا عن صحة كلام ذي اليدين لأنه لا يلزم من أن يكون مصيبًا في المرة الأولى أن يكون مصيبًا في الثانية. قال الشوكاني رحمه الله: والظاهر ما قاله ابن خزيمة ومن تبعه من التعدد لأن دعوى الاتحاد تحتاج إلى تأويلات متعسفة. اهـ. والله أعلم. 895 - عن عبد الرحمن بن الأعرج (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل ثنا يحيى بن سعيد عن عبد الرحمن بن الأعرج (الحديث). (غريبه) 1 - اسمه عبد الله بن مالك بن القشب بكسر القاف وسكون المعجمة بعدها موحدة الأزدي أبو محمد حليف المطلب يعرف بابن بحينة بموحدة ومهملة مصغرًا صاحبي معروف مات بعد الخمسين تقريبًا. (سنده) 2 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري

فقام في الثانية لم يجلس، فلما كان قبل أن يسلم سجد سجدتين. (زاد في رواية «وسجدهما الناس معه مكان ما نسي من الجلوس») (1). 896 - عن محمد بن يوسف مولى عثمان عن أبيه يوسف عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما أنه صلى إمامهم فقام في الصلاة وعليه جلوس فسبح الناس فتم علي قيامه، ثم سجد سجدتين وهو جالس بعد أن أتم الصلاة، ثم قعد على المنبر فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من نسي من صلاته شيئًا (2) فليسجد مثل هاتين السجدتين. 897 - عن زياد بن علاقة قال: صلى بنا المغيرة بن شعبة فلما صلى ركعتين قام ولم يجلس فسبح به من خلفه (3) فأشار إليهم أن قوموا، فلما فرغ من صلاته سلم ثم سجد سجدتين وسلم، ثم قال: هكذا صنع رسول

_ عن الأعرج عن ابن بحينة صلى بنا الخ. 1 - في دلالة على أن السجود إنما هو لأجل ترك الجلوس لا لترك التشهد، حتى لو أنه جلس مقدار التشهد ولم يتشهد لا يسجد، وجزم أصحاب الشافعي وغيرهم أنه يسجد لترك التشهد وإن أتى بالجلوس. (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم). 896 - عن محمد بن يوسف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا ليث يعني ابن سعد عن محمد يعني ابن عجلان عن محمد بن يوسف مولى عثمان (الحديث). (غريبه) 2 - عمومه مخصوص بغير الأركان، فإن السجود لا يجزئ عن الركن عند العلماء، واستدلال معاوية بالحديث إما لأنه علم بأن الجلوس الأول ليس بركن أو لأنه اعتمد على ظاهر العموم، والله أعلم. (تخريجه) (ق. لك. نس. مذ. جه. هق). 897 - عن زياد بن علاقة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا المسعودي عن زياد بن علاقة (الحديث). (غريبه) 3 - رواية أبي داود «فقلنا: سبحان الله (يعني أشرنا له إلى الجلوس) فقال: سبحان الله (يعني أشار لهم إلى القيام)».

الله صلى الله عليه وآله وسلم. 898 - عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال: أمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر أو العصر فقام فقلنا: سبحان الله. فقال: سبحان الله. وأشار بيده، يعني قوموا، فقمنا فلما فرغ من صلاته سجد سجدتين، ثم قال: إذا ذكر أحدكم قبل أن يستتم قائمًا فليجلس (1) وإذا استتم قائمًا فلا يجلس.

_ (تخريجه) (د. مذ. هق. والطحاوي) وفي إسناده المسعودي وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، استشهد به البخاري وتكلم فيه غير واحد، وأخرجه الترمذي أيضًا من حديث محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن الشعبي عن المغيرة قال الإمام أحمد: لا يحتج بحديث ابن أبي ليلى وقد تكلم في غير واحد. 898 - عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن جابر (يعني الجعفي) عن المغيرة بن شبل عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة (الحديث). (غريبه) 1 - زاد في رواية «ولا سهو عليه» وبها تمسك من يقول إن السجود إنما هو لفوات التشهد لا لفعل القيام، وإلى ذلك ذهب النخعي وعلقمة والأسود والشافعي في أحد قوله. وذهبت العترة والإمام أحمد إلى أنه يجب السجود لفعل القيام لما روي عن أنس «أنه صلى الله عليه وسلم تحرك للقيام في الركعتين الآخرتين من العصر على جهة السهو فسبحوا له فقعد ثم سجد للسهو» أخرجه البيهقي والدارقطني موقوفًا عليه، وفي بعض طرقه أنه قال: «هذه السنة»، قال الحافظ: ورجاله ثقات. وأخرجه البيهقي والدارقطني عن ابن عمر من حديث بلفظ «لا سهو أي في قيام عن جلوس أو جلوس عن قيام» وهو ضعيف. اهـ. (تخريجه) (د. جه. قط. هق) ومداره على جابر الجعفي وهو ضعيف جدًا، وقد قال أبو داود: ولم أخرج عنه في كتابي غير هذا. وقال أبو حنيفة: ما لقيت فيمن لقيت أكذب من جابر الجعفي، ما أتيته بشيء من رأيي إلا أتى فيه بأثر، وقال سفيان: ما رأيت أورع منه في الحديث، وقال شعبة: صدوق في الحديث، وقال وكيع: مهما شككتم في شيء فلا تشكوا في أن جابرًا ثقة، توفي سنة سبع أو ثمان وعشرين ومائة، روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه والإمام أحمد، وهو وإن قيل فيه ما قيل فإن حديثي ابن بحينة ومعاوية يعضدانه. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن التشهد الأول ليس من فروض الصلاة إذ

6 - باب ما يفعل من صلى الرباعية خمسًا 899 - عن عبد الله (بن مسعود رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسًا فقيل: زيد في الصلاة؟ قيل: صليت خمسًا. فسجد سجدتين (1). وعنه من طريق ثان (2): أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم صلى بهم خمسًا

_ لو كان فرضًا لما جبر بالسجود ولم يكن بد من الإتيان به كسائر الفروض، وبذلك قال أبو حنيفة ومالك والشافعي والجمهور، وذهب الإمام أحمد وأهل الظاهر إلى وجوبه، وقد تقدم الكلام على ذلك في الباب الأول من أبواب التشهد. وفي أحاديث الباب أيضًا دلالة على أن المصلي إذا ترك التشهد الأول والجلوس له رجع إليه ما لم يستقل قائمًا، فإن استقل قائمًا لم يرجع وسجد سجدتي السهو، وبذلك قال جمهور العلماء ومنهم الحنفية والشافعية، فإن عاد بعد أن استقل قائمًا فسدت صلاته على الصحيح عند الشافعية والحنفية. قال النووي رحمه الله: هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور، ودليله حديث المغيرة، فإن عاد متعمدًا عالمًا بتحريمه بطلت صلاته، وغن لم ينتصب قائمًا عاد، وفي سجود السهو قولان، أصحهما عند جمهور الأصحاب ألا يسجد، وقال القفال وطائفة: إن صار إلى القيام أقرب منه إلى القعود ثم عاد سجد، وإن كان إلى القعود أقرب أو استوت نسبتهما لم يسجد. اهـ. وقالت الحنابلة: إن استتم قائمًا ولم يقرأ فعدم رجوعه أولى، وإنما جاز رجوعه لأنه لم يتلبس بركن مقصود، لأن القيام ليس بمقصود في نفسه وعليه سجود السهو بذلك كله. وقالت المالكية: يرجع ما لم يفارق الأرض بيديه وركبتيه ولا سجود عليه، وإن فارق الأرض بما ذكر فلا يرجع، فإن رجع ففي بطلان صلاته خلاف، والراجح عدم البطلان ولو رجع بعد أن استقل، بل ولو قرأ بعض الفاتحة، أما لو رجع بعد قراءة الفاتحة كلها بطلت صلاته، وهذا كله في حق الإمام والمنفرد، أما المأموم فلو ترك التشهد ناسيًا وجلس إمامه وجب عليه الرجوع مطلقًا لمتابعة إمامه، وبه قالت الحنفية والحنابلة والمالكية، وهو الأرجح عند الشافعية. كذا في (المنهل). 899 - عن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عمرو بن الهيثم ثنا شعبة عن الحكم عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله (الحديث). (غريبه) 1 - لفظه عند مسلم «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر خمسًا فلما سلم قيل له أزيد في الصلاة؟ قال: وما ذاك؟» وفي لفظ «قال: لا وما ذاك؟ قالوا: صليت خمسًا فسجد سجدتين» وهو بمعنى حديث الباب إلا أنه أوضح. (سنده) 2 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن إدريس (يعني

ثم انفتل (1) فجعل بعض القوم يوشوش إلى بعض فقالوا له: يا رسول الله صليت خمسًا؟ فانفتل فسجد بهم سجدتين وسلم وقال: إنما أنا بشر أنسى كما تنسون. ومن طريق ثالث (2) عن علقمة عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم سجدهما قبل السلام، وقال مرة: إن النبي صلى الله عليه وسلم سجد السجدتين في السهو بعد السلام (3). ومن طريق رابع (4) عن الأسود عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر أو العصر خمسًا ثم سجد سجدتي السهو ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هاتان السجدتان لمن ظن منكم أنه زاد أو نقص (5). ومن طريق خامس (6) عن علقمة عن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سها في الصلاة فسجد بهم سجدتي السهو بعد الكلام (7)

_ عبد الله بن إدريس بن يزيد) قال: سمعت الحسن بن عبيد الله يذكر عن إبراهيم (يعني النخعي) عن علقمة أنه خبرهم عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم خمسًا (الحديث). 1 - أي انصرف من الصلاة بالسلام كما في رواية مسلم. وقوله «فجعل بعض القوم يوشوش إلى بعض» أي يكلم بعضهم بعضًا بكلام خفي مختلف لا يكاد يفهم، ورواه بعضهم بالسين المهملة، ويريد به الكلام الخفي، والوسوسة الحركة الخفية وكلام في اختلاط (نه). وقوله «فانفتل فسجد بهم» أي دخل في الصلاة بعد انصرافه عنها فسجد بهم. الخ. (سنده) 2 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم سجدهما الخ. 3 - فيه أن سجود السهو تكرر منه صلى الله عليه وسلم غير مرة فسجد في بعض المرات قبل السلام وفي بعضها بعده، وتقدم في الأبواب السابقة بيان الحالات التي سجد فيها قبل السلام والتي سجد فيها بعده، وسيأتي لذلك مزيد إن شاء الله تعالى. (سنده) 4 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن جابر عن عبد الرحمن بن الأسود عن الأسود عن عبد الله (الحديث). 5 - في هذه الرواية مشروعية سجود السهو للنقص والزيادة سواء، واستدل بها القائلون بالتخيير في سجود السهو قبل السلام أو بعده، سواء أكان عن نقص أم زيادة، لأنه لم يرد فيهما تقييد بأحدهما. أفاده الشوكاني. وسيأتي الكلام على ذلك إن شاء الله. (سنده) 6 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة الخ. 7 - يعني بعدما تكلم كما تقدم في رواية مسلم مصرحًا به أنهم قالوا: «أزيد في الصلاة؟ قال: لا وما ذاك» الخ. (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود

7 - باب ما جاء في السجود بعد السلام لكل سهو 900 - عن ثوبان رضي الله عنه (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن النبي

_ والترمذي والنسائي وابن ماجه والبيهقي بألفاظ مختلفة وبطرق متعددة والمعنى واحد. وفي الباب أيضًا عن إبراهيم بن سويد قال: صلى بنا علقمة الظهر خمسًا فلما سلم قال القوم: يا أبا شبل قد صليت خمسًا. قال: كلا ما فعلت. قالوا: بلى. قال: وكنت في ناحية القوم وأنا غلام، فقلت: بلى قد صليت خمسًا. قال لي: وأنت أيضًا يا أعور تقول ذاك. قال: قلت: نعم. قال: فانفتل فسجد سجدتين ثم سلم. رواه مسلم والنسائي والبيهقي وغيرهم. (الأحكام) قال النووي رحمه الله تعالى في الكلام على حديث الباب: هذا في دليل لمذهب مالك والشافعي وأحمد والجمهور من السلف والخلف أن من زاد في صلاته ركعة ناسيًا لم تبطل صلاته، بل إن علم بعد السلام فقد مضت صلاته صحيحة، ويسجد للسهو إن ذكر بعد السلام بقريب، وإن طال فالأصح عندنا أنه لا يسجد، وإن ذكر قبل السلام عاد إلى الجلوس سواء كان في قيام أو ركوع أو سجود أو غيرها، ويتشهد ويسجد للسهو ويسلم، وهل يسجد للسهو قبل السلام أم بعده؟ فيه خلاف العلماء السابق، هذا مذهب الجمهور، وقال أبو حنيفة وأهل الكوفة رضي الله عنهم: إذا زاد ركعة ساهيًا بطلت صلاته ولزمه إعادتها. وقال أبو حنيفة رضي الله عنه: إن كان تشهد في الرابعة ثم زاد خامسة أضاف إليها سادسة تشفعها وكانت نفلاً بناء على أصله في أن السلام ليس بواجب، ويخرج من الصلاة بكل ما ينافيها، وأن الركعة الفردة لا تكون صلاة، قال: وإن لم يكن تشهد بطلت صلاته، لأن الجلوس بقدر التشهد واجب ولم يأت به حتى أتى بالخامسة، وهذا الحديث رد كل ما قالوه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرجع من الخامسة ولم يشفعها، وإنما تذكر بعد السلام، ففيه رد عليهم وحجة للجمهور، ثم مذهب الشافعي ومن وافقه أن الزيادة على وجه السهو لا تبطل الصلاة سواء قلت أو كثرت إذا كانت من جنس الصلاة، فسواء زاد ركوعًا أو سجودًا أو ركعة أو ركعات كثيرة ساهيًا فصلاته صحيحة في كل ذلك ويسجد للسهو استحبابًا لا إيجاباً، وأما مالك فقال القاضي عياض: مذهبه أنه إن زاد دون نصف الصلاة لم تبطل صلاته بل هي صحيحة ويسجد للسهو، وإن زاد النصف فأكثر فمن أصحابه من أبطلها، وهو قول مطرف وابن القاسم، ومنهم من قال: إن زاد ركعتين بطلت، وإن زاد ركعة فلا، وهو قول عبد الملك وغيره، ومنهم من قال: لا تبطل مطلقًا، وهو مروي عن مالك رحمه الله تعالى والله أعلم. اهـ. م. 900 - عن ثوبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع

صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: لكل سهو سجدتان بعدما يسلم (1).

_ ثنا إسماعيل بن عياش عن عبيد الله بن عبيد الله الكلاعي عن زهير عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه جبير بن نفير عن ثوبان (الحديث). (غريبه) 1 - ظاهره أن السجود يتكرر بتكرر السهو في الصلاة ولا يتداخل، وبه قال ابن أبي ليلى، وحكى القاضي أبو الطيب عن الأوزاعي «فيمن سها سهوين» إن كان السهوان زيادة أو نقصًا كفاه سجدتان، وإن كان أحدهما زيادة والآخر نقصًا سجد أربع سجدات، وحمله الجمهور على أن كل سهو يقع من المصلي يكفي فيه سجدتان محتجين بحديث ذي اليدين وبما رواه البيهقي عن عائشة رضي الله عنها مرفوعًا «سجدتان تجزئان عن كل زيادة ونقص». قال صاحب (سبل السلام): لا دلالة في الحديث على تعدد السجود لتعدد مقتضيه، بل هو للعموم لكل سهو لكل ساه، فيفيد الحديث أن كل من سها في صلاته بأي سهو كان يشرع له سجدتان، ولا يختصان بالمواضع التي سها فيها النبي صلى الله عليه وسلم ولا بالأنواع التي سها بها، والحمل على هذا المعنى أولى من حمله على المعنى الأول (يعني تكرر السجود) وإن كان هو الظاهر في جمعًا بينه وبين حديث ذي اليدين. اهـ. وهو وجيه. (تخريجه) (د. جه. طب. هق. عب) وقال البيهقي: هذا إسناد فيه ضعف، وحديث أبي هريرة وعمران وغيرهما في اجتماع عدد من السهو على النبي صلى الله عليه وسلم ثم اقتصاره على السجدتين يخالف هذا، والله أعلم. اهـ. قلت: علل البيهقي رحمه الله الحديث في كتاب (المعرفة) فقال: تفرد به إسماعيل بن عياش وليس بالقوي. اهـ كلامه. وهذه العلة ضعيفة لجملة أوجه: أولاً: أن حديث ثوبان أخرجه أبو داود وسكت عنه، فأقل أحواله أن يكون حسنًا عنده على ما عرف. ثانيًا: أن إسماعيل بن عياش وثقه أئمة الجرح والتعديل كالإمام أحمد وابن معين والبخاري وغيرهم. قال صحاب (الخلاصة): إسماعيل بن عياش بن سليم العنسي بنون أبو عتبة الحمصي عالم الشام وأحد مشايخ الإسلام عن شرحبيل بن مسلم وبجير بن سعد وتميم بن عطية وزيد بن أسلم وخلق، وعنه الثوري والأعمش شيخاه وأبو اليمان وسعيد بن منصور وخلق، وثقه أحمد وابن معين ودحيم والبخاري وابن عدي في أهل الشام وضعفوه في الحجازيين. اهـ. قلت: إسماعيل بن عياش روى هذا الحديث عن شامي وهو عبيد الله الكلاعي. ثالثًا: أن البيهقي رحمه الله قال في باب ترك الوضوء من الدم في كتابه (السنن الكبرى): «ما روى ابن عياش عن الشاميين صحيح». وقد علمت أنه روى هذا الحديث عن أحد الشاميين وهو عبيد الله الكلاعي، فالحديث صحيح يحتج به، ويكون معنى «لكل سهو سجدتان» أي سواء كان من زيادة أو نقصان كما جاء

901 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صلى بهم فسها فلما سلم سجد سجدتين ثم سلم. 902 - عن عبد الله بن جعفر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من شك في صلاته فليسجد سجدتين بعدما يسلم.

_ في حديث عائشة «سجدتا السهو تجزيان عن كل زيادة ونقصان» رواه (هق. طس. عل. والبزار) ويحمل قوله «بعد السلام» على بيان الجواز، والله أعلم. 901 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال حدثني مالك بن أنس عن أود بن الحصين عن أبي سفيان مولى أبي أحمد عن أبي هريرة. (تخريجه) (مذ) بنحو حديث الباب، والشيخان وغيرهما وفيه قصة ذي اليدين. 902 - عن عبد الله بن جعفر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال ابن جريج أخبرني عبد الله بن مسافع أن مصعب بن شيبة أخبره عن عقبة بن محمد بن الحارث عن عبد الله بن جعفر الخ. (تخريجه) (د. نس. هق. حب) وفيه لين. (الأحكام) أحاديث الباب تدل بظاهرها أن سجود السهو كله محله بعد السلام، وقد ذهب إلى ذلك جماعة من الصحابة، وهم علي بن أبي طالب وسعد بن أبي وقاص وعمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود وعمران بن حصين وأنس بن مالك والمغيرة بن شعبة وأبو هريرة، وروى الترمذي عنه خلاف ذلك، وروى أيضًا عن ابن عباس ومعاوية وعبد الله بن الزبير على خلاف في ذلك عنهم، ومن التابعين أبو سلمة بن عبد الرحمن والحسن البصري والنخعي وعمر بن عبد العزيز وعبد الرحمن بن أبي ليلى والسائب القاري، وروى الترمذي عنه خلاف ذلك، وهو قول الثوري وأبي حنيفة وأصحابه، وحكى عن الشافعي قولا له، ورواه الترمذي عن أهل الكوفة، وذهب إليه من أهل البيت الهادي والقاسم وزيد بن علي والمؤيد بالله، واستدلوا بأحاديث الباب وبسائر الأحاديث التي ذكر فيها السجود بعد السلام، وذهب أهل الظاهر وبه قال ابن حزم إلى أن السجود كله بعد السلام إلا في موضعين فإن الساهي فيهما مخير، أحدهما من قام من ركعتين ولم يجلس ولم يتشهد، والثاني أن لا يدري أصلى ركعة أم ثلاثًا أم أربعًا فيبني على الأقل ويخير في السجود، وروى النووي في (شرح مسلم) عن داود أنه قال: تستعمل الأحاديث في مواضعها كما جاءت. قال القاضي عياض وجماعة من أصحاب الشافعي: ولا خلاف بين هؤلاء المختلفين وغيرهم من العلماء أنه لو سجد قبل السلام

أبواب سجود التلاوة والشكر 1 - باب ما جاء في فضله وعدد مواضعه 903 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قرأ ابن آدم السجدة فسجد (1) اعتزل الشيطان يبكي يقول: يا ويله، أمر بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فعصيت فلي النار.

_ أو بعده للزيادة أو للنقص أنه يجزئه ولا تفسد صلاته، وإنما اختلافهم في الأفضل. قال النووي: وأقوى المذاهب هنا مذهب مالك ثم الشافعي. قلت: مذهب مالك التفرقة بين الزيادة والنقص، فيسجد للزيادة بعد السلام وللنقص قبله، وبه قال المزني أبو ثور، ومذهب الشافعي سجود السهو كله قبل السلام ووافقه جماعة من الصحابة والتابعين، وتقدم الكلام على ذلك. قال الشوكاني رحمه الله: وأحسن ما يقال في المقام أنه يعمل على ما تقتضيه أقواله وأفعاله صلى الله عليه وسلم من السجود قبل السلام وبعده، فما كان من أسباب السجود مقيدًا بقبل السلام سجد له قبله، وما كان مقيدًا ببعد السلام سجد له بعده، وما لم يرد تقييده بأحدهما كان مخيرًا بين السجود قبل السلام وبعده من غير فرق بين الزيادة والنقص، لما أخرجه مسلم في صحيحه عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا زاد الرجل أو نقص فليسجد سجدتين» وجميع أسباب السجود لا تكون إلا زيادة أو نقصًا أو مجموعها، وهذا ينبغي أن يعد مذهبًا، لأن مذهب داود وإن كان فيه أنه يعمل بمقتضى النصوص الواردة كما حكاه النووي فقد جزم بأن الخارج عنها يكون قبل السلام، وإسحاق بن راهويه وإن قال إنها تستعمل الأحاديث كما وردت فقد جزم أنه يسجد لما خرج عنها، إن كان زيادة بعد السلام، وإن كان نقصًا فقبله، والقائلون بالتخيير لم يستعملوا النصوص كما وردت، ولا شك أنه أفضل، ومحل الخلاف في الأفضل كما عرفت. اهـ. ببعض تصرف. قلت: والقول بالتخيير حكاه ابن أبي شيبة في (المصنف) عن علي رضي الله عنه، وحكاه الرافعي قولاً للشافعي، ورواه المهدي في (البحر) عن الطبري، والله أعلم. 903 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ويعلى ومحمد أنبأنا عبيد قالوا أنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة (الحديث). (غريبه) 1 - أي آية السجدة فسجد سجود التلاوة. «اعتزل» أي تباعد عنه الشيطان، والمراد به إبليس لعنه الله. وقوله «يبكي يقول» قال الطيبي: هما حالان من فاعل اعتزل مترادفتان أو متداخلتان. «يا ويله» أي يا حزنه وهلاكه وهو معنى الويل، وحكاه بضمير الغائب احترازًا عن الإيهام

904 - عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سجدت مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إحدى عشرة سجدة، منهن سجدة النجم.

_ القبيح، وإنما جعل الشيطان الويل منادى لفرط حزنه وعظم مصيبته. وقوله «فله الجنة» أي خالدًا فيها بطاعته وامتثال أمر ربه. «ولي النار» أي نار جهنم خالدًا فيها بمعصيته واستكباره. (تخريجه) (م. جه. هق). 904 - عن أبي الدرداء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن غيلان قال ثنا رشدين قال حدثني عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عمر الدمشقي أن مخبرًا أخبره عن أم الدرداء عن أبي الدرداء (الحديث). (تخريجه) (د) وقال: إسناده واهٍ أي ضعيف، لأن في سنده سعيد بن أبي هلال وفيه مقال، وعمر الدمشقي وهو مجهول. وأخرجه ابن ماجه من طريق ثاني وفي إسناده عثمان بن فايد ضعيف. وأخرجه الترمذي عن سفيان بن وكيع حدثنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن سعيد بن أبي هلال عن عمر الدمشقي عن أم الدرداء عن أبي الدرداء. وأخرجه من طريق ثان عن عبد الله بن عبد الرحمن أخبرنا عبد الله بن صالح حدثنا الليث بن سعد عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن عمر وهو ابن حيان الدمشقي قال: سمعت مخبرًا يخبر عن أم الدرداء عن أبي الدرداء (بنحو حديث الباب) وقال: هذا أصح من حديث سفيان بن وكيع عن ابن وهب. قال: وفي الباب عن علي وابن عباس وأبي هريرة وابن مسعود وزيد بن ثابت وعمرو بن العاص، وقال: حديث أبي الدرداء غريب لا نعرفه إلا من حديث سعيد بن أبي هلال عن عمر الدمشقي. اهـ. وأخرجه أيضًا البيهقي بسنده عن المهدي بن عبد الرحمن بن عبيد أو عبيدة على اختلاف في ذلك حدثتني عمتي أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: «سجدت مع النبي صلى الله عليه وسلم إحدى عشرة سجدة ليس فيها من المفصل شيء: الأعراف والرعد والنحل وبني إسرائيل ومريم والحج سجدة والفرقان وسليمان سورة النمل والسجدة وصاد وسجدة الحواميم» وفي إسناده عثمان بن فايد ضعيف، وأورد له طرقًا أخرى وكلها لا تخلو من مقال. وفي الباب عن عمرو بن العاص رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرأه خمس عشرة سجدة في القرآن، منها ثلاث في المفصل، وفي الحج سجدتان أخرجه (د. جه. قط. ك) وحسنه المنذري والنووي وضعفه عبد الحق وابن القطان، وفي إسناده عبد الله بن منين الكلابي وهو مجهول والراوي عنه الحارث بن سعيد العتقي المصري وهو لا يعرف أيضًا، وقال ابن ماكولا: ليس له غير هذا الحديث. قاله الحافظ في (التلخيص). (الأحكام)

_ في حديث أبي هريرة دلالة على فضل سجوده التلاوة وأن فعله من أسباب دخول الجنة ورضا الرب، وإدخال الهلاك والحزن على إبليس عدو آدم وذريته وأن مصير إبليس إلى النار وبئس القرار. وفي حديث أبي الدرداء دليل على أن سجدات التلاوة إحدى عشرة سجدة، وإلى ذلك ذهب الشافعي في القديم والمالكية وأخرجوا سجدات المفصل، وهي ثلاثة كما سيأتي، وأول المفصل سورة الحجرات إلى آخر القرآن. وذهب الشافعي في الجديد وطائفة إلى أنهن أربع عشرة سجدة، منها سجدتان في الحج وثلاث في المفصل، وليست سجدة صاد منهن، وإنما هي سجدة شكر. وقال أبو حنيفة: هن أربع عشرة أثبت سجدات المفصل وسجدة صاد وأسقط السجدة الثانية من الحج. وقال الإمام أحمد وابن سريج من الشافعية وطائفة: هن خمس عشرة محتجين بحديث عمرو بن العاص المذكور آنفًا. واعلم أن أول مواضع السجود خاتمة الأعراف، وثانيها عند قوله في الرعد {بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ} [الرعد/15]، وثالثها عند قوله في النحل {وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ} [النحل/50]، ورابعها عند قوله في بني إسرائيل {وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعًا} [الإسراء/109]، وخامسها عند قوله في مريم {خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا} [مريم/58]، وسادسها عند قوله في الحج {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج/18]، وسابعها عند قوله في الفرقان {وَزَادَهُمْ نُفُورًا} [الفرقان/60]، وثامنها عند قوله في النمل {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل/26]، وتاسعها عند قوله في ألم تنزيل {وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ} [السجدة/15]، وعاشرها عند قوله في صاد {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص/24]، والحادي عشر عند قوله في حم السجدة {إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُونَ} [فصلت/37]، وبه قال مالك وطائفة من السلف وبعض الشافعية، وقال أبو حنيفة والشافعي والجمهور عند قوله {وَهُمْ لَا يَسْأَمُونَ} [فصلت/38]، والثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر سجدات المفصل وستأتي، والخامس عشر السجدة الثاني في الحج. واحتج من نفى سجدات المفصل وهم المالكية ومن وافقهم بحديث ابن عباس عند أبي داود وابن السكن في صحيحه بلفظ «لم يسجد صلى الله عليه وسلم في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة» وفي إسناده أبو قدامة الحارث بن عبيد، ومطر الوراق وهما ضعيفان وإن كانا من رجال مسلم. قال النووي: حديث ابن عباس ضعيف الإسناد لا يحتج به. قال الشوكاني: وعلى فرض صلاحيته للاحتجاج فالأحاديث المتقدمة مثبتة وهي مقدمة على النفي، ولا سيما مع إجماع العلماء على أن إسلام أبي هريرة كان سنة سبع من الهجرة وهو يقول في حديثه الآتي بعد أربعة أبواب «سجدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الإنشقاق/1] و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق/1]». فائدة: قال النووي رحمه الله في (شرح مسلم): قد أجمع العلماء على إثبات سجود التلاوة، وهو عند الجمهور سنة، وعند أبي حنيفة واجب ليس بفرض. اهـ.

2 - باب ما يقال في سجدة التلاوة 905 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في سجود القرآن: سجد وجهي للذي خلقه وشق سمعه وبصره بحوله وقوته. 3 - باب قراءة السجدة في الصلاة الجهرية والسرية 906 - عن أبي رافع (1) قال: صليت مع أبي هريرة صلاة العتمة أو

_ 905 - عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم قال ثنا خالد عن أبي العالية عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث). (تخريجه) (د. نس. قط. هق. ك. مذ) وصححه، وصححه ابن السكن وقال في آخره ثلاثًا، وزاد الحاكم «فتبارك الله أحسن الخالقين» وزاد البيهقي «وصوره» بعد قوله «خلقه»، ولمسلم نحوه من حديث علي في سجود الصلاة وقد تقدم، وللنسائي أيضًا نحوه في سجود الصلاة. وفي الباب عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: «كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فقال: إني رأيت البارحة فيما يرى النائم كأني أصلي إلى أصل شجرة فقرأت السجدة فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها تقول: اللهم احطط عني بها وزرًا، واكتب لي بها أجرًا، واجعلها لي عندك ذخرًا، قال ابن عباس: فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم قرأ السجدة فسجد فسمعته يقول في سجوده مثل الذي أخبره الرجل عن قول الشجرة» رواه ابن ماجه والترمذي وزاد فيه «وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود عليه السلام» ورواه أيضًا الحاكم وابن حبان وفي إسناده الحسن بن محمد بن عبيد الله بن أبي يزيد قال العقيلي: فيه جهالة. والله أعلم. (الأحكام) حديث الباب مع حديث ابن عباس الذي ذكرناه في الشرح يدلان على مشروعية الذكر في سجود التلاوة بما اشتملا عليه وليس ذلك متعينًا، بل قال ابن الهمام: ويقول في سجدة التلاوة ما يقول في سجدة الصلاة على الأصح، واستحب بعضهم أن يقول فيه «سبحان ربنا إن كان وعد ربنا لمفعولا»، لأنه عز وجل أخبر أن أولياءه {يَخِرُّونَ لِلْأَذْقَانِ سُجَّدًا (107) وَيَقُولُونَ سُبْحَانَ رَبِّنَا} [الإسراء/107، 108] الخ الآية، قال: وينبغي أن لا يكون ذلك على عمومه بل إن كانت (يعني سجدة التلاوة) في الصلاة المفروضة قال: «سبحان ربي الأعلى» وإن كانت في النوافل أو خارج الصلاة قال ما شاء مما ورد كسجد وجهي الخ. والله أعلم. 906 - عن أبي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معتمر بن سلمان ثنا أبي عن بكر عن أبي رافع (الحديث). (غريبه) 1 - اسمه نفيع الصائغ

قال صلاة العشاء فقرأ {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الإنشقاق/1] فسجد فيها فقلت: يا أبا هريرة «ما هذه السجدة» (1) فقال: سجدت فيها خلف أبي القاسم صلى الله عليه وآله وسلم فلا أزال أسجدها حتى ألقاه. 907 - عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سجد في الركعة الأولى من صلاة الظهر فرأى أصحابه أنه قرأ تنزيل السجدة قال: ولم أسمعه من أبي مجلز (2).

_ 1 - «ما هذه السجدة» هذه الجملة سقطت من الأصل وثبتت في رواية مسلم وأبي داود، وفي رواية البخاري ما هذه، ولذا جعلتها بين قوسين، وفي رواية للبخاري عن أبي سلمة أنه قال لأبي هريرة «لم أرك تسجد» أي قبل ذلك في الصلاة أوفي هذه السورة، وهو استفهام إنكار يشعر بأن العمل كان على خلاف ذلك، وبه تمسك من رأى ترك السجود للتلاوة في الصلاة ومن رأى تركه في المفصل. قال الحافظ: ويجاب عن ذلك بأن أبا رابع وأبا سلمة لم ينكرا على أبي هريرة بعد أن أعلمهما بالسنة في هذه المسألة ولا احتجا عليه بالعمل على خلاف ذلك، قال ابن عبد البر: وأي عمل يدّعى مع مخالفته النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده. (تخريجه) (ق. لك. د. نس. هق) ولفظ النسائي عن أبي رافع قال: «صليت خلف أبي هريرة صلاة العشاء يعني صلاة العتمة فقرأ سورة {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الإنشقاق/1] فسجد فيها فلما فرغت قلت: يا أبا هريرة هذه سجدة ما كنا نسجدها قال: سجد بها أبو القاسم صلى الله عليه وسلم وأنا خلفه فلا أزال أسجد بها حتى ألق أبا القاسم صلى الله عليه وآله وسلم». 907 - عن سليمان التيمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا سليمان التيمي عن أبي مجلز (الحديث) ز (غريبه) 2 - القائل «ولم أسمعه» هو سليمان التيمي يعني أنه رواه عن أبي مجلز بواسطة لم يذكرها، ففيه تدليس. (تخريجه) (د. ك. والطحاوي) ولفظ الحاكم حدثنا أبو سعيد أحمد بن يعقوب الثقفي ثنا يوسف بن يعقوب القاضي ثنا محمد بن أبي بكر ثنا يحيى بن سعيد عن سليمان التيمي عن أبي مجلز عن ابن عمر «أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فظننا أنه قرأ تنزيل السجدة» وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وهو سنة صحيحة غريبة أن الإمام يسجد فيما يسر بالقراءة مثل سجوده فيما يعلن. اهـ. قلت: وأقره الذهبي. (الأحكام) حديثا الباب يدلان على

4 - باب إذا سجد القارئ سجد المستمع 908 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقرأ علينا السورة (1) فيقرأ السجدة في غير صلاة (2) فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد أحدنا مكانًا لموضع جبهته (3).

_ مشروعية سجود التلاوة في الصلاة سواء أكانت فرضًا أم نفلاً سرية أم جهرية وسواء أكان المصلي إمامًا أم فذًا، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء، وروى ابن القاسم عن مالك كراهة القارة بالسجدة في الفريضة مطلقاً للإمام والفذ، وروى عنه أشهب الكراهة أيضًا إلا أن يكون وراءه عدد قليل لا يحصل بسجوده تخليط عليهم، وروى عنه ابن وهب أنه لا بأس بقراءة الإمام بالسجدة في الفريضة. وذهب أبو حنيفة وأحمد وابن حبيب من المالكية إلى كراهة ذلك في السرية خشية التخليط فيها على المأمومين دون الجهرية لأمن التخليط فيها على المأمومين. قال الشوكاني: وذهب الهادي والقاسم والناصر والمؤيد بالله إلى أنه لا يسجد في الفرض فإن فعل فسدت، واستدلوا على ذلك لما أخرجه أبو داود عن ابن عمر أنه قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا السورة (زاد ابن نمير: «في غير الصلاة») فيسجد ونسجد معه حتى لا يجد أحدنا مكانًا لموضع جهته»، وفي مسلم عنه أنه قال: «ربما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن فيمر بالسجدة فيسجد بنا حتى ازدحمنا عنده حتى ما يجد أحدنا مكانًا يسجد فيه في غير صلاة» والحديث في البخاري بدون قوله «في غير صلاة»، وهذا تمسك بمفهوم قوله «في غير صلاة» وهو لا يصلح للاحتجاج به، لأن القائل بذلك ذكر صفة الواقعة التي وقع فيها السجود المذكور، وذلك لا ينافي ما ثبت من سجوده صلى الله عليه وسلم في الصلاة. قلت: سجوده صلى الله عليه وسلم في الصلاة ثابت عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهما، وحديث أبي رافع الذي في الباب ترجم له البخاري بقوله «باب من قرأ السجدة في الصلاة فسجد فيها» وساق الحديث كحديث الباب فلا حجة لمنكري ذلك. والله أعلم. 908 - عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر (الحديث). (غريبه) 1 - زاد البخاري في رواية «ونحن عنده». 2 - هكذا في رواية عند مسلم أيضًا «في غير صلاة» وتقدم أنه تمسك بهذه الرواية من قال إنه لا سجود للتلاوة في صلاة الفرض، وتقدم الجواب عن ذلك، ورواية البخاري بدون قوله «في غير صلاة» ولفظها «فقرأ السجدة فنسجد معه». 3 - يعني من

909 - وعنه أيضًا قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعلمنا القرآن (1) فإذا مر بسجود القرآن سجد وسجدنا معه (2).

_ شدة الزحام، وقد اختلف فيمن لم يجد مكانًا يسجد عليه، فقال ابن عمر: يسجد على ظهر أخيه، وبه قال الكوفيون وأحمد وإسحاق، وقال عطاء والزهري يؤخر حتى يرفعوا، وبه قال مالك والجمهور، وهذا الخلاف في سجود الفريضة. قال في (الفتح): وإذا كان هذا في سجود الفريضة فيجري مثله في سجود التلاوة، ولم يذكر ابن عمر في هذا الحديث ما كانوا يصنعون حينئذ ولذلك وقع الخلاف المذكور، ووقع في الطبراني من طريق مصعب بن ثابت عن نافع في هذا الحديث أن ذلك كان بمكة لما قرأ النبي صلى الله عليه وسلم النجم وزاد فيه «حتى سجد الرجل على ظهر الرجل» قال الحافظ: الذي يظهر أن هذا الكلام وقع من ابن عمر على سبيل المبالغة في أنه لم يبق أحد إلا سجد، قال: وسياق حديث الباب مشعر بأن ذلك وقع مرارًا، ويؤيد ذلك ما رواه الطبراني من رواية المسور بن مخرمة عن أبيه قال: «أظهر أهل مكة الإسلام (يعني في أول البعثة) حتى إن كان النبي صلى الله عليه وسلم ليقرأ السجدة فيسجد وما يستطيع بعضهم أن يسجد من الزحام حتى قدم رؤساء مكة وكانوا في الطائف فرجعوهم عن الإسلام». (تخريجه) (ق. د. طب وغيرهم). 909 - وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد ثنا عبد الله عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: كان الخ. (غريبه) 1 - أي يعلمهم الأحكام والوعد والوعيد وأخبار الماضين وكيفية تلاوة القرآن. 2 - لفظ أبي داود «فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا»، قال عبد الرزاق: وكان الثوري يعجبه هذا الحديث. قال أبو داود: يعجبه لأنه كبر. (تخريجه) (د. هق) وفي إسناده العمري عبد الله المكبر وهو ضعيف، وأخرجه الحاكم من رواية العمري عبيد الله المصغر وهو ثقة، ولهذا قال: على شرط الشيخين. قال الحافظ: وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر بلفظ آخر. اهـ. وقد أخرج مسلم لعبد الله العمري المذكور في صحيحه لكن مقرونًا بأخيه عبيد الله. وفي الباب عن عطاء بن يسار «أن رجلاً قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم السجدة فسجد فسجد النبي صلى الله عليه وسلم ثم قرأ آخر عند السجدة فلم يسجد فلم يسجد النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله قرأ فلان عندك السجدة فسجدت وقرأت فلم تسجد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: كنت إمامنا فلو سجدتَ سجدتُ»، رواه الإمام الشافعي في مسنده هكذا مرسلاً. قال البخاري: وقال ابن مسعود لتميم بن حذلم وهو غلام فقرأ عليه سجدة فقال: اسجد فإنك إمامنا فيها. الحديث أخرجه أبو داود

_ في المراسيل، وقال البيهقي: رواه قرة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة، وقرة ضعيف. وأخرج ابن أبي شيبة من رواية ابن عجلان عن زيد بن أسلم قال: إن غلامًا قرأ عند النبي صلى الله عليه وسلم السجدة فانتظر الغلام النبي صلى الله عليه وسلم فلما لم يسجد قال: يا رسول الله ليس في هذه السجدة سجود؟ قال صلى الله عليه وسلم: بلى ولكنك كنت إمامَنا فيها، ولو سجدتَ لسجدنا. قال الحافظ في (الفتح): رجاله ثقات إلا أنه مرسل. (الأحكام) حديثا الباب مع ما ذكرنا تدل على مشروعية السجود لمن سمع الآية التي يشرع فيها السجود إذا سجد القارئ. قال ابن بطال: وأجمعوا على أن القارئ إذا سجد لزم المستمع أن يسجد. قال الشوكاني: وقد اختلف العلماء في اشتراط السماء لآية السجدة. وإلى اشتراط ذلك ذهبت العترة وأبو حنيفة والشافعي وأصحابه، لكن الشافعي شرط قصد الاستماع والباقون لم يشترطوا ذلك، وقال الشافعي في (البويطي): لا أؤكد على السامع كما أؤكد على المستمع. وقد روى البخاري عن عثمان بن عفان وعمران بن حصين وسلمان الفارسي أن السجود إنما شرع لمن استمع، وذلك روى البيهقي وابن أبي شيبة عن ابن عباس. اهـ. وبه قالت المالكية والحنابلة، لكن اشترط المالكية في المستمع أن يكون قاصدًا بالاستماع تعلم القراءة من القارئ أو أحكامها من إظهار وإدغام ومد وقصر وغير ذلك، أو الروايات كرواية ورش مثلاً، أو يعلم القارئ ذلك محتجين بقول ابن عمر في الحديث الثاني من الباب «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا القرآن» الخ. ولا يشترط عندهم سجود القارئ، فيسجد المستمع ولو لم يسجد القارئ كالحنفية والشافعية. واشترط الحنابلة سجود القارئ، فإن سجد القارئ سجد المستمع وإلا فلا، محتجين بحديثي الباب وبما ذكرنا بعدهما، وقد استدل بحديث ابن عمر (الثاني من حديثي الباب) القائلون بمشروعية التكبير لسجود التلاوة، لأن أبا داود رواه بلفظ «كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا». قال الشوكاني: وإلى ذلك ذهبت الهادوية وبعض أصحاب الشافعي، قال أبو طالب: ويكبر بعد تكبيرة الافتتاح تكبيرة أخرى للنقل، وحكى في (البحر) عن العترة أنه لا تشهد في سجود التلاوة ولا تسليم. وقال بعض أصحاب الشافعي: بل يتشهد ويسلم كالصلاة، وقال بعض أصحاب الشافعي: يسلم قياسًا للتحليل على التحريم، ولا يتشهد إذ لا دليل. ولهم في السائر وجهان: يومئ للعذر ويسجد، إذ الإيماء ليس بسجود، وفي الاستغناء عنه بالركوع قولان: الهادوية والشافعي لا يغني، إذ لم يؤثر، وقال أبو حنيفة: يغني إذ القصد الخضوع. اهـ. قلت: ولم يذكر الشوكاني ما ذهب إليه الحنفية والمالكية والحنابلة في مشروعية تكبيرة الإحرام والتشهد والسلام في سجود التلاوة، وإليك ما ذهبوا إليه: أما المالكية والحنفية فلم يقولوا بشيء من ذلك. وأما الحنابلة فقالوا: يكبر إذا

5 - باب حجة من قال بعدم سجدات التلاوة في سور المفصل 910 - عن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: قرأت على النبي صلى الله عليه وآله وسلم النجم فلم يسجد (1).

_ سجد وإذا رفع بلا تكبيرة إحرام، ويجلس ويسلم بلا تشهد، وذهبت الشافعية في المشهور عنهم إلى أنه إذا كان خارج الصلاة يكبر للإحرام ويرفع يديه ويسلم وزاد بعضهم التشهد فيها، والله أعلم. 910 - عن زيد بن ثابت (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن ابن أبي ذئب عن يزيد بن قسيط عن عطاء بن يسار عن زيد بن ثابت (الحديث). (غريبه) 1 - في رواية للدارقطني «فلم يسجد منا أحد». (تخريجه) (ق. هق. قط. والثلاثة). (الأحكام) استدل بحديث الباب من قال إن المفصل لا يشرع فيه سجود التلاوة، وهم المالكية والشافعي في أحد قوليه، واحتج به أيضًا من خص سورة النجم بعدم السجود وهو أبو ثور، وأجيب عن ذلك بأن تركه صلى الله عليه وسلم للسجود في هذه الحالة لا يدل على تركه مطلقًا، لاحتمال أن يكون السبب في الترك إذ ذاك إما لكونه كان بلا وضوء أو لكون الوقت كان وقت كراهة أو لكون القارئ لم يسجد أو كان الترك لبيان الجواز، قال الحافظ: وهو أرجح الاحتمالات، وبه جزم الشافعي. قلت: وسيأتي في الباب التالي عن ابن مسعود وأبي هريرة وغيرهما ما يؤيد ذلك. واستدل بحديث الباب أيضًا القائلون بعدم وجوب سجود التلاوة وهم المالكية والشافعية والحنابلة والجمهور، وبما روي عن عمر رضي الله عنه أنه قرأ على المنبر يوم الجمعة سورة النحل حتى جاء السجدة فنزل وسجد وسجد الناس حتى إذا كانت الجمعة القابلة قرأ فيها حتى إذا جاء السجدة قال: أيها الناس، إنا لم نؤمر بالسجود، فمن سجد فقد أصاب، ومن لم يسجد فلا إثم عليه. وفي لفظ «إن الله لم يفرض علينا السجود إلا أن نشاء» (خ. لك. هق. ش) قالوا: لأنه لو كان واجبًا لما تركه النبي صلى الله عليه وسلم ولما قال عمر رضي الله عنه «ومن لم يسجد فلا إثم عليه» وأجاب الحنفية القائلون بالوجوب على قاعدتهم في التفرقة بين الفرض والواجب بأن نفي الفرض لا يستلزم نفي الوجوب. قال الحافظ: وتعقب بأنه اصطلاح لهم حادث، وما كان الصحابة يفرقون بينهما ويغني عن هذا قول عمر «ومن لم يسجد فلا إثم عليه». فإن قيل: الاستدلال بقول عمر على عدم الوجوب لا يكون مثبتًا للمطلوب، لأنه قول صحابي ولا حجة فيه، فالجواب على ذلك من وجهين: أولاً: أن القائل بالوجوب وهم الحنفية يقولون بحجية أقوال الصحابة

6 - باب حجة القائلين بمشروعية سجود التلاوة في سور المفصل 911 - عن ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم سجد بالنجم وسجد المسلمون (1) إلا رجل (2) من قريش أخذ كفًا من تراب

_ وثانيًا: أن تصريحه بعدم الفرضية ويعد الإثم على التارك في مثل هذا الجمع من دون صدور إنكار يدل على إجماع الصحابة على ذلك، والله أعلم. 911 - عن ابن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيف ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن الأسود بن يزيد عن ابن مسعود (الحديث). (غريبه) 1 - في رواية البخاري من حديث ابن عباس «وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس»، قال ابن عباس وغيره «حتى شاع أن أهل مكة أسلموا». 2 - هذا الاستثناء منقطع لأن الرج لم يكن من المسلمين، وصرح البخاري في التفسير أنه أمية بن خلف، وكذلك قال النووي في شرح مسلم، قال: وقد قتل يوم بدر كافرًا ولم يكن أسلم قط. قال القاضي عياض: وكان سبب سجودهم فيما قال ابن مسعود رضي الله عنه: أنها أول سجدة نزلت. قال القاضي: وأما ما يرويه الإخباريون والمفسرون أن سبب ذلك ما جرى على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم من الثناء على آلهة المشركين في سورة النجم فباطل لا يصح في شيء لا من جهة النقل ولا من جهة العقل، لأن مدح إله غير الله تعالى كفر، ولا يصح نسبة ذلك إلى لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أن يقوله الشيطان على لسانه، ولا يصح تسليط الشيطان على ذلك، والله أعلم. اهـ. قلت: يشير القاضي عياض رحمه الله تعالى إلى ما رواه بعض المفسرين وأصحاب السير من طرق كلها مرسلة ومنقطعة وغير صحيحة من أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى تولي قومه عنه وشق عليه ما رأى من مباعدتهم عما جاءهم به من الله تمنى في نفسه أن يأتيه من الله من يقارب بينه وبين قومه لحرصه على إيمانهم فكان يومًا في مجلس لقريش فأنزل الله تعالى سورة النجم فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ قوله تعالى {أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى (19) وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى} [النجم/19، 20] ألقى الشيطان على لسانه بما كان يحدث به نفسه ويتمناه «تلك الغرانيق (*) العلى وإن شفاعتهن لترتجى» (حاشا أن يتسلط الشيطان على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحانك هذا بهتان عظيم) فلما سمعت قريش ذلك فرحوا به ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في قراءته يقرأ السورة كلها وسجد

فرفعه إلى جبهته فسجد عليه قال: عبد الله (2) فرأيته بعد قُتل كافرًا. 912 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ النجم فسجد وسجد الناس معه إلا رجلين (3) أرادا الشهرة

_ في آخر السورة فسجد المسلمون بسجوده وسجد جميع من في المسجد من المشركين فلم يبق في المسجد مؤمن ولا كافر إلا مسجد إلا الوليد بن المغيرة وأبو أحيحة سعيد بن العاص فإنهما أخذا حفنة من البطحاء ورفعاها إلى جبهتيهما وسجدا عليها لأنهما كانا شيخين كبيرين فلم يستطيعا السجود، وتفرقت قريش وقد سرهم ما سمعوا من ذكر آلهتهم ويقولون قد ذكر محمد آلهتنا بأحسن الذكر، وقالوا: قد عرفنا أن الله يحيي ويميت ويخلق ويرزق ولكن آلهتنا هذه تشفع لنا عنده، فإن جعل لها محمد نصيبًا فنحن معه، فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل فقال: يا محمد ماذا صنعت؟ لقد تلوت على الناس ما لم آتك به عن الله عز وجل، فحزن رسول الله صلى الله عليه وسلم حزنًا شديدًا وخاف من الله خوفًا كثيرًا، فأنزل الله عز وجل هذه الآية {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللَّهُ مَا يُلْقِي الشَّيْطَانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللَّهُ آَيَاتِهِ} [الحج/52] الآية يعزيه بها وكان به رحيمًا، وسمع بذلك من كان بأرض الحبشة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبلغهم سجود قريش، وقيل: أسلمت قريش وأهل مكة فرجع أكثرهم إلى عشائرهم وقالوا: هم أحب إلينا، حتى إذا دنوا من مكة بلغهم أن الذي كانوا يحدثونه من إسلام أهل مكة كان باطلاً، فلم يدخل أحدًا إلا بجوار أو مستخفيًا، فلما نزلت هذه الآية قالت قريش: ندم محمد على ما ذكر من منزلة آلهتنا عند الله فغير ذلك، وكان الحرفان اللذان ألقى الشيطان على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وقعا في فم كل مشكر فازدادوا شرًا إلى ما كانوا عليه وشدة على من أسلم، هذا ما نقله المفسرون وأصحاب السير وهي قصة باطلة مردودة مرذولة لأنها تنافي عصمة الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وقد قيض الله تعالى لرد هذه الفرية كثيرًا من علماء السلف والخلف، ومن أحسن ما قيل في ذلك ما ذكره الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده المصري مفتي الديار المصرية رحمه الله تعالى في ذيل كتابه (تفسير الفاتحة) وسنذكره في آخر الباب إن شاء الله تعالى. 2 - يعني ابن مسعود رضي الله عنه. وقوله «قتل كافرًا» يعني يوم بدر كما ذكره النووي. (تخريجه) (ق. نس. هق) 912 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا ابن أبي ذئب عن الحارث عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن أبي هريرة (الحديث). (غريبه) 3 - أحدهما أمية بن خلف كما تقدم في حديث ابن مسعود والثاني المطلب

913 - عن جعفر بن المطلب بن أبي وداعة السهمي عن أبي رضي الله عنه قال: قرأ النبي صلى الله عليه وسلم بمكة سورة النجم فسجد وسجد من عنده، فرفعت رأسي وأبيت أن أسجد، ولم يكن أسلم يومئذ المطلب، وكان بعد لا يسمع أحدًا قرأها إلا سجد. وعنه من طريق ثان (1) بنحوه، وفيه «فقال المطلب فلا أدع السجود فيها أبدًا». 914 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الإنشقاق/1] و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ} [العلق/1].

_ ابن أبي وداعة كما في حديثه الآتي بعد هذا ولم يذكره ابن مسعود في حديثه لاحتمال أنه لم يره فأخبر عمن رآه أو خص أمية بالذكر لأنه هو الذي أخذ كفًا من التراب دون الآخر. وقوله «أرادا الشهرة» يعني الظهور بين قومهما بأنهما لم يخضعا ولم ينقادا لما جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) (ش) وقال الهيثمي: رواه الطبراني في (الكبير) وأحمد ورجاله ثقات. 913 - عن جعفر بن المطلب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن خالد ثنا رباح عن معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن جعفر بن المطلب الخ. (سنده) 1 - (وعنه من طريق ثان) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن المطلب بن أبي وداعة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سجد في النجم وسجد الناس معه، قال المطلب: ولم أسجد معهم وهو يومئذ مشرك فقال المطلب: فلا أدع السجود فيها أبدًا. (تخريجه) (نس. هق) وسنده جيد. 914 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أيوب بن موسى عن عطاء بن ميناء عن أبي هريرة قال: سجدنا الخ. (تخريجه) (م. فع. هق. والأربعة) وفي الباب عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم سجد بالنجم وسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس، رواه البخاري والترمذي وصححه. وعن أبي هريرة أنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم سجد في سورة النجم وسجدنا معه. رواه البزار والدارقطني. قال الحافظ: ورجاله ثقات. وروى ابن مردويه بإسناد حسنه الحافظ عن أبي هريرة أنه سجد في خاتمة النجم فسئل عن ذلك فقال: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم سجد فيها. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية سجود التلاوة في سور المفصل، وإلى ذلك ذهب الجمهور

_ وذهبت المالكية إلى عدم السجود فيها محتجين بحديث رواه أبو داود عن ابن عباس «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسجد في شيء من المفصل منذ تحول إلى المدينة» وهو ضعيف، ضعفه أئمة الحديث وتقدم في الباب الأول قول النووي إنه لا يحتج به. قلت: حديث ابن عباس لا يقاوم أحاديث الباب لصحتها وضعفه، ولكثرتها وانفراده، ولكونه نافٍ وهي مثبتة، والمثبت مقدم على النافي. فإن قيل: إن سياق أحاديث الباب يدل على أن ذلك كان بمكة وحديث ابن عباس يوافق ذلك. قلت: حديث أبي هريرة الأخير من أحاديث الباب (وهو صحيح رواه مسلم وغيره) مصرح بقوله «سجدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في {إِذَا السَّمَاءُ انْشَقَّتْ} [الإنشقاق/1] و {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} [العلق/1] وتقدم في الباب الأول إجماع العلماء على أن إسلام أبي هريرة كان سنة سبع من الهجرة، فثبت بذلك أنه صلى الله عليه وسلم سجد في المفصل بعد تحوله إلى المدينة، فالحق ما ذهب إليه الجمهور والله أعلم. تتمة في مسألة الغرانيق وتفسير أربع آيات من قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلَا نَبِيٍّ إِلَّا إِذَا تَمَنَّى} [الحج/52] إلى قوله {أَوْ يَأْتِيَهُمْ عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} [الحج/55] لحكيم الإسلام الأستاذ الإمام الشيخ محمد عبده رحمه الله وجعل الجنة مأواه قال رحمه الله تعالى في ذيل كتابه (تفسير الفاتحة) بعد المقدمة ما نصه: يعلم كل ناظر في كتابنا الإلهي (القرآن) ما رفع الإسلام من شأن الأنبياء والمرسلين، والمنزلة التي أحلهم من حيث هم حملة الوحي وقدوة البشر في الفضائل وصالح الأعمال، وتنزيهه إياهم عما رماهم به أعداؤهم، وما نسبه إليهم المعتقدون بأديانهم، ولا يخفى على أحد من أهل النظر في هذا الدين القيوم أنه قد قرر عصمة الرسل كافة من الزلل في التبليغ والزيغ عن الوجهة التي وجه الله وجوههم نحوها من قول أو عمل، وخص خاتمهم محمدًا صلى الله عليه وآله وسلم فوق ذلك بمزايا فصلت في ثنايا الكتاب العزيز. عصمة الرسول في التبليغ عن الله أصل من أصول الإسلام، شهد به الكتاب وأيدته السنة وأجمعت عليه الأمة، وما خالف فيه بعض الفرق فإنما هو في غير الإخبار عن الله وإبلاغ وحيه إلى خلقه، ذلك الأصل الذي اعتمدت عليه الأديان حق لا يرتاب فيه مليّ يفهم ما معنى الدين، مع ذلك لم يعدم الباطل في أعوانًا يعملون على هدمه وتوهين ركنه أولئك عشاق الروايات وعبدة النقل، نظروا نظرة في قوله تعالى {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ

_ وَلاَ نَبِيٍّ} [الحج/52] الآية وفيما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما من أن «تمنى» بمعنى قرأ والأمنية القراءة، فعمي عليهم وجه التأويل الحق على فرض صحة الرواية عن ابن عباس، فذهبوا يطلبون ما به يصح التأويل في زعمهم، فقيض لهم من يروي في ذلك أحاديث تختلف طرقها وتتباين ألفاظها، وتتفق في أن النبي صلى الله عليه وسلم عندما بلغ منه أذى المشركين ما بلغ وأعرضوا عنه وجفاه قومه وعشيرته لعيبه أصنامهم وزرايته على آلهتهم أخذه الضجر من إعراضهم، ولحرصه على إسلامهم وتهالكه عليه تمنى أن لا ينزل عليه ما ينفرهم لعله يتخذ ذلك طريقًا إلى استمالتهم واستنزالهم عن غيرهم وعنادهم، فاستمر به ما تمناه حتى نزلت عليه سورة {وَالنَّجْمِ إِذَا هَوَى} [النجم/1] وهو في نادي قومه، وروي أنه كان في الصلاة وذلك التمني أخذ بنفسه فطفق يقرؤها فلما بلغ قوله {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النجم/20] ألقى الشيطان في أمنيته التي تمناها بأن وسوس له بما شيعها به فسبق لسانه على سبيل السهو والغلط فمدح تلك الأصنام وذكر أن شفاعتهن ترتجى، فمنهم من قال: إنه عندما بلغ {وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الأُخْرَى} [النجم/20] سهى فقال: «تلك الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لترتجى» ومنهم من روى «الغرانقة العلى» ومنهم من روى «إن شفاعتهن ترتجى» بدون ذكر الغرانقة والغرانيق، ومنهم من قال إنه قال: «وإنها لمع الغرانيق العلى» ومنهم من روى «وإنهن لهن الغرانيق العلى وإن شفاعتهن لهي التي ترتجى» ففرح المشركون بذلك، وعندما سجد في آخر السورة سجدوا معه جميعًا. قال ابن حجر العسقلاني: وتعدد الطرق وصحة ثلاثة منها وإن كانت مرسلة يدل على أن للواقعة أصلاً صحيحًا، وهذه الأسانيد الصحيحة (في رأيه) وإن كانت مراسيل يحتج بها من يرى الاحتجاج بالحديث المرسل بل ومن لا يراه كذلك، لأنها متعددة يعضد بعضها بعضًا. اهـ. ولولا خوف التطويل لأتيت بجميع تلك الروايات ما صح عنده منها وما لم يصح، ولكن لا أرى حاجة إليه في مقالي هذا. روى ذلك ابن جرير الطبري وشايعه عليه كثير من المفسرين. وفي طباع الناس إلف الغريب، والتهافت على العجيب، فولعوا بهذه التفاسير، واتخذوها عقدة إيمانهم حتى ظنوا (وبعض الظن إثم) أن لا معدل عنها، ولا سبيل في فهم الآية سواها، ونسوا ما رآه جمهور المحققين في تأويلها، وذهب إليه الأئمة في بيانها حتى ثارت ثائرة الشبه هذه الأيام في نفوس كثير منهم وهم يزعمون أنهم مسلمون، وأحسوا أن ذلك الضرب من التفسير لا يتفق مع أصل العصمة في التبليغ فيه من الحجة للعدو ما لا سبيل إلى دفعه، فلجئوا إلى أهل العلم الصحيح يلتمسون منهم بيان المخرج مما سقطوا فيه، وتوهموا أنهم يقررون لهم ما ألفوا ثم ينقذونهم من الحيرة مع ثباتهم على ما حرفوا، ولكن ضل رأيهم وخاب ظنهم وسيقامون على المنهج، ويرون الحق ناصعًا

_ أبلج. في صحيح البخاري: وقال ابن عباس {إِذَا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطَانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ} [الحج/52] إذا حدث، ألقى الشيطان في حديثه فيبطل الله ما يلقي الشيطان ويحكم الله آياته، ويقال: أمنيته قراءته {إِلَّا أَمَانِيَّ} [البقرة/78] يقرئون ولا يكتبون. اهـ. فتراه حكى تفسير الأمنية بالقراءة بلفظ «يقال» بعدما فسرها بالحديث رواية عن ابن عباس. وهذا يدل على المغايرة بين التفسيرين. فما يدعيه الشراح أن الحديث في رأي ابن عباس بمعنى التلاوة يخالف ظاهرة العبارة. ثم حكايته تفسير الأمنية بمعنى القراءة بلفظ «يقال» يفيد أنه غير معتبر عنده. (وسيأتي أن المراد بالحديث حديث النفس). وقال صاحب (الإبريز): إن تفسير تمنى بمعنى قرأ، والأمنية بمعنى القراءة، مروي عن ابن عباس في نسخة علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، ورواها على ابن صالح كاتب الليث عن معاوية بن صالح عن علي بن أبي طلحة عن ابن عباس، وقد علم ما للناس في ابن صالح كاتب الليث وأن المحققين على تضعفيه. اهـ. هذا ما في الرواية عن ابن عباس، وهي أصل هذه الفتنة، وقد رأيت أن المحققين يضعفون راويها. وأما قصة الغرانيق فمع فما فيها من الاختلاف الذي سبق ذكره جاء في تتميمها أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يفطن لما ورد على لسانه وأن جبريل جاءه بعد ذلك فعرض عليه السورة فلما بلغ الكلمتين قال له: ما جئتك بهاتين فحزن لذلك، فأنزل الله عليه {وَمَا أَرْسَلْنَا} [الحج/52] الآيات تسلية له كما أنزل لذلك قوله {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ وَإِذاً لاَّتَّخَذُوكَ خَلِيلاً (73) وَلَوْلا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئاً قَلِيلاً (74) إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً} [الإسراء/73 - 75] وفي بعض الروايات أن حديث الغرانيق فشا في الناس حتى بلغ أرض الحبشة فساء ذلك المسلمين والنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت {وَمَا أَرْسَلْنَا} الآية. قال القسطلاني في (شرح البخاري): وقد طعن في هذه القصة وسندها غير واحد من الأئمة، حتى قال ابن إسحاق وقد سئل عنها: هي من وضع الزنادقة. اهـ. وكفى في إنكار حديث أن يقول فيه ابن إسحاق أنه من وضع الزنادقة مع حال ابن إسحاق المعروفة عند المحدثين. وقال القاضي عياض: إن هذا حديث لم يخرجه أحد من أهل الصحة ولا رواه أحد بسند متصل سليم، وإنما أولع به وبمثله المفسرون والمؤرخون المولعون بكل غريب، والمتلقفون من الصحف كل صحيح وسقيم. ثم نقل عن أبي بكر بن العلاء ما يدل على سقم الرواية واضطراب الرواة فيها وما يقضي عليها بالوهن والسقوط عن درجة الاعتبار. وقال الإمام أبو بكر بن العربي، وكفى به حجة في الرواية والتفسير: إن جميع ما ورد في هذه القصة لا أصل له. قال القاضي عياض: والذي ورد في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ {وَالنَّجْمِ} وهو بمكة فسجد معه المسلمون والمشركون والجن والإنس. اهـ. وقد يكون ذلك لبلاغة السورة وشدة قرعها وعظم وقعها، ثم قال القاضي: قد

_ قامت الحجة وأجمعت الأمة على عصمته صلى الله عليه وسلم ونزاهته عن هذه الرذيلة، أما من تمنيه أن ينزل عليه مثل هذا من مدح آلهة غير الله وهو فكر، أو أن يتسود عليه الشيطان ويشبه عليه القرآن حتى يجعل فيه ما ليس منه ويعتقد النبي صلى الله عليه وسلم أن من القرآن ما ليس منه حتى يفهمه جبريل عليه السلام، وذلك ممتنع في حقه صلى الله عليه وسلم، أو يقول ذلك النبي صلى الله عليه وسلم من قبل نفسه عمدًا وذلك كفر، أو سهوًا وهو معصوم من هذا كله، وقد قررنا بالبراهين والإجماع عصمته صلى الله عليه وسلم من جريان الكفر على لسانه أو قلبه لا عمدًا ولا سهوًا، أو أن يشتبه عليه ما يلقيه الملك بما يلقي الشيطان، أو يكون للشيطان عليه سبيل، أو أن يتقول على الله لا عمدًا ولا سهوًا ما لم ينزل عليه، وقد قال الله تعالى: {وَلَوْ تَقَوَّلَ عَلَيْنَا بَعْضَ الأَقَاوِيلِ (44) لأَخَذْنَا مِنْهُ بِالْيَمِينِ (45) ثُمَّ لَقَطَعْنَا مِنْهُ الوَتِينَ} [الحاقة/44 - 46] وقال: {إِذاً لأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الحَيَاةِ وَضِعْفَ المَمَاتِ ثُمَّ لاَ تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيراً} [الإسراء/75]. ووجه ثان: وهو استحالة هذه القصة نظرًا وعرفًا، وذلك أن هذا الكلام لو كان كما روي لكان بعيد الالتئام، متناقض الأقسام، ممتزج المدح بالذم، متخاذل التأليف والنظم، ولكان النبي صلى الله عليه وسلم ومن بحضرته من المسلمين وصناديد المشركين ممن يخفى عليه ذلك، وهذا لا يخفى على أدنى متأمل، فكيف بمن رجح حلمه واتسع في باب البيان ومعرفة فصيح الكلام عمله. ووجه ثالث: أنه علم من عادة المنافقين ومعاندة المشركين وضعفة القلوب والجهلة من المسلمين نفورهم لأول وهلة وتخليط العدو على النبي صلى الله عليه وسلم لأقل فتنة، وتعييرهم المسلمين والشماتة بهم الفينة بعد الفينة (1) وارتداد من في قلبه مرض ممن أظهر الإسلام لأدنى شبهة، ولم يحك أحد في هذه القصة شيئًا سوى هذه الرواية الضعيفة الأصل، ولو كان ذلك لوجدت قريش بها على المسلمين الصولة، ولأقامت بها اليهود عليهم الحجة كما فعلوا مكابرة في قصة الإسراء، قال: ولا فتنة أعظم من هذه البلية لو وجدت، ولا تشغيب (2) للمعادي حينئذ أشد من هذه الحادثة لو أمكنت، وما ورد عن معاند فيها كلمة ولا عن مسلم بسببها بنت شفة فدل على بطلها، واجتثاث أصلها، ولا شك في إدخال بعض شياطين الإنس والجن هذا الحديث على بعض مغفلي المحدثين ليلبس به على ضعفاء المسلمين. ووجه رابع: ذكر الرواة لهذه القصة أن فيها نزلت {وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} [الإسراء/73] الآيتان - هاتان الآيتان تردان الخبر الذي رووه، لأن الله تعالى ذكر أنهم كادوا يفتنونه حتى يفتري، ولوا أن ثبته لكاد يركن إليهم شيئًا قليلاً، فمضمون هذا ومفهومه أن الله عصمه من أن يفتري، وثبته حتى لم يركن إليهم قليلاً، فكيف كثيرًا وهم يروون في أخبارهم الواهية أنه زاد على الركون والافتراء بمدح آلهتهم، وأنه صلى الله عليه وسلم قال: «افتريت على الله وقلت ما لم يقل»

_ وهي تضعف الحديث لو صح، فكيف ولا صحة له؟ وهذا مثل قوله تعالى في الآية الأخرى {وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ وَرَحْمَتُهُ لَهَمَّت طَّائِفَةٌ مِّنْهُمْ أَن يُضِلُّوكَ وَمَا يُضِلُّونَ إِلاَّ أَنفُسَهُمْ وَمَا يَضُرُّونَكَ مِن شَيْءٍ} [النساء/113] قال القشيري: ولقد طالبه قريش وثقيف إذ مر بآلهتهم أن يقبل لوجهه إليها ووعدوه الإيمان به إن فعل، فما فعل ولا كان ليفعل. قال ابن الأنباري: ما قارب الرسول ولا ركن. انتهى المطلوب من كلام القاضي رحمه الله. وقد أورد بعد ذلك كثيرًا من القول في توهين الرواية وتكذيبها. أما ما ذكره ابن حجر من أن القصة رويت مرسلة من ثلاث طرق على شرط الصحيح وأنه يحتج بها الخ ما سبق، فقد ذهب عليه كما قال في (الإبريز) أن العصمة من العقائد التي يطلب فيها اليقين، فالحديث الذي يفيد خرمها ونقضها لا يقبل على أي وجه جاء، وقد عد الأصوليون الخبر الذي يكون على تلك الصفة من الأخبار التي يجب القطع بكذبها، هذا لو فرض اتصال الحديث فما ظنك بالمراسيل، وإنما الخلاف في الاحتجاج بالمرسل (1) وعدم الاحتجاج به فيما هو من قبيل الأعمال وفروع الأحكام، لا في أصول العقائد ومعاقد الإيمان بالرسل وما جاءوا به فهي هفوة من ابن حجر يغفرها الله له. هذا ما قاله الأئمة جزاهم الله خيرًا في بيان فساد هذه القصة، وأنها لا أصل لها، ولا عبرة برأي من خالفهم، فلا يعتد بذكرها في بعض كتب التفسير وإن بلغ أربابها من الشهرة ما بلغوا، وشهرة المبطل في بطله لا تنفخ القوة في قوله ولا تحمل على الأخذ برأيه. (تفسير الآيات) والآن أرجع إلى تفسير الآيات على الوجه الذي تحتمله ألفاظها وتدل عليه عباراتها والله أعلم. لا يخفى على كل من يفهم اللغة العربية، وقرأ شيئًا من القرآن أن قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ} [الحج/52] الآيات، يحكي قدرًا قُدِّرَ للمرسلين كافة لا يعدونه، ولا يقفون دونه، ويصف شنشنة عُرفت فيهم وفي أممهم، فلو صح ما قال أولئك المفسرون لكان المعنى أن جميع الأنبياء والمرسلين قد سلط الشيطان عليهم، فخلط في الوحي المُنَزَّل إليهم، ولكنه بعد هذا الخلط ينسخ الله كلام الشيطان ويحكم الله آياته ... إلخ، وهذا من أقبح ما يتصور متصور في اختصاص الله تعالى لأنبيائه، واختيارهم من خاصة أوليائه، فلندع هذا الهذيان ولنعد إلى ما نحن بصدده. ذكر الله لنبيه حالاً من أحوال الأنبياء والمرسلين قبله ليبين له سنته فيهم، وذلك بعد أن

_ قال: {وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ (42) وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ (43) وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ} [الحج/42 - 44] إلى آخر الآيات، ثم قال: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُّبِينٌ (49) فَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ (50) وَالَّذِينَ سَعَوْا فِي آيَاتِنَا مُعَاجِزِينَ أُوْلَئِكَ أَصْحَابُ الجَحِيمِ (51) وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ وَلاَ نَبِيٍّ} [الحج/49 - 52] ... إلخ، فالقصص السابق كان في تكذيب الأمم لأنبيائهم، ثم تبعه الأمر الإلهي بأن يقول النبي صلى الله عليه وسلم لقومه: إنني لم أرسل إليكم إلا لأنذركم بعاقبة ما أنتم عليه، ولأبشر المؤمنين بالنعيم، وأما الذين سعوا في الآيات والأدلة التي أقيمها على الهدى وطرق السعادة ليحولوا عنها الأنظار، ويحجبوها عن الأبصار، ويفسدوا أثرها الذي أقيمت لأجله، ويعاجزوا بذلك النبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين، أي يسابقونهم ليعجزوهم ويسكتوهم عن القول، وذلك بلعبهم بالألفاظ وتحويلها عن مقصد قائلها كما يقع عادة من أهل الجدل والمماحكة، هؤلاء الضالون المضلون هم أصحاب الجحيم، وأعقب ذلك بما يفيد أن ما ابتُلي به النبي صلى الله عليه وسلم من المعاجزة في الآيات قد ابتُلي به الأنبياء السابقون، فلم يبعث نبي في أمة إلا كان له خصوم يؤذونه بالتأويل والتحريف، ويضادون أمانيه، ويحولون بينه وبين ما يبتغي بما يلقون في سبيله من العثرات، فعلى هذا المعنى الذي يتفق مع ما لقيه الأنبياء جميعًا يجب أن تفسر الآية، وذلك يكون على وجهين: الأول: أن يكون تمنى بمعنى قرأ، والأمنية بمعنى القراءة، وهو معنى قد يصح، وقد ورد استعمال اللفظ فيه، قال حسان بن ثابت في عثمان رضي الله عنهما: تمنى كتاب الله أول ليله ... وآخره لاقى حِمَام المقادر وقال آخر: تمنى كتاب الله أول ليله ... تمنى داود الزبور على رسل غير أن الإلقاء لا يكون على المعنى الذي ذكروه، بل المعنى المفهوم من قولك (ألقيت في حديث فلان) إذا أدخلت فيه ما ربما يحتمله لفظه، ولا يكون قد أراده، أو نسبت إليه ما لم يقله تعللاً بأن ذلك الحديث يؤدي إليه. ونسبة الإلقاء إلى الشيطان، لأنه مثير الشبهات بوساوسه، مفسد القلوب بدسائسه، وكل ما يصدر من أهل الضلال يصح أن ينسب إليه ويكون المعنى: وما أرسلنا قبلك من رسول ولا نبي إلا إذا حدَّث قومه عن ربه، أو تلا وحيًا أُنزل إليه فيه هدًى لهم قام في وجهه مشاغبون يحوِّلون ما يتلوه عليهم عن المراد منه، ويقولون عليه ما لم يقله، وينشرون ذلك بين الناس؛ ليبعدوهم عنه، ويعدلوا بهم عن سبيله، ثم يحق الله الحق ويبطل الباطل،

_ ولا يزال الأنبياء يصبرون على ما كُذِّبوا وأوذوا، ويجاهدون في الحق، ولا يعتدَّون بتعجيز المعجزين، ولا بهزء المستهزئين، إلى أن يظهر الحق بالمجاهدة، وينتصر على الباطل بالمجالدة، فينسخ الله تلك الشبهة، ويجتثها من أصولها، ويثبت آياته ويقررها، وقد وضع الله هذه السنة في الناس ليتميز الخبيث من الطيب، فيفتتن الذين في قلوبهم مرض -وهم ضعفاء العقول- بتلك الشبه والوساوس، فينطلقون وراءها، ويفتتن بها القاسية قلوبهم من أهل العناد والمجاحدة فيتخذونها سندًا يعتمدون عليها في جدلهم، ثم يتمحص الحق عند الذين أوتوا العلم، ويخلص لهم بعد ورود كل شبهة عليه، فيعلموا أنه الحق من ربك، فيصدِّقوا به فتخبت وتطمئن له قلوبهم. والذين أوتوا العلم هم الذين رزقوا قوة التمييز بين البرهان القاطع الذي يستقر بالعقل في قرارة اليقين، وبين المغالطات وضروب السفسطة التي تطيش بالفهم، وتطير به مع الوهم، وتأخذ بالعقل تارة ذات الشمال وأخرى ذات اليمين. وسواء أرجعت الضمير في {أَنَّهُ الْحَقُّ} [الحج/54]: إلى ما جاءت به الآيات المحكمة من الهدى الإلهي، أو إلى القرآن وهو أجلها، فالمعنى من الصحة على ما يراه أهل التمكين. هؤلاء الذين أوتوا العلم هم الذين آمنوا، وهم الذين هداهم الله إلى الصراط المستقيم، ولم يجعل للوهم عليهم سلطانًا، فيحيد بهم عن ذلك النهج القويم، وأما الذين كفروا وهم ضعفاء العقول ومرضى القلوب، أو أهل العناد وزعماء الباطل وقساة الطباع الذين لا تلين أفئدتهم، ولا تبش للحق قلوبهم، فأولئك لا يزالون في ريب من الحق أو الكتاب لا تستقر عقولهم عليه، ولا يرجعون في متصرفات شئونهم إليه، حتى تأتي ساعة هلاكهم بغتة، فيلاقون حسابهم عند ربهم، أو إن امتد بهم الزمن، ومادَّهم الأجل، فسيصيبهم {عَذَابُ يَوْمٍ عَقِيمٍ} [الحج/55] يوم حرب يسامون فيه سوء عذاب القتل أو الأسر، ويقذفون إلى مطارح الذل وقرارات الشر، فلا ينتج لهم من ذلك اليوم خير ولا بركة، بل يسلبون ما كان لديهم، ويساقون إلى مصارع الهلكة، وهذا هو العقم في أتم معانيه وأشأم درجاته. ما أقرب هذه الآيات في مغازيها إلى قوله تعالى في سورة آل عمران: {هُوَ الَّذِي أَنزَلَ عَلَيْكَ الكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُّحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأَوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلاَّ اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي العِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِّنْ عِندِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلاَّ أُوْلُوا الأَلْبَابِ} [آل عمران/7] وقد قال بعد ذلك: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَن تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُم مِّنَ اللَّهِ شَيْئاً وَأُوْلَئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ} [آل عمران/10] ثم قال: {قُل لِّلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلَى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ المِهَادُ} [آل عمران/ 12] ... إلخ الآيات، وكأن إحدى الطائفتين من القرآن شرح للأخرى، فالذين في قلوبهم زيغ هم الذين في قلوبهم مرض والقاسية قلوبهم، والراسخون في العلم هم الذين أوتوا العلم، وهؤلاء هم الذين يعلمون أنه الحق من ربهم فيقولون: آمنا به كل من

_ عند ربنا. فتخبت له قلوبهم، وإن الله لهاديهم إلى صراط مستقيم، وأولئك هم الذين يفتنون بالتأويل، ويشتغلون بقالٍ وقيل، بما يلقي إليهم الشيطان، ويصرفهم عن مرامي البيان، ويميل بهم عن محجة الفرقان، وما يتكئون عليه من الأموال والأولاد لن يغني عنهم من الله شيئًا، فستوافيهم آجالهم، وتستقبلهم أعمالهم، فإن لم يوافهم الأجل على فراشهم، فسيغلبون في هراشهم (1). وهذه سنة جميع الأنبياء مع أممهم، وسبيل الحق مع الباطل من يوم رفع الله الإنسان إلى منزلة يميز فيها بين سعادته وشقائه، وبين ما يستبقيه وما يذهب ببقائه، وكما لا مدخل لقصة الغرانيق في آيات آل عمران لا مدخل لها في آيات سورة الحج. هذا هو الوجه الأول في تفسير آيات {وَمَا أَرْسَلْنَا} [الحج/52] إلى آخرها على تقدير أن تمنَّى بمعنى قرأ، وأن الأمنية بمعنى القراءة والله أعلم. الوجه الثاني في تفسير الآيات: إن التمني على معناه المعروف، وكذلك الأمنية وهي أفعولة بمعنى المنية وجمعها أماني كما هو مشهور، قال أبو العباس أحمد بن يحيى: التمني حديث النفس بما يكون وبما لا يكون، قال: والتمني سؤال الرب، وفي الحديث «إذا تمنى أحدكم فليتكثر فإنما يسأل ربه» وفي رواية «فليكثر» (2). قال ابن الأثير: التمني تشهي حصول الأمر المرغوب فيه، وحديث النفس بما يكون وما لا يكون. وقال أبو بكر: تمنيت الشيء أي قدرته وأحببت أن يصير إلي. وكل ما قيل في معنى التمني على هذا الوجه فهو يرجع إلى ما ذكرنا ويتبعه معنى الأمنية. ما أرسل الله من رسول ولا نبي ليدعو قومًا إلى هدًى جديد، أو شرع سابق شرعه لهم، ويحملهم على التصديق بكتاب جاء به نفسه إن كان رسولاً، أو جاء به غيره إن كان نبيًّا ليحمل الناس على اتِّباع من سبقه إلا وله أمنية في قومه، وهي أن يتبعوه وينحازوا إلى ما يدعوهم إليه، ويستشفوا ممن دائهم بدوائه، ويعصوا أهواءهم بإجابة ندائه، وما من رسول إلا وقد كان أحرص على إيمان أمته، وتصديقهم برسالته - منه على طعامه الذي يطعم، وشرابه الذي يشرب، وسكنه الذي يسكن إليه، ويغدو عنه ويروح عليه، وقد كان نبينا صلى الله عليه وسلم من ذلك في المقام الأعلى، والمكان الأسمى، قال الله تعالى: {فَلَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ عَلَى آثَارِهِمْ إِن لَّمْ يُؤْمِنُوا بِهَذَا الحَدِيثِ أَسَفاً} [الكهف/6] وقال: {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} [يوسف/103] وقال: {أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس/99] وفي الآيات ما يطول سرده مما يدل على أمانيه صلى الله عليه وسلم بهداية قومه وإخراجهم من ظلمات ما كانوا فيه إلى نور ما جاء به. وما من رسول ولا نبي إلا إذا تمنى هذه الأمنية السامية ألقى الشيطان في سبيله العثرات، وأقام بينه وبين مقصده العقبات، ووسوس في صدور الناس، وسلبهم الانتفاع بما وُهبوا من قوة العقل والإحساس، فثاروا في وجهه، وصدوه عن قصده، وعاجزوه

_ حتى لقد يعجزونه، وجادلوه بالسلاح والقول حتى لقد يقهرونه، فإذا ظهروا عليه والدعوة في بدايتها وسهل عليهم إيذاؤه وهو قليل الأتباع ضعيف الأنصار - ظنوا الحق من جانبهم، وكان فيما ألقوه من العوائق بينه وبين ما عمد إليه فتنة لهم. غلبت سنة الله في أن يكون الرسل من أواسط قومهم، أو من المستضعفين فيهم؛ ليكون العامل في الإذعان بالحق محض الدليل وقوة البرهان، وليكون الاختيار المطلق هو الحامل لمن يدعى إليه على قبوله، ولكيلا يشارك الحق الباطل في وسائله، أو يشاركه في نصب شراكه وحبائله، أنصار الباطل في كل زمان هم أهل الأنفة والقوة والجاه والاعتزاز بالأموال والأولاد والعشيرة والأعوان والغرور بالزخارف، والزهو بكثرة المعارف، وتلك الخصال إنما تجتمع كلها أو بعضها في الرؤساء وذوي المكانة من الناس فتذهلهم عن أنفسهم، وتصرف نظرهم عن سبيل رشدهم، فإذا دعا إلى الحق داعٍ عرفته القلوب النقية من أوضار هذه الفتن، وفزعت إليه النفوس الصافية والعقول المستعدة لقبوله بخلوصها من هذه الشواغل، وقلما توجد إلا عند الضعفاء وأهل المسكنة، فإذا التف هؤلاء حول الداعي وظافروه على دعوته قام أولئك المغرورون يقولون: {مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَراً مِّثْلَنَا وَمَا نَرَاكَ اتَّبَعَكَ إِلاَّ الَّذِينَ هُمْ أَرَاذِلُنَا بَادِيَ الرَّأْيِ وَمَا نَرَى لَكُمْ عَلَيْنَا مِن فَضْلٍ بَلْ نَظُنُّكُمْ كَاذِبِينَ} [هود/27]. فإذا استدرجهم الله على سنته وجعل الجدال بينهم وبين المؤمنين سجالاً، افتتن الذين في قلوبهم مرض من أشياعهم، وافتتنوا هم بما أصابوا من الظفر في دفاعهم، ولكن الله غالب على أمره، فيمحق ما ألقاه الشيطان من هذه الشبهات، ويرفع هذه الموانع وتلك العقبات، ويهب السلطان لآياته فيحكمها، ويثبت دعائمها، وينشئ من ضعف أنصارها قوة، ويخلف لهم من ذلتهم عزة، وتكون كلمة الله هي العليا، وكلمة الشيطان هي السفلى، {فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاءً وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ} [الرعد/17]. وفي حكاية هذه السنة الإلهية التي أقام عليها الأنبياء والمرسلين تسلية لنبينا صلى الله عليه وسلم عما كان يلاقي من قومه، وعدٌ له بأن سيكمل له دينه، ويتم عليه وعلى المؤمنين نعمته، مع استلفاتهم إلى سيرة من سبقهم {أَحَسِبَ النَّاسُ أَن يُتْرَكُوا أَن يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لاَ يُفْتَنُونَ (2) وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الكَاذِبِينَ} [العنكبوت/2 - 3]، {أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تَدْخُلُوا الجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُم مَّثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلِكُم مَّسَّتْهُمُ البَأْسَاءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتَى نَصْرُ اللَّهِ أَلاَ إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ} [البقرة/214]. هذا هو التأويل الثاني في معنى الآية، ويدل عليه ما سبق من الآيات، ويرشد إليه سياق القصص السابق في قوله: {وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ} [الحج/42] الخ، وأنت ترى أن قصة الغرانيق لا تتفق مع هذا المعنى الصحيح. وهناك تأويل ثالث ذكره صاحب (الإبريز)، وإني أنقله بحروفه وما هو بالبعيد

_ عن هذا بكثير، قال بعد ذكر أماني الأنبياء في أممهم وطمعهم في إيمانهم، وشأن نبينا صلى الله عليه وسلم في ذلك على نحو يقرب مما ذكرناه في الوجه الثاني: «ثم الأمة تختلف كما قال تعالى: {وَلَكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ} [البقرة/253] فأما من كفر فقد ألقى إليه الشيطان الوساوس القادحة له في الرسالة الموجبة لكفره، وكذا المؤمن أيضًا لا يخلو أيضًا من وساويس، لأنها لازمة للإيمان بالغيب في الغالب، وإن كانت تختلف في الناس بالقلة والكثرة وبحسب المتعلقات، إذا تقرر هذا فمعنى تمنى أنه يتمنى لهم الإيمان ويحب لهم الخير والرشد والصلاح والنجاح، فهذه أمنية كل رسول ونبي، وإلقاء الشيطان فيها يكون بما يلقيه في قلوب أمة الدعوة من الوساويس الموجبة لكفر بعضهم، ويرحم الله المؤمنين، فينسخ ذلك من قلوبهم ويحكم فيها الآيات الدالة على الوحدانية والرسالة، ويبقي ذلك عز وجل في قلوب المنافقين والكافرين ليفتتنوا به، فخرج من هذا أن الوساويس تُلقى أولاً في قلوب الفريقين معًا غير أنها لا تدوم على المؤمنين وتدوم على الكافرين» اهـ. وأنت إذا نظرت بين هذا التفسير وبين ما سبقه تتبين الأحق بالترجيح. لو صح ما قاله نقلة قصة الغرانيق لارتفعت الثقة بالوحي، وانتقض الاعتماد عليه كما قاله القاضي البيضاوي وغيره، ولكان الكلام في الناسخ كالكلام في المنسوخ يجوز أن يلقي فيه الشيطان ما يشاء ولانهدم أعظم ركن للشرائع الإلهية وهو العصمة، وما يقال في المخرج عن ذلك ينفر منه الذوق ولا ينظر إليه العقل، على أن وصف العرب لآلهتهم بأنها الغرانيق العُلى لم يرِد لا في نظمهم ولا في خطبهم، ولم ينقل عن أحد أن ذلك الوصف كان جاريًا على ألسنتهم إلا ما جاء في معجم ياقوت غير مسند ولا معروف بطريق صحيح، وهذا يدل على أن القصة من اختراع الزنادقة كما قال ابن إسحاق، وربما كانت منشأ ما أورده ياقوت. ولا يخفى أن الغرنوق والغرنيق لم يعرف في اللغة إلا اسمًا لطائر مائي أسود وأبيض، أو هو اسم الكركي أو طائر يشبهه، والغرنيق (بالضم وكزنبور وقنديل وسَمْوأل وفردوس وقرطاس وعُلابط) معناه الشاب الأبيض الجميل، وتسمى الخصلة من الشعر المفتلة الغرنوق، كما يسمى به ضرب من الشجر، ويطلق الغرنوق والغرانق على ما يكون في أصل العوسج اللين النبات، ويقال: لِمَّة غُرانِقة وغُرانِقِية؛ أي: ناعمة تفيئها الريح، أو الغرنوق: الناعم المستتر من النبات ... إلخ، ولا شيء في هذه المعاني يلائم الآلهة والأصنام، حتى يُطلق عليها في فصيح القول الذي يعرض على ملوك البلاغة وأمراء الكلام، فلا أظنك تعتقد إلا أنها من مفتريات الأعاجم ومختلقات الملبسين ممن لا يميز بين حر الكلام، وما استعبد منه لضعفاء الأحلام، فراج ذلك على من يذهله الولوع بالرواية، عما تقتضيه الدراية، {رَبَّنَا لاَ تُزِغْ قُلُوبَنَا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنَا وَهَبْ لَنَا مِن لَّدُنكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الوَهَّابُ} [آل عمران/8]. اهـ ما ذكره الأستاذ الإمام رحمه الله تعالى.

7 - باب ما جاء في سجدتي سورة الحج وسجدة سورة ص 915 - عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال: قلت: يا رسول الله أفضلت سورة الحج على سائر القرآن بسجدتين؟ قال: نعم، فمن لم يسجدهما فلا يقرأهما. 916 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سجد في ص. 917 - وعنه أيضًا أنه قال في السجود في ص ليست من عزائم

_ 915 - عن عقبة بن عامر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا ابن لهيعة ثنا مِشرَح بن هاعان أبو مصعب المعافري قال سمعت عقبة بن عامر قال: قلت يا رسول الله (الحديث). (غريبه) يعني أن من لم يرد السجود فيهما فلا يقرأهما، لأنه لو قرأهما ولم يسجد فقد خالف السنة على القول بسنية السجود، وكان آثمًا على القول بوجوبه. (تخريجه) (د. ك. هق. قط. مذ) وقال: ليس إسناده بذاك القوي. قلت: لأن في إسناده ابن لهيعة ومِشرَح بن هاعان وهما ضعيفان، لكن روى الطحاوي عن عبد الله بن ثعلبة قال: «صلى بنا عمر بن الخطاب الصبح فقرأ بالحج وسجد فيها سجدتين»، وأخرج مالك في (الموطأ) عن نافع أن رجلاً من أهل مصر أخبره أن عمر بن الخطاب قرأ سورة الحج فسجد فيها سجدتين ثم قال: هذه السورة فضلت بسجدتين. وروى الطحاوي عن صفوان بن محرز أن أبا موسى الأشعري سجد في الحد سجدتين. وروى مثله عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر. وروى عن يزيد بن خمير قال: سمعت عبد الرحمن بن جبير بن نفير وخالد بن معدان يحدثان عن جبير بن نفير أنه رأى أبا الدرداء سجد في الحج سجدتين. وهذه وإن كانت آثارًا فإنها تقوي حديث الباب لأنها لا تقال من قبل الرأي. والله أعلم. 916 - عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا سليم بن حيان ثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس (الحديث). (تخريجه) (فع. نس) زاد النسائي «وقال سجدها داود عليه السلام توبة ونسجدها شكرًا»، ورواه الدارقطني من حديث عبد الله بن بزيع عن عمر بن ذر نحوه وأعله ابن الجوزي به يعني بعبد الله بن بزيع وقد توبع وصححه ابن السكن. قاله الحافظ في (التلخيص). 917 - وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا

السجود (1) وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسجد فيها. 918 - ز. عن السائب بن يزيد أن عثمان بن عفان (رض) سجد في ص. 919 - عن العوام بن حوشب قال: سألت مجاهدًا عن السجدة التي في ص فقال: نعم، سألت عنها ابن عباس رضي الله عنهما فقال: أتقرأ هذه الآية؟ {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنعام/84] وفي آخرها {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام/90] قال: أُمر نبيكم صلى الله عليه وآله وسلم أن يقتدي بداود (2).

_ أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال في السجود الخ. (غريبه) 1 - المراد بالعزائم ما وردت العزيمة في فعله كصيغة الأمر مثلاً بناءً على أن بعض المندوبات آكد من بعض عند من لا يقول بالوجوب، وقد روى ابن المنذر وغيره عن عليّ رضي الله عنه «أرى العزائم حم والنجم واقرأ والم تنزيل» قال الحافظ: وإسناده حسن. قال: وكذا ثبت عن ابن عباس في الثلاثة الأخر (أي عدا حم) وقيل الأعراف وسبحان وحم والم، أخرجه ابن أبي شيبة. اهـ. فقول ابن عباس ليست من عزائم السجود من قوله هو وهو رأي له، وليس من قول النبي صلى الله عليه وسلم. ومراده - والله أعلم - أن سجدة ص ليست من السجدات المؤكدة. (تخريجه) (خ. د. مذ. هق). 918 - ز. عن السائب بن يزيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني سويد بن سعيد ثنا إبراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن السائب بن يزيد أن عثمان الخ. (تخريجه) (هق) وقال الهيثمي: رواه عبد الله بن أحمد ورجاله رجال الصحيح. 919 - عن العوام بن حوشب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية قال أنا العوام بن حوشب الخ. (غريبه) 2 - يعني في السجود في سورة ص عند قوله تعالى حكاية عن داود {فَاسْتَغْفَرَ رَبَّهُ وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص/24] وفي النسائي من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس مرفوعًا «سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرًا». (تخريجه) (خ. هق) قال الحافظ: وقع في تفسير ص عند المصنف (يعني البخاري) من طريق مجاهد قال: «سألت ابن عباس من أين سجدت في ص»، وابن خزيمة من هذا الوجه «من أين أخذت سجدة ص»، ثم اتفقا فقال {وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِ دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ} [الأنعام/84] إلى قوله {فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهِ} [الأنعام/90]، ففي هذا أنه استنبط مشروعية السجود فيها من الآية، وفي الحديث الأول (يعني قول ابن عباس في الحديث الثالث من أحاديث الباب «وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

(فصل منه في رؤيا أبي سعيد الخدري رضي الله عنه) 920 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه رأي رؤيا أنه يكتب ص فلما بلغ إلى سجدتها قال: رأى الدواة والقلم وكل شيء بحضرته انقلت ساجدًا، قال: فقصها على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فلم يزل يسجد بها بعد

_ يسجد فيها») أنه أخذه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا تعارض بينهما، لاحتمال أن يكون استفاده من الطريقين، وقد وقع في أحاديث الأنبياء من طريق مجاهد في آخره فقال ابن عباس: نبيكم ممن أمر أن يقتدي بهم، فاستنبط وجه سجود النبي صلى الله عليه وسلم فيها من الآية، وسبب ذلك كون السجدة التي في ص إنما وردت بلفظ الركوع فلولا التوقيف ما ظهر أن فيها سجدة. اهـ. 920 - عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عفان ثنا يزيد يعني ابن زريع ثنا حميد قال حدثني بكر أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رأى رؤيا (الحديث) (تخريجه) (هق) وأورده الهيثمي وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وفي الباب عن أبي سعيد أيضًا قال: رأيت فيما يرى النائم كأني تحت شجرة وكأن الشجرة تقرأ ص فلما أتت على السجدة سجدت فقالت في سجودها: اللهم اغفر لي بها، اللهم حط عني بها وزرًا، واحدث لي بها شكرًا، وتقبلها مني كما تقبلت من عبدك داود سجدته، فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال: سجدت أنت؟ قلت: لا، قال: فأنت أحق بالسجود من الشجرة، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة ص ثم أتى على السجدة وقال في سجوده ما قالت الشجرة في سجودها. قال الهيثمي: رواه أبو يعلى والطبراني في (الأوسط) إلا أنه قال: «قالت: اللهم اكتب لي بها أجرًا» والباقي بنحوه. وفيه اليمان بن نصر، قال الذهبي: مجهول. اهـ. قلت: تقدم في شرح الحديث الأول من الباب الثاني نحوه عن ابن عباس إلا أنه ليس فيه ذكر سورة ص. وعن أبي سعيد أيضًا، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ص فلما بلغ السجدة نزل فسجد وسجد الناس معه فلما كان يوم آخر قرأها فلما بلغ السجدة تشزن الناس (أي تهيئوا) للسجود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنما هي توبة نبي، ولكني رأيتكم تشزنتم للسجود فنزل فسجد وسجدوا. رواه (د. ك. هق. قط. وغيرهم) وقال النووي: رواه أبو داود بإسناد صحيح على شرط البخاري. اهـ. (الأحكام) الحديث الأول من أحاديث الباب يدل على أن في سورة الحج سجدتين الأولى منهما عند قوله تعالى {إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ} [الحج/18] والثانية عند قوله تعالى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا} [الحج/77] الآية، وقد أجمعوا على السجود

_ في الأولى منهما، واختلفوا في الثانية، فمن أثبتها عمر بن الخطاب وعلي وابن عمر وأبو الدرداء وأبو موسى رضي الله عنهم وأبو عبد الرحمن السلمي وأبو العالية وزر بن حبيش ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود رحمهم الله. قال ابن المنذر: قال أبو إسحاق يعني السبيعي التابعي الكبير: أدركت الناس منذ سبعين سنة يسجدون في الحج سجدتين. وحكى ابن المنذر عن سعيد بن جبير والحسن البصري والنخعي وجابر بن زيد وأصحاب الرأي (ومنهم أبو حنيفة) إسقاطها، وعن ابن عباس روايتان، قال ابن المنذر: وبإثباتها أقول. قلت: وحديث ابن عباس وما بعده من أحاديث الباب جميعها تدل على مشروعية السجود في سورة ص عند قوله تعالى {وَخَرَّ رَاكِعًا وَأَنَابَ} [ص/24] وبه قال الجمهور وخالف في ذلك الشافعية. قال النووي: قال أصحابنا سجدة ص ليست من عزائم السجود، معناه ليست سجدة تلاوة، ولكنها سجدة شكر، هذا هو الصواب المنصوص وبه قطع الجمهور، وقال أبو العباس بن سريج وأبو إسحاق المروزي: هي سجدة تلاوة من عزائم السجود، والمذهب الأول. اهـ. ج. قلت: احتج الشافعية بحديث أبي سعيد قال: «قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ص» الحديث تقدم في الشرح آنفًا وبحديث ابن عباس مرفوعًا «سجدها داود توبة ونحن نسجدها شكرًا» رواه النسائي والبيهقي وضعفه، قال الحافظ: فاستدل الشافعي بقوله «شكرًا» على أنه لا يسجد فيها في الصلاة، لأن سجود الشاكر لا يشرع داخل الصلاة. اهـ. قال صاحب (المهذب): فإن قرأها في الصلاة فسجد فيها ففيه وجهان: أحدهما: تبطل صلاته لأنها سجدة شكر فبطلت بها الصلاة كالسجود عند تجدد نعمة. والثاني: لا تبطل؛ لأنها تتعلق بالتلاوة فهي كسائر سجدات التلاوة. اهـ. فائدة: قال الشوكاني رحمه الله: ليس في أحاديث سجود التلاوة ما يدل على اعتبار أن يكون الساجد متوضأ، وقد كان يسجد معه صلى الله عليه وسلم من حضر تلاوته، ولم ينقل أنه أمر أحدًا منهم بالوضوء، ويبعد أن يكونوا جميعًا متوضئين، وأيضًا قد كان يسجد معه المشركون كما تقدم وهم أنجاس لا يصح وضوؤهم، وقد روى البخاري عن ابن عمر أنه كان يسجد على غير وضوء، وكذلك روى عنه ابن أبي شيبة، وأما ما رواه البيهقي عنه بإسناد قال في (الفتح): صحيح أنه قال «لا يسجد الرجل إلا وهو طاهر» فيجمع بينهما بما قال الحافظ من حمله على الطهارة الكبرى، أو على حالة الاختيار والأول على الضرورة، وليس في الأحاديث ما يدل على اعتبار طهارة الثياب والمكان، وأما ستر العورة والاستقبال مع الإمكان فقيل إنه معتبر اتفاقًا. قال في (الفتح): لم يوافق ابن عمر أحد على جواز السجود بلا وضوء إلا الشعبي، أخرجه ابن أبي شيبة بسند صحيح، وأخرج أيضًا عن أبي عبد الرحمن السلمي أنه «كان يقرأ السجدة ثم يسجد وهو على غير وضوء إلى غير القبلة وهو يمشي يومئ إيماءً» ومن الموافقين لابن

8 - باب ما جاء في سجدة الشكر 921 - عن محمد بن جبير بن مطعم عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية «دخلت المسجد فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجًا من المسجد) فاتبعته حتى دخل نخلاً فسجد فأطال السجود حتى خفت أو خشيت أن يكون الله قد توفاه أو قبضه، قال: فجئت أنظر فرفع رأسه فقال: مالك يا عبد الرحمن؟ قال: فذكرت ذلك له، فقال: إن جبريل عليه السلام قال لي: ألا أبشرك؟ إن الله عز وجل يقول لك: من صلى عليك صليت عليه (1) ومن سلم عليك سلمت عليه. ومن طريق ثان (2) عن عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن بن عوف

_ عمر من أهل البيت أو طالب والمنصور بالله. فائدة أخرى: روى عن بعض الصحابة أنه يكره سجود التلاوة في الأوقات المكروهة، والظاهر عدم الكراهة، لأن السجود المذكور ليس بصلاة، والأحاديث الواردة بالنهي مختصة بالصلاة. أفاده الشوكاني. وذهب الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة إلى أنها لا تصح بغير طهارة، واشترطوا لها ما يشترط للصلاة من طهارة واستقبال ونحو، واختلفوا في تكبيرة الإحرام لها، وقد تقدم الخلاف في ذلك، والله أعلم. 921 - عن محمد بن جبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي ثنا ليث عن يزيد بن الهاد عن عمرو بن أبي عمرو عن أبي الحويرث عن محمد بن جبير بن مطعم (الحديث). (غريبه) 1 - المعنى أن من طلب ودعا للنبي صلى الله عليه وسلم بزيادة القرب من ربه تجلى الله عز وجل عليه بالرحمة، «ومن سلم على النبي صلى الله عليه وسلم» أي دعا له بالسلامة من المكاره والآفات سلمه الله تعالى من كل ما يكره، وفي ذلك مزيد فضل وتشريف للنبي صلى الله عليه وسلم ولمن صلى عليه من أمته، وأفضل الصيغ الواردة في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم هي ما بعد التشهد في الصلاة، وقد أتينا بأصح طرقها وتقدم ذلك في الباب الثالث من أبواب التشهد، وسنفيض القول في ذلك في باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الأذكار. (سنده) 2 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا سليمان

رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فتوجه نحو صدفته (1) فدخل فاستقبل القبلة فخر ساجدًا فأطال السجود حتى ظننت أن الله عز وجل قبض نفسه فيها، فدنوت منه فجلست فرفع رأسه فقال: من هذا، قلت عبد الرحمن، قال: ما شأنك؟ قلت: يا رسول الله سجدت سجدة خشيت أن يكون الله عز وجل قد قبض نفسك فيها، فقال: إن جبريل عليه السلام أتاني فبشرني فقال: إن الله عز وجل يقول: من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه، فسجدت لله عز وجل شكرًا. 922 - عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم أتاه بشير

_ ابن بلال ثنا عمرو بن أبي عمرو عن عبد الواحد بن محمد (الحديث) وله طريق ثالث: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا ليث عن يزيد عن عمرو عن عبد الرحمن بن أبي الحويرث عن محمد بن جبير عن عبد الرحمن بن عوف قال: دخلت المسجد فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجًا من المسجد فاتبعته فذكر الحديث. 1 - بفتح الصاد والدال المهملتين والفاء. قال الشوكاني: الصدقة من أسماء البناء المرتفع قال: وفي (النهاية) ما لفظه «كان إذا مر بصدف مائل أسرع المشي» قال: الصدف بفتحتين وضمتين كل بناء عظيم مرتفع تشبهًا بصدق الجبل وهو ما قابلك من جانبه واسم لحيوان في البحر. اهـ. ما نقله الشوكاني. قلت: والذي يظهر لي أن المراد بالصدفة هنا النخل كما صرح بذلك في الطريق الأولى من الحديث، فهي مفسرة لهذه الرواية، والأحاديث يفسر بعضها بعضًا، وسمى النخل صدفة لارتفاعه. قال في (القاموس): الصدفة محركة غشاء الدر، الواحدة بهاءٍ، جمعها أصداف، وكل شيء مرتفع من حائط ونحوه. أهـ. فالبناء هنا غير مراد، لأنه لم ينقل أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له بناء سوى حجرات أزواجه وكانت قليلة الارتفاع لا ينطبق عليها معنى البناء العظيم المرتفع، فالظاهر ما قلنا، والله أعلم. (تخريجه) أخرجه البزار والحاكم ولفظه كلفظ الطريق الأولى من حديث الباب، وقال الحاكم: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجها ولا أعلم في سجدة الشكر أصح من هذا الحديث. اهـ. قلت: وأقره الذهبي. 922 - عن أبي بكرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن

يبشره بظفر جند له على عدوهم ورأسه في حجر عائشة رضي الله عنها فقام فخر ساجدًا، ثم أنشأ يسائل البشير فأخبره فيما أخبره أنه ولى أمرهم امرأة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الآن هلكت الرجال إذا أطاعت النساء، هلكت الرجال إذا أطاعت النساء ثلاثًا (1). قلت: وسجد عليّ رضي الله عنه حين وجد ذا الثدية في الخوارج (2)، وسجد كعب بن مالك رضي الله عنه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لما بشر بتوبة الله عليه (3)

_ عبد الملك الحراني ثنا أبو بكرة بن بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة قال سمعت أبي يحدث عن أبي بكرة أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم (الحديث). (غريبه) 1 - كرر هذه الجملة ثلاثًا للتأكيد ولتحقق وقوع الهلاك على من فعل ذلك، لأن النساء ناقصات عقل ودين فلا يصلحن للولاية ولا يحسنّ التصرف في الأمور كالرجل، والله تعالى يقول: {الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} [النساء/34] فمن خالف قول الله تعالى وهدي نبيه صلى الله عليه وسلم فقد أودى بنفسه إلى الهلاك، وسيأتي لذلك مزيد بحث في كتاب الخلافة والإمارة إن شاء الله تعالى. (تخريجه) (د. جه. مذ) ولفظه عندهم عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسره أو بشر به خر ساجدًا شكرًا لله تعالى، قال الترمذي: هو حسن غريب، وفي إسناده بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن جده وهو ضعيف عند العقيلي وغيره، وقال ابن معين: إنه صالح الحديث. 2 - حديث سجود علي رضي الله عنه رواه الإمام أحمد عن طارق بن زياد وسيأتي بسنده ولفظه وشرحه في الفصل الثالث من الباب السادس من أبواب خلافة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وذو الثدية هو رجل من الخوارج الذين قتلهم علي رضي الله عنه يوم النهروان، ويقال: له المخدج وكان في يده مثل ثدي المرأة، على رأسه حلمة مثل حلمة الثدي، عليه شعرات مثل سبالة السنور، وقصته مشهورة رواها الإمام أحمد ومسلم في صحيحه وأبو داود وغيرهم. 3 - حديث كعب بن مالك سيأتي بسنده ولفظه وشرحه في تفسير قوله تعالى {وَعَلَى الثَّلَاثَةِ الَّذِينَ خُلِّفُوا} [التوبة/118] من سورة التوبة من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى، رواه الإمام أحمد والشيخان وغيرهم، وحاصله أن كعب بن مالك رضي الله عنه تخلف عن غزوة تبوك بلا عذر واعترف بذلك بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعتذر بالأعذار الكاذبة كما فعل المتخلفون من المنافقين

_ فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس عن تكليمه وأمره بمفارقة زوجته، حتى ضاقت الأرض بما رحبت عليه وعلى صاحبيه اللذين اعترفا كما اعترف، وقد وصف الله عز وجل ذلك في كتاب، ثم بعد خمسين ليلة تاب الله عليهم، فلما بشر بذلك سجد شكرًا لله تعلى. وفي الباب عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال: «خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة نريد المدينة فلما كنا قريبًا من عزوراء (بفتح العين المهملة وسكون الزاي وفتح الواو وبالمد ثنية الجحفة عليها الطريق من المدينة ويقال فيها عزور) نزل ثم رفع يديه فدعا الله ساعة ثم خر ساجدًا فمكث طويلاً، ثم قام فرفع يديه ساعة، ثم خر ساجدًا فعله ثلاثُا، وقال: إني سألت ربي وشفعت لأمتي فأعطاني ثلث أمتي فخررت ساجدًا شكرًا لربي، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني ثلث أمتي، فخررت ساجدًا لربي، ثم رفعت رأسي فسألت ربي لأمتي فأعطاني الثلث الآخر، فخررت ساجدًا لربي» رواه أبو داود، قال النووي: لا نعلم ضعف أحد من رواته ولم يضعفه أبو داود، ولما لم يضعفه فهو حسن عنده. وعن البراء بن عازب أن النبي صلى الله عليه وسلم خر ساجدًا حين جاءه كتاب علي رضي الله عنه من اليمن بإسلام همذان، رواه البيهقي من جملة حديث طويل، وقال: هو صحيح على شرط البخاري، وروى البيهقي وغيره سجود الشكر من فعل أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية سجود الشكر. قال النووي رحمه الله تعالى: مذهبنا أنه سنة عند تجدد نعمة أو اندفاع نقمة، وبه قال أكثر العلماء، وحكاه ابن المنذر عن أبي بكر الصديق وعلي وكعب بن مالك رضي الله عنهم وعن إسحاق وأبي ثور وهو مذهب الليث وأحمد وداود، وقال ابن المنذر: وبه أقول، وقال أبو حنيفة: يكره، وحكاه ابن المنذر عن النخعي، وعن مالك روايتان أشهرهما الكراهة، ولم يذكر ابن المنذر غيرها، والثانية: أنه ليس بسنة، واحتج لمن كرهه بأن النبي صلى الله عليه وسلم شكا إليه رجل القحط وهو يخطب فرفع يديه ودعا فسقوا في الحال ودام المطر إلى الجمعة الأخرى، فقال رجل: يا رسول الله تهدمت البيوت وتقطعت السبل فادع الله يرفعه عنا، فدعا فرفع في الحال، والحديث في الصحيحين من رواية أنس، وموضع الدلالة منه أنه صلى الله عليه وسلم لم يسجد لتجدد نعمة المطر أولاً، ولا لدفع نقمته آخرًا، قالوا: ولأن الإنسان لا يخلو من نعمة، فإن كلفه لزم الحرج، قال: واحتج أصحابنا بحديث أبي بكرة وقد بيناه، ثم ذكر حديث أبي سعيد والبراء وأشار إلى حديث كعب بن مالك، ثم قال: والجواب عن حديثهم (يعني حديث الرجل الذي شكا القحط واحتج به القائلون بالكراهة) أنه ترك السجود في بعض الأحوال بيانًا للجواز، ولأنه كان على المنبر وفي السجود حينئذ مشقة أو اكتفى بسجود الصلاة، والجواب بأحد هذه الأوجه أو غيرها متعين للجمع بين الأدلة. اهـ. ج. قال الشوكاني:

(أبواب صلاة التطوع) 1 - باب ما جاء في فضلها وأنها تجبر نقص الفريضة 923 - عن النعمان بن سالم عن عمرو بن أوس عن عنبسة بن أبي سفيان عن أخته أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنها

_ وليس في أحاديث الباب ما يدل على اشتراط الوضوء وطهارة الثياب والمكان، وإلى ذلك ذهب الإمام يحيى وأبو طالب، وذهب أبو العباس والمؤيد بالله والنخعي وبعض أصحاب الشافعي إلى أنه يشترط في سجود الشكر شروط الصلاة، وليس في أحاديث الباب أيضًا ما يدل على التكبير في سجود الشكر، وفي البحر أنه يكبر، قال الإمام يحيى ولا يسجد للشكر في الصلاة قولاً واحدًا، إذ ليس من توابعها، قال أبو طالب: ومستقبل القبلة. اهـ. قلت: قال الشافعية: حكم سجود الشكر في الشروط والصفات حكم سجود التلاوة خارج الصلاة وتحرم في الصلاة فإن سجدها فيها بطلت صلاته بلا خلاف. وقال الحنابلة: يسن سجود الشكر عند تجدد النعم واندفاع النقم وإن سجد له عالمًا ذاكرًا في صلاته بطلت، وصفته وأحكامه كسجود التلاوة. والله أعلم. (أبواب صلاة التطوع) قال العلماء: التطوع في الأصل فعل الطاعة، وصار في الشرع مخصوصًا بطاعة غير واجبة، وهو ما عدا الفرائض ثلاثة أقسام: (سنن) وهي التي واظب النبي صلى الله عليه وسلم على فعلها. و (مستحبات) وهي التي فعلها أحيانًا ولم يواظب عليها. و (تطوع) وهو ما لم يرد فيه نقل بخصوصيته. وقال بعضهم: إن السنة والنفل والمندوب والتطوع والمرغب فيه كلها ألفاظ مترادفة، وهي ما سوى الواجبات، ويثاب على فعلها ولا يعاقب على تركها. واعلم - أرشدني الله وإياك إلى طاعته - أن أفضل عبادات البدن الصلاة، لأنها تجمع من القرَب ما لا يجمع غيرها كالطهارة واستقبال القبلة والقراءة وذكر الله تعالى والصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويمنع فيها من كل ما يمنع منه في سائر العبادات، وتزيد عليها بالامتناع من الكلام والمشي، وأيضًا يقتل تاركها بخلاف غيرها، ولأنها لا تسقط في حال من الأحوال ما دام مكلفًا إلا في حق الحائض، وقد ورد في فضلها وامتيازها عن غيرها من الأحاديث الصحيحة ما لم يرد مثله في سائر الفرائض وتقدم ذكرها في أول كتاب الصلاة فارجع إليه. 923 - عن النعمان بن سالم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال

سمعت النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يقول: ما من عبد مسلم يصلي (وفي رواية «ما من عبد مسلم توضأ فأسبغ الوضوء ثم صلى) لله عز وجل كل يوم (وفي رواية «في يوم وليلة» وفي أخرى «في ليله ونهاره») ثنتي عشرة ركعة (1) (وفي رواية «سجدة») تطوعًا غير فريضة إلا بني له بيت في الجنة، أو بنى الله عز وجل له بيتًا في الجنة، فقالت أم حبيبة: فما برحت أصليهن بعد، وقال عمر: وما برحت أصليهن بعد، وقال النعمان مثل ذلك. 924 - عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه (2) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة سوى الفريضة بني له بيت في الجنة. 925 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال عبد الله (3) قال أبي ولم

_ ثنا شعبة عن النعمان بن سالم الخ. (غريبه) 1 - أجملها النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الرواية وستأتي مفصلة في الباب الثالث. (تخريجه) (م. هق. والأربعة) والحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم، وقال الترمذي: حسن صحيح، ولفظ الترمذي «من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بنى له بيت في الجنة أربع قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الفجر» وللنسائي حديث أم حبيبة كالترمذي، لكن قال: «وركعتين قبل العصر» ولم يذكر ركعتين بعد العشاء. 924 - عن أبي بردة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن زيد عن هارون بن إسحاق الكوفي عن همدان عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه (الحديث). (غريبه) 2 - هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه. (تخريجه) أورده الهيثمي وقال: رواه أحمد والطبراني في (الأوسط) و (الكبير) والبزار، وقال: لم يتابع هارون بن إسحاق على هذا الحديث. 925 - عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ومحمد بن جعفر قال أنا شعبة عن منصور قال: قال شعبة كتب به إلي فقرأته عليه عن أبي عثمان مولى المغيرة بن شعبة عن أبي هريرة (الحديث). (غريبه) 3 - يعني ابن

يرفعه ما من عبد مسلم يصلي في يوم ثنتي عشرة ركعة تطوعًا إلا بني له بيت في الجنة. 926 - عن عبد الرحمن بن معاوية بن حديج قال: سمعت رجلاً من كندة يقول: حدثني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: لا ينتقص أحدكم من صلاته شيئًا (1) إلا أتمها الله عز وجل من سبحته

_ الإمام أحمد رحمهما الله وقوله «لم يرفعه» يعني أن أبا هريرة لم يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم. قلت: إن لم يرفعه أبو هريرة فله حكم الرفع لأن مثله لا يقال من قبل الرأي، على أنه جاء مرفوعًا عند النسائي وابن ماجه. (تخريجه) (نس. جه) وسنده جيد عند الإمام أحمد، وسنده عندهما فيه محمد بن سليمان الأصبهاني وهو ضعيف، ولفظه عندهما عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى في يوم ثنتي عشرة ركعة بنى الله بيتًا في الجنة، ركعتين قبل الفجر وركعتين قبل الظهر وركعتين بعد الظهر وركعتين أظنه قال: قبل العصر وركعتين بعد المغرب أظنه قال وركعتين بعد العشاء». 926 - عن عبد الرحمن بن معاوية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن معاوية (الحديث). (غريبه) 1 - يحتمل أن يراد بالنقص ما كان من السنن والهيئات المشروعة فيها ونحوها ويحتمل أن يراد بذلك فروضها وشروطها. و (السبحة) بضم السين المهملة النافلة. (تخريجه) لم أقف عليه وفي إسناده ابن لهيعة ورجل لم يسم فهو ضعيف، لكن له شواهد صحيحة تقدمت في الباب الثامن من أول كتاب الصلاة. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على تأكيد صلاة هذه الاثنتي عشرة ركعة، وهي من السنن التابعة للفرائض وأن من فعلها بنى الله بيتًا في الجنة بسبب فعلها إن كانت صلاته تامة، فإن كانت ناقصة كملت منها، ويحتمل أن يبني له بيت في الجنة إن فعلها بإخلاص مع تكميل نقص الفرض بها وفضل الله واسع. وفيها أن نقص الفرائض يجبر بالنوافل في الصلاة والزكاة والصيام والحج ونحوه، وتقدم الكلام على ذلك في الباب الثامن من أول كتاب الصلاة، وقد اختلف في حديث أم حبيبة كما ذكرنا فالترمذي أثبت ركعتين بعد العشاء ولم يثبت ركعتين قبل العصر

2 - باب فضل صلاة التطوع في البيت 927 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يقول: إذا قضى أحدكم صلاته في المسجد ثم رجع إلى بيته حينئذ فليصل في بيته ركعتين، وليجعل في بيته نصيبًا من صلاته (1) فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرًا. 928 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم: إذا صلى أحدكم الصلاة في مسجده فليجعل لبيته نصيبًا من صلاته، فإن الله عز وجل جاعل في بيته من صلاته خيرًا.

_ والنسائي عكس ذلك، وحديث أبي هريرة فيه إثبات ركعتين قبل العصر وركعتين بعد العشاء ولكنه لم يثبت قبل الظهر إلا ركعتين، وأثبت الترمذي أربعًا قبل الظهر وركعتين بعدها، قال الشوكاني رحمه الله: والمتعين المصير إلى مشروعية جميع ما اشتملت عليه هذه الأحاديث وهو وإن كان أربع عشرة ركعة، والأحاديث مصرحة بأن الثواب يحصل باثنتي عشرة ركعة لكنه لا يعلم الإتيان بالعدد الذي نص عليه صلى الله عليه وسلم في الأوقات التي جاء التفسير بها إلا بفعل أربع عشرة ركعة لاختلاف الروايات والله أعلم. 927 - عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير عن جابر عن أبي سعيد الخدري (الحديث). (غريبه) 1 - المراد بالنصيب هنا صلاة النافلة لأن سياق الحديث يدل على ذلك، وحديث زيد بن ثابت الآتي صريح في هذا، وإنما حث على النافلة في البيت لكونه أخفى وأبعد من الرياء وليتبرك البيت بالصلاة وتنزل فيه الرحمة والملائكة، وتنفر منه الشياطين، وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم «فإن الله جاعل في بيته من صلاته خيرًا». (تخريجه) (جه. وغيره) قال العراقي: وإسناده صحيح. اهـ. وقال الحافظ البوصيري في (زوائد ابن ماجه): رجاله ثقات. قلت: ويشهد لصحته حديث جابر الآتي بعده. 928 - عن جابر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر (الحديث). (تخريجه) (م. وغيره)

929 - عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة. 930 - عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا (1). 931 - عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان يقول: اجعلوا من صلاتكم في بيوتكم ولا تجعلوها عليكم قبورًا. 932 - عن عبد الله بن سعد أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة في البيت

_ 929 - عن زيد بن ثابت هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وشرحه في الباب الخامس من أبواب صلاة التراويح. وقوله «إلا المكتوبة» يعني المفروضة ففعلها في المسجد أفضل. قال العراقي: هو في حق الرجال دون النساء، فصلاتهن في البيوت أفضل وإن أُذِن لهن في حضور بعض الجماعات، وقد قال صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إذا استأذنكم نساؤكم بالليل إلى المسجد فأذنوا لهن وبيوتهن خير لهن» والمراد بالمكتوبة هنا الواجبات بأصل الشرع وهي الصلوات الخمس دون المنذور. اهـ. 930 - عن زيد بن خالد الجهني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن سعيد عن عبد الملك عن عطاء عن زيد بن خالد الجهني (الحديث). (غريبه) 1 - معناه صلوا فيها ولا تجعلوها كالقبور مهجورة من الصلاة، والمراد به صلاة النافلة، أي صلوا النوافل في بيوتكم، وقال القاضي عياض: قيل هذا في الفريضة، ومعناه اجعلوا بعض فرائضكم في بيوتكم ليقتدي بكم من لا يخرج إلى المسجد من نسوة وعبيد ومريض ونحوهم، قال: وقال الجمهور: بل هو في النافلة لإخفائها وللحديث الآخر «أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة». قال النووي رحمه الله: الصواب أن المراد النافلة وجميع أحاديث الباب تقتضيه ولا يجوز حمله على الفريضة. اهـ. م. (تخريجه) (طب) والبزار قال العراقي: وإسناده صحيح. 931 - عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة قال ثنا أبو الأسود عن عروة عن عائشة (الحديث). (تخريجه) لم أقف عليه وفي إسناده ابن لهيعة وبقية رجاله رجال الصحيح وأحاديث الباب تعضده. 932 - عن عبد الله بن سعد هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده

وعن الصلاة في المسجد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما الصلاة في المسجد والصلاة في بيتي فقد ترى ما أقرب بيتي من المسجد، ولأن أصلي في بيتي أحب إلي من أن أصلي في المسجد إلا أن تكون صلاة مكتوبة. 933 - عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: صلاة الرجل في بيته تطوعًا نور فمن شاء نور بيته. 934 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: اجعلوا من صلاتكم (1) في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا (2) (وفي لفظ «صلوا في بيوتكم ولا تتخذوها قبورًا»).

_ وشرحه في الباب الثالث من أبواب الغسل من الجنابة فارجع إليه. (تخريجه) (د. جه. مذ) وسنده جيد، وقال الحافظ البوصيري في (زوائد ابن ماجه): إسناده صحيح ورجاله ثقات. 933 - عن عمر بن الخطاب الخ هذا طرف من حديث تقدم بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في الباب الثامن من أبواب الغسل من الجنابة من كتاب الطهارة. 943 - عن عبد الله بن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله عن نافع عن عبد الله بن عمر (الحديث). (غريبه) 1 - قال القرطبي: «من» للتبعيض والمراد النوافل بدليل ما رواه مسلم. قلت: والإمام أحمد أيضًا وهو الحديث الثاني من أحاديث الباب، وقد حكى القاضي عياض عن بعضهم أن معناه اجعلوا بعض فرائضكم في بيوتكم ليقتدي بكم من لا يخرج إلى المسجد من نسوة وغيرهن. قال الحافظ: وهذا وإن كان محتملاً لكن الأول هو الراجح، وقد بالغ الشيخ محيى الدين فقال: لا يجوز حمله على الفريضة. 2 - أي لأن القبور ليست بمحل للعبادة. (تخريجه) (ق. د. وغيرهم) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب فعل صلاة التطوع في البيوت وأن فعلها فيها أفضل من فعلها في المساجد ولو كانت المساجد فاضلة كالمسجد الحرام ومسجده صلى الله عليه وسلم ومسجد بيت المقدس، وقد ورد التصريح بذلك في إحدى روايتي أبي داود لحديث زيد بن ثابت فقال فيها: «صلاة المرء في بيته أفضل من صلاته في مسجدي هذا إلا المكتوبة» قال العراقي: وإسناده صحيح، فعلى هذا لو صلى نافلة في مسجد المدينة

3 - باب جامع تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار ورواتب الفرائض 935 - عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة قال: سألنا عليًا رضي الله عنه عن تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار فقال: إنكم لا تطيقونه (1) قال: قلنا: أخبرنا به نأخذ منه ما أطقنا، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا صلى الفجر أمهل (2) حتى إذا كانت الشمس من ههنا يعني من قبل المشرق مقدارها من صلاة العصر من ههنا يعني من قبل المغرب قام فصلى ركعتين، ثم يمهل حتى إذا كانت الشمس من ههنا يعني من قبل المشرق مقدارها من صلاة الظهر من ههنا يعني من

_ كانت بألف صلاة على القول بدخول النوافل في عموم الحديث، وإذا صلاها في بيته كانت أفضل من ألف صلاة، وهكذا حكم المسجد الحرام وبيت المقدس، وقد استثنى أصحاب الشافعي من عموم أحاديث الباب عدة من النوافل فقالوا: فعلها في غير البيت أفضل، وهي ما تشرع فيها الجماعة كالعيدين والكسوف والاستسقاء وتحية المسجد وركعتي الطواف وركعتي الإحرام. قاله الشوكاني، والله أعلم. 935 - عن أبي إسحاق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان وإسرائيل وأبي عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة (الحديث) (غريبه) 1 - أي الدوام والمواظبة على ذلك أخذًا من قوله في آخر الحديث «وقل من يداوم عليها». 2 - أي أخّر الصلاة حتى ترتفع الشمس من جانب المشرق مقدار ارتفاعها من جانب المغرب وقت العصر صلى ركعتين، وهي صلاة الضحى، وقد سمى صاحب (إنجاح الحاجة على سنن ابن ماجه) هذه الصلاة: الضحوة الصغرى، والأربعة الآتية بعدها في الحديث: الضحوة الكبرى، حيث قال: وهذه هي الضحوة الصغرى وهو وقت الإشراق، وهذا الوقت هو أوسط وقت الإشراق وأعلاها، وأما دخول وقته فبعد طلوع الشمس وارتفاعها مقدار رمح أو رمحين حين تصير الشمس بازغة يزول وقت الكراهة، وكان صلى الله عليه وسلم يصلي هذه الصلاة غالبًا ركعتين وأحيانًا أربعًا، وفي الحديث القدسي «يا ابن آدم اركع لي أربع ركعات أول النهار أكفك آخره» وأما الصلاة الثانية فهي الضحوة الكبرى فكان يصليها أحيانًا ويتركها

قبل المغرب قام فصلى أربعًا (1) وأربعًا قبل الظهر إذا زالت الشمس (2) وركعتين بعدها، وأربعًا قبل العصر يفصل بين كل ركعتين بالتسليم (3) على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين قال: قال علي رضي الله عنه: تلك ست عشرة ركعة تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار وقل من يداوم عليها. ومن طريق ثان: حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن أبيه قال: قال حبيب بين أبي ثابت لأبي إسحاق حين حدثه: يا أبا إسحاق يسوي (4) حديثك هذا ملء مسجد ذهبًا. (وفي لفظ «قال حبيب بن أبي ثابت: يا أبا إسحاق ما أحب أن لي بحديثك هذا ملء مسجدك هذا ذهبًا»). 936 - ز. وعنه أيضًا قال: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم

_ أحيانًا. اهـ. 1 - هي الصلاة الثانية التي أشار إليها صاحب (إنجاح الحاجة) وسماها بالضحوة الكبرى، وهي قبل الزوال بشيء يسير. قال العراقي: وهي غير الأربع التي هي سنة الظهر قبلها. 2 - يعني التي بعد الزوال وهي سنة الظهر كما سيأتي ذلك في بابه. 3 - قال العراقي حمل بعضهم هذا على لأن المراد بالفصل بالتسليم التشهد، لأن فيه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى عباد الله الصالحين، قاله إسحاق بن إبراهيم فإنه كان يرى صلاة النهار أبعًا، قال: وفيما أوله عليه بعد. اهـ. وقال ابن حجر المكي: لفظ الحديث يأبى ذلك، وإنما المراد بالتسليم فيه للتحلل من الصلاة، فيسن للمسلم منها أن ينوي بقوله «السلام عليكم» من على يمينه وعلى يساره وخلفه من الملائكة ومؤمني الإنس والجن. اهـ. قلت: وسيأتي الخلاف في ذلك في أحكام باب راتبة الظهر إن شاء الله تعالى. 4 - هكذا في الأصل يسوي والمشهور في اللغة يساوي أي يماثل ويعادل، قال في (المصباح): وفي لغة قليلة سوى درهمًا يسواه من باب تعب. اهـ. (تخريجه) (نس. جه. مذ) وقال: هذا حديث حسن. وقال إسحاق بن إبراهيم: أحسن شيء روي في تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار هذا، وروي عن ابن المبارك أنه كان يضعف هذا الحيث، وإنما ضعفه عندنا والله أعلم لأنه لا يروى مثل هذا عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه عن عاصم بن ضمرة عن علي، وعاصم بن ضمرة هو ثقة عن بعض أهل الحديث. اهـ. 936 - ز. وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عثمان بن أبي شيبة

يصلي من التطوع ثماني ركعات (1) وبالنهار ثنتي عشرة ركعة. 937 - ز. عن علي رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يصلي على كل إثر صلاة (وفي رواية «دبر كل صلاة») مكتوبة ركعتين إلا الفجر والعصر. 938 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها، وركعتين بعد المغرب في بيته (2) وركعتين بعد العشاء في بيته. قال: وحدثتني حفصة أنه كان يصلي ركعتين حين يطلع الفجر وينادي المنادي بالصلاة. قال أيوب (أحد الرواة): أراه قال: خفيفتين وركعتين

_ ثنا سعيد بن خثيم أبو معمر الهلالي ثنا فضيل بن مرزوق عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم (الحديث). (غريبه) 1 - يعني صلاة الليل غير الوتر كما في حديث عائشة عند مسلم والإمام أحمد وغيرهما وسيأتي، ولفظه عند مسلم عن أبي سلمة بن عبد الرحمن أنه سأل عائشة: كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان قالت: «ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة، يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن، ثم يصلي ثلاثًا، فقالت عائشة: فقلت: يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال: يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي». (تخريجه) (عل) وقال الهيثمي: رجاله رجال الصحيح خلا عاصم بن ضمرة وهو ثقة ثبت. 937 - ز. عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله ثنا إسحاق بن إسماعيل ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة السلولي عن علي (الحديث). (تخريجه) (هق. والطحاوي) وسنده جيد. 938 - عن ابن عمر (سنده) حدثني عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن نافع عن ابن عمر (الحديث). (غريبه) 2 - لم يذكر ابن عمر في حديثه هذا نفلاً قبل العصر، وسيأتي عنه ذكر أربع ركعات قبل العصر، وكذا عن علي رضي الله عنه في باب راتبة العصر، قال العراقي: قال النووي في (شرح مسلم): وليس للعصر ذكر في الصحيحين

بعد الجمعة في بيته. وعنه من طريق ثان (1) قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الظهر سجدتين وبعدها سجدتين وبعد المغرب سجدتين وبعد العشاء سجدتين وبعد الجمعة سجدتين، فأما الجمعة والمغرب في بيته، قال: وأخبرتني أختي حفصة أنه كان يصلي سجدتين خفيفتين إذا طلع الفجر، قال: وكانت ساعة لا أدخل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيها. 939 - عن المغيرة بن سلمان قال: سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول: كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا يدع (2) ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل الصبح

_ وفيما ذكره نظر، ففي (صحيح مسلم) أن أبا سلمة بن عبد الرحمن سأل عائشة رضي الله عنها عن السجدتين اللتين كان النبي صلى الله عليه وسلم يصليهما بعد العصر فقالت: «كان يصليهما قبل العصر ثم إنه شغل عنهما أو نسيهما فصلاهما بعد العصر ثم أثبتهما» قال النووي في (شرح مسلم) أيضًا: هذا الحديث ظاهر في أن المراد بالسجدتين ركعتان هما سنة للعصر قبلها، وقال القاضي عياض: ينبغي أن يحمل على سنة الظهر كما في حديث أم سلمة أي من قوله صلى الله عليه وسلم «إنه أتاني ناس من عبد القيس بالإسلام من قومهم فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان» ليتفق الحديثان، وسنة الظهر يصح تسميتها قبل العصر. اهـ. (سنده) 1 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر (الحديث). (تخريجه) (ق. نس. هق). 939 - عن المغيرة بن سلمان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة عن قتادة عن المغيرة بن سلمان قال حجاج في حديثه سمعت المغيرة بن سلمان قال سمعت ابن عمر (الحديث). (غريبه) 2 - أي التي كان يحافظ عليها ولا يتركها في حال من الأحوال وفيه إشارة إلى تأكدها وهي عشر ركعات كما في الحديث، وبه قال الإمامان الشافعي وأحمد، ومن الشافعية من زاد على العشر ركعتين أخريين قبل الظهر لحديثي أبي موسى وأم حبيبة المذكورين في الباب الأول «من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة سوى الفريضة بني له بيت في الجنة». (تخريجه)

940 - عن عبد الله بن شقيق قال: سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله من التطوع فقالت: كان يصلي قبل الظهر أربعًا في بيتي ثم يخرج فيصلي بالناس ثم يرجع إلى بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي بالناس المغرب ثم يرجع إلى بيته فيصلي ركعتين، وكان يصلي بهم العشاء ثم يدخل بيتي فيصلي ركعتين، وكان يصلي من الليل تسع ركعات (1) فيهن الوتر، وكان يصلي ليلاً طويلاً (2) قائمًا وليلاً طويلاً جالسًا، فإذا قرأ وهو قائم ركع وسجد وهو قائم (3) وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد، وكان إذا طلع الفجر صلى ركعتين (4) ثم يخرج فيصلي بالناس صلاة الفجر. وعنه من طريق ثان (5) قال: سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: كان يصلي أربعًا قبل الظهنر وثنتين بعدها، وثنتين قبل العصر، وثنتين بعد المغرب، وثنتين بعد العشاء، ثم

_ لم أقف عليه بهذا اللفظ وهو بمعنى الذي قبله وسنده جيد. 940 - عن عبد الله بن شقيق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم قال أنا خالد عن عبد الله بن شقيق (الحديث) (غريبه) 1 - أي باعتبار أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي ثمان ركعات ويوتر بواحدة، وقد ثبت وتره صلى الله عليه وسلم بواحدة في بعض الأحيان وبثلاث وبخمس في بعضها كما سيأتي ذلك مفصلاً في أبواب الوتر. وقوله «فيهن الوتر» أي من جملتهن الوتر كما هو ظاهر مما قدمنا. 2 - أي زمانًا طويلاً من الليل. 3 - أي لا يقعد ليركع ويسجد وهو قاعد، بل يأتي بهما من قيام، وكذا قوله «وإذا قرأ وهو قاعد ركع وسجد وهو قاعد» أي لا يقوم ليأتي بالركوع والسجود من قيام، لكن ورد أنه صلى الله عليه وسلم «كان في بعض الأحيان يصلي جالسًا فيقرأ وهو جالس فإذا بقي من قراءته قدر ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأ وهو قائم ثم ركع ثم سجد» وسيأتي ذلك في باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس من أبواب صلاة المريض والقاعد إن شاء الله تعالى، ولم يرد عكس هذه الصورة الأخيرة، فكان صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل على ثلاث أحوال، قائمًا في كلها، وقاعدًا في كلها، وقاعدًا في بعضها ثم قائمًا والله أعلم. 4 - أي سنة الفجر في بيته. (سنده) 5 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل قال أنا خالد عن عبد الله بن شقيق قال سألت عائشة رضي الله عنها (الحديث)

يصلي من الليل تسعًا، قلت: أقائمًا أو قاعدًا؟ قالت: يصلي ليلاً طويلاً قائمًا وليلاً طويلاً قاعدًا، قلت: كيف يصنع إذا كان قائمًا وكيف يصنع إذا كان قاعدًا؟ قالت: إذا قرأ قائمًا ركع قائمًا، وإذا قرأ قاعدًا ركع قاعدًا، وركعتين قبل صلاة الصبح. 941 - عن قابوس عن أبيه قال: أرسل أبي امرأة إلى عائشة يسألها: أي الصلاة كانت أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يواظب عليها؟ قالت: كان يصلي قبل الظهر أربعًا يطيل فيهن القيام ويحسن فيهن الركوع والسجود، فأما ما لم يكن يدع (1) صحيحًا ولا مريضًا ولا غائبًا ولا شاهدًا، فركعتين قبل الفجر (2).

_ (تخريجه) (م. هق. والثلاثة. وغيرهم). 941 - عن قابوس عن أبيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير عن قابوس عن أبيه (الحديث). (غريبه) 1 - أي يترك يقال ودعته أدعه ودعا تركته، فما زعمه بعض النحاة من أن بعض العرب أماتت ماضي يدع ومصدره واسم الفاعل منه مردود، فقد قرأ مجاهد وعروة ومقاتل وابن أبي عبلة ويزيد النحوي {مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ} [الضحى/3] بالتخفيف وفي الحديث «لينتهين قوم عن ودعهم الجمعات أي عن تركهم» فقد رويت هذه الكلمة عن أفصح العرب ونقلت من طريق القراء فكيف يكون اماتة، أفاده في المصباح. 2 - أي الصبح وفيه تأكيد استحباب الركعتين قبل الصبح. (تخريجه) (خ. د. نس. هق) من عدة طرق. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية ما ذكر فيها من النوافل، وأقل ما ورد في ذلك حديث ابن عمر الذي يتضمن عشر ركعات، وأكثر ما ورد فيه حديث علي المذكور أول الباب المتضمن ست عشرة ركعة، فلو زدنا على ما ذكر في حديث علي ركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الصبح أعني سنة الفجر لكان مجموع ذلك اثنتين وعشرين ركعة، وكلها مشروعة مطلوب فعلها، وهذه الستة الأخيرة ذكرت في حديث ابن عمر ولم تذكر في حديث علي، وباستحباب جميعها قال جمهور العلماء، واختلفوا في المؤكد منها، فذهبت الشافعية إلى تأكد العشر المذكورة في حديث

4 - باب راتبة الظهر وما جاء في فضلها 942 - عن حسان بن عطية قال: لما نزل بعنبسة بن أبي سفيان الموت اشتد جزعه (1) فقيل له: ما هذا الجزع؟ قال: إني سمعت أم حبيبة يعني أخته تقول: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى أربعًا قبل الظهر وأربعًا بعدها

_ ابن عمر وهي أقل الكمال عندهم. قال صاحب (المهذب) وجماعة: أدنى الكمال عشر ركعات وهو الوجه الأول، وأتم الكمال ثمان عشرة ركعة وهو الوجه الأخير. اهـ. وزاد على هذا المحاملي في (اللباب) والنووي في (شرح المهذب) فاستحبا ركعتين قبل العشاء، وحكاه الماوردي عن البويطي، ويدل له حديث «بين كل أذانين صلاة». وقالت الحنفية - وهذه عبارة صاحب (الهداية) -: السنة ركعتان قبل الفجر، وأربع قبل الظهر وبعدها ركعتان، وأربع قبل العصر وإن شاء ركعتين، وركعتان بعد المغرب، وأربع قبل العشاء وأربع بعدها، وإن شاء ركعتين. وذهب مالك في المشهور عنه إلى أنه لا رواتب في ذلك ولا توقيت إلا في ركعتي الفجر، قال ابن القاسم صاحبه: وإنما توقت أهل العراق. وذهب العراقيون من المالكية إلى استحباب الركعتين بعد الظهر وقبل العصر وبعد المغرب. حكاه صاحب (المفهم). قلت: وذهبت الحنابلة إلى أن الرواتب المؤكدة عشر كالشافعية: ركعتان قبل الظهر وركعتان بعدها، وركعتان بعد المغرب، وركعتان بعد العشاء، وركعتان قبل الفجر، وحجتهم في ذلك حديث ابن عرم رضي الله عنهما. قال الشيخ تقي الدين في (شرح العمدة): الحق - والله أعلم - في هذا الباب أعني ما ورد فيه من الأحاديث بالنسبة إلى التطوعات والنوافل المرسلة أن كل حديث صحيح دل على استحباب عدد من الأعداد وهيئة من الهيئات أو نافلة من النوافل يعمل به في استحبابه، ثم تختلف مراتب ذلك المستحب، فما كان الدليل دالاً على تأكده إما بملازمته صلى الله عليه وسلم فعله أو بكثرة فعله وإما بقوة دلالة اللفظ على تأكد حكمه وإما معاضدة حديث آخر أو أحاديث فيه تعلو مرتبته في الاستحباب، وما نقص عن ذلك كان بعده في الرتبة. اهـ. 942 - عن حسان بن عطية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح قال ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية (الحديث). (غريبه) 1 - الجزع الحزن والخوف، والظاهر والله أعلم أنه حزن لتفريطه فيما سمع من أخته عن النبي صلى الله عليه وسلم وعدم العمل به فحزن ندمًا على ما فاته من هذا الفضل العظيم، والقائل «فما تركتهن» هي أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كما صرحت بذلك في حديثها المتقدم في الباب السابق

حرم الله لحمه على النار (1) فما تركتهن منذ سمعتهن. 943 - عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يصلي قبل الظهر بعد الزوال أربعًا ويقول إن أبواب السماء تفتح فأحب أن أقدم فيها عملاً صالحًا. 944 - عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: أدمن (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع ركعات عند زوال الشمس، قال: فقلت: يا رسول الله ما هذه الركعات التي أراك قد أدمنتها، قال: إن أبواب السماء تفتح عند زوال الشمس فلا ترتج (3) حتى يصلي الظهر فأحب أن يصعد لي فيها خير، قال: قلت: يا رسول الله

_ 1 - رواية أبي داود «حرم على النار»، وفي رواية ابن ماجه والترمذي ورواية للنسائي «حرمه الله على النار»، وله رواية أخرى بنحو حديث الباب. قال الشوكاني: وقد اختلف في معنى ذلك، هل المراد أنه لا يدخل النار أصلاً، أو أنه وإن قدر عليه دخولها لا تأكله النار، أو أنه يحرم على النار أن تستوعب أجزاءه وإن مست بعضه كما في بعض طرق الحديث عند النسائي بلفظ «فتمس وجهه النار أبدًا» وهو موافق لقوله في الحديث الصحيح «وحرم على النار أن تأكل مواضع السجود» فيكون قد أطلق الكل وأريد البعض مجازًا، والحمل على الحقيقة أولى، وأن الله تعالى يحرم جميعه على النار، وفضل الله تعالى أوسع ورحمته أعم. اهـ. (تخريجه) (الأربعة وغيرهم) ورجاله من رجال الصحيحين وصححه الترمذي. 943 - عن عبد الله بن السائب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو داود الطيالسي قال: ثنا مسلم بن أبي الوضاح عن عبد الكريم عن مجاهد عن عبد الله بن السائب (الحديث). (تخريجه) (مذ) وفي إسناده عبد الكريم بن أبي المخارق قال في (الخلاصة): قال أيوب: ليس بثقة. قلت: تعضده الطريق الثانية من حديث أبي أيوب الآتي بعده. 944 - عن أبي أيوب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا عبيدة عن إبراهيم عن سهم بن منجاب عن قزعة عن القرقع عن أبي أيوب الأنصاري (الحديث). (غريبه) 2 - الإدمان: الملازمة والمواظبة، يقال: أدمن فلان كذا إدمانًا واظبه ولازمه، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يواظب على صلاة أربع ركعات عند الزوال أي بعده قبل صلاة الظهر كما يستفاد من الحديث السابق. 3 - أي تغلق

تقرأ فيهن كلهن؟ قال: قال: نعم. قال: قلت: ففيها سلام فاصل؟ قال: لا. وعنه من طريق ثان (1) أنه كان يصلي أربع ركعات قبل الظهر، فقيل له: إنك تديم هذه الصلاة، فقال: إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله فسألته فقال: إنها ساعة تفتح فيها أبواب السماء فأحببت أن يرتفع لي فيها عمل صالح. 945 - عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: سافرت مع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانية عشر سفرًا فلم أره ترك الركعتين قبل الظهر. 946 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لا يدع أربعًا قبل الظهر وركعتين قبل الفجر على حال (2).

_ (سنده) 1 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن الأعمش عن المسيب بن رافع عن علي بن الصلت عن أبي أيوب الأنصاري أنه كان يصلي أربع ركعات الخ. (تخريجه) (د. جه. طب. طس) والترمذي في (الشمائل) والطحاوي ولفظه عند أبي داود «أربع قبل الظهر ليس فيهن تسليم تفتح لهن أبواب السماء» قال أبو داود: بلغني عن يحيى بن سعيد القطان أنه قال: لو حدثت عن عبيدة بشيء لحدثت عنه بهذا الحديث، قال أبو داود: عبيدة ضعيف. قلت: الحديث روي من عدة طرق يعضد بعضها بعضًا والطريق الثانية من حديث الباب عند الإمام أحمد ليس فيها عبيدة وسندها جيد. 945 - عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا هاشم ثنا ليث ثنا صفوان بن سليم عن أبي سبرة عن البراء بن عازب (الحديث). (تخريجه) (د. هق. مذ) وقال: حسن غريب. 946 - عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال: حدثنا شعبة عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه قال: سمعت عائشة تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ. (غريبه) 2 - أي في غالب أحواله لحديث ابن عمر رضي الله عنهما «كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي لا يدع ركعتين قبل الظهر وركعتين بعدها» الحديث تقدم بطوله في الباب السابق، قال الداودي: وقع في حديث ابن عمر أن قبل الظهر ركعتين وفي حديث عائشة أربعًا، وهو محمول على أن كل واحد منهما وصف ما رأى. قال: ويحتمل أن يكون نسى ابن عمر ركعتين

5 - باب راتبة العصر وما جاء في فضلها 947 - عن ابن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وصحبه

_ من الأربع. قال الحافظ: هذا الاحتمال بعيد، والأولى أن يحمل على حالين فكان تارة يصلي ثنتين وتارة يصلي أربعًا، وقيل هو محمول على أنه كان في المسجد يقتصر على ركعتين وفي بيته يصلي أربعًا، ويحتمل أنه كان يصلي إذا كان في بيته ركعتين ثم يخرج إلى المسجد فيصلي ركعتين فرأى ابن عمر ما في المسجد دون ما فيه بيته واطلعت عائشة على الأمرين، ويقوي الأول ما رواه أحمد وأبو داود في حديث عائشة «كان يصلي في بيته قبل الظهر أربعًا ثم يخرج» قال أبو جعفر الطبري: الأربع كانت في كثير من أحواله والركعتان في قليلها. (تخريجه) (ق. نس. هق) من عدة طرق. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها، وكفى بهذا التغريب باعثًا على ذلك. وظاهر قوله في حديث أم حبيبة «من صلى» الخ. أن التحريم على النار يصحل بمرة واحدة، ولكنه قد أخرجه الترمذي وأبو داود وغيرهما بلفظ «من حافظ» فلا يحرم على النار إلا المحافظ. وفيها أيضًا دليل على أنه لا يفصل بين الأربع بسلام كما يستفاد ذلك من الطريق الأولى من حديث أبي أيوب. وبه قالت الحنفية. وذهب الأئمة الثلاثة مالك والشافعي وأحمد إلى أفضلية الفصل بينهن بالسلام لما رواه مالك في (الموطأ) «كان ابن عمر يقول صلاة الليل والنهار مثنى مثنى يسلم من كل ركعتين» قال مالك: وهو الأمر عندنا. وقال النووي: مذهبنا أن الأفضل في نفل الليل والنهار أن يسلم من كل ركعتين، وحكاه ابن المنذر عن الحسن البصري وسعيد بن جبير وحماد بن أبي سليمان ومالك وأحمد واختاره ابن المنذر، وحكى عن ابن عمر وإسحاق بن راهويه أن الأفضل في النهار أربعًا، وقال الأوزاعي وأبو حنيفة: صلاة الليل مثنى وصلاة النهار إن شاء أربعًا وإن شاء ركعتين، دليلنا الحديث السابق «صلاة الليل والنهار مثنى مثنى» وهو صحيح. قال: وقد ثبت في كون صلاة النهار كعتين ما لا يحصى من الأحاديث، وهي مشهورة في الصحيح كحديث «ركعتين قبل الظهر وركعتين بعده» وكذا قبل العصر وبعد المغرب والعشاء، وحديث ركعتي الضحى وتحية المسجد وركعتي الاستخارة وركعتين إذا قدم من سفر وركعتين بعد الوضوء وغير ذلك، وأما الحديث المروي عن أبي أيوب رضي الله عنه يرفعه «أربع قبل الظهر لا تسليم فيهن يفتح لهن أبواب السماء» فضعيف متفق على ضعفه، وممن ضعفه يحيى بن سعيد القطان وأبو داود والبيهقي، ومداره على عبيدة من معتب وهو ضعيف، والله أعلم. اهـ. ج. 947 - عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان

وسلم قال: رحم الله امرأً (1) صلى قبل العصر أربعًا. 948 - عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يصلي قبل العصر أربعًا يفصل بين كل ركعتين بالتسليم على الملائكة المقربين والنبيين ومن تبعهم من المؤمنين والمسلمين.

_ ابن داود ثنا محمد بن مسلم بن مهران أنه سمع جده يحدث عن ابن عمر (الحديث). (غريبه) 1 - يعني شخصًا ذكرًا كان أو أنثى وهي جملة خبرية لفظًا إنشائية معنى، فكأنه يقول: اللهم ارحم من فعل ذلك وثابر عليه، ودعاؤه صلى الله عليه وسلم لا شك مستجاب، فهنيئًا لمن عمل بذلك ابتغاء وجه الله تعالى وامتثالاً لنبيه صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) (د. مذ) وحسنه وابن حبان وصححه وكذا شيخه ابن خزيمة من حديث ابن عمر وفيه محمد بن مهران وفيه مقال لكن وثقه ابن حبان وابن عدي قاله الحافظ في (التخليص). 948 - عن علي رضي الله عنه هذا طرف من حديث طويل تقدم بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في باب جامع تطوع النبي صلى الله عليه وسلم الخ. وأتيت به هنا لما فيه من مناسبة ترجمة الباب. وفي الباب عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عند (طب. طس) مرفوعًا بلفظ «من صلى أربع ركعات قبل العصر لم تمسه النار»، وعن أبي هريرة عند أبي نعيم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من صلى أربع ركعات قبل العصر غفر الله له» وهو من رواية الحسن عن أبي هريرة ولم يسمع منه. وعن أم حبيبة عند أبي يعلى بلفظ (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حافظ على أربع ركعات قبل العصر بنى الله له بيتًا في الجنة» وفي إسناده محمد بن سعيد المؤذن قال العراقي: لا أدري من هو. وعن أم سلمة عند الطبراني في (الكبير) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من صلى أربع ركعات قبل العصر حرم الله بدنه على النار». (الأحكام) حديثا الباب مع ما ذكرنا من الشواهد تدل على استحباب أربع ركعات قبل العصر، والدعاء منه صلى الله عليه وسلم بالرحمة لمن فعل ذلك والتصريح بتحريم بدنه على النار مما يتنافس فيه المتنافسون. وقد اختلف العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم في حديث علي «يفصل بين كل ركعتين بالتسليم» هل المراد بالتسليم التسليم على الملائكة ومن ذكر معهم في التشهد بقوله «السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين» أو المراد به تسليم التحلل من الصلاة، فذهب إسحاق بن إبراهيم وأبو حنيفة إلى أن المراد بذلك تسليم التشهد وأنه لا يفصل بين الأربع بسلام، وذهب الجمهور إلى أن المراد به تسليم التحلل وأنه يصليهما مثنى مثنى محتجين بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم

6 - باب ما جاء في الركعتين بعد العصر 949 - عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يصلي ركعتين بعد العصر. 950 - عن مسروق قال: حدثتني الصديقة بنت الصديق حبيبة حبيب الله المبرأة (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد العصر فلم أكذبها (2). 951 - عن هشام قال: أخبرني أبي قال: قالت لي عائشة: يا ابن أختي ما ترك

_ في حديث ابن عمر وغيره من صلاة ركعتين قبل العصر وتقدم كلام النووي في ذلك في الباب السابق، واحتج الأولون لحملهم التسليم على الملائكة والصالحين في التشهد بحديث ابن مسعود «كنا إذا صلينا قلنا: السلام على الله قبل عباده السلام على جبريل وكان ذلك في التشهد» الحديث تقدم في أبواب التشهد وهو استدلال وجيه، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي أحيانًا ركعتين وأحيانًا أربعًا، وبهذا يجمع بين الروايتين، فالرجل مخير بين أن يصلي أربعًا أو ركعتين، والأفضل عند الحنفية ومن وافقهم عدم الفصل، وعند الجمهور الفصل أفضل. 949 - عن أبي موسى الأشعري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا أبو دارس صاحب الجريري قال ثنا أبو بردة بن أبي موسى عن أبي موسى (الحديث). (تخريجه) (طب. طس) وزاد قال أبو دارس: رأيت أبا بكر بن أبي موسى يصليهما ويقول: رأيت أبا موسى يصليهما ويقول: إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصليهما في بيت عائشة رضي الله عنها. قال الهيثمي: ورجاله رجال الصحيح غير أبي دارس، قال فيه ابن معين: لا بأس به. 950 - عن مسروق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن يوسف قال ثنا مسعر عن عمرو بن مرة عن أبي الضحى عن مسروق (الحديث). (غريبه) 1 - هي عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما التي برأها الله في كتابه العزيز مما رماها به أصحاب الإفك في سورة النور بقوله عز وجل {أُولَئِكَ مُبَرَّءُونَ مِمَّا يَقُولُونَ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَرِزْقٌ كَرِيمٌ} [النور/26]. 2 - أي لأنها صديقة بنت صديق وزوج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فكيف يكذبها أو كيف تكذب؟ (تخريجه) (هق) ورجاله ثقات. 951 - عن هشام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن هشام (الحديث). (غريبه) 3 - هو ابن عروة بن الزبير بن العوام رضي الله عنهما، وعروة بن أسماء

رسول الله صلى الله عليه وسلم السجدتين (وفي رواية «ركعتين») بعد العصر عندي قط. 952 - عن أبي إسحاق قال: سمعت الأسود بن يزيد ومسروقًا يقولان: نشهد على عائشة (1) أنها قالت: ما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندي في يوم إلا صلى ركعتين بعد العصر. 953 - عن المقدام بن شريح عن أبيه قال: سألت عائشة عن الصلاة بعد العصر فقال: صل، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم قومك أهل اليمن عن الصلاة إذا طلعت الشمس. 954 - عن عائشة رضي الله عنها قالت: صلاتان لم يتركهما النبي صلى الله عليه وآله وسلم سرًا ولا علانية، ركعتين بعد العصر وركعتين قبل الفجر. فصل منه في ذكر سببهما ومن قال إنهما قضاء عن راتبة الظهر واختلاف أمهات المؤمنين فيهما 955 - عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال:

_ بنت أبي بكر الصديق أخت عائشة رضي الله عنهما. (تخريجه) (ق. نس. هق. وغيرهم). 952 - عن أبي إسحاق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا شعبة عن أبي إسحاق (الحديث). (غريبه) 1 - أي نخبر عنها وليس المراد شهادة الحكم. (تخريجه) (ق. د. نس. هق) والطحاوي. 953 - عن المقدام بن شريح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن المقدام بن شريح عن أبيه قال: سألت عائشة (الحديث). (تخريجه) أخرجه الطحاوي وسنده جيد. 954 - عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن سعيد ثنا خالد عن الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة (الحديث) (تخريجه) (ق. وغيره). 955 - عن أبي بكر بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

أجمع (1) أبي على العمرة فلما حضر خروجه قال: أي بني لو دخلنا على الأمير (2) فودعناه، قلت: ما شئت، قال: فدخلنا على مروان وعنده نفر فيهم عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما، فذكروا الركعتين التي يصليهما ابن الزبير بعد العصر، فقال له مروان: ممن أخذتهما يا ابن الزبير؟ قال: أخبرني بهما أبو هريرة عن عائشة، فأرسل مروان إلى عائشة ما ركعتان يذكرهما ابن الزبير أن أبا هريرة أخبره عنك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليهما بعد العصر، فأرسلت إليه أخبرتني أم سلمة، فأرسل إلى أم سلمة ما ركعتان زعمت عائشة أنك أخبرتيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصليهما بعد العصر، فقالت: يغفر الله لعائشة، لقد وضعت أمري على غير موضعه (3) صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر وقد أُتي بمال فقعد يقسمه حتى أتاه المؤذن بالعصر فصلى العصر ثم انصرف إلي وكان يومي فركع

_ محمد بن عبد الله أبو أحمد الزبيري قال ثنا عبيد بن عبد الله بن موهب قال حدثني أبو بكر (الحديث). (غريبه) 1 - أي عزم. 2 - هو مروان بن الحكم وكان قد تولى الإمارة على المدينة في خلافة معاوية سنة اثنتين وأربعين. 3 - تريد والله أعلم أن عائشة فهمت جواز صلاة الركعتين بعد العصر كل يوم، ولكن أم سلمة لا تقصد ذلك لأنها أخبرتها أنهما كانتا قضاء عن الركعتين اللتين كان يصليهما بعد الظهر وأنها ما رأته صلاهما قبلها ولا بعدها كما في الحديث. وفي رواية أن أم سلمة قالت: «ألم أخبرها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنهما» وستأتي. وفي الصحيحين وغيرهما واللفظ للبخاري عن كريب أن ابن عباس والمسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن أزهر رضي الله عنهم أرسلوه إلى عائشة رضي الله عنها فقالوا: اقرأ عليها السلام منا جميعًا وسلها عن الركعتين بعد صلاة العصر، وقل لها إنا أُخبرنا أنك تصلينهما، وقد بلغنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عنهما، وقال ابن عباس: وكنت أضرب الناس مع عمر بن الخطاب عنهما، قال كريب: فدخلت على عائشة رضي الله عنها فبلغتها ما أرسلوني به، فقالت: سل أم سلمة، فخرجت إليهم فأخبرتهم بقولها فردوني إلى أم سلمة بمثل ما أرسلوني به إلى عائشة، فقالت: أم سلمة رضي الله عنها: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ينهى عنهما، ثم رأيته يصليهما حين صلى العصر، ثم

ركعتين خفيفتين فقلنا: ما هاتان الركعتان يا رسول الله؟ أمرت بهما؟ قال: لا، ولكنهما ركعتان كنت أركعهما بعد الظهر فشغلني قسم هذا المال حتى جاءني المؤذن بالعصر فكرهت أن أدعهما، فقال ابن الزبير: الله أكبر، أليس قد صلاهما مرة واحدة؟ والله لا أدعهما أبدًا، وقالت أم سلمة: ما رأيته صلاهما قبلها ولا بعدها. 956 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير قال ثنا طلحة بن يحيى قال: زعم لي (1) عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن معاوية أرسل إلى عائشة رضي الله عنها يسألها هل صلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد العصر شيئًا؟ قالت: أما عندي فلا (2) ولكن أم سلمة أخبرتني أنه فعل ذلك فأرسل إليها فاسئلها، فأرسل إلى أم سلمة فقالت: نعم، دخل علي بعد العصر فصلى سجدتين، قلت: يا نبي الله أنزل عليك في هاتين السجدتين؟ قال: لا ولكن صليت الظهر فشغلت

_ دخل علي وعندي نسوة من بني حرام من الأنصار، فأرسلت إليه الجارية فقلت: قومي بجنبه قولي له تقول لك أم سلمة يا رسول الله سمعتك تنهى عن هاتين الركعتين وأراك تصليهما، فإن أشار بيده فاستأخري عنه، ففعت الجارية فأشار بيده فاستأخرت عنه، فلما انصرف قال: يا بنت أبي أمية سألت عن الركعتين بعد العصر وأنه أتاني ناس من عبد القيس فشغلوني عن الركعتين اللتين بعد الظهر فهما هاتان. (تخريجه) لم أقف على حديث الباب بهذا اللفظ والسياق لغير الإمام أحمد، وأصله في الصحيحين، وهو الذي تقدم ذكره في الشرح عن كريب. 956 - حدثنا عبد الله (غريبه) 1 - أي قال لي، ويطلق الزعم بمعنى القول، ومنه زعم سيبويه، أي قال، وهو المراد هنا. قال الزهري: وأكثر ما يكون الزعم فيما يشك فيه ولا يتحقق. 2 - كيف يتفق هذا النفي مع أنه ثبت عنها في الصحيحين وغيرهما «ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي في يوم إلا صلى ركعتين بعد العصر» والظاهر أنها نفت سبب وقوع القصة عندها لا الصلاة، ولذا أحالت على أم سلمة لوقوع سبب القصة عندها

فاستدركتها بعد العصر. 957 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيدة قال: حدثني يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث قال: سألته (1) عن الركعتين بعد العصر فقال: دخلت أنا وعبد الله بن عباس على معاوية، فقال معاوية: يا ابن عباس لقد ذكرت ركعتين بعد العصر وقد بلغني أن أناسًا يصلونها، ولم نر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما ولا أمر بهما، قال: فقال ابن عباس: ذاك ما يقضي الناس به ابن الزبير، قال: فجاء ابن الزبير فقال: ما ركعتان تقضي بهما الناس؟ فقال ابن الزبير: حدثتني عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأرسل إلى عائشة رجلين، إن أمير المؤمنين يقرأ عليك السلام، ويقول: ما ركعتان زعم ابن الزبير أنك أمرتيه بهما بعد العصر؟ قال: فقالت عائشة: ذاك ما أخبرته أم سلمة، قال: فدخلنا على أم سلمة فأخبرناها ما قالت عائشة، فقالت: يرحمها الله، أولم أخبرها أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قد نهى عنهما. 958 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها قالت: لم أر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صلى بعد العصر قط إلا مرة واحدة، جاءه ناس بعد الظهر فشغلوه في شيء فلم يصل

_ وهي التي أخبرتها بذلك. (تخريجه) أخرجه أيضًا الطحاوي وسنده لا بأس به. 957 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيدة الخ. (غريبه) 1 - السائل هو يزيد بن أبي زياد والمسئول هو عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي الصحابي رضي الله عنه. (تخريجه) أخرجه أيضًا الطحاوي، وفي إسناده يزيد بن أبي زياد ضعيف، لكن أحاديث الباب تعضده. 958 - عن أبي سلمة بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن

بعد الظهر شيئًا حتى صلى العصر، قالت: فلما صلى العصر دخل بيتي فصلى ركعتين. 959 - عن عبد الله بن أبي قيس قال: سألت عائشة عن الركعتين بعد العصر، فقالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ركعتين بعد الظهر فشغل عنهما حتى صلى العصر، فلما فرغ ركعهما في بيتي، فما تركهما حتى مات، قال عبد الله بن قيس: فسألت أبا هريرة عنه، قال: قد كنا نفعله ثم تركناه (1). 960 - عن عبد الله بن أبي موسى قال: سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن الركعتين بعد العصر فقالت: إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث رجلاً على الصدقة قالت: فجاءته عند الظهر فصلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الظهر وشغل في قسمته حتى صلى العصر ثم صلاها. 961 - عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال: صلى معاوية بالناس العصر فالتفت فإذا أناس يصلون بعد العصر، فدخل ودخل عليه ابن عباس

_ (الحديث). (تخريجه) (نس. هق) وسنده جيد. 959 - عن عبد الله بن أبي قيس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بعني ابن صالح عن عبد الله بن أبي قيس قال سألت عائشة الخ. (غريبه) 1 - أي لما بلغهم النهي عن الصلاة بعد العصر. (تخريجه) (نس) وسنده جيد. 960 - عن عبد الله بن أبي موسى (صوابه عبد الله بن أبي قيس كما سيأتي) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن يزيد بن خمير قال سمعت عبد الله بن أبي موسى الخ. (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد، وهو طرف من حديث طويل يتناول عدة أحكام، ذكر كل حكم منه في بابه. (وسيأتي الحديث بتمامه إن شاء الله تعالى في الفصل الحادي عشر في فتاوى السيدة عائشة في ترجمتها في باب ذكر أزواجد النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية) قال عبد الله بن الإمام أحمد في آخر الحديث «قال أبي» عبد الله بن موسى هو خطأ، أخطأ فيه شعبة، هو عبد الله بن أبي قيس. 961 - عن عبد الله بن الحارث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[اختلاف ابن الزبير ومعاوية فى الركعتين بعد العصر]- وأنا معه فأوسع له معاوية على السَّرير فجلس معه، قال ما هذه الصَّلاة الَّتى رأيت النَّاس يصلُّونها ولم أر النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يصلِّيها ولا أمر بها؟ قال ذاك ما يفتيهم ابن الزُّبير، فدخل ابن الزُّبير فسلَّم فجلس، فقال معاوية يا ابن الزُّبير ما هذه الصَّلاة الَّتى تأمر النَّاس يصلُّونها؟ لم نر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّاها ولا أمر بها، قال حدثتنى عائشة أمُّ المؤمنين أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّاها عندها فى بيتها، قال فأمرنى معاوية ورجلًا آخر أن نأتى عائشة فنسألها عن ذلك، فقالت لم يحفظ ابن الزُّبير، إنَّما حدَّثته أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى هاتين الرَّكعتين بعد العصر عندى فسألته قلت إنَّك صلَّيت ركعتين لم تكن تصلِّيهما، قال إنَّه كان أتاني شئٌ فشغلت فى قسمته عن الرَّكعتين بعد الظُّهر، وأتانى بلالٌ فنادانى بالصَّلاة فكرهت أن أحبس النَّاس فصلَّيتهما، قال فرجعت فأخبرت معاوية، قال قال ابن الزُّبير أليس قد صلَّاهما؟ فلا ندعهما، فقال له معاوية لا تزال مخالفًا أبدًا (وفى روايةٍ إنَّك لمخالفٌ، لا تزال تحبُّ الخلاف ما بقيت) (فصل فيمن قال إنها راتبة العصر) (962) عن ميمونة زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أنَّ

_ علي بن عاصم قال أنا حنظلة السدوسى عن عبد الله بن الحارث "الحديث" (تخريجه) أخرجه أيضا ابن ابى شيبة والطحاوى بألفاظ مختلفة وسنده جيد، وفيه أن القصة كانت بين معاوية وابن الزبير، وفى حديث أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث المتقدم أول الفصل انها كانت بين مروان وابن الزبير، ويمكن الجمع بينهما بأن يقال ان ذلك وقع أوَّلًا بين مروان وابن الزبير ثم أخبر بذلك معاوية فاستدعى ابن الزبير لذلك والله اعلم (962) عن ميمونة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا علي بن إسحاق

-[مذاهب الأئمة فى حكم الركعتين بعد العصر]- النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فاتته ركعتان قبل العصر فصلَّاهما بعد (963) عن عبد الله بن الحارث بن نوفل قال صلَّي بنا معاوية بن أبى سفيان صلاة العصر فأرسل إلى ميمونة (زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم) ثمَّ أتبعه رجلًا آخر، فقالت إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يجهِّز بعثًا ولم يكن عنده ظهرٌ، فجاء ظهرٌ من الصَّدقة فجعل يقسِّما بينهم، فحبسوه حتَّى أرهق العصر (1) وكان يصلِّى قبل العصر ركعتين أو ما شاء الله، فصلَّى العصر ثمَّ رجع فصلَّى ما كان يصلِّى قبلها، وكان إذا صلَّى صلاةً أو فعل شيئًا يحبُّ أن يداوم عليه

_ قال أنا عبد الله يعنى ابن المبارك قال ثنا حنظلة عن عبد الله بن الحارث عن ميمونة "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه وأورده الهيثمي وقال رواه احمد، وفيه حنظلة السدوسى ضعفه احمد وابن معين ووثقه ابن حبان (963) عن عبد الله بن الحارث (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد قال حدثنى ابى قال ثنا حنظلة قال حدثنا عبد الله بن الحارث بن نوفل "الحديث" (غريبه) (1) أى دنا وقته (تخريجه) (طب) وأشار اليه الترمذى، وفى اسناده حنظلة السدوسى وتقدم الكلام عليه فى الحديث السابق (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية قضاء النافلة بعد صلاة العصر، فيكون قضاؤها فى ذلك الوقت مخصصا لعموم أحاديث النهى (وبها استدلت الشافعية) على أن صلاة التطوع التى لها سبب لا تكره في الوقت المنهى عن الصلاة فيه، قالوا وإنما يكره ما لا سبب له، وأن السنن الراتبة اذا فاتت يستحب قضاؤها (وقالت الحنابلة) بكراهة النوافل مطلقا فى وقت النهي، وتقضى الرواتب فى غير (وقالت الحنفية والمالكية) بكراهة النفل مطلقا فى وقت النهى سواء أكان له سبب أم لا، قالوا ولا يقضى من النوافل الا سنة الفجر، وأجابوا عن أحاديث الباب بأن قضاءه صلى الله عليه وسلم الركعتين بعد العصر خاص به، واستدلوا على ذلك بما رواه الأمام احمد والطحاوى عن أم سلمة رضى عنها قالت "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر ثم دخل بيتى فصلى ركعتين، فقلت يا رسول الله صليت صلاة لم تكن تصليها، فقال قدم علىَّ مال فشغلنى عن الركعتين كنت أركعهما بعد الظهر فصليتهما الآن، فقلت يا رسول الله أفتقضيهما إذا فاتتا؟

-[اختلاف العلماء فى الركعتين المقضيتين هل هما سنة الظهر أم سنة العصر]- (7) باب ما جاء فى راتبة المغرب (964) عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم كان يصلِّى ركعتين بعد المغرب في بيته

_ قال لا" وهذا الحديث تقدم فى باب حجة من قال بعدم قضاء السنن الراتبة اذا فاتت (قال الطحاوى) فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا الحديث أحدًا أن يصلى بعد العصر عما كان يصليه بعد الظهر؛ فدل ذلك على أن حكم غيره فيهما اذا فاتتا خلاف حكمه، فليس لأحد أن يصليهما بعد العصر ولا أن يتطوع بعد العصر أصلا اهـ (قلت) استدل الطحاوى بالحديث على أن قضاء فائتة النفل ركعتين بعد العصر من خصائصه صلى الله عليه وسلم وه واستدلال وجيه، (قال البييهقى) الذى اختص به صلى الله عليه وسلم المداومة على ذلك لا أصل القضاء وضعف الحديث، ولو سلِّم عدم الاختصاص كما قال البيهقى لما كان فى أحاديث الباب الا جواز سنة الظهر لا جواز كل ذوات الأسباب، وأما تضعيفه الحديث فغير مسلَّم، لأن أئمة الحديث وثقوا رجال إسناده، وهو صريح فى عدم قضاء فائتة النفل "ومما هو صريح فى أن صلاة النافلة بعد العصر كانت من خصائصه صلى الله عليه وسلم ما رواه أبو داود والبيهقى عن ذكوان مولى عائشة أنها حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى بعد العصر وينهى عنها ويواصل وينهى عن الوصال" (وهذا وقد اختلفت الأحاديث) فى النافلة المقضية بعد العصر هل هى الركعتان المستحبان بعد الظهر أو المستحبتان قبل العصر؟ ففى أحاديث أم سلمة وعائشة رضى الله عنهما أنهما ركعتا الظهر، وفى حديثى ميمونة برضى الله عنها أنهما ركعتا العصر (قال الشوكانى) ويجمع بين الروايات بأن يكون مراد من قال بعد الظهر ومن قال قبل العصر الوقت الذى بين الظهر والعصر، فيصح أن يكون مراد الجميع سنة الظهر المفعولة بعده أو سنة العصر المفعولة قبله، وأما الجمع بتعدد الواقعة وأنه صلى الله عليه وسلم شغل تارة عن إحداهما وتارة عن الأخرى فبعيد، لأن الأحاديث مصرحة بأنه صلى الله عليه وسلم داوم عليها وذلك يستلزم أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلى بعد العصر أربع ركعات ولم ينقل ذلك عن أحد اهـ (وقال القاضي عياض) ينبغى أن تحمل على سنة الظهر كما فى حديث أم سلمة ليتفق الحديثان، وسنة الظهر تصح تسميتها أنها قبل العصر اهـ (964) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا ابن أبى ذئب والعمرى عن نافع عن ابن عمر "الحديث" (تخريجه) (مذ) وصححه

-[راتبة المغرب وفعلها فى البيت أفضل]- (965) عن محمود بن لبيد رضى الله عنه قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى عبد الأشهل فصلَّى بهم المغرب (1) فلمَّا سلَّم قال اركعوا هاتين الرَّكعتين فى بيوتكم قال أبو عبد الرَّحمن (2) قلت لأبى إنَّ رجلًا قال من صلَّى ركعتين بعد المغرب فى المسجد لم تجزه (3) إلَّا أن يصلِّيهما فى بيته، لأنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال هذه من صلاة البيوت، قال من هذا؟ قلت محمَّد بن عبد الرَّحمن (4) قال ما أحسن ما قال أو ما أحسن ما انتزع (5) (وفى روايةٍ) ما أحسن ما نقل (966) عن عبيدٍ مولى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وسئل أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصلاةٍ بعد المكتوبة؟ قال نعم بين المغرب والعشاء،

_ (965) عن محمود بن لبيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن أبى عدى عن محمد بن اسحاق حدثنى عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد "الحديث" (غريبه) (1) يعنى فى مسجدهم كما فى رواية أخرى (2) هو عبد الله بن الأمام احمد رحمهما الله (3) استدل به ابن أبى ليلى على أن صلاة سنة المغرب فى المسجد لا تجزئ (4) هو ابن أبى ليلى المتقدم ذكره (5) أى ما جاء به (تخريجه) (د. مذ. نس) ولفظه عند أبى داود "عن سعد بن اسحاق بن كعب بن عجرة عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى مسجد بنى عبد الأشهل فصلى فيه المغرب، فلما قضوا صلاتهم رآهم يسبحون بعدها، فقال هذه صلاة البيوت" وفى رواية الترمذى والنسائى قام ناس يتنفلون فقال النبى صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم عليكم بهذه الصلاة فى البيوت (966) عن عبيد مولى النبى صلى الله عليه وسلم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا معتمر عن أبيه عن رجل عن عبيد مولى النبى صلى الله عليه وسلم "الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمى، وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير ومدار طرقه كلها على رجل لم يسم وبقية رجال أحمد رجال الصحيح (وفى الباب) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم فيما بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتى عشرة سنة، أورده المنذرى وال رواه ابن ماجه وابن خزيمة فى صحيحه والترمذى كلهم من حديث عمر بن أبي خثعم عن

-[فضل راتبة المغرب وفعل النوافل فى البيت والخلاف فى ذلك]- .....

_ يحيى بن أبي كثير عن أبى سلمة عنه وقال الترمذى حسن غريب اهـ (قلت) قال الترمذى حديث ابى هريرة حديث غريب لا نعرفه الا من حديث زيد بن الحباب عن عمر بن أبى خثعم، قال وسمعت محمد بن اسماعيل يقول عمر بن عبد الله بن ابى خثعم منكر الحديث وضعّفه جدًا (وعن عائشة) رضى الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "من صلى بعد المغرب عشرين ركعة بنى الله له بيتا فى الجنة" رواه الترمذى بصيغة التمريض غير مسند (قال المنذرى) ورواه ابن ماجه من رواية يعقوب بن الوليد المدائنى عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ويعقوب كذبه أحمد وغيره اهـ (وعن محمد بن عمار بن ياسر) قال رأيت عمار بن ياسر يصلى بعد المغرب ست ركعات وقال "رأيت حبيبى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بعد المغرب ست ركعات وقال من صلى بعد المغرب ست ركعات غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر" أورده الهيثمى وقال حديث غريب رواه الطبرانى فى الثلاثة (يعنى فى معاجمه الثلاثة) الكبير والصغير والأوسط، وقاقل تفرد به صالح بن قطن البخارى، قال المنذرى وصالح هذا لا يحضرنى الآن فيه جرح ولا تعديل اهـ (وعن حذيفة) رضى الله عنه قال "أتبت النبى صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب فصلى إلى العشاء" رواه النسائي باسناد جيد (الأحكام) أحاديث الباب مع ما ذكرنا فى الشرح تدل على استحباب الأكثار من النوافل بين المغرب والعشاء، وان كان أغلب ما ورد فى الزيادة عن ركعتين ضعيف لكنه ينتهض بمجموعه لا سيما فى فضائل الأعمال، والمؤكد من ذلك ركعتان بعد المغرب لورود الأحاديث الصحيحة بذلك، ويتأكد فعلها فى البيت لحديث ابن عمر الذى جاء فى أول الباب "كان صلى الله عليه وسلم يصلى ركعتين بعد المغرب فى بيته" واليه ذهب جمهور العلماء وبالغ محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى فرآى أن سنة المغرب لا يجزئ فعلها فى المسجد مستدلا بحديث محمود بن لبيد، وتقدمت الأشارة الى ذلك، وحمله الجمهور على تأكيد الاستحباب فقط (واتفق العلماء) على أفضلية النوافل المطلقة فى البيت (واختلفوا) فى الرواتب فقال الجمهور الأفضل فعلها فى البيت أيضا وسواء فى ذلك راتبة الليل والنهار، (قال النووي) ولا خلاف فى هذا عندنا، وقال القاضى أبو بكر بن العربى لم يختلف أحد من أهل العلم فى ذلك، وكذا قال ابن عبد البر إنهم مجمعون على أن صلاة النافلة فى البيوت أفضل اهـ ولم يقيده بالنافلة المطلقة ففى نفى الخلاف نظر، فقد قال حماعة من السلف الاختيار فعلها كلها فى المسجد، وأشار اليه القاضى أبو الطيب (وقال مالك والنووى) الأفضل فعل نوافل النهار الراتبة فى المسجد وراتبة الليل فى البيت (قال النووى) ودليل الجمهور صلاته صلى الله عليه وسلم سنة الصبح والجمعة فى بيته وهما صلاتا نهار مع قوله صلى الله عليه وسلم (أفضل صلاة المرء فى بيته الا المكتوبة) اهـ وقال ابن قدامة فى المغنى بعد أن قرر استحباب فعل السنن في البيت

-[حكم الركعتين قبل المغرب]- (8) باب ما جاء فى الركعتين قبل المغرب (967) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال كان إذا قام المؤذِّن فأذَّن صلاة المغرب فى مسجد المدينة قام من شاء فصلَّى حتَّى تقام الصَّلاة (1) ومن شاء ركع ركعتين ثمَّ قعد، وذلك بعينى (2) النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم (968) وعنه أيضًا قال كان المؤذِّن إذا أذَّن قام أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يبتدرون السَّوارى (3) حتَّى يخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم كذلك، يعنى الرَّكعتين قبل المغرب، ولم يكن بين الأذان والإقامة إلَّا قريبٌ (969) عن أبى الخير قال رأيت أبا تميم الجيشانىَّ عبد الله بن مالكٍ

_ "وقال الأثرم سمعت أبا عبد الله سئل عن الركعتين بعد الظهر أين تصليان؟ فقال فى المسجد، ثم قال أما الركعتان قبل الفجر ففى بيته، وبعد المغرب فى بيته" اهـ فكأن الفصيل فى ذلك رواية عن احمد، وقد فصل فى هذه الرواية بين بعض رواتب النهار وبعضها اهـ والله أعلم (967) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدنى أبى ثنا عبد الواحد أبو عبيدة الحداد ثنا المعلّي بن جابر يعنى اللقيطى قال حدثنى موسى بن أنس ابن مالك عن أبيه (أنس بن مالك رضى الله عنه) قال كان اذا قام المؤذن "الحديث" (غريبه) (1) أى بدون حصر فربما صلى أكثر من ركعتين (2) أي باطلاعه ورؤيته (تخريجه) لم أقف بهذا اللفظ ورجاله ثقات (968) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبه قال سمعت عمرو بن عمر الأنصارى عن أنس "الحديث" (غريبه) (3) أى يتسابقون اليها (والسوارى) جمع سارية وهى عمد المسجد واحدها عمود (تخريجه) (ق. نس) ولفظ مسلم عن أنس بن مالك قال (كنا بالمدينه فاذا أذن المؤذن لصلاة المغرب ابتدروا السوارى فيركعون ركعتين ركعتين حتى إن الرجل الغريب ليدخل المسجد فيحسب أن الصلاة قد صليت من كثرة من يصليهما" (969) عن أبى الخير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الرحمن

-[حجة من قال باستحباب ركعتين بعد المغرب]- يركع ركعتين حين يسمع أذاة المغرب، قال فأتيت عقبة بن عامرٍ الجهنىَّ رضى الله عنه فقلت له ألا أعجبك (1) من أبى تميم؟ الجيشانىِّ (2) يركع ركعتين قبل صلاة المغرب وأنا أريد أن أغمصه (3) قال عقبة أما إنَّا كنَّا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت ما يمنعك الآن قال الشُّغل (4) (970) عن عبد الله المزنىِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلُّوا قبل المغرب ركعتين، ثمَّ قال صلُّوا قبل المغرب ركعتين، ثمَّ قال عند الثَّالثة لمن شاء، كراهية أن يتَّخذها النَّاس سنَّةً (5)

_ ثنا سعيد يعني بن أبى أيوب حدثنى يزيد بن أبى حبيب قال سمعت أبا الخير يقول رأيت أبا تميم الخ (غريبه) (1) بضم أوله وتشديد الجيم من التعجب قاله الحافظ (2) هو عبد الله بن مالك الجيشانى بفتح الجيم وسكون الياء التحتانية بعدها معجمة تابعي مخضرم أسلم فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وقرأ القرآن على معاذ بن جبل، ثم قدم فى زمن عمر فشهد فتح مصر وسكنها، قال ابن يونس وقد عده جماعة فى الصحابى لهذا الأدراك، ولم يذكر المزّى فى التهذيب أن البخارى أخرج له وهو على شرطه فيردّ عليه بهذا الحديث أفاده الحافظ (3) أي أعيبه وأحتقره بسبب ذلك (4) أى كثرة الشواغل بأمور الناس لأنه كان واليا على مصر، أما فى مدة النبى صلى الله عليه وسلم فكانت شواغله قليلة وخاصة بنفسه (تخريجه) (خ) (970) عن عبد الله المزنى (هو ابن مغفل بالمعجمة والفاء المشددة) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين وعفان ثنا عبد الوارث ثنا حسين ثنا عبد الله بن بريدة عن عبد الله المزنى "الحديث" (غريبه) (5) قال الحافظ قال المحب الطبرى لم يرد نفى استحبابها لأنه صلى الله عليه وسلم لا يمكن أن يأمر بما لا يستحب، بل هذا الحديث من أقوى الأدلة على استحبابها، ومعنى قوله سنة أى شريعة وطريقة لازمة، وكأن المراد انحطاط مرتبتها عن رواتب الفرائض، ولهذا لم يعدّها أكثر الشافعية فى الرواتب واستدركها بعضهم، وتعقب بأنه للم يثبت أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم واظب عليها اهـ (تخريجه) (خ. د. هق

-[مذاهب العلماء فى حكم الركعتين قبل المغرب]- (971) عن عبد الله بن مغفل رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بين كلِّ أذانين (1) صلاةٌ ثلاث مرَّاتٍ لمن شاء

_ (971) عن عبد الله بن مغفل (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى وكيع وابن جعفر فالا ثنا كهمس بن الحسن عن ابن بريدة عن عبد الله بن مغفل "الحديث" (غريبه) (1) المراد بالأذانين والأقامة، فهو من باب التغليب كالقمرين؛ أو لأنها تعلم بالدخول فى الصلاة كما أن الأذان إعلام بدخول الوقت (وقوله صلاة) أى نافلة أو وقت صلاة ونكّرت لتناول كل عدد نواه المصلى من النافلة لركعتين أو أربع أو أكثر؛ وكرر الجملة للتأكيد وهى خبر بمعنى الأمر، أى صلوا بين كل أذان وإقامة صلاة نافلة، وشمل عمومه المغرب، ولا يعارضه ما رواه البزار عن بريدة مرفوعا "بين كل أذانين صلاة الا المغرب" لانه ضعيف ضعفه الحفاظ (وقوله لمن شاء) قال فى النهاية يريد بها السنن الرواتب التى تصلى بين الأذان والأقامة قبل الفرض اهـ (تخريجه) (ق. والأربعة) بنحو حديث الباب (وف رواية لمسلم قال فى الرابعة لمن شاء) ولا منافاة بين ذلك، لأن ذكر الأقل لا ينفى ثبوت الأكثر والله أعلم (وفى الباب) عند أبى داود ومسلم واللفظ له عن مختار ابن فلفل قال سألت أنس بن مالك عن التطوع بعد العصر، فقال كان عمر يضرب الأيدى على صلاةٍ بعد العصر، وكنا نصلى على عهد النبى صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد غروب الشمس قبل صلاة المغرب، فقلت له أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاهما؟ قال كان يرانا نصليها فلم يأمرنا ولم ينهنا (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب ركعتين قبل صلاة المغرب وبعد الأذان (قال النووى) وفى المسألة وجهان لأصحابنا، أشهرهما لا يستحب، وأصحهما عند المحققين يستحب لهذه الأحاديث وفى المسألة مذهبان للسلف، واستحبهما جماعة من الصحابة والتابعين، ومن المتأخرين أحمد وإسحاق، ولم يستحبهما أبو بكر وعمر وعثمان وعلى وآخرون من الصحابة ومالك وأكثر الفقهاء، وقال النخعى هى بدعة، وحجة هؤلاء أن استحبابهما يؤدى الى تأخير المغرب عن أول وقتها قليلا؛ وزعم بعضهم فى جواب هذه الأحاديث أنها منسوخة، والمختار استحبابها لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة، وفى صحيح البخارى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، صلوا قبل المغرب، قال فى الثالثة لمن شاء" وأما قولهم يؤدى الى تأخير المغرب فهذا خيال منابذ للسنة فلا يلتفت اليه، ومع هذا فهو زمن يسير لا تتأخر به الصلاة عن أول وقتها، وأما من زعم النسخ فهو

-[استحباب ركعتين أو أربع بعد العشاء]- (9) باب ما جاء في راتبة العشاء (972) عن عبد الله بن الزُّبير رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلَّي الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إذا صلَّى العشاء ركع أربع ركعاتٍ وأوتر بسجدةٍ (1) ثمَّ نام حتَّى يصلِّى بعد صلاته باللَّيل (973) عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّه صلَّى مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ركعتين بعد العشاء فى بيته (974) عن عائشة رضى الله عنها قالت وكان يصلِّى بهم العشاء ثمَّ يدخل بيتى فيصلِّى ركعتين، وكان يصلِّى من اللَّيل تسع ركعاتٍ فيهنَّ الوتر

_ مجازف لأن النسخ لا يصادر اليه إلا اذا عجزنا عن التأويل والجمع بين الأحاديث وعلمنا التاريخ، وليس هنا شئ من ذلك، والله أعلم (972) عن عبد الله بن الزبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا أبو سلمة الخزاعى ثنا عبد الرحمن بن أبى الموالى قال أخبرنى نافع بن ثابت عن عبد الله "الحديث" (غريبه) (1) أى ركعة (وقوله حتى يصلى بعد صلاة الليل) فيه جواز التهجد لمن نام بعد أن أوتر، ولم تكن هذه عادته صلى الله عليه وسلم وإنما فعل ذلك لبيان الجواز، والأفضل أن يكون الوتر آخر صلاة الليل كما كانت عادته، ولقوله صلى الله عليه وسلم "اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا" رواه الشيخان وغيرهما، أو كان ذلك أول الأمر لحديث على رضى الله عنه "قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر فى أول الليل وفى وسطه وفى آخره ثم ثبت له الوتر آخره" وسيأتى فى باب وقت الوتر (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (973) "عن ابن عمر رضى الله عنهما هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب جامع تطوع النبى صلى الله عليه وسلم الخ، وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (974) "عن عائشة رضى الله عنها" هذا طرف من حديث طويل تقدم أيضا فى باب جامع تطوع النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم رواه مسلم والبيهقي والثلاثة

-[استحباب الصلاة على الأرض مباشرة اذا كانت طاهرة]- (975) عن شريح بن هانيءٍ قال سألت عائشة رضى الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت لم تكن صلاةً أحرى أن يؤخِّرها إذا كان على حديثٍ من صلاة العشاء الآخرة (1) وما صلَّاها قطُّ فدخل علىّ إلَّا صلَّي بعدها أربعًا أو ستًّا (2) وما رأيته يتَّقى على الأرض بشئٍ قطُّ (3) إلَّا أنِّي أذكر أنَّ يوم مطرٍ ألقينا تحته بتًّا (4) فكأنِّي أنظر إلى خرقٍ فيه ينبع منه الماء (ومنه طريقٍ ثانٍ) حدَّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا عثمان بن عمر قال أنا مالكٌ فذكر مثله، قال يتَّا يعنى النَّطع فصليَّ عليه، فلقد رأيت فذكر معناه

_ (975) عن شريح بن هانى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير ثنا مالك يعنى ابن مغول عن مقاتل بن بشير عن شريح بن هانئ "الحديث" (غريبه) (1) المعنى أنه لم تكن صلاة أولى بالتأخير عن أول وقتها اذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدث فى شئ لمصالح المسلمين من صلاة العشاء، لأن تأخيرها عن أول وقتها أفضل، لما فيه من تكثير الجماعة والصلاة فى وقت غفلة الناس، وقد تقدم الكلام على ذلك فى باب استحباب تأخير العشاء الى ثلث الليل الأول من أبواب مواقيت الصلاة (2) أى لم يكن على حالة واحدة، فتارة كان يصلى أربعا وأخرى كان يصلى ستا، بل وفى بعض الأحيان كان يصلى ركعتين لما تقدم فى حديثى عائشة وابن عمر، والركعتان هما المؤكدتان والباقى مستحب (3) أى ما كان يفترش شيئا يصلى عليه بل كان يصلى على الأرض، ومعلوم أنها كانت طاهرة، وكان صلى الله عليه وسلم يحب الصلاة على الأرض لما فى ذلك من التواضع (4) فسّره الراوى بالنطع وقد جاء مصرحا به فى رواية أبى داود قالت (فطرحنا له نطعًا) وهو ما يتخذ من الجلد للصلاة والأكل عليه، قال فى المصباح وفيه أربع لغات، فتح النون وكسرها، ومع كل واحد فتح الطاء وسكونها، والجمع انطاع ونطوع اهـ والمعنى أنهم فرشوا له نطعا فى يوم مطير ليتقى به بلل الماء وما فيه من الوحل، فرأت عائشة رضى الله عنها الماء ينبع من رق كان بالنطع من كثرة الماء، ولولا ذلك لما افترش شيئا (تخريجه) (د. نس) ورجاله ثقات (وفى الباب) عند البخارى والأمام أحمد وأبو داود والنسائى من حديث ابن عباس قال بت فى بيت خالتى ميمونة "الحديث سيأتى بتمامه فى صلاة الليل" وفيه "فصلى النبى صلى الله عليه وسلم العشاء ثم جاء إلى

-[فضل ركعتي الفجر والتحذير من تركهما]- (10) باب ما جاء فى ركعتي الفجر وفضلهما وتأكيدهما (976) عن عائشة رضى الله عنها عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فى الرَّكعتين قبل صلاة الفجر قال هما أحبُّ إلىَّ من الدُّنيا جميعًا (1) (977) وعنها أيضًا قالت ما رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أسرع منه إلى ركعتين قبل صلاة الغداة ولا إلى غنيمةٍ يطلبها (2) (978) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال لا تدعو ركعتى الفجر وإن طردتكم الخيل (3)

_ منزله فصلى أربع ركعات" وروى محمد بن نصر فى قيام الليل والطبرانى فى الكبير من حديث ابن عباس يرفعه الى النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال (من صلى أربع ركعات خلف العشاء الآخرة قرأ فى الركعتين الأولتين قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد وفى الركعتين الآخرتين تنزيل السجدة وتبارك الذى بيده الملك كتبن له كأربع ركعات من ليلة القدر) وفى إسناده أبو فروة يزيد بن سنان الرهاوى ضعفه الجمهور، وقال أبو حاتم محله الصدق، وقال البخارى مقارب الحديث (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية صلاة أربع ركعات أو ست ركعات فى البيت بعد صلاة العشاء، اتفق جمهور العلماء على تأكد ركعتين منها واستحباب الباقى والله أعلم (976) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن التميمى وابن أبى عروبة عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة "الحديث" (غريبه) (1) أى من جميع متاع الدنيا (تخريجه) (م. مذ. وغيرهما) (977) وعنها أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن حكيم بن جبير قال قالت عائشة ما رأيت الخ (غريبه) (2) المعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يسرع الى أداء ركعتى الفجر ويحرص على ذلك أشد من إسراعه الى غنيمة يطلبها، لأن غنيمة الآخرة خير من غنيمة الدنيا (تخريجه) (م. وابن خزيمة) (978) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا خلف بن الوليد قال ثنا خالد عن عبد الرحمن بن اسحاق عن محمد بن زيد عن ابن سيلان عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (3) فى هذا الحديث المبالغة والحث على تأدية ركعتي

-[المحافظة على ركعتى الفجر واستحباب فعلهما فى البيت]- (979) عن عائشة رضى الله عنها قالت لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم على شئٍ من النَّوافل أشدَّ معاهدةً (1) من الرَّكعتين قبل الصُّبح (2) (980) عن المقدام بن شريح عن أبيه قال قلت لعائشة (رضى الله عنها) ما كان يصنع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قبل أن يخرج؟ قالت كان يصلِّى الرَّكعتين (3) ثمَّ يخرج (981) عن سلمة بن نبيطٍ قال كان أبى وجدِّى وعمِّي مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

_ الفجر ولو عند اشتداد العذرة، ولم يكن عذر أشد من مطاردة العدو؛ فينبغى المحافظة عليهما فى الحضر والسفر والخوف والأمن ركبانا ومشاة ولو إيماء ولو الى غير القبلة، هذا هو الظاهر من الحديث والله أعلم (تخريجه) (د. هق. والطحاوى) وفى إسناده عبد الرحمن ابن اسحاق المدنى، ويقال فيه عبدا بن اسحاق، أخرج له مسلم واستشهد به البخارى ووثقه يحيى بن معين، وقال أبو حاتم الرازى لا يحتج به وهو حسن الحديث وليس بثبت ولا قوى، وقال يحيى بن سعيد القطان سألت عنه بالمدينة فلم يحمدوه فى مذهبه فانه كان قدربا فنفوه من المدينة، فأما رواياته فلا بأس، وقال البخارى مقارب الحديث، وقال العراقى ان هذا حديث صالح أفاده الشوكانى (979) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبدالله حدثنى أبى ثنا يحيى ثنا ابن جريج حدثنى عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة "الحديث" (غريبه) (1) أى مواظبة وحرصا وفيه تأكيدهما جدًا عن جميع النوافل إلا الوتر، بل قال بعضهم إنهما آكد من الوتر، وسيأتى الخلاف فى ذلك فى الأحكام إن شاء الله (2) فيه حجة لمن قال إنها من النوافل وهم الجمهور (تخريجه) (ق. د. وغيرهم) (980) عن المقدام بن شريح (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود ابن عامر قال ثنا اسرائيل عن المقدام بن شريح "الحديث" (غريبه) (3) أى سنة الفجر (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (981) عن سلمة بن نبيط (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن أبو يحيى الحمَّانى قال ثنا سلمة بن نبيط قال كان أبى وجدي وعمي الخ

-[مذاهب العلماء فى حكم ركعتى الفجر والخلاف فى وجوبهما]- قال أخبرني أبى قال رأيت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يخطب عشيَّة عرفة على جبلٍ أحمر، قال سلمة أوصانى أبى بصلاة السَّحر، (1) قلت يا أبت إنِّى لا أطيقها، قال فانظر الرَّكعتين قبل الفجر فلا تدعنَّهما، (2) ولا تشخص في الفتنة

_ (غريبه) (1) أي بصلاة الليل وقت السحر (2) أى لا تتركنهما، وأنى بنون التوكيد للاهتمام بشأنهما (وقوله ولا تشخص فى الفتنة) أى لا تظهر فيها ولا تنتقل من جهة لأخرى ولا تنضمّ لأحد الفريقين فيها بل الزم بيتك (تخريجه) لم أقف عليه وسنده لا بأس به (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أفضلية ركعتى الفجر وعلى استحباب التعاهد لهما وكراهة التفريط فيهما، وقد استدل بأحاديث الباب على أن ركعتى الفجر آكد من الوتر، وهو أحد قولى الشافعى، ووجه الدلالة أنه جعل ركعتى الفجر خيرًا من الدنيا وما فيها، وجعل الوتر خيرًا من حمر النعم، وحمر النعم جزء ما فى الدنيا، وأصح القولين عن الشافعى أن الوتر أفضل وقد استدل لذلك بما عند مسلم والأمام احمد من حديث أبى هريرة وسيأتى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال (أفضل الصلاة بعد الفريضة الصلاة فى جوف الليل) وبالاختلاف فى وجوبه كما سيأتى، وقد وقع الاختلاف أيضا فى وجوب ركعتى الفجر، فذهب الجمهور الى أنهما من النوافل محتجين بحديث عائشة "لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم على شئ من النوافل أشد تعاهدًا منه على ركعتى الفجر" وهو صريح فى كونهما سنة، وذهب الى الوجوب حسن البصرى، حكى ذلك عنه ابن أبى شيبة فى مصنفه والقاضى عياض، والظاهر أن حجته فى ذلك حديث أبى هريرة "لا تدعوا ركعتى الفجر وان طردتكم الخيل" (قال الشوكانى) والحديث يقتضى وجوب ركعتى الفجر لأن النهى عن تركهما حقيقة فى التحريم وما كان تركه حرامًا كان فعله واجب ولا سيما مع تعقيب ذلك بقوله ولو طردتكم الخيل، فان انلهى عن الترك فى مثل هذه الحالة الشديدة التى يباح لأجلها كثير من الواجبات، من الأدلة الدالة على ما ذهب اليه الحسن من الوجوب، فلا بد للجمهور من قرينة صارفة عن المعنى الحقيقى للنهى بعد تسليم صلاحية الحديث للأحتجاج اهـ (قلت) تصريح عائشة بأنه من النوافل يصرفه عن الوجوب بلا نزاع لا سيما وحديث عائشة أصح ومتفق عليه، وحكى صاحب البيان والرافعى وجها لبعض الشافعية أن الوتر وركعتى الفجر سواء فى الفضيلة والله أعلم

-[استحباب تخفيف ركعتى الفجر]- (11) باب تخفيف الركعتين قبل الفجر وما يقرأ فيهما (982) عن نافعٍ عن ابن عمر عن حفصة ابنة عمر زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ورضى عنهم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى ركعتي الفجر قبل الصبح في بيتي يخفِّفهما جدًّا، قال نافعٌ وكان عبد الله (1) يخفِّفهما كذلك (983) عن عائشة رضى الله عنها قالت كان المؤذِّن إذا سكت من صلاة الصُّبح صلَّى ركعتين خفيفتين تعنى النَّبىَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم (984) وعنها أيضًا قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى الركعتين قبل الغداة فيخفِّفهما حتَّى إنِّى لأشكُّ أقرأ فيهما بفاتحة الكتاب أم لا (985) وعنها رضى الله عنها قالت كان قيام رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فى الرَّكعتين قبل صلاة الفجر (2) قدر ما يقرأ فاتحة الكتاب

_ (982) عن نافع (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى عن الركعتين قبل الصبح نافع عن ابن عمر "الحديث" (غريبه) (1) يعنى ابن عمر (تخريجه) (ق. وغيرهما (983)) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابراهيم بن اسحاق قال ثنا ابن مبارك عن الأوزاعى ومعمر عن الزهرى عن عروة عن عائشة "الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) ورواه مالك من حديث حفصة (984) وعنها أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثنى أبى قال حدثنى يحيى يعنى ابن سعيد قال حدثنى ابن أخى عمرة عن عمته عمرة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم "الحديث" (تخريجه) (ق. لك. نس. هق) والطحاوى (985) وعنها رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل قال أنا خالد الحذّاء عن محمد بن سيرين قال قالت عائشة رضى الله عنها كان قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أى الصبح (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد

-[ما يقرأ به في ركعتى الفجر]- (986) عن ابن سيرين عن عائشة رضى الله عنها أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم كان يقرأ فى ركعتى الفجر بقل يا أيُّها الكافرون وقل هو الله أحدٌ (وفى رواية) وكان يسرُّ بهما (987) عن عبد الله بن شقيقٍ عن عائشة رضى الله عنها عن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم كان يقول نعم السُّورتان هما يقرأ يهما فى الرَّكعتين قبل الفجر، قل يا أبُّها الكافرون وقل هو الله أحدٌ (988) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال رمقت النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يقرأ في الرَّكعتين قبل الفجر قل يا أيُّها الكافرون وقل هو الله أحدٌ

_ (986) عن ابن سيرين (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على عن خالد وهشام عن ابن سيرين عن عائشة "الحديث" (تخريجه) أخرجه الطحاوى بلفظ قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفى ما يقرأ فيهما" وأخرج نحوه مسلم وأبو داود والنسائى وابن ماجه عن يزيد بن كيسان عن أبى حازم عن أبى هريرة (987) عن عبد الله بن شقيق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد قال أنا الجريرى عن عبد الله بن شقيق عن عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى أربعا قبل الظهر وقال يزيد مرة ركعتين بعدها وركعتين قبل الفجر وكان يقول نعم السورتان الخ "الحديث" (تخريجه) (جه) وسنده جيد (988) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو احمد الزبيرى حدثنا سفيان عن أبى اسحاق عن مجاهد عن ابن عمر "الحديث" (تخريجه) (جه. نس. مذ) وحسنه (وفى الباب) عن أنس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى ركعتى الفجر قل أيها الكافرون وقل هو الله أحد، أخرجه البزار من رواية موسى بن خلف عن قتادة عن أنس، ورجال اسناده ثقات (وعن ابن مسعود) رضى الله عنه قال ما أحصى ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى الركعتين بعد المغرب وفى الركعتين قبل صلاة الفجر بقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد، أخرجه الترمذى من رواية عاصم بن بهدلة عن ذر

-[اختلاف الأئمة فى تخفيف ركعتى الفجر وتطويلهما وما يقرأ به فيهما]- .....

_ وأبي وائل عن عبد الله بن مسعود (وعن طلحة بن خراش) عن جابر عبد الله رضى الله عنهما أن رجلا قام فركع ركعتى الفجر فقرأ فى الأولى قل يا أيها الكافرون حتى انقضت السورة، فقال النبى صلى الله عليه وسلم هذا عبد عرف ربه، وقرأ فى الآخرة قل هو الله أحد حتى انقضت السورة؛ فقال النبى صلى الله عليه وسلم هذا عبد آمن بربه، قال طلحة فأنا أحب أن أقرأ بهاتين السورتين فى هاتين الركعتين، رواه ابن حبان فى صحيحه والطحاوى (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى ركعتى الفجر {قولوا آمنا بالله وما أنزل الينا} والتى فى آل عمران {تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم} رواه مسلم وأبو داود والنسائى من رواية سعيد بن يسار عن ابن عباس، وهذا لفظ مسلم، وفى رواية لأبى داود (عن ابى هريرة) أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ فى ركعتى الفجر {قل آمنا بالله وما أنزل علينا} فى الركعة الأولى؛ وفى الركعة الأخرى بهذه الآية {ربنا آمنا بما أنزلت واتبعنا الرسول فاكتبنا مع الشاهدين} أو {إنا ارسلناك بالحق بشيرًا ونذيرًا ولا تسئل عن أصحاب الجحيم} شك الدراوردى (وفى لفظ لأبى داود عن ابن عباس) ان كثيرًا مما كان يقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ركعتى الفجر بآمنا بالله وما أنزل الينا هذه الآية، قال هذه فى الركعة الأولى، وفى الركعة الآخرة بآمنا بالله واشهد بأنا مسلمون (وعن ابن عباس) عند الأمام احمد وتقدم فى الباب العشرين من أبواب صفة الصلاة، قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ فى ركعتيه قبل الفجر بفاتحة القرآن والآيتين من خاتمة البقرة فى الركعة الأولى. وفى الركعة الآخرة بفاتحة القرآن وبالآية من سورة آل عمران {قل يا أهل الكتاب تعالوا الى كلمة سواء بيننا وبينكم حتى يختم الآية} (الأحكام) أحاديث الباب تدل على تخفيف ركعتى الفجر، والى ذلك ذهب الأئمة الثلاثة (مالك والشافعى واحمد) وقال بعض السلف وأبو حنيفة لا بأس من إطالتهما، ولعلهم أرادوا أنها ليست بمحرمة، واختلف العلماء فى القراءة فى ركعتى الفجر على أربعة مذاهب (أحدها) لا قراءة فيهما، واليه ذهب جماعة منهم أبو بكر ابن الأصم وابن عليه وطائفة من الظاهرية وأحاديث الباب حجة عليهم (الثانى) يخفف القراءة فيهما بأم القرآن خاصة، روى ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما وهو مشهور مذهب مالك (الثالث) يخفف بقراءة أم القرآن وسورة قصيرة أو آية مما تقدم؛ رواه ابن القاسم عن مالك، وهو قلو الشافعى (الرابع) لا بأس بتطويل القراءة فيهما، روى ذلك عن ابراهيم النخعى ومجاهد وأبى حنيفة وخص بعض العلماء استحباب التخفيف بمن لم يتأخر عليه بعض حزبه الذى اعتاد قراءته فى الليل، أما من بقى عليه شئ فقرأه فى ركعتى الفجر، لما روى ابن شيبة عن الحسن البصرى قال لا بأس أن يطيل ركعتى الفجر يقرأ فيهما من حزبه اذا فاته، وروى نحوه عن مجاهد والثورى (وقال أبو حنيفة) ربما قرأت في ركعتي

-[الحكمة في تخفيف ركعتى الفجر]- (12) باب تعجيلهما أول الوقت والضجعة بعدها (989) عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى الرَّكعتين قبل صلاة الفجر كأنَّ الأذان فى أذنيه (990) عن عليّ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يصلِّى ركعتى الفجر عند الإقامة (1) (991) عن عائشة رضى الله عنها أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله

_ الفجر حزبي من الليل اهـ ويستحب أن تكون القراءة سرًا أخذا من حديث عائشة عند الأمام احمد "وكان يسر بهما" وعند الطحاوى قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفى ما يقرأ فيهما وذكرت قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد" (وقد اختلف) فى الحكمة فى التخفيف لهما فقيل ليبادر الى صلاة الفجر فى أول الوقت، وبه حزم القرطبى، وقيل ليستفتح صلاة النهار بركعتين خفيفتين كما يصنع فى صلاة الليل ليدخل فى الفرض أو ما يشابهه بنشاط واستعداد تام، ذكره الحافظ فى الفتح، والعراقى فى شرح الترمذى والله أعلم (989) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس ثنا حماد يعنى ابن سلمة عن أنس بن سيرين عن ابن عمر "الحديث" (غريبه) (1) هو كناية عن تعجيلهما فى أول الوقت بدون مضى زمن بين الأذان وفعلهما حتى كأن صوت المؤذن يرن فى أذنيه، ويحتمل أن يراد بذلك تخفيفهما ويكون المراد بالأذان إقامة الصلاة، يعنى أنه يخفف كما يخفف من يكون النداء باقامة الصلاة فى أذنيه، لأن النداء الى إقامة الصلاة يقتضى التخفيف فيها جدًا والله أعلم (تخريجه) (جه) بلفظه الا أنه قال "قبل الغداة" بدل قوله قبل صلاة الفجر، ورواه الطحاوى بمعناه وسنده جيد (990) عن على (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد وحسين ابن محمد قالا ثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن الحارث عن على "الحديث" (غريبه) (2) لعل ذلك كان فى بعض الأحيان، على أن هذا الحديث ضعيف لا يقوى على معارضة الأحاديث الصحيحة المصرحة بأنه كان يضطجع بعد صلاة الركعتين، وهى تفيد أنه كان يصليهما قبل الأقامة، (تخريجه) (جه) وفى اسناده الحارث بن عبد الله الأعور ضعيف ضعفه جمهور المحدثين (991) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الوهاب قال

-[حجة من قال بالضجعة بعد ركعتى الفجر]- وسلَّم كان يصلِّى الرَّكعتين بين الأذان والإقامة من صلاة الصُّبح (992) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى أحدكم الرَّكعتين قبل صلاة الصُّبح فليضطجع على جنبه الأيمن (993) عن عروة عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع ركعتى الفجر اضطجع على شقِّه الأيمن (وعنها من طريقٍ ثانٍ) (1) أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان إذا صلَّى ربَّما اضطجع (994) عن عبد الله بن عمرو (بن العاص رضى الله عنهما) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ركع ركعتي الفجر اضطجع على شقِّه الأيمن

_ أنا هشام "الدستوائى" عن يحيى "بن أبى كثير" عن أبى سلمة "بن عبد الرحمن" قال حدثتنى عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى الركعتين الخ (تخريجه) (م. وغيره) ولفظ مسلم عن عائشة أن نبى الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى ركعتين بين النداء والأقامة من صلاة الصبح (992) عن ابى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا سليمان الأعمش عن ابى صالح عن أبى هريرة "الحديث" (تخريجه) (د. جه. مذ) وصححه (993) عن عروة عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل قال أنا عبد الرحمن بن اسحاق عن الزهرى عن عروة عن عائشة "الحديث" (1) (وعنها من طريق ثان) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان قال ثنا شعبة قال أبو المؤمل أخبرنى قال سمعت الزهرى عن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الخ (تخريجه) (ق. والأربعة) (994) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا حى بن عبد الله عن ابى عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو "الحديث" (تخريجه) (طب) وفى اسناده حى بن عبد الله المعافرى وهو مختلف فيه، وفيه ايضا ابن لهيعة فيه مقال مشهور، لكن يعضده ما قبله (وفى الباب) عن ابن عباس

-[مذاهب الأئمة فى حكم الضجعة بعد ركعتى الفجر]- .....

_ عند البيهقي بنحو حديث عبد الله بن عمرو، وفيه انقطاع واختلاف على ابن عباس (وعن أبى بكرة) عند أبى داود بلفظ "قال خرجت مع النبى صلى الله عليه وسلم لصلاة الصبح فكان لا يمر برجل الا ناداه بالصلاة وحركه برجله" أدخله أبو داود والبيهقى فى باب الاضطجاع بعد ركعتى الفجر (الأحكام) فى أحاديث الباب دليل على استحباب المبادرة بصلاة ركعتى الفجر بعد طلوعه وتخفيفهما وهو مذهب مالك والجمهور (وفيها ايضا) مشروعية الاضطجاع بعد صلاة ركعتى الفجر الى أن يؤذن بالصلاة كما فى صحيح البخارى من حديث عائشة (قال الشوكانى) وقد اختلف فى حكم هذا الاضطجاع على ستة أقوال (الأول) انه مشروع على سبيل الاستحباب، قال العراقى فمن كان يفعل ذلك أو يفتى به من الصحابة أبو موسى الأشعرى ورافع بن خديج وأنس بن مالك وأبو هريرة، واختلف فيه على ابن عمر، فروى عنه فعل ذلك كما ذكره خديج وأنس بن مالك وأبو هريرة، واختلف فيه على ابن عرمر، فروى عنه فعل ذلك كما ذكره ابن أبى شيبة فى مصنفه، وروى عنه إنكاره كما سيأتى، وممن قال به من التابعين ابن سيرين وعروة وبقية الفقهاء السبعة كما حكاه عبد الرحمن بن زيد فى كتاب السبعة، وهم سعيد بن المسيب والقاسم بن محمد بن أبى بكر وعروة بن الزبير وأبو بكر بن عبد الرحمن وخارجة بن زيد بن ثابت وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة وسليمان بن يسار، قال ابن حزم وروينا من طريق يحيى بن سعيد القطان عن عثمان بن غياث هو ابن عثمان أنه حدثه قال كان الرجل يجئ وعمر بن الخطاب يصلى بالناس فيصلى ركعتين فى مؤخر المسجد ويضع جنبه فى الأرض ويدخل معه فى الصلاة، وممن قال باستحباب ذلك الأئمة الشافعى وأصحابه (القول الثاني) أن الاضطجاع بعدهما واجب مفترض لابد من الأتيان به، وهو قول أبى محمد بن حزم، واستدل بحديث أبى هريرة المذكور وحمله الأولون على الاستحباب، لقول عائشة "فان كنت مستيقظة حدثنى وإلا اضطجع" وظاهره أنه كان لا يضطجع مع استيقاظها فكان ذلك قرينة لصرف الأمر الى الندب، وفيه أنّ تركه صلى الله عليه وسلم لما أمر به أمرًا خاصا بالأمة لا يعارض ذلك الأمر الخاص ولا يصرفه عن حقيقته كما تقرر فى الأصول (القول الثالث) أن ذلك مكروه وبدعة، وممن قال به من الصحابة ابن مسعود وابن عمر على اختلاف عنه، فروى ابن ابى شيبة فى المصنف من رواية ابراهيم قال قال ابن مسعود "ما بال الرجل اذا صلى الركعتين يتمعك كما تتمعك الدابة أو الحمار، اذا سلَّم فقد فصل، ورى ابن أبى شيبة أيضا من رواية مجاهد قال صحبت ابن عمر فى السفر والحضر فما رأيته اضطجع بعد ركعتى الفجر، وروى سعيد بن المسيب عنه أنه رآى رجلا يضطجع بعد الركعتين فقال احصبوه، وروى أبو مجلز عنه أنه قال ان ذلك من تلعب الشيطان، وفى رواية زيد العمِّى عن أبى الصديق الناجى عنه أنه قال إنها بدعة، ذكر ذلك جميعه ابن أبى شيبة (وممن كره ذلك) من التابعين الأسود

-[حجة الشافعية فى استحباب الضجعة بعد ركعتى الفجر]- (13) باب استحباب الفصل بين صلاة الفرض وراتبته (995) عن عبد الله بن رباحٍ عن رجلٍ من أصحاب النَّبيِّ صلَّى الله

_ ابن يزيد وابراهيم النخعى، وقال هى ضجعة الشيطان، وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبيرة، ومن الأئمة مالك وحكاه القاضى عياض عن جمهور العلماء (القول الرابع) أنه خلاف الأولى، روى ابن أبي شيبة عن الحسن أنه كان لا يعجبه الاضطجاع بعد ركعتى الفجر (القول الخامس) التفرقة بين من يقوم بالليل فيستحب له ذلك للاستراحة، وبين غيره فلا يشرع له، واختاره ابن العربى وقال لا يضطجع بعد ركعتى الفجر لانتظار الصلاة الا أن يكون قام الليل فيضطجع استجمامًا "أى طلبا للراحة" لصلاة الصبح فلا بأس، ويشهد لهذا ما رواه الطبرانى وعبد الرزاق عن عائشة أنها كانت تقول "إن النبى صلى الله عليه وسلم لم يضطجع لسنة ولكنه كان يدأب ليله فيستريح" وهذا لا تقوم به حجة، أمّا أوَّلًا فلان فلان فى إسناده راوٍ لم يسمّ كما قال الحافظ فى الفتح، وأمّا ثانيا فلأن ذلك منها ظن وتخمين وليس بحجة، وقد روت أنه كان يفعله، وقد ثبت أمره به، فتأكدت بذلك مشروعيته (القول السادس) أن الاضطجاع ليس مقصودًا لذاته، وإنما المقصود الفصل بين ركعتى الفجر وبين الفريضة، روى ذلك البيهقى عن الشافعى، وفيه أن الفصل يحصل بالقعود والتحول والتحدث وليس بمختص بالاضطجاع اهـ (قلت) قال النووى فى المجموع وقد نقل القاضى عياض فى شرح مسلم استحباب الاضطجاع بعد سنة الفجر عن الشافعى وأصحابه ثم أنكره عليهم، وقال قال مالك وجمهور العلماء وجماعة من الصحابة ليس هو سنة بل سموه بدعة، واستدل بأن أحاديث عائشة فى بعضها الاضطجاع قبل ركعتى الفجر بعد صلاة الليل، وفى بعضها بعد ركعتى الفجر، وفى حديث ابن عباس قبل ركعتى الفجر، فدل على أنه لم يكن مقصوده، وهذا الذى قاله مردود بحديث أبى هريرة الصريح فى الأمر بها، وكونه صلى الله عليه وسلم اضطجع فى بعض الأوقات أو أكثرها أو كلها بعد صلاة الليل لا يمنع أن يضطجع أيضا بعد ركعتى الفجر، وقد صح اضطجاعه بعدهما وأمره به فتعين المصير اليه ويكون سنة، وتركه يجوز جمعا بين الأدلة، وقال البيهقى فى السنن الكبرى أشار الشافعى الى أن المراد بهذا الاضطجاع الفصل بين النافلة والفريضة فيحصل بالاضطجاع والتحدث أو التحول من ذلك المكان أو نحو ذلك ولا يتعين الاضطجاع، هذا ما نقله البيهقى، والمختار الاضطجاع لظاهر حديث أبى هريرة، وأما ما رواه البيهقى عن ابن عمر أنه قال هى بدعة فاسناده ضعيف، ولانه نفى فوجب تقديم الاثبات عليه والله أعلم (995) عن عبد الله بن رباح (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد

-[استحباب الفصل بين الفرض والنافلة وكلام العلماء فى ذلك]- عليه وعلى آله وسلَّم (1) أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم صلَّى العصر فقام رجلٌ يصلِّى فرآه عمر فقال له اجلس فإنَّما هلك أهل الكتاب أنَّه (2) لم يكن لصلاتهم فصلٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن ابن الخطَّاب (3)

_ ابن جعفر ثنا شعبة عن الأزرق بن قيس عن عبد الله بن رباح "الحديث" (غريبه) (1) الظاهر أنه أبو رمنة التيمى كما يستفاد من حديث أبى داود الآتى؛ وهو بكسر الراء وسكون الميم، ابن تيم الرباب، قيل اسمه رفاعة بن يثربى وقيل حيان بن موهب وقيل غير ذلك، روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعنه اياد بن لقيط وثابت بن أبى منقذ (2) أى بسبب أنه لم يكن لصلاتهم فصل، والظاهر أنهم هم الذين أحدثوا ذلك فنهوا عنه فلم ينتهوا والله أعلم (3) أى أحسن فى أمر الرجل بالجلوس لأنه فعل ما يوافق الصواب (تخريجه) (ك. طب) وأبو داود مطوّلًا من طريق شعبة عن المنهال بن خليفة عن الأزرق بن قيس قال "صلى بنا إمام لنا يكنى أبا رمنة فقال صليت هذه الصلاة أو مثل هذه الصلاة مع النبى صلى الله عليه وسلم قال وكان أبو بكر وعمر يقومان فى الصف المقدم عن يمينه، وكان رجل قد شهد التكبيرة الأولى من الصلاة، فصلى نبى الله صلى الله عليه وسلم ثم سلم عن يمينه وعن يساره حتى رأينا بياض خديه، ثم انفتل كانفتال أبى رمنة يعنى نفسه، فقام الرجل الذى أدرك معه التكبيرة الأولى من الصلاة يشفع، فوثب اليه عمر فأخذ بمنكبيه فهزه، ثم قال اجلس فانه لم يهلك أهل الكتاب الا أنهم لم يكن بين صلاتهم فصل، فرفع النبى صلى الله عليه وسلم بصره فقال أصاب الله بك يا ابن الخطاب، ورجال حديث الأمام احمد رجال الصحيح (الأحكام) حديث الباب يدل على استحباب الفصل بين الفرض والنافلة بنحو كلام أو ذكر أو انتقال وذهب الحنفية الى استحباب الفصل بينهما بمقدار "اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والأكرام" أو بمقدار "لا إله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطى لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد" (وذهب غيرهم) الى استحباب الفصل بينهما بالأذكار الواردة عقب الصلوات كالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار (وفى حديث الباب أيضا) منقبة لسيدنا عمر بن الخطاب رضى الله عنه حيث قد كان موفقا للصواب، وكفاه شرفا ثناء رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه بقوله أحسن ابن الخطاب (وفيه) أنه ينبغى للتابع فيما ينكره الشرع أن يبادر الى إزالته ولو مع حضور المتبوع ولا يتوقف على إذنه، وعلى أنه ينبغى للمتبوع أن يعززه إذا وافق الصواب

-[ما ورد في فضل صلاة الليل]- (أبواب صلاة الليل والوتر) (1) باب ما جاء في فضل صلاة الليل والحث عليها وأفضل أوقاتها (996) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أي الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال الصلاة في جوف الليل، قيل أي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال شهر الله الذي تدعونه المحرم (997) عن الأغر أبي مسلم قال أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد (1) أنهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إن الله يمهل (2) حتى يذهب ثلث الليل ثم يهبط فيقول هل من داع فيستجاب له هل من مستغفر فيغفر له

_ (996) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن وأبو سعيد قالا ثنا زائدة ثنا عبد الملك بن عمير عن محمد بن المنتشر عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة "الحديث" (تخريجه) (م. والأربعة). (997) عن الأغر أبي مسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا أبو عوانة عن أبي إسحاق عن الأغر أبي مسلم الحديث، وفي آخره بعد قوله فيغفر له، وقال عفان وكان أبو عوانة حدثنا بأحاديث عن أبي إسحاق ثم بلغني بعد أنه قال سمعتها من إسرائيل وأحسب هذا الحديث فيها (غريبه) (1) أي شهادة إخبار وقد مر نحو ذلك (2) من المهل بالسكون والفتح لغة، وهو التأخير (قال في المصباح) أمهل إمهالًا وتمهل في أمرك تملا، أي اتئد في أمرك ولا تعجل، والمهلة مثل غرفة كذلك، وهي الرفق، وفي الأمر مهلة أي تأخير، وتمهَّل في الأمر تمكَّث ولم يعجل اهـ (3) أي ينزل كما في رواية مسلم عن الاغر أبي مسلم يرويه عن أبي سعيد وأبي هريرة قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الله يمهل حتى إذا ذهب ثلث الليل الأول نزل إلى السماء الدنيا فيقول هل من مستغفر، هل من تائب، هل من سائل، هل من داع، حتى ينفجر الفجر (وعن أبي هريرة يرفعه) قال "ينزل ربنا تبارك وتعالى كل ليلة إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فيقول من يدعوني فأستجيب له ومن يسألني فأعطيه ومن يستغفرني فأغفر له (وعنه في أخرى) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مضى شطر الليل أو ثلثاه "ينزل الله ربنا تبارك وتعالى إلى السماء الدنيا" فذكر نحوه

-[مذهب السلف في أحاديث الصفات]- (998) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم رحم الله رجلًا قام من الليل فصلى (1) وأيقظ امرأته

_ (وعنه) بلفظ آخر مرفوعًا ينزل الله في السماء الدنيا لشطر الليل أو لثلث الليل الآخر "الحديث" وهذه الروايات كلها رواها مسلم في صحيحه (كان القاضي عياض) الصحيح رواية "حين يبقى ثلث الليل الآخر" كذا قاله شيوخ الحديث، وهو الذي تظاهرت عليه الأخبار بلفظه ومعناه، قال ويحتمل أن يكون النزول بالمعنى المراد بعد الثلث الأول "وقوله من يدعوني" بعد الثلث الأخير هذا كلام القاضي (قال النووي) ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بأحد الأمرين في وقت فأخبر به ثم أعلم بالآخر في وقت آخر فأعلم به وسمع أبو هريرة الخبرين فقبلهما جميعًا، وسمع أبو سعيد الخدري خبر الثلث الأول فقط فأخبر به مع أبي هريرة كما ذكره مسلم، قال وهذا ظاهر، وفيه رد لما أشار إليه القاضي من تضعيف رواية الثلث الأول، وكيف يضعفها وقد رواها مسلم في صحيحه بإسناد لا مطعن فيه عن الصحابيين أبي سعيد وأبي هريرة والله أعلم اهـ (قلت) ويحتمل أن يقع ذلك بحسب اختلاف الأحوال لكون أوقات الليل تختلف في الزمان وفي الآفاق باختلاف تقدم دخول الليل عند قوم وتأخره عند قوم، وهذا الحديث وأمثاله من الأحاديث المتشابهة التي نؤمن بها كما جاءت ونكل علم حقيقتها إلى الله عز وجل، وهذا ما أجنح إليه وأعتقده وأراه أسلم، وهو مذهب جميع السلف وبعض المتكلمين أننا نؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى وأن ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق، وقد تقدم نحو ذلك في الباب الثاني من كتاب التوحيد (قال النووي) رحمه الله بعد ذكر مذهب السلف، وذهب أكثر المتكلمين وجماعات من السلف وهو محكى هنا عن مالك والأوزاعي أنها تتأول على ما يليق بها بحسب مواطنها فعلى هذا تأولوا هذا الحديث تأويلين (أحدهما) تأويل مالك بن أنس وغيره، معناه تنزل رحمته وأمره وملائكته كما يقال فعل السلطان كذا إذا فعله أتباعه بأمره (والثاني) أنه على الاستعارة ومعناه الإقبال على الداعين بالإجابة واللطف والله أعلم (تخريجه) (م. والأربعة) (998) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن عجلان حدثني القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة "الحديث" (غريبه) (1) قال ابن رسلان تحصل هذه الفضيلة إن شاء الله بركعة لحديث (عليكم بصلاة الليل ولو ركعة) رواه الطبراني في الكبير والأوسط، ولا تحصل هذه الفضيلة لمن صلى

-[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لمن صلى بالليل وأيقظ أهله لذلك]- فصليت فإن أبت نضح في وجهها الماء (1) ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلت وأيقظت زوجها فصلى فإن أبى نضحت في وجهه بالماء. (999) وعنه أيضًا قال قلت يا رسول الله أنبئني عن أمرٍ إذا أخذت به دخلت الجنة قال أفش (2) السلام وأطعم الطعام وصل الأرحام وصل بالليل والناس نيامٌ ثم ادخل الجنة بسلام (1000) عن أبي مسلم قال قلت لأبي ذر رضي الله عنه أي قيام الليل

_ قبل أن ينام؛ فإن التهجد في الاصطلاح صلاة التطوع في الليل بعد النوم، قاله القاضي حسين اهـ (قلت) وقول ابن رسلان تحصل هذه الفضيلة بركعة يتصور فيمن نام قبل أن يوتر ثم قام فأوتر ولو بركعة، أو إذا نام وقد أوتر ثم قام فصلى فلا يجوز له أن يقتصر على ركعة لقوله صلى الله عليه وسلم (لا وتران في ليلة) رواه الإمام أحمد والثلاثة (1) النضح معناه الرش كما صرح به في رواية أبي داود، وخص الوجه بالنضح لأنه أفضل الأعضاء وأشرفها، وبه يذهب النوم والنعاس أكثر من بقية الأعضاء، وفيه العينان وهما آلة النوم (تخريجه) (الأربعة) وابن حيان والبيهقي والحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم. (999) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا هشام عن قتادة عن أبي ميمونة عن أبي هريرة قال قلت يا رسول الله إني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء فقال "كل شيء خلق من ماء" قال قلت يا رسول الله أنبئني عن أمر الخ وسيأتي الحديث كاملًا في الباب الأول من كتاب خلق العالم إن شاء الله تعالى (غريبه) (2) بفتح الهمزة فعل أمر أي أظهره برفع الصوت وأن تسلم على من لقيته من المسلمين وإن لم تعرفه (وإطعام الطعام) هو التصدق بما فضل عن نفقة من تلزمك نفقته (وصلة الأرحام) هي البر بالأقارب (والصلاة بالليل) هي التهجد وهو المراد هنا ولكل من الخصال الأخرى باب خاص بها سيأتي في محله إن شاء الله تعالى (تخريجه) (مذ. حب. ك) وصححه وابن أبي الدنيا في كتاب التهجد (1000) عن أبي مسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن مهاجر أبي خالد حدثني أبو العالية حدثني أبو مسلم "الحديث"

-[أقرب ساعات الليل إلى الإجابة ثلث الليل الآخر]- أفضل؟ قال أبو ذرٍ سألت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كما سألتني يشك عوفٌ (1) فقال جوف الليل الغابر أو نصف الليل، وقليلٌ فاعله (1001) عن عمرو بن عبسة رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم صلاة الليل مثنى مثنى، وجوف الليل الآخر أجوبه دعوةً، قلت أوجبه؟ قال لا بل أجوبه، يعني بذلك الإجابة (1002) عن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة يضحك الله إليهم (2) الرجل إذا قام من الليل يصلى (3) والقوم إذا صُفوا (4)

_ (غريبه) (1) يعني أن عوفًا أحد الرواة هو الذي شك في قوله جوف الليل الغابر أو نصف الليل (وجوف الليل) ثلثه (والغابر) الباقي أي ثلثه الآخر وهو الجزء الخامس من أسداس الليل، ولفظ الغابر يطلق على الماضي والباقي، لأنه من الأضداد، والمعروف الكثير أن الغابر الباقي؛ وهو المراد هنا كما يستفاد من الحديث الآتي "وجوف الليل الآخر أجوبه" (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد. (1001) عن عمرو بن عبسة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان قال ثنا أبو بكر بن عبد الله عن حبيب بن عبيد عن عمرو بن عبسة "الحديث" (تخريجه) (طب) وابن نصر، ورواه ابن خزيمة في صحيحه والترمذي وهذا لفظه عن عمرو بن عبسة رضى الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن" قال الترمذي حديث حسن صحيح غريب (1002) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عبد الله ثنا هشيم قال مجالد أنا عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري "الحديث" (غربيه) (2) أي يقبل عليهم برحمته ويرضى عن فعلهم (3) أي نقلًا وهو التهجد (4) يصح فيه وفيما بعده أن يبني للفاعل والمفعول، والمراد تسوية الصفوف عند إقامة الصلاة

-[صلاة نبي الله داود صلى الله عليه وسلم]- للصلاة والقوم إذا صفوا للقتال (1) (1003) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال أحب الصيام إلى الله صيام داود، وكان يصوم نصف الدهر (2) وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان يرقد شطر الليل ثم يقوم ثم يرقد آخره (3) يقوم ثلث الليل بعد شطره (3)

_ على نظام واحد بدون خلل فيا كما أمروا به، وسيأتي الكلام على ذلك في أبواب صلاة الجماعة إن شاء الله (1) أي لقتال الكفار بقصد إعلاء كلمة الله (تخريجه) (عل) وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للإمام أحمد وأبو يعلى ورمز له بالصحة (1003) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن بكر وعبد الرزاق قالا ثنا ابن جريح وروح قال أنا جريح أخبرني عمرو بن دينار أن عمرو بن أوس أخبره عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أحب الصيام "الحديث" (غريبه) (2) يعني كان يصوم يومًا ويفطر يومًا كما صرح بذلك في رواية الشيخين وغيرهما والأمام أحمد أيضًا في غير هذا الموضع؛ وإنما كان أحب الصيام لأنه أشد على النفس فإنه لا يعتاد الصيام ولا الفطر، وظاهره أنه أفضل من صيام يومين وفطر يوم، ومن صيام الدهر وهو الراجح (3) المعنى أنه كان يرقد نصف الليل الأول ثم يقوم ثلثه بعد النصف ثم يرقد آخره يعني السدس الباقي، وقد جاء مصرحًا بذلك في رواية عند الشيخين "كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه" (4) الظاهر أن جملة "يقوم ثلث الليل بعد شطره" مدرجة من كلام عمرو بن أوس الراوي عن عبد الله بن عمرو يفسر بها قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث ثم يقوم ثم يرقد لأنه لم يبين فيه مقدار القيام ولا الرقاد، ويؤيد ذلك ما في رواية عند مسلم من طريق ابن جريح عن عمرو بن دينار بلفظ حديث الباب وفي آخرها قال ابن جريح قلت لعمرو بن دينار أعمرو بن أوس كان يقول يقوم ثلث الليل بعد شطره؟ قال نعم (فإن قيل) إن عمرو بن أوس لم يفسر إلا مقدار القيام بالثلث فما مقدار الرقاد بعد ذلك (فالجواب) أنه إذا فسر القيام بالثلث فيكو مقدار الرقاد بعد ذلك السدس، وهذا يوافق رواية الشيخين التي ذكرناها آنفًا، والحكمة في قيام الثلث المذكور أنه يوافق الوقت الذي ينادى فيه الرب عز وجل، هل من سائل هل من مستغفر الخ والحكمة في النوم

-[الحث على قيام الليل وتأكيد ذلك]- (1004) عن عبد الله بن أبي قيس عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضى عنها قالت عليكم بقيام الليل، فإن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان لا يدعه، فإن مرض قرأ وهو قاعدٌ، وقد عرفت أن أحدكم يقول بحسبي أن أقيم ما كتب لي وأني له ذلك. (1005) عن عروة بن الزبير عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تنفطر (1) رجلاه، قالت عائشة يا رسول الله

_ أنه يستدرك ما يستريح به من نصب القيام في بقية الليل، وكانت هذه الطريقة أحب إلى الله تعالى من أجل الأخذ بالرفق للنفس التي يخشى منها السآمة وقد قال صلى الله عليه وسلم "إن الله لا يمل حتى تملوا" والله يحب أن يديم فضله ويوالي إحسانه، وإنما كان ذلك أرفق لأن النوم بعد القيام يريح البدن ويذهب ضرر السهر بخلاف السهر وذبول الجسم إلى الصباح، وفيه من المصلحة أيضًا استقبال صلاة الصبح وأذكار النهار بنشاط وإقبال، وأنه أقرب إلى عدم الرياء، لأن من قام بالسدس الأخير أصبح ظاهر اللون سليم القوى، فهو أقرب وأحب إلى أن يخفى عمله الماضي على من يراه، أشار إلى ذلك ابن دقيق العبد (تخريجه) (ق. والأربعة) إلا الترمذي (1004) عن عبد الله بن أبي قيس عن عائشة إلى آخره، هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في الفصل الحادي عشر من مناقب السيدة عائشة رضى الله عنها في باب ذكر أزواجه صلى الله عليه وسلم في القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية، وأتيت بهذا الجزء منه هنا لما فيه من الحث على قيام الليل والاهتمام به والاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فيه حيث لم يتركه مطلقًا، حتى إن كان مريضًا أداه قاعدًا، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر لم يترك قيام الليل، ونحن مع ارتكابنا للذنوب وتقصيرنا في الأعمال نتقاعد عن فعله مع أننا لو صمنا النهار وقمنا الليل جميعه لم نبلغ عشر معشار ما بلغه صلى الله عليه وسلم من الدرجة والفضل، وأنى لنا ذلك؟ هذا معنى الحديث، فيجدر بنا أن نسارع ونستبق إلى قيام الليل لأننا أحوج إلى رحمة الله تعالى ومغفرته خصوصًا في هذه الأوقات الفاضلة التي يتجلى الله عز وجل فيها على عباده فيغفر للمستغفرين ويتوب على التائبين ويعطى السائلين، نسأله تعالى التوفيق والهداية إلى أقوم طريق (1005) عن عروة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا هارون بن معروف قال ثنا ابن وهب قال حدثني أبو ضخر عن أبي قسيط عن عروة "الحديث" (إريبه) (1) بتاءين وفي

-[شكر المنعم- وعصمة الأنبياء من الذنوب]- أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك (1) وما تأخر؟ فقال يا عائشة أفلا (2) أكون عبدًا شكورًا (1006) عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي

_ رواية عند الشيخين تفطر بحذف إحدى التاءين والكل جائز، والمعنى حتى تتشقق قدماه من طول القيام، وبذلك فسره البخاري في ترجمة باب قيام الليل فقال، وقالت عائشة رضى الله عنها "وقام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تفطر قدماه" والفطور الشقوق انفطرت انشقت اهـ وهذا التعليق أخرجه البخاري في التفسير مسندًا في سورة الفتح (1) قال العلماء ما ورد في القرآن والسنة من ذكر ذنب لبعض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كقوله عز وجل (وعصى آدم ربه فغوى) ونحو ذلك فليس لنا أن نقول ذلك في غير القرآن والسنة حيث ورد، ويؤول ذلك على ترك الأولى، وسميت ذنوبًا لعظم مقدارهم كما قال بعضهم "حسنات الأبرار سيئات المقربين" وعلى هذا فما وجه قول من سأله من الصحابة بقوله (أتتكلف هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر) (والجواب) أن من سأله عن ذلك إنما أراد به ما وقع في سورة الفتح، ولك أن تقول دل قوله (وما تأخر) على انتفاء الذنب لأن ما لم يقع إلى الآن لا يسمى ذنبًا في الخارج، وأراد الله تأمينه بذلك لشدة خوفه حيث قال النبي صلى الله عليه وسلم "إني لأعلمكم بالله وأشدكم له خشية" فأراد لو وقع منه ذنب لكان مغفورًا، ولا يلزم من فرض ذلك وقوعه والله أعلم (2) قال الحافظ الفاء في قوله "أفلا أكون" للسببية وهي عن محذوف تقديره أأترك تهجدي فلا أكون عبدًا شكورًا، والمعنى أن المغفرة سبب لكون التهجد شكرًا فكيف أتركه اهـ قال القاضي عياض رحمه الله الشكر معرفة إحسان المحسن والتحدث به، وسميت المجازاة على فعل الجميل شكرًا لأنها تتضمن الثناء عليه، وشكر العبد الله تعالى اعترافه بنعمه وثناؤه عليه وتمام مواظبته على طاعته، وأما شكر الله تعالى أفعال عباده فمجازاته إياهم عليها وتضعيف ثوابها وثناؤه بما أنعم به عليهم، فهو المعطى والمثنى سبحانه، والشكور من أسمائه سبحانه وتعالى بهذا المعنى والله أعلم اهـ (وقال العلماء) إنما ألزم الأنبياء أنفسهم بشدة الخوف لعلمهم بعظيم نعمة الله تعالى عليهم وأنه ابتدأهم بها قبل استحقاقها فبذلوا مجهودهم في عبادته ليؤدوا بعض شكره (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1006) عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن زياد بن علاقة قال سمعت المغيرة بن شعبة يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم

-[بول الشيطان في أذن من لم يقم من الليل]- حتى ترم (1) قدماه (وفي رواية قام النبي صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه) فقيل له أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال أفلا أكون عبدًا شكورًا (1007) عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة أن رجلًا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن فلانًا نام البارحة ولم يصل شيئًا حتى أصبح فقال بال الشيطان في أذنه قال (1) يونس وقال الحسن إن بوله والله ثقيلٌ

_ "الحديث" (غريبه) (1) كلمة حتى للغاية ومعناه إلى أن ترم، ولفظة ترم منصوبة بأن المقدرة وهو بفتح التاء المثناة من فوق، فعل مضارع للمؤنث، وماضيه ورم وهو من باب فعل يفعل بالكسر فيهما، تقول ورم يرم ورمًا، ومعنى ورم انتفخ، وأصل ترم تورم فحذفت الواو منه كما حذفت من يعد ويمق ونحوهما في كل ما جاء في هذا الباب، وهو قليل لا يدخل في دعائم الأبواب (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1007) عن يونس عن الحسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة "الحديث" (غريبه) (2) العلم بحقيقة المراد من بول الشيطان موكول إلى علم الشارع، ولا مانع من حمله على الحقيقة، فإنه قد نسب الأكل والشرب والقيء والصراط ونحوها إلى الشيطان فلم يمتنع البول أيضًا، وقد يؤول بتأويلات مناسبة، منها أن المراد أن الشيطان ملأ سمعه من الكلام الباطل وبأحاديث اللغو فأحدث ذلك في أذنه وقرًا عن استماعه دعوة الحق، قال التوربشتي وقيل ذلك كناية عن الاستخفاف والإهانة فإن من عادة من استخف بالشيء أن يبول عليه اهـ وقال الطيبي خص الأذن بالذكر وإن كانت العين أنسب بالنوم إشارة إلى ثقل النوم، فإن المسامع هي موارد الانتباه، وخص البول لأنه أسهل مدخلًا في التجاويف وأسرع نفوذًا في العروق فيورث الكسل في جميع الأعضاء اهـ وروى محمد بن نصر من طريق قيس بن أبي حازم عن ابن مسعود "حسب الرجل من الخيبة والشر أن ينام حتى يصبح وقد بال الشيطان في أذنه" وهو موقوف صحيح الإسناد قاله الحافظ (تخريجه) لم أقف على من أخرجه عن أبي هريرة غير الإمام أحمد، وأخرجه الشيخان وغيرهما عن عبد الله بن مسعود بنحو حديث الباب

-[حث الرجل أهله وذويه على صلاة الليل]- (1008) عن علي بن حسين عن أبيه عن جده على بن أبي طالب رضى الله عنه قال دخل على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعلى فاطمة رضى الله عنها من الليل (وفي رواية وذلك من السحر) فأيقظنا للصلاة، قال ثم جع إلى بيته فصلى هويًا (1) من الليل قال فلم يسمع لنا حسًا، قال فرجع إلينا فأيقظنا وقال قومًا فصليا، قال فجلست وأنا أعرك عيني وأقول إنا والله ما نصلي إلا ما كتب لنا. إنما أنفسنا بيد الله. فإذا شاء أن يبعثنا بعثنا (2) قال فولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول ويضرب على فخذه، ما نصلى إلا ما كتب لنا، ما نصلى إلا ما كتب لنا، وكان الإنسان أكثر شيءٍ جدلًا (3) (1009) عن عبد الله بن عمرو (بن العاص) رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا عبد الله لا تكونن مثل فلان (4) كان يقوم

_ (1008) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبي يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني حكيم بن حكيم بن عباد بن حنيف عن محمد بن مسلم ابن عبيد الله بن شهاب عن على بن حسين الخ (غريبه) (1) الهوى بالفتح الحين الطويل من الزمان وقيل هو مختص بالليل (نه) (2) يريد بذلك الاعتذار عن عدم القيام وأن النائم غير مكلف، فإن روحه بيد الله سبحانه وتعالى، فإن أراد الله سبحانه وتعالى، فإن أراد الله إيقاظه أيقظه (3) قال النووي المختار في معناه أنه تعجب من سرعة جوابه وعدم موافقته له على الاعتذار بهذا، ولهذا ضرب فخذه، وقيل قاله تسليمًا لعذرهما وأنه لا عتب عليهما، وفي هذا الحديث الحث على صلاة الليل وأمر الإنسان صاحبه بها، وتعهد الإمام والكبير رعيته بالنظر في مصالح دينهم ودنياهم، وأنه ينبغي للناصح إذا لم تقبل نصيحته أو اعتذر إليه بما لا يرتضيه أن ينكف ولا يعنف إلا لمصلحة اهـ (تخريجه) (ق. هق) (1009) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا أبو معاوية وابن مبارك عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو "لحديث" (غريبه) (4) قال الحافظ في الفتح

-[عقد الشيطان على رأس من لم يصل بالليل]- الليل فترك قيام الليل (1) (1010) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نام أحدكم عقد (2) على رأسه ثلاث عقد بجريرٍ (3) فإن قام فذكر الله عز وجل أطلقت واحدةٌ، وإن مضى فتوضأ أطلقت الثانية، فإن مضى فصلى أطلقت الثالثة، فإن أصبح ولم يقم شيئًا من الليل ولم يصل أصبح وهو عليه، يعني

_ لم أقف على تسميته في شيء من الطرق (1) أي لا عن عذر بل رفاهية فلم يكن من الموفين بعهدهم إذا عاهدوا، وفيه جواز ذكر الشخص بما فيه من عيب إذا قصد بذلك التحذير من صنيع، وفيه دليل على أن قيام الليل ليس بواجب، إذ لو كان واجبًا لم يكتف لتاركه بهذا القدر، وفيه الدوام على ما اعتاده المرء من الخير وكراهية قطع العبادة وإن لم تكن واجبة (تخريجه) (ق. نس. حب) (1010) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن يونس عن الحسن عن أبي هريرة "الحديث" (غريبه) (2) عقد مبني لما لم يسم فاعله، والفاعل هو الشيطان كما صرح بذلك في رواية الشيخين عن أبي هريرة أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعقد الشيطان على قافية رأس أحدكم إذا هو نام ثلاث عقد، يضرب على كل عقدة عليك ليل طويل فارقد، فإن استيقظ فذكر الله انحلت عقدة، فإن توضأ انحلت عقدة فإن صلى انحلت عقدة، فأصبح نشيطًا طيب النفس وإلا أصبح خبيث النفس كسلان) قال الحافظ والمراد بالشيطان الجنس وفاعل ذلك هو القرين أو غيره، ويحتمل أن يراد به رأس الشياطين وهو إبليس، وتجوز نسبة ذلك إليه لكونه الآمر به الداعي إليه، ولذلك أورده البخاري في صفة إبليس من بدء الخلق اهـ (قلت) وقد اختلف في هذه العقد فقال بعضهم هو على الحقيقة وأنه كما يعقد الساحر من يسحره، وقال البعض هو على المجاز كأنه شبه فعل الشيطان بالنائم بفعل الساحر بالمسحور، فكما أن الساحر يمنع بعقدة تصرف من يحاول عقده كان هذا مثله من الشيطان، وكيد الشيطان يحتمل كلا الشقين بحسب المواقع لأنه قال (ثم لآتينهم من بين أيديهم ومن خلفهم وعن أيمانهم وعن شمائلهم الآية) (3) الجرير بفتح الجيم، قال في النهاية حبل من أدمٍ نحو الزمام، ويطلق على غير من الحبال المضفورة، ومنه الحدي (ما من عبد ينام بالليل إلا على رأسه جرير معقود) اهـ

-[عقد الشيطان على رأس من لم يصل بالليل]- الجرير (1) (وفي لفظٍ) وإن هو بات ولم يذكر الله عز وجل ولم يتوضأ ولم يصل حتى يصبح أصبح وعليه العقد جميعًا (1011) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من ذكر ولا أنثى إلا وعلى رأسه جريرٌ معقودٌ ثلاث عقدٍ حين يرقد، فإذا استيقظ فذكر الله تعالى (2) انحلت عقدةٌ، فإذا قام فتوضأ انحلت عقدةٌ، فإذا قام إلى الصلاة انحلت عقده كلها

_ (1) المعنى أن من جمع الأمور الثلاثة دخل تحت من يصبح خبيث النفس كسلان، فإن ذكر الله تعالى مقتصرًا على الذكر كان له ثواب الذكر لا غير، فإن توضأ كان له ثواب الذكر والوضوء وهكذا، قال ابن عبد البر هذا الذم يختص بمن لم يقم إلى صلاته وضيعًا، أما من كانت عادته القيام إلى الصلاة المكتوبة أو إلى النافلة فغلبته عينه فنام فقد ثبت أن الله يكتب له أجر صلاته، ونومه عليه صدقه اهـ (تخريجه) (ق. لك. والأربعة وغيرهم) (1011) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر "الحديث" (غريبه) (2) جاء في بعض روايات الحديث التصريح بالذكر وهو أن يسبح الله تعالى ويحمده ويهلله ويكبره؛ فإن قال عند تيقظه من النوم سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فقد أتى بالمطلوب (تخريجه) أخرجه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما ورجاله رجال الصحيح (وفي الباب "وفي كتاب الثواب" لآدم بن أبي إياس العسقلاني من حديث الربيع بن صبيح عن الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من عبد ينام إلا وعلى رأسه ثلاث عقد، فإن هو تعار من الليل فسبح الله وحمده وهلله وكبره حلت عقده، وإن عزم الله له فقام وتوضأ وصلى ركعتين حلت العقد كلها، وإن لم يفعل شيئًا من ذلك حتى يصبح أصبح والعقد كلها كما هي (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل قيام الليل وتأكد استحبابه والحث عليه ومشروعية الاستكثار من الصلاة فيه وأن تكون مثنى مثنى لورود الأحاديث الصحيحة بذلك، وأفضل أوقاته الثلث الأخير لأنه وقت الغفلات ونزول الرحمات واستجابة الدعوات

-[ما يقال من الأذكار في صلاة الليل]- (2) باب ما جاء في أذكاره صلى الله عليه وسلم وقراءته ودعواته في صلاة الليل (1012) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفرٍ ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي حمزة رجلٍ من الأنصار عن رجلٍ من عبسٍ (1) عن حذيفة أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل، فلما دخل في الصلاة قال الله أكبر ذو الملكوت (2) والجبروت والكبرياء والعظمة، قال ثم قرأ البقرة (3) ثم ركع وكان ركوعه نحوًا من قيامه (4) وكان يقول سبحان ربي العظيم، ثم رفع رأسه فكان قيامه نحوًا من ركوعه، وكان يقول لربي أحمد لربي الحمد (5) ثم سجد فكان سجوده نحوًا من قيامه، وكان يقول سبحان ربي الأعلى سبحان ربي الأعلى، ثم رفع رأسه فكان ما بين السجدتين نحوًا من السجود، وكان يقول رب اغفر لي رب اغفر لي، قال حتى قرأ البقرة وآل عمران والنساء والمائدة أو الأنعام (6) شعبة الذي يشك في المائدة والأنعام (ومن طريق ثانٍ) (7) قال

_ اللهم وفقنا لذلك، وارزقنا الفوز بما هنالك آمين (1012) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) بفتح العين المهملة بعدها باء موحدة ساكنة، قال الحافظ في التقريب كأنه صلة بن زفر، وهو ثقة احتج به البخاري ومسلم (2) مبالغة في الملك كالجبروت مبالغة في الجبر بمعنى القهر والغلبة (3) أي بعد الفاتحة في الركعة الأولى (4) أي قريبًا منه (5) لعله كان يقول ذلك بعد أن يقول سمع الله لمن حمده حال رفعه من الركوع (6) أي في أربع ركعات كما صرح بذلك في رواية أبي داود ولفظه (فصلى أربع ركعات فقرأ فيهن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة أو الأنعام شك شعبة) وفي حديث الباب شعبة الذي يشك في المائدة والأنعام، يعني هل قرأ بعد النساء المائدة أو الأنعام؟ واستظهر بعض العلماء الأول مراعاة للترتيب والله أعلم (7) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا زائدة عن عبد الملك بن عمير حدثني

-[القراءة في صلاة الليل بالسبع الطول]- أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة لأصلى بصلاته فافتتح فقرأ قراءة ليست بالخفية ولا بالرفيعة (1) قراءة حسنةً يرتل فيها يسمعنا، قال ثم ركع نحوًا من قيامه، (فذكر الحديث بنحو ما تقدم وفيه) قال عبد الملك بن عمير (2) هو تطوع الليل (ومن طريق ثالثٍ) (3) قال قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقرأ السبع الطول (4) في سبع ركعاتٍ وكان إذا رفع رأسه من الركوع قال سمع الله لمن حمده، ثم قال الحمد لله ذي الملكوت والجبروت والكبرياء والعظمة، وكان ركوعه مثل قيامه، وسجوده مثل ركوعه، فانصرف وقد كادت تنكسر رجلاي (5)

_ ابن أخي حذيفة عن حذيفة قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (1) أي ليست بالسر ولا بالجهر، بل بين بين بحيث يسمع من وراءه (2) يعني المتقدم ذكره في السند، قال إن ذلك كان في صلاة التطوع بالليل لا في الصلاة المكتوبة (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج بن النعمان ثنا حماد عن عبد الله بن عمير حدثني ابن عم لحذيفة عن حذيفة قال قمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (4) بضم الطاء بوزن عمر جمع الطولى مثل الكبر في الكُبرى وهذا البناء يلزمه الألف واللام والإضافة، والسبع الطول هي البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والتوبة (وقوله في سبع ركعات) أي كل سورة في ركعة، وهذا يخالف ما في الطريق الأولى، ففيها أنه قرأ أربع سور فقط، وبينت رواية أبي داود أنها كانت في أربع ركعات، والظاهر والله أعلم أن الواقعة تعددت، وأن ذلك كان في مرة أخرى والله أعلم (5) أي من طول القيام، ولا يقال إن هذا يعارض قوله صلى الله عليه وسلم "من أم بالناس فليخفف " فذاك خاص بالمكتوبة، وأما التطوع فلا ضرورة تلجئ إلى الاقتداء فيه، بل له أن يصلى منفردًا، وهو الذي اختار الاقتداء فيلزمه متابعة الإمام، وفيه أنه ينبغي الأدب مع الأئمة والكبار وأن لا يخالفوا بفعل ولا قول ما لم يكن حرامًا، قال النووي واتفق العلماء على أنه إذا شق على المقتدي في فريضة أو نافلة القيام وعجز عنه جاز له القعود اهـ وفيه جواز الاقتداء في غير المكتوبات، وفيه استحباب تطويل صلاة الليل (تخريجه) (د. نس) وإسناد طرقه جيد، ورواه مسلم بلفظ آخر عن حذيفة "قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت يركع عند المائة، ثم مضى فقلت يصلي بها في ركعة فمضى، فقلت يركع بها،

-[ما يقال عند افتتاح صلاة الليل]- (1013) عن ربيعة الجرشي قال سألت عائشة فقلت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا قام من الليل وبم كان يستفتح؟ قالت كان يكبر عشرًا ويسبح عشرًا ويهلل عشرًا ويستغفر عشرًا، ويقول اللهم اغفر لي واهدني وارزقني عشرًا، ويقول اللهم إني أعوذ بك من الضيق يوم الحساب عشرًا (1014) عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف قال سألت عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها بأي شيءٍ كان رسل الله صلى الله عليه وسم يفتتح الصلاة إذا قام من الليل؟ قال كان إذا قام كبر ويقول اللهم رب جبريل وميكائيل وإسرافيل (1) فاطر السموات والأرض (2) عالم الغيب والشهادة

_ ثم افتتح النساء فقرأها، ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلًا، إذا مر بآية فيها تسبيح صيح وإذا مر بسؤال سأل وإذا مر بتعوذ تعوذ، ثم ركع فكان يقول سبحان ربي العظيم فكان ركوعه نحوًا من قيامه، ثم قال سمع الله لمن حمده، ثم قام طويلًا قريبًا مما ركع، ثم سجد فقال سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريبًا من قيامه اهـ وفي الحديث دليل لمن يقول إن ترتيب السور باجتهاد المسلمين وهو قول مالك وجمهور العلماء، ومن قال بالتوقيف قال إن ذلك كان قبله، ولا خلاف أنه يجوز للمصلى أن يقرأ في الركعة الثانية سورة قبل التي قرأها في الأولى، أفاده القاضي عياض (1013) عن ربيعة الجرشي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنا الأصبغ عن ثور بن يزيد عن خالد بن صعدان قال حدثني ربيعة الجرشي "الحديث" (تخريجه) (نس. وغيره) وسنده جيد (1014) عن يحيى بن أبي كثير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قراد أبو نوح أنا عكرمة بن عمار عن يحيى بن أبي كثير الخ (غريبه) (1) قال العلماء خصهم بالذكر وإن كان الله تعالى رب كل المخلوقات كما تقرر في القرآن والسنة من نظائره من الإضافة إلى كل عظيم الرتبة وكبير الشأن دون ما يستحقر ويستصغر، فيقال له سبحانه وتعالى رب السموات والأرض، رب العرش الكريم رب كل شيء، فكل ذلك وشبهه وصف له سبحانه بدلائل العظمة وعظيم القدرة والملك، ولم يستعمل ذلك فيما يحتقر ويستصغر، فلا يقارب رب الحشرات وخالق القردة والخنازير وشبه ذلك على الأفراد، وإنما يقال خالق المخلوقات وخالق كل شيء، وحينئذ تدخل هذه في العموم والله أعلم أفاده النووي م (2) أي خالقهما

-[ما يقال من الأذكار والتعوذات عند قيام الليل]- أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلفت فيه (1) من الحق بإذنك إنك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم، قال يحيى قال أبو سلمة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام من الليل يقول اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم، من همزه ونفثه ونفخه، قال وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول تعوذوا بالله من الشيطان الرجيم من همزه ونفخه ونفثه، قالوا يا رسول الله وما همزه ونفخه ونفثه؟ قال أما همزه فهذه الموتة (2) التي تأخذ بنى آدم، وأما نفخه فالكبر، وأما نفثه فالشعر (1015) عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قام إلى الصلاة من جوف الليل يقول اللهم لك الحمد أنت نور السموات والأرض (3) ولك الحمد، أنت قيام السموات والأرض (4) ولك الحمد، أنت رب السموات والأرض ومن فيهن، أنت الحق وقولك الحق وعدك الحق ولقاؤك حق (5)

_ (1) معناه ثبتني عليه كقوله تعالى اهدنا الصراط المستقيم (2) الموتة بضم الميم يعني الصرع كما في رواية وتقدم الكلام على ذلك في باب دعاء الافتتاح والتعوذ قبل القراءة (تخريجه) أخرج الجزء الأول منه مسلم إلى قوله إنك تهدى من تشاء إلى صراط مستقيم، وأخرج الجزء الباقي منه (د. نس. مذ) والإمام أحمد موصولًا عن أبي سعيد وتقدم في باب دعاء الافتتاح والتعوذ قبل القراءة فارجع إليه، وروى الإمام أحمد أيضًا نحوه عن جبير ابن مطعم وتقدم في الباب المذكور (1015) عن ابن عباس رضى الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا إسحاق قال أنا مالك عن أبي الزبير عن طاوس عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (3) أي منورهما (4) في رواية قيوم وفي أخرى قيم ومعناه القائم بأمور الخلق (5) أي الإقرار بالبعث بعد الموت، وقيل معنى لقاؤك حق أي الموت، وأبطله النووي، واللقاء وما ذكر بعده من أمور الآخرة داخل تحت الوعد (وقوله والساعة حق) أي القيامة

-[ما يقال من الأذكار عند قيام الليل]- والجنة حق والنار حق والساعة حقٌ، اللهم لك أسلمت (1) وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت وبك خاصمت وإليك حاكمت فاغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت، أنت الذي لا إله إلا أنت (1016) عن رجلٍ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه رمق (2) النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو يصلي فجعل يقول في صلاته اللهم اغفر لي ذنبي ووسع لي في داري وبارك لي فيما رزقتني

_ لابد من كونها وأنها مما يجب أن يصدق بها، وتكرار لفظ حق للمبالغة في التأكيد (1) معنى أسلمت استسلمت واُنقدت لأمرك ونهيك (وبك آمنت) أي صدقت بك وبكل ما أخبرت وأمرت ونهيت (وإليك أنبت) أي أطلعت ورجعت إلى عبادتك أي أقبلت عليها، وقيل معناه رجعت إليك في تدبيري أي فوضت إليك (وبك خاصمت) أي بما أعطيتني من البراهين والقوة خاصمت من عاند فيك وكفر بك وقمعته بالحجة وبالسيف (وإليك حاكمت) أي كل من جحد الحق حاكمته إليك وجعلتك الحاكم بيني وبينه لا غيرك مما كانت تحاكم إليه الجاهلية وغيرهم من صنم وكاهن ونار وشيطان وغيرها، فلا أرضى إلا بحكمك ولا أعتمد غيره، ومعنى سؤاله صلى الله عليه وسلم المغفرة مع أنه مغفور له أنه سأل ذلك تواضعًا وخضوعًا وإشفاقًا وإجلالًا، وليقتدى به في أصل الدعاء والخضوع وحسن التضرع في هذا الدعاء المعين، وفي هذا الحديث وغيره مواظبته صلى الله عليه وسلم في الليل على الذكر والدعاء والاعتراف لله تعالى بحقوقه والإقرار بصدقه ووعده ووعيده والبعث والجنة والنار وغير ذلك قاله النووي م (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (1016) عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال ثنا شعبة عن أبي مسعود الجريري قال سمعت عبيد الله بن القعقاع يحدث رجلًا من بني حنظلة قال رمق رجل النبي صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (2) قال في المصباح زمقه بعينه رمقًا من باب قتل أطال النظر إليه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده أبو مسعود الجريري، قال الحسين مجهول، قال الحافظ في تعجيل المنفعة وهو عجيب منه، فإن هذا من مشاهير الرواة وهو الجريري بضم الجيم اسمه سعيد بن إياس (قلت) سعيد بن إياس من رجال الكتب الستة، وفيه أيضًا عبيدًا وحميد بن القعقاع اختلف في اسمه ولا يعرف حاله، قال الحافظ وله شاهد من حديث أبي موسى في الدعاء عند الطبراني

-[الجهر والإسرار بالقراءة في صلاة الليل]- (1017) عن عبد الله بن أبي قيس قال سألت عائشة كيف كان نوم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجنابة أيغتسل قبل أن ينام؟ فقالت كل ذلك قد كان يفعل، ربما اغتسل فنام (1) وربما توضأ فنام، قال قلت لها كيف كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من الليل أيجهز أم يسر؟ قالت كل ذلك قد كان يفعل، وربما جهر وربما أسر (2) (1018) عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لما بدن (3) وثقل يقرأ ما شاء الله عز وجل وهو جالس فإذا غبر (4) من السورة ثلاثون أو أربعون آية قام فقرأها ثم سجد

_ (1017) عن عبد الله بن أبي قيس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن معاوية عن عبد الله بن أبي قيس "الحديث" (غريبه) (1) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتصر على الوضوء في بعض الأحيان لبيان الجواز ولعدم الحرج على أمته، وتقدم الكلام على ذلك في الفصل الثالث من الباب الثلث عشر من أبواب الغسل من الجنابة (2) فيه جواز الجهر والأسرار في صلاة الليل، والأفضل التوسط، وقد جاء مصرحًا بذلك في بعض الروايات الصحيحة (تخريجه) رواه الأربعة وصححه الترمذي ورجاله رجال الصحيح (1018) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا هشام ثنا عروة عن أبيه عن عائشة "الحديث" (غريبه) (3) قال في المختار بدن تبدينا أسن؛ وفي الحديث "إني قد بدنت فلا تبادروني بالركوع والسجود" اهـ وقال أبو عبيد روى في الحديث بدنت يعنى بالتخفيف من البدانة وهي كثرة اللحم ولم يكن صلى الله عليه وسلم سمينا (قال) وقد جاء في صفته صلى الله عليه وسلم في حديث ابن أبي هالة بادن متماسك والبادن الصخم، فلما قال بادن أردفه بتماسك وهو الذي يمسك بعض أعضاءه بعضًا فهو معتدل الخلق اهـ (4) أى بقى كما في رواية أخرى عند الإمام أحمد عن عائشة أيضًا فإذا بقى عليه من قراءته قدر ما يكون ثلاثين أو أربعين آية قام فقرأ وهو قائم، وسيأتي في باب صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم قاعدًا (تخريجه) (ق. نس. جه)

-[أحكام الباب السابق وكلام العلماء في ذلك]- (1019) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إذا قام أحدكم من الليل فاستعجم القرآن (1) على لسانه فلم يدر ما يقول فليضطجع (3) باب ما روى عن ابن عباس رضى الله عنهما في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الليل (1020) عن كريب مولى ابن عباس أن ابن عباس رضي الله عنهما

_ (1019) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام عن أبي هريرة "الحديث" (غريبه) (1) أي ينطق به لسانه لغلبة النعاس فصار كأن به عجمة (فليضطجع) أي فليتم حتى يذهب عنه النعاس لئلا يغير شيئًا من كلام الله تعالى، وكذا الحكم إذا قرأ خارج الصلاة وغلبه النوم (تخريجه) (م. د. مذ. جه. هق) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشرعية الأذكار الواردة فيها واستحباب الأتيان بها ولم يخالف في ذلك أحدٍ فيما أعلم (وفيها أيضًا) استحباب تطويل صلاة الليل، واحتج بها من قال إن طول القيام أفضل من كثرة الركوع والسجود، وتقدم الكلام على ذلك في الباب السادس من أول كتاب الصلاة، وفيها أن الجهر والإسرار جائزان في قراءة صلاة الليل، وأكثر الأحاديث تدل على أن المستحب في القراءة في صلاة الليل التوسط بين الجهر والإسرار (وفيها) جواز الاقتداء في غير المكتوبات (وفيها) جواز بعض الركعة الواحدة من قعود وبعضها من قيام في صلاة النفل، وبذلك قال الأئمة أبو حنيفة ومالك والشافعي وكثير من العلماء وقالوا سواء أقعد ثم قام أم قام ثم قعد (قال النووي) رحمه الله حكى القاضي عن أبي يوسف ومحمد كراهة القعود بعد القيام؛ ولو نرى القيام ثم أراد أن يجلس جاز عندنا وعند الجمهور؛ وجوزه من المالكية ابن القاسم ومنعه أشهب (وفيها أيضًا) دليل على استحباب قطع الصلاة عند غلبة النوم على المصلى حتى يذهب عنه النوم سواء أكان يصلى فرضًا أم نفلًا في ليل أو نهار، لكن محله في الفرض إذا لم يخش خروج وقته، وحمله مالك وجماعة على خصوص نفل الليل لأنه محل النوم غالبًا (وفيها أيضًا) الحث على طلب الخشوع وحضور القلب في العبادة لأن الناعس لا يحضر قلبه والخشوع لا يكون إلا بحضور القلب، وفيها غير ذلك والله أعلم (1020) عن كريب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على

-[وقت صلاة الليل- ومن صلاها ثلاث عشرة ركعة]- أخبره أنه بات عند ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خالته قال فاضطجعت في عرض (1) الوسادة واضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأهله في طولها، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم؟؟؟؟؟ إذا انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس يمسح النوم عن وجهه بيده (2) ثم قرأ العشر الآيات خواتيم سورة آل عمران (3) ثم قام إلى شنٍ معلقةٍ (4) فتوضأ منها فأحسن وضوءه ثم قام يصلى، قال ابن عباس فقمت فصنعت مثل الذي صنع، ثم ذهبت فقمت إلى جنبه وضع يده على رأسي وأخذ أذني اليمنى فقتلها (1) فصلى ركعتين ثم ركعتين

_ عبد الرحمن عن مالك عن مخرمة بن سليمان عن كريب مولى ابن عباس "الحديث" (غريبه) (1) بفتح العين قال النووي هكذا ضبطناه وهكذا نقله القاضي عياض عن رواية الأكثرين، قال رواه الداودي بالضم وهو الجانب، والصحيح الفتح، والمراد بالوسادة الوسادة المعروفة التي تكون تحت الرؤوس، ونقل القاضي عن الباجي والأصيل وغيرهما أن الوسادة هنا الفراش لقوله اضطجع في طولها وهذا ضعيف أو باطل، وفيه دليل على جواز نوم الرجل مع امرأته من غير مواقعة بحضرة بعض مجارمها وإن كان مميزًا، قال القاضي وقد جاء في بعض روايات هذا الحديث قال ابن عباس "بت عند خالتي ميمونة في ليلة كانت فيها حائضًا" قال وهذه الكملة وإن لم تصح طريقًا فهي حسنة المعنى جدًا، إذ لم يكن ابن عباس يطلب المبيت في ليلة النبي صلى الله عليه وسلم فيها حاجة إلى أهله لأنه معلوم أن لا يفعل حاجته مع حضرة ابن عباس معهما في الوسادة مع أنه كان مراقبًا لأفعال النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه لم ينم أو نام قليلًا (2) معناه فجعل يمسح أثر النوم وفيه استحباب هذا واستعمال المجاز (3) فيه جواز القراءة للمحدث (قال النووي) وهذا إجماع للمسلمين، وإنما تحرم القراءة على الجنب والحائض، وفيه استحباب قراءة هذه الآيات عند القيام من النوم، وفيه جواز قول سورة آل عمران وسورة البقرة وسورة النساء ونحوها، وكرهه بعض المتقدمين، وقال إنما يقال السورة التي يذكر فيها آل عمران والتي يذكر فيها البقرة والصواب الأول، وبه قال عامة العلماء من السلف والخلف وتظاهرت عليه الأحاديث الصحيحة ولا لبس في ذلك (4) بفتح الشين وإنما أنثها على إرادة القربة، وفي رواية عند مسلم شن معلق على إرادة المقاء والوعاء، قال أهل اللغة الشن القربة الخلق وجمعه شنان (5) إنما فتلها تنبيهًا له من النعاس

-[جواز التهجد بتسع ركعات]- ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين، ثم أوتر ثم اضطجع حتى أتاه المؤذن فقام فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج فصلى الصبح (1) (1021) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال بت عند خالتي ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء، ثم جاء فصلى أربعًا (2) ثم نام ثم قام فصلى أربعًا؛ قال نام الغليم (3) أو كلمة نحوها، قال فجئت فقمت عن يساره فجعلني عن يمينه (4) ثم صلى خمس ركعات ثم ركعتين (5) ثم نام حتى سمعت غطيطه (6) أو خطيطه ثم خرج إلى الصلاة (7)

_ وقيل ليتنبه لهيئة الصلاة وموقف المأموم (1) قال النووى رحمه الله فيه أن الأفضل في الوتر وغيره من الصلوات أن يسلم من كل ركعتين وإن أوتر يكون آخره ركعة مفصولة، وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وقال أبو حنيفة ركعة موصولة بركعتين كالمغرب، وفيه جواز إتيان المؤذن إلى الإمام ليخرج إلى الصلاة؛ وتخفيف سنة الفجر، وإن الإتيان بثلاث عشرة ركعة أكمل وفيه خلاف لأصحابنا، قال بعضهم أكثر الوتر ثلاث عشرة ركعة لظاهر هذا الحديث، وقال أكثرهم أكثره إحدى عشرة وتأولوا حديث ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم صلى منها ركعتي سنة العشاء، وهو تأويل ضعيف مباعد للحديث اهـ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1021) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ثنا شعبة عن الحكم عن ابن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما قال بت عند خالتي ميمونة "الحديث" (غريبه) (2) هي سنة العشاء (3) تصغير غلام يعني ابن عباس رضى الله عنهما لأنه كان صغيرًا لم يبلغ الحلم (4) أي لأن السنة أن يقف الواحد عن يمين الإمام والاثنان وما فوقهما وراءه، وقوله خمس ركعات هي الوتر، وعلى هذا فمجموع ما صلى في الليل بعد نومه سبع ركعات في تلك الليلة، والظاهر أنه كان يفعل ذلك في بعض الأحيان، ويستأنس لذلك بما رواه البخاري عن مسروق قال سألت عائشة عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم باليل فقالت "سبع وتسع وإحدى عشرة ركعة سوى ركعتي الفجر" (5) هما ركعتا الفجر أي سنة الصبح (6) قال في المصباح غط النائم يغط غطيطًا أيضًا تردد نفسه صاعدًا إلى حلقه حتى يسمعه من حوله (وقوله أو خطيطه) شك من الراوي، قال في النهاية الخطيط قريب من الغطيط وهو صوت النائم والخاء والعين متقاربتان اهـ (7) أي صلاة الصبح ولم يحدث

-[ما يفعل من قام من النوم يريد التهجد]- (1022) وعنه أيضًا قال بت عند خالتي ميمونة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فأتى حاجته (1) ثم غسل وجهه ويديه (2) ثم قام فأتى القربة فأطلق شناقها (3) ثم توضأ وضوءًا بين الوضوءين لم يكثر وقد أبلغ، ثم قام فصلى فقمت فتمطأت (4) كراهية أن يرى أني كنت أرتقبه، فتوضأت فقام يصلى فقمت عن يساره فأخذ بأذني فأدارني عن يمينه (5) فتتامت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل ثلاث عشرة ركعة، ثم اضطجع فنام حتى نفخ، وكان إذا نام نفخ، فأتاه بلال فآذنه بالصلاة فقام فصلى ولم يتوضأ، وكان يقول في دعائه اللهم اجعل في قلبي نورًا (6) وفي بصري نورًا، وفي سمعي نورًا، وعن يساري نورًا، ومن فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، ومن أمامي نورًا، ومن خلفي نورًا، وأعظم لي نورًا، قال كريب (7) وسبعٌ في التابوت، قال فلقيت بعض

_ وضوءًا لأن وضوءه صلى الله عليه وسلم لا ينتقض بالنوم وهذا من خصائصه صلى الله عليه وسلم لأن عينيه تنامان ولا ينام قلبه، فلو خرج منه حدث لأحس به بخلاف غيره، وتقدمت الإشارة إلى ذلك في الباب الثالث من أبواب نواقض الوضوء (تخريجه) (خ. نس. هق) والطحاوي من عدة طرق (1022) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن سلمة عن كريب عن ابن عباس رضى الله عنهما قال بت عند خالتي ميمونة "الحديث" (غريبه) (1) يعني الحدث (2) هذا الغسل للتنظيف والتنشيط للذكر وغيره (3) بكسر الشين المعجمة وتخفيف النون والقاف خيط يشد به فم القربة وهو الوكاء، وقيل هو الخيط الذي تربط به في الوتد (4) في رواية مسلم فتمطيت ومعناه تأخرت وتمددت من التمطي وهو مد اليدين في المشي قاله صاحب مجمع البحار (5) فيه أن موقف المأمور الواحد يكون عن يمين الإمام كما تقدم، وأنه إذا وقف عن يساره حوله الإمام إلى يمينه، وأن الفعل القليل لا يبطل الصلاة، وأن صلاة الصبي صحيحة، وأن الجماعة في غير المكتوبات صحيحة (6) قال النووي قال العلماء قال النووي سأل النور في أعضائه وجهاته، والمراد به بيان الحق وضياؤه والهداية إليه، فسأل النور في جميع أعضائه وجسمه وتصرفاته وتقلباته وحالاته وجملته في جهاته الست حتى لا يزيغ شيء منها عنه (7) هو مولى ابن عباس والراوي

-[ما يفعل من قام للتهجد قبل وقته المعتاد]- ولد العباس فحدثني بهن فذكر عصبي ولحمي ودمي وشعري وبشري قال وذكر خصلتين (1023) عن عكرمة بن خالد المخزومي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما قال أتيت خالتي ميمونة بنت الحارث فبت عندها فوجدت ليلتها تلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء ثم دخل بيته فوضع رأسه على وسادةٍ من أدمٍ (1) حشوها ليفٌ، فجئت فوضعت رأسي على ناحية منها، فاستيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر فإذا عليه ليلٌ (2) فسبح وكبر حتى نام ثم استيقظ وقد ذهب شطر الليل أو قال ثلثاه، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى حاجته ثم جاء إلى قربة على شجبٍ (3) فيها ماء فمضمض ثلاثًا واستنشق ثلاثًا وغسل وجهه ثلاثًا، وذراعيه ثلاثًا ثلاثا، ومسح برأسه وأذنيه، ثم غسل قدميه، قال يزيد حسبته قال ثلاثًا ثلاثًا، ثم أتى مصلاة فقمت وصنعت كما صنع، ثم جئت فقمت عن يساره وأنا أريد أن أصلي بصلاه، فأمهل رسول الله

_ عنه هذا الحديث (وقوله وسبع في التابوت) قال العلماء معناه وذكر في الدعاء سبعًا أي سبع كلمات نسيتها، قالوا والمراد بالتابوت الأضلاع وما تحويه من القلب وغيره تشبيهًا بالتابوت الذي كالصندوق فيه المتاع، أي وسبعًا في قلبي ولكن نسيتها وقوله (فلقيت بعض ولد العباس) القائل لقيت هو سلمة بن كهيل الراوي عن كريب (وقوله فحدثني بهن) أي بالخصال السبعة المشار إليها فذكر عصبي ولحمي ودمي وشعري وبشرى، قال وذكر خصلتين، يعني السادسة والسابعة، ولم يصرح بهما الراوي فيحتمل أنه نسيهما والله أعلم (تخريجه) (ق والأربعة) (1023) عن عكرمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا عباد ابن منصور عن عكرمة "الحديث" (غريبه) (1) الوسادة بكسر الواو المخدة التي توضع تحت الرأس عند النوم (وقوله من أدمٍ) أي من جلد مدبوغ (2) أي فإذا وقت نومه صلى الله عليه وسلم من الليل باق ولم يحن وقت التهجد (3) بفتح الشين المعجمة وإسكان الجيم

-[عدم نقض الوضوء بالنوم كان من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم]- صلى الله عليه وسلم حتى إذا عرف أني أريد أن أصلي بصلاته لفت يمينه فأخذ بأذني فأدارني حتى أقامني عن يمينه، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى أن عليه ليلًا (1) ركعتين، فلما ظن أن الفجر قد دنا قام فصلى ست ركعات أوتر بالسابعة، حتى إذا ضاء الفجر قام فصلى ركعتين، ثم وضع جنبه فنام حتى سمعت فخيخه (2) ثم جاءه بلالٌ فآذنه بالصلاة فخرج فصلى وما مس ماء، فقلت لسعيد بن جبير ما أحسن هذا (3) فقال سعيد بن جبير أما والله لقد قلت ذاك لابن عباس فقال مه (4) إنها ليست لك ولا لأصحابك، إنها لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، إنه كان يحفظ (1024) عن ابن عباس رضى الله عنهما حدث أنه بات عند نبي الله صلى الله عليه سلم ذات ليلة فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم من الليل فخرج فنظر في السماء (5) ثم تلا

_ هي الأعواد التي تعلق عليها القربة ويطلق أيضًا على السقاء الخلق، ومنه رواية مسلم "ثم عمد إلى شجب من ماء فتسوك وتوضأ "الحديث" (1) أي المدة الباقية من الليل يسلم من كل ركعتين إلى قبيل الفجر (2) أي غطيطه وتقدم معنى الغطيط في الكلام على الحديث الثاني من أحاديث الباب (3) القائل ما أحسن هذا هو عكرمة، يعني أنه استحسن عدم نقض الوضوء بالنوم (4) اسم فعل أمر بمعنى اكفف يعني أن ابن عباس قال لسعيد بن جبير اكفف عن هذا، إن عدم نقض الوضوء بالنوم من خصوصيات رسول الله صلى الله عليه وسلم، إنه كان يحفظ، يعني أن الله تعالى كان يحفظه من النقض بسبب النوم، لأنه صلى الله عليه وسلم، وإن نامت عيناه فلا ينام قلبه وقد جاء ذلك مصرحًا به في حديث أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة عند الشيخين وغيرهما قالت "فقلت يا رسول الله أتنام قبل أن توتر؟ فقال يا عائشة إن عيني تنامان ولا ينام قلبي" (تخريجه) (ق. وغيرهما) بألفاظ مختلفة (1024) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نعيم ابن مسلم ثنا إسماعيل أبو العبدي قال ثنا الفضل بن دكين المتوكل أن ابن عباس رضى الله عنهما حدث أنه بات "الحديث" (غريبه) (5) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم خرج من منزله

-[قدر القراءة في كل ركعة من صلاة الليل]- هذه الآية التي في آل عمران (إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار حتى بلغ سبحانك فقنا عذاب النار) ثم رجع إلى البيت فتسوك وتوضأ ثم قام فصلى ثم اضطجع ثم رجع أيضًا فنظر في السماء ثم تلا هذه الآية ثم رجع فتسوك وتوضأ ثم قام فصلى (1) (1025) وعنه أيضًا قال كنت في بيت ميمونة فقام النبي صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل فقمت معه على يساره فأخذ بيدي فجعلني عن يمينه ثم صلى ثلاث عشرة ركعة حزرت قدر قيامه في كل ركعةٍ قدر يا أيها المزمل (2)

_ للتفكر في السماء وكواكبها وما أوجد فيها من زينة وآيات وليتأمل في مصنوعات الله تعالى وفي ذلك عبادة أخرى، ولذلك قرأ "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب، الآيات" فكلها عبر وعظات، وتكرر ذلك منه صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، وكل مرة يتوضأ ويتسوك ويصلي ليحوز أكمل العبادات (1) لم يذكر في هذا الحديث عدد الركعات التي صلاها، وقد صرح به مسلم وغيره وسيأتي (تخريجه) (م. د. نس) ولفظ مسلم عن ابن عباس - رضي الله عنه - الله عنهما أنه رقد عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستيقظ فتسوك وتوضأ وهو يقول "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولى الألباب" فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة ثم قام فصلى ركعتين فأطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفج، ثم فعل ذلك ثلاث مرات ست ركعات كل ذلك يساك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات ثم أوتر بثلاث فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة وهو يقول اللهم اجعل في قلبي نورًا وفي لساني نورًا واجعل في سمعي نورًا واجعل في بصري نورًا واجعل من خلفي نورًا ومن أمامي نورًا واجعل من فوقي نورًا ومن تحتي نورًا اللهم أعطني نورًا (1025) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ابن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (2) هذا لا يعارض ما تقدم من صلاته صلى الله عليه وسلم بالبقرة وآل عمران ونحو ذلك فإنه كان في بعض الأحيان يطول وفي بعضها يخفف، ولم تكن له حالة واحدة في صلاة الليل (تخريجه) (هق)

-[كلام العلماء في أحكام صلاة الليل وعدد ركعاتها]- .....

_ وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن ابن عباس رضى الله عنهما حضر النبي صلى الله عليه وسلم في صلاته بالليل غير مرة وذلك غير مستبعد، لأن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت خالته، وكان ابن عباس رضى الله عنهما له شغف بالعلم بأقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفعاله ولذلك سمى حبر الأمة، وقد جاء في بعض رواياته أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم صلى بالليل ثلاث عشرة ركعة وفي بعضها إحدى عشرة وفي بعضها تسع وسبع وجاء في بعضها أنه أوتر بسبع وفي رواية بخمس وفي أخرى بواحدة مما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يلتزم حالة واحدة في صلاة الليل، ولكن أغلب أحواله أنه كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشرة بالوتر (قال الحافظ ابن القيم في الهدى) وكان قيامه صلى الله عليه وسلم بالليل إحدى عشرة ركعة أو ثلاث عشر كما قاله ابن عباس وعائشة فإنه ثبت عنهما هذا وهذا، ففي الصحيحين عنهما (قلت والأمام أحمد وسيأتي) ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة، وفي الصحيحين عنهما أيضًا "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرهن" والصحيح عن عائشة الأول، والركعتان فوق الإحدى عشرة هما ركعتا الفجر، جاء ذلك مبنيًا في هذا الحديث بعينه "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر" ذكره مسلم في صحيحه، وقال البخاري في هذا الحديث "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالليل ثلاث عشرة ركعة ثم يصلى إذا سمع النداء بالفجر ركعتين خفيفتين" وفي الصحيحين عن القاسم بن محمد قال سمعت عائشة رضى الله عنها تقول "كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل عشر ركعات ويوتر بسجدة ويركع ركعتي الفجر وذلك ثلاث عشرة ركعة" فهذا مفسر مبين، وأما ابن عباس فقد اختلف عليه، ففي الصحيحين عن أبي حمزة عنه "كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة ركعة يعني بالليل يعني" لكن قد جاء عنه هذا مفسرًا أنها بركعتي الفجر، قال الشعبي سألت عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر رضى الله عنهما عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل فقالا ثلاث عشرة ركعة منها ثمان، ويوتر بثلاث، وركعتين قبل صلاة الفجر، وفي الصحيحين عن كريب عنه في قصة مبيته عند خالته ميمونة بنت الحارث أنه صلى الله عليه وسلم صلى ثلاث عشرة ركعة ثم نام حتى نفخ، فلما تبين له الفجر صلى ركعتين خفيفتين (وفي لفظ) فصلى ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم ركعتين ثم أوتر ثم اضطجع حتى جاءه المؤذن فقام "فصلى ركعتين خفيفتين، ثم خرج يصلى الصبح" فقد حصل الاتفاق على إحدى عشرة ركعة، واختلف في الركعتين الأخيرتين هل هما ركعتا الفجر أو هما غيرهما، فإذا انضاف ذلك إلى عدد ركعات الفرض والسنن الراتبة التي كان يحافظ عليها جاء مجموع ورده الراتب بالليل والنهار أربعين ركعة كان يحافظ عليها دائمًا

-[افتتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين]- (4) باب ما روي عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل (1026) عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا قام من الليل يصلى افتتح الصلاة ركعتين خفيفتين (1) (1027) وعنها أيضًا قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي ما بين صلاة العشاء الآخرة إلى الفجر إحدى عشرة ركعة، يسلم في كل اثنتين ويوتر بواحدةٍ (2)

_ سبعة عشر فرضًا وعشر ركعات أو اثنتا عشرة سنة راتبة، وإحدى عشرة أو ثلاث عشرة ركعة قيامه بالليل، والمجموع أربعون ركعة، وما زاد على ذلك فعارض غير راتب كصلاة الفتح ثمان ركعات، وصلاة الضحى إذا قدم من سفر، وصلاته عند من يزوره، وتحية المسجد، ونحو ذلك، فينبغي للعبد أن يواظب على هذا الورد دائمًا إلى الممات، فما أسرع الإجابة وأعجل فتح الباب لمن يقرعه كل يوم أربعين مرة والله المستعان اهـ (قلت) وقد ذكرنا في خلال الشرح من أحكام أحاديث الباب مالا موجب لإعادته والله الموفق (1026) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام عن أبي مرة عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة "الحديث" (غريبه) (1) الحكمة في افتتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين لينشط بهما المصلى لما بعدهما أفاده النووي (تخريجه) (ق. وغيرهما) وأخرجه أبو داود ومسلم والإمام أحمد وسيأتي من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا قام أحدكم من الليل فليصل ركعتين خفيفتين"وقد ثبت ذلك بقوله وفعله صلى الله عليه وسلم، والأمر في حديث أبي هريرة حمله جميع العلماء على الاستحباب، فقالوا يستحب تخفيف الركعتين أولًا ثم يطول ما شاء، والدليل على ذلك ما أخرجه مسلم عن زيد بن خالد الجهني رضى الله عنه أنه قال "لأرمقن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم الليلة فصلى ركعتين خفيفتين، ثم صلى ركعتين طويلتين طويلتين طويلتين، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم أوتر فذلك ثلاث عشرة ركعة" (1027) وعنها أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد قال أنا ابن أبي ذئب وأبو النضر عن ابن أبي ذئب عن الزهرى عن عروة عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (2) فيه حجة للقائلين بصحة الوتر

-[قدر القراءة في صلاة الليل- والضجعة بعد ركعتي الفجر]- ويسجد في سبحته (1) بقدر ما يقرأ أحدكم بخمسين آية قبل أن يرفع رأسه (2) فإذا سكت المؤذن بالأولى من أذانه (3) قام فركع ركعتين خفيفتين (4) ثم اضطجع على شقه الأيمن حتى يأتيه المؤذن فيخرج معه (1028) عن الحسن عن سعد بن هشام أنه دخل على أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها فسألها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قالت كان يصلى من الليل ثمان ركعات (5) ويوتر بالتاسعة ويصلي ركعتين

_ بواحدة ورد على القائلين بأنه لا يصح إلا بثلاث (1) أي نافلته وتقدم تفسيرها غير مرة والمراد هنا صلاة الليل (2) المعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل السجود في صلاة الليل بقدر ما يقرأ القارئ خمسين آية، وتقدم ما كان يقوله صلى الله عليه وسلم في السجود في الباب العاشر من أبواب الركوع والسجود، ومما لم يذكر هناك ما رواه الإمام أحمد عن عائشة رضى الله عنها قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في صلاة الليل في سجوده سبحانك لا إله إلا أنت" (وعنها أيضًا) أنه كان يقول في سجوده "اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك وبمعافاتك من عقوبتك وأعوذ بك منك لا أحصى ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك" وكان صلى الله عليه وسلم يطيل السجود في قيام الليل للاجتهاد في الدعاء والتضرع إلى الله تعالى ولما ورد (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء) رواه أبو داود ومسلم والنسائي وغيرهم، وأيضًا فيه مبالغة في التواضع والتذلل إليه تعالى والشكر على ما أنعم هذا يا رسول الله وقد غفر الله لك؟ فقال أفلا أكون عبدًا شكورًا (3) أي فرغ من الأذان الأول لصلاة الصبح ووصف الأذان بالأول احترازًا من الإقامة وتأنيث الأذان باعتبار ما فيه من المناداة (4) هما سنة الفجر، وفيه دليل على استحباب تخفيفها والضجعة بعدهما على الشق الأيمن، وبه قالت الشافعية (تخريجه) (ق د. نس. جه. هق) (1028) عن الحسن عن سعد بن هشام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال أنا حصين بن نافع المازني، قال أبي حصين هذا صالح الحديث، قال ثنا الحسن عن سعد بن هشام "الحديث" (غريبه) (5) في رواية

-[من صلى بالليل تسعًا ومن اقتصر على سبع]- وهو جالس (1) وذكرت الوضوء أنه كان يقوم إلى صلاته فيأمر بطهره وسواكه فلما بدن (2) صلى ست ركعات وأوتر بالسابعة وصلى ركعتين وهو جالسٌ، قالت فلم يزل على ذلك حتى قبض، قلت إني أريد أن أسألك عن التبتل (3) فما ترين فيه، قالت فلا تفعل، أما سمعت الله عز وجل يقول (ولقد أرسلنا رسلًا من قبلك وجعلنا لهم أزواجًا وذرية) فلا تبتل، قال فخرج وقد فقه (4) فقدم البصرة فلم يلبث إلا يسيرًا حتى خرج إلى أرض مكران (5) فقتل

_ زرارة بن أوفى عن عائشة من حديث آخر سيأتي، قالت فلا يقعد في شيء منهن إلا في الثامنة فإنه يقعد فيها فيتشهد ثم يقوم ولا يسلم فيصلي ركعة واحدة ثم يجلس فيتشهد ويدعو ثم يسلم، فهذه الرواية مفسرة لحديث الباب؛ فقد بينت أنه صلى الله عليه وسلم لم يجلس إلا في الثامنة وبينت المراد بقوله "ويوتر بالتاسعة" أنه لم يأت بها منفصلة عن الثمانية، بل يأت بها بعد التشهد ثم يجلس فيتشهد مرة أخرى ثم يسلم، ولم تكن هذه عادته صلى الله عليه وسلم بل كان يفعل ذلك أحيانًا، وغالب أحواله صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلى ركعتين ركعتين ثم يوتر، وله في الوتر أحوال ستأتي في بابه، وفي هذا الحديث مشروعية الإيثار بتسع ركعات متصلة لا يسلم إلا في آخرها ويقعد في الثامنة ولا يسلم (1) أخذ بظاهر الحديث الإمام أحمد والأوزاعي من فعله؛ قال وأنكره مالك (قال النووي) والصواب أن هاتين الركعتين فعلهما صلى الله عليه وسلم بعد الوتر جالسًا لبيان الجواز ولم يواظب على ذلك، بل فعله مرة أو مرات قليلة اهـ (2) أي فلما أسن وكبر "صلى ست ركعات" أي نقص من التسع ركعات ركعتين فصيرها إلى سبع ركعات متصلة لا يسلم إلا في آخرها ويقعد في السادسة ولا يسلم (3) التبتل الانقطاع إلى العبادة والتفرغ لها، والمراد هنا ترك الزواج لأجل ذلك، ولهذا استشهدت بالآية وقالت له لا تبتل، أي لا تترك الزواج، فإن الأنبياء كان لهم أزواج وذرية، وقد أمرنا الله بالاقتداء بهم بقوله (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) وسيأتي حكم ذلك في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى (4) بضم القاف أي صار فقيهًا عالمًا وبكسرها أي فَهِم وعلِمَ (5) ضبطه في القاموس بفتح الميم وضبطه ياقوت بضمها اسم بدل قال أهل السير سميت بمكران بن فارك بن سام بن نوح والله

-[استحباب النوم أول الليل وإحياء آخره بالتهجد]- هناك على أفضل عمله (1029) عن أبي إسحاق قال سألت الأسود بن يزيد عما حدثته عائشة رضى الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت كان ينام أول الليل ويحيى آخره، ثم إن كانت له حاجةٌ إلى أهله (1) قضى حاجته ثم نام قبل أن يمس ماء، فإذا كان عند النداء الأول قالت وثب ولا والله ما قامت قام فأفاض عليه الماء ولا والله ما قالت اغتسل وأنا أعلم بما تريد، وإن لم يكن جُنُبًا توضأ وضوء الرجل للصلاة ثم صلى الركعتين (1030) عن مسروقٍ قال سألت عائشة رضى الله عنها عن صلاة

_ أعلم (تخريجه) (د. نس. مذ) رواه أبو داود والنسائي في الصلاة ما عدا قصة التبتل، وروى النسائي والترمذي منه قصة التبتل في النكاح، لكن رواه الترمذي عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال إنه حسن غريب، قال وروى الأشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويقال كلا الحديثين صحيح اهـ كلام الترمذي، وحديث عائشة الذي أشار إليه الترمذي هو حديث الباب وسنده جيد (1029) عن أبي إسحاق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن قال ثنا زهير عن أبي إسحاق "الحديث" (غريبه) (1) هو كناية عن الجماع، وقوله (قبل أن يمس ماء) هذه الجملة ليست عند مسلم، ولفظه عند مسلم "ثم إن كانت له حاجة إلى أهله قضى حاجته ثم ينام؛ فإذا كان عند النداء الأول قالت وثبت" الحديث كلفظ حديث الباب، وقوله في حديث الباب ثم نام قبل أن يمس ماء لا يعارض ما ثبت عن عائشة أيضًا عند الإمام أحمد ومسلم قالت "كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان جنبًا فأراد أن يأكل أو ينام توضأ" لأنه يحمل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يترك الوضوء أحيانًا لبيان الجواز، ويفعله غالبًا لطلب الفضيلة، وبهذا جمع ابن قتيبة والنووي (تخريجه) (م) وأخرجه (د. مذ) عن عائشة مختصرًا بلفظ "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب ولا يمس ماء" وقد تقدم الكلام عليه في الفصل الثالث من الباب الثالث عشر من أبواب الغسل من الجنابة (1030) عن مسروق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود قال

-[صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل]- النبي صلى الله عليه وسلم بالليل: فقالت كان إذا سمع الصارخ (1) قام فصلى (1031) عن زرارة بن أوفى قال سألت عائشة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل، فقالت كان يصلي العشاء ثم يصلي بعدها ركعتين ثم ينام، فإذا استيقظ وعنده وضوءه مغطى وسواكه استاك ثم توضأ فقام فصلى ثمان ركعات يقرأ فيهن بفاتحة الكتاب وما شاء الله من القرآن، فلا يقعد في شيء منهن إلا في الثامنة فإنه يقعد فيها فيتشهد ثم يقوم ولا يسلمن فيصلي ركعةً واحدةً ثم يجلس فيتشهد ويدعو، ثم يسلم تسليمةً واحدةً السلام عليكم يرفع بها صوته حتى يوقظنا، ثم يكبر وهو جالس فيقرأ، ثم يركع ويسجد وهو جالسٌ، فيصلي جالسًا ركعتين، فهذه إحدى عشرة ركعةً، فما كثر لحمه وثقل جعل التسع سبعًا لا يقعد إلا كما يقعد في الأولى (2) ويصلي الركعتين قاعدًا، فكانت هذه صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبضه الله (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (3) عن سعد بن هشامٍ قال قلت لأم المؤمنين عائشة رضي الله عنهما

_ ثنا شعبة عن أشعث عن أبيه عن مسروق "الحديث" (غريبه) (1) قال النووي الصارخ هنا هو الديك باتفاق العلماء، قال وسمى بذلك لكثرة صياحه اهـ وصياحه عادة عند نصف الليل أو ثلثه الأخير أو سدسه الأخير (تخريجه) (م. د. نس. وغيرهم) (1031) عن زرارة بن أوفى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال ثنا بهز بن حكيم وقال مرة أنا قال سمعت زرارة بن أوفى يقول سألت عائشة "الحديث" (غريبه) (2) أي بالكيفية الأولى ففيها أنه كان لا يجلس إلا في الثامنة ثم يأتي بركعة تاسعة يتشهد فيها ويسلم منها، وهنا لا يجلس إلا في السادسة ثم يأتي بسابعة يتشهد فيها ويسلم منها، وتقدم الكلام على ذلك في رواية الحسن عن سعد بن هشام (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس قال ثنا عمران بن يزيد العطار

-[رفع الصوت بالسلام من الصلاة لحاجة]- كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل؟ قالت كان يصلي العشاء فذكر الحديث (1) ويصلي ركعتين قائمًا يرفع صوته كأنه يوقظنا (2) بل يوقظنا، ثم يدعو بدعاءٍ يسمعنا، ثم يسلم تسليمةً يرفع بها صوته (1032) عن إبراهيم (3) عن علقمة قال سألت عائشة كيف كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيكم يستطيع ما كان رسول الله صلى الله عليه

_ عن بهز بن حكيم عن زراية بن أوفى عن سعد بن هشام "الحديث" وهذا الطريق من رواية زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة، والرواية الأولى عن زراية عن عائشة مباشرة بدون واسطة، ولا مانع من ذلك فقد ثبت رواية زرارة عن كثير من الصحابة منهم عمران بن حصين والمغيرة بن شعبة وعبد الله بن سلام وأبو هريرة، وقد يروي التابعي حديثًا عن تابعي مثله عن الصحابي مرة، ويرويه أخرى عن الصحابي مباشرة، وهكذا الحال في الصحابة أيضًا ربما يروي الحديث عن صحابي مثله عن النبي صلى الله عليه وسلم وربما يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة (1) أي بنحو حديث الباب المتقدم وهذا من اختصار الأصل لا من اختصاري (2) أي كأنه يريد إيقاظنا للصلاة بجهره بل كنا نتيقظ فعلًا، وفيه جواز جهل المصلي بالقراءة والدعاء والسلام زيادة عن المعتاد لحاجة (تخريجه) (م. د. نس. هق. وغيرهم) (1032) عن إبراهيم عن علقمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير عن منصور عن إبراهيم عن علقمة "الحديث" (غريبه) (3) هو إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود النخعي أبو عمران الكوفي الفقيه يرسل كثيرًا من علقمة وهمام بن الحارث والأسود بن يزيد وأبي عبيدة بن عبد الله ومسروق عن عائشة في (د. نس. جه) وخلق وعنه الحاكم ومنصور والأعمش وابن عون وخلق، وكان لا يتكلم إلا إذا سئل، قال مغيرة كنا نهاب إبراهيم كما يهاب الأمير، وقال الأعمش كان إبراهيم يتوقى الشهرة، وقال يحيى بن معين مراسيل إبراهيم أحب إليّ من مراسيل الشعبي، ما ترك إبراهيم بعده أعلم منه، قال أبو بكر بن شعيب بن الحبحاب ولا الحس ولا ابن سيرين؟ قال ولا الحسن ولا ابن سيرين، ولا من أهل البصرة ولا من أهل الكوفة ولا من أهل الحجاز وفي رواية ولا بالشام اهـ وهو تابعي جليل دخل على عائشة، قيل ولم يثبت له سماع منها، قال أبو نعيم مات سنة ست وتسعين، وقال عمر بن علي سنة خمس آخر السنة، وولد سنة خمسين، وقيل

-[استحباب المداومة على العمل الصالح وإن كان قليلًا]- وعلى آله وسلم يستطيع، كان عمله ديمةً (1) (ومن طريق ثانٍ) (2) عن إبراهيم قال سألت عائشة (3) رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، قالت ما رأيته كان يفضل ليلةً على ليلةٍ (4) (1033) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يصلي من الليل فإذا فرغ من صلاته (5) اضطجع، فإن

_ سنة سبع وأربعين (1) بكسر أوله وسكون ثانية أي دائمًا لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا عمل عملًا داوم عليه، ولذا جاء في الحديث "إن أحب العمل إلى الله أدومه وإن قل، وكان إذا عمل عملًا أثبته" رواه الشيخان والإمام أحمد وغيرهما عن عائشة، والمعنى أنكم لا تطيقون العمل مثله لأن إلزام النفس بشيء دائمًا مع المحافظة عليه يشق عليها جدًا فيندر من يفي بذلك غير الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن مغيرة عن إبراهيم قال سألت عائشة "الحديث" (3) في هذا الطريق أن إبراهيم سأل عائشة بنفسه، وفي الطريق الأولى أن علقمة هو السائل، وأن إبراهيم روى الحديث عنه عن عائشة، فيحتمل أن ما جاء في الطريق الثاني من مراسيل إبراهيم، ولكن قوله سألت عائشة يمنع هذا الاحتمال، فالظاهر أنه رواه عن عائشة مباشرة، وهذا ممكن لأنه ولد سنة خمسين، وقيل سنة سبع وأربعين، ووفاة عائشة كانت سنة سبع وخمسين فيكون قد أدركها وهو مميز وإن كان قد اختلف في سماعه منها والله أعلم (4) المعنى أنه صلى الله عليه وسلم "ما كان يفضل ليلة على ليلة في الصلاة" أي يخصها بصلاة أكثر من الأخرى لكونها أفضل منها، بل كانت صلاته واحدة في كل ليلة، وهذا باعتبار الغالب لأنه ورد أنه صلى الله عليه وسلم صلى في بعض الليالي سبع ركعات وفي بعضها تسع وتقدم الكلام على توجيه ذلك (تخريجه) (ق. د. هق. وغيرهم) ولفظه عند مسلم عن إبراهيم عن علقمة قال سألت أم المؤمنين عائشة قال قلت يا أم المؤمنين كيف كان عمل رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ هل كان يخص شيئًا من الأيام؟ قالت لا، كان عمله ديمة، وأيكم يستطيع ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطيعه (1033) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن مالك عن سالم أبي النضر عن أبي مسلمة عن عائشة "الحديث" (غريبه) (5) أي من صلاة الليل وركعتي الفجر كما يستفاد ذلك مما رواه الشيخان وغيرهما عن عائشة قالت

-[صفة قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الليل]- كنت يقظانةً (1) تحدث معي وإن كنت نائمةً نام حتى يأتيه المؤذن (2) (1034) عن مسلم بن مخراقٍ قال قلت لعائشة يا أم المؤمنين إن ناسًا يقرأ أحدهم القرآن في ليلةٍ مرتين أو ثلاثًا، فقالت أولئك قرءوا ولم يقرءوا (3)، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم الليلة التمام فيقرأ سورة البقرة وسورة آل عمران وسورة النساء، ثم لا يمر بآيةٍ فيها استبشارٌ إلا دعا الله عز وجل ورغب ولا يمر بآيةٍ فيها تخويفٌ إلا دعا الله عز وجل واستعاذ

_ "كان إذا صلى ركعتي الفجر فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع" وتقدم الكلام على هذه الضجعة في الباب الثاني عشر من أبواب صلاة التطوع (1) هكذا بالأصل (يقظانة) وكان القياس أن يقال يقظى، ولم أقف عليها لغير الإمام أحمد، والذي عند الشيخين وأبي داود وغيرهما (مستيقظة) (2) أي يؤذنه بصلاة الصبح (تخريجه) (ق. د. وغيرهما) (1034) عن مسلم بن مخراق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ابن إسحاق قال أبنا عبد الله قال أنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن زياد بن نعيم الحضرمي عن مسلم بن مخراق "الحديث" (غريبه) (3) يعني أنهم قرءوا بلسانهم ولم يتدبروا معانيه بقلوبهم فكأنهم لم يقرءوا، واستدلت على ذلك بقراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن من تدبر معنى القراءة ودعا الله عز وجل عند كل آية فيها استبشار أي رحمة ورغب في الدعاء وفيما عند الله، وتعوذ بالله من النار عند كل آية فيها تخويف لا يمكنه أن يقرأ القرآن كله في ليلة، فالقراءة التي يثاب عليها الإنسان هي التي فيها تدبر كقراءة النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (هق) وفي إسناده ابن لهيعة فيه مقال، وله شاهد من حديث حذيفة بن اليمان عند مسلم والنسائي والإمام أحمد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها) افتتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين وتخفيفهما مستحق ثم يطوّل بعد ذلك ما شاء (ومنها) أن مجموعة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم في التهجد إحدى عشرة ركعة، يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة، أو ثلاث عشرة ركعة بركعتي الفجر (ومنها) جواز الاقتصار على تسع ركعات لا يجلس إلا في الثامنة ولا يسلم إلا في الجلوس من التاسعة (ومنها) جواز الاقتصار على سبع ركعات لنحو تعب أو كبر لا يجلس إلا في السادسة، ولا يسلم إلا في الجلوس من السابعة (ومنها) استحباب التحدث مع أهله بعد الانتهاء من الصلاة بقصد المؤانسة واضطجاعه قليلا

-[كلام العلماء في أحكام صلاة الليل]- .....

_ بعد ركعتي الفجر، ويجوز أن يضطجع مرتين (إحداهما) بعد الوتر للاستراحة من طول القيام، وهو الذي رواه مالك (والثانية) بعد ركعتي الفجر للنشاط لصلاة الصبح والتطويل فيها، وهو الذي رواه الأكثرون، وهذه قد استحبها الشافعية لمواظبته صلى الله عليه وسلم عليها وأمرها بها (ومنها) استحباب تدبر معاني القرآن وقراءته بترتيب وترسل وسؤال الله عز وجل عند آيات الرحمة والتعوذ به عند آيات التخويف والعذاب (وفيها غير ذلك) قال القاضي عياض رحمه الله لا خلاف في أن صلاة الليل ليس لها حد محصور لا يزاد عليه ولا ينقص منه وأنها من الطاعات التي كلما زاد فيها زاد الأجر، وإنما الخلاف في فعل النبي صلى الله عليه وسلم وما اختاره لنفسه، ففي حديث عائشة من رواية سعد بن هشام قيام النبي صلى الله عليه وسلم بتسع ركعات، وحديث عروة عن عائشة بإحدى عشرة منهم الوتر يسلم من كل ركعتين، وكان يركع ركعتي الفجر إذا جاء المؤذن، ومن رواية هشام بن عروة وغيره عن عروة عنها ثلاث عشرة بركعتي الفجر، وعنها كان لا يزيد في رمضان ولا غيره على إحدى عشرة ركعة أربعًا وأربعًا وثلاثًا، وعنها كان يصلي ثلاث عشرة، ثمانية ثم يوتر، ثم يصلي ركعتين وهو جالس، ثم يصلي ركعتي الفجر، وقد فسرتها في الحديث منها ركعتا الفجر، وعنها في البخاري أن صلاته صلى الله عليه وسلم بالليل سبع وتسع، وذكر البخاري ومسلم من حديث ابن عباس أن صلاته صلى الله عليه وسلم من الليل ثلاث عشرة ركعة وركعتين بعد الفجر سنة الفجر، وفي حديث زيد بن خالد أنه صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين خفيفتين ثم طويلتين وذكر الحديث وقال في آخره فتلك ثلاث عشرة، قال القاضي قال العلماء في هذه الأحاديث إخبار كل واحد من ابن عباس وزيد وعائشة بما شاهد، وأما الاختلاف في حديث عائشة فقيل هو منها وقيل هو من الرواة عنها، فيحتمل أن إخبارها بإحدى عشرة هو الأغلب وباقي روايتها إخبار منها بما كان يقع نادرًا في بعض الأوقات، فأكثره خمس عشرة ركعة بركعتي الفجر، وأقله سبع، وذلك بحسب ما كان يحصل من اتساع الوقت أو ضيقه بطول القراءة كما جاء في حديث حذيفة وابن مسعود، أو لنوم أو عذر مرض أو غيره أو في بعض الأوقات عند كبر السن كما قالت "فلما أسن صلى سبع ركعات" أو تارة تعد الركعتين الخفيفتين في أول قيام الليل كما رواها زيد بن خالد وروتها عائشة أيضًا في بعض الروايات، وتعد ركعتي الفجر تارة وتحذفها أخرى، أو تعد أحدهما، وقد تكون عدت راتبة العشاء مع ذلك تارة وحذفتها أخرى اهـ كلام القاضي (قلت) قال الحافظ ابن القيم في الهدى ولم يذكر ابن عباس افتتاحه بركعتين خفيفتين كما ذكرته عائشة، فإما أنه كان يفعل هذا تارة وهذا تارة؛ وإما أن تكون عائشة حفظت ما لم يحفظ ابن عباس وهو الأظهر، لمواظبتها له ولمراعاتها ذلك ولكونها أعلم الخلق بقيامه بالليل، وابن عباس إنما شاهده ليلة المبيت عند خالته، وإذا

-[استحباب التخشع والتمسك في الصلاة]- (5) باب ما روي عن غيرهما في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل (1035) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روحٌ ثنا شعبة عن عبد ربه ابن سعيدٍ عن ابن أبي أنسٍ (1) عن عبد الله بن نافع بن العمياء عن عبد الله بن الحارث عن المطلب (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصلاة مثنى مثنى (3) تشهَّد في كل ركعتين وتبئس (4) وتمسكن وتقنع يديك (5) وتقول اللهم اللهم، فمن

_ اختلف ابن عباس وعائشة في شيء من أمر قيامه بالليل فالقول ما قالت عائشة اهـ والله أعلم (1035) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) ابن أبي أنس اسمه عمران من أهل مصر كما سيأتي في سند الطريق الثالثة (2) هو ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب الهاشمي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن علي، وعنه ابنه عبد الله وعبد الله بن الحارث، توفي سنة إحدى وستين، روى له أبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه والإمام أحمد، وفي رواية ابن ماجه المطلب بن أبي وداعة وهو وهم (3) في الطريق الثانية "صلاة الليل مثنى مثنى" ولذلك جعلت هذا الحديث في هذا الباب لمناسبة الترجمة، والمعنى أن الأفضل في صلاة الليل بل وفي صلاة النهار أن تكون مثنى مثنى ويسلم في كل ركعتين لحديث ابن عمر "صلاة الليل" والنهار مثنى مثنى" رواه الإمام أحمد وتقدم، ورواه (د. نس. جه. مذ. حب. قط) وابن خزيمة وصححه البخاري لما سئل عنه، وقال بعض العلماء يحتمل أ، يكون المراد أن يتشهد في كل ركعتين وإن لم يسلم، ويكون قوله "تشهَّد في كل ركعتين" تفسيرًا له (قلت) يمنع من هذا الاحتمال ما جاء في الطريق الثالثة من حديث الباب "الصلاة مثنى مثنى وتشهد وتسلم في كل ركعتين" وما روي عن ابن عمر أنه قيل له ما مثنى مثنى؟ قال تسلم في كل ركعتين، وبذلك احتج الإمامان الشافعي وأحمد على أن الأفضل في تطوع الليل والنهار السلام من كل ركعتين (4) معناه إظهار البؤس والفاقة والاحتياج، يقال بئس الرجل بالكسر بؤسا وبئيسًا اشتدت حاجته فهو بائس، قاله في المختار (وقوله وتمسكن) من المسكنة، وقيل معناه السكون والوقار والميم مزيدة فيها، وأصله تتمسكن بتاءين في أوله، وكذا قوله تشهد وتبئَّس فحذفت إحدى التاءين تخفيفًا (5) إقناع اليدين رفعهما في الدعاء والمسألة، وقد جاء مفسرًا في حديث الفضل بن عباس وتقدم في باب افتتاح الصلاة والخشوع فيها بلفظ (ترفعهما

-[صلاة الليل مثنى مثنى - واستحباب الإلحاح في الدعاء]- لم يفعل ذلك فهي خداجٌ (1) قال شعبة فقلت صلاته خداجٌ؟ قال نعم، فقلت له ما الإقناع؟ فبسط يديه كأنه يدعو (ومن طريقٍ ثانٍ) (2) عن المطلب ابن ربيعة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة الليل مثنى مثنى، وإذا صلى أحدكم فليتشهد في كل ركعتين ثم ليلحف (3) في المسألة، ثم إذا دعا فليتساكن وليتبئس وليتضعف (4) فمن يفعل ذلك فذاك الخداج أو كالخداج (وعنه من طريق ثالثٍ) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة مثنى مثنى وتشهد وتسلم في كل ركعتين

_ إلى ربك مستقبلًا ببطونهما وجهك تقول يا رب) (1) الخداع معناه هنا الناقص في الأجر والفضيلة (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف أخبرني ابن وهب أنا يزيد بن عياش عن عمران بن أنس عن عبد الله نافع بن أبي العمياء عن المطلب بن ربيعة "الحديث" (3) أي يلح فيها، يقال ألحف في المسألة يلحف إلحافًا إذا ألح فيها ولزمها (نه) (4) أي يظهر الضعف والعجز وعدم القدرة (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا حجاج بن محمد قال شعبة أخبرني عن عبد ربه بن سعيد عن أنس بن أبي أنس من أهل مصر عن عبد الله بن نافع عن عبد الله بن الحارث عن المطلب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الصلاة مثنى مثنى "الحديث" (تخريجه) (د. جه. قط. هق) قال الترمذي سمعت محمد بن إسماعيل (يعني البخاري) يقول روى شعبة هذا الحديث عن عبد ربه بن سعيد فأخطأ في مواضع، فقال عن أنس بن أبي أنس وهو عمران بن أبي أنس، وقال عن عبد الله بن الحارث وإنما هو عبد الله بن نافع بن العمياء عن ربيعة بن الحارث، وقال شعبة عن عبد الله بن الحارث عن المطلب عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هو عن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب عن الفضل بن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال محمد وحديث الليث بن سعد أصح من حديث شعبة اهـ قال الخطابي قال يعقوب بن سفيان في هذا الحديث مثل قول البخاري وخطَّأ شعبة وصوَّب الليث بن سعد، وكذلك قال محمد بن إسحاق بن خزيمة اهـ (قلت) لم يأت شيء من رواية الإمام أحمد مما أخطأ فيه شعبة إلا في الطريق الثالثة من حديث الباب، وإسناد الطريق الأولى والثانية مستقيم، وحديث الليث بن سعد الذي صوبه البخاري والخطابي وابن خزيمة رواه الإمام أحمد والترمذي عن الفضل بن عباس وتقدم

-[افتتاح صلاة الليل بركعتين خفيفتين]- الحديث بنحو ما تقدم (1036) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه سلم إذا قام أحدكم يصلي بالليل فليبدأ (وفي رواية فليفتتح صلاته) بركعتين خفيفتين (1037) عن شرحبيل بن سعدٍ عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في قصة رجوعهم من غزوة الحديبية (1) قال ثم أخذت بزمام ناقته (2) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فأنختها فقام فصلى العتمة وجابرٌ فيما ذكر إلى جنبه (3) ثم صلى بعدها ثلاث عشرة سجدةً (1038) ز عن صفوان بن المعطل السلمي رضي الله عنه قال كنت

_ في باب افتتاح الصلاة والخشوع فيها فهو يعضد حديث الباب والله أعلم بالصواب (1036) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن سلمة عن هشام عن محمد عن أبي هريرة "الحديث" (تخريجه) (م. د. هق) ومحمد بن نصر (1037) (عن شرحبيل بن سعد) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وتخريجه في الباب الرابع من حوادث السنة السادسة بعد الهجرة من كتاب السيرة النبوية وأثبتّ هذا الجزء منه هنا لما فيه من مناسبة الباب (غريبه) (1) بتخفيف الياء عند الأكثر كالشافعي والأصمعي حتى قال ثعلب وهو أحمد بن يحيى لا يجوز فيها غيره، وعند كثير من المحدثين واللغويين بتشديدها، قال الحافظ في الفتح وأنكر كثير من أهل اللغة التخفيف، وقال أبو عبيد البكري أهل العراق يثقلون وأهل الحجاز يخففَّون اهـ وهي اسم بئر كما ثبت في الصحيح عن البراء سمي المكان بها، وقيل شجرة، وقال المحب الطبري قرية قريبة من مكة سميت بالبئر أو الشجرة أكثرها في الحرم وباقيها في الحل، وهي على تسعة أميال من مكة (2) الآخذ بزمام الناقة هو جابر بن عبد الله ري الله عنهما (3) يعني أن جابرًا ذكر لشرحبيل بن سعد أنه كان إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت صلاته العتمة أي العشاء؛ والظاهر أنه كان مقتديًا به، ويحتمل أنه كان إلى جنبه وقت النوم بعد صلاة العشاء تم تيقظ حين قام النبي صلى الله عليه وسلم صلاته الليل وبقي متيقظًا لصلاة الليل وبقي متيقظًا حتى انتهى من صلاته فرآه صلى ثلاث عشرة سجدة يعني ركعة والله أعلم (1038) ز عن صفوان بن المعطل السلمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني

-[من صلى ثم نام ثم صلى جملة مرات في الليلة]- مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فرمقت صلاته ليلةً، فصلى العشاء الآخرة ثم نام، فلما كان نصف اليل استيقظ فتلا الآيات العشر، آخر سورة آل عمران، ثم تسوك ثم توضأ ثم قام فصلى ركعتين، فلا أدري أقيامه أم ركوعه أم سجوده أطول (1) ثم انصرف فنام، ثم استيقظ فتلا الآيات ثم تسوك ثم توضأ ثم قام فصلى ركعتين لا أدري أقيامه أم ركوعه أم سجوده أطول، ثم انصرف فنام ثم استيقظ ففعل ذلك، ثم لم يزل يفعل كما فعل أول مرةٍ (2) حتى صلى إحدى عشرة ركعةً (1039) عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى

_ عبيد الله بن عمرو القواريري ثنا عبد الله بن جعفر أخبرني محمد يوسف عن عبد الله بن الفضل عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث عن صفوان بن المعطل السلمي "الحديث" (1) فيه دليل على تطويل الركوع والسجود في صلاة الليل (2) يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك خمس مرات يصلي في كل مرة ركعتين ثم أوتر بواحدة، ويحتمل أنه فعلهما أربع مرات ثم أوتر بثلاث، وهذا نوع من أنواع صلاته صلى الله عليه وسلم بالليل، وهو تخليل النوم بين الركعات، وقد جاء مثل ذلك عن ابن عباس عند مسلم والإمام أحمد، وتقدم حديثه في باب ما روي عن ابن عباس قبل ذلك بباب (قال الحافظ بن القيم في الهدي) وكان صلى الله عليه وسلم يقطع ورده تارة ويصله تارة وهو الأكثر، ويقطعه كما قال ابن عباس في حديث مبيته عنده أنه صلى الله عليه وسلم استيقظ فتسوك وتوضأ وهو يقول "إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب" فقرأ هؤلاء الآيات حتى ختم السورة ثم قام فصلى ركعتين أطال فيهما القيام والركوع والسجود، ثم انصرف فنام حتى نفخ، ثم فعل ذلك ثلاث مرات بست ركعات كل ذلك يستاك ويتوضأ ويقرأ هؤلاء الآيات، ثم أوتر بثلاث، فأذن المؤذن فخرج إلى الصلاة وهو يقول، اللهم اجعل في قلبي نورًا، وفي لساني نورًا، واجعل في سمعي نورًا، واجعل في بصري نورًا، واجعل من خلفي نورًا، ومن أمامي نورًا، واجعل لي من فوقي نورًا، ومن تحتي نورًا، اللهم اعطني نورًا، رواه مسلم اهـ (تخريجه) الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه ولم أقف على من أخرجه غيره، ويعضده حديث ابن عباس المتقدم (1039) عن أبي أيوف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن

-[صفة صلاته صلى الله عليه وسلم وسواكه وقراءته بالليل]- الله عليه وعلى آله وسلم كان يستاك من الليل مرتين أو ثلاثًا (1) وإذا قام يصلي من الليل صلى أربع ركعاتٍ (2) لا يتكلم ولا يأمر بشيءٍ، ويسلم بين كل ركعتين (1040) عن يعلى بن مملكٍ قال سألت أم سلمة رضي الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالليل وقراءته، فقالت ما لكم ولصلاته ولقراءته (3)، كان يصلي قدر ما ينام، وينام قدر ما يصلي، وإذا هي تنعت (4) قراءة مفسرةً حرفًا حرفًا (1041) ز عن عاصم بن ضمرة قال سئل عليٌّ رضي الله عنه عن صلاة

_ عبيد ثنا واصل عن أبي سورة عن أبي أيوب "الحديث" (غريبه) (1) المراد من ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يكثر السواك خصوصًا في الليل لأن فيه النوم واليقظة والعبادة، والسواك يستحب عند إرادة النوم وعند اليقظة من النوم وعند الصلاة، والعدد لا مفهوم له بل ربما تسوك أكثر من ذلك (2) أي غير الوتر وقد تقدم نحو ذلك عند الإمام أحمد وأبي داود والنسائي من حديث حذيفة بن اليمان وتقدم في الباب الثاني قبل ذلك ببابين، ولفظ أبي داود "قال فصلى أربع ركعات قرأ فيهن البقرة وآل عمران والنساء والمائدة أو الأنعام" وتقدم في الحديث الثاني من الباب الثالث عن ابن عباس بلفظ "ثم نام ثم قام فصلى أربعًا" وفي حديث الباب استحباب السلام في كل ركعتين (تخريجه) رواه الطبراني في الكبير مقتصرًا على الشق الأول منه المختص بالسواك، وفي إسناده واصل بن السائب وهو ضعيف (1040) عن يعلي بن مملك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق قال أخبرني ليث بن سعد قال ثنا عبد الله بن أبي مليكة عن يعلى بن مملك "الحديث" (غريبه) (3) أي ما تصنعون من قراءته وصلاته وأنتم لا تستطيعون أن تفعلوا مثله، لأنه كان يستمر حاله بين نوم وصلاة إلى أن يصبح (4) أي تصف قراءته صلى الله عليه وسلم فقرأت لهم قراءة مفسرة حرفًا حرفًا، أي مرتبة بتأنٍّ حتى إنه ليمكن السامع أن يعد حروفها تحرفًا حرفًا (تخريجه) (الاربعة إلا ابن ماجه) وقال الترمذي بعد إخراجه هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث ليث بن سعد وهو ثقة أخرج عند الجماعة فلا يضر تفرده اهـ. (1041) ز عن عاصم بن ضمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني العباس

-[مقدار نوافل الليل]- رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل ست عشرة ركعةً (1) (وعنه من طريقٍ ثانٍ) عن عليٍ رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ست عشرة ركعةً سوى المكتوبة (1042) ز وعنه أيضًا عن عليٍ ري الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يصلي من التطوع ثمان ركعاتٍ وبالنهار ثنتي

_ ابن الوليد ثنا أبو عوانة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة "الحديث" (غريبه) (1) الظاهر والله أعلم أن المراد بصلاة الليل في هذا الحديث ما يقابل صلاة النهار من نوافل الليل غير الوتر، وبيان ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد المغرب، وست ركعات بعد العشاء، وثمان ركعات سنة التهجد بعد النوم، فهذه ست عشرة ركعة غير الوتر، وبهذا تتفق جميع الروايات، وكل ما ذكرنا ثابت بالأحاديث الصحيحة، وتقدم الكلام على الركعتين بعد المغرب والست ركعات بعد العشاء في بابيهما، وسيأتي الكلام على الثمان الركعات في شرح الحديث التالي (2) (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبو عبد الرحمن بن عمر ثنا عبد الرحيم يعني الرازي عن العلاء بن المسيب عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي "الحديث" (غريبه) (3) قوله سوى المكتوبة يشعر بأن المراد نوافل الليل مطلقًا لا خصوص التهجد، فيدخل فيها سنة المغرب العشاء، ويؤيد ذلك أن عليًا رضي الله عنه روى حديث تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار فعدَّ ست عشرة ركعة لم يذكر فيها راتبة المغرب والعشاء فجعلها من صلاة الليل، والحديث المشار إليه تقدم في باب جامع تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار فارجع إليه (تخريجه) هذا الحديث بطريقيه من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه، ولم أقف عليه لغيره وسنده جيد (1042) ز وعنه أيضًا عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عثمان بن أبي شيبة ثنا سعيد بن خيثم أبو معمر الهلالي ثنا فضيل بن مرزوق عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة "الحديث" (غريبه) (4) يعني غير الوتر وقد ثبت مثل ذلك عند مسلم والإمام أحمد "وسيأتي" عن عائشة رضي الله عنها قالت "ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة يصلي أربعًا لا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي أربعًا فلا تسأل عن حسنهن وطولهن ثم يصلي ثلاثًا" تعني بالثلاث

-[صفة صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وصيامه في التطوع]- عشرة ركعة (1) (1043) عن حميدٍ قال سئل أنسٌ رضي الله عنه عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فقال ما كنا نساء أن نراه من الليل مصليًا إلا رأيناه وما كنا نشاء أن نراه قائمًا إلا رأيناه وكان يصوم من الشهر حتى نقول لا يفطر منه شيئًا ويفطر حتى نقول لا يصوم منه شيئًا (2) (1044) عن ربيعة بن كعبٍ الأسلمي (3) قال كنت أبيت عند باب رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيه وضوءه (وفي روايةٍ كنت أنام في حجرة النبي صلى الله عليه وآله

_ الوتر (1) لم يفصّلها في هذا الحديث، وقد جاءت مفصلة عنه في روايات أخرى، وهي ركعتان قبل صلاة الصبح، وأربع قبل الظهر وركعتان بعدها، وأربع قبل العصر، وقد تقدم ذلك مفصلًا في باب جامع تطوع النبي صلى الله عليه وسلم بالنهار، وفي أبواب رواتب الفرائض كل في بابه "فإن قيل" ما تقدم عن علي من أن صلاة النهار ست عشرة ركعة يخالف ما هنا، فكيف الجمع بين الروايتين (قلت) إنه عد في تلك الرواية أربع ركعات سنة الضحى مصرحًا بها، وتركها في هذه والله أعلم (تخريجه) (عل) وقال الهيثمي رجال الصحيح خلا عاصم بن ضمرة، وهو ثقة ثبت (1043) عن حميد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن حميد قال سئل أنس "الحديث" (غريبه) (2) معنى الحديث أن أمره صلى الله عليه وسلم في العبادة كان قصدًا لا إفراط ولا تفريط؛ يعني ينام بالليل ويقول، ولا يقوم الليل كله، ولا ينام فيه كله، وأحيانًا كان صلى الله عليه وسلم يقوم تارة وينام أخرى، يفعل ذلك المرات في الليل كما تقدم في بعض أحاديث الباب، فمنهم من يتفق رؤيته مصليًا، ومنهم من يتفق رؤيته نائمًا، قالوا كانت صلاته نصف الليل ونومه نصفه، وكذلك صومه صلى الله عليه وسلم في التطوع كان قصدًا لا إفراط ولا تفريط فكان يصوم في الشهر حتى يظنوا أنه لم يفطر، ويفطر حتى يظنوا أنه لم يصم بحسب ما يتيسر له (تخريجه) (خ. نس. وغيرهما) (1044) عن ربيعة بن كعب (سنده) حديثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمر، قال ثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال حدثني ربيعة بن كعب الأسلمي قال كنتت ابيت "الحديث" وله طريق ثان حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن الزهري عن يحيى بن أبي كثير به (غريبه) (3) ربيعة بن كعب هذا كان من أهل الصُّفة وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فكان يعطف عليه كثيرًا

-[كلام العلماء في أحكام صلاة الليل]- وصحبه وسلم فأسمعه بعد هوىٍ (1) من الليل يقول سمع الله لمن حمده، وأسمعه بعد هوىٍ من الليل يقول الحمد لله رب العالمين (وفي روايةٍ) ثم يقول سبحان الله العظيم وبحمده الهوى (2) (أبواب الوتر) (1) باب ما جاء في فضل الوتر وتأكيده وحكم (1045) عن عليٍ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا أهل القرآن أوتروا (3) فإن الله عز وجل وترٌ (3) يحب الوتر

_ وكان يأخذه في بعض الليالي للمبيت عنده، فكان يسمع أذكار النبي صلى الله عليه وسلم في التهجد فأخبر بما سمع (1) بفتح الهمزة وتشديد الياء التحتانية، أي بعد مضي زمن طويل من الليل (2) أي يقول ذلك زمنًا طويلًا، ويستفاد منه تطوير صلاة الليل وأذكارها وقراءتها، وتقدم الكلام على ذلك (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (الأحكام) في أحاديث الباب دليل على أن صلاة الليل تكون مثنى مثنى، وهو الأفضل، وبه قال جمهور العلماء (وفيها) ت أكيد الخشوع والتذلل لله تعالى واستحضار القلب في الصلاة في هذه الأوقات، لأنها ساعات يُقبِل الله فيها على عباده المخلصين الخاشعين ويفيض عليهم من رحمته ورضوانه (وفيها) دليل على أن صلاة الليل ثلاث عشرة ركعة، وتقدم الكلام على ذلك (وفيها) أن صلاته صلى الله عليه وسلم من الليل قدر نومه (وفيها) استحبابه تطويل صلاة الليل وأذكارها وقراءتها قدر ما يستطيع (وفيها) استحباب القصد في الأعمال الصالحة والمداومة عليها، وتقدم الكلام على ذلك كله في أبواب متفرقة، وتقدم ذكر مذاهب الأئمة في ذلك والله أعلم (1045) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن بحر ثنا عيسى بن يونس ثنا زكريا عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي "الحديث" (غريبه) (3) قال الخطابي أهل القرآن في عرف الناس هم القرَّاء والحفاظ دون العوام، قال وتخصيصه أهل القرآن بالأمر فيه يدل على أن الوتر غير واجب ولو كان واجبًا لكان عامًا (قلت) ويحتمل أن يكون المراد بهم عامة المؤمنين أعني من آمن بالقرآن وصدق به وأتمر بأوامره وانتهى بنوا هيه؛ وهذا في نظري أعم وأولى (4) أي

-[فضل الوتر والحث على فعله]- (1046) عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله وترٌ يحب الوتر، قال نافعٌ وكان ابن عمر لا يصنع شيئًا إلا وترًا (1047) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (1048) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يوتر فليس منا (1049) عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ واحد في ذاته وصفاته وأفعاله سبحانه واحد أحد فرد صمد، لا شريك في له ملكه ولا ولد، ليس كمثله شيء وهو السميع البصير (وقوله يحب الوتر) أي يقبله من فاعله ويثيبه عليه والأمر في الحديث محمول على السُّنيّة عند جمهور العلماء، وسيأتي الكلام عليه في الأحكام (تخريجه) أخرجه أبو داود بلفظ حديث الباب، ورواه النسائي والترمذي عن علي رضي الله عنه قال "الوتر ليس بحتم كهيئة المكتوبة ولكنه سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم" ورواه ابن ماجه بلفظ "أن الوتر ليس بحتم ولا كصلاتكم المكتوبة، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر فقال يا أهل القرآن أوتروا فإن الله عز وجل وتر يحب الوتر" وحسنه الترمذي وصححه الحاكم (1046) عن نافع عن عبد الله بن عمر (سنده) حدثنا عبد حدثني أبي هارون أنا ابن وهيب سمعت عبد الله بن عمر يحدث عن نافع عن عبد الله بن عمر "الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار ورواته موثقون (1047) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله وتر يحب الوتر (تخريجه) أخرجه أيضًا محمد بن نصر وسنده جيد (1048) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا خليل بن مرة عن معاوية بن قرة عن أبي هريرة "الحديث" (غريبه) (1) أي ليس على سنتنا (تخريجه) أخرجه أيضًا ابن أبي شيبة وفي إسناده الخليل بن مرة، قال فيه أبو زرعة شيخ صالح وضعفه أبو حاتم والبخاري (1049) عن بريدة الأسلمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحسن ابن يحيى ثنا الفضل بن موسى عن عبيد الله العتكي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه (بريدة

-[حجة من قال بوجوب الوتر وردّ ذلك]- الوتر حقٌ (1) فمن لم يوتر فليس منا قالها ثلاثًا (2) (1050) عن محمد بن يحيى بن حبان أن ابن محيريزٍ القرشي ثم الجُمحي (3) أخبره وكان بالشام وكان قد أدرك معاوية، فأخبره أن المخدجي (4) رجلًا من بني كنانة أخبره أن رجلًا من الأنصار كان بالشام يكنى أبا محمدٍ (5) أخبره أن الوتر واجبٌ، فذكر المخدجي أنه راح إلى عبادة بن الصامت فذكر له أن أبا محمدٍ يقول الوتر واجبٌ، فقال عبادة بن الصامت كذب أبو محمدٍ (6) سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول (خمس صلواتٍ

_ الأسلمي) رضي الله عنه "الحديث" (غريبه) (1) أي ثابت وهو مصدر حق الشيء أي ثبت (2) يعني كرر لفظ "الوتر حق فمن لم يوتر فليس منا" ثلاث مرات كما جاء ذلك في رواية أبي داود (تخريجه) (د. ك) بلفظ حديث الباب أي بدون تكرير، وقال هذا حديث صحيح (1050) عن محمد بن يحيى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا يحيى يعني ابن سعيد عن محمد بن يحيى الخ (غريبه) (3) بضم الجيم وفتح الميم ثم حاء مهملة منسوب إلى جمع بن عمر بن هضيض (4) بميم مضمومة ومعجمة ساكنة وكسر الدال المهملة وفتحها بعدها جيم فتحتية آخره، منسوب إلى مخدج بن الحارث كذا في الترتيب؛ وقال ابن عبد البر لقب، وليس ينسب في شيء من قبائل العرب، قال وهو مجهول لا يعرف بغير هذا الحديث، وقيل اسمه رفيع (5) هو أنصاري صحابي، قال الحافظ في الإصابة قيل اسمه مسعود ابن أوس بن زيد بن أصرم، وقيل مسعود بن زيد بن زيد بن سبع، وقيل اسمه فيس بن عامر بن الحارث الخولاني حليف بني حارثة من الأوس، وقيل مسعود بن يزيد عداده في الشاميين وسكن داريا، وقيل اسمه سعد بن أوس، وقيل قيس بن عباية؛ قال ابن يونس شهد فتح مصر، وقال ابن سعد مات في خلافة عمر، وزعم ابن الكلبي أنه شهد بدرًا ثم شهد مع علي صفين، وفي كتاب قيام الليلة لمحمد بن نصر من طريق عبد الله بن محيريز عن رفيع قال تذاكرنا الوتر فقال رجل من الأنصار يكنى أبا محمد من الصحابة إن الوتر واجب انتهى (6) قال الباجي أي وهم وغلط، والكذب على ثلاثة أوجه (أحدها) أن وجه السهو فيما خفي

-[حجة من قال بعدم وجوب الوتر]- كتبهن (1) الله تبارك وتعالى على العباد من أتى بهن لم يضع منهن شيئًا استخفافًا بحقهن (2) كان له عند الله تبارك وتعالى عهد (3) أن يدخله الجنة، ومن لم يأت بهن فليس له عند الله عهد، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. (1051) عن نافع سأل رجل ابن عمر عن الوتر أواجب هو؟ فقال أوتر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والمسلمون (4) (ومن)

_ عليه ولا إثم فيه (ثانيها) أن يتعمده فيما لا يجل فيه الصدق كأن يسئل عن رجل يراد قتله ظلمًا فيجب الكذب ولا يخبر بموضعه (والثالث) يأثم فيه صاحبه، وهو قصد الكذب فيما يحرم فيه قصده (1) أي فرضهن كما جاء مصرحً بذلك في بعض الروايات عن (عبادة افترضهن الله عز وجل على العباد) فأفاد أنه لم يكتب غيرهن ومنه الوتر (2) قال الباجي احترازًا من السهو والنسيان الذي لا يمكن أحد الاحتراز منه إلى من خصه الله بالعصمة، وقال ابن عبد البر ذهبت طائفة إلى أن التضييع للصلاة المشار إليه هنا أن لا يقيم حدودها من مراعاة وقت وطهارة وإتمام ركوع وسجود ونحو ذلك وهو مع ذلك يصليها اهـ ويؤيده رواية الترمذي وأبي داود والإمام أحمد من وجه آخر عن عبادة عن النبي صلى الله عليه وسلم (خمس صلوات افترضهن الله، من أحسن وضوءهن وصلاهن لوقتهم وأتم ركوعهن وسجودهن وخشوعهن كان له عند الله عهد أن يدخله الجنة) أي مع السابقين أو من غير تقدم عذاب، ووجه استدلال عبادة بهذا على أن الوتر ليس بواجب، جعله العهد لمن جاء بهن، فيفيد دخولها وأن لم يجيء بغيرهن ومنه الوتر (3) أي أمان وميثاق، وعهد الله واقع لا محالة، لن يخلف الله عهده، وجملة أن يدخله الجنة خبر مبتدأ مقدر، أي هو أن يدخله الخ أو صفة عهد، أو بدل من عهد، أي فهو تحت المشيئة إن شاء عذبه عدلا وإن شاء أدخله الجنة برحمته فضلًا (وفيه) أن تارك الصلاة لا يكفر، وتقدم الكلام على حكم تارك الصلاة في باب حجة من لم يكفر تارك الصلاة في أول كتاب الصلاة والله أعلم (تخريجه) (لك. د. نس. جه) من طريق مالك، وصححه ابن حبان والحاكم وابن عبد البر، وجاء من وجه آخر عن عبادة بنحوه في (د. مذ. نس. هق) والإمام أحمد أيضًا وتقدم، وله شاهد عند محمد بن نصر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص. (1051) عن نافع سأل رجل ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عمر بن محمد عن نافع الخ (غريبه) (4) قال ابن

-[حجة من قال بوجوب الوتر]- طريق ثانٍ) (1) قال رجل لابن عمر أرأيت الوتر أسنة هو؟ قال ما سنة؟ (2) أوتر رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وأوتر المسلمون، قال لا أسنة هو، قال مه أتعقل؟ أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأوتر المسلمون. (1052) عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي قاضي إفريقية أن معاذ ابن جبل رضي الله عنه قدم الشام وأهل الشام لا يوترون، فقال لمعاوية مالي أرى أهل الشام لا يوترون؟ فقال معاوية وواجب ذلك عليهم؟ قال نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يقول زادني (3) ربي عز وجل صلاة وهي الوتر، ووقتها ما بين العشاء إلى طلوع الفجر (4)

_ عبد الملك خشي ابن عمر رضي الله عنهما إن قال واجب يظن السائل وجوب الفرائض وإن قال غير واجب يتهاون به ويتركه، فأخبره أنه سنة معمول بها، ولو كان واجبًا عنده لأفصح له بوجوبه (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاذ ثنا ابن عوف عن مسلم مولى لعبد القيس قال معاذ كان شعبة يقول القرى قال قال رجل لابن عمر الخ (2) أي ماذا تعني بقولك سنة؟ أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ، فلما كرر عليه السؤال قال له ابن عمر (مه) يعني اكفف عن الألحاح (وقوله أتعقل) يعني إن كنت ذا عقل فاكفف عن الألحاح واسمع ما أقول لك، أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون فاقتد بهم وأفعل الوتر، وقد تقدم توجيه إبهام ابن عمر الجواب على السائل والله أعلم (تخريجه) أخرجه الإمام مالك في الموطأ بلاغًا أي غير متصل بلفظ (مالك بلغة أن رجلًا سأل عبد الله بن عمر عن الوتر أواجب هو الحديث) بنحو حديث الباب، وقد وصله ابن عبد البر في التمهيد. (1052) عن عبد الرحمن بن رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف قال عبد الله وسمعته أنا من هارون ثنا ابن وهب أخبرني يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي (الحديث) (غريبه) (3) قال الخطابي معناه الزيادة في النوافل وذلك أن نوافل الصلاة شفع لا وتر فيها فقيل أمدكم بصلاة وزادكم صلاة لم تكونوا تصلونها قبل؟ على تلك الهيئة والصورة وهي الوتر (4) فيه دليل على أن الوتر لا يقضي بعد طلوع الفجر، وإليه ذهب مالك والشافعي وأحمد وهو قول عطاء، قاله الخطابي وسيأتي الكلام على ذلك في أحكام الباب التالي (تخريجه) لم أقف على من

-[مذاهب العلماء في حكم الوتر]- (1053) عن علي رضي الله عنه قال الوتر ليس يحتم (1) كالصلاة وكلنه سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (2)

_ أخرجه غير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه عبيد الله بن زحر وهو ضعيف متهم، ومعاوية لم يتأمر في زمن معاذ اهـ. 1053) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثن أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه (الحديث) (غريبه) (1) الحتم اللازم الواجب الذي لابد من فعله (نه) (2) أي جعله مسنونًا غير حتم (تخريجه) (نس. مذ) وحسنه وصححه الحاكم كذا في التلخيص (وفي الباب) عن ابن مسعود عند البراز بلفظ (الوتر واجب على كل مسلم) وفي إسناده جابر الجعفي وقد ضعفه الجمهور ووثقه النووي (وعنه أيضًا) عند الطبراني في الصغير بلفظ (الوتر واجب على أهل القرآن) (وعن ابن عباس) عند الإمام أحمد وسيأتي في الضحية والطبراني والدراقطني والبيهقي بلفظ (ثلاث على فرائض وهي لكم تطوع النحر والوتر وركعتا الفجر) (وعن أنس) رضي الله عنه عند الدارقطني بلفظ (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت بالوتر والأضحى ولم يعزم على) وفي إسناده عبد الله بن محرز وهو ضعيف (وعن جابر) عند المروزي (إني كرهت أو خشيت أن يكتب عليكم الوتر) (وعن عائشة) عند الطبراني في الأوسط بلفظ (ثلاث هن على فريضة وهن لكم سنة الوتر والسواك وقيام الليل) (الأحكام) أحاديث الباب وما ذكر معها تدل على فضل صلاة الوتر وتأكيدها والحث على فعلها وأنها هي وركعتا الفجر أكد النوافل للاختلاف في وجوبهما، وتقدم الكلام على ركعتي الفجر (وفي أحاديث الباب الأول) أيضًا ما يدل على وجوب الوتر، كقوله صلى الله عليه وسلم فليس منا، وقوله الوتر حق، وقوله الوتر واجب (وفيها) ما يدل على عدم الوجوب، وهو بقية الأحاديث فتكون صادقة لما يشعر بالوجوب، وحكى الخطابي الإجماع على عدم وجوبه، يعني كونه فرضًا فقال، وقد أجمع العلماء على أن الوتر ليس بفريضة إلا أنه يقال إن في رواية الحسن بن زياد عن أبي حنيفة أنه قال هو فريضة وأصحابه لا يقولون بذلك، فإن صحت هذه الرواية فإنه مسبوق بالإجماع فيه اهـ قال الشوكاني (وقد ذهب الجمهور) إلى أن الوتر غير واجب بل سنة، وخالفهم أبو حنيفة فقال إنه واجب، وروى عنه أنه فرض، وتمسك بالأدلة الدالة على الوجوب، وأجاب عليه الجمهور بالأحاديث الدالة على عدمه، قال ابن المنذر ولا أعلم أحدًا وافق أبا حنيفة في هذا، قال الشوكاني (ومن لأدلة الدالة على عدم وجوب الوتر) ما اتفق عليه

-[وقت الوتر فيما صلاة العشاء إلى صلاة الفجر]- (2) باب ما جاء في وقته (1054) عن أبي تميم الجيشاني رضي الله عنه أن عمرو بن العاص خطب الناس يوم الجمعة فقال إن أبا بصرة (1) حدثني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله زادكم صلاة وهي الوتر، فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الفجر، قال أبو تميم فأخذ بيدي أبو ذرٍ فسار في المسجد إلى أبي بصره رضي الله عنه، فقال أنت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما قال عمرو، قال أبو بصرة أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (ومن طريقٍ ثان (2) بنحوه وزاد) فانطلقنا إلى أبي بصرة

_ الشيخان من حديث طلحة بن عبيد الله قال (جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل نجد) الحديث وفيه (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس صلوات في اليوم والليلة، قال هل على غيرها؟ قال لا إلا أن تطوع) وروى الشيخان أيضًا من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معاذًا إلى اليمن الحديث وفيه (فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة) وهذا من أحسن ما يستدل به؛ لأن بعث معاذ كان قبل وفاته صلى الله عليه وسلم بيسير (وأجاب الجمهور أيضًا) عن أحاديث الباب المشعرة بالوجوب بأن أكثرها ضعيف، وهو حديث أبي هريرة وعبد الله بن عمر وبريدة وسليمان بن صرد وابن عباس وابن مسعود وابن أبي أوفى وعقبة بن عامر ومعاذ بن جبل كذا قال العراقي، وبقيتها لا يثبت بها المطلوب لاسيما مع قيام ما أسلفناه من الأدلة الدالة على عدم الوجوب، أفاد الشوكاني. (1054) عن أبي تميم الجيشاني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني علي بن إسحاق ثنا عبد الله يعني أن المبارك أنا سعيد بن يزيد حدثني ابن هبيرة عن أبي تميم الجيشاني (الحديث) (غريبه) (1) هو ابن بصرة بن أبي بصرة وقاص بن حبيب بن غفار، وقيل ابن حاجب من غفار صحابي جليل، قال ابن يونس شهد مصر واختط بها ومات بها ودفن في مقبرتها، وقال أبو عمر كان يسكن الحجاز ثم تحول إلى مصر، ويقال إن عزة صاحبة كثير من ذريته، وإلى ذلك أشار كثير بقوله في شعره (الحاجبية) وأنكر ذلك ابن الأثير فقال ليس في نسب عزة لأبي بصرة ذكر، أفاده الحافظ في الإصابة (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحي بن إسحاق أنا ابن لهيعة أنا عبد الله بن هبيرة قال سمعت أبا تميم الجيشاني يقول سمعت عمرو بن العاص يقول أخبرني رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم

-[وجوب الاحتياط في نقل الحديث والتوثق من مصدره]- فوجدناه عند الباب الذي يلي دار عمرو بن العاص، فقال أبو ذرٍ يا أبا بصرة أنت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل زادكم صلاة، فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح، الوتر الوتر، قال نعم، أنت سمعته؟ (1) قال نعم، قال أنت سمعته؟ قال نعم. (1055) عن الأشعث بن قيسٍ قال ضفت (2) عمر رضي الله عنه

_ وعلى آله وسلم يقول إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال (إن الله عز وجل زادكم صلاة فصلوها فيما بين صلاة العشاء إلى صلاة الصبح الوتر الوتر ألا وإنه أبو بصرة الغفاري، قال أبو تميم فكنت أنا وأبو ذر قاعدين، قال فأخذ بيد أبو ذر فانطلقنا إلى أبي بصرة الخ الحديث) (1) أصله أأنت سمعته بتحقيق الهمزتين فأبدلت الثانية ألفًا كقوله تعالى (قل آلله أذن لكم) وكرر الجملة مرتين للتوثيق والاحتياط في نقل الحديث وتحمله، وهكذا كان السلف الصالح رضوان الله عليهم لا ينقلون الحديث إلا إذا توثقوا من مصدره، أما الآن فقد تساهل العلماء في نقل الحديث وروايته، فتراهم يأخذون الحديث من أي كتاب وجدوه يستدلون لأغراضهم قائلين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا وربما كان موضوعًا أو ضعيفًا لا يحتج به، حتى بعض خطباء المساجد يفعلون ذلك، وهذا حرام لا يجوز فعله، فالواجب على من يريد العمل بالحديث أو الإفتاء به أن يتحرى الأحاديث الصحيحة أو الحسنة ولا يأخذها إلا من الأصول المعتبرة التي التزم أصحابها صحة جميع ما فيها كصحيحي البخاري ومسلم أو من غيرهما بشرط أن يصححه أو يحسنه أحد رجال أئمة الحديث، ويمكن الطالب أن يكتفي بكتابي هذا (الفتح الرباني) بعد مراجعة شرحه فإنه أجمع الأصول المعتبرة في السنة، فيه كل ما يحتاجه الإنسان لزاده ومعاذ، وقد وفقى الله تعالى وله الحمد والمنة للكلام في شرحه على بيان درجة كل حديث فيه والله الموفق (تخريجه) (طب) قال الهيثمي وله إسنادان عند أحمد أحدهما رجاله رجال الصحيح خلا علي بن إسحاق شيخ أحمد وهو ثقة (قلت) بالصحيح الطريق الأول، أما الطريق الثاني ففي إسناده ابن لهيعة فيه مقال. (1055) عن الأشعث بن قيسٍ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود يعني أبا داود الطيالسي قال ثنا أبو عوانة عن داود الأودي عن عبد الرحمن المسلمي عن الأشعث بن قيس (الحديث) (غريبه) (2) أي نزلت به

-[الحث على الوتر قبل النوم لمن لم يثق بالقيام قبل الفجر]- فتناول امرأته فضربها وقال يا أشعث أحفظ عني ثلاثًا حفظتهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، لا تسأل الرجل فيم ضرب امرأته (1) ولاتنم إلا على وترٍ (2) ونسيت الثالثة (1056) عن علي رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر في أول الليل وفي وسطه وفي آخره، ثم ثبت له الوتر في آخره. (1057) ز وعنه أيضًا رضي الله عنه في زوائد عبد الله على مسند أبيه مثله. (1058) وعنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال كان يوتر عند

_ ضيفًا (1) أي؛ لأنه من السؤال فيما لا يعني وهو مذموم، وهذا إذا كان أجنبيًا عنها، أما إذا كان ولي أمرها فله ذلك لأجل الإصلاح (2) هذا إذا كان لا يأمن القيام قبل الفجر، أما إذا أمنه فيستحب له تأخيره ليكون آخر صلاته لحديث جابر عند مسلم والترمذي والإمام أحمد وغيرهم، وسيأتي آخر الباب (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة محضورة وذلك أفضل) (تخريجه) أخرجه أيضًا أبو داود الطيالسي في مسنده، وفي إسناده داود الأودي ضعيف. (1056) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل ثنا مطرف عن أبي إسحاق عن عاصم عن علي رضي الله عنه (الحديث) (تخريجه) أخرجه ابن ماجة علن علي بلفظ (من كل الليل أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوله وأوسطه وانتهى وتره إلى السحر) قال العراقي وإسناده جيد، وله شاهد عند الطبراني عن أبي موسى قال (كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم أحيانًا أول الليل ووسطه ليكون سعة للمسلمين) وله شاهد أيضًا من حديث أبي مسعود وعائشة وسيأتيان في هذا الباب. (1057) (ز (وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عبيد الله بن القواريري حدثني يزيد بن زريع حدثني شعبة عن أبي إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال (من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، من أوله وأوسطه وآخره، وانتهى وتره إلى آخر الليل)، (تخريجه) أخرجه لم أقف عليه وسنده جيد، وله شاهد من حديث عائشة الآتي بعضده. (1058) وعنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن أبي العباس ثنا شريك عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

-[تفضيل تأخير الوتر إلى آخر الليل لمن وثق من نفسه بالقيام]- الأذان (1) ويصلي الركعتين (وفي رواية ويصلي ركعتي الفجر) (2) عند الإقامة. (1059) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال الوتر بليل (3) (1060) خط عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال لأبي بكر متى توتر؟ قال أول الليل بعد العتمة، قال فأنت يا عمر، قال آخر الليل، قال أما أنت يا أبا بكر فأخذت بالثقة (4) وأما أنت يا عمر فأخذت بالقوة (5). (1061) عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يقول من صلى بالليل فليجعل آخر صلاته وترًا فإن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أمر بذلك، فإذا كان

_ كان يوتر (الحديث) (غريبه) (1) أي أذان الفجر في بعض الأحيان لعذر، أو لبيان الجواز، وكان غالب وتره صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قبل ذلك بقليل (2) أي سنة الفجر على خلاف عادته لبيان الجواز، أما عادته فقد كان يصليها بعد الأذان مباشرة وقبل الإقامة، وكان يضطجع بعدهما، وتقدم ذلك في (باب تعجيلهما) أعني ركعتي الفجر، والضجعة بعدهما، فارجع إليه (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد. (1059) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا يحيى عن أبي نضرة عن أبي سعيد (الحديث) (غريبه) (3) أي وقته بالليل (تخريجه) (م. والأربعة) بلفظ (أوتروا قبل أن تصبحوا) (1060) خط عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله قال وجدت في كتاب أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا زائدة ثنا عبد الله بن محمد عن جابر بن عبد الله (الحديث) (غريبه) (4) أي بالحزم والاحتياط كما في رواية عند أبي داود (فقال لأبي بكر أخذ هذا بالحزم) أي بالضبط والاحتياط، يقال حزم الرجل أمره ضبطه (5) أي بقوة العزيمة على القيام آخر الليل (تخريجه) (د. هق. ل) من حديث أبي قتادة وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وأخرجه أيضًا الطبراني في الأوسط والبراز عن أبي هريرة، ورواه ابن نصر عن ابن عمر. (1061) عن نافع أن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا

-[فوات الوقت المستحب للوتر بطلوع الفجر]- الفجر فقد ذهب كل صلاة الليل والوتر (1) فإن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال أوتر وأقبل الفجر. (1062) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن الوتر فقال أوتروا قبل الصبح. (1063) عن أبي مسعود عقبة بن عمرٍو الأنصاري رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يوتر أول الليل وأوسطه وآخره. (1064) عن عائشة رضي الله عنهما قالت من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فانتهى وتره إلى السحر. (1065) وعنها أيضًا كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله

_ عبد الرزاق وابن بكر قالا أنا ابن جريح حدثني سليمان بن موسى ثنا نافع أن ابن عمر (الحديث) (غريب) (1) أي إلا إذا نام عنه فله أن يقضيه ولو بعد طلوع الفجر (تخريجه) (مذ. ك) وصححه وأقره الذهبي. (1062) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي صنا هاشم ثنا أبو معاوية يعني شيبان عن يحي عن أبي نضرة العوفي أن أبا سعيد الخدري أخبره قال سألت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (الحديث) (تخريجه) (م. مذ. نس. حه. ك) وصححه. (1063) عن أبي مسعود عقبة بن عمرٍو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله بن المثني قال ثنا هشام بن أبي عبد الله الدستوائي قال ثنا حماد عن إبراهيم عن أبي عبيد الله الجدلي عن أبي مسعود عقبة بن عمرو (الحديث) (تخريجه) (طب) قال العراقي وإسناده صحيح. (1064) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة، وابن جعفر ثنا شعبة عن سليمان قال سمعت أبا الضحى عن مسروق عن عائشة قالت (الحديث) (تخريجه) (ق. والأربعة) (1065) وعنها أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان

-[جواز فعل الوتر بعد طلوع الفجر وقبل صلاة الصبح]- وسلم ربما أوتر قبل أن ينام، وربما أوتر بعد أن ينام، وربما اغتسل قبل أن ينام، وربما نام قبل أن يغتسل من الجنابة. (1066) عن أبي نهيك أن أبا الدرداء رضي الله عنه كان يخطب الناس أن لا وتر لمن أدرك الصبح، فنطلق رجال من المؤمنين إلى عائشة رضي الله عنها فأخبروها، فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح فيوتر. (فصل منه في أن وقته المستحب آخر الليل) (1067) عن عد خير قال خرج علينا علي بن أبي طالب ونحن

_ عن بردٍ عن عبادة بن نسى عن غضيف بن الحارث عن عائشة (الحديث) (تخريجه) رواه أبو داود بمعنى حديث الباب، ورواه ابن ماجه في باب القراءة في صلاة الليل مقتصرًا على الفصل الأول منه ورواه (نس. ك. هق) مقتصرًا على الفصل الأخير منه وسنده جيد، وأخرجه مسلم والترمذي وأبو داود واللفظ له عن عبد الله بن أبي قيس قال سألت عائشة عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت (ربما أوتر أول الليل، وربما أوتر من آخره، قلت كيف كانت قراءته أكان يسر بالقراءة أم يجهر؟ قالت كل ذلك كان يفعل، ربما أسر، وربما جهر، وربما أغتسل فنام، وربما توضأ فنام، قال أبو داود وقال غير قتيبة تعني في الجنابة. (1066) عن أبي نهيك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح قال ثنا ابن جريح قال أخبرني زياد أن أبا نهيك أخبره أن أبا الدرداء كان يخطب (الحديث) (تخريجه) (هق) وروى حديثًا آخر عن أم الدرداء عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال (ربما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يوتر وقد قام الناس لصلاة الصبح، قال البيهقي تفرد به حاتم بن سالم البصري، ويقال له الأعرجي، وحديث ابن جريح أصح من ذلك والله أعلم (قلت) يعني حديث الباب؛ لأن الإمام أحمد رحمه الله رواه من طريق جريح عن زياد عن أبي نهيك كما رواه البيهقي، وله شاهد أيضًا عند البيهقي عن ابن عمر (أن النبي صلى الله عليه وسلم أصبح فأوتر) قال البيهقي كذا وجدته في الفوائد الكبير اهـ. (1067) عن عد خير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا غسان ابن الربيع ثنا أبو إسرائيل عن السدى عن عبد خير قال خرج علينا (الحديث)

-[استحباب فعل الوتر في آخر لحظة من الليل]- في المسجد فقال أين السائل عن الوتر؟ (1) فمن كان منا في ركعةٍ شفع إليها أخرى (2) حتى اجتمعنا إليه، فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر أول الليل ثم أوتر في وسطه، ثم أثبت الوتر في هذه الساعة، قال وذلك عند طلوع الفحر. (1068) عن رجل من بني أسدٍ قال خرج علينا علي بن أبي طالب رضي الله عنه فسألوه عن الوتر، قال فقال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توتر هذه الساعة ثوب (3) با ابن التواح أو أذن أو أثم (وفي لفظٍ) قال خرج على حين

_ (غريبه) (1) سببه ما رواه البيهقي بسنده عن عاصم بن ضمرة أن ثومًا أتوا عليا فسألوه عن الوتر فقال سألتم أحدًا غيري؟ فقالوا سألنا أبا موسى فقال لا وتر بعد الأذان، فقال لقد أغرق في النزع فأفرط في الفتوى، كل شيء ما بينك وبين صلاة الغداة وتر، متى أوترت فحسن (ومعنى أغرق في النزع) قال في الصحاح نزع القوس إذا مدها، وأغرق في النزع أي استوفى مدها وبالغ في نزعها ليكون مرماه أبعد اهـ (2) فيه أن من كان يصلي تطوعًا وطرأ عليه أمرهم يستدعي خروجه من الصلاة أن لا يسلم من ركعة بل يضم إليها أخرى ويخرج عن شفع، والظاهر أنهم كانوا في صلاة الليل (وقوله وذلك عند طلوع الفجر) أي قبيل طلوعه بشيء يسير أخذًا من قوله صلى الله عليه وسلم (أوتروا قبل الفجر) وقوله صلى الله عليه وسلم (الوتر بليل) وقوله صلى الله عليه وسلم (بادروا الصبح بالوتر) أما ما ورد من فعله بعد طلوع الفجر فيحمل على أن ذلك كان لبيان الجواز أو لمن نسيه أو نام عنه، ومعنى الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يوتر أحيانًا في أول الليل، وأحيانًا في وسطه، وأحيانًا في آخره، وكان آخر أمره صلى الله عليه وسلم ثبوته على فعل الوتر آخر الليل قبيل الفجر والله أعلم (تخريحه) أخرجه ابن ماجه بدون حكاية عبد حير وقال العراق إسناده جيد، قلت ويشهد له حديث عائشة المتقدم. (1068) عن رجل من بني أسدٍ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ثنا أبو نوح يعني فرادًا أنبأنا شعبة عن أبي التياح سمعت عبد الله بن أبي الهذيل يحدث عن رجل من بين أسد (الحديث) (غريبه) (3) التثويب معناه الرجوع إلى الشيء، والمراد به في الأذان قوله المؤذن (الصلاة خير من النوم) بعد قوله (حي على الفلاح) (وسمي تنويبًا؛ لأن المؤذن إذا قال حي على الصلاة حي على الفلاح فقد دعاهم إليها، وإذا قال بعدها الصلاة خير من النون فقد رجع إلى كلام معناه المبادرة إليها، ويستفاد منه أن ذلك كان وقت

-[تفضيل صلاة الوتر قبل طلوع الفجر وجوازه بعد طلوعه]- ثوب المثوب لصلاة الصبح فذكر الحديث. (1069) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي الليل مثني مثنى، ثم يوتر بركعة من آخر الليل، ثم يصلي ركعتين قبل الغداة ثم يقوم كأن الأذان والإقامة في أذنيه (1) (1070) عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال بادروا الصبح بالوتر (2). (1071) عن ابن عمر أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم

_ طلوع الفجر؛ ولذلك قال له أذن أو أقم شك الراوي، والمراد الأذان لا الإقامة، بدليل قوله ثوب؛ لأن الإقامة ليي فيها تثويب (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الكبير في مسند علي رضي الله عنه وعزاه للحاكم في مستدركه والطبراني في الأوسط وابن جرير والطحاوي وجود إسناده، وفي مجمع الزوائد ما يؤيد ذلك عن الأغر المزني أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فقال (يا نبي الله إني أصبحت ولم أوتر، قال فأوتر) قال الهيثمي رواه الطبراني في الكبير رجاله موثقون وإن كان في بعضهم كلام لا يضر. (1069) عن ابن عمر رضي الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا شعبة عن أنس بن سيرين عن عبد الله بن عمر (الحديث) (غريبه) (1) لفظ مسلم (كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصلي من الليل مثنى مثنى، ويوتر بركعة ويصلي ركعتين قبل الغداة كأن الأذان بأذنيه) قال النووي قال القاضي المراد بالأذان هنا الإقامة وهو إشارة إلى شدة تخفيفها بالنسبة إلى باقي صلاته صلى الله عليه وعلى آله وسلم (تخريجه) (م. وغيره). (1070) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن زكريا بن أبي زائدة حدثني عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم (الحديث) (2) أي أسرعوا إلى أداء الوتر قبل أن يطلع الفجر، وهو من حجج القائلين بخروج وقت الوتر بطلوع الفجر (تخريجه) (م. د. مذ. ك). (1071) عن ابن عمر أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد

-[الحث على صلاة الوتر في آخر الليل- وفضل فعله في ذلك الوقت]- قال صلاة المغرب وتر صلاة النهار، فأوتروا صلاة الليل وصلاة الليل مثنى مثنى، والوتر ركعة من آخر الليل. (1072) وعنه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترًا. (1073) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من ظن منكم أن لا يستيقظ آخره (1) فليوتر أوله، ومن ظن منكم أنه يستيقظ آخره فليوتر آخره فإن صلاة آخر الليل محضورة (2) وهي فضل. (1074) عن الأسود بن يزيد قال قلت لعائشة أم المؤمنين أي ساعةٍ توترين؟ قالت ما أوتر حتى يؤذنوا (3) وما يؤذنون حتى يطلع الفجر، قالت وكان لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم مؤذنان، بلال وعمر بن أم مكتوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا أذن عمرو (4) فكلوا واشربوا فإنه

_ ثنا هارون بن إبراهيم الأهوازي ثنا محمد عن ابن عمر (الحديث) (تخريجه) (نس. هق. ش) بنحو حديث الباب بسند جيد، وأخرج الشق الثاني منه (ق. والأربعة. وغيرهم). (1072) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله حدثني نافع عن ابن عمر (الحديث) (تخريجه) (ق. د). (1073) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا ابن أبي ليلى عن أبي الزبي عن جابر (الحديث) (غريبه) (1) أي آخر الليل (2) أي محضرها الملائكة وتشهدها وفي لفظ لمسلم (مشهودة) قال النووي، وفيه دليلان صريحان على تفضيل صلاة الوتر وغيرها آخر الليل اهـ (قلت) والدليلان هما قوله في الحديث (محضورة) وقوله (وهي أفضل) والله أعلم (تخريجه) (م. مذ. جه) (1074) عن الأسود بن يزيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن عمر قال ثنا يونس بن أبي إسحاق عن الأسود يزيد (الحديث) (غريبه) (3) أي الأذان الأخير الذي يكون عند طلوع الفجر بدليل قولها وما يؤذن حتى يطلع الفجر (4) يعني ابن أم مكتوم، واختلف في اسمه فقيل عمرو كما في

-[ترجمة ابن أم مكتوم - والخلاف في حديث (إن بلالا يؤذن بليل)]- رجل ضرير البصر (1) وإذا أذن بلال فارفعوا أيديكم فإن بلالا لا يؤذن كذا قال (2) حتى يصبح

_ حديث الباب وهو الأكثر، وقيل كان اسمه الحصين فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله بن قيس بن زائدة القرشي العامري، واسم أم مكتوم (والدته) عاتكة بنت عبد الله بن عنكشة بن عامر بن مخزوم، وهو ابن خال خديجة بنت خويلد رضي الله عنهما، وابن أم مكتوب هاجر إلى المدينة قبل مقدم النبي صلى الله عليه وسلم واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم على المدينة ثلاث عشرة مرة، وشهد فتح القادسية وقتل شهيدًا وكان معه اللواء يومئذ؛ وقيل رجع إلى المدينة ومات بها، وهو الأعمى المذكور في سورة عبس، ومكتوم من الكتم سمي به لكتمان نور عينيه أفاده العيني (1) أي فلا تغتروا بأذانه فإنه لا يبصر النهار ويؤذن بليل كما في رواية للدرامي عن عائشة مرفوعة (إذا أذن عمرو فإنه ضرير البصر فلا يغرنكم، وإذا أذن بلال فلا يطعن أحد). (2) لفظ (كذا قال) مدرج من الراوي، يعني أنه سمع الحديث بهذا اللفظ وفيه (فإن بلالا لا يؤذن حتى الصبح) ويستفاد منه أن الذي يؤذن أولًا هو عمرو بن أم مكتوم، وأن بلالا كان يؤذن ثانيًا عند طلوع الفجر وهذا غير المشهور، والمشهور أن الذي كان يؤذن أولًا هو بلال وأن عمرًا كان يؤذن الأذان الثاني وقت طلوع الفجر، والدليل على ذلك ما رواه الشيخان الإمام أحمد أيضًا (وسيأتي في باب وقت السحور واستحباب تأخيره من كتاب الصيام) عن ابن عمر مرفوعًا (أن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن مكتوم) وقد جاء حديث الباب بعكسه وهذا مشكل، وقد أتى الحافظ رحمه الله في الفتح عند شرح حديث (إن بلالا يؤذن بليل الخ) بما يزيل الإشكال، قال رحمه الله تعالى (تنبيه) قال ابن منده حديث عبد الله بن دينار (يعني حديث إن بلالا يؤذن بليل) مجمع على صحته رواه الجماعة من أصحابه عنه، ورواه عنه شعبة فاختلف عليه فيه رواه يزيد بن هارون عنه على الشك (إن بلالا كما هو المشهور أو إن ابن أم مكتوم ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال) قال واشعبه فيه إسناد آخر، فإنه رواه أيضًا خبيب بن عبد الرحمن عن عمته أنيسة فذكره على الشك أيضًا أخرجه أحمد عمن غدر عنه (قلت سيأتي في باب وقت السحور من كتاب الصيام) ورواه أبو داود الطيالسي عنه جازمًا بالأول، ورواه أبو الوليد جازمًا بالثاني، وكذا أخرجه ابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان من طرق عن شعبة، وكذا أخرجه الطحاوي والطبراني من طريق منصور بن ذاذان عن خبيب بن عبد الرحمن، وأدعي ابن عبد البر وجماعة من الأئمة بأنه مقلوب

-[تعارض الأحاديث فيمن كان يؤذن الأذان الأول للفجر والجمع بينها]- .....

_ وأن الصواب حديث الباب (يعني حديث إن بلالا يؤذن بليل) قال الحافظ وقد كنت أميل إلى ذلك إلى أن رأيت الحديث في صحيح ابن خزيمة من طريقين آخرين عن عائشة، وفي بعض ألفاظه ما يبعد وقوع الوهم فيه، وهو قوله (إذا أذن عمرو فإنه ضرير البصر فلا يغرنكم، وإذا أذن بلال فلا يطعمن أحد) وأخرجه أحمد، وجاء عن عائشة أيضًا أنها كانت تنكر حديث ابن عمر وتقول إنه غلط، أخرج ذلك البيهقي من طريق الدراوردي عن هشام عن أبيه عنها فذكر الحديث، وزاد (قالت عائشة وكان بلال يبصر الفجر) فال وكانت عائشة تقول غلط ابن عمر اهـ وقد جمع ابن خزيمة والضبعي بين الحديثين بما حاصلة أن يحتمل أن يكون الأذان ذو بابين بلال وابن أم مكتوم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الناس أن أذان الأول منهما لا يحرم على الصائم شيئًا ولا يدل على دخول وقت الصلاة بخلاف الثاني، وجزم ابن حبان بذلك ولم يبده احتمالًا، وأنكر ذلك عليه الضياء وغيره، وقيل لم يكن نوبًا، وإنما كانت لهما حالتان مختلفتان، فإن بلالا كان ف أول ما شرع الأذان يؤذن وحده ولا يؤذن للصبح حتى يطلع الفجر، وعلى ذلك تحمل رواية عروة عن امرأة من بني النجار قال (كان بلال يجلس علي بيتي وهو أعلى بيت في المدينة فإذا رأى الفجر تمطأ ثم أذن) أخرجه أبو داود وإسناده فأذن جين طلع الفجر الحديث؛ أخرجه النسائي وإسناده صحيح، ثم أرف بابن أم مكتوم وكان يؤذن بليل واستمر بلال على حالته الأولى، وعلى لك تنزل رواية أنيسة وغيرها، ثم في آخر الأمر أخر ابن أم مكتوم لضعفه ووكل به من يراعي له الفجر، واستمر أذان بلال بليل، وكان سبب ذلك ما روى أنه ربما كان أخطأ الفجر فأذن قبل طلوعه وانه أخطأ مرة فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يرجع فيقول ألا إن العبد نام يعني أن غلبه النوم على يمينيه منعته من تبين الفجر، وهو حديث أخرجه أبو داود وغيره من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر موصولًا مرفوعًا ورجاله ثقات حفاظ، قال الحافظ فلهذا والله أعلم استقر أن بلالا يؤذن الأذان الأول اهـ ببعض اختصار (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ والسياق لغير الإمام أحمد وسنده جيد، ويشهد له ما تقدم عند أبي داود والنسائي والدارمي وابن خزينة وكلها صحيحة والله أعلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن جميع الليل وقت الوتر إلا الوقت الذي قبل صلاة العشاء، إذ لم ينقل أنه صلى الله عليه وسلم أوتر فيه، ولم يخالف في ذلك أحد لا أهل الظاهر ولا غيرهم، إلا وجه ضعيف لأصحاب الشافعي صرح به العراقي وغيره منهم، وقد حكى صاحب المفهم الإجماع على انه لا يدخل وقت الوتر إلا بعد صلاة العشاء، وتقدم في حديث عائشة الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي ما بين صلاة العشاء

-[كلام العلماء في وقت الوتر]- .....

_ الآخرة إلى الفجر إحدى عشرة ركعة (وفي أحاديث الباب) أن الذي استقر عليه فعله صلى الله عليه وسلم أخيرًا هو الوتر آخر الليل، وهو المستحب الأفضل، وقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة عليه، واختلف العلماء في الأفضل على وجهين مع الاتفاق على جواز ذلك، قال النووي والصواب أن تأخير الوتر إلى آخر الليل أفضل لمن وثق بالاستيقاظ آخره، ومن لا يثق فالتقديم أفضل، ويدل له حديث جابر عند مسلم (قلت والإمام أحمد) (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله، ومن طمع أن يقوم فليوتر آخر الليل) ويحمل باقي الأحاديث المطلقة على هذا التفصيل الصريح الصحيح، ومن ذلك حديث (أوصاني خليل أن لا أنام إلا على وتر) وهو محمول على من لا يثق بالاستيقاظ اهـ قال الشيخ تقي الدين في شرح العمدة، ولا شك أنا إذا نظرنا إلى آخر الليل من حيث هو كذلك كانت الصلاة فيه أفضل من أوله، لكن إذا عارض ذلك احتمال تفويت الأصل قدمناه على فوات الفضيلة، وهذه قاعدة قد وقع فيها خلاف، ومن جملة صورها ما إذا كان دعا الماء يرجو وجوده في آخر الوقت فهل يقدم التيمم في أول الوقت إحرازً للفضيلة المحققة أم يؤخره إحرازًا للوضوء؟ فيه خلاف، والمختار أفضلية التقديم اهـ (قلت) وفي بعض أحاديث الباب ما يشعر بأن وقتها ينتهي بطلوع الفجر كحديث أبي سعيد مرفوعًا (الوتر بليل) وحديث ابن عمر مرفوعًا (أوتروا قبل الفجر) ومثله لأبي سعيد أيضًا (أوتروا قبل الصبح) وحديث ابن عمر أيضًا (بادروا الصبح بالوتر) (وفي بعضها أيضًا) ما يدل على امتداد وقت الوتر إلى صلاة الفجر بلا فرق بين أن يصلي في أول وقتها أو في آخره (وذهب بعض العلماء) إلى أن فعلها بعد طلوع الفجر قبل صلاته رخصة لمن يدرك فعلها في بقية من الليل، وخالف الجمهور فقالوا وقتها ممتد إلى طلوع الفجر، فيكون فعلها بعد قضاء، وبعضهم ذهب إلى أنها تسقط بفوات وقتها وهو الذي رجحه ابن القيم وشيخه ابن تيمية، وحجتهم ما قدمنا من أحاديث ابن عمر وأبي سعيد ونحوها، وقد يقال هذا إرشاد إلى بيان وقتها لمن أدركه متمكنًا من فعله فيه، فإذا تراخى عن الوتر ذهبت فضيلة فعله، فأما من أدركه غير متمكن من الفعل حتى أصبح فالأحاديث الأخرى تدل على رخصة التأخير بلا حرج، وبه يجمع بين مختلف الأحاديث، ويدل عليها صريحًا ما أورده الهيثمي في مجمع الزوائد عن الأغر المزني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (من أدركه الصبح فلم يوتر فلا وتر له) وقال رواه البزار عن صالح بن معاذ البغدادي شيخه ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات اهـ وعلى هذا يحمل فعل السلف وفتاويهم، وقد تقدم الكلام على مذاهب الأئمة في حكم قضاء الوتر في الباب الرابع من أبواب قضاء الفوائت فارجع إليه والله الموفق

-[حجة من قال الوتر بركعة]- (3) باب الوتر بركعة وبثلاث وخمس وسبع وتسع بسلام واحد وما يتقدمها من الشفع وفيه فصول- الفصل الأول في الوتر بواحدة. (1075) عن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين أنه حدث عن سعد بن أبي وقاص (رض) أنه كان يصلي العشاء الآخرة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بواحدةٍ لا يزيد عليها، فقيل له أتوتر بواحدة لا تزيد عليها يا أبا إسحاق؟ فقال نعم، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الذي لا ينام حتى يوتر حازم (1). (1076) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رجل يا رسول الله كيف تأمرنا أن نصلي من الليل (2) قال يصلي أحجكم مثنى مثنى (3) فإذا خشي

_ (1075) عن سعد بن أبي وقاص (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين أنه حدث عن سعد بن أبي وقاص (الحديث) (غريبه) (1) الحزم ضبط الرجل أمره، والحذر من فواته، من قولهم حزمت الشيء؛ أي شذدته (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال روى البخاري منه (رأيت سعدًا يوتر بركعة) ولم يذكر باقية، وقال رواه أحمد ورجاله ثقات. (1076) عن ابن عمر رضي الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر (الحديث) (غريبه) (2) وقع في معجم الطبراني الصغير أن السائل هو ابن عمر، ولكنه يشكل عليه ما وقع في بعض الروايات عن ابن عمر بلفظ (إن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم وأنا بينه وبين السائل) فذكر الحديث، وفيه ثم سأله رجل على رأس الحول وأنا بذلك المكان منه، قال فما أدرى أهونت الرجل أم غيره؟ وعند النسائي أن السائل المذكور من أهل البادية والله أعلم (3) أي اثنتين اثنتين، وهو غير منصرف للعدل والوصف وتكرار لفظ مثنى للمبالغة، وقد فسر ذلك في الطريق الثانية بقوله (تسلم في كل ركعتين) والجواب عن هذا السؤال يشعر بأنه وقع عن كيفية الوصل والفصل لا عن مطلق الكيفية، كأنه قال الصلى أربعا موصولة بدون فصل

-[الوتر بركعة وبثلاث وبخمس]- الصبح صلى واحدة فأوترت له ما قد صلى من الليل (وعنه من طريق ثانٍ بنحوه) (1) وفيه صلاة الليل (وفي رواية والنهار) مثنى مثنى تسلم في كل ركعتين، فإذا خفت الصبح فصل ركعة توتر لك ما قبلها. (1077) عن أبي مجلز قال سألت ابن عباس رضي الله عنهما عن الوتر، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ركعة من آخر الليل، وسألت ابن عمر رضي الله عنهما فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ركعة من آخر الليل. (1078) عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر بخمس (2) فإن لم تستطع فبثلاث، فإن لم تستطع فبواحدة (3) فإن لم تستطع فأرمني إيماء (4)

_ بسلام أم نفصلها بالسلام في كل ركعتين؟ وقد أخذ مالك بظاهر الحديث فقال لا تجوز الزيادة على الركعتين، وحمله الجمهور على أنه لبيان الأفضل لما صح من فعله صلى الله عليه وسلم مما يخالف ذلك، ويحتمل أن يكون للإرشاد إلى الأخف، إذ السلام من الركعتين أخف على المصلي من الأربع فما فوقها لما فيه من الراحة غالبًا، وقد اختلف في الأفضل من الفصل والوصل، وتقدم الخلاف في ذلك في آخر الباب الرابع من أبواب رواتب الفرائض فارجع إليه (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير يعني أبا أحمد الزبيري قال ثنا عبد العزيز يعني ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر بنحوه الخ (تخريجه) (ق. والأربعة). (1077) عن أبي مجلز (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا همام قتادة عن أبي مجلز (الحديث) (تخريجه) (م. وغيره). (1078) عن أبي أيوب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ثنا سفيان بن حصين عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي أيوب الأنصاري (الحديث) (غريبه) (3) أي لا يجلس ولا يسلم إلا في آخرهن كما سيأتي في حديث عائشة رضي الله عنها (كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر بخمس ولا يجلس إلا في الخامسة فيسلم) (3) فيه مشروعية الوتر بواحدة، وهو يرد على القائلين بعدم صحته بأقل من ثلاث، وسيأتي ذكر مذاهب الجميع في الأحكام (4) الإيماء معناه الإشارة باليد أو العين أو الرأس

-[من صلى بالليل اثنتي عشرة ركعة مثنى مثنى ثم أوتر بواحدة]- (1079) عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه أنه قال لأرمقن (1) الليلة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فتوسدت عتبته أو فسطاطه (2) فضلى ركعتين خفيفتين، ثم صلى ركعتين طويلتين، ثم صلى ركعتين وهما دون اللتين قبلهما، ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما. ثم صلى ركعتين دون اللتين قبلهما.

_ أو غير ذلك، والمعنى أنه إذا كان مريضًا أو عنده مانع يمنعه من فعل الوتر إلا بالإشارة فيفعل، وهذا يدل على شدة تأكيده وأنه لا يترك على أي حال كان (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ وأورده أيضًا من طريق أخرى عند الطبراني في الكبير والصغير والأوسط وفيها ضعف ورواه (د. نس. جه. قط. هق. ك. والطحاوي) ولفظ أبي داود عن أبي أيوب الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (الوتر حق على كل مسلم فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل، ومن أحب أو يوتر بثلاث فليفعل، ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل) والحديث له عدة طرق ذكرها الدارقطني وكلها موقوفة، قال الحافظ في التلخيص وصحح أبو حاتم والذهبي والدارقطني في العلل والبيهقي وغير واحد وقفه وهو الصواب اهـ. (1079) عن زيد بن خالد الجهني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر أن عبد الله بن قيس أخبره عن زيد بن خالد الجهني أنه قال لأرمقن الليلة (الحديث) وفي آخره بعد قوله ثلاث عشرة، قال عبد الله (يعنى ابن الإمام أحمد) وثنا مصعب حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن عبد الله بن قيس بن مخرمة أخبره عن زيد بن خالد الجهني فذكر الحديث، ولم يذكر عبد الرحمن في حديث مالك عن أبيع، والصواب ما روى مصعب عن أبيه وكذا ثنا أبو موسى الأنصاري ثنا معن ثنا مالك عبد الله بن أبي بكر عن أبيه أن عبد الله بن قيس بن مخرمة فأخبره عن زيد بن خالد الجهني، والصواب ما قال مصعب ومعن عن أبيه ولم يذكر عبد الرحمن فيه عن أبيه، وهم فيه اهـ (غريبه) (1) أي لأنظرن يقال رمقه بعينه رمقا من باب قتل أطال النظر إليه، والحامل له على ذلك حرصه على تعلم العلم، وهكذا كان الصحابة رضوان الله عليهم (2) أي فجعلت عتبة بيته، أو عتبة فمطاطة تحت رأسي كالوسادة، وأولئك من الراوي، يعني هل قال عتبته أو فسطاطه، وهذا مشعر بأنه صلى الله عليه وسلم كان في سفر؛ لأن الفسطاط لا يستعمل غالبًا إلا للمسافر، وهو بضم الفاء وكسرها بيت من شعر يتخذه من يسافر سفرًا

-[من صلى بالليل ثمان ركعات وأوتر بثلاث]- ثم صلى ركعتين دون التين قبلهما، ثم أوتر فذلك ثلاث عشرة (1). (الفصل الثاني في الوتر بثلاث) (1080) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم صلى من الليل ثماني ركعات ويوتر بثلاث (2) ويصلي ركعتين

_ طويلًا في الصحراء يتقي به الحر والبرد، ويستأنس له بما رواه النسائي عن حميد بن عبد الرحمن ابن عوف قال أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قلت وإنا في سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لأرقبن رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة فذكر الحديث، لكنه غير موافق لسياق حديث الباب، ففيه أنه صلى الله عليه وسلم لما صلى العشاء اضطجع هويًا من الليل، ثم استيقظ فتسوك فتوضأ ثم صلى ثم نام ثم قام فعل ذلك مرات، وقد روى الإمام أحمد حديثًا بسياق حديث هذا الرجل المبهم عن صفوان بن المعطل، وتقدم في الباب الخامس من أبواب صلاة الليل، وربما كان هذا الرجل صفوان والله أعلم بحقيقة الحال (1) أي مجموع ما صلة ثلاث عشرة ركعة، فيكون أو تر بواحدة (تخريجه) (م. لك. والأربعة). (1080) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد ثنا أبو بكر يعني النهشلي عن حبيب بن أبي ثابت عن يحيى بن الجزار عن ابن عباس (الحديث) (غريبه) (2) أي بتشهد واحد وسلام لا يفضل فيهن كما في حديث عائشة رضي الله عنهما قالت (ثم أوتر بثلاث لا يفصل فيهن) وسيأتي هذا الحديث في باب عباداته صلى الله عليه وسلم من القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى، ورواه الحاكم أيضًا عن عائشة قالت (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يقعد إلى في آخرهن) وقال صحيح على شرط الشيخين، وروى الشيخان والإمام أحمد وغيرهم من رواية عائشة، وغيرها أن النبي صلى الله عليه وسلم أوتر بثلاث، لكن بدون تصريح بفصل أو وصل، وقد أورد الحافظ ابن القيم في الهدى في أنواع وتره صلى الله عليه وسلم حديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلي مثنى مثنى، ثم يوتر بثلاث لا يفصل بينهن، قال فهذا رواه الإمام أحمد رحمه الله عن عائشة أنه كان يوتر بثلاث لأفصل فيهن، وروى النسائي عنها كان لا يسلم في ركعتي الوتر، قال وهذه الصفة فيها نظر، فقد روى أبو حاتم وابن حبان في صحيحه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (لا توتروا بثلاث؛ أوتروا بخمس أو سبع، ولا تشبهوا بصلاة المغرب) قال الدارقطني رواته كلهم ثقات، قال مهني سألت أبا عبد الله (يعني الإمام أحمد) إلى أي شيء تذهب في الوتر؟ تسلم في الركعتين؟ قال نعم، قلت لأمي

-[حجة من قال الوتر بثلاث]- وفي رواية ويصلي ركعتي الفجر) (1) فلما كبر صار إلى تسع، ست وثلاث (2). (1081) عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث. (1082) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر بثلاثٍ (3) بسبح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد

_ شيء؟ قال لأن الأحاديث فيه أقوى وأكبر عن النبي صلى الله عليه وسلم في الركعتين، الزهري عن عروة عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم من الركعتين، وقال حارث سئل أحمد عن الوتر قال يسلم في الركعتين، وإن لم يسلم رجوت أن لا يضره، إلا أن التسليم أثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم؛ وقال أبو طالب سألت أبا عبد الله (يعني الإمام أحمد) إلى أي حديث تذهب في الوتر؟ قال أذهب إليها كلها، ومن صلى خمسًا ايجلي إلا في آخرهن، ومن صلى سبعًا لا يجلي إلا في آخرهن، قد روى زرارة عن عائشة (كان يوتر بتسع يجلس في الثامنة) قال ولكن أكثر الحديث وأفواه ركعة فأنا ذهب إليه اهـ (قلت) وسيأتي الكلام على الفصل بين الوتر والشفع في الأحكام آخر هذا الباب (1) أي بعد طلوع الفجر (وقوله فلما كبر) أي تقدم في السن (2) أي صار مجموع صلاته بالليل تسع ركعات، ست منها مثنى مثنى ويوتر بثلاث، وتقم الكلام على اتصال الثلاث وانفصالها (تخريجه) (م. د. نس). (1081) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر أخبرنا أبو بكر عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي رضي الله عنه (الحديث) (تخريجه) (مذ) وزاد (يقرأ فيهن بقسم سور من المفصل يقرأ في كل ركعة بثلاث سور آخرهن قل هو الله أحد) وسنده جيد. (1082) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق ابن عيسى ثنا شريك عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (الحديث) (غريبه) (2) أي بثلاث ركعات (وقوله بسبح اسم ربك الأعلى) متعلق بمحذوف تقديره يقرأ في الأولى بسبح الخ ويقرأ في الثانية قل يا أيها الكافرون، ويقرأ في الثالثة قل هو الله أحد؛ وهذا التفسير قد جاء مصرحًا به في حديث عائشة عند الحاكم بلفظ (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث ركعات يقرأ في الأولى بسبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية يقل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة بقل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره

-[من صلى بالليل ستًا مثنى مثنى وأوتر بخمس]- (الفصل الثالث في الوتر بخمس) (1083) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة (1) يوتر بخمس ولا يجلس إلا في الخامسة فيسلم (وعنها من طريق ثان) (2) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة بركعتيه بعد الفجر قبل الصبح، إحدى عشرة ركعة من الليل، ست منها مثنى مثنى ويوتر بخمس لا يقعد فيهن (3)

_ الذهبي، وروى مثله الإمام أحمد عن عائشة أيضًا، وسيأتي في باب القراءة في الوتر (تخريجه) (م. د. نس) بلفظ (أوتر بثلاث) و (نس. مذ. جه) بنحو حديث الباب، وقد روى الوتر بثلاث من عدة طرق عن كثير من الصحابة (منها) ما ذكر في الباب (ومنها ما رواه محمد بن نصر عن عمران بن حصين بلفظ حديث على المذكور في الباب (كان صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث) (ومنها) ما رواه النسائي عن عبد الرحمن بن أبزى بنحوه أيضًا (ومنها) ما رواه ماجه عن ابن عمر بنحوه (وعن ابن مسعود) عند الدارقطني بنحوه وفي إسناده يحيى بن زكريا بن أبي الحواجب وهو ضعيف (وعن أنس) عند محمد بن نصر بنحوه أيضًا (وعن ابن أبي اوفى) عند البزار بنحوه وفي الباب غير ذلك. (1083) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن هشام قال حدثني أبي عن عائشة (الحديث) (غريبه) (1) أي منها ركعتا الفجر كما في الطريق الثاني، فهي مبينة لهذه ومفسرة لها أحسن تفسير (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني هشام ين عروة بن الزبير ومحمد بن جعفر بن الزبي كلاهما حدثني عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث) (3) أي لا يقعد إلا في الخامسة ويسلم منها كما صرحت بذلك في الطريق الأولى، فهي مفسرة لهذه في هذا الموضع، وهكذا الأحاديث يفسر بعضها بعضا، وهذا ما دعاني إلى جمع هذين الطريقين في مكان واحد مع بعدهما عن بعض بعدًا شاسعًا في الأصل، فالطريق الأولى في صحيفة 50 في الجزء السادس، والطريق الثانية في صحيفة 276 منه، وهكذا أفعل في كثير من الأحاديث لهذه النكتة، والله الموفق (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم).

-[الوتر بخمس وسبع وتسع]- (1084) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بسبع وبخمس (1) لا يفصل بينهن بسلام ولا بكلام (الفصل الرابع في الوتر بسبع وتسع وإحدى عشرة وثلاث عشر) (1085) عن أبي أمامة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بتسع حتى إذا بدن (2) وكثر لحمه أوتر بسبع وصلى ركعتين (3) وهو جالس فقرأ بإذا زلزلت وقل يا أيها الكافرون. (1086) عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بتسع ركعاتٍ وركعتين وهو جالس، فلما ضعف (4) أوتر بسبع وركعتين وهو جالس

_ (1084) عن أم سلمة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير بن عبد الحميد عن منصور عن الحكم عن مقسم عن أم سلمة الخ (غريبه) (1) المعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يوتر أحيانًا بسبع وأحيانًا بخمس، وعدم الفصل بينهن هو الذي جعلهن وترًا فإذا فصل بملام فما بعد الفصل هو الوتر (تخريجه) نس. جه) وسنده جيد. (1085) عن أبي أمامة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا عمارة يعني ابن زاذان حدثني أبو غالب عن أبي أمامة (الحديث) (غريبه) (2) يجوز أن يكون بالتخفيف (أي بضم الدال المهملة) ومعناه السمن وكثرة الحم، ويكون قوله (وكثر لحمه) عطف مرادف ويجوز أن يكون بالتشديد (أي بتشديد الدال مفتوحة) ومعناه أسن وكبر وكلاهما جائز (3) أي بعد الوتر كما صرح به في حديث أم سلمة الآتي، وتقدمت الإشارة إلى هاتين الركعتين في الباب الرابع من أبواب صلاة الليل، وسيأتي لذلك مزيد بحث في أحكام هذا الباب إن شاء الله تعالى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وزاد (وقل هو الله أحد) ورجال أحمد ثقات. (1086) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن قتادة عن الحسن قال أخبرني سعيد بن هشام أنه سمع عائشة تقول لكان رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث) (غريبه) (4) أي كبر وأسن (تخريجه) (ق. وغيرهما)

-[الوتر بتسع لا يجلس إلا عند الثامنة]- (1087) وعنها أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي تسع ركعات لا يقعد فيهن إلا عند الثامنة فيحمد الله عز وجل ويذكره ويدعو، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلي التاسعة فيقعد يحمد الله عز وجل ويذكره ويدعو، ثم يسلم تسليمًا يسمعنا، ثم يصلي ركعتين وهو قاعد. (1088) عن عبد الله بن أبي قيس (1) قال سألت عائشة

_ (1087) وعنها أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن قتادة عن زرارة بن أوفى أن سعد بن هشام بن عامر وكان جارًا له أخبره فذكر الحديث، وأنه دخل على عائشة فذكرت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي تسع ركعات الخ (وقوله فذكر الحديث) يعني الحديث الطويل الذي رواه سعد عن عائشة، وفيه قصه له، وهي أنه أراد أن يغزو في سبيل الله فقدم المدينة فأراد أن يبيع عقارًا له بها فيجعله في السلاح والكراع (أمم للخيل) ويجاهد الروم حتى يموت، فلما قدم المدينة لقي أناسًا من أهل المدينة فنهوه عن ذلك، وأخبروه أن رهطًا ستة أرادوا ذلك في حياة نبي الله صلى الله عليه وسلم فنهاهم نبي الله صلى الله عليه وسلم وقال أليس لكم في أسوة؟ فلما حدثوه بذلك راجع امرأته وقد كان طلقها وأشهد على رجعتها فأتى ابن عباس فسأله عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ابن عباس إلا أدلك على أعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال من؟ قال عائشة فأتها فاسألها، ثم ائتني فأخبرني بردها عليك، فانطلقت إليها فذكر قصة طويلة، ثم سألها عن خدق رسول الله صلى الله عليه وسلم فإجابته عن ذلك بكلام طويل، ثم سألها عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كنا نعدله سواكه وطهوره فيبعثه الله ما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ويتوضأ ويصلي تسع ركعات فذكر حديث الباب وزاد أمورًا أخرى، وسيأتي الحديث بطوله في باب عباداته صلى الله عليه وسلم من القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية فأنظره (تخريجه) (ق. هق. والأربعة وغيرهم). (1088) عن عبد الله بن أبي قيس سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن معاوية عن عبد الله ابن أبي قيس (الحديث) (غريبه) (1) قال في التقريب عبد الله بن أبي قيس، ويقال عبد الله بن قيس، ويقال ابن أبي موسى أبو الأسود النصري بالنون الحمصي ثقة مخضرم من الثالثة اهـ (قلت) وقد تكرر ذكره

-[من صلى ركعتين بعد الوتر وهو جالس]- بكم (1) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر؟ قالت بأربعٍ وثلاثٍ (2) وستٍ وثلاثٍ، وثمان وثلاثٍ، وعشرةٍ وثلاثٍ، ولم يكن يوتر بأكثر من ثلاث عشرة، ولا أنقص من سبع (3) وكان لا تدع ركعتين (4). (1089) عن أم سلمة رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتين (5) بعد الوتر وهو جالس

_ في المسند تارة بالكنية وتارة بالاسم فتبعته في ذلك (1) أي بكم ركعة (2) الظاهر أنها أرادت بذلك مجموع صلاة الليل تهجدًا ووترًا، فبينت أنه صلى الله عليه وسلم تارة كان يصلي أربعًا تهجدًا ويوتر بثلاث، وتارة ستًا تهجدًا ويوتر بثلاث، وهكذا وإنما أطلقت على الكل وترًا مجازًا، وبهذا الحديث احتج الحنفية وقالوا إن إتيانها بالثلاث بعد كل عدد يدل على أن الوتر هو الثلاث وأن ما قبله تهجد، وحصروا الوتر في الثلاث فقالوا لا يصح بغيرها، ويجاب عن ذلك بأنها لم تحصر كل أخواله صلى الله عليه وسلم في الوتر في هذا الحديث، بل كان له حالات أخرى، فتارة كان يصلي أربعًا ويوتر بخمس، وتارة كان يوتر بسبع، وتارة كان يوتر بتسع، وأحيانًا كان يصلي عشر ركعات مثنى ويوتر بركعة، وأحيانًا كان يصلي اثنتي عشر ركعة مثنى مثنى ويوتر بواحدة، وكل ذلك تقدم (قال الترمذي) قال إسحاق بن إبراهيم معنى ما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث عشرة قال إنما معناه أنه كان يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة مع الوتر فسبت صلاة الليل إلى الوتر، وروى في ذلك حديثًا عن عائشة (قلت) الظاهر أنه يشير إلى حديث الباب والله أعلم (3) تريد أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلي ليلًا أقل من سبع ولا أكثر من ثلاث عشرة ركعة بالوتر والله أعلم (4) هما الركعتان اللتان كان يصليهما بعد الوتر قبل الفجر، وقد جاء مصرحًا بذلك في رواية عند أبي داود بلفظ (ولم يكن يوتر ركعتين قبل الفجر، قلت ما يوتر؟ قالت لم يكن يدع ذلك) (تخريجه) (د. هق. وسند جيد). (1089) عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن مسعده ثنا ميمون بن موسى المرائي عن الحسن عن أمه عن أم سلمة (الحديث) (غريبه) (5) سيأتي الكلام عليهما الأحكام أخر الباب (تخريجه) (مذ. جه. قط) وصححه وزاد ابن ماجة وهو جالس، قال الترمذي وقد روى نحو هذا عن أبي أمامة وعائشة وغير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم (قلت) وكل ما أشار إليه الترمذي جاء في هذا الباب

-[الفصل بين الشفع والوتر بتسليمه]- (الفصل الخامس في الفصل بين الشفع والوتر بتسليمه) (1090) عن أبي عمر رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفصل بين الوتر والشفع (1) بتسليمه ويسمعناها (1091) عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي في الحجرة وأنا في البيت فيفصل عن الشفع والوتر بتسليم يسمعناه

_ (1090) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب بن زياد ثنا أبو حمزة يعني السكري عن إبراهيم يعني الصائغ عن ابن عمر (الحديث) (غريبه) (1) يعني إذا أوتر بثلاث بأن سلم من ركعتين ويأتي بركعة ثالثة منفصلة عنهما، وقد استشهد به الرافعي في الشرح الكبير على أفضلية الفصل في الثلاث، قال وكان ابن عمر رضي الله عنها يسلم ويأمر بينهما بحوائجه اهـ (تخريجه) قال الحافظ في التلخيص رواه أحمد وابن حبان وابن المكن في صحيحيهما والطبراني من حديث إبراهيم الصائغ عن نافع عن ابن عمر به وقاه أحمد اهـ (1091) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا الأوزاعي قال حدثني أسامة بن زيد قال حدثني زيان بن عبد العزيز قال حدثني عمر بن عبد العزيز عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (الحديث) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده منقطع؛ لأن عمر بن عبد العزيز لم يدرك عائشة، لكن يؤيده ما قبله، وكذا ما تقدم في حديث عائشة وأبي أمامة وكلها صحيحة (الأحكام) استمل هذا الباب على أحكام شتى (منها) جواز الأيتار بركعة واحدة، وإليه ذهب جمهور العلماء قال العراقي، وممن كان يوتر بركعة من الصحابة الخلفاء الأربعة وسعد بن أبي وقاص ومعاذ بن جبل وأبي كعب وأبو موسى الأشعري وأبو الدرداء وحذيفة وابن مسعود وابن عمر وابن عباس ومعاوية وتميم الداري وأبو أيوب الأنصاري وأبو هريرة وفضالة ابن عبيد وعبد الله بن الزبير ومعاذ بن الحارث القاري، وهو مختلف في صحبته رضي الله عنهم، قال وممن أوتر بركعة (يعني من التابعين) سالم بن عبد الله بن عمر وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة والحسن البصري ومحمد بن سيرين وعطاء بن أبي رباح، وسعيد بن جبير ونافع بن جبير بن مسلم وجابر بن زيد والزهري وربيعة بن أبي عبد الرحمن وغيرهم

-[تعارض أحاديث الوتر بثلاث والجمع بينها]- .....

_ رحمهم الله (ومن الأئمة) مالك والشافعى والأوزاعى وأحمد وإسحاق وأبو ثور وداود وابن حزم (وذهب الهادوية وبعض الحنفية) إلى أنه لا يجوز الأيتار بركعة، وإلى أن المشروع الأيتار بثلاث، واستدلوا بما روى من حديث محمد بن كعب القرظى أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء، قال العراق وهذا مرسل ضعيف، وقال ابن حزم لم يصح عن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن البتيراء؛ قال ولا في الحديث على سقوطه بيان ما هي البتيراء، قال وقد روينا من طريق عبد الرازق عن سفيان بن عينية عن الأعمش عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (الثلاث بتيراء) يعنى الوتر قال فعاد البتيراء على المحتج بالخبر الكاذب فيها اهـ واحتجوا أيضاً بما حكى عن ابن مسعود أنه قال ما أجزأت ركعة قط، قال النووى في شرح المهذب أنه ليس بثابت عنه، قال واو ثبت لحمل على الفرائض، فقد قيل إنه ذكره ردّاً على ابن عباس في قوله إن الواجب من الصلاة الرباعية في حال الخوف ركعة واحدة، فقال ابن مسعود ما اجرأت ركعة قط، أي عن المكتوبات اهـ (ومنها) جواز الوتر بثلاث، وقد تعارضت الأحاديث في ذلك (فورت الأخبار) بالوتر بها كحديث على رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث" ومثله عن ابن عباس وذكرنا له طرقاً شتى عن كثير من الصحابة، (منها) ما رواه مسلم وغيره وتقدمت في الكلام على حديث ابن عباس في الفصل الثاني في الوتر بثلاث (ووردت أحاديث بالنهى عنها) كحديث أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا تواتروا بثلاث أوتروا بخمس أو سبع ولا تشبهوا بصلاة المغرب" رواه الدارقطنى باسناده وقال كلهم ثقات (وأخرجه أيضاً) ابن حبان في صحيحه والحاكم وصححه قال الحافظ ورجاله كلهم ثقات ولا يضره وقف من وقفه (وأخرجه أيضاً) محمد بن نصر من رواية عراك بن مالك عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا توتروا بثلاث تشبهوا بالمغرب، ولكن أوتروا بخمس أو بسبع أو بتسع أو باحدى عشرة أو أكثر من ذلك" قال العراقى وإسناده صحيح، (وأخرج أيضاً) من رواية عبد الله بن الفضل عن أبى سلمة وعبد الرحمن الأعرج عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا توتروا بثلاث أوتروا بخمس أو سبع ولا تشبهوا بصلاة المغرب" قال العراقى أيضاً وإسناده صحيح، ثم روى محمد بن نصر قول مقسم إلى الوتر لا يصلح إلا بخمس أو سبع، وإن الحكم بن عتيبية سأله عمن؟ فقال عن الثقة عن الثقة عن عائشة وميمونة (وقد روى نحوه) النسائى عن ميمونة مرفوعاً (وروى) محمد بن نصر أيضاً بإسناد قال العراقى أيضاً صحيح عن ابن عباس قال "الوتر سبع أو خمس ولا نحب ثلاثاً بتراء" (وروى أيضاً) عن عائشة بإسناد صححه العراقى أيضاً عن سليمان بن يسار أنه سئل عن الوتر

-[مذاهب العلماء في الوتر بركعة وبثلاث وبأكثر من ذلك]-. .....

_ بثلاث فكره الثلاث وقال لا تشبه التطوع بالفريضة، أوتر بركعة أو بخمس أو بسبع، قال محمد بن نصر لم نجد عن النبى صلى الله عليه وسلم خبراً ثابتاً صريحاً أنه أوتر بثلاث موصولة، قال نعم ثبت عنه أنه أوتر بثلاث لكن لم يبين الراوى هل هي موصولة أم مفصولة اهـ وتعقبه العراقى والحافظ بحديث عائشة قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بثلاث لا يفصل بينهن" رواه الإمام أحمد والنسائى ولفظ النسائى (كان لا يسلم في ركعتى الوتر) قالا أعنى الحافظ العراقى والحافظ ابن حجر ويجاب عن ذلك باحتمال أنه لم يثبت عنده، وقد قال البيهقى في حديث عائشة المذكور إنه خطأ (قلت) قال صاحب المنتقى وقد ضعف أحمد إسناده وإن ثبت فيكون قد عمله أحياناً كما أوتر بالخمس والسبع والتسع اهـ وجمع الحافظ بين الأحاديث بحمل أحاديث النهى عن الإيتار بثلاث بتشهدين لمشابهة ذلك لصلاة المغري، وأحاديث الجواز على الأيتاء بثلاث متصلة بتشهد واحد في آخرها، وروى فعل ذلك عن جماعة من السلف أفاده الشوكاني (قال) ويمكن الجمع بحمل النهي عن الإيثار بثلاث على الكراهة، والأحوط ترك الإيثار بثلاث مطلقاُ لأن الإحرام بها متصلة بتشهد واحد في آخرها وبما حصلت به المشابهة لصلاة المغرب وإن كانت المشابهة الكاملة تتوقف على فعل التشهدين، وقد جعل الله في الأمر سعة وعلمنا النبي صلى الله عليه وسلم الوتر على هيئات متعددة فلا ملجأ إلى الوقوع في مضيق التعارض (وذهب على الوتر بثلاث) جماعة من الصحابة منهم عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وأبي ابن كعب وانس بن مالك وابن مسعود وابن عباس وأبو لمامة، ومن التابعين عمر بن عبد العزيز، وليس في كلام هؤلاء الصحابة منع الوتر بركعة واحدة؛ قال ابن المنذر وقال النووي أعجب إلى الثلاث أهـ (وذهب أبو حنيفة) إلى انه لا يكون إلا بثلاث متصلة (وقال مالك) يكون بواحدة بشرط أن يتقدمها شفع (وقال الإمامان الشافعي واحمد) يكون بالواحدة والثلاث إلى إحدى عشرة ولهما في الوتر بإحدى عشرة ثلاث حالات (إحداها) أن يسلم من كل ركعتين ثم يصلي ركعة بتشهد وسلام (الثانية) أن يسرد العشر ويتشهد ولا يسلم، ثم يأتي بركعة ويتشهد ويسلم (الثالثة) أن يسرد الجميع لا يجلس إلا في آخرهن ثم يسلم وكذا الوتر بالخمس والسبع والتسع، والأفضل في الخمس والسبع الجلوس في آخرها، قال النووي رحمه الله في شرح المهذب الوتر سنة عندنا بلا خلاف وأقله ركعة بلا خلاف. وأدنى كماله ثلاث ركعات وأكمل منه خمس ثم سبع ثم تسع ثم إحدى عشرة، وهي أكثره على المشهور في المذهب وبه قطع المصنف والأكثرون، وفيه وجه أن أكثره ثلاث عشرة. حكاه جماعة من الخراسانيين وجاءت فيه أحاديث صحيحة. ومن قال بإحدى عشرة يتأولها على أن الراوي حسب معها سنة العشاء. ولو زاد على عشرة لم يجز ولم يصح وتره عند الجمهور. وفيه وجه حكاه

-[مذهب العلماء في حكم القصر بين الشفع والوتر وصلاة ركعتين بعد الوتر]-. .....

_ إمام الحرمين وغيره أنه يجوز لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله على أوجه من أعداد من الركعات، فدل على عدم انحصاره، وأجاب الجمهور على هذا بأن اختلاف الأعداد إنما هو فيما لم يجاوز، قال وإذا أوتر بإحدى عشرة فما دونها فالأفضل أن يسلم من كل ركعتين للأحاديث الصحيحة، قال وإذا أراد الإتيان بثلاث ركعات ففي الأفضل أوجه، الصحيح أن الأفضل أن يصليها مفصولة بسلامين لكثرة الأحاديث الصحيحة فيه (قلت) منها حديثاً ابن عمر وعائشة اللذان في الفصل الأخير من الباب (وإليه ذهب الإمام أحمد) قال ولكثرة العبادات فإنه تتجدد النية ودعاء التوجه والدعاء في آخر الصلاة والسلام وغير ذلك (والثاني) إن وصلها بتسليمة واحدة أفضل قاله الشيخ أبو زيد المروزي للخروج من الخلاف فإن أبا حنيفة رحمه الله لا يصحح المفصولة (والثالث) إن كان منفرداً فالفصل أفضل، وإن كان إماماً فالوصل حتى تصح صلاته لكل المقتدين (والرابع) عكسه حكاه الرافعي، ثم إن أوتر بركعة نوى بها الوتر، وإن أوتر بأكثر واقتصر على تسليمة نوى الوتر أيضاً، وإذا فصل الركعتين بالسلام وسلم من كل ركعتين نوى بكل ركعتين ركعتين من الوتر هذا هو المختار، وله أن ينوي غير هذا أهـ بتصرف واختصار (وفي أحاديث الباب أيضاً) مشروعية صلاة ركعتين بعد الوتر وهو جالس لما ذكر في أحاديث الباب عن أبي أمامة وعائشة وأم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم (كان يركع ركعتين بعد الوتر وهو جالس) وقد أخذ بظاهرها الأوزاعي والإمام أحمد فيما حكاه القاضي عياض عنهما وأباحا ركعتين بعد الوتر جالساً قال الإمام أحمد لا أفعله ولا أمنع من فعله قال وأنكره مالك (قال النووي رحمه الله) والصواب أن هاتين الركعتين فعلهما صلى الله عيه وسلم لبيان الجواز ولم يواظب على ذلك، بل فعله مرة أو مرات قليلة. قال ولا يغتر بقولها كان يصلي فإن المختار الذي عليه الأكثرون والمحققون من الأصوليين أن لفظة كان لا يلزم منها الدوام ولا التكرار، وإنما هي فعل ماض تدل على وقوعه مرة فإن دل دليل عمل به وإلا فلا تقتضيه بوضعها، وقد قالت عائشة كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحله قبل أن يطوف، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد أن صحبته عائشة إلا حجة واحدة وهي حجة الوداع، قال ولا يقال لعلها طيبته في إحرامه بعمرة لأن المعتمر لا يحل له الطيب قبل الطواف بالإجماع، فثبت أنها استعملت كان في مرة واحدة، قال وإنما تأولنا حديث الركعتين لأن الروايات المشهورة في الصحيحين مصرحة بأن آخر صلاته صلى الله عليه وسلم في الليل كانت وتراً (وفي الصحيحين) أحاديث كثيرة مشهورة بالأمر يجعل آخر صلاة الليل وتراً فكيف يظن به صلى الله عليه وسلم مع هذه الأحاديث وأشباهها أنه يداوم على ركعتين بعد الوتر ويجعلها آخر صلاة الليل، قال وأما ما أشار إليه القاضي عياض من ترجيح الأحاديث المشهورة ورد

-[حل إشكال صلاته صلى الله عليه وسلم ركعتين بعد الوتر- مع قوله صلى الله عليه وسلم اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراُ]- (4) باب ما يقرأ به في الوتر (1092) عن علي رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بتسع سور من المفصل، يقرأ في الركعة الأولى ألهاكم التكاثر وإنا أنزلناه في ليلة القدر وإذا زلزلت الأرض، وفي الركعة الثانية والعصر وإذا جاء نصر الله

_ رواية الركعتين فليس بصواب، لأن الأحاديث إذا صحت وأمكن الجمع بينها تعين (يعني الجمع) وقد جمعنا بينها ولله الحمد أهـ حكاه الشوكاني رحمه الله عن النووي ثم قال أما الأحاديث التي فيها الأمر للأمة أن يجعلوا آخر صلاة الليل وتراً فلا معارضة بينها وبين فعله صلى الله عليه وسلم للركعتين بعد الوتر، لما تقرر في الأصول أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة فلا معنى للاستنكار، وأما حديث أنه كان آخر صلاته صلى الله عليه وسلم من الليل وتراً، فليس فيها ما يدل على الدوام لما قرره من عدم دلالة لفظ كان عليه؛ فطريق الجمع باعتباره صلى الله عليه وسلم أن يقال إنه كان يصلي الركعتين بعد الوتر تارة ويدعها تارة، وأما باعتبار الأمة فغير محتاج إلى الجمع لما عرفت من أن الأوامر بجعل آخر صلاة الليل وتراً مختصة بهم، وأن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض ذلك (وقال ابن القيم في الهدي) وقد أشكل هذا يعني حديث الركعتين بعد الوتر على كثير من الناس فظنوه معارضاً لقوله صلى الله عليه وسلم (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) ثم حكي عن مالك وأحمد ما تقدم، وحكي عن طائفة ما قدمنا عن النووي، ثم قال والصواب أن يقال إن هاتين الركعتين تجريان مجرى السنة وتكميل الوتر فإن الوتر عبادة مستقلة، ولاسيما إن قيل بوجوبه فتجري الركعتان بعده مجري سنة المغرب من المغرب فأنها وتر النهار والركعتان بعدها تكميل لها، فكذلك الركعتان بعد وتر الليل والله أعلم أهـ (قال الشوكاني) والظاهر ما قدمنا من اختصاص ذلك به صلى الله عليه وسلم، وقد ورد فعله لهاتين الركعتين بعد الوتر من طريق أم سلمة عند أحمد في المسند ومن طريق غيرها، قال الترمذي روي نحو هذا عن أبي أمامة وعائشة وغير واحد عن النبي صلى الله عليه وسلم، وفي المسند أيضاً والبيهقي عن أبي أمامه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي ركعتين بعد الوتر وهو جالس يقرأ فيهما إذا زلزلت الأرض زلزالها وقل يا أيها الكافرون أهـ (1029) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن عبد الله بن الزبير وأسود بن عامر قالا ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي

-[ما يقرأ به في الوتر- والذكر الذي يقال بعد الانصراف منه]-. والفتح وإنا أعطيناك الكوثر، وفي الثالث قل يا أيها الكافرون وتبت يدا أبي لهب، وقل هو الله أحد (1093) عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله علية وسلم يوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد، وإذا أراد أن ينصرف من الوتر قال سبحان الملك القدوس ثلاث مرات، ثم يرفع صوته في الثالثة (وعنه من طريق ثان) عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقرأ في الوتر بسبح اسم ربك الأعلى وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد، وكان إذا سلم قال سبحان الملك القدوس يطولها ثلاثاً

_ رضي الله عنه (الحديث) (تخريجه) (مذ) ولم يتكلم على رجاله بجرح ولا تعديل وفي إسناده الحارث بن عبد الله: الأعور صاحب علي، قال الحفظ في التقريب كذبه الشعبي في رأيه ورمى بالرفض وفي حديثه ضعيف، مات في جلافه ابن الزبير أهـ (1093) عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرازق قال أنا سفيان عن زبيد عن ذر بن عبد الله المرهبي عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه (الحديث) (غريبه) (1) أي يقرأ في الوتر كما في الطريق الثانية (2) القدوس الطاهر المنزه عن العيوب، وفعول من أبنية المبالغة، وقد تفتح القاف وليس بالكثير، ولم يجئ منه إلا قدوس وسبوح وذروح، والمراد به التطهير (نه) (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا بهز ثنا همام أنا قتادة عن عزرة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه الحديث) (4) أي يقول هذا الذكر ثلاث مرات ويطول لفظ القدوس، أي بمده في كل مرة ثم يرفع صوته في الجملة كلها في المرة الثالثة كما يستفاد من الطريق الأولى (تخريجه) (نس) وصحح العراقي في إسناده، ورواه الأربعة إلا الترمذي من حديث أبي بن كعب بدون قوله سبحان الملك القدوس

-[حجة القائلين بقراءة المعوذتين في الركعة الثالثة مع قل هو الله أحد]-. (1094) عن عبد العزيز بن جريح قال سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها بأي شيء كان يوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت كان يقرأ في الركعة الأولى بسبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية يقل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة بقل هو الله أحد والمعوذتين (1095) ز عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر بسبح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد

_ (1094) عن عبد العزيز بن جريج (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن سلمة عن خصيف عن عبد العزيز بن جريج قال سألت عائشة "الحديث" (تخريجه) (د. جه. حب. هق. قط. ك. مذ) وقال حديث حسن غريب قال وقد روي هذا الحديث يحي بن سعيد الأنصاري عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم (قلت) الحديث في إسناده عبد العزيز بن جريح، قال الحافظ في التقريب، المكي مولي قريش لين، قال العجلي لم يسمع من عائشة وأخطأ خصيف، فصرح بسماعه، من الرابعة، وقال في التلخيص بعد ذكر هذا الحديث فيه خصيف وفيه لين أهـ (قلت) والظاهر أن الترمذي حسنه لأنه روى من عدة طرق إسناد بعضها جيد؛ قال الحافظ في التلخيص بعد ذكره ورواه الدارقطني وابن حبان والحاكم من حديث يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة وتفرق به يحيى بن أيوب عنه، وفيه مقال ولكنه صدوق وقال العقيلي إسناده صالح أهـ (قلت) ورواه أيضاً الحاكم من طريق سعيد بن عفير وسعيد بن أبي مريم كلاهما عن يحيى بن أيوب عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة، وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وسعيد بن عفير إمام أهل مصر بلا مدافعة أهـ (قلت وأقره الذهبي) وروى زيادة المعوذتين محمد بن نصر أيضاً من طريق حسين بن عبد الله بن ضمرة بن أبي ضمرة وضعفه الإمام أحمد وابن معين وأبو زرعة، وهذه الروايات تدل على زيادة المعوذتين في الركعة الثالثة. (1095) ز عن أبي كعب رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله ثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا أبو حفص الآبار عن الأعمش عن طلحة وزبيد عن ذرعن سعيد ابن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب (الحديث) (تخريجه) (د. جه نس) وزاد النسائي (ولا يسلم إلا في آخرهن) ورجال إسناده ثقات إلا عبد العزيز

-[مذاهب العلماء فيما يقرأ به في الوتر]-. (1096) وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

_ ابن خالد عند النسائي وهو مقبول. (1096) (وعن ابن عباس الخ) حديث ابن عباس المشار إليه تقدم بسنده ومتنه وشرحه وتخريجه في الفصل الثاني من الباب الثالث من أبواب الوتر (الأحكام) أحاديث الباب تؤيد مشروعية الوتر بثلاث ركعات واستحباب القراءة فيها بما ذكر من الصور، وورد عن بعض الصحابة القراءة بغير ما ذكر قولاً وفعلاً، فقد روى محمد بن نصر (عن سعيد بن جبير) أنه كان يقرأ في الوتر في أول ركعة خاتمة البقرة، وفي الثانية إنا أنزلناه في ليلة القدر وربما قرأ قل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة قل هو الله أحد (وروى أيضاً) عن سعيد بن جبير لما أمر عمر بن الخطاب أبى بن كعب أن يقوم بالناس في رمضان كان يوتر بهم فيقرأ في الركعة الأولى إنا أنزلناه في ليلة القدر، وفي الثانية بقل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة بقل هو الله أحد (وروى عن علي) رضي الله عنه ليس في القرآن شيء مهجور فأوتر بما شئت (وروى النسائي) من طريق عاصم الأحول عن أبي مجاز أن أبا موسى كان بين مكة والمدينة فصلى العشاء ركعتين ثم صلى ركعة أوتر بها فقرأ فيها بمائة آية من النساء، ثم قال ما ألوت أن أضع قدمي حيث وضع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قدميه، وأنا أقرأ بما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (قال الترمذي) والذي اختاره أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم أن يقرأ بسبح اسم ربك الأعلى، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، يقرأ في كل ركعة من ذلك بصورة أهـ (قلت) وإلى ذلك ذهب (الحنفية والحنابلة والثوري وإسحاق) وإنما اختاره أكثر أهل العلم لأن حديث ابن عباس وأبى بن كعب بإسقاط المعوذتين أصح، وقال ابن الجوزي أنكر أحمد ويحيى بن معين زيادة المعوذتين كذا في التلخيص (قال النووي) رحمه الله مذهبنا أنه يقرأ بعد الفاتحة في الأولى سبح، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة قل هو الله أحد مرة والمعوذتين، وحكاه القاضي عن جمهور العلماء، وبه قال مالك وداود؛ قال دليلنا حديث عائشة (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرأ في الوتر في الأولى سبح اسم ربك الأعلى، وفي الثانية قل يا أيها الكافرون، وفي الثالثة قل هو الله أحد والمعوذتين) رواه أبو داود والترمذي وقال حديث حسن، ورواه أبو داود والنسائي وابن ماجه من رواية أبي بن كعب، ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من رواية ابن عباس، لكن ليس في روايتهما ذكر المعوذتين، وهو ثابت في حديث عائشة كما ذكرناه والزيادة من الثقة مقبولة اهـ (ج)

-[شبهة من قال لا وتر إلا بخمس أو سبع]-. (5) باب لا وتر إلا بخمس أو سبع - ولا وترين في ليلة (1097) عن الحكم (1) قال قلت لمقسم (2) أوتر بثلاث ثم أخرج إلى الصلاة مخافة أن تفوتني (3) قال لا وتر إلا بخمس أو سبع (4) قال فذكرت ذلك ليحيى بن الجزار ومجاهد فقالا لي سلة عمن؟ (5) فقلت له فقال عن الثقة عن عائشة وميمونة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. (1098) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا ملازم بن عمرو السحيمي ثنا جدي عبد الله بن بدر قال وحدثني سراج بن عقبة أن قيس بن طلق حدثهما أن أباه طلق بن علي أتانا في رمضان وكان عندنا حتى أمسى فصلى بنا القيام في رمضان وأوتر بنا ثم انحدر (6) إلى مسجد ريمان فصلى بهم (7) حتى بقي

_ (1097) عن الحكم (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا يحيى عن شعبة قال حدثني الحكم قال قلت لمقسم الخ (غريبه) (1) هو ابن عتيبة بمثناه فوقية ثم تحتية مصغراً، الكندي مولاهم أبو محمد أو أبو عبد الله الكوفي أحد الأعلام عن أبي جحيفة وعبد الله بن شداد وأبي وائل وعبد الرحمن بن أبي ليلى وخلق، وعنه منصور والأعمش ومسعر وشعبة وأبو عوانة وخلق، قال العجلي ثقة ثبت من فقهاء أصحاب إبراهيم صاحب سنة وأتباع، قال أبو نعيم مات سنة خمس عشرة ومائة عن خمس وستين سنة (خلاصة) (2) بكسر أوله وسكون ثانيه ابن بحيرة بضم الموحدة أو ابن نجدة بنون مولي عبد الله ابن الحارس بن نوفل عن عائشة وأم سلمة، ولزم ابن عباس فنسب إليه بالولاء، وعنه ميمون ابن مهران والحكم بن عتيبة وطائفة، قال أبو حاتم لا بأس به، وقال ابن سعد توفى سنة إحدى ومائة، له في البخاري فرد حديث كذا في الخلاصة (3) يريد أنه كان يخفف الوتر فيوتر بثلاث ركعات ليدرك الجماعة في صلاة الصبح (4) كأنه لم يبلغه الوتر بواحدة أو ثلاث (5) أي عمن أخذت هذا الحكم وهو عدم الوتر إلا بخمس أو سبع (وقوله فقلت له) أي فسأله عن ذلك فقال عن الثقة الخ (تخريجه) أخرجه النسائي ومحمد بن نصر وسنده جيد (1098) حدثنا عبد الله الخ (غريبه) (6) أي خرج إلى المسجد الذي كان يصلي فيه إماماً (وريمان) بفتح الراء اسم موضع أضيف إليه المسجد ولفظ أبي داود (ثم انحدر إلى مسجده) وأضيف إليه لكونه كان يصلي فيه إماماً فالإضافة في مسجده لأدنى ملابسة (7) الظاهر أنه صلى

-[إزالة شين قال لأوتر إلا بخمس أو سبع- وحجة القائلين بعدم نقص الوتر]-. الوتر فقدم رجلاً فأوتر بهم (1) وقال سمعت نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول لا وتران (2) في ليلة

_ بهم الفرض والنقل جميعاً فيكون اقتداء القوم به في الفرض من اقتداء المفترض بالمتنفل (1) إنما قدم غيره لصلاة الوتر لأنه أوتر بالجماعة الأولى، وقد سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا وتران في ليلة، وذكر لهم الحديث ليبين لهم سبب تأخره عن صلاة الوتر ويبلغهم الحكم (2) أي لا يجتمع وتران أو لا يجوز وتران في ليلة بمعني لا ينبغي لكم أن تجمعوها، وليست لا نافية للجنس وإلا لكان لا وترين بالياء، لأن الاسم بعد لا النافية للجنس يبنى على ما ينصب به، ونصب التثنية بالياء التحتية إلا أن يكون ههنا حكاية فيكون الرفع للحكاية، وقال الحافظ الشيوطي هو على لغة بلحارث؟ الذين يجرون المثنى بالألف في كل حال (تخريجه) (د. نس. مذ. حب) وقال الترمذي حسن غريب وصححه ابن حبان (الأحكام) الحديث الأول من حديثي الباب يدل بظاهره على أن الوتر لا يصح إلا بخمس ركعات أو سبع وليس كذلك، بل المراد بذلك والله أعلم صلاة التهجد مع الوتر، لأنهم كانوا إتارة يعبرون عنهما بالوتر مجازاً، ففهم الراوي أنها تريد الوتر فقط، والحامل لنا على هذا التأويل ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم بالأحاديث الصحيحة (وتقدم ذلك) أنه صلى الله عليه وسلم أوتر بواحدة وتسع وإحدى عشرة، فيستفاد من حديث الباب أن المصلي لا يكون متهجداً بأقل من خمس ركعات فيها الوتر، هذا ما ظهر لي والله أعلم (والحديث الثاني) يدل على مشروعية الصلاة بعد الوتر شفعاً، وعلى عدم إعادة الوتر مرة أخرى، وبه احتج رواية طلق بن علي وقدم غيره ليصلي الوتر بالجماعة لأنه كان أوتر، قال العراقي وإلى ذلك ذهب أكثر العلماء وقالوا إن من أوتر وأراد الصلاة بعد ذلك لا ينقض وتره ويصلي شفعاً شفعاً حتى يصبح، قال فمن الصحابة أبو بكر الصديق وعمار بن ياسر ورافع بن خديج وعائذ بن عمرو وطلق بن علي وأبو هريرة وعائشة، ورواه ابن أبي شيبة في المصنف عن سعد بن أبي وقاص وابن عمرو وابن عباس (وممن قال به من التابعين) سعيد بن المسيب وعلقمة والشعبي وإبراهيم النخعي وسعيد بن جبير ومكحول والحسن البصري، روى ذلك ابن أبي شيبة عنهم في المصنف أيضاً، وقال به من التابعين طاوس وأبو مجلز (ومن الأئمة) سفيان الثوري ومالك وابن المبارك وأحمد روي ذلك الترمذي عنهم في سننه وقال إنه أصح، ورواه العراقي عن الأوزاعي والشافعي وأبي ثور، وحكاه القاضي عياض عن كافة أهل الفتيا أفاده الشوكاني (قلت) ودليلهم على جواز صلاة الشفع بعد الوتر ما رواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم عن عائشة رضي الله عنها قالت

-[حجة من قال بنقض الوتر]-. (6) باب ختم صلاة الليل بالوتر وما جاء في نقضه (1099) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان إذا سئل عن الوتر قال أما أنا فلو أوترت قبل أن أنام ثم أردت أن أصلي بالليل شفعت بواحدة ما مضى من وتري ثم صليت مثني مثنى فإذا قضيت صلاتي أوترت بواحدة،

_ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوتر بتسع ركعات وركعتين وهو جالس فلما ضعف أوتر بسبع وركعتين وهو جالس (وفي رواية) ثم يصلي ركعتين وهو قاعد (وتقدم في الباب السابق) وما رواه أبو داود والبيهقي والإمام أحمد بسند جيد (وتقدم أيضاً في الباب السابق) عن أم مسلمة رضي الله عنها (أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يركع ركعتين بعد الوتر وهو جالس) (وذكر محمد بن نصر) آثاراُ تدل على أن الوتر لا ينقض فقال (سئلت عائشة) عن الرجل يوتر ثم يستيقظ فيشفع بركعة ثم يوتر بعد، قالت ذاك الذي يلعب بوتره (وعن أبي هريرة) إذا صليت العشاء صليت بعدها خمس ركعات ثم أنام فإن قمت صليت مثني مثني، وإن أصبحت أصبحت على وتر (وسئل رافع بن خديج) عن الوتر فقال أما أنا فأني أوتر من أول الليل فإن رزقت شيئاً من آخره صليت ركعتين ركعتين حتى أصبح (وعن علقمة) إذا أوترت ثم قمت فاشفع حتى تصبح (وعن جعفر) قال سألت ميموناً عن الرجل يوتر من آخر الليل وهو يري أنه قد دنا الصبح فينظر فإذا عليه ليل طويل فأيهما أحب إليك؟ أيجلس حتى يصبح بعد وتره أم يصلي مثني مثني؟ فقال لا، بل يصلي مثني مثنى حتى يصبح (وقيل للأوزاعي) فيمن أوتر في أول الليل ثم استيقظ آخر ليلته أله أن يشفع وتره بركعة ثم يصلى شفعاً شفعاً حتى إذا تخوف الفجر أوتر بركعة؟ فكره ذلك وقال بل يصلي بقية ليلته شفعاً شفعاً حتى يصبح وهو على وتره الأول (وقال مالك) من أوتر من أول الليل ثم نام ثم قام فبدأ له أن يصلي فليصل مثني مثنى وهو أحب ما سمعت إلى (وسئل أحمد) فيمن أوتر الليل ثم قام يصلي قال يصلي ركعتين ركعتين؛ قيل وليس عليه وتر؟ قال لا، قال ابن نصر هو أحب إلي، وإن شفع وتره إتباعاً للأخبار رأيته جائزاً أهـ (قلت) ما ذهب إليه القائلون بعدم جواز نقض الوتر هو مذهبي وهو الأرجح في نظري والله أعلم (1099) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر (الحديث) (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد ورجاله رجال الصحيح وأخرجه (ق. والأربعة) إلا ابن ماجه

-[مذاهب الأئمة في جواز نقض الوتر وعدمه]-. إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يجعل آخر صلاة الليل الوتر (1100) عن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي من الليل فإذا انصرف قال لي قومي فأوتري

_ عن ابن عمر أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) ورواه أيضاً الإمام أحمد بهذا اللفظ وتقدم في الباب الثاني من أبواب الوتر (1100) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عمرة عن عائشة (الحديث) (تخريجه) (م. وغيره) (وفي الباب) عن علي رضي الله عنه قال (الوتر ثلاثة أنواع، فمن شاء أن يوتر أول الليل أوتر فإذا استيقظ فشاء أن يشفعها بركعة ويصلي ركعتين ركعتين حتى يصبح ثم يوتر فعل، وإن شاء ركعتين حتى يصبح، وإن شاء آخر الليل أوتر) رواه الإمام الشافعي في مسنده ورجاله ثقات (الأحكام) حديثاً الباب يدلان على استحباب تأخير الوتر لآخر الليل سواء كان للإنسان تهجد أم لا إذا وثق من استيقاظ آخر الليل إما بنفسه وإما بإيقاظ غيره، وأن الأمر بالنوم على وتر إنما هو في حق من لم يثق، وقد تقدم الكلام على ذلك (وفي حديث ابن عمر) المذكورة في الباب وحديث علي المروي عن الإمام الشافعي حجة للقائلين بنقض الوتر لمن أوتر ثم نام ثم قام فله أن ينقض وتره بصلاة ركعة يشفع بها وتره ثم يصلي ما شاء ثم يختتم صلاته بالوتر، قال الترمذي رأى بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن بعدهم نقض الوتر، وقالوا يضيف إليها ركعة ويصلي ما بدا له ثم يوتر في آخر صلاته لأنه لا وتران في ليلة، وهو الذي ذهب إليه إسحاق، وقال بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إذا أوتر من أول الليل ثم نام ثم قام من آخر الليل فإنه يصلي ما بدا له ولا ينقض وتره ويدع وتره على ما كان، وهو قول سفيان الثوري ومالك وابن المبارك والشافعي وأحمد وهذا أصح، لأنه قد روى من غير وجه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بعد الوتر أهـ (قلت) وقد احتج القائلون بجواز نقض الوتر بحديث الباب عن ابن عمر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يجعل آخر صلاة الليل الوتر) (وروى بلفظ آخر تقدم) (اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) وقالوا إذا أوتر ثم نام ثم قام ولم يشفع وتره وصلى مثنى مثنى ولم يوتر في آخر صلاته كان قد جعل آخر صلاته من الليل شفعاً لا وتراً، وفيه مخالفة لأمره صلى الله عليه وسلم (وقد ناقضهم القائلون بعدم الجواز) فاحتجوا بالحديث نفسه على أنه لا يجوز النقض قالوا لأن الرجل

-[ترجيح مذهب القائلين بعدم نقض الوتر]-. (7) باب جواز صلاة الوتر على الراحلة (ومن نزل عن راحلة فصلاه على الأرض) (1101) عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي على راحلته ويوتر عليها ويذكر ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم (1102) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتر على البعير (1103) عن سعيد بن يسار قال قال لي ابن عمر رضي الله عنهما أمالك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة؟ كان رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه

_ إذا أوتر أول الليل فقد مضى وتره فإذا هو نام بعد ذلك ثم قام وتوضأ وصلى ركعة أخرى فهذه الصلاة غير تلك الصلاة وغير جائز في النظر أن تتصل هذه الركعة بالركعة الأولى التي صلاها في أول الليل فلا يصيران صلاة واحدة وبينهما نوم وحدث ووضوء وكلام في الغالب، وغنما هما صلاتان متباينتان كل واحدة غير الأولى، ومن فعل ذلك فقد أوتر مرتين، ثم إذا هو أوتر أيضاً في آخر صلاته صار موتراً ثلاث مرات، وقد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وتراً) وهذا قد جعل الوتر في مواضع من صلاة الليل، وأيضاً قال صلى الله عليه وآله وسلم (لا وتران في ليلة) وهذا قد أوتر ثلاث مرات (قلت) وهو استدلال وجيه والله أعلم. (1101) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن عجلان حدثني نافع عن ابن عمر (الحديث) (غريبه) (1) الراجلة هي المركب من الإبل سواء كان ذكراً أم أنثى.: والمراد بالصلاة هنا النافلة، وخص الوتر بالذكر للإشارة إلى أنه آكد النوافل، بل قال الحنفية بوجوبه وتقدم الخلاف في ذلك (تخريجه) (ق. لك. د. نس. جه. هق) (1102) عن ابن عمر رضي الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا مالك عن أبي بكر بن عمر عن سعيد بن يسار عن ابن عمر (الحديث) (تخريجه) (م. هق. وغيرهما) (1103) عن سعيد بن يسار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عن أبي ثنا وكيع ثنا مالك بن انس عن أبي بكر بن عمر عن سعيد بن يسار (الحديث) (غريبه) (1) الأسوة

-[حجة القائلين بعدم جواز صلاة الوتر على الراحلة]-. وسلم يوتر على بعيره (1104) عن سعيد بن جبير أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يصلي على راحلته تطوعاً، فإذا أراد أن يوتر نزل فأوتر على الأرض

_ بضم الهمزة ويجوز كسرها كما في القاموس ومعناه القدوة لفظه عند مسلم عن سعيد بن يسار قال كنت أسير مع ابن عمر بطريق مكة قال سعيد فلما خشيت الصبح نزلت فأوترت ثم أدركته، فقال لي ابن عمر أين كنت؟ فقلت له خشيت الفجر فنزلت فأوترت، فقال عبد الله أليس لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة؟ فقلت بلى، قال (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر على بعيره (تخريجه) (ق. مذ. وغيرهم) (1104) عن سعيد بن جبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن سعيد بن جبير (الحديث) (غريبه) (2) كان ابن عمر رضي الله عنهما يفعل ذلك في بعض الأحيان، وفي بعضها كان يوتر على الراحلة لأنه لا يرى وجوب الوتر، فكان عنده كسائر التطوعات بجوز فعله على الدابة وعلى الأرض، وأحاديث الباب المروية عنه ناطقة بذلك، وروى البيهقي بسنده إلى جرير بن حازم قال قلت لنافع أكان ابن عمر يوتر على الراحلة؟ قال وهل للوتر فضيلة على سائر التطوع؟ أي والله لقد كان يوتر عليها (تخريجه) أخرجه أيضاً الطحاوي وسنده جيد (وفي الباب) عند مسلم بسنده عن سالم بن عبد الله عن أبيه (يعني عبد الله بن عمر) (قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبح (أي يتنفل) عن الراحلة قبل أي وجه توجه ويوتر عليها غير أنه لا يصلي عليها المكتوبة) وعن ابن عباس أيضاً (أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أوتر على راحلته) رواه محمد ابن نصر في قيام الليل (وفي الباب) من الآثار (عن علي) رضي الله عنه أنه كان يوتر على راحلته (وعن نافع) كان عبد الله (يعني ابن عمر) يوتر على البعير يومئ برأسه (وعن ابن جريح) قلت لعطاء أوتر وأنا مدبر عن القبلة على دابتي؟ قال نعم (وعن عطاء) لا بأس أن يوتر على بعيره (وعن سفيان) أن أوترت على دابتك فلا بأس والوتر بأرض أحب إلي (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية صلاة الوتر على الراحلة في السفر حيث توجهت به كسائر النوافل، قال الترمذي رحمه الله وقد ذهب بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم إلى هذا ورأوا أن يوتر الرجل على راحلته، وبه يقول الشافعي وأحمد وإسحاق (قلت ومالك أيضاً) قال وقال بعض أهل العلم لا يوتر الرجل

-[مذاهب الأئمة في حكم صلاة الوتر على الراحلة]-. .....

_ على الراحلة فإذا أراد أن يوتر نزل وهو قول بعض أهل الكوفة أهـ (قلت) ومنهم أبو حنيفة رحمه الله (قال محمد بن نصر) في قيام الليل بعد رواية حديث ابن عمر وابن عباس والآثار المذكورة ما لفظه، وزعم النعمان يعني أبا حنيفة رحمه الله أن الوتر على الدابة لا يجوز خلافاً لما روينا، واحتج بعضهم له بحديث عن ابن عمر أنه نزل عن دابته فأوتر بالأرض، فيقال لمن احتج بذلك هذا ضرب من الغفلة، هل قال أحد إنه لا يحل للرجل أن يوتر بالأرض؟ إنما قال العلماء لا بأس أن يوتر على الدابة وإن شاء أوتر على الأرض، وكذلك كان ابن عمر يفعل، ربما أوتر على الأرض، وعن نافع أن ابن عمر كان ربما أوتر على راحلته وربما نزل، وفي رواية كان يوتر على راحلته وكان ربما نزل أهـ وقال صاحب التعليق الممجد (من الحنفية) أخذ أصحابنا بالآثار الواردة بنزول ابن عمر رضي الله عنهما للوتر وشيدوه بالأحاديث المرفوعة الواردة في نزوله صلى الله عليه وسلم للوتر، وقال المجوزون لأدائه على الدابة أنه لا تعارض ههنا إذ يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم فعل الأمرين، فأحياناً أدى الوتر على الدابة؛ وأحياناً على الأرض وقد اقتدى به ابن عمر، ويؤيده ما أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار عن مجاهد عن محمد بن إسحاق عن نافع قال (كان ابن عمر يوتر على الراحلة وربما نزل فأوتر على الأرض، وقال الطحاوي بعد ما أخرج آثار الطرفين، الوجه في ذلك عندنا قد يجوز أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يوتر على الراحلة قبل أن يحكم بالوتر ويغلظ أمره ثم أحكم بعد ولم يرخص في تركه، ثم أخرج حديث (إن الله أمدكم بصلاة هي خير من حمر النعم؛ ما بين صلاة العشاء إلى الفجر الوتر الوتر) من حديث خارجة وأبي بصرة، ثم قال فيجوز أن يكون ما روى ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من وتره على الراحلة من قبل تأكيده إياه ثم نسخ ذلك (وفيه نظر لا يخفى) إذ لا سبيل إلى إثبات الفسخ بالاحتمال ما لم يعلم ذلك بنص وارد في ذلك أهـ (قلت) وهذا التعقب وجيه جداً لأنه صدر من منصف لا يتعصب لمذهبه بل يقف عند حد النص، أكثر الله من مثل هؤلاء العلماء المنصفين ونفع بهم الإسلام والمسلمين آمين، إذا علمت ذلك فالذي يستفاد من أحاديث الباب والنصوص الكثيرة الصحيحة والآثار الواردة عن الصحابة والتابعين ومذاهب جمهور العلماء المجتهدين جواز صلاة الوتر على الراحلة حيث توجهت به كسائر النوافل، وقد أفرط باباً مخصوصاً للأحاديث الواردة في ذلك، وهو الباب الرابع من أبواب استقبال القبلة، يتلوه باب في الرخصة في صلاة الفرض على الراحلة لعذر، وتقدم ذلك كله مع شرحه وبيان مذاهب الأئمة فيه هناك، وأخرت الأحاديث المصرح فيها بصلاة الوتر على الراحلة هنا لمناسبة أبواب

-[ختام الجزء الرابع من كتاب الفتح الرباني]-. الوتر والله الموفق (تنبيه) تقدمت أحاديث قنوت الوتر والصبح وغيرهما في أبواب القنوط آخر الجزء الثالث لمناسبة هناك، ومن محاسن الصدف أن جاء ختم هذا الجزء بأبواب الوتر كما جاء ختم الجزء الثالث بباب القنوت في الوتر (والله عز وجل وتر يجب الوتر) فسأله تعالى أن يجعلنا من الموحدين المخلصين، وأن يمدنا بروح من عنده ويلهمنا الصواب، ويعمم النفع بهذا الكتاب، إنه على ذلك قدير، وبالإجابة جدير، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين، وإمام المتقين، وعلى آله وصحبه الغر الميامين، ومن تم هداهم بإحسان إلى يوم الدين

_ تم الجزء الرابع ------ (من كتاب الفتح الرباني) (مع شرحه بلوغ الأماني) (ويليه الجزء الخامس وأوله) (أبواب صلاة التراويح) (نسأل الله الإعانة) على التمام وحسن الختام

بسم الله الرحمن الرحيم ابواب صلاة التراويح (1) باب ما جاء فى فضلها وانها سنة وليست بواجبة (1105) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا عثمان بن عمر ثنا مالك عن الزُّهرىِّ عن أبى سلمة عن أبى هريرة أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يأمر بقيام

_ (*) التراويح جمع ترويحة، وهى المرة الواحدة من الراحة، تفعيلة منها مثل تسليمة من السلام، وسميت بذلك لأنهم كانوا يستريحون بين كل تسليمتين (نه) وفى المصباح وصلاة التراويح مشتقة من الراحة لأن الترويحة أربع ركعات والمصلى يستريح بعدها، وروَّحت بالقوم ترويحا صليت بهم التراويح اهـ (1105) حدّثنا عبد الله (غريبه) (1) رواية أبى داود يرغِّب بدل يأمر

رمضان من غير أن يأمر فيه بعزيمة وكان يقول من قام رمضان إيمانًا

_ وهي صارفة لرواية الأمر من الوجوب الى الاستحباب (1) فيه التصريح بعدم وجوب القيام، وقد فسره بقوله من قام الخ فانه يقتضى الندب دون الأيجاب وأصرح منه قوله فى الحديث التالى "وسننت قيامه" بعد قوله فرض صيام رمضان (2) المراد قيام لياليه مصليا، ويحصل بمطلق ما يصدق عليه القيام، وليس من شرطه استغراق جميع أوقات الليل، قال الحافظ ذكر النووى أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح يعنى أنه يحصل بها المطلوب من القيام لا أنَّ قيام رمضان لا يكون إلا بها، وأغرب الكرمانى فقال اتفقوا على أن المراد بقيام رمضان

واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه. (1106) عن عبد الرَّحمن بن عوف رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنَّ الله عز وجلَّ فرض صيام رمضان وسننت قيامه فمن صامه وقامه احتسابًا خرج من الذُّنوب كيوم ولدته أُّمُّه

_ صلاة التراويح اهـ (1) قال النووى معنى إيمانًا تصديقا بأنه حق معتقدًا فضيلته، ومعنى احتسابا أن يريد الله تعالى وحده لا يقصد رؤية الناس ولا غير ذلك مما يخالف الأخلاص (2) زاد الأمام أحمد فى رواية أخرى والنسائى "وما تأخر" قال الحافظ وقد ورد فى غفران ما تقدم وما تأخر عدة أحاديث جمعتها فى كتاب مفرد اهـ (قيل) ظاهر الحديث يتناول الصغائر والكبائر وبذلك جزم ابن المنذر (وقيل) الصغائر فقط وبه جزم إمام الحرمين، قال النووى وهو المعروف عن الفقهاء وعزاه عياض إلى أهل السنة (وقد أورد) أن غفران الذنوب المتقدمة معقول، وأما المتأخرة فلا، لأن المغفرة تستدعى سبق ذنب (وأجيب) عنه بأن ذلك كناية عن عدم الوقوع، وقال الماوردى إنها تقع منهم الذنوب مغفورة (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (1106) عن عبد الرحمن بن عوف (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا القاسم بن الفضل ثنا النضر بن شيبان قال لقيت أبا سلمة بن عبد الرحمن قلت حدثنى عن شئ سمعته من أبيك سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شهر رمضان، قال نعم، حدثنى بى (يعنى عبد الرحمن بن عوف) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) قال صاحب إنجاح الحاجة على سنن ابن ماجه (فان قلت) كيف يستقيم قوله سننت لكم مع أنه صلى الله عليه وسلم ما كان ينطق عن الهوى إن هو إلا وحى يوحى، فكيف نسب إلى ذاته سنية القيام (قلت) ليس الغرض منه فعله من الرأى، بل لما علم بالوحى شرف قيام رمضان فعل ذلك ليستنوا بسنته، فان فضيلة الشئ لا تعرف إلا بالوحى، ثم التحقيق أن اجتهاده صلى الله عليه وسلم قد يكون بلا نزول وحى من جهة الرأى كما فى أسارى بدر وغيرها، والاجتهاد يحتمل الخطأ والصواب، لكن فى غير النبى صلى الله عليه وسلم الثبات على الخطأ جائز وخطأه عفو بل يثاب عليه، وفى حقه صلى الله عليه وسلم ممنوع لأنه لو كان كذلك أى ثبت على الخطأ لا ارتفع الأمان عن الشرع لأنه مصدر الوحى، والتحقيق فى كتب الأصول اهـ (4) لفظ يوم هنا

(2) باب ما جاء فى سببها وجواز فعلها جماعة فى المسجد (1107) عن أنس "بن مالك" رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى فى رمضان، فجئت فقمت خلفه، قال وجاء رجل فقام إلى جنبى، ثمَّ جاء آخر حتَّى كنَّا رهطًا فلمَّا أحسَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا خلفه تجوَّز فى الصلاة ثمَّ قام فدخل منزله فصلَّى صلاة لم يصلِّها عندنا قال فلمَّا أصبحنا قال قلنا يا رسول الله أفطنت بما اللَّيلة؟ قال نعم فذاك الَّذى حملنى على الَّذي صنعت قال ثمَّ أخذ يواصل وذاك فى آخر الشهَّر، قال فأخذ رجال يواصلوت من أصحابه، قال فقال

_ مبني على الفتح لأضافته الى جملة مبنية، ويحوز جره على الأعراب، والمختار البناء؛ فان أضيف الى فعل معرب أو مبتدإ، فالمختار الأعراب، والبناء جائز، قال ابن مالك وابن أواعرب ما كأذ قد اجريا ... واختر بنا متلو فعل بنيا وقبل فعل معرب أو مبتدا ... أعرب ومن بنى فلن يفنَّدا والمراد باليوم الوقت إذ ولادته قد تكون ليلا والمعنى خرج من ذنوبه وصار طاهرًا منها كطهارته منها يوم ولدته أمه وظاهره العموم للصغائر والكبائر، وتقدم الكلام على ذلك فى الذى قبله (تخريجه) (نس. جه) وفى إسناده النضر بن شيبان ضعيف، وقال النسائى هذا الحديث خطأ؛ والصواب حديث أبى سلمة عن أبى هريرة يعنى الحديث الأول (الأحكام) حديثا الباب يدلان على فضيلة قيام رمضان وتأكد استحبابه، وعلى استحباب صلاة التروايح لأنها من قيام رمضان، بل قال النووى المراد بقيام رمضان صلاة التراويح، قال واجتمعت الأمة على أن قيام رمضان ليس بواجب بل هو مندوب (1107) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز ثنا حجاج ثنا سليمان بن المغيرة المعنى عن ثابت عن أنس قال كان النبى صلى الله عليه وسلم يصل "الحديث" (غريبه) (1) الرهط، ما دون العشرة من الرجال لا يكون فيهم امرأة، قال الله تعالى {وكان فى المدينة تسعة رهط} فجمع وليس لهم واحد من لفظهم مثل ذود والجمع أرهط وأرهاط وأراهط كأنه جمع أرهط وأراهيط قاله فى المختار أى خفف واقتصر على الجائز المجزئ مع بعض المندوبات، والتجوز هنا للمصلحة (3) يريد أنه أطالها كما صرح بذلك فى الطريق الثانية (4) يعنى والله أعلم تخفيف الصلاة بهم وتركهم يصلون فرادى، وذلك خوفًا من أن تفرض عليهم صلاتها وجماعتها (5) الوصال هو صوم يومين فصاعدًا من غير أكل وشرب بينهما وهو

رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال رجال يواصلون، إنَّكم لستم مثلى، أما والله لو مدَّ لى الشَّهر لواصلت وصالًا يدع المتعمقون تعمُّقهم (وعنه من طريق ثان) أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خرج إليهم فى رمضان فخفَّف بهم، ثمَّ دخل فأطال ثمَّ خرج فخفَّف بهم، ثمَّ دخل فأطال، فلمَّا أصبحنا قلنا يا نبيَّ الله جلسنا اللَّيلة فخرجت إلينا فخفَّفت ثمَّ دخلت فأطلت قال من أجلكم (وعنه من طريق ثالث) بنحوه وفيه قالوا يا رسول الله صلَّيت ونحن نحب أن تمدَّ فى صلاتك، قال قد علمت بمكانكم وعمدًا فعلت ذلك. (1108) عن عروة بن الزبير قال قالت عائشة رضى الله عنها خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً من جوف اللَّيل فصلَّى في المسجد فثاب رجال فصلَّوا معه بصلاته فلمَّا أصبح النَّاس تحدَّثوا أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قد خرج فصلَّى فى المسجد من جوف اللَّيل فاجتمع اللَّيلة المقبلة أكثر منهم، قالت فخرج النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم اغتسل من جوف اللَّيل فصلَّي وصلَّوا معه بصلاته ثمَّ أصبح فتحدَّثوا بذلك، فاجتمع

_ منهي عنه، وسيأتى حكمه فى بابه من كتاب الصيام واختلاف الائمة فيه إن شاء الله تعالى (1) أى لو طالت مدته أو كان ذلك أول الشهر لواصل بهم وصالا يحمل المتعمقين على تركهم تعمقهم ومجاراتهم إياه فى الوصال، لأنه يشق عليهم المثابرة على ذلك مع طول المدة، ولكن كان ذلك فى آخر الشهر، والمتعمقون هم المشددون فى الأمور المجاوزون الحدود فى قول أو فعل (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود بن عامر ثنا حماد بن سلمة بن ثمامة عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج اليهم "الحديث" (3) أى من أجل إشفاقى عليكم ورحمتى بكم وخوفًا من افتراضها عليكم فعلت ذلك (تخريجه) (ق. وغيرهم) (1108) عن عروة بن الزبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا أنا ابن جريج قال حدثنى ابن شهاب قال عروة قالت عائشة "الحديث" (غريبه) (4) أى رجعوا إلى المسجد بعد خروجهم منه لماَّ علموا بصلاته صلى الله عليه وسلم (5) هكذا رواية الأمام أحمد بزيادة "اغتسل من جوف الليل" ولم أقف عليها لغيره؛

اللَّيلة الثَّالثة ناس كثير حتَّى كثر أهل المسجد قالت فخرج النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من جوف اللَّيل فصلَّى فصلَّوا معه، فلمَّا كانت اللَّيلة الرَّابعة اجتمع النَّاس حتَّى كاد المسجد يعجز عن أهله فجلس النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فلم يخرج، قالت حتَّى سمعت ناسًا منهم يقولون الصَّلاة الصَّلاة، فلم يخرج إليهم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فلمَّا صلَّى صلاة الفجر سلَّم ثمَّ ثام فى النَّاس فتشهَّد ثمَّ قال أمَّا بعد فإنَّه لم يخف علىَّ شأنكم اللَّيلة ولكنِّي خشيت أن تفرض عليكم فتعجزوا عنها (زاد فى رواية) وذلك فى رمضان. (1109) عن أبى سلمة بن عبد الرَّحمن بن عوف عن عائشة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالت كان النَّاس يصلُّون فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان باللَّيل أوزاعًا يكون مع الرَّجل شئ من القرآن فيكون معه النَّفر الخمسة أو السِّتة

_ والذي عند الشيخين وغيرهما أنه صلى الله عليه وسلم خرج فى الليالى الأربعة فصلى بدون ذكر الغسل فى واحدة منها، ويستفاد من هذه الزيادة اهتمامه صلى الله عليه وسلم بالصلاة معهم جماعة وأن الجماعة فى صلاة التراويح جائزة بالمسجد (1) أى يضيق بهم لكثرتهم (2) فى حديث زيد بن ثابت عند الشيخين والأمام أحمد وسيأتى ففقدوا صوته وطنوا أنه قد نام فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج اليهم، وفى رواية عنه عند الشيخين أيضا فرفعوا أصواتهم وحصبوا الباب فخرج اليهم مغضبا فقال ما زال بكم صنيعكم حتى ظننت أنه سيكتب عليكم، فعليكم بالصلاة فى بيوتكم فان خير صلاة المرى فى بيته إلا المكتوبة فيه أن عدم خروجه صلى الله عليه وسلم اليهم إنما كان لخشية افتراض هذه الصلاة، فلا يستدل به على عدم جواز فعلها جماعة فى المسجد، وسيأتى الكلام على ذلك فى الأحكام (4) هذه الزيادة ثبتت عند الشيخين والأمام مالك وأبى داود أيضا، وهى مدرجة فى الحديث من كلام عائشة رضى الله عنها لبيان أن هذه القصة كانت فى رمضان (تخريجه) (ق. لك. د. نس. هق) (1109) عن أبى سلمة بن عبد الرحمن (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب قال ثنا أبى عن ابن إسحاق قال حدثنى محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن عائشة "الحديث" (غريبه) (5) الأوزاع

أو أقل من ذلك أو أكثر فيصلُّون بصلاته قالت فأمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلةً من ذلك أن أنصب له حصيرًا على باب حجرتى ففعلت فخرج إليه رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بعد أن صلَّى العشاء الآخرة قالت فاجتمع إليه من فى المسجد فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلًا طويلًا ثمَّ انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل وترك الحصير على حاله فلمَّا أصبح النَّاس تحدَّثوا بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمن كان معه فى المسجد تلك اللَّيلة قالت وأمسى المسجد راجًّا بالنَّاس فصلَّى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة ثمَّ دخل بيته وثبت النَّاس قالت فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأن النَّاس يا عائشة؟ قالت فقلت له يا رسول الله سمع النَّاس بصلاتك البارحة بمن كان فى المسجد فحشدوا لذلك لتصلِّى بهم قالت فقال اطوعنَّا حصيرك يا عائشة قالت ففعلت وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم غير غافل وثبت النَّاس مكانهم حتَّى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصُّبح فقالت فقال أيُّها النَّاس أما والله ما بتُّ والحمد لله ليلتى هذه غافلًا وما خفى علىَّ مكانكم ولكنىِّ تخوَّفت أن يفترض

_ الجماعات المتفرقة لا واحد له من لفظه، قال ابن عبد البر وهم العزون، قال تعالى {عن اليمين وعن الشمال عزين} وفى الحديث "ما لى أراكم عزين" اهـ (قلت) ويؤيد ذلك تفسير عائشة رضى الله عنها بقولها "يكون مع الرجل شئ من القرآن الخ" (1) لفظ أبى داود "فأمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربت له حصيرًا فصلى عليه" والمعنى أنها بسطت له حصيرًا على باب حجرتها ليصلى عليه كما صرح بذلك فى رواية أخرى عند الأمام أحمد ومحمد بن نصر، والحصير ما ينسج من سعف النخل، وتقدم تفسيره بأوضح من هذا فى حديث رقم 409 (2) أى غاصا بالناس ذا حركة شديدة (3) يريد بذلك إعلامهم بأنه غير خارج اليهم (4) تعنى أنه صلى الله عليه وسلم ما غفل عن صلاته التى كان يصليها كل ليلة وثنائه وأذكاره بل أدى كل ذلك فى بيته (5) أى ما خفى علىّ حالكم وما أنتم عليه ولكنى خشيت أن يفترض عليكم

عليكم فاكلفوا من الأعمال ما تطيقون، فإنَّ الله لا يملُّ حتَّى تملُّوا، قال وكانت عائشة تقول إنَّ أحب الأعمال إلى الله أدومها وإنَّ قلَّ. (1110) خط عن شريح بن عبيد الحضرمىِّ يردُّه إلى أبى ذر رضى الله عنه قال لماَّ كان العشر الأواخر اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد فلمَّا صلَّى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم صلاة العصر من يوم اثنين وعشرين قال إنَّا قائمون اللَّيلة إن شاء الله، فمن شاء منكم أن يقوم فليقم، وهى ليلة ثلاث وعشرين، فصلاَّها

_ قيام رمضان (1) بهمزة وصل وفتح اللام يقال كلفت بهذا الأمر أكلف به اذا ولعت به وأحببته، والمعنى ادا أحببتم شيئا من أعمال الخير فلا تفرطوا فى العمل بل راعوا فيه جانب الاقتصاد خوفًا من الملل، فان الله لا يمل حتى تملوا (قال الحافظ ابن الأثير) معناه ان الله لا يلم أبدًا مللتم أو لم تملوا، فجرى مجرى قولهم حتى يشيب الغراب ويبيض القار، وقيل معناه إن الله لا يطَّرحكم حتى تتركوا العمل وتزهدوا فى الرغبة اليه، فسمى الفعلين مللا وكلاهما ليسا بملل كعادة العرب فى وضع الفعل موضع الفعل اذا وافق معناه نحو قولهم ثم أضحوا لعب الدهر بهم ... وكذاك الدهر يودى بالرجال فجعل إهلاكه إياهم لعبًا، وقيل معناه إن الله لا يقطع عنكم فضله حتى تملوا سؤاله فسمى فعل الله مللا على طريق الازدواج فى الكلام كقوله تعالى {وجزاء سيئة سيئة مثلها} وقوله {فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه} وهذا باب واسع فى العربية كثير فى القرآن (نه) (2) ظاهر قوله وكانت عائشة تقول "إن أحب الأعمال الخ" أنه من قولها وليس كذلك، فقد روى مرفوعًا فى روايات أخرى عند الأمام أحمد والشيخين وغيرهم، ومعناه أن العمل الدائم وإن كان قليلا خير من العمل الكثير المنقطع، وإنما كان القليل الدائم خيرًا من الكثير المنقطع لأنه بدوا القليل تدوم الطاعة والذكر والمراقبة والنية والأخلاص والأقبال على الخالق سبحانه وتعالى ويثمر القليل الدائم بحيث يزيد على الكثير المنقطع أضعافًا كثيرة (تخريجه) رواه محمد بن نصر من حديث عائشة أيضا ومسلم والأمام أحمد أيضًا وغيرهما من حديث زيد بن ثابت (1110) "خط" حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو اليمان ثنا صفوان بن عمرو

النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم جماعةً بعد العتمة حتَّى ذهب ثلث اللَّيل ثم انصرف، فلمَّا كان ليلة أربع وعشرين لم يقل شيئًا ولم يقم، فلمَّا كان ليلة خمس وعشرين قام بعد صلاة العصر يوم أربع وعشرين فقال إنَّا قائمون اللَّيلة إن شاء الله يعنى ليلة خمس وعشرين فمن شاء فليقم، فصلَّى بالنَّاس حتَّى ذهب ثلث اللَّيل ثمَّ انصرف، فلمَّا كان ليلة ست وعشرين لم يقل شيئًا ولم يقم، فلمَّا كان عند صلاة العصر من يوم ست وعشرين قام فقال إنَّا قائمون إن شاء الله يعنى ليلة سبع وعشرين فمن شاء أن يقوم فليقم، قال أبو ذرّ فتجلَّدنا للقيام فصلَّى بنا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حتّى ذهب ثلثا اللَّيل ثمَّ انصرف إلى قبَّته فى المسجد فقلت له إن كنَّا لقد طمعنا يا رسول الله أن تقوم بنا حتى تصبح، فقال يا أبا ذرّ إنَّ إذا صلَّيت مع إمامك وانصرفت إذا انصرف كتب لك قنوت ليلتك قال أبو عبد الرَّحمن وجدت هذا الحديث فى كتاب أبى بخطِّ يده

_ عن شريح "الحديث" (غريبه) (1) فى تطويله صلى الله عليه وسلم ليلة سبع وعشرين إشارة الى أنها ليلة القدر (2) أى القبة التى أعدت لاعتكافه فى المسجد وكانت من حصير على هيئة الحجرة (3) المعنى أن الشخص اذا صلى العشاء مع الأمام وقام معه جزءًا من الليل ثم انصرف مع الأمام كتب له قيام ليلة تامة وليس قيام كل الليل شرطا، أما اذا صلى معه العشاء فقط فانه يكون له ثواب نصف ليلة، فاذا صلى العشاء والصح فى جماعة كان له كقيام ليلة، وقد جاء معنى ذلك فى حديث عثمان رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صلى العشاء فى جماعة كان كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر فى جماعة كان كقيام ليلة" رواه الأمام مالك فى الموطأ وأبو داود ومسلم والترمذى وغيرهم (4) (هو عبد الله بن الأمام أحمد) وهذا الحديث مما وجده عبد الله فى كتاب أبيه بخط يده، ولذا رمزت فى أوله بخاء وطاء كما أشرت الى ذلك فى مقدمة الكتاب، وقد سمعه عبد الله من أبيه (تخريجه) (نس. جه. ك. مذ) ومحمد بن نصر والطحاوى بألفاظ مختلفة والمعنى واحد

(1111) عن جبير بن نفير الحضرمىِّ عن أبى ذرّ رضى الله عنه قال صمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رمضان فلم يقم بنا شيئًا من الشَّهر حتَّى بقى سبع فقام بنا حتَّى ذهب نحو ثلث اللَّيل ثمَّ، لم يقم بنا اللَّيلة الرَّابعة وقام بنا اللَّيلة التى تليها حتَّى ذهب نحو من شطر اللَّيل، قال فقلنا يا رسول الله لو نفَّلتنا بقيَّة ليلتنا هذه، قال إن الرَّجل إذا قام مع الإمام حتى ينصرف حسب له بقيَّة ليلته، ثمَّ لم يقم بنا السَّادسة وقام بنا السَّابعة، وقال: وبعث إلى أهله واجتمع النَّاس فقام بنا حتَّى خشينا أن يفوتنا الفلاح قال قلت وما الفلاح؟ قال السُّحور

_ (1111) عن جبير بن نفير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن داود بن أبى هند عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشى عن جبير بن نفير "الحديث" (غريبه) (1) أى سبع ليال من رمضان فصلى ليلة الثالث والعشرين نظرًا الى المتيقن وهو أن الشهر تسع وعشرون (2) يعنى الرابعة والعشرين (وقوله) وقام بنا الليلة التى تليها يعنى الخامسة والعشرين (3) بتشديد الفاء وتخفيفها، والنفل فى الأصل الغنيمة والهبة ونفله النفل وأنفله أعطاه إياه، والمراد هنا لو قمت بنا طول ليلتنا ونفلتنا من الأجر الذى يحصل من ثواب الصلاة (4) يعنى السادسة والعشرين، وقوله وقام بنا السابعة، يعنى السابعة والعشرين (5) يريد أنه أطال بهم القيام حتى خافوا فوات السحور، قال الخطابى أصل الفلاح البقاء، سمى السحور فلاحًا إذ كان سببًا لبقاء الصوم ومعينًا عليه أى انه معين على إتمام الصوم المفضى الى الفلاح والفوز بالسعادة فى الدار الآخرة (وقوله ما الفلاح) يعنى أن جبير بن نفير قال لأبى ذرّ رضى الله عنه (ما الفلاح؟ قال السحور) وهو بضم السين تناول الطعام وبفتحها اسم لما يتسحر به من الطعام والشراب، قال فى النهاية وأكثر ما يروى بالفتح، وقيل إن الصواب بالضم لأنه بالفتح الطعام، والبركة والأجر والثواب فى الفعل لا فى الطعام اهـ وفى اهتمام النبى صلى الله عليه وسلم بالقيام فى هذه الليلة وتطويله وبعثه الى أهله وأقاربه إشعار بأنها ليلة القدر، وأكثر الأحاديث الصحيحة تدل على ذلك (تخريجه) (ك. هق. والأربعة) وصححه الحاكم والترمذي

(1112) عن نعيم بن زياد أبى طلحة الأنمارىِّ أنَّه سمع النُّعمان بن بشير رضي الله عنه يقول على منبر حمص قمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ثلاث وعشرين فى شهر رمضان إلى ثلث اللَّيل الأوَّل، ثمَّ قمنا معه ليلة خمس وعشرين إلى نصف اللَّيل، ثمَّ قام بنا ليّلة سبع وعشرين حتَّى ظننَّا أن لا ندرك الفلاح، قال وكنَّا ندعوا السُّحور الفلاح، فأمَّا نحن فنقول ليلة السَّابعة ليلة سبع وعشرين وأنتم تقولون ليلة ثلاث وعشرين السَّابعة فمن أصوب؟ نحن أو أنتم؟

_ (1112) عن نعيم بن زياد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد ابن الحباب ثنا معاوية بن صالح حدثنى نعيم بن زياد الخ (غريبه) (1) سبب ذلك أنه ورد فى بعض الأحاديث أن ليلة القدر تكون فى السابعة، وفى رواية عند مسلم "التمسوها فى التاسعة والخامسة والسابعة" ففهم بعض الناس ومنهم أهل حمص أنها ليلة ثلاث وعشرين، وفسروا السابعة فى الحديث بسابعة تبقى من الشهر باعتبار أن الشهر تسع وعشرين على التحقيق، وفهم الرواى أن المراد بالسابعة ليلة سبع وعشرين واستشهد بالحديث، ثم قال فأما نحن فنقول الخ (وقوله) فمن أصوب يعنى فمن على الصواب فى قوله "نحن أو أنتم" والراجح أن الصواب مع القائلين بأنها ليلة سبع وعشرين، وسيأتى تحقيق المقام فى أبواب ليلة القدر فى آخر كتاب الصيام والله أعلم (تخريجه) (نس. وغيره) (وفى الباب) عن عبد الرحمن بن عبد القارئ قال خرجت مع عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى رمضان الى المسجد فاذا الناس أوزاع متفرقون يصلى الرجل لنفسه ويصلى الرجل فيصلى بصلاته الرهط، فقال عمر إنى أرى لو جمعت هؤلاء على قارئ واحد لكان أمثل، ثم عزم فجمعهم على أبىّ بن كعب، ثم خرجت معه ليلة أخرى والناس يصلون بصلاة قارئهم، فقال عمر نعمت البدعة هذه، والتى ينامون عنها أفضل من التى يقومون يعنى آخر الليل، وكان الناس يقومومن وله رواه البخارى (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية صلاة التراويح وجواز فعلها فى المسجد جماعة، بل قال الجمهور إن الأفضل فى قيام رمضان أن يفعل فى المسجد فى جماعة لكونه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك وإنما تركه لمعنى قد أمن بوفاته صلى الله عليه وسلم وهو خشية الافتراض وبهذا قال لشافعى وجمهور أصحابه وأبو حنيفة وأحمد وبعض المالكية، وروى ابن أبى شيبة فى مصنفه فعله عن على وابن مسعود وأبى بن كعب وسويد بن غفلة وزاذان

(3) باب حجة من قال ان فعلها فى البيت أفضل (1113) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أتَّخذ حجرة فى المسجد من حصير فصلَّى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ليالى حتَّى اجتمع إليه ناس ثمَّ فقدوا صوته فظنُّوا أنَّه قد نام فجعل بعضهم يتنحنح ليخرج إليهم، فقال ما زال بكم الذَّى رأيت من صنيعكم حتَّى خشيت أن يكتب عليكم ولو كتب عليكم ما قمتم به، فصلُّوا أيُّها النَّاس فى بيوتكم، فإنَّ أفضل

_ وأبي البختري وغيرهم، وقد أمر به عمر بن الخطاب رضى الله عنه حينما رأى الناس أوزاعًا متفرقين وتقدم حديثه فى ذلك آنفًا، واستمر عليه عمل الصحابة رضى الله عنهم وسائر المسلمين وصار من الشعائر الظاهرة كصلاة العيد (وذهب آخرون) الى أن فعلها فرادى فى البيت أفضل محتجين بحديث زيد بن ثابت الآتى بعد هذا وبأمور أخرى سيأتى ذكرها فى شرح حديث زيد (وفصَّل بعض الشافعية) فقال إن كان حافظًا للقرآن ولا يخاف الكسل عنها ولا تختل الجماعة فى المسجد بتخلفه فالانفراد أفضل، وإن فقد بعض هذا فالجماعة أفضل، ففى المسألة عند الشافعية ثلاثة أوجه (وقال العراقيون) والصيدلانى وغيرهم الخلاف فى ذلم إنما هو فيمن كان حافظًا للقرآن آمنًا من الكسل لا تختل الجماعة فى المسجد بتخلفه، فان فقد بعض هذه فالجماعة أفضل قطعًا، وهذا الخلاف الذى عند الشافعية فى ذلك، الأشهر أنه وجهان للأصحاب، وقيل إنه قولان للشافعى رحمه الله والله أعلم (1113) عن زيد بن ثابت (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا عفان ثنا وهيب ثنا موسى بن عقبة قال سمعت أبا النضر يحدث عن نضر بن سعيد عن زيد بن ثابت "الحديث" (غريبه) (1) رواية مسلم "احتجز رسول الله صلى الله عليه وسلم حجيرة بخصفة أو حصير" قال النووى فالحجيرة بضم الحاء تصغير حجرة والخصفة والحصير بمعنى شك الراوى فى المذكورة منهما، ومعنى احتجز حجرة أى حوَّط موضعًا من المسجد بحصير ليستره ليصلى فيه ولا يمر بين يديه مار ولا يتهوش بغيره ويتوفر خشوعه وفراغ قلبه، وفيه جواز مثل هذا اذا لم يكن فيه تضيق على المصلين ونحوهم ولم يتخذه دائمًا، لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يحتجرها بالليل يصلى فيها ويبسطها بالنهار كما ذكره مسلم فى رواية أخرى،

صلاة المرء فى بيته إلاَّ المكتوبة.

_ ثم تركه النبى صلى الله عليه وسلم بالليل والنهار وعاد الى الصلاة فى البيت اهـ (1) قال النووى هذا عام فى جميع النوافل المرتبة مع الفرائض والمطلقة الا فى النوافل التى هى من شعائر الأسلام، وهى العيد والكسوف والاستسقاء وكذا التراويج على الأصح فانها مشروعة فى جماعة فى المسجد والاستسقاء فى الصحراء وكذا العيد اذا ضاق المسجد والله أعلم اهـ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (الأحكام) استدل بحديث الباب القائلون بأن فعل صلاة التراويح فرادى فى البيت أفضل وهم المالكية وأبو يوسف وبعض الشافعية، وحكاه ابن عبد البر عن الشافعى، لقوله صلى الله عليه وسلم فيه "فان أفضل صلاة المرء فى بيته إلا المكتوبة" وتقدم كلام النووى فى ذلك، واحتجوا أيضًا بأن النبى صلى الله عليه وسلم واظب على ذلك قبل هذه الليالى وبعدها، وتوفى والأمر على ذلك، ثم كان الأمر على ذلك فى خلافة أبى بكر وصدرًا من خلافة عمر وإنما وقع تغييره فى خلافة عمر رضى الله عنه سنة أربع عشرة من الهجرة، واعترف عمر رضى الله عنه بأنها مفضولة (فقلت) يريدون قوله فى حديثه المتقدم فى حلال شرح الحديث الأخير من الباب السابق "نعمت البدعة هذه والتى ينامون عنها أفضل من التى يقومون" (وأجاب) المخالفون وهم الجمهور بأن ترك المواظبة على الجماعة فى التراويح إنما كان لعنًى، وقد زال، وقالوا لم يعترف عمر رضى الله عنه بأنها مفضولة، وقوله والتى ينامون عنها أفضل ليس فيه ترجيح الانفراد ولا ترجيح فعلها فى البيت، وإنما فيه ترجيح آخر الليل على أوله كما صرح به الراوى فى الحديث نفسه بقوله "يعنى آخر الليل" (وممن ذهب الى أفضلية فعلها فى البيت) فرادى ابن عمر وابنه سالم وآخرون، فقد روى ابن أبى شيبة فى مصنفه عن ابن عمر وابنه سالم والقاسم بن محمد وعلقمة وابراهيم النخعى أنهم كانوا لا يقومون مع الناس فى شهر رمضان، وعن الحسن البصرى أنه سئل عن ذلك فقال تكون أنت تفوه بالقرآن أحب الىّ من أن يناه عليك به، وعن ابن عمر تنصب كأنك حمار، وعن ابراهيم النخعى لو لم يكن معى إلا سورة أو سورتان لأن أرددها أحب إلىّ من أن أقوم خلف الأمام فى شهر رمضان، (وقال الطحاوى) وكل من اختار التفرد فينبغى أن يكون ذلك على ألا ينقطع معه القيام فى المسجد عن قيام رمضان فصار هذا القيام واجبا على الكفاية فمن فعله كان أفضل ممن انفرد كالفروض التى على الكفاية (وفيما ذكره من الوجوب على الكفاية نظر، والذى ذكره صاحب الهداية من الحنفية انما هو السنية على الكفاية، وعبارته: والسنة فيها الجماعة لكن على وجه الكفاية حتى لو امتنع أهل المسجد

(4) باب حجة من قال انها ثمان ركعات غير الوتر (1114) عن جابر بن عبد الله عن أبىِّ بن كعب رضي الله عنهم قال جاء رجل إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله عملت اللَّيلة عملًا، قال ما هو؟ قال نسوة معى فى الدَّار قلن لى إنَّك تقرأ ولا نقرأ، فصلِّ بنا، فصلَّيت ثمانيًا والوتر قال فسكت النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قال فرأينا أنَّ سكوته رضًا بما كان

_ عن إقامتها كانوا مسيئين، ولو أقامها البعض، فالمتخلف عن الجماعة تارك للفضيلة لأن افراد الصحابة رضى الله عنهم روى عنهم التخلف اهـ وكلام الليث بن سعد موافق لكلام الطحاوى حيث قال: لو قام الناس فى بيوتهم ولم يقم أحد فى المسجد لا ينبغى أن يخرجوا منه حتى يقوموا فيه، فأما اذا كانت الجماعة قد قامت فى المسجد فلا بأس أن يقوم الرجل لنفسه ولأهل بيته فى بينه اهـ وقال أبو العباس القرطبى بعد ذكره عمل الصحابة بصلاة التراويح فى جماعة، ومالك أحق الناس بالتمسك بهذا بناء على أصله فى التمسك بعمل أهل المدينة اهـ وحكى عن مالك قبل ذلك أنه كان أو لا يقوم فى المسجد ثم ترك ذلك فيكون له فى المسألة قولان والله أعلم (1114) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو بكر بن أبي شيبة بن عبد الله بن محمد ثنا رحل سماه ثنا يعقوب بن عبد الله الأشعرى ثنا عيسى بن حارثة عن جابر بن عبد الله "الحديث" (غريبه) (1) كانت هذه الصلاة فى ليلة من رمضان كما عند أبى يعلى والطبرانى وسيأتى بعد التخريج، وهذا ما دعانى لوضعه تحت هذه الترجمة، وفيه دلالة على جواز القيام فى رمضان بثمان ركعات غير الوتر، لأن سكوته صلى الله عليه وسلم واقراره عليه ناطق بذلك بل ثبت كذلك من فعله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) الحديث فى اسناده عند الأمام أحمد رجل لم يسم؛ ورواه الطبرانى فى الأوسط وأبو يعلى عن جابر أيضًا قال "جاء أبىّ بن كعب الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنه كان منى الليلة شئ يعنى فى رمضان، قال وما ذاك يا أبىّ؟ قال نسوة فى دارى قلن إنا لا نقرأ القرآن فنصلى بصلاتك، قال فصليت بهن ثمان ركعات وأوترت، فكانت سنة الرضا ولم يقل شيئًا" أورده الهيثمى بهذا اللفظ وقال رواه أبو يعلى والطبرانى بنحوه فى الأوسط وإسناده حسن

(1115) عن أبي سلمة بن عبد الرَّحمن بن عوف" قال سألت عائشة رضى الله عنها عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان فقالت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزيد في رمضان ولا فى غيره على إحدى عشرة ركعةً، يصلِّى أربعًا فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثمَّ يصلِّى أربعًا فلا تسأل عن حسنهنَّ وطولهنَّ، ثمَّ يصلِّى ثلاثًا، قالت قلت يا رسول الله تنام قبل أن توتر؟ قال يا عائشة إنَّه أو إنِّى تنام عيناى ولا ينام قلبى (1116) وعنه أيضًا قال قلت لعائشة رضي الله عنها أى أمَّه أخبرينى عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت كانت صلاته فى رمضان وغيره سواءً ثلاث عشرة ركعة فيها ركعتا الفجر قلت فأخبرينى عن صيامه، قالت كان يصوم حتَّى نقول قد صام ويفطر حتَّى نقول قد أفطر وما رأيته صام

_ (1115) عن أبي سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا مالك عن سعيد بن أبى سعيد عن أبى سلمة "الحديث" (غريبه) (1) هذه حالة من حالاته صلى الله عليه وسلم فى صلاة الليل، وأحيانا كان يصلى إحدى عشرة ركعة يسلم فى كل اثنتين ويتر بواحدة كما ثبت ذلك عند الشيخين والأمام أحمد وغيرهم، وتقدم كل ذلك فى أبواب صلاة الليل (2) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض الأحيان يتهجد ثم ينام قبل أن يوتر ثم يوتر بعد الاستيقاظ ولا يتوضأ فقالت له ذلك، فأجابها بقوله "إنى تنام عيناى ولا ينام قلبى" يعنى أن النوم لا ينقض وضوءه صلى الله عليه وسلم وتقدم الكلام على ذلك فى الباب الثالث من أبواب نواقض الوضوء (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1116) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن ابن أبى لبيد عن أبى سلمة قلت لعائشة رضى الله عنها "الحديث" (غريبه) (3) لا منافاة بين هذا الحديث والذى قبله، فهنا عدَّت ركعتى الفجر فصارت ثلاث عشرة ركعة، وهناك تركتهما فكانت إحدى عشرة ركعة هى صلاة الليل (4) أى سيظل صائمًا (5) أى سيظل مفطرًا، وكان ذلك بحسب ما ينكشف له بنور النبوة من القيام بحقوق الأوقات والله أعلم

شهرًا أكثر من صيامه فى شعبان كان يصومه إلاَّ قليلًا

_ وقد روي هذا الحديث بلفظ آخر عند الشيخين والأمام أحمد وأبى داود والنسائى عن عائشة قالت "كان صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم، فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم استكمل صيام شهر إلا رمضان، وما رأيته أكثر صيامًا منه فى شعبان" والحكمة فى إكثاره صلى الله عليه وسلم الصوم فى شعبان والأكثار منه من كتاب الصيام إن شاء الله تعالى) عن أسامة بن زيد قال "قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر ترفع فيه الأعمال الى رب العالمين فأحب أن يرفع عملى وأنا صائم" يشير بذلك الى أنه لماَّ اكتنفه شهران عظيمان اشتغل الناس بهما فصار مغفولا عنه، فأراد صلى الله عليه وسلم بصيام ذلك حوز فضيلته وتنبيههم على كانوا عنه يغفلون (تخريجه) (ق. وغيرهما) (وفى الباب) عن محمد بن نصر قال حدثنا محمد بن حميد الرازى حدثنا يعقوب بن عبد الله حدثنا عيسى بن جارية عن جابر قال "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان ليلةً ثمان ركعات والوتر، فلما كان من القابلة اجتمعنا فى المسجد ورجونا أن يخرج الينا فلم يزل فيه حتى أصبحنا قال انى كرهت وخشيت أن يكتب عليكم الوتر" ورواه ابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما (الأحكام) فى أحاديث الباب جواز صلاة التراويح جماعة ولو بنساء من اهله فى بيته لأقرار النبى صلى الله عليه وسلم أبياّ على ذلك، وفيها أيضا جواز صلاتها ثمان ركعات أربعا وأربعًا ويوتر بثلاث أو عشرًا ثنتين ينتين ويوتر بواحدة وكان هذا فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلافة أبى بكر وصدر خلافة عمر ثم زيدت فى عهد عمر، فقد روى البيهقى باسناد صحيح عن السائب بن يزيد رضى الله عنه قال كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى شهر رمضان بعشرين ركعة، وروى الأمام مالك رحمه الله فى الموطأ عن يزيد بن رومان قال كان الناس يقومون فى زمن عمر رضى الله عنه بثلاث وعشرين ركعة، وفى رواية باحدى عشرة ركعة، قال البيهقى يجمع بين الروايات بأنهم كانوا يقومون باحدى عشرة ثم قاموا بعشرين وأوتر بثلاث، ويزيد بن رومان لم يدرك اهـ والى هذا الأخير ذهب (أبو حنيفة والثورى والشافعى وأحمد) والجمهور، ورواه ابن أبى شيبة فى مصنفه عن عمرو وعلىّ وأبىّ وشكيل بن شكل وابن أبى مليكة والحارث الهمدانى وأبى البخترى، قال ابن عبد البر وهو قول جمهور العلماء وهو الاختيار عندنا، وعدُّوا ما وقع فى زمن عمر رضى الله عنه كالأجماع، وفى مصنف ابن أبى شيبة وسنن البيهقي عن ابن عباس رضي الله

_ عنهما قال النبي صلى الله عليه وسلم يصلى فى رمضان فى غير جماعة بعشرين ركعة والوتر، لكن ضعفه البيهقى وغيره برواية أبى شيبة جد ابن أبى شيبة (واختار مالك) رحمه الله أن يصلى ستًا وثلاثين ركعة غير الوتر، قال إن عليه العمل بالمدينة، وفى مصنف ابن أبى شيبة أيضا عن داود بن قيس قال أدركت الناس بالمدينة فى زمن عمر بن عبد العزيز وأبان بن عثمان يصلون ستًا وثلاثين ركعة ويوترون بثلاث، وقال صالح مولى التوأمة أدركت الناس يقومون باحدى وأربعين ركعة يوترون منها بخمس، قال ابن قدامة فى المغنى وصالح ضعيف ثم لا يدرى من الناس الذين أخبر عنهم فلعله قد أدرك جماعة من الناس يفعلون ذلك وليس ذلك يحجة، ثم لو ثبت أن أهل المدينة كلهم فعلون لكان ما فعله عمر رضى الله عنه وأجمع عليه الصحابة فى عصره أولى بالاتباع اهـ وروى محمد بن نصر من طريق عطاء قال أدركتهم فى رمضان يصلون عشرين ركعة وثلاث ركعات الوتر، قال الحافظ والجمع بين هذه الروايات ممكن باختلاف الأحوال، ويحتمل أن ذلك الاختلاف بحسب تطويل القراءة وتخفيفها فحيث تطول القراءة تقلل الركعات وبالعكس، وبه جزم الداودى وغيره، قال والاختلاف فيما زاد على العشرين راجع الى الاختلاف فى الوتر، فكأنه تارة يوتر بواحدة وتارة بثلاث (وقال مالك) الأمر عندنا بتسع وثلاثين وبمكة بثلاث وعشرين (يعنى بالوتر وهو ثلاث ركعات) قال وليس فى شئ من ذلك ضيق اهـ وقال الحليمى فقام بست وثلاثين فحسن أيضا، لأنهم إنما أرادوا بما صنعوا الاقتداء بأهل مكة فى الاستكثار من الفضل لا المنافسة كما ظن بعض الناس، قال ومن اقتصر على عشرين وقرأ فيها بما يقرؤه غيره فى ست وثلاثين كان أفضل؛ لأن طول القيام أفضل من كثرة الركوع والسجود، قيل والسر فى العشرين ان الراتبة فى غير رمضان عشر ركعات فضوعفت فيه لأنه وقت جد وتشمير اهـ وكان الأسود بن يزيد يصلى أربعين ركعة يوتر بسبع رواه ابن أبى شيبة، وقال الشافعى رحمه الله وليس فى شئ من هذا ضيق ولا حدّ ينتهى اليه لأنه نافلة، فان أطالوا القيام وأقلوا السجود فحسن وهو أحب إلىّ، وإن أكثروا الركوع والسجود فحسن اهـ قال الترمذى أكثر ما قيل أن يصلى إحدى وأربعين ركعة بركعة الوتر اهـ (قال الشوكانى) رحمه الله والحاصل أن الذى دلت عليه الأحاديث هو مشروعية القيام فى رمضان والصلاة فيه جماعة وفرادى، فقصر الصلاة المسماة بالتراويح على عدد معّين وتخصيصها بقراءة مخصوصة لم يرد به سنة اهـ (تنبيه) ولع بعض أئمة المساجد فى زماننا هذا بالسرعة فى صلاة التراويح سرعة تذهب بالخشوع وبرونق القراءة وتدبر معانيها بل وبالطمأنينة في الأركان؛ يقرأ الإمام

(أبواب صلاة الضحى) (5) باب ما ورد فى فضلها وحكمها (1117) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سريةً فغنموا وأسرعوا الرَّجعة فتحدَّث النَّاس بقرب

_ من غير ترتيل ولا مراعاة لمخار الحروف، رأيت بنفسى إمامًا قرأ فى العشرين ركعة (صلاة التراويح) بسورة اسم ربك الأعلى، قرأ فى الركعة الأولى {سبح اسم ربك الأعلى} وفى الثانية {الذى خلق فسوى} وفى الثالثة {والذى قدر فهدى} وفى الرابعة {والذى أخرج المرعى} وهكذا على هذا النحو حتى انتهت الصلاة جميعها بانتهاء السورة فى نصف ساعة فلكية فما هكذا تكون الصلاة يا حضرات الائمة؟ فان كنتم لا تريدون أن تجاوزوا هذه المدة فى الصلاة فصلاها ثمان ركعات فقط بدل عشرين، وأتموا ركوعها وسجودها كما أمركم الرسول صلى الله عليه وسلم واقرؤا فيها بشئ من القرآن يمكن السامع الاتعاظ به وتدبر معانيه، فركعة بتدبر وخشوع خير من ألف ركعة من صلاتكم هذه، وأيضا تكونون قد أديتم قيام رمضان ووافقتم هدى نبيكم عليه الصلاة والسلام، ألم يبلغكم ما رواه الأمام مالك فى الموطأ عن داود بن الحصين أنه سمع الأعرج يقول ما أدركت الناس إلا وهم يلعنون الكفرة فى رمضان (يعنى فى دعاء القنوت) قال وكان القارئ يقرأ سورة البقرة فى ثمان ركعات، فاذا قام بها فى اثنتى عشرة ركعة رأى الناس أنه قد خفف، وحكى محمد بن نصر فى كتابه (صلاة الليل) عن ميمون بن مهران قال أدركت الناس اذا قرأ (يعنى الأمام) خمسين آية قالوا إنه ليخفف، وأدركت القراء فى رمضان يقرون القصة كلها قصرت أو طالت اهـ فأين صلاتنا الآن من صلاة هؤلاء، ومع هذا فلا أرغب لكم التطويل الممل ولا التقصير المخل، إنما أريد الأتيان بالصلاة الكاملة الأركان مع مراعاة مستحباتها ولو بالاقتصار على أقل الكمال من ذلك، أما القراءة فتكون مرتلة ولو بالاقتصار على سورة من قصار المفصل فى كل ركعة أو ما يقوم مقامها من السور الطويلة (وقصار المفصل من سورة الضحى الى آخر القرآن) وها انا قد ذكرتكم امتثالا لقوله تعالى {وذكر فان الذكرى تنفع المؤمنين} والله أسأل أن يرشدنى واياكم الى ما فيه الخير والصلاح وأن يكلل أعمالنا جميعًا بالأخلاص والمثوبة والنجاح آمين (1117) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ابن لهيعة حدثنى حى بن عبد الله أن أبا عبد الرحمن الحبلى حدثه عن عبد الله بن عمرو بن العاص "الحديث" (غريبه) (1) السَّرية هى طائفة من الجيش يبلغ أقصاها

مغزاهم وكثرة غنيمتهم وسرعة رجعتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أدلُّكم على أقرب منه مغزًي وأكثر غنيمةً وأوشك رجعةً من توضَّأ ثمَّ غدا إلى المسجد لسبحة الضُّحى فهو أقرب مغزًى وأكثر غنيمةً وأوشك رجعةً (1118) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حافظ على شفعة الضُّحي غفرت له ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر (1119) وعنه أيضًا قال أوصانى خليلى بثلاثٍ، صوم ثلاثة أيَّام من كلِّ شهر، وصلاة الضُّحى، ولا أنام إلا على وترٍ.

_ أربعمائة تبعث الى العدو وجمعها السرايا سُّموا بذلك لأنهم يكونون خلاصة العسكر وخيارهم من الشئ السرىّ النفيس (نه) (1) أى بانتهاء حربهم بسرعة مع كثرة الغنيمة وسرعة الرجوع إلى أوطانهم وأهليهم (2) أى أقرب رجعة وقوله سبحة الضحى أى نافلته، والنافلة يقال لها سبحة، وتقدم تفسيرها غير مرة، والمعنى أن من أراد أن ينال الأجر ويفوز بالغنيمة بسهولة فليتوضأ وضوءًا كاملا، ثم يذهب الى المسجد لصلاة ركعات الضحى فانه ينتصر على الشيطان ويرضى الرحمن ويفوز بالأحسان (تخريجه) الحديث فى إسناده ابن لهيعة ورواه الطبرانى من طريق آخر باسناد جيد (1118) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع قال ثنا الهاء بن فهم الصبحى عن شداد أبى عمار عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (3) يعنى ركعتى الضحى، من الشفع الزوج، ويروى بالفتح والضم كالغرفة، وإنما سماه شفعة لأنها أكثر من واحدة، قال القتيبى الشفع الزوج، ولم أسمع به مؤنثًا إلا ههنا، وأحسبه ذهب بتأنيثه الى الفعلة الواحدة أو الصلاة (نه) (4) المراد بالذنوب هنا الصغائر، وأما الكبائر فيكفرها التوبة الصحيحة أو عفو الله (تخريجه) (جه. والترمذى) قال وقد روى غير واحد من الائمة هذا الحديث عن نهاس بن قهم ولا نعرفه الا من حديثه اهـ (قلت) النهاس بن قهم ضعيف وأشار الى هذا الحديث ابن خزيمة فى صحيحه بغير إسناد (1119) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الواحد الحداد عن خالد بن مهران قال سمعت عبد الرحمن بن الأصم قال قال أبو هريرة أوصاني

(1120) عن عقبة بن عامر رضى الله عنه أنَّه خرج مع رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فى غزوة تبوك فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا يحدِّث أصحابه فقال، من قام إذا استقلَّت الشَّمس فتوضَّأ فأحسن الوضوء ثمَّ قام فصلى ركعتين غفر له خطاياه فكان كما ولدته أمُّه (1121) عن أبى الدَّرداء رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال إنَّ الله تعالى يقول يا بان آدم لا تعجزنَّ من الأربع ركعات من أوَّل نهارك أكفك آخره

_ خليلي "الحديث" (تخريجه) (ق. والأربعة) وابن خزيمة ولفظه "أوصانى خليلى صلى الله عليه وسلم بثلاث ركعات لست بتاركهن، أن لا أنام إلا على وتر، وأن لا أدع ركعتى الضحى فانها صلاة الأوابين (يعنى الذين تابوا ورجعوا عن المعاصى) وصيام ثلاثة أيام من كل شهر. (1120) عن عقبة بن عامر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله بن يزيد أخبرنا حيوة أخبرنا أبو عقيل عن ابن عمه عن عقبة بن عامر "الحديث" (غريبه) (1) أى ارتفعت وتعالت وسيأتى الكلام على ذلك فى باب وقت صلاة الضحى (2) هو كناية عن تطهير صحائفه من الصغائر وجعلها ناصعة بيضاء مثل وقت ولادته والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أبو يعلى وفيه من لم أعرفه اهـ (قلت) وأورده أيضًا الحافظ المنذرى بصيغة التمريض وعزاه لأبى يعلى أيضًا وفى إسناده عند الأمام أحمد رجل مبهم (1121) عن أبى الدرداء (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة قال ثنا صفوان قال حدثنى شريح بن عبيد الحضرمى وغيره عن أبى الدرداء "الحديث" (غريبه) (3) أى لا تتقاعد وتفوِّت على نفسك فعل أربع ركعات سنة الضحى فىأول النهار أكفك شر آخره من الهموم والبلايا وأحفظك من الذنوب والخطايا واغفر لك ما وقع منها، وقال الطيبى أى أكفك شغلك وحوائجك وادفع عنك ما تكرهه بعد صلاتك الى آخر النهار (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه الترمذى وقال حديث حسن غريب، قال المنذرى وفى إسناده إسماعيل بن عياش ولكنه إسناد شامى (قلت) عن أبي ذر

(1122) عن نعيم بن همَّار (الغطفانىِّ) رضى الله عنه أنَّه سمع رسول الله صلَّي الله عليه وآله وسلَّم يقول قال ربُّكم عزَّ وجلَّ صلِّ لى يا ابن آدم أربعًا فى أوَّل النَّهار أكفك آخره (1123) عن أبى الدَّرداء رضي الله عنه قال أوصانى خليلى أبو القاسم صلى الله عليه وسلم بثلاث لا أدعهنَّ لشئ وصانى بثلاثة أيام كم كلِّ شهر، وأن لا أنام إلاَّ على وتر وسبحة الضُّحى في الحضر والسَّفر (1124) عن أبى ذرٍّ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح على كلِّ سلامى من أحدكم صدقة، وكلُّ تسبيحة صدقة وتهليلة صدقة وتكبيرة

_ وأبي الدرداء يشير الى أن من الأئمة من يصحح اسناده عن الشاميين، قال ورواه أحمد عن أبى الدردءا وحده ورواته كلهم ثقات، ورواه أبو داود من حديث نعيم بن همَّار اهـ (قلت) حديث نعيم بن همَّار سيأتى بعد هذا (1122) عن نعيم بن همَّار (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر وعبد الصمد قالا ثنا محمد بن راشد عن مكحول عن كثير بن مرة الحضرمى عن نعيم ابن همَّار "الحديث" (تخريجه) (د. نس. مى) وسنده جيد ورواه الأمام أحمد من سبع طرق، وقال المنذرى قد جمعت طرقه فى جزء مفرد (قلت) وكثرة طرقه تعضده (1123) عن أبى الدرداء (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة قال ثنا صفوان قال حدثنى بعض المشيخة عن أبى ادريس السكونى عن جبير بن نفير عن أبى الدرداء قال أوصانى خليلى "الحديث" (غريبه) (1) اى لشئ غير مهم وفيه المبالغة فى تأكيد فعلها (تخريجه) (م. د. نس) (1124) عن أبى ذرّ (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عارم وعفان قالا ثنا مهدى بن ميمون عن واصل مولى أبى عيينة عن يحى بن عقيل عن يحى بن يعمر عن أبى الأسود الدِّيلى عن أبى ذر "الحديث" (غريبه) (2) هو بضم السين وتخفيف اللام، وأصله عظام الأصابع وسائر الكف، ثم استعمل فى جميع عظام البدن

صدقة وتحميدة صدقة وأمر بمعروف صدقة، ونهى عن المنكر صدقة، ويجزئ أحدكم من ذلك كلِّه ركعتان يركعهما من الضُّحى (1125) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال كتب علىَّ النَّحر ولم يكتب عليكم، وأمرت بركعتى الضُّحى ولم تؤمروا بها وعنه من طريق ثان) قال قال رسول صلى الله عليه وسلم أمرت بركعتى الضُّحى وبالوتر ولم يكتب

_ ومفاصله قاله النووي؛ وفى النهاية السلامى جمع سلاميه وهى الأنملة من أنامل الأصابع، وقيل واحده وجمعه سواء على سلاميات، وهى التى بين كل مفصلين من أصابع الأنسان، وقيل السلامى كل عظم مجوّف من صغار العظام، والمعنى على كل عظم من عظام ابن آدم صدقة اهـ قال القاضى عايض إن كل عظم من عظام ابن آدم يصبح سليما من الآفات باقيًا على الهيئة التى تتم بها منافعه فعليه صدقة شكر لمن صوره ووقاه عما يغيره ويؤذيه اهـ (1) المعروف كل ما ندب اليه الشرع والمنكر ضده (2) قال النووى ضبطناه ويجزى بفتح أوله وضمه فالضم من الاجزاء، والفتح من جزى يجزى أى كفى، ومنه قوله تعالى {لا تجزى نفس} وفى الحديث "لا يجزى عن أحد بعدك" وفيه دليل على عظم فضل الضحى وكبير موقعها وانها تصح ركعتين اهـ والمعنى أن الصلاة تكفى عن جميع الصدقات المطلوبة من هذه الأعضاء، لأنه بفعلها تتحرك جميع هذه الأعضاء فيكون كل عضو قد أدى ما عليه من الصدقة، ولعل الحكمة فى تخصيص ركعتى الضحى بالأجزاء انها تكون فى وقت اشتغال الناس بدنياهم وغفلتهم عن أداء هذه السنة فالمصلى فى هذا الوقت يكون قد أدى شكر المنعم والله أعلم (تخريجه) (م. د. هق) (1125) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود ابن عامر ثنا شريك عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس "الحديث" (3) أى نحر الضحية يوم عيد النحر أو أوجبه الله علىّ "وقوله ولم يكتب عليكم" يعنى لم يكتب على أمته كتب إيجاب بل كتب ندب (4) أى أمر إيجاب "وقوله ولم تؤمروا بها" أى أمر إيجاب بل أمر ندب (5) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن اسرائيل عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (6) بالياء التحتية وفى رواية زيادة "عليكم" أى لم يفرض عليكم كما فى رواية أخرى؛ وفي رواية ولم

_ يكتبا بضمير التثنية أى لم تفرضا عليكم كما فى رواية بهذا اللفظ أيضا (تخريجه) (طب. عل. بز. ك) وابن عدى، وفى إسناد الأمام أحمد وأبى يعلى جابر الجعفى، وهو ضعيف جدًا، وفى اسناد البزار وابن عدى والحاكم ابن جنان الكلبى وقد صرح الحافظ بأن الحديث ضعيف من جميع طرقه والله أعلم (وفى الباب) عن أبى الدرداء رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى الضحى ركعتين لم يكتب من الغافلين، ومن صلى أربعا كتب من العابدين، ومن صلى ستا كفى ذلك اليوم، ومن صلى ثمانيًا كتبه الله من القانتين، ومن صلى ثنتى عشرة ركعة بنى الله له بيتا فى الجنة، وما من يوم ولا ليلة الا الله منٌّ به على عباده وصدقةٌ، وما منَّ الله على أحد من عباده أفضل من أن يلهمه ذكره، أورده المنذرى وقال رواه الطبرانى فى الكبير ورجاله ثقات وفى موسى بن يعقوب الزمعى خلاف، وقد روى عن جماعة من الصحابة ومن طرق، وهذا أحسن أسانيده فيما أعلم، ورواه البزار من طريق حسين بن عطاء عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال قلت لأبى ذرّ يا عماه أوصنى، قال سألتنى كما سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن صليت الضحى ركعتين لم تكتب من الغافلين" فذكر الحديث ثم قال لا نعلمه يروى عن النبى صلى الله عليه وسلم الا من هذا الوجه كذا قال رحمه الله تعالى اهـ (وعن أبى مرة الطائفى) رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله عز وجل "ابن آدم صل لى أربع ركعات من أول النهار أكفك آخره" رواه الأمام أحمد أيضا، وانما لم أذكره فى المتن لأنه ذكر مثله عن أبى الدرداء ونعيم بن همَّار، قال المنذرى ورواته محتج بهم فى الصحيح، وروى مثله أيضا الطبرانى فى الكبير عن النواس بن سمعان قال فى مجمع الزوائد ورجاله ثقات (وعن جابر بن عبد الله) قال قطع بى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فحملنى على جمل قمرى "أى شديد البياض" فأنا أضربه فى آخر الناس فضربه رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوط فما زال فى أوائل الناس فلما قدمنا مكة أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرده اليه فوجدته يصلى ست ركعات، وفى رواية أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أعرض عليه بعيرًا لى فرأيته صلى الضحى ست ركعات، أوردهما الهيثمى وقال رواهما الطبرانى فى الأوسط من رواية محمد بن قيس عن جابر وقد ذكره ابن حبان فى الثقات (وعن جبير بن مطعم) أنه رآى النبى صلى الله عليه وسلم يصلى الضحى رواه الطبرانى فى الكبير وإسناده حسن قاله الهيثمى (وفى الباب غير ذلك) كثير لكن لا يخلو من ضعف (الأحكام) احاديث الباب تدل على مشروعية صلاة الضحى وعظم فضلها وكبير موقعها وتأكيدها والحث عليها وكثرة فوائدها (فمن ذلك) أنها اعظم غنيمة يغتنمها المسلم، وبها ينتصر على الشيطان ويرضى الرحمن ويحوز الأحسان (ومن ذلك)

(2) باب ما جاء فى وقتها وجواز فعلها جماعة (1126) ز عن علىّ رضى الله عنه قال صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضُّحى حين كانت الشَّمس من المشرق من مكانها من المغرب من صلاة العصر

_ أن فاعلها يكون فى أمان الله تعالى ورعايته وحفظه من كل مكره طول يومه (ومن ذلك) تكفير الذنوب الصغائر مهما بلغت كثرتها والحفظ من ارتكاب الكبائر (ومن ذلك) أنها تجزئ عن ثلاثمائة وستين صدقة، وبالجملة ففضائلها كثيرة، وما كان كذلك فهو حقيق بالمواظبة والمداومة، وحكمها أنها سنة مؤكدة (وبذلك قال جمهور العلماء) وظاهر حديث ابن عباس يدل على عدم مشروعيتها للأمة، وفى الطريق الثانية منه دلالة على عدم وجوبها على الأمة، وفى الطريقين دلالة على وجوبها عليه صلى الله عليه وسلم وقد علمت أن الحديث ضعيف لا تقوم به حجة، والصحيح أنها سنة فى حقه صلى الله عليه وسلم وحق أمته (وفى الباب أيضًا) بيان عدد ركعاتها وهى اثنتان أو أربع (قال صاحب المهذب) والأكثرون من الشافعية أقلها ركعتان وأكثرها ثمان ركعات (وقال الرويانى والرافعى وغيرهما) أكثرها اثنتا عشرة ركعة مجتجين بحديث أنس مرفوعًا (من صلى الضحى ثنتى عشرة ركعة بنى الله له بيتًا فى الجنة) أخرجه الترمذى واستغربه (قال الحافظ) وليس فى إسناده من أطلق عليه الضعف؛ قال واذا ضم اليه حديث أبى ذر وأبى الدرداء قوى وصلح الاحتجاج به (قلت) حديث أبى ذر وأبى الدرداء المشار اليه تقدم آنفًا، وسيأتى لذلك مزيد بحث فى الباب التالى فى شرح حديث أم هانئ ان شاء الله تعالى (تنبيه) قال العراقى فى شرح الترمذى اشنهر بين كثير من العواك أنه من صلى الضحى ثم قطعها يحصل له عمًى، فصار كثير من الناس لا يصلونها خوفا من ذلك، وليس لهذا أصل البتة لا من السنة ولا من قول أحد من الصحابة ولا من التابعين ومن بعدهم، والظاهر أن هذا مما ألقاه الشيطان على ألسنة العوام لكى يتركوا صلاة الضحى دائما ليفوتهم بذلك خير كثير، وهو أنهما تقومان عن سائر أنواع التسبيح والتكبير والتهليل والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر كما ثبت فى صحيح مسلم من حديث أبى ذر اهـ (1126) (ز) عن على رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبو عبد الرحمن عبد الله بن عمر ثنا المحاربى عن فضيل بن مرزوق عن أبى إسحاق عن عاصم ابن ضمرة عن على رضى الله عنه "الحديث" (غريبه) (1) المعنى أنه صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الضحى ومقدار ارتفاع الشمس من جهة المشرق كمقدار ارتفاعها من جهة المغرب عند صلاة

(1127) عن زيد بن أرقم رضى الله عنه قال خرج رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم على أهل قباء وهم يصلُّون الضُّحى فقال صلاة الأوَّابيت إذا رمضت الفصال من الضُّحى (وعنه من طريق ثان) أنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم أتى على مسجد قباء أو دخل مسجد قباء بعدما أشرقت الشَّمس فإذا هم يصلُّون، فقال إنَّ صلاة الأوَّابين كانوا يصلُّونها إذا رمضت الفصال (1128) عن سعيد بن نافع قال رآنى أبو بشير الأنصارىُّ رضى الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلِّى صلاة الضُّحى حين طلعت الشِّمس فعاب على ذلك ونهانى، ثمَّ قال إنَّ رسول الله صلَّي الله عليه وآله وسلَّم قال لا تصلُّوا حتَّى ترتفع الشَّمس، فإنَّها تطلع بين قرني الشَّيطان

_ العصر وفيه تبيين وقتها (تخريجه) (نس. جه. مذ) مطولا وكذلك الأمام أحمد وتقدم فى الجزء الرابع فى الباب الثالث من أبواب صلاة التطوع (1127) عن زيد بن أرقم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا هشام الدستوائى عن القاسم بن عوف الشيبانى عن زيد بن أرقم "الحديث" (غريبه) (1) بضم القاف وهو ممدود مذكر مصروف، وتقدم الكلام عليه فى الباب الأول من أبواب الغسل من الجنابة من الجزء الثانى (2) جمع أوَّاب وهو الراجع الى الله تعالى من آب اذا رجع (3) الرمضاء شدة الحر على الرمل وغيره، والفصال جميع فصيل أى ولد الناقة اذا فصل عن أمه، أى اذا وجد الفصيل حر الشمس ولا يكون ذلك الا عند ارتفاعها (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن القاسم الشيبانى عن زيد بن أرقم "الحديث" (تخريجه) (م. مذ. ش. طب) (1128) عن سعيد بن نافع (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون ابن معروف قال عبد الله وسمعته أنا من هارون قال ثنا عبد الله أخبرنى مخرمة عن أبيه عن سعيد بن نافع "الحديث" (غريبه) (5) من تفسيره فى الباب الأول من أبواب

(1129) عن عتبان بن مالك رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى فى بيته سبحة الضُّحى فقاموا وراءه فصلَّوا بصلاته

_ الأوقات المنهي عن الصلاة فيها من الجزء الثانى (تخريجه) لم أقف عليه من حديث أبى بشير لغير الأمام أحمد وسنده جيد، ورواه مسلم والأمام أحمد وغيرهما عن كثير من الصحابة غير أبى بشير، وتقدم ذلك فى الباب الأول من أبواب الأوقات المنهى عن الصلاة فيها فى الجزء الثانى (1129) عن عتبان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عثمان بن عمر ثنا يونس عن الزهرى عن محمود بن الربيع "الحديث" (تخريجه) (ق) وغيرهما مطولا، وأخرجه يضا الأمام أحمد مطولا وتقدم فى الباب الثانى عشر من أبواب المساجد، وأورده الهيثمى مختصرًا كما هنا وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (الأحكام) بيّنت أحاديث الباب وقت صلاة الضحى وهو عند امتداد حر الشمس وارتفاعها من جهة المشرق قدر ارتفاعها من جهة المغرب وقت صلاة العصر، قال فى النهاية الضحوة ارتفاع أول النهار، والضحى بالضم والقصر فوقه، وبه سميت صلاة الضحى، والضحاء بالفتح والمد إذا علت الشمس الى ربع السماء فما بعده اهـ (وقال الرافعى من الشافعية) وقتها من حين ترتفع الشمس إلى الاستواء (وقال النووى) قال أصحابنا وقتها من طلوع الشمس، ويستحب تأخيرها إلى ارتفاعها، قال المارودى وقتها إذا مضى ربع النهار، وجزم به النووى فى التحقيق، والمعنى فى ذلك على ما قاله الغزالى فى الأحياء ان لا يخلو كل ربع من النهار عن عبادة الله (وقال ابن قدامة من الحنابلة) فى المغنى وقتها إذا علت الشمس واشتد حرها لقول النبى صلى الله عليه وسلم "صلاة الأوابين حين ترمض الفصال" رواه مسلم اهـ (قلت) وظاهره أنه بيان أول الوقت لا الوقت المختار لأنه لم يذكر غير ذلك، وذكر غيره من علماء الحنابلة أو أول وقتها من خروج وقت النهى إلى قبيل الزوال وأفضله ان اشتد الحر (وقال ابن العربى من المالكية) وفى هذا الحديث (يعنى حديث زيد بن أرقم) الأشارة إلى الاقتداء بداود فى قوله عز وجل "إنه أواب إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشى والأشراق" فنبه على أن صلاته كانت اذا أشرقت الشمس فأثر حرها فى الأرض حتى تجدها الفصال حارة لا تبرك عليها، بخلاف ما تصنع الغفلة اليوم فانهم يصلونها عند طلوع الشمس، بل يزيد الجاهلون فيصلونها وهى لم تطلع قيد رمح ولا رمحين يتعمدون بجهلهم وقت النهى بالأجماع اهـ وفي مصنف

(3) باب اختلاف الصحابة فيها وفيه فصول الفصل الأول فيما روى عن جماعة من الصحابة فى ذلك (1130) عن علىّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلِّى من الضُّحى (1131) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى الضُّحى حتى تقول لا يدعها ويدعها حتَّى نقول لا يصلِّيها (1132) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال ما رأيت رسول الله

_ ابن أبي شيبة عن عمر "أضحوا عباد الله بصلاة الضحى" (وعى على) رضى الله عنه أنه رآهم يصلون الضحى عند طلوع الشمس فقال هلاَّ تركوها حتى اذا كانت الشمس قيد رمح أو رمحين صلَّوها فذلك صلاة الأوابين (وفى رواية) مالهم نحروها نحرهم الله، فهلاَّ تركوها حتى اذا كانت بالجبين صلَّوا فتلك صلاة الأوابين (قلت) وقوله نحروها أى صلوها فى أول وقتها من نحر الشهر وهو أوله "وقوله نحرهم الله" يحتمل أن يكون دعاء لهم أى بكّرهم الله بالخير كما بكروا بالصلاة فى أول وقتها، ويحتمل أن يكون دعاء عليهم بالنحر والذبح لأنهم غيروا وقتها (نه) وأوضح ما جاء فى ذلك حديث على أول الباب (وفى حديث عتبان) جواز فعلها جماعة والله أعلم (1130) عن على رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان بن داود أنبأنا شعبة عن أبى إسحاق سمع عاصم بن ضمرة عن على رضى الله عنه "الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وأبو يعلى إلا أنه قال يصلى الضحى ورجال أحمد ثقات (قلت) ورواه الحاكم والنسائى أيضا، قال العراقى وإسناده جيد (1131) عن أبى سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا فضيل بن مرزوق عن عطية العوفى عن أبى سعيد الخدرى "الحديث" (غريبه) (1) فيه أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يواظب على صلاة الضحى، وسبب ذلك ما فى حديث عائشة عند الأمام مالك والأمام أحمد وسيأتى بلفظ "ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يستن به الناس فيفرض عليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب ما خف على الناس من الفرائض" وفى هذا دليل لمن ذهب الى أنه لا يسن المواظبة على صلاة الضحى بل ينبغى أن يصلى أحيانا ويترك أحيانا كما كان من عادته صلى الله عليه وسلم من العمل بالرخصة والعزيمة (تخريجه) (مذ) وحسنه (1132) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع قال

صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم صلَّى الضُّحى قطُّ إلاَّ مرَّةً (1133) عن عبد الرَّحمن بن أبى بكرة قال رأى أبو بكرة رضى الله عنه ناسًا يصلُّون الضُّحى، فقال إنَّهم ليصلُّون صلاةً ما صلاَّها رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ولا عامَّة أصحابه رضى الله عنهم (1134) عن مورِّق العجلىِّ قال قلت لابن عمر رضى الله عنهما أتصلِّى الضُّحى؟ قال لا، قلت صلاَّها أبو بكر؟ قال لا، قلت أصلاَّها النَّبيُّ صلَّي الله عليه وآله وسلَّم؟ قال لا إخاله

_ ثنا سفيان عن عاصم بن كليب الجرمى عن أبيه عن أبى هريرة "الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار إلا أنه قال لم يصل الضحى إلا مرة ورجاله ثقات (1133) عن عبد الرحمن بن أبى بكرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن عبد الله ثنا معاذ بن معاذ ثنا شعبة حدثنى فضيل بن فضالة قال حدثنى عبد الرحمن بن أبى بكرة "الحديث" (غريبه) (1) إنكار أبى بكرة رضى الله عنه صلاة الضحى على من يصليها سببه أنه لم ير النبى صلى الله عليه وسلم ولا أحدًا من الصحابة صلاها ولم يبلغه ذلك، وعدم رؤيته وعلمه بذلك لا يستلزم عدم الوقوع، وقد ثبت عن كثير من الصحابة أن النبى صلى الله عليه وسلم فعلها وأنهم فعلوا أيضا، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (1134) عن مورق العجلى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا شعبة عن توبة العنبرى عن مورق العجلى "الحديث" (غريبه) (2) هكذا فى الأصل صلاها بحذف همزة الاستفهام، والمعنى أصلاها عمر، وكذا يقال فى قوله صلاها أبو بكر (3) بكسر الهمزة وتفتح أيضا وبعدها خاء معجمة أى لا أظنه، وكان سبب توقف ابن عمر فى ذلك أنه بلغه عن غيره أنه صلاها ولم يثق بذلك عمن ذكره، وقد جاء عنه الجزم بكونها بدعة (أى محدثة لم يفعلها النبى صلى الله عليه وآله وسلم) كما فى الحديث الآتى بعده (تخريجه) (خ)

(1135) عن مجاهد قال دخلت أنا وعروة بن الزُّبير لمسجد فإذا نحن بعبد الله بن عمر فجالسناه قال فإذا رجال يصلُّون الضُّحى، فقلنا يا أبا عبد الرَّحمن ما هذه الصَّلاة؟ قال بدعة (1136) عن ابن أبى ليلى قال ما أخبرنى أحد أنَّه رأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم

_ (1135) عن مجاهد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبيدة بن حميد عن منصور بن المعتمر عن مجاهد "الحديث" (تخريجه) هذا طرف من حديث طويل ذكر بتمامه فى أبواب العمرة، وأخرجه أيضا البخاوى فى أول أبواب العمرة لما فيه من ذكرها (ورواه سعيد بن منصور) باسناد صحيح عن مجاهد عن ابن عمر أنه قال إنها محدثة وإنها لمن أحسن ما أحدثوا، قال الحافظ (وروى ابن أبى شيبة) باسناد صحيح عن الحكم بن الأعرج عن الأعرج قال سألت ابن عمر عن صلاة الضحى فقال بدعة ونعمت البدعة (وروى عبد الرزاق) باسناد صحيح عن سالم عن أبيه قال لقد قتل عثمان وما أحد يسبحها، وما أحدث الناس شيئا أحب إلىّ منها (وروى ابن أبى شيبة) باسناد صحيح عن الشعبى عن ابن عمر قال "ما صليت الضحى منذ أسلمت إلا أن أطوف بالبيت" أى فأصلى فى ذلك الوقت لا على نية صلاة الضحى بل على نية الطواف ويحتمل أنه كان ينويهما معًا (وقد جاء عن ابن عمر) أنه كان يفعل ذلك فى وقت خاص (فروى نافع) أن ابن عمر كان لا يصلى الضحى إلا يوم يقدم مكة فانه كان يقدمها ضحى فيطوف بالبيت ثم يصلى ركعتين، ويوم يأتى مسجد قباء (وروى ابن خزيمة) من وجه آخر عن نافع عن ابن عمر كان النبى صلى الله عليه وسلم لا يصلى الضحى إلا أن يقدم من غيبة، فأما مسجد قباء فقال سعيد بن منصور حدثنا ابن عيينة عن عبد الله بن دينار أن ابن عمر كان لا يصلى الضحى الا أن يأتى قباء، قال الحافظ وهذا يحتمل أن يكون ينويهما معًا كما قلناه فى الطواف (وفى الجملة) ليس فى أحاديث ابن عمر هذه ما يدفع مشروعية صلاة الضحى لأن نفيه محمول على عدم رؤيته لا على عدم الوقوع فى نفس الأمر أو الذى نفاه صفة مخصوصة (قال عياض) وغيره إنما أنكر ابن عمر ملازمتها وإظهارها فى المساجد وصلاتها جماعة لأنها مخالفة للسنة، ويؤيده ما رواه ابن أبى شيبة عن ابن مسعود أنه رآى قومًا يصلونها فأنكر عليهم فقال ان كان ولا بد ففى بيوتكم اهـ (1136) عن ابن أبى ليلى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا

يصلِّي الضُّحى غير أمِّ هانئ فإنَّها حدَّثت أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم دخل بيتها يوم فتح مكَّة فاغتسل وصلَّى ثمان ركعات (زاد فى رواية يخفِّف فيهنَّ الرُّكوع والسُّجود) ما رأته صلَّى صلاة قطُّ أخفَّ منها غير أنَّه كان يتم الرُّكوع والسُّجود (ومن طريق ثان) عن عبيد الله بن عبد الله

_ محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن ابن أبى ليلى "الحديث" (غريبه) (1) هى بنت أبى طالب أخت على رضى الله عنه شقيقته، قال النووى فى الأسماء واللغات هانئ بهمزة فى آخره لا خلاف فيه بين أهل اللغة والأسماء وكلهم مصرحون به، واسم أم هانئ فاختة هذا هو المشهور، وقيل اسمها هند، قاله الأمامام الشافعى وأحمد بن حنبل وغيرهما، وقيل فاطمة حكاه ابن الأثير، أسلمت عام الفتح وكانت تحت هبيرة بن عمرو فولدت له عمرًا وهانئًا ويوسف وجعدة، روى لها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة وأربعون حديثا اهـ وقال الحافظ ليس لها فى البخارى سوى هذا وحديث تقدم فى الطهارة اهـ (2) ظاهره أن الاغتسال وقع فى بيتها، ووقع فى الموطأ ومسلم من طريق أبى مرة عن أم هانئ "أنها ذهبت الى النبى صلى الله عليه وسلم وهو بأعلى مكة فوجدته يغتسل" وجمع بينهما بأن ذلك تكرر منه، ويؤيده ما رواه ابن خزيمة من طريق مجاهد عن أم هانئ وفيه أن أبا ذر ستره لما اغتسل، وفى رواية أبى مرة عنها أن فاطمة بنته هى التى سترته، ويحتمل أن يكون فى بيتها بأعلى مكة، وكانت هى فى بيت آخر بمكة فجاءت اليه فوجدته يغتسل فيصح القولان، وأما الستر فيحتمل أن يكون أحدهما ستره فى ابتداء الغسل والآخر فى أثنائه والله أعلم قاله الحافظ (3) زاد كريب عن أم هانئ "فسلم من ركعتين" أخرجه أبو داود وابن خزيمة، قال الحافظ وفيه رد على من تمسك به فى صلاتها موصولة سواء صلى ثمان ركعات أو أقل، وفى الطبرانى من حديث ابن أبى أوفى أنه صلى الضحى ركعتين فسألته امرأته فقال ان النبى صلى الله عليه وسلم ركعتين، ورأت أم هانئ بقية الثمان؛ وهذا يقوِّى أنه صلاها مفصولة والله أعلم اهـ (4) يعنى من صلاة النبى صلى الله عليه وسلم وعند البخارى فى آخر أبواب التقصير فما رأيته صلى صلاة قط أخف منها؛ وفى رواية عبد الله بن الحارث عند مسلم "لا أدرى أقيامه فيها أطول أم ركوعه أم سجوده كل ذلك متقارب" ورواية مسلم هذه توافق ما فى الطريق الثانية من حديث الباب (5) (سند) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون قال ثنا ابن وهب قال أخبرنا

ابن الحارث أنَّ أباه عبد الله بن الحارث بن نوفل حدَّثه أنَّ أمَّ هانئ بنت بى طالب أخبرته أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أتي بعد ما ارتفع النَّهار يوم الفتح فأمر بثوب فستر عليه فاغتسل، ثمَّ قام فركع ثمانى ركعات لا أدرى أقيامه فيها أطول أو ركوعه أو سجوده، كلُّ ذلك منه متقارب قالت فلم أره سبَّحها قبل ولا بعد

_ يونس عن ابن شهاب قال حدثنى عبيد الله بن عبد الله بن الحارث "الحديث" (1) هو عبد الله ابن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب مذكور فى الصحابة لكونه ولد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم، وبيّن ابن ماجه فى روايته وقت سؤال عبد الله بن الحارث عن ذلك ولفظه (سألت فى زمن عثمان والناس متوافرون) (2) أى فتح مكة وكان ذلك فى سنة ثمان من الهجرة فى رمضان (3) فيه وجوب التستر حال الغسل ان خشى رؤية الناس، واستحبابه ان كان خاليا، وهو قول الجمهور (4) أى كانت صلاته صلى الله عليه وسلم متقاربة الأركان يقرب بعضها من بعض فى الزمن (5) هذا النفى باعتبار ما وصل اليه علمها، فلا ينافى أنه صلى الله عليه وسلم صلى الضحى قبل يوم الفتح وبعده، والأحاديث فى هذا شهيرة كثيرة مر بعضها وسيأتى كثير منها (تخريجه) (ق. د. مذ. جه. ش. طب. وغيرهم) قال الحافظ واستدل بهذا الحديث على إثبات سنة الضحى، وحكى عياض عن قوم أنه ليس فى حديث أم هانئ دلالة على ذلك، قالوا وإنما هى سنة الفتح وقد صلاها خالد بن الوليد فى بعض فتوحاته كذلك، وقال عياض أيضًا بيس حديث أم هانئ بظاهر فى أنه صلى الله عليه وسلم قصد بها سنة الضحى، وإنما فيه أنها أخبرت عن وقت صلاته فقط، وقد قيل إنها كانت قضاءً عما شغل عنه تلك الليلة من حزبه فيه، وتعقبه النووى بأن الصواب صحة الاستدلال به (لما رواه أبو داود) وغيره من طريق كريب عن أم هانئ أن النبى صلى الله عليه وسلم "صلى سبحة الضحى" ولمسلم فى كتاب الطهارة من طريق أبى مرة عن أم هانئ فى قصة اغتساله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح "ثم صلى ثمان ركعات سبحة الضحى" (وروى ابن عبد البر) فى التمهيد من طريق عكرمة بن خالد عن أم هانئ قالت "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فصلى ثمان ركعات فقلت ما هذه؟ قال هذه صلاة الضحى" واستدل به على أن أكثر الضحى ثمان ركعات واستبعده السبكى، ووجِّه بأن الأصل في العبادة التوقف

(الفصل الثاني فيما روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه فى ذلك) (1137) عن أنس بن سيرين عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال كان رجل ضخم لا يستطيع أن يصلِّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

_ وهذا أكثر ما ورد فى ذلك من فعله صلى الله عليه وسلم؛ وقد ورد من فعله دون ذلك كحديث ابن أبى أوفى أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ركعتين أخرجه ابن عدى، وحديث عائشة عند مسلم (كان يصلى أربعًا) وحديث جابر عند الطبرانى فى الأوسط أنه صلى الله عليه وسلم صلى الضحى ست ركعات (وأما ما ورد) من قوله صلى الله عليه وسلم ففيه زيادة على ذلك كحديث أنس مرفوعا (من صلى الضحى ثنتى عشرة ركعة بنى الله له قصرًا فى الجنة) أخرجه الترمذى واستغربه وليس فى إسناده من أطلق عليه الضعف، فذكره الى قوله ومن صلى ثنتى عشرة بنى الله له بيتًا فى الجنة) وتقدم هذا الحديث بلفظه فى الباب الأول فى شرح حديث ابن عباس، قال الحافظ وفى إسناده ضعف، وله شاهد من حديث أبى ذر رواه البزار وفى إسناده ضعف أيضا، ومن ثم قال الرويانى ومن تبعه أكثرها ثنتا عشرة، ونقل الترمذى عن احمد ان أصح شئ ورد فى الباب حديث أم هانئ وهو كما قال، ولهذا قال النووى فى الروضة أفضلها ثمان وأكثرها ثنتا عشرة، ففرق بين الأكثر والأفضل، ولا يتصور ذلك إلا فيمن صلى الأثنتى عشرة بتسليمة واحدة فانها تقع نفلا مطلقًا عند من يقول إن أكثر سنة الضحى ثمان ركعات، فأما من فصل فانه يكون صلى الضحى وما زاد على الثمان يكون له نفلا مطلقا فتكون صلاته اثنتى عشرة فى حقه أفضل من ثمان لكونه أتى بالأفضل وزاد (وقد ذهب قوم) منهم أبو جعفر الطبرى وبه جزم الحليمى والرويانى من الشافعية الى أنه لا حدَّ لأكثرها، وروى من طريق إبراهيم النخعى قال سأل رجل الأسود بن يزيد كم أصلى الضحى؟ قال كم شئت اهـ ببعض تصرف واختصار (1137) عن أنس بن سيرين (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن أنس بن سيرين "الحديث" (غريبه) (1) قيل هو عتبان ابن مالك لأن فى قصته شبهًا بقصته وتقدم حديثه فى آخر الباب الثانى (وقوله ضخم) أى سمين، والضخم الغليظ من كل شئ، وفيه جواز ترك الجماعة لأجل السمن المفرط الذى يتألم صاحبه بحضور الجماعة ويشق عليه ذلك، وذكر ابن حبان فى صحيحه أنه تتبّع الأعذار

لا أستطيع أن أصلِّي معك فلو أتيت منزلي فصلَّيت فأقتدي بك فصنع الرَّجل طعامًا، ثمَّ دعا النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فنضح طرف حصير لهم، فصلَّى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ركعتين، فقال رجل من آل الجاود لأنس وكان النَّبيُّ صَّلى الله عليه وسلَّم يصلِّى الضُّحى؟ قال ما رأيته صلاَّها إلاَّ يومئذ (1138) عن عبد الله بن رواحة رضى الله عنه قال سمعت أنس بن مالك يقول إنَّه لم ير رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يصلِّى الضُّحى إلاَّ أن يخرج فى سفر أو يقدم من سفر

_ المانعة من إتيان الجماعة من السنن فوجدها عشرًا، المرض المانع من الأتيان اليها، وحضور الطعام عند المغرب، والنسيان العارض فى بعض الأحوال، والسمن المفرط، ووجود المرء حاجته فى نفسه، وخوف الأنسان على نفسه وماله فى طريقه الى المسجد، والبرد الشديد، والمطر المؤذى، ووجود الظلمة التى يخاف المرء على نفسه المشى فيها، وأكل الثوم والبصل والكراث (1) أى فاتخذه مصلى كما صرح بذلك فى بعض الروايات (2) النضح بمعنى الرش إن كانت النجاسة متوهمة فى طرف الحصير، وبمعنى الغسل إن كانت متحققة أو يكون النضح لأجل تليينه لأجل الصلاة عليه (3) فى رواية البخارى أكان بهمزة الاستفهام (4) فيه استحباب صلاة الضحى، لأن أنسًا أخبر أنه صلى الله عليه وسلم صلاها ولكن ما رآه إلا يومئذ، يعنى يوم كان فى منزل رجل من الأنصار (تخريجه) (خ. د. جه. حب) وغيرهم (1138) عن عبد الله بن رواحة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى عن أبان يعنى ابن خالد حدثنى عبيد الله بن رواحة "الحديث" (غريبه) (5) احتج به القائلون إنها لا تسن إلا عند الخروج فى سفر أو القدوم منه، وهذا لا ينافى أنه صلى الله عليه وسلم كان يصليها فى أوقات أخرى لم يطلع عليه أنس فيها (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وأبو يعلى إلا أنه قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلى الضحى الا أن يقدم من سفر أو يخرج) ولاكهما رواه عن عبد الله بن رواحة قال حدثنى أنس قلت ولم أجد من ذكره واغفله الشريف اهـ

(1139) عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنَّه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر صلَّي سبحة الضُّحى ثمان ركعات، فلمَّا انصرف قال إنِّي صلَّيت صلاة رغبة ورهبة سألت ربِّى عزَّ وجلَّ ثلاثًا فاعطانى ثنتين ومنعنى واحدة، سألته أن لا يبتلى أمَّتى بالسِّنين ففعل، وسألت أن لا يظهر عليهم عدوَّهم

_ (1139 عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون ابن معروف ثنا عبد الله بن وهب قال وأخبرونى عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج أن الضحاك بن عبد الله القرشى حدثه عن أنس بن مالك "الحديث" (غريبه) (1) يعنى رغبة فى رحمة الله تعالى وعفوه (ورهبة) يعنى خوفًا من عذابه وغضبه (2) يعنى القحط والجدب، تقول العرب مستهم السنة بمعنى أخذهم الجدب فى السنة، ويقال اسنتوا كما يقال اجدبوا، قال الشاعر *ورجال مكة مسنتون عجاف* ومنه قوله تعالى {ولقد أخذنا آل فرعون بالسنين} وقوله صلى الله عليه وسلم (اللهم اجعلها عليهم سنين كسنى يوسف) (3) يعنى أن لا يسلط عليهم عدوًّا من غيرهم كما فى رواية الترمذى يعنى الكفار (فان قيل) كيف يتفق هذا مع أن معظم المسلمين الآن فى بقاع الأرض تحت سيطرة غيرهم (قلت) لأنهم لم يقيموا الدين كما أمرهم الله عز وجل وفرطوا فيه، فلم يتبعوا أوامره ولم يجتنبوا نواهيه، وأفرطوا فى تقليد الأجنبى فى الضار لا النافع، قلدوه فى أكل الربا وشرب الخمور، قلدوه فى إباحة الزنا والتبرج والسفور، قلدوه فى استحمام النساء فى البحور، ولم يقلدوه فى وضع المقذوفات على النغور، قلدوه فى الحكم بالقانون الوضعى، ونبذوا القانون السماوى، ولم ينزجروا بقوله تعالى {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون} أبعد هذا يطمعون فى الانتصار على الأجنبى؟ كلا، لا يكون ذلك ما داموا كذلك، وأكبر شاهد محسوس على صدق قولنا أن بعض الدول الأسلامية المتمسكة بدين الله المقيمة لحدوده "كاليمن والحجاز" محفوظة من اليد الأجنبية فلم تسيطر عليها ولم تمسها بأذًى، إذًا فالانتصار على الأجنبى مقيد بنصر دين الله كما جاء فى كثير من الأحاديث الصحيحة وفى القرآن الكريم، قال تعالى {يا أيها الذين آمنوا إن تنصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم} أى ان تنصروا الدين وتعملوا بالسنة وقال أيضا {وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم} فان ثبنا الى الدين وتعاليمه القويمة، وتبنا عما ارتكبنا من المخالفة الذميمة وقويت منا العزيمة، فالله تعالى يحقق

ففعل، وسألته أن لا يلبسهم شيعًا فأبى علىَّ الفصل الثالث فيما روى عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها (1140) عن عروة عن عائشة قالت والله ما سبَّح رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ لنا سر دعاء نبينا صلى الله عليه وسلم مع قوله عز وجل {وكان حقا علينا نصر المؤمنين} نسأل الله تعالى أن يرشدنا الى العمل بكتابه المبين والاهتداء بهدى نبيه الصادق الأمين صلى الله عليه وآله وسلم، وأن يحوّل حالنا الى أحسن الأحوال آمين (1) الشيع جمع شيعة وكل قوم اجتمعوا على أمر فهم شيعة واشياع، وأصله من التشيّع ومعنى الشيعة الذين يتبع بعضهم بعضا، وقيل الشيعة هم الذين يتقوى بهم الأنسان، قال الزجاج فى قوله عز وجل أو يلبسكم شيعا يعنى يخلط أمركم خلط اضطراب لا خلط اتفاق فيجعلكم فرقا مختلفين يقاتل بعضكم بعضا، وقال ابن زيد هو الذى فيه الناس اليوم من الاختلاف والأهواء وسفك بعضهم دماء بعض (وقوله فأبى علىّ) يعنى ان الله عز وجل منعه الثالثة وأخبره جبريل عليه السلام أن فناء أمته بالسيف كما فى رواية (تخريجه) (نس. ك. خز) وصححاه وله شاهد عند مسلم والأمام أحمد أيضا، وسيأتى فى الباب السادس من أبواب فضائل الأمة المحمدية عن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه أنه أقبل مع النبى صلى الله عليه وسلم ذات يوم من العالية حتى اذا مر بمسجد بنى معاوية دخل فركع فيه ركعتين وصلينا معه ودعا ربه طويلا ثم انصرف الينا فقال "سألت ربى ثلاثا فأعطانى اثنتين ومنعنى واحدة، سألت ربى أن لا يهلك أمتى بالسنة فأعطانيها، وسألت ربى أن لا يهلك امتى بالغرق فأعطانيها، وسألت ربى أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها" (وعند الترمذى) عن خباّب بن الأرت رضى الله عنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة فأطالها، فقالوا يا رسول الله صليت صلاة لم تكن تصليها؛ قال أجل، إنها صلاة رغبة ورهبة إنى سألت الله فيها ثلاثًا فأعطانى اثنتين ومنعنى واحدة، سألته أن لا يهلك أمتى بسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يسلط عليهم عدوًا من غيرهم فأعطانيها، وسألته أن لا يذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها، رواه الأمام أحمد أيضا، وسيأتى فى الباب السادس من أبواب فضائل الأمة المحمدية (1140) عن عروة عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن عياش قال ثنا شعيب عن الزهرى قال وأخبرنى عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قالت والله ما سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث"

سبحة الضُّحى قطُّ وإنِّى لأسبِّحها وقالت إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يستنَّ به النَّاس فيفرض عليهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب ما خفَّ على النَّاس من الفرائض (1141) وعنها أيضًا قالت ما سبَّح رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم سبحة الضُّحى فى سفر ولا حضر

_ (غريبه) (1) تقدم غير مرة أن المراد بالسبحة النافلة وأصلها من التسبيح، وخصت النافلة بذلك لأن التسبيح الذى فى الفريضة نافلة، فقيل لصلاة النافلة سبحة لأنها كالتسبيح فى الفريضة (2) كذا هنا من السبحة، وفى رواية للبخارى وانى لأستحبها من الاستحباب وهو من رواية مالك عن ابن شهاب، ولكل منها وجه؛ لكن الأول يقتضى الفعل، والثانى لا يستلزمه، وجاء فى ذلك أحاديث مختلفة عند الأمام أحمد ومسلم وستأتى كلها فى هذا الفصل (فمن ذلك) ما روى من طريق عبد الله بن شقيق قلت لعائشة (أكان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى الضحى؟ قالت لا، إلا أن يجئ من مغيبه) وهذا لفظ مسلم، وعنده من طريق معاذة عنها (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله) ففى حديث عروة نفى رؤيتها لذلك مطلقًا، وفى حديث ابن شقيق تقييد النفى بغير المجئ من مغيبه، وفى حديث معاذة الأثبات مطلقًا (وقد اختلف العلماء فى ذلك) فذهب ابن عبد البر وجماعة الى ترجيح ما اتفق الشيخان عليه دون ما انفرد به مسلم، وقالوا إن عدم رؤيتها لذلك لا يستلزم عدم الوقوع، فيقدم من روى عنه من الصحابة الأثبات، وذهب آخرون الى الجمع بينهما، قال البيهقى عندى أن المراد بقولها ما رأيته سبحها أى دوام عليها (وقولها إنى لأسبحها) أى أداوم عليها؛ وكذا قولها "وما أحدث الناس شيئا" تعنى المداومة عليها اهـ (قلت) قول البيهقى (وما أحدث الناس شيئا) هذه الجملة جاءت فى حديث ذكره البيهقى بسنده عن عبد الرزاق أنبأنا معمر عن عروة عن عائشة قالت "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم سبح سبحة الضحى وانى لأسبحها" زاد معمر فى روايته "وما أحدث الناس شيئا أحب الىّ منها" ثم قال رواه البخارى فى الصحيح عن آدم عن ابن ابى ذئب اهـ (تخريجه) (ق. لك. د. نس. هق) (1141) وعنها أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن مصعب ثنا الأوزاعى عن الزهرى عن عروة عن عائشة "الحديث" (غريبه) (3) المعنى أنها ما رأته يصليها كما فسره بذلك القاضى عياض وغيره، قال القاضى والجمع بينه

(1142) عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى الضُّحى إلاَّ أن يقدم من سفر فيصلِّى ركعتين (1143) عن معاذة عن عائشة رضى الله عنها قالت صليَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فى بيتى الضُّحى أربع ركعات (1144) وعنها أيضًا قالت سألت عائشة رضى الله عنها كم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى الضُّحى؟ قالت أربع كعات ويزيد ما شاء الله عزَّ وجلَّ

_ وبين قولها كان يصليها أنها أخبرت فى الأنكار عن مشاهدتها، وفى الأثبات عن غيرها، وقيل فى الجمع أيضا يحتمل أن تكون نفت صلاة الضحى المعهودة حينئذ من هيئة مخصوصة بعدد مخصوص فى وقت مخصوص، وانه صلى الله عليه وسلم كان يصليها اذا قدم من سفر لا بعدد مخصوص ولا بغيره كما قالت كان يصلى أربعًا ويزيد ما شاء الله اهـ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وذكره نحوه الشيخان وغيرهما بدون قولها فى سفر ولا حضر (1142) عن عبد الله بن شقيق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا معتمر قال سمعت خالدًا عن عبد الله بن شقيق عن عائشة "الحديث" (غريبه) (1) لفظ مسلم عن عبد الله بن شقيق قال "قلت لعائشة هل كان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى الضحى؟ قالا لا، الا أن يجئ من مغيبه" وحكى المحب الطبرى أنه جمع بين قولها "ما كان يصلى الا أن يجئ من مغيبه" وقولها "كان يصلى أربعا ويزيد ما شاء الله" بأن الأول محمول على صلاته إياها فى المسجد والثانى على البيت، قال ويعكر عليه حديثها الثالث (يعنى حديث النفى مطلقا المتقدم فى أول الفصل) ويجاب عنه بأن المنفى صفة مخصوصة، وأخذ الجمع المذكور من كلام ابن حبان، أفاده الحافظ (1143) عن معاذة عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين بن محمد قال حدثنى المبارك عن أمه عن معاذة عن عائشة "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ ويؤيده ما بعده (1144) وعنها أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز قال ثنا همام عن قتادة عن معاذة "الحديث" (تخريجه) (م. نس) والترمذى فى الشمائل وفى هذا الحديث والذى قبله اثبات صلاة الضحى، وفيما تقدمهما نفيها، وقد تقدم الجمع بين أحاديث النفى والأثبات ونزيد هنا ما جمع به الأمام النووى، قال رحمه الله، وأما الجمع

_ بين حديثي عائشة فى نفى صلاته صلى الله عليه وسلم الضحى واثباتها، فهو أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصليها فى بعض الأوقات لفضلها ويتركها فى بعضه خشية أن تفرض كما ذكرته عائشة، ويتأول قولها ما كان يصليها إلا أن يجئ من مغيبه على أن معناه ما رأيته، كما قالت فى الرواية الثانية ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى سبحة الضحى، وسببه أن النبى صلى الله عليه وسلم ما كان يكون عند عائشة فى وقت الضحى الا فى نادر من الأوقات، فانه قد يكون فى ذلك مسافرًا وقد يكون حاضرًا ولكنه فى المسجد أو فى موضع آخر، واذا كان عند نسائه فانما كان لها يوم من تسعة، فيصح قولها ما رأيته يصليها، وتكون قد علمت بخبره أو خبر غيره أنه صلاها، أو يقال قولها ما كان يصليها أى ما يداوم عليها، فيكون نفيًا للمداومة لا لأصلها والله أعلم (الأحكام) جمع هذا الباب من مختلف الأحاديث فى صلاة الضحى ما لم يجمع مثله فى كتاب آخر من كتب السنة، وقد ذكرنا كلام العلماء فى الجمع بين مختلف الأحاديث بأسلوب سهل لطيف يفهمه كل قارئ، ويستفاد من أحاديث الباب بعد التوفيق بين مختلفها أن صلاة الضحى مشروعة مرغب فيها وأن فعلها ثابت فعله النبى صلى الله عليه وسلم وكثير من الصحابة والتابعين، وبذلك قال جمهور العلماء، ومنهم الائمة الأربعة أبو حنيفة ومالك والشافعى واحمد، وقد جمع الحافظ ابن القيم فى الهدى الأقوال فبلغت ستة (الأول) أنها سنة واستدلوا بهذه الأحاديث التى قدمناها (الثانى) لا تشرع إلا لسبب واحتجوا بأنه لم يفعلها الا لسبب فاتفق وقوعه وقت الضحى وتعددت الأسباب (فحديث أم هانئ) فى صلاته يوم الفتح كانت لسبب الفتح، وأن سنة الفتح أن يصلى عنده ثمان ركعات، قال وكان الأمراء يسمونها صلاة الفتح (وصلاته عند القدوم من مغيبه) كما فى حديث عائشة كانت لسبب القدوم فانه كان اذا قدم من سفر بدأ بالمسجد فصلى فيه (وصلاته فى بيت عتبان بن مالك) كانت لسبب، وهو تعليم عتبان الى أين يصلى فى بيته لما سأل النبىَّ صلى الله عليه وسلم ذلك (وأما أحاديث الترغيب فيها) والوصية بها فلا تدل على أنها سنة راتبة لكل أحد، ولهذا خص بذلك أبا هريرة وأبا ذر ولم يوص بذلك أكابر الصحابة (والقول الثالث) أنها لا تستحب أصلا (والقول الرابع) يستحب فعلها تارة وتركها أخرى (والقول الخامس) تستحب صلاتها والمحافظة عليها فى البيوت (والقول السادس) أنها بدعة، روى ذلك عن ابن عمر، واليه ذهب الهادى والقاسم وأبو طالب، ولا يخفاك أن الأحاديث الواردة باثباتها قد بلغت مبلغًا لا يقصر البعض منه عن اقتضاء الاستحباب، وقد جمع الحاكم الأحاديث فى إثباتها فى جزء مفرد عن نحو عشرين نفسًا من الصحابة، وكذلك السيوطى صنف جزءًا فى الأحاديث الواردة فى إثباتها، وروى فيه عن جماعة من الصحابة أنهم كانوا يصلونها، منهم (أبو سعيد الخدرى) وقد روى ذلك عنه سعيد بن منصور

(باب الصلاة عقب الطهور) (1145) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال حدِّثنى بأرجى عمل عملته في الإسلام عندك منفعةً، فإنِّى سمعت اللَّيلة

_ وأحمد بن حنبل (وعائشة) وقد روى ذلك عنها سعيد بن منصور وابن أبى شيبة (وأبو ذر) وقد روى ذلك عنه ابن أبى شيبه (وعبد الله بن غالب) وقد روى ذلك عنه أبو نعيم (وأخرج سعيد بن منصور) عن الحسن أنه سئل هل كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلونها؟ فقال نعم كان منهم من يصلى ركعتين، ومنهم من يصلى أربعًا، ومنهم من يمد الى نصف النهار (وأخرج سعيد بن منصور) أيضا فى سننه عن ابن عباس أنه قال طلبت صلاة الضحى فى القرآن فوجدتها ههنا "يسبحن بالعشى والأشراق" (وأخرج ابن أبى شيبة فى المصنف) والبيهقى فى شعب الأيمان من وجه آخر عن ابن عباس أنه قال إن صلاة الضحى لفى القرآن وما يغوص عليها الا غواص، فى قوله تعالى {فى بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له فيها بالغدو والآصال} (وأخرج الاصبهانى) فى الترغيب عن عون العقيلى فى قوله تعالى {إنه كان للأوّابين غفورًا} قال الذين يصلون صلاة الضحى (وأما احتجاج) القائلين بأنها لا تشرع الا لسبب بما سلف فالأحاديث التى ذكرت فى هذا الباب ترده، وكذلك ترد اعتذار من اعتذر عن أحاديث الوصية والترغيب بما تقدم من الاختصاص، وترد أيضا قول ابن القيم إن عامة أحاديث الباب فى أسانيدها مقال، وبعضها منقطع، وبعضها موضوع لا يحل الاحتجاج به؛ فان فيها الصحيح والحسن وما يقاربه كما عرفت، أفاده الشوكانى (لطيفة) قال الحافظ روى الحاكم من طريق أبى الخير عن عقبة بن عامر قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلى الضحى بسور، منها والشمس وضحاها والضحى، قال الحافظ ومناسبة ذلك ظاهرة جدًا (1145) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير قال ثنا أبو حيان عن أبى زرعة عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (1) هو ابن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان ذلك القول من النبى صلى الله عليه وسلم لبلال عند صلاة الفجر كما صرح بذلك فى رواية البخارى (2) أى أخبرنى بأفضل عمل عملته فى الأسلام ترجو به منفعة وإضافة العمل الى الرجاء لأنه السبب الداعى اليه (3) فيه إشارة الى أن ذلك وقع فى المنام لأن عادته صلى الله عليه وسلم أنه كان يقص ما رآه ويعبر ما رآه أصحابه بعد صلاة الفجر كما سيأتي في كتاب

خشف نعليك بين يدىَّ في الجنَّة فقال بلال ما عملت عملًا في الإسلام أرجى عندى منفعة إلاَّ أنِّى لم أتطهَّر طهورًا تامًا فى ساعة من ليل أو نهار إلاَّ صلَّيت بذلك الطُّهور ما كتب الله لى أن أصلِّي (1146) عن عبد الله بن بريدة قال سمعت أبى بريدة يقول أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بلالًا فقال يا بلال بم سبقتنى إلى الجنَّة؟ ما دخلت الجنَّة قطُّ إلاَّ سمعت خشخشتك أمامى، إنِّى دخلت البارحة فسمعت خشخشتك (فذكر حديثًا يختصُّ بعمر بن الخطَّاب) وقال لبلال بم سبقتني

_ تعبير الرؤيا بعد صلاة الفجر وكان كلام النبى صلى الله عليه وسلم لبلال فى ذلك الوقت كما تقدم ويؤيده ما سيأتى فى الكلام على الحديث التالى (وقوله خشف نعليك) بفتح الخاء وسكون الشين المعجمتين وتخفيف الفاء، قال أبو عبيدة وغيره الخشف الحركة الخفيفة (وفى رواية أخرى) خشخشة بمعجمتين مكررتين وهو بمعنى الحركة أيضا (وفى رواية البخارى) دف نعليك بفتح الدال المهملة وتثقيل الفاء، وضبطه المحب الطبرى بالذال المعجمة، قال الخليل دف الطائر اذا حرك جناحيه وهو قائم على رجليه، وقال الحميدى الدف الحركة الخفيفة (1) أى قدّر وهو اعم من الفريضة، قال ابن التين إنما اعتقد بلال ذلك لأنه علم من النبى صلى الله عليه وسلم أن الصلاة أفضل الأعمال وأن عمل السر أفضل من عمل الجهر، وبهذا التقدير يندفع ايراد من أورد عليه غير ما ذكر من الأعمال الصالحة (قال الحافظ) والذى يظهر أن المراد بالأعمال التى سأله عن ارجائها، الأعمال المتطوع بها، والا فالمفروضة أفضل قطعًا (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1146) عن عبد الله بن بريدة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد ابن الحباب حدثنى حسين بن واقد أخبرنى عبد الله بن بريدة قال سمعت أبى بريدة "الحديث" (غريبه) (2) الخشخشة حركة لها صوت كصوت السلاح (نه) (3) لفظه بعد قوله فسمعت خشخشتك "فأتيت على قصر من ذهب مرتفع مشرف فقلت لمن هذا القصر؟ قالوا الرجل من العرب، قلت أنا عربى، لمن هذا القصر؟ قالوا لرجل من المسلمين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قلت أنا محمد، لمن هذا القصر؟ قالوا لعمر بن الخطاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا

إلى الجنَّة قال ما أحدثت إلاَّ توضَّأت وصلَّيت ركعتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا (باب ما جاء فى تحية المسجد) (1147) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه قال كنَّا مع رسول الله

_ غيرتك يا عمر لدخلت القصر؛ فقال يا رسول الله ما كنت لأغار عليك، قال وقال لبلال بم سبقتنى الى الجنة الحديث" (1) قال الحافظ وهذا ظاهر فى كونه رآه داخل الجنة، ويؤيد كونه وقع فى المنام ما سيأتى فى أول مناقب عمر "يعنى فى البخارى" من حديث جابر مرفوعًا "رأيتنى دخلت الجنة فسمعت خشفة فقيل هذا بلال، ورأيت قصرًا بفنائه جارية فقيل هذا لعمر الحديث" وبعده من حديث أبى هريرة مرفوعًا "بينا أنا نائم رأيتنى فى الجنة فاذا امرأة تتوضأ إلى جانب قصر فقيل هذا لعمر الحديث" فعرف أن ذلك وقع فى المنام وثبتت الفضيلة بذلك لبلال لأن رؤيا الأنبياء وحى، ولذلك جزم النبى صلى الله عليه وسلم له بذلك، ومشيه بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم كان من عادته فى اليقظة فاتفق مثله فى المنام، ولا يلزم من ذلك دخول بلال الجنة قبل النبى صلى الله عليه وسلم لأنه فى مقام التابع، وكأنه أشار صلى الله عليه وسلم إلى بقاء بلال على ما كان عليه فى حال حياته واستمراره على قرب منزلته، وفيه منقبة عظيمة لبلال اهـ (قلت) ولعمر أيضا رضى الله عنهما (2) أى بسبب هذا العمل سبقتنى إلى الجنة، وظاهره أن هذا الثواب وقع بسبب ذلك العمل، ولا معارضة بينه وبين قوله صلى الله عليه وسلم "لا يدخل أحدكم الجنة عمله" لأن أحد الأجوبة المشهورة الجمع بينه وبين قوله تعالى {ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون} أن أصل الدخول إنما يقع برحمة الله، واقتسام الدرجات بحسب الأعمال، فيأتى مثله فى هذا، وفيه أن الجنة موجودة الآن خلافا لمن أنكر ذلك من المعتزلة أفاده الحافظ (تخريجه) (مذ. خز) وسنده جيد (الأحكام) حديثا الباب يدلان على مشروعية الصلاة عقب الطهور واستحباب إدامة الطهارة، ومناسبة المجازاة على ذلك بدخول الجنة لأن من لازم الدوام على الطهارة أن يبيت المرء طاهرًا، ومن بات طاهرًا عرجت روحه فسجدت تحت العرش كما رواه البيهقى فى شعب الأيمان من حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص، والعرش سقف الجنة كما ثبت ذلك بالأحاديث الصحيحة (واستدل بهما) على جواز الصلاة عقب الطهور فى الأوقات المكروهة لعموم قوله فى ساعة من ليل أو نهار، وبذلك قالت (الشافعية) لأن هذه الصلاة من ذوات الأسباب، وأجاب المخالفون بأن الأخذ بعمومه ليس بأولى من الأخذ بعموم النهى والله أعلم (1147) عن أبى سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

صلى الله عليه وسلَّم يوم الجمعة، فدخل أعرابىٌّ ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فجلس الأعرابىُّ فى آخر النَّاس، فقال له النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم أركعت ركعتين؟ قال لا، قال فأمره فأنى الرَّحبة الَّتى عند المنبر فركع ركعتين (1148) عن أبى قتادة رضي الله عنه قال دخلت المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين ظهراني النَّاس فجلست، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ما منعك أن تركع ركعتين قبل أن تجلس، قال قلت إنِّى رأيتك جالسًا والنَّاس جلوس، قال وإذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتَّى

_ حسن ثنا ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبى سعيد الخدرى "الحديث" (غريبه) (1) هو سليك بمهملة مصغرًا ابن هدبة، وقيل ابن عمرو الغطفانى، وقع مسمى فى هذه القصة عند مسلم وأبى داود والدارقطنى والأمام أحمد أيضا من حديث جابر (وسيأتى فى باب الجلوس فى المسجد للجمعة وآدابه من أبواب الجمعة) وعند الدارقطنى أيضا جاء رجل من قيس المسجد فذكر نحو قصة سليك، قال الحافظ لا يخالف كونه سليكا فان غطفان من قيس (2) أى تحية المسجد (3) الظاهر أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره بالأتيان إلى هذا المكان لكونه كان خاليا، والسنة فى حق داخل المسجد يوم الجمعة أن يقرب من الأمام ما أمكنه إذا لم يترتب على ذلك تخطى الرقاب ليتمكن من سماع الخطبة ولا يحرم من ثواب الصف المقدّم؛ وقد أهمل الناس الآن هذه السنة، فتراهم يجلسون فى آخر المسجد لجهلهم بهذه السنة والأمام ساكت لا يرشدهم اليها، والأدهى من ذلك أنهم عند إقامة الصلاة يتركون بعض الصفوف ناقصة ويصفون خلفها على مرأى من الأمام وهو ساكت أيضا فلا حول ولا قوة إلا الله؛ ويستفاد من هذا الحديث أن الخطبة لا تمنع الداخل من صلاة ركعتين تحية المسجد؛ وسيأتى ذكر الخلاف فى ذلك فى الأحكام والله المستعان (تخريجه) (نس. جه. مذ) وصححه وأخرجه الشيخان والأمام أحمد أيضا من حديث جابر بن عبد الله (1148) عن أبى قتادة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا معاوية بن عمرو وثنا زائدة ثنا عمرو بن يحيى الأنصارى ثنا محمد بن يحيى بن حبان عن عمرو بن سليم بن خلدة الأنصارى عن أبى قتادة "الحديث" (غريبه) (4) قال الحافظ صرح جماعة بأنه إذا خالف وجلس لا يشرع له التدارك، قال وفيه نظر، لما روى ابن حبان في صحيحه

يركع ركعتين (وعنه من طريق ثان) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس

_ من حديث أبي ذر أنه دخل المسجد فقال له النبى صلى الله عليه وسلم أركعت ركعتين؟ قال لا، قال قم فاركعهما ومثله قصة سليك المتقدم ذكرها، وسيأتى ذكرها فى أبواب الجمعة، قال الطبرى ويحتمل أن يقال وقتهما قبل الجلوس وقت فضيلة، وبعده وقت جواز، أو يقال وقتههما قبله أداء، وبعده قضاء (قال الحافظ) ويحتمل أن تحمل مشروعيتهما بعد الجلوس على ما إذا لم يطل الفصل، وظاهر التعليق بالجلوس أنه ينتفى النهى بانتفائه؛ فلا يلزم التحية من دخل المسجد ولم يجلس، ذكر معنى ذلم ابن دقيق العيد، وتعقب بأن الجلوس نفسه ليس هو المقصود بالتعليق عليه بل المقصود الحصول فى بقعته، واستدل على ذلك بما عند أبى داود بلفظ "ثم ليقعد بعد ان شاء أو ليذهب لحجته إن شاء" والظاهر ما ذكره ابن دقيق العيد اهـ (1) قال الحافظ هذا العدد لا مفهوم لأكثره بالاتفاق، واختلف فى أقله والصحيح اعتباره فلا تتأدى هذه السنة بأقل من ركعتين اهـ قال الشوكانى وظاهر الحديث أن التحية مشروعة وان تكرر الدخول إلى المسجد؛ ولا وجه لما قاله البعض من عدم التكرر قياسا على المترددين إلى مكة فى سقوط الأحرام عنهم اهـ (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا مالك يعنى ابن أنس عن عامر بن عبد الله يعنى ابن الزبير عن عمرو بن سليم عن أبى قتادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخل أحدكم "الحديث" (3) هكذا جاء من هذا الطريق بلفظ الأمر، وفى الطريق الأولى بلفظ النهى، وهكذا رواه البخارى أيضا مرة بلفظ الأمر ومرة بلفظ النهى، ورواه الأثرم فى سننه بلفظ (اعطوا المساجد حقها، قالوا وما حقها؟ قال ان تصلوا ركعتين قبل أن تجلسوا) (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (وفى الباب) عند الشيخين والأمام أحمد عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن سليكا الغطفانى لما أتى يوم الجمعة والنبى صلى الله عليه وسلم يخطب فقعد قبل أن يصلى الركعتين أمره النبى صلى الله عليه وسلم ن يصليهما (وأخرج مسلم) عن جابر أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم أمره لما أتى المسجد لثمن جمله الذى اشتراه منه أن يصلى الركعتين (الأحكام) استدل بحديثى الباب وبما ذكرنا معهما القائلون بوجوب تحية المسجد لأن الأمر يفيد تحقيقه وجوب فعل التحية، والنهى يفيد بتحقيقه أيضا تحريم تركها، وقد ذهب الى القول بالوجوب (الظاهرية) كما حكى ذلك عنهم ابن بطال، قال الحافظ والذى صرح به ابن حزم عدمه (وذهب

_ الجمهور إلى أنها سنة) واتفق أئمة الفتوى على أن الأمر فى ذلك للندب، قال ومن أدلة عدم الوجوب قوله صلى الله عليه وسلم للذى رآه يتخطى "اجلس فقد آذيت" ولم يأمره بصلاة، كذا استدل به الطحاوى وغيره وفيه نظر اهـ (ومن جملة أدلة الجمهور على عدم الوجوب) ما أخرجه ابن أبى شيبة عن زيد بن أسلم قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلون المسجد ثم يخرجون ولا يصلون، ومن أدلتهم أيضا حديث ضمام بن ثعلبة عند (ق. لك. د. نس) والأمام أحمد أيضا (وتقدم فى كتاب الأيمان) لما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عما فرض الله عليه من الصلاة؟ فقال الصلوات الخمس، فقال هل علىّ غيرها؟ قال لا الا أن تطوع (وقال النووى عند ذكر مسلم حديث أبى قتادة) فيه استحباب تحية المسجد بركعتين (وهى سنة باجماع المسلمين) وحكة القاضى عياض عن داود وأصحابه وجوبهما، وفيه التصريح بكراهة الجلوس بلا صلاة وهى كراهة تنزيه، وفيه استحباب التحية فى أى وقت دخل وهو مذهبنا، وبه قال جماعة وكرها أبو حنيفة والأوزاعى والليث فى وقت النهى (قلت) والمالكية والحنابلة أيضا، بل قال الحنابلة لا تنعقد ويأثم فاعلها فى وقت النهى، قال وأجاب أصحابنا أن النهى إنما هو عما لا سبب له، لأن النبى صلى الله عليه وسلم صلى بعد العصر ركعتين قضاء سنة الظهر، فحص وقت النهى وصلى به ذات السبب، ولم يترك التحية فى حال من الأحوال، بل أمر الذى دخل المسجد يوم الجمعة وهو يخطب فجلس أن يقوم فيركع ركعتين، مع أن الصلاة فى حال الخطبة ممنوع منها إلا التحية، فلو كانت التحية تترك فى حال من الأحوال لتركت الآن لأنه قعد وهى مشروعة قبل القعود، ولأنه كان يجهل حكمها ولأن النبى صلى الله عليه وسلم قطع خطبته وكلمه وأمره أن يصلى التحية، فلولا شدة الاهتمام بالتحية فى جميع الأوقات لما اهتم عليه السلام هذا الاهتمام، ولا يشترط أن ينوى التحية، بل تكفيه ركعتان من فرض أو سنة راتبة أو غيرهما، ولو نوى بصلاته التحية والمكتوبة انعقدت صلاته وحصلتا له، ولو صلى على جنازة أو سجد شكرًا أو للتلاوة أو صلى ركعة بنية التحية لم تحصل التحية على الصحيح من مذهبنا، وقال بعض أصحابنا تحصل وهو خلاف ظاهر الحديث، ودليله أن المراد إكرام المسجد ويحصل بذلك والصواب أنه لا يحصل بعده ركعتى الطواف اهـ (قال الشوكانى) والتحقيق أنه قد تعارض فى المقام عمومات النهى عن الصلاة فى أوقات مخصوصة من غير تفصيل، والأمر للداخل بصلاة التحية من غير تفصيل، فتخصيص أحد العمومين بالآخر تحكم، وكذلك ترجيح أحدهما على الآخر مع كون كل واحد منهما فى الصحيحين بطرق متعددة، ومع اشتمال كل واحد منهما على النهى أو النفى الذى فى معناه، ولكنه اذا ورد ما يقضى بتخصيص أحد العمومين عمل عليه، وصلاته صلى الله عليه وسلم سنة الظهر

(باب صلاة الاستخارة) (1149) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يعلِّمنا السُّورة من القرآن

_ بعد العصر مختص به، لما ثبت عند أحمد وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم لما قالت له أم سلمة أفنقضيهما اذا فاتتا؟ قال لا (قلت تقدم هذا الحديث وهو آخر حديث فى الجزء الثانى) قال ولو سلم عدم الاختصاص لما كان فى ذلك الا جواز قضاء سنة الظهر لا جميع ذوات الأسباب، نعم حديث يزيد بن الأسود "أن النبى صلى الله عليه وسلم قال للرجلين ما منعكما أن تصليا معنا؟ فقالا قد صلينا فى رحالنا، فقال اذا صليتما فى رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا فانها لكما نافلة وكانت تلك الصلاة صلاة الصبح" يصلح لأن يكون من جملة المخصصات لعموم الأحاديث القاضية بالكراهة، وكذلك ركعتا الطواف، قال وبهذا التقرير بعلم أن فعل تحية المسجد فى الأوقات المكروهة وتركها لا يخلو عند القائل بوجوبها من إشكال، والمقام عندى من المضايق، والأولى للمتودع ترك دخول المساجد فى أوقات الكراهة اهـ والله أعلم (1149) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسحاق بن عيسى وأبو سعيد يعنى مولى بنى هاشم المعنى وهذا لفظ إسحاق قالا ثنا عبد الرحمن بن أبى الموالى المدنى ثنا محمد بن المنكدر بن جابر بن عبد الله "الحديث" (غريبه) (1) أى صلاة الاستخارة ودعائها وهى طلب الخيرة بوزن عنبة، اسم من قولك اختاره الله، وفى النهاية خار الله لك أى أعطاك ما هو خير لك، قال والخيرة بسكون الياء الاسم منه، وأما بالفتح فهو الاسم من قولك اختاره الله، ومحمد صلى الله عليه وسلم خيرة الله من خلقه، يقال بالفتح والسكون، وهو من باب الاستفعال، وهو فى لسان العرب على معان؛ منها سؤال الفعل والتقدير أطلب منك الخير فيما هممت به، والخير هو كل معنى زاد نفعه على ضره (ورواية البخارى) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا الاستخارة فى الأمور كلها؛ وفيها دليل على العموم وأن المرء لا يحتقر أمرًا لصغره وعدم الاهتمام به فيترك الاستخارة فيه، فربَّ أمر يستخف بأمره فيكون فى الأقدام عليه ضرر عظيم أو فى تركه، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم ليسأل أحدكم ربه حتى فى شع نعله (2) فيه دليل على الاهتمام بأمر الاستخارة وأنه متأكد مرغب فيه، (قال العراقى) ولم أجد من قال بوجوب الاستخارة مستدلا بتشبيه ذلك بتعليم السورة من القرآن كما استدل بعضهم على وجوب التشهد فى الصلاة لقول ابن مسعود "كان يعلمنا التشهد كما

يقول إذا همَّ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثمَّ اليقل اللَّهم إنِّى أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك

_ يعلمنا السورة من القرآن" (فان قال قائل) إنما دل على وجوب التشهد الأمر فى قوله فليقل التحيات لله الحديث (قلنا) وهذا أيضا فيه الأمر بقوله فليركع ركعتين ثم ليقل (فان قال) الأمر فى هذا تعلق بالشرط وهو قوله إذا همَّ أحدكم بالأمر (قلنا) إنما يؤمر به عند إرادة ذلك لا مطلقا كما قال فى التشهد إذا صلى أحدكم فليقل التحيات لله، قال ومما يدل على عدم وجوب الاستخارة الأحاديث الصحيحة الدالة على انحصار فرض الصلاة فى الخمس من قوله هل علىّ غيرها قال لا الا أن تطوع وغير ذلك اهـ نقله الشوكانى (1) المراد بالهم هنا العزم لأن الهم مبدأ القصد، والعزم القصد المتناهى فى طلب الشئ مع الحرص عليه، وهذا هو اللائق بالمقام كما لا يخفى، والمعنى اذا عزم أحدكم على أمر مما لا يعلم وجه الخير فيه فليركع الخ (3) أى فليصل ركعتين، من ذكر الجزء وارادة الكل، لأن الركوع جزء من أجزاء الصلاة، وفيه أن السنة فى الاستخارة كونها ركعتين فلا تجزئ الركعة الواحدة، وهل يجزئ فى ذلك أن يصلى أربعا أو أكثر بتسليمة؟ يحتمل أن يقال يجزئ ذلك، لقوله فى حديث أبى أيوب الآتى بعد هذا، ثم صل ما كتب الله لك، فهو دال على أنها لا تضر الزيادة على الركعتين (ومفهوم العدد) فى قوله فليركع ركعتين ليس بحجة على قول الجمهور (3) فيه أنه لا يحصل التسنن بوقوع الدعاء بعد صلاة الفريضة والسنن الراتبة وتحية المسجد وغير ذلك من النوافل (وقال النووى) فى الأذكار إنه يحصل التسنن بذلك وتعقب بأنه صلى الله عليه وسلم إنما أمر بذلك بعد حصول الهم بالأمر فاذا صلى راتبة أو فريضة ثم هم بأمر بعد الصلاة أو فى أثناء الصلاة لم يحصل بذلك الأتيان بالصلاة المسنونة عند الاستخارة (قال العراقى) إن كان همه بالأمر قبل الشروع فى الراتبة ونحوها ثم صلى من غير نية الاستخارة وبدا له بعد الصلاة الأتيان بدعاء الاستخارة فالظاهر حصول ذلك (وقوله ثم ليقل) فيه أنه لا يضر تأخر دعاء الاستخارة عن الصلاة ما لم يطل الفصل، وأنه لا يضر الفصل بكلام آخر يسير خصوصا إن كان من آداب الدعاء لأنه أتى بثم المقتضية للتراخى (4) أى أطلب منك الخير أو الخيرة، قال صاحب المحكم استخار الله طلب منه الخير (وقوله بعلمك) الباء فيه وفى قوله بقدرتك للتعليل، أى بأنك أعلم وأقدر قاله العراقى؛ وقال الكرمانى يحتمل أن تكون للاستعانة وأن تكون للاستعطاف كما فى قوله عز وجل {رب بما أنعمت علىّ} أى بحق علمك وقدرتك

العظيم فإنَّك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأمن علاَّم الغيوب اللَّهم فإن كنت تعلم هذا الأمير خيرًا لى فى دينى ومعاشى قال أبو سعيد ومعيشتى وعاقبة أمرى فاقدره لى ويسِّره ثمَّ بارك لى فيه اللَّهمَّ وإن كنت تعلمه شرًّا لى فى دينى ومعاشي وعاقبة

_ الشاملين اهـ (وقوله واستقدرك) أى أطلب منك أن تجعل لى قدرة عليه (1) فيه دليل على احتياج الخلق الى الله عز وجل وافتقارهم إلى فضله وإحسانه مهما عظموا؛ وكل عطاء الرب عز وجل فضل، فانه ليس لأحد عليه حق فى نعمة ولا فى دفع نقمة، فان أعطى فمن فضله، وإن منع فمن عدله، بخلاف ما تعتقده المبتدعة التى تقول إن الله واجب عليه أن يبتدئ العبد بالنعمة (2) فيه دليل على عجز العبد وجهله وعدم قدرته وأنه لا يعلم الغيب إلا الله قال تعالى {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدًا إلا من ارتضى من رسول} أى إلا من يصطفيه لرسالته فيظهره على ما يشاء من الغيب ليستدل على نبوته بالآية المعجزة بأن يخبر عن الغيب، فما يدعيه الكهنة والدجالون من علم الغيب فهو كذب وزور وان صادف الواقع ومن صدَّقهم فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم كما فى الحديث، وفى ذلك كلام طويل سيأتى فى بابه ان شاء الله تعالى (3) لفظ رواية البخارى اللهم ان كنت تعلم أن هذا الأمر خير لى الخ والمعنى واحد، ولا يفهم من قوله ان كنت تعلم أن الصيغة للشك فى علم العليم الخبير وهو القائل {يعلم سركم وجهركم ويعلم ما تكسبون} "يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور" {لا يعزب عنه مثقال ذرة فى الأرض ولا فى السماء} بل فى كون علمه عز وجل تعلق بكون الأمر خيرًا أو ضده لا فى أصل العلم (4) هو مولى بنى هاشم المتقدم فى السند، يعنى أنه قال فى روايته ومعيشتى بدل ومعاشى، والمعاش والمعيشة واحد يستعملان مصدرًا واسما، وفى المحكم العيش الحياة، عاش عيشة ومعيشة ومعاشا وعيشوشة، ثم قال المعيش والمعاش والمعيشة ما يعاش به (5) رواية البخارى بعد قوله وعاقبة أمرى (أو قال عاجل أمرى وآجله) بالشك أى شك الراوى هل قال ومعاشى وعاقبة أمرى أو قال ومعاشى وعاجل أمرى وآجله، ورواية الأمام أحمد بغير شك، ومع هذا فيستحسن الجمع بين ذلك ليصادف الوارد فيقول ومعاشى وعاقبة أمرى وعاجله وآجله والله أعلم (وقوله فاقدره لى) ليس المراد منه استئناف المشيئة، فهذا محال لأن تقديره عز وجل وقع فى الأزل وانما المراد من التقدير هنا التيسر وتفسره الجملة بعده (6) لفظ البخارى بعد قوله ثم بارك لى فيه "وان كنت تعلم

أمري فاصرفني عنه واصرفه عنِّى واقدر لى الخير حيث كان ثمَّ رضِّنى به (فصل منه فى الاستخارة لمن يريد الزواج) (1150) عن أبى أيوب الأنصارىِّ رضى الله عنه صاحب رسول الله

_ أن هذا الأمر شر لى الخ (1) فى رواية البخارى بعد قوله وعاقبة أمرى (أو قال عاجل أمرى وآجله) بالشك كما تقدم ويقال فيه ما قيل هناك (2) أى لا تعلق بالى بطلبه، وفيه طلب الأكمل من وجوه انصراف ما ليس فيه خيرة عنه، ولم يكتف بسؤال صرف أحد الأمرين لأنه قد يصرف الله المستخير عن ذلك الأمر بأن ينقطع طلبه له وذلك الأمر الذى ليس فيه خيرة يطلبه فربما أدركه، وقد يصرف الله المستخير عن ذلك الأمر بأن ينقطع طلبه له وذلك الأمر الذى ليس فيه خيرة يطلبه فربما أدركه، وقد يصرف الله المستخير ذلك الأمر ولا يصرف قلب العبد عنه بل يبقى متطلعا متشوقا الى حصوله فلا يطيب له خاطر إلا بحصوله فلا يطمئن خاطره، فاذا صرف كل منهما عن الآخر كان ذلك أكمل ولذلك قال "واقدر لى الخير حيث كان ثم رضّنى به" (3) رواية البخارى "ثم أرضنى به" بهمزة قطع والمعنى واحد، وهو أنه اذا قدر له الخير ولم يرض به كان منكد العيش آثما بعدم رضاه بما قدره الله له مع كونه خيرًا له (وعند البخارى) بعد قوله "إن كان هذا الأمر" والى هنا انتهى الحديث فى رواية البخارى (وزاد الأمام أحمد بعد قوله ثم رضنى به) وقال أبو سعيد "يعنى فى روايته" وعاقبة أمرى فاقدره لى ويسر لى وبارك لى فيه، اللهم وإن كنت تعلمه شرًا لى فى دينى ومعاشى وعاقبة أمرى فاصرفنى عنه واصرفه عنى واقدر لى الخير حيث كان ثم رضنى به، قال أبو عبد الرحمن (يعنى ابن الأمام أحمد رحمهما الله) ثنا منصور بن أبى مزاحم ثنا عبد الرحمن بن أبى الموالى عن محمد بن المنكدر عن جابر عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه (يعنى أن عبد الله بن الأمام أحمد) رواه أيضا ولكن من طريق آخر عن غير أبيه (تخريجه) (خ. والأربعة. وغيرهم) (1150) عن أبى أيوب الأنصارى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا الوليد عن أيوب بن خالد بن أبى أيوب الأنصارى حدثه عن أبيه عن جده أبى أيوب الأنصارى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" ثم ذكر له إسنادًا آخر فقال حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون ثنا ابن وهب أخبرنى حيوة أن الوليد بن الوليد أخبره باسناده ومعناه مائة واثنى عشر حديثا "هكذا بالأصل"

صلى الله عليه وسلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له اكتم الخطبة ثمَّ توضَّأ فأحسن وضوءك وصلِّ ما كتب الله لك ثمَّ احمد ربَّك ومجِّده ثمَّ قل اللَّهم إنَّك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، أنت علاَّم الغيوب، فإن رأيت لى فى فلانة تسمِّيها باسمها خيرًا فى دينى ودنياى وآخرتى وإن كان غيرها خيرًا لى منها فى دينى ودنياى وآخرتى فاقض لى بها أو قال فاقدرها لي

_ (غريبه) (1) بكسر الخاء هى طلب زواج المرأة من وليها يقال خطب خطبة بالكسر، والاسم أيضا بالكسر، فأما بالضم فالقول والكلام، تقول خطب خطبة بالضم فهو خاطب وخطيب، أى من الذين يخطبون الناس ويحثونهم (والمعنى) اذا أردت خطبة امرأة فلا تعجل بذلك واكتمه فى نفسك ثم توضأ الى (ويحتمل) اذا خطبت امرأة فاكتم خطبتها ولا تفشها للناس ثم توضأ الخ، وفائدة الكتمان عدم تأثير الناس عليه بايجاب أو سلب فربما يقصد بعضهم الغش والخداع أو الحمد، لا سيما وقد ورد (استعينوا على إنجاح الحوائج "وفى رواية حوائجكم" بالكتمان فان كل ذى نعمة محسود) رواه الطبرانى وغيره عن معاذ وغيره، وهو حديث ضعيف، ضعفه الحفاظ، لكن قال صاحب كشف الخفا يستأنس له بما أخرجه الطبرانى عن ابن عباس مرفوعًا (إن لأهل النعم حسادًا فاحذروهم) قال وذكر الزيلعى فى سورة الأنبياء من تخريجه جماعة روى الحديث عنهم، والأحاديث الواردة فى التحدث بالنعم محمولة على ما بعد وقوعها فلا تكون معارضة لهذه، نعم إن ترتب على التحدث بها حسد بعده فالكتمان أولى اهـ (2) فيه جواز صلاة الاستخرة بأكثر من ركعتين لقوله وصل ما كتب الله لك (3) يحتمل أن يراد بالحمد والتمجيد قراءة الفاتحة فى صلاة الركعتين ويحتمل أن يأتى بذلك فى أول الدعاء بعد الصلاة (4) أى فاقض لى بها أو قال فاقدرهالى، كما يستفاد ذلك من الشق الثانى، ولم تذكر هذه الجملة فى الشق الأول، فاما أن تكون سقطت من الناسخ أو حذفت لدلالة ما فى الشق الثانى عليها (تخريجه) (طب. حب) وفى إسناده ابن لهيعة فيه كلام، وذكر له الأمام أحمد إسنادًا آخر رجاله كلهم ثقات، الا أنه لم يسق لفظه بل قال بمعناه، وتقدم ذلك بعد ذكر السند، ورواه أيضا الحاكم وقال هذه سنّة صلاة الاستخارة عزيزة تفرد بها أهل مصر، ورواته عن آخرهم ثقات ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى (وفى الباب) عن أبى سعيد الخدرى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

_ إذا أراد أحدكم أمرًا فليقل اللهم انى أستخيرك بعلمك) الحديث على نحو حديث جابر وقال فى آخره (ثم قدّر لى الخير أينما كان لا حول ولا قوة الا بالله) قال الهيثمى رواه أبو يعلى ورجاله موثقون، ورواه الطبرانى فى الأوسط بنحوه اهـ (قلت) ورواه أيضا ابن حبان فى صحيحه من هذا الوجه (وعن أبى بكر الصديق) رضى الله عنه "أن النبى صلى الله عليه وسلم كان اذا أراد أمرًا قال اللهم خرلى واخترلى" أخرجه الترمذى فى الدعوات وقال حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث زنفل وهو ضعيف عند أهل الحديث (وعن عبد الله بن مسعود) رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان اذا استخار فى الأمر يريد أن يصنعه يقول "اللهم إنى أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك فانك تقدر ولا أقدر، وتعلم ولا أعلم، وأنت علام الغيوب، اللهم إن كان هذا خيرًا لى فى دينى وخيرًا لى فى معيشتى وخيرًا لى فيما أبتغى به الخير فخر لى لى عافية ويسره لى ثم بارك لى فيه، وان كان غير ذلك خيرًا لى فاقدر لى الخير حيث كان يقول ثم يعزم" قال الهيثمى رواه الطبرانى فى الثلاثة، الا أنه قال فى الصغير فاقدرلى الخير حيث كان واصرف عنى الشر حيث كان ورضنى بقضائك، وفى اسناد الكبير صالح ابن موسى الطلحى وهو ضعيف، وفى اسناد الأوسط والصغير رجل ضعّف فى الحديث (ولابن مسعود) فى الكبير عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان اذا استخار فى الأمر يريد ن يصنعه يقول فذكر نحوه، الا أنه قال فخر لى فى عافية ويسره لى، ورواه البزار بأسانيد وزاد فيه "وأسألك من فضلك ورحمتك فانهما بيدك لا يملكهما أحد سواك" وقال فوفقه لى وسهله، ورجال طريقين من طرقه حسنة اهـ (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما قال علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الاستخارة قال يقول أحدكم (اللهم انى أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك واسألك من فضلك العظيم فانك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا اعلم وأنت علام الغيوب فان كان كذا وكذا يسمى الأمر باسمه خيرًا لى فى دينى وفى معيشتى وخيرًا لى فاقدر لى الخير حيث كان ورضنى به) قال الهيثمى رواه الطبرانى فى الأوسط وفيه من لم اجد من ترجمه اهـ (وعن سعد بن أبى وقاص) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سعادة ابن آدم استخارته الله، ومن سعادة ابن آدم رضاه بما قضاه، ومن شقوة ابن آدم تركه استخارة الله، ومن شقوة ابن آدم سخطه بما قضاه الله عز وجل" رواه أبو يعلى والبزار والأمام أحمد وتقدم فى الجزء الأول فى الباب الأول من كتاب القدر حديث رقم 14 (وعن أنس بن مالك) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما خاب من استخار ولا ندم من استشار ولا عال من اقتصد" رواه الطبرانى فى الصغير والأوسط من رواية عبد القدوس بن حبيب عن الحسن عن أنس

_ وقال لم يروه عن الحسن إلا عبد القدوس تفرد به ولده عبد السلام اهـ (قلت) وعبد القدوس قال فيه الفلاَّس أجمعوا على ترك حديثه وقال أبو حاتم عبد السلام وأبوه ضعيفان، وقال الذهبى فى ميزان الاعتدال قال عبد الرزاق ما رأيت ابن المبارك يفصح بقوله كذاب إلا لعبد القدوس، وقال النسائى ليس بثقة، وقال ابن عدى أحاديثه منكرة الأسناد والمتن اهـ (قلت) وإنما ذكرت حديثه لبيان حاله لأنه مشتهر على ألسنة الناس، وفى الباب غير ذلك وفى هذا القدر كفاية (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية صلاة الاستخارة والدعاء عقبها وأنهما سنة مرغب فيهما، وبذلك قال جميع العلماء فيما أعلم، وقد أهملت هذه السنة فى زماننا هذا وقل من يعمل بها أو يعرفها، وقد ابتدع الناس عمل الاستخارة بأنواع شتى لم يرد شئ منها في كتاب الله ولا فى سنة رسوله ولم يقل به أحد من علماء السلف ولا الخلف، وإنما هى بدع شيطانية سرت واشتهرت بين عامة الناس (فمن تلك الأنواع) ما يقال له استخارة السبحة (ومنها) استخارة كأس القهوة (ومنها) استخارة لعبة الورق المشهورة باسم "الكوتشينة" (ومنها) استخارة المصحف (ومنها) استخارة التبييت، إلى غير ذلك من الأمور التى ليس لها أصل فى الدين، فتراهم اذا أهمهم أمر من أمور الدنيا أسرعوا الى من يتوسمون فيه الصلاح، أو من يكون من حفظة القرآن، أو من يدعى علم الغيب ويسألونه عمل الاستخارة فيوافقهم على اعتقادهم ويعمل لهم الاستخارة ويخبرهم بالنتيجة فى المستقبل رجما بالغيب ولم يرشدهم الى الاستخارة الشرعية التى نحن بصددها إما لجهله بها، وإما لأجل منفعة تعود عليه منهم، وكان يتردد علىّ كثير من هؤلاء الناس فى بعض الأحيان يطلبون منى عمل الاستخارة بالسبحة أو المصحف أو غير ذلك حسب اعتقادهم، فكنت أزجرهم عن هذه الأمور وأنفّرهم منها وأرشدهم الى الاستخارة الشرعية وكيفية العمل بها وأكتب لهم الدعاء، ولما كثر ترددهم علىّ مع كثرة شواغلى التى لا تسمح لى بالكتابة لكل سائل عملت كتيبا صغيرًا ضمنته حديث الاستخارة بشرح لطيف يفهمه العوام، مع أمور أخرى قاصدًا بذلك إرشادهم الى سنة خير الأنام، وصرفهم عن الخرافات والأوهام، أسمينه (إرشاد القارى الى الاستخارة من صحيح البخارى) والله أسأل أن ينفع به، هذا والاستخارة المذكورة مع دعائها مستحبة فى الأمور التى لا يدرى العبد وجه الصواب فيها، أما ما هو معروف خيره كالعبادات وصنائع المعروف فلا حاجة للاستخارة فيها (قال العينى) فان قلت هل يستحب تكرار الاستخارة فى الأمر الواحد اذا لم يظهر له وجه الصواب فى الفعل أو الترك ما لم ينشرح صدره لما يفعل (قلت) بلى يستحب تكرار الصلاة والدعاء لذلك، وقد ورد فى حديث تكرار الاستخارة سبعا فى عمل الليلة لابن السنى من رواية إبراهيم بن البراء، قال ما يستحب فعله فى الاستخارة

أبواب صلاة السفر وآدابه وأذكاره وما يتعلق به (1) باب فضل السفر والحث عليه وشيء من آدابه (1151) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله

_ (حدثني أبي عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أنس اذا هممت بأمر فاستخر ربك فيه سبع مرات ثم انظر الى الذى يسبق الى قلبك فان الخير فيه) قال النووى فى الأذكار إسناده غريب وفيه من لا أعرفهم قال شيخنا زين الدين (يعنى العراقى) كلهم معروفون ولكن بعضهم معروف بالضعف الشديد وهو ابراهيم بن البراء، والبراء هو ابن النضر بن أنس بن مالك، وقد ذكره فى الضعفاء العقيلى وابن حبان وابن عدى والأزدى، قال العقيلى يحدث عن النقات بالبواطيل؛ قال ابن حبان شيخ كان يدور بالشام يحدث عن الثقات بالموضوعات لا يجوز ذكره إلا على مثل القدح فيه، وقال ابن عدىّ ضعيف جدًا حدّث بالبواطيل، فعلى هذا فالحديث ساقط لا حجة فيه، نعم قد يستدل للتكرار بأن النبى صلى الله عليه وسلم كان اذا دعا دعا ثلاثا، وقال النووى إنه يستحب أن يقرأ فى ركعتى الاستخارة فى الأولى بعد الفاتحة قل يا أيها الكافرون، وفى الثانية قل هو الله أحد، وقد سبقه الى ذلك الغزالى، فانه ذكره فى الأحياء كما ذكره النووى (وقال شيخنا زين الدين) رحمه الله لم أجد فى شئ من طرق أحاديث الاستخارة تعيين ما يقرأ فيهما اهـ (وقال النووى) ولو تعذرت عليه الصلاة استخار بالدعاء، ويستحب افتتاح الدعاء المذكور وختمه بالحمد لله والصلاة والتسليم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم ان الاستخارة مستحبة فى جميع الأمور كما صرح به نص هذا الحديث الصحيح، واذا استخار مضى بعدها لما ينشرح له صدره والله أعلم اهـ (قال الشوكانى) فلا ينبغى أن يعتمد على انشراح كان له فيه هوى قبل الاستخارة، بل ينبغى للمستخير ترك اختياره رأسا والا فلا يكون مستخيرًا لله، بل يكون مستخيرًا لهواه وقد يكون غير صادق فى طلب الخيرة وفى التبرّى من العلم والقدرة واثباتهما لله تعالى، فاذا صدق فى ذلك تبرأ من الحول والقوة ومن اختياره لنفسه اهـ والى هنا انتهى الكلام على الاستخارة (*) (تنبيه) رأيت أن أحصر كل ما يتعلق بالسفر من آداب وأذكار وصلاة وجمع وقصر وغير ذلك تحت هذه الترجمة تقريبا للطالب وتتميما للفائدة والله الموفق (1151) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا قتيبة

وسلَّم قال سافروا تصحوا واغزوا تستغنوا (1152) وعنه أيضًا عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال ما من خارج يخرج يعنى من بيته إلاَّ ببابه رايتان راية بيد ملك، وراية بيد شيطان فإن خرج لما يحبُّ الله عزَّ وجلَّ اتَّبعه الملك برايته فلم يزل تحت راية الملك حتَّى يرجع إلى بيته، وإن خرج لما يسخط الله اتَّبعه الشيَّطان برايته فلم يزل تحت راية الشَّيطان حتَّى يرجع إلى بيته (1153) وعنه رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال لا تصحب الملائكة رفقةً

_ حدثنا ابن لهيعة عن دراج عن ابن حجيرة عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (1) أى لأن الحركة تعود على البدن بالنفع وكذلك الهواء الطلق النقى (2) قال المناوى قرنه بالغزو إشارة الى أن المراد بالسفر فى هذه الأخبار سفر الجهاد ونحوه فلا يناقضه خبر "السفر قطعة من العذاب" اهـ (قلت) ومعنى قوله تستغنوا أى بسبب الغنيمة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وفى إسناده ابن لهيعة لكن صححه المناوى وحسنه الحافظ السيوطى (1152) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى بى ثنا أبو عامر ثنا عبد الرحمن بن جعفر عن عثمان بن محمد عن المقبرى عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (3) تنبيه راية بمعنى العلم (4) أى كحج أو جهاد أو تجارة جائزة يستعين بها على نفقة أولاده أو صلة رحم أو عيادة مريض أو نحو ذلك (5) كناية عن رعاية الله له وحفظه من الشيطان ومن كل ما يكره حتى يرجع الى بيته (6) أى كسرقة أو قتل نفس حرم الله قلتها أو زنا أو تجارة فيما يحرم بيعه أو نحو ذلك (7) كناية عن تسط الشيطان عليه وارتكابه ما يغضب الله نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (هق. طس) وسنده جيد (1153) وعنه رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا أبو عوانة عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (8) بضم الراء وكسرها، هم الجماعة ترافقهم فى سفرك، والجمع رفاق تقول منه رافقه وترافقوا فى السفر والرفيق المرافق والجمع الرفقاء فاذا تفرقوا ذهب اسم الرفقة ولا يذهب اسم الرفيق وهو أيضا

فيها كلب أو جرس (1154) عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سافرتم في الخصب فأعطوا الإبل حظَّها، وإذا سافرتم فى الجدب فأسرعوا السَّير، وإذا أردتم التَّعربس فتنكبوا الطَّريق (وعنه من

_ واحد وجمع كالصديق قال الله تعالى {وحسن أولئك رفيقا} اهـ مختار (1) الجرس بفتحتين الذى يعلق فى عنق البعير والذى يضرب به أيضا، والحكمة والله أعلم فى عدم اصطحاب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس هى أن الكلب لا يتحاشى أكل النجاسات، ولأن بعض الكلاب يسمى شيطانًا كما جاء به الحديث، والملائكة ضد الشياطين، ولقبح رائحة الكلب، والملائكة تكره الرائحة القبيحة، ولأنها منهى عن اتخاذها فعوقب متخذها بحرمانه من صحبة الملائكة (وأما الجرس) فقيل سبب منافرة الملائكة له أنه شبيه بالنواقيس، أو لأنه من المعاليق المنهى عنها؛ وقيل سببه كراهة صوتها وتؤيده رواية مزامير الشيطان، والمراد بالملائكة ملائكة الرحمة والاستغفار لا الحفظة أفاده النووى (تخريجه) (م. د. مذ. حب. ش) (1154) عن سهيل عن أبيه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن سهيل عن أبيه "الحديث" وقال فى آخره قال عفان فى حديثه أنا سهيل بن أبى صالح (غريبه) (2) الخصب بكسر الخاء هو كثرة العشب والمرعى وهو ضد الجدب، والجدب هو انقطاع المطر ويبس الأرض وعدم النبات فيها؛ ومعنى الحديث الحث على الرفق بالدواب ومراعاة مصلحتها، فان سافروا فى الخصب قللوا السير وتركوها ترعى فى بعض النهار وفى أثناء السير فتأخذ حظها من الأرض بما ترعاه منها، وإن سافروا فى القحط عجلوا السير ليصلوا المقصد وفيها بقية من قوتها ولا يقللوا السير فيلحقها الضرر، لأنها لا تجد ما ترعى فتضعف وربما كلت ووقفت، وقد جاء فى أول هذا الحديث فى رواية الأمام مالك فى الموطأ "ان الله رفيق يحب الرفق" (3) قال أهل اللغة التعريس النزول فى أواخر الليل للنوم والراحة، هذا قول الخليل والأكثرين، وقال أبو زيد هو النزول أىّ وقت كان من ليل أو نهار (وقوله فتنكبوا الطريق) أي تجنبوه عند النزول لأن الحشرات ودواب الأرض من ذوات السموم والسباع تمشى فى الليل على الطرق لسهولتها، ولأنها تلتقط منها ما يسقط من مأكول ونحوه وما تجد فيها من رمة ونحوها، فإذا

طريق ثان بنحوه وفيه) وإذا عرستم فاجتنبوا الطُّرق فإنَّها طرق الدَّوابِّ ومأوى الهوامِّ باللَّيل (1155) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سرتم فى الخصب فأمكنوا الرِّكاب أسنانها ولا تجاوزوا المنازل وإذا سرتم فى الجدب فاستجدُّوا وعليكم بالدَّلج فإنَّ الأرض تطوى

_ عرّس الإنسان فى الطريق ربما مر به منها ما يؤذيه فينبغى أن يتباعد عن الطريق وهذا أدب من آداب السير والنزول أرشد اليه صلى الله عليه وسلم فجزاه الله عن أمته أحسن الجزاء (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا عبد العزيز عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة (الحديث بنحو ما تقدم وفيه لخ) (2) هذه الرواية مفسرة للرواية الأولى وتقدم الكلام فى ذلك (تخريجه) (م. لك. د. مذ) (1155) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن سلمة عن هشام عن الحسن عن جابر "الحديث" (غريبه) (3) الركاب هى الرواحل من الأبل، وقيل ما يركب من كل دابة (وقوله أسنانها) جمع سن، يقال لما تأكله الأبل وترعاه من العشب سن، وجمعه أسنان ثم أسنة (وفى رواية اعطوا الرُّكب اسنتها) (قال الزمخشرى) المعنى اعطوها ما تمتنع به من النحر؛ لأن صاحبها اذا أحسن رعيها سمنت وحسنت فى عينه فيبخل بها من أن تنحر، فشبه ذلك بالأسنة فى وقوع الامتناع بها، هذا على أن المراد بالأسنة جمع سنان، وان أريد بها جمع سن فالمعنى أمكنوها من الرَّعى اهـ (4) يعنى المنازل التى ينزلها المسافر لأجل راحته وعلف دابته، والمعنى لا تتركوا النزول فى هذه المنازل اذا سافرتم فى الخصب (5) أى جدوا السير ولا تنزلوا إلا للضرورة اذا كان سفركم فى مدة الجدب وفقًا بالدواب لئلا تجوع فتهلك أو تعيا عن السير فتعطل مصالحكم (6) بفتح الدال مشددة بعدها لام مفتوحة "وفى رواية عليكم بالدلجة" بضم الدال مشددة وسكون اللام وهو سير الليل يقال أدلج بالتخفيف اذا سار من أول الليل وادَّلج بالتشديد اذا سار من آخره والاسم منه الدُّلجة والدَّلجة بالضم والفتح، ومنهم من يجعل الأدلاج الليل كله، وكأنه المراد فى هذا الحديث لأنه عقبه بقوله فان الأرض تطوى بالليل ولم يفرق بين أوله وآخره وأنشدوا لعلي رضي الله عنه:

باللَّيل، وإذا تغوَّلت لكم الغيلان فنادوا بالأذان، وإيَّاكم والصَّلاة على جوادِّ الطَّريق والنُّزول عليها، فإنَّها مأوى الحيَّات والسبِّاع، وقضاء الحاجة فإنَّها الملاعن (1156) عن أبى قتادة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان إذا عرَّس بليل اضطجع على يمينه، وإذا عرَّس قبيل

_ اصبر على السير والأدلاج فى السحر ... وفى الرواح على الحاجات والبكر (نه) وفى المختار أدلج سار من أول الليل، والاسم الدَّلج بفتحتين، والدُّلجة والدَّلجة بوزن الجرعة والضَّربة، والدَّلج بتشديد الدال سار من آخره، والاسم أيضا الدُّلجة والدَّلجة اهـ (1) أى اذا أضلتكم عن الطريق (والغيلان) جمع غول بضم الغين المعجمة وهى جنس من سحرة الجن والشياطين لهم تلبيس وتخييل (وقوله فنادوا بالأذان) أى أدفعوا شرها بذكر الله عز وجل (2) الجوادّ جمع جادَّة وهى سواء الطريق ووسطه، وقيل هى الطريق الأعظم التى تجمع الطرق ولا بد من المرور عليها، وإنما حذرهم من الصلاة على جواد الطريق، لأن من صلى فى الطريق يكون عرضة للمرور بين يديه فيشغله ذلك عن الصلاة، وربما مر بين يديه سبع أو حية أو نحو ذلك فيقطع عليه صلاته، وكذلك نهى المسافر عن النزول عليها لأنها مأوى الحيات والسباع كما فى الحديث؛ وتقدم الكلام على ذلك فى الحديث السابق (3) معطوف على قوله والنزول عليها، والمعنى احذروا الصلاة على جوادّ الطريق والنزول عليها وقضاء الحاجة "أى البول أو الغائط" على الطريق لأنه يكون سببًا فى نظر المارة الى عورته فتلعنه الملائكة أو يتضرر الناس من الرائحة الكريهة فيلعنونه والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أبو داود وغيره باختصار كثير، ورواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح (1156) عن أبى قتادة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا حماد ثنا حميد عن بكر بن عبد الله بن رباح عن أبى قتادة "الحديث" (غريبه) (4) عرس بمهملات مفتوحات والراء مشددة أى نزل وهو مسافر آخر الليل "وفى رواية كان اذا عرس وعليه ليل" أى بقى من الليل زمن طويل (وقوله اضطجع على يمينه) وفى رواية توسد يمينه، أى جعل يده اليمنى وسادة لرأسه ونام نوم المتمكن لبعده من الصبح

الصُّبح نصب ذراعيه ووضع رأسه بين كفَّيه (1157) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال السَّفر قطعة من العذاب، يمنع أحدكم طعامه وشرابه ونومه فإذا قضى أحدكم نهمته من سفره فليعجِّل إلى أهله

_ فلا يخشى فوته لوثوقه بالتيقظ لطول زمن النوم (1) أى قبله بزمن يسير نصب ذراعيه ووضع رأسه بين كفيه (وفى رواية وضع رأسه على كفه اليمنى وأقام ساعده) أى لئلا يتمكن من النوم فتفوته الصبح كما وقع فى قصة الوادى (تخريجه) (حب. ك) وإسناده صحيح (1157) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن عن مالك عن سمى عن أبى صالح عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (2) معناه يمنعه كمالها ولذيذها لما فيه من المشقة والتعب ومقاساة الحر والبرد والسُّرى والخوف ومفارقة الأهل والأصحاب وخشونة العيش (3) النهمة بفتح النون وإسكان الهاء هى الحاجة، والمقصود فى هذا الحديث استحباب تعجيل الرجوع الى أهله بعد قضاء شغله وعدم التأخر بما ليس له بمهم (تخريجه) (ق. لك. جه. وغيرهم) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب السفر اذا كان فى طاعة الله تعالى لما يترتب عليه من الفوائد الدنيوية والأخروية والصحة البدنية وان كان فيه مشقة على النفس ولكنها تتلاشى أمام هذه الفوائد، فقوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الأخير من الباب "السفر قطعة من العذاب" المراد به ما يحصل بسببه من التعب والمشقة على النفس، ولكن فوائده عظيمة ولا يعزب عنك أن الثواب على قدر المشقة، وقد ورد عن أنس مرفوعًا (حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات) رواه مسلم والأمام أحمد والترمذى (وفيها أيضًا) كراهة استصحاب الكلب والجرس فى الأسفار وأن الملائكة لا تصحب رفقة فيها أحدهما (قال النووى) وهو مذهبنا ومذهب مالك وآخرين وهى كراهة تنزيه، وقال جماعة من متقدمى علماء الشام يكره الجرس الكبير دون الصغير اهـ (وفيها أيضا) الرفق بالحيوان وكراهة النزول فى الطرق وقد سبق بيان الحكمة فى ذلك (وفيها أيضا) الحرص على صلاة الصبح لما فيها من الفضل العظيم (وفيها) أن السفر فيه مشقة كبيرة على النفس ينبغى تحملها لما فيه من الفوائد وتقدم الكلام على ذلك (وفيها أيضا) استحباب الأسراع بالرجوع الى أهله بعد قضاء مهمته وفيها غير ذلك والله أعلم

(2) باب أفضل الأيام للسفر وتوديع المسافر وايصاله والدعاء له (1158) عن ابن كعب بن مالك عن أبيه رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يسافر لم يسافر إلاَّ يوم الخميس (وعنه من طريق ثان) أنَّ كعب بن مالك قال قلَّما كان رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يخرج إذا أرادوا سفرًا إلاَّ يوم الخميس (1159) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال جاء رجل إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم يريد سفرًا فقال يا رسول الله أوصنى، قال أوصيك بتقوى الله والتَّكبير على كلِّ شرف فلمَّ ولَّى الرَّجل قال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم اللَّهمَّ ازوله الأرض وهوِّن عليه السَّفر (1160) عن سالم بن عبد الله قال كان أبى عبد الله بن عمر رضي الله

_ (1158) عن ابن كعب بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسحاق يعنى ابن الطباع قال ثنا ابن لهيعة عن يزيد بنأبى حبيب عن الزهرى عن ابن كعب ابن مالك عن أبيه رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (1) أى فى الغالب كما يستفاد من الطريق الثانية (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عثمان بن عمر قال ثنا يونس عن الزهرى عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن كعب بن مالك قال الخ يعنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخص يوم الخميس بالسفر فيخرج فيه أكثر من غيره فى باقى الأيام (تخريجه) (خ. د. بز) وفى سند الطريق الأولى عند الأمام أحمد ابن لهيعة وسند الطريق الثانية جيد، وهى التى رواها البخارى بسندها ولفظها (1159) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا أسامة بن زيد عن سعيد المقبرى عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (3) الشرف بفتحات المراد به هنا المكان المرتفع (4) أى اجمعها واطوها له، أى قرب له البعيد (تخريجه) (مذ. وغيره) وقال حديث حسن (1160) عن سالم بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معمر

عنهما إذا أتى الرَّجل وهو يريد السَّفر قال له ادن أودِّعك الله كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يودِّعنا فيقول، استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك (ومن طريق ثان) عن قزعة عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال قال عبد الله بن عمر وأرسلنى في حاجة له تعالى حتَّى أودِّعك كما ودَّعنى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وأرسلنى فى حاجة له فأخذ بيدي فقال استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك (1161) عن موسى بن وردان قال قال أبو هريرة لرجل أودِّعك كما ودَّعنى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أو كما ودَّع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، أستودعك الله الَّذي لا يضيِّع ودائعه

_ سعيد بن حثيم ثنا حنظلة عن سالم بن عبد الله "الحديث" (غريبه) (1) أى أطلب من الله حفظ دينك وقدّم حفظ الدين على حفظ الأمانة اهتمامًا بشأنه لأن الدين أهم من كل شئ (والأمانة) هنا أهله ومن يتركه منهم، وماله الذى يودعه أمينه وجرى ذكر الدين مع الودائع لأن السفر موضع خوف وخطر، وقد يصاب ويحصل له مشقة وتعب فيهمل بعض الأمور المتعلقة بالدين من إخراج صلاة عن وقتها أو تساهل فى طهارة وكلام فاحش ونحو ذلك مما هو مشاهد (2) أى عملك الصالح الذى جعلته آخر عملك، فانه يستحب للمسافر أن يختم إقامته بعمل صالح كصلاة ركعتين وصدقة وصلة رحم وقراءة آية الكرسى بعد الصلاة وغير ذلك من وصية واستبراء ذمة، فيندب لكل من ودع أحدًا من المسلمين أن يقول ذلك حال مصافحته، وأن يقول له أيضا زوَّدك الله التقوى لحديث فى ذلك سيأتى إن شاء الله (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مروان بن معاوية الفزارى أنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن إسماعيل بن جرير عن قزعة "الحديث" (تخريجه) (د. مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح (1161) عن موسى بن وردان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عتاب قال ثنا عبد الله قال أنا ليث بن سعد عن الحسن بن ثوبان اراه عن موسى بن وردان قال قال أبو هريرة الخ (غريبه) (4) يعنى الأشياء التى فوّض أربابها أمرها إلى الله

_ سبحانه وتعالى فانه لا يفوض أحد أمره الى الله تعالى بنية صادقة وإخلاص فى ذلك الا حفظه الله (تخريجه) (جه) وابن السنى والنسائى فى اليوم والليلة قال العراقى باسناد حسن (وفى الباب) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال "جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنى أريد سفرًا فزدونى، فقال زودك الله التقوى، قال زدنى قال وغفر ذنبك، قال زدنى، قال ويسر لك الخير حيثما كنت" رواه الترمذى وقال حديث حسن (وعن أبى هريرة) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "اذا أراد أحدكم سفرا فليودع إخوانه فان الله تعالى جاعل فى دعائهم خيرًا" أورده النووى فى الأذكار (الأحكام) فى أحاديث الباب استحباب السفر فى يوم الخميس لأنه صلى الله عليه وسلم كان يختار يوم الخميس للسفر لوجوه، إما لأنه يوم مبارك يرفع مبارك يرفع فيه أعمال العباد الى الله، وقد كانت اسفاره صلى الله عليه وسلم لله وفى الله والى الله فأحب أن يرفع له عمل صالح فيه، أو لأنه أتم أيام الأسبوع عددًا، أو لأنه يتفاءل بالخميس فى خروجه، والخميس الجيش لأنه خمس فرق، المقدمة. والقلب. والميمنة. والميسرة. والساقة. فيرى فى ذلك من الفأل الحسن حفظ الله له وإحاطة جنوده به حفظًا وحماية، قاله صاحب المرقاة نقلا عن التوربشتى (وفيها أيضًا) استحباب دعاء الصالح للمسافر ووصيته بالتقوى وتوديعه (وفيها أيضًا) استحباب تكبير المسافر على كل شرف "أى مكان مرتفع" وفيها غير ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم (فائدة فى أمور شتى وآداب يفعلها المسافر قبل سفره) قال الأمام النووى رحمه الله فى كتابه الأذكار ما نصه اذا استقر عزمه على السفر فليجتهد فى تحصيل أمور (منها) أن يوصى بما يحتاج الى الوصية به وليشهد على وصيته، ويستحل كل من بينه وبينه معاملة فى شئ أو مصاحبة ويسترضى والديه وشيوخه ومن يندب الى بره واستعطافه، ويتوب الى الله ويستغفره من جميع الذنوب والمخالفات، وليطلب من الله تعالى المعونة على سفره، وليجتهد على تعلم ما يحتاج اليه فى سفره، فان كان غازيا تعلم ما يحتاج اليه الغازى من أمور القتال والدعوات وأمور الغنائم وتعظيم تحريم الهزيمة فى القتال وغير ذلك (وإن كان حاجًا أو معتمرًا) تعلم مناسك الحج أو استصحب معه كتابًا بذلك، ولو تعلمها واستصحب كتابًا كان أفضل، وكذلك الغازى وغيره يستحب أن يستصحب كتابًا فيه ما يحتاج اليه (وإن كان تاجرًا) تعلم ما يحتاج اليه من أمور البيوع وما يصح منها وما يبطل وما يحل ويحرم ويستحب ويكره ويباح وما يرجح على غيره (وان كان متعبدًا) سائحًا معتزلا للناس تعلم ما يحتاج اليه فى أمور دينه فهذا أهم ما ينبغى له أن يطلبه (وإن

(3) باب اتخاذ الرفيق فى السفر وسببه (1162) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال خرج رجل من خيبر فاتَّبعه رجلان وآخر يتلوهما يقول اربعا اربعا حتَّى ردَّهما، ثمَّ لحق الأوَّل فقال إنَّ هذان شيطانان وإنِّى لم أزل بهما حتَّى رددتهما، فإذا أتيت

_ كان ممن يصيد) تعلم ما يحتاج اليه أهل الصيد وما يحل من الحيوان وما يحرم وما يحل به الصيد وما يحرم وما يشترط ذكاته وما يكون فيه قتل الكلب أو السهم وغير ذلك (وان كان راعيًا) تعلم ما يحتاج اليه من الرفق بالدواب وطلب النصيحة لها ولأهلها والاعتناء بحفظها والتيقظ لذلك، واستأذن أهلها فى ذبح ما يحتاج الى ذبحه فى بعض الأوقات لعارض وغير ذلك (وان كان رسولا) من سلطان الى سلطان أو نحوه اهتم بتعلم ما يحتاج اليه من آداب مخاطبات الكبار وجوابات ما يعرض فى المحاورات وما يحل من الضيافات والهدايا وما لا يحل وما يجب عليه من مراعاة النصيحة وإظهار ما يبطنه وعدم الغش والخداع والنفاق والحذر من التسبب الى مقدمات الغدر أو غيره مما يحرم وغير ذلك (وإن كان وكيلا) أو عاملا فى قراض أو نحوه تعلم ما يحتاج اليه مما يجوز أن يشتريه وما لا يجوز، وما يجوز أن يبيع به وما لا يجوز، وما يجوز التصرف فيه وما لا يجوز، وما يشترط الأشهاد فيه وما يجب، وما لا يشترط فيه ولا يجب، وما يجوز له من الأسفار وما لا يجوز، وعلى جميع المذكورين أن يتعلم من أراد منهم ركوب البحر الحال التى يجوز فيها ركوب البحر والحال التى لا يجوز اهـ (1162) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زكريا بن عدى أنا عبيد الله عن عبد الكريم عن عكرمة عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (1) يعنى مسافرًا الى جهة أخرى (2) أى يتبعهما (3) اربعا بهمزة وصل وفتح الباء من ربع يربع اذا وقف وانتظر، أى قفا وانتظرا وكررها للتأكيد، فوقفا حتى أدركهما فأرجعهما عن الرجل الأول ثم لحق به (4) أى من شياطين الأنس، وإطلاق الشيطان على الأنسان شائع ذائع قال تعالى {وكذلك جعلنا لكل نبى عدوًا شياطين الأنس والجن} وسبب إطلاقه عليهما أنهما فعلا فعل الشيطان لأنه يعمل دائمًا عللا إيذاء بنى آدم، والظاهر أن هذان الرجلان كانا من قطاع الطريق وسفاكى الدماء، وكانا يريدان الفتك بالرجل لأنه وحيد لا يقدر على

رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقرئه السَّلام وأخبره أنَّا ههنا فى جمع صدقاتنا ولو كانت تصلح له لبعثنا بها إليه، قال فلمَّا قدم الرَّجل المدينة أخبر النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، فعند ذلك نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الخلوة (1163) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو يعلم النَّاس ما فى الوحدة ما سار أحد وحده بليل أبدًا (1164) وعنه أيضًا أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم نهى

_ مقاومتهما فعرفهم هذا الرجل واحتال فى إرجاعهم عنه، وكان هذا الرجل من عباد لله الصالحين المخلصين (1) يعنى الزكاة (وقوله لو كانت تصلح له الخ) معناه أنه لو كان النبى صلى الله عليه وسلم فى حاجة اليها لبعثنا بها اليه، أو يكون عدم صلاحيتها لكونها لم تكمل فلا تستحق الأرسال إلا بعد التمام والله أعلم (2) أى عن الانفراد فى السفر، وكانت قصة هذا الرجل سببًا للنهى عن ذلك (تخريجه) لم أقف عليه وفى إسناده من لم أعرفه (1163) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عبيد ثنا عاصم يعنى ابن محمد عن أبيه عن ابن عمر "الحديث" (غريبه) (3) بفتح الواو ويجوز كسرها ومنعه بعضهم، ولفظه عند البخارى "لو يعلم الناس ما فى الوحدة ما أعلم ما سار راكب بليل وحده" والمعنى لو يعلم الناس ما فى السير ليلا من القاء النفس الى الهلاك بتعريضها للمصائب والآفات والغوائل ما سار أحد وحده بليل، وهذا فى غير الضرورة أما اذا كان هناك ضرورة للانفراد كارسال العين والجاسوس فان الضرورة تغاير غيرها فى الحكم، وقد ثبت عند الأمام أحمد والبخارى وغيرهما من حديث جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم أرسل الزبير بن العوام رضى الله عنه طليعة وحده، وسيأتى فى آخر غزوة الخندق، قال ابن المنير السير لمصلحة الحرب أخص من السفر، والخبر ورد فى السفر، فيؤخذ من حديث جابر جواز السفر منفردا للضرورة والمصلحة التى لا تنتظم الا بالانفراد كارسال الجاسوس والطليعة، والكراهية لما عدا ذلك (قال الحافظ) ويحتمل أن تكون حالة الجواز مقيدة بالحاجة عند الأمن وحالة المنع مقيدة بالخوف حيث لا ضرورة والله أعلم (تخريجه) (خ. نس. مذ. جه) (1164) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبيدة

عن الوحدة أن يبيت الرجل وحده أو يسافر وحده (1165) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال الرَّاكب شيطان والرَّاكبان شيطانان، والثَّلاثة ركب (1166) عن عبد الله بن عمرو بن الفغواء عن أبيه رضي الله عنه

_ الحداد عن عاصم بن محمد عن أبيه عن ابن عمر "الحديث" (غريبه) (1) أى لما فى ذلك من الوحشة ونحوها كهجوم عدو أو لص أو مرض، فوجود الرفيق معه يدفع عنه طمع العدو واللص ويسعفه فى المرض، وكذلك المسافر بل هو أشد احتياجًا الى ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وأرده الحافظ السيوطى ورمز له بعلامة الحسن (1165) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين بن محمد ثنا مسلم يعنى ابن خالد عن عبد الرحمن يعنى ابن حرملة عن عمرو بن شعيب "الحديث" (غريبه) (2) هو المسافر الراكب منفردا، وهذا من باب التغليب، والا فالرجل مثله، وسمى شيطانًا لكون الشيطان حمله على السفر منفردًا فأطاعه، أو لكونه أشبه الشيطان فى مخالفته وفعله، وإنما كره ذلك لأن الواحد لو مات فى سفره ذلك لم يجد من يقوم عليه، وكذلك الأثنان اذا ماتا أو أحدهما لم يجد من يعينه، بخلاف الثلاثة ففى الغالب لا يخشى عليهم شئ من ذلك، وقال الطبرى هذا الزجر زجر أدب وإرشاد لما يخشى على الواحد من الوحشة والوحدة وليس بحرام، فالسائر وحده فى فلاة وكذا البائت فى بيت وحده لا يأمن الاستيحاش لا سيما اذا كان ذا فكرة رديئة وقلب ضعيف، والحق أن الناس يتباينون فى ذلك، فيحتمل أن يكون الزجر عن ذلك وقع لحسم المادة فلا يتناول ما اذا وقعت الحاجة لذلك أفاده الحافظ (3) الركب اسم جمع كقوم ورهط، وقيل جمع راكب، وهم الذين يستحقون أن يسموا ركبًا لكونهم محفوظين من الشيطان (تخريجه) (لك. والأربعة) قال الحافظ وهو حديث حسن الأسناد، وقد صححه ابن خزيمة والحاكم؛ وأخرجه الحاكم من حديث أبى هريرة وصححه وترجم له ابن خزيمة (النهى عن سفر الأثنين وأن مادون الثلاثة عصاة لأن معنى قوله شيطان أى عاص) اهـ (1166) عن عبد الله بن عمرو بن الفغواء (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أى ثنا نوح بن يزيد أبو محمد أنا ابراهيم بن سعد حدثنيه ابن إسحاق عن عيسى بن معمر عن جده عبد الله بن عمرو بن الفغواء الخزاعى "الحديث" (غريبه) (4) بفتح الفاء

قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أراد أن يبعثنى بمال إلى أبى سفيان يقسمه فى قريش بمكَّة بعد الفتح قال فقال التمس صاحبًا، قال فجاءنى عمرو بن أميَّة الضَّمرىُّ "رضى الله عنه" قال بلغنى أنَّك تريد الخروج وتلتمس صاحبًا، قال قلت أجل قال فأنا لك صاحب، قال فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت قد وجدت صاحبًا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا وجدت صاحبًا فآذِّنى قال فقال من؟ قلت عمرو بن أميَّة الضَّمرىُّ، قال فقال إذا هبطت بلاد قومه فاحذره فإنَّه قد قال القائل "أخوك البكرىُّ ولا تأمنه" قال فخرجنا حتَّى إذا جئت الأبواء فقال لى إنِّى أيد حاجةً إلى قومى بودَّان فتلبث لى، قال قلت راشدًا، فلمَّا ولىَّ ذكرت قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فسرت على بعيرى ثمَّ خرجت أوضعه حتَّى إذا كنت بالأصافر إذا هو

_ وسكون المعجمة ويقال ابن أبى الفغواء الخزاعى صحابى (1) أى فتح مكة (2) حرف جواب مثل نعم، قال الأخفش هو أحسن من نعم فى التصديق، ونعم أحسن منه فى الاستفهام (3) أى أعلمنى (4) ضبطه المناوى فى شرحيه على الجامع الصغير بكسر الباء، وقال الذى ولده أبواك أوَّلًا، وهذا على المبالغةفى التحذير، أى أخوك شقيقك خفه واحذر منه اهـ قال الحافظ قلت الظاهر أن المراد الأكبر منك سنا، أريد به ههنا القوى الغالب دون الضعيف، وهو المناسب بالحذر عند هبوطه فى بلاد قومه اهـ وقال الخطابى هذا مثل مشهور للعرب، وفيه إثبات الحذر واستعمال سوء الظن اذا كان على وجه طلب السلامة اهـ (5) بفتح الهمزة وسكون الباء والمد جبل بين مكة والمدينة وعنده بلد ينسب اليه (6) ودَّ ان فعلان بفتح الفاء قرية من الفرع بقرب الأبواء من جهة مكة، وقال الصغانى ودَّ ان قرية بين الأبواء وهرشى، قاله فى المصباح (وقوله فنلبث لى) أى انتظرنى "وقوله راشدًا" أى سر راشدًا (7) يقال وضع البعير يضع وضعًا وأوضعه راكبه إيضاعًا اذا حمله على سرعة السير (8) قال الحافظ السيوطى فى مرقاة الصعود على سنن أبى داود لم أقف عليه فى شئ من كتب الغريب واللغة إلا أنى رأيت فى كتاب الأمكنة فى الأخبار لأبى الفتح نصر بن عبد الرحمن الاسكندراني

يعارضني في رهطه قال وأوضعت فسبقته فلمَّا رآنى قد فتُّه انصرفوا وجاءنى، قال كانت لى إلى قومى حاجة، قال قلت أجل، فمضينا حتَّ قدمنا مكَّة فدفعت المال إلى أبى سفيان (4) باب ما يقوله المسافر عند ركوب دابته وعند عثرتها وما جاء فى الارتداف (1167) عن علىِّ بن ربيعة قال رأيت عليًّا رضي الله عنه أتي بدابَّة ليركبها فلمَّا وضع رجله في الرِّكاب قال بسم الله، فلمَّا استوى عليها قال الحمد لله، سبحان الَّذى سخَّر لنا هذا وما كنَّا له مقرنين وإنَّا إلى ربِّنا لمنقلبون، ثمَّ حمد الله ثلاثًا، ثمَّ قال سبحانك لا إله إلاَّ أنت قد ظلمت نفسي

_ من تلامذة الحافظ أبى القاسم، الصَّفر بفتح الفاء والصاد وبكسر الفاء جبل أحمر من جبال مسلك قرب المدينة فلعله هو اهـ (1) أى يقطع علىّ الطريق هو وجماعة من قومه ليمنعونى عن المسير، ورهط الرجل قومه وقبيلته، وهو ما دون العشرة من الرجال (2) صيغة المتكلم من فات أى سبقته (تخريجه) أخرجه أيضًا أبو داود بسند حديث الباب ولفظه، ورجاله كلهم ثقات عدا عيسى بن معمر، فقد قال فيه الحافظ فى التقريب لين الحديث (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية اتخاذ الرفيق للمسافر، ويستحب أن يكون معه اثنان فأكثر وتقدمت الحكمة فى ذلك، فان لم يجد إلا واحدا فيكفى (وفيها) استحباب الرفيق فى المبيت أيضا لما فى الوحدة من الوحشة وربما يصاب بمرض أو نحوه فيسعفه الرفيق (وفيها أيضا) الحث على الحذر من الرفيق فى السفر لا سيما اذا كان مع المسافر ما يطمع فيه كمال أو نحوه (وفيها أيضا) استحباب البر بالأقارب والعطف عليهم وان سبقت منهم إساءة، اقتداء بما فعله النبى صلى الله عليه وسلم مع أبى سفيان وأهل مكة (وفيها غير ذلك) تقدم فى خلال الشرح والله أعلم (1168) عن على بن ربيعة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنبأنا شريك بن عبد الله عن أبى إسحاق عن على بن ربيعة قال رأيت عليًا "الحديث" (غريبه) (3) أى مطيقين، من أقرن الشئ اذا أطاقه أى وما كنا مطيقين قهره واستعماله لولا تسخير الله تعالى إياه وقوله {وإنا الى ربنا لمنقلبون} أى راجعون، واتصاله بذلك لأن الركوب للتنقل، والنقلة العظمى للراكب هو الانقلاب الى الله تعالى، فينبغي

فاغفر لي ثمَّ ضحك، فقلت ممَّ ضحكت يا أمير المؤمنين؟ قال رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فعل مثل ما فعلت، ثمَّ ضحك فقلت ممَّ ضحكت يا رسول الله؟ قال يعجب الرَّب من عبده إذا قال ربِّ اغفر لى، ويقول علم عبدى أنَّه لا يغفر الذُّنوب غيرى (1168) عن علىِّ بن طلحة عن عبد الله بن عبَّاس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أردفه على دابَّته فلمَّا استوى عليها كبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثًا، وحمد الله ثلاثًا، وسبَّح الله ثلاثًا، وهلَّل الله واحدةً، ثمَّ استلقي عليه فضحك، ثمَّ أقبل علىَّ فقال ما من امرئ يركب دابَّته فيصنع كما صنعت الإَّ أقبل الله تبارك وتعالى فضحك إليه كما ضحكت إليك (1169) عن أبى تميمة الهجيمىِّ عمَّن كان رديف النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال

_ للراكب أن لا يغفل عنه ويستعد للقاء الله تعالى، والمعنى وإنا صائرون الى ربنا بعد مماتنا واليه سيرنا الأكبر، وهذا من باب التنبيه بسير الدنيا على سير الآخرة كما نبه بالزاد الدنيوي على الزاد الأخروى فى قوله تعالى {وتزودوا فان خير الزاد التقوى} (1) عجب الرب هنا معناه الرضا (2) يعنى فكان جزاؤه على ذلك رضا الله عز وجل ومغفرته (تخريجه) (د. نس. مذ) وقال حديث حسن وفى بعض النسخ حسن صحيح (1168) عن على بن طلحة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة ثنا أبو بكر بن عبد الله عن على بن أبى طلحة عن عبد الله بن عباس "الحديث" (غريبه) (3) أى أركبه خلفه على دابته (4) ضحك الله تعالى كناية عن رضاه على عبده، والمعنى أن الله عز وجل يرضى عمن يصنع ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وفى إسناده أبو بكر بن عبد الله بن أبى مريم ضعفه الحفاظ (1169) عن أبى تميمة الهجيمى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن عاصم عن أبى تميمة الهجيعى "الحديث" (غريبه) (5) هو رجل

كنت رديفه على حمار فعثر الحمار فقلت تعس الشَّيطان فقال لى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لا تقل تعس الشَّيطان، فإنَّك إذا قلت تعس الشَّيطان تعاظم الشَّيطان فى نفسه وقال صرعته بقوَّتى فإذا قلت بسم الله تصاغرت إليه نفسه حتَّى يكون أضغر من ذباب (وفى لفظ) تصاغر حتَّى يصير مثل الذُّباب (1170) عن محمد بن حمزة الأسلمىِّ أنَّه سمع أباه يقول سمعت رسول

_ صحابي اسمه أسامة والد أبى المليح كما سيأتى (1) قال النووى هو بكسر العين وفتحها والفتح أشهرو، لم يذكر الجوهرى فى صحاحه غيره، وفى النهاية يقال تعس بتعس إذا عثروا نكبَّ لوجهه، وقد تفتح العين، وهو دعاء عليه بالهلاك اهـ (2) إنما يتعاظم الشيطان عند الدعاء عليه ويقول صرعته بقوتى لفهمه أن الأنسان ما دعا عليه إلا لتأثره وغيظه من العثرة واعتقاده أن الشيطان هو الذى فعل به ذلك، أما اذا قال بسم الله علم الشيطان خطأ نفسه وأن ما فهمه لم يخطر للأنسان على بال، بل اعتقاده أن ما أصابه لم يكن إلا من الله عز وجل لا من الشيطان، وأنه لا يزال ذاكرًا لربه حتى عند المصيبة فينخذل الشيطان حينئذ وتصغر نفسه، لأن ذكر الله عز وجل يقع عليه كالصاعقة، نسأله تعالى أن لا يشغلنا عن ذكره، وأن يعصمنا من الشيطان ومكره (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد بأسانيد ورجالها كلها رجال الصحيح (قلت) وأخرجه أيضًا (د. طب) وأورده النووى فى الأذكار بنحو حديث الباب وقال هكذا رواه أبو داود عن أبى المليح عن رجل هو رديف النبى صلى الله عليه وسلم قال ورويناه فى كتاب ابن السنى عن أبى المليح عن أبيه وأبوه صحابى اسمه أسامة على الصحيح المشهور، وقيل فيه أقوال أخر، وكلا الروايتين صحيحة متصلة فان الرجل المجهول فى رواية أبى داود صحابى، والصحابة رضى الله عنهم كلهم عدول لا تضر الجهالة بأعينهم اهـ (قلت) ورواه الطبرانى فى الكبير عن أبى المليح بن أسامة عن أبيه قال كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره بنحو حديث الباب أيضًا، قال الهيثمى ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن حمران وهو ثقة اهـ (1170) عن محمد بن حمزة الأسلمى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أب ثنا عتاب قال ثنا عبد الله وعلى بن اسحاق قال أنا عبيد الله يعنى ابن المبارك قال أخبرنا أسامة ابن زيد قال أخبرنى محمد بن حمزة "الحديث" (غريبه) (4) هو حمزة بن عمرو

الله صلَى الله عليه وآله وسلَّم يقول على ظهر كلِّ بعير شيطان فإذا ركبتموها فسمُّوا الله عزَّ وجلَّ ولا تقصِّروا عن حاجاتكم (1171) عن علىّ الأزدىِّ أنَّ ابن عمر رضي الله عنهما علَّمه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استوى على بعيره خارجًا إلى سفر كبَّر ثلاثًا، ثمَّ قال سبحان الَّذي سخَّر لنا هذا وما كنَّا له مقرنين وإنَّا إلى ربِّنا لمنقلبون، اللَّهمَّ إنَّا نسألك فى سفرنا هذا البرَّ والتَّقوى ومن العمل ما ترضى، اللَّهمَّ هوِّن علينا سفرنا هذا واطوعنَّا بعده اللَّهمَّ أنت الصَّاحب فى السَّفر والخليفة فى الأهل، اللَّهمَّ إنِّى أعوذ بك من وعثاء السَّفر وكآبة المنقلب وسوء المنظر في الأهل

_ الأسلمي صحابي (1) البعير يشمل الجمل والناقة كالأنسان للرجل والمرأة، وإنما يسمى بعيرًا اذا أجذع أى اذا صار سنة خمس سنين، والجمع أبعرة وأباعر وبعران؛ ومعنى الجملة يحتمل اجراء اللفظ على حقيقته فيكون على ظهر كل بعير شيطان حقيقة يحمله على النفور ليوقع الأذى بصاحبه الآدمى الذى هو عدو الشيطان، ويحتمل أن النفور والشر من طبع الأبل فهى اذا نفرت صارت كأن على ظهرها شيطان، وقد ورد عن عبد الله بن مغفل رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لا تصلوا فى عطن الأبل فانها من الجن خلقت ألا تروت عيونها وهبابها "يعنى ونشاطها" اذا نفرت) رواه الأمام أحمد والطبرانى وتقدم فى الجزء الثالث حديث رقم 398 (3) يعنى لا يقعدكم عن ركوبها واستخدامها فى حوائجكم وجود الشيطان على ظهرها أو شدة نفورها، بل سموا الله عز وجل واستخدموها فالله تعالى يذللها وشيطانها ببركة اسمه عز وجل (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير والأوسط ورجالهما رجال الصحيح غير محمد بن حمزة وهو ثقه. (1171) عن على الأزدى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن جريج أخبرنى أبو الزبير أن عليا الأزدى أخبره ان ابن عمر علَّمه الخ (غريبه) (3) أى قربها لنا وسهل السير فيها (4) وعثاء السفر معناه المشثقة والشدة، وأصله من الوعث وهو أرض فيها رمل تسوخ فيها الأرجل (ومعنى كآبة المنقلب) أن يرجع من سفره الى أهله كئيبا حزينا غير مقضى الحاجة أو منكوبا ذهب ماله أو اصابته آفة فى سفره (5) هو أن يرد على أهله فيجدهم مرضى أو يفقد بعضهم وما أشبه ذلك من

والمال (وفي رواية اللَّهم اصحبنا فى سفرنا، واخلفنا في أهلنا) وإذا رجع قالهنَّ وزاد فيهنَّ آيبون تائبون عابدون لربنا حامدون (1172) عن أبى هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا خرج سفرًا فركب راحلته قال، اللَّهمَّ أنت الصَّاحب في السَّفر، والخليفة فى الأهل فذكر نحوه (1173) عن أبى لاس الخزاعىِّ رضي الله عنه قال حملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على إبل من إبيل الصَّدقة ضعاف إلى الحجِّ، قال فنقلنا له يا رسول الله إنَّ هذه الإبل ضعاف نخشى أن لا تحملنا، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من بعير إلاَّ في ذروته شيطان فاركبوهنَّ واذكروا اسم الله عليهنَّ كما أمرتم ثمَّ امتهنوهنَّ لأنفسكم فإنَّما يحمل الله عزَّ وجلَّ

_ المكروه، قاله الخطابي فى معالم السنن (تخريجه) (م. د. نس. مذ) (1172) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن إسحاق انا عبد الله وعتاب قال ثنا عبد الله قال انا شعبة عن فلان الخثعمى انه سمع أبا زرعة يحدث عن أبى هريرة ان النبى صلى الله عليه وسلم "الحديث" (تخريجه) (د) وفى إسناده عند الأمام احمد رجل مبهم وسنده عند ابى داود هكذا حدّثنا مسدد حدثنا يحى حدثنا محمد ابن عجلان حدثنى سعيد المقبرى عن ابى هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سافر قال، اللهم انت الصاحب فى السفر والخليقة فى الأهل "الحديث" وسنده جيد (1173) عن أبى لاس الخزاعى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق حدثنى محمد بن ابراهيم بن الحارث عن عمر بن الحكم بن ثوبان وكان ثقة عن ابن لاس الخزاعى "الحديث" (غريبه) (1) ذروة كل شئ أعلاه، والمراد هنا سنام البعير وتقدم الكلام فى معنى الشيطان (2) يشير الى قوله عز وجل "وتقولوا سبحان الذى سخر لنا هذا الآية" (3) أى استخدموهن بركوبكم وحمل أثقالكم بقدر ما يطقن (4) أى يوجد لها قوة وصبرًا على حمل الأثقال والله أعلم

(1174) عن عبد الرَّحمن بن أميَّة أنَّ حبيب بن مسلمة أبى قيس ابن سعد بن عبادة فى الفتنة الأولى وهو على فرس فتأخَّر عن السَّرج وقال اركب فأبى، فقال له قيس بن سعد إنِّى سمعت رسول الله صلَّي الله عليه وآله وسلَّم يقول صاحب الدَّابَّة أولى بصدرها فقال له حبيب إنِّى لست أجهل ما قاله رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ولكنِّي

_ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح غير محمد بن إسحاق وقد صرح بالسماع فى أحدها اهـ (قلت) وهو الذى اخترته وأثبته (1174) عن عبد الرحمن بن أمية (سنده) حدّثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الشيبانى حدثنى أبى ثنا عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن ثنا حيوة قال أخبرنى عبد العزيز بن عبد الملك بن مليل عن عبد الرحمن بن أبى أمية "الحديث" (غريبه) (1) بميم ولام مفتوحتين الفهرى أبو عبد الرحمن المكى له صحبة وكان مجاهدًا مستجاب الدعوة (2) يعنى الأنصارى الخزرجى أبو الفضل صحابى ابن صحابى له ستة عشر حديثا اتفقا على حديث وانفرد البخارى له بطرف من حديث آخر وعنه عبد الرحمن بن أبى ليلى وأبو تميم الجيشانى، قال أنس كان بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم بمنزلة صاحب الشرطة من الأمير، وقال عمرو بن دينار كان اذا ركب الحمار خطت رجلاه فى الأرض، وكان كريما جوادًا، أخرج ابن المبارك عن ابن عيينة عن موسى بن أبى عيسى أن رجلا استقرض من قيس بن سعد ثلاثين ألفًا، فلما ردها عليه أبى ان يقبلها، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشاهد، وأخذ النبى صلى الله عليه وسلم يوم الفتح الراية من أبيه فدفعها له، وصحب قيس عليا رضى الله عنهما وشهد معه مشاهده، ثم كان مع الحسن بن على حتى صالح معاوية فرجع قيس الى المدينة؛ وكان أميرًا بمصر من قبل علىّ، وما زال بالمدينة الى أن مات بها فى آخر خلافة معاوية (3) لعله يريد وقعة الجمل عندما خرجت عائشة وطلحة والزبير يطالبون بدم عثمان وهى أول فتنة حصلت بين الصحابة وكانت فى منتصف جمادى الثانية سنة ست وثلاثين هجرية، قيل ان قتلى وقعة الجمل كانت عشرة آلاف من الفريقين، وسيأتى تفصيل ذلك فى محله ان شاء الله تعالى (4) أى فتأخر حبيب عن السرج وقال لقيس بن سعد اركب يريد أن يركبه على صدر الدابة أمامه، فأبى قيس أن يركب أمامه وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث (5) يعنى أحق بالركوب على مقدمها فلا يركب غيره معه إلا رديفا الا أن يؤثره، وإنما

لا أخشى عليك. (1175) عن عبد الله بن بريدة الأسلمىِّ قال سمعت أبى يقول بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى إذ جاءه رجل معه حمار، فقال يا رسول الله اركب فتأخر الرَّجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا، أنت أحقُّ بصدر دابَّتك منِّي إلاَّ أن تجعله لى، قال فإنِّى قد جعلته لك، قال فركب (1176) عن عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه قال قضى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه سلَّم أنَّ صاحب الدَّابَّة أحقُّ بصدرها

_ كان صاحب الدابة أحق بصدرها لتكون له الأمارة عليها فيسيرها كيف شاء (1) يعنى أخشى عليك العدو اذا ركبت خلفى لا سيما والوقت وقت فتنة (تخريجه) (طب) وجاله ثقات (1175) عن عبد الله بن بريدة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد هو ابن الحباب حدثنى حسين بن واقد حدثنى عبد الله بن بريدة "الحديث" (غريبه) (2) أى بالركوب على مقدم الدابة (وقوله إلا أن تجعله لى) أى إلا ان تأذن لى فى ذلك فلا بأس، ولهذا لما أذن له الرجل ركب صلى الله عليه وسلم وهذا من الخلق العالى والأدب الكامل، اللهم من علينا بالتخلق بخلقه والتأدب بأدبه والاقتداء به فى سائر أحواله آمين (تخريجه) (د. حب) وسنده جيد (1176) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الحكم ابن نافع ثنا ابن عياش عن أبى سباه عتبة بن تميم عن الوليد بن عامر اليزنى عن عروة بن مغيث الأنصارى عن عمر "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب الأتيان بالذكر الوارد فيها عند ركوب الدابة وأن الله تعالى يرضى عمن فعل ذلك ويحفظه فى سفره (وفيها أيضا) استحباب ذكر اسم الله عز وجل عند عثور الدابة وأن فى ذلك خذلانًا للشيطان وتحقيرًا له أىّ تحقير (وفيها أيضا) جواز ركوب اثنين على الدابة متى كانت تطيق ذلك، والسنة أن يركب صاحبها فى المقدمة الا اذا أذن لغيره بالركوب أمامه، فالسنة موافقته وعدم التأخر كما حصل للنبى صلى الله عليه وسلم مع الرجل الذى أذن له بالركوب على صدر دابته فأجابه إلى ذلك

(5) باب النهي عن السفر بالمصحف الى أرض العدو (1177) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسافروا بالقرآن فإنِّى أخاف أن يناله العدوُّ (وعنه من طريق ثان) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى أن يسافر بالمصحف إلى أرض العدوِّ

_ (وفيها) إكرام أهل الفضل وذوى الحاجات وفيها غير ذلك والله أعلم (1177) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر "الحديث" (غريبه) (1) أى المصحف كما صرح بذلك فى الطريق الثانية (وقوله العدو) أى الكفار لئلا يؤذى الى استهانته ورواية مالك عن نافع عن ابن عمر أنه قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن الى أرض العدو قال مالك وإنما ذلك مخافة أن يناله العدو" (قال ابن عبد البر) كذا قال يحى الأندلسى وابن بكير وأكثر الرواة عن مالك، ورواه ابن وهب عنه فقال خشية أن يناله العدو فجعله من المرفوع، وكذا قال عبيد الله بن عمر وأيوب عن نافع "نهى أن يسافر بالقرآن الى أرض العدو مخافة أن يناله العدو" (قال الحافظ) أشار الى تفرد ابن وهب برفعها عن مالك وليس كذلك فقد تابعه عبد الرحمن بن مهدى عن مالك عند ابن ماجه بلفظ مخافة أن يناله العدو ولم يجعله قول مالك، وقد رفعها ابن اسحاق أيضا عند أحمد والليث وأيوب عند مسلم فصح أن التعليل مرفوع وليس بمدرج، ولعل مالكا كان يجزم برفعه ثم صار يشك فيه فجعله من تفسير نفسه (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هارون أنا محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر قال سمعت الخ (تخريجه) (ق. لك. د. جه. وغيرهم) ولفظه عند البخارى "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن الى أرض العدو" وأورد له مسلم جملة طرق بألفاظ مختلفة كلها عن ابن عمر (فمنها) مثل لفظ البخارى حرفًا بحرف (ومنها) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تسافروا بالقرآن فانى لا آمن أن يناله العدو" قال أيوب "أحد الرواة" فقد ناله العدو وخاصموكم (ومنها) فى حديث ابن عليَّة والثقفى فانى أخاف، وفى حديث سفيان وحديث الضحاك بن عثمان مخافة أن يناله العدو؛ ورواه أبو داود بلفظ "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسافر بالقرآن الى أرض العدو، قال مالك اراه مخافة أن يناله العدو" (الأحكام) حديث الباب بجميع رواياته يدل على النهى عن السفر بالمصحف الى أرض الكفار مخافة أن ينالوه فينتهكوا حرمته (قال النووى) رحمه الله

(6) باب أذكار يقولها المسافر عند ارادة السفر (وفى أثنائه عند النزول وعند الرجوع الى وطنه) (1178) عن عثمان بن عفَّان رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يخرج من بيته يريد سفرًا أو غيره فقال حين يخرج آمنت بالله، اعتصمت بالله، توكَّلت على الله، لا حول ولا قوَّة إلاَّ بالله، إلاَّ رزق خير ذلك المخرج، وصرف عنه شرُّ ذلك المخرج

_ فإن أمنت هذه العلة بأن يدخل فى فى جيش المسلمين الظاهرين عليهم فلا كراهة ولا منع منه حينئذ لعدم العلة هذا هو الصحيح، وبه قال أبو حنيفة والبخارى وآخرون (وقال مالك) وجماعة من أصحابه بالنهى مطلقا، وحكى ابن المنذر عن أبى حنيفة الجواز مطلقا والصحيح عنه ما سبق، وهذه العلة المذكورة فى الحديث هى من كلام النبى صلى الله عليه وسلم، وغلط بعض المالكية فزعم أنها من كلام مالك، واتفق العلماء على أنه يجوز أن يكتب اليهم كتاب فيه آية وآيات، والحجة فيه كتاب النبى صلى الله عليه وسلم الى هرقل، قال القاضى وكره مالك وغيره معاملة الكفار بالدراهم والدنانير التى فيها اسم الله تعالى وذكره سبحانه وتعالى اهـ (وقال ابن عبد البر) أجمع الفقهاء أن لا يسافر بالمصحف فى السرايا والعسكر الصغير المخوف عليه، وفى الكبير المأمون خلاف، فمنع مالك أيضا مطلقا وفصّل أبو حنيفة، وأدار الشافعى الكراهة مع الخوف وجودًا وعدمًا، واستدل به على منع بيع المصحف من الكافر للعلة المذكورة فيه وهو التمكن من استهانته، ولا خلاف فى تحريم ذلك، إنما اختلف هل يصح لو وقع ويؤمر بازالة ملكه عنه أم لا؟ واستدل به على منع تعليم الكافر القرآن، وبه قال مالك مطلقا، وأجازه أبو حنيفة مطلقا وعن الشافعى القولان، وفصَّل بعض المالكية بين القليل لأجل مصلحة قيام الحجة عليهم فأجازه، وبين الكثير فمنعه، ويؤيده كتب النبى صلى الله عليه وآله وسلم الى هرقل بعض آيات، ونقل النووى الاتفاق على جواز الكتابة اليهم بمثله اهـ والله أعلم (1178) عن عثمان بن عفان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم ثنا أبو جعفر الرازى عن عبد العزيز بن عمر عن صالح بن كيسان عن رجل عن عثمان "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وفى إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات

(1179) ز عن علي رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا أراد سفرًا قال اللَّهمَّ بك أصول وبك أحول وبك أسير (1180) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج إلى سفر قال اللهمَّ أنت الصاحب فى السفَّر، والخليفة في الأهل، اللَّهمَّ إنِّى أعوذ بك من الضُّبنة فى السَّفر والكآبة فى المنقلب اللَّهمَّ اطولنا الأرض وهوِّن علينا السَّفر، وإذا أراد الرُّجوع قال آيبون تائبون عابدون لربِّنا حامدون، وإذا دخل أهله قال توبًا توبًا لربِّنا أوبًا لا يغادر علينا حوبًا

_ (1179) "ز" عن علي رضي الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى نصر بن على الأزدى أخبرنى أبى عن أبى سلام عبد الملك بن مسلم بن سلام عن عمران ابن ظبيان عن حكيم بن سعد عن على رضى الله عنه "الحديث" (غريبه) (1) أى أسطو وأقهر وهو من المصاولة وهى المواثبة (2) بالحاء المهملة أى أتحرك، وقيل أحتال، وقيل أدفع وأمنع، وقيل أتحول (تخريجه) (بز) وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار ورجالهما ثقات (1180) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله ابن محمد بن أبى شيبة وسمعته أنا من عبد الله بن محمد ثنا أبو الأحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (3) الضُّبنة بضم الضاد وكسرها ما تحت يدك من مال وعيال ومن تلزمك نفقته، سمُّوا ضبنة لأنهم فى ضبن من يعولهم، والضبن ما بين الكشح والأبط، تعوَّذ بالله من كثرة العيال فى مظنة الحاجة وهو السفر، وقيل تعوَّذ من صحبة من لا غناء فيه ولا كفاية من الرفاق، إنما هو كل، وعيال على من يرافقه (نه) (4) أى سوء الانقلاب الى أهله من سفره؛ وذلك بأن يرجع منقوصًا مهمومًا بما يسوءه (وقوله اطولنا الأرض) أى قرب لنا بعيدها (5) هو مصدر أى نتوب توبًا وكرره للتأكيد، (والأوب) الرجوع (وقوله لا يغادر) أى لا يترك (والحوب) بفتح الحاء المهملة وضمها الذنب، وقيل الفتح لغة الحجاز، والضم لغة تميم، والمعنى تائبون راجعون رجوعًا لا يترك علينا ذنبًا

(1181) عن عبد الله بن سرجس رضى الله عنه بنحوه وفيه، اللهمَّ إنِّي أعوذ بك من وعثاء السَّفر، وكآبة المنقلب، والحور بعد الكور، ودعوة المظلوم، وسوء المنظر فى المال والأهل، وإذا رجع قال مثلها إلاَّ أنَّه يقول وسوء المنظر فى الأهل والمال فيبدأ بالأهل (وعنه من طريق ثان) بنحوه وفيه وسئل عاصم عن الحور بعد الكور قال حار بعد ما كان (1182) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا غزا أو سافر فأدركه اللَّيل قال يا أرض ربِّى وربُّك الله، أعوذ بالله من شرِّك وشرِّ ما فيك، وشرِّ ما خلق فيك، وشرِّ ما دبَّ عليك، أعوذ بالله من شرِّ كلِّ أسد وأسود وحيَّة وعقرب، ومن شرِّ ساكن البلد، ومن شرِّ والد وما ولد

_ (تخريجه) (طب. طس. عل. بز) ورجالهم رجال الصحيح (1181) عن عبد الله بن سرجس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا عاصم الأحول عن عبد الله بن سرجس قال عاصم وقد كان رأى النبى صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خرج فى سفر قال "اللهم إنى أعوذ بك من وعثاء السفر الخ" (غريبه) (1) أى من النقصان بعد الزيادة، وقيل من فساد أمورنا بعد صلاحها، وقيل من الرجوع عن الجماعة بعد أن كنا منهم، وأصله من نقض العمامة بعد لفها (نه) (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن زيد عن عاصم عن عبد الله بن سرجس أنه كان رأى النبى صلى الله عليه وسلم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سافر قال "اللهم أنت الصاحب فى السفر، والخليفة فى الأهل، اللهم اصحبنا فى سفرنا؛ واخلفنا فى أهلنا، اللهم إنى أعوذ بك من وعثاء السفر" الحديث بنحو ما تقدم (3) أى نقص بعد أن كان زائدًا والله أعلم (تخريجه) (نس. جه. مذ) وقال حديث حسن صحيح (1182) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان عن شريح بن عبيد الحضرمى أنه سمع الزبير بن الوليد يحدث عن عبد الله بن عمر "الحديث" (غريبه) (4) الأسود الشخص، فكل شخص يسمى أسود (وساكن البلد) هم الجن الذين هم سكان الأرض، والبلد من الأرض ما كان مأوى الحيوان

(1183) عن سعد بن أبي وقاص رضى الله عنه قال سمعت خولة بنت حكيم السُّلميَّة رضى الله عنها تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من نزل منزلًا ثمَّ قال أعوذ بكلمات الله التَّامَّات كلِّها من شرِّ ما خلق لم يضره شئ حتَّى يرتحل من منزله ذلك (1184) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنَّا نسافر مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فإذا صعدنا كبَّرنا وإذا هبطنا سبَّحنا (1185) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إذا صعد أكمة أو نشزًا قال اللَّهمَّ لك الشَّرف على كلِّ

_ وإن لم يكن فيه بناء أو منازل، ويحتمل أن يكون المراد بالولد إبليس (وما ولد) الشياطين قاله الخطابى (تخريجه) (د. وغيره) وسنده جيد (1183) عن سعد بن أبى وقاص (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج قال أنا ليث قال حدثنى يزيد بن أبى حبيب عن الحارث بن يعقوب بن عبد الله حدثه أنه سمع بسر بن سعيد يقول سمعت سعد بن أبى وقاص يقول سمعت خولة بنت حكيم "الحديث" (تخريجه) (م. لك. مذ. نس. جه. خز) (1184) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا أشعث عن الحسن عن جابر بن عبد الله "الحديث" (غريبه) (1) أى اذا صعدنا مكانا مرتفعا كبرنا، واذا هبطنا أى مكانا منخفضا سبحنا، وظاهره أنه متى كبر أو سبح بأى صيغة كانت كفى ذلك (تخريجه) (خ. نس) (1185) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا عمارة بن زاذان ثنا زياد النميرى عن أنس "الحديث" (غريبه) (2) الأكمة تل، وقيل شرفة كالرابية، وهو ما اجتمع من الحجارة فى مكان واحد وربما غلظ، وربما لم يغلظ، والجمع أكم وأكمات مثل قصب وقصبات، وجمع الأكم أكام مثل جبل وجبال، وجمع الأكام أكم بضمتين مثل كتاب وكتب؛ وجمع الأكم آكام مثل عنق وأعناق قاله فى المصباح (والنشز المكان المرتفع أيضا) وأو للشك من الراوى كأنه يشك هل قال أكمة أو نشزًا

شرف، ولك الحمد على كلِّ حمد (وفى لفظ) ولك الحمد على كلِّ حال

_ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وأبو يعلى وفيه زياد النميرى وثق على ضعفه وبقية رجاله ثقات (وفى الباب) عند النسائى وابن حبان من حديث صهيب رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم لم ير قرية يريد دخولها إلا قال حين يراها "اللهم رب السموات السبع وما أظللن، ورب الأرضين السبع وما أقللن، ورب الشياطين وما أضللن، ورب الرياح وما ذرين، فانا نسألك خير هذه القرية وخير أهلها وخير ما فيها، ونعوذ بك من شرها وشر أهلها وشر ما فيها" وصححه ابن حبان وأخرجه أيضا الحاكم فى المستدرك وصححه، وأخرجه أيضا الطبرانى قال الهيثمى ورجاله رجال الصحيح غير عطاء بن مروان وابنه وكلاهما ثقة (وفى الباب) أيضا عند الطبرانى فى الأوسط عن أبى لبابة بن عبد المنذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا أراد دخول قرية لم يدخلها حتى يقول (اللهم رب السموات السبع وما أظلت، ورب الأرضين السبع وما أقلت، ورب الرياح وما أذرت "وفى لفظ وما ذرت" ورب الشياطين وما أضلت، إنى أسألك خيرها وخير ما فيها، وأعوذ بك من شرها وشر ما فيها) قال الهيثمى وإسناده حسن (وأخرجه الطبرانى أيضا) من حديث أبى ثقيف بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أشرف على خيبر قال لأصحابه وأنا فيهم قفوا، قال ثم ذكر الحديث وقال فى آخره وكان يقولها فى كل قرية يريد دخولها، قال الهيثمى وفيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات اهـ وسؤال خير القرية والتعوذ من شرها هو باعتبار ما يحدث من الخير والشر، وأما هى نفسها فلا خير لها ولا شر، وهذا مجاز معروف (وعن ابن عمر رضى الله عنهما) قال كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا أراد قرية يريد أن يدخلها قال "اللهم بارك لنا فيها ثلاث مرات اللهم ارزقنا جناها وحببنا الى أهلها وحبب صالح أهلها الينا" رواه الطبرانى فى الأوسط، قال الهيثمى وإسناده جيد اهـ (وقوله جناها) بفتح الجيم بعدها نون، قال فى الصحاح الجنى ما يجتنى من الشجر، وكأنه عبر بالجنى عن فوائدها التى ينتفع بها من جميع الأشياء، ويمكن أن يراد حقيقة ما يجتنى من الثمر لأنه أعظم فوائد الأرض والله أعلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الأذكار الواردة فيها، فيستحب للمسافر أن يحافظ عليها ويأتى بكل ذكر فى محله من ابتداء سفره الى أن يرجع الى أهله، فمن فعل ذلك كان مقتفيا آثار نبيه صلى الله عليه وسلم متتبعا لسنته مهتديا بهديه، حائزًا لرضا ربه محفوفًا بعنايته فى الذهاب والأياب، وناهيك بما يحصل له من جزيل الثواب وحسن الجزاء يوم المآب، اللهم أحينا على سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، وتوفنا على ملته؛ واحشرنا فى زمرته وتحت لوائه إنك على ما تشاء قدير وبالإجابة جدير

(7) باب آداب رجوع المسافر وعدم طروق أهله ليلا وصلاة ركعتين (1186) عن كعب بن مالك رضى الله عنه قال كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لا يقدم من سفر إلاَّ نهارًا فى الضُّحى، فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلَّى فيه ركعتين ثمِّ جلس فيه (زاد فى روايةٍ) فيأتيه النَّاس فيسلِّمون عليه (1187) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال إنَّ النَّبيَّ صلَّي الله عليه وآله وسلَّم كان لا يطرق أهله ليلًا كان يدخل عليهم غدوةً أو عشيةً

_ (1186) عن كعب بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا أنا ابن جريج قال حدثنى ابن شهاب أن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك حدثه عن أبيه عبد الله بن كعب وعن عمه عبيد الله بن كعب عن كعب بن مالك "الحديث" وفى آخره قال ابن بكر فى حديثه عن أبيه عبد الله بن كعب بن مالك عن عمه (غريبه) (1) هذا باعتبار الغالب وإلا ففى الحديث التالى بعده كان لا يطرق أهله ليلا، كان يدخل عليهم غدوة أو عشية (2) قال النووى وهذه الصلاة مقصودة للقدوم من السفر لا أنها تحية المسجد (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1187) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا إسحاق بن عبد الله عن أنس "الحديث" (غريبه) (3) الطروق من الطرق وهو الدق، وسمى الآتى بالليل طارقًا لحاجته الى دق الباب (نه) (4) فى القاموس الغدوة بالضم البكرة، أو ما بين صلاة الفجر وطلوع الشمس كالغداة (وفى النهاية) الغدو سير أول النهار؛ والغدوة مرة منه، والغدوة بالضم ما بين صلاة العدوة وطلوع الشمس (وفى النهاية أيضًا) العشية ما بعد الزوال الى المغرب (وفى القاموس) العشى والعشية آخر النهار، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان اذا أتى من سفر ليلا ذهب الى المسد وأخبر أهله بذلك ثم يمكث فيه حتى يصلى الصبح ثم يذهب الى بيته، واذا أتى نهارًا ذهب الى المسجد أيضًا وأخبر أهله، ثم يمكث فيه فلا يدخل بيته إلا فى العشية، والحكمة فى ذلك استعداد أهله للنظافة وتغيير الملابس الوسخة ونحو ذلك كما سيأتى فى الحديث التالى والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما)

(1188) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال له إذا دخلت ليلًا فلا تدخل على أهلك حتَّى تستحدَّ المغيبة وتمتشط الشَّعثة قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخلت فعليك الكيس الكيس (1189) عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل العقيق فنهى عن طروق النِّساء اللَّيلة الَّتى يأتى فيها، فعصاه فتيان فكلاهما رآي ما يكره (1190) عن نبيح العنزىِّ عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إذا دخلتم

_ (1188) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن سيار عن الشعبى عن جابر بن عبد الله "الحديث" (غريبه) (1) أى حتى تستعد التى غاب عنها زوجها بالنظافة مستقبلة لوصوله على أحسن الوجوه، وأراد بالاستحداد أن تعالج شعر عانتها بما منه المعتاد من أمر النساء يعنى من النتف والتنور ولم يرد به استعمال الحديد فان ذلك غير مستحسن فى أمرهن (والمغيبة) بضم الميم وكسر الغين المعجمة، ويقال المغيب أيضا هى المرأة التى غاب عنها زوجها (الشعثة بفتح فكسر هى التى تلبد شعرها لعدم غسله وتمشيطه، فيستحب لها النظافة وتمشيط الشعر وغير ذلك ليرى زوجها منها ما يسره (3) الكيس بسكون الياء معناه العقل، وأريد به هنا الجماع فكأنه قد جعل طلب الولد من الجماع عقلا (وقال الكرمانى) هما بالنصب على الأغراء حضه على طلب الولد واستعمال الكيس والرفق فيه إذ كان جابر لا ولد له، أو من أكيس الرجل اذا ولد له أولاد أكياس، أو يكون أمره بالتحفظ والتوقى عند الجماع مخافة أن تكون حائضة فيقدم عليها لطول الغيبة وامتداد الغربة (تخريجه) (ق. والثلاثة) (1189) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية الغلابى ثنا خالد بن الحارث ثنا محمد بن عجلان عن نافع عن عبد الله بن عمر (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد، وله شاهد عند الترمذى من حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال لما نهاهم النبى صلى الله عليه وسلم أن يطرقوا النساء ليلا طرق رجلان بعد النهى فوجد كل واحد منهما مع امرأته رجلا (1190) عن نبيح العنزى عن جابر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الأسود بن قيس عن نبيح العنزى عن جابر بن عبد الله

ليلًا فلا يأتينَّ أحدكم أهله طروقًا فقال جابر فوا الله لقد طرقناهنَّ بعد (1191) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يطرق الرَّجل أهله ليلًا، أن يخوِّنهم أن يلتمس عثراتهم (1192) عن أبى سلمة عن عبد الله بن رواحة رضى الله عنه أنَّه قدم من سفر ليلًا فتعجَّل إلى امرأته فإذا فى بيته مصباح، وإذا مع امرأته شيء، فأخذ السَّيف فقالت امرأته إليك إليك عنِّى، فلانة تمشطنى، فأتى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فأخبره، فنهى أن يطرق الرَّجل أهله ليلًا

_ "الحديث" (غريبه) (1) الطروق بضم الطاء هو الأتيان فى الليل وكل آت فى الليل فهو طارق (2) يعنى بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم يريدان بعض الناس قد خالف؛ فكان يطرق أهله ليلا اذا قدم من سفره (تخريجه) (ق. والثلاثة) (1191) عن جابر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان عن محارب عن جابر "الحديث" (غريبه) (3) "وفى رواية لئلا يتخونوهن ويطلبوا عثراتهن" (والتخون) طلب الخيانة والتهمة (والتماس العثرات) هو طلب الوقوف على مواقع الخطأ (وفى رواية) عند مسلم عن جابر أيضا قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله يتخونهم أو يلتمس عثراتهم" قال مسلم رحمه الله وحدثنيه محمد بن المثنى حدثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان قال عبد الرحمن قال سفيان لا أدرى هذا فى الحديث أم لا يعنى قوله (يتخونهم أو يلتمس عثراتهم) (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1192) عن أبى سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن حميد الأعرج عن محمد بن إبراهيم عن أبى سلمة عن عبد الله بن رواحة "الحديث" (غريبه) (4) أى تنح عنى وهو اسم فعل أمر وكرر للتأكيد، وكانت زوجته استدعت امرأة تمشطها استعدادًا لمجيئه فظن أنها رجل، فلما تحقق صدق زوجته أتى النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره، فنهى النبى صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلا، وكان ذلك سبب النهى (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (الأحكام) حديث كعب بن مالك الذى فى أول الباب يدل على استحباب ركعتين للقادم من سفره فى المسجد أول قدومه، وهذه

(8) باب النهي عن الدخول على المغيبة منفردا وسبب ذلك ووعيد من فعله (1193) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أنَّ نفرًا من بنى هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس فدخل أبو بكر وهى تحته يومئذ فرآهم فكره ذلك، فذكر ذلك لرسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، فقال

_ الصلاة مقصودة للقدوم من السفر لا أنها تحية المسجد (وفيه) استحباب القدوم أوائل النهار (وفيه) أنه يستحب للرجل الكبير فى المرتبة ومن يقصده الناس اذا قدم من سفره للسلام عليه أن يقعد أول قدومه قريبا من داره فى موضع بارز سهل على زائريه، إما المسجد وإما غيره، وفى سائر أحاديث الباب كراهة إتيان المسافر أهله ليلا وتخونهم وكشف استارهم، بل المستحب أنه اذا قدم نهارًا لا يدخل على أهله إلا ليلا، واذا قدم ليلا لا يدخل على أهله إلا نهارًا لأحاديث الباب، ولما رواه مسلم وغيره عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزاة فلما قدمنا المدينة ذهبنا لندخل فقال امهلوا حتى ندخل ليلا أى عشاءكى تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة (وعنه فى أخرى عند مسلم ايضًا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا قدم أحدكم ليلا فلا يأتين أهله طروقًا حتى تستحد المغيبة وتمتشط الشعثة (قال النووى) رحمه الله ومعنى هذه الروايات كلها أنه يكره لمن طال سفره أن يقدم على امرأته ليلا بغتة، فأما من كان سفره قريبا تتوقع امرأته إتيانه ليلا فلا بأس كما قال فى إحدى الروايات "اذا أطال الرجل الغيبة" واذا كان فى قفل عظيم أو عسكر ونحوهم واشتهر قدومهم ووصولهم وعلمت امرأته وأهله أنه قادم معهم وانهم الآن داخلون فلا بأس بقدومه متى شاء لزوال المعنى الذى نهى بسببه، فان المراد أن يتأهبوا وقد حصل ذلك ولم يقدم بغتة، ويؤيد ما ذكرناه ما جاء فى الحديث الآخر "امهلوا حتى ندخل ليلا أى عشاء كى تمتشط الشعثة وتستحد المغيبة فهذا صريح فيما قلنا، وهو مفروض فى أنهم أرادوا الدخول فى أوائل النهار بغتة فأمرهم بالصبر الى آخر النهار ليبلغ قدومهم الى المدينة وتتأهب النساء وغيرهن والله أعلم اهـ (1193) عن عبد الله بن عمرو بن العاص (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون بن معروف ومعاوية بن عمرو قالا ثنا ابن وهب حدثنى عمرو أن بكر بن سوادة حدثه أن عبد الرحمن بن جبير حدثه أن عبد الله بن عمرو بن العاص حدثه أن نفرًا من بنى هاشم "الحديث" (غريبه) (1) هى من الصحابيات السابقات في الأسلام

لم أر إلاَّ خيرًا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ الله قد برَّأها من ذلك، ثمَّ قام رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم على المنبر فقال لا يدخلنَّ رجل بعد يومى هذا على مغيبة إلاَّ ومعه رجل أو اثنان (1194) خط عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال لنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لا تلجوا على المغيبات فإنَّ الشيطان يجرى من أحدكم مجرى الدَّم قلنا من أحدكم مجرى الدَّم قلنا ومنك يا رسول الله؟ قال ومنِّى، ولكنَّ الله

_ أسلمت أسماء قبل دخول دار الأرقم وبايعت ثم هاجرت مع زوجها جعفر بن أبى طالب الى الحبشة فولدت له هناك عبد الله ومحمدا وعونا، ثم تزوجها أبو بكر بعد قتل جعفر فولدت له محمدًا، ثن تزوجها علىّ بعد وفاة أبى بكر فيقال ولدت له ابنه عونا، وسيأتى بسط ذلك فى مناقبها من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (1) أى لم تحصل ريبة من جهتها، وقول النبى صلى الله عليه وسلم "إن الله قد برأها من ذلك" أى من أن يرتاب فى أمرها لما يعلمه النبى صلى الله عليه وسلم عنها؛ ويحتمل أن يكون ذلك بوحى من الله عز وجل، وفى ذلك منقبة عظيمة لأسماء رضى الله عنها (2) المغيبة تقدم ضبطها وهى التى غاب زوجها عن منزلها سواء غاب عن البلد بأن سافر أو غاب عن المنزل وإن كان فى البلد، هكذا ذكره القاضى وغيره (قال النووى) وهذا ظاهر متعين، قال القاضى ودليله هذا الحديث وأن القصة التى قيل الحديث بسببها وأبو بكر رضى الله عنه غائب عن منزله لا عن البلد (تخريجه) (م. وغيره) (1194) خط عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله قال وجدت فى كتاب أبى ثنا الحكم بن موسى وسمعته أنا من الحكم بن موسى ثنا عيسى بن يونس ثنا المجالد بن سعيد عن الشعبى عن جابر بن عبد الله "الحديث" (غريبه) (3) أى لا تدخلوا بيت من غاب عنها زوجها إلا إذا كان عندها محرم لها أو كان مع الداخل رجل صالح أو أكثر لما سبق فى حديث عبد الله بن عمرو (4) قال القاضى عياض والحافظ قيل هو على ظاهره وأن الله تعالى جعل له قوة وقدرة على الجرى فى باطن الأنسان مجارى دمه، وقيل هو على الاستعارة لكثرة إغوائه ووسوسته، فكأنه لا يفارق الأنسان كما لا يفارق قدمه، وقيل يلقى وسوسته فى مسام لطيفة من البدن فتصل الوسوسة الى القلب والله أعلم اهـ

أعانني عليه فأسلم (1195) عن أبى صالح قال استأذن عمرو بن العاص على فاطمة فأذنت له، قال ثمَّ علىُّ؟ قالوا لا، قال فرجع، ثمَّ استأذن عليها مرةً أخرى فقال ثمَّ علىُّ؟ قالوا نعم، فدخل عليها، فقال له علىُّ ما منعك أن تدخل حين لم تجدنى ههنا؟ قال إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم نهانا أنّ ندخل على المغيبات (1196) عن ابن بى قتادة عن أبيه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال من قعد على فراش مغيبة قيَّض الله له يوم القيامة ثعبانًا

_ (1) قال النووي برفع الميم وفتحها وهما روايتان مشهورتان فمن رفع قال معناه أسلم أنا من شره وفتنته، ومن فتح قال إن القرين أسلم، من الأسلام وصار مؤمنا لا يأمرنى الا بخير، واختلفوا فى الأرجح منهما فقال الخطابى الصحيح المختار الرفع، ورجح القاضى عياض الفتح وهو المختار، لقوله فلا يأمرنى إلا بخير (قلت) يعنى كما فى رواية لمسلم ورواية عند الأمام أحمد ستأتى فى باب خلق الجن من كتاب خلق العالم، قال واختلفوا على رواية الفتح، قبل أسلم بمعنى استسلم وانقاد، وقد جاء هكذا فى غير صحيح مسلم فاستسلم، وقيل معناه صار مسلما مؤمنا وهذا هو الظاهر، قال القاضى واعلم أن الأمة مجتمعة على عصمة النبى صلى الله عليه وسلم من الشيطان فى جسمه وخاطره ولسانه اهـ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1195) عن أبى صالح (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى صالح "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد (1196) عن ابن قتادة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سعيد مولى بنى هاشم ثنا ان لهيعة ثنا عبيد الله بن أبى جعفر عن ابن أبى قتادة عن أبيه "الحديث" (غريبه) (2) ينهشه ويعذبه بسمه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وفى إسناده ابن لهيعة فيه مقال، وأورده السيوطى فى الجامع الصغير وعزاه للأمام أحمد فقط ورمز له بعلامة الحسن والله أعلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على تحريم دخول الرجل الواحد على المغيبات والخلوة بالمرأة الأجنبية وهذا مجمع عليه (وفيها أيضًا)

(9) باب سفر النساء والرفق بهن والأقراع بينهن لأجل السفر وعدم سفرهن بدون محرم (1197) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال لا تسافر امرأة إلاَّ ومعها ذو محرم وجاء النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رجل فقال إنِّى اكتتبت فى غزوة كذا وكذا وامرأتى حاجَّة، قال فارجع فحجَّ معها

_ جواز خلوة الرجلين أو الثلاثة بالأجنبية (قال النووى) والمشهور عند أصحابنا تحريمه فيتأول الحديث على جماعة يبعد وقوع المواطأة منهم على الفاحشة لصلاحهم أو مروءتهم أو غير ذلك، وقد أشار القاضى الى نحو هذا التأويل اهـ (وفيها أيضا) الوعيد الشديد والتنكيل بمن خالف ذلك ودخل على المغيبة وقعد على فراشها حيث يقبض الله له يوم القيامة ثعبانا ينهشه ويعذبه بسمه (وفيها أيضا) إشارة الى التحذير من فتنة القرين ووسوسته وإغوائه، فأعلمنا بأنه معنا لنتحرز منه بحسب الأمكان، وفيها غير ذلك والله أعلم (1197) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحى عن ابن جريج قال حدثنى عمرو بن دينا عن أبى معبد عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (1) يعنى فيحل لها السفر (قال النووى) والمحرم فو كل من حرم عليه نكاحها على التأييد لسبب مباح لحرمتها (فقولنا على التأييد) احتراز من أخت امرأته وعمتها وخالتها ونحوهن، ومن بنتها قبل الدخول بالأم (وقولنا لسبب مباح) احتراز من أم الموطوءة بشبهة وبنتها، فانه حرام على التأييد لكن لا لسبب مباح، فان وطء الشبهة لا يوصف بأنه مباح ولا محرم ولا بغيرهما من أحكام الشرع الخمسة لأنه ليس فعل مكلف (وقولنا لحرمتها) احتراز من الملاعنة فهى حرام على التأييد لا لحرمتها بل تغليظا عليهما والله أعلم اهـ (واستثنى الأمام أحمد) الأب الكافر فقال لا يكون محرمًا لبنته المسلمة لأنه لا يؤمن أن يفتنها عن دينها، ومقتضاه إلحاق سائر القرابة الكفار بالأب لوجود العلة، وروى عن البعض أن العبد كالمحرم، وقد روى سعيد بن منصور من حديث ابن عمر مرفوعًا "سفر المرأة مع عبدها ضيعة" قال الحافظ لكن فى إسناده ضعف، قال وينبغى لمن قال بذلك أن يقيده بما اذا كانا فى قافلة، بخلاف ما اذا كانا وحدهما فلا، لهذا الحديث (2) فيه دليل على أن الزوج داخل فى مسمى المحرم أو قائم مقامه (قال الحافظ) وقد أخذ بظاهر الحديث بعض أهل العلم فأوجب على الزوج

(1198) عن أبي سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لا تسافر المرأة سفر ثلاثة أيَّام فصاعدًا إلاَّ مع أبيها أو أخيها أو ابنها أو زوجها أو مع ذى محرم (1199) عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال لا تسافر المرأة ثلاثًا إلاَّ ومعها ذو محرم (1200) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحلُّ

_ السفر مع امرأته اذا لم يكن لها غيره، وبه قال أحمد وهو وجه للشافعى، والمشهور أنه لا يلزمه كالولى فى الحج عن المريض؛ فلو امتنع إلا بأجرة لزمتها لأنه من سبيلها فصار فى حقها كالمؤنة، واستدل به على أنه ليس للزوج منع امرأته من حج الفرض، وبه قال الأمام أحمد وهو وجه للشافعية، والأصح عندهم أن له منعها لكون الحج على التراخى، وقد روى الدارقطنى عن ابن عمر مرفوعا فى امرأة لها زوج ولها مال ولا يأذن لها فى الحج ليس لها أن تنطلق إلا بإذن زوجها، وأجيب عنه بأنه محمول على حج التطوع جمعًا بين الحديثين، ونقل ابن المنذر الأجماع على أن للرجل منع زوجته عن الخروج فى الأسفار كلها، وإنما اختلفوا فما اذا كانوا واجبًا، وقد استدل ابن حزم بهذا الحديث على أنه يجوز للمرأة السفر بغير زوج ولا محرم لكونه صلى الله عليه وسلم لم يعب عليها ذلك السفر بعد أن أخبره زوجها، وتعقب بأنه لو لم يكن ذلك شرطًا لما أمر زوجها بالسفر معها وترك الغزو الذى كتب فيه والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1198) عن أبى سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع وأبو معاوية قالا ثنا الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد، وثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن ذكوان عن أبى سعيد الخدرى "الحديث" (تخريجه) (م. د. مذ. جه) (1199) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحى عن عبيد الله حدثنى نافع عن ابن عمر "الحديث" (غريبه) (1) أى ثلاث ليال أو ثلاثة أيام (تخريجه) (ق. د. وغيرهما) (1200) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن

لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر يومًا وليلةً إلاَّ مع ذى محرم من أهلها (وفى لفظ) إلاَّ مع ذى رحم (وعنه من طريق ثان) قال إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لا تسافر امرأة مسيرة يوم تام إلاَّ مع ذى محرم (1201) عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إذا خرج أقرع بين نسائه

_ عن مالك عن سعيد بن أبى سعيد عن أبى هريرة "الحديث" (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس ثنا ليث حدثنى سعيد عن أبيه أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع قال ثنا ابن أبى ذئب عن سعيد بن أبى سعيد عن أبيه عن أبى هريرة "الحديث" (تخريجه) (ق. لك. د. مذ. جه. خز) وفى رواية لأبى داود وابن خزيمة أن تسافر بريدًا ذكره المنذرى (1201) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو نعيم ثنا عبد الواحد بن أيمن قال حدثنى ابن أبى مليكة عن القاسم عن عائشة "الحديث" (غريبه) (3) فى رواية عند البخارى والأمام أحمد أيضًا (كان صلى الله عليه وسلم اذا أراد أن يخرج سفرًا "يعنى الى سفر" أقرع بين أزواجه فأيتهن خرج سهمها خرج به معه) والحكمة فى القرعة تطييب قلوبهن (قال العينى رحمه الله) وكيفية القرعة بالخواتيم يؤخذ خاتم هذا وخاتم هذا ويرفعان الى رجل فيخرج منهما واحدًا (وعن الشافعى) يجعل رقاعا صغارًا يكتب فى كل واحد اسم ذى السهم، ثم يجعل بنادق طين ويغطى عليها بثوب، ثم يدخل رجل يده فيخرج بندقة وينظر من صاحبها فيدفعها اليه (وقال أبو عبيد) بن سلام عمل بالقرعة ثلاثة من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، نبينا ويونس وزكريا عليهم الصلاة والسلام اهـ (تخريجه) الحديث رواه الأمام أحمد فى موضع هكذا مختصرًا، ورواه فى مواضع أخرى مطولا وفيه قصة الأفك، وسيأتى بتمامه فى الفصل السادس من مناقب عائشة رضى الله عنها فى باب ذكر أزواجه الطاهرات من القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية، وذكرت

(1202) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير وحاد يحدو بنسائه فضحك رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فإذا هو قد تنحَّي بهنَّ قال فقال له يا أنجشة ويحك ارفق بالقوارير

_ له رواية أخرى فى تفسير سورة النور من كتاب التفسير وسيأتى كل ذلك فى مواضعه إن شاء الله تعالى والحديث رواه الشيخان أيضا والنسائى مطولا ومختصرًا (1202) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن ثابت قال سمعت أنس بن مالك يقول بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (1) أى فى سفركما عند البخارى عن أبى قلابة عن أنس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى سفر وكان غلام يحدو بهن يقال له أنجشة الحديث وعنده بلفظ آخر عن قتادة عن أنس بن مالك قال كان للنبى صلى الله عليه وسلم حاد يقال له أنجشة وكان حسن الصوت، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم "رويدك يا أنجشة لا تكسر القوارير، قال قتادة يعنى ضعفة النساء" (2) الحدو سوق الأبل والغناء لها، وقد حدا الأبل يحدو من باب عدا يعدو، والحدو من شأنه أن يثير النشاط فى سير الأبل (وقوله فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم) أى سرّ بذلك (3) أى فاذا الحادى قد تعمد الحدو ونشط فيه، وكلما ازداد الحادى نشاطا فى حدوه ازدادت الأبل نشاطًا فى سيرها (4) هو بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الجيم بعدها شين معجمة ثم هاء تأنيث، قال البلاذرى كان أنجشة حبشيًا يكنى أبا مارية، وأخرج الطبرانى من حديث وائلة أنه كان ممن نفاهم النبى صلى الله عليه وسلم من المخنثين، وقد ذكروه فى الصحابة، قال أبو عمر فى الاستيعاب أنجشة العبد الأسود كان يسوق أو يقود بنساء النبى صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع وكان حسن الصوت، وكان اذا حدا اعتنقت الأبل فقال صلى الله عليه وسلم يا أنجشة رويدك بالقوارير اهـ (5) فى رواية عند البخارى قال أبو قلابة يعنى النساء؛ وتقدم فى رواية أخرى للبخارى عن قتادة "لا تكسر القوارير قال قتادة يعنى ضعفة النساء" (قال الحافظ) والقوارير جمع قارورة وهى الزجاجة سميت بذلك لاستقرار الشراب فيها، وقال الرامهرمزى كنى عن النساء بالقوارير لرقتهن وضعفتهن عن الحركة، والنساء شبهن بالقوارير فى الرقة واللطافة وضعف البنية، وقيل المعنى سقهن كسوقك القوارير لو كانت محمولة على الأبل، وقال غيره شبهن بالقوارير لسرعة انقلابهن عن الرضا وقلة دوامهن على الوفاء كالقوارير يسرع اليها الكسر ولا تقبل الجبر اهـ (وقال الخطابى) كان أنجشة أسود وكان فى سوقه عنف فأمره أن يرفق بالمطايا، وقيل كان حسن الصوت بالحداء فكره أن تسمع النساء الحداء فإن حسن

(1203) عن أمِّ سليم رضي الله عنها أنَّها كانت مع نساء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وهنَّ يسوق بهنَّ سوَّاق فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أي أنجشة رويدك سوقًا بالقوارير

_ الصوت يحرك من النفوس فشبه ضعف عزائمهن وسرعة تأثير الصوت فيهن بالقوارير فى سرعة الكسر، وجزم ابن بطال بالأول فقال القوارير كناية عن النساء اللاتى كن على الأبل التى تساق حينئذ، فأمر الحادى بالرفق فى الحداء لأنه يحث الأبل حتى تسرع، فاذا أسرعت لم يؤمن على النساء السقوط، واذا مشت رويدًا أمن على النساء السقوط، قال وهذا من الاستعارة البديعة، لأن القوارير أسرع شئ تكسيرًا فأفادت الكناية من الحض على الرفق بالنساء فى السير ما لم تفده الحقيقة لو قال ارفق بالنساء (وقال الطيبى) هى استعارى لأن المشبه به غير مذكور، والقرينة حالية لا مقالية، ولفظ الكسر ترشيح لها، وجزم أبو عبيد الهروى بالثانى، وقال شبه النساء بالقوارير لضعف عزائمهن، والقوارير يسرع اليها الكسر فخشى من سماعهن النشيد الذى يحدو به أن يقع بقلوبهن منه فأمره بالكف فشبه عزائمهن بسرعة تأثير الصوت فيهن بالقوارير فى إسراع الكسر اليها، ورجح عياض هذا الثانى فقال هذا أشبه بمساق الكلام وهو الذى يدل عليه كلام أبى قلابة وإلا فلو عبر عن السقوط بالكسر لم يعبه أحد، وجوز القرطبى فى المفهم الأمرين فقال شبههن بالقوارير لشدة تأثرهن وعدم تجلدهن فخاف عليهن من حث السير سرعة السقوط أو التألم من كثرة الحركة والاضطراب الناشئ عن السرعة، أخاف عليهن الفتنة من سماع النشيد أفاده الحافظ (تخريجه) (ق. نس) (1203) عن أم سليم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن يعنى ابن موسى قال ثنا زهير عن سليمان التيمى عن أنس بن مالك عن أم سليم "الحديث" (غريبه) (1) أم سليم هى بنت ملحان بن خالد الأنصارية والدة أنس بن مالك رضى الله عنهما يقال اسمها سهلة أو رميلة أو رميثة أو مليكة أو أنيثة، وهى العميصاء أو الرميصاء، اشتهرت بكنيتها وكانت من الصحابيات الفاضلات، ماتت فى خلافة عثمان وسنأتى على شئ من مناقبها فى كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (2) هو أنجشة الحبشى كما تقدم وكما يستفاد أيضًا مما بعده (3) قال الحافظ كذا للأكثر، وفى رواية سليمان التيمى رويدًا، وفى رواية شعبة ارفق، ووقع فى رواية حميد رويدك ارفق جمع بينهما، رويناه فى جزء الأنصارى عن حميد؛ وأخرجه الحارث عن عبد الله بن بكر عن حميد فقال كذلك سوقك وهى بمنعى كفاك، قال عياض قوله رويدًا منصوب على أنه صفة لمحذوف دل عليه اللفظ أى سق سوقًا رويدًا أواحد حدرًا رويدًا، أو على المصدر أى أرود رويدًا مثل أرفق

_ رفقا، أو على الحال أى سر رويدًا، أو رويدك منصوب على الأغراء أو مفعول بفعل مضمر، أى الزم رفقك أو على المصدر أى ارود رويدك (وقال القرطبى) فى المفهم رويدًا أى ارفق وسوقك مفعول به، وورقع فى رواية مسلم سوقًا وكذا للأسماعيلى فى رواية شعبة، وهو منصوب على الأغراء بقوله ارفق سوقًا أو على المصدر أى سق سوقًا، وقرأت بخط ابن الصائغ المتأخر رويدك إما مصدر والكاف فى محل خفض وإما اسم فعل والكاف حرف خطاب وسوقك بالنصب على الوجهين، والمراد به حدوك إطلاقًا لاسم المسبب على السبب (وقال ابن مالك) رويدك اسم فعل بمعنى ارود أى أمهل، والكاف المتصلة به حرف خطاب وفتحة داله بنائية، ولك أن تجعل رويدك مصدرًا مضافا الى الكاف ناصبها سوقك وفتحه داله على هذا إعرابية، وقال أبو البقاء الوجه النصب برويدًا، والتقدير أمهل سوقك والكاف حرف خطاب وليست اسما، ورويد يتعدى الى مفعول واحد اهـ (تخريجه) (نس) وسنده جيد (الأحكام) فى أحاديث الباب دلالة على أنه لا يجوز للمرأة السفر بدون محرم، وسواء فى ذلك الحج وغيره (قال ابن دقيق العيد) هذه المسألة تتعلق بالعامَّين اذا تعارضا، فان قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت: الآية} عام فى الرجال والنساء فمقتضاه أن الاستطاعة على السفر اذا وجدت وجب الحج على الجميع؛ وقوله صلى الله عليه وسلم "لا تسافر المرأة إلا مع ذى محرم" عام فى كل سفر فيدخل فيه الحج، فمن أخرجه عنه خص الحديث بعموم الآية، ومن أدخله فيه خص الآية بعموم الحديث فيحتاج الى الترجيح من خارج اهـ (قال الشوكانى) ويمكن أن يقال إن أحاديث الباب لا تعارض الآية لأنها تضمنت أن المحرم فى حق المرأة من جملة الاستطاعة على السفر التى أطلقها القرآن وليس فيها إثبات أمر غير الاستطاعة المشروطة حتى تكون من تعارض العمومين اهـ (قلت) وقد أطلق السفر فى الحديث الأول من أحاديث الباب وقيده فى الأحاديث المذكورة بعده (قال الحافظ) وقد عمل أكثر العلماء فى هذا الباب بالمطلق لاختلاف التقديرات (قال النووى) ليس المراد من التحديد ظاهره، بل كان ما يسمى سفرًا فالمرأة منهية عنه إلا بالمحرم، وإنما وقع التحديد عن أمر واقع فلا يعمل بمفهومه (وقال ابن التين) وقع الاختلاف فى مواطن بحسب السائلين (وقال المنذرى) يحتمل أن يقال إن اليوم المفرد والليلة المفردة بمعنى اليوم والليلة، يعنى فمن أطلق يوما أراد بليلته، أو ليلة أراد بيومها، قال ويحتمل أن يكون هذا كله تمثيلا لأوائل الأعداد فاليوم أول العدد، والأثنان أول التكثير، والثلاث أول الجمع، ويحتمل أن يكون ذكر الثلاث قبل ذكر ما دونها فيؤخذ بأقل ما ورد من ذلك، وأقله الرواية التى فيها ذكر البريد، كما فى رواية أبى هريرة عند أبى داود، وقد أخرجه الحاكم والبيهقى وقد ورد من حديث

_ ابن عباس عند الطبراني ما يدل على اعتبار المحرم فيما دون البريد، ولفظه "لا تسافر المرأة ثلاثة أميال إلا مع زوج أو ذى محرم" وهذا هو الظاهر أعنى الأخذ بأقل ما ورد لأن ما فوقه منهى عنه بالأولى، والتنصيص على ما فوقه كالتنصيص على الثلاث واليوم والليلة واليومين والليلتين لا ينافيه، لأن الأقل موجود فى ضمن الأكثر، وغاية الأمر أن النهى عن الأكثر يدل بمفهومه على أن ما دونه غير منهى عنه، والنهى عن الأقل منطوق وهو أرجح من المفهوم (وقالت الحنفية) إن المنع مقيد بالثلاث لأنه متحقق وما عداه مشكوك فيه، فيؤخذ بالمتيقن، ونوقض بأن الرواية المطلقة شاملة لكل سفرر؛ فينبغى الأخذ بها وطرح ما سواها فانه مشكوك فيه، والأولى أن يقال إن الرواية المطلقة مقيدة بأقل ما ورد، وهى رواية الثلاثة الأميال إن صحت وإلا فرواية البريد (وقال سفيان) يعتبر المحرم فى المسافة البعيدة لا القريبة (وقال أحمد) لا يجب الحج على المرأة اذا لم تجد محرمًا، والى كون المحرم شرطا فى الحج ذهبت العترة (وأبو حنيفة والنخعى وإسحاق والشافعى) فى أحد قوليه على خلاف بينهم هل هو شرط أداء أو شرط وجوب؟ (وقال مالك) وهو مروى عن (أحمد) انه لا يعتبر المحرم فى سفر الفريضة وروى عن (الشافعى) وجعلوه مخصوصا من عموم الأحاديث بالأجماع، ومن جملة سفر الفريضة سفر الحج، وأجيب بأن المجمع عليه إنما هو سفر الضرورة فلا يقاس عليه سفر الاختيار كذا قال صاحب المغنى، وأيضا قد وقع عند الدارقطنى بلفظ "ولا تحجن امرأة إلا ومعها زوج" وصححه أبو عوانة (وفى رواية) للدارقطنى أيضا عن أبى امامة مرفوعا "ولا تسافر المرأة سفر ثلاثة أيام أو تحج إلا ومعها زوجها" فكيف يخص سفر الحج من بقية الأسفار؛ وقد قيل إن اعتبار المحرم إنما هو فى حق من كانت شابة لا فى حق العجوز لأنها لا تشتهى، وقيل لا فرق لأن لكل ساقط لاقطا، وهو مراعاة للأمر النادر، وقد احتج أيضا من لم يعتبر المحرم فى سفر الحج بما فى البخارى من حديث عدى بن حاتم مرفوعا بلفظ "يوشك أن تخرج الظعينة من الحيرة تؤم البيت لا جوار معها" وتعقب بأنه يدل على وجوب ذلك لا على جوازه، وأجيب عن هذا بأنه خبر فى سياق المدح ورفع منار الأسلام، فيحمل على الجواز، والأولى حمله على ما قال المتعقب جمعا بينه وبين أحاديث الباب أفاده الشوكانى (وفى أحاديث الباب أيضا) أن من كان له أكثر من زوجة وأراد السفر باحداهن يستحب له الأقراع بينهن تطبيبا لخاطرهن فمن خرج سهمها أخذها معه (وفيها أيضا) استحباب الرفق بالنساء فى السفر ومراعاة راحتهن لأنهن ضعيفات لا يتحملن ما يتحمله الرجل (وفيها أيضا) جواز الحداء وهو بضم الحاء ممدود، وجواز السفر بالنساء ومباعدتهن من الرجال، ومن سماع كلامهم إلا الوعظ ونحوه، وفيها غير ذلك والله أعلم

(10) باب افتراض صلاة السفر وحكمها (1204) عن عائشة رزوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ورضي عنها قالت كان أوَّل ما افترض على رسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّلاة ركعتان ركعتان إلاَّ المغرب فإنَّها كانت ثلاثًا ثمَّ أتمَّ الله الظُّهر والعصر والعشاء الآخرة أربعًا فى الحضر، وأقرَّ الصَّلاة على فرضها الأوَّل في السَّفر (وعنها من طريق ثان) قالت قد فرضت الصَّلاة ركعتين ركعتين بمكَّة، فلمَّا قدم رسول الله صلَّي الله عليه وآله وسلَّم المدينة زاد مع كلِّ ركعتين ركعتين إلاَّ المغرب فإنَّها وتر النَّهار، وصلاة الفجر لطول قراءاتها، قالت وكان إذا سافر صلَّى الصَّلاة الأولى (1205) عن مجاهد عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال فرض الله عزَّ وجلَّ صلاة الحضر أربعًا وفي السَّفر ركعتين، والخوف

_ (1204) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب قال ثنا أبى عن اسحاق قال حدثنى صالح بن كيسان عن عروة بن الزبير عن عائشة "الحديث" (غريبه) (1) أى ليلة الأسراء بمكة (2) أى فرضها الله ثلاثا من أول الأمر لأنها وتر النهار كما فى الطريق الثانية (3) قال النووى فى شرح هذا الحديث معناه فرضت ركعتين لمن أراد الاقتصار عليهما فزيد فى صلاة الحضر ركعتان على سبيل التحتيم، وأقرت صلاة السفر على جواز الاقتصار، وثبتت دلائل جواز الأتمام فوجب المصير اليها والجمع بين دلائل الشرع اهـ (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن أبى عدى عن داود عن الشعبى أن عائشة قالت قد فرضت الصلاة "الحديث" (5) أى بوحى من الله عز وجل كما يستفاد من الطريق الأولى حيث قالت ثم أتم الله الظهر والعصر الخ (6) أى صلاها مقصورة كما فرضت أولا (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه الشيخان وغيرهما، وأخرج الطريق الثانية (هق. حب. خز) ورجالهم ثقات (1205) عن مجاهد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا أبو عوانة عن بكير بن الأخنس عن مجاهد عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (7) يريد والله أعلم زيادتها بعد الهجرة وما استقرت عليه جمعا بينه وبين حديث عائشة السابق

ركعةً على لسان نبيِّه صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم (1206) عن عبيد الله بن زحر أنَّ أبا هريرة رضي الله عنه قال أيُّها النَّاس إنَّ الله فرض لكم على لسان نبيِّكم صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم الصَّلاة في الحضر أربعًا، وفي السَّفر ركعتين (1207) عن عمر (بن الخطَّاب) رضى الله عنه قال صلاة السَّفر

_ المتفق عليه (1) قال النووى رحمه الله هذا الحديث قد عمل بظاهره طائفة من السلف منهم الحسن والضحاك وإسحاق بن راهويه، وقال الشافعى ومالك والجمهور إن صلاة الخوف كصلاة الأمن فى عدد الركعات، فان كانت فى الحضر وجب أربع ركعات، وإن كانت فى السفر وجب ركعتان، ولا يجوز الاقتصار على ركعة واحدة فى حال من الأحوال، وتأولوا حديث ابن عباس هذا على أن المراد ركعة مع الأمام، وركعة أخرى يأتى بها منفردًا كما جاءت الأحاديث الصحيحة فى صلاة النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه فى الخوف؛ وهذا التأويل لا بد منه للجمع بين الأدلة والله أعلم اهـ (تخريجه) (م. نس) (1206) عن عبيد الله بن زحر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن غيلان قال ثنا المفضل قال حدثنى عبيد الله بن زحر أن أبا هريرة "الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه عبيد الله بن زحر عن أبى هريرة ولم أجد من ترجمه وهكذا ضبطه من المسند بعد المراجعة وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) قال الحافظ فى تعجيل المنفعة (عبيد الله بن زحر) عن أبى هريرة رضى الله عنه، وعنه المفضل بن فضالة، قال الحسينى لا أعرفه، قال الحافظ قلت هو المترجم له فى التهذيب، قال أحمد حدثنا يحيى بن غيلان فذكر الحافظ سنده ومتنه كما هنا، ثم قال وعبيد الله عن أبى هريرة مرسل، وقد قال ابن يونس إنه ضمرى من بنى كنانة، ولد بأفريقية وكان رجلا صالحا، رحل الى الكوفة والبصرة وسمع الأعمش وعلى بن يزيد الألهانى فأكثر عنه، وروى عنه من أهل مصر يحيى بن أيوب والمفضل بن فضالة اهـ (1207) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان وعبد الرحمن عن سفيان عن زبيد الأيامى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن عمر رضى الله عنه قال صلاة السفر الحديث، وفى آخره قال سفيان وقال زبيد مرة أراه عن عمر

ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد صلَّي الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم (1208) عن يعلى بن أميَّة رضى الله عنه قال سألت عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه قلت "ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصَّلاة إن خفتم إن يفتنكم الَّين كفروا" وقد أمن النَّاس، فقال لى عمر رضى الله عنه عجبت ممَّا عجبت منه، فسألت رسول الله صلَّي الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فقال صدقة تصدَّق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته (1209) عن أبى حنظلة سألت ابن عمر رضى الله عنهما عن الصَّلاة

_ قال عبد الرحمن على غير وجه الشك، وقال يزيد يعنى ابن هارون ان ابن أبى ليلى قال سمعت عمر رضى الله عنه (تخريجه) (نس. جه) ورجاله ثقات (قال الحافظ ابن القيم) فى الهدى هو ثابت عنه (يعنى عن عمر) قال وهو الذى سأل النبى صلى الله عليه وسلم ما بالنا نقصر وقد أمنَّا؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم "صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته" قال ولا تناقض بين حديثيه، فان النبى صلى الله عليه وسلم لما أجابه بأن هذا صدقة الله عليكم ويدنه اليسر السمح علم عمر أنه ليس المراد من الآية قصر العدد كما فهمه كثير من الناس قال "صلاة السفر ركعتان غير قصر" وعلى هذا فلا دلالة فى الآية على أن قصر العدد مباح منفى عنه الجناح فان شاء المصلى فعله، وإن شاء أئمه، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواظب فى أسفاره على ركعتين ركعتين فلم يربع قط إلا شيئا فعله فى بعض صلاة الخوف اهـ (1208) عن يعلى بن أمية (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن إدريس أنبأنا ابن جريج عن ابن عمار عن عبد الله بن بابيه عن يعلى بن أمية "الحديث" (غريبه) (1) يعنى قصر الصلاة فى السفر سواء حصل الخوف أم لا (قال النووى) وفيه جواز قول: تصدق الله علينا؛ واللهم تصدق علينا، وقد كرهه بعض السلف وهو غلط ظاهر، وفيه جواز القصر فى غير الخوف، وفيه أن المفضول اذا رآى الفاضل يعمل شيئا يشكل عليه يسأله عنه والله أعلم اهـ (تخريجه) (م. والأربعة وغيرهم) (1209) عن أبى حنظلة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يحيى

فى السَّفر، قال الصَّلاة فى السَّفر ركعتان، قلت إنَّا آمنون قال سنَّة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم (1210) عن رجل من آل خالد بن أسيد قال قلت لابن عمر إنَّا نجد صلاة الخوف في القرآن وصلاة الحضر ولا نجد صلاة السَّفر فقال إنَّ الله تعالى بعث محمَّدًا صلى الله عليه وسلم ولا نعلم شيئًا، فإنَّما نفعل كما رأينا محمَّدًا صلى الله عليه وسلم يفعل (ومن طريق ثان) عن أميَّة بن عبد الله أنَّه قال لابن عمر نجد صلاة الخوف وصلاة الحضر في القرآن ولا نجد صلاة المسافر قال ابن عمر بعث

_ عن إسماعيل عن أبى حنظلة "الحديث: (غريبه) (1) يعنى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك فى السفر من غير خوف فاقتدوا به (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (1210) عن رجل من آل خالد بن أسيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا مالك عن الزهرى عن رجل من آل خالد بن أسيد "الحديث" (غريبه) (2) هو أمية بن عبد الله بن خالد بن أسيد بفتح الهمزة وكسر السين على الأفصح، وقيل بضمها وفتح السين، وقد صرح به فى الطريق الثانية وهو ثقة روى له النسائى وابن ماجه (قال ابن عبد البر) لم يقم مالك إسناد هذا الحديث لأبهام الرجل ولأنه أسقط منه رجلا فقد رواه معمر والليث بن سعد ويونس بن يزيد عن ابن شهاب عن عبد الله بن أبى بكر بن عبد الرحمن عن أمية بن عبد الله بن خالد اهـ (قلت) ومن طريق الليث أخرجه النسائى وابن ماجه (3) أى قصر الصلاة فى سفر الأمن لأن الله قال {واذا ضربتم فى الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا} ثم قال {فاذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة} أى أتموها فقال ابن عمر يا ابن أخى إن الله تعالى بعث محمدًا صلى الله عليه وسلم "الحديث" فبين له أن القصر فى سفر الأمن ثابت بالسنة لا بالقرآن (وفى رواية) فقال ابن عمر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدم فى حديث يعلى بن أمية قال سألت عمر بن الخطاب قلت "ليس عليكم أن تقصروا من الصلاة الخ" وقد أمن الناس فقال لى عمر عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته، فأفاد صلى الله عليه وسلم أن الشرط فى الآية لبيان الواقع وقت النزول فلا مفهوم له، وقال ابن عباس صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة ونحن آمنون لا نخاف شيئا ركعتين ركعتين (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهرى عن عبد الله بن أبي بكر

الله نبيَّه صلى الله عليه وسلم ونحن أجفى النَّاس فنصنع كما صنع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (1211) عن الضَّحَّاك بن مزاحم عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سافر ركعتين ركعتين وحين قام أربعًا قال وقال ابن عبَّاس فمن صلَّى فى السَّفر أربعًا كمن صلَّي فى الحضر ركعتين قال وقال ابن عبَّاس لم تقصر الصَّلاة إلاَّ مرَّة حيث صلَّى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ركعتين وصلَّى النَّاس ركعةً ركعةً (1212) عن سعيد بن شفىٍّ عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال جعل النَّاس يسألونه عن الصَّلاة في السَّفر، فقال كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم

_ ابن عبد الرحمن عن أمية بن عبد الله "الحديث" (تخريجه) (لك. نس. جه. هق) وسنده جيد (1211) عن الضحاك بن مزاحم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مروان بن معاوية الفزارى ثنا حميد بن على العقيلى ثنا الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (1) يعنى أن هديه صلى الله عليه وسلم فى صلاة السفر ركعتين ركعتين، وفى الحضر أربعا (2) يريد أن من خالف هديه صلى الله عليه وسلم وصل فى السفر أربعا كان كمن صلى فى الحضر ركعتين يعنى أن صلاته باطلة، وهو مذهب ابن عباس وكثير من الصحابة كانوا يرون أن القصر فى عزيمة لا رخصة، ونعم ما ذهبوا اليه وهو الذى ينشرح له صدرى وسيأتى توجيهه فى الأحكام قريبا إن شاء الله (3) يعنى فى عدد الركعات فى صلاة الخوف وكان سائر صلاته فى السفر ركعتين فى الخوف والأمن والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال فى الصحيح بعضه - رواه أحمد وفيه حميد بن على العقيلى قال الدارقطنى لا يحتج به، وذكره ابن حبان فى الثقات (قلت) قال الحافظ فى تعجيل المنفعة لم يذكر البخارى فيه جرحًا، وذكره ابن حبان فى الطبقة الرابعة من الثقات، وقال أبو زرعة كوفى لا بأس به اهـ (1212) عن سعيد بن شفىّ (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن أبى إسحاق عن أبى السّفر عن سعيد بن شفىّ عن ابن عباس "الحديث" " (وله طريق ثان) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود ثنا اسرائيل عن أبى اسحاق عن سعيد بن شفىّ عن ابن عباس قال كنت عند عباس رضى الله عنهما الخ

إذا خرج من أهله لم يصلِّ إلاَّ ركعتين حتَّى رجع إلى أهله (1213) عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال سافرت مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ومع عمر فكانا لا يزيدان على ركعتين وكنَّا ضلاَّلًا فهدانا الله به فبه نقتدي

_ (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (1213) عن عبد الله بن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى عبد الصمد ثنا همام ثنا مطر عن سالم عن أبيه (يعنى عبد الله بن عمر) "الحديث" (غريبه) (1) فيه أن النبى صلى الله عليه وسلم لازم القصر فى السفر ولم يصل فيه تماما (وقوله ضلالا) أى لا نعرف شيئا من أحكام الدين فهدانا الله به فعلمنا الأحكام وبين لنا الحلال والحرام فبأقواله وأفعاله نقتدى (تخريجه) (ق. وغيرهما) ولفظه عند مسلم عن ابن عمر رضى الله عنهما "صحبت النبى صلى الله عليه وسلم فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل، وصحبت عمر رضى الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل، وصحبت عثمان رضى الله عنه فلم يزد على ركعتين حتى قبضه الله عز وجل" وظاهر هذه الرواية أن عثمان لم يصلِّ فى السفر تماما (وفى رواية أخرى) لمسلم عن ابن عمر أيضا أنه قال "ومع عثمان صدرًا من خلافته ثم أتم" (وفى رواية) ثمانى سنين أو ست سنين (قال النووى) وهذا هو المشهور أن عثمان أتم بعد ست سنين من خلافته، وتأول العلماء هذه الرواية "أن عثمان لم يزد على ركعتين حتى قبضه الله" فى غير منى، والرواية المشهورة باتمام عثمان بعد صدر من خلافته محمولة على الأتمام بمنًى خاصة، وقد صرح فى رواية بأن إتمام عثمان كان بمنًى (وفى البخارى ومسلم) أن عثمان بن يزيد قال صلى بنا عثمان بمنى أربع ركعات فقيل فى ذلك لعبد الله بن مسعود فاسترجع ثم قال "صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى ركعتين، فليت حظى من أربع ركعات ركعتان متقبلتان" يعنى ليت عثمان صلى ركعتين بدل الأربع كما كان النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم أجمعين فى صدر خلافته يفعلون، ومقصوده كراهة مخالفة ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه (الأحكام) اعلم أرشدنى الله وإياك الى الصواب أنه قد اختلف العلماء هل القصر واجب؟ أم رخصة والتمام أفضل؟ فذهب الى الأول الحنفية والهادوية، وروى عن على وعمر ونسبه النووى الى كثير من أهل العلم (قال الخطابى) فى معالم السنن كان مذاهب أكثر علماء السلف وفقهاء الأمصار على أن القصر هو الواجب فى السفر وهو قول علي وعمر

_ وابن عمر وابن عباس، وروى ذلك عن عمر بن عبد العزيز وقتادة والحسن (وقال حماد ابن سليمان) يعيد من يصلى فى السفر أربعا (وقال مالك) يعيد ما دام فى الوقت اهـ والى الثانى ذهب (الشافعى ومالك وأحمد) قال النووى وأكثر العلماء، وروى عن عائشة وعثمان وابن عباس، قال ابن المنذر وقد أجمعوا على أنه لا يقصر فى الصبح ولا فى المغرب (قال النووى) ذهب الجمهور الى أنه يجوز القصر فى كل سفر مباح، وذهب بعض السلف الى أنه يشترط فى القصر الخوف فى السفر، وبعضهم كونه سفر حج أو عمرة، وعن بعضهم كونه سفر طاعة (احتج القائلون بوجوب القصر بحجج) (الأولى) ملازمته صلى الله عليه وسلم للقصر فى جميع أسفاره كما فى حديث ابن عمر المذكور فى الباب، ولم يثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه أتم الرباعية فى السفر البتة كما قال ابن القيم (وأجاب المخالفون) عن هذه الحجة بأن مجرد الملازمة لا يدل على الوجوب كما ذهب الى ذلك جمهور أئمة الأصول وغيرهم (الحجة الثانية) حديث عائشة المتفق عليه بألفاظ منها "فرضت الصلاة ركعتين فأقرت صلاة السفر وأتمت صلاة الحضر" وهو دليل ناهض على الوجوب؛ لأن صلاة السفر اذا كانت مفروضة ركعتين لم تجز الزيادة عليها كما أنه لا يجوز النقص عن أربع فى الحضر، كما فى حديث الباب عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس (الحجة الثالثة) ما فى حديث الباب عند مسلم والأمام أحمد عن ابن عباس أنه قال "فرض الله عز وجل صلاة الحضر أربعا وفى السفر ركعتين" ولفظ مسلم "إن الله عز وجل فرض الصلاة على لسان نبيكم على المسافر ركعتين، وعلى المقيم أربعا، والخوف ركعة" فهذا الصحابى الجليل قد حكى عن الله عز وجل أنه فرض صلاة السفر ركعتين وهو أتقى لله، وأخشى من أن يحكى ان الله فرض ذلك بلا برهان (الحجة الرابعة) حديث الباب عن عمر "صلاة السفر ركعتان، وصلاة الأضحى ركعتان الخ" ورواه النسائى أيضا وغيره، وهو يدل على أن الصلاة مفروضة كذلك من أول الأمر وأنها لم تكن أربعا ثم قصرت، وقوله على لسان محمد تصريح بثبوت ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم (الحجة الخامسة) حديث ابن عمر عند النسائى بلفظ "وأمرنا أن نصلى ركعتين فى السفر" (واحتج القائلون بأن القصر رخصة) والتمام أفضل بحجج (الأولى منها) قول الله تعالى {ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة} ونفى الجناح لا يدل على العزيمة بل على الرخصة، وعلى أن الأصل التمام، والقصر إنما يكون من شئ أطول منه، وأجاب المخالفون بأن الآية وردت فى قصر الصفة فى صلاة الخوف لا فى قصر العدد، لما علم من تقدم مشروعية قصر العدد (قال ابن القيم رحمه الله) فى الهدى وما أحسن ما قال، وقد يقال إن الآية اقتضت قصرًا يتناول قصر الأركان بالتخفيف وقصر العدد بنقصان ركعتين، وقيد ذلك بأمرين، الضرب فى الأرض والخوف، فاذا وجد الامران أبيح القصران فيصلون صلاة خوف مقصورًا عددها وأركانها، وإن انتفى الأمران

_ وكانوا آمنين مقيمين انتفى القصران فيصلون صلاة تامة كاملة، وان وجد أحد السبيلين ترتب عليه قصره وحده، فان وجد الخوف والأقامة قصرت الأركان واستوفى العدد، وهذا نوع قصر وليس بالقصر المطلق فى الآية، وإن وجد السفر والأمن قصر العدد واستوفيت الأركان وصليت صلاة أمن، وهذا أيضا نوع قصر وليس القصر المطلق، وقد تسمى هذه الصلاة مقصورة باعتبار نقصان العدد، وقد تسمى تامة باعتبار تمم أركانها وان لم تدخل فى الآية اهـ (الحجة الثانية) قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث الباب صدقة تصدق الله بها عليكم فان الظاهر من قوله صدقة أن القصر رخصة فقط، وأجيب بأن الأمر بقبولها يدل على أنه لا محيص عنها وهو المطلوب (الحجة الثالثة) ما فى صحيح مسلم وغيره أن الصحابة كانوا يسافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنهم القاصر ومنهم المتم ومنهم الصائم ومنهم المفطر، لا يعيب بعضهم على بعض، كذا قال النووى فى شرح مسلم، ولم نجد فى صحيح مسلم قوله "فمنهم القاصر ومنهم المتم" وليس فيه الا أحاديث الصوم والأفطار، واذا ثبت ذلك فليس فيه أن النبى صلى الله عليه وسلم اطلع على ذلك وقررهم عليه، وقد نادت أقواله وأفعاله بخلاف ذلك، وقد تقرر أن إجماع الصحابة فى عصره صلى الله عليه وسلم ليس بحجة والخلاف بينهم فى ذلك مشهور بعد موته؛ وقد أنكر جماعة منهم على عثمان لماَّ أتم بمنى وتأولوا له تأويلات، (قال ابن القيم) أحسنها أنه كان قد تأهل بمنى، والمسافر اذا أقام فى موضع وتزوج فيه أو كان له به زوجة أتم، وقد روى أحمد عن عثمان أنه قال أيها الناس لماَّ قدمت تأهلت بها وانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اذا تأهل رجل ببلد فليصل به صلاة مقيم" ورواه أيضا عبد الله بن الزبير الحميدى فى مسنده أيضا، وقد أعله البيهقى بانقطاعه وتضعيفه عكرمة بن ابراهيم (قال ابن القيم فى الهدى) قال أبو البركات بن تيمية ويمكن المطالبة بسبب الضعف فان البخارى ذكر عكرمة المذكور فى تاريخه ولم يطعن فيه، وعادته ذكر الجرح والمجروحين (الحجة الرابعة) ما روى عن عائشة رضى الله عنها قالت "خرجت مع النبى صلى الله عليه وسلم فى عمرة فى رمضان فأفطر وصمت، وقصر وأتممت، فقلت بأبى وأمى أفطرت وصمت، وقصرت وأتممت، فقال أحسنت يا عائشة" رواه الدارقطنى وقال هذا إسناد حسن (وعنها أيضا) "أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقصر فى السفر وتتم ويفطر وتصوم" رواه أيضا الدارقطنى وقال إسناد صحيح، ويجاب عن هذين الحديثين بأن الأول منهما ضعفه أكثر الحفاظ، قال الحافظ فى التلخيص واختلف قول الدارقطنى فيه فقال فى السنن إسناده حسن. وقال فى العلل المرسل أشبه (والثانى) أورده الحافظ فى التلخيص أيضا وقال قد استنكره أحمد وصحته بعيدة فان عائشة كانت تتم وذكر عروة أنها تأولت ما تأول عثمان كما فى الصحيح؛ فلو كان عندها عن النبى صلى الله عليه وسلم رواية لم يقل عروة عنها إنها تأولت، وقد ثبت فى الصحيحين خلاف ذلك اهـ وقد

(11) باب مسافة القصر وحكم من نزل ببلد فنوى الأقامة فيه وإتمام المسافر اذا اقتدى بمقيم - وهل يقصر الصلاة بمنى أهل مكة؟ (1214) عن جبير بن نفير عن أبى السِّمط أنَّه أتى أرضًا يقال لها دومين من حمص على رأس ثمانية عشر ميلًا فصلَّى ركعتين، فقلت له أتصلِّى ركعتين؟ فقال رأيت عمر بن الخطَّاب بذى الحليفة يصلِّي ركعتين فسألته فقال إنَّما أفعل كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ استدل بهما القائلون بأن القصر رخصة وتقدم ذكرهم، ويجاب عنهم بأن الحديث الثانى لا حجة فيه لهم لأنه روى بلفظ تتم وتصوم بالفوقانية، لأن فعلها على فرض عدم معارضته لقوله صلى الله عليه وسلم وفعله لا حجة فيه، فكيف اذا كان معارضا للثابت عنه من طريقها وطريق غيرها من الصحابة (وأما الحديث الأول) فلو كان صحيحا لكان حجة لقوله صلى الله عليه وسلم فى الجواب عنها أحسنت، ولكنه لا نتهض لمعارضته ما فى الصحيحين وغيرهما من طريق جماعة من الصحابة، وهذا بعد تسليم أنه حسن كما قال الدارقطنى فكيف وقد طعن فيه فالطعن بمجرده يوجب سقوط الاستدلال به عند عدم المعارض، أفاده الشوكانى، ومعظمه ملخص من كلام ابن القيم فى الهدى، ثم قال الشوكانى رحمه الله وهذا النزاع فى وجوب القصر وعدمه، قال وقد لاح من مجموع ما ذكرنا رحجان القول بالوجوب، وأما دعوى أن التمام أفضل فمدفوعة بملازمته صلى الله عليه وسلم للقصر فى جميع أسفاره وعدم التمام عنه كما تقدم، ويبعد أن يلازم صلى الله عليه وسلم طول عمره المفضول ويدع الأفضل اهـ (قلت) وهو كلام وجيه (1214) عن جبير بن نفير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة قال سمعت يزيد بن خمير يحدث عن حبيب بن عبيد عن جبير بن نفير "الحديث" (غريبه) (1) بفتح أوله وسكون ثانيه ثم ميم مكسورة، قال فى القاموس وقد تفتح ميمه، قرية قرب حمص (2) موضع على ستة أميال من المدينة وهو ماء لبنى جشم ميقات للمدينة والشام (3) استدل بذلك الظاهرية علىإباحة القصر فى السفر القصير لأن بين المدينة وذى الحليفة ستة أميال، وتعقب بأن ذى الحليفة لم تكن منتهى السفر، وإنما خرج اليها حيث كان قاصدًا الى مكة واتفق نزوله بها، وكانت أول صلاة حضرت صلاة العصر فقصرها واستمر يقصر الى أن رجع، وأما صلاة أبى السمط على رأس

(1215) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم سافر من المدينة (وفى رواية سرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكَّة والمدينة) لا يخاف إلاَّ الله عزَّ وجلَّ فصلَّى ركعتين حتَّى رجع (1216) عن حارثة بن وهب الخزاعىِّ رضى الله عنه قال صلَّينا مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الظُّهر والعصر بمنىً أكثر ما كان النَّاس وآمنه ركعتين

_ ثمانية عشر ميلا فلا حجة فيه لأنه تابعى فعل شيئا يخالف الجمهور، أو يتأول على أنها كانت فى أثناء سفره لا أنها غايته، وهذا التأويل ظاهر، وبه يصح احتجاجه بفعل عمر ونقله ذلك عن النبى صلى الله عليه وسلم والله أعلم قاله النووى (تخريجه) (م. نس. هق. وغيرهم) (1215) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم عن منصور عن ابن سيرين عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (1) يعنى وهو فى مأمن من العدو لا يخاف عدوًا ولا أحدًا إلا الله عز وجل، وكان ذلك السفر من المدينة الى مكة فى حجة الوداع (تخريجه) (ق. نس. هق) (1216) عن حارثة بن وهب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبى اسحاق عن حارثة بن وهب الخزاعى "الحديث" (غريبه) (2) لفظ أكثر حال وما مصدرية ومعناه الجمع، لأن ما أضيف اليه أفعل يكون جمعا، وآمنه عطف على أكثر، والضمير فيه راجع الى ما، والمعنى صلينا مع النبى صلى الله عليه وسلم والحال أنا أكثر أكواننا فى سائر الأوقات عددًا، وأكثر اكواننا فى سائر الأوقات أمنا، وإسناد الأمن الى الأوقات مجاز أفاده الطيبى (قلت) وفى الحديث رد على من زعم أن القصر مختص بالخوف أو الحرب (تخريجه) (ق. والثلاثة) ولفظه فى رواية عند مسلم عن حارثة بن وهب الخزاعى قال "صليت خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى والناس أكثر ما كانوا فصلى ركعتين فى حجة الوداع" قال مسلم حارثة بن وهب الخزاعى هو أخو عبيد الله بن عمر بن الخطاب لأمه (قال النووى) رحمه الله هكذا ضبطناه أخو عبيد الله بضم العين مصغر، ووقع فى بعض الأصول أخو عبد الله بفتح العين مكبر وهو خطأ والصواب الأول، وكذا نقله القاضى رحمه الله تعالى عن أكثر رواه صحيح مسلم، وكذا ذكره البخارى فى تاريخه وابن أبى حاتم وابن عبد البر وخلائق لا يحصون كلهم يقولون بأنه أخو عبيد الله مصغر، وأمه

(1217) عن موسى بن سلمة قال كنَّا مع ابن عبَّاس بمكة فقلت إذا كنَّا معكم صلَّينا أربعًا، وإذا رجعنا إلى رحالنا صلَّينا ركعتين قال سنَّة أبى القاسم صلى الله عليه وسلم (وعنه من طريق ثان) قال قلت لابن عبَّاس إذا لم تدرك الصَّلاة فى المسجد كم تصلِّى فى البطحاء قال ركعتين سنَّة أبى القاسم صلى الله عليه وسلم (وعنه من طريق ثالث) قال سألت ابن عبَّاس قلت إنِّى أكون بمكَّة فكيف أصلِّى؟ فقال ركعتين سنِّة أبى القاسم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم (1218) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال صلَّيت مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأبى بكر وعمر وعثمان ستَّ سنين بمنىً فصلوا صلاة المسافر (1219) عن أنس بن مالك الأنصارىِّ رضي الله عنه قال صلَّى بنا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم الظُّهر فى مسجده بالمدينة أربع ركعات،

_ مليكة بنت جرول الخزاعى تزوجها عمر بن الخطاب رضى الله عنه فأولدها ابنه عبيد الله اهـ (1217) عن موسى بن سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن عبد الرحمن الطفاوى ثنا أيوب عن قتادة عن موسى بن سلمة الخ (غريبه) (1) أى بالمسجد مقتدين بامام مقيم (وقوله سنة ابى القاسم صلى الله عليه وسلم) يعنى إتمام المسافر المقتدى بالمقيم (2) (وعنه من طريق ثان) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن هشام ثنا قتادة عن موسى بن سلمة قال قلت الخ (3) فى البطحاء يعنى منى (4) (وعنه من طريق ثالث) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا شعبة قال قتادة أنبأنى قال سمعت موسى بن سلمة قال سألت ابن عباس "الحديث" (تخريجه) (م. نس) (1218) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هارون أنبأنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب عن حفص بن عاصم عن ابن عمر "الحديث" (تخريجه) (م. نس. وغيرهما) (1219) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن محمد بن إسحاق قال حدثنى محمد بن المنكدر التيمى عن أنس بن مالك

ثمَّ صلَّى بنا العصر بذى الحليفة ركعتين آمنًا لا يخاف في حجَّة الوداع (1220) عن شعبة عن يحيى بن يزيد الهنائىِّ قال سألت أنس بن مالك رضى الله عنه عن قصر الصَّلاة، قال كنت أخرج إلى الكوفة فأصلِّى ركعتين حتى أرجع، وقال أنس كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إذا خرج مسيرة ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ شعبة الشَّاكُّ صلَّى ركعتين

_ "الحديث" (غريبه) (1) تقدم الكلام على ذلك فى حديث جبير بن نفير أول الباب (2) يعنى وكان ذلك فى حجة الوداع (تخريجه) (ق. والثلاثة وغيرهم) (1220) عن شعبة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يحى بن يزيد الهنائى "الحديث" (غريبه) (3) هو بضم الهاء وبعدها نون مخففة وبالمد، المنسوب الى هناء بن مالك بن فهم قاله السمعانى (4) اختلف فى تفسير الميل فقال الحافظ الميل هو من الأرض منتهى مد البصر، لأن البصر يميل عنه على وجه الأرض حتى يفنى إدراكه، وبذلك جزم الجوهرى، وقيل ينظر الى الشخص فى أرض مستوية فلا يدرى أرجل هو أم امرأة أو ذاهب أو آت (وقال النووى) الميل ستة آلاف ذراع، والذراع أربعة وعشرين إصبعًا معترضة معتدلة، قال الحافظ وهذا الذى قال هو الأشهر، ومنهم من عبر عن ذلك باثنى عشر ألف قدم بقدم الأنسان؛ وقيل هو أربعة آلاف ذراع، وقيل ثلاثة آلاف ذراع نقله صاحب البيان، وقيل خمسمائة، وصححه ابن عبد البر، وقيل ألفا ذراع، ومنهم من عبر عن ذلك بألف خطوة للجمل، قال ثم إن الذراع الذى ذكره النووى تحريره قد حرره غيره بذراع الحديد المشهور فى مصر والحجاز فى هذه الأعصار فوجده ينقص عن ذراع الحديد بقدر الثمن، وعلى هذا فالميل بذراع الحديد فى القول المشهوو خمسة آلاف ذراع ومائتان وخمسون ذراعًا اهـ (قلت) والقول بأن الميل أربعة آلاف ذراع هو رأى المحدثين، واختاره الحنفية، وقالت المالكية الصحيح أن الميل ثلاثة آلاف وخمسمائة ذراع على ما قاله ابن عبد البر، وقيل ثلاثة آلاف ذراع، ومشهور المذهب أنه ألفا ذراع، والذراع ستة وثلاثون إصبعا (وقالت الشافعية والحنابلة) الميل ستة آلاف ذراع، والذراع عندهما أربعة وعشرون إصبعا (والفرسخ) فى الأصل السكون ذكره ابن سيده، وقيل السعة؛ وقيل الشئ الطويل، وذكر الفراء أن الفرسخ فارسي معرّب

(1221) عن حفص عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنَّه قال انطلق بنا إلى الشَّام إلى عبد الملك ونحن أربعون رجلًا من الأنصار ليفرض لنا، فلمَّا رجع وكنَّا بفجِّ النَّاقة صلَّى بنا العصر ثمَّ سلَّم ودخل فسطاطه وقام القوم يضيفون إلى ركعتيه ركعتين أخريين، قال فقال قبح الله الوجوه فوالله ما أصابت السُّنَّة ولا قبلت الرُّخصة، فأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنَّ أقوامًا يتعمقون فى الدِّين يمرقون كما يمرق السَّهم من الرّميَّة (1222) عن يحيى بن أبى إسحاق قال سألت أنس بن مالك رضي الله عنه

_ وهو ثلاثة أميال اهـ واعلم أن التقدير فى الحديث بثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ ليس على سبيل الاشتراط، وإنما وقع بحسب الحاجة لأن الظاهر من أسفاره صلى الله عليه وسلم أنه ما كان يسافر سفرًا طويلا فيخرج عند حضور فريضة مقصورة ويترك قصرها بقرب المدينة ويتمها، وإنما كان يسافر بعيدًا من وقت المقصورة فتدركه على ثلاثة أميال أو أكثر أو نحو ذلك فيصليها حينئذ، والأحاديث المطلقة مع ظاهر القرآن يتعاضدان على جواز القصر من حيث يخرج من البلد فانه حينئذ يسمى مسافرًا، يعنى من حين يفارق بنيان بلده أو خيام قومه إن كان من أهل الخيام أفاده النووى (تخريجه) (م. د. هق) (1221) عن حفص عن أنس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين بن محمد ثنا خلف عن حفص عن أنس بن مالك "الحديث" (غريبه) (1) الفج الطريق الواضح الواسع، والجمع فجاج مثل سهم وسهام، والظاهر أن المراد به هنا اسم موضع كان معلوما عندهم (2) الفسطاط بضم الفاء وكسرها بيت من الشعر والجمع فساطيط وهو المراد هنا (3) القبح ضد الحسن يقال قبحه الله يقبحه بفتحتين نحاه عن الخير، وفى التنزيل (هم من المقبوحين) أى المبعدين عن الفوز، والتثقيل مبالغة وقبح عليه فعله اذا كان مذمومًا (4) المتعمق المبالغ فى الأمر المتشدد فيه الذى يطلب أقصى غايته (وقوله يمرقون من الدين) أى يجوزونه ويمرقونه ويتعدّونه كما يخرق السهم الشئ المرمىّ به ويخرج منه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد (1222) عن يحى بن أبى إسحاق (سنده) عبد الله حدثنى أبي ثنا إسماعيل

عن قصر الصَّلاة، فقال سافرنا مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى مكَّة فصلَّى بنا ركعتين حتَّى رجعنا، فسألته هل أقام؟ فقال، نعم، أقام بمكَّة عشرًا (1223) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال صلَّيت مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بمنىً ركعتين، ومع أبى بكر ومع عمر ومع عثمان صدرًا من إمارته ثمَّ أتمَّ (1224) عن أبى جحيفة رضى الله عنه قال صلَّيت مع رسول الله

_ أنا يحيى بن أبى اسحاق "الحديث" (غريبه) (1) زاد البيهقى لا المغرب (2) هذا لا يعارض حديث ابن عباس وعمران بن حصين الآتيين فى الباب التالى لأنهما فى فتح مكة وهذا فى حجة الوداع (تخريجه) (ق. نس. هق. وغيرهم) ولمسلم "خرجنا من المدينة الى الحج" فذكر مثله، قال صاحب المنتقى وقال أحمد إنما وجه حديث أنس أنه حسب مقام النبى صلى الله عليه وسلم بمكة ومنى؛ والا فلا وجه له غير هذا، واحتج بحديث جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم قدم مكة صبيحة رابعة من ذى الحجة فأقام بها الرابع والخامس والسادس والسابع وصلى الصبح فى اليوم الثامن ثم خرج الى منى، وخرج من مكة متوجها الى المدينة بعد أيام التشريق، ومعنى ذلك كله فى الصحيحين وغيرهما اهـ (قلت) ومثله أيضا حديث ابن عباس عند البخارى والأمام أحمد وغيرهما بلفظ "قدم النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه لصبح رابعة يلبون بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة" الحديث سيأتى بتمامه فى كتاب الحج إن شاء الله تعالى (قال الحافظ) ولا شك أنه خرج من مكة صبح الرابع عشر فتكون مدة الأقامة بمكة وضواحيها عشرة أيام بلياليها كما قال أنس، ويكون مدة اقامته بمكة أربعة أيام لا سوى، لأنه خرج منها فى اليوم الثامن فصلى بمنى؛ وقال الطبرى أطلق على ذلك الأقامة بمكة لأن هذه المواضع مواضع النسك، وهى فى حكم التابع لمكة لأنها المقصود بالأصالة لا يتجه سوى ذلك كما قال أحمد اهـ (وقال النووى) إن النبى صلى الله عليه وسلم قدم مكة فى اليوم الرابع فأقام بها الخامس والسادس والسابع وخرج منها فى الثامن الى منى، وذهب الى عرفات فى التاسع، وعاد الى منى فى العاشر فأقام بها الحادى عشر، والثانى عشر ونفر فى الثالث عشر الى مكة وخرج منها الى المدينة فى الرابع عشر فمدة إقامته صلى الله عليه وسلم فى مكة وحواليها عشرة أيام اهـ (1223) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحى بن سعيد عن عبيد الله أخبرنى نافع عن ابن عمر "الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1224) عن أبى جحيفة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يحيى

صلى الله عليه وسلم بالأبطح العصر ركعتين (وفى لفظ) الظُّهر والعصر ركعتين ركعتين (زاد فى رواية) ثمَّ لم يزل يصلِّى ركعتين حتَّى أتى المدينة (1225) عن يحيى بن عبَّاد بن عبد الله بن الزُّبير عن أبيه عبَّاد قال لمَّا قدم علينا معاوية يعنى (بن أبى سفيان) رضى الله عنه حاجَّا قدمنا معه مكَّة، قال فصلَّى بنا ركعتين ثمَّ انصرف إلى دار النَّدوة، قال وكان عثمان حين أتمَّ الصَّلاة إذا قدم مكَّة صلَّى بها الظُّهر والعصر والعشاء الآخرة أربعًا أربعًا، فإذا خرج إلى منى وعرفات قصر الصَّلاة، فإذا فرغ من الحجِّ وأقام بمنى أتمَّ الصَّلاة حتَّى يخرج من مكَّة، فلمَّا صلَّى بنا الظهُّر ركعتين (يعنى معاوية) نهض إليه مروان ابن الحكم وعمرو بن عثمان فقالا له ما عاب أحد ابن عمِّك بأقبح ما عبته به، فقال لهما وما ذاك؟ قال فقالا له ألم تعلم أنَّه أتمَّ الصَّلاة بمكَّة؟ قال فقال لهما ويحكما، وهل كان غير ما صنعت؟ قد صلَّيتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، قالا فإنَّ ابن عمَّك قد كان أتَّمها، وإنَّ خلافك إيَّاه له عيب، قال فخرج معاوية إلى العصر فصلاَّها بنا أربعًا

_ ابن آدم ثنا أبو بكر عن أبى إسحاق "الحديث" (غريبه) (1) الأبطح كل مكان متسع، والأبطح بمكة هو المحصب موضع بمنى، وقد جاء فى طرق هذا الحديث عن أبى جحيفة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بمنى ركعتين (تخريجه) (ق. والأربعة) (1225) عن يحيى بن عباد بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق ثنا يحى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه "الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد، وروى الطبرانى بعضه فى الكبير ورجال أحمد موثقون (الأحكام) أحاديث الباب تدل على المسافة التى تقصر فيها الصلاة، وقد وقع خلاف كبير بين العلماء فى مقدارها (قال الحافظ) حكى ابن المنذر

_ وغيره فيها نحوًا من عشرين قولا، أقل ما قيل فى ذلك يوم وليلة، وأكثره ما دام غائبا عن بلده، وقيل أقل ما قيل فى ذلك الميل كما رواه ابن أبى شيبة باسناد صحيح عن ابن عمر، والى ذلك (ذهب ابن حزم الظاهرى) واحتج له باطلاق السفر فى كتاب الله تعالى كقوله {واذا ضربتم فى الأرض} الآية، وفى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فلم يخص الله ولا رسوله ولا المسلمون بأجمعهم سفرًا من سفر، ثم احتج على ترك القصر فيما دون الميل بأن النبى صلى الله عليه وسلم قد خرج الى البقيع لدفن الموتى، وخرج الى الفضاء للغائط والناس معه فلم يقصر ولا أفطر، وذكر فى المحلى من أقوال الصحابة والتابعين والأئمة والفقهاء فى تقدير مسافة القصر أقوالا كثيرة لم يحط بها غيره، واستدل لها وردَّ تلك الاستدلالات، وقد أخذ بظاهر حديث أنس المذكور فى الباب يعنى قوله "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فى مسجده بالمدينة أربع ركعات ثم صلى بنا بذى الحليفة ركعتين" (أخذ به الظاهرية) كما قال النووى فذهبوا الى أن مسافة القصر ثلاثة أميال (قال الحافظ) وهو أصح حديث ورد فى ذلك وأصرحه، وقد حمله من خالفه على أن المراد المسافة التى؛ يبتدأ منها القصر لا غاية السف؛ قال ولا يخفى بعد هذا الحمل مع أن البيهقى ذكر فى روايته من هذا الوجه أن يحيى بن يزيد راويه عن أنس قال سألت أنسا عن قصر الصلاة وكنت أخرج الى الكوفة يعنى من البصرة فأصلى ركعتين ركعتين حتى أرجع فقال أنس فذكر الحديث، قال فظهر أنه سأله عن جواز القصر فى السفر لا عن الموضع الذى يبتدئ القصر منه (وذهب الشافعى ومالك) وأصحابهما وأحمد والليث والأوزاعى وفقهاء أصحاب الحديث وغيرهم الى أنه لا يجوز الا فى مسيرة مرحلتين وهما ثمانية وأربعون ميلاها شمية كما قال النووى "وهو قول ابن عباس وابن عمر" واستدلوا بما رواه ابن المنذر والبيهقى باسناد صحيح وعلقه البخارى عن عطاء بن أبى رباح "أن ابن عمر وابن عباس كانا يصليان الرباعية ركعتين ويفطران فى أربعة برد فما فوق ذلك" وبما رواه الشافعى والبيهقى باسناد صحيح أيضا عن عطاء "قال سئل ابن عباس أتقصر الصلاة الى عرفة؟ " فقال لا، ولكن الى عسفان فالى جدة والى الطائف" ونقل النووى عن مالك أن بين مكة وكل من الطائف وعسفان أربعة برد (وقال أبو حنيفة والكوفيون) لا يقصر فى أقل من ثلاث مراحل (وروى) عن عثمان وابن مسعود وحذيفة، وفى البحر عن أبى حنيفة أن مسافة القصر أربعة وعشرون فرسخا، وحكى عنه أيضا أن مسافة القصر ثلاثة أيام بسير الأبل والأقدام، وفسرها الحنفية بثلاثة أيام السنة، قالوا ويكفى أن يسافر فى كل يوم منها من الصباح الى الزوال، والمعتبر السير الوسط أى سير الأبل ومشى الأقدام، فلو بكر

_ في اليوم الأول ومشى الى الزوال وبلغ المرحلة ونزل وبات فيها، ثم بكر فى اليوم الثانى وفعل ذلك، ثم فعل فى اليوم الثالث أيضا فقد قطع مسافة القصر ولا عبرة بتقديرها بالفراسخ على المعتمد، ولا يصح القصر فى أقل من هذه المسافة هكذا فى كتب الحنفية، وقد اتفق العلماء على أن الفرسخ ثلاثة أميال، وحقق العلماء فى عصرنا أن الميل ستة آلاف ذراع بذراع اليد، وهذه المسافة تساوى ثمانين كيلو ونصف كيلو ومائة وأربعين مترًا باعتبار أن الكيلو ألف متر؛ وهى مسيرة يوم وليلة بسير الأبل المحملة بالأثقال سيرًا معتادًا، وممن قال بأن مسافة القصر يوم وليلة أنس بن مالك رضى الله عنه "وهو مروى عن الأوزاعى" (قال الحافظ) وقد أورد البخارى ما يدل على أن اختياره أن أقل مسافة القصر يوم وليلة يعنى قوله فى صحيحه، وسمَّى النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم السفر يومًا وليلة بعد قوله "باب فى كم يقصر الصلاة" وحجج هذه الأقوال مأخوذة من قوله صلى الله عليه وسلم "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر مسافة يوم وليلة إلا ومعها ذو محرم" رواه الشيخان والأمام أحمد والأربعة إلا النسائى (وفى رواية) للبخارى من حديث ابن عمر عنه صلى الله عليه وسلم "لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا مع ذى محرم" رواه الأمام أحمد أيضا وتقدم، وفى رواية لأبى داود "لا تسافر المرأة بريدًا" ولا حجة فى جميع ذلك، أما قصره صلى الله عليه وسلم فى أسفاره فلعدم استلزام فعله لعدم الجواز فيما دون المسافة التى قصر فيها، وأما نهى المرأة عن أن تسافر ثلاثة أيام بغير ذى محرم فغاية ما فيه إطلاق اسم السفر على مسيرة ثلاثة أيام، وهو غير مناف للقصر فيما دونها، وكذلك نهيها عن سفر اليوم بدون محرم، والبريد لا ينافى جواز القصر فى ثلاثة أميال أو ثلاثة فراسخ كما فى حديث أنس، لأن الحكم على الأقل حكم على الأكثر، وأما حديث ابن عباس عند الطبرانى أنه صلى الله عليه وسلم قال "يا أهل مكة لا تقصروا فى أقل من أربعة برد من مكة الى عسفان" فليس مما تقوم به حجة، لأن فى إسناده عبد الوهاب بن مجاهد ابن جبير وهو متروك؛ وقد نسبه النووى الى الكذب، وقال الأزدى لا تحل الرواية عنه، والراوى عنه اسماعيل بن عياش وهو ضعيف فى الحجازيين، وعبد الوهاب المذكور حجازى، والصحيح أنه موقوف على ابن عباس كما أخرجه عنه الشافعى باسناد صحيح ومالك فى الموطأ، اذا تقرر لك هذا فالمتيقن هو ثلاثة فراسخ، لأن حديث أنس المذكور فى الباب متردد ما بينهما وبين ثلاثة أميال، والثلاثة الأميال مندرجة فى الثلاثة الفراسخ، فيؤخذ بالأكثر احتياطا؛ ولكنه روى سعيد بن منصور عن أبى سعيد قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سافر فرسخا يقصر الصلاة" وقد أورد الحافظ هذا فى التلخيص ولم يتكلم عليه، فان صح كان الفرسخ هو المتيقن، ولا يقصر فيما دونه إلا اذا كان يسمى سفرًا لغة أو شرعًا (وقد

_ اختلف العلماء أيضا) فيمن قصد سفرًا يقصر فى مثله الصلاة على اختلاف الأقوال من أين يقصر؟ فقال ابن المنذر أجمعوا على أن لمريد السفر أن يقصر اذا خرج عن جميع بيوت القرية التى يخرج منها (واختلفوا) فيما قبل الخروج من البيوت (فذهب الجمهور) الى أنه لا بد من مفارقة جميع البيوت (وذهب بعض الكوفيين) الى أنه اذا أراد السفر يصلى ركعتين ولو كان فى منزله، ومنهم من قال اذا ركب قصر إن شاء، ورجح ابن المنذر الأول بأنهم اتفقوا على أنه يقصر اذا فارق البيوت (واختلفوا) فيما قبل ذلك فعليه الأتمام على أصل ما كان عليه حتى يثبت أن له القصر، قال ولا أعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قصر فى سفر من أسفاره إلا بعد خروجه من المدينة أفاده الشوكانى بتصرف وزيادة (واختلفوا أيضا) فى قدر المدة التى تقطع القصر وتوجب الأتمام اذا دخل المسافر بلدًا ونوى الأقامة فيه لحاجة، فذهب الأئمة الثلاثة (مالك والشافعى وأحمد) الى أن المسافر يصير مقيما اذا نوى إقامة أربعة أيام كوامل، واستدل لهم بنهيه صلى الله عليه وسلم للمهاجرين عن إقامة فوق ثلاث فى مكة فتكون الزيادة عليها إقامة لا قدر الثلاث، ورده المخالفون بأن الثلاث قدر قضاء الحوائج لا لكونها غير إقامة، قال الشوكانى (وقال أبو حنيفة) إنه يتم اذا عزم على إقامة خمسة عشر يومًا، واحتج بما روى عن ابن عباس وابن عمر أنهما قالا اذا قمت ببلد وأنت مسافر وفى نفسك أن تقيم خمس عشرة ليلة فأكمل الصلاة، ورد بأنه لا حجة فى أقوال الصحابة فى المسائل التى للاجتهاد فيها مسرح وهذه منها، وروى عن الأوزاعى التحديد باثنى عشر، يومًا وعن ربيعة يوم وليلة، وعن الحسن البصرى أن المسافر يصير مقيما بدخول البلد، وعن عائشة بوضع الرجل قال الأمام يحى ولا يعرف لهم مستند شرعى، وإنما ذلك اجتهاد من أنفسهم والأمر كما قال هذا الأمام، والحق أن من حط رحله ببلد ونوى الأقامة بها أيامًا من دون تردد لا يقال له مسافر فيتم الصلاة ولا يقصر الا لدليل، ولا دليل ههنا الا ما فى حديث الباب (يعنى حديث أنس) من اقامته صلى الله عليه وسلم بمكة أربعة إيام يقصر الصلاة، والاستدلال به متوقف على ثبوت أنه صلى الله عليه وسلم عزم على إقامته أربعة أيام، الا أن يقال ان تمام أعمال الحج فى مكة لا يكون فى دون الأربع فكان كل من يحج عازمًا على ذلك فيقتصر على هذا المقدار، ويكون الظاهر والأصل فى حق من نوى اقامة أكثر من أربعة أيام هو التمام، واستلزام أن يقصر الصلاة من نوى اقامة سنين متعددة ولا قائل به، ولا يرد على هذا قوله صلى الله عليه وسلم فى إقامته بمكة يوم الفتح انا قوم سفر كما سيأتى لأنه كان اذ ذاك متردد او لم يعزم على اقامته مدة معينة اهـ (وفى احاديث الباب ايضا) دليل على جواز اقتداء المسافر بامام مقيم بشرط أن يتم صلاته تبعا لأمامه، وبه قال جمهور العلماء واختلفوا فى المسافر اذا أدرك جزأ من

(12) باب مدة القصر ومتى يتم المسافر وحكم من لم يجمع اقامة (1226) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقام تسع عشرة يصلِّي ركعتين ركعتين، قال ابت عباس فنحن إذا سافرنا فأقمنا تسع عشرة صلينا ركعتين ركعتين، فإذا أقمنا أكثر من ذلك صلَّينا أربعًا (وعنه من طريق ثان) قال لماَّ فتح النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مكَّة أقام فيها سبع عشرة يصلِّي ركعتين

_ صلاة إمام مقيم (فقال الشافعية والحنفية) والأكثرون يلزمه الأتمام سواء أدرك معه ركعة أم دونها حكاه الشيخ أبو حامد، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن عباس وجماعة من التابعين والثورى والأوزاعى وأبى ثور وأصحاب الرأى؛ وقال الحسن البصرى والنخعى والزهرى وقتادة ومالك إن أدرك ركعة فأكثر لزمه الأتمام والا فله القصر، وقال طاوس والشعبى إن أدرك ركعتين معه اجزأتاه، وقال إسحاق بن راهويه له القصر خلف المقيم بكل حال، فان فرغت صلاة المأموم تشهد وحده وسلم وقال الأمام الى باقى صلاته، وحكاه الشيخ أبو حامد عن طاوس والشعبى وداود (قال النووى) رحمه الله واعلم أن القصر مشروع بعرفات ومزدلفة ومنى للحاج من غير أهل مكة وما قرب منها، ولا يجوز لأهل مكة ومن كان دون مسافة القصر، هذا مذهب الشافعى وأبى حنيفة والأكثرين (وقال مالك) يقصر أهل مكة ومنى مزدلفة وعرفات، فعَّلة القصر عنده فى تلك المواضع النسك، وعند الجمهور علته السفر والله أعلم اهـ (1226) عن ابن عباس (سند) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا عاصم الأحول عن عكرمة عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (1) يعنى الى فتح مكة كما صرح بذلك فى الطريق الثانية، وكان ذلك فى رمضان سنة ثمان من الهجرة (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود ثنا شريك عن حسين عن عكرمة عن ابن عباس قال لما فتح النبى صلى الله عليه وسلم الخ (3) فى هذه الرواية سبع عشرة، ورواها كذلك (حب. د) عن ابن عباس بلفظ "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقام سبع عشرة بمكة يقصر الصلاة" قال ابن عباس ومن أقام سبع عشرة قصر، ومن أقام أكثر أتم، قال أبو داود قال عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس قال أقام تسع عشرة اهـ (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (خ. جه. وغيرهما) وأخرج الطريق الثانية (د. حب) وسندها جيد

(1227) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال أقام رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بتبوك عشرين يومًا يقصر الصَّلاة

_ (وقد اختلفت الأحاديث) فى إقامته صلى الله عليه وسلم فى مكة عام الفتح فروى ما ذكر فى حديث الباب، وروى عشرون، أخرجه عبد بن حميد فى مسنده عن ابن عباس (وروى) خمسة عشر أخرجه النسائى وأبو داود وابن ماجه والبيهقى عن ابن عباس أيضا (قال البيهقى) أصح الروايات فى ذلك رواية البخارى، وهى رواية تسع عشرة بتقديم التاء، وجمع إمام الحرمين والبيهقى بين الروايات باحتمال أن يكون فى بعضها لم يعدّ يومى الدخول والخروج وهى رواية سبع عشرة بتقديم السين، وعدّها فى بعضها وهى رواية تسع عشرة بتقديم التاء، وعدّ يوم الدخول ولم يعدّ يوم الخروج وهى رواية ثمانية عشر، قال الحافظ وهو جمع متين، وتبقى رواية خمسة عشر شاذة، ورواية عشرين وهى صحيحة الأسناد إلا أنها شاذة أيضا، وقد ضعف النووى فى الخلاصة رواية خمسة عشر، قال الحافظ وليس بجيد لأن رواتها ثقات ولم ينفرد بها ابن إسحاق، فقد أخرجها النسائى من رواية عراك بن مالك عن عبد الله كذلك، واذا ثبت أنها صحيحة فلحمل على أن الراوى ظن أن الأصل سبع عشرة فحذف منها يومى الدخول والخروج فذكر أنها خمس عشرة، واقتضى ذلك أن رواية تسع عشرة أرجح الروايات، وبهذا أخذ إسحاق بن راهويه، ويرجحها أيضا أنها أكثر ما وردت به الروايات الصحيحة، وأخذ الثورى وأهل الكوفة برواية خمس عشرة لكونها أقل ما ورد، فيحمل ما زاد على أنه وقع اتفاقًا (وأخذ الشافعى) بحديث عمران بن حصين الآتى والله أعلم (1227) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن يحى بن أبى كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله "الحديث" (غريبه) (1) بفتح الفوقية بعدها باء موحدة هو مكان بين المدينة والشام على بعد أربع عشرة مرحلة من المدينة، جاءها النبى صلى الله عليه وسلم وهم ينزفون ماء بقدح فقال ما زلتم تبوكونها فسميت حينئذ تبوك، ذكره القتيبى وغيره، وهى آخر غزوة غزاها النبى صلى الله عليه وسلم وهى الفردة لأنها لم يكن فى عامها غيرها، ولم يغز صلى الله عليه وسلم بعدها حتى توفى، وسماها الله تعالى ساعة العسرة لوقوعها فى شدة الجدب والحر وقلة الزاد والظَّهر، وسيأتى الكلام عليها مفصلا فى كتاب الغزوات إن شاء الله تعالى (تخريجه) (د. حب. هق) وصححه ابن حزم والنووي

(1228) عن ثمامة بن شراحيل قال خرجت إلى ابن عمر فقلت ما صلاة المسافر؟ فقال ركعتين ركعتين إلاَّ صلاة المغرف ثلاثًا، قلت أرأيت إن كنَّا بذى المجاز، قال وما ذو المجاز؟ قلت مكان نجتمع فيه ونبيع فيه ونمكث عشرين ليلةً أو خمس عشرة ليلةً، قال يا أيُّها الرَّجل كنت بأذربيجان لا أدرى قال أربعة أشهر أو شهرين فرأيتم يصلُّونها ركعتين ركعتين، ورأيت نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم نصب عينىَّ يصلِّيهما ركعتين ركعتين، ثمَّ نزع هذه الآية {لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة} حتَّى فرغ من الآية (1229) عن أبى نضرة قال مرَّ عمران بن حصين فجلسنا فقام إليه فتىً من القوم فسأله عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الغزو والحجِّ والعمرة، فجاء فوقف علينا فقال إن هذا سألنى عن أمر فأردت أن تسمعوه أو كما قال، غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصلِّ إلاَّ ركعتين حتَّى رجع إلى المدينة، وحججت معه فلم يصلِّ إلاَّ ركعتين حتَّى رجع إلى المدينة، وحججت معه فلم يصلِّ إلا ركعتين حتَّى رجع إلى المدينة، وشهدت معه الفتح فأقام بمكَّة ثمان عشرة لا يصلِّى إلاَّ ركعتين، ويقول لأهل البلد صلُّوا

_ (1228) عن ثمامة بن شرحيل (سنده) حدّثنا عبد الله ثنا أبى ثنا محمد بن بكر أنا يحيى بن قيس المازنى ثنا ثمامة بن شراحيل "الحديث" (تخريجه) هذا الأثر ذكره الحافظ فى التلخيص ولم يتكلم عليه، وأخرجه البيهقى بسند قال الحافظ صحيح بلفظ "ان ابن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة" (قلت) هذا الأثر أورده الهيثمى بلفظه كما فى الباب، وقال لابن عمر أحاديث فى الصحيح وغيره بغير هذا السياق، رواه أحمد ورجاله ثقات (1229) عن أبى نضرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل قال على بن زيد عن أبى نضرة "الحديث" (غريبه) (1) اسمه المنذر بن مالك العبدى (2) يعنى يقصر الفرض الرباعى مدة سفره (3) يعنى أهل مكة كما صرح بذلك في الطريق

أربعًا فإنَّا سفر، واعتمرت معه ثلاث عمر فلم يصلِّ إلاَّ ركعتين، وحججت مع أبى بكر وعمر رضي الله تعالى عنهما حجَّات فلم يصلِّيا إلاَّ ركعتين حتَّى رجعا إلى المدينة (وعنه من طريق ثان بنحوه وفيه) ما سافر رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرًا إلاَّ صلَّى ركعتين ركعتين حتَّى يرجع، وإنّه أقام بمكَّة زمان الفتح ثمانى عشرة ليلةً يصلِّى بالنَّاس ركعتين ركعتين، قال أبى وحدَّثناه يونس بن محمَّد بهذا الإسناد وزاد فيه إلاَّ المغرب، ثمَّ يقول يا أهل مكَّة قوموا فصلُّوا ركعتين أخريين فإنَّا سفر، ثمَّ غزا حنينًا والطَّائف فصلَّي ركعتين ركعتين، ثمَّ رجع إلى جعرانة فاعتمر منها فى ذى القعدة، ثمَّ غزوت مع بى بكر رضى الله تعالى عنه وحججت واعتمرت فصلَّى ركعتين ركعتين، ومع عمر رضى الله فصلَّى ركعتين ركعتين، قال يونس إلاَّ المغرب،

_ الثانية (وقوله سفر) بفتح السين المهملة وسكون الفاء أى مسافرون، وفيه حجة للقائلين ان من أقام ببلد ينتظر قضاء حاجته يقصر الصلاة الى ثمانية عشر يومًا، وهم الشافعية فى المشهور عنهم، وقال الثلاثة والشافعى فى رواية أخرى يقصر أبدًا مدة انتظاره تلك الحاجة لأن الأصل السفر، واستدلوا بما أخرجه البيهقى بسند صحيح أن ابن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا على بن زيد عن أبى نضرة أن فتى سأل عمران بن حصين عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السفر فذكر نحوه وفيه الخ (2) يعنى أن الأمام أحمد ذكر لابنه عبد الله رحمهما الله أن يونس بن محمد حدثه بهذا الحديث بالأسناد المتقدم والمنن أيضا إلا أنه زاد فى المتن قوله إلا المغرب بعد قوله ركعتين ركعتين، لأن المغرب لا تقصر فانها وتر النهار كما تقدم، وهكذا يقال فيما سيأتى (3) بكسر الجيم وسكون العين وفتح الراء مخففة، قال فى القاموس وقد تكسر العين وتشدد الراء، قال وقال الشافعى التشديد خطأ - موضع بين مكة والطائف سمى بريطة بنت سعد، وكانت تلقب بالجعرانة، وهى المرادة فى قوله تعالى {كالتى نقضت غزلها} اهـ

ومع عثمان رضي الله عنه صدر إمارته قال يونس ركعتين إلاَّ المغرب، ثمَّ إنَّ عثمان رضى الله عنه صلَّي بعد ذلك أربعًا

_ (1) أي أول إمارته، وقد جاء فى حديث ابن عمر عند مسلم ثمانى سنين أو ست سنين (قال النووى) وهذا هو المشهور أن عثمان أتم بعد ست سنين من خلافته، وتقدم فى أحكام الباب الذى قبل السابق أن جماعة أنكروا على عثمان لما أتم بمنى وتأولوا له تأويلات، (قال ابن القيم) أحسنها أنه كان قد تأهل بمنى، والمسافر اذا أقام فى موضع وتزوج فيه أو كان له به زوجة أتم، وسيأتى حديث عثمان أنه قال للذين أنكروا عليه أيها الناس لما قدمت تأهلت بها وإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اذا تأهل رجل ببلد فليصل به صلاة مقيم" (تخريجه) (د. مذ) مختصرًا والطبرانى وابن شيبة فى مصنفه وإسحاق بن راهويه والبزار وأخرجه البيهقى أيضا بنحو حديث الباب وحسنه الترمذى، وفى إسناده على بن زيد بن جدعان ضعيف، قال الحافظ فى التلخيص إنما حسن الترمذى حديثه لشواهده ولم يعتبر الاختلاف فى المدة كما عرف من عادة المحدثين من اعتبارهم الأتفاق على الأسانيد دون السياق اهـ والله أعلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن من أقام لقضاء حاجة مترددًا ولم يجمع إقامة يقصر الصلاة عشرين يومًا، لأن هذه المدة غاية ما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم، والأثر الصحيح المروى عن ابن عمر فى الباب أنهم كانوا بأذربيجان يصلون ركعتين أربعة أشهر أو شهرين يدل على القصر هذه المدة ما دام مترددًا، بل رواه البيهقى كما قال الحافظ بسند صحيح أن ابن عمر أقام بأذربيجان ستة أشهر يقصر الصلاة (وقد اختلف العلماء فى ذلك) فذهب الهادى والقاسم والأمامية الى أن من لم يعزم إقامة مدة معلومة كمنتظر الفتح يقصر الى شهر ويتم بعده، واستدلوا بقول على رضى الله عنه أنه قال "يتم الذى يقيم عشرًا والذى يقول اليوم أخرج، غدا أخرج، يقصر شهرًا" قالوا وهو توقيف، ورده المخالفون بأنه من مسائل الاجتهاد (وذهب الشافعية) فى الأصح عندهم أنه يقصر الى ثمانية عشر يومًا (وقال أبو حنيفة ومالك واحمد والشافعى) فى رواية يقصر أبدًا لأن الأصل السفر، ولأثر ابن عمر، قالوا وما روى من قصره صلى الله عليه وسلم فى مكة وتبوك دليل لهم لا عليهم؛ لأنه صلى الله عليه وسلم قصر مدة إقامته ولا دليل على التمام فيما بعد تلك المدة، ويؤيد ذلك ما أخرجه البيهقى عن ابن عباس "أن النبى صلى الله عليه وسلم أقام بحنين أربعين يومًا يقصر الصلاة" ولكنه قال تفرد به الحسن بن عمارة وهو غير محتج به، وروى عن ابن عمر وأنس أنه يتم بعد أربعة أيام (قال الشوكانى) والحق أن الأصل فى المقيم الأتمام لأن القصر لم يشرعه

(13) باب من اجتاز ببلد فتزوج فيه أو كان لديه زوجة فليتم (1230) عن عبد الله بن عبد الرَّحمن بن أبى ذباب عن أبيه أنَّ عثمان ابن عفَّان رضى الله عنه صلَّى بمنى أربع ركعات فأنكره النَّاس عليه، فقال يا أيُّها النَّاس إنِّى تأهَّلت بمكَّة منذ قدمت، وإنِّى سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقول من تأهَّلت بمكَّة منذ قدمت، وإنِّى سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقول من تأهَّل فى بلد فليصلِّ صلاة المقيم

_ الشارع إلا للمسافر، والمقيم غير مسافر، فلولا ما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من قصره بمكة وتبوك مع الأقامة لكان المتعين هو الأتمام، فلا ينتقل عن ذلك الأصل إلا بدليل، وقد دل الدليل على القصر مع التردد الى عشرين يومًا كما فى حديث جابر، ولم يصح أنه صلى الله عليه وسلم قصر فى الأقامة أكثر من ذلك فيقتصر على هذا المقدار، ولا شك أن قصره صلى الله عليه وسلم فى تلك المدة لا ينفى القصر فيما زاد عليها ولكن ملاحظة الأصل المذكور هى القاضية بذلك (فان قيل) المعتبر صدق اسم المسافر على المقيم المتردد وقد قال صلى الله عليه وسلم "إنا قوم سفر" فصدق عليه هذا الاسم، ومن صدق عليه هذا الاسم قصر لأن المعتبر هو السفر لانضباطه لا المشقة لعدم انضباطها (فيجاب عنه) "أولًا" بأن فى الحديث المقال المتقدم "وثانيا" بأنه يعلم بالضرورة أن المقيم المتردد غير مسافر حال الأقامة، فاطلاق اسم المسافر عليه مجاز باعتبار ما كان عليه أو سيكون عليه اهـ (1230) عن عبد الله بن عبد الرحمن (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد يعنى مولى بنى هاشم ثنا عكرمة بن ابراهيم الباهلى ثنا عبد الله بن عبد الرحمن الخ (1) يقال أهل الرجل بفتحات أى تزوج وبابه دخل وجلس وتأهل مثله (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد، وله عند أبى يعلى انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "اذا تأهل المسافر فى بلد فهو من أهلها يصلى صلاة المقيم أربعا، وانى تأهلت بها منذ قدمتها فلذلك صليت بكم أربعا" وفيه عكرمة بن ابراهيم وهو ضعيف اهـ وكذلك أخرجه البيهقى وأعله بالأنقطاع وضعف عكرمة، وأخرجه أيضا عبد الله بن الزبير الحميدى (قال ابن القيم فى الهدى) قال أبو البركات بن تيمية ويمكن المطالبة بسبب الضعف فان البخارى ذكر عكرمة المذكور فى تاريخه ولم يطعن فيه وعادته ذكر الجرح والمجروحين (الأحكام) حديث الباب إن صح يدل على أن المسافر اذا تزوج ببلد أو كان له به زوجة صلى صلاة المقيم (قال الحافظ ابن القيم) فى الهدى وقد نص احمد وابن عباس قبله أن المسافر إذا تزوج لزمه

_ الإتمام، وهذا قول (أبى حنيفة رحمه الله ومالك وأصحابهما) وهذا أحسن ما اعتذر به عن عثمان "يعنى كونه أتم بمنى" (وقال الحافظ فى الفتح) والمنقول ان سبب إتمام عثمان أنه كان يرى القصر مختصا بمن كان شاخصًا سائرًا، واما من اقام فى مكان فى اثناء سفره فله حكم المقيم فيتم، والحجة فيه ما رواه احمد باسناد حسن عن عباد بن عبد الله بن الزبير قال لما قدم علينا معاوية حاجًا صلى بنا الظهر ركعتين بمكة انصرف الى الندوة فدخل عليه مروان وعمرو بن عثمان فقالا لقد عبت امر ابن عمك لأنه كان قد أتم الصلاة، قال وكان عثمان حيث اتم الصلاة اذا قدم مكة صلى بها الظهر والعصر والعشاء اربعا اربعا، ثم اذا خرج الى منى وعرفة قصر الصلاة، فاذا فرغ من الحج وأقام بمنى اتم الصلاة (وقال ابن بطال) الوجه الصحيح فى ذلك ان عثمان وعائشة كانا يريان ان النبى صلى الله عليه وسلم انما قصر لأنه اخذ بالأيسر من ذلك على أمته فأخذا لأنفسهما بالشدة اهـ وهذا رجحه جماعة من آخرهم القرطبى، لكن الوجه الذى قبله أولى لتصريح الراوى بالسبب، وأما ما رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى أن عثمان انما اتم الصلاة لأنه نوى الأقامة بعد الحج فهو مرسل، وفيه نظر لأن الأقامة بمكة على المهاجرين حرام؛ قال وصح عن عثمان أنه كان لا يودع البيت إلا على ظهر راحلته ويسرع الخروج خشية أن يرجع فى هجرته، وثبت عن عثمان أنه قال لما حاصروه وقال له المغيرة اركب رواحلك الى مكة، قال لن أفارق دار هجرتى، ومع هذا النظر فى رواية معمر عن الزهرى فقد روى أيوب عن الزهرى ما يخالفه، فروى الطحاوى وغيره من هذا الوجه عن الزهرى قال إنما صلى عثمان بمنى أربعا لأن الأعراب كانوا كثروا فى ذلك العام فأحب أن يعلمهم ان الصلاة أربع، وروى البيهقى من طريق عبد الرحمن بن حميد بن عوف عن أبيه عن عثمان أنه أتم بمنى ثم خطب فقال إن القصر سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه ولكنه حدث طغام يعنى بفتح الطاء والغين المعجمة فخفت أن يستنوا (وعن ابن جريج) أن أعرابيا ناداه فى منًى يا أمير المؤمنين مازلت رأيتك عام أوَّل ركعتين، وهذه طرق يقوى بعضها بعضا، ولا مانع أن يكون هذا أصل سبب الأتمام وليس بمعارض للوجه الذى اخترته بل يقويه من حيث ان حالة الأقامة فى أثناء السفر أقرب الى قياس الأقامة المطلقة عليها بخلاف السائر، وهذا ما أدى اليه اجتهاد عثمان (وام عائشة) فقد جاء عنها سبب الأتمام صريحًا وهو فيما أخرجه البيهقى من طريق هشام بن عروة عن أبيه انها كانت تصلى فى السفر اربعًا فقلت لها لو صليت ركعتين فقالت يا ابن أختى إنه لا يشق على، اسناده صحيح وهو دال على أنها تأولت أن القصر رخصة وأن الأتمام لمن لا يشق عليه أفضل اهـ باختصار

(أبواب الجمع بين الصلاتين) (1) باب مشروعية فى السفر (1231) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الصَّلاتين في السَّفر، المغرب والعشاء والظُّهر والعصر (1232) عن عبد الله بن شقيق قال خطبنا ابن عبَّاس يومًا بعد العصر حتَّى غربت الشَّمس وبدت النُّجوم وعلق النَّاس ينادونه الصَّلاة، وفى القوم رجل من بنى تميم فجعل يقول الصَّلاة الصَّلاة، قال فغضب قال أتعلِّمنى بالسُّنَّة؟ شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء، قال عبد الله فوجدت في نفسى من ذلك شيئًا فلقيت أبا هريرة فسألته فوافقته (1233) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء في السَّفر

_ (1231) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن فضيل عن زيد عن عطاء عن ابن عباس "الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) ولفظ البخارى "كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يجمع بين صلاة الظهر والعصر اذا كان على ظهر سير ويجمع بين المغرب والعشاء" (1232) عن عبد الله بن شقيق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس ثنا حماد يعنى ابن زيد عن الزبير يعنى ابن خرِّيت عن عبد الله بن شقيق "الحديث" (غريبه) (1) علق بفتح أوله وكسر ثانيه مثل طفق وزنا ومعنى (2) لفظ مسلم فحاك فى صدرى من ذلك شئ أى وقع فى نفسى نوع شك وتعجب واستعباد (تخريجه) (م. وغيره) (1233) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن يحيى بن أبى كثير عن حفص بن عبيد الله بن أنس عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد، وأخرجه الشيخان وغيرهما

(1234) عن أبي الطُّفيل ثنا معاذ بن جبل رضى الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرة سافرها وذلك فى غزوة تبوك فجمع بين الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء، قلت ما حمله على ذلك؟ قال أراد أن لا يخرج أمَّته

_ بألفاظ أخرى، وأخرجوه بنحو هذا اللفظ عن ابن عباس وتقدم أول الباب (1234) عن أبى الطفيل (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا قرة بن خالد عن أبى الزبير ثنا أبو الطفيل ثنا معاذ بن جبل "الحديث" (غريبه) (1) أى لأن السفر نفسه فيه مشقة السفر، فاقتضت رحمته صلى الله عليه وسلم بأمته أن يجعل لها رخصة فى الجمع بين الصلاتين فى السفر تخفيفا للمشقة والحرج والله أعلم (تخريجه) (م. وغيره) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الجمع بين الصلاتين، الظهر مع العصر، والمغرب مع العشاء، سواء أكان جمع تقديم أم تأخير كما يستفاد ذلك من الأحاديث الآتية فى الباب التالى، وقد وقع الخلاف فى الجمع فى السفر (فذهب الى جوازه مطلقا) تقديمًا وتأخيرًا كثير من الصحابة والتابعين (ومن الفقهاء) الثورى والشافعى وأحمد وإسحاق وأشهب، واستدلوا على مشروعيته بأحاديث الباب وبالأحاديث الآتية فى الباب التالى وسيأتى الكلام عليها (وقال قوم لا يجوز الجمع مطلقًا) إلا بعرفة ومزدلفة، وهو قول الحسن والنخعى وأبى حنيفة وصاحبيه، وأجابوا عما روى من الأخبار فى ذلك بأن الذى وقع جمع صورى وهو أنه أخر المغرب مثلا الى آخر وقتها وعجل العشاء فى أول وقتها، وردّها الحافظ بأن الأخبار جاءت صريحة بالجمع فى وقت إحدى الصلاتين، وذلك هو المتبادر الى الفهم من لفظ الجمع، قال ومما يرد على الجمع الصورى جمع التقديم وسيأتى (وقال الليث وهو المشهور عن مالك) إن الجمع يختص بمن جدَّ به السير (وقال ابن حبيب) يختص بالسائر ويستدل لهما بما أخرجه البخارى والأمام أحمد وغيرهما وسيأتى عن ابن عمر قال "كان النبى صلى الله عليه وسلم يجمع بين المغرب والعشاء اذا جدَّ به السير" ولما قاله ابن حبيب بما فى البخارى عن ابن عباس قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين صلاة الظهر والعصر اذا كان على ظهر سير ويجمع بين المغرب والعشاء" فتقيد الأحاديث المطلقة بأحاديث الحد فى السير كحديثى ابن عمر وابن عباس (وقال الأوزاعى) إن الجمع فى السفر يختص بمن له عذر (وقال أحمد)

(2) باب جواز الجمع بين الصلاتين فى السفر فى وقت احداهما وفيه فصول (الفصل الأول فى الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء تقديما وتأخيرًا) (1235) عن كريب عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال ألا أحدِّثكم عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في السَّفر، قال قلنا بلى، قال كان إذا زاعت الشَّمس فى منزله جمع بين الظُّهر والعصر قبل أن يركب وإذا لم تزغ له في منزله سار حتى إذا حانت العصر نزل فجمع بين الظُّهر والعصر وإذا حانت المغرب فى منزله جمع بينها وبين العشاء، وإذا لم تحن في منزله ركب حتَّى إذا حانت العشاء نزل فجمع بينهما

_ واختاره ابن حزم وهو مروى عن مالك أنه يجوز جمع التأخير دون التقديم، واستدلوا بحديث أنس الآتى فى الباب التالى وسيأتى الكلام فيه مفصلا إن شاء الله (1235) عن كريب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق قال أنا ابن جريج قال أخبرنى حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن كريب "الحديث" (غريبه) (1) أى مالت بعد الزوال عن كبد السماء (2) يعنى جمع تقديم (3) أى حضر وقتها (4) يعنى جمع تأخير، ويقال مثل ذلك فى الجمع بين المغرب والعشاء (تخريجه) أخرجه الأمام الشافعى فى مسنده بنحوه وقال فيه "اذا سار قبل أن تزول الشمس أخر الظهر حتى يجمع بينها وبين العصر فى وقت العصر" وأخرجه أيضا البيهقى والدراقطنى وروى أن الترمذى حسنه (قال الحافظ) فى التلخيص وكأنه باعتبار المتابعة، وغفل ابن العربى فصحح إسناده، وليس بصحيح لأنه من طريق حسين بن عبد الله بن عبيد الله ابن عباس بن عبد المطلب، قال فيه أبو حاتم ضعيف ولا يحتج بحديثه، وقال ابن معين ضعيف وقال أحمد له أشياء منكرة، وقال النسائى متروك الحديث، وقال السعدى لا يحتج بحديثه، وقال المدينى تركت حديثه، وقال ابن حبان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل، ولكن له طريق أخرى أخرجها يحيى بن عبد الحميد الحمانى عن أبى خالد الأحمر عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس، وله أيضا طريق أخرى رواها اسماعيل القاضى فى الأحكام عن إسماعيل ابن أى أويس عن أخيه عن سليمان بن بلال عن هشام عن عروة عن كريب عن ابن عباس بنحوه

(1236) عن معاذ (بن جبل رضى الله عنه) أنَّ النَّبيّ صلى الله عليه وسلم كان في غزوة تبوك إذا ارتحل قبل زيغ الشَّمس أخَّر الظُّهر حتَّى يجمعها إلى العصر يصليِّهما جميعًا وإذا ارتحل بعد زيغ الشَّمس صلَّى الظُّهر والعصر جميعًا ثم سار، وكان إذا ارتحل قبل المغرب أخَّر المغرب حتَّى يصلِّيها مع العشاء، وإذا ارتحل بعد المغرب عجَّل العشاء فصلاَّها مع المغرب (1237) عن عائشة رضى الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان يؤخِّر الظُّهر ويعجِّل العصر ويؤخِّر المغرب ويعجِّل العشاء في السَّفر

_ (1236) عن معاذ بن جبل (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة ابن سعيد ثنا ليث عن يزيد بن أبى حبيب عن أبى الطفيل بن عامر بن واثلة عن معاذ "الحديث" (غريبه) (1) أى قبل الزوال فان زيغ الشمس هو ميلها عن وسط السماء الى جانب المغرب (2) أى جمع تأخير فى وقت العصر (3) أى جمع تقديم فى وقت الظهر قبل السفر، وهو نص صريح فى جواز جمع التقديم لا يحتمل تأويلا خلافا لمن أنكر ذلك (تخريجه) (حب. ك. قط. هق. د. مذ) وقال حسن غريب تفرد به قتيبة لا نعرف أحدًا رواه عن الليث غيره، وحديث الليث عن يزيد بن حبيب عن أبى الطفيل عن معاذ حديث غريب، والمعروف عند أهل العلم حديث معاذ من حديث أبى الزبير عن أبى الطفيل عن معاذ "ان النبى صلى الله عليه وسلم جمع فى غزوة تبوك بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء" رواه قرة بن خالد وسفيان الثورى ومالك وغير واحد عن أبى الزبير المكى (قلت) يعنى حديث معاذ المتقدم فى الباب السابق، وقد أعل حديث الباب غير واحد من أهل العلم، (قال فى البدر المنير) إن للحفاظ فى هذا الحديث خمسة أقوال (أحدها) انه حسن غريب قاله الترمذى (ثانيها) انه محفوظ صحيح قاله ابن حبان (ثالثها) انه منكر قاله أبو داود (رابعها) انه منقطع قاله ابن حزم (خامسها) انه موضوع قاله الحاكم، وأصل حديث أبى الطفيل فى صحيح مسلم، وأبو الطفيل عدل ثقة مأمون اهـ قلت) ويؤيده أحاديث الباب الصحيحة التى فى معناه والله أعلم (1237) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا محمد ابن عمران الحجى قال سمعت صفية بنت شيبة عن عائشة "الحديث" (غريبه) (4) يعنى يؤخر الظهر عن وقتها ويصليها مع العصر فى أول وقتها، وكذلك يفعل في المغرب

(الفصل الثاني فيما روى فى الجمع بين الظهر والعصر) (1238) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيع الشَّمس أخَّر الظُّهر إلى وقت العصر ثمَّ نزل فجمع بينهما فإذا زاغت الشَّمس قبل أن يرتحل صلَّى الظُّهر ثمَّ ركب (1239) عن أبى قلابة عن ابن عبَّاس قال لا أعلمه إلاَّ قد رفعه، قال كان إذا نزل منزلًا (وفي رواية كان إذا سافر فنزل منزلًا) فأعجبه المنزل أخَّر الظُّهر حتَّى يجمع بين الظُّهر والعصر، وإذا سار ولم يتهيَّأ له المنزل أخَّر الظُّهر حتَّى يأتى المنزل فيجمع بين الظُّهر والعصر

_ والعشاء وهذا جمع التأخير، ولم يرد فى حديث عائشة جمع التقديم، ويستفاد من الحديثين اللذين قبله (تخريجه) أخرجه الطحاوى والحاكم وسنده جيد (1238) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة ابن سعيد ثنا المفضل بن فضالة عن عقيل عن ابن شهاب عن أنس بن مالك "الحديث" (غريبه) (1) بزاى وغين معجمة أى تميل الى جهة المغرب (2) أى جمع تأخير فى وقت العصر (3) أى صلى الظهر وحدها ثم سافر، لكن ثبت فى الأربعين للحاكم "صلى الظهر والعصر ثم ركب" فالظاهر أن فى الحديث حذفًا والله أعلم (تخريجه) (ق. د. نس. هق) (1239) عن أبى قلابة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس وحسن بن موسى المعنى قالا حدثنا حماد يعنى بن زيد عن أيوب عن أبى قلابة "الحديث" (غريبه) (4) هكذا بالأصل "أخر الظهر حتى يجمع بين الظهر والعصر" ومعناه غير ظاهر بالنسبة للشق الثانى، وهو فى رواية البيهقى بعد قوله فأعجبه المنزل (أقام فيه حتى يجمع بين الظهر والعصر) أى جمع تقديم فرواية البيهقى أظهر، لأنه لا معنى لتأخير الظهر بعد النزول (وقوله أعجبه المنزل) أى لكونه فيه ماء مثلا أو نحو ذلك مما فيه راحة للمسافر (5) أى الذى يعجبه النزول فيه فيجمع بين الظهر والعصر جمع تأخير فى وقت العصر، وهذه حالة من أحواله صلى الله عليه وسلم فى الجمع والله أعلم (تخريجه) (هق) قال الحافظ ورجاله ثقات إلا أنه مشكوك في رفعه

(1240) عن حمزة الضَّبِّيِّ قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إذا نزل منزلًا لم يرتحل حتَّى يصلِّى الظُّهُر، قال فقال محمَّد بن عمر لأنس يا أبا حمزة وإن كان بنصف النَّهار؟ قال وإن كان بنصف النَّهار (الفصل الثالث فيما روى فى الجمع بين المغرب والعشاء) (1241) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكَّة عند غروب الشَّمس فلم يصلِّ حتَّى أتى سرف وهي تسعة

_ والمحفوظ أنه موقوف، وقد أخرجه البيهقى من وجه آخر محزومًا بوقفه على ابن عباس ولفظه "اذا كنتم سائرين" فذكر نحوه اهـ (1240) عن حمزة الضبى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا شعبة عن حمزة الضبى "الحديث" (غريبه) (1) أى فى منزل للراحة فى وقت الظهر (2) يعنى وان كان أداء الصلاة المذكورة نصف النهار أى عقب الزوال، فالمراد أنه صلى الله عليه وسلم كان يبادر بالصلاة فى أول وقتها قبل أن يرتحل، وليس المعنى أنه كان يصليها قبل الزوال، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم كان يجمع العصر معها تقديما بعد الزوال، لما رواه البيهقى باسناد صحيح والاسماعيلى عن أنس قال "كان رسول الله اذا كان فى سفر فزالت الشمس صلى العصر والظهر جميعا ثم ارتحل" وللأجماع على عدم صحة صلاة الظهر قبل الزوال (تخريجه) (د. نس) (1241) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن فضيل ثنا الأجلح عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله "الحديث" (غريبه) (3) بفتح أوله وكسر ثانيه ككتف بمنع صرفه؛ وقد يصرف، موضع قريب من التنعيم شمال مكة، وقد بين الراوى أن بينه وبين مكة تسعة أميال، وهو الموضع الذى تزوج به النبى صلى الله عليه وسلم ميمونة بنت الحارث وبه توفيت ودفنت، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء بسرف جمعا حقيقيا لا صوريا، لأن المسافة التى بين مكة وسرف لا يمكن قطعها إلا فى زمن لا يبقى معه وقت للجمع الصورى، وكان ذلك فى رجوعه صلى الله عليه وسلم من مكة الى المدينة، ولم يصرح بالجمع فى الحديث، وصرح به أبو داود فى روايته عن جابر "قال غابت له الشمس

أميال من مكَّة (وعنه من طريق ثان) أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم غابت له الشمس يسرف فلم يصلِّ المغرب حتَّى أتى مكَّة (1242) ز عن عبد الله بن محمَّد بن عمر بن علىّ عن أبيه عن جدِّه أن عليًّا رضى الله عنه كان يسير حتَّى إذا غابت الشَّمس وأظلم

_ بمكة فجمع بينهما بسرف" (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق قال سمعت الحجاج بن أرطاة عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله أن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) هذه الرواية تدل على أن ذلك كان فى ذهابه من المدينة الى مكة، والرواية الأولى تدل على أنه كان فى رجوعه من مكة الى المدينة فلعله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك فى الذهاب والأياب والله أعلم (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (د. نس. هق) وسندها جيد، ولم أقف على من أخرج الطريق الثانية وفى إسنادها حجاج بن أرطاة، قال الحافظ فى التقريب صدوق كثير الخطأ والتدليس اهـ وفى الخلاصة قال أبو حاتم اذا قال حدثنا فهو صالح لا يرتاب فى حفظه وصدقه، وقال ابن معين صدوق مدلس، وقال أيضا هو والنسائى ليس بالقوى، روى له الأمام مسلم مقرونا بغيره اهـ (1242) "ز" عن عبد الله بن محمد (سنده) حدّثنا عبد الله ثنا أبو بكر ابن أبى شيبة حدثنا أبو أسامة عن عبد الله بن محمد الخ (غريبه) (3) هو أبو محمد العلوى روى عن بيه وخالد بن أبى جعفر وعاصم بن عبد الله وإسحاق بن سالم، وعنه ابنه عيسى وابن المبارك وابن أبى فديك وأبو أسامة وغيرهم، قال ابن سعد كان قليل الحديث، وقال الحافظ فى التقريب مقبول من السادسة؛ روى له أبو داود والنسائى (4) هو محمد بن عمر بن على بن أبى طالب القرشى الهاشمى روى عن جده مرسلا وأبيه وعمه محمد بن الحنفية وعلى بن الحسين وكريب مولى ابن عباس وآخرين، وعنه أولاده عبد الله وعبيد الله وعمر وابن جريج وهشام بن سعد، قال ابن القطان حاله مجهول؛ وقال ابن سعد كان قليل الحديث وقال الحافظ فى التقريب مجهول من الثالثة، وذكره ابن حبان فى الثقات (وقوله عن جده) هو عمر بن على بن أبى طالب الهاشمى روى عن أبيه وعنه أولاده محمد وعبيد الله وعلى وثقه العجلى، وقال الحافظ فى التقريب ثقة من الثالثة روى له أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه (5) أى الليل يعنى قارب أن يظلم كما فى رواية عند أبي داود

نزل فصلَّى المغرب ثمَّ صلَّى العشاء على أثرها ثمَّ يقول هكذا رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يصنع (1243) عن أبى الزُّبير قال سألت جابرًا هل جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء؟ قال نعم زمان غزونا بني المصطلق (1244) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال جمع النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم بين الصَّلاتين يوم غزا بنى المصطلق (1245) عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه كان يجمع

_ (1) ظاهره أنه لم يفصل بينها بشئ، ولكن جاء فى رواية أبى داود بعد قوله فصلى المغرب قال "ثم يدعو بعشائه فيتعشى ثم يصلى العشاء ثم يرتحل ويقول هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع" فلعل الواقعة تكررت فكان يفصل فى بعض الأحيان، أو يكون المراد بقول الراوى فى حديث الباب (على أثرها) أى قريبا منها فيغتفر الفصل بنحو العشاء "بفتح العين المهملة" كما فى رواية أبى داود والله أعلم (تخريجه) (د) وسنده لا بأس به (1243) عن أبى الزبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا موسى حدثنا ابن لهيعة عن أبى الزبير أنه قال سألت جابرًا الخ (غريبه) (2) بضم الميم وسكون المهملة وفتح الطاء المهملة وكسر اللام وقاف لقب خزيمة بن عمرو، قال فى القاموس سمى به لأجل صوته، وكان من أول من غنى من خزيمة، وكانت فى السنة الخامسة من الهجرة وسيأتى لها باب مخصوص فى كتاب الغزوات إن شاء الله تعالى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام احمد، وأورده الهيثمى ولم يعزه لغير الأمام احمد، قال وفيه ابن لهيعة وفيه كلام اهـ (1244) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير ثنا حجاج عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (3) يعنى المغرب والعشاء كما يدل عليه حديث جابر الذى قبله (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأم احمد وفى إسناده الحجاج بن أرطاة وفيه كلام تقدم آنفا (1245) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

بين الصّلاتين المغرب والعشاء إذا غاب الشَّفق قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بينهما إذا جدَّ به السَّير "وفى رواية إذا جدَّ به السير إلى ربع اللَّيل أخَّرهما جميعًا" (1246) عن إسماعيل بن عبد الرحَّمن بن ذؤيب من بنى أسد بن عبد العزَّى قال خرجنا مع ابن عمر إلى الحمى، فلمَّا غربت الشَّمس هبنا أن نقول له الصَّلاة حتَّى ذهب بياض الأفق وذهبت فحمة العشاء نزل فصلَّى بنا ثلاثًا واثنتين فالتفت إلينا وقال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل (1247) عن نافع قال جمع ابن عمر بين الصَّلاتين مرَّةً واحدةً جاءه خبر عن صفيَّة بنت أبى عبيد أنَّها وجعة فارتحل بعد أن صلَّى العصر

_ إسحاق بن يوسف الأزرق عن عبيد الله يعنى ابن عمر عن نافع عن ابن عمر "الحديث" (غريبه) (1) الشفق من الاضداد، يقع على الحمرة التى ترى فى المغرب بعد مغيب الشمس؛ وعلى البياض الباقى فى الأفق الغربى بعد الحمرة المذكورة، فاذا غاب الشفق الأحمر فقد وجبت العشاء عند الأئمة الثلاثة مالك والشافعى وأحمد، واذا غاب الشفق الأبيض وجبت العشاء عند الأمام أبى حنيفة، والمراد هنا مغيب الشفق الأبيض كما يستفاد من الحديث التالى حيث قال "حتى ذهب بياض الأفق وذهبت فحمة العشاء" (تخريجه) (ق. د. مى. هق) بدون رواية الى ربع الليل (1246) عن إسماعيل (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن ابن أبى نجيح عن إسماعيل الخ (غريبه) (2) يقال هاب الشئ يهابه إذا خافه واذا وقَّره وعظَّمه (3) هى إقبال الليل وأول سواده، يقال للظلمة التى بين المغرب والعشاء الفحمة، وللظلمة التى بين العتمة "أى العشاء" والغداة العسعسة (4) يعنى المغرب ثلاثا لأنها لا تقصر والعشاء اثنتين مقصورة (تخريجه) (نس. فع. هق. والطحاوى) وسنده جيد (1247) عن نافع (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرنى نافع قال جمع ابن عمر "الحديث" (غريبه) (5) هذا باعتبار ما رآه نافع فلا ينافى أنه جمع فى غير هذه الواقعة (6) هى صفية بنت أبى عبيد بن مسعود

وترك الأثقال ثمَّ أسرع السيَّر فسار حتَّى حانت صلاة المغرب فكلمه رجل من أصحابه فقال الصَّلاة فلم يرجع إليه شيئًا ثمَّ كلمه آخر فلم يرجع إليه شيئًا، ثمَّ كلَّمه آخر فقال إنِّي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استعجل به السَّير أخَّر هذه الصَّلاو حتَّى يجمع بين الصَّلاتين (وعنه من طريق ثان) أنَّ ابن عمر رضى الله عنهما استصرخ على صفيَّة فسار فى تلك اللَّيلة مسيرة ثلاث ليال سار حتَّى أمسى، فقلت الصَّلاة فسار ولم يلتفت، فسار حتَّى أظلم فقال له سالم أو رجل الصّلاة وقد أمسيت، فقال إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عجل به السَّير جمع بين هاتين الصَّلاتين، وإنِّى أريد أن أجمع بينهما فسيروا، فسار حتَّى غاب الشَّفق ثمَّ نزل فجمع بينهما (1248) عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال ما رأيت رسول الله

_ الثقفية زوجة عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أرسلت اليه "انى فى آخر يوم من الدنيا وأول يوم من الآخرة" كما فى رواية عند النسائى، وفى رواية عند البيهقى أنها كانت بالمدينة وهو بمكة (1) أى لم يأخذ معه أمتعة لئلا تعيقه عن سرعة السير (2) أى فلم يردّ عليه (3) يعنى المغرب حتى يجمع بينها وبين العشاء (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل أنا أيوب عن نافع أن ابن عمر استصرخ الخ (5) بالبناء للمجهول، يقال استصرخ الأنسان، وبه اذا الصارخ أى المصوت يعلمه بأمر حادث يستعين به عليه أو ينعى له ميتا. والمعنى أنه أتى ابن عمر من يخبره باحتضار زوجته صفية المذكورة (6) يعنى أنه سار فى تلك الليلة مسافة يسيرها المسافر فى ثلاث ليال لأنه كان مسرعًا جدًا فى السير (7) أى دخل الليل فى الظلام (8) بفتح فكسر أى تعجل فى السير (تخريجه) (ق. والثلاثة) وغيرهم (1248) عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد قال قال عبد الله (يعني ابن

صلى الله عليه وسلم صلَّي صلاةً إلاَّ لميقاتها إلاَّ صلاتين، صلاة المغرب والعشاء بجمع وصلاة الفجر يومئذ قبل ميقاتها (وفى لفظ) قال ابن نمير العشاءين "أى بدل قوله صلاتين" فإنَّه صلاَّهما بجمع جميعًا

_ مسعود) ما رأيت الخ (غريبه) (1) جمع - علم للمزدلفة سميت به لأن آدم عليه السلام وحواء لما أهبطا اجتمعا بها (نه) (2) قال النووى المراد به قبل وقتها المعتاد لا قبل طلوع الفجر لأن ذلك ليس بجائز باجماع المسلمين، والغرض أن استحباب الصلاة فى أول الوقت فى هذا اليوم أشد وآكد، وقال أصحابنا معناه أنه صلى الله عليه وسلم كان فى غير هذا اليوم يتأخر عن أول طلوع الفجر الى أن يأتيه بلال، وفى هذا اليوم لم يتأخر لكثرة المناسك فيه فيحتاج الى المبالغة فى التكبير ليتسع له الوقت (تخريجه) (ق. لك. د. نس) (الأحكام) أحاديث الباب منها ما هو عام فى مشروعية الجمع بين الصلاتين سواء أكانت الظهر مع العصر أم المغرب مع العشاء، وسواء أكان الجمع تقديمًا أم تأخيرًا، ومنمها ما هو مقتصر على الجمع بين الظهر والعصر فقط، ومنها ما هو مقتصر على الجمع بين المغرب والعشاء فقط، ومنها ما هو مقيد بالجد فى السير، ومنها ما هو مطلق، لذلك اختلفت أنظار العلماء فى هذه المسألة على جملة أقوا (القول الأول) جواز الجمع بين الظهر والعص وبين المغرب والعشاء بعذر السفر جمع تقديم فى وقت الأولى منهما وجمع تأخير فى وقت الثانية منهما، وبه قال مالك والشافعى واحمد فى المشهور عنه والجمهور إلا أن المشهور من مذهب مالك اختصاص الجمع بحالة الجد فى السير لخوف فوات أمر أو لأدراك مهم، وبه قال أشهب، وقال ابن الماجشون وابن حبيب واصبغ إن الجد لمجرد قطع السفر مبيح للجمع، وروى ابن أبى شيبة فى مصنفه الجمع بين الصلاتين فى السفر عن بن أبى وقاص. وسعيد بن زيد. وأبى موسى الأشعرى. وأسامة بن زيد. وغيرهم، وحكاه ابن المنذر عن ابن عباس. وابن عمر. وطاوس. ومجاهد. وعكرمة. وأبى ثور وإسحاق. قال وبه أقول (وقال البيهقى) الجمع بين الصلاتين بعذر السفر من الأمور المشهورة المستعملة فيما بين الصحابة والتابعين رضى الله عنهم أجميعين مع الثابت عن النبى صلى الله عليه وسلم ثم عن أصحابه ثم ما اجتمع عليه المسلمون من جمع الناس بعرفة ثم بالمزدلفة، وروى فى ذلك عن عمر وعثمان، ثم روى عن زيد بن أسلم وربيعة ومحمد بن المنكدر وأبى الزناد أنهم كانوا يجمعون بين الظهر والعصر اذا زالت الشمس، وحكاه ابن عبد البر عن عطاء بن أبى رباح وسالم بن عبد الله بن عمر وجمهور علماء المدينة، وحكاه ابن بطال عن جمهور العلماء،

_ وحكاه ابن قدامة فى المغنى عن أكثر أهل العلم، وحكاه أبو العباس القرطبى عن جماعة السلف وفقهاء المحدثين (القول الثانى) اختصاص ذلك بحالة الجد فى السفر لخوف فوات أمر أو لأدراك مهم، وهو المشهور عن مالك كما تقدم وتمسك هؤلاء بظاهر روايات ابن عمر التى فى الباب (والجواب عن ذلك) أن فى حدث غيره زيادة يجب الأخذ بها وهى الجمع من غير جد فى السفر كما فى حديث معاذ المتقدم فى أول الباب، قال الترمذى حديث حسن، وقال البيهقى هو حديث محفوظ صحيح اهـ ففى حديث معاذ الجمع بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء ولم يقيد ذلك بأن يعجل به السفر، بل صرح فى رواية الموطأ وأبى داود وغيرهما بالجمع وهو غير سائر بل نازل ماكث فى خبائه يخرج فيصلى الصلاتين جميعا ثم ينصرف الى خبائه (قال الشافعى رحمه الله) فى الأم بعد ذكره هذه الرواية وهذا وهو نازل غير سائر لأن قوله دخل ثم خرج لا يكون إلا وهو نازل؛ فللمسافر أن يجمع نازلًا ومسافرًا اهـ وفيه أيضا التصريح بجمع التقديم والتأخير فى الظهرر والعصر وفى المغرب والعشاء، وقد كانت غزوة تبوك فى أواخر الأمر سنة تسع من الهجرة (قال ابن عبد البر) بعد ذكر حديث معاذ فى الموطأ، فى هذا أوضح الدلائل وأقوى الحجج فى الرد على من قال لا يجمع المسافر بين الصلاتين إلا اذا جد به السير، وهو قاطع للالتباس، قال وليس فيما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان اذا جد به السير جمع بين المغرب والعشاء ما يعارضه؛ لأنه اذا كان له الجمع نازلا غير سائر فالذى يجد به السير أحرى بذلك، وإنما يتعارضان لو كان فى أحدهما أنه قال لا يجمع المسافر بين الصلاتين إلا أن يجد به السير، وفى الآخر أنه جمع نازلا غير سائر، فاما أن يجمع وقد جاء به السير ويجمع وهو نازل لم يجد به السير فليس هذا بمتعارض عند أحد له فهم، قال وقد أجمع المسلمون على الجمع بين الصلاتين بعرفة ومزدلفة فكل ما اختلفت فيه من مثله فمردود اليه، وروى مالك عن ابن شهاب أنه قال سألت سالم بن عبد الله هل يجمع بين الظهر والعصر فى السفر؟ فقال نعم لا بأس بذلك، ألم تر الى صلاة الناس بعرفة فهذا سالم قد نزع بما ذكرنا، وهذا أصل صحيح لمن ألهم رشده ولم تحل به العصبية الى المعاندة اهـ وحكى أبو العباس القرطبى عدم اشتراط الجد فى السفر عن جمهور السلف وعلماء الحجاز وفقهاء المحدثين وأهل الظاهر (القول الثالث) منع الجمع بعذر السفر مطلقا، وإنما يجوز للنسك بعرفة ومزدلفة (وهذا قول الحنفية) بل زاد أبو حنيفة على صاحبيه وقال لا يجمع للنسك إلا اذا صلى فى الجماعة فان صلى منفردًا صلى كل صلاة فى وقتها، وقال أبو يوسف ومحمد المنفرد فى ذلك كالمصلى فى جماعة، وحكى ابن قدامة فى المغنى هذا عن رواية ابن القاسم عن مالك واختياره، وروى ابن أبى شيبة فى مصنفه عن ابراهيم النخعى قال كان الأسود وأصحابه

_ ينزلون عند وقت كل صلاة فى السفر فيصلون المغرب لوقتها ثم يتعشون ثم يمكثون ساعة ثم يصلون العشاء، وعن الحسن وابن سيرين أنهما قالا ما نعلم من السنة الجمع بين الصلاتين فى حضر ولا سفر إلا بين الظهر والعصر بعرفة وبين المغرب والعشاء بجمع، وعن عمر وأبى موسى أنهما قالا الجمع بين الصلاتين بغير عذر من الكبائر، وروى هذا مرفوعًا عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "من جمع بين الصلاتين من غير عذر فقد أتى بابا من أبواب الكبائر" رواه الترمذى وفى إسناده حنش بن قيس وهو ضعيف (وأجاب هؤلاء) عن أحاديث الجمع بأن المراد بها أن يصلى الأولى فى آخر وقتها والأخرى فى أول وقتها وهذا مردود بوجهين (أحدهما) انه وردت الروايات مصرحة بالجمع فى وقت إحداهما، فمن أحاديث الباب حديث ابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء بعد مغيب الشفق وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك؛ ورواه مسلم وغيره (ومنها) حديث أنس "أخر الظهر الى وقت العصر ثم نزل فجمع بينهما" وهذا الحديث رواه الشيخان وغيرهما (ومنها) حديث معاذ وهو صريح فى جمعى التقديم والتأخير فى الظهر والعصر وفى المغرب والعشاء، وهذه الأحاديث لا يمكن معها التأويل الذى ذكروه (الثانى) أن الجمع رخصة فلو كان على ما ذكروه لكان أشد ضيقا وأعظم حرجًا فى السفر من الأتيان بكل صلاة فى وقتها، لأن الأتيان بكل صلاة فى وقتها أوسع من مراعاة طرفى الوقتين بحيث لا يبقى من وقت الأولى الا قدر فعلها، ومن تدبر هذا وجده واضحًا كما وصفنا، ثم لو كان الجمع هكذا لجاز الجمع بين العصر والمغرب والعشاء والصبح، ولا خلاف بين الأمة فى تحريم ذلك، والعمل بالأحاديث على الوجه السابق الى الفهم منها أولى من هذا التكلف الذى لا حاجة اليه (واحتج هؤلاء) بحديث ابن مسعود الذى فى آخر الباب، ورواه الشيخان أيضا قال "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الا ليمقاتها الا صلاتين صلاة المغرب والعشاء بجمع وصلاة الفجر يومئذ قبل ميقاتها" وقالوا ان مواقيت الصلاة تثبت بالتواتر فلا يجوز تركها بخبر واحد (والجواب) عن حديث ابن مسعود أنه متروك الظاهر بالأجماع من وجهين (أحدهما) أنه قد جمع بين الظهر والعصر بعرفة بلا شك، وقد ورد التصريح بذلك فى بعض طرق حديث ابن مسعود فلم يصح هذا الحصر (وثانيهما) أنه لم يقل أحد بظاهره فى ايقاع الصبح قبل الفجر، والمراد أنه بالغ فى التعجيل حتى قارب ذلك مما قبل الفجر، ثم ان غير ابن مسعود حفظ عن النبى صلى الله عليه وسلم الجمع بين الصلاتين فى السفر بغير عرفة ومزدلفة، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ ولم يشهد، وقد روى أبو يعلى الموصلى فى مسنده باسناد جيد عن ابن مسعود رضى الله عنه قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الصلاتين فى السفر" (والجواب) عن قولهم لا يترك المتواتر

_ بالآحاد بأنا لم نتركها وإنما خصصناها، وتخصيص المتواتر بالآحاد جائز بالأجماع، وقد جاز تخصيص الكتاب بخبر الواحد إجماعًا فتخصيص السنة بالسنة أولى بالجواز والله أعلم (القول الرابع) جواز جمع التأخير ومنع جمع التقديم، وهو رواية عن أحمد، قال ابن قدامة وروى نحوه عن سعد وابن عمر وعكرمة، قال ابن بطال وهو قول مالك فى المدينة، وبهذا قال ابن حزم الظاهرى بشرط الجد فى السفر؛ واعتماد هؤلاء على أن جمع التقديم لم يذكر فى حديثى ابن عمر وأنس وإنما ذكر فيهما جمع التأخير وتأكد ذلك بقوله فى حديث أنس فان زاغت قبل أن يرتحل صلى الظهر ثم ركب ولم يذكر صلاة العصر (وجوابه) أنه لا يلزم من عدم ذكرها أن لا يكون صلاها مع الظهر، وقد ورد التصريح بجمع التقديم فى حديث معاذ وغيره فوجب المصير اليه، وحمل بعضهم حديث أنس على أن معناه صلى الظهر والعصر، قال لأنه عليه الصلاة والسلام إنما كان يؤخر الظهر الى العصر اذا لم تزغ الشمس، فكذلك يقدم العصر الى الظهر إن زاغت الشمس، ذكره ابن بطال، وقد ورد التصريح بذلك فى حديث أنس بسند لا بأس به فى معجم الطبرانى الأوسط ولفظه "اذا كان فى سفر فزاغت الشمس قبل أن يرتحل صلى الظهر والعصر جميعا، وإن ارتحل قبل أن تزيغ الشمس جمع بينهما فى أول وقت العصر وكان يفعل ذلك فى المغرب والعشاء" وحكى ابن العربى أن اللؤلؤى حكى عن أبى داود أنه قال "ليس فى تقديم الوقت حديث قائم" وما تقدم من الأحاديث التى بعضها صحيح وبعضها حسن يرده (واختلف القائلون بجواز الجمع) فى أفضليته، أما أحاديث الباب فلا تدل إلا على جواز الجمع، وأما رجحانه وكونه أفضل من إيقاع كل صلاة فى وقتها فلا دلالة فيها عليه، فلعله صلى الله عليه وسلم بيَّن بذلك الجواز، أو فعله على سبيل الترخص والتوسع وإن كان الأفضل خلافه، وقد صرح الشافعية بذلك وقالوا إن ترك الجمع أفضل، وقال الغزالى إنه لا خلاف فى المذهب فيه، وعللوه بالخروج من الخلاف، فان أبا حنيفة وجماعة من التابعين لا يجوزونه، وعن الأمام أحمد فى ذلك روايتان، وعن الأمام مالك روايتان أيضا (احداهما) ان الجمع مكروه رواها المصريون عنه كما قاله ابن العربى، واحتج له بتعارض الأدلة، وقال ابن شاس فى الجواهر وقع فى العتيبة قال مالك أكره جمع الصلاتين فى السفر، فحمله بعض المتأخرين على ايثار الفضل لئلا يتساهل فيه من لا يشق عليه (والثانية) انه كره الجمع للرجال دون النساء، حكاها أبو العباس القرطبى عن مالك، وقال ابن الحاجب فى مختصره لا كراهة على المشهور، وقال الخطابى كان الحسن ومكحول يكرهان الجمع فى السفر بين الصلاتين اهـ (واتفق المجوزون للجمع) على فعله فى السفر الطويل، واختلفوا فى القصير فذهب المالكية الى أنه لا يختص بالطويل، وذهب الحنابلة الى اختصاصه به، وللشافعية فى ذلك قولان أصحهما اختصاصه بالطويل والله أعلم

(3) باب جمع المقيم لمطر أو غيره (1249) عن جابر بن زيد عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء بالمدينة من غير خوف ولا مطر قيل لابن عبَّاس وما أراد لغير ذلك قال أراد أن لا يحرج أمَّته (1250) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال صلَّى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فى المدينة مقيمًا غير مسافر سبعًا وثمانيًا

_ (1249) عن جابر بن زيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن شعبة ثنا قتادة قال سمعت جابر بن زيد عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (1) فى بعض روايات أبى داود ومسلم "ولا سفر" بدل قوله "ولا مطر" وفى بعضها "ولا مطر" كما هنا، قال الحافظ واعلم أنه لم يقع مجموعًا بالثلاثة فى شئ من كتب الحديث، بل المشهور من غير خوف ولا سفر (قلت) وهو كذلك فى الموطأ (فى غير خوف ولا سفر قال مالك أرى "بضم الهمزة أى أظن" ذلك فى مطر) ووافقه على ظنه جماعة من أهل المدينة وغيرها منهم الشافعى، قاله ابن عبد البر، لكن روى الحديث مسلم وأصحاب السنن من طريق حبيب بن أبى ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بلفظ "من غير خوف ولا مطر" وأجاب البيهقى بأن الأولى رواية الجمهور فهى أولى، قال وقد رويناه عن ابن عباس وابن عمر الجمع بالمطر، وهو يؤيد التأويل، وأجاب غيره بأن المراد ولا مطر كثير أو ولا مطر مستدام، فلعله انقطع فى أثناء الثانية والله أعلم (2) أى ما قصد بفعله لغير ذلك (3) قال ابن سيد الناس قد اختلف فى تقييده، فروى يحرج بالياء المضمومة آخر الحروف وأمته منصوب على أنه مفعوله، وروى تخرج بالتاء ثالثة الحروف مفتوحة وضم أمته على أنها فاعله؛ ومعناه إنما فعل ذلك لئلا يشق عليهم ويثقل فقصد الى التخفيف عنهم اهـ (تخريجه) (م. لك) والأربعة والبيهقى (1250) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عثمان بن صفوان عن صفوات بن أمية الجمحى قال ثنا الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (4) أى سبعا جميعا وهى المغرب والعشاء وثمانيا جميعا وهى الظهر والعصر كما صرح بذلك فى الحديث التالى (تخريجه) (ق. وغيرهما)

(1251) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى سفيان قال عمرو أخبرنى جابر بن زيد أنَّه سمع ابن عبَّاس يقول صلَّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانيًا جميعًا وسبعًا جميعًا، قال قلت له يا أبا الشعَّثاء أظنُّه أخَّر الظُّهر وعجَّل وأخَّر المغرب وعجَّل العشاء، قال وأنا أظنُّ ذلك

_ (1251) حدّثنا عبد الله (غريبه) (1) هو ابن عيينة (وعمرو) هو ابن دينار (2) يعنى الظهر والعصر "وقوله وسبعا جميعا" يعنى المغرب والعشاء (3) كنية جابر بن زيد، والقائل "قلت" هو عمرو بن دينار (تخريجه) (ق. وغيرهما) (الأحكام) استدل بأحاديث الباب القائلون بجواز الجمع فى الحضر للحاجة مطلقا، لكن بشرط أن لا يتخذ ذلك عادة (قال الحافظ) وممن قال به ابن سيرين وربيعة وأشهب وابن المنذر والقفال الكبير وجماعة من أصحاب الحديث واستدل لهم بما فى مسلم فى هذا الحديث (أى الحديث الأول من أحاديث الباب) عن سعيد بن جبير "فقلت لابن عباس لم فعل ذلك؟ قال أراد أن لا يحرج أحدًا من أمته" (وللنسائى) من طريق عمرو بن هرم عن أبى الشعثاء أن ابن عباس صلى بالبصرة الأولى "يعنى الظهر" والعصر ليس بينهما شئ؛ والمغرب والعشاء ليس بينهما شئ، فعل ذلك من شغل، وفيه رفعه الى النبى صلى الله عليه وسلم (ولمسلم) (قلت والأمام أحمد أيضا) عن عبد الله بن شقيق ان شغل ابن عباس كان بالخطبة وانه خطب بعد العصر الى أن بدت النجوم، ثم جمع بين المغرب والعشاء، وفيه تصديق أبى هريرة لابن عباس فى رفعه، وما ذكر ابن عباس من التعليل بنفى الحرج ظاهر فى مطلق الجمع، وجاء مثله عن ابن عباس قال "جمع النبى صلى الله عليه وسلم بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء فقيل له فى ذلك، فقال صنعت هذا لئلا تخرج أمتى" رواه الطبرانى، وإرادة نفى الحرج تقدح فى حمله على الجمع الصورى، لأن القصد اليه لا يخلو عن حرج اهـ (وذهب الجمهور) الى أن الجمع لغير عذر لا يجوز، وأجابوا عن أحاديث الباب بأجوبة (منها) أن الجمع المذكور كان للمرض وقواه النووى، قال الحافظ وفيه نظر، لأنه لو كان جمعه صلى الله عليه وسلم بين الصلاتين بعارض المرض لما صلى معه إلا من له نحو ذلك العذر، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم جمع بأصحابه، وقد صرح بذلك ابن عباس فى روايته (ومنها) أنه كان فى غيم ثم صلى الظهر، ثم انكشف الغيم مثلا فبان أن وقت العصر قد دخل فصلاه (قال النووى) وهو باطل، لأنه وان كان فيه أدنى احتمال فى الظهر والعصر فلا احتمال فيه فى المغرب والعشاء (قال الحافظ) وكأن نفيه الاحتمال مبني

_ على أنه ليس للمغرب إلا وقت واحد، والمختار عنه خلافه وهو أن وقتها يمتد الى العشاء، وعلى هذا فالاحتمال قائم (ومنها) أن الجمع المذكور صورى بأن يكون أخَّر الظهر الى آخر وقتها وعجل العصر فى أول وقتها (قال النووى) وهذا احتمال ضعيف أو باطل لأنه مخالف للظاهر مخالفة لا تحتمل (قال الحافظ) وهذا الذى ضعفه قد استحسنه القرطبى. ورجحه إمام الحرمين. وجرم به من القدماء بن الماجشون والطحاوى. وقواه ابن سيد الناس بأن الشعثاء وهو روا الحديث عن ابن عباس قد قال به (قال الحافظ أيضا) ويقوى ما ذكر من الجمع الصورى أن طرق الحديث كلها ليس فيها تعرض لوقت الجمع، فاما أن يحمل على مطلقها فيستلزم إخراج الصلاة عن وقتها المحدود بغير عذر، وإما أن يحمل على صفة مخصوصة لا تستلزم الإخراج، ويجمع بين مفترق الأحاديث، فالجمع الصورى أولى والله أعلم اهـ (قال الشوكانى) ومما يدل على تعيين حمل أحاديث الباب على الجمع الصورى ما أخرجه النسائى عن ابن عباس بلفظ "صليت مع النبى صلى الله عليه وسلم الظهر والعصر جيمعا والمغرب والعشاء جميعا أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء" فهذا ابن عباس راوى حديث الباب قد صرح بأن ما رواه من الجمع المذكور هو الجمع الصورى، ومما يؤيد ذلك ما رواه الشيخان عن عمرو بن دينار (قلت هو أحد أحاديث الباب) أنه قال يا أبا الشعثاء أظنه أخر الظهر وعجل العصر وأخر المغرب وعجل العشاء قال وأنا أظنه، وأبو الشعثاء هو راوى الحديث عن ابن عباس كما تقدم (قال) ومن المؤيدات للحمل على الجمع الصورى ما أخرجه مالك فى الموطأ والبخارى وأبو داود والنسائى (قلت والأمام أحمد وتقدم) عن ابن مسعود قال "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة لغير ميقاتها إلا صلاتين، جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة مع أنه ممن روى حديث الجمع بالمدينة كما تقدم، وهو يدل على أن الجمع الواقع بالمدينة صورى، ولو كان جمعا حقيقيا لتعارض روايتاه، والجمع ما أمكن المصير اليه هو الواجب (ومن المؤيدات) للحمل على الجمع الصورى أيضا ما أخرجه ابن جرير عن ابن عمر قال "خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يؤخر الظهر ويعجل العصر فيجمع بينهما، ويؤخر المغرب ويعجل العشاء فيجمع بينهما" وهذا هو الجمع الصورى، وابن عمر هو ممن روى جمعه صلى الله عليه وسلم بالمدينة كما أخرج ذلك عبد الرزاق عنه، وهذه الروايات معينة لما هو المراد بلفظ جمع لما تقرر فى الأصول من أن لفظ جمع بين الظهر والعصر لا يعم وقتها كما فى مختصر المنتهى وشروحه والغاية وشرحها وسائر كتب الأصول بل مدلول لغة الهيئة الاجتماعية، وهى موجودة فى جمع التقديم والتأخير والجمع الصورى، إلا أنه لا يتناول جميعها ولا

_ اثنين منها إذ الفعل المثبت لا يكون عامًا فى أقسامه كما صرح بذلك أئمة الأصول فلا يتعين واحد من صور الجمع المذكور إلا بدليل، وقد قام الدليل على أن الجمع المذكور فى الباب هو الجمع الصورى فوجب المصير الى ذلك (وقد زعم بعض المتأخرين) أنه لم يرد الجمع الصورى فى لسان الشارع وأهل عصره، وهو مردود بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من قوله للمستحاضة "وإن قويت على أن تؤخرى الظهر وتعجلى العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين" ومثله فى المغرب والعشاء، وبما سلف عن ابن عباس وابن عمر (وقد روى عن الخطابى) أنه لا يصح حمل الجمع المذكور فى الباب على الجمع الصورى لأنه يكون أعظم ضيقا من الأتيان بكل صلاة فى وقتها، لأن أوائل الأوقات وأواخرها مما لا يدركه الخاصة فضلا عن العامة (ويجاب عنه) بأن الشارع قد عرّف أمته أوائل الأوقات وأواخرها وبالغ فى التعريف والبيان حتى أنه عينها بعلامات حسية لا تكاد تلتبس على العامة فضلا عن الخاصة، والتخفيف فى تأخير إحدى الصلاتين الى آخر وقتها وفعل الأخرى فى أول وقتها متحقق بالنسبة الى فعل كل واحدة منهما فى أول وقتها كما كان ذلك ديدنه صلى الله عليه وسلم حتى قالت عائشة رضى الله عنها "ما صلى صلاة لآخر وقتها مرتين حتى قبضه الله تعالى" ولا يشك منصف أن فعل الصلاة والخروج اليها مرة أخف من خلافه وأيسر، وبهذا يندفع ما قاله الحافظ فى الفتح إن قوله صلى الله عليه وسلم "لئلا تحرج أمتى" يقدح فى حمله على الجمع الصورى لأن القصد اليه لا يخلو عن حرج (فان قلت) الجمع الصورى هو فعل كل واحدة من الصلاتين المجموعتين فى وقتها فلا يكون رخصة بل عزيمة، فأى فائدة فى قوله صلى الله عليه وسلم "لئلا تحرج أمتى" مع شمول الأحاديث المعينة للوقت للجمع الصورى؛ وهل حمل الجمع على ما شملته أحاديث التوقيت إلا من باب الاطراح لفائدته والغاء مضمونه (قلت) لا شك أن الأقوال الصادرة منه صلى الله عليه وسلم شاملة للجمع الصورى كما ذكرت فلا يصح أن يكون رفع الحرج منسوبًا اليها، بل هو منسوب الى الأفعال ليس إلا، لماعرَّ فناك من أنه صلى الله عليه وسلم ما صلى صلاة لآخر وقتها مرتين فربما ظن ظان أن فعل الصلاة فى أول وقتها متحتم لملازمته صلى الله عليه وسلم لذلك طول عمره، فكان فى جمعه جمعا صوريا تخفيف وتسهيل على من اقتدى بمجرد الفعل، وقد كان اقتداء الصحابة بالأفعال أكثر منه بالأقوال، ولهذا امتنع الصحابة رضى الله عنهم من نحر بدنهم يوم الحديبية بعد أن أمرهم صلى الله عليه وسلم بالنحر حتى دخل صلى الله عليه وسلم على أم سلمة مغموما فأشارت عليه بأنه ينحر ويدعو الحلاق يحلق له، ففعل فنحروا أجمع وكادوا يهلكون غما من شدة تراكم بعضهم على بعض حال الحلق اهـ (وقال صاحب المنتقى) بعد أن ساق حديث الباب ما لفظه، قلت وهذا يدل بفحواه على الجمع للمطر والخوف والمرض، إنما خولف ظاهر منطوقه فى الجمع لغير عذر للأجماع ولأخبار المواقيت، فتبقى

(4) باب الجمع بأذان واقامة من غير صلاة تطوع بين المجموعتين (1252) عن عبد الرَّحمن بن يزيد قال كنت مع عبد الله بن مسعود رضى الله عنه بجمع فصلَّى الصَّلاتين كلَّ صلاة وحدها بأذان وإقامة والعشاء بينهما وصلَّي الفجر حين سطع الفجر أو قال حين قائل طلع الفجر، وقال

_ فحواه على مقتضاه، وقد صح الحديث فى الجمع للمستحاضة، والاستحاضة نوع مرض، ولمالك فى الموطأ عن نافع أن ابن عمر كان اذا جمع الأمراء بين المغرب والعشاء فى المطر جمع معهم (وللأثرم) فى سنته عن أبى سلمة بن عبد الرحمن أنه قال من السنة اذا كان يوم مطير أن يجمع بين المغرب والعشاء اهـ (قال النووى رحمه الله) ويجوز الجمع بالمطر فى وقت الأولى ولا يجوز فى وقت الثانية على الأصح لعدم الوثوق باستمراره الى الثانية، وشرط وجوده عند الأحرام بالأولى والفراغ منها وافتتاح الثانية، ويجوز ذلك لمن يمشى الى الجماعة فى غيركنّ بحيث يلحقه بلل المطر، والأصح أنه لا يجوز لغيره، هذا مذهبنا فى الجمع بالمطر، وقال به جمهور العلماء فى الظهر والعصر وفى المغرب والعشاء، وخصه مالك رحمه الله تعالى بالمغرب والعشاء؛ وأما المريض فالمشهور من مذهب الشافعى والأكثرين أنه لا يجوز له، وجوزه أحمد "قلت ومالك" وجماعة من أصحاب الشافعى وهو قوى فى الدليل، وقال أبو حنيفة لا يجوز الجمع بين الصلاتين بسبب السفر ولا المطر ولا المرض ولا غيرها إلا بين الظهر والعصر بعرفات بسبب النسك وبين المغرب والعشاء بمزدلفة بسبب النسك أيضا، والأحاديث الصحيحة فى الصحيحين وسنن أبى داود "قلت ومسند الأمام أحمد أيضا" حجة عليه اهـ (1252) عن عبد الرحمن بن يزيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبى إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد "الحديث" (غريبه) (1) بفتح الجيم وسكون الميم أى المزدلفة وسميت جمعا لأن آدم اجتمع فيها مع حواء وازدلف اليها أى دنا منها، وروى عن قتادة أنها سميت جمعا لأنها يجمع فيها بين الصلاتين وقيل وصفت بفعل أهلها لأنهم يجتمعون بها ويزدلفون الى الله أى يتقربون اليه بالوقوف فيها، وسميت المزدلفة إما لاجتماع الناس بها. أو لاقترابهم الى منى. أو لازدلاف الناس منها جميعا. أو للنزول بها فى كل زلفة من الليل. أو لأنها منزلة وقربة الى الله تعالى، أو لازدلاف الناس منها جميعا. أو للنزول بها فى كل زلفة من الليل. أو لأنها منزلة وقربة الى الله تعالى، أو لازدلاف آدم الى حواء بها. قاله الحافظ (2) أى المغرب والعشاء (3) العشاء بفتح العين المهملة أي طعام

قائل لم يطلع ثمَّ قال إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال إنَّ هاتين الصَّلاتين تحوَّلان عن وقتهما فى هذا المكان لا يقدم النَّاس جمعًا حتَّى يعتموا وصلاة الفجر هذه السَّاعة (1253) عن الحكم قال صلَّى بنا سعيد بن جبير فجمع المغرب ثلاثًا بإقامةٍ قال ثمَّ سلَّم ثمَّ صلَّى العشاء ركعتين، ثمَّ ذكر أنَّ عبد الله بن عمر فعل ذلك وذكر أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أنه كان يصلِّى المغرب والعشاء بإقامة

_ الليل يعني أنه فصل بالعشاء بين صلاة المغرب والعشاء، وفى رواية للبخارى "ثم دعا بعشائه فتعشى" (1) يريد أنه بالغ فى التبكير فى ذلك اليوم بحيث لم يظهر الفجر إلا لخواص الناس الذين تعودوا معرفته، فهم يقولون طلع الفجر، والعوام يقولون لم يطلع، والتبكير فى ذلك اليون سنة لأرادة الاشتغال بالمناسك (2) أما تحويل المغرب فهو تأخيرها الى وقت العشاء الآخرة وأما تحويل الصبح فهو تقديمها عن وقتها المعتاد أعنى التبكير بها فى أول الوقت، أما فى غير هذا اليوم فكانوا يصلونها بعد ظهور النهار بحيث لا يشك فيه أحد (3) بفتح الدال المهملة من باب تعب (4) بضم الياء التحتية من الاعتام وهو الدخول فى وقت العشاء الآخرة (5) أى بعد طلوع الفجر قبل ظهوره للعامة كما تقدم (تخريجه) (خ. نس. هق. بز) (1253) عن الحكم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز ثنا شعبة قال أخبرنى الحكم قال صلى بنا سعيد بن جبير "الحديث" (غريبه) (6) لم يذكر الأذان وهو ثابت فى حديث ابن مسعود أول الباب، وفى حديث جابر عند مسلم والنسائى أن النبى صلى الله عليه وسلم "صلى الصلاتين بعرفة بأذان واحد وإقامتين، وأتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما ثم اضطجع حتى طلع الفجر" (تخريجه) (ق. نس) والطحاوى (1254) عن أبى أيوب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أحمد بن الحجاج ثنا عبد الله بن مبارك أنا سفيان عن جابر عن عدى بن ثابت عن عبد الله يزيد الخطمى عن أبى أيوب "الحديث" (تخريجه) (م والطحاوي)

(1255) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء بجمع، صلَّى المغرب ثلاثًا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة (1256) عن سالم عن أبيه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء بجمع بإقامة ولم يسبِّح بينهما ولا على أثر واحدة منهما (1257) عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم لمَّا جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء ثمَّ أقيمت الصَّلاة فصلَّى المغرب

_ (1255) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أما سفيان عن سلمة بن كهيل عن سعيد عن ابن عمرو عن أبى إسحاق عن عبد الله بن مالك الأسدى عن ابن عمر "الحديث" (غريبه) (1) أى لكل صلاة كما ثبت ذلك عند البخارى عن ابن عمر أيضا قال "جمع النبى صلى الله عليه وسلم المغرب والعشاء بجمع كل واحدة منهما باقامة" وكذلك فى بعض روايات أبى داود، وهو الذى يتفق مع حديث جابر وحديث ابن مسعود، والى ذلك ذهب الجمهور، واختاره الطحاوى، وسيأتى لذلك مزيد بحث فى الأحكام (تخريجه) (ق. د. نس. والطحاوى) (1256) عن سالم عن أبيه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحى عن ابن أبى ذئب عن الزهرى عن سالم عن أبيه "الحديث" (غريبه) (2) أى لم يتنقل بين صلاة المغرب والعشاء ولا عقب كل واحدة منهما (قال الحافظ) ويسفتاد منه أنه ترك النفل عقب المغرب وعقب العشاء، ولماَّ لم يكن بين المغرب والعشاء مهلة صرح بأنه لم يتنفل بينهما، بخلاف العشاء فانه يحتمل أن يكون المراد أنه لم يتنفل عقبها، لكنه تنفل بعد ذلك فى أثناء الليل، ومن ثم قال الفقهاء تؤخر سنة العشاءين عنهما، ونقل ابن المنذر الأجماع على ترك التطوع بين الصلاتين بالمزدلفة، لأنهم اتفقوا على أن السنة الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، ومن تنفل بينهما لم يصح أنه جمع بينهما اهـ (تخريجه) (ق. ج. نس. والطحاوى) (1257) عن أسامة بن زيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن موسى بن عقبة ح وثنا روح عن مالك عن موسى بن عقبة عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن زيد أنه سمعه يقول دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة

ثم َّأناخ كلُّ إنسان بعيره فى منزله ثمَّ أقيمت الصَّلاة فصلاَّها ولم يصلِّ بينهما شيئًا (وعنه من طريق ثان بنحوه وفيه) قال ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى قدم المزدلفة فأقام المغرب ثمَّ أناح النَّاس في منازلهم ولم يحلُّوا حتَّى أقام العشاء فصلَّى ثمَّ حلَّ النَّاس (وعنه من طريق ثالث بنحوه وفيه) قال أتي المزلدفة فصلَّوا المنرب ثمَّ حلُّوا رحالهم وأعنته ثمَّ صلَّى العشاء

_ حتى إذا كان بالشِّعب نزل فبال ثم توضأ ولم يسبغ الوضوء (أى توضأ وضوءًا حفيفا كما فى رواية أخرى) فقلت له الصلاة فقال الصلاة أمامك فركب "فلما جاء المزدلفة نزل فتوضأ فأسبغ الوضوء الحديث" وقد ذكر نحوه فى باب الدفع من عرفة الى مزدلفة وسيأتى فى كتاب الحج إن شاء الله تعالى؛ ولذا اقتصرت فى المتن منه على القدر المناسب لترجمة الباب، ومع هذا فقد أتيت ببقيته فى الشرح كما ترى لئلا يفوت القارئ منه شئ فادع لى بالتوفيق والمغفرة والرحمة (غريبه) (1) فيه جواز الفصل بين الصلاتين المجموعتين بمثل هذا (2) أى من النوافل (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحى بن آدم ثنا زهير ثنا ابراهيم بن عقبة أخبرنى كريب أنه سأل أسامة بن زيد قال قلت أخبرنى كيف صنعتم عشية ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث، وفيه قال ركب الخ وهذا طرف من حديث طويل سيأتى بتمامه فى باب الدفع من عرفة الى مزدلفة من كتاب الحج (4) أى رحالهم وأمتعتهم، وظاهر قوله "ولم يحلوا حتى أنام العشاء فصلى ثم حل الناس" المنافاة لقوله فى الطريق الثالثة "ثم حلوا رحالهم وأعنته ثم صلى العشاء" قال اشوكانى فان أمكن الجمع إما بأنه حل بعضهم قبل صلاة العشاء وبعضهم بعدها أو بغير ذلك فذاك، وان لم يمكن فالرواية الأولى أرجح لكونها فى صحيح مسلم ويرجحها أيضا الاقتصار فى الرواية المتفق عليها على مجرد الأناخة فقط (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن ابراهيم بن عقبة عن كريب عن ابن عباس قال أخبرنى أسامة بن زيد أن النبى صلى الله عليه وسلم أردفه من عرفة فلما أتى الشعب نزل فبال ولم يقل اهراق الماء فصببت عليه فتوضأ وضوءًا خفيفا فقلت الصلاة فقال الصلاة أمامك قال ثم أتى المزدلفة الخ (تخريجه) أخرج الطريق الأول منه (ق. وغيرهما) والطريق الثانية (م. وغيره) والطريق الثالثة لم أقف على من أخرجها غير الأمام أحمد ورجالها رجال الصحيح (الأحكام) في أحاديث الباب

_ دليل على مشروعية الأذان والأقامة للصلاتين المجموعتين، وهل الأذان والأقامة لكل صلاة منهما؟ أو الأذان للأولى فقط والأقامة لكل واحدة من الصلاتين؟ أو الأذان والأقامة للأولى فقط؟ اختلف العلماء فى ذلك (فذهبت المالكية) الى أنه يؤذن ويقيم لكل واحدة من الصلاتين عملا بحديث ابن مسعود المذكور أول الباب وأخرجه أيضا البخارى، وله فى رواية أخرى عن ابن مسعود أيضا أنه أمر بالأذان والأقامة لكل واحدة من الصلاتين المجموعتين بمزدلفة، قال ابن حزم لم نجده مرويا عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لقلت به؛ ثم أخرج من طريق عبد الرزاق عن أبى بكر بن عياش فى هذا الحديث، قال أبو إسحاق فذكرته لأبى جعفر محمد بن على فقال أما نحن أهل البيت فهكذا نصنع، قال ابن حزم وقد روى عن عمر من فعله وأخرجه الطحاوى باسناد صحيح عنه، ثم تأوله بأنه محمول على أن أصحابه تفرقوا عنه فأذَّن لهم ليجتمعوا ليجمع بهم (وذهب الشافعى وأحمد) فى رواية عنهما أنه يصلى كل واحدة منهما باقامتها بلا أذان، وهو محكى عن القاسم بن محمد وسالم بن عبد الله بن عمر، وتمسكوا بحديث أسامة المذكور فى الباب أيضًا لأنه اقتصر فيه على ذكر الأقامة لكل واحدة من الصلاتين (وقال الثورى) يصليهما جميعا باقامة واحدة وهو محكى عن ابن عمر، لحديث ابن عمر المذكور فى الباب وفيه "صلى المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين باقامة واحدة" (وذهبت الشافعية والحنابلة) الى أن يصلى الصلاتين فى وقت الثانية بأذان للأولى وإقامتين، لكل واحدة إقامة وهو الصحيح عندهم، وبه قال أبو ثور وعبد الملك الماجشون المالكى والطحاوى الحنفى وقواه، وحجتهم حديث جابر عند مسلم والنسائى "أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى صلاتين بعرفة بأذان واحد وإقامتين، وأتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما الحديث" ورجح النووى العمل بحديث جابر على غيره من الروايات الأخرى، قال لأن مع جابر زيادة علم وزيادة الثقة مقبولة، ولأن جابرًا اعتنى الحديث ونقل حجَّة النبى صلى الله عليه وسلم مستقصاة فهو أولى بالاعتماد، قال وهذا هو الصحيح من مذهبنا أنه يستحب الأذان للأولى منهما ويقيم لكل واحدة فيصليهما بأذان وإقامتين، ويتأول حديث إقامة واحدة أن كل صلاة لها إقامة ولا بد من هذا ليجمع بينه وبين الروايات الأخرى اهـ (وفى أحاديث الباب أيضا) الموالاة بين الصلاتين المجموعتين وعدم الفصل بينهما نافلة، قال النووى رحمه الله ولا خلاف فى هذا، لكن اختلفوا هل هو شرط للجمع أم لا؟ والصحيح عندنا أنه ليس بشرط بل هو سنة مستحبة، وقال بعض أصحابنا هو شرط، أما اذا جمع بينهما فى وقت الأولى فالموالاة شرط بلا خلاف اهـ والله أعلم

(5) باب حكم صلاة الرواتب فى السفر وفيه فصول (الفصل الاول فيمن روى فعلها فى السفر) (1258) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال صلَّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحضر والسَّفر، فصلَّى الظُّهر فى الحضر أربعًا وبعدها ركعتين، وصلَّى العصر أربعًا وليس بعدها شئ، وصلَّى المغرب ثلاثًا وبعدها ركعتين، وصلَّى العشاء أربعًا، وصلَّى فى السَّفر الظُّهر ركعتين وبعدها ركعتين، والعصر ركعتين وليس بعدها شئ، والمغرب ثلاثًا وبعدها ركعتين، والعشاء ركعتين وبعدها ركعتين (1259) عن أسامة بن زيد قال سألت طاوسًا عن السُّبحة في السَّفر قال وكان الحسن بن يسلم بن ينَّاق جالسًا، فقال الحسن بن مسلم وطاوس يسمع حدَّثنا طاوس عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الحضر والسَّفر فكما تصلِّي في الحضر قبلها وبعدها فصلِّ فى السَّفر قبلها وبعدها، قال وكيع مرَّة وصلِّها فى السَّفر

_ (1258) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحى بن آدم ثنا حسن يعنى ابن صالح عن فراس عن عطية العوفى عن ابن عمر "الحديث" (تخريجه) (مذ) من طريق ابن أبى ليلى عن عطية وعن نافع عن ابن عمر، وقال هذا حديث حسن، سمعت محمدًا يقول ما روى ابن أبى ليلى حديثا أعجب إلىّ من هذا اهـ (1259) عن أسامة بن زيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا أسامة "الحديث" (غريبه) (1) هو الليثى أبو زيد المدنى عن ابراهيم ابن حنين وبعجة الجهنى وابن المسيب وطاوس وعنه أبو حمزة وأبو أسامة وزيد بن الحباب وثقه ابن معين وقال ابن عدى ليس به بأس، مات سنة ثلاث وخمسين ومائة عن بضع وخمسين سنة (خلاصة) وقال فى التهذيب ضعفه القطان، وقال أحمد ليس بشئ، وقال النسائى ليس بالقوى اهـ (2) يعنى صلاة النافلة (تخريجه) (هق) وسنده لا بأس به

(1260) عن البراء بن عازب رضى الله عنه قال سافرت مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم ثمانية عشر سفرًا فلم أره ترك الرَّكعتين قبل الظُّهر (الفصل الثانى فى استحباب صلاة الوتر والتهجد بالليل فى السفر) (1261) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال سنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّلاة في السَّفر ركعتين وهى تمام والوتر فى السَّفر سنَّة (1262) عن جابر سمعت سالم بن عبد الله يحدِّث عن ابن عمر قال كان رسول الله صلَّي الله عليه وآله وسلَّم لا يصلِّى في السَّفر إلاَّ ركعتين غير أنَّه كان يتهجَّد من اللَّيل، قال جابر فقلت لسالم كانا يواتران؟ قال نعم

_ (1260) عن البراء بن عازب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم ثنا ليث ثنا صفوان بن سليم عن أبى سبرة عن البراء بن عازب "الحديث" (غريبه) (1) لفظ أبى داود "فما رأيته ترك ركعتين اذا زاغت الشمس قبل الظهر" أى قبل صلاة الظهر وهو ظرف لترك؛ وقد اختلفوا فى هاتين الركعتين، فقال بعضهم هى سنة الوضوء، وقال بعضهم سنة الظهر والله أعلم (تخريجه) (د. هق. مذ) وقال حسن غريب (1261) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن جابر قال سمعت الشعبى يحدث عن ابن عمر وابن عباس قالا سن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (2) أى غير مقصورة لأنها فرضت ركعتين كما صرح بذلك فى حديث عمر رضى الله عنه، وتقدم فى باب افتراض صلاة السفر وحكمها ولفظه "صلاة السفر ركعتان وصلاة الأضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصير على لشان محمد صلى الله عليه وسلم" (تخريجه) أورده الهيثمى وقال فى الصحيح بعضه - رواه البزار وفيه جابر الجعفى وثقه شعبة والثورى، وضعفه آخرون (1262) عن جابر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر عن جابر سمعت سالم بن عبد الله "الحديث" (غريبه) (3) يعنى الفرض مقصورًا عدا المغرب فانها لا تقصر (4) الظاهر أنه يعنى النبى صلى الله عليه وسلم وابن عمر (تخريجه) لم أقف عليه

(الفصل الثالث فيمن روى عدم صلاة التطوع فى السفر) (1263) عن عيسى بن حفص بن عاصم عن أبيه قال خرجنا مع ابن عمر فصلَّينا الفريضة فرآي بعض ولده يتطوَّع، فقال ابن عمر صلَّيت مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان فى السّفر فلم يصلُّوا قبلها ولا بعدها، قال ابن عمر ولو تطوَّعت لأتممت (وعنه من طريق ثان) حدثنى أبى أنَّه قال كنت مع ابن عمر فى سفر فصلَّى الظُّهر والعصر ركعتين ركعتين، ثمَّ قام إلى طنفسة له فرأى ناسًا يسبِّحون بعدها، فقال ما يصنع هؤلاء؟ قلت يسبِّحون قال لو كنت مصلِّيًا قبلها أو بعدها لأتممتها، صحبت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم حتَّى قبض فكان لا يزيد على ركعتين، وأبا بكر رضى الله عنه حتَّى قبص فكان لا يزيد عليهما، وعمر وعثمان كذلك

_ بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وفى إسناده جابر الجعفى مختلف فيه، وتقدم الكلام عليه فى الذى قبله، وأخرج نحوه الأمام مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر "أنه لم يكن يصلى مع صلاة الفريضة فى السفر شيئا قبلها ولا بعدها إلا من جوف الليل فانه كان يصلى على الأرض وعلى راحلته حيثما توجهت به" (1263) عن عيسى بن حفص بن عاصم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع حدثنا عيسى بن حفص بن عاصم عن أبيه "الحديث" (غريبه) (1) (ظن عليه) إن عثمان كان فى آخره أمره يتم الصلاة (فالجواب) أنه محمول على الغالب (2) يريد والله أعلم أنه لو كان مخيرًا بين الأتمام وصلاة الراتبة لكان الأتمام أحب اليه، لكنه فهم من القصر التخفيف، فلذلك كان لا يصلى الراتبة ولا يتم، وهذا فى رواتب الفرائض فقط، أما النوافل المطلقة فقد ثبت أن ابن عمر رضى الله عنهما كان لا يتركها فى السفر (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن عيسى بن حفص حدثنى أبى أنه قال كنت مع ابن عمر "الحديث" (4) بكسر الطاء المهملة والفاء وضمهما وبكسر الطاء وفتح الفاء بساط له خمل رقيق (5) أى يصلون النافلة والمراد بها هنا الراتبة (تخريجه) (ق. هق.

..

_ والأربعة إلا الترمذي) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية رواتب الفرائض والتهجد والوتر والنفل المطلق فى السفر كما هى مشروعة فى الحضر، وبذلك قال جمهور العلماء (فان قيل) فى بعض أحاديث الباب عن ابن عمر نفى فعل الرواتب فى السفر، وفى بعضها إثبات الفعل وكلها يحتج بها فما التوفيق بين ذلك؟ (قلت) قد أجاب الحافظ العراقى رحمه الله عن ذلك بأن النفل المطلق وصلاة الليل لم يمنعهما ابن عمر ولا غيره، فأما السنن الرواتب فيحمل حديث النفى على الغالب من أحواله صلى الله عليه وسلم فى أنه لا يصلى الرواتب، وحديث الأثبات على أنه صلى الله عليه وسلم فعله فى بعض الأوقات لبيان استحبابها فى السفر وان لم يتأكد فعلها فيه كتأكده فى الحضر، أو أنه كان نازلا فى وقت الصلاة ولا شغل له يشتغل به عن ذلك، أو سائرًا وهو على راحلته، ولفظ كان فى قوله "فكان لا يزيد على ركعتين" لا يقتضى الدوام بل ولا التكرار على الصحيح، فلا تعارض بين حديثيه اهـ وجمع ابن بطال بين ما اختلف عن ابن عمر فى ذلك بأنه كان يمنع التنفل على الأرض ويقول به على الدابة (قال النووى رحمه الله) قد اتفق الفقهاء على استحباب النوافل المطلقة فى السفر، واختلفوا فى استحباب النوافل الراتبة، فتركها ابن عمر وآخرون، واستحبها الشافعى وأصحابه والجمهور، ودليلهم الأحاديث العامة الواردة فى ندب مطلق الرواتب، وحديث صلاته صلى الله عليه وسلم الضحى فى يوم الفتح، وركعتى الفجر حين ناموا حتى طلعت الشمس، وأحاديث أخر صحيحة ذكرها أصحاب السنن، والقياس على النوافل المطلقة (قلت) وأما ما فى الصحيحين ومسند الأمام أحمد فى أحاديث الباب عن ابن عمر أنه قال صحبت النبى صلى الله عليه وسلم فلم أره يسبح فى السفر، وفى رواية صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لا يزيد فى السفر على ركعتين وأبا بكر وعمر وعثمان كذلك (فقال النووى) لعل النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى الرواتب فى رحله ولا يراه ابن عمر فان النافلة فى البيت أفضل، ولعله تركها فى بعض الأوقات تنبيها على جواز تركها، وأما ما يحتج به القائلون بتركها من أنها لو شرعت لكان إتمام الفريضة أولى فجوابه أن الفريضة متحتمة، فلو شرعت تامة لتحتم إتمامها، وأما النافلة فهى الى خيرة المكلف فالرفق به أن تكون مشروعة ويتخير إن شاء فعلها وحصل ثوابها، وإن شاء تركها ولا شئ عليه اهـ (وقال الترمذى) روى عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم كان لا يتطوع فى السفر قبل الصلاة، وروى عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يتطوع فى السفر، ثم اختلف أهل العلم بعد النبى صلى الله عليه وسلم فرآى بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أن يتطوع الرجل فى السفر، وبه يقول أحمد وإسحاق، ولم ير طائفة من أهل العلم أن يصلى قبلها ولا بعدها، ومعنى من لم يتطوع فى السفر قبول الرخصة، ومن تطوع فله فى ذلك فضل كثير، وهو قول أكثر أهل العلم يختارون التطوع فى السفر اهـ (قلت) وممن اختار

(أبواب صلاة المريض وصلاة القاعد) (1) باب من لم يقدر على القيام لمرض ونحوه يصلى كيفما يستطيع وله مثل أجر القائم (1265) عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال ما أحد من النَّاس يصاب ببلاء فى جسده إلاَّ أمر الله عزَّ وجلَّ الملائكة الَّذين يحفظونه فقال اكتبوا لعبدى كلَّ يوم وليلة ما كان يعمل من خير ما كان في وثاقي

_ التطوع في السفر الأمام مالك، ففى الموطأ قال يحيى سئل مالك عن النافلة فى السفر فقال لا بأس بذلك بالليل والنهار، وقد بلغنى أن بعض أهل العلم كان يفعل ذلك اهـ وهذا هو المختار عند الحنفية فى حال القرار والأمن، وسئل الأمام أحمد رحمه الله عن التطوع فى السفر فقال أرجو أن لا يكون بالتطوع بأس، وروى عن الحسن قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسافرون يتطوعون قبل المكتوبة وبعدها، وروى هذا عن عمر وعلى وابن مسعود وجابر وأنس وابن عباس وأبى ذر (وأما ابن عمر) فكان لا يتطوع قبل الفريضة ولا بعدها إلا من جوف الليل مع الوتر، واختاره الحافظ ابن القيم فى الهدى، قال وهذا هو الظاهر من هدى النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان لا يصلى قبل الفريضة المقصورة ولا بعدها شيئا، ولم يكن يمنع من التطوع قبلها ولا بعدها، فهو كالتطوع المطلق، لا أنه سنة راتبة للصلاة كسنة صلاة الأقامة، قال ويؤيد هذا أن الرباعية قد خففت الى ركعتين تخفيفا على المسافر فكيف يجعل لها سنة راتبة يحافظ عليها وقد خفف الفرض الى ركعتين؟ فلولا قصد التخفيف على المسافر وإلا كان الأتمام أولى به؛ ولهذا قال عبد الله بن عمر لو كنت مسبحا لأتممت اهـ هذا ما اختاره الحافظ ابن القيم فى الرواتب غير الوتر وسنة الفجر، أما هما مع التطوع المطلق فقد اختار فعلها، ولهذا قال فى الهدى وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى يوم الفتح ثمان ركعات ضحى وهو إذ ذاك مسافر، قال وصح عنه صلى الله عليه وسلم "أنه كان يسبح على ظهر راحلته حيث كان وجهه" والله أعلم (1265) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسحاق بن يوسف الأزرق ثنا سفيان الثورى عن علقمة بن مرثد عن القاسم يعنى ابن مخيمرة عن عبد الله بن عمرو "الحديث" (غريبه) (1) ليس الأمر قاصرًا على الابتلاء فى الجسد، بل مثله كل من كان يعمل طاعة فمنع منها بأى مانع قهرى وكانت نيته أن يدوم عليها لولا المانع (2) ما مصدرية ظرفية أى مدة كونه مريضا (تخريجه) أورده المنذري

(1265) عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال كان بى النَّاصور فسألت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم عن الصَّلاة فقال صلِّ قائمًا

_ وقال رواه أحمد واللفظ له والحاكم وقال صحيح على شرطهما اهـ ثم اعلم رحمنى الله وإياك أنه لما كانت صلاة الفرض لا تصح من جلوس للقادر على القيام، وصلاة النفل تصح لكن بنصف أجر صلاة القائم، اقتضت رحمة الله تعالى بعبده المريض الذى أقعده المرض عن القيام، أو عجز عن أى عمل خيرىّ كان متعودًا عمله بأى مانع قهرى من الموانع الخارجة عن إرادته اقتضت رحمته عز وجل أن لا ينقصه شيئا من أجر ما كان يعمل قبل العذر، فالمريض الذى عجز عن القيام فى الفرض وصلى من قعود تصح صلاته ويكتب له مثل ثواب القائم، والمسافر الذى تعوّد التهجد مثلا فمنعه السفر عن أدائه يكتب له مثل ثواب المتهجد ما كان العذر قائما، ومثله المقيم الذى غلبه النوم، وكذلك من تعود الصلاة فى الجماعة فتعذر فانفرد كتب له ثواب الجماعة وهكذا، بديل حديث الباب وما أخرجه أيضا البخارى وأبو داود (عن أبى موسى الأشعرى) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا" (وفى حديث عائشة) رضى الله عنها عند النسائى "ما من امرئ يكون له صلاة من الليل يغلبه عليها نوم أو وجع إلا كتب الله له أجر صلاته وكان نومه عليه صدقة" (وعن أبى هريرة) رفعه "من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج الى المسجد فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله مثل أجر من صلى وحضر لا ينقص ذلك من أجره شيئا" أخرجه أبو داود والنسائى والحاكم قال الحافظ وإسناده قوى (قلت) ورواه الأمام احمد أيضا وسيأتى فى باب فضل صلاة الجماعة، وقد صدّرت هذا الباب بهذا الحديث توطئة لما سيأتى بعده وتسلية للمريض، وليعلم أن ما فاته من العمل صحيحا لم يفته ثوابه مريضا وفضل الله واسع (1265) عن عمران بن حصين (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا ابراهيم بن طهمان عن حسين المعلّم عن ابن بريدة عن عمران بن حصين "الحديث" (غريبه) (1) الناصور بالصاد والسين عرق غبرٌ فى باطنه فساد كلما برئ أعلاه رجع غبرًا فاسدًا قاله الأزهرى (وفى لفظ للبخارى) "قال كانت بى بواسير" قلت البواسير جمع باسور بالباء الموحدة قيل هو ورم تدفعه الطبيعة الى كل موضع من البدن يقبل الرطوبة من المقعدة والأنثييت والأشفار وغير ذلك، فان كان فى المقعدة لم يكن حدوثه دون انفتاح أفواه العروق، وقد تبدل السين صادًا فيقال باصور، وقيل غير عربى قاله فى المصباح، قال العينى وهو فى عرف الأطباء نفاطات تحدت على نفس المقعدة ينزل منها كل وقت مادة اهـ (2) أى عن صلاة الذى به علة،

فإن لم تستطع فقاعدًا، فإن لم تستطع فعلى جنب. (1266) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا سفيان عن الزُّهرىِّ سمعه من أنس بن مالك رضى الله عنه قال سقط النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من فرس فجحش شقه الأيمن فدخلنا عليه نعوده فحضرت الصَّلاة فصلَّى قاعدًا وصلَّينا قعودًا، فلمَّا قضي الصَّلاة قال إنَّما جعل الإمام ليؤتمَّ به فإذا كبَّر فكبِّروا وإذا رحع فاركعوا، وقال سفيان مرَّة، فإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا

_ وفي رواية وكيع عن ابراهيم بن طهمان "سألت عن صلاة المريض" أخرجه الترمذى وغيره (1) أى فعلى جنبك لأنه صلى الله عليه وسلم خاطب عمران بقوله "فان لم تستطع" وقال أولًا فى جوابه "صل قائما" لكن لم يبين فيه على أى جنب؛ وهو بظاهره يتناول الجنب الأيمن والأيسر، وبه جزم الرافعى وقال إلا أنه لو اضطجع على جنبه الأيسر ترك السنة، وكأنه أشار بهذا الى ما رواه الدارقطنى من حديث على رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم "فان لم يستطع فعلى جنبه الأيمن مستقبل القبلة بوجهه الحديث" واستدل بعضهم على استحباب كونه على الجنب الأيمن بالحديث الصحيح المتفق عليه من حديث البراء بن عازب رضى الله عنه قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم "اذا أتيت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقتك الأيمن وقل اللهم أسلمت نفسى اليك الحديث" (تخريجه) (خ. والأربعة. وغيرهم) وزاد النسائى فان لم تستطع فمستلقيا، لا يكلف الله نفسا إلا وسعها (1266) حدّثنا عبد الله (غريبه) (2) بضم الجيم وكسر الحاء المهملة ثم شين معجمة أى انخدش جلده وخدش الجلد قشره بعود، خدشه يخدشه وخدوشا (3) الائتمام الاقتداء والاتباع، أى جعل الأمام إمامًا ليقتدى به ويتبع، ومن شأن التابع أن لا يسبق متبوعه ولا يساويه ولا يتقدم عليه فى موقفه، بل يراقب أحواله ويأتى على أثره بنحو فعله، ومقتضى ذلك أنه لا يخالفه فى شئ من الأحوال التى فصلها الحديث ولا فى غيرها قياسا عليها، ولكن ذلك مخصوص بالأفعال الظاهرة لا الباطنة، وهى ما لا يطلع عليه المأموم، وعامة الفقهاء على ارتباط صلاة المأموم بصلاة الأمام وترك مخالفته له (4) فيه أن المأموم لا يشرع فى التكبير إلا بعد فراغ الأمام منه، وكذلك الركوع والرفع منه، وقد اختلف فى ذلك هل هو على سبيل الوجوب أو الندب؟ والظاهر الوجوب من غير فرق

ربنا ولك الحمد وإن صلَّى قاعدًا فصلوا قعودًا أجمعون (1267) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال صرع النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من فرش على جذع نخلة فانفكت قدمه فدخلنا عليه نعوده فوجدناه يصلِّى، فصلَّينا بصلاته ونحن قيام فلمَّا صلَّى قال إنما جعل الإمام ليؤتمَّ به فإن صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا، وإن صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا، ولا تقوموا وهو جالس كما يفعل أهل فارس بعظمائها

_ بين تكبيرة الأحرام وغيرها (1) فيه دليل لمن قال إنه يقتصر المؤتم فى ذكر الرفع من الركوع على قوله ربنا ولك الحمد، وقد تقدم الكلام على ذلك فى باب أذكار الرفع من الركوع، وتقدم الكلام أيضا على اختلاف الروايات فى زيادة الواو وحذفها من قول ربنا ولك الحمد (2) فيه دليل لمن قال إن المأموم يتابع الأمام فى الصلاة قاعدًا وان لم يكن المأموم معذورًا، واليه ذهب الأمام أحمد وإسحاق والأوزاعى وأبو بكر بن المنذر وداود وبقية أهل الظاهر وقوله (أجمعون) كذا فى أكثر الروايات بالرفع على التأكيد بضمير الفاعل فى قوله صلوا، وفى بعضها بالنصب على الحال والله أعلم (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (1267) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا الأعمش عن أبى سفيان عن جابر "الحديث" (غريبه) (3) أى سقط عن ظهرها (وقوله على جذع نخلة) أى على ساق نخلة ذهب أعلاها وبقى أصلها فى الأرض (4) الفك نوع من الوهن والخلع، وانفك العظم انتقل من مفصله، يقال فككت الشئ أبنت بعضه من بعض (5) ظاهره يخالف حديث أنس المتقدم لأنه قال فيه "فصلى قاعدًا وصلينا قعودًا" والجمع بينهما أن فى رواية أنس اختصارًا، وكأنه اقتصر على ما آل اليه الحال بعد أمره لهم بالجلوس؛ ففى رواية الحميد عن أنس "فصلى بهم جالسا وهم قيام فلما سَّلم قال إنما جعل الأمام ليؤتم به" وفيها أيضا اختصار، لأنه لم يذكر فيها أنه صلى الله عليه وسلم أشار اليهم بالجلوس، والجمع بينهما أنهم ابتدؤا الصلاة قياما فأومأ اليهم بأن يقعدوا فقعدوا، فنقل كل من الزهرى وحميد أحد الأمرين؛ وجمعتهما عائشة فى حديثها الآتى حيث قالت "فصلى بهم جالسا فجعلوا يصلون قياما فأشار اليهم أن اجلسوا" أفاده الحافظ (6) يشير الى أن أهل فارس والروم كانوا يقومون على رؤس ملوكهم وهم جالسون تعظيما لهم فنهينا عن التشبه بهم (تخريجه) (د. وغيره) وأخرجه أيضا (م. نس. جه) من رواية الليث عن أبى الزبير عن جابر بلفظ

(1268) عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه النَّاس فى مرضه يعودونه فصلَّى بهم جالسًا فجعلوا يصلُّون قيامًا فأشار إليهم أن أجلسوا، فلمَّا فرغ قال إنَّما جعل الإمام ليؤتمَّ به، فإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا صلَّي جالسًا فصلُّوا جلوسًا (1269) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال آخر صلاة صلاَّها رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عليه برد متوشِّحًا به وهو قاعد (1270) عن المختار بن فلفل أنَّه سأل أنسًا عن صلاة المريض، فقال يركع ويسجد قاعدًا في المكتوبة

_ "اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلينا وراءه وهو قاعد وأبو بكر يسمع الناس تكبيره فالتفت الينا فرآنا قياما فأشار الينا فقعدنا فصلينا بصلاته قعودًا، فلما سلم قال إن كنتم آنفا تفعلون فعل فارس والروم، يقومون على ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا، ائتموا بأئمتكم، ان صلى قائما فصلوا قياما، وإن صلى قاعدًا فصلوا قعودًا" (1268) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن هشام ابن عروة قال أخبرنى أبى قال أخبرتنى عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه الناس "الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1269) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله بن الوليد ثنا سفيان عن حميد عن أنس بن مالك "الحديث" (غريبه) (1) قال فى القاموس البرد بالضم ثوب مخطط جمعه أبرادٌ وأبردٌ وبرودٌ، واكسية يلتحف بها، الواحدة بهاءٍ اهـ (2) قال ابن السكيت التوشح أن يأخذ طرف الثوب الذى ألقاه على منكبه الأيمن من تحت يده اليسرى ويأخذ طرفه الذى ألقاه على الأيسر من تحت يده اليمنى ثم يعقدهما على صدره اهـ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وسنده جيد (1270) عن المختار بن فلفل (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا زائدة ثنا المختار بن فلفل عن أنس بن مالك فذكر حديثا سيأتى فى موضعه، وفيه وسألت أنسا عن صلاة المريض الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال

(1271) عن عروة عن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فى مرضه الَّذى مات فيه مروا أبا بكر يصلِّى بالنَّاس، قالت عائشة إنَّ أبا بكر رجل أسيف فمتى يقوم مقامك تدركه الرِّقة، قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّكنَّ صواحب يوسف مروا أبا بكر فليصلِّ بالنَّاس، فصلَّي أبو بكر وصلَّى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم خلفه قاعدًا (1272) عن ابن بريدة عن أبيه قال مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مروا أبا بكر يصلِّى بالنَّاس، فقالت عائشة يا رسول الله إنَّ أبى رجل رقيق فقال مرا أبا بكر يصلِّي بالنَّاس فإنَّكنَّ صواحبات يوسف، فأمَّ أبو بكر الَّنَّاس ورسول الله صلَّي الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم حيّ

_ رواه أحمد ورجاله ثقات (1271) عن عروة عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا شباّبة ثنا شعبة عن سعد بن ابراهيم عن عروة "الحديث" (غريبه) (1) أى حزين وقيل سريع الحزن والبكاء ويقال فيه أيضا الأسوف (2) أى فى التظاهر على ما تردن وكثرة الحاحكن فى طلب ما تردنه وتملن اليه، وفى مراجعة عائشة جواز مراجعة ولى الأمر على سبيل العرض والمشاورة، والأشارة بما يظهر أنه مصلحة، وتكون تلك المراجعة بعبارة لطيفة، ومثل هذه المراجعة مراجعة عمر رضى الله عنه فى قوله "لا تبشرهم فيتكلوا" وأشباهه كثيرة مشهورة قاله النووى (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1272) عن ابن بريدة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا زائدة ثنا عبد الملك بن عمير عن ابن بريدة عن أبيه "الحديث" (غريبه) (3) هو بريدة الأسلمى رضى الله عنه (4) فى رواية لمسلم عن عائشة "إن أبا بكر رجل رقيق اذا قرأ القرآن لا يملك دمعه" (تخريجه) لم أقف عليه من حديث بريدة لغير الأمام أحمد، وله شواهد عند الشيخين وغيرهما من حديث عائشة وأنس وغيرهما (وفى الباب) عن على بن أبى طالب رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال يصلي

_ المريض قائما إن استطاع، فان لم يستطع صلى قاعدًا، فان لم يستطع أن يسجد أومأ برأسه وجعل سجوده أخفض من ركوعه، فان لم يستطيع أن يصلى قاعدًا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة، فان لم يستطع أن يصلى على جنبه الأيمن صلى مستلقيا رجلاه مما يلى القبلة (رواه الدارقطنى) وفى إسناده حسين بن زيد ضعفه ابن المدينى والحسن بن الحسين العرنى "قال الحافظ" وهو متروك "وقال النووى" هذا حديث ضعيف (وعن جابر بن عبد الله) "أن النبى صلى الله عليه وسلم عاد مريضا فرآه يصلى على وسادة فأخذها فرمى بها، فأخذ عودًا ليصلى عليه، فأخذه فرمى به، وقال صل على الأرض إن استطعت وإلا فأوم إيماءً" رواه البزار والبيهقى فى المعرفة والحافظ محمد بن عبد الواحد فى مختاره، وقال أبو حاتم فى رفع هذا خطأ، إنما هو صح عن جابر "قوله انه دخل على مريض" وأورده الحافظ فى بلوغ المرام وقال رواه البيهقى وصحح أبو حاتم وقفه (وعن عائشة) رضى الله عنها قالت رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يصلى متربعا رواه النسائى وصححه الحاكم (الأحكام) فى أحاديث الباب دليل على أن المريض اذا لم يقدر على القيام وصلى الفرض من جلوس صحت صلاته وكان له مثل أجر القائم وتقدم الكلام على ذلك فى شرح الحديث الأول من أحاديث الباب، فان لم يستطع أن يصلى قاعدًا صلى على جنبه لحديث عمران بن حصين، وحكى القاضى عياض عن الأئمة (مالك والشافعى وأحمد وإسحاق) أنه لا يشترط العدم بل وجود المشقة، والمعروف عند الشافعية أن المراد بنفى الاستطاعة وجود المشقة الشديدة بالقيام أو خوف زيادة المرض أو الهلاك ولا يكتفى بأدنى مشقة، ومن المشقة دوران الرأس فى حق راكب السفينة وخوف الغرق لو صلى قائما فيها (قال الحافظ) وهل يعد فى عدم الاستطاعة من كان كامنا فى الجهاد ولو صلى قائما لرآه العدو فتجوز له الصلاة قاعدًا أو لا؟ فيه وجهان للشافعية، الأضح الجواز، لكن يقضى لكونه عذرًا نادرًا؛ واستدل به على تساوى عدم الاستطاعة فى القيام والقعود فى الانتقال خلافا لمن فرق بينهما كأمام الحرمين، وقال ويدل للجمهور أيضا حديث ابن عباس عند الطبرانى بلفظ "يصلى قائما فان نالته مشقة فجالسا فان نالته مشقة صلى نائما الحديث" فاعتبر فى الحالين وجود المشقة ولم يفرق اهـ (قلت) ولم يبين فى حديث عمران على أى الجنبين يصلى، وقد بينه حديث على رضى الله عنه عند الدارقطنى بقوله "فان لم يستطع أن يصلى قاعدًا صلى على جنبه الأيمن مستقبل القبلة" يعنى بوجهه (قال الحافظ) وهو حجة للجمهور فى الانتقال من القعود الى الصلاة على الجنب، وعند الحنفية وبعض الشافعية يستلقى على ظهره ويجعل رجليه الى القبلة، ووقع فى حديث على أن حالة الاستلقاء تكون عند العجز عن حالة

(3) باب من قدر على القيام بمشقة فى الفرض أو النفل (1283) (وصلى قاعدا فصلانه على النصف من صلاة القائم) عن انس بن مالكٍ رضى اّلله عنه قال قدم النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المدينة

_ الاضطجاع، واستدل به من قال لا ينتقل المريض بعد عجزه عن الاستلقاء إلى حالة أخرى كالأشارة بالرأس ثم الايماء بالطرف ثم أجراء القرآن والذكر على اللسان ثم على القلب لكون جميع ذلك بم يذكر فى الحديث، وهو قول (الحنفية والمالكية وبعض الشافعية) وقال بعض الشافعية "قلت والحنابلة" بالترتيب المذكور وجعلوا مناط الصلاة حصول العقل فحيث كان حاضر العقل لا يسقط عنه التكليف بها فيأتى بما يستطيعه بدليل قولى صلى الله عليه وسلم "اذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" اه (قلت) لم يبين فى أحاديث الباب كيفية القعود فيأخذ من اطلاقه جوازه على أى صفة شاء المصلى، واختلفوا فى الأفضل من ذلك، فذهب الأئمة (مالك واحمد واسحاق وابو يوسف) الى أنه يصلى متربعًا، وقال (ابو حنيفة والمزنى وزفر) الافتراش أفضل، وهو موافق لقول الشافعى فى مختصر المزنى وصححه الرافعى (قال النووى) وللشافعى قولان أظهرهما يقعد مفترشًا والثانى متربعًا (وفى أحاديث الباب أيضًا) دليل للقائلين إن المأموم يتابع الأمام فى الصلاة قاعدًا وإن لم يكن المأموم معذورا، وممن قال بذلك الأمام أحمد رحمه الله وإسحاق والأوزاعى وابن المنذر وأهل الظاهر (قال النووى) وقال مالك رحمه الله تعالى فى رواية لا يجوز صلاة القادر على القيام خلف القاعد لا قائما ولا قاعدا (وقال أبو حنيفة والشافعى) وجمهور السلف رحمهم الله تعالى لا يجوز للقادر على القيام أن يصلى خلف القاعد إلا قائما؛ واحتجوا بأن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى مرض وفاته بعد هذا قاعدا وأبو بكر رضى الله عنه والناس خلفه قيامًا وإن كان بعض العلماء زعم أن أبا بكر رضى الله عنه كان هو الأمام والنبى صلى الله عليه وسلم مقتد به، لكن الصواب أن النبى صلى الله عليه وسلم كان هو الأمام، واستدل النووى رحمه الله لذلك بما فى حديث عائشة عند مسلم قالت "فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عن يسار أبى بكر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى جالسا وأبو بكر قائما، يقتدى أبو بكر بصلاة النبى صلى الله عليه وسلم ويقتدى الناس بصلاة أبى بكر" وفى المسألة خلاف كثير سيأتى الكلام فيه فى باب اقتداء المسافر بالمقيم، والقادر على القيام بالجالس من أبواب الجماعة إن شاء الله تعالى والله الموفق (1273) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن بكر قال ثنا ابن جريج قال قال ابن شهاب أخبرنى أنس بن مالك قال قدم النبى صلى الله عليه وسلم

وهي محمَّةٌ فحمَّ الٌنَّاس فدخل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم المسجد والنَّاس قعودٌ يصلُّون، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم صلاة القاعد نصف صلاة القائم فتجشَّم النَّاس الصلاة قيامًا وعنه أيضًا قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناسٍ وهم يصلُّون قعودًا من مرضٍ فقال إنَّ صلاة القاعد على النِّصف من صلاة القائم عن عمران بن حصينٍ رضى الله عنه قال كنت رجلًا ذا أسقامٍ كثيرةٍ فسألت رسول الله صلَّي الله وعلى آله وصحبه وسلَّم عن صلاتى قاعدًا قال صلاتك قاعدًا على النِّصف من صلاتك قائمًا، وصلاة الرجَّل مضطجعًا

_ "الحديث" (غريبه) (1) بفتح اوله وثانية وتشديد الميم الثانية مفتوحة أى ذات حمّى كلمأسدة والمذأبة لموضع الأسود والذئاب، يقال أحمَّد الأرض أى صارت ذات حمّى (نه) (2) هذا وما بعده فى هذا الباب يحمل على المريض الذى يمكنه صلاة الفرض أو النفل من قيام بمشقة وصلى جالسًا فتكون صلاته على النصف من صلاة القائم، أما من لم يمكنه القيام ولو بمشقة وصلى جالسًا فله مثل ثواب القائم كاملا، وفى المسألة خلاف سيأتى فى الأحكام (3) أى تكلف الناس الصلاة قيامًا، يقال جشمت الأمر بكسر الشين المعجمة وتجمشته اذا تكلفته وجشَّمته غيرى بالتشديد وأجشتمه اذا كلفته إياه (تخريجه) تفرد به الأمام أحمد ورجاله ثقات وله شاهد عند الأمام مالك فى الموطأ عن عبد الله بن عمرو بن العاص بنحوه (1274) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الملك بن عمرو ثنا عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (تخريجه) (جه) وسنده صحيح (1275) عن عمران بن حصين (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الوهاب الخفاف عن سعيد عن حسين المعلم قال وقد سمعته من حسين عن عبد الله بن بريده عن عمران بن حصين "الحديث" (غريبه) (4) عند أبى داود نائمًا بدل مضطجعا والمعنى واحد، لأن المراد به مضطجعا على هيئة النائم (قال الخطابي) كنت

على النِّصف من صلاته قاعدًا عن عبد الله بن شقيقٍ قال كنت شاكيًا بفارس فكنت أصلَّى قاعدًا، فسألت عن ذلك عائشة رضى الله عنها، فقالت كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يصلِّى ليلًا طويلًا قائمًا وليلًا طويلًا قاعدًا، فإذا

_ تأولت هذا الحديث على أن المراد به صلاة التطوع "يعنى للقادر" لكن قوله وصلاته نائما يفسده، لأن المضطجع لا يصلى التطوع كما يفعل القاعد، لأنى لا أحفظ عن أحد من أهل العلم أنه رخص فى ذلك، فان صحت هذه اللفظة "يعنى قوله وصلاته نائمًا" ولم يمكن بعض الرواة أدرجها قياسًا منه للمضطجع على القاعد كما يتطوع المسافر على راحلته، فالتطوع للقادر على القعود مضطجعًا جائز بهذا الحديث قال "وفى القياس نظر" لأن القعود شكل من أشكال الصلاة بخلاف الاضطجاع، وقد رأيت الآن أن المراد بحديث عمران عمران المريض المفترض الذى يمكنه أن يتحامل فيقوم مع مشقة فجعل آجر القاعد على النصف من أجر القائم ترغيبًا له فى القيام مع جواز قعوده اهـ نقله الحافظ (وقال اين بطال) وأما قوله وصلاته نائمًا على النصف من صلاته قاعدًا فلا يصح معناه عند العلماء لأنهم مجمعون أن النافلة لا يصليها القادر على القيام إيماء، قال وإنما دخل الوهم على ناقل الحديث اهـ (قال العراقى) أما نفى الخطابى وابن بطال للخلاف فى صحة التطوع مضطجعا للقادر فمردود، فان فى مذهب الشافعية وجهين الأصح منهما الصحة، وعند المالكية ثلاثة أوجه حكاها القاضى عياض فى الأكمال؛ أحدها الجواز مطلقًا فى الاضطرار والاختيار للصحيح والمريض، وقد روى الترمذى باسناده عن الحسن البصرى جوازه، فكيف يدعى مع هذا الخلاف القديم والحديث الاتفاق؟ اهـ (تخريجه) (خ. والأربعة) (1276) عن عبد الله بن شقيق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن بديل عن عبد الله بن شقيق "الحديث" (غريبه) (1) قال النووى هكذا ضبطه جميع الراوة المشارقة والمغاربة بفارس بكسر الباء الموحدة الجارة وبعدها فاء، وكذا القاضى عن جميع الرواة، قال وغلط بعضهم فقال صوابه نقارس بالنون والقاف وهو وجع معروف، لأن عائشة لم تدخل بلاد فارس قط فكيف يسألها فيها؟ وغلَّطه القاضى فى هذا وقال ليس بلازم أن يكون سألها فى بلاد فارس، بل سألها بالمدينة بعد رجوعه من فارس، وهذا ظاهر الحديث وأنه إنما سألها عن أمر انقضى هل هو صحيح

قرأ قائمًا ركع أو خشع قائمًا، وإذا قرأ قاعدًا ركع قاعدًا عن مجاهدٍ أنَّ السَّائب سأل عائشة فقال إنِّى لا أستطيع أن أصلِّى إلاَّ جالسًا فكيف ترين؟ قالت سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وآله

_ أم لا؟ لقوله وكنت أصلى قاعدًا (1) لفظه عند مسلم وأبى داود "ركع قائما" بدون خشع، والظاهر أن لفظ خشع فى رواية الأمام أحمد جاء للشك من الراوى هل قالت عائشة ركع قائما أو خشع قائما والله أعلم (2) استدل به أشهب من المالكية وبعض الحنفية على أن من افتتح صلاة النافلة قائما يركع قائما، ومن افتتحها قاعدا يركع قاعدا، وقالوا لا يجوز خلاف ذلك، وليس بلازم، لأنه ثبت من حديث عائشة أيضًا، وسيأتى أنه صلى الله عليه وسلم "كان يقرأ أقاعدا حتى اذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوا من ثلاثين أو أربعين آية ثم ركع" ولا منافاة بين الخبرين، فقد كان صلى الله عليه وسلم يفعل كل ذلك تبعًا للقوة وعدمها (قال ابن خزيمة) لا مخالفة عندى بين الخبرين؛ لأن رواية عبد الله بن شقيق محمولة على ما اذا قرأ جميع القراءة قاعدا أو قائما، ورواية هشام بن عروة (يعنى حديث عائشة الآتى) محمولة على اذا قرأ بعضها قائمًا اهـ (تخريجه) (م. د. نس. جه) (1277) عن مجاهد أن السائب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو كامل ثنا زهير إبراهيم بن مهاجر البجلى عن مجاهد أن السائب سأل عائشة "الحديث" (غريبه) (3) هو السائب بن عبد الله الصحابى رضى الله عنه كان صاحب النبى صلى الله عليه وسلم فى الجاهلية ثم أسلم يوم فتح مكة (تخريجه) لم أقف عليه ورجاله ثقات (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن من قدر على القيام بمشقة سواء أكان ذلك فى فرض أم نفل وصلى قاعدا كانت صلاته على النصف من صلاة القائم، وقد اختلف شراح الحديث فى شرح حديث عمران بن خصين "وما ماثله من أحاديث الباب" هل هو محمول على التطوع أو على الفرض فى حق غير القادر، فحكى ابن التين وغيره عن أبى عبيد وابن الماجشون واسماعيل القاضى وابن شعبان والاسماعيلى والداودى وغيرهم أنهم حملوا حديث عمران على التنفل، ةكذا نقله الترمذى عن الثورى، وحمله الخطابى على الفرض قائلا المراد بحديث عمران المريض المفترض الذى يمكنه أن يتحامل فيقوم مع مشقة، فجعل أجر القاعد على النصف من أجر القائم ترغيبا له فى القيام مع جواز القعود، وقد ذكرنا للخطابى كلامًا أكثر من هذا تقدم فى شرح حديث عمران المذكور فى الباب (قال الحافظ) بعد ذكر قول الخطابى هذا، وهو

وسلَّم يقول صلاة الرَّجل جالسَّا مثل نصف صلاته قائمًا (3) باب جواز التطوع من جلوس لغير عذر (وتنصيف أجره لغير النبى صلى الله عليه وسلم) عن عبد الله بن عمرٍو رضى الله عنهما رأيت رسول الله صلىَّ الله عليه وآله وسلَّم يصلِّى جالسًا، قلت له حدِّثت أنَّك تقول صلاة القاعد

_ حمل متجه، قال فمن صلى فرضًا قاعدا وكان يشق عليه القيام أجزأه وكان هو ومن صلى قائما سواء، فلو تحامل هذا المعذور وتكلف القيام ولو شق عليه كان أفضل لمزيد أجر تكلف القيام، فلا يمتنع أن يكون أجره على ذلك نظير أجره على أصل الصلاة، فيصح أن أجر القاعد على النصف من أجر القائم، ومن صلى النفل قاعدا مع القدرة على القيام أجزأه وكان أجره على النصف من آجر القائم بغير إشكال؛ قال ولا يلزم من اقتصار العلماء فى حمل الحديث المذكور على صلاة النافلة أن لا تراد الصورة التى ذكرها الخطابى، وقد ورد فى الحديث وما يشهد لها، فعند احمد عن أنس قال قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة وهى محمَّة فحم الناس، فذكر الحافظ حديث أنس المذكور أول الباب وقال رجاله ثقات، وعند النسائى متابع له من وجه آخر وهو وارد فى المعذور فيحمل على من تكلف القيام مع مشقته عليه كما بحثه الخطابى اهـ كلام الحافظ بتصرف (قلت) والذى يظهر لى أن تنصيف الأجر محمول على الفرض والنفل معًا للمريض الذى يمكنه القيام فيهما ولو بمشقة يتكلفها كما فى حديث أنس "فتجشم الناس الصلاة قيامًا" وإنما قلت ذلك لأنه ثبت بالأحاديث الصحيحة أن المعذور الذى لا يمكنه القيام بحال وصلى من قعود يعطى مثل أجر صلاة القائم سواء أكانت الصلاة فرضا أم نفلا، فلو حملناه على التطوع فقط فما ذنب المعذور الذى منعه المرض مثلا عن القيام بتاتًا فى التطوع ولولاه لصلى قائما؟ وما الفرق بينه وبين الصحيح الذى يتطوع جالسًا وأجره مثل نصف أجر القائم؟ فالظاهر أن حمله على الفرض والنفل معًا أولى من حمله على أحدهما والله أعلم (1278) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله أبى ثنا يحيى عن سفيان ثنا منصور عن هلال بن يساف عن أبى يحيى عن عبد الله بن عمرو

على نصف صلاة القائم قال إنِّى لست كمثلكم عن السَّائب بن عبد الله رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال صلاة القاعد على النِّصف من صلاة القائم وعنه أيضًا قال دخلت على عائشة رضى الله عنها فحدَّثتنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة القاعد على النِّصف من صلاة القائم

_ "الحديث" (غريبه) (1) أى فيها نصف ثواب القائم، وهو محمول على صلاة النفل قاعدًا مع القدرة على القيام فيتضمن صحتها ونقصان أجرها (2) رواية مسلم وابى داود (قال أجل ولكنى لست كأحد منكم) والمعنى ان صلاته صلى الله عليه وسلم النفل جالسًا مع القدرة على القيام كنافلته قائما فى الأجر، وهذا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق. لك. د. نس. مى) (1279) عن السائب بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى عن سفيان عن ابراهيم يعى ابن مهاجر عن مجاهد عن قائد السائب عن السائب "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه وتعضده أحاديث الباب (1280) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسباط قال ثنا سفيان عن ابراهيم بن مهاجر عن قائد السائب بن عبد الله عن السائب قال دخلت على عائشة الخ (غريبة) (3) أى عن السائب بن عبد الله، فالحديث الأول من مسنده أعنى من روايته عن النبى صلى الله عليه وسلم بغير واسطة، والثانى من مسند عائشة رضى الله عنها أعنى من روايته عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم، ومعلوم ان كثيرا من الصحابة كان يروى بعضهم عن بعض (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (الأحكام) أحاديث الباب تدل على صحة صلاة النفل من جلوس للقادر على القيام ويكون ثوابه كنصف ثواب القائم إلا النبى صلى الله عليه وسلم فصلاته فى النفل قاعدا كصلاته قائما فى الأجر، وهذا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم، ويستفاد ذلك من حديث عبد الله بن عمرو المذكور أول الباب، ولفظ عند مسلم وأبى دواد عن عبد الله بن عمرو قال حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (صلاة الرجل قاعدًا نصف الصلاة، قال فأتيته فوجدته يصلى جالسا فوضعت يدى على رأسه "فى رواية على رآسى" فقال مالك يا عبد الله بن عمرو؟ قلت حديثت يا رسول أنك قلت صلاة الرجل قاعدا على نصف الصلاة وأنت تصلى قاعدا قال أجل،

باب تطوع النبى صلى الله عليه وسلم قاعدا عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يصلِّى كثيرًا من صلاته وهو جالسٌ عن أمِّ سلمة رضى الله عنها قالت والَّذى توفىَّ نفسه تعنى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ما توفيَّ حتَّى كانت أكثر صلاته قاعدًا إلاَّ المكتوبة، وكان أعجب العمل إليه الَّيه الَّذي يدوم عليه العبد وإن كان يسيرًا

_ ولكني لست كأحد منكم) قال النووى رحمه الله فى شرح الحديث، وأما قوله صلى الله عليه وسلم فانى لست كأحد منكم فهو عند أصحابنا من خصائص النبى صلى الله عليه وسلم جعلت نافلته قاعدًا مع القدرة على القيام كنافلته قائما تشريفا له كما خص بأشياء معروفة فى كتب أصحابنا وغيرهم، وقد استقصيها فى أول كتاب تهذيب الأسماء واللغات، وقال القاضى عياض معناه أن النبى صلى الله عليه وسلم لحقه مشقة من القيام لحطم الناس وللسن (يعنى لما تحمله من أثقالهم وأعمالهم وكثرة مصالحهم والحطم كسر الشئ) فكان أجره تاما بخلاف غيره ممن لا عذر له، هذا كلامه وهو ضعيف أو باطل، لأن غيره صلى الله عليه وسلم إن كان معذورا فثوابه أيضًا كامل، وإن كان قادرا على القيام فليس هو كالمعذور فلا يبقى فيه تخصيص، فلا يحسن على هذا التقدير لست كأحد منكم وإطلاق هذا القول (فالصواب) ما قاله أصحابنا أن نافلته صلى الله عليه وسلم قاعدا مع القدرة على القيام ثوابها كثوابه قائما وهو من الخصائص والله أعلم أهـ (1281) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو نعيم قال ثنا عبد الواحد بن أيمن قال حدثنى عن عائشة "الحديث" (غريبه) (1) أى التطوع ولم يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم إلا فى آخر مدته عندما كبر وأسن وكان ذلك قبل وفاته بعام أو عامين كما يستفاد ذلك من الأحاديث الآتية وجاء مصرحا به فى رواية عند مسلم عن عروة عن عائشة قالت "لما بدَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم وثقل كان أكثر صلاته جالسا" (تخريجه) (م. وغيره) وقوله بدَّن بتشديد الدال المهملة أى كبر فى السن (1282) عن أم سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق قال ثنا سفيان عن أبى اسحاق عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أم سلمة "الحديث" (تخريجه) (نس) وأخرج نحوه النسائى ومسلم من حديث عائشة

(1283) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى قائمًا وقاعدًا وحافيًا ومنتعلًا (زاد فى روايةٍ) وينفتل عن يمينه وعن يساره (فصل منه فى صفة تطوعه صلى الله عليه وسلم قاعدا) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ورضى عنها أنَّها أخبرته أنَّها لم تر رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يصلِّى صلاة اللَّيل قاعدًا حتَّى أسنَّ، فكان يقرأ قاعدًا حتَّى إذا أراد أن يركع قام فقرأ نحوًا من ثلاثين أو أربعين آيًة ثمَّ ركع (وعنها من طريقٍ ثانٍ) أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان يصلَّى جالسًا فيقرأ وهو جالسٌ، فإذا

_ (1283) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله أبى ثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن أبى هريرة الخ (غريبه) (1) أى ينصرف من صلاته (تخريجه) لم أقف عليه وأخرج نحوه (د. جه. هق) من حديث عمرو بن شعيب وسنده جيد (1284) عن هشام بن عروة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن هشام بن عروة الخ (غريبه) (2) فيه استحباب تطويل القراءة فى صلاة الليل وجواز بعض الركعة من قيام وبعضها من قعود، وسيأتي الكلام على ذلك فى الأحكام (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن عبد الله بن يزيد وأبى النضر مولى عمر بن عبيد الله عن أبى سلمة ابن عبد الرحمن عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى جالسا "الحديث" (تخريجه) (ق. د. نس. جه) وأورده البخارى من طريقين كما عند الأمام احمد (قال الحافظ) أورد المصنف "يعنى البخارى" حديث عائشة من رواية مالك باسنادين له أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلى قاعدًا، فاذا أراد ان يركع قام فقرأ ثلاثين أو أربعين آية قائما ثم ركع (وزاد) فى الطريق الثانية منهما أنه كان يفعل ذلك فى الركعة الثانية، وفى الأولى منهما تقييد ذلك بأنه صلى الله عليه وسلم لم يصل صلاة الليل قاعدً الا بعد ان أسن (وفى لفظٍ حتى اذا كبر) وفى رواية عثمان بن سليمان عن أبى سلمة عن عائشة "لم يمت حتى كان أكثر صلاته جالسا" وفى حديث حفصة "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى فى سجته جالسا حتى اذا كان قبل موته

بقي عليه من قراءته قد ما يكون ثلاثين أو أربعين آيةً قام فقرأ وهو قائمٌ ثمَّ ركع ثمَّ سجد، ثمَّ يفعل فى الرَّكعة الثَّانية مثل ذلك عن عبد الله بن شقيقٍ أنَّ عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى قائمًا ركع قائمًا، وإذا صلَّى ركع قاعدًا عن حفصة زوج النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ورضى عنها أنَّها قالت لم أر رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يصلَّى فى سبحته جالسًا قطُّ حتَّى إذا كان قبل موته بعامٍ أو بعامين فكان يصليِّ فى سبحته جالسًا ويقرأ السورة فيرتِّلها حتَّى تكون أطول من أطول منها

_ بعام فكان يصلى فى سبحته جالسا الحديث" أخرجهما مسلم (قلت والأمام احمد أيضا) قال وقال ابن التين قيدت عائشة ذلك بصلاة الليل لتخرج الفريضة، وبقولها حتى أسن لتعلم أنه إنما فعل ذلك ابقاًء على نفسه ليستديم الصلاة، وأفادت أنه كان يديم القيام، وأنه كان لا يجلس عما يطيقه من ذلك اه (1285) عن عبد الله بن شقيق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين ثنا جرير عن محمد عن عبد الله بن شقيق "الحديث" (غريبه) (1) هذا الحديث لا يعارض ما قبله، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك فى بعض الأحيان حسب قوته وعدمها، فان وجد نشاطا وقوة صلى قائما، وان وجد بعض ضعف صلى بعض الركعة جالسا وأتمها من قيام، وام وجد ضعفا كثيرًا صلى قاعدا وركع قاعدا والله أعلم (تخريجه) (ق. د. نس. جه. هق) (1286) عن حفصة (سنده) حدّثنا عبد الله خذثنى أبى ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهرى عن السائب بن يزيد عن المطلب بن أبى وداعة عن حفصة "الحديث" (غريبه) (2) الترتيل فى القراءة هو التمهل والتأنى، يقال رتلت القرآن ترتيلا تمهلت فى القراءة ولم أعجلن والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يقرأ السورة مرتلة حتى تكون اطول من سورة اطول منها غير مرتلة (الأحكام) احاديث الباب تدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يصلى من جلوس فى تطوعه وما فعل ذلك الا فى آخر عمره حينما كبر وضعفت قوته؛ ومع هذا فقد كان يأتى ببعض الركعة من جلوس وبعضها من جلوس وبعضها من قيام حرصا على الأكمل كما هى عادته صلى الله عليه وسلم (وفيها

_ أيضا) جواز الركعة الواحدة بعضها من قيام وبعضها من قعود (قال النووى رحمه الله) وهو مذهبنا ومذهب مالك وأبى حنيفة وعامة العلماء، وسواء قام ثم قعد أو قعد ثم قام، ومنعه بعض السلف وهو غلط، وحكى القاضى عن أبى يوسف ومحمد صاحبى أبى حنيفة فى آخرين كراهة القعود بعد القيام، ولو نوى القيام ثم أراد أن يجلس جاز عندنا وعند الجمهور، وجوزه من المالكية ابن القاسم ومنعه أشهب اهـ (وفيها أيضا) استحباب تطويل القيام فى النافلة وانه أفضل من تكثير الركعات (واليه ذهب الشافعى) وتقدم الخلاف فيه فى باب فضل طول القيام وكثرة الركوع والسجود فى أول كتاب الصلاة؛ وفيها غير ذلك والله أعلم (تتمة فى حكم الصلاة فى السفينة) اعلم وفقنى الله وإياك لما يحبه ويرضاه أنى لم أقف للأمام أحمد ولا لأحد من أصحاب الكتب الستة على أحاديث فى الصلاة فى السفينة، وقد وقفت على شئ منها فى سنن الدار قطنى. وسعيد ابن منصور. ومستدرك الحاكمز ومسند البزار أحببت ذكره هنا تتميما للفائدة واليك ما وقفت عليه روى الدار قطنى بسنده (عن ابن عباس) رضى الله عنهما قال "لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جعفر ابن أبى طالب الى الحبشة قال يا رسول الله كيف أصلى فى السفينة؟ قال صل فيها قائما الا أن تخاف الغرق" وفى إسناده جمين بن علوان قال الدار قطنى متروك (قلت) ورواه البزار بسنده (عن جعفر بن أبى طالب) "أن النبى صلى الله عليه وسلم" أمره أن يصلى فى السفينة قائما إلا أن يخشى الغرق" أورده الهيثمى وقال رواه البزار وفيه رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات وإسناده متصل (وعن ميمون بن مهران) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال "سئل النبى صلى الله عليه وسلم كيف أصلى فى السفينة؟ قال صل فيها قائما الا أن تخاف الغرق" رواه الدار قطنى وأبو عبد الله الحاكم فى المستدرك على شرط الصحيحين (وعن عبد الله بن أبى عتبة) قال "صحبت جابر بن عبد الله وأبا سعيد الخدرى وأبا هريرة فى سفينة فصلوا قيامًا فى جماعة أمهم بعضهم وهم يقدرون على الجدِّ" رواه سعيد بن منصور فى سننه (والجدّ) بضم الجيم وتشديد الدال هو شاطئ البحر، والمراد أنهم يقدرون على الصلاة فى البرد وقد صحت صلاتهم فى السفينة مع اضطرابها (الأحكام) فى هذه الأحاديث دليل على جوازه الصلاة فى السفينة وان كان الخروج الى البر ممكنا متى أمكنه الصلاة فيها قائما مستقبل القبلة والا وجب الخروج الى البر لأداء الصلاة فيه، فان لم يمكن الخروج الى البر وخشى الغرق لو صلى قائما، صلى جالسا (قال النووى رحمه الله) قال اصحابنا اذا صلى الفريضة فى السفينة لم يجزله ترك القيام مع القدرة كما لو كان فى البر، وبه قال مالك واحمد، وقال أبو حنيفة يجوز اذا كانت سائرة، قال أصحابنا فان كان له عذر من دوران الرأس ونحوه جازت الفريضة قاعدًا لأنه عاجز، فان هبت الريح وحولت السفينة فتحول وجهه عن القبلة وجب رده الى القبلة ويبنى على صلاته اهـ (ج) والله أعلم

(أبواب صلاة الجماعة) (1) باب ماورد فى فضلها عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الرَّجل في جماعةٍ تزيد عن صلاته فى بيته وصلاته فى سوقه بضعًا وعشرين درجةً، وذلك أنَّ أحدكم إذا توضَّأ فأحسن الوضوء ثمَّ أتى المسجد لا يريد

_ (1287) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (1) قال ابن دقيق العيد مقتضاه أن الصلاة فى المسجد جماعة تزيد على الصلاة فى البيت والسوق جماعة وفرادى، ولكنه خرج مخرج الغالب فى أن لم يحضر الجماعة فى المسجد صلى منفرد، قال وبهذا يرتفع الأشكال عمن استشكل تسوية الصلاة فى البيت والسوق اهـ باختصار (قال الحافظ) ولا يلزم من حمل الحديث على ظاهره التسوية بين صلاة البيت والسوق، إذ لا يلزم من استوائهما فى المفضولية أن لا تكون إحداهما أفضل من الأخرى، وكذا لا يلزم منه أن كون الصلاة جماعة فى البيت أو السوق لا فضل فيها على الصلاة منفردًا، بل الظاهر أن التضعيف المذكور مختص بالجماعة فى المسجد، والصلاة فى البيت مطلقا أولى منها فى السوق، لما ورد من كون الأسواق موضع الشياطين، والصلاة جماعة فى البيت وفى السوق أولى من الانفراد اهـ (وقال النووى أيضا) المراد فى بيته وسوقه منفردًا هذا هو الصواب، وقيل غير ذلك وهو قول باطل نبهت عليه لئلا يغتربه اهـ (وقوله بضعا) البضع بكسر الباء من الثلاثة الى العشرة على الرجح، وتقدم الكلام فيه فى الباب الخامس من كتاب الأيمان وغيره (وقوله درجة) قال الشوكانى هو مميز العدد المذكور؛ وفى الروايات كلها التعبير بقوله درجة أو حذف المميز الا طرق أبى هريرة ففى بعضها ضعفا، وفى بعضها جزءًا، وفى بعضها درجة، وفى بعضها صلاة، ووجد هذا الأخير فى بعض طرق أنس، والظاهر أن ذلك من تصرف الرواة، ويحتمل أن يكون ذلك من التفنن فى العبارة، والمراد أنه يحصل له من صلاة الجماعة مثل أجر صلاة المنفرد سبعا وعشرين درجة اهـ (وقال الترمذى) عامة من روى عن النبى صلى الله عليه وسلم إنما قالوا خمسا وعشرين الا ابن عمر فانه قال بسبع وعشرين (وقال الحافظ) لم يختلف عليه فى ذلك الا ما وقع عند عبد الرازق عن عبد الله العمرى عن نافع قال خمسا وعشرين، لكن العمرى ضعيف، وكذلك وقع عند ابى عوانة فى مستخرجه، لكنها شاذة مخالفة لرواية الحفاظ، وروى بلفظ سبع وعشرين

إلاَّ الصلَّاة لا ينهزه إلاَّ الصَّلاة لم يخط خطوةً إلاَّ رفع له بها درجةٌ وحطَّ بهاعنه خطيئةٌ حتَّى يدخل المسجد، فإذا دخل المسجد كان في صلاةٍ ما كانت الصَّلاة هى تحبسه والملائكة يصلُّون على أحدهم ما دام في مجلسه الَّذى صلَّى فيه يقولون اللَّهمَّ اغفر له، اللَّهمَّ ارحمه، اللَّهمَّ تب عليه، ما لم يؤذ فيه مالم يحدث

_ عن أبي هريرة عند أحمد وفى إسناده شريك القاضى وفى حفظه ضعف (وقد اختلف) هل الراجح رواية السبع والعشرين أو الخمس والعشرين فقيل رواية الخمس لكثرة رواتها، وقيل رواية السبع لأن فيها زيادة من عدل حافظ، وقد جمع بينهما بوجوه (منها) أن ذكر القليل لا ينفى الكثير وهذا قول من لا يعتبر مفهوم العدد (وقيل) انه صلى الله عليه وسلم أخبر بالخمس، ثم أخبره الله بزيادة الفضل فأخبر بالسبع، وتعقب بأنه محتاج الى التاريخ، وبأن دخول النسخ فى الفضائل مختلف فيه، وقيل الفرق باعتبار قرب المسجد وبعده، وقيل الفرق بالمنتظر للصلاة وغيره، وقيل الفرق بادراكها كلها أو بعضها، وقيل الفرق بكثرة الجماعة وقلتهم، وقيل مختصة بالفجر والعشاء، وقيل بالفجر والعصر، والخمس بما عدا ذلك، وقيل السبع مختصة بالجهرية؛ والخمس بالسرية، ورجحه الحافظ الفتح اهـ بتصرف (ورجح الشوكانى أولها) لدخول مفهوم الخمس تحت مفهوم السبع، قال واعلم أن التخصيص بهذا العدد من اسرار النبوة التى تقصر العقول عن ادراكها، وقد تعرَّض جماعة للكلام على وجه الحكمة وذكروا مناسبات، وقد طول الكلام فى ذلك صاحب الفتح فمن أحب الوقوف على ذلك رجع ابيه اهـ (1) هو بفتح أوله وفتح الهاء وبالزاى أى لا ينهضه ويقيمه، وهو بمعنى قوله قبله لا يريد الا الصلاة (2) بفتح الخاء المعجمة كما جزم به اليعمرى وهى الواحدة من الخطا، ويحتمل أن تكون بالضم وهى ما بين القدمين (3) أى فى حكم المتلبس بالصلاة من حيث الثواب مدة كون الصلاة تمنعه عن الخروج من المسجد (4) رواية مسلم وأبى داود "على أحدكم" أى يدعون ويستغفرون له ما دام فى مجلسه الذى صلى فيه، وفى رواية البخارى "ما دام فى مصلاه" أى مدة كونه فى المكان الذى أوقع فيه الصلاة، وهى تفيد أنه لو قام الى بقعة أخرى من المسجد مستمرا على نية انتظار الصلاة كان له ذلك أيضا، فقوله فى حديث الباب "مادام فى مجلسه الخ" مخرج على الغالب (5) أى فى مجلسه الذى صلى فيه بقول أو فعل (وقوله ما لم يحدث) أى يبطل وضوءه فهو من الأحداث لا من التحدث (تخريجه) (ق. مذ. جه. هق) (وفى رواية) عند الشيخين والأمام احمد وغيرهما أن الذي سمع الحديث

(1288) عن عبد الله (يعنى ابن مسعودٍ) رضى الله عنه قال من سرَّه أن يلقى عزَّ غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصَّلوات المكتوبات حيث ينادى بهنَّ فإنَّهنَّ من سنن الهدى وإنَّ الله عزَّ وجلَّ شرع لنبيكم سنن الهدى، وما منكم إلاَّ وله مسجدٌ فى بيته، ولو صلَّيتم فى بيوتكم كما يصلِّى هذا المتخلَّف فى بيته لتركتم سنَّة نبيِّكم، ولو تركتم سنَّة نبيِّكم لضللتم ولقد رأيتنى وما يتخلَّف عنها إلاَّ منافقٌ معلومٌ نفاقه ولقد رأيت الرَّجل يهادى بين الرَّجلين حتَّى يقام في الصَّفِّ، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ من أبي هريرة سأله فقال ما الحدث يا أبا هريرة؟ قال فساء أو ضراط (ورواه الأمام مالك) فى الموطأ بلفظ "من توضأ فأحسن الوضوء ثم خرج عامدًا الى الصلاة فانه فى صلاة ما كان يعمد الى الصلاة وانه يكتب له باحدى خطوتيه حسنة ويمحى عنه بالأخرى سيئة، فاذا سمع احدكم الأقامة فلا يسع فان أعظمكم أجرًا أبعدكم دارًا، قالوا يا أبا هريرة؟ قال من أجل كثرة الخطا" ورواه ابن حبان فى صحيحه بلفظ "ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من حين يخرج أحدكم من منزله الى مسجدى فرجل تكتب له حسنة ورجل تحط عنه سيئة حتى يرجع" ورواه النسائى والحاكم بنحو لفظ ابن حبان وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم (1288) عن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا ابراهيم بن مسلم الهجرى عن أبى الأحوص عن عبد الله "الحديث" (غرببه) (1) يعنى يوم القيامة، يوم الحسرة والندامة "يوم يفر المرء من اخيه وأمه وأبيه وصاحبته وبنيه لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه" وعبر بالغد لأنه فى المستقبل ولا يعلم وقته إلا الله عز وجل، وفى قوله مسلما إشارة الى أن من لم يحافظ على الصلوات المكتوبات فليس بمسلم، وتقدم الكلام على ذلك فى أول كتاب الصلاة (2) أى يؤذّن لهن بدخول الوقت (3) أى من طرائق الهدى والصواب (4) أى لخدتم عن الطريق المستقيم ولملتم عن الصواب (5) المنافق هو الذى يظهر مالا يبطن كما قال تعالى (يقولون بألسنتهم ما ليس فى قلوبهم) وهو الكذاب المذبذب كما وصفه الله تعالى فى كتابه وهو الذى لا يخشى الله ولا يرعى الحق، ويتقى ضرر الناس ولا يتقى عقاب الله، نعوذ بالله من ذلك (6) اى يتساند على اثنين لشدة ضعفه او مرضه ويتحمل الذهاب الى المسجد لما اعده الله له من الثواب العظيم

ما من رجلٍ يتوضأ فيحسن الوضوء ثمَّ يأتى مسجدًا من المساجد فيخطو خطوةً إلاَّ رفع بها درجةٌ أوحطَّ بها عنه خطيئةٌ وكتبت له حسنةٌ، حتَّى أن كنَّا لنقارب بين الخطا وإنَّ فضل صلاة الرَّجل فى جماعةٍ على صلاته وحده بخمسٍ وعشرين درجةً عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال تفضل الصلَّاة في الجميع صلاة الرَّجل وحده خمسًا وعشرين ويجتمع ملائكة اللَّيل وملائكة النَّهار فى صلاة الفجر، ثمَّ يقول أبو هريرة اقرؤا إن شئتم {وقرآن الفجر إنَّ قرآن الفجر كان مشهودًا}

_ والأجر الجسيم (1) فى أكثر الروايات "وحطَّ" بالواو بدل أو فتكون الخطوة الواحدة فيها إثبات حسنة ومحو سيئة، وهو المناسب لسعة فضل الله عز وجل (2) أى يضيقون الخطا بعدم السعى لتكثر الخطوات فتكثر الحسنات (تخريجه) (م. د. نس. جه) (1289) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهرى عن سعيد بن الميسب عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (3) لم يذكر فى رواية الأمام أحمد تمييز العدد، وذكر فى البخارى ولفظه "بخمس وعشرين جزءًا" (4) قيل المراد بالملائكة هنا الحفظة، وقيل حفظه الأعمال، وتقدم الكلام على ذلك فى باب فضل صلاتى الصبح والعصر، قال العلماء وهذا الاجتماع هو الموجب لتفضيل صلاة الفجر مع الجماعة وكذا فى صلاة العصر أيضا، ولذلك حث الشارع على المحافظة عليهما ليكون من حضرهما ترفع الملائكة عمله وتشفع له (قال ابن بطال) ويمكن أن يكون اجتماع الملائكة فيهما هما الدرجتان الزائدتان على الخمسة والعشرين جزءا فى سائر الصلوات التى لا تجتمع الملائكة فيها (5) كناية عن صلاة الفجر، لأن الصلاة مستلزمة للقرآن (وقوله) مشهودًا أى محضورا فيه، اى تحضره الملائكة (تخريجه) (ق. نس) وزاد البخارى قال شعيب وحدثنى نافع عن عبد الله بن عمر قال "تفضلها بسبع وعشرين درجة".

(1290) وعنه أيضًا أنَّ نبيَّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال لو أنَّ أحدكم يعلم أنَّه إذا شهد الصلّاة معى كانت له أعظم من شاةٍ سمينةٍ أو شاتين لفعل، فما يصيب من الأجر أفضل عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال صلاةٌ في الجميع تزيد على صلاة الرَّجل وحده سبعًا وعشرين (وعنه من طريقٍ ثانٍ) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم صلاة الجماعة تفضل صلاة أحدكم بسبعٍ وعشرين درجةً عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفضل صلاة الجماعة على الوحدة سبعًا وعشرين درجةً

_ (1290) وعنه أيضاً (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا معاذ بن هشام حدثنى أبى قتادة عن الحسن عن أبى رافع عن أبى هريرة "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وبعضه فى الصحيحين وسنده جيد (1291) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن عبيد اله حدثنى نافع عن ابن عمر "الحديث" (غريبه) (1) أى درجة وقد صرح بذلك فى الطريق الثانية وتقدم بينهما وبين رواية خمس وعشرين أول الباب (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عبيد ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1292) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا شريك عن الأشعت بن سليم عن أبى الأحوص عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (3) أى على صلاة الرجل وحده (تخريجه) تفرد الأمام أحمد بهذه الرواية عن أبى هريرة، وفى إسناده شريك القاضى، قال ابن معين ثقة يغلط، وقال العجلى ثقة، وقال يعقوب بن سفيان ثقة سئ الحفظ (خلاصة) (قلت) علق عنه البخارى وروى له مسلم فى المتابعات، ويؤيده حديث ابن عمر الذي قبله

(1293) عن عائشة رضى الله عنها عن النَّبيِّ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فضِّلت الجماعة على صلاة الفذِّ خمسًا وعشرين عن عبد الله (بن مسعودٍ) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل صلاة الرَّجل فى الجماعة على صلاته وحده بضعٌ وعشرون درجةً (وعنه من طريقٍ ثانٍ) أنَّ نبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال صلاة الجمع تفضل على صلاة الرَّجل وحده خمسةً وعشرين ضعفًا كلُّها مثل صلاته عن أبى هريرة رضى الله أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صلاة الجماعة أفضل من صلاة أحدكم وحده يخمسةٍ وعشرين جزءًا وعنه أيضًا رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه

_ (1293) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن عبد الرحمن بن عمار قال أبى وكان ثقة ويقال له ابن عمار بن أبى زينب مدينى قال سمعت القاسم ابم محمد عن عائشة "الحديث" (غريبه) (1) بالذال المعجمة أى المنفرد يقال فذالرجل من اصحابه اذا بقى منفردًا وحده (تخريجه) (نس) وسنده جيد (1294) عن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن فضيل ثنا عطاء بن أبى الأحوص عن عبد الله "الحديث" (غريبه) (2) تقدم معنى البضع فى شرح الحديث الأول من أحاديث الباب؛ فيحتمل خمسا وعشرين وسبعا وعشرين، لكن الطريق الثانية عينت خمسا وعشرين (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن أبى عدى عن سعيد عن قتادة عن أبى الأحوص عن سعيد بن عبد الله بن مسعود أن نبى الله صلى الله عليه وسلم الخ (4) أى جزءاً كما ورد فى بعض الروايات (تخريجه) (. عل. بز. طب. طس) قال الهيثمى ورجال أحمد ثقات (1295) عن أبى هريرة (سنده) حدَّثنا عبد الله أبى قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة "الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1296) وعنه أيضا (سنده) حدَّثنا عبد الله أبي ثنا قتيبة

وآله وسلَّم قال من توضَّأ فأحسن وضوءه ثمَّ راح فوجد النَّاس قد صلَّوا أعطاه الله مثل أجر من صلاَّها أو حضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا

_ ابن سعيد قال حدثنا عبد العزيز محمد عن محمد بن طحلاء عن محصن بن على عن عوف بن الحارث عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (1) المعنى أن من أتى المسجد قاصدًا الصلاة فى الجماعة فلم يدركها وصلى وحده أعطاه الله عز وجل مثل ثواب من أدركها جزاء له بنيته وسعيه، ولعله يعطى بالنية أصل الثواب، وبالسعى ما فاته من المضاعفة، وفضل الله واسع (تخريجه) (د. نس. هق. ك) وقال صحيح على شرط مسلم وقال الحافظ إسناده قوى (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن فضل الصلاة فى الجماعة كفضل خمس وعشرين أو سبع وعشرين صلاة لمن صلى وحده على اختلاف الروايات فىة ذلك وكلها صحيحة، قال النووى رحمه الله والجمع بينهما "يعنى بين رواية خمس وعشرين وسبع وعشرين" من ثلاثة أوجه (أحدهما) أنه لا منافاة، فذكر القليل لا ينفى الكثير، ومفهوم العدد باطل عند الأصوليين (الثانى) أن يكون أخبر أو لا بالقليل ثم أعلمه الله تعالى بزيادة الفضل فأخبر بها (الثالث) أنه يختلف باختلاف أحوال المصلين والصلاة فتكون لبعضهم خمس وعشرون ولبعضهم سبع وعشرون بحسب كمال الصلاة ومحافظته على هيئاتها وخشوعها وكثرة جماعتها وفضلهم وشرف البقعة ونحو ذلك والله أعلم أهـ ج (وفيها أيضا) دليل على أن الجماعة ليست فرض عين لقوله صلى الله عليه وسلم فى حديث أبى هريرة "أفضل من صلاة الفذ الخ" ووجه الدلالة منه أن صيغة أفعل تقتضى المشاركة فى الفضيلة لصلاة الفذ، واذا كانت الجماعة فرض عين لم تصح الصلاة بدونها فلا يكون فيها فضيلة (وأيضا) فلا يقال الأتيان بالواجب أفضل من تركه (قال صاحب المفهم) لا يقال إن لفظة أفعل قد ترد لأثبات صفة فى إحدى الجهتين ونفيها عن الأخرى أفضل المضافة الى صلاة الفذ كذلك، لأنا نقول إنما يصح ذلك فى أفعل مطلقا غير مقرون بمن كقوله تعالى "تبارك الله أحسن الخالقين" اهـ وفى بعض أحاديث الباب من روايات أبى هريرة "تزيد عن صلاته وحده" وكذلك عند مسلم ففيها تصريح بصحة الصلاة وحده، وردٌّ لقول القائلين بأنها فرض عين (قال النووى رحمه الله) أما حكم المسألة فالجماعة مأمور بها للأحاديث الصحيحة المشهورة وإجماع المسلمين وفيها ثلاثة أوجه لأصحابنا (أحدها) أنها فرض كفاية (والثانى) سنة (والثالث) فرض عين، لكن ليست بشرط لصحة الصلاة، وهذا الثالث قول اثنين من كبار أصحابنا المتمكنين فى الفقه والحديث، وهما أبو بكر بن خزيمة وابن المنذر (قال الرافعى) وقيل إنه قول للشافعي،

(2) باب الترغيب فى حضور الجماعة فى العشاء والفجر عن عثمان بن عفَّان رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال من صلَّى العشاء في جماعةٍ فهو كمن قام نصف اللَّيل،

_ والصحيح أنها فرض كفاية، وهو الذى نص عليه الشافعي فى كتاب الأمامة كما ذكره المصنف "يعنى صاحب المهذب" وهو قولى شيخى المذهب ابن سريج وأبى إسحاق وجمهور أصحابنا المتقدمين من العلماء (قلت منهم بعض المالكية وبعض الحنفية) قال وقال عطاء والا وزاعى وأحمد وأبو ثور وابن المنذر عى فرض على الأعيان ليست بشرط للصحة (وقال داود) هى فرض على الأعيان وشرط فى الصحة وبه قال بعض أصحاب أحمد (قال وجمهور العلماء) على أنها ليست بفرض عين، واختلفوا هل هى فرض كفاية أم سنة؟ قال القاضى عياض ذهب اكثر العلماء الى أنها سنة مؤكدة لا فرض كفاية اهـ ج (قلت) منهم المالكية والحنفية والله أعلم (وفيها أيضا) دليل على أن أقل الجماعة اثنان، لأنه جعل هذا الفضل لغير الفذ، وما زاد على الفذ فهو جماعة، ويؤيد ذلك ما رواه الشيخان والأمام أحمد وسيأتى من حديث مالك بن الحويرث "اذا حضرت الصلاة فاذنا وأقيما ثم ليؤمكما أكبركما" وبوب له البخارى "باب اثنان فما فوقهما جماعة" (وقد استدل بأحاديث الباب) بعض المالكية للمشهور عن مالك أنه لا فضل لجماعة على لأنه جعل الجماعات كلها بسبع وعشرين وخمس وعشرين ولم يفرق جماعة وجماعة (وذهب الشافعى والجمهور) الى أن الجماعات تتفاوت لما روى أبو داود والنسائى وابن ماجه والأمام احمد وسيأتى من حديث أبىّ ابن كعب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين ازكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب الى الله" وليس فى أحاديث الباب حجة لمن تعلق بها فى تساوى الجماعات، لأنا نقول ما تحصل به الجماعة محصل للتضعيف ولا مانع من تضعيف آخر بسبب آخر من كثرة الجماعة أو شرف المسجد أو بعد طيق المسجد او غير ذلك والله اعلم (وفيها أيضا) أن فضل الجماعة يحصل لمن تعودها وقصدها فلم يدركها فصلى وحده تفضلا من الله تعالى ومكافأة له على حسن نيته، وفيها غير ذلك والله أعلم. (1297) عن عثمان بن عفان (سنده) حدَّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الملم بن عمرو ثنا على بن المبارك عن يحيى يعنى ابن كثير عن محمد بن إبراهيم

ومن صلّى الصبُّح في جماعة فهوى كمن قام اللَّيل كلَّه عن عائشة رضى الله عنها أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال لو أن الناس يعلمون ما في صلاة

_ عن عثمان بن عفان "الحديث" (غريبه) (1) قال القرطبى معناه أنه قام نصف ليلة أو ليلة لم يصل فيها العشاء والصبح فيها العشاء والصبح، إذ لو صلى ذلك فى جماعة لحصل له فضلها وفضل القيام اهـ (قلت) نظير ذلك قوله تعالى (ليلة القدر خير من ألف شهر) أى من ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، فاذا صلاها فى جماعة وقام الليل كله ضوعف له الثواب والله أعلم بالصواب (تخريجه) (م. لك) بنحو حديث الباب؛ ورواه الأمام احمد من طريق أخرى قال حدثنا عبد الرحمن ثنا سفيان وعبد الرازق قالا سفيان عن عثمان بن حكيم عن عبد الرحمن بن أبى عمرة عن عثمان بن عفان قال عبد الرزاق عن النبى صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال "من صلى صلاة العشاء والصبح فى جماعة فهو كقيام ليلة" وقال عبد الرحمن "من صلى العشاء والصبح فى جماعة فهو كقيام ليلة" وقال عبد الرحمن "من صلى العشاء فى جماعة فهو كقيام نصف ليلة، ومن صلى الصبح فى جماعة فهو كقيام ليلة" ورواه أبو داود بلفظ "من صلى العشاء فى جماعة كقيام نصف ليلة، ومن صلى العشاء والفجر فى جماعة كان كقيام ليلة" ورواه الترمذى كرواية أبى داود حديث حسن صحيح (قال المنذرى) وقال ابن خزيمة فى صحيحه (باب فضل صلاة العشاء والفجر فى جماعة وبيان أن صلاة الفجر فى الجماعة أفضل من صلاة العشاء فى الجماعة وأن فضلها فى الجماعة ضعفا فضل العشاء فى الجماعة) ثم ذكره بنحو لفظ مسلم، ولفظ أبى داود والترمذى يدافع ما ذهب اليه والله أعلم اه (قلت) وقد أتى الأمام أحمد رحمه الله بمعنى هذه الروايات كلها جزاه الله أحسن الجزاء (فان قيل) كيف الجمع بين الروايات التى تدل بظاهرها على أن من صلى العشاء والفجر فى جماعة كان له قيام ليلة ونصف، وهى رواية حديث الباب ومسلم ومالك، وبين الروايات التي تدل على أن له قيام ليلة، وهى رواية الأمام أحمد من طريق عبد الرزاق ورواية أبى داود والترمذى (فالجواب) أن المراد بقوله فى حديث الباب "ومن صلى الصبح فى جماعة فهو كمن قام الليل كله" يعنى مع صلاة العشاء (قال القارى) فى المرقاة فى شرح قوله "فكأنما الليل كله" أى بانضمام ذلك النصف فكأنما احيا نصف الليل الأخير اهـ وهذا هو المتعين جمعا بين الروايات والله أعلم (1298) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا شيبان عن يحيى عن محمد بن إبراهيم عن يحنَّس أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث"

العتمة وصلاة الصبُّح لأتوهما ولو حبوًا عن أبى بن كعبٍ رضى الله عنه أنَّه قال صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبُّح فقال شاهدٌ فلانٌ؟ فقالوا لا، فقال شاهدٌ فلانٌ؟ فقالوا لا، فقال شاهدٌ فلانٌ؟ فقالوا لا، إنَّ هاتين الصَّلاتين من أثقل الصَّلوات على المنافقين ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا، والصَّفُّ المقدَّم على

_ (غريبه) (1) بفتح العين المهملة والتاء المثناة من فوق، وقت صلاة العشاء الآخرة، وأطلق اسم العتمة على العشاء نفسها، وقال الخليل هى بعد غيبوبة الشفق، وأعتم اذا دخل فى العتمة، والعتمة الأبطال أعتم الشئ وعتمه اذا أخره، وعتمت الحاجة وأعتمت إذا تأخرت، والمعنى لو يعلم الناس ما فى صلاتى العشاء والصبح من الفضل العظيم والثواب الجسيم لأتوا لصلاتهما جماعة فى المسجد (وقوله ولو حبوا) أى يزحفون اذا منعهم مانع كمرض أو ضعف عن المشى كما يزحف الصغير، ولابن أبى شيبة من حديث أبى الدرداء "ولو حبوا على المرافق والركب" وذلك لمزيد فضلها (تخريجه) (جه) وفى اسناده يحيى بن كثير لين الحديث (1299) عن أبىّ بن كعب (سنده) حدّثنا عبد الله أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة سمعت أبا إسحاق أنه سمع عبد الله بن أبى بصير يحدث عن أبىّ بن كعب أنه قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (2) يعنى أحاضر صلاتنا فلان وهو بحذف همزة الاستفهام وثبتت فى رواية أبى داود ففيها (أشاهد فلان) الخ وأبهم أسماء هؤلاء النفر إما لأن أبيًّا لم يعرفها أو لأنه أراد التستر (3) يعنى العشاء والصبح كما صرح بذلك فى الطريق الثانية، وصرح بذلك أيضا فى رواية أخرى من حديث أبى هريرة عند الشيخين والأمام احمد وستأتى (4) فى رواية عند البخارى من حديث أبى هريرة "ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء" وهي تدل على أن الصلاة كلها ثقيلة على المنافقين كما جاء فى التنزيل (ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسالى) وإنما كانت العشاء والفجر أثقل عليهم من غيرها لقوة الداعى الى تركهما، وهو ان العشاء تكون فى وقت السكون والراحة، والصبح فى وقت لذة النوم، وقيل وجهه أن المؤمنين يفوزون بما ترتب عليهما

مثل صف الملائكة ولو تعلمون فضيلته لابتدرتموه وصلاة الرَّجل مع الرَّجلين أزكى من صلاته مع رجل، وما كان أكثر فهو أحب إلى لله تعالى (وعنه من طريقٍ ثانٍ) قال صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر فلمّا صلَّي قال شاهد فلانٌ؟ فسكت القوم، قالوا نعم ولم يحضر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ أثقل الَّصلَّاة على المنافقين صلاة العشاء والفجر (فذكر نحو ما تقدَّم وفيه) إنَّ صلاتك مع رجلين أزكى من صلاتك مع رجلٍ، وصلاتك مع رجلٍ أزكى من صلاتك وحدك، وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى (وعنه من

_ من الفضل لقيامهم بحقها دون المنافقين والله أعلم (1) أى فى القرب من الله عز وجل ونزول الرحمة وإتمامه واعتداله، ويستفاد منه أن الكلائكة يصفون لعبادة الله تعالى، وقد صرح بذلك فى حديث جابر، وسيأتى فى باب الحث على تسوية الصففوف ورصها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ألا تصفون كما تصف الملائكة عند ربها؟ قالوا يا رسول الله كيف نصف الملائكة عند ربها؟ قال يتمون الصفوف الأولى ويتراصون فى الصف" (وعن النعمان بن بشير) رضى الله عنه قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول "إن الله عز وجل وملائكته يصلون على الصف الأول أو الصفوف الأولى" رواه الأمام أحمد وسيأتى فى باب فضل الصف الأول (2) أى لا ستبقوا اليه كما فى رواية (3) أى أكثر ثوابًا من صلاته مع رجل واحد (4) أة وكلما كثرت الجماعة فهو أحب الى الله تعالى جعلت ما شرطية، وإن جعلت موصولة فالتقدير، والصلاة التي كثر فيها المصلون أحب إلى الله تعالى وذكَّر الضمير باعتبار لفظ ما، وقرن الخبر بالفاء لأن الموصول يشبه الشرط فى العموم، ومحبة الله تعالى كناية عن رحمته وإحسانه لعبده (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن سفيان عن أبى إسحاق عن عبد الله بن أبى بصير عن أبىّ بن كعب قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر "الحديث" (6) هكذا بالأصل "فسكت القوم قالوا نعم ولم يحضر" ولم أجد هذه الجملة لأحد غير الأمام أحمد ممن روى الحديث، والذى وجدته عندهم هو أن النبى صلى الله عليه وسلم "اشاهد فلان قالوا لا" كما ثبت فى الطريق الأولى عند الأمام احمد، فان لم تكن هذه الجملة دحلها تحريف فالظاهر والله أعلم أن بعض القوم سكت لكونه لم يعلم بحضور المسؤول عنه، وبعضهم قال نعم ظنا منه أنه حضر

طريقٍ ثالثٍ) ز قال صلَّي بنا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم صلاة الفجر، فلمَّا قضي الصَّلاة رأى من أهل المسجد قلَّة، فقال شاهدٌ فلانٌ؟ قلنا نعم حتَّى عد ثلاثة نفرٍ، فقال إنَّه ليس من صلاةٍ أثقل على المنافقين من صلاة العشاء الآخرة ومن صلاة الفجر وذكر الحديث بطوله عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم المتخلَّفون عن صلاة العشاء وصلاة الغداة مالهم فيهما لأتوهما ولو حبوًا

_ ولكنه في الواقع لم يحضر والله أعلم (1) ز (سنده) حدثنا عبد الله ثنا خلف ابن هشام البزار وأبو بكر بن ابى شيبة قال ثنا أبو الأحوص عن أبى إسحاق عن العيزار بن حريث عن أبى بصير قال أبىٌّ صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (2) هكذا بالأصل "قلنا نعم" ولم أقف على هذه الكلمة لأحد من أصحاب الأصول غير الأمام احمد، والظاهر أن الذين قالوا ذلك هم الذين ظنوا وجود المسؤول عنه كما تقدم، أما الباقون فقد أجابوا بالنفى وهو الواقع، ولهذا ذم النبى صلى الله عليه وسلم المنافقين وقال فيهم ما قال والله أعلم بحقيقة الحال (تخريجه) (د. نس. جه. ك) ورواه الأمام أحمد من تسعة طرق؛ والطريق الثالثة من حديث الباب من زوائد عبد الله على مسند أبيه، وقد اقتصرت على هذه الطرق الثلاث لأنها أجمعها، ورواه الحاكم من عدة طرق أيضا ثم قال وقد حكم أئمة يحيى بن معين وعلى بن المدينى ومحمد بن يحيى الذهلى وغيرهم لهذا الحديث بالصحة (قلت) وأقره الذهبى وصححه أيضا ابن السكن وابن خزيمة عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد حدثنى أبى ثنا سنان أبو ربيعة ثنا أنس "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه من رواية أنس لغير الأمام احمد واورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله موثقون (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل العشاء والفجر فى جماعة وأن الجماعة فيهما أفضل من سائر الصلوات الأخرى لما فيهما من تحمل المشقة والظلام ولأنهما فى وقت نوم لا ينتهض لله عز وجل فيهما من فراشه عند لذيذ نومه إلا مؤمن تقى (وفيها أيضا) الحث والترغيب فى حضور الجماعة فيهما (وفيها أيضا) بيان فضل الصف الأول والترغيب

(3) باب ما جاء فى تأكيدها والحث عليها عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال أتي ابن أدمِّ مكتومٍ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله منزلى شاسع وأنا مكفوف البصر وأنا أسمع الأذان، قال فإن سمعت الأذان فأجب ولو حبوًا أو زحفًا عن عمرو بن أم مكتومٍ رضى الله عنه قال جئت إلى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فقلت يا رسول الله كنت ضريرًا شاسع الدَّار قائدٌ لا يلائمنى فهل تجد لى رخصةً أن أصلِّي فى بيتي؟

_ في المبادرة اليه (وفيها أيضا) ان الجماعة تنعقد بواحد مع الأمام لقوله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم "وصلاتك مع رجلى أزكى من صلاتك وحدك" وان الجماعة تتفاوت فى الفضل بكثرة من يحضرها وفيها غير ذلك والله اعلم (1301) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا غسماعيل بن أبان الوراق أبو إسحاق ثنا يعقوب أنا عيسى بن جارية عن جابر بن عبد الله "الحديث" (غريب) (1) أه بعيد عن المسجد (2) اى أعمى لا يبصر والمكفوف الضرير وقد كفَّ بصره أيضا أى منع فهو لا يبصر؛ وهذا الأعمى هو عمرو بن أم مكتوم الصحابى الجليل الذى نزل فيه قوله عز وجل (عبس وتولى أن جاءه الأعمى) (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانى فى الأوسط ورجال الطبرانى موثقون كلهم (قلت) ورجال الأمام أحمد فى بعضهم من تكلم فيه (1302) عن عمرو بن أم مكتوم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا شيبان عن عاصم عن أبى رزين عن عمرو بن أم مكتوم "الحديث" (غريبه) (3) أى ولا أزال فالمراد الكينونة هنا الدوام والاستمرار، بدليل قوله فى الحديث السابق وأنا مكفوف البصر (4) بالهمزة أى لا يوفقنى ولا يساعدنى، وعند أبى داود (لا يلاومنى) بالواو، قال الخطابى هكذا يروى، والصواب لا يلائمنى أى لا يوافقنى ولا يساعدنى، فأما الملاومة فانها مفاعلة من اللوم وليس هذا موضعه اهـ (5) يعنى فهل يسوغ لى التخلف عن الجماعة والصلاة فى بيتى؟ والرخصة بوزن الغرفة هى التسهيل في الأمر

قال أتسمع النِّداء؟ قلت نعم، قال ما أجد لك رخصةً حدّثنا عبد الله حدَّثني أبى حدثنا سفيان عن الزُّهرِّى ِّ فسئل سفيان عمَّن قال هو محمودٌ إن شاء الله أنَّ عتبان بن مالكٍ كان رجلًا محجوب البصر وإنَّه ذكر للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم التَّخلُّف عن الصلَّاة، قال هل تسمع النِّداء؟ قال نعم، قال فلم يرخَّص له عن أبى موسي (الأشعريِّ) رضى الله عنه قال علَّمنا رسول الله

_ والتيسير (1) أي لا رخصة لك فى التخلف ما دمت تسمع الأذان، وحمله القائلون بعدم وجوب الجماعة على أنه لا رخصة لك إن طلبت فضيلة الجماعة وأنك لا تحرز أجرها مع التخلف عنها بحال، ولعله صلى الله عليه وسلم علم من حال أم مكتوم أنه لا مشقة عليه فى الأنيان وجده بدون فائدة وإلا فالعمى عذر (تخريجه) (جه. طب. حب) وسنده جيد (1303) حدّثنا عبد الله (غريبه) (2) يعنى أن سفيان سئل عمن روى الزهرى هذا الحديث؟ فقال هو محمود إن شاء الله؛ يعنى رواه عن محمود بن الربيع عن عتبان، وقد ثبتت روايته عن محمود بن الربيع عن عتبان عند البخارى فى باب المساجد فى البيوت، وعند الأمام أحمد أيضا فى رواية أخرى، وتقدمت فى باب اتخاذ المساجد فى البيوت من أبواب المساجد (3) يستفاد من هذا الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يرخص لعتبان أيضا، وقد ثبت فى حديث آخر عند البخارى والأمام احمد وغيرهما أنه رخص له بالتخلف، وتقدم ذلك فى باب اتخاذ المساجد فى البيوت فكيف الجمع بينهما (قلت) يجمع بينهما بأنه صلى الله عليه وسلم لم يرخص لعتبان أولًا لظنه أنه لا يجد مشقة، فلما شكى له وجود المشقة وتحقق النبى صلى الله عليه وسلم ذلك رخص له باتخاذ مسجد فى بيته والتخلف 0 فان قيل) لم لم يرخص لابن أم مكتوم وعذرهما واحد وكلاهما يسمع الأذان؟ (قلت) لعله وجد فلا ابن أم مكتوم من الاهتداء إلى المسجد بدون مشقة ما لم يجده فى عتبان، وليس كل العميان سواء فى الاهتداء إلى الطريق لأننا نشاهد أن بعض العميان يهتدى الى الطريق بسهولة مهما كانت وعرة، وبعضهم لا يهتدى اليها وإن كانت سهلة، وربما وجد عذرًا آخر لعتبان لم يجده لابن أم مكتوم والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه مختصرًا بهذا السياق إلا عند الأمام أحمد ورواه) ق. نس. جه) والأمام أيضا وتقدم فى باب اتخاذ المساجد فى بيوت مطولا (1304) عن أبى موسى الأشعرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا

صلى الله عليه وسلم قال إذا قمتم إلى الصَّلاة فليؤمَّكم أحدكم، وإذا قرأ الإمام فأنصتوا عن معدان بن أبى طلحة اليعمرىِّ قال قال لى أبو الدَّرداء رضي الله عنه أين مسكنك؟ قال قلت فى قريةٍ دون حمص، قال سمعت رسول الله صلى االله عليه وسلم يقول مامن ثلاثةٍ فى قريةٍ لا يؤذَّن ولا تقام فيهم الصَّلاة إلاَّ استحوذ عليهم الشَّيطان فعليك بالجماعة فإنَّ الذِّنب يأكل القاصية عن معاذ بن جبلٍ رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال إنَّ الشيطان ذئب الإنسان كذئب الغنم يأخذ الشَّاة

_ علي بن عبد الله قال ثنا جرير عن سليمان التيمى عن قتادة عن أبى غلاب عن حصان بن عبد الله الرقاشى عن أبى موسى "الحديث" (تخريجه) (م. وغيره) (1305 عن معدان بن أبى طلحة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع حدثنى زائدة بن قدامة حدثنى السائب بن حبيش الكلاعى عن معدان بن أبى طلحة اليعمرى "الحديث" (غريبه) (1) اسمه عويمر بن زيد بن قيس، وقيل اسمه عامر ولقبه عويمر، وهو أنصارى خزرجى؛ شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بعد أحد من المشاهد واختلفوا فى شهوده أحدا وكان فقيها حكيما زاهدًا ولى قضاء دمشق لعثمان، توفى بدمشق سنة إحدى وقيل ثنتين وثلاثين وقبر بباب الصغير قاله النووى ج (2) زاد أبو داود فى روايته "ولا بدو" والبدو هو البادية خلاف الحاضرة، والنسبة اليه بدوى بفتح الدال المهملة (3) أى تسلط عليهم الشيطان كما تسلط الذئب على الشاة المنفردة عن قطيع الغنم، لأن عين الراعى تحمى الغنم المجتمعة، فكذلك من الحافظ على الجماعة يكون فى رعاية الله عز وجل فيحفظه من غوائل الشيطان، أما من تخلف عنها فيكون فريسة للشيطان كالشاة القاصية أى المنفردة عن القطيع تكون فريسة للذئب (تخريجه) (د. نس. خز. حب. ك) وقال صحيح الأسناد وصححه أيضا النووى (1306) عن معاذ بن جبل (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا سعيدة عن قتادة ثنا العلاء بن زياد عن معاذ بن جبل "الحديث" (غريبه) (4) يعنى أن الشيطان مفسد للأنسان مهلك له باغوائه كأفساد الذئب إذا أرسل في تقطيع

القاصية والنَّاحية فإيَّاكم والشِّعاب وعليكم بالجماعة والعامَّة والمسجد (4) باب ما جاء فى التشديد على من تخلف عن الجماعة خصوصا العشاء والفجر عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لينتهنَّ رجالٌ مَّمن حول المسجد لا يشهدون العشاء الآخرة فى الجميع أو لأحرَّقن حول بيوتهم بحزم الحطب وعنه أيضًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا ما فى البيوت من النساء

_ من الغنم (1) بحاء مهملة أى التى غفل عنها وبقيت فى جانب منفردة (2) بكسر الشين المعحمة جمع شعب كناية عن عدم التفرق والبعد، لأن من كان فى شعب كان بعيدًا من الناس، والمعنى احذروا التفرق والاختلاف (3) أى الزموا ما عليه جماعة أهل السنة فى كل شئ ومن ذلك الجماعة فى الصلاة وقوله (والعامة) أى جمهور الامة المحمدية فانهم أبعد عن مواقعة الخطأ وقوله (والمسجد) أى لأنه أحب البقاع إلى الله تعالى ومنه يفر الشيطان فيغدو إلى السوق (تخريجه) (عب) وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على الترغيب فى حضور الصلاة جماعة بالمسجد والتحذير من تركها (وفيها أيضًا) عدم الترخص للأعمى فى التخلف عنها ما دام يسمع النداء ويهتدى الى الطريق (وفيها أيضًا) ان الشيطان يستحوذ على من تخلف عن الجماعة بدون عذر وفيها غير ذلك والله أعلم عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا ابن أبى ذئب عن عجلان عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (4) أى ممن بيوتهم قريبة من المسجد بحيث يسمعون الأذان (وقوله فى الجميع) يعنى الجماعة (5) بالتشديد، والمراد به التكثير يقال حرّفه إذا بالغ فى تحريقه (وقوله حول بيوتهم) ظاهره أن المراد بالتحريق الأرهاب أو تحريق البيوت فقط لا نفس السكان؛ لكن ورد فى الصحيحين وعن الأمام أحمد من رواية أبى هريرة ايضا ما يفيد أن العقوبة ليست قاصرة على المال، بل المراد تحريق المقصودين والبيوت تبعا لساكينها، وفى رواية مسلم من طريق أبى صالح "فأخرق بيوتا على من فيها" (تخريجه) أورده الهيثمى وقال هو فى الصحيح خلاقو له ممن حول المسجد، رواه أحمد ورجاله موثقون (1308) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا خلف قال ثنا أبو معشر عن شعيد المقبرى عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا ما في البيوت

والذَّريَّة لأقمت صلاة العشاء وأمرت فتيانى يحرِّقون ما فى البيوت بالنَّار وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أثقل الصلَّاة على المنافقين صلاةى العشاء وصلاة الفجر، ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبوًا ولقد هممت أن آمر المؤذَّن فيؤذَّن آمر رجلًا يصلَّى بالنَّاس ثمَّ أنطلق معى برجالٍ معهم حزم الحطب إلى قومٍ يتخلَّفون عن الصَّلاة فأخرِّق عليهم بيوتهم بالنَّار عن عبد الله بن شدَّاد بن الهاد عن ابن أم مكتومٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي المسجد فرأى فى القوم رقَّةً فقال إنَّى لأهمُّ أن أجعل للنَّاس إمامًا أخرج فلا أقدر على إنسانٍ يتخلًف عن الصَّلاة في بيته

_ "الحديث" (1) يعني الصغار، لأن الصغار والنساء لا يتأكد حضورهم الجماعة بالمسجد فلا ذنب لهم (2) جمع فتى أى جماعة من شبان أصحابى أو خدمى وغلمانى (تخريجه) لم أقف عليه، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد وأبو معشر ضعيف "يعنى أحد رجال السند" (1309) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش وابن نمير قال أنا الأعمش المعنى عن أبى صالح عن ابى هريرة "الحديث (غريبه) (3) يعنى كحبو الصبى الصغير على يديه ورجليه والمعنى لو يعلمون ما فيهما من الفضل والخير ثم لم يستطيعوا الأتيان اليهما إلا حبوًا لحبوا اليهما ولم يفوتوا جماعتهما فى المسجد، ففيه الحث البليغ على حضورهما (وقوله ولو همت أن أمر المؤذن فيؤذن الخ) معنى الأذان عنا الأقامة كما فى رواية مسلم (ولقد همت أن آمر بالصلاة فتقام ثم آمر رجلا يصلى بالناس الخ) قال النووى فيه أن الأمام اذا عرض له شغل يستخلف من يصلى بالناسن وإنما همَّ ياتيانهم بعد إقامة الصلاة لأن بذلك الوقت يتحقق مخالفتهم وتخلفهم فيتوجه اللوم عليهم، وفيه جواز الانصراف بعد إقامة الصلاة لعذر (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1310) عن عبد الله بن شداد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا عبد العزيز يعنى ابن مسلم ثنا الحصين عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن ابن أم مكتوم رضى الله عنه "الحديث" (غريبه) (4) أى قلة كما في رواية أخرى

إلاَّ أحرقته عليه، فقال ابن أمِّ مكتومٍ يا رسول الله إنَّ بينى وبين المسجد نخلًا وشجرًا ولا أقدر على قائدٍ كلَّ ساعةٍ، أيسعنى أن أصلِّى فى بيتى؟ قال أتسمع الإقامة؟ قال نعم، قال فأتها عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لقد هممت أن آمر فتياني فيجمعوا حطبًا، ثمَّ آمر رجلًا يومُّ النَّاس ثمَّ أخالف إلى رجالٍ يتخلَّفون عن الصلّاة فأحرِّق عليهم بيوتهم وايم الله لو يعلم أحدهم أنَّ له بشهودها عرقًا سمينًا

_ المراد بالإقامة هنا الأذان كما صرح بذلك فى حديث جابر فى الباب السابق (2) فيه أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يرخص له مع ما أبداه من العذر، وقد حمله العلماء على أنه لا يشق عليه التصرف بالمشى وحده ككثير من العميان (تخريجه) (خز. ك) وصحح إسناده وأقره الذهبى (1311) عن أبى هريرة (سنده) عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد حدثنا محمد بن عجلان عن أبيه عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (3) لفظ البخارى "والذى نفسى بيده لقد هممت" وهو قسم كان النبى صلى الله عليه وسلم كثيرًا ما يقسم به، ومعناه أن ـمر نفوس العباد بيد الله أى بتقديره وتدبيره، وفيه جواز القسم على الأمر الذى لا شك فيه تنبيهًا على عظم شأنه، وفيه الرد على من كره أن يحلف بالله مطلقا (وقوله لقد هممت) اللام جواب القسم، والهم العزم وقيل دونه، وزاد مسلم فى أوله أنه صلى الله عليه وسلم فقد ناسًا فى بعض الصلوات فقال لقد هممت، فأفاد ذكر سبب الحديث قاله الحافظ (4) أى آتيهم من خلفهم، وقال الجوهرى خالف الى فلان أى أتاه اذا غاب عنه، أو المعنى أخالف الفعل الذى أظهرت من إقامة الصلاة وأتركه ,اسير اليهم وأخالف ظنهم فى أدنى مشغول بالصلاة عن قصدى اليهم، أو معنى أخالف أتخلف أى عن الصلاة الى قصدى المذكورين، والتقييد بالرجال يخرج النساء والصبيان (5) أيم مختصر من أيمن، وهو اسم استعمل فى القسم والتزم رفعه كما التزم رفع لعمر الله، وهمزته عند البصريين وصل، واشتقاقه عندهم من اليمن وهوى البركة، وعند الكوفيين قطع، لأنه جمه يمين عندهم، فقوله هنا وايم الله مختصر منه، فيقال وايم الله بحذف الهمزة والنون (6) بفتح العين المهملة وسكون الراء بعدها قاف، قال الخليل العراق

أو مر ماتين لشهدها ولو يعلمون ما فيها لأتوها ولو حبوًا وعنه أيضًا قال جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد "وفى رواية دخل رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم المسجد صلاة العشاء" فرآهم عزين متفرِّقين قال فغضب غضبًا شديدًا ما رأيناه غضب غضبًا أشد منه، قال والله لقد هممت أن آمر رجلًا يؤمُّ النَّاس ثمَّ أتتبَّع هؤلاء الَّذين يتخلَّفون عن الصًّلاة فى دورهم فأحرَّقها عليهم وعنه رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أخَّر العشاء الآخرة ذات ليلة حتَّى كاد يذهب ثلث اللَّيل أو قرابه قال ثمَّ جاء وفي النَّاس

_ العظم بلا لحم، وإن كان عليه لحك فهو عرق، وفى المحكم عن الأصمعى بسكون الراء قطعة لحم، قال الحافظ وقول الاصمعى هو اللائق هنا (1) تثنية مرماة بكسر الميم وحكى الفتح، قال الخليل هى ما بين ظلفى الشاة، وكذا قال صاحب النهاية، قال وقال أبو عبيد هذا حرف لا أدرى ما وجهه إلا أنه هكذا يفسر بما بين ظلفى الشاة، يريد به حقارته اهـ (وفى النهاية ايضا) المرماة بالكسر السهم الصغير الذى يتعلم به الرمى، وهو أحقر السهام وأدناها، أى لو دعى الى أن يعطى سهمين من هذه السهام لأسرع الأجابة اهـ ولفظ البخارى "مرماتين حسنتين" قال الحافظ وإنما وصف العرق بالسمن والمرماة بالحسن ليكون ثمَّ باعث نفاسنى على تحصيلهما، وفيه الأشارة الى ذم المتخلفين عن الصلاة بوصفهم بالحرص على الشئ الحقير من مطعوم أو ملعوب به مع التفريط فيما يحصّل رفيع الدرجات ومنازل الكرامة (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (1312) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا اسود بن عامر قال أنبأنا أبو بكر عاصم عن أبى صالح عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (2) جمع عزة وهى الحلقة المجتمعة من الناس وأصلها عزوة فحذفت

رقَّةٌ وهم عزون فغضب غضبًا شديًدا، ثمَّ قال او أنَّ رجلًا بدا النَّاس إلى عرقٍ أو مر ماتين لأجابوا له، وهم يتخلَّفون عن هذه الصَّلاة، لقد هممت أن آمر رجلًا فيتخلَّف على أهل هذه الدُّور الَّذين يتخلَّفون عن هذه الصَّلاة فأحرِّقها عليهم بالنِّيران (1314) عن عبد الله (يعنى ابن مسعودٍ) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لقد هممت أن آمر رجلًا فيصلَّى بالنَّاس، ثمَّ آمر بأناسٍ لا يصلُّون فنحرِّق عليهم بيوتهم (1315) عن سهلٍ عن أبيه (يعنى معاذ بن أنسٍ الجهنىَّ رضى الله عنه) عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال الجفاء كلُّ الجفاء

_ ثلثه وهو مصدر قارب يقارب (1) المعنى لو أن رجلا من البادية بدا الناس أَاخرجهم إلى البادية داعيا إياهم إلى عَرق أو مِماتين "تقدم تفسيرهما" لأجابو دعوته رغبة في تناول هذا الطعام الحقير؛ واذا دعوا إلى الصلاة بالمسجد الذي هو أقرب من البادية أعظم فائدة وثوابه باق مدخر عند الله تعالى تخلفوا، لهذا همَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحرق عليهم بيوتهم لأنهم لم يجيبوا داعى الله ولم يقيموا شعائره، هذا ما ظهر لي والله أعلم (تخريجه) قال الحافظ رواه السراج وابن حبان من هذا الوجه (قلت) وسنده جيد. (1314) عن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم ثنا غسرائيل عن أبى إسحاق عن أبى الأحوص عن عبد الله "الحديث" (تخريجه) (طس) وقال الهيثمى رجاله رجال الصحيح، وقال هو عند مسلم بلفظ "لقد همت أن آمر رجلا يصلى بالناس ثم أحرق على رجال يتخلفون عن الجمعة بيوتهم اهـ (قلت) وللأمام أحمد على ابن مسعود كراوية مسلم ستأتى في باب التخلف عن الجمعة من أبواب الجمعة إن شاء الله. (1315) عن سهل عن ابيه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا ربان ثنا سهل عن أبيه "الحديث" (غريبه) (2) أي البعد كل البعد وأكده لبيان أنه بعيد عن رحمة الله تعالى (قال في النهاية) الجفاء البعد عن الشئ

والكفر والنَّفاق من سمع منادى الله ينادى بالصَّلاة يدعو إلى الفلاح ولا يجيبه

_ يقال جفاه إذا بعد عنه وأجفاه اذا أبعده (1) أى خصال من سمع منادى الله يعنى المؤذن (2) أى المكتوبة (وقوله يدعو الى الفلاح) أى يدعوه الى سبب البقاء فى الجنة والفوز بدار النعيم وهو الصلاة (3) أى بالسعى الى الجماعة وليس المراد أن عدم الأجابة يقتضى الكفر، بل المراد أن فعل من لم يجب كفعل الكفرة والمنافقين فى الاتصاف بهذا الوصف أى عدم الأجابة والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير وفيه زبان بن فائد ضعفه ابن معين ووثقه أبو حاتم اهـ (قلت) وفى إسناد الأمام أحمد بن لهيعة أيضا وحسن بعضهم إسناد الطبرانى والله أعلم (وفى الباب) عند (م. مذ. جه. هق) وأبى داود (ولفظه) قال حدثنا النفيلى ثنا أبو الملليح حدثنى يزيد بن يزيد حدثنى يزيد بن الأصم قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لقد هممت أن آمر فتيتى فيجمعوا لى حزمًا من حطب ثم آتى قوما يصلون فى بيوتهم ليست بهم علة فأحرقها عليهم، قلت ليزيد بن الأصم يا أبا عوف الجمعة عنى أو غيرهما فقال صمّضتا أذناى إن لم أكن سمعت أبا هريرة ياثره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما ذكر جمعة ولا غيرهما" ورواه الأمام احمد أيضا بدون قوله "ليست بهم علة" وسيأتى فى باب وجوب الجمعة والتغليظ فى تركها (وعن أنس بن مالك) رضى الله عنه نحو حديث أبى هريرة وفيه "لقد هممت أن آمر رجلا أن يصلى بالناس فى جماعة ثم أنصرف الى قوم سمعوا النداء فلم يجيبوا فأحرقها عليهم نارًا، انه لا يتخلف عنها إلا منافق" رواه الطبرانى فى الأوسط ورجاله موثقون (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما قال "من سمع حى على الفلاح فلم يجب فقد ترك سنة محمد صلى الله عليه وسلم" رواه الطبرانى أيضًا فى الأوسط ورجاله رجال الصحيح (الأحكام) استدل بأحاديث الباب القائلون بأن صلاة الجماعة فرض عين (وتقدم ذكرهم فى أحكام الباب الأول) قالوا لو كانت سنة لم يهدد تاركها بالتحريق، ولو كانت فرض كفاية لكانت قائمة بالرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه، وأجاب القائلون بأنها سنة بأجوبة كثيرة (منها) ان أحاديث الباب وردت فى الحث على مخالفة أهل النفاق والتحذير من التشبه بهم لا لخوصوص ترك الجماعة، ذكر ذلك ابن المنير (ومنها) أنها وردت فى حق المنافقين فلا يتم الدليل، وتعقب باستبعاد الاعتناء بتأديب المنافقين على تركهم الجماعة مع العلم بأنه لا صلاة لهم، وبأنه صلى الله عليه وسلم كان معرضًا عنهم وعن عقوبتهم مع علمه بطويتهم، وقال لا يتحدث

_ الناس أن محمدًا يقتل أصحابه، وتعقب هذا التعقب ابن دقيق العيد بأنه لا يتم إلا أن ادعى أن ترك معاقبة المنافقين كان واجبا عليه ولا دليل على ذلك، وليس فى إعراضه عنهم ما يدل على وجوب ترك عقوبتهم (قال الحافظ) والذى يظهر لى أن الحديث ورد فى المنافقين لقوله صلى الله عليه وسلم فى صدر الحديث "أثقل الصلاة على المنافقين" ولقوله "ولو يعلمون الخ" لأن هذا الوصف يليق بهم لا بالمؤمنين، لكن المراد نفاق المعصية لا نفاق الكفر، يدل على ذلك قوله فى رواية "لا يشهدون العشاء فى الجمع" وقوله فى حديث أسامة "لا يشهدون الجماعات" وأصرح من ذلك ما فى رواية أبى داود عن أبى هريرة "ثم آتى قومًا يصلون فى بيوتهم ليست بهم علة" فهذا يدل على أن نفاقهم نفاق معصية لا كفر، لأن الكافر لا يصلى فى بيته، إنما يصلى فى المسجد رياًء وسمعة، فاذا خلا فى بيته كان كما وصفه الله تعالى من الكفر والاستهزاء (قال الطيبى) خروج المؤمن من هذا الوعيد ليس من جهة أنهم اذا سمعوا النداء جاز لهم التخلف عن الجماعات، بل من جهة أن التخلف ليس من شأنهم بل هو من صفات المنافقين، ويدل على ذلك قول ابن مسعود "لقد رأيتنا وما يتخلف عن الجماعة إلا منافق" وأخرج ابن أبى شيبة وسعيد بن منصور باسناد صحيح عن عمير بن أنس قال "حدثنى عمو متى من الأنصار قالوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شهدهما منافق" يعنى العشاء والفجر (ومنها) أن فريضة أن فريضة الجماعة كانت فى أول الأمر ثم نسخت حكى ذلك القاضى عياض (قال الحافظ) ويمكن أن يتقوى لثبوته، بالوعيد المذكور فى حقهم وهو التحريق بالنار، قال ويدل على النسخ الأحاديث الواردة فى تفصبل صلاة الجماعة على صلاة الفذ (قلت تقدمت فى الباب الأول) قال لأن الأفضلية الاستراك فى أصل الفضل ومن لازم ذلك الجواز اهـ (ومنها) أن المراد بالصلاة فى أحاديث الباب الجمعة لا باقى الصلوات، وتعقب بان الأحاديث مصرحة بالعشاء والفجر كما فى روايات أبى هريرة، ولا ينافى ذلك ما وقع عند مسلم والأمام احمد من حديث ابن مسعود أنها الجمعة، لاحتمال تعدد الواقعة كما أشار إليه النووى والمحب الطبرى (والظاهر) ما ذهب اليه الجمهور وهو القول بالسننة لما فى ذلك من الجمع بين الأحاديث (قال الشوكانى) قد تقرر أن الجمع بين الأحاديث ما أمكن هو الواجب، ولبقية الأحاديث المشعرة بالوجوب على ظاهرها من دون تأويل، والتمسك بما يقتضى به الظاهر اهدارٌ للأدلة القاضية بعدم الوجوب وهو لا يجوز، فأعدل الأقوال وأقربها الى الصواب أن الجماعة من السنن المؤكدة التى لا يخل بملازمتها ما أمكن إلا محروم مشئوم، وأما انها فرض عين أو كفاية أو شرط لصحة الصلاة فلا، ولهذا قال المصنف (يعنى صاحب المنتقى 9 بعد أن ساق حديث أبى هريرة يعنى "صلاة الرجل فى جماعة تزيد

_ على صلاته فى بيته وصلاته فى موقه بضعًا وعشرين درجة" قال ما لفظه وهذا الحديث يرد على من أبطل صلاة المنفرد لغير عذر وجعل الجماعة شرطا، لأن المفاضلة بينهما تستدعى صحتهما، وحمل النص على المنفرد لعذر لا يصح، لأن الأحاديث قد دلت على أن أجره لا ينقص عما يفعله لولا العذر، فروى أبو موسى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "اذا مرض العبد أو سافر كتب الله له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا" رواه احمد والبخارى وأبو داود (وعن أبى هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من توضأ فأحسن الوضوء ثم راح فوجد الناس قد صلوا أعطاه الله عز وجل مثل أجر من صلاها وحضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا" رواه احمد وأبو داود والنسائى اهـ كلام صاحب المنتقى (قال الشوكانى) استدل المصنف (يعنى صاحب المنتقى) بهذين على ما ذكره من عدم صحة حمل النص على المنفرد لعذر، لأن أجره كأجر المجمع أهـ (وقال صاحب حجة الله البالغة) الجماعة سنة مؤكدة تقام اللائمة على من تركها لأنها من شعائر الدين، لكنه صلى الله عليه وسلم رآى من بعض من هنا لك تأخيرًا واستبطاء وعرف ان سببه ضعف النية فى الأسلام، فشدد النكير عليهم وأخاف قلوبهم، ثم لما كان فى شهود الجماعة حرج للضعيف والسقيم وذى الحاجة اقتضت الحكمة ان يرخص فى تركها عند ذلك ليتحقق العدل بين الأفراط والتفريط أهـ (وفى أحاديث الباب أيضا) أنه لا بأس بالحلف فيما يريد المخبر ان يخبر به للتأكيد (وفيها) أن لا بأس للأمام أن يستنيب عنه فى الأمامة لحاجة تعرض له وهو كذلك (وفيها) جواز العقوبة بالمال أخذًا من قوله فأحرق عليهم بيوتهم واليه ذهب الأمام احمد (وذهب الجمهور) الى أن العقوبات منسوخة بالمال بنهيه عن إضاعة المال ونحو ذلك، وقد يقال هذا من باب ما لغا يتم الواجب الا به، لأنهم قد يختفون فى مكان لا يعلم فأراد التوصل اليهم بتحريق البيوت، وفى ذلك من التأكيد والحض على صلاة الجماعة والتهديد لمن تركها مالا يخفى (فان قيل) كيف يهم النبى صلى الله عليه وسلم بتحريق من تخلف عن الجماعة بالنار، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم النهى عن التعذيب بها فيما رواه البخارى وأبو داود والترمذى والنسائى والأمام احمد أيضًا (وسيأتى فى موضعه) من حديث أبى هريرة قال "بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعث فقال ان وجدتم فلانا وفلانًا فأحرقوهما بالنار، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الرواح إنى أمرتكم أن تحرقوا فلانًا وفلانا وان النار لا يعذب بها إلا الله، فان وجدتموها فاقتلوهما" (وعن عكرمة) قال أتى علىّ رضى الله عنه بزنادقة فأحرقهم فبلغ ذلك ابن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم لنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تعذبوا بعذاب الله" أو لقتلتهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم "من بدل دينه فاقتلوه" رواه (خ. د. نس. مذ) وزاد الترمذى فبلغ ذلك عليًا فقال صدق ابن عباس (ولأبي داود)

(5) باب ما جاء فى الأعذار التى تبيح التخلف عن الجماعة عن نافع أنَّ ابن عمر رضى الله عنهما نادى بالصَّلاة في ليلةٍ ذات بردٍ وريحٍ، ثمَّ قال في آخر ألا صلُّوا في رحالكم ألا صلُّوا فى رحالكم، ألا صلُّوا في الِّرحال، فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر المؤذِّن إذا كانت ليلةٌ باردةٌ أو ذات ريحٍ فى السَّفر ألاَّ صلُّوا في الرِّحال (وعنه

_ من حديث حمزة بن عمرو "انه لا يعذب بالنار الا رب النار" وله من حديث ابن مسعود انه لا ينبغى أن يعب بالنار الا رب النار (فالجواب) أن التعذيب بالنار كان جائزًا أوَّلًا، ثم نسخ بهذه الأحاديث والله أعلم (وفيها أيضًا) أن الجماعة لا تجب على النساء ولا تتأكد فى حقهن أخذًا من قوله صلى الله عليه وسلم ثم أخالف الى رجال وهو كذلك (وفيها أيضًا حجة لأحد القولين فى أنه يقاتل أهل بلد تمالؤا على ترك السنن ظاهرًا بناء على القول بأن الجماعة سنة لا فرض (قال القاضى عياض) والصحيح قتالهم، لأن فى التمالؤ عليها إماتتها أهـ وقد اختلف أصحاب الشافعى رحمهم الله فى قتال أهل بلد اتفقوا على ترك الجماعة بناء على القول بأنها سنةن والصحيح عندهم أنهم لا يقاتلون على ذلك، إنما يقاتلون على القول بأنها فرض كفاية والله أعلم عن نافع (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عبيد ثنا عبد الله عن نافع "الحديث" (غريبه) (1) قال النووي وغيره الرحال المنازل سواء كانت من حجر أو مدر او خشب أو صوف أو وبر او غير ذلك واحدها رحلٌ (2) قال الحافظ وللتنويع لا للشك، وفى صحيح أبى التأخير عن الجماعة، ونقل ابن بطال فيه الأجماع، لكن المعروف عند الشافعية أن الربح عذر فى الليل فقط، وظاهر الحديث اختصاص الثلاثة بالليل، لكن فى السنن من طرق ابن إسحاق عن نافع فى هذا الحديث فى الليلة المطيرة والغداة الفرة (وفيها) باسناد صحيح من أبى المليح عن ابيه أنهم مطروا يوماً فرخص لهم، ولم أر فى شيء من الأحاديث الترخص بعذر الريح فى النهار صريحا، لكن القياس يقتضي الحاقه، وقد نقله ابن الرفعة وجها أهـ (وقوله بالسفر) ظاهره اختصاص ذلك بالسفر، لكن رواه الأمام مالك في الموطأ عن نافع عن ابن عمر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم

من طريق ثانٍ) قال نادى ابن عمر بالصَّلاة بضجنان ثم نادى أن صلُّوا فى رحالكم ثمَّ حدَّث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه كان يأمر المنادي فينادي بالصلَّاة، ثمَّ ينادى أن صلُّوا فى رحالكم في اللَّيلة الباردة وفي اللَّيلة المطيرة في السفَّر عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر فمطرنا، قال ليصل من شاء منكم في رحله

_ كان يأمر المؤذن اذا كانت ليلة باردة ذات مطر يقول ألا صلوا في الرحال، فرواية الأمام مالك مطلقة لم تقيد ذلك بالسفر، وفى بعض أحاديث الباب عند الأمام احمد ما هو مطلق أيضًا (قال الحافظ) لكن قاعدة حمل المطلق على المقيد تقتضى أن يختص ذلك بالمسافر مطلقًا، ويلحق به من تلحقه مشقة في الحضر دون من لا تلحقه والله أعلم اهـ (1) (سنده) حدينا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن نافع قال نادي ابن عمر "الحديث" (2) هو بفتح الضاد المعجمة بالجيم بعدها نون على وزن فعلان غير مصروف، قال صاحب الصحاح وغيره هو جبل بناحية مكة، وقال أبو موسى فى ذيل الغريبين هو موضع أو جبل بين مكة والمدينة، وقال صاحب المشارق ومن تبعه هو جبل على بريد من مكة، وقال صاحب الفائق بينه وبن مكة خمسة وعشرون ميلًا، وبينه وبين وادي مر يسعة أميال اهـ (قال الحافظ) وهذا القدر أكثر من بريدين وضبطه بالأميال يدل على مزيد اعتناء، وصاحب الفائق ممن شاهد تلك الأماكن واعتنى بها خلاف من تقدم ذكره ممن لم يرها أصلًا، ويؤيده ما حكاه ابو عبيد البكري قال وبين قديد وضجنان يوم معبد الخزاعي: قد جعلت ماء قديد موعدى ... وماء ضجنان لها ضحى الغد اهـ (3) أى كثيرة المطر قال الكرمانى فعيلة بمعنى فاعلة وإسناد المطر اليها مجاز ولا يقال إنها بمعنى مفعولة أى ممطور فيها لوجود الهاء فى قوله مطير إذ لا يصح ممطورة فيها اهـ ملخصاً (تخريجه) (ق. لك. والأربعة) (1317) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن بن موسى ثنا زهير عن أبى الزبير عن جابر "الحديث" (غريبه" (4) فيه دليل على أن الصلاة فى الرحال لعذر المطر ونحوه لا عزيمة (تخريجه) (م. د. هق. وغيرهم)

(1318) عن عمر بن أوس عن رجلٍ حدَّثه مؤذّن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال نادى منادى النَّبي صلَّي الله عليه وآله وسلَّم فى يومٍ مطيرٍ ألا صلُّوا فى الرِّحال عه نعيم بن النَّحَّام رضى الله عنه قال نودى بالصبُّح فى يوم بارد وأنا فى مرط امرأتى فقلت ليت المنادى قال من قعد فلا حرج عليه، فنادى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم في آخر أذانه ومن قعد فلا حرج عليه (وعنه من طريقٍ ثان) قال سمعت مؤذّن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فى ليلة باردةٍ وأنا فى لحافي فتمنَّيت أن يقول صلوا في رحالكم، فلمَّا بلغ حىَّ على الفلاح قال صلُّوا فى رحالكم ثمَّ سألت عنها فإذا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أمره بذلك

_ (1318) عن عمرو بن أوس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا حجاج ابن محمد أخبرنى شعبة عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس "الحديث" (غريبه) (1) فيه أن العذر قائم أيضًا بالمطر نهارًا ويؤيد ما يأتى فى حديث سمرة وأبى المليح وابن عباس (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (قلت) في اسناده رجل لم يسم ولعل الحافز الهيثمي عرفه بقرينة عنده والله أعلم (1319) عن نعيم بن النحام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا على ابن عياش ثنا إسماعيل بن عياش قال حدثني يحيى بن سعيد قال أخبرنى محمد بن يحيى بن حبان عن نعيم النحام قال نودى الخ (غريبه) (2) المرط بكسر الميم كساء من صوف أو خز يؤتزر به في ليلة باردة كما يستفاد ذلك من الطريق لثانية (3) يعنى من قعد عن الذهاب الى المسجد وصلى فى رحله فلا حرج عليه (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن عبيد بن عمير عن شيخ سماه عن نعيم بن النحام قال سمعت مؤذن النبي صلى الله عليه وسلم "الحديث" (5) يعنى عن قوله صلوا فى رحالكم لأنها لم تعهد فى الأذان وما سمعها قبل ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورد الطريق الأولى منه الهيثمى، وقال رواه أحمد والطبراني فى الكبير إلا أنه قال "فلما قال الصلاة خير من النوم قال ومن قعد فلا حرج" رواه اسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد الأنصاري المدني

(1320) عن سمرة (بن جندبٍ رضي الله عنه) أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال يوم حنين في يوم مطيرٍ الصَّلاة فى الرِّحال عن أبى المليح بن أسامة قال خرجت إلى المسجد فى ليلة مطيرةٍ، فلمَّا رجعت استفتحت فقال أبى من هذا؟ قالوا أبو المليح، قال لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية وأصابتنا سماءٌ لم تبل أسافل نعالنا، فنادى منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صلُّوا في رحالكم

_ وروايته عن أهل الحجاز مردودة، ورواه الطبرانى من طريق آخر رجالها رجال الصحيح اهـ (قلت) وأورد الطريق الثاني منه الهيثمى أيضًا وقال رواه أحمد وفيه رجل لم يسم (1320) عن سمرة بم جندب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز ثنا أبان ثنا قتادة عن الحسن عن سمرة "الحديث" (غريبه) (1) يعنى يوم غزوة حنين وكانت تلك الغزوة فى السنة الثامنة من الهجرة لخمس خلوان من شوال، وحنين واد بين مكة والطائف على ثلاثة أميال من مكة (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى في الكبير والبزار بنحوه وزاد "كراهية أن يشق علينا" ورجال أحمد رجال الصحيح (1321) عن أبي المليح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا إسماعيل أنا خالد عن أبى قلابة عن أبى المليح "الحديث" (غريبه) (2) فى رواية أخرى عند الأمام أحمد عن أبى المليح قال "صليت العشاء الآخرة بالصرة ومطرنا، ثم جئت أستفتح" فذكر نحوه (3) يعنى زمن صلح الحديبية، وهو الذي حصلت فيه بيعة الرضوان سنة ست من الهجرة، والحديبية بتخفيف الياء التحتية الأخيرة وتشدد، قرية صغيرة على مرحلة من مكة وعلى مسجد الشجرة وهى من الحرم، وقال ابن القصار بعضها فى الحل وبعضها في الحرم (4) المراد بالسماء هنا المطر، لأنه نازل من السماء من باب تسمية الحال باسم المحل (وقوله لم تبل أسافل نعالنا) كناية عن قلة المطر وخفته، فيستفاد منه أن المطر عذر وإن كان حفيفًا (5) لفظ أبى داود عن أبى المليح عن أبيه أنه شهد النبى صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية فى يوم جمعة وأصابهم مطر لم تبل أسفل نعالهم فأمرهم أن يصلوا في رحالهم، وقجد استدل به من قال إن المطر يبيح ترك الجمعة وإن كان خفيفا، ولكنه ليس صريحا في ذلك،

(وعنه من طريقٍ ثانٍ) عن أبيه أنَّ يوم حنينٍ كان مطيرًا قال فأمر النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم مناديه أن الصَّلاة فى الرَّحال حّدثنا عبد الله حدَّثنى أبى ابن أبى عدىّ عن ابن عون عن محمَّدٍ أنَّ ابن عبَّاسٍ قال ابن عونٍ أظنُّه رفعه قال أمر مناديًا فنادى في يومٍ مطيرٍ أن صلُّوا في رحالكم عن عائشة رضى الله عنها تبلغ به النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إذا وضع العشاء وأقيمت الصَّلاة

_ فيحتمل أن يكون النداء بالصلاة فى الرحال كان فى صبح الجمعة أو عصرها، والحديث اذا تطرقه الاحتمال سقط به الاستدلال (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا همام ثنا عن أبى المليح عن أبيه أن يوم حنين الخ (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (د. نس. هق) وفيها أن ذلك كان فى صلح الحديبية، وأخرج الطريق الثانية منه (د. ك. هق) وفيها أن ذلك كان فى يوم حنين وكلا الطريقين إسناده جيد ويجمع بينهما بأن الواقعة تعددت ولا مانع من ذلك والله أعلم (1322) حدّثنا عبد الله (غريبه) (2) يعنى أن ابن عون ظن أن محمدًا بلغه الحديث عن ابن عباس مرفوعا يعنى النبى صلى الله عليه وسلم فيكون من كلامه صلى الله عليه وسلم لا من كلام ابن عباس، ولا بن عباس أيضا حديث رواه الشيخان وأبو داود سيأتى فى آخر شرح أحاديث الباب قبل الأحكام يؤيد ذلك (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام احمد والله أعلم (1323) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة "الحديث" (غريبه) (3) أى ترفعه الى النبى صلى الله عليه وسلم وقد جاء مرفوعا عند البخارى من رواية هشام عن أبيه أيضا قال سمعت عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال "اذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤا بالعشاء" (4) حمله ابن دقيق العبد على صلاة المغرب مستدلا بما رواه البخارى والأمام أحمدًا أيضا عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "اذا قدّم العشاء فابدؤا به قبل ان تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم"

فابدؤا بالعشاء عن أم سلمة رضى اله عنها قغالت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إذا حضر العشاء وحضرت الصَّلاة فابدؤا بالعشاء عن نافعٍ عن ابن عمر عن النَّبى صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال إذا وضع العشاء وأقيمت الصَّلاة فابدؤا بالعشاء قال ولقد تمشَّى ابن عمر

_ والحديث يفسر بعضه بعضا، قال وفى رواية صحيحة اذا وضع العشاء وأحدكم صائم اهـ 0 قلت عزاها الحافظ للطبرانى وابن حبان، وقال الفاكهانى ينبغى حمله على العموم نظرًا الى العلة وهى التشويش المفضى الى ترك الخشوع، وذكر المغرب لا يقتضى حصرًا فيها، لأن الجائع غير الصائم قد يكون أشوق الى الأكل من الصائم اهـ قال الحافظ وحمله على العموم إنما هو بالنظر الى المعنى إلحاقًا للجائع بالصائم وللغداء بالعشاء لا بالنظر الى اللفظ الوارد اهـ (تخريجه) (ق. مى وغيرهما) (1324) عن أم سلمة رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل ثنا محمد بن اسحاق قال حدثنى عبد الله بن رافع عن أم سلمة "الحديث" (غريبه) (1) قال الحافظ ما يقع فى بعض كتب الفقه "اذا حضر العشاء والعشاء فابدؤا بالعشاء" لا اصل فى كتب الحديث بهذا اللفظ، كذا فى شرح الترمذى لشيخنا أبى الفضل، لكن رأيت بخط الحافظ قطب الدين أن أبى شيبة اخرج عن اسماعيل وهو ابن عليه عن ابن اسحاق قال حدثنى عبد الله بن رافع عن أم سلمة مرفوعا "اذا حضر العشاء وحضرت العشاء فابدؤا بالعشاء" فان كان ضبطه فذاك والا فقد رواه أحمد فى مسنده عن اسماعيل بلفظ وحضرت الصلاة ثم راجعت مصنف ابن أبى شيبة فرأيت الحديث فيه كان أخرجه احمد والله أعلم اهـ (تخريجه) (ش) وسنده جيد (1325) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمرو "الحديث" (غريبه) (2) زاد البخارى "ولا يعجل حتى يفرغ منه وكان ابن عمر يوضع له الطعام وتقام الصلاة فلا يأتيها حتى يفرغ وانه ليسمع قراءة الأمام" قال الحافظ قوله وكان ابن عمر هو موصول عطفًا على الموفوعن وقد رواه السراج من طريق يحيى بن سعيد عن عبيد الله عن نافع فذكر المرفوع ثم قال قال نافع وكان ابن عمر إذا عشاؤه وسمع الأقامة وقراءة الإمام لم

مرةً وهو يسمع قراءة الإمام عن موهوب بن عبد الرَّحمن بن أزهر عن أنس بن مالك (رض) أنَّه كان يخالف عمر بن عبد العزيز فقال له عمر ما يحملك على هذا؟ فقال إنَّى رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلَّم يصلَّى صلاةً متى توافقها أصلِّى معك. ومتى تخالفها أصلِّى وأنقلب إلى أهلي

_ يقم حتى يفرغ (ورواه) ابن حبان من طريق ابن جريج عن نافع أن ابن عمر كان يصلى المغرب اذا غابت الشمس وكان أحيانا يلقاه وهو صائم فيقدم له عشاؤه وقد نودى الصلاة، ثم تقام وهو يسمع فلا يترك عشاءه ولا يعجل حتى يقضى عشاءه، ثم يخرج فيصلى اهـ قال الحافظ وهو أصرح مل ورد فى ذلك (تخريجه) (ق. حب) وغيرهم (1326) عن موهوب بن عبد الرحمن (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون بن معروف ثنا ابن وهب قال حدثنى ابن أبى دئب عن موهوب بن عبد الرحمن ابن أزهر "الحديث" (غريبه) (1) أى يتخلف عن صلاته معه (2) هكذا بالأصل بأثبات الياء من أصلى فى الموضعين وعلى هذا فمتى ظرفية بمعنى حين أو شرطية وجوابها مرفوع على لغة ضعيفة قال ابن مالك وبعد ماض رقمك الجزا حسن. ورفعه بعد مضارع وهن (3) الظاهر أن مخالفة عمر بن عبد العزيز لصلاة النبى صلى الله عليه وسلم كانت فى تأخيرها عن أول وقتها وهو إذ ذاك أمير على المدينة فى خلافه الوليد بن عبد الملك، وكان بنو أمية يؤخرون الصلاة عن أول وقتها فى ذلك الحين، فتبعهم عمر بن عبد العزيز فى أول أمره ثم رجع عن ذلك؛ لما ثبت فى حديث عروة بن الزبير رواه مسلم والأربعة والأمام أحمد وتقدم رقم 97 فى الباب الأول من أبواب أوقات الصلاة وفيه "فما زال عمر يتعلم وقت الصلاة بعلامة حتى فارق الدنيا" وثبت أيضا فى حديث أنس بن مالك رضى الله عنه "ما رأيت أحدًا أشبه صلاة برسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا الغلام يعنى عمر بن عبد العزيز رواه أبو داود والنسائى وتقدم رقم 627 فى الباب الثانى من أبواب الركوع والسجود (تخريجه) لم أقف عليه ورجاله ثقات (وفى الباب عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال لمؤذنه فى يوم مطير "اذا قلت أشهد أن لا إله الا الله، أشهد ان محمد رسول الله فلا تقل حى على الصلاة، قل صلوا فى بيوتكم، قال فكأن الناس استنكروا ذاك فقال أتعجبون من ذا؟ قد فعل ذا من هو خير منى، إن الجمعة عزمةٌ وانى كرهت أحرجكم فتمشوا فى الطين والدحض" رواه (ق. د)

_ فلو قال المؤذن حى على الصلاة لكلفتهم المجئ اليها ولحقتكم المشقة (وقوله كرهت أن أحرجكم) قال النووى هو بالحاء المهملة من الحرج وهو المشقة هكذا ضبطناه، وكذا نقله القاضى عياض عن رواياتهم (وقوله فى الطين والدحض) باسكان المهملة وبعدها ضاد معجمة الزلق اهـ وقد ذكر النووى للدحض معان أخرى اقتصرت على الزلق لأنه اشهرها (وعن أنس ابن مالك) رضى الله عنه ان النبى صلى الله عليه وسلم قال "اذا قدم العشاء فابدؤا به قبل أن تصلوا صلاة المغرب ولا تعجلوا عن عشائكم" رواه البخارى والأمام أحمد أيضا (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية التخلف عن الجماعة والجمعة والترخيض فى ذلك عند حصول المطر وشدة البرد والريح، وتقدم تفصيل ذلك فى خلال الشرح، قال ابن بطال أجمع العلماء على أن التخلف عن الجماعة فى شدة المطر والظلمة والريح وما أشبه ذلك مباح اه (قلت) وهذا لا ينافى أنها متأكدة اذا لم يكن ثم عذر، وأنها مشروعة لمن تكلف الأتيان اليها وتحمَّل المشقة، لقوله فى حديث جابر "ليصلى من شاء منكم فى رحله" (وفيها أيضا) أن صلاة الجماعة مشروعة فى السفر، وكذلك الاذان، وأن النداء بقوله "صلوا فى رحالكم" مشروع فى آخره لحديث ابن عمر الذى فى أول الباب، وفيه ثم قال فى آخر ندائه "ألا صلوا فى رحالكم" وكذلك عند مسلم، وفى رواية للبخارى ثم يقول على أثره يعنى أثر الأذان " ألا صلوا فى الرحال" وهو صريح فى أن القول المذكور كان بعد فراغ الأذان (قال القرطبى) يحتمل أن يكون المراد فى آخره قبل الفراغ منه جمعا بينه وبين حديث ابن عباس أى الذى ذكرناه آنفا وفيه "فلا تقل حى على الصلاة قل صلوا فى بيوتكم" وحمل ابن خزيمة حديث ابن عباس على ظاهره وقال انه يقال ذلك بدلا من الحيعلة نظرًا الى المعنى، لأن معنى حى على الصلاة هملوا اليها، ومعنى الصلاة فى الرحال تأخروا عن المجئ، فلا يناسب إيراد اللفظين معا، لأن أحدهما نقيض الآخر (قال الحافظ) ويمكن الجمع بينهما ولا يلزم منه ما ذكر بأن يكون معنى الصلاة فى الرحال رخصة لمن أراد أن يترخص، ومعنى هلموا الى الصلاة ندب لمن أراد ان يستكمل الفضيلة ولو بحمل المشقة، ويؤيد ذلك حديث جابر عند مسلم (قلت تقدم فى أحاديث الباب) قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمطرنا، فقال ليصل من شاء منكم فى رحله اهـ (وقال الحافظ ولى الدين أبو زرعة العراقى) فى طرح التثريب (وفيها) أن الأعذار المذكورة رخصة فى مطلق الجماعة، سواء فيها الجمعة وغيرها، وقد صرح فى حديث ابن عباس أنه فى يوم جمعة ولم يفرق أصحابنا فى أصحاب الاعذار بين الجمعة والجماعة إلا ما حكاه صاحب العدة عن أئمة طبرستان أنهم أفتوا أن الوحل الشديد عذر فى الجماعة دون الجمعة، والصحيح أنه عذر فيهما معًا، ومن فرق بينهما محجوج بحديث ابن عباس

_ وهو متفق عليه من رواية عبد الله بن الحارث فذكرا الحديث وقال فى بعض طرقه إن الجمعة عزمة وإنى كرهت أن أخرجكم فتمشوا فى الطين والدحض قال (وفيها) حجة على رواية مالك حيث ذهب الى أن المطر والوحل ليسا بعذر فى الجمعة، وعنه رواية أن المطر الشديد والوحل عذر فيها (وقال احمد بن حنبل) إن المطر الوابل عذر، وقيد أصحابنا الوحل بالشديد وأطلق أكثرهم المطر ولم يقيدوه بالشديدن وقيد بعضهم بما يحصل به أذى، وقد أطلق المطر فى حديث ابن عباس لكن فى بعض طرقه عند البخارى أن ابن عباس قال "كرهت أن أؤثمكم فتحيئون تدوسون الطين الى ركبكم" فهذا يدل على شدة الوحل والمطر، لكن يجوز أن يكون بعد انقطاع المطر وهو الظاهر من سياق الحديث اهـ (وفيها أيضا) مشروعية تقديم العشاء (بفتح العين المهملة) اذا حضر سواء كان محتاجًا اليه أم لا، وسواء كان خفيفا أم لا، وسواء خشى فساد الطعام أم لا، وخالف الغزالى فزاد فيه خشية فساد الطعام الطعام، والشافعية فزادوا قيد الاحتياج اليه، ومالك فزاد قيد أن يكون الطعام خفيفا وقد ذهب الى الأخذ بظاهر الأحاديث (ابن حزم والظاهرية) ورواه الترمذى عن أبى بكر وعمر وابن عمر وأحمد وإسحاق، ورواه العراقى عن العراقى عن الثورى فقال يجب تقديم الطعام، وجزموا ببطلان الصلاة اذا قدمت (وذهب الجمهور) الى الكراهة، وظاهرا الأحاديث أيضا أنه يقدم الطعام وإن خشى خروج الوقت، واليه ذهب ابن حزم، وذكره أبو سعيد المتولى وجها للشافعية (وذهب الجمهور) الى أنه اذا ضاق صلى على حاله محافظة على الوقت ولا يجوز تأخيرها، قالوا لأن مقصود الصلاة الخشوع فلا نفوته لأجله، وظاهر قوله فى حديث ابن عمر عند البخارى (ولا تعجل حتى تفرغ) أنه يستوفى حاجته من الطعام بكمالها، وهو يرد ما ذكره بعض الشافعية فى أنه يقتصر على تناول لقيمات يكسر بها سورة الجوع (قال النووى) وهذا الحديث صريح فى إبطاله اهـ وقد ألحق بالطعام ما يحصل بتأخيره تشويش الخاطر بجامع ذهاب الخشوع الذى هو روح الصلاة (وقوله) فى حديث عائشة وابن عمر (إذا وضع العشاء) دليل على اعتبار الحضور الحقيقى (قال الشوكانى) ومن نظر إلى المعنى من أهل القياس لا يقصر الحكم على الحضور بل يقول به عند وجود المعنى، وهو التشوق الى الطعام، ولا شك أن حضور الطعام مؤثر لزيادة الاشتغال به والتطلع اليه، ويمكن أن يكون الشارع قد اعتبر هذه الزيادة فى تقديم الطعام، وقد تقرر فى الأصول أن محل النص إذا اشتمل على وصف يمكن أن يكون معتبرًا لم يلغ؛ قال ابن دقيق العيد إنه لا يبعد الحاق ما كان متيسر الحضور عن قرب بالحاضر اهـ

أبواب خروج النساء الى المساجد للجماعة (1) باب الأذن لهن بالخروج لذلك عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا إماء الله مساجد الله (وعنه من طريقٍ ثانٍ) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لا تمنعوا إماء الله أن يصلِّين فى المسجد عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلاتٍ عن زيد بن خالد الجهنيِّ رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه

_ (1327) عن عبد الله بن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرنى نافع عن عبد الله بن عمر "الحديث" (غريبه) (1) الأماء جمع أمة، والمراد بها هنا مطلق المرأة سواء كانت حرة أم مملوكة (وقوله مساجد الله) أى المساجد التى تقام فيها الجماعة (وقال المناوى) أراد المسجد الحرام وعبر عنه بلفظ الجمع للتعظيم فلا يمنعن من إقامة فرض الحج، فان كان المراد مطلق المسجد فالنهى للتنزيه بشرط كونها عجوزًا غير متطيبة ولا متزينة، هذا إذا لها زوج أو سيد وإلا حرم المنع اذا وجدت الشروط اهـ (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهرى عن سالم عن ابن عمرو عن أيوب عن نافع عن ابن عمر "الحديث" (تخريجه) (م. لك. د) (1328) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله أبى ثنا يحيى عن محمد بن عمرو وقال ثنا أبو سلمة عن أبى هريرة "الحديث" (غريبة) (3) بفتح التاء المثناة وكسر الفاء أى غير متطيبات، يقال امرأة تفلة اذا متغيرة الربح، كذا قال ابن عبد البر وغيره، وإنما أمرن بذلك ونهين عن الطيب لئلا يحركن الرجال بطيبهن ويلحق بالطيب ما فى معناه من المحركات لداعى الشهوة كحسن الملبس والتحلى الذى يظهر أثره والزينة الفاخرة (تخريجه) (د. مى. هق. خز) وسنده جيد (1329) عن زيد بن خالد الجهنى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

وعلى آله وصحبه وسلَّم مثله عن مجاهدٍ عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائذنوا باللَّيل تفلات "ليثٌ الَّذى ذكر تفلاتٍ" وعنه أيضًا عن عبد الله بن عمر أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لا يمنعنَّ رجلٌ أهله أن يأتوا المساجد، فقال ابنٌ لعبد الله بن عمر فإنَّا نمنعهن، فقال عبد الله أحدِّثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول هذا، فما كلَّمه عبد الله حتَّى مات

_ ربعي يعني ابن إبراهيم ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن هشام عن يسر بن سعيد عن زيد بن خالد الجهنى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تمنعوا إماء الله المساجد وليخرجن تفلات" (تخريجه) (حب. بز. طب) وإسناده إماء الله المساجد وليخرجن تفلات" (تخريجه) (حب. بز. طب) وإسناده حسن (1330) عن مجاهد عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله بن الوليد ثنا سفيان عن ليث وابراهيم بن المهاجر عن مجاهد عن ابن عمر "الحديث" (غريبه) (1) فيه اشارة الى أنهم ما كانوا يمنعوهن بالنهار، لأن الليل مظنة الريبة (2) يعنى أن ليثا أحد رجال السند ذكر فى روايته لفظ "تفلات" وأما ابراهيم بن المهاجر فرواه بدونها (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ واصله فى مسلم إسناده بن المهاجر فيه لين ولكن تعضده احاديث الباب (1331) وعنه أيضا عن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابراهيم بن خالد ثنا رباح حدثنى عمر بن حبيب عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن عبد الله بن عمر "الحديث" (غريبه) (3) أهل الرجل زوجته وعشيرته وذوو قرباه (4) هو بن عبد الله بن عمر، وقد صرح بذلك فى رواية عند مسلم والأمام أحمد وستأتى فى هذا الباب (قال الحافظ) والراجح من هذا أن صاحب القصة بلال لو رود ذلك من روايته نفسه ومن رواية أخيه سالم؛ ولم يختلف عليهما فى ذلك (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ وسنده جيد وروى معناه (م. د) وفيه جواز غضب الوالد على ولده وهجره لله، وإنما غضب عبد الله على ابنه وهجره لاعتراضه على السنة ومعارضته لها برأيه وإن كان لا يريد عنادًا بل يريد سد باب الفتنة على النساء (قال الحافظ) وأخذ من إنكار عبد الله على ولده تأديب المعترض على السنن برأيه وعلى العالم بهواه، وتأديب الرجل ولده وإن

(1332) وعن مجاهد أيضًا عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال لاغ تمنعوا نساءكم المساجد باللَّيل، فقال سالمٌ أو بعض بنيه والله لا ندعهنَّ يتخذنه دغلًا قال فلطم صدره وقال أحدِّثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول هذا؟ عن حبيب بن أبى ثابتٍ عن ابن عمر رضى الل 9 هـ عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهنَّ خيرٌ لهنَّ قال فقال ابنٌ لعبد الله بن عمر بلى والله لنمنعهنَّ، فقال ابن عمر تسمعنى أحدِّث

_ كان كبيرًا إذا تكلم بما لا ينبغى له، وجواز التأديب بالهجران، فقد وقع فى رواية ابن أبى نجيح عن مجاهد عند أحمد "فما كلمه عبد الله حتى مات" وهذا إن كان مخفوظا يحتمل أن يكون أحدهما مات عقب هذه القصة بيسير اهـ (وقال الطيبى) عجبت ممن يتسمى بالنسى إذا سمع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وله لاأى رجّح رأيه عليها، وأى فرق بينه وبين المبتدع؟ أما سمع "لايؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت" وها هو ابن عمر وهو من أكابر الصحابة وفقائها كيف غضب لله ورسوله صلى الله عليه وسلم وهجر فلذة كبده لتلك الهنة عبرة لأولى الألباب اهـ (1332) وعن مجاهد أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان عن مجاهد عن ابن عمر "الحديث" (غريبه) (1) الراجح أنه بلال بن عبد الله بن عمر كما تقدم وسيأتى التصريح بذلك (قال الحافظ) وأما هذه الرواية الأخيرة (يعنى الحديث الذى نحن بصدد شرحه) فمرجوحة لوقوع الشك فيها، قال ولم أره مع ذلك فى شئ من الروايات عن الأعمش مسمى ولا عن شيخه مجاهد اهـ (2) هو بفتح المهملة ثم المعجمة وأصله الشجر الملتف ثم استعمل فى المخادعة لكون المخادع يلف فى ضميره أمرًا ويظهر غيره، وإنما أنكر عليه ابن عمر لتصريحه بمخالفة الحديث وإلا فلو قال مثلا إن الزمان قد تغير وان بعضهن ربما ظهر منه قصد المسجد وإضمار غيره لكان يظهر أن لا ينكر عليه قاله الحافظ (تخريجه) (م. د. هق) والبخارى مقتصرًا على قول النبى صلى الله عليه وسلم (1333) عن حبيب بن أبى ثابت (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا العوام أخبرنى حبيب بن أبى ثابت عن ابن عمر "الحديث" (غريبه (3) أى صلاتهن فى بيوتهم خير لهن من صلاتهن فى المساجد لو علمن ذلك، لكنهن

عن رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وتقول ما تقول عن كعب بن علقمة عن بلال بن عبد الله بن عمر بن الخطَّاب عن أبيه قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لا تمنعوا النَّساء حظوظهنَّ من المساجد إذا أستأذنَّكم، فقال بلالٌ والله لنمنعهن فقال عبد الله أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول لنمنعهنَّ؟ عن سالم بن عبد الله (يعني ابن عمر) قال كان عمر رضي

_ لم يعلمن؛ فيسألن الخروج الى الجماعة يعتقدن أن أجرهن فى المساجد أكثر؛ ووجه كون صلاتهن فى البيوت أفضل لأمن من الفتنة، ويتأكد ذلك بعد وجود ما أحدث النساء من التبرج والزينة (تخريجه) (د. هق. خز. طب) وبعضه عند مسلم وسنده جيد (1334) عن كعب بن علقة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الرحمن ثنا سعيد يعنى ابن أبى أيوب حدثنى كعب بن علقمة عن بلال بن عبد الله بن عمر " الحديث" (غريبه) (1) فى رواية عند مسلم فقال ابن له يقال له واقد " إذن يتخذنه دغلا قال فضرب فى صدره وقال أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقول لا" وفى رواية أخرى عند مسلم "فقال بلال والله لنمنعهن" بلفظ حديث الباب فكيف الجمع بينهما؟ (قال الحافظ) يحتمل أن يكون كل من بلال وواقد وقع منه ذلك إما فى مجلس أو فى مجلسين؛ وأجاب ابن عمر كلا منهما بجواب يليق به، ويقويه اختلاف النقلة فى جواب ابن عمرن ففى رواية بلال عند مسلم "فأقبل عليه عبد الله فسبه سبا سيئا ما سمعته يسبه مثله قط" وفسر عبد الله بن هبيرة فى رواية الطبرانى السب المذكور باللعن ثلاث مرات، وفى رواية زائدة عن الأعمش فانتهزه وقال أف لك وله، وعن ابن نمير عن الأعمش فعل الله بك وفعل، ومثله للترمذى من رواية عيسى بن يونس، ولمسلم من رواية أبى معاوية فزبره "يعنى نهره" ولأبى داود من رواية من رواية جرير فسبه وغضب، فيحتمل أن يكون بلال البادئ فلذلك أجابه بالسب المفسر باللعن وأن يكون واقد بدأه فلذلك أجابه بالسب المفسر بالتأنيف مع الدفع فى صدره، وكأن السر فى ذلك أن بلالا عارض الخبر برأيه ولم يذكر علة المخالفة، ووافقه واقد لكن ذكرها بقوله يتخذنه دغلا اهـ (تخريجه) (م. د. مذ. طب. هق) ولفظ مسلم كلفظ حديث الباب ولم يصرح الباقون باسم ابن عبد الله (1335) عن سالم بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

الله عنه رجلًا غيورًا، فكان إذا خرج إلى الصلًاة اتَّبعته عاتكه ابنة زيدٍ فكان يكره خروجها ويكره منعها وكان يحدِّث أنَّ رسول الله صلَّى الله وعليه وآله وسلَّم قال إذا استأذنكم نساؤكم إلى الصلَّاة فلا تنمعوهنَّ عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنت أحدكم امرأته أن تأتى المسجد فلا يمنعها، قال وكانت امرأة عمر بن الخطّاب رضى الله عنه تصلِّي فى المسجد فقال لها إنَّك لتعلمهين ما أحب فقالت والله لا أنتهى حتَّى تنها قال فطعن عمرو إنَّها لفي المسجد

_ إسماعيل بن إبراهيم عن يحيى بن أبى اسحاق عن سالم بن عبد الله "الحديث" (غريبه) (1) هى ابنة زيد بن عمرو بن نفيل أخت سعيد بن زيد أحد العشرة، كانت زوجة لعمر ابن الخطاب رضى الله عنه (2) أما كراهته خروجها فلأنه كان شديد الغيرة على نسائه، وأما كراهته منعها فحذرًا من الوقوع فيما نهى عنه النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (عب) وهو مرسل لأن سالما لم يسمع من عمر وقد وصله الأمام أحمد فى الحديث التالى لكنه من مسند ابن عمر لا من مسند عمر ولم يصرح فيه باسم المرأة (1336) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله الأعلى عن معمر عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر "الحديث" (غريبه) (3) هى عاتكة كما صرح بذلك فى الحديث فى الحديث السابق (4) يريد عدم خروجها (5) يعنى أن عمر رضى الله عنه لم ينهها الى أن طعن الطعنة التى مات بسببها وزوجته عاتكة حاضرة بالمسجد (تخريجه) (ق. هق) بدون قصة امرأة عمر، وأخرجه البخارى والبيهقى مطولا بنحو حديث البابن ولفظ البخارى عن ابن عمر قال "كانت امرأة لعمر تشهد صلاة الصبح والعشاء فى الجماعة في المسجد، فقيل لها لم تخرجين وقد تعلمين أن عمر يكره ذلك ويغار، قالت وما يمنعه أن ينهانى؟ قال يمنعه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمنعوا اماء الله مساجد الله" (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية صلاة النساء فى المساجد والنهى عن منعهن من ذلك اذا استأذنَّ (قال النووى) لكن بشروط ذكرها العلماء مأخوذة من الأحاديث، وهو أن لا تكون متطيبة ولا متزينة ولا ذات خلاخل يسمع صوتها ولا ثياب فاخرة

(2) باب منعهن من الخروج اذا خشى منه الفتنة (وفضل صلاتهن فى بيوتهن) عن عبد الله بن سويد الأنصارىَّ عن عمَّته أمِّ حميدٍ امرأة أبى حميدٍ السَّاعدىِّ رضى الله عنهما أنَّها جاءت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فقالت يا رسول الله إنَّى أحبُّ الصَّلاة معك، قال قد علمت أنَّك تحبِّين الصَّلاة معى، وصلاتك فى بيتك خيرٌ لك من صلاتك في حجرتك، وصلاتك

_ ولا مختلطة بالرجال ولا شابة ونحوها ممن يفتتن بها، وأن لا يكون فى الطريق ما يخاف به مفسدة ونحوهما، وهذا النهى عن منعهن من الخروج محمول على كراهة التنزيه اذا كانت المرأة ذات زوج أو سيد ووجدت الشروط المذكورة، فان لم يكن لها زوج ولا سيد حرم المنع اذا وجدت الشروط (وقال فى المجموع) يستحب للزوج أن يأذن لها اذا استأذنته الى المسجد للصلاة اذا كانت عجوزًا لاتشتهى وأمن المفسدة عليها وعلى غيرها للأحاديث المذكورة فان منعها لم يحرم عليه؛ هذا مذهبنا، قال البيهقى وبه قال عامة عامة العلماء، ويجاب عن حديث "لا تمنعوا إماء الله مساجد الله" بأنه نهى تنزيه لأن حق الزوج فى ملازمة المسكن واجب فلا تتركه للفضيلة (وقال أبو حنيفة) يكره الا فى الفجر والعشاء والعيد اه (قلت وقالت المالكية) يجوز خروج امرأة متجالة وهى التى لا أرب للرجال فيها غالبا لصلاة عيد واستسقاء وللفرض من باب أولى، ومثلها شابة غير فارهة فى الجمال والشباب وإلا فلا تخرج أصلا (وقالت الحنابلة) يجوز خروج المرأة لصلاة الجماعة فى المسجد إلا المرأة الحسناء اذا كانت تصلى مع الرجال، وقصارى القول أن كل امرأة يفتتن بها لايجوز لها الخروج مطلقا الى المسجد للصلاة؛ والتى لا يفتتن بها صلاتها فى بيتها خير لها كما سيأتى فى الباب التالى والله أعلم (1337) عن عبد الله بن سويد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون ثنا عبد الله بن وهب قال حدثنى داود بن قيس عن عبد الله بن سويد "الحديث" (غريبه) (1) لعله يريد بالبيت المكان الذى تنام فيه وبالحجرة المكان الذى تجلس فيه للمقابلة (وقوله فى دارك) أة صحن الدار الذى تكون أبواب الحجرات فيه

في حجرتك خيرٌ لك من صلاتك فى دارك، وصلاتك فى دارك خيرٌ لك من صلاتك فى مسجد قومك، وصلاتك فى مسجد قومك خيرٌ لك من صلاتك فى مسجدى، قال فأمرت فبنى لها مسجدٌ فى أقصى شئ من بيتها وأظلمه فكانت تصلِّى فيه حتَّى لقيت الله عزَّ وجلَّ عن أمِّ سلمة رضى الله عنها عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه خير مساجد النَّساء قغر بيوتهنَّ

_ (ومسجد قومها) هو الذى فى حبها وأقرب المساجد الى دارها (1) يستفاد من هذا الحديث مشروعية تستر المرأة فى كل شئ حتى فى صلاتها وعبادة ربها؛ وكلما كانت فى مكان أستر كان ثوابها أعظم وأوفر، لهذا أرشدها النبى صلى الله عليه وسلم الى أخفى مكان فى بيتها وأبعده عن الناس، وهو صلى الله عليه وسلم لا يرشد إلا الى كل خير فبادرت بالعمل بارشاده وأمرت ببناء مسجد لها فى أبعد ناحية من بيتها وأظلمها ولا زالت تعبد الله عز وجل حتى ماتت رحمها الله (تخريجه) (طب) وأورده المنذرى وقال رواه أحمد وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحهما وبوب عليه ابن خزيمة (باب) اختيار صلاة المرأة فى حجرتها على صلاتها فى دارها وصلاتها فى مسجد قومها على صلاتها فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم وان كان صلاةٌ فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم تعدل ألف صلاة غيره من المساجد، والدليل على أن قول النبى صلى الله عليه وسلم "صلاة فى مسجدى هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد" انما أراد به صلاة الرجال دون صلاة النساء هذا كلامه اهـ (1338) عن أم سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن غيلان قال ثنا رشيدين حدثنى عمرو عن أبى السمح عن السائب مولى أم سلمة عن أم سلمة "الحديث" (غريبه) (2) أى أخفى مكان فيه، والمراد أن تتخذ المرأة فى بيتها لصلاتها مكانا لا يسمع منه صوتها ولا يراها أحد (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير وفى إسناده ابن لهيعة، ورواه ابن خزيمة فى صحيحه والحاكم من طريق دراج أبى السمح عن السائب مولى أم سلمة عنها، وقال ابن خزيمة لا أعرف السائب مولى أم سلمة بعدالة ولا حرج، وقال الحاكم صحيح الأسناد اهـ (قلت) حديث الباب ليس فى إسناده ابن لهيعة ولكن فيه رشدين بن سعد ضعفه أغلب الحفاظ من جهة حفظه وأورده الحاكم فى المستدرك وسكت عنه، وكذلك سكت عنه الذهبى والله أعلم

(1339) عن عبيد مولى لأبى رهمٍ عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّه لقى امرأةً فوجد منها ريج إعصارٍ طيِّبة، فقال لها أبو هريرة المسجد تريدينً؟ قالت نعم، قال وله تطيَّبت؟ قالت نعم، قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من امرأةٍ تطَّيَّبت للمسجد فيقبل الله لها صلاةً حتَّى تغتسل منه اغتسالها من الجنابة فاذهبي فاغتسلي (وعنه من طريقٍ ثانٍ يرفعه) أيُّما امرأةٍ خرجت من بيتها متطيَّبةً تريد المسجد لم يقبل الله عزَّ وجلَّ لها صلاةً حتَّى ترجع فتغتسل منه غسلها من الجنابة

_ (1339) عن عبيد مولى لأبى رهم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة سمعت عاصم بن عبيد الله من آل عمر بن الخطاب يحدث عن عبيد مولى لأبى رهم "الحديث" (غريبه) (1) الأعصار بكسر الهمزة ريح عاصف ترفع ترابًا وتديره كأنه عمود صاعد الى السماء وهى الزوبعة، فشبه ما كان يثيره أذيالها من التراب بالأعصار وقد شم من هذا التراب ريجا طيبة (وى رواية) ان امرأة مرت به متطيبة ولذيلها إعصار (وروى) عصرة أى غبار (29 (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى سفيان عن عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن مولى أبى رهم سمعه من أبى هريرة يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه وفيه أنه قال ايما امرأة "الحديث" (3) إنما طلب منها الغسل الجنابة يعنى فى وجوبه وتعميم بدنها بالماء مبالغة فى ازالة ريح الطيب، والمعنى أن الله تعالى لا يقبل من امرأة تطيبت لأجل المسجد صلاة ما دامت رائحة ذلك الطيب عالقة بها، فاذا كان هذا عقاب من تطيبت لأجل المسجد والصلاة، فما بالك بعقاب من تطيبت للخروج فى الأسواق والمتنزهات ولم تركع لله ركعة من الصلوات المفروضات نسأل الله السلامة (تخريجه) (د. جه) وفى إسناده عاصم بن عبيد الله ابن عاصم بن عمر بن الخطاب ضعيف كذا فى الخلاصة وفى التهذيب قال العجلى لا بأس به، وقال ابن عدى وهو مع ضعفه يكتب اهـ (قلت) أورده المنذرى وقال رواه ابن خزيمة فى صحيحه قال باب إيجاب الغسل على المطيبة للخروج الى المسجد ونفى قبول صلاتها إن صلت قبل أن تغتسل إن صح الخبر (قال المنذرى) اسناده متصل ورواته ثقات

(1340) عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أيُّما امرأةٍ أصابت بخورًا فلا تشهدنَّ عشاء الآخرة عن عائشة رضى الله عنها عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال لا تمنعوا إماء الله مساجد الله وليخرجن تفلات، قالت عائشة ولو رأى حالهنَّ اليوم منعهنَّ عن حَّماد بن زيدٍ عن يحيى عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت لو أن رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وصلَّم رأى من النِّساء ما رأينا لمنعهنَّ من المساجد كما منعت بنوا إسرائيل نساءها قلت

_ وعمر بن هاشم البيروتى ثقة وفيه كلام لا يضر اهـ (1340) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر ثنا أبو علقمة الفروى ثنا يزيد بن حصيفة عن بشر بن سعيد قال قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ايما امرأة "الحديث" (غريبه) (1) بفتح الباء ما يتبخر به والمراد به ما ظهر ريحه (2) قيد بذلك لأنه وقت ظلمة فيكثر فيه فجور الفجرة وإلا فكل صلاة كذلك حيث خيفت الفتنة من حضورها، وقال بعض العلماء قيد بالآخرة لأخراج المغرب لأنها تسمى عشاء مع الكراهة فى غير التغليب على العتمة (تخريجه) (م. د. نس. جه. هق) (1341) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الحكم ثنا عبد الرحمن بن أبى الرجال فقال أبى يذكره عن أمه عن عائشة "الحديث" (غريبه) (3) أى من الزينة والتبرج والثياب الفاخرة والطيب لمنعهن من الخروج الى المساجد كما فى الحديث التالى (تخريجه) لم اقف عليه من عائشة لغير الأمام أحمد وأخرج نحوه الشيخان عن ابن عمر، وأخرجه أبو داود والبيهقى والدارمى وابن خزيمة عن ابى هريرة وتقدمها فى الباب السابق (1342) عن حماد بن زيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس قال ثنا حماد يعنى ابن زيد "الحديث" (غريبه) (4) يحتمل أن تكون شريعتهم المنع ويحتمل أن يكنَّ منعن بعد الأباحة ويحتمل غير ذلك مما لا طريق لنا إلى معرفته

لعمرة ومنعت بنوا إسرائيل نساءها؟ قالت نعم

_ إلا بالخبر (قال الكرمانى) فان قلت من أين علمت عائشة رضى الله عنها هذه الملازمة والحكم بالمنع وعدمه ليس إلا لله تعالى (قلت) مما شاهدت من القواعد الدينية المقتضية لحسم مواد الفساد (1) القائل قلت لعمرة هو يحيى بن سعيد الراوى عن عمرة (والقائل نعم) هى عمرة، قال الحافظ يظهر أنها تلقته عن عائشة، ويحتمل أن يكون عن غيرها، وقد ثبت ذلك من حديث عروة عن عائشة موقوفا أخرجه عبد الرزاق بأسناد صحيح، ولفظه قالت "كن نساء بنى اسرائيل يتخذن أرجلا من خشب يتشر فن للرجال فى المساجد فحرم الله عليهن المساجد وسلِّطت عليهن الحيضة" وهذا وان كان موقوفا حكمه حكم الرفع لأنه لا يقال بالرأى، وروى عبد الرزاق نحوه باسناد صحيح عن ابن مسعود اهـ (وفى الباب) عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال إنما النساء عورة وان المرأة لتخرج من بيتها وما بها من باس فيستشر فها الشيطان فيقول إنك لا تمرين بأحد الا أعجبتيه، وان المرأة لتلبس ثيابها فيقال أين تريدين فتقول أعود مريضا أو اشهد جنازة أو أصلى فى مسجد، وما عبدت امرأة ربها مثل أن تعبده فى بيتها، رواه الطبرانى فى الكبير ورجاله ثقات (وعنه أيضا) قال كان الرجال والنساء من بنى اسرائيل يصلون جميعا، فكانت المرأة اذا كان لها خليل تلبس القالبين (بفتح اللام وكسر هانعل من خشب كالقبقاب) تطوّل بهما لخليلها فألقى الله عليهن الحيض، فكان ابن مسعود يقول أخرجوهن من حيث أخرجهن الله، قلنا ما القالبين؟ قالوا رفيضتين من خشب (طب) ورجاله رجال الصحيح (وعنه أيضا) قال ما صلت امرأة من صلاة أحب الى الله من أشد مكان فى بيتها ظلمة (طب) ورجاله موثقون (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز منع النساء اللاتى يخشى منهن الفتنة عن الخروج الى المسجد للصلاة فيه، وكذلك كل من تشتهى ولو لبعض الناس، بل يجب فى زماننا هذا الذى عم فيه الفساد، وانتشر التهتك كنساء بنى اسرائيلن والتبرج كتبرج الجاهلية الأولى بل ازداد، وعلى كل حال المرأة فى بيتها خير لها من الصلاة فى المسجد، وكلما استترت كان ثوابها أعظم كما يؤخذ من أحاديث الباب، وبهذا قال جمهور العلماءن وقد تمسك بعضهم بقول عائشة فى منع النساء مطلقا (قال الحافظ) وفيه نظر إذ ل يترتب على تغير الحكم حتى ان عائشة ل تصرح بالمنع وان كان كلامها يشعر بأنها كانت ترى المنع، وأيضا فقد علم الله سبحانه ما سيحدثن فما أوحى الى نبيه بمنعهن، ولو كان ما أحدثن يستلزم منعهن من المساجد لكان منعهن من غيرها كالأسواق أولى، وأيضا فالأحداث انما وقع من بعض النساء لا من جميعهن، فان تعين المنع فليكن

(3) باب في آداب تتعلق بخروجهن وصلاتهن فى المسجد عن بسر بن سعيدٍ قال أخبرتنى زينب الثَّقفية امرأة عبد الله ابن مسعودٍ أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال لها إذا خرجت إحداكنَّ إلى العشاء تمسَّ طيبًا عن عائشة رضي الله عنها قالت كنَّ النَّساء يصلِّين مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الغداة ثمَّ يخرجن متلفِّعات بمروطهنَّ لا يعرفن (وعنها من طريقٍ ثانٍ) أن نساءً من المؤمنات كنَّ يصلِّين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبُّح متلفِّعات بمروطهنَّ ثمَّ يرجعن إلى أهلهنَّ وما يعرفهنَّ أحدٌ من الغلس عن أسماء (بنت أبى بكر رضى الله عنها) أنَّها قالت كان المسلمون ذوى حاجةٍ يأتزرون بهذه النَّمرة فكانت إنَّما تبلغ أنصاف

_ لمن أحدثت، والأولى أن ينظر الى ما يخشى منه الفساد فيجتنب لأشارته صلى الله عليه وسلم الى ذلك بمنع التطيب والزينة، وكذلك التقيد بالليل كما سبق اهـ والله أعلم (1343) عن يسر بن سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا يعقوب وسعد قالا ثنا أبى عن صالح عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن هشام عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن بسر بن سعيد "الحديث" (تخريجه) (م. وغيره) (1344) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهرى عن عروة بن الزبير عن عائشة "الحديث" (غريبه) (1) أى صلاة الصبح (والتلفع) والتجلل والتلفف (2) أى بأكسيتهن، واحدها مرط بكسر الميم وتقدم تفسيره آنفا (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن الزهرى عن عروة عن عائشة أن نساء من المؤمنات "الحديث" (4) بالغين المعجمة هو بقايا ظلام الليل (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (1345) عن أسماء بنت أبى بكر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابراهيم بن خالد قال ثنا روح عن معمر عن الزهرى عن بعضهم عن مولاة لأسماء عن أسماء "الحديث" (غريبه) (5) قال صاحب النهاية كل شمال مخططة من مآزر الأعراب

سوقهم أو نحو ذلك فسمعت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول من كان يؤمن بالله واليوم الآخر يعني النَّساء فلا ترفع رأسها حتَّى نرفع رؤسنا كراهية أن تنظر إلى عورات الرِّجال من صغر أزرهم عن سهل بن سعدٍ السِّاعديِّ رضي اللهى عنه قال كان رجالٌ يصلُّون مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عاقدى أزرهم على رقابهم كهيئة الصِّبيان فيقال للنِّساء لا ترفعن رؤسكنَّ حتىَّ يستوى الرِّجال جلوسًا عن أمِّ سلمة رضى الله عنها أنَّ النِّساء فى عهد رسول الله صلى اللخهى عليه وسلم إذا سلَّم من الصَّلاة المكتوبة قمن وثبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت من صلَّى

_ فهي نمرة، وجمعها ثمار، كأنها أخذت من لون النمر لما فيها من السواد والبياض، وهى من الصفات الغالبة اهـ تريد أنهم كانوا فى ابتداء أمرهم فقراء ليس عندهم ما يكفيهم من اللباس إلا هذه الثمار التى تكون من صوف ونحوها مما لا يستر جميع بدنهم، روى البخارى والأمام أحمد عن أبى هريرة رضى الله عنه قال "لقد رأيت سبعين من أصحاب الصَّفة ما منهم رجل عليه رداء غما ازار وإما كساء قد ربطوها فى أعناقهم، فمنها ما يبلغ نصف الساقين ومنها ما يبلغ الكعبين فيجمعه بيده كراهية أن ترى عورته" (تخريجه) رواه أبو داود قال حدثنا محمد ابن المتوكل العسقلانى نا عبد الرزاق انا معمر عن عبد الله بن مسلم أخى الزهرى عن مولىً لسماء ابنة بكر عن اسماء "الحديث" (قلت) إسناده من أبهم اسمه وكذلك عند الأمام أحمد أيضا؛ لكن يؤيده حديث سهل بن سعد الآتى بعده (1346) عن سهل بن سعد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى عبد الرحمن بن مهدى ثنا سفيان عن أبى حازم قال سمعت سهل بن سعد يقول كان رجال "الحديث" (غريبه) (1) أصله عاقدين، فلما أضيف سقطت النون للأضافة وهو منصوب على الحال (والأرز) بضم الهمزة والزاى جمع إزار (2) رواية البخارى فقيل للنساء والظاهر أن القائل هو النبى صلى الله عليه وسلم بدليل الحديث السابق والله أعلم (تخريجه) (ق. د. نس هق) (1347) عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عثمان بن عمر أخبرنا يونس عن الزهرى قال حدثتنى هند ابنة الحارث القرشية أن أم سلمة زوج

من الرِّجال ما شاء الله فإذا قام رسول الله صلى الله عليه وسلم قام الرِّجال

_ النبي صلى الله عليه وسلم أخبرتها أن النساء فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (1) إنما ثبت صلى الله عليه وسلم فى مكانه هو وأصحابه بعد السلام من الصلاة لكى ينصرف النساء قبل الرجال حذرًا من رؤيتهن فى مكانه هو وأصحابه بعد السلام من الصلاة لكى ينصرف النساء قبل الرجال حذرًا من رؤيتهن، وقد صرح بمعنى ذلك الزهرى فى رواية البخارى قال فأرى والله أعلم أن مكنه صلى الله عليه وسلم لكى ينفذ النساء قبل أن يدركهن من الصرف من القوم (تخريجه) مكنه صلى الله عليه وسلم لكى ينفذ النساء قبل ان يدركهن من الصرف من القوم (تخريجه) (خ. د. نس. ش) (الأحكام) فى أحاديث الباب النهى عن خروج المرأة من بيتها متطيبة بطيب له رائحة ظاهرة، فان طرأ عليها ما يستدعى الخروج لضرورة وهى متطيبة فلتبادر الى إزالته ولتخرج متلففة بما يستر جميع بدنها ويمنع صفته بحيث لا يرى منه شئ إلا ما تدعو الضرورة لكشفه كبعض وجهها لترى الطريق (وفيها) ان صف النساء يكون وراء صف الرجال فى المسجد، ويستحب لهن أن لا يرفعن رؤسهن من السجود حتى يرفع الرجال (وفيها) جواز خروج النساء النساء الى المساجد للصلاة لكن بالشروط المتقدمة فى هذا الباب واللذين قبله (وفيها) استحباب مكث الأمام ومن وراءه من الرجال قليلا حتى يخرج النساء لأن الاختلاط بهن مظنة الفساد (ونقل عن الشافعى رحمة الله) فى المختصر أنه اذا لم يكن هناك نساء فالمستحب للأمام أن يقوم من مصلاه عقيب صلاته (وفى الأحياء) للغزالى أن ذلك فعل النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر رضى الله عنهما وصححه ابن حبان فى غير صحيحه (قال النووى) وعللوا قول الشافعى بعلتين (إحداهما) لئلا يشك من خلفه هل سلم أم لا؟ (الثانية) لئلا يدخل غريب فيظنه بعد فى الصلاة فيقتدى به (وفيها أيضا) استحباب عدم انصراف المأموم قبل امامه (قال الشافعى) رحمه الله فى الأم وللمأموم أن ينصرف اذا قضى الأمام السلام قبل قيام الأمام، وان أخر ذلك حتى ينصرف بعد الأمام أو معه كان أحب الى (وقال العينى) رحمة الله "وهو حنفى المذهب" وفى الذخيرة اذا فرغ من صلاته أجمعوا أنه لا يمكث فى مكانه مستقبل القبلة، وجميع الصلوات فى ذلك سواء، فان لم يكن بعدها تطوع انحرف عن يمينه أو يساره، وان شاء استقبل الناس بوجهه اذا لم يكن أمامه من يصلى، وان كان بعد الصلاة سنن يقوم اليها وبه نقول، تأخيرها عن أداء الفريضة فيتقدم أو يتأخر أو ينحرف يمينا أو شمالا، وعن الحلوانى من الحنفية جواز تأخير السنن بعد المكتوبة، والنص أن التأخير مكروه، ويدعو فى الفجر والعصر، لأنه لا صلاة بعدهما فيجعل الدعاء بدل الصلاة، ويستحب أن يدعو بعد السلام (وقال فى التوضيح) أيضا اذا أراد الأمام أن ينتقل فى المحراب ويقبل على الناس

(4) باب فضل المسجد الابعد وكثرة الخطا الى المساجد عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال الأبعد فالأبعد من المسجد أفضل أجرًا عن أبى الزُّبير قال سألت جابرًا سميع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول في كثرة خطا الرَّجل إلى المسجد شيئًا؟ فقال هممنا أن ننتقل من دورنا إلى المدينة لقرب المسجد فزجرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، وقال لا تعروا المدينة، فإنَّ لكم فضيلةً على من عند المسجد بكلِّ خطوةٍ درجة (ومن طريقٍ ثانٍ) عن أبى نضرة عن جابر قال خلت البقاع حول

_ للذكر والدعاء جاز أن ينتقل كيف شاء، وأما الأفضل فأن يجعل يمينه اليهم ويساره الى المحراب وقيل عكسه، وبه قال أبو حنيفة، قال ومن فوائد الحديث (يعنى حديث أم سلمة) وجوب غض البضر ومكث الأمام فى موضعه ومكث القوم فى أماكنهم اهـ والله أعلم (1348) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا هارون بن معروف حدثنا عبد الله بن وهب وأخبرنى ابن أبى طالب ذئب عن عبد الرحمن بن مهران عن عبد الرحمن بن سعد عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (1) فيه التصريح بأن أجر من كان مسكنه بعيدًا من المسجد أعظم ممن كان قريبا منه وذلك لكثرة الخطا يدل على ذلك حديث أبى هريرة رواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم وتقدم فى أول الباب الاول من أبواب صلاة الجماعة وفيه (وذلك أن أحدكم اذا توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى المسجد لا يريد إلا الصلاة لا ينهزه الا الصلاة لم يحط خطوة الا رفع له بها درجات وحط بها عنه خطيئة حتى يدخل المسجد الحديث) وجاء فى ذلك أحاديث كثيرة تقدمت فى غير موضع (تخريجه) (د. جه. ك) وقال حديث صحيح مدنى الأسناد (1349) عن أبى الزبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير قال سألت جابرًا "الحديث" (غريبه) (2) بضم أوله وسكون ثانية وفى حديث أنس الآتى بعده (وكره أن تعرى المدينة) بفتح التاء وسكون العين المهملة أى تخلو وتصير عراًء وهو الفضاء من الأرض وتصير دورهم فى العراء (نه) (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا أبي ثنا الجريري

المسجد فأراد بنو سلمة أن ينتقلوا قرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فقال لهم إنَّه بلغنى أنَّكم تريدون أن تنتقلوا قرب المسجد؟ قالوا نعم يا رسول الله أردنا ذلك، فقال يا بنى سلمة دياركم تكتب آثاركم دياركم تكتب آثاركم وعن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه بنحوه وفيه فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وكره أن تعرى المدينة، فقال يا بنى سلمة ألا تحتسبون آثاركم إلى المسجد؟ قالوا بلى يا رسول الله، فأقاموا

_ عن أبي نضرة الخ (1) بكسر اللام قبيلة معروفة من الأنصار رضى الله عنهم (2) دياركم مفعول لفعل محذوف تقديره الزموا ياركم (وتكتب مجزوم جواب الأمر وآثاركم نائب فاعل تكتب) والمعنى الزموا دياركم فانكم إذاا لزمتموها كتبت آثاركم وخطاكم الكثيرة الى المسجد وكرر الجملة للتأكيد (تخريجه) الطريق الأول فى إسناده ابن لهيعة، لكن أخرج نحوه مسلم عن جابر أيضا قال كانت ديارنا نائبة عن المسجد فأردنا أن نبيع بيوتنا فنقترب من المسجد فنهانا رسول الله فقال "ان لكم بكل خطوة درجة" فهذا الحديث يعضده، وأخرج الطريق الثانية منه مسلم وغيره (1350) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن عدىّ عن حميد عن أنس أِّت أرادوا يتحولوا من منازلهم فيسكنوا اقرب المسجد فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (3) يعنى ألا تطلبون وجه الله وثوابه بأثر مشيكم وكثرة خطاكم الى المسجد، فالاحتسابب من الحسب كالاعتداد من العدّ (قال صاحب النهاية) وإنما قيل لمن ينوى بعمله وجه الله احتسبه لأن له حينئذ أن يعتد عمله فجعل فى حال مباشرة الفعل كأنه معتد به، والحسبة اسم من الاحتساب كالعدة من الاعتداد، والاحتساب فى الأعمال الصالحة وعند المكروهات هو البدار الى طلب الأجر وتحصيله بالتسليم والصبر، أو باستعمال أنواع البر والقيام بها على الوجه المرسوم فيها طلبا للثواب الموجو منها اهـ (تخريجه) (خ)

(1351) عن أبي عثمان عن أبىَّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال كل رجلٌ بالمدينة لا أعلم رجال كان أبعد منه منزلًا أوقات دارًا من المسجد منه (زاد فى رواية قال فكان يحضر الصلوات كلَّهن مع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم) فقيل له لو اشتريت حمارًا فركبته فى الرَّمضاء والظَّلمات. فقال ما يسرُّنى أنَّ داري أو قال منزلى إلى جنب المسجد، فمنمى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أردت بقولك ما يسرُّنى أنَّ منزلى أو قال دارى إلى جنب المسجد؟ قال أردت أن يكتب إقبالى إذا أقبلت إلى المسجد ورجوعى إذا رجعت إلى أهلى، قال أعطاك الله ذلك كلَّه، أو أنطاك الله ما احتسبت أجمع

_ (1351) عن أبي عثمان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن التيمى عن أبى عثمان عن أبىّ بن كعب "الحديث" (غريبه) (1) أو للشك من الراوى يعنى أن الراوى يشك هل قال أبىّ لا أعلم رجلا كان أبعد منه منزلا من المسجد، أو قال لا أعلم رجلا كان أبعد دارًا من المسجد منه (3) القائل هو أبىّ رضى الله عنه كما فى رواية عند الأمام أحمد أيضا "فقلت له لو اشتريت حمارًا الخ" (3) أى فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله (4) أى فقال النبى صلى الله عليه وسلم للرجل ما أردت بقولك الخ (5) بالنون وهى لغة أهل اليمن اى أعطاك (نه) (تخريجه) (م. جه) وغيرهما وله طرق أخرى عند الأمام احمد ستأتى فى كتاب النية والأخلاص من قسم الترغيب ان شاء الله تعالى (وفى الباب) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال كانت الأنصار بعيدة منازلهم من المسجد فأرادوا ان يتقربوا فنزلت فنزلت (ونتب ما قدموا وآثارهم) فثبتوا رواه ابن ماجه باسناد جيد (وعن زيد بن ثابت) رضى الله عنه قال كنت أمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نريد الصلاة فكان يقارب الخطا، فقال أتدرون لم أقارب الخطا؟ قلت الله ورسوله أعلم؛ قال لا يزال العبد فى صلاة ما دام فى طلب الصلاة" رواه الطبرانى فى الكبير مرفوعًا وموقوفًا على زيد وهو الصحيح (وعن أبى موسى) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ان أعظم الناس أجرًا فى الصلاة أبعدهم اليها ممشى فأبعدهم، والذى ينتظر الصلاة حتى يصليها مع الأمام أعظم أجرًا من الذى يصليها ثم ينام"

(5) باب فضل المشي الى الجماعة بالسكينة عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلَّم إذا أقيمت الصَّلاة فلا تأتوها تسعون ولكن ائتوها وعليكم السَّكينة فما أدركتم فصلَّوا

_ رواه الشيخان وغيرهما (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الصلاة فى المسجد البعيد أفضل منها فى المسجد القريب لكثرة الخطان فقد ثبت ان الماشى الى المسجد يكتب له بكل خطوة حسنة ويمحى عنه سيئة، وتقدم ذلك فى غير موضع الا اذا كان المسجد القريب أكثر جمعا وامامه أتقى وأعلم فالصلاة فيه أفضل لما ثبت من حديث أبىّ بن كعب وتقدم رقم 1299 فى باب الترغيب فى حضور الجماعة فى العشاء والفجر وفيه "وما كان أكثر فهو أحب الى الله تعالى" (قال النووى) رحمه الله فى المجموع فان كان هناك مساجد فذهابه الى أكثرها جماعة أفضل، قال فلو كان بجواره مسجد قليل الجمع وبالبعد منه مسجد أكثر جمعا فالمسجد البعيد أولى إلا حالين (أحدهما) أن تتمطل جماعة القريب بعدوله عنه لكونه إمامًا أو يحضر الناس بحضوره فحينئذ يكون القريب أفضل (الثانى) أن يكون إمام البعيد مبتدعا كالمعتزل وغيره أو فاسقا أو لا يعتقد وجوب بعض الأركان فالقريب أفضل، وحكى الخراسانيون وجها أن مسجد الجوار أفضل بكل حال، والصحيح الذى قطع به الجمهور هو الأول، فان كان مسجد الجوار لا جماعة فيه ولو حضر هذا الأنسان فيه لم يحصل جماعة ولو يحضر غيره فالذهاب الى مسجد الجماعة أفضل بالاتفاق اهـ (1352) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثتى أبى ثما عبد الرزاق عن معمر قال الزهرى وقد أخبرنى سعيد بن المسيب عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (1) إنما ذكر الأقامة للتنبيه بها ما سواها، لأنه اذا نهى عن إتيانها سعيا فى حال الأقامة مع خوفه فوت بعضها فقبل الأقامة أولى، فالنهى عن الأسراع فى الاتيان الى الصلاة مطلقا حال الٌامة أو غيرهما، ومعنى السعى الأسراع الشديد الشديد الذى ينافى الخشوع لما فى حديث أبى هريرة وسيأتى فى الباب التالى "فان أحدكم فى صلاة اذا ما كان يعمد الى الصلاة" (2) ذكر أبو العباس القرطى انه بنصب السكينة على الأغراء كأنه قال الزموا السكينة لكن (قال العراقى) رحمه الله فى شرح الترمذى المشهور فى الرواية رفع السكينة على أن قوله وعليكم السكينة جملة فى موضع الحال اهـ والسكينة هى الوقار كما فسره أئمة اللغة

وما فاتكم فأتمَّوا (وفى روايةٍ أخرى) "فقضوا" بدل قوله "فأتمُّوا"

_ وجاء في رواية عند مسلم "ولكن لميش وعليه السكينة والوقار" قال النووي قيل هما بمعنى وجمع بينهما تأكيدًا والظاهر أن بينهما فرقًا وأن السكينة التأني في الحركات واجتناب العبث ونحو ذلك، والوقار في الهيئة وغض البصر وخفض الصوت والأقبال على طريقة بغير التفات ونحو ذلك والله أعلم اهـ (وقوله فما أدركتم) قال الكرماني الفاء جواب شرط محذوف، أي إذا ثبت لكم ما هو أولى بكم فما أدركتم فصلوا (قال الحافظ) أو التقدير إذا فعلتم فما أدركتم فصلوا، أي فعلتم الذي آمركم به من السكينة وترك الإسراع (1) أي أكملوا الذي سبقكم به الإمام من الصلاة، أي افعلوه بعد سلامه، وفيه دليل للقائلين بأن ما أدركه المأموم مع الإمام هو أول صلاة المأموم، لأن لفظ الإتمام لا يقع إلا على شيء باق من شيء قد تقدم بعضه، وقوله وفي رواية "فاقضوا" قيل هو بمعنى فأتموا، وقيل معناه أن ما ادركه المأموم مع الامام هو آخر صلاة المأموم، وما فاته هو أول صلاته، فيقضي بعد سلام الامام حتى استحبوا له الجهر في الركعتين الأخيرتين وقراءة سورة وترك القنوت محتجين برواية "فاقضوا" قائلين إن القضاء لا يكون إلا للفائت (قال الحافظ) والحاصل أن أكثر الروايات ورد بلفظ فأتموا وأقلها بلفظ فاقضوا، وإنما تظهر فائدة ذلك إذا جعلنا بين القضاء والاتمام مغايرة، لكن إذا كان مخرج الحديث واحد واختلف في لفظة منه وأمكن رد الاختلاف إلى معنى واحد كان أولى وهنا كذلك، لأن القضاء وإن كان يطلق على الفائت غالبًا لكنه يطاق على الأداء أيضًا ويرد بمعنى الفراغ كقوله تعالى [فإذا قضيتم الصلاة فانتشروا] ويرد بمعان أخر فيحمل قوله فاقضوا على معنى الأداء أو الفراغ فلا يغاير قوله فأتموا، فلا حجة فيه لمن تمسك برواية فاقضوا على أن ما أدركه المأموم هو آخر صلاته حتى يستحب له الجهر في الركعتين الأخيرتين وقراءة السورة وترك القنوت، بل هو أولها وإن كان آخر صلاة إمامه، لأن الآخر لا يكون إلا عن شيء تقدمه؛ وأوضح دليل على ذلك أنه يجب عليه أن يتشهد في آخر صلاته على كل حال، فلو كان ما يدركه مع الامام آخرًا له لما احتاج إلى إعادة التشهد، وقول ابن بطال إنه ما تشهد إلا لأجل السلام لأن السلام يحتاج إلى سبق تشهد ليس بالجواب الناهض على دفع الإيراد المذكور، واستدل ابن المنذر لذلك أيضًا على أنهم أجمعوا على أن تكبيرة الافتتاح لا تكون إلا في الركعة الأولى، وقد عمل بمقتضى اللفظين الجمهور، فأنهم قالوا إن ما أدرك المأموم هو أول صلاته إلا أنه يقضي مثل

(وعنه من طريقٍ ثانٍ بنحوه وفيه) فصلُّوا ما أدركتم واقضوا ما سبقكم (1353) عن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه قال بينما نحن نصلَّى مع النَّبى صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إذا سمع جلبة رجالٍ، فلمَّا صلَّى دعاهم فقال ما شأنكم قالوا يا رسول الله استعجلنا إلى الصَّلاة، قال فلا تفعلوا، إذا أتيتم الصَّلاة فعليكم السّكينة، فما أذركتم فصلّوا. وما سبقكم فأتُّموا (1354) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال أقيمت الصلَّاة فجاء رجلٌ لايسعى فانتهى وقد حفزه النَّفس أو انبهر فلمَّا انتهى إلى الصَّفَّ قال الحمد لله حمدًا كثيرًا طيَّبًا كاًفيه، فلمَّا قضى رسول صلى الله عليه وسلم الله صلاته قال أيُّكم المتكلِّم؟ فسكت القوم، فقال أيُّكم المتكلِّم؟ فإنَّه قال خيرًا أو لم يقل بأسًا، قال

_ الذي فاته من قراءة السورة مع أم القرآن في الرباعية لكن لم يستحبوا له إعادة الجهر في الركعتين الباقيتين، وكأن الحجة قوله ما ادركت مع الإمام فهو أول صلاتك واقض ما سبقك به من القرآن، أخرجه البيهقي، وعن إسحاق والمزني لا يقرأ إلا أم القرآن فقط وهو القياس اهـ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز حدثنا شعبة عن سعد بن ابراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ائتوا الصلاة وعليكم السكينة فصلوا ما أدركتم واقضوا ما سبقكم" (تخريجه) (ق. د. جه. هق) (1353) عن عبد الله بن أبي قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى وحسين بن محمد قالا ثن شيبان عن يحيي بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه "الحديث" (غريبة) (2) بجيم ولام وموحدة مفتوحات أي أصواتهم حال حركتهم (تخريجه) (ق. وغيرهم). (135) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن عدي وسهيل بن يوسف المعني عن حميد عن أنس "الحديث" (غريبة) (3) هو بفتح حروفه وتخفيفها أي ضغطه لسرعته 4) أي أصابه البهر بضم الموحدة هو ما يعتري الانسان عند السعي الشديد والعدو من النهج وتتابع النفسر، قاله صاحب النهاية

يا رسول الله أنا أسرعت المشى فانتهيت إلى الصَّفِّ فقلت الَّذى قلت، قال لقد رأيت اثنى عشر ملكا يبتدرونها أيهم يرفعها، ثمَّ قال، إذا جاء أحدكم إلى الصَّلاة على هيئته فليصلِّ ما أدرك وليقض ما سبقه (1355) عن عبد الله (يعني ابن مسعودٍ) رضى الله عنه قال امشوا إلى المسجد فإنَّه من الهدى وسنَّة محمَّدٍ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم (1356) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلَّم من راح إلى مسجد الجماعة فخطوة تمحو سيِّئةً وخطوةٌ تكتب حسنةً ذاهبًا وراجعًا

_ (1) أي يتسابقون في رفعها إلى الله عز وجل يريد كل واحد أن يرفعها قبل الآخر لما لها من الفضل العظيم (2) أي على عادته في السكون والرفق يقال امش على هينتك أي على رسلك (تخريجه) (م. وغيره) (1355) عن عبد الله يعني ابن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن الأعمش عن رجل عن أبي الأحوض عن عبد الله "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه وفي إسناده رجل لم يسم (1356) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن بهيمة ثنا حي بن عبد الله أن أبا عبد الرحمن حدثه أنه سمع عبد الله بن عمرو ابن العاص يقول قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من راح إلى مسجد الجماعة "الحديث" (غريبة) (3/المشهور في الخطوة فتح الخاء، وقيده صاحب المفهم بضمها وقال إنه الرواية كذا قال، وهي واحدة الخطا وهي ما بين القدمين، قال فأما الخطوة بفتح الخاء فهي للمصدر فالضم للاسم والفتح للمصدر، وقال صاحب النهاية الخطوة بالضم بعد ما بين القدمين في المشي، وبالفتح المرة الواحدة اهـ (خريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب، وقال رواه أحمد بإسناد حين والطبراني وابن حيان في صحيحه تنبيه) جاء هذا الحديث في نسخ الترغيب والترهيب عن عبد الله بن عمرو وهو خطأ وصوابه عن عبد الله بن عمرو ابن العاص كما في حديث الباب وهو عند الامام أحمد في مسند عبد الله بن عمرو بن العاص حسب

(1357) عن نافعٍ عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم لا يجعل أحدكم عن طعامه للصلاة، قال وكان ابن عمر يسمع الإقامة وهو يتعشَّى فلا يعجل

_ (1357) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر "الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد (الأحكام) في أحاديث الباب استحباب إتيان الصلاة مشيًا على القدم كحديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه "امشوا إلى المسجد فإنه من الهدي وسنة محمد صلى الله عليه وسلم " فإن أتاها راكبًا جاز ذلك ولكن المشي أفضل، لما في حديث عبد الله بن عمرو "خطوة تمحو سيئة وخطوة تكتب حسنة" (وفيها) النهي عن إتيانها سعيًا بل يكون بتؤدة ووقار، وظاهره أنه لا فرق في ذلك بين الجمعة وغيرها، ولا بين أن يخاف فوت تكبيرة الإحرام أو فوت ركعة أو فوت الجماعة بالكلية أو لا يخاف شيئًا من ذلك؛ وبهذا قال (جمهور العلماء) من الصحابة والتابعين ومن بعدهم (وروى ابن أبي شيبة) في مصنفه هذا المعنى عن ابن مسعود وابن عمر وزيد بن ثابت وأنس بن مالك والزبير بن العوام وأبي در وعلي بن الحسين ومجاهد وهو قول مالك والشافعي وأحمد، وروى ابن أبي شيبة الهرولة إلى الصلاة عن ابن عمر والأسود وسعيد بن جبير (وقال الترمذي في جامعه) اختلف أهل العلم في المشي إلى المسجد فمنهم من رآى الاسراع إذا خاف فوت التكبيرة الأولى حتى ذكر عن بعضهم أنه كان يهرول إلى الصلاة، ومنهم من كره الاسراع واختار أن يمشي على تؤدة ووقار وبه يقول (أحمد واسحاق) وقال العمل على حديث أبي هريرة اهـ (وحكى عن مالك) أنه إذا خاف فوت الركعة أسرع وقال لا بأس لمن كان على فرس أن يحرك الفرس (قال القاضي عياض) وتبعه صاحب المفهم، وتأوله بعضهم على الفرق بين الراكب والماشي لأنه لا ينبهر كما ينبهر الماشي، وقال أبو اسحاق الروزي من الشافعية بالاسراع إذا خاف فوت تكبيرة الاحرام (قلت) وما روي عن ابن عمر في الهرولة إلى الصلاة يعارضه ما رواه ابن أبي شيبة أيضًا عن محمد بن زيد بن خليدة قال "كنت أمشي مع ابن عمر إلى الصلاة فلو مشت نملة لرأيت أن لا يسبقها" فإن صحت الروايتان تحمل الأولى على إدارك تكبيرة الاحرام، والراجح عندي أن أحاديث الباب على عمومها وأن السكينة تلزم من سمع الإقامة كما تلزم كم كان في سعة من الوقت والله أعلم، وأما الجمعة فلا نعلم أحدًا قال بالإسراع

_ لها دون غيرها من الصلوات، وأما قوله عز وجل [إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله] فإن المراد بالسعى فيه مطلق المضي أو القصد والله أعلم (قال النووي رحمه الله) يقال سعيت في كذا أو إلى كذا إذا ذهبت إليه وعملت فيه، ومنه قوله تعالى [وأن ليس للانسان إلا ما سعى] قال العلماء والحكمة في إتيانها بسكينة والنهي عن السعي أن الذاهب إلى صلاة عامد في تحصيلها ومتوصل إليها، فينبغي أن يكون متأدبًا بآدابها وعلى أكمل الأحوال، وهذا معنىى قوله صلى الله عليه وسلم "فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة" (وفي أحاديث الباب) أيضًا دليل للشافعية القائلين بأن ما أدركه المسبوق مع الامام هو أول صلاته وما يأتي به بعد سلام الامام هو آخر صلاته، لقوله في الحديث وما فاتكم فأتموا (قال الحافظ) ولي الدين أبو زرعة العراقي في طرح التثريب، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن عمر وعلي وأبي الدرداء وعمر بن عبد العزيز وسعيد بن المسيب والحسن البصري وسعيد ابن جبير، وحكاه ابن المنذر عن هؤلاء خلا سعيد بن حبير، وقال إنه لا يثبت عن عمرو علي وأبي الدرداء، وحكاه أيضًا عن مكحول وعطاء والزهري والأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز واسحاق بن راهويه والمزني، قال ابن المنذر وبه أقول، ورواه البيهقي عن ابن عمرو محمد بن سيرين وأبي قلابة، وهو منصوص مالك في المدونة، فإنه قال فيها "إن ما أدرك فهو أول صلاته إلا أنه يقضي مثل الذي فاته من القراءة بأم القرآن وسورة" قال ابن بطال ورواه ابن نافع عن مالك (وقال سحنون) في العتبية هو الذي لم نعرف خلافه وهو قول مالك أخبرني به غير واحد، وحكاه ابن بطال عن أحمد بن حنل، وحكاه القاضي عياض عن جمهور العلماء والسلف، وحكاه النووي عن جمهور العلماء من السلف والخلف (وذهب آخرون) إلى أن ما أدركه مع الامام هو آخر صلاته وما يأتي به بعد سلام الامام هو أول صلاته، وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن ابن مسعود وابن عمر وإبراهيم المخعي وكجاهد وأبي قلابة وعمرو بن دينار والشعبي وابن سيرين وعبيد بن عمير؛ وحكاه ابن المنذر عن مالك وسفيان النوري والشافعي وأحمد (فأما مالك) فهو المشهور في مذهبه كما قال القاضي عبد الوهاب، قال ابن بطال وهو قول أشهب وابن الماجشون، واختاره ابن حبيب وقال الذي يقضي هو أولها لأنه لا يستطيع أن يخالف إمامه فتكون له أولى وللامام ثانية أو ثالثة اهـ (وأما الشافعي) فليس هذا مذهبه وما رأيت أحدًا حكاه عنه إلا أن النووي حكاه في الروضة؛ قال أنه حكى عنه قول غريب أنه يجهر (وما أحمد) فكذلك حكاه عنه الخطابي أيضًا وهو خلاف ما حكاه عنه ابن؟؟ كما تقدم؛ واستدل هؤلاء بقوله في الرواية الأخرى "وما فاتكم فاقضوا" فلما استعمل لفظ القضاء

_ في المأتى به بعد سلام الإمام دل على أنه مؤخر عن محله وأنه أول الصلاة لكنه يقضيه، (وأجاب الجمهور) عنه بجوابين (أحدهما) تضعيف هذه اللفظة (الثاني) أن قوله اقضوا بمعنى أتموا والعرب تستعمل القضاء على غير معنى إعادة ما مضى، قال الله تعالى (فقضاهن سبع سماوات) وقال تعالى [فإذا قضيت الصلاة] وقالوا قضى فلان حق فلان، فيحمل القضاء في هذا الحديث على المعنى جمعًا بين الروايتين (وفي المسألة مذهب ثالث) أنه أول صلاته بالنسبة إلى الأفعال، وآخرها بالنسبة إلى الأقوال، وهي رواية عن مالك: ويوافقه ما نص عليه الشافعي رحمه الله من أنه لو أدرك ركعيتين من رباعية ثم قام للتدارك يقرأ السورة في الركعتين، واخنلف أصحابه في هذا فقال بعضهم هو تفريع على قوله يستحب قراءة السورة في جمبع الركعات، وقال بعضهم هو تفريع على القولين معًا لئلا تخلو صلاته عن السورة وصححه النووي، ويوافقه ما رواه البيهقي عن علي بن أبي طالب أنه قال "ما أدركت مع الإمام فهو أول صلاتك واقض ما سبقك به من القرآن" (وذكر ابن بطال) انه لا خلاف عن مالك في قراءة المسبوق للسورة مع الفاتحة في آخر صلاته، وجعل القول بأن ما أدركه مع الإمام أول صلاته وإذا أتى بما فاته لا يقرأ فيه السورة قولًا آخر غير القولين الأولين، وحكاه المزني وإسحاق وأهل الظاهر، وقال فهؤلاء طردوا قولهم على أصولهم إلا أنه لا سلف لهم فيه فلامعنى له اهـ واقتضى كلامه أن جميع القائلين بأن ما فعله مع الإمام أول صلاته يقولون بقراءة السورة فيما يأتي به بعد سلام الإمام سوى هؤلاء المذكورين والله أعلم أفاده صاحب طرح التثريب (قلت واستدل بأحاديث الباب) بعض أهل الظاهر وابن حزم على أن من أدرك الإمام راكعًا لا تحسب له تلك الركعة لأنه عليه الصلاة والسلام أمره بإتمام ما فاته وقد فاتته الوقفة وقراءة أم القرآن، وحكاه عن أبي هريرة وزيد بن وهب وبه قال ابن خزيمة وأبو بكر الضبي من الشافعية (وخالفهم الجمهور) والأئمة الأربعة فقالوا باعتداد الركعة لمن أدرك الإمام راكعًا قبل أن يقيم صلبه (وذهب الشوكاني) إلى ما ذهب إليه الأولون فقال بعد ترجيح أدلة القائلين بوجوب قراءة الفاتحة وأنها شرط في صحة الصلاة قال: من ههنا يتبين لك ضعف ما ذهب إليه الجمهور أن من أدرك الإمام راكعًا معه واعتد بتلك الركعة وإن لم يدرك شيئًا من القراءة، قال واستدلوا على ذلك بحديث أبي هريرة "من أدرك الركوع من الركعة الأخيرة في صلاته يوم الجمعة فليضف إليها ركعة أخرى" رواه الدارقطني من طريق ياسين بن معاذ وهو متروك، وأخرجه الدارقطني بلفظ "إذا أدرك أحدكم الركعتين يوم الجمعة فقد أدرك، وإذا أدرك ركعة فليركع إليها أخرى" ولكنه من طريق سليمان بن داود الحراني ومن طريق صالح بن أبي الأخضر وسليمان متروك

_ وصالح ضعيف، على أن التقييد بالجمعة في كلا الراويتين مشعر بأن غير الجمعة بخلافها، وكذا التقييد بالركعة في الرواية الأخرى يدل على خلاف المدّعى لأن الركعة حقيقة لجميعها. وإطلاقها على الركوع وما بعده مجاز لإيصار إليه إلا لقرينه كما وقع عند مسلم من حديث البراء بلفظ "فوجدت قيامه فركعته فاعتداله فسجدته" فإن وقوع الركعة في مقابلة القيام والاعتدال، والسجود قرينة تدل على أن المراد بها الركوع، وقد ورد حديث "من أدرك ركعة من صلاة الجمعة" بألفاظ لا تخلو طرقها عن مقال حتى قال ابن أبي حاتم في العلل عن أبيه لا أصل لهذا الحديث، إنما المتن "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركهت" وكذا قال الدارقطني والعقيلي، وأخرجه ابن خزيمة عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم للإمام صلبه" وليس في ذلك دليل لمطلولهم لما عرفت من أن مسمى الركعة جميع أذكارها وأركانها حقيقة شرعية وعرفية، وهما مقدمتان على اللغوية كما تقرر في الأصول، فلا يصح جعل حديث ابن خزيمة وما قبله قريبنة صارفة عن المعنى الحقيقي (فإن قلت) فأي فائدة على هذا في التقييد بقوله "قبل أن يقيم صلبه" قلت دفع توهم أن من دخل مع الإمام ثم قرأ الفاتحة وركع الإمام قبل فراغه منها غير مدرك؛ إذا تقرر لك هذا علمت أن الواجب الحمل على الإدراك الكامل للركعة الحقيقية لعدم وجود ما تحصل به البراءة من عهدة أدلة وجوب القيام القطعية وأدلة وجوب الفاتحة (وقد ذهب إلى هذا) بعض أهل الظاهر وابن حزيمة وأبو بكر الضبعي، وروى ذلك ابن سيد الناس في شرح الترمذي وذكر فيه حاكيًا عمن روى عن ابن حزيمة أنه احتج لذلك بما روى عن أبي هريرة أنه صلى الله عليه وسلم قال "من أدرك الإمام في الركوع فليركع معه وليعد الركعة" وقد رواه البخاري في القراءة خلف الإمام من حديث أبي هريرة أنه قال "إن أدركت القوم ركوعًا لم تعتد بتلك الركعة" قال الحافظ وهذا هو المعروف عن أبي هريرة موقوفًا، وأما المرفوع فلا أصل له (وقال الرافعي) تبعًا للإمام إن أبا عاصم العبادي حكى عن ابن خزيمة أنه احتج به، وقد حكى هذا المذهب البخاري في القراءة خلف الإمام عن كل من ذهب إلى وجوب القراءة خلف الإمام، وحكاه في الفتح عن جماعة من الشافعية وقواه الشيخ تقي الدين السبكي وغيره من محدثي الشافعية ورجحه المقبلي، قال وقد بحثت هذه المسئلة واحطتها في جميع بحثي فقهًا وحديثًا فلم أحصل منها على غير ما ذكرت يعني من عدم الاعتداد بإدراك الركوع فقط (قال العراقي) في شرح الترمذي بعد أن حكى عن شيخه السبكي أنه كان يختار أنه لا يعتد بالركعة من لا يدرك الفاتحة ما لفظه وهو الذي يختاره اهـ فالعجي ممن يدعي الإجماع والمخالف مثل هؤلاء: وأما احتجاج الجمهور) بحديث أبي بكرة حيث صلى خلف الصف مخافة أن تفوته الركعة

_ فقال صلى الله عليه وسلم زادك الله حرصًا ولا تعد" ولم يؤمر بإعادة الركعة فليس فيها ما يدل على ما ذهبوا إليه لأنه كما لم يأمره بالإعادة لم ينقل إلينا أنه اعتد بها، والدعاء له بالحرص لا يستلزم الاعتداد بها لأن الكون مع الإمام مأمور به سواء كان الشيء الذي يدركه المؤتم معتمدًا به أم لا كما في حديث "إذا جئتم إلى الصلاة ونحن سجود فاسجدوا ولا تعدّوها شيئًا" أخرجه أبو داود وغيره؛ على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى أبا بكرة عن العود إلى مثل ذلك، والاحتجاج بشيء قد نهى عنه لا يصح، وقد أجاب ابن حزم في المحلى عن حديث أبي بكرة فقال إنه لا حجة لهم فيه لأنه ليس فيه اجتزاء بتلك الركعة؛ ثم استدل على ما ذهب إليه من أنه لا بد في الاعتداد بالركعة من إدراك القيام والقراءة بحديث "ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" ثم حزم بأنه لا فرق بين فوت الركعة والركن والذكر المفروض لأن الكل فرض لا تتم الصلاة إلا به، قال فهو مأمور بقضاء ما سبقه به الإمام وإتمامه، فلا يجوز تخصيص شيء من ذلك بغير نص آخر ولا سبيل إلى وجوده، قال وقد أقدم بعضهم على دعوى الإجماع على ذلك وهو كاذب في ذلك، لأنه قد روى عن أبي هريرة أنه لا يعتد بالركعة حتى يقرأ أم القرآن، وروى القضاء أيضًا عن زيد بن وهب ثم قال (فإن قيل) أنه يكبر قائمًا ثم يركع فقد صار مدركًا للوقفة (قلنا) وهذه معصية أخرى، وما أمر الله تعالى قط ولا رسوله أن يدخل في الصلاة من غير الحال التي يجد الإمام عليها، وأيضًا لا يجزئ قضاء شيء يسبق به من الصلاة إلا بعد سلام الإمام لا قبل ذلك، وقال أيضًا في الجواب عن استدلالهم بحديث "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدرك الصلاة" أنه حجة عليهم لأنه مع ذلك لا يسقط عنه قضاء ما لم يدرك من الصلاة اهـ (والحاصل) أن أنهض ما احتج به الجمهور في المقام حديث أبي هريرة حينئذ باللفظ الذي ذكره ابن خزيمة لقوله فيه قبل أن يقيم صلبه كما تقدم، وقد عرفت أن ذكر الركعة فيه مناف لمطلوبهم وابن خزيمة الذي عولوا عليه في هذه الرواية من القائلين بالمذهب الثاني كما عرفت، ومن البعيد أن يكون هذا الحديث عنده صحيحًا ويذهب إلى خلافه (قال) ومن الأدلة على ما ذهبنا إليه في هذه المسءلة حديث أبي قتادة وأبي هريرة عليهما بلفظ "ما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" قال الحافظ في الفتح قد استدل بهما على أن من أدرك الإمام راكعًا لم يحتسب له تلك الركعة للأمر بإتمام ما فاته لأنه فاته القيام والقراءة فيه؛ ثم قال وحجة الجمهور وحديث أبي بكرة، وقد عرفت الجواب عن احتجاجهم به، وقد ألف السيد العلامة محمد بن إسماعيل الأمير رسالة في هذه المسئلة ورجح مذهب الجمهور وقد كتبت أبحاثًا في الجواب عليها اهـ (وحكى الحافظ أبو زرعة العراقي) عن النووي أنه قال فيما ذهب إليه الظاهرية وابن حزم وغيرهم إنه شاذ منكر

(4) باب من مشى إلى الجماعة كما أمر فسبق بها كان له مثل أجر من أدركها (1358) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال من توضَّأ فأحسن وضوءه ثمَّ راح فوجد النَّاس قد صلَّوا أعطاه

_ والمعروف من مذاهب الأئمة الأربعة وغيرهم وعليه الناس قديمًا وحديثًا إدراك الركعة بإدراك الركوع لكن اشترط أصحابنا أن يكون ذلك الركوع محسوبًا للإمام لا كركوع خامسة قام إليها الإمام ساهيًا، قالوا والمراد بإدراك الركوع أن يلتقي هو وإمامه في حد أقل الركوع حتى لو كان في الهوى والإمام في الارتفاع وقد بلغ هويه حدّ أقل الركوع قبل أن يرتفع الإمام عنه كان مدركًا، وإن لم يلتقيا فيه فلا، هكذا قاله جميع أصحابنا، ويشترط أيضًا أن يطمئن قبل ارتفاع الإمام عن الحد المعتبر، كذا صرح به صاحب البيان، وبه أشعر كلام كثير من النقلة (قال الرافعي والنووي) وهو الوجه؛ وإن كان الأكثرون لم يتعرضوا له، قال ابن المنذر وقال قتادة وحميد وأصحاب الحسن إذا وضع يديه على ركبتيه قبل أن يرفع الإمام رأسه فقد أدرك الركعة، وقال الشعبي إذا انّهيت إلى الصف الأخير ولم يرفعوا رؤسهم وقد رفع الإمام رأسه فاركع فإن بعضهم أئمة لبعض، وقال ابن أبي ليلى إذا كبر قل أن يرفع الإمام رأسه تبع الإمام وكان بمنزلة القائم اهـ وهذا المذهب الأخير حكاه بن حزم عن سفيان النوري وزفر اهـ والله أعلم (1358) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثتنا قتيبة ابن سعيد قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن طحلاء عن محصن لن علي عن عوف بن الحارث عن أبي هريرة "الحديث" غريبة) (1) أي ذهب إلى المسجد في أي وقت كان وقد فسره بعضهم بالذهاب إلى المسجد ليلًا وليس كذلك، قال في المصباح راح يروح رواحًا وتروّح مثله يكون بمعنى الغدو وبمعنى الرجوع، وقد طابق بينهما في قوله تعالى [غدوها شهر ورواحها شهر] أي ذهابها ورجوعها، وقد يتوهم بعض الناس أن الرواح لما لا يكون إلا في آخر النهار وليس كذلك، بل الرواح والغدو عند العرب يستعملان في المسير أي وقت كان من ليل أو نهار قاله الأزهري وغيره، وعليه قوله عليه الصلاة والسلام "من راح إلى الجمعة في أول النهار فله كذا" أي من ذهب، ثم قال الأزهرري وأما راحت الإبل فهي رائحة فلا يكون إلا بالعشي إذا أراحها راعيها على أهبها أي رجعت من الرعي إليهم اهـ

الله مثل أجر من صلاَّها أو حضرها لا ينقص ذلك من أجورهم شيئًا (1359) ز وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ثوّب بالصلَّاة فلا تأتوها وأنتم تسعون وأتوها وعليكم السَّكينة، فما أدركتم فصلُّوا، وما فاتكم فأتمُّوا فإنَّ أحدكم فى صلاةٍ إذا ما كان يعمد إلى الصلَّاة

_ (1) أي لا ينقص أجر المصلى وحده من أجور المصلين بالجماعة شيئًا، بل لكل واحد من المصلين والمصلى وحده أجر كامل؛ وهذا إذا لم يكن التأخير ناشئًا عن التقصير وفضل الله واسع (تخريجه) رواه أبو داود وسكت عنه المنذري فهو صالح، ورواه (نس. هق. ك) وقال صحيح على شرط مسلم (1359) "ز" وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله قال قرأت علي عبد الرحمن عن مالك وثنا إسحاق قال حدثني مالك عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه في حديث عبد الرحمن وإسحاق بن عبد الله أنهما سمعا أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ثوب بالصلاة "الحديث" (غريبة) (2) المراد بالتثويت هنا إقامة الصلاة، وسميت الإقامة تثويبًا لأنها دعاء إلى الصلاة بعد الدعاء بالأذان، من قولهم ثاب إذا رجع 3) في قوله صلى الله عليه وسلم "فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" تنبيه وتأكيد لئلا يتوهم متوهم أن النهي في قوله صلى الله عليه وسلم "فلا تأتوها وأنتم تسعون" إنما هو لمن يخف فوت بعض الصلاة فصرح بالنهي وإن فات من الصلاة ما فات وبيَّن ما يفعل فيما فات (وقوله صلى الله عليه وسلم) "ونا فاتكم" دليل على جواز قوله فاتتنا الصلاة وأنه لا كراهة فيه، وبهذا قال جمهور العلماء وكرهه ابن سيرين وقال إنما يقال لم ندركها قاله النووي (4) بكسر الميم من باب ضرب أي يقصد تخريجه) (م. وغيره) (وفي الباب) عند أبي داود والبيهقي عن سعيد بن المسيب قال حضر رجلًا من الأنصار الموت فقال أني محدثكم حديثًا ما أحدثكموه إلا احتسابًا، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء ثم خرج إلى الصلاة لم يرفع قدمه اليمنى إلا كتب الله عز وجل له حسنة، ولم يضع قدمه اليسرى إلا حط الله عز وجل عنه سيئة، قلبقرِّب أحدكم أو لبيبعد، فإن أتى المسجد فصلى في جكاعة غفرله، فإن أتى المسجد وقد صلَّوا بعضًا وبقى بعض صلَّى ما أدرك وثم ما بقى كان كذلك، فإن أتى المسجد وقد صلَّوا فأتم الصلاة كان كذلك" (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن من خرج يريد الصلاة جماعة فسبق بها كان له مثل أجر من صلى في الجماعة، وعلى أن أجره

(أبواب الإمامة وصفة الائمة واحكام تتعلق بهمى) (1) باب الأمام ضامن وما جاء فى امامة الفاسق (1360) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الإمام ضامنٌ والمؤذَّن مؤتمنٌ (وفى لفظ أمينٌ) اللهمَّ أرشد الأئمَّة واغفر للمؤذِّنين (1361) عن أبى علىّ الهمدانهىِّ قال خرجت فى سفرٍ ومعنا عقبة بن عامرٍ رضى الله عنه قال فقلنا إنَّك يرحمك الله من أصحاب رسول الله صلى الله عله وسلم فأمَّنا فقال لا، إنَّي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أم النَّاس فأصاب الوقت

_ لم ينقص شيئًا من أجور حاضريها متى كان قصده الصلاة جماعة ولم يفرط في الحضور إليها، وأنه يكتب له مثل ثواب المصلي من وقت خروجه من بيته إلى انتهاء صلاته (قال النووي رحمه الله) وفي قولله صلى الله عليه وسلم "إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة" دليل على أنه يستحب للذاهب إلى الصلاة أن لا يعبث بيده ولا يتكلم بقبيح ولا ينظر نظرًا قبيحًا ويجتنب ما أمكنه مما يجتنبه المصلى فإذا وصل المسجد وقعد ينتظر الصلاة كان الاعتناء بما ذكرناه آكد اهـ والله أعلم (136) عن أبي هريرة الخ هذا الحديث تقدم رقم 233 في الباب الثاني من أبواب الأذان وتقدم الكلام عليه سندًا ومتنًا وشرحًا وتحريجًا وأخرجه البزار وراد فيه "قالوا يا رسول الله لقد تركتنا نتنافس في الأذان بمدك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يكون بعدي أو بعدكم قوم سفلتهم مؤذنوهم" قال الهيثمي رواه البزار ورجاله كلهم موثقون اهـ ورواه الإمام أحمد أيضًا والطبراني في الكبير عن أبي أمامة أيضًا بلفظ "الإمام ضامن والمؤذن مؤتمن" ورجاله موثقون (1361) عن أبي علي الهمداني سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع قال ثنا ابن عياش عن عبد الرحمن بن حرملة الأسامي عن أبي علي الهمداني "الحديث" (غريبة) (1) أي وقت الصلاة التي صلاها بهم بأن فعلها في وقتها ولم يتسبب في إخراجها عنه (وأتم الصلاة) أي أتى بشروطها وأركانها ومندوباتها (فله ولهم)

وأتمَّ الصَّلاة فله ولهم ومن انتقص من ذلك شيئًا فعليه ولا عليهم (1362) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلُّون بكم، فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطئوا فلكم وعليهم (1363) عن عبد الله (بن مسعودٍ رضى الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلَّكم ستدركون أقوامًا يصلُّون صلاةً لغير وقتها فإذا أدركتموهم فصلُّوا فى بيوتكم فى الوقت الَّذى تعرفون ثمَّ صلُّوا معهم واجعلوها سبحةً (1364) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم

_ ثوابها (1) أي بأن أخل بشيء من ذلك مما ينافي صحة الصلاة أو كما لها عمدًا أو تساهلا بدون علم المأمومين (فعليه) أئمة ولا شيء عليهم من ذلك الإثم (تخريجه) (د. جه. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (1362) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد ويؤيده ما قبله (1363) عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كر ثنا عاصم عن زرّ عن عبد الله "الحديث" (غريبة) (2) أي المختار وهو أول وقتها لا عن جميع وقتها (3) يعني أول الوقت فإنه يسقط عنكم الفرض وتحرزوا فضيلة أول الوقت (وقوله ثم صلوا معهم) أي مرة ثانية في الوقت الذي يصلون فيه لتحرزوا فضيلة الجماعة، ولئلا تقع فتنة بسبب التخلف عن الصلاة مع الإمام وتختلف كلمة المسلمين (4) أي نافلة، وفيه دليل على أن من صلى فريضة مرتين تكون الثانية سنة والفرض سقط بالأولى، قال النووي وهذا هو الصحيح عند أصحابنا وقيل الفرض أكملها وقيل كلاهما. وقيل إحداهما اهـ والله أعلم (تخريجه) (م. وغيره) وروى نحوه أبو داود وغيره عن عبادة بن الصامت قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح (1364) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن الصباح ثنا إسماعيل بن زكريا عن عبد الله بن عثمان بن حثيم عن القاسم بن عبد الرحمن

إنَّه سيلي أمركم من بعدى رجالٌ يطفئون السُّنَّة ويحدثون بدعةً ويؤخرون الصَّلاة عن مواقيتها، قال ابن مسعود يا رسول الله كيف بى إذا أدركتم؟ قال ليس يا ابن أم عبدٍ طاعةٌ لمن عصى الله قالها ثلاث مرَّاتٍ، وسمعت أنا من محمدَّ بن الصبَّاح مثله

_ عن أبيه عن عبد الله "الحديث" (غريبة) (1) أم عبد كنية أم عبد الله بن مسعود واسمها زهرة بنت عبد ودّ بن سواءة، وكثيرًا ما كان النبي صلى الله عليه وسلم ينسبه لأنه لشرفها بسابقية الإسلام والصحبة رضي الله عنهما (2) أي لا تطعهم في معصية الله وهذا لا ينافي وجوب طاعتهم في غير معصية وإن كانوا عصاة، لأحاديث صحيحة وردت في ذلك ستأتي في كتاب الخلافة والإمارة إن شاء الله تعالى 3) "القائل وسمعت أنا" هو عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله، يعني أنه سمع مثل هذا الحديث من محمد بن الصباح مباشرة بغير واسطة والده (تخريجه) أخرجه مسلم وغيره بمعنى حديث الباب لا بلفظه (وفي الباب) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنه سيكون أمراء بعدي يؤخرون الصلاة عن وقتها قلت يا رسول الله ما يصنع من أدركهم؟ قال صلوا الصلاة لوقتها فإذا حضرتهم معهم الصلاة فصلوا" قال الهيثمي رواه الطبراني في الأوسط والكبير وفيه سالم بن عبد الله الخياط ضعفه ابن معين والنسائي ووثقه أحمد وابن حبان وأبو أحمد بن عدي (وعن مكحول عن أبي هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الصلاة المكتوبة واجبة خلف كل مسلم برًا كان أو فاجرًا وإن عمل الكبائر" رواه أبو داود والدارقطني بمعناه، وقال مكحول لم يلق أبا هريرة، ورواه أيضًا البيهقي وهو منقطع، (قال الحافظ) وللبيهقي في هذا الباب أحاديث كلها ضعيفة غاية الضعف، وأصح ما فيه حديث مكحول عن أبي هريرة على إرساله والله أعلم (الأحكام) في أحاديث الباب دلالة على أن الإمام مسئول عن صلاة من حلفه لارتباط صلاتهم بصلاته فسادًا وصحة، فهو الأصل وهم الفرع ولهذا الضمان كان ثواب الأئمة أمثر إذا أدوها كاملة من فرائض وسنن، ووزرهم أكثر إذا أخلوا بها (وفيها) أن المأموم غير مسئول عن خلل الإمام ما لم يعلم المأموم بذلك (وفيها أيضًا) دليل على المحافظة على الصلاة في أول وقتها وإن صلى منفردًا

_ (وفيها أيضًا) وجوب طاعة أولي الأمر إلا في معصية الله تعالى فإنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق (وفيها أيضًا) دليل على جواز خلف أثمة الجور (قال الشوكاني) رحمه الله قد أجمع أهل العصر الأول من بقية الصحابة ومن معهم من التابعين إجماعًا فعليًا ولا يبعد أن يكون قوليًا على الصلاة خلف الجائرين، لأن الأمراء في تلك الاعصار كانوا أئمة الصلوات الخمس فكان الناس لا يؤمهم إلا أمراؤهم في كل بلدة فيها أمير، وكانت الدولة إذ ذاك لبني أمية وحالهم وحال أمرائهم لا يخفى (وقد أخرج البخاري) عن ابن عمر أنه كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف (وأخرج مسلم) وأهل السنن أن أبا سعيد الخدري صلى خلف مروان صلاة العيد في قصة تقديمه الخطبة على الصلاة وإخراج منبر النبي صلى الله عليه وسلم وإنكار بعض الحاضرين، وأيضًا قد ثبت تواتر أنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه يكون على الأمة أمراء يميتون الصلاة ميتة الأبدان ويصلونها لغير وقتها، فقالوا يا رسول الله بما تأمرنا؟ فقال صلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم مع القوم نافلة، ولا شك أن من أمات الصلاة وفعلها في غير وقتها غير عدل، وقد أذن النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة خلفه نافلة ولا فرق بينها وبين الفريضة في ذلك (والحاصل) أن الأصل عدم اشتراط العدالة وأن كل من صحت صلاته لنفسه صحت لغيره، وقد اعتضد هذا الأصل بما ذكرنا من الأدلة وبإجماع الصدر الأول عليه وتمسك الجمهور من بعدهم به، فالقائل بان العدالة شرط كما روي عن العترة (ومالك) وجعفر بن مبشر وجعفر بن حرب محتاج إلى دليل ينقل عن ذلك الأصل وقد أفردت هذا البحث برسالة مستقلة واستوفيت فيها الكلام على ما ظنه القائلون بالاشتراط دليلًا من العمومات القرآنية وغيرها، قال واعلم أن محل النزاع إنما هو في صحة الجماعة خلف من لا عدالة له، وأما إنها مكروهة فلا خلاف في ذلك كما في البحر، وقد أخرج الحاكم في ترجمة مرثد الغنوي عنه صلى الله عليه وسلم "إن سركم أن تقبل صلاتكم فليؤمكن خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم" اهـ باختصار (قلت) ما ذكره الشوكاني عن مالك في اشتراط العدالة في الإمام هو رواية عنه وفي رواية أخرى عدم اشتراطها، لكن تكره الصلاة خلفه ولو لمثله، وإلى اشتراط العدالة في الإمام (ذهبت الحنابلة) وقالوا إمامة الفاسق ولو لمثله غير صحيحة إلا في صلاة الجمعة والعيد إذا تعذرت صلاتهما خلف غيره فتجوز إمامته للضرورة، قالوا لأن الفاسق لا يقبل خبره لمعنى في دينه فأشبه الكافر، ولأنه لا يؤمن على شرائط الصلاة، فإن خيف أذاه صلة خلفه دفعًا للمفسدة، ورجح العلماء ما ذهب إليه الجمهور من عدم اشتراط العدالة وصحة الصلاة خلف الفاسق ما لم يخل بشيء من أركان الصلاة، وإن كانت الصلاة خلف غيره أفضل والله أعلم

(2) باب من أحق بالإمامة (1365) عن أبى مسعودٍ الأنصاريِّ البدرىِّ رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال يومُّ القوم أقرؤهم لكتب الله تعالى وأقدمهم قراءةً فإن كانت قراءتهم سواءً فليؤمَّهم أقدمهم هجرةً فإت كانت هجرتهم سواءً فليؤمَّهم أكبرهم سنًّا ولا يؤمُّ الرَّجل فى أهله ولا فى سلطانه ولا يجلس على تكرمته فى بيته إلاَّ بإذنه (وعنه من طريقٍ ثانٍ بنحوه وفيه)

_ (1365) عن أبي مسعود (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا شعبة قال أخبرني إسماعيل بن رجاء قال سمعت أوس بن ضمعجٍ قال سمعت أبا مسعود الأنصاري "الحديث" (غريبه) (1) أي استووا في القدر المعتبر منها إما في حسنها أو في كثرتها وقلتها على القولين (2) الهجرة المقدم بها في الإمامة لا تختص بالهجرة في عصره صلى الله عليه وسلم بل هي التي لا تنقطع إلى يوم القيامة كما وردت بذلك الأحاديث، وقال به الجمهور، وأما حديث "لا هجرةبعد الفتح" فالمراد به الهجرة من مكة إلى المدينة أو لا هجرة بعد الفتح بفضلها كفضل الهجرة قبل الفتح، وهذا لا بد منه للجمع بين الأحاديث (3) أي يقدم في الإمامة من كبر سنه في الإسلام، لأن ذلك فضيلة يرجح بها "وفي رواية سلمًا بدل سنًا" فيكون من تقدم إسلامه أولى ممن تأخر إسلامه (4) قال النووي معناه أن صاحب البيت والمجلس إمام المسجد أحق من غيره، قال ابن رسلان لأنه موضع سلطنته اهـ والظاهر أن المراد به السلطان الذي إليه ولاية أمور الناس لا صاحب البيت ونحوه، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الباب "ولا في سلطانه" وظاهره أن السلطان مقدم على غيره وإن كان أكثر منه قرآنًا وفقهًا وورعًا وفضلًا فيكون كالمخصص لما قبله، قال أصحاب الشافعي ويقدم السلطان أو نائبه على صاحب البيت وإمام المسجد وغيرهما لأن ولايته وسلطنته عامة، قالوا ويستحب لصاحب البيت أن يأذن لمن هو أفضل منه (5) قال النووي وابن رسلان بفتح التاء وكسر الراء الفراش ونحوه لما يبسط لصاحب المنزل وبختص به دون أهله، وقيل هي الوسادة وفي معناها السرير ونحوه اهـ (6) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن اسماعيل بن رجاء عن أوس بن ضمعج عن أبي مسعود

فإن كانوا في القراءة سواءً فأعلمهم بالسُّنَّة (وفيه أيضًا) ولا تجلس على تكرمته في بيته حتَّى يأذن لك (1366) عن أبى سعيدٍ (الخدريِّ رضى الله عنه) عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم إذا كانوا ثلاثةً فليؤمَّهم أحدهم، وأحقَّهم بالإمامة أقرؤهم (1367) عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال يؤمُّ القوم أقرؤهم للقرآن (1368) عن عمرو بن سلمة رضى الله عنه قال كانت تأتينا الرَّكبان من قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنستقرئهم فيحِّثونا أن رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال ليؤمَّكم أكثركم قرآنًا

_ الأنصاري بنحوه وفيه إلخ (1) فيه أن مزية العلم مقدمة على غيرها من المزايا الدينية (تخريجه) (م. د. جه. حب. وغيرهم) (1366) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ثنا هشام وشعبة قال قتادة عن أبي نضرة عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (2) ليس هذا قيدًا بل اثنان كذلك ولو كان أحدهما صبيًا أو امرأة كما سيأتي في باب انعقاد الجماعة بإمام ومأموم إلخ، ولحديث مالك بن الحويرث الآتي في هذا الباب (3) فيه دليل لمن يقول بتقديم الأقرأ على الأفقه وسيأتي الكلام على ذلك في الأحكام (تخريجه) (م. نس. وغيرها) (1367) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن ثابت عن أنس "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه من حديث أنس لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله موثقون (1368) عن عمرو بن سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ابن عاصم قال خالد الحذاء أخبرني عن ابي قلابة عن عمرو بن سلمة "الحديث" (غريبه) (4) أي نتعلم منهم القراءة (تخريجه) (ملب) ورجاله رجال

(1369) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا سريجٌ ويونس قالا ثنا حمَّادٌ يعني ابن زيدٍ عن أبى قلابة عن مالك بن الحويرث اللَّيثىِّ رضي الله عنه قال قدمنا على النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ونحن شببة قال فأقمنا عنده نحوًا من عشرين ليلةٍ فقال لنا لو رجعتم إلى بلادكم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيمًا فعلَّمتموهم، قال سريجٌ وأمرتموهم أن يصلُّون كذا حين كذا قال يونس ومروهم فليصلُّوا صلاةً كذا فى حين كذا وصلاة كذا فى حين كذا، فإذا حضرت الصلَّاة فليؤذَّن لكم أحدكم وليؤمَّكم أكبركم (ومن طرقٍ ثانٍ) عن خالدٍ الحذَّاء عن أبى قلابة عن مالك بن الحويرث أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال له ولصاحب له إذا حضرت الصلَّاة فأذَّنا وأقيما وقال مرَّة فأقيما ثمَّ ليؤمَّكما

_ الصحيح، ولفظه عند الطبراني عن عمرو بن سلمة أنه قال "انطلقت مع أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بإسلام قومه فكان فيما أوصانا ليؤمكم أكثركم قرآنًا، فكنت أكثرهم قرآنًا فقدّ موتي" وأخرجه أيضًا البخاري وأبو داود والنسائي وسيأتي في باب ما جاء في إمامة الأعمى والصبي والمرأة، وظاهر حديث الباب أن عمرًا سمعه من الصحابة في أول الأمر قبل ذهابه مع والده إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم كما تفيده رواية الطبري والله أعلم (1369) حدّثنا عبد الله (غريبه) (1) على وزن فعلة بتحريك العين وهو جمع شاب (2) في رواية عند البخاري "وكان رحيمًا رفيقًا فلما رآى شوقنا إلى أهالينا قال ارجعوا فكونوا فيهم وعلموهم وصلوا، فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم" (3) يعني أن سريجًا قال في روايته وأمرتموهم بلفظ الماضي، وقال يونس في روايته ومروهم بلفظ الأمر (وقوله صلاة كذا في حين كذا) يريد تعليمهم أوقات الصلاة (4) يعني إذا استووا في القراءة والعلم والهجرة كما يستفاد من حديث أبي مسعود المتقدم (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن خالد الحذّاء الخ (6) ليس المراد أن يؤذن كل واحد منهما ويقيم، بل المراد أن يكون الأذان والإقامة من أحدهما، لقوله صلى الله عليه وسلم في الطريق الأولى "فليؤذن لكم أحدكم" ولقوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر تقدم

أكبر كما قال خالدٌ فقلت لأبى قلابة فأين القراءة قال إنهما كانا متقاربين (زاد رواية) صلُّوا كما ترونى أصلِّى (1370) عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه أنَّه أتى أبا موسى الأشعرىَّ فى منزله فحضرت الصَّلاة، فقال أبو موسى تقدَّم يا أبا عبد الرَّحمن فإنَّك أقدم سنًّا وأعلم، قال لا، بل تقدَّم أنت فإنَّما أتيناك في منزلك ومسجدك فأنت أحقُّ قال فتقدَّم أبو موسى فخلع نعليه، فلمَّا سلَّم قال ما أردت إلى خلعهما؟ أبا الواد المقدَّس؟ لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلَّى في الخفَّين والنَّعلين (1371) عن بديل بن ميسرة العقيلىِّ عن رجلٍ منهم يكنى أبا عطيَّة

_ في أبواب الأذان والإقامة "من أذن فهو يقيم" (1) ظاهره أنه يقدم الأكبر مطلقا، ولهذا سأل خالد شيخه فقال أين القراءة يعني أين قوله صلى الله عليه وسلم يؤم القوم أقرؤهم وقوله صلى الله عليه وسلم "ليؤمكم أكثركم قرآنا" فأجابه بأنهما كانا متقاربين في القرآن وكذا في العلم كما في رواية عند أبي داود (2) يعني اجعلوا صلاتكم قولا وفعلا (تخريجه) (ق والأربعة وغيرهم). (1370) عن ابن مسعود (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا زهير عن أبي إسحاق عن علقمة بن قيس ولم يسمعه منه وسأله رجل عن حديث علقمة فهو هذا الحديث أن عبد الله بن مسعود وأتى أبا موسى الأشعري في منزله "الحديث" (غريبه) (3) فيه أن رب البيت وإمام المسجد أحق بالأمامة من غيرهما وإن كان أعلم أو أقرأ إلا أنه يستحب لهما أن يأذنا لمن كان كذلك (4) يعني أن ابن مسعود قال لأبي موسى ماذا تقصد بخلع نعليك؟ أبا الواد المقدس أنت؟ يشير إلى قوله تعالى "فاخلع نعليك إنك بالواد المقدس طوى" يعني لا داع لخلع نعليك في الصلاة فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخفين والنعلين، وفيه جواز الصلاة في الخف والنعل، وتقدم الكلام على ذلك في باب ما جاء في الصلاة في النعل من أبواب اجتناب النجاسة في مكان المصلى وثوبه وبدنه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه رجل لم يسم ورواه الطبراني متصلا برجال ثقات. (1371) عن بديل بن ميسرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع

قال كان مالك بن الحويرث رضى الله عنه يأتينا فى مصلاَّنا يتحدَّث، قال فحضرت الصَّلاة يومًا فقلنا تقدَّم، فقال لا، ليتقدَّم بعضكم حتَّى أحدَّثكم لم لا أتقدَّم سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول إنَّ من زار قومًا فلا يؤمَّهم، وليؤمَّهم رجلٌ منهم

_ ثنا أبان بن يزيد ثنا بديل بن ميسرة "الحديث" (غريبه) (1) إنما تأخر رضي الله عنه عن الصلاة بهم وإن كان أفضلهم وأعلمهم لكونه صحابيا عملا بالحديث الذي احتج به، وكأنه رضي الله عنه لم يبلغه حديث "لا يؤم الرجل في أهله ولا في سلطانه ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه" وقد آذنوه (تخريجه) (د. هق. مذ) وقال هذا حديث حسن (قلت) وأخرجه النسائي مختصرًا وفي إسناده أبو عطية وفيه مقال (وفي الباب) عن قيس بن زهير قال "انطلقت مع حنظلة بن الربيع إلى مسجد فرات بن حبان فحضرت الصلاة فقال له تقدم، فقال ما كنت لأتقدمك وأنت أكبر مني سنا وأقدم مني هجرة والمسجد مسجدكم، فقال فرات، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيك شيئا، لا أتقدمك أبدًا، قال أشهدته يوم أتيته يوم الطائف فبعثني عينا؟ قال نعم، فتقدم حنظلة فصلى بهم، فقال فرات يا بني عجل إني إنما قدمت هذا "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه عينا إلى الطائف فجاءه فأخبره الخبر فقال صدقت، ارجع إلى منزلك فأنت قد سهرت الليلة، فلما ولى قال لنا ائتموا بهذا وأشباهه" أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا سافرتم فليؤمكم أقرؤكم وإن كان أصغركم وإذا أمكم فهو أميركم" أورده الهيثمي أيضا وقال رواه الطبراني البزار وإسناده حسن (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أم قوما وفيهم من هو اقرأ لكتاب الله منه لم يزل في سفال إلى يوم القيامة" أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الأوسط وفيه الهيثم بن عقاب قال الأزدي لا يعرف (قلت) ذكره ابن حبان في الثقات اهـ (قلت) وقوله في سفال بفتح السين أي في انحطاط بمعنى أن درجته تكون منحطة عند الله يوم القيامة إلا أن يتوب من ذلك نسأل الله السلامة (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن أولى الناس بالأمامة أقرؤهم لكتاب الله وإن كان غيره أفقه منه، وإلى ذلك ذهب الأحنف بن قيس وابن سيرين والثوري (وأبو حنيفة وأحمد) وبعض أصحابهما (وقال الشافعي ومالك) وأصحابهما

_ والهادوية الأفقه مقدم على الأقرأ (قال النووي) رحمه الله لأن الذي يحتاج إليه من القراءة مضبوط، والذي يحتاج إليه من الفقه غير مضبوط؛ وقد يعرض في الصلاة أمر لا يقدر على مراعاة الصواب فيه إلاكامل الفقه، قالوا ولهذا قدّم النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه في الصلاة على الباقين، مع أنه صلى الله عليه وآله وسلم نص على أن غيره اقرأ منه (قال الشوكاني) قال الشافعي المخاطب بذلك الذين كانوا في عصره كان أقرؤهم أفقههم، فإنهم كانوا يسلمون كبارًا ويتفقهون قبل أن يقرؤا، فلا يوجد قارئ منهم إلا وهو فقيه، وقد يوجد الفقيه وهو ليس بقارئ؛ لكن قال النووي وابن سيد الناس إن قوله في الحديث "فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة" دليل على تقدم الأقرأ مطلقا وبه يندفع هذا الجواب عن ظاهر الحديث، لأن التفقه في أمور الصلاة لا يكون إلا من السنة، وقد جعل القارئ مقدما على العالم بالسنة، وأما ما قيل من أن الأكثر حفظًا للقرآن من الصحابة أكثرهم فقها فهو وإن صح باعتبار مطلق الفقه لا يصح باعتبار الفقه في أحكام الصلاة، لأنها بأسرها مأخوذة من السنة قولا وفعلا وتقريرا، وليس في القرآن إلا الأمر بها على جهة الأجمال، وهو ما يستوي في معرفته القارئ للقرآن وغيره، وقد اختلف في المراد من قوله يؤم القوم أقرؤهم، فقيل المراد أحسنهم قراءة وإن كان أقلهم حفظا، وقبل أكثرهم حفظا للقرآن اهـ (قلت) ويدل على أن المراد أكثرهم حفظا للقرآن حديث عمرو بن سلمة ففيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلا "ليؤمكم أكثركم قرآنا" وفي رواية الطبراني "فكنت أكثرهم قرآنا فقدموني" مع أنه كان صبيا لم يبلغ الحلم (وفي أحاديث الباب أيضا) دليل على أن صاحب المنزل أحق بالأمامة، قال الترمذي وقال بعضهم إذ أذن صاحب المنزل لغيره فلا بأس أن يصلي بهم، وكرهه بعضهم وقالوا السنة يصلي صاحب البيت، قال أحمد بن حنبل وقول النبي صلى الله عليه وسلم "لا يؤم الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته في بيته إلا بإذنه" فإذا أذن فأرجو أن الأذن في الكل ولم ير به بأسا إذا أذن له أن يصلي به اهـ وقال صاحب المنتقي وأكثر أهل العلم أنه لا بأس بإمامة الزائر بإذن رب المكان لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي مسعود إلا بإذنه، قال الشوكاني وقد حكى المصنف (يعني صاحب المنتقى) عن أكثر أهل العلم أنه لا بأس بإمامة الزائر بإذن رب المكان واستدل بما ذكره، وفي حديث أبي مسعود ولا يؤم الرجل في بيته، قلت يعني رواية أبي داود عن أبي مسعود قال "ولا يؤم الرجل في بيته ولا في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه" قال فيصلح حينئذ قوله في آخر حديثه إلا بإذنه لتقييد جميع الجمل المذكورة فيه التي من جملتها قوله "ولا يؤم الرجل في بيته" على ما ذهب إليه جماعة من أئمة الأصول (وقال به الشافعي وأحمد) قالا ما لم يقم دليل على اختصاص القيد ببعض الجمل اهـ (وقال العراقي) يشترط أن يكون المزور أهلا للإمامة

(3) باب إمامة الأعمى والصبى والمرأة بمثلها (1372) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم استخفاف ابن أمِّ مكتومٍ على المدينة

_ فإن لم يكن أهلا كالمرأة في صورة كون الزائر رجلا، والأمى في صورة كون الزائر قارئا ونحوهما فلا حق له في الأمامة (واعلم) أن الأمام البخاري رحمه الله قال في صحيحه (باب إذا زار الأمام قومًا فأمهم) ثم ذكر فيه حديث عتبان بن مالك قال "استأذن النبي صلى الله عليه وسلم فأذنت له فقال أين تحب أن أصلي في بيتك؟ فأشرت إلى المكان الذي أحب، فقام وصففنا خلفه ثم سلم وسلمنا" (قال الحافظ) قيل أشار بهذه الترجمة إلى أن حديث مالك بن الحويرث الذي أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه مرفوعًا "من زار قوما فلا يؤمهم وليؤمهم رجل منهم" محمول على من عدا الإمام الأعظم (وقال الزبن بن المنير) مراده أن الإمام الأعظم ومن يجرى مجراه إذا حضر بمكان مملوك لا يتقدم عليه مالك الدار والمنفعة، ولكن ينبغي للمالك أن يأذن له ليجمع بين الحقين، حق الأمام في التقدم وحق المالك في منع التصرف بغير إذنه اهـ مخلصا (قال الحافظ) ويحتمل أنه أشار أو ما في حديث أبي مسعود المتقدم "ولا يؤم الرجل في سلطانه ولا يجلس على تكرمته إلا بإذنه" فإن مالك الشيء سلطان عليه والأمام الأعظم سلطان على المالك، وقوله "إلا بإذنه" يحتمل عوده على الأمرين الأمامة والجلوس، وبذلك جزم أحمد كما حكاه الترمذي عنه، فتحصل بالإذن مراعاة الجانبين اهـ (وحكى الترمذي) عن إسحاق أنه قال "لا يصلي أحد بصاحب المنزل وإن أذن له" قال وكذلك المسجد إذا زارهم يقول ليصل بهم رجل منهم اهـ (قلت) والجمهور على خلافه، وما ذهب إليه الجمهور هو المتعين جمعًا بين الأحاديث والله أعلم. (1372) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا أبو العوام القطان قال أبي وهو عمران بن داور وهو أعمى ثنا قتادة عن أنس "الحديث" (غريبه) (1) اسمه عمرو بن قيس؛ لما ثبت عند الأمام أحمد ومسلم وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه عمرًا فقال لفاطمة بنت قيس في حديثها في قصة طلاق زوجها "اعتدى في بيت ابن عمك عمرو بن أم مكتوم" وأم مكتوم اسمها عاتكة بنت عبد الله بن عنكثة (بوزن علقمة) ابن عامر بن مخزوم هو ابن خال خديجة بنت خويلد أم المؤمنين رضي الله عنها، وابن أم مكتوم من السابقين في الإسلام، هاجر إلى المدينة قبل مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد مصعب

مرَّتين يصلَّي بهم وهو أعمى (1373) وعنه أيضًا أنَّ عتبان بن مالمكٍ رضى الله عنه ذهب بصره فقال يا رسول الله لو جئت صلَّيت في دارى أو قال في بيتى لأتخذت مصلَّاك مسجدًا، فجاء النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم فصلَّى فى داره أو قال فى بيته "الحديث" (1374) عن عمرو بن سلمة رضى الله عنه قال كنَّا على حاضرٍ فكان الركبان (وفى روايةٍ فكان النَّاس) يمرُّون بنا راجعين من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذنو منهم فأسمع حتَّى حفظت قرآنًا، وكان النَّاس ينتظرون بإسلامهم فتح مكَّة، فامَّا فتحت جعل الرَّجل يأتيه فيقول يا رسول الله أنا وافد بني فلانٍ جئتك

_ ابن عمير وهو الأعمى الذي ذكره الله تعالى في قوله (عبس وتولى أن جاءه الأعمى) وفضله مشهور رضي الله عنه (1) قال النووي رحمه الله في تهذيب الأسماء واللغات استخلفه النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة مرة في غزواته على المدينة، قال ابن الأثير استشهد بالقادسية، وقال الواقدي رجع منها إلى المدينة فمات بها، واتفقوا على أن النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة ثلاث عشرة مرة في غزواته، قال ابن عبد البر وأما قول قتادة عن أنس استخلفه مرتين فلم يبلغه ما بلغ غيره اهـ بتصرف (تخريجه) (د. حب) وأخرجه أبو يعلى والطبراني عن عائشة، وأخرجه أيضا الطبراني بإسناد حسن عن أبي عباس. (1373) وعنه أيضا أن عتبان بن مالك إلخ هذا طرف من حديث طويل تقدم رقم 361 بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الثاني عشر من أبواب المساجد، وذكرته هنا لمناسبة ترجمة الباب وإن لم يصرح فيه بأن عتبان كان إمامًا فقد صرح بذلك البخاري والنسائي، ولفظهما عن محمود بن الربيع أم عتبان بن مالك كان يؤم قومه وهو أعمى وأنه قال يا رسول الله إنها تكون الظلمة والسيل وأما رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله في بيتي مكانا اتخذه مصلى، فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقل أين تحب أن أصلي، فأشار إلى مكان في البيت فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. (1374) عن عمرو بن سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن عمرو بن سلمة "الحديث" (غريبه) (2) الحاضر في الأصل القوم

بإسلامهم، فانطلق أبى بإسلام قومه، فرجع إليهم فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قدَّموا أكثركم قرآنًا قال فنظروا، وإنَّا لعلى حواءٍ عظيمٍ فما وجدوا فيهم أحدًا أكثر قرآنًا منَّى، فقدَّمونى وأنا غلام فصلَّيت بهم وعلىَّ بردةٌ وكنت إذا ركعت أو سجدت قلصت فتبدوا عورتى، فلما صلَّينا تقول عجوزٌ لنا دهريَّة غطُّوا عنَّا أست قارئكم، قال فقطعوا لى قميصًا فذكر أنَّه فرح به فرحًا شديدًا (ومن طريقٍ ثانٍ) عن أبيه أنَّهم وفدوا إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، فلمَّا أرادوا أن ينصرفوا قالوا يا رسول الله من يؤمنا؟ قال أكثركم جمعًا للقرآن أو أخذًا للقرآن قال فلم يكن أحدٌ من القوم جمع من القرآن ما جمعت، قال فقدَّمونى وأنا غلامٌ، فكنت أؤمُّهم وعلىَّ شملةٌ لى قال فما شهدت مجمعًا

_ النزول على ماء يقيمون به ولا يرحلون عنه، والمراد به المكان المحضور الذي يقيمون به (1) فيه أن المراد بالأقرأ في الأحاديث المتقدمة الأكثر قرآنا لا الأحسن قراءة وقد تقدم (2) الحواء اسم المكان الذي يحوى الشيء أي يضمه ويجمعه، فهو يريد أنه مع اتساع حيهم وكثرة الناس فيه لم يجدوا فيهم أكثر جمعا للقرآن منه (3) في رواية عند البخاري وأنا ابن ست سنين أو سبع، وفي رواية للنسائي كنت أؤمهم وأنا ابن ثمان سنين؛ وفي أخرى لأبي داود وأنا ابن سبع سنين أو ثمان سنين (4) البردة كساء صغير مربع ويقال كساء أسود صغير وبه كنى أبو بردة (5) أي ارتفعت يقال قلص الشيء ارتفع وبابه جلس، والمراد أن ثوبه يرتفع لقصره فتبدوا أي تظهر عورته (6) بضم الدال المهملة أي مسنة كبيرة (7) المراد بالأست العجز ويراد به حلقة الدبر (8) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي سنة ثمان وعشرين ومائتين ثنا وكيع ثنا مسعر بن حبيب الجرمي حدثني عمرو ابن سلمة عن أبيه "الحديث" (9) أي حفظا ومعرفة وهو شك من الراوي (10) هي كساء صغير يؤتزر به يجمع على شملات كسجدة وسجدات وهي البردة كما في الطريق الأولى (وقوله فما شهدت مجمعا) أي فما حضرت مجمعا من القوم يريدون الصلاة إلا كنت إماما لهم

من جرمٍ إلاَّ كنت إمامهم وأصلِّى على جنائزهم إلى يومى هذا (1375) عن أبى نعيمٍ قال حدَّثنا الوليد قال حدَّثنى جدَّثني عن أمِّ ورقة بنت عبد الله بن الحارث الأنصارىِّ وكانت قد جمعت القرآن وكان النَّبيُّ صلَّي الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قد أمرها أن تؤمَّ أهل دارها وكان لها مؤذَّنٌ وكانت تؤمُّ أهل دارها

_ (وجرم) بكسر الجيم قال في القاموس بلاد قرب بذخشان (وقوله وأصلى على جنائزهم إلى يومي هذا) ذكره دفعا لما يتوهم من أنه إمام لهم في المكتوبة دون غيرها، والجنائز جمع جنازة بكسر الجيم وفتحها والكسر أفصح، وهي بالكسر الميت، وبالفتح السرير وعكس ثعلب فقال بالكسر السرير وبالفتح الميت (تخريجه) (خ. د. نس. هق). (1375) عن أبي نعيم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نعيم الخ (غريبه) (1) ويقال أيضا أم ورقة بنت نوفل نسبه إلى جدها الأعلى ونسبها هكذا، أم ورقة بنت عبد الله بن الحارث بن عويمر بن نوفل الأنصارية كانت صحابية جليلة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزورها ويسميها الشهيدة، ولها مناقب ستأتي في كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (2) فيه دليل على صحة إمامة المرأة أهل دارها وإن كان فيهم الرجل، فإنه كان لها مؤذن وكان شيخا؛ والظاهر أنها كانت تؤمه وغلامها وجاريتها، وسيأتي الخلاف في ذلك في الأحكام (تخريجه) (د. هق. قط. ك) وصححه ابن خزيمة (الأحكام) في أحاديث الباب دلالة على جواز إمامة الأعمى؛ بل صرح أبو إسحاق المروزي والغزالي بأن إمامة الأعمى أفضل من إمامة البصير لأنه أكثر خشوعًا منه لما في البصير من شغل القلب بالمبصرات (وذهبت الشافعية) إلى الجواز، والذي فهمه الماوردي من نص الشافعي أن إمامة الأعمى والبصير سواء في عدم الكراهة؛ لأن في كل منهما فضيلة غير أن إمامة البصير أولى، لأن أكثر من جعله النبي صلى الله عليه وسلم إماما البصراء (قال النووي) وعندي أن البصير أولى لأنه يجتنب النجاسة التي تفسد الصلاة والأعمى يترك النظر إلى ما يلهيه ولا تفسد الصلاة به اهـ وإلى أولوية البصير بالأمامة ذهبت (الحنفية والحنابلة والمالكية) قالوا لأنه أقدر على اجتناب النجاسة واستقبال القبلة باجتهاده وهذا هو الأرجح، وأما استتابته صلى الله عليه وسلم لابن أم مكتوم في غزواته فلأنه كان لا يتخلف عن الغزو من المؤمنين.

_ إلا معذور فلعله لم يكن في البصراء المتخلفين من يقوم مقامه. أو لم يتفرغ لذلك. أو استخلفه لبيان الجواز، وأما إمامة عتبان بن مالك لقومه فلعله أيضا لم يكن في قومه من هو في مثل حاله من البصراء والله أعلم (وفيها أيضاً) دليل على جواز إمامة الصبي إذا كان أكثر قرآنا ممن يؤمهم، وإلى ذلك ذهب (الحسن وإسحاق والشافعي والأمام يحيى) (ومنع) من صحتها الهادي والناصر والمؤيد بالله من أهل البيت (وكرهها) الشعبي والأوزاعي والثوري ومالك، واختلفت الرواية عن (أحمد وابي حنيفة) قال في الفتح والمشهور عنهما الأجزاء في النوافل دون الفرائض وقد قيل إن حديث عمرو المذكور كان في نافلة لا فريضة، وردّ بأن قوله "صلوا صلاة كذا في حين كذا وصلاة كذا في حين كذا" يدل على أن ذلك كان في فريضة، وأيضا قوله "فإذا حضرت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم" لا يحتمل غير الفريضة لأن النافلة لا يشرع لها الأذان، ومن جملة ما أجيب به عن حديث عمرو المذكور ما روى عن أحمد بن حنبل أنه كان يضعف أمر عمرو بن سلمة روى ذلك عنه الخطابي في المعالم، وردّ بأن عمرو ابن سلمة صحابي مشهور، قال في التقريب صحابي صغير نزل البصرة، وقد روى ما يدل على أنه وفد على النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم، وأما القدح في الحديث بأن فيه كشف العورة في الصلاة وهو لا يجوز كما في ضوء النهار فهو من الغرائب، وقد ثبت أن الرجال كانوا يصلون عاقدي أزرهم ويقال للنساء لا ترفعن رؤسكن حتى يستوي الرجال جلوسا زاد أبو داود من ضيق الأزر، أفاده الشوكاني (وفيها أيضا) دليل على جواز إمامة المرأة بمثلها كما في حديث أم ورقة رضى الله عنها، والظاهر أنها كانت تصلي ويأتم بها مؤذنها وغلامها وبقية أهل دارها وإلى جواز أمامة المرأة للرجال ذهب (داود وأبو ثور والمزني والطيري) أحدًا بظاهر حديثها، وقال الدارقطني إنما أذن لها أن تؤم نساء أهل دارها (وذهب الجمهور) إلى عدم صحة إمامتها لهم لما روى ابن ماجه عن جابر مرفوعا "لا تؤمن امرأة رجلا ولا أعرابي مهاجراً ولا يؤمن فاجر مؤمنا إلا أن يقهره بسلطان يخاف سيفه أو سوطه" ولأن المرأة لا تؤذن للرجال فلا تؤمهم (قلت) حديث جابر في إسناده عبد الله بن محمد التميمي، قال البخاري منكر الحديث، وقال ابن حبان لا يجوز الاحتجاج به، وقال وكيع يضع الحديث، وعلى هذا فلا يصح الاحتجاج به، ويمكن الجواب عن حديث أم ورقة بأنه ليس صريحا في أن المؤذن والغلام كان يصليان خلفها، فيحتمل أن المؤذن كان يؤذن لها ثم يذهب إلى المسجد ليصلي فيه وكذا الغلام فكانت تؤم نساء دارها لا غير، ويؤيده ما رواه الدارقطني من طريق عمرو بن شيبة قال حدثنا الوليد بن جميع عن أمه عن أم ورقة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن لها أن يؤذن لها ويقام وتؤم نساءها (وأما إمامة المرأة للنساء) ففيه خلاف أيضًا

(4) باب ما يؤمر به الأمام من التخفيف (1376) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلَّى أحدكم للنَّاس فليخفِّف فإنَّ فيهم الضَّعيف والسَّقيم والكبير (وفي روايةٍ

_ (فذهبت الشافعية والحنابلة) إلى الجواز وهي رواية عن مالك مستدلين بحديث الباب وبما تقدم عن الدارقطني، وبما رواه الدارقطني أيضا والبيهقي عن رائطة الحنفية قالت أمتنا عائشة فقامت بيننا في الصلاة المكتوبة، وبما روياه أيضا عن حجيرة قالت أمتنا أم سلمة في صلاة العصر فقامت بيننا، وحكى ابن المنذر المواز عن عائشة وأم سلمة وعطاء والثوري والأوزاعي وإسحاق وأبي ثور (وذهب الحسن البصري وسليمان بن يسار والمالكية) إلى عدم الجواز مطلقا فرضا كانت الصلاة أو نفلا، وهو رواية عن مالك وقالوا إن هذا جنس وصف في الشرع بنقصان الدين والعقل فلا تصح إمامته (وذهبت الحنفية) إلى كراهة إمامتها، ومال ابن الهمام منهم إلى الجواز بدون كراهة (وذهب الشعبي) والنخعي وقتادة إلى جواز إمامتها في النفل دون الفرض أفاده في المنهل والله أعلم. (1376) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك وثنا إسحاق قال أنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة "الحديث" (غريبه) (1) في رواية في البخاري للكشميهني "فإن منهم" وفي رواية "فان خلفه" وهو تعليل للأمر بالتخفيف، ومقتضاه أنه متى لم يكن فيهم من يتصف بإحدى الصفات المذكورات لم يضر التطويل، ويرد عليه أنه يمكن أن يجيء من يتصف بأحدها بعد الدخول في الصلاة، وقال اليعمري الأحكام إنما تناط بالغالب لا بالصورة النادرة، فينبغي للأئمة التخفيف مطلقا، قال وهذا كما شرع القصر في صلاة المسافر وهي مع ذلك تشرع ولو لم تشق عملا بالغالب لأنه لا يدري ما يطرأ عليه وهذا كذلك (والمراد بالضعيف) هنا ضعيف الخلقة وبالسقيم من به مرض، وفي رواية أخرى للأمام أحمد عن عدي بن حاتم فإن فينا الضعيف والكبير والمريض ونحوها للبخاري، والمراد بالضعيف في هذه الرواية ضعيف الخلقة بلا شك (وفي رواية) للأمام أحمد والبخاري أيضا عن ابن مسعود "فإن فيهم الضعيف والكبير وذا الحاجة" (وكذلك في رواية أخرى) له من حديثه، والمراد بالضعيف في هاتين الروايتين المريض، ويصح أن يراد من فيه ضعف وهو أعم من الحاصل بالمرض أو بنقصان الخلقة وزاد مسلم من وجه آخر كما في رواية عد الأمام أحمد والصغير، وزاد الطبراني من حديث عثمان بن أبي العاص والحامل والمرضع (وله)

والصَّغير بدل السقَّيم) وإذا صلَّى أحدكم لنفسه فليطوَّل ما شاء (1) (وعنه من طريقٍ ثانٍ (2) بنحوه وفيه) فإنَّ فيهم الضَّعيف والشَّيخ الكبير وذا الحاجة (1377) عن عثمان بن أبى العاص رضى الله عنه قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عثمان أمَّ قومك، ومن أمَّ القوم فليخفِّف، فإنَّ فيهم الضَّعيف والكبير وذا الحاجة، فإذا صلَّيت لنفسك فصلِّ كيف شئت (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (3) قال كان آخر شيءٍ عهده النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى أن قال تجوَّز (4) فى صلاتك وأقدر النَّاس (5) بأضعفهم، فإنَّ منهم الصَّغير والكبير والضَّعيف وذا الحاجة (وعنه من طريقٍ ثالثٍ) (6) أن آخر كلامٍ كلَّمنى به رسول الله صلَّى الله عليه

_ من حديث عدي بن حاتم والعابر السبيل وسياتي للأمام أحمد (1) في رواية عند مسلم فليصل كيف شاء أي مخففًا أو مطولا واستدل به القائلون بجواز إطالة القراءة ولو خرج الوقت وهو الصحيح عند الشافعية (قال الحافظ) وفيه نظر لأنه يعارضه عموم قوله في حديث أبي قتادة إنما التفريط أن تؤخر الصلاة حتى يدخل وقت الأخرى أخرجه مسلم، وإذا تعارضت مصلحة المبالغة في الكمال بالتطويل ومفسدة إيقاع الصلاة في غير وقتها كان مراعاة ترك المفسدة أولى، واستدل بعمومه على جواز تطويل الاعتدال من الركوع وبين السجدتين اهـ (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب وأبي سلمة أو أحدهما عن أبي هريرة بنحوه وفيه الخ (تخريجه) (ق. والثلاثة وغيرهم). (1377) عن عثمان بن أبي العاص (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عمرو بن عثمان عن موسى بن طلحة عن عثمان بن أبي العاص "الحديث" (3) وعنه من طريق ثان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد ابن سلمة أنا سعيد الجريري عن أبي العلاء عن مطرف قال دخلت على عثمان بن أبي العاص فأمر لي بلبن لقحة فقلت إني صائم فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "الصوم جنة من عذاب الله كجنة أحدكم من القتال وصيام حسن ثلاثة أيام من كل شهر" قال وكان أخر شيء عهده النبي صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (4) أي خفف الصلاة على الناس كما في الطريق الثالثة (5) أي انظر وفكر في أضعفهم وخفف الصلاة بقدر ضعفه (6) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية بن عمرو عن زائدة عن عبد الله

وعلى آله وصحبه وسلَّم إذ استعملنى على الطّائف فقال خفِّف الصَّلاة على النَّاس حتَّى وقَّت لى اقرأ باسم ربَّك الذَّى خلق وأشباهها من القرآن (1) (1378) عن أبى مسعودٍ الأنصارىِّ رضي الله عنه قال جاء رجلٌ إلى رسول الله صلَّي الله عليه وآله وسلَّم فقال يا رسول الله إلَّ لا تأخَّر فى صلاة الغداة مخافة فلانٍ يعنى إمامهم (2) قال فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ غضبًا فى موعظة منه يومئذٍ، فقال أيها النَّاس إن منكم منفِّرين فأيكم ما صلَّى (3) بالنَّاس

_ ابن خثيم قال حدثني داود بن أبي عاصم الثقفي عن عثمان بن أبي العاص أن آخر كلام الخ (1) يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم من شدة عنايته بأمر الضعيف وقت له أي أمره أن يقرأ في صلاته بسورة اقرأ باسم ربك الذي خلق وما يماثلها (تخريجه) (د. نس) وحسنه الحافظ وأصله في مسلم. (1378) عن أبي مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن أبي مسعود الأنصاري "الحديث" (غريبه) (2) لفظ البخاري "إني لأتأخر عن صلاة الغداة من أجل فلان مما يطيل بنا" ولم يصرح باسم الأمام في رواية البخاري أيضا وفسره بعضهم بأنه معاذ بن جبل وهو خطأ، لأن قصة معاذ كانت في العشاء وكان الأمام فيها معاذا وكانت في مسجد بني سلمة، وهذه كانت في الصبح وكانت في مسجد قباء (قال الحافظ) ووهم من فسر الأمام المهم هنا بمعاذ بل المراد به أبي بن كعب كما أخرجه أبو يعلى بإسناد حسن من رواية عيسى بن جارية وهو بالجيم عن جابر قال كان أبي بن كعب يصلى بأهل قباء فاستفتح سورة طويلة فدخل معه غلام من الأنصار في الصلاة فلما سمعه استفتحها انفتل من صلاته فغضب أبي فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يشكو الغلام وأتى الغلام يشكو أبيا فغضب النبي صلى الله عليه وسلم حتى عرف الغضب في وجهه ثم قال "إن منكم منفرين فإذا صليتم فاوحزوا فإن خلفكم الضعيف والكبير والمريض وذا الحاجة" فأبان هذا الحديث أن المراد بقوله في رواية البخاري "مما يطيل بنا فلان أي في القراءة" واستفيد منه أيضا تسمية الأمام وبأي موضع كان اهـ (3) ما زائدة ووقع في رواية سفيان عند البخاري "فمن أم الناس فليخفف" قال ابن دقيق العيد التطويل والتخفيف من الأمور الإضافية فقد يكون الشيء خفيفا بالنسبة إلى عادة قوم طويلا بالنسبة لعادة

فليخفِّف فإنَّ فيهم الضّعيف والكبير وذا الحاجة (1379) عن عدىِّ بن حاتمٍ (الطَّائىِّ) رضى الله عنه قال من أمَّنا فليتمَّ الرُّكوع والسُّجود (1) فإنَّ منَّا الضَّعيف والكبير والمريض والعابر سبيلٍ وذا الحاجة، هكذا كنَّا نصلِّى مع رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم

_ آخرين، قال وقول الفقهاء لا يزيد الأمام في الركوع والسجود على ثلاث تسبيحات لا يخالف ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يزيد على ذلك لأن رغبة الصحابة في الخير تقتضي أن لا يكون ذلك تطويلا (قال الحافظ) وأولى ما أخذ حد التخفيف من الحديث الذي أخرجه أبو داود والنسائي (قلت) والأمام أحمد وتقدم قبل هذا عن عثمان بن أبي العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أنت إمام قومك وأقدر القوم بأضعفهم إسناده حسن وأصله في مسلم اهـ (خريجه) (ق. وغيرهما). (1379) عن عدي بن حاتم (سنده) حدّثنا عبد الله يحدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد قال أبو عبد الرحمن وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال ثنا زيد بن الحباب عن يحيى بن الوليد بن المسير الطائي قال أخبرني محل الطائي عن عدي بن حاتم "الحديث" (غريبه) (1) أي فليقتصر على إتمام الركوع والسجود ولا يزيد على ذلك فإن منا الضعيف الخ (تخريجه) (طب. ش) اهـ ولفظه عند الطبراني عن عدي ابن حاتم أنه خرج إلى مجلسهم فأقيمت الصلاة فتقدم إمامهم فأطال الصلاة في الجلوس؛ فلما انصرف قال "من أمنا فليتم الركوع والسجود فإن خلفه الصغير والكبير والمريض وابن السبيل وذا الحاجة" فلما حضرت الصلاة تقدم عدم بن حاتم وأتم الركوع والسجود وتجوز في الصلاة، فلما انصرف قال هكذا كنا نصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير بطوله، وهو عند الأمام أحمد باحتضار وقد تقدم ورجال الحديثين ثقات (وفي الباب) عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "تجوزوا في الصلاة فإن حلفكم الضعيف والكبير وذا الحاجة" رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية التخفيف للأئمة وترك التطويل للعلل المذكورة من الضعف والسقم والكبر والحاجة ونحو ذلك (قال أبو عمر بن عبد البر) رحمه الله التخفيف لكل إمام أمر مجمع عليه مندوب عند العلماء إليه، إلا أن ذلك إنما هو أقل الكمال، وأما

(5) باب قصة معاذ بن جبل رضى الله عنه (فى تطويل الصلاة بالمأمومين وفيها جواز انفراد المأموم لعذر) (1380) عن أنس بن مالك مالكٍ رضى الله عنه كان معاذ بن جبلٍ رضى الله عنه يومُّ قومه فدخل حرامٌ وهو يريد أن يشقى نخله فدخل المسجد ليصلِّى مع القوم، فلمَّا رأى معاذًا طوَّل تجوَّز فى صلاته ولحق بنخله يسقيه، فلمَّا قضى معاذٌ الصَّلاة قيل له إنَّ حرامًا دخل المسجد فلمَّا رآك طوَّلت تجوَّز في صلاته ولحق بنخله يسقيه، قال إنَّه لمنافقٌ أيعجل عن الصَّلاة من أجل سقي نخله؟ قال فجاء حرامٌ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم ومعاذٌ عنده فقال يا نبي الله، إنِّى أردت أن أسقى نخلًا لى فدخلت المسجد لأصلِّى مع القوم فلمَّا

_ الحذف والنقصان فلا، لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن نقر الغراب، ورأى رجلا يصلي فلم يتم ركوعه فقال له ارجع فصل فإنك لم تصل، وقال "لا ينظر الله إلى من لا يقيم صلبه في ركوعه وسجوده" ثم قال لا أعلم خلافا بين أهل العلم في استحباب التخفيف لكل من أم قومًا على ما شرطنا من الائتمام. وقد روى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال "لا تبغضوا الله إلى عباده يطول أحدكم في صلاته حتى يشق على من خلفه" اهـ والله أعلم. (1380) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم حدثنا عبد العزيز بن صهيب وقال مرة أخبرنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك "الحديث" (غريبه) (1) بالحاء والراء ضد حلال ابن ملحان بكسر الميم وسكون اللام بعدها حاء مهملة (2) أي خففها واقتصر فيها على القدر المجزئ بعد خروجه من القدوة ثم انصرف إلى نخله (3) في رواية للبخاري "فكأن معاذا أنال منه" وفي رواية ابن عيينة فقال له أنافقت يا فلان؟ فقال لا والله، ولآتين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكأن معاذا قال ذلك أولا ثم قال أصحابه للرجل فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم أو بلغه الرجل كما في حديث الباب وغيره، وعند النسائي قال معاذ لئن أصبحت لأذكرن ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فأرسل إليه فقال ما حملك على الذي صنعت فذكر القصة، ويجمع بين الروايتين بأن معاذًا سبقه

طوَّل تجوَّزت فى صلاتى ولحقت بنخلى أسقيه فزعم أنِّى منافقٌ فأقبل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم على معاذٍ فقال أفتَّانٌ أنت أفتَّانٌ أنت لا تطوَّل بهم اقرأ بسبِّح اسم ربِّك الأعلى والشَّمس وضحاها ونحوهما (1381) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثناسفيان عن عمرٍو سمعه من جابرٍ كان معاذٌ يصلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ يرجع فيؤمُّنا وقال مرةً ثمَّ يرجع فيصلِّى بقومه فأخَّر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ليلةً الصَّلاة وقال مرَّةً العشاء فصلَّى معاذٌ مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ثم جاء قومه فقرأ البقرة فاعتزل رجلٌ

_ بالشكوى فيما أرسل له جاء فاشتكى من معاذ (1) كررها مرتين وفي رواية ثلاثا وفي رواية أفاتن وفي رواية أتريد أن تكون فاتنا، وفي رواية يا معاذ لا تكن فاتنا، وفي وراية يا معاذ لا تكن فاتنا، ومعنى الفتنة هنا أن التطويل يكون سبباً لخروجهم من الصلاة ولترك الصلاة في الجماعة (2) فيه أن التطويل منهي عنه فيكون حراما، ولكنه أمر نسبي كما تقدم، فنهيه صلى الله عليه وسلم لمعاذ عن التطويل لأنه كان يقرأ بهم سورة البقرة واقتربت الساعة (3) الأمر بقراءة هاتين السورتين متفق عليه من حديث جابر الآتي، وفي رواية للبخاري من حديثه وأمره بسورتين من أوسط المفصل، وفي رواية لمسلم والأمام أحمد م حديث جابر وستأتي بزيادة والليل إذا يغشى؛ وفي رواية لمسلم بزيادة اقرأ باسم ربك الذي خلق. وفي رواية للحميدي بزيادة والسماء ذات البروج، وفي رواية لعبد الرزاق بزيادة والضحى، وفيه أن الصلاة تمثل هذه السور تخفيف، وقد يعد ذلك من لا رغبة له في الطاعة تطويلا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح. (1381) حدثنا عبد الله (غريبه) (4) يعني ابن دينار (سمعه بن جابر) يعني ابن عبد الله الصحابي الأنصاري رضي الله عنهما (5) أي قال جابر بن عبد الله في رواية أخرى لهذا الحديث أخرى النبي صلى الله عليه وسلم العشاء وهي المرادة من الصلاة في قوله أخر النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الصلاة، وكذا في روايات مسلم عن جابر (العشاء) وكذا في معظم روايات البخاري والأمام أحمد، وجاء في رواية عند أبي داود والنسائي والأمام أحمد "المغرب" كما في الطريق الثانية، فيجمع بين الروايات بتعدد الواقعة. أو بأن المراد بالمغرب العشاء مجازًا، وإلا فما في الصحيحين ومن وافقهما أصح وأرجح (6) أي يصلي بهم تلك الصلاة كما صرح

من القوم فصلَّى فقيل نافقت يا فلان، قال ما نافقت، فأتى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فقال إن معاذًا يصلِّى معك ثمَّ ترجع فيؤمُّنا يا رسول الله، إنَّما نحن أصحاب نواضح ونعمل بأيدينا، وإنَّه جاء يؤمنا فقرأ سورة البقرة، فقال يا معاذ أفتَّانٌ أنت؟ أفتَّانٌ أنت؟ اقرأ بكذا وكذا قال أبو الزُّبير بسبِّح اسم ربِّك الأعلى، واللَّيل إذا يغشى، فذكرنا لعمرو فقال أراه قد ذكره

_ بذلك في رواية عند أبي داود بلفظ "ثم يأتي قومه فيصلي بهم تلك الصلاة" وفيه رد على من زعم أن الصلاة التي كان يصليها مع قومه غير الصلاة التي كان يصليها مع النبي صلى الله عليه وسلم (1) اختلف في اسم ذلك الرجل فقيل حزم بن أبي كعب وقيل حرام بن ملحان وقيل سليم، واعتزاله محتمل لأن يكون قطع الصلاة واستأنفها وحده، ولأن يكون قطع القدوة فقط ولم يخرج من الصلاة بل استمر فيها منفردا، وإلى هذا ذهبت الشافعية مستدلين بهذا الحديث، لكن قال النووي هذا الاستدلال ضعيف لأنه ليس في الحديث أنه فارقه وبنى على صلاته، بل في رواية مسلم التي فيها أنه انحرف وسلم دليل على أنه قطع الصلاة من أصلها ثم استأنفها اهـ (2) أي أصحاب عمل وليس لنا من يقوم بأعمالنا سوانا (والنواضح) جمع ناضح، وهو في الأصل البعير الذي يستقي عليه الماء، ثم استعمل في كل بعير وإن لم يحمل الماء (3) كناية عن سورتين قصيرتين يعني من أوسط المفصل كما صرح بذلك في رواية عند البخاري، قال عمر ولا أحفظهما، وبينهما أبو الزبير بقوله بسبح اسم ربك الأعلى، والليل إذا يغشى (وقوله قال أبو الزبير) قائله سفيان بن عيينه لما في صحيح مسلم قال سفيان فقلت لعمرو إن أبا الزبير حدثنا عن جابر أنه قال اقرأ والشمس وضحاها، والضحى، والليل إذا يغشى، وسبح اسم ربك الأعلى، وفي رواية للبخاري عن الحميدي عن أبي عيينة زيادة والسماء ذات البروج، والسماء والطارق (وأبو الزبير) هو محمد بن مسلم بن تدرس، ولم يتقدم له ذكر في سند حديث الباب، وأخرج مسلم روايته عن جابر أنه قال "صلى معاذ بن جبل الأنصاري لأصحابه العشاء فطول عليهم فانصرف رجل منا فصلى فأخبر معاذ عنه فقال إنه منافق، فلما بلغ ذلك الرجل دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ما قال معاذ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتريد أن تكون فتانا يا معاذ؟ إذا أممت الناس فأقر بالشمس وضحاها، وسبح اسم ربك الأعلى، واقرأ باسم ربك، والليل إذا يغشى" (4) يعني أن سفيان بن عيينة قال ذكرنا لعمرو

(ومن طريقٍ ثانٍ) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا محمَّد بن جعفرٍ وحجَّاجٌ قالا ثنا شعبة عن محارب بن دثارٍ سمعت جابر بن عبد الله الأنصارىَّ قال أقبل رجلٌ من الأنصار ومعه ناضحان له وقجد جنحت الشَّمس ومعاذٌ يصلي المغرب فدخل معه الصلَّاة فاستفتح معاذٌ البقرة أو النِّساء، محاربٌ الَّذى يشكُّ، فلمَّا رأى الرَّجل ذلك صلَّي ثمَّ خرج، قال فبلغه أنَّ معاذًا نال منه، قال حجَّاجٌ ينال منه، قال فذكر ذلك للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال أفتَّانٌ أنت يا معاذ؟ أفتَّانٌ أنت يا معاذ؟ أو فاتنٌ فاتنٌ فاتنٌ، وقال حجَّاجٌ أفاتنٌ أفاتنٌ، فلولا قرأت سبِّح اسم ربِّك الأعلى والشَّمس وضحاها فصلَّى وراءك الكبير وذو الحاجة والضَّعيف، أحسب محاربًا الَّذى يشكُّ فى الضَّعيف (1382) عن معاذ بن رفاعة الأنصارىِّ عن رجلٍ من بني سلمة يقال له سليمٌ أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنَّ معاذ بن جبل يأتينا بعد ما ننام ونكون فى أعمالنا بالنَّهار فينادى بالصلَّاة فنخرج إليه فيطوِّل علينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معاذ بن جبلٍ لانكن فتَّانًا، إمَّا أن تصلِّى معى وإمَّا أن تخفِّف على قومك، ثم قال يا سليمٌ ماذا معك من القرآن؟ قال

_ ابن دينار ما حدث به أبو الزبير عن جابر فقال عمرو أراه (أي أظن) أن جابر قد حدث به (1) أي غربت (وقوله ومعاذ يصلي المغرب) هكذا في هذه الرواية، وتقدم الكلام على ذلك في شرح الطريق الأولى عند ذكر العشاء وذكرنا كيفية الجمع بينهما (تخريجه) (ق. والأربعة. حب. طب. هق). (1382) عن معاذ بن رفاعة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا عمرو بن يحيى عن معاذ بن رفاعة الأنصاري الخ (غريبه) (2) بالتصغير هو ابن الحارث الأنصاري من رهط سعد بن معاذ ومعاذ بن جبل (3) رواية أبي داود

إني أسأل الله الجنَّة وأعوذ به من النَّار، والله ما أحسن دندنتك ولا دندنة معاذٍ، فقال رسول الله صلَّى اله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلَّم وهل تصير دندنتي ودندنة معاذٍ إلاَّ أن نسأل الله الجنَّة ونعوذ به من النَّار، ثمَّ قال سليمٌ سترون غدًا إذا التقى القوم إن شاء الله، قال والنّاس يتجهزَّون إلى أحد فخرج وكان فى الشهداء رحمة الله ورضوانه عليه (1383) عن عبد الله بن بريدة قال سمعت أبى بريدة (الأسلمىَّ رضى الله عنه) يقول إنَّ معاذ بن جبلٍ يقول صلَّى بأصحابه صلاة العشاء فقرأ فيها اقتربت السَّاعة فقام رجلٌ من قبل أن يفرغ فصلَّى وذهب، فقال له معاذٌ قولًا شديدًا، فأتى الرَّجل النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فاعتذر إليه فقال إنِّي كنت أعمل

_ قال النبي صلى الله عليه وسلم لرجل كيف تقول في الصلاة؟ قال أتشهد وأقول اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار أما إني لا أحسن دندنتك ولا دندنة معاذ الحديث (1) الدندنة أن تسمع من الرجل نغمة ولا تفهم ما يقول، والمعنى لا أعرف ما تقول أنت يا رسول الله ولا ما يقوله معاذ في الصلاة؛ وخص معاذا بالذكر لأنه كان من قومه وكان يصلي خلفه (2) في رواية أبي داود ورواية أخرى للأمام أحمد فقال النبي صلى الله عليه وسلم حولهما ندندن أي حول الجنة والنار ندندن، أي ندعو بالحصول على الجنة والبعد عن النار (وفي رواية) حولها ندندن أي حول دعوتك هذه (2) استشهد رضي الله عنه في غزوة أحد سنة ثلاث من الهجرة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد، ومعاذ بن رفاعة لم يدرك الرجل الذي من بنى سلمة لأنه استشهد بأحد ومعاذ تابعي والله أعلم ورجال أحمد ثقات، ورواه الطبراني في الكبير عن معاذ بن رفاعة أن رجلا من بني سلمة اهـ (قلت) وله شواهد صحيحة تعضده. (1383) عن عبد الله بن بريدة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب حدثني حسين ثنا عبد الله بن بريدة قال سمعت أبي بريدة "الحديث" (غريبه) (4) قال الحافظ لم يقع شيء من الطرق المتقدمة (يعني في البخاري) تسمية هذا الرجل، لكن روى أبو داود الطيالسي في مسنده والبزار ن طريقه عن طالب بن حبيب عن عبد الرحمن ابن جابر عن أبيه قال "مر حزم بن أبي كعب بمعاذ بن جبل وهو يصلي بقومه صلاة

على الماء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلِّ بالشَّمس وضحاها ونحوها من السُّور

_ العتمة فافتتح بسورة طويلة ومع حزم ناضح له الحديث" قال البزار لا نعلم أحدًا سماه عن جابر إلا ابن جابر اهـ وقد رواه أبو داود في السنن من وجه آخر عن طالب فجعله عن ابن جابر عن حزم صاحب القصة، وابن جابر لم يدرك حزما، ووقع عنده صلاة المغرب وهو نحو ما تقدم من الاختلاف في رواية محارب، ورواه ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر فسماه حازما وكأنه صحفه أخرجه ابن شاهين من طريقه اهـ (تخريجه) لم أقف على رواية بريدة لغير الأمام أحمد (قال الحافظ) ووقع عند أحمد من حديث بريدة بإسناد قوي (فقرأ اقتربت الساعة) وهي شاذة إلا إن حمل على التعدد اهـ (الأحكام) هذه القصة قد رويت على أوجه مختلفة، ففي بعضها لم يذكر تعين السورة التي قرأها معاذ ولا تعيين الصلاة التي وقع ذلك فيها كما في رواية أنس المذكورة، وفي بعضها أن السورة التي قرأها اقتربت الساعة والصلاة العشاء كما في حديث بريدة الأسلمي، وفي بعضها أن السورة التي قرأها البقرة والصلاة العشاء كما في حديث جابر، وفي بعضها أن الصلاة المغرب كما في رواية محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله عند الأمام أحمد وأبي داود والنسائي وابن حبان (ووقع الاختلاف) أيضا في اسم الرجل فقيل حرام بن ملحان وقيل حزم بن أبي كعب، وقيل حازم وقيل سليم وقيل سلمان وقيل غير ذلك، وقد جمع بين الروايات بتعدد القصة، وممن جمع بينها بذلك ابن حبان (قال الحافظ) وجمع بعضهم بين هذا الاختلاف بأنهما واقعتان، وأيد ذلك بالاختلاف في الصلاة هل هي العشاء أو المغرب؛ وبالاختلاف في السورة هل هي البقرة أو اقتربت، وبالاختلاف في عذر الرجل هل هو لأجل التطويل فقط لكونه جاء من العمل وهو تعبان، أو لكونه أراد أن يسقى نخله إذا ذاك، أو لكونه خاف على الماء في النخل كما في حديث بريدة، واستشكل هذا الجمع لأنه لا يظن بمعاذ أنه صلى الله عليه وسلم يأمره بالتخفيف ثم يعود إلى التطويل، ويجاب عن ذلك باحتمال أن يكون قرأ أولا بالبقرة، فلما نهاه قرأ اقتربت وهي طويلة بالنسبة إلى السورة التي أمره أن يقرأ بها، ويحتمل أن يكون النهي أولا وقع لما يخشى من تنفير بعض من يدخل في الإسلام، ثم لما اطمأنت نفوسهم بالأسلام ظن أن المانع زال فقرأ باقتربت، لأنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ في المغرب بالطور فصادف صاحب الشغل، (وجمع النووي) باحتمال أن يكون قرأ في الأولى بالبقرة فانصرف رجل ثم قرأ اقتربت في الثانية فانصرف آخر، ووقع في رواية أبي الزبير عند مسلم فانطلق رجل منا، وهذا يدل على أنه كان من بني سلمة ويقوى رواية من سماه سليما والله أعلم اهـ (وفي أحاديث الباب) دليل على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل، لأن معاذا كان يصلي الفريضة مع رسول الله

(6) باب تخفيف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس مع اتمامها (1384) عن حميدٍ عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من أتمَّ النَّاس صلاةً وأوجزه

_ صلى الله عليه وسلم فيسقط فرضه ثم يصلي مرة ثانية بقومه هي له تطوع ولهم فريضة (قال النووي وقد جاء هكذا مصرحًا به في غير مسلم، وهذا جائز عند الشافعي رحمه الله تعالى وآخرين، ولم يجزه ربيعة ومالك وأبو حنيفة رضي الله عنهم والكوفيون، وتأولوا حديث معاذ رضي الله عنه على أنه كان يصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم تنفلا، ومنهم من تأوله على أنه لم يعلم به النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهم من قال حديث معاذ كان في أول الأمر ثم نسخ، وكل هذه التأويلات دعاوي لا أصل لها فلا يترك ظاهر الحديث بها، قال واستدل أصحابنا وغيرهم بهذا الحديث (يعني حديث معاذ) على أنه يجوز للمأموم أن يقطع القدوة ويتم صلاته منفردا وإن لم يخرج منها، وفي هذه المسألة ثلاثة أوجه لأصحابنا (أصحها) أنه يجوز لعذر ولغير عذر (والثاني) لا يجوز مطلقا (والثالث) يجوز لعذر ولا يجوز لغيره (وعلى هذا) العذر ما يسقط به عنه الجماعة ابتداء ويعذر في التخلف عنها بسببه، وتطويل القراءة عذر على الأصح لقصة معاذ رضي الله عنه، وهذا الاستدلال ضعيف لأنه ليس في الحديث أنه فارقه وبنى على صلاته، بل في الرواية الأولى أنه سلم وقطع الصلاة من أصلها ثم استأنفها، وهذا لا دليل فيه للمسألة المذكورة، وإنما يدل على جواز قطع الصلاة وإبطالها لعذر والله أعلم (قال) وفيه جواز قول سورة البقرة وسورة النساء وسورة المائدة ونحوها، ومنعه بعض السلف وذلك أنه لا يقال إلا السورة التي يذكر فيها البقرة ونحو هذا، وهذا خطأ صريح والصواب جوازه، فقد ثبت ذلك في الصحيح في أحاديث كثيرة من من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلام الصحابة والتابعين وغيرهم، ويقال سورة بلا همز وبالهمز لغتان ذكرهما ابن قتيبة وغيره، وترك الهمزة هنا هو المشهور والذي جاء به القرآن العزيز، ويقال قرأت السورة وقرأت بالسورة وافتتحتها بها اهـ (وفي أحاديث الباب أيضا) الأنكار على من ارتكب ما ينهى عنه وإن كان مكروها غير محرم (وفيها) جواز الاكتفاء في التعزير بالكلام (وفيها) الأمر بتخفيف الصلاة والعزير على إطالتها إذا لم يرض المأمومون بالتطويل (وفيها غير ذلك) والله أعلم. (1384) عن حميد عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معتمر عن حميد عن أنس "الحديث" (غريبه) (1) المعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يخفف الصلاة بالناس مع مراعاة تعديل الأركن، فكان يقتصر في القراءة على قصار المفصل إذا وجد في الناس

(ومن طريقٍ ثانٍ) ز عن فتادة عن أنسٍ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم من أخففِّ النَّاس صلاة فى تمامٍ (1385) عن ثابتٍ عن أنسٍ رضى الله عنه قال ما صليت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاةً أخفَّ من صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تمام ركوعٍ وسجودٍ (1386) عن قتادة عن أنسٍ رضى الله عنه أنَّ نبي الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال إنِّى لأدخل الصَّلاة وأنا أريد ان أطيلها فاسمع بكاء الصَّبيِّ

_ ضعفا، وعلى الأذكار القصيرة في الانتقالات وهكذا؛ وهذا لا ينافي أنه صلى الله عليه وسلم كان يطول أكثر من ذلك في بعض الأحيان إن وجد في الناس نشاطًا لأنه صلى الله عليه وسلم كان حكيما في صنعه يضع الشيء في محله (1) (سنده) "ز" حدثنا عبد الله حدثنا أبو عبد الله السلمي ثنا أبو داود عن شعبة عن قتادة عن أنس الخ (تخريجه) (ق. نس. مذ) وصححه. (1385) عن ثابت عن أنس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ثابت عن أنس "الحديث" (غريبه) (2) إنما نص على تمام الركوع والسجود لأنهما أهم الأركان الفعلية، ولئلا يتوهم متوهم من كونها أخف صلاة أنها غير تامة، قال صاحب العرف الشذى في شرح الترمذي ظهور التخفيف إنما يكون في القراءة لا في الركوع والسجود وتعديل الأركان كما هو معلوم من فعل صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم اهـ (تخريجه) (ق. د. وغيرهم) (1386) عن قتادة عن أنس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن سعيد وابن جعفر وعبد الوهاب الخفاف عن سعيد عن قتادة عن أنس "الحديث" (غريبه) (3) فيه أن من قصد في الصلاة الأتيان بشيء مستحب لا يجب عليه الوفاء به خلافا لأشهب (وقوله صلى الله عليه وسلم فأسمع بكاء الصبي) فيه جواز إدخال الصبيان المساجد وإن كان الأولى تنزيه المساجد عمن لا يؤمن حدثه فيها لحديث "جنبوا مساجدكم" قاله الشوكاني (قلت) يريد الحديث المشهور على الألسن بلفظ "جنبوا مساجدكم صبيانكم" لكنه لا تقوم به حجة، قال البزار لا أصل له، وتعقبه صاحب المقاصد بأن ابن ماجه رواه مطولا عن واثلة رفعه بلفظ "جنبوا مساجدكم صبيانكم ومجانينكم وشراءكم وبيعكم وخصوماتكم ورفع أصواتكم وإقامة حدودكم وسل سيوفكم واتخذوا على أبوابها

فأتجاوز في صلاتي مَّما أعلم من شدَّة وجد أمِّه من بكائه (1387) وعن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه (1388) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا عفَّان ثنا حمَّاد بن زيدٍ قال أنا علىُّ بن زيد وحميدٌ عن انس بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم جوَّز ذات يومٍ فى صلاة الفجر فقيل يا رسول الله لم جوَّزت؟ قال سمعت بكاء صبىّ فظننت أنَّ أمُّه معنا تصلِّى، فأردت أن أفرغ له أمه، وقد قال حَّمادٌ أيضًا فظننت أنَّ أمَّه تصلِّى معنا فأردت أن أفرغ له أمَّه (1389) عن أبى هريرة رضي الله عنه سمع النَّبيُّ صلَّى الله عليه

_ المطاهر وجمروها في الجمع" وسنده ضعيف، لكن له شاهد عند الطبراني في الكبير والعقيلي وابن عدي بسند فيه العلاء بن كثير ضعيف أيضا عن أبي أمامة وأبي الدرداء ووائلة قالوا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكره بلفظ "مساجدكم صبيانكم ومجانينكم" وفي سنده عبد الله بن محرر بمهملات بوزن محمد ضعيف، أفاده العجلوني في كشف الخفاء (1) في رواية عند الأمام أحمد وأبي داود والبخاري فأتجوز، ومعناهما واحد أي اختصر في القراءة كراهة أن أشق على أمه بالتطويل فيها (وروى) ابن أبي شيبة عن وكيع عن سفيان عن أبي السوداء عن ابن سابط "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الركعة الأولى بسورة نحو خمسين آية فسمع بكاء صبي فقرأ في الثانية بثلاث آيات" (وروى) مسلم عن ثابت البناني عن أنس قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمع بكاء الصبي مع أمه وهو في الصلاة فيقرأ بالسورة الخفيفة أو السورة القصيرة" ويستفاد أيضا من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الباب "فأتجاوز في صلاتي" أنه كان يخفف في أذكار الركوع والسجود للعلة المذكورة والله أعلم (خريجه) (ق. د. نس. هق). (1387) عن عبد الله بن أبي قتادة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن حجاج أنا عبد الله بن المبارك حدثني الأوزاعي حدثني يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إني لأقوم في الصلاة أريد أن أطول فيها فاسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي كراهية أن أشق على أمه" (تخريجه) (ق. د. نس). (1388) حدّثنا عبد الله (تخريجه) (طب) وسند الأمام أحمد جيد. (1389) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى

وآله وسلَّم صوت صبيٍ فى الصلَّاة فخفّف الصَّلاة (1390) عن عبد الله بن الزُّبير عن أنس رضى الله عنه قال ما رأيت إمامًا أشبه بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من إمامكم هذا لعمر بن عبد العزيز وهو بالمدينة يومئذٍ وكان عمر لا يطيل القراءة (1391) عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يصلِّي بنا الصلَّاة المكتوبة ولا يطيل فيها ولا يخفِّف، وسطًا من ذلك، وكان يؤخرِّ العتمة (1392) وعنه أيضًا قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إذا صلَّى الفجر قعد فى مصلَّاة حتى تطلع الشَّمس، قال وكان يقرأ فى صلاة الفجر بقاف والقرآن المجيد، وكانت صلاته بعد تخفيفًا

_ عن ابن عجلان قال سمعت أبي عن أبي هريرة سمع النبي صلى الله عليه وسلم "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه، وفي إسناده محمد بن عجلان، قال في التقريب صدوق إلا أنه اختلطت عليه أحاديث أبي هريرة. (1390) عن عبد الله بن الزبير عن أنس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا فليح عن محمد بن مساحق عن عامر بن عبد الله يعني ابن الزبير عن أنس "الحديث" (غريبه) (1) أي مده إن كان واليا عليها في خلافة الوليد بن عبد الملك (2) أي كانت قراءته وسطا بين الطول والقصر وكان يلاحظ حالة المأمومين ولذلك سر بصلاته أنس بن مالك رضي الله عنه لشبهها بصلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (د. نس) وسنده جيد. (1391) عن جابر بن سمرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ابن محمد ثنا أيوب يعني ابن جابر عن سماك عن جابر بن سمرة "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ ومعناه في الصحيحين. (1392) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن علي عن زائدة عن سماك جابر بن سمرة "الحديث" (تخريجه) (م. د. مذ. نس. طب. خز)

(1393) حدّثنا عبد الرزَّاق وابن بكرٍ أنا جريجٍ أخبرنى عبد الله بن عثمان عن نافع بن سرجس قال عدنا أبا واقد البكرىِّ رضى الله عنه وقال ابن بكرٍ البدرىِّ "وفى روايةٍ اللَّيثىِّ وفى أخرى الكندىِّ" فى وجعه الَّذى مات فيه فسمعه يقول كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أخفَّ النَّاس صلاة على النَّاس وأطول النَّاس صلاةً لنفسه (1394) عن مالك بن عبد الله رضي الله عنه قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أصلِّ خلف إمامٍ كان أوجز منه صلاةً فى تمام الرُّكوع والسُّجود (1395) قر عن سالمٍ عن أبيه (يعنى عبد الله ابن عمر رضى الله عنهما) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا بالتَّخفيف وإن كان ليؤمُّنا بالصَّافَّات

_ (1393) حدّثنا عبد الرزاق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق وابن بكر الخ (تخريجه) (طب. عل) ورجاله موثقون. (1394) عن مالك بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن محمد وهو إبراهيم بالمعقب ثنا مرواه يعني ابن معاوية الفزاري ثنا منصور بن حيان الأسدي عن سليمان بن بشر الخزاعي عن خاله مالك بن عبد الله (يعني الخثمي) قال غزوت الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات. (1395) "قر" عن سالم عن أبيه (سنده) حدّثنا عبد الله قال قرأت على أبي ثنا حماد بن خالد الخياط عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن سالم عن أبيه "الحديث" (غريبه) (1) هذا لا ينافي ما تقدم من أنه صلى الله عليه وسلم كان يخفف الصلاة بالمأمومين، فذاك يحمل على الصلاة بقوم فيهم شيء من العلل المتقدمة؛ وهذا يحمل على الصلاة بقوم أقوياء رضوا بالتطويل، وإنما أمرهم بالتخفيف لأنهم ليسوا كمثله في مراعاة حال المأمومين، فإنه صلى الله عليه وسلم كان بالمؤمنين رحيما (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد، وهذا الحديث من الأحاديث التي قرأها عبد الله بن الأمام أحمد على أبيه ولم يسمعها منه، ولذلك رمزت له بحرفي قاف وراء في أوله كما أشرت إلى ذلك في المقدمة فتنبه

(1396) عن ابن أبي خالد عن أبيه قال رأيت أبا هريرة رضى الله عنه صلَّي صلاةً تجوَّز فيها فقلت له هكذا كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم وأوجز (وعنه من طريقٍ ثانٍ) عن ابيه قال قلت لأبى هريرة أهكذا كان رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يصلِّى لكم؟ قال وما أنكرت من صلاتى؟ قال قلت أردت أن أسألك عن ذلك، قال نعم وأوجز، قال وكان قيامه قدر ما ينزل المؤذَّن من المنارة وصل إلى الصَّف (وعنه من طريقٍ ثالثٍ) عن أبيه أنَّ أبا هريرة كان يصلِّى بهم بالمدينة نحوًا من صلاة قيسٍ وكان قيس لا يطوِّل، قال قلت هكذا كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يصلّم؟ قال نعم وأوجز (1397) عن حيَّان (يعنى البارقىَّ) قال قيل لابن عمر رضي الله عنهما

_ (1396) عن ابن أبي خالد عن أبيه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا ابن أبي خالد (يعني إسماعيل) عن أبيه قال رأيت أبا هريرة "الحديث" (غريبه) (1) أي خففها وقوله في آخره الحديث (وأوجز) يعني أخف (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا عبد العزيز ثنا إسماعيل يعني ابن أبي خالد عن أبيه اخلخ (3) يعني مدة قراءته في القيام (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ويزيد عن إسماعيل عن أبيه أن أبا هريرة "الحديث" (5) هكذا جاء قيس في الحديث غير منسوب، والظاهر أنه كان يؤم أهل المدينة وكانوا يجدون شيئا في نفوسهم من تخفيف صلاته، فلما صلى بهم أبو هريرة رضي الله عنه صلاة خفيفة كصلاة قيس وهم يعلمون صحبة أبي هريرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن صلاته رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كانت كذلك؟ فقال لهم نعم وأوجز (تخريجه) (هق) وسنده جيد. (1397) عن حيان يعني البارقي (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن حيان "الحديث" (غريبه) (6) حيان هذا بفتح أوله ثم ياء مشددة مفتوحة هو ابن إياس البارقي روى عن ابن عمر وعنه شعبة وثقة ابن حبان

إنَّ إمامنا يطيل الصلَّاة، فقال ابن عمر ركعتان من صلاة رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أخفُّ أو مثل ركعةٍ من صلاة هذا (7) باب حكم الأمام اذا ذكر أنه محدث (1398) عن علىَّ بن أبى طالبٍ رضى الله عنه قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نصلِّى إذ انصرف ونحن قيامٌ ثمَّ أقبل ورأسه بقطر فصلَّى لنا الصَّلاة، ثمَّ إنِّى ذكرت أنِّي كنت جنبًا حين قمت إلى الصَّلاة لم

_ قاله الحافظ في تعجيل المنفعة (1) يشير إلى إمامهم الذي يطيل الصلاة، يعني أن ابن عمر لم يعجبه صلاة هذا الأمام لكونه لم يتبع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم في تخفيف الصلاة بالمأمومين (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية تخفيف الصلاة بالمأمومين، وهذا يستلزم أن يبلغ التخفيف إلى حد يكون بسببه عدم تمام أركان الصلاة وقراءتها، لأن صلاته صلى الله عليه وسلم بالناس كانت من أتم الصلاة وأوجزها كما يستفاد ذلك من أحاديث الباب، وأن من سلك طريق النبي صلى الله عليه وسلم في الإيجاز والأتمام لا يشتكي منه تطويل، وروى ابن أبي شيبة أن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يتمون ويوجزون ويبادرون الوسوسة (وفيها أيضا) جواز إدخال الصبيان المساجد، وتقدم الكلام على ذلك (قال الحافظ) وفيه نظر لاحتمال أن يكون الصبي كان مخلفا في بيت يقرب من المسجد بحيث يسمع بكاؤه (وفيها أيضا) جواز صلاة النساء في الجماعة مع الرجال، وتقدم الكلام في ذلك مستوفي في بابه (وفيها أيضا) شفقة النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه ومراعاة أحوال الكبير منهم والصغير وفيها غير ذلك والله أعلم. (1398) عن علي بن أبي طالب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا الحارث بن يزيد عن عبد الله بن زرير الغافقي عن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه "الحديث" (غريبه) (2) ظاهره أنه صلى الله عليه وسلم انصرف من الصلاة بعد الدخول فيها، ويؤيده ما يأتي في الحديث التالي عن أبي بكرة عند الأمام أحمد وأبي داود وابن حبان "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استفتح الصلاة فكبر ثم أومأ إليهم أن مكانكم" (وفي لفظ) "أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل في صلاة الفجر فكبر ثم أومأ إليهم" ويعارضه ما في الصحيحين ومسند الإمام أحمد وسيأتي بعد حديث أبي بكرة عن أبي هريرة قال

أغتسل، فمن وجد منكم فى بطنه رزًّا أو كان مثل ما كنت عليه فلفينصرف حتَّى يفرغ من حاجته أو غسله ثمَّ يعود إلى صلاته (1399) عن أبى بكرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم استفتح الصَّلاة فكبَّر ثمَّ أومأ إليهم أن مكانكم ثمَّ دخل فخرج وراسه يقطر فصلَّى بهم فلمَّا قضى الصَّلاة قال إنَّما أنا بشرٌ وإنِّى كنت جنبًا (وعنه من طريقٍ ثانٍ) أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم

_ "أقيمت الصلاة وصف الناس صفوفهم وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام مقامه ثم أومأ اليهم بيده الحديث" (وفي لفظ) عند الشيخين "حتى اذا قام فى مصلاه انتظرنا أن يكبر فانصرف" وفى لفظ آخر "فلما قام فى مصلاه ذكر انه جنب فقال لنا مكانكم" فظاهره أنه انصرف قبل أن يدخل فى الصلاة (قال الحافظ) ويمكن الجمع بينهما بجعل قوله كبر على انه أراد ان يكبر أو بأنهما واقعتان، ابداه عياض والقرطبى احتمالا، وقال النووى إنه الأظهر، وجزم به ابن حبان كعادته، فان ثبت وإلا فما فى الصحيح أصح اهـ (1) أوله راء مكسورة ثم زاى مشددة مفتوحة، قال فى النهاية الرز في الأصل الصوت الخفى ويريد به القرقرة، وقيل هو غمز الحدث وحركته للخروج، وأمره بالوضوء لئلا يدافع أحد الأخبثين والافليس بواجب ان لم يخرج الحدث، وهذا الحديث جاء هكذا فى كتب الغريب عن على نفسه وأخرجه الطبرانى عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم اهـ (تخريجه) (بز. طس) وفى اسناده ابن لهيعة ضعيف لكنه يعتضد بحديث أبى بكرة الآتى بعده (1399) عن أبى بكرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنازيد أنا حماد بن سلمة عن زياد الأعلم عن الحسن عن أبى بكرة "الحديث" (غريبه) (2) اى أشار وفى لفظ للبخارى "فقال لنا" فتحمل رواية البخارى على اطلاق القول على الفعل ويمكن أن يكون جمع بين الكلام والأشارة (وقوله مكانكم) منصوب بفعل محذوف هو وفاعله، والتقدير الزموا مكانكم (3) أى بيته فاغتسل فخرج ورأسه يقطر الخ (4) يعنى أنسى كما تنسون؛ وفى قوله صلى الله عليه وسلم "وإنى كنت جنبًا" جواز اتصافه صلى الله عليه وسلم بالجنابة، وفيه أيضًا جواز صدور النسيان منه صلى الله عليه وسلم وتقدم تفصيل الكلام على ذلك فى أبواب سجود السهو (5) (سنده) حدثنا عبد لله حدثنى أبى ثنا أبو كامل ثنا حماد عن زياد الأعلم

دخل في صلاة الفجر فذكر الحديث عن ابى هريرة رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصَّلاة فلمَّا كبَّر انصرف وأومأ إليهم أي كما أنتم ثمَّ خرج فاغتسل ثمَّ جاء ورأسه يقطر فصلَّى بهم فلمَّا صلَّى قال إنِّى كنت جنبًا فنسيت أن أغتسل (وعنه من صريقٍ ثانٍ) قال أقيمت الصَّلاة وصفَّ النَّاس صفوفهم وخرج رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلم فقام مقامه ثمَّ أومأ إليهم بيده أن مكانكم فخرج وقد اغتسل ورأسه ينطف فصلَّى بهم

_ عن الحسن عن أبى بكرة "أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل فى صلاة الفجر الحديث" ويستفاد من هذا الطريق أن الصلاة التى وقع فيها ذلك كانت صلاة الصبح (تخريجه) (لك. د. هق. حب) وصححاه وصححه النووى أيضا (1400) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع قال ثنا أسامة بن زيد عن عبد الله بن زيد مولى الأسود بن سفيان عن ابن ثوبان عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (1) فى هذه الرواية التصريح بأنه صلى الله عليه وسلم انصرف بعد التكبير قال أبو عمر من قال إنه كبر زاد زيادة حافظ يجب قبولها (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الوليد حدثنا الأوزاعى حدثنى الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال أقيمت الصلاة "الحديث" (3) بضم الطاء وكسرها أى يقطر منه الماء قليلا قليلا وبه سمى المنى نطفة لقلته (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه الطبرانى أيضا وسندها جيد، ولها شاهد عن أنس بن مالك رضى الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل فى صلاته وكبرنا معه فأشار الى القوم أن كما أنتم فلم نزل قيامًا حتى أتانا نبى الله صلى الله عليه وسلم وقد اغتسل ورأسه يقطر ماء" قال الهيثمى رواه الطبرانى فى الأوسط ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وروى الطريق الثانية منه البخارى ومسلم عن أبى هريرة "أن النبى صلى الله عليه وسلم حضر وقد أقيمت الصلاة وعدلت الصفوف حتى اذا قام فى مصلاه قبل أن يكبر ذكر فانصرف وقال لنا مكانكم فلم قياما حتى خرج الينا وقد اغتسل يقطر رأسه ماء فكبر وملى بنا" (الأحكام) يستفاد من حديث على وأبى بكرة والطريق الأولى من حديث أبى هريرة عند الأمام احمد وآخرين غير الشيخين "أن النبى صلى الله عليه وسلم انصرف من الصلاة بعد

_ الدخول فيها حينما تذكر أنه جنب، ويستفاد من الطريق الثانية من حديث أبى هريرة عند الأمام احمد والشيخين أنه صلى الله عليه وسلم انصرف قبل الدخول فى الصلاة أى قبل تكبيرة الأحرام كما صرح بذلك فى رواية عند الشيخين، وظاهر هذا التعارض، وتقدم الجمع بين ذلك فى شرح حديث على رضى الله عنه، ورجح النووى فى المجموع أنهما قضيتان، قال لأنهما حديثان صحيحان فيجب العمل بهما اذا أمكن، وقد أمكن بحملهما على قضيتين اهـ وجمع بين ذلك ابن حبان فى صحيحه فقال، حديث أبى هريرة وحديث أبى بكرة فعلان فى موضعين متبابنين، خرج صلى الله عليه وسلم مرة فكبر ثم ذكر أنه جنب فانصرف فاغتسل ثم جاء فاستأنف بهم الصلاة، وجاء مرة أخرى فلما وقف ليكبر ذكر أنه جنب قبل أن يكبر فذهب فاغتسل ثم رجع فأقام بهم الصلاة من غير أن يكون بين الخبرين تضاد، وقول أبى بكرة فصلى بهم أراد بذلك بدأ بتكبير محَدث، لا أنه رجع قبنى على صلاته، إذ محال أن يذهب صلى الله عليه وسلم ليغتسل ويبقى الناس كلهم قيامًا على حالتهم من غير إمام الى أن يرجع اهـ (قلت) يستفاد من كلام ابن حبان أن الواقعة متعددة، وأن النبى صلى الله عليه وسلم استأنف بهم الصلاة ولم يبن على صلاته، وبذلك قال جماعة من العلماء (وذهب آخرون) الى جواز البناء ووافقهم الخطابى حيث قال فى شرح حديث أبى بكرة، فيه دلالة على أنه اذا صلى بالقوم وهو جنب وهم لا يعلمون بجنابته أن صلاتهم ماضية ولا إعادة عليهم، وعلى الأمام الأعادة، وذلك أن الظاهر من حكم لفظ الخبر انهم قد دخلوا فى الصلاة معه ثم استوقفهم الى أن اغتسل وجاء فأتم الصلاة بهم، واذا جاز جزء من الصلاة حتى يصح البناء عليه جاز سائر اجزائها، قال وفيه حجة لمن ذهب الى البناء على الصلاة فى الحدث اهـ (قلت) وظاهر هذه الأحاديث أنه صلى الله عليه وسلم لما اغتسل وخرج لم يجدد إقامة الصلاة (قال الحافظ) وفيها جواز الفصل بين الإقامة والصلاة لأن قوله فكبرو قوله فصلى بهم "يعنى فى رواية البخارى" ظاهر فى أن الأقامة لم تُعَد، والظاهر أنه مقيد بالضرورة وبأمن خروج الوقت (وعن مالك) اذا بعدت الأقامة من الأحرام تعاد، وينبغى حمله على ما اذا لم يكن عذر، كذا فى الفتح (وقال النووى) هذا محمول على قرب الزمان فان طال فلابد من إعادة الأقامة، قال ويدل على قرب الزمان فى هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم مكانكم وقوله وخرج الينا ورأسه ينظف اهـ وقال أبو العباس القرطبى (مذهب مالك) أن التفريق إن كان لغير عذر ابتدأ الأقامة طال التفريق أولا كما قال فى المدونة فى المصلى بثوب نجس بقطع الصلاة ويستأنف الأقامة، وكذلك قال فى القهقهة، وان كان لعذر فان طال استأنف الأقامة وإلا بنى عليها، وفيه أنه لا حياء فى الدين وسبيل من غلب أن يأتى بأمرموهم كأن يمسك بأنفه ليوهم أنه رعف اهـ

_ (فائدة) قال النووى رحمه الله فى المجموع أجمعت الأمة على تحريم الصلاة خلف المحدث لمن علم حدثه، فان صلى خلف المحدث بجنابة أو بول وغيره والمأموم عالم بحدث الأمام أتم بذلك وصلاته باطلة بالإجماع، وان كان جاهلا بحدث الأمام ثم علم به فى أثناء الصلاة لزمه مفارقته وأتم صلاته منفردا بانيًا على ما صلى معه، فان استمر على المتابعة لحظة أو لم ينو المفارقة بطلت صلاته بالاتفاق لأنه صلى بعض صلاته خلف محدث مع علمه بحدثه، وممن صرح ببطلان صلاته اذا لم ينو المفارقة الشيخ أبو حامد والقاضى أبو الضياء فى تعليقهما والمحاملى وخلائق من كبار الأصحاب، وان لم يعلم حتى سلم منها أجزأته ولا اعادة عليه، وسواء كان الأمام عالماً بحدث نفسه أم لا، لأنه لا تفريط من المأموم فى الحالين (هذا هو المذهب وبه قطع الجمهور) قال وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وعثمان وعلى وابن عمر والحسن البصرى وسعيد بن جبير والنخعى والأوزاعى وأحمد وسليمان بن حرب وأبو ثور والمزنى (وحكى) عن على أيضًا وابن سيرين والشعبى وأبى حنيفه وأصحابه أنه يلزمه الأعادة، وهو قول حماد بن أبى سليمان شيخ ابى حنيفه (وقال مالك) ان تعمد الأمام الصلاة عالما بحدثه فهو فاسق فيلزم المأموم الأعادة على مذهبه، وإن كان ساهيا فلا، وحكى الشيخ أبو حامد عن عطاء أنه إن كان الأمام جنبا لزم المأموم الأعادة، وان كان محدثًا أعاد إن علم بذلك فى الوقت، فان لم يعلم إلا بعد الوقت فلا إعادة، واحتج لمن قال بالأعادة بحديث أبى جابر البياضى عن سعيد بن المسيب عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه صلى بالناس وهو جنب وأعاد وأعادوا (وبحديث عمرو بن خالد) عن حبيب بن أبى ثابت عن عاصم بن حمزة عن على بن أبى طالب رضى الله عنه انه صلى بالقوم وهو جنب واعاد ثم امرهم فأعادوا، قال النووى (والجواب عن حديث أبى جابر البياضى) أنه مرسل وضعيف باتفاق اهل الحديث وقد اتفقوا على تضعيف البياضى وقالوا هو متروك وهذه اللفظة أبلغ ألفاظ الجرح، وقال يحيى بن معين هو كذاب (وعن حديث عمرو بن خالد) انه أيضا ضعيف باتفاقهم فقد اجمعوا على جرح عمرو بن خالد، قال البيهقى هو متروك رماه الحفاظ بالكذب، وروى البيهقى باسناده عن وكيع قال كان عمرو بن خالد كذابا فلما عرفناه بالكذب تحول الى مكان آخر حدث عن حبيب بن أبى ثابت عن عاصم بن حمزة عن على أنه صلى بهم وهو على غير طهارة فأعادوا وأمرهم بالأعادة، وفيه ضعف من جهة انقطاعه أيضا فقد روى البيهقى عن سفيان الثورى قال لم يرو حبيب بن أبى ثابت عن عاصم بن حمزة شيئا قط اهـ قال واحتج أصحابنا والبيهقى بحديث أبى هريرة رضى الله عنه قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلون لكم فان أصابوا فلكم ولهم وإن اخطئوا فلكم

باب جواز الاستخلاف فى الصلاة وجواز انتقال الخليفة مأموما اذا حضر مستخلفة عن سهل بن سعدٍ رضى الله عنه قال كان قتالٌ بين بنى عمرو ابن عوف فبلغ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم فأتاهم بعد الظُّهر ليصلح بينهم وقال يابلال إن حضرت الصَّلاة ولم آت فمر أبا بكرٍ يصلِّ بالنَّاس، قال فلمَّا حضرت العصر أقام بلالٌ الصلَّاة (وفى روايةٍ أذَّن ثمَّ أقام) ثمَّ أمر أبا بكرٍ فتقدَّم بهم وجاء رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بعد ما دخل أبو بكرٍ في الصلَّاة فلمَّا

_ وعليهم" رواه البخاري وبحديث أبى بكرة "فذكر حديث الباب بلفظه ثم قال" رواه أبو داود بهذا اللفظ باسناد صحيح، ثم ذكر الطريق الثانى من حديث أبى هريرة الذى فى الباب وعزاه للشيخين وجمع بينهما بأنهما قضيتان كما تقدم، ثم قال روى البيهقى باسناده عن ابن المبارك قال ليس فى الحديث قوة لمن يقول اذا صلى الأمام محدثًا يعيد أصحابه، والحديث بأن لا يعيدوا أثبت لمن أراد الانصاف بالحديث اهـ باختصار وتصرف (1401) عن سهل بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن زيد ثنا أبو حازم عن سهل بن سعد "الحديث" (غريبه) (1) أى ابن مالك بن الأوس أحد قبيلتى الأنصار، وهما الأوس والخزرج، وبنو عمرو بن عرف بطن كبير من الأوس، وسبب ذهابه صلى الله عليه وسلم اليهم كما فى رواية عند البخارى فى الصلح من طريق محمد بن جعفر عن أبى حازم أن أهل قباء اقتتلوا حتى تراموا بالحجارة فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك فقال اذهبوا نصلح بينهم، وله فيه من رواية غسان عن أبى حازم فخرج ناس من أصحابه، وله أيضا فى الأحكام من صحيحه من طريق حماد بن زيد أن توجهه كان بعد أن صلى الظهر، وللطبرانى أن الخبر جاء بذلك وقد أذَّن بلال لصلاة الظهر (2) يعنى صلاى العصر أخذا من قوله فلما حضرت العصر، وصرح بذلك البخارى أيضا فى الأحكام من صحيحه (3) وفى لفظ للبخارى فتقدم أبو بكر فكبر (وفى رواية) فاستفتح أبو بكر، وبهذا يجاب عن سبب استمراره صلى الله عليه وسلم فى الصلاة فى مرض موته وامتناعه عن الاستمرار فى هذا المقام، لأنه هناك قد مضى معظم الصلاة فحسن الاستمرار، وهنا لم يمض إلا اليسير فلم يحسن (4) فى رواية للبخارى فجاء يمشى حتى قام عند الصف، ولمسلم فحرق الصفوف

رأوه صفَّحوا وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يشقُّ النَّاس حتَّى قام خلف أبى بكرٍ قال وكان أبو بكرٍ إذا دخل الصَّلاة لم يلتفت فلما رأى التَّصفيح لا يمسك عنه التفت فرأى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم خلفه فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده أن أمضه فقام أبو بكر هنيَّة فحمد الله على ذلك ثم مشى القهقري قال فتقدَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلَّى بالنَّاس، فلمَّا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاته قال يا أبا بكرٍ مامنعك إذ أومأت إليك أن لا تكون مضيت "وفى رواية أن تمضى" فى صلاتك، قال فقال أبو بكرٍ لابن أبى قحافة أن يؤمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال للنَّاس إذانا بكم في صلاتكم شيءٌ فليسبِّح الرِّجال وليصفِّح "وفى روايةٍ وليصفِّق" النِّساء "وفي روايةٍ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنتم لم

_ (1) في رواية للبخارى فأخذ الناس فى التصفيح قال سهل أتدرون ما التصفيح؟ هو التصفيق، وفيه انهما مترادفان، وتقدم الكلام عليه فى باب جواز التسبيح والتصفيق والأشارة فى الصلاة لحاجة فى شرح حديث رقم 581 من كتاب الصلاى (2) أن لكثرة خشوعه فى الصلاة أو لكونه كان يعلم النهى عن الالتفات (3) أى فلما رآى استمرار التصفيح بدون انقطاع التفت الخ (4) أى أشارة اليه النبى صلى الله عليه وسلم بالمضى فى صلاته وفى (رواية) "فأشار اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امكث مكانك" وقوله (هنيَّة) يعنى مدة يسيرة (5) ظاهره أنه تلفظ بالحمد، وادّعى ابن الجوزى انه أشار بالحمد والشكر بيده ولم يتكلم (6) أى تأخر الى الوراء، وفى رواية "ثم استأخر أبو بكر حتى استوى فى الصف وتقدم النبى صلى الله عليه وسلم فصلى" الخ (7) تقرير النبى صلى الله عليه وسلم له على ذلك يدل على ما قاله البعض من ان سلوك طريقة الأدب خير من الأمتثال، ويؤيد ذلك عدم انكاره صلى الله عليه وسلك على علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه لما امتنع من محو اسمه صلى الله عليه وسلم فى قصة الحديبية، وتقدم الكلام عليه فى شرح حديث رقم 742 من كتاب الصلاى (8) أى اذا نزل بأحدكم شئ من الحوادث والمهمات فى الصلاة وأراد إعلام غيره كأذنه لداخل وإنذاره وتنبيهه لله أو غافل ونحو ذلك "وقوله فليسبح

صفَّحتم؟ قالوا لنعلم أبا بكرٍ، قال إنَّ التَّصفيح للنِّساء والتَّسبيح للرِّجال عن العبَّاس بن عبد المطَّلب رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرضه مروا أبا بكرٍ صلِّى بالنَّاس، فخرج أبو بكرٍ فكبَّر، ووجد النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم راحةً فخرج يهادى بين رجلين، فلمَّا رآه أبو بكرٍ تأخَّر، فأشار إليه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم مكانك، ثمَّ جلس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى جنب أبى بكرٍ فاقترأ من المكان الذَّى بلغ أبو بكرٍ رضي الله عنه من السورة عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال لماَّ مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكرٍ أن يصلَّى بالنَّاس، ثمَّ وجد خفَّة فخرج، فلمَّا أحس به أبو بكرٍ

_ الرجال" أي يقولوا سبحان الله (1) فى رواية إنما التصفيح الخ بأداة الحص، وهى تدل على منع الرجال من التصفيح مطلقا (تخريجه) (ق. د. نس. وغيرهم) (1402) عن العباس بن عبد المطلب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم ثنا قيس حدثنا عبد الله بن أبى السَّفَر عن أرقم بن شر حبيل عن ابن عباس عن العباس بن عبد المطلب "الحديث" (غريبه) (2) يعنى الذى توفى فيه كما صرح بذلك فى الحديثين التاليين (3) بضم آوله وفتح الدال أى يعتمد على الرجلين متمايلا فى مشيه من شدة الضعف، والتهادى التمايل فى المشى البطئ (وقوله بين رجلين) هما العباس بن عبد المطلب وعلى بن أبى طالب رضى الله عنهما كما فى رواية عند البخارى والأمام احمد أيضا فى غير هذا الموضع او في رواية) للبخارى أنه خرج بين بربرة وثويبة (قال النووى) ويجمع بين الروايتين بأنه صلى الله عليه وسلم خرج من البيت الى المسجد بين هاتين، ومن ثَم الى مقام المصلىَّ بين العباس وعلىّ، أو يحمل على التعدد؛ ويدل على ذلك ما فى رواية الدار قطنى أنه صلى الله عليه وسلم خرج بين أسامة بن زيد والفضل بن العباس (قال الحافظ) وأما ما فى صحيح مسلم أنه خرج بين الفضل بن العباس وعلىّ فذلك فى حال مجيئه صلى الله عليه وسلم الى بيت عائشة (تخريجه) لم أقف عليه من حديث العباس بن عبد المطلب لغير الأمام احمد وسنده جيد، ورواه الشيخان والأمام احمد فى غير هذا الموضع من حديث عائشة (1403) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يحيى

أراد أن ينكص فأومأ إليه النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فجلس إلى جنب أبى بكرٍ عن يساره واستفتح من الآية الَّتى انتهى إليها أبو بكر (وعنه من طريقٍ ثانٍ بنحوه وفيه) فجاء النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم حتَّى جلس، قال وقام أبو بكرٍ عن يمينه وكان أبو بكرٍ يأتمُّ بالنَّبيَّ صلى الله عليه وسلم والنَّاس يأتمُّون بأبى بكرٍ قال ابن عبَّاسٍ وأخذ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم من القراءة من حيث بلغ أبو بكرٍ، ومات فى مرضه ذاك عليه الصَّلاة والسَّلام عن عائشة رضى الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكرٍ أن يصلَّى بالنَّاس في مرضه الَّذى مات فيه، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يدى أبى بكرٍ يصلِّى بالنَّاس قاعدًا وأبو بكرٍ يصلِّى بالنَّاس والنَّاس خلفه (وفي لفظٍ) كان أبو بكرٍ يأتمُّ بالنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم والنَّاس يأتمُّون بأبي بكرٍ

_ ابن زكريا بن أبى زائدة حدثنى أبى عن أبى إسحاق عن الأرقم بن شرحبيل عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (1) بضم الكاف وكسرها من باب نصر وجلس والنكوص الرجوع الى وراء وهو القهقرى (2) فيه أن جلوسه صلى الله عليه وسلم كان عن يسار أبى بكر وكذلك فى رواية عند مسلم (3) هذا طرف من حديث طويل سيأتى فى باب انتقال النبى صلى الله عليه وسلم الى بيت عائشة ليمرض فيه من كتاب السيرة النبوية (4) فيه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إمامًا وأبو بكر كان مؤتما به وفى ذلك خلاف كثير سيأتى فى الأحكام (تخريجه) (جه. وغيره) وسنده جيد (1404) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان بن داود يعنى أبا داود الطيالسى ثنا شعبة عن موسى بن أبى عائشة قال سمعت عبد الله بن عبد الله بن عتبة يحدث عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (5) أى قائما كما فى رواية أخرى عند الأمام احمد ومسلم (تخريجه) رواه الشيخان والأمام أحمد مطولا وسيأتى فى باب انتقال النبى صلى الله عليه وسلم الى بيت عائشة فى مرضه الذى مات فيه من كتاب السيرة النبوية (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أنه يجوز للأمام أن يستخلف فى الصلاة لضرورة اقتضت ذلك سواء أكان ذلك قبل الدخول فيها أم بعد

_ الدخول فيها فى أى جزء منها، لأن النبى صلى الله عليه وسلم استخلف أبا بكر فى الصلاة بالناس فلما حضر النبى صلى الله عليه وسلم فى أثنائها استخلفه أبو بكر رضى الله عنه (قال البغوى) وهو قول أكثر العلماء وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وعلىّ وعلقمة وعطاء والحسن البصرى والنخعى والثورى ومالك وأصحاب الرأى واحمد، ولم يصرح ابن المنذر بحكاية منع الاستخلا عن أحد؛ وقال النووى إن الصحيح فى مذهبنا جوازه اهـ وفى الحديث الاول من أحاديث الباب فضل الأصلاح بين الناس ومشى الأمام وغيره فى ذلك (وفيه) أن المقدَّم نيابة عن الامام يكون أفضل القوم وأصلحهم لذلك الأمر وأقومهم به (وفيه) ان المؤذن وغيره يعرض التقدم على الفاضل وان الفاضل يوافقه (وفيه) ان الفعل القليل لا يبطل الصلاة لقوله "فلما رأوه صفحوا" (وفيه) ان السنة لمن نابه شئ فى صلاته كأعلام من يستأذن عليه وتنبيه الأمام وغير ذلك أن يسبح إن كان رجلا فيقول سبحان الله؛ وأن تصفق وهو التصفيح ان كان امرأة فتضرب بطن كفها الأيمن على ظهر كفها الأيسر (وفيه) جواز الالتفات فى الصلاة للحاجة واستحباب حمد الله تعالى لمن تجددت له نعمة، ورفع اليدين بالدعاء وفعل ذلك الحمد والدعاء عقب النعمة وإن كان فى الصلاة، لقوله فى رواية عند مسلم "فرفع أبو بكر يديه فحمد الله عز وجل" (وفيه) جواز مشى الخطوة والخطوتين فى الصلاة (وفيه) ان هذا القدر لا يكره اذا كان لحاجة (وفيه) ان التابع اذا أمره المتبوع بشئ وفهم منه إكرامه بذلك الشئ لا تحتم الفعل فله أن يتركه، ولا يكون هذا مخالفة للأمر بل يكون أدبا وتواضعا وتحذقًا فى فهم المقاصد (وفيه) ملازمة الأدب مع الكبار (وفيه) ان من رجع فى صلاته لشئ يكون رجوعه الى وراء لا يستدبر القبلة ولا يتحرفها (وفيه) جواز خرق الأمام الصفوف ليصل الى موضعه اذا احتاج الى حرقها لخروجه لطهارة أو رعاف أو نحوهما ورجوعه، وكذا من احتاج الى الخروج من المأمومين لعذر، وكذا له خرقها فى الدخول اذا رآى قدامهم فرجة فانهم مقصرون بتركها، (وفيه) جواز اقتداء المصلى بمن يحرم بالصلاة بعده فان الصديق رضى الله عنه أحرم بالصلاة أولا ثم اقتدى بالنبى صلى الله عليه وسلم حين أحرم بعده (قال النووى) رحمه الله هذا هو الصحيح فى مذهبنا اهـ (وفى أحاديث الباب) فضل كبير لأبى بكر رضى الله عنه لكون النبى صلى الله عليه وسلم اختاره دون غيره من الصحابة رضى الله عنهم (وفيها) جواز رجوع الأمام مأمومًا اذا كان مستخلفا "يفتح اللام" فحضر مستخلفه من غير أن يقطع الصلاة، ولا يبطل شئ من ذلك صلاة أحد من المأمومين، وعلى الأمام الأخير أن يبدأ من حيث انتهى اليه الأمام الأول سواء فى ذلك الأقوال والأفعال (قال الحافظ) وادّعى ابن عبد البر أن ذلك من خصائص

(9) باب جواز انتقال المنفرد إماماً عن أنس (بن مالكٍ) رضى الله عنه قال كان رسول الله

_ النبى صلى الله عليه وسلم وادعى الأجماع على عدم جواز ذلك لغيره صلى الله عليه وسلم "يعنى رجوع الأمام مأمومًا" ونوقض بأن الخلاف ثابت، فالصحيح المشهور عند الشافعية الجواز؛ وعن ابن القاسم قال فى الأمام يحدث فيستخلف ثم يرجع فيخرج المستخلف (بفتح اللام) ويتم الأول أن الصلاة صحيحة اهـ (وفيها) أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إمامًا وأبو بكر مؤتما به، لكن روى الأمام أحمد وغيره وتقدم رقم 1271 فى الباب الأول من أبواب صلاة المريض عن عائشة رضى الله عنها قالت "فصلى أبو بكر وصلى النبى صلى الله عليه وسلم خلفه قاعدًا" وقد احتلفد ضت الروايات فى ذلك، ففى رواية أبى داود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان المقدم بين يدى أبى بكر (وفى رواية لابن خزيمة) فى صحيحه عن عائشة أنها قالت من الناس من يقول كان أبو بكر المقدم بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ومنهم من يقول كان النبى صلى الله عليه وسلم المقدم (وأخرج ابن المنذر) من رواية مسلم بن ابراهيم عن شعبة بلفظ "ان النبى صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبى بكر" (وأخرج ابن حبان) عنها بلفظ "كان أبو بكر يصلى بصلاة النبى صلى الله عليه وسلم والناس يصلون بصلاة أبى بكر" (وأخرج الترمذى وصححه والنسائى وابن خزيمة) عنها بلفظ "ان النبى صلى الله عليه وسلم صلى خلف أبى بكر" (قال الحافظ) تضافرت الروايات عن عن عائشة بالجزم بما يدل على أن النبى صلى الله عليه وسلم كان هو الأمام فى تلك الصلاة، ثم قال بعد أن ذكر الاختلاف فمن العلماء من سلك الترجيح فقدم الرواية التى فيها أن أبا بكر كان مأمومًا للجزم بها فى رواية أبى معاوية وهو احفظ فى حديث الأعمش من غيره، ومنهم من عكس ذلك فقدم الرواية التى فيها أنه كان إمامًا، ومنهم من سلك الجمع فحمل القصة على التعدد (قلت) سلوك طريق الجمع بالتعدد حسن، ففيه اعمال جميع الأحاديث، ومعلوم أن أبا بكر رضى الله عنه كان الخليفة فى الصلاة بالناس مدة مرض النبى صلى الله عليه وسلم الذى توفى فيه وكانت نحو الأسبوع كما ثبت ذلك فى حديث مو يهب مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الأمام أحمد؛ وسيأتى فى باب ابتداء مرضه صلى الله عليه وسلم ومدته من كتاب السيرة النبوية، فجائز أن النبى صلى الله عليه وسلم كام كلما وجد فى نفسه خفة دخل معهم فى الصلاة فكان أبو بكر رضى الله عنه يتأخر ويتقدم النبى صلى الله عليه وسلم فيصلى بهم إمامًا، وفى بعض المرات صلى مأموما خلف أبى بكر رضى الله عنه ليبين للناس جواز إمامه المفضول بالفاضل، وعلى هذا تحمل الروايات المعارضة لأحاديث الباب والله أعلم بالصواب (1405) عن أنس بن مالك، هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه

صلى الله عليه وسلم يصلَّى فى رمضان فجئت فقمت خلفه، قال وجاء فقام إلى جنبى، ثمَّ جاء آخر حتَّى كنَّا رهطًا، فلمَّا أحسَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أنَّا خلفه تجوَّز فى الصَّلاة، ثمَّ فدخل منزله فصلَّى صلاةً لم يصلِّها عندنا، قال فلمَّا أصبحنا قال قلنا يا رسول الله أفطنت بنا اللَّيلة؟ قال نعم، فذاك الَّذى حملنى على الَّذي صنعت "الحديث" (10) باب ما يفعل اذا لم يحضر امام الحى عن عبد الله بن عثمان عن القاسم عن أبيه أنَّ الوليد

_ وتخريجه فى الباب الثانى من أبواب صلاة التراويح، وذكرته هنا لمناسبة الترجمة وللاستدلال به على جواز انتقال المنفرد إمامًا، لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى منفردًا فلما جاء أنس ومن بعده صار إمامًا (وفى الباب) عن عائشة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى فى حجرته وجدار الحجرة فصير فرآى الناس شخص رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام ناس يصلون بصلاته فأصبحوا فتحدثوا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى الليلة الثانية فقام ناس يصلون بصلاته" رواه البخارى، ورواه الأمام أحمد مطولا، وتقدم فى الباب الثانى من أبواب صلاة التراويح (الأحكام) حديث الباب يدل على جواز انتقال المنفرد إماما فى النوافل ويقاس عليها غيرها لعدم الفارق، وقد بوب البخارى لذلك (قال الحافظ) وهذه المسألة مختلف فيها، والأصح عند الشافعية لا يشترط لصحة الاقتداء أن ينوى الأمام الأمامة، واستدل ابن المنذر أيضا بحديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فى شهر رمضان (فذكر حديث الباب) (قال الحافظ) وهو ظاهر فى أنه لم ينو الأمامة ابتداءً، وائتموا هم به وأقرهم، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم وعلقه البخارى فى كتاب الصيام، وذهب أحمد الى التفرقة بين النافلة والفريضة فشرط أن ينوى فى الفريضة دون النافلة؛ وفيه نظر لحديث أبى سعيد "أن النبى صلى الله عليه وسلم رآى رجلا يصلى وحده فقال ألا رجل يتصدق على هذا فيصلى معه" أخرجه أبو داود وحصنه الترمذى وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم اهـ (قلت) حديث أبى سعيد الذى أشار اليه الحافظ أخرجه أيضا الأمام أحمد وسيأتى فى باب الجمع فى المسجد مرتين (1406) عن عبد الله بن عثمان (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابراهيم ابن خالد ثنا رياح عن معمو عن عبد الله بن عثمان "الحديث" (غريبه) (1) هو عبد الله

ابن عقبة أخرَّ الصلَّاة مرَّةً فقام عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه فثوَّب بالصَّلاب فصلَّي بالنَّاس فأرسل إليه الوليد، ما حملك على ما صنعت أجاءك من أمير المؤمنين أمرٌ فيما فعلت أم ابتدعت؟ قال لم ياتنى أمرٌ من أمير المؤمنين ولم أبتدع، ولكن أبى الله عزَّ وجلَّ ورسوله أن ننتظرك بصلاتنا وأنت في حاجتك

_ ابن عثمان بن خثيم بضم المعجمة القارى المكى وثقه ابن معين والعجلى قال عمرو بن على مات سنة اثنتين وثلاثين ومائة (والقاسم) هو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود الهذلى أبو عبد الرحمن قاضى المكوفة عن أبيه وجابر بن سمرة، وثقه ابن معين توفى سنة عشر ومائة كذا فى الخلاصة، وفى التهذيب سنة عشرين ومائة والله أعلم (1) هو الوليد بن عقبة بن أبى معيط الأموى من مسلمة الفتح؛ له حديث، وعنه الشعبى، قال ابن عبد البر لم يروسنَّة يحتاج اليها، وقال الأصمعى وأبو عبيدة وابن الكلبى كان فاسقا شريبا شاعرًا، كذا فى الخلاصة، وكان أخا عثمان بن عفان من أمه، ولى الكوفة فى خلافة عثمان رضى الله عنه، وفى التهذيب لما بويع على رضى الله عنه اعتزله وانتقل الى الرقة ومات فى أيام معاوية وقبره وعقبه بالرقة اهـ (2) أى أقام الصلاة بنفسه أو أمر المؤذن بالأقامة ثم صلى بهم (3) يعنى عثمان ابن عفان رضى الله عنه (4) يريد أن السنة تعجيل الصلاة فى أول وقتها وقد تأخر عن الوقت المستحب فلا يصح لهم تأخير الصلاة لأجله وهو مشغول عنها بحاجته، لاسيما وأن من صلى بهم أفضل منه وهو عبد الله بن مسعود الصحابى الجليل الذى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سرّه أن يقرأ القرآن غضّا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أن عبد" رواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم (فان قيل) إن الوليد كام صحابيا أيضا وهو الأحق بالأمامة لأنه كان واليا (قلت) أما كونه صحابيا ففرق شاسع بين من صحب النبى صلى الله عليه وسلم حبا فى الله ورسوله ورغبة فى إعلاء كلمة الله وجاهد فى سبيل الله وروى أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين من صحبه خوفًا من القتل (وأما كونه أحق بالأمامة) فهذا اذا لم يترتب على تأخيره فوات مصلحة كخروج وقت الفضيلة أو تأخير المصلين عن مصالحهم، ولاسيما وقد كان ذلك فى عصر الخلفاء الراشدين الذين لا يخشى من ولاتهم فتنة اذا صلى غيرهم (تخريجه) (هق) وسنده جيد (الأحكام) حديث الباب يدل على أن الأمام اذا تأخر مجيئه للصلاة عن وقت الفضيلة فيجوز لغيره ممن تتوفر فيهم شروط الأمامة أن يصلى بالناس، هذا إذا

(11) باب إطالة الأمام الركعة الأولى وانتظار من أحسن به داخلا ليدرك الركعة عن عبد الله بن أبى أوفى رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يقوم فى الرَّكعة الأولى من صلاة الظُّهر حتَّى لا يسمع وقع قدمٍ عن أبى سعيدٍ الخدريِّ رضى الله عنه قال كانت صلاة الظُّهر

_ لم يترتب على ذلك فتنه، وإلا فليصلوا فى بيوتهم فى أول الوقت ثم يصلون مع الأمام عند حضوره بالمسجد عملا بما روى أبو ذر رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال قال "كيف أنت اذا كانت عليم أمراء يؤخرون الصلاة عن وقتها أو قال يميتون الصلاة عن وقتها؟ قال قلت فما تأمرنى، قال صل الصلاى لوقتها؛ فان أدركتها معهم فانها لك نافلة" رواه مسلم والأمام أحمد وغيرهما وتقدم والله أعلم. (1407) عن عبد الله بن أبى أو فى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا همام ثنا محمد بن جحادة "بتقديم الجيم وضعها" عن رجل عن عبد الله بن أبى أو فى "الحديث" (غريبه) (1) أى حتى لا يحس بداخل يريد الصلاة، وهذا يشعر بأن الحكمة فى التطويل أن يدرك الناس الركعة الأولى من الصلاة، لما رواه عبد الرزاق عن معمر عند أبى داود وفيه "فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى" ولابن خرعة نحوه من رواية أبى خالد عن سفيان عن معمر، وروى عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء قال "إنى لأحب ان يطوّل الأمام الركعة الأولى من كل صلاة حتى يكثر الناس" اهـ وقيل الحكمة فى تطويل الركعة الأولى أن النشاط فيها أكثر فيكون الخشوع والخضوع فيها كذلك، وخفف فى غيرها حذرًا من الملل، والتطويل فى الأولى يكون بزيادة دعاء الافتتاح وكثرة القراءة فيها أو المبالغة فى الترتيل وإن استوت القراءة (تخريجه) (بز) ورواه أبو داود عن عثمان بن أبى شيبة عن عفان بسند حديث الباب، وفيه رجل لم يسم وهو طرفة الحضرمى، روى عن عبد الله بن أبى أوفى، وعنه ابنه جحادة (قال فى التقريب) طرفة الحضرمى صاحب ابن أبى أو فى مقبول من الخامسة، لم يقع مسمى فى رواية أَبى داود اهـ (قلت) وبقية رجال حديث الباب ثقات (1408) عن أبى سعيد الخدرى الخ هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده

تقام فينطلق أحدنا البقيع فيقضى حاجته ثمَّ يأتى فيتوضأ ثمَّ يرجع إلى المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى الركعة الأولى عن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه رضي الله عنه قال كان رسول الله صلَّي الله عليه وسلَّم يؤمنا يقرأ بنا فى الرَّكعتين الأوليين من صلاة الظُّهر ويسمعنا الآية أحيانًا ويطوِّل فى الأولى ويقصِّر فى الثَّانية وكان يفعل ذلك فى صلاة الصُّبح، يطوِّل الأولى ويقصِّر الثَّانية، وكان يقرأ بنا فى الرَّكعتين الأوليين من صلاة العصر

_ وشرحه وتخريجه فى باب القراءة فى الظهر والعصر رقم 570 من كتاب الصلاة (1409) عن عبد الله بن أبى قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل بن ابراهيم ثنا هشام الدستوائي ثنا يحيى بن أبى كثير عن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه "الحديث" تقدم الكلام عليه فى باب جامع القراءة فى الصلوات رقم 560 من كتاب الصلاة (تخريجه) (ق. د) وزاد أبو داود "قال فظننا أنه يريد بذلك أن يدرك الناس الركعة الأولى" (الأحكام (أحاديث الباب تدل على مشروعية التطويل فى الركعة الأولى من صلاة الظهر، وغيرها، وقد استدل بها أيضا القائلون بمشروعية تطويل الركعة لانتظار الداخل ليدرك فضيلة الجماعة، وقد حكى استحباب ذلك ابن المنذر عن الشعبى والنخمى وأبى مجلز وابن ليلى من التابعين، وقد نقل الاستحباب أبو الطيب الطبرى عن (الشافعى) فى الجديد، وفى التجريد للمحاملى نسبة ذلك إلى القديم وان الجديد كراهته، وذهب (أبو حنيفة ومالك) والأوزاعى وأبو يوسف وداود والهادوية الى كراهة الانتظار، واستحسنه ابن المنذر، وشدد فى ذلك بعضهم وقال أخاف أن يكون شركا، وهو قول محمد بن الحسن، وبالغ بعض الشافعية فقال إنه مبطل للصلاة (وقال أحمد واسحاق) فيما حكاه عنهما ابن بطال إن كان الانتظار لا يضر بالمأمومين جاز، وان كان مما يضر ففيه الخلاف، وقيل إن كان الداخل ممن يلازم الجماعة انتظره الأمام وإلا فلا، روى ذلك النووى فى شرح المهذب عن جماعة من السلف (وأستدل الخطابى) فى معالم السنن على الانتظار المذكور بحديث أنس المتقدم فى التخفيف عند سماع بكاء

باب جواز جهر الأمام بتكبير الصلاة ليسمعه المأمومون- وحكم التسميع من غير الأمام عن سعيد بن الحارث قال اشتكى أبو هريرة رضى الله عنه أو غاب فصلى بنا أبو سعيد الخدرىُّ رضى الله عنه فجهر بالتَّكبير حين افتتح الصلَّاة وحين ركع وحين قال سمع الله لمن حمده وحين رفع رأسه من السُّجود وحين سجد وحين قام بين الرَّكعتين حتَّى قضى صلاته على ذلك، فلمَّا صلَّى قيل له قد اختلف النَّاس على صلاتك فخرج فقام عند المنبر فقال أيُّها النَّاس، والله ما أبالى اختلفت صلاتكم أو لم تختلف، هكذا رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وصلَّي

_ الصبي فقال، فيه دليل على أن الأمام وهو راكع اذا أحس بداخل يريد الصلاة معه كان له أن ينتظره راكعا ليدرك فضيلة الركعة فى الجماعة، لأنه اذا كان له أن يحذف من طول الصلاة لحاجة إنسان فى بعض أمور الدنيا كان له أن يزيد فيها لعبادة الله تعالى بل هو أحق بذلك وأولى، وكذلك قال ابن بطال، وتعقبهما ابن المنير والقرطبى بأن التخفيف ينافى التطويل فكيف يقاس عليه، قال ابن المنير وفيه مغايرة لمطلوب، لأن فيه ادخال مشقة على جماعة لأجل واحد، وهذا لا يرد على أحمد واسحاق لتقييدهما الجواز بعدم الضرر للمؤتمين كما تقدم، وما قالاه هو أعدل المذاهب فى المسألة، وبمثله قال أبو ثور، أفاده الشوكانى (1410) عن سعيد بن الحارث (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر ثنا فليح عن سعيد بن الحارث "الحديث" (غريبه) (1) أى مرض (2) يعنى تكبيرة الأحرام وقوله وحين ركع الخ يعنى تكبيرات الانتقال (3) أى منهم من رضى الجهر بالتكبير ومنهم من انكره، لأنهم كانوا يرون عدم الجهر، وحكى الطحاوى أن بنى أمية كانوا يتركون التكبير فى الخفض دون الرفع، وما هذه بأول سنّة تركوها، فلما رآى أبو سعيد هذا الاختلاف قام عند المنبر وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (تخريجه) أخرجه البخاري مختصرًا

(1411) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال اشتكى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فصلَّينا وراءه وهو قاعدٌ وأبو بكرٍ رضى الله عنه يكبِّر يسمع النَّاس تكبيره "الحديث" (13) باب انعقاد الجماعة بامام ومأموم سواء كان المأموم رجلا أم صبيا ام امرأة عن أبى أمامة رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلِّي

_ (1411) عن جابر بن عبد الله الخ هذا طرف من حديث طويل سيأتى بسنده وشرحه وتخريجه فى باب اقتداء القادر على القيام بالجالس الخ، وذكرته هنا لمناسبة الترجمة حيث قال فيه "وأبو بكر رضى الله عنه يكبر يسمع الناس تكبيره" وفى حديث عائشة رضى الله عنها فى قصة مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت "فأتى برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أجلس الى جنبه (يعنى أبا بكر رضى الله عنه) وكان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس وأبو بكر يسمعهم التكبير" رواه مسلم بلفظه والبخارى والأمام أحمد بمعناه (الأحكام) الحديث الأول من حديثى الباب يدل على مشروعية الجهر بتكبيرة الأحرام وسائر تكبيرات الانتقال للأمام، وقد كان مروان وسائر بنى أمية يسرون به، ولهذا اختلف الناس لما صلى أبو سعيد هذه الصلاة فقام عند المنبر فقال ما قال (والحديث الثانى) من حديثى الباب يدل على أنه اذا كان الأمام ضعيف الصوت لمرض أو نحوه بحيث لا يسمع المأمومون تكبيره فيجوز للمؤذن أو غيره من المأمومين رفع صوته بالتكبير ليسمعه الناس ويتبعوه (وفيه أيضا) جواز اقتداء المأمومين بصوت المسمّع (قال الشوكانى) وهو مذهب الجمهور وقد نقل انه إجماع (قال النووى) وما أراه يصح الأجماع فيه، فقد نقل القاضى عياض عن مذهبهم أن منهم من أبطل صلاة المقتدى ومنهم من لم يبطلها، ومنهم من قال إن أذِن له الأمام فى الأسماع صح الاقتداء به والا فلا، ومنهم من أبطل صلاة المسمّع، ومنهم من صححها؛ ومنهم من شرط إذن الأمام، ومنهم من قال ان تكلف صوتا بطلت صلاته وصلاة من ارتبط بصلاته، وكل هذا ضعيف، والصحيح جواز كل ذلك وصحة صلاة المسمّع والسامع ولا يعتبر إذن الأمام اهـ (1412) عن أبى أمامة رضى الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي

فقال ألا رجلٌ يتصدَّق على هذا فيصلِّى معه، فقام رجلٌ فصلَّى معه، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم هذان جماعةٌ عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال بتُّ ليلةً عند خالتى ميمونة بنت الحارث ورسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عندها فى ليلتها. فقام يصلَّى من اللَّيل، فقمت عن يساره لأصلِّى بصلاته قال فأخذ بذؤابة كانت لى أو برأسى حتَّى جعلنى عن يمينه عن أبة هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّي الله عليه وآله وسلَّم رحم الله رجلًا قام من اللَّيل فصلَّى وأيقظ امرأته فصلَّت، فإن أبت نضح فوجهها الماء، ورحم الله امرأةً قامت من اللَّيل فصلَّت وأيقظت زوجها فصلَّى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء

_ ثنا علي بن اسحاق ثنا ابن المبارك ثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زَحْرِ عن على بن يزيد عن القاسم عن أبى أمامة "الحديث" (تخريجه) (طس) وفى إسناده على بن يزيد الألهانى، قال البخارى منكر الحديث وأخرجه (د. مذ) من وجه آخر صحيح دون قوله هذان جماعة (1413) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم ثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (1) هى الشعر المضفور من شعر الرأس، جمعها ذوائب (2) يحتمل المساواة ويحتمل التقدم والتأخر قليلا، لكن جاء فى الموطأ عن عبد الله بن مسعود قال دخلت على عمر بن الخطاب بالهاجرة فوجدته يسبح (يعنى يصلى نفلا) فقمت وراءه فقربنى حتى جعلنى حذاءه عن يمينه، وفى رواية عن ابن عباس أيضا "فقمت الى جنبه" وهذا ظاهر فى المساواة، وعن بعض أصحاب الشافعى يستحب أن يقف المأموم دونه قليلا، وسيأتى الكلام على ذلك فى أحكام الباب الأول من أبواب موقف الأمام والمأموم (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (1414) عن أبى هريرة رضى الله عنه الخ، هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه

_ في الباب الأول من أبواب صلاة الليل، وذكرته هنا للأستدلال به على انعقاد الجماعة برجل وامرأة وإن كان ليس صريحا فى ذلك فقد رواه أبو داود عن أبى سعيد وأبى هريرة بأصرح من هذا، وسيأتى قريبا فى الأحكام (الأحكام) حديث أبى أمامة يدل على انعقاد الجماعة برجلين أحدهما إمام والآخر مأموم (فان قيل) إن حديث أبى أمامة فعرف لا يحتج به (قلت) نعم ولكن له شواهد كثيرة من عدة طرق بلفظ "اثنان فما فوقهما جماعة" وإن كانت كلها ضعيفة فيعضد بعضها بعضًا، وقد ترجم به البخارى فقال "باب اثنان فما فوقهما جماعة" وهو فى ابن ماجه من حديث أبى موسى الأشعرى (وفى معجم البغوى) من حديث الحكم بن عمير (وفى افراد الدار قطنى) من حديث عبد الله بن عمرو (وفى البيهقى) من حديث أنس (وفى الأوسط للطبرانى) من حديث أبى أمامة، أشار الى هذه الطرق جميعها الحافظ فى الفتح، على أنه يستغنى عن ذلك كله بحديث مالك بن الحويرث رضى الله عنه المتفق عليه، ورواه الأمام أحمد أيضا وتقدم فى الباب الثانى من أبواب الأمامة وصفة الأئمة رقم 1369 ولفظه عن مالك بن الحويرث "أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له ولصاحب له اذا حضرت الصلاة فأذنا وأقيما، وقل مرة فأقيما ثم ليؤمكما أكبركما" والى انعقاد الجماعة برجلين ذهب عامة الفقهاء ولم أعلم فيه خلافا (وحديث ابن عباس) يدل على انعقاد الجماعة باثنين أحدهما صبى والى ذلك (ذهبت الشافعية والأمام يحيى) من غير فرق بين الفرض والنفل؛ وهو رواية عن الأمام أحمد، وذهب الأئمة (مالك وأحمد وأبو حنيفة) فى رواية عنه الى الصحة فى النافلة (وذهب الى عدم انعقادها بصبى) الهادى والناصر والمؤيد بالله وأبو حنيفه وأصحابه، قال الشوكانى وليس على قول من منع من انعقاد إمامة من معه صبى فقط دليل، ولم يستدل لهم فى البحر إلا بحديث "رفع القلم" ورفع القلم يدل على عدم صحة صلاته وانعقاد الجماعة به، ولو سُلّم لكان مخصَّصا بحديث ابن عباس ونحوه اهـ (وحديث أبى هريرة) يستفاد منه انعقاد الجماعة برجل وامرأة من أهله (أى من محارمه أو زوجته) وإن لم يكن صريحا فى ذلك، فقد أخرجه أبو داود عن أبى سعيد وأبى هريرة بأصرح من هذا، ولفظه عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من استيقظ من الليل وأيقظ أهله فصليا ركعتين جميعًا كتبا من الذاكرين الله كثيرا والذاكرات" وأخرجه أيضا النسائى وابن ماجه (قال الشوكانى) وفيه مشروعة إيقاف الرجل أهله بالليل للصلاة، واستدل به على صحة الأمامةى وانعقادها برجل وامرأة، والى ذلك ذهب الفقهاء ولكنه لا يخفى أن قوله "فصليا ركعتين جميعا" محتمل لأنه يصدق عليهما اذا صلى كل واحد منهما منفردًا أنهما صليا جميعًا ركعتين، أى كل واحد منهما فصلى الركعتين ولم يفعلهما أحدهما فقط، ولكن الأصل صحة الجماعة وانعقادها بالمرأة مع الرجل كما تنعقد بالرجل مع

(أبواب ما يتعلق بالمأمومين وأحكام الاقتداء) (1) باب وجوب متابعة الأمام والنهى عن مسابقة حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبة ثنا يحيى بن سعيدٍ ثنا هشامٌ قال ثنا قتادة يونس بن جبيرٍ عن حطَّان بن عبد الله الرَّقشى أنَّ الأشعرى صلَّى بأصحابه صلاةً، فقال رجلٌ من القوم حين أقرت الصلَّاة بالبرِّ والزَّكاة، فلمَّا قضى الأشعرى صلاته أقبل على القوم فقال أيكم القائل كلمة كذا وكذا فأرمَّ القوم، قال أبو عبد الرَّحمن قال أبي أرمَّ السكوت،

_ الرجل، ومن منع ذلك فعليه الدليل، ويؤيد ذلك ما أخرجه الاسماعيلى فى مستخرجه عن عائشة أنها قالت "كان النبى صلى الله عليه وسلم اذا رجع من المسجد صلى بنا" وقال إنه حديث غريب، وقد روى الشافعى وابن أبى شيبة والبخارى تعليقا عن عائشة أنها كانت تأتم بغلامها، وحكى المهدى فى البحر عن العترة أنه لا يؤم الرجل امرأة، واستدل لذلك بقوله صلى الله عليه وسلم "أخروهن حيث أخرهن الله" وقوله "شر صفوف النساء أولها" وليس فى ذلك ما يدل على المطلوب، واستدل أيضا بأن عليًا عليه السلام منع من ذلك، قال وهو توقيف، وجعله من التوقيف دعوى مجردة، لأن المسألة من مسائل الاجتهاد، وليس المنع مذهبا لجميع العترة، فقد صرح الهادى أنه يجوز للرجل أن يؤم المحارم فى النوافل، وجوز ذلك المنصور بالله مطلقا اهـ (وقال النووى) قال أصحابنا أقل الجماعة اثنان إمام ومأموم، فاذا صلى رجل برجل أو بامرأته أو أمته أو ابنته أو غيرهم أو بغلامه أو بسيدته أو بغيرهم حصلت له فضيلة الجماعة التى هى خمس أو سبع وعشرون درجة، وهذا لا اختلاف فيه، ونقل الشيخ أبو حامد وغيره فيه الأجماع اه (1415) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) هو أبو موسى الأشعرى رضى الله عنه (2) المعنى أن الصلاى قرنت بالبر والزكاة واقرت معهما وصار الجميع مأمورا به؛ والبر الخير والزكاة التطهير؛ ويحتمل أنّ اقرت بمعنى أثبتت من الأقرار، اى أثبتت الصلاة مصاحبة للخير والطهارة من الذنوب (3) هو بفتح الراء وتشديد الميم أى سكتوا كما فسرها بذلك الأمام احمد وقوله (قال أبو عبد الرحمن) هو عبد الله بن الأمام احمد رحمهما الله (قال

قال لعلَّك يا حطَّان قلتها، لحطَّان بن عبد الله، قال والله إن قلتها، ولقد رهبت أن تبعكنى بها قال رجلٌ من القوم أنا قلتها وما أردت بها إلاَّ الخير، فقال الأشعرىُّ ألا تعلمون ما تقولون في صلاتكم؟ فإنَّ نبيَّ الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فعلَّمنا سنَّتنا وبيَّن لنا صلاتنا فقال أقيموا صفوفكم ثمَّ ليؤمَّكم اقرؤكم، فإذا كبَّر فكبَّروا وإذا قال ولا الضَّالَّين فقولوا آمين بحبكم الله ثمَّ إذا كبَّر الإمام وركع فكبَّروا واركعوا فإنَّ الإمام يركع قبلكم ويرفع قبلكم، قال نبيُّ الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فتلك بتلك فإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا االلَّهمَّ ربَّنا لك الحمد يسمع

_ أبي) يعني الإمام أحمد (أرم السكوت) أى أرم معناه السكوت (1) متعلق بقال أي قال لحطان بن عبد الله لعلك يا حطان قلتها (وقوله إن قلتها) يعنى ما قلتها، فلفظ إن ناف بمعنى ما كقوله تعالى "إن كل نفس لما عليها حافظ" أي ما كل نفس إلا عليها حافظ، وقد صرح بذلك في رواية مسلم وأبى داود، ولفظهما فقال "لعلك يا حطان قلتها قال ما قلتها" (2) تبعكنى بفتح المثناة في أوله وإسكان الموحدة بعدها أي تبكتنى بها وتوبخني (قال في النهاية) بعكت الرجل بعكا إذا استقبلته بما يكره اهـ (3) أي الطريق التي نسير عليها في أمر ديننا (4) أمر بإقامة الصفوف، وهو مأمور به بإجماع الأمة، وحمله الجمهور على الندب، والمراد تسويتها والاعتدال فيها وتتميم الأول فالأول منها والتراص، وسيأتي الكلام على ذلك في بابه إن شاء الله تعالى (5) فيه أن المأموم لا يشرع في التكبير إلا بعد فراغ الإمام منه، وكذلك الركوع والرفع منه والسجود، وقد اختلف في ذلك هل هو على سبيل الوجوب أو الندب؟ والظاهر الوجوب من غير فرق بين تكبيرة الإحرام وغيرها (6) هو بالجيم أي يستجب دعاءكم، وهذا حث عظيم على التأمين فيتأكد الاهتمام به (7) هذه الجملة من قوله ثم إذا كبر الإمام إلى قوله فتلك بتلك معناها احملوا تكبيركم للركوع وركوعكم بعد تكبيره وركوعه، وكذلك رفعكم من الركوع يكون بعد رفعه (ومعنى تلك بتلك) أن اللحظة التي سبقكم الإمام بها في تقدمه إلى الركوع تنجبر لكم بتأخيركم في الركوع لحظة بعد رفعه، فتلك اللحظة بتلك اللحظة، وصار قدر ركوعكم كقدر ركوعه، ويقال مثل ذلك في السجود

الله لكم فإنَّ الله عزَّ وجل قال على لسان نبيِّه صلى الله عليه وسلم سمع الله لمن حمده، وإذا كبَّر الإمام وسجد فكبِّروا واسجدوا، فإنَّ الإمام يسجد قبلكم ويرفع قبلكم، قال نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم فتلك بتلك، فإذا كان عند القعدة فليكن من أول قول أحدكم أن يقول، التَّحيَّات الَّطَّيَّبات الصلوات لله، السلَّام عليك أيُّها النَّبيُّ ورحمة الله وبركاته، السلَّام علينا وعلى عباد الله الصَّالحين، أشهد أن لا إله إلاَّ الله وأشهد أنَّ محمَّدًا عبده ورسوله

_ (1) في هذه الجملة دلالة للقائلين إنه يستحب للإمام الجهر بقوله سمع الله لمن حمده والقائلين لا يزيد المأموم على قوله اللهم ربنا لك الحمد ولا يقول معه سمع الله لمن حمده (قال النووي) ومذهبنا أنه يجمع بينهما الإمام والمأموم والمنفرد، لأنه ثبت أنه صلى الله عليه وسلم جمع بينهما وثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال "صلوا كما رأيتموني أصلى" قال ومعنى سمع الله لمن حمده أي أجاب دعاء من حمده، ومعنى يسمع الله لكم، بستجب دعاءكم قال وقوله "ربنا لك الحمد" هكذا هو هنا "يعنى في صحيح مسلم" بلا واو، وفي غير هذا الموضع ربنا ولك الحمد، وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بإثبات الواو وبحذفها وكلاهما جاءت به روايات كثيرة والمختار أنه على وجه الجواز وأن الأمرين جائزان، ولا ترجيح لأحدهما على الآخرة، ونقل القاضي عياض رضي الله عنه اختلافا عن مالك رحمه الله تعالى وغيره في الأرجح منهما، وعلى أثبات الواو يكون قوله ربنا متعلقا بما قبله تقديره سمع الله لمن حمده يا ربنا فاستجب حمدنا ودعاءنا ولك الحمد على هدايتنا لذلك اهـ (قلت) تقدم الكلام على إثبات الواو وحذفها في قول ربنا ولك الحمد في شرح الحديث رقم 654 في الباب السابع من أبواب التشهد (2) يعنى الجلوس للتشهد (3) استدل به الهادوية القائلون إن المصلى يقول في أول جلوسه للتشهد باسم الله وبالله والحمد لله والأسماء الحسنى كلها لله التحيات الخ لأنه قال في الحديث "فليكن من أول قول أحدكم" ولم يقل فليكن أول قول أحدكم فجعلوا "من" أصلية وإن البداءة بلفظ التحيات غير متعينة، وقال الجمهور إن "من" زائدة"، والمعنى "فليكن أول قول أحدكم التحيات الخ" واستدلوا على زيادة "من" بما رواه عبد الرزاق عن معمر عن قتادة بسنده عن أبى موسى مرفوعًا وفيه "فإذا قعد أحدكم فليكن أول قوله التحيات الحديث" وتقدم شرح ألفاظ التشهد في الباب الأول من أبواب التشهد فارجع إليه (تخريجه) (م. د) مطولا كما هنا.

(1416) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال إنَّما الإمام ليؤتمَّ (فلا تختلفوا عليه) فإذا كبَّر فكبِّروا، ولا تكبِّروا حتَّى يكبِّر، وإذا ركع فاركعوا ولا تركعوا حتَّى يركع، وإذا قال سمع الله لمن

_ وأخرجه (جه. لس. قط. والطحاوى) مختصرًا (1416) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا مصعب بن محمد عن أبى صالح السمان عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (1) هكذا في هذه الرواية عند الإمام أحمد "إنما الإمام" ولأبى داود والإمام أحمد في رواية أخرى عن أنس "إنما جعل الإمام" وكذا للشيخين والإمام أحمد وأبى داود وابن ماجه من حديث عائشة؛ وكذا لمسلم والإمام أحمد وأبى داود والنسائي وابن ماجه من حديث عائشة؛ وكذا لمسلم والإمام أحمد وأبى داود والنسائي وابن ماجه من حديث جابر بلفظ "إنما جعل الإمام" وكل هذه الروايات تقدمت للإمام أحمد في الباب الأول من أبواب صلاة المريض "ولفظ إنما" من صيغ الحصر عند جماعة من أئمة الأصول والبيان، ومعنى الحصر فيها إثبات الحكم في المذكور ونفيه عما عداه، واختار الآمدى أنها لا تفيد الحصر وإنما تفيد تأكيد الإثبات فقط، ونقله أبو حيان عن البصريين، وفي كلام الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد ما يقتضى نقل الاتفاق على إفادتها للحصر، والمراد بالحصر هنا حصر الفائدة في الاقتداء بالإمام والإتباع له، ومن شأن النابع أن لا يتقدم على المتبوع، ومقتضى ذلك أن لا يخالفه في شيء من الأحوال التي فصّلها الحديث ولا في غيرها قياسًا عليها، ولكن ذلك مخصوص بالأفعال الظاهرة لا الباطنة، وهي ما لا يطلع عليه المأموم كالنية، فلا يضر الاختلاف فيها، فلا يصح الاستدلال به على من جوز ائتمام من يصلى الظهر بمن يصلى العصر، ومن يصلى الأداء بمن يصلى القضاء، ومن يصلى الفرض بمن يصلى النفل وعكس ذلك؛ وعامة الفقهاء على ارتباط صلاة المأموم بصلاة الإمام وترك مخالفته له في نية أو غيرها، لأن ذلك من الاختلاف، وقد نهى عنه صلى الله عليه وسلم بقوله "فلا تختلفوا" وأجيب بأنه صلى الله عليه وسلم قد بيّن وجوه الاختلاف فقال "فإذا كبر فكبروا الخ" ويتعقب بالحاق غيرها بها قياسًا كما تقدم، وقد استدل بالحديث أيضًا القائلون بأن صحة صلاة المأموم لا تتوقف على صحة صلاة الإمام إذا بان جنبا أو محدثا أو عليه نجاسة خفية، وبذلك صرح أصحاب الشافعي بناء على اختصاص النهى عن الاختلاف بالأمور المذكورة في الحديث أو بالأمور التي يمكن المؤتم الإطلاع عليها أفاده الشوكاني (2) هذه الجملة أعنى قوله "فلا تختلفوا عليه" ليست في هذه الرواية وتثبت في رواية أخرى لأبي

حمده فقولوا ربَّنا ولك الحمد (وفى روايةٍ اللَّهمَّ ربَّنا لك الحمد، وفى أخرى ربَّنا لك الحمد) وإذا سجد فاسجدوا، ولا تسجدوا حتَّى يسجد، وإن صلَّى جالسًا فصلُّوا جلوسًا أجمعون عن البراء بن عازبٍ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع رأسه من الرُّكوع لم يحن رجلٌ منَّا ظهره حتَّى يسجد ثمَّ نسجد عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال صلَّى رجلٌ خلف النبي صلى الله عليه وسلم فجعل يركع قبل أن يركع، ويرفع قبل أن يرفع، فلمَا قضى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الصلَّاة قال من فعل هذا؟ قال أنا يا رسول الله أحببت أن أعلم تعلم ذلك أم لا

_ هريرة أيضًا عند الشيخين والإمام أحمد ولهذا جعلتها بين قوسين (1) كذا في أكثر الروايات بالرفع على التأكيد بضمير الفاعل في قوله صلوا، وفي بعضها بالنصب على الحال؛ وقد استدل بقوله صلى الله عليه وسلم "وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا" من قال إن المأموم يتابع الإمام في الصلاة جالسا وإن لم يكن المأموم معذورا، وسيأتي ذكر الخلاف في ذلك في أحكام باب اقتداء القادر على القيام بالجالس (تخريجه) (ق. وغيرهما) ورواه البيهقي بلفظ "إنما الإمام ليؤتم به" كما رواه الإمام أحمد. (1417) عن البراء بن عازب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكبع عن سفيان عن أبى إسحاق عن عبد الله بن يزيد عن البراء بن عازب "الحديث" (غريبه) (2) بفتح أوله وسكون ثانيه أي لم يثن يقال حنا يحنو ويحنى من باب نصر وضرب، والمعنى لا ينتقل المأموم من ركن حتى يتلبس الإمام بالركن الذي يليه (تخريجه) (ق. والثلاثة) (1418) عن أبى سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسين بن محمد ثنا أيوب بن جابر عن عبد الله بن عصمة الحنفي عن أبى سعيد الخدري "الحديث" (غريبه) (3) فيه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث كان يرى من خلفه كما يرى من أمامه لأنه رأى الرجل يركع قبله وهو خلفه، وهذه المعجزة ثابتة بالأحاديث الصحيحة الصريحة عند الشيخين الإمام أحمد كما في الحديث التالي، وفي رواية لمسلم عن أبى هريرة رضي الله عنه

فنال اتَّقوا خداج الصلَّاة إذا ركع الإمام فاركعوا وإذا رفع فارفعوا عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ذات يومٍ وقد انصرف من الصلَّاة قأقبل إلينا فقال يا أيُّها النَّاس إنِّى إمامكم، فلا تسبقونى بالرُّكوع ولا بالسُّجود ولا بالقيام ولا بالعقود ولا بالانصراف فإنِّى أراكم من أمامى ومن خلفى، وأيم الَّذى نفسى بيده لو رأيتم ما رأيتم لضحكتم قليلًا ولبيتكم كثيرًا، قالوا يا رسول الله ما رأيت؟ رأيت الجنَّة والنَّار زاد فى روايةٍ وحضَّنهم على الصلَّاة

_ قال "صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا ثم انصرف فقال يا فلان ألا تحسن صلاتك؟ ألا ينظر المصلى إذا صلى كيف يصلى فإنما يصلى لنفسه، إني والله لأبصر من ورائي كما أبصر من بين يدي" وفي الصحيحين من حديث أنس بلفظ "أقيموا الركوع والسجود فو الله إني لأراكم من بعدى، وربما قال من بعد ظهري إذا ركعتم وسجدتم" وفي رواية لمسلم من حديث أنس بلفظ حديث أنس الآتى بعد هذا، والظاهر أن هذا الصحابي كان حديث عهد بالإسلام وبلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم يبصر من خلفه كما يبصر من أمامه فأراد أن يتحقق ذلك ففعل ما فعل عمدًا كما يؤخذ من جوابه حيث قال "أحببت أن أعلم تعلم ذلك أم لا؟ " وتقدم الكلام على معنى إبصاره صلى الله عليه وسلم من خلفه في باب افتتاح الصلاة والخشوع فيها في شرح حديث رقم 485 فارجع إليه (1) أي احذروا نقصان الصلاة، لأن الخداج معناه النقصان؛ وتقدم الكلام عليه في باب تفسير سورة الفاتحة في شرح حديث أبى هريرة رقم 520 من كتاب الصلاة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الأوسط وفيه أيوب بن جابر، قال أحمد حديثه يشبه حديث أهل الصدق، وقال ابن عدى حديثه يحمل بعضه بعضًا، وضعفه ابن عدى وجماعة اهـ. (1419) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن فضيل ثنا المختار بن فلفل عن أنس "الحديث" (غريبه) (2) فيه تحريم هذه الأمور وما في معناها، والمراد بالانصراف السلام (3) فيه أنهما مخلوقتان وموجودتان (تخريجه) (م. وغيره)

(1420) عن أبي هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أو قال قال أبو القاسم صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أما يخاف الذَّى يرفع رأسه والإمام سادٌ أن يحوِّل رأسه رأس حمارٍ (وعنه

_ (1420) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الأعلى عن سمرة عن محمد بن زياد عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (1) أو للشك من الراوي في قول أبى هريرة رضي الله عنه، هل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم (2) أما مخففة حرف استفتاح مثل ألا، وأصلها النافية دخلت عليها همزة الاستفهام وهي هنا استفهام توبيخ (3) زاد ابن خزيمة "في صلاته" وقوله والإمام ساجد نص في السجود فقط ولم يذكر هذا اللفظ أعنى قوله "والإمام ساجد" في رواية البخاري ولا في الطريق الثانية من حديث الباب، وقد حملها بعضهم على أنها نص في المنبع من تقدم المأموم في الرفع من الركوع والسجود معًا وليس كذلك، وقد بيّن حديث الباب المراد من ذلك وهو السجود فقط كما في رواية حفص بن عمر عند أبى داود بلفظ "أما يخشى أو ألا يخشى أحدكم إذا رفع رأسه والإمام ساجد أن يحول الله رأسه حمار أو صورته صورة حمار" قال الحافظ هو نص في السجود ويلتحق به الركوع لكونه في معناه؛ ويمكن الفرق بينهما بأن السجود له مزيد مزية، لأن العبد أقرب ما يكون فيه من ربه، وأما التقدم على الإمام في الخفض للركوع والسجود فقيل يلتحق به من باب الأولى، لأن الاعتدال والجلوس بين السجدتين من الوسائل، والركوع والسجود من المقاصد، وإذا دل الدليل على وجوب الموافقة فيما هو وسيلة فأولى أن يجب فيما هو مقصد (قال الحافظ) ويمكن أن يقال ليس هذا بواضح؛ لأن الرفع من الركوع والسجود يستلزم قطعه عن غاية كماله، قال وقد ورد الزجر عن الرفع والخفض قبل الإمام من حديث أخرجه البزار عن أبى هريرة مرفوعًا "الذي يخفض ويرفع قبل الإمام إنما ناصيته بيد شيطان" وأخرجه عبد الرزاق من هذا الوجه موقوفًا وهو المحفوظ (4) في الرواية الثانية أن يحول الله صورته، وعند البخاري "أن يجعل الله رأسه رأس حمار، أو يجعل الله صورته صورة حمار" (قال الحافظ) الشك من شعبة فقد رواه الطبالسى عن حماد بن سلمة وابن خزيمة من رواية حماد بن زيد، ومسلم من رواية يونس بن عبيد، والربيع بن مسلم كلهم عن محمد بن زياد بغير تردد، فأما الحمّادان فقالا رأس، وأما يونس فقال صورة، وأما الربيع فقال وجه،

من طريقٍ ثانٍ) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم ما يأمن الذى يرفع رأسه قبل الإمام وهو مع الإمام أن يحوِّل الله صورته صورة حمارٍ (1421) عن معاوية بن أبى سفيان رضي الله عنه عن النَّبيَّ صلَّى الله

_ والظاهر أنه من تصرف الرواة، قال عياض هذه الروايات منفقة، لأن الوجه في الرأس ومعظم الصورة فيه (قال الحافظ) (قلت) لفظ الصورة يطلق على الوجه أيضا، وأما الرأس فرواتها أكثر وهي أشمل فهي المعتمدة؛ وخص وقوع الوعيد عليها لأن بها وقعت الجناية وهي أشمل (واختلف) في معنى الوعيد المذكور فقيل يحتمل أن يرجع ذلك إلى أمر معنوي فإن الحمار موصوف بالبلادة فاستعير هذا المعنى للجاهل بما يجب عليه من فرض الصلاة ومتابعة الأمام، ويرجح هذا المجاز أن التحويل لم يقع مع كثرة الفاعلين، لكن ليس في الحديث ما يدل على أن ذلك يقع ولابد، وإنما يدل على كون فاعله متعرضا لذلك، ولا يلزم من التعرض للشيء وقوعه، وقيل هو على ظاهره إذ لا مانع من جواز وقوع ذلك، وقد وردت أحاديث كثيرة تدل على جواز وقوع المسخ في هذه الأمة، وأما ما ورد من الأدلة القاضية برفع المسخ عنها فهو المسخ العام، ومما يبعد المجاز المذكور ما عند ابن حبان بلفظ "أن يحول الله رأسه رأس كلب" لانتفاء المناسبة التي ذكروها من بلادة الحمار، ومما يبعده أيضًا إيراد الوعيد بالأمر المستقبل وباللفظ الدال على تغيير الهيئة الحاصلة، ولو كان المراد التشبيه بالحمار لأجل البلادة لقال مثلا فرأسه رأس حمار، ولم يحسن أن يقال له إذا فعلت ذلك صرت بليدًا، مع أن فعله المذكور إنما نشأ عن البلادة اهـ باختصار (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن يونس يعني ابن عبيد عن محمد بن زياد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما يأمن الخ (2) جاء بالأصل "ما يؤمن" بواو مهموزة بعد الياء، والظاهر أنه تحريف من الناسخ وصوابه "ما يأمن" بفتح الياء والميم بينهما همزة ساكنة "من الأمن لا الأيمان" لما رواه مسلم بسند الأمام أحمد عن أبي هريرة أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما يأمن الذي يرفع رأسه" الخ بنحوه حديث الباب والله أعلم (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم). (1421) عن معاوية بن أبي سفيان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان قال أخبرني محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محريز عن

عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال لا تبادروني بركوعٍ ولا سجودٍ فإنَّه مهما أسبقكم به إذا ركعت، تدركونى إذا رفعت، ومهما أسبقكم سجدت، تدركونى إذا رفعت، إنِّى قد بدنت (1422) عن أبى إسحاق أنَّه سمع عبد الله بن يزيد الأنصاريَّ يخطب فقال أخبرنا البراء (بن عازبٍ) رضى الله عنه وهو غير كذوبٍ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رفع رأسه من الرُّكوع قاموا قيامًا حتَّى يسجد ثمَّ يسجدون

_ معاوية "الحديث" (غريبه) (1) أي لا تسبقوني (2) قال أبو عبيد هكذا روى في الحديث بدنت يعني بالتخفيف وإنما هو بدنت بالتشديد أي كبرت وأسننت والتخفيف من البدانة وهي كثرة اللحم ولم يكن صلى الله عليه وسلم سمينًا، قال صاحب النهاية جاء في صفته صلى الله عليه وسلم في حديث بن أبي هالة بادن متماسك والبادن الضخم فلما قال بادن أردفه بمتماسك وهو الذي يمسك بعض أعضائه بعضا فهو معتدل الخلق اهـ وقال الطيبي روى بالتخفيف وبالتشديد مفتوحة ومضمومة والعلماء واختاروا الأول إذا السمن لم يكن من وصفه صلى الله عليه وسلم اهـ (تخريجه) (د. جه. طب) قال العراقي ورجاله رجال الصحيح. (1422) عن أبي إسحاق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة قال سمعت أبا إسحاق يحدث أنه سمع عبد الله بن يزيد الأنصاري "الحديث" (غريبه) (3) يعني وكان البراء رضي الله عنه غير كذوب أي حتى يتوهم منه أنه كذب في تبليغ الأحكام الشرعية، وفيه أن الكذب في الأحكام لا يتأتى عادة إلا من كذوب يبالغ في الكذب والمقصود التوثق بما حدث (4) المعنى أن المطلوب من المأموم عدم الانتقال من الركن حتى يشرع الأمام في ركن آخر، لا أن يقارنه فإن المقارنة قد تؤدي إلى تقدم المقتدي على الأمام وذلك منهى عنه بالاتفاق (تخريجه) (خ. نس) وغيرهما (الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب متابعة الأمام وعدم سبقه في أي ركن من الأركان من غير فرق بين تكبيرة الأحرام وغيرها وأن سبق الأمام حرام يأثم فاعله كما يستفاد من الحديث التالي لأبي هريرة لكونه توعد عليه بالمسخ وهو أشد العقوبات وبذلك جزم الننوي في شرح المهذب، واتفق العلماء على بطلان الصلاة بسبق المأموم إمامه في تكبيرة الأحرام والسلام، واختلفوا فيما عداها، فحكى الحافظ عن الجمهور أن فاعله يأثم

(2) باب اقتداء المفترض بالمتنقل والمقيم بالمسافر (1423) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن معاذ بن جبلٍ رضى الله عنه كانم يصلِّى مع رسول الله صلَّى عليه وآله وسلَّم العشاء ثمَّ يأتى قومه فيصلِّى بهم تلك الصلَّاة (1424) عن عمر ان بن حصينٍ رضي الله عنه قال شهدت معه (يعنى النبيَّ صلى الله عليه وسلم) الفتح فأقام بمكَّة ثمان عشرة لا يصلِّى إلا ركعتين ويقول

_ وتجزئ صلاته، وعن ابن عمر تبطل، وبه قال أحمد في رواية وأهل الظاهر بناء على أن النهي يقتضي الفساد، وفي المغنى عن أحمد أنه قال في رسالته ليس لمن يسبق الأمام صلاة لهذا الحديث، قال ولو كانت له صلاة لرجي له الثواب ولم يخش عليه العقاب اهـ واستدل به على جواز المقارنة ولا دلالة فيه، لأنه دل بمنطوقه على المسابقة وبمفهومه على طلب المتابعة، وأما المقارنة فمسكوت عنها (لطيفة) قال صاحب القبس ليس للتقدم قبل الأمام سبب إلا طلب الاستعجال، ودواؤه أن يستحضر أنه لا يسلم قبل الأمام فلا يستعجل في هذه الأفعال والله أعلم أفاده الحافظ. (1423) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن عجلان حدثني عبد الله بن مقسم عن جابر بن عبد الله "الحديث" (غريبه) (1) رواية مسلم "عشاء الآخرة" من باب إضافة الموصوف إلى صفته وهو جائز عند الكوفيين بغير تقدير، ويصح عند البصريين بتقدير محذوف ومنه قوله تعالى (ولدار الآخرة- وبجانب الغربي) أي دار الحياة الآخرة وجانب الجبل الغربي (2) زاد الشافعي والدارقطني "هي له تطوع ولهم مكتوبة العشاء" (تخريجه) (ق) والزيادة التي رواها الشافعي والدارقطني رواها أيضا عبد الرزاق والطحاوي والبيهقي وغيرهم، قال الشافعي هذا حديث ثابت لا أعلم حديثا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق واحد أثبت منه (وقال الحافظ) بعد أن ذكر هذه الزيادة، وهو حديث صحيح ورجاله رجال الصحيح، وقد رد على ابن الجوزي لما قال إنها لا تصح وعلى الطحاوي لما أعلها وزعم أنها مدرجة. (1424) عن عمران بن حصين، هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الثاني عشر من أبواب صلاة المسافر رقم 1229 أثبته هنا لمناسبة الترجمة

لأهل البلد صلُّوا أربعًا فإنَّا سفرٌ

_ وللاستدلال به على جواز اقتداء المقيم بالمسافر (وقوله ثمان عشرة) يعني ليلة كما صرح بذلك في رواية أخرى تقدمت هناك (وقوله لأهل البلد) يعني أهل مكة، وقد صرح بذلك من طريق أخرى هناك أيضا (وقوله سفر) بفتح السين وسكون الفاء جمع مسافر كركب وراكب (وفي الباب) عن سالم بن عبد الله عن أبيه عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قدم مكة صلى بهم ركعتين ثم يقول يا أهل مكة أتموا صلاتكم فأنا قوم سفر رواه الأمام مالك في الموطأ ورجال إسناده أئمة ثقات (الأحكام) حديث جابر يدل على جواز صلاة المفترض بالمتنفل لأن معاذا رضى الله عنه كان يصلي العشاء مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم يصليها إمامًا بقومه فكانت له تطوعا ولهم فريضة كما صرح بذلك في رواية البيهقي والشافعي وغيرهم، وهي رواية صحيحة كما تقدم (قال النووي) رحمه الله مذهبنا جواز صلاة المفترض خلف متنقل ومفترض في فرض آخر، وحكاه ابن المنذر عن طاوس وعطاء الأوزاعي وأحمد وأبي ثور وسليمان بن حرب قال وبه أقول؛ وهو مذهب داود (وقالت طائفة) لا يجوز نفل خلف فرض ولا فرض خلف نفل ولا خلف فرض آخر، قاله الحسن البصري والزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وربيعة وأبو قلابة، وهو رواية عن مالك؛ وقال الثوري وأبو حنيفة ولا يجوز الفرض خلف نفل ولا فرض آخر، ويجوز النفل خلف فرض وروى عن مالك مثله (قلت وعند الحنابلة يصح النفل خلف الفرض ولا عكس وتصح المقضية خلف الحاضرة وعكسه حيث تساوتا في الاسم) قال واحتج لمن منع بقوله صلى الله عليه وسلم "إنما جعل الأمام ليؤتم به" رواه البخاري ومسلم من طرق، واحتج أصحابنا بحديث جابر، فذكر حديث الباب مع الزيادة التي رواها الشافعي والبيهقي وهي قوله "هي له تطوع ولهم مكتوبة العشاء" ثم قال قال البيهقي في كتابه معرفة السنن والآثار وكذلك رواه بهذه الزيادة أبو عاصم النبيل وعبد الرزاق عن ابن جريج كرواية شيخ الشافعي عن ابن جريج بهذه الزيادة، وزيادة الثقة مقبولة؛ قال والأصل أن ما كان موصولا بالحديث فهو منه لاسيما إذا روى من وجهين إلا أن تقوم دلالة على التمييز اهـ ج (وحديث عمران بن حصين) يدل على جواز ائتمام المقيم بالمسافر ولا خلاف في ذلك، إنما الخلاف في اقتداء المسافر بالمقيم فذهب جماعة إلى عدم الصحة، منهم داود والشعبي والهادي والقاسم والأمامية لقوله صلى الله عليه وسلم "لا تختلفوا على إمامكم" وقد خالف في العدد والنية، وذهب جماعة إلى الصحة منهم زيد بن علي والمؤيد بالله والباقر وأحمد بن عيسى والشافعية والحنفية إذ لم تفصل أدلة الجماعة،

(3) باب جواز اقتداء المتوضئ بالمتيمم (1425) عن عمرو بن العاص رضى الله عنه أنَّه قال لماَّ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم عام ذات السَّلاسل قال احتملت في ليلة باردةٍ شديدة البرد فأشفقت إن اغتسلت أن أهلك فتيمَّمت ثمَّ صلَّيت باصحابى صلاة الصُّبح، قال فلمَّما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت ذلك له، فقال يا عمرو وصلَّيت بأصحابك وأنت جنبٌ؟ قال قلت نعم يارسول الله، إنِّى احتلمت فى ليلةٍ باردةٍ شديدة البرد فاشفقت إن اغتسلت أن أهلك وذكرت قول الله عزَّ

_ وخصصت الهادوبة عدم صحة صلاة المسافر خلف المقيم بالركعتين الأوليين من الرباعية وقالوا بصحتها في الآخرتين (قال النووي رحمه الله) مذهبنا أن المسافر إذا اقتدى بمقيم في جزء من صلاته لزمه الأتمام سواء أدرك معه ركعة أم دونها وبهذا (قال أبو حنيفة والأكثرون) حكاه الشيخ أبو حامد عن عامة العلماء، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمرو ابن عباس وجماعة من التابعين والثوري والأوزاعي وأحمد وأبي ثور وأصحاب الرأي، وقال الحسن البصري والنخعي والزهري وقتادة ومالك إن أدرك ركعة فأكثر رزمه الأتمام وإلا فله القصر، وقال طاوس وتميم بن حزلم إن أدرك ركعتين معه أجزأتاه، وقال إسحاق ابن راهويه له القصر خلف المقيم بكل حال، فإن فرغت صلاة المأموم تشهد وحده وسلم وقام الأمام إلى باقي صلاته، وحكاه الشيخ أبو حامد عن طاوس والشعبي وداود اهـ ج (قلت) ويحتج للشافعية ومن وافقهم بما رواه الأمام أحمد عن موسى بن سلمة قال كنا مع ابن عباس بمكة فقلت إذا كنا معكم صلينا أربعًا وإذا رجعنا إلى رحلنا صلينا ركعتين، قال سنة أبي القاسم، وهذا الحديث تقدم في الباب الحادي عشر من أبواب صلاة السفر رقم 1217 وأورده الحافظ في التلخيص ولم يتكلم عليه وقال إن أصله في مسلم والنسائي بلفظ "قلت لابن عباس كيف أصلي إذا كنت بمكة إذا لم أصل مع الأمام؟ قال ركعتين سنة أبي القاسم" قلت وهذه الرواية رواها أيضا الأمام أحمد وتقدمت في الباب المشار إليه والله أعلم. (1425) عن عمرو بن العاص الخ، هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب تيمم الجنب للجرح أو الخوف البرد رقم 16 من كتاب التيمم وذكرته هنا للاستدلال

وجلَّ "ولا تقتلوا أنفسكم إنَّ الله كان بكم رحيمًا" فتيمَّمت ثمَّ صلَّيت فضحك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولم يقل شيئًا (4) باب جواز الاقتداء بامام بينه وبين المأموم حائل (1426) عن عائشة رضي الله عنها قالت صلَّى النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فى حجرتى والنَّاس يأتُّمون به من وراء الحجرة يصلُّون بصلاته

_ به على جواز اقتداء المتوضى بالمتيمم، لأن قوله "فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل شيئا" فيه دليلان على جواز التيمم عند شدة البرد ومخافة الهلاك واقتداء المتوضئ بالتيمم (الأول) التبسم وهو المعبر عنه بالضحك لأن ضحكه صلى الله عليه وسلم كان تبسما فهو رضًا منه صلى الله عليه وسلم بما فعل وتقرير له (والثاني) عدم الأنكار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل، والتبسم والاستبشار أقوى دلالة من السكوت على الجواز (وفي الباب) عن سعيد بن جبير قال "كان ابن عباس في سفر معه ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم عمار بن ياسر فكانوا يقدمونه لقرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم ذات يوم فضحك وأخبرهم أنه أصاب من جارية له رومية فصلى بهم وهو جنب متيمم" أورده صاحب المنتقي وقال رواه الأثرم، واحتج به أحمد في روايته اهـ (الأحكام) حديث الباب مع الأثر المروي عن ابن عباس رضي الله عنهما يدلان على جواز ائتمام المتوضئ بالمتيمم وإليه ذهب الجمهور، قال النووي رحمه الله مذهبنا جواز صلاة المتوضئ خلف المتيمم الذي لايقضي، وبه قال جمهور العلماء، وحكاه ابن المنذر عن ابن عباس وعمار بن ياسر ونفر من الصحابة رضي الله عنهم وسعيد بن المسيب وعطاء والحسن والزهري وحماد بن أبي سليمان ومالك والثوري وأبي حنيفة وأبي يوسف وأحمد وإسحاق وأبي ثور، قال وكرهه على بن أبي طالب وربيعة ويحيى الأنصاري والنخعي ومحمد بن الحسن، وقال الأوزاعي لا يؤمهم إلا أن يكون أميرًا أو يكونوا متيممين مثله، قال وأجمعوى على أن المتوضئ يؤم المتيممين اهـ ج قال الشوكاني وذهبت العترة إلى أنه لا يصح ائتمام المتوضئ بالمتيمم واحتج لهم في البحر بقوله صلى الله عليه وسلم "لا يؤمن المتيمم المتوضئين" وهذا الحديث لو صح لكان حجة قوية اهـ والله أعلم. (1426) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم قال أنا يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة "الحديث" (تخريجه) (خ. وغيره

(1427) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كان يصلَّي ذات ليلةٍ فى حجرته فجاء أناسٌ فصلَّوا بصلاته فخفَّف فدخل البيت ثمَّ خرج فعاد مرارًا كل ذلك صلِّى، فلمَّا أصبح قالوا يا رسول الله صلَّيت ونحن نحب أن نمدَّ فى صلاتك قال قد علمت بمكانكم وعمدًا فعلت ذلك

_ (1427) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن أبي عدي عن حميد عن أنس "الحديث" (غريبه) (1) هي حجرة عائشة كما في الحديث السابق (2) أي فخفف بهم الصلاة "وقوله فدخل البيت" يعني فصلى فأطا ثم خرج فخفف بهم، ثم دخل فأطال، وهذا معنى قوله "كل ذلك يصلي" يعني في كل مرة من الدخول يصلي في بيته فيطيل، وفي كل مرة من الخروج يصلي بهم فيخفف، وقد صرح بمعنى ذلك في رواية تقدمت في الباب الثاني من أبواب التراويح رقم 1107 (3) أي تطيل (4) أي فعلت ذلك عمدًا من أجل إشفاقي عليكم ورحمتي بكم وخوفًا من افتراضها عليكم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (الأحكام) حديثا الباب يدلان على جواز الاقتداء بأمام بينه وبين المأموم حائل، وقد استدل البخاري في صحيحه بحديث عائشة المذكور على جواز ذلك وترجم له بقوله "باب إذا كان بين الأمام وبين القوم حائط أو سترة، وقال الحسن لا بأس أن تصلي وبينك وبينه نهر، وقال أبو مجلز يأنم بالأمام وإن كان بينهما طريق أو جدار إذا سمع تكبير الإحرام" هذا ما ترجم به البخاري، قال الحافظ في شرح هذه الجملة "قوله باب إذا كان بين الأمام وبين القوم حائط أو سترة" أي هل يضر ذلك بالاقتداء أو لا، والظاهر من تصرفه أنه لا يضر كما ذهب إليه المالكية والمسألة ذات خلاف شهير، ومنهم من فرق بين المسجد وغيره "قوله وقال الحسن" لم أره موصولا بلفظه، وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح عنه في الرجل يصلي خلف الأمام أو فوق سطح يأثم به لا بأس بذلك "قوله أبو مجلز" وصله بن أبي شيبة عن معتمر عن ليث بن أبي سليم عنه بمعناه وليث ضعيف، لكن أخرجه عن الرزاق عن ابن التيمي وهو معتمر عن أبيه عنه فإن كان مضبوطا فهو إسناد صحيح اهـ كلام الحافظ (قلت) وللعلماء في هذه المسالة مذاهب، فحكى النووي رحمه الله في شرح المهذب الاتفاق على أنه إذا تباعدت الصفوف على الأمام وكانت الصلاة في المسجد صحت الصلاة والاقتداء إذا علم المأموم صلاة الأمام سواء حال بينهما حائل أم لا، وسواء قربت المسافة بينهما أم بعدت

(5) باب اقتداء القادر على القيام بالجالس والجالس لعذر بالقائم (1428) عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّه كان ذات يومٍ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نفرٍ من أصحابه فأقبل عليهم رسول الله صلَّي الله عليه وآله وسلَّم فقال يا هؤلاء، ألستم تعلمون أنِّى رسول الله إليكم؟ قالوا بلى نشهد أنَّك رسول الله، قال ألستم تعلمون أنَّ الله أنزل فى كتابه من أطاعنى فقد أطاع الله؟ قالوا بلى نشهد أنَّه من أطاعك فقد أطاع الله وإنَّ من طاعة الله طاعتك،

_ لكبر المسجد، وسواء اتحد البناء أم اختلف، فصحن المسجد وصفته وسرداب فيه وبئر مع سطحه وساحته والمنارة التي هي من المسجد، في كل هذه الصورة وما أشبهها تصح الصلاة إذا علم صلاة المأموم ولم يتقدم عليه سواء كان أعلا منه أو أسفل، قال ولا خلاف في هذا، ونقل أصحابنا فيه إجماع المسلمين، أما إذا كان المأموم في غير المسجد ففي ذلك مسائل (إحداها) يشترط أن لا تطول المسافة بينه وبين الأمام وبه قال جماهير العلماء وقدر الشافعي القرب بثلاثمائة ذراع، وقال عطاء يصح مطلقا وإن طالت المسافة ميلا وأكثر إذا علم صلاته (الثانية) لو حال بينهما طريق صح الاقتداء عندنا (وعند مالك) والأكثرين (وقال أبو حنيفة) لا يصح لحديث رووه مرفوعًا "من كان بينه وبين الأمام طريق فليس مع الأمام" وهذا حديث باطل لا أصل له، وإنما يروي عن عمر من رواية ليث بن أبي سليم عن تميم، وليث ضعيف وتميم مجهول (الثالثة) لو صلى في دار أو نحوها بصلاة الأمام في المسجد وحال بينهما حائل لم يصح عندنا (وبه قال أحمد) وقال مالك تصح إلا في الجمعة (وقال أبو حنيفة) تصح مطلقا (الرابعة) يشترط لصحة الاقتداء علم المأموم بانتقالات الأمام سواء صليا في المسجد أو في غيره أو أحدهما فيه والآخر في غيره وهذا مجمع عليه، قال أصحابنا ويحصل له العلم بذلك بسماع الأمام أو من خلفه أو مشاهدة فعله أو فعل من خلفه، ونقلوا الأجماع في جواز اعتماد كل واحد من هذه الأمور، فلو كان المأموم أعمى اشترط أن يصلي بجنب بصير ليعتمد موافقته مستدلا بها انتهى كلام النووي رحمه الله بتصرف واختصار. (1428) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا عقبة يعني ابن أبي الصهباء ثنا سالم بن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن عمر حدثه أنه كان ذات

قال فإنَّ من طاعة الله أن تطيوعنى، وإنَّ من طاعتى أن تطيعوا أئمَّتكم أطيعوا أئمَّتكم فإن صلَّوا قعودًا فصلُّوا قعودًا (1429) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال اشتكى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فصلَّينا وراءه وهو قاعدٌ وأبو بكرٍ رضى الله عنه يكبَّر يسمع النَّاس تكبيره فالتفت إلينا فرآنا قيامًا فأشار إلينا فقعدنا فصلَّينا بصلانه قعودًا، فلمَّا صلَّى قال إن كدتم آنفًا تفعلون فعل فارس والرَّوم يقومون على ملوكهم وهم قعودٌ فلا تفعلوا وائتمُّوا بأئمَّتكم، إن صلَّى قائمًا فصلُّوا قيامًا وإنَّ صلَّى قاعدًا فصلوُّا قعودًا (1430) عن عروة عن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله

_ يوم "لحديث" (تخريجه) لم أقف عليه ورجاله ثقات. (1429) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس وحجين ثنا ليث عن أبي الزبير عن جابر "الحديث" (غريبه) (1) أي لأن صوته صلى الله عليه وسلم كان ضعيفا بسبب المرض لا يسمعه الناس فكان أبو بكر رضي الله عنه يجهر بالتكبير يعلم الناس انتقالاته صلى الله عليه وسلم وذلك جائز للحاجة أما لغيرها فلا، لأن السنة في حق غير الأمام عدم الجهر بالتكبير؛ وتقدم الكلام على ذلك في باب جهر الأمام بالتكبير رقم 1411 (2) يعني أن ملوك فارس والروم كان من عادتهم إيقاف الغلمان والخدم حول مجالسهم لغير حاجة إلا لأظهار الكبر والعظمة فنهينا عن التشبه بهم وإن كانوا يفعلون ذلك في مجالسهم العادية وفعل الصحابة كان في الصلاة، إلا أنه فيه نوع شبه (قال النووي رحمه الله) فيه النهي عن قيام الغلمان والتباع على رأس متبوعهم الجالس لغير حاجة، وأما القيام للداخل إذا كان من أهل الفضل والخير فليس من هذا بل هو جائز قد جاءت به أحاديث وأطبق عليه السلف والخلف، وقد جمعت دلائله وما يرد عليه في جزء وبالله التوفيق والعصمة اهـ (تخريجه) (م. د. نس. جه). (1430) عن عروة عن عائشة الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه

صلى الله عليه وسلم فى مرضه الَّذى مات فيه مروا أبا بكرٍ يصلِّى بالنَّاس، قالت عائشة أبا بكرٍ أسيفٌ، فمتى مقامك تدركه الرقَّة، قال النَّبي صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إنكنَّ صواحب يوسف، مروا أبا بكرٍ فليصلِّ بالنَّاس، فصلَّى أبو بكرٍ وصلَّى النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم خلفه قاعدًا

_ في الباب الأول من أبواب صلاة المريض رقم 1271 وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما، وليس للشيخين فيه "فصلى أبو بكر وصلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه قاعدًا" وهو بهذا اللفظ للنسائي وابن خزيمة والترمذي وصححه، وقد أثبته هنا لمناسبة الترجمة لأن قوله "فصلى أبو بكر وصلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه قاعدا" يدل على جواز اقتداء الجالس لعذر بالقائم، فإن قيل ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان هو الأمام وأبو بكر مأموماً (قلت) نعم كان ذلك في مرة أخرى وأن الواقعة تعددت، وتقدم الكلام على ذلك في أحكام باب جواز الاستخلاف في الصلاة فارجع إليه تجد ما يزيل الأشكال (وفي الباب) عن أنس رضي الله عنه قال "صلى الله عليه وسلم في مرضه خلف أبي بكر قاعدا في ثوب متوشحا به" أخرجه النسائي والبيهقي والترمذي وصححه وهو يؤيد حديث الباب (وروى بن أبي شيبة) بإسناد صحيح عن جابر "أنه اشتكى فحضرت الصلاة فصلى بهم جالسًا وصلوا معه جلوسًا" (وعن أبي هريرة) أيضا أنه أفتى بذلك وإسناده كما قال الحافظ صحيح (الأحكام) استدل بحديثي ابن عمر وجابر اللذين في الباب مع ما ذكرنا في الشرح القائلون بمتابعة المأموم إمامه في الصلاة أن صلى جالسا لعذر فيجلس المأموم تبعا لأمامه وإن لم يكن معذورا؛ وهم الأئمة أحمد إسحاق والأوزاعي وابن المنذر وداود وبقية أهل الظاهر، قال ابن حزم وبهذا نأخذ إلا فيمن صلى إلى جنب الأمام يذكر الناس ويعلمهم تكبير الأمام فانه يتخير بين أن يصلي قاعدا وبين أن يصلي قائما (قال) وبمثل قولنا يقول جمهور السلف ثم رواه عن جابر وأبي هريرة وأسيد بن حضير، قال ولا مخالف لهم يعرف في الصحابة، ورواه عن عطاء، ورى عن عبد الرزاق أنه قال "ما رأيت الناس إلا على أن الأمام إذا صلى قاعدا صلى من خلفه قعودا، قال وهي السنة عن غير واحد؛ وقد حكاه ابن حبان أيضا عن الصحابة الثلاثة المذكورين وعن قيس بن فهد أيضا من الصحابة، وعن أبي الشعثاء وجابر بن زيد من التابعين؛ وحكاه أيضا عن مالك بن أنس وأبي أيوب سليمان بن داود الهاشمي وأبي خيثمة وابن أبي شيبة ومحمد بن إسماعيل ومن تبعهم من أصحاب الحديث مثل محمد بن نصر ومحمد

_ ابن إسحاق وابن خزيمة، ثم قال بعد ذلك وهو عندي ضرب من الأجماع الذين أجمعوا على إجازته، لأن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة أفتوا به، والأجماع عندنا إجماع الصحابة ولم يرو عن أحد من الصحابة خلاف لهؤلاء الأربعة لا بإسناد متصل لا منقطع، فكأن الصحابة أجمعوا على أن الإمام إذا صلى قاعدا كان على المأمومين أن يصلوا قعودا، وقد أفتى به من التابعين جابر بن زيد وأبو الشعثاء، ولم يرو عن أحد من التابعين أصلا خلافه لا بإسناد صحيح ولا واه، فكان التابعين أجمعوا على إجازته، قال وأول من أبطل في هذه الأمة صلاة المأموم قاعدا إذا صلى إمامه جالسًا المغيرة بن مقسم صاحب النخعي، وأخذ عنه حماد بن أبي سليمان، ثم أخذ عن حماد أبو حنيفة وتبعه عليه من بعده من أصحابه اهـ كلام ابن حبان، وحكى الخطابي في المعالم والقاضي عياض عن أكثر الفقهاء خلاف ذلك، وحكى النووي عن جمهور السلف خلاف ما حكى ابن حزم عنهم (قال النووي) مذهبنا جواز صلاة القائم خلف القاعد العاجز وأنه لا تجوز صلاتهم وراءه قعودا، وبهذا قال الثوري (وأبو حنيفة) وأبو ثور والحميدي (وبعض المالكية) (وقال) الأوزاعي (وأحمد) وإسحاق وابن المنذر تجوز صلاتهم وراءه قعودا ولا تجوز قيامًا (وقال مالك) في رواية وبعض أصحابه لا تصح الصلاة وراءه قاعدا مطلقا، قال واحتج الأوزاعي وأحمد بحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إنما جعل الأمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا، وإذا ركع فاركعوا، وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين" رواه البخاري ومسلم، وفي الصحيحين عن عائشة وأبي هريرة مثله (قلت) وكذلك عند الأمام أحمد (قال) واحتج الشافعي والأصحاب بحديث عائشة رضي الله عنها "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر في مرضه الذي توفي فيه أبا بكر رضي الله عنه أن يصلي بالناس فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فقام يهادي بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض فجاء فجلس عن يسار أبي بكر فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي بالناس جالسا وأبو بكر قائما، يقتدي أبو بكر بصلاة النبي صلى الله عليه وسلم ويقتدي الناس بصلاة أبي بكر" رواه البخاري ومسلم وهذا لفظ إحدى روايات مسلم وهي صريحة في أن النبي صلى الله عليه وسلم كان الأمام لأنه جلس عن يسار أبي بكر، ولقوله يصلي بالناس ولقوله، يقتدي به أبو بكر، ثم ذكر النووي جملة روايات لهذا الحديث بعضها عند البخاري وبعضها عند مسلم، ثم قال قال الشافعي والأصحاب وغيرهم من علماء المحدثني والفقهاء هذه الروايات صريحة في نسخ الحديث السابق "يشير إلى حديث أنس الذي احتج به الأمام أحمد والأوزاعي" أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "وإذا صلى جالسا فصلوا جلوسا أجمعين" قال فإن ذلك كان في مرض قبل هذا بزمان حين آلى من نسائه اهـ باختصار (قلت) وقد وافق الشافعية على دعوى النسخ الحميدي وابن المبارك وآخرون، وجعلوا الناسخ ما تقدم من صلاته صلى الله عليه وسلم في

(6) باب جواز اقتداء الفاضل بالمفضول (1431) عن المغيرة بن شعبة رضى الله عنه أنَّه قال خصلتان لا أسال عنهما أحدًا من النَّاس رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلهما، صلاة الإمام خلف الرَّجل من رعيته وقد رأيت رسول الله صلَّى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم صلَّى خلف عبد الرَّحمن بن عوفٍ من صلاة الصبُّح

_ مرض موته بالناس قاعدا وهم قائمون خلفه ولم يأمرهم بالقعود، قالوا وهي آخر صلاة صلاها بالناس حتى لقي الله تعالى وهذا لا يكون إلا ناسخًا لما تقدم من أمره إياهم بالجلوس في حديث أنس وغيره، وأنكر الأمام أحمد رحمه الله نسخ الأمر بذلك وجمع بين الحديثين بتنزيلهما على حالتين (إحداهما) إذا ابتدأ الأمام الراتب الصلاة قاعدا لمرض يرجى برؤه فحينئذ يصلون خلفه قعودا (ثانيتهما) إذ ابتدأ الأمام الراتب قائما لزم المأمومين أن يصلوا خلفه قياما سواء طرأ ما يقتضي صلاة إمامهم قاعدا أم لا كما في الأحاديث التي في مرض موته صلى الله عليه وسلم فإن تقريره لهم على القيام دل على أنه لا يلزمهم الجلوس في تلك الحالة، لأن أبا بكر ابتدأ الصلاة قائما وصلوا معه قياما بخلاف الحالة الأولى، فإنه صلى الله عليه وسلم ابتدأ الصلاة جالسا، فلما صلوا خلفه قياما انكر عليهم (قلت) وهو جمع حسن وجيه (قال الشوكاني) ويقوى هذا الجمع أن الأصل عن النسخ، لاسيما وهو في هذه الحالة يستلزم النسخ مرتين لأن الأصل في حكم القادر على القيام أن لا يصلي قاعدا، وقد نسخ إلى القعود في حق من صلى أمامه قاعدا، فدعوى نسخ القعود بعد ذلك تقتضي وقوع النسخ مرتين اهـ والله أعلم (وحديث عائشة) أعني الذي هو ثالث أحاديث الباب يدل على جواز صلاة القاعد لعذر خلف القائم لقوله "فصلى أبو بكر وصلى النبي صلى الله عليه وسلم خلفه قاعدا" أي لمرضه صلى الله عليه وسلم، وذلك جائز باتفاق العلماء ولا أعلم فيه خلافًا والله أعلم. (1431) عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر ثنا سعيد قال سمعت بكر بن عبد الله يحدث عن المغيرة بن شعبة أنه قال خصلتان "الحديث" (غريبه) (1) سبب صلاته صلى الله عليه وسلم خلف عبد الرحمن بن عوف أنه صلى الله عليه وسلم كان مسافرًا مع أصحابه في غزوة تبوك فبينما هم سائرون إذ عدل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطريق يريد قضاء الحاجة مستصحبا معه المغيرة بن شعبة ثم أناخ راحلته فتبرز والمغيرة

ومسح الرَّجل على خفَّيه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح على الخفَّين (1432) وعنه أيضًا وقد سئل هل أم النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أحدٌ من هذه الأمَّة غير أبى بكر رضى الله عنه؟ قال نعم، كنَّا في سفرٍ وذكر حديثًا طويلًا فيه صفة وضوء النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم وفيه ثمَّ لحقنا النَّاس وقد أقيمت الصَّلاة وعبد الرَّحمن بن عوف يؤمُّهم وقد صلَّى ركعةً فذهبت لأوذنه فنهانى فصلَّينا الَّتى أدركنا وقضينا الَّتى سبقنا بها (1433) عن ابى سلمة بن عبد الرَّحمن بن عوفٍ عن أبيه أنَّه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفرٍ فذهب النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لحاجته فأدركهم وقت الصلَّاة فأقاموا الصَّلاة فتقدَّمهم عبد الرَّحمن، فجاء الَّنَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم

_ بعيد عنه، فلما قضى حاجته أتى إلى المغيرة فطلب منه ماء الوضوء فتوضأ ثم أدرك القوم وقد قدموا عبد الرحمن بن عوف ليصلي بهم لما استبطأوا مجيء النبي صلى الله عليه وسلم وخافوا خروج وقت الفضيلة، فصلى بهم الركعة الأولى وأدركهم النبي صلى الله عليه وسلم في الركعة الثانية فدخل معهم في الصلاة خلف عب الرحمن بن عوف (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد. (1432) وعنه أيضا الخ هذا الحديث تقدم كاملا بسنده وشرحه وتخريجه في باب صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم رقم 233 من كتاب الطهارة (غريبه) (1) هو سفر غزوة تبوك كما تقدم (2) يعني أراد المغيرة أن يخبر عبد الرحمن بن عوف بحضور النبي صلى الله عليه وسلم فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك (3) يريد أنهما صليا الركعة الثانية خلف عبد الرحمن، فلما سلم قاما فقضيا الركعة التي سبقهما بها (تخريجه) (ق. د. نس. جه. هق) مطولا ومختصرا بألفاظ مختلفة من عدة طرق. (1433) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هيثم بن خارجة قال أبو عبد الرحمن وسمعته أنا من الهيثم بن خارجة ثنا رشدين عن عبد الله بن الوليد أنه سمع أبا سلمة بن عبد الرحمن يحدث عن أبيه أنه كان مع رسول

فصليَّ مع النَّاس خلفه ركعةً فلمَّا قال أصبت وأحسنتم أبواب موقف الامام والمأموم وأحكام الصفوف (1) باب موقف الواحد من الامام (1434) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قام من اللَّيل يصلِّي فقمت فتوضَّأت فقمت عن يساره فجذبنى فجرَّنى فأقامنى عن يمينه فصلَّى

_ الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (1) أي وافقتم الصواب في مبادرتكم للصلاة في أول وقتها (وفي رواية) عند الإمام أحمد ستأتي في باب ما يفعل المسبوق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "أحسنتم وأصبتم يغبطهم أن صلوا الصلاة لوقتها" (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه رشدين بن سعد وثقه هيثم بن خارجة وقال أحمد لا بأس به في أحاديث الرقاق وضعفه جماعة، وأبو سلمة لم يسمع من أبيه اهـ (قلت) الحديث له شواهد صحيحة تعضده والله أعلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز صلاة الأمام خلف رجل من رعيته، وليس في ذلك نقص من حق الأمام، بل فيه دلالة على سماحة الدين الإسلامي وأنه مناف للكبر والعظمة فإن ذلك لا يكون إلا لله وحده عز وجل (قال النووي) رحمه الله في شرح حديث المغيرة عند مسلم ما لفظه، اعلم أن هذا الحديث فيه فوائد كثيرة (منها) جواز اقتداء الفاضل بالمفضول، وجواز صلاة النبي صلى الله عليه وسلم خلف بعض أمته (ومنها) أن الأفضل تقديم الصلاة في أول الوقت، فإنهم فعلوها أول الوقت ولم ينتظروا النبي صلى الله عليه وسلم (ومنها) أن الأمم إذا تأخر عن أول الوقت استحب للجماعة أن يقدموا أحدهم فيصلي بهم إذا وثقوا بحسن خلق الأمام وأنه لا يتأذى من ذلك ولا يترتب عليه فتنة، فأما إذا لم يأموا أذاه فإنهم يصلون في أول الوقت فرادى، ثم إن أدركوا الجماعة بعد ذلك استحب لهم إعادتها معهم (ومنها) أن من سبقه الأمام ببعض الصلاة أتى بما أدرك، فإذا سلم الأمام أتى بما بقى عليه ولا يسقط ذلك عنه، بخلاف قراءة الفاتحة فإنها تسقط عن المسبوق إذا أدرك الأمام راكعا (ومنها) إتباع المسبوق للأمام في فعله في ركوعه وسجوده وجلوسه وإن لم يكن ذلك موضع فعله للمأموم (ومنها) أن المسبوق إنما يفارق الأمام بعد سلام الأمام والله أعلم اهـ. (1434) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا

ثلاث عشرة ركعةً قيامه فيهنَّ سواه (1435) وعنه أيضًا قال أتيت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من آخر اللَّيل فصلَّيت خلفه تأخذ بيدى فجرَّنى فجعلنى حذاءه فلمَّا أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاته خنست فصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا انصرف قال لى ما شأنى أجعلك حذائى فتخنس؟ فقلت يا رسول الله أو ينبغى لأحد أن يصلِّي حذاءك وأنت رسول الله الَّذى أعطاك الله، قال فأعجبته، فدعا الله لى أن يزيدنى علمًا وفهمًا، قال ثمَّ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نام حتَّى سمعته ينفخ ثم أتاه بلالٌ فقال يارسول الله الصَّلاة، فقام فصلَّى ما أعاد وضوءًا (1436) عن الأعمش قال سألت إبراهيم عن الرَّجل يصلِّى مع الإمام، فقال يقوم عن يساره، فقلت حدثنى الزَّيَّات قال سمعت ابن

_ وهيب ثنا عبد الله بن طاوس عن عكرمة بن خالد عن ابن عباس "الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما). (1435) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن بكر ثنا حاتم بن أبي صغيرة أبو يونس عن عمرو بن دينار أن كريبا أخبره أن ابن عباس قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (1) أي إلى جنبه عن يمينه كما صرح بذلك في حديثه السابق (2) أي تأخر قليلا عن محاذاته (3) نفخ النائم دليل على استغراقه في النوم (4) عدم تقض الوضوء بالنوم في حالة الاضطجاع من خصائصه صلى الله عليه وسلم لأن عينيه تنامان ولا ينام قلبه، فلو خرج حدث لأحس به بخلاف غيره من الناس، وقد تقدم الكلام على ذلك في الفصل الثاني في باب الوضوء من النوم من أبواب نواقض الوضوء (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) مطولا ومختصرًا بألفاظ مختلفة. (1436) عن الأعمش (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدي عن سفيان عن الأعمش "الحديث" (غريبه) (5) هو النخعي

عبَّاس رضي الله عنهما يحدِّث أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أقامه عن يمينه، فأخذ به (1437) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى فى ثوبٍ واحدٍا خالف بين طرفيه، فقمت خلفه فأخذ بأذنى فجعلنى عن يمينه (1438) عن جبَّار بن ضخرٍ أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قام يصِّلى قال فقمت عن يساره فأخذ بيدى فحوَّلنى عن يمينه

_ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق ورجاله ثقات. (1437) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أبو جعفر المدائني محمد بن جعفر أنبأنا ورقاء عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فانتهينا إلى مشرعة فقال ألا تشرع يا جابر؟ قال فقلت بلى، قال فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشرعت، قال ثم ذهب لحاجته ووضعت له وضوءاً فجاء فتوضأ ثم قام فصلى في ثوب واحد إلى آخر الحديث "وقوله فانتهينا إلى مشرعة" أي مكان فيه ماء "وقوله ألا تشرع يا جابر" يعني ألا تورد إبلنا على هذا الماء لتشرب، يقال أشرع ناقته أي أدخلها في شريعة الماء، والشريعة مورد الأبل علىلماء الجاري (تخريجه) (م. د. هق). (1438) عن جبار بن صخر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ابن محمد ثنا أويس ثنا شرحبيل عن جبار بن صخر الأنصاري أحد بني سلمة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بطريق مكة من يسبقنا إلى الأثاية قال أويس هو حيث نفرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمدر حوضها ويفرط فيه فيملؤه حتى نأتيه، قال قال جبار فقمت فقلت أنا، قال اذهب فذهبت فأتيت الأثاية فمدرت حوضها وفرطت فيه وملأته ثم غلبتني عيناي فنمت فما انتهيت إلا برجل تنازعه راحلته إلى الماء ويكفها عنه، فقال يا صاحب الحوض، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت نعم، قال فأورد راحلته ثم انصرف فأناخ ثم قال اتبعني بالأداوة فتبعته بها فتوضأ وأحسن وضوءه وتوضأت معه ثم قام يصلي الخ الحديث (وقوله من يسبقنا إلى الأثاية) هي بكسر الهمزة بعدها ثاء مثلثة اسم موضع معروف بطريق الجحفة إلى مكة فيه ماء وبه حوض يملؤه المسافرون للشرب منه (وقوله فيمدر حوضها) أي يسد ما فيه من صدع أو ثقب بالمدر وهو الطين المتماسك لئلا يخرج منه الماء (وقوله ويفرط فيه)

فصلَّينا فلم يلبث يسيرًا أن جاء النَّاس (1439) عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى وأنا بإرائه (1440) عن أمِّ سلمة رضى الله عنها قالت كان يفرش لى حيال مصلَّى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فكان يصلِّى وأنا حياله

_ أي يكثر من صب الماء فيها يقال أفرط مزادته إذا ملأها من أفرط في الأمر إذا جاوز فيه الحد (تخريجه) لم أقف عليه من مسند جبار بن صخر لغير الأمام أحمد، ورواه مسلم وأبو داود عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما بلفظ "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي فجئت فقمت عن يساره فأخذ بيدي فأدارني حتى أقامني عن يمينه ثم جاء جبار بن صخر فقام عن يسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بأيدينا جميعا فدفعنا حتى أقامنا خلفه". (1439) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا إسرائيل عن جابر عن عامر مسروق عن عائشة "الحديث" (غريبه) (1) أي بجانبه وهو محتمل، أنها كانت تصلي معها أو كانت في غير صلاة؛ ويرجح الأخير روايتها عند مسلم "كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في الليل وأنا إلى جنبه وأنا حائض وعلى مرط وعليه بعضه إلى جنبه" (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد. (1440) عن أم سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب قال ثنا خالد عن أبي قلابة عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة "الحديث" (غريبه) (2) أي بجانب مصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تعني المكان الذي يصلي فيه في بيته (تخريجه) (د. جه) وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب عدا حديثي عائشة وأم سلمة تدل على مشروعية وقوف المأموم الواحد عن يمين الأمام محاذيا له، رجلا كان أو صبيا، وقد ذهب إلى مشروعية ذلك في الرجل والصبي كافة العلماء إلا ما حكاه القاضي أبو الطيب وغيره عن سعيد بن المسيب أنه يقف عن يساره، وعن النخعي أنه يقف وراءه إلى أن يريد الأمام أن يركع، فإن لم يجيء مأموم آخر تقدم فوقف عن يمينه (قال النووي) وهذا المذهبان فاسدان، ودليل الجمهور حديث ابن عباس وحديث جابر وغيرهما انتهى (وحديثا عائشة وأم سلمة) يدلان بظاهرهما على جواز وقوف المرأة عن يمين الإمام إن كانت وحدها وكانت زوجًا أو محرمًا له، وهذا إن حملا على أن كل واحدة منهما كانت تصلي بازائه صلى الله عليه وسلم ولا قائل بذلك فيما أعلم؛ بل اتفق الأئمة على أن السنة في حق المرأة الواحدة أن تقف خلف الإمام، فإن كانت مع

(2) باب في موقف الاثنين من الامام (1441) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قام النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يصلِّى المغرب فجئت فقمت إلى جنبه عن يساره فنهانى فجعلنى عن يمينه فجاء صاحبٌ لى فصفَّنا خلفه فصلَّى بنا رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم

_ رجل صلى الرجل بجانب الإمام والمرأة خلفه؛ وكأنهم رحمهم الله حملوا حديثي عائشة وأم سلمة على أنهما كانتا في غير صلاة، فإن قامت قرينة قوية تدل على صلاة إحداهما بإزائه صلى الله عليه وسلم حمل ذلك على بيان الجواز، والأفضل ما اتفق عليه الأئمة من وقوف المرأة خلف الإمام عملا بحديثي ابن عباس وأنس الآتيين في الباب التالي (وذهبت المالكية والشافعية والحنابلة) إلى كراهة محاذاتها للإمام مع صحة الصلاة وعدم بطلاتها بالمحاذاة (وبالغ الحنفية) فقالوا ببطلان صلاة الرجل إذا حاذته المرأة وهي تصلي معه سواء كان إمامًا أو مأمومًا مستدلين بحديث "أخروهن من حيث أخرهن الله تعالى" ولا حجة فيه لأنه من قول ابن مسعود، رواه عبد الرزاق في مصنفه، وأخرجه من طريقه الطبراني من قول ابن مسعود، ونقل القاري في الموضوعات عن ابن الهمام أنه قال في شرح الهداية لا يثبت رفعه فضلا عن شهرته؛ والصحيح أنه موقوف على ابن مسعود اهـ (فإن قالوا) إن حديثي عائشة وأم سلمة ليس فيهما تصريح بأنهما كانتا معه صلى الله عليه وسلم في الصلاة (قلت) هذا حجة عليهم لا لهم، لأنه إذا لم تبطل صلاة من حاذته المرأة وهي في غير صلاة فمن باب الأولى عدم البطلان وهي في الصلاة (قال النووي) رحمه الله السنة أن يقف المأموم الواحد عن يمين الأمام رجلا كان أو صبيا، قال أصحابنا ويستحب أن يتأخر عن مساواة الإمام قليلا فإن خالف ووقف عن يساره أو خلفه استحب له أن يتحول إلى يمينه ويحترز عن أفعال تبطل الصلاة، فإن لم يتحول استجب للأمام أن يحوله لحديث ابن عباس، فإن استمر على اليسار أو خلفه كره وصحت الصلاة بالاتفاق، قال وكذا إذا تقدمت المرأة على صفوف الرجال أو وقفت بجنب الأمام أو بجنب مأموم صحت صلاتها وصلاة الرجال بلا خلاف عندنا اهـ ج باختصار (قلت) وذهبت الحنابلة إلى وجوب وقوف الرجل الواحد عن يمين الأمام فإن وقف خلفه أو عن يساره مع خلو يمينه بطلت صلاته. (1441) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر الحنفي ثنا الضحاك بن عثمان حدثني شرحبيل عن جابر "الحديث" (غريبه) (1) هو جبار بن صخر رضي الله عنه كما صرح بذلك في رواية مسلم وأبي داود

في ثوب واحدٍ مخالفًا بين طرفيه (1442) عن عبد الرَّحمن بن الأسود عن أبيه قال دخلت أنا وعلقمة على عبد الله بن مسعودٍ بالهاجرة فلمَّا مالت الشَّمس أقام الصَّلاة وقمنا خلفه، فأخذ بيدى وبيد صاحبى فجعلنا عن ناحيته وقام بيننا، ثمَّ قال هكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا كانوا ثلاثةً ثمَّ صلَّى بنا، فلمَّا انصرف إنَّها ستكون أئمَّةٌ يؤخِّرون الصَّلاة عن مواقيتها فلا تنتظروهم بها واجعلوا الصَّلاة معهم سبحةٍ (ومن طريقٍ ثان)

_ (تخريجه) (م. د. وغيرهما). (1442) عن عبد الرحمن بن الأسود (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا محمد يعني ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن الأسود "الحديث" (غريبه) (1) هو الأسود بن يزيد بن قيس النخعي الكوفي مخضرم فقيه، روى عن ابن مسعود وعائشة وغيرهما وعنه إبراهيم النخعي وابنه عبد الرحمن وطائفة، وثقه ابن معين وغيره، قال إبراهيم يعني النخعي كان يختم في كل ليلتين، وروى أنه حج ثمانين حجة، توفي سنة أربع أو خمس وسبعين (2) هو ابن قيس بن عبد الله النخعي أبو شبل الكوفي أحد الأعلام مخضرم، روى عن الخلفاء الأربعة وابن مسعود وطائفة، وعنه إبراهيم النخعي والشعبي وخلق، قال إبراهيم كان يقرأ في خمس، وقال ابن المديني أعلم الناس بابن مسعود علقمة والأسود، وقال ابن سعد مات سنة 62 وقال أبو نعيم سنة 61 قيل عن تسعين سنة أهـ وعلقمة هذا هو عم الأسود بن يزيد ولذلك جاء في رواية أخرى عند الأمام أحمد قال دخلت أنا وعمي على عبد الله بن مسعود الخ (3) أي زالت عن وسط السماء وهو وقت الظهر (4) لفظ مسلم "فأخذ بأيدينا فجعل أحدنا عن يمينه والآخر عن شماله" وهو مفسر لقوله في حديث الباب "عن ناحيته"قال النووي وهذا مذهب ابن مسعود وصاحبيه؛ وخالفهم جميع العلماء من الصحابة فمن بعدهم إلى الآن، فقالوا إذا كان مع الإمام رجلان وقفا وراء صفا لحديث جابر وجبار بن صخر اهـ (5) يعني إمامًا ومأمومين (6) يعني عن وقتها المختار وهو أول وقتها، لا عن جميع وقتها "وقوله سبحة" بضم السين يعني نافلة (7) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان عن إبراهيم

عن إبراهيم أنَّ الأسود وعلقمة كانا مع عبد الله (يعنى ابن مسعودٍ رضى الله عنه) فى الدَّار فقال عبد الله أصلَّى هؤلاء؟ قال نعم، قال فصلَّى بهم بغير أذانٍ ولا إقامةٍ وقام وسطهم وقال إذا كنتم ثلاثةً فاصنعوا هكذا، فإذا كنتم أكثر فليؤمكم أحدكم وليضع أحدكم يديه بين فخذيه إذا ركع فليحنأ فكمأنما أنظر إلى اختلاف أصابع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلَّم (1443) عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال صلَّيت مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم

_ أن الأسود وعلقمة الخ (1) هو النخعي (2) يشير إلى الأمير وتابعيه، وفيه إشارة إلى إنكا ر تأخيرهم الصلاة (3) قال النووي رحمه الله هذا مذهب ابن مسعود رضي الله عنه وبعض السلف من أصحابه وغيرهم أنه لا يشرع الأذان ولا الإقامة لمن يصلي وحده في البلد الذي يؤذن فيه ويقام لصلاة الجماعة العظمى بل يكفي أذانهم وإقامتهم، وذهب جمهور العلماء من السلف والخلف إلى أن الإقامة سنة في حقه ولا يكفيه إقامة الجماعة، واختلفوا في الأذان فقال بعضهم يشرع له، وقال بعضهم لا يشرع، ومذهبنا الصحيح أنه يشرع له الأذان إن لم يكن سمع أذان الجماعة وإلا فلا يشرع (4) يعني اثنين ثالثهم الأمام "وقوله فإذا كنتم أكثر" أي ثلاثة غير الأمام فأكثر (5) يعني واحد منهم ويقف الباقون خلفه وهذا مذهب ابن مسعود رضي الله عنه (6) هكذا في الأصل بالحاء المهملة مهموزا، ورواية مسلم بالجيم بدل الحاء قال النووي هو بفتح الياء وإسكان الجيم آخره مهموز هكذا ضبطناه وكذا في أصول بلادنا ومعناه ينعطف، وقال القاضي عياض رحمه الله وليجنأ كما ذكرناه، وروى وليحن بالحاء المهملة قال وهذا رواية أكثر شيوخنا وكلاهما صحيح، ومعناه الأنحاء والانعطاف في الركوع؛ قال ورواه بعض شيوخنا بضم النون وهو صحيح في المعنى أيضا، يقال حنيت العود وحنوته إذا عطفته، وأصل الركوع في اللغة الخضوع والذلة، وسمي الركوع الشرعي ركوعا لما فيه من صورة الذلة والخضوع والاستسلام اهـ وقال ابن العربي كان الناس في صدر الإسلام يطبقون أيديهم ويشبكون أصابعهم ويضعونها بين أفخاذهم، ثم نسخ ذلك ذلك وأمروا برفعها إلى الركب اهـ (7) يعني عندما كان يفعل ذلك (تخريجه) (م. د. مذ. نس) (1443) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج

وعائشة خلفنا وأنا إلى جنب النَّبيِّ الله عليه وسلَّم أصلِّى معه (1444) عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال صلَّيت مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فى بيت أمِّ حرامٍ فأقامنى عن يمينه وأمُّ حرامٍ خلفنا

_ قال قال ابن جريج أخبرني زياد أن قزعة مولى لعبد القيس أخبره أنه سمع عكرمة مولى ابن عباس يقول قل ابن عباس صليت الخ (تخريجه) (نس) ورجال إسناده ثقات. (1444) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد أنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس "الحديث" (غريبه) (1) هي الرميضاء أو الغميضاء بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام بن جندب الأنصارية خالة أنس بن مالك روى عنها زوجها عبادة بن الصامت وعمير بن الأسود وعطاء بن يسار وغيرهم وستأتي ترجمتها في كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (تخريجه) (م. د) (وفي الباب) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا ثلاثة أن يتقدم أحدنا" رواه الترمذي وقال حديث سمرة حديث غريب والعمل على هذا عند أهل العلم قالوا إذا كانوا ثلاثة قام رجلان خلف الأمام، قال وقد تكلم بعض الناس في إسماعيل بن مسلم من قبل حفظه (قلت) يؤيده حديث جابر المذكور أول الباب (الأحكام) حديث جابر يدل على أن موقف الرجلين مع الأمام في الصلاة خلفه، ومثلهما الصبيان، وكذلك رجل وصبي؛ وبه قال علي وعمرو ابنه رضي الله عنهم وجابر بن زيد والحسن وعطاء وإليه ذهب (مالك والشافعي وأبو حنيفة) وجماعة من أصحاب الكوفة، قال ابن سيد الناس وليس ذلك شرطا عند أحد منهم، ولكن الخلاف في الأولى والأحسن اهـ (قلت) وقالت (الحنابلة) إذا كان خلف الأمام رجل وصبي يجب أن يكون الرجل عن يمين الأمام أيضا، وللصبي أن يصلي عن يمينه أو يساره لا خلفه (وحديث ابن مسعود) يدل على أن الاثنين يقفان عن يمين الإمام وعن شماله والزائد خلفه، وهو مذهب ابن مسعود وصاحبيه علقمة والأسود، لكن ذكر جماعة من الأئمة منهم الشافعي رحمه الله أن حديث ابن مسعود هذا منسوخ، لأنه إنما تعلم هذه الصلاة من النبي صلى الله عليه وسلم وهو بمكة وفيها التطبيق وأحكام أخر هي الآن متروكة، وهذا الحكم من جملتها، فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة تركه، وقد وافق ابن مسعود على وقوف الاثنين عن يمين الأمام ويساره بعض الكوفيين، ومن أدلتهم ما رواه أبو داود عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "وسطوا الأمام وسدوا الخلل" وهو محتمل أن يكون

(3) باب موقف الصبيان والنساء من الرجال وغير ذلك (1445) عن عبد الرَّحمن بن غنيم قال قال أبو مالك الأشعريُّ رضي الله عنه لقومه ألا أصلِّى لكم صلاة رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وآله وسلَّم فصفَّ الرِّجال ثمَّ صفَّ الوالدان ثمَّ صفَّ النِّساء خلف الوالدان (1446) عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن عمه أنسٍ قال صلَّيت أنا ويتيم كان عندنا في البيت وقال سفيان مرَّةً فى بيتنا خلف

_ المراد اجعلوه مقابلا لوسط الصف الذي تصفون خلفه، ومحتمل أن يكون من قولهم فلان واسطة قومه أي خيارهم، ومحتمل أن يكون المراد اجعلوه وسط الصف فيما بينكم غير متقدم ولا متأخر، ومع الاحتمال لا ينتهض الاستدلال (وحديثا ابن عباس وأنس) اللذان في الباب يدلان على أنه إذا كان مع الأمام رجل وامرأة أو صبي وامرأة كان موقف الرجل أو الصبي عن يمينه وموقف المرأة خلفه، والعلة في كون المرأة لا تصف مع الرجال ما يخشى من الافتتان بها، فلو خالفت وصفت معهم أجزأت صلاتها مع الكراهة عند الجمهور، وعند (الحنفية) تفسد صلاة الرجل دون المرأة، قال الحافظ في الفتح وهو عجيب وفي توجيهه تعسف حيث قال قائلهم قال ابن مسعود "أخر وهن من حيث أخرهن اله" والأمر للوجوب فإذا حاذت الرجل فسدت صلات الرجل لأنه ترك ما أمر به من تأخيرها، قال وحكاية هذا تغني عن جوابه اهـ (قلت) حديث "أخروهن من حيث أخرهن الله" تقدم الكلام عليه في الباب السابق وأنه لا تقوم به حجة لأنه من كلام ابن مسعود والله أعلم. (1445) عن عبد الرحمن بن غنم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع حدثني عبد الحميد بن بهرام عن شهرين حوشب عن عبد الرحمن بن غنم "الحديث" (تخريجه) (د. هق) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح للاحتجاج به. (1446) عن إسحاق بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ابن عيينة حدثني إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن عمه أنس "الحديث" (غريبه) (1) هو ضميرة بن أبي ضميرة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جد حسين بن عبد الله بن ضميرة واسم أبي ضمير سعد الحميري، ودخول اليتيم معهم في الصلاة يدل على أنه كان ممن يعقل وإلا لم يعتد به في جماعة المؤتمين (2) يعني أن سفيان روى الحديث بلفظين فمرة قال "كان

رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في داهرهم وصلَّت أمِّ سليمٍ خلفنا (1447) عن إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنَّ جدَّته مليكه رضى الله عنها دعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعامٍ صنعته فأكل منه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا فلا صليِّ لكم قال أنسٌ فقمت إلى حصيرٍ لنا قد اسودَّ من طول ما ليس فنضحته بماء فقام عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت أنا واليتيم وراءه والعجوز من ورائنا

_ عندنا في البيت" ومرة قال "كان عندنا في بيتنا" وسفيان هو ابن عيينة شيخ الأمام أحمد أحد رواة هذا الحديث (1) يعني أنه كان هو واليتيم صفًا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وكانت أم سليم خلفهما، وأم سليم هي بنت ملحان بن خالد الأنصارية والدة أنس بن مالك رضي الله عنهما يقال اسمها سهلة أو رميلة أو رميئة أو مليكة (تخريجه) (ق. وغيرهما). (1447) عن إسحاق بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك أن جدته مليكة "الحديث" (غريبه) (2) قال ابن عبد البر إن الضمير يعني في قوله "جدته" عائد إلى إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة الراوي للحديث عن أنس فهي جدة إسحاق لا جدة أنس، وهي أم سليم بنت ملجان زوج أبي طلحة الأنصاري وهي أم أنس بن مالك. وقال غيره الضمير يعود على أنس بن مالك وهي جدته أم أمه، واسمها مليكة بنت مالك؛ ويؤيد ما قاله ابن عبد البر ما أخرجه النسائي عن إسحاق المذكور أن أم سليم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيها، ويؤيده أيضا قوله في الرواية المذكورة في الباب "وصلت أم سليم خلفنا" وقيل إنها جدة إسحاق أم أبيه وجدة أنس أم أمه، قال ابن رسلان وعلى هذا فلا اختلاف (قلت) وما قاله ابن عبد البر جزم به عبد الحق والقاضي عياض وصححه النووي ومال إليه الحافظ والله أعلم (3) كذا رواية الأمام أحمد بكسر اللام وثبوت الياء مفتوحة، ووجهه أن اللام لام كي والفعل بعدها منصوب بأن مضمرة واللام ومصحوبها خبر مبتدأ محذوف والتقدير قوموا فقيامكم لأصلي لكم (4) بضم اللام وكسر الموحدة أي من كثرة ما استعمل (5) النضح هو الرش بالماء، فيحتمل أن يكون لتليين الحصير أو لتنظيفه أو لتطهيره، ولا يصح الجزم بالأخير بل المتبادر غيره، لأن الأصل الطهارة قاله الحافظ (6) هي مليكة المذكورة أولا (تخريجه) (ق. لك والثلاثة. هق)

فصلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين ثمَّ انصرف (1448) عن ثابتٍ عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال صلَّى الله بنا رسول الله صلَّى عليه وسلَّم تطوعًا قال فقامت أمُّ سليمٍ وأمُّ حرامٍ خلفنا قال ثابثٌ لا أعلمه إلاَّ قال وأقامنى عن يمينه فصلَّينا على بساطٍ (4) باب وقوف الامام أعلامن المأموم وبالعكس (1449) عن عبد العزيز بن أبى حازمٍ عن أبيه عن سهل بن سعد رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم جلس على المنبر أوَّل يومٍ وضع فكبَّر وهو عليه ثمَّ ركع ثمَّ نزل

_ (1448) عن ثابت عن أنس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا حماد ثنا ثابت عن أنس "الحديث" (غريبه) (1) هي بنت ملحان بن خالد بن زيد بن حرام الأنصارية خالة أنس رضي الله عنهما (2) يعني أن ثابتا قال لا أعلم أنسًا إلا قال في هذا الحديث أقامني النبي صلى الله عليه وسلم عن يمينه فصلينا على بساط (والبساط) تقدم الكلام عليه في باب الصلاة على الحصير والبسط الخ في حديث رقم 413 من كتاب الصلاة (تخريجه) (د. هق) وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية تقديم صفوف الرجال على الغلمان على النساء، هذا إذا كان الغلمان اثنين فصاعدًا، فإن كان صبي واحد دخل مع الرجال ولا ينفرد خلف الصف قاله السبكي؛ ويدل على ذلك حديث أنس المذكور في الباب فإن اليتيم لم يقف منفردًا بل صف مع أنس، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء، وقال الإمام أحمد يكره أن يقوم الصبي مع الناس في المسجد خلف الإمام إلا من احتلم وأنبت وبلغ خمس عشرة سنة، وروى عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه كان إذا رأى صبيا في الصف أخرجه، وعن زر بن حبيش وأبي وائل مثل ذلك، وقال بعض الشافعية عند اجتماع الرجال والصبيان يقف بين كل رجلين صبي ليتعلم منهم الصلاة أفعالها، وما ذهب إليه الجمهور هو الموافق للدليل والله أعلم. (1449) عن عبد العزيز بن أبي حازم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد "الحديث" (غريبه) (3) لم يذكر القيام بعد الركوع في هذه الرواية وكذا لم يذكر القراءة بعد

القهقرى فسجد وسجد النَّاس معه، ثمَّ عاد حتَّى فرغ، فلمَّا انصرف قال يا أيُّها النَّاس إنَّما فعلت، هذا لتاتمُّوا بت ولتعلَّموا صلاتى، فقيل لسهلٍ هل كان من شأن الجذع ما يقول النَّاس قال قد كان منه الَّذي كان

_ التكبير، وقد بيَّن ذلك البخارى في رواية له عن سفيان عن أبى حازم، ولفظه "كبر فقرأ وركع ثم رفع رأسه ثم رجع القهقرى" والقهقرى بالقصر المشى إلى خلف، والحامل عليه المحافظة على استقبال القبلة (1) في رواية أبى داود "فسجد في أصل المنبر ثم عاد" فستقاد من الروايتين أعنى رواية الأمام احمد ورواية أبى داود أن صلى الله عليه وسلم نزل على الأرض قريبا من المنبر فسجد وسجد الناس معه ثم رجع إلى المنبر للقيام عليه (2) تعلمَّوا بحذف إحدى التاءين تخفيفا وفتح العين المهملة وتشديد اللام مفتوحة أي لتقتدوا بى ولتتعلموا كيفية صلاتى، وفيه أن الحكمة في صلاته صلى الله عليه وسلم في أعلا المنبر رؤية الناس غياه، لأنه لو صلى على الأرض لخفى حاله على كثير من المصلين (3) يعنى هل حَنَّ الجذع الذي كان يستند إليه صلى الله عليه وسلم حين الخطبة وسُمع له أنين لمَّا اتخذ له المنبر وفارقه كما يقول الناس؟ فقال سهل بن سعد رضي الله عنه "قد كان منه الذي كان" يعنى أنه حنَّ وسمع له أنين كما قال الناس، وسيأتى ذكر هذه المعجزة بأطناب في أبواب المعجزات في قسم الشمائل من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق. د. نس. جه. هق) (وفي الباب) عن همام "أن حذيفة أمَّ الناس بالمدائن على دكان فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه، فلما فرغ من صلاته قال ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك؟ قال بلى قد ذكرت حين مددتنى" رواه أبو داود والشافعى والبيهقى وصححه النووى وابن خزيمة وابن حبان والحاكم، وفي رواية للحاكم التصريح برفعه، ورواه أبو داود من وجه آخر، وفيه أن الأمام كان عمار بن ياسر، والذى جبذه حذيفة وهو مرفوع ولكن فيه مجهول والأول أقوى كما قال الحافز (وقوله بالمدائن) هى مدينة قديمة على دجلة تحت بغداد (وقوله على دكان) بضم المهملة وتشديد الكاف الحانوت، قيل النون زائدة، وقيل أصلية وهى الدكة بفتح الدال وهو المكان المرتفع يجلس عليه (وقوله حين مددتى) أي مددت قميصى وجبذته اليك (وعن ابن مسعود) رضي الله عنه قال "نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقوم الأمام والناس خلفه يعنى أسفل منه" رواه الدارقطنى وذكره الحافظ في التلخيص وسكت عنه (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه أنه كان يجمع في دار أبى نافع عن يمين المسجد في غرفة قد قامة منها لها باب مشرف على المسجد بالبصرة

_ فكان أنس يجمع فيه ويأنم بالأمام" رواه سعيد بن منصور في سننه (وعن أبى هريرة) رضي الله عنه "أنه صلى على ظهر المسجد بصلاة الأمام" رواه الشافعى والبيهقى وسعيد ابن منصور وذكره البخارى تعليقا (الأحكام) حديث الباب يدل على جواز ارتفاع الأمام على المأمومين بنحو ثلاث درجات اذا قصد بذلك تعليمهم الصلاة، لأن منبره صلى الله عليه وسلم كان إذ ذاك ثلاث درجات فقط كما صرح بذلك في الأحاديث الصحيحة (وحديثا ابن مسعود وأبى مسعود البدرى) رضي الله عنهما فيهما النهى مطلقا فيجمع بين هذه الأحاديث بحمل حديث الباب على إرادة التعليم مع عدم الارتفاع عن ثلاث درجات، وبحمل النهى على ما عدا ذلك (والأثران المرويان عن أنس وأبى هريرة) رضي الله عنهما يدلان على جواز ارتفاع المأموم على الأمام بنحو القامة (قال النووى) رحمه الله قال اصحابنا يكره أن يكون موضع الأمام أو المأموم أعلا من موضع الآخر، فان احتيج اليه لتعليمهم أفعال الصلاة أو ليبلغ المأموم القوم تكبيرات الأمام ونحو ذلك استحب الارتفاع لتحصيل هذا المقصود، هذا مذهبنا وهو رواية عن أبى حنيفة، وعنه رواية أنه يكره الارتفاع المطلوب مطلقا وبه قال (مالك والأوزاعى) وحكى الشيخ أبو حامد عن الأوزاعى انه قال تبطل به الصلاة مطلقا اهـ ج (وقال ابن قدامة) في المغنى المشهور في المذهب "يعنى مذهب الأمام احمد" أنه يكره أن يكون الأمام أعلا من المأمومين سواء أراد تعليمهم الصلاة أو لم يرد× قال وهو قول (مالك والأوزاعى وأصحاب الرأى) وروى عن احمد ما يدل على أنه لا يكره فان على بن المدينى قال سالنى احمد عن حديث سهل بن سعد وقال إنما أردت أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أعلا من الناس فلا بأس أن يكون الأمام أعلا من الناس بهذاا لحديث اهـ (قلت) ولا كراهة عندهم في ارتفاع المأموم عن الأمام (قال الشوكانى رحمه الله) وقد حكى المهدى في البحر الأجماع على أنه لا يضر الارتفاع قدر القامة من المؤتم في غير المسجد إلا بحذاء رأس الأمام أو متقدماً، واستدل لذلك أيضا بفعل أبى هريرة المذكور في الباب، وقال المذهب ان ما زاد فسد، واستدل على ذلك بأن أصل البعد التحريم للأجماع في المفرط، ولا دليل على جواز ما تعدى القامة، وردَّ بأن الأصل عدم المانع فالدليل على مدعيه قال (والحاصل) من الأدلة منع ارتفاع الأمام على المؤتمين من غير فرق بين المسجد وغيره وبين القامة ودونهها وفوقها لقول أبى مسعود إنهم كانوا ينهون عن ذلك، وقول ابن مسعود نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث، وأما صلاته صلى الله عليه وسلم على المنبر فقيل إنه إنما فعل ذلك لغرض التعليم كما يدل عليه قوله ولتعلموا صلاتى وغاية ما فيه جواز وقوف الأمام على محل أرفع من المؤتمين اذا أراد تعليمهم، وأما ارتفاع المؤتم فان كان مفرطا بحيث يكون فوق ثلاثمائة ذراع على وجه

(5) باب مشروعية وقوف أولى الأحلام والنهى قريبا من الامام عن عبد الله (يعنى ابن مسعودٍ رضي اله عنه) عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال ليلينى منكم أولوا الأحلام والنَّهى، ثمَّ الَّذين يلونهم ثمَّ الَّذين يلونهم، ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، وإيَّاكم وهو شات الأسواق

_ لا يمكن المؤتم العلم بأفعال الأمام فهو ممنوع للأجماع من غير فرق بين المسجد وغيره، وإن كان دون ذلك المقدار فالأصل الجواز احتى يقوم دليل على المنع؛ ويعضد هذا الأصل فعل أبى هريرة المذكور ولم ينكر عليه اهـ (فائدة) ذكر صاحب المهذب عن الأمام الشافعى رحمه الله أنه قال في القديم بصحة صلاة من تقدم على أمامه في الموضع، وقال في الجديد بالبطلان وصححه النووى، وقال به (قال أبو حنيفة وأحمد) وقال مالك وإسحاق وأبو ثور وداود يجوز، هكذا حكاه أصحابنا عنهم مطلقا، وحكاه ابن المنذر عن مالك وإسحاق وأبى ثور اذا ضاق الموضع اهـ. (1450) عن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس ثنا يزيد بن زريع ثنا خالد عن ابى معشر عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله "الحديث" (غريبه) (1) هو بكسر اللامين وبياءين مفتوحتين مع تشديد النون على التوكيد واللام في أوله لام الأمر المكسورة أي ليقرب منى "وقوله أولوا الأحلام والنهى" قال ابن سيد الناس الاحلام والنهى بمعنى واحد، والنهى بضم النون جمع نُهيه بالضم أيضا وهى العقل لأنها تنهى عن القبح، وقيل المراد بأولى الأحلام البالغون، وبأولى النهى العقلاء فعلى الأول يكون العطف فيه من باب * فألفى قولها كذباً ومينا * وهو أن ينزل تغاير اللفظ منزلة تغاير المعنى وهو كثير الكلام، وعلى الثانى يكون لكل لفظ معنى مستقل والله أعلم (2) أي الذين يقربون منهم في هذا الوصف (3) يعنى في إقامة الصفوف بدليل ما سيأتى في الحديث التالى "استووا ولا تختلفوا فتختلق قلوبكم" لأن مخالفة الصفوف مخالفة الظواهر واختلاف الظواهر سبب لاختلاف البواطن (4) هوشات بفتح الهاء وإسكان الواو، وعند مسلم وهيشات بالياء بدل الواو والكل جائز، والمعنى احذر وافتن الأسواق واختلاطها والمنازعة والخصومات وارتفاع الأصوات واللغط، والهوشة الفتنة والاختلاط، والمراد النهى عن أن يكون اجتماع الناس في الصلاة مثل اجتماعهم في الأسواق متدافعين متغايرين مختلفى القلوب والأفعال (تخريجه) (م. د. مذ. هق).

(1451) عن أبي معمرٍ عبد الله بن سخبرة الأزدي عن أبى مسعودٍ الأنصارىِّ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يمسح مناكبنا فى الصَّلاة ويقول استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم، ليلنىِّ منكم أولوا الأحلام والنُّهى، ثمَّ الَّذين يلونهم، ثمَّ الَّذين يلونهم، قال أبو مسعودٍ فأنتم اليوم أشدُّ اختلافًا عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبُّ أن يليه المهاجرون والأنصار فى الصلّاة ليأخذوا عنه عن قيس بن عبادٍ قال أتيت المدينة للقاء أصحاب محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم ولم يكن فيهم رجلٌ ألقاه أحبَّ إلىَّ من أبىً فأقيمت الصَّلاة

_ (1451) عن أبي معمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع وأبو معاوية قالا ثنا الأعمش عن عمارة بن عمير التيمى عن أبى معمر "الحديث" (غريبه) (1) جمع منكب كمجلس وهو مجمع عظم العضد والكتف أي يسوى مناكبنا بيده في الصفوف ويعدلنا فيها (2) أي مما كان عليه الناس في الزمن السابق وهكذا كلما تقادم الزمن كثر الخلاف نسأل الله السلامة (تخريجه) (م. د. نس. جه. هق). (1452) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا حميد عن أنس "الحديث" (غريبه) (3) أي لأنهم أوعى وأحفظ لأحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيرهم لقدم إسلامهم وقوة إيمانهم، فقرَّ بهم ليبلِّغوا الناس صفة صلاته صلى الله عليه وسلم فهم آمن الناس على ذلك رضي الله عنهم وأرضاهم (تخريجه) (مذ. نس. جه) وسنده جيد. (1453) عن قيس بن عباد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان ابن داود ووهب بن جرير قالا ثنا شعبة عن أبى حمزة قال سمعت إياس بن قتادة يحدث عن قيس بن عباد "الحديث" (غريبه) (4) قيس بن عباد بضم المهملة وتخفيف الموحدة الضُّبَعى بضم المعجمة وفتح الموحدة أبو عبد الله البصرى ثقة من الثامنة مخضرم، مات بعد الثمانين ووهم من عده من الصحابة قاله الحافظ في التقريب (5) يعنى ابن كعب رضي الله عنه

وخرج عمر مع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت فى الصَّفِّ الأوَّل رجلٌ فنظر فى وجوه القوم فعرفهم غيرى فنحَّانى وقام فى مكانى، فما علقت صلاتى فلمَّا صلَّى قال يا بنىَّ لا يسؤك الله فإنَّى لم آتك الذَّى أتيتك بجهالةٍ ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا كونوا فى الصَّفِّ الذَّ يلينى، وإنِّى نظرت فى وجوه القوم فعرفتهم غيرك، ثمَّ حدَّث فما رايت الرِّجال متحت أعناقها إلى شيءٍ متوحها إليه قال فسمعته يقول هلك أهل العقدةٍ وربِّ الكعبة، ألا لا عليهم آسى ولكن على من يهلكون من المسلمين، وإذا هو أتيٌّ، والحديث على لفظ سليمان بن داود

_ لما يسمعه عنه من قوة الدين وشهرته في الحفظ والقراءة (1) بتشديد الحاء المهملة، أي بعَّدنى عن الصف الأول (2) أي لشدة تأثره من أبىّ لكونه أخرجه من الصف الأول وقام مكانه (3) يعنى فلما صلى أبىّ رضي الله عنه علم تأثره فجاءه معتذراً ودعا له بقوله "لا يسؤك الله" أي آمنك الله من السوء ثم بيَّن له أنه لم يخرجه من الصف لاحتقاره أو للاستئنار بمكانه، ولكن امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث (4) يعنى أن أبيّا رضي الله عنه أخذ بعظ الناس (5) يريد أنه ما رآى رجالا امتدت أعناقهم إلى سماع وعظ رجل مثل امتدادها إلى سماع وعظ أبىّ وهو كناية عن تأثير وعظه في قلوب الناس وهو معنى قوله (متحت) بفتح الميم، وقوله (مُتوحها) مصدر غير جار على فعله أو يكون كالشُّكور والكُفور اهـ نهاية (6) أي البيعة المعقودة للولاة، ويروى العقد بضم العين وفتح القاف، وهذه رواية النسائى؛ قال في النهاية يعنى أصحاب الولايات على الأمصار، من عقد الألوية للأمراء، قال وروى العقدة يريد البيعة المعقودة للأمراء اهـ (7) بمد الهمزة آخره ألف أي ما أحزن عليهم ولكن أحزن على من يهلكون أي يضلون من تابعيهم وحملهم على ترك السنة وعدم الاعتناء بها وتأخير الصلاة عن مواقيتها وعدم إقامة الصفوف وعدم تقديم أهل الفضل ونحو ذلك، ولفظ النسائى "ولكن آسى على من أضلوا، قلت يا ابا يعقوب ما يعنى بأهل العقد قال الأمراء" (8) يريد أن لفظ هذا الحديث هو رواية سليمان بن داود الطيالسى أحد مشايخ الأمام أحمد (تخريجه) (نس. خز) وسنده جيد (وفي الباب) عن سمرة

(6) باب الحث على تسوية الصفوف ورصها وبيان خيرها من شرها عن أبى سعيدٍ الخدريِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أدلُّكم على ما يكِّفر الله به الخطايا ويزيد به فى الحسنات، قالوا بلى يا رسول الله، إسباغ الوضوء على المكاره وكثره الخطا إلى هذه المساجد وانتظار الصَّلاة بعد الصَّلاة، مامنكم من رجلٍ يخرج من بيته متطهَّرًا فيصلِّى مع المسلمين الصَّلاة ثمَّ يجلس ينتظر الصلَّاة الأخرى إلاَّ الملائكة تقول اللَّهمَّ اغفر له اللَّهمَّ ارحمه، فإذا قمتم إلى الصَّلاة فاعدلوا

_ "أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليقم الأعراب خلف المهاجرين والأنصار ليقتدوا بهم في الصلاة" رواه الطبرانى في الكبير وهو من رواية الحسن عن سمرة (وعن البراء بن عازب) رضي الله عنه أشار إليه الترمذى (وعن ابن عباس) عند الدارقطنى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يتقدم في الصف الأول أعرابى ولا عجمى ولا غلام لم يحتلم" وفي إسناده ليث بى أبى سليم وهو ضعيف (الأحكام) أحاديث الباب تدل على تقديم الأفضل فالأفضل إلى الأمام لأنه أولى بالاكرام، ولأنه ربما احتاج إلى استخلاف فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الأمام على السهو لما لا يتفطن له غيره، وليضبطوا صفة الصلاة ويحفظوها وينقلوها ويعلموها الناسن وليقتدى بأفعالهم مَن وراءهم، ولا يختص هذا التقديم بالصلاة، بل السنة أن يقدّم أهل الفضل في كل مجمع إلى الامام وكبير المجلس، كمجالس العلم والقضاء والذكر والمشاورة ومواقف القتال وإمامة الصلاة والتدريس والأفتاء وإسماع الحديث ونحوها، ويكون الناس فيها على مراتبهم في العلم والدين والعقل والشرف والسن والكفاءة في ذلك الباب، والأحاديث الصحيحة متعاضدة على ذلك (وفيها) تسوية الصفوف واعتناء الأمام بها والحث عليها أفاده النووى. (1454) عن ابى سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو حدثنا زهير يعنى ابن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن سعيد بن المسيب عن أبى سعيد الخدرى "الحديث" (غريبه) (1) إسباغ الوضوء تمامه (والمكاره) تكون بشدة البرد وألم الجسم ونحو ذلك (وكثرة الخطأ) تكون ببعد الدار.

صفوفكم وأقيموها وسدُّوا الفرج فإنِّى أراكم من وراء ظهرى، فإذا قال إمامكم اله أكبر، فقولوا الله أكبر، وإذا ركع فاركعوا، وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللَّهمَّ ربَّنا لك الحمد، وإنَّ خير صفوف الرِّجال المقدَّم، وشرها المؤخَّر، وخير صفوف النَّساء المؤخَّر، وشرَّها المقدَّم يا معشر النِّساء إذا سجد الرِّجال فاغضضن أبصاركنَّ عورات الرِّجال من ضيق الأزر عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه

_ وكثرة التكرار (1) الفُرج جمع فرجة كعرف وغرف، وهى الخلل الذي يكون بين المصلين في الصفوف وسيأتى أن الشيطان يدخل فيها ليوسوس للمصلين (2) قال النووى رحمه الله أما صفوف الرجال فهى على عمومها فخيرها أولها أبداً وشرها آخرها أبداً، أما صفوف النساء فالمراد بالحديث صفوف النساء اللواتى يصلين مع الرجال، وأما اذا صلين متميزات لا مع الرجال فهن كالرجال خير صفوفهن أولها وشرها آجرها، والمراد بشر الصفوف في الرجال والنساء اقلها ثوابا وفضلا وأبعدها من مطلوب الشرع، وخيرها بعكسه، وإنما فضل آخر صفوف النساء الحاضرات مع الرجال لبعدهن من مخالطة الرجال ورؤيتهم وتعلق القلب بهم عند رؤية حركاتهم وسماع كلامهم ونحو ذلك، وذم أول صفوفهن لعكس ذلك والله أعلم اهـ (3) أمر النساء بغضّ البصر لئلا يقع بصر امرأة على عورة رجل انكشف لضيق إزاره لقلة الثياب عندهم في ذاك الوقت، ولذا كان الرجل يعقد إزاره في عنقه لضيقه لئلا يكشف شئ من عورته، ولم يمكث هذا طويلا فقد وسع الله عليهم بالفتوحات وكثرت ثيابهم وأسبغ الله عليهم نعمه بعد ضيق العيش بفضل صبرهم وجهادهم رضي الله عنهم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد بطوله وأبو يعلى أيضا إلا أنه قال "ما منكم رجل يخرج من بيته متطهرا فيصلى مع المسلمين الصلاة الجامعة" وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل وفي الاحتجاج به خلاف وقد وثقه غير واحد اهـ (قلت) الحديث جاء في الصحيحين وغيرهما من طرق كلها صحيحة إلا أنهم رووه مجزءاً عن غير واحد من الصحابة من عدة طرق. (1455) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله أبي ثنا عبد

وآله وسلَّم قال خير صفوف الرِّجال المقدَّم وشرُّها المؤخرَّ، وشرُّ صفوف النِّساء المقدَّم وخيرها المؤخرَّ وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما بنحوه وزاد- ثمَّ قال يا معشر النِّساء إذا سجد الرِّجال فاغضضن أبصاركنَّ لاترين عورات الرجال من ضيق الأزر عن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقيموا الصَّفَّ فى الصَّلاة فإنَّ إقامة الصَّفِّ من حسن الصَّلاة عن بشير بن يسارٍ قال جاء أنس بن مالكٍ رضى الله عنه إلى الميدنة فقلنا له أنكرت من عهد نبيِّ الله صلَّى الله عليه وسلمَّ؟ فقال ما أنكرت منكم شيئًا غير أنَّكم لا تقيمون صفوفكم

_ الصمد قال حدثنا عبد العزيز يعنى ابن مسلم قال ثنا سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة "الحديث" (تخريجه) (م. والأربعة. وغيرهم). (1456) وعن جابر بن عبد الله (سنده) حدّنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا زائدة ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "خير صفوف الرجال المقدم وشرها المؤخر، وشر صفوف النساء المقدم وخيرها المؤخر، ثم قال يا معشر النساء الحديث" (تخريجه) (ش) وسنده لا بأس به. (1457) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق بن همّام ثنا معمر عن همّام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (1) إقامة الصف تسويته واعتداله (2) استدل به القائلون بأن تسوية الصفوف سنة، قالوا لأن حسن الشئ زيادة على تمامه (تخريجه) (ق. وغيرهما). (1458) عن بشير بن يسار (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن عقبة بن عبيد الطائى حدثنى بشير بن يسار "الأثر" (غريبه) (3) أي من البصرة

(1459) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقبل علينا بوجهه قبل أن يكبِّر فيقول تراصُّوا "وفى روايةٍ أقيموا صفوفكم وتراصُّوا" وأهتدوا فإنىِّ أراكم من وراء ظهرى عن النعمان بن بشيرٍ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يسوِّينا فى الصُّفوف كما تقوَّم القداح حتَّى إذا ظنَّ أنَّا أخذنا ذلك عنه وفهمناه أقبل ذات يومٍ بوجهه فإذا رجلٌ منتبذٌ بصدره فقال لتسوُّونَّ صفوفكم أو ليخالفنَّ الله بين وجوهكم عن ابى سعيدٍ الخدريِّ الله عنه قال رآى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم فى أصحابه تأخُّرًا فقال تقدَّموا فأتمُّوا، وليأتمَّ بكم

_ لأنه سكنها بعد الفتوحات وتوفى بها سنة 93 (تخريجه) (خ). (1459) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان ابن حيان أبو خالد عن حميد عن أنس "الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما). (1460) عن النعمان بن بشير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز ثنا حماد بن سلمة أنا سماك بن حرب عن النعمان بن بشير "الحديث" (غريبه) (1) جمع قدح بكسر القاف وسكون الدال المهملة وهو خشب السهم اذا برى وأصلح قبل أن يركب فيه الريش والنصل، والغرض من التشبيه المبالغة في تسوية الصفوف فانه صلى الله عليه وسلم كان يسوى صفوفهم كما تسوى القداح وتصلح قبل تركيب النصل لأنها لا تصلح لما يراد منها إلا بعد تسويتها وغصلاحها صلاحاً تاما فكذلك الصفوف (2) أي خارج بصدره عن الصف (3) قيل معناه يمسخها ويحولها عن صورها كقوله صلى الله عليه وسلم "يجعل الله تعالى صورته صورة حمار" وقيل يغير صفاتها، وإلا ظهر والله أعلم أن معناه يوقع بينكم العداوة والبغضاء واختلاف القلوب، كما يقال تغيّر وجه فلان علىَّ، أي ظهر لي من وجهه كراهة لي وتغير قلبه علىَّ، قاله النووى (تخريجه) (م. والأربعة وغيرهم) زاد أبو داود في رواية قال فرأيت الرجل يلزق منكبه بمنكب صاحبه وركبته بركبة صاحبه وكعبه بكعبه. (1461) عن ابى سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

من بعدكم لا يزال قومٌ يتأخَّرون حتَّى يؤخِّرهم الله عزَّ وجلَّ يوم القيامة عن البراءٍ بن عازب رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتينا إذا قمنا إلى الصَّلاة فيمسح عواتقنا أو صدورنا وكان يقول لا تختلفوا فتختلف قلوبكم وكان يقول إن الله وملائكته يصلُّون على الصَّفِّ الأوَّل أو الصُّفوف الأول

_ يزيد أنا أبو الأشهب عن أبى نضرة عن أبى سعيد "الحديث" (غريبه) (1) أمرهم صلى الله عليه وسلم بالتقدم ليأتموا به وليحفظوا صفة صلاته ليعلموها من لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم أو من لم يحضر صلاته، ويحتمل أن يراد اقتداء من خلفهم بالنبى صلى الله عليه وسلم مستدلين بأفعالهم على افعاله صلى الله عليه وسلم، ففيه جواز اعتماد المأموم في متابعة الامام الذي لا يراه على مبلَّغ عنه أو صفٍّ أمامه يراه متابعا للأمام، وتمسك به الشعبى على أن كل صف منهم إمام لمن وراءه، وخالفه في ذلك أهل العلم (2) زاد أبو داود عن الصف الأول "وقوله حتى يؤخرهم الله" أي يؤخرهم الله عن رحمته وعظيم فضله، أو عن رتبة العلماء المأخوذ عنهم؛ أو عن رتبة السابقين، وقيل إن هذا في المنافقين، والظاهر أنه عام لهم ولغيرهم، وفيه الحث على الكون في الصف الأول والتنفير عن التأخر عنه، وقد ورد في فضل الصف الأول أحاديث كثيرة ستأتى في الباب التالى (تخريجه) (م. د. نس. جه). (1462) عن البراء بن عازب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا شعبة قال طلحة أخبرنى قال سمعت عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب "الحديث" (غريبه) (3) "أو" للشك من الراوى والعواتق جمع عاتق وهو ما بين المنكب والعنق وهو موضع الرداء، ورواية ابى داود "يمسح صدورنا ومناكبنا" والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يمسح صدورهم وعواتقهم مع المنكب بيده الشريفة لتمام تسوية الصفوف حتى لا يتقدم أحد ولا يتأخر، وفي ذلك من اللطف وحسن الخلق والاعتناء بتسوية الصفوف ما لا يخفى (4) أي لا تختلفوا بأجسامكم فيتسبب عن ذلك اختلاف قلوبكم (5) المعنى أن الله عز وجل ينزل رحمته على المصلين في الصف الأول وكذلك الملائكة تستغفر لهم، وإنما كان الصف الأول أفضل لأن من فيه قريبون من رحمة الله تعالى وسماع قراءة الأمام والاسترشاد بها (تخريجه) (د. نس. ك. هق. حب. خز) وسنده جيد.

(1463) عن جابر بن سمرة رضى الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات فقال مالى أراكم رافعى أيديكم كأنَّما أذناب خيلٍ شمسٍ اسكنوا فى الصلَّاة، ثمَّ خرج علينا فرآنا حلقًا فقال مالى أراكم عزين ثمَّ خرج علينا فقال ألا تصفُّون كما تصفُّ الملائكة عند ربِّها؟ قال قالوا يا رسول الله كيف تصفُّ الملائكة عند ربِّها؟ قال يتمُّون الصُّفوف الأولى ويتراصُّون فى الصَّفِّ عنأبى أمامة رضى الله عنه عن رصول الله صلَّى الله عليه وسلم وآله وسلَّم أنَّه قال لتسوُّنَّ الصُّفوف أو لتطمسنَّ وجوهكم ولتغمضنَّ

_ (1463) عن جابر بن سمرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن مسيب بن رافع عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة "الحديث" (غريبه) (1) باسكان الميم وضمها، وهى التي لا تستقر بل تضطرب وتتحرك بأذنابها وأرجلها، والمراد بالرفع المنهى عنه هنا رفعهم ايديهم عند السلام مشيرين إلى السلام من الجانبين (2) بكسر الخاء وفتحها لغتان جمع حلقة باسكان اللام وحكى الجوهرى وغيره فتحها في لغة ضعيفة (3) أي متفرقين جماعة جماعة، وهو بتخفيف الزاى الواحدة عزة، معناه النهى عن التفرق والأمر بالاجتماع، وفيه الأمر باتمام الصفوف الأولى والتراص في الصفوف، ومعنى إتمام الصفوف الأولى أن يتم الأول، ولا يشرع في الثانى حتى يتم الأول، ولا في الثالث حتى يتم الثانى، ولا في الرابع حتى يتم الثالث، وهكذا إلى آخرها (تخريجه) (م. د. نس. جه. هق). (1464) عن أبى أمامة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا بكر بن مضر عن عبيد الله بن زَحْر عن على بن يزيد عن القاسم عن ابى أمامة "الحديث" (غريبه) (4) يقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسما مؤكداً وهو لا يقسم كذلك إلا لمهم جداً فيقول ما معناه، والله إن لم تسووا الصفوف كما يحب الله ورسوله فالله تعالى يطمس وجوهكم بأن يغيرها ويمحو ما فيها من العين والأنف والحاجب فيجعلها لوحا واحدا كالاقفاء، أو يغيرها بما يصيبها من الضعف والهوان والأمراض والذلة ونحو ذلك والله أعلم

أبصاركم أو لتخطفنَّ أبصاركم عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أقيموا الصُّفوف فإنَّما تصفُّون بصفوف الملائكة وحاذوا بين المناكب وسدُّوا الخلل ولينوا فى أيدى إخوانكم ولا تذروا فرجاتٍ للشيطان ومن وصل صفًا وصله الله تبارك وتعالى ومن قطع صفًا قطعه الله

_ (1) يقسم الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم قسما آخر فيقول ما معناه، والله إن لم تغمضوا أبصاركم في الصلاة وغيرها خاشعين لله غير ناظرين إلى ما حرُم النظر اليه، فالله عز وجل قادر على أن يخطف أبصاركم بسرعة البرق أو يصيبكم بالرمد فلا تنجوا منه عقاباً لعدم خشوعكم في الصلاة وعذاباً لنفوسكم حيث لم تراعوا محارم الله، والله أعلم (تخريجه) (طب) وفي إسناده عبيد الله بن زحر وعلى بن يزيد بن أبى زياد الالهانى وهما ضعيفان؛ لكن له شواهد صحيحة تعضده. (1465) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون بن معروف ثنا عبد الله بن وهب عن معاوية بن صالح عن ابى الزاهرية عن كثير بن مرة عن عبد الله بن عمر "الحديث" (غريبه) (2) أي بمثل صفوف الملائكة في كونهم يتمون الصف الأول ويتراصون في الصف، وقد جاء مفسرا بذلك في بعض الأحاديث (3) أي اجعلوا بعضها حذاء بعض بحيث يكون منكب كل واحد من المصلين محاذياً لمنكب الآخر ومسامتا له فتكون المناكب والأعناق والأقدام على سمت واحد (4) الخلل بفتحات الفرجة في الصفوف وجمعه خلال مثل جبل وجبال (5) أي اذا أمره من يسوى الصفوف بالاشارة بيده أن يستوى في الصف أو وضع يده على منكبه فليستو، وكذا اذا أراد أن يدخل في الصف فليوسع له، وفي بعض نسخ أبى داود زيادة، قال أبو داود ومعنى لينوا يدخل في الصف فليوسع له، وفي بعض نسخ أبى داود زيادة، قال أبو داود ومعنى لينوا بأيدى إخوانكم اذا جاء رجل إلى الصف فذهب يدخل فيه فينبغى أن يلين له كل رجل منكبيه حتى يدخل في الصف (6) أي لا تتركوا خللا في الصفوف لئلا يدخل فيها الشيطان فيوسوس للمصلين (فان قيل) ما فائدة ذكر الفرجات بعد ذكر الخلل اذا كانت بمعناها (قلت) فائدتها التأكيد وبيان الحكمة في سدها وهى منع دخول الشيطان فيها (7) أي بأن كل فيه فرجة فسدّها أو نقصان فأتمه وصله الله برحمته ورضوانه (8) أي بأن جلس في الصف بلا صلاة أو ترك الصف في جانب ووقف في الجانب الآخر كما يفعل الآن كثير من الناس فهؤلاء يقطعهم الله عن رحمته نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) أخرجه أبو داود

(1466) عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رصُّوا صفوفكم وقاربوا بينها وحاذوا بالأعناق فوالذَّى نفس محمَّدٍ بيده إنِّى لأدرى الشَّياطين تدخل من خلل الصُّفوف كأنَّها الحذف عن البراء بن عازبٍ رضى الله عنهما قال قال رسول الله الله صلَّى الله عليه وآلخ وسلَّم أقيموا صفوفكم لا يتخلَّلكم كأولاد الحذف، قيل يا رسول الله وما أولاد الجذف؟ قال سودٌ جردٌ تكون بأرض اليمن

_ بتمامه إلا قوله "فانما تصفون بصفوف الملائكة" وأخرجه (نس. ك. جز) مختصرين على قوله "من وصل صفا وصله الله ومن قطع صفا قطعه الله" وأخرج نحوه الأمام أحمد أيضا والطبرانى من حديث أبى أمامة وسيأتى في الباب التالى. (1466) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود ابن عامر وعفان قالا ثنا ابان عن قتادة عن أنس قال أسود ثنا أنس بن مالك "الحديث" (غريبه) (1) أي تلاصقوا حتى لا يكون بينكم فرجة، من رصّ البناء اذا لصق بغضه ببعض (2) أي اجعلوا ما بين كل صفين من الفصل قليلا بحيث يقرب بعض الصفوف إلى بعض ليكون تقارب الاشباح سببا لتقارب الأرواح وتآلفها فلا يقدر الشيطان على أن يوسوس لهم، وقدر بعضهم القرب بثلاثة أذرع (3) قيل الظاهر أن الباء فى قوله بالأعناق زائدة، والمعنى اجعلوا بعض الأعناق في مقابلة بعض فلا يكون عنق أحدكم خارجاً عن محاذاة عنق الآخر، ويحتمل أن يكون المراد بمحاذاة الأعناق أن لا يرتفع بعضهم على بعض بأن يقف في مكان أرفع من الآخر، قاله القاضى عياض (4) بحاء مهملة وذال معجمة مفتوحتين واحدها حذفة بالتحريك كقصب وقصبة، وهى غنم صغار سود جرد ليس لها أذناب يؤتىبها من اليمن كما فسرها النبي صلى الله عليه وسلم بنحو ذلك في حديث البراء الآتي بعد هذا، وفيه معجزة للنبى صلى الله عليه وآله وسلم حيث كان يرى ما لا يراه الناس (تخريجه) (د. نس. هق) وسنده جيد. (1467) عن البراء بن عازب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله بن محمد قال أبو عبد الرحمن وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبى شيبة قال ثنا أبو خالد الأحمر عن الحسن بن عمرو عن طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (5) رواية الحاكم "قال ضأن جرد سود تكون بأرض اليمن" (تخريجه) (ك) وقال

(1468) عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال إنِّى أنظر أو إنِّى لأنظر ما ورائى كما أنظر إلى ما بين يديَّ، فسوُّا صفوفكم وأحسنوا ركوعكم وسجودكم وعنه أيضًا عن النَّبىِّ صلَّى الله عليه وآله وسلًّم قال أحسنوا إقامة الصُّفوف فى الصَّلاة، خير صفوف الرِّجال فى الصَّلاة أوَّلها، وشرُّها آخرها، وخير صفوف النِّساء فى الصَّلاة آخرها، وشرُّها أوَّلها عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم سُّووا "وفي روايةٍ أتمُّوا" صفوفكم فإنَّ تسوية

_ هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ (قلت) واقره الذهبى وقال على شرطهما. (1468) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عمرو ابن الهيثم ثنا ابن أبى ذئب عن عجلان عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (1) أو للشك من الراوى (2) إحسان الركوع والسجود يكون بالطمأنينة فيهما والأتيان بما ورد فيهما من الأذكار، واذا كان مأموماً لا يرفع قبل إمامه ونحو ذلك، وتقدم الكلام على تسوية الصفوف وكونه صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم ينظر من خلفه كما ينظر من بين يديه في غير موضع (تخريجه) أورده الهيثمى بلفظ حديث الباب وقال رواه البزار ورجاله ثقات. (1469) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن عن زهير يعنى ابن محمد الخراسانى وابو عامر قال ثنا زهير عن العلاء عن أبيه عن أبى هريرة "الحديث" (تخريجه) (م. والأربعة. وغيرهم) وتقدم الكلام عليه في شرح الحديث الثانى من أحاديث الباب. (1470) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال ثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك

الصفوف من تمام الصَّلاة وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وآله وسلَّم أقيموا صفوفكم فإنَّ من حسن الصَّلاة إقامة الصفِّ عن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزَّبير قال طلبنا علم العود الذَّى فى مقام الإمام فلم نقدر على أحدٍ يذكر لنا فيه شيئًا قال مصعبٌ فأخبرنى محمدَّ بن مسلم رضى اله عنه يومًا فقال هل تدرى لم صنع هذا؟ ولم أسأله عنه، فقلت لا والله لا أدرى لم صنع، فقال أنسٌ كان

_ "الحديث" (غريبه) (1) أي من حسنها وكمالها أخذاً من حديثه الآتى بعد هذا حيث قال فان من حسن الصلاة إقامة الصف، وروى مثله الشيخان عن أبى هريرة بلفظ "فان إقامة الصف من حسن الصلاة" وحسن الشئ أمر زئد على حقيقته، ويظهر قوله تعالى "وأقيموا الصلاة" لأن إقامتها يشمل الأتيان بفرائضها وسننها وآدابها خلافاً لابن حزم القائل بفرضية تسوية الصفوف، ولا تصح الصلاة إلا بها حملا للتمام على الحقيقة قاله ابن دقيق العيد وغيره (تخريجه) (م. د. نس. جه. هق). (1471) وعنه أيضاً (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن شعبة عن قتادة عن أنس "الحديث" (تخريجه) (م. د. وغيرهما) بلفظ "فان تسوية الصفوف من تمام الصلاة" ورواه البخارى ولفظه "فان إقامة الصفوف من إقامة الصلاة" ورواه أيضا بنحو حديث الباب من رواية أبى هريرة. (1472) عن مصعب بن ثابت (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أحمد ابن الحجاج أنا حاتم بن اسماعيل ثنا مصعب بن ثابت "الحديث" (غريبه) (2) لم أقف على تفسير هذا العود لأحد، والظاهر أنه كان عصا أو نحوها موضوعة في المكان الذي يصلى فيه الامام من مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم بدليل ما في رواية لأبى داود عن أنس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا قام إلى الصلاة أخذه بيمينه ثم التفت فقال اعتدلوا سووا صفوفكم، ثم أخذه بيساره فقال اعتدلوا سووا صفوفكم" (3) أي فلم نجد أحداً عنده علم بسر وضعه في هذا المكان (4) الأشارة ترجع إلى العود المذكور، والغرض من هذا الاستفهام

رسول الله صلى الله عليه وسلم يضع عليه يمينه ثم يلتفت إلينا فيقول استووا واعدلوا صفوفكم عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال أتمُّوا الصَّفَّ الأول ثمَّ الذَّى يليه، فإن كان نقصٌ فليكن فى الصَّف المؤخَّر عن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ الله عزَّ وجلَّ وملائكته عليهم السَّلام يصلُّون على الَّذين يصلون الصُّفوف، ومن سدَّ فرجةً رفعة الله بها درجةً

_ تنبيه محمد بن مسلم لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من شدة حرصه واعتنائه بتسوية الصفوف، وقد علمتَ من رواية أبى داود أنه صلى الله عليه وسلم كان يشير به إلى من كان جهة يمينه، ثم يشير به إلى من كان جهة يساره (تخريجه) (د) وفي إسناده مصعب بن ثابت لين الحديث وكان عابدا، قاله الحافظ في التقريب. (1473) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن بكر عن سعيد عن قتادة عن أنس "الحديث" (غريبه) (1) المعنى أنه لا يُشرع في صف إلا بعد تمام الأول، فان كمل يُشرع في الثانى، فان كمل يُشرع في الثالث، وهكذا إلى أن تنتهى الصفوف، فإن كان نقص فليكن في الصف الأخير (تخريجه) (د. نس. هق) وسنده جيد. (1474) عا عائشة رضي الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو اليمان ثال ثنا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة "الحديث" (تخريجه) (طب. هق) بدون قولها "ومن سد فرجة الخ" وسنده جيد؛ وأخرج نحوه الطبرانى كاملا عن أبى هريرة، ورواه أبو داود عن عائشة بلفظ "إن الله وملائكته يصلون على ميامن الصفوف" (الأحكام) في أحاديث الباب دليل على مشروعية إقامة الصفوف وتسويتها وإتمامها وسد خللها واتمام الصف الأول ثم الذي يليه ثم الذي يليه وهكذا والحث على ذلك وتأكيده (وفيها) أن من فعل ذلك دعت له الملائكة وغفر الله له ورفع درجته وكان شبيهاً بالملائكة وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم "ان الله عز وجل وملائكته يصلُّون على الذين يصِلُون الصفوف" وقوله صلى الله عليه وسلم "ألا تصُفون كما تصف الملائكة" (وفيها) أن من

_ خالف ذك مقته الله وتوعده بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوى "لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم" وقد اختلف العلماء في الوعيد المذكور، فمنهم من قال هو على حقيقته، والمراد تشويه الوجه بتحويل خلقه بجعله موضع القفا أو نحو ذلك، فهو نظير ما تقدم فيمن رفع رأسه قبل الامام أن يجعل الله رأسه رأس حمار، وفيه من اللطائف وقوع الوعيد من جنس الجناية وهى المخالفة (قال الحافظ) وعلى هذا فهو واجب والتفريط فيه حرام، ويؤيد الوجوب حديث أبى أمامة بلفظ "لتسوُّن الصفوف أو لتطمسن الوجوه" أخرجه أحمد وفي إسناده ضعف اهـ "ومنهم من حمل الوعيد المذكور على المجاز" وتقدم كلام النووى على ذلك في شرح الحديث، وقال القرطبى معناه تفترقون فيأخذ كل واحد وجهاً غير الذي يأخذه صاحبه، لأن تقدم الشخص على غيره مظنة للتكبر المفسد للقلب الداعى إلى القطيعة (قال الحافظ) والحاصل أن المراد بالوجه إن حمل على العضو المخصوص فالمخالفة إما بحسب الصورة الانسانية أو الصفة أو جعل القدام وراء، وإن حمل على ذات الشخص فالمخالفة بحسب المقاصد، أشار إلى ذلك الكرمانى، ويحتمل أن يراد المخالفة في الجزاء فيجازى المسوّى بخير ومن لا يسوّى بشرّ، قال واستدل ابن حزم بقوله إقامة الصلاة على وجوب تسوية الصفوف (يعنى رواية البخارى عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سووا صفوفكم فان تسوية الصفوف من إقامة الصلاة) قال لأن إقامة الصلاة واجبة وكل شئ من الواجب واجب، ولا يخفى ما فيه ولاسيما وقد بينا أن الرواة لم يتفقوا على هذه العبارة، وتمسك ابن بطال بظاهر لفظ حديث أبى هريرة "يعنى الذي فيه - فان اقامة الصف من حسن الصلاة" فاستدل به على أن التسوية سنة، قال لأن حسن الشئ زيادة على تمامه، وأورد عليه رواية "من تمام الصلاة" وأجاب ابن دقيق العيد فقال قد يؤخذ من قوله تمام الصلاة الاستحباب، لأن تمام الشئ في العرف أمر زائد على حقيقته التي لا يتحقق إلا بها وإن كان يطلق بحسب الوضع على بعض ما لا تتم الحقيقة الا به كذا قال؛ وهذا الأخذ بعيد، لأن لفظ الشارع لا يحمل إلا على ما دل عليه الوضع في اللسان العربى، وانما يحمل على العرف اذا ثبت أنه عرف الشارع لا العرف الحادث اهـ (وذهب الجمهور) إلى أن اقامة الصفوف في الصلاة سنة (وذهب البخارى) إلى الوجوب، ولهذا ترجم في صحيحه "باب اثم من لم يتم الصفوف" وأورد فيه اثر أنس "أنه قدم المدينة فقيل له ما أنكرت منا منذ يوم عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال ما أنكرت شيئاً إلا أنكم لا تقيمون الصفوف" ورواه الامام أحمد أيضا وهو من أحاديث الباب، والظاهر أن البخارى رحمه الله تعالى أخذ الوجوب من صيغة الأمر في قوله صلى الله عليه وسلم "سووا صفوفكم" ومن عموم قوله "صلوا كما رأيتمونى أصلى" ومن ورود الوعيد على تركه فرجح عنده بهذه القرائن

(7) باب ما جاء فى فضل الصف الاول (1475) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله

_ أن إنكار أنس انما وقع على ترك الواجب، وان كان الانكار قد يقع على ترك السنن، ومع القول بأن التسوية واجبة فصلاة من خالف ولم يسوّ صحيحة، ويؤيد ذلك أن أنسأ لم يأمرهم باعداة الصلاة، وهذا أعدل الأقوال في نظرى (وأفرط ابن حزم) فجزم بالبطلان، ونازع من ادّعى الأجماع على عدم الوجوب بما صح عن عمر رضي الله عنه أنه ضرب قدم أبى عثمان النهدى لأقامة الصف، وبما صح عن سويد بن غفلة قال "كان بلال يسوى مناكبنا ويضرب أقدامنا في الصلاة" فقال ما كان عمر وبلال يضربان أحدا على ترك غير الواجب. (اذا علمت هذا) تيقنت أن كثيرا من أئمة المساجد في هذا العصر قد فرّطوا في هذا الواجب الدينى واستخفوا به فتركوا الناس وشأنهم في إقامة الصفوف، فترى الناس بعد إقامة الصلاة أوزاعا متفرقين عن اليمين وعن الشمال عزين: الصف الأول ناقص، والثانى متقطع؛ والثالث بعضه بناحية من المسجد وبعضه بالناحية الأخرى بلا اعتدال ولا انتظام، وما بين ذلك خال من المصلين وهكذان كل ذلك على مرأَى من الامام وهو ساكت لا يبدى ولا يعيد، ولم يدر أنه مسئول عن ذلك في يوم الوعيد (يوم يأت لا تكلم نفس إلا باذنه فمنهم شقى وسعيد) وفي الحديث "كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته" نعم هو مسئول، لأنه خالف هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين الهادين المهديين من بعده، فقد ورد عن العرباض بن سارية رضي الله عنه قال "صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الصبح ذات يوم ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة ذرَفت منها العيون ووجلت منها القلوب، فقال قائل يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع فماذا تعهد الينا؟ فقال أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وان كان حبشيا، فانه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافاً كثيرا، فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، فتمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فان كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار" رواه الامام أحمد في مسنده وهذا لفظه ورواه (د. جه. مذ) وصححه ورواه (حب. ك) وقال صحيح على شرطهما يعنى البخارى ومسلم (فهل عمل بذلك أئمة المساجد) ونفذوا وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ كلا لم يعمل بذلك إلا من أشربوا حب السنة ووفقهم الله للعمل بها والذب عن حياضها وقليل ماهم، زادهم الله توفيقا وأكثر من أمثالهم وألهم سائر الائمة اتباع سبيلهم، وجعلنا الله جميعا ممن عرفوا الحق فاتبعوه، واهتدوا إلى الصراط المستقيم فسلكوه آمين. (1475) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن

عليه وسلَّم لو يعلم النَّاس ما فى النَّداء والصَّفِّ الأول ثمَّ لم يجدوا إلاَّ أن يستهموا عليه لا استهموا عليه، ولو يعلمون ما فى التَّهجير لا استبقوا إليه، ولو يعلمون ما فى العشاء والصُّبح لأتوهما ولو حبوًا (1476) عن الَّنعمان بن بشير رضى الله الله عنه قال سمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول إنَّ الله عزَّ وجلَّ وملائكته يصلُّون على الصَّف الأولَّ أو الصُّفوف الأولى (1477) وعن البراء بن عازبٍ رضى الله عنهما نخوه إلاَّ أنَّه قال على الصُّفوف الأول (وفى لفظٍ) على الصَّفِّ المقدَّم (1478) عن العرباض بن سارية رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ عن مالك عن سمي عن أبي صالح عن أبى هريرة الخ وقد تقدم هذا الحديث من طريق عبد الرزاق عن مالك بهذا السند في الباب الثانى من أبوب الأذان رقم 236 ونقدم الكلام عليه شرحاً وتخريجا وهو من أصح الأحاديث وأشهرها (والاستهام) الافتراع (والتهجير) التبكير إلى كل شئ (والحبو) الزحف. (1476) عن النعمان بن بشير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد ابن الحباب حدثنى حسين بن واقد حدثنى سماك بن حرب عن النعمان بن بشير "الحديث" (غريبه) (1) "أو" للشك من الراوى هل قال صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل وملائكته يصلون على الصف الأول أو على الصفوف الأولى، والمعنى أن الله عز وجل يُنزل رحمته أوَّلا على الصف الأول ثم الذي يليه ثم الذي يليه وهكذا، فالصف الأول مقدم في نزول الرحمة فهو أفضل (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار ورجاله ثقات. (1477) عن البراء بن عازب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى ابن آدم ثنا عمار بن رزيق عن أبى اسحاق عن عبد الرحمن عن عوسجة عن البراء بن عازب يشهد به على النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله وملائكته يصلون على الصفوف الأول (تخريجه) (د. نس. ك. حب. خز. هق) وسنده جيد. (1478) عن العرباض بن سارية (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد ووكيع قالا ثنا هشام قال ثنا يحيى بن كثير عن محمد بن ابراهيم عن خالد

كان يستغفر للصَّف المقدَّم ثلاثًا وللثَّانى مرَّة عن أبىِّ بن كعبٍ رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم الصَّفُّ المقدَّم على مثل صفِّ الملائكة ولو تعلمون فضيلته لابتدرتموه عن أبى أمامة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ الله وملائكته يصلُّون على الصَّف الأوَّل، قالوا يا رسول الله وعلى الثَّانى، قال إنَّ الله وملائكته يصلُّون على الصَّف الأوَّل، قالوا يا رسول الله وعلى الثَّانى، قال إنَّ الله وملائكته يصلُّون على الصَّف الأوَّ قالوا يا رسول الله وعلى الثَّانى، قال وعلى الثَّانى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سوُّوا صفوفكم وحاذوا بين مناكبكم ولينوا في أيدى إخوانكم وسُّدوا الخلل فإنَّ الشَّيطان يدخل بينكم بمنزلة الحذف، يعنى أولاد الضَّأن الصِّغار

_ ابن معدان عن العرياض بن سارية "الحديث" (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه ابن ماجه والنسائى وابن خزيمة في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرطهما ولم يخرجا للعرباض، ورواه ابن حبان في صحيحه ولفظه "كان يصلى على الصف المقدم ثلاثا وعلى الثانى واحدة" ولفظ النسائى كابن حبان إلا أنه قال "كان يصلى على الصف الأول مرتين" اهـ. (1479) عن أبّى بن كعب، هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الثانى من أبواب صلاة الجماعة رقم 1299 فارجع اليه إن شئت. (1480) عن أبى أمامة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم ثنا فرج ثنا لقمان عن أبى أمامة "الحديث" (غريب) (1) في تكريره صلى الله عليه وسلم هذه الجملة بعد أن سئل عن الصف الثانى مزيد فضل للصف الأول، وأن فضله مضاعف بالنسبة للثانى فلينتبه من يترك الصف الأول ناقصا ويدخل في غيره ويحرم نفسه من هذا الفضل العظيم، وقد تقدم شرح الحديث في الباب السابق (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى في الكبير ورجاله موثقون (وفي الباب) عن أبى هريرة رضي الله عنه "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استغفر للصف الأول ثلاثا وللثانى مرتين وللثالث مرة" رواه البزار وفيه أيوب بن عتبة ضعف من قبل حفظه (الأحكام) أحاديث الباب تدل

(8) باب هل بأخذ القوم مصافّهم قبل الامام أم لا عن عبد الله (يعنى ابن مسعودٍ رضى الله عنه) قال لقد رأيتنا وما تقام الصلَّاة حتَّى تكامل بنا الصُّفوف، فمن سرَّه أن يلقى الله عزَّ وجلَّ غدًا مسلمًا فليحافظ على هؤلاء الصَّلوات المكتوبات حيث ينادى بهنَّ فإنَّهنَّ من سنن الهدى وإنَّ الله عزَّ وجلَّ قد شرع لنبيكم صلى الله عليه وسلم سنن الهدى

_ على مضاعفة ثواب المصلى في الصف الأول بالنسبة للصف الثانى وبمضاعفة ثواب المصلى في الصف الثانى بالنسبة للصف الثالث وهكذا، والحكمة في ذلك والله أعلم أن يبادر الناس إلى المسجد للصلاة مع الجماعة، لأنهم اذا علموا هذا الفضل تسابقوا اليه؛ وهؤلاء هم الذين نور الله بصيرتهم بنور الايمان ففهموا أسرار الشريعة فتسابقوا إلى الخيرات فجزاهم الله نعيم الجنات، جعلنا الله منهم (قال النووى رحمه الله) واعلم أن الصف الأول الممدوح الذي قد وردت الأحاديث بفضله والحث عليه هو الصف الذي يلى الامام سواء جاء صاحبه متقدماً أو متأخراً، وسواء تخلله مقصورة ونحوها أم لا، هذا هو الصحيح الذي يقتضيه ظواهر الأحاديث وصرح به المحققون، وقالت طائفة من العلماء الصف الأول هو المتصل من طرف المسجد إلى طرفه لا يتخلله مقصورة ونحوها، فان تخلل الذي يلى الامام شئ فليس بأول، بل الأول ما لا يتخلله شئ وإن تأخر، وقيل الصف الأول عبارة عن مجئ الإنسان إلى المسجد أوَّلاً وإن صلى في صف متأخر، وهذا القولان غلط صريح، وإنما أذكره ومثله لأنبه على بطلانه لئلا يغتر به والله أعلم اهـ (تنبيه) اذا ازدحم الناس على الصف الأول فخرج منه رجل كان فيه سابقا مراعيا الرأفة برجل ضعيف بجواره أو أكره على الخروج لضعفه وقوة جاره فاستسلم مراعيا حرمة المسجد أو نحو ذلك من المقاصد الحسنة كان له مثل أجر من فيه والله أعلم. (1481) عن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم ثنا شريك ثنا على بن الأثمر عن ابى الأحوص عن عبد الله "الحديث" (غريبه) (1) أي يؤَّذن بهن، فالمراد بالنداء الأذان (2) روى بضم السين وفتحها وهما بمعنى متقارب أي طرائق الهدى والصواب، قاله النووى (تخريجه) (م. وغيره) إلا قوله "لقد رأيتنا وما تقام الصلاة حتى تكامل بنا الصفوف" وتقدم نحوه عن ابن مسعود أيضا في الباب الأول من ابواب صلاة الجماعة رقم 1288.

(1482) عن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم إذا أقيمت الصَّلاة "وفى روايةٍ إذا نودي للصَّلاة" فلا تقوموا حتَّى ترونى وعليكم السَّكينة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أقيمت الصَّلاة ورسول الله صلى الله عليه وسلم نجتيٌ ارجلٍ فى المسجد فما قام إ'لى الصَّلاة حتَّى نان القوم (وعنه من طرقٍ ثانٍ) قال أقيمت الصلَّاة ورسول الله صلَّى الله تعالى وعلى آله وصحبه وسلَّم نجيٌّ لرجلٍ حتَّى نعس

_ (1482) عن عبد الله بن أبى قتادة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا على بن المبارك، قال أبى وحدثنا هشام ثنا شيبان جميعا عن يحيى بن أبى كثير عن عبد الله بن أبى ثتادة عن أبيه "الحديث" (غريبه) (1) المراد بالنداء هنا الأقامة كما في الرواية الأولى (2) أي حتى ترونى قد خرجت كما صرح بذلك عند مسلم والثلاثة ولم يذكره البخارى (3) هكذا رواية الأمام أحمد والبخارى (وعليكم السكينة) ولم يذكرها مسلم ولا الثلاثة، ومعناها الزموا الطمأنينة والخشوع ولا تضجروا من الانتظار فقد ورد "الرجل في صلاة ما انتظر الصلاة" (تخريجه) (ق. والثلاثة وغيرهم). (1483) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل ثنا عبد العزيز عن أنس بن مالك "الحديث" (غريبه) (4) أي صلاة العشاء بيَّنه حماد بن ثابت عن أنس عند مسلم (5) رواية ابى داود نجبيّ رجل، ورواية البخارى يناجى رجلاً، والمعنى واحد أي يحادثه (قال الحافظ) ولم أقف على اسم هذا الرجل، وذكر بعض الشراح أنه كان كبيرا في قومه فأراد أن يتألفه على الاسلام ولم أقف على مستند ذلك، قيل ويحتمل أن يكون ملكاً من الملائكة جاء بوحى من الله عز وجل، ولا يخفى بُعد هذا الاحتمال اهـ (وقوله في المسجد) رواية البخارى وأبى داود "بجانب المسجد" (6) عبّر هنا بالنوم، وفي الطريق الثانية بالنعاس ولا منافاة، فربما نام بعض القوم ونعس البعض الآخر (7) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن حميد عن أنس قال أقيمت الصلاة "الحديث" (8) بفتح العين المهملة من باب قتل، والاسم النعاس فهو ناعسٌ والجمع نُعَّس مثل راكع وركّع، والمرأة ناعسة والجمع نواعس، وربما قيل نعسان

أو كاد ينعس بعض القوم عن أبى هريرة رضى الله عنه قال أقيمت الصلَّاة وعدِّلت الصُّفوف قيمًا "وفي راويةٍ قبل أن يخرج إلينا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم" فخرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلمَّا قام في مصلَّاة ذكر أنه جنب فقال لنا مكانكم، ثمَّ رجع فاغتسل، ثمَّ خرج إلينا ورأسه يقطر فكبَّر فصلَّينا معه

_ ونعسى، حملوه على وسنان ووسنى، وأول النوم النعاس، وهو أن يحتاج الإنسان إلى النوم، ثم الوسن، وهو ثقل النعاس، ثم الترنيق، وهو مخالطة النعاس للعين، ثم الكَرّى والغمض، وهو أن يكون الإنسان بين النائم واليقظان؛ ثم العَفق وهو النوم، قاله في المصباح (تخريجه) (ق. د) بلفظ "حتى نام القوم" زاد مسلم "ثم قام فصلى" وللبخارى رواية أخرى نحو رواية مسلم، ورواه ابن راهويه في مسنده وابن حبان في صحيحه بلفظ "حتى نعس بعض القوم". (1484) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عثمان بن عمر أنا يونس عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة "الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) وتقدم نحوه عن أبى هريرة أيضا من طريقين في باب حكم الأمام اذا ذكر أنه محدث من أبواب صلاة الجماعة رقم 1400 وذكرت هذا هنا للاستدلال به على أن القوم أخذوا مضافَّهم قبل مجئ الأمام لقوله "وعدِّلت الصفوف قياماً" وفي الرواية الأخرى "قبل أن يخرج الينا النبي صلى الله عليه وسلم" (وفي الباب) عن أبى هريرة أيضا "أن الصلاة كانت تقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيأخذ الناس مصافهم قبل أن يقوم النبي صلى الله عليه وسلم مقامه" رواه مسلم وأبو داود والنسائى نحوه (وعن البراء بن عازب) رضي الله عنه قال "كنا نقوم في الصفوف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً قبل أن يكبر" رواه أبو داود وابن خزيمة (وعن النعمان ابن بشير رضي الله عنه) قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسوى صفوفنا اذا قمنا للصلاة فاذا استوينا كبر" رواه أبو داود (وعن جابر بن سمرة) رضي الله عن قال "كان بلال يؤذن اذا دحضت فلا يقيم حتى يخرج النبي صلى الله عليه وسلم فاذا خرج أقام الصلاة حين يراه" رواه مسلم وغيره (الأحكام) أكثر أحاديث الباب تدل على جواز إقامة الصلاة وتسوية الصفوف قبل حضور الأمام، ولكنها معارضة بحديث أبى قتادة المذكور في المتن، وبحديث جابر ابن سمرة المذكور في الشرح، وهما من أصح الأحاديث، وحكى النووي عن القاضي عياض

(9) باب كراهة الصف بين السوارى للمأموم عن عبد الحميد بن محودٍ قال صلَّيت مع أنس بن مالكٍ

_ رحمهما الله تعالى أنه قال يجمع بين مختلف هذه الأحاديث بأن بلالا رضي الله عنه كان يراقب خروج النبي صلى الله عليه وسلم من حيث لا يراه غيره أو إلا القليل، فعند أول خروجه يقيم ولا يقوم الناس حتى يروه، ثم لا يقوم مقامه حتى يعدلوا الصفوف، وقوله في رواية أبى هريرة "فيأخذ الناس مصافَّهم قبل خروجه" لعله كان مرة أو مرتين ونحوهما لبيان الجواز أو لعذر، ولعل قوله صلى الله عليه وسلم "فلا تقوموا حتى ترونى" كان بعد ذلك، قال العلماء والنهى عن القيام قبل أن يروه لئلا يطول عليهم القيام، ولأنه قد يعرض له عارض فيتأخر بسببه، واختلف العلماء من السلف فمَن بعدّهم متى يقوم الناس للصلاة ومتى يكبر الأمام (فذهب الشافعى) رحمه الله تعالى وطائفة أنه يستحب أن لا يقوم أحد حتى يفرغ المؤذن من الأقامة، ونقل القاضى عياض (عن مالك رحمه الله تعالى) وعامة العلماء أن يستحب أن يقوموا إذا أخذ المؤذن في الأقامة، وكان أنس رضي الله عنه يقوم اذا قال المؤذن قد قامت الصلاة (وبه قال أحمد) رحمه الله تعالى (وقال أبو حنيفة) رحمه الله تعالى والكوفيون يقومون في الصف اذا قال حى على الصلاة، فاذا قال قد قامت الصلاة كبر الأمام؛ وقال جمهور العلماء من السلف والخلف لا يكبر الأمام حتى يفرغ المؤذن من الأقامة انتهى ما نقله النووى (وروى) عن سعيد بن المسيب اذا قال المؤذن الله أكبر وجب القيام، فاذا قال حى على الصلاة عدلت الصفوف، فاذا قال لا إله إلا الله كبر الأمام (وقال مالك في الموطأ) لم أسمع في قيام الناس حين تقام الصلاة بحد محدود، إلا أنى أرى ذلك بقدر طاقة الناس، فان منهم الثقيل والخفيف ولا يستطيعون أن يكونوا كرجل واحد، وقال في المجموعة قيل لمالك اذا أقيمت الصلاة فمتى يقوم الناس؟ قال ما سمعت فيه حدّا وليقوموا بقدر ما استوت الصفوف وفرغت الأقامة، وقال ابن حبيب كان ابن عمر لا يقوم حتى يسمع قد قامت الصلاة (وذهب) عمر بن عبد العزيز ومحمد بن كعب وسالم ابن عبد الله وأبو قلابة وعراك بن مالك والزهرى وسليمان بن حبيب إلى أنهم يقومون حين الشروع في الأقامة مطلقا والله أعلم. (1485) عن عبد الحميد بن محمود (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى عن سفيان عن يحيى بن هانئ عن عبد الحميد بن محمود "الحديث" (غريبه) (1) يعنى المعولى بكسر الميم وفتحها وسكون العين المهملة وفتح الواو البصرى، روى عن ابن عباس وأنس، وعنه ابنه حمزة وسيف، وثقه النسائي، وقال الدارقطني

رضي الله عنه يوم الجمعة فدفعنا على السَّوارى فتقدَّمنا أو تأخَّرنا فقال أنسٌ كنَّا نتَّقى على عبد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم

_ يحتج به، وقال الحافظ في التقريب مقلّ من الرابعة، روى له أبو داود والترمذى والنسائى (1) بضم الدال المهملة مبنيا لمفعول أي إلى ما بينهما (والسوارى) جمع سارية وهى العمود المعروف (2) يشك الرواى في كونهم تقدموا عنها أو تأخروا، والحكمة في تقدمهم أو تأخرهم عدم رغبتهم في الصلاة بين السوارى لورود النهى عن ذلك كما سيأتى، ورواية أبى داود (فتقدمنا أو تأخرنا) أي تقدم بعضهم وتأخر البعض الآخر فراراً من الصلاة بينها كما تقدم (3) أي نجتنبه ونحترز منه - قيل والحكمة في ذلك ما يترتب عليه من تقطيع الصفوف، وقيل لأنها موضع النعال، قال ابن سيد الناس والأول أشبه لأن الثانى محدث، وقال القرطبى روى أن سبب كراهة ذلك أنه مصلَّى الجن من المؤمنين اهـ والله أعلم (تخريجه) (د. نس. مذ. هق) وحسنه الترمذى (وفي الباب) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال "كنا ننهى عن الصلاة بين السوارى ونطرد عنها" رواه الحاكم وصححه (وعن معاوية ابن قرة عن أبيه) قال "كنا ننهى أن نصف بين السوارى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ونطرد عنها طردا" رواه ابن ماجة والحاكم والبيهقى (وعن ابن مسعود) رضي الله عنه أنه قال "لا تصفوا بين السوارى" رواه البيهقى، قال ورواه الثورى عن أبى إسحاق فقال في متنه "لا تصفوا بين الأساطين" قال وهذا والله أعلم لأن الاسطوانة تحول بينهم وبين وصل الصف، فان كان منفردا أو لم يجاوزوا ما بين الساريتين لم يكره إن شاء الله تعالى لما روينا في الحديث الثابت عن ابن عمر قال (سألت بلالا أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى في الكعبة؟ فقال بين العمودين المقدمين) اهـ (قلت) حديث ابن عمر الذي أشار اليه رواه الشيخان والأمام أحمد، وسيأتى في أبواب دخول الكعبة والصلاة فيها من كتاب الحج إن شاء الله تعالى (الأحكام) حديث الباب مع ما ذكرنا في الشرح يدل على كراهة الصلاة بين السوارى؛ بل ظاهر حديث معاوية بن قرة عن أبيه وحديث أنس الذي ذكره الحاكم أن ذلك محرّم (فان قيل) روى الترمذى عن عبد الحميد بن محمود قال "صلينا خلف أمير من الأمراء فاضطرَّنا الناس فصلينا بين ساريتين، فلما صلينا قال أنس كنا نتقى هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم" (وروى النسائى) عن عبد الحميد أيضا قال "صلينا مع أمير من الأمراء فدفعونا حتى قمنا وصلينا بين الساريتين فجعل أنس يتأخر وقال "كنا نتقى هذا الخ" وظاهر هاتين الروايتين أنهم صلوا بين السوارى وهما معارضتان لحديث الباب، وظاهره

(10) باب ما جاء فى صلاة الرجل خلف الصف وحده حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا محمَّد بن جعفرٍ ثنا شعبة عن حصينٍ عن هلال بن يسافٍ قال أرانى زياد بن أبى الجعد شيخًا بالجزيرة

_ أنهم لم يصلوا بين السوارى (قلت) لا معارضة بينهما وبين حديث الباب لاحتمال أن الواقعة تعددت، فمرة صلوا، ومرة لم يصلوا، أو لم تعدد الواقعة ويكون قوله في حديث الباب "فدفعنا إلى السوارى" يعنى ابتداء فتقدموا أو تأخروا عنها، ولكن الناس اضطروهم أخيرا إلى الصلاة بينها اضطراراً، فاختصر الراوى في حديث الباب على ما حصل أولاً وذكر في رواية الترمذى كل ما حصل، والله أعلم (قال الترمذى) حديث أنس حديث حسن صحيح وقد كره قوم من أهل العلم أن يصف بين السوارى (وبه يقول أحمد وإسحاق) وقد رخّص قوم من أهل العلم في ذلك اهـ وبالكراهة قال النخعى، وروى سعيد بن منصور في سننه النهى عن ذلك عن ابن مسعود وابن عباس وحذيفة (وقال ابن سيد الناس) لا يعرف لهم مخالف في الصحابة، ورخص فيه (أبو حنيفة ومالك والشافعى) وابن المنذر قياسا على الأمام والمنفرد، قالوا وقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في الكعبة بين ساريتين (قال ابن رسلان) وأجازه الحسن وابن سيرين وكان سعيد بن جبير وإبراهيم التيمى وسويد بن غفلة يؤمون قومهم بين الأساطين، وهو قول الكوفيين (وقال ابن العربى) في شرح الترمذى ولا خلاف في جوازه عند الضيق، وأما مع السعة فهو مكروه للجماعة، فأما الواحد فلا بأس به وقد صلى النبي صلى الله عليه وسلم في الكعبة بين سواريها اهـ (قال الشوكانى) وفيه أن حديث أنس (يعنى الذي رواه الترمذى) إنما ورد في حال الضيق لقوله فاضطرّنا الناس، ويمكن أن يقال إن الضرورة المشار إليها في الحديث لم تبلغ قدر الضرورة التي يرتفع الحرج معها، وحديث قرة ليس فيه إلا ذكر النهى عن الصف بين السوارى ولم يقل كنا ننهى عن الصلاة بين السوارى، ففيه دليل على التفرقة بين الجماعة والمنفرد، ولكن حديث أنس الذي ذكره الحاكم فيه النى عن مطلق الصلاة فيحمل المطلق على المقيد، ويدل على ذلك صلاته صلى الله عليه وسلم بين الساريتين فيكون النهى على هذا مختصا بصلاة المؤتمين بين السوارى دون صلاة الأمام والمنفرد، وهذا أحسن ما يقال، وما تقدم من قياس المؤتمين على الأمام والمنفرد فاسد الاعتبار لمصادمته لأحاديث الباب اهـ (قات) وما قاله الشوكانى هو الذي أرتضيه والله أعلم. (1486) حدّثنا عبد الله (غريبه) قال في النهاية اذا أطلقت الجزيرة في الحديث ولم تضف إلى العرب فإنما يراد بها ما بين دجلة والفرات اهـ وعند الترمذي عن

يقال له وابصة بن معبدٍ قال فأقامنى عليه وقال هذا حدَّثنى أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى وآله وصحبه وسلَّم رأى رجلًا صلَّى فى الصَّفِّ وحده فأمره فأعاد الصلَّاة، قال وكان أبى يقول بهذا الحديث عن وابصة بن معبدٍ رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجلٍ صلَّى خلف الصُّفوف وحده، فقال يعيد الصلَّاة عن علي بن شيبان رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يصلَّى خلف الصَّفِّ فوقف حتَّى انصرف الرَّجل، فقال رسول الله صلَّى الله

_ هلال بن يساف قال "أخذ زياد بن أبى الجعد بيدى ونحن بالرّقّة فقام بى على شيخ يقال له وابصة "الحديث" (قلت) الرقة بفتح الراء والقاف المشددتين بلد قريب من بغداد، فيستفاد من حديث الباب ورواية الترمذى أن الرقة بلد يقع في منطقة الجزيرة بين دجلة والفرات (1) يعنى ابن عتبة بن الحارث بن مالك الأسدى أبا سالم أو أبا الشعثاء، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه وعن ابن مسعود وأم قيس، وعنه ابناه سالم وعمر، وشداد مولى عباض. وراشد بن سعد. وزياد بن ابى الجعد. وآخرون (وقوله فأقامنى عليه) يعنى أوقفه عليه وقربه منه وأشار إلى وابصة قائلا هذا حدثنى الخ (2) القائل هو عبد الله بن الأمام أحمد رحمهما الله، يريد أن اباه الأمام أحمد ذهب إلى هذا الحديث فقال ببطلان صلاة من صلى خلف الصف وحده (تخريجه) (د. مذ. جه. هق. قط. حب) وحسنه الترمذى. (1487) عن وابصة بن معبد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شمر بن عطية عن هلال بن يساف عن وابصة بن معبد "الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وسنده جيد. (1488) عن على بن شيبان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد وسريج قالا ثنا ملازم بن عمرو ثنا عبد الله بن بدر أن عبد الرحمن بن على حدثه أن أباه على بن شيبان حدثه أنه خرج وافدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فصلينا خلف النبي صلى الله عليه وسلم فلمح بمؤخر عينيه إلى رجل لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا معشر المسلمين إنه لا صلاة لمن لا يقيم صلبه في الركوع والسجود، قال ورآى

عليه وسلَّم استقبل صلاتك فلا صلاة لرجلٍ فردٍ خلف الصَّفِّ

_ رجلا يصلي خلف الصف "الحديث" (غريبه) (1) أي أعدها من جديد وعلل ذلك بقوله "فلا صلاة لرجل فرد خلف الصف" (يعنى صلَّى منفردا خلف الصف) (تخريجه) (جه) قال البوصيرى في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله ثقات، وروى الأثرم عن الأمام أحمد أنه قال حديث حسن، وقال ابن سيد الناس رواته ثقات معروفون (وفي الباب) عن طلق مرفوعا "لا صلاة لمنفرد خلف الصف" رواه ابن حبان (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن من صلى منفردا خلف الصف يعيد صلاته، وهل يعيدها وجوباً لبطلانها أو استحباباً مع صحتها؟ اختلف السلف في ذلك؛ فذهب قوم إلى وجوب الأعادة لبطلانها، حكاه ابن المنذر عن النخعى والحكم والحسن بن صالح والأمام أحمد وإسحاق، قال وبه أقول والمشهور عند الأمام (أحمد وإسحاق) أن المنفرد خلف الصف يصح إحرامه، فان دخل في الصف قبل الركوع صحت قدوته وإلا بطلت، واحتج لهؤلاء بأحاديث الباب (وذهب آخرون) إلى صحتها مع الكراهة ويعيدها ندباً (وهم الشافعية) وحكوه عن زيد بن ثابت الصحابى والثورى وابن المبارك وداود، واحتج لهم بحديث أبى بكرة رضي الله عنه أنه أحرم خلف الصف وركع ثم مشى إلى الصف، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "زادك الله حرصا ولا تغد" (وسيأتى في الباب التالى) وحديث ابن عباس أنه وقف عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم فلم تبطل صلاته، وحملوا الأعادة الواردة في أحاديث الباب على الاستحباب جمعا بين الأدلة، وفسروا قوله صلى الله عليه وسلم "لا صلاة لرجل فرد خلف الصف" أي لا صلاة كاملة كقوله صلى الله عليه وسلم "لا صلاة بحضرة الطعام" قالوا ويدل على صحة التأويل أنه صلى الله عليه وسلم انتظره حتى فرغ ولو كانت باطلة لما أقره على الاستمرار فيها (وقال ابن الهمام) من علماء الحنفية وحمل أئمتنا حديث وابصة على الندب وحديث على بن شيبان على نفى الكمال ليوافقا حديث أبى بكرة إذ ظاهره عدم لزوم الأعادة لعدم أمره بها اهـ (وقال الحافظ) جمع أحمد وغيره بين الحديثين يعنى بين حديث وابصة وحديث أبى بكرة بأن حديث أبى بكرة مخصص لعموم حديث وابصة، فمن ابتدأ الصلاة منفردا خلف الصف ثم دخل في الصف قبل القيام من الركوع لم تجب عليه الأعادة كما في حديث أبى بكرة وإلا تجب على عموم حديث وابصة وعلى بن شيبان اهـ (قلت) رحم الله الأمام أحمد ما أعلمه بأسرار السنة، ولا غرو فهو إمام أئمتها، فانظر رعاك الله كيف جمع بين الأحاديث بما يحصل به التوفيق بينها ولا يبطل به شئ من عملها، وهو الذي يتعين المصير اليه وهو الذي ينشرح

(11) باب من ركع دون الصف ثم مشى اليه (1489) عن الحسن عن أبى بكرة رضى الله عنه أنه جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكعٌ فركع دون الصَّف ثمَّ مشى إلى الصَّفِّ، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من هذا الذى ركع ثمَّ مشى إلى الصَّفِّ؟ فقال أبو بكرة أنا، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

_ له صدري وأميل اليه (فائدة) اختلف العلماء فيمن لم يجد فرجة ولا سعة فى الصف ما الذى يفعل؟ فقيل إنه يقف منفردا ولا يجذب الى نفسه أحدا، لأنه لو جذب الى نفسه واحدا لفوّت عليه فضيلة الصف المقدّم ولأوقع الخلل فى الصف، وبهذا قال أبو الطيّب الطبرى وحكاه عن مالك، وقال أكثر أصحاب الشافعى إنه يجذب الى نفسه واحدا، ويستحب لمجذوب أن يساعده، ولا فرق بن الداخل فى أثناء الصلاة والحاضر فى ابتدائها فى ذلك، وقد روى عن عطاء وإبراهيم النخعى أن الداخل الى الصلاة والصفوف قد استوت واتصلت يجوز له أن يجذب الى نفسه واحدا ليقوم معه؛ واستقبح ذلك أحمد وإسحاق وكرهه الأوزاعى ومالك، واستدل القائلون بالجواز بما رواه الطبرانى فى الأوسط والبيهقى من حديث وابضة أنه صلى الله عليه وسلم قال لرجل صلَّى خلف الصف "أيها المصلى هلاَّ دخلت فى الصف أو جررت رجلا من الصف؟ أعد صلاتك" وفيه السرى بن إسماعيل وهو متروك، وله من طريق أخرى فى تاريخ أصبهان لأبى نعيم وفيها قيس بن الربيع فيه ضعف، ولأبى داود فى المراسيل من رواية مقاتل بن حيان مرفوعًا "إن جاء رجل فلم يجد أحدا فليختلج اليه رجلا من الصف فليقم معه فما أعظم أجر المختلج" وأخرج الطبرانى عن ابن عباس باسناد (قال الحافظ) وأما بلفظ "ان النبى صلى الله عليه وسلم أمر الآتى وقد تمت الصفوف أن يجتذب اليه رجلا يقيمه الى جنبه" أفاده الشوكانى والله أعلم (1489) عن الحسن عن أبى بكرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا زياد الأعلم عن الحسن عن أبى بكرة "الحديث" (غريبه) (1) يعنى مسرعًا كما يستفاد ذلك من رواية الطحاوى عن الحسن عن أبى بكرة قال "جئت ورسول الله صلى الله عليه وسلم راكع وقد حفزنى النفس فركعت دون الصف" أى قبل أن يصل إليه ومشي الى أن دخل فيه كما فى حديث الباب، وركع قبل الوصول الى الصف خشية أن تفوته الركعة، وقد صرح بذلك فى رواية الطبرانى عن يونس بن عبيد عن الحسن، وفيها "فلما قضى صلى الله عليه وسلم صلاته قال أيكم صاحب هذا النفس؟ قال خشيت أن تفوتنى الركعة، فقال صلى الله عليه وسلم

زادك الله حرصًا ولا تعد (ومن طريقٍ ثانٍ) عن عبد الله العزيز بن أبى بكرة أنَّ أبا بكرة جاء والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم راكعٌ فسمع النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم صوت نعل أبى بكرة وهو يحضر يريد أن يدرك الرَّكعة، فلما انصرف النَّبيُّ صلَّى عليه وآله وسلَّم قال من السَّاعة؟ قال أبو بكرة أنا، قال زادك الله حرصًا ولا تعد

_ زادك الله حرصا على الخير والمبادرة اليه" قال ابن المنير صوّب النبى صلى الله عليه وسلم فعل أبى بكرة من الجهة العامة وهى الحرص على إدراك فضيلة الجماعة، وخطّأه من الجهة الخاصة التى هى الركوع دون الصف أو الأسراع فى المشى الى لاصلاة (1) قال الحافظ ضبطناه فى جميع الروايات فتح أوله وضم العين من العود، وحكى بعض شراح المصابيح أنه روى بضم أوله وكسر العين من الأعادة؛ ويرجح الرواية المشهورة زيادة الطبرانى فى آخر الحديث (يعنى حديث أبى بكرة) "صل ما أدركت واقض ما سبقك" (وروى الطحاوى) باسناد حسن عن أبى هريرة مرفوعًا "اذا أتى أحدكم الصلاة فلا يركع دون الصف حتى يأخذ مكانه من الصف" (ومعنى قوله ولا تعد) أى الى ما صنعت من السعى الشديد ثم الركوع دون الصف ثم المشى الى الصف وأنت راكع، وقد ورد ما يقتضى ذلك صريحا فى طرق حديثه وتقدم بعضها، وفى رواية حماد عند الطبرانى "أيكم دخل الصف وهو راكع" وتمسك المهلب بهذه الرواية فقال إنما قال له لا تعد لأنهمثل بنفسه فى مشيه راكعا، لأنها كمشية البهائم (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا بشار الخياط قال سمعت العزيز بن أبى بكرة "الحديث" (3) الحضر بالضم العدو وأحضر يحضر فهو محضر اذا عدا وأسرع فى السير (وقوله من الساعى) أى من الذى جاء يسعى (تخريجه) (خ. نس. هق. والطحاوى) (الأحكام) حديث الباب يدل على أن من ركع دون الصف خشية فوات الركعة وجهلا بالحكم ثم مشى الى الصف فدخل فيه كما فعل أبو بكرة رضي الله عنه فلا إعادة عليه وصلاته صحيحة ويؤمر بعدم العود لمثل ذلك، أما اذا انفرد ولم يدخل فى الصف وصلى الصلاة كلها أو ركعة منها منفردا خلف الصف ففيه الخلاف المتقدم فى أحكام الباب السابق (قال ابن سيد الناس) ولا يعد حكم الشروع فى الركوع خلف الصف كحكم الصلاة كلها خلفه، فهذا أحمد بن حنبل يرى أن صلاة المنفرد خلف الصف باطلة، ويرى أن الركوع دون الصف جائز، قال وقد اختلف السلف فى الركوع دون الصف فرخص فيه زيد ابن ثابت وفعل ذلك ابن مسعود وزيد بن وهب، وروى عن سعيد بن جبير وأبي سلمة

_ ابن عبد الرحمن وعروة وابن جريج ومعمر أنهم فعلوا ذلك (قلت وبه قالت المالكية وكرهه الشافعية) قال وقال الزهرى إن كان قريبا من الصف فعل، وإن كان بعيدًا لم يفعل، وبه قال الأوزاعى اهـ (وقالت الحنابلة) اذا جاء الى الصف فوجد الأمام راكعا وكان فى الصف الأخير فرجة جاز له أن يكبر خارج الصف محافظة على الركعة وأن يمشى الى الفرجة فيسدها وهو راكع، أو بعد رفعه من الركوع اذا لم يسجد الأمام، فان لم يدخل الصف قبل سجود الأمام ولم يجد واحدًا يكوّن معه صفا جديدا بطلت صلاته، أما اذا كبر خلف الصف لا لخوف فوت الركعة ولم يدخل فى الصف إلا بعد الرفع من الركوع فان صلاته تبطل، واذا أحرم المقتدى ثم وجد فرجة فى الصف الذ أمامه ندب له أن يمشى لسدها إن لم يؤدّ ذلك الى عمل كثير عرفًا وإلا بطلت صلاته (وقالت الحنفية) اذا جاء فوجد الأمام راكعا فان كان فى الصف الأخير فرجة فلا يكبر للأحرام خارج الصف بل يحرم فيه ولو فاتته الركعة، ويكره له أن يحرم خارج الصف، فان لم يكن ثم فرجة كبَّر خلف الصف وله أن يجذب اليه واحدا ممن أمامه فى الصف بدون عمر كثير مفسد للصلاة ليكوّن له صفا جديدا، فان صلى وحده خلف الصف كره (ويستدل بحديث الباب أيضا) على استحباب موافقة الداخل للأمام على أى حال وجده عليها؛ وقد ورد الأمر بذلك صريحا فى سنن سيد بن منصور من رواية عبد العزيز بن رفيع عن أناس من أهل المدينة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "من وجدنى قائما أو راكعا أو ساجدا فليكن معى على الحال التى أنا عليها" وفى الترمذى نحوه عن على ومعاذ بن جبل مرفوعًا وفى إسناده ضعف، لكنه ينجبر بطريق سعيد بن منصور المذكور قاله الحافظ (وفيه أيضا) أن المشى فى الصلاة لمصلحتها لا يبطلها وقد اختلف فى المقدار الذى يغتفر مشيه من غير بطلان؛ فقدّره بعض الحنفية بخطوة، وقدره البعض الآخر بموضع السجود (وقالت المالكية) اذا كان المشى لسد فرجة أو سترة يغتفر قدر الصفين والثلاثة، وأما اذا كان لغيرهما مثل دفع مار أو ذهاب دابة ونحوهما فيرجع فيه الى العرف، فما عدَّ فى العرف قريبا اغتفر وإلا فلا (وقالت الشافعية) تغتفر الخطوة والخطوتان على التوالى لا ما زادا عليها، وأما اذا كان المشى متقطعا فيغتفر ولو بلغ مائة خطوة (وقالت الحنابلة) يغتفر المشى اليشير لحاجة إن كان متواليا؛ وكذا الكثير إن كان متفرقًا، واليشير ما يشبه فعله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم من حمل أمامة وصعوده المنبر ونزوله عنه لما صلى عليه وفتح الباب لعائة وتأخره فى صلاة الكسوف ثم عوده ونحو ذلك والكثير ما زاد عن ذلك والله أعلم

(أبواب تتعلق بأحكام الجماعة) (1) باب لا صلاة بعد الاقامة الا المكتوبة (1490) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صلاة بعد الإقامة إلاَّ المكتوبة "وفى لفظ إلاَّ الَّتى أقيمت" (وعنه من طريقٍ ثانٍ) عن النَّبيِّ أنَّه قال إذا أقيمت الصَّلاة فلا صلاة إلاَّ المكتوبة (1491) عن طريق عبد الله بن سرجس رضى الله عنه قال أقيمت الصَّلاة صلاة الصُّبح قرأى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم رجبلًا يصلَّى ركعتى الفجر فقال له بأيِّ صلاتك احتسبت بصلاتك وحدك

_ (1490) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا ورقاء بن عمر اليشكرى قال سمعت عمرو بن دينار يحدث عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (1) أى بعد الشروع فى الألفاظ التى يقولها المؤذن عند إرادة الصلاة، وصرح بمعنى ذلك محمد بن جحادة عن عمرو بن دينار فيما أخرجه ابن حبان بلفظ "اذا أخذ المؤذن فى الأقامة" قاهل الحافظ (وقوله المكتوبة) يعنى المفروضة التى أقيمت (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن ورقاء عن عمرو بن دينار عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة "الحديث" (تخريجه) (م. هق) والأربعة والدارمى (1491 عن عيد الله بن سرجس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عاصم الأحول عن عبد الله بن سرجر "الحديث" (غريبه) (3) يعنى النافلة وكان قد أحرم بها بعد إحرامهم بصلاة الصبح كما يستفاد من رواية أبى داود عن عبد الله بن سرجس قال "جاء رجل والنبى صلى الله عليه وسلم يصلى الصبح فصلى الركعتين ثم دخل مع النبى صلى الله عليه وسلم فى الصلاة، فلما انصرف قال يا فلان أيتهما صلاتك التى صليت أو التى صليت معنا؟ " (4) يعنى بأى الصلاتين قصدت وأيهما أردت بسعيك الى المسجد، فان كانت التى صليتها وحدك وهى النافلة فصلاتها فى البيت أفضل من صلاتها فى المسجد، وإن كانت الفريضة فلم أخرتها وقدمت عليها النافلة؟ وهذا الاستفهام إنكاري

أو صلاتك الَّتى صلَّيت معنا (1492) عن عبد الله ابن مالكٍ ابن بحينة رضى الله عنه قال مرَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم برجلٍ وقد أقيم فى الصلَّاة "وفي روايةٍ وقد أقيمت الصَّلاة" وهو يصلَّى الرَّكعتين قبل الفجر، فقال له شيئًا لا ندرى ما هو، فلمَّا انصرفنا أحطنا به نقول ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال قال لى يوشك أحدكم أنَّ يصلَّى الصُّبح أربعًا (وعنه من طريقٍ ثانٍ) أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم مرَّ به وهو يصلَّى يطوِّل صلاته أة نحو هذا بين يدي صلاة الفجر، فقال له

_ يقصد به توبيخه على ما حصل منه من صلاة النافلة بعد إقامة المكتوبة، وهذا القول صدر من النبى صلى الله عليه وسلم بعد انصارفه من صلاة الصبح كما فى رواية أبى داود بلفظ "فلما انصرف قال يا فلان الحديث" (تخريجه) (م. د. نس. جه) والطحاوى وغيرهم (1492) عن عبد الله بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن أبيه ثنا حفص بن عاصم عن عبد الله بن مالك ابن بحينة "الحديث" (غريبه) (1) بحينة لقب والدة عبد الله بن مالك واسمها عبدة أدركت الأسلام فأسلمت وصحبت وأسلم ابنها عبد الله قديما، قال الحافظ وحكى ابن عبد البر اختلافًا فى بحينة هل هى أم عبد الله أو أم مالك، والصواب أنها أم عبد الله، فينبغى أن يكتب ابن بحينة بزيادة ألف ويعرب إعراب عبد الله كما فى عبد الله بن أبىّ ابن سلول ومحمد بن على ابن الحنفية اهـ (2) أى يقرب ويسرع أن أحدكم يصلى الصبح أربع ركعات، ومعنى ذلك أنه يصلى ركعتين نافلة بعد الأقامة، ثم يصلى معهم الفريضة، فمن فعل ذلك صار فى معنى من صلى الصبح أربعا لأنه صلى بعد الأقامة أربعا، قال القاضى عياض والحكمة فى النهى عن صلاة النافلة بعد إقامة المكتوبة أن يتفرغ للفريضة من أولها فيشرع فيها عقب شروع الأمام، واذا اشتغل بنافلة فاته الأحرام مع الأمام وفاته بعض مكملات الفريضة، فالفريضة أولى بالمحافظة على إكمالها، قال القاضى عياض وفيه حكمة أخرى وهو النهى عن الاختلاف على الائمة، أفادة النووى (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن يحيى بن أبى كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن عبد الله بن مالك ابن بحينة أن النبى صلى الله تعالى عليه وآله وسلم مرَّ به وهو يصلي "الحديث"

النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم لا تجعلوا هذه مثل صلاة الظُّهر قبلها ويعدها، اجعلوا بينهما فصلًا (1493) عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطَّاب عن مالك بن بحينة أنَّ رجلًا دخل المسجد وقد أقيمت الصَّلاة فصلَّى ركعتى الفجر، فلمَّا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعنى الصَّلاة) لاث به النَّاس فقال الصُّبح أربعًا

_ (1) فيه أنه يستحب تخفيف ركعتى الفجر والفصل بينها وبين صلاة الصبح (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه مسلم، ولم أقف على من أخرج الطريق الثانية غير الأمام أحمد وسندها جيد (1493) عن حفص بن عاصم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة وحجاج أنا شعبة عن سعد بن ابراهيم عن حفص بن عاصم وغيره قال حجاج فى حديثه قال سمعت حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب "الحديث" (غريبه) (2) هكذا هذه الرواية عن مالك بن بحينة وهى من طريق شعبة كما ترى فى السند، وكذلك عند البخارى من طريق شعبة أيضا قال (يعنى شعبة) أحبرنى سعد بن ابراهيم قال سمعت حفص بن عاصم قال سمعت رجلا من الأزد يقال له مالك بن بحينة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآى رجلا فذكر الحديث بنحو حديث الباب، وظاهر هذا أن مالكا صاحبى وأن أمه بحينة وهذا خطأ، والصواب أن الصحبة والرواية لولده عبد الله كما فى الحديث السابق وأن بحينة أم ولده عبد الله كما بينا ذلك فى شرح الحديث المتقدم، والدليل على أن الحديث من رواية ابنه عبد الله هو أن الأمام أحمد رحمه الله تعالى ذكره بجميع طرقه فى مسند عبد الله بن مالك، ولم يكن لمالك عند الأمام أحمد مسند؛ ورجح الائمة عدم صحبته؛ وقد وهم شعبة فى السند (قال الحافظ) وتابعه على ذلك أبو عوانة وحماد بن سلمة، وحكم الحفاظ يحيى بن معين وأحمد والبخارى ومسلم والنسائى والأسماعيلي وابن الشرقى والدارقطنى وأبو مسعود وآخرون عليهم بالوهم فيه فى موضعين (أحدهما) أن بحينة والدة عبد الله لا مالك (وثانيهما) أن الصحبة والرواية لعبد الله لا لمالك اهـ (3) بمثلثة خفيفة أى اختلطوا به والتفوا حوله، قال فى القاموس والالتياث الاختلاط والالتفاف، وظاهره أن الضمير فى قوله (لاث به) للنبى صلى الله عليه وسلم، ولكن الطريق الأولى من الحديث السابق تقتضى أنه للرجل (4) آلصبح بهمزة ممدودة فى أوله ويجوز قصرها وهو استفهام إنكار، وكرر الجملة مرتين فى رواية البخارى تأكيدًا للانكار، والصبح بالنصب باضمار فعل تقديره أتصلى الصبح؟ وأربعا منصوب على لاحال، قاله ابن مالك (تخريجه) (ق. نس)

(1494) خط عن عبد الله بن مالك ابن بحينة أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم خرج لصلاة الصُّبح وابن القشب يصلِّى فضرب النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم منكبه وقال يا ابن القشب اتصلِّى الصُّبح أربعًا أو مرتين؟ ابن جريج يشَّك (1495) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال أقيمت صلاة الصبُّبح فقام رجلٌ يصلِّى الرَّكعتين فجذب رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم بتوبه فقال أتصلَّى الصُّبح أربعًا؟

_ (1494) "خط" عن عبد الله بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله قال وجدت فى كتاب أبى بخط يده ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج أخبرنى جعفر بن محمد عن أبيه عن عبد الله بن مالك ابن بحينة أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج لصلاة الصبح "الحديث" (غريبه) (1) بكسر القاف وسكون المعجمة بعدها موحدة هو لقب جد عبد الله ابن مالك واسمه جندب بن نضلة بن عبد الله، والمراد بابن القشب هنا عبد الله بن مالك وقد حذف اسمه وانتسب الى جده لغرض فى نفسه، وقد حصل مثل ذلك لكثير من الصحابة يقول بعضهم (مثلا) رأى النبى صلى الله عليه وسلم رجلا يفعل كذا وكذا ويكون هو الفاعل، والدليل على أن المراد بابن القشب هنا عبد الله بن مالك، ما تقدم فى روايته فى الطريق الثانية من حديثه السابق "أن النبى صلى الله عليه وسلم مر به وهو يصلى الخ" وما رواه البيهقى عنه (أعنى عن عبد الله ابن مالك ابن بحينة رضي الله عنه) قال "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى صلاة الصبح ومعه بلال فأقام الصلاة فمر بى فضرب منكبى وقال أتصلى الصبح أربعا؟ " والأحاديث يفسر بعضها بعضا فتدبر (2) يعنى أن ابن جريج شك هل قال الراوى "أتصلى الصبح أربعا أو قال أتصلى الصبح مرتين بدل قوله أربعا" (تخريجه) (هق) وسنده جيد (1495) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد ثنا صالح بن رستم أبو عامر عن عبد الله بن أبى مليكة عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (3) يحتمل أن يكون هذا الرجل هو ابن عباس نفسه بدليل ما رواه ابن خزيمة وابن حبان والبزار والحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال "كنت أصلى وأخذ المؤذن فى الأقامة فجذبنى النبى صلى الله عليه وسلم وقال أتصلى الصبح أربعا" ويحتمل أن يكون غيره وتكون القصة تعددت والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بنسبة القصة الى رجل مبهم

_ إلا عند الإمام أحمد، وأخرجه أبو داود الطيالسى والبيهقى والبزار وأبو يعلى والطبرانى وابن حبان فى صحيحه والحاكم فى المستدرك، وقال إنه على شرط الشيخين أخرجوه كلهم بنسبة القصة الى ابن عباس باللفظ المتقدم فى الشرح (الأحكام) أحاديث الباب تدل على عدم جواز الشروع فى النافلة عند إقامة الصلاة من غير فرق بين ركعتى الفجر وغيرهما، وقد اختلف الصحابة والتابعون ومن بعدهم فى ذلك، فذهب عمر بن الخطاب وابنه عبد الله بن عمر على خلاف فيه وأبو هريرة رضي الله عنهم الى كراهة ذلك، وممن قال بها من التابعين عروة بن الزبير ومحمد بن سيرين وإبراهيم النخعى وعطاء بن أبى رباح وطاوس ومسلم بن عقيل وسعيد بن جبير، ومن الائمة سفيان الثورى وابن مبارك (والشافعى وأحمد) وإسحاق وأبو ثور ومحمد بن جرير، هكذا أطلق الترمذى الرواية عن الثورى، وروى عنه ابن عبد البر والنووى تفصيلا، وهو أنه اذا خشى فوت ركعة من صلاة الفجر دخل معهم وترك سنة الفجر وإلا صلاها (وذهب مالك) الى التفرقة بين أن يكون فى المسجد أو خارجه، وبين أن يخاف فوت الركعة الأولى مع الأمام أولا؛ فقال اذا كان قد دخل المسجد فليدخل مع الأمام ولا يركعهما يعنى ركعتى الفجر وإن لم يدخل المسجد، فان لم يخف أن يفوته الأمام بركعة فليركع خارج المسجد، وإن خاف أن تفوته الركعة الأولى مع الأمام فليدخل وليصل معه، وحكى ابن عبد البر عن (أبى حنيفة) أنه إن خشى فوت الركعتين معًا وأنه لا يدرك الأمام قبل رفعه من الركوع فى الثانية دخل معه وإلا فيركعهما يعنى ركعتى الفجر خارج المسجد ثم يدخل مع الأمام، وحكى عنه أيضا نحو قول مالك وه والذى حكاه الخطابى، وهو موافق لما حكاه عنه أصحابه، وحكى عنه النووى أنه يركعهما فى المسجد إلا أن يخاف فوت الركعة الأخيرة، فأما الركعة الأولى فليركع وإن فاتته، وهو قول الأوزاعى وسعيد بن عبد العزيز (وذهب أهل الظاهر) الى أنه اذا سمع الأقامة لم يحل له الدخول فى ركعتى الفجر ولا فى غيرهما من النوافل سواء أكان فى المسجد أم خارجه، فان فعل فقد عصى، ونقله ابن حزم عن الشافعى وعن جمهور السلف، وكذا قال الخطابى وحكى الكراهة عن الشافعى وأحمد، وحكى القرطبى فى المفهم عن أبى هريرة وأهل الظاهر أنها لا تنعقد صلاة تطوع فى وقت إقامة الفريضة (وقال الشوكانى) وهذا القول هو الظاهر عن كان المراد باقامة الصلاة الأقامة التى يقولها المؤذن عند إرادة الصلاة وهو المعنى المتعارف، قال العراقى وهو المتبادر الى الأذهان فى هذا الحديث (قال الشوكانى) إلا اذا كان المراد باقامة الصلاة فعلها كما هو المعنى الحقيقى، ومنه قوله تعالى {الذين يقيمون الصلاة} فانه لا كراهة فى فعل النافلة عند إقامة المؤذن قبل الشروع فى الصلاة، وإذا كان المراد

(2) باب من صلى ثم أدرك جماعة فليصلها معهم نافلة (1496) عن جابر بن يزيد الأسود عن أبيه رضى الله عنه قال حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجَّة الوداع، قال فصلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلغاة الصبُّح أوالفجر، قال ثمَّ انحرف جالسًا أو استقبل النَّاس بوجهه فإذا هو برجلين من وراء النَّاس لم يصلِّيا مع النَّاس، فقال ائتونى بهذين الرَّجلين، فأتى بهما ترعد فرائصهما فقال مامنعكما أن تصلِّيا مع النَّاس؟ قالا يا رسول الله إنَّا كنَّا صلَّينا فى الرِّجال قال فلا تفعلا، إذا صلَّى أحدكم فى رحله ثمَّ أدرك الصَّلاة مع الإمام فليصلِّها معه

_ المعنى الأول فهل المراد به الفراغ من الأقامة لأنه حينئذ يشرع فى فعل الصلاة، أو المراد شروع المؤذن فى الأقامة (قال العراقى) يحتمل أن يراد كل من الأمرين، والظاهر أن المراد شروعه فى الأقامة ليتهيأ المأموم لأدراك التحريم مع الأمام، ومما يدل على ذلك قوله فى حديث أبى موسى عند الطبرانى "ان النبى صلى الله عليه وسلم رأى رجلا صلى ركعتى الفجر حين أخذ المؤذن يقيم" قال العراقى وإسناده جيد اهـ (قال الحافظ) واستدل بعموم قوله "فلا صلاة إلا المكتوبة" لمن قال يقطع النافلة اذا أقيمت الفريضة، وبه قال أبو حامد وغيره من الشافعية، وخص آخرون النهى بمن ينشئ النافلة عملا بعموم قوله تعالى {ولا تبطلوا أعمالكم} وقيل يفرق بين من يحشى فوت الفريضة فى الجماعة فيقطع وإلا فلا اهـ (1496) عن جابر بن يزيد بن الأسود (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز ثنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن جابر بن يزيد بن الأسود عن أبيه "الحديث" (غريبه) (1) ترعد بضم أوله وفتح ثالثه أى تتحرك، كذا قال ابن رسلان (والفرائص) جمع فريصة بالصاد المهملة وهى اللحمة من الجنب والكتف التى لا تزال ترعد أى تتحرك من الدابة، واستعير للأنسان لأن له فريصة وهى ترجف عند الخوف، وقال الأصمعى الفريصة لحمة بين الكتف والجنب، وسبب ارتعاد فرائصهما ما اجتمع فى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الهيبة العظيمة والحرمة الجسيمة لكل من رآه مع كثرة تواضعه (2) المراد بالرحال هنا المنازل سواء أكانت من مدر أو وبر وشعر أو غير ذلك (3) أى فى مسجد الجماعة كما فى رواية النسائى والترمذى "اذا صليتما فى رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا

فإنَّها له نافلةً قال فقال أحدهما استغفر لى يا رسول الله، فاستغفر له، قال ونهض النَّاس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم ونهضت معهم وأنا يومئذ أشبُّ الرِّجال وأجلده قال فما زات أزحم النَّاس حتَّى وصلت إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّى فأخذت بيده فوضعتها إمَّا على وجهى أو صدرى، قال فما وجدت شيئًا أطيب ولا أبرد من يد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وهو يومئذٍ في مسجد الخيف (1497) عن بسر بن محجن عن أبيه قال أتيت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قأقيمت الصلَّاة فجلست، فلمَّا صلَّى قال لى ألست بمسلمٍ؟ قلت بلى، قال فما منعك أن تصلَّى مع النَّاس؟ قال قلت قد صلَّيت فى أهلى، قال فصلِّ مع النَّاس "وفى روايةٍ إذا جئت فصلَّ مع النَّاس ولو كنت قد صلَّيت فى أهلك" (وعنه من طريقٍ ثانٍ) أنَّ محجنًا كان فى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وأذِّن بالصلَّاة

_ معهم فإنها لكما نافلة" (1) فيه تصريح بأن الثانية فى الصلاة المعادة نافلة، وظاهره عدم الفرق بين أن تكون الأولى جماعة أو فرادى (2) أى أقواهم وأعظمهم صبرا على المكاره انظر حديث رقم 767 من كتاب الصلاة فى الجزء الرابع (3) بفتح الخاء المعجمة وسكون الياء التحتية وهو مسجد مشهور بمنى، قال الطيبى الخيف ما انهدر من غليظ الجبل وارتفع عن المسيل، يعنى هذا وجه تسميته به (تخريجه) (قط. حب. ك. والثلاثة) وصححه ابن السكن، وقال الترمذى حسن صحيح (1497) عن بسر بن محجن عن أبيه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان ثنا زيد بن أسلم عن بسر بن محجن عن أبيه "الحديث" (غريبه) (4) بسر بضم الموحدة وسكون املهملة ويروى بكسر الموحدة والضم أشهر وصوَّبه أبو نعيم (ومحجن) بوزن منبر هو الديلى بكسر الدال المهملة وسكون الياء عند الكسائى، صحابى قليل الحديث، قال أبو عمرو معدود فى أهل المدينة؛ روى عنه ابنه بسر (5) هذا استفهام يراد به التوبيخ (6) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن زيد بن أسلم عن رجل من بنى الديل يقال له بسر

فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلَّى بهم ثمَّ رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومحجنٌ فى مجلسه، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ما منعك أن تصلِّي مع النَّاس؟ ألست برجلٍ مسلمٍ؟ وذكر نحو الحديث المتقدِّم (1498) عن حنظلة بن علي الأسلميِّ عن رجلٍ من بنى الدِّيل قال صلَّيت الظّهر فى بيتى خرجت بأباعر لأصدِّرها إلى الرَّاعهى فمررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلِّى بالنَّاس الظُّهر فمضيت فلم أصلِّ معه، فلمَّا أصدرت أباعرى ورجعت ذكر ذلك لرسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، أصدرت أباعرى ورجعت ذكر ذلك لرسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، فقال لى ما منعك يا فلان أن تصلِّي معنا حين مررت بنا؟ قال فقلت يا رسول الله إنِّى قد كنت صلَّيت فى بيتي قال وإن (1499) عن أبى العالية البرَّاء قال أخَّر ابن زيادٍ الصَّلاة فأتاني

_ ابن محجن عن أبيه محجن أنه كان فى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ك. نس. حب. ك) وسنده جيد (1498) عن حنظلة بن على (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن إسحاق قال حدثنى عمران بن أبى أنس عن حنظلة بن على "الحديث" (غريبه) (1) أى وإن كنت قد صليت فصل مع الجماعة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده الهيثمى ولم يعزه لغيره وقال رجاله موثقون (1499) عن أبى العالية (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن أبى العالية البرَّاء "الحديث" (غريبه) (2) هو بتشديد الراء وبالمد كان يبرى النبل واسمه زياد بن فيروز البصرى، وقيل اسمه كلثوم، توفى يوم الاثنين فى شوال سنة تسعين (3) كان من أمراء بنى أمية الذين يؤخرون الصلاة عن وقتها، تولى الأمارة فى خلافة معاوية ثم عزله معاوية ثم أعاده، وكان أميرا فى خلافة يزيد بن معاوية الى السنة الثالثة من خلافة عبد الملك بن مروان فقتل فيها سنة سبع وستين هجرية

عبد الله بن الصَّامت فألقيت له كرسيًا فجلس عليه فذكرت له صنيع بن زياد فعضَّ على شفيه وضرب فخذى وقال إنِّى سألت أبا ذرٍ كما سألتنى فضرب فخذى كما ضربت على فخذك وقال إنِّى سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سألتنى وضرب فخذى كما ضربت فخذك فقال صلِّ الصَّلاة لوقتها، فإن أدركتك معهم فضلِّ ولا تقل إنِّى قد صلَّيت ولا أصلِّى (1500) عن أبى أبيِّ بن امرأة عبادة بن الصَّامت عن عبادة ابن الصَّامت رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّها ستكون عليكم

_ (1) يعني تألما من فعل ابن زياد (2) سبب سؤال أبى ذر للنبى صلى الله عليه وسلم جاء فى رواية أخرى عند مسلم بسنده عن بديل قال "سمعت أبا العالية يحدث عن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب فخذى كيف أنت بقيت فى قوم يؤخرون الصلاة عن وقتها؟ قال قال ما تأمر؟ قال صل الصلاة لوقتها ثم اذهب لحاجتك فان أقيمت الصلاة وأنت فى المسجد فصل" فترى أن أبا ذر رضي الله عنه لم يسأل النبى صلى الله عليه وسلم إلا بعد ما أخبره صلى الله عليه وسلم بما يحصل من الأمراء فى تأخير الصلاة عن أوقاتها قبل حصوله، وفيه معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم (3) إنما ضرب النبى صلى الله عليه وسلم فخذ أبى ذر ليتنبه ويجمع ذهنه لما يقوله له النبى صلى الله عليه وسلم، وكذلك ضرب أبو ذر فخذ الراوى عنه لذلك وهكذاـ وهذا الحديث يسمى بالمسلسل فى اصطلاح المحدثين، وهو ما اتفقت رواته على صفة من الصفات عند ذكره كضحك أو قيام أو قعود أو ضرب يد أو فخذ كما هنا أو نحو ذلك، وفيه كلام كثير فى علم مصطلح الحديث (4) أى لا تقل لا أصلى لأنى قد صليت؛ زاد مسلم فى رواية "فصل معهم فانها زيادة خير" وله فى أخرى "فقال صلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم نافلة" (تخريجه) (م. بلفظ حديث الباب) ولمسلم أيضا وغيره بمعناه (1500) عن أبى أبىّ (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان عن منصور عن هلال بن يساف عن أبى المثنى الحمصى عن أبى أبىّ بن امرأة عبادة ابن الصامت عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه "الحديث" (غريبه) (5) ابن أم حرام، اسمه عبد الله بن عمرو، وقيل ابن كعب الأنصارى صحابى نزل بيت المقدس

أمراء تشغلهم عن الصَّلاة حتَّى يؤخرَّوها عن وقتها فصلُّوها لوقتها "وفى روايةٍ ثمَّ اجعلوا صلاتكم معهم تطوُّعًا" قال فقال رجلٌ يارسول الله فإن أدركتها معهم أصلِّى؟ قال إن شئت (وعنه من طريقٍ ثانٍ بنحوه وفيه) فقال رجلٌ يارسول ثمَّ نصلِّى معهم قال نعم، قال عبد الله قال أبى رحمه الله وهذا هو الصَّواب

_ وهو آخر من مات من الصحابة بها، قاله الحافظ فى التقريب (1) أى وقتها المختار (وقوله فصلوا لوقتها) أى فى أول وقتها ولو منفردين اذا لم يترتب عليه فتنة (2) يعنى إن شئت فصل معهم لأنها زيادة خير لك كما صرح بذلك فى بعض روايات مسلم، وهو صارف للأمر المستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم فى الطريق الثانية "نعم" عن الوجوب الى الاستحباب (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعمر يعنى ابن بشر أنا عبد الله أنا سفيان عن منصور عن هلال بن يساف عن أبى المثنى الحمصى عن أبى أبىّ بن امرأة عبادة بنالصامت قال كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيها الناس سيجئ أمراء يشغلهم أسشياء حتى لا يصلوا الصلاة لميقاتها فصلوا الصلاة لميقاتها، فقال رجل يا رسول الله ثم نصلى معهم؟ قال نعم، ولهذا الحديث طريق ثالث قال حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة فذكره قال عن ابن امرأة عبداة عن عبادة عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله (4) يعنى ابن الأمام أحمد (5) الأشارة ترجع الى قوله نعم، والمعنى والله أعلم أن الأمام أحمد رحمه الله صوَّب رواية نعم عن رواية إن شئت، وقد جمع بينهما فى رواية أبى داو قال "فقال رجل يا رسول الله أصلى معهم؟ قال نعم إن شئت" (تخريجه) (د) وسند الأمام أحمد جيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الدخول فى صلاة الجماعة لمن كان قد صلى تلك الصلاة ولكن ذلكمقيد بالجماعات التى تقام فى المساجد لما فى رواية يزيد بن الأسود عند النسائى والترمذى بلفظ "ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا" (قال النووى) والصحيح عند أصحابنا استحباب إعادة جميع الصلوات فى جماعة سواء صلى الأولى جماعة أم منفردًا، وهو قول سعيد بن المسيب وابن جبير والزهرى، ومثله عن على بن أبى طالب وحذيفة وأنس رضي الله عنهم، ولكنهم قالوا فى المغرب يضيف اليها أخرى (وبه قال أحمد) وعندنا لا يضيف، وقال ابن مسعود (ومالك) والأوزاعى والثورى يعيد الجميع إلا المغرب لئلا تصير شفعا،

_ وقال الحسن البصرى يعيد الجميع إلا الصبح والعصر (وقال أبو حنيفة) يصلى الظهر والعشاء فقط، وقال النخعى يعيدها كلها إلا الصبح والمغرب، وهذه المذاهب ضعيفة لمخالفتها الأحاديث، ودليلنا عموم الأحاديث الصحيحة اهـ ج (وقال ابن عبد البر) قال جمهور الفقهاء إنما يعيد الصلاة مع الأمام فى جماعة من صلى وحده فى بيته أو فى غير بيته، وأما من صلى فى جماعة وإن قلّت فلا يعيد فى أخرى قلّت أو كثرت، ولو أعاد فى جماعة أخرى لأعاد فى ثالثة ورابعة الى مالا نهاية له وهذا لا يخفى فساده اهـ (قلت) وهو وجيه (وفى أحاديث الباب أيضا) التصريح بأن الصلاة الثانية تكون نافلة والأولى هى الفريضة وظاهرها سواء أصليت فى جماعة أم فرادى، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يستفصل من الرجلين عن ذلك وترك الاستفصال فى مقام الاحتمال ينزل منزلة العموم فى المقال (وذهب الى ذلك) من الصحابة على رضي الله عنه وبه قال الثورى وأبو إسحاق (وأبو حنيفة والشافعى فى الجديد والحنابلة) وخالفهم آخرون فقالوا الثانية هى الفريضة والأولى نافلة (وذهب قوم) الى أن كلا منهما فريضة، واحتجوا بأحاديث لا تخلوا من مقال ولا تقوى على مناهضة أحاديث الباب، فمذهب الأولين أقوى دليلا وأهدى سبيلا (وذهبت المالكية) الى أنه يفوض الى الله تعالى فى أيتهما شاء فرضه، لما روى مالك فى الموطأ عن نافع "أن رجلا سأل عبد الله ابن عمر فقال إنى أصلى فى بيتى ثم أدرك الصلاة مع الأمام أفأصلى معه؟ فقال له عبد الله ابن عمر نعم، فقال الرجل أيتهما أجعل صلاتى؟ فقال له ابن عمر أو ذلك اليك؟ إنما ذلك الى الله تعالى يجعل أيتهما شاء" وفى الموطأ أيضا عن سعيد بن المسيب مثل ذلك؛ فان كان هذا مذهب ابن عمر رضي الله عنهما فلا يكون حجة فى مقابلة النص، والحق ما ذهب اليه الأولون (وفيها أيضا) دليل على مشروعية الدخول مع الجماعة بنية التطوع لمن كان قد صلى تلك الصلاة وإن كان الوقت وقت كراهة للتصريح بأن ذلك كان فى صلاة الصبح، والى ذلك ذهبت الشافعية فيكون هذا مخصصا لعموم الأحاديث القاضية بكراهة الصلاة بعد صلاة الصبح، ومن جوز التخصيص بالقياس ألحق به ماسواه من أوقات الكراهة، وظاهر التقييد بقوله صلى الله عليه وسلم "ثم أتيتما مسجد جماعة" أن ذلك مختص بالجماعات التى تقام فى المساجد لا التى تقام فى غيرها فيحمل المطلق من ألفاظ أحاديث الباب على المقيد منه بمسجد الجماعة (وفيها أيضا) دليل على مشروعية الصلاة مع أئمة الجور حرصا على فضيلة الجماعة وحذرًا من وقوع فتنة وتفرق كلمة المسلمين بسبب التخلف، وقد أطلنا الكلام على ذلك فى أحكام الباب الأول من أبواب الأمامة وصفة الائمة من كتاب الصلاة فارجع اليه إن شئت

(3) باب الجمع فى مسجد مرتين وحديث لا تصلوا صلاة فى يوم مرتين (1501) عن أبى سعيدٍ الخدريِّ رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم صلَّى بأصحابه، ثمَّ جاء رجلٌ فقال نبيُّ الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم من ينَّجر على هذا أو يتصدَّق على هذا فيصلِّى معه، قال فصلَّى معه رجلٌ (1502) عن سليمان مولى ميمونة رضى الله عنها قال أتيت على ابن عمر وهو بالبلاط والقوم يصلُّون فى المسجد قلت ما يمنعك أن تصلَّى مع النَّاس أو القوم؟ قال إنِّى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تصلُّوا صلاةً فى يومٍ مرَّتين

_ (1501) عن أبي سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن أبى عدي عن سعد يعنى ابن أبى عروبة قال حدثنى سليمان الناجى عن أبى المتوكل عن أبى سعيد "الحديث" (غريبه) (1) بتشديد التاء من اتجر يتَّجر اتجارا من باب الافتعال؛ لأنه يشترى بعمله الثواب كأنه بصلاته معه قد حصل لنفسه تجارة أى مكسبا (وقوله أويتصدق) لفظ أو للشك من الراوى ورواية الترمذى "يتجر" بدون شك، ورواية أبى داود "يتصدق" وسواء أكان اللفظ الحقيقى يتجر أو يتصدق فالمعنى واحد وهو تحصيل الثواب، لأنه بصلاته معه صار كأنه تصدق عليه بثواب ست وعشرين درجة، ولو صلى منفردا لم يحصل له الا ثواب صلاة واحدة (2) هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه، قال الزيلعى فى نصب الراية وفى رواية البيهقى ان الذى قام فصلى معه أبو بكر رضي الله عنه (تخريجه) أخرجه أبو داود وسكت عنه، والترمذى وحسنه، ونقل المنذرى تحسين الترمذى وأقره، وأخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط مسلم، وأخرجه أيضا (خز. حب) فى صحيحيهما، وقال الهيثمى فى مجمع الزوائد رجاله رجال الصحيح (1502) عن سليمان مولى ميمونة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن حسين ثنا عمرو بن شعيب حدثنى سليمان مولى ميمونة "الحديث" (غريبه) (3) هو موضع مفروش بالبلاط بين المسجد والسوق بالمدينة (تخريجه) (د. نس. هق. حب. خز) وقال النووى فى الخلاصة إسناده صحيح (الأحكام) حديث أبى سعيد فيه دليل على جواز الجمع فى المسجد بعد جماعة الأمام الراتب (وفيه) أنه اذا جاء رجل فلم يدرك الجماعة استحب لبعض من صلى جماعة أن يعيدها معه بقصد حصول فضل

_ الجماعة لصاحبه وبذلك يكون قد تصدق عليه كما جاء فى الحديث ولما رواه البخارى وغيره "كل معروف صدقة" (وحديث ابن عمر) فيه النهى عن صلاة الفرض فى اليوم مرتين فهو على ظاهره معارض لحديث أبى سعيد، ولكن لا تعارض، لأنه يحمل على إعادة الصلاة فى اليوم مرتين بنية الفرض أو على إعادتها فرادى سواء صلاها أوَّلاً فرادى أم فى جماعة، أمام من أعادها بقصد حصول فضل الجماعة لنفسه إن كان صلى منفردًا أو لغيره كما اذا وجد رجلا لم يدرك الجماعة فتصدق عليه بصلاته معه كما تقدم فلا يتناوله النهى، ويكون حديث أبى سعيد مخصصا لحديث ابن عمر (وفى الباب) أحاديث وآثاره كثيرة تؤيد ذلك (منها) ما رواه الدارقطنى عن أنس رضي الله عنه "أن رجلا جاء وقد صلى النبى صلى الله عليه وسلم فقام يصلى وحده فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يتجر على هذا فيصلى معه" قال الحافظى الزيلعى فى نصب الراية إسناده جيد، وكذا قال الحافظ ابن حجر فى الدراية (ومنها) عن سلمان مثله، رواه البزار وفى إسناده من اختلف فيه (ومن الآثار) ما رواه ابن أبى شيبة فى مصنفه أن ابن مسعود دخل المسجد وقد صلوا مجمع بعلقمة ومسروق والأسود وإسناده صحيح وهو قول أنس بن مالك، قال البخارى فى صحيحه وجاء أنس بن مالك الى مسجد قد صلى فيه فأذَّن وأقام وصلى جماعة اهـ (قال الحافظ) وصله أبو بعلى فى مسنده عثمان قال مرَّ بنا أنس فى مسجد بنى ثعلبة فذكره نحوه، قال وذلك فى صلاة الصبح، وفيه فأمر رجلا فأذَّن وأقام ثم صلى بأصحابه (وأخرجه ابن أبى شيبة) من طرق عن الجعد (وعند البيهقى) من طريق أبى عبد الصمد العمِّى عن الجعد نحوه وقال فى مسجد بنى رفاعة وقال فجاء أنس فى نحو عشرين من فتيانه اهـ والى ذلك ذهب الائمة (احمد واسحاق وداود وابن المنذر) وهو الذى أختاره، قال فى الاستذكار اتفق احمد بن حنبل واسحاق بن راهويه على أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم "ولا تصلوا صلاة فى يوم مرتين" أن ذلك أن يصلى الرجل صلاة مكتوبة عليه ثم يقوم بعد الفراغ منها فيعيدها على جهة الفرض أيضا، وأما من صلى الثانية مع الجماعة على أنها نافلة اقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم فى أمره بذلك فليس ذلك من إعادة الصلاة فى يوم مرتين، لأن الأولى فريضة والثانية نافلة فلا إعادة حينئذ اهـ (وقال النووى رحمه الله) قال أصحابنا إن كان لمسجد إمام راتب وليس هو مطروقًا كره لغيره اقامة الجماعة فيه ابتداء قبل فوات مجئ امامه، ولو صلى الأمام كره أيضا اقامة جماعة أخرى فيه بغير إذنه هذا هو الصحيح وبه قطع الجمهور، وقال به الأوزاعى ومالك والليث والثورى وأبو حنيفة، قال وحكى الرافعى وجهًا أنه لا يكره وهو شاذ ضعيف، أما ان كان المسجد مطروقًا أو غير مطروق وليس له امام راتب فلا كراهة فى الجماعة الثانية والثالثة واكثر بالاجماع اهـ بتصرف ج

(4) باب ما يفعل المسبوق (1503) عن عبد الرَّحمن بن أبى ليلى عن معاذ بن جبلٍ رضى الله عنه قال كان النَّاس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سبق الرَّجل ببعض صلاته سألهم فأومؤا إليه بالذى سبق به من الصلَّاة فيبدأ فيقضى ما سبق ثمَّ يدخل مع القوم فى صلاتهم، فجاء معاذ بن جبلٍ والقوم قعودً فى صلاتهم فقعد فلمَّا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فقضى ما كان سبق به، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم اصنعوا كما صنع معاذٌ (1504) عن عروة بن المغيرة عن أبيه المغيرة بن شعبة رضي الله

_ (1503) عن عبد الرحمن بن أبى ليلى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا عبد العزيز يعنى ابن مسلم ثنا الحصين عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن معاذ "الحديث" (غريبه) (1) أي سأل المصلين وهم فى الصلاة (وقوله فأومأوا اليه) أى أخبروه بالأشارة أنهم صلوا كذا من الركعات، ومثل هذه الأشارة جائزة فى الصلاة، وقد تقدم الكلام على ذلك (2) أى يصلى ما سبقه به الأمام منفردًا ثم يدخل مع القوم فى صلاتهم مقتديا بالأمام؛ هكذا كانت حالهم قبل قصة معاذ (3) يعنى أنه لم يقض ما فاته كعادتهم، لأنه لا يحب أن يخالف النبى صلى الله عليه وسلم فى حال من أحواله (4) أى قام معاذ بعد أن سلم النبى صلى الله عليه وسلم من الصلاة فقضى ما كان سبق به (5) يعنى أن النبى صلى الله عليه وسلم أعجبه ما صنع معاذ فرغّب الناس فيه وأمرهم به، ولعل ما فعله معاذ كان سببا فى مجيئ الوحى به فى الحال فأقره النبى صلى الله عليه وسلم ورضى به (تخريجه) أخرجه أبو داود مطولا، وأخرجه الدارقطنى من طريق الأعمش عن عمرو بن مرة، وأخرجه (خز. هق. ش) والطحاوى، وأخرج نحوه الأمام احمد مطولا كرواية أبى داود، وتقدم فى الباب الثالث عشر رقم 83 من كتاب الصلاة وسنده جيد (1504) عن عروة بن المغيرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سعد ويعقوب قالا ثنا أبى عن صالح عن ابن شهاب حدثنى عبدا بن زياد قال سعد بن أبى سفيان عن عروة بن المغيرة عن أبيه المغيرة بن شعبة "الحديث" (غريبه)

عنه أنَّه قال تخلَّفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك فتبرَّز رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ رجع إلىَّ ومعى الإدارة قال فصببت على يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ استنثر قال يعقوب ثمَّ تمضمض ثمَّ غسل وجهه ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ أراد أن يغسل يديه قبل أن يخرجهما من كمَّى جبَّته فضاق عنه كماَّ ها فأخرج يده من الجبَّة فغسل يده اليمنى ثلاث مرَّاتٍ، ويده اليسرى ثلاث مرَّاتٍ، ومسح بخفَّية ولم ينزعها، ثمَّ عمد إلى النَّاس فوجدهم قد قدَّموا عبد الرَّحمن بن عوفٍ يصلِّى بهم، فأدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم إحدى الرَّكعتين فصلَّى النَّاس الرَّكعة الآخرة بصلاة عبد الرَّحمن، فلمَّا سلَّم عبد الرَّحمن قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يتمُّ صلاته فأفزع المسلمين فأكثروا التسبيح، فلمَّا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل عليهم فقال أحسنتم وأصبتم ينبطهم أن صلَّوا الصَّلاة لوقتها

_ (1) زاد مسلم قبل صلاة الفجر (وقوله فتبرز) أى خرج الى البراز بفتح الباء الموحدة وهو الفضاء الواسع كنَّى به عن قضاء الحاجة، وزاد فى رواية الشيخين "فانطلق حتى توارى عنى ثم قضى حاجته" (2) بكسر الهمزة إناء صغير من جلد يتخذ للماء (3) يعنى أن يعقوب أحد الرواة قال فى روايته ثم تمضمض بدل قوله ثم استنثر (4) الجبة بضم الجيم وشد الموحدة جمعها جبب وجباب وهى ضرب من مقطعات الثياب، وهذه الجبة كانت من صوف من جباب الروم أو شامية كما فى بعض الروايات (5) يعنى أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يشمر كميه عن ذراعيه فلم يستطع من ضيق كمى الجبة فنزع يديه منها وأخرجهما من تحت الجبة فغسل يده اليمنى الخ (6) بفتحات أى قصد جهتهم (7) يعنى أن قيامه صلى الله عليه وسلم لاتمام الصلاة أفزع المسلمين، وإنما أفزعهم لكونهم علموا أنهم سبقوه صلى الله عليه وسلم بالصلاة كما فى رواية أبى داود "ففزع المسلمون فأكثروا التسبيح لأنهم سبقوا النبى صلى الله عليه وسلم بالصلاة" (8) أى قضى الركعة التى فاتته (9) أى أحسنتم فيما صنعتم وأصبتم، أى وافقتم الصواب لمبادرتكم بالصلاة فى أول وقتها وقال صلى الله عليه وسلم هذا تسكينا لفزعهم وتأنيسا لهم (وقوله يغبطهم) أى يتمنى لهم دوام هذه الحالة وهى المحافظة على الصلاة فى أول وقتها، ويروى يغبّطهم بتشديد الموحدة

(ومن طريقٍ ثانٍ بنحوه وفيه قال المغيرة) ثمَّ لحقنا النَّاس وقد أقيمت الصلَّاة وعبد الرَّحمن بن عوفٍ يؤمُّهم وقد صلى ركعةً فذهبت لأوذنه فنهانى (يعنى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم) التَّى أدركنا وقضينا الَّتى سبقنا بها (وفى لفظٍ) فصلَّينا الرَّكعة الَّتى أدركنا وقضينا الرَّكعة الَّتى سبقتنا (ومن طريقٍ ثالثٍ بنحوه أيضًا وفيه قال المغيرة) فانتهينا إلى القومٍ وقد صلَّى بهم عبد الرَّحمن ابن عوفٍ ركعةً، فلمَّا أحسَّ بالنَّبيَّ صلى الله عليه وسلم ذهب يتأخَّر فأومأ إليه أن يتمَّ الصلَّاة وقال قد أحسنت كذلك فافعل

_ مكسورة أي يحملهم على الغبط، ويجمل هذا الفعل عندهم مما يغبط عليه (1) هذا الطريق تقدم حديثه بتمامه وسنده فى باب صفة وضوء النبى صلى الله عليه وسلم رقم 233 من كتاب الطهارة (2) يعنى أردت أن أخبر عبد الرحمن بحضور النبى صلى الله عليه وسلم فنهانى النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك (3) رواية أبى داود "فلما سلم قام النبى صلى الله عليه وسلم فصلى الركعة التى سبق بها ولم يزد عليها شيئا" يعنى أنه لم يسجد سجدتى السهو لزيادة التشهد، لأنه لم يأت به إلا تبعا للأمام، ومتابعة الامام واجبة (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن أبى عدى عن حميد عن بكر عن جمزة بن المغيرة بن شعبة عن أبيه قال تخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى حاجته فقال هل معك طهور؟ قال فاتبعته بميضأة فيها ماء فغسل كفيه ووجهه ثم ذهب يحسر عن ذراعيه وكان فى يدى الجبة ضيق فأخرج يديه من تحت الجبة فغسل ذاراعيه ثم مسح على عمامته وخفيه وركب وركبت راحلتى فانتهينا الى القوم "الحديث" (5) أى أشار اليه النبى صلى الله عليه وسلم بالاستمرار فى الصلاة، لأنه قد صلى بهم ركعة (وقوله صلى الله عليه وسلم أحسنت كذلك فافعل) يريد بذلك تشجيعه على أداء الصلاة فى أول الوقت والله أعلم (تخريجه) (ق. هق) والطحاوى وأصحاب السنن مطولا ومختصرًا من عدة طرق (وفى الباب) عن أبى هريرة رضي الله عنه قا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اذا جئتم الى الصلاة ونحن سجود ولا تعدوها شيئا، ومن أدرك الركعة فقد أدرك الصلاة" رواه أبو داود وابن خزيمة فى صحيحه والحاكم فى المستدرك وقال صحيح (وعنه أيضا) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "من أدرك ركعة من الصلاة مع الأمام فقد أردك الصلاة" أخرجه الشيخان والأمام احمد بدون قوله مع الأمام. وتقدم فى الباب الثالث عشر من أبواب مواقيت الصلاة رقم 174 (وعن علي بن أبي طالب ومعاذ

_ ابن جبل) رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اذا أتي أحدكم الصلاة والأمام على حال فليصنع كما يصنع الأمام" رواه الترمذى، وقال الحافظ فى التلخيص فيه ضعف وانقطاع (قلت) له شواهد تعضده منها ما رواه ابن أبى شيبة عن رجل من الأنصار مرفوعًا "من وجدنى ركاعا أو قائما أو ساجدًا فليكن معى على حالتى التى أنا عليها" (وما أخرجه سعيد ابن منصور) عن أناس من أهل المدينة مثل لفظ ابن أبى شيبة (الأحكام) أحاديث الباب مع ما ذكرنا فى الشرح تدل على جملة أحكام (منها) أن المسبوق يدخل مع الأمام على أي حال وجده عليها سواء أدركه قائما أو راكعا أو ساجدا أو جالسا (فان أدركه قائما) حسبت له الركعة التى أدركه فيها باتفاق الائمة (وإن أدركه راكعا) قبل أن يرفع الأمام رأسه من الركوع صادر مدركا للركعة أيضا عند الائمة الأربعة وجمهور العلماء (وخلفاء أهل الظاهر وآخرون) ققالوا لا تحسب له الركعة إلا اذا قرأ الفاتحة قبل ركوع الامام، وقد أفضنا الكلام فى ذلك وأدلينا بحجج الجميع فى أحكام الباب الخامس من أبواب صلاة الجماعة فارجع اليه فانه مهم جدا (وإن أدركه ساجدا) لم تحسب له الركعة بالاتفاق (وإن أدركه جالسا) فان كان فى التشهد الاخير فليأت بالصلاة كاملة، لأنه لم يدرك منها شيئا يعتد به (وإن كان فى الأول) حسب له ما بعد التشهد ثم ليتم ما فاته بعد سلام الأمام (وقد اختلف الائمة) فى كيفية الأتمام هل يجعل ما أدركه مع الأمام آخر صلاته وما يقضيه أولها عملا برواية "وما فاتكم فاقضوا" أو يجعل أول ما أدركه مع الأمام أول صلاته وما يتمه آخرها عملا برواية "وما فاتكم فأتموا"؟ وقد قدمنا الكلام على ذلك مستفيضا مع التوفيق بين الروايتين وذكرنا الخلاف بين الائمة فى الباب الخامس المشار اليه آنفا من أبواب صلاة الجماعة (واختلف الائمة أيضا) فيمن لم يدرك مع الأمام إلا التشهد الأخير أو جزءًا منه قبل سلام الامام هل يعدّ مدركا لفلضل الجماعة أم لا؟ فذهب الائمة الثلاثة (أبو حنيفة والشافعى واحمد) الى أنه يعدّ مدركا لفضل الجماعة (وقالت المالكية) لا يعد مدركا لفضل الجماعة إلا اذا أردك ركعة مع الأمام ولو قبل رفعه من الركوع؛ ووافقهم الغزالى من الشافعية (ومما دلت عليه أحاديث الباب أيضا) أن المسبوق ببعض الصلاة لا يطالب بسجود سهو (وبه قال الائمة الأربعة) وجمهور العلماء عملا بأحاديث الباب وبحديث "فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا - أو فاقضوا" على الرواية الثانية ولم يأمر بسجود سهو (وحكى ابو داود) فى سننه عن ابى سعيد وابن الزبير وابن عمر انهم يقولون من ادرك الفرد من الصلاة عليه سجدتا السهو. واللا ذلك ذهب عطاء وطاوس ومجاهد وإسحاق قالوا إن من ادرك وترا من صلاة إمامه فعليه ان يسجد للسهو لأنه يجلس للتشهد مع الامام فى غير موضع الجلوس (ويجاب عن ذلك) بأن النبى صلى الله عليه وسلم جلس خلف عبد الرحمن ولم يسجد ولا أمر به المغيرة

وأيضا ليس السجود إلا للسهو ولا سهو هنا وأيضا متابعة الامام واجبة فلا يسجد لفعلها كسائر الواجبات وهذا هو الموافق للدليل والذى يجب المصير اليه (وفى أحاديث الباب أيضا) دليل على أنه اذا خيف فوت وقت الصلاة أو فوت الوقت المختار منها لم ينتظر الامام وإن كان فاضلا (وفيها) أن فضيلة الوقت لا يعادلها فضيلة الصلاة مع الأمام الفاضل (وفيها) فضيلة لمعاذ بن جبل رضي الله عنه حيث ألهمه الله عز وجل بشئ كان سببا فى تشريع حكم من أحكام الدين (وفيها أيضًا) فضيلة لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه إذ قدَّمه الصحابة لأنفسهم فى صلاتهم بدلاً من نبيهم (وفيها) فضيلة أخرى له وهى اقتداء النبى صلى الله عليه وسلم به (وفيها) جواز ائتمام الأمام أو الوالى برجل من رعيته (وفيها أيضًا) تخصيص لقوله صلى الله عليه وسلم "لا يؤمَّنّ أحد فى سلطانه إلا باذنه" يعنى إلا أن يخاف خروج أول الوقت (وفيها) جواز الثناء على من بادر الى أداء فرضه وسارع الى عمل ما يجب عليه عمله أخذًا من قوله صلى الله عليه وسلم "قد أحسنت كذلك فافعل" والى هنا قد انتهى الجزء الخامس من كتاب الفتح الربانى مع ضرحه "بلوغ الأمانى من أسرار الفتح الربانى" مختتما بأحسن فأل حيث كان ختامه قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "قد أحسنت كذلك فافعل" نسأل الله حسن الختام والتوفيق الى التمام، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد خاتم النبيين وآل بيته المطهرين وأصحابه الغر الميامين ومن تبع هداهم باحسان الى يوم الدين (تم الجزء الخامس)

_ (من كتاب (الفتح الربانى) مع شرحه (بلوغ الأمانى)) (أبواب صلاة الجمعة) (نسأل الله التوفيق) (تنبيه) سقطت جملة من اسطر الرابع صحيفة 167 من الجزء الثالث ذكّرنى بها بعض الفضلاء جزاه الله خيرا، وقد تداركتها هنا ذاكرا الجملة التى قبلها والتى بعدها جاعلها بين قوسين مميزها بالشكل هكذا- وإذا رفع رأسه من الركوع (وفى روايةٍ وإذا سجد) وإذا رفع رأسه من السجود الخ- وأيضًا فى الصحيفة نفسها من الجزء المذكور سطر 22 وقعت جملة خطأ وتصويبها هكذا "فتحمل الزيادة على أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك أحيانًا"

-[رموز واصطلاحات تختص بالشرح]- بسم الله الرحمن الرحيم (أبواب صلاة الجمعة وفضل يومها وكل ما يتعلق بها) (1) باب فى فضل يوم الجمعة حدّثنا عبد الله حدَّثني أبى ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قال ثنا زهير يعنى ابن محمَّد عن عبد الله بن محمَّد بن عقيل عن عبد الرحمن ابن يزيد الأنصاري عن أبى لبابة البدريِّ بن عبد المنذر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيِّد الأيَّام يوم الجمعة (1) وأعظمها عند الله تعالى، وأعظم عند الله

_ (1505) حدثنا عبد الله {غريبة} (1) يقال بضم الميم وإسكانها وفتحها حكاهن الفراء والواحدي وغيرهما؛ ووجهوا الفتح بأنها تجمع الناس ويكثرون فيها كما يقال همزة ولمزة لكثرة الهمز ونحو ذلك، واختلف في تسمية اليوم بذلك مع الاتفاق على أنه كان يسمى في الجاهلية العروبة بفتح العين المهملة وضم الراء وبالموحدة، فقيل سمى يوم الجمعة لاجتماع الناس فيه، وقيل لأن خلق آدم جمع فيه، ويؤيده ما سيأتي عن أبي

-[أول من جمع بالناس في المدينة - وأول مسجد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة بها]- عزَّ وجل من يوم الفطر ويوم الأضحى (1) وفيه خمس خلالٍ (2) خلق الله فيه آدم، وأهبط الله فيه آدم إلى الأرض، وفيه توفَّى الله آدم، وفيه ساعةٌ لا يسأل

_ هريرة عند الإمام أحمد (قال الحافظ) وهذا أصح الأقوال، قال ويليه ما أخرجه عبد بن حميد عن ابن سيرين بسند صحيح إليه في قصة تجميع الأنصار مع أسعد بن زرارة، وكانوا يسمون يوم الجمعة يوم العروبة فصلى بهم وذكَّرهم فسموه الجمعة حين اجتمعوا إليه، ذكره ابن أبي حاتم موقوفاً اهـ {قلت} وقد ذكر ابن إسحاق قصة أسعد بن زرارة في سيرته في مبدء الجمعة فقال، حدثنى محمد بن أبى أمامة بن سهل عن أبيه قال حدثني عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال كنت قائد أبى حين كف بصره، فإذا خرجت به الى الجمعة فسمع الأذان لها استغفر لأبى أمامة أسعد بن زُرارة، فمكثت حينًا أسمع ذلك منه، فقلت إنّ عجزًا أن لا أسأله عن هذا؛ فخرجت به كنت أخرج فلما سمع الأذان للجمعة استغفر له، فقلت يا أبتاه أرأيت استغفارك لأسعد بن زُرارة كلما سمعت الأذان يوم الجمعة؟ قال أي بنىّ كان أسعد أول من جمع بنا بالمدينة قبل مقدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في هزم من حرَّة بنى بياضة في نقيع يقال له نقيع الخصمات، قلت وكم أنتم يومئذ؟ قال أربعون رجلا (ورواه البيهقى) من طريقين عن ابن إسحاق وقال في آخره ومحمد بن إسحاق اذا ذكر سماعه في الرواية وكان الراوى ثقة استقام الأسناد، وهذا حديث حسن الاسناد صحيح، قال وقد روى فيه حديث آخر لا يحتج بمثله اهـ (وذكر الحافظ ابن القيم) هذا الحديث في الهدى وقال هذا كان مبدأ الجمعة، ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأقام بقباء في بنى عمرو بن عوف كما قاله ابن إسحاق يوم الاثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء، ويوم الخميس أسس مسجدهم ثم خرج يوم الجمعة فأدركته الجمعة في بنى سالم بن عوف فصلاها في المسجد الذى في بطن الوادى وكانت أول جمعة صلاها بالمدينة وذلك قبل تأسيس مسجده صلى الله عليه وسلم اهـ (1) سيأتى الكلام على ذلك في الأحكام إن شاء الله تعالى (2) أى خصال جمع خَلة بالفتح كخصلة وخصال وزناً ومعنى

-[فصل يوم الجمعة]- العبد فيها شيئًا إلَّا آتاه الله تبارك وتعالى إيَّاه ما لم يسأل حرامًا (1) وفيه تقوم السَّاعة، مت من ملك مقرَّب ولا سماء ولا أرض ولا رياح ولا جبالٍ ولا بحرٍ إلَّا هنَّ يشفقن (2) من يوم الجمعة عن سعد بن عبادة رضى الله عنه أنَّ رجلًا من الأنصار أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلَّم فقال أخبرنا عن يوم الجمعة ماذا فيه من

_ (1) سيأتي الكلام على هذه الساعة وأقوال العلماء فيها في الباب التالي إن شاء الله (2) من الاشفاق بمعنى الخوف (وقوله من يوم الجمعة) أى من قيام الساعة في يوم الجمعة، فقد عرفه الملائكة مبهمًا بطريق الاعلام وعرفه ما بعدهم بطريق الالهام فالكل متوقع قيام الساعة في ذلك اليوم وخائف من قيامها إلا الجن والأنس كما في حديث أبى هريرة الآتى بعد حديث، لأنهم لا يترقبون انتظار الساعة ولا يخافون قيامها في هذا اليوم لكثرة غفلتهم لا لأنهم لا يعلمون ذلك، وروى ابن حبان وابن خزيمة في صحيحهما عن أبى هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تطلع الشمس ولا تغرب على أفضل من يوم الجمعة وما من دابة إلا وهى تفزع يوم الجمعة إلا هذين الثقلين الجن والأنس" {تخريجه} (جه) وقال العراقى إسناده حسن وكذلك قال البوصيرى في زوائد ابن ماجه (1506) عن سعد بن عبادة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر ثنا زهير عن عبد الله بن محمد عن عمر بن شرحبيل أنا سعيد بن سعد بن عبادة

-[(1) فضل يوم الجمعة]- الخير؟ قال فيه خمس خلالٍ فذكر مثله (1507) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّه قال خرجت إلى الطُّور (1) فلقيت كعب الأحبار (2) فجلست معه فحدثنى عن التَّوراة وحدَّثته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان فيما حدَّثته أن قلت إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خير يومٍ طلعت فيه الشمس يوم الجمعة (3) فيه خلق آدم وفيه أهبط (4) وفيه تيب

_ عن أبيه عن جده عن سعد بن عبادة "الحديث" {تخريجه} (بز) وفى إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل وهو ممن احتج به الأمام أحمد وغيره وضعفه بعضهم وبقية رواته ثقات مشهورون (1507) عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن ابراهيم بن الحارث التيمى عن أبيه سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة "الحديث" {غريبة} (1) قال الباجى هو لغة كل جبل إلا أنه في الشرع جبل بعينه وهو الذى كلم فيه موسى وهو الذى عنى أبو هريرة (2) هو ابن مانع بالتاء المثناة فوق، التابعى المشهور، وكان من أحبار اليهود وعلمائهم، ذكره النووى في تهذيب الأسماء واللغات فقال، هو أبو إسحاق كعب بن ماتع بن هينوع، ويقال هيسوع ويقال عمر بن قيس بن معن بن حثيم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن جمهر بن قطن بن عوف بن زهير بن أيمن بن حمير بن سبأ الحميرى المعروف بكعب الأحبار أدرك زمن النبى صلى الله عليه وسلم ولم يره، وأسلم في خلافة أبى بكر وقيل في خلافة عمر رضى الله عنهما وصحب عمر وأكثر الرواية عنه، وروى أيضا عن صهيب، وروى عنه جماعة من الصحابة منهم ابن عمر وابن عباس وابن الزبير وأبو هريرة وخلائق من التابعين منهم ابن المسيب، وكان يسكن حمص، ذكره أبو الدرداء فقال إن عنده علمًا كثيرًا، واتفقوا على كثرة علمه وتوثيقه، وكان قبل إسلامه على دين اليهود وكان يسكن اليمن، توفى في خلافة عثمان سنة ثنتين وثلاثين ودفن بحمص متوجهًا إلى الغزو، ويقال كعبة الأحبار، وكعب الحبر بكسر الحاء وفتحها لكثرة علمه ومناقبه، وأحواله وحكمه كثيرة مشهورة اهـ (3) استدل به على أنه أفضل من يوم عرفة والأصح أن يوم عرفة أفضل وجمع بأن يوم عرفة أفضل أيام السنة، ويوم الجمعة أفضل أيام الأسبوع (4) في رواية لمسلم عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة أن النبى قال "خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة،

-[كلام العلماء في مدة عمر آدم عليه السلام، والموضع الذي دفن فيه]- عليه وفيه مات (1) وفيه تقوم السَّاعة، وما من دابَّة إلا وهى مسيخةٌ (2) يوم الجمعة من حين تصبح حتَّى تطلع الشَّمس شفقًا من السَّاعة (3) إلَّا الجنَّ والإنس (4) وفيه ساعة لا يصادفها عبدٌ مسلمٌ وهو يصلِّى يسأل الله شيئًا إلَّا أعطاه إياه، قال كعبٌ ذلك فى كلِّ سنةٍ مرةً، فقلت بل فى كلِّ جمعةٍ، فقرأ كعب التَّوراة فقال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو هريرة ثمَّ لقيت عبد الله ابن سلامٍ فحدَّثته بمجلسى مع كعب وما حدَّثته فى يوم الجمعة فقلت له قال

_ وفيه أخرج منها، ولا تقوم الساعة إلا في يوم الجمعة" وفى رواية للأمام أحمد مثله الى قوله وفيه أخرج منها، ولمسلم في رواية أخرى "وخلق آدم في آخر ساعة من يوم الجمعة" قال الحافظ ابن كثير فان كان يوم خلقه يوم اخراجه وقلنا الأيام الستة كهذه الأيام فقد أقام في الجنة بعض يوم من أيام الدنيا وفيه نظر، وان كان إخراجه في غير اليوم الذى خلق فيه وقلنا إن كل يوم بألف سنة كما قال ابن عباس ومجاهد والضحاك واختاره ابن جرير فقد لبث هناك مدة طويلة اهـ والله أعلم (1) أى وله ألف سنة كما في حديث أبى هريرة وابن عباس مرفوعًا، وقيل إلا سبعين وقيل إلا ستين وقيل إلا أربعين؛ وقد اختلف في المكان الذى توفى فيه، فقيل بمكة ودفن بغار أبى قبيس، وقيل عند مسجد الخيف؛ وقيل بالهند، وصححه ابن كثير، وقيل بالقدس رأسه عند الصخرة ورجلاه عند مسجد الخليل والله أعلم (2) بالسين المهملة أى مصغية مستمعة ويروى بالصاد وهو الأصل (نه) (3) أى خوفاً من قيامها ما بين طلوع الفجر إلى طلوع الشمس فقد ألهمها الله بذلك فهى تخاف من قيامها كل جمعة، وفيه أنها اذا طلعت عرفت الدواب أنه ليس ذلك اليوم وليس فيه علم متى تقوم، لأن يوم الجمعة متكرر مع أيام الدنيا وقد قال تعالى {إنما علمها عند ربى} وقال {لا تأتيكم إلا بغتة} وقال صلى الله عليه وسلم لجبريل "ما المسئول عنها بأعلم من السائل" (4) قال الباجى استثناء من الجنس، لأن اسم الدابة يقع على كل مادبَّ ودرج، قيل وجه عدم إشفاقهم أنّ بين يدى الساعة شروطًا ينتظرونها وليس بالبيِّن، لأنا نجد منهم من لا يصيخ ولا علم له بالشروط، وقد كان الناس قبل أن يعلموا بالشروط لا يصيخون (قال ابن عبد البر) وفيه أن الجن والأنس لا يعلمون من أمر الساعة ما يعرفه غيرهم من الدواب وهذا أمر يقصر عنه الفهم، وقال الطيبى وجه إصاخة كل دابة وهي لا تعقل أن الله ألهمها ذلك، ولا عجب عند قدرة الله سبحانه

-[من مات يوم الجمعة أو ليلتها من المسلمين وقاه الله فتنة القبر]- كعب ذلك فى كلِّ سنةٍ يومٌ، قال عبد الله بن سلامٍ كذب كعبٌ، ثمَّ قرأ كعبٌ التَّوراة فقال بل هى فى كلِّ جمعة، قال عبد الله بن سلامٍ صدق كعبٌ عن عبد الله بن عمرو (بن العاص) عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يموت يوم الجمعة أو ليلة الجمعة إلَّا وقاه الله فتنة القبر (1) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قيل للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لأي شيء سمِّي يوم الجمعة؟ قال لأنّ فيها طبعت (2) طينة أبيك آدم وفيها الصًّعقة (3) والبعثة وفيها البطشة وفى آخر ثلاث ساعاتٍ

_ وتعالى، وحكمة الإخفاء عن الثقلين أنهم لو كوشفوا بذلك اختلفت قاعدة الابتلاء والتكليف وحق القول عليهم، ووجه آخر أنه تعالى يُظهر يوم الجمعة من عظائم الأمور وجلائل الشؤن ما تكاد الأرض تميد بها فتبقى كل دابة ذاهلة دهشة كأنها مصيخة للرعب الذي داخلها شفقًا لقيام الساعة اهـ {تخريجه} (لك. د. مذ. نس) وأخرج مسلم الفصل الأول منه في فضل الجمعة، وأخرج البخاري ومسلم طرفاً منه في ذكر ساعة الجمعة. (1508) عن عبد الله بن عمرو {سنده} حدثنا عبد الله أبى حدثنا أبو عامر ثنا هشام يعنى ابن سعد عن سعيد بن أبى هلال عن ربيعة بن سيف عن عبد الله ابن عمرو "الحديث" {غريبه} (1) قال المناوى بأن لا يسئل في قبره اهـ {قلت} وهو يخالف ظاهر الحديث والذى اعتمده العلماء أن السؤال في القبر عام لكل مكلف إلا شهيد المعركة، وما ورد في جماعة من أنهم لا يسئلون محمول على عدم الفتنة في القبر أى يسئلون ولا يفتنون {تخريجه} (مذ) وحسنه الحافظ السيوطى وغيره (1509) عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم ثنا الفرج بن فضالة ثنا على بن أبى طلحة عن أبى هريرة "الحديث" {غريبه} (2) خلقت وقال الله عز وجل له كن فكان، ومنه "كل الحلال يطبع عليها المؤمن إلا الخيانة والكذب" أى يخلق عليها (3) التى تصيب الناس من هول صوت النفخة الأولى فيموتون وبذلك تنتهى مدة الدنيا، وأصل الصعق أن يغشى على الانسان من صوت شديد يسمعه، وربما مات منه، ثم استعمل في الموت كثيرًا، والصعقة المرة الواحدة منه، قال تعالى {ونفخ في الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض إلا من شاء الله" (والبعثة) بفتح الموحدة

-[لا تختص ليلة الجمعة بقيام ولا يومها بصيام]- منها ساعةٌ من دعا الله عزَّ وجلَّ فيها (1) استجيب له عن أبى الدَّرداء رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يا أبا الدَّرداء لا تختص ليلة الجمعة بقيام دون اللَّيالي ولا يوم الجمعة بصيامٍ دون الأيَّام (2)

_ المرة من البعث، والمراد هنا بعث الناس من قبورهم وأحياؤهم بعد الموت ليوم الجزاء؛ قال تعالى {ذلك بأن الله هو الحق وأنه يحيى الموتى وأنه على كل شيء قدير، وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور} (والبطشة) أخذ الناس بصولة وقهر وغلبة يوم القيامة، قال تعالى {إن بطش ربك لشديد إنه هو يبدئ ويعيد} (1) فيه أن ساعة الأجابة آخر ساعة من يوم الجمعة بعد العصر {تخريجه} لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده المنذرى وقال رواه أحمد من رواية على بن طلحة عن أبى هريرة ولم يسمع منه، ورجاله محتج بهم في الصحيح. (1510) عن أبى الدرداء {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود بن عامر قال ثنا إسرائيل عن عاصم عن محمد بن سيرين عن أبى الدرداء "الحديث" {غريبه} (2) الحكمة والله أعلم في النهى عن اختصاص ليلتها بقيام دون الليالى ليصبح نشيطًا في تأدية وظائفها من تبكير إلى الصلاة وانتظار ودعاء وذكر وعبادة واستماع الخطبة وإكثار الذكر بعدها لقوله عز وجل {فإذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرًا} وغير ذلك من العبادات في يومها، وكذلك الحكمة في النهى عن صوم يومها، لأن الفطر فيه يكون أعون له على هذه الوظائف وأدائها بنشاط وانشراح لها والتذاذ بها من غير ملل ولا سآمة، وهو نظير الحاج يوم عرفة بعرفة، فان السنة له الفطر، وقيل سبب النهى خوف المبالغة في تعظيمه بحيث يفتتن به كما افتتن قوم بالسبت، وقيل سبب النهى لئلا يعتقد وجوبه، أفاده النووى ورجح الأول والله أعلم {تخريجه} أخرجه الطبرانى مرسلاً عن ابن سيرين، قال كان أبو الدرداء يحيى ليلة الجمعة ويصوم يومها فأتاه سلمان وكان النبى صلى الله عليه وسلم آخى بينهما فنام عنده فأراد أبو الدرداء أن يقوم ليلته فقام إله سلمان فلم يدعه حتى نام وأفطر، فجاء أبو الدرداء الى النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال النبى صلى الله عليه وسلم "عويمر سلمان أعلم منك" لا تخص ليلة الجمعة بصلاة ولا يومها بصيام" أورده الهيثمي وقال رجاله رجال الصحيح {قلت} وله شاهد عند (م. هق) من طريق هشام عن ابن سيرين

-[الدليل على أن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء]- (فصل منه فى الحث على الاكثار من الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة) عن أوس بن أبى أوس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم من أفضل أيَّامكم يوم الجمعة فيه خلق آدم وفيه قبض، وفيه النَّفخة (1) وفيه الصَّعقة، فأكثروا علىَّ من الصَّلاة فيه فإن صلاتكم معروضةٌ علىَّ (2) فقالوا يا رسول الله وكيف تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت (3) يعنى وقد بليت، قال إنَّ الله عزَّ وجلَّ حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء صلوات الله عليهم (4) عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنَّ النَّبي صَّلى الله عليه

_ عن أبي هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالى ولا تخصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم" (1511) عن أوس بن أبى أوس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين بن على الجعفى عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن أبى الأشعث الصنعانى عن أوس ابن أبى أوس "الحديث" {غريبه} (1) أى النفخة الأولى (والصعقة) هى التى يؤخذ الناس بسببها فيموتون، وتقدم الكلام على ذلك، ويحتمل أن يراد بالصعقة هنا النفخة الأولى، وبالنفخة النفخة الثانية أى نفخة البعث، قال تعالى {ثم نفخ فيه أخرى فاذا هم قيام ينظرون" والله أعلم، وفى المقام مباحث سيأتى ذكرها في باب النفخ في الصور من كتاب قيام الساعة إن شاء الله تعالى (2) هو تعليل لطلب الأكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم أى تعرضها الملائكة كما تعرض الهدية لمن أهديت اليه فيسر لذلك صلى الله عليه وسلم ويستغفر لصاحبها، وقد جاء معنى ذلك في الأحاديث الصحيحة (3) بفتح الراء وسكون الميم يقال أرم المال إذا فنى وأرض أرمة لا تنبت شيئًا، وقال الخطابي أصله أرممت أى بليت وصرت رميمًا فحذف إحدى الميمين اهـ وفسرها الراوى أيضاً بمعنى بليت؛ ويجوز أرمت بكسر الراء وسكون الميم وفيه غير ذلك (4) فيه أن الأنبياء أحياء في قبورهم وأن الأرض لا تأكل أجسامهم، وسيأتى الكلام على ذلك في الأحكام قريباً {تخريجه} (د: نس. جه. هق. حب. ك) وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط البخارى ولم يخرجاه {قلت} وأقره الذهبى (1512) "ز" عن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله ثنا عبيد الله

-[كلام العلماء في فضل يوم الجمعة]- وآله وسلَّم كان يقول ليلة الجمعة غرَّاء (1) ويومها أزهر (2)

_ ابن عمر عن زائدة بن أبى الرقاد عن زياد النميرى عن أنس بن مالك قال كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال "اللهم بارك لنا في رجب وشعبان وبارك لنا في رمضان" وكان يقول ليلة الجمعة غراء ويومها أزهر {غريبه} (1) أى مشرقة (ويومها أزهر) أى مضئ، كذا جاء مفسراً في بعض الأحاديث، قال المناوى وقدّم الليلة لسبقها في الوجود، ووصفها بالغراء لكثرة نزول الملائكة فيها إلى الأرض لأنهم أنوار، واليوم بالأزهر لأنه أفضل أيام الأسبوع اهـ {قلت} روى الطبرانى والحاكم في مستدركه من طريق الهيثم بن حميد حدثنى أبو معبد حفص بن غيلان عن طاوس - عن أبى موسى الأشعرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الله يبعث الأيام يوم القيامة على هيآتها ويبعث الجمعة زهراء منيرة أهلها يحفون بها كالعروس تهدى إلى كريمها، تضئ لهم يمشون في ضوئها، ألوانهم كالثلج بياضاً، وريحهم يسطع كالمسك، يخوضون في جبال الكافور، ينظر إليهم الثقلان لا يطرقون تعجبًا "أي لا يغضون أبصارهم عن النظر إليهم تعجباً مما أعطاهم الله من الكرامة" حتى يدخلوا الجنة لا يخالطهم أحد إلا المؤذنون المحتسبون) قال الحاكم هذا حديث شاذ صحيح الإسناد، فإن أبا معبد من ثقات الشاميين الذين يجمع حديثهم، والهيثم بن حميد من أعيان أهل الشام غير أن الشيخان لم يخرجاه عنهما اهـ {قلت} وأقره الذهبى وفيه تفسير كونه أزهر بأنه يضيء لأهله لأجل المشى في ضوئه يوم القيامة، وهذا التفسير هو؟؟؟؟؟ {تخريجه} لم أقف عليه وفيه زياد النميرى ضعيف، وأخرجه ابن عدى بلفظ "أكثروا الصلاة على في الليلة الغراء واليوم الأزهر" وبهذا اللفظ رواه البيهقى في شعب الأيمان عن أبى هريرة، ورواه سعيد بن منصور في سننه عن الحسن البصرى وخالد بن معدان مرسلاً، قال المناوي وبتعدد طرقه صار حسناً {الأحكام} أحاديث الباب تدل على أن يوم الجمعة له فضل كبير عند الله عز وجل ومزايا عظمى، بل تدل بظاهرها على أنه أفضل الأيام، وبه جزم ابن العربي، ويشكل على ذلك ما رواه ابن حبان في صحيحه من حديث عبد الله بن قرط أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "أفضل الأيام عند الله تعالى يوم النحر" وما رواه ابن حبان أيضاً في صحيحه عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من يوم أفضل عند الله تعالى من يوم عرفة" وقد جمع العراقى فقال المراد بتفضيل الجمعة بالنسبة إلى أيام الأسبوع وتفضيل يوم عرفة أو يوم النحر بالنسبة إلى أيام السنة، وصرح بأن حديث أفضلية يوم الجمعة أصح، قال صاحب المفهم صيغة خير وشر يستعملان للمفاضلة ولغيرها، فإذا كانت للمفاضلة فأصلها أخبر وأشرر على وزن أفعل، وأما إذا لم يكونا للمفاضلة فهما من جملة الأسماء كما قال تعالى {إن ترك خيراً} وقال

-[تبليغ النبي صلى الله عليه وسلم صلاة من يصلى عليه]- .....

_ "ويجعل الله فيه خيراً كثيراً" قال وهى في حديث الباب للمفاضلة ومعناها في هذا الحديث أن يوم الجمعة أفضل من كل يوم طلعت شمسه اهـ {وفي أحاديث الباب أيضاً} دليل على أن آدم عليه وعلى سائر الأنبياء الصلاة والسلام خلق في يوم الجمعة، وفيه دخل الجنة، وفيه أهبط منها، وفيه مات، وفيه تقوم الساعة، وفيه تبعث الخلائق بعد الموت (قال القاضي عياض) الظاهر أن هذه الفضائل المعدودة ليست لذكر فضيلته، لأن إخراج آدم وقيام الساعة لا يعد فضيلة، وإنما هو بيان لما وقع فيه من الأمور العظام وما سيقع ليتأهب العبد فيه بالأعمال الصالحة لنيل رحمة الله ودفع نقمته، هذا كلام القاضى عياض رحمه الله (وقال أبو بكر ابن العربى) في كتابه الأحوذى في شرح الترمذي الجميع من الفضائل، وخروج آدم من الجنة هو سبب وجود الذرية وهذا النسل العظيم ووجود الرسل والأنبياء والصالحين والأولياء، ولم يخرج منها طرداً بل لقضاء أو طار ثم يعود إليها، وأما قيام الساعة فسبب لتعجيل جزاء الأنبياء والصديقين والأولياء وغيرهم وإظهار كرامتهم وشرفهم، وفى هذا الحديث فضيلة يوم الجمعة ومزيته على سائر الأيام اهـ {وفيها} أن يوم الجمعة لا يختص بصيام وأن ليلتها لا تختص بقيام دون غيرها من الليالي؛ لأن ذلك يقلل من نشاطه لأداء وظائفها المشروعة وتقدم الكلام على ذلك {وفيها أيضاً} استحباب الإكثار من الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة بل وفي ليلتها كما جاء في بعض الأحاديث وأنها تعرض عليه صلى الله عليه وسلم والأحاديث في ذلك كثيرة مشهورة {منها} ما رواه الإمام الشافعى في مسنده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا كان يوم الجمعة وليلة الجمعة فأكثروا الصلاة علىّ" {ومنها} عن أبى الدرداء رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أكثروا من الصلاة علىّ يوم الجمعة فإنه مشهور تشهده الملائكة، وإن أحداً لن يصلى علىّ إلا عرضت علىّ صلاته حتى يفرغ منها قال قلت وبعد الموت قال إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام" رواه ابن ماجه بسند جيد {وعن ابن مسعود} رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن لله ملائكة سياحين يبلغوني عن أمتى السلام" رواه النسائي وابن حبان في صحيحه، وكذلك رواه الإمام أحمد وسيأتي في (باب فضل الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم وأنها تبلغه) في آخر كتاب الأذكار {وعن الحسن بن على رضي الله عنهما} أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "حيثما كنتم فصلوا علىّ فإن صلاتكم تبلغني" رواه الطبراني في الكبير وحسنه الحافظ السيوطي {وعن عمار بن ياسر} رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لله تبارك وتعالى ملكاً أعطاه أسماء الخلائق فهو قائم على قبرى إذا مت فليس أحد يصلى علىّ صلاة إلا قال يا محمد صلىَّ عليك فلان بن فلان، قال فيصلى الرب تبارك وتعالى على ذلك الرجل بكل واحدة عشراً، رواه (بز. طب. حب) وغير ذلك كثير "وقد ذكر الحافظ ابن القيم" رحمه الله تعالى في كتابه زاد المعاد

-[كلام العلماء في حياة الأنبياء في قبورهم]- (2) باب ما ورد فى ساعة الاجابة ووقتها من يوم الجمعة عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم إنَّ

_ في خواص يوم الجمعة استحباب كثرة الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وليلته قال لقوله صلى الله عليه وسلم "أكثروا من الصلاة علىّ يوم الجمعة وليلة الجمعة" قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم سيد الأنام ويوم الجمعة سيد الأنام، فللصلاة عليه في هذا اليوم مزية ليست لغيره مع حكمة أخرى، وهي أن كل خير نالته أمته في الدنيا والآخرة فإنها نالته على يده، فجمع الله لأمته بين خيرى الدنيا والآخرة، فأعظم كرامة تحصل لهم فإنما تحصل يوم الجمعة، فإن فيه بعثهم إلى منازلهم وقصورهم في الجنة، وهو يوم المزيد لهم إذا دخلوا الجنة، وهو عيد لهم في الدنيا؛ ويوم فيه يسعفهم الله تعالى بطلباتهم وحوائجهم ولا يرد سائلهم، وهذا كله إنما عرفوه وحصل لهم بسببه وعلى يده، فمن شكره وحمده وأداء القليل من حقه صلى الله عليه وسلم أن يكثروا من الصلاة عليه في هذا اليوم وليلته اهـ {وفيها} أن النبى صلى الله عليه وسلم حى في قبره وأن الأرض لا تأكل أجساد الأنبياء والأحاديث في ذلك كثيرة {منها} ما أخرجه ابن ماجه عن أبى الدرداء وتقدم لفظه {ومنها} ما أخرجه الطبرانى عن أبى الدرداء أيضاً عن النبى صلى الله عليه وسلم "ليس من عبد يصلى علىّ إلا بلغنى صلاته، قلنا وبعد وفاتك؟ قال وبعد وفاتى، إن الله عز وجل حرَّم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء" (قال الشوكانى) وقد ذهب جماعة من المحققين إلى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حى بعد وفاته وأنه يسر بطاعات أمته؛ وأن الأنبياء لا يبلون مع أن مطلق الأدراك كالعلم والسماع ثابت لسائر الموتى، وقد صح عن ابن عباس مرفوعًا (ما من أحد يمر على قبر أخيه المؤمن "وفى رواية" بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا عرفه وردَّ عليه) {ولابن أبى الدنيا} إذا مر الرجل بقبر يعرفه فيسلم عليه ردَّ عليه السلام وعرفه، وإذا مر بقبر لا يعرفه ردَّ عليه السلام، وصح أنه صلى الله عليه وسلم كان يخرج إلى البقيع لزيارة الموتى ويسلم عليهم، وورد النص في كتاب الله في حق الشهداء أنهم أحياء يرزقون، وأن الحياة فهم متعلقة بالجسد، فكيف بالأنبياء والمرسلين، وقد ثبت في الحديث أن الأنبياء أحياء في قبورهم رواه المنذرى وصححه البيهقى، وفى صحيح مسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "مررت بموسى ليلة أسرى بى عند الكثيب الأحمر وهو قائم يصلى في قبره" اهـ {قلت} سيأتى الكلام على حياة الشهداء وصلاة موسى عليه وعلى جميع الأنبياء الصلاة والسلام، الأول في باب فضل الشهداء من كتاب الجهاد، والثانى في باب الإسراء من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (1513) عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل

-[حجة من قال إن ساعة الإجابة بعد العصر من يوم الجمعة]- في الجمعة لساعةً لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ قائمٌ يصلِّى يسأل الله خيرًا إلَّا أعطاه الله إيَّاه، وقال بيده (1) قلنا يقلِّلها يزهِّدها عن أبى سعيدٍ الخدري وأبى هريرة رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال إن فى الجمعة ساعة لا يوافقها عبدٌ مسلمٌ يسأل الله عزَّ وجلَّ فيها إلَّا أعطاه إيَّاه وهى بعد العصر عن أبى سلمة (بن عبد الرحمن) قال كان أبو هريرة رضى الله عنه يحدِّثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إنَّ فى الجمعة ساعة لا يوافقها مسلم وهو فى صلاةٍ سأل الله خيرًا إلَّا آتاه إيَّاه، قال وقلَّلها (1) أبو هريرة بيده، قال فلمَّا توفي أبو هريرة قلت والله لو جئت أبا سعيدٍ الخدريَّ (رضي الله عنه) فسألته عن هذه السَّاعة أن يكون عنده منها علمٌ، فأتيته (فذكر حديثًا طويلًا (1) ثمَّ قال) قلت يا أبا سعيد إنَّ أبا هريرة حدَّثنا عن السَّاعة الَّتي في

_ ثنا أيوب عن محمد عن أبى هريرة "الحديث" {غريبه} (1) أى أشار بيده كما صرح بذلك في بعض الروايات "وقوله يقللها بزهدها" أى يشير إلى أنها زمن قليل، وفى بعض روايات مسلم "وهى ساعة خفيفة" قال ابن المنير الأشارة لتقليلها هى للترغيب فيها والحض عليها ليسارة وقتها وغزارة قضلها اهـ {تخريجه} (ق. والأربعة. وغيرهم) إلا أن الترمذى وأبا داود لم يذكرا القيام ولا يقللها. (1514) عن أبى سعيد الخدرى وأبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريح حدثنى العباس عن محمد بن سلمة الأنصارى عن أبى سعيد الخدرى وأبى هريرة "الحديث" {تخريجه} (بز) قال العراقى إسناده صحيح وكذلك قال الهيثمى. (1515) عن أبى سلمة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس وسريج قالا حدثنا فليح عن سعيد بن الحارث عن أبى سلمة قال كان أبو هريرة "الحديث" {غريبه} (2) أى أشار بيده يعرفهم أنها ساعة قليلة (3) سيأتى الحديث بطوله

-[حجة من قال إنها آخر ساعة من يوم الجمعة]- الجمعة فهل عندك منها علمٌ؟ فقال سألت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عنها فقال إنَّى كنت قد أعلمتها ثمَّ أنسيتها كما أنسيت ليلة القدر، قال ثمَّ خرجت من عنده فدخلت على عبد الله بن سلامٍ (1) (1516) وعنه أيضًا بسنده ولفظه (2) وفيه ثمَّ خرجت من عنده فدخلت على عبد الله بن سلامٍ فسألت عنها، فقال خلق الله آدم يوم الجمعة، وأهبط إلى الأرض يوم الجمعة، وقبضه يوم الجمعة، وفيه تقوم السَّاعة، فهي آخر ساعةٍ، وقال سريجٌ (3) فهي آخر ساعته، فقلت إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى صلاةٍ وليست بساعة صلاةٍ (4) قال أو لم تعلم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال منتظر الصَّلاة فى صلاةٍ؟ قلت بلى هى والله هى عن أبى النّضر عن أبى سلمة بن عبد الرَّحمن عن عبد الله

_ في باب المعجزات من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (1) هكذا آخر الحديث في الأصل، وبعده أحاديث أخرى ليس لها تعلق بهذا الباب، وقد جاء هذا الحديث في مسند أبى سعيد الخدرى في الجزء الثالث من مسند الإمام أحمد صحيفة 65 وجاء الحديث الثاني "أي الذي يليه هنا" في الجزء الخامس منه في مسند عبد الله بن سلام صحيفة 450 وقد وفقنا الله تعالى للجمع بينهما، لأن الثانى متمم للأول وما توفيقى إلا بالله {تخريجه} (خز. ك) وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه {قلت} وأقره الذهبى، وقال العراقى رجاله رجال الصحيح. (1516) وعنه أيضاً بسنده ولفظه {غريبه} (2) أى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بسند الحديث المتقدم، ولفظه إلى قوله فدخلت على عبد الله بن سلام (3) هو أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث والثانى يونس، فقال يونس في روايته فهى آخر ساعة، وقال سريج فهى آخر ساعته أى آخر ساعة من يوم الجمعة (4) يعنى ما جاء في حديث أبى هريرة السابق "إن في الجمعة ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو في صلاة الخ" {تخريجه} (خز. ك) كالذى قبله (1517) عن أبى النضر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الله

-[محاورة كعب الأحبار مع أبي هريرة في ساعة الجمعة]- ابن سلامٍ رضى الله عنه قال قلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالسٌ إنَّا نجد فى كتاب الله (1) فى يوم الجمعة ساعةً لا يوافقها عبدٌ مسلم وهو فى الصَّلاة فيسأل الله عزَّ وجلَّ شيئًا إلَّا أعطاه ما سأله، فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بعض ساعةٍ (2) قال فقلت صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو النَّضر قال أبو سلمة سألته (3) أيَّة ساعةٍ هي؟ قال آخر ساعات النهار، فقلت إنَّها ليست بساعة صلاةٍ، فقال بلى، إنَّ العبد المسلم فى صلاةٍ إذا صلَّى ثمَّ قعد فى مصلَّاه لا يحبسه إلَّا انتظار الصَّلاة (1518) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قدمت الشَّام فلقيت كعبًا فكان يحدثنى عن التَّوراة وأحدِّثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى أتينا على ذكر يوم الجمعة فحدَّثته أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنَّ فى الجمعة ساعةً لا يوافقها مسلمٌ يسأل الله فيها خيرًا إلَّا أعطاه إيَّاه، فقال كعبٌ صدق الله ورسوله، هي فى كلِّ سنةٍ مرَّةً، قلت لا، فنظر كعبٌ ساعةً ثمَّ قال صدق الله ورسوله هي فى كلِّ شهر مرَّة، قلت لا، فنظر ساعةً فقال صدق الله ورسوله فى كلِّ جمعةٍ مرةً، قلت نعم (4) فقال كعبٌ أتدرى أي يومٍ هو قلت وأيُّ يومٍ هو؟ قال فيه

_ ابن الحارث حدثنى الضحاك عن أبى النضر عن أبى سلمة "الحديث" {غريبه} (1) أى التوراة (2) يعنى زمناً قليلاً (3) ظاهر هذه العبارة أن أبا سلمة هو السائل والمسئول عبد الله بن سلام وسياقه عند ابن ماجه يدل على أن السائل عبد الله بن سلام والمسئول هو النبى صلى الله عليه وسلم فإنه على لسان عبد الله بن سلام من أوله إلى آخره ولم يذكر فيه قال أبو سلمة كما هنا، ورواه مالك وأصحاب السنن وابن خزيمة وابن حبان من طريق محمد بن إبراهيم عن أبى سلمة عن أبى هريرة عن عبد الله بن سلام من قوله {تخريجه} (جه) وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله ثقات. (1518) عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن قيس بن سعد عن محمد بن إبراهيم التيمى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة الخ {غريبه} (4) الظاهر ان كعبا كان يغالط أبا هريرة وسيأتي

-[حجة من قال إنها آخر ساعة من يوم الجمعة]- خلق الله آدم، وفيه تقوم السَّاعة والخلائق فيه مصيخةٌ إلَّا الثَّقلين الجنَّ والإنس خشية القيامة، فقدمت المدينة فأخبرت عبد الله بن سلامٍ بقول كعبٍ، فقال كذب كعب، قلت إنَّه د رجع إلى قولى، فقال أتدرى أيَّ ساعةٍ هي؟ قلت لا وتهالكت عليه (1) أخبرنى أخبرنى، فقال هى فيما بين العصر والمغرب، قلت كيف ولا صلاة (2) قال أما سمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول لا يزال العبد في صلاةٍ ما كان في مصلَّاه ينتظر الصلَّاة (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (3) قال فلقيت عبد الله بن سلامٍ فحدَّثته حديثى وحديث كعبٍ فى قوله كلِّ سنةٍ، قال كذب كعبٌ، هو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في كلِّ يوم جمعةٍ، قلت إنَّه قد رجع، قال أما والَّذى نفس عبد الله بن سلامٍ بيده إنَّى لأعرف تلك السَّاعة، قال قلت يا عبد الله فأخبرنى بها، قال هى آخر ساعةٍ من يوم الجمعة، قال قلت قال لا يوافق مؤمنٌ وهو يصلِّى (4) قال أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من انتظر صلاةً فهو فى صلاةٍ حتَّى يصلِّى، قلت بلى، قال فهو كذلك (وعنه من طريقٍ ثالثٍ (5) بنحوه وفيه) قال عبد الله بن سلامٍ قد علمت أيَّة ساعةٍ هي،

_ ما قاله المؤرخون عن كعب في كتاب المناقب (1) أي سقطت عليه ورميت بنفسى فوقه مُلحاً بقولى أخبرنى أخبرنى (2) يعنى في هذا الوقت لأنه وقت كراهة (3) {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هارون ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال فلقيت الخ (4) هكذا في الأصل بهذا التركيب "قال قلت قال لا يوافق مؤمن وهو يصلى" والغالب أن يكون فيه سقط، والمعنى على ما يظهر من الروايات الأخرى "قال أبو هريرة قلت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يوافقها مؤمن وهو يصلى "يعنى وتلك ساعة لا يصلى فيها" قال أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (5) {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة بنحوه

-[حجة من قال إنها آخر ساعة من يوم الجمعة]- قال أبو هريرة فقلت له فأخبرنى ولا تضنَّ علىَّ (1) قال عبد الله هى آخر ساعةٍ من يوم الجمعة، قال أبو هريرة كيف تكون آخر ساعةٍ من يوم الجمعة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصادفها عبدٌ مسلمٌ يصلِّى، وتلك ساعةٌ لا يصلَّى فيها؟ قال عبد الله بن سلام ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم "من جلس مجلسًا ينتظر فيه الصَّلاة فهو فى الصَّلاة حتَّى يصلِّى" فقلت بلى، قال فهو ذاك

_ وفيه الخ (1) أى لا تبخل علىّ بها لمكانها منك وموقعها عندك {تخريجه} (د. نس. مذ) وقال حسن صحيح، وأخرجه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه {قلت} وأقره الذهبى {وفى الباب} عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة، لا يوجد عبد مسلم يسأل الله عز وجل شيئاً إلا آتاه إياه فالتمسوها آخر ساعة بعد العصر. رواه أبو داود والنسائى واللفظ له والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم (قال المنذرى) وهو كما قال اهـ وحسن الحافظ في الفتح إسناده {وعن أنس بن مالك رضى الله عنه} عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "التمسوا الساعة التى ترجى في يوم الجمعة بعد صلاة العصر إلى غيبوبة الشمس" رواه الترمذى وقال حديث غريب؛ ورواه الطبرانى من رواية ابن لهيعة وزاد في آخره "وهى قدر هذا يعنى قبضة" قال المنذرى وإسناده أصلح من إسناد الترمذى {وعن أبى سلمة بن عبد الرحمن} رضى الله عنه "أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعوا فتذكروا الساعة التى في يوم الجمعة فتفرقوا ولم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة" رواه سعيد بن منصور في سننه، وقال الحافظ في الفتح إسناده صحيح {وعن أبى بردة بن أبى موسى الأشعرى} قال قال لى عبد الله بن عمر أسمعت أباك يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن ساعة الجمعة؟ قال قلت نعم، سمعته يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "هى ما بين أن يجلس الأمام إلى أن تقضى الصلاة" رواه مسلم وأبو داود والبيهقى {الأحكام} اختلفت أحاديث الباب في تعيين ساعة الأجابة من يوم الجمعة {ففى بعضها} أنها مبهمة في اليوم كله (وفى بعضها) أنها تكون فيما بين العصر والمغرب وأكثر الأحاديث على ذلك، وبه قال أكثر أهل العلم {وفى بعضها} أنها ما بين أن يجلس الأمام على المنبر إلى أن تقضى الصلاة" كما في حديث أبى موسى الأشعرى عند مسلم وغيره، وبه قال جماعة من العلماء {وفيها غير ذلك} لهذا اختلفت أنظار العلماء في تعيين وقتها فذكروا فيه

-[إختلاف العلماء في وقت ساعة الإجابة من يوم الجمعة]- .....

_ أقوالاً كثيرة أرجحها ما ذكره الترمذى (قال) ورآى بعض أهل العلم من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وغيرهم أن الساعة التى ترجى بعد العصر إلى أن تغرب الشمس {وبه يقول أحمد وإسحاق} وقال أحمد أكثر الحديث في الساعة التي ترجى فيها الدعوى أنها بعد صلاة العصر، وترجى بعد زوال الشمس اهـ وقد ذكر الحافظ رحمه الله في تعيين وقتها أكثر من أربعين قولاً، ثم قال بعد ذكرها ولا شك أن أرجح الأقوال المذكورة حديث أبى موسى وحديث عبد الله بن سلام، قال المحب الطبرى أصح الأحاديث فيها حديث أبى موسى، وأشهر الأقوال فيها قول عبد الله بن سلام اهـ قال الحافظ وما عداهما إما موافق لهما أو لأحدهما أو ضعيف الأسناد أو موقوف استند قائله الى اجتهاد دون توقيف، ولا يعارضهما حديث أبى سعيد في كونه صلى الله عليه وسلم أنسيها بعد أن علمها لاحتمال أن يكونا سمعا ذلك منه قبل أن انسى، أشار الى ذلك البيهقى وغيره {وقد اختلف السلف} في أيهما أرجح، فروى البيهقى من طريق أبى الفضل أحمد بن سلمة النيسابورى أن مسلما قال حديث أبى موسى أجود شيء في هذا الباب وأصحه، وبذلك قال البيهقي وابن العربى وجماعة، وقال القرطبى هو نص في موضع الخلاف فلا يلتفت إلى غيره (وقال النووى) هو الصحيح بل الصواب، وجزم في الروضة بأنه الصواب، ورجحه أيضاً بكونه مرفوعاً صريحاً وفى أحد الصحيحين {وذهب آخرون} الى ترجيح قول عبد الله بن سلام، فحكى الترمذى عن أحمد أنه قال أكثر الأحاديث على ذلك، وقال ابن عبد البر إنه أثبت شيء في هذا الباب، وروى سعيد بن منصور بإسناد صحيح الى أبى سلمة بن عبد الرحمن أن ناسا من الصحابة اجتمعوا فتذاكروا ساعة الجمعة ثم افترقوا فلم يختلفوا أنها آخر ساعة من يوم الجمعة، ورجحه كثير من الأئمة أيضاً {كأحمد وإسحاق ومن المالكية} الطرطوشي، وحكى العلائي أن شيخه الزملكان شيخ الشافعية في وقته كان يختاره ويحكيه عن الشافعى، وأجابوا عن كونه ليس في أحد الصحيحين بأن الترجيح بما في الصحيحين أو أحدهما إنما هو حيث لا يكون مما انتقده الحفاظ كحديث أبى موسى هذا فإنه أعلّ بالانقطاع والاضطراب، أما الانقطاع فلأن مخرمة بن بكير لم يسمع من أبيه، قاله أحمد عن حماد بن خالد عن مخرمة نفسه، وكذا قال سعيد بن أبى مريم عن موسى بن سلمة عن مخرمة، وزاد إنما هى كتب كانت عندنا (وقال على بن المدينى) لم أسمع أحداً من أهل المدينة يقول عن مخرمة إنه قال في شئ من حديثه سمعت أبى، ولا يقال مسلم يكتفى بالمعنعن بامكان اللقاء مع المعاصرة وهو كذلك هنا، لأنا نقول وجود التصريح عن مخرمة بأنه لم يسمع من أبيه كان في دعوى الانقطاع، وأما الاضطراب فقد رواه أبو إسحاق وواصل الأحدب ومعاوية بن قرة وغيرهم عن أبى بردة من قوله وهؤلاء من أهل الكوفة وأبو بردة كوفى فهم أعلم بحديثه

-[رأي الحافظ ابن القيم في ساعة الجمعة والجمع بين الأقوال]- (3) باب وجوب الجمعة والتغليظ فى تركها وعلى من تجب عن أبى هريرة رضى الله عنه يبلغ به النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم نحن الآخرون ونحن السَّابقون يوم القيامة (1) بيد أنَّ كلَّ أمَّةٍ أوتيت الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم، ثمَّ هذا اليوم الذى كتبه الله عزَّ وجلَّ عليهم (2) فاختلفوا فيه فهدانا الله له (3) فالنَّاس لنا

_ من بكير المدنى وهم عدد وهو واحد، وأيضًا فلو كان عند أبى بردة مرفوعاً لم يُفْت فيه برأيه بخلاف المرفوع، ولهذا جزم الدارقطنى بأن الموقوف هو الصواب {وسلك صاحب الهدى} مسلكاً آخر فاختار أن ساعة الأجابة منحصرة في أحد الوقتين المذكورين، وأن أحدهما لا يعارض الآخر لاحتمال أن يكون صلى الله عليه وسلم دل على أحدهما في وقت وعلى الآخر في وقت آخر، وهذا كقول ابن عبد البر "الذي ينبغي الاجتهاد في الدعاء في الوقتين المذكورين" وسبق إلى نحو ذلك الأمام أحمد وهو أولى في طريق الجمع، وقال ابن المنير في الحاشية إذا علم أن فائدة الأبهام لهذه الساعة ولليلة القدر بعثُ الداعى على الإكثار من الصلاة والدعاء، ولو بُيِّن لا اتكل الناس على ذلك وتركوا ما عداها، فالعجب بعد ذلك ممن يجتهد في طلب تحديدها اهـ ما نقله الحافظ والله أعلم (1519) عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن ابن طاوس عن أبيه عن أبى هريرة وأبو الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم "الحديث" {غريبه} (1) قال العلماء معناه الآخرون في الزمان والوجود السابقون بالفضل ودخول الجنة فتدخل هذه الأمة الجنة قبل سائل الأمم، وقوله {بيد} بفتح الباء الموحدة وسكون الياء المثناة تحت، قال في النهاية بيد بمعنى غير ومنه الحديث بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا، وقيل معناه "على أنهم" وقد جاء في بعض الروايات بأيد أنهم ولم أره في اللغة بهذا المعنى، وقال بعضهم إنها بأيدٍ أى بقوة ومعناه نحن السابقون إلى الجنة يوم القيامة بقوة أعطاناها الله وفضلنا بها اهـ {قلت} وستأتى هذه الرواية الأخيرة في آخر الحديث (2) في رواية لمسلم بسند حديث الباب "ثم هذا اليوم الذي كتبه الله علينا هدانا الله له" ولهذا قال النووى فيه دليل لوجوب الجمعة وفيه فضيلة هذه الأمة اهـ {قلت} وظاهر حديث الباب أنه فرض على اليهود يوم الجمعة بعينه، وسيأتى الكلام على في ذلك الأحكام (3) قال القاضى عياض الظاهر أنه فرض عليهم تعظيم يوم الجمعة بغير تعيين

-[فضل الأمة المحمدية على سائر الأمم]- فيه تبعٌ (1) فلليهود غدًا (2) وللنَّصارى بعد غدٍ، قال أحدهما بيد أنَّ، وقال آخرون بأيدٍ (3) (وعنه من طريقٍ ثانٍ (4) بنحوه وفيه) فاختلفوا فيه فجعله الله لنا عيدًا، فاليوم لنا (5) وغدًا لليهود، وبعد غدٍ للنَّصارى (وعنه من طريقٍ ثالثٍ) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ الله كتب الجمعة على من قبلنا فاختلفوا فيها

_ ووكل إلى اجتهادهم لأ تامة شرائعهم فيه فاختلف اجتهادهم في تعينه ولم يهدهم الله له، وفرضه على هذه الأمة مبيناً ولم يكله الى اجتهادهم ففازوا بتفضيله (1) يعنى اليهود والنصارى، لأن الله عز وجل كتبه عليهم فأعرضوا عنه واختاروا غيره، فاختارت اليهود السبت وعظمته لمَّا كان فيه فراغ الخلق وظنت ذلك فضيلة توجب تعظيم اليوم، وعظمت النصارى الأحد لمَّا كان فيه ابتداء الخلق، أما نحن فهدانا الله ليوم الجمعة الذى فضله سبحانه وتعالى ورفع شأنه وجعله سيد أيام الأسبوع فعظمناه بالوحى والتعيين، وكلاهما عظَّم يومه بالقياس والتخمين، ومعلوم بلا شك أن يوم الجمعة أفضل من يومى السبت والأحد، والمفضول تابع والفاضل متبوع، فهم تبع لنا بهذا الاعتبار، وأيضاً لأن يوم الجمعة سابق ليومى السبت والأحد فهو أول الأسبوع شرعاً وما بعده من الأيام تابع له كما قال الحافظ بدليل تسمية الأسبوع كله جمعة، وأيضاً فهم تبع لنا يوم القيامة لأننا أول من يقضى لهم قبائل الخلائق؛ وقد جاء في صحيح مسلم وغيره ما يؤيد ذلك، روى مسلم بسنده عن أبى هريرة وحذيفة قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "أضل الله عن الجمعة من كان قبلنا، فكان لليهود يوم السبت، وكان للنصارى يوم الأحد، فجاء الله بنا فهدانا الله ليوم الجمعة فجعل الجمعة والسبت والأحد، وكذلك هم تبع لنا يوم القيامة، نحن الآخرون من أهل الدنيا والأولون يوم القيامة المقضى لهم قبل الخلائق" ورواه البزار في مسنده بلفظ "المغفور لهم قبل الخلائق" (2) أى فعيد اليهود غداً وعيد النصارى بعد غد (3) يريد أن أحد رجال السندين رواه بلفظ بيد أن "وهذا هو المذكور في الصحيحين" لأن الأمام أحمد رحمه الله رواه بسندين أحدهما عن سفيان عن طاوس عن أبيه عن أبى هريرة؛ والثانى عن سفيان عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة، ورواه آخرون بِأيْد بفتح الهمزة وسكون التحتية أى بقوة وتقدم الكلام عليها والله أعلم (4) {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن إدريس قال سمعت الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة "الحديث" {غريبه} (5) يعنى يوم الجمعة (وغداً لليهود) يعنى يوم السبت (وبعد غد للنصارى) يعنى يوم الأحد (6) {سنده}

-[التشديد على من تخلف عن الجمعة لغير عذر]- وهدانا الله لها فالنَّاس لنا فيها تبعٌ، غدًا لليهود، وبعد غدٍ للنَّصارى عن ابن عمر وابن عبَّاسٍ رضي الله عنهم أنَّهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال وهو على أعواد منبره لينتهينَّ أقوامٌ عن ودعهم (1) الجمعات أو ليختمنَّ الله عزَّ وجلَّ على قلوبهم (2) وليكتبنَّ من الغافلين عن جعفرٍ ثنا يزيد بن الأصمِّ عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لقد هممت أن آمر بالصَّلاة فتقام ثمَّ أخرج بفتيانى معهم حزم الحطب فأحرق على قوم فى بيوتهم يسمعون النِّداء ثمَّ لا يأتون الصَّلاة، فسئل يزيد أفى الجمعة هذا أم فى غيرها، قال ما سمعت أبا هريرة يذكر جمعة ولا غيرها إلَّا هكذا (3)

_ حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن أبى عدى عن شعبة عن قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن أبى هريرة "الحديث" {تخريجه} (ق. نس. وغيرهم) (1520) عن ابن عمر وابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا هشام الدستوائى عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلام عن الحكم بن ميناء عن ابن عمر وابن عباس "الحديث" {غريبه} (1) أى تركهم (2) الختم الطبع والتغطية، ومثله الرين وهو أسوداد القلب من الذنوب، وقيل الرين اليسير من الطبع، والطبع اليسير من الأقفال، والأقفال أشدها وهو أن يُقفل على القلب (قال القاضى عياض) اختلف المتكلمون في هذا اختلافاً كثيراً فقيل هو إعدام اللطف وأسباب الخير، وقيل هو خلق الكفر في صدورهم، وهو قول أكثر متكلمى أهل السنة، وقال غيرهم هو الشهادة عليهم، وقيل هو علامة جعلها الله تعالى في قلوبهم لتعرف الملائكة من يمدح ومن يذم اهـ {تخريجه} (نس) ورواه مسلم عن أبى هريرة وابن عمر (1521) عن جعفر ثنا يزيد {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا كثير ثنا جعفر يزيد بن الأصم عن أبى هريرة "الحديث" {غريبه} (3) يعنى أن أبا هريرة لم يصرح فيه بذكر الجمعة، ويرجح أنه في الجمعة حديث ابن مسعود الآتى بعده ففيه التصريح بالجمعة؛ وقد تقدم نحو هذا الحديث في الباب الرابع من أبواب صلاة الجماعة، وتقدم الكلام على شرحه فلا نطيل بذكره هنا {تخريجه} (م. وغيره)

-[وعيد من ترك الجمعة ثلاث مرار]- (1522) عن عبد الله (يعنى ابن مسعود رضى الله عنه) أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لقوم يتخلَّفون عن الجمعة لقد هممت أن آمر رجلًا يصلى بالنَّاس ثمَّ أحرِّق على رجالٍ يتخلَّفون عن الجمعة بيوتهم (1523) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال من ترك الجمعة ثلاث مرارٍ (1) من غير عذرٍ طبع الله على قلبه (1524) عن أبى الجعد الضَّمريِّ رضى الله عنه وكانت له صحبةٌ قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من ترك ثلاث جمعٍ تهاونًا من غير عذرٍ طبع الله تبارك وتعالى على قلبه

_ (1522) عن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم ثنا زهير عن أبى إسحاق عن أبى الأحوص عن عبد الله "الحديث" {تخريجه} (م. ك) وإسناده على شرط الشيخين (1523) عن جابر بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا أبو عامر ثنا زهير عن أسيد عن عبد الله بن أبى قتادة عن جابر بن عبد الله "الحديث" {غريبه} (1) يحتمل أن يراد حصول الترك مطلقاً سواء توالت الجمعات أو تفرقت حتى لو ترك كل سنة جمعة لطبع الله تعالى على قلبه بعد الثالثة وهو ظاهر الحديث، ويحتمل أن يراد ثلاث جمع متوالية كما في حديث أنس عند الديلمى في مسند الفردوس قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك ثلاث جمع متواليات من غير عذر طبع الله على قلبه" لأن موالاة الذنب ومتابعته مشعره بقلة المبالات به، وتقدم معنى الطبع وهو الختم على القلب والعياذ بالله تعالى، وهو جزاء من ترك الجمعة تهاوناً أخذاً من حديث أبى الجعد الآتى ففيه التقييد بذلك، فينبغي حمل حديث جابر وما يماثله من الأحاديث المطلقة على حديث أبى الجعد المقيد بالتهاون، وكذلك تحمل الأحاديث المطلقة على المقيدة بعدم العذر {تخريجه} (نس. خز. ك) وصححه وأقره الذهبي ورواه أيضاً ابن ماجه وجود المنذرى إسناده (1524) عن أبى الجعد {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن عمرو قال حدثنى عبيدة بن سفيان الحضرمى عن أبى الجعد الضمرى "الحديث" {تخريجه} (الأربعة. ك) وقال صحيح على شرط مسلم {قلت}

-[الأمر بحضور الجمعة والدنو من الأمام]- (1525) عن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه رضى الله عنه عن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم مثله (1526) عن سمرة بن جندبٍ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم احضروا الجمعة وادنوا من الإمام، فإنَّ الرَّجل ليتخلَّف عن الجمعة حتَّى إنَّه ليتخلَّف عن الجنَّة وإنَّه لمن أهلها (1) (1527) عن حارثة بن النُّعمان رضى الله عنه قال رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يتَّخذ أحدكم السَّائمة (1) فيشهد الصَّلاة

_ وأقره الذهبي وأخرجه (خز. حب) وحسنه الترمذى (1525) عن عبد الله بن أبى قتادة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد ثنا عبد العزيز بن محمد عن أسيد عن عبد الله بن أبى قتادة عن أبى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من ترك الجمعة ثلاث مرار من غير ضرورة طبع الله على قلبه" {تخريجه} أورده المنذرى وقال رواه أحمد باسناد حسن والحاكم وقال صحيح الاسناد {قلت} ورواه أيضاً الأمام مالك في الموطأ عن صفوان بن مسلم يشك الأمام مالك في رفعه (1526) عن سمرة بن جندب {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج بن النعمان ثنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب "الحديث" {غريبه} (1) المعنى أن التخلف عن الجمعة سبب في تأخر المتخلف عن دخول الجنة مع السابقين وإن كان من أهلها، ومع هذا فربما كانت درجاته في الجنة أقل من درجات غيره بسبب تخلفه عن الجمعة، فمن أراد أن يكون من السابقين الرافين في الجنة فلا يتخلف عن الجمعة وليبكر اليها وليذن من الامام بقدر الامكان، وسيأتى فضل ذلك بعد ثلاثة أبواب إن شاء الله تعالى {تخريجه} (ك) وفيه "فان الرجل لا يزال يتباعد حتى يؤخر في الجنة وإن دخلها" وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه {قلت} وأقره الذهبى (1527) عن حارثة بن النعمان {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد ثنا عبد الرحمن بن أبى الرجال قال سمعت عمر مولى غفرة يحدث عن ثعلبة بن أبى مالك عن حارثة بن النعمان "الحديث" {غريبه} (2) هى الماشية التي ترعى بنفسها

-[كفارة من ترك الجمعة لغير عذر]- في جماعة فتتعذر عليه سائمته (1) فيقول لو طلبت لسائمتى مكانًا هو أكلأ من هذا (2) فيتحوَّل ولا يشهد إلَّا الجمعة، فتتعذر عليه سائمته، فيقول لو طلبت لسائمتى مكانًا هو أكلأ من هذا، فيتحوَّل (3) فلا يشهد الجمعة ولا الجماعة فيطبع على قلبه (فصل منه فى كفارة من ترك الجمعة بغير عذر) عن سمرة بن جندب رضى الله عنه عن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال من ترك جمعةً فى غير عذرٍ فليتصدَّق بدينار (4)

_ كالأبل والغنم ونحو ذلك (1) أى لقلة المرعى (2) الكلأ النبات والعشب وسواء رطبه ويابسه، والمعنى أنه يطلب مكانا أكثر نباتا وعشبا من هذا فيتحول إليه فيبعد عن المسجد فلا يشهد فيه إلا الجمعة (3) يعنى فيتحول إلى مكان أبعد من الأول فلا يشهد الجمعة ولا الجماعة فيحرم من خير كثير، وسبب ذلك الطمع والاستكثار من الدنيا، فلو قنع بالقليل منها لا استراح من عنائها وتيسر له العمل للدار الباقية فيجنى ثمرته هناك ويتمتع بما أعده الله له من النعيم المقيم، فيرى مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (1528) عن سمرة بن جندب {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز ثنا همام ويزيد وثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة حدثنى قدامة بن وبرة رجل من بنى عجيف عن سمرة بن جندب "الحديث" {غريبه} (4) قيل إن الأمر فيه للاستحباب، لأن الجمعة لها بدل وهو الظهر، وهذه الكفارة المقصود منها تخفيف الذنب لا محؤه كله لأن ترك الجمعة من غير عذر من الكبائر لما ورد في ذلك من الوعيد الشديد، أما محو الذنب كله فلابد فيه من التوبة، هكذا قال بعض العلماء؛ ولم أجد مسوغًا لما قالوا، لأن الأصل في الأمر الوجوب إلا إذا دل دليل على صرفه عنه ولا دليل؛ وتعليلهم ذلك بأن الجمعة لها بدل ليس دليلاً على صرف الأمر من الوجوب إلى الندب، فيجوز وجوب الكفارة مع صلاة الظهر عقابًا له على تخلفه عن الجمعة، وقولهم إن الكفارة لتخفيف الذنب لا لمحوه كله لا دليل عليه أيضاً، لأنها ما سميت كفارة إلا لتكفير الذنب عن مرتكبه وإن كان من الكبائر، لاسيما وأنه خاص بحق الله تعالى؛ والله عز وجل جعل له كفارة فمن أدّاها قبلت منه

-[الترهيب من ترك الجمعة والتشديد في ذلك]- فإن لم يجد فبنصف دينار (1)

_ ولا حرج على فضل الله تعالى، ومن لم يؤدها صار مستحقاً للعقاب الوارد في ذلك، نعم إن أدّاها مستخفًا بها مصرًا على العود فهذا الاصرار نفسه هو الذنب الذى لا يمحى إلا بالتوبة، فالذى يظهر لى أن الأمر في الحديث للوجوب وأن الكفارة تمحو الذنب والله أعلم (1) يعنى فإن لم يجد ديناراً كاملاً بأن تعسّر عليه ذلك فليتصدق بنصف دينار {تخرجه} (د. نس) وفى إسناده قدامة بن وبرة (بفتحات) وثقه ابن معين وقال أحمد لا يعرف، قال البخارى لم يسمع من سمرة (خلاصة) ورواه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح الأسناد ولم يخرّج لخلاف فيه لسعيد بن بشير وأيوب بن العلاء، فانهما قالا عن قتادة عن قدامة بن وبرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرسلاً {قلت} وأقره الذهبى وقال رواه سعيد بن بشير وأيوب بن العلاء عن قتادة عن قدامة مرسلاً، وزاد أيوب أو صاع حنطة أو نصف صاع، قال عبد الله بن أحمد سئل أبى عنه فقال همّام أحفظ من أيوب بن العلاء اهـ ورواه ابن ماجه من طريق آخر ليس فيه قدامة بن وبرة بلفظ "من ترك الجمعة متعمداً فليتصدق بدينار فإن لم يجد فينصف دينار" وسنده جيد {وفى الباب} عن ابن عباس رضى الله عنهما قال "من ترك الجمعة ثلاث جمع متواليات فقد نبذ الاسلام وراء ظهره" رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح وهو موقوف على ابن عباس {وعن أبى هريرة} رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ألا هل عسى أحدكم أن يتخذ الصُّبَّة من الغنم على رأس ميل أو ميلين فيتعذر عليه الكلأ فيرتفع، ثم تجئ الجمعة فلا يجئ ولا يشهدها، وتجئ الجمعة فلا يشهدها حتى يُطبع على قلبه" أورده المنذرى وقال رواه ابن ماجه باسناد حسن وابن خزيمة في صحيحه، قال والصبة بضم الصاد المهملة وتشديد الباء الموحدة هي السَّرِيَّة إما من الخيل أو الأبل أو الغنم ما بين العشرين إلى الثلاثين تضاف إلى ما كانت منه، وقيل هي ما بين العشرة الى الأربعين اهـ {وعن عبد الله بن عمرو بن العاص} رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "الجمعة على كل من سمع النداء" رواه أبو داود والدارقطني وقال "إنما الجمعة على من سمع النداء" قال أبو داود روى هذا الحديث جماعة عن سفيان مقصوراً على عبد الله بن عمرو ولم يرفعوه إنما أسند قبيصة اهـ قال البيهقى وقبيصة بن عقبة من الثقات اهـ وقد روى هذا الحديث من عدة طرق يقوى بعضها بعضاً، وقال النووى في الخلاصة إن البيهقى قال له شاهد فذكره باسناد حسن {قلت} ويعضده بل يغنى عنه ما رواه مسلم وغيره {عن أبى هريرة} رضى الله عنه قال "أتى النبى صلى الله عليه وسلم رجل أعمى

-[من لم تجب عليهم الجمعة]- .....

_ فقال يا رسول الله ليس لى قائد يقودنى إلى المسجد فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يرخص له فيصلى في بيته فرخص له؛ فلما ولى دعاه فقال هل تسمع النداء بالصلاة؟ قال نعم قال فأجب" (وروى نحوه) الأمام أحمد وأبو داود والطبرانى وابن حبان بسند جيد عن ابن أم مكتوم، وتقدم في الباب الثالث من أبواب صلاة الجماعة رقم 1302 فاذا كان هذا في مطلق الجماعة فالقول به في خصوصية الجمعة أولى {وعن حفصة} رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "رواح الجمعة واجب على كل محتلم" رواه النسائى ورجاله رجال الصحيح إلا عياش بن عباس وهو ثقة {وعن طارق بن شهاب} رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعةً عبد مملوك أو امرأة أو صبى أو مريض" رواه أبو داود وقال طارق بن شهاب قد رأى النبى صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئاً اهـ قال العراقى فإذا قد ثبتت صحبته فالحديث صحيح؛ وغايته أن يكون مرسل صحابى وهو حجة عند الجمهور، وإنما خالف فيه أبو إسحاق الاسفرايينى، بل ادّعى بعض الحنفية الاجماع على أن مرسل الصحابى حجة اهـ {قلت} حديث طارق رواه الحاكم في المستدرك من طريق هريم بن سفيان عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبى موسى عن النبى صلى الله عليه وسلم الخ فهو من هذا الطريق مرفوع وليس مرسلا، وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين فقد اتفقا جميعاً على الاحتجاج بهريم بن سفيان ولم يخرجاه {قلت} وأقره الذهبى {وعن جابر بن عبد الله} رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فعليه الجمعة إلا امرأة أو مسافراً أو عبداً أو مريضاً" رواه أبو داود والبيهقى والدارقطني وفى إسناده ابن لهيعة ومعاذ بن محمد وهما ضعيفان (قال النووى) في المجموع لكن له شواهد ذكرها البيهقى وغيره اهـ {وعن عمر بن الخطاب} رضى الله عنه أنه أبصر رجلاً عليه هيئة السفر فسمعه يقول لولا أن اليوم يوم جمعة لخرجت فقال عمر "اخرج فان الجمعة لا تحبس عن سفر" رواه الامام الشافعى في مسنده وذكره الحافظ في التلخيص ولم يتكلم عليه {وروى سعيد بن منصور} في سننه أن أبا عبيدة سافر يوم الجمعة ولم ينتظر الصلاة {وأخرج أبو داود} في المراسيل وابن أبى شيبة عن الزهرى "أنه أراد أن يسافر يوم الجمعة ضحوة فقيل له في ذلك، فقال إن النبى صلى الله عليه وسلم سافر يوم الجمعة" {الأحكام} أحاديث الباب تدل على جملة أحكام {منها} أن الأمة المحمدية أفضل الأمم وإن تأخر وجودها في الدنيا عن الأمم الماضية فهى سابقة لهم في الآخرة، وهى أول من يحشر وأول من يحاسب وأول من يقضى بينهم وأول من يدخل الجنة {ومنها} فضل يوم الجمعة وان تعظيمه فرض على أهل الكتاب وعلينا فاختلفوا فيه وهدانا الله له (قال ابن بطال) ليس المراد أن يوم الجمعة فرض عليهم بعينه

-[كلام العلماء في وجوب الجمعة وإنها فرض عين]- .....

_ فتركوه لأنه لا يجوز لأحد أن يترك ما فرض الله عليه وهو مؤمن، وإنما يدل والله أعلم أنه فرض عليهم يوم من الجمعة وكُل الى اختيارهم ليقيموا فيه شريعتهم فاختلفوا (وقال النووى) يمكن أن يكونوا أمروا به صريحاً فاختلفوا هل يلزم تعيينه أم يسوغ إبداله بيوم آخر فاجتهدوا في ذلك فأخطأوا اهـ (قال الحافظ) ويشهد له ما رواه الطبرانى بإسناد صحيح عن مجاهد في قوله تعالى {إنما جعل السبت على الذين اختلفوا فيه} قال أرادوا الجمعة فأخطأوا وأخذوا السبت مكانه، ويحتمل أن يراد بالاختلاف اختلاف اليهود والنصارى في ذلك، وقد روى ابن أبى حاتم من طريق اسباط بن نصر عن السدى التصريح بأنهم فرض عليهم يوم الجمعة بعينه فأبوا ولفظه "إن الله فرض على اليهود الجمعة فأبوا وقالوا يا موسى إن الله لم يخلق في يوم السبت شيئاً فاجعله لنا فجعل عليهم" وليس ذلك بعجيب من مخالفتهم كما وقع لهم في قوله تعالى {ادخلوا الباب سجداً وقولوا حطة} وغير ذلك؛ وكيف لا وهم القائلون سمعنا وعصينا اهـ وقد استنبط البخارى من هذا الحديث (أعنى الحديث الأول من أحاديث الباب) فرضية صلاة الجمعة وبوَّب عليه "باب فرض الجمعة" وصرح النووى والحافظ بأنه يدل على الفرضية لقوله صلى الله عليه وسلم "كتبه الله عليهم فهدانا له" فإن التقدير فرض عليهم وعلينا فضلوا وهُدينا، وقد وقع عند مسلم في رواية سفيان عن أبى الزناد بلفظ "كتب علينا" وقال ابن العربى الجمعة فرض عين بإجماع الأمة، وقال ابن قدامة في المغنى أجمع المسلمون على وجوب الجمعة، وحكى المرعشى عن الشافعى في القديم أنها فرض كفاية، قال الدارمي وغلَّطوا حاكيه (قال النووى) رحمه الله الجمعة فرض عين على كل مكلف غير أصحاب الأعذار والنقص، هذا هو المذهب وهو المنصوص للشافعى في كتبه، وقطع به الأصحاب في جميع الطرق إلا ما حكاه القاضي أبو الطيب في تعليقه وصاحب الشامل وغيرهما عن بعض الأصحاب أنه غلط فقال هى فرض كفاية، قالوا وسبب غلطه أن الشافعى قال من وجبت عليه الجمعة وجبت عليه صلاة العيدين؛ قالوا لأن مراد الشافعى من خوطب بالجمعة وجوباً خوطب بالعيدين متأكداً، واتفق القاضي أبو الطيب وسائر من حكى هذا الوجه على غلط قائله، قال القاضى أبو إسحاق المروزي لا يحل أن يحكى هذا عن الشافعى، ولا يختلف أن مذهب الشافعى أن الجمعة فرض عين، ونقل ابن المنذر في كتابيه كتاب الأجماع والأشراق إجماع المسلمين على وجوب الجمعة اهـ {وفى أحاديث الباب أيضاً} الترهيب من التخلف عن الجمعة وأن من تخلف عنها لغير عذر استحق الوعيد الشديد الوارد فيها من الطبع على قلبه واتصافه بصفات المنافقين وتأخره في الجنة وإن كان من أهلها وكونه من الغافلين عن طاعة الله عز وجل وغير ذلك {وفيها} أن من تأخر عن الجمعة لغير عذر لزمه أن يكفر

-[كلام العلماء فيمن تجب عليهم الجمعة]- .....

_ عن ذلك بدينار يتصدق به، فإن لم يجد فبنصف دينار {وفيها} أن الجمعة لا تجب إلا على من سمع النداء {وإليه ذهب الشافعى وأحمد وإسحاق} حكى ذلك الترمذى عنهم، وحكاه ابن العربى عن مالك وروى ذلك عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما (قال الشوكانى) والمراد بالنداء المذكور في الحديث هو النداء الواقع بين يدى الأمام في المسجد، لأنه الذى كان في زمن النبوة لا الواقع على المنارات فإنه محدث، قال وظاهره عدم وجوب الجمعة على من لم يسمع النداء سواء كان في البلد الذى تقام فيه الجمعة أو في خارجه، وقد ادعى في البحر الأجماع على عدم اعتبار سماع النداء في موضعها، واستدل لذلك بقوله إذا لم تعتبره الآية يعنى قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إذا نودى للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله} وأنت تعلم أن الآية قد قُيّد الأمر بالسعى فيها بالنداء لما تقرر عند أئمة البيان من أن الشرط قيد لحكم الجزاء والنداء المذكور فيها يستوى فيه من في المصر الذي تقام فيه الجمعة ومن خارجه، نعم إن صح الأجماع كان هو الدليل على عدم اعتبار سماع النداء لمن في موضع إقامة الجمعة عند من قال بحجية الأجماع، وقد حكى العراقى في شرح الترمذي عن الشافعي ومالك وأحمد بن حنبل أنهم يوجبون الجمعة على أهل المصر وإن لم يسمعوا النداء {وقد اختلف أهل العلم} فيمن كان خارجاً عن البلد الذى تقام فيه الجمعة، فقال عبد الله بن عمر وأبو هريرة وأنس والحسن وعطاء ونافع وعكرمة والحكم والأوزاعى والأمام يحيى أنها تجب على من يؤويه الليل إلى أهله، والمراد أنه اذا جمَّع مع الأمام أمكنه العود إلى أهله آخر النهار وأول الليل، واستدلوا بما أخرجه الترمذى عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "الجمعة على من آواه الليل إلى أهله" قال الترمذى وهذا إسناد ضعيف إنما يروى من حديث معارك بن عباد بن عبد الله بن سعيد المقبرى، وضعف يحيى بن سعيد القطان عبد الله بن سعيد المقبرى في الحديث اهـ (وقال العراقى) إنه غير صحيح فلا حجة فيه {قلت} وهذا هو اعتقادى، لأن العمل به يوجب الحرج والله تعالى يقول {وما جعل عليكم في الدين من حرج} وذهب الهادى والناصر ومالك إلى أنها تلزم من سمع النداء بصوت الصيّت من سور البلد {وقالت الشافعية} الاعتبار في سماع النداء أن يقف المؤذن في طرف البلد والأصوات هادئة والريح ساكنة وهو مستمع، فإذا سمع لزمه وإن لم يسمع لم يلزمه، ذكره صاحب المهذب، وقال عطاء تلزم من على عشرة أميال، وقال الزهرى من على ستة أميال، وقال ربيعة من على أربعة (وروى) عن مالك ثلاثة، وروى عن الشافعى فرسخ، وكذلك روى عن أحمد (قال ابن قدامة) وهذا قول أصحاب الرأى، وروى في البحر عن زيد بن على والباقر والمؤيد بالله وأبي حنيفة وأصحابه

-[إختلاف العلماء في العدد الذي تنعقد به الجمعة - وترجيح انعقادها باثنين]- .....

_ أنها لا تجب على من كان خارج البلد {وفيها أن الجماعة شرط في صحة الجمعة} لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث طارق بن شهاب "الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة" وبه قال جميع العلماء إلا أنهم اختلفوا في العدد الذي تنعقد به الجمعة اختلافاً كثيراً، وسبب اختلافهم عدم ورود دليل صريح في اشتراط العدد {فذهبت الشافعية والحنابلة} إلى أنها تنعقد بأربعين رجلاً بالأمام، وبه قال إسحاق، وهو رواية عن عمر بن عبد العزيز؛ وعنه رواية باشتراط خمسين، واستدلوا بما رواه الدارقطني والبيهقى عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال "مضت السنة أن في كل ثلاثة إمامًا، وفى كل أربعين فما فوق ذلك جمعة وأضحى وفطرًا" لكنه ضعيف ضعفه الحفاظ، وقال البيهقى هو حديث لا يحتج بمثله، واحتج لمن شرط خمسين بحديث أبى أمامة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "في الخمسين جمعة وليس فيما دون ذلك" رواه الدارقطنى باسناد فيه ضعيفات {وذهبت المالكية} الى انعقادها باثنى عشر رجلاً سوى الأمام، وحكاه المتولى عن ربيعة والماوردى في الحاوى، وبه قال الزهرى والأوزاعى ومحمد بن الحسن؛ واستدلوا بما رواه مسلم والترمذى وصححه والأمام أحمد، وسيأتى عن جابر "أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً يوم الجمعة فجاءت عير من الشام فانتقل الناس إليها حتى لم يبق إلا اثنا عشر رجلاً" والحديث وإن كان صحيحًا إلا أنه ليس فيه ما يدل على أنها لا تصح إلا بهذا العدد {وذهب أبو حنيفة} والثورى والليث ومحمد الى انعقادها بثلاثة غير الأمام مستدلين بقوله تعالى {فاسعوا إلى ذكر الله} لأن قوله تعالى فاسعوا يقتضى ساعين، وأقل الجمع ثلاثة، وقوله {إلى ذكر الله} يقتضى ذاكرًا يُسعى إليه وهو الأمام؛ وهذا الاستدلال فيه نظر {وذهب الأوزاعى} وأبو ثور وأبو يوسف وهو رواية عن (الأمام أحمد) أنها تنعقد باثنين غير الأمام، واحتجوا بما احتج به أبو حنيفة {وذهب الحسن بن صالح والنخعى وداود} الى انعقادها باثنين أحدهما الأمام، محتجين بأن العدد واجب بالحديث والأجماع، ورأوا أنه لا يثبت دليل على اشتراط عدد مخصوص، وقد صحت الجماعة في سائر الصلوات باثنين، ولا فرق بينها وبين الجماعة، ولم يأت نص من رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن الجمعة لا تنعقد إلا بكذا، وهو وجيه ورجحه الشوكانى، وقد ذكر الحافظ في ذلك خمسة عشر مذهبًا، آخرها اشتراط جمع كثير بغير قيد، حكاه الحافظ السيوطى عن مالك (قال الحافظ) ولعل هذا الأخير أرجحها من حيث الدليل اهـ قال الشوكانى لا مستند لاشتراط ثمانين أو ثلاثين أو عشرين أو تسعة أو سبعة كما أنه لا مستند لصحتها من الواحد المنفرد، وأما الاثنان فبانضمام أحدهما إلى الآخر يحصل الأجتماع، وقد أطلق الشارع اسم الجماعة عليهما فقال "الاثنان فما فوقهما جماعة" كما تقدم في أبواب الجماعة وقد انعقدت سائر الصلوات بهما

-[كلام العلماء فيمن لم تجب عليهم الجمعة]- .....

_ بالإجماع، والجمعة صلاة فلا تختص بحكم يخالف غيرها إلا بدليل ولا دليل على اعتبار عدد فيها زائد على المعتبر في غيرها، وقد قال عبد الحق إنه لا يثبت في عدد الجمعة حديث، وكذلك قال السيوطى لم يثبت في شيء من الأحاديث تعيين عدد مخصوص اهـ بتصرف واختصار، وقال في الدرارى المضية الجمعة كسائر الصلوات لا تخالفها إلا في مشروعية الخطبتين قبلها، وردَّ ما قيل أنه يشترط في وجوبها الأمام الأعظم والمصر الجامع والعدد المخصوص بأن هذه الشروط لم يدل عليها دليل يفيد استحبابها فضلاً عن وجوبها فضلاً عن كونها شروطاً، بل إذا صلى رجلان الجمعة في مكان لم يكن فيه غيرهما جماعة فقد فعلاً ما يجب عليهما، فإن خطب أحدهما فقد عملا بالسنة، وإن تركا الخطبة فهى سنة فقط، ولولا حديث طارق بن شهاب في تقييد الوجوب على كل مسلم بكونه في جماعة لكان فعلها فرادى مجزئًا كغيرها من الصلوات اهـ {وفيها أن الجمعة لا تجب على خمسة} المرأة. والصبى. والمريض. والعبد المملوك. والمسافر (أما المرأة) فقد نقل ابن المنذر وغيره الأجماع أن المرأة لا جمعة عليها من نقله وغيره الأجماع أيضاً على أنها لو حضرت وصلَّت الجمعة جاز؛ وقد ثبت بالأحاديث الصحيحة المستفيضة أن النساء كن يصلين خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجده خلف الرجال؛ لكن تراعى الشروط المتقدمة في باب الأذن للنساء بالخروج الى المساجد من أبواب صلاة الجماعة (وأما الصبى) فانها لا تجب عليه أيضاً بالأجماع وتصح منه (وأما المريض) فانها لا تجب عليه اذا كان الحضور يجلب عليه مشقة (قال النووى) قال أصحابنا المرض المسقط للجمعة هو الذي يلحق صاحبه بقصد الجمعة مشقة ظاهرة غير محتملة، قال المتولى ويلتحق بالمريض في هذا من به إسهال كثير اهـ وألحق أبو حنيفة الأعمى بالمريض وإن وجد قائداً (وقال النووى) اذا وجد الأعمى قائداً متبرعاً أو بأجرة المثل وهو واجدها لزمته الجمعة وإلا فلا تجب عليه، هكذا أطلقه المصنف (يعنى صاحب المهذب) والجمهور، وقال القاضى حسين والمتولى تلزمه إن أحسن المشى بالعصا بلا قائد، هذا تفصيل مذهبنا، وممن قال بوجوب الجمعة على الأعمى الذي يجد قائداً مالك وأحمد وأبو يوسف ومحمد وداود، وقال أبو حنيفة لا تجب اهـ {قلت} الأدلة تقتضى وجوبها على الأعمى وإن لم يجد قائداً إذا كان يسمع النداء وكان ممن يهتدى إلى المسجد بنفسه (وأما العبد المملوك) فأكثر العلماء يقولون بعدم وجوب الجمعة عليه، ومثله المكاتب وسواء المدبر وغيره (قال النووى) هذا مذهبنا وبه قال جمهور العلماء، قال ابن المنذر أكثر العلماء على أن العبد والمدبر والمكاتب لا جمعة عليهم، وهو قول عطاء والشعبى والحسن البصرى وعمر بن عبد العزيز ومالك وأهل المدينة والثورى وأهل الكوفة وأحمد وإسحاق وأبى ثور، قال وقال بعض

-[مذاهب العلماء في السفر يوم الجمعة]- .....

_ العلماء تجب الجمعة على العبد فان منعه السيد فله التخلف، وعن الحسن وقتادة والأوزاعى وجوبها على عبد يؤدى الضريبة وهو الخراج (وقال داود) تجب عليه مطلقاً وهى رواية عن أحمد؛ دليلنا حديث طارق بن شهاب السابق، وأما من بعضه حر وبعضه رقيق فلا جمعه عليه على الصحيح وبه قطع الجمهور اهـ ج (وأما المسافر) ففيه خلاف، قال ابن قدامة في المغنى أكثر أهل العلم يرون أن لا جمعة عليه، كذلك قال مالك في أهل المدينة والثورى في أهل العراق والشافعى وإسحاق وأبو ثور، وروى ذلك عن عطاء وعمر بن عبد العزيز والحسن والشعبى (وحكى عن الزهرى والنخعى) أنها تجب عليه، لأن الجماعة تجب عليه فالجمعة أولى، قال ولنا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يسافر فلا يصلى الجمعة في سفره، وكان في حجة الوداع بعرفة يوم الجمعة فصلى الظهر والعصر جمع بينهما ولم يصل جمعة، والخلفاء الراشدون رضى الله عنهم كانوا يسافرون في الحج وغيره فلم يصل أحد منهم الجمعة في سفره، وكذلك غيرهم من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن بعده، وقد قال إبراهيم كانوا يقيمون بالرى السنة وأكثر من ذلك وبسجستان السنين لا يجمَّعون، وعن الحسن عن عبد الرحمن ابن سمرة قال أقمت معه سنين بكابل يقصر الصلاة ولا يجمَّع رواهما سعيد؛ وأقام أنس بنيسابور سنة أو سنتين فكان لا يجمّع، ذكره ابن المنذر وهذا إجماع مع السنَّة الثابتة فيه فلا يسوغ مخالفته اهـ {وفى أحاديث الباب أيضاً} جواز السفر يوم الجمعة مطلقاً كما هو ظاهر الأدلة، وللعلماء خلاف في جوازه من طلوع الفجر الى الزوال وينحصر ذلك في خمسة أقوال ذكرها الشوكانى (الأول) الجواز، قال العراقى وهو قول أكثر العلماء، فمن الصحابة عمر بن الخطاب والزبير بن العوام وأبو عبيدة بن الجراح وابن عمر، ومن التابعين الحسن وابن سيرين والزهرى، ومن الائمة أبو حنيفة ومالك في الرواية المشهورة عنه، والأوزاعى وأحمد في الرواية المشهورة عنه، وهو القول القديم للشافعى، وحكاه ابن قدامة عن أكثر أهل العلم (والقول الثاني) المنع منه وهو قول الشافعى في الجديد وهو إحدى الروايتين عن أحمد وعن مالك (والثالث) جوازه لسفر الجهاد دون غيره، وهو إحدى الروايات عن أحمد (والرابع) جوازه للسفر الواجب دون غيره، وهو اختيار أبى إسحاق المروزى من الشافعية ومال إليه إمام الحرمين (والخامس) جوازه لسفر الطاعة واجباً كان أو مندوباً، وهو قول كثير من الشافعية وصححه الرافعى {وأما بعد الزوال} من يوم الجمعة فقال العراقى قد ادَّعى بعضهم الاتفاق على عدم جوازه وليس كذلك، فقد ذهب أبو حنيفة والأوزاعى إلى جوازه كسائر الصلوات، وخالفهم في ذلك عامة العلماء، وفرقوا بين الجمعة وبين غيرها من الصلوات بوجوب الجماعة في الجمعة دون غيرها، والظاهر جواز السفر قبل دخول وقت الجمعة وبعد دخوله لعدم المانع

-[حجة من قال بعدم السفر يوم الجمعة - وأنها مرجوحة]- (4) باب جواز التخلف عن الجمعة اذا صادفت يوم عيد أو مطر (1529) عن إياس بن أبى رملة الشَّامى قال شهدت معاوية سأل زيدابن أرقم رضى الله عنه شهدت (1) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عيدين اجتمعا، قال نعم، صلَّى العيد أوَّل النَّهار ثمَّ رخَّص فى الجمعة (2) فقال من شاء أن يجمِّع فليجمِّع

_ من ذلك {وأما وقت صلاة الجمعة} فالظاهر عدم الجواز لمن قد وجب عليه الحضور إلا أن يخشى حصول مضرة من تخلفه للجمعة كالانقطاع عن الرفقة التي لا يتمكن من السفر إلا معهم وما شابه ذلك من الأعذار، وقد أجاز الشارع التخلف عن الجمعة لعذر المطر، فجوازه لما كان أدخل في المشقة منه أولى اهـ {تنبيه} قد يحتج المانعون من السفر يوم الجمعة مطلقًا بما رواه الدارقطني في الأفراد عن ابن عمر مرفوعًا بلفظ "من سافر يوم الجمعة دعت عليه الملائكة أن لا يصحب في سفره" وما أخرجه الخطيب في كتاب أسماء الرواة عن مالك من رواية الحسن بن علوان عنه عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال قال النبى صلى الله عليه وسلم "من سافر يوم الجمعة دعا عليه ملكاه أن لا يصاحب في سفره ولا تقضى حاجته" ويجاب عن ذلك بأن حديث ابن عمر ضعيف لأن في إسناده ابن لهيعة، وحديث أبى هريرة فيه الحسين بن علوان (قال الخطيب) الحسين بن علوان غيره أثبت منه (وقال العراقيى) قد ألان الخطيب الكلام في الحسين هذا، وقد كذبه يحيى بن معين ونسبه ابن حبان الى الوضع، وذكر له الذهبى في الميزان هذا الحديث وأنه مما كذب فيه على مالك اهـ فهما لا يصلحان للاحتجاج بهما على المنع لما عرفت من ضعفهما ومعارضة ما هو أنهض منهما ومخالفتهما لما هو الأصل فلا ينتقل عنه إلا بناقل صحيح ولم يوجد، أفاده الشوكانى (1529) عن إياس بن أبى رملة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا إسرائيل عن عثمان بن المغيرة عن إياس بن أبى رملة الشامى "الحديث" {غريبه} (1) رواية أبى داود أشهدت باثبات همزة الاستفهام، ورواية ابن ماجه هل شهدت، فأداة الاستفهام مقدرة في حديث الباب (وقوله عيدين اجتمعا) المراد بهما الجمعة والعيد، وأطلق العيد على الجمعة لما رواه البيهقى عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في جمعة من الجمع "معاشر المسلمين هذا يوم جعله الله عز وجل لكم عيداً فاغتسلوا وعليكم بالسواك" ولأنها تعود في كل شهر مرات (2) أى أجاز ترك صلاة الجمعة، والمعنى من أداء صلاة الجمعة ممن حضر العيد فليصلها، ومن لم يرد ذلك فلا حرج عليه {تخريجه} (د. نس. جه. خز. هق. ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم

-[جواز التخلف عن الجمعة لعذر المطر]- (1530) عن أبي مليح بن أسامة عن أبيه قال أصاب النَّاس فى يوم جمعة يعنى مطرًا (1) فأمر النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم أن (2) الصَّلاة اليوم أو الجمعة اليوم فى الرحال (1531) خط حدثنا عبد الله قال وجدت فى كتاب أبى بخطِّ يده وأكبر علمى أنِّى قد سمعته منه ثنا ناصح بن العلاء مولى بنى هاشمٍ ثنا عمَّار ابن أبى عمَّار مولى بنى هاشمٍ أنَّه مرَّ على عبد الرَّحمن بن سمرة وهو على نهر أم عبد الله (3) تسيل الماء على غلمته ومواليه، فقال له عمَّارٌ (4) يا أبا سعيدٍ الجمعة، فقال عبد الرحمن بن سمرة إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان يقول إذا كان يوم مطرٍ وابلٍ (5) فليصلِّ أحدكم في رحله

_ يخرجاه {قلت} وأقره الذهبى (1530) عن أبى مليح {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا داود بن عمرو الضبى ثنا على بن هاشم يعنى ابن البريد عن أبى بشر الحلبي عن أبى مليح "الحديث" {غريبه} (1) بالنصب مفعول ليعنى، ومحله الرفع فاعل أصاب، والتقدير أصاب الناس مطر في يوم جمعة (2) أن مخففة من الثقيلة واسمها ضمير الشأن، والمعنى أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر مؤذنه أن يعلم الناس بأن يصلوا في رحالهم رحمة بهم ولعدم إحراجهم بتحمل مشقة المطر (والرحال) جمع رحل وهى المنازل والمساكن، كانت من مدرأو وبر أو غير ذلك {تخريجه} (د. نس. هق) وفى رواية للنسائى أن ذلك كان بغزوة حنين، وروى نحوه الأمام أحمد وتقدم في باب الأعذار التي تبيح التخلف عن الجماعة في الجزء الخامس رقم 1321 (1531) "خط" حدثنا عبد الله {غريبه} (3) هو نهر بالبصرة منسوب الى أم عبد الله بن عامر بن كريز أمير البصرة في أيام عثمان، كذا في معجم ياقوت (وقوله يسيل الماء على غلمته الخ) أى ماء المطر لكثرته (4) يعنى ابن أبى عمار المتقدم ذكره في السند (وقوله يا أبا سعيد) هى كنية عبد الرحمن بن سمرة وهو صحابى من مسلمة الفتح، يقال كان اسمه عبد كلال افتتح سجستان، ثم سكن البصرة ومات بها سنة خمسين أو بعدها، قاله الحافظ في التقريب (5) أى كثير {تخريجه} أورده الهيثمي وقال

-[مذاهب العلماء في حكم التخلف عن الجمعة إذا صادفت يوم عيد]- .....

_ رواه عبد الله (يعنى ابن الأمام أحمد) عن أبيه وجادة يعنى أن عبد الله وجده في كتاب أبيه بخط يده كما أشرنا إلى ذلك في أول الحديث برمز "خط" قال وفيه ناصح بن العلاء، ضعفه ابن معين والبخارى في رواية وذكرته هذا الحديث وقال ليس عنده غيره وهو ثقة ووثقه أبو داود اهـ ورواه أيضاً الحاكم في المستدرك وقال ناصح بن العلاء ثقة، إنما المطعون فيه ناصح أبو عبد الله المحلمى الكوفى فانه روى عنه سماك بن حرب المناكير {قلت} وقال الذهبى ضعفه النسائى وغيره، وقال البخارى منكر، ووثقه ابن المدينى وأبو داود اهـ {وفى الباب عن أبى هريرة} عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "قد اجتمع في يومكم هذا عيدان فمن شاء أجزأه عن الجمعة وإنا مجمعون" رواه أبو داود وابن ماجه والحاكم وضعفه بعضهم، لأن في إسناده بقية بن الوليد، وصحح الأمام أحمد والدارقطنى إرساله، وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم، فإن بقية بن الوليد لم يختلف في صدقه اذا روى عن المشهورين؛ وهذا حديث غريب من حديث شعبة والمغيرة وعبد العزيز وكلهم ممن يجمع حديثه {قلت} وقال الذهبى صحيح غريب {وعن وهب بن كيسان} قال "اجتمع عيدان على عهد ابن الزبير فأخر الخروج حتى تعالى النهار ثم خرج فخطب ثم نزل فصلى ولم يصل للناس يوم الجمعة، فذكرت ذلك لابن عباس فقال أصاب السنة" رواه النسائى وأبو داود بنحوه لكن من رواية عطاء ورجاله رجال الصحيح {وعين ابن جريح} قال قال عطاء (يعنى ابن أبى رباح) "اجتمع يوم جمعة ويوم فطر على عهد ابن الزبير فقال عيدان اجتمعا في يوم واحد فجمعهما جميعاً فصلاهما ركعتين بكرة لم يزد عليهما حتى صلى العصر" رواه أبو داود ورجاله رجال الصحيح {الأحكام} أحاديث الباب مع ما ذكرنا في الشرح تدل على جواز التخلف عن صلاة الجمعة اذا صادفت يوم عيد، وهل هذا التخلف عام لأهل البلد الذى تقام فيه الجمعة ولكل من سمع النداء من أهل القرى المجاورة له أم خاص بأهل القرى؟ وفى حالة التخلف هل يصلى الظهر بدلها أولاً؟ اختلف العلماء في ذلك {فذهب عطاء} بن أبى رباح الى أنهم اذا صلوا العيد لم يجب بعده في هذا اليوم صلاة الجمعة ولا الظهر ولا غيرهما إلا العصر، لا على أهل القرى ولا على أهل البلد (قال ابن المنذر) وروينا نحوه عن على بن أبى طالب وابن الزبير رضى الله عنهم، واحتج لهم بما في حديث (زيد بن أرقم) من قوله صلى الله عليه وسلم "من شاء أن يجمّع فليجمّع" فانه يدل على أن الرخصة تعم الجمع وبما في رواية عطاء حاكياً عن ابن الزبير أنه صلاهما ركعتين لم يزد عليهما حتى صلى العصر، ففيه أن الجمعة اذا سقطت بوجه من الوجوه المسوغة لم يجب على من سقطت عنه أن يصلى الظهر (وبما روى أبو داود) عن عطاء أيضاً قال "صلى بنا ابن الزبير في يوم عيد في يوم جمعة أول النهار ثم رحنا الى الجمعة فلم يخرج الينا فصلينا وُحدانا وكان ابن عباس بالطائف، فلما قدم ذكرنا

-[مذاهب العلماء في حكم التخلف عن الجمعة إذا صادفت يوم عيد]- .....

_ ذلك له فقال أصاب السنة" (قال النووى) رواه أبو داود بإسناد حسن أو صحيح على شرط مسلم (قال الشوكانى) ويدل على عدم الوجوب وأن الترخيص عام لكلّ، تركُ ابن الزبير للجمعة وهو الأمام إذ ذاك، وقول ابن عباس أصاب السنة وعدم الإنكار عليه من أحد من الصحابة، وأيضاً لو كانت الجمعة واجبة على البعض لكانت فرض كفاية وهو خلاف معنى الرخصة اهـ {وقال صاحب الروضة الندية} الظاهر أن الرخصة عامة للأمام وسائر الناس كما يدل على ذلك ما ورد من الأدلة، وأما قوله صلى الله عليه وسلم "وإنا مجمِّعون" فغاية ما فيه أنه أخبرهم بأنه سيأخذ بالعزيمة وأخذه بها لا يدل على أن لا رخصة في حقه وحق من تقوم بهم الجمعة، وقد تركها ابن الزبير في أيام خلافته ولم ينكر عليه الصحابة ذلك اهـ {وقالت الحنابلة} تسقط الجمعة عن أهل القرى وأهل البلد إلا الأمام فلا تسقط عنه لقول النبى صلى الله عليه وسلم "وإنا مجمّعون" ولأنه لو تركها لا امتنع فعل الجمعة في حق من تجب عليه ومن يريدها ممن سقطت عنه ولا كذلك غير الأمام، وتجب صلاة الظهر على من سقطت عنه {وقال أبو حنيفة} لا تسقط الجمعة عن أهل البلد ولا أهل القرى واحتج له بأن الأصل الوجوب {وذهبت الشافعية} الى وجب الجمعة على أهل البلد وسقوطها عن أهل القرى، لكنهم يصلون الظهر وجوبًا، واحتجوا بما رواه البخارى في صحيحه عن عثمان رضى الله عنه أنه قال في خطبته "أيها الناس قد اجتمع عيدان في يومكم فمن أراد من أهل العالية أن يصلى معنا الجمعة فليصل، ومن أراد أن ينصرف فلينصرف" (العالية بالعين المهملة هى قرية بالمدينة من جهة الشرق) قالوا ولم ينكر عليه أحد، ولأنهم اذا قعدوا في البلد لم يتهيئوا بالعيد، فان خرجوا ثم رجعوا للجمعة كان عليهم في ذلك مشقة، والجمعة تسقط بالمشقة وهو المنصوص في الأم (قال النووى) وبه قال عثمان بن عفان وعمر بن عبد العزيز وجمهور العلماء اهـ {وللمالكية} في ذلك روايتان (إحداهما) الاكتفاء بالعيد عن الجمعة وهى رواية مطرّف وابن وهب وابن الماجشون عن مالك لما تقدم عن عثمان مع أهل العالية، ووجه الدلالة منه أن عثمان خطب بذلك في جمع من الصحابة ولم ينكروا عليه، فهو إجماع منهم على جواز ذلك (والثانية) أنه لابد من الجمعة كالحنفية وهو مشهور المذهب ورواية ابن القاسم عن مالك، وأحاديث الباب تأبى ذلك، والذى يظهر لى من مجموع الأحاديث والآثار أن الجمعة اذا صادفت يوم عيد تسقط عن أهل القرى الذين يسمعون النداء إذا صلوا العيد في بلد الجمعة، ويستحب فعلها لأهل البلد، والدليل على استحبابها لهم قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبى هريرة "وإنا مجمعون" وقد صرفه عن الوجوب إلى الندب ترك ابن الزبير للجمعة وعدم إنكار أحد من الصحابة عليه، وقول ابن عباس رضى الله عنهما لمَّا ذكر له ذلك "أصاب السنة" وأما سقوطها عن

-[مذاهب العلماء في حكم التخلف عن الجمعة لعذر المطر والبرد والوحل]- (5) باب ما جاء في وقت الجمعة (1532) عن الزبير بن العوَّام رضي الله عنه قال كنَّا نصلِّي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثمَّ ننصرف فنبتدر (1) في الآجام فلا نجد (2) إلاَّ قدر موضع أقدامنا، قال يزيد الآجام هي الآطام (3) (وعنه من طريق ثانٍ (4) بنحوه وفيه).

_ أهل القرى فلقوله صلى الله عليه وسلم فى حديث أبى هريرة أيضاً "فمن شاء أجزأه عن الجمعة" ولقول عثمان رضى الله عنه فى خطبته "فمن أراد من أهل العالية أن يصلى معنا الجمعة فليصل، ومن أراد أن ينصرف فلينصرف" ولم ينكر عليه أحد من الصحابة، هذا ما ظهر لى والله أعلم {وفى أحاديث الباب أيضاً} دليل على التخلف عن الجمعة والجماعة أيضاً فى اليوم المطير، وتقدم شيء من ذلك فى باب الأعذار التى تبيح التخلف عن الجماعة (وللعلماء خلاف فى ذلك) {فذهبت الحنفية} الى أن المطر والطين الكثيرين والبرد الشديد أعذار تبيح التخلف عن الجمعة والجماعة، وكذا الظلمة الشديدة، أما الريح فلا تكون عذراً إلا إن كانت شديدة وكانت ليلاً {وذهبت المالكية} الى أن الوحل والمطر والبرد الشديد عذر يبيح التخلف عن الجماعة سواء أكان بالليل أم بالنهار، وكذلك الوحل على الصحيح عندهم، وكذلك الثلج عذر مطلقاً إن بلّ الثوب، ومثله الحر الشديد بخلاف الريح فليست عذرًا يبيح التخلف إلا اذا كانت باردة وكانت ليلاً فقط، وكل عذر سقطت به الجماعة تسقط به الجمعة {وذهبت الحنابلة} الى أنه إن تأذى بمطر أو وحل أو جليد أو ريح باردة فى ليلة مظلمة ولو لم تكن الريح شديدة أبيح له التخلف عن الجماعة والجمعة والله أعلم (1532) عن الزبير بن العوام {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنبأنا ابن أبى ذئب عن مسلم بن جندب عن الزبير بن العوام "الحديث" {غريبه} (1) أى نسرع؛ والآجام بمد الهمزة جمع أجم بضمتين هى فى الأصل الحصون، والمراد هنا أبنية المدينة المرتفعة منها كالحصون (2) أى فلا نجد من الظل إلا قدر موضع أقدامنا كما فى الرواية الثانية، ولا يكون الظل كذلك إلا عقب الزوال بزمن يسير (3) أى الأبنية المرتفعة كما تقدم (4) {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم ثنا ابن أبى ذئب ثنا مسلم بن جندب حدثنى من سمع الزبير بن العوام رضى الله عنه يقول كنا نصلي مع

-[حجة الجمهور في أن وقت الجمعة بعد الزوال]- فما نجد من الظِّلِّ إلاَّ موضع أقدامنا، أو قال فما نجد من الظِّلِّ موضع أقدامنا (1533) عن محمدَّ بن كعب القرظيِّ عمَّن حدَّثه عن عبد الله بن مسعود قال بينا نحن معه يوم الجمعة في مسجد الكوفة وعمَّار بن ياسر أمير على الكوفة لعمر بن الخطَّاب وعبد الله بن مسعود على بيت المال إذ نظر عبد الله بن مسعود إلى الظِّلِّ فرآه قدر الشراك (1) فقال إن يصب صاحبكم (2) سنَّة نبيِّكم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يخرج الآن، قال فو الله ما فرغ عبد الله بن مسعود من كلامه حتَّى خرج عمَّار بن ياسر يقول الصَّلاة. (1534) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان يصلى الجمعة حين تميل الشَّمس (3) وكان إذا خرج إلى مكَّة (4) صلَّى الظُّهر بالشَّجرة سجدتين.

_ رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم نبادر فما نجد من الظل الخ {تخريجه} أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وأبو يعلى وفيه رجل لم يسم (1533) عن محمد بن كعب القرظى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن إسحاق ثنا محمد بن كعب القرظى "الحديث" {غريبه} (1) أى قدر شراك النعل وشراك النعل أحد سيوره التي تكون على وجهها، والمعنى أن ذلك كان عقب الزوال بمدة يسيرة (2) أى عمار بن ياسر رضى الله عنه (وقوله يخرج الآن) يعنى لصلاة الجمعة {تخريجه} لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وفى إسناده رجل لم يسم. (1534) عن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر ثنا فليح حدثنى عثمان بن عبد الرحمن بن عثمان التيمى أن أنسا أخبره أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصلى الجمعة "الحديث" {غريبه} (3) أى تزول عن كبد السماء (4) أى مسافراً (صلى الظهر) ركعتين مقصورة (والشجرة) كانت بذى الحليفة على بعد فرسخين من المدينة (وقوله سجدتين) يعنى ركعتين {تخريجه} (عل) ورجاله رجال الصحيح،

-[حجة القائلين بصحة الجمعة قبل الزوال]- (1535) وعنه أيضًا قال كنَّا نصلِّى مع رسول الله صلَّى عليه وآله وسلَّم الجمعة ثمَّ نرجع إلى القائلة فنقيل (1) (1536) عن أبى أحمد حدَّثنى عقبة بن عبد الرحمن بن جابر عن جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما قال كنا نصلِّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثمَّ نرجع فنقيل، قال أبو أحمد ثم نرجع إلى بنى سلمة (2) فنقيل، وهو على ميلين (1537) عن جعفر بن محمَّد عن أبيه قال سألت جابرًا متى كان

_ وأخرجه (خ. د. مذ) الى قوله تميل الشمس (1535) وعنه أيضًا {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن محمد بن إسحاق قال حدثنى حميد الطويل عن أنس بن مالك "الحديث" {غريبه} (1) فى لفظ للبخارى "كنا نبكر بالجمعة ونقيل بعد الجمعة" (وفى لفظ له أيضاً) "كنا نصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم تكون القائلة" وظاهره أنهم كانوا يصلون الجمعة باكر النهار وهو يعارض ما تقدم من حديث أنس نفسه "كان يصلى الجمعة حين تميل الشمس" يعنى بعد الزوال (قال الحافظ) لكن طريق الجمع أولى من دعوى التعارض، وقد تقرر أن التبكير يطلق على فعل الشيء فى أول وقته أو تقديمه على غيره وهو المراد هنا، والمعنى أنهم كانوا يبدءون بالصلاة قبل القيلولة بخلاف ما جرت به عادتهم فى صلاة الظهر فى الحر فانهم كانوا يقيلون ثم يصلون لمشروعية الأبراد اهـ قال الشوكانى والمراد بالقائلة المذكورة فى الحديث نوم نصف النهار {تخريجه} (خ) (1536) عن أبى أحمد {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم وأبو أحمد قالا ثنا عبد الحميد بن يزيد الأنصارى قال أبو أحمد حدثنى عقبة "الحديث" {غريبه} (2) يعنى حى بنى سلمة وقوله (وهو على ميلين) أى من المدينة، والمراد أنهم كانوا يؤخرون القيلولة فى يوم الجمعة بعد الصلاة بخلاف عادتهم فى غير يوم الجمعة كما تقدم فى الحديث السابق {تخريجه} لم أقف عليه عن جابر بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد؛ وروى نحوه البخارى والأمام أحمد عن أنس وهو الحديث المتقدم (1537) عن جعفر بن محمد {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن ميمون أبو النضر الزعفرانى ثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال سألت جابرًا "الحديث"

-[حجة القائلين بصحة الجمعة قبل الزوال]- رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلِّى الجمعة؟ فقال كنَّا نصلِّيها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ نرجع فنريح نواضحنا (1) قال جعفر وإراحة النَّواضح قال جعفر وإراحة النَّواضيح حين نزول الشَّمس. (1538) عن سهل بن سعدٍ السَّاعدي رضي الله عنه قال رأيت الرِّجال تقيل (2) وتتغذَّى بعد الجمعة (وعنه من طريق ثان) (3) كنَّا نقيل ونتغذَّى بعد الجمعة مع رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم. عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه رضي الله عنه قال كنَّا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الجمعة ثمَّ نرجع فلا نجد للحيطان فيئًا يستظل فيه (4)

_ {غريبه} (1) هو جمع ناضح وهو البعير الذى يستقى به سمى بذلك لأنه ينضح الماء أى يصبه، ومعنى نريح أى نريحها من العمل وتعب السقى فنخليها منه، وأشار القاضى عياض رحمه الله الى أنه يجوز أن يكون أراد الروح للرعى {تخريجه} (م. نس. هق) (1538) عن سهل بن سعد الساعدى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بشر بن المفضل قال ثنا أبو حازم عن سهل بن سعد "الحديث" {غريبه} (2) القيلولة النوم نصف النهار كما تقدم، وتطلق أيضًا على الاستراحة فى هذا الوقت وإن لم يكن معها نوم، والغذاء الطعام الذى يؤكل أول النهار (3) {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بشر بن المفضل ثنا أبو حازم عن سهل بن سعد قال كنا نقبل الخ {تخريجه} (ق. قط. هق. والأربعة) (1539) عن إياس بن سلمة بن الأكوع {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى قال ثنا يعلى بن الحارث قال سمعت إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال كنا نصلى "الحديث" {غريبه} (4) المراد نفى الظل الذي يستظل به لا نفى أصل الظل كما هو الأكثر الأغلب من توجيه النفى الى القيود الزائدة، يدل على ذلك ما فى رواية أخرى عند مسلم ثم نرجع نتتبع الفئ، وإنما كان كذلك، لأن الجدران كانت فى ذلك العصر قصيرة لا يستظل بظلها إلا بعد توسط الوقت فلا دلالة فى ذلك على أنهم كانوا يصلون قبل الزوال والله أعلم {تخريجه} (ق. د. نس. جه. هق. قط) {الأحكام} أحاديث الباب منها ما يدل صريحاً على أن أول وقت الجمعة بعد الزوال كوقت الظهر،

-[إختلاف العلماء في وقت الجمعة]- .....

_ ومنها ما يحتمل أن أوله قبيل الزوال؛ وقد ذهب الى الأول جمهور العلماء (قال النووى) رحمه الله وقد قال {مالك وأبو حنيفة والشافعى} وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم لا تجوز الجمعة إلا بعد زوال الشمس؛ ولم يخالف في هذا إلا احمد وإسحاق فجوّزاها قبل الزوال (قال القاضى) وروى في هذا أشياء عن الصحابة لا يصح منها شئ إلا ما عليه الجمهور، وحمل الجمهور هذه الأحاديث على المبالغة في تعجيلها وأنهم كانوا يؤخرون الغذاء والقيلولة في هذا اليوم الى ما بعد صلاة الجمعة لأنهم ندبوا الى التبكير اليها، فلو اشتغلوا بشئ من ذلك قبلها خافوا فوتها أو فوت التبكير اليها، وقوله نتتبع الفئ إنما كان ذلك لشدة التبكير وقصر الحيطان، وفيه تصريح بأنه قد صار فئ يسير، وقوله وما نجد فيئًا نتسظل به موافق لهذا، فانه لم ينف الفئ من أصله، وانما نفى ما يستظل به، وهذا مع قصر الحيطان ظاهر في أن الصلاة كانت بعد الزوال متصلة به اهـ {قلت} وقوله (نتبع الفئ) وقوله (وما نجد فيئًا نستظل به) يعنى بذلك روايات مسلم، وقد جاء معناها في أحاديث الباب عند الأمام أحمد أيضًا {وذهب إلى جواز فعلها قبل الزوال} الأمام أحمد؛ وحكى ابن قدامة "الحنبلى" في المعنى عن ابن مسعود وسعيد ومعاوية أنهم صلوها قبل الزوال؛ قال وقال القاضى وأصحابه يجوز فعلها في وقت صلاة العيد، وروى ذلك عبد الله عن أبيه قال نذهب إلى أنها كصلاة العيد، وقال مجاهد ما كان للناس عيداً إلا في أول النهار (وروى) عن ابن مسعود ومعاوية أنهما صليا الجمعة ضحى وقالا إنما عجلنا خشية الحر عليكم، وروى الأثرم حديث ابن مسعود، ولأنها عيد فجازت في وقت العيد كالفطر والأضحى، والدليل على أنها عيد قول النبى صلى الله عليه وسلم "إن هذا يوم جعله الله عيداً للمسلمين" وقوله صلى الله عليه وسلم "قد اجتمع لكم في يومكم هذا عيدان" (قال) ولنا على جوازها في السادسة السنة والأجماع (يعنى الساعة السادسة وهى قبيل الزوال) قال أما السنة فما روى جابر بن عبد الله "فذكر أحاديث جابر وسهل بن سعد وسلمة بن الأكوع المذكورة في الباب، وقال عقب حديث سهل بن سعد" (قال ابن أبى قتيبة) لا يسمى غذاء ولا قائلة بعد الزوال (يعنى وقد قال سهل بن سعد في حديثه "ما كنا نقيل ولا نتغذى إلا بعد الجمعة" فيلزم من ذلك أن الجمعة كانت قبل الزوال) (قال) وأما الأجماع فروى الأمام أحمد عن وكيع عن جعفر ابن بُرقان عن ثابت بن الحجاج عن عبد الله بن سيدان قال شهدت الجمعة مع أبى بكر، فكانت صلاته وخطبته قبل نصف النهار، وشهدتها مع عمر بن الخطاب فكانت صلاته وخطبته إلى أن أقول قد ينتصف النهار، ثم صليتها مع عثمان بن عفان فكانت صلاته وخطبته الى أن أقول قد زال النهار، فما رأيت أحدا عاب ذلك ولا أنكره (¬1) قال وكذلك ¬

-[صلاة الجمعة بعد الزوال أفضل عند من يقول بجوازها قبله]- (6) باب الغسل للجمعة والتجمل لها بالثياب الحسنة والطيب (1540 عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما وسأله رجل عن الغسل يوم

_ روى عن ابن مسعود وجابر وسعيد ومعاوية أنهم صلوا قبل الزوال، وأحاديثهم تدل على أن النبى صلى الله عليه وسلم فعلها بعد الزوال فى كثير من أوقاته، ولا خلاف فى جوازه وأنه الأفضل والأولى، وأحاديثنا تدل على جواز فعلها قبل الزوال ولا تنافى بينهما {وأما فى أول النهار} فالصحيح أنها لا تجوز لما ذكره أكثر أهل العلم، ولأن التوقيت لا يثبت إلا بدليل من نص أو ما يقوم مقامه، وما ثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم ولا عن خلفائه الراشدين أنهم صلوها فى أول النهار، ولأن مقتضى الدليل كون وقتها وقت الظهر، وإنما جاز تقديمها عليه بما ذكرنا من الدليل، وهو مختص بالساعة السادسة فلم يجز تقديمها عليها والله أعلم، ولأنها لو صليت فى أول النهار لفاتت أكثر المصلين فإن العادة اجتماعهم لها عند الزوال، وإنما يأتيها ضحى آحاد من الناس وعدد يسير كما روى عن ابن مسعود أنه أتى الجمعة فوجد أربعة فسبقوه فقال رابع أربعة وما رابع أربعة ببعيد {إذا ثبت هذا} فالأولى أن لا تصلى إلا بعد الزوال ليخرج من الخلاف ويفعلها فى الوقت الذى كان النبى صلى الله عليه وسلم يفعلها فيه أكثر أوقاته، ويعجلها فى أول وقتها فى الشتاء والصيف، لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعجلها بدليل الأخبار التي رويناها ولأن الناس يجتمعون لها فى أول وقتها، فلو انتظر الأبراد بها لشق على الحاضرين، وإنما جعل الأبراد بالظهر فى شدة الحر دفعًا للمشقة التي يحصل أعظم منها بالأبراد بالجمعة اهـ (1540) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا أبو سعيد

-[سبب مشروعية غسل الجمعة]- الجمعة أواجب هو؟ قال لا، ومن شاء اغتسل، وسأحدِّثكم عن بدء الغسل، كان النَّاس محتاجين (1) وكانوا يلبسون الصُّوف وكانوا يسقون النَّخل على ظهورهم (2) وكان مسجد النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم ضيِّقًا متقارب السَّقف (3) فراح النَّاس فى الصُّوف فعرقوا وكان منبر النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قصيرًا، وإنما هو ثلاث درجات (4) فعرق النَّاس فى الصُّوف فثارت (5) أرواحهم أرواح الصُّوف فتأذَّى بعضهم ببعض حتَّى بلغت أرواحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر، فقال يا أيُّها النَّاس إذا جئتم الجمعة فاغتسلوا وليمس (6) أحدكم من أطيب طيبٍ إن كان عنده

_ ثنا سليمان بن بلال عن عمرو يعنى ابن أبى عمرو عن عكرمة عن ابن عباس وسأله رجل "الحديث" {غريبه} (1) أى لأنهم كانوا فى أول أمرهم فقراء (2) أى لعدم وجود الخدم ولقلة ذات يدهم (3) كان ارتفاعه قامة وشبراً وبقى كذلك إلى خلافة عمر فزاد فيه وبناه باللبن والجريد، ثم زاد فيه عثمان وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والجص وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه بالساج؛ وكان فى أول أمره مظللاً بالجريد وسواريه جذوع النخل، وسيأتى بسط ذلك فى باب فضل مسجد النبى صلى الله عليه وسلم فى آخر كتاب الحج إن شاء الله تعالى (4) أى درجتين غير المقعدة التى كان يجلس عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويؤيد ذلك ما ذكره ابن عبد البر فى الاستيعاب عن باقوم الرومى قال "صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم منبراً من طرفاء له ثلاث درجات، المقعدة ودرجتان" ولا ينافيه ما فى حديث الباب، لأنه عد المقعدة من الثلاث (5) أى هاجت وظهرت من أجسادهم رياح كريهة يقال ثار يثور ثورًا وثورانا اذا انتشر وظهر (والأرواح) جمع ريح، لأن أصلها الواو، وتجمع على أرياح قليلاً؛ وعلى رياح كثيرًا (والروح) بالفتح نسيم الريح، كانوا إذا مرَّ عليهم النسيم تكيف بأرواحهم وحملها إلى الناس (نه) وأرواح الثانية بدل من أرواح الأولى (6) أي يضع منه على شعره وبدنه وثيابه، وأطيب الطيب المسك، فان لم يتيسر له المسك فليتطيب بغيره من كل ذى ريح طيبة كالعنبر والورد ونحو ذلك {تخريجه} (د. هق. ك. والطحاوى) وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط البخارى {قلت} وأقره الذهبى، وزاد أبو داود فى آخره "قال ابن عباس ثم جاء الله تعالى ذكره بالخير ولبسوا غير الصوف وكُفُوا العمل ووسع الله

-[فضل الغسل والطيب ليوم الجمعة]- (1541) عن عائشة رضي الله عنهت قالت كان النَّاس عمَّال أنفسهم (1) فكانوا يروحون كهيئتهم (2) فقيل لهم لو اغتسلتم (3) (1542) عن أبى سعيد الخدري وأبى هريرة رضى الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اغتسل يوم الجمعة واستاك ومسَّ من طيب إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثمَّ خرج حتَّى يأتي المسجد فلم يتخطَّ رقاب النَّاس حتَّى ركع ما شاء أن يركع ثمَّ أنصت (4) إذا اخرج الإمام فلم يتكلَّم حتَّى يفرغ من صلاته (5) كانت كفَّارة لما بينها وبين الجمعة التى قبلها (6) قال وكان

_ مسجدهم وذهب بعض الذى كان يؤذى بعضُهم بعضا من العرق" (1541) عن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عمرة عن عائشة "الحديث" {غريبه} (1) رواية أبى داود مُهَّان بضم الميم وتشديد الهاء جمع ماهن ككتاب جمع كاتب، وقال الحافظ أبو موسى مهان بكسر الميم والتخفيف جمع ماهن كقيام وصيام جمع قائم وصائم (وفى رواية البخارى) مَهَنة أنفسهم جمع ماهن أيضاً ككتبة جمع كاتب والماهن الخادم، والمعنى أنهم كانوا يخدمون أنفسهم؛ لأنه لم يكن لديهم خدم لفقرهم كما قدمنا، وكل عامل يباشر عملاً شاقاً لابد أن يعرق، ولاسيما فى البلاد الحارة فينتج من هذا العرق ريح كريهة فأمروا بالاغتسال للتنظيف ولأزالة الريح الكريهة (2) أي يذهبون إلى صلاة الجمعة بحالتهم التي هم عليها من العرق والوسخ فتظهر لهم رائحة كريهة (3) أى لكان أفضل وأطيب {تخريجه} (ق. د. والطحاوى. وغيرهم) (1542) عن أبى سعيد الخدرى وأبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن محمد بن إسحاق ثنا محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف وأبى أمامة بن سهل بن حنيف عن أبى سعيد الخدرى وأبى هريرة "الحديث" {غريبه} (4) أى استمع الخطبة (5) أى حتى ينتهى الأمام منها (وفى رواية مسلم) حتى يفرغ من خطبته، ويستفاد منها أن الكلام بعد الخطبة وقبل الأحرام بالصلاة جائز (6) يعنى الخصال المتقدمة وهى الغسل والسواك ومس

-[فضل لبس الثياب الحسنة والطيب والدهن للجمعة]- أبو هريرة يقول وثلاثة أيَّام زيادة (1) إنَّ الله جعل الحسنة بعشر أمثالها. (1543) عن أبى ذر رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قال من اغتسل أو تطهَّر (2) فأحسن الطُّهور ولبس من أحسن ثيابه ومسَّ ما كتب الله له من طيب (3) أو دهن أهله (4) ثمَّ أتى الجمعة فلم يلغ (5) ولم يفرِّق بين اثنين (6) غفر له ما بينه وبين الجمعة الأخرى (ومن طريق ثانٍ) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا يونس ثنا ليث عن محمَّدٍ يعنى ابن عجلان عن

_ الطيب ولبس الثياب الحسنة وعدم التخطى، والانصات للخطبة تمحو الذنوب التى حصلت منه، من صلاة الجمعة السابقة الى فراغه من صلاة الجمعة التى هو فيها (1) أى من التى بعدها كما فى رواية ابن حبان، لأن الزمن من صلاة الجمعة السابقة إلى صلاة التي تليها بعد أسبوعاً كاملاً، فاذا زدنا ثلاثة أيام كما فى رواية أبى هريرة صار المجموع عشرة أيام، فصلاة الجمعة فى يوم واحد كفرت ذنوب عشرة أيام، لأن الله عز وجل جعل الحسنة بعشر أمثالها، والمراد هنا تكفير الذنوب الصغائر كما يستفاد من بعض الروايات الصحيحة، فعند ابن ماجه ما لم يغش الكبائر، وعند مسلم نحو ذلك، وظاهر الحديث أن تكفير الذنوب من الجمعة إلى الجمعة مشروط بوجود جميع الخصال المذكورة فى الحديث وترك الكبائر كما فى الروايات الأخرى والله أعلم {تخريجه} (م. د) (1543) عن أبى ذر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن ابن عجلان حدثنى سعيد عن أبيه عن عبد الله بن وديعة عن أبى ذر "الحديث" {غريبه} (2) أو للشك من الراوى (وقوله فأحسن الطهور) أى استوعب جميع جسمه بالغسل والنظافة (3) أى ما يسّره الله له (4) الدهن بضم الدال المهملة هو ما يدَّهن به من زيت ودهن سمسم ونحو ذلك من الأدهان المطيّبة، وإنما قال دهن أهله "أى زوجته" لأن الأدهان لا تستعمل إلا فى الشعر وهو خاص بالنساء غالباً، والمعنى أن من لم يتخذ لنفسه دهناً فليستعمل من دهن امرأته، وفيه إشارة الى التزين يوم الجمعة بالدهن لأزالة شعث الشعر وبالطيب لأزالة الريح الكريهة، فان لم يجد إلا أحدهما اقتصر عليه (5) أى لم يتكلم، لأن الكلام حال الخطبة لغو، يقال لغا يلغو كغزا يغزو، ولغِىَ يَلغَى كعمِىَ يَعمَى، ومن الثانى قوله تعالى {والغَوْا فيه} واللغو السقط وما لا يعتد به من كلام وغيره ولا يحصل منه على فائدة ولا نفع، وإنما كان مطلق الكلام فى حال الخطبة لغوًا لورود النهى عنه (6) أي لم يتخط

-[فضل الغسل للجمعة والانصات للخطيب]- سعيد بن أبي سعيدٍ عن أبيه عن عبد الله بن وديعة الخدريِّ عن أبى ذرّ رضى الله عنه (مثله وفيه) قال محمَّد فذكرت لعبادة بن عامر بن عمر وبن حزم فقال صدق وزيادة ثلاثة أيَّامٍ. (1544) وعن سلمان الخير (1) رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بنحو الطَّريق الأولى من الحديث السَّابق. (1545) وعنه أيضًا رضى الله عنه قال قال لى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أتدرى ما يوم الجمعة؟ قلت هو اليوم الَّذى جمع الله فيه أباكم (2) قال لكنِّى أدرى ما يوم الجمعة، لا يتطهَّر الرَّجل فيحسن طهوره ثمَّ يأتى الجمعة فينصت حتَّى يقضي الإمام

_ رقاب الناس كما فى بعض الروايات {تخريجه} (جه) بدون قوله وزيادة ثلاثة أيام وسنده جيد (1544) وعن سلمان الخير رضى الله عنه {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج بن محمد ثنا ابن أبى ذئب عن سعيد المقبرى قال أخبرنى أبى عن عبد الله بن وديعة عن سلمان الخير "الحديث" {غريبه} (1) هو أبو عبد الله سلمان الفارسى رضى الله عنه، ويقال له سلمان بن الاسلام وسلمان الخير، وقال ابن حبان من زعم أن سلمان الخير آخر فقد وهم، أصله من رام هرمز، وقيل من أصبهان، وكان قد سمع بأن النبى صلى الله عليه وسلم سيبعث فخرج فى طلب ذلك فأسرو بيع بالمدينة فاشتغل بالرق حتى كان أول مشاهده الخندق وفتوح العراق وولى المدائن؛ أفاده الحافظ فى الأصابة، وستأتى ترجمته مستوفاة فى كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى {تخريجه} (خ. نس) (1545) وعنه أيضاً {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم عن مغيرة عن أبى معشر عن إبراهيم عن قرئع الضبى عن سلمان الفارسى قال قال لى النبى صلى الله عليه وسلم "الحديث" {غريبه} (2) الظاهر أن سلمان فهم أن النبى صلى الله عليه وسلم يسأله عن سبب تسمية يوم الجمعة فأجابه بقوله "هو الذى جمع الله فيه أباكم" يعنى خلق آدم، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم "لكنى أدرى ما يوم الجمعة" يعنى لست أريد ما ذكرت؛ ولكنى أريد ما يعود على العبد من مزيد الفضل والثواب فى يوم الجمعة، ثم أخبره صلى الله عليه وسلم فقال "لا يتطهر الرجل" الخ

-[الإنكار على من خالف السنة وإن كان كبير القدر]- صلاته إلَّا كان كفَّارة له ما بينه وبين الجمعة المقبلة ما اجتنبت المقتلة (1) (1546) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال دخل رجل (2) ومن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد يوم الجمعة وعمر بن الخطَّاب رضى الله عنه يخطب النَّاس، فقال عمر أيَّة (3) ساعة هذه، فقال يا أمير المؤمنين انقلبت (4) من السُّوق فسمعت النِّداء (5) فما زدت على أن توضَّأت، فقال عمر والوضوء أيضًا (6) وقد علمت أنّ رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه

_ (1) يعني الكبائر التي تسبب لصاحبها الهلاك والوقوع تحت طائلة العقاب {تخريجه} أورده الهيثمى بزيادة "وذلك الدهر كله" بعد قوله ما اجتنبت المقتلة، وفيه هو الذى جمع الله فيه أبوك وأبويك وقال روى النسائى بعضه، ورواه الطبرانى فى الكبير وإسناده حسن (1546) عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبد الله قال قال أبى قرأت على عبد الرحمن بن مهدى عن مالك عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر "الحديث" {غريبه} (2) هو عثمان بن عفان رضى الله عنه كما سماه ابن وهب وابن القاسم عن مالك فى روايتهما للموطأ، وكذا سماه معمر عن الزهرى عند الشافعى، وعبد الرزاق وابن وهب فى روايته عن أسامة بن زيد الليثى عن نافع عن ابن عمر، وكذا سماه أبو هريرة عند مسلم، قال ابن عبد البر لا أعلم خلافاً فى ذلك (3) بشد التحتية تأنيث "أىّ" يستفهم بها، والساعة اسم لجزء من الزمان مقدر؛ ويطلق على الوقت الحاضر وهو المراد هنا، وهذا استفهام توبيخ وإنكار، كأنه يقول لم تأخرت إلى هذه الساعة؟ وقد ورد التصريح بالإنكار فى رواية أبى هريرة بلفظ "فقال عمر لم تحتسبون عن الصلاة" ولمسلم فعرّض به عمر، فقال "ما بال رجال يتأخرون بعد النداء" (قال الحافظ) والذي يظهر أن عمر قال ذلك كله فحفظ بعض الرواة ما لم يحفظه الآخر، ومراد عمر التلميح الى ساعات التبكير التى وقع الترغيب فيها وأنها اذا انقضت طوت الملائكة الصحف، وهذا من أحسن التعريضات وأرشق الكنايات، وفهم عثمان ذلك فبادر الى الاعتذار عن التأخير اهـ (4) أى رجعت من السوق، روى أشهب عن مالك فى العتبية أن الصحابة رضى الله عنهم كانوا يكرهون ترك العمل يوم الجمعة على نحو تعظيم اليهود السبت والنصارى الأحد (5) أى الأذان بين يدى الخطيب (وقوله فما زدت على أن توضأت) أى لم أشتغل بشئ إلا بالوضوء (6) أى فأنكر عليه عمر إنكارًا

-[الأمر بالغسل للجمعة]- وسلَّم كان يأمر بالغسل؟ عن أبى هريرة رضى الله عنه قال بينما عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه يخاطب (فذكر نحوه (1) وفيه) ألم تسمعوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول إذا راح أحدكم إل الجمعة فليغتسل. حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا أبو اليمان ثنا شعيب قال سئل الزُّهري هل فى الجمعة غسلٌ واجبٌ؟ فقال حدثنى سالم بن عبد الله بن عمر أنَّه سمع عبد الله بن عمر رضى الله عنهما يقول سمعت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم يقول من جاء منكم الجمعة (2) فليغتسل، وقال طاوس (3) قلت لابن عبَّاس ذكروا أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤسكم (4) وإن لم تكونوا

_ آخر على ترك السنة المؤكدة وهى الغسل بقوله والوضوء أيضاً بنصب الوضوء أى تركت الغسل وتوضأت الوضوء فقط {تخريجه} (ق. لك. هق) (1547) عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا حرب يعنى ابن شداد ثنا يحيى ثنا أبو سلمة ثنا أبو هريرة قال بينما عمر بن الخطاب رضى الله عنه يخطب إذ جاء رجل فجلس فقال عمر لم تحتسبون عن الجمعة؟ فقال الرجل يا أمير المؤمنين ما هو إلا أن سمعت النداء فتوضأت ثم أقبلت، فقال عمر رضى الله عنه وأيضاً، ألم تسمعوا "الحديث" {غريبه} (1) أى نحو حديث ابن عمر المتقدم {تخريجه} (م. د. هق) (1548) حدثنا عبد الله {غريبه} (2) المراد بالجمعة هنا اسم سبب الاجتماع وهو الصلاة لا اسم اليوم، لأن اليوم لا يؤتى، وكذلك يقال فى أمثاله، وفى القاموس الجمعة المجموعة ويوم الجمعة (3) هو ابن كيسان اليمانى ولم يسمّ طاوس من حدثه بذلك؛ والظاهر أنه أبو هريرة، لأن الطحاوى روى عن طاوس عن أبى هريرة نحوه، وكذلك رواه ابن خزيمة وابن حبان (4) ذكر غسل الرأس بعد ذكر الاغتسال، أما تأكيد لاغتسلوا من باب ذكر الخاص بعد العام وبيان لزيادة الاهتمام به، أو يراد بالأول الغسل المشهور الذي

-[حجة القائلين بوجوب الغسل للجمعة]- جنبًا وأصيبوا من الطِّيب، فقال ابن عبَّاس رضى الله عنهما أمَّا الغسل فنعم، وأمَّا الطِّيب فلا أدرى (1549) عن أبى سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال غسل الجمعة واجبٌ (1) على كلِّ محتلم (2) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم الغسل يوم الجمعة على كلِّ محتلم والسِّواك (3) وإنَّما يمسُّ من الطِّيب

_ هو كغسل الجنابة، وبالثانى التنظيف من الأذى واستعمال الدهن "وقول ابن عباس فلا أدرى" أى فلا أعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله {تخريجه} (ق. والأربعة. وغيرهم) وفى رواية لمسلم بلفظ "اذا أراد أحدكم أن يأتى الجمعة فليغتسل" وأخرج ابن حبان وابن خزيمة وغيرهما مرفوعاً "من أتى الجمعة فليغتسل" زاد ابن خزيمة "ومن لم يأتها فلا يغتسل" قال الحافظ فى التلخيص وله طرق كثيرة، وعدَّ أبو القاسم بن منده من رواه عن نافع عن ابن عمر فبلغوا ثلاثمائة، وعدَّ من رواه غير ابن عمر فبلغوا أربعة وعشرين صحابياً، وقد جمعت طرقه عن نافع فبلغوا مائة وعشرين نفساً اهـ (1549) عن أبى سعيد الخدرى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدرى "الحديث" {غريبه} (1) قال الخطابى معناه وجوب الاختيار والاستحباب دون وجوب الفرض كما يقول الرجل لصاحبه حقك علىَّ واجب وأنا أوجب حقك وليس بمعنى اللزوم الذى لا يسع غيره ويشهد لصحة هذا التأويل حديث عمر اهـ يعنى حديث عمر مع عثمان حين لامه وهو عل المنبر ولم يغتسل عثمان، وسيأتى الكلام على ذلك فى الأحكام (2) أى بالغ وإنما ذكر الاحتلام لكونه الغالب، ومثله من بلغ بالسن ولم يحتلم أو بعلامة أخرى من علامات البلوغ كأنبات العانة ونحو ذلك {تخريجه} (ق. لك. د. نس. جه. هق) (1550) وعنه أيضاً {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا إسحاق قال أنا ابن لهيعة عن بكير عن أبى بكر بن المنكدر عن عمرو بن سليم الزرقى عن عبد الرحمن بن أبى سعيد الخدرى عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الغسل يوم الجمعة على كل محتلم "الحديث" {غريبه} (3) احتج به الجمهور فى عدم وجوب الغسل

-[حجة القائلين بوجوب غسل الجمعة]- ما يقدر عليه ولو من أهله (1551) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال حقُّ الله على كلِّ مسلم (1) أن يغتسل في كلِّ سبعة أيَّام (2) يغسل رأسه وجسده (3) (1552) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على كلِّ مسلم غسلٌ في سبعة أيَّاٍم كلَّ جمعةٍ (4)

_ للجمعة لعطف السواك عليه والسواك غير واجب، وأجاب المخالفون بأن العطف لا يقتضى التشريك من جميع الوجوه، فالقدر المشترك هنا تأكيد الطلب للجميع والله أعلم {تخريجه} (ق. د. نس) (1551) عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال نحن الآخرون السابقون يوم القيامة بيد أن كل أمة أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهذا اليوم الذي اختلفوا فيه فهدانا الله عز وجل له، فغدًا لليهود وبعد غد للنصارى، فسكت فقال حق الله على كل مسلم "الحديث" {غريبه} (1) هو من أدلة القائلين بوجوب الغسل للجمعة وسيأتى ذكرهم فى الأحكام، وحمله القائلون بعدم الوجوب على التأكيد لا الحق الواجب المستلزم للعقاب (2) لم يبين اليوم الذى يغتسل فيه، وكذلك أبهمه فى رواية البخارى ولفظه "لله تعالى على كل مسلم حق أن يغتسل فى كل سبعة أيام يوماً" قال الحافظ وقد بينه جابر فى حديثه عند النسائى بلفظ "الغسل واجب على كل مسلم فى كل أسبوع يومًا وهو يوم الجمعة" وصححه ابن خزيمة {ولسعيد بن منصور} وأبى بكر بن أبى شيبة من حديث البراء بن عازب مرفوعاً نحوه ولفظه "إن من الحق على المسلم أن يغتسل يوم الجمعة الحديث" اهـ {قلت} حديث جابر الذى أشار إليه الحافظ رواه أيضاً الأمام أحمد وهو الآتى بعد هذا؛ وفيه ما يشعر بذلك، ولكن رواية النسائى أصرح منه (3) ذكر الجسد بعد الرأس من باب ذكر العام بعد الخاص وهو يشعر بالاعتناء بغسل الرأس وتنظيفه {تخريجه} (ق. نس. وغيرهم) (1552) عن جابر بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بشر ابن المفضل عن داود عن أبى الزبير عن جابر "الحديث" {غريبه} (4) أى كل يوم جمعة كما صرح بذلك عند النسائي وتقدم لفظه {تخريجه} (نس) وصححه ابن خزيمة،

-[حجة القائلين بعدم وجوب غسل الجمعة]- (1553) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من توضَّأ يوم الجمعة فيها ونعمت (1) ومن اغتسل فهو أفضل. (1554) عن البراء بن عازب رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ من الحقِّ على المسلمين أن يغتسل أحدهم يوم الجمعة وأن يمسَّ من طيبٍ إن كان عند أهله، فإن لم يكن عندهم طيبٌ فإنَّ الماء أطيب (2) (1555) عن محمَّد بن عيد الرحمن بن ثوبان عن شيخٍ من الأنصار قال

_ وتقدم الكلام عليه فى الذى قبله (1553) عن سمرة بن جندب {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى وأبو داود قالا ثنا همام عن قتادة عن الحسن بن سمرة بن جندب الخ {غريبه} (1) أى فبطهارة الوضوء حصل الواجب والتاء فى نعمت للتأنيث قاله العراقى، وقيل ونعمت الخصلة هى أى الطهارة قاله أبو حاتم، وقيل فبرخصة الوضوء أخذ ونعمت الرخصة لان السنة الغسل، قاله أبو حامد الشاركى؛ وهو من حجج القائلين بعدم وجوب الغسل للجمعة {تخريجه} (د. نس. خز. مذ) وحسنه، ورواه ابن ماجه من حديث جابر ابن سمرة، وروى عن قتادة عن الحسن عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسلاً، قال الحافظ والصواب كما قال الدارقطنى عن قتادة عن الحسن عن سمرة، وكذا قال العقيلى، قال فى الأمام من يحمل رواية الحسن عن سمرة يصحح هذا الحديث وهو مذهب على بن المدينى كما نقله عنه البخارى والترمذى والحاكم وغيرهم أفاده الحافظ فى التلخيص (1554) عن البراء بن عازب {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم عن يزيد بن أبى زياد عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن البراء بن عازب "الحديث" {غريبه} (2) أي فيكتفى بالغسل لأنه اشد تأكيدًا، وتقدم الكلام على معناه فيما سبق {تخريجه} (ش) وفى إسناده يزيد بن أبى زياد كان من أئمة الشيعة الكبار، وقال ابن عدى يكتب حديثه، وقال الحافظ شمس الدين الذهبى هو صدوق ردئ الحفظ، قال مطين مات سنة سبع وثلاثين ومائة، روى له مسلم مقروناً "خلاصة" وفى التهذيب قال أبو زرعة يكتب حديثه، وقال ابن معين ضعيف الحديث لا يحتج بحديثه، وقال أبو داود لا أعلم أحداً ترك حديثه وغيره أحب إلىّ منه اهـ (1555) عن محمد بن عبد الرحمن {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[فضل الغسل والتبكير للجمعة]- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حقٌّ على كلِّ مسلمٍ الغسل والطِّيب والسِّواك يوم الجمعة عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال من غسَّل (1) واغتسل وغدا (2) وابتكر ودنا فاقترب واستمع وأنصت كان ل بكلِّ خطوةٍ (3) يخطوها

_ وكيع عن سفيان عن سعد بن إبراهيم عن محمد بن عبد الرحمن الخ {تخريجه} لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده الهيثمى وعزاه للأمام أحمد فقط وقال رجاله رجال الصحيح {قلت} وهو من أدلة القائلين بعدم وجوب الغسل، لأن السواك والطيب غير واجبين قطعا، وقد اشتركا معه فى الحكم، وسيأتى الكلام عليه فى الأحكام (1556) عن عبد الله بن عمرو بن العاص {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا ثور بن يزيد عن عثمان الشامى أنه سمع أبا الأشعث الصنعانى عن أوس بن أوس الثقفى عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبى صلى الله عليه وسلم "الحديث" {غريبه} (1) روى بالتشديد والتخفيف، قيل أراد به غسل رأسه وبقوله اغتسل غسل سائر بدنه، وقيل جامع زوجته فأوجب عليها الغسل فكأنه غسلها واغتسل فى نفسه، وقيل كرر ذلك للتأكيد، ويرجح التفسير الأول ما فى رواية أبى داود فى هذا الحديث بلفظ "من غسل رأسه واغتسل" وما رواه البخارى والأمام أحمد عن طاوس "قلت لابن عباس ذكروا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال اغتسلوا يوم الجمعة واغسلوا رؤسكم" وتقدم آنفاً، وقال الترمذي عقب ذكر الحديث قال محمود "يعنى ابن غيلان شيخ الترمذى" قال وكيع اغتسل هو وغسَّل امرأته، ويروى عن المبارك أنه قال فى هذا الحديث من غسَّل واغتسل يعنى غسَّل رأسه واغتسل اهـ (وفى النهاية) ذهب كثير من الناس أن غسَّل أراد به المجامعة قبل الخروج إلى الصلاة، لأن ذلك يجمع غض الطرف فى الطريق يقال غسَّل الرجل امرأته بالتشديد والتخفيف اذا جامعها، وقد روى مخففًا وقيل أراد غسَّل غيره واغتسل هو لأنه إذا جامع زوجته أحوجها الى الغسل اهـ (2) أى راح فى أول الوقت وابتكر أى أدرك أول الخطبة ورجحه العراقى، وفى لفظ (وبكّر "بالتشديد" وابتكر) قيل كرره للتأكيد، وبه جزم ابن العربى، وفى رواية للأمام أحمد وأبى داود ومشى ولم يركب (وقوله واقترب) أى دنا من الأمام كما صرح به فى بعض الروايات (واستمع) أى الخطبة (وأنصت) تأكيد لاستمع (3) بضم الخاء المعجمة وهى بعد ما بين القدمين حين المشى وجمعه خطى وخطُوات كغرف

-[فضل المشي على القدم للجمعة والاقتراب من الامام والانصات]- أجر قيام سنةٍ وصيامها (1) وعن أوس بن أوس النَّقفىِّ رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم مثله (وفى لفظٍ إذا كان يوم الجمعة فغسل أحدكم رأسه واغتسل ثمَّ غدا الخ) (وعنه من طريقٍ ثانٍ (2) بنحوه وفيه) وخرج يمشى ولم يركب ثمَّ دنا من الإمام فأنصت ولم يلغ كان له كأجر سنة صيامها وقيامها

_ وغرفُات (بفتح الخاء) المرة وجمعها خطوات كسجدة وسَجَدات (1) المعنى أن من جمع هذه الأمور باخلاص لله تعالى استحق هذا الثواب الجزيل وفضل الله واسع {تخريجه} لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وقال المنذرى والهيثمى رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح {قلت} وروى نحوه الأربعة من حديث أوس بن أوس الثقفى، وسيأتى للأمام أحمد أيضاً بعد هذا الحديث (1557) وعن أوس بن أوس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد الزبيرى قال ثنا سفيان عن عبد الله بن عيسى عن يحيى بن الحارث عن أبى الأشعث الصنعانى عن أوس بن أوس الثقفى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من غسّل واغتسل ثم غدا فابتكر وجلس من الأمام قريبا فاستمع وأنصت كان له لكل خطوة أجر سنة صيامها وقيامها" (2) {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن إسحاق قال أنا على بن المبارك قال أنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثنى عبد الرحمن الدمشقى قال حدثنى أبو الأشعث قال حدثنى أوس بن أوس الثقفى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر الجمعة فقال "من غسّل واغتسل ثم غدا وابتكر وخرج يمشى ولم يركب ثم دنا من الأمام فأنصت ولم يلغ كان له كأجر سنة صيامها وقيامها" قال وزعم يحيى بن الحارث أنه حفظ عن أبى الأشعث أنه قال بكل خطوة كأجر سنة صيامها وقيامها، قال يحيى ولم أسمعه يقول مشى ولم يركب {قلت} ثبت هذا اللفظ عند أبى داود والنسائى وابن ماجه {تخريجه} (الأربعة. وغيرهم) وقد ذكر الأمام أحمد لهذا الحديث سبع طرق اخترت أجودها إسناداً وأكثرها معنى، وحسن الترمذى هذا الحديث وسكت عليه أبو داود والمنذرى؛ ورواه الطبرانى بإسناد قال العراقى حسن عن أوس المذكور وكثرة طرقه تعضده، ويعضده أيضاً حديث عبد الله ابن عمرو بن العاص المتقدم والله أعلم

-[فضل الغسل والطيب والملابس الحسنة ليوم الجمعة]- (1558) عن أبي أيُّوب الأنصارىِّ رضى الله عنه قال سمعت رسول الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول من اغتسل يوم الجمعة ومسَّ من طيبٍ إن كان عنده ولبس من أحسن ثيابه ثمَّ خرج حتَّى يأتي المسجد فيركع إن بدا له ولم يؤذ أحدًا ثمَّ أنصت إذا خرج إمامه حتَّى يصلِّى كانت كفَّارةً لما بينها وبين الجمعة الأخرى. عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول صلى الله عليه وسلم من توضَّأ يوم الجمعة فأحسن الوضوء (1) ثمَّ أتى الجمعة فدنا وأنصت واستمع (2) غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيَّامٍ، وقال ومن مسَّ الحصى فقد لغا (3)

_ (1558) عن أبي أيوب {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن محمد بن إسحاق حدثنى محمد بن إبراهيم التيمي عن عمران بن أبى يحيى عن عبد الله ابن كعب بن مالك عن أبى أيوب الأنصارى "الحديث" وفى آخره وقال "يعنى عمران بن أبى يحيى" فى موضع آخر إن عبد الله بن كعب بن مالك السلمى حدثه أن أبا أيوب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من اغتسل يوم الجمعة وزاد فيه ثم خرج وعليه السكينة حق يأتى المسجد" {تخريجه} أورده المنذرى وقال رواه احمد والطبرانى وابن خزيمة فى صحيحه ورواه أحمد ثقات اهـ وكذلك قال الهيثمى إلا أنه لم يعزه لابن خزيمة (1559) عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة "الحديث" {غريبه} (1) إحسان الوضوء الأتيان به ثلاثاً ثلاثاً ودلك الأعضاء وإطالة الغرة والتحجيل وتقديم الميامن والاتيان بسننه المشهورة (2) هما شيئان متمايزان وقد يجتمعان، فالاستماع الاصغاء، والانصات السكوت، ولهذا قال الله تعالى {وإذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} (3) المراد بمس الحصى العبث به والاشتغال بذلك عن سماع الخطبة، وكانت المساجد تفرش بالحصى، ومثله التلهي بنقش البسط والحصر التي تفرش بها المساجد الآن، وكذا كل شيء يلهى عن الاستماع، وفيه إشارة إلى إقبال القلب والجوارح على الخطبة (وقوله فقط لغا) تقدم تفسيره فى شرح حديث أبى ذر من هذا الباب رقم 1543 {تخريجه} (م. وغيره)

-[أحاديث وردت في الباب غير ما تقدم وحجة القائلين بوجوب الغسل للجمعة]- .....

_ {وفي الباب عن أبى أمامة} رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اغتسلوا يوم الجمعة فإنه من اغتسل يوم الجمعة فله كفارة ما بين الجمعة إلى الجمعة وزيادة ثلاثة أيام" رواه الطبرانى في الكبير قال العراقي وإسناده حسن {وعن ابن عباس} رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من غسَّل واغتسل يوم الجمعة ثم دنا حيث يسمع خطبة الأمام فاذا خرج استمع وأنصت حتى يصليها معه كتب له بكل خطوة يخطوها عبادة سنة قيامها وصيامها" {وعن أبى بكر رضى الله عنه} قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من اغتسل يوم الجمعة كفرت عنه ذنوبه وخطاياه، فإذا أخذ في المسير كتب له بكل خطوة عشرون حسنة، فإذا انصرف من الصلاة أجيز بعمل مائتى سنة" رواه الطبرانى وفى إسناده الضحاك بن حُمرة، وقد ضعفه ابن معين والنسائى والجمهور، وذكره ابن حبان فى الثقات، وللحديث طرق أخرى عند الطبرانى {الأحكام} أحاديث الباب تدل على مشروعية الغسل للجمعة وسببه وعلى مشروعية التجمل لها بالثياب الحسنة والدهن وغير ذلك، وأفضل الثياب البياض لورود الأحاديث بذلك، وستأتى فى الباب الأول من كتاب اللباس إن شاء الله {وفيها أيضاً} استحباب المشى للجمعة لما فى حديث أوس بن أوس "وخرج يمشى ولم يركب" وفى قوله ولم يركب بعد قوله يمشى معنى دقيق (قال الخطابى) عن الأثرم إنه للتأكيد وانهما بمعنى، واختار النووى أنه احتراز من شيئين (أحدهما) نفى توهم حمل المشى على المضى والذهاب وإن كان راكباً (والثانى) نفى الركوب بالكلية، لأنه لو اقتصر على مشى لاحتمل أن المراد وجود شئ من المشى ولو فى بعض الطريق فنفى ذلك الاحتمال وبيّن أن المراد مشى جميع الطريق ولم يركب فى شئ منها اهـ وهذا لغير المعذور، أما المعذور كالمريض مثلاً فلا بأس بركوبه {وفيها} أن من فعل كل هذه الخصال كان له فضل عظيم وثواب جسيم {وقد اتفق العلماء} على استحباب ذلك كله إلا الغسل ففيه خلاف بين العلماء، فبعضهم يقول إنه واجب وبعضهم يقول إنه سنة (قال النووى) رحمه الله مذهبنا انه سنة ليس بواجب يعصى بتركه بل له حكم سائر المندوبات، وبهذا قال مالك وأبو حنيفة وأحمد وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وقال بعض أهل الظاهر هو فرض، وحكاه ابن المنذر عن أبى هريرة رضى الله عنه {قلت وحكاه عن عمار بن ياسر أيضاً، وحكاه ابن حزم عن عمر بن الخطاب وابن عباس وأبى سعيد وغيرهم من الصحابة والتابعين} قال وحكاه "غسل الجمعة واجب على كل محتلم" وبحديث "من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل" وهما في الصحيحين {واحتج أصحابنا والجمهور} بقوله صلى الله عليه وسلم "من توضأ فبها ونعمت

-[مذاهب العلماء في حكم الغسل يوم الجمعة وحجج القائلين بعدم الوجوب]- .....

_ ومن اغتسل فالغسل أفضل" وفيه دليلان على عدم الوجوب (أحدهما) قوله صلى الله عليه وسلم "فبها" قال الأزهرى والخطابى قال الأصمعى معناه فبالسنة أخذ ونعمت السنة، قال الخطابى ونعمت الخصلة أو نعمت الفعلة أو نحو ذلك، قال وإنما ظهرت تاء التأنيث لأضمار السنة أو الخصلة أو الفعلة، وحكى الهروى فى الغريبين عن الأصمعى ما سبق، ثم قال وسمعت الفقيه أبا حاتم الشاركى يقول معناه فبالرخصة أخذ، لأن السنة يوم الجمعة الغسل، وقال صاحب الشامل فبالفريضة أخذ، ولعل الأصمعى أراد بقوله فبالسنة أى فيما جوزته السنة (قال النووى) وعلى كل قول فى تفسيره تحصل الدلالة (والثانى) قوله صلى الله عليه وسلم "فالغسل أفضل" والأصل فى أفعل التفضيل أن يدخل على مشتركين فى الفضل يرجح أحدهما فيه {واحتجوا أيضاً بحديث أبى هريرة} أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فدنا واستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام" رواه مسلم وغيره، {وبحديث أبى هريرة أيضاً} قال بينما عمر بن الخطاب يخطب الناس يوم الجمعة إذ دخل عثمان فأعرض عنه عمر فقال ما بال رجال يتأخرون بعد النداء، فقال عثمان مازدت حين سمعت النداء أن توضأت ثم أقبلت، فقال عمر والوضوء أيضاً؟ ألم تسمعوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إذا جاء أحدكم الى الجمعة فليغتسل" رواه البخارى ومسلم وهذا لفظ مسلم، وفى رواية للبخارى دخل رجل ولم يسم عثمان، وموضع الدلالة أن عمر وعثمان ومن حضر الجمعة وهم الجم الغفير أقروا عثمان على ترك الغسل ولم يأمروه بالرجوع له؛ ولو كان واجباً لم يتركه ولم يتركوا أمره بالرجوع له {وبحديث عائشة} قالت كان الناس ينتابون الجمعة من منازلهم ومن العوالى فيأتون فى العباء ويصيبهم الغبار فتخرج منهم الريح فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم إنسان منهم وهو عندها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو أنكم تطهرتم ليومكم هذا" رواه البخارى ومسلم {وعن ابن عباس} قال "غسل الجمعة ليس بواجب ولكنه أطهر وخير لمن اغتسل وسأخبركم كيف كان بدء الغسل فذكر نحو حديث عائشة" رواه أبو داود باسناد حسن (والجواب) عما احتجوا به أنه محمول على الاستحباب جمعًا بين الأدلة والله أعلم اهـ ج {قلت} وقال القرطبي فى تقرير الاستدلال على الاستحباب بحديث أبى هريرة عند مسلم "من توضأ فأحسن الوضوء إلى آخره الذي ذكر آنفاً" ما لفظه، ذكر الوضوء وما معه مرتباً عليه الثواب المقتضى للصحة يدل على أن الوضوء كاف، قال الحافظ في التلخيص إنه من أقوى ما استدل به على عدم فرضية الغسل يوم الجمعة {واحتجوا أيضاً} لعدم الوجوب بحديث أبى سعيد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "غسل الجمعة واجب على كل محتلم والسواك وأن يمس من الطيب ما يقدر عليه" رواه الشيخان والأمام أحمد وهو من أحاديث الباب،

-[مسائل تختص بغسل الجمعة]- .....

_ قال صاحب المنتقى وهذا يدل على أنه أراد بلفظ الوجوب تأكيد استحبابه كما تقول حقك علىّ واجب والعدة دين بدليل أنه قرنه بما ليس بواجب بالأجماع وهو السواك والطيب اهـ {ومن حججهم أيضاً} (حديث أوس بن أوس) المذكور فى الباب، ووجه دلالته جعله قريناً للتبكير والمشى والدنو من الأمام وليست بواجبة فيكون مثلها {وحديث عائشة رضى الله عنها} الثانى من أحاديث الباب، ووجه دلالته أنهم إنما أمروا بالاغتسال لأجل تلك الروائح الكريهة فاذا زالت زال الوجوب {وفى حديث ابن عمر الذى فى الباب} دليل على تعليق الأمر بالغسل بالمجئ إلى الجمعة، والمراد إرادة المجئ وقصد الشروع فيه، وقد اختلف فى ذلك على ثلاثة أقوال (الأول) اشتراط الاتصال بين الغسل والرواح، وإليه ذهب {مالك} (والثانى) عدم الاشتراط لكن لا يجزئ فعله بعد صلاة الجمعة ويستحب تأخيره إلى الذهاب وإليه {ذهب الجمهور} (والثالث) أنه لا يشترط تقديم الغسل على صلاة الجمعة بل لو اغتسل قبل الغروب أجزأ عنه {وإليه ذهب داود} ونصره ابن حزم، واستبعده ابن دقيق العيد وقال يكاد يجزم ببطلانه، وادعي ابن عبد البر الأجماع على أن من اغتسل بعد الصلاة لم يغتسل للجمعة، واستدل مالك بحديث ابن عمر ونحوه، واستدل الجمهور وداود بالأحاديث التى أطلق فيها يوم الجمعة، لكن استدل الجمهور على عدم الاجتزاء به بعد الصلاة بأن الغسل لأزالة الروائح الكريهة؛ والمقصود عدم تأذى الحاضرين وذلك لا يتأتى بعد إقامة الجمعة {وقد ذكر النووى} رحمه الله فى المجموع جملة مسائل تختص بغسل الجمعة مع بيان مذاهب الأئمة فيها آثرت ذكرها لما فيها من الفوائد {منها} قوله لو اغتسل للجمعة قبل الفجر لم يجزئه على الصحيح من مذهبنا، وبه قال جماهير العلماء، وقال الأوزاعى يجزئه {ومنها} قوله لو اغتسل لها بعد طلوع الفجر أجزأه عندنا وعند الجمهور، حكاه ابن المنذر عن الحسن ومجاهد والنخعى والثورى وأحمد وإسحاق وأبى ثور {وقال مالك} لا يجزئه إلا عند الذهاب الى الجمعة وكلهم يقولون لا يجزئه قبل الفجر إلا الأوزاعى فقال يجزئه الاغتسال قبل طلوع الفجر للجنابة والجمعة {ومنها} قوله لو اغتسل للجمعة ثم أجنب لم يبطل غسله عندنا وعند الجمهور {وقل الأوزاعى يبطل} ولو أحدث لم يبطل بالأجماع؛ واختلفوا فى استحباب إعادة الغسل، فمذهبنا أنه لا يستحب، وحكاه ابن المنذر عن الحسن ومجاهد ومالك والأوزاعى، قال وبه أقول، وحكى عن طاوس والزهرى وقتادة ويحيى بن أبى كثير استحبابه {ومنها} قال ابن المنذر أكثر العلماء يقولون يجزئ غسل واحد عن الجنابة والجمعة، وهو قول ابن عمر رضى الله عنهما ومجاهد ومكحول ومالك والنووى والأوزاعى والشافعى وأبو ثور {وقال أحمد} أرجو أن يجزئه، وقال أبو قتادة

-[بقية مسائل تختص بغسل الجمعة]- (7) باب فضل التبكير الى الجمعة (والمشى لها دون الركوب والدنو من الامام والانصات للخطية وغير ذلك) ز عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال من اغتسل يوم الجمعة في حديث عبد الرَّحمن غسل الجنابة (1)

_ الصحابي رضي الله عنه لمن اغتسل للجنابة أعد غسلاً للجمعة، وقال بعض الظاهرية لا يجزئه {ومنها} المسافر إذا لم يرد حضور الجمعة لا يستحب له الغسل عندنا، قال ابن المنذر وممن تركه فى السفر ابن عمرو وعلقمة وعطاء، قال وروى عن طلحة بن عبيد الله أنه كان يغتسل فى السفر يوم الجمعة، وعن طاوس ومجاهد مثله {ومنها} المرأة إذا حضرت الجمعة استحب لها الغسل عندنا، وبه قال مالك والجمهور {وقال أحمد} لا تغتسل، دليلنا على الجميع قوله صلى الله عليه وسلم "من جاء منكم إلى الجمعة فليغتسل" وعلى مالك اشتراط الذهاب عقب الغسل قوله صلى الله عليه وسلم "من اغتسل يوم الجمعة ثم رح الخ الحديث" ولفظ ثم للتراخى، وعلى أحمد فى المرأة حديث ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "من أتى الجمعة من الرجال والنساء فليغتسل ومن لم يأتها فليس عليه غسل من الرجال والنساء" رواه البيهقى بهذا اللفظ باسناد صحيح، ولأنه ليس فيه تطيب ولا تزين اهـ (1560) "ز" عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك قال وثنا إسحاق قال أنا مالك عن سمىّ مولى أبى بكر عن أبى صالح السماك عن أبى هريرة "الحديث" {غريبه} (1) معنى هذا أن عبد الله بن الأمام أحمد رحمهما الله روى هذا الحديث من طريقتين كما ترى فى السند، الطريق الأولى عن عبد الرحمن بن مهدى عن مالك، والطريق الثانية عن إسحاق عن مالك، فروى عن عبد الرحمن "من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح الحديث" باثبات لفظ غسل الجنابة؛ وروى عن إسحاق "من اغتسل يوم الجمعة ثم راح" بدون لفظ غسل الجنابة، وهذا الحديث من زوائد عبد الله على مسند أبيه، ولذا رمزت له بحرف زاى فى أول الحديث كما أشرت إلى ذلك فى المقدمة، وثبت هذا اللفظ فى رواية البخارى عن عبد الله بن يوسف، وفى رواية مسلم عن قتيبة بن سعيد كلاهما عن مالك، وفى رواية أبى داود عن عبد الله بن مسلمة عن مالك أيضاً (ولفظ غُسلَ) منصوب نعت لمقدر محذوف أى غسلا كغسل الجنابة، وظاهره أن التشبيه للكيفية لا للحكم كقوله تعالى {وهى تمر مرَّ السحاب) ويؤيد ذلك

-[فضل التبكير إلى الجمعة]- ثمَّ راح فكأنَّما قرَّب بدنة (1) ومن راح في السَّاعة الثَّانية فكأنَّما قرَّب بقرةً (2) ومن راح في السَّاعة الثَّالثة فكأنَّما مما قرَّب كبشا، قال إسحاق أقرن (3)

_ رواية ابن جريح عن سمىّ عند عبد الرزاق "فاغتسل أحدكم كما يغتسل من الجنابة" أى فى صفته، وقيل فيه إشارة إلى الجماع يوم الجمعة ليغتسل فيه من الجنابة، والحكمة فى ذلك أن تسكن نفسه فى الروح الى الصلاة ولا تمتد عينه الى شئ يراه، وأيضًا حمل المرأة على الاغتسال فى ذلك اليوم، وعليه حُمِل حديث من غسَّل واغتسل بالتشديد (قال النووى) ذهب بعض أصحابنا الى هذا وهو ضعيف أو باطل، والصواب الأول، وتعقبه الحافظ بأنه حكاه ابن قدامة عن احمد، وثبت أيضًا عن جماعة من التابعين، وقال القرطبي إنه أنسب الأقوال فلا وجه لادّعاء بطلانه وان كان الأول أرجح، ولعله عنى أنه باطل فى المذهب، قال الحافظ السيوطى ويؤيده حديث "أيعجز أحدكم أن يجامع أهله فى كل يوم جمعة فان له اجرين اثنين، أجر غسله وأجر امرأته" أخرجه البيهقى فى شعب الايمان من حديث أبى هريرة (1) رواية الأمام مالك فى الموطأ "ثم راح فى الساعة الأولى فكأنما قرَّب بدنة" والزواج يكون أول النهار وآخره، قال الأزهرى لغة العرب الرواح الذهاب سواء كان أول النهار أو آخره أو فى الليل {قلت} والمراد بالرواح هنا الذهاب أول النهار بدليل أحاديث التبكير، وفى بيان ساعة الرواح الى الجمعة خلاف بين العلماء سيأتى تحقيقه فى الأحكام، ومعنى قوله "فكأنما قرب بدنة" أى تصدق بها متقربًا الى الله تعالى، وفى رواية الزهرى عند البخارى بلفظ "كمثل الذى يهدى بدنه" وفى رواية أيضًا عند الامام احمد فى الطريق الثانى من هذا الحديث بلفظ "المهجر الى الجمعة كالمهدى بدنه" فكأن المراد بالقربان هنا الاهداء الى الكعبة، قال الطيبى وفى لفظ الاهداء جماع معنى التعظيم للجمعة، وان المبادرة اليها كمن ساق الهدى (والمراد بالبدنة) البعير ذكراً كان أو أنثى، والهاء فيه للوحدة لا للتأنيث، وحكى ابن التين أن مالكاً كان يتعجب ممن يخص البدنة بالأنثى، قال الزهرى البدنة لا تكون إلا من الأبل وصح ذلك عن عطاء، وأما الهدى فمن الأبل والبقر والغنم هذا لفظه، وحكى النووى عنه أنه قال البدنة تكون من الأبل والبقر والغنم، وكأنه خطأ نشأ عن سقط، وفى الصحاح البدنة ناقة أو بقرة تذبح بمكة سميت بذلك لأنهم كانوا يسمنونها اهـ واستدل به على أن البدنة تختص بالأبل لأنها قوبلت بالبقرة عند الاطلاق، وقسم الشئ لا يكون قسيمه، أشار الى ذلك ابن دقيق العيد (2) أى ذكراً أو أنثى فالتاء للوحدة لا للتأنيث (3) يعنى أن إسحاق قال فى روايته كبشاً اقرن، ولم يذكر عبد الرحمن في روايته

-[مراتب التبكير إلى الجمعة في الفضل]- ومن راح في السَّاعة الرَّابعة فكأنَّما قرَّب دجاجةً (1) ومن راح في الساعة الخامسة فكأنَّما قرَّب بيضة (2) فإذا خرج الإمام (3) أقبلت

_ لفظ أقرن، وثبت هذا اللفظ فى الصحيحين، والمراد بالكبش الذكر، ومعنى أقرن أى ذا قرنين (قال النووى) وصفه به لأنه اكمل وأحسن صورة ولأن قرنه ينتفع به (1) بفتح الدال وكسرها لغتان مشهورتان ويقع على الذكر والأنثى والتاء فيه للوحدة لا للتأنيث، قال الحافظ واستشكل التعبير فى الدجاجة والبيضة بقوله فى رواية الزهرى كالذى يهدى، لأن الهدى لا يكون منهما، وأجاب القاضى عياض تبعاً لابن بطال بأنه لما عطفه على ما قبله أعطاه حكمه فى اللفظ فيكون من الاتباع كقوله * متقلدًا سيفًا ورمحًا * وتعقبه ابن المنير فى الحاشية بأن شرط الاتباع أن لا يصرح باللفظ الثانى فلا يسوغ أن يقال متقلدًا سيفاً ومتقلداً رمحاً، والذى يظهر أنه من باب المشاكلة، والى ذلك اشار ابن العربى بقوله هو من تسمية الشئ باسم قرينه؛ وقال ابن دقيق العيد قوله قرب بيضة، وفى الرواية الأخرى كالذى يهدى يدل على أن المراد بالتقرب الهدى؛ وينشأ منه أن الهدى يطلق على مثل هذا حتى لو التزم هل يكفيه ذلك أو لا؟ انتهى والصحيح عند الشافعية الثانى، وكذا عند الحنفية والحنابلة {قلت والمالكية أيضًا} قال وهذا ينبنى على أن النظر هل يسلك به مسلك جائز الشرع أو واجبه؟ فعلى الأول يكفى أقل ما يتقرب به، وعلى الثانى يحمل على أقل ما يتقرب به من ذلك الجنس، ويقوّى الصحيح أيضًا أن المراد بالهدى هنا التصديق كما دل عليه لفظ التقرب والله أعلم اهـ (2) هى واحدة البيض والجمع بيوض، وقد جاء عند الأمام احمد من حديث أبى سعيد زيادةُ مَرتبةٍ بين الدجاجة والبيضة وهى العصفور، وسيأتى بعد الحديث التالى، ومثله للنسائى من طريق الليث عن ابن عجلان عن سمى عن أبى صالح عن أبى هريرة، وللنسائى عن أبى هريرة أيضًا من طريق عبد الأعلى عن معمر عن الزهرى زيادة بطة فقال فى الرابعة فكأنما قرب بطة وجعل الدجاجة فى الخامسة والبيضة فى السادسة، لكن خالفه عبد الرزاق فلم يذكرها وهو أثبت منه فى معمر، قال النووى فى الخلاصة هاتان الروايتان (يعنى روايتى النسائى) وإن صح إسنادهما فهما شاذتان لمخالفتهما الروايات المشهورة {قلت} رواية العصفور عند النسائي ليست شاذة، لأن لها شاهداً عند الأمام احمد من حديث أبى سعيد الآتى بسند آخر رجاله ثقات (3) أى من منزله ودخل الجامع أو من المكان المعدّ له فى الجامع؛ وقد استنبط الماوردى منه أن الامام لا يستجيب له المبادرة

-[مراتب التبكير إلى الجمعة في الفضل]- الملائكة (1) يستمعون الذِّكر (وفى لفظ) فإذا خرج الإمام طوت الملائكة الصُّحف (2) ودخلت تسمع الذِّكر (وعنه من طريق ثانٍ) (3) عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال المهجرِّ إلى الجمعة (4) المهدى بدنةً، ثمَّ الَّذى يليه كالمهدى بقرة، والَّذى يليه كالمهدى كبشًا حتَّى ذكر الدَّجاجة والبيضة (5)

_ بل يستحب له التأخير لوقت الخطبة، قال ويدخل الجامع من أقرب أبوابه الى المنبر وتعقبه الحافظ بأن ما قاله لا يظهر لأمكان أن يجمع بين الأمرين بأن يبكر ولا يخرج من المكان المعدّ له فى الجامع إلا اذا حضر الوقت أو يحمل على من ليس له مكان معدّ (1) أى دخلت الجامع كما فى اللفظ الآتى (وقوله يسمعون الذكر) أى الخطبة لاشتمالها على ذكر الله تعالى والثناء عليه، والمراد بالملائكة هنا الملائكة الذين وظيفتهم كتابة حاضرى الجمعة، وهم غير الحفظة (2) المراد بطى الصحف طى صحف الفضائل المتعلقة بالمبادرة الى الجمعة دون غيرها من سماع الخطبة وإدراك الصلاة والذكر والدعاء والخشوع ونحو ذلك فانه يكتبه الحافظان قطعا، وأخرج أبو نعيم فى الحلية عن ابن عمر رضى الله عنهما مرفوعاً "إذا كان يوم الجمعة بعث الله ملائكة بصحف من نور وأقلام من نور الحديث" فبين صفة الصحف ودل على أنهم غير الحفظة، وفى حديث الزهرى عند ابن ماجه (فمن جاء بعد ذلك "يعنى بعد طى الصحف" فانما يجئ لحق الصلاة) وفى رواية ابن جريح عن سمى زيادة فى آخره هى "ثم اذا استمع وأنصت غفر له من بين الجمعتين وزيادة ثلاثة أيام" وفى رواية عمر بن شعيب عن أبيه عن جده عند ابن خزيمة فيقول بعض الملائكة لبعض ما حبس فلاناً فتقول "اللهم إن كان ضالاً فاهده، وإن كان فقيراً فأغنه، وإن كان مريضاً فعافه" (3) {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن الزهرى عن سعيد بن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال المهجر الخ (4) قال فى النهاية التهجير التبكير الى كل شئ والمبادرة اليه يقال هجَّر يُهجِّر تهجيرًا فهو مُهجر، وهى لغة حجازية أراد المبادرة الى أول وقت الصلاة، وفى حديث الجمعة "فالمهجر اليها كالمهدى بدنة" أى المبكر اليها اهـ (5) المعنى أن درجات المبادرين الى الجمعة تتفاوت وأن نسبة الثانى من الأول نسبة البقرة الى البدنة فى القيمة مثلاً أو فى قدر ثواب مهديها أو المتصدق بها وهكذا والله أعلم {تخريجه} أخرج الطريق الأولى منه (ق. لك. هق. والأربعة) وأخرج الطريق الثانية (ق. نس. جه)

-[جلوس الملائكة على أبواب المساجد يوم الجمعة يكتبون الناس على قدر منازلهم في التبكير]- (1561) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تطلع الشَّمس ولا تغرب على يوم أفضل من يوم الجمعة، وما من دابة إلاَّ تفزع ليوم الجمعة إلاَّ هذين الثَّقلين من الجنِّ والإنس (1) على كلِّ بابٍ من أبواب المسجد ملكان (2) يكتبان (وفى لفظ ملائكة يكتبون) الأوَّل فالأوَّل فكر جلٍ قدم بدنةً. وكرجلٍ قدَّم بقرةً، وكرجلٍ قدَّم شاةً، وكرجلٍ قدَّم طائرًا، كرجل قدَّم بيضةً، فإذا قعد الإمام طويت الصُّحف عن أبى سعيد الخدريِّ رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنَّه قال إذا كان يوم الجمعة قعدت الملائكة على أبواب المساجد فيكتبون النَّاس من جاء منه النَّاس على منازلهم فرجل قدَّم جزورًا (3) ورجل قدَّم بقرةً، ورجلٌ قدَّم شاةً، ورجلٌ قدَّم دجاجةً، ورجلٌ قدَّم عصفورًا (4) ورجلً قدَّم

_ (1561) وعنه أيضاً {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا أنا ابن جريح أخبرنى العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبى عبد الله إسحاق أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تطلع الشمس "الحديث" {غريبه} (1) هذا الجزء من أول الحديث الى هنا تقدم شرحه فى الباب الأول من أبواب الجمعة (2) تثنية ملك؛ وفى اللفظ الثانى ملائكة بالجمع، وظاهر هذا التعارض، ويمكن الجمع باحتمال أن على كل باب ملائكة بالجمع منهم اثنان رؤساء، فعبَّر باللفظ الأول عن الرؤساء، وعبر باللفظ الثانى عن الجميع، وبهذا يزول الاشكال والله أعلم بحقيقة الحال {تخريجه} لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام أحمد وبعضه فى مسلم والنسائى ومعناه فى الصحيحين وغيرهما (1562) عن أبى سعيد {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" {غريبه} (3) الجزور والبعير ذكراً كان أو أنثى إلا أن اللفظة مؤنثة تقول هذه الجزور وإن أردت ذكراً، والجمع جزر وجزائر (نه) (4) هذه مرتبة زائدة عن المراتب المتقدمة من روايات أبى هريرة عند الامام أحمد ووافقه النسائي

-[إنتشار الشياطين يوم الجمعة وصدهم الناس عن التبكير لها]- بيضةً، قال فإذا أذَّن المؤذِّن وجلس الإمام على المنبر طويت الصُّحف (1) ودخلوا المسجد يستمعون الذكرِّ (1563) عن علىِّ بن أ [ى طالبٍ رضى الله عنه قال إذا كان يوم الجمعة خرج الشياطين يربِّثون (2) النَّاس إلى أسواقهم ومعهم الرَّايات، وتقعدا الملائكة على أبواب المساجد يكتبون النَّاس على قدر منازلهم، السَّابق والمصلَّى والذَذى يليه حتَّى يخرج الإمام، فمن دنا من الإمام وأنصت واستمع ولم يلغ كان له كفلان (3) من الأجر، ومن دنا من الإمام فلغا ولم ينصت ولم يستمع كان عليه

_ على هذه الزيادة، ولكن من رواية أبى هريرة، وتقدم الكلام على ذلك والله أعلم (1) تقدم فى الحديث الأول لأبى هريرة أن طى الصحف عند خروج الامام، وفى هذه الرواية عند جلوسه على المنبر، ويجمع بينهما بأن ابتداء طى الصحف عند ابتداء خروج الامام، وانتهاءه بجلوسه على المنبر؛ وقد جاء مثل هذه الرواية لأبى هريرة بلفظ "فإذا خرج الامام وقعد على المنبر طووا صحفهم" {تخريجه} (ص) فى مرسل طاوس، وأخرجه حميد بن زنجويه فى الترغيب له، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله ثقات وحسنه المنذرى، وروى نحوه النسائى من حديث أبى هريرة (1563) عن على بن أبى طالب رضى الله عنه {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن اسحاق أنبأنا عبد الله بن الحجاج بن أرطاة عن عطاء الخراسانى أنه حدث عن مولى امرأته عن على بن أبى طالب رضى الله عنه "الحديث" {غريبه} (2) هو بالباء الموحدة بعد الراء يقال ربَّثته عن الأمر اذا حبسته وثبَّطه، والربائث جمع ربيثة وهى الأمر الذى يحبس الانسان عن مهامّه (نه) ومعناه أن الشياطين تشغلهم وتقعدهم عن السعى الى الجمعة حتى تمضى الأوقات الفاضلة (والرايات) جمع راية وهى العلم الذى فى العسكر؛ فلعلها كناية عن طاعة الناس للشياطين واتّباعهم لهم كما يتبع الجيش حامل الراية والله أعلم (3) الكفل بكسر الكاف هو النصيب من الأجر أو الوزر، وانما كان له كفلان من الأجر لدنوه من الامام وإنصاته، لأن الدنّو من الامام خصلة مرغب فيها، وكذلك الانصات، فهما خصلتان لهذا كان له كفلان من الاجر (ومن نآى) ابتعد عن الامام بحيث جلس مجلسا لا يستمكن فيه من

-[فضل التبكير والدنو من الإمام والانصات للخطبة]- كفلان من الوزر (1) ومن نآى عنه (2) فلغا ولم ينصت ولم يستمع كان عليه كفل من الوزر، ومن قال صه (3) فقد تكلَّم، ومن تكلَّم فلا جمعة له، ثمَّ قال هكذا سمعت نبيَّكم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم (1564) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنَّ الملائكة يوم الجمعة على أبواب المساجد يكتبون النَّاس على منازلهم، جاء فلانٌ من ساعة كذا، جاء فلانٌ من ساعة كذا، جاء فلانٌ والإمام يخطب، جاء فلانٌ فأدرك الصَّلاة ولم يدرك الجمعة إذا لم يدرك الخطبة (4)

_ الاستماع والنظر كما صرح بذلك فى رواية أبى داود واستمع وأنصت ولم يلغ كان له كفل من الأجر لاستماعه وإنصاته وقد فاته ثواب الدنو من الامام (1) انما كان هذا عليه كفلان من الوزر لأن ننّوه من الامام يحتم عليه الانصات وعدم اللغو، فان لغا ربما هوش على الامام بلغوه فهو لم يفعل ما أمر به من الانصات ولم يجتنب ما نهى عنه من اللغو، فلذلك استحق كفلان من الوزر (2) أى بعد عن الامام بحيث لا يمكنه الاستماع ولغا كان عليه كفل من الوزر للغوه فقط (3) بسكون الهاء وتكسير منونة؛ وهى اسم فعل آمر وكلمة زجر للمتكلم بمعنى اسكت، وهذا من أبلغ عبارات التشديد فى النهى عن الكلام والامام يخطب، لأن معناه أن من قال للمتكلم اسكت صار متكلمًا يأثم بذلك النهى فما بالك بالمتكلم الأول (وقوله فلا جمعة له) يعنى أنه حرم من الثواب المترتب على صلاة الجمعة وكأنه صلاها ظهراً فضلاً عما يلحقه من الاثم سبب اللغو {تخريجه} (د. هق) بألفاظ متقاربة والمعنى واحد وفى إسناده رجل لم يسم وهو مولى امرأة عطاء الخراسانى مجهول لا يعرف ويؤيده ما بعده (1564) عن أبى هريرة {سنده} حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا على بن زيد عن أوس بن خالد عن أبى هريرة "الحديث" {غريبه} (4) المعنى أنه اذا لم يدرك الخطبة لم يدرك ثواب الجمعة ويكون ثوابه كثواب الصلوات المكتوبة غير الجمعة، لأن الجمعة لم تزد عن الصلوات الأخرى إلا الخطبتين ولم يحضرهما والله أعلم {تخريجه} لم أقف عليه بهذا اللفظ وفى إسناده على بن زيد بن جدعان مختلف فيه، وروى نحوه ابن ماجه؛ قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه وإسناده صحيح

-[فضل الإنصات للخطبة وعدم تخطي رقاب الناس والزجر عن اللغو والتخطي]- (1565) عن عمر بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يحضر الجمعة ثلاثةٌ، رجلٌ حضرها بدعاءٍ وصلاةٍ (1) فذلك رجلٌ دعا ربَّه إن شاء أعطاه وإن شاء منعه، ورجلٌ حضرها بسكوتٍ وإنصاتٍ (2) فذلك هو حقها، ورجلٌ يحضرها بلغو فذلك حظُّه منها (3) (وعنه من طريق ثانٍ (4) بنحوه وفيه) ورجلٌ حضرها بإنصات وسكوت ولم يتخط رقبة مسلم ولم يؤذ أحدًا (5) فهى كفَّارة له إلى الجمعة التي تليها (6) وزيادة ثلاثة أيَّام (7) فإنَّ الله يقول (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها)

_ (1565) عن عمرو بن شعيب {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا سعيد عن يوسف عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "الحديث" {غريبه} (1) أى اشتغل بدعاء وصلاة عن سماع الخطبة فهو تحت مشيئة الله عز وجل إن شاء قبل دعاءه أو صلاته، وإن شاء لم يقبل عقاباً له على ما حصل منه من اشتغاله بالدعاء أو الصلاة عن الخطبة، والصلاة المنهى عنها فى ذلك الوقت هى ما زاد عن ركعتين للداخل فقط، أما الجالس فلا يجوز له افتتاح صلاة مطلقاً والامام يخطب (2) يعنى بسكوت عن اللغو واستماع للخطبة فذلك هو المطلوب منه (3) أى اللغو نصيبه من حضور الجمعة وليس له نصيب من الأجر (4) {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان حدثنا يزيد ثنا حبيب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "يحضر الجمعة ثلاثاً فرجل حضرها يلغو فذاك حظه منها، ورجل حضرها بدعاء فهو رجل دعا الله عز وجل فان شاء أعطاه وإن شاء منعه، ورجل حضرها بانصات وسكوت الخ" (5) أي بأى نوع من أنواع الأذى، وتخطى الرقاب من الأذى، فقوله ولم يؤذ أحدًا من ذكر العام بعد الخاص (6) أى تكون كفارة لما يقع منه من الذنوب من صلاة الجمعة التي هو فيها الى انتهاء صلاة الجمعة المقبلة وهى سبعة أيام (7) أى من بعد صلاة الجمعة التالية فبانضمامها الى السبعة المتقدمة تصير عشرة أيام، قال النووى قال العلماء معنى المغفرة له ما بين الجمعتين وثلاثة أيام أن الحسنة بعشر أمثالها وصار يوم الجمعة الذي فيه الأفعال فى معنى الحسنة التى تجعل بعشرة أمثالها اهـ {تخريجه} (د. خز. هق) وسنده جيد

-[فضل التبكير إلى المسجد يوم الجمعة]- (1566) عن أبي أيُّوب عن أبى هريرة رضى الله عنهما قال دخلت معه المسجد يوم الجمعة فرأى غلامًا فقال له (1) يا غلام اذهب العب، قال إنَّما جئت إلى المسجد، قال يا غلام اذهب العب، قال إنَّما جئت إلى المسجد، قال فتقعد حتَّى يخرج الإمام؟ قال نعم، قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول إنَّ الملائكة تجئ يوم الجمعة فتقعد على أبواب المسجد فيكتبون السَّابق والثَّانى والثَّالث والنَّاس على منازلهم حتَّى يخرج الإمام، فإذا خرج الإمام طويت الصُّحف (1567) عن أبى غالبٍ عن أبى أمامة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تقعد الملائكة يوم الجمعة على أبواب المسجد معهم الصُّحف يكتبون النَّاس، فإذا خرج الإمام طويت الصُّحف، قلت يا أبا أمامة ليس لمن جاء بعد خروج الإمام جمعةٌ؟ قال بلى (2) ولكن ليس ممَّن يكتب في الصُّحف

_ (1566) عن أبي أيوب {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس قال ثنا الخزرج عن أبى أيوب عن أبى هريرة "الحديث" {غريبه} (1) القائل هو أبو هريرة {تخريجه} (ق. وغيرهما) بدون قصة الغلام، ولم أقف على من أخره بهذا اللفظ (1567) عن أبى غالب {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا مبارك يعنى ابن فضالة حدثنى أبو غالب عن أبى أمامة "الحديث" {غريبه} (2) هو حرف إيجاب، فإذا قيل ما قام أحد وقلت فى الجواب بلى، فمعناه إثبات القيام، وإذا قيل أليس كان كذا وقلت بلى، فمعناه التقرير والاثبات، ولا يكون إلا بعد نفى، إما فى أول الكلام كما تقدم وإما فى أثنائه كقوله تعالى {أيحسب الإنسان أن لن نجمع عظامه بلى" والتقدير بلى نجمعها، وقد يكون مع النفى استفهام، وقد لا يكون كما تقدم، فهو أبدا يرفع حكم النفى ويوجب نقيضه وهو الاثبات، فقوله فى الحديث بلى، يعنى له جمعة تسقط الفرض فقط مع حرمانه من ثوابها الذي تكتبه الملائكة فى الصحف ومن غفران الذنوب من الجمعة الى الجمعة {تخريجه} (طب) وفى إسناده مبارك بن فضالة وثقه جماعة وضعفه آخرون

-[فضل المشي على القدمين إلى الجمعة]- (1568) عن يزيد بن أبي مريم (1) قال لحقنى عباية بن رافع بن خديج وأنا رايحٌ إلى المسجد إلى الجمعة ماشيًا وهو راكب (2) قال ابشر فإنِّى سمعت أبا عبسٍ (3) يقول قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من اغبرت قدماه (4) فى سبيل الله عزَّ وجلَّ حرَّمها الله عزَّ وجلَّ على النَّار.

_ (1568) عن يزيد بن أبي مريم {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الوليد بن مسلم قال سمعت يزيد بن أبى مريم "الحديث" {غريبه} (1) هو أبو عبد الله الأنصارى الدمشقى إمام جامعها، مات سنة أربع وأربعين ومائة (وعباية) بفتح المهملة بعدها موحدة هو ابن رفاعة بن رافع بن خديج، وقد نسب فى الحديث الى جده، وكذلك فى رواية النسائى، وجاء فى رواية الترمذى والبخارى التصريح باسم والده (2) فيه أن القصة وقعت ليزيد بن أبى مريم مع عباية، وكذا أخرجه النسائى عن الحسين بن حريث عن الوليد بن مسلم، وكذا عند الاسماعيلي من رواية على بن بحر وغيره عن الوليد بن مسلم، لكن رواية البخارى تدل على أن القصة وقعت لعباية مع أن عبس ولفظه "حدثنا على بن عبد الله قال حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا يزيد بن أبى مريم قال حدثنا عباية بن رفاعة قال أدركنى أبو عبس وأنا أذهب الى الجمعة فقال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول من اغبرَّت قدماه فى سبيل الله حرّمه الله على النار" وقد جمع بينهما الحافظ باحتمال أن تكون القصة وقعت لكل منهما والله أعلم (3) بفتح العين المهملة وسكون الموحدة وفى آخره سين مهملة واسمه عبد الرحمن على الصحيح ابن جبر بفتح الجيم وسكون الباء الموحدة وبالراء، قال الذهبى وقيل جابر بن عمرو الأنصارى الأوسى الحارثى بدرى مشهور (4) أى أصابها الغبار، وإنما ذكر القدمين وإن كان الغبار يعم البدن كله عند ثورانه، لأن أكثر المجاهدين فى ذلك الزمان كانوا مشاة والأقدام تتغير على كل حال سواء كان الغبار قوياً أو ضعيفًا، ولأن أساس ابن آدم على القدمين، فاذا سلمت القدمان من النار سلم سائر أعضائه منها (وقوله فى سبيل الله) اسم جنس مضاف يفيد العموم فيدخل فيه المشى الى الجهاد والمشى الى الجمعة والجماعة وكل سبل الخير، وقد جعل أبو عبس السعى الى الجمعة من السعى فى سبيل الله وهو صحابى أدرى بذلك من غيره وكذلك قال العلماء {تخريجه} (خ. نس. مذ) وقال حديث حسن صحيح {وفى الباب} عن أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال قال عبد الله (يعنى أباه) سارعوا الى الجمعة فان الله يبرز الى أهل الجنة في كل

-[كلام العلماء في ما يستفاد من أحاديث الباب]- .....

_ يوم جمعة فى كثيب كافور فيكونون منه فى القرب على قدر تسارعهم، فيحدث الله عز وجل لهم من الكرامة شيئاً لم يكونوا رأوه قبل ذلك، ثم يرجعون إلى أهليهم فيحدثونهم بما أحدث الله لهم، قال ثم دخل عبد الله (يعنى ابن مسعود) المسجد فاذا هو برجلين يوم الجمعة قد سبقاه، فقال عبد الله "رجلان وأنا الثالث إن شاء الله أن يبارك فى الثالث" أورده المنذرى وقال رواه الطبرانى فى الكبير، وأبو عبيدة اسمه عامر ولم يسمع من أبيه عبد الله بن مسعود رضى الله عنه وقيل سمع منه {وعن علقمة} قال خرجت مع عبد الله ابن مسعود رضى الله عنه يوم الجمعة فوجد ثلاثة قد سبوه فقال رابع أربعة، وما رابع أربعة من الله ببعيد، إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن الناس يجلسون يوم القيامة من الله عز وجل على قدر رواحهم الى الجمعات الأول فالأول ثم الثانى ثم الثالث ثم الرابع وما رابع أربعة من الله ببعيد" قال المنذرى رواه ابن ماجه وابن أبى عاصم وإسنادهما حسن {الأحكام} فى أحاديث الباب الحث على التبكير الى صلاة الجمعة والمشى لها دون الركوب والدنوّ من الامام والأنصات للخطبة وعدم اللغو، وأن من جمع هذه الخصال كان له الفضل المترتب على ذلك فى أحاديث الباب، وعليه يحمل ما أطلق فى بعض الروايات من ترتيب الفضل على بعض هذه الخصال من غير تقييد بجميعها {وفيها} أن الملائكة تحضر الجمعة وتكتب الحاضرين لها الأول فالأول، وما ذلك إلا العظيم فضلها وامتيازها عن الصلوات الأخرى، وأن الملائكة المذكورين غير الحفظة {وفيها} أن مراتب الناس فى الفضل بحسب أعمالهم وهو من باب قوله عز وجل {إن أكرمكم عند الله أتقاكم} وأن القليل من الصدقة غير محتقر فى الشرع، وأن التقرب بالأبل أفضل من التقرب بالبقر وهو بالاتفاق فى الهدى، واختلف فى الضحايا، فذهب الجمهور الى أنها كذلك، وقال الزين بن المنير فرّق مالك بين التقرُّ بين اختلاف المقصودين، لأن أصل مشروعية الأضحية التذكير بقصة الذبيح وهو قد فدى بالغنم، والمقصود بالهدى التوسعة على المساكين فناسب البُدن (قال النووى) وحجة الجمهور ظاهر هذا الحديث والقياس على الهدايا، وأما تضحيته صلى الله عليه وسلم فلا يلزم منها ترجيح الغنم، لأنه محمول على أنه صلى الله عليه وسلم لم يتمكن ذلك الوقت إلا من الغنم أو فعله لبيان الجواز، وقد ثبت فى الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم ضحى عن نسائه بالبقر اهـ {وقد اختلف العلماء} فى الساعة المذكورة فى الحديث ما المراد بها، قال النووى {مذهب مالك} وكثير من أصحابه والقاضى حسين وإمام الحرمين من أصحابنا أن المراد بالساعات هنا لحظات لطيفة بعد زوال الشمس والرواح عندهم بعد الزوال، وادعوا أن هذا معناه فى اللغة {ومذهب الشافعى} وجماهير أصحابه وابن حبيب المالكى وجماهير العلماء استحباب التبكير إليها

-[إختلاف العلماء في وقت الذهاب إلى الجمعة]- .....

_ أول النهار، والساعات عندهم من أول النهار، والرواح يكون أول النهار وآخره، قال الأزهرى لغة العرب الرواح الذهاب سواء كان أول النهار أو آخره أو فى الليل، وهذا هو الصواب الذي يقتضيه الحديث والمعنى، لأن النبى صلى الله عليه وسلم أخبر أن الملائكة تكتب من جاء فى الساعة الأولى وهو كالمهدى بدنة؛ ومن جاء فى الساعة الثانية ثم الثالثة ثم الرابعة ثم الخامسة {وفى رواية} للنسائى "السادسة" فاذا خرج الامام طووا الصحف ولم يكتبوا بعد ذلك أحدًا، ومعلوم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخرج الى الجمعة متصلاً بالزوال وهو بعد انفصال السادسة، فدل على أنه لا شئ من الهدى والفضيلة لمن جاء بعد الزوال؛ ولأن ذكر الساعات إنما كان للحث فى التبكير اليها والترغيب فى فضيلة السبق وتحصيل الصف الأول وانتظارها والاشتغال بالتنفل والذكر ونحوه، وهذا كله لا يحصل بالذهاب بعد الزوال؛ ولا فضيلة لمن أتى بعد الزوال لأن النداء يكون حينئذ، ويحرم التخلف بعد النداء والله أعلم اهـ {قلت} وللشافعية خلاف فى ابتداء الساعات المذكورة هل هى من طلوع الفجر أم من طلوع الشمس؟ (فقال الرويانى) إن ظاهر كلام الشافعى أن التبكير يكوم من طلوع الفجر، وصححه الرافعى والنووى (وقال الماوردى) الأصح أنه من طلوع الشمس، لأن ما قبل ذلك زمان غسل وتأهب (وقال الرافعى) ليس المراد من الساعات الساعات الفلكية، وإنما المراد ترتيب الدرجات وتفضيل السابق على الذى يليه؛ ومن جاء فى أول ساعة من هذه الساعات ومن جاء فى آخرها مشتركان فى تحصيل أصل البدنة أو البقرة أو الكبش، ولكن بدنة الأول اكمل من بدنة من جاء فى آخر الساعة، وبدنة المتوسط متوسطة، وهذا كما أن صلاة الجماعة تزيد على صلاة المنفرد بسبع وعشرين درجة؛ ومعلوم أن الجماعة تطلق على اثنين وعلى ألوف، فمن صلى فى جماعة هم عشرة آلاف له سبع وعشرون درجة، ومن صلى مع اثنين له سبع وعشرون درجة، لكن درجات الأول أكمل واشباه هذا كثيرة اهـ (وقال الصيدلانى) شارح المختصر إن أول التبكير يكون من ارتفاع النهار وهو أول الضحى وهو أول الهاجرة؛ ويؤيده الحث على التهجير الى الجمعة اهـ {واحتج بعض المالكية} بقوله فى رواية الزهرى (مثل المهجر) لأنه مشتق من الهجر وهو السير فى وقت الهاجرة، وأجيب بأن المراد بالتهجير هنا التبكير كما تقدم نقله عن صاحب النهاية، ونقله الحافظ أيضًا عن الخليل، واشتد إنكار الأمام احمد وابن حبيب من المالكية ما نقل عن الأمام مالك من كراهية التبكير الى الجمعة، وقال الأمام أحمد هذا خلاف حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم {قلت} والذى ظهر لى من مضمون أحاديث الباب أن ساعات التبكير الى الجمعة تبتدئ من ارتفاع النهار وهو أول الضحى وأول الهاجرة كما قال الصيدلاني، وتنتهي

-[الكلام على ساعات الذهاب إلى الجمعة وهل هي زمانية أو فلكية؟]- (8) باب الجلوس فى المسجد للجمعة وآدابه والنهى عن التخطى الا لحاجة (1569) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إذا نعس أحدكم فى المسجد يوم الجمعة (1)

_ بزوال الشمس حيث يحضر الأمام وتطوى الملائكة الصحف، وهذه المدة مقسمة الى ست ساعات زمانية لا فلكية، وإنما قلت ست ساعات مع أن الوارد فى الصحيحين خمس فقط، لما ثبت عند النسائى باسناد صحيح من حديث أبى هريرة زيادة مرتبة بين الدجاجة والبيضة وهى العصفور، وتابعه صفوان بن عيسى عن ابن عجلان أخرجه محمد عبد السلام الخشنى، وله شاهد من حديث أبى سعيد عند الأمام أحمد باسناد آخر رجاله ثقات، وتقدم فى أحاديث الباب وتقدمت الأشارة الى ذلك فى شرحه، وزيادة الثقة مقبولة، ونحوه فى مرسل طاوس عن سعيد بن منصور، واخترت تفسير الساعات بالزمانية لأن الساعة فى لسان الشارع وأهل اللغة الجزء من أجزاء الزمان كما فى كتب اللغة {فان قيل} روى أبو داود والنسائى وصححه الحاكم من حديث جابر مرفوعاً "يوم الجمعة اثنتا عشرة ساعة" {فالجواب} أن مجرد جريان ذلك على لسانه صلى الله عليه وسلم لا يستلزم أن يكون اصطلاحاً تجرى عليه خطاباته، ويؤيد ذلك أنه لم ينقل عن أحد من الصحابة أنه ذهب الى الجمعة قبل طلوع الشمس أو عند انبساطها، ولو كانت الساعة هى المعروفة عند أهل الفلك لما ترك الصحابة الذين هم خير القرون وأسرعُ الناس الى خير الأمور الذهاب الى الجمعة فى الساعة الأولى من أول النهار أو الثاني أو الثالثة، فالذى يتعين حمل كلام الشارع على لسان قومه إلا أن يثبت له اصطلاح يخالفهم، ولا يجوز حمله على المتعارف فى لسان أهل العصور الحادثة بعد عصره صلى الله عليه وسلم، على أن ما اختاره الصيدلانى والرافعى من الشافعية لا يخرج عن هذا والله أعلم (1569) عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا محمد بن إسحاق عن نافع عن ابن عمر "الحديث" {غريبه} (1) أى قبل الصلاة وسواء فيه حال الخطبة أو قبلها، لكن حال الخطبة أكثر، وتخصيص يوم الجمعة بالذكر يحتمل أنه خرج مخرج الأغلب لطول مكث الناس فى المسجد للتبكير إلى الجمعة واستماع الخطبة، وأن المراد انتظار الصلاة فى المسجد فى الجمعة وغيرها كما عند أبى داود والترمذى عن ابن عمر أيضًا بلفظ "إذا نعس أحدكم وهو فى المسجد فليتحول من مجلسه ذلك الى غيره" فيكون ذكر يوم الجمعة من التنصيص على بعض أفراد العام، ويحتمل أن المراد يوم الجمعة فقط للاعتناء بسماع الخطبة فيه (أما الحكمة فى الأمر بالتحول) فقيل لأن

-[النهي عن إقامة الجالس من مجلسه في المسجد يوم الجمعة]- فليتحول من مجلسه ذلك إلى غيره (1570) عن جابر (بن عبد الله رضى الله عنهما) أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال لا يقيم (1) أحدكم أخاه يوم الجمعة (2) ثمَّ يخالفه إلى مقعده ولكن ليقل افسحوا (1571) عن عثمان بن الأرقم بن أبى الأرقم المخزوميِّ عن أبيه رضى الله عنه وكان من أصحاب النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال إنَّ

_ الحركة تذهب النعاس، ويحتمل أن الحكمة فيه انتقاله من المكان الذى أصابته فيه الغفلة بنومه وإن كان النائم لا حرج عليه، فقد أمر النبى صلى الله عليه وسلم فى قصة نومهم عن صلاة الصبح فى الوادى بالانتقال منه كما تقدم فى الجزء الثانى من حديث أبى هريرة رقم 213 من كتاب الصلاة؛ وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "ليأخذ كل رجل منكم برأس راحلته فان هذا منزل حضرنا فيه الشيطان" وأيضاً من جلس ينتظر الصلاة فهو فى صلاة، والنعاس فى الصلاة من الشيطان، فربما كان الأمر بالتحول لأذهاب ما هو منسوب الى الشيطان من حيث غفلة الجالس فى المسجد عن الذكر أو سماع الخطبة أو ما فيه منفعة والله أعلم {تخريجه} (د. حب. مذ) وصححه (1570) عن جابر بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق أنا ابن جريح قال سليمان بن موسى أنا جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم "الحديث" {غريبه} (1) هكذا جاءت الرواية بصيغة الخبر والمراد النهى، وفى لفظ لمسلم لا يقيمن أحدكم الرجل من مجلسه بصيغة النهى المؤكد (2) فيه التقييد بيوم الجمعة، وقد بوّب لذلك البخارى فقال باب لا يقيم الرجل أخاه يوم الجمعة ويقعد فى مكانه، وذكر يوم الجمعة فى حديث جابر من باب التنصيص على بعض أفراد العام لا من باب التقييد للأحاديث المطلقة، ولا من باب التخصيص للمعلومات، فمن سبق الى موضع مباح سواء أكان مسجداً أم غيره فى يوم جمعة أو غيرها لصلاة أو غيرها من الطاعات فهو أحق به، ويحرم على غيره إقامته منه والقعود فيه {تخريجه} (ق. وغيرهما) (1571) عن عثمان بن الأرقم {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عباد بن عباد المهلي عن هشام بن زياد عن عثمان بن الأرقم بن أبى الأرقم المخزومي عن

-[وعيد من تخطى رقاب الناس]- الَّذي يتخطَّى رقاب النَّاس (1) يوم الجمعة ويفرِّق بين الاثنين بعد خروج الإمام كالجارِّ قصبه (2) فى النَّار. (1572) عن سهل بن معاذٍ عن أبيه (معاذ بن أنس الجهنىِّ رضي الله عنه) أن النبيَّ (صلى الله عليه وسلم) قال من تخطَّى المسلمين يوم الجمعة (3) اتُّخذ جسرًا إلى جهنم (1573) عن عبد الله بن بسر رضى الله عنه أنَّ رجلاً جاء إلى النبي صلَّى

_ أبيه "الحديث" {غريبه} (1) فرّق النووى بين التخطى والتفريق بين الاثنين، وجعل ابن قدامة فى المغنى التخطى هو التفريق، قال العراقى والظاهر الأول، لأن التفريق يحصل بالجلوس بينهما وإن لم يتخط {قلت} الجلوس الممنوع بين الاثنين هو ما اذا لم يكن بينهما فرجة وإلا فلا بأس به (2) بضم القاف وسكون الصاد المهملة واحد الأقصاب وهى المعنى جمعها أمعاء كما فى القاموس {تخريجه} (طب) وفى إسناده هشام بن زياد ضعفه الأمام أحمد وأبو داود والنسائى وغيرهم (1572) عن سهل بن معاذ {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم وحسن قالا ثنا ابن لهيعة عن زيان قال حسن فى حديثه ثنا زيان بن فايد عن سهل بن معاذ عن أبيه "الحديث" {غريبه} (3) الظاهر أن غير الجمعة مثلها فى كراهة التخطى أو تحريمه، وإنما خصت الجمعة بالذكر لاختصاصها بكثرة الناس (وقوله اتخذ) بضم التاء المثناة مشددة وكسر الخاء المعجمة مبنى للمفعول، والمعنى أنه يُجعل جسرًا على طريق جهنم ليُوطأ ويُتخطى كما تخطى رقاب الناس، فان الجزاء من جنس العمل، ويؤيده رواية الديلمي فى مسند الفردوس بلفظ "من تخطى رقبة أخيه المسلم جعله الله يوم القيامة جسرًا على باب جهنم للناء" {تخريجه} (جه. مذ) وقال حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث رشدين بن سعد والعمل عليه عند أهل العلم اهـ {قلت} رواية الأمام أحمد فى إسنادها ابن لهيعة فيه مقال، ورواية الترمذى وابن ماجه فى إسنادها رشدين بن سعد، قال فى التقريب ضعيف، وقال ابن يونس كان صالحاً فى دينه فأدركته غفلة الصالحين فخلط فى الحديث {قلت} فالحديث ضعيف ولكن له شواهد تعضده منها حديث عبد الله بن بسر الآتى بعده (1573) عن عبد الله بن بسر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد بن الحباب ثنا معاوية بن صالح قال حدثنى أبو الزاهرية عن عبد الله بن بسر "الحديث"

-[النهي عن الحبوة في المسجد يوم الجمعة]- الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم "زاد في روايةٍ يتخطَّى رقاب النَّاس" وهو يخطب النَّاس يوم الجمعة فقال اجلس فقد آذيت وآنيت (1) (1574) عن سهل بن معاذ بن أنس الجهنىِّ عن أبيه رضى الله عنه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنَّه نهى عن الحبوة (2) يوم الجمعة والإمام يخطب (1575) عن قيس بن أبى حازمٍ عن أبيه أنَّ أباه رضي الله عنه جاء ورسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يخطب فقعد فى الشَّمس، قال فأوما إليه أو قال فأمر به أن يتحوَّل إلى الظِّلِّ (3)

_ {غريبه} (1) بهمزة ممدودة أى أبطأت وتأخرت وآذيت الناس بتخطى رقابهم {تخريجه} (د. نس) وسكت عنه أبو داود والمنذرى وصححه ابن خزيمة (1574) عن سهل بن معاذ {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد ثنا سعيد بن أبى أيوب قال أخبرنى أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ "الحديث" {غريبه} (2) هى أن يقيم الجالس ركبتيه ويضم رجليه الى بطنه بثوب يجمعهما به مع ظهره ويشد عليهما وتكون إليتاه على الأرض، وقد يكون الاحتباء باليدين عوض الثوب، يقال احتبى يحتبى احتباءً، والاسم الُحْبوَة بالضم والكسر معاً والجمع حُبىً وحِبىً بالضم والكسر، قال الخطابى وإنما نهى عن الاحتباء فى ذلك الوقت لأنه يجلب النوم ويعرض طهارته للانتقاض، وقد ورد النهى عن الاحتباء مطلقًا غير مقيد بحال الخطبة ولا بيوم الجمعة، لأنه مظنة لانكشاف عورة من كان عليه ثوب واحد {تخريجه} (د. مذ) وقال هذا حديث حسن {قلت} فى إسناده أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون ضعفه ابن معين، وقال النسائي ليس به بأس (1575) عن قيس بن أبى حازم {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن إسماعيل عن قيس بن أبى حازم "الحديث" {غريبه} (3) أمر النبى صلى الله عليه وسلم به أن يتحول الى الظل إشفاقاً عليه من حر الشمس، قال تعالى {وكان بالمؤمنين رحيماً} والظاهر أن هذ الصحابى رضى الله عنه ما جلس فى الشمس إلا مراعاة للأدب وتحاشيًا من أن يزحم غيره أو نحوه ذلك فاستحق بهذا أن يأمر النبى صلى الله عليه وسلم بانتقاله الى الظل مكافأة له على حسن صنيعه والله أعلم {تخريجه} (د) في الأدب، ورواه

-[كلام العلماء في عدم إقامة الجالس والجلوس مكانه]- .....

_ الإمام أحمد رحمه الله من أربع طرق هذه أجمعها وأجودها ورجاله من رجال الصحيحين {الأحكام} أحاديث الباب تدل على جملة أحكام وآداب تتعلق بداخل المسجد للجمعة والجالس فيه {منها} أن من كان جالساً بالمسجد وغلبه النعاس فليتحول من مكانه الى مكان آخر، وتقدمت الحكمة فى ذلك فى شرح الحديث الأول من أحاديث الباب {ومنها} أن من دخل المسجد ولم يجد مكاناً يجلس فيه لا يجوز له أن يقيم غيره ويجلس مكانه، ولكن يطلب منه التوسعة كما فى حديث جابر وتقدم الكلام عليه فى شرحه، وكذا من جلس فى مكان ثم قام منه لقضاء حاجة ثم يعود إليه فانه أحق به ممن جلس فيه بعد قيامه {لحديث أبى هريرة} رضى الله عنه قال قال رسول الل صلى الله عليه وسلم "إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به" رواه مسلم والأمام أحمد {ولحديث وهب بن حذيفة} رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إذا قام الرجل من مجلسه فرجع إليه فهو أحق به، وإن كانت له حاجة فقام البهائم رجع فهو أحق به" رواه الترمذى وصححه ورواه الأمام أحمد، وسيأتى هو وحديث أبى هريرة فى باب آداب تختص بمن فى المجلس من كتاب المجالس وآدابها فى قسم الترغيب إن شاء الله تعالى {وقد ذهب الى ذلك الشافعية} والهادوية، ومثل ذلك الأماكن المباحة التي يقعد الناس فيها لتجارة أو نحوها، فان المعتاد للقعود فى مكان يكون أحق به من غيره إلا اذا طالت مفارقته له بحيث ينقطع معاملوه، ذكره النووى فى شرح مسلم، وقال فى الغيث يكون أحق به الى العشىّ، وقال أصحاب الشافعى إن ذلك على وجه الندب لا على وجه الوجوب واليه {ذهب الأمام مالك} قال أصحاب الشافعى ولا فرق فى المسجد بين من قام وترك له سجادة فيه ونحوها وبين من لم يترك، قالوا وإنما يكون أحق به فى تلك الصلاة وحدها دون غيرها، وظاهر حديثي أبى هريرة وابن حذيفة عدم الفرق، وظاهرهما مع حديث جابر أنه يجوز للرجل أن يقعد فى مكان غيره اذا أقعده برضاه، لكن ورد فى رواية للأمام أحمد ومسلم "أن ابن عمر رضى الله عنهما كان إذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه" ولعل امتناع ابن عمر عن الجلوس فى مجلس من قام له برضاه كان تورعاً منه، لأنه ربما استحيا منه إنسان فقام له بدون طيبة من نفسه، ولكن الظاهر أن من فعل ذلك قد أسقط حق نفسه؛ وتجويز عدم طيبة نفسه بذلك خلاف الظاهر {ويكره} الأيثار بمحل الفضيلة كالقيام من الصف الأول الى الثانى، لأن الأيثار وسلوك طرائق الآداب لا يليق أن يكون فى العبادات والفضائل؛ بل المعهود أنه فى حظوظ النفس وأمور الدنيا، فمن آثر بحظه فى أمر من أمور الآخرة فهو من الزاهدين فى الثواب، وكل إنسان محتاج الى الثواب مهما كانت درجته {ومنها} عدم جواز التخطى يوم الجمعة وان ذلك حرام يأثم فاعله،

-[كلام العلماء في التخطي يوم الجمعة - وحجة القائلين بكراهة الاحتباء]- .....

_ لورود الوعيد الشديد فى ذلك، وظاهر التقييد بيوم الجمعة أن الحرمة مختصة به، ويحتمل أن يكون التقييد خرّج مخرج الغالب لاختصاص الجمعة بكثرة الناس بخلاف سائر الصلوات فلا يختص ذلك بالجمعة بل يكون حكم سائر الصلوات حكمها، ويؤيد ذلك التعليل بالأذية، وظاهر هذا التعليل أن ذلك يجرى فى مجالس العلم وغيرها، ويؤيده أيضاً ما أخرجه الديلمي فى مسند الفردوس من حديث أبى أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من تخطى حِلَق قوم بغير إنهم فهو عاص" ولكن فى إسناده جعفر بن الزبير وقد كذبه شعبة وتركه الناس {وقد اختلف أهل العلم} فى حكم التخطى يوم الجمعة وشددوا فى ذلك، وحكى أبو حامد فى تعليقه عن الشافعى التصريح بالتحريم، وقال النووى فى زوائد الروضة إن المختار تحريمه للأحاديث الصحيحة {قلت} وهو الذى أميل اليه وأختاره، واقتصر أصحاب الأمام أحمد على الكراهة فقط، وقال ابن المسيب لأن أصلى الجمعة بالحرّة أحب إلىّ من التخطى، وروى عن أبى هريرة رضى الله عنه نحوه، ولا يصح عنه لأنه من رواية صالح مولى التوأمة عنه (قال العراقى) وقد استثنى من التحريم أو الكراهة الأمام أو من كان بين يديه فرجة لا يصل اليها الا بالتخطى وهكذا أطلق النووى فى الروضة، وقيَّد ذلك فى شرح المهذب فقال اذا لم يجد طريقًا الى المنبر أو المحراب الا بالتخطى لم يكره لأنه ضرورة، وروى نحو ذلك عن الشافعى، ويستأنس له بحديث عقبة بن الحارث رضى الله عنه قال صليت وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة العصر ثم قام مسرعًا فتخطى رقاب الناس الى بعض حجز نسائه ففزع الناس من سرعته فخرج عليهم فرأى أنهم قد عجبوا من سرعته فقال "ذكرت شيئاً من تبر كان عندنا فكرهت أن يحبسنى فأمرت بقسمته" رواه البخارى والنسائى، لكنه يدل على جواز التخطى للحاجة فى غير الجمعة، فمن خصص الكراهة بصلاة الجمعة فلا معارضة بينه وبين أحاديث الباب عنده، ومن عمّم الكراهة لوجود العلة المذكورة سابقاً فى الجمعة وغيرها فهو يحتاج الى الاعتذار عنه، وقد خص الكراهة لوجود العلة المذكورة سابقاً فى الجمعة وغيرها فهو يحتاج الى الاعتذار عنه، وقد خص الكراهة بعضهم بغير من يتبرك الناس بمروره ويسرهم ذلك ولا يتأذون لزوال علة الكراهة التى هي التأذى {ومنها} أيضًا النهى عن الحبوة يوم الجمعة {وقد اختلف الناس فى ذلك} فقال بالكراهة قوم من أهل العلم كما قال الترمذى (وقال العراقى) ورد عن مكحول وعطاء والحسن أنهم كانوا يكرهون ان يحتبوا والأمام يخطب يوم الجمعة رواه ابن أبى شيبة فى المصنف، قال ولكنه قد اختلف عن الثلاثة (يعنى مكحول وعطاء والحسن) فنقل عنهم القول بالكراهة ونقل عنهم عدمها، واستدلوا على الكراهية بحديث الباب وبحديث عبد الله بن عمرو بن العاص عند ابن ماجه قال "نهى رسول

-[حجة القائلين بعدم كراهة الاحتباء والامام يخطب]- (9) باب التنفل قبل الجمعة ما لم يصعد الخطيب المنبر (فإذا صعد فلا صلاة إلا ركعتين تحية المسجد لداخل) (1576) عن عطاءٍ الخراساني قال كان نيشة الهذليُّ رضى الله عنه يحدث عن رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أن المسلم إذا اغتسل يوم الجمعة ثمَّ أقبل إلى المسجد لا يؤذى أحدًا فإن لم يجد الإمام خرج صلَّى ما بدا له، وإن وجد الإمام قد خرج جلس (1) فاستمع وأنصت

_ الله صلى الله عليه وسلم عن الاحتباء يوم الجمعة يعنى والأمام يخطب" وفى إسناده بقية بن الوليد وهو مدلس؛ وقد رواه بالعنعنة عن شيخه عبد الله بن واقد، قال العراقى لعله من شيوخه المجهولين (وبحديث جابر) عند ابن عدى فى الكامل "أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والأمام يخطب" وفى اسناده عبد الله بن ميمون القداح وهو ذاهب الحديث كما قال البخارى {قلت} وهذان الحديثان وان كان ضعيفين لكن يعضدهما حديث الباب أعنى حديث سهل بن معاذ الجهنى عن أبيه {وذهب أكثر أهل العلم} كما قاله العراقى الى عدم الكراهة، قال أبو داود وكان ابن عمر يحتبى والأمام يخطب وأنس بن مالك وشريح وصعصعة بن صوحان وسعيد بن المسيَّب وابراهيم النخعى ومكحول واسماعيل بن محمد بن سعد ونعيم بن سلامة قال لا بأس بها، قال أبو داود ولم يبلغنى أن أحدًا كرهها إلا عبادة ابن نسىّ (وروى) عدم الكراهة أيضًا ابن أبى شيبة عن سالم بن عبد الله والقاسم بن محمد وعطاء وابن سيرين والحسن وعمرو بن دينار وأبى الزبير وعكرمة بن خالد المخزومى، ورواه أبو داود عن يعلى بن شداد بن أوس رضى الله عنه قال شهدت مع معاوية فتح بيت المقدس فجمّع بنا فاذا جبُلّ من فى المسجد أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فرأيتهم محتبين والأمام يخطب؛ ورواه الترمذى عن ابن عمرو وغيره، قال وبه يقول {أحمد واسحاق} وأجابوا عن أحاديث الباب أنها كلها ضعيفة وإن كان الترمذى قد حسن حديث معاذ بن أنس وسكت عنه أبو داود والمنذرى فان فيه أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون {قلت} تقدم الكلام عليه فى تخريج الحديث، وفيها غير ذلك والله أعلم (1576) عن عطاء الخراسانى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على ابن اسحاق أنا عبد الله أنا يونس بن يزيد عن عطاء الخراساناى "الحديث" {غريبه} (1) احتج بذلك القائلون بعدم تحية المسجد للداخل اذا كان الخطيب على المنبر، وسيأتي

-[استحباب صلاة التطوع يوم الجمعة إلى أن يصعد الامام المنبر]- حتى يقضى الإمام جمعته وكلامه إن لم يغفر له في جمعته تلك ذنوبه كلها (1) أن تكون كفَّارة للجمعة الَّتى قبلها (1577) عن نافع أنَّ ابن عمر رضى الله عنهما كان يغدو إلى المسجد يوم الجمعة فيصلِّى ركعاتٍ يطيل فيهنَّ القيام (2) فإذا انصرف الإمام رجع إلى بيته فصلَّى ركعتين وقال هكذا كان يفعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (1578) عن أبى الدَّرداء رضى الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من اغتسل يوم الجمعة ولبس ثيابه ومسَّ طيبًا إن كان عنده ثمَّ مشى إلى الجمعة وعليه السَّكينة ولم يتخطَّ أحدًا ولم يؤذه وركع ما قضى له (3) ثمَّ انتظر حتَّى ينصرف الإمام غفر له ما بين الجمعتين

_ الكلام عليه فى الأحكام (1) أى الصغائر كما تقدم غي مرة، وجواب الشرط غير مذكور بالأصل فلعله محذوف أو ساقط؛ وتقديره رجوت أو نحوه والمعنى أن لم تغفر ذنوبه من وقت الجمعة التى صلاها الى الجمعة التالية رجوت أن تكون كفارة للجمعة الماضية والله أعلم {تخريجه} لم أقف عليه لغير الأمام أحمد؛ وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح خلا شيخ أحمد وهو ثقة اهـ وقال المنذرى عطاء لم يسمع من نبيشة فيما أعلم (1577) عن نافع أن ابن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا أيوب عن نافع أن ابن عمر "الحديث" {غريبه} (2) فيه استحباب اطالة القيام للمتنفل {تخريجه} (د) وقال العراقى اسناده صحيح، وأخرجه النسائى بدون لفظ اطالة القيام، وقال المنذرى أخرجه مسلم والترمذى والنسائى وابن ماجه من وجه آخر بمعناه اهـ (1578) عن أبى الدرداء {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مكى بن ابراهيم ثنا عبد الله بن سعيد عن حرب بن قيس عن أبى الدرداء "الحديث" {غريبه} (3) فيه أن الصلاة قبل الجمعة لا حدَّ لها وأنه مرغب فيها {تخريجه} أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير عن حرب بن قيس عن أبى الدرداء وحرب لم يسمع من أبى الدرداء اهـ وقال مثل ذلك المنذري

-[مشروعية صلاة تحية المسجد لداخل والامام على المنبر]- (1579) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن سليكًا (1) جاء ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخطب فجلس (2) فأمره النَّبي صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أن يصلِّى ركعتين، ثمَّ أقبل على النَّاس فقال إذا جاء أحدكم والإمام يخطب فليصلِّ ركعتين يتجوَّز فيهما (3)

_ (1579) عن جابر بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا سعيد وثنا روح وعبد الوهاب عن سعيد عن الوليد أبى بشر عن طلحة قال عبد الوهاب الاسكافى انه سمع جابر بن عبد الله يحدث أن سليكا جاء ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس فأمره النبيى صلى الله عليه وسلم أن يصلى ركعتين، قال محمد فى حديثه ثم أقبل على الناس الخ {غريبه} (1) بالتصغير الغطفانى بفتحات ابن عمرو، وقيل ابن هدبة بضم الهاء وبالموحدة صحابى (2) فيه أن تحية المسجد لا تفوت بالجلوس للجاهل بالحكم (3) أيى يخففها ولا يزيد عن ركعتين {تخريجه} (م. د) {وفي الباب} عن جابر أيضًا ولفظه قال "دخل رجل يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال صليت؟ قال لا، قال فصل ركعتين" رواه الشيخان والأربعة {وعنه بلفظ آخر} مرفوعاً "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة وقد خرج الأمام فليصل ركعتين" رواه الشيخان {وعن أبى سعيد الخدرى} رضى الله عنه "أن رجلاً دخل المسجد يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر فأمره أن يصلى ركعتين" رواه النسائى وابن ماجه والترمذى وصححه، ولفظه "أن رجلاً جاء يوم الجمعة فى هيئة بذة والنبى صلى الله عليه وسلم يخطب فأمره فصلى ركعتين والبى صلى الله عليه وسلم يخطب" أورده صاحب المنتقى وقال فى آخره وهذا يصرح بضعف ما روى أنه صلى الله عليه وسلم أمسك عن خطبته حتى فرغ من الركعتين اهـ ورواه أيضاً الأمام أحمد، وسيأتى هذا الحديث فى (باب من تصدق عليه بثوبين) من أبواب صدقة التطوع فى كتاب الزكاة إن شاء الله تعالى {وعن أبى قتادة} رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين" رواه الشيخان والأربعة والأمام أحمد وتقدم فى باب تحية المسجد رقم 1148 {الأحكام} أحاديث الباب تدل على جملة أحكام تقدم الكلام على معظمها فى أبوابها، وأهم ما نريد الكلام عليه هنا ينحصر فى ثلاث مسائل {المسألة الأولى} مشروعية التبكير لصلاة الجمعية والاشتغال بالصلاة بدون قيد مع مراعاة طول القيام، فاذا جلس الخطيب على المنبر كف عن الصلاة، فاذا شرع فى الخطبة كف عن الكلام وجوبًا واستمع الخطبة كما يؤخذ

-[مذاهب العلماء في حكم تحية المسجد والامام على المنبر]- .....

_ من أحاديث الباب، وهذا لا خلاف فيه بين العلماء {المسألة الثانية} مشروعية صلاة ركعتين لداخل المسجد مطلقاً قبل أن يجلس وإن كان الخطيب على المنبر، إلا أنه فى هذه الحالة يخففها ليتفرغ لسماع الخطبة كما يستفاد من حديث جابر وقصة سليك {والى ذلك ذهب الأئمة} الحسن وابن عيينة والشافعى وأحمد وإسحاق ومكحول وأبو ثور وابن المنذر، وحكاه النووى عن فقهاء المحدثين، وحكى ابن العربى أن محمد بن الحسن حكاه عن مالك {المسألة الثالثة} من تأخر عن التبكير وجاء الأمام على المنبر فعليه أن يجلس ولا يصلى الركعتين كما فى حديث نبيشة، والى ذلك ذهب الثورى وأهل الكوفة حكى ذلك عنهم الترمذى، وحكاه القاضى عياض عن الأئمة {مالك والليث وأبى حنيفة} وجمهور السلف من الصحابة والتابعين، وحكاه العراقى عن محمد بن سيرين وشريح القاضى والنخعى وقتادة والزهرى، ورواه ابن أبى شيبة عن على وابن عمر وابن عباس وابن المسيب ومجاهد وعطاء بن أبى رباح وعروة بن الزبير، ورواه النووى عن عثمان، وأجابوا عن أمره صلى الله عليه وسلم لسليك بأن ذلك واقعة عين لا عموم لها فيحتمل اختصاصها بسليك، قالوا ويدل على ذلك ما وقع فى حديث أبى سعيد أن الرجل كان فى هيئة بذة فقال له أصليت؟ قال لا، قال صل الركعتين، وحض الناس على الصدقة، فأمره أن يصلى ليراه الناس وهو قائم فيتصدقوا عليه، قالوا ويؤيده أن فى هذا الحديث عند الامام احمد أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن هذا الرجل دخل فى هيئة بذة وأنا أرجو أن يفطن له رجل فيتصدق عليه، ويؤيده أيضاً قوله صلى الله عليه ولم لسليك فى آخر الحديث لا تعودنّ لمثل هذا أخرجه ابن حبان {ورُدَّ هذا التأويل} بأن الأصل عدم الخصوصية، والتعليل بكونه صلى الله عليه وسلم قصد التصدق عليه لا يمنع القول يجواز ركعتى التحية، فان المانعين لا يجوزون الصلاة فى هذا الوقت لعلة التصدق. ولو ساغ هذا لساغ مثله فى سائر الأوقات المكروهة ولا قائل به، كذا قال ابن المنير {ومما يرد هذا التأويل أيضاً} ما فى الباب "إذا جاء أحدكم يوم الجمعة الخ" فان هذا النص لا يتطرق اليه التأويل (قال النووى) رحمه الله لا أظن عالماً يبلغه هذا اللفظ صحيحاً فيخالفه اهـ (وقال الحافظ) الحامل للمانعين على التأويل المذكور أنهم زعموا أن ظاهره معارض لقوله تعالى {واذا قرئ القرآن فاستمعوا له} وقوله صلى الله عليه وسلم "إذا قلت لصاحبك انصت والأمام يخطب فقد لغوت" متفق عليه، قالوا فاذا امتنع الأمر بالمعروف وهو أمر اللاغى بالأنصات فمنع التشاغل بالتحية مع طول زمنها أولى، وعارضوا أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم للذى دخل يتخطى رقاب الناس وهو يخطب "اجلس فقد آذيت" وقد تقدم، قالوا فأمره بالجلوس ولم يأمره بالتحية، وبما أخرجه الطبرانى من حديث ابن عمر رفعه "إذا دخل أحدكم المسجد والأمام على المنبر فلا صلاة ولا كلام حتى يفرغ الأمام" {ويجاب

-[دفع حجج القائلين بعدم صلاة تحية المسجد والامام على المنبر]- .....

_ عن ذلك كله} بامكان الجمع وهو مقدم على المعارضة المؤدية الى إسقاط أحد الدليلين (أما فى الآية) فليست الخطبة قرآناً، وأمّا ما فيها من القرآن فالأمر بالانصات حال قراءته عام مخصص بأحاديث الباب (وأما حديث) اذا قلت لصاحبك انصت فهو وارد فى المنع من المكالمة للغير ولا مكالمة فى الصلاة، ولو سلم أنه يتناول كل كلام حتى الكلام فى الصلاة لكان عموماً مخصصاً بأحاديث الباب؛ قال الحافظ وأيضاً فمصلى التحية يجوز أن يطلق عليه أنه منصت لحديث أبى هريرة المتقدم "أنه قال يا رسول الله سكوتك بين التكبيرة والقراءة ما تقول فيه" فأطلق على القول سراً السكوت {قلت حديث أبى هريرة تقدم رقم 503 من كتاب الصلاة} قال وأما أمره صلى الله عليه وسلم لمن دخل يتخطى الرقاب بالجلوس فذلك واقعة عين ولا عموم لها، فيحتمل أن يكون أمره بالجلوس قبل مشروعيتها؛ أو أمره بالجلوس بشرطه وهو فعل التحية وقد عرفه قبل ذلك، أو ترك أمره بالتحية لبيان الجواز، أو لكون دخوله وقع فى آخر الخطبة وقد ضاق الوقت عن التحية {وأما حديث ابن عمر} فهو ضعيف، لأن فى إسناده أيوب بن نهيك، قال أبو زرعة وأبو حاتم منكر الحديث، والأحاديث الصحيحة لا تعارض بمثله اهـ بتصرف واختصار؛ وصفوة القول أن أدلة القائلين بمشروعية صلاة ركعتين تحية المسجد أقوى من أدلة القائلين بعدمها وهو الذى أميل اليه وأفعله {وفى قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث جابر} "إذا جاء أحدكم والأمام يخطب فليصل ركعتين يتجوز فيهما" دليل على أن داخل المسجد حال الخطبة يقتصر على ركعتين لا يزيد عنهما (قال صاحب المنتقى) ومفهومه يمنع من تجاوز الركعتين بمجرد خروج الأمام وان لم يتكلم، وفى رواية {عن أبى هريرة وجابر} قال "جاء سليك الغطفانى ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال له أصليت ركعتين قبل أن تجئ؟ قال لا، قال فصل ركعتين وتجوز فيهما" رواه ابن ماجه ورجال إسناده ثقات، وقوله قبل أن تجئ يدل على أن هاتين الركعتين سنة للجمعة قبلها وليستا تحية المسجد اهـ (قال الحافظ بن القيم) فى الهدى قال شيخنا حفيده أبو العباس (يعنى ابن تيمية) وهذا غلط والحديث المعروف فى الصحيحين عن جابر قال "دخل رجل يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال أصليت؟ قال لا، قال فصل ركعتين، وقال اذا جاء أحدكم الجمعة والامام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما" فهذا هو المحفوظ فى هذا الحديث، وافراد ابن ماجه فى الغالب غير صحيحة هذا معنى كلامه، وقال شيخنا أبو الحجاج الحافظ المزى هذا تصحيف من الرواة وإنما هو أصليت قبل أن تجلس فغلط فيه الناسخ، قال وكتاب ابن ماجه إنما تداولته شيوخ لم يعتنوا به بخلاف صحيح البخارى ومسلم فان الحافظ تداولوهما واعتنوا بضبطهما وتصحيحهما، قال ولذلك وقع فيه اغلاط وتصحيف "قلت" ويدل على صحة

-[مذاهب الأئمة في سنن الجمعة القبلية والراجح عدمها]- .....

_ هذا أن الذين اعتنوا بضبط سنن الصلاة قبلها وبعدها وصنفوا فى ذلك من أهل الأحكام والسنن وغيرهما لم يذكر واحد منهم هذا الحديث فى سنة الجمعة قبلها، وانما ذكروه فى استحباب تحية المسجد والامام على المنبر، واحتجوا به على من منع من فعلها فى هذه الحال؛ فلو كانت هى سنة الجمعة لكان ذكرها هنا والترجمة عليها وحفظها وشهرتها أولى من تحية المسجد، ويدل عليه أيضًا أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يأمر بهاتين الركعتين إلا الدّاخل لأجل أنها تحية المسجد، ولو كانت سنة الجمعة لأمر بها القاعدين أيضاً ولم يختص بها الداخل وحده اهـ {وقد اختلف العلماء} هل للجمعة سنة قبلها أو لا؟ فأنكر جماعة أن لها سنة قبلهاوبالغوا فى ذلك (قال الحافظ ابن القيم) فى الهدى الجمعة كالعيد لا سنة لها قبلها، وهذا أصح قولى العلماء وعليه تدل السنة فان النبى صلى الله عليه وسلم كان يخرج من بيته فاذا رقى المنبر أخذ بلال فى أذان الجمعة فاذا اكمله أخذ النبى صلى الله عليه وسلم فى الخطبة من غير فصل، وهذا كان رأى عين، فمتى كانوا يصلون السنة؟ ومن ظن أنهم كانوا اذا فرغ بلال من الأذان قاموا كلهم فركعوا ركعتين فهو أجهل الناس بالسنة، وهذا الذى ذكرناه من أنه لا سنة قبلها هو {مذهب مالك رحمه الله وأحمد} رجمه الله فى المشهور عنه وأحد الوجهين لأصحاب الشافعى، قال والذين قالوا إن لها سنة منهم من احتج بأن ظهر مقصورة فيثبت لها أحكام الظهر، ومنهم من أثبت السنة لها هنا بالقياس على الظهر، وذكر ابن القيم لهم أنواعًا كثيرة من الحجيج، ولكنه ضعفها جميعاً اهـ وقال العراقى لم ينقل عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلى قبل الجمعة، لأنه كان يخرج اليها فيؤذن بين يديه ثم يخطب {قلت} وذهبت {الحنفية والشافعية} الى أن الجمعة كالظهر فى السنن القبلية والبعدية (وقال الترمذى) روى عن عبد الله بن مسعود أنه كان يصلى قبل الجمعة أربعًا وبعدها أربعًا، قال وذهب سفيان الثورى وابن المبارك الى قول ابن مسعود اهـ (وقال الحافظ) فى أثر ابن مسعود الذى رواه الترمذى أخرجه عبد الرزاق، ورواه الطبرانى عن ابن مسعود مرفوعًا وفى إسناده ضعف وانقطاع (وقال فى التلخيص) وفى ابن ماجه عن ابن عباس كان النبى صلى الله عليه وسلم يركع قبل الجمعة أربع ركعات ولا يفصل بينهن بشئ وإسناده ضعيف جداً (وفى الباب) عن ابن مسعود وعلىّ فى الطبرانى الأوسط، وصح عن ابن مسعود من فعله رواه عبد الرزاق، قال ولم يذكر الرافعى فى سنة الجمعة التى قبلها حديثاً، وأصح ما فيه ما رواه ابن ماجه اهـ {قلت} يعنى الحديث الذى رواه ابن ماجه عن أبى هريرة وجابر قال جاء سليك الغطفانى الخ، وتقدم لفظه آنفًا نقلاً عن صاحب المنتقى وقد علمت ما قيل فيه من كلام الحافظ ابن القيم وشيخه ابن تيمية والمزى رحمهم الله، وقصارى القول أن حجج القائلين بعدم سنة قبلية للجمعة أرجح وأوضح والله أعلم

-[كيف كان الأذان للجمعة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر رضي الله عنهما]- (10) باب الأذان للجمعة اذا جلس الخطيب على المنبر وكيف كان المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (1580) عن السَّائب بن يزيد بن أخت نمرٍ رضي الله عنه قال لم يكن لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلاَّ مؤذِّنٌ واحدٌ في الصَّلوات كلَّها فى الجمعة وغيرها يؤذِّن ويقيم، قال بلالٌ يؤذِّن ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) على المنبر يوم الجمعة (1) ويقيم إذا نزل ولأبي بكرٍ وعمر رضى الله عنهما حتَّى كان عثمان (1581) وعنه أيضًا قال كان الأذان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبى بكر وعمر رضي الله عنهما أذانين (2) حتَّى كان زمن عثمان فكثر النَّاس فأمر بالأذان الأول (3)

_ (1580) "عن السائب بن يزيد" هذا الحديث والذى بعده تقدما فى الباب التاسع من أبواب الأذان رقم 288 - 289 فى الجزء الثالث، وتقدم الكلام عليهما سندًا وشرحًا وتخريجًا، وإنما ذكرتهما هنا للكلام على بعض أمور فيهما تختص بالجمعة لم تذكر هناك (1) لم يرد فى رواية الامام احمد ولا فى رواية البخارى بيان الموضع الذى كان يؤذن فيه بلال رضى الله عنه والنبى صلى الله عليه وسلم على المنبر، وجاء مبيناً فى رواية أبى داود من حديث السائب ابن يزيد أيضًا قال "وكان يؤذّن بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا جلس على المنبر يوم الجمعة على باب المسجد وأبى بكر وعمر، زاد فى رواية فلما كان خلافة عثمان وكثر الناس أمر عثمان يوم الجمعة بالأذان الثالث فأذّن به على الزوراء فثبت الأمر على ذلك" {تخريجه} (خ. والأربعة وغيرهم) (1581) وعنه أيضاً {غريبه} (2) بالأذانين الأذان والأقامة تغليباً أو أطلق الأذان على الأقامة لأنها إعلام كالأذان، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم "بين كل أذانين صلاة لمن شاء" (3) فى لفظ للبخارى من رواية عُقيل عن ابن شهاب أن السائب بن يزيد أخبره أن التأذين الثانى يوم الجمعة أمر به عثمان رضى الله عنه حين كثر أهل المسجد، وله من طريق ابن أبى ذئب عن الزهرى "فلما كان عثمان رضى الله عنه وكثر الناس زاد النداء الثالث على الزوراء" وظاهر هذا التعارض لأنه فى حديث الباب عند الأمام احمد سُمِّى بالأذان الأول، وفى الرواية الأولى للبخارى سُمِّى بالأذان الثانى، وفي الرواية الثانية

-[الأذان المسمى بالأولى والثانية يوم الجمعة قبل الزوال بدعة]- بالزَّوراء (1) (1582) عن الحسن عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إذا خطب يوم الجمعة يسند ظهره إلى خشبة (2) فلمَّا كثر النَّاس قال

_ له سُمِّى بالأذان الثالث، ولكن لا معارضة فى ذلك؛ لأنه سمى (أولاً) باعتبار كون فعله مقدماً على الأذان والأقامة المشروعين فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم (وثانياً) باعتبار الأذان المتقدم فى المشروعية لا الأقامة (وثالثاً) باعتبار كونه مزيداً عن الأذان والأقامة، وقد سبق هذا الحديث فى أبواب الأذان وقلت فى شرح هذه الجملة (أعنى فأمر بالأذان الأول) ما نصه (أى الذى يفعل الآن أولاً فى يوم الجمعة) وقصدى بذلك الأذان الذى يفعله الناس اليوم أولاً بعد الزوال على المنار أو سطح المسجد؛ لأنه هو الذى يشبه الأذان الذى أمر به عثمان رضى الله عنه فى كونه يفعل أولاً وفى كونه على مكان مرتفع لأجل الأعلام، وقد عبَّر بنحو ذلك الأمام العيني رحمه الله فى شرح هذ الحديث فى باب الأذان للجمعة من صحيح البخارى حيث قال ما لفظه "فالأذان الثالث الذى زاده عثمان هو الأول اليوم" اهـ وقد فهم بعض الأخوان المتمسكين بالسنة أنى أقصد الأذان الذى يفعل الآن قبل الزوال المسمى بالأولى والثانية، ولم يصيبوا فى ذلك، لأن الأذان الذى يفعل قبل الزوال لا يعد أذاناً فى لسان الشرع لكونه ليس مشروعاً ولا فى وقت الأذان ولا بألفاظه، وإنما هو أدعية وصلوات يتغنون بها وبدعة ابتدعوها ما أنزل الله بها من سلطان، فهو بدعة مذمومة امقتها ولا أرتضيها، فكيف أقصد بكلامى هذا الأذان المبتدع وأجعله فى مقابلة الأذان الذى أمر به عثمان رضى الله عنه وأقرته الصحابة رضوان الله عليهم، حاشاً أن أقصد ذلك {وبعد} فاطمئنوا أيها الأخوان وثقوا بأن أخاكم من أنصار السنة الذين يعملون على تشييد أركانها ورفع منارها، ومن أعداء البدعة الذين لم يقصروا فى هدمها وتنكيس أعلامها ومن الله نستمد المعونة والتوفيق (1) بفتح الزاى وسكون الواو وبعدها راء ممدودة فسرها البخارى بقوله موضع بالسوق بالمدينة؛ قال الحافظ وما فسر به الزوراء هو المعتمد يعنى البخارى اهـ وقال أبو عبد الله الحموى هى قرب الجامع مرتفعة كالمتنار، وعند ابن ماجه وابن خزيمة بلفظ "زاد النداء الثالث على دار فى السوق يقال لها الزوراء" وعند الطبرانى "فأمر بالنداء الأول على دار له يقال لها الزوراء" والله أعلم {تخريجه} (خ. والأربعة وغيرهم) (1582) عن الحسن عن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم ثنا المبارك عن الحسن عن أنس "الحديث" {غريبه} (2) يعنى جذع نخلة

-[مشروعية اتخاذ المنبر لخطبة الجمعة - وفيه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم]- ابنو لي (1) منبرًا أراد أن يسمعهم فبنوا له عتبتين (2) فتحوَّل من الخشبة إلى المنبر قال فأخبرنى أنس بن مالك أنه سمع الخشبة تحن حنين الوالد (3) قال فمازالت تحنُّ حتَّى نزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن المنبر فمشى إليها فاحتضنها فسكنت (1583) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان النَّبي صلَّى الله عليه وآله وسلَّم عند هذه السَّارية وهي يومئذٍ جذع نخلةٍ يعني يخطب

_ كان يستند اليه النبى صلى الله عليه وسلم حال الخطبة كما صرح بذلك عند البخارى وغيره وعند الأمام احمد كما فى الحديث التالى (1) أى اصنعوا لى منبراً (وقوله أراد أن يسمعهم) يعنى الخطبة، لأن قيامه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على المنبر اعون على إسماعهم الخطبة من كونه قائمًا على الأرض (2) أى درجتين غير المقعدة التى كان يجلس عليها؛ وتقدم الكلام على المنبر وعدد درجاته فى شرح الحديث الأول من باب الغسل للجمعة (3) أي بصوت سمعه الحاضرون كما جاء فى بعض الروايات وهذا من معجزاته ومن علامات نبوته صلى الله عليه وسلم، وسيأتى للمنبر ذكر فى باب فضل مسجد النبى صلى الله عليه وسلم فى آخر كتاب الحج وفى أبواب المعجزات إن شاء الله تعالى {تخريجه} (خ) وغيره (1583) عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان ثنا أبو حباب عن أبيه عن ابن عمر رضى الله عنهما "الحديث" {تخريجه} (مذ) وصححه وبعضه عند أبى داود {وفى الباب} عند أبى داود عن السائب بن يزيد رضى الله عنه قال "كان يؤذن بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس على المنبر أذَّن المؤذن على المسجد ثم كان الصحابة على ذلك" {الأحكام} فى أحاديث الباب مع ما ذكرنا فى الشرح دليل على مشروعية جلوس الأمام على المنبر قبل الخطبة، واليه ذهب الأئمة {أبو حنيفة ومالك والشافعى وأحمد} والجمهور وأنكر مشروعيته بعض الكوفيين والحديث حجة عليهم {وفى أحاديث الباب أيضاً} دليل على مشروعية الأذان للجمعة اذا جلس الأمام على المنبر وعلى ترك تأذين اثنين وعلى أن الخطبة للجمعة قبل صلاتها لقوله فى الحديث "ويقيم اذا نزل" {وفيها} أن الأذان الذى كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر

-[من الذي أحدث الأذان الثالث - والكلام على شيء من البدع]- .....

_ وعمر رضي الله عنهما كان على باب المسجد أو على المسجد كما في بعض الروايات، ففعله الآن أمام المنبر داخل المسجد محدث وليس من السنة في شيء، وكأن الذي أحدثه فهم مما جاء في بعض الروايات بلفظ "كان يؤذن بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم" أن ذلك كان عند المنبر داخل المسجد، ويرده ما جاء واضحاً في رواية أبي داود عن السائب بن يزيد رضى الله عنه قال "كان يؤذَّن بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جلس على المنبر يوم الجمعة على باب المسجد وأبى بكر وعمر" فهو صريح في أن الأذان كان على باب المسجد لا داخله عند المبنر، وقد أحدثوا بدعة أخرى مذمومة، وهي ما يفعلونه الآن في بعض المساجد من جعلهم مؤذنينِ أحدهما أمام المنبر والثاني على مكان مرتفع داخل المسجد، ويقول الأول جملة م الأذان ويسكت فيقولها الثاني، ثم يقول الأول الجملة التي تليها من الأذان ويسكت فيقولها الثاني، وهكذا حتى ينتهى الأذان بهذه الكيفية؛ فهذه بدعة لا أصل لها فى الدين يجب إبطالها {وفى أحاديث الباب أيضاً} أن الذي زاد الأذان على الزوراء هو عثمان رضى الله عنه (وقيل) إن عمر رضى الله عنه هو الذي زاد الأذان (وقيل معاوية) وقيل هشام بن عبد الملك وقيل غير ذلك، لكن قال الحافظ تواردت الروايات أن عثمان هو الذي زاده فهو المعتمد، وللحافظ كلام فى هذا المقام تقدم فى أحكام الباب التاسع من أبواب الأذان فى الجزء الثالث فارجع اليه إن شئت (قال الأمام ابن الحاج) رحمه الله تعالى فى المدخل ما معناه، السنة فى أذان الجمعة اذا صعد الأمام على المنبر أن يكون المؤذن على المنار "أى أو السطح أو الباب" كذلك كان على عهد النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وصدر من خلافة عثمان رضى الله عنهم، ثم زاد عثمان رضى الله عنه أذانا آخر بالزوراء؛ وهو موضع بالسوق لما كثر الناس وأبقى الأذان الذى كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنار والخطيب على المنبر إذ ذاك، ثم إنه لما تولى هشام بن عبد الملك جعل الأذان الذى فعله عثمان بالزوراء على المنار، ثم نقل الأذان الذى كان على المنار حين صعود الأمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وصدر من خلافة عثمان بين يديه، قال علماؤنا رحمة الله عليهم وسنة النبى صلى الله عليه وسلم هى التي تتبع اهـ {قلت} لعل ابن الحاج رحمه الله يعنى بقوله (على المنار) سطح المسجد لارتفاعه، لأنه لم يكن منائر فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ويؤخذ من كلامه رحمه الله أنه يريد أن يكون الأذان واحداً على المنار أو السطح عند صعود الأمام على المنبر، وهو الذى ينشرح له صدرى وأميل اليه، لأنه يوافق ما كان عليه النبى صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، وفيه الغرض الذى زاد عثمان رضى اللله عنه الأذان لأجله وهو الأعلام، وبذلك قال كثير من العلماء {قال الامام الشافعي} رحمه الله فى الأم ما نصه، وأحب أن يكون الأذان يوم

-[مشروعية الإتيان بالشهادتين في الخطبة]- (11) باب ما جاء في الخطبتين يوم الجمعة وهيئاتهما وآدابهما والجلوس بينهما (1584) عن ابى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلُّ خطبةٍ ليس فيها شهادةٌ (1) كاليد الجذماء (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (2) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخطبة الَّتى ليس فيها شهادةٌ كاليد الجذماء

_ الجمعة حين يدخل الأمام المسجد ويجلس على موضعه الذى يخطب عليه خشب أو جريد أو منبر أو شيء مرفوع له أو الأرض، فاذا فعل أخذ المؤذن فى الأذان، فاذا فرغ قام فخطب لا يزيد عليه (قال) وأحب أن يؤذن مؤذن واحد اذا كان على المنبر لا جماعة مؤذنين، ثم قال أخبرني الثقة عن الزهرى عن السائب بن يزيد أن الأذان كان أوله للجمعة حين يجلس الأمام على المنبر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر؛ فلما كانت خلافة عثمان وكثر الناس أمر عثمان بأذان ثان فأذن به فثبت الأمر على ذلك (قال) وقد كان عطاء ينكر أن يكون عثمان أحدثه ويقول أحدثه معاوية والله تعالى أعلم (قال) وأيهما كان فالأمر الذى كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلىّ اهـ {وفى أحاديث الباب أيضاً} استحباب اتخاذ المنبر للخطبة لكونه أبلغ فى مشاهدة الخطيب والسماع منه، فان لم يكن منبر فموضع مرتفع وإلا فالى خشبة للاتباع كما كان النبى صلى الله عليه وسلم يخطب قبل اتخاذ المنبر، ويستحب أن يكون صغيراً وأن يكون ثلاث درجات بالمقعدة كما كان منبر النبى صلى الله عليه وسلم، وأن لا يزيد عن ذلك إلا بقدر الحاجة فقط، وفيها غير ذلك والله أعلم. (1584) عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثناعفان ثنا عبد الواحد بن زياد قال أنا عاصم بن كليب حدثنى أبى قال سمعت أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" {غريبه} (1) أى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم (وقوله الجذماء) أى المقطعوعة، والمعنى أن الخطبة التى لا تشتمل على الشهادتين تكون ناقصة وقليلة البركة، ويحتمل أن يراد بالجذماء المصابة بالجذام، ويكون قد شبه الخطبة العارية عن الشهادتين بتلك اليد تنفيراً عنها وإرشاداً إلى وجود الشهادتين فى الخطبة (2) {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عاصم بن كليب حدثنى أبى سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله "الحديث" {تخريجه} (د. مذ) وحسنه وقال تشُّهدٌ بدل شهادة

-[مشروعية حمد الله عز وجل والثناء عليه في الخطبة]- (1585) عن جابر (بن عبد الله رضى الله عنهما) قال خطبنا رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فحمد الله وأثنى عليه (1) بما هو له أهلٌ، ثمَّ قال أمَّا بعد (2) فإنَّ أصدق الحديث كتاب الله، وإنَّ أفضل الهدى هدى محمَّدٍ (3) (صلى الله عليه وسلم) وشرُّ الأمور محدثاتها (4) وكلُّ بدعةٍ ضلالة (5) ثمًّ يرفع صوته

_ (1585) عن جابر بن عد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مصعب ابن سلام ثنا جعفر عن أبيه عن جابر "الحديث" {غريبه} (1) فيه مشروعية حمد الله والثناء عليه في أول الخطبة وأوجبه الشافعية ويتعين لفظه ولا يقوم غيره مقامه (2) قال سيبويه أمَّا بعد معناها مهما يكن من شيء بعد، وقال أبو إسحاق هو الزجَّاج اذا كان الرجل في حديث فأراد أن يأتى بغيره قال أما بعد، وهو مبنى على الضم لأنه من الظروف المقطوعة عن الأضافة، وقيل التقدير أما الثناء على الله فهو كذا، وأما بعد فكذا (3) الهدى بضم الهاء وفتح الدال في الكلمتين، ويجوز فتح الدال في الكلمتين، ويجوز فتح الهاء وإسكان الدال أيضاً وضبطه النووى بالوجهين، وكذا ذكره جماعة غير بالوجهين، وقال القاضي عياض رويناه في مسلم بالضم، وفي غيره بالفتح، وبالفتح ذكره الهروى وفسره على رواية الفتح بالطريق، أى أحسن الطرق طرق محمد صلى الله عليه وسلم يقال فلان حسن الهدى أى الطريقة والمذهب "اهتدوا بهدى عمار" وأما على رواية الضم فمعناه الدلالة والارشاد (قال العلماء) لفظ الهدى له معنيان (أحدهما) بمعنى الدلالة والارشاد وهو الذى يضاف الى الرسل والقرآن والعباد، قال الله تعالى {وإنك لتهدى إلى صراط مستقيم} {إن هذا القرآن يهدى للتى هى أقوم} {هدى للمتقين} ومنه قوله تعالى {وأما ثمود فهديناهم} أى بينا لهم الطريق {إنا هديناه السبيل} {وهديناه النجدين} (والثانى) بمعنى اللطف والتوفيق والعصمة والتأييد وهو الذى تفرد الله به، ومنه قوله تعالى {إنك لا تهدى من أحببت ولكن الله يهدى من يشاء} (4) بفتح الدال المهملة جمع محدثة بالفتح وهى ما لم يكن معروفاً فى كتاب ولا سنة ولا إجماع، وهى البدعة كما يشير الحديث الى ذلك (5) قال النووى هذا عام مخصوص والمراد غالب البدع، قال أهل اللغة هى كل شئ عمل على غير مثال سابق، قال العلماء البدعة خمسة أقسام واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة (فمن الواجبة) نظم أدلة المتكلمين للرد على الملاحدة والمبتدعين وشبه ذلك (ومن المندوبة) تصنيف كتب العلم وبناء المدارس والرُّبُط وغير ذلك (ومن المباح) التبسيط فى ألوان الأطعمة وغير ذلك (والحرام والمكروه)

-[قرب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم من الساعة وما ينبغي أن يفعله الخطيب]- وتحمر وجنتاه ويشتد غضبه إذا ذكر السَّاعة (1) كأنَّه منذر (2) جيشٍ، قال ثمَّ يقول أتتكم السَّاعة، بعثت أنا والسَّاعة هكذا وأشار بإصبعيه السَّبَّابة والوسطى (3) صبَّحتكم السَّاعة ومسَّتكم (4) من ترك مالاً فلأهله (5) ومن ترك دينًا أو ضياعًا (6) فإلىَّ وعلىَّ والضَّياع يعني ولده المساكين

_ ظاهران، قال وقد أوضحت المسألة بأدلتها المبسوطة فى تهذيب الأسماء واللغات، فاذا عرف ما ذكرته علم أن الحديث من العام المخصوص وكذا ما أشبههه من الأحاديث الواردة، ويؤيد ما قلناه قول عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى التراويح نعمت البدعة، ولا يمنع من كون الحديث عاماً مخصوصاً قوله كل بدعة مؤكداً بل، بل يدخله التخصيص مع ذلك كقوله تعالى {تدمر كل شئ} اهـ (1) فيه أنه يستحب للخطيب أن يفخم أمر الخطبة ويرفع صوته ويجزل كلاه ويكون مطابقاً للفصل الذى يتكلم فيه من ترغيب أو ترهيب، ولعل اشتداد غصبه صلى الله عليه وسلم عند ذكر الساعة لما فيها من الأهوال العظيمة والخطوب الجسيمة (2) المنذر المعْلِم الذى يعرّف القوم بما يكون قد دهمهم من عدو أو غيره وهو المخوّف أيضاً، وأصل الانذار الاعلام يقال أنذرته أنذره إنذار اذا أعلمته فأنا منذر ونذير أى معْلم ومخوّف ومحذّر، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يخوفهم من قيام الساعة وقربها ليستعدوا لها بطاعة الله عز وجث واجتناب المعاصى كما يُخوَّف الجيش بهجوم العدو ليستعد للقائه (3) أى قرن بين إصبعيه السبابة والوسطى كما فى رواية مسلم (قال القاضى عياض رحمه الله) يحتمل أنه تمثيل لمقاربتها وانه ليس بينهما إصبع أخرى كما أنه لا نبى بينه وبين الساعة، ويحتمل أنه لتقريب ما بينهما من المدة وأن التفاوت بينهما كنسبة التفاوت بين الأصبعين تقريباً لا تجديداً اهـ (4) المراد ستصبحكم أى تأتيكم صباحاً، وعبر بالماض لتحقق مجيئها كأنها جاءت، ويقال كذلك فى مسَّتكم (5) أى فلورثته (6) الضياع بفتح الضاد فسرها الراوى بقوله ولده المساكين يعنى أولاد المتوفى، وكذلك فسرها أهل اللغة، قال ابن قتيبة أصله مصدر ضاع يضيع ضياعاً المراد من ترك أطفالاً وعيالاً ذوى ضياع، فأوقع المصدر موضع الاسم (وقوله فالى وعلى) أى فالى تربية أولاده وعلى قضاء دينه (قال النووى) قال أصحابنا وكان النبى صلى الله عليه وسلم لا يصلى على من مات وعليه دين لم يخلف به وفاء لئلا يتساهل الناس فى الاستدانة ويهملوا الوفاء فزجرهم عن ذلك بترك الصلاة عليهم، فلما فتح الله على المسلمين مبادئ الفتوح قال صلى الله عليه وسلم "من ترك ديناً فعلىَّ" أى قضاؤه فكان يقضيه {تخريجه} (م. جه)

-[آداب تتعلق بالخطيب وحديث ابن مسعود في خطبة الحاجة]- (1586) عن عدي بن حاتم الطَّائيِّ رضى الله عنه أنَّ رجلاً خطب عند النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) فقال من يطع الله ورسوله فقد رشد (1) ومن يعصمها فقد غوى، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بئس الخطيب أنت (2) قل ومن يعص الله ورسوله (1587) عن أبى سعيد الخدريِّ رضي الله عنه أنَّ النبيِّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم خطب قائمًا على رجليه

_ (1586) عن عدي بن حاتم {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد العزيز يعنى ابن رفيع عن تميم بن طرفة عن عدى بن حاتم "الحديث" {غريبه} (1) بفتح الشين المعجمة وكسرها (2) قال القاضى عياض وجماعة من العلماء إنما أنكر عليه لتشريكه فى الضمير المقتضى للتسوية وأمره بالعطف تعظيماً لله بتقدير اسمه كما قال صلى الله عليه وسلم فى الحديث الآخر "لا يقل أحدكم ما شاء الله وشاء فلان، ولكن ليقل ما شاء الله ثم شاء فلان" اهـ (وقال النووى) الصواب أن سبب النهى أن الخطب شأنها البسط والأيضاح واجتناب الاشارات والرموز، ولهذا ثبت فى الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا تكلم بكلمة أعادها ثلاثاً ليفهم، وأما قول الأولين فيضعف بأشياء، منها أن مثل هذا الضمير قد تكرر فى الأحاديث الصحيحة من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم "أن يكون الله ورسوله أحب اليه مما سواهما" وغيره من الأحاديث، وإنما ثنى الضمير ههنا لأنه ليس خطبة وعظ، وإنما هو تعليم حكم، فكلما قل لفظه كان أقرب الى حفظه، بخلاف خطبة الوعظ فانه ليس المراد حفظهما وإنما يراد الاتعاظ بها، ومما يؤيده هذا ما ثبت فى سنن أبى داود (ومسند الامام احمد) باسناد صحيح عن ابن مسعود رضى الله عنه قال علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة الحاجة "الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدى الساعة، من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصمها فانه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً" اهـ وستأتى هذه الخطبة فى أبواب خطب النبى صلى الله عليه وسلم فى آخر القسم الثانى من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى {تخريجه} (مذ. نس. ك. هق) (1587) عن أبى سعيد الخدرى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا داود بن قيس عن عياض بن عبد الله بن أبى شرح عن أبى سعيد الخدرى "الحديث" {تخريجه} لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد

-[حجة القائلين بوجوب القيام للخطبة]- (1588) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما عن النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) أنَّه كان يخطب يوم الجمعة قائمًا ثمَّ يقعد ثمَّ يقوم فيخطب (1589) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم يخطب يوم الجمعة مرَّتين بينهما جلسة (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (1) أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان يجلس بين الخطبتين. (1590) عن سماك بن حرب قال نبَّأني جابر بن سمرة رضى الله عنه أنَّه رأى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خطب قائمًا على المنبر ثمَّ يجلس "وفى روايةٍ ثمَّ يقعد قعدةً لا يتكلم" ثمَّ يقوم فيخطب قائمًا، قال فقال لي جابرٌ فمن نبَّأك (2) أنَّه كان يخطب قاعدًا فقد كذب، فقد والله صلَّيت معه أكثر من ألفي صلاةٍ (3)

_ (1588) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله ابن محمد وسمعته أنا منه قال ثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربى عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس "الحديث" {تخريجه} أورده الهيثمى وقال رواه احمد وأبو يعلى والطبرانى فى الكبير والأوسط ورجال الطبرانى ثقات (1589) عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر "الحديث" (1) "وعنه من طريق ثان" {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قراد أنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم "الحديث" {تخريجه} (ق. والأربعة) بلفظ "كان صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قائماً يجلس ثم يقوم كما تفعلون اليوم". (1590) عن سماك بن حرب {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو كامل ثنا زهير ثنا سماك بن حرب "الحديث" {غريبه} (2) رواية أبى داود فمن حدثك أنه كان يخطب كما فى رواية أخرى عند الأمام احمد، ورواية مسلم كلفظ حديث الباب (3) قال النووى المراد الصلوات الخمس لا الجمعة اهـ قال الشوكانى ولابد من هذا، لأن الجمع التى صلاها صلى الله عليه وسلم من عند افتراض صلاة الجمعة الى عند موته لا تبلغ ذلك المقدار

-[مشروعية الخطبتين للجمعة والجلوس بينهما]- (وعنه من طريقٍ ثانٍ بنحوه (1) وفيه بعد قوله فقد كذب) قال ولكنَّه ربمَّا خرج ورأى النَّاس في قلةٍ فجلس ثمَّ يثوبون (2) ثمَّ يقوم فيخطب قائمًا (1591) وعنه أيضًا عن جابر بن سمرة قال ما رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قطُّ يخطب فى الجمعة إلاَّ قائمًا، فمن حدَّثك أنَّه جلس فكذِّبه فإنَّه لم يفعل، كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يخطب ثمَّ يقعد ثمَّ يقوم فيخطب: كان يخطب خطبتين يقعد بينهما في الجمعة. (1592) ز عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال صلَّيت مع النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) فكانت صلاته قصدًا وخطبته قصدًا (3) وبهذا الإسناد قال كانت لرسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم خطبتان يجلس بينهما يقرأ القرآن ويذكِّر النَّاس (4)

_ ولا نصفه اهـ {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين بن محمد ثنا سليمان ابن قرم عن سماك عن جابر "الحديث" (2) أى يرجعون الى المسجد، ومنه قوله تعالى {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس} أى مرجعاً ومجتمعاً {تخريجه} أخرج الطريق الأولى منه (م. د) ولم أقف على من أخرج الطريق الثانية غير الأمام أحمد (1591) وعنه أيضاً {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد ثنا زائدة ثنا سماك عن جابر بن سمرة "الحديث" {تخريجه} (م. د) (1592) "ز" عن جابر بن سمرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أحمد ابن إبراهيم أبو على الموصلى ثنا أبو الأحوص عن سماك عن جابر بن سمرة "الحديث" {غريبه} (3) القصد فى الشئ هو الاقتصاد فيه وترك التطويل، وإنما كانت صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قصداً وخطبته كذلك لئلا يمل الناس (4) استدل به على مشروعية القراءة والوعظ فى الخطبة، وقد ذهب الشافعى الى وجوب الوعظ وقراءة آية، وسيأتى ذكر المذاهب فى الأحكام {تخريجه} (م. نس. مذ. جه) الى قوله وخطبته قصداً، وروى الباقى منه حديثاً مستقلاً (م. د. نس. جه)

-[إستحباب إطالة الصلاة وإقصار الخطبة]- (1593) عن واصل بن حيَّان (1) قال قال أبو وائل خطبنا عمَّار بن ياسرٍ فأبلغ وأوجز، فلمَّا نزل قلنا يا أبا اليقظان لقد أبلغت وأوجزت فلو كنت تنفَّست (2) قال إنِّي سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول إنَّ طول صلاة الرَّجل وقصر خطبته مئنَّةٌ (3) من فقهه، فأطيلوا الصَّلاة واقصروا (4) الخطبة فإنَّ من البيان لسحرًا (1594) عن أبي راشدٍ قال خطبنا عمَّار بن ياسرٍ فتجوز في خطبته،

_ (1593) عن واصل بن حيان {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قريش بن إبراهيم قال ثنا عبد الرحمن بن عبد الملك بن أبجر عن أبيه عن واصل بن حيان "الحديث" {غريبه} (1) حيان بالمثناة (2) أى فلو أطلت قليلاً (3) بفتح الميم ثم همزة مكسورة ثم نون مشددة أى علامة، قال الأزهرى والأكثرون الميم فيها زائدة وهى مفعلة، قال الهروى قال الأزهرى غلط أبو عبيد فى جعله الميم أصلية، قال القاضى عياض قال شيخنا ابن سراج هى أصلية اهـ وإنما كان إقصار الخطبة علامة من فقه القاضى عياض قال شيخنا ابن سراج هى أصلية اهـ وإنما كان إقصار الخطبة علامة من فقه الرجل، لأن الفقيه هو المطلع على جوامع الألفاظ فيتمكن بذلك من التعبير باللفظ المختصر عن المعانى الكثيرة (4) الهمزة فى واقصروا همزة وصل قال النووى، قال وليس هذا الحديث مخالفاً للأحاديث المشهورة فى الأمر بتخفيف الصلاة، لقوله فى الرواية الأخرى وكانت صلاته قصداً وخطبته قصداً، لأن المراد بالحديث الذى نحن فيه أن الصلاة تكون طويلة بالنسبة إلى الخطبة لا تطويلاً يشق على المأمومين، وهى حينئذ قصد أى معتدلة، والخطبة قصد بالنسبة الى وضعها (وقوله صلى الله عليه وسلم فان من البيان لسحراً) قال أبو عبيد هو من الفهم وذكاء القلب، قال القاضى عياض فيه تأويلان (أحدهما) أنه ذمّ لأنه امالة القلوب وصرفها بمقاطع الكلام اليه حين يكسب من الاثم به كما يكسب بالسحر، وأدخله مالك فى الموطأ فى باب ما يكره من الكلام وهو مذهبه فى تأويل الحديث (والثانى) أنه مدح، لأن الله تعالى امتنَّ على عباده بتعليمهم البيان وشبهه بالسحر لميل القلوب اليه، واصل السحر الصرف، فالبيان يصرف القلوب ويميلها الى ما تدعو اليه، هذا كلام القاضى، قال النووى وهذا التأويل الثانى هو الصحيح المختار اهـ {تخريجه} (م) (1594) عن أبى راشد {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير

-[مشروعية توكي الخطيب على قوس أو عصا]- فقال رجلٌ من قريشٍ لقد قلت قولاً شفاءً (1) فلو أنَّك أطلت، فقال إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم نهى أن نُطيل الخطبة. (1595) عن الحكم بن حزنٍ الكلفىَّ رضى الله عنه قال قدمت على رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم سابع سبعةٍ أو تاسع تسعةٍ (2) قال فأذن لنا فدخلنا فقلنا يا رسول الله أتيناك لتدعو لنا بخيرٍ، قال فدعا لنا بخيرٍ وأمر بنا فأنزلنا، وأمر لنا بشيءٍ من تمرٍ والشَّأن إذ ذاك دون (3) قال فلبثنا عند رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أيَّامًا شهدنا فيها الجمعة، فقام رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم متوكِّئًا على قوسٍ أو قال على عصًا (4) فحمد الله وأثنى عليه كلماتٍ (5) خفيفاتٍ طيباتٍ مباركاتٍ، ثمَّ قال يا أيُّها النَّاس إنَّكم لن تفعلوا ولن تطيقوا كلَّ ما أمرتم

_ ثنا العلاء بن صالح عن عدى بن ثابت ثنا أبو راشد قال خطبنا عمار بن ياسر "الحديث" {غريبه} (1) يريد أن الخطبة كانت مؤثرة فى قلوب السامعين وشفاء لأمراض القلوب إلا انها قصيرة {تخريجه} لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وسنده جيد (1595) عن الحكم بن حزن الكلفى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الحكم بن موسى قال عبد الله وسمعته أنا من الحكم حدثنا شهاب بن خِراش حدثنى شعيب بن رُزَيق الطائفى قال كنت جالساً عند رجل يقال له الحكم بن حزن الكلفى وله صحبة من النبى صلى الله عليه وسلم قال فأنشأ يحدثنا قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" {غريبه} (2) شك من شعيب وهو حال من فاعل قدمت يعنى أتيت النبى صلى الله عليه وسلم حال كونى واحداً من سبعة أو واحداً من تسعة (3) يعنى وحالتهم فى ذاك الوقت حالة إعسار وضيق من العيش، وإنما قال ذل الحكم بن حزن يريد الاعتذار عن اقتصار النبى صلى الله عليه وسلم على التمر الذي قدم لهم (4) شك من الراوى وفيه مشروعية اعتماد الخطيب حال الخطبة على عصا أونحوها، قالوا وحكمة ذلك الاشتغال عن العبث (5) رواية البيهقى "بكلمات فما هنا منصوب بنزع الخافض أى أثنى عليه بكلمات" كما فى رواية البيهقي

-[كراهة رفع اليدين عند الدعاء في الخطبة]- به ولكن سدِّدوا وأبشروا (1) (1596) عن يزيد بن البراء (بن عازبٍ) عن أبيه رضي الله عنه أن النبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم خطب على قوسٍ أو عصًا (1597) عن حُصين بن عبد الرَّحمن السَّلميِّ قال كنت إلى جنب عمارة بن رؤيبة (2) السَّلميِّ رضى الله عنه وبشرٌ (3) يخطبنا فلمَّا دعا رفع يديه (4) فقال عمارة يعني قبَّح الله هاتين اليدين أو اليديتين (5) رأيت

_ (1) المعنى حيث أنكم لم تفعلوا ولن تطيقوا كل ما أمرتم به فسددوا وأبشروا (قال الحافظ) سددوا أى الزموا السداد وهو الصواب من غير إفراط ولا تفريط (وأبشروا) بالثواب على العمل الدائم وإن قل، والمراد تبشير من عجز عن العمل بالأكمل بأن العجز اذا لم يكن من صنيعه لا يستلزم نقص أجره، وأبهم المبشر به تعظيماً وتفخيماً له {تخريجه} (د. عل. هق) وسنده جيد وصححه ابن خزيمة وابن السكن وحسن إسناده الحافظ (1596) عن يزيد بن البراء {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا أبو جناب عن يزيد بن البراء "الحديث" {تخريجه} (د. طب) ولفظ أبى داود عن البراء أن النبى صلى الله عليه وسلم أعطى يوم العيد قوساً أو عصاً فخطب عليه، ورواه أيضاً الأمام أحمد والطبرانى مطولاً، وسيأتى فى باب خطبة العيدين وصححه ابن السكن. (1597) عن حصين بن عبد الرحمن السلمى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا موسى بن داود ثنا زهير عن حصين بن عبد الرحمن السلمى "الحديث" {غريبه} (2) براء وموحدة مصغراً الثقفى يكنى بأبى زهير صحابى نزل الكوفى (3) هو ابن مروان بن الحكم بن أبى العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشى، تولى الكوفى سنة إحدى وسبعين بعد قتل مصعب بن الزبير وأضيف اليه البصرة سنة ثلاث وسبعين بعد أن عزل عنها خالد بن عبد الله فرحل اليها واستخلف على الكوفة عمرو ابن حريث (4) أى وهو يدعو فى يوم جمعة كما فى رواية أبى داود، يعنى حال الدعاء فى الخطبة (5) شك الراوى هل قال اليدين بفتح أوله مكبراً أو اليديّتين بضم أوله وفتح الدال المهملة وتشديد التحتية المفتوحة مصغراً، ورواية الترمذى اليُديّتين بالتصغير بغير شك وزاد القصيرتين بالتصغير أيضاً، والظاهر أنه دعاء عليه، وقيل إخبارٌ عن قبح صنعه

-[استحباب قراءة سورة ق أو شيء منها في الخطبة]- رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يخطب إذا دعا يقول هكذا، ورفع السَّبَّابة وحدها (1) (1598) عن أمِّ هشامٍ بنت حارثة (2) رضى الله عنها قالت لقد كان تنُّورنا (3) وتنُّور النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) واحدًا سنتين أو سنةً وبعض سنةٍ (4) وما أخذت ق والقرآن المجيد إلاَّ على لسان رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، كان يقرأ بها كلَّ يوم جمعةٍ على المنبر إذا خطب النَّاس

_ لأنه فعل شيئاً لم يفعله النبى صلى الله عليه وسلم، وعلى أنه دعاء عليه فالجملة خبرية لفظاً انشائية معنى وفيها اطلاق اسم الجزء على الكل؛ وعلى أنه إخبار عن قبح صنعه، فالجملة خبرية لفظاً ومعنى (1) فيه جواز رفع السبابة عند الدعاء فى خطبة الجمعة وأما رفع اليدين فلا، وسيأتى الكلام على ذلك فى الأحكام {تخريجه} (م. د. مذ. نس. هق). (1598) عن أم هشام {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن إسحاق حدثنى عبد الله بن محمد بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن {غريبه} (2) هى أم هشام بنت حارثة بن النعمان رضى الله عنها صحابية مشهورة وهى أخت عمرة بنت عبد الرحمن لأمها، روت عنها أختها عمرة وبايعت بيعة الرضوان، روى لها مسلم وأبو داود والأمام احمد (3) التنور بضم الفوقية والنون المشددتين هو الذيى يخبر فيه (4) تريد أنها جاورت النبى صلى الله عليه وسلم هذه المدة فكانت تسمعه يقرأ سورة ق كل جمع وهو يخطب فحفظتها منه، وهذا يدل على قوة حفظها ومعرفتها بأحوال النبى صلى الله عليه وسلم وقربها من منزله، قال العلماء وسبب اختياره صلى الله عليه وسلم ق أنها مشتملة على البعث والموت والمواعظ المفيدة والزواجر الشديدة، وفيه دليل للقراءة فى الخطبة واستحباب قراءة ق أو بعضها فى كل خطبة {تخريجه} (م. د. نس. ك. هق) {الأحكام} أحاديث الباب تدل على مشروعية خطبتين للجمعة مشتملتين على حمد الله عز وجل والثناء عليه والشهادتين وشئ من القرآن والوعظ والدعاء {وفيها أيضاً} مشروعية الأتيان بهما من قيام لا من جلوس والفصل بينهما بجلسة يسيرة لا يتكلم فيها وعدم التطويل فيهما لئلا يمل الناس {وفيها أيضاً} مشروعية اعتماد الخطيب على عصاً أو نحوها أثناء الخطبة {أما حكم الخطبتين} فقد ذهب إلى وجوبهما العترة والأمام الشافعى رحمه الله. وعن الحسن البصرى وأهل الظاهر، ورواية ابن الماجشون عن مالك أنهما مستحبتان لا واجبتان، وحكى

-[مذاهب العلماء في حكم خطبة الجمعة - وهل الواجب واحدة أو اثنتان]- .....

_ العراقي في شرح الترمذى عن الأئمة {مالك وأبى حنيفة} والأوزاعى وإسحاق بن راهوية وأبى ثور وابن المنذر {وأحمد بن حنبل} فى رواية عنه أن الواجب خطبة واحدة، قال واليه ذهب جمهور العلماء (قال الشوكانى) واستدلوا على الوجوب بما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم بالأحاديث الصحيحة ثبوتاً مستمراً أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب فى كل جمعة، قال ومجرد الفعل لا يفيد الوجوب، واستدلوا أيضاً بقوله صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رأيتمونى أصلى" قال وهو مع كونه غير صالح للاستدلال به على الوجوب ليس يه إلا الأمر بايقاع الصلاة على الصفة التي كان يوقعها عليها، والخطبة ليست بصلاة، واستدلوا أيضاً بقوله تعالى {فاسعوا إلى ذكر الله} وفعله صلى الله عليه وسلم للخطبة بيان للمجمل وبيان المجمل الواجِب واجبٌ (ورُدَّ) بأن الواجب بالأمر هو السعى فقط (وتعقب) بأن السعى ليس مأموراً به لذاته بل لمتعلقه وهو الذكر (ويتعقب) هذا التعقب بأن الذكر المأمور بالسعى اليه هو الصلاة، غاية الأمر أنه متردد بينها وبين الخطبة؛ وقد وقع الاتفاق على وجوب الصلاة والنزاع فى وجوب الخطبة فلا ينتهض هذا الدليل للوجوب، فالظاهر ما ذهب اليه {الحسن البصرى وداود الظاهرى والحوينى} من أن الخطبة مندوبة فقط، وأما الاستدلال للوجوب بحديث أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "كل كلام لا يبدأ فيه بالحمد لله فهو أجذم" رواه أبو داود وأحمد بمعناه، وبحديثه أيضاً عند البيهقى فى دلائل النبوة مرفوعاً حكاية عن الله تعالى بفظ "وجعلت أمتك لا تجوز لهم خطبة حتى يشهدوا أنك عبدى ورسولى" فوهم لأن غاية الحديث الأول عدم قبول الخطبة التي لا حمد فيها، وغاية الثانى عدم جواز خطبة لا شهادة فيها بأنه صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله؛ والقبول والجواز وعدمهما لا ملازمة بينها وبين الوجوب قطعاً اهـ {وأما الحمد والوعظ وقراءة شيء من القرآن} فذهبت الشافعية والحنابلة الى وجوبها وزادوا عما فى أحاديث الباب وجوب الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم (قال ابن قدامة فى المغنى) واذا وجب ذكر الله تعالى وجب ذكر النبى صلى الله عليه وسلم لما روى فى تفسير قوله تعالى {ألم نشرح لك صدرك ورفعنا لك ذكرك} قال لا أذكر إلا ذكرت معى، ولأنه موضع وجب فيه ذكر الله تعالى والثناء عليه فوجب فيه الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم كالأذان والتشهد؛ قال ويحتمل أن لا تجب الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يذكر فى خطبه ذلك اهـ {قلت} هذا هو المتعين، وزاد الشافعية وجوب الدعاء للمؤمنين في الخطبة الثانية على أصح القولين عندهم {وذهبت المالكية} والأوزعى وإسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد وداود الى أن الواجب ما يقع عليه اسم الخطبة وما زاد عن ذلك فهو مستحب {وقال أبو حنيفة} فرض الخطبة تسبيحة أو تهليلة أو تحميدة أو تكبيرة على قصد الخطبة. وعندهما "أعنى أبا يوسف ومحمد" لابد من ذكر طويل يسمى خطبة عُرفاً وهو مقدار ثلاث آيات عند الكرخى، وقيل مقدار التشهد

-[مذاهب العلماء في أركان الخطبة وآدابها]- .....

_ {وأما الشهادتان} فالجمهور على استحبابهما {وأما القيام للخطبتين} فقد اختلف فى وجوبه، فذهب الجمهور إلى الوجوب، ونقل عن {أبى حنيفة} أن القيام سنة وليس بواجب والى ذلك ذهبت الهادوية، واستدل الجمهور على الوجوب بما فى أحاديث الباب من أنه صلى الله عليه وسلم كان يخطب قائماً، وبما أخرجه ابن أبى شيبة عن طاوس قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً وأبو بكر وعمر وعثمان، وأول من جلس على المنبر معاوية، وروى ابن أبى شيبة أيضاً عن الشعبى أن معاوية إنما خطب قاعداً لمَّا كثر شحم بطنه ولحمه (قال الشوكانى) ولا شك أن الثابت عنه صلى الله عليه وسلم وعن الخلفاء هو القيام حال الخطبة، ولكن الفعل بمجرده لا يفيد الوجوب كما عرفت غير مرة اهـ {وأما الجلوس بينهما} فذهبت الشافعية والامام يحيى الى وجوبه مستدلين بفعله صلى الله عليه وسلم وقوله "صلوا كما رأيتمونى أصلى" وتقدم الجواب عن ذلك، وذهب الجمهور الى الاستحباب وعدم الوجوب {وأما عدم تطويلهما} فلا خلاف بين العلماء فى استحبابه، إنما الخلاف فى أقل ما يجزئ وهو مبسوط فى كتب الفقه {وأما اعتماد الخطيب على قوس أو عصا} فذهب الجمهور الى استحبابه، ولكنهم اختلفوا فى أخذه بأى اليدين {فذهبت المالكية} الى أخذه باليد اليمنى {وذهبت الشافعية} الى أخذه باليد اليسرى ويشغل اليمنى بحرف المنبر لاتباع السلف والخلف، فان لم يجد شيئاً من ذلك وضع اليمنى على حرف المنبر وأرسل اليسرى {وقالت الحنفية} يعتمد على سيف بيساره فى كل بلدة فتحت عنوة ويخطب بقوس أو عصا فى كل بلدة فتحت صلحاً {وقالت الحنابلة} يسن أن يعتمد على سيف أو قوس أو عصا باحدى يديه {قلت} لم أقف على شئ من الأحاديث يدل على هذه التفاصيل، والأفضل الأخذ باليمين لما رواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم عن عائشة رضى الله عنها قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه التيمن فى ترجُّله وتنعُّله وطُهوره وفى شأنه كله" (قال الحافظ ابن القيم فى الهدى) كان صلى الله عليه وسلم يعتمد على قوس أو عصا قبل أن يتخذ المنبر، وكان فى الحرب يعتمد على قوس، وفى الجمعة يعتمد على عصا، ولم يحفظ عنه أنه اعتمد على سيف، وما يظنه بعض الجهال أنه كان يعتمد على السيف دائماً وأن ذلك إشارة الى أن الدين قام بالسيف فمن فَرْطِ جهلِه، فانه لا يحفظ عنه صلى الله عليه وسلم بعد اتخاذ المنبر أنه كان يرقاه بسيف ولا قوس ولا غيره ولا قبل اتخاذه أنه أخذ بيده سيفاً ألبتة، وإنما كان يعتمد على عصا أو قوس اهـ {وفى حديث عمارة بن رؤيبة} دليل على كراهة رفع الأيدى على المنبر حال الدعاء وأنه بدعة، ويؤيد ذلك ما رواه البزار والطبرانى فى الكبير والأمام أحمد، وتقدم فى باب التحذير من الابتداع فى الدين رقم 16 من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة عن غضيف بن الحارث الثمالى رضى الله عنه قال بعث

-[كلام العلماء في رفع اليدين عند الدعاء في الخطبة]- (12) باب المنع من الكلام والإمام يخطب والرخصة في تكلمه وتكليمه لمصلحة - وجواز قطع الخطبة لأمر يحدث (1599) عن ابن عباسٍ رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله

_ إلىَّ عبد الملك بن مروان فقال يا أبا اسماء إنا قد أجمعنا الناس على أمرين قال وما هما؟ قال رفع الأيدى على المنابر يوم الجمعة والقصص بعد الصبح والعصر، فقال أما إنهما أمثل بدعتكم عندى ولست مجيئك الى شئ منهما؛ قال لمَ؟ قال لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال "ما أحدث قوم بدعة إلا رفع مثلها من السنة، فتمسك بستة خير من إحداث بدعة" والى كراهة رفع اليدين حال الخطبة ذهب الأمامان {مالك والشافعى} وجماعة، قال القاضى عياض كره مالك وقوم من السلف رفع اليدين فى الخطبة لهذا الحديث، لأنه صلى الله عليه وسلم لم يزد على الأشارة بالمسبحة، وأجازه بعض أصحابنا وآخرون، لأنه صلى الله عليه وسلم رفعهما فى خطبة الجمعة حين استسقى اهـ وأجاب المانعون بأن رفعه فى الاستسقاء كان لعارض الاستسقاء {قلت} الواجب الوقوف مع النصوص حيثما كانت، فما ثبت فيه رفع يديه صلى الله عليه وسلم نرفع فيه ومالاً فلا؛ وسيأتى لذلك مزيد بحث فى باب كثرة الدعاء ورفع اليدين عنده من أبواب الاستسقاء إن شاء الله تعالى {وفى أحاديث الباب أيضاً} استحباب قول "أمّا بعد" في خطب الوعظ والجمعة والعيد وغيرهما، وكذا فى خطب الكتب المصنفة، وقد عقد البخارى باباً فى استحبابه وذكر فيه جملة من الأحاديث، واختلف العلماء فى أول من تكلم به فقيل داود عليه السلام، وقيل يعرب بن قحطان؛ وقيل قس بن ساعده، وقال بعض المفسرين أو كثير منهم إنه فصل الخطاب الذى أوتيه داود، وقال المحققون فصل الخطاب الفصل بين الحق والباطل، أفاده النووى {فائدة} قال صاحب المهذب ومن سننها "يعنى الخطبة" اذا صعد "الخطيب" المنبر ثم أقبل على الناس أن يسلم عليهم لما روى أن النبى صلى الله عليه وسلم "كان اذا صعد المنبر يوم الجمعة واستقبل الناس بوجهه قال السلام عيكم اهـ قال النووى رواه البيهقى من رواية ابن عمر وجابر وإسنادهما ليس بالقوى، وقال قال أصحابنا يسن للأمام السلام على الناس مرتين (إحداهما) عند دخوله المسجد يسلم على من هناك وعلى من عند المنبر اذا انتهى اليه (الثانية) اذا وصل أعلا المنبر وأقبل على الناس بوجهه يسلم عليهم لما ذكره المصنف "يعنى صاحب المهذب" قال أصحابنا واذا سلم لزم السامعين الردّ عليه وهو فرض كفاية كالسلام فى باقى المواضع، وهذا الذى ذكرناه من استحباب السلام الثانى مذهبنا ومذهب الأكثرين، وبه قال ابن عباس وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز والأوزاعى وأحمد {وقال مالك وأبو حنيفة} يكره اهـ ج (1599) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير

-[التشديد في النهي عن الكلام يوم الجمعة والامام يخطب]- عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من تكلَّم يوم الجمعة وهو يخطب فهو كمثل الحمار يحمل أسفارًا (1) والَّذي يقول له أنصت ليس له جمعةٌ (2) (1600) عن أبي هريرة رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إذا قلت لصاحبك يوم الجمعة والإمام يخطب أنصت فقد لغيت (3) قال سفيان قال أبو الزِّناد هي لغة أبى هريرة (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (4)

_ عن مجالد عن الشعبى عن ابن عباس "الحديث" {غريبه} (1) شبَّه من لم يمسك عن الكلام بالحمار الحامل للأسفار بجامع عدم الانتفاع، وظاهر قوله من تكلم يوم الجمعة المنع من جميع أنواع الكلام من غير فرق بين مالاً فائدة فيه وغيره، وسيأتى الكلام على ذلك فى الأحكام (2) قال العلماء معناه ليس له جمعة كاملة للأجماع على إسقاط فرض الوقت عنه {تخريجه} أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار والطبرانى وفيه مجالد ابن سعيد وقد ضعفه الناس ووثقه النسائى فى رواية {قلت} أورده الحافظ فى بلوغ المرام أيضاً وقال رواه أحمد باسناد لا بأس به، قال وهو يفسر حديث أبى هريرة فى الصحيحين مرفوعاً "إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة والأمام يخطب فقد لغوت" اهـ (1600) عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى قا قرئ على سفيان سمعت أبا الزناد يحدث عن الأعرج عن أبى هريرة "الحديث" {غريبه} (3) فى رواية مسلم بعد قوله فقد لغيت، قال أبو الزناد هى لغة أبى هريرة، وإنما هو فقد لغوت (قال النووى) قال أهل اللغة يقال لغا يلغو كغزا يغزو، ويقال لَغِىَ يَلغَى كعَمِىَ يَعمَى لغتان، الأول أفصح، وظاهر القرآن يقتضى هذه الثانية التى هى لغة أبى هريرة، قال الله تعالى {وقال الذين كفروا لا تسمعوا لهذا القرآن والغوْا فيه} وهذا من لغِىَ يَلغَى، ولو كان من الأول لقال والغُوا بضم الغين، قال ابن الكسيت وغيره مصدر الأول اللغو ومصدر الثانى اللغى (ومعنى فقد لغوت) أى قلت اللغو وهو الكلام الملغى الساقط الباطل المردود، وقيل معناه قلت غير الصواب، وقيل تكلمت بما لا ينبغى، ففى الحديث النهى عن جميع أنواع الكلام حال الخطبة ونبه بهذا على ما سواه، لأنه اذا قال أنصت وهو فى الأصل أمر بمعروف وسماه لغواً فيسيره من الكلام أولى، وإنما طريقه اذا أراد نهى غيره عن الكلام أن يشير اليه بالسكوت إن فهمه، فان تعذر فهمه فلينهه بكلام مختصر ولا يزيد على أقل ممكن اهـ (4) {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق

-[التشديد في النهي عن الكلام يوم الجمعة والامام يخطب]- قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إذا قلت لصاحبك أنصت والإمام يخطب يوم الجمعة فقد لغوت (وعنه من طريقٍ ثالثٍ) (1) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا قلت للنَّاس أنصتوا فقد ألغيت على نفسك. (1601) ز عن عطاء بن يسارٍ عن أبىِّ بن كعبٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قرأ يوم الجمعة براءةً وهو قائمٌ يذكِّر بأيَّام الله (2) وأبيُّ ابن كعب وجاه النبيِّ (صلى الله عليه وسلم) وأبو الدَّرداء وأبو ذرٍ، فغمز أبىَّ بن كعبٍ أحدهما فقال متى أنزلت هذه السورة يا أبىُّ فإنِّى لم أسمعها إلاّ الآن؟ فأشار إليه أن اسكت (3) فلمَّا انصرفوا قال سألتك متى أنزلت هذه السُّورة فلم تخبر، قال أبىُّ ليس لك من صلاتك اليوم إلاَّ ما لغوت (4) فذهبت إلى رسول الله

_ أنا ابن جريج وابن بكر عن ابن جريح أخبرنى ابن شهاب عن عمر بن عبد العزيز عن إبراهيم ابن عبد الله بن قارط عن أبى هريرة وعن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة "الحديث" وفى آخره قال ابن بكر فى حديثه قال أخبرنى ابن شهاب عن حديث عمر بن عبد العزيز عن ابراهيم بن عبد الله بن قارظ عن أبى هريرة وعن أبى سعيد عن أبى هريرة أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله (1) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق بن همّام ثنا معمر عن همّام بن منبه قال هذا ما حدّث به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" {تخريجه} (ق. والامامان. والأربعة) وفى رواية لمسلم فقد لغيت بلفظ الطريق الأولى، وأخرجه البيهقى من طريق عقيل عن الزهرى بلفظ "من قال لصاحبه يوم الجمعة والأمام يخطب أنصت فقد لغا" وبهذا اللفظ رواه الترمذى، ورواه البيهقى من طريق آخر غير الطريق الأولى بلفظ "إذا قلت لصاحبك أنصت يوم الجمعة فقد لغوت، عليك بنفسك" ولم أقف على من أخرج الطريق الثالثة من حديث الباب بلفظه غير الأمام أحمد (1601) "ز" عن عطاء بن يسار {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى مصعب ابن عبد الله الزبيرى ثنا عبد العزيز بن محمد عن شريك عن عبد الله بن أبى نمر عن عطاء بن يسار "الحديث" {غريبه} (2) يعنى يذكرهم بنعم الله وآياته الواقعة فى الأيام، وكان ذلك فى خطبة الجمعة (3) فيه جواز نهى المتكلم بالأشارة لا بالكلام (4) يعني أن نصيبه

-[حجة القائلين بجواز الكلام بعد فراغ الخطيب وقبل الصلاة]- (صلى الله عليه وسلم) فذكرت ذلك له وأخبرته بالَّذي قال أبىُّ فقال صدق أبىُّ (1602) عن أبى الدَّرداء رضى الله عنه قال جلس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يومًا على المنبر فخطب النَّاس وتلا آيةً وإلى جنبي أبىَّ بن كعبٍ فقلت له يا أبىُّ متى أنزلت هذه الآية؟ قال فأبى أن يكلَّمنى، ثمَّ سألته فأبى أن يكلِّمنى، حتَّى نزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال لى أبىُّ مالك من جمعتك إلاَّ ما لغيت، فلمَّا انصرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جئته فأخبرته فقلت أي رسول الله إنَّك تلوت آيةً وإلى جنبي أبىُّ كعبٍ فسألته متى أنزلت هذه الآية؟ فأبى أن يكلِّمنى حتَّى إذا نزلت زعم أبىٌّ أنَّه ما ليس لي من جمعتى إلاَّ ما لغيت، فقال صدق أبىُّ، فإذا سمعت إمامك يتكلَّم فأنصت حتَّى يفرغ (1603) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ينزل من المنبر يوم الجمعة فيكلِّمه الرَّجل فى الحاجة فيكلِّمه ثمَّ يتقدَّم إلى مصلاَّه فيصلِّي (1)

_ مِن الصلاة ما أصابه من اللغو ولا ثواب له {تخريجه} أخرجه ابن ماجه بسند حديث الباب ولفظه إلا أنه قال قرأ يوم الجمعة تبارك بدل (براءة) قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله ثقات. (1602) عن أبى الدرداء {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مكى ثنا عبد الله بن سعيد عن حرب بن قيس عن أبى الدرداء "الحديث" {تخريجه} أخرجه أيضاً الطبرانى من رواية شريك بن عبد الله بن أبى نمر عن عطاء بن يسار عن أبى الدرداء، قال الهيثمى ورجال أحمد موثقون اهـ ويشهد له ما أخرجه أبو يعلى والطبرانى عن جابر قال دخل ابن مسعود والنبى صلى الله عليه وسلم يخطب فجلس الى جنبه أبىّ فذكر نحو حديث أبى الدرداء المذكور فى الباب، قال العراقى ورجاله ثقات (1603) عن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا جرير بن حازم عن ثابت البنانى عن أنس بن مالك "الحديث" {غريبه} (1) فيه أنه لا بأس بالكلام بعد فراغ الخطيب من الخطبة وأنه لا يحرم ولا يكره {تخريجه} أخرجه

-[جواز قطع الخطبة لأمر يحدث]- (1604) عن موسى بن طلحة قال سمعت عثمان بن عفَّان رضي الله عنه وهو على المنبر يقيم الصَّلاة وهو يستخبر النَّاس يسألهم عن أخبارهم وأسعارهم (1605) عن أبى رفاعة رضي الله عنه قال انتهيت إلى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم وهو يخطب فقلت يا رسول الله رجلٌ غريبٌ جاء يسأل عن دينه لا يدرى ما دينه، قال فأقبل إلىَّ فأتى بكرسيٍ (1) فقعد عليه فجعل

_ الأربعة والبيهقي، وقال الترمذى هذا حديث لا يعرف إلا من حديث جرير بن حازم، وسمعت محمداً يعنى البخارى يقول وهم جرير بن حازم فى هذا الحديث، والصحيح ما روى ثابت عن أنس قال "أقيمت الصلاة فأخذ رجل بيد النبى صلى الله عليه وسلم فما زال يكلمه حتى نعس بعض القوم" قال محمد والحديث هو هذا، وجرير بن حازم ربما يهم فى الشئ وهو صدوق اهـ كلام الترمذى (وقال أبو داود) الحديث ليس بمعروف وهو مما تفرد به جرير بن حازم (وقال الدارقطنى) تفرد به جرير بن حازم عن ثابت (قال العراقى) ما أعل به البخارى وأبو داود الحديث من أن الصحيح كلام الرجل له بعد ما أقيمت الصلاة لا يقدح ذلك فى صحة حديث جرير بن حازم، بل الجمع بينهما متعذراً، كيف وجرير بن حازم أحد الثقات المخرّج لهم فى الصحيح، فلا تضر زيادته فى كلام الرجل له أنه كان بعد نزوله عن المنبر اهـ (1604) عن موسى بن طلحة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم بن بشير إملاء قال أنبأنا محمد بن قيس الأسدى عن موسى بن طلحة "الحديث" {تخريجه} هذا الأثر أورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ {قلت} وكذلك صحح العراقى إسناده (1605) عن أبى رفاعة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز ثنا سليمان بن المغيرة ثنا حميد بن هلال قال قال أبو رفاعة انتهيت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" {غريبه} (1) بضم الكاف وكسرها والضم أشهر وقعوده صلى الله عليه وسلم على الكرسى ليسمع الباقون كلامه ويروا شخصه الكريم، ويحتمل أن هذه الخطبة التي كان النبى صلى الله عليه وسلم فيها خطبة أمر غير الجمعة، ولهذا قطعها بهذا الفصل الطويل، ويحتمل أنها كانت الجمعة واستأنفها. ويحتمل أنه لم يحصل فصل طويل، ويحتمل أن كلامه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لهذا الغريب كان متعلقاً بالخطبة فيكون منها ولا يضر المشي في

-[جواز قطع الخطبة لأمر يحدث]- يعلِّمني ممَّا علَّمه الله تعالى، قال ثمَّ أتى خطبته فأتمَّ آخرها (1606) عن بريدة الأسلميِّ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلَّم يخطبنا، فجاء الحسن والحسين عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران (1) فنزل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من المنبر فحملهما فوضعهما بين يديه (2) ثمَّ قال صدق الله ورسوله، إنَّما أموالكم وأولادكم فتنةٌ (3) نظرت إلى هذين الصَّبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر (4) حتَّى قطعت حديثي ورفعتهما

_ أثنائها، أفاده النووى {تخريجه} (م. هق) (1606) عن بريدة الأسلمى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد ابن حباب حدثنى حسين بن واقد حدثنى عبد الله بن بريدة قال سمعت أبى بريدة يقل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" {غريبه} (1) من العثرة وهى الزّلة مضارع عثر من بابى نصر وضرب أى يمشيان مشى صغير يميل فى مشيه تارة الى هنا وتارة الى هنا لضعفه فى المشى (2) فى رواية النسائي "فحملها ثم عاد الى المنبر" وإنما حملها وصعد بهما الى المنبر لكمال ما أودع الله عز وجل فى قلبه صلى الله عليه وسلم من الرحمة (3) أى بلاء ومحنة واختبار يختبر الله بها عباده ليتميز من يشغله ذلك عن طاعة الله ممن لا يشغله، فمن أقبل على طاعة الله عز وجل واشتغل بها عن ماله وولده كان من الفائزين، ومن عكس كان من الهالكين، وقد ثبتت له صلى الله عليه وسلم العصمة فلا يشغله شئ عن الله عز وجل مهما كان، فالمراد بالفتنة هنا بالنسبة له صلى الله عليه وسلم هو الميل الطبيعي الذى لم يشغله عن ربه عز وجل (4) أى لأنه صلى الله عليه وسلم كان أرحم خلق الله بخلق الله وأى قلب رحيم يرى طفلين فى هذه الحالة ولا يرحمهما، فعدم صبره صلى الله عليه وسلم على تركها لما أودعه الله عز وجل فى قلبه من كثرة الرحمة ورقة القلب {تخريجه} (د. نس. هق) وسنده جيد {الأحكام} أحاديث الباب تدل على مشروعة عدم الكلام والامام يخطب، وظاهرها يدل على المنع من جميع أنواع الكلام من غير فرق بين ما لا فائدة فيه وغيره لاطلاق الكلام فيها؛ ويؤيد ذلك أنه اذا جَعَل قوله أنصت مع كونه أمراً بمعروف لغواً، فغيره من الكلام أولى بأن يسمى لغواً، وقد اختلف العلماء فى ذلك هل هو حرام أو مكروه كراهة تنزيه، فذهب الى تخريجه الائمة {أبو حنيفة ومالك وأحمد والأوزاعى والشافعى} فى أحد القولين عنه، واحتج لهم بقوله تعالى {واذا قرئ القرآن فاستمعوا له وأنصتوا} وبحديث أبى هريرة وحديث أبى الدرداء وهو حديث صحيح، ولأن الخطبتين بدل

-[مذاهب العلماء في حكم الكلام والامام يخطب]- .....

_ ركعتين فحرم بينهما الكلام {وذهبت الشافعية} فى أصح القولين عندهم الى أنه لا يحرم الكلام بل يكره كراهة تنزيه، قال النووى وبه قال عروة بن الزبير وسعيد بن جبير والشعبى والنخعى والثورى وداود، قال واحتج أصحابنا بالأحاديث الصحيحة المشهورة أن النبى صلى الله عليه وسلم تكلم فى خطبته يوم الجمعة مرات، وبحديث أنس قال "دخل رجل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على المنبر يوم الجمعة فقال يا رسول الله متى الساعة فأشار اليه الناس أن اسكت، فسأله ثلاث مرات كل ذلك يسيرون اليه أن اسكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحك ما أعددت لها" رواه البيهقى باسناد صحيح {وعن أنس أيضاً} قال "بينما النبى صلى الله عليه وسلم يخطب فى يوم الجمعة قام أعرابى فقال يا رسول الله هلك المال وجاع العيال فادع الله لنا فرفع يديه وذكر حديث الاستسقاء" رواه البخارى ومسلم {قلت سيأتى للأمام أحمد فى أبواب الاستسقاء} قال وأجابوا عن الآية أنها محمولة على الاستحباب جمعاً بين الأدلة، هذا إن سلّمنا أن المراد الخطبة وأنها داخلة فى المراد، وعن حديث أبى هريرة أن المراد باللغو الكلام الفارغ ومنه لغو اليمين، وعن حديث أبى الدرداء أن المراد نقص جمعته بالنسبة الى الساكت، وأما القياس على الصلاة فلا يصح لأنها تفسد بالكلام بخلاف الخطبة اهـ ج {قلت} وأدلة الشافعية فيها نظر لأنها أخص من الدعوى، وغاية ما فيها أن يكون عموم الأمر بالأنصات مخصَّصاً بالسؤال {واختلفوا أيضاً} فى النهى عن الكلام هل هو فى حال الخطبة فقط، أو من ابتداء جلوس الأمام على المنبر؟ (قال النووى) إنما هو فى حال الخطبة، قال وهذا مذهبنا ومذهب مالك والجمهور {قلت} وبه قال عطاء وطاوس والزهرى وبكر المزنى والنخعى وإسحاق ويعقوب ومحمد وروى ذلك عن ابن عمر وكرهه الحكم {وقال أبو حنيفة} اذا خرج الأمام حرم الكلام، قال ابن عبد البر إن عمر وابن عباس كانا يكرهان الكلام والصلاة بعد خروج الأمام {واختلفوا أيضاً} اذا لم يسمع الأمام هل يلزمه الأنصات كما لو سمعه؟ قال الجمهور يلزمه، وقال النخعى وأحمد وهو أحد قولى الشافعى لا يلزمه، قال القاضى عياض {ونقل ابن قدامة فى المغنى} أن الكلام الواجب كتحذير الضرير من البئر أو من يخاف عليه ناراً أو حيّة أو حريقاً ونحو ذلك فله فعله، لأن هذا يجوز فى نفس الصلاة مع إفسادها فهاهنا أولى، فأمّا تشميت العاطس ورد السلام ففيه روايتان، قال الأثرم سمعت أبا عبد الله (يعنى الأمام أحمد رحمه الله) سئل يرد الرجل السلام يوم الجمعة؟ فقال نعم، ويشمت العاطس؟ فقال نعم والأمام يخطب، قال أبو عبد الله قد فعله غير واحد، قال ذلك غير مرة، وممن رخص فى ذلك الحسن الشعبى والنخعى والحكم وقتادة والثورى وإسحاق وذلك لأن هذا واجب فوجب الأتيان به فى الخطبة لتحذير الضرير {والرواية الثانية} إن كان لا يسمع ردّ السلامَ وتشميت العاطس، وإن كان يسمع

-[مذاهب العلماء فيما يجوز من الكلام والامام يخطب]- .....

_ لم يفعل، قال أبو طالب قال أحمد اذا سمعت الخطبة فاستمع وأنصت ولا تقرأ ولا تشمت؛ واذا لم تسمع الخطبة فاقرأ وشمت ورد السلام (وقال أبو داود) قلت لأحمد يرد السلام والأمام يخطب ويشمت العاطس، قال اذا كان ليس يسمع الخطبة فيرد، واذا كان يسمع فلا لقول الله تعالى {فاستمعوا له وأنصتوا} (وقيل لأحمد) الرجل يسمع نغمة الامام بالخطبة ولا يدرى ما يقول يرد السلام؟ قال لا اذا سمع شيئاً، وروى نحو ذلك عن عطاء، وذلك لأن الانصات واجب فلم يجز الكلام المانع منه من غير ضرورة كالأمر بالانصات بخلاف من لم يسمع، وقال القاضى لا يرد ولا يشمّت وروى ذلك عن ابن عمر {وهو قول مالك والأوزاعى وأصحاب الرأى} "واختلف قول الشافعى" فيحتمل أن يكون هذ القول مختصاً بمن يسمع دون من لم يسمع فيكون مثل الرواية الثانية، ويحتمل أن يكون عاماً في كل حاضر يسمع أو لم يسمع، لأن وجوب الانصات شامل لهم فيكون المنع من رد السلام وتشميت العاطس ثابتاً فى حقهم كالسامعين اهـ {قلت} للشافعية قولان فى استماع الخطبة الوجوب والاستحباب، فعلى القول بالوجوب لا يرد السلام ولا تشميت العاطس إلا بالاشارة عندهم الاستحباب فالرد جائز (قال الحافظ) وقد استثنى من الانصات فى الخطبة ما اذا انتهى الخطيب الى كلام لم يشرع فى الخطبة مثل الدعاء للسلطان مثلاً؛ بل جزم صاحب التهذيب بأن الدعاء للسلطان مكروه، وقال النووى محله اذا جاوز، وإلا فالدعاء لولاة الأمور مطلوب (قال الحافظ) ومحل الترك اذا لم يخف الضرر وإلا فيباح للخطيب اذا خشى على نفسه اهـ {وأما الكلام فى الجلسة بين الخطبتين} فقد قال ابن قدامة يحتمل أن يكون جائزاً، لأن الامام غير خاطب ولا متكلم فأشبه ما قبلها وبعدها، وهذا قول الحسن (ويحتمل) أن يمنع منه وهو قول مالك والشافعى والأوزاعى وإسحاق، لأنه سكوت يسير فى أثناء الخطبتين أشبه السكوت للتنفس اهـ {قلت} فى كتب الحنابلة والشافعية جواز الكلام عند جلوس الأمام بين الخطبتين {وفى حديث أنس بن مالك والأثر المروى عن عثمان} رضى الله عنهما دليل على جواز الكلام بعد فراغ الخطيب من الخطبتين وقبل الصلاة وأنه لا يحرم ولا يكره، واليه ذهب الجمهور، وروى عن أبى حنيفة أنه يكره الكلام بعد الخطبة (قال ابن العربى) والأصح عندى أن لا يتكلم بعد الخطبة، لأن مسلماً قد روى أن الساعة التى فى يوم الجمعة هى من حين يجلس الامام على المنبر الى أن تقام الصلاة، فينبغى أن يتجرد للذكر والتضرع اهـ {قلت} الذى فى مسلم "أنها من بين أن يجلس الامام الى أن تقتضى الصلاة" ووردت أحاديث صحيحة أيضاً فى الأنصات حتى تنقضى الصلاة رواها الامام أحمد وغيره، منها حديث سلمان ونبيشة، وتقدما فى باب الغسل للجمعة، ولكنها

-[كلام العلماء في جواز قطع الخطبة لأمر يحدث]- (13) باب قصة الذين انقضوا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في خطبة الجمعة (1607) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قدمت عيرٌ (1) مرَّةً المدينة ورسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يخطب (2) فخرج النَّاس وبقي

_ تخصص بمن كلم الامام أو كله الامام، لأنه لا يشتغل بذلك عن سماع خطبته، وقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم سأل رجلاً هل صليت؟ فأجابه وسأل عمر عثمان حين دخل وهو يخطب فأجابه، وحديث أبى رفاعة المذكور فى أحاديث الباب، فهذه الأحاديث مخصصة لتلك جمعاً بين الأخبار وتوفيقاً بينها {وفى حديث أبى رفاعة} استحباب تلطف السائل فى عبارته وسؤاله العالم، وفيه تواضع النبى صلى الله عليه وسلم ورفقه بالمسلمين وشفقته عليهم وخفض جناحه لهم، وفيه المبادرة الى جواب المستفتى وتقديم أهم الأمور فأهمها، ولعله كان سأل عن الأيمان وقواعده المهمة؛ وقد اتفق العلماء على أن من جاء يسأل عن الايمان وكيفية الدخول فى الاسلام وجب إجابته وتعليمه على الفور، وفيه جواز قطع الخطبة لمثل هذا واستئنافها إن كان الفصل طويلاً وإلا فلا، أفاده النووى، ويقال مثل ذلك فى حديث بريدة فى قضية الحسن والحسين رضى الله عنهما والله أعلم. (1607) عن جابر بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن إدريس عن حصين عن سالم بن أبى الجعد عن جابر "الحديث" {غريبه} (1) العير بكسر العين الأبل التي تحمل التجارة طعاماً كانت أو غيره، وهى مؤنثة لا واحد لها من لفظها، ولابن مردويه عن ابن عباس جاءت عير لعبد الرحمن بن عوف، ووقع عند الطبرانى عن أبى مالك أن الذى قدم بها من الشام دحية بن خليفة الكلبى، وكذلك فى حديث ابن عباس عند البزار، وجمع بين الروايتين بأن التجارة كانت لعبد الرحمن، وكان دحية السفير فيها أو كان مقارضاً، ووقع فى رواية ابن وهب عن الليث أنها كانت لوبرة الكلبى، ويجمع بأنه كان رفيق دحية، أفاده الحافظ (2) ظاهره أن الانقضاض وقع حال الخطبة، لكن جاء فى راية البخارى بلفظ "بينما نحن نصلى مع النبى صلى الله عليه وسلم إذ أقبلت غير الحديث" وظاهر هذه الرواية أن الانقضاض وقع بعد دخولهم فى الصلاة، ويؤيد الرواية الأولى ما عند مسلم من طريق أبى بكر بن أبى شيبة حدثنا عبد الله بن إدريس بسند رواية الامام احمد، وفيه قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب، وما عند أبى عوانة من طريق عباد بن العوام، وعند ابن حميد من طريق سلمان بن بشر كلاهما عن حصين به بلفظ يخطب، وكذا وقع عند البرار من حديث ابن عباس، وعند الطبرانى فى الأوسط من حديث أبى هريرة؛ وعلى هذا فقوله "نصلي" أي

-[كلام العلماء في تعيين من بقى مع النبي صلى الله عليه وسلم من الذين انقضوا]- اثنا عشر (1) فنزلت "وإذا رأوا تجارةً أو لهوًا انفضُّوا إليها" (2)

_ ننتظر الصلاة، وكذا يحمل قوله "بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصلاة" كما وقع فى مستخرج أبى نعيم على أن المراد بقوله فى الصلاة أى فى الخطبة، وهو من تسمية الشيء باسم ما يقارنه، وبهذا يجمع بين الروايات (1) زاد فى تفسير اسماعيل بن زياد الشامى "وامرأتان" وقد سُمّى من الجماعة الذين لم ينفضوا أبو بكر وعمر فى رواية عند مسلم، وفى رواية له أيضاً أن جابراً رضى الله عنه قال "فلم يبق إلا اثنا عشر رجلاً أنا فيهم" وفى تفسير الشامى أن سالماً مولى أبى حذيفة منهم، وروى العقيلى عن ابن عباس أن منهم الخلفاء الأربعة وابن مسعود وأناس من الأنصار، وروى السهيلى بسند منقطع أن الاثنى عشر هم العشرة المبشرون بالجنة وبلال وابن مسعود، قال (وفى رواية) عمّارٌ بدل ابن مسعود، ورواية العقيلى أقوى وأشبه بالصواب (وقوله نزلت) ظاهر فى أنها نزلت بسبب قدوم العير المذكورة، والمراد باللهو على هذا ما ينشأ برؤية القادمين وما معهم، ووقع عند الشافعى من طريق جعفر بن محمد عن أبيه مرسلاً "كان النبى صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة وكان لهم سوق كانت بنو سليم يجلبون إليها الخيل والأبل والسمن فقدموا فخرج اليهم الناس وتركوه قائماً، وكان لهم لهو يضربونه فنزلت" ووصله أبو عوانة فى صحيحه، أفاده الحافظ (2) قيل النكتة فى عود الضمير الى التجارة دون اللهو أن اللهو لم يكن مقصوراً وإنما كان تبعاً للتجارة، وقيل حذف ضمير أحدهما لدلالة الآخر عليه، وقال الزجاج أعيد الضمير إلى المعنى أى انفضوا الى الرؤية اهـ {قلت} زاد مسلم فى روايته "وتركوك قائماً" أى على المنبر تخطب، قال ابن كثير فى تفسيره هكذا ذكره غير واحد من التابعين منهم أبو العالية والحسن وزيد بن أسلم وقتادة، وزعم مقاتل بن حيان أن التجارة كانت لدحية بن خليفة قبل أن يسلم، وكان معها طبل فانصروا اليها وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائماً على المنبر إلا القليل منه، وقد صح بذلك الخبر فذكر حديث الباب بسنده اهـ {تخريجه} (ق. نس. مذ) {الأحكام} حديث الباب فيه دليل على أن الخطبة تكون من قيام، وقد استدل به المالكية ومن وافقهم ممن قال تنعقد الجمة باثنى عشر رجلاً، وأجاب الشافعية وغيرهم ممن يشترط أربعين بأنه محمول على أنهم رجعوا أو رجع منهم تمام الأربعين فأتم بهم الجمعة هكذا قالوا، وتقدم بسط الكلام على المذاهب فى العدد الواجب للجمعة فى أحكام الباب الثالث من أبواب صلاة الجمعة، وقد استشكل الأصلى حديث الباب فقال إن الله تعالى قد وصف أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم بأنهم لا تلههم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، ثم أجاب باحتمال أن يكون هذا الحديث قبل نزول الآية، قال الحافظ وهذا الذى يتعين المصير اليه مع أنه

-[الدليل على أن صلاة الجمعة ركعتان]- (14) باب صلاة الجمعة ركعتين وحكم من سبق بركعة أو زوحم - ومن قال باشتراط المسجد لصحة الجمعة (1608 (ع عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه قال صلاة السَّفر ركعتان (1) وصلاة الأضحى ركعتان، وصلاة الفطر ركعتان، وصلاة الجمعة ركعتان تمامٌ غير قصرٍ (2) على لسان محمدَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم (1609) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من

_ ليس في آية النور التصريح بنزولها فى الصحابة، وعلى تقدير ذلك فلم يكن تقدم لهم نهى عن ذلك، فلما نزلت آية الجمعة وفهموا منها ذم ذلك اجتنبوه فوصفوا بعد ذلك بما فى آية النور (1608) عن عمر بن الخطاب {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان وعبد الرحمن عن سفيان عن زبيد الأيامى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن عمر رضى الله عنه "الحديث" {غريبه} (1) أى لمن أراد الاقتصار عليهما وهذا على مذهب القائلين بأن القصر رخصة ويجوز الاتمام، أو فرضت ركعتين على مذهب القائلين بوجوب القصر وعدم جواز الاتمام، وتقدم الكلام على ذلك فى أحكام الباب العاشر من أبواب صلاة السفر فى الجزء اخامس (2) أى شرعت ركعتين من أصلها لا تقبل تغييراً بحال من الأحوال (قال النووى) وهل الجمعة صلاة مستقلة أم ظهر مقصورة؟ فيه خلاف مشهور فى طريقة الخراسانيين، وممن نقله من المتقدمين صاحب التقريب حكاه عنه إمام الحرمين وغيره، وظاهر كلام بعضهم أنه قولان، وظاهر كلام الآخرين أنه وجهان ولعلهما قولان مستنبطان من كلام الشافعى فيصح تسميتهما قولين ووجهين أصحهما أنها صلاة مستقلة، ويستدل له بحديث عمر رضى الله عنه "يعنى حديث الباب" وبأن ادعاء القصر يحتاج الى دليل اهـ ج {تخريجه} (نس. جه. هق) ورجاله ثقات (قال الحافظ) ابن القيم هو ثابت عن عمر اهـ {قلت} أشار النسائى الى تضعيفه فقال لم يسمعه ابن أبى ليلى من عمر، قال النووى قد رواه البيهقى عن ابن أبى ليلى عن كعب بن عجرة عن عمر باسناد صحيح، لكن ليس فى هذه الرواية قوله على لسان نبيكم وه وثابت فى باقى الروايات اهـ ج (1609) عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عبيد ثنا عبيد الله عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة رضى الله عنه "الحديث"

-[جواز صلاة الرجل على ظهر أخيه عند شدة الزحام في الجمعة]- أدرك من الصَّلاة ركعةً (1) فقد أدركها كلَّها (2) (1610) عن سيَّار بن المعرور قال سمعت عمر (رضى الله عنه) وهو يخطب يقول إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بنى هذا المسجد ونحن معه المهاجرون والأنصار (3) فإذا اشتدَّ الزِّحام فليسجد الرَّجل منكم على ظهر أخيه، ورأى

_ {غريبه} (1) أي بركوعها وسجودها (2) فى رواية لمسلم "من أدرك ركعة من الصلاة مع الأمام فقد أدرك الصلاة" وله فى أخرى مثل حديث الباب إلا أنه قال "فقد أدرك الصلاة كلها" وللنسائى "فقد أدرك الصلاة كلها إلا أنه يقضى ما فاته" بزيادة "إلا أنه يقضى ما فاته" وبهذا الزيادة اتضح معنى الحديث إذ ظاهره بدونها متروك بالأجماع، لأنه لا يكون بالركعة الواحدة مدركاً لجميع الصلاة بحيث تبرأ ذمته منها، فاذا فيه إضمار تقديره فقد أدرك وقت الصلاة أو حكم الصلاة أو نحو ذلك ويلزمه اتمام بقيتها (قال ابن عبد البر) واختلف فى معنى فقد أدرك الصلاة، فقيل أدرك وقتها فهو بمعنى حديث "من أدرك ركعة من الصبح قبل أن تطلع الشمس فقد أدرك الصبح" وليس كذلك لأنهما حديثان لكل واحد منهما معنىً (وقيل) أدرك حكمها فيما يفوته من سهو الأمام ولزوم الأتمام ونحو ذلك (وقيل) أدرك فضل الجماعة على أن المراد من أدرك ركعة مع الامام، قال وظاهر الحديث يوجب الأدراك التام، الوقت والحكم والفضل، ويدخل فى ذلك إدراك الجمعة، فاذا أدرك منها ركعة مع الأمام أضاف إليها أخرى وإلاَّ صلّى أربعاً، ثم أخرج من طريق ابن المبارك عن معمر والأوزاعى ومالك عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة مرفوعاً "من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها" قال الزهرى فنرى الجمعة من الصلاة اهـ {تخريجه} (ق. والأربعة وغيرهم) باختلاف يسير فى بعض الألفاظ {وفى الباب} عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أدرك ركعة من الجمعة فَليُصلِّ اليها أخرى" قال النووى رواه الحاكم فى المستدرك من ثلاث طرق وقال أسانيدها صحيحة، ورواه ابن ماجه والدارقطني والبيهقى وفي إسناده ضعف، ويغنى عنه حديث أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدرك الصلاة" رواه البخارى ومسلم، وبهذا الحديث احتج مالك فى الموطأ والشافعى فى الأم وغيرهما، قال الشافعى معناه لم تفته تلك الصلاة، ومن لم تفته الجمعة صلاها ركعتين اهـ ج (1610) عن سيار بن المعرور {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان بن داود ثنا سلام يعنى سلام يعنى أبا الأحوص عن سماك بن حرب عن سيار بن المعرور "الأثر" {غريبه} (3) يريد أن المسجد بنى صغيراً على قدر المهاجرين والأنصار، لأنه لم

-[مذاهب العلماء فيما تدرك به الجمعة]- قومًا يصلُّون في الطَّريق فقال صلَّوا في المسجد (1)

_ يكن إذ ذاك بالمدينة إلا هؤلاء، فلما كانت الفتوحات وكثر الناس بالمدينة أمرهم عند شدة الزحام أن يسجد الرجل على ظهر أخيه للضرورة، والظاهر أن ذلك فى الجمعة كما أشار اليه ابن قدامة فى المغنى، وذلك لأن جماعتها لا تعوّض، ولاستماع الخطبة وفضل كثرة الجماعة، فكلما كثرت الجماعة ازداد فضلها، وربما أن عمر رضى الله عنه كان يرى اشتراط المسجد للجمعة والله أعلم (1) أى وان ترتب على ذلك سجودكم على ظهر إخوانكم {تخريجه} (ص. هق) قال النووى إسناده صحيح {الأحكام} أحاديث الباب تدل على جملة أحكام {منها} أن صلاة الجمعة ركعتان، دليل ذلك ما فى حديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه من قوله "وصلاة الجمعة ركعتان تمام غير قصر على لسان محمد صلى الله عليه وسلم" ولأنه نقْلُ الخلف عن السلف (قال ابن المنذر) أجمع المسلمون على أن صلاة الجمعة ركعتان، ونقل الأجماع أيضاً النووى وغيره {ومنها} أن من أدرك من الجمعة ركعة أضاف إليها أخرى وكانت له جمعة، دليل ذلك حديث أبى هريرة المذكور فى الباب وروايته الأخرى المذكورة فى الشرح {قال النووى مذهبنا} أنه إن أدرك ركوع الركعة الثانية أدركها وإلا فلا؛ قال وبه قال أكثر العلماء حكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عمر وأنس بن مالك وسعيد بن المسيب والأسود وعلقمة والحسن البصرى وعروة بن الزبير والنخعى والزهرى {ومالك والأوزاعى} والثورى وأبى يوسف {وأحمد وإسحاق} وأبى ثور، قال وبه أقول {وقال عطاء وطاوس ومجاهد ومكحول} من لم يدرك الخطبة صلى أربعاً، وحكى أصحابنا مثله عن عمر بن الخطاب {وقال الحكم وحماد وأبو حنيفة} من أدرك التشهد مع الامام أدرك الجمعة فيصلى بعد سلام الأمام ركعتين وتمت جمعته، وحكى الشيخ أبو حامد عن هؤلاء أنه اذا أحرم قبل سلام الأمام كان مدركاً للجمعة حتى قال أبو حنيفة لو سلم الأمام ثم سجد للسهو فأدركه مأموم فيه أدركها، وحكى أصحابنا مثل مذهبنا أيضاًَ عن الشعبى وزفر ومحمد بن الحسن اهـ ج {قلت} احتج الأولون بحديثي أبى هريرة (أما عطاء وطاوس) ومن وافقها فانهم يقولون إن الجمعة إنما قصرت من أجل الخطبة، وسماع الخطبة شرط فى صحة الجمعة عندهم فلا تكون جمعة فى حق من لم يوجد فى حقه الشرط (وأما الحكم وحماد وأبو حنيفة) فقد احتجوا بحديث أبى هريرة مرفوعاً "إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون ولكن ائتوها وعليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا" وقد تقدم الكلام عليه فى الباب الخامس، قالوا وهذا مطلق يشمل ما اذا أدركه بعد التشهد أو فى سجود السهو وهذا قول أبي حنيفة

-[كلام العلماء في حكم من زوحم فلم يمكنه السجود على الأرض]- .....

_ وأبي يوسف {قلت} وخالفهما محمد فذهب الى ما ذهب اليه الأولون محتجاً بحديثى الباب والله أعلم بالصواب {ومنها} اذا اشتد الزحام فى صلاة الجمعة جاز للرجل أن يسجد على ظهر أخيه لأثر عمر بن الخطاب رضى الله عنه (قال ابن قدامة) فى المغنى ومتى قدر المزحوم على السجود على ظهر إنسان أو قدمه لزمه ذلك وأجزأه، قال احمد فى رواية أحمد بن هاشم يسجد على ظهر الرجل والقدم ويمكّن الجبهة والأنف فى العيدين والجمعة، وبهذا قال الثورى {وأبو حنيفة والشافعى} وأبو ثور وابن المنذر {وقال عطاء والزهرى ومالك} لا يفعل؛ قال مالك وتبطل الصلاة إن فعل، لقول النبى صلى الله عليه وسلم "ومكن جبهتك من الأرض" ولنا ما روى عن عمر رضى الله عنه أنه قال "اذا اشتد الزحام فليسجد على ظهر يظهر له مخالف فكان إجماعاً، ولأنه أتى بما يمكنه حال العجز فصح كالمريض يسجد على المرفقة، والخبر لم يتناول العاجز لأن الله لا يكلف نفساً إلا وسعها ولا يأمر العاجز عن الشيء بفعله اهـ {فائدة} الحكمة فى ذكر مسألة الزحام فى صلاة الجمعة أنها تفارق غيرها من الصلوات لأن الزحمة فيها أكثر، ولأن الجماعة شرط فيها بل اشترط بعض الأئمة صلاتها فى المسجد وأنها لا تصح إلا فيه، لهذا كانت صلاة من زوحم فسجد على ظهر أخيه جائزة لأنه اذا لم يكن كذلك لزم حرمانه من صلاتها ودين الله يسر (قال الشوكانى رحمه الله) ذهب الهادى الى اشتراط المسجد، قال لأنها لم تقم إلا فيه {قلت والمالكية أيضاً} قال وقال أبو حنيفة والشافعى والمؤيد بالله وسائر العلماء إنه غير شرط، قالوا إذ لم يفصّل دليلها؛ قال فى البحر قلت وهو قوى إن صحت صلاته صلى الله عليه وسلم فى بطن الوادى؛ وقد روى صلاته صلى الله عليه وسلم فى بطن الوادى ابن سعد وأهل السير؛ ولو سلم عدم صحة ذلك لم يدل فعلها فى المسجد على اشتراطه اهـ (وقال الأمام ابن رشد) فى كتابه بداية المجتهد بعد أن ذكر شروط الجمعة واختلاف العلماء فيها قال، والسبب فى اختلافهم فى اشتراط الأحوال والأفعال المقترنة بها هو كون بعض تلك الأحوال أشد مناسبة لأفعال الصلاة من بعض، ولذلك اتفقوا على اشتراط الجماعة إذ كان معلوماً من الشرع أنها حال من الأحوال الموجودة فى الصلاة، ورأى المسجد شرطاً لكونه أقرب مناسبة، حتى لقد اختلف المتأخرون من أصحابه هل من شرط المسجد السقف أم لا؟ وهل من شرطه أن تكون الجمعة راتبة فيه أم لا؟ وهذا كله لعله تعمق فى هذا الباب ودين الله يسر، ولقائل أن يقول إن هذه لو كانت شروطاً فى صحة الصلاة لما جاز أن يسكت عنها عليه الصلاة والسلام ولا أن يترك بيانها لقوله تعالى

-[ما يستحب أن يقرأ به في صلاة الجمعة]- (15) باب ما يقرأ به فى صلاة الجمعة (1611) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان يقرأ فى صلاة الصُّبح يوم الجمعة الم تنزيل وهل أتى، وفى الجمعة سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون (1612) عن عبيد الله بن عبد الله أنَّ الضَّحَّاك بن قيسٍ سأل النُّعمان ابن بشيرٍ رضى الله عنه بم كان النَّبيُّ صلَّى الله عليه وآله وسلَّم يقرأ فى الجمعة مع سورة الجمعة (1) قال هل أتاك حديث الغاشية (1613) عن عبيد الله بن أبى رافعٍ وكان كاتبًا لعلىٍّ رضي الله عنه قال كان مروان يستخلف أبا هريرة على المدينة فاستخلفه مرَّةً فصلَّى الجمعة فقرأ سورة الجمعة وإذا جاءك المنافقون، فلمَّا انصرف مشيت إلى جنبه

_ {لتبين للناس ما نزل إليهم} ولقوله تعالى {ولتبين لهم الذى اختلفوا فيه} والله المرشد اهـ (1611) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن شعبة ثنا مُخوَّلٌ عن مسلم البَطِين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس "الحديث" {تخريجه} (م. نس. وغيرهما) (1612) عن عبيد الله بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا مالك عن ضمرة بن سعيد عن عبيد الله بن عبد الله "الحديث" {غريبه} (1) لفظ أبى داود والموطأ "ماذا كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة على إثر سورة الجمعة" والمعنى ماذا كان يقرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجمعة فى الركعة الثانية على إثر سورة الجمعة التي كان يقرؤها فى الركعة الأولى، قال أبو عمر قوله على إثر سورة الجمعة يدل على أنه كان يقرؤها فلم يحتج الى السؤال عن ذلك لعلمه به، ويدل على أنه لو كان يقرأ معها شيئاً واحداً أبداً لعلمه كما علم سورة الجمعة، ولكنه كان مختلفاً فسأل عن الأغلب منه، أفاده الزرقانى على الموطأ {تخريجه} (م. لك. د. نس. جه. هق) (1613) عن عبيد الله بن أبى رافع {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن جعفر بن محمد قال حدثنى أبى عن عبيد الله بن أبي رافع "الحديث"

-[استحباب القراءة في الجمعة والعيدين بسبح وهل أتاك]- فقلت أبا هرّ قرأت بسورتين قرأ بهما علىٌّ عليه السَّلام (1) قال قرأ بهما حبِّي أبو القاسم صلَّى الله عليه وآله وسلَّم (1614) عن النُّعمان بن بشيرٍ رضى الله عنه أن نبيَّ الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم قرأ فى العيدين بسبِّح اسم ربِّك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية، وإن وافق يوم الجمعة قرأهما جميعًا (2) (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (3) عن النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) أنَّه كان يقرأ فى صلاة الجمعة بسبِّح اسم ربِّك وهل أتاك حديث الغاشية، فربما اجتمع العيد والجمعة فقأ بهاتين السُّورتين

_ {غريبه} (1) لفظ مسلم وأبى داود "فقلت له إنك قرأت بسورتين كان علىّ بن أبى طالب يقرأ بهما فى الكوفة" وكأنه لمّا وجد أبا هريرة يقرأ بهما فى الجمعة أيضاً بالمدينة أدرك أنه لابد لهذا من سر، فأراد الوقوف عليه فسأل أبا هريرة عن ذلك فأجابه بأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقرأ بهما، ففيه استحباب القراءة فى صلاة الجمعة بالسورتين المذكورتين {تخريجه} (م. د. نس. مذ. جه. هق) (1614) عن النعمان بن بشير {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن إبراهيم يعنى ابن محمد بن المنتشر عن أبيه عن حبيب بن سالم عن أبيه عن النعمان بن بشير "الحديث" وفى آخره، قال أبو عبد الرحمن (يعنى عبد الله بن الأمام أحمد رحمهما الله) حبيب بن سالم سمعه من النعمان وكان كاتبه وسفيان يخطئ فيه يقول حبيب بن سالم عن أبيه وهو سمعه من النعمان {قلت} يعنى أن قوله فى السند عن حبيب بن سالم عن أبيه خطأ، والصواب عن حبيب بن سالم عن النعمان الخ {غريبه} (2) يعنى فى الصلاتين كل سورة فى ركعة كما جاء ذلك واضحاً فى رواية مسلم "قال واذا اجتمع العيد والجمعة فى يوم واحد يقرأ بهما فى الصلاتين" وإنما كان النبى صلى الله عليه وسلم يقرأ بهما فى هاتين الصلاتين الجامعتين لما فيهما من التذكير بنعم الله تعالى وعظمته وكمال قدرته وما أكرم الله به عباده المتقين من الفور بجنات النعيم وما أعده للكافرين من العذاب الأكبر الأليم نعوذ بالله من ذلك (3) {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال حدثنى إبراهيم عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير عن النبى صلى الله عليه وآله وسلم "الحديث" {تخريجه} (م. د. نس. مذ. هق)

-[كلام العلماء فيما يستحب القراءة به في صلاة الجمعة]- (1615) عن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه أنَّ النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) كان يقرأ فى الجمعة بسبِّح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية

_ (1615) عن سمرة بن جندب {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى ابن سعيد عن شعبة ثنا معبد بن خالد عن زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب "الحديث" {تخريجه} (د. نس. هق) وسنده جيد وقال العراقى إسناده صحيح {وفى الباب} عن أبى هريرة رضى الله عنه قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يقرأ فى صلاة الجمعة بالجمعة فيحرض به المؤمنين، وفى الثانية بسورة المنافقين فيقرع به المنافقين" أورده الهيثمى وقال هو فى الصحيح باختصار، رواه الطبرانى فى الأوسط وإسناده حسن، ومحمد بن عمار هو الوازعى وهو شيخه عبد الصمد من أهل الرأى وثقهما ابن حبان اهـ {الأحكام} فى الحديث الأول من أحاديث الباب دليل على استحباب قراءة سورة الم تنزيل (المعروفة بسورة السجدة) فى الركعة الأولى من صبح يوم الجمعة، وسورة هل أتى فى الركعة الثانية (قال النووى) رحمه الله فيه دليل لمذهبنا ومذهب موافقينا فى استحبابهما فى صبح يوم الجمعة وأنه لا تكره قراءة آية السجدة فى الصلاة ولا السجود؛ ذكر مالك وآخرون ذلك (يعنى الكراهة) قال وهم محجوجون بهذه الأحاديث الصريحة المروية من طرق عن أبى هريرة وابن عباس رضى الله عنهم اهـ {قلت} تقدم الكلام على حكم السجدة فى صبح يوم الجمعة وكلام العلماء فى ذلك فى أحكام (باب القراءة فى الصبح وصبح يوم الجمعة) صحيحفة 234 من الجزء الثالث فارجع اليه إن شئت {وفى الحديث أيضاً} استحباب قراءة سورة الجمعة فى الركعة الأولى من صلاة الجمعة، وسورة اذا جاءك المنافقون فى الركعة الثانية كاملتين فيهما كما كان يقرأهما النبى صلى الله عليه وسلم (قال النووى) وهو مذهبنا ومذهب آخرين من العلماء، والحكمة فى قراءة الجمعة اشتمالها على وجوب الجمعة وغير ذلك من أحكامها وغير ذلك مما فيها من القواعد والحث على التوكل والذكر وغير ذلك، وقراءة سورة المنافقين لتوبيخ حاضريها منهم وتنبيههم على التوبة وغير ذلك مما فيها من القواعد، لأنهم ما كانوا يجتمعون فى مجلس أكثر من اجتماعهم فيها اهـ {وفى بعض أحاديث الباب} استحباب القراءة فى الركعة الأولى من صلاة الجمعة بسورة الجمعة، وفى الثانية بهل أتاك حديث الغاشية (وفى بعضها) فى الأولى بسبح اسم ربك الأعلى، وفى الثانية بهل أتاك حديث الغاشية (قال العراقى) والأفضل من هذه الكيفيات قراءة الجمعة فى الأولى ثم المنافقين فى الثانية كما نص عيه الشافعى فيما رواه عنه الربيع (قال الشوكانى) قد ثبتت

-[مشروعية ركعتين بعد صلاة الجمعة]- (16) باب النفل بعد صلاة الجمعة وعدم وصلها بصلاة حتى يتكلم أو يخرج (1616) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يصلِّى بعد الجمعة ركعتين فى بيته (1617) عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّه كان إذا انصرف من الجمعة انصرف إلى منزله فسجد سجدتين، وذكر أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان يفعل ذلك

_ الأوجه الثلاثة فلا وجه لتفضيل بعضها على بعض إلا أن الأحاديث التي فيها لفظ كان مشعرة بأنه صلى الله عليه وسلم قد فعل ذلك فى أيام متعددة كما تقرر فى الأصول قال {وقال أبو حنيفة وأصحابه} ورواه ابن أبى شيبة فى المنصف عن الحسن البصرى أنه يقرأ الأمام بما شاء {وقال ابن عيينة} إنه يكره أن يتعمد القراءة فى الجمعة بما جاء عن النبى صلى الله عليه وسلم لئلا يجعل ذلك من سننها وليس منها، قال ابن العربى وهو مذهب ابن مسعود، وقد قرأ فيها أبو بكر الصديق بالبقرة؛ وحكى ابن عبد البر فى الاستذكار عن أبى اسحاق المروزى مثل قول ابن عيينة، وحكى عن أبى هريرة مثله، وخالفهم جمهور العلماء، وممن خالفهم من الصحابة علىّ وأبو هريرة، قال العراقى وهو قول {مالك والشافعى واحمد} بن حنبل وأبى ثور اهـ {قلت وذهبت الحنابلة} إلى التسوية بين الأوجه الثلاثة الواردة فى أحاديث الباب فى الاستحباب، ويقولون لو قرأ بأيها شاء فهو حسن، وفى الشرح الكبير لابن قدامة المقدسى {وقال مالك} أما الذى جاء به الحديث هل أتاك حديث الغاشية مع سورة الجمعة، والذى أدركت عليه الناس سبح اسم ربك الأعلى، وحكى عن أبى بكر عبد العزيز أنه يستحب أن يقرأ فى الثانية سبح، ولعله صار الى ما حكاه مالك أنه أدرك عليه الناس، واتباع سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى، ومهما قرأ به فجائز حسن، إلا أن الاقتداء به عليه الصلاة والسلام أحسن، ولأن سورة الجمعة تليق بالجمعة لما فيها من ذكرها والأمر بها والحث عليها اهـ والله أعلم (1616) عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر "الحديث" {تخريجه} (ق. والأربعة وغيرهم) (1617) عن عبد الله بن دينار {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا عبد العزيز يعنى ابن مسلم ثنا عبد الله يعنى ابن دينار عن ابن عمر "الحديث" {تخريجه} (م. هق. والأربعة)

-[مشروعية أربع ركعات بعد صلاة الجمعة]- (1618) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا صلَّى أحدكم الجمعة فليصلِّ بعدها أربع ركعاتٍ (1) (1619) وعنه أيضًا قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا صلَّيتم الجمعة فصلَّوا أربعًا، فإن عجل (2) بك شيءٌ فصلِّ ركعتين، وركعتين إذا رجعت، قال ابن إدريس (3) ولا أدرى هذا من حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أم لا (4)

_ (1618) عن أبي هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن عاصم ثنا سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة "الحديث" {غريبه} (1) لفظ أبى داود والترمذى وهو أحد ألفاظ مسلم "من كان منكم مصلياً بعد الجمعة فليصل أربعاً" وفى رواية لمسلم كلفظ حديث الباب، قال النووى نبَّه بقوله من كان منكم مصلياً على أنها سنة ليست بواجبة، وذكر الأربع لفضلها، وفَعَل الركعتين فى أوقات بياناً لأن أقلها ركعتان اهـ {تخريجه} (م. والأربعة. وغيرهم) (1619) وعنه أيضاً {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن إدريس قال سمعت سهيل بن أبى صالح يذكر عن أبيه عن أبى هريرة "الحديث" {غريبه} (2) أى فان منعك مانع عن أداء الأربع معاً فى المسجد فصل ركعتين فى المسجد وركعتين فى المنزل اذا رجعت اليه (3) هو عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودى الزعافرى بفتح المعجمة والعين وكسر الفاء أبو محمد الكوفى أحد الأعلام عن أبيه وعمه داود وسهيل بن أبى صالح ويحيى بن سعيد الأنصارى وخلق، وعنه أحمد واسحاق وابن معين وعبد الله بن أبى شيبة وأبو حيثمة وزياد بن أيوب وخلق، قال ابن معين ثقة فى كل شئ، قال أبو حاتم ثقة حجة إمام من أئمة المسلمين، قال ابن سعد مات سنة اثنتين وتسعين ومائة (4) المعنى أن ابن إدريس الذى روى عنه الأمام أحمد هذا الحديث شك فى قوله "فان عجل بك أمر الى آخر الحديث" هل هو من كلام النبى صلى الله عليه وسلم أو من كلام بعض الرواة؟ وقد جاء فى رواية مسلم بسند حديث الباب ما يشعر بأنه من قول سهيل أحد الرواة، ولفظ مسلم هكذا حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة وعمرو الناقد قالا حدثنا عبد الله بن إدريس عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا صليتم بعد الجمعة فصلوا أربعاً، زاد عمرو فى روايته قال ابن إدريس قال سهيل فان عجل بك شيء فصل ركعتين فى المسجد وركعتين اذا رجعت" {تخريجه} (م) ورواه الأربعة الى قوله فصلوا أربعاً

-[استحباب الفصل بين الفرض والنافلة بخروج أو كلام]- (1620) عن السَّائب بن يزيد قال صلَّيت مع معاوية رضى الله عنه الجمعة فى المقصورة (1) فلمَّا سلَّم (2) قمت فى مقامى فصلَّيت، فلمَّا دخل (3) أرسل إلىَّ فقال لا تعد لما فعلت، إذا صلَّيت الجمعة (4) فلا تصلها بصلاةٍ حتَّى تتكلَّم أو تخرج، فإنَّ نبيَّ الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أمر بذلك، لا توصل صلاةٌ بصلاةٍ حتَّى تخرج أو تتكلَّم (5)

_ (1620) عن السائب بن يزيد {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا أنا ابن جريح قال أخبرنى عمرو بن عطاء بن أبى الخوار أن نافع بن جبير أرسله الى السائب بن يزيد بن أخت نمر يسأله عن شئ رآه منه معاوية فى الصلاة فقال نعم، صليت معه الجمعة فى المقصورة "الحديث" {غريبه} (1) قال فى القاموس المقصورة الدار الواسعة المحصنة أو هى أصغر من الدار كالقصارة بالضم ولا يدخلها إلا صاحبها اهـ والمراد هنا مقصورة المسجد، مكان يبنى فيه للمكبّرين والأمراء، قالوا وأول من عملها معاوية حين طعنه الخارجى، ثم استمر العمل عليها تحصيناً للأمراء، قال القاضى عياض وأجاز بعض المتأخرين اتخاذها وهو خطأ لتفريقها الصفوف وسترها الأمام عمن خلفه، وإنما عملت لعلة تحصين الأمراء، وأما لغير ذلك فلا تفعل، واختلف فى الصلاة فيها فأجاز الحسن والقاسم وسالم وغيرهم وصلوا فيها (وكرهها) ابن عمر والشعبى والشافعى وأحمد واسحاق، إلا أن اسحاق قال من صلى فيها أجزأه، وكان ابن عمر اذا أقيمت الصلاة وهو فيها خرج الى المسجد، وقيل هذا إن كانت مباحة، وأما المحجورة عن آحاد الناس فلا تجزئ الجمعة فيها لأنها خرجت بالحجز عن حكم الجامع المشترط اهـ (2) يعنى معاوية وفى لفظ لمسلم "فلما سلم الأمام" والمعنى واحد لأن معاوية كان هو الأمام (وقوله قمت فى مقامى) أى مكانى الذى صليت فيه الجمعة فصليت النافلة من غير فاصل بينها وبين الجمعة (3) أى فلما دخل معاوية بيته (4) ومثل الجعة غيرها من الصلوات المفروضة لأدلة أخرى تقدمت فى الباب السادس من أبواب الخروج من الصلاة بالسلام وما يتبع ذلك فى الجزء الرابع، وانما خص الجمعة هنا بالذكر لئلا يظن جاهل أن النافلة تكملة لها (5) فيه استحباب الفصل بين الفرض والنافلة بالخروج أو التحول من مكانه أو الكلام، وسيأتى بسط ذلك فى الأحكام {تخريجه} (م. د. هق) {وفى الباب} عن نافع أن ابن عمر رآى رجلاً يصلى ركعتين يوم الجمعة فى مقامه فدفعه وقال أتصلى الجمعة أربعاً؟ وكان عبد الله يصلي يوم

-[مذاهب العلماء في عدد ركعات النفل بعد الجمعة]- .....

_ الجمعة ركعتين فى بيته ويقول هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه أبو داود والبيهقى {وعن عطاء ابن عمر} رضى الله عنهما قال كان اذا كان بمكة فصلى الجمعة تقدم فصلى ركعتين ثم تقدم فصلى أربعاً، واذا كان بالمدينة صلى الجمعة ثم رجع الى بيته فصلى ركعتين ولم يصل فى المسجد؛ فقيل له فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، رواه أبو داود والبيهقى {وعن أبى عبد الرحمن السلمى} قال علّمنا ابن مسعود رضى الله عنه أن نصلى بعد الجمعة أربعاً، فلماذا قدم علينا علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه علّمنا أن نصلى ستاً، رواه سعيد بن منصور فى سننه {الأحكام} أحاديث الباب تدل على مشروعية التنقل بعد الجمعة وأن أقله ركعتان وأكثره أربع، وله أن يصليها كلها فى المسجد أو البيت، أو بعضها فى المسجد وبعضها فى البيت، ولكن فعلها فى البيت أفضل تأسياً بفعله صلى الله عليه وسلم ولحديث "أفضل الصلاة صلاة المرء فى بيته إلا المكتوبة" واقتصاره صلى الله عليه وسلم على ركعتين فى البيت لا ينافى مشروعية الأربع، لأنه لا معارضة بين قوله صلى الله عليه وسلم الخاص بنا وفعله الذى لم يقترن بدليل خاص يدل على التأسى به فيه، وقد أمرنا بصلاة أربع كما فى حديث أبى هريرة رضى الله عنه فعلينا الامتثال {وقد اختلف العلماء} فى الصلاة بعد الجمعة {فذهبت طائفة} إلى أنه يصلى بعدها ركعتين وهو مروى عن عمر وعمران بن حصين وحكاه الترمذى عن {الشافعى واحمد} قال العراقى لم يُرد الشافعى واحمد بذلك الا بيان أقل ما يستحب، وإلا فقد استحبا أكثر من ذلك، فنص الشافعى فى الأم على أنه يصلى بعد الجمعة أربع ركعات، ذكره فى باب صلاة الجمعة والعيدين، ونقل ابن قدامة عن احمد أنه قال إن شاء صلى بعد الجمعة ركعتين وإن شاء صلى أربعاً، وفى رواية عنه وإن شاء ستاً اهـ {وذهبت طائفة} الى أنه يصلى بعدها أربعاًوهو مروى عن ابن مسعود وعلقمة والنخعى وهو قول (أبى حنيفة وإسحاق) {وذهبت طائفة} الى أنه يصلى بعدها ركعتين ثم أربعاً وهو مروى عن على وابن عمرو أبى موسى، وهو قول {عطاء والثورى وأبى يوسف} الا أنه أبا يوسف استحب أن يقدم الأربع قبل الركعتين، احتج الأولون بحديث ابن عمر، وحجة الطائفة الثانية حديث أبى هريرة، وحجة الطائفة الثالثة (ما رواه عطاء عن ابن عمر) رضى الله عنهما وتقدم فى الشرح، رواه أبو داود والبيهقى وسكت عنه أبو داود والمنذرى، وقال العراقى إسناده صحيح، ووجه قول أبى يوسف ما رواه الأعمش عن إبراهيم عن سليمان بن مسهر عن حرشة بن الحرّ أن عمر رضى الله عنه كره أن يصلى بعد صلاة مثلها {والحاصل} أن الذى ثبت عنه صلى الله عليه وسلم ركعتان بعد الجمعة فعلاً وأربع قولاً، وأما الست فلم تثبت عنه صلى الله عليه وسلم بحديث صحيح صريح، نعم ثبت عن ابن عمر رضى الله عنهما من فعله، ورى عن على أنه أمر بها (وأما حديث)

-[كلام العلماء في الأربع الركعات بعد الجمعة هل تكون متصلة أو منفصلة]- (أبواب العيدين (*) وما يتعلق بهما من صلاة وغيرها) (1) باب سبب مشروعيتها واستحباب الغسل والتجمل لهما ومخالفة الطريق (1621) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال قدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

_ أبي داود الذى أشرنا اليه آنفاً فقد قال العراقى ليس فيه علم ولا ظن أنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل بمكة ذلك، وانما أراد رفع فعله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فحسب، لأنه لم يصح انه صلى الجمعة بمكة، وعلى تقدير وقوعه بمكة منه فليس ذلك فى أكثر الأوقات بل نادراً اهـ (قال الشوكانى) وقد اختلف فى الأربع الركعات هل تكو متصلة بتسليم فى آخرها أو يفصل بين كل ركعتين بتسليم؟ فذهب الى الأول اهل الرأى واسحاق بن راهويه وهو ظاهر حديث أبى هريرة (وذهب الى الثانى) الشافعى والجمهور كما قال العراقى، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم "صلاة النهار مثنى مثنى" أخرجه أبو داود وابن حبان فى صحيحه وقد تقدم، والظاهر القول الأول لأن دليله خاص ودليل القول الآخر عام، وبناء العام على الخامن واجب، قال أبو عبد الله المازرى وابن العربى إن أمره صلى الله عليه وسلم لمن يصلى بعد الجمعة بأربع لئلا يخطر على بال جاهل أنه صلى ركعتين لتكملة الجمعة أو يتطرق أهل البدع الى صلاتها ظهراً (واختلف أيضاً) هل الأفضل فعل سنة الجمعة فى البيت أو فى المسجد فذهب الى الأول {الشافعى ومالك واحمد} وغيرهم واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الصحيح "أفضل الصلاة صلاة المرء فى بيته إلا المكتوبة" وأما صلاة ابن عمر فى مسجد مكة فقيل لعله كان يريد التأخر فى مسجد مكة للطواب بالبيت فيكره أن يفوته بمضيه الى منزله لصلاة سنة الجمعة، أو أنه يشق عليه الذهاب الى منزله ثم الرجوع إلى المسجد للطواب، أو أنه كان يرى النوافل تضاعف بمسجد مكة دون بقية مكة، أو كان له أمر متعلق به اهـ {وفي حديث معاوية رضى الله عنه} دليل على استحباب الفصل بين النافلة والفريضة بكلام أو انتقال (قال النووى) يستحب أن يتحول لها عن موضع الفريضة الى موضع آخر، وأفضله التحول الى بيته وإلا فموضع آخر فى المسجد أو غيره ليكثر مواضع سجوده؛ ولتنفصل صورة النافلة عن صورة الفريضة (وقوله حتى تتكلم) دليل على أن الفصل بينهما يحصل بالكلام أيضاً ولكن بالانتقال أفضل لما ذكرناه والله اعلم اهـ (1621) عن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا ابن

-[سبب مشروعية العيدين وكراهة تشبه المسلمين بغيرهم في أعيادهم]- المدينة (1) ولهم يومان يلعبون فيهما (2) فى الجاهليَّة فقال إنَّ الله تبارك وتعالى قد أبدلكم بهما خيرًا منهما يوم الفطر ويوم النَّحر (3) (1622) ز عن عبد الرَّحمن بن عقبة بن الفاكه عن جدِّه الفاكه بن

_ أبي عدي عن حميد عن أنس "الحديث" {غريبه} (1) يعنى أول قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة بعد ما هاجر من مكة (2) قيل هما يوما النيروز والمهرجان، والنيروز هو أول يوم تتحول فيه الشمس إلى برج الحمل ويكون عادة في شهر برمهات من الأشهر القبطية، وهو أول السنة الشمسية كما أن غرة المحرم أول السنة القمرية، والمهرجان أول يوم تتحول فيه الشمس إلى برج الميزان كما يظهر من مقابلته بالنيروز، ويكون عادة فى شهر توت من الأشهر القبطية أيضاً، وهما يومان معتدلان في الهواء والحرارة والبرودة، ويستوى فيهما الليل والنهار، قيل اختارهما الحكماء المتعلقون بالهيئة اللعيد في أيامهم وقلدهم أهل زمانهم فجاء الشرع بهدم ذلك وغبطاله، وأفاده صاحب التنقيح (3) أى لأن يومى الفطر والنحر بتشريع الله تعالى واختياره لخلقه ولأنهما يعقبان أداء ركنين عظيمين من أركان الإسلام وهما الحج والصيام، وفيهما يغفر الله للحجاج والصائمين وينشر رحمته على جميع خلقه الطائعين، أما النيروز والمهرجان فانهما باختيار حكماء ذاك الزمان لما فيهما من اعتدال الزمن والهواء ونحو ذلك من المزايا الزائلة؛ فالفرق بين الميزيتين ظاهر لمن تأمل ذلك، وسمى اليوم الأول يوم الفطر لكونه أول يوم يفطر الصائمون كما سمى اليوم الثانى بيوم النحر لأنه تنحر فيه الضحايا تقرباً الى الله عز وجل (وفي الشرح الكبير للرافعى) يروى أن أول عيد صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عيد الفطر من السنة الثانية من الهجرة ولم يزل يواظب على العيدين حتى فارق الدنيا، ولم يصلها بمنى لأنه كان مسافراً كما لم يصل الجمعة اهـ قال الحافظ في التلخيص لم أره في حديث لكن اشتهر في السير أن أول عيد شرع عيد الفطر وأنه في السنة الثانية من الهجرة والباقى كأنه مأخوذ من الاستقراء، وقد احتج أبو عوانة الاسفرايينى في صحيحه بأنه صلى الله عليه وسلم لم يصل العيد بمنى بحديث جابر الطويل فان فيه أنه صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة ثم أتى المنحر فنحر ولم يذكر الصلاة، وذكر المحب الطبرى عن إمام الحرمين أنه قال يصلى بمنىً، وكذا ذكره ابن حزم في حجة الوداع واستنكر ذلك منه اهـ {قلت} حديث جابر الذي أشار اليه الحافظ سيأتى بطوله في باب صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم من كتاب الحج إن شاء الله تعالى {تخريجه} (د. نس. مذ. هق. ك) (1622) "ز" عن عبد الرحمن بن عقبة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني قال

-[إستحباب الغسل والتجمل بالثياب الحسنة للعيدين]- سعدٍ رضي الله عنه وكان له صحبةٌ أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان يغتسل يوم الجمعة ويوم عرفة ويوم الفطر ويوم النَّحر، قال وكان الفاكه ابن سعدٍ يأمر أهله بالغسل فى هذه الأيَّام (1623) عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّ عمر رأى حلَّة سيراء (1) أو حريرٍ تباع، فقال للنَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) لو اشتريت هذه تلبسها يوم الجمعة أو للوفود (2)

_ حدثني نصر بن علي قال ثنا يوسف بن خالد قال ثنا يوسف بن جعفر الخطمى عن عبد الرحمن بن عقبة بن الفكه "الحديث" {تخريجه} الحديث رواه البزار والبغوى وابن قانع، وفي إسناده يوسف بن خالد السمتى متروك، وكذبه ابن معين وأبو حاتم، وله شاهدان أحدهما عند ابن ماجه عن ابن عباس والثانى عند البزار عن أبى رافع وإسناداهما ضعيفان، لكن روى مالك عن نافع أن ابن عمر رضى الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو الى المصلى، ورواه الأمام الشافعى وغيره عن مالك أيضاً وسنده صحيح، وفي الباب آثار صحيحه عن الصحابة قال في البدر المنير أحاديث غسل العيدين ضعيفة وفيه آثار عن الصحابة جيدة اهـ (1623) عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرنى نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما "الحديث" {غريبة} (1) بكسر السين المهملة بعدها مثناة تحتيه ثم راء مهملة ثم ألف ممدودة، قال في القاموس كعنباء نوع من البرود فيه خطوط صفراء يخالطه حرير، والذهب الخالص اهـ قال الخطابى هى برود مضلعة بالقز وكذا قال الخليل ولاأصمعى وأبو داود، وقال آخرون انها شبهت خطوطها بالسيور، وقيل هى مختلفة الألوان قاله الأزهرى؛ وقيل هيى وشيء من حرير قاله مالك، وقيل هى حرير محض، وقال ابن سيده إنها ضرب من البرود، وقال الجوهريى إنها ما كان فيه خطوط صفر، وقيل ما يعمل من القز، وقيلى ما يعمل من ثياب اليمن، وقد روى تنوين الحلة وإضافتها، والمحققون على الأضافة، قال القرطبي كذا قيد عمن يوثق بعلمه، فهو على هذا من باب إضافة الشيء إلى صفته على أن سيبوبه قال لم يأت فعلاء صفة (ولفظ أو) في قوله أو حرير للشك أو للتنويع، لأن السيراء نوع من الحرير وقد جاء في الصحيحين بدون لفظ "أو حرير" (وفيه) "إنما يلبس الحرير من لا خلاق له في الآخرة" فهذا يدل على أن السيراء نوع من الحرير المحرم استعماله للرجال (2) في رواية الشيخين "فقال يا رسول الله ابتع هذه فتجمل بها للعيد

-[استحباب الخروج إلى العيدين من طريق والرجوع من طريق أخرى]- قال إنَّما يلبس هذه من لا خلاق له (1) (1624) وعنه أيضًا أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان يخرج إلى العيدين من طريق ويرجع من طريقٍ أخرى (2) (1625) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال كان النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) إذا خرج إلى العيدين رجع فى غير الطَّريق الَّذي خرج فيه

_ والوفد" وهذه الرواية تناسب ترجمة الباب (1) الخلاق النصيب؛ والمعنى إنما يلبس هذه من لا نصيب له في الآخرة كما يستفاد من رواية الشيخين {تخريجه} (ق. وغيرهما} (1624) وعنه أيضاً {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون بن معروف قال أبو عبد الرحمن وسمعته أنا من هارون بن معروف ثنا ابن وهب حدثنى عبد الله بن عمرو عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" {غريبه} (2) ذكر العلماء في الحكمة في مخالفة الطريق أقوالاً كثيرة، فقيل ليسلّم على أهل الطريقين، وقيل لينال بركته الفريقان، وقيل ليقضى حاجة من له حاجة منهما؛ وقيل ليظهر شعائر الاسلام في سائر الفجاج والطرق، وقيل ليغيظ المنافقين برؤيتهم عزة الاسلام وأهله وقيام شعائره، وقيل لتكثر شهادة البقاع، فان الذاهب الى المسجد والمصلىَّ إحدى خطوتيه ترفع درجة، والأخرى تحط خطيئة حتى يرجع الى منزله، وقيل وهو الأصح إنه لذلك كله ولغيره من الحكم التى لا يخلو فعله صلى الله تعالى عليه وآله وسلم عنها؛ أفاده ابن القيم في الهدى {تخريجه} (د. جه. ك. هق) وسنده جيد. (1625) عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس بن محمد ثنا فليح عن سعيد بن الحارث عن أبى هريرة "الحديث" {تخريجه} (هق. مى. مذ) وقال حديث أبى هريرة حديث حسن غريب {قلت} ويعضده حديث ابن عمر وحديث جابر عند البخارى بلفظ "كان النبى صلى الله عليه وسلم اذا كان يوم عيد خالف الطريق" {الأحكام} أحاديث الباب تدل على جملة أحكام {منها} مشروعية العيدين وكان ذلك في السنة الثانية من الهجرة كما تقدم، وفي حديث أنس إشارة الى عدم التشة بالمشركين في أعيادهم، وقد ورد ذم التشبه بهم صريحاً مطلقاً عند الأمام أحمد وأبى داود والطبرانى في الكبير عن ابن عمر رضى الله عنهما مرفوعاً "من تشبه بقوم فهو منهم" قال العراقى سنده صحيح، وله شاهد عند البزار عن حذيفة وأبى هريرة، وعند أبي نعيم في تاريخ

-[كلام العلماء في التجمل للعيدين وعدم التشبه بالمشركين في أعيادهم]- .....

_ أصبهان عن أنس، وعند اللقضاعى عن طاوس مرسلاً وصححه ابن حبان، والغرض من ذلك تنفير المسلمين عن موافقة أهل الكتاب في كل ما اختصوا به، وقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يكره موافقة أهل الكتاب في كل أحوالهم حتى قالت اليهود إن محمداً يريد أن لا يدع شيئاً من أمرنا إلا خالفنا فيه؛ لكن المسلمون الآن قد خالفوا هدى نبيهم وتشبهموا بأهل الكتاب في عاداتهم وأعيادهم؛ خصوصاً اليوم الذى يسمونه شم النسم حيث يحتفل به المسلمون في مصر ويتخذونه عيداً ويوم عطلة رسمية ويستعدون له أكثر مما يستعد له أهل الكتاب، فهذا منكر لا يرضى الله ولا رسوله ولا يجوز فعله لمسلم، ولم يقتصروا على هذا بل تشهبوا بهم في كل شيء ضار، ولو أخذنا نذكر ذلك لطال بنا المقام، ومن أراد الزيادة فعليه بكتاب المدخل لابن الحجاج رحمه الله فقد وفىَّ الموضوع حقه، والله نسأل أن يرشد هذه الأمة الى التيقظ من سباتها والاهتداء بهدى نبيها صلى الله عليه وسلم {وفي أحاديث الباب أيضاً} ماي ستدل به على استحباب الغسل للعيدين وإن كان الحديث ضعيفاً، لكن ثبت فعله عن كثير من الصحابة (قال الحافظ ابن القيم في الهدى) وكان صلى الله عليه وسلم يغتسل للعيدين؛ صح الحديث فيه؛ وفيه حديثان ضعيفان، حديث ابن عباس من رواية جبارة بن مغلس، وحديث الفاكه بن سعد من رواية يوسف بن خالد السمتى، ولكن ثبت عن ابن عمر مع شدة اتباعه للسنة أنه كان يغتسل يوم العيد قبل خروجه اهـ {قلت} وباستحبابه قال جمهور العلماء منهم الأئمة الأربعة {أبو حنيفة ومالك والشافعى واحمد} وثبت فعله عن كثير من الصحابة والتابعين {ومنها} استحباب التجمل للعديين بالثياب الحسنة الجميلة لما قدمنا من رواية البخارى من قول عمر رضى الله عنه يا رسول الله ابتع هذه فتجمل بها للعيد والوفد، ووجه الاستدلال بهذا الحديث على مشروعية التجمل للعيد تقريره صلى الله عليه وسلم لعمر على أصل التجمل للعيد وقصر الأنكار على من لبس مثل تلك الحلة لكونها كانت حريراً، وقال الداودى ليس في الحديث دلالة على ذلك، وأجاب ابن بطال بأنه كان معهوداً عندهم أن يلبس المرء أحسن ثيابه للجمعة وتبه ابن التين، والاستدلال بالتقرير أولى، أفاده الشوكانى {قلت} وفي الباب عن ابن عباس رضى الله عنهما قال "كان رسول الله صلى الله يلبس يوم العيد بردة حمراء" أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى في الأوسط ورجاله ثقات اهـ {وفي الباب} أيضاً عن جابر عند ابن خزيمة أن النبى صلى الله علهي وسلم كان يلبس برده الأحمر في العيدين وفي الجمعة {وفي مسند الشافعى} عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده "أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يلبس برد حبرة في كل عيد" فهذه الأحاديث مع ما ثبت من الآثار تدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يتجمل للعيد بالثياب الحسنة (قال الحافظ ابن القيم في الهدى) وكان صلى الله عليه وسلم يلبس للخروج اليهما (يعنى العيدين) أجمل ثيابه وكان له حلة يلبسها للعيدين والجمعة، ومرة كان يلبس بردين أخضرين ومرة بردا أحمر

-[إستحباب المشي إلى العيدين والتطيب لهما بأجود الطيب]- ....

_ ليس هو أحمر مصمتاً كما يظنه بعض الناس، فانه لو كان كذلك لم يكن برداً، وإنما فيه خطوط حمر كالبرود اليمنية، فسمى أحمر باعتبار ما فيه من ذلك، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم من غير معارض النهي عى لبس المعصفر والأحمر؛ وأمر عبد الله بن عمر لمَّا رآى عليه ثوبين أحمرين أن يحرقهما فلم يكن ليكره الأحمر هذه الكراهة الشديدة ثم يلبسه، والذى يقوم عليه الدليل تحريم لباس الأحمر أو كراهيته كراهية شديدة اهـ {ومنها} استحباب مخالفة الطريق بحيث يخرج اليهما من طريق ويرجع من أخرى، وتقدم كلام العلماء في الحكمة في ذلك، وبه قال كافة العلماء فيما أعلم والله الموفق {فائدة} أورد صاحب المنتقى حديثاً عن على رضى الله عنه أنه قال "من السنة أن يخرج الى العيد ماشياً وأن يأكل شيئاً قبل أن يخرج" رواه الترمذى وقال حديث حسن اهـ (قال النووى) ليس هو حسناً ولا يقبل قول الترمذى في هذا، فان مداره على الحارث الأعور واتفق العلماء على تضعيفه، قال الشعبى وغيره كان الحارث كذاباً اهـ ج {قلت} الحديث أولد الشوكانى له شواهد عن ابن عمر وسعد القرظ وأبى رافع ثلاثتهم عند ابن ماجه، وعن سعد بن أبى وقاص عند البزار وكلها لا تخلو من مقال، وقال في شرحه "قوله من السنة أن لا يخرج ماشياً" فيه مشروعية الخروج الى صلاة العيد والمشى اليها وترك الركوب، وقد روى الترمذى ذلك عن أكثر أهل العلم، وحديث الباب وإن كان ضعيفاً فما ذكرنا من الأحاديث الواردة بمعناه تقوية وهذا حسنه الترمذى، وقد استدل العراقى لاستحباب المشى في صلاة العيد بعموم حديث أبى هريرة المتفق عليه "أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إذا أتيتم الصلاة فأتوها وأنتم تمشون" فهذا عام في كل صلاة تشرع فيها الجماعة الصلوات الخمس والجمعة والعيدين والكسوف والاستسقاء، قال وقد ذهب أكثر العلماء إلى أنه يستحب أن يأتى الى صلاة العيد ماشياً، فمن الصحابة عمر بن الخطاب وعلى بن أبى طالب، ومن التابعين ابراهيم النخعى وعمر بن عبد العزيز، ومن الأئمة سفيان الثورى {والشافعى وأحمد} وغيرهم، وروى عن الحسن البصرى أنه كان يأتى صلاة العيد راكباًن ويستحب أيضاً المشى في الرجوع كما فى حديث ابن عمر وسعد القرظ ولفظه "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج الى العيد ماشياً ويرجع ماشياً" وروى البيهقى في حديث الحارث عن علىّ أنه قال "من السنة أن تأتي العيد ماشياً ثم تركب اذا رجعت" قال العراقى وهذا أمثل من حديث ابن عمر وسعد القرظ، وهو الذى ذكره أصحابنا يعنى الشافعية اهـ {قلت} ويستحب أيضاً للرجال التجمل للعيدين بالطيب وكل رائحة طيبة لما رواه الحسن بن على رضى الله عنهما "قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتطيب بأجود ما نجد في العيد" أورده الحافظ في التلخيص وقال رواه الطبرانى في الكبير والحاكم في المستدرك وفضائل الأوقات للبيهقى من طريق إسحاق بن بزرج عن الحسن، وقيل عن إسحاق عن زيد عن الحسن،

-[مشروعية خروج النساء وذوات الخدور إلى العيدين]- (2) باب مشروعية خروج النساء إلى العيدين (1626) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يخرج فى العيدين ويخرج أهله (1627) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يأمر بناته ونساءه أن يخرجن فى العيدين (1628) عن عائشة رضى الله عنها قالت قد كانت تخرج الكعاب (1) من خدرها (2) لرسول الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله

_ وإسحاق مجهول قاله الحاكم وضعفه الأزدى، وذكره ابن حبان في الثقات اهـ والله اعلم (1626) عن جابر بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا عبد الواحد ثنا حجاج عن عطاء عن جابر "الحديث" {تخريجه} أورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه الحجاج بن أرطأة وفيه كلام وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ {قلت} الحجاج بن أرطأة هو النخعى أبو أرطأة الكوفى قاضى البصرة، أحد الأعلام عن يحيى بن أبى كثير ولم يسمع منه والشعى وعطاء وعكرمة، وعنه منصور بن المعتمر شيخه وشعبه وعبد الرزاق وخلق، قال أبو حاتم اذا قال حدثنا فهو صالح لا يرتاب في حفظه وصدقه، قال ابن معين صدوق يدلس، وقال أيضاً هو والنسائى ليس بالقوى، روى له مسلم مقروناً بغيره مات سنة سبع وأربعين ومائة (خلاصة) (1627) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حفص ثنا حجاج عن عبد الرحمن بن عابس عن ابن عباس "الحديث" {تخريجه} (جه) وفي إسناده الحجاج بن أرطأة وقد علمت ما فيه، ورواه الطبرانى من وجه آخر (1628) عن عائشة رضى الله عنها {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على قال أنا خالد عن أبى قلابة عن عائشة "الحديث" {غريبه} (1) الكعاب بالفتح المرأة حين يبدو ثديها للنهود أى للارتفاع، يقال نهَد الثدى اذا ارتفع عن الصدر وصار له حجم، ويقال لها كاعب أيضاً وجمعها كواعب (2) الخدر بكسر الخاء المعجمة ناحية في البيت يترك عليها ستر فتكون فيه الجارية البكر والجمع خدور؛ ويطلق الخدر على البيت إن كان فيه امرأة وإلا فلا، وأخدرت الجارية لزمت الخدر وأخدرها أهلها يتعدى ولا

-[مشروعية خروج النساء وذوات الخدور إلى العيدين]- وصحبه وسلَّم فى العيدين (1629) عن أخت عبد الله بن رواحة (1) الأنصاريَّ رضى الله عنهما عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنَّه قال وجب (2) الخروج على كلِّ ذات نطاقٍ (3) (1630) عن هشامٍ عن حفصة بنت سيرين عن أمِّ عطيَّة رضى الله عنها قالت أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأبى وأمِّى أن نخرج العواتق (4) وذوات

_ يتعدى وخدّروها بالتثقيل أيضاً بمعنى ستروها وصانوها عن الامتهان والخروج لقضاء حوائجها {تخريجه} (ش) وأورده الهيثمى وقال رواهن أحمد ورجاله رجال الصحيح (1629) عن أخت عبد الله بن رواحة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن محمد بن النعمان قال سمعت طلحة الأيامى يحدث، ويحيى ابن سعيد عن شعبة قال أخبرنى محمد ابن النعمان عن طلحة بن مصرف عن امرأة من بنى عبد القيس عن أخت عبد الله بن رواحة "الحديث" {غريبه} (1) اسمها عمرة بنت رواحة الأنصارية وهي امرأى بشر بن سعد والد النعمان وهى التى سألت بشيراً أن يخص ابنها منه بعطية دون إخوته فردَّ النبى صلى الله عليه وسلم ذلك والحديث في الصحيحين؛ قاله الحافظ في الأصابة ولم يبين مَن ابنُها، والحديث الذى أشار اليه الحافظ رواه الأمام احمد أيضاً، وسيأتى (باب ما جاء في التعديل بين الأولاد في العطية) من كتاب الهبة والهدية إن شاء الله تعالى؛ وفيه التصريح بأن ابنها هو النعمان بن بشير (2) معناه وجوب اختيار واستحباب، دون وجوب الفرض كما قيل في غسل الجمعة، والغرض منه التأكيد (3) زاد أبو يعلى "في العيدين" (وقوله ذات نطاق) هذا على عادة نساء العرب من لبس النطاق، قال في النهاية جمعه مناطق وهو أن تلبس المرأة ثوبها ثم تشد وسطها بشيء وترفع وسط ثوبها وترسله على الأسفل عند معاناة الأشغال لئلا تعثر في ذيلها اهـ {تخريجه} أورده الهيثمى وقال رواه احمد وأبو يعلى وزاد يعنى في العيدين، والطبراني في الكبير وفيه امرأة تابعية لم يذكر اسمها اهـ {قلت} حسنه المناوى والحافظ السيوطي والله اعلم (1630) عن هشام عن حفصة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا هشام ويزيد انا هشام عن حصفة "الحديث" {غريبه} (4) جمع عاتق وهى المرأة الشابة أول ما تدرك، وقيل هى التى لم تبن من والديها ولم تتزوج بعد إدراكها

-[إستحباب خروج الحيض من النساء للتكبير مع الناس وسماع الخطبة]- الخدور والحيَّض (1) يوم الفطر ويوم النَّحر، فأمَّا الحيَّض فيعتزلن المصلَّى (2) ويشهدن الخير ودعوة المسلمين، قال قيل أرأيت إحداهن لا يكون لها جلبابٌ (3) قال فلتلبسها أختها من جلبابها (4)

_ وقال ابن دريد هى التى قاربت البلوغ (1) جمع حائض كراكع وركّع، وهى المرأة في زمن الحيض (2) في رواية لمسلم عن أم عطية قالت "كنا نؤمر بالخروج في العيدين والمخبّأة والبكر قالت الحيّض يخرجن فيكنّ خلف الناس يكبرن مع الناس" (وقوله يشهدن الخير ودعوة المسلمين) أى يكبرن بتكبيرهم ويدعين بدعائهم ولا يصلين، وفيه جواز ذكر الله تعالى للحائض والجنب وإنما يحرم عليها القرآن (3) قيل هو ثوب أقصر وأعرض من الخمار وهيى المِقنعة بكسر الميم تغطى بها المرأة رأسها، وقيل هى ثوب واسع دون الرداء تغطى به صدرها وظهرها، وقيل هو كالملاءة والملحفة، وقيل هو الأزار وقيل الخمار (4) يعنى لتلبسها شيئاً من ثيابها لحضور العيد، فالأضافة في قوله من جلبابها للجنس، ويحتمل أن يكون المراد أن تشركها معها في لبس ثوبها الذى عليها فتجعل منه طرفاً عليها، وهذا لا يتأتى إلا في الثوب الواسع كالملاءة والملحفة والأول أقرب، وفي هذا مبالغة في الحث على خروجهن للعيد {تخريجه} (ق. هق. مى. والأربعة) وأورد الهيثمى في الباب {عن ابن عمر رضى الله عنهما} قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليس للنساء نصيب في الخروج إلا مضطرة يعنى ليس لها خادم إلا في العيدين الأضحى والفطر، وليس لهن نصيب في الطريق إلا الحواشى" رواه الطبراني في الكبير وفيه سوار بن مصعف وهو متروك الحديث {وعن أم المؤمنين عائشة} رضى الله عنها قالت "سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تخرج النساء في العيد؟ قال نعم، قيل فالعواتق قال نعم، فان لم يكن لها ثوب تلبسه فلتلبس ثوب صاحبتها" رواه الطبرانى في الأوسط وفيه مطيع بن ميمون؛ قال ابن عدى له حديثان غير محفوظين، وقال ابن المدينى ثقة {وعن عقبة بن عبد الله بن عمرو} قال حديثنى أبى عن جدى قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عيد فقال ادعو لى سيد الأنصار فدعوا أبىّ بن كعب فقال يا أبىّ ائت المصلى فأمر بكنسه وأمر الناس فليخرجوا، فلما بلغ الباب رجع فقال يا رسول الله والنساء؟ فقال والعواتق والحيّض يكنّ في الناس يشهدن الدعوة، رواه الطبرانى في الكبير وفيه يزيد بن شداد الهمامى مجهول، وكذلك عتبة بن عبد الله بن عمرو بن العاص مجهول، وهذه الأ؛ اديث وإن كانت ضعيفة لكنها تعتضد بأحاديث الباب {الأحكام} أحاديث الباب تدل على مشروعية خروج النساء جميعاً الى العيدين الأضحى والفطر صغيرتهن وكبيرتهن

-[مذاهب العلماء في خروج النساء إلى العيدين]- (3) باب استحباب الأكل قبل الخروج فى الفطر دون الأضحى - والكلام على وقت الصلاة فيهما (1631) عن ابن جريحٍ أنبأنا عطاءٌ أنَّه سمع ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال إن استطعتم أن لا يغدو أحدكم يوم الفطر حتَّى يطعم فليفعل،

_ بكراً كانت أو ثيباً حتى الحائض منهن إلا أنها لا تصلى، أما المعتدة والتى يكون في خروجها فتنة فلا يخرج لأدلة أخرى، قال الشوكانى {وقد اختلف العلماء} في ذلك على أقوال (أحدها) أنه مستحب وحملوا الأمر فيه على الندب ولم يفرقوا بين الشابة والعجوز، وهذا قول أبى حامد من الحنابلة والجرجانى من الشافعية وهو ظاهر إطلاق الشافعى (الثانى) التفرقة بين الشابة والعجوز، قال العراقي وهو الذي عليه جمهور الشافعية تبعاً لنص الشافعي في المختصر (الثالث) أنه جائز غير مستحب لهن مطلقاً، وهو ظاهر كلام الأمام أحمد فيما نلقه عنه ابن قدامة (الرابع) أنه مكروه، وقد حكاه الترمذى عن الثورى وابن المبارك وهو قول مالك وأبى يوسف، وحكاه ابن قدامة عن النخعى ويحيى بن سعيد الأنصارى، وروى ابن أبى شيبة عن النخعى أنه كره للشابة أن تخرج الى العيد (الخامس) أنه حق على النساء الخروج إلى العيد، حكاه القاضى عياض عن أبى بكر وعلىّ وابن عمر، وقد روى ابن أببى شيبة عن أبى بكر وعلىّ أنهما قالا حقٌّ على كل ذات نطاق الخروج الى العيدين اهـ والقول بكراهة الخروج على الاطلاق ردٌّ للأحاديث الصحيحة بالآراء الفاسدة وتخصيص الشواب يأباه صريح الحديث المتفق عليه وغيره اهـ {وحكى النووى} عن الأمام الشافعى وأصحابه رحمهم الله استحباب خروج النساء العجائز اللاتي لا يشضتهين لصلاة العيد، ويستحب أن يخرجن في ثياب بذلة ولا يلبسن ما يشهرهن، ويستحب أن يتنظفن بالماء ويكره لهن التطيب، أما الشابة وذات الجمال ومن تشتهى فيكره لهن الحضور لما في ذلك من خوف الفتنة عليهن وبهن، قال وهذا هو المذهب المنصوص وبه قطع الجمهور {فان قيل} هذا مخالف حديث أم عطية المذكور {قلنا} ثبت في الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها قالت "لو أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بنى إسرائيل ولأ، الفتن وأسباب الشر في هذه الأعصار كثيرة بخلاف العصر الأول والله أعلم (قال الشافعى في الأم) أحب شهود النساء العجائز وغير ذوات الهيئات الصلاة، وأنا لشهودهن الأعياد أشد استحباباً منى لشهودهن غيرها من الصلوات المكتوبات اهـ بتصرف واختصار ج (1631) عن ابن جريج {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق

-[إستحباب الأكل قبل الخروج لعيد الفطر وتأخيره بعد صلاة عيد الأضحى]- قال فلم أدع أن آكل (1) قبل أن أغدو منذ سمعت ذلك من ابن عبَّاس فآكل من طرف الصَّريقة (2) الأكلة أو أشرب اللَّبن أو الماء، قلت فعلام يؤوَّل هذا؟ قال سمعه أظنٌّ عن النَّبى صلَّى الله عليه وآله وسلَّم، قال كانوا لا يخرجون حتَّى يمتدَّ الضُّحى فيقولون نطعم لئلاَّ نعجل عن صلاتنا (1632) عن أبى سعيدٍ الخدريِّ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يفطر يوم الفطر قبل أن يخرج، وكان لا يصلِّى قبل الصَّلاة، فإذا قضى صلاته صلَّى ركعتين

_ أنا ابن جريج "الحديث" {غريبه} (1) القائل هو عطاء الراوى عن ابن عباس (2) الصريقة بالقاف بوزن الطريقة الرقاقة وجمعها صُرُق وصرائق كطرق وطرائق، قال في النهاية روى الخطابى في غريبه عن عطاء أنه كان يقول لا أغدو حتى آكل من طرف الصريفة وقال هكذا رو بالفاء وإنما هو بالقاف اهـ (وقوله الأكلة) بضم الهمزة اللقمة وبفتحها المرة من الأكل يريد أنه يتناول شيئاً قليلاً من الخبز أو اللبن أو الماء (وقوله فعلام يؤوّل هذا) معناه أن ابن جريج قال لعطاء فعلام يؤول قول ابن عباس هل هو من قوله أو من قول النبى صلى الله عليه وسلم؟ فقال عطاء أظن أنه سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم (وقوله كانوا لا يخرجون) هو جواب عن سؤال مقدر تقديره "ما الحكمة في اتسحباب الأكل قبل الخروج لصلاة عيد الفطر؟ " فقال كانوا لا يخرجون الخ، وفيه استحباب تأخير الخروج لصلاة عيد الفطر أيضاً، وسيأتى في أحكام الباب ما يعضد ذلك والله أعلم {تخريجه} أورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح والطبرانى (1632) عن أبى سعيد الخدرى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زكريا بن عدى أنا عبيد الله عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدرى "الحديث" {تخريجه} (عل. بز} وفي إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل تكلم فيه قوم ووثقه آخرون وتوثيقه أرجح، ورواه الطبرانى في الأوسط ولفظه "ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يطعم يوم الفطر قبل أن يغدو ويأمر الناس بذلك، قال الهيثمى في إسناده الواقدى وفيه كلام كثير اهـ

-[إستحباب أكل التمر وترًا قبل الغدو إلى الفطر - والأكل في الأضحى من كبد الضحية]- (1633) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا كان يوم الفطر لم يخرج حتَّى يأكل تمراتٍ يأكلهن أفرادًا (1) (وفي لفظٍ وترًا) (1634) عن عبد الله بن بريدة عن أبيه (بريدة الأسلميِّ رضي الله عنه) قال كان النّّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يوم الفطر لا يخرج حتَّى يطعم ويوم النَّحر لا يطعم حتَّى يرجع (وعنه من طريقٍ ثانٍ (2) بنحوه وفيه) ولا يأكل يوم الأضحى حتَّى يرجع فيأكل من أضحيته (3) (1635) عن عبد الله بن أبى بكر بن أنس قال سمعت أنس بن مالكٍ رضى الله عنه يقول ما خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في يوم فطرٍ قطُّ حتَّى يأكل تمراتٍ، قال وكان أنسٌ يأكل قبل أن يخرج ثلاثًا، فإن أراد أن يزداد أكل خمسًا، فإن أراد أن يزداد أكل وترًا

_ (1633) عن أنس بن مالك {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حرَمىّ ابن عمارة قال حدثنى مرَجَّى بن رجاء عن عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن أنس بن مالك "الحديث" {غريبه} (1) أى وتراً كما فسرها اللفظ الآخر، وأصرح من هذا لفظ الاسماعيلى وابن حبان والحاكم "ما خرج يوم فطر حتى يأكل تمرات ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً أو أقل من ذلك أو أكثر وتراً" وهى أصرح في المداومة على ذلك {تخريجه} (خ. حب. ك. هق) (1634) عن عبد الله بن بريدة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبيدة الحداد ثنا ثواب بن عتبة عن عبد الله بن بريدة "الحديث" (2) وعنه من طريق ثان الخ {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عقبة بن عبد الله الرفاعى حدثنى عبد الله بن بريدة عن أبيه "الحديث" {غريبه} (3) عند البيهقى "واذا رجع أكل من كبد أضحيته" {تخريجه} (مذ. جه) بنحو الطريق الأولى منه، وأ خرجه بنحو الطريق الثانية (هق. حب. ك. قط) وصححه ابن القطان (1635) عن عبد الله بن أبى بكر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن عاصم أنا عبد الله بن أبى بكر بن أنس "الحديث" {تخريجه} (خ) XXX

-[كلام العلماء في تعجيل الأكل في عيد الفطر وتأخيره في الأضحى]- .....

_ ك. هق) الى قوله حتى يأكل تمرات، ولم أقف على هذه الزيادة لغير الأمام أحمد {وفى الباب} عن ابن عباس رضى الله عنهما بلفظ "من السنة أن لا يخرج حتى يطعم ويخرج صدقة الفطر" رواه (طب. هق) وفي إسناده الحجاج بن أرطأة مختلف فيه (وفي لفظ) "من السنة أن يطعم قبل أن يخرج" رواه البزار قال العراقى وإسناده حسن {ولمالك في الموطأ} عن سعيد بن المسيب "أن الناس كانوا يؤمرون بالأ: ل قبل الغدوّ يوم الفطر" وفي الباب غير ذلك {الأحكام} أحاديث الباب تدل على مشروعية تعجيل الأكل يوم الفطر قبل الخروج الى الصلاة والى استحباب ذلك ذهب جميع العلماء، قال ابن قدامة ولا نعلم في استحباب ذلك خلافاً اهـ ويستحب أن يكون تمر أو أن يكون وتراً {فان قيل} ما لاحكمة في تعجيل الأكل يوم الفطر وكونه تمر أو كونه وتراً فنقول {أما تعجيل الأكل} فقد قال ابن المهلب الحكمة فيه أن لا يظن ظان لزوم الصوم حتى يصلى العيد، فكأنه أراد سد هذه الذريعة، وقال غيره لماّ وقع وجوب الفطر عقب وجوب الصوم استحب تعجيل الفطر مبادرة الى امتثال أمر الله تعالى بتمامه، أشار إلى ذلك ابن أبى حمزة {وأما كونه تمراً} فاتباعاً لفعله صلى الله عليه وسلم ولما فيه من الحلاوة، ومن خواص الحلو تقوية البصر لا سيما بعد الصوم الذي يضعفه ولأنه يُسرُّ بتعاطى الحلو أكثر من غيره، ومن ثم استحب بعض التابعين أن يفطر على الحلو مطلقاً كالعسل؛ رواه ابن أبى شيبة عن معاوية بن قرة وابن سيرين وغيرهما، وقد أخرج الترمذى عن سلمان "اذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر فانه بركة، فان لم يجد فليفطر على ماء فانه طهور" {وأما كونه وتراً} فالأشارة إلى الوحدانية، وكذلك كان يفعل صلى الله عليه وسلم في جميع أموره تبركاً بذلك، ذكره في الفتح {وفي أحاديث الباب أيضاً} استحباب تأ×ير الفطر يوم الأضحى، والحكمة في ذلك أنه يوم تشرع فيه الأضحية والأكل منها فشرع له أن يكون فطره على شيء منها، قاله ابن قدامة {قلت} ويستحب أن يكون من الكبد لما في رواية البيهقى "وكان اذا رجع أكل من كبد أضحيته" قال الزين بن المنير وقع أكله صلى الله عليه وسلم في كل من العيدين في الوقت المشروع لأخراج صدقتهما الخاصة بهما، فاخراج صدقة الفطر قبل الغدوّ الى المصلى وإخراج صدقة الأضحية بعد ذبحها اهـ (وفى الحديث الأول) من أحاديث الباب إشارة إلى تأخير وقت صلاة عيد الفطر {وقد جاء في تأخيرها وتعجيل صلاة الأضحى أحاديث} (منها) عن جندب رضى الله عنه عند (أحمد بن حسن البنا) في كتاب الأصاحى قال "كان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى بنا يوم الفطر والشمس على قيد رمحين والأضحى على قيد رمح" أورده الحافظ في التلخيص ولم يتكلم عليه {ومنها} ما رواه الأمام الشافعى في مسنده قال أخبرنا إبراهيم بن محمد أخبرني ابن الحويرث الليثى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب

-[مذاهب العلماء في وقت صلاة العيدين]- (4) باب صلاة العيد ركعتين قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة - واتخاذ سترة أمام الإمام فى المصلَّى (1636) عن أبى سعيدٍ الخدريِّ رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه

_ إلى عمرو بن حزم وهو بنجران "أن عجّل الأضحى وأخّر الفطر وذكّر الناس" وهو حديث مرسل وفي إسناده ابراهيم بن محمد ضعفه الجمهور {ومنها} ما رواه أبو داود بسنده عن يزيد بن خمير الرحبى قال "خرج عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس في يوم عيد فطر أو أضحى فأنكر إبطاء الأمام فقال إنا كنا قد فرغنا ساعتنا هذه وذلك حين التسبيح" يعنى حين وقت حل النافلة، وسكت عنه أبو داود والمنذرى، ورواه أيضاً ابن ماجه ورجال إسناده عند أبى داود ثقات، فهذه الأحاديث الثلاثة {منها} ما يدل على مشروعية التعجيل لصلاة العيد من وقت حل النافلة سواء الفطر والأضحى وكراهة تأخيرها عن ذلك وهو حديث عبد الله بن بسر (وإليه ذهبت المالكية) {ومنها} ما يدل على مشروعية تعجيل الأضحى وتأخير الفطر ولم يُذكر فيه حدٌّ لذلك، وهو حديث عمرو بن حزم؛ وقد علمت ضعفه ولكن يعضده حديث جندب {ومنها} ما يدل على أن وقت الأضحى يدخل إذا كانت الشمس على قيد رمح، والفطر اذا كانت على قيد رمحين وهو حديث جندب {واليه ذهبت الحنفية والشافعية والحنابلة} وهو أحسنها في تعيين الوقت، ولعل الحكمة في تعجيل الأضحى وتأخير الفطر ما تقدم من استحباب الامساك عن الأكل في صلاة الأضحى حتى يفرغ من الصلاة، فلو أخرت الصلاة لتضرر بذلك منتظرها لطول الأمساك، وأيضاً فإنه يعود الى الاشتغال بالذبح لأضحيته بخلاف عيد الفطر فانه لا إمساك ولا ذبيحة، قال صاحب الحاوى والبيان وإنما فرق بينهما لأن السنة أن يتصدق في عيد الفطر قبل الصلاة فاستحب له الأكل ليشارك المساكين في ذلك، والصدقة في عيد النحر إنما هي بعد الصلاة من الأضحى فاستحب موافقتهم، قالا ولأن ما قبل يوم الفطر يحرم الأكل فندب الأكل فيه قبل الصلاة ليتميز عن ما قبله، وفي الأضحى لا يحرم الأكل قبله فأخر ليتميز {قلت} وينتهيى وقت الصلاة بزوال الشمس من يوم العيد ولا أعلم خلافاً في ذلك والله أعلم (قال النووى) فان فاتته صلاة العيد مع الأمام صلاها وحده وكانت أداء ما لم تزل الشمس يوم العيد، وأما من لم يصل حتى زالت الشمس فقد فاتته، وهل يستحب قضاؤها؟ فيه قولان أصحهما يستحب {وقال أبو حنيفة} اذا فاتته مع الأمام لم يأت بها أصلاً اهـ ج والله أعلم (1636) عن أبى سعيد الخدرى {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا

-[السنة تقديم صلاة العيد على الخطبة]- وآله وسلَّم كان يبدأ يوم الفطر ويوم الأضحى بالصَّلاة قبل الخطبة ثمَّ يخطب فتكون خطبته الأمر بالبعث والسَّريَّة (1) (1637) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما أشهد (2) على رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم صلَّى (3) قبل الخطبة فى العيد ثمَّ خطب فرأى أنَّه لم يسمع النِّساء (4) فأتاهنَّ فذكَّرهنَّ ووعظهنَّ وأمرهنَّ بالصَّدقة فجعلت المرأة تلقى الخرص (5) والخاتم والشَّيء (1638) عن جابر بن سمرة رضى الله عنهما قال صلَّيت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) العيدين غير مرَّةٍ ولا مرَّتين بغير أذانٍ ولا إقامةٍ

_ عبد الرزاق أنا ابن جريج قال أخبرني الحارث بن عبد الرحمن عن عياض بن عبد الله بن سعيد بن أبى سرح عن أبى سعيد الخدرى "الحديث" {غريبه} (1) أب بعث الجيوش الى أرض العدو وعليهم أمير منهم، وهو معنى السرية، وليست كل خطبه صلى الله عليه وسلم كانت كذلك، وإنما هذا اذا صادف العيد أيام الجهاد، فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يعظ الناس ويحثهم على الصدقة والتقوى ويخوفهم من الساعة وغير ذلك من أمور شتى حسب ما تقتضيه الأحوال {تخريجه} (م. هق) مطولاً وللبيهقى رواية بنحو حديث الباب. (1637) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن أيوب عن عطاء عن ابن عباس "الحديث" {غريبه} (2) اللغرض من هذه الشهادة تأكيد الرواية (3) رواية مسلم "لصلى" بلام القسم وهو يفيد تأكيد وقوع الصلاة قبل الخطبة وأن هذا هو السنة المتبعة (4) أى لبعدهن من الرجال، وفيه إشارة إلى أن النساء يكنَّ في معزل عن الرجال خلفهم (5) الخرص بالضم والكسر الحلقة الصغيرة من الحلي وهو من حلى الأذن {تخريجه} (م. د. هق) (1638) عن جابر بن سمرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى ابن آدم ثنا أبو الأحوص عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة "الحديث" {تخريجه} (م. د. مذ. هق)

-[وعظ النبي صلى الله عليه وسلم النساء يوم العيد وأمرهن بالصدقة]- (1639) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال صلَّى نبيُّ الله (صلى الله عليه وسلم) بالنَّاس يوم فطرٍ ركعتين بغير أذانٍ ولا إقامةٍ ثمَّ خطب بعد الصَّلاة ثمَّ أخذ بيد بلالٍ فانطلق إلى النِّساء فخطبهن ثمَّ أمر بلالاً بعد ما قفىَّ (1) من عندهنَّ أن يأتيهنَّ فيأمرهنَّ أن يتصدَّقن (2) (1640) عن وهب بن كيسان مولى ابن الزُّبير قال سمعت عبد الله بن الزُّبير فى يوم العيد يقول حين صلَّى قبل الخطبة يا أيُّها النَّاس كلٌّ سنَّة الله وسنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم (3) (1641) عن عبد الرَّحمن بن عابس قال قلت لابن عباسٍ رضى الله عنهما أشهدت العيد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ قال نعم ولولا مكانى منه (4) ما شهدته

_ (1639) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله ابن يزيد عن داود يعنى ابن أبى الفرات عن ابراهيم عن عطاء عن ابن عباس "الحديث" {غريبه} (1) بفتح القاف ثم فاء مشددة مفتوحة أى ذهب مولياً، وكأنه من القفا أى أعطا يعنى قفاه وظهره (2) ظاهره أن بلالاً هو الذى أمرهن بالصدقة، وهو ينافى ما ثبت في الروايات الأخرى أن النبى صلى الله علهي وسلم هو الآمر، ولا منافاة لاحتمال أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم أمرهن أولاً ثم بعد أن تركهن أمر بلالاً أن يأمرهن بالصدقة زيادة في التأكيد، ويحتمل أن النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم أمر بعضهن ووكل الى بلال أمر الباقيات منهن والله أعلم {تخريجه} (ق. د. هق) (1640) عن وهب بن كيسان {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا ثعقوب بن ابراهيم قال حدثنى أبى عن ابن إسحاق قال حدثنى وهب بن كيسان "الحديث" {غريب} (3) يعنى كلا من الصلاة أولاً، والخطبة ثانياً سنة الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم {تخريجه} لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله ثقات اهـ وقال العراقى إسناده جيد (1641) عن عبد الرحمن بن عابس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنى وكيع عن سفيان عن عبد الرحمن بن عابس "الحديث" {غريبه} (4) أي لولا منزلتي

-[صلاة العيد ركعتان بغير أذان ولا إقامة]- لصغرى، قال خرج رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فصلَّى عند دار كثير بن الصَّلت (1) ركعتين ثمَّ خطب لم يذكر أذانًا ولا إقامةً (1642) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال شهدت مع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم العيد وأبى بكرٍ وعمر وعثمان فكلُّهم صلَّى قبل الخطبة بغير أذانٍ ولا إقامةٍ (1643) عن أبى يعقوب الخيَّاط قال شهدت مع مصعب (2) بن الزُّبير الفطر بالمدينة فأرسل إلى أبى سعيدٍ الخدريِّ رضى الله عنه فسأله كيف

_ وقرابتي من النبي صلى الله عليه وسلم ما شهدت العيد لأجل صغرى (1) أى في المصلى وهو موضع بالمدينة معروف بينه وبين باب المسجد ألف ذراع، قاله عمر بن شبة في أخبار المدينة عن أبى غسان الكنانى صاحب مالك، وقد اتخذوا هذا الموضع صلاة العيدين وجعلوا له علامة يتميز بها وهى شيء شاخص مرتفع كما يستفاد من هذا الحديث نفسه عند البخارى وأبى داود، وفيه "فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم العلم الذي عند دار كثير بن الصلت فصلى ثم خطب الحديث" وتعريفه بكونه عند دار كثير بن الصلت على سبيل التقريب للسامع وإلا فدار كثير بن الصلت محدثه بعد النبى صلى الله عليه وسلم، وكثير هذا تابعي كبير ولد في عهد النبى صلى الله عليه وسلم؛ قال في الخلاصة روى عن أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، وعنه يونس بن جبير، كان اسمه قليلاً فسماه النبى صلى الله عليه وسلم كثيراً، قال العجلى تابعى ثقة اهـ {تخريجه} (ق. د. نس. هق) (1642) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا محمد ابن ربيعة ثنا ابن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس "الحديث" {تخريجه} (ق. د. نس. جه) (1643) عن أبى يعقوب {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبى هلال عن أبى يعقوب الخياط "الحديث" {غريبه} (2) مصعب بضم الميم بن الزبير ابن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى القرضى الأسدى أبو عبد الله أمير العراق لأخيه عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما، ولد سنة ثلاثة وثلاثين في خلافة عثمان، قال ابن حبان في ثقات التابعين روى عن أبيه وأخيه ولم يسم من روى عنه، وقد أخرج الأمام أحمد عنه قصة من طريق علي

-[صلاة العيد ركعتان بغير أذان ولا إقامة - وأمر النساء بالصدقة]- كان يصنع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخبره أبو سعيدٍ أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم كان يصلَّى قبل أن يخطب فصلَّى يومئذٍ قبل الخطبة (1644) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال صلَّى بنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى العيدين بغير أذانٍ ولا إقامةٍ ثمَّ خطبنا ثمَّ نزل فمشى إلى النِّساء ومعه بلالٌ ليس معه غيره، فأمرهنَّ بالصدقة فجعلت المرأة تلقي تومتها (1)

_ ابن زيد بن جدعان قال بلغ مصعب بن الزبير عن عريف الأنصار شيء فَهمَّ به فدخل عليه أنس (بن مالك) فذكر له حديث "استوصوا بالأنصار خيراً الحديث" قال فألقى مصعب نفسه على سريره وألزق خده بالبساط وقال أمرُ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرأس والعين، قال ابن حبان قتله عبد الملك بن مروان بيده سنة إحدى وسبعين كذا قال وهو غلط منه، فان مصعباً قتل بمكر في الحرب التي كانت بينه وبين عبد الملك، وكان عبد الملك قد نادى له بالأمان فامتنع وباشر القتال بنفسه حتى قتل، والمشهور أن الذي قتله عبيد الله بن زياد بن أبيه وأحضر برأسه الى عبد الملك فسجد، وقصته بذلك مشهورة عند أهل التاريخ، وكان مصعب جميلاً جواداً شجاعاً وله في ذلك أخبار كثيرة، افاده الحافظ في تعجيل المنفعة {قلت} والقصة التي أشار إليها الحافظ ستأتى في باب فضائل الأنصار ومناقبهم من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى {تخريجه} لم أقف عليه لغير الأمام أحمد بهذا اللفظ وفي إسناده يعقوب الخياط مجهول وبقية رجاله ثقات (1644) عن جابر بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا نصر بن باب عن حجاج عن عطاء عن جابر بن عبد الله الأنصارى "الحديث" {غريبه} (1) قال في القاموس التومة اللؤلؤة جمعة تُومٌ وتُوَمٌ والقرط فيه حبة كبيرة اهـ وفي النهاية التومة مثل الدرة تصاغ من الفضة اهـ والمعنى فجعلت المرأة تلقى حبة قرطها الفضة المسماة بالتومة، ويحتمل أنها كانت تلقى قرطها مع تومته كما في رواية أبى داود عن ابن عباس بلفظ "فكانت المرأة تلقى القرط والخاتم" القرط بضم القاف وسكون الراء على قراط كرمح ورماح، وعلى قرطة كعنبة، قال القاضى عياض ولا يبعد صحة أقرطة ويكون جمع جمع، أي جمع قراط لا سيما وقد صح في الحديث {قلت} يريد ما جاء في صحيح مسلم من حديث جابر أيضاً بلفظ "فجعلن يتصدقن من حليهن يلقين في ثوب بلال من أقرطتهن وخواتمهن"

-[إتفاق العلماء على مشروعية صلاة العيد ركعتين]- وخاتمها إلى بلالٍ (رضى الله عنه) (فصل فى اتخاذ الحرية يوم العيد بين يدى الإمام) (1645) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان إذا خرج يوم العيد يأمر بالحربة (1) فتوضع بين يديه فيصلِّى إليها (2) والنَّاس وراءه، وكان يفعل ذلك فى السَّفر (3) ثمَّ اتخذها الأمراء

_ {تخريجه} (ق. د. نس. هق) (1645) عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير قال ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر "الحديث" {غريبه} (1) بفتح الحاء وسكون الراء، وتسمى عنزة أيضاً بفتحات وعين مهملة، وهى مثل نصف الرمح وأكبر شيئاً وفيها سنان كسنان الرمح، وترجم لها البخارى بالاسمين فقال "باب حمل العنزة أو الحربة بين يدى الأمام يوم العيد" وأورد فيه حديث ابن عمر قال "كان النبى صلى الله عليه وسلم يغدو الى المصلى والعنزة بين يديه تحمل وتنصب بالمصلى بين يديه فيصلى اليها" ولفظ ابن ماجه عن ابن عمر أيضاً "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغدو الى المصلى في يوم العيد والعنزة تحمل بين يديه فاذا بلغ المصلى نصبت بين يديه فيصلى اليها وذلك أن المصلَّى كان فضاء ليس فيه شيء يستتر به" (2) أى يتخذها سترة في حالة الصلاة (3) أى نصب الحربة أو العنزة بين يديه حيث لا يكون جدار (وقوله ثم اتخذها الأمراء) هذه الجملة مدرجة من كلام نافع كما تفيده رواية عند ابن ماجه بلفظ قال نافع "فمن ثم اتخذها الأمراء" يعنى اتخذ الأمراء الحربة يخرج بها بين أيديهم في العيد ونحوه {تخريجه} (ق. د. نس. جه) {الأحكام} أحاديث الباب تدل على خمس مسائل {المسألة الأولى} مشروعية صلاة العيد ركعتين سواء في ذلك الفطر والأضحى، لما جاء في أحاديث الباب عن ابن عباس رضى الله عنهما "قال صلى بنا نبى الله صلى الله عليه وسلم بالناس يوم فطر ركعتين الحديث" وفى حديثه الثانى "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عند دار كثير بن الصلت ركعتين الحديث" ولحديث عمر رضى الله عنه "صلاة السفر ركعتان وصلاة الأضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان الحديث" تقدم في الباب الرابع عشر من أبواب الجمعة رقم 1608 وقد ذهب الى ذلك كافة العلماء ولم يخالف في ذلك أحد فيما أعلم {المسألة الثانية} مشروعية صلاة العيدين قبل الخطبة؛ قال القاضى عياض هذا هو المتفق عليه بين علماء الأمصار وأئمة الفتوى ولا خلاف بين أئمتهم فيه وهو فعل النبي

-[إتفاق العلماء على مشروعية صلاة العيدين قبل الخطبة وأول من أحدث تأخيرها]- .....

_ صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين من بعده إلا ما روى أن عمر فى شطر خلافته الآخر قدم الخطبة لأنه رآى من الناس من تفوته الصلاة وليس بصحيح، ثم قال وقد فعله ابن الزبير فى آخر أيامه، (وقال ابن قدامة) لا نعلم فيه خلافاً بين المسلمين إلا عن بنى أمية، قال وعن ابن عباس وابن الزبير أنهما فعلاه ولم يصح عنهما، قال ولا يعتد بخلاف بنى أمية لأنه مسبوق بالأجماع الذى كان قبلهم ومخالف لسنة النبى صلى الله عليه وسلم الصحيحة، وقد أنكر عليهم فعلهم وُعدَّ بدعة ومخالفاً للسنة (وقال العراقى) إن تقديم الصلاة على الخطبة قول العلماء كافة، وقال إن ما روى عن عمر وعثمان وابن الزبير لم يصح عنهم، أما رواية ذلك عن عمر فرواها ابن أبى شيبة أنه لما كان عمر وكثر الناس فى زمانه فكان اذا ذهب ليخطب ذهب أكثر الناس، فلما رأى ذلك بدأ بالخطبة وختم بالصلاة، قال وهذا الأثر وإن كان رجاله ثقات فهو شاذ مخالف لما ثبت فى الصحيحين عن عمر من رواية ابنه عبد الله وابن عباس، وروايتهما عنه أولى، قال وأما رواية ذلك عن عثمان فلم أجد لها إسناداً، وقال القاضى أبو بكر ابن العربى يقال إن أول من قدمها عثمان وهو كذب لا يلتفت اليه اهـ {قلت} ويرده أيضاً ما ثبت فى أحاديث الباب وما عند الشيخين عن ابن عباس رضى الله عنهما قال "شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العيد وأبى بكر وعمر وعثمان فكلهم صلى قبل الخطبة بغير أذان ولا إقامة" (قال العراقى) وأما فعل ابن الزبير فرواه ابن أبى شيبة فى المصنف وإنما فعل ذلك لأمر وقع بينه وبين ابن عباس، ولعل ابن الزبير كان يرى جائزاً اهـ {قلت} تقدم فى أحاديث الباب عن ابن الزبير رضى الله عنهما أنه صلى قبل الخطبة، وثبت فى صحيح مسلم عن عطاء أن ابن عباس أرسل الى ابن الزبير أول ما بويع له أنه لم يكن يؤذَّن للصلاة يوم الفطر فلا تؤذَّن لها، قال فلم يؤذِّن لها ابن الزبير يومه وأرسل اليه مع ذلك، إنما الخطبة بعد الصلاة وأن ذلك قد كان يفعل، قال فصلى ابن الزبير قبل الخطبة، وثبت عند مسلم والأمام أحمد من رواية طارق بن شهاب وسيأتى فى باب الخطبة للعيدين وأحكامها عن أبى سعيد "أن مروان بن الحكم بدأ بالخطبة قبل الصلاة ولم يكن يبدأ بها" فيستفاد منه أن أول من أحذ ذلك مروان، وقيل أول من فعل ذلك معاوية حكاه القاضى عياض، وأخرج الشافعى فى مسنده عن عبد الله بن يزيد الخطمى أن النبى صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر وعثمان كانوا يبدؤون بالصلاة قبل الخطبة حتى قدم معاوية فقدّم معاوية الخطبة، وروى عبد الرزاق عن الزهرى بلفظ "أول من أحدث الخطبة قبل الصلاة فى العيد معاوية" حكاه القاضى عياض، وروى ابن المنذر عن ابن سيرين أن أول من فعل ذلك زياد بالبصرة، قال ولا مخالفة بين هذين الأثرين وأثر مروان، لأن كلاً من مروان وزياد كان عاملاً لمعاوية فيحمل على أنه ابتدأ ذلك وتبعه عماله (قال العراقى) الصواب أن أول من فعله مروان بالمدينة فى خلافة معاوية كما ثبت ذلك في

-[إتفاق جماهير العلماء على عدم الأذان والإقامة للعيدين - ومن استحب قول "الصلاة جامعة"]- .....

_ الصحيحين عن أبي سعيد الخدري، قال ولم يصح فعله عن أحد من الصحابة لا عمر ولا عثمان ولا معاوية ولا ابن الزبير اهـ {قلت} إن صح فعله عن أحد من هؤلاء الصحابة يحمل على أنه كان نادراً لحاجة، أما مروان فكان يقصد الاستمرار على ذلك كما يستفاد من قصته مع أبى سعيد، وستأتى فى باب الخطبة للعيدين وأحكامها والله أعلم {وقد اختلف} فى صحة صلاة العيدين مع تقدم الخطبة، ففى مختصر المزنى عن الشافعى ما يدل على عدم الاعتداد بها، وكذلك قال النووى فى شرح المهذب إن ظاهر نص الشافعى أنه لا يعتد بها، قال وهو الصواب اهـ {المسألة الثالثة} عدم مشروعية الأذان والأقامة فى صلاة العيدين، وبه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة وغيرهم، وعليه عمل الناس فى جميع الأمصار إلا أن ابن المنذر قال روينا عن ابن الزبير أنه أذَّن لها وأقام {قلت} يحتمل أن ذلك كان من ابن الزبير قبل أن يرسل اليه ابن عباس بعدم الأذان والأقامة فى العيدين، فلما أرسل اليه بذلك منعه، وتقدم حديث ابن عباس فى الكلام على المسألة الثانية (وقال ابن المنذر) أيضاً أول من أذن فى العيد زياد، وقيل أول من أذن لها معاوية، وقيل غير ذلك والله أعلم {قلت} وذهبت الشافعية وبعض الحنابلة الى أنه يستحب أن يقال الصلاة جامعة لما رواه الأمام الشافعى رحمه الله فى الأم، قال أخبرنا الثقة عن الزهرى قال "لم يكن يؤذن للنبى صلى الله عليه وسلم ولا لأبى بكر ولا عمر ولا عثمان فى العيدين حتى أحدث ذلك معاوية بالشام وأحدثه الحجاج بالمدينة حين مر عليها، قال الزهرى وكان النبى صلى الله عليه وسلم يأمر فى العيدين المؤذن فيقول الصلاة جامعة" وهو ضعيف مرسل (قال النووى) رحمه الله ويغنى عن هذا الحديث الضعيف القياس على صلاة الكسوف، فقد ثبت الأحاديث الصحيحة فيها (منها) حديث عبد الله بن عمرو بن العاص قال "لما كسفت الشمس فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نودى بالصلاة جامعة، وفى رواية "ان الصلاة جامعة" رواه البخارى ومسلم {وعن عائشة رضى الله عنها} "أن الشمس خسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث منادياً الصلاة جامعة" رواه البخارى ومسلم، قال وقال الشافعى فى الأم وأحب أن يأمر الأمام المؤذن أن يقول فى الأعياد وما جمع الناس من الصلاة "الصلاة جامعة" أو الصلاة اهـ باختصار ج (وقال ابن قدامة فى المغنى) قال بعض أصحابنا ينادى لها "الصلاة جامعة" وهو قول الشافعى، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع اهـ (قال الحافظ ابن القيم) فى الهدى وكان صلى الله عليه وسلم اذا انتهى الى المصلى أخذ فى الصلاة من غير أذان ولا إقامة ولا قول "الصلاة جامعة والسنة أنه لا يُفعلى شئ من ذلك ولم يكن هو ولا أصحابه يصلون اذا انتهوا الى المصلى شيئاً قبل الصلاة ولا بعدها اهـ {المسألة الرابعة} يستفاد من أحاديث الباب مواظبته صلى الله عليه وسلم على صلاة العيدين بالمصلَّى فى الصحراء وأن ذلك هو السنة إلا للمعذور أو

-[كلام العلماء في حكم صلاة العيدين واستحباب فعلها في الصحراء واتخاذ الحربة]- .....

_ الضعيف أو اليوم المطير فتصلى فى المسجد، والى ذلك ذهب جمهور السلف والخلف والأئمة الثلاثة {أبو حنيفة ومالك واحمد وغيرهم} محتجين بمواظبته صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده على ذلك؛ ولقول على رضى الله عنه "لولا أن الخروج الى الجبّانة لصلاة العيد هو السنة لصليت فى المسجد" الجبّانة والجبّان - الصحراء- وتسمى بهما المقابر لأنها تكون فى الصحراء تسمية للشئ بموضعه (قال ابن قدامة فى المغنى) السنة أن يصلى العيد فى المصلَّى أمر بذلك على رضى الله عنه، واستحسنه الأوزاعى وأصحاب الرأى وهو قول ابن المنذر (وحكى عن الشافعى) إن كان مسجد البلد واسعاً فالصلاة فيه أولى، لأنه خير البقاع وأطهرها، ولذلك يصلى أهل مكة فى المسجد الحرام، ولنا أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخرج الى المصلَّى ويدع مسجده وكذلك الخلفاء بعده، ولا يترك النبى صلى الله عليه وسلم الأفضل مع قربه ويتكلف فعل الناقص مع بُعده، ولا يشرع لأمته ترك الفضائل؛ ولأننا قد أمرنا باتباع النبى صلى الله عليه وسلم والاقتداء به، ولا يجوز أن يكون المأمور به هو الناقص والمنهى عنه هو الكامل، ولم ينقل عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه صلى العيد بمسجده إلا من عذر، ولأن هذا إجماع المسلمين فان الناس فى كل عصر ومصر يخرجون الى المصلَّى فيصلون العيد فى المصلَّى مع سعة المسجد وضيقه؛ وكان النبى صلى الله عليه وسلم يصلى فى المصلَّى مع شرف مسجده، وصلاة النفل فى البيت أفضل منها فى المسجد مع شرفه، قال وإن كان عذر يمنع الخروج من مطر أو خوف أو غيره صلوا فى الجامع كما روى أبو هريرة أنه أصابهم مطر فى يوم عيد فصلى النبى صلى الله عليه وسلم صلاة العيد فى المسجد، رواه أبو داود وابن ماجه {المسألة الخامسة} مشروعية السترة للمصلى والاحتياط للصلاة وأخذ آلة لدفع ضرر الأعداء لاسيما فى السفر (وقد اختلف) فى الحربة التى كان النبى صلى الله عليه وسلم يضعها أمامه فى العيدين، فروى عمر بن شبة فى أخبار المدينة من حديث سعد القرط أن النجاشى أهدى إلى النبى صلى الله عليه وسلم حربة فأمسكها لنفسه فهى التي يمشى بها مع الأمام يوم العيد، ومن طريق الليث أنه بلغه أن العنَزة التى كانت بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم كانت لرجل من المشركين فقتله الزبير بن العوام يوم أحُد فأخذها منه النبى صلى الله عليه وسلم فكان ينصبها بين يديه اذا صلى، ويحتمل الجمع بأن عنزة الزبير كانت أوَّلاً قبل حربة النجاشى؛ أفاده الحافظ والله أعلم- هذا {وقد اختلف الأئمة} فى حكم صلاة العيدين فذهبت طائفة الى أنها واجبة، وذهب قوم الى أنها فرض كفاية، وذهب آخرون الى أنها سنة مؤكدة (قال ابن قدامة فى المغنى) الأصل فى صلاة العيد الكتاب والسنة والأجماع (أما الكتاب) فقول الله تعالى {فصل لربك وانحر} المشهور فى التفسير أن المراد بذلك صلاة العيد (وأما السنة) فثبت بالتواتر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى صلاة العيدين، قال ابن عباس رضى الله عنهما شهدت صلاة الفطر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر فكلهم كان يصليها قبل الخطبة، وعنه

-[مذاهب العلماء في حكم صلاة العيدين]- (5) باب عدد التكبيرات فى صلاة العيد ومحلها (1646) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ النَّبيَّ (صلى الله عليه وسلم) كبَّر

_ أنه صلى الله عليه وسلم صلى العيد بغير أذان ولا إقامة متفق عليه، وأجمع المسلمون على صلاة العيدين، وصلاة العيد فرض على الكفاية فى ظاهر المذهب {يعنى مذهب الأمام احمد بن حنبل} رحمه الله اذا قام بها من يكفى سقطت عن الباقين، وإن اتفق أهل البلد على تركها قاتلهم الامام، وبه قال بعض أصحاب الشافعى {وقال أبو حنيفة هى واجبة} على الأعيان وليست فرضاً، لأنها صلاة شرعت لها الخطبة فكانت واجبة على الأعيان وليست فرضاً كالجمعة، وقال ابن أبى موسى وقيل إنها سنة مؤكدة غير واجبة، وبه قال {مالك وأكثر أصحاب الشافعى} لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للأعرابى حين ذكر خمس صلوات قال هل علىّ غيرهن؟ قال لا إلا أن تطوع، وقوله عليه الصلاة والسلام "خمس صلوات كتبهن الله على العبد الحديث" ولأنها صلاة ذات ركوع وسجود ولم يشرع لها أذان فلم يجب ابتداء بالشرع كصلاة الاستسقاء والكسوف، ثم اختلفوا فقال بعضهم اذا امتنع جميع الناس من فعلها قاتلهم الأمام عليها، وقال بعضهم لا يقاتلهم (قال) ولنا على أنها لا تجب على الأعيان أنها لا يشرع لها أذان فلم تجب على الأعيان كصلاة الجنازة، ولأن الخبر الذى ذكره مالك ومن وافقه يقتضى نفى وجوب صلاة سوى الخمس، وإنما خولف بفعل النبى صلى الله عليه وسلم ومن صلى معه، فيختص بمن كان مثلهم ولأنها لو وجبت على الأعيان لوجبت خطبتها ووجب استماعها كالجمعة (قال) ولنا على وجوبها فى الجملة أمر الله تعالى بقوله {فصل لربك وانحر} والأمر يقتضى الوجوب، ومداومة النبى صلى الله عليه وسلم على فعلها، وهذا دليل الوجوب، ولأنها من أعلام الدين الظاهرة فكانت واجبة كالجمعة، ولأنها لو لم تجب لم يجب قتال تاركها كسائر السنن، يحققه أن القتال عقوبة لا تتوجه الى تارك مندوب كالقتل والضرب، فأما حديث الأعرابى فلا حجة لهم فيه، لأن الأعراب لا تلزمهم الجمعة لعدم الاستيطان فالعيد أولى، والحديث الآخر مخصوص بما ذكرناه، على أنه إنما صرح بوجوب الخمس وخصها بالذكر لتأكيدها ووجوبها على الأعيان ووجوبها على الدوام وتكررها فى كل يوم وليلة، وغيرها يجب نادراً ولعارض كصلاة الجنازة والمنذورة والصلاة المختلف فيها فلم يذكرها، وقيامهم لا يصح؛ لأن كونها ذات ركوع وسجود لا أثر له، بدليل أن النوافل كلها فيها ركوع وسجود وهى غير واجبة، فيحذف حذف هذا الوصف لعدم اثره ثم ينقض بصلاة الجنازة، وينقض على كل حال بالمنذورة اهـ (1646) عن عمرو بن شعيب {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع

-[عدد التكبير في صلاة العيدين]- في عيد ثنتى عشرة تكبيرةً، سبعًا فى الأولى، وخمسًا فى الآخرة (1) ولم يصلِّ قبلها ولا بعدها، قال أبى (2) وأنا أذهب إلى هذا (1647) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) التَّكبير فى العيدين سبعًا قبل القراءة (3) وخمسًا بعد القراءة (1648) عن عائشة رضى الله عنها أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يكبِّر فى العيدين سبعًا فى الرَّكعة الأولى، وخمسًا فى الآخرة سوى تكبيرتي الرُّكوع (1649) عن مكحولٍ قال حدَّثني أبو عائشة (4) وكان جليسًا لأبي

_ ثنا عبد الله بن عبد الرحمن سمعه من عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "الحديث" {غريبه} (1) أى قبل القراءة فى كلتيهما كما فى رواية أبى داود والدارقطنى بلفظ "والقراءة بعدهما كلتيهما" (2) القائل هو عبد الله بن الأمام احمد رحمهما الله، يعنى أن الأمام احمد ذهب الى هذا الحديث واستدل به لمذهبه {تخريجه} (د. قط. هق) وقال البيهقى حديث عبد الله بن عبد الرحمن الطائفى صحيح اهـ {قلت} عبد الله بن عبد الرحمن الطائفى الذى أشار اليه البيهقى هو المذكور فى سند حديث الباب وهو الذى سمعه من عمرو بن شعيب (1647) عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا يحيى ابن إسحاق أنبأنا ابن لهيعة حدثنا الأعرج عن أبى هريرة "الحديث" {غريبه} (3) يعنى فى الركعة الأولى (وقوله خمساً قبل القراءة) يعنى فى الركعة الثانية {تخريجه} لم أقف عليه لغير الأمام احمد وفى إسناده ابن لهيعة ضعفوه (1648) عن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن إسحاق قال أنا ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن ابن شهاب الزهرى عن عروة عن عائشة "الحديث" {تخريجه} (د. هق) وفى إسناده ابن لهيعة المتقدم فى الحديث السابق، وذكر الترمذى فى كتاب العلل أن البخارى ضعف هذا الحديث، وزاد ابن وهب فى الحديث "سوى تكبيرتى الركوع" وزاد إسحاق "سوى تكبيرة الافتتاح". (1649) عن مكحول {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد بن الحباب قال ثنا ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول "الحديث" {غريبه} (4) هو الأموى مولاهم، روى عن أبى هريرة وحذيفة، وعنه مكحول وخالد بن معدان، قال الذهبي

-[شيء من مناقب سعيد بن العاص رضي الله عنه]- هريرة رضي الله عنه أنَّ سعيد بن العاص (1) دعا أبا موسى الأشعريَّ وحذيفة ابن اليمان رضي الله عنهم فقال كيف كان رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يكبِّر فى الفطر والأضحى؟ فقال أبو موسى كان يكبِّر أربع تكبيراتٍ، تكبيره على الجنائز (2) وصدَّقه حذيفة، فقال أبو عائشة فما نسيت بعد قوله تكبيره على الجنائز (3) وأبو عائشة حاضرٌ سعيد بن العاص

_ لا يعرف، وقال ابن حزم وابن القطان مجهول (1) صحابى - يذكر فى بعض الأصول باثبات ياء بعد الصاد، وفى بعضها بحذفها كما هنا، وكنيته ابو عثمان وقيل أبو عبد الرحمن وأبوه العاص ابن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموى الحجازى، قال محمد بن سعد توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولسعيد تسع سنين، وكان من اشراف قريش جمع السخاء والفصاحة، وهو أحد الذين كتبوا المصحف لعثمان، واستعمله عثمان رضى الله عنه على الكوفة وغزا طبرستان وافتتحها، وقيل إنه فتح جرجان فى خلافة عثمان، وكان فى عسكره حذيفة وغيره من كبار الصحابة، وكان يقال له عكة العسل لكثرة خيره، وسكن دمشق ثم تحول الى المدينة، ولما قتل عثمان اعتزل الفتن ولم يشهد الجمل ولا صفين، وكان سعيد لكثرة جوده اذا سأله إنسان وليس عنده ما يعطيه كتب له عليه ديناً الى وقت ميسرته، وله فى ذلك حكايات مشهورة توفى سنة 59 وقيل سنة سبع أو ثمان وخمسين رضى الله عنه (2) أى كتكبيره على صلاة الجنازة فى عدد التكبيرات (3) يعنى أن هذه الجملة كانت تذكِّر أبا عائشة بعدد التكبيرات فى العيدين فلم ينسها (وقوله وأبو عائشة حاضر الخ) هذا من قول مكحول يريد تأكيد ما رواه عن أبى عائشة، لأن أبا عائشة أخبره أنه كان حاضراً هذه القصة فى مجلس سعيد بن العاص (وفى رواية أبى داود) "قال أبو عائشة وأنا حاضر سعيد بن العاص" {تخريجه} (د. هق) وقال البيهقى بعد ذكره قد خولف راوى هذا الحديث فى موضعين، أحدهما فى رفعه والآخر فى جواب أبى موسى، والمشهور فى هذه القصة أنهم أسندوا أمرهم الى ابن مسعود فأفتاه ابن مسعود بذلك، ولم يسنده الى النبى صلى الله عليه وسلم، كذلك رواه أبو إسحاق السبيعى عن عبد الله بن موسى أو ابن أبى موسى أن سعيد بن العاص أرسل الى ابن مسعود وحذيفة وأبى موسى فسألهم عن التكبير فى العيد فأسندوا أمرهم الى ابن مسعود، فقال تكبر أربعاً قبل القراءة ثم نقرأ، فاذا فرغت كبرت فركعت، ثم تقوم فى الثانية فتقرأ، فاذا فرغت كبرت أربعاً، وعبد الرحمن هو ابن ثابت بن ثوبان ضعفه يحيى

-[إختلاف العلماء في عدد التكبير في صلاة العيدين]- (1650) ز عن إبراهيم بن عبد الله بن فروخ عن أبيه قال صلَّيت خلف عثمان رضى الله عنه العيد فكبَّر سبعًا وخمسًا

_ ابن معين قال وكان رجلاً صالحاً، ورواه النعمان بن المنذر عن مكحول عن رسول أبى موسى وحذيفة عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم ولم يسم الرسول، وقال سوى تكبيرة الافتتاح والركوع اهـ (1650) "ز" عن إبراهيم بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى سريح بن يونس ثنا محبوب بن محرز بياع القوارير؛ كوفى ثقة كذا قال سريح عن إبراهيم بن عبد الله يعنى ابن فروخ عن أبيه "الأثر" {تخريجه} هذا الأثر لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد {وفى الباب} عن كردوس قال كان عبد الله بن مسعود يكبر فى الأضحى والفطر تسعاً تسعاً يبدأ فيكبر أربعاً، ثم يقرأ ثم يكبر واحدة فيركع بها، ثم يقوم فى الركعة الآخرة فيبدأ فيقرأ ثم يكبر أربعاً يركع باحداهن، وعن عبد الله (يعنى ابن مسعود رضى الله عنه) قال التكبير فى العيد أربعاً كالصلاة على الميت، رواهما الطبرانى فى الكبير ووثق الهيثمى رجالهما {وعن عبد الرحمن بن عوف} رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تُخرج له العنزة فى العيدين حتى يصلى اليها، وكان يكبر ثلاث عشرة تكبيرة، وكان أبو بكر وعمر رحمة الله عليهما يفعلان ذلك، أورده الهيثمى وقال رواه البزار وفيه الحسن ابن حماد البجلى ولم يضعفه أحد ولو يوثقه، وقد ذكره المزى للتمييز وبقية رجاله ثقات {الأحكام} أحاديث الباب مع ما ذكرنا فى الشرح {منها} ما يدل على أن التكبير فى العيدين سبع فى الركعة الأولى وخمس فى الركعة الثانية قبل القراءة فى كلتيهما {ومنها} ما يدل على أنه سبع فى الأولى قبل القراءة وخمس فى الثانية بعد القراءة {ومنها} ما يدل على أنه خمس فى الأولى قبل القراءة وأربع فى الثانية بعد القراءة {ومنها} ما يدل على أنه أربع كصلاة الجنازة أى فى كل ركعة أربع، لهذا اختلفت أنظار العلماء {فذهب الجمهور} الى أنه يكبر فى العيدين سبعاً قبل القراءة فى الركعة الأولى وخمساً فى الثانية قبل القراءة أيضاً، قال العراقى وهو قول أكثر أهل العلم من الصحابة والتابعين والائمة، قال وهو مروى عن عمر وعلىّ وأبى هريرة وأبى سعيد وجابر وابن عمر وابن عباس وأبى أيوب وزيد بن ثابت وعائشة، وهو قول الفقهاء السبعة من أهل المدينة وعمر بن عبد العزيز والزهرى ومكحول وبه يقول {مالك والأوزاعى والشافعى وأحمد وإسحاق} إلا أن مالكاً واحمد والمزنى قالوا سبعاً فى الأولى بتكبيرة الأحرام، وخمساً فى الثانية سوى تكبيرة القيام (وقال الشافعى) والأوزاعى وإسحاق السبع فى الأولى غير تكبيرة الإحرام والخمس

-[مذاهب العلماء في عدد التكبير في صلاة العيدين]- .....

_ في الثانية غير تكبيرة القيام {قلت} ويؤيد هذا المذهب حديث عائشة الذى فى الباب وما رواه الدارقطنى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كبر فى العيدين الأضحى والفطر ثنتى عشرة تكبيرة فى الأولى سبعاً وفى الآخرة خمساً سوى تكبيرة الأحرام" (قال ابن عبد البر) روى عن النبى صلى الله عليه وسلم من طرق حسان أنه كبر فى العيدين سبعاً فى الأولى وخمساً فى الثانية من حديث عبد الله بن عمرو وابن عمرو وجابر وعائشة وابى واقد وعمرو بن عوف المزنى، ولم يرو عنه من وجه قوى ولا ضعيف خلاف هذا وهو أولى ما عمل به اهـ {وذهبت الحنفية} الى أنه يكبر فى العيدين فى الأولى ثلاثاً بعد تكبيرة الاحرام قبل القراءة وفى الثانية ثلاثاً بعد القراءة؛ وهو مروى عن جماعة من الصحابة ابن مسعود وأبى موسى وأبى مسعود الأنصارى وهو قول الثورى، وحجتهم حديث مكحول الذى فى الباب، وحملوا قوله فى الحديث "أربع تكبيرات" يعنى بانضمام تكبيرة الأحرام اليها فى الركعة الأولى وبانضمام تكبيرة الركوع اليها فى الثانية فتصير أربعاً فى كلتيهما ولكنه ضعيف، وتقدم قول البيهقى فيه، واحتجوا أيضاً بالأثر المذكور فى الشرح المروى عن كردوس عن ابن مسعود لكنه موقوف على ابن مسعود (وذهب القاسم والناصر) الى أنه يكبر فى الأولى سبعاً قبل القراءة، وفى الثانية خمساً بعد القراءة، محتجّين بحديث أبى هريرة الذى فى الباب، وفى إسناده ابن لهيعة ضعفه الحفاظ، وفى الباب مذاهب أخر غير ما ذكر ولكن أدلتها ضعيفة جداً، وأقوى المذاهب وأرجحها ما ذهب اليه الجمهور (قال الشوكانى) وقد وقع الخلاف هل المشروع الموالاة بين تكبيرات صلاة العيد أو الفصل بينها بشئ من التحميد والتسبيح ونحو ذلك؟ {فذهب مالك وأبو حنيفة والأوزاعى} الى أنه يوالى بينها كالتسبيح فى الركوع والسجود، قالوا لأنه لو كان بينها ذكر مشروع لنقل كما نقل التكبير {وقال الشافعى} إنه يقف بين كل تكبيرتين يهلل ويمجد ويكبر (واختلف أصحابه) فيما يقوله بين التكبيرتين، فقال الأكثرون يقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر (وقال بعضهم) لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير وقيل غير ذلك (وقال الهادى وبعض أصحاب الشافعى) إنها يفصل بينها، يقول الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله بكرة وأصيلا {وقال الناصر والمؤيد بالله والأمام يحيى} إنه يقول لا إله إلا الله الى آخر الدعاء الطويل الذى رواه الأمير الحسين قال فى الشفا عن على عليه السلام، وروى فى البحر (عن مالك) أنه يفصل بالسكوت {وقد اختلف فى حكم تكبير العيدين} فقالت الهادوية إنه فرض، وذهب من عداهم الى أنه سنة لا تبطل الصلاة بتركه عمداً ولا سهواً، قال ابن قدامة ولا أعلم فيه خلافاً، قالوا وإن تركه لا يسجد للسهو، وروى عن أبى حنيفة ومالك أنه يسجد للسهو، والظاهر عدم وجوب التكبير

-[إختلاف العلماء في محل التكبير في صلاة العيدين]- (6) باب ما يقرأ به فى العيدين (1651) عن سمرة بن جندبٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقرأ فى العيدين بسبِّح اسم ربك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية (1652) عن عبيد الله بن عبد الله (1) أنَّ عمر بن الخطَّاب رضي الله

_ كما ذهب اليه الجمهور لعدم وجدان دليل يدل عليه اهـ {وقد اختلف أيضاً} فى محل التكبير فى العيدين هل هو بعد دعاء الاستفتاح وقبل التعوذ أو قبل دعاء الاستفتاح والتعوذ؟ فذهب الى الأول الامامان {الشافعى وأحمد} قال ابن قدامة وعن أحمد رواية أخرى أن الاستفتاح بعد التكبيرات اختارها الخلال وصاحبه وهو قول الأوزاعى، لأن الاستفتاح تليه الاستعاذة وهى قبل القراءة {وقال أبو يوسف} يتعوذ قبل القراءة لئلا يفصل بين الاستفتاح والاستعاذة، (قال ابن قدامة) ولنا أن الاستفتاح شرع ليستفتح به الصلاة فكان فى أولها كسائر الصلوات، والاستعاذة شرعت للقراءة فهى تابعة لها فتكون عند الابتداء بها لقول الله تعالى {فاذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم} وقد روى أبو سعيد أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ قبل القراءة، وإنما جمع بينهما فى سائر الصلوات لأن القراءة تلى الاستفتاح من غير فاصل فلزم أن يليه ما يكون فى أولها، بخلاف مسألتنا وأياً ما فعل كان جائزاً اهـ {واختلفوا أيضاً} فى رفع اليدين عند التكبير فى العيدين (قال النووى) مذهبنا استحباب الرفع فيهن واستحباب الذكر بينهن، وبه قال عطاء والأوزاعى {وأبو حنيفة ومحمد وأحمد} وداود وابن المنذر {وقال مالك} والثورى وابن أبى ليلى وأبو يوسف لا يرفع اليد إلا فى تكبيرة الأحرام اهـ ج والله أعلم (1651) عن سمرة بن جندب {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر أنا شعبة وحجاج قال حدثنى شعبة قال سمعت معبد بن خالد يحدث عن زيد بن عقبة عن سمرة بن جندب "الحديث" {تخريجه} أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير ورجال أحمد ثقات اهـ والحديث أيضاً عند أبى داود والنسائى إلا أنهما قالا الجمعة بدل العيدين (1652) عن عبيد الله بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا مالك عن ضمرة بن سعيد عن عبيد الله بن عبد الله "الحديث" {غريبه} (1) هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود، والظاهر من سياق الحديث أن عبيد الله أدرك عمر بن الخطاب وأنه كان حاضراً حينما سأل عمر أبا واقد، وليس

-[ما يستحب القراءة به في صلاتي العيدين]- عنه سأل أبا واقدٍ اللَّيثيَّ رضي الله عنه بم كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقرأ فى العيد؟ (1) (وفى روايةٍ فى العيدين) قال كان يقرأ بق واقتربت (1653) عن النُّعمان بن بشيرٍ رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قرأ فى العيدين بسبِّح اسم ربِّك الأعلى وهل أتاك حديث الغاشية، وإن وافق يوم الجمعة قرأ بهما جميعًا (وفى روايةٍ) فربَّما اجتمع العيد والجمعة فقرأ بهاتين السُّورتين (1654) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال صلَّى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

_ كذلك، فإن عتبة لم يدرك عمر رضى الله عنه، وعلى هذا فالحديث منقطع، لكن رواه مسلم بسنده عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبى واقد الليثى قال "سألنى عمر بن الخطاب عما قرأ به رسول الله صلى الله عليه وسلم فى يوم العيد فقلت باقتربت الساعة وق والقرآن المجيد" فالحديث متصل (ولمسلم رواية أخرى) بنحو حديث الباب سنداً ومتناً (قال النووى) فالرواية الأولى لأم سلمة (يعنى الرواية التي كرواية حديث الباب) لأن عبيد الله لم يدرك عمر، ولكن الحديث صحيح بلا شك، متصل من الرواية الثانية فانه أدرك أبا واقد بلا شك وسمعه بلا خلاف، فلا عتب على مسلم حينئذ فى روايته فانه صحيح متصل والله أعلم اهـ (1) الظاهر أن عمر رضى الله عنه سأل أبا واقد لا لجهله بالحكم، لأنه أسلم قديماً قبل الهجرة وإسلام أبى واقد كان عام الفتح سنة ثمان على أصح الأقوال كما نقله الحافظ فى الأصابة، وكان عمر رضى الله عنه يصلى العيدين مع النبى صلى الله عليه وسلم من ابتداء مشروعيتهما فى السنة الثانية الى وفاة النبى صلى الله عليه وسلم فيبعد جداً أنه يجهل ما كان يقرأ به النبى صلى الله عليه وسلم فى العيدين، قال العلماء يحتمل أن عمر رضى الله عنه شك فى ذلك فاستثبته أو أراد إعلام الناس بذلك، أو نحو هذا من المقاصد؛ قالوا ويبعد أن عمر لم يكن يعلم ذلك مع شهوده صلاة العيد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مرات وقربه منه {تخريجه} (م. هق. قط. والأربعة} (1653) عن النعمان بن بشير، هذا الحديث تقدم بروايتيه وشرحه وتخريجه فى الباب الخامس عشر من أبواب الجمعة رقم 1614 وكررته هنا لمناسبة ترجمة الباب (1654) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا القاسم ابن مالك أبو جعفر عن XXX بن حوشب عن ابن عباس "الحديث"

-[إشتمال الخطبة على الحمد والثناء والوعظ والحث على الطاعة]- العيد ركعتين لا يقرأ فيهما إلاَّ بأمِّ الكتاب (1) لم يزد عليها شيئًا (7) باب خطبة العيدين وأحكامها ووعظ النساء وحثهن على الصدقة (1655) عن جابر (بن عبد الله رضي الله عنهما) قال شهدت الصَّلاة مع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فى يوم عيدٍ فبدأ بالصلاة قبل الخطبة بغير أذانٍ ولا إقامةٍ، فلمَّا قضى الصَّلاة قام متوكِّئًا على بلالٍ فحمد الله وأثنى عليه ووعظ النَّاس وذكَّرهم وحثَّهم على طاعته، ثمَّ مضى إلى النِّساء ومعه بلالٌ فأمرهنَّ بتقوى الله ووعظهنَّ وحمد الله وأثنى عليه وحثَّهنَّ على طاعته، ثمَّ قال تصدَّقن فإنَّ أكثر كنَّ حطب جهنَّم (2) فقالت امرأةٌ من سفلة النِّساء (3) سفعاء الخدين لم يا رسول الله؟ قال لأنَّكن تكثرن الشَّكاة (4) وتكفرن العشير، فجعلن ينزعن حليَّهن وقلائدهنَّ (5) وقرطتهنَّ

_ {غريبه} (1) يعني أم القرآن وهى الفاتحة، وربما فعل ذلك مرة لبيان الجواز {تخريجه} لم أقف عليه لغير الأمام احمد، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه شهر بن حوشب وفيه كلام وقد وثق (1655) عن جابر بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن عبد الملك ثنا عطاء عن جابر "الحديث" {غريبه} (2) أى وقودها (3) السفلة بفتح السين وكسر الفاء السُّقاط من الناس والسَّفالة النذالة، يقال هو من السفِلة ولا يقال هو سفلة والعامة تقول رجل سفِلة من قوم سَفل وليس بعربى، وبعض العرب يخفف فيقل فلان من سِفلة الناس فينقل كسرة الفاء الى السين (نه) "وقوله سعفاء الخدّين" بفتح السين المهملة أى فيهما تغير وسواد (4) بفتح الشين المعجمة أى الشكوى (وقوله وتكفرن العشير) قال أهل اللغة العشير المعاشر والمخالط وحمله الأكثرون هنا على الزوج، وقال آخرون هو كل مخالط، قال الخليل يقال هو العشير والشعير على القلب، ومعنى الحديث أنهن يجحدن الاحسان لضعف عقلهن وقلة معرفتهن، فيستدل به على ذم من يجحد إحسان ذى إحسان، قاله النووى (5) جمع قِلادة وهى ما تلبسه المرأة فى عنقها من أنواع الحلى سواء كان من ذهب أو فضة أو خرز أو نحو ذلك (وقرطتهن) جمع قرط بضم القاف

-[حث النساء على الصدقة]- وخواتيمهنَّ يقذفن به فى ثوب بلالٍ (1) يتصدَّقن به (1656) عن عبد الله (بن مسعودٍ رضى الله عنه) أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال تصدَّقن يا معشر النِّساء ولو من حليِّكنَّ فإنَّكنَّ أكثر أهل النَّار، فقامت امرأةٌ ليست من علية النِّساء (2) فقالت لم يا رسول الله؟ قال لأنَّكن تكثرن اللَّعن (3) وتكفرن العشير (1657) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال شهدت الصَّلاة يوم الفطر مع النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) وأبى بكرٍ وعمر وعثمان فكلُّهم كان يصلِّيها قبل الخطبة ثمَّ يخطب بعد، قال فنزل (4) بنيُّ الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم

_ وسكون الراء، وتقدم تفسيره بأنه كل ما علق من شحمة الأذن من الحلى (1) فى رواية عند مسلم والامام احمد "وبلال باسط ثوبه" ومعناه أنه بسطه ليجمع الصدقة فيه ثم يفرقها النبى صلى الله عليه وسلم على المحتاجين كما كانت عادته صلى الله عليه وسلم فى الصدقات المتطوع بها والزكوات، وهذه الصدقة كانت من صدقات التطوع لا كما فهم بعضهم أنها زكاة الفطر، والدليل على ذلك ما رواه مسلم من طريق ابن جريح عن عطاء، وفيه قال ابن جريح قلت لعطاء زكاة يوم الفطر؟ قال لا ولكن صدقة يتصدقن بها حينئذ "وفيه" قلت لعطاء أحقاً على الأمام أن يأتى النساء حتى يفرغ فيذكِّرهن؟ قال إى، لعمرى ان ذلك لحق عليهم، وما لهم لا يفعلون ذلك" {تخريجه} (ق. د. نس. هق) (1656) عن عبد الله بن مسعود {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن منصور عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله "الحديث" {غريبه} (2) أى ليست من شريفاتهن بل من طبقة أقلّ (3) أصل اللعن الطرد والأبعاد من الله، ومن الخلق السب والدعاء وهو المراد هنا {تخريجه} لم أقف عليه لغير الأمام احمد وسنده جيد (1657) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا أنا ابن جريج أخبرنى حسن بن مسلم عن طاوس عن ابن عباس "الحديث" {غريبه} (4) أى انتقل من مكانه الذى كان يعظ فيه الرجال بعد فراغ خطبة العيد الى المكان الذى فيه النساء، وإنما قلت بعد فراغ الخطبة دفعا لما قاله بعض العلماء من أن

-[تذكير النساء بالبيعة وحثهن على الصدقة]- كأنّي أنظر إليه حين يجلِّس (1) الرِّجال بيده ثم أقبل يشقُّهم حتَّى جاء النِّساء ومعه بلالٌ فقال (يا أيُّها النَّبيُّ إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا فتلا هذه الآية حتَّى فرغ منها، ثمَّ قال حين فرغ منها أنتنَّ على ذلك؟ فقالت امرأةٌ واحدةٌ لم يجبه غيرها منهنَّ نعم يا نبيَّ الله، لا يدرى حسنٌ (2) من هي: قال فتصدَّقن، قال فبسط بلالٌ ثوبه ثمَّ قال هلمَّ (3) لكنَّ فداكنَّ أبى وأمِّى (4) فجعلن يلقين الفتخ والخواتم (5) فى ثوب بلالٍ، قال

_ النزول كان فى أثناء الخطبة، ويردّه ما فى حديث جابر الآتى بعده بلفظ "فلما فرغ نبى الله صلى الله عليه وسلم نزل فأتى النساء الخ" وكذلك عند مسلم من رواية جابر أيضاً، وربما فهم بعض الناس من التعبير بالنزول فى الحديث النزول عن المنبر وليس كذلك، وإنما معناه الانتقال كما فسرنا لأنه لم يثبت عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه خطب فى العيدين على منبر، بل كان يخطب قائماً على رجليه أو على بعيره لما رواه ابن ماجه عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج يوم العيد فيصلى بالناس ركعتين ثم يسلم فيقف على رجلين فيستقبل الناس وهم جلوس ويقول تصدقوا تصدقوا" وسيأتى حديث خطبته صلى الله عليه وسلم على البعير فى باب الخطبة بمنى من كتاب الحج (1) أى يأمرهم بالجلوس (2) هو الحسن بن مسلم أحد رجال السند (3) هى كلمة بمعنى الدعاء الى الشئ كما يقال تعالَ، وأصله لُمَّ من الضم والجمع، ومنه لَمَّ الله شعثه، وكأن المنادى أراد لُمَّ نفسك الينا (وها) للتنبيه وحذفت الألف تخفيفاً لكثرة الاستعمال وجعلا اسماً واحداً، وأهل الحجاز ينادون بها بلفظ واحد للمذكر والمؤنث والمفرد والجمع، وعليه قوله تعالى {هلم إلينا} وتستعمل لازمة نحو هلم الينا أى أقبل، ومتعدية نحو هلم شهداءكم أى أحضروهم (4) لفظ مسلم "فِدَى لكنَّ أبى وأمى" والمعنى أفديكن بأبى وأمى وهى كلمة ثناء ومدح، يريد تشجيعن وحثهن على الصدقة (5) الفتح بفتح الفاء والتاء المثناة فوق وبالخاء المعجمة واحدها فتخة كقصبة وقصب، واختلف فى تفسيرها، ففى صحيح البخارى عن عبد الرزاق قال هى الخواتيم العظام، وفى النهاية هى خواتيم كبار تلبس فى الأيدى وربما وضعت فى أصابع الأرجل، وقيل هى خواتيم لا فصوص لها، وتجمع أيضاً على فتخات وفتاخ اهـ {قلت} وذكر الخواتيم بعده يشعر بأنها نوع آخر غير الفتخ فربما كانت خواتم صغيرة تختص بأصابع الأيدى أو تكون ذات فصوص، والخواتم والخواتيم جمع خاتم؛

-[قوة إيمان نساء الأنصار والمهاجرين وتصدقهن بحليهن]- ابن بكر (1) الخواتيم (زاد في روايةٍ) ثمَّ أمر بلالاً فجمعه فى ثوبٍ حتَّى أمضاه (1658) عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال سمعته يقول إنَّ النَّبىَّ (صلى الله عليه وسلم) قام يوم الفطر فبدأ بالصَّلاة قبل الخطبة ثمَّ خطب النَّاس، فلمَّا فرغ نبيُّ الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم نزل فأتى النِّساء فذكرهنَّ وهو يتوكَّأ على يد بلالٍ وبلالٌ باسطٌ ثوبه يلقين فيه النِّساء صدقةً، قال تلقى المرأة فتخها ويلقين (2) قال ابن بكرٍ (3) فتختها (1659) عن أبى سعيدٍ الخدريّ رضى الله عنه قال كان النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) يخرج يوم العيد فى الفطر "وفى روايةٍ والأضحى" فيصلِّى بالنَّاس تبنك الرَّكعتين (4) ثمَّ يتقدَّم فيستقبل النَّاس (5) وهم جلوسٌ فيقول تصدّقوا تصدَّقوا ثلاث مراتٍ (6) قال فكان أكثر ما يتصدَّق من النَّاس النِّساء بالقرط والخاتم والشَّيء، فإن كانت له حاجةٌ فى البعث ذكره (7) وإن

_ وفي الخاتم أربع لغات فتح التاء وكسرها وخاتام وخيتام (1) هو محمد بن بكر بن عثمان البرسانى أحد رجال السند، أى قال فى روايته الخواتيم بدل الخواتم والمعنى واحد، لأن كليهما جمع خاتم {تخريجه} (ق. وغيرهما) وأخرج نحوه أبو داود من حديث جابر بن عبد الله (1658) عن عطاء {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق وابن بكر أنا عطاء عن جابر "الحديث" {غريبه} (2) ويلقين أى ويلقين أشياء أخر من حليهن (3) هو محمد بن بكر بن عثمان البرسانى المتقدم فى سند الحديث السابق يعنى أنه قال فى روايته تلقى المرأة فتختها بالافراد بدل فتخها {تخريجه} (ق. د. نس. هق) (1659) عن أبى سعيد الخدرى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر ثنا داود بن قيس عن عياض بن عبد الله عن أبى سعيد "الحديث" {غريبه} (4) يعنى صلاة العيد (5) رواية ابن حبان فينصرف الى الناس قائماً فى مصلاه، ولابن خزيمة فى رواية مختصرة "خطب يوم عيد على رجليه" وهذا مشعر بأنه لم يكن بالمصلى فى زمانه صلى الله عليه وسلم منبر (6) فيه الحث على الصدقة فى يوم العيد وتأكيد ذلك (7) أي بعث طائفة

-[الحث على اتباع السنة وإنكار البدعة وإن كان المبتدع أميرًا]- لم يكن له انصرف (وفى روايةٍ) وإن كان يريد أن يضرب على النَّاس بعثًا ذكره وإلاَّ انصرف (1660) عن طارق بن شهابٍ عن أبى سعيدٍ الخدريِّ رضى الله عنه قال أخرج مروان المنبر فى يوم عيدٍ (1) ولم يكن يخرج به، وبدأ بالخطبة قبل الصلاَّة ولم يكن يبدأ بها؛ قال فقام رجلٌ (2) فقال يا مروان خالفت السُّنَّة (3) أخرجت المنبر يوم عيدٍ ولم يك يخرج به فى يوم عيدٍ، وبدأت بالخطبة قبل الصَّلاة ولم يك يبدأ بها، قال فقال أبو سعيدٍ الخدريُّ من هذا؟ قالوا فلان بن فلانٍ (4) قال فقال أبو سعيدٍ أمّا هذا فقد

_ من الجيش الى جهة من الجهات؛ ذكر ذلك في الخطبة وإلا فلا {تخريجه} (ق. وغيرهما) (1660) عن طارق بن شهاب {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب "الحديث" {غريبه} (1) مروان هو ابن الحكم وكان وقتئذ أميرا على المدينة فأخرج المنبر في يوم عيد إلى المصلى ليخطب عليه مخالفا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون، فقد كانوا يخطبون وقوفا على أقدامهم، وتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في بعض الأحيان على بعير، ولم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم اتخذ منبرا في المصلى قط، ففعل مروان في هذا يؤيد ما تقدم من أنه أول من فعل ذلك (2) في المهمات أنه عمارة بن رؤيبة (3) أي خالف الطريقة التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بإخراجه المنبر للخطبة عليه وبخطبته قبل الصلاة (4) أى من المتكلم بالأنكار على مروان؟ فقيل له فلان بن فلان، وهذا صريح بأن المنكِر غير أبى سعيد، لكن روى البخاري عن أبى سعيد أنه خرج مع مروان وهو أمير على المدينة في أضحى أو فطر (قال أبو سعيد) فلما أتينا المصلى إذا منبر بناه كثير بن الصلت فاذا مروان يريد أن يرتقيه قبل أن يصلى فجبذت بثوبه فجبذنى فارتفع فخطب قبل الصلاة، فقلت له غير تم والله، فقال أبا سعيد قد ذهب ما تعلم، قلت ما أعلم والله خير مما لا أعلم (وفي رواية مسلم) عن أبي سعيد أيضا قال فخرج محاضرا مروان حتى أتينا المصلى فإذا كثير ابن الصلت قد بنى منبرا من XXX فاذا مروان ينازعنى يده كأنه يجرّني نحو المنبر وأنا أجره نحو الصلاه، فلما رأيت ذلك منه قلت أين الابتداء بالصلاة؟ فقال لا يا أبا سعيد قد

-[مراتب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]- قضى ما عليه (1) سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من رأى منكم منكرًا فإن استطاع أن يغيِّره بيده فليفعل، وقال مرَّةً فليغيِّره بيده، فإن لم يستطع بيده فبلسانه، فإن لم يستطع بلسانه فبقلبه (2) وذلك أضعف الإيمان (3) (1661) عن البراء بن عازبٍ رضى الله عنه قال كنَّا جلوسًا في المصلَّى

_ ترك ما تعلم، قلت كلا والذى نفسى بيده لا تأتون بخير مما أعلم ثلاث مرات ثم انصرف؛ فهاتان الروايتان صريحتان في أن أبا سعيد هو الذى أنكر على مروان فعله، ويجمع بينهما وبين حديث الباب بتعدد القصة كما يستفاد من سياق حديث الباب، ففيه أن مروان أخرج المنبر إلى المصلى، وفي رواية الشيخين أنهم وجدوا كثير بن الصلت قد بنى فيها منبرا، قال الحافظ فلعل مروان لما أنكروا عليه إخراج المنبر ترك إخراجه بعدُ وأمر ببنائه من لبِن وطين بالمصلىَّ، ولا بُعد في أن ينكر عليه تقديم الخطبة على الصلاة مرة بعد أخرى، قال ويدل على التغاير أيضا أن إنكار أبى سعيد وقع بينه وبينه؛ وإنكار الآخر وقع على رؤوس الناس اهـ (1) يريد أنه أدَّى ما وجب عليه من الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، قال القاضى عياض إنكار الرجل وأبى سعيد بحضرة هذا الجمع وتسمية أبي سعيد ذلك منكرا (يعنى لاستدلاله بحديث من رآى منكم منكرا الخ) يدل على أن السنة وعمل الخلفاء تقديم الصلاة؛ وان ما روى من تقديم الخطبة عمن تقدم ذكره (يعنى ما نسب الى بعض الصحابة من تقديم الخطبة) لا يصح أن المغيِّر لا يحمل الناس على مذهبه، وإنما يغير ما أجمع عليه اهـ (2) قال القاضى عياض رحمه الله الحديث أصل في كيفية التغيير فيجب على المغير أن يغيّر بكل وجه أمكنه زواله به، فالتغيير باليد ان يكسر آلات الباطل ويريق الخمر وينزع الغصب أو يأمر بذلك، فإن خاف من التغيير باليد مفسدة اشد غيّر بالقول فيعظ ويخوّف ويندب إلى الخير، ويستحب أن يرفق بالجاهل وذى العزة الظالم المتقى شره فانه ادعى للقبول، ولذا استحب في المغير ان يكون من اهل الصلاح، فان القول منه انفع ويغلظ على غيرهما، فان خاف ايضا من التغيير بالقول مفسدة اشد غيّر بالقلب، هذا هو المراد بالحديث خلافاً لمن رآى الانكار بالتصريح بكل حال وإن قتل ونيل منه كل أذّى اهـ بتصرف (3) أي اضعف مراتب ثمرة الايمان يعنى أنه اقل ثمرة مما قبله، ولا يكتفى به إلا من لا يستطيع غيره، فان لم يستطع غيره فلا يقال له ضعيف الإيمان، لأنه قد أدَّى ما فى وسعه ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها {تخريجه} (م.؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) (1661) عن البراء بن عازب {سنده} حدثنا عبد الله XXX

-[الضحية إذا ذبحت قبل صلاة العيد لا تصح ضحية]- يوم أضحى فأتانا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسلَّم على النَّاس ثمَّ قال إنَّ أوَّل نسك (1) يومكم هذا الصَّلاة؛ قال فتقدَّم فصلَّى ركعتين ثمَّ سلَّم، ثمَّ استقبل النَّاس بوجهه وأعطي قوسًا أو عصًا فاتََّكا عليه فحمد الله وأثنى عليه وأمرهم ونهاهم (2) وقال من كان منكم عجَّل ذبحًا (3) فإنَّما هى جزرةٌ (4) أطعمه أهله، إنَّما الذَّبح بعد الصَّلاة، فقام إليه خالى أبو بردة بن نيار فقال أنا عجَّلت ذبح شاتى يا رسول الله ليصنع لنا طعامٌ نجتمع عليه إذا رجعنا، وعندى جذعةٌ من معزٍ (5) هى أوفى من الَّذى ذبحت أفتغنى عنِّى يا رسول الله؟ قال نعم، ولن تعنى عن أحدٍ بعدك (6) قال ثمَّ قال يا بلال، قال فمشى واتَّبعه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتَّى أتى النِّساء فقال يا معشر النِّسوان (7) تصدَّقن، الصَّدقة خيرٌ لكنَّ، قال فما رأيت يومًا قطٌ أكثر خدمة (8) مقطوعةً وقلادةً وقرطًا من ذلك اليوم

_ ابن عمرو ثنا زائدة ثنا أبو جناب الكلبى حدثنى يزيد بن البراء بن عازب عن البراء بن عازب "الحديث" {غريبه} (1) النسك الطاعة والعبادة وكل ما تقرب به إلى الله تعالى، فقوله صلى الله عليه وسلم نسك يعنى أول عبادة تتقربون إلى الله عز وجل بها في هذا اليوم بعد الفريضة هي صلاة العيد، وكان ذلك في يوم عيد الأضحى (2) فيه مشروعية اتكاء الأمام أثناء الخطبة على قوس أو عصا واشتمال الخطبة على الحمد والثناء والأمر والنهى (3) أى ذبح أضحيته قبل الصلاة (4) بسكون الزاى أى لحم ينتفع بأكله لا يصلح ضحية ولا يثاب عليه ثواب الضحية، وفي رواية لمسلم "إنما هو لحم قدمته لأهلك" (5) أصل الجذَع من أسنان الدواب، وهو ما كان منها شابا فتِيّا، فهو من الابل ما دخل فى السنة الخامسة، ومن البقر والمعز ما دخل فى السنة الثانية وقيل البقر فى الثالثة، ومن الضأن ما تمت له سنة وقيل أقل منها، ومنهم من يخالف بعض هذا التقدير (نه) (6) يعنى أن الجذعة من المعز لا تصلح ضحية، وأما جذعة الضأن فتصلح باتفاق العلماء؛ قاله النووى (7) جمع امرأة على غير لفظها؛ ومثله النسوة "بالكسر والضم" والنساء (8) الخَدَمة بفتحات الخلخال جمعها خَدم وخَدم؛ والمراد أنهن تصدقن بشئ كثير من جميع أنواع الحلى {تخريجه} (د) مختصراً، وأخرجه

-[النهي عن صيام يومي العيدين وادخار لحم الضحية]- (1662) عن أبي عبيدٍ مولى عبد الرَّحمن بن أزهر قال رأيت عليًا وعثمان رضى الله عنهما يصلِّيان يوم الفطر والأضحى ثم ينصرفان يذكِّران النَّاس، قال وسمعتهما يقولان إنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهى عن صيام هذين اليومين (1) قال وسمعت عليًّا رضى الله عنه يقول نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يبقى من نسككم عندكم شيءٌ بعد ثلاثٍ (2) (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (3) قال ثمَّ شهدته مع علىٍ فصلَّى قبل أن يخطب بلا أذانٍ ولا إقامةٍ، ثمَّ خطب فقال يا أيُّها النَّاس إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قد نهى أن تأكلوا نسككم بعد ثلاث ليالٍ فلا تأكلوها بعد

_ الطبراني مطولا بنحو حديث الباب، وصححه ابن السكن، قاله الحافظ (1662) عن أبي عبيدة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عثمان بن عمر ثنا بن أبى ذئب بعن سعيد بن خالد بن عبد الله بن فارظ عن أبى عبيد مولى عبد الرحمن بن أزهر "الحديث" {غريبه} (1) يعنى يومى عيد الفطر وعيد النحر فان صومهما حرام بالاجماع لورود النهى عن ذلك في أحاديث كثيرة صحيحة ستأتي إن شاء الله تعالى في أبواب الأيام المنهى عن صيامها من كتاب الصيام (2) يريد لحوم الأضاحى، وهذا النهى منسوخ بأحاديث أخرى صحيحة ستأتى في باب الأكل والاطعام من الأضحية وجواز ادخار لحمها ونسخ النهى عنه من كتاب الهدايا والضحايا إن شاء الله (3) {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهرى عن أبى عبيد مولى عبد الرحمن بن أزهر قال ثم شهدته "الحديث" {تخريجه} لم أقف عليه وسنده جيد {وفي الباب} عن عطاء عن عبد الله بن السائب رضى الله عنهما قال "شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم العيد فلما قضى الصلاة قال إنا نخطب فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس، ومن أحب أن يذهب فليذهب" رواه النسائى وابن ماجه وأبوداود، وقال أبوداود هو مرسل، وقال النسائى هذا خطأ يعنى رفعه والصواب أنه مرسل {وعن سعد المؤذن} رضى الله عنه قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم يكبر بين أضعاف الخطبة يكثر التكبير في خطبة العيدين" رواه ابن ماجه وفى إسناده عبد الرحمن بن سعد بن عمار ضعيف، وقوله بين أضعاف الخطبة أى في أثنائها وأوساطها وأطرافها

-[إتفاق العلماء على مشروعية الخطبة للعيدين بعد الصلاة]- .....

_ {وأخرج نحوه البيهقى} من حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة قال "السنة أن تفتتح الخطبة بتسع تكبيرات تترى والثانية بسبع تكبيرات تترى" {وعن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة} قال "السنة أن يخطب الأمام فى العيدين خطبتين يفصل بينهما بجلوس" رواه الأمام الشافعى في مسنده {وعن جابر بن عبد الله} رضى الله عنهما قال "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فطر أو أضحى فخطب قائما ثم قعد قعدة ثم قام" رواه ابن ماجه وفى إسناده إسماعيل بن مسلم الخولانى وقد أجمعوا على ضعفه {الأحكام} في أحاديث الباب مع ما ذكرنا فى الشرح دليل على مشروعية الخطبة للعيدين بعد الصلاة وعليه عمل السلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من الأئمة إلا ما خالف فيه بنو أمية ولا يعتد بخلافهم كما قال ابن قدامة لأنه مسبوق أيضا بالاجماع {وفيها} اذا فرغ الأمام من الصلاة استقبل الناس بوجهه وخطب قائما أو على راحلته لثبوت ذلك عن النبى صلى الله عليه وسلم، ولأنه لم يكن فى المصلى فى زمانه صلى الله عليه وسلم منبر كما يستفاد من أحاديث الباب (ولما عند الامام أحمد) عن أبى كاهل رضى الله عنه قال "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم عيد على ناقة خرماء وحبشى ممسك بخطامها" وسيأتى في باب الخطبة يوم النحر بمنى من كتاب الحج (ولما رواه سعيد) قال حدثنا هشيم حدثنا حصين حدثنا أبو جميلة قال طرأيت عليا صلى يوم عيد فبدأ بالصلاة قبل الخطبة ثم خطب على دابته ورأيت عثمان بن عفان يخطب على راحلته، ورأيت المغيرة بن شعبة يخطب على راحلته" {وفيها} أنه يخطب خطبتين يفصل بينهما بجلوس كخطبتى الجمعة إلا أنه يكبر قبل الأولى تسع تكبيرات تترى، وقبل الثانية سبع تكبيرات تترى كما جاء مصرحا بذلك في حديث عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وتقدم في الشرح قبل الأحكام، وعبيد الله المذكور أحد فقهاء التابعين، وليس قول التابعى من السنة ظاهراً في سنة النبى صلى الله عليه وسلم وليس بحجة. لكن العمل على هذا عند جمهور العلماء (قال الحافظ ابن القيم في الهدى) وكان صلى الله عليه وسلم يفتتح خطبه كلها بالحمد لله، ولم يحفظ عنه في حديث واحد أنه كان يفتتح خطبتى العيدين بالتكبير، وإنما روى ابن ماجه في سننه عن سعد مؤذن النبى صلى الله عليه وسلم أنه صلى الله عليه وسلم كان يكثر التكبير أضعاف الخطبة ويكثر التكبير فى خطبتى العيد، وهذا لا يدل على أنه كان يفتتحها به {وقد اختلف الناس} في افتتاح خطبتى العيدين والاستسقاء، فقيل يفتتحان بالتكبير، وقيل يفتتح خطبة الاستسقاء بالاستغفار وقيل يفتتحان بالحمد، قال شيخ الاسلام بن تيمية هو الصواب، لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال "كل أمر ذى بال لا يبدأ فيه بحمد الله فهو أجذم" وكان يفتتح خطبه كلها بالحمد لله اهـ {وفي أحاديث الباب ايضا} مشروعية افتتاح الخطبة بحمد الله ثم الثناء عليه والوعظ والأمر بالطاعة والنهي عن المعصية، فإن كان في عيد الفطر أمرهم بصدقة الفطر وبيَّن لهم وجوبها وثوابها وقدر المخرج وجنسه وعلى من تجب والوقت الذي يخرج فيه، وفي الأضحى يذكر الأضحية

-[كلام العلماء في أحكام تتعلق بالخطبة للعيدين]- .....

_ وفضلها وبيان حكمها وما يجزى فيها وقت ذبحها والعيوب التى تمنع منها وكيفية تفرقتها وما يقوله عند ذبحها تأسياً به صلى الله عليه وسلم فى جميع ذلك {وفيها} مشروعية اتكاء الخطيب على قوس أو عصا أثناء الخطبة، وتقدم الكلام على ذلك في خطبة الجمعة {وفيها من الفوائد أيضا} استحباب وعظ النساء وتعليمهن أحكام الاسلام وتذكيرهن بما يجب عليهن، ويستحب خثهن على الصدقة وتخصيصهن بذلك في مجلس منفرد، ومحل ذلك اذا أمن الفتنة والمفسدة {وفيها أن الصدقة} من دوافع العذاب لأنه أمرهن بالصدقة ثم علل بأنهن أكثر أهل النار لما يقع منهن من كفران النعم وغير ذلك {وفيها} بذل التضحية والاغلاظ بها لمن احتيج في حقه الى ذلك والعناية بذكر ما يحتاج اليه لتلاوة آية الممتحنة لكونها خاصة بالنساء، وفى مبادرة تلك النسوة الى الصدقة بما يعز عليهن في حليّهن مع ضعف الحال في ذلك الوقت دلالة على رفيع مقامهن في الدين وحرصهن على امتثال أمر الرسول صلى الله عليه وسلم ورضى عنهن {وفيها مشروعية} الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر سواء أكان مرتكب المنكر أميراً أم حقيرا ومباشرة التغيير باليد إن استطاع وإلا فباللسان وإلا فبالقلب وليس وراء ذلك من الايمان شئ {وفي أحاديث الباب} جواز تكلم الامام وتكليمه أثناء الخطبة للحاجة كما في حديث البراء بن عازب رضى الله عنه رقم 1661 {وفيها أيضا} استحباب كثرة التكبير في أضعاف الخطبة أى فى أثنائها وأوساطها وأطرافها لحديث سعد الميذن، لكنه ضعيف وتقدم الكلام عليه في الشرح (قال ابن قدامة) فإذا كبّر في أثناء الخطبة كبر الناس بتكبيره، وقد روى عن ابى موسى أنه كان يكبر يوم العيد على المنبر اثنتين وأربعين تكبيرة اهـ ولفظ التكبير المشروع أن يقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر ثلاثا، وسيأتى لذلك مزيد في باب الحث على الذكر والتكبير الخ بعد ثلاثة أبواب إن شاء الله (ويستحب استماع الخطبة) لما روى عن ابن مسعود أنه قال يوم عيد "من شهد الصلاة معنا فلا يبرح حتى يسمع الخطبة" وهذا على سبيل الاستحباب لا الوجوب، لأن النبى صلى الله عليه وسلم رخص لمن شهد العيد أن يجلس للخطبة وأن يذهب كما في حديث عبد الله بن السائب وتقدم في الشرح وفيه "أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فمن أحب أن يجلس للخطبة فليجلس ومن أحب أن يذهب فليذهب" (قال الشوكانى) إن تخيير السامع لا يدل على عدم وجوب الخطبة بل على عدم وجوب سماعها، إلا أن يقال إنه يدل على باب الاشارة، لأنه إذا لم يجب سماعها لا يجب فعلها، وذلك لأن الخطبة خطاب ولا خطاب إلا لمخاطب، فاذا لم يجب السماع على المخاطب لم يجب الخطاب اهـ {فائدة} قال النووى رحمه الله تعالى قال أصحابنا الخطب المشروعة عشر، خطبة الجمعة والعيدين والكسوفين والاستسقاء؛ وأربع خطب في الحج وكلها بعد الصلاة إلا خطبة الجمعة وخطبة الحج يوم عرفة، وكلها يشرع فيها خطبتان إلا الثلاث الباقية من الحج فإنهن فرادى اهـ ج

-[ما جاء في التهنئة بالعيد بقول تقبل الله منا ومنكم]- (8) باب وقوف الإمام للناس بعد انصرافهم من صلاة العيد والنظر اليهم وما جاء فى التهنئة بالعيد (1663) عن عبد الرَّحمن بن عثمان التَّيميِّ رضى الله عنه قال رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قائمًا فى السُّوق يوم العيد ينظر والنَّاس يمرُّون

_ (1663) عن عبد الرحمن بن عثمان {سنده} حدثنا عبد الله ح دثنى أبى ثنا إبراهيم بن إسحاق قال حدثني المنكدر بن محمد يعنى ابن المنكدر عن أبيه عن عبد الرحمن بن عثمان التيمى قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" {تخريجه} أورده الهيثمى وقال رواه احمد وأبو يعلى والطبرانى في الكبير والأوسط وقال فيهما "رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا انصرف من العيدين أتى وسط المصلىَّ فقام فنظر الى الناس كيف ينصرفون وكيف سمتهم ثم يقف ساعة ثم ينصرف" ورجال الطبراني موثقون وإن كان فيهم المنكدر ابن محمد بن المنكدر فقد وثقه احمد وأبو داود وابن معين في رواية وضعفه غيرهم اهـ {قلت} وترجم الهيثمى في كتابه مجمع الزوائد للتهنئة بالعيد فقال "باب التهنئة بالعيد" وأورد فيه أثراً عن حبيب بن عمر الأنصارى قال حدثنى أبى قال لقيت وا ئلة يوم عيد فقلت تقبل الله منا ومنك فقال تقبل الله منا ومنك، قال الهيثمى رواه الطبرانى في الكبير وحبيب قال الذهبى مجهول، وقد ذكره ابن حبان في الثقات وأبوه لم أعرفه اهـ {قلت} وقال ابن قدامة في المغنى قال أحمد رحمه الله ولا بأس أن يقول الرجل للرجل يوم العيد تقبل الله منا ومنك، وقال حرب سئل أحمد عن قول الناس في العيدين تقبل الله منا ومنكم قال لا بأس به يرويه أهل الشام عن أبى أمامة، قيل ووائلة بن الأسقع؟ قال نعم، قيل فلا تكره أن يقال هذا يوم العيد؟ قال لا، وذكر ابن عقيل في تهنئة العيد أحاديث منها أن محمد بن زياد قال "كنت مع أبى أمامة الباهلى وغيره من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فكانوا إذا رجعوا من العيد يقول بعضهم لبعض تقبل الله منا ومنك، وقال احمد إسناد حديث أبى أمامة إسناد جيد، وقال على بن ثابت سألت مالك بن أنس منذ خمس وثلاثين سنة وقال لم يزل يعرف هذا بالمدينة، وروى عن احمد أنه قال لا أبتدئ به أحدا، وإن قاله أحد رددته عليه اهـ {هذا ولمناسبة التهنئة بالعيد} نذكر طرفاً من حديث رواه سعيد بن أوس الأنصارى عن أبيه أن الناس إذا صلوا عيد الفطر "نادى مناد ألا ان ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين إلى رحالكم فهو يوم الجائزة ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة" رواه الطبرانى في الكبير وفيه جابر الجعفى ضعيف والله أعلم

-[حجة من قال لا يصلى قبل العيد ولا بعدها]- (9) باب الصلاة قبل العيد وبعدها (1664) عن أبى بكر بن حفصٍ عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّه خرج يوم عيدٍ فلم يصلِّ قبلها ولا بعدها فذكر أنَّ النَّبيَّ (صلى الله عليه وسلم) فعله (1665) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى فطر لم يصلِّ قبلها ولا بعدها، ثمَّ أتى النِّساء ومعه بلالٌ فجعل يقول تصدَّقن، فجعلت المرأة تلقى خرصها وسخابها (1) (1666) عن أبى سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يفطر يوم الفطر قبل أن يخرج، وكان لا يصلِّى قبل الصَّلاة (2) فإذا قضى صلاته صلَّى ركعتين

_ (1664) عن أبي بكر بن حفص {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا أبان بن عبد الله البجلى عن أبى بكر بن حفص "الحديث" {تخريجه} (مذ. ك) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح. (1665) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا شعبة قال أخبرني عدى بن ثابت قال سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس "الحديث" {غريبة} (1) الخرص بضم الخاء هو الحلقة الصغيرة من الحلىّ وفى القاموس الخرص بالضم ويكسر كلقة من الذهب والفضة أو حلقة القرط أو الحلقة الصغيرة من الحلى اهـ (والسخاب) بسين مهملة مكسورة بعدها خاء معجمة هو خيط تنظم فيه الخرزات، وفى القاموس ان السخاب ككتاب قلادة من سكٍّ وقُرُنفُل ومحلب بلا جوهر جمعه ككتب اهـ {تخريجه} (ق. والأربعة وغيرهم) ولهذا الحديث ألفاظ مختلفة (1666) عن أبى سعيد الخدرى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زكريا بن عدى أنا عبيد الله عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد "الحديث" {غريبه} (2) أى قبل صلاة العيد (وقوله صلى ركعتين) أى بعد رجوعه إلى منزله كما صرح بذلك في رواية ابن ماجه عن أبي سعيد بلفظ "ان النبى صلى الله عليه وسلم كان لا يصلى قبل العيد شيئاً فاذا رجع الى منزله صلي ركعتين" وإسناده حسن {تخريجه} (جه. ك) وصححه، وحسنه الحافظ {وفي الباب عن كعب بن عجرة} رضي

-[كلام العلماء في حكم الصلاة قبل العيد وبعدها]- .....

_ الله عنه عند الطبرانى في الكبير من طريق عبد الملك بن كعب بن عجرة قال خرجت مع كعب بن عجرة يوم العيد الى المصلى فجلس قبل أن يأتى الامام ولم يصل حتى انصرف الامام والناس ذاهبون كأنهم عنق نحو المسجد، فقلت ألا ترى؟ فقال فقال هذه بدعة وترك للسنة، وفي رواية له بلفظ ان كثيراً مما يرى جفاء وقلة علم؛ ان هاتين الركعتين سبحة هذا اليوم حتى تكون الصلاة تدعوك، قال العراقى إسناده جيد {وعن أبى مسعود} رضى الله عنه قال "ليس من السنة الصلاة قبل خروج الامام من العيد" أورده الهيثمى وقال رواه الطبراني في الكبير أيضاً ورجاله ثقات {وعن على رضى الله عنه} عند البزار من طريق الوليد بن سريع مولى عمرو بن حريث قال خرجنا مع أمير المؤمنين على بن أبى طالب في يوم عيد فسأله قوم من أصحاب عن الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها فلم يرد عليهم شيئا، ثم جاء قوم فسألوه فما رد عليهم شيئا، فلما انتهينا إلى الصلاة فصلى بالناس فكبر سبعا وخمسا ثم خطب الناس ثم نزل فركب، فقالوا يا أمير المؤمنين هؤلاء قوم يصلون، قال فما عسيت أن أصنع، سألتمونى عن السنة أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل قبلها ولا بعدها، فمن شاء فعل ومن شاء ترك، أترونى أمنع قوماً يصلون فأكون بمنزلة من منع عبداً إذا صلى، قال العراقى وفي إسناده إبراهيم بن محمد بن النعمان الجعفى لم أقف على حاله وباقى رجاله ثقات {قلت} وأورده الهيثمى وقال رواه البزار وقال لا يروى عن على إلا بهذا الاسناد، قال الهيثمى قلت وفيه من لم أعرفه اهـ {وعن أيوب} قال "رأيت أنس بن مالك والحسن يصليان يوم العيد قبل أن يخرج الامام قال ورأيت محمد بن سيرين جاء فجلس ولم يصل" رواه أبو يعلى، وروى الطبرانى في الكبير "أن أنساً كان يصلى أربع ركعات" أوردهما الهيثمى وقال رجال أبو يعلى رجال الصحيح {الأحكام} أكثر أحاديث الباب مع ما ذكرنا في الشرح تدل على عدم صلاة نافلة قبل صلاة العيد وبعدها {ومنها} ما يدل على جواز ذلك، لهذا اختلف العلماء (قال الحافظ) ذكر ابن المنذر عن أحمد أنه قال الكوفيون يصلون بعدها لا قبلها، والبصريون يصلون قبلها لا بعدها، والبصريون يصلون قبلها لا بعدها، والمدنيون لا قبلها ولا بعدها "وبالأول" قال الأوزاعي والثورى والحنفية "وبالثانى" قال الحسن البصرى وجماعة "وبالثالث" قال الزهرى وابن جريج وأحمد {وأما مالك} فمنعه في المصلى، وعنه في المسجد روايتان {وقال الشافعى} في الأم ونقله البيهقى عنه في المعرفة بعد أن روى حديث ابن عباس أى حديث الباب ما نصه، وهكذا يجب على الامام أن لا يتنفل قبلها ولا بعدها، وأما المأموم فمخالف له في ذلك في بسط الكلام في ذلك، وقال الرافعي يكره للامام التنفل قبل العيد وبعدها وقيده في البويطي بالمصلىَّ، وجرى على ذلك الصيمرى فقال لا بأس بالنافلة قبلها وبعدها مطلقا إلا للامام في موضع الصلاة {وأما النووى} في شرح مسلم فقال قال الشافعى وجماعة من السلف لا كراهة في الصلاة قبلها ولا بعدها، فإن حمل

-[كلام العلماء في حكم الصلاة قبل العيد وبعدها]- .....

_ كلامه على المأموم وإلا فهو مخالف لنص الشافعى المذكور، ويؤيد ما فى البويطي حديث أبى سعيد "أن النبى صلى الله عليه وسلم لا يصلى قبل العيد شيئا فاذا رجع الى منزله صلى ركعتين" أخرجه ابن ماجه بإسناد حسن وقد صححه الحاكم {وبهذا قال إسحاق} ونقل بعض المالكية الاجماع على أن الامام لا يتنفل في المصلىَّ، وقال ابن العربى التنفل في المصلى لو فعل لنفل، ومن أجازه رآى أنه وقت مطلق للصلاة، ومن تركه رآى أن النبيى صلى الله عليه وسلم لم يفعله، ومن اقتدى فقد اهتدى اهـ (وقال الزهرى) لم أسمع أحداً من علمائنا يذكر أن أحداً من سلف هذه الأمة كان يصلى قبل تلك الصلاة ولا بعدها اهـ (وحكى الترمذى) عن طائفة من أهل العلم من الصحابة وغيرهم أنهم رأوا جواز الصلاة قبل صلاة العيد وبعدها، وروى ذلك العراقى عن أنس بن مالك وبريدة بن الحصيب ورافع بن خديج وسهل بن سعد وعبد الله بن مسعود وعلى بن أبي طالب وأبى برزة (قال) وبه قال من التابعين ابراهيم النخعى وسعيد بن جبير والأسود بن يزيد وجابر بن زيد والحسن البصرى وأخوه سعيد بن أبى الحسن وسعيد بن المسيب وصفوان بن محرز وعبد الرحمن بن أبى ليلى وعروة بن الزبير وعلقمة والقاسم بن محمد ومحمد بن سيربين ومكحول وأبو بردة، ثم ذكر من روى ذلك عن الصحابة المذكورين من أئمة الحديث، قال وأما أقوال التابعين فرواها ابن أبى شيبة وبعضها في المعرفة للبيهقي (قال العراقى) والأحاديث الواردة في هذا الباب ليس فيها نهى عن الصلاة في هذه الأوقات، ولكن لما كان صلى الله عليه وسلم يتأخر مجيئه إلى الوقت الذي يصلى بهم فيه ويرجع عقب الخطبة، روى عنه من روى من أصحابه أنه كان لا يصلى قبلها ولا بعدها، ولا يلزم من تركه لذلك لاشتغاله بما هو مشروع في حقه من التأخر إلى وقت الصلاة أن غيره لا يشرع ذلك له ولا يستحب، فقد روى عنه غير واحد من الصحابة أنه صلى الله عليه وسلم لم يكن يصلى الضحى وصح ذلك عنهم، وكذلك لم ينقل عنه صلى الله عليه وسلم أنه صلى سنة الجمعة قبلها، لأنه إنما كان يؤذن للجمعة بين يديه وهو على المنبر اهـ (وقال البيهقى) يوم العيد كسائر الأيام والصلاة فيه مباحة إذا ارتفعت الشمس حيث كان المصلىَّ، ويدل على عدم الكراهة حديث أبي ذر قال قال النبى صلى الله عليه وسلم "الصلاة خير موضوع فمن شاء استكثر ومن شاء استقل" رواه ابن حبان والحاكم في صحيحهما اهـ (قال الحافظ) والحاصل أن صلاة العيد لم تثبت لها سنة قبلها ولا بعدها خلافاً لمن قاسها على الجمعة، وأما مطلق النفل فلم يثبت فيه منع بدليل خاص إلا إن كان ذلك في وقت الكراهة في جميع الأيام (قال الشوكانى) وكذلك قال العراقى وهو كلام صحيح جار على مقتضى الأدلة، فليس في الباب ما يدل على منع مطلق النفل ولا على منع ما ورد فيه دليل يخصه كتحية المسجد إذا أقيمت صلاة العيد في المسجد، نعم في التلخيص ما لفظه (وروى أحمد من حديث عبد الله بن عمرو مرفوعاً "لا صلاة يوم العيد

-[ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من كرم الأخلاق وحسن معاشرته لأزواجه والرفق بهن]- (10) باب الضرب بالدف واللعب يوم العيد (1667) عن عائشة رضى الله عنها أن الحبشة كانوا يلعبون (1) عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى يوم عيدٍ قالت فاطَّلعت من فوق عاتقه (2) فطأطأ لى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم منكبيه فجعلت أنظر إليهم من فوق عاتقه حتَّى شبعت (3) ثمَّ انصرفت (1668) عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها

_ قبلها ولا بعدها" فإن صح كان دليلاً على المنع مطلقا لأنه نفى في قوة النهى وقد سكت عليه الحافظ فينظر فيه {قلت} حديث عبد الله بن عمرو الذى عزاه الحافظ للامام أحمد لم أقف عليه في مسنده، فان صح عزوه اليه يكون في كتبه الأخرى غير المسند والله أعلم (1667) عن عائشة رضى الله عنه {سنده} حديثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير قال ثنا هشام عن أبيه عن عائشة "الحديث" {غريبه} (1) في الرواية الثانية "يلعبون في المسجد" وكذلك عند مسلم والنسائى وغيرهما، قال الشيخ عز الدين بن عبد السلام في تمكين النبي صلى الله عليه وسلم الحبشة من اللعب في المسجد دليل على جواز ذلك فلم كره العلماء اللعب في المساجد؟ قال والجواب أن لعب الحبشة كان بالسلاح، واللعب بالسلاح مندوب اليه للقوة على الجهاد، فصار ذلك من القُرَب كأقراء علم وتسبيح وغير ذلك من القرب، لأن ذلك كان على وجه الندور، والذى يفضى الى امتهان المساجد إنما هو أن يتخذ ذلك عادة مستمرة، ولذلك قال الشافعى رضى الله عنه لا أكره القضاء في المسجد المرة والمرتين، وإنما أكرهه على وجه العادة اهـ (2) أى كانت تنظر إليهم وهى خلف النبى صلى الله عليه وسلم فكان عاتقه يحجبها عن النظر فطأطأ لها يعنى انحنى قليلا وخفض ظهره لها لتتمكن من النظر اليهم، وظاهر هذا يدل على جواز نظر المرأة إلى الرجال وهم يلعبون، قال النووى رحمه الله يحتمل أن يكون ذلك قبل بلوغ عائشة، أو قبل نزول الآية في تحريم النظر، أو كانت تنظر إلى لعبهم بحرابهم لا الى وجوههم وأبدانهم وإن وقع بلا قصد أمكن أن تصرفه في الحال (3) في رواية مسلم والنسائى حتى إذا مللت (أي سئمت النظر) قال حسبك (أي هل يكفيك هذا القدر؟) قلت نعم، قال فاذهبى {تخريجه} (م. نس. وغيرهما) (1668) عن عروة بن الزبير عن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثني

-[جواز اللعب بالحراب ونحوها من آلات الحرب في المسجد يوم العيد]- أنَّ أبا بكرٍ دخل عليها وعندها جاريتان (1) فى أيَّام منى (2) تضربان بدفَّين (3) ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) مسجًّى (4) عليه بثوبه فانتهزهما (5) فكشف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وجهه فقال دعهما (6) يا أبا بكر فإنَّها أيَّام عيدٍ، وقالت عائشة رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يسترني بردائه (7) وأنا أنظر إلى الحبشة يلعبون فى المسجد حتَّى أكون أنا أسأم فأقعد (8) فاقدروا قدر الجارية الحديثة السِّنِّ الحريصة على اللَّهو

_ أبي ثنا أبو المغيرة ثنا الأوزاعى قال حدثنى الزهرى عن عروة "الحديث" {غريبه} (1) الجارية في النساء كالغلام في الرجال، يقعان على من دون البلوغ فيهما، وفي الطبراني أن إحداهما كانت لحسان بن ثابت (2) هي الأيام الثلاثة بعد يوم النحر وهي أيام التشريق، ففيه أن هذه الأيام داخلة في أيام العيد وحكمه جار عليها في كثير من الأحكام لجواز التضحية وتحريم الصوم واستحباب التكبير وغير ذلك (3) المراد بالدف هنا دف العرب وهو مدوّر على شكل الغربال خلا أنه لا خروق في جلده ولا جلاجل فيه؛ وأما دف الملاهي فهو مدور، جلده من رق أبيض مناعم فيه جلاجل يسمى بالطار، له صوت يطرب لحلاوة نغمته (4) أي مغطى ففهم أبو بكر أنه نائم وغير عالم بذلك (5) أي زجرهما ومنعهما لعدم اطلاعه على تقرير النبى صلى الله عليه وسلم اياهما على ذلك (6) أي اتركهما، وفي الحديث التالي "يا أبا بكر إن لكل قوم عيداً وإن اليوم عيدنا" وهذا تعليل لنهيه إياه بقوله دعهما، وبيان لخلاف ما ظنه أبو بكر من أنهما فعلتا ذلك بغير علمه لكونه دخل فوجد النبي صلى الله عليه وسلم مغطى بثوبه نائماً، ولا سيما كان المقدر عنده منع الغناء واللهو فبادر إلى إنكار ذلك قياماً عن النبى صلى الله عليه وسلم فأوضح النبى صلى الله عليه وسلم الحال وبينه بقوله "إن لكل قوم عيداً" أي لكل طائفة من الملل المختلفة عيداً يسمونه باسم مثل النيروز والمهرجان، وان هذا اليوم يوم عيدنا، وهو يوم سرور شرعى فلا ينكر مثل هذا، على أن ذلك لم يكن بالغناء الذي يهيج النفوس إلى أمور لا تليق، ولهذا جاء في رواية "وليستا بمغنيتين" يعنى لم تتخذا الغناء صناعة وعادة، وتقدم حديث أنس في أول أبواب العيدين "قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما في الجاهلية فقال إن الله تعالى قد أبدلكم بهما خيرا منهما يوم الفطر ويوم النحر" (7) هذا يدل على أن ذلك كان بعد نزول آية الحجاب، وسيأتي الكلام عليه في الأحكام (8) معناه أنها تحب اللهو التفرج والنظر إلى اللعب حبا بليغاً وتحرص على إدامته ما أمكنها ولا تمل ذلك إلا بعد زمن طويل (وقولها فاقدروا) هو بضم الدال وكسرها لغتان حكاهما الجوهري وغيره، وهو من التقدير أى قدروا رغبتنا في ذلك إلى أن ننتهى، قاله النووى {تخريجه} (م. نس)

-[جواز الضرب بالدف والغناء المباح في أيام السرور]- (1669) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها أنَّ أبا بكرٍ دخل عليها ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) عندها يوم فطرٍ أو أضحى وعندها جاريتان تضربان بدفَّين فانتهرهما أبو بكرٍ رضى الله عنه فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دعنا يا أبا بكرٍ، إنَّ لكلِّ قومٍ عيدًا، وإنَّ عيدنا هذا اليوم (وعنها من طريقٍ ثانٍ) (1) قال دخل علينا أبو بكرٍ فى يوم عيدٍ وعندنا جاريتان تذكران يوم بعاث (2) يومٌ قتل فيه صناديد الأوس والخزرج، فقال أبو بكرٍ عباد اله أمزمور الشَّيطان؟ عباد الله أمزمور (3) الشيَّطان؟ عباد الله أمزمور الشَّيطان؟ قالها ثلاثًا: فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم يا أبا بكرٍ إنَّ لكلِّ قومٍ عيدًا، وإنَّ اليوم عيدنا

_ وللبخاري بعضه وفيه فانتهرنى وقال مزمارة الشيطان عند النبى صلى الله عليه وسلم "الحديث" (1669) عن هشام بن عروة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن هشام بن عروة "الحديث" (1) وعنها من طريق ثان {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا جماد بن سلمة قال ثنا هشام بن عروة عن عروة عن عائشة قالت دخل علينا أبو بكر "الحديث" {غريبه} (2) بضم الباء الموحدة وبالعين المهملة، ويجوز صرفه وترك صرفه وهو الأشهر، وهو اسم حصن للأوسط جرى الحرب في هذا اليوم عند هذا الحصن بين قبيلتى الأنصار "الأوسط والخزرج" في الجاهلية وكان الظهور فيه للأوسط؛ واستمرت بينهما مائة وعشرين سنة، ثم ز الت ببركة قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه نزل قوله تعالى {لو أنفقت ما فى الأرض جميعاً ما ألفت بين قلوبهم ولكن الله ألف بينهم} (3) هو بضم الميم الأولى وفتحها والضم أشهر ولم يذكر القاضى عياض غيره، ويقال أيضاً مزمار بكسر الميم وأصله صوت بصفير، والزمير الصوت الحسن، ويطلق على الغناء أيضاً، قال النووى رحمه الله فيه أن مواضع الصالحين وأهل الفضل تنزع عن الهوى واللغو ونحوه وإن لم يكن فيه إثم، وفيه ان التابع للكبير إذا رأى بحضرته ما يستنكر أو لا يليق بمجلس الكبير ينكره ولا يكون بهذا افتياتاً على الكبير، بل هو أدب ورعاية حرمة وإجلال للكبير من أن يتولى ذلك بنفسه وصيانة لمجلسه، وإنما سكت النبى صلى الله عليه وسلم عنهن لأنه مباح لهن وتسجَّى بثوبه وحول وجهه إعراضاً عن اللهعو ولئلا يستحين ويقطعن ما هو مباح لهن، وكان هذا من رأفته صلى الله عليه وسلم، وحلمه وحسن خلقه اهـ {تخريجه} (ق. وغيرهما)

-[استئثار الله عز وجل بعلم الغيب إلا ما أوحى به إلى رسله]- (1670) عن حمَّاد بن سلمة عن أبى حسين قال كان يومٌ لأهل المدينة يلعبون فدخلت على الربيِّع (1) بنت معوِّذ بن عفراء رضى الله عنها، فقالت دخل علىَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (2) فقعد على موضع فراشى هذا وعندى جاريتان تندبان آبائى (3) الَّذين قتلوا يوم بدرٍ تضربان بالدُّفوف، وقال عفَّان مرَّةً بالدُّف (4) فقالتا فيما تقولان* وفينا نبيٌّ يعلم ما يكون فى غدٍ * فقال أمَّا هذا فلا تقولاه (5) (1671) عن جابرٍ عن عامرٍ أنَّ قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما

_ (1670) عن حماد بن سلمة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة "الحديث" {غريبه} (1) بتشديد الباء التحتية مصغراً (ومعوذ) بكسر الواو المشددة (2) زاد في رواية ابن ماجه "صبيحة عرسى" وفي رواية البخارى "حين بُنى على" والبناء الدخول بالزوجة، وسبب دخول الحسين على الربيع أنه رأى بعض الجوارى بالمدينة يضربن بالدف يوم عاشوراء فدخل على الربيع ليسألها عن ذلك كما تفيده رواية ابن ماجه من طريق يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن أبى الحسين واسمه خالد المدنى قال "كنا بالمدينة يوم عاشوراء والجوارى يضربن بالدف ويتغنين فدخنا على الربيع بنت معوِّذ فذكرنا ذلك لها فقالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة عرسى وعندى جاريتان تغنيان وتندبان أبائى الحديث" (3) من الندبة بضم النون وهي ذكر أوصاف الميت بالثناء عليه وتعديد محاسنه بالكرم (قال الحافظ) وأباؤها الذين شهدوا بدرا معوّذ ومعاذ وعوف وأحهم أبوها والآخران عماها أطلقت الأبوة عليهما تغليباً (4) عفان أحد رجال السند، يعنى أنه قال في روايته تضربان الدف بدل الدفوف (5) زاد في رواية ابن ماجه "ما يعلم ما في غد إلا الله" والمعنى لا تقولا ما يتعلق بمدحى الذى فيه الاطراء المنهى عنه، لأنه لا يعلم ما في غد إلا الله عز وجل كما قال تعالى {قل لا يعلم من في السموات والأرض الغيب إلا الله} وقال عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم "قل لا أملك لنفسى نفعاً ولا ضراً إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاتكثرت من الخير وما مسنى السوء" (فإن قيل) قد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم أخبر بأمور كثيرة غيبية ووقعت كما أخبر (فالجواب) أن سائر ما كان النبى صلى الله عليه وسلم يخبر به من الغيوب باعلام الله تعالى إياه، لا أنه يستقل بعلم ذلك كما قال تعالى {عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول} {تخريجه} (خ. جه. طب). (1671) عن جابر عن عامر أن قيس الخ {سنده} حدثنا عبد الله حدثني

-[كلام العلماء في حكم نظر المرأة إلى رجل أجنبي]- قال ما من شيءٍ كان على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلاَّ وقد رأيته إلاَّ شيئًا واحدًا أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقلَّس له (1) يوم الفطر، قال جابر هو اللَّعب

_ أبي ثنا أبو النضر ثنا إسرائيل عن جابر عن عامر "الحديث" {غريبه} (1) التقليس قيل هو الضرب بالدف والغناء، قال الحافظ السيوطى قال يوسف بن عدى التقليس أن تقعد الجوارى والصبيان على أفواه الطرق يلعبون بالطبل وغير ذلك، وقيل هو الضرب بالدف اهـ وفى النهاية المقلِّسون الذين يلعبون بين يدى الأمير اذا وصل البلد اهـ والظاهر أنهم كانوا يظهرون آثار الفرح والسرور عند صلى الله عليه وسلم وهو يقررهم على ذلك كما قرر الجارية التى نذرت ضرب الدف بين يديه على ذلك، والجاريتان اللتان كانتا تغنيان عند عائشة {تخريجه} (جه) وقال البوصيرى في زوائد ابن ماجه إسناد حديث قيس صحيح ورجاله ثقات {الأحكام} أحاديث الباب تدل على جواز اللعب بالحراب ونحوها من آلات الحرب يوم العيد في المسجد ويلتحق بذلك ما في معناه من الأسباب المعينة على الجهاد وأنواع البر {وفيها أيضاً} جواز الضرب بدف العرب يوم العيد والغناء الخالى من التكسير والغزل ونحو ذلك مما يثير النفوس، قال النووى رحمه الله وفيه (يعنى حديث لعب الحبشة بالحراب) جواز نظر النساء إلى لعب الرجال من غير نظر إلى نفس البدن، وأما نظر المرأة إلى وجه الرجل الأجنبى فان كان بشهوة فحرام بالاتفاق، وإن كان بغير شهوة ولا مخافة فتنة ففى جوازه وجهان لأصحابنا، أصحهما تحريمه لقوله تعالى {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن} ولقوله صلى الله عليه وسلم لأم سلمة وأم حبيبة "احتجبا عنه" أى عن ابن أم مكتوم، فقلنا إنه أعمى لا يبصرنا، فقال صلى الله عليه وسلم "أفعمياوان أنتما؟ أليس تبصرانه؟ " وهو حديث حسن رواه الترمذى وغيره، وقال الترمذى هو حديث حسن {قلت ورواه الأمام أحمد أيضاً وسيأتى في محله} قال وعلى هذا أجابوا عن حديث عائشة بجواربين وأقواهما أنه ليس فيه أنها نظرت إلى وجوههم وأبدانهم، وإنما نظرت لعبهم وحرابهم، ولا يلزم من ذلك تعمد النظر إلى البدن؛ وإن وقع النظر بلا قصد صرفته في الحال (والثانى) لعل هذا قبل نزول الآية في تحريم النظر وانها كانت صغيرة قبل بلوغها فلم تكن مكلفة على قول من يقول إن للصغير المراهق النظر والله أعلم اهـ {قلت} الجواب الأول أقوى كما قال ولأن الجواب الثانى يخالفه ما ورد في رواية ابن حبان أن ذلك وقع لمَّا قدم وفد الحبشة، وكان قدومهم سنة سبع فيكون عمرها خمس عشرة سنة، واستظهر الحافظ أن ذلك وقع بعد بلوغها {وفي حديث عائشة أيضاً} الرفق بالمرأة واستجلاب مودتها وبيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الرأفة والرحمة وحسن الخلق والمعاشرة

-[كلام العلماء في حكم الغناء وما يجوز منه وما يحرم]- (11) باب الحث على الذكر والطاعة والتكبير للعيدين وفى أيام العشر وأيام التشريق (1672) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما من

_ بالمعروف مع الأهل والأزواج وغيرهم "قال النووى" {واختلف العلماء في الغناء} فأباحه جماعة من أهل الحجاز وهى رواية عن مالك وحرّمه أبو حنيفة وأهل العراق {ومذهب الشافعى} كراهته وهو المشهور من مذهب مالك، واحتج المجوّزون بهذا الحديث (أى حديث عائشة الثالث من أحاديث الباب) وأجاب الآخرون بأن هذا الغناء إنما كان في الشجاعة النفوس على الشر ويحملها على البطالة والقبيح، قال القاضي إنما كان غناؤها بما هو من أشعار الحرب والمفاخرة بالشجاعة والظهور والغلبة، وهذا لا يهيج الجوارى على شر، ولا انشادهما لذلك من الغناء المختلف فيه، وانما هو رفع الصوت بالانشاد، ولهذا قالت "وليستا بمغنيتين" (يعنى رواية مسلم) التي فيها "وعندى جاريتان من جوارى الأنصار تغنيان بما تقاولت به الأنصار يوم بعاث قالت وليستا بمغنيتين" أى ليستا ممن يتغنى بعادة المغنيات من التشويق والهوى والتعريض بالفواحش والتشبيب بأهل الجمال وما يحرك النفوس ويبعث الهوى والغَزَل كما قيل الغناء فيه الزنا، وليستا أيضاً مما اشتهر وعرف باحسان الغناء الذي فيه تمطيط وتكسير وعمل يحرك الساكن ويبعث الكامن، ولا ممن اتخذ ذلك صنعة وكسباً، والعرب تسمى الانشاد غناء، وليس هو من الغناء المختلف فيه بل هو مباح، وقد استجازت الصحابة غناء العرب الذى هو مجرد الانشاد والترنم، وأجازوا الحداء وفعلوه بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي هذا كله إباحة مثل هذا وما فى معناه، وهذا ومثله ليس بحرام اهـ وسيأتى الكلام على آلات اللهو والغناء المحرم ونحو ذلك في كتاب اللهو واللعب ان شاء الله {وفى أحاديث الباب أيضاً} من الفوائد مشروعية التوسعة على العيال في أيام الأعياد بأنواع ما يحصل لهم بسط النفس وترويح البدن من كلف العبادة وأن الاعراض عن ذلك أولى {وفيها} جواز دخول الرجل على ابنته وهى عند زوجها اذا كان له بذلك عادة، وتأديب الأب بحضرة الزوج وإن تركه الزوج؛ إذ التأديب وظيفة الآباء والعطف مشروع من الأزواج للنساء {وفيها} أن اظهار السرور في الأعياد من شعائر الدين، وفيها غير ذلك والله أعلم. (1672) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس "الحديث"

-[فضل العمل في أيام عشر ذي الحجة]- أيامٍ العمل الصَّالح فيها أحبُّ إلى الله عزَّ وجلَّ من هذه الأيَّام يعنى أيَّام العشر (1) قال قالوا يا رسول الله ولا الجهاد فى سبيل الله؟ (2) قال ولا الجهاد فى سبيل الله إلاَّ رجلٌ (3) خرج بنفسه وماله، ثمَّ لم يرجع من ذلك بشيءٍ (4) (1673) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم مثله

_ {غريبه} (1) أي عشر ذي الحجة كما صرح بذلك في رواية أبى داود الطيالسى بلفظ "ما العمل في أيام أفضل منه في عشر ذي الحجة الحدجيث" وفى حديث جابر في صحيحى أبى عوانة وابن حبان "ما من أيام أفضل عند الله من عشر ذى الحجة" فالمراد بالأيام فى حديث الباب عشر ذى الحجة (2) سؤالهم هذا يدل على تقرير أفضلية الجهاد عندهم، وكأنهم استفادوه من قوله صلى الله عليه وسلم في جواب من سأله عن عمل يعدل الجهاد "فقال لا أجده" كما في البخاري من حديث أبى هريرة (3) هو على حذف مضاف أى الأعمل رجل (4) أي فيكون أفضل من العامل في أيام العشر أو مساوياً له، قال ابن بطال هذا اللفظ يحتمل أمرين أن لا يرجع بشيء من ماله وإن رجع هو، وأن لا يرجع هو ولا ماله بأن رزقه الله الشهادة، وتعقبه الزين بن المنير بأن قوله لم يرجع من ذلك بشيء يستلزم أن يرجع بنفسه ولا بد اهـ قال الحافظ وهو تعقب مردود، فان قوله لم يرجع بشيء نكرة في سياق النفى فتعم ما ذكر؛ وقد وقع في رواية الطيالسى وغندر وغيرهما عن شعبة، وكذا في أكثر الروايات "فلم يرجع من ذلك بشيء" قال والحاصل أن نفى الرجوع بالشيء لا يستلزم إثبات الرجوع بغير شيء؛ بل هو على الاحتمال كما قال ابن بطال اهـ {تخريجه} (خ. د. مذ. جه). (1673) وعن عبد الله بن عمرو {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل ثنا يحيى بن أبى إسحاق حدثنى عبدة بن أبى لبابة عنه حبيب بن أبى ثابت حدثنى أبو عبد الله مولى عبد الله بن عمرو ثنا عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما ونحن نطوف بالبيت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من أيام أحب الى الله العمل فيهن من هذه الأيام، قيل ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد فى سبيل الله، الا من خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع حتى تهراق مهجة دمه" قال فلقيت حبيب بن ابى ثابت فسألته عن هذا الحديث فحدثنى بنحو من هذا الحديث، قال وقال عبدة هى الأيام العشر {تخريجه} لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده جيد

-[استحباب التكبير والأعمال الصالحة في أيام التشريق وعشر ذي الحجة]- (1674) عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) قال ما من أيَّامٍ أعظم عند الله ولا أحبُّ إليه من العمل فيهنَّ من هذه الأيَّام العشر، فأكثروا فيهنَّ من التَّهليل والتَّكبير والتَّحميد (1) (1675) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيَّام التَّشريق (2) أيَّام طعمٍ (3) وذكر الله تعالى، وقال مرَّة أيَّام أكلٍ وشربٍ (1676) عن نبيشة الهذلىَّ رضي الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيَّأم التَّشريق أيَّام أكل وشربٍ وذكر الله عزَّ وجلَّ

_ (1674) عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا عفان ثنا أبو عوانة ثنا يزيد بن أبى زياد عن مجاهد عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم "الحديث" {غريبه} (1) أى أكثروا فيهن من قوله لا إله إلا الله والله أكبر والحمد لله؛ ويجمع ذلك بل يزيد عنه الصيغة الواردة المعروفة وهى "سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر" {تخريجه} أخرجه البيهقى في شعب الايمان وابن أبى الدنيا، وأخرجه الطبراني في الكبير من حديث ابن عباس وسنده جيد. (1675) عن أبى هريرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنا عمر بن أبى سلمة عن أبيه عن أبى هريرة "الحديث" {غريبه} (2) هى ثلاثة أيام تلى عيد النحر سميت بذلك من تشريق اللحم، وهو تقديره وبسطه في الشمس ليجف، لأن لحوم الأضاحى كانت تُشَرَّق فيها بمنى، وقيل سميت به، لأن الهدى والضحايا لا تنحر حتى تشرق الشمس أى تطلع (؟؟؟) (3) بضم الطاء المهملة هو الأكل كما في اللفظ الآخر والحديث التالى، والمعنى أنه يستحب فيها الاكثار من ذكر الله تعالى وفسر بالتكبير، ويكره صومها، وفيه خلاف سيأتى في محله إن شاء الله {تخريجه} (حب) وسنده جيد. (1676) عن نبيشة الهذلى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنا خالد عن أبى المليح عن نبيشة الهذلى "الحديث" {تخريجه} (م. نس) وفي البخاري وقال ابن عباس واذكروا الله في أيام معلومات أيام العشر، والأيام المعدودات أيام التشريق، قال وكان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان الى السوق في أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما (وفيه) وكان عمر بكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل

-[كلام العلماء في أيام التشريق وما المراد بالأيام المعلومات والأيام المعدودات]- .....

_ الأسواق حتى يرتج منىً تكبيراً" وهذا الأثر وصله عبد بن حميد، وفيه الأيام المعدودات أيام التشريق والأيام المعلومات أيام العشر، وروى ابن مردويه عن ابن عباس أن الأيام المعلومات هى التى قبل يوم التروية ويوم التروية ويوم عرفة، والمعدودات أيام التشريق (قال الحافظ) وإسناده صحيح، وظاهره إدخال يوم العيد في أيام التشريق، وقد روى ابن أبى شبيه عن ابن عباس أيضاً أن المعلومات يوم النحر وثلاثة أيام بعده، ورجح الطحاوى هذا لقوله تعالى "ليذكروا اسم الله في أيام معلومات على ما رزقهم من بهيمة الأنعام" فإنه يشعر بأن المراد أيام النحر (قال الحافظ) وهذا لا يمنع تسمية أيام العشر معلومات ولا أيام التشريق معدودات، بل تسمية أيام التشريق معدودات متفق عليه، لقوله تعالى {واذكروا الله في أيام معدودات} الآية وقيل إنما سميت معدودات لأنها إذا زيد عليها شيء عُدَّ ذلك حصراً أي في حكم حصر العدد {وقد وقع الخلاف} في أيام التشريق، فمقتضى كلام أهل اللغة والفقه أن أيام التشريق ما بعد يوم النحر على اختلافهم هل هى ثلاثة أيو يومان؟ لكن ما ذكروه من سبب تسميتها بذلك بقتضى دخول يوم العيد فيها، وتقدم ما ذكره صاحب النهاية في سبب تسميتها في شرح حديث أبى هريرة، قال الحافظ وأظنهم أخرجوا يوم العيد منها لشهرته بلقب يخصه وهو العيد، وإلا فهى في الحقيقة تبع له في التسمية كما تبين من كلامهم اهـ {وفي الباب عن نافع عن ابن عمر} رضى الله عنهما أنه كان يغدو إلى المصلى يوم الفطر إذا طلعت الشمس فيكبر، وفي رواية "يرفع صوته بالتكبير حتى يأتى المصلىَّ يوم العيد ثم يكبر بالمصلى حتى إذا جلس الأمام ترك التكبير" رواه الأمام الشافعى في مسنده، وفيه ابراهيم بن محمد فيه مقال {وعنه أيضاً} عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "كان يخرج في العيدين مع الفضل بن عباس وعبد الله بن عباس وعلى وجعفر والحسن والحسين وأسامة بن زيد وزيد بن حارثة وايمن بن أم أيمن رافعاً صوته بالتهليل والتكبير ويأخذ طريق الحدادين حتى يأتى المصلى" قال النووى رواه البيهقى مرفوعاً من طريقين ضعيفين؛ والصحيح أنه موقوف على ابن عمر، كذا قال البيهقى وإنما ذكره الشافعى موقوفاً، قال (وقوله يأخذ طريق الحدادين) قيل بالحاء وقيل بالجيم أي الذين يجدّون الثمار اهـ ج {الأحكام} في أحاديث الباب تعظيم قدر الجهاد وتفاوت درجاته، وأن الغاية القصوى فيه بذلك النفس لله {وفيها} تفضيل بعض الأزمنة على بعض كالأمكنة، وفضل أيام عشر ذى الحجة على غيرها من أيام السنة، وتظهر فائدة ذلك فيمن نذر الصيام أو علق عملاً من الأعمال بأفضل الأيام، فلو أفرد يوماً منها تعين يوم عرفة، لأنه على الصحيح أفضل الأيام العشر المذكور، فإن أراد أفضل أيام الأسبوع تعين يوم الجمعة جمعاً بين حديث الباب وحديث أبى هريرة مرفوعاً "خير يوم طلعت فيه الشمس فيه الجمعة" رواه مسلم

-[كلام العلماء في فضل أيام العشر وأيام التشريق وما المراد بالعمل فيها]- .....

_ أشار إلى ذلك كله النووى في شرحه {وفيها أيضاً} دليل على فضل صيام عشر ذى الحجة لاندراج الصوم في العمل، قال الحافظ والذي يظهر أن السبب في امتياز عشر ذى الحجة لمكان اجتماع أمهات العبادة فيه وهى الصلاة والصيام والصدقة والحج ولا يتأتى ذلك في غيره، وعلى هذا هل يختص الفضل بالحاج أو يعم المقيم؟ فيه احتمال (وقال ابن بطال) وغيره المراد بالعمل في أيام التشريق التكبير فقط، لأنه ثبت أنها أيام أكل وشرط وبِعال (¬1) وثبت تحريم صومها، وورد فيه إباحة اللهو بالحراب ونحو ذلك فدل على تفريغها لذلك مع الحض على الذكر، والمشروع منه فيها التكبير فقط؛ وتعقبه الزين بأن العمل إنما يفهم منه عند الاطلاق العبادة، وهي لا تنافى استيفاء حظ النفس من الأكل وسائر ما ذكر فان ذلك لا يستغرق اليوم واللية (وقال الكرمانى) في الحث على العمل في أيام التشريق لا ينحصر في التكبير بل المتبادر الى الذهن منه أنه المناسك في الرمى وغيره الذى يجتمع مع الأكل والشرب اهـ والذى يجتمع مع الأكل والشرب لكل أحد من العبادة الزائدة على مفروضات اليوم والليلة هو الذكر المأمور به وقد فسر بالتكبير كما قال ابن بطال، وأما المناسك فمختصة بالحاج، أفاده الحافظ؛ ويؤيد ذلك ما وقع في حديث ابن عمر المذكور في الباب من الأمر بالاكثار فيها من التهليل والتكبير (وفي البيهقى) من حديث ابن عباس "فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير" ووقع من الزيادة في حديث ابن عباس "وإن صيام يوم منها يعدل صيام سنة والعمل بسبعمائة ضعف" (وللترمذى) عن أبى هريرة "يعدل صيام كل يوم منها بصيام سنة، وقيام كل ليلة فيها بقيام ليلة القدر" لكن إسناده ضعيف، وكذا إسناد حديث ابن عباس {وفي أحاديث الباب أيضاً} مشروعية التكبير من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق، لما في حديثى أبى هريرة ونبيشة، ولما فى صحيح البخارى وغيره عن محمد بن أبى بكر الثقفى قال "سألت أنساً ونحن غاديان من منىً الى عرفات عن التلبية كيف كنتم تصنعون مع النبى صلى الله عليه وسلم؟ قال كان يلبى المبلى لا ينكر عليه ويكبر المكبر فلا ينكر عليه" {وفي صحيح البخارى أيضاً عن أم عطية} قالت "كنا نؤمر أن نخرج يوم العيد حتى نخرج البكر من خدرها حتى نخرج الحيّض فيكنّ خلف الناس فيكبرن بتكبيرهم ويدعون بدعائهم يرجون بركة هذا اليوم وطهرته" {وفيه تعليقاً} وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ومجلسه ومماشه تلك الأيام جميعاً، وكانت ميمونة تكبر يوم النحر وكنَّ النساء يكبرن خلف أبان وعثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد" ¬

-[مذاهب الأئمة في التكبير عقب الصلوات في أيام التشريق]- .....

_ {وقصارى القول} أن أحاديث الباب مع ما ذكرنا في الشرح من الأحاديث والآثار تدل على مشروعية التكبير في هذه الأيام، لكن منه ما هو مطلق وما هو مقيد (فالمطلق) التكبير من أول العشر إلى آخر أيام التشريق لقوله تعالى {ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} وقال {واذكروا الله في أيام معدودات} فالأيام المعلومات أيام العشر، والمعدودات أيام التشريق، قاله ابن عباس (وأما المقيد) فهو التكبير في أدبار الصلوات، ولا خلاف بين العلماء في مشروعية التكبير في عيد النحر، وإنما اختلفوا في مدته {فذهب الأمام أحمد} رحمه الله الى أنه من صلاة الفجر يوم عرفة الى العصر من آخر أيام التشريق، وهو قول عمرو وعلى وابن عباس وابن مسعود رضى الله عنهم، واليه ذهب الثورى وابن عيينة وأبو يوسف ومحمد {وهو قول للشافعى} واختاره الشافعية، وعن ابن مسعود أنه كان يكبر من غداة عرفة الى العصر من يوم النحر {واليه ذهب النخعى وعلقمة وأبو حنيفة} لقوله تعالى {ويذكروا اسم الله في أيام معلومات} وهى أيام العشرة، وأجمعنا على أنه لا يكبر قبل عرفة فلم يبق إلا يوم عرفة ويوم النحر، وعن ابن عمر وعمر بن عبد العزيز أن التكبير من صلاة الظهر يوم النحر إلى الفجر من آخر أيام التشريق، وبه قال {مالك والشافعى} في المشهور عنه، لأن الناس تبع للحاج يقطعون التلبية مع أول حصاة ويكبرون مع الرمى، وإنما يرمون يوم النحر، وأول صلاة بعد ذلك الظهر، وآخر صلاة بمنى الفجر من اليوم الثالث من أيام التشريق {واحتج الأولون بحديث جابر} قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا صلى الصبح من غداة عرفة أقبل على أصحابه فيقول على مانكم ويقول الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد" فيكبر من غداة عرفة الى العصر من آخر أيام التشريق {وعن على وعمار} رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم "كان يكبر يوم عرفة صلاة الغداة ويقطعها صلاة العصر آخر أيام التشريق" رواهما الدارقطني إلا أنهما من رواية عمرو بن شمر عن جابر الجعفي وقد ضعفا، ولأنه قول عمر وعلى وابن عباس رواه سعيد عنهم (قال ابن قدامة) قيل لأحمد بأي حديث تذهب إلى التكبير من صلاة الفجر يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق؟ قال لإجماع عمر وعلى وابن عباس، ولأن الله تعالى قال {واذكروا الله في أيام معدودات} وهى أيام التشريق فيتعين الذكر في جميعها، وأما قوله تعالى {ويذكرون اسم الله في أيام معلومات} فمحمول على ذكر الله على الهدايا والأضاحى عند رؤيتها فانه مستحب في جميع العشر، وهو أولى من تفسيرهم، لأنهم لم يعملوا به في كل العشر ولا في أكثره، ولو صح تفسيرهم فقد أمر الله بالذكر في أيام معدادات وهى أيام التشريق فيعمل به أيضاً؛ وأما المحرِم فانما لم يكبر من صلاة الفجر يوم عرفة لاشتغاله عنها بالتلبية كما ذكروا، وغيره يبتدئ من غداة يوم عرفة لعدم المنافع، وقولهم إن الناس في هذا تبع للحاج مجرد دعوى بغير دليل، وقولهم إن آخر صلاة

-[لفظ التكبير المشروع وهل يكون عقب كل صلاة؟ ومشروعيته مطلقا ليلة الفطر]- .....

_ يصلونها بمنىً الفجر من آخر أيام التشريق ممنوع، لأن الرمى إنما يكون بعد الزوال اهـ (قال الحافظ) ولم يثبت في شيء من ذلك حديث، وأصح ما ورد فيه عن الصحابة قول على وابن مسعود أنه من صبح يوم عرفة إلى آخر أيام منى أخرجه ابن المنذر وغيره اهـ وهل يشرع التكبير عقب الصلوات مطلقاً فرضاً كانت أو نقلاً جماعة أو فرادى (فيه خلاف للعلماء) فمنهم من قصر التكبير على أعقاب الصلوات مطلقاً، ومنهم من خص ذلك بالمكتوبات دون النوافل، ومنهم من خصه بالرجال دون السناء. وبالجماعة دون المنفرد. وبالمؤداة دون المقضية. وبالمقيم دون المسافر وبساكن المصر دون القرية، وظاهر اختيار البخارى شمول ذلك للجميع، والآثار التى ذكرناها عنه تساعده، قال ابن مسعود رضى الله عنه إنما التكبير على من صلى في جماعة وهذا {مذهب الثورى وأبى حنيفة وأحمد} في المشهور عنه {ولأبى حنيفة} رواية أخرى أنه يكبر عقب الفرائض وإن كان وحده {وهذا مذهب مالك} لأنه ذكر مستحب للمسبوق فاستحب للمنفرد كالسلام، وهو مروى عن ابن عمر رضى الله عنهما {وقال الشافعى} يكبر عقب كل صلاة فريضة كانت أو نافلة منفرداً أو فى جماعة قياساً على الفرض في الجماعة {وأما صيغة التكبير} فقد قال الحافظ أصح ما ورد فيه ما أخرجه عبد الرزاق بسند صحيح عن سلمان قال "كبروا الله، الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر كبيراً" ونقل عن سعيد بن جبير ومجاهد وعبد الرحمن بن أبى ليلى أخرجه جعفر الفريابى في كتاب العيدين من طريق يزيد بن أبى زياد عنهم {وهو قول الشافعى} وزاد ولله الحمد، وقيل يكبر ثلاثاً ويزيد لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلى آخره، وقيل يكبر ثنتين بعدهما لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد، جاء ذلك عن عمر وعن ابن مسعود نحوه {وبه قال أحمد وإسحاق} وقد أحدث في هذا الزمان زيادة في ذلك لا أصل لها اهـ {تنبيه} ما هداكم" وإكمال العدة بغروب الشمس من ليلة عيد الفطر وهو مطلق غير مقيد، يؤتى به في المنازل، والمساجد والطرق، ويمتد وقته من غروب الشمس ليلة الفطر الى أن يحرم الأمام بصلاة العيد على أصح الأقوال لأن الكلام مباح قبل افتتاح الصلاة فالاشتغال بالتكبير أولى (وقيل) الى أن يخرج الأمام الى الصلاة، لأنه اذا خرج فالسنة الاشتغال بالصلاة (وقيل) يكبر إلى فراغ الامام من الصلاة (وقيل) الى أن يفرغ من الخطبتين، وهذه الأقوال للشافعى وصحح النووى الأول، قال ويستحب أن يرفع الناس أصواتهم بالتكبير المرسل في ليلتي العيدين ويوميهما الى الغاية المذكورة (يعنى الى إحرام الامام بصلاة العيد أو خروجه أو فراغه من الخطبة) يكبرون في المنازل والمساجد والأسواق والطرق وغيرها في الحضر والسفر وفي طريق المصلىَّ وبالمصلىَّ، ويستثنى منه الحجاج فلا يكبرون ليلة الأضحى

-[ما ورد في إحياء ليلتي العيدين]- أبواب صلاة الكسوف (*) (1) باب مشروعية الصلاة لها وكيف ينادى بها (1677) عن زياد بن علاقة قال سمعت المغيرة بن شعبة رضي الله

_ بل ذكرهم التلبية، قال واعلم أن تكبير ليلة الفطر آكد من تكبير ليلة الأضحى على الأظهر وهو القول الجديد وقال في القديم عكسه، ودليل الجديد قول الله تعالى {ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم} اهـ ج {فائدة فيما ورد في إحياء ليتى العيدين} روى عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من أحيا ليلة الفطر وليلة الأضحى لم يمت قبله يوم تموت القلوب" رواه الطبراني في الأوسط والكبير {وعن أبى أمامة} رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "من قال ليلتى العيدين محتبساً لم يمت قلبه يوم تموت القلوب" رواه ابن ماجه ورواته ثقات إلا أن بقية مدلس وقد عنعنه {وروى عن معاذ بن جبل} رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أحيا الليالي الخمس وجبت له الجنة، ليلة التروية. وليلة عرفة. وليلة النحر. وليلة الفطر. وليلة النصف من شعبان" رواه الأصبهاني، وهذه الأحاديث وإن كانت لا تخلو من ضعف إلا أنه يعضد بعضها بعضاً، وإحياء هذه الليالي يحصل بالاكثار من الطاعة وأفعال الخير، وتختص ليلتا العيدين بالاكثار فيهما من التكبير لورود ذلك، فان كان حاجا فليكثر من التلبية في ليلة عيد الأضحى {ولنختم هذه الأبواب} بحديث فيه فأل بحسن الختام تقدم بعضه في باب التهنئة بالعيد، وقد أتيت به هنا تاماً {روى سعيد بن أوس الأنصارى عن أبيه} رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا كان يوم عيد الفطر وقفت الملائكة على أبواب الطرق فنادوا اغدوا يا معشر المسلمين الى رب كريم يمن بالخير ثم يُثبت عليه الجزيل، لقد أمرتم بقيام الليل فقمتم، وأمرتم بصيام النهار فصمتم، وأطعتم ربكم فاقبضوا جوائزكم، فإذا صلوا نادى منادٍ ألا إن ربكم قد غفر لكم فارجعوا راشدين الى رحالكم فهو يوم الجائزة، ويسمى ذلك اليوم في السماء يوم الجائزة" رواه الطبراني في الكبير من رواية جابر الجعفى وهو ضعيف، لكن له شواهد تعضده والله أعلم. (1677) عن زياد بن علاقة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن

-[هل الكسوف والخسوف شيئان أو شيء واحد وما معناهما]- عنه يقول انكسفت الشَّمس على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم مات إبراهيم (1) فقال النَّاس انكسفت لموت إبراهيم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنَّ الشَّمس

_ ثنا زائدة عن زياد بن علاقة "الحديث" {غريبه} (1) يعنى ابن النبى صلى الله عليه وسلم وأمه مارية القبطية ولدته في ذي الحجة سنة ثمان من الهجرة وتوفى سنة عشر، ثبت في صحيح البخارى أنه توفى وله سبعة عشر أو ثمان عشر شهراً، هكذا ثبت على الشك، قال الواقدى وغيره توفى يوم الثلاثاء لعشر خلون من شهر ربيع الأول سنة عشر، ذكره النووى في تهذيب الأسماء واللغات {قلت} عند الامام أحمد من رواية البراء بن عازب أنه توفى وعمره ستة عشر شهراً، ومن رواية عائشة وعمره ثمانية عشر شهراً، وهذا لا يتفق مع سنة ميلاده إلا على رواية ستة عشر شهراً، فان أردنا الجمع بين الروايات يكون ميلاده متقدماً عن ذى الحجة بشهرين أى في شوال سنة ثمان، أو تكون وفاته متأخرة عن ربيع الأول بشهرين أى في جمادى الأولى سنة عشر، وعلى هذا فمن روى أن عمره ستة عشر شهراً فقد أخرج شهرى الميلاد والوفاة من العدة، ومن روى سبعة عشر شهراً فقد أدخل أحدهما

-[تحقيق يوم وفاة إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم - وإن الكواكب لا تأثير لها في الحوادث]- والقمر آيتان من آيات الله (1) لا ينكسفان لموت أحدٍ (2) ولا لحياته (3)

_ وأخرج الآخر، ومن روى ثمانية عشر شهراً فقد أدخلهما، لكنى اطلعت على رسالة صغيرة للمرحوم محمود باشا الفلكى أسماها (نتائج الافهام. في تقويم العرب قبل الاسلام) كانت باللغة الفرنسية وترجمها المرحوم العلاَّمة أحمد زكى باشا الى العربية وطبعت بمطبعة بولاق الأميرية بمصر سنة 1905 ذكر فيها يوم الكسوف الذى حصل بالمدينة سنة عشر من الهجرة وهو اليوم الذي مات فيه ابراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم وحدده بالحساب فوافق يوم 29 شوال الموافق 27 يناير سنة 632 ميلادية في الساعة الثامنة والدقيقة الثلاثين، وقد علمت من مجموع ما تقدم من روايتي البخارى والامام أحمد باسناد صحيح أنه عاش ستة عشر أو سبعة عشر أو ثمانية عشر شهراً، وعلى هذا فيكون ميلاده في جمادى الأولى سنة تسع من الهجرة، وهذا في نظرى أرجح بل متعين لأنه مبنى على عملية حسابية، أما رواية أنه ولد في ذى الحجة سنة ثمان وتوفى في ربيع الأول سنة عشر فقد رواها الواقدى بسند منقطع لا تقوم به حجة، والواقدى متكلم فيه أيضاً، ويقال في الجمع بين الروايات على اعتبار أنه ولد في جمادى الأولى سنة تسع ما قيل في السابق، أعنى اخراج شهرى الميلاد والوفاة من العدة على رواية أنه عاش ستة عشر شهراً؛ وادخالهما على رواية ثمانية عشر، وادخال أحدهما واخراج الآخر على رواية سبعة عشر، هذا ما ظهر لى والله أعلم (1) أى علامتان من آيات الله الدالة على وحدانيته وعظيم قدرته وعلى تخويف العباد من بأس الله وسطوته، ويؤيده قوله تعالى {وما نرسل بالآيات إلى تخويفاً} (2) إنما قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ذلك رداً لقولهم انكسفت لموت ابراهيم، وفي حديث النعمان بن بشير وسيأتى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إن ناساً من أهل الجاهلية يقولون أو يزعمون أن الشمس والقمر اذا انكسف واحد منهما فانما ينكسف لموت عظيم من عظماء أهل الأرض وان ذاك ليس كذلك، ولكنهما خلقان من خلق الله، فاذا تجلى الله عز وجل لشيء من خلقه خشع له" رواه الامام أحمد والنسائى وابن ماجه وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وفيه إبطال ما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من تأثير الكواكب في الأرض، قال الخطابي كانوا في الجاهلية يعتقدون أن الكسوف يوجب حدوث تغيير في الأرض من موت أو ضرر فأعلم النبى صلى الله عليه وسلم أنه اعتقاد باطل وأن الشمس والقمر خلقان مسخران لله ليس لهما سلطان في غيرهما ولا قدرة على الدفع عن أنفسهما اهـ (3) استشكلت هذه الزيادة لأن السياق إنما ورد في حق من ظن أن ذلك لموت ابراهيم ولم يذكروا الحياة (قال الحافظ) والجواب أن فائدة ذكر الحياة دفع توهم من يقول لا يلزم من نفى كونه سببا للفقد أن لا يكون سببا للأيجاد، فعمم الشارع النفى لدفع هذا

-[التعبير بلفظ الخسوف للشمس والقمر واستمرار الصلاة حتى ينجلى]- فإذا رأيتموه (1) فادعوا الله وصلُّوا (2) حتَّى تنكشف (1678) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال سمعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول إنَّ الشَّمس والقمر إذا خسفا أو أحدهما، فإذا رأيتم ذلك فصلُّوا حتَّى ينجلي خسوف أيِّهما خسف (3) (1679) عن ابن عمر رضى الله عنهما عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال إنَّ الشَّمس والقمر لا يخسفان (4) لموت أحدٍ ولا لحياته ولكنَّهما آيةٌ من آيات الله تبارك وتعالى، فإذا رأيتموهما فصلُّوا (1680) عن عبد الله (بن مسعودٍ رضى الله عنه) قال كنَّا نرى الآيات

_ التوهم اهـ (1) أى الكسوف سواء كان للشمس أو القمر (2) اى في أى وقت كان، لأنه ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم بادر اليها (وفي قوله صلى الله عليه وسلم حتى تنكشف) إشارة إلى أن الصلاة تمتد حتى ينتهى الكسوف والله أعلم {تخريجه} (ق. هق. خز. بز). (1678) عن جابر بن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا موسى أنا ابن لهيعة عن أبى الزبير قال سألت جابراً عن خسوف الشمس والقمر قال جابر سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول "الحديث" {غريبه} (3) فيه التعبير بالخسوف للشمس والقمر، وفيه امتداد الصلاة حتى ينجلى الخسوف، وفيه أن الصلاة لخسوف القمر مثلها لخسوف الشمس {تخريجه} (ق. وغيرهما) ولم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام أحمد وفى إسناده ابن لهيعة، وفي رواية النسائى من حديث النعمان بن بشير "فأيهما انخسف فصلوا حتى ينجلى أو يحدث الله أمراً". (1679) عن ابن عمر {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون ثنا ابن وهب أخبرنى عمرو بن الحارث أن عبد الرحمن بن القاسم حدثه عن أبيه عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" {غريبه} (4) بفتح أوله ويجوز الضم وحكى ابن الصلاح منعه ولم يبين وجه المنع (وقوله رأيتموهما) أى رأيتم كسوف كل واحد في وقته لاستحالة اجتماعهما في وقت واحد {تخريجه} (ق. نس). (1680) عن عبد الله {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا معاوية

-[صلاة الكسوف ليس لها أذان ولا إقامة وإنما ينادى لها بالصلاة جامعة]- في زمان النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بركاتٍ (1) وأنتم ترونها تخويفًا (1681) عن أبى مسعود البدريِّ رضى الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنَّ الشَّمس والقمر لا ينكسفان لموت أحدٍ، قال يزيد (أحد الرواة) ولا لحياته ولكنَّهما آيتان من آيات الله تعالى، فإذا رأيتموهما فصلُّوا (1682) عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنَّه قال كسفت الشَّمس على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فنودي بالصَّلاة جامعةً (2) فركع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ركعتين فى سجدةٍ ثم قام فركع ركعتين فى سجدةٍ (3) ثمَّ جلِّي عن الشَّمس (4) قال قلت

_ ابن هشام ثنا سفيان عن الأعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله "الحديث" {غريبه} (1) أي لأنهم كانوا يتعظون بها وتزيدهم إيماناً على إيمانهم ويقينا بقدرة الله عز وجل وكبير عظمته وافتقار الخلق اليه، فكانت بركة لأجل ذلك، أما بعد عصر النبوة فقد تغيرت أحوال الناس فكانت الآيات تأتى تخويفاً لهم، ومع هذا فلا يتعظون ولا يعتبرون {تخريجه} لم أقف على هذا الأثر لغير الامام أحمد وسنده جيد. (1681) عن أبى مسعود {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا إسماعيل ويزيد بن هارون أنا اسماعيل عن قيس أبي مسعود الخ {تخريجه} (م. وغيره) (1682) عن عبد الله بن عمرو {سنده} (2) قال الحافظ هو بالنصب فيهما على الحكاية ونصف الصلاة في الأصل على الاغراء وجامعة على الحال أي احضروا الصلاة في حال كونها جامعة، وقيل يرفعهما على أن الصلاة مبتدأ وجامعة خبره، ومعناه ذات جماعة، وقيل جامعة صفة والخبر محذوف تقديره فاحضروها اهـ واتفقوا على عدم الأذان والإقامة لها (3) المراد بالسجدة هنا الركعة بتمامها وبالركعتين الركوعان وهو موافق لروايتى عائشة وابن عباس في أن في كل ركعة ركوعين وسجودين ولو ترك على ظاهره لاستلزم تثنية الركوع وإفراد السجود ولم يصر اليه أحد فتعين تأويله، قاله الحافظ (4) أى انكشف الكسوف بين جلوسه في التشهد والسلام كما عند البخارى بلفظ "ثم جلس ثم جلى عن الشمس" وهو مبين لما سيأتى في بعض روايات عائشة "ثم انصرف وقد تجلت الشمس" (وقوله قال قالت عائشة)

-[حجة القائلين بأن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجودان]- عائشة ما سجدت سجودًا قطُّ ولا ركعت ركوعًا قطُّ (1) أطول منه (1683) عن أبى حفصة مولى عائشة أنَّ عائشة رضى الله عنها أخبرته أنَّه لمَّا كسفت الشَّمس على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم توضَّأ وأمر فنودي أن الصَّلاة جامعةً (2) فقام فأطال القيام فى صلاته، قالت فأحسبه قرأ سورة البقرة (3) ثمَّ ركع فأطال الرُّكوع ثمَّ قال سمع الله لمن حمده ثمَّ قام مثل ما قام ولم يسجد ثمَّ ركع فسجد (4) ثمَّ قام فصنع مثل ما صنع ثمَّ ركع ركعتين فى سجدةٍ ثمَّ جلس وجلِّى عن الشَّمس

_ القائل هو أبو سلمة، ويحتمل أن يكون عبد الله بن عمرو فيكون من رواية صحابى عن صحابية (1) فيه دليل على أن السجود في الكسوف يطول كما يطول القيام والركوع؛ وأبدى بعض المالكية فيه بحثاً فقال لا يلزمه من كونه أطال أن يكون بلغ به حدج الاطالة في الركوع، وكأنه غفل عما رواه مسلم في حديث جابر بلفظ "وسجوده نحو من ركوعه" قاله الحافظ، قال وهذا مذهب أحمد وإسحاق وأحد قولى الشافعي، وبه جزم أهل العلم بالحديث من أصحابه، واختاره ابن سريج ثم النووى اهـ {تخريجه} (ق. نس. هق) (1683) عن أبى حفصة مولى عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى ثنا شيبان عن يحيى عن أبى حفصة مولى عائشة "الحديث {غريبه} (2) ينصب الصلاة على الاغراء ونصب جامعة على الحال أي احضروا الصلاة حال كونها جامعة للجماعة ويجوز رفعهما على الابتداء والخبر، ويجوز إنَّ بتشديد النون والصلاة والنصب اسمها، وجامعة بالرفع خبرها (3) يعني ظننت لطول قيامه صلى الله عليه وسلم أنه قرأ سورة البقرة وفيه اشعار بأنه كان يسر بالقراءة، ويحتمل أنه كان يجهر ولكن لبعدها لم تسمع (4) فيه أنه صلى الله عليه وسلم لم يرفع من الركوع الثاني بل سجد عقب الركوع، والمسلم من رواية عائشة أيضاً مثل هذه الرواية بلفظ "ثم ركع ثم سجد" فربما تكون كيفية من كيفيات صلاة الكسوف والله أعلم {تخريجه} (ق. د. نس. هق) {الأحكام} في أحاديث الباب دليل على أن الشمس والقمر آيتان مخلوقتان لله تعالى لأصنع لهما، بل هما كسائر المخلوقات يطرأ عليهما النقص والتغير كغيرهما، لا يخسفان لموت أحد {وفيها} ابطال تعظيم الكواكب وما كان أهل الجاهلية يعتقدونه من تأثيرها وان كسوفها يوجب حدوث تغير في

-[مذاهب الأئمة في وقت صلاة الكسوف وحكمها وصفتها]- .....

_ الأرض من موت أو ضرر {وفيها} مشروعية الدعاء والصلاة عند حصول الكسوف والمبادرة اليها في أى وقت من الأوقات، لأنه ليس لها وقت معين ولأن الصلاة علقت برؤية الكسوف وهي ممكنة في كل وقت {وبهذا قال الامام الشافعى} ومن تبعه، واستثنت الحنفية أوقات الكراهية وهو مشهور مذهب {الامام أحمد} وعن {المالكية} وقتها من وقت حل النافلة الى الزوال، وفي رواية إلى صلاة العصر، ورجح الأول بأن المقصود إيقاع هذه الصلاة قبل الانجلاء، وقد اتفقوا على أنها لا تقضى بعده، فلو انحصرت في وقت لأمكن الانجلاء قبله فيفوت المقصود (قال الحافظ) ولم أقف على شيء من الطرق مع كثرتها أن النبى صلى الله عليه وسلم صلاها إلا ضحىً، لكن ذلك وقع اتفاقاً فلا يدل على منع ما عداه، واتفقت الطرق على أنه بادر اليها اهـ {أما حكم صلاة الكسوف} فظاهر الأمر بها في أحاديث الباب يقتضى الوجوب، وبه قال أبو عوانة في صحيحه حملاً للأمر على ظاهره، ونقل عن أبى حنيفة القول بالوجوب لكنه خلاف المشهور عنه {وذهب جمهور العلماء} إلى أن الأمر بها محمول على السنية لانحصار الواجب من الصلوات في الخمس كما جاء في الحديث، (وحكى النووى) إجماع العلماء على أنها سنة، قال {ومذهب مالك والشافعي وأحمد} وجمهور العلماء أنه يسن فعلها جماعة، وقال العراقيون فرادى، وحجة الجمهور الأحاديث الصحيحة في مسلم وغيره قال (واختلفوا في صفتها) {فالمشهور في مذهب الشافعي} أنها ركعتان في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان، وأما السجود فسجدتان كغيرهما وسواء تمادى الكسوف أم لا {وبهذا قال مالك والليث وأحمد} وأبو ثور وجمهور وعلماء الحجاز وغيرهم {وقال الكوفيون} هما ركعتان كسائر النوافل عملاً بظاهر حديث جابر بن سمرة وأبى بكرة أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين، وحجة الجمهور حديث عائشة من رواية عروة وعمرة وحديث جابر وابن عباس وابن عمرو بن العاص أنهما ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجدتان، قال ابن عبد البر وهذا أصح ما فى هذا الباب، قال وباقى الروايات المخالفة معللة ضعيفة، وحملوا حديث ابن سمرة بأنه مطلق وهذه الأحاديث تبين المراد به، وذكر مسلم في رواية عن عائشة وعن ابن عباس وعن جابر ركعتين في كل ركعة ثلاث ركعات، ومن رواية ابن عباس وعلىّ ركعتين في كل ركعة أربع ركعات. قال الحافظ الروايات الأولى أصح ورواتها أحفظ وأضبط، وفي رواية لأبى داود من رواية أبىّ بن كعب ركعتين في كل ركعة خمس ركعات وقد قال بكل نوع بعض الصحابة، وقال جماعة من أصحابنا الفقهاء المحدثين وجماعة من غيرهم هذا الاختلاف في الروايات بحسب اختلاف حال الكسوف ففي بعض الأوقات تأخر انجلاء الكسوف فزاد عدد الركوع، وفي بعضها أسرع الانجلاء فاقتصر، وفي بعضها توسط بين الاسراع والتأخر فتوسط في عدده، واعترض الأولون على هذا بأن تأخر الانجلاء

-[كلام العلماء في الأحاديث التي وردت بأكثر من ركوعين في الركعة الواحدة]- .....

_ لا يعلم في أول الحال ولا في الركعة الأولى، وقد اتفقت الروايات على أن عدد الركوع فى الركعتين سواء؛ وهذا يدل على أنه مقصود في نفسه منوىّ من أول الحال {وقال جماعة من العلماء} منهم إسحاق بن راهويه وابن جرير وابن المنذرجرت صلاة الكسوف في أوقات، واختلاف صفاتها محمول على بيان جواز جميع ذلك، فتجوز صلاتها على كل واحد من الأنواع الثابتة، وهذا قوى والله أعلم اهـ (وقال الحافظ ابن القيم) رحمه الله في الهدى وذهب جماعة من أهل الحديث الى تصحيح الروايات في عدد الركعات، وحملوها على أن النبى صلى الله عليه وسلم فعلها مراراً وأن الجميع جائز، فممن ذهب إليه إسحاق بن راهويه ومحمد بن إسحاق بن خزيمة وأبو بكر بن إسحاق الضبعي وأبو سليمان الخطابي واستسحنه ابن المنذر، والذي ذهب إليه البخارى والشافعى من ترجيح الأخبار أولى لما ذكرنا من رجوع الأخبار إلى حكاية صلاته صلى الله عليه وسلم يوم توفى ابنه (قلت يعنى أنها ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجودان) قال والمنصوص على أحمد أيضاً أخذه بحديث عائشة وحده في كل ركعة ركوعان وسجودان، قال في رواية المرزوى وأذهب إلى صلاة الكسوف أربع ركعات وأربع سجدات في كل ركعة ركعتان وسجدتان، وأذهب إلى حديث عائشة، وأكثر الأحاديث على هذا، وهذا اختيار أبي بكر وقدماء الأصحاء رضى الله عنهم (قال الحافظ ابن القيم) وهو اختيار شيخنا أبي العباس بن تيمية وكان يضعف كل ما خالفه من الأحاديث ويقول هي غلط، وإنما صلى صلى الله عليه وسلم الكبسوف مرة واحدة يوم مات ابنه ابراهيم والله أعلم اهـ (وقال الشوكاني) الحق أن صح تعدد الواقعة أن الأحاديث المشتملة على الزيادة الخارجة من مخرج صحيح يتعين الأخذ بها لعدم منافاتها للمريد، وإن كانت الواقعة ليست إلا مرة واحدة بالمصير الى الترجيح أمر لابد منه، وأحاديث الركوعين أرجح اهـ {قلت} جميع الأحاديث التي أشار اليها الامام النووى والحافظ ابن القيم والشوكانى جاءت في مسند الامام أحمد وزاد عليها، وقد تقدم بعضها في هذا الباب وسيأتى سائرها في الأبواب الآتية مع الكلام عليها إن شاء الله {وفي أحاديث الباب أيضاً} مشروعية استمرار الصلاة الى أن ينجلى الكسوف؛ وأجاب الطحاوي بأنه قال في بعض الروايات فصلوا وادعوا، فدل على أنه إن سلم من الصلاة قبل الانجلاء يتشاغل بالدعاء حتى تنجلى، وقرره ابن دقيق العيد بأنه جعل الغاية لمجموع الأمرين، ولا يلزم من ذلك أن يكون غاية لكل منهما على انفراده فجاء أن يكون الدعاء ممتدا الى غاية الانجلاء بعد الصلاة فيصير غاية للمجموع ولا يلزم منه تكرير الصلاة ولا تطويلها اهـ {وفيها أيضاً} مشروعية النداء لها بأن يقال "الصلاة جامعة" قال النووى وأجمعوا أنه لا يؤذن لها ولا يقام {وفي حديثى عبد الله بن عمرو وعائشة} دليل للقائلين بأنها ركعتان في كل ركعة ركوعان وسجودان {وفيها أيضاً} مشروعية تطويل القيام

-[مذاهب العلماء في تطويل الركوع والسجود في صلاة الكسوف]- (2) باب القراءة فى صلاة الكسوف وهل تكون سرًا أو جهرًا (1684) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال صلَّيت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الكسوف (وفى لفظٍ صلاة الخسوف) فلم أسمع منها فيها حرفًا من القرآن (1) (1685) عن سمرة بن جندبٍ رضى الله عنه يصف صلاة رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فى الكسوف، قال فقام بنا كأطول ما قام بنا فى صلاةٍ قط لا نسمع له صوتًا، ثمَّ ركع كأطول ما ركع بنا فى صلاةٍ قطُّ

_ والركوع والسجود في صلاة الكسوف، والى ذلك ذهب الأئمة {أحمد وإسحاق والشافعى} فى أحد قوليه، وبه جزم أهل العلم بالحديث من أصحابه واختاره ابن سريج (قال النووى) {واختلفوا في استحباب إطالة السجود} فقال جمهور أصحابنا لا يطوله بل يقتصر على قدره في سائر الصلوات، وقال المحققون منهم يستحب إطالته نحو الركوع الذى قبله، وهذا هو المنصوص للشافعى في البويطى وهو الصحيح للأحاديث الصحيحة الصريحة في ذلك، ويقول في كل رفع من ركوعٍ سمع الله لمن حمده، ثم يقول عقبه ربنا لك الحمد الى آخره؛ والأصح استحباب التعوذ في ابتداء الفاتحة في كل قيام، وقيل يقتصر عليه في القيام الأول اهـ (1684) عن ابن عباس {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا حسن يعنى ابن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا يزيد بن حبيب عن عكرمة عن ابن عباس "الحديث" {غر يبه} (1) احتج به القائلون بأنه يسر بالقراءة في كسوف الشمس، وسيأتي ذكرهم في الأحكام {تخريجه} (فع. عل. هق) وفي إسناده ابن لهيعة، ورواه أيضاً الطبرانى من طريق موسى بن عبد العزيز عن الحكم بن أبان عن عكرمة عن ابن عباس ولفظه "صليت الى جنب النبي صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشمس فلم أسمع له قراءة". (1685) عن سمرة بن جندب، هذا طرف من حديث طويل سيأتى بتمامه وسنده وشرحه في الباب التالى، وقد أتيت بهذا الجزء منه هنا للاستدلال به على الاسرار بالقراءة في صلاة الكسوف، وهو حديث صحيح رواه الأربعة بعضهم مطولاً وبعضهم مختصراً، وقال الترمذي حديث سمرة بن جندب حديث حسن صحيح غريب {قلت} وقد صححه ابن حبان والحاكم أيضاً، قال الحافظ في التلخيص وأعله ابن حزم بجهالة ثعلبة بن عباد رواية عن سمرة، وقد قال ابن المديني إنه مجهول، وقد ذكره ابن حبان في الثقات مع أنه لا راوي

-[القراءة في صلاة الكسوف وهل هي سرية أو جهرية]- لا نسمع له صوتًا، ثمَّ فعل فى الرَّكعة الثَّانية مثل ذلك (1686) عن عروة عن عائشة رضى الله عنها أنَّها قالت خسفت الشَّمس على عهد النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) فأتى النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) والمصلَّى (1) فكبَّر وكبَّر النَّاس، ثمَّ قرأ فجهر بالقراءة (2) وأطال القيام، ثمَّ ركع فأطال الرُّكوع (3) ثمَّ رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده (4) ثمَّ قام فقرأ فأطال القراءة؛ ثمَّ ركع فأطال

_ له إلا الأسود بن قيس اهـ {تخريجه} (الأربعة وغيرهم) وصححه ابن حبان والحاكم (1686) عن عروة عن عائشة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا سليمان بن كثير قال ثنا الزهرى عن عروة عن عائشة "الحديث" {غريبه} (1) أى الى مصلاه الذى كان يصلى فيه كما صرح بذلك في رواية عند مسلم يعنى موقفه في المسجد، ولأنه ثبت التصريح بصلاته صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف في المسجد من رواية عائشة وجابر بن سمرة وأبى بكرة، وثبت أيضاً أنه خطب بعد الصلاة على المنبر، ومعلوم أن المنبر في المسجد، ولذا استحب الفقهاء أن تكون صلاة الكسوف في المسجد الجامع (2) فيه الجهر بالقراءة؛ وهو يعارض ما تقدم في حديثى ابن عباس وجابر بن سمرة، وقال النووى هذا عند أصحابنا والجمهور محمول على كسوف القمر، لأن مذهبنا ومذهب مالك وأبى حنيفة والليث بن سعد وجمهور الفقهاء أنه يسر في كسوف الشمس ويجهر في خسوف القمر اهـ {قلت} سيأتى تحقيق ذلك في الأحكام إن شاء الله (وقوله وأطال القيام) أى لطول القراءة؛ وفي حديثها المتقدم في الباب السابق أنها قالت "فأحسبه قرأ سورة البقرة" وسيأتى في حديث ابن عباس أنه قال "نحواً من سورة البقرة" (3) لم أقف على شيء من الطرق فيه بيان ما كان يقول في الركوع إلا أن العلماء اتفقوا على أنه لا قراءة فيه، وإنما فيه الذكر من تسبيح وتكبير ونحوهما (4) أى مع قول ربنا ولك الحمد كما ثبت ذلك في حديثها عند مسلم في الرفع من الركوعين في الركعة الأولى وفيه "ثم فعل في الركعة الأخرى مثل ذلك" (وفي رواية لها) عند الامام أحمد ستأتي أنه صلى الله عليه وسلم قال سمع الله لمن حمده في الركوع من الركعة الأولى، وقال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد في الركوع الثانى منها، وفعل في الركعة الثانية مثل ذلك، وفيه استحباب الجمع بين هذين اللفظين، وهو مذهب الشافعى ومن وافقه؛ وتقدم الكلام على ذلك في أحكام باب أذكار الرفع من الركوع عقب حديث رقم 655 من

-[مذاهب العلماء في السر والجهر بالقراءة في صلاة الكسوف]- الرُّكوع، ثمَّ رفع رأسه ثمَّ سجد ثمَّ قام (1) ففعل فى الثَّانية مثل ذلك، ثمَّ قال إنَّ الشَّمس والقمر آيتان من آيات الله عزَّ وجلَّ لا ينخفسان لموت أحدٍ ولا لحياته الحديث (2)

_ كتاب الصلاة (1) لم يوصف السجود بالطول كما وصف القيام والركوع، وقد احتج به القائلون بعدم تطويل السجود، واحتج القائلون بالتطويل بما تقدم عن عائشة في الباب السابق في حديث عبد الله بن عمرو أنها قالت "ما سجدت سجوداً قط ولا ركعت ركوعاً قط كان أطول منه" (قال النووى) والمختار استحباب تطويل السجود في صلاة الكسوف، ولا يضر كون أكثر الروايات ليس فيها تطويل السجود، لأن الزيادة من الثقة مقبولة مع أن تطويل السجود ثابت من رواية جماعة كثيرة من الصحابة، وذكره مسلم من روايتى عائشة وأبى موسى، ورواه البخارى من رواية جماعة آخرين وأبو داود من طريق غيرهم فتكاثرت طرقه وتعاضدت فتعين العمل به اهـ (2) بقيته "فإذا رأيتم ذلك فافزعوا الى الصلاة" أى بادروا بالصلاة وأسرعوا اليها حتى يزول عنكم هذا العارض الذى يخاف كونه مقدمة عذاب {تخريجه} (ق. مذ. وغيرهم) {الأحكام} في الباب ثلاثة أحاديث (الأول) حديث ابن عباس رواه الشافعى وأبو يعلى والبيهقى والطبرانى وفى إسناده ابن لهيعة، لكن له حديث آخر صحيح عند الامام أحمد والشيخين سيأتى في باب من روى أنها ركعتان في كل ركعة ركوعان، وفيه "أن النبى صلى الله عليه وسلم قام قياماً طويلاً نحواً من سورة البقرة" وهو يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يجهر، لأنه لو جهر لقال ابن عباس قرأ سورة كذا ولم يقل نحواً من سورة كذا (والثاني) حديث سمرة بن جندب رضى الله عنه وهو حديث صحيح أيضاً، وفي "لا نسمع له صوتاً" وهو يدل على عدم الجهر أيضاً (والثالث) حديث عائشة وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما، وفيه أنه قرأ فجهر بالقراءة، وهو يدل على الجهر بالقراءة في صلاة كسوف الشمس، وغنما قلنا في صلاة كسوف الشمس لأنه مصرح بذلك فيه (قال الحافظ) في التلخيص ما لفظه حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بهم في كسوف الشمس وجهر بالقراءة فيها متفق عليه من حديث الزهرى عن عروة عنها، ورواه ابن حبان والحاكم، وقال البخارى حديث عائشة في الجهر أصح من حديث سمرة، ورجح الشافعى رواية سمرة بأنها موافقة لرواية ابن عباس المتقدمة، ولروايته أيضاً التى فيها فقرأ بنحو من سورة البقرة، موافقة لرواية ابن عباس المتقدمة، ولروايته أيضاً التي فيها فقرأ بنحو من سورة البقرة، وبرواية عائشة (تقدمت في الباب الأول بهذا المعنى 9 "حزرت قراءته فرأيت أنه قرأ سورة البقرة" لأنها لو سمعته لم تقدره بغيره والزهرى منفرد بالجهر، وهو وإن كان حافظاً فالعدد

-[كلام العلماء في الجمع بين أحاديث السر والجهر]- (3) باب من روى أنها ركعتان كالركعات المعتادة (1687) عن محمود بن لبيدٍ رضى الله عنه قال كسفت الشَّمس يوم

_ أولى بالحفظ من واحد قاله البيهقى، وفيه نظر لأنه مثبت فروايته متقدمة، وجمع النووى بأن رواية الجهر في القمر ورواية الأسرار في كسوف الشمس وهو مردود، فقد رواه ابن حبان من حديث عائشة بلفظ كسفت الشمس فصلى بهم أربع ركعات في ركعتين وأربع سجدات وجهر بالقراءة اهـ {قلت} ويرده أيضاً حديث الباب عن عائشة، وجمع بعضهم بين حديث عائشة وسمرة بأن سمرة كان في أخريات الناس، فلهذا لم يسمع صوته ويدفعه حديث ابن عباس بلفظ "كنت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاة الكسوف فما سمعت منه حرفاً من القرآن" (قال الشوكاني) والصواب أن يقال إن كانت صلاة الكسوف لم تقع منه صلى الله عليه وسلم إلا مرة واحدة كما نص على ذلك جماعة من الحفاظ، فالمصير إلى الترجيح متعين، وحديث عائشة ألأرجح لكونه في الصحيحين. ولكونه متضمناً للزيادة. ولكونه مثبتاً. ولكونه معتضداً بما أخرجه ابن خزيمة وغيره عن على مرفوعاً من إثبات الجهر؛ وإن صح أن صلاة الكسوف وقعت أكثر من مرة كما ذهب إليه البعض، فاللمتعين الجمع بين الأحاديث بتعدد الواقعة فلا معارضة بينها، إلا أن الجهر أولى من الاسرار لأنه زيادة، وقد ذهب الى ذلك {أحمد وإسحاق وابن خزيمة وابن المنذر وغيرهما} من محدثى الشافعية، وبه قال صاحبا أبى حنيفة وابن العربى من المالكية، وحكى النووى عن {الشافعى ومالك وأبى حنيفة والليث بن سعد} وجمهور الفقهاء أنه يسر في كسوف الشمس ويجهر في خسوف القمر، والى مثل ذلك ذهب الامام يحيى، وقال الطبرى يخير بين الجهر والاسرار {والى ذلك ذهب الهادى} ورواه في البحر عن مالك وهو خلاف ما حكاه غيره عنه، واعلم أنه لم يرد تعين ما قرأ به صلى الله عليه وسلم إلا في حديث لعائشة أخرجه الدارقطني والبيهقي أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في الأولى بالعنكبوت وفي الثانية بالروم أو لقمان {قلت سيأتي في الحديث التالى أنه قرأ بعض الركتاب} قال وقد ثبت الفصل بالقراءة بين كل ركوعين كما تقدم من حديث عائشة المتفق عليه فيتخير المصلى من القرآن ما شاء، ولابد من القراءة بالفاتحة في كل ركعة لما تقدم من الأدلة الدالة على أنها لا تصح ركعة بدون فاتحة (قال النووى) واتفق العلماء على أنه يقرأ الفاتحة في القيام الأول من كل ركعة، واختلفوا في القيام الثاني {فمذهبنا ومذهب مالك وجمهور أصحابه} أنها لا تصح الصلاة إلا بقراءتها فيه، وقال محمد بن مسلمة من المالكية لا تتعين الفاتحة في القيام الثاني اهـ (1687) عن محمود بن لبيد {سنده} حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى

-[من روى أنها ركعتان كالركعات المعتادة]- مات إبراهيم بن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالوا كسفت الشَّمس لموت إبراهيم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنَّ الشَّمس والقمر آيتان من آيات الله عزَّ وجلَّ، ألا وإنَّهما لا ينكسفان لموت أحدٍ ولا لحياته، فإذا رأيتموهما كذلك ففزعوا إلى المساجد (1) ثمَّ قام فقرأ فيما نرى بعض الر كتابٌ (2) ثمَّ ركع ثمَّ اعتدل ثمَّ سجد سجدتين ثمَّ قام ففعل مثل ما فعل فى الأولى (3) (1688) عن عبد الله بن عمرو (بن العاص رضي الله عنهما) قال كسفت الشَّمس على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقام وقمنا معه (4) فأطال القيام حتَّى ظننَّا أنَّه ليس براكعٍ (4) ثمَّ ركع فلم يكد يرفع رأسه، ثمَّ رفع فلم يكد

_ ابن آدم ثنا عبد الرحمن بن سليمان بن الغسيل عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد "الحديث" {غريبه} (1) أى للصلاة فيها، وفيه دليل على أنه السنة صلاة الكسوف في المساجد (وقوله فيما نرى) بضم أوله أى فيما نظن (2) أى بعض سورة ابراهيم (3) فيه أنه لم يركع إلا ركوعاً واحداً في كل ركعة كالصلاة المعتادة، وفيه حجة للقائلين بأنها ركعتان كالجمعة، وسيأتي الكلام على ذلك في الأحكام {تخريجه} لم أقف عليه لغير الامام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح {قالت} جاء في الحديث الذى أورده الهيثمى هذا اللفظ "ثم قام فقرأ بعض الذاريات" وسائر ألفاظ الحديث كلفظ حديث الباب مع أن محمود بن لبيد لم يكن له في هذا الباب عند الامام أحمد إلا هذا الحديث من طريق واحد فقط باللفظ الذي ذكرته، ولم أدر من أين أتى الحافظ الهيثمى باللفظ الذى ذكره في كتابه، ولعله يكون من نسخة أخرى غير نسخة الأصل التى عندنا ونشأ هذا الاختلاف من تصحيف في بعض النسخ والله أعلم (1688) عن عبد الله بن عمرو {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن فضيل ثنا عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو "الحديث" {غريبه} (4) فيه مشروعية فعلها جماعة (5) أى لكونه أطال القيام جداً (وقوله فلم يكد يرفع رأسه) يعني أنه أطال الركوع جداً حتى ظنوا أنه لم يرفع كما ظنوا ذلك في القيام، ويقال

-[حجة القائلين بإطالة السجود]- يسجد، ثمَّ سجد فلم يكد يرفع رأسه، ثمَّ جلس فلم يكد يسجد (1) ثمَّ سجد فلم يكد يرفع رأسه، ثم فعل فى الركعة الثَّانية كما فعل فى الأولى وجعل ينفخ فى الأرض ويبكى (2) وهو ساجدٌ فى الركعة الثَّانية، وجعل يقول ربِّ لم تعذِّبهم وأنا فيهم، ربِّ لم تعذِّبنا ونحن نستغفرك (3) فرفع رأسه وقد تجلَّت الشَّمس (4) وقضى صلاته فحمد الله وأثنى عليه (5) ثم قال أيها النَّاس إنَّ الشَّمس والقمر آيتان من آيات الله عزَّ وجلَّ، فإذا كسف أحدهما فافزعوا

_ مثل ذلك في باقي الأركان (1) فيه تطويل الجلسة بين السجدتين، ووقع عند مسلم من حديث جابر "ثم رفع فأطال ثم سجد" قال النووي هي رواية شاذة، قال الحافظ وتعقب بما رواه النسائي وابن خزيمة وغيرهما من حديث عبد الله بن عمرو وفيه "ثم سجد فأطال حتى قيل لا يرفع ثم رفع فجلس فأطال الجلوس حتى قيل لا يسجد ثم سجد" وصحح الحديث الحافظ، وسيأتى الكلام عليه في الأحكام إن شاء الله (2) إنما نفخ صلى الله عليه وسلم وبكى خوفاً من وقوع عذاب، لأن الخسوف آية من الآيات التي يخوف الله بها عباده، ويستفاد منه أن النفخ والبكاء في الصلاة لا يبطلانها، وقد تقدم الكلام على ذلك في أحكام البابين الثالث والعاشر من أبواب مبطلات الصلاة الخ في الجزء الرابع (3) وفي رواية لأبى داود "رب ألم تعدني أن لا تعذبهم وأنا فيهم؟ ألم تعدني أن لا تعذبهم وهم يستغفرون" وفي رواية أخرى للامام أحمد والنسائى "رب لم تعدنى هذا وأنا أستغفرك، رب لم تعدنى هذا وأنا فيهم" والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم يقول يا رب ما وعدتني هذا وهو أن تعذبهم وأنا فيهم، بل وعدتنى خلافه وهو أن لا تعذبهم وأنا فيهم، يريد قوله عز وجل {ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون} وهذا من باب التضرع في حضرة الله عز وجل وإظهار غناه وفقر الخلق إليه، وأن ما وعد به من وعد العذاب ما دام فيهم النبى صلى الله عليه وسلم يمكن أن يكون مقيداً بشرط، وليس مثله مبنياً على عدم التصديق بوعده الكريم، وهذا لا مرية فيه والله أعلم (4) أى ظهر نورها (5) رواية النسائى "فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه الحديث" وعند مسلم من حديث عائشة "فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه" وعند الامام أحمد من حديث أسماء مثله وسيأتى، وفيه دليل للشافعية ومن وافقهم في استحباب الخطبة بعد صلاة الكسوف، وفيه أن الخطبة لا تفوت بالانجلاء

-[إطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على الجنة والنار وقصة المرأة صاحبة الهرة]- إلى المساجد، فوالَّذى نفسى بيده لقد عرضت علىَّ الجنَّة حتَّى لو أشاء لتعاطيت بعض أغصانها (1) وعرضت علىَّ النَّار حتَّى إنِّى لأطفئها خشية أن تغشاكم، ورأيت فيها امرأةً من حمير سوداء طوالةً (2) تعذَّب بهرَّةٍ لها تربطها فلم تطعمها ولم تسقها ولا تدعها تأكل من خشاش الأرض (3) كلَّما أقبلت

_ بخلاف الصلاة، وفيه أن الخطبة يكون أولها الحمد لله والثناء عليه؛ ومذهب الشافعي أن لفظه الحمد لله متعينة؛ فلو قال معناها لم تصح خطبته، قاله النووي (1) لفظ النسائي "والذي نفس محمد بيده لقد أدنيت الجنة منى حتى لو بسطت يدى لتعاطيت من قطوفها" وهو مفسر لرواية المام أحمد وأدنيت بالبناء للمفعول من الادناء وهو التقريب أى قربها الله منى، قال الحافظ منهم من حمله على أن الحجب كشفت له دونها فرآها على حقيقتها وطويت المسافة بينهما حتى أمكنه أن يتناول منها، ومنهم من حمله على أنها مثلت له في الحائط كما تنطبع الصورة في المرآة فرأى جميع ما فيها (والقطوف) جمع قطف بكسر القاف وهو ما يقطف منها أي يقطع ويجتنى، ويقال في عرض النار مثل ما قيل في عرض الجنة (قال الحافظ) وقع في رواية عبد الرزاق أن رؤيته النار كان قبل رؤيته الجنة، وذلك أنه قال فيه "عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم النار فتأخر عن مصلاه حتى إن الناس ليركب بعضهم بعضاً وإذ رجع عرضت عليه الجنة فذهب يمشى حتى وقف في مصلاه" (ولمسلم من حديث جابر) "لقد جئ بالنار حتى رأيتمونى تأخرت مخافة أن يصيبنى من لفحها، وفيه ثم جئ بالجنة وذلك حين رأتمونى تقدمت حتى قمت فى مقامى، وزاد فيه ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه اهـ {قلت} (وقوله مخافة أن يصيبنى من لفحها) أى من ضرب لهبها ومنه قوله تعالى {تلفح وجوههم النار} (2) أى طويلة يقال للطويل طويل وطُوالة، فان أفرط في الطول فهو طُوَّال بالتشديد، وفي رواية عند مسلم "فرأيت فيها امرأة من بنى إسرائيل" (وقوله تعذب بهرة) أي بسبب هرة فالباء للسببية (3) بفتح الخاء المعجمة وهي هوامّها وحشراتها، وقيل صغار الطير، وحكى القاضي عياض فتح الخاء وكسرها وضمها والفتح هو المشهور، قال القاضي عياض في هذا الحديث المؤاخذة بالصغائر، قال وليس فيه أنها عذبت عليها بالنار، قال ويحتمل أنها كانت كافرة فزيد في عذابها بذلك هذا كلامه (قال النووى) وليس بصواب بل الصواب المصرح به في الحديث أنها عذبت بسبب الهرة وهو كبيرة لأنها ربطتها وأصرت على ذلك حتى ماتت والاصرار على الصغيرة يجعلها كبيرة كما هو مقرر في كتب الفقه وغيرها

-[رؤية النبي صلى الله عليه وسلم بعض العصاة في النار]- نهشتها، وكلما أدبرت نهشتها (1) ورأيت فيها أخا بنى دعدعٍ (2) ورأيت صاحب المحجن (3) متكئًا فى النَّار على محجنه كان يسرق الحاجَّ بمحجنه، فإذا علموا به قال لست أنا أسرقكم، إنَّما تعلَّق بمحجنى (وعنه من طريقٍ ثانٍ (4) بنحوه وفيه) وعرضت على النَّار فجعلت أنفخ خشية أن يغشاكم حرُّها، ورأيت فيها سارق بدنتى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم (1689) عن النُّعمان بن بشيرٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلَّى فى كسوف الشَّمس نحوًا من صلاتكم يركع ويسجد (5) (وعنه من طريقٍ

_ وليس في الحديث ما يقتضى كفر هذه المرأة اهـ (1) أى تخمش جسمها فتأخذ لحمه بأظفارها ولفظ النسائى "فلقد رأيتها تنهشها إذا أقبلت، وإذا ولت تنهش إليتها" والمراد أن الهرة في النار مع المرأة لكن لا لتعذب الهرة بل لتكون عذاباً في حق المرأة (2) لفظ النسائى "وحتى رأيت فيها صاحب السائبتين أخابنى الدَّعداع يدفع بعصا ذات شعبتين في النار" السائبتان بدنتان أهداهما النبي صلى الله عليه وسلم إلى البيت فأخذهما رجل من المشركين فذهب بهما، سماهما سائبتين لأنه سيَّبهما لله تعالى فرآه النبى صلى الله عليه وسلم في النار، وعبر عنه بصاحب السائبتين وهو المراد بقوله في الطريق الثانية من حديث الباب "ورأيت فيها سارق بدنتى رسول الله صلى الله عليه وسلم" (3) المحجن كمنبر جمعه محاجن، عصا معوج الرأس كصنارة المِغزل كان يخطف به أمتعة الحجاج ونحوها (4) {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عطاء بن السائب عن أبيه ع 8 ن عبد الله بن عمرو الحديث بنحو ما تقدم وفيه الخ {تخريجه} (نس. خز) وصححه الحافظ (1689) عن النعمان بن بشير {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان عن عاصم الأحول عن أبى قلابة عن النعمان بن بشير "الحديث" {غريبه} (5) الظاهر من قوله "نحواً من صلاتكم يركع ويسجد" أنه يعنى الصلاة الاعتيادية بركوع واحد في الركعة، ولفظ النسائى "مثل صلاتنا يركع ويسجد" وفي رواية للنسائى من حديث أبى بكرة "أن رسول صلى الله عليه وسلم صلى ركعتين مثل صلاتكم هذه وذكر كسوف الشمس" وفي لفظ "فصلى ركعتين كما تصلون" قال الحافظ وحمله ابن حبان والبيهقى على أن المعنى كما تصلون في الكسوف، لأن أبا بكرة خاطب بذلك أهل البصرة وقد كان ابن عباس علمهم

-[حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه في صلاة الكسوف وأنها كانت ضحى]- ثانٍ) (1) قال انكسفت الشَّمس على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فصلَّى وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يركع ويسجد قال حجَّاج (2) مثل صلاتنا (1690) عن ثعلبة بن عبادٍ العبديِّ من أهل البصرة قال شهدت يومًا خطبة لسمرة بن جندبٍ (رضى الله عنه) فذكر فى خطبته حديثًا عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال بينا أنا وغلامٌ من الأنصار نرمى فى غرضين لنا على عهد رسول الله (صل الله عليه وسلم) حتَّى إذا كانت الشَّمس قيد (3) رمحين أو ثلاثةٍ فى عين النَّاظرٍ اسودَّت حتَّى آضنت (5) كأنَّها تنومةٌ، قال فقال أحدنا لصاحبه انطلق بنا إلى المسجد فوالله ليحدثنَّ شأن هذه الشَّمس لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى أمَّته حدثًا (6) قال فدفعنا (7) إلى المسجد فإذا هو بارز (8) قال ووافقنا رسول الله

_ أنها ركعتان في كل ركعة ركوعان كما روى ذلك الشافعى وابن أبى شيبة وغيرهما اهـ (1) {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وثنا حجاج ثنا شعبة عن عاصم الأحول عن أبى قلابة عن النعمان بن بشير قال انكسفت الشمس "الحديث" (2) أحد رجال السند {تخريجه} (د. نس. هق. والطحاوى) وقال البيهقى أبو قلابة لم يسمع من النعمان والحديث مرسل (قال العينى) صرح في الكمال بسماعه عن النعمان، وقال ابن حزم أبو قلابة أدرك النعمان، وروى هذا الخبر عنه، وصرح ابن عبد البر بصحة هذا الحديث وقال مِن أحسنٍ حديث ذهب اليه الكوفيون حديث أبى قلابة عن النعمان، وأبو قلابة أحد الأعلام واسمه عبد الله بن زيد الجرمى؛ والحديث أخرجه أبو داود والنسائي أيضاً اهـ (1690) عن ثعلبة بن عباد {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو كامل ثنا زهير ثنا الأسود بن قيس ثنا ثعلبة بن عباد "الحديث" {غريبه} (3) تثنية غرض وهو الهدف الذى يرمى اليه بنحو السهام (4) بكسر القاف أى قدر رمحين أو ثلاثة يعنى ارتفاعها (5) آضت بمد الهمزة أى صارت كأنها تنومة والتنومة بفتح التاء بعدها نون مشددة مضمومة هي نوع من نبات الأرض فيها وفى ثمرها سواد قليل (6) يعنى أنه لابد من تجديد شيء في أمور الدين بسبب هذا الكسوف، وكأنهم تعودوا أن الحوادث تكون سبباً في نزول الأحكام (7) أيى أسرعنا (8) أى ظاهر في وسط الناس (وقوله

-[حجة القائلين بالخطبة بعد صلاة الكسوف والاسرار بالقراءة في الصلاة]- (صلى الله عليه وسلم) حين خرج إلى النَّاس فاستقدم فقام بنا كأطول ما قام بنا فى صلاةٍ قطٌ لا نسمع له صوتًا (1) ثمَّ ركع كأطول ما ركع بنا في صلاةٍ قطٌ لا نسمع له صوتًا، ثمَّ فعل فى الركعة الثَّانية مثل ذلك (2) فوافق تجلِّى الشَّمس جلوسه فى الرَّكعة الثَّانية، قال زهيرٌ (أحد الرواة) حسبته قال فسلَّم فحمد الله وأثنى عليه وشهد أنَّه عبد الله ورسوله، ثمَّ قال أيُّها النَّاس أنشدكم بالله (3) إن كنتم تعلمون أنِّى قصَّرت عن شيءٍ من تبليغ رسالات ربِّى عزَّ وجلَّ لما أخبرتمونى ذاك فبلَّغت رسالات ربِّى كما ينبنى لها أن تبلَّغ، وإن كنتم تعلمون أنِّى بلَّغت رسالات ربِّى لما أخبرتمونى ذاك (4)، قال فقام رجالٌ فقالوا نشهد أنَّك قد بلَّغت رسالات ربِّك ونصحت لأمَّتك وقضيت الَّذى عليك ثمَّ سكتوا، ثمَّ قال أما بعد فإنَّ رجالاً يزعمون أنَّ كسوف هذه الشَّمس وكسوف هذا القمر وزوال هذه النُّجوم عن مطالعها لموت رجالٍ عظماء من أهل الارض وإنَّهم قد كذبوا، ولكنَّها آياتٌ من آيات الله تبارك وتعالى يعتبر (5) بها عباده فينظر من يحدث له منهم توبةً، وأيم الله لقد رأيت منذ قمت أصلِّى ما أنتم لاقون فى أمر دنياكم وآخرتكم (6) وإنَّه والله

_ فاستقدم) أي تقدم، والمعنى أنه وافق قدومنا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدمه إلى الصلاة (1) يريد أنه أطال الصلاة بهم طولاً لم يعهدوه في صلاة غيرهم وكان يقرأ سراً، وقد احتج به القائلون بأن القراءة في صلاة الكسوف تكون سراً. وتقدم ذكرها في الباب السابق (2) فيه أنه صلى ركعتين في كل ركعة ركوع واحد، وهو من حجيج الحنفية ومن وافقهم (3) أي أسألكم بالله وأقسمت عليكم به (4) أى فان كنت مقصراً وشهدتم بذلك قمت فبلغت رسالات ربى الخ (5) أي يختبر بها عبادة ليتميز قوى الايمان الذي إذا ذُكِّر تذكر واذا أذنب تاب واستغفر. من ضيف الأيمان قاسى القلب الذى تمر به الآيات ولا يخاف خالق الأرض والسماوات (6) أيى ما يختص بأمور الدنيا من الفتن والفتوح ونحو ذلك. وبما

-[تحذير النبي صلى الله عليه وسلم من المسيح الدجال وذكر شيء من أحواله]- لا تقوم السَّاعة حتَّى يخرج ثلاثون كذَّابًا، آخرهم الأعور الدَّجَّال ممسوح العين اليسرى كأنَّها عين أبى تحي (1) لشيخٍ حينئذٍ من الأنصار بينه وبين حجرة عائشة رضى الله عنها، وإنَّها متى يخرج أو قال متى ما يخرج فإنَّه سوف يزعم أنَّه الله، فمن آمن به وصدَّقه واتَّبعه لم ينفع صالحٌ من عمله سبق، ومن كفر به وكذَّبه لم يعاقب بشيءٍ من عمله (وفى رواية بشيءٍ من عمله سلف) وإنَّه سيظهر أو قال سوف يظهر على الأرض كلِّها إلاَّ الحرم وبيت المقدس (2) وإنَّه يحصر المؤمنين فى بيت المقدس فيزلزلون زلزالاً شديدًا (3) ثمَّ يهلكه الله تبارك وتعالى وجنوده حتَّى إنَّ جذم (4) الحائط أو قال أصل الحائط، وقال حسن الأشيب (5) وأصل الشَّجرة لينادى أو قال يقول يا مؤمن أو قال يا مسلم هذا يهوديٌّ أو قال هذا كافرٌ تعال فاقتله (6)

_ في الآخرة من الجنة والنار ونحو ذلك (1) أوله تاء مكسورة ثم حاء مهملة ساكنة هو رجل من الصحابة كان مسموح العين اليسرى، ولا يضره هذا التشبيه الجسمانى، فان الغرض منه توضيح صفة من صفات الدجال ليحذروه وليبلغ ذلك غيرهم فيحذروه أيضاً وهكذا (2) أى ومسجد المدينة ومسجد الطور لما رواه الامام أحمد وسيأتى في باب إخبار النبى صلى الله عليه وسلم بخروج الدجال والمكان الذي يخرج منه الخ من كتاب الفتن وفيه "ولا يقرب أربعة مساجد مسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد الطور ومسجد الأقصى، وما يشبّه عليكم فان ربكم ليس بأعور" (3) أى يحصل لهم اضطراب مخيف وفزع وضيق من أجل ذلك (4) الجذم بكسر الجيم أصل الشيء فجذم الحائط أصله، ولذلك شك الراوى هل قال جذم الحائط أو قال أصل الحائط لأن معناهما واحد (5) هو أحد رجال السند يعنى أنه زاد في روايته "وأصل الشجرة" (6) معنى ذلك جاء واضحاً في رواية أخرى عند الامام أحمد وغيره من حديث ابن عمر، وسيأتى في أخبار الدجال من كتاب الفتن وفيه (ثم يسلط الله المسلمين عليه "يعنى الدجال" فيقتلونه ويقتلون شيعته حتى ان اليهودى ليختبئ تحت الشجرة أو الحجر فيقول الحجر أو الشجر للمسلم هذا يهودى تحتى فاقتله) {فإن قيل} كيف ينطق الحجر

-[كثرة الفتن واشتداد الكرب في مدة الدجال وبعد موت سيدنا عيسى]- قال ولن يكون ذلك كذلك حتَّى تروا أمورًا يتفاقم (1) شأنها فى أنفسكم وتساءلون بينكم هل كان نبيكم ذكر لكم منها ذكرًا، وحتَّى تزول جبالٌ على مراتبها ثمَّ على أثر ذلك القبض (2) قال ثمَّ شهدت خطبةً لسمرة ذكر فيها هذا الحديث، فما قدَّم كلمةً ولا أخَّرها عن موضعها (1691) عن أبى بكرة رضى الله عنه قال كسفت الشَّمس على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقام يجرُّ ثوبه مستعجلاً (3) حتَّى أتى المسجد وثاب النَّاس

_ والشجر وأحدهما من الجمادات والثانى من النباتات؟ {قلت} لا مانع من ذلك، لأن فى نطقهما معجزة لسيدنا عيسى عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام وكرامة لعباد الله المؤمنين الذين لم يتبعوا الدجال وثبتوا أمام فتنة المتنوعة فهم خلاصة المؤمنين، وإنما قلنا معجزة لسيدنا عيسى، لأنه ورد في بعض الروايات "حتى ان الشجرة والحجر ينادى يا روح الله هذا يهودى، فلا يترك ممن كان يتبعه أحداً إلا قتله" وسيأتى كل ذلك في بابه إن شاء الله تعالى، وإنما خص اليهود بالذكر دون سائر الملل لأنهم شيعته وأنصاره وأهل عنصره، ويلوح لى أن اليهود الآن يحشدون إلى بيت المقدس ليلقوا حتفهم مع رئيسهم الدجال في هذه الأرض ولو بعد حين مصداقاً لقول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم نسأل الله العصمة من الفتن والثبات على دين الاسلام والتمسك بسنة خير الأنام صلى الله عليه وسلم (1) أى يعظم شأنها لما فيها من كثرة الاهوال والفتن وخوارق العادات وذلك قبل نزول المسيح عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وبعد موته وموت الصالحين من الناس (2) يعنى قيام الساعة (وقوله قال ثم شهدت الخ) القائل هو ثعلبة بن عباد راوى الحديث يعنى أنه شهد خطبة أخرى لسمة بن جندب ذكر فيها هذا الحديث بحروفه وألفاظه مما يدل على شدة التحرى والاتقان في النقل {تخريجه} (عل. هق. خز. طب) ورواه الأربعة مختصراً الى التسليم من الصلاة وقال الترمذى حديث حسن صحيح (1691) عن أبى بكرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الأعلى وربعى بن ابراهيم المعنى قالا ثنا يونس عن الحسن عن أبى بكرة "الحديث" {غريبه} (3) في رواية لمسلم من حديث أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما قالت "كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ففزع فأ خطأ بدرع حتى أدرك بردائه بعد ذلك" قال القاضي

-[حجة القائلين بصلاة كسوف الشمس ركعتين كسائر النوافل]- فصلَّى ركعتين (1) فجلِّي عنها ثمَّ أقبل علينا فقال إنَّ الشَّمس والقمر آيتان من آيات الله تبارك وتعالى يخوِّف بهما عباده ولا ينكسفان لموت أحدٍ، قال وكان ابنه إبراهيم عليه السَّلام مات، فإذا رأيتم منهما شيئًا فصلُّوا وادعوا حتَّى ينكشف منهما ما بكم (2) (1692) عن قبيصة (3) رضى الله عنه قال انكسفت الشَّمس فخرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فصلَّى ركعتين فأطال فيهما القراءة، فانجلت، فقال إنَّ الشَّمس والقمر آيتان من آيات الله تبارك وتعالى يخوِّف بهما عباده؛ فإذا رأيتم ذلك فصلُّوا كأحدث صلاةٍ صليتموها من المكتوبة

_ عياض يحتمل أن يكون معناه الفزع الذى هو الخوف كما فى الرواية الأخرى (يعنى رواية مسلم بلفظ يخشى أن تكون الساعة) ويحتمل أن يكون معناه الفزع الذى هو المبادرة الى الشيء {قلت} ويؤيد الأخير رواية الامام أحمد لقوله "فقام يجر ثوبه مستعجلاً" ومعنى قوله في رواية مسلم "فأخطأ بدرع حتى أدرك بردائه" أى إنه لشدة سرعته واهتمامه بذلك أراد أن يأخذ روداءه فأخذ درع بعض أهل البيت سهواً ولم يعلم ذلك لاشتغال قلبه بأمر الكسوف، فلما علم أهل البيت أنه ترك رداءه لحقه به إنسان، قاله النووى (1) لم يبين كيفيتهما وزاد النسائى في روايته "كما تصلون" واحتج به الحنفية ومن وافقهم على أن صلاة الكسوف ركعتان كصلاة النافلة (وقوله فجلى عنها) أى انكشف وظهر نورها (2) احتج به الحنفية ومن وافقهم على أن من فرغ من صلاة الكسوف قبل الانجلاء يسن له الدعاء والذكر حتى تنجلى، لقوله في حديث الباب "فصلوا وادعوا الخ" وحمله جماعة على الصلاة لكون الذكر والدعاء من أجزائها والأول أظهر والله أعلم {تخريجه} (خ. نس. وغيرهما). (1692) عن قبيصة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الوهاب الثقفى ثنا أيوب عن أبى قلابة عن قبيصة "الحديث" {غريبه} (3) هو ابن المخارق الهلالى رضى الله عنه صحابى بصرى، وفد على النبى صلى الله عليه وآله وسلم، وروى عنه ابن قطن وكنانة بن نعيم وأبو عثمان النهدى وأبو قلابة، روى له الامام أحمد ومسلم وأبو داود والترمذى والنسائي {تخريجه} (د. نس. ك. والطحاوى) وسكت عنه

-[حجة القائلين بصلاة كسوف الشمس ركعتين ركعتين حتى تنجلى]- (فصل منه فيمن صلاها ركعتين ركعتين حتى اتجلت) (1693) عن النُّعمان بن بشيرٍ رضى الله عنه قال كسفت الشَّمس على عهد رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال وكان يصلِّى ركعتين ثمَّ يسأل، ثمَّ يصلِّى ركعتين (1) ثمِّ يسأل، حتَّى انجلت الشَّمس، قال فقال إنَّ ناسًا من أهل الجاهليَّة يقولون أو يزعمون أنَّ الشَّمس والقمر إذا انكسف واحدٌ منهما فإنَّما ينكسف لموت عظيمٍ من عظماء أهل الأرض وإنَّ ذاك ليس كذلك، ولكنَّهما خلقان من خلق الله، فإّذا تجلَّى (2) الله عزَّ

_ أبو داود والمنذري وسنده صحيح، وظاهره أن الكسوف إذا وقع فى أى ساعة من طلوع الشمس الى الظهر كانت صلاة الكسوف ركعتين، وإن وقع في أى ساعة من الظهر إلى أخذ الشمس في الغروب كانت أربعاً، وإن وقع خسوف القمر بعد الغروب إلى صلاة العشاء الآخرة كانت صلاة الخسوف ثلاث ركعات كصلاة المغرب، وإن خسف بعد صلاة العشاء في أى ساعة الى الصبح صلى أربعاً كصلاة العشاء، وبهذا قال أهل الظاهر {وقال جماعة} معناه أن آية من هذه الآيات اذا وقعت مثلاً بعد الصبح يصلى ويكون في كل ركعة ركوعان، وإن كانت بعد المغرب يكون في كل ركعة ثلاث ركوعات، وإن كانت بعد الرباعية يكون في كل ركعة أربع ركوعات {وقال آخرون} معناه أن آية من هذه الآيات اذا وقعت عقب صلاة جهرية يصلى ويجهر فيها بالقراءة، وإن وقعت عقب صلاة سرية يصلى يخافت فيها بالقراءة والله أعلم. (1693) عن النعمان بن بشير {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا عبد الوارث ثنا أيوب فذكر حديثاً قال وحدث عن أبى قلابة عن رجل عن النعمان بن بشير قال كسفت الشمس "الحديث" {غريب} (1) أى في كل ركعة ركوع واحد كما هو ظاهر من سياق الحديث وقد احتج به الحنفية أيضاً، قيل ويحتمل أنه أراد بقوله ركعتين يعنى في كل ركعة ركوعان كما هو معلوم من الروايات الأخرى، لكن يبعد ذلك قوله ثم يسأل، أى يسأل الناس بعد كل ركعتين عن حال الشمس هل انجلت، فإذا قيل له لم تنجل صلى ركعتين ثم يسأل عن انجلائها وهكذا (2) في رواية أخرى للامام أحمد والنسائي "إن الله عز وجل إذا بدا" بدل تجلىَّ والمعنى واحد أى ظهر؛ وهو مثل قوله

-[بحث نفيس للحافظ ابن القيم في معنى تجلى الله عز وجل لشيء من خلقه]- وجلَّ لشيء من خلقه خشع له

_ تعالى {فلما تجلى ربه للجبل جعله دكاً} قال المفسرون أى ظهر من نوره قدر نصف أنملة، وكأنهم أخذوا ذلك من حديث رواه الحاكم بسنده الى سليمان بن حرب قال ثنا حماد بن سلمة قال أنبأنا ثابت عن أنس رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل {فلما تجلىَّ ربه للجبل جعله دكا} قال حماد هكذا، ووضع الابهام على مفصل الخنصر الأيمن؛ قال فقال حميد لثابت تحدث بمثل هذا؟ قال فضرب ثابت صدر حميد ضربة بيده وقال - رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث به وأنا لا أحدث به" قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم {قلت} وأقره الذهبى {تخريجه} (د. نس. جه. ك) وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ {قلت} وأقره الذهبى، وأخرجه الشيخان أيضاً ولكن بغير هذا اللفظ كما قال الحاكم وبدون قوله فاذا تجلىَّ الله الخ الحديث، وفي كتاب مفتاح السعادة للحافظ ابن القيم، قال أبو حامد الغزالى هذه الزيادة لم يصح نقلها "يعنى فاذا تجلى الله عز وجل لشيء من خلقه خشع له" فيجب تكذيب ناقلها (قال الحافظ ابن القيم) إسناد هذه الزيادة لا مطعن فيه ورواته كلهم ثقات حفاظ، ولكن لعل هذه اللفظة مدرجة في الحديث من كلام بعض الرواة ولهذا لا توجد في سائر أحاديث الكسوف، فقد رواها عن النبي صلى الله عليه وسلم تسعة عشر صحابياً {ذكر منهم أحد عشروهم} عائشة وأسماء بنت أبى بكر وعلى بن أبى طالب وأبىّ بن كعب وأبو هريرة وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمرو وجابر بن عبد الله وسمرة بن جندب وقبيصة الهلالى وعبد الرحمن بن سمرة {قلت والباقى بلال وابن عمر وأبو موسى الأشعرى وأبو مسعود البدرى الأنصارى وعبد الله بن مسعود والمغيرة بن شعبة وأبو بكرة وحذيفة بن اليمان، هؤلاء تسعة عشر صحابياً، وقد وقفت على غيرهم وهم محمود بن لبيد وعقبة بن عامر وأبو الدرداء وأم سفيان رضى الله عنهم أجمعين} قال فلم يذكر أحد منهم في حديثه هذه اللفظة، فمن هنا يخاف أن تكون أدرجت في الحديث إدراجاً في الحديث إدراجاً وليست في لفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم، على أن هنا مسلكاً بديع المأخذ لطيف المنزع يقبله العقل السليم والفطرة السلمة، وهو أن كسوف الشمس والقمر يوجب لهما من الخشوع والخضوع بانمحاء نورهما وانقطاعه عن هذا العامل ما يكون فيه ذهاب سلطانهما وبهائمها، وذلك يوجب لا محالة لهما من الخشوع والخضوع لرب العالمين وعظمته وجلاله ما يكون سبباً لتجلى الرب تعالى لهما، ولا يستلزم أن يكون تجلى الله سبحانه لهما في وقت معين كما يدنو من أهل الموقف عشية عرفة فيحدث لهما ذلك التجلى خشوعاً آخر ليس هذا الكسوف، ولم يقل النبي صلى الله عليه وسلم إن الله تعالى اذا تجلى لهما انكسفا، ولكن اللفظ

-[بحث نفيس للامامين الغزالي والسبكي في أن ما قاله علماء الفلك في الكسوف لا يصادم الشرع]- .....

_ عند أحمد والنسائى إن الله تعالى اذا بدا لشيء من خلقه خشع له، ولفظ ابن ماجه "فإذا تجلى الله تعالى لشيء من خلقه خشع له "فهاهنا خشوعان، خشوع أوجب كسوفهما بذهاب ضوئهما وانمحائه فتجلى الله لهما فحدث لهما عند تجليه تعالى خشوع آخر بسبب التجلى كما حدث للجبل إذ تجلى له تعالى خشوع أن صار دكاً وساخ في الأرض وهذا غاية الخشوع، لكن الرب تعالى يثبتهما لتجلية عناية بخلقة لانتظام مصالحهم بهما، ولو شاء سبحانه لثبت الجبل لتجليه كما يثبتهما، ولكن أرى كليمه أن الجبل العظيم لم يطق الثبات لتجليه له، فكيف تطبق أنت الثبات للرؤية التي سألتها {وقال القاضى تاج الدين السبكى} في منع الموانع الكبير، الخلاف بين الفلاسفة وغيرهم من الفرق ثلاثة أقسام، قسم لا يصدم مذهبهم فيه أصلاً من أصول الدين وليس من ضرورة الشرع منازعتهم فيه {قال الغزالي} في كتاب "تهافت الفلاسفة" كقولهم خسوف القمر عبارة عن انمحاء ضوئه بتوسط الأرض بينه وبين الشمس من حيث أنه يقتبس نوره من الشمس، والأرض كرة والسماء محيطة بها من الجوانب، فإذا وقع القمر في ظل الأرض انقطع عنه نور الشمس، وكقولهم إن خسوف الشمس معناه وقوف جرم القمر بين الناظر وبين الشمس، وذلك عند اجتماعهما في العقدتين على دقيقة واحدة، وهذا الفن لسنا نخوض في إبطاله، إذ لا يتعلق به غرض، قال الغزالي ومن ظن أن المناظرة في إبطال هذا من الدين فقد جنى على الدين وضعّف أمره، وان هذه الأمور يقوم عليها براهين هندسية حسابية لا يبقى معها ريبة، فمن يطلع عليها ويحقق أدلتها حتى يخبر بسببها عن وقت الكسوف وقدره ومدة بقائه الى الانجلاء اذا قيل له إن هذا على خلاف الشرع لم يسترب فيه وإنما يستريب في الشرع، وضر والشرع ممن ينصره لا بطريقة أكثر من ممن يطعن فيه؛ وهو كما قيل عدو عاقل خير من صديق جاهل {فان قيل} فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينكسفان لموت أحد ولا لحايته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا الى ذكر الله والصلاة" فكيف يلائم هذا ما قالوه؟ {قلنا} ليس في هذا لا يناقض ما قالوه، إذ ليس فيه إلا نفى الكسوف لموت أحد وحياته والأمر بالصلاة عنده، والشرع الذي يأمر بالصلاة عند الزوال والغروب وا لطلوع من أين يبعد منه أن يأمر عند الخسوف بهما استحباباً {فإن قيل} فقد روى في آخر الحديث ولكن الله اذا تجلى لشيء خشع له، فيدل أن الكسوف خشوع بسبب التجلى {قلنا} هذه الزيادة لم يصح نقلها فيجب تكذيب ناقلها، ولو كان صحيحاً لكان تأويله أهون من مكابرة أمور قطيعة، فكم من ظواهر أوّلت بالأدلة العقلية التي لا تنتهي في الوضوح الى هذا الحد، وأعظم ما يفرح به الملحد أن يصرح ناصر الشرع بأن هذا وأمثاله على خلاف الشرع فيسهل عليه طريق إبطال الشرع، {قال التاج السبكي} وهو صحيح غير أن إنكار حديث "ان الله تعالى اذا تجلى لشئ من خلقه

-[مذاهب العلماء في صلاة كسوف الشمس ركعتين كسائر النوافل]- .....

_ خشع له" ليس بجيد، فإنه مروى في النسائى وغيره ولكن تأويله ظاهر، فأى بعد في أن العالم بالجزئيات ومقدر الكائنات سبحانه يقدّر في أزل الآزال خسوفها بتوسط الأرض بين القمر والشمس ووقوف جرم القمر بين الناظر والشمس ويكون ذلك وقت تجليه سبحانه وتعالى عليهما فالتجلى سبب لكسوفهما، قضت العادة بأنه يقارن توسط الأرض ووقف جرم القمر لا مانع من ذلك، ولا ينبغي منازعة القوم فيه اذا دلت عليه براهين قطعية اهـ {وفي الباب} عن بلال رضى الله عنه قال "كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله فاذا رأيتم ذلك فصلوا كأحدث صلاة صليتموها" وأورده الهيثمى وقال رواه البزار والطبرانى في الأوسط والكبير، وعبد الرحمن بن أبى ليلى لم يدرك بلالاً، وبقية رجاله ثقات {وروى ابن أبى شيبة في مصنفه} بسند صحيح عن إبراهيم (كانوا يقولون إذا كان ذلك "يعنى الكسوف" فصلوا كصلاتهم حتى تنجلى) قال وحدثنا وكيع حدثنا إسحاق بن عثمان الكلابى عن أبى أيوب الهجرى قال "انكسفت الشمس بالبصرة وابن عباس أمير عليها فقام بصلى بالناس فقرأ فأطال القراءة ثم ركع فأطال الركوع ثم رفع رأسه ثم سجد ثم فعل مثل ذلك في الثانية فلما فرغ، قال هكذا صلاة الآيات، قال فقلت بأي شيء قرأ فيهما؟ قال بالبقرة وآل عمران" قال وحدثنا وكيع عن يزيد بن ابراهيم عن الحسن "أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف ركعتين فقرأ في إحداهما بالنجم" {الأحكام} أحاديث الباب تدل على جوام صلاة كسوف الشمس ركعتين في كل ركعة ركوع واحد كصلاة العيد والنوافل، وإلى ذلك ذهب الكوفيون والحنفية محتجين بأحاديث الباب وبما ورد في ذلك من الآثار (قال العينى) قال ابن حزم في المحلىَّ وقد أخذ بهذا طائفة من السلف منهم عبد الله بن الزبير صلى في الكسوف ركعتين كسائر الصلوات {فإن قيل} قد خطَّأه في ذلك أخوه عروة، قلنا عروة أحق بالخطأ من عبد الله الصاحب الذي عمل بعلم وعروة أنكر ما لم يعلم، وذهب ابن حزم إلى العمل بما صح من الأحاديث فيها، ونحا نحوه ابن عبد البر فقال وإنما يصير كل عالم الى ما روى عن شيوخه ورآى عليه أهل بلده، وقد يجوز أن يكون ذلك اختلاف إباحة وتوسعة، قال البيهقى وبه قال ابن راهويه وابن خزيمة وأبو بكر بن إسحاق والخطابى، واستحسنه ابن المنذر، وقال ابن قدامة مقتضى مذهب أحمد أنه يجوز أن تصلى صلاة الكسوف على كل صفة، وقال ابن عبد البر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الكسوف مراراً، فحكى كلٌّ ما رآى وكلهم صادق كالنجوم من اقتدى بهم اهتدى اهـ وقال أبو بكر بن المنذر وكان بعض أصحابنا يقول الاختيار في صلاة الكسوف ثابت والخيار في ذلك للمصلى، إذن شاء فى كل ركعة ركوعين، وإن شاء ثلاثة وان شاء أربعة، ولم يصح عنده ذلك، قال وهذا يدل

-[كلام العيني في جواز صلاة كسوف الشمس ركعتين ركعتين]- (4) باب من روى أنها ركعتان فى كل ركعة ركوعان وكونها فى المسجد جماعة وبيان مراتب الأركان طولا وقصرا (1694) عن عمرة قالت سمعت عائشة رضى الله عنهما قالت جاءتني يهودية تسألنى (1) فقالت أعاذك الله من عذاب القبر، فلمَّا جاء النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم)

_ على أن النبى صلى الله عليه وسلم في كسوفات كثيرة اهـ {وفي حديث النعمان بن بشير} رضى الله عنه أى الأخير من أحاديث الباب دليل على جواز صلاة الكسوف ركعتين ركعتين كصلاة النوافل حتى تنجلى الشمس لقوله "وكان يصلى ركعتين ثم يسأل ثم يصلى ركعتين ثم يسأل حتى انجلت الشمس" وبه قالت الحنفية أيضاً، وقال مخالفوهم يحتمل أن يكون معنى قوله (ركعتين) أى ركوعين وأن يكون السؤال وقع بالاشارة فلا يلزم التكرار (قال العينى) مراد هذا القائل الرد على الحنفية في قولهم إن صلاة الكسوف كسائر الصلوات بلا تكرار الركوع لما ذكرنا وجه ذلك ولا يساعد ما يذكره. لأن تأويله ركعتين بركوعين تأويل فاسد باحتمال غير ناشئ عن دليل وهو مردود {فان قلت} فعلى ما ذكرت فقد دل الحديث على أنه يصلىَّ للكسوف ركعتان بعد ركعتين ويزاد أيضاً الى وقت الانجلاء فأنتم ما تقولون به {قلت} لا نسلم ذلك وقد روى الحسن عن أبى حنيفة إن شاؤا صلوا ركعتين، وإن شاؤا صلوا أربعاً، وإن شاؤا صلوا أكثر من ذلك، ذكره في المحيط وغيره، فدل ذلك على أن الصلاة إن كانت بركعتين يطوِّل ذلك بالقراءة والدعاء في الركوع والسجود الى وقت الانجلاء، وإن كانت أكثر من ركعتين فالتطويل يكون بتكرار الركعات وقول القائل المذكور وأن يكون السؤال وقع بالاشارة، قلت يرد هذا ما أخرجه عبد الرزاق باسناد صحيح عن أبى قلابة أنه صلى الله عليه وسلم كلما ركع ركعة أرسل رجلاً لينظر هل انجلت، فهذا يدل على أن السؤال في حديث النعمان كان بالارسال لا بالاشارة، وأنه كلما كان يصلى ركعتين على العادة يرسل رجلاً يكشف عن الانجلاء اهـ أما القائلون بأن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان فتقدم الكلام على مذاهبهم وذكر أدلتهم في أحكام الباب الأول والله أعلم (1694) عن عمرة {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن يحى ابن سعيد قال حدثتنى عمرة قالت سمعت عائشة رضى الله عنها "الحديث" {غريبة} (1) الظاهر أنها جاءت تسألها صدقة فقالت لها ذلك كما هي عادة السائل الدعاء للمحسن، والظاهر أن هذه اليهودية علمت ذلك من التوراة وكانت عائشة رضى الله عنها لم تسمع

-[ثبوت عذاب القبر واستحباب التعوذ منه]- قلت يا رسول الله أنعذَّب فى القبور؟ قال عائذٌ بالله (1) فركب مركبًا فخسفت الشَّمس فخرجت فكنت بين الحجر (2) مع النِّسوة فجاء النَّبيُّ (صلى الله عليه وسلم) من مركبه (3) فأتى مصلاَّه فصلَّى النَّاس وراءه فقام فأطال القيام (4) ثمَّ ركع فأطال الرُّكوع (5) ثمَّ رفع رأسه فأطال القيام (6) ثمَّ ركع فأطال الرُّكوع ثمَّ

_ بعذاب القبر قبل ذلك فلم تصدقها، وسألت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت "انعذب في القبور؟ " (1) هكذا رواية الامام أحمد عائذ بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف أى أنا عائذ، ورواية الشيخين عائذاً بالنصب على المصدرية تقديره أعوذ عائذاً بالله، أى أعوذ عياذاً بالله، ويجوز أن يكون عائذاً على بابه ويكون منصوباً على الحال وصاحب الحال محذوف تقديره أعوذ حال كونى عائذاً بالله، وكان ذلك قبل أن يوحى إلى النبى صلى الله عليه وسلم في عذاب القبر؛ يدل عليه ما رواه مسلم والامام أحمد عن عائشة وسيأتى في كتاب الجنائز في أبواب عذاب القبر قالت "دخل علىّ النبى وعندي امرأة من اليهود وهي تقول أشعرت أنكم تفتنون في القبور فارتاع النبى صلى الله عليه وسلم وقال إنما تفتن اليهود، قالت عائشة فلبثنا ليالى ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم هل شعرت أنه أوحى إلىَّ أنكم تفتنون في القبور؟ قالت عائشة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بستعيذ من عذاب القبر" (وقوله فركب مركباً) أى خرج مخرجاً كما في رواية عند النسائى (2) الحجر بضم المهملة وفتح الجيم جمع حجرة، وهى بيوت أزواجه صلى الله عليه وسلم وكانت لاصقة بالمسجد (3) لفظ البخارى والموطأ "فرجع ضحى" أى من مركبه ذلك، وضحى مقصور منون أى عند ارتفاع الشمس أول النهار (وقولها فأتى مصلاه) تعنى موقفه الذى كان يصلى فيه في المسجد (4) أى بنحو سورة البقرة كما في بعض روياتها (5) أى نحواً مما قام كما في بعض الروايات (6) أى وهو دون القيام الأول وهكذا كل قيام وركوع وسجود يكون الركعة الأولى، وكذلك الركوع الأول في الثانية يكون أقل من الركوع الأخير في الأولى، ومثل ذلك السجود ورجحه الحافظ، ويؤيد ذلك ما جاء مصرحاً به في حديث جابر عند مسلم والامام أحمد وسيأتى بلفظ "ليس فيها ركعة إلا التى قبلها أطول من التى بعدها إلا أن ركوعه نحو من قيامه" أى الذى قبله (وقوله ثم رفع رأسه فأطال القيام ثم سجد الخ) هذا التصريح بطول القيام بعد الرفع من الركوع الثاني جاء في هذا الباب عند الامام أحمد في هذا الحديث وحديث أسماء وجابر الآيتين، وجاء في حديث جابر عند مسلم أيضاً بلفظ

-[حجة القائلين بأن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ركوعان]- رفع رأسه فأطال القيام ثمَّ سجد فأطال السُّجود (1) ثمَّ قام أيسر من قيامه الأوَّل، ثمَّ ركع أيسر من ركوعه الأوَّل، ثمَّ قام أيسر من قيامه الأوَّل، ثمَّ ثمَّ ركع أيسر من ركوعه الأوَّل، ثمَّ سجد أيسر من سجوده الأوَّل، فكانت أربع ركعاتٍ وأربع سجداتٍ (2) فتجلَّت الشَّمس، فقال إنَّكم تفتنون فى القبور كفتنة الدَّجَّال؛ قالت فسمعته بعد ذلك يستعيذ بالله من عذاب القبر (3) (1695) عن الزُّهريِّ قال أخبرني عروة بن الزُّبير أنَّ عائشة رضى الله عنها زوج النَّبيِّ (صلى الله عليه وسلم) قالت كسفت الشَّمس فى حياة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

_ "ثم رفع فأطال ثم سجد سجدتين ثم قام فصنع نحواً من ذاك "الحديث" قال النووى هذا ظاهره أنه طوّل الاعتدال الذى يلى السجود ولا ذكر له في باقى الروايات ولا في رواية جابر من جهة غير أبى الزبير؛ وقد نقل القاضى إجماع العلماء أنه لا يطول الاعتدال الذي يلى السجود؛ وحينئذ يجاب عن هذه الرواية بجوابين (أحدهما) أنها شاذة مخالفة برواية الأكثرين فلا يعمل بها (والثانى) أن المراد بالاطالة تنفيس الاعتدال ومدِّه قليلاً، وليس المراد إطالته نحو الركوع اهـ {قلت} أما قول الأمام النووى رحمه الله فانها شاذة فليس كذلك، لأن الامام أحمد روى مثلها من حديثى عائشة وأسماء فلا شذوذ فيها (وأما) حملها على تنفيس الاعتدال ومده قليلاً فيخالفه سياق الحديث، فان عبارة التطويل واحدة بلفظ واحد فيه وفي جميع الأركان، فان صح الاجماع كما نقل عن القاضى عياض حملت الاطالة في هذا الموضع على تنفيس الاعتدال كما قال الامام النووى وإلا فلا والله أعلم (1) أى نحو الركوع لما في حديث جابر عند مسلم "وسجوده نحو من ركوعه" (2) أى باعتبار أن في كل ركعة ركوعان (3) أيى تمتحنون فيقال ما علمك بهذا الرجل فيقول المؤمن هو رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقول المنافق سمعت الناس يقولون شيئاً فقلته، هكذا جاء مفسراً في الصحيح، وسيأتى قريباً في باب الخطبة، ويأتى أيضاً بأوسع منه في باب هول القبر وفتنته من كتاب الجنائز إن شاء الله تعالى (وقوله كفتنة المسيح الدجال) يعنى فتنة شديدة جداً وامتحاناً هائلاً، ولكن يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت (4) أى لمّا علم ذلك بطريق الوحى {تخريجه} (ق. لك. نس. وغيرهم) (1695) عن الزهرى {سنده} حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا بشر بن

-[حديث عائشة وفيه تطويل الأركان ومراتبها - وقصة عروة بن الزبير وأخيه عبد الله]- فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقام فكبَّر وصفَّ النَّاس وراءه فكبَّر واقترأ قراءةً طويلةً، ثمَّ كبَّر فركع ركوعًا طويلًا، ثمَّ قال سمع الله لمن حمده فقام ولم يسجد، فاقترأ قراءةً طويلةً هي أدنى من القراءة الأولى، ثمَّ كبَّر وركع ركوعًا طويلًا هو أدنى من الرُّكوع الأوَّل، ثمَّ قال سمع الله لمن حمده ربَّنا لك الحمد، ثمَّ سجد ثمَّ فعل في الرَّكعة الأخرى مثل ذلك، فاستكمل أربع ركعاتٍ وأربع سجداتٍ وانجلت الشَّمس قبل أن ينصرف ثمَّ قام فأثنى على الله عزَّ وجلَّ بما هو أهله، ثمَّ قال إنَّما هما آيتان من آيات الله عزَّ وجلَّ لا ينخسفان لموت أحدٍ ولا لحينه، فإذا أيتموهما فافزعوا للصَّلاة، وكان كثير بن عبَّاس يحدِّث أنَّ عبد الله بن عباسٍ كان يحدّث عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشَّمس مثل ما حدَّث عروة عن عائشة زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم، فقلت لعروة فإنَّ أخاك يوم كسفت الشَّمس

_ شعيب قال حدثني أبي عن الزهري قال أخبرني عروة "الحديث" {غريبة} (1) فيه مشروعية فعلها في المسجد وصلاتها جماعة لقوله "فكبر وصف الناس وراءه (2) كذا عند البخاري أيضًا، وفي رواية مسلم " ثم رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد" قال ذلك في الرفع من الركوعين الأول والثاني من الركعة الأولى، وتقدم أنه يستحب الجمع بين هذين اللفظين وهو مذهب الشافعي، ومن وافقه (3) أي بعد جلسوه للتشهد وقبل الإسلام كما في رواية أخرى للبخاري بلفظ "ثم جلس ثم جلَّى عن الشمس" (4) كذا عند البخاري أيًا، وفي رواية مسلم "ثم قام فخطب الناي فأثنى على الله بما هو أهله ثم قال إن الشمس والقمر آيتان إلى قوله فافزعوا للصلاة" (5) بفتح الزاى أي التجئوا وتوجهوا، وفيه إشارة إلى المبادرة إلى المأمور به وأن الالتجاء إلى الله عز وجل عند المخاوف بالدعاء والاستغفار سبب لمحو ما فرط من العصيان، يرجى به زوال المخاوف، وأن الذنوب سبب للبلايا والعقوبات العاجلة والآجلة نسأل الله تعالى رحمته وعفوه أنه آمين (6) هو أخو عبد اله بن عباس عب المطلب الهاشمي أبو تمام صحابي صغير مات بالمدينة أيام عبد الملك، قال الحافظ في التقريب (7) القائل هو الزهري.

-[حديث أسماء وفيه تطويل الأركان كلها عدا الرفع من السجود]- بالمدينة لم يزد على ركعتين مثل صلاة الصُّبح، فقال أجل إنَّه أخطأ السُّنَّة (1696) عن أسماء بنت أبي بكرٍ رضي الله عنهما قالت صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكسوف قالت فأطال القيام، ثمَّ ركع فأطال الرُّكوع، ثمَّ قام فأطال القيام، ثمَّ ركع فأطال الرُّكوع، ثمَّ رفع فأطال القيام، ثمَ سجد فأطال السُّجود، ثمَّ رفع ثمَّ سجد فأطال السُّجود، ثمَّ قام فأطال القيام، ثمَّ ركع فأطال الرُّكوع، ثمَّ رفع فأطال القيام، ثمَّ ركع فأطال الرُّكوع، ثمَّ رفع ثمَّ سجد فأطال السُّجود، ثمَّ رفع ثمَّ سجد فأطال السُّجود، ثمَّ انصرف فقال دنت منِّي الجنَّة حتَّى لو اجترأت لجتئكم بقطافٍ من قطافها، ودنت منِّي

_ يقول لعروة بن الزبير (فإن أخاك) يعني عبد الله بن الزبير، وفي رواية للبخاري من وجه آخر "فقلت لعروة والله ما فعل ذاك أخوك عبد الله بن الزبير، انخسفت وهو بالمدينة زمن أراد أن يشير أن يسير إلى الشام فما صلى إلا مثل الصبح" (1) هو مثل نهم وزنًا ومعنى، ولفظ البخاري "أجل لأنه أخطأ السنة" وفي رواية ابن حبان "فقال أجل كذلك صنع وأخطأ السنة" (قال الحافظ) واستدل به على أن السنة أن يصلي صلاة الكسوف في كل ركعة ركوعان، وتعقب بأن عروة تابعي وعبد الله صحابي فالأخذ بفعله أولى (وأجيب) بأن قول عروة وهو تابعي السنة كذا وإن قلنا إنه مرسل على الصحيح، لكن قد ذكر عروة مستندة في ذلك وهو خبر عائشة المرفوع فانتفى عنه احتمال كونه موقوفًا أو منقطعًا فيرجح المرفوع على الموقوف، فلذلك حكم على صنيع أخيه بالخطأ وهو أمر نسبي، وإلا فما صنعه عبد الله يتأدى به أصل السنة وإن كان فيه تقصير بالنسبة إلى كمال السنة، ويتحمل أن يكون عبد الله أخطأ السنة عن غير قصد، لأنها لم تبلغه والله أعلم أه (تخريجه) (ق. هق. والأربعة) (1696) عن أسماء بنت أبي بكر (سنده) حدقنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود قال ثنا نافع ابن عمر عن ابن أب أبي مليكة عن أسماء بنت أبي بكر "الحديث" (غريبه) (2) فيه أنه لم يطل القيام بعد الرفع من الركوع الثاني من الركعة الثانية كما أطالع في الركعة الأولى، وفيه أيضاً عدم التصريح بطول الاعتدال بين

-[حجة القائلين بأنها ركعتان في كل ركعة ركوعات]- النَّار حتَّى قلت يا ربِّ وأنا معهم وإذا امرأة تخدشها هرَّةٌ، قلت ما شأن هذه؟ قيل لي حبستها حتَّى ماتت لا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض (وعنها من طريقٍ ثانٍ) قالت انكسفت الشَّمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فصلَّى فأطال القيام، ثمَّ ركع فأطال الرُّكوع، ثمَّ رفع فأطال القيام، ثمَّ ركع فأطال الرُّكوع، ثمَّ رفع فأطال القيام، ثمَّ سجد سجدتين، ثمَّ فعل في الثَّانية مثل ذلك (الحديث بنحو ما تقدم) (1697) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال كسفت الشَّمس فقام رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وأصحابه فقرأ سورةً طويلةً ثمَّ ركع، ثمَّ رفع رأسه فقرأ ثمَّ ركع وسجد سجدتين، ثمَّ قام فقرأ وركع، ثمَّ سجد سجدتين، أربع ركعاتٍ وأربع سجداتٍ في ركعتين (1698) حدّثنا عبد الله حدَّثني أبي حدَّثنا إسحاق يعني ابن عيسى قال أنا مالكٌ عن زيدٍ يعني ابن أسلم عن عطاء بن بسار عن ابن عبَّاسٍ (رضي الله عنهما) قال خسفت الشَّمس فصلَّى رسول الله صلَّى الله عليه وآله وسلَّم

_ السجدتين في الركعتين الأولى والثانية، وسائر الأركان مصرح بتطويلها (1) المعنى يارب أتعذبهم وأنا معهم وقد قلت {وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم الآية} وتقدم الكلام على ذلك في شرح حديث عبد الله لن عمرو رقم 1688 في الباب السابق (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قنا وكيع عن نافع بن عمر ابن أبي مليكة عن أسماء "الحديث" (تخريجه) (ق. د. نس. جه) (1697) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدني أبي ثنا إسحاق يعني ابن يوسف عن شريك عن خصيف عن مقسم عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (3) يعني ركوعات (تخريجه) (نس) وسنده جيد (1698) حدثنا عبد الله (غريبه) (4) زاد القعنبي على عهد رسول الله

-[حديث ابن عباس رضى الله عنهما وفيه مراتب الأركان]- والنَّاس معه فقام قيامًا طويلًا قال نحوًا من سورة البقرة ثمَّ ركع ركوعًا طويلًا ثمَّ رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأوَّل ثمَّ ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الرُّكوع الأوَّل، ثمَّ سجد ثمَّ قام فقام قيامًا طويلًا وهو دون الرُّكوع الأوَّل قال أبي وفيما قرأت على عبد الرَّحمن قال ثمَّ قام قيامًا طويلًا دون القيام الأول، ثمَّ ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الرُّكوع الأوَّل ثمَّ رفع فقام قيامًا طويلًا وهو دون القيام الأوَّل، ثمَّ ركع ركوعًا طويلًا وهو دون الرُّكوع الأوَّل، ثمَّ سجد ثمَّ انصرف ثمَّ رجع إلى حديث إسحاق

_ صلى الله عليه وسلم (1) فيه مشروعية الجماعة فيها (2) فيه أن القراءة كانت سرَّا، وكذا قول عائشة في بعض طرق حديثها فحزرت قراءته فرأيت أنه قرأ بسورة البقرة، وقول بعضهم كان ابن عباس صغيرًا فمقامه آخر الصفوف فلم يسمع القراءة فحزر المدة مردود بقول ابن عباس قمت إلى جانب النبي صلى الله عليه وسلم فما سمعت منه حرفًا قاله أبو عمر (3) أي نحو قيامه كما في بعض الروايات (4) قدروه بنحو آل عمران، وفيه أن الركعة الثانية أقصر من الأولى (5) يعني سجدتين فأطال فيهما نحو الركوع على ما دلت عليه الأحاديث الأخرى (6) هكذا جاء في المسند بلفظ " وهو دون الرجوع الأول" وهذه الرواية رواها الإمام أحمد عن إسحاق بن عيسى من أول الحديث إلى آخر الأول" فروايتهم " وهو دون القيام الأول" ولما كانت هذه الجملة تخالف رواية الجماعة أتى الإمام أحمد رحمه الله بروايته الأخرى لمتفق عليها التي رواها عن عبد الرحمن بن مهدي عن مالك أيضًا، وهذا معنى قول عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله؛ قال أي وفيما قرأت على عبد الرحمن قال "ثم قام قيامًا طويلاً دون القيام الأول" إلى قوله "ثم سجد ثم انصرف" فلله درّ الإمام أحمد ما أحفظه للسنة وأجمعه للرواية (7) أي الذي قبله من الركعة الأولى وكذا قوله في الركوع "وهو دون الركوع الأول" يعني الذي قبله من الركعة الأولى وهذا هو المختار عند جمهور العلماء، وقال بعضهم يحتمل أن يراد به القيام الأول والركوع الأول من الركعة الأولى، قال ابن عبد البر وأي ذلك كان فلا حرج إن شاء الله تعالى (قلت) ويقال مثل هذا في الباقي والله أعلم، قال ابن بطال ولا خلاف في أن الركعة الأولى بقيامها وركوعها أطول من الثانية بقيامها وركوعها (8) يعني أن

-[خرق العادة للنبي صلى الله عليه وسلم وشيء من معجزاته]- ثمَّ انصرف وقد تجلت الشَّمس فقال إنَّ الشَّمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحدٍ ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فاذكروا الله؛ قالوا يا رسول الله رأيناك تناولت شيئًا في مقامك ثمَّ رأيناك تكعكعت فقال إنِّي رأيت الجنَّة تناولت منها عنقودًا ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدُّنيا

_ الإمام أحمد رحمه الله رجع إلى رواية إسحاق بن عيسى فأكمل بها الحديث، وهي من قوله ثم انصرف وقد تجلت الشمس إلخ الحديث (1) أي تأخرت يقال كعَّ الرجل إذا نكص على عقبيه، قال الخطابي أصله تكعَّعْت فاستثقلوا اجتماع ثلاث عينات فأبدلوا من أحدهما حرفاً مكرراً (2) ظاهرة أنها رؤية عين فمن العلماء من حمله على أن الحجب كشفت له صلى الله عليه وسلم دونها فرآها على حقيقتها وطويت المسافة بينهما حتى أمكنه أن يتناول منها العنقود وهذا أشبه بظاهر الحديث، ويؤيده حديث أسماء قبل حديث واحد من هذا الباب وفيه " دنت مني الجنة حتى اجترأت لجئتكم بقطاف من قطافها" ومنهم من حمله على أنها مثلت له في الحائط كما تنطبع الصور في المرأة فرأى جميع ما فيها، ويؤيده حديث أنس عند البخاري في التوحيد "لقد عرضت على الجنة والنار آنفًا في عرض هذا الحائط وأنا أصلي" وفي رواية "لقد مثلت" ولمسلم (لقد صورت) قال الحفاظ ولا يرد على هذا، الانطباع إنما هو في الأجسام الصقيلة لأنا نقول هو شرط عادي فيجوز أن تتخرق العادة خصوصاً للنبي صلى الله عليه وسلم لكن هذه قصة أخرى وقعت في صلاة الظهر، ولا مانع أن يرى الجنة والنار مرتين بل مرارًا على صور مختلفة، وأبعد من قال إن المراد بالرؤية رؤية العلم (يعني بطريق الوحي) قال القرطبي لا إحالة في إبقاء هذه الأمور على ظواهرها لا سيما على مذهب أهل السنة في أن الجنة والنار قد خلقتا ووجدتا فيرجع إلى أن الله تعالى خلق لنبيه صلى اله عليه وسلم إدراكًا خاصًا به أدرك به الجنة والنار على حقيقتهما أهـ (3) ظاهر قوله "ولو أخذته لأكلتم منه ما بقيت الدنيا" أنه لم يأخذه، وهو ينافي ما قبله من قوله "تناولت منها عنقودًا" قال الحافظ (وأجيب) بحمل التناول على تكلف الآخذ لا حقيقة الأخذ، وقيل المراد تناولت لنفسي ولو أخذته لأكلتم، حكاه الكرماني وليس بجيد، وقيل المراد بقوله تناولت أي وضعت يدي عليه بحيث كنت قادرًا على تحويله لكن لم يقدر لي قطفه ولو أصبته أي لو تمكنت من قطفه، ويدل عليه قوله في حديث عقبة بن عامر ابن خزيمة أهوى بيده يتناول شيئًا وللمصنف (يعني البخاري) في حديث أسماء في أوائل الصلاة حتى لو اجترأت عليها، وكأنه لم يؤذن له في ذلك

-[أكثر أهل النار النساء]- ورأيت النَّار فلم أر كاليوم منظرًا قطُّ ورأيت أكثر أهلها النِّساء قالوا لم يا رسول الله؟ قال بكفرهنّ، قيل أيكفرن بالله؟ قال يكفرن العشير ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهنَّ الدَّهر ثمَّ رأت منك

_ فلم يجترئ، وقيل الإرادة مقدرة أي أردت أن أتناول ثم لم أفعل، ويؤيده حديث جابر عند مسلم "ولقد مددت يدي وأنا أريد أن أتناول من قمرها لينظروا إليه ثم بدالي أن لا أفعل" ومثله للمصنف (أي البخاري) من حديث عائشة بلفظ "لقد رأيتني أريد أن أخذ قطفًا من الجنة حين رأيتموني جعلت أتقدم" ولعبد الرزاق من طريق مرسلة "أردت أن آخذ منها لأريكموه فلم يقدّر لي" ولأحمد من حديث جابر "فحيل بيني وبينه" قال ابن بطال يأخذ العنقود لأنه من طعام الجنة وهو لا يفنى، والدنيا فانية لا يجوز أن يؤكل فيها مالا يفنى، وقيل لأنه لو رآه الناس لكان من إيمانهم بالشهادة لا بالغيب فيخشى أن يقع رفع العقوبة فلا ينفع نفس إيمانها، وقيل لأن الجنة جزاء الأعمال والجزاء بها لا يقع إلا في قانون التأويل عن بعض شيوخه أنه قال قوله لأكلتم منه إلخ أن يخلق في نفس الآكل مثل الذي يأكل دائمًا بحيث لا يغيب عن ذوقه، وتعقب بأنه رأى فلسفي مبني على أن دار الآخرة لا حقائق لها وإنما هي أمثال؛ والحق أن ثمار الجنة لا مقطوعة ولا ممنوعة وإذا قطعت خلقت في الحال، فلا مانع أن يخلق الله مثل ذلك في الدنيا إذا شاء، والفرق بين الدارين في وجوب الدوام وجوازه (فائدة) بيَّن سعيد ابن منصور في روايته من وجه آخر عن يزيد بن أسلم أن التناول المذكور كان حين قيامه الثاني من الركعة الثانية أفاد الحافظ (1) لفظ البخاري (فلم أر منظرًا كاليوم قط أفظع) أي أشنع وأسوأ، والمراد باليوم الوقت الذي هو فيه، أي لم أر منظرًا مثل منظر رأيته اليوم فخذف المرئى وأدخل التشبيه على اليوم بشاعة ما رأى فيه وبعده عن المنظر المألوف، وقيل الكاف اسم والتقدير ما رأيت مثل منظر هذا اليوم منظرًا (2) استشكل مع حديث أبي هريرة "إن أدنى أهل لجنة منزلة من له زوجتان من الدنيا" فمقضتاه أن النساء ثلثا أهل الجنة؛ وأجيب بحمله على ما بعد خروجهن من النار (3) أي الزوج وقوله " ويكفرن الإحسان" بيان لقوله يكفرن العشير لأن المراد كفر إحسانه لا كفر ذاته فالجملة مع الواو مبينة للأولى نحو أعجبني الإسلام وسماحته، والمراد بكفر الإحسان تغطيته أو جحده ويدل عليه قوله " ولو أحسنت إلى إحداهن الدهر كله) أي مدة عمر الرجل أو الزمان مبالغة "ثم رأت منك شيئًا" قليلا لا يوافق غرضها من أي نوع كان "قالت م رأيت منك خيرًا قط"

-[المبادرة إلى الصلاة عند كسوف الشمس أو القمر]- شيئًا قالت ما رأيت منك خيرًا قطُّ (1699) عن أبي شريح الخزاعيِّ قال كسفت الشَّمس في عهد عثمان ابن عفَّان رضي الله عنه وبالمدينة عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال فخرج عثمان فصلَّى بالنَّاس تلك الصَّلاة ركعتين وسجدتين في كلِّ ركعةٍ، قال ثمَّ انصرف عثمان فدخل داره وجلس عبد الله بن مسعودٍ إلى حجرة عائشة رضي الله عنها وجلسنا إليه، فقال إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بالصَّلاة عند كسوف الشَّمس والقمر، فإذا رأيتموه قد أصابهما فافزعوا إلى الصَّلاة فإنِّها كانت الَّتي تحذرون كانت وأنتم على غير غفلةٍ، وإن لم تكن

_ (تخريجه) (ق. لك. والأربعة) (1699) عن أبي شريح الخزاعي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب حدثنا عن أبي بن إسحاق ثنا الحارث بن فضيل الأنصاري ثم الخطمى عن سفيان بن أبي العوجاء السلمى عن أبي شريح الخزاعى (الحديث) (غريبه) (1) يعني فإذا رأيتم الكسوف قد أصاب الشمس أو القمر (فافزعوا إلى الصلاة) أي بادروا إليها (2) يريد والله أعلم إرسال عذاب أو قيام الساعة، ويدل عل ذلك ما رواه مسلم عن أبي موسى قال خصفت الشمس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقام فزعًا يخشى أن تكون الساعة حتى أتى المسجد فقام يصلي بأطول قيام وركوع وسجود (الحديث) فإن قيل هذا قد يستشكل من حيث أن الساعة لها مقدمات كثيرة لابد من وقوعها ولم تكن وقعت كطلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة والنار والدجال وقتال الترك وأشياء أخر لابد من وقوعها قبل الساعة كفتوح الشام والعراق ومصر وغيرهما، وانفلق كنوز كسرى في سبيل الله تعالى وقتال الخوارج وغير ذلك من الأمور المشهودة في الأحاديث الصحيحة (قال النووي) ويجاب عنه بأجوبة (أحدها) لعل هذا الكسوف كان قبل إعلام النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الأمور (الثاني) لعله خشى أن تكون بعض مقدماتها (الثالث) أن الراوي ظن أن النبي صلى الله عليه وسلم يخشى أن تكون الساعة وليس يلزم من ظنه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم خشي ذلك حقيقة بل خرج النبي صلى اله عليه وسلم مستعجلاً مهمتًا بالصلاة وغيرها من أمر الكسوف مبادرًا إلى ذلك وربما

-[حديث جابر في كونها ركعتين في كل ركعة ركوعات]- كنتم قد أصبتم خيرًا واكتسبتموه (1700) عن جابر بن عبد الله الأنصاريٍّ رضي الله عنهما قال خسفت الشَّمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يومٍ شديد الحرِّ فصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه فأطال القيام حتَّى جعلوا يخرُّون ثمَّ ركع فأطال الرُّكوع، ثمَّ رفع رأسه فأطال، ثمَّ ركع فأطال، ثمَّ رفع رأسه فأطال ثمَّ سجد سجدتين، ثم قام فصنع مثل ذلك، ثمَّ جعل يتقدَّم ثمَّ جعل يتأخَّر، فكانت أربع ركعاتٍ وأربع سجداتٍ، ثمَّ قال إنَّه عرض عليَّ كلُّ شيءٍ توعدونه فعرضت عليَّ الجنَّة حتَّى لو تناولت منها قطفًا أخذته أو قال تناولت منها قطفًا فقصرت يدي عنه شكَّ هشامٌ (أحد الرواة) وعرضت عليَّ النَّار فجعلت أتأخَّر رهبة أن تغشاكم فرأيت فيها امرأة حميريَّةً سوداء طويلة تعذَّب

_ خاف أن يكون نوع عقوبة كما كان صلى الله عليه وسلم عند هبوي الريح تعرف لكراهة في وجهه ويخاف أن يكون عذابًا فظن الراوي خلال ذلك، ولا اعتبار بظنه أهـ (1) أي بامتثال الأمر وأداء الصلاة (تخريجه) (هق) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير والبزار ورجاله موثقون. (1700) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا كثير بن هشام ثنا هشام بن أبي عبد الله صاحب الدستوائي عن أبي الزبير عن جابر (غريبه) (2) أي يسقطون على الأرض من طول القيام (3) فيه إطالة الاعتدال بعد الرفع من الركوع الثاني، وتقدم الكلام عليه في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (4) أي لتناول القطف من الجنة كما تقدم " وقوله ثم جعل يتأخر" أي عن النار مخافة أن يصيبه من لفحها كما مر (5) أي ركوعات وأربع سجدات في ركعتين (6) أي من أمور الدنيا والآخرة التي تختص بكم، وفي رواية لمسلم من حديث جابر أيضًا "أنه عرض على كل شيء "تولجونه" أي تدخلونه من جنة ونار وقبر ومحشر وغيرها (7) أي امتنعت، وفيه أن الجنة والنار مخلوقتان موجودتان اليوم وأن في الجنة ثمارًا وهذا

-[عدم الرأفة بخلق الله يوجب العذاب بالنار]- في هرَّة لها ربطتها فلم تطعمها ولم تسقها، ولم تدعها تأكل من خشاش الأرض، ورأيت أبا ثمامة عمرو بن مالكٍ يجرُّ قصبه في النًّار، وإنَّهما آيتان من آيات الله عزَّ وجلَّ يريكموهما، فإذا خسفت فصلُّوا حتَّى تنجلي

_ كله مذهب أهل السنة خلافًا للمعتزلة (1) هو صاحب المحجن، وتقدم الكلام عليه في شرح حديث عمرو بن العاص في الباب السابق، "وقوله قصبه" بضم القاف وإسكان الصاد وهي الأمعاء (تخريجه) (م. د. نس. هق) {وفي الباب} عن ابن عمر رضي الله عنهما أن الشمس انكسفت لمون عظيم من العظماء، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم فصلى بالناس فأطال القيام حتى قيل لا يركع من طول القيام، ثم ركع فأطال الركوع حتى قيل لا يرفع من طول الركوع، ثم رفع فأطال القيام نحوًا من قيامه الأول، ثم ركع فأطال الركوع كنحو ركوعه الأول، ثم رفع رأسه فسجد؛ ثم فعل في الركعة الآخرة مثل ذلك، فكانت أربع ركعات وأربع سجدات، ثم أقبل على الناس فقال أيها الناس، إن الشمس والقمر لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنهما آيتان من آيات الله، فإذا رأيتموهما فافزعوا إلى الصلاة" أورده الهيثمي وقال رواه البزار من طريقين في إحداهما مسلم بن خالد وهو ضعيف وقد وثق، وفي الأحرى عدى بن الفضل وهو متروك (وروى البخاري ومسلم والنسائي) منه من رواية قاسم بن محمد عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن الشمس والقمر لا يخسفات لموت أحد ولا لحياته ولكنهما أية من لآيات اله فإذا رأيتموهما فصلوا" (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه قال" كسفت الشمس على عهد رسول اله صلى اله عليه وسلم فقام فصلى للناس فأطال القيام، ثم ركع فأطال الركوع، ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول، ثم رجع فأطال الرجوع وهو دون الركوع الأول، ثم سجد فأطال السجود، ثم رفع ثم سجد فأطال السجود وهو دون السجود الأول، ثم قام فصلى ركعتين وفعل فيهما مثل ذلك، ثم سجد سجدتين يفعل فيهما مثل ذلك حتى فزع من صلاته، ثم قال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله وإنهما لا ينكسفان لموت أحد ولا لحياته؛ فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى ذكر الله عز وجل وإلى الصلاة" رواه النسائي (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن صلاة الكسوف لها هيئة تخصها من التطويل الزائد على العادة في القيام والركوع والاعتدال والسجود، وقد بينا مراتب هذا الطول في خلال الشرح (وفيها دليل) على أن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة قيامان وقراءتان وركوعان، وأما السجود فسجدتان في كل ركعة كغيرها من الصلوات، وإليه ذهب

-[مذاهب العلماء في كيفية صلاة الكسوف وكونها جماعة بالمسجد]- (5) باب من روى أنها ركعتان في كل ركعة ثلاث ركوعات (1701) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، قال كسفت الشَّمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك اليوم الَّذي مات فيه إبراهيم عليه السَّلام بن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النَّاس إنَّما كسفت الشَّمس لموت إبراهيم، فقام النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فصلَّى بالنَّاس ستَّ ركعاتٍ في أربع سجداتٍ، كبَّر ثمَّ قرأ فأطال القراءة ثمَّ ركع نحوًا ممَّ قام، ثمَّ رفع رأسه فقرأ دون الراءة الأولى، ثمَّ ركع نحوًا ممَّا قام ثمَّ رفع رأسه فقرأ دون القراءة الثَّانية، ثمَّ ركع نحوًا ممَّا قام، ثمَّ رفع رأسه فانحدر للسُّجودن فسجد سجدتين، ثمَّ قام فركع ثلاث ركعاتٍ قبل أن يسجد ليس فيها ركعةٌ إلَّا الَّتي قبلها أطول من الَّتي بعدها، إلَّا أن ركوعه

_ الأئمة (مالك والشافعي وأحمد والليث وأبو ثور) وجمهور علماء الحجاز وتقدم الكلام على ذلك في أحكام الباب الأول (وفيها مشروعية) كونها في المسجد الجامع جماعة لما جاء في حديث عائشة المتفق عليه من أحاديث الباب "فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد فقام فكر وصف الناس وراءه" قال النووي ويستحب أن تصلي في المسجد جماعة، ويجوز في مواضع من البلد، وتسن للمرأة والعبد والمسافر والمنفرد، هذا هو المذهب، وبه قطع الأصحاب في طريقهم، قال وحكى الرافعي وجهًا أنه يشترط لصحتها الجماعة؛ ووجهًا أنها لا تقام إي في جماعة واحدة كالجمعة وهما شاذان مردودان، قال أصحابنا ولا تتوقف صحتها على صلاة الإمام ولا إذنه. قال الشافعي والأصحاب فإن خرج الإمام فصلى بهم جماعة خرج الناس معه فإن لم يخرج طلبوا إماماً يصلي بهم، فإن لم يجدوا صلوا فرادى، فإن خافوا الإمام لوصلوا علانية صلوها سرًا، وبهذا قال: (مالك وأحمد وإسحق) وقال الثوري ومحمد إذا لم يصل الإمام صلاة فرادى (أهـ. ج. والله أعلم (1701) عن جابر عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبد الملك أخبرني عطاء عن جابر بن عبد اله "الحديث" (غريبه) (1) يعني القيام الثاني، وعلى هذا فركوعه الثاني أقل من ركوعه الأول، لأن قيامه الثاني أقل من الأول (وقوله ثم ركع نحوا مما قام) يعني أن ركوعه الثالث كان قدر قيامه الثالث.

-[حجة القائلين بأن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ثلاث ركوعات]- نحوٌ من قيامه ثمَّ تأخَّر في صلاته وتأخَّرت الصُّفوف معه ثمَّ تقدَّم فقام في مقامه وتقدَّمت الصُّفوف فقضى الصَّلاة وقد طلعت الشَّمس، فقال يا أيُّها النَّاس إنَّ الشَّمس والقمر آيتان من آيات الله عزَّ وجلَّ وإنَّهما لا ينكسفان لموت بشرٍ، فإذا رأيتم شيئًا من ذلك فصلُّوا حتَّى تنجلي، إنَّه ليس من شيءٍ توعدونه إلَّا قد رأيته في صلاتي هذه، ولقد جيء بالنَّار فذلك حين رأيتموني تأخَّرت مخافة أن يصيبني من لفحها حتَّى قلت أي ربِّ وأنا فيهم، ورأيت فيها صاحب المحجن يجرُّ قصبه في النَّار، كان يسرق الحاجُّ بمحجنه فإن فطن به قال إنَّما تعلق بمحجني، وإن غفل عنه ذهب به، وحتَّى رأيت فيها صاحبة الهرَّة التَّي ربطتها فلم تطعمها ولم تتركها تأكل من خشاش الأرض حتَّى ماتت جوعًا، وجيء بالجنَّة فذلك حين رأيتموني تقدَّمت حتَّى قمت في مقامي فمددت يدي وأنا أريد أن أتناول من ثمرها لتنظروا إليه، ثمَّ بدالي أن لا أفعل (1702) عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في صلاة

_ (1) يعني القيام الذي قبله (ولفظ مسلم) "وركوعه نحوا من سجوده" (2) رواية مسلم "وتأخرت الصفوف معه حتى انتهينا إلى النساء ثم تقدم إلخ" قال النووي فيه أن العمل القليل لا يبطل الصلاة، وضبط أصحابنا القليل بما دون ثلاث خطوات متتابعات، وقالوا الثلاث متتابعات تبطلها، ويتأولون هذا الحديث على أن الخطوات كانت متفرقة لا متوالية، ولا يصح تأويله على أ، هـ كان خطوتين، لأن قوله انتهينا إلى النساء يخالفه، وفيه استحباب صلاة الكسوف للنساء، وفيه حضورهن وراء الرجال أهـ (تخريجه) (م. د. هق) (1702) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عبد الصمد ثنا حماد قال ثنا قتادة عن عطاء عن عبيد بن عمير عن عائشة "الحديث"

-[ماذا يفعل من صلى ركعة ثم تجلت الشمس]- الآيات فيركع ثلاث ركعاتٍ ثمَّ يسجد، ثمَّ يركع ثلاث ركعاتٍ ثمَّ يسجد، (فصل منه) فيمن صلاها ركعتين بثلاث ركوعات في الأولى فانجلت فصلى الثانية بركوع واحد (1703) خط حدَّثنا عبد الله وقال وجدت في كتاب أبي بخطِّ يده حدَّثني عبد المتعال بن عبد الوهَّاب ثنا يحيى بن سعيدٍ الأمويُّ ثنا المجالد عن عامرٍ قال كسفت الشَّمس ضحوة حتَّى اشتدَّت ظلمتها فقام المغيرة بن شعبة فصلَّى بالنَّاس فقام قدر ما يقرأ سورةً من المثاني ثمَّ كع مثل ذلك، ثمَّ رفع رأسه، ثمَّ ركع مثل ذلك، ثمَّ رفع رأسه فقام مثل ذلك، ثمَّ رفع الثَّانية مثل ذلك، ثمَّ إن الشَّمس تجلَّت فسجد، ثمَّ قام قدر ما يقرأ سورةً، ثمَّ

_ (غريبه) (1) أي الكسوف ونحوه (2) أي في الركعة الأولى (3) أي في الركعة الثانية (تخريحه) (م. نس) ولفظ النسائي قال أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال حدثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة في صلاة الآيات عن عطاء عن عبيد بن عمير عن طائشة " أن النبي قلى الله عليه وسلم صلى ستا ركعات في أربع سجدات قلت لمعاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لاشك ولا مرية" ورواه مسلم من هذا الطريق عن عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ست ركعات وأربع سجدات" (ورواه مسلم) أيضًا مطولاً قال حدثنا إسحاق عن إبراهيم أخبرنا محمد بن بكر أخبرنا ابن جريج قال سمعت عطاء يقول سمعت عبيد بن عمير يقول حدثني من أصدق حسبته يريد عائشة " أن الشمس انكسفت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام قيمًا شديدًا يقوم قائمًا ثم يركع، ثم يقوم ثم يركع، ثم يقوم ثم يركع، ركعتين في ثلاث ركعات وأربع سجدات، فانصرف وقد تجلت الشمس، وكان إذا ركع قال الله أكبر ثم يركع، وإذا رفع رأسه قال سمع الله لمن حمده، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال إن الشمس والقمر لا يكسفان لموت أحد ولا لحياته ولكنها من آيات الله يخوف الله بهما عباده، فإذا رأيتم كسوفًا فاذكروا الله حتى ينجليا". (1703) (خط) حدثنا عبد الله (غريبه) (4) المثاني هي السور التي تقصر عن المئين، أي عن السور ذات المائة آية وتزيد عن المفصل كالأنفال ونحوها (5) هكذا بالأصل ولعل صوابه

-[قصة عمرو بن عامر الخزاعي الذي غير دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم]- ركع وسجد، ثمَّ انصرف فصعد المنبر فقال إنَّ الشَّمس كسفت يوم توفيَّ إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنَّ الشَّمس والقمر لا ينكسفان لموت أحدٍ، وإنَّما هما آيتان ومن آيات الله عزَّ وجلَّ، فإذا انكسف واحد منهما فافزعوا إلى الصَّلاة؛ ثمَّ نزل فحدَّث أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم كان في الصَّلاة فجعل ينفخ بين يديه، ثمَّ إنَّه مدَّ يده كأنَّه يتناول شيئًا، فلمَّا انصرف قال إنَّ النَّار أدنيت منِّي حتّي نفخت حرَّها عن وجهي، فرأيت فيها صاحب المحجن والَّذي بحَّر البحيرة

_ الثالث كما يدل عليه سياق الحديث وصحف من الناسخ (1) أي ثم ركع في الركعة الثانية ركوعًا واحدًا لأن الشمس تجلت بعد الركوع الثالث من الأولى (2) صاحب المحجن تقدم الكلام عليه والذي بحَّر البحيرة هو عمرو بن عامر الخزاعي، والبحيرة هي التي ذكرت في القرآن في قوله تعالى {ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام} روى البخاري بسنده في صحيحه عن سعيد بن المسيب، قال البحيرة التي يمنع در! ها للطواغيت فلا يجلبها أحد من الناس، والسائبة كانوا يسيبونها لآلهتهم لا يجعل عليها شيء، قال وقال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " رأيت عمر بن عامر الخزاعي يجر قصبه في النار، كان أول من سيب السوائب والوصيلة الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل ثم ثنى بعد بأنثى، وكانوا يسيبونها لطواغيتهم إن وصلت إحداهما بالأخرى ليس بينهما ذكر، والحام فحل الإبل يضرب الضراب المعدود فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت وأعفوه عن الحمل فلم يحمل عليه شيء وسموه الحامي" وكذا (رواه مسلم والنسائي) من حديث إبراهيم بن سعد بهذا الإسناد (وروى ابن جرير) قال حدثنا هناد ثنا يونس بن بكير ثنا محمد بن اسحق حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث عن أبي صالح عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأكثم بن الجون "يا أكثم رأيت عمرو بن لحيي بن قمعة بن خندف يجر قصبه في النار فما رأيت رجلاً أشبه برجل منك به ولا به منك، فقال أكثم تخشى أن يضرني شبهه يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى اله عليه وسلم لا؟ انك مؤمن وهو كافرًا، أنه أول من غير دين إبراهيم وبحَّر البحيرة وسيَّب السائبة وحمى الحامي (قلت) عمرو بن لحيي المذكور في هذا الحديث هو عمرو بن عامر الخزاعي ولحيي بضم اللازم وفتح الحاء المهملة وتشديد التحتية لقب لوالده عامر، وقد تكرر ذكره في الحديث، أحيانًا ينسب

-[مذاهب العلماء في صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة ثلاث ركوعات والقول بتعدد الواقعة]- وصاحبة حمير صاحبة الهرَّة

_ لوالده باسمه وأحيانًا بلقبه (تخريجه) "الحديث" أخرجه الشيخان وغيرهما بدون قصة عامر، ولم أقف على من أخرج هذه القصة غير الإمام أحمد (وفي الباب عن ابن عباس) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم" أنه صلى في كسوف فقرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم سجد سجدتين والأخرى مثلها" رواه الترمذي وقال حديث ابن عباس حديث حسن صحيح (وعن سليمان الأحول) قال سمعت طاوسا يقول خسفت الشمس فصلى بنا ابن عباس في صفَّة زمزم ست ركعات ثم أربع سجدات" رواه الإمام الشافعي في مسنده (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية صلاة كسوف الشمس ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات، وهو نوع من الأنواع المشروعية في ذلك، وبه قال جمع من الصحابة، منهم حذيفة وابن عباس رضي الله عنهم، وممن قال بجوازه ابن خزيمة وابن المنذر والخطابي وغيرهم من الشافعية (وحكى ابن قدامه) عن الإمام أحمد القول بجواز صلاة الكسوف على كل صفة رويت عن النبي صلى الله عليه وسلم كقوله في صلاة الخوف، إلا أن اختياره من ذلك ركعتان في كل ركعة ركوعان كالشافعية ومن وافقهم بأحاديث الباب السابق، وهي عندهم أرجح للاتفاق عليها، بل منهم من أعلى أحاديث الباب ولم يجوَّز العمل بها مع أ، ها في صحيح مسلم والإمام أحمد وغيرها، وممن أعلها البيهقي وابن عبد البر وآخرون لأنهم يعدون الزيادة على الركوعين في كل ركعة غلطا من بعض الرواة، وهذه الدعوى يدرها ثبوت حديثي الباب عن عائشة وجابر في صحيح مسلم وحديث ابن عباس عند الترمذي وصححه، وقد ذكرناه بلفظه في الشرح، والذي حملهم على ذلك إرجاع الأحاديث كلها إلى حكاية صلاته صلى الله عليه وسلم يوم توفى ابنه إبراهيم عليه السلام، وأن الواقعة لم تتعدد، ولكن هذا يعطل كثيرًا من الأحاديث الصحيحة الواردة باختلاف كيفية صلاته صلى الله عليه وسلم في الكسوف التي تدل على تعدد الواقعة (والذي أميل إليه) أن الواقعة تعددت وأن النبي صلى الله عليه وسلم فعلها مرارًا بكيفيات مختلفة؛ وكل كيفية صح فيها الحديث فالعمل بها جائز، وقد ذهب إلى ذلك كثير من العلماء تقدم ذكرهم، وهنا عَقَبة أخرى لم أقف على من لَّلها أو تكلم فيها بكلام شاف، وهي حديث الباب المروي عن عطاء عن جابر عند الإمام أحمد ومسلم قال "كشفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك اليوم الذي مات فيه إبراهيم "الحديث"، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ركعتين في كل ركعة ثلاث ركوعات"؛ والحديث الآخر المروي عن أبي الزبير عن جابر أيضًا عند مسلم والإمام أحمد وتقدم في الباب السابق، وفيه " أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان" وظاهر هذا التعارض، وما وجدت كلامَا لأحد من العلماء في الجمع بين

-[الجمع بين حديثي جابر المتعارضين والتوفيق بين الأحاديث المختلفة في صلاة الكسوف]- (6) باب من روى أنها ركعتان في كل ركعة أربع ركوعات (1704) عن رجلٍ يدعى حنشًا عن عليّ رضي الله عنه قال كسفت

_ هاتين الروايتين، وكأنهم رأوا أن رواية أبي الزبير أرجح لاتفاق الشيخين على تخريحها، ورواية عطاء مرجوحة لانفراد مسلم بها فأهملوها عملاً بقاعدة " إذا تعارض الدليلان عمل بأرجحهما" ولكن هذا إذا لم يمكن الجمع (وقد هداني اله تعالى) للجمع بين هاتين الروايتين بأن الواقعة تعددت وأن الصفة التي رواها عطاء عن جابر كانت يوم وفاة إبراهيم كما صرح فيها بذلك، والصفة التي رواها أبو الزبير عن جابر كانت في واقعة أخرى قبلها (فإن قيل) جاء في رواية أي الزبير عن جابر عند مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ركعتين في كل ركعة ركوعان ثم قال "وإنهم كانوا يقولون إن الشمس والقمر لا يخسفان إلا لموت عظيم وإنهما آيتان من آيات الله يريكموهما فإذا خسفا فصلوا حتى تنجلي" ففي قوله صلى الله عليه وسلم ذلك دليل على أ، هـ إنما صلاها يوم توفى ابنه إبراهيم عليه السلام وقال هذه المقالة ردًّا لقولهم إنما كسفت لموته (قلت) ليس في قوله صلى الله عليه وسلم ذلك تصريح بأنه كان يوم وفاة إبراهيم فيحتمل أنه كان في واقعة أخرى، ولا مانع من قوله صلى اله عليه وسلم ذلك في كل واقعة تحذيرًا لهم من هذه العقيدة الباطلة، لأنها كانت عقيدة أ÷ل الجاهلية قبل الإسلام وقد جاء التصريح بذلك في حديث النعمان بن بشير رقم 1693 قبل باب حيث قال: "إن ناسًا من الجاهلية يقولون أو يزعمون أن الشمس والقمر إذا انكسف واحد منهما فإنما ينكسف لموت عظيم من عظماء أهل الأرض وأن ذلك ليس كذلك "الحديث" رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجة والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ وأٌره الذهبي، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها ركعتين ركعتين، فها كان ذلك يوم وفاة إبراهيم (وقصارى القول) أني تتبعت الأحاديث الواردة في أبواب الكسوف في الكتب الستة وغيرها الموجودة عندي بحسب اجتهادي فلم أجد حديثًا جمع بين كيفية الصلاة والتصريح بأنها كانت يوم وفاة إبراهيم سوى رواية عطاء عن جابر، وسائر الأحاديث بعضها صفة الصلاة دون التصريح بيوم الوفاة، وبعضها فيه التصريح بيوم الوفاة دون صفة الصلاة، فما جاء منها مصرحًا فيه بيوم الوفاة يحمل على رواية عطاء عن جابر في صفة الصلاة، وما جاء مصرحًا فيه بصفة غير ما ذكر في رواية عطاء عن جابر عمل بها كما هي، وتعتبر واقعة أخرى، وبهذا يحصل التوفيق بين مختلف الأحاديث والعمل بجميعها، هذا ما ظهر لي والله أعلم. (1704) عن رجل يدعى حنشا (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا

-[حجة القائلين بأن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة أربع ركوعات]- الشَّمس فصلَّى عليٌّ رضي الله عنه للنَّاس فقرأ يس أو نحوها، ثمَّ ركع نحوًا من قدر السُّورة، ثمَّ رفع رأسه فقال سمع الله لمن حمده، ثمَّ قام قدر السُّورة يدعو ويكبِّر، ثمَّ ركع قدر قراءته أيضًا، ثمَّ قال سمع الله لمن حمده، ثمَّ قام أيضًا قدر السُّورة، ثمَّ ركع قدر ذلك أيضًا حتى صلَّى أربع ركعاتٍ ثمَّ قال سمع الله لمن حمده، ثمَّ سجد، ثمَّ قام في الرَّكعة الثَّانية ففعل كفعله في الرَّكعة الأولى ثمَّ جلس يدعو ويرغَّب حتَّى انكشفت الشَّمس، ثمَّ حدَّثهم أنَّ رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم كذلك فعل (1705) عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم صلَّى عند كسوف الشَّمس ثماني ركعاتٍ وأربع سجداتٍ

_ يحيى بن آدم ثنا زهير الحسن بن الحر ثنا الحكم بن عتيبة عن رجل يدعى حنشا عن علي رضي الله عنه "الحديث" (غريبه) (1) فيه أن الركوع قدر القيام في كل الركعات وأن القيام الأول قدر الثاني والثاني قدر الثالث وهكذا، وأنه لم يقرأ إلا في القيام الأول، ما الثاني والثالث والرابع فكان يدعو فيها ويكبر، وكذلك كان يفعل في الركعة الثانية، وهذه صفة غريبه (2) يعني أربع ركوعات في الركعة الثانية، وفي قوله ثم أجلس يدعو دليل على أنه إذا انتهى من الصلاة قبل الانجلاء يستحب له الذكر والدعاء حتى تنجلي (تخريجه) (هق) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات. (1705) عن ابن عباس (سند) حدثنا عبد الله حدثني أبي قنا إسماعيل أنبأنا سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن طاوس عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (3) المعنى أنه ركع ثمان مرات كل أربع في ركعة وسجد سجدتين في كل ركعة، وقد صرح بذلك في رواية عند مسلم سنذكرها عقب التخريج (تخريجه) (م. د. نس. هق) ولفظ مسلم عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما عن الني صلى الله عليه وسلم " أنه صلى في كسوف قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم قرأ ثم ركع، ثم سجد قال والأخرى مثلها" وله في راوية أخرى عن ابن عباس أيضًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث كسفت الشمس ثمان ركعات في أربع سجدات وعن علي مثل ذلك، هذا لفظ مسلم

-[حجة القائلين بأنها ركعتان في كل ركعة أربعة ركوعات]- (7) باب من روى أنها ركعتان في كل ركعة خمسة ركوعات (1706) ز عن أبيِّ بن كعبٍ رضي الله عنه قال انكسفت الشَّمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم فقرأ بسورةٍ من الطُّول ثمَّ ركع خمس ركعاتٍ وسجد سجدتين ثمَّ قام الثَّانية فقرأ بسورة من الطُّول ثمَّ ركع خمس ركعاتٍ وسجد سجدتين ثمَّ جلس كما هو مستقبل القبلة يدعوا حتَّى انجلى كسوفها

_ وقوله " وعن عليّ مثل ذلك" يشير إلى حديث عليّ الذي تقدم ذكره " وفي الباب عن حذيفة رضي الله عنه" أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صلى عند كسوف الشمس فقام فكبر ثم ثرأ، ثم ركع كما قرأ، ثم رفع كما ركع، ثم ركع كما قرأ، فصنع ذلك أربع ركعات قبل أن يسجد سجدتين، ثم قام إلى الثانية فصنع مثل ذلك ولم يقرأ بين الركوع، أورده الهيثمي وقال رواه البزار وفيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام أهـ (الأحكام) أحاديث الباب مع ما ذكرنا في الشرح تدل على مشروعية صلاة كسوف الشمس ركعتين في كل ركعة أربعة ركعات (وفيها) استحباب كون الركوع مساويًا للقيام في كل الركعات، وهذا نوع من أنواع صلاة كسوف الشمس، قال النووي وقد قال بكل نوع جماعة من الصحابة أهـ وقال بجوازه الإمام أحمد وابن خزيمة وابن المنذر والخاطبي وغيرهم والله أعلم. (1706) عن أبي بن كعب (سنده) حدثنا عبد الله قنا روح بن عبد المؤمن المقرئ ثنا عمرو بن شقيق ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبيّ ابن كعب "الحديث" (غريبه) (1) بضم الطاء المهملة وفتح الواو كالكُبر جمع الكُبرى والمعنى أنه قرأ بسورة من السبع الطول، وهي البقرة وآل عمران والنساء والمائدة والأنعام والأعراف والتوبة (2) يعني في الركعة الأولى (3) يعني الركعة الثانية "وقوله ثمّ جلس كما هو" أي على هيئة جلوسه للصلاة يدعو حتى انجلت الشمس (تخريجه) (دك. هق) وأورده الحافظ في التلخيص وسكت عنه، وقال الشوكاني قال البيهقي هذا سند لم يحتج الشيخان بمثله، وهذا توهين منه للحديث بأن سنده مما لا يصلح للاحتجاج به عند الشيخين، لا أنه تقوية للحديث وتعظيم لشأنه كما فهمه بعض المتأخرين، وروى عن ابن السكن تصحيح هذا الحديث، وقال الحاكم رواته صادقون، وفي إسناده أبو جعفر عيسى بن عبد الله بن ماهان الرازي، قال الفلاس سيء الحفظ، وقال ابن

-[مذهب القائلين بأن صلاة الكسوف ركعتان في كل ركعة خمسة ركوعات]- (8) باب ما جاء في طول صلاة الكسوف وحضور النساء جماعتها بالمسج (1707) عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما؛ قالت فزع يوم كسفت الشَّمس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذ درعًا حتَّى أدرك بردائه، فقام بالنَّاس قيامًا طويلًا، يقوم ثمَّ يركع، فلو جاء إنسانٌ بعد ما ركع النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم

_ المديني يخلط عن المغيرة، وقال ابن معين ثقة أهـ (الأحكام) حديث الباب يدل على جواز صلاة كسوف الشمس ركعتين في كل ركعة خمسة ركعات، وإلى ذلك ذهبت العترة جمعيًا مستدلين بهذا الحديث نقله الشوكاني عن صاحب البحر (قلت) إن صح الحديث يكون دليلاً لذلك وإلا فلا والله أعلم. (1707) عن أسماء بنت أبي بكر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا ابن جريح، قال حدثني منصور بن عبد الرحمن عن أمه صفية بنت شيبة عن أسماء بنت أبي بكر "الحديث" (غريبه) (1) رسول فاعل فزع أي فزع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كسفت الشمس؛ ومعنى الفزع الخوف، أي خاف وقوع أمر مهم من أنواع العذاب على أهل الأرض، كما أتى على من قبلهم من الأمم، يدل على ذلك قوله صلى الله عليه وسلم، في حديث عبد الله بن عمر ورقم 1688 "رب لم تعذبهم وأنا فيهم- الحديث" وأشدّة خوفه واهتمامه أسرع إلى المسجد وأخذ درع بعض زوجاته يعني قميصها يظنه رداءه ففطن لذلك بعض أ÷ل البيت فأرسلوا من أدركه بردائه (وفي حديث أبي موسى) عند الشيخين والنسائي، قال "خسفت الشمس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم "فقام فزعا يخشى أن تكون الساعة" وظاهره أنّ سبب الفزع هو خشية قيام الساعة، فيكون مفسرًا لحديث الباب، ولكن كيف يخشى قيام الساعة ولها مقدمات وعلامات أخبر بوقوعها صلى الله عليه وسلم قبل قيام الساعة ولم تقع بعد، قال الكرماني، هذا تمثيل من الراوي كأنه قال فزعا كالخاشي أن تكون القيامة، وإلا فكان النبي صلى الله عليه وسلم طالما بأن الساعة لا تقوم وهو بين أظهرهم، وقد وعده الله أعلاه دينه على الأديان كلها، ولم يبلغ الكتاب أجله أهـ وللنووي أجوبة عن ذلك تقدمت في باب من روى أنها ركعتان في كل ركعة ركوعان، في شرح حديث رقم 1699 وحكاها العيني عن النووي أيضًا وقال كل واحد من هذه الأجوبة لا يخلو عن نظر إذا تأمله الناظر، وحكى ما قاله الكرماني أيضًا ثم قال والأوجه في ذلك ما قاله الكرماني، أو أنه صلى الله عليه وسلم جعل ما سيقع كالواقع إظهارًا لتعظيم شأن الكسوف وتنبيهًا لأمته أنه إذا وقع بعده يخشون أمر ذلك، ويفزعون إلى ذكر الله

-[مذاهب العلماء في حضور النساء إلى المسجد لصلاة الكسوف]- لم يعلم أنَّه ركع ما حدَّث نفسه أنَّه ركع من طول القيام، قالت فجعلت أنظر إلى المرأة الَّتي هي أكبر منِّي، وإلى المرأة الَّتي هي أسقم منِّي قائمةً وأنا أحقُّ أن أصبر على طول القيام منها (9) باب في الخطبة بعد صلاة كسوف الشمس عن هشامٍ عن فاطمة عن أسماء (بنت أبي بكر رضي الله عنهما،

_ والصلاة والصدقة، لأن ذلك مما يدفع الله به البلاء أهـ (1) يعني أنها ضجرت من طول القيام، فجعلت تنظر إلى من هي أضعف منها من النساء لترى حالها، فتجدها قائمة صابرة فكانت تلوم نفسها على الضجر وعدم الصبر (تخريجه) (م. هق. وغيرهما) (الأحكام) حديث الباب يدل على استحباب المبادرة إلى المسجد عند رؤية الكسوف والشروع في الصلاة مع طول القيام جدًّا زيادة عن الصلاة المكتوبة؛ مع عدم مراعاة التخفيف فيها لأنها غير متكررة، والمقصود منها ذل النفس وقهرها بالعبادة، واعتراف الخلق لله عز وجل بالقدرة والقهر والغلبة، مع الاعتراف بعجزهم، والالتجاء إليه في كشف ما نزل بهم (وفيه) أيضًا جواز حضور النساء بالمسجد لصلاة الكسوف مع الجماعة، وترجم لذلك البخاري، فقال "باب صلاة النساء مع الرجال في الكسوف" وأورد فيه حديث أسماء الآتي بعد هذا، وهو جائز، لكن بالشروط المتقدمة في (باب الأذن، لهن بالخروج) من أبواب الجماعة وإلا صلينها في بيوتهن ورخص الإمامان (أبو حنيفة ومالك) للعجائز في حضورها وكرهاه للشابة، وعند أبي يوسف ومحمد يخرجن في جميع الصلوات لعموم المصيبة فلا يختص ذلك بالرجال، (وقال الإمام الشافعي) في الأم في أخر كتاب الكسوف، لا أكره لمن لا هيئة لها بارعة من النساء، ولا للعجوز، ولا للصبية شهود صلاة الكسوف مع الإمام بل أحبها لهن، وأحب إليَّ لذوات الهيئة أن يصلينها في بيوتهن، قال وإن كسفت وهناك رجل مع نساء فيهن ذوات محرم منه صلى بهن، وإن لم يكن فيهن ذوات محرم منه كرهت ذلك له، وإن صلى بهن فلا بأس أهـ ورأى إسحاق أن يخرجن شبابًا كنّ أو عجائز ولو كان حيّضًا وتعتزل الحيّض المسجد ولا يقربن منه والله أعلم. عن هشام بن عروة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قنا ابن نمير، قال حدثنا هشام عن فاطمة "الحديث" (غريبه) (2) هو ابن عروة بن الزبير بن العوام (وفاطمة) هي بنت المنذر بن الزبير بن العوام زوج هشام بن عروة المذكور

-[حجة القائلين بمشروعية الخطبة بعد الصلاة لصلاة الكسوف]- قالت خسفت الشَّمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت على عائشة فقلت ما شأن النَّاس يصلُّون؟ فأشارت برأسها إلى السَّماء فقلت آية قالت نعم، فأطال رسول الله صلى الله عليه وسلم القيام جدًا حتَّى تجلَّاني الغشى، فأخذت قربةً إلى جنبي، فجعلت أصبُّ على رأسي الماء، فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلَّت الشَّمس، فخطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه ثمَّ قال أمَّا بعد ما من شيءٍ لم أكن رأيته إلّا قد رأيته في مقامي هذا حتَّى الجنَّة والنَّار إنه قد أوحي إلىَّ أنَّكم تفتنون في القبور قريبًا أو مثل فتنة المسيح

_ وبنت عمه، كانت من فضليات النساء وثقها الحفاظ (1) يعني انكسفت الشمس، وفيه امتناع الكلام بالصلاة وجواز الإشارة، ولا كراهة فيها إذا كانت لحاجة (2) بالرفع خبر مبتدأ محذوف، أي هذه علامة للعذاب كأنها متقدمة له، قال تعالى: {وما نرسل بالآيات إلا تخويفا} وعلامة لقرب زمان قيام الساعة، ويجوز حذف همزة الاستفهام كما هنا وإثباتها (3) بفوقيه وجيم ولام ثقيلة أي غطاني (والغشى) بفتح الغين وإسكان الشين المعجمتين، وروى أيضًا بكسر الشين وتشديد الياء؛ طرف من الإغماء من طول تعب الوقوف، والمراد به هنا الحالة القريبة منه، فأطلقته مجازًا، ولذلك قالت: "فجعلت أصب على رأسي الماء" أي في تلك الحالة ليذهب، فأنّ توليها الصب يدل على أن حواسها كانت مدركة، وذلك لا ينقض الوضوء ولا يبطل الصلاة أيضًا، لأنه محمول على أن أفعالها كانت غير متوالية، وهو الواقع لأنها ما كانت تصب إلا عند شعورها بالتعب، ووهم من قال إن صبها كان بعد الأفاقة، قال ابن بطال الغشى مرض بمرض من طول التعب والوقوف، وهو ضرب من الإغماء إلا أنه دون، ولو كان شديدًا لكن كالإغماء، وهو ينقض الوضوء بالإجماع (4) فيه مشروعية الخطبة بعهد صلاة الكسوف وهو حجة للشافعية ومن وافقهم (5) ضبط بالحركات الثلاث فيهما كما قال الحافظ وغيره، ومفاد الأغياء أنه لم يرهما مع أنه رآهما ليلة المعراج وهو (6) أي تمتحنون وتختبرون، قال الباجي يقال إنه أعلم بذلك في ذلك الوقت، وليس الاختبار في القبر بمنزلة التكاليف والعبادة، وإنما معناه إظهار العمل وإعلام بالمآل والعاقبة

-[ثبوت سؤال الملكين في القبر]- الدَّجال "لا أدري أيَّ ذلك، قالت أسماء" يؤتى أحدكم فيقال له ما علمك بهذا الرّجل فأمَّا المؤمن أو الموقن لا أدري أيَّ ذلك، قالت أسماء فيقول هو محمد، هو رسول الله صلى الله عليه وسلم جائنا بالبيِّنات والهدى فأجبنا واتَّبعنا ثلاث مرَّاتٍ فيقال له قد كنَّا نعلم إن كنت

_ كاختبار الحساب، لأن العمل والتكليف قد انقطع بالموت (1) قال الكرماني ووجه الشبه بين الفتنتين الشدة والهول والهموم، وقال الباجي شبهها بها لشدتها وعظم المحنة بها وقلة الثبات معها أهـ والقائل لا أدري فاطمة بنت المنذر، يعني أ، ها قالت لا أدري أي اللفظين قالته أسماء هل قالت قريب فتنة المسيح الدجال " بدون تنوين قريب" كما في بعض الروايات، أو قالت مثل فتنة المسيح الدجال تشك فاطمة في ذلك (2) الآي ملكان أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر والآخر النكير، رواه الترمذي وكذا ابن حبان، وسيأتي الكلام في ذلك مستوفي في باب هول القبر وفتنته من كتاب الجنائز إن شاء الله (3) إنما يقال له ما علمك بهذا الرجل ولا يقال رسول الله صلى الله عليه وسلم امتحانًا له وإغرابًا عليه لئلا يتلقن منهما إكرام النبي صلى الله عليه وسلم ورفع مرتبته فيعظمه هو تقليدًا لهما لا اعتقادًا، ولهذا يقول المؤمن هو رسول الله، ويقول المنافق لا أدري؛ {فيثبت الله الذين امنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة}، قاله النووي (4) الشك من فاطمة هل قالت أسماء فأما المؤمن أو قالت فأما الموقن والمعنى واحد، وهو المصدق بنبوته صلى الله عليه وسلم، والأظهر أنه المؤمن لقوله الآتي: " كما نعلم إن كنت لتؤمن به" (5) أي المعجزات الدالة على نبوته (والهدى) الدلالة الموصلة إلى الله عز وجل (6) بحذف ضمير المفعول للعلم به في الموضعين، أي قبلنا نبوته متبعين (وقوله ثلاث مرات) أي يقول ذلك ثلاث مرات، والظاهر أن الحكمة في التكرير هو التلذذ بذكر النبي صلى الله عليه وسلم والفرح بافجابة، ويحتمل أن السؤال يكون ثلاثًا والجواب كذلك، ويكون الغرض التأكد من صحة قوله، أو إظهار شرفه بسرعة الإجابة (7) كلمة إن هذه هي المخففة من الثقيلة، أي أن الشأن كنت وهي مكسورة، ودخلت اللام في قوله لتؤمن لتفرق بين أن هذه وبين إن النافية، هذا قول البصرين وقال الكوفيون إن بمعنى ما واللام بمعنى ألا مثل قوله تعالى: {أن كل نفس لمّا عليها حافظ} أي ما كل نفس إلا عليها حافظ، أو يكون التقدير ها هنا ما كانت إلا موقنًا، وحكى السفاقسي فتح أن على جعلها مصدرية أي علمنا كونك مؤمنًا به، ويرد ما قالته دخول اللام

-[ثبوت عذاب القبر - وقول أما بعد في الخطبة]- لتؤمن به فنم صالحًا وأمَّا المنافق أو المرتاب لا أدري أيَّ ذلك قالت أسماء فيقول ما أدري، سمعت النَّاس يقولون شيئًا فقلت (1709) عن سمرة (بن جندبٍ) رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم خطب حين انكسفت الشَّمس فقال أمَّا بعد (فصل منه في وعظ الناس وحثهم على الصدقة والذكر والدعاء والتكبير) (1810) عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما، قالت خسفت الشَّمس على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعت رجَّة النَّاس وهو يقولون آيةً

_ (1) قال الباجي أراد بالنوم العود لما كان عليه من الموت، سماه نومًا لما صحبه من الراحة وصلاح الحال أهـ "وقوله صالحًا" أي منتفعًا بأعمالك وأحوالك، إذ الصلاح كون الشيء في حد الانتفاع ويقال لا روع عليك مما يروع به الكفار من عرضهم على النار أو غيره من عذاب القبر، ويجوز أن يكون معناه صالحًا لأن تكرم بنعيم الجنة (2) أي غير المصدق بقلبه لنبوته صلى الله عليه وسلم وهو في مقابله المؤمن "وقوله أو المرتاب" أي الشاك وهو في مقابلة الموقن (3) أي قلت كما يقول الناس وفيه ذم التقليد خصوصًا في العقائد، وفي بعض الروايات الصحيحة أيضًا زيادة، فيقال له لا رديت ولا تليت ويضرب بمطارق من حديد ضربة فيصبح صيحة يسمعها من يليه غير الثقلين، نسأل الله السلامة والعافية من فتن الدنيا والآخرة آمين (تخريجه) (ق. لك. وغيرهم) (1709) عن سمرة بن جندب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عمر ين سعد أبو داود الحفري ثنا سفيان عن الأسود بن قيس ثعلبة بن عياد عن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (4) تقدم الكلام على معنى أما بعد في شرح حديث رقم 1585 في باب ما جاء في الخطبتين يوم الجمعة (تخريجه) (نس. هق) وسنده جيد (1710) عن أسماء بنت أبي بكر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا شريح بن النعمان ثنا فليح عن محمد بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أسماء بنت أبي بكر "الحديث" (غريبه) (5) أي اضطرابهم وضجيجهم وكثرة أصواتهم حينئذ

-[مشروعية الخطبة على المنبر بعد صلاة الكسوف]- (فذكرت نحو الحديث المتقدِّم وفيه) فصلَّيت معهم، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فرغ من سجدته الأولى قالت فقام رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم قيامًا طويلًا حتَّى رأيت بعض من يصلِّي ينتضح بالماء، ثمَّ ركع فركع ركوعًا طويلًا، ثمَّ قام ولم يسجد قيامًا طويلًا، وهو دون القيام الأوَّل ثمَّ ركع ركوعًا طويلًا وهو دون ركوعه الأوَّل، ثمَّ سجد، ثمَّ سلَّم وقد تجلَّت الشَّمس، ثمَّ رقى المنبر فقال أيُّها النَّاس، إنَّ الشَّمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحدٍ ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فافزعوا إلى الصَّلاة وإلى الصَّدقة وإلى ذكر الله، أيُّها النَّاس إنَّه لم يبق شئٌ لم أكن رأيته إلَّا رأيته في مقامي هذا، وقد رأيتكم تفتنون في قبوركم، يسأل أحدكم ما كنت تقول وما كنت تعبد؟ فإن قال لا أدري، رأيت النَّاس يقولون شيئًا فقلته ويصنعون شيئًا فصنعته، قيل له أجل، على الشَّكِّ عشت وعليه متَّ هذا مقعدك من النَّار، وإن قال أشهد أن لا إله إلَّا الله وأنَّ محمَّدًا رسول الله قيل على اليقين عشت وعليه متَّ، هذا مقعدك من الجنَّة، وقد رأيت خمسين

_ (1) تعني بالسجدة الركعة الأولى، فكأنها لم تدرك إلا الركعة الثانية كما وصفت (2) أي من طول القيام، ولعلها تعني بذلك نفسها كما تقدم في حديثها السابق؛ ويحتمل أن غيرها حصل له ذلك، والانتضاح هنا هو الرش بالماء خوفًا من الإغماء (3) أي الذي قبله من الركعة الثانية ومثل ذلك يقال في الركوع (4) يعني أنه لم يكن ذا عقيدة ثابتة بل كان يقول كما يقول الناس سواء أكان خطأ أو صوابًا، فاستحق بذلك أن يكون من أهل النار لإهماله التعليم خصوصًا في العقائد، فالواجب على كل مكلف أن يعرف العقائد بأدلتها ويهتم بأمرها أكثر مما يهتم بطلب قوته، ولكنا نجد الناس الآن يهتمون بأمور الدنيا ويكدحون لها وهم عن الآخرة غافلون، فلا حول ولا قوة إلا بالله، وفي إطلاعه على مقعده من النار زيادة ألم وحسرة نعوذ بالله من ذلك، أمتا من اجتهد في تعلم ما يجب عليه. وعمل بمقتضاه، فيلهمه الله عز وجل النطق بالشهادتين والإجابة على سؤال الملكين فيقال له على اليقين عشت وعليه مت، يعني أنه

-[منقبة لعكاشة بن محصن وأنه مع السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب]- أو سبعين ألفًا يدخلون الجنَّة في مثل صورة القمر ليلة البدر فقام إليه رجلٌ فقل ادع الله أن يجعلني منهم، فقال اللَّهمَّ اجعله منهم، أيها النَّاس إنَّكم لن تسألوني عن شيءٍ حتَّ أنزل إلا أخبرتكم به فقام رجلٌ فقال من أبي قال أبوك فلانٌ الَّذي كان ينسب إليه (1711) وعنها أيضًا قالت وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعتاقة

_ جوابه صادر عن عقيدة راسخة في القلب لا عن تردد وشك فيريانه مقعده من الجنة ليزداد سروره بما أعده الله له من النعيم المقيم والثواب الجسيم، قال تعالى: {يثبت اله الذين أمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} نسأل الله أن يجعلنا منهم أمين (1) أي تضيء وجوههم بالنور كضوء القمر ليلة أربعة عشر (2) هو عكاشة بن محصن صحابي جليل من السابقين الأولين وشهد بدرا وقد صرح باسمه في رواية أخرى عند الشيخين والإمام أحمد من حديث أبي هريرة وابن عباس في السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب فقال عكاشة "ادع الله أن يجعلني منهم قال أنت منهم، فقام آخر فقال سبقك بها عكاشة" وقد ضرب بها المثل يقال للسبق في الأمر سبقك بها عكاشة (3) قال العلماء هذا القول منه صلى الله عليه وسلم محمول على أنه أوحى إليه وإلا فلا يعلم كل ما سئل عنه من المغيبات إلا بإعلام من الله تعالى " وقوله فقام رجل" هو عبد الله بن حذافة بن قيس رضي الله عنه وقد صرح باسمه في حديث أنس وأبي هريرة عند الشيخين والإمام أحمد وتقدم في حديث رقم 33 في كتاب العلم من الجزء الأول، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسألوني عن شيء إلا أخبرتكم به، فقال عبد الله بن حذافة من أبي يا رسول الله؟ قال أبوك حذافة بن قيس" وكان سبب سؤاله أن بعض الناس كان يطعن في نسبه على عادة الجاهلية من الطعن في الأنساب (تخريجه) لم أقف عليه مطولاً بهذا السياق إلا عند الإمام أحمد، وأورده الشيخان وغيرهما مجزأ في مواضع مختلفة من طرق متعددة. (1711) وعنها أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا معاوية ابن عمرو وقال ثنا زائدة عن هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء، قالت ولقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه (الحديث) (غريبه) (4) العتاقة بفتح العين الحرية، وهي عتق الرقيق، يقال عتق العبد عتقا من باب ضرب وعتاقا وعتاقة بفتح الأوائل والعتق بالكسر أصم منه فهو عاتق، ويتعدى بالهمزة، اعتقه فهو معتق على قياس الباب،

-[الأمر بالعتاقة والصدقة والذكر عند الكسوف]- في صلاة كسوف الشَّمس (وعنها من طريقٍ ثانٍ قالت) إن كنَّا لنؤمر بالعتاقة في صلاة الخسوف (1712) عن عائشة رضي الله عنها "تصف صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكسوف بطول القيام؛ وأنَّه صلَّاها ركعتين في كلِّ ركعةٍ ركوعان كما تقدَّم في أحاديثها السَّابقة وفيه قالت "فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلَّت الشَّمس فخطب النَّاس فحمد الله عزَّ وجلَّ وأثنى عليه ثمَّ قال إنَّ الشَّمس والقمر من آيات الله، وإنَّهما لا يخسفان لموت أحدٍ ولالحياته، فإذا رأيتموهما فكبِّروا وادعوا الله عزَّ وجلَّ صلُّوا وتصدَّقوا، يا أمَّة محمَّدٍ ما من أحدٍ أغير

_ ولا يتعدى بنفسه، فلا يقال عتقته، قال في البارع ولا يقال عتق العبد وهو ثلاثي مبني للمفعول، ولا أعتق هو بالآلف مبنيًا للفاعل، بل الثلاثي لازم والرباعي متعدّ، ولا يجوز عبد معتوق، لأن مجيء مفعول من أفعلت شاذ مسموع لا يقاس عليه، وهو عتيق فعيل بمعنى مفعول، وجمعه عتقاء مثل كرماء، وربما جاء عتاق مثل كرام، وأمة عتيق أيضًا بغير هاء، وربما ثبتت فقيل عتيقة، وجمعه عتائق قاله في المصباح (والمعنى) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمرهم بعتق الرقيق في صلاة الكسوف لأنه من أفعال البر التي يثاب عليها المرء، وهو مرغَّب فيه في كل وقت إلا أنه عند ظهور الآيات يكون أشد استحبابًا ليدفع الله ببركته ما نزل بهم (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثام بن علي أبو على العامري قال ثنا هشام بن عروة عن فاطمة عن أسماء قالت إن كنا إلخ (تخريجه) (خ. د. ك. هق) (1712) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير أنا هشام عن أبيه عن عائشة "الحديث" (غريبه) (2) زاد النسائي في حديث سمرة وشهد أنه عبد الله ورسوله (3) فيه معنى الأشفاق كما يخاطب الوالد ولده إذا أشفق عليه بقوله يا بنيّ، كذا قيل، وكان قضية ذلك أن يقول، يا أمتي لكن لعدوله عن المضمر إلى المظهر حكمة وكأنها بسبب كون المقام تحذير وتخويف لما في الإضافة إلى الضمير من الأشعار بالتكريم، ومثله يا فاطمة بنت محمد لا أغنى عنك من الله شيئًا "الحديث" (4) بالنصب على أنه الخبر

-[معنى غيرة الله عز وجل وتقبيح الزنا]- من الله عزَّ وجلَّ أن يزني عبده أو تزني أمته، يا أمَّة محمَّدٍ والله لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرًا ولضحكتم قليلًا، ألا هل بلَّغت؟

_ وعلى أن من زائدة، ويجوز فيه الرفع على لغة تميم، وأغير مخفوض بالفتحة صفحة لأحد، والخبر محذوف تقديره موجود قاله الحافظ، قال وأغير أفعل تفضيل من الغيرة بفتح الغين المعجمة، وهي في اللغة تغير يحصل من الحمية والأنفة، وأصلها في الزوجين والآهلين، وكل ذلك محال على الله تعالى لأنه منزه عن كل تغير ونقص، فيتعين حمله على المجاز، فقيل لمَّا كانت ثمره الغيرة صون الحريم ومنعهم وزجر من يقصد إليهم أطلق عليه ذلك لكونه منع من فعل ذلك وزجر فاعله وتوعده، فهو من باب تسمية الشيء بما يترتب عليه، وقال ابن فورك المعنى ما أحد أكثر زجرًا عن الفواحش من الله، وقال غيرة الله ما يغَّير من حال العاصي بانتقامه منه في الدنيا والآخرة أو في إحداهما؛ ومنه قوله تعالى: {أن الله لا يغيَّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم} وقال ابن دقيق العيد أهل التنزيه في مثل هذا على قولين، إما ساكت وإما مؤوّل على أن المراد بالغيرة شدة المنع؟ فهو من مجاز الملازم، وقال الطيبي وغيره وجه اتصال هذا المعنى بما قبله من قوله {فاذكروا الله} إلخ من جهة أنه لما أمروا باستدفاع البلاء بالذكر والصلاة والصدقة ناسب ردعهم عن المعاصي التي هي من أسباب جلب البلاء، وخص منها الزنا لأنه أعظمها في ذلك، وقيل لمّا كانت هذه المعصية من أقبح المعاصي وأشدها تأثيرًا في إثارة النفوس وغلبة الغضب ناسب ذلك تخويفهم في هذا المقام من مؤاخذه رب الغيرة وخالقها سبحانه وتعالى أهـ (وقوله) أن يزني عبده أو تزني أمته متعلق بأغير وحذف من قبل أن قياس مستمر، وتخصيصها بالذكر رعاية لحسن الأدب مع الله لتنزهه عن الزوجة والأهل ممن يتعلق بهم الغيرة غالبًا، ثم كرر النداء فقال (يا أمة محمد) ويؤخذ منه أن الواعظ ينبغي له حال وعظه أن لا يأتي بكلام فيه تفخيم نفسه بل يبالغ في التواضع لأنه أقرب إلى انتفاع السامع (1) صدّر هذه الجملة بالقسم لتأكيد الخبر وأن كان السامع غير شاك فيه (قال الحافظ) وقوله لو تعلمون ما أعلم أي من عظيم قدره الله وانتقامه من أهل الإجرام، وقيل معناه لو دام علمكم كما دام علمي لأن علمه صلى الله عليه وسلم متواصل بخلاف غيره، وقيل معناه لو علمتم من سعة رحمة الله وحلمه وغير ذلك ما أعلم لبكيتم على ما فاتكم من ذلك (وقوله ولضحكتم قليلا) قيل معنى القلة هنا العدم، والتقدير لتركتم الضحك ولم يقه منكم إلا نادرًا لغلبة الخوف واستيلاء الحزن، وحكى ابن بطال عن المهلب أن سبب ذلك ما كان عليه الأنصار من محبة اللهو والغناء وأطال في تقرير ذلك بما لا طائل فيه ولا دليل

-[مذاهب العلماء في حكم الخطبة بعد كسوف الشمس]- .....

_ عليه، ومن أين له أن المخاطب بذلك الأنصار دون غيرهم والقصة كانت في أواخر زمنه صلى الله عليه وسلم حيث امتلأت المدينة بأ÷ل مكة ووفود العرب، وقد بالغ الزين بن المنبر في الرد عليه والتشنيع بما يستغنى عن حكايته أهـ (وقوله ألا هل بلَّغت) معناه ما أمرت به من التحذير والإنذار وغير ذلك مما أرسل به صلى الله عليه وسلم والمراد تحريضهم على تحفظه واعتنائهم به لأنه مأمور بإنذارهم (تخريجه) (ق. لك. نس) وأخرجه أبو داود عن القعني عن مالك مختصرًا على قوله "إن الشمس والقمر لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتهم ذلك فادعوا الله عز وجل وكبروا وتصدقوا" (وفي الباب عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه قال خسفت الشمس في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فقام فزعا يخشى أن تكون الساعة حتى أتى المسجد فقام يصلي بأصول قيام وركوع وسجود ما رأيته يفعله في صلاة قط، ثم قال إن هذه الآيات التي يرسل الله لا تكون لموت أحد لو لحياته ولكن الله يرسلها يخوّف بها عباده، فإذا رأيتم منها شيئًا فافزعوا إلى ذكره واستغفاره" رواه الشيخان وغيرهما (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الخطبة بعد صلاة الكسوف، ووعظ الناس وحثهم على أعمال وتحذيرهم من المعاصي، وإلى ذلك (ذهبت الشافعية وإسحاق وابن جرير) قال النووي واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على استحباب خطبتين بعد صلاة الكسوف وهما سنة ليسا لصحة الصلاة، قال أصحابنا وصفتهما كخطبتي الجمعة في الأركان والشروط وغيرهما سواء صلاها جماعة في مصر أو قرية أو صلاها المسافرون في الصحراء وأهل البادية، ولا يخطب من صلاها منفردًا ويحثهم في هذه الخطبة على التوبة من المعاصي وعلى فعل الخير والصدقة والعتاقة ويحذرهم الغفلة والاغترار ويأمرهم بإكثار الدعاء والاستغفار والذكر، ففي الأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك في خطبته، قال الشافعي في الأم ويجلس قبل الخطبة الأولى كما في الجمعة " هذا نصه" وقال النووي في موضع آخر نقلاً عن الإمام الشافعي في الأم أيضًا ما نصه " فإذا صلى النساء فليس من شأنهن الخطبة، لكن لو ذكرتهن أحداهن كان حسنًا" هذا نصع بحروفه وتابعه عليه الأصحاب أهـ ج (قلت) وذهب الأئمة (أبو حنيفة ومالك وأبو يوسف وأحمد) في رواية إلى أن الكسوف لبس فيه خطبة، وأجابوا عن أحاديث الباب بأن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالصلاة والتكبير والصدقة ولم يأمرهم بالخطبة، ولو كانت سنة لأمرهم بها لأنها صلاة كان يفعلها المنفرد في بيته فلم يشرع لها خطبة، وإنما خطب صلى الله عليه وسلم بعد الصلاة ليعلمهم حكمها وكأنه مختص به (قال الحافظ) وتعقب هذا بما في الأحاديث الصحيحة من التصريح بالخطبة وحكاية شرائطها من الحمد والثناء والموعظة وغير ذلك مما تضمنته الأحاديث فلم يقتصر على الإعلام بسبب الكسوف والأصل مشروعية

-[حجة القائلين بمشروعية الخطبة بعد صلاة الكسوف]- .....

_ الاتباع والخصائص لا تثبت إلا بالدليل؛ وقد استضعف ابن دقيق العيد التأويل المذكور قال إن الخطبى لا تنحصر مقاصدها في شيء معين بعد الآتيان بما هو المطلوب منها من الحمد والثناء والموعظة، وجميع ما ذكر من سبب الكسوف، فينبغي التأسي بالنبي صلى الله عليه وسلم فيذكر الإمام ذلك في خطبة الكسوف، نعم نازع ابن قدامة في كون خطبة الكسوف كخطبتي الجمعة والعيدين إذ ليس في الأحاديث المذكورة ما يقتضي ذلك، وإلى ذلك نحا ابن المنير في حاشيته ورد على من أنكر أصل الخطبة لثبوت ذلك صريحًا في الأحاديث، وذكر أن بعض أصحابهم احتج على ترك الخطبة بأنه لم ينقل في الحديث أنه صلى الله عليه وسلم صعد المنبر، ثم زيفه بأن المنبر ليس شرطًا ثم لا يلزم من أنه لم يذكر أنه لم يقع أهـ. (قلت) رحم الله بن المنير لأنه لو اطلع على حديث أسماء عند الإمام أحمد وهو الحديث الرابع من أحاديث الباب "وفيه التصريح بذكر المنبر" لما احتاج إلى تزييف أقوالهم بهذا التكلف بل كان أفحمهم بحديث أسماء المذكور حيث جاء فيه "ثم سلَّم وقد تجلت، ثم رقِى المنبر فقال أيها الناس- الحديث" ومن الغريب أن الحافظ رحمه الله نقل عبارة بن المنير ولم يعلق عليها بشيء، وكأنه لم يطلع أيضًا على حديث أسماء عند الإمام أحمد، ولا غرابة، فسند الإمام أحمد رحمه اله كالبحر المحيط، فكم فيه من جواهر عسى اهتداء كثير من الحفاظ والمحدثين إليها وذلك لعدم ترتيبه، وقد هداني الله جل شأنه لهذا الترتيب فأصبح سهل التناول على عوام الناس فضلاً عن خواصهم "فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله" (وفي أحاديث الباب أيضًا) استحباب قول أما بعد في خطبة الكسوف لحديث سمرة بن جندب، وكذا في خطيب الوعظ المطلقة، وفي الجمعة والعيدين، وكذا في خطب الكتب المصنفة ونحو ذلك، وقد ترجم له البخاري فقال "باب قول الإمام في خطبته أما بعد" وذكر فيه حديثًا لأسماء مختصرًا معلقًا فقال: "قال أبو أسامة حدثنا هشام قال أخبرني فاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلت الشمس فخطب فحمد اله بما هو أهله ثم قال أما بعد" وفيه حجة لمن بمشروعية الخطبة في الكسوف، وتقدم الكلام على معنى " أما بعد" في شرح حديث جابر رقم 1585 في باب ما جاء الخطبتين من أبواب الجمعة (وفيها أيضًا) المبادرة بالصلاة والدعاء والتكبير والصدقة والعتاقة لأن ذلك يدفع البلاء والعذاب والكسوف من جملة الآيات المنذرة بذلك (وفيها أيضًا) الزجر عن كثرة الضحك والحث على كثرة البكاء والتحقق بما سيصير إليه المرء من الموت والفناء والاعتبار بآيات الله (وفيها) الرد على من زعم أن للكواكب تأثيرًا في الأرض لانتفاء ذلك عن الشمس والقمر فكيف بما دونهما؟

-[حجة القائلين بصلاة الخسوف للقمر كالشمس سواء]- .....

_ (تتمة في صلاة خسوف القمر) إعلم أرشدني الله وإياك أني لم أقف على شيء من الأحاديث في السند ولا في الكتب الستة يدل على أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخسوف للقمر، ولكن روى الإمام الشافعي في مسنده قال أخبرنا إبراهيم بن محمد حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن الحسن "يعني البصري" عن ابن عباس رضي الله عنهما أ، القمر كسف وابن عباس بالبصرة فخرج ابن عباس فصلى بنا ركعتين في كل ركعة ركعتان، ثم ركب فخطبنا فقال إنما صليت كما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي، وقال إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتم منها خاسفًا "وفي رواية كاسفًا" فليكن فزعكم إلى الله" قال الحافظ في التلخيص إبراهيم بن محمد ضعيف " يعني الذي روى عنه الإمام الشافعي" قال وقول الحسن خطبنا لا يصح، فإن الحسن لم يكن بالبصرة لمَّا كان ابن عباس بها، وقيل إن هذا من تدليساته، وإن قوله خطبنا أي خطب أهل البصرة، قال وروى الدارقطني من حديث عائشة "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي في كسوف الشمس والقمر أربع ركعات وأربع سجدات" وذكر القمر فيه مستغرب (وروى الدار قنطي أيضًا) من طريق حبيب عن طاوس عن ابن عباس "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في كسوف الشمس والقمر ثماني ركعات في أربع سجدات" وفي إسناده نظر وهو في مسلم بدون ذكر القمر أهـ (قلت) وهو في مسند الإمام أحمد كما عند مسلم (أما الأمر بصلاة الكسوف للشمس والقمر) فقد ورد في عدة أحاديث كثيرة من طريق متعددة صحيحة، وقلّ أن يخلو باب منها من الأبواب التي ذكرناها في صلاة الكسوف (ففي حديث جابر) إن الشمس والقمر إذا خسفنا أو أحدهما فإذا رأيتم ذلك فصلوا حتى ينجلي خسوف أيهما خسف (ففي حديث جابر) إن الشمس والقمر إذا خسفنا أو أحدهما فإذا رأيتم ذلك فصلوا حتى ينجلي خسوف أيهما خسف (ق. هق. خز. بز) (وفي حديث ابن عمر. وأبي مسعود) فإذا رأيتموهما فصلوا (وفي حديث محمود بن لبيد) فإذا رأيتموهما كذلك فافزعوا إلى المساجد (وفي حديث عبد الله بن عمر بن العاص) فإذا كسف أحدها فافزعوا إلى المساجد (وفي حديث أبي بكرة) فإذا رأيتم منهما شيئًا فصلوا (وفي حديث ابن مسعود) فإذا رأيتموه "يعني الكسوف" أصابهما فافزعوا إلى الصلاة (وفي حديث المغيرة بن شعبة) فإذا انكسف واحد منهما فافزعوا إلى الصلاة، وفيها غير ذلك كثير وكلها صحيحة (وهي تدل على مشروعية) صلاة الخسوف للشمس والقمر سواء، لأن الأحاديث لم تخصص أحدهما بشيء دون الآخر، فتستحب الجماعة في صلاة الخسوف للقمر كما تستحب في صلاة الكسوف للشمس، قال الحافظ وفي ذلك ردّ على من قال لا تندب الجماعة كسوف القمر وفرق بوجوب المشقة في الليل غالبًا دون النهار، ووقع عند ابن حبان

-[مذاهب العلماء في أحكام صلاة خسوف القمر]- أبواب صلاة الاستسقاء (1) باب سبب منع المطر عن الناس (1713) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال قال ربُّكم

_ من وجه آخر أنه صلى الله عليه وسلم صلى كسوف القمر، ولفظه من طريق النضر بن شميل عن أشعث بإسناده في هذا الحديث "يعني حديث أب بكرة" (؟ في كسوف الشمس والقمر ركعتين مثل صلاتكم) وأخرجه الدارقطني أيضًا، وفي هذا ردّ على من أطلق كابن رشدي أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل فيه، ومنهم من أول قوله صلى "أي أمر بالصلاة" جمعًا بين الروايتين؛ وقال صاحب الهدى بم ينقل أنه صلى في كسوف القمر في جماعة، لكن حكى ابن حبان في السيرة له أن القمر خسف في السنة الخامسة فصلى النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الكسوف وكانت أولى صلاة كسوف في الإسلام، وهذا إن ثبت؟ التأويل المذكور، وقد جزم به؟ في سيرته المختصرة وتبعه في نظمها أهـ (وقد اختلف العلماء) في التجميع لصلاة خسوف القمر فذهب الأئمة (الشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور) وجمهور العلماء إلى أن صلاة الكسوف والخسوف تسن الجماعة فيها (وقال أبو يوسف ومحمد) بل الجماعة شرط فيهما، وذهب (أبو حنيفة ومالك) إلى أنه ليس في خسوف القمر جماعة "قال العيسى" أبو حنيفة لم ينف الجماعة فيه؛ وإنما قال الجماعة فيه غير سنة بل هي جائزة وذلك لتعذر اجتماع الناس من أطراف البلد بالليل أهـ (قال الشوكاني) وحكى في البحر عن (أبي حنيفة ومالك) أن الانفراد شرط، وحكى النووي في شرح مسلم عن مالك أ، هـ يقول بأن الجماعة تسن في الكسوف والخسوف، وحكى في البحر عن العنزة أنه يصح الأمران (احتج الأولون) يعني (الشافعية ومن وافقهم) بالأحاديث الصحيحة المتقدمة، وليس لمن ذهب إلى أن الانفراد شرط أو أنه أولى من التجمع دليل، وأما من جوز الأمرين فقال لم يرد ما يقتضي اشتراط التجميع، لأن فعله صلى الله عليه وسلم لا يدل على الوجوب فضلاً عن الشرطية وهو صحيح، ولكنه لا ينفي أولوية التجمع أهـ والله أعلم (1713) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان ----- (*) قال الحافظ الاستسقاء لغة طلب سقي الماء من الغير للنفس أو للغير، وشرعا طلبه من الله تعالى عند حصول الجدب على وجه مخصوص اهـ وقال الرافعي هو أنواع أدناها الدعاء المجرد، وأوسطها الدعاء خلف الصلوات، وأفضلها الاستسقاء بركعتين وخطبتين، والأخبار وردت بجميع ذلك اهـ وستأتي كلها

-[الحث على طاعة الله وحسن الظن به والاكثار من قول لا إله إلا الله]- عزَّ وجلَّ لو أنَّ عبادي أطاعوني لأسقيتهم المطر باللَّيل وأطلعت عليهم الشَّمس بالنَّهار، ولما أسمعتهم صوت الرَّعد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ حسن الظنِّ بالله من حسن عبادة الله، وقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم جدِّدوا إيمانكم، قيل يا رسول الله وكيف نجدِّد إيماننا؟ قال أكثروا من قول لا إله إلَّا الله

_ أبو داود يعنب الطيالسي ثنا صدقة بن موسى السلمى الدقيقي ثنا محمد بن واسع عن شتير بن نهار عن أبي هريرة "الحديث" (غريبه) (1) أي بفعل ما أمرهم الله به وتجنب ما نهاهم الله عنه (2) أي لأن نزول المطر بالليل فيه رحمة لهم لعدم المشقة، ونزوله بالنهار يعطل عليهم بعض المصالح ويمنعهم من السير والحركة، ويمنع طلوع الشمس لوجود الغيم فلا يحصل لهم انتفاع بضوئها (3) أي فلو أطاعوا الله عز وجل لرفع وجل لرفع عنهم جميع المشاق وأطلع عليهم الشمس بالنهار ولم يسمعهم صوت الرعد لئلا يزعجهم صوته، وفي ذاك غاية الرحمة (4) حسن الظن بالله، عدم القنوط من رحمته واعتقاد أ، هـ تعالى التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات، وأنه عز وجل يثيب الطائعين ويزيدهم من فضله، ويكرمهم في الدنيا والآخرة، وأنه جل شأنه بيده مقاليد السموات والأرض، وأن أنزال المطر بيد الله عز وجل وحده يصيب به من يشاء من عباده رحمة بهم، ويصرفه عمن يشاء عقابًا لهم، لا تأثير للكواكب فيه كما كان يعتقد أهل الجاهلية؛ فقد جاء في الحديث القدسي عند الشيخين والإمام أحمد، وسيأتي في الباب الذي قبل الأخير من هذه الأبواب ما لفظه (أصبح من عبادي مؤمن بي كافر بالكواكب ومؤمن بالكواكب كافر بي،، فأما من قال مطرنا بفضل اله ورحمته فذلك مؤمن بي كافر بالكواكب، وأما من قال مطرنا بنوء كذا فذلك كافر بي مؤمن بالكواكب) فمن خالف عقيدة أهل الجاهلية وكانت عقيدته ما قدمنا فقد أحسن الظن بالله وكان ذلك من حسن عبادة الله، وهذا التفسير هو اللائق بسياق حديث الباب، وقد ورد في تحسين الظن بالله عند الموت أحاديث سيأتي الكلام عليها في كتاب الجنائز إن شاء الله تعالى (5) المراد بتجديد الإيمان الاستزادة منه (6) أي لأن كثرة ذكر الله عز وجل تملأ القلب نورًا ويزيده يقينًا (تخريجه) (ك) وأورده الهيمني وقال رواه أحمد والبزار وزاد فيه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (جددوا أيمانكم قالوا يا رسول الله فكيف نجدد

-[المعصية تجلب غضب الله ونقمته - والطاعة توجب رضاه ورحمته]- .....

_ إيماننا قال جددوا إيمانكم بقول لا اله إلا الله) وقال لا يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بهذا الإسناد قلت ومداره على صدقة بن موسى الدقيقي ضعفه ابن معين وغيره، وقال مسلم بن إبراهيم حدثنا صدقة الدقيقي وكان صدوقًا انتهى كلام الحافظ الهيثمي، وكأنه رحمه الله لم يطلع على هذه الرواية المشتملة على الزيادة عند الإمام أحمد وإلا لما نسب الزيادة للبزار فقط والله أعلم (وفي الباب) عن ابن عمر رضي الله عنهما في حديث له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لم ينقص قوم المكيال والميزان ألا أخذوا بالسنين وشدة المؤتة وجور السلطان عليهم، ولم يمنعوا زكاة أموالهم إلا منعوا القطر من السماء، ولولا البهائم لم يمطروا" قال الشوكاني ذكره ابن ماجة في كتاب الزهد مطولاً، وفي إسناده خالد بن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك وهو ضعيف، وقد ذكره الحافظ في التلخيص ولم يتكلم عليه قال (وفي الباب) عن بريدة عند الحاكم والبيهقي "ما نقض قوم العهد إلا كان فيهم القتل، ولا منع قوم الزكاة إلا حبس الله تعالى عنهم القطر" واختلف فيه على عبد اله بن بريدة فقيل عنه هكذا وقيل عن ابن عباس (وأخرج أبو يعلى والبزار من حديث أبي هريرة) بلفظ (مهلاً عن الله مهلا، فأنه لولا شباب خشّع وبهائم رتّع وأطفال رضّع لصب عليكم العذاب صبا" وفي إسناده إبراهيم بن خثيم بن عراك بن مالك وهو ضعيف (وأخرجه أبو نعيم) من طريق مالك بن عبيدة ابن مسافع عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "فال لولا عباد لله ركّع، وصبية رضّع، وبهائم رتّع، لصب عليكم العذاب صبا" (وأخرجه البيهقي وابن عدى) ومالك بن عبيدة قال أبو حاتم وابن معين مجهول، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ابن عدى ليس له غير هذا الحديث، وله شاهد مرسل أخرجه أبو نعيم أيضًا في معرفة الصحابة عن أبي الزاهرية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما من يوم إلا وينادي مناد أيها الناس مهلا فإن الله سطوان، ولولا رجال خشع وصبيان رضع ودواب رتع لصب عليكم العذاب صبا، ثم رضضتهم به رضا" (وأخرج الدارقطني والحاكم) من حديث أبي هريرة رفعه قال: " خرج نبي من الأنبياء يستسقى فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء، فقال ارجعوا فقد استجيب من أجل شأن النملة، وأخرج نحوه الإمام أحمد والطحاوي أهـ (الأحكام) حديث الباب مع ما ذكرناه في الشرح يدل على أن المطر لا يحبس عن الناس إلا بسبب المعاصي ولو أنهم أطاعوا الله عز وجل كما أمرهم لأرسل إليهم المطر بالليل، وأطلع عليهم الشمس بالنهار، أما وقد عصوا الله تعالى ولم يمتثلوا أمره فلله عز وجل أن يمنع عنهم المطر بتاتًا، ولكن لما كان في خلق الله تعالى قليل من الناس يعبده وبحافظ على طاعته ويلتجئ إليه، ومن هو غير مكلف ولا ذنب له كالصبية والبهائم اقتضت رحمته بخلقه أن يرسل إليهم المطر إكرامًا

-[حجة القائلين بأن صلاة الاستسقاء كصلاة العيد]- (2) باب صفة صلاة الاستسقاء والخطبة لها والجهر بالقراءة فيها (1714) عن أبي هريرة رضي الله عنخ، قال خرج بنيُّ الله صلى الله عليه وسلم يومًا يستسقي وصلَّى بنا ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثمًّ خطبنا ودعا الله وحوَّل وجهه نحو القبلة رافعًا يده، ثمَّ قلب رداءه فجعل الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن (1715) عن عبَّاد بن تميم قال سمعت عبد الله بن زيدٍ المازنيَّ يقول خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلَّى واستسقى وحوَّل رداءه حين استقبل

_ لهؤلاء الضعفاء، ولا يبعد أن يمنعه بتاتًا إذا كثرت المعاصي واشتد غضب الله عليهم، قال تعالى {واتقوا فتنة لا تصيبنَّ الذين ظلموا منكم خاصة} وقال عز من قائل {أفأمنوا مكر الله؟ فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون} نسأل الله السلامة والهداية والاستقامة آمين (1714) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب ابن جريرة قال ثنا أبي قال سمعت النعمان يحدث عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن بن عبد الرحمن عن أبي هريرة (الحديث) (غريبه) (1) أي إلى المصلى كما سيأتي في حديث عبد الله بن زيد (2) أي يطلب السقى من الله عز وجل (3) فيه دليل للقائلين بأن الخطبة بعد الصلاة (4) أي جعل ظاهره باطنًا وباطنه ظاهرًا وهذه الكيفية تجعل الأيمن أيسر، الأيسر أيمن (تخريجه) رواه ابن ماجة وأبو عوانه والبيهقي وقال تفرد به النعمان بن راشد وقال في الخلافيات رواته ثقات (1715) عن عباد بن تميم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك وحدثنا إسحاق قال حدثني مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم (الحديث) (غريبه) (5) هو عبد الله بن زيد بن عاصم بن كعب الأنصاري المازني أبو محمد صحابي شهير؛ روى صفه الوضوء وغير ذلك، ويقال إنه هو الذي قتل مسيلمة الكذاب واستشهد بالحرّة سنة ثلاث وستين، قال الحافظ في التقريب (6) فيه استحباب الخروج للاستسقاء إلى الصحراء لأنه أبلغ في الافتقار والتواضع ولأنها أوسع للناس ولأنه ربما حضر الناس كلهم فلا يسمعوا الجامع (7) فيه استحباب تحويل الرداء واستقبال القبلة عند أرادة الدعاء، وقد جاء مصرحًا بذلك في رواية مسلم بلفظ (وأنه لما أراد

-[حجة القائلين بتقديم الصلاة على الخطبة]- قال إسحق في حديثه وبدأ بالصَّلاة قبل الخطبة ثمَّ استقبل القبلة فدعا (1716) وعنه أيضًا عن عمِّه قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يستسقي فولَّى ظهره النَّاس واستقبل القبلة وحوَّل رداءه وجعل يدعوا وصلَّى ركعتين وجهر بالقراءة (وعنه من طريق ثان) عن عمِّه قال خرج رسول

_ أن يدعو استقبل القبلة وحول ردائه، قال العلماء والتحويل شرع تفاؤلاً بتغير الحال من القحط إلى نزول الغيث والخصب ومن ضيق الحال إلى سعته (1) هذا الحديث رواه الإمام أحمد عبد الرحمن بن مهدي وعن إسحاق أيضًا كلاهما عن مالك، فرواية عبد الرحمن أنّهت عند قوله حين استقبل "وفي رواية لمسلم مثلها" أما رواية إسحاق فقد زاد فيها "وبدأ بالصلاة قبل الخطبة إلخ- الحديث" وفي هذه الزيادة التصريح بأن الصلاة كانت قبب الخطبة، وفيها حجة للجمهور، وفيها استحباب استقبال، القبلة للدعاء ويلحق له الوضوء والغسل والتيمم والقراءة والأذكار والأذان وسائر الطاعات إلا ما خرج بديل كالخطبة ونحوها، قاله النووي (تخريجه) (م. د. نس. هق) بدون زيادة إسحاق وأشار إليه الحافظ في التلخيص بالزيادة ولم يتكلم عليه، وإنما قال ولابن قتيبة في الغريب من حديث أنس نحوه (1716) وعنه أيضًا عن عمه (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا يزيد قال أنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن عباد بن تميم "الحديث" (غريبه) (2) هو عبد الله بن زيد المازني المتقدم ذكره في الحديث السابق، ولكن ليس أخت لأبيه، وإنما قيل له عمه أنه كان زوج أمه، وقيل كان تميم أخا عبد الله لأمه وأمهما أم عمارة نسيبة، قاله الحافظ في التلخيص (3) رواية مسلم "فجعل إلى الناس ظهره يدعو الله واستقبل القبلة وحول رداءه ثم صلى ركعتين" وإنما جعل صلى الله عليه وسلم إلى الناس ظهره ليستقبل القبلة في الدعاء وظاهر قوله " ثم صلى ركعتين" في هذه الرواية أنه قدم الدعاء على الصلاة وفي روايته السابقة وحديث أبي هريرة أيضًا أنه بدأ بالصلاة قبل الخطبة، ثم استقبل القبلة فدعا، ويمكن الجمع بينهما بجواز الأمرين، أو أنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالدعاء ثم صلى ركعتين ثم خطب؛ فأقتصر بعض الرواة على شيء وبعضهم على شيء، وعبر بعضهم عن الدعاء بالخطبة (4) قال النووي ولم يذكر في رواية مسلم الجهر بالقراءة وذكره البخاري وأجمعوا على استحبابه (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر أنه سمع عبادة بن تميم سمعت عبد الله المازني يقول خرج رسول الله صلى الله عليه

-[تحويل الرداء واستقبال القبلة والدعاء بخشوع وتواضع]- الله صلى الله عليه وسلم إلى المصلَّى فاستسقى وحوَّل رداءه حين استقبل القبلة (1717) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج متخشِّعًا متضرِّعًا متواضعًا متبذِّلًا مترسِّلًا فصلَّى بالنَّاس ركعتين كما يضلِّي في العيد لم يخطب كخطبتكم هذه

_ وآله وسلم "الحديث" (تخريجه) (ق. د. نس. هق) وروى الطريق الثاني منه مسلم بلفظه وسنده، وقد ترجم البخاري للطريق الأولى منه في صحيحه فقال (باب الجهر بالقراءة في الاستسقاء) وأورده بسند حديث الباب بلفظ "خرج النبي صلى الله عليه وسلم يستسقى فتوجه إلى القبلة يدعو وحول رداءه ثم صلى ركعتين جهر فيهما بالقراءة". (1717) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن هشام بن إسحاق بن عبد الله بن كنانة عن أبيه عن ابن عباس "الحديث" (غريبه) (1) يعني خرج إلى المصلى لصلاة الاستسقاء متخشعًا أي مظهر للخشوع لأنه أقرب إلى إجابة المطلوب ووسيلة إلى القبول (متضرعًا) أي مظهرا للضراعة وهي التذلل عند طلب الحاجة (متبذلاً) أي في ثياب البذلة بكسر الباء وهي التي تلبس في حالة الشغل ومباشرة الخدمة وتصرّف الإنسان في بيته (مترسلاً) أي غير مستعجل في مشيه (2) احتج به (الشافعية ومن وافقهم) على أنه يكبر فيها كما يكبر في صلاة العيد، وتأوله الجمهور على أن المراد كصلاة العيد في العدد والجهر بالقراءة وكونها قبل الخطبة (3) يعني لم تكن كخطبة العيد والجمعة بل خاصة بطلب السقى وما يتعلق به (تخريجه) (ك. قط. هق. والأربعة) ولفظ الترمذي قال حدثنا قتيبة يا حاتم بن إسماعيل عن هشام بن إسحاق وهو ابن عبد الله بن كنانة عن أبيه قال أرسلني الوليد بن عقبة وهو أمير المدينة إلى أبن عباس أسأله عن استسقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج متبذلاً "الحديث" قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (قلت) وصححه أيضًا أبو عوانة وابن حبان، ورواه أبو داود بنحو رواية الترمذي إلا أ، هـ زاد ورقي المنبر (وفي الباب عن هشام بن عروة) عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت " شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحوط المطر فأمر بمنبر فوضع له في المصلى ووعد الناس يومًا يخرجون فيه، قالت عائشة فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر فكبر وحمد لله

-[مذاهب العلماء في حكم صلاة الاستسقاء]- .....

_ عز وجل ثم قال أنكم شكوتم جدب دياركم، واستئخار المطر عن إبّان زمانه عنكم، وقد أمركم الله عز وجل أن تدعوه ووعدكم أن يستجيب لكم، ثم قال الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم ملك يوم الدين، لا إله إلا الله يفعل ما يريد، اللهم أنت الله لا إله إلا أنت الغني ونحن الفقراء أنزل علينا الغيث واجعل ما أنزلت علينا قوة وبلاغًا إلى حين، ثم رفع يديه فلم يزل في الرفع حتى بدا بياض إبطيه، ثم حول الناس ظهره وقلب أو حول رداءه، وهو رافع يديه، ثم أقبل على الناس ونزل فصلى ركعتين، فأنشأ الله سحابة فرعدت وبرقت ثم أمطرت بإذن الله فلم يأت مسجده حتى سالت السيول، فلما رأى سرعتهم إلى الكن ضحك صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه، فقال أشهد أن الله على كل شيء قدير واني عبد الله ورسوله، رواه أبو داود وقال هذا حديث غريب إسناده جيد، أهل المدينة يقرؤون "ملك يوم الدين" وأن هذا الحديث حجة لهم أهـ (وعن طلحة بن عبد الله بن عوف) قال سألت ابن عباس عن السنة في صلاة الاستسقاء، فقال السنة في صلاة الاستسقاء مثل السنة في صلاة العيد، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسقي فصلى ركعتين وقرأ فيهما وكبر في الأولى سبع تكبيرات وفي الثانية خمس تكبيرات" أورده الهيثمي، وقال هو في السنن من غير بيان للتكبير- رواه البزار وفيه محمد بن عبد العزيز لن عمر الزهري وهو متروك أهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الاستسقاء وصلاة ركعتين كصلاة العيد في الصحراء بلا أذان ولا إقامة يجهر فيها بالقراءة (وفيها مشروعية الخطبة) والإكثار من الدعاء والتضرع إلى الله عز وجل بتخشع وتذلل (وفيها أيضًا) مشروعية استقبال القبلة ورفع اليدين وتحويل الملابس ظهرًا لبطن عند لدعاء (أما حكم الاستسقاء) فقد اجمع العلماء على أن الخروج إليه والبروز عن المصر والدعاء إلى الله والتضرع إليه في نزول المطر سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم واختلفوا في الصلاة، فقال النووي (قال أبو حنيفة) لا تمن له صلاة بل يستسقى بالدعاء بلا صلاة، وقال سائر العلماء من السلف والخلف، الصحابة والتابعون فمن بهدهم تسن الصلاة، ولم يخالف فيه إلا أبو حنيفة، وتعلق بأحاديث الاستسقاء التي ليس فيها صلاة، واحتج الجمهور بالأحاديث الثابتة في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى للاستسقاء ركعتين، وأما الأحاديث التي ليس فيها ذكر الصلاة فبعضها محمول على نسيان الراوي وبعضها كان في الخطبة للجمعة وبتعقبه الصلاة للجمعة فاكتفى بها، ولم لم يصلّ أصلاً كان بيانًا لجواز الاستسقاء بالدعاء بلا صلاة، ولا خلاف في جوازه، وتكون الأحاديث المتثبتة للصلاة مقدمة لأنها زيادة علم ولا معارضة بينهما، قال أصحابنا الاستسقاء ثلاثة أنواع "احدها" الاستسقاء بالدعاء من غير صلاة "الثاني" في خطبة الجمعة أو

-[إختلاف العلماء في الخطبة هل هي قبل الصلاة أو بعدها]- .....

_ في إثر صلاة مفروضة، وهو أفضل من النوع الذي قبله، "الثالث" وهو أملها أن يكون بصلاة ركعتين وخطبتين، ويتأهب قبله بصلاة وصيام وتوبة وإقبال على الخير ومجانبة الشر ونحو ذلك من طاعة الله تعالى أهـ (وأما الخطبة) فقد أجمع القائلون بمشروعية الصلاة على أن الخطبة أيضًا مشروعة وهي من سنن الاستسقاء لورود ذلك في الأحاديث، وحكى المهدي في البحر عن الهادي والمؤيد بالله أنه لا خطبة في الاستسقاء، واستدل لذلك بقول ابن عباس "لم يخطب كخطبتكم هذه" وغفلا عما رواه أبو داود في الحديث نفسه عن ابن عباس وفيه "ورقى المنبر" وإنما نفى ابن عباس وقوع خطبة منه صلى الله عليه وسلم مشابهة لخطبة المخاطبين ولم ينف وقوع مطلق الخطبة منه صلى الله عليه وسلم (وقد اختلفت الأحاديث) في تقديم الخطبة على الصلاة أو العكس، ففي حديث أبي هريرة والحديث الأول من حديثي عبد الله بن زيد أنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالصلاة قبل الخطبة، وفي الحديث الثاني لعبد الله بن يزيد وحديث بن عباس وحديث عائشة المذكور في الشرح الذي رواه أبو داود أنه صلى الله عليه وسلم بدأ بالخطبة قبل الصلاة، ولكنه لم يصرح في الحديث الثاني من حديثي عبد الله بن زيد أنه خطب، وإنما ذكر تحويل الرداء والاستقبال والدعاء والصلاة، (وقال القرطبي) يعتضد القول بتقديم الصلاة على الخطبة بمشابهتها للعيد، وكذا ما نقرر من تقديم أمام الحاجة أهـ (وقال الحافظ) يمكن الجمع بين ما اختلف من الروايات في ذلك أنه بدأ بالدعاء عن الخطبة فلذلك وقع الاختلاف، والمرجح عند (الشافعية والمالكية) الشروع أولاً بالصلاة عن (أحمد) رواية كذلك قال النووي وبه قال الجماهير (وقال الليث) الصلاة بعد الخطبة وكان مالك يقول به ثم رجع إلى قول الجماهير، وقال أصحابنا ولو قدَّم الخطبة على الصلاة صحتا، ولكن الأفضل تقديم الصلاة كصلاة العيد وخطبتها، وجاء في الأحاديث ما يقتضي جواز التقديم والتأخير؛ واختلفت الرواية في ذلك عن الصحابة أهـ (وقد اختلف في صفة صلاة الاستسقاء) فقال الشافعي وابن جرير وروى عن ابن المسيب وعمر بن العزيز أنه يكبر غيها كتكبير العيد، وبه قال زيد بن علي ومكحول، وهو مروي عن أبي يوسف ومحمد، (وقال الجمهور) لأنه لا تكبير فيها، واختلفت الرواية عن أحمد في ذلك، (وقال داود) أنه بخير بين التكبير وتركه "استدل الأولون" بحديث ابن عباس بقوله "فصلى بالناس ركعتين كما يصلي في العيد" وتأوله الجمهور على أن المراد كصلاة العيد في العدد والجهر بالقراءة وكونها قبل الخطبة، وقد أخرج الدارقطني والبزار من حديث ابن عباس أ، هـ يكبر فيها سبعًا وخمسًا كالعيد وأنه يقرأ فيها بسبح وهل أتلك، وفي إسناده محمد بن عبد العزيز بن عمر الزهري وهو متروك وتقدم في الشرح (وأما استقبال القبلة والدعاء ورفع اليدين عنده وتحويل

-[الاستسقاء على المنبر ورفع اليدين عند الدعاء]- (3) (باب) الاستسقاء بالدعاء في خطبة الجمعة ومن استسقا بغير صلاة (1718) عن حميدٍ قال سئل "أنس بن مالكٍ رضي الله عنه" هل كان النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يرفع يديه فقال قيل له يوم جمعةٍ يا رسول الله قحط المطر، وأجدبت الأرض، وهلك المال قال فرفع يديه حتَّى رأيت بياض إبطيه فاستسقى، ولقد رفع يديه وما نرى في الَّماء سحابةً، فما قضينا الصَّلاة حتَّى إنَّ قريب الدَّار الشَّابَّ يهمُّه الرَّجوع إلى أهله قال فلمَّا كانت الجمعة التَّي تليها، قالوا يا رسول الله، تهدَّمت البيوت، واحتبست الرُّكبان فتبسَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم من سرعة ملالة ابن آدم، وقال اللَّهمَّ حوالينا ولا علينا

_ الرداء) فسيأتي الكلام عليه في أبوابه إن شاء الله (وأما الجهر بالقراءة فيها) فقال في شرح مسلم أجمعوا على استحبابه، وكذلك نقل الإجماع على استحباب الجهر ابن بطال ونقل النووي أيضًا الإجماع على أنه لا يؤذّن لها ولا يقام، لكن يستحب أن يقال بالصلاة جامعة، والله سبحانه وتعالى أعلم. (1718) عن حميد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن عدى عن حميد (حديث) (غريبه) (1) سيأتي الكلام عليه في بابه بعد باب (2) أي وهو قائم على المنبر يخطب خطبة الجمعة، كما يستفاد من الطرق الآتية " وقوله قحط" بفتح القاف مع فتح الحاء وكسرها أي امسك "وفي لفظ قام إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة بعض المسلمين فقال، يا رسول الله قحط المطر إلخ- الحديث" (وأجدبت الأرض) أي أصبحت لا نبات بها لعدم المطر (3) المراد بالمال هنا الماشية كما صرح بذلك في رواية البخاري أي ثقل عليه الرجوع لكثرة المطر حتى أوقعه في الهم أنه شاب وداره قريبة؛ وهذه مبالغة في كثرة المطر، لأنه استمر أسبوعا كاملاً من الجمعة إلى الجمعة لا ينقطع، كما يستفاد ذلك من الروايات الأخرى عند الإمام أحمد وغيره (5) يعني جماعة المسافرين على الدواب أي لكثرة المطر لم يمكنهم السفر (6) قال الحافظ بفتح اللام وفيه حذف تقديره، أجعل أو أمطر، والمراد به صرف عن الأبنية والدور (وقوله ولا علينا) فيه بيان للمراد بقوله حوالينا لأنها تشمل الطرق التي حولهم فأراد إخراجها بقوله ولا علينا (قال الطيبي) في إدخال الواو هنا معنى لطيف، وذلك أنه لو أسقطها لكان مستسقيًا للآكام وما

-[من معجزاته صلى الله عليه وسلم نزول المطر عند طلبه والاحتياج إليه]- فتكشَّطت (وفي لفظ فتكشَّفت) عن المدينة (ومن طريقٍ ثانٍ) عن ثابتٍ قال قال أنسٌ إنِّي لقاعدٌ عند المنبر يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إذ قال بعض أهل المسجد، يا رسول الله حبس المطر فذكر نحوه (ومن طريقٍ ثالثٍ) عن قتادة عن أنس بن مالكٍ أنَّ رجلًا نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وهو يخطب النَّاس بالمدينة فقال يا رسول الله قحط المطر وأمحلت الأرض وقحط النَّاس فاستسق لنا ربَّك فنظر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى السَّماء وما نرى كثير سحابٍ فاستسقى ففشا السَّحاب بعضه إلى بعض، ثمَّ مطروا حتَّى سالت مثاعب المدينة، واضطردت طرقها أنهارًا فما زالت كذلك إلى يوم الجمعة المقبلة ما تقلع، ثمَّ قام ذلك الرَّجل أو غيره، ونبيُّ

_ معها فقط، ودخول الواو يقتضي أن طلب المطر على المذكور ليس مقصودًا لعينه، ولكن ليكون وقاية من أذى المطر، فليست الواو مخلصة للعطف ولكنها للتعليل، وهو كقولهم "تجوع الحرة ولا تأكل بثدييها" فإن الجوع ليس مقصودًا لعينه ولكن لكونه مانعًا عن الرضاع باجرة إذ كانوا يكرهون ذلك أنفا أهـ (1) أي انصرفت وزالت (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وثنا حجاج قالا ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت "الحديث" (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين في تفسير شيبان عن قتادة قال وحدثنا أنس أن رجلاً نادى إلخ (4) قال الحافظ لم أقف على تسميته في حديث أنس، وروى الإمام أحمد من حديث كعب بن مرة ما يمكن أن يفسر هذا المبهم بأنه كعب المذكور، قال وروى البيهقي في الدلائل من طريق مرسلة ما يمكن أن يفسر بأنه خارجة بن حسن بن حذيفة بن بدر الفزازي أهـ (قلت) حديث كعب بن مرة الذي أشار إليه الحافظ هو الحديث التالي وسيأتي الكلام عليه في شرحه (5) بالحاء المهملة أي أحدبت (6) أي كثر وانتشر (7) قال في القاموس الثعب مسيل الوادي جمعه ثعبان؛ ومتاعب المدينة مسايل مائها (8) أي صار الماء يجري في طرقها كما يجرى في رواية شريك عن أنس عند الشيخين بلفظ "قال شريك فسألت

-[من معجزاته صلى الله عليه وسلم حبس المطر عند عدم الحاجة إليه]- الله صلى الله عليه وسلم يخطب، فقال يا نبيَّ الله ادع لنا الله أن يحبسها عنَّا، فضحك نبي الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ قال، اللَّهمَّ حوالينا ولا علينا، فدعا ربَّه فجعل السَّحاب يتصدَّع عن المدينة يمينًا وشمالًا يمطر ما حولها ولا يمطر فيها شيئًا (ومن طريقٍ رابعٍ) عن اسحق بن عبد الله بن أبي طلحة الأنصاريَّ قال حدَّثني أنس بن مالكٍ قال أصاب النَّاس سنةٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم الجمعة قام أعرابيٌّ فقال يا رسول الله، هلك المال، وجاع العيال فادع الله أن يسقينا، فرفع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يديه وما ترى في السَّماء قزعةٌ فثار سحابٌ أمثال الجبال ثمَّ لم يزل عن منبره حتَّى رأينا المطر يتحادر على لحيته فذكر الحديث (1719) عن شرحبيل بن السِّمط أنَّه قال لكعب بن مرَّة (رضي

_ أنسا هو الرجل الأول قال لا أدرى " لكن جاء في صحيح البخاري أيضًا من رواية يحيى ابن سعيد بلفظ "فأتى الرجل فقال رسول الله" ومثله لأبي عوانة من طريق حفص عن أنس بلفظ "فما زلنا نمطر حتى جاء ذلك الأعرابي في الجمعة الأخرى وأصله في مسلم (قال الحافظ) وهذا يقتضي الجزم بكونه واحدًا، فلعل أنسا تذكره بعد أن نسيه، أو نسيه بعد أن كان تذكره أهـ (1) أي يتشقق ويتفرق (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان همام أنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلعة "الحديث" (3) أي قحط (4) بفتح القاف والزاي هي القطعة من السحاب وجماعتها قزع، كقصبة وقصب، قال أبو عبيد وأكثر ما يكون ذلك في الخريف (تخريجه) (ق. د. نس. هق) (1719) عن شر حبيل بن المسط (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن شر حبيل بن الممط أنه قال لكعب بن مرة ياكعب بن مرة، حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحذر، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول- فذكر جملة أحاديث في أمور شتى وضعت في أبوابها، منها هذا الحديث (غريبه) (5) شر جيل بضم أوله وفتح الراء وسكون المهملة (والسمط)

-[إستشفاع الكفار بالنبي صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء]- الله عنه) يا كعب بن مرَّة، حدَّثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحذر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وجاءه رجلٌ فقال استسق الله لمضر، قال فقال إنَّك لجريءٌ، ألمضر؟ قال يا رسول الله استنصرت الله عزَّ وجلَّ فنصرك ودعوت الله عزَّ وجلَّ فأجابك قال فرفع رسول الله صلَّى اللع عليه وعلى آله وسلَّم يديه يقول اللَّهمَّ اسقنا غيثًا مغيثًا مريعًا مريئًا طبقًا غدقُا عاجلًا غير رائث، نافعًا غير ضارّ، قال فأجيبوا، قال فما لبثوا أن أتوه فشكوا إليه كثرة المطر؛ فقالوا قد تهدَّمت البيوت، قال فرفع يديه

_ بكسر السين المهملة وسكون الميم (1) أي حدثنا بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم واحذر أن تكون سمعته من غيره (2) هذا الرجل المبهم هو كعب بن مرة نفسه كما ستعرف ذلك قريبًا (3) اسم قبيلة من قريش سميت باسم مضر بن نزار بن معدّ بن عدنان عصت الله وآذت النبي صلى الله عليه وسلم فدعا عليهم بقوله، اللهم أشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسنى يوسف، وقد استجاب الله دعاءه، وابتلاهم بالقحط والجدب حتى أكلوا الجلود والميتة والجيف (وتقدم لفظ الدعاء عليهم في أبواب القنوت في الجزء الثالث) فأرسلوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستشفعون به في كشف ما نزل بهم والدعاء لهم، فلهذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على الرسول قوله، وقال له إنك لجريء، يعني أتطلب مني الدعاء لقوم طلعوا وبغوا وعصوا الله ورسوله (4) يريد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب من الله أن ينصره عليهم فنصره ودعا عليهم بالقحط فاستجاب الله دعاءه وابتلاهم به، ولما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من شيمته العفو والرحمة رفع يديه وابتهل إلى الله عز وجل في رفع ما نزل بهم وإغاثتهم بالمطر فاستجاب الله دعاءه (5) الغيث المطر ويطلق على النبات تسمية له باسم سببه (مغيثًا) بضم الميم وكسر الغين المعجمة وهو المنقذ من الشدة (مريعًا) بضم الميم وفتحها وكسر الراء هو الذي يأتي بالربع وهو الزيادة، مأخوذ من المراعة وهي الخطب، ومن فتح الميم جعله اسم مفعول أصله مريوع كمهيب ومعناه مخصب، (مريئًا) بالهمزة هو المحمود العاقبة المنمي للحيوان (طبقًا) هو المطر العام كما في القاموس (غدقًا) الغدق هو الماء الكثير وهو من باب قرح، وأغدق المطر، وأغدودق كبر قطره (غير رائث) الريث الإبطاء والرائث المطبيء (6) أي بسبب كثرة المطر، ولفظ ابن ماجه "فقالوا يا رسول الله تهدمت البيوت"

-[الاستسقاء بالاستغفار - واستشفاع المسلمين والكافرين بالنبى صلى الله عليه وسلم في الاستسقاء]- وقال اللَّهمَّ حوالينا ولا علينا قال فجعل السَّحاب يتقطَّع يمينًا وشمالًا

_ (تخريجه) (جه. هق) وسنده جيد، ورواه أيضًا الحاكم وقال، هذا حديث حسن صحيح إسناده على شرط الشيخين (قلت) وأقره الذهبي ورواه الإمام أحمد من طريق أخرى عن كعب بن مرة أيضًا قال " دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم على مضر فأتيته، فقلبت يا رسول الله إن الله عز وجل قد نصرك وأعطاك واستجاب لك، وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم، فأعرض عنه، قال فقلت يا رسول الله إن الله عز وجل قد نصرك وأعطاك واستجاب لك، وإن قومك قد هلكوا فاعد الله لهم، فقال اللهم اقنا غيثًا مغيثًا - الحديث" وسيأتي تماً بسنده وشرحه في باب ما ورد في بعض قبائل العرب مدحًا وذمًا من كتاب الفضائل إن شاء الله تعالى، فيستفاد من هذا الحديث أن الرجل المبهم الذي ذكر في حديث الباب هو كعب بن مرة (وفي الباب عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله لقد جئتك من عند قوم لا يتزود لهم راع ولا يخطر لهم فحل، فصعد النبي صلى الله عليه وسلم المنبر فحمد الله، ثم قال اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا مريئًا مريعاً طبقًا غدقًا عاجلاً غير رائث، ثم نزل فما يأتيه أحد من وجه من الوجوه إلا قالوا قد أحيينا" رواه ابن ماجه ورجاله ثقات، وأخرجه أيضًا أبو عاونة وسكت عنه الحافظ في التخليص وقوله (لا يتزود لهم راع) أي لا يجد ما يطعمه لقلة الزاد عندهم لما أصابهم من الجدب والقحطـ، وخص الراعي بالذكر لأنه يعتني بطعامه أكثر من غيره لما يناله من المشقة والبعد عن المساكن (وقوله ولا يخطر لهم فحل) يعني أن مواشيهم قد بلغت لقلة الرعى إلى حد من الضعف لا تقوى معه على تحريك أذيلها، وفي القاموس خطر الفحل بذنبه إذا ضرب به يمينًا وشمالاً (وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما) قال (أتت النبي صلى الله عليه وسلم بواكي، فقال اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا مريئًا مريعًا عاجلاً غير أجل نافعًا غير ضار، فأطبقت عليهم السماء) رواه الحاكم، وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (وعن الشعبي رحمه الله) قال خرج عمر يستسقى فلم يزد على الاستغفار، فقالوا ما رأيناك استسقيت، فقال لقد طلبت الغيث بمجاديح السماء الذي يستنزل له المطر ثم قرأ استغفروا ربكم ثم توبوا إليه} الآية رواه سعيد بن منصور في سننه وابن أبي شيبة والبيهقي "وقوله بمجاديح السماء" بجيم ثم دال مهملة ثم حاء مهملة أيضًا جمع مجدح كمنبر؛ قال في القاموس مجاديح السماء أنواؤها أهـ، والمراد بالآنواء النجوم التي يحصل عنده المطر عادة فشبه الاستغفار بها، واستدل عمر بالآيتين على أن الاستغفار الذي ظن أن الاقتصار عليه

-[أنواع الاستسقاء ومذاهب العلماء في ذلك]- (4) باب تحويل الإمام والناس أروبتهم في الدعاء وصفه ووقته (1720) حدّثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا سفيان عن أبي بكر بن محمَّد بن عمرو بن حزمٍ سمع عبَّاد بن تميمٍ عن عمِّه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ لا يكون استسقاء من أعظم الأسباب التي يحصل عندها المطر والخصب، لأن الله جل جلاله قد وعد عباده بذلك وهو لا يخلف الوعد، ولكن إذا كان الاستغفار واقعًا من صميم القلب وتطابق عليه الظاهر والباطن، وذلك مما يقل وقوعه؛ قال الشوكاني (الأحكام) أحاديث الباب مع ما ذكرنا في الشرح تدل على جواز الاستسقاء بالدعاء فقط وعلى إدخاله في خطبة الجمعة والدعاء به على المنبر والاكتفاء بصلاة الجمعة عن صلاة الاستسقاء (وفيها أيضًا) جواز الاستسقاء والدعاء فقط في غير الجمعة وفي غير المسجد كما يستفاد ذلك من حديث كعب بن مرة وما أوردناه في الشرح (وإليه ذهب الحنفية) (قل العيني) في شرح البخاري أعلم أن أبًا حنيقة قال ليس في الاستسقاء صلاة مسنونة في جماعة، فإن صلى الناس وحدانا جاز، إنما الاستسقاء الدعاء والاستغفار لقوله تعالى {استغفروا ربكم إنه كان غفارًا يرسل السماء عليكم مدرارًا} عَّلق نزول الغيث بالاستغفار لا بالصلاة، فكان الأصل فيه الدعاء والتضرع دون الصلاة ويشهد لذلك أحاديث، ثم ساق أحاديث الباب مع ما ذكرناه في الشرح، وأحاديث وآثارًا أخرى أ'رضنا عن ذكرها لضعفها، ثم قال فهذه الأحاديث ولآثار كلها تشهد لأبي حنيفة أن الاستسقاء ودعاء، استغفار ودعاء، قال وأجيب عن الأحاديث التي فيها الصلاة أنه صلى الله عليه وسلم فعلها مرة وتركها أخرى، وذا لا يدل على السنية، وإنما يدل على الجواز أهـ (قلت) أما قوله (إن النبي صلى الله عليه وسلم فعله مرة وتركه مرة أخرى فلا يدل على السنية) فليس بشيء، لأنه ثبت بالأحاديث الصحيحة عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم "وتقدمت في الباب السابق" أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بالناس إلى المصلى وصلى بهم ركعتين ودعا وخطب، فتكون الصلاة مسنونة بلا شك ولا ريب، ودعاؤه المجرد كان في مرة أخرى كما يستفاد من أحاديث الباب (والذي أميل إليه) أن الاستسقاء ثلاثة أنواع كما قال الشافعية (أحدها) الاستسقاء بالدعاء من غير صلاة، وهذا مستفاد من حديث كعب بن مرة ومما ذكرناه في الشرح (والثاني) والاستسقاء في خطبة الجمعة أو في أثر صلاة مفروضة وهذا يدل عليه حديث أنس بجميع رواياته (والثالث) أن يكون بصلاة ركعتين وخطبة ودعاء، وهو الأكمل، ويدل عليه أحاديث الباب السابق، والله سبحاه وتعالى أعلم. (1720) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) هو عبد الله بن زيد بن عاصم

-[وقت الخروج إلى الاستسقاء وكيفية تحويل الرداء وغير ذلك]- خرج إلى المصلَّى واستقبل القبلة وقلب رداءه وصلَّى ركعتين، قال سفيان قلب الرِّداء جعل اليمين الشِّمال، والشَّمال اليمين (ومن طريقٍ ثانٍ) عن عبد الله بن زيدٍ، قال قد رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم

_ المازني المتقدم ذكره في الباب الثاني (1) أي يستسقى بما في رواية الزهري عند البخاري، (قال الحافظ) ولم أقف في شيء من طريق حديث عبد الله بن زيد زيد على سبب ذلك ولا صفته صلى الله عليه وسلم حال الذهاب إلى المصلى ولا على وقت ذهابه، وقد وقع ذلك في حديث عائشة عند أبي داود وابن حبان قالت "شكا الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قحط المطر فأمر بمنبره فوضع له بالمصلى ووعد الناس يومًا يخرجون فيه، فخرج حين بدا حاجب الشمس فقعد على المنبر "الحديث" (قلت) تقدم ف أحكام الباب السابق بتمامه، قاله وفى حديث أبي الدرداء عند البزار والطبراني "قحط المطر فٍالنا نبي الله أن يستسقى لنا فغدا نبي الله- الحديث" وقد حكة ابن المنذر الاختلاف في وقتها، والراجع أنه لا وقت لها معين وإن كان أكثر أحكامها كالعيد لكنها تخالفه بأنها لا تختص بيوم معين، وهل تصنع بالليل، استنبط بعضهم من كونه صلى الله عليه وسلم جهر بالقراءة فيها بالنهار أنها نهاية كالعيد وإلا فلو كانت تصلى بالليل لأسرَّ فيها بالنهار وجهر بالليل كمطلق النوافل، ونقل ابن قدامة الإجماع على أنها لا تصلى في وقت الكراهة، وأفاد ابن حبان أن خروجه صلى الله عليه وسلم إلى المصلى للاستسقاء كان في شهر رمضان سنة ست من الهجرة أهـ (2) في الرواية وقلب رداءه، وفي الطريق الثانية وحول رداءه، وفسر التحويل في الطريق الثانية بالقلب، فدل ذلك على أنهما بمعنى واحد، واختلف في حكمة التحويل فجزم المهلب أنه للتفاؤل بتحويل الحال عما هي عليه، وقيل غير ذلك وما قاله المهلب أثبت، ويؤيده ما رواه الدارقطني والحاكم وهذا لفظه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال استسقى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوا رداءه ليتحول القحط، قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وقال الذهبي غريب عجيب صحيح (فائدة) ذكر الواقدي أن طول ردائه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان ستة أذرع في عرض ثلاثة أذرع وطول إزاره أربعة أذرع وشبر في ذراعين وشبر أهـ (3) في الطريق الثانية فقلبه ظهرًا لبطن والمعنى واحد، لأنه إذا جعل الظاهر باطنًا والباطن ظاهرًا، صار اليمين شمالاً والشمال يمينًا (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أب عن ابن إسحاق قال حدثنا عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم الأنصاري أي ثم المازني عن عبد الله؟؟ بن عاصم وكان أحد؟ وكان عبد الله بن زيد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد

-[مذاهب العلماء في كيفية تحويل الرداء]- حين استسقى لنا أطال الدُّعاء وأكثر المسألة قال ثمَّ تحوَّل إلى القبلة، وحوَّل رداءه فقلبه ظهرًا لبطن وتحوَّل النَّاس معه (1721) عن عبد الله بن زيدٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم استسقى وعليه خميصةٌ له سوداء فأراد أن يأخذ بأسفلها فيجعله أعلاها فثقلت عليه فقلبها عليه، الأيمن على الأيسر والأيسر على الأيمن

_ شهد معه أحدا قال قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (1) هكذا في المسند بلفظ (وتحول الناس معه) لكن استشهد به الحافظ وعزاه للإمام أحمد بلفظ (وحول الناس معه) وأورده صاحب المنتفى وعزاه للإمام أحمد بلفظ (وتحول الناس معه) كما في حديث الباب، ولم أقف على هذه الجملة لغير الإمام أحمد، رواه الشيخان وأصحاب السنن مقتصرين على قوله وحول رداءه، وقد احتج بهذه الزيادة القائلون بتحويل الناس أرديتهم مع الإمام، وسيأتي ذكرهم في الأحكام (تخريجه) (ق. د. نس. هق) بمعناه ما عدا قوله وتحول الناس معه، فقد انفرد بها الأمام أحمد فيما، أعلم والله أعلم. (1821) عن عبد البه بن زيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سري ابن النعمان قال ثنا عبد العزيز الدراوردي عن عمارة بن غزيّة عن عبَّاد بن تميم عن عمه عبد الله ابن زيد "الحديث" (غريبه) (2) الخميصة كساء مربع أسود من صرف أو خز أو نحوه له علمان في طرفه (3) أي لما عسر عليه جعل أسفلها قلبًا ظهرًا لبطن، فصار طرفها الأيمن على يساره وطرفها الأيسر على يمينه (تخريجه) (د. فع. هق) والطحاوي وسنده جيد (الأحكام) حديثا الباب يدلان على مشروعية خروج الناس مع الإمام إلى المصلى للاستسقاء وصلاة ركعتين واستقبال القبلة وكثرة الدعاء وتحويل أرديتهم وكلها تقدم الكلام عليها مع اختلاف المذاهب فيها إلا تحويل الأردية (وقد اختلف العلماء فيه أيضًا) فذهب الأئمة (مالك والشافعي وأحمد وجماهير العلماء) إلى استحباب تحويل الرداء، ولم يستحبه (أبو حنيفة) واختلف القائلون بتحويل الرداء في صفة التحويل، فقال الإمامان (الشافعي ومالك) هو جعل الأسفل أعلى مع التحويل، وروى القرطبي عن الشافعي أنه أختار في الجديد تكنيس الرداء لا تحويله، والذي في الأم هو الأول (وذهب الجمهور) إلى استحباب التحويل فقط، واستدل الشافعي ومالك بهمَّه صلى الله عليه وسلم بقلب الخميصة لأنه لم يدع إلا لثقلها كما في الحديث الثاني من حديثي الباب، قال الحافظ

-[مذاهب العلماء في وقت تحويل الرداء وتحويل الناس أرديتهم مع الإمام]- (5) باب رفع اليدين عند الدعاء في الاستسقاء وذكر أدعية مأثورة (1722) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم استسقى فأشار بظهر كفَّيه إلى السَّماء (1723) وعنه أيضًا قال لم يكن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يرفع يديه في شيءٍ من دعاءه (وفي لفظٍ من الدُّعاء) إلَّا في الاستسقاء فإنَّه

_ ولا ريب أن الذي استحبه الشافعي أحوط أهـ أي لأنه جمع بين التحويل والتنكيس (واستبدل الجمهور) على التحويل فقط بقوله في الحديث الأول من حديثي الباب (فقلبه ظهر لبطن)، وبقول سفيان قلب الرداء جعل اليمين الشمال والشمال اليمين (وقال بعض المالكية) إنه لا يستحب شيء من ذلك، كما ذهب إليه أبو حنيفة، وخالفهم الجمهور (واختلفوا أيضًا) في وقت تحويل الإمام، وهل يحول الناس أرديتهم تبعًا للإمام أم لا؟ فذهب (مالك والشافعي) إلى أنه يفعل ذلك عند الفراغ من الخطبة، والمشهور عند الشافعية قبيل الفراغ منها، وقال أبو يوسف يحول رداءه إذا مضى صدر من الخطبة، وروى ذلك أيضًا عن مالك، وكلهم يقول إنه إذا حول الإمام رداءه قائمًا حول الناس أرديتهم جلوسًا، لقوله صلى الله عليه وسلم "إنما جعل الإمام ليؤتم به" إلا محمد بن الحسن والليث بن سعد وبعض أصحاب مالك وحكاه العبدري عن الطحاوي عن أبي سويف، قال وروى عن ابن المسيب وعروة والثورى، فإن الناس عندهم لا يحولون أرديتهم بتحويل الإمام؛ وحجتهم أنه لم ينقل ذلك في صلاته عليه الصلاة والسلام، وما في الطريق الثانية من الحديث الأول من حديثي الباب من قوله "وتحول الناس معه" يدر عليهم وهو دليل الجمهور والله أعلم. (1722) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا حسن ابن موسى ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك "الحديث" (غريبه) (1) قال النووي قال جماعة من أصحابنا وغيرهم السنة في كل دعاء لرفع بلاء كالقحط ونحوه، أن يرفع بين يديه ويجعل ظهر كفيه إلى السماء، وإذا دعا لسؤال شيء وتحصيله جعل بطن كفيه إلى السماء واحتجوا بهذا الحديث (تخريجه) (م. هق). (1723) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يحيى ثنا ابن أبي عروبة عن قتادة أن أنسا حدثهم قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (2) ظاهره عدم الرفع في كل دعاء غير الاستسقاء وليس كذلك، فقد ثبت بالأحاديث

-[إستحباب رفع اليدين عند الدعاء في الاستسقاء]- كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه. (1724) عن عميرٍ مولى أبي اللحم أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يستسقي عند أحجار الزيت قريبًا من الزوراء قائمًا يدعو يستسقى رافعًا كفيه لا يجاوز بهما رأسه مقبل بباطن كفيه إلى وجهه

_ الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه عند الدعاء في غير باب الاستسقاء، وسيأتي الجمع بينهما والكلام عليها في الأحكام (1) أن قيل كيف يرى بياض إبطيه صلى الله عليه وسلم وهو لابس ثيابه (قلت) لعل كُمّي ثوبه صلى الله عليه وسلم كانا واسعين جدًا بحيث ينحسرا عن ذراعيه عند رفعهما فيرى بياض إبطيه أو لم يكن في هذا الوقت على النصف الأعلى منه ثوب غير الرداء، قال الحافظ واستدل به على أن أبطيه صلى الله عليه وسلم لم يكن عليهما شعر، قال وفيه نظر فقد حكى المحب الطبري في الاستسقاء من الأحكام له أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم أن الإبط من جميع الناس متغير اللون غيره أهـ (تخريجه) (ق. د. نس. قط. ك. هق) (1724) عن عمير مولى ابي اللحم (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا بن معروف قال ابن وهب أنا حيوة عن ابن الهاد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن عمير مولى آبي اللحم "الحديث" (وله طريق ثان) بالسند المتقدم، إلا أن ابن وهب قال وأخبرني حيوة عن عمر بن مالك عن ابن الهاد إلخ. السند المتقدم (وله طريق ثالث) قال حدثنا عبد الله أبي ثنا قتيبة بن سعيد عن خالد بن يزيد عن سعد بن أبي هلال عن يزيد بن عبد الله عن عمير مولى أبي اللحم أنه رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أحجار الزيت يستسقى وهو مقنع بكفيه يدعو (غريبه) (2) أبي اللحم بمد الهمزة مختلف في اسمه، ولقب بذلك لأنه كان لا يأكل مما ذبح للأصنام في الجاهلية غفاري صحابي، وعنه مولاه عمير، استشهد يوم حنين سنة ثمان رضي الله عنه (3) اسم موضع بالمدينة من الحرَّة سميت بذلك لسواد أحجارها كأنها طليت بالزيت (والزوراء) موضع بالسوق بالمدينة كما فسره البخاري (4) هكذا بالأصل مقبل بالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره، وهو مقبل، والمعنى أن باطن كفيه مقابلة لوجهه ومحاذية له لا يجاوز بهما رأسه، وهذه الكيفية تخالف ما تقدم في حديث أنس من قوله (ثم استسقى فأشار بظهر كفيه إلى السماء، فلعلها كيفية من كيفيات رفع اليدين عند الدعاء، والله أعلم (تخريجه) (د. نس. مذ) قال في التنقيح وسكت عليه أبو داود والمنذري ورجاله موثقون، ورواه أيضًا أحمد والحاكم

-[مذاهب العلماء في رفع اليدين عند الدعاء في الاستسقاء وغيره - وذكر أدعية مأثورة]- .....

_ بإسناد لا مطعن فيه. اهـ (قلت) رواه أبو داود والحاكم عن عمير مولى آبي اللحم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديث الباب، ورواه النسائي والترمذي من طريق قتيبة بسنده إلى عمير مولى أبي اللحم عن آبي اللحم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث"، وعمير صحابي أيضًا، فلا مانع من أن يروي الصحابي الحديث مرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بنفسه، ويرويه مرة أخرى بواسطة غيره، والله أعلم (وفي الباب) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال " أنى رجل أعرابي من أهل البادية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة، فقال يا رسول الله هلكت الماشية، هلك العيال، هلك الناس، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه يدعو، ورفع الناس أيديهم معه يدعون- الحديث" رواه البخاري (وعن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استسقى قال؛ اللهم اسق عبادك وبهائمك وانشر رحمتك وأحي بلدك الميت" رواه أبو داود والبيهقي والإمام مالك في الموطأ، وسنده جيد (وعن سمرة ابن جندب رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدعو إذا استسقى "اللهم أنزل في أرضنا بركتها وزينتها وسكنها وارزقنا وأنت خير الرازقين" رواه الطبراني في الكبير والبزار باختصار وإسناده حسن أو صحيح (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية المبالغة في رفع اليدين عند الدعاء في الاستسقاء وجعل ظهر كفيه إلى السماء، وظاهر الحديث الثاني من أحاديث الباب لآنس نفى الرفع في كل دعاء غير الاستسقاء، وهو معارض للأحاديث الثابتة في الرفع فير غير الاستسقاء وهي كثيرة، وقد أفردها البخاري بترجمة في آخر كتاب الدعوات وساق فيها عدة أحاديث، وصنف المنذري في ذلك جزءًا (وقال النووي) في شرح مسلم هي أكثر من أن تحصر، قال وقد جمعت منها نحوًا من ثلاثين حديثًا من الصحيحين أو أحدهما، وقال وذكرتها في آخر باب صفة الصلاة في شرح المهذب أهـ. فذهب بعض أهل العلم إلى أن العمل بها أولى، وحمل حديث أنس على نفي رؤيته؛ وذلك لا يستلزم نفي رؤيته غيره (وذهب آخرون) إلى تأويل حديث أنس المذكور لأجل الجمع بأن يحمل النفي على جهة مخصوصة إما على الرفع البليغ ويدل عليه قوله "حتى يرى بياض إبطيه" ويؤيده أن غالب الأحاديث التي وردت في رفه اليدين في الدعاء إنما المراد بها مد اليدين وبسطها عند الدعاء، وكأنه عند الاستسقاء زاد على ذلك فرفعهما إلى جهة وجهه حتى حاذتاه وحينئذ يرى بياض إبطيه، وإما على صفة رفع اليدين في ذلك كما في حديثه الأول من أحاديث الباب (ولأبي داود) من حديث أنس "كان يستسقى هكذا ومد يديه وجعل بطونها مما يلي الأرض حتى رأيت بياض إبطيه" (قال الشوكاني) والظاهر أنه ينبغي البقاء على النفي المذكور عن أنس ترفع اليد في شيء من الأدعية إلا في المواضع التي ورد فيها الرفع

-[صفة رفع اليدين عند الدعاء والحكمة في ذلك]- (6) باب الاستسقاء بالصالحين ومن ترجى بركتهم (1725) عن سالمٍ عن أبيه عبد الله بن عمر (رضي الله عنهما) قال ربَّما ذكرت قول الشَّاعر وأنا أنظر إلى وجه رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، على المنبر يستسقي فما ينزل حتَّى

_ ويعمل فيما سواها بمقتضى النفي، وتكون الأحاديث الواردة في الرفع في غير الاستسقاء أرجح من النفي المذكور في حديث أنس، إما لأنها خاصة فيبني العام على الخاص، أو لأنها مثبتة وهي أولى من لنفي، وغاية ما في حديث أنس أ، هـ نفى الرفع فيما يعلمه، ومن علم حجة على من لم يعلم أهـ. ونقل، الحافظ عن النووي أنه قال- قال العلماء السنة في كل دعاء لرفع البلاء أن يرفع يديه جاعلاً ظهور كفيه إلى السماء، وإذا دعا بسؤال شيء، وتحصيله أن يجعل كفيه إلى السماء أهـ. قال الحافظ (وقال غيره) الحكمة في الإشارة بظهور الكفين في الاستسقاء دون غيره للتفاؤل بتقلب الحال ظهرًا لبطن كما قيل في تحويل الرداء، أو هو إشارة إلى صفة المسئول، وهو يزول السحاب إلى الأرض أهـ (قلت) وحجة العلماء في القول يجعل الأكف إلى السماء إذا دعا بسؤال شيء وتحصيله ما رواه أبو داود في باب الدعاء من قوله صلى اله عليه وسلم "إذا سألتم الله فسلوه ببطون أكفكم ولا تسألوه بظهورها" (وفي الأحاديث التي ذكرناها في الشرح) استحباب رفع الناس أيديهم مع الإمام عند الدعاء (وفيها أيضًا) استحباب الدعاء بالأدعية المأثورة التي وردت فيها والله أعلم. (1725) عن سالم عن أبيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا أبو عقيل وهو عبد الله بن عقي ثنا عمر بن حمزة بن عبد الله بن عمر ثنا سالم عن أبيه "الحديث" (غريبه) (1) هو أبو طالب بن عبد المطلب بن هاشم عم النبي صلى الله عليه وسلم (2) لعله يشير إلى قصة وقعت في الإسلام خضرها هو لا مجرد ما دل عليه شعر أبي طالب، وهي ما رواه البيهقي في الدلائل من رواية مسلم الملائي عن أنس رضي الله عنه، قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أتيناك وما لنا بعير يئط ولا صبي يغط، ثم أنشد شعرًا يقول فيه. وليس لنا إلا إليك فرارنا ... وابن فرار الناس إلا إلى الرسل فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يجر رداءه حتى صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال اللهم اسقنا "الحديث" وفيه جاء أهل البطانة يصيحون الغرق الغرق، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم

-[بعض ما قيل في مدح النبى صلى الله عليه وسلم من أشعار العرب]- يجيش كلُّ ميزابٍ، وأذكر قول الشَّاعر (وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ثمال اليتامى عصمةً للأرامل) وهو قول أبي طالبٍ

_ حتى بدت نواجذه، ثم قال لله درُّ أبي طالب لو كان حاضرًا لقرت عيناه، من ينشدنا شعره؟ فقال علي يا رسول الله كأنك أردت قوله* وأبيض يستسقي الغمام بوجهه* فذكر أبياتًا منها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل، فقام رجل من بني كنانة فأنشد أبياتًا لك الحمد والحمد ممن شكر ... سقينا بوجه النبي المطر دعا الله خالقه دعوة ... وأشخص معها إليه البصر فلم يك إلّا كلفّ الردا ... وأسرع حتى رأينا الدرر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إنّ يكن شاعر أحسن فقد أحسنت" قال الحافظ وإسناد حديث أنس وإنّ كان فيه ضعف لكنه يصلح للمتابعة؛ وقد ذكره ابن هشام في زوائد السيرة تعليقًا عمن يثق به (وقوله يئط) بفتح أوله وكسر الهمزة وكذا يغط بالمعجمة، والأطيط صوت البعير المثقل، والغطيط صوت النائم كذلك، وكنى بذلك عن شدة الجوع لأنهما إنما يقعان غالبًا عند الشبع أهـ. (1) بفتح أوله وكسر الجيم وآخره معجمة، يقال جاش الوادي إذا زخر بالماء، وجاشت القدر إذا غلت، وجاش الشيء إذا تحرك، وهو كناية عن كثرة المطر (والميزاب) بكسر الميم وبالزاي معروف، وهو كل ما يسيل منه الماء من موضع عال (2) يجوز فيه ثلاثة أوجه؛ الضم والنصب والجر بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه غير مصروف، فالضم على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره وهو أبيض، والنصب عطفًا على قوله سيدًا في البيت الذي قبله وسيأتي، والجر على تقدير ربَّ، ورجح النصب (والغمام) الصحاب (وقوله ثمال) بكسر المثلثة وتخفيف الميم؛ هو المعاد والملجأ والمطعم والمغيث والأرامل جمع أرملة، وهب الفقيرة التي لا زوج لها، وقد يستعمل في الرجل أيضًا مجازًا، وهذب البيت من أبيات في قصيدة لأبي طالب ذكرها ابن اسحاق في السيرة بطولها، وذكرها ابن هشام في سبرته، وهي أكثر من تسعين بيتًا، ونقلها عنه الحافظ ابن كثير في تاريخه (البداية والنهاية) ثم قال وهذه قصيدة عظيمة بليغة جدًا لا يستطيع أن يقولها إلا من نسبت إليه، وهي أفضل من المعلقات السبع وأبلغ في تأدية المعنى فيها جميعها، وقد أوردها الأموي في مغازية مطولة بزيادات أخر، والله أعلم أهـ. (3) أي من قصيدته المشار إليها وسيأتي بعضها (تخريجه) رواه البخاري تعليقًا وابن ماجه موصولاً كرواية الإمام أحمد وقصيدة

-[شيء من قصيدة أبي طالب - والتوسل بآل بيت النبى صلى الله عليه وسلم]- .....

_ أبي طالب المشار إليها قالها لمَّا تمالأت قريش على النبي صلى الله عليه وسلم ونفَّروا عنه من يريد الإسلام أولها لما رأيت القوم لا ودّ فيهم .... وقد قطعوا كل العرى والوسائل ومنها أعبد مناف أنتم خير قومكم ... فلا تشركوا في أمركم كل واغل ومنها وما ترك قوم لا أبّا لك سيدًا ... يحوط الذمار بين بكر بن وائل وأبيض يستسقي الغمام بوجهه ... ثمال اليتامى عصمة للأرامل يلوذ به الهلاَّك من آل هاشم .... فهم عنده في نعمة وفواضل قال السهيلي فإن قيل كيف قال أبو طالب يستسقى الغمام بوجهه ولم يره قط استسقى، إنما كان ذلك من بعد الهجرة، وأجاب بما حاصله أن أبا طالب أشار إلى ما وقع في زمن عبد المطلب حيث استسقى لقريش والنبي صلى الله عليه وسلم معه غلام أهـ (قال الحافظ) ويحتمل أن يكون أبو طالب مدحه بذلك لما رأى من مخايل ذلك فيه وإن لم يشاهد وقوعه أهـ (وفي الباب) عن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان إذا قحطوا استسقى بالعباس بن عبد المطلب فقال "اللهم إنا كنا نتوسل إليك بنبينا فتسقينا، وإنا نتوسل إليك بعم نبينا فاسقينا" قال فيسقون (رواه البخاري) وظاهر قوله " كان إذا قحطوا استسقى بالعباس" أنه فعل ذلك مراراً كثيرة كما يدل عليه لفظ كان، فإن صح أنه لم يقه منع ذلك إلا مرة واحدة كانت كان مجردة عن معناها الذي هو الدلالة على الاستمرار (وقد بين الزبير ابن بكار في الأنساب) صفة ما دعا به العباس في هذه الواقعة والوقت الذي وقع فيه ذلك فاخرج بإسناده أن العباس لما استسقى به عمر قال " اللهم أنه لا ينزل بلاء إلا بذنب وبلم يكشف إلا بتوبة، وقد توجه بي القوم إليك لمكاني من نبيك وهذه أيدينا إليك بالذنوب ونواصينا إليك بالتوبة فاسقنا الغيث" فأرخت السماء مثل الجبال حتى أخصبت الأرض وعاش الناس (وأخرج أيضًا) من طريق داود بن عطاء عن زيد بن أسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب وذكر الحديث وفيه "فخطب الناس عمر فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد للوالد فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس واتخذوا وسيلة إلى الله (وفيه) فما يرجوا حتى أسقاهم الله" (وأخرج البلاذري) من طريق هشام بن سعد عن زيد لن أسلم فقال عن أبيه بدل ابن عمر فيتحمل أن يكون لزيد فيه شيخان (وذكر ابن سعد) وغيره أن عام الرمادة كان سنة ثماني عشرة، وكان ابتداؤه مصدر الحاج منها ودام تسعة أشهر؛ والرمادة بفتح الراء وتخفيف الميم سمي العام بها لما حصل من شدة الجدب فأغبّرت الأرض جدًا من عدم المطر (الأحكام) حديث الباب مع ما ذكر في الشرح يدل على ما لنبينا صلى الله عليه وسلم من المعجزات الباهرة والمفاخر

-[تفسير الأنواء - وكفر من قال مطرنا بنوء كذا]- (7) باب اعتقاد أن المطر بيد الله ومن خلقه وابداعه وكفر من قال مطرنا بنوء كذا (1726) عن زيد بن خالدٍ الجهنيِّ رضي الله عنه قال صلَّى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصُّبح بالحديبية على إثر سماءٍ كانت من الَّيل، فلمَّا انّصرف أقبل على النَّاس، قال هل تدرون ماذ قال ربُّكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال أصبح من عبادي مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب ومؤمنٌ بالكوكب كافرٌ بي، فأمَّا من قال مطرنا بفضل الله ورحمته فذلك مؤمنٌ بي كافرٌ بالكوكب، وأمَّا من قال مطرنا بنوء كذا وكذا فذلك كافرٌ بي مؤمنٌ بالكوكب

_ الظاهرة التي لا يبلغها أحد من خلف الله عز وجل مهما عظم (وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء) (وفيها أيضًا) استخباب الاستشفاع بأهل الصلاح والتقوى وأهل بيت النبوة (وفيها) فضل العباس وفضل عمر لتواضعه للعباس رضي الله عنهما ومعرفته بحقه (وفيها) بيان ما كان عليه أبو طالب من الفصاحة والكرم والعطف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيأتي بسط الكلام على أبي طالب في وفاته من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى والله أعلم. (1726) عن زيد بن خالد الجهني (سنده) حدقنا عبد الله حدثني أي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك، قال أبي ثنا إسحاق قال ثنا مالك عن صالح بن كيسان عن عبيد اله بن عبد الله عن زيد بن خالد الجهني- الحديث" (غريبه) (1) تقدم تفسيرها فير مرة وسيأتي الكلام عليها مستفيضًا في بابها في الغزوات من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله (2) إثر بكسر وسكون التاء المثلثة وهو ما يكون عقب الشيء (وسماه) أي مطر، وأطلق عليه سماء لكونه ينزل من جهة السماء، وكل جهة علو تسمى سماء "وقوله فلما انصرف) أي من صلاته أو من مكانه (3) رواية النسائي" ألم تسمعوا ما قال ربكم الليلة" وهذا من الأحاديث الإلهية، فيحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أخذها عن الله عز وجل بلا واسطة أو بواسطة (4) لفظ البخاري "أصبح من عبادي مؤمن بي وكافر" أي كافر بالله (وهذا) يحتمل أن المراد بالكفر كفر الشرك بقرينة مقابلته بالإيمان، وذاك في حق من اعتقد أن المطر من فعل الكواكب (ويحتمل) أن يراد به كفر النعمة إذا اعتقد أن الله تعالى هو الذي خلق المطر واخترعه ثم تكلم بهذا القول فهو مخطئ لا كافر، وخطؤه لأنه تشبه بالكفار في أقوالهم وقد نهينا عن التشبه بهم (5) النوء بفتح النون وسكون الواو (قال أبو عبيد) الأنواء ثمانية وعشرون نجما معروفة المطالع في أزمنة السنة كلها، يسقط منها

-[استحباب كشف الثوب عن بعض البدن ليصيبه المطر]- (8) باب ما يقول وما يصنع إذا رأى المطر (1727) عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال مطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فحسر ثوبه حتَّى أصابه المطر، قال فقيل له يا رسول الله لم صنعت هذا؟ قال لأنه حديث عهدٍ بربِّه (1728) قط وعنه أيضًا قال مطرنا بردًا وأبو طلحة رضي الله عنه

_ في كل ثلاث عشر ليلة نجم في المغرب مع طلوع الفجر، ويطلع آخر مقابلة في المشرق من ساعته، وإنما شمس نوءًا لأنه إذا سقط الساقط ناء الطالع، وذلك النهوض هو النوء، وانقضاء هذه الثمانية والعشرين مع انقضاء السنة، وكانت العرب في الجاهلية إذا سقط منها نجم وطلع آخر يقولون لابد أن يكون عند ذلك مطرًا وريح فيقولون مطرنا بنوء كذا، أي المطير كان من اجل أن الكوكب ناء وأنه هو الذي هاجه اهـ "وفي حديث أبي سعيد رضي الله عنه" عند النسائي "مطرنا بنوء المجدح" بكسر الميم وسكون الجيم وفتح الدال بعدها حاء مهملة، ويقال بضم أوله وهو الدبران بفتح الدال المهملة والباء الموحدة بعدها راء سمي بذلك لاستدباره الثريا وهو نجم أحمر منير (وقال ابن قتيبة) كل النجوم المذكورة لها نوء، غير أن بعضها أحمر وأغزر من غيره، ونوء الدبران غير محمود عندهم (تخريجه) (ق. د. نس. هق) (الأحكام) حديث الباب يدل على وجوب اعتقاد أن المطر من عند الله ومن خلقه وإبداعه، لا يقدر على حبسه وإنزاله إلا الله عز وجل، لا تأثير للكواكب في شيء من هذه عقيدة أهل الإيمان الموحدين، أما من اعتقد أن للنوء صنعًا في ذلك فهو كافر بالله تعالى كفر تشريك، أمَّا أن اعتقد أن ذلك من قبيل التجربة فليس بشرط؛ لكن يجوز إطلاق الكفر عليه وإرادة كفر النعمة، نسأل الله تعالى العصمة من الخطأ والزلل، والتوفيق لصالح القول والعمل آمين. (1727) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ابن أسد ثنا جعفر بن سليمان ثنا ثابت البنائي، قال جعفر لا أحسبه إلا عن أنس قال مطرنا "الحديث" (غريبه) (1) أي كشف ثوبه عن بعض بدنه (2) معناه أن المطر رحمة، وهي قربة العهد بخلق الله تعالى لها فيتبرك بها: قاله النووي (تخرجيه) (م. د. هق). (1828) (قط) وعنه أيضّا (سنده) حدثنا عبيد الله بن معاذ حدثنا أبي ثنا شعبة عن قتادة وحميد عن أنس قال مطرنا بردًا- الحديث" (غريبه) (3) البرد بفتحين، شيء ينزل من السحاب يشبه الحصى، ويسمى حب الغمام "وأبو طلحة" هو زيد بن مهل بن الأسود بن حرام الأنصاري مشهور بكنيته، من كبار الصحابة، شهد بدرًا

-[إستحباب الدعاء بالمأثور عند نزول المطر]- صائمٌ فجعل يأكل منه، قيل له أتأكل وأنت صائمٌ؟ فقال إنَّما هذا بركةٌ (1729) عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم كان إذا رأى المطر قال اللَّهمَّ صيبًا نافعًا

_ وما بعدها، وكان زوجًا لأم سليم بنت ملحان والدة أنش بن مالك، وسيأتي الكلام على مناقبه في كتاب مناقب الصحابة رضي الله عنهم (2) أي تطوعًا لأنه يجوز للصائم المتطوع الفطر وإن كان الصوم أفضل، يدل على ذلك ما سيأتي في أبواب صيام التطوع من كتاب الصيام من حديث أم هانئ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها "إن المتطوع أمير على نفسه، فأن شئت فصومي وإن شئت فأفطري" (ومن حديث عائشة) عند النسائي مرفوعًا "إنما مثل صوم المتطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة، فإن شاء أمضاها، وإن شاء حبسها" وإنما أفطر أبو طلحة وإن كان الأفضل الصوم لئلا يفوته التبرك بأكل البرد، لأنه حديث عهد بربه كما جاء في الحديث السابق (تخريجه) لم أقف على هذا الأثر لغير الإمام أحمد وسنده جيد، وهو من زوائد القطيعي على مسند الإمام أحمد، وقد وجدت له في المسند أحد عشر حديثًا تقدم بعضها وجعلت الرمز له (قط) كما أشرت إلى ذلك في المقدمة فليعلم. (1729) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عبده ثنا مسعر عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة- الحديث" (غريبه) (3) بالنصب بفعل مقدر أي اجعله صيبًا، ونافعًا صفة للصيب ليخرج الضار منه، والصيب المطر قاله ابن عباس وإليه ذهب الجمهور (تخريجه) (خ. نس. هق) (الأحكام) في أحاديث الباب دليل على أنه يستحب عند نزول المطر أن يكشف الإنسان عن بعض بدنه ليصيبه المطر تبركًا، وكذلك البرد يستحب أكله عند أول نزوله للتبرك أيضًا، (وفيها) أن المفضول إذا رأى من الفاضل شيئًا لا يعرفه أن يسأل عنه ليعلمه فيعمل به ويعلمه غيره (وفيها أيضًا) استحباب الدعاء عند نزول المطر بمثل ما دعا به النبي صلى الله عليه وسلم، وسيأتي من هذا الباب أيضًا أحاديث في باب ما يقال عند نزول المطر من كتاب الأذكار، وكذلك يأتي أحاديث تختص بالمطر والريح والرعد والبرق في أول كتاب خلف العالم إن شاء الله تعالى، وإلى هنا انتهى الجزء السادس من (كتاب الفتح الرباني) مع شرحه (بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني) مختمًا بقوله صلى الله عليه وسلم "اللهم صيبًا نافعًا" كما عودنا الله عز وجل اختتام كل جزء بالفأل الحسن، بدون قصد، والحمد لله أولاً وأخرًا وله الشكر والمنة على هذا التوفيق وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين وعلى آله الطاهرين وصحبه الغر الميامين ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرا،

بسم الله الرحمن الرحيم أبواب صلاة الخوف وهي أنواع (1) باب سبب مشروعيتها وحكمها من كانت وذكر النوع الأول من أنواعها (1730) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن الله عز وجل فرض الصلاة

_ (1730) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا

على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم المقيم أربعًا وعلى المسافر ركعتين وعلى الخارئف ركعة (1731) عن أبي عياش الزرقِىِّ رضي الله عنه قال كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان فاتقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة فصلَّى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فقالوا قد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم قالوا تأتي عليهم الآن صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم وأنفسهم ثم قال فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات بين الظهر والعصر (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) قال فحضرت فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذو السلاح قال فصففنا خلفه صفين، قال ثم ركع فركعنا جميعًا ثم رفع فرقعنا جميعًا، ثم سجد للنبي صلى الله عليه وسلم بالصف الذي يليه والآخرون

_ أبو عوانة ثنا بكير بن الأخنس عن مجاهد عن ابن عباس الحديث" (غريبه) (1) احتج به القائلون بالاقتصار على ركعة واحدة في صلاة الخوف وسيأتى ذكرهم في الأحكام، وتأوله الجمهور بأن المراد بها ركعة مع الامام، والله أعلم (تخريجه) (م. نس. هق. وغيرهم) (1731) عن أبى عياش الزرقى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مؤمل ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن أبى عياش الزرقى الحديث" (2) بضم العين وسكون السين المهملتين موضع بين مكة والمدينة ويذكر ويؤنث، ويسمى مدرج عثمان وبينه وبين مكة نحو ثلاث مراحل ونونه زائدة (3) وكان قائدهم وذلك قبل إسلامه (4) أى كان العدو في جهة القبلة (5) بكسر الغين المعجمة وتشديد الراء أى لو أدركنا من المسلمين غفلة وهم في صلاة الظهر (6) يعنى صلاة العصر (وقوله فحضرت) أى صلاة العصر

قيام يحرسونهم، فأما سجدوا وقاموا جلس الآخرون فسجدوا في مكانهم ثم تقدم هؤلاء إلى مصافِّ هؤلاء وجاء هؤلاء إلى مصافِّ هؤلاء، قال ثمَّ ركع فركعوا جميعًا، ثم رفع فرفعوا جميعً، ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم والصف الذي يليه، والآخرون قيام يحرسونهم، فلمَّا جلس جلس الآخرون فسجدوا فسلَّم عليهم ثم انصرف، قال فصلاَّها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلَّم مرَّتين، مرة بعسفان، ومرة بأرض بني سليم. (1732) عن عطاء عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه صلى مع

_ (1) أي تخلف الصف المؤخر عن السجود معه لأجل الحراسة، فلما سجد بالصف المقدم وقام معتدلا جلس الصف المؤخر مكانه للسجود الذى فاته، ثم قام فتقدم مكان الصف المقدم وتأخر الصف المقدم مكانه، فكانوا معه جميعا في القيام والركوع والرفع منه، ثم سجد بالصف المقدم وتخلف الصف المؤخر عن السجود للحراسة حتى إذا سجد النبي صلى الله عليه وسلم بمن معه وجلس للتشهد سجد الصف المؤخر وجلس معهم في التشهد فسلم بهم جميعًا (2) القائل هو أبو عياش الزرقى يعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى صلاة الخوف بهذه الكيفية مرتين، مرة بعسفان، ومرة بأرض بنى سليم، وأرض بنى سليم على ثمانية برد من المدينة، وعسفان أول غزوة شرعت فيها صلاة الخوف على الراجح، ويقال لها غزوة بنى لحيان، وسببها ما نقله الحافظ ابن كثير في تاريخه "البداية والنهاية" عن البيهقى بسنده قال "لما أصيب خبيب وأصحابه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم طالبا بدمائهم ليصيب من بنى لحيان غرَّة فسلك طريق الشام ليرى أنه لا يريد بنى لحيان حتى نزل بأرضهم فوجدهم قد حذروا وتمنعوا في رءوس الجبال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لو أنا هبطنا عسفان لرأت قريش أنا قد جئنا مكة" قال فخرج في مائتى راكب حتى نزل عسفان ثم بعث فارسين حتى جاءا كراع الغميم ثم انصرافا، فذكر أبو عياش الزرقى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بعسفان صلاة الخوف، فذكر الحافظ ابن كثير حديث الباب اهـ (قلت) وكان ذلك في السنة السادسة أو السابعة من الهجرة على أرجح الأقوال بعد فتح بنى قريظة والله أعلم (تخريجه) (د. نس. حب. هق. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى (1732) عن عطاء عن جابر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى

رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف وذكر أنَّ العدوَّ كانوا بينه وبين القبلة وأنا صففنا خلفه صفين فكبر وكبرنا معه جميعًا، ثم ركع وركعنا معه جميعً، فلمَّا رفع رأسه من الركوع سجد وسجد معه الصف الذي يليه، وقام الصف المؤخر في محر العدو، فلمَّا قام وقام معه الصف الذي يليه انحدر الصف المؤخر بالسجود، ثم تقدَّم الصف المؤخَّر وأتخَّر الصف المقدَّم، فركع وركعنا معه جميعًا، ثمَّ سجد وسجد معه الصف الذي يليه، فلمَّا سجد الصفُّ الذي يليه وجلس انحدر الصف المؤخَّر بالسجود، ثم سلَّم وسلَّمنا جميعًا، قال جابر كما يفعل حرسكم هؤلاء بأمرائهم. (1733) عن عكرمة ولي ابن عبَّاس عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال ما كانت صلاة الخولف إلاَّ كصلاة أحراسكم هؤلاء اليوم خلف أئمَّتكم، إلاَّ أنَّها كانت عقبا فامت طائفة وهم جمع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجدت معه طائفة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسجد الَّذين كانوا قياما لأنفسهم، ثمَّ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقاموا معه جميعًا، ثمَّ ركع وركعوا معه جميعًا، ثم سجد

_ عن عبد الملك حدثنى عطاء عن جابر "الحديث" (غريبه) (1) أى في مقابلته ونحر كل شئ أوله (تخريجه) (م. جه. نس. هق) (1733) عن عكرمة عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن إسحاق حدثنى داود بن الحصين مولى عمرو بن عثمان عن عكرمة مولى ابن عباس "الحديث" (غريبه) (2) هو جمع حارس ويجمع أيضا على حرس وحراس والحرسى واحد حرس السلطان، وهم الحراس؛ قاله في القاموس (3) بضم العين المهملة وفتح القاف أى تصلى طائفة بعد طائفة فهم يتعاقبونها، قال الحافظ والظاهر من قوله (طائفة) أنه لا فرق بين أن تكون إحدى الطائفتين أكثر من الأخرى عددا أو تساوى عددهما، لأن الطائفة تطلق على القليل والكثير حتى على الواحد، فلو كانوا ثلاثة ووقع عليهم الخوف

فسجد الَّذين كانوا معه قيامًا أوَّل مرة وقام الآخرون الذين كانوا سجدوا معه أوَّل مرَّة، فلمَّا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم والَّذين سجدوا معه في آخر صلاتهم سجد الذين كانوا قيامًا لأنفسهم ثمَّ جلسوا، فجمعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسلام. (1734) عن سليم بن عبد السَّلوليَّ قال كنَّا مع سعيد بن العاص بطبرستان ومعه نفر من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيكم صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال حذيفة أنا، فأمر أصحابك يقومون طائفتين طائفة خلفك وطائفة بإزاء العدوَّ فتكبِّر ويكبِّرون جميعًا، ثمَّ تركع فيركعون جميعًا، ثمَّ ترفع فيفعون جميعًا، ثمَّ تسجد ويسجد معك الطائفة التي تليك والطائفة التي بإزاء العدوِّ قيام بإزاء العدوِّ، فإذا رفعت رأسك من السجود يسجدون، ثمَّ يتأخرَّ هؤلاء ويتقدَّم الآخرون فقاموا في

_ جاز لأحدهم أن يصلى بواحد ويحرس واحد، ثم يصلى الآخر وهو أقل ما يتصور فى صلاة الخوف جماعة على القول بأن أقل الجماعة ثلاثة، لكن حكى النووى عن الأمام الشافعى أنه قال أكره أن تكون الطائفة في صلاة الخوف أقل من ثلاثة، فينبغى أن تكون الطائفة التى مع الامام ثلاثة فأكثر والذين في وجه العدو كذلك، واستدل بقول الله تعالى {وليأخذوا أسلحتهم فاذا سجدوا فليكونوا الخ الآية} فأعاد على كل طائفة ضمير الجمع وأقل الجمع ثلاثة على المشهور اهـ (تخريجه) (نس. هق) وسنده جيد (1734) عن سليم بن عبد السلولى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم اسرائيل عن أبى اسحق عن سليم بن عبد السلولى الحديث" (غريبه) (1) بفتح الطاء والباء الموحدة وكسر الراء اسم بلاد واسعة بالعجم وهى مركبة من كلمتين طبر وهى بالفارسية اسم للفأس واستان وهى الناحية ولكثرة اشتباك أشجارها لا يتمكن الجيش من سلوكها الا بعد قطع الأشجار بالطبر فلذا سميت طبرستان وقيل الطبر ما يشق به الأحطاب ونحوها، وعليه سميت طبرستان لأن أهل تلك الجهة كثيروا الحروب وأكثر أسلحتهم الأطبار، فتحت في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه على يد سعيد بن العاص رضي الله عنه سنة تسع وعشرين من الهجرة (2) يعنى ابن اليمان

مصافِّهم فتركع فيركون جميعًا، ثم تسجد فتسجد الطائفة التي تليك والطائفة الأخرى قائمة بإزاء العدوِّ، فإذا رفعت رأسك من السجود سجدوا ثمَّ سلَّمت وسلَّم بعضهم على بعض، وتأمر أصحابك إن هاجمهم هيج من العدوِّ فقد حل لهم القتال والكلام. (1735) عن جالر بن عبد الله رضي الله عنهما قال غزا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ستَّ مرار قبل صلاة الخوف وكانت صلاة الخوف في السنَّة السَّابعة.

_ رضي الله عنه (1) أى أزعجهم حرب من العدو فقد حل لهم القتال والكلام الضرووى وهم يصلون وفي الكلام خلاف بين العلماء (تخريجه) (د. نس. هق. ك) وقال هذا صحيح الاسناد ولم يخرجاه هكذا (قلت) وأقره الذهبى وكلهم رووه قوله وتأمر أصحابك الخ (1735) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا موسى حدثنا ابن لهيعة عن أبى الزبير عن جابر الحديث" (غريبه) (2) لعله يريد أهم الغزوات؛ وإلا فمجموع الغزوات إلى السنة السابعة أكثر من ذلك (3) أى من الهجرة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وفي إسناده ابن لهيعة ضعفه الحفاظ، وروى البخارى ما يقرب من معناه عن جابر أيضا ولفظه "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى بأصحابه في الخوف في غزوة السابعة غزوة ذات الرقاع" (قال الحافظ) في الفتح "قوله في غزوة السابعة" هي من إضافة الشئ إلى نفسه على رأى، أو فيه حذف تقديره "غزوة السفرة السابعة، قال وفي التنصيص على أنها سابع غزوة من غزوات النبي صلى الله عليه وسلم تأييد لما ذهب اليه البخارى من أن غزوة ذات الرقاع كانت بعد خيبر فانه إن كان المراد الغزوات التي خرج النبي صلى الله عليه وسلم فيها بنفسه مطلقا وإن لم يقاتل، فان السابعة منها تقع قبل أحد، ولم يذهب أحد إلى أن ذات الرقاع قبل أحد، واتفقوا على أن صلاة الخوف متأخرة عن غزوة الخندق، فتعين أن تكون ذات الرقاع بعد بنى قريظة، فتعين أن المراد الغزوات التي وقع فيها القتال والأولى منها بدر. والثانية أحد. والثانية أحد. والثالثة الخندق. والرابعة قريظة. والخامسة المرييع. والسادسة خيبر. فيلزم من هذا أن تكون ذات الرقاع بعد خيبر للتنصيص على أنها السابعة، فالمراد تاريخ الوقعة لاعدد المغازى، وهذه العبارة أقرب إلى ارادة السَّنة من العبارة التى وقعت عند أحمد بلفظ "وكانت صلاة الخوف في السابعة" فانه يصح أن يكون التقدير في الغزوة

السابعة كما يصح في غزوة السنة السابعة اهـ بتصرف واختصار، وكأن الحافظ رحمه الله لم يطلع على رواية حديث الباب حيث قد صرح فيها بلفظ السَّنة، أو يكون اطلع على نسخة سقط منها لفظ السَّنة والله أعلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها) مشروعية صلاة الخوف وذلك ثابت بالكتاب والسنة والاجماع إلا أنهم اختلفوا في جوازها بعد النبي صلى الله عليه وسلم وفي صفاتها وعدد أنواعها "فأما جوازها" بعد النبي صلى الله عليه وسلم فجمهور العلماء على أنها جائزة لعموم قوله تعالى "وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة الآية والتي بعدها" ولما ثبت من فعله صلى الله عليه وسلم وعمل الأئمة والخلفاء بعد موته صلى الله عليه وسلم وإجماعهم على ذلك، ولقوله صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رأيتمونى أصلى" (وشذ أبو يوسف) من أصحاب أبى حنيفة فقال لا تصلى صلاة الخوف بعد النبي صلى الله عليه وسلم بأمام واحد، وإنما تصلى بعده بأمامين، يصلى واحد منهما بطائفة ركعتين، ثم يصلى الآخر بطائفة أخرى وهي الحارسة ركعتين أيضا وتحرس التي قد صلت؛ وحكى النووى عن المزنى أنه قال لا تشرع صلاة الخوف بعد النبي صلى الله عليه وسلم، وحكاه الحافظ عن الحسن بن زياد واللؤلئ من أصحابه وابراهيم بن علية، والسبب في اختلافهم هل صلاة النبي صلى الله عليه وسلم بأصحابه صلاة الخوف هل هى عبادة أو هى لمكان فضل النبى صلى الله عليه وسلم؟ فمن رأى أنها عبادة لم ير أنها خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم ومن رآها لمكان فضل النبي صلى الله عليه وسلم رآها خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم وإلا فقد كان يمكننا أن ينقسم الناس على إمامين، وإنما كان ضرورة اجتماعهم على إمام واحد خاصة من خواص النبي صلى الله عليه وسلم وقايد عنده هذا التأويل بدليل الخطاب المفهوم من قوله تعالى "واذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة" الآية، ومفهوم الخطاب أنه إذا لم يكن فيهم فالحكم، غير هذا الحكم (وأجاب الجمهور) بأن منطوق قوله صلى الله عليه وسلم "صلواكما رأيتمونى أصلى" مقدم على مفهوم الآية (واذا كنت فيهم) وبان شرط كونه فيهم انما ورد لبيان الحكم لا لوجوده، والتقدير "بين لهم بفعلك لكونه أوضح من القول" كما قاله ابن العربى وغيره، وقال ابن المنير الشرط اذا خرج التعليم لا يكون له مفهوم كالخوف في قوله تعالى "أن تقصروا من الصلاة إن خفتم" (وقال الطحاوى) كان أبو يوسف قد قال مرة لا تصلى صلاة الخوف بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وزعم أن الناس انما صلوها معه صلى الله عليه وسلم لفضل الصلاة معه، قال وهذا القول عندنا ليس بشئ اهـ (وذهبت طائفة) من فقهاه الشام الى أن صلاة الخوف تؤخر عن وقت الخوف الى وقت الأمن كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق، والجمهور على أن ذلك الفعل يوم الخندق كان قبل نزول صلاة الخوف وأنه منسوخ بها (وأما صفتها وعدد أنواعها) فقد اختلف فيه أيضا، فقال ابن القصار المالكى إن النبي صلى الله عليه وسلم صلاها في عشرة مواطن (وقال النووى) إنه يبلغ مجموع أنواع صلاة الخوف ستة عشر وجها كلها جائزة (وقال الخطابى) صلاة الخوف أنواع صلاها النبي صلى الله عليه وسلم

فى أيام مختلفة، وأشكال متباينة يتحرى في كلها ما هو أحوط للصلاة وأبلغ في الحراسة، فهى على اختلاف صورها متفقة المعنى، وسرد ابن المنذر في صفتها ثمانية أوجه، وكذا ابن حبان وزاد تاسعا (وقال ابن حزم) صح فيها أربعة عشر وجها وبيَّنها في جزء مفرد (وقال ابن العربى) جاء فيها روايات كثيرة أصحها ست عشرة رواية مختلفة ولم بيينها؛ وقد بينها العراقى في شرح الترمذى وزاد وجها آخر فصارت سبعة عشر وجها (وقال الحافظ ابن القيم) فى الهدى أصولها ست صفات قال، وربما اختلف بعض ألفاظها، وقد ذكرها بعضهم عشر صفات وذكرها أبو محمد بن حزم نحو خمس عشرة صفة، والصحيح ما ذكرناه أولا، وهؤلاء كلما زاد اختلاف الرواة في قصة جعلوا ذلك وجها من فعل النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم وانما هو من اختلاف الرواة، والله أعلم اهـ. قال الحافظ وهذا هو المعتمد (قلت) وقال الأمام أحمد كل حديث يروى في أبواب صلاة الخوف فالعمل به جائز، وقال ستة أوجه أو سبعة تروى فيها كلها جائزة اهـ وقد ذكرت هذه السبعة الأوجه فى أبواب صلاة الخوف جمعتها من مسانيد اثنى عشر صحابيا من مسند الأمام أحمد رحمه الله ورتبتها كما ترى، وأحاديث هذا الباب وجه منها، وهو مختص بما إذا كان العدو بينهم وبين القبلة فتكون الصلاة بالصفة المذكورة في أحاديث الباب (قال النووى) وبهذه الصفة (قال الشافعي وابن أبى ليلى وأبو يوسف) اهـ وحكى عن اسحاق أنه لم يختر شيئا من هذه الأنواع على شئ بل الكل عنده سواه يصلى بأى نوع كان، وبه قال الطبرى وغير واحد منهم ابن المنذر (وفى أحاديث الباب أيضا) دليل على جواز الاقتصار فى الخوف على ركعة واحدة، وقال به أبو هريرة وأبو موسى الأشعرى وغير واحد من التابعين، وبه يقول اسحاق والثورى ومن تبعهما مستدلين بحديث ابن عباس الأول من أحاديث الباب ففيه قال "وعلى الخائف ركعة" ومنهم من قيد ذلك بشدة الخوف (وقال الجمهور) قصر الخوف قصر هيئة لا قصر عدد وتأولوا حديث الباب بأن المراد بها ركعة مع الأمام وليس فيها نفى الثانية (فائدة) قال الشوكانى وقع الاجماع على أن صلاة المغرب لا يدخلها قصر ووقع الخلاف هل الأولى أن يصلى الأمام بالطائفة الأولى ثنتين والثانية واحدة أو العكس (فذهب الى الأول) أبو حنيفة وأصحابه والشافعى في أحد قوليه والقاسمية (والى الثانى) الناصر والشافعى في أحد قوليه (قال في الفتح) لم يقع فى شئ من الأحاديث المروية في صلاة الخوف تعرّض لكيفية صلاة المغرب اهـ وقد أخرج البيهقى عن جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا عليه السلام صلى المغرب صلاة الخوف ليلة الهرير اهـ ورورى أنه صلى بالطائفة الأولى ركعة وبالثانية ركعتين (قال الشافعى) وحفظ عن على عليه السلام أنه صلى صلاة الخوف ليلة الهرير كما روى صالح بن خوَّات عن النبى صلى الله عليه وسلم (قلت ستأتى رواية صالح بن خوّات بعد بابين) قال وروي

(2) باب نوع ثان يتضمن صلاة الإمام بكل طائفة ركعة وقضاء كل طائفة ركعة (1736) عن عبد الله (يعني ابن مسعود) رضي الله عنع قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف فقاموا صف! َين، فقام صفٌّ خلف النبيِّ صلى الله عليه وسلم وصفٌّ مستقل العدوَّ، فصلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصَّف الَّي يلونه ركعة، ثمَّ قاموا فذهبوا فقاموا مقام أولئك مستقبلي العدوِّ، وجاء أولئك فقاموا مقامهم، فصلَّى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعةثمَّ سلَّم، ثمَّ قاموا قدفصلَّوا لأنفسهم ركعة ثمَّ سلموا، ثمَّ ذهبوا فقاموا مقام أولئك مستقبلي العدو ورجع أولئك إلى مقامهم فصلَّوا لأنفسهم ركعة، ثم سلَّموا.

_ فى البحر عن على عليه السلام أنه صلى بالطائفة الأولى ركعتين قال وهو توقيف، واحتج لأهل القول الثانى بفعل علىّ، وأجاب عنه بأنه الرواية الأولى أرجح (وحكى عن الشافعى) التخيير قال وفى الأفضل وجهان أصحهما ركعتان بالأولى، واستدل له بفعل النبى صلى الله عليه وسلم وليس للنبى صلى الله عليه وسلم فعل فى صلاة المغرب ولأقول كما عرفت اهـ (وفى حديث جابر) الأخير من أحاديث الباب دليل على أن مشروعية صلاة الخوف كانت في السنة السابعة، وكانت بعسفان كما يستفاد ذلك من حديث أبى عياش الزرقى، ثم غزوة ذات الرقاع وكانت فى السنة السابعة أيضا بعد غزوة خيبر، كما يشير الى ذلك حديث البخارى (وقد اختلف أهل السير) فى أى غزوة نزل بيان صلاة الخوف؛ فقال الجمهور إن أول ما صليت فى غزوة ذات الرقاع، قاله محمد بن سعد وغيره (واختلفوا أيضا) فى أى سنة كانت؟ فقيل سنة أربع وقيل سنة خمس وقيل سنة ست وقيل سنة سبع، ولكنا لا نعول الا على ما ثبت بالأحاديث الصحيحة والله سبحانه وتعالى أعلم. (1736) عن عبد الله "يعنى ابن مسعود" (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن فضيل عن خصيف ثنا أبو عبيدة عن عبد الله الحديث" (غريبه) (1) أى مقام الذين لم يصلوا، ثم جاء الذين لم يصلوا فقاموا مقامهم خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بهم الخ (2) أى فتكون كل طائفة صلت مع الأمام ركعة، وقضت ركعة منفردة (تخريجه) (د. هق. طح) وأبو عبيدة هو عامر بن عبد الله

(1737) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف بإحدى الطائفتين ركعة والطائفة الأخرى مواجهة العدوِّ، ثمَّ انصرفوا في مقام أصحابهم مقبلين على العدوِّ، وجاء أولئك فصلَّلا بهم النبي صلى الله عليه وسلم ركعة ثمَّ سلَّم، ثم قضى هؤلاء ركعة وهؤلاء ركعة (وعنه من طريق ثان) أنَّه صلاَّها مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال فكبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة وراءه منَّا، وأقبلت طائفة على العدَّو، فركع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة وسجدتين، سجد مثل نصف صلاة الصُّبح ثمَّ انصرفوا فأقبلوا على العدوِّ، فجاءت الطاءفة الأخرى فصفوُّا مع النبيِّ صلى الله عليه وسلم ففعل مثل ذلك، ثمَّ سلَّم النبيِّ صلى الله عليه وسلم فقام كلُّ رجل من الطَّائفتين فصلَّى لنفسه ركعة وسجدتين

_ ابن مسعود ثقة أخرج له البخارى محتجا به في غير موضع؛ وروى له مسلم وغيره، وخصيف بضم أوله وفتح ثانية وثقة أبو زرعة والعجلى وابن معين وابن سعد، وقال النسائى صالح (1737) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر الحديث" (غريبه) (1) قال الحافظ لم تختلف الطرق عن ابن عمر فى هذا، وظاهره أنهم أتموا لأنفسهم فى حالة واحدة، ويحتمل أنهم أتموا على التعاقب، وهو الراجح من حيث المعنى، والا فيستلزم تضييع الحراسة المطلوبة وافراد الأمام وحده، ويرجحه ما رواه أبو داود (قلت والامام أحمد أيضا وهو الحديث الذى قبل هذا) عن ابن مسعود ولفظه "ثم سلم فقام أولئك أى الطائفة الثانية فقضوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا، ثم ذهبوا ورجع أولئك الى مقامهم فصلوا لأنفسهم ركعة ثم سلموا" اهـ وظاهره أن الطائفة الثانية والت بين ركعتيها ثم أتمت الطائفة الأولى بعدها اهـ (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أبنا ابن جريج حدثنى ابن شهاب عن صلاة الخوف وكيف السَّنة عن سالم بن عبد الله أن عبد الله ابن عمر كان يحدث أنه صلاها مع النبى صلى الله عليه وسلم الحديث" (3) فى ذلك اشارة الى أن الصلاة المذكورة كانت غير الصبح، وعلى هذا فهى رباعية، وعند البخارى فى المغازى ما يدل على أنها كانت العصر، وفيه دليل على أن الركعة المقضية لابد فيها من القراءة لكل من الطائفتين

(وعنه من طريق ثالث) قال غزوت مع رسول الله صلَّى الله عليه وآله وصحبه وسلَّم قبل نحد فوازينا العدوَّ فذكر الحديث. (3) باب نوع ثالث يتضمن اقتصار كل طائفة على ركعة مع الإمام بدون قضاء الثانية (1737) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال صلَّى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسَّم لاة الخوف بذي قرد أرض من أرض بني سليم

_ خلافا لمن أجاز للثانية ترك القراءة، أفاده الحافظ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو اليمان أنا شعيب قال سألت الزهرى قال أخبرنى سالم أن عبد الله بن عمر قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (2) قبل بكسر القاف وفتح الموحدة أى جهة نجد، ونجد كل ما ارتفع من بلاد العرب، قال ابن اسحاق وغزا نجدا يريد بنى محارب وبنى ثعلبة من غطفان حتى نزل نخلا وهى غزوة ذات الرقاع اهـ "وقوله فوازينا "بالزاى أى قابلنا، قال صاحب الصحاح، يقال آزيت يعنى بهمزة ممدوة لا بالواو، والذى يظهر أن أصله الهمزة فقلبت واواً، قاله الحافظ (تخريجه) (ق. د. نس. مذ. هق) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الامام يصلى بطائفة من الجيش ركعة والطائفة الاخرى تكون قائمة تجاه العدو للحراسة، ثم تنصرف الطائفة التى صلت معه الركعة وتقوم تجاه العدو، وتأتى الطائفة الأخرى فتصلى معه الركعة الثانية بالنسبة للامام، والأولى بالنسبة لها، فاذا سلم الامام قضت كل طائفة لنفسها ركعة، وهذا هو النوع الثانى من أنواع صلاة الخوف، وقد رجح ابن عبد البر هذا النوع بقوة اسناد حديث ابن عمر ولموافقة الأصول فى أن المأموم لا يتم صلاته قبل سلام إمامه (قال النووى) وبهذا الحديث "يعنى حديث ابن عمر" أخذ الأوزاعى وأشهب المالكى وهو جائز عند الشافعى (قال الحافظ) وبهذه الكيفية أخذ الحنفية، وحكى هذه الكيفية صاحب البحر عن محمد واحدى الروايتين عن أبى يوسف، واستدل بقول طائفة على أنه لا يشترط استواء الفريقين في العدد، لكن لابد أن تكون التى تحرس تحصل الثقة بها فى ذلك، وتقدم قول الحافظ أن الطائفة تطلق على القليل والكثير حتى على الواحد، فلو كانوا ثلاثة ووقع لهم الخوف جاز لأحدهم أن يصلى بواحد ويحرس واحد، ثم يصلى الآخر وهو أقل ما يتصور في صلاة الخوف جماعة، والله أعلم. (1738) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبى بكر بن أبى الجهم بن صخير عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس (غريبه) (3) بفتح أوله وثانية وهى أرض من بنى سليم كما فسرها الرواي، على

فصف النَّاس خلفه صفين صف موازي العدوِّ وصف خلفه، فصلَّى بالصفِّ الَّذي يليه ركعة ثمَّ نكص هؤلاء إلى مصافِّ هؤلاء وهؤلاء إلى مصافِّ هؤلاء، فصلَّى بهم ركعة أخرى (زاد في رواية) فكانت للَّنبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ركعتين ولكل طائفة ركعة. (1739) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى بهم صلاة الخوف فقام صف بيم يديه وصف خلفه، فصلَّى بالَّذى خلفه ركعة وسجدتين، ثمَّ تقدَّم هؤلاء حتَّى قاموا في مقام أصحابهم؛ وجاؤ أولئك حتَّى قاموا مقام هؤلاء، فصلَّى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة وسجدتين ثمَّ سلَّم، فكانت للنبيِّ صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ركعتين ولهم ركعة.

_ ليلتين من المدينة بينهما وبين خيبر، واختلف في وقتها على أقوال أصحها ما جزم به البخارى أنها كانت قبل خيبر بثلاثة أيام، وخيبر بعد الحديبية بنحو عشرين يوما، وعند مسلم من حديث طويل لسلمة بن الأكوع قال في آخره "فرجعنا أى من غزوة ذى قرد" إلى المدينة فو الله ما لبثنا بالمدينة إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر (1) أى تأخر الذين صلوا معه إلى مكان الصف الموازى العدو، وتقدم الصف الموازى العدو الى النبى صلى الله عليه وسلم فصلى بهم "والمصاف" بفتح الميم وتشديد الفاء جمع مصف، أى إلى محالّ هم صفوا فيها للعدو، وظاهره أن كلا الصفين اقتصر على ركعة واحدة لأنه لم يصرح فى الحديث بقضاء الثانية، وقد صرح بعدم القضاء في رواية النسائى ولفظه "ثم انصرف هءلاء إلى مكان هؤلاء وجاء أولئك فصلى بهم ركعة ولم يقضوا" (2) فى هذه الزيادة دليل على أنهم لم يقضوا ركعة ثانية بل اقتصروا على ركعة واحدة (3) هكذا بالأصل ركعتين بالنصب خبر كان، واسمها محذوف والتقدير فكانت صلاة النبى صلى الله عليه وسلم ركعتين الخ (تخريجه) (نس. هق. ك) وقال صحيح الأسناد (قلت) وأقره الذهبى، وقد احتج به الحافظ في الفتح ولم يتكلم عليه، وصححه ابن حبان وغيره. (1739) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم عن يزيد الفقير عن جابر بن عبد الله الحديث" (تخريجه) (نس. هق. طح) ورواه أبو داود تعليقا ورواه ابن جرير بسنده

(1740) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل بين ضجنان وعسفان فقال المشركون إن لهم صلاة هي أحب إليهم من آبائهم وأبنائهم وهي الصر، فأجمعوا أمركم فميلوا عليهم ميلة واحدة، وأمَّ جبريل عليه السلام أتى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فأمره أن يقسم أصحابه شطرين فيصلَّي ببعضهم، وتقوم الطَّائفة الأخرى وراءهم، وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم، ثمَّ تأتي الأخرى فيصلون معه ويأخذ هؤلاء حذرهم وأسلحتهم لتكون لهم ركعة ركعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولرسول الله صلَّى الله عليه وسلم ركعتان. (1741) عن مخمل بن دماث قال غزوت مع سعيد بن العاص، قال سأل النَّاس من شهد منكم صلاة الحوف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال حذيفة (ابن اليمان رضي الله عنه) أنا، صلَّى بطائفة من القوم ركعة، وطائفة

_ عن أبي موسى "رجل من التابعين" أن جابر بن عبد الله حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم صلاة الخوف يوم الخوف يوم محارب وثعلبة لكل طائفة ركعة وسجدتين (1740) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا سعيد بن عبيد الهنائى ثنا عبد الله بن شقيق ثنا أبو هريرة الحديث" (غريبه) (1) ضجنان بفتح الضاد المعجمة قال فى النهاية جبل أو موضع بين مكة والمدينة اهـ وعسفان بضم العين المهملة نقدم الكلام عليه في شرح الحديث الثانى من الباب الأول (2) يستفاد من هذا الحديث أن هذا النوع كان في غزوة عسفان التى تقدمت في النوع الأول وهذا مخالف لذاك، ولا منافاة بينهما، لاحتمال أن يكون كل نوع منهما حصل في يوم جمعا بين الأحاديث، وهذا جائز غير ممنوع (تخريجه) (نس. مذ) وصححه (1741) عن مخمل بن دماث (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا أبو روق عطية بن الحارث ثنا مخمل بن دماث الحديث" (غريبه) (3) قال الحافظ في تعجيل المنفعة مخمل بمعجمة وسكون وزن مسلم، ابن دماث بمثلثة وزن قطام عن حذيفة في صلاة الخوف، روى عنه أبو روق عطية بن الحارث ذكره ابن حبان في الثقات اهـ (4) يعنى النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

مواجهة العدوِّ، ثمَّ ذهب هؤلاء فقاموا مقام أصحابهم مواجهوا العدوِّ وجاءت الطَّائفة الأخرى فصلَّى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة ثمَّ سلَّم، فكان لرسول الله صلىَّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ركعتان ولكلِّ طائفة ركعة

_ (تخريجه) (د. نس. هق. ك) وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه هكذا (قلت) وأقره الذهبى وسكت عنه أبو داود والمنذرى والحافظ في التلخيص، وكلهم رووه عن ثعلبة ابن زهدم الحنظلى قال كنا مع سعيد بن العاص فذكره، وكلهم رووه بزيادة "ولم يقضوا (وفي الباب) عن ابن عمر عند البزار بأسناد ضعيف؛ قال قال صلى الله عليه وسلم "صلاة الخوف ركعة على وجه كان" (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الأمام يصلى بأحدى الطائفتين ركعة، ثم تذهب قِبَل العدو للحراسة فتأتى الطائفة الأخرى فتصلى معه الركعة الثانية ثم يسلم فتكون له ركعتان، ولكل طائفة ركعة ولا تقضى شيئا، أى لم يقض أحد من الطائفتين ركعة وحده بل يقتصر على الركعة التى صلاها مع الأمام، وبهذا قال أبو هريرة وأبو موسى الأشعرى من الصحابة وغير واحد من التابعين، ومنهم من قيَّد بشدة الخوف (قال النووى) وقد عمل بظاهره طائفة من السلف منهم الحسن البصرى والضحاك وإسحاق بن راهويه (وقال الشافعى ومالك والجمهور) إن صلاة الخوف كصلاة الأمن في عدد الركعات فان كانت في الحضر أربع ركعات، وإن كانت في السفر وجب ركعتان؛ ولا يجوز الاقتصار على ركعة واحدة في حال من الأحوال، وتأولوا هذا الحديث "يعنى حديث ابن عباس المتقدم في أول الباب الأول وفيه وعلى الخائف ركعة" على أن المراد ركعة مع الامام وركعة أخرى يأتى بها منفردا كما جاءت الأحاديث في صلاة النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه فى الخوف، وهذا التأويل لا بد منه للجمع بين الأدلة اهـ (قلت) نعم جاءت الأحاديث بقضاء ركعة، وجاءت أيضا بعدم القضاء وكلها صحيحة يحتج بها؛ والجمع ممكن بتعدد الواقعة وتكرر الصلاة في الواقعة الواحدة فكانت أنواعا، فيحمل القضاء على نوع منها، وعدمه على نوع آخر، وكانت أنواعا لبيان الجواز ودفع الحرج ومراعاة حال الخوف من شدة وغيرها (أما التصريح بعدم القضاء) فقد جاء في حديث ابن عباس وحذيفة وجابر عند النسائى وأبى داود والترمذى والحاكم والبيهقى بلفظ "فصلى بهم ركعة ولم يقضوا" وما في أحاديث الباب من كونها كانت للنبى صلى الله عليه وسلم ركعتان ولهم ركعة وأما تأويلهم قوله "ولم يقضوا" بأن المراد منه لم يعيدوا الصلاة بعدالأ من فبعيد جدا (فان قيل) قد جاء في الباب الأول

(4) باب نوع رابع يتضمن صلاة الإمام بكل طائفة ركعة وانتطاره لقضاء كل طائفة ركعة (1742) عن صالح بن حوَّات بن جبير عمن صلَّى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفَّت معه وطائفة وجاه العدوِّ فصلَّى بالَّتي معه ركعة، ثمَّ ثبت قائمًا وأتموا لأنفسهم ثمَّ انصرفوا

_ من رواية ابن عباس وجابر وحذيفة ما يخالف روايتهم فى هذا الباب في كيفية صلاة الخوف وهذه المخلفة تشعر بالاضطراب (قلت) لا مخالفة ولا اضطراب لما تقدم من تعدد الواقعة وتكرر الصلاة فربما حضر بعضهم الصلاة في الواقعة أو في اليوم الأول منها ثم حضرها فى اليوم التالى أو فى واقعة أخرى فكانت بنوع آخر غير ما رأى أوَّلا، فكلّ روى ما شاهده، والحق أن كل نوع صحت فيه الأحايث فالعمل به جائز كما قال الامام أحمد رحمه الله (1742) عن صالح بن خوَّات (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسحاق بن عيسى أخبرنى مالك عن يزيد بن رومان عن صالح بن خوّات الحديث" (غريبه) (1) قيل هو سهل بن أبى حثمة كما فى الحديث التالى، لكن قال الحافظ الراجح أنه أبو خوات بن جبير كما جزم به النوى فى تهذيبه وقال إنه محقق من رواية مسلم وغيره وسبقه الغزالى، وذلك أن أبا أويس رواه عن يزيد شيخ مالك وقال عن صالح عن أبيه أخرجه ابن منده، ويحتمل أن صالحا سمعه من أبيه ومن سهل فأبهمه تارة وعينه أخرى؛ لكن قوله ذات الرقاع يعين أن المبهم أبوه إذ ليس في رواية صالح عن سهل أنه صلاها مع النبى صلى الله عليه وسلم، ويؤيده أن سهلا لم يكن فى سن من يخرج فى تلك الغزوة لصغره لكن لا يلزم أن لا يرويها، فروايته إياها مرسل صحابى، فبهذا يقوى أن الذى صلى مع النبى صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف هو خوَّات "وذات الرقاع" هى غزوة معروفة تقدمت الأشارة اليها وكانت سنة سبع من الهجرة على ما اختاره البخارى، وتؤيده الأحاديث، وكانت بارض غطفان من نجد؛ سميت ذات الرقاع لأن أقدام المسلمين نقبت من الحفاء فلفوا عليها الخرق، هذا هو الصحيح فى سبب تسميتها، وقد ثبت هذا فى الصحيح عن أبى موسى الأشعرى رضي الله عنه، وقيل غير ذلك، وسيأتى تفصيلها فى بابها من كتاب الغزوات، إن شاء الله تعالى (2) بكسر الواو وضمها أى مقابل العدو (3) أى الذين صلى بهم الركعة أتموا لأنفسهم ركعة أخرى "وقوله ثم انصرفوا" يحتمل انصرافهم بالسلام وبغيره، ويؤيد انصرافهم بالسلام

فصفوا وجاه العدوِّ وجاءت الطَّائفة الأخرة فصلَّى بهم الرَّكعة الَّتي بقيت من صلاته، ثمَّ ثبت جالسًا وأنتُّموا لأنفسهم ثمَّ سلَّم، قال مالك وهذا أحب ما سمعت إلىَّ في صلاة الخوف (1743) عن سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه رفعه إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال يقوم الإمام وصف خلفه، وصفٌّ بين يديه فيصلِّي بالَّذي خلفه ركعة

_ ما جاء فى رواية أخرى لأبى داود بلفظ "وأتموا لأنفسهم الركعة الباقية ثم سلموا وانصرفوا والأمام قائم فكانوا وجاه العدو الحديث" (1) يعنى من غير سلام منتظراً اتمام الطائفة الأخرى الركعة الباقية، فلما أتموها سلم بهم ليحصل لهم فضل التسليم معه كما حصل للأولى فضل التحريمة معه (2) القائل قال مالك هو إسحاق بن عيسى نقل عن مالك أنه اختار النوع الذى رواه صالح بن خوَّات "ونقله القعنبى" عند أبى داود عن مالك بلفظ "وحديث يزيد بن رومان أحب ما سمعت إلىّ" (ولفظ مالك فى الموطأ) "وحديث القاسم بن محمد عن صالح بن خوَّات أحب ما سمعت إلىَّ فى صلاة الخوف" ويجمع بينهما بأن مراد مالك أن حديث صالح بن خوَّات أحب اليه سواء أكان من حديث يزيد بن رومان أم من حديث القاسم بن محمد، (وقال الدار قطنى) بعد تخريج حديث يزيد بن رومان، قال ابن وهب قال لى مالك أحب إلى هذا، ثم رجع فقال يكون قضاؤهم بعد السلام أحب إلى اهـ وعند البخاري قال مالك "وذلك أحسن ما سمعت فى صلاة الخوف" وهذا يقتضى أن مالكا سمع فى كيفيتها صفات متعددة (قال الحافظ) وهو كذلك فقد ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم فى صفة صلاة الخوف كيفيات حملها بعض العلماء على اختلاف الأحوال، وحملها آخرون على التوسع والتخيير، وقد تقدمت الأشارة إلى ذلك. قال وما ذهب اليه مالك من ترجيح هذه الكيفية وافقه (الشافعى وأحمد وداود) على ترجيحها لسلامتها من كثرة المخالفة، ولكونها أحوط لأمر الحرب مع تجويزهم الكيفية التى فى حديث ابن عمر اهـ باختصار (تخريجه) (ق. لك. د. نس. مذ. هق. قط) ولا يقدح فيه جهالة من روى عنه صالح بن خوَّات لأنه صحابى، والصحابة كلهم عدول (1743) عن سهل بن أبى حثمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن يحيى بن سعيد وعبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق عن القاسم عن صالح بن خوَّات عن سهل بن أبى حثمة، أما عبد الرحمن فرفعه

وسجدتين، ثمَّ يقوم قائمًا حتى يصلوا ركعة أخرى (وفي رواية ثمَّ يقعد مكانه حتَّى يقضوا ركعة وسجدتين، بدل قوله ثمَّ يقوم قائمًا ثمَّ يتقدمون إلى مكان أصحابهم، ثمَّ يجئ أولئك فقومون مقام هؤلاء فيصليِّ بهم ركعة وسجدتين ثمَّ يقعد حتَّى يقضوا ركعة أخرى، ثمَّ يسلم عليهم

_ إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وأما يحيى فذكر عن سهل قال يقوم الأمام وصف خلفه الحديث" (غريبه) (1) هذه الرواية رواها الأمام أحمد من طريق ثان عقب حديث الباب قال حدثنا روح ثنا شعبة ومالك بن أنس عن يحيى بن سعيد عن القاسم بن محمد عن صالح ابن خوَّات عن سهل بن أبى حثمة فذكر معناه، إلا أنه قال يصلى بالذين خلفه ركعة وسجدتين ثم يقعد مكانه حتى يقضوا ركعة وسجدتين، ثم يتحولوا إلى مقام أصحابهم، ثم يتحول أصحابهم إلى مكان هؤلاء فذكر معناه هذا نص الرواية بحروفها كما فى المسند (وقوله) فذكر معناه يعنى معنى الحديث المتقدم، وهو حديث الباب المروى من طريق محمد بن جعفر، يريد أن هذه الرواية لا تخالف حديث محمد بن جعفر إلا فى قوله "ثم يقعد مكانه" بدل قوله فى تلك "ثم يقوم قائما" ويجمع بينهما بأنه كان يقعد مكانه حتى يقضوا ركعة وسجدتين ثم يقوم قائمًا لتدركه الطائفة الأخرى فى القيام، فيصلى بها ركعة كما صلى بالطائفة الأولى والله أعلم (2) رواية أبى داود "فيركع بهم ويسجد بهم ثم يسلم فيقومون فيركعون لأنفسهم الركعة الباقية، ثم يسلمون" وله فى رواية يزيد بن رومان "فصلى بهم الركعة التى بقيت من صلاته، ثم ثبت جالسا وأتموا لأنفسهم، ثم سلم بهم" والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم فعل هذا مرة وهذا مرة وكلا الأمرين جائز وبهما أخذ مالك، وتقدم الكلام على اختياره لرواية يزيد بن رومان فى شرح الحديث السابق، وقال ابن بكير انه قال مالك، ثم رجع إلى حديث محيى بن سعيد عن القاسم "قال ابن عبد البر" وهذا الذى رجع اليه مالك بعد أن قال بحديث يزيد بن رومان إنما اختاره ورجع اليه للقياس على سائر الصلوات أن الأمام لا ينتظر المأموم، وأن المأموم إنما يقضى بعد سلام الامام، قال وهذا الحديث موقوف عند رواة الموطأ ومثله لا يقال رأيا وقد جاء مرفوعا مسندا اهـ (تخريجه) (خ. لك. طح. هق. قط. والأربعة) (الأحكام) حديثا الباب يدلان على أن من أنواع صلاة الخوف أن يصلى الأمام بطائفة ركعة، ثم ينتظر حتى يتموا لأنفسهم ركعة ويذهبوا فيقوموا وجاء العدو، ثم تأتى الطائفة الأخرى فيصلون معه الركعة الثانية؛ ثم ينتظر حتى

(5) باب نوع خامس يتضمن صلاة الإمام بكل طائفة ركعتين بسلام (1744) عن أبي بكرة رضي الله عنه أنَّه قال صلىَّ بناء النبيِّ صلى الله عليه وسلم

_ يتموا لأنفسهم ركعة ويسلم بهم (قال الشوكانى) وقد حكى فى البحر أن هذه الصفة لصلاة الخوف قال بها على وابن عباس وابن مسعود وابن عمر وأبو هريرة وزيد بن ثابت وأبو موسى وسهل بن حثمة والهادى والقاسم والمؤيد بالله وأبو العباس (قال النووى) وبهذا أخذ (مالك والشافعى وأبو ثور) وغيرهم اهـ (قلت) وإلى حديثى الباب ذهب الأمام أحمد أيضا (قال الأثرم) قلت لأبى عبد الله "يعنى الأمام أحمد بن حنبل" تقول بالأحاديث كلها أو تختار واحدا منها؟ قال أنا أقول من ذهب اليها كلها فحسن، وأما حديث سهل فأنا أختاره اهـ. (قال الحافظ) واختلفوا فى كيفية رواية سهل بن أبى حثمة فى موضع واحد، وهو أن الأمام هل يسلم قبل أن تأتى الطائفة الثانية بالركعة الثانية أو ينتظرها فى التشهد ليسلموا معه؟ فبالأول قال المالكية؛ وزعم ابن حزم أنه لم يرد عن أحد من السلف القول بذلك، والله أعلم. ولم تفرق المالكية والحنفية حيث أخذوا بالكيفية التى فى هذا الحديث بين أن يكون العدو فى جهة القبلة أم لا؟ (وفرق الشافعى والجمهور) فحملوا حديث سهل على أن العدو كان فى غير جهة القبلة، فلذلك صلى بكل طائفة وحدها جميع الركعة، وأما إذا كان العدو فى جهة القبلة فعلى ما تقدم فى حديث ابن عباس أن الامام يحرم بالجميع ويركع بهم، فاذا سجد سجد معه صف وحرس صف الخ. ووقع عند مسلم من حديث جابر "صفنا صفين والمشركون بيننا وبين القبلة" (قلت حديث ابن عباس وجابر المشار اليهما رواهما الأمام أحمد وتقدما فى الباب الأول) قال وقال السهيلى اختلف العلماء فى الترجيح (فقالت طائفة) يعمل منها بما كان أشبه بظاهر القرآن (وقالت طائفة) يجتهد فى طلب الأخير منها فانه الناسخ لما قبله (وقالت طائفة) يؤخذ بأصحها نقلا وأعلاها رواة (وقالت طائفة) يؤخذ بجميعها على حسب اختلاف أحوال الخوف، فاذا اشتد الخوف أخذ بأيسرها مؤنة، والله أعلم (1744) عن أبى بكرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا أشعث عن الحسن عن أبى بكرة الحديث" (غريبه) (1) اسمه نُفيع بن الحارث بن كلدة بفتحتين ابن عمرو الثقفى أبو بكرة صحابى مشهور بكنيته أسلم في غزوة

صلاة الخوف فصلىَّ ببعض أصحابه ركعتين ثمَّ سلَّم، فتأخَّروا، وجاء آخرون فكانوا في مكانهم فصلىَّ بهم ركعتين ثمَّ سلَّم، فصار للنبي صلىَّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أربع ركعات وللقوم ركعتان ركعتان (1745) عن جابر بن عبد الله رضي اللع عنهما قال قائل رسول الله صلى الله عليه وسلم محارب خصفة بنخل فرأوا من المسلمين غزَّة فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحارث حتى قام على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بالسبف، فقال من

_ الطائف رضي الله عنه (1) معناه أنه صلى الله عليه وسلم صلى بالطائفة الأولى ركعتين، وسلم وسلموا وبالثانية كذلك؛ وكان النبى صلى الله عليه وسلم متنفلا فى الثانية وهم مفترضون، واستدل به الشافعى وأصحابه على جواز صلاة المفترض خلف المتنفل (تخريجه) (د. نس. حب. قط) وأعلّه ابن القطان بأن أبا بكرة أسلم بعد وقوع صلاة الخوف بمدة (قال الحافظ) وهذه ليست بعلة فانه يكون مرسل صحابى اهـ. (1745) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا أبو عوانة ثنا أبو بشر عن سليمان بن قيس عن جابر بن عبد الله الحديث" (غريبه) (2) خصفة بفتح الخاء المعجمة والصاد المهملة ثم الفاء (قال الحافظ) هو ابن قيس بن غيلان بن الياس بن مضر، ومحارب هو ابن خصفة، والمحاربيون من قيس ينسبون إلى محارب بن خصفة هذا وفى مضر محاربيون أيضا لكونهم ينسبون إلى محارب بن فهر بن مالك النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن الياس بن مضر، وهم بطن من قريش، وفى العرنيين محارب بن صباح، وفى عبد القيس محارب بن عمير، ذكر ذلك الدمياطى وغيره، فلهذه النكتة أضيفت محارب إلى خصفة بقصد التمييز عن غيرهم من المحاربيين كأنه قال محارب الذين ينسبون إلى فهر ولا غيرهم اهـ باختصار (قلت) وقتال محارب خصف كان بغزوة ذات الرقاع، ولذا ترجم لها البخارى، فقال "باب غزوة ذات الرقاع وهى غزوة محارب خصفة" (تنبيه) قال الحافظ، جمهور أهل المغازى على أن غزوة ذات الرقاع هى غزوة محارب كما جزم به ابن اسحاق؛ وعند الواقدى أنهما ثنتان، وتبعه القطب الحلبى فى شرح السيرة والله أعلم بالصواب اهـ (3) بغين معجمة مفتوحة وقد تضم فواو ساكنة فراء مفتوحة فثاء مثلثة، هذا هو المشهور في ضبطه، ورواه

يمنعك منِّي، قال الله عزَّ وجلَّ، فسقط السيف من يده فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من يمنعك؟ منىَّ قال كن كخير آخذ، قال أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال لا، ولكنيِّ أعاهدك أم لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك، فخلىَّ سبيله قال فذهب إلى أصحابه به قال قد جئتكم من عند خير النَّاس فلمَّا كان الظُّهر أو العصر صلىَّ بهم صلاة الخوف فكان الن! َاس طائفتين، طائفة بإزاء عدوِّهم وطائفة صلَّوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلىَّ بالطَّائفة الَّذين كانوا معه ركعتين؛ ثمَّ انصرفوا فكانوا مكان أولئك الذين كانوا بإزاء عدوِّهم، وجاء أولئك فصلىَّ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتين، فكان للقوم ركعتان ركعتان ولرسول الله صلى الهل عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أربع ركعات (وعنه من طريق ثان) قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى إذا كنَّا بذات الرِّقاع قال كنَّا إذا أتينا على شجرة ظليلة تركناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من

_ الخطابى بالتصغير وبالشك فى إعجام العين وإهمالها، قال الشمسنىُّ أسلم وصحب النبى صلى الله عليه وسلم بعد ذلك اهـ. وقد ذكر إسلامه البغوى أيضا، وذكره الحافظ فى الصحابة فى كتابه الاصابة وذكر خلافا فى إسلامه، ثم قال وقد يتمسك من يثبت اسلامه بقوله "جئتكم من عند خير الناس" اهـ والله أعلم؛ وقصة غورث هذه كانت عند قفولهم من غزوة ذات الرقاع، فللبخارى ومسلم أنهم لما قفلو نزلوا منزلا وتفرقوا فى الشجر، ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة فعلق سيفه، قال جابر فنمنا نومة، ثم إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا فأجبناه، فاذا عنده أعرابى جالس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا اخترط سيفى وأنا نائم، فاستيقظت وهو فى يده صلتا "أى مجردًا من غمده" فقال لى من يمنعك منى "الحديث" (1) تمسك بقوله "جئتكم من عند خير الناس" من قال بأسلامه كما قال الحافظ، وهذا لا يكفى إلا أنه يستأنس به، والله أعلم (2) هذه الكيفية تخالف ما تقدم من الكيفيات عن جابر، وهو مما يقوى تعدد الوقائع، وكلها صحيحة (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله، قال أقبلنا مع

المشركين وسيف رسول الله صلى الله عليه وسلم معلَّق بشجرة فأخذ سيف نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم فأختر طه ثمَّ قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتخافني؟ قال لا، قال فمن يمنعك منِّي؟ قال الله عزَّ وجلَّ بمعنى منك، فتهدَّده أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغمد السيف وعلقه، فنودي بالصَّلاة فصلَّى بطائفة ركعتين وتأحروا، وصلَّى بالطَّائفة الأخرى ركعتين، فكانت لرسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أربع ركعات، وللقوم ركعتان

_ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث" (1) هو غورث بن الحارث المتقدم ذكره فى الطريق الأولى (2) أى سلَّه بأن أخرجه من غمده (3) هو استفهام انكار أى لا يمنعك منى أحد، لأن الرجل كان قائمًا والسيف فى يده والنبى صلى الله عليه وسلم جالس لا سيف معه، ويؤخذ من مراجعة الرجل له فى الكلام أن الله سبحانه وتعالى منع نبيه منه، وإلا فما أحوجه إلى مراجعته مع احتياجه إلى الحظوة عند قومه بقتله، وفى قول النبى صلى الله عليه وسلم فى جوابه "الله يمنعنى منك" اشارة إلى ذلك؛ ولذلك أعادها الأعرابي منا فى بعض الروايات فلم يزده على ذلك الجواب، وفى ذلك غاية التهكم به وعدم المبالاة به أصلا "وظاهر قوله فهدده أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم" يشعر بأنهم حضروا القصة وأنه انما رجع عما كان عزم عليه بالتهديد وليس كذلك، فانهم لم يحضروا إلا بعد وقوع القصة وتمكن النبى صلى الله عليه وسلم من الرجل، يؤيد ذلك ما فى صحيح البخارى من حديث جابر وتقدم بعضه، وفيه قال جابر "فنمنا نومة، ثم اذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا فجئناه فاذا عنده أعرابى جالس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان هذا اخترط سيفى وأنا نائم فاستيقظت وهو فى يده صلتا، فقال لى من يمنعك منى؟ قلت الله فها هو ذا جالس ثم لم يعاقبه رسول الله صلى الله عليه وسلم" ووقع فى رواية ابن اسحاق بعد قوله قال الله (فدفع جبريل فى صدره فوقع السيف من يده فأخذه النبى صلى الله عليه وسلم وقال من يمنعك أنت منى قال لا أحد، قال قم فاذهب لشأنك فلما ولى قال أنت خير منى) وأما قوله فى رواية البخارى (فها هو ذا جالس ثم لم يعاقبه) فيجمع بينه وبين رواية ابن اسحاق بأن قوله فاذهب كان بعد أن أخبر الصحابة بقصته فمنَّ عليه وعفا عنه لشدة رغبة النبى صلى الله عليه وسلم فى استئلاف الكفار ليدخلوا فى الاسلام، وقد ذكر الواقدى فى نحو هذه القصة أنه أسلم وأنه رجع إلى قومه فاهتدى به خلق كثير (تخريجه) (ق. د. طح. هق. وغيرهم)

(6) باب نوع سادس يتضمن اشتراك الطائفتين مع الإمام في القيام والسلام (1746) عن مروان بن الحكم أنَّه سأل أبا هريرة رضي الله عنه هل صلَّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف؟ فقال أبو هريرة نعم، فقال متى؟ قال عام غزوة نجد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العصر وقامت معه طائفة، وطائفة أخرى مقابلة العدو ظهورهم إلى القبلة، فكبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبروا جميعًا، الذين معه والذين يقابلون العدوَّ، ثم ركع رسول الله

_ (الأحكام) حديثا الباب يدلان على أن من صفات صلاة الخوف أن يصلى الامام بكل طائفة ركعتين فيكون مفترضا فى ركعتين ومتنفلا فى ركعتين (قال ابن قدامة فى المغنى) وهذه صفة حسنة قليلة الكلفة لا يحتاج فيها إلى مفارقة الامام ولا الى تعريف كيفية الصلاة، وهذا مذهب الحسن، وليس فيها أكثر من أن الامام فى الثانية متنفل يؤم مفترضين اهـ (وقال النووى) وبهذا قال الشافعى وحكوه عن الحسن البصرى، وادعى الطحاوى أنه منسوخ ولا تقبل دعواه اذ لا دليل لنسخه اهـ (قال الشوكانى) وهكذا ادَّعى نسخ هذه الكيفية الامام المهدى فى البحر فقال قلنا منسوخ أو فى الحضر اهـ والحامل له وللطحاوى على ذلك أنهما لا يقولان بصحة صلاة المفترض خلف المتنفل، وقد قدمنا الاستدلال على صحة ذلك بما فيه كفاية، قال أبو داود فى السنن، وكذلك المغرب يكون للامام ست ركعات وللقوم ثلاث (قال الشوكانى) وهو قياس صحيح اهـ (وفى حديث جابر) معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم حيث قد منعه الله عز وجل من عدوه بسقوط السيف من يده بعد تمكنه منه (وفيه أيضا) فرط شجاعة النبى صلى الله عليه وسلم وقوة يقينه وصبره على الأذى وحلمه عن الجهال وعفوه عند المقدرة (وفيه أيضا) جواز تفرق الجيش فى النزول ونومهم، وهذا محله إذا لم يكن هناك ما يخافون منه أو غير ذلك، والله أعلم (1746) عن مروان بن الحكم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله بن زيد المقبرى ثنا حيوة وابن لهيعة ثنا أبو الأسود يتيم عروة أنه سمع عروة ابن الزبير يحدث عن مروان بن الحكم أنه سأل أبا هريرة الحديث" (غريبه) (1) هى غزوة ذات الرقاع، وكانت بأرض نجد، وتقدم الكلام عليها مستوفى

صلى الله عليه وسلم ركعة واحدة ثمَّ ركعت معه الطَّئفة التي تليه، ثمَّ سجد وسجدت الطَّائفة التي تليه والآخرون قيام مقابلة العدوِّ؛ فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وقامت الطاَّئفة التي معه إلى العدوَّ فذهبوا إلى العدوِّ فقابلوهم، وأقبلت الطَّائفة التي كانت مقابلة العدوِّ فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم كما هو، ثمَّ قاموا فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم ركعة أخرى وركعوا معه وسجدوا معه، ثمَّ أقبلت الطَّائفة التي كانت تقابل العدوِّ فركعوا وسجدوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فاعد ومن تبعه، ثمَّ كان التَّسليم، فسلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسلموا جميعًا، فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وركعتان ولكلِّ رجل من الطَّائفتين ركعتان ركعتان

_ (1) يعني كل صلاته ولأن كل رجل من الطائفتين أدرك معه الاحرام والسلام، ورواية أبى داود "فكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم ركعتان ولكل رجل من الطائفتين ركعة ركعة" يعنى ركعة كاملة مع الامام لأن الركعة الثانية للطائفة الأولى قد صلتها بعد أن رجعوا من مواجهة العدو والأمام جالس للتشهد، وصلت الطائفة الثانية ركعتها الأولى منفردين والأمام قائم فى الركعة الثانية، وصلت الركعة الثانية مع (تخريجه) (د. نس. حب. طح. طب. هق. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى (وقال الشوكانى) رجال إسناده ثقات عند أبى داود والنسائى، وإنما خص أبا داود والنسائى بالذكر لأنه لم يطلع على سنده عند الامام أحمد فيما يظهر وسنده عند الجميع واحد، وفيه ابن لهيعة، لكنه مقرون بحيوة بن شريح، وهو من رجال الصحيحين فلا يضر وجود ابن لهيعة فيه لعدم انفراده بروايته، والله أعلم (الأحكام) حديث الباب يدل على دخول الطائفتين مع الامام فى الصلاة جميعا ثم تقوم احدى الطائفتين بازاء العدو، وتصلى معه إحدى الطائفتين ركعة، ثم يذهبون فيقومون فى وجاه العدو، ثم تأتى الطائفة الأخرى فتصلى لنفسها ركعة والأمام قائم، ثم يصلى بها الركعة التى بقيت معه، ثم تأتى الطائفة القائمة فى وجاه العدو فيصلون لانفسهم ركعة والأمام قاعد، ثم يسلم الأمام ويسلمون جميعا، وإلى العمل بهذه الكيفية ذهب (اسحاق والطبرى وابن المنذر) لأنهم لم يرجحوا نوعا على نوع، وبجوازها قال الأمام أحمد والله أعلم (1)

(7) باب نوع سابع يتضمن اشتراك طائفة مع الإمام في الركعة الأولى من قيامها لغاية أولى سجدتيها واشتراك الطائفة الأخرى معه في السجدة الثانية منها، واشتراك الطائفتين جميعًا معه في الركعة الثانية من قيامها حتى السلام (1747) عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالت صلىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالنَّاس صلاة الخوف بذات الرِّقاع من نخل قالت فصدع رسول الله صلى الله عليه وسلم النَّاس صدعين فصفَّت طائفة وراءه وقامت طائفة تجاه العدوِّ، قالت فكبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم كبِّرت لطائفة الذين صفوا خلفه، ثمَّ ركع وركعوا، ثمَّ سجد فسجدوا، ثمَّ رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه ففعوا معه ثمَّ مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا وسجدوا لأنفسهم السجدة الثانية، ثمَّ قاموا فنكصوا على أعقابهم يمشون القهقري حتَّى قاموا من روائهم، قالت فأقبلت الطَّائفة الآخرين فصفُّوا خلف الله رسول الله صلى الله عليه وسلم فكبَّروا، ثمَّ ركعوا لأنفسهم ثمَّ سجد رسول الله صلى الله عليه وسلم سجدته الثانية فسجدوا معه، ثمَّ قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في ركعته وسجدوا هم لأنفسهم السجدة الثانية، ثمَّ قامت الطّضائفتين جميعًا فصفُّوا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فركع رسول الله صلى الله عليه وسلم فركعوا جميعًا، ثمَّ سجد فسجدوا جميعًا، ثمَّ رفع رأسه ورفعوا معه. كلُّ

_ (1747) عن عروة بن الزبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب قال حدثنا أبى عن ابن إسحاق قال وحدثنى محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير "الحديث" (غريبه) (1) بكسر الصاد المهملة، أى قسمهم قسمين (2) أى لأن العدو كان خلفهم فى غير جهة القبلة (3) أى وروسول الله صلى الله عليه وسلم جالس بين السجدتين من الركعة الأولى حتى صلت الطائفة الأولى الركعة وأدركته فى سجوده الثانى من الركعة

ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعًا جدًا لا يألوا أن يخفِّف ما استطاع ثمَّ سلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلَّموا، فقام رسول الله صلَّى اله عليه وعلى آله وصحبه وسلًّم وقد شركه النًّاس في الصَّلاة كلِّها (8) باب الصلاة في شدة الخوف وما يباح فيها من كلام وإيماء وغيره (1748) عن ابن عبد الله بن أنيس عن أبيه رضي الله عنه قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، فقال إنه قد بلغني أن خالد

_ الأولى، ثم إلى الركعة الثانية، وسجدوا هم لأنفسهم السجدة الثانية، ثم اجتمعت الطائفتان معه فى القيام من الركعة الثانية إلى أن سلم بهم جميعا (1) هذا مبالغة فى الاسراع فى سجود الركعة الثانية مع مراعاة ما يحصل به أقل الكمال، والحامل لهم على هذه السرعة مخافة هجوم العدو خصوصا فى السجود (2) أى لا يقصر ى التخفيف قدر الاستطاعة (3) هذا باعتبار أن الطائفة الثانية قضت الركعة التى فاتتها قبل سلام الامام وسلموا بسلامه، فلا يرد أنها لم تشارك رسول الله صلى الله عليه وسلم فى معظم الركعة الأولى، والله أعلم (تخريجه) (د. هق. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وهو أتم حديث وأشفاه فى صلاة الخوف (قلت) وأقره الذهبى (الأحكام) حديث الباب يدل على اشتراك الطائفة الأولى مع الأمام فى الركعة الأولى من الاحرام إلى نهاية السجدة الأولى منها، واشتراك الطائفة الثانية مع الأمام فى السجدة الثانية من الركعة الأولى، واجتماع الطائفتين مع الأمام فى القيام من الركعة الثانية حتى السلام، وقد جعل أبو داود فى سننه هذا النوع مع الذى قبله نوعا واحدا فى باب واحد، ولكنه جدير بأن يكون نوعا آخر غير الذي قبله كما صنعنا، لأنه يخالفه فى هيئات كثيرة، والى العمل بهذا النوع وغيره (ذهب اسحاق والطبرى وابن المنذر وأهل الظاهر) وبجوازه قال الأمام أحمد أيضا كما تقدم فى النوع السابق، والله سبحانه وتعالى أعلم. (1748) عن ابن عبد الله بن أنيس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا يعقوب ثنا أبى قال عن ابن اسحاق قال حدثنى محمد بن جعفر بن الزبير عن ابن عبد الله بن أنيس عن أبيه قال دعانى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث" (غريبه) (4) كان ذلك فى يوم الاثنين لخميس خلون من المحرم على رأس خمسة وثلاثين شهرًا من

ابن سفيان بن نبيح يجمع لي النَّاس ليغزومي وهو بعزته فأته فاقتله، قال قلت يا رسول الله العته لي حت! َى أعرفه قال إذا رأيته وجدت له فشعريرة قال فخرجت متوشحًا بسيفي حتى وقعت عليه وهو بعزته مع ظعن يرتاد لهنَّ منزلًا، وحين كان وقت العصر، فلمَّا رأيته وجدت ما وصف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من القضعريرة فأقبلت نحوه وخشيت أن

_ الهجرة، كذا فى المواهب (1) بضم النون وفتح الموحدة وسكون التحتية وبالحاء المهملة (2) بضم العين المهملة وفتح الراء والنون فتاء تأنيث، موضع بقرب عرفة موقف الحجيج، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله لأنه كان يجمع الناس لغزوة، فصار بذلك محاربا يهدر دمه والظاهر أن علمه صلى الله عليه وسلم بذلك، وإرساله من يقتله كان بطريق الوحى، ويحتمل غير ذلك والله أعلم (3) أى صفة لى أو اذكر لى علامة أعرفه بها لأنى لا أعرفه (4) أى رعدة وفى بعض الروايات لغير الامام أحمد فقلت صفه لى حتى أعرفه، قال إذا رأيته هبته وفرقت منه "أى خفت" ووجدت له قشعريرة وذكرت الشيطان، قال وكنت لا أهاب الرجال فقلت يا رسول الله ما فرقت من شيء قط، قال آية ما بينك وبينه ذلك، واستأذنته أن أقول "يعنى أن يرخص له فى الكذب فى كلامه مع الرجل ليتمكن من خداعه" فقال قل ما بدالك، وقال انتسب لخزاعة، فأخذت سيفى ولم أزد عليه، وخرجت أعتزى إلى خزاعة (5) أى مع نساء وهو جمع ظعينة، وأصل الظعينة الراحلة التى يرحل ويظعن عليها أى يسار؛ وقيل للمرأة ظعينة لأنها تظعن مع الزوج حيثما ظعن، أو لأنها تحمل على الراحلة إذا ظعنت، وقيل الظعينة المرأة فى الهودج ثم قيل للهودج بلا امرأة وللمرأة بلا هودج ظعينة (نه) "وقوله يرتاد لهن منزلا" أى يطلب لهن مكانا مناسبا لأنزالهن فيه (6) فى رواية فهبته وعرفته بنعته صلى الله عليه وسلم فقلت صدق الله ورسوله، وقد دخل وقت العصر حين رأيته فصليت وأنا أمشى أومئ برأسى إيماء، فلما دنوت منه قال من الرجل؟ قلت من بنى خزاعة سمعت بجمعك لمحمد فجئت لأكون معك، قال أجل انى لفى جمع له، فمشيت معه وحدثته فاستحلى حديثى؛ وأنشدته وقلت عجبا لما أحدث محمد من هذا الدين المحدث، فارق الآباء وسفَّه أحلامهم، قال انه لم يلق أحدا يشبهنى، وهو يتوكأ على عصا يهد الأرض حتى انتهى الى خبائه وتفرق عنه أصحابه الى منازل قريبة منه وهم يطيفون به، فقال هلم يا أخا خزاعة فدنوت منه قاله اجلس "وفى رواية" فمشى معه ساعة قبل الجلوس، ثم اغتره (أي أخذه

يكون بيني وبينه محاولة تشغلني عن الصَّلاة فصَّليت وأنا أمشس نحوه أوميُّ برأسي الرُّكوع والسجود، فلَّما انتهيت إليه قال من الرَّجل؟ قلت رجل من العرب سمع بك وبجمعك، لهذا الرَّجل فجاءك، لهذا، قال أجل، أنا في ذلك، قال فمشيت معه شيئًا، حتَّى إذا أمكنني حملت عليه السَّيف، حتَّى قتلته، ثمَّ خرجت وتركت ظمائنخ مكبَّات عليه، فلمَّا قدمت على رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فر آبي فقال أفلح الوجه، قال قلت قتلته يا رسول الله، قال صدقت الحديث

_ في غفلة وقتله) "وفى رواية عند ابن سعد" فقال اجلس أى فى الخباء فجلست معه حتى اذا نام الناس اغتررته "وفى أكثر الروايات ورواية ابن اسحاق والامام أحمد" أنه قال مشيت معه شيئا حتى اذا أمكننى حملت عليه السيف وقتلته (1) يعنى أنه خشى أن يكون بينه وبينه جدال يحول بينه وبين أداء الصلاة فى وقتها (2) أى يشير برأسه للركوع والسجود مستقبلا الجهة التى فيها خصمه، سواء صادفت القبلة أو لم تصادف (3) أى حتى تمكنت من خداعه، واطمئن من جهتى واستطاب كلامى، وتفرق أصحابه عنه علوته بسيفى وضربته به حتى مات "وفى دلائل النبوة للبيهقى" أنه قطع رأسه وأخذها، ثم دخل غارا فى الجبل فنسج عليه العنكبوت، وجاءوا يطالبونه فلم يجدوا شيئا، ثم خرج يسير بالليل ويتوارى بالنهار حتى قدم المدينة، فوجد النبى صلى الله عليه وسلم فى المسجد، فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال أفلح الوجه، فقال ابن أنيس أفلح وجهك يا رسول الله، فوضع الرأس بين يديه وأخبره الخبر (4) ليس هذا آخر الحديث وبقيته قال "ثم قام معى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل فى بيته فأعطانى عصا فقال امسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس قال فخرجت بها على الناس فقالوا ما هذه العصا؟ قال قلت أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرنى أن أمسكها، قالوا أو لا ترجع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله عن ذلك، قال فرجعت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله، لم أعطيتنى هذه العصا قال آية بينى وبينك الى يوم القيامة، ان أقل الناس المتخصرون يومئذ يوم القيامة، فقرنها عبد الله بسيفه فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فضمت معه فى كفنه ثم دفنا جميعًا "وفى المواهب" وكانت غيبته ثمانى عشرة ليلة وقدم يوم السبت لسبع بقين من المحرم (تخريجه) أخرجه أبو داود

(1749) عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنَّه قال لسعيد بن العاص رضي الله عنه، وتأمر أصحاب إن هاجهم هيج من العدوِّ، فقد حلَّ لهم القتال والكلام

_ مختصرا والبيهقى بلفظ حديث الباب وحسَّن الحافظ اسناده. وسيأتى الحديث بطوله فى مناقب عبد الله بن أنيس رضي الله عنه من كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالى (1749) "عن حذيفة بن اليمان" هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب الأول صحيفة 6 رقم 1734 وإنما ذكرته هنا لما فيه من مناسبة الترجمة وهو قوله "وتأمر أصحابك إن هاجهم هيج الخ" أى أفزعهم حرب وهجم عليهم العدو فلهم أن يقاتلوا العدو وهم يصلون، ويباح لهم حينئذ الكلام إذا اقتضته الضرورة (فى الباب) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم وصف صلاة الخوف وقال "فان كان خوفا هو أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلى القبلة أو غير مستقبليها" قال مالك: قال نافع، لا ارى عبد الله بن عمر حدثه إلا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه مالك فى الموطأ وهذا لفظه، ورواه أيضا ابن ماجه، ورواه مسلم عن ابن عمر مرفوعا؛ يصف صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى صلاة الخوف، ثم قال وقال ابن عمر "فاذا كان خوف أكثر من ذلك، فصل راكبا أو قائما تومئ إيماء" ورواه البخارى فى تفسير سورة البقرة عن عبد الله بن يوسف عن مالك بسنده على الشك فى رفعه بلفظ "فاذا كان خوف أشد من ذلك صلوا رجالا قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلى القبلة وغير مستقبليها" قال ابن عبد البر، ورواه عن نافع جماعة ولم يشكوا فى رفعه، منهم ابن أبى ذئب. وموسى بن عقبة. وأيوب بن موسى، وكذا رواه الزهرى عن سالم عن ابن عمر مرفوعا، ورواه خالد ابن معدان عن ابن عمر مرفوعا اهـ ورواية موسى بن عقب عن نافع فى الصحيحين، وكذا فيهما رواية سالم عن أبيه، ورواه عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا كله بغير شك، أخرجه ابن ماجه بأسناد جيد، قال الحافظ واختلف فى قوله "فان كان خوفا" هل هو مرفوع أو موقوف؟ والراجح رفعه اهـ ورواه ابن خزيمة من حديث مالك بلا شك، ورواه البيهقى من حديث موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر جزما (قال النووى) هو بيان حكم من أحكام صلاة الخوف لا تفسير للآية اهـ ج (وفى الباب أيضا) عن ابن عمر رضي الله عنهما "قال نادى فينا رسول اله صلى الله عليه وسلم يوم انصرف عن الأحزاب

أن لا يصلينَّ أحد العصر إلا فى بنى قريظة فتخوف ناس فوت الوقت فصلوا دون بنى قريظة وقال آخرون لا نصلى إلا حيث أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وان فاتنا الوقت، قال فما عنَّف واحدا من الفريقين، رواه مسلم (وفى لفظ للبخارى) أن النبى صلى الله عليه وسلم لما رجع من الأحزاب قال، لا يصلينَّ أحد العصر إلا فى بنى قريظة، فأدرك بعضهم العصر فى الطريق، فقال بعضهم لا نصلى حتى نأتيها، وقال بعضهم بل نصلى لم يرد ذلك منا، فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فلم يعنف واحدا منهم (الأحكام) حديثا الباب مع ما ذكرنا فى الشرح تدل على جواز صلاة الخوف بالأيماء إذا اشتد الخوف وخشى فوات الوقت سواء أكان ماشيا أم راكبا طالبا أو مطلوبا مستقبل القبلة أو غير مستقبلها، فان حصل هجوم من العدو وهم يصلون جاز لهم الدفاع بالقتال حال الصلاة وكذلك الكلام ان احتيج اليه (فان قيل) حديث عبد الله بن أنيس لا يتم الاستدلال به على جواز الصلاة عند شدة الخوف بالإيماء إلا على فرض أن النبى صلى الله عليه وسلم قرره على ذلك وإلا فهو فعل صحابى لا حجة فيه (قلت) ثبت عند البيهقى فى الدلائل أنه أخبر النبى صلى الله عليه وسلم بخبره، ولابد أن النبى صلى الله عليه وسلم أقره على ذلك وإلا لبيَّن عدم إقراره، وقد ترجم أبو داود لهذا الحديث فى سننه فقال (باب صلاة الطالب) وترجم البخارى فى صحيحه فقال (باب صلاة الطالب والمطلوب راكبا وايماء) قال وقال الوليد ذكرت للأوزاعى صلاة شرحبيل بن السمط وأصحابه على ظهر الدابة فقال كذلك الأمر عندنا اذا تخوف الفوت؛ واحتج الوليد بقول النبى صلى الله عليه وسلم "لا يصلينّ أحد العصر إلا فى بنى قريظة" اهـ ونقل الحافظ عن ابن المنذر أنه قال كل من أحفظ عنه من أهل العلم يقول إن المطلوب يصلى على دابته يومئ ايماء، وإن كان طالبا نزل فصلى على الارض (قال الشافعى) إلا أن ينقطع عن أصحابه فيخاف عود المطلوب عليه فيجزئه ذلك، وعرف بهذا أن الطالب فيه التفصيل بخلاف المطلوب، ووجه الفرق أن شدة الخوف فى المطلوب ظاهرة لتحقق السبب المقتضى لها؛ وأما الطالب فلا يخاف استيلاء العدو عليه، وإنما يخاف أن يفوته العدو، وما نقله ابن المنذر متعقب بكلام الأوزاعى فانه قيده بخوف الفوت ولم يستثن طالبا من مطلوب، وبه قال ابن حبيب من المالكية، وذكر أبو إسحاق الفزارى فى كتاب السير له عن الأوزاعى قال إذا خاف الطالبون إن نزلوا بالأرض فوت العدو صلوا حيث وجهوا على كل حال اهـ (قلت) وهو رواية عن الشافعى (قال الشوكانى) والظاهر أن مرجع هذا الخلاف إلى الخوف المذكور فى الآية فمن قيده بالخوف على النفس والمال من العدو فرق بين الطالب والمطلوب، ومن جعله أعم من ذلك لم يفرق بينهما، وجوز الصلاة المذكورة للراجل والراكب عند حصول أى خوف اهـ

(قلت) وذهب الإمام (أبو حنيفة رحمه الله) الى أن المطلوب يصلى راكبا بالأيماء بخلاف ما اذا كان ماشيا أسابحا أو طالبا ولو راكبا (وقال الامام أحمد) وعطاء والحسن البصرى والثورى إن المطلوب يصلى سائرا بالأيماء بخلاف الطالب. وهو المختاز عند (الأمام الشافعى) رحمة الله، وكالمطلوب فى ذلك كل من منعة عدو من الركوع والسجود أو خاف على نفسه أو أهله أو ماله من نحو أو سبع فانه يصلى بالأيماء الى أى جهة توجه اليها، والمختار عند مالك الاعادة فى الوقت إن أمن فيه (وفى حديث حذيفة) دليل على جواز الكلام فى صلاة الخوف اذا التحم القتال؛ ولكنه موقوف على حذيفة، ولم أقف على من رفعه والى ذلك (ذهب المالكية) فقالوا وحلَّ كلام اجنبى لغير اصلاح الصلاة احتيج له فى القتال من تحذير واغراء وأمر ونهى (وفى حديث ابن عمر) المذكور فى الشرح دليل على جواز صلاة الخوف بالأيماء ان اشتد الخوف والتحم القتال قياما على أقدامهم أو ركبانا مستقبلى القبلة أو غير مستقبليها، واليه ذهب (المالكية والشافعية والحنابلة) قال ابن قدامة فى المغنى، اذا اشتد الخوف والتحم القتال فلهم أن يصلوا كيفما أمكنهم رجالا وركبانا الى القبلة ان أمكنهم والى غيرها ان لم يمكنهم يومئون بالركوع والسجود على قدر الطاقة ويجعلون السجود أخفض من الركوع، ويتقدمون ويتأخرون ويضربون ويطعنون ويكرون ويفرون ولا يؤخرون الصلاة عن وقتها، وهذا قول أكثر أهل العلم (وقال النووى) ولا يجوز الصياح ولا غيره من الكلام بلا خلاف فان صاح فبان معه حرفان بطلت صلاته بلا خلاف لأنة غير محتاج الية بخلاف المشى وغيره، ولا تضر الأفعال اليسيرة بلا خلاف لأنها لا تضر فى غير الخوف ففيه أولى، وأما الأفعال الكثيرة فان لم تتعلق بالقتال أبطلت الصلاة بلا خلاف، وان تعلقت به كالطعنات والضربات المتوالية؛ فان لم يحتج اليها أبطلت بلا خلاف أيضا لأنها عبث، وان احتاج اليها ففيها ثلاثة أوجه أصحها عند الأكثرين لا تبطل، وبه قال ابن سريج وأبو اسحاق والقفال؛ وممن صححه صاحب الشامل والمستظهرى والرافعى وغيرهم قياسا على المشى، ولأن مدار القتال على الضرب ولا يحصل المقصود غالبا بضربة وضربتين، ولا يمكن التفريق بين الضربات اهـ ج (وحديث ابن عمر) رضى الله عنهما المذكور فى الشرح بلفظ "نادى فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم انصرف عن الأحزاب الخ" استدل به البخارى وغيره على جواز الصلاة بالأيماء وحال الركوب، قال ابن بطال لو وجد فى بعض طرق الحديث أن الذين صلوا فى الطريق صلوا ركبانا لكان بيّنا فى الاستدلال، وان لم يوجد ذلك فالاستدلال يكون بالقياس يعنى أنه كما ساغ لأولئك أن يؤخروا الصلاة عن وقتها المفترض؛ كذلك يسوغ

كتاب الجنائز

(7) كتاب الجنائز (1) باب ذكر الموت والاستعداد له وترغيب المؤمنين فيه (1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أكثروا ذكر هاذم اللذَّات

_ للطالب ترك اتمام الأركان والانتقال الى الايماء (قال ابن المنير) والأبين عندى أن وجه الاستدلال من جهة أن الاستعجال المأمور به يقتضى ترك الصلاة أصلا كما جرى لبعضهم أو الصلاة على الدواب كما وقع لآخرين، لأن النزول ينافى مقصود الجد فى الوصول، فالأولون بنوا على أن النزول معصية بمعارضته للأمر الخاص بالاسراع. وكان تأخيرهم لها لوجود المعارض، والآخرون جمعوا بين دليلى وجوب الاسراع ووجوب الصلاة فى وقتها فصلوا ركبانا، فلو فرضنا أنهم نزلوا لكان ذلك مضادا للأمر بالاسراع؛ وهو لا يظن بهم لما فيه من المخالفة اهـ. قال الحافظ وهذا الذى حاوله ابن المنير قد أشار اليه ابن بطال بقوله لو وجد فى بعض طرق الحديث الى آخره، فلم يستحسن الجزم فى النقل بالاحتمال، وأما قوله لا يظن بهم المخالفة فمعترض بمثله بأن يقال لا يظن بهم المخالفة بتغيير هيئة الصلاة بغير توقيف، والأولى فى هذا ما قاله ابن المرابط ووافقه الزين بن المنير أن وجه الاستدلال منه بطريق الأولوية، لأن الذين أخروا الصلاة حتى وصلوا الى بنى قريظة لم يعنفوا مع كونهم فوَّتوا الوقت، فصلاة من لا يفوِّت الوقت بالايماء أو كيف ما يمكن أولى من تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها، والله سبحانه وتعالى أعلم (1) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد عن محمد بن ابراهيم عن محمد بن عمر عن أبى سلمة عن أبى هريرة الحديث" وفى آخره قال عبد الله ابن الأمام أحمد "قال أبى محمد بن ابراهيم هو أبو بنى شيبه" (غريبه) (1) بالذال المعجمة ومعناه القاطع أى مفرق ومشتت اللذات، وهو الموت لما صرح به فى رواية أخرى أما بالمهملة فمعناه مزيل الشئ من أصله كهدم الجدار، وكلٌّ صحيح، لكن الرواية بالمعجمة (تخريجه) (مذ. نس. جه) وصححه ابن حبان والحاكم وابن السكن وابن طاهر

(2) عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصر بجماعة، فقال علام اجتمع عليه هؤلاء؛ قيل على قبر يحفرونه، قال ففزع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فبدر بين يدي أصحابه مسرعًا حتَّى انتهى إلى القبر فجثا عليه قال فاستقبلته من بين يديه انظر ما يصنع فبكى حتَّى بلَّ الثَّرى من دموعه، ثمَّ أقبل علينا قال أي إخواني لمثل اليوم فأعدُّوا (3) عن عطاء بن السَّائب قال كان أوَّل يوم عرفت فيه عبد الرَّحمن

_ كلهم من حديث محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة وأعلّه ابن القطان بالأرسال قاله الحافظ فى التلخيص (وقال النووى) رواه الترمذى والنسائى وابن ماجه بأسانيد صحيحة كلها على شرط البخارى ومسلم (2) عن البراء بن عازب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الرحمن المقرى وحسين بن محمد المعنى قالا ثنا أبو رجاء عبد الله بن واقد الهروى قال ثنا محمد بن مالك عن البراء بن عازب الحديث" (غريبه) (1) بضم الصاد المهملة أى علم، قال فى المصباح بصرت بالشئ بالضم والكسر لغة بصرا بفتحتين علمت فأنا بصير به يتعدى بالياء فى اللغة الفصحى، وقد يتعدى بنفسه وهو ذو بصر وبصيرة أى علم وخبرة، ويتعدى بالتضعيف إلى ثان فيقال بصّرته به تبصيرا، والاستبصار بمعنى البصيرة اهـ (2) أى مشى (3) أى جلس وهو من باب علا ورمى فهو جاث (فان قيل) كيف يجلس النبى صلى الله عليه وسلم على القبر، وقد نهى عن الجلوس عليه (فالجواب) أن النهى انما ورد فى القبر الذى دفن فيه انسان، أما قبل الدفن فلا (4) على وزن الحصى، التراب الندىّ فان لم يكن نديا فهو تراب، ولا يقال حينئذ ثرى، والمراد بالثرى هنا التراب الذى أخرج من القبر وسمى ثرى، لأن كل تراب يستخرج من بطن الأرض يكون نديا فى الغالب (5) أى تأهبوا واتخذوا له عدة وهى ما يعد للحوادث، والمراد بالعدة هنا الخروج من المظالم والاقلاع عن المعاصى والاقبال على الطاعات (تخريجه) (جه) واسناده حسن (3) عن عطاء بن السائب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا عفان حدثنا همام ثنا عطاء بن السائب قال كان أول يوم الحديث"

ابن أبي ليلى، رأيت شيخًا أبيض الرَّأس واللِّحية على حمارٍ وهو يتبع جنازةً فسمعته يقول، حدَّثني فلان بن فلانٍ سمع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول من أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، قال فأكبَّ القوم يبكون، فقال ما يبكيكم؟ فقالوا إنَّا نكره الموت، قال ليس ذلك ولكنَّه إذا حضر {فأمَّا إن كان من المقرَّبين فروحٌ وريحانٌ وجنَّة وجنَّة نسيمٍ} فإذا بشِّر بذلك أحبَّ لقاء الله، والله للقاءه أحبُّ {وأما إن كان من المكذِّبين الضَّالِّين فننزل من حميمٍ} قال عطاء {يعني ابن السَّائب} وفي قراءة ابن مسعودٍ {ثمَّ تصليه جحيمٍ}

_ (غريبه) (1) لم يذكر اسم الصحابى وجهالته لا تضر (2) بضم أوله وكسر ثانيه، يقال حضر فلان واحتضر دنا موته ويئس من حياته (3) هم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات، وتركوا المحرمات والمكروهات، وبعض المباحات كراهة الوقوع فى المكروهات (4) أى فلهم روح وريحان وتبشرهم الملائكة بذلك عند الموت، تقول "أيتها الروح الطيبة فى الجسد الطيب كنت تعمرينه اخرجى الى رمح ويحان ورب غير غضبان" رواه الأمام أحمد وغيره عن أبى هريرة وغيره وسيأتى قريبا، قال على بن طلحة عن ابن عباس {فروح} يقول راحة {وريحان} يقول مستراحة، وكذا قال مجاهد إن "الروح" الاستراحة، وقال أبو حرزة الراحة من الدنيا، وقال سعيد بن جبير والمدى "الروح" الفرح، وعن مجاهد {فروح وريحان} جنة ورخاء، وقال قتادة {فروح} رحمة وقال ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير {وريحان} ورزق، وكل هذه الأقوال متقاربة صحيحة فان ما مقربا حصل له جميع ذلك من الرحمة والراحة والاستراحة والفرح والسرور والرزق الحسن {وجنة نعيم} قال أبو العالية لا يفارق "أى لا يموت أحد" من المقربين حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيقبض روحه فيه، وقال محمد بن كعب لا يموت أحد من الناس حتى يعلم من أهل الجنة هو أم من أهل النار (5) أى وأما إن كان المحتضر من المكذبين بالحق الضالين عن عن الهدى {فنزل من حميم} أى فالذى يعدَّ له حميم جهنم وهو الماء الساخن الذى يصهر به ما فى بطونهم والجلود، نعوذ بالله من ذلك (6) قراءة حفص {وتصلية جحيم} أى يزاد عليه من العذاب فوق ما ذاقه من ألم الحميم أنه يصلى نارا حامية تغمره من جميع

فإذا بُشِّر بذلك يكره لقاء الله والله للقائه أكره (4) عن عامرٍ قال قال شربح بن هانئ بينما أنا في مسجد المدينة إذّ قال أبو هريرة رضي الله عنه سمعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلم يقول لا يحبُّ رجل لقاء الله عزَّ وجل إلَّا أحبَّ الله لقاءه، ولا أبغض رجل الله إلَّا أبغض الله لقاءه، فأتيت عائشة فقلت، لئن كان ما ذكر أبو هريرة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حقًّا لقد هلكنا فقالت إنَّما الهالك من هلك فيما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وما ذاك قال قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم يقول لا يحب رجل لقاء الله عزَّ وجلَّ إلَّا أحبَّ الله لقاءه، لا أبغض رجل لقاء اللَّه إلَّا أبغض الله لقاءه، قال وأنا أشهد أني سمعته يقول ذلك، فهل تدري لِمَ ذلك؟ إذا حشرج الصَّدر وطمح

_ جهالة نسأل الله السلامة (1) البشرى تكون فى الخير والشر وهى فى الخير أكثر، واذا أطلقت اختصت بالخير (2) معنى الحديث أن الكراهة المعتبرة هى التى تكون عند النزع فى حالة لا تقبل توبته ولا غيرها، فحينئذ يبشر كل انسان بما هو صائر اليه وما أعد له ويكشف له عن ذلك، فأهل السعادة يحبون الموت ولقاء الله لينتقلوا إلى ما أعدلهم ويحب الله لقاءهم، أى فيجزل لهم العطاء والكرامة، وأهل الشقاء يكرهون لقاءه لما علموا من سوء ما ينتقلون اليه ويكره الله لقاءهم أى يبعدهم عن رحمته وكرامته ولا يريد ذلك بهم، وهذا معنى كراهته سبحانه لقاءهم، وليس معنى الحديث أنَّ سبب كراهة الله تعالى لقاءهم كراهتهم ذلك، ولا أنَّ حبه لقاء الآخرين حبهم ذلك، بل هو صفة لهم، أفاده النووى (تخريجه) (طب) ورجال إسناده رجال الصحيحين، وله شاهد من حديث عائشة عند الشيخين، ومن حديث أبى هريرة، وسيأتى والله سبحانه وتعالى أعلم (4) عن عامر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة عن مطرف عن عامر الحديث" (غريبه) (3) أى لأنه فهم من قوله فى الحديث "ولا أبغض رجل لقاء الله إلا أبغض الله لقاءه" أن معنى لقاء الله هو الموت، ومعلوم أن الموت مكروه عند الناس فهم هالكون لذلك (4) يعنى من وصفه صلى الله عليه وسلم بالهلاك وبما أن الحديث لم يصرح بهذا فلا محل لفهمه، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يود

البصر واقشعرَّ الجلد، وتشنَّجت الأصابع، فعند ذلك مَن أحبَّ لقاء الله أحب الله لقاءه، ومَن أبغض لقاء الله أبغض الله لقاءه (5) عن أبي سَلَمَة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال الله عزَّ وجلَّ إذا أحبَّ العبد لقائي أحببتُ لقاءه، وإذا كَرِه العبد لقائي كرهتُ لقاءه، قال فقيل لأبي هريرة ما منَّا أحد إلَّا وهو يكره الموت ويفظع به قال أبو هريرة إنَّه إذا كان ذلك كُشِف به (6) عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم مَن أحبَّ لقاء الله أحبَّ الله لقاءه، ومَن كره لقاء الله كره الله لقاءه، قلنا يا رسول الله كلنا نكره الموت، قال ليس ذاك كراهة الموت؛ ولكن المؤمن إذا حُضِرَ

_ إلا ما فيه سعادة الخلق فى الدارين لا ما فيه هلاكهم (وقولها وما ذاك) تعنى وماذا سمعت من أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم؟ فذكر لها الحديث، فعملت أن أبا هريرة ما قال عن النبى صلى الله عليه وسلم إلا حقا ولذا عززته بقولها، وأنا أشهد أنى سمعته يقول ذلك، تعنى النبى صلى الله عليه وسلم ثم أخذت تشرح له الحديث فقالت "إذا حشرج الصدر الخ" الحشرجة هى تردد النفس فى الصدر والغرغرة عند الموت "وطموح البصر" معناه ارتفاع الأجفان الى فوق وتحديد النظر "واقشعرار الجلد" قيام شعره "وتشنج الأصابع" تقبضها، فحينئذ يكشف لهم عن مصيرهم، فمن كان من أهل السعادة رأى منزلته فى الجنة، فأحب لقاء الله، ومن كان من أهل الشقاوة رأى منزلته من الناز، فكره لقاء الله كما تقدم فى الحديث السابق، والله أعلم (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم) (5) عن أبى سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد قال أنا محمد ابن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة الحديث" (غريبه) (1) أى يخافه ويهابه لشدته (2) يعنى اذا كان وقت الموت وهو فى الغرغرة كشف له بمصيره، فان كان من أهل السعادة فلا يهاب الموت ولا يخشاه وأحب لقاء الله، وان كان غير ذلك فهو مستحق لغضب الله، والجزاء بما كسبت يداه (تخريجه) (خ. لك. نس. مذ) (6) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي

جاءه البشير من الله عزَّ وجلَّ بما هو صائرٌ إليه، فليس شيءٌ أحبَّ إليه من أن يكون قد لقى الله عزَّ وجلَّ فأحبَّ الله لقاءه، وإنَّ الفاجر أو الكافر إذا حُضِر جاءه بما هو صائرٌ إليه من الشَّرِّ وما يلقاه من الشَّرِّ، فَكَرِهَ لقاء الله وكرِه اللهُ لقاءه (7) عن عُبادة بن الصَّامت رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال مَن أحبَّ لقاءه الله أحبَّ الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه (8) وعن عائشة رضي الله عنها عن النَّبيِّ صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم مثله وزادت والموت قبل لقاء الله (9) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إن شئتم أنبأتكم ما أوَّل ما يقول الله عزَّ وجلَّ للمؤمنين يوم القيامة وما أوَّل ما

_ عدي عن حميد عن أنس "الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمي، وقال رواه أحمد وأبو يعلى والبزار، ورجال أحمد رجال الصحيح (7) عن عبادة بن الصامت (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان وثنا بهز، قال ثنا همام أنا قتادة عن أنس عن عبادة بن الصامت الحديث" (تخريجه) (ق. مذ. نس) (8) وعن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا زكريا عن عامر عن شريح بن هانئ عن عائشة الحديث" (غريبه) (1) تريد بذلك أن لقاء الله ليس معناه الموت كما فهم بعض الناس، بل الموت أولا؛ ولقاء الله عز وجل بعد البعث من القبور (تخريجه) (ق. مذ. نس) وزاد النسائى فقيل يا رسول الله كراهية لقاء الله كراهية الموت، لكنا نكره الموت، قال ذاك عند موته، إذا بشر برحمة الله ومغفرته أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، واذا بشر بعذاب الله كره لقاء الله وكره الله لقاءه (9) عن معاذ بن جبل (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن اسحاق أنا عبد الله أنا يحيى بن أيوب أن عبيد الله بن زحر حدثه عن خالد بن أبي عمران عن

يقولون له قُلنا نعم يا رسول الله، قال إنَّ الله عزَّ وجلَّ يقول للمؤمنين هل أحببتهم لقائي؟ فيقولون نعم يا ربَّنا، فيقول لِمَ؟ فيقولون رجونا عفوك ومغفرتك، فيقول قد وجبت لكم مغفرتي

_ أبي عباش، قال قال معاذ بن جبل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (تخريجه) (طب) وفى اسناده عبيد الله بن زحر "بفتح الزاى وسكون الحاء المهملة" صدوق يخطئ في بعض أحاديثه (وفي الباب) عن ابن عمر رضى الله عنهما، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثروا ذكر هاذم اللذات، يعنى الموت فانه ما كان في كثير إلاقلَّله ولا قليل الا جزّأه، رواه الطبرانى باسناد حسن (وعن أنس بن مالك) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بمجلس وهم يضحكون، فقال أكثروا من ذكر هاذم اللذات، أحسبه قال فانه ما ذكره أحد فى ضيق من العيش الا وسعه ولا فى سعة الا ضيقه عليه، رواه البزار باسناد حسن والبيهقى باختصار (وعن أبى ذر رضى الله عنه) من حديث طويل قال فلت يا رسول الله فما كانت صحف موسى عليه السلام؟ قال كانت عبرا كلها، عجبت لمن أيقن بالموت ثم هو يفرح، عجبت لمن أيقن بالنار ثم هو يضحك، عجبت لمن أيقن بالقدر ثم هو ينصب "أى يتعب" عجبت لمن رأى الدنيا وتقلبها بأهلها ثم اطمأن اليها. وعجبت لمن أيقن بالحساب غدا ثم لا يعمل رواه ابن حبان فى صحيحه وغيره (وعن أبى سعيد الخدرى) رضى الله عنه قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مصلاه فرأى ناسا يكتشرون "أى يضحكون والكشر ظهور الاسنان للضحك" فقال أما انكم لم أكثرتم ذكر هاذم اللذات لشغلكم عما أرى الموت، فاكثروا ذكر هاذم اللذات الموت، فانه لم يأت على القبر يوم إلا تكلم فيه فيقول، أنا بيت الغربة. وأنا بيت الوحدة. وأنا بيت التراب. وأنا بيت الدود "الحديث" رواه البيهقى والترمذى مطولا، وقال الترمذى حديث حسن غريب (وعن ابن عمر رضى الله عنهما) قال "أتيت النبى صلى الله عليه وسلم عاشر عشرة فقام رجل من الأنصار فقال يانبى الله من أكيس الناس وأحزم الناس؟ قال أكثرهم ذكرًا للموت وأكثرهم استعدادًا للموت، أولئك الأكياس ذهبوا بشرف الدنيا وكرامة الآخرة رواه ابن أبى الدنيا فى كتاب الموت والطبرانى فى الصغير باسناد حسن (الأحكام) أحاديث الباب فيها الحث على الاكثار من ذكر الموت "لأنه يزهد فى الدنيا" والاستعداد له بالأعمال الصالحة التى تقرب العبد من ربه واجتباب الأعمال الطالحة التى تبعده عن الرحمة (وفيها) التحذير من الاغترار بالدنيا والركون اليها (وفيها) تبشير المؤمن برؤية ما أعده الله له من النعيم المقيم في الجنة قبل

(2) باب ما جاء في حسن الظن بالله عز وجل وحسن الخاتمة (10) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول قبل موته بثلاثٍ، ألا لا يموتنَّ أحدٌ منكم إلَّا وهو يُحسنُ الظَّنَّ (وعنه من طريقٍ ثانٍ) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لا يموتنَّ أحدكم إلَّا وهو يحسن بالله الظَّنَّ، فإنَّ قومًا قد أرداهم سوء ظنَّهم بالله عزَّ وجَّل {وذلكم ظنُّكم الَّذي ظننتم بربِّكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين}

_ خروج روحه، فعند ذلك يرغب فى الموت استعجالا للقاء ربه، وبعكس ذلك أهل الشقاوة وفيها غير ذلك كثير، نسأل الله السلامة من كل مكروه آمين (10) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش وابن نمير عن الأعمش عن أبى سفيان عن جابر الحديث" (غريبه) (1) قال العلماء هذا تحذير من القنوط وحث على الرجاء عند الخاتمة، ومعنى حسن الظن بالله تعالى أنه يظن أنه يرحمه ويعفو عنه، قالوا وفى حالة الصحة يكون خائفا راجيا ويكونان سواء، وقيل يكون الخوف أرجح، فاذا دنت أمارات الموت غلَّب الرجاء أو محَّضه، لأن مقصود الخوف الانكفاف عن المعاصى والقبائح والحرص على الاكثار من الطاعات والأعمال، وقد تعذر ذلك أو معظمه فى هذا الحال فاستحب إحسان الظن المتضمن للافتقار إلى الله تعالى والأذعان له، ويؤيده حديث "يبعث كل عبد على ما مات عليه" رواه مسلم، قال العلماء معناه يبعث على الحالة التى مات عليها، أفاده النووى (وقال الخطابى) إنما يحسن الظن بالله من حسن عمله، فكأنه قال أحسنوا أعمالكم يحسن ظنكم بالله؛ فان من ساء عمله ساء ظنه، وقد يكون أيضا حسن الظن بالله من ناحية الرجاء وتأميل العفو، والله جواد كريم لا آخذنا الله بسوء أفعالنا، ولا وكلنا إلى حسن أعمالنا برحمته اهـ (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا النضر بن اسماعيل القاص وهو أبو المغيرة ثنا ابن أبى ليلى عن أبى الزبير عن جابر "قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموتن الحديث" (3) أى أهلكهم (4) هذه آية من كتاب الله عز وجل فى سورة حم السجدة استشهد بها النبى صلى الله عليه وسلم على أن سوء الظن بالله عز وجل يوجب الهلاك لصاحبه، وهى متممة للآية التى قبلها وهى "وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم ولكن ظننتم أن الله لا يعلم كثيرا مما تعملون، وذلك ظنكم الآية (تخريجه)

(11) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أنَّ الله عزَّ وجلَّ، قال أنا عند ظنَّ عبدي بي إن ظنَّ بي خيرًا فله، وإن ظنَّ شرًا فله (12) عن حِبَّان أبي النَّضر قال دخلت مع واثلة بن الأسقع رضي الله عنه على أبي الأسود الجرشيِّ في مرضه الَّذي مات فيه، فسلَّم عليه وجلس، قال فأخذ أبو الأسود يمين واثلة فمسح بها على عينيه ووجهه لبيعته بها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال له واثلة، واحدة أسألك عنها، قال وما هي؟ قال كيف ظنُّك بربِّك؟ قال فقال أبو الأسود وأشار برأسه حسنٌ، قال واثلة أبشر، إنِّي سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول قال الله عزَّ وجلَّ أنا عند ظنَّ عبدي بي فليظنَّ بي ما شاء. (13) عن عمر الجمعيَّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال إذا أراد

_ أخرج الطريق الأولى منه (م. د. جه. هق) وأخرج نحو الطريق الثانية (عب) وابن أبى الدنيا (11) عن أبى هريره (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا أبو يونس عن أبى هريرة الحديث (تخريجه) (ق) ولفظهما "أنا عند ظن عبدى بى وأنا معه حيث يذكرنى" (12) عن حبان أبى النضر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الوليد ابن مسلم قال حدثنى الوليد بن سليمان "يعنى ابن أبى السائب" قال حدثنى حبان أبو النضر "الحديث" (غريبه) (1) يريد التبرك بمسح يد وائلة رضي الله عنه لأنها مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم عند البيعة (تخريجه) (حب زهق) ورجاله ثقات، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الأوسط ورجال أحمد ثقات (13) عن عمرو الجمعى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه قالا ثنا بقية بن الوليد حدثنى بجير بن سعد عن خالد بن معدان ثنا جبير بن نفير أن عمر الجمعى حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخ (غريبه) (2) هكذا بالأصل الجمعى آخره عين مهملة، قال الحافظ فى الأصابة ذكره أحمد فى المسند وبيعه جماعة؛ وذكره ابن ماكولا فى الأكمال، وجزم بأن له صحبة ومدار حديثه عند أحمد

الله بعبدٍ خيرًا استعمله قبل موته فسأله رجلٌ من القوم ما استعمله؟ قال يهديه الله عزَّ وجلَّ إلى العمل الصالح قبل موته؛ ثمَّ يقبضه على ذلك (14) عن عمرو بن الحمق الخزاعيِّ رضي الله عنه أنه سمع النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا استعمله، قيل وما استعمله؟ قال يفتح له عملٌ صالحٌ بين يدي موته حتَّى يُرضى عنه من حوله (15) عن أبي عنبة الخولانِّي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم

_ ومطين وابن أبى عاصم والبغوى وابن السكن والطبرانى عن بقية عن بجير بن سعد عن خالد ابن معدان عن جبير بن نفير عن عمر الجمعى حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أراد الله بعبد خيرا استعمله قبل موته "الحديث" قال ابن السكن يقال اسمه عمرو بن الحمق، وقال البغوى يقال إنه وهم من نفسه، وبذلك جزم أبو زرعة الدمشقى، وقد رواه ابن حبان فى صحيحه من طريق عبد الرحمن بن بجير بن بقية عن أبيه فقال عن عمرو بن الحمق، وكذلك رواه الطبرانى من طريق زيد بن واقد عن جبير بن نفير، وإنما لم أجزم بأنه غلط لمقام الاحتمال اهـ (قلت) عمرو بن الحمق عند الأمام أحمد غير عمر الجمعى وله حديث فى الباب، سيأتى بعد هذا (غريبه) (1) أى ما معنى استعمله؟ أو كيف يستعمله (2) أى وهو متلبس بذلك العمل الصالح أو يكون آخر عمله فى الدنيا (وقد ورد) "من مات على شئ بعثه الله عليه" وسيأتى فى الباب عن جابر (تخريجه) (طب) والبغوى وابن السكن، وفى إسناده لينٌ، لكن يعضده ما بعده (14) "عمرو بن الحمق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد ابن الحباب ثنا معاوية بن صالح حدثنى عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عمرو ابن الحمق الخزاعى "الحديث" (غريبه) (3) بضم الياء التحتية والفاعل الله، ويجوز فتحها والفاعل من حوله أى من أهله وجيرانه ومعارفه، فيبرءون ذمته ويثنون عليه خيرا فيجيز الرب عز وجل شهادتهم (تخريجه) (حب. ك) وصحح إسناده وأقره الذهبى على ذلك، لكن بلفظ عسله بدل استعمله، وسيأتى معنى عسله فى الحديث التالى (15) عن أبى عنبة الخولانى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج بن النعمان قال حدثنا بقية عن محمد بن زياد الألهانى قال حدثنى أبو عنبة قال سريج

إذا أراد الله بعبدٍ خيرًا عسله قيل وما عسله قال يفتح الله له عملًا صالحًا قبل موته، ثمَّ يقبضه عليه (16) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من مات على شيء بعثه الله عليه (17) عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال أسندت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم إلى صدري فقال، مَن قال لا إله إلا الله ابتغاء وجه الله خُتِمَ له بها دخل الجنَّة، ومَن صام يومًا ابتغاء وجه الله ختم له به دخل الجنَّة، ومَن تصدَّق

_ وله صحبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (1) العسل طيب الثناء مأخوذ من العسل، يقال عسل الطعام بعسله إذا جعل فيه العسل، شبه ما رزقه الله من العمل الصالح الذى طاب به ذكره بين قومه بالعسل الذى يجعل فى الطعام فيحلوا به ويطيب (نه) (تخريجه) (طب) وروى نحوه الحاكم فى المستدرك عن عمرو بن الحمق وصحح إسناده، وأقره الذهبى (16) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا بعض أصحابنا عن الأعمش عن أبى سيفان عن جابر "الحديث" (تخريجه) (ك) ولفظه "يبعث كل عبد على ما مات عليه" وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجه البخارى (قلت) وأقره الذهبى (17) عن حذيفة بن اليمان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن عثمان البتى عن نعيم عفان فى حديثه ابن أبى هند عن حذيفة قال أسندت النبي صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (2) الظاهر والله أعلم أن ذلك كان فى مرض موت النبي صلى الله عليه وسلم (3) أى مخلصا فى ذلك لا يقصد به رياء ولا سمعة "وقوله ختم له بها" أى إن كانت آخر كلامه كما فى رواية عند مسلم والأمام أحمد وغيرهما بلفظ "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" أى لابد له من دخلولها اما معجلا معافى، واما مؤخرا بعد عقابه (قال النووى رحمه الله) ويجوز فى حديث "من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة" أن يكون خصوصا لمن كان هذا آخر نطقه وخاتمة لفظه؛ وإن كان قيل مخلطا فيكون سببا لرحمة الله تعالى اباه ونجاته رأسا من النار وتحريمه عليها بخلاف من لم يكن ذلك آخر كلامه من الموحدين المخلطين اهـ (4) أى إن كان آخر

بصدقه ابتغاء وجه الله ختم له بها دخل الجنَّة (3) باب كراهة تمني الموت وفضل طول العمر مع حسن العمل (18) عن أنس بن مالك رضي الله عنه يُحدِّث عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّه قال

_ أيامه من الدنيا، وكذلك يقال فى الصدقة، إن كانت آخر أعماله. والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام أحمد، وسنده جيد (وفى الباب عن أبى هريرة) رضى الله عنه مرفوعا أمر الله عز وجل بعبدين إلى النار، فلما وقف أحدهما على شفتها التفت، فقال أما والله انى كان ظنى بك لحسن؛ فقال الله عز وجل ردوه فأنا عند ظنك بى فغفر له، وفى لفظ ردوه، أنا عند حسن ظن عبدى بى رواه البيهقى (وعن عائشة رضي الله عنها) مرفوعا اذا أراد الله بعبد خيرا قيّض له قبل موته بعام ملكا يسدده ويوفقه حتى يقال مات بخير ما كان، فاذا حضر ورأى ثوابه اشتاقت نفسه فذلك حين أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، واذا أراد الله بعبد شرا قيّض له قبل موته بعام شيطانا فأضله وفتنه حتى يقال مات بشر ما كان عليه، فاذا حضر ورأى ما أعدَّ له من العذاب جزعت نفسه فذلك حين "كره لقاء الله وكره الله لقاءه" رواه عبد بن حميد (الأحكام) فى أحاديث الباب التحذير من القنوط والحث على الرجاء عند الخاتمة وتحسين الظن بالله عز وجل وتقدم معنى ذلك فى الشرح (وفيها أيضا) ايثار الآخرة على الدنيا بالأكثار من الأعمال الصالحة والمثابرة عليها خوفا من هجوم الموت بغتة فانَّ من مات على شئ بعثه الله عليه كما فى أحاديث الباب عن جابر، ومعنى ذلك أنه إذا مات العبد على عمل صالح أحب لقاء الله وأحب الله لقاءه (قال الخطابى) اللقاء يقع على أوجه، منها المعاينة (ومنها) البعث كقوله تعالى {الذين كذبوا بلقاء الله} (ومنها) الموت كقوله تعالى {من كان يرجو لقاء الله فان أجل الله لآت} وقوله {قل ان الموت الذى تفرون منه فانه ملاقيكم} (وقال ابن الأثير) فى النهاية المراد بلقاء الله هنا المصير الى الدار الآخرة وطلب ما عند الله، وليس الغرض به الموت لأن كلا يكرهه، فمن ترك الدنيا وأبغضها أحب لقاء الله، ومن آثرها وركن اليها كره لقاء الله لأنه إنما يصل اليه بالموت اهـ (وقال الخطابى) معنى محبة العيد للقاء الله ايثاره الآخرة على الدنيا، فلا يحب استمرار الأقامة فيها بل يستعد للارتحال عنها، والكراهة بضد ذلك اهـ (وفيها) ان من مات على عمل صالح كان ذلك دليلا على حسن الخاتمة وقبوله عند الله ودخوله الجنة نسأل الله أن لا يحرمنا من دخول الجنة مع السابقين آمين (18) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا

لا يتمنَّ أحدكم الموت من ضُرِّ أصابه، فإن كان لابُدّ فاعلًا فليقل اللَّهمّ أحيني ما كانت الحياة خيرًا لي، وتوفَّني ما كانت الوفاة خيرًا لي (19) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلّم لا يتمنَّ أحدكم الموت ولا يدعُ به من قبل أن يأتيه إنَّه إذا مات أحدكم انقطع

_ شعبة قال سمعت ثابتا البنانى قال سمعت أنس بن مالك "الحديث" (غريبه) (1) لفظ البخارى ومسلم لا يتمنين بنون التوكيد، كما فى رواية أخرى عند الامام أحمد أيضا والخطاب للصحابة، والمراد هم ومن بعدهم من المسلمين عموما "وقوله من ضر أصابه" حمله جماعة من السلف على الضر الدنيوى، فان وجد الضر الأخروى بأن خشى فتنة فى دينه لم يدخل فى النهى، ويمكن أن يؤخذ ذلك من رواية ابن حبان "لا يتمنينَّ أحدكم الموت لضر نزل به فى الدنيا" على أن لفظ (فى) فى هذا الحديث سببىٌّ أى بسبب أمر من الدنيا، وقد فعل ذلك جماعة من الصحابة، ففى الموطأ عن عمر "اللهم كبرت سنى وضعفت قوتى وانتشرت رعيتى فاقبضنى اليك غير مضيّع ولا مفرّط" ومما جاء صريحا فى ذلك حديث معاذ عند أبى داود، وصححه الحاكم فى القول فى دبر كل صلاة وفيه "وإذا أردت بقوم فتنة فتوفنى اليك غير مفتون" (2) فى رواية أخرى "فان كان ولابد متمنيا فليقل الخ" وفيه ما يصرف الأمر عن حقيقته من الوجوب أو الاستحباب ويدل على أنه لمطلق الأذن، لأن الأمر بعد الحظر لا يبقى على حقيقته، وقريب من هذا السياق ما أخرجه أصحاب السنن وغيرهم من حديث المقدام بن معد بكرب "حسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فان كان ولابد فثلث للطعام الحديث" أى إذا كان لابد من الزيادة على اللقيمات فيقتصر على الثلث فهو أذن بالاقتصار على الثلث لا أمر يقتضى الوجوب ولا الاستحباب (3) الظاهر أن هذا التفصيل يشمل ما إذا كان الضر دينيا أم دنيويا، وهو يدل على أن النهى عن تمنى الموت مقيد بما إذا لم يكن على هذه الصيغة، لأن فى التمنى المطلق نوع اعتراض ومراغمة للقدر المحتوم، وفى هذه الصورة المأمور بها نوع تفويض وتسليم للقضاء، والله سبحانه وتعالى أعلم (تخريجه) (ق. د. نس. مذ. هق) (19) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ابن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة قال قال رسول صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (4) قال الحافظ هو قيد فى الصورتين ومفهومه أنه

عمله وإنَّه لا يزيد المؤمن من عمره إلَّا خيرًا {وعنه من طريقٍ ثانٍ} أنَّ رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى وآله وصحبه وسلَّم قال لا يتمنَّى أحدكم الموت، إ مَّا مُسيءٌ فيستغفر أو مُحسنٌ فيزداد

_ إذا حل به لا يمنع من تمنيه رضًا بلقاء الله ولا من طلبه من الله لذلك وهو كذلك اهـ (1) قال النووى فى شرح مسلم هكذا هو فى بعض النسخ "يعنى نسخ مسلم" عمله وفى كثير منها أمله وكلاهما صحيح، لكن الأول أجود وهو المتكرر فى الأحاديث، والله أعلم اهـ. وقال الحافظ فيه إشارة إلى أن المعنى فى النهى عن تمنى الموت والدعاء به، هو انقطاع العمل بالموت فان الحياة يتسبب منها العمل والعمل يحصّل زيادة الثواب، ولو لم يكن الا استمرار التوحيد فهو أفضل الاعمال اهـ (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا محمد بن أبى حفصة ثنا ابن شهاب عن أبى عبيد مولى عبد الرحمن ابن عوف عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الحديث" (3) قال الحافظ كذا للأكثر باثبات التحتانية، وهو لفظ نفى بمعنى النهى ووقع فى رواية الكشميهنى لا يتمن على لفظ النهى، ولا يتمنين، وكذل هو فى رواية همام عن أبى هريرة بزياة نون التأكيد اهـ (4) استشكل بأنه قد يعمل السيئات فيزيده عمره شرا (قال الحافظ) وأجيب بأجوبة (أحدها) حمل المؤمن على الكامل وفيه بُعد (والثانى) أن المؤمن بصدد أن يعمل ما يكفر ذنوبه، إما من اجتناب الكبائر، وإما من فعل حسنات أخر قد تقاوم بتضعيفها سيئاته، وما دام الايمان باق فالحسنات بصدد التضعيف، والسيئات بصدد التكفير (والثالث) يقيد ما أطلق فى هذه الرواية بما وقع فى رواية الباب (يعنى عند البخارى) من الترجى حيث جاء بقوله "لعله" والترجى مشعر بالوقوع غالبا لا جزما، فخرج الخير مخرج تحسين الظن بالله وأن المحسن يرجو من الله الزيادة بأن يوفقه للزيادة من عمله الصالح، وأن المسيئ لا ينبغى له القنوط من رحمة الله ولا قطع رجائه، أشار الى ذلك شيخنا "يعنى العراقى" فى شرح الترمذى، ويدل على أن قصر العمر قد يكون خيرًا للمؤمن حديث أنس الذى فى أول الباب "وتوفنى اذا كانت الوفاة خيرا" وهو لا ينافى حديث أبى هريرة (ان المؤمن لا يزيده عمره الا خيرا) اذا حمل حديث أبى هريرة على الأغلب ومقابله على النادر اهـ (تخريجه) (ق. هق. نس. وغيرهم) ولفظه عند البخارى من حديث أبى هريرة أيضا "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لن يدخل أحدا عمله الجنة، قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال

(20) عن أمّ الفضل رضي الله عنها أنَّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم دخل على العبَّاس وهو يشتكي فتمنَّى الموت، فقال يا عبَّاس يا عمّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لا تتمنّ الموت، إن كنت مُحسنًا تزداد إحسانًا إلى إحسانك خيرٌ لك، وإن كنت مُسيئًا فإن تؤهَّر تستعتب خيرٌ لك، فلا تمنَّي الموت {وفي رواية} وإن كنت مُسيئًا فإن تُؤخّر تستعتب من إساءتك خيرٌ لك

_ ولا أنا، الا أن يتغمدني الله بفضل ورحمة فسددوا وقاربوا، ولا يتمنى أحدكم الموت اما محسنا فلعله أن يزداد خيرا وأما مسيئا فلعله أن يستعتب" أى يرجع عن موجب العتب عليه (20) عن أم الفضل (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سلمة الخزاعى قال أنا ليث ويونس قال ثنا ليث يعنى ابن سعد عن يزيد بن الهاد عن هند بنت الحارث عن أم الفضل الحديث" (غريبه) (1) اسمها لبابة بتخفيف الموحدة بنت الحارث بن حزن بفتح المهملة وسكون الزاى بعدها نون الهلالية، أم الفضل زوج العباس بن عبد المطلب وأخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ولدت للعباس ستة رجال لم تلد امرأة مثلهم الفضل. وعبد الله. ومعبد. وعبيد الله. وقثم، وعبد الرحمن، قال ابن حبان ماتت بعد العباس فى خلافة عثمان رضي الله عنهم (2) أى تسترضى الله عز وجل بالاقلاع والاستغفار، والاستعتاب طلب الأعتاب والهمزة للازالة أى يطلب إزالة العتاب، عاتبة لامه وأعتبه ازال عتابه (قال الكرمانى) وهو مما جاء على غير القياس إذ الاستفعال إنما ينبنى من الثلاثى لا من المزيد فيه انتهى (قال الحافظ) وظاهر الحديث انحصار حال المكلف فى هاتين الحالتين، وبقى قسم ثالث وهو أن يكون مخلطا فيستمر على ذلك أو يزيد إحسانا أو يزيد إساءة أو يكون محسنا فينقلب مسيئا أو يكون مسيئا فيزداد إساءة (والجواب) أن ذلك خرج مخرج الغالب، لأن غالب حال المؤمنين ذلك، ولاسيما والمخاطب بذلك شفاها الصحابة، قال وقد خطر لى فى معنى الحديث أن فيه إشارة إلى تغبيط المحسن باحسانه، وتحذير المسئ من اساءته، فكأنه يقول من كان محسنا فليترك تمنى الموت وليستمر على إحسانه والا زدياد منه، ومن كان مسيئا فليترك تمنى الموت وليقلع عن الاساءة لئلا يموت على إساءته فيكون على خطر، وأما من عدا ذلك ممن تضمنه التقسيم فيؤخذ حكمه من هاتين الحالتين إذ لا انفكاك عن أحدهما، والله أعلم اهـ (تريجه) (عل. طب. ك) وقال صحيح على شرطهما (قلت) وأقره الذهبي

(21) عن أبي أمامة رضي الله عنه جلسنا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فذكَّرنا ورقَّقنا فبكى سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه فأكثر البكاء فقال ياليتني مِتُّ، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يا سعدُ أعندي تتمنَّى الموت؟ فردَّد ذلك ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ قال يا سعد إن كنت خُلقت للجنَّة فما طال عمرك أو حسن من عملك فهو خيرٌ لك (22) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لا تمنَّوا الموت فإنَّ هول المطَّلع شديدٌ، وإنَّ من السَّعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله الإنابة

_ (21) عن أبي أمامة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة ثنا معان بن رفاعة حدثنى على بن يزيد عن القاسم أبى عبد الرحمن عن أبى أمامة الحديث" 0 غريب) (1) أى ردَّد النبى صلى الله عليه وسلم قوله "يا سعد أعندى تتمنى الموت" ثلاث مرات لاستعظامه ذلك من سعد لأن فى تمنى الموت نقصا للأجر المزيد والدرجات التي يتحصل عليها بطول العمر وكثرة العمل، ويؤيد هذا المعنى ما فى حديث جابر الآتى بعده "وإن من السعادة أن يطول عمر العبد ويرزقه الله الانابة" وما جاء فى حديث أبى بكرة عند الترمذى، وقال حديث حسن صحيح بلفظ "إن رجلا قال يا رسول الله أى الناس خير؟ قال من طال عمره وحسن عمله" وسيأتى سند الأمام أحمد أيضا فى الباب التالى (تخريجه) (طب) وفى اسناده على بن يزيد الألهانى مختلف فيه، لكن يعضده حديث أنس وأبى هريرة (22) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر وأبو أحمد قالا ثنا كثير بن زيد حدثنى الحارث بن يزيد قال أبو أحمد عن الحارث بن أبى يزيد قال سمعت جابر بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث" (غريبه) (2) بفتح أوله وثانيه وثالثه مشددا وهى على حذف احدى التاءين وأصله تتمنوا، وثبتت فى بعض الروايات (3) المطلع بضم الميم وتشديد الطاء المهملة ما يطلع عليه العبد من احوال البرزخ ثم من أحوال القيامة بعد الموت، فليس فى تمنى الموت إلا تمنى الشدائد؛ فالخير فى طول العمر والرجوع إلى طاعة الله تعالى؛ لا فى تمنى الموت الذى يضيع هذا الخير الذى هو سبب لرفع الشدائد فيما بعد الموت (تخريجه) (بز. هق) وإسناده حسن

(23) عن أبي إسحاق عن حارثة قال أتينا خبَّابًا رضي الله عنه نعوده فقال لولا أنَّي سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول لا يتمنَّينَّ أحدكم الموت لتمنَّيته (24) عن عليّ رضي الله عنه قال مرَّ بي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا وجعٌ وأنا أقول، اللَّهمّ إن كان أجلي قد حضر فأرِحني، وإن كان آجلًا فارفعني، وإن كان بلاءًا فصبِّرني، قال ما قلت؟ فأعدت عليه فضربني برجله، فقال ما قلت؟ قال فأعدت عليه، فقال اللَّهمَّ عافِه أو اشفِهِ {وفي روايةٍ اللهمّ اشفِهِ بدون شكٍ} قال فما اشتكيت ذلك الوجع بعد

_ (23) عن أبي اسحاق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود ابن عامر ثنا شريك عن أبى إسحاق عن حارثة "الحديث" (غريبه) (1) هو ابن مضرّب بتشديد الراء المكسورة تابعة ثقة، وثقة ابن معين وغيره، وغلط من نقل عن المدينى أنه تركه (3) بموحدتين الأولى مثقلة، ابن الأرت بتشديد التاء المثناه مولى بنى زهرة التميمى الصحابى أبو عبد الله، من السابقين الى الاسلام، كان يعذب فى الله وشهد بدرا ثم نزل الكوفة ومات بها سنة سبع وثلاثين (3) أى لأنه كان مريضا وقد اكتوى سبعا وكان فى شدة الألم، كما يستفاد من حديث آخر عند الأمام أحمد والبخارى، وسيأتي فى ترجمة خباَّب بن الأرت من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى وذكره البخارى فى كتاب التمنى من صحيحه (4) إنما لم يتمن الموت مع شدة تألمه من المرض لأنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم النهى عن ذلك، ولولا ذلك لتمنى الموت ليستريح من الألم رضي الله عنه (تخريجه) (ق. مذ. نس. هق) (24) عن على رضي الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن شعبة ثنا عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن على رضى الله عنه الحديث" (غريبه) (5) أى فى رواية أخرى للامام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى (6) فيه أن دعاءه صلى الله عليه وسلم لا يرد، وفيه منقبة لعلى رضي الله عنه ومعجزة للنبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده جيد

(35) عن عائشة رضي الله عنها قالت جاء بلالٌ إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال يا رسول الله ماتت فلانة واستراحت، فغضب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وقال، إنَّما يستريح مَن دخل الجنَّة {وفي رواية مَن غُفر له}

_ (25) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى قال أنا ابن لهيعة وقتيبة سعيد قال ثنا ابن لهيعة عن أبى الأسود عن عروة عن عائشة الحديث" (غريبه) (1) انما غضب النبى صلى الله عليه وسلم من قول بلال "ماتت فلانة واستراحت" لأن ما كل من مات استراح، فقد يكون الموت شقاء على صاحبه إذا كان مفرطا فيما أوجبه الله عليه ولأن مصير الانسان لا يعلمه الا الله مهما كان صالحا (2) أى من دخلها فعلا أو علم دخوله بوحى من الله عز وجل؛ وكذا يقال فى المغفرة، أما من لم يعلم حاله فأمره مفوض لى الله عز وجل، ولا يجوز التكهن بمصيره والله أعلم (تخريجه) (ش. طس. وابن عساكر) وحسنه الحافظ السيوطى (الأحكام) أحاديث الباب تدل على كراهة تمنى الموت لضر نزل بالتمنى من مرض أو فاقة أو محنة من عدو أو نحو ذلك من مشاق الدنيا؛ فأما إذا خاف ضررا ى دينه أو فتنة فيه فلا كراهة فيه لمفهوم أحاديث الباب، وقد فعل هذا الثانى خلائق من السلف عند خوف الفتنة فى أديانهم، وفيها أنه ان خالف ولم يصبر على حاله فى بلواه بالمرض ونحوه فليقل اللهم أحينى ان كانت الحياة خيرا لى الخ، والأفضل الصبر والسكون للقضاء، أفاده النووى (وقال ابن التين) قيل ان النهى منسوخ بقول يوسف {توفنى مسلما وألحقنى بالصالحين} وبقول سليمان {وأدخلنى برحمتك فى عبادك الصالحين} وبحديث عائشة (قالت سمعت النبى صلى الله عليه وسلم وهو مستند الىّ يقول، اللهم اغفر لى وارحمنى وألحقنى بالرفيق الأعلى) رواه البخارى وغيره وبدعاء عمر بالموت وغيره، قال وليس الأمر كذلك لأن هؤلاء انما سألوا ما قارب الموت (قال الحافظ) وقد اختلف فى مراد يوسف عليه السلام؛ فقال قتادة لم يتمن الموت أحد إلا يوسف حين تكاملت عليه النعم وجمع له الشمل اشتاق إلى لقاء الله، أخرجه الطبرانى بسند صحيح عنه، وقال غيره بل مراده توفنى مسلما عند حضور أجلى؛ كذا أخرجه ابن أبى حاتم عن الضحاك بن مزاحم، وكذلك مراد سليمان عليه السلام، وعلى تقدير الحمل على ما قال قتادة فهو ليس من شرعنا، وإنما يؤخذ بشرع من قبلنا ما لم يرد فى شرعنا النهى عنه بالاتفاق (وقد استشكل) الأذن فى ذلك عند نزلو الموت، لأن نزول الموت لا يتحقق، فكرم من انتهى إلى غاية جرت العادة بموت من يصل اليها ثم عاش (والجواب) أنه يحتمل أن يكون المراد أن العبد يكون حاله فى ذلك الوقت حال من يتمنى نزوله به ويرضاه أن لو

(4) باب فضل طول العمر مع حسن العمل وفضل من مات غريبًا (26) عن عبد الرَّحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه أنَّ رجلًا قال يا رسول الله أيُّ النَّاس خيرٌ، قال من طال عمره وحسن عمله قال فأيُّ الناس شرٌ، قال من طال عمره وساء عمله (27) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ألا أنبِّئكم بخيركم، قالوا نعم يا رسول الله، قال خياركم أطولكم أعمارًا وأحسنكم أعمالًا (28) عن أنس بن مالك رضي الله عنه إذا بلغ الرَّجل المسلم أربعين

_ وقع به، والمعنى أن يطمئن قلبه الى ما يرد عليه من ربه ويرضى به ولا يقلق، ولو لم يتفق أنه يموت فى ذلك المرض اهـ والله أعلم (26) عن عبد الرحمن بن أبى بكرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هارون ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن عبد الرحمن بن أبى بكرة الحديث" (غريبه) (1) أى لأنه كلما طال عمره كلما ازداد من أعمال الخير والبر فتكثر حسناته، وكثرة الحسنات تمحو السيئات فيكون مقبولا عند الله عز وجل، وبعكس ذلك من طال عمره وساء عمله، نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه الترمذى، وقال حديث حسن صحيح والطبرانى بأسناد صحيح، والحاكم والبيهقى فى الزهد وغيره اهـ (27) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن أبى عدى عن أبى إسحاق عن محمد بن ابراهيم عن أبى سلمة عن أبى هريرة الحديث" وفي آخره قال أبو عبد الرحمن "يعنى عبد الله بن الأمام أحمد" سألت أبى عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه وسهل عن أبيه، فقال لم أسمع أحداً ذكر العلاء إلا بخير، وقدم أبا صالح على العلاء (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه أحمد ورواته رواة الصحيح وابن حبان فى صحيحه والبهقى، ورواه الحاكم من حديث جابر وقال صحيح على شرطهما اهـ (قلت) وأقره الذهبى (28) عن أنس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا الفرج ثنا محمد بن عامر عن محمد بن عبيد الله عن عمرو بن جعفر عن أنس بن مالك رضي الله عنه إذا بلغ الرجل المسلم الخ الحديث" (غريبه) (2) أي المستقيم الحال

سنة آمنه الله من أنوع البلايا من الجنون والبرص والجذام، وإذا بلغ الخمسين ليَّن الله عزَّ وجلَّ عليه حسابه وإذا بلغ السِّتّين رزقه الله إنابة يحبُّه عليها، وإذا بلغ السَّبعين أحبَّه الله وأحبَّه أهل السَّماءِ، وإذا بلغ الثَّمانين تقبَّل الله منه حسناته ومحا عنه سيئاته، وإذا بلغ التسعين عفر الله له ما تقدَّم من ذنبه وما تأخَّر، وسُمِّي أسير الله في الأرض وشُفَّع في أهله

_ (1) يعني الثلاث كما صرح بذلك فى بعض الروايات، وخص هذه الأدواء الثلاثة بالذكر لأنها أعظم البلايا ولأنها تنفر الناس ممن ابتلى منها، فاذا كان الرجل صالحا مستقيم الحال الى هذه المدة أكرمه الله تعالى بحفظه من هذه الأدواء الخبيثة مكافأة له على عمله (2) أى خففه ولم يناقشه، لأن "من نوقش الحساب عذب" كما جاء فى بعض الأحاديث الصحيحة (3) أى الرجوع إلى الله عز وجل بالتوبة والاقبال عليه فاذا أقبل على الله ورجع اليه، وفقه لصالح الأعمال ورضى عنه، وهذا معنى قوله يحبه عليها، لأن محبة الله للعبد الرضا عنه وقبول عمله، وكذا يقال فى قوله "وإذا بلغ السبعين أحبه الله" أى رضى عنه وقبل عمله (وأحبه أهل السماء) يعنى الملائكة (4) أى كالأسير ينتظر الموت من وقت لآخر (تخريجه) (عل) والخطيب فى تاريخه وهو موقوف على أنس عند الامام أحمد، وفى إسناده من لم أعرفه (وقال الهيثمى) رواه البزار مرفوعا بأسنادين ورجال أحدهما ثقات (قلت) ورواه أبو يعلى مطولا عن أنس أيضا مرفوعا بلفظ "المولود حتى يبلغ الحنث ما عمل من حسنة كتبت لوالده أو لوالديه، وما عمل من سيئة لم تكتب عليه ولا على والديه" فاذا بلغ الحنث جرى عليه القلم، وأمر الملكان اللذان معه أن يحفظا وأن يشددا، فاذا بلغ أربعين سنة فى الاسلام، آمنه الله من البلايا الثلاثة، الجنون. والجذام والبرص"فذكر نحو حديث الباب إلى أن قال" فاذا بلغ التسعين، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وشفعه فى أهل بيته، وكان أسير الله فى أرضه، فاذا بلغ أرذل العمر لكيلا يعلم بعد علم شيئا، كتب الله له مثل ما كان يعمل فى صحته من الخير، فاذا عمل سيئة لم تكتب عليه (وله فى رواية أخرى عن أنس أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ما من مسلم يعمر فى الاسلام فذكر نحوه" وقال (فاذا بلغ السبعين سنة فى الاسلام أحبه الله وأحبه أهل السماء وأهل الأرض (وله فى أخرى) فاذا بلغ السبعين، غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، وكان أسير الله فى أرضه، وشفع فى أهل بيته رواها كلها

(29) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من أتت عليه ستُّون سنة فقد أعذر الله إليه في العمر

_ أبو يعلى بأسانيد، وكلها لا تخلو من ضعف (فى الباب) عن عثمان بن عفان عند أبى يعلى وفيه ضعف (وعن عبد الله بن أبى بكر) عند الطبراني وفيه كلام (وعن سهل بن سعد) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إذا بلغ العبد ستين سنة فقد أعذر الله اليه فى العمر وأبلغ اليه فى العمر" (قال الهيثمي) رواه الطبراني ورجاله ورجال الصحيح (قلت) وهذه الطرق يعضد بعضها بعضا لكثرتها، والله سبحانه وتعالى أعلم. (29) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الرحمن ثنا سعيد بن أبى أيوب حدثنى محمد بن عجلان عن سعيد بن أبى سعيد المقبرى عن أبى هريرة الحديث" (غريبه) (1) يعنى من عاش ستين سنة (وفى رواية معمر عند الطبراني "لقد أعذر الله الى عبد أحياه حتى يبلغ ستين سنة أو سبعين سنة لقد أعذر الله اليه" ومعنى الاعذار إزالة العذر؛ يعنى أنه لم يبق له اعتذار، كأن يقول لو مدّ لى في الأجل لفعلت ما أمرت به، يقال أعذر اليه إذا بلَّغه أقصى الغاية فى العذر ومكنَّه منه، وإذا لم يكن له عذر فى ترك الطاعة مع تمكنه منها بالعمر الذى حصل له فلا ينبغى له حينئذ الا الاستغفار والطاعة والأقبال على الآخرة بالكلية، ونسبة الاعذار الى الله تعالى مجازيَّة، والمعنى أن الله عز وجل لم يترك للعبد سببا فى الاعتذار يتمسك به، والحاصل أنه لا يعاقب الا بعد حجة، قاله الحافظ (وقال ابن بطال) إنما كانت المتون حدا لهذا لأنها قريبة من المعترك، وهى سن الانابة والخشوع وترقب المنية، فهذا إعذار بعد إعذار لطفا من الله بعباده حتى نقلهم من حالة الجهل الى حالة العلم ثم أعذر اليهم فلم يعاقبهم الا بعد الحجج الواضحة وان كانوا فطروا على حب الدنيا وطول الأمل، لكنهم أمروا بمجاهدة النفس فى ذلك ليمتئلوا ما امروا به من الطاعة وينزجروا عما نهوا عنه من المعصية، وفى الحديث اشارة الى أن استكمال الستين مظنة لانقضاء الأجل؛ وأصرح من ذلك ما أخرجه الترمذى بسند حسن الى أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة رفعه "أعمار أمتى ما بين الستين الى السبعين وأقلهم من تجوز ذلك" قال بعض الحكماء الأسنان أربعة، سن الطفولية ثم الشباب. ثم الكهولة. ثم الشيخوخة. وهى آخر الأسنان؛ وغالب ما يكون ما بين الستين والسبعين، فيحنئذ يظهر ضعف القوة بالنقص والانحطاط، فينبغى له الاقبال على الأخرة بالكلية لاستحالة أن يرجع الى الحالة الأولى من النشاط والقوة، وقد استنبط منه

(30) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال توفَّى رجلٌ بالمدينة فصلَّى عليه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال ياليته مات في غير مولد فقال رجلٌ من النَّاس، لِمَ يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّ الرَّجل إذا توفَّى في غير مولده قيس له من مولده إلى منقطع أثره في الجنَّة

_ بعض الشافعية أن من استكمل ستين فلم يحج مع القدرة فانه يكون مقصرا، ويأثم ان مات قبل أن يحج بخلاف ما دون ذلك اهـ (تخريجه) (ح. نس. طب) (30) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثنى حيىُّ بن عبد الله عن أبى عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله ابن عمرو الحديث" (غريبه) (1) يعنى مات بغير المحل الذى ولد فيه، ولعله صلى الله عليه وسلم لم يرد بذلك ياليته مات بغير المدينة، بل أراد ياليته كان غريبا مهاجرا بالمدينة ومات بها، فان الموت فى غير مولده فيمن مات بالمدينة كما يتصور بأن يولد فى المدينة ويموت فى غيرها كذلك يتصور بأن يولد فى غير المدينة ويموت بها، فليكن التمنى راجعا الى هذا الشق حتى لا يخالف الحديث حديث فضل الموت بالمدينة المنورة، قاله السندى وهو وجيه (2) أى غريبا سواء أكان فى سفر أم إقامة (قيس له) أى ذرع له بالذراع الذى يقاس به (من مولده) أى المكان الذى ولد فيه (إلى منقطع أثره) بفتح الطاء أى الى موضع قطع أجله فالمراد بالأثر الأجل ويحتمل منتهى السفر، يعنى أنه ينصح له فى الجنة بقدر المسافة التى بين وطنه وموضع موته "وقوله فى الجنة" متعلق بقيس، وهذا القدر زيادة عما كان يستحقه لو أنه مات بوطنه لأنه تحامل على نفسه بتجرع مرارة مفارقة الاءلف والخلان والأهل والأوطان، ولم يجد له متعهدا فى مرضه غالبا ولا يحضره اذا احتضر أحد ممن يلوذ به فاذا صبر على ذلك محتسبا جوزى بما ذكر والله أعلم (تخريجه) (نس. جه) وفى اسناده ابن لهيعة عند الأمام أحمد، وسنده عند النسائى جيد وصححه الحافظ السيوطى (وفى الباب عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم موت الغريب شهادة اذا احتضر فرمى ببصره عن يمينه وعن يساره فلم ير الا غريبا وذكر أهله وولده فتنفس فله بكل نفس يتنفسه يمحو الله عنه الفى الف سيئة ويكتب له الفى الف حسنة، رواه الطبرانى فى الكبير وفيه عمرو بن الحصين العقيلى وهو متروك (وعن أنس بن مالك) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بخياركم؟ قالوا بلى يا رسول الله

(5) باب ما جاء في المحتضر وتلقينه كلمة التوحيد وحضور الصالحين عنده وعرق جبينه (31) عن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم

_ قال خياركم أطولكم أعمارًا اذا سددوا أى اقتصدوا واستقاموا رواه أبو يعلى واسناده حسن (وعن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أنبئكم بخياركم؟ قالوا بلى. قال أحاسنكم أخلاقا وأطولكم أعمارا، أورده الهيثمى وقال رواه الترمذى غير قوله أطولكم أعمارا، ورواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير مبارك بن فضالة، وقد وثق (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل طول العمر لأنه يمكن صاحبه كثرة الأعمال الصالحة والاطلاع على أحوال الدنيا وتقلباتها والاتعاظ بكثرة من مات من اخوانه ومعارفه وذويه، مما يزهِّده فى الدنيا ويزيده رغبة فى المثابرة على أعمال الخير والبر، فان لم يتعظ بذلك ولم يقبل على الله عز وجل بالأعمال الصالحة كان طول عمره وبالًا عليه، وليس له عذر عند الله عز وجل بعد أن مدّ فى عمره ومكَّنه من الطاعة مدة مديدة، قال تعالى {أول م نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير} وقد اختلف العلماء فى المراد بالتعمير فى الآية على أقوال، فعن مسروق أنه أربعون سنة. وعن مجاهد عن ابن عباس أنه ست وأربعون سنة. وعن ابن عباس سبعون سنة. وعن سهل بن سعد ستون سنة. وعن أبى هريرة "من عمّر ستين سنة أو سبعين سنة، فقد أعذر الله اليه فى العمر" (قال الحافظ) وأصح الأقوال فى ذلك ما ثبت فى حديث الباب "يعنى حديث أبى هريرة الذى رواه البخارى والامام أحمد وهو الرابع من أحاديث الباب" قال ويدخل فى هذا حديث "معترك المنايا ما بين ستين وسبعين سنة" أخرجه أبو يعلى من طريق ابراهيم بن الفضل عن سعيد عن أبى هريرة وابراهيم ضعيف اهـ (واختلفوا أيضا) فى قوله عز وجل "وجاءكم النذير" من هو النذير، فقيل هو النبى صلى الله عليه وسلم وعن زيد بن على "القرآن" وعن عكرمة وسفيان بن عيينة ووكيع "الثيب" وبه قال أكثر العلماء لأنه يأتى فى سن الكهولة فما بعدها، وهو علامة لمفارقة سن الصبا الذى هو مظنة اللهو (وفى أحاديث الباب أيضا) فضل من مات غريبا عن وطنه، وتقدم الكلام عليه فى الشرح (وفيها) غير ذلك، والله أعلم (31) عن أبى سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بشر بن المفضل ثنا عمارة بن غزية عن يحيى بن عمارة قال سمعت أيا سعيد يقول قال رسول الله

لقِّنوا موتاكم قول لا إله إلَّا الله (32) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال سمعت عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه يقول لطلحة بن عبيد الله رضي الله عنه مالي أراك قد شعثت واغبررت منذ توفِّي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، لعلَّك ساءك يا طلحة إمارة ابن عمَّك قال معاذ الله، إنِّي لأحذركم أن لا أفعل ذلك، إنِّي سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول إنِّي لأعلم كلمة لا يقولها أحدٌ عند حضرة الموت إلَّا وجد روحه لها روحًا حين تخرج من جسده، وكانت له نورًا يوم القيامة، فلم أسأل رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم عنها ولم يُخبرني بها

_ صلى الله عليه وسلم الحديث" (غريبه) (1) قال القرطبى أى قولوا ذلك وذكروهم به عند الموت قال وسماهم موتى لأن الموت قد حضرهم اهـ (وقال النووى) معناه من حضره الموت، والمراد ذكّروه لا إله الا الله ليكون آخر كلامه كما فى الحديث "من كان آخر كلامه لا اله الا الله دخل الجنة" اهـ وينبغى أن لا يأمره بها، بل يقولها الحاضر تذكيرا لمحتضر بدون تكرير ولا إلحاح؛ فان قالها المحتضر اكتفى بذلك، فان تكلم بعد قولها ذكَّر بها مرة أخرى لتكون آخر كلامه كما تقدم، وكره الاكثار بها والمولاة خوفا من ضجر المحتضر لما فيه من الشدة والكرب؛ فربما كره ذلك بقلبه وتكلم بما لا يحمد، نسأل الله السلامة والنجاة، واستحضار ذكره فى هذا الوقت الرهيب (تخريجه) (م. هق. والأربعة) (32) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله بن نمير عن مجاهد عن عامر عن جابر بن عبد الله الحديث" (غريبه) (3) يقال رجل شعث وسخ الجسد شعث الرأس أيضا وهو أشعث أغبر، أى من غير استجداد ولا تنظف (3) يريد أمارة أبى بكر الصديق رضي الله عنه لأن أبا بكر يجتمع نسبه مع طلحة بن عبيد الله فى عمرو بن كعب، فأبو بكر رضي الله عنه اسمه عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب ابن سعيد بن تيم بن مرة بن كعب بن لؤى الخ نسب النبى صلى الله عليه وسلم، وطلحة هو ابن عبيد الله ابن عثمان بن عمرو بن كعب الخ ما ذكرنا ويجتمع نسبهما مع نسب النبي صلى الله عليه وسلم فى مرة بن كعب ابن لؤى رضي الله عنهما (4) الروح الرحمة والراحة والفرح كما تقدم تفسيره فى شرح الحديث

فذلك الذي دخلني قال عمر رضي الله عنه فأنا أعلمها، قال فلله الحمد فما هي؟ قال هي الكلمة التي قالها لعمِّه {لا إله إلَّا الله} قال طلعة صدقت (ومِن طريقٍ ثانٍ بنحوه وفيه) قال عمر أنا أخبرك بها، هي الكلمة التي أراد بها عمه شهادة {أن لا إله إلَّا الله} قال فكأنَّما كُشف عنِّي غكاء، قال صدقت. ل علم كلمة هي أفضل منها لأمره بها (ومن طريقٍ ثالثٍ) عن يحي بن طلحة ابن عبيد الله عن أبيه رضي الله عنه، أن عمر رضي الله عنه رآه (يعني رأي طلحة) كئيبًا، فقال مالك يا أبا محمَّد، لعلَّك ساءتك إمرة ابن عمَّك يعني أبا بكر قال لا، وأثنى على أبي بكر رضي الله عنه، ولكنِّي سمعت النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول إنِّي لأعلم كلمة لا يقولها عبدٌ عند موته إلَّا فرَّج الله عنه كربته وأشرق لونه، فذكر الحديث (33) عن كثير بن مُرَّة عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال لنا معاذٌ في مرضه قد سمعت من رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم شيئًا

_ الثالث من الباب الأول (1) أى أحزننى وغير حالى (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن اسماعيل ثنا عامر وحدثنا محمد بن عبيد ثنا اسماعيل بن أبى خالد عن رجل عن الشعبى قال مر عمر بطلحة فذكر معناه، وفيه قال عمر أنا أخبرك بها الى آخره (3) يعنى التى أرادها النبى صلى الله عليه وسلم من عمه أبى طالب قبل موته إشفاقا عليه من أن يموت على الكفر فلم يوفق لقولها، فلا حول ولا قوة إلا بالله (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إبراهيم بن مهدى ثنا صالح بن عمر عن مطرف عن الشعبى عن يحيى بن طلحة الخ (5) أى فذكر بقية الحديث كما تقدم فى الطريق الأولى (تخريجه) أورد الهيثمي الطريق الأولى والثالثة منه وقال رواه أبو يعلى ورجاله ثقات (قلت) وروى الطريق الثالثة منه الحاكم وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى (33) عن كثير بن مرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنا أبى ثنا محمد بن بكر أنا عبد الحميد يعنى ابن جعفر ثنا صالح يعنى ابن أبى عريب عن كثير بن مرة الحديث"

كنت أكتمكموه سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول من كان آخر كلامه لا إله إلَّا الله وجبت له الجنَّة (34) عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عاد رجلًا من الأنصار (وفي رواية من بني النَّجَّار) فقال يا خال قل لا إله إلَّا الله، فقال أخالٌ أم عمٌّ؟ فقال لا بل خالٌ قال فخيرٌ لي أن أقول لا إله إلَّا الله؛ فقال النَّبيُّ صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم نعم (35) وعنه وأيضًا أنَّ غلامًا يهوديًا كان يضع للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وضوءه ويناوله

_ (غريبه) (1) إنما كتم ذلك معاذ رضي الله عنه خوفًا من اتكالهم وعدم العمل، فلما أدركته الوفاة وجد أنه لا مناص من تبليغه تحرجا من كتمان العلم ولئلا يناله وعيد "من كتم علمًا ألجمه الله يوم القيامة بلجام من نار" رواه (حب. ك) وقال صحيح لا غبار عليه (2) أى لابد له من دخولها إما معجّلا معافى وإما مؤخرًا بعد عقابه، انظر كلام النووى فى شرح حديث حذيفة رقم 17 فى الباب الثانى من كتاب الجنائز صحيفة 42 (تخريجه) (د. ك) وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى (34) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك الحديث" (غريبه) (3) خاطبه النبى صلى الله عليه وسلم بلفظ (خال) لأنه من بنى النجار، وبنو النجار اخوال عبد المطلب جد النبى صلى الله عليه وسلم وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال، خير دور الأنصار دار بنى النجار فهم أوسط دور الأنصار وأخوال عبد المطلب (تخريجه) أورده الهيثمي، وقال رواه أبو يعلى والبزار، ورجاله رجال الصحيح (35) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مؤمّل ثنا حماد ثنا ثابت عن أنس أن غلاما يهوديا الخ (غريبه) (4) الغلام فى الأصل الابن الصغير، وجمع القلة غلمة، وجمع الكثرة غلمان، ويطلق الغلام على الرجل مجازا باسم ما كان عليه، كما يقال للصغير شيخ مجازا باسم ما يؤول اليه، فيحتمل أن يراد بالغلام هنا الرجل بدليل قوله صلى الله عليه وسلم فى آخر الحديث "الحمد لله الذى أخرجه بى من النار" فلو كان صغيرا لما قال ذلك صلى الله عليه وسلم لأن الصغير ممن رفع عنهم القلم، ويحتمل أن يراد به الصغير واختاره جماعة

نعليه؛ فمرض فأتاه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فدخل عليه وأبوه قاعدٌ عند رأسه، فقال له النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلم يا فلان، قل لا إله إلا الله، فنظر إلى أبيه فسكت أبوه، فأعاد عليه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فنظر إلى أبيه، فقال أبوه أطِع يا أبا القاسم فقال الغلام، أشهد أن لا إله إلَّا الله وأنَّك رسول الله، فخرج النَّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى وآله وصحبه وسلَّم وهو يقول الحمد لله الَّذي أخرجه بي من النَّار (36) عن زاذان أبي عمر قال حدَّثني من سمع النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول، من لُقِّن عند الموت لا إله إلَّا الله دخل الجنَّة

_ من المحدثين، منهم الحافظ ابن حجر، واستدلوا به على تعذيب من لم يسلم إذا عقل الكفر والله أعلم (1) فيه دليل على كرم اخلاقه صلى الله عليه وسلم وتواضعه ووفائه حيث كان يزور خدمه ويواسيهم ويعودهم اذا مرضوا، وان كانوا من غير المسلمين (2) ألهم الله أبا الغلام أن يقول ذلك تحقيقا لرغبة النبي صلى الله عليه وسلم ولسعادة الغلام وانقاذه من النار ببركته صلى الله عليه وسلم وبنطقه بالشهادتين فى آخر لحظة من عمره، فجزاك الله أيها النبي الكريم، والسيد البر الرحيم، بما هو له أهل وما أنت له أهل (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام أحمد وسنده جيد، وأخرج نحوه الطبرانى فى الكبير من حديث صفوان بن عسال المرادى رضي الله عنه، قال "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على غلام من اليهود وهو مريض، فقال أتشهد أن لا اله الا الله قال نعم، قال أتشهد أن محمدا رسول الله؟ قال نعم، ثم قبض فوليه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون فغسلوه ودفنوه (قال الهيثمى) واسناده حسن (36) عن زاذان أبى عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى قال ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن زاذان أبى عمر الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد، وان كان قد تكلم فى عطاء بالنسبة لاختلاطه فى آخر عمره، وهذا الحديث يعضده ما عند الشيخين فى هذا الباب، وعطاء هو ابن السائب الثقفى أبو محمد الكوفى أحد الأئمة، قال ابن مهدى كان يختم كل ليلة، واختلط عطاء فسمع منه شعبة فى الاختلاط حديثين وجرير بن عبد الحميد وعبد الواحد بن زيد وأبو عوانة وهشيم وخالد بن عبد الله، قال ابن سعد مات سنة ست وثلاثين ومائة اهـ خلاصة، وقال فى التهذيب وثقة أحمد والنسائى والعجلى، وقال ابن معين جميع من روى عن عطاء فى الاختلاط الا شعبة وسفيان، قال ابن عدى واختلاطه في آخر عمره اهـ

(37) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بعض بناته وهي تجود بنفسها فوقع عليها فلم يرفع رأسه حتَّى قبضت، قال فرع رأسه وقال الحمد لله، المرمن بخيرٍ، تنزع نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله عزَّ وجلَّ (38) عن ابن بريدة (الأسلميَّ) عن أبيه رضي الله عنه أنَّه كان بخراسان فعاد أخاله وهو مريضٌ فوجده بالموت، وإذا هو يعرق جبينه فقال الله أكبر سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول موت المؤمن بعرق الجبين

_ (37) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود بن عامر قال ثنا إسرائيل عن عطاء بن السائب عن عكرمة عن ابن عباس الحديث" (غريبه) (1) لم أقف على من ذكر اسمها أو عرّفها، والظاهر أنها بنت احدى بناته صلى الله عليه وسلم وكانت صغيرة كما سيأتى فى بعض طرق الحديث عند الامام أحمد فى الباب الأول من أبواب البكاء على الميت أن النبى صلى الله عليه وسلم وضعها فى حجره حتى قبضت، وعند النسائى عن ابن عباس أيضًا قال "لما حضرت بنت لرسول الله صلى الله عليه وسلم صغيرة فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فضمها إلى صدره، ثم وضع يده عليها فقضت وهى بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث" ومعلوم أن بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلبه توفين وهنّ متزوجات، فظهر أنها بنت إحدى بناته، والله أعلم (3) أى تخرجها وتدفعها كما يدفع الانسان ماله يجود به، والجود الكرم، يريد أنها كانت فى النزع وسياق الموت (3) أى لأن الدنيا سجن المؤمن، وأمنية المسجون أن يخرج من سجنه، لاسيما إذا بشر بما أعده الله له ورأى منزلته فى الجنة (تخريجه) (نس) واسناده جيد، وأخرج نحوه مسلم عن صهيب، والبيهقى عن سعد بن أبى وقاص، والامام أحمد عن أبى هريرة، وتقدم فى الباب الحادى عشر من كتاب الايمان (38) عن ابن بريدة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز ثنا مثنى بن سعيد عن قتادة عن ابن بريدة الحديث" (غريبه) (4) قال العراقى فى شرح الترمذى اختلف فى معنى هذا الحديث فقيل إن عرق الجبين يكون لما يعالج من شدة الموت، وعليه يدل حديث ابن مسعود، قال أبو عبد الله القرطبى وفى حديث ابن مسعود "موت المؤمن بعرق الجبين يبقى عليه البقية من الذنوب فيجازى بها عند الموت أو يشدد ليتمحض

(وعنه من طريقٍ ثانٍ) عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّ المؤمن يموت بعرق الجبين (39) عن أبي سعيد الخدريِّ رضي الله عنه قال لمَّا قدم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كنَّا نوذنه لمن حضر من موتانا فيأتيه قبل أن يموت فيحضره ويستغفر له وينتظر موته، قال فكان ذلك ربَّما حبسه الحبس الطَّويل فشقَّ عليه، قال فقلنا أرفق برسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن لا نوذنه بالميِّت حتَّى يموت، قال فكنَّا إذا مات منَّا الميت آذنَّاه به فجاؤ في أهله فاستغفر له وصلَّى عليه، ثمَّ إن

_ عنه ذنوبه" هكذا ذكره فى التذكرة ولم ينسبه الى من أخرجه من أهل الحديث؛ وقيل إن عرق الجبين يكون من الحياء، وذلك ان المؤمن اذا جاءته البشرى مع ما كان قد اقترف من الذنوب حصل له بذلم خجل واستحياء من الله تعالى، فيعرف بذلك جبينه (قال القرطبي) فى التذكرة قال بعض العلماء، انما يعرق جبينه حياء من ربه لما اقترف من مخالفته، لأن ما سفل منه قد مات وانما بقيت قوى الحياة وحركاتها فيما علاه، والحياء في العينين فذاك وقت الحياء، والكافر فى عمر من هذا كله، والموحد المعذب فى شغل عن هذا بالعذاب الذى قد حل به، وانما العرق الذى يظهر لمن حلت به الرحمة فانه ليس من ولى ولا صديق ولا برّ الا وهو مستحى من ربه مع البشرى والتحف والكرامات (قال العراقى) ويحتمل أن عرق الجبين علامة جعلت لموت المؤمن وان لم يعقل معناه اهـ والله أعلم (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن المثنى بن سعيد عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المؤمن يموت بعرق الجبين (تخريجه) (نس. جه. ك) وقال هذا حديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى (39) عن أبى سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس ثنا فليح عن سعيد بن عبيد عن السباق عن أبى سعيد الخدرى الحديث" (غريبه) (2) يعنى المدينة مهاجرا "كنا نوذنه" أى نعلمه (لمن حضر) أى احتضر وكان فى حالة النزع (3) بالتثقيل والتخفيف وقد جمعهما الشاعر فقال ليس من مات فاستراح بميت _ إنما الميت ميّت الأحياء وأما الحى فميّت بالتثقيل لا غير وعليه وقوله تعالى {انك ميّت وإنهم ميّتون}

بدا له أن يشهده انتظر شهوده، وإن بدا له أن ينصرف انصرف، قال فكنا على ذلك طبقة أخرى قال فقلنا أرفق برسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحمل موتانا إلى بيته ولا نشخصه ولا نعنيه قال ففعلنا ذلك فكان الأمر.

_ (1) أي يسير مع الجنازة حتى تدفن (2) أى مدة من الزمن (3) أى لا نكلفه بالحضور الى أهل الميت فى منزلهم (ولا نعنيه) أى لا ندخل عليه التعب والمشقة بهذا الخصوص (وقوله فكان الأمر) يعنى على ذلك الى وفاته صلى الله عليه وسلم وفيه استحباب حضور الصالحين وأهل الفضل عند المحتضر وصلاتهم عليه اذا مات (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وسنده جيد (وفى الباب) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه رفعه قال "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله، فان نفس المؤمن تخرج رشحا ونفس الكافر تخرج من شدقه كما تخرج نفس الحمار" رواه الطبرانى فى الكبير وإسناده حسن (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لقنوا موتاكم شهادة أن لا اله الا الله، فمن قالها عند موته وجبت له الجنة" قالوا يا رسول الله فمن قالها فى صحته؟ قال تلك أوجب وأوجب ثم قال "والذى نفسى بيده لو جئ بالسموات والأرض ومن فيهن وما بينهن وما تحتهن فوضعن فى كفة الميزان ووضعت شهادة أن لا اله الا الله فى الكفة الأخرى لرجحت بهن" رواه الطبرانى ورجاله ثقات الا ابن طلحة لم يسمع من ابن عباس، قاله الهيثمي (وعن أبى هريرة رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ان المؤمن عندى بمنزلة كل خير يحمدنى وأنا أنزع نفسه من بين جنبيه" قال الهيثمى رواه البزار عن شيخه أحمد بن أبان القرشى ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح (وعن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "المؤمن يموت بعرق الجبين" رواه الطبراني فى الأوسط، وفى الكبير نحوه فى حديث طويل ورجاله ثقات ورجال الصحيح (الأحكام) فى أحاديث الباب مشروعية تلقين المحتضر لفظ (لا إله إلا الله) وبذلك قال جمهور العلماء (قال النووى) وقال جماعات يلقنه الشهادتين "لا اله الا الله محمد رسول الله" ممن صرح به القاضى أبو الطيب فى تعليقه وصاحب الحاوى وسليم الرازى ونصر المقدسى فى الكافى والجرجانى فى التحرير والشاشى فى المعتمد وغيرهم، ودليلهم أن المقصود تذكر التوحيد وذلك يقف على الشهادتين؛ ودليل الجمهور أن هذا موحد، ويلزم من قوله لا اله الا الله الاعتراف بالشهادة الأخرى فينبغي الاقتصار على لا اله الا الله لظاهر الحديث، قال أصحابنا وغيرهم من العلماء، وينبغى أن لا يلح عليه فى ذلك وأن لا يقول له قل لا اله الا الله خشية أن يضجر فيقول لا أقول، أو يتكلم بغير هذا

(2) باب قراءة يس عند المحتضر وما جاء في شدة الموت ونزع الروح وتغميض عيني الميت والدعاء له (40) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة لنا صفوان حدثنى المشيخة أنهم حضروا غضيف بن الحارث الثمالي حين اشتد سوقه فقال هل منكم أحد يقرأ يس؟ قال فقرأها صالح بن شريح السكونى، فلما بلغ أربعين منها قبض قال فكان المشيخة يقولون إذا قرئت عند الميت

_ من الكلام القبيح، ولكن يقولها بحيث يسمعه معرّضا له ليفطن فيقولها، وإذا أتى بالشهادة مرة لا يعاود ما لم يتكلم بعدها بكلام آخر، هكذا قال الجمهور لا يزاد على مرة، وقال جماعة من أصحابنا يكررها عليه ثلاثا ولا يزاد على ثلاث، ممن صرح بهذا سليم الرازى فى الكفاية والمحاملى وصاحب العدة وغيرهم اهـ (وفى أحاديث الباب) أيضا استحباب حضور الصالحين ومن ترجى بركتهم عند المحتضر والدعاء له بالمغفرة وطلب اللطف به والتخفيف عنه ونحوه (وفيها أيضا) دليل على جواز استخدام المشرك وعيادته اذا مرض (وفيها) حسن العهد واستخدام الصغير وعرض الاسلام على الصبى (قال الحافظ) ولولا صحته منه ما عرضه عليه، قال وفى قوله "انقذه بى من النار" دلالة على أنه صح اسلامه، وعلى أن الصبى اذا عقل الكفر ومات عليه أنه يعذب اهـ (قلت) وسيأتى الكلام على ذلك فى باب ما جاء فى أولاد المشركين من كتاب قيام الساعة عند ذكر الجنة والنار ان شاء الله تعالى (وفيها) أيضا أن من علامات حسن الخاتمة وقبول الميت عرق جبينه عند خروج روحه، وتقدم الكلام على ذلك فى الشرح (وفيها غير ذلك) نسأل الله حسن الخاتمة والوفاة على دين الاسلام آمين (40) حدّثنا عبد الله (غريبه) (1) بوزن لطيفة جمع شيخ، وهو من استبانت فيه السن، أو من خمسين أو احدى وخمسين الى آخر عمره أو إلى الثمانين، ويقال شيخ أيضا لمن يراد تبجيله من أهل العلم (2) أى أشتد النزع به كأن روحه تساق لتخرج من بدنه، ويقال له السياق أيضا وأصله سواق فقلبت الواو ياء لكسرة السين، وهما مصدران من ساق يسوق "نه" (3) أى أربعين آية وهو يوافق آخر الآية من قوله تعالى {لا الشمس ينبغى لها أن تدرك القمر ولا الليل سابق النهار وكل في فلك يسبحون"

خفف عنه بها، قال صفوان وقرأها عيسى بن المعتمر عند ابن معبد. (41) عن معقل بن يسار رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، قال يس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله تعالى والدار الآخرة إلا غفر له، واقرءوها على موتاكم "وعنه من طريق ثان" قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرءوها على موتاكم يعني يس.

_ (تخريجه) لم أقف على هذا الأثر لغير الامام أحمد، وفى اسناده من أبهم، وذكره الحافظ فى التلخيص ثم قال، وأسنده صاحب الفردوس من طريق مروان بن سالم عن صفوان ابن عمرو عن شريح عن أبى الدرداء وأبى ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من ميت يموت فيقرأ عنده يس الاَّ هون الله عليه" قال وفى الباب عن أبى ذر وحده، أخرجه أبو الشيخ اهـ (41) عن معقل بن يسار (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عارم ثنا معتمر عن أبيه عن رجل عن أبيه عن معقل بن يسار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البقرة سنام القرآن، وذروته ونزل مع كل آية منها ثمانون ملكا واستخرجت الله لا اله الا هو الحي القيوم من تحت العرش فوصلت بها أو توصلت بسورة البقرة؛ ويس قلب القرآن الحديث" (غريبه) (1) قلب كل شيء لبه وخالصه، وانما كانت يس لب القرآن لاشتمالها على أصول العقائد وإثبات التوحيد ونفى التعدد وأمارات الساعة والحساب والجزاء ولذلك استحب قراءتها عند المحتضر ليتعظ ويستأنس بما فيها من ذكر أحوال القيامة وغيرها، والله أعلم (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عارم ثنا عبد الله بن المبارك ثنا سليمان التيمى عن أبى عثمان وليس بالهدى عن أبيه عن معقل بن يسار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الحديث" والرجل المبهم فى اسناد الطريق الأولى هو أبو عثمان النهدى عن أبيه كما صرح به فى هذا الطريق (تخريجه) (.د. نس. جه. حب. ك) بسند حديث الباب (قال الحافظ) ولم يقل النسائى وابن ماجه عن أبيه اهـ وقال صاحب التنقيح الحديث سكت عنه أبو داود والمنذرى ورجاله رجال الحسن، ورواه أيضا أحمد والنسائى فى السنن وفى عمل اليوم والليلة والحاكم وابن حبان وصححه، وأعله ابن القطان بالاضطراب وبالوقف وبجهالة حال أبى عثمان وأبيه، ونقل أبو بكر بن العربى عن الدارقطنى أنه قال هذا حديث ضعيف الاسناد مجهول المتن ولا يصح فى الباب حديث، وكذا ضعف هذا الحديث النووى فى الأذكار، وقال ابن حبان فى صحيحه عقب حديث معقل هذا أراد بالموتى من حضرته

(42) عن أم سلمة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضرتم الميت أو المريض فقولوا خيرًا، فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون قالت فلما مات أبو سلمة أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن أبا سلمة قد مات، فقال قولي اللهم اغفر لي وله وأعقبني منه عقبى حسنة، قالت فقلت فأعقبني الله عز وجل من هو خير لي منه محمدًا صلى الله عليه وسلم. (43) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم يلق ابن آدم شيئًا قط خلقه الله أشد عليه من الموت.

_ المنية، لا أن الميت يقرأ عليه، وردّه المحب الطبرى، وقال بعضهم اللفظ نص فى الأموات وتناوله للحيى المحتضر مجاز فلا يصار اليه إلا لقرينة، ويمكن أن يجعل قرينة ذلك المجاز ما عند أحمد بفلظ حدثنا أبو المغيرة حدثنا صفوان قال كان المشيخة يقولون إذا قرئت (يس) عند الميت خفف الله عنه بها، وما عند صاحب مسند الفردوس من طريق مروان ابن سالم عن صفوان بن عمرو عن شريح عن أبى الدرداء وأبى ذر قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما من ميت يموت فيقرأ عنده يس إلا هون الله عليه" ولعل ذلك لأن سورة "يس" مشتملة على أصول العقائد فيتقوى بسماعها التصديق والأيمان حتى يموت وصفوان بن عمر الضبى الحمصى، هذا قال النسائى لا بأس به اهـ (42) عن أم سلمة رضي الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن شقيق عن أم سلمة الحديث" (غريبه) (1) فيه الندب الى قول الخير حينئذ من الدعاء والاستغفار له وطلب اللطف به والتخفيف عنه ونحوه، وفيه حضور الملائكة حينئذ وتأمينهم على الدعاء بقولهم "استجب يا ألله" (2) من الأعقاب أى أبدلنى وعوضنى (منه) أى فى مقابلته (عقبى) كبشرى أى بدلا صالحا، فأعقبها الله عز وجل من هو خير منه، إذ تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وصار لها بعلا يدل أبى سلمة رضي الله عنه (تخريجه) (م. د. نس. وغيرهم) (43) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حصن ثنا سكين قال ذكر ذاك أبى عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث"

ثم إن الموت لأهون مما بعده. (44) عن عائشة رضى الله عنها قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يموت وعنده قدح فيه ماء فيدخل يده في القدح، ثم يمسح وجهه بالماء، ثم يقول اللهم أعنى على سكرات الموت. (45) وعنها أيضًا قالت توفى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أو قبض أو مات وهو بين حاقنتي وذاقنتي فلا أكره شدة الموت لأحد بعد الذي رأيت برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. (46) عن ثابت البناني عن أنس بن مالك رضى الله عنه لما قالت فاطمة

_ (غريبه) (1) الظاهر أن هذا بالنسبة للكافر والعاصى، وأما الرجل الصالح فما بعد الموت أهون عليه منه، والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد، ورجاله موثقون (44) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ليث عن يزيد عن موسى بن سرجس عن القاسم بن محمد عن عائشة الحديث" (غريبه) (2) أى وهو فى حالة النزع وقولها "ثم يمسح وجهه بالماء" أى دفعا لحرارة الموت أو دفعًا لغشيانه وكريه (3) أى شدائده، جمع سكرة بسكون الكاف، وهى شدة الموت أى أعنّى على دفعها، وفى لفظ عند الترمذى "اللهم أعنى على غمرات الموت وسكرات الموت" قال سراج أحمد فى شرح الترمذى: هو عطف بيان لما قبله، والظاهر أن يراد بالأولى الشدة وبالأخرى ما يترتب عليها من الدهشة والحسرة الموجبة للغفلة، وقال القاضى عياض فى تفسير قوله تعالى {وجاءت سكرة الموت بالحق} ان سكرته الذاهبة بالعقل اهـ (تخريجه) (نس. جه. مذ) وقال هذا حديث غريب (45) وعنها أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا منصور بن سلمة قال أنا ليث عن يزيد بن الهاد عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث" (غريبه) (4) الحاقنة الوهدة المنخفضة بين الترقوتين من الحلق (والذاقنة) الذقن، وقيل طرف الحلقوم (تخريجه) (خ. وغيره) (46) عن ثابت البنانى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا

ذلك يعني لما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من كرب الموت ما وجد قالت فاطمة واكرباه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بنية إنه قد حضر بأبيك ما ليس الله بتارك منه أحدًا لموافاة يوم القيامة. (47) عن شداد بن أوس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، إذا حضرتم موتاكم فأغمضوا البصر فإن البصر يتبع الروح وقولوا خيرًا فإنه يؤمن على ما قال أهل البيت.

_ المبارك عن ثابت البنانى عن أنس الحديث" (غريبه) (1) قالت ذلك فاطمة رضي الله عنها تندب أباها لما رأت ما حل به من الكرب عند النزع، فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم "يا بنية انه قد حضر بأبيك الخ" والمعنى لا تحزنى واصبرى فان ما نزل بأبيك من الموت والكرب لابد لكل أحد منه، لأنه الطريق الموصل من دار الدنيا الى الآخرة، ومعلوم أن العبث لا محيص عنه "لتجزى كل نفس بما تسعى" والبعث لا يكون الا بعد الموت (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد، وسنده جيد (47) عن شداد بن أوس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ابن موسى قال ثنا قزعة حدثنى حميد الأعرج عن الزهرى عن محمود بن لبيد عن شداد ابن أوس الحديث" (غريبه) (2) أى أطبقوا الجفن الأ على على الجفن الأسفل (33) معناه أن الروح اذا خرج من الجسد يتبعه البصر ناظرًا أين يذهب، وحينئذ لا فائدة فى بقاء البصر مفتوحا الا تشويه الخلقة، فشرع اغماض البصر اكرامًا للميت من تشويه خلقته (قال النووى) وفى الروح لغتان التذكير والتأنيث، وهذا الحديث دليل للتذكير وفيه دليل لمذهب أصحابنا المتكلمين ومن وافقهم أن الروح أجسام لطيفة متخللة فى البدن وتذهب الحياة من الجسد بذهابها، وليس عرضا كما قاله آخرون ولا دما كما قاله آخرون وفيها كلام متشعب للمتكلمين اهـ (4) أى ادعو للميت بالمغفرة ونحوها، وللمصاب بجبر المصيبة وبالصبر ونحوه، فان الملائكة تؤمّن على هذا الدعاء تقول آمين، أى استجب يا ربنا، ودعاؤهم مستجاب (تخريجه) (جه. طب. بز. ك) وقال هذا حديث صحيح الاسناد؛ ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى (وفى الباب) عن أم سلمة رضى الله عنها قال "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبى سلمة وقد شق بصره فأغمضه، ثم قال ان الروح اذا قبض تبعه البصر، فضج ناس من أهله، لا تدعو على أنفسكم الا بخير، فان الملائكة يؤمنون

على ما تقولون، ثم قال اللهم اغفر لأبى سلمة وارفع درجته فى المهديين واخلفه فى عقبه فى الغابرين واغفر لنا وله يارب العالمين، وافسح له فى قبره ونوّر له فيه" رواه مسلم وأبو داود والبيهقى (وعن سليمان رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج يعود رجلا من الأنصار فلما دخل عليه وضع يده على جبينه فقال كيف تجدك؟ فلم يحر اليه شيئا، فقيل يا رسول الله إنه عنك مشغول، فقال خلُّوا بينى وبينه، فخرج الناس من عنده وتركوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، فأشار المريض أن أعد يدك حيث كانت، ثم ناداه يا فلان ما تجد؟ قال أجدنى بخير، وقد حضرنى اثنان أحدهما أسود والآخر أبيض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيهما أقرب منك؟ قال الأسود، قال ان الخير قليل وإن الشر كثير؛ قال فمتّعنى منك يا رسول الله بدعوة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر الكثير وأنم القليل، ثم قال ما ترى؟ قال خيرا بأبي أنت وأمى، أرى الخير ينمى وأرى الشر يضمحل وقد استأخر عنى الأسود، قال أى عملك أملك بك؟ قال كنت أسقى الماء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمع يا سليمان هل تنكر منى شيئا؟ قال نعم بأبى وأمى قد رأيتك فى مواطن ما رأيتك على مثل حالك اليوم، قال انى أعلم ما يلقى، ما منه من عرق الا وهو يألم الموت على حدته" رواه البزار وفيه موسى ابن عبيدة الربذى ضعيف (وعن أبى قتادة) أن البراء بن معرور رضي الله عنه أوصى أن يوجه للقبلة اذا احتضر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصاب الفطرة، ذكره الحافظ في التلخيص وسكت عنه (وعن سلمى أم أبى رافع) أن فاطمة رضى الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موتها استقبلت القبلة ثم توسدت يمينها رواه الامام أحمد وسيأتى فى وفاة فاطمة رضي الله عنها فى باب ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله (الأحكام) فى أحاديث الباب دليل على استحباب قراءة سورة يس عند المحتضر أو الميت، وانهما ينتفعان بالقراءة اذا قصد بها وجه الله عز وجل (قال الطيبى) والسر فى ذلك أن السورة الكريمة مشحونة بتقرير أمهات الأصول وجميع المسائل المعتبرة من كيفية الدعوة وأحوال الأمم واثبات القدر، وأن أفعال العباد مستندة الى الله تعالى وإثبات التوحيد ونفى التعدد وأمارات الساعة وبيان الأعادة والحشر وحضور العرصات والحساب والجزاء والمرجع اهـ (وفيها) دلالة على فضل سورة يس، وقد ورد فى فضلها أحاديث كثيرة لا تخلو من ضعف (منها) "إن لكل شئ قلبا وقلب القرآن يس، ومن قرأ يس كتب الله له بقراءتها قراءة القرآن عشر مرات دون يس" رواه الترمذى عن أنس وقال حديث غريب اهـ وضعفه الحافظ السيوطى (ومنها) من قرأ يس فى ليلة ابتغاء وجه الله تعالى غفر له" الحافظ السيوطى (ومنها) من قرأ يس فى ليلة ابتغاء وجه الله تعالى غفر له" رواه مالك وابن السنى وابن حبان فى صحيحه عن جندب (ومنها) من قرأ يس كل ليلة غفر له رواه البيهقى عن أبى هريرة باسناد ضعيف (وفى أحاديث الباب أيضا) أنه ينبغى لمن حضر الميت أن

لا يقول إلا خيرا كالدعاء والاستغفار للميت، وينبغى لأهل الميت أن يدعوا له بالمغفرة ولأنفسهم بالصبر والأكثار من قول الله تبارك وتعالى {إنا لله وإنا اليه راجعون} فعن أم سلمة رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول انا لله وانا اليه راجعون اللهم أجرنى فى مصيبتى وأخلف لى خيرًا منها" الا أجره الله فى مصيبته وأخلف له خيرا منها" قالت فلما توفى أبو سلمة قلت كما أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخلف الله لى خيرا منه رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه مسلم والامام أحمد وغيرهما، وسيأتى فى باب ما يقول المصاب عند المصيبة من كتاب الصبر ان شاء الله (وفيها أيضا) حضور الملائكة وتأمينهم على ما يقولون (وفيها) مشروعية تغميض عينى الميت بعد موته مباشرة (قال النووى) وأجمع المسلمون على ذلك (وفيها أيضا) دليل على صعوبة الموت وشدته حتى على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام ليعلم الناس أن الله عز وجل وحده هو المنفرد بالقهر والسلطان والغلبة، وأن كل ذى روح لابدّ له من ذوق مرارة الموت سواء أكان أميرا أم حقيرا؛ وليا أم نبيا (وفيما ذكرنا فى الشرح) دليل على توجيه المحتضر الى القبلة (قال الشوكانى) وقد اختلف فى صفة التوجيه الى القبلة فقال الهادى والناصر والشافعى فى أحد قوليه، إنه يوجه مستلقيا ليستقبلها بكل وجهه (وقال المؤيد باله وأبو حنيفة والامام يحيى والشافعى) فى أحد قوليه إنه يوجه على جنبه الأيمن لما أخرجه ابن عدى فى الكامل ولم يضعفه من حديث البراء بلفظ "اذا أخذ أحدكم مضجعه فليتوسد يمينه الحديث وأخرجه البيهقى فى الدعوات قال الحافظ حسن، وأصل الحديث فى الصحيحين بلفظ "اذا أويت مضجعك فتوضأ وضوءك للصلاة ثم اضطجع على شقك الأيمن وقل اللهم انى أسلمت نفسي اليك وفى آخره فان مت من ليلتك فأنت على الفطرة" (وفى الباب) عن عبد الله" ابن زيد عند النسائى والترمذى وأحمد بلفظ "كان اذا نام وضع يده اليمنى تحت خده" (وعن ابن مسعود) عند النسائى والترمذى وابن ماجه؛ وعن حفصة عند أبى داود؛ وعن حذيفة عند الترمذى، وعن أبى قتادة عند الحاكم والبيهقى بلفظ "كان اذا عرَّس وعليه ليل توسد يمينه" وأصله فى مسلم، قال ووجه الاستدلال بأحاديث توسد اليمين عند النوم على استحباب أن يكون المحتضر عند الموت كذلك أن النوم مظنة للموت، وللاشارة بقوله صلى الله عليه وسلم "فان مت من ليلتك فأنت على الفطرة" بعد قوله "ثم اضطجع على شقك الأيمن" فانه يظهر منها أنه ينبغى أن يكون المحتضر على تلك الهيئة اهـ باختصار (وفيها) ان عمل الانسان يتصور له عند الاحتضار، فان كان حسنا تصور له بصورة حسنة ينشرح لها صدره ويزول بها كربه، وان كان خبيثا تصور له بصورة

(6) باب إذا أراد الله قبض عبد (بأرض يجعل له فيها حاجة وما جاء في موت الفجأة) (48) عن مطر بن عكامس رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قضى الله ميتة عبد بأرض جعل له إليها حاجة "وعنه من طريق ثان" قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا يقدر لأحد يموت بأرض إلا حببت إليه وجعل له إليها حاجة.

_ خبيثة تزيده كربا على كربه وارتباكا فى هذا الوقت العصيب ربما ساءت خاتمته بسببه؛ نعوذ بالله من ذلك؛ ونسأله السلامة وحسن الخاتمة آمين (48) عن مطر بن عكامس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو بكر ابن أبى شيبة ثنا أبو داود الحفرى عن سفيان عن أبى اسحاق عن مطر بن عكامس الحديث" (1) وعنه من طريق ثان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر الوركانى ثنا خديج أبو سلمات عن أبى اسحاق عن مطر بن عكامس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقدَّر الخ (تخريجه) (ك. مذ) وقال حسن غريب ولا يعرف لمطر غير هذا الحديث (قلت) وله شاهد عند الحاكم عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال "مر النبى صلى الله عليه وسلم بجنازة عند قبر فقال قبر من هذا؟ فقالوا فلان الحبشى يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إله الله، لا إله إلا الله، سيق من أرضه وسمائه إلى تربته التى منها خلق" هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه. قال ولهذا الحديث شواهد وأكثرها صحيحة ثم ساقها بأسانيدها (منها) عن جندب بن سفيان رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الله قبض عبد بأرض جعل له فيها أو بها حاجة (ومنها) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا كانت منية أحدكم بأرض أتيحت له الحاجة فيقصد اليها فيكون أقصى أثر منه فيقبض روحه، فتقول الأرض يوم القيامة رب هذا ما استودعتنى (ومنها) عن عروة بن مضرّس رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اذا أراد الله قبض عبد بأرض جعل له اليها حاجة" هذه الأحاديث ذكرها الحاكم وأقرها الذهبى (وقد اختلف فى صحبة مطر) راوى الحديث فبعضهم قال ليس له صحبة وبعضهم أدخله فى الصحابة، قال عبد الله بن الامام أحمد سألت أبى عنه: هل له صحبة؟ فقال لا يعرف: قلت فله

(49) عن أبي عزة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى إذا أراد قبض روح عبد بأرض جعل له فيها أو قال بها حاجة. (50) عن عائشة رضى الله عنها قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن موت الفجأة فقال راحة للمؤمن وأخذة أسف للفاجر.

_ رؤية؟ قال لا أدري اهـ. والله أعلم (49) عن أبى عزة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل قال أنا أيوب عن أبى المليح بن أسامة عن أبى عزة الحديث" (عريبه) (1) اسمه يسار واختلف فى اسم أبيه، فقيل يسار بن عبدة، وقيل ابن عبيد. وقيل ابن عبد. وقيل ابن عمرو، وقيل ابن عبد الله (قال الحافظ) والأول أكثر وبه جزم البخارى (تخريجه) (مذ) وقال أبو عزة ماله صحبة واسمه يسار بن عبيد (50) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا عبيد الله ابن الوليد عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن عائشة الحديث" (غريبه) (2) بفتح الفاء وسكون الميم ثم همزة مفتوحة أى البغتة، وفى بعض الروايات الفجاءة بضم الفاء وفتح الجيم ممدودة، قال فى النهاية: يقال فجئه الأمر وفجأه فجاءة بالضم والمد وفاجأه مفاجأة اذا جاء بغتة من غير تقدم سبب، وقيده بعضهم بفتح الفاء وسكون الجيم من غير مد على المرة اهـ (3) أى لأنه مستعد للموت بالأعمال الصالحة عملا بقوله صلى الله عليه وسلم "أكثروا ذكر هاذم اللذات" وتقدم فى الباب الأول فهو يتذكر الموت دائما ويعمل له، فاذا أتاه الموت فجأة لا يضره بشئ، بل يريحه من نصب الدنيا وعنائها "وقوله وأخذة أسف للكافر" الأسف بفتح السين المهملة معناه الغضب، يعنى أن موت الفجأة للفاجر من آثار غضب الله عز وجل، لأنه لم يتركه لأن يستعد للآخرة بالتوبة ولم يمرضه ليكفّر ذنوبه وقد استعاذ النبى صلى الله عليه وسلم من موت الفجأة كما ورد فى كثير من الأحاديث (تخريجه) (هق. طس) وفى اسناده عبيد الله بن الوليد الوصَّانى ضعيف لكن يشهد له ما رواه البيهقى فى شعب الايمان عن عبيد بن خالد السلمة مرفوعا بلفظ "موت الفجأة أخذة الأسف للكافر ورحمة للمؤمن" ورواه البيهقى فى السنن وأبو داود بسنديهما عن عبيد بن خالد السلمى أيضا رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال مرة عن النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال مرة عن عبيد قال "موت الفجأة أخذة أسف" قال المنذرى هذا الحديث رجال اسناده ثقات والوقف فيه

(7) باب ما يراه المحتضر ومصير الروح بعد مفارقة الجسد (52) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه

_ لا يؤثر، فان مثله لا يؤخذ بالرأى، وكيف وقد أسنده مرة الراوى، قال وقد روى هذا الحديث من حديث عبد الله بن مسعود وأنس بن مالك وأبى هريرة وعائشة، وفى كل منها مقال اهـ بتصرف (ورواه البيهقى) أيضا فى السنن بسنده عن عبيد الله بن عبيد بن عمير قال سألت عائشة رضي الله عنها عن موت الفجأة أيكره؟ قالت لأى شئ يكره؟ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال "راحة للمؤمن وأخذة أسف للفاجر" قال ورواه سفيان الثورى عن عبيد الله موقوفا عن عائشة رضى الله عنها (وفى الباب) عن أبى أمامة رضي الله عنه قال "كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من موت الفجأة وكان يعجبه أن يمرض قبل أن يموت" قال الهيثمى رواه الطبرانى فى الكبير، وفيه عثمان بن عبد الرحمن القرشى وهو متروك (الأحكام) فى أحاديث الباب دلالة على إثبات القدر وأن الله تعالى اذا أراد موت عبد بأرض جعل له اليها حاجة فيذهب اليها ليموت بها تنفيذا لما قدره الله عز وجل من أن كل انسان يدفن فى الأرض التى خلق منها، فقد ثبت أن الله عز وجل خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض، فجاء بنو آدم على قدر الارض، جاء منهم الأحمر والأبيض والأسود وبين ذلك، والسهل والحزن والخبيث والطيب وبين ذلك، رواه أبو داود والترمذى والحاكم والبيهقى والامام أحمد. وسيأتى فى باب خلق آدم عليه السلام من كتاب خلق العالم، وصححه الحافظ السيوطى، ولما رواه الحاكم وصححه من قصة الحبشى، وتقدم فى الشرح، وفيه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا إله إلا الله، سيق من أرضه وسمائه الى تربته التى منها خلق" وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث الباب "إذا قضى الله ميتة عبد بأرض جعل له اليها حاجة" (وفيها أيضا) دليل على أن موت الفجأة مذموم، لأن من مات فجأة لا يمكنه الاستعداد للتوبة والوصية ونحو ذلك ولحرمانه من ثواب المرض الذى يكفّر الذنوب، فاذا مات الكافر أو الفاجر فجأة كان ذلك من غضب الله تعالى عليه لعدم تدارك ما فاته من التفريط؛ وإذا أصيب به المؤمن الصالح كان راحة له من عناء الدنيا، لأنه مستعد للآخرة بالأعمال الصالحة، وتقدم الكلام على ذلك فى الشرح. وقد نقل عن (الامام أحمد) وبعض الشافعية كراهية موت الفجأة، ونقل النووى عن بعض القدماء أن جماعة من الأنبياء والصالحين ماتوا كذلك (قال النووى) وهو محبوب للمراقبين. والله أعلم (52) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن

وعلى آله وصحبه وسلم، إن الميت يحضره الملائكة، فإذا كان الرجل الصالح، قالوا أخرجي أيتها النفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، أخرجي حميدة وأبشرى بروح وريحان ورب غير غضبان قال فلا يزال يقال ذلك حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها فيقال من هذا؟ فيقال فلان، فيقولون مرحبًا بالنفس الطيبة كانت في الجسد الطيب، أدخلي حميدة وأبشرى بروح وريحان ورب غير غضبان، قال فلا يزال يقال لها حتى ينتهى بها إلى السماء التي فيها الله عز وجل وإذا كان الرجل السوء

_ ابن محمد حدثنا ابن أبى ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سعيد بن يسار عن أبى هريرة الحديث" (غريبه) (1) أى المحتضر وسمى ميتا لكونه فى حكم الميت ولأنه قارب الموت وما قارب الشئ يعطى حكمه "وقوله تحضره الملائكة" الظاهر أنهم أعوان عزرائيل عليه السلام، ويحتمل أن يكونوا غيرهم نزلوا لاستقبال روح هذا العبد الصالح تشريفا له (2) الرَّوح بفتح الراء الرحمة "والريحان" الطيب، وتقدم الكلام على ذلك فى شرح الحديث الثالث من الباب الأول من كتاب الجنائز (3) أى تصعد بها الملائكة الى السماء الدنيا ويطلبون أن تفتح لها السماء الدنيا ويطلبون أن تفتح لها السماء (4) أى فلا يزال أهل كل سماء يحيونها بقولهم مرحبا بالنفس الطيبة الخ (5) أى السماء السابعة كما سيأتى فى حديث البراء، أما كون الله عز وجل فى السماء فهذا مما نؤمن به ونكل علم حقيقته الى الله جل شأنه، وقد جاء مثل ذلك فى القرآن: قال تعالى {أأمنتم من فى السماء أن يخسف بكم الأرض فاذا هى تمور * أم أمنتم من فى السماء أن يرسل عليكم حاصبا" وفى القرآن غير ذلك كثير، وفى الحديث أيضا عن معاوية بن الحكم السليمي رضي الله عنه، قال كانت لى غنم بين أحد والجوانية فيها جارية لى فاطَّلعتها ذات يوم، فاذا الذئب قد ذهب منها بشاة، وأنا رجل من بنى آدم فأسفت فصككتها، فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فعظَّم ذلك علىَّ، فقلت يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال ادعها. فدعوتها فقال لها أين الله؟ قالت فى السماء؛ وقال من أنا. قالت أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اعتقها فانها مؤمنة" هذا حديث صحيح رواه مسلم والامام أحمد وأبو داود وغير واحد من الأئمة فى تصانيفهم يمرونه كما جاء ولا يتعرضون له بتأويل ولا تحريف فنحن نؤمن بما جاء فى كتاب الله وصحيح السنة من صفاته عز وجل، كما نؤمن بذاته المقدسة

قالوا اخرجي أيتها النفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث أخرجي ذميمة وأبشرى بحميم وغساق وآخر من شكله أزواج، فلا يزال حتى تخرج، ثم يعرج بها إلى السماء فيستفتح لها، فيقال من هذا؟ فيقال فلان، فيقال لا مرحبًا بالنفس الخبيثة كانت في الجسد الخبيث، أرجعي ذميمة فإنه لا يفتح لك أبواب السماء، فترسل من السماء، ثم تصير إلى القبر، فيجلس الرجل الصالح فيقال له مثل ما قيل في الحديث الأول، ويجلس الرجل السوء ويقال له مثل ما قيل في الحديث الأول

_ عن الأشباه من غير أن نتعقل الماهية، فكذلك القول فى صفاته نؤمن بها ونعقل وجودها ونعلمها فى الجملة من غير أن نتعقلها أو نشبهها أو نكفيها أو نمثلها بصفات خلقه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا "ليس كمثله شيء وهو السميع البصير" (1) الحميم هو الماء الحار الذى قد انتهى فى الحرارة ولا يستطاع من شدة حره، وحمّ الماء سخنه وبابه ردّ؛ وحمّ الماء بنفسه صار حارًا، والغسَّاق بتشديد السين المهملة وتخفيفها ضد الحميم، وهو البارد الذى لا يستطاع من شدة برده، ولهذا قال "وآخر من شكله أزواج" أى وأشياء من هذا القبيل السيئ وضده يعاقبون بها (وقال قتادة) الغساق هو ما يغسق أى يسيل من القيح والصديد من جلود أهل النار ولحومهم وفروج الزناة، من قولهم غسقت عينه إذا انصبت والغسقان الانصباب؛ وقال الحسن البصرى فى قوله تعالى {وآخر من شكله أزواج} ألوان من العذاب؛ وقال غيره كالزمهرير والسموم وشراب الحميم وأكل الزقوم إلى غير ذلك من الأشياء المختلفة المتضادة، والجميع مما يعذبون به ويهانون بسببه، نسأل الله السلامة (2) هذا بعد رجوع روحه الى القبر استعددًا لسؤال الملكين "فيقال له مثل ما قيل فى الحديث الأول" يعنى مرحبًا بالنفس الطيبة الخ (3) أى بعد مصير روحه إلى القبر أيضا "فيقال له مثل ما قيل فى الحديث الأول" لا مرحبا بالنفس الخبيثة الخ وإلى هنا انتهى الحديث، وسيأتى كيفية جلوسه وسؤال الملكين إياه فى شرح حديث البراء الآتى حيث ذكر فيه ذلك (تخريجه) الحديث رواه ابن ماجه بألفاظ حديث الباب، قال فى التنقيح ورجاله رجال الصحيح، قال ولحديث أبى هريرة هذا ألفاظ عند أحمد ومسلم والنسائى وابن ماجه وابن حبان اهـ

(53) عن البراء بن عازب رضى الله عنه قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر، ولما يلحد فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله وكأن على رؤوسنا الطير وفي يده عود ينكت في الأرض فرفع رأسه، فقال استعيذوا بالله من عذاب القبر مرتين أو ثلاثًا، ثم قال، إن العبد المؤمن إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل إليه ملائكة من السماء بيض الوجوه كأن وجوههم الشمس معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجئ ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه، فيقول أيتها النفس الطيبة أخرجي إلى مغفرة من الله ورضوان، قال فتخرج تسيل كما تسيل القطرة من في السقاء فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها في ذلك الكفن وفي ذلك الحنوط، ويخرج منها كأطيب نفحة مسك وجدت على وجه الأرض، قال فيصعدون بها فلا يمرون يعنى بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب.

_ (53) عن البراء بن عازب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن منهال بن عمرو عن زاذان عن البراء بن عازب الحديث" (غريبه) (1) أى قبل إدخال الميت فى اللحد وهو الشق بجانب القبر (2) هو كناية عن السكون أى كأن على رأس كل واحد منا الطير يريد صيدها، ومن لوازمه السكون وعدم الحركة (3) النكتة أن تضرب فى الأرض بقضيب فيؤثر فيها، ويسمى المعنى الدقيق نكته لأن عادة المتفكر أن ينكت (4) أى اذا دنا أجله وصار فى حالة الاحتضار (5) الحنوط بفتح الحاء المهملة، ويقال الحناط أيضا، وهو ما يخلط من الطيب لأكفان الموتى وأجسامهم خاصة، وقد سئل عطاء أىّ الحناط أحب اليك؟ قال الكافور (6) يريد خروج روحه بسهولة كسهولة تقطير الماء من فم القربة (7) أى يفوح منها كأطيب رائحة مسك وجدت على وجه الأرض (8) أى جماعة "وقوله ما هذا الروح"

فيقولون فلان بن فلان بأحسن أسمائه التي كانوا يسمونه بها في الدنيا حتى ينتهوا بها إلى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها إلى السماء التي تليها حتى ينتهى به إلي السماء السابعة، فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدي في عليين وأعيدوه إلى الأرض فإنى منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال فتعاد روحه في جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك فيقول ربي الله، فيقولان له ما دينك فيقول ديني الإسلام فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم فيقول هو رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولان له وما علمك، فيقول قرأت كتاب الله فآمنت

_ الروح بضم الراء يذكر ويؤنث (1) أى يتبعه ويسير معه من كل سماء مقربوها، أى رؤساؤها المقربون عند الله من الملائكة (2) قال الامام البغوى روينا عن البراء مرفوعا أن عليين فى السماء السابعة تحت العرش، وقال ابن عباس هو لوح من زبر جدة خضراء معلق تحت العرش أعمالهم مكتوبة فيه "يعنى أعمال الأبرار" وقال كعب وقتادة هو قائمة العرش اليمنى، وقال عطاء عن ابن عباس هو الجنة، وقال الضحاك سدرة المنتهى، وقال بعض أهل المعانى علو بعد علو، وشرف بعد شرف، ولذلك جمعت بالياء والنون، وقال الفراء هو اسم موضوع على صيغة الجمع لا واحد له من لفظه مثل عشرين وثلاثين اهـ (قال الحافظ ابن كثير) والظاهر أن عليين مأخوذ من العلو، وكلما علا الشئ وارتفع عظم واتسع ولهذا قال تعالى معظّما أمره ومفخّما شأنه "وما أدراك ما عليوم" اهـ (3) أى فيحيا حياة مؤقتة بقدر ما يمكنه سماع السؤال وردّ الجواب، وليست كالحياة المستقرة المعهودة فى الدنيا التى تقوم فيها الروح بالبدن وتدبيره وتصرفه وتحتاج إلى ما يحتاج اليه الأحياء، بل هى مجرد إعادة لفائدة الامتحان الذى وردت به الأحاديث الصحيحة، فهى اعادة عارضة كما أحيا الله خلقا لكثير من الأنبياء لمسألتهم لهم عن أشياء ثم عادوا موتى، قاله الحافظ (4) زاد ابن حبان من طريق أبى سلمة عن أبى هريرة، فاذا كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه والزكاة عن يمينه والصوم عن شماله، وفعل المعروف من قبل رجليه، فيقال له اجلس فيجلس (5) يعنى بالرجل النبى صلى الله عليه وسلم وإنما يقوله فى هذه العبارة التي ليس فيها تعظيم امتحانًا للمسئول لئلا يتلقن تعظيمه من عبارة السائل، ثم يثبت الله الذين آمنوا

به وصدقت، فينادي مناد في السماء أن صدق عبدي فافرشوه من الجنة وألبسوه من الجنة وافتحوا له بابًا إلى الجنة، قال فيأتيه من روحها وطيبها ويفسح له في قبره مد بصره (1) قال ويأتيه رجل حسن الوجه حسن الثياب طيب الريح، فيقول أبشر بالذي يسرك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول له من أنت فوجهك الوجه يجيء بالخير، فيقول أنا عملك الصالح، فيقول رب أقم الساعة حتى أرجع إلى أهلي ومالي وقال وإن العبد الكافر (2) إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة (3) نزل إليه من السماء ملائكة سود الوجوه معهم المسوح (4) فيجلسون منه مد البصر، ثم يجيء

_ (1) في رواية عند مسلم والامام أحمد وسيأتى فى باب ما جاء فى هول القبر الخ من حديث أنس "انه يفصح له فى قبره سبعون ذراعا، ونقل النووى عن القاضى عياض أنه قال يحتمل أن يكون هذا الفسح له على ظاهره، وأنه يرفع عن بصره ما يجاوره من الحجب الكثيفة بحيث لا تناله ظلمة القبر ولا ضيقه اذا ردت اليه روحه، قال ويحتمل من الحجي الكثيفة بحيث لا تناله ظلمة القبر ولا ضيقه اذا ردت اليه روحه، قال ويحتمل أن يكون على ضرب المثل والاستعارة للرحمة والنعيم، كما يقال سقى الله قبره، والاحتمال الأول أصح والله أعلم اهـ (2) فى رواية أبى داود، وإن الكافر إذا وضع، وكذا لأبن حبان من حديث أبى هريرة، وفى رواية للبخارى من حديث أنس، وأما المنافق والكافر بواو العطف، وله في أخرى "وأما الكافر أو المنافق بالشك" وللأمام أحمد فى رواية أخرى وستأتى من حديث أبى سعيد "وان كافرا أو منافقا بالشك" وله فى حديث أسماء "فان كان فاجرًا أو كافرًا" وفى الصحيحين من حديثها "وأما المنافق أو المرتاب" وفى حديث جابر عند عبد الرازق وحديث أبى هريرة عند الترمذى "وأما المنافق" وفى حديث عائشة عند الأمام أحمد وسيأتى أيضا، وأبى هريرة عند ابن ماجه "وأما الرجل السوء" وللطبرانى من حديث أبى هريرة "وان كان من أهل الشك" فاختلفت هذه الروايات لفظا وهى مجتمعة على أن كلا من الكافر والمنافق يسأل، فهى ترد على من زعم أن الكافر لا يسأل (3) أى فى حالة الاحتضار كما تقدم فى الشق الأول (4) جمع المسح بالكسر وهو اللباس الخشن الممقوت، وهو فى مقابلة قوله في الشق الأول الخاص بالمؤمن معهم كفن من أكفان الجنة وحنوط الجنة، والمعنى أن روح الكافر يجعل في هذه المسوح

ملك الموت حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى سخط من الله وغضب، قال فتفرق في جسده (1) فينتزعها كما ينتزع السفود (2) من الصوف المبلول فيأخذها، فإذا أخذها لم يدعوها في يده طرفة عين حتى يجعلوها في تلك المسوح ويخرج منها كأنتن ريح جيفة وجدت على وجه الأرض فيصعدون بها، فلا يمرون بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الخبيث، فيقولون فلان بن فلان بأقبح أسمائه التي كان يسمى بها في الدنيا حتى ينتهى به إلى السماء الدنيا، فيستفتح له فلا يفتح له، ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تفتح لهم أبواب السماء (3) ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط" فيقول الله عز وجل اكتبوا كتابه في سجين (4) في الأرض السفلى فتطرح روحه طرحًا، ثم قرأ "ومن يشرك بالله فكأنما خر

_ وروح المؤمن تجعل فى تلك الأكفان (1) هو كناية عن شدة الرعب والفزع، وكأنها تريد الهرب عند سماع هذه الجملة (2) على وزن تنور وهى حديدة ذات شعب يشوى بها اللحم فكما يبقى معها بقية من المحروق كذلك تصحب عند الجذب شيئا من الصوف المبلول وهو كناية عن تمزيق جسمه وصعوبة خروج روحه؛ فعوذ بالله من ذلك (3) أى لا تفتح لأرواحهم أبواب السماء ورواه الضحاك عن ابن عباس وقاله السدى وغير واحد، وقيل المراد لا يرفع لهم منها عمل صالح ولا دعاء، قال مجاهد وسعيد بن جبير، وقال ابن جرير لا تفتح لأعمالهم ولا لأرواحهم، وهذا فيه جمع بين القولين، والله أعلم (4) قال الحسن البصرى، معناه حتى يدخل البعير فى خرق الابرة، وكذا قال أبو العالية والضحاك، وكذا روى عن على بن أبى طلحة والعوفى عن ابن عباس، وقال مجاهد وعكرمة عن ابن عباس أنه كان يقرؤها يلج الجمَّل بضم الجيم وتشديد الميم يعنى الحبل الغليظ فى خرق الإبرة وهذا اختيار سعيد بن جبير وفى رواية أنه قرأ حتى يلج الجمل يعنى قاموس السفن وهى الحبال الغلاظ (5) السجين فعيل من السجن وهو الضيق كما يقال فسّيق وشرّيب وخِّمير وسكِّير، ونحو ذلك، ولهذا أعظم الله أمره فقال عز من قائل "وما أدراك ما سجين" أى هو أمر عظيم وسجن مقيم وعذاب أليم، وقد فسر فى الحديث بأنه في الأرض السفلى

من السماء فتخطفه الطير أو تهوى به الريح في مكان سحيق" فتعاد روحه في جسده ويأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان من ربك؟ فيقول هاه هاه لا أدري، فيقولان له ما دينك؟ فيقول هاه هاه لا أدرى، فيقولان له ما هذا الرجل الذي بعث فيكم؟ فيقول هاه هاه لا أدرى، فينادى مناد من السماء أن كذب فافرشوا له من النار، وافتحوا له بابًا إلى النار، فيأتيه من حرها وسمومها، ويضيق عليه قبره حتى تختلف فيه أضلاعه، ويأتيه رجل قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول أبشر بالذي يسوءك هذا يومك الذي كنت توعد، فيقول من أنت فوجهك الوجه يجيء بالشر، فيقول أنا عملك الخبيث، فيقول رب لا تقم الساعة (وعنه من طريق

_ وقال بعضهم صخرة تحت الأرض السابعة خضراء، وقيل بئر فى جهنم، وقيل غير ذلك كثير مما لا دليل عليه، ولا قول لأحد بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الحافظ ابن كثير رحمه الله) والصحيح أن سجينا مأخوذ من السجن وهو الضيق، فان المخلوقات كل ما تسافل منها ضاق، وكل ما تعالى منها اتسع، فان الأفلاك السابعة كل منها واحد منها أوسع وأعلى من الذى دونه، وكذلك الأرضون كل واحدة أوسع من التي دونها حتى ينتهى السفول المطلق والمحل الأضيق أى المركز فى وسط الأرض السابعة اهـ وهو وجيه ويوافق ما فى حديث الباب (1) هذا مثل ضربه الله للمشرك فة ضلاله وبعده عن الهدي فقال "ومن يشرك بالله فكأنما خرَّ من السماء" أى سقط منها (فتخطفه الطير) أى تقطعه الطيور فى الهواء (أو نهوى به الريح فى مكان سحيق) أى بعيد مهلك لمن هوى وهو ينطبق على ما يفعل بروخ الكافر لأنها ترمى من السماء إلى ما أعده الله لهما من العذاب والشقاء، ولذلك استشهد النبى صلى الله عليه وسلم بالآية (2) هذه كلمة تقال فى الابعاد وفى حكاية الضحك، وقد تقال للتوجع فتكون الهاء الأولى مبدلة من همزة آه وهو الأليق بمعنى هذا الحديث يقال تأوه ونهوه آهًة وهاهًة، والمعنى أنه يتوجع لعدم معرفة الجواب ولما حصل له من الارتباك والخوف وسوء العاقبة، نعوذ بالله من ذلك (3) يتمنى عدم قيام الساعة لأنه يعلم أن مصيره إلى النار وبئس القرار، نعوذ بالله من عذاب النار ونسأله الجنة مع الأبرار

ثان (1) بنحوه وفيه) حتى إذا خرج روحه صلى عليه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء، وفتحت له أبواب السماء، وليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن يعرج بروحه من قبلهم (2) فإذا عرج بروحه قالوا رب عبدك فلان، فيقول أرجعوه (3) فإنى عهدت إليهم أنى منها خلقتهم وفيها أعيدهم؛ ومنها أخرجهم تارة أخري؛ قال فإنه يسمع خفق نعال أصحابه (4) إذا ولوا عنه فيأتيه آت (5) فيقول من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيقول ربى الله، وديني الإسلام، ونبي محمد صلى الله عليه وسلم فينتهره (6) فيقول من ربك؟

_ (1) "سنده" حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن يونس بن خباب عن المنهال بن عمرو بن زاذان عن البراء بن عازب رضى الله عنه، قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جنازة فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على القبر وجلسنا حوله كأن على رءوسنا الطير وهو يلحد له فقال أعوذ بالله من عذاب القبر ثلاث مرات، ثم قال إن المؤمن إذا كان فى إقبال من الآخرة وانقطاع من الدنيا تنزلت اليه الملائكة كأن على وجوههم الشمس مع كل واحد كفن وحنوط فجلسوا منه مد البصر حتى إذا خرج روحه - الحديث" (2) أى من بابهم ليحوزوا شرف تشييع من رضى الله عنه (3) يعنى إلى الأرض حيث يوجد قبره (4) عند البخارى والامام أحمد من حديث أنس، وإنه يسمع فرع نعالهم والمعنى واحد وهو صوت حركة المشى بالنعل، وفيه أن السؤال يبتدئ بمجرد تسوية التراب على القبر وانصراف بعض المشيعين للجنازة (5) هذا الآتى هو المعبر عنه بالملكين فى الطريق الأولى، وعند البخارى والامام أحمد وغيرهما من حديث أنس، أتاه ملكان، زاد ابن حبان والترمذى من طريق سعيد المقبرى عن أبى هريرة أسودان أزرقان يقال لأحدهما المنكر وللآخر النكير - وفى رواية ابن حبان يقال لهما منكر ونكير، قيل وإنما سميا هذا الاسم لأن خلقهما لا يشبه خلق الآدميين ولا خلق الملائكة ولا خلق البهائم ولا خلق الهوام، بل لهما خلق بديع وليس فى خلقتيهما أنس للناظرين اليهما، جعلهما الله تكرمة للمؤمن لتثبّته وتبصّره، وهتكا لستر المنافق فى البرزخ من قبل أن يبعث حتى يحل عليه العذاب، وسميا أيضا فتانا القبر لأن فى سؤالهما انّهارا وفى خلقهما صعوبة (6) أي يزجره

ما دينك؟ من نبيك؟ وهى آخر فتنة تعرض على المؤمن فذلك حين يقول الله عز وجل "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة" فيقول ربى الله وديني الإسلام ونبي محمد صلي الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم فيقول له صدقت، ثم يأتيه آت حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب، فيقول أبشر بكرامة من الله ونعيم مقيم، فيقول وأنت فبشرك الله بخير، من أنت؟ فيقول أنا عملك الصالح، كنت والله سريعًا في طاعة الله بطيئًا عن معصية الله، فجزاك الله خيرًا، ثم يفتح له باب من الجنة وباب من النار، فيقال (1) هذا كان منزلك لو عصيت الله، أبد لك الله به هذا (2) فإذا رأى ما في الجنة قال رب عجل قيام الساعة كيما أرجع إلى أهلي ومالي، فيقال له اسكن (3) وإن الكافر إذا كان في انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزلت عليه ملائكة غلاظ شداد فانتزعوا روحه كما ينتزع السفود الكثير الشعب من الصوف المبتل، وتنزع نفسه مع العروق

_ (فإن قيل) كيف يزجره وقد أجاب بالصواب (قلت) المراد بالزجر هنا الامتحان لتبين هل هو ثابت على عقيدة الايمان أم لا، فان أجاب فى المرة الثانية كالأولى ظهر أنه ثابت العقيدة وظهر شرفه للملأ الأعلى واستحق الكرامة، وكانت هذه آخر فتنة تعرض عليه، وكان ممن قال الله فيهم "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة" وفسرت فتنة الدنيا بحالة الاحتضار وقتنة الآخرة بالسؤال، نسأل الله الثبات على الايمان فى الحياة وبعد الممات آمين (1) يحتمل أن يكون هذا القول من المنكر والنكير، ويحتمل أن يكون من غيرها من الملائكة (2) زاد فى حديث أنس "فيراهما جميعا" والحكمة فى رؤيتها ادخال السرور عليه حيث قد أبدل الله منزله فى النار بمنزل فى الجنة وذلك بتوفيق الله إياه للأعمال الصالحة والهداية لدين الاسلام، ولو لم يكن كذلك لكان من أهل النار (3) أى لا تعجل فان كل شئ له أجل معلوم وقدر محتوم لابد منه

فيلعنه كل ملك بين السماء والأرض وكل ملك في السماء وتغلق أبواب السماء، ليس من أهل باب إلا وهم يدعون الله أن لا تعرج روحه من قبلهم، فإذا عرج بروحه قالوا رب فلان بن فلان عبدك قال أرجعوه فإنى عهدت إليهم أني منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخري، قال فإنه ليسمع خفق نعال أصحابه إذا ولوا عنه، قال فيأتيه آت فيقول من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيقول لا أدري، فيقول لا دريت ولا تلوت (1) ويأتيه آت قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الريح، فيقول أبشر بهوان من الله وعذاب مقيم، فيقول وأنت فبشرك الله بالشر، من أنت؟ فيقول أنا عملك الخبيث كنت بطيئًا عن طاعة الله سريعًا في معصية الله، فجزاك الله شرًا،

_ (1) أي لا فهمت ولا قرأت القرآن، وعند البخارى والأمام أحمد وغيرهما من حديث أنس لا دريت ولا تلبت (قال الحافظ) كذا فى أكثر الروايات بمثناة مفتوحة بعدها لام مفتوحة وتحتانية ساكنة (قال ثعلب) قوله تليت أصله تلوت، أى لا فهمت ولا قرأت القرآن، والمعنى لا دريت ولا اتبعت من يدرى، وإنما قاله بالياء لمواخاة دريت، وحكى أبو قتيبة عن يونس بن حبيب آن صواب الرواية "لا دريت ولا تليت" بزيادة ألف وتسكين المثناة كأنه يدعو عليه بأن لا يكون له من يتبعه وهو من الاتلاء؛ يقال ما تليت ابله أى لم تلدا أولادًا يتبعونها، وقال قول الأصمعى أشبه بالمعنى، أى لا دريت ولا استطعت أن تدرى، ووقع عند أحمد من حديث أبى سعيد "لا دريت ولا اهتديت" (قل سيأتى) قال وفى مرسل عبيد بن عمير عند عبد الرازق "لا دريت ولا أفلحت" اهـ باختصار، وصوَّب العينى قول ثعلب فى تفسير "ولا تليت" يعنى أن أصله ولا تلوت قلبت الواو ياء لازذواج الكلام، قال وهذا أصوب من كل ما ذكروه فى هذا الباب، والدليل عليه أن هذه اللفظة جاءت هكذا فى حديث البراء فى مسند أحمد "لا دريت ولا تلوت" أى لم تتل القرآن فلم تنتفع بدرايتك ولا تلاوتك (وقال الزمخشرى) معناه ولا اتبعت الناس بأن تقول شيئًا يقولونه، وقيل لا قرأت، فقلبت الواو ياء له مزاوجة، أى ما علمت بنفسك بالاستدلال ولا اتبعت العلماء بالتقليد وقراءة الكتب، وقال ابن بطال الكلمة من ذوات الواو لأنها من تلاوة القرآن،

ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة (1) لو ضرب بها جبل كان ترابًا، فيضربه ضربة حتى يصير ترابًا، ثم يعيده الله كما كان فيضربه ضربة أخري فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلا الثقلين (2) قال البراء بن عازبٍ رضى الله عنه، ثم يفتح له باب من النار ويمهد (3) من فرش النار

_ لكنه لما كان مع دريت تكلم بالياء ليزدوج الكلام، ومعناه الدعاء عليه، أى لا كنت داريا ولا تاليا اهـ (1) المرزبة بكسر الميم وفتح الزاى مخففة بينهما راء ساكنة، هى المطرقة الكبيرة التى تكون للحداد، ويقال لها أيضا الأرزبة بالهمز والتشديد (2) ظاهره أن كل شئ يسمعه من حيوان وجماد غير الجن والأنس (قال الحافظ) لكن يمكن أن يخصص منه الجماد، ويؤيده أن فى حديث أبى هريرة عند البزار يسمعه كل دابة إلا الثقلين، والمراد بالثقلين الأنس والجن، قيل لهم ذلك لأنهم كالثَّقل على وجه الأرض، قال المهلب الحكمة فى أن الله يسمع الجن قول الميت قدمونى ولا يسمعهم صوته إذا عذب بأن كلامه قبل الدفن متعلق بأحكام الدنيا، وصوته إذا عذب فى القبر متعلق بأحكام الآخرة، وقد أخفى الله على المكلفين أحوال الآخرة إلا من شاء الله ابقاء عليهم اهـ (3) أى يفرش له من فرش النا، فعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (د. ك. ش. هق) وسنده جيد قال صاحب التنقيح رواة أحمد محتج بهم فى الصحيح؛ والحديث حصنه المنذرى - ورواه أيضا أبو داود والحاكم وابن أبى شيبة وابن منده وأبو نعيم وأبو عوانة الأسفرايبنى فى صحيحه من طرق صحيحة والبيهقى وقال هذا حديث صحيح الأسناد، وصححه أيضا العلامة ابن القيم فى كتاب الروح وقال هذا حديث ثابت مشهور مستفيض صححه جماعة من الحفاظ، ولا يعلم أحد من أئمة الحديث طعن فيه الخ، وروى النسائى وابن ماجه أوله، وقد جمع الدار قطنى طرقه فى مصنف مفرد وفى إسناد الحديث نهال بن عمر؛ وثقه ابن معين والعجلى وقد تكلم ابن حزم فى المنهال ولا يلتفت لكلام ابن حزم بعد احتجاج الشيخين به، ولمَّا رأى ابن حزم حديث المنهال رادَّا على معتتقده فى إنكار عذاب الأجساد فى قبورهما طعن فيه وطعنه مردود، والحديث صحيح دال على أن عذاب القبر يلحق الجسد على الكيفية التى علمها الله سبحانه وتعالى اهـ والله أعلم (وفى الباب) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه قال "إذا قتل العبد فى سبيل الله فأول قطرة تقطر على الأرض من دمه يكفر الله ذنوبه كلها، ثم يرسل الله له بريطة (1)

من الجنة فتقبض فيها نفسه، وبجسد من الجنة (1) حتى تركب فيه روحه، ثم يعرج مع الملائكة كأنه كان معهم منذ خلقه الله حتى يؤتى به الرحمن عز وجل ويسجد قبل الملائكة ثم تسجد الملائكة بعده، ثم يغفر له ويطهر، ثم يؤمر به إلى الشهداء فيجدهم في رياض خضر وثياب من حرير عندهم نور وحوت، يلقناهم كل يوم بشيء لم يلقناه بالأمس، يظل الحوت في أنهار الجنة فيأكل من كل رائحة من أنهار الجنة، فإذا أمسى وكزه الثور بقرنه فذكاه فأكلوا من لحمه فوحدوا في طعم لحمه كل رائحة من أنهار الجنة ويلبث الثور نافشا (أي يرعى) في الجنة يأكل من تمر الجنة؛ فإذا أصبح غدا عليه الحوت فذكاه بذنبه فأكلوا من لحمه، فوجدوا في طعم لحمه كل ثمرة في الجنة ينظرون إلى منازلهم يدعون الله بقيام الساعة {فإذا توفى الله العبد المؤمن} أرسل إليه ملكين بحرقة من الجنة وريحان من ريحان الجنة، فقال (أي أحدهما) أيتها النفس المطمئنة اخرجي إلى روح وريحان ورب غير غضبان، اخرجي فنعم ما قدمت، فتخرج كأطيب رائحة مسك وجدها أحدكم بأنفه، وعلى أرجاء السماء ملائكة يقولون سبحان الله لقد جاء من الأرض اليوم روح طيبة فلا يمر بباب إلا فتح له، ولا ملك إلا صلى عليه ويشفع حتى يؤتى به إلى الله عز وجل، فتسجد الملائكة قبله، ثم يقولون ربنا هذا عبدك فلان، توفيناه وأنت أعلم به، فيقول مروه بالسجود فتسجد النسمة، ثم يدعى ميكائيل فيقال اجعل هذه النسمة مع أنفس المؤمنين حتى أسألك عنها يوم القيامة، فيؤمر بقبره فيوسع له، طوله سبعون وعرضه سبعون، وينبت فيه الريحان ويبسط له الحرير فيه، وإن كان معه شيء من القرآن نوره وإلا جعل له نورا

_ وقيل كل ثوب رقيق ليّن والجمع ريط ورياط (1) لا مانع من ذلك، فقد ثبت أن أرواح الشهداء تكون فى أجواف طير خضر ترد أنهار الحنة (رو ى الأمام أحمد) قال حدثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق حدثنى إسماعيل بن آمية بن عمرو بن سعيد عن أبى الزبير المكى عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لما أصيب إخوانكم باحد جعل الله أرواحهم فى أجواف طير خضر ترد أنهارا الجنة تأكل من ثارها وتأوى إلى قناديل من ذهب فى ظل العرش، فلما وجد واطيب مشربهم ومأكلهم وحسن منقلبهم، قالوا يا لين إخواننا يعلمون بما صنع الله لنا لئلا يزهدوا فى الجهاد ولا ينكلوا عن الحرب، فقال الله عز وجل أنا أبلغهم عنكم، فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات على رسوله صلى الله عليه وسلم {ولا تحسبن الذين قتلوا فى سبيل الله أمواتا بل أحياء - الآية} هذا حديث رواه الامام أحمد فى مسنده وسيأتى فى تفسير سورة آل عمران فى كتاب التفسير، ورواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن اسماعيل بن عياش عن محمد بن إسحاق به، ورواه أبو داود الحاكم فى مستدركه من حديث عبد الله بن إدريس عن محمد بن إسحاق به، قال الحافظ ابن كثير ورواه أبو داود الحاكم عن إسماعيل بن أمية عن أبى الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما فذكره وهذا أثبت اهـ

مثل نور الشمس، ثم يفتح له باب إلى الجنة فينظر إلى مقعده في الجنة بكرة وعشيا {فإذا توفى الله العبد الكافر} أرسل إليه ملكين وأرسل إليه بقطعة بجاد (أي كساء) أنتن من كل نتن وأخشن من كل خشن فقال (أي أحدهما) أيتها النفس الخبيثة اخرجي إلى جهنم وعذاب أليم ورب عليك ساخط؛ اخرجي فساء ما قدمت؛ فتخرج كأنتن جيفة وجدها أحدكم بأنفه قط، وعلى أرجاء السماء ملائكة يقولون سبحان الله، لقد جاء من الأرض جيفة ونسمة خبيثة لا يفتح له باب السماء، فيؤمر بجسده فيضيق عليه في القبر، ويملأ حيات مثل أعناق البخت تأكل لحمه فلا يدعن من عظامه شيئا، ثم يرسل عليه ملائكة صم عمى معهم فطاطيس (جمع فطيسة وهى المطزقة العظيمة) من حديد لا يبصرونه فيرحمونه، ولا يسمعون صوته فيرحمونه فيضربونه ويخبطونه ويفتح له باب من نار، فيمظر إلى مقعده من النار بكرة وعشية، يسأل الله أن يديم ذلك عليه فلا يصل إلى ما وراءه من النار أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير، ورجاله ثقات اهـ {قلت} وما ذكر في أحاديث الباب ليس كل ما رواه الأمام أحمد في سؤال الملكين، بل هناك أحاديث كثيرة في السؤال ستأتي في أبواب عذاب القبر، وإنما ذكرت حديثي أبى هريرة والبراء هنا لما فيهما من أمور تختص بالمحتضر ومصير الروح بعد خروجها {الأحكام} أحاديث الباب تدل على أن الصالح سواء أكان ذكرا أم أنثى إذا احتضر حضرته ملائكة الرحمة وبشرته بالجنة قبل قبض روحه، وتخرج روحه بسهولة وتصعد إلى الملأ الأعلى فتحوز القبول والرضا عند الله عز وجل، ثم ترجع إلى جسدها في القبر فيجيب على سؤال الملكين بأحسن جواب، ويوسع له في قبره ويفتح له باب إلى الجنة فيأتيه من ريحها وطيبها، وتكون روحه في عليين إلى يوم البعث {وفيها} أن الكافر سواء أكان ذكرًا أم أنثى؛ وكذلك المنافق والفاجر إذا احتضر رأى من العذاب ألوانًا ومن الإهانة أنواعا، سواء عند خروج روحه أم عند صعودها إلى السماء، فتغاق دونها السموات، وترجع إلى جسدها مزودة بالمقب والغضب واللعنات من رب البريات، فيسأله الملكان فلا يجيب، وحينئذ يذيقانه من أصناف العذاب ما يشيب لهوله الطفل الصغير، ويضيق عليه قبره، ويفرش له من النار، ويفتح له باب من جهنم وتكون روحه في سجين إلى يوم الدين (يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا) {ولا خلاف بين العلماء في ذلك} إلا في مسألة السؤال فقد زعم بعضهم أن السؤال إنما يقع على من يدعى الأيمان إن محقا وإن مبطلا {قال الحافظ} ومستندهم في ذلك ما رواه عبد الرزاق من طريق عبيد بن عمير أحد كبار التابعين، قال إنما يفتن رجلان مؤمن ومنافق، وأما الكافر فلا يسئل عن محمد ولا يعرفه، وهذا موقوف،

(9) باب في أمور تتعلق بالأرواح (54) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن إدريس (1) (يعنى الشافعي) عن مالك (2) عن ابن شهاب (3) عن عبد الرحمن بن كعب (4) بن مالك أنه

_ والأحاديث الناصة على أن الكافر يمثل مرفوعة مع كثرة طرقها الصحيحة فهي أولى بالقبول، وجزم الترمذى الحكم يسئل (واختلف في الطفل) غير المميز لجزم القرطبي فى التذكرة بأنه يمثل وهو منقول عن (الحنفية) وجزم غير واحد من (الشافعية) بأنه لا يسئل، ومن ثم قالوا لا يستحب أن يلقن (واختلف أيضا فى النبى) هل يسأل؟ وأما الملك فلا أعرف أحدا ذكره، والذر يظهر أنه لا يسأل، لأن السؤال يختص بمن شأنه أن يفتن. وقد مال ابن عبد البر إلى الأول وقال الآثار تدل على أن الفتنة لمن كان منسوبا إلى أهل القبلة، وأما الكافر الجاحد فلا يسأل عن دينه، وتعقبه ابن القيم فى كتاب الروح؛ وقال فى الكتاب والسنة دليل على أن السؤال للكافر والمسلم - قال الله تعالى {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت فى الحياة الدنيا وفى الآخرة ويضل الله الظالمين} وفى حديث أنس عند البخارى (قلت والامام أحمد أيضا) "وأما المنافق والكافر" بواو العطف، وفى حديث أبى سعيد "فان كان مؤمنا فذكره" وفيه "وإن كان كافرا" وفى حديث البراء "وإن الكافر إذا كان فى انقطاع من الدنيا" فذكره وفيه "فيأتيه منكر ونكير" - الحديث" أخرجه أحمد هكذا وقال، وأما قول أبى عمر فأما الكافر الجاحد فليس ممن يسأل عن دينه فجوابه أنه نفى بلا دليل، بل فى الكتاب العزيز الدلالة على أن الكافر يسأل عن دينه، قال الله تعالى {فلنسألن الذين أرسل إليهم ولنسألن المرسلين} وقال تعالى: {فوربك لنسألنهم أجمعين} لكن للنافى أن يقول إن هذا السؤال يكون يوم القيامة اهـ. (54) حدثنا عبد الله (غريبة) (1) هو أبو عبد الله الأمام محمد بن إدريس الشافعى المطلبى الحجازى ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتقى معه فى عبد مناف رحمه الله (2) هو أبو عبد الله الأمام مالك بن أنس بن مالك صاحب المذهب وعالم المدينة رحمه الله (3) هو محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب بن عبد الله بن الحارث ابن زهرة القرشى الزهرى أبو بكر المدنى أحد الأئمة الأعلام وعالم الحجاز والشام، قال الأمام مالك كان ابن شهاب من أسخى الناس وتقيا ماله فى الناس نظير، قال ابراهيم بن سعد مات سنة أربع وعشرين ومائة رحمه الله (4) هو أبو الخطاب المدنى من كبار التابعين، ويقال أنه ولد فى العهد النبوى، ومات فى خلافة سليمان بن عبد الملك رحمه الله، وأبوه كعب بن

أخبره أن أباه كعب بن مالك رضي الله عنه كان يحدث أن رسول صلى الله عليه وسلم قال إنما نسمة (1) المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله تبارك وتعالى إلى جسده يوم يبعثه (55) عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك قال قالت أم مبشر (2) لكعب ابن مالك رضي الله عنه وهو شاك (3) اقرأ على ابني السلام تعني مبشرًا (4) فقال يغفر الله لك يا أم مبشر، أو لم تسمعي ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما

_ مالك السليمي المدني الصحابى المشهور أحد الثلاثة الذين أنزل فيهم قوله تعالى {وعلى الثلاثة الذين خلفة - الآية} مات فى خلافة على رضى الله عنهما (1) بفتح النون والسين أى روحه، وفى كتاب أبي القاسم الجوهري "النسمة الروح والنفس والبدن" وإنما يعنى فى هذا الحديث الروح "وقوله طائر يعلق" بالتحتية صفة لطائر وبفتح اللام رواية الأكثر كما قال ابن عبد البر وروى بضمها، قال والمعنى واحد وهو الأكل والرعي "فى شجر الجنة" لتأكل من ثمارها، وقال البونى معنى رواية الفتح تأوى، والضم ترعى، تقول العرب ما ذقت اليوم علوقا، وقال السهيلى يعلق بفتح اللام يتشبت بها ويرى مقعده منها، ومن رواه بضم اللام فمعناه يصيب منها العلقة من الطعام، فقد أصاب دون ما أصاب غيره ممن أدرك الرغد أى العيش الواسع، فهو مثل مضروب يفهم منه هذا المعنى، وإن أراد بتعلق الأكل نفسه فهو مخصوص بالشهيد فتكون رواية الضم للشهيد والفتح لمن دونهم، واله أعلم بمراد رسوله صلى الله عليه وسلم اهـ (تخريجه) (لك. جه. نس. هق) هذا الحديث اسناده صحيح لا شك فيه، اجتمع فيه ثلاثة من الأئمة الأربعة أصحاب المذاهب المتبعة وهم (الامام أحمد والامام محمد بن إدريس الشافعى والامام مالك) رحمهم الله (55) عن عبد الرحمن بن كعب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق قال ثنا معمر عن الزهرى عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك "الحديث" (غريبة) (2) يعنى الأنصارية زواج البراء بن معرور، وهى والدة مبشر بن البراء المذكور رضى الله عنهم (3) أى مريض مرض الموت (4) قال الحافظ فى الاصابة، مبشر ابن البراء بن معرور الأنصارى، قال ابن الكلبى شهد بيعة الرضوان، هذا كل ما قاله عنه الحافظ فى الاصابة؛ فهو صحابى ابن صحابية رضي الله عنهم، وكان قد توفّي

نسمة المسلم طير تعلق في شجر الجنة حتى يرجعه الله عز وجل إلى جسده

_ فوجدت عليه أمة وجدا شديدا فكانت تأتى كل محتضر يعرف ابنها وتكلفه أن يقرأ عليه السلام، فكأن كعب بن مالك رضى الله عنه أنكر عليها هذا الوجد مع كون ابنها فى نعيم الجنة وممن رضى الله عنهم، قال تعالى {لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} وهو منهم وذكَّرها بالحديث وكانت سمعته، فقالت له صدقت ولامت نفسها واستغفرت الله عز وجل على ما فرط منها رضى الله عنها، أما كونها كانت تكلف كل محتضر يعرفه بتبليغه السلام؛ فلما روى ابن أبى الدنيا قال حدثنى محمد بن عبد الله بن بزيع أخبرنا فضيل بن سليمان النميرى حدثنى يحيى بن عبد الرحمن بن أبة لبيبة عن جده. قال لما مات بشر بن البراء بن معرور وجسدت عليه أم بشر وجدا شديدًا فقالت يا رسول الله إنه لا يزال الهالك يهلك من بنى سلمة فهل تتعارف الموتى فأرسل إلى بشر بالسلام؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم. والذى نفسى بيده يا أم بشر إنهم ليتعارفون كما يتعارف الطير فى رءوس الشجر. فكان لا يهل هالك من بنى سلمة الا جاءته أم بشر فقالت يا فلان عليك السلام، فيقول وعليك، فتقول اقرأ على بشر السلام، وهذا الحديث ذكره البقاعى فى كتاب سر الروح مختصر كتاب الروح للحافظ ابن القيم جاء فيه أم بشر لا أم مبشر، قال أبو نعيم اختلف أصحاب اسحاق عن الزهرى عنه "يعنى عن عبد الرحمن بن كعب" فمنهم من قال أم بشر ومنهم من قال أم مبشر اهـ (قلت) لعل بشرا كان يقال له بشر ومبشر، وذلك نظائر فى الأسماء، ويستأنس لهذا بما فعله الحافظ فى الاصابة فانه ترجم بشرا فى حرف الباء، فقال ما ملخصه، بشر بن البراء بن معرور شهد العقبة مع أبيه، وشهد بدراً وما بعدها ومات بعد خبير من أكلة أكلها مع النبى صلى الله عليه وسلم من الشاة التى سم فيها وذكر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لبنى نضلة سيدكم الأبيض الجعد بشر بن البراء، وأتى بعدة طرق وشواهد لهذا الحديث، ثم قال فى حرف الميم (مبشر بن البراء بن معرور قال ابن الكلبى شهد بيعة الرضوان) ولم يزد الحافظ على ذلك، فلعله لاحظ أن مبشرا هو بشر المتقدم فاقتصر على الترجمة الأولى، ولهذا كان يقال لأمه أحيانا أم بشر وأحيانا أم بشر أو يكونا اثنين، ويرجح الأول ما رواه الأمام أحمد بسنده عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب ابن مالك عن أمه أن أم مبشر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وجعه الذى قبض فيه فقالت بأبى أنت وأمى با رسول الله ما تتّهم بنفسك؟ فأنى لا أتهم إلا الطعام الذى أكل معك بخيبر وكان ابنها مات قبل النبى صلى الله عليه وسلم، فقال "وأنا لا أتهم غيره، هذا أو أن قطع أبهري"

يوم القيامة قالت صدقت فأستغفر الله (56) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أرواح المؤمنين تلتقي على مسيرة يوم ما رأى أحدهم صاحبه (1) قط (وعنه من طريق ثان) (2) إن أرواح المؤمنين (3) لتلتقيان على مسيرة يوم وليلة وما رأى واحد منهما صاحبه (57) عن محمد بن المنكدر قال دخلت على جابر بن عبد الله رضي الله عنهما

_ وقولها "لا أتهم الا الطعام الذى أكل معك" تعنى أنها لا تتهم فى مرض النبى صلى الله عليه وسلم الا الطعام المسموم الذى أكله مه ابنها بخيبر ومات ابنها بسببه فوافقها النبى صلى الله عليه وسلم وقال "هذا أوان قطع أبهرى" والأبهر بفتح أوله هو الظهر وعرق بداخله أو وريد العنق، وهو كناية عن دنو الموت وسيأتى هذا الحديث فى أبواب مرضه صلى الله عليه وسلم الذى مات فيه من كتاب السيرة النبوية، ففى هذا الحديث كناها بأم مبشر وذكر الحافظ فى ترجمة بشر أنه مات بعد خيبر من أكلة أكلها مع النبى صلى الله عليه وسلم والواقعة واحدة، فالظاهر أنه كان يقال له بشر ومبشر ولأمه كذلك أم بشر وأم مبشر والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغبر الامام أحمد وسنده جيد (56) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن حسين عن هلال الصدفى عن عبد الله بن عمرو - الحديث" (غريبة) (1) يعنى فى الدنيا، ولكن جمعهم بعد الموت اتفاقهم فى العمل والعقيدة (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن إسحاق أنا ابن لهيعة عن دراج أبى السمح عن عيسى بن هلال عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أرواح المؤمنين - الحديث" (3) بالتقنية بدليل قوله "لتلتقيان" وقوله "وما رأى واحد منهما صاحب" بالتثنية أيضا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفى إسناده ابن لهيعة فيه كلام (57) عن محمد بن المنكدر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو ابراهيم المعقب اسماعيل بن محمد، وكان أحد الصالحين ثنا يوسف بن الماجشون قال أخبرني محمد

وهو يموت فقلت أقرئ (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم منى السلام (58) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم إن أعمالكم تعرض على أقاربكم وعشائركم من الأموات، فإن كان خيرًا استبشروا به وإن كان غير ذلك نالوا اللهم لا تمتهم حتى تهديهم كما هديتنا (59) عن أم هانئ رضى الله عنها أنها سألت رسول الله صلى

_ ابن المنكدر - الحديث" (غريبه) (1) يقال أقرئ فلانا السلام واقرأ عليه السلام كأنه حين يبلغه سلامه يجعله على أن يقرأ السلام ويرده (نه) (تخريجه) (جه) وسنده جيد اهـ. (58) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق ثنا صفيات عمن سمع أنس بن مالك يقول قال النبى صلى الله عليه وسلم - الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفى اسناده رجل لم يسمَّ، وله شاهد من حديث "أبى أيوب الأنصارى" رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن نفس المؤمن اذا قبضت تلقاها من أهل الرحمة من عباده كما يلقون البشير من الدنيا فيقولون أنظروا صاحبكم يستريح فانه قد كان فى كرب شديد، ثم يسألونه ماذا فعل فلان وماذا فعلت فلانة هل تزوجت؟ فاذا سألوه عن الرجل قد مات قبله، فيقول هيهات قد مات ذلك قبلى، فيقولون انا لله وانا اليه راجعون ذهب به الى أمه الهاوية فبئست الأم وبئست المربية، وان أعمالكم تعرض على أقربائكم وعشائركم فان كان خيرا فرحوا واستبشروا، وقالوا اللهم هذا فضلك ورحمتك فأتمم نعمتك عليه وأمتَّه عليها، ويعرض عليهم عمل المسيئ، فيقولون اللهم ألهمه عملا صالحا ترضى به عنه وتقربه اليك" رواه الطبرانى فى الكبير والأوسط وفيه مسلمة بن على وهو ضعيف (وعن أبى هريرة رضى الله عنه) قال ان أعمالكم تعرض على أقربائكم فاذا رأو خيرا فرحوا به وإذا رأوا شرًا كرهوه، وانهم يستخبرون الميت اذا أتاهم عمن مات بعدهم حتى ان الرجل ليسأل عن امرأته أتزوجت أم لا، حتى ان الرجل ليسأل عن الرجل، فان قيل له قد مات قال هيهات ذهب بذلك، فان لم يحسّوه عندهم (أى لم يجدوه فيمن رحمهم الله) قالوا انا لله وانا اليه راجعون ذهب به الى أمه الهاوية المربية - رواه ابن جرير، وهذه الأحاديث يعضد بعضها بعضا، والله أعلم. (59) عن أم هانئ (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن قال ثنا

الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (1) أنتزاور إذا متنا ويرى بعضنا بعضًا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تكون النسم (2) طيرًا تعلق بالشجر حتى إذا كان يوم القيامة دخلت كل نفس في جسدها (60) عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن الميت يعرف من يحمله ومن يغسله ومن يدليه في قبره (3)

_ ابن لهيعة قال ثنا أبو الاسود محمد بن عبد الرحمن بن نوفل أنه سمع درة بنت معاذ تحدث عن أم هانئ "الحديث" (غريبة) (1) أم هانئ هى بنت أبى طالب وأخت على بن أبى طالب رضى الله عنهما وبنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) جمع نسمة وهى الروح، وتقدم الكلام عليها فى شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه) (طب) وفيه ابن لهيعة فيه كلام (60) عن أبى سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر ثنا عبد الملك بن حصن الحارثى ثنا سعيد بن عمرو بن سليم قال سمعت رجلا منا قال عبد الملك نسيت اسمه ولكن اسمه معاوية يحدث عن أبى سعيد الخدرى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ان الميت يعرف من يحمله ومن يغسله ومن يدليه فى قبره، فقال ابن عمر وهو فى المجلس ممن سمعت هذا؟ قال من أبى سعيد، فانطلق ابن عمر الى أبى سعيد فقال يا أبا سعيد ممن سمعت هذا؟ قال من النبى صلى الله عليه وسلم (غريبه) (3) أى يدرك ذلك بسبب اتصال شعاع الروح به، قال المناوى لأن الموت ليس بعدم محض، والشعور باق حتى بعد الدفن (تخريجه) أخرجه أيضا ابن جرير فى تهذيبه عن أبى سعيد، وفى اسناده من لم يعرف (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الأرواح باقية لا تفنى بفناء الجسد وأن المحسن ينعم ويجازى بالثواب، وأن المسيء يعذب ويجازى بالعقاب قبل يوم القيامة (وفيها) أن أرواح المؤمنين تكون على صور طيور تعلق بأشجار الجنة الى يوم البعث (وفيها) أن أرواح المؤمنين تلتقى وتتعارف وان لم يكن بين أجسامها تعارف فى الدنيا ولكن تجمعها رابطة الأيمان والصلاح (وفيها) أن أرواح المؤمنين أيضا تسأل روح من مات حديثا عن ذويها وأقاربها، فان كانوا على خير استبشروا، وان كانوا على غير ذلك دعووا الله لهم بالبداية (وفيها) تجوز تكليف المحتضر بتبليغ سلام الأحياء لأمواتهم الصالحين الذين سبقوه، وأنه يمكن تبليغهم ذلك ان كان صالحا (وفيها أيضا) أن الميت

يعرف من يغسله ومن يحمله ومن يدليه في قبره لاتصال الروح بالجسد حينئذ، وقد اختلف العلماء في مقر الأرواح ما بين الموت والحياة (وللحافظ ابن القيم) في هذا الباب كتاب أسماه الروح، أودعه نفائس لا تكاد توجد في غيره، لخصت منه ما يختص بمصير الروح بعد الموت (قال رحمه الله) قيل أن أرواح المؤمنين عند الله في الجنة شهداء أو غير شهداء إذا لم يحبسهم عن الجنة كبيرة ولا دين وتلقاهم ربهم بالعفو عنهم والرحمة، وهو (مذهب أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهما) وقريب منهم قول (الأمام أحمد) في رواية ابنه عبد الله "أرواح الكفار في النار، وأرواح المؤمنين في الجنة" لقوله تعالى "فأما ان كان من المفربين فروح وريحان وجنة نعيم" ذكره من بعد خروجها من البدن وقسمها ثلاثة أقسام، مقربين في الجنة وأصحاب اليمين سالمين من العذاب، ومكذبين لهم نزل من حميم وتصلية جحيم كما قسمها يوم البعث الأكبر يوم القيامة إلى ثلاثة أقسام في أول السورة في قوله "فأصحاب الميمنة ما أصحاب الميمنة وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة والسابقون السابقون أولئك المقربون" وانما قد هذا تقديم الغاية اذ هي أهم وأولى بالذكر وقوله "يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي" وقد قال غير واحد من الصحابة والتابعين ان هذا يقال لها عند الموت وعند البعث (ولما في الموطأ والنسائي) عن ابن شهاب عن عبد الرحمن ابن كعب بن مالك عن أبيه مرفوعا "انما نسمة المؤمن طائر يعلق في شجر الجنة حتى يبعثه الله إلى جسده" (وقال عبد الله بن منده) وروى موسى بن عبيدة عن عبيد الله بن يزيد عن أم كبشة بنت المعرور، قالت دخل علينا النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قسألناه عن هذا الروح فوصفها صفة لكنه أبكى أهل الميت، فقال إن أرواح المؤمنين في حواصل طير خضر ترعى في الجنة وتأكل من ثمارها وتشرب من مياهها؛ وتأوى إلى قناديل من ذهب تحت العرش يقولون ربنا ألحق بنا أخواننا وآتنا ما وعدتنا (وإن أرواح الكفار) في حواصل طير سود تأكل من النار وتشرب من النار وتأوى إلى حجر في النار؛ يقولون ربنا لا تلحق بنا إخواننا ولا تؤتنا ما وعدتنا (وقال الطبراني) حدثنا أبو زرعة الدمشقي أخبرنا عبد الله بن صالح حدثني معاوية بن صالح عن ضمرة بن حبيب قال "سئل النَّبيَّ صل الله عليه وسلَّم عن أرواح المؤمنين، فقال في طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، قالوا يا رسول الله أرواح الكفار؟ قال محبوسة في سجين" ورواه أبو الشيخ عن هشام بن يونس عن عبد الله بن صالح، ورواه المغيرة عن أبي بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب (وذكر أبو عبد الله بن منده) من طريق عنجار عن الثوري عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عبد الله بن عمر وقال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم "أرواح المؤمنين في طير كالزرازير تأكل من ثمر الجنة" ورواه غيره مرقوفا (وذكر يزيد الرقاشي) عن أنس وأبو عبد الله الشامي عن تميم الداري عن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم

إذا عرج ملك الموت بروح المؤمن إلى السماء استقبله جبريل في سبعين ألفا من الملائكة كلهم يأتيه ببشارة من السماء سوى بشارة صاحبه، فاذا انتهى به إلى العرش خر ساجدا فيقول الله عز وجل لملك الموت، انطلق بروح عبدي فضعه في سدر مخضوض وظل ممدود وماء مسكوب رواه بكر بن خنيس عن ضرار بن عمر عن يزيد وأبي عبد الله (وقيل إنما الذي في الجنة الشهداء) لقوله تعالى " ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أموتًا بل أحياء عند ربهم يرزقون" وروى ربيع بن مخلد عن هناد بن السرى عن اسماعيل بن المختار عن عطية عن أبي سعيد الخدري مرفوعا "الشهداء يغدون ويروحون، ثم يكون مأواهم إلى قناديل معلقة بالعرش، فيقول لهم الرب تبارك وتعالى هل تعلمون كرامة أفضل من كرامة أكرمتكموها؟ فيقولون لا، غير أننا وددنا أنك أعدت أرواحنا إلى أجسادنا حتى نقاتل مرة أخرى فتقال في سبيلك" (وفي صحيح مسلَّم) واللفظ له وجامع الترمذي وغيرهما عن مسروق قال سألت عبد الله بن مسعود عن هذه الآية "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون" فقال أما إنا قد سألنا عن ذلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال "أرواحهم في جوف طير خضر لها قناديل معلقة بالعرش تسرح من الجنة حيث شاءت، ثم تأوى إلى تلك القناديل فاطَّلع اليهم ربهم اطَّلاعه فقال هل تشتهون شيئًا؟ قالوا أشيء نشتهي ونحن نسرح من الجنة حيث شئنا، ففعل ذلك بهم ثلاث مرات فلما رأو أنهم لن يتركوا من أن يسألوا قالوا يارب نريد أن تردّ أرواحنا في أجيادنا حتى نقتل في سبيلك مرة أخرى، فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا" (وقال تقي الدين) بن مخلد حدثنا يحيى بن عبد الحميد أخبرنا ابن عيينة عن يزيد أنه سمع ابن عباس رضي الله عنهما يقول أرواح الشهداء تجول في أجواف طير خضر تعلق في ثمر الجنة، وأخرج أحمد وأصحاب السنن الأربعة عن كعب بن مالك أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال "أن أرواح الشهداء في طسر خضر تعلق من ثمر الجنة أو شجر الجنة" لفظ الترمذي وقال حسن صحيح، وفي بعض الآثار في صور طير وفي بعضها في أجواف طير خضر (قال ابن عبد البر) وهو اختيار ابن حزم، والذي يشبه عندي أن يكون القول قول من قال كطير أو في صور طير لمطابقته حديث كعب "نسمة المؤمن طائر" (قال الحافظ بن القيم) وفي صحيح مسلَّم في جوف طير، ولا منافاة بين حديث أنه طائر وبين حديث المقعد بل ترد روحه أنهار الجنة وتأكل من ثمرها، ويعرض عليه مقعده الا أنه لا يدخله الا يوم الجزاء، بدليل أن منازل الشهداء يومئذ ليست هي التي تأوى اليها أوراحهم في البرزخ؛ فدخول الجنة التام انما يكون للأنسان التام روحا وبدنا، ودخول الروح فقط أمر دون ذلك (وقيل) هم بفناء

الجنة على بابها يأتيهم من نعيمها ورزقها قاله مجاهد، وقد يحتج له بما في المسند عن ابن عباس مرفوعا "الشهداء على بارق نهر على باب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم بكرة وعشية من الجنة (وقالت طائفة من الصحابة) والتابعين أرواح المؤمنين عند الله لم يزيدوا على ذلك، وقريب منه قول حذيفة بن اليمان الأرواح موقوفة عند الرحمن عز وجل تنتظر موعدها حتى ينفخ فيها، وهذا تأدب منهم مع لفظ القرآن حيث يقول "أحياء عند ربهم يرزقزن" (وقال أبو داود الطيالسي) حدثنا حماد بن سلَّمة عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن أبي موسى الأشعري، قال تخرج روح المؤمن أطيب من ريح المسك فتنطلق بها الملائكة الذين يتوفونه فتتلقاه الملائكة من دون السماء فيقولون هذا فلان بن فلان كان يعمل كيت وكيت لمحاسن عمله، فيقولون مرحبا بكم وبه، فيقبضونها منهم فيصعد به من الباب الذي كان يصعد عمله منه فتشرق في السماوات ولها برهان كبرهان الشمس حتى ينتهي إلى العرش (وأما الكافر) فاذا قبض انطلق بروحه فيقولون ما هذا، فيقولون فلان ابن فلان كان يعمل كيت وكيت لمساوى عمله، فيقولون لا مرحبًا لا مرحبًا ردوه، فيرد إلى أسفل الأرضين إلى الثرى (وقال الأمام مالك) بلغني أن الروح مرسلة في برزخ من الأرض تذهب حيث شاءت، وهو قول سلَّمان الفارسي رضي الله عنه، والبرزخ هو الحاجز بين الشيئين فكأنه أراد في أرض بين الدنيا والآخرة، وهو قول قوي فأنها فارقت الدنيا ولم تلج الآخرة (وقال ابن حزم في طائفة) مستقرها حيث كانت قبل خلق أجسادها أي عن يمين آدم وشماله، وهذا ما قاله الله ونبيه صلَّى الله عليه وسلَّم لا يتعداه قال تعالى "واذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى" وقال (ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم) ان الله تعالى خلقة الأرواح جملة وكذلك أخبر صلَّى الله عليه وسلَّم "أن الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف" وأخذ الله عهدها وشهادتها بالربوبية وهي مخلوقة مصورة عاقلة قبل أن تؤمر الملائكة بالسجود لآدم وقبل أن يدخلها في الأجساد؛ والأجساد يومئذ تراب وماء؛ ثم أقرها حيث شاء وهو البرزخ الذي ترجع إليه عند الموت، ثم لا يزال يبعث بها الجملة بعد الجملة فينفخها في الأجساد المتولدة من المني إلى أن قال فصح أن الأرواح أجسام حاملة لأعراضها من التعارف والتناكر وأنها عارفة مميزة فيبلوهم الله في الدنيا كما يشاء ثم يتوفاها فترجع إلى البرزخ الذي رآها فيه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ليلة أسرى به إلى سماء الدنيا أرواح أهل السعادة عن يمين آدم، وأرواح أهل الشقاوة عن يساره عند منقطع العناصر الماء والهواء والتراب والنار تحت السماء، ولا يدل ذلك على تعادلهم، بل هؤلاء عن يمينه في العلو والسعة، وهؤلاء عن يساره في السفل والسجن، وتعجل أرواح الأنبياء والشهداء إلى الجنة، قال وذكر محمد

ابن نصر المروزي عن اسحاق بن راهوية أنه ذكر هذا الذي قلنا بعينه، وقال على هذا أجمع أهل العلم (قال ابن حزم) وهو قول جميع أهل الاسلام؛ وقول الله تعالى "فأصحاب الميمنة ما أسحاب الميمنة، وأصحاب المشأمة ما أصحاب المشأمة، والسابقون السابقون، أولئك هم المقربون، في جنات النعيم، ثلة من الأولين وقليل من الآخرين" وقوله (فأما إن كان من المقربين فروح وريحان) إلى آخرها فلا تزال الأرواح هناك حنى يتم عددها بنفخها في الأجساد ثم برجوعها إلى البرزخ فتقوم الساعة فيعيدها عز وجل إلى الأجساد وهي الحياة الثانية (قال الحافظ ابن القيم) رحمه الله فلعمر الله لقد قال قولا يؤيده الحديث الصحيح وهو حديث الأسراء، وقوله أن مستقرها حيث كانت قبل خلق أجسادها بناء منه على مذهب طائفة من السلف والخلف أن الأرواح مخلوقة قبل الأجساد وليس على ذلك دليل من كتاب ولا سنة ولا اجماع الا ما فهموه من آية لا تدل لهم وأحاديث لا تصح، والجمهور على خلاف ذلك كما مضى، وأما نقله عن محمد بن نصر فالذي ذكر محمد في كتاب الرد على ابن قتيبة فى تفسير "وأِهدهم على أنفسهم الست بربكم" الآثار التي ذكرها السلف من استخراج ذرية آدم من صلبه مثل الذر وقسمهم إلى شقي وسعيد وكتب أعمالهم وأرزاقهم؛ وما يصيبهم من خير وشر، ثم قال اسحق أجمع أهل العلم أنها الأرواح قبل الأجساد استنطقهم وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم "ان يقولوا انا كنا عن هذا غافلين أو يقولوا "انما أشرك أباؤنا من قبل" هذا نص كلامه وهو كما ترى لا يدل على أن مستقرها حيث تنقطع العناصر قبل خلق الأجساد ولا بعد (وقيل هي على أفنية قبورهم) وقد ذهب إليه ابن عبد البر وقال هو أصح ما ذهب إيه، ألا ترى أن الأحاديث الدالة على ذلك ثابتة متواترة، وكذلك أحاديث السلام على القبور، يريد بالأحاديث المتواترة مثل حديث ابن عمر في عرض المقعد وحديث البراء، وفيه هذا مقعدك حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة، وحديث أنس، وفيه أنه يرى مقعده من الجنة والنار، وأنه يفسح للمؤمن في قبره سبعون ذراعا ويضيق على الكافر، وحديث جابر "إن هذه الأمة تبتلى في قبورها فاذا دخل المؤمن قبره وتولى عنه أصحابه أتاه ملك الحديث" وفيه أنه يرى مقعده من الجنة، فيقول دعوني أبشر أهلي، فيقال له اسكن هذا فهذا مقعدك أبدًا، وكذا سائر أحاديث عذاب القبر ونعيمه، ومراده بأحاديث السلام أن فيها خطاب المسلَّم على أهل القبور خطاب العاقل الحاضر كما سيأتي ذلك، وهذا القول إن أريد به أن كونها على القبور لا زم لا تفارق فهذا خطأ يرده الكتاب المحكم والسنن الصحيحة، وعرض المقعد لا يدل على أن الروح في القبر ولا على فنائه بل على أن لها اتصالا به يصح أن يعرض عليها مقعدها، فإن للروح شأنًا

آخر فتكون في الرفيق الأعلى وهي متصلة بالبدن بحيث إذا سلَّم المسلَّم على صاحبها رد عليه السلام وهي في مكانها هناك، وهذا جبريل عليه السلام رآه النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وله ستمائة جناح منها جناحان قد يد بهما ما بين المشرق والمعرب، وكان يدنو من النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم حتى يضع ركبتيه على ركبتيه ويديه على فخذيه، وقلوب المخلصين تتسع للايمان بأن من الممكن أنه كان يدنو هذا الدنو وهو في مستقره من السماوات، وعلى هذا يحمل تنزله تعالى إلى السماء الدنيا ودنوه عشية عرفة ونحوه، فهو منزه عن الحركة والانتقال، وإنما يأتي الغلط هنا من قياس الغائب عيى الشاهد فيعتقد أن الروح من جنس ما يعهد من الأجسام التي إذا اشغلت مكانا لم يمكن أن تكون في غيره وهذا غلط محض، وقد رأى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم موسى عليه السلام ليلة الاسراء قائمًا يصلي في قبره ورآه في السماء السادسة أو السابعة، فاما أن تكون سرعة الحركة والانتقال كلمح البصر، وإما أن يكون المتصل بها بالقبر بمنزلة شعاع الشمس يكون في الأرض وحرمها في السماء، وهذا (قول ابن عبد البر) بعينه فإنه قال أرواح الشهداء في الجنة وأرواح عامة المؤمنين على أفنية قبورها لا أنها لا تلزم ولا تفارق أفنية القبور (كما قال مالك) "بلغنا أن الأرواح تسرح حيث ئاءت" وروى ابن منده من حدث عيسى بن عبد الرحمن، أخبرنا بن شهاب حدثنا عامر بن سعد عن اسماعيل بن طلحة بن عبد الله عن أبيه قال أردت مالي بالغابة فأدركني الليل فأويت إلى قبر عبد الله ابن عمرو بن حرام (1) فسمعت قراءة من القبر ما سممعت أحسن منها فجئت إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فذكرت ذلك له فقال ذلك عبد الله؛ ألم تعلم أن الله قبض أرواحهم فجعلها في قناديل من زبرجد وياقوت، ثم علقها وسط الجنة، فإذا كان الليل ردت إليهم أرواحهم فلا تزال كذلك حتى إذا طلع الفجر ردت أرواحهم إلى مكانها التي كانت فيه، وقد ثبت أن روح النائم تصعد حتى تخترق السبع الطباق وتسجد لله، ثم ترد إلى جسده في أيسر زمان (وقال عكرمة ومجاهد) إذا نام الانسان فان له سببا تجري فيه الروح وأصله في الجسد فيبلغ حيث شاء الله فما دام ذاهبا فالانسان نائم، فاذا رجع إلى البدن انتبه الانسان وكان بمنزلة شعاع الشمس وأصله متصل بالشمس، وذكر ابن منده عن بعض العلماء أن الروح تمتد من منخره

_ (1) هو والدجابر بن عبد الله رضى الله عنهما، معدود فى أهل العقبة وبدر، وكان من النقباء واستشهد باحد، وهو الذى قال النبى صلى الله عليه وسلم لابنه جابر يا جابر - أما علمت أن الله عز وجل أحيا أباك فقال له تمنَّ علىَّ، فقال اردّ الى الدنيا فاقتل مرة أخرى، فقال انى قضيت الحكم أنهم اليها لا يرجعون، رواه الامام أحمد، وهو الذى ظللته الملائكة بأجنحتها حينما خرَّ صريعًا إلى أن رفعوه، وسيأتى كل ذلك فى مناقبه من كتاب الصحابة إن شاء الله تعالى

وأصله في بدنه، فلو خرج بالكلية لمات، كما أن السراج لو فرق بينه وبين الفتيلة لطفئت، ألا ترى أن مركز النار في الفتيلة وضوءها بملا البيت، فالروح تمتد من منخر الانسان في منامه حتى تأتي السماء وتجول البلدان، فاذا كان الرجل عاقلا ذكيا صدوقا لا يلتفت في يقظته لإلى شيء من الباطل رجع اليه روحه فأدى إلى قلبه الصدق مما أراه الله، وإذا كان خفيفًا ورجعت اليه روحه فحيث مما رأى شيئا من مخاريق الشيطان وأباطيله وقفت روحه عليه فلا تؤدي إلى قلبه ولا يعقل ما رأى لأنه يخلط الحق بالباطل، وهذا من أحسن الكلام، وأنت ترى الرجل يسمع الذكر والحكمة ثم يمر بباطل ولهو فيصغى اليه ويفتح له قلبه حتى يتأدى اليه فيتخبط عليه ذلك الذي كان حقظه (وأما بعد المفارقة) فتعذب الروح بتلك الاعتقادات والشبه الباطلة التي كانت حفظتها حال اتصالها بالبدن مضافا إلى عذب آخر ينشئه الله تعالى لها من الأعمال التي اشتركت معه فيها، وهي العيشة الضنك، حتى لربما كانت في حفرة من حفر النار، والروح الزكية العلوية تنعم بتلك الاعتقادات الصحيحة والمعارف التي تلقتها من مشكاة النبوة وبتلك الأرادات والهمم السنية، وينشئ الله لها من أعمالها نعيما آخر فيصير لها روضة من رياض الجنة (وما ذكر من شأن الروح) يختلف بحسب حال الأرواح من القوة والضعف والكبر والصغر، فللروح العظيمة الكبيرة من ذلك ما ليس لمن هو دونها، وأنت ترى أحكام الأرواح في الدنيا كيف تتفاوت أعظم تفاوت بحسب حال الأرواح في كيفياتها وقواها وابطائها واسراعها، وللروح المطلقة من أسر البدن وعوائقه من التصرف والقوة ما ليس للمحبوسة في علائقه (وقال جماعة من الصحابة والتابعين) منهم عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، ولعله مما تلقاه من أهل الكتاب أن أروح المؤمنين بالجابية (1) وأرواح الكفار ببرهوت، بئر بحضرموت نقله ابن منده، فلا التفات الى قول ابن حزم أنه انما هو قول الرافضة وروى ابن منده عن علي رضي الله عنه قال (خير بئر في الأرض زمزم وشر بئر في الأرض برهوت "بئر في حضرموت" وخير واد في الأرض وادي مكة والوادي الذي أهبط فيه آدم بالهند، وشر واد في الأرض الأحقاف وهو في حضرموت ترده أرواح الكفار) ومن وجه آخر أنه قال (أبغض بقعة في الأرض واد بحضرموت يقال له برهوت فيه أرواح الكفار) وفيه بئر ماؤها أسود كأنه قبح يرده الهوام، ثم ساق عن اسماعيل بن اسحاق القاضي. أخبرنا علي بن عبد الله أخبرنا سفيان حدثنا ابان بن ثعلب قال قال رجل بت ليلة بوادي برهوت فكأنما حشرت فيه أصوات الناس وهم يقولون يا دومه يا دومة وحدثنا رجال من أهل الكتاب أن دومة هو

_ (1) هي قرية بدمشق جيدة الهواء، كثيرة الأشجار والثمار والأنهار

الملك الذي على أرواح الكفار، قال سفين سألنا الحضرميين فقالوا لا يستطيع أحد أن يبيت فيه بالليل (وقال كعب) أرواح المؤمنين في عليين في السماء السابعة، وأرواح الكفار في سجين الأرض السابعة تحت حذاء إبليس (وهو قول جماعة من السلف والخلف) ويدل عليه قول النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم عند موته "اللهم الرفيق الأعلى" وفي حديث أبي هريرة الماضي قريبا "إن الميت إذا خرجت روحه عرج بها إلى السماء حتى تنتهي إلى السماء حتى تنتهي إلى العرش، إلى غير ذلك من الأحاديث الماضية، ولكن هذا لا يدل على استقرارها هناك، لكن تصعد ليكتب كتابها في عليين أو سجين ثم ترد إلى القبر (وقيل أرواح المؤمنين ببئر زمزم، وأرواح الكفار ببئر برهوت) وهذا من أفسد الأقوال ولا دليل عليه بل هو مخالف لصريح السنة الصحيحة "إن نسمة المؤمن في طائر يعلق في شجر الجنة ونحوه، من الأحاديث، وثم أقوال أخر طرحتها لوهائها ولا يحكم على قول من هذه الأقوال بعينه بالصحة وعلى غيره بالبطلان بل (الصحيح أن الأرواح متفاوتة في مستقرها في البرزخ أعظم تفاوت) ولا تعارض بين الأدلة فإن كلا منها وارد على فريق من الناس بحسب درجاتهم في السعادة أو الشقاوة (فمنها) أرواح في أعلى عليين في الملأ الأعلى وهم الأنبياء، وهم متفاوتون في منازلهم كما رآهم النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ليلة الاسراء (ومنها) أرواح في حواصل طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، وهي أرواح بعض الشهداء لا جمعيهم، فان منهم من يحبس عن دخول الجنة لدين أو غيره كما في المسند عن محمد بن عبد الله بن جحش أن رجلا جاء إلى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال يا رسول الله مالي ان قتلت في سبيل الله؟ قال الجنة، فلما ولىًّ قال الًا الدين، سارني به جبريل آنفا" (ومنهم) من يكون على باب الجنة كما في حديث ابن عباس الماضي "الشهداء على بارق تهر بباب الجنة" (ومنهم) من يكون محبوسًا في قبره كحديث صاحب الشملة "إنها لتشتعل عليه نارًا في قبره" (ومنهم) من يكون محبوسًا في الارض لم تصل روحه إلى الملأ الأعلى فانها كانت روحا سفلية أرضية، فان الأنفس الأرضية لا تجامع الأنفس السماوية كما أنها لا تجامعها في الدنيا، فالروح بعد المفارقة تلحق بأشكالها وًاحاب عملها، فالمرء مع من أحب (ومنها) أرواح تكون في تنور الزناة، وأرواح في نهر الدم، فليس للأرواح سعيدها وشقيها مستقر واحد؛ وكلها على اختلاف محالها وتباين مقارها لها اتصال بأجسادها في قبورها ليحصل له من النعيم أو العذاب ما كتب له، واذا أمعنت النظر في السنن والآثار عرفت حجج ذلك وأنه لا تعارض بينها، لكن الشأن في فهمها ومعرفة النفس وأحكامها وأن لها شأنا غير شأن البدن وأنها مع كونها في الجنة هي في السماء وتتصل

بفناء القبر وبالبدن فيه، وهي أسرع شيء انتقالا، وأنها تنقسم إلى مرسلة ومحبوسة وعلوية وسفلية، ولها بعد المفارقة صحة ومرض ولذة وألم، وما أِبه حالها في هذا البدن بحال البدن في بطن أمه، وحالها بعد المفارقة بحاله بعد خروجه من البطن إلى هذه الدار (وللنفس أربعة دور) كل دار أعظم من التي قبلها (الأولى) بطن الأم وذلك الحصر والضيق والغم والظلمات الثلاث (الثانية) هذه الدار التي نشأت فيها وألفتها واكتسبت فيها الخير والشر (الثالثة) دار البرزخ وهي أوسع من هذه الدار وأعظم، ونسبة هذه الدار اليها كنسبة الدار الأولى إلى هذه (الرابعة) الدار التي لا دار بعدها، دار القرار الجنة أو النار، والله تعالى ينقلها في هذه الدور طبقا بعد طبق حتى يبلغها الدار التي لا يصح لها غيرها، وهي التي خلقت لها وهيئت للعمل الموصول اليها، ولها في كل دار منهذه الدور حكم وشأن غير شأن الأخرى ملخصا من كتاب الروح (أما تلاقي الأرواح وتزاورها وتلقى أخبار ذويها ممن يموت) فقد قال الحافظ ابن القيم رحمه الله في موضع آخر من كتابه المذكور ما نصه: أنت عليم بأن الأرواح قسمان، منعمة ومعذبة (أما المعذبة) فهي لعمرى عن التزاور والتلاقي في أشغل الشغل، والله المسئول أن يرحم ضعفنا فيجيرنا من ذلك، ولا يكلنا إلى أعمالنا (وأما المنعمة) المرسلة غير المحبوسة فتتلاقى وتتزاور وتتذاكر ما كان منها في الدنيا وما يكون من أهل الدنيا، فتكون كل روح مع رفيقها الذي هو على مثل عملها، وروح نبينا صلَّى الله عليه وسلَّم في الرفيق الأغلى، قال تعالى "ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النَّبيَّين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا" وهذه المعية ثابتة في هذه الدتيا في دار البرزخ وفي دار الجزاء، والمرء مع من أحب في هذه الدور الثلاث، وقد تواترت المرائي بذلك (قال صالح بن بشر) رأيت عطاء السليمي في النوم بعد موته؛ فقلت يا أبا محمد ألست في زمرة الموتى؟ قال بلى قلت فماذا صرت إليه بعد الموت؟ قال صرت والله إلى خير كثير ورب غفور شكور، قلت أما والله قد كنت طويل الحزن في دار الدنيا؟ فتبسم وقال أما والله لقد أعقبني ذلك فرحا طويلا وسرورًا دائما، فقلت في أي الدرجات أنت قال "مع الذين أنعم عليهم من المبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا (وقال عبد الله بن المبارك) رأيت سفيان الثوري في النوم فقلت ما فعل الله بك، قال لقيت محمدا وحزبه (وقال صخر بن راشد) رأيت عبد الله بن المبارك في النوم بعد موته، فقلت أليس قدمتًّ؟ قال بلى: قلت ما صنع الله بك، قال غفر لي مغفرة أحاطت بكل ذنب: قلت فسفيان الثوري قال بخ بخ ذلك مع الذين أنعم الله عليهم من النَّبيَّين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك

(10) باب المبادرة إلى تجهيز الميت وقضاء دينه (61) عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال ثلاثة يا عليُّ لا تؤخَّرهنَّ، الصلاة إذا آذنت (1) والجنازة إذا حضرت (2) والأيَّم (3) إذا وجدت كفوًا (62) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال صلَّى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم الصُّبح فقال هاهنا أحد من بني فلان (4) قالوا نعم، قال

_ رفيقًا، ثم ذكر الحافظ ابن القيم مرائى كثيرة وآثارا فى تزاور الأرواح الصالحة وتعارفها وسؤالها عن ذويها وغير ذلك * وفى هذا القدر كفاية؛ نسأل الله تعالى أن يحشرنا فى زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وأن يوفقنا للأعمال الصالحة مع الصبر وقوة اليقين، انه على ما يشاء قدير وبالأجابة جدير (61) عن على رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون بن معروف قال عبد الله وسمعته أنا من هارون أنبأنا ابن وهب حدثنى سعيد بن عبد الله الجهنى أن محمد بن عمر بن أبى طالب حدثه عن أبيه عن جده علىّ بن أبى طالب - الحديث" (غريبه) (1) أى حضر وقتها (2) قال المناوى المراد إذا تيقن موت الانسان لا تؤخر جنازته لحديث "لا ينبغى لجيفة مسلم أن تحبس" كما فى أبى داود ولا تؤخر لزيادة مصلين للأمر بالاسراع بها، لكن لا بأس بانتظار الولى إذا لم يخف تغيرها (3) الأِّيم بفتج الهمزة وكسر التحتانية المشددة من لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا، ويسمى الرجل الذى لا زوج له أيّما أيضا (والكفؤ) فى النكاح أن يكون الرجل مثل المرأة فى الاسلام والحرية والصلاح والنسب وحسن الكسب (تخريجه) (جه حب. ك. مذ) وقال هذا حديث غريب وما أري إسناده بمتصل، واعلال الترمذى له بعدم الاتصال لأنه من طريق عمر بن علىّ عن أبيه على بن أبى طالب رضى الله عنه، قيل ولم يسمع منه، وقد قال أبو حاتم إنه سمع منه فاتصل الأسناد، وقد أعله الترمذى أيضا بجهالة سعيد بن عبد الله الجهنى ولكنه عدَّه ابن حبان فى الثقات (62) عن سمة بن جندب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن اسماعيل يعنى ابن أبى خالد قال سمعت الشعبى يحدث عن سمرة بن جندب قال صلى النبى صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (4) لم يسمّه الراوي حفظًا

إن صاحبكم محتبس على باب الجنَّة في دين عليه (63) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم نفس المؤمن معلقة (1) ما كان عليه دين (64) عن أبي نضرة عن سعد بن الأطول رضي الله عنه أنَّ أخاه مات وترك ثلثمائة درهم، وترك عيالًا فأردت أن أنفقها على عياله، فقال النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّ أخاك محبوس بدينه فاقض عنه، فقال يا رسول الله فقد أدَّيت إلى ديناررين أدعتهما امرأة وليس لها بينة، قال فأعطها فإنَّها محقَّة (2)

_ لكرامتهم "وقوله محتبس على باب الجنة أى موقوف عن مقامه الكربم لا حكم له بنجاة ولا هلاك حتى ينظر هل يقضى ما عليه من الدين أم لا - والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وسنده جيد وأخرجه أبو داود والنسائى بمعناه (63) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو داود الحفرى عن سفيان عن سعد بن ابراهيم عن ابن أبى سلمة عن أبيه عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (1) أى محبوسة كما يدل عليه الحديث السابق و "ما" مصدرية ظرفية أى مدة بقاء الدين حتى يقضى عنه، وقد جاء هذا الحديث عند الترمذى عن أبى هريرة أيضا بلفظ "نفس المؤمن معلقة بدينه حتى يقضى عنه" (تخريجه) (جه. مذ) وقال حديث حسن. (64) عن أبى نضرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان حماد ابن أسامة أنا عبد الملك أبو جعفر عن أبى نضرة - الحديث" وفى آخره حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان بن سلمة الجربرى عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم بمثله (غريبة) (2) علم النبى صلى الله عليه وسلم استحقاق المرأة وحبس الرجل بطريق الوحى (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الأمام أحمد وسنده جيد (وفى الباب) عن الحصين بن وحوح أن طلحة بن البراء مرض فأتاه النبى صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم يعوده فقال "انى لا أرى طلحة الا قد حدث فيه الموت فآذنونى به وعجلوا، فانه لا ينبغى لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهرانى أهله" رواه أبو داود

وسكت عنه وقال المنذرى قال أبو القاسم البغوى لا أعلم من روى هذا الحديث غير سعيد بن عثمان البلوى وهو غريب اهـ. وقد وثق سعيد المذكور ابن حبان إلا أنَّ فى اسناد هذا الحديث عروة بن سعيد الأنصارى ويقال عزرة عن أبيه وهو وأبوه مجهولان لكن يشهد له الحديث الأول من أحاديث الباب وأحاديث الاسراع بالجنازة وستأتى (الأحكام) فى أحاديث الباب دلالة على مشروعية التعجيل بالميت والأسراع فى تجهيزه بعد تحقق موته والتعجيل بدفنه بعد الصلاة عليه ففى ذلك تكريم له، والحكمة فى ذلك خوف تغيره لأنه إذا تغير استقذرته النفوس ونفرت منه الطباع فيحط ذلك من كرامته، ولأن ابقاءه بين أهله يؤلمهم ويحملهم على كثرة البكاء والعويل، وهذا مذموم شرعا، فالسنه أن يبادر بدفنه ولا يتنظر به حضور أحد إلا الولى فانه ينتظر ما لم يخش عليه التغير، فان خيف تغيره لم يتنظر؛ لأن مراعاة صيانة الميت وكرامته أهم من حضور الولى، ثم إنه إنما ينتظر الولى اذا كان بينه وبينه مسافة قريبة (وفى أحاديث الباب أيضا) الحث للورثة على قضاء دين الميت وإخبارهم بأن نفسه معلقة بدينه حتى يقضى عنه (قال الشوكانى) وهذا مقيد بمن له يقضى منه دينه؛ وأما من لا مال له ومات على القضاء فقد ورد فى الأحاديث ما يدل على أن الله تعالى يقضى عنه، بل ثبت أن مجرد محبة المديون عند موته للقضاء موجبة لتولى الله سبحانه وتعالى لقضاء دينه وإن كان له مال ولم يقض منه الورثة (أخرج الطبرانى) عن أبى أمامة مرفوعا "من دان بدين فى نفسه وفاؤه ومات تجاوز اللهن هنه وأرض غريمه بما شاء، ومن دان بدين وليس فى نفسه وفاؤه ومات اقتص الله لغريمه منه يوم القيامة" (وأخرج أيضا من حديث ابن عمر) "الدين دينان فمن مات وهو ينوى قضاءه فأنا وليّه، ومن مات ولا ينوى قضاءه فذلك الذى يؤخذ من حسناته ليس يومئذ دينار ولا درهم" (وأخرج أيضا من حديث عبد الرحمن بن أبى بكر) "يؤتى بصاحب الدين يوم القيامة فيقول الله عز وجل فيم أتلفت أموال الناس؟ فيقول يارب إنك تعلم أنه أتى علىّ إما حرق واما غرق، فيقول فانى سأقضى عنك اليوم فيقضى عنه (وأخرج أحمد وأبو نعيم فى الحلية والبزار والطبرانى) عن عبد الرحمن أيضا بلفظ "بدعى بصاحب الدين يوم القيامة حتى يوقف بيد يدى الله عز وجل فيقول يابن آدم فيم أخذت هذا الدين وفيم ضيعت حقوق الناس؟ فيقول يارب انك تعلم أنى أخذته فلم آكل ولم أشرب ولم أضيع ولكنى أبى على يدى اما حرق وإما سرق وإما وضيعة، فيقول الله عز وجل صدق عبدى وأنا أحق من قضى عنك، فيدعوا الله بشئ فيضعه فى كفة ميزانه فترجح حسناته على سيئاته فيدخل الجنة بفضل رحمته" (وأخرج البخارى عن أبى هريرة) عن النبي صلى الله عليه وسلم

(11) باب تسجية الميت والرخصة قي تغيير (65) عن عائشة رضي الله عنها أن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه

_ قال "من أخذ أموال الناس يريد أداءها أدّى الله عنه، ومن أخذها يريد اتلافها أتلفه الله" (وأخرج ابن ماجه وابن حباق والحاكم من حديث ميمونة) "ما من مسلم يدَّ ان دينا يعلم ان الله أنه يريد أداءه الا أدَّى الله عنه فى الدنيا والآخرة" (وأخرج الحاكم) بلفظ "من تداين بدين فى نفسه وفاؤه ثم مات تجاوز الله عنه وأرضى غريمه بما شاء" (وقد ورد أيضا) ما يدل على أن من مات من المسلمين مديونا فدينه على من اليه ولاية أمور المسلمين يقضيه عنه من بيت مالهم، وان كان له مال كان لورثته (أخرج البخارى من حديث أبى هريرة) "ما من مؤمن الا وأنا أولى به فى الدنيا والآخرة: اقرءوا ان شئتم - النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم - فأيما مؤمن مات وترك مالا فليرثه عصبته من كانوا، ومن ترك دينا أو ضياعا فليأتنى فأنا مولاه" وأخرج نحوه أحمد وأبو داود والنسائى (وأخرج أحمد وأبو يعلى من حديث أنس) "من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا فعلى الله وعلى رسوله" (وأخرج ابن ماجه من حديث عائشة) "من حمل من أمتى دينا فجهد فى قضائه فمات قبل أن يقضيه فأنا وليه" (وأخرج ابن سعد من حديث جابر يرفعه) "أحسن الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثلتها وكل بدعة ضلالة، من مات فترك مالا فلأهله، ومن ترك دينا أو ضياعا فالىّ وعلىّ" (وأخرج أحمد ومسلم والنسائى وابن ماجه فى حديث آخر) من ترك مالا فلأهله، ومن ترك ديناً أو ضياعا فإلىّ وعلىّ وأنا أولى بالمؤمنين" وفى معنى ذلك عدة أحاديث ثبتت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قالها بعد أن كان يمتنع من الصلاة على المديون، فلما فتح الله عليه البلاد وكثرت الأموال صلى على من مات مديونا وقضى عنه، وذلك مشعر بأن من مات مديونا استحق ان يقضى عنه دينه من بيت مال المسلمين، وهو أحد المصارف الثمانية فلا يسقط حقه بالموت، ودعوى من ادَّعى اختصاصه صلى الله عليه وسلم بذلك ساقطة، وقياس الدلالة ينفي هذه الدعوى فى مثل قوله صلى الله عليه وسلم "وأنا وارث من لا وارث له عقل عنه وأرثه" أخرجه أحمد وابن ماجه وسعيد بن منصور والبيهقى وهم لا يقولون إن ميراث من لا وارث له مختص برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد أخرج الطبرانى من حديث سلمان ما يدل على انتفاء هذه الخصوصية المدعاة ولفظه "من ترك مالا فلورثته، ومن ترك دينا فعلىَّ وعلى الولاة من بعدى من بيت المال" اهـ (قلت) وما عزاه الشوكانى رحمه الله فى هذا الباب من الأحاديث الى الأمام أحمد، سيأتى فى كتاب القرض والدين ان شاء الله تعالى والله الموفق (65) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو اليمان قال

وسلَّم حين توفى سجي (1) بثوب حبرة (66) وعنها أيضًا أن أبا بكر رضي الله عنه دخل عليها فتيمَّم النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم (2) وهو مسجَّى ببرد حبرة فكشف عن وجهه، ثم أكب عليه فقبَّله وبكى (3) ثم قال بأبي وأمَّي، والله لا يجمع الله عزَّ وجلَّ عليك موتتين أبدًا (4) أما الموتة الَّتي قد كتبت عليك فقدمتها

_ أخبرنا شعيب عن الزهرى قال أخبرنى أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم أخبرته أن النبى صلى الله عليه وسلم حين توفى - الحديث (غريبه) (1) بضم السين بعدها جيم مشددة مكسورة أى غطّى "وقوله بنوب حبرة" هو بأضافة ثوب إلى حبرة - وهى بكسر الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة بعدها راء مهملة، ثوب فيه اعلام وهو نوع من برود اليمن (تخريجه) (ق. وغيرهما). (66) وعنها أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن اسحاق قال ابن عبد الله قال أنا يونس ومعمر عن الزهرى قال أخبرنى أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة رضى الله عنه زوج النبى صلى الله عليه وسلم أخبرته أن أبا بكر رضى الله عنه - الحديث (غريبه) (2) أى قصده (3) فعل ذلك أبو بكر رضى الله عنه اقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم لما دخل على عثمان بن مظعون وهو ميت، فأكب عليه وقبّله ثم بكى حتى سالت دموعه على وجنيته وسيأتى حديثه بعد هذا "وقوله بأبى وأمى" متعلق بمحذوف تقديره فديتك بأبى وأمى (4) قال الحافظ أشد ما فى هذا الحديث إشكالا قول أبو بكر لا يجمع الله عليك موتتين، قال وعنه أجوبة، فقيل هو على حقيقته وأشار بذلك الى الرد على من زعم انه سيحيا فبقطع أيدى رجال، لأنه لو صح ذلك للزم أن يموت موتة أخرى فأخبر أنه أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين كما جمعمها على غيره كالذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف، وكالذى مر على قرية وهذا أوضح الأجوبة وأسلمها (وقيل) أراد لا يموت موتة أخرى فى القبر كثيرة، إذ يحيا ليسأل ثم يموت، وهذا جواب الداودى (وقيل) لا يجمع الله موت نفسك وموت شريعتك (وقيل) كنى بالموت الثانى عن الكرب أى لا تلقى بعد كرب هذا الموت كربا آخر اهـ (تخريجه) (خ. نس. جه)

(67) عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قبَّل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عثمان ابن مظعون (1) وهو ميَّت، حتَّى رايت الدُّموع تسيل على وجهه (2) (وعنها من طريق ثان) (3) بنحوه وفيه، رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقبَّل عثمان بن مظعون وهو ميَّت، قالت فرأيت دموعه تسيل على خدَّيه يعني عثمان قال عبد الرحمن (4) وعيناه تهرقان، أو قال وهو يبكي

_ (67) عن القاسم عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن القاسم عن عائشة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) هو من السابقين فى الاسلام، أسلم بعد ثلاثة عشر رجلا، قال صاحب المشكاة هاجر الهجرتين وشهد بدرا، وكان حرَّم الخمر فى الجاهلية، وهو أول من مات المهاجرين بالمدينة فى شعبان على رأس ثلاثين شهرا من الهجرة، ولما دفن قال نعم الملف هو لنا ودفن بالبقيع، وكان عابداً مجتهداً من فضلاء الصحابة اهـ (قلت) وستأتى ترجمته فى كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالى (2) أى وجه عثمان، كما يستفاد ذلك من الطريق الثانية (3) (سنده) حدَّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع وعبد الرحمن قالا ثنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الرحمن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبِّل، وقال وكيع قالت قبِّل رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون وهو ميت - الحديث" (4) هو أحد الراويين اللذيِّن روى عنهما الأمام أحمد هذا الحديث "وقوله تهراقان" أى تصبان الدموع، وفيه جواز البكاء على الميت، وقد عقدنا لذلك أبواباً مخصوصة ذكرنا فيها الجائز وغيره ستأتى بعد هذا (تخريجه) (جه. مذ) وقال حديث عائشة صحيح (قلت) فى اسناده عاصم بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب ضعيف (قال المنذرى) قد تكلم فيه غير واحد من الأئمة اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب تسجية الميت أى تغطيته بعد تحقق موته (قال النوى) وهو مجمع عليه وحكمته صيانة الميت من الانكشاف وستر عورته عن الأعين (قال أصحاب الشافعى) ويلف طرف الثوب المسجى به تحت رأس وطرفه الآخر تحت رجليه لئلا ينكشف منه شئ، قال وتكون التسجية بعد نزع ثيابه التى توفى فيها "وقال فى المجموع" وتقلع ثيابه التى مات فيها بحيث لا يرى بدنه، ثم يستر

أبواب البكاء على الميت والحداد والنعي (1) باب ما لا يجوز من البكاء على الميت (68) عن عبد الله (يعي ابن مسعود) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ليس منَّا (1) من شقَّ

_ جميع بدنه بثوب خفيف ولا يجمع عليه أطباق الثياب، قال ويوضع على شئ مرتفع كسرير ولوح ونحوهما، ويوضع على بطنه شيء ثقيل، ويستقبل به القبلة كالمحتضر، ويتولى هذه الأمور أرفق محارمه بأسهل ما يقدر عليه، قال صاحب الحاوى وغيره ويتولاها الرجل من الرجل والمرأة من المرأة، فان تولاها أجنبى أو محرم من النساء أو تولاها أجنبية أو محرم من الرجال جاز اهـ (وفى أحاديث الباب أيضا) جواز تقبيل الميت كما فعل أبو بكر بالنبى صلى الله عليه وسلم - وقد فعله النبى صلى الله عليه وسلم قبله بعقمان بن مظعون (قال الشوكانى) ولم ينقل أنه أنكر أحد من الصحابة على أبى بكر فكان إجماعًا اهـ (قال النووى) ويجوز لأهل الميت وأصدقائه تقبيل وجهه، ثبتت فيه الأحاديث وصرح به الدارمى فى الاستذكار والسرخسى فى الأمالى اهـ (قلت) ولم يبين فى الحديث فى أى موضع قبل أبو بكر النبى صلى الله عليه وسلم - وقد جاء ذلك مبينا فى حديث ذكره الأمام ابن العربى فى شرحه على الترمذى، قال قال الترمذى وأخبرنا نصر بن على الجهضمى حدثنا مرحوم بن عبد العزيز عن أبى عمر الجوينى عن زيد ابن بابنوس عن عائشة أن أبا بكر دخل على النبى صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فوضع فاه بين عينيه ووضع يده على ساعديه، وقال يا نبياه يا صفياه فبين ذلك موضع التقبيل وصفته اهـ. (68) عن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله - الحديث" (غريبه) (1) أى ليس من أهل سنتنا وطريقتنا وليس المراد إخراجه من الدين، وفائدة ايراد اللفظ المبالغة فى الردع عن الوقوع فى مثل ذلك، كما يقول الرجل لولده عند معاتبته: لست منك ولست منى، أى ما أنت على طريقتى، وحكى عن سفيان أنه كان يكره الخوض فى تأويل هذه اللفظة ويقول ينبغى ان نمسك عن ذلك ليكون أوقع فى النفوس وأبلغ فى الزجر، وقيل المعنى ليس على ديننا الكامل أى انه خرج من فرع من فروع الدين وان كان معه أصله؛ حكاه ابن العربى، قال الحافظ ويظهر لى أن هذا النفى يفسره التبرؤ الذى حديث أبى موسى (يعنى قوله انا برئ ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيأتى بعد حديث) قال وأصل البراءة

الجيوب (1) ولطم الخدود (2) ودعى بدعوى الجاهليَّة (3) (وعنه من طريق ثان) (4) بلفظ، ليس منَّا من لطم الخدود، أو شقَّ الجيوب، أو دعا بدعوى الجاهليَّة (5) (69) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لما رجع من أحد سمع نساء الأنصار يبكين على أزواجهن (6) فقال لكن حمزة لابواكي له (7) فبلغ ذلك نساء الأنصار فجئن يبكين على حمزة، قال فانتبه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من اللَّيل فسمعهنَّ وهنَّ يبكين؛ فقال ويحهنَّ (8) لم يزلن يبكين منذ الليلة

_ الانفصال من الشئ وكأنه توعده بأن لا يدخله فى شفاعته مثلا اهـ (1) جمع جيب بالجيم وهو ما يفتج من الثوب ليدخل فيه الرأس، والمراد بشقه إكمال فتحه إلى آخره؛ وهو من علامات السخط وعدم الرضا بالقضاء (2) هو ضربها بالكف، وخص الخد بذلك لكونه الغالب والا فضرب بقية الوجه مثلا (3) رواية مسلم بدعوى أهل الجاهلية أى من الناحية ونحوها وكذا الندبة كقولهم واجبلاه وكذا الدعاء بالويل والثبور (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا - الحديث" (5) المعنى أن من فعل خصلة واحدة من هذه الخصال الثلاث كان خارجا عن الطريقة المحمدية أو كان ناقص الايمان أو كان كافرا ان استحل ذلك، والله أعلم (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (ق. نس. مذ. جه. هق) ولم أقف على من أخرجه بلفظ الطريق الثانية. (69) عن عبد الله بن عمر (ٍنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا صفوان بن عيسى أنا أسامة بن زيد عن نافع عن عبد الله بن عمر - الحديث" (غريبه) (6) لفظ ابن ماجه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بنساء عبد الأشهل يبكين هلكاهن يوم احد - الحديث" (7) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم قبل النهى عن البكاء كما يشير اليه لفظ الحديث فلا اشكال والله أعلم (8) ويح كلمة رحمة، وويل كلمة عذاب، وقيل هما بمعنى واحد تقول ويح لزيد، وويل لزيد، فترفعهما على الابتداء، ولك أن تنضبهما بفعل مضمر تقديره ألزمه الله تعلاى ويحًا وويلا ونحو ذلك، وكذا ويحك وويلك وويح زيد وويل زيد منصوب بفعل مضمر، والخلاصة أن ويحًا تارة تأتي بمعنى الرحمة وتارة بمعنى العذاب،

مروهنَّ فليرجعن ولا يبكين على هالك بعد اليوم (1) (70) عن يزيد بن أوس قال أغمى على أبي موسى الأشعريَّ رضي الله عنه فبكوا عليه، فقال إنَّي بريء (2) مَّمن برئ منه رسول الله صلَّى الله عليه وسبم فسألوا عن ذلك امرأته (3) فقالت من خلق أو خرق أو سلق

_ والظاهر أنه المراد هنا، وأما ويل فللعذاب فقط (1) أى لا يبكين بكاء يصاحبه شئ مما حرمه الشارع (تخريجه) (جه) وسنده جيد (70) عن يزيد بن أوس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا شعبة بن منصور عن ابراهيم عن يزيد بن أوس الحديث (غريبه) (2) تقدم فى شرح الحديث الأول من أحاديث الباب قول الحافظ أصل البراءة الانفصال من الشئ وكأنه توعده بأن لا يدخله فى شفاعته مثلا، قال وقال المهلب قوله أنا برئ أى من فاعل ما ذكر وقت ذلك الفعل، ولم يرد نفيه عن الاسلام (3) يعنى أنهم سألوا امرأة أبى موسى عما برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت من حلق الخ - وكانت سمعت الحديث من أبى موسى كما فى رواية أخرى عند الأمام أحمد قال ثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن منصور عن ابراهيم عن يزيد بن أوس عن أبى موسى أنه أغمى عليه فبكت عليه أم ولده فلما أفاق قال لها أما بلغك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "يعنى يزيد بن أوس" فسألتها فقالت قال "ليس منا من سلق وحلق وخرق" ومعنى (سلق) أى رفع صوته بالبكاء مع التلفظ بما نهى عنه الشرع، ومنه قوله تعالى "سلقوكم بألسنة حداد" (وحلق) أى حلق شعره (وخرق) أى شق ثوبه (قال الحافظ) وهذا يدل على تحريم ما ذكر من شق الجيب وغيره، وكأن السبب فى ذلك ما تضمنه ذلك من عدم الرضا بالقضاء، فان وقع التصريح بالاستحلال مع العلم بالتحريم أو متسخطا مثلا بما وقع فلا مانع من حمل النفى على الاخراج من الدين اهـ (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم) ولفظ البخارى عن أبى بردة عن أبى موسى رضى الله عنه، قال "وجع أبو موسى وجعا فغشى عليه ورأسه فى حجر امرأة من أهله فلم يستطيع أن يردَّ عليها شيئًا، فلما أفاق قال أنا برئ ممن برئ منه رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم برئ من من الصالقة والحالقة والشاقة اهـ. والصالقة بالصاد المهملة ويقال أيضا السالقة بالسين المهملة لغتان، هى التى ترفع صوتها عند المصيبة بالصياح والولولة، والحالقة التي تحلق شعرها، والشاقه التى ثيباها عند المصيبة (وعند مسلم) أنا برئ ممن حلق وسلق

(71) عن صفوان بن محرز قال أغمى على أبي موسى فبكوا عليه فأفاق فقال إنَّي أبرأ إليكم ممَّن برئ منه رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم مَّمن حلق أو خرق أو سلق (1) (72) عن أمَّ عطيَّة رضي الله عنها قالت لمَّا نزلت هذه الآية (يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا -إلى قوله ولا يعصينك في معروف) قالت كان منه (2) النَّياحة، قلت يا رسول الله إلاَّ آل فلان وإنَّهم قد كانوا أسعدوني (3) ي الجاهليَّة لا بدَّ لي من أن أسعدهم، قالت فقال رسول الله

_ وخرق، وتقدم تفسيره (قال الحافظ) والنسائى من طريق يزيد بن أوس عن أم عبد الله امرأة أبى موسى فذكر الحديث دون القصى (ولأبى نعيم فى) المتسخرج على مسلم من طريق ربعى قال أغمى على أبى موسى فصاحت امرأته بنت أبى دومة، فحصلنا على أنها أم عبد الله بنت أبى دومة (وأفاد عمر بن شبة) فى تاريخ البصرة أن اسمها صفية بنت دمون وأنها والدة أبى بردة بن أبى موسى، وان ذلك وقع حين كان أبو موسى أميرا على البصرة من قبل عمر بن الخطاب رضى الله عنه اهـ. (71) عنصفوان بن محرز (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا شعبة عن عوف عن خالد الأحدب عن صفوان بن محرز - الحديث" (1) فيه أن كل واحدة من هذه الخصال توجب تبرؤ النبى صلى الله عليه وسلم من فاعلها، وفى رواية عند النسائى من طريق سهم بن منجاب عن القرئع قال: لما ثقل أبو موسى صاحت امرأته فقال، أما علمت ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت بلى ثم سكتت، فقيل لها بعد ذلك أن شئ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من حلق أو سلق أو خرق" وهى تقيد لعن من فعل واجدة من هذه الخصال، واللعن معناه الطرد من الخير والرحمة، نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم) (72) عن أم عطية (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى تنا أبو معاوية ثنا طعم عن حفصة عن أم عطية - الحديث (2) أى من المعروف (3) هو اسعاج النساء فى المناحاة، تقوم المرأة فتقوم معها أخرى من جاراتها فتساعدها على النياحة (قال الخطابى) أما الأسعاد فخاص فى هذا المعنى؛ وأما المساعدة فعامة فى كل معونة، يقال إنها من وضع

صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إلا آل فلان (1) (73) عن حفصة سير بن عن أمَّ عطيَّة رضي الله عنها قالت بايعنا النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأخذ علينا فيما أخذ أن لا ننوح، فقالت امرأة من الأنصار (2) إنَّ آل فلان أسعدوني ي الجاهليَّة ويهم مأتم، فلا أبايعك حتَّى أسعدهم كما أسعدوني فقال (3) فكأنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وافقها على ذلك، فذهبت فأسعدتهم ثم رجعت فبايعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال، فقالت أمُّ عطيَّة فما وفت امرأة منَّا غير

_ الرجل يده على ساعد صاحبه إذا تماشيا فى حاجة اهـ (1) قال النووى رحمه الله هذا محمول على الترخيص لأم عطية فى آل فلان خاصة كما هو ظاهر، ولا تحل النياحة لغيرها ولا لها فى غير آل فلان كما هو صريح فى الحديث، وللشارع أن يخص من العموم ما شاء، فهذا صواب الحكم فى هذا الحديث، واستشكل القاضى عياض وغيره هذا الحديث وقالوا فيه أقوالا عجيبة، ومقصودى التحذير من الاغترار بها، حتى ان بعض المالكية قال "النياحة ليست بحرام" بهذا الحديث وقصة نساء جعفر (قلت ستأتى بعد حديثين) قال وإنما المحرم ما كان معه شئ من أفعال الجاهلية، كشق الجيوب. وخمش الخدود. ودعوى الجاهلية؛ والصواب ما ذكرناه آولا، وأن النياحة حرام مطلقا، وهو مذهب العلماء كافة وليس فيما قاله هذا القائل دليل صحيح لما ذكره، والله أعلم اهـ. (تخريجه) (ق. نس. هق. وغيرهم) (73) عن حفصة بنت سيرين (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا عاصم الأحول عن حفصة بنت سيريم - الحديث" (غريبه) (2) لم تذكر اسم المرأة فى هذه الرواية، وسياق الحديث يدل على أنها هي أم عطية، والظاهر أنها أبهمت نفسها خجلا من قولها فى الحديث "فلا أبايعك حتى أسعدهم" أو لشئ آخر والله أعلم، وقد جاء فى النهاية فى حديث أم عطية أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لها فاذهبى فأسعديها ثم بايعينى، وجاء فى رواية أخرى عند الأمام أحمد عن أم عطية بنحو حديث الباب وفيه قالت امرأة يا رسول الله إن امرأة أسعدتني أفلا أسعدها، فقبضت يدها وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فلم يبايعها، فيستفاد من مجموع هذه الروايات أن المرأة المبهمة فى الحديث هى أم عطية والله سبحانه وتعالى أعلم (3) أي أحد الرواة

تلك (1) وغير أمَّ سليم بنت ملحان (74) عن حفصة عن أمَّ عطيَّة رضي الله عنها قالت كان "تعني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم" أخذ علينا في البيعة أن لا ننوح فما وفت امرأة منَّا (2) غير خمس، أمُّ سليم وامرأة معاذ ابنة أبي سبرة (3) وامرأة أخرى (75) عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت لمَّا جاء نعى جعفر بن أبي طالب وزيد بن حارثة وعبد الله بن رواحة (4) جلس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يعرف في وجهه الحزن، قالت عائشة وأنا أطَّلع من شقَّ الباب، فأتاه رجل

_ (1) تعني نفسها (وأم سليم) هى والدة أنس بن مالك رضى الله عنهما واسمها سهلة لكن فى الحديث التالى أنها قالت "فما وفت امرأة منا غير خمس، وسيأتى الكلام على ذلك فى شرحه (تخريجه) (ق. نس. وغيرهما) بغير هذا السياق وبغير ابهام المرأة (74) عن حفصة عن أم عطية (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هارون قال أنا هشام عن حفصة عن أم عطية - الحديث" (غريبه) (2) معناه لم يف ممن بايع مع أم عطية فى الوقت الذى بايعت فيه من النسوة إلا خمس، لا أنه لم يترك النياحة من المسلمات غير خمس، قاله القاضى عياض "وأم سليم" تقدم ذكر اسمها فى شرح الحديث السابق (3) رواية البخارى ومسلم "وابنة أبى سيرة امرأة معاذ أو ابنة أبى سرة وامرأة معاذ" والظاهر ما فى الرواية الاخيرة وهى أن امرأة معاذ غير بنت أبى سيرة لأنها بنت خلاد بن عمر السلمية ذكرها ابن سعد، وبهذا يستقيم العدد وتكون الخامسة أم عطية، وقد ذكر البخارى ومسلم فى روايتيهما أم العلاء بعد أم سليم؛ فلعلها المرأة التي أبهمتها أم عطية فى حديث الباب، (وأم العلاء) هى الأنصارية ممن بايعن النبى صلى الله عليه وسلم ووالدة خارجة بن زيد بن ثابت، وكان يسكن فى بيتها عثمان بن مظعون حينما اقترع الأنصار على سكنى المهاجرين رضى الله عنهم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (75) عن عمرة عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن عير ثنا يحيى عن عمرة عن عائشة - الحديث" (غريبه) (4) استشهد هؤلاء الثلاثة رضى الله عنهم بغزة مؤتة بضم الميم وسكون الواو المهموزة، وهى قرية من قرى البلقاء دون دمشق، وكان ذلك فى جمادى الأولى سنة ثمان من الهجرة، وسيأتى تفصيل هذه

فقال يا رسول الله إنَّ نساء جعفر فذكر من بكائهنَّ، فأمره رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن ينهاهنَّ فذهب الرَّجل، ثمَّ جاء فقال قد نهيتهنَّ وإنَّهنَّ لم يطعنه حتَّى كان في الثَّالثة، فزعمت (1) أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال احثوا (2) في وجوههنَّ التُّراب، فقالت عائشة قلت أرغم الله بأنفك والله ما أنت بفاعل ما قال لك ولا تركت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم (4) (76) عن أمَّ سلمة رضي الله عنها قالت لمَّا مات أبو سلَّمة قلت غريب ومات بأرض غربة (5) فأفضت بكًاء، فجاءت امرأة تريد أن تسعدني (6)

_ الغزوة في كتاب الغزوات إن شاء الله تعالى (1) مر تفسير زعم فى الجزء الأول صحيفة 67 وانه قد يراد به القول المحقق والصدق الذى لا شك فيه كقوله صلى الله عليه وسلم زعم جبريل كذا وهو المراد هنا (2) هكذا فى الأصل "احثوا" بواو الجماعة فلعله أمره بذلك مع آخرين وفى رواية مسلم "قال اذهب فاحث فى أفواههن من التراب" بالأفراد (قال النووى) هو بضم الثاء وكسرها؛ يقال حثا يحثو وحثو يحثى لغتان وأمره صلى الله عليه وسلم بذلك مبالغة فى انكار البكاء عليهم ومنعهن منه، ثم تأوله بعضهم على أنه كان بكاء بنوح وصياح ولهذا تأكد النهى، ولو كان مجرد دمع العين لم ينه عنه لأنه صلى الله عليه وسلم فعله وأخبر أنه ليس بحرام وأنه رحمة، وتأوله بعضهم على أنه كان بكاء من غير نباحة ولا صوت، قال ويبعد أن الصحابيات يتمادين بعد تكرار نهيهن على محرم، وانما كان بكاء مجردا والنهي عنه تنزيه وأدب لا للتحريم، فلهذا أصررن عليه متأولات (3) أى الصقه بالرَّغام، وهو التراب، وهو اشارة الى اذلاله وإهانته (4) المعنى أنك قاصر لا تقوم بما أمرت به من الأنكار لنقصك وتقصيرك ولا تخبر النبى صلى الله عليه وسلم بقصورك عن ذلك حتى يرسل غيرك ويستريح، ويحتمل أن يكون معنى ولا تركت رسول الله صلى الله عليه وسلم أى بعدم اخباره من أول الأمر فيستريح من التفكير فيه والله أعلم (تخريه) (ق. نس. هق. وغيرهم) (76) عن أم سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان بن عيينة عن ابن أبى نجيح عن أبيه عن عبيد بن عمير عن أم سلمة - الحديث" (غريبة) (5) نريد أنه من أهل مكة ومات بالمدينة (6) أى تساعدنى فى البكاء والنوح: وقولها من الصعيد، المراد بالصعيد هنا عوالى المدينة، وأصل الصعيد ما كان على وجه الأرض

من الصَّعيد فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تريدين أن تدخلي الشَّيطان بيتًا قد أخرجه الله عزَّ وجلَّ منه (1) قالت فلم أبك عليه (فصل منه فيما ورد من التغليظ في النياحة والنائحة والمستمعة) (77) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لا تصلَّي على نائحة ولا على مرنَّة (2) (78) عن أبي سعيد الخدريَّ رضي الله عنه قال لعن (3) رسول الله

_ (1) هو كناية عن تمسك أهل هذا البيت بدين الاسلام الدين القويم وعملهم بتعاليمه فلم يجد الشيطان له مأوى فى هذا البيت، فاذا عصوا الله تعالى بمثل البكاء والنوح الذى حرمه الله وجد الشيطان سبيلا إلى دخوله، قالت أم سلمة رضى الله عنها فلم أبك عليه أى بعد ما سمعت الحديث (تخريجه) (م. هق) وقال هذا فى بكاء يكون معه ندب أو نياحة، وهكذا مما روينا فيما مضى عن عائشة من بكاء نساء جعفر عليه ونهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن ذلك اهـ (77) عن أبى هريرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدّثنا سلمان بن داود ثنا عمران عن قتادة عن أبى مراية عن أبى هريرة "الحديث" (غريبه) (3) النائحة هى التى تنوح على الميت بصوت مرتفع قائلة واحسرتاه وامصيبتاه واويلاه ونحو ذلك بحالة تجلب البكاء والحزن (والمرنة) المصوتة، والرنة الصوت، وعدم صلاة الملائكة عليها كناية عن غضب الله عليها وطردها من رحمته، لأن الملائكة لا تصلى على من غضب الله عليه (تخريجه) أورده الهيثى وقال رواه أحمد وفيه أبو مراية ولم أجد من وثقه ولا جرحه وبقية رجاله ثقات، وأورده المنذرى وقال رواه أحمد وإسناده حسن ان شاء الله (قلت) وإنما قال المنذرى حسن إن شاء الله لأن أبا مراية أحد رجاله لم يذكره أحد بجرح وتعديل، والأصل تحسين الظن بالمسلم والله سبحانه وتعالى أعلم (78) عن أبى سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن ربيعة محمد بن الحسن يعنى ابن عطية العوفى عن أبيه عن جسده عن أبى سعيد - الحديث" (غريبه) (3) اللعن هو الطرد والأبعاد عن رحمة الله ولا يكون إلا على كبيرة، فالتائحة قد ارتكبت كبيرة بفعلها، والمستمعة ما استمعت إلا وهي راضية

صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم النَّائحة والمستمعة (79) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال شعبتان (1) من أمر الجاهليَّة لا يتركهما النَّاس أبدًا (2) النَّياحة والطَّعن في النَّسب (80) عن أبي مالك الأشعريَّ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم

_ عن فعل النائحة، والرضا بالمعصية معصية فاشتركتا فى اللعنة، نعوذ بالله من ذلك (ترخيجه) (د. هق) قال المذنرى وليس فى اسناده من ترك، ورواه البزار والطبرانى وزاد فيه "وقال ليس للنساء فى الجنازة نصيب" اهـ (79) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن ابن عجلان قال حدثنى سعيد عن أبى هريرة قال وسمعت أبى يحدث عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال أبى قلت ليحيى كلاهما عن النبى صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم، قال شعبتان الحديث (غريبه) (1) أى خصلتنا من خصال أهل الجاهلية، اى كان يفعلهما الناس فى الجاهلية قبل الاسلام (2) أى حتى فى الاسلام، احداهما النباحة، وتقدم الكلام عليها، والثانية الطعن فى النسب وهو ان ينسب الرجل لغير أبيه، وقد رواه مسلم عن أبى هريرة أيضا بلفظ "اثنتان فى الناس هما بهم كفر. الطعن فى النسب. والنياحة على الميت" ففى هذه الرواية اطلق اسم الكفر عليهما (قال النووى) وفيه أقوال، أصحها أن معناه هما من أعمال الكفار وأخلاق الجاهلية (قلت ويؤيده لفظ حديث الباب) قال (والثانى) أنه يؤدى الى الكفر (والثالث) أنه كفر النعمة والاحسان (والرابع) ان ذلك فى المستحل، وفى هذا الحديث تغليظ تحريم الطعن فى النسب والنياحة؛ وقد جاء فى كل واحد منهما نصوص معروفة والله أعلم اهـ (تخريجه) (م) وقد علمت لفظه، ورواه ابن حبان فى صحيحه والحاكم وقال صحيح الاسناد عن أبى هريرة بلفظ "قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الكفر بالله. شق الجيب. والنياحة. والطعن فى النسب" وفى رواية لابن حبان ثلاثة هى الكفر، وفى أخرى ثلاث من عمل الجاهلية لا يتركهن أهل الاسلام فذكر الحديث والله سبحانه وتعالى أعلم. (80) عن أبى مالك الأشعرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى ابن اسحاق ثنا موسى أخبرنى أبان بن يزيد عن يحيى بن أبى كثير عن زيد بن سلام عن أبي سلام

أربع من الجاهليَّة (1) لا يتركن، الفخر في الأحساب (2) والطَّعن في الأنساب (3) والاستسقاء بالنجوم (4) والنَّياحة، (5) والنَّائحة إذا لم تتب (6) قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سر بال (7) من قطران أو درع من جرب (8) (وعنه من طريق ثان) (9) أنَّ رسول الله صلي الله عليه وسلَّم قال إنَّ في أمَّتي أربعًا

_ عن أبي مالك الأشعري - الحديث" (غريبه) (ذ) أى من أفعال أهل الجاهلية وفى الطريق الثانيى "إن فى أمتى أربعًا من الجاهلية ليسوا بتاركيهن" أى فى غالب أمتى أو أكثرهن لا يتركهن بعضهم (2) أى الشرف بالآباء والتعاظم بمناقبهم كأن يقول أنا ابن فلام العالم أو الشجاع أو الكريم، فيحرم ذلك حيث قصد به الفخر على الغير والتكبر عليه (3) كأن يقول لغيره لست ابن فلان فهو كبيرة، ويقع كثيرًا أن يقال ليس فلان شريفا؛ فلان من أصل وضيع ونحو ذلك فهو كبيرة أيضا (4) أى اعتقاد أن نزول المطر بنجم كذا وتقدم بسط الكلام فيه فى آخر أبواب الاستسقاء فى الجزء السادس (5) أى على الميت كما فى الطريق الثانية، وهى رفع الصوت بالتحسر على الميت ونحو ذلك، أو ندبه وتعديد شمائله (6) فيه صحة التوبة من المكلف ما لم يمت ولم يصل إلى الغرغرة، وفيه دليل على تحريم النياحة وهو مجمع عليه (7) هو القميص جمعه سرابيل، أى لباسها قميض "من قطران" بكسر الطاء المهملة، وأصل القطران من شجر يسمى الأبهل فيطبخ ويدهن به الأبل الجرباء فيحرق الجرب بحرارته وهو الصق شئ بالنار، ويقال فيه قطران بفتح القاف وكسر الطاء وتسكينها، وبكسر القاف وتسكين الطاء، وقرأ عكرمة ويعقرب قوله تعالى "سرابيلهم من قطران" من قطر آن على كلمتين منونتين، والقطر بكسر القاف النحاس والصفر المذاب "والآن" الذى انتهى حره: قال تعالى {يطوفون بينهما وبين حميم آن" والمعنى أن سرابيلهم تكون من نحاس حار قد انتهى حره، وكذا روى عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن وقتادة (8) رواية مسلم والبيهقى "ودرع من جرب" بواو العطف وهى الرواية المشهورة ويؤيدها ما فى الطريق الثانية من الحديث، قال فى التنقيح "وقوله درع من جرب" أى درع من أجل جرب كائن بها، ودرع المرأة قميصها والسربال القميص مطلقا اهـ. وخص النأمحة بهذا الوعيد لأت النياحة مختصة بالنساء غالبا وهن لا ينزجرن انزجار الرجال فاحتجن إلى مزيد الوعيد، والله أعلم (9) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر على يعنى ابن المبارك عن يحيى بن أبي كثير

من الجاهليَّة ليسوا بتاركيهنَّ، الفخر بالأحساب، والطَّعن في الأنساب والإستسقاء بالنُّجوم، والنَّياحة على الميَّت، فإنَّ النَّائحة إن لم تتب قبل أن تموت فإنَّها تقوم يوم القيامة عليها سرابيل من قطران، ثمَّ يعلي عليها (1) درع من لهب النَّار (2) باب ما جاء في أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه (81) عن يحي بن عبد الرَّحمن بن حاطب عن أبن عمر رضي الله عنهما قال مر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بقبر فقال إنَّ هذا ليعذَّب الآن ببكاء أهله عليه، فقالت عائشة غفر الله لأبي عبد الرحمن (2) إنَّه وهل، إنَّ الله تعالى يقول

_ عن زيد بن سلام عن ابن سلام قال قال أبو مالك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - الحديث" (1) أى يجعل على ثيابها التى من قطران "درع" أى قميص من لهب النار، وهو كناية عن شدة عذابها، وأن لهب النار يطوقها كما يطوق القميص صاحبه، نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (م. هق. جه) وروى ابن ماجه نحوه أيضا من حديث ابن عباس (الأحكام) أحاديث الباب تدل على تحريم البكاء على الميث اذا صحبه نياحة أو ندب أو لطم خد. أو شق جيب. أو خمش وجه. أو نشر شعر. أو دعاء بالوبل والثبور (قال النووى) فكلها محرمة باتفاق الأصحاب وصرح الجمهور بالتحريم، ووقع فى كلام بعضهم لفظ الكراهة، وكذا وقع لفظ الكراهة فى نص الشافعى فى الأم، وحملها الأصحاب على كراهة التحريم (قلت وهو المتعين للوعيد الشديد فى ذلك) قال وقد نقل جماعة الاجماع فى ذلك، قال إمام الحرمين رحمه الله، ورفع الصوت بأفراط فى معنى شق الجيب (قال غيره) هذا إذا كان مختاراـ فان كان مغلوبا لم يؤاخذ لأنه غير مكلف اهـ ج (وفى أحاديث الباب) التغليظ الشديد فى أمر النائحة اذا لم تتب قبل موتها، لأنها مع ارتكابها هذه المعصية تحث غيرها فعليها مثل أوزار من اقتدة بها وعمل بعملها أو استمع لها، ويجب شرعا على ولى أمرها منعها من ذلك بكل الوسائل الممكنة والاَّ كان شريكها فى الاثم، نسأل الله السلامة (81) عن يحيى بن عبد الرحمن (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا محمد بن عمرو بن يحيى بن عبد الرحمن - الحديث" (غريبه) (2) تعنى ابن عمر رضى الله عنهما وقولها (انه وهل) بفتح الهاء أى ذهب وهمه الى ذلك، ويجوز أن

"ولا تزر وازرة وزر أخرى" إنَّما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّ هذا ليعذَّب الآن وأهله يبكون عليه (82) عن عائشة رضي الله عنها قالت قيل لها إنَّ ابن عمر يرفع إلى الله النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّ الميَّت يعذَّب ببكاء الحيَّ، قالت وهل أبو عبد الرَّحمن، إنَّما قال إنَّ أهل الميَّت يبكون عليه، وإنَّه ليعذَّب بجزمه (1) (وعنه من طريق ثان) (2) عن هشام بن عروة قال حدَّثني أبي أنَّ عائشة رضي الله عنها قالت له يا ابن أختي (3) إنَّ أبا عبد الرحمن تعني ابن عمر رضي الله عنهما أخطأ سمعه؛ إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ذكر رجلا يعذَّب في قبره بعمله وأهله يبكون عليه وإنَّها والله ما تزر وازرة وزر أخرى (83) عن عبد الله بن أبي بكر (4) عن أبيه عن عمرة أنَّها أخبرته أنَّها سمعت عائشة وذكر لها أنَّ عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول إنَّ الميَّت

_ يكون بمعنى سها وغلط يقال منه وهل فى الشئ وعن الشئ بالكسر يوهل وهلا بالتحريك (نه) (تخريجه) (ق. نس. هق. وغيرهم) بألفاظ مختلفة (82) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير ثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها قالت - الحديث" (غريبه) (1) بضم الجيم أة بذنبه، الجرم الذنب. وقد جرم واجترم وتجرم "نه" (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا همام قال ثنا هشام بن عروة قال حدثنى أبى "الحديث" (3) أى لأن عروة بن الزبير أمه أسماء بنت أبى بكر الصديق اخت عائشة رضى الله عنهم (تخريجه) (.ق. هق. والأربعة) (83) عن عبد الله بن أبى بكر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أن ثنا اسحاق قال حدثنى مالك عن عبد الله بن أبى بكر - الحديث" (غريبه) (4) هو عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصارى "وعمرة هي بنت

ليعذَّب ببكاء الحيَّ (1) فقالت عائشة يغفر الله لأبي عبد الرَّحمن (2) أما إنَّه لم يكذب، ولكنَّه نسي أو أخطأ، إنَّما مرَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على يهوديَّة يبكى عليها، فقال إنَّهم ليبكون عليها وإنَّها لتعذَّب في قبرها (84) عن أبي عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من نيح عليه فإنه يعذب بما نيح عليه (3) يوم القيامة (85) عن أبي الرَّبيع قال كنت مع ابن عمر في جنازة فسمع صوت

_ عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصارية المدنية (1) الظاهر أنه مقابل الميت، قيل ويحتمل القبيلة، واللام فيه بدل من الضمير (أى حبه) أى قبيلته فيرافق رواية ابن أبى مليكة ببكاء لأهله وستأتى، وفى رواية لمسلم "من يبكى عليه يعذب" ولفظها أعم، وفيه أنه ليس خاصا بالكافر (2) قالت ذلك عائشة رضى اله عنها وعبد الله بن عمر على قيد الحياة، ولا يتوهم منه أنها قالته بعد وفاته، لأن الدعاء بالمغفرة يكون للحى والميت، وقد توفيت السيدة عائشة قبل ابن عمر رضى الله عنهم، وكانت وفاتها فى 17 رمضان سنة ثمان وخمسين من الهجرة، وقد وافق اليوم والشهر الذى توفى فيه الأمان على بن أبى طالب رضى الله عنه حيت كانت وفاته فى رمضان 17 رمضان سنة أربعين، وكانت وفاة ابن عمر رضى الله عنهما فى رمضان أيضا سنة ثلاث وسبعين وعمره سبع وثمانون سنة رضى الله عنهم أجمعين، وقدّمت عائشة رضى الله عنها الدعاء لابن عمر دفعا لما يكره من نسبته الى النسيان أو الخطأ، وهذا من محاسن الآداب والأخلاق الكريمة (تخريجه) (ق. لك. نس. وغيرهم) (84) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن سعيد ابن عبيد عن عبادة بن الوليد ابن عبادة عن ابن عمر - الحديث" (غريبه) (3) أى بنظير ما يبيكه به أهله، لأن الأفعال التي يمدحونه به، وقيل معنى التعذيب توبيخ الملائكة له بما يندبه أهله به كما سيأتى فى حديث أبى موسى "إذا قالت النائحة وا عضداه وا ناصراه واكاسياه جبذ الميت، وقيل له أنت عضدها أنت ناصرها أنت كاسيها أو غير ذلك؛ والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (58) "عن أبى ربيع" هذا طرف من حديث تقدم بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه

إنسان يصيح فبعث إليه فأسكته، فقلت يا أبا عبد الرَّحمن لم أسكتَّه؟ قال إنَّه يتأذى به الميَّت حتَّى يدخل قبره الحديث (86) عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان الكافر من كفَّار قريش يموت فيبكيه أهله، فيقولون المطعم الجفان (1) المقاتل الَّذي (2) فيزيده الله عذابًا بما يقولون (3) (87) خط وعنها أيضًا أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال والَّي نفسي بيده إنَّهم ليبكون عليه، وإنَّه ليعذَّب في قبره بذنبه (4)

_ في الجزء الثاني ضحيفة 279 قم 173 فى باب وقت صلاة الصبح، فارجع اليه إن شئت (86) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة قال ثنا أبو الأسود أنه سمع عروة بن الزبير يحدث عن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) جمع جفنة بوزن سجدة وهى القصعة الكبيرة والرجل الكريم، كانت العرب تدعو السيد المطعام بالجفنة الغراء، فيقولون أنت الجفنة الغراء لأنه يضعها ويطعم الناس فيها، والغراء البيضاء، أى لأنها مملوءة بالشحم والدهن (2) هكذا بالأصل "المقاتل الذى فيزيده الخ" وكذلك فى مجمع الزوائد معزوِّا إلى الأمام أحمد كما هنا، ومعناه الذى يهزم الفرسان أو يأسر الشجعان أو نحو ذلك، وربما حذف ذلك العلم به، أو من سقط من الناسخ والله أعلم (3) أى بسبب قزولهم زيادة على عذاب الكفر، وهذا خاص بالكافر على رأى عائشة رضى الله عنها، وسيأتى الجمع بين هذه الأحاديث وكلام العلماء فيها فى الأحكام قريبا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وفى اسناده ابن لهيعة فيه كلام (87) "خط" وعنها أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله قال وجدت هذا الحديث فى كتاب أبى بخط يده حدثنا عبيد الله بن محمد التيمى وهو العيشى قال أنا حماد عن هشام ابن عروة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذى نفسى بيده - الحديث" (4) أى بسبب ما اقترفه من الذنوب فى الوقت الذى يبكون عليه فيه (وفى رواية لمسلم) عن عائشة قالت إنما رسول الله صلى الله عليه وسلم "انه ليعذب بخطيئته أو بذنبه، وان أهله ليبكون عليه الآن" (تخريجه) (م. وغيره)

(88) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال الميَّت يعذَّب في قبره بالنَّياحة عليه (89) عن أنس رضي الله عنه أنَّ عنر بن الخطَّاب رضي الله عنه لمَّا عوَّلت (1) عليه حفصة فقال يا حفصة أما سمعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول المعوَّل عليه يعذَّب؟ قال وعوَّل صهيب فقال عمر يا صهيب أما علمت أنَّ المعوَّل عليه يعذَّب (90) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال قال عمر أرسلو إليَّ طبيبًا ينظر إلى جرحي هذا (2) قال فأرسلوا إلى طبيب من العرب فسقي عمر

_ (88) عن عمر بن الخطاب رضى الى عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى ثنا شعبة قتادة عن سعيد بن المسيب عن ابن عمر عن عمر رضى الله عنه "الحديث" (تخريجه) (ق. نس. هق. وغيرهم) (89) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا ثابت عن أنس - الحديث" (غريبه) (1) بفتح العين المهملة وتشديد الواو، من عول للمبالغة اذا بكت رافعة صوتها، ومنه رجز عامر * قال * * وبالصياح عوّلو علينا * (نه) (تخريجه) (م. نس. هق) وله شاهد عند البخارة من حديث أبى موسى قال لما أصيب عمر رضى الله عنه جعل سهيب يقول وا أخاه فقال عمر أما علمت أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إن الميت ليعذب ببكاء الحى" (90) عن عبد الله بن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى صالح قال ابن شهاب فقال سالم فسمعت عبد الله بن عمر يقول قال عمر ارسلوا إلىّ طبيبا - الحديث" (غريبه) (2) يعنى الجرح الذى مات بسببه من طعنات أبى لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة، وسبب ذلك ما رواه ابن سعد بأسناد صحيح إلى الزهرى قال كان عمر لا يأذن لسبى قد احتلم فى دخول المدينة حتى كتب المغيرة بن شعبة وهو على الكوفة يذكر له غلاما عند صانعًا، ويستأذنه أن يدخله المدينة ويقول ان عنده أعمالا تنفع الناس، إنه حداد نقاش نجار؛ فأذن له فضرب عليه المغيرة كل شهر مائة، فشكى إلى عمر

نبيذًا (1) فشبَّه النَّبيَّذ بالدَّم حين خرج من الطَّعنة الَّتي تحت السُّرَّة، قال فدعوت طبيبًا آخر من الأنصار من بني معاوية، فسقاه لبنا فخرج اللبن من الطَّعنة صلدًا (2) أبيض، فقال له الطبيب يا أمير المؤمنين اعهد، فقال عمر صدقني أخو بني معاوية، ولو قلت غير ذلك كذَّبتك، قال فبكى عليه القوم حين سمعوا ذلك، فقال لا تبكوا علينا، من كان باكيًا فليخرج، ألم تسمعوا ما قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال يعذَّب الميَّت ببكاء أهله عليه، فمن أجل

_ شدة الخراج، فقال له ما خراجك بكثر فى جنب ما تعمل، فانصرف ساخطا، فلبث عمر ليالى فمرّ به العبد فقال "يعنى عمر" ألم أحدث أنك تقول لو أشاء لصنعت حى تطحن بالريح؟ فالتفت اليه عابسا فقال لأصنعن لك رحى يتحدث الناس بها، فأقبل عمر على من معه فقال توعدنى العبد، فلبث ليالى ثم اشتمل على خنجر ذى رأسين نصاله وسطه "أى مقبضه وسطه" ليطعن برأسيه، فكمن فى زوايا المسجد فى الغلس حتى خرج عمر يوقظ الناس الصلاة الصلاة، وكان عمر يفعل ذلك؛ فلما دنا منه عمر وثب اليه فطعنه ثلاث طعنات إحداهن تحت السرة قد خرقت الصفاق وهى التى قتلته (وفى حديث أبى رافع) كان أبو لؤلؤة عبدًا للمغيرة وكان يستغله أربعة دراهم أى كل يوم، فلقيي عمر فقال ان المغيرة أثقل علىّ، فقال اتق الله وأحسن اليه، ومن نية عمر أن يلقى المغيرة فيكلمه فيخفف عنه، فقال العبد وسع الناس عدله غيرى وأصرّ على قتله، فاصطنع له خنجرًا له رأسان وسمَّه فتحرى صلاة الغداة حتى قام عمر فقال أقيموا صفوفكم، فلما كبر طعنه فى كتفه وفى خاصرته فسقط، أفاده الحافظ (؛) قال الحافظ فى الفتح وفى رواية أبى إسحاق، فلما أصبح دخل عليه الطبيب، فقال أىّ الشراب أحب اليك؟ قال النبيذ، فدعا بنبيذ فشرب فخرج من جرحه، فقال هذا صديد، ائتوني بلبن فشربه فخرج من جرحه، فقال الطبيب أوص فانى لا أظنك إلا ميتا من يومك أو من غد، قال والمراد بالنبيذ المذكور تمرات بنذت فى ماء أى نقعت فيه، كانوا يصعنون ذلك لاستعذاب الماء اهـ (قلت) وسيأتى الكلام على ما يجوز من النبيذ وما لا يجوز فى كتاب الأشربة ان شاء الله تعالى "وقوله فشبه النبيذ بالدم" بضم الشين وكسر الباء الموحدة مشددة أى التبس أمره واشتبه عليه، ويؤيد ذلك رواية أبى رافع "فخرج النبيذ فل يدر أهو نبيذ أم دم (2) أى نقيا أبيض كما شربه لم يتغير

ذلك كان عبد الله لا يقر (1) أن يبكي عنده على هالك من ولده ولا غيرهم حدّثنا عبد الله حد ثني أبي ثنا إسماعيل حدّثنا أيوب عن عبد الله بن أبي ملكية، قال كنت عند عبد الله بن عمر ونحن ننتظر جنازة أم أبان ابنة عثمان بن عفان (2) وعنده عمر بن عثمان، فجاء أبن عباس يقوده قائده (3) قال فأراه أخبره بمكان أبن عمر، فجاء حتى جلس إلى جنبي وكنت بينهما (4) فإذا صوت من الدار، فقال أبن عمر سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، فأرسلها عبد الله مرسلة (5) قال ابن عباس كنا مع أمي المؤمنين عمر (6) حتى إذا كنا بالبيداء

_ (1) أي لا يقبل ولا يوافق على البكاء عنده على ميت سواء أكان من ولده أم من غيره (تخريجه) هو فى الصحيحين وغيرهما بمعناه لا بلفظه (91) حدثنا عبد الله (غريبة) (2) كان ذلك بمكة كما يستفاد من رواية البخارى من طريق ابن أبى مليكة أيضا قال "توفيت بنت لعثمان رضى الله عنه بمكة وجئنا لنشدها وحضرها ابن عمر وابن عباس - الحديث" (3) كان ذلك بعد أن عمى ابن عباس رضى الله عنهما "وقوله فأراه" بضم الهمزة أى فأظن أن عمرو بن عثمان أخبرا ابن عباس بمكان ابن عمر الخ (4) فيه دليل لجواز الجلوس والاجتماع لا تنظار الجنازة واستحبابه، وأما جلوس ابن أبى مليكة بين ابن عمر وابن عباس رضى الله عنهم وهما أفضل بالصحبة والعلم والفضل والصلاح والنسب والسن وغير ذلك مع أن الأدب أن المفضول لا يجلس بين الفاضلين إلا لعذر فمحمول على عذر، إما لأن ذلك الموضع أرفق بابن عباس، وإما لغير ذلك. قاله النووى (وقال الحافظ) الظاهر أن المكان الذى جلس فيه ابن عباس كان أرفق له من الجلوس بجنب ابن عمر أو اختار أن لا يقيم ابن أبى مليكة من مكانه ويجلس فيه للنهى عن ذلك اهـ (5) معناه أن ابن عمر أطلق فى روايته تعذيب الميت ببكاء الحى، ولم يقيده يهودى كما قيدته عائشة، ولا بوصية كما قيده آخرون، ولا قال ببعض بكاء أهله كما رواه أبو عمر (6) يعنى بمكة كما تقيده رواية البخارى عن ابن عباس بلفظ "صدرت مع عمر رضى الله عنه من مكة حتى إذا كنا بالبيداء "الحديث" وأصل البيداء المفازة التى لا شئ بها، وهى ها هنا اسم موضع

إذا هو برجل نازل في ظل شجرة، فقال لي أنطلق فأعلم من ذاك فانطلقت فإذا هو صهيب (1) فرجعت إليه فقلت إنك أمرتني أن أعلم، من ذاك؟ وإنه صهيب، فقال مروره فليلحق بنا، فقلت إن كان معه أهله، قال وإن كان معه أهله، وربما قال أيوب مرة فليلحق بنا، فلما بلغنا المدينة لم يلبث أمير المؤمنين أن أصيب (2) فجاء صهيب فقال وا أخاه واصحباه، فقال عمر ألم تعلم أو لم تسمع أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال، إن الميت ليعذب ببعض بكاء أهله عليه، فأما عبد الله (3) فأرسلها مرسلة، وأما عمر فقال ببعض بكاء، فأتيت عائشة رضي الله عنها فذكرت لها قول عمر (4) فقالت

_ مخصوص بين مكة والمدينة (1) بضم الصاد المهملة هو ابن سنان بن قاسط كانوا بأرض الموصل، فأغارت الروم على تلك الناحية فأخذته ضمن السبى وهو غلام صغير، فنشأ بالروم فاشتراه عبد الله بن جدعان بضم الجيم وسكون الدال المهملة التميمى فأتقه ثم أسلم بمكة، وهو من السابقين الأولين المعذبين فى الله تعالى، وهاجر إلى المدينة ومات بها سنة ثمان وثلاثين (2) يعنى بالجراحة التى جرح بها والتي مات فيها (3) يعنى ابن عمر "فأرسلها مرسلة" يعنى أنه قال فى روايته (ببكاء أهله) ولم يقيدها ببعض البكاء "وأما عمر رضى الله عنه فقيدها فى روايته ببعض بكاء أهله" وفسر العلماء هذا البعض الذى يعذب به الميت بما إذا صحبه نياحة، ومفهومه أن بعض البكاء لا يعذب به الميت، وهو الذى ليس فيه نياحة ونحوها، وحملوا ما جاء مطلقا من الأحاديث على هذا التفصيل (4) لفظ البخارى (قال ابن عباس رضى الله عنهما فلما مات عمر رضى الله عنه ذكره ذلك لعائشة رضى الله عنها) (قال الحافظ) فى قوله "قال ابن عباس فلما مات عمر رضى الله عنه ذكرت ذلك لعائشة رضى الله عنها) (قال الحافظ) فى قوله "قال ابن عباس فلما مات عمر الخ" هذا صريح فى أن حديث عائشة من رواية ابن عباس عنها، ورواية مسلم توهم أنه من رواية ابن أبى مليكة عنها والقصة كانت بعد موت عائشة لقوله فيها "فجاء ابن عباس يقوده قائده" فانه إنما عمى فى أواخر عمره، ويؤيد كون ابن أبى مليكة لم يحمله عنها أن عند مسلم فى أواخر القصة (قال ابن أبى مليكة) وحدثنى القاسم بن محمد قال لما بلغ عائشة قول ابن عمر، قالت إنكم لتحدثونى من غير كاذبين ولا مكذبين، ولكن السمه يخطئ، وهذا يدل على أن ابن عمر كان

لا والله ما نال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن الميت يعذب ببكاء أحد (1) ولكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال، إن الكافر يزيده الله عز وجل ببكاء أهله عذابًا (2) وإن الله لهو أضحك وأبكى، ولا تزر وازرة وزر أخرى، قال أيوب (3) وقال أن أبي مليكة حدثني القاسم، قال لما بلغ عائشة رضي الله عنها قول عمر وابن عمر قالت إنكم لتحدثوني عن غير كاذبين ولا مكذبين

_ قد حدث به مرارًا اهـ (1) وجه جزم عائشة بذلك أنها لعلها سمعت صريحًا من رسوله صلى الله عليه وسلم اختصاص العذاب بالكافر، أو فهمت الاختصاص بالقرائن "وقولها لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم "يجوز تسكين النون من لكن وتشديدها (2) لفظ البخارى ومسلم (إن الله ليزيد الكافر عذابا ببكاء أهله عليه زقالت حسبكم القرآن {ولا تزر وازرة وزر أخرى} قال ابن عباس عند ذلك والله هو أضحك وأبكى) وظاهر حديث الباب أن القائل "والله هو أضحك وأبكى" هى عائشة، وظاهر رواية الشيخين أن القائل ذلك هو ابن عباس، فيحتمل أن كليهما قاله فاقصتر فى حديث الباب على قول عائشة، واقتصر فى رواية الشيخين على قول ابن عباس، والله أعلم (قال الحافظ قوله قال ابن عباس عند ذلك) أى عند انتهاء حديث عن عائشة "والله هو أضحك وأبكى" أى العبرة لا يمكلها ابن آدم ولا تسبب له فيها، فكيف يعاقب عليها فضلا عن الميت، وقال الداودى معناه أن الله تعالى أذن فى الجميل من البكاء فلا يعذب على ما أذن فيه (وقال الطيبى) غرضه تقرير قول عائشة أى إن بكاء الانسان وضحكه من الله يظهره فيه فلا أثر له فى ذلك اهـ (3) هذه الجملة من قوله قال أيوب إلى آخر الحديث ليست عند البخارى، وثبتت عند مسلم كما هنا، وعند البخارى بدلها "قال ابن أبى مليكة، والله ما قال ابن عمر رضى الله عنهما شيئا" (قال الحافظ) قال الطيبى وغيره - ظهرت لابن عمر رضى الله عنهما شيئا" (قال الحافظ) قال الطيبى وغيره - ظهرت لابن عمر الحجة فسكت مذعنا "وقال الزين بن المنير" سكوته لا يدل على الاذعان، فلعله كره المجادلة فى ذلك المقام (وقال القرطبى) ليس سكوته لشك طرأ له بعدما صرح برفع الحديث، ولكن احتمل عنده أن يكون الحديث قابلا للتأويل ولم يتعيم له محمل يحمل عليه إذ ذاك؛ أو كان المجلس لا يقبل المهاراة ولم تتعين الحاجة إلى ذلك حينئذ؛ ويحتمل أن يكون ابن عمر فهم من استشهاد ابن عباس بالآية قبول روايته لانها يمكن أن يتمسك بها فى أن لله أن يعذب بلا ذنب، فيكون بكاء

ولكن السمع يخطئ (1) عن علي بن ربيعة ألأسدي قال مات رجل من الأنصار يقال له قرظه بن كعب (2) فنيح عليه (وفي رواية إن أول من نيح عليه بالكوفة قرظه بن كعب الأنصاري) فخرج المغيرة بن شعبة رضي الله عنه، فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال ما بال النوح في الإسلام، أما إني سمت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول إن كذبًا على ليس ككذب على أحد (3) ألا ومن كذب على متعمدًا فليتبوأ مقعده من النار، ألا وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول، من ينح (4)

_ الحي علامة لذلك أشار الى ذلك الكرمانى اهـ (1) تعنى أن عمر وابنه رضى الله عنهما لم يتعمدا الكذب فينا قالا، لأنها تنزههما عن ذلك وتشهد لهما بالصدق، الا أن سمعهما أخطأ فحدثنا بما ظناه صوابا (تخريجه) (ق. هق. وغيرهم) (92) عن على بن ربيعة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قران بن تمام عن سعيد بن عبيد الطائى عن على بن ربيعة الأسدى - الحديث" (غريبة) (2) قرظة بفتحتين وظاء مشالة بن كعب بن ثعلبة بن عمرو بن كعب الأنصارى الخزرجى قال البخارى له صحبة، وقال البغوى سكنالكوفة، وقال ابن سعد أمه خليدة بنت ثابت ابن سنان وهو أخو عبد الله بن أنيس لأمه، وشهد قرظة احدا وما بعدها، وكان ممن وجهه عمر إلى الكوفة يفقه الناس اهـ، ومات فى خلافة معاوية حين كان المغيرة بن شعبة أميرًا على الكوفة (قال الحافظ) وكانت امارة المغيرة على الكوفة من قبل معاوية من سنة احدى وأربعين الى أن مات وهو عليها سنة خمسين اهـ (3) أتى بحديث "إن كذبا على ليس ككذب على أحد اله" ليثبت به أن ما سيذكره من حديث النوح من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأنه يقول لهم لا تشكوا فى أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من ينح عليه يعذب بما نبح به عليه" لأنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان كذبا على الخ، فلا يجوز بعد هذا أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقدم الكلام على أحاديث الكذب على النهى صلى الله عليه وسلم فى باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آخر كتاب العلم صحيفة 177 (4) ضبطه

عليه يعذب بما نيح به عليه عن أسيد بن أبي أسيد عن موسى بن أبي موسى الأشعري عن أبيه رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال، ألميت يعذب ببكاء الحي عليه، إذا قالت النائحة وا عضداه، وا ناصراه، وا كاسياه، جبذ (1) الميت وقيل له أنت عضدها، أنت ناصرها، أنت كاسيها، فقلت سبحان الله يقول الله عز وجل ولا تزر وازرة وزر أخرى، فقال ونحك، أحدثك عن أبي موسى عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وتقول هذا؟ فأينا كذب؟ فو الله ما كذبت على أبي موسى ولا كذب أبو موسى على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

_ الأكثر بضم أوله وفتح النون وجزم المهملة على أن من شرطية، وروى بكسر النون وسكون التحتاتية وفتح المهملة؛ وفى رواية الكشمينى من يناح، على أن من موصولة، أفاده الحافظ (تخريجه) أخرجه البيهقى تاما بنحو حديث الباب، والبخارى من أول قول المغيرة سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول "إن كذبا الخ" ومسلم عن على بن ربيعة قال "أول من نيح عليه بالكوفة قرظة بن كعب" فقال المغيرة بن شعبة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من نيح فانه يعذب بما نيح عليه يوم القيامة" والترمذى بنحو حديث الباب؛ عدا حديث الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم (93) عن أسيد بن أبى أسيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر قال ثنا زهير عن أسيد بن أبى أسيد - الحديث" (غريبه) (1) قال فى المصباح: جبذه جبذا من باب ضرب مثل جذبه جذبا، قيل مقلوب منه لغة تميم وأنكره ابن السراج، وقال ليس أحدهما مأخوذا من الآخر، لأن كل واحد متصرف فى نقصه اهـ (تخريجه) (جه) وأخرجه الترمذى أيضًا من رواية أسيد بن أبى أسيد أن موسى بن أبى موسى الأشعرى أخبره عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "ما من ميت يموت فيقوم باكيه فيقول. وا جبلاه. وا سنداه. أو نحو ذلك إلا وكل به ملكان يلهزانه "أى يضربانه" أهكذا كنت؟ أى يقولان له ذلك توبيخًا وتقريعًا (قال الترمذى) هذا حديث حسن غريب (قال الحافظ) فى التلخيص، ورواه الحاكم وصححه وشاهده فى الصحيح عن النعمان ابن بشير، قال "أغمى على عبد الله بن رواحة فجعلت أخته تبكى وتقول. وا جبلاه

واكذا. واكذا. فلما أفاق قال: ما قلت شيئا الا قيل لى أنت كذا؟ فلما مات لم تبك عليه اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل بظاهرها على أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه وقد اختلفت أنظار العلماء فى ذلك، فذهب إلى الأخذ بظاهر هذه الأحاديث جماعة من السلف منهم عمر وابنه رضى الله عنهما، وروى عن أبى هريرة رضى الله عنه أنه ردَّ هذه الأحاديث وعارضها بقوله عز وجل {ولا تزر وازرة وزر أخرى} وروى عنه أبو يعلى أنه قال: تالله لئن انعالمق رجل مجاهد فى سبيل الله فاستشهد فعمدت امرأته سفها وجهلا فبكت عليه ليعذبن هذا الشهيد بذنب هذه السفيهة، وإلى هذا جنح جماعة من الشافعية منهم الشيخ أبو حامد وغيره (وذهب جمهور العلماء) إلى تأويل هذه الأحديث لمخالفتها للعمومات القرآنية وإثباتها لتعذيب من لا ذنب له، واختلفوا فى التأويل (فذهب جمهورهم) كما قال النووى إلى تأويلها بمن أوصى أن يبكى عليه ويناح بعد موته فنفذت وصيته، فهذا يعذب ببكاء أهله عليه ونوحهم لأنه بسبه ومنسوب اليه، قالوا فأما من بكى عليه أهله وناجوا من غير وصية منه؛ فلا يعذب ببكائهم ونوحهم لقوله تعالى {ولا تزر وازرة وزر أخرى} قالوا وكان من عادة العرب الوصية بذلك، ومنه قول طرفة بن العبد إذا مت فانعبنى بما أنا أهله _ وشقى على الجيب يا ابنة معبد قالوا فخرج الحديث مطلقا حملا على ما كان معتادًا لهم (قال الحافظ) رحمه الله واعترض بأن التعذيب بسبب الوصية يستحق بمجرد صدور الوصية، والحديث دال على أنه يقع وقوع الامتثال (والجواب) أنه ليس فى السياق حصر، فلا يلزم من وقوعه عند الامتثال أن لا يقع اذا لم يمتثلوا مثلا اهـ (وقالت طائفة) هو محمول على من أوصى بالبكاء والنوح أو لم يوص بتركهما، فمن أوصى بهما أو أهمل الوصية بتركهما يعذب بهما لتفريطه باهماله الوصية بتركهما، فأما من أوصى بتركهما فلا يعذب بهما إذ لا صنع له فيهما ولا تفريط، وحاصل هذا للقول إيجاب الوصية بتركهما، فمن أهملها عذب بهما (ومن التأويلات) ما حكاه الخطابى أن المراد أن مبدأ عذاب الميت يقع عند بكاء أهله عليه، وذلك أن شدة بكائهم غالبًا إنما تقع عند دفنه، وفى تلك الحال يسأل ويبتدأ به عذاب القبر، فيكون معنى الحديث على هذا أن الميث يعذب بحال بكاء أهله عليه، ولا يلزم من ذلك أن يكون بكاؤهم سببا لتعذيبه (قال الحافظ) ولا يخفى ما فيه من التكلف، ولعل قائله أخذه من قول عائشة إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه ليعذب بمصيبته أو بذنبه، وإن أهله ليبكون عليه الآن، أخرجه مسلم اهـ "قلت والأمام أحمد أيضا وهو فى أحاديث الباب" (ومنها) ما جزم به القاضى أبو بكر الباقلانى وغيره أن الراوى سمع بعض

الحديث ولم يسمع بعضه، وأن اللام فى الميت لمعهود معين (واحتجو بحديث) عائشة المذكور فى الباب أنها قالت "يغفر الله لأبى عبد الرحمن، أما إنه لم يكذب ولكنه نسى أو أخطأ، إنما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على يهودية فذكرت الحديث" وأخرجه الشيخان أيضا (ومنها) أن ذلك يختص بالكافر دون المؤمن، واستدل لذلك بحديث عائشة المذكور فى الباب أيضا (قال الحافظ) وهذه التأويلات عن عائشة متخالفة، وفيها اشعار بأنها لم ترد الحديث بحديث آخر بل نم استشعرت من معارضة القرآن (قال القرطبى) إنكار عائشة ذلك وحكمها على الراوى يالتخطئة والنسيان أو على أنه سمع بعضا أو لم يسمع بعضا بعيد، لأن الرواة لهذا المعنى من الصحابة كثيرون وهم جازمون فلا وجه للنفى مع إمكان حمله على محمل صحيح (ومنها) أنه يعذب بسبب الأمور التى يبكيه أهله بها ويندبونه بتعديد شمائله ومحاسنه فى زعمهم، وتلك الشمائل قبائح فى الشرع فيعذب بها كما كانوا يقولون يا مرمّل النسوان. ومؤتم الولدان. ومخر العمران. ومفرق الأخذان. ونحو ذلك مما يرونه شجاعة وفخرا وهو حرام شرعا (وهذا اختيار ابن حزم وطائفة) واستدلوا بما فى حديث ابن عمر عند البخارى، إن الله لا يعذب بدمع العين ولا يحز نالقلب، ولكن يعذب بهذا وأشار إلى لسانه، وقد رجح هذا الاسماعيلى (ومنها) أن معنى التعذيب توبيخ الملائكة له بما يندبه أهله، وبدل على ذلك حديث أبى موسى وحديث النعمان بن بشير اللذين فى اللباب (ومنها) أن معنى التعذيب تألم بما قع من أهله من النياحة وغيرها (وهذا اختيار أبى جعفر الطبرى) ورجحه ابن المرابط والقاضى عياض ومن تبعه، ونصره ابن تيمية وجماعة من المتأخرين، واستدلوا لذلك بما أخرجه ابن أبى خيثمة وابن أبى شيبة والطبرانى وغيرهم من حديث قيلة بنت مخرمة وهى بفتج القاف وسكون التحتانية وابوها بفتح الميم وسكون المعجمة ثقفية "قلت يا رسول الله قد ولدته فقاتل معك يوم الربذة ثم اصابته الحمى، فمات وترك علىَّ البكاء، فقال رسول صلى الله عليه وسلم أيغلب أحدكم ليبكى فيستعبر اليه صويحبه، فيا عباد الله لا تعذبوا موتاكم" (قال الحافظ) وهذا طرف من حديث طويل حسن الاسناد (أخرجه ابن أبى خيثمة وابن أبى شيبة والطبرانى وغيرهم) وأخرج أبو دواد والترمذى أطرافا منه (قال الطبرى) ويؤيد ما قاله أبو هريرة ان أعمال العباد تعرض على أقربائهم من موتاهم، ثم ساقه باسناد صحيح اليه، وشاهده حديث النعمان ابن بشير مرفوعا، أخرجه البخارى فى تاريخه وصححه الحاكم (قال ابن المرابط) حديث قبلة نص فى المسأله فلا يعدل عنه، واعترضه ابن رشيد بأنه ليس نصا؛ وإنما هو محتمل

فإن قوله فيستعير اليه صويحبه ليس نصا فى أن المراد به الميت، بل يحتمل أن يراد به صاحبه الحى، وأن الميت يعذب حيمئذ ببكاء الجماعة عليه (قال) ويحتمل أن يجمع بين هذه التوجيهات فينزل على اختلاف الأشخاص بأن يقال مثلا من كانت طريقته النوح فمشى أهله على طريقته أو بالغ فأوصاهم بذلك عذب بصنعه، ومن كان ظالما فندب فأفعاله الجائزة عذب بما ندب به، ومن كان يعرف من أهله النياحة فأهمل نهيهم عنها فان كان راضيا بذلك التحقق بالأول، وإن كان غير راض عذب بالتوبيخ كيف أهمل النهى، ومن سلم من ذلك كله واحتاط فنهى أهله عن المعصية ثم خالقوه وفعلوا ذلك كان تعذيبه تألمه بما يراه منهم من مخالفة أمره وإقدامهم على معصية ربهم، والله تعالى أعلم بالصواب (قال وحكى الكرمانى) تفصيلا آخر وحسنه، وهو التفرقة بين حال البرزخ وحال يوم القيامة، فيحمل قوله تعالى {ولا تزر وازرة وز أخرى} على يوم القيامة، وهذا الحديث وما أشبهه على البرزخ، ويؤيد ذلك أن مثل ذلك يقع فى الدنيا والأشارة اليه بقوله تعالى {واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة} فانها دالة على جواز وقوع التعذيب على الأنسان بما ليس له فيه تسبب، فكذلك يمكن أن يكون الحال فى البرزخ بخلاف يوم القيامة، والله أعلم اهـ (وقال الشوكانى) أنت خبير بأن الآية عامة، لأن الوزر المذكور فيها واقع فى سياق النفى والأحاديث المذكورة فى الباب مشتملة على وزر خاص، وتحصيص العمومات القرآنية بالأحاديث الآحادية هو المذهب المشهور الذى عليخ الجمهور، فلا وجه لما وقع من ردّ الأحاديث بهذا العموم، ولا ملجئ إلى تجشم المضايق لطلب التأويلات المتبعدة باعتبار الآية (وأما ما روته عائشة) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ذلك فى الكافر أو فى يهودية معينة فهو غير مناف لرواية غيرها من الصحابة، لأن روايتهم مشتملة على زيادة؛ والتنصيص على بعض أفراد العام لا يوجب نفى الحكم عن بقية الأفراد لما تقرر فى الأصول من عدم صحة التخصيص بموافق العام، والأحاديث التى ذكر فيها تعذيب مختص بالبرزخ أو بالتألم أو بالاستعبار كما فى حديث قيلة لا تدل على اختصاص التعذيب المطلق فى الأحاديث بنوع منها، لأن التنصيص على ثبوت الحكم لشئ دون مشعر بالاختصاص به لا ينافى ثبوته لغيره، فلا إشكال من هذه الحيثية، وإنما الأشكال فى التعذيب بلا ذنب؛ وهو مخالف لعدل الله وحكمته على فرض عدم حصول سبب من الأسباب التي يحصن عندها فى مقتضى الحكمة كالوصية من الميت بالنوح وإهمال نهيهم عنه والرصا به، وهذا يؤول إلى مسألة التحسين والتقبيح، والخلاف فيها بين طوائف المتكلمين معروف، ونقول ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه، فسمعنا وأطعنا ولا نزيد على هذا اهـ (فائدة) حكى النووى فى المجموع إجماع العلماء على اختلاف مذاهبهم أن المراد بالبكاء الذي يعذب

(3) باب الرخصة في البكاء من غير نوح عن أبن عباس رضي الله عنهما قال لما مات عثمان بن مظعون رضي الله عنه قالت امرأة (1) هنيئا لك الجنة عثمان بن مظعون "وفي رواية قالت امرأته هنيئا لك يابن مظعون بالجنة" فنظر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إليها نظر غضب (2) فقال وما يدريك قالت يا رسول الله فارسك وصاحبك؛ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والله إني رسول الله وما أدرى ما يفعل بي (وفي رواية ولا به) (3) فأشفق الناس على عثمان (4) فلما ماتت زينب (وفي رواية رقية) ابنة رسول الله

_ الميت عليه هو البكاء بصوت ونياحة لا بمجرد دمع العين. والله أعلم (94) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (1) أبهم المرأة القائلة فى هذه الرواية؛ وفى الرواية الثانية نسب القول لامرأة عثمات بن مظعون فتكون هى المرأة المبهمة فى الرواية الأولى، لكن ثبت فى رواية البخارى أن أم العلاء امرأة من الأنصار، كان يسكن عثمان فى بيتها وتوفى فيها قالت نحو ذلك، فيحتمل أن كلتيهما شهدت له، ولا مانع من ذلك (2) إنما غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنها أخبرت بشئ مغيب لا يعلمه إلا الله عز وحل، ففيه شبه جراءة على الرجم بالغيب، فغضب النبى صلى الله عليه وسلم لذلك وأفهمها أن العبد مهما بلغت درجته لا يمكنه أن يعلم شيئا من الغيب الا بتوقيف من الله عز وحل، فالواجب أن يقف الانسان عند حده (3) فى مسند عبد بن حميد من طريق عبد الرازق لفظ "فو الله ما أدرى ما يفعل بى ولا بكم" (قال الحافظ) وإنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك موافقة لقوله تعالى فى سورة الأحقاف "قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدرى ما يفعل بى ولا بكم" زكان ذلك قبل نزول قوله تعالى {ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} لأن الأحقاف مكية، وسورة الفتح مدينة بلا خلاف فيهما، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قال "أنا أول من يدخل الجنة" وغير ذلك من الأخبار الصريحة فى معناه، فيحتمل أن يحمل الأثبات فى ذلك على العلم المجمل، والنفى على الاحاطة من حيث التفصيل اهـ (4) فى رواية أخرى عند الامام أحمد من حديث ابن عباس أيضا، فاشتد ذلك على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال ذلك لعثمان، وكان من خيارهم حتى ماتت رقية ابنة رسول الله

(صلى الله عليه وسلم) (1) قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحقي بسلفنا الصالح الخير (2) عثمان بن مظعون، فبكت النساء، فجعل عمر يضربهن بسوطه (3) فأخذ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيده وقال مهلًا يا عمر، ثم قال ابكيز وإياكن ونعيق الشيطان (4) ثم قال إنه مهما كان من العين والقلب فمن الله عز وجل ومن الرحمة، وما كان من اليد واللسان فمن الشيطان (5) (وعنه من طريق ثان مثله) (6) وزاد بعد قوله "فمن الشيطان" وقعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على شفير القبر وفاطمة إلى جنبه تبكي، فجعل النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يمسح عين فاطمة بثوبه رحمة لها

_ صلى الله عليه وسلم - الحديث" (1) لم أقف على شئ من الأحاديث يرجح إحدى الروايتين على الأخى ويعين المتوفية منهما على التحقيق، والله أعلم (2) هذا ثناء من النبى صلى الله عليه وسلم على عثمان بن مظعون رضى الله عنه، ويستفاد منه أنه من المقبولين عند الله المغفور لهم، وفيه اطمئنان لمن أشفقوا عليه عند قول رسول الله صلى الله عليه وسلم "والله إنى رسول الله وما أدرى ما يفعل بى ولا به" وأن الله عز وجل أطلع نبيه صلى الله عليه وسلم بعد ذلك على منزلة ابن مظعون رضى الله عنه (3) الظاهر أن بكائهن كان بصوت لكن لا برفعه، فنهاهن عمر حتى لا ينجو إلى النياحة، فأمره صلى الله عليه وسلم بتركهن وأظهر عذرًا لهن بأنَّ قرب عهد المصيبة يجلب شدة الحزن للقلب وهو يجلب دمع العين، ومع هذا فقد حذرهن النبى صلى الله عليه وسلم من النياحة (4) هو النوح والصراخ المنهى عنه بالأحاديث التى مصت فى الباب السابق (5) فيه دليل على جواز البكاء المجرد عما لا يجوز من فعل اليد كشق الجيب واللطم، ومن فعل اللسان كالصراخ ودعوى الجاهلية كالويل والثبور ونحو ذلك (6) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد وحسن بن موسى فالا ثنا حماد عن على بن زيد قال أبى حدثناه عفان ثنا أبن لسمة أنا على بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس - الحديث" مثل ما تقدم وزاد بعد قوله "فمن الشيطان" وقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه كاملا بهذا السياق لغير الأمام أحمد (وروى البخارى منه) قصى ابن مظعون قال حدثنا يحيى بن بكير حدثنا الليث عن عقيل عن ابن شهاب قال أخبرنى خارجة بن زيد ابن ثابت أن أن العلاء امرأة من الأنصار بايعت النبى صلى الله عليه وسلم أخبرته أنه أقسم المهاجرون قرعة فطار لنا عثمان بن مظعون فأنزلناه فى أبياتنا فوجع وجعه الذي توفي فيه، فلما توفي

(95) عن أنس بن مالك رضي الله عنه في قصة موت إبراهيم بن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال فجاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فدعا بالصبي فضمه إليه، قال أنس فلقد رأيته بين يدي رسول الله (صلى الله عليه سلم) وهو يكيد بنفسه (1) قال فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تدمع العين، ويحزن القلب، ولا نقول إلا ما يرضي

_ وغسل وكفن فى أثوابه دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت رحمة الله عليك أبا السائب فشهادتى عليك لقد أكؤمك الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وما يدريك أن الله قد أكرمه؟ فقلت بأبى أتا يا رسول الله فمن يكرمه الله؟ فقال أما هو فقد جاءه اليقين، والله انى لأرجو له الخير، والله ما أدرى وأنا رسول الله ما يفعل بى، قالت فوالله لا أزكى أحدا بعده أبدًا - زاد فى رواية أخرى - وأحزننى ذلك قالت فنمت فأريت لعثمان عبنًا تجرى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال ذلك عمله" (وأخرج النسائى منه) نحو الجزء المختص بقصة عمر مع النساء من حديث أبى هريرة قال "مات ميت من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجتمع النساء يبكين عليه فقام عمر ينهاهم ويطردهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهن يا عمر فان العين دامعة والقلب مصاب والعهد قريب" وروى البيهقى عن ابن عباس قال بكت النساء على رقية فجعل عمر ينهاهن - الحديث" (95) (عن أنس بن مالك) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده فى الباب السادس عشر فى ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم من القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (غريبه) (1) أى يسوق بها وقيل معناه يقارب بها الموت، وقال أبو مروان ابن سراج قد يكون من الكيد وهو القئ، يقال منه كاد يكبد شبَّه تقلع نفسه عند الموت بذلك - وفى رواية للبخارى - يجود بنفسه أى يخرجها ويدفعها كما يدفع الانسان دمعها، فقال عبد الرحمن بن عوف وأنت يا رسول الله؟ فقال يا ابن عوف إنها رحمة، يعنى أن ما تراه يا ابن عوف من دمع العين والبكاء هو رحمة أودعها اللع قلوب عباده المؤمنين تنشأ عن رثة القلب وكثرة العطف خصوصا على الأولاد لا على ما توهمت من الجزع (قال الحافظ) ووقى فى حديث عبد الرحمن بن عوف نفسه فقلت يا رسول الله تبكى؟ أو ل تنه عن البكاء؟ وزاد فيه - إنما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين صوت عند نغمة لهو ولعب ومزامير الشيطان. وصوت عند مصيبة. خمش وجوه. وشق جيوب. ورنة شيطان؛ قال إنما هذا رحمة ومن لا يرحم لا يرحم، وعند عبد الرازق من مرسل مكحول إنما أنهى الناس عن

ربنا عز وجل (1) والله إنا بك يا إبراهيم لمحزونون وعنه أيضًا أن فاطمة رضي الله عنها بكت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت يا أبتاه (2) من ربه ما أدناه يا أبتاه إلى جبريل نعاه (3) يا أبتاه جنة الفردوس مأواه (4)

_ النياحة أن يندب الرجل بما ليس فيه اهـ (1) قال الحافظ فى حديث عبد الرحمن بن عوف ومحمود بن لبيد ولا نقول ما يسخط الرب، وزاد فى حديث فى آخره لولا أنه أمر حق. ووعد حق. ووعد صدق. وسبيل نأتيه، وان آخرنا سيلحق بأولنا لحزنًا عليك حزنا هو أشد من هذا اهـ "وقوله إناَّ بك" أى بفراقك لمحزونون يا إبراهيم، وحزنه صلى الله عليه وسلم كان بحكم الطبيعة البشرية ومما ليس فى قدرة الانسان منعه، وهذا ليس محظورًا فى الشرع إلا أن صحبه رفع صوت وعويل ونحو ذلك، وخاطبه صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمات مع انه لم يكن يفهم الخطاب الصغره واحتضاره ليبين للحاضرين أن مثل هذا القول ليس داخلا فى النهى عن البكاء برفع الصوت (تنبيه) تقدم تحقيق يوم وفاة ابراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم ومدة عمره فى شرح الحديث الأول من الباب الأول من أبواب الكسوف فى الجزء السادس فارجع اليه (تخريجه) (ق. هق. والأربعة وغيرهم) (96) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن ثابت البنائى عن أنس بن مالك أن فاطمة رضى الله عنها - الحديث" (غريبه) (2) أصله يا أبى والتاء الفوقية بدل من الياء التحتية والألف للندبة والهاء للسكت "وقولها من ربه ما أدناه" الجار والمجرور متعلق بقوله أدناه أى أىّ شئ جعله قريبا من ربه بصيغة التعجب (3) أى أخبر بموته ورواية البخارى "الى جبريل ننعاه" بفتح النون الأولى وسكون الثانية والى جارّ (قال الحافظ) قبل الصواب "إلىَّ جبريل نعاه" جزم بذلك سبط بن الجوزى فى المرآة، والأول متوجه فلا معنى لتغلي الرواية بالظن (قلت وقوله متوجه) أى له وجه هو أنه لا يلزم أن الاخبار بالموت أنما يكون لغير العالم به، يل قد يذكر للعالم به تأسفًا على ما فقده من خصاله المحمودة وتذكيرًا لما بينهما من المحبة والصلة والله أعلم (4) أى منزله صلى الله عليه وسلم وزاد البخارى فى روايته قال "فلما دفن ثالت فاطة عليها السلام يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب" وستأتى هذه الزيادة للأمام أحمد أيضا فى وفاته صلى الله عليه وسلم ودفنه من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله تعالى، ومعناه كيف طابت أنفسكم على حثوا التراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شدة صحبتكم له، وسكت أنس عن الجواب لها رعاية وتأدبا ولسان حاله يقول

(97) عن عبد الله بن عيسى عن جابر بن عتيك (1) عن

_ قلوبنا لم تطب بذلك؛ ولكنا قهرنا على فعله امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (خ جه. هق. طب) (97) عن عبد الله بن عيسى عن جابر بن عتبك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو نعيم ثنا اسرائيل عن عبد الله عن جابر عن عتيك عن عمر - الحديث" (غريبه) (1) فى الأصل عن جبير بن عتيبك بالتصغير، ولم أجد فى كتب الرجال من يدعى جبير بن عتيك لا من الصحابة ولا من غيرهم، والمشهور جابر بن عتيك، وكلهم أعنى أصحاب السنن الأربعة وغيرهم من أصحاب الأصول رووا نحو هذا الحديث عن جابر بن عتيك؛ وهو صحابى مشهور شهد بدرا والمشاهد، ذكره الحافظ فى الاصابة وذكر له حديث الباب وأحاديث أخرى من طرق متعددة، م قال فهذه الأحاديث تبين أن اسمه جابر، قال وصحح الدمياطى أن اسمه جبر، وجزم غيره كالبغوى بأن جبرا أخوه وقد جزم ابن اسحاق وغيره بأن جبر بن عتيك شهد بدرا اهـ (قلت) وفةكتب الرجال أيضا أن جبرا أخو جابر هو صحابى، وإلى هنا لى أن لفظ جبير بالتصغير الموجود بالأصل خطأ، ولكن هل الصوتب جابر أو جبر؟ الراجح أنه جابر لأمور أربعة (أولها) أنى لم أقف لجبر على رواية عند أحد من أصحاب الأصول (ثانيها) أن جبرا لم يكن له مسند عند الأمام أحمد، بل لم أجد فى مسند الأمام أحمد جميعه مسندا لأحد من الصحابة يدعى جبرا، إنما الموجود فيه مسند جابر بن عتبك ومنه حديث الباب، فوجوده فى مسند جابر بن عتيك يرجح أن اسم راويه جابر لا جابر (ثالثها) أن الأمام مالكا والنسائى والحاكم رووه عن جابر بن عتيك مطولا "فقالت ابنته والله إنى كنت أرجوا أن تكون شهيدا فانك قد كنت قضيت جهازك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أوقع الله أجره على قدر نيته، وما تعدون الشهادة؟ قالوا القتل فى سبيل الله عز وجل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهادة سبع سوى القتل فى سبيل الله عز وجل، المطعون شهيد. والمبطون شهيد. والغريق شهيد وصاحب الهدم شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، وصاحب الحرق شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة" وقوله بضم الجيم بمعنى المجموع وجوز كسر الجيم، وهى التى تموت فى النفاس وولدها فى بطنها لم تلده وقد تم خلقه، وقيل هى التى تموت بكرا فانها ماتت مع شئ مجموع فيها غير منفصل عنه من حمل أو بكارة "وهذه الزيادة" رواها الأمام أحمد حديثا مستقلا عن جابر بن عتيك أيضا ولفظه أن عبد الله بن ثابت رضى الله عنه لما مات قالت ابنته والله إن كنت لأرجو أن تكون شهيدا الخ "الحديث؟ " كما رواه (لك. نس. ك)

عمر (1) قال دخلت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على ميت من الأنصار (2) وأهله يبكون، فقلت أتبكون (3) وهذا رسول الله صلي الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دعهن يبكين ما دام عندهن (4) فإذا وجبت فلا يبكين، فقال جابر فحدثت به عمر بن حميد القرشي، فقال ماذا وجبت؟

_ وسيأتي ذلك فى باب جامع الشهداء من كتاب الجهاد ان شاء الله تعالى (رابعها) قال الراوى فى حديث الباب نفسه، فقال جابر فحدثت به عمر بن حميد الخ، فظهر بذلك بطلان ما صححه الدمياطى، وأن راوى الحديث جابر لا جبر والله أعلم (1) هكذا بالأصل عن عمر، ولم أجده مسندًا إلى عمر فى كتب أحد من المحدثين غير مسند الأمام أحمد، وظاهر هذا الصنيع أنه من مسند عمر وروايته عن النبى صلى الله عليه وسلم، ومن يكون عمر من الصحابة اذا أطلق اسمه الا عمر ابن الخطاب رضى الله عنه، وإذا كان كذلك فلم لم يكن هذا الحديث فى مسند عمر بن الخطاب رضى الله عنه؟ هذا ما أشكل علىَّ فهمه، والظاهر والله أعلم أن كلمة (عن عمر) زائدة لا محل لها هنا وأن القائل (دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ) هو جابر بن عتيك رضى الله عنه، وبهذا يتفق الحديث مع رواية الجماعة ويزول الاشكال، والله أعلم بحقيقة الحال (2) المراد بالميت هنا المختصر كما فى قوله صلى الله عليه وسلم "لقنوا موتاكم لا إله إلا الله أى من حضره الموت، وذلك المحتضر هو عبد الله بن ثابت الأنصارى كما صرح بذلك فى الموطأ والسنن الأربع، ولفظه عندهم "عن جابر بن عتيك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء يعود عبد الله بن ثابت فوجده قد غلب عليه، فصاح به لم يجبه، فاسترجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال غلبنا عليك يا أبا الربيع، فصاح النسوة وبكين فجعل جابر يسكتهن؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهن - الحديث" وفيه إباحة البكاء عند المريض بالصياح، ولعل الواقع منهن حينئذ كان مما لا يمكن دفعه ولا يقدر على كتمه ولم يبلغ الى الحد المنهى عنه، ففهم جابر أنه مما لا يباح مثله فأخذ يسكتهن (3) فى مخاطبتهن بجمع الذكور دليل على أنه كان معهن رجال من أهل المحتضر فخص الذكور بالخطاب تغليبا ولكونهم أكثر ادراكا من النسوة، والظاهر أن الرجال سكتوا بمجرد قوله "أتبكون وهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم" يعنى حاضرا بين أظهركم، وتمادى النساء لعدم ادراكهن فأراد اسكاتهن، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهن الخ (4) أى حيًا قبل خروج روحه "وقوله فاذا وجبت" أى فارقت الروح الجسد "فلا يبكين" لفظه فى الموطأ والسنن (دعهن فاذا وجبت "اى ات" فلا تبكين باكية) والمعنى واحد، وظاهره جواز البكاء قبل الموت ومنع منه بعده، ولكن لا بد من حمل الجواز على ما ليس معه نوح أو

قال إذا أدخل قبره (1) عن محمد بن عمرو بن عطاء بن علقمة أنه كان جالسًا مع ابن عمر في السوق ومعه سلمة بن الأزرق إلى جنبه فمر بجنازة يتبعها بكاء، فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما لو ترك أهل هذا الميت البكاء لكان خيرًا لميتهم، فقال سلمة بن الأزرق تقول ذلك يا أبا عبد الرحمن؟ (2) قال نعم أقوله قال (3) إني سمعت أبا هريرة ومات ميت من أهل مروان فاجتمع النساء يبكين عليه، فقال مروان قم يا عبد الملك فانههن أن يبكين، فقال أبو هريرة دعهن فانه مات ميت من آل النبي (صلى الله عليه وسلم) (4) فاجتمع النساء يبكين عليه، فقام عمر بن الخطاب ينهاهن ويطردهن، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دعهن يا ابن الخطاب، فإن العين دامعة (5) والفؤاد مصاب، وإن العهد حديث

_ صراخ أو نحوه، والمنع على ما كان مصحو با بشئ من ذلك جمعا بين الأحاديث، وسيأتى توجيهه فى الأحكام (1) هذا من كلام الراوى وكأنه فهم من قوله صلى الله عليه وسلم "ما دام عندهن" يعنى ما لم يدفن، ومن قوله "فاذا وجبت" يعنى فاذا دفنت الجنة، لكن يخالفه ما جاء فى هذا الحديث مرفوعا فى الموطأ والسنن "قالوا وما الوجوب يا رسول الله؟ قال الموت" والتفسير المرفوع أصح وأرجح (تخريجه) أخرجه الأمامان والأربعة والبيهقى والحاكم وقال صحيح الاسناد (قلت) وأقره الذهبى وصححه النووى وغيره (98) عن محمد بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان بن داود أنا اسماعيل أخبرنى محمد بن عمرو بن طلحة عن محمد بن عمرو بن عطاء - الحديث" (غريبه) (2) كنية عبد الله رضى الله عنهما (3) يعنى سلمة بن الأزرق كما صرح بذلك فى رواية البيهقى ولفظه "فقال سلمة لا تقل ذلك يا أبا عبد الرحمن فأشهد على أبى هريرة لسمعته يقول (مرَّ على النبى صلى الله عليه وسلم بجنازة وأنا معه ومعه عمر بن الخطاب رضى الله عنه ونساء يبكين عليها فزبرهن عمر وانّهرهن "أى أغلظ لهن فى القول" فقال له النبى صلى الله عليه وسلم دعهن - الحديث) (4) هى زينب أو رقية رى الله عنهما كما تقدم فى حديث ابن عياض أول الباب (5) فيه ان بكاءهن كان بدمع العين لا بالصياج، وانتهار عمر إياهن يحتمل أنه كان

فقال ابن عمر أنت سمعت هذا من أبي هريرة؟ قال نعم، قال يأثره عن النبي (صلى الله عليه وسلم)؟ قال نعم، قال فالله ورسوله أعلم (1) عن إبراهيم الهجري عن عبد الله بن أبي أو في رضي الله عنه وكان من أصحاب الشجرة (2) فماتت ابنة له وكان يتبع جنازتها على بغلة خلفها (3) فجعل النساء يبكين، فقال لا تزنين فإن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نهى عن المرائي (4) فتفيض إحداكن من عبراتها ما شاءت، قم كبر عليها أربعًا، ثم قام بعد الرابعة قدر ما بين التكبيرتين يدعو، ثم قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصنع في الجنازة هكذا عن أبن عباس رضي الله عنهما قال جاء النبي صلى الله عليه وسلم

_ قبل علمه بالرخصة فى ذلك "وقوله" وان العهد حديث يعنى أن المصيبة فى أولها تكون شديدة الوطأة على النفس (1) تسيلم ابن عمر يدل على أن الحديث مقبول وقابل للتأويل والله أعلم (تخريجه) (نس. هق. والترمذى فى الشمائل) وسنده جيد (99) عن ابراهيم الهجرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين ابن محمد ثنا شعبة عن ابراهيم الهجرى - الحديث" (غريبه) (2) يعنى ممن بايعوا النبى صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان تحت الشجرة فى غزوة الحديبيبة سنة ست من الهجرة واسم أبيه علقمة بن خالد (قال الحافظ) فى الاصابة له ولأبيه صحبة وشهد عبد الله الحديبية، وروى أحاديث شهيرة ثم نزل الكوفة سنة ست أو سبع وثمانين وجزم أبو نعيم فيما رواه البخارى عنه سنة سبع وكان آخر من مات بها من الصحابة اهـ. وكان قد عمى فى آخره عمره (قال سفيان وعطاء بن الصائب) رأيت عبد الله بن أبى أوفى بعدما ذهب بصره رضى الله عنه (3) كان يرى السعى خلف الجنازة، أما ركوبه فقد كان لعذر العمي لأنه يشق عليه المشى والمشى أفضل لغير المعذور (4) قيل هو أن يندب الميا فيقال وا فلاناه (وقال الخطابى) إنما كره من المرائلا النياحة على مذهب الجاهلية، فأما الثناء والدعاء للميت فغير مكروه لأنه رئى غير واحد من الصحابة وذكر فيه صلى الله عليه وسلم وفى الصحابة كثير من المرائى اهـ (تخريجه) آخرجه أيضا ابن ماجه مختصرا وفيه ابراهيم الهجرى ضعيف (100) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا معاوية بن عمرو

إلى بعض بناته (1) وهي في السوق (2) فأخذها ووضعها في حجره حتى قبضت فدمعت عيناه فبكت أم أيمن (3) فقيل لها أتبكين عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت ألا أبكى ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يبكي، قال إني لم أبك (4) وهذه رحمة، إن المؤمن تخرج نفسه من بين جنبيه وهو يحمد الله عز وجل (5) (وفي لفظ) إن المؤمن بكل خير على كل حال، إن نفسه تخرج من بين جنبيه وهو يحمد الله عز وجل

_ قال ثنا أبو إسحاق عن عطاء بن السائبي عن عكرمة عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (1) الظاهر أنها بعض بنات بناته صلى الله عليه وسلم فنسبت اليه ولم يسمها الراوى، ولم أقف على من ذكر اسمها أو تكلم فى شأنها من شراح الحديث، وإنما قلت بعض بنات بناته صلى الله عليه وسلم لأن بناته صلى الله عليه وسلم كلهن توفين وهن متزوجات فلا بد من هذا التأويل والله أعلم (2) أى فى النزع كأن روحها تساق لتخرج من بدنها ويقال له السياق أيا، وأصله سواق فقلبت الواو ياء لكسرة العين وهما مصدران من ساق يسوق "ومنه الحديث" حضرنا عمرو بن العاص وهو فى سياق الموت "نه" (3) قال الحافظ فى الاصابة؛ أخرج البخارى فى تاريخه ومسلم وابن السكن من طريق الزهرى قال كان من شأن أم أيمن أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب والد النبى صلى الله عليه وسلم كانت من الحبشة، فلما ولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما توفى أبوه كانت أم أيمن تحضنه حتى كبر، ثم أنكحها زيد بن حارثة، وقال ابن أبى حيثمة حدّثنا سليمان بن أبى الشيخ قال أم أيمن اسمها بركة، وكانت لأم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أم أيمن أنى بعد أمى اهـ (قال الواقدى) ماتت أم أيمن فى خلافة عثمان (وقال ابن منده) ماتت بعد بعشرين يوما؛ وستأتى ترجمتها فى قسم النساء من كتاب مناقب الصحابة رضى الله عنهم أجمعين (4) أى لم أبك بكاء مصحوبا بصوت أو سخط (وهذه) أى الدموع التى ترينها متى نشأت عن رحمة ورقة فى القلب أودعها الله عباده المؤمنين، فيستفاد من هذا أن البكاء بلا صوت جائز شرعا، فان كان بصوت فلا يجوز؛ والظاهر أن أم أيمن كانت تبكى بصوت وان لم يبلغ درجة النياحة، ولذا قال النبى صلى الله عليه وسلم إنى لم أبك أى كبكائك ففرق بين بكائه وبكائها فلا يؤخذ حكم أحدهما من الآخر والله أعلم (5) أى لأن الله تعالى يطلعه على منزلته فى الجنة فيحمد الله على ذلك، نسأله سبحانه وتعالى اصلاح الحال وحسن المآل آمين (تخريجه) (نس. بز) وسنده جيد

(101) عن أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما قال أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آل وصحبه وسلم بعض بناته (1) أن صبيًا لها أبنًا أو ابنة (2) قد احتضرت فأشهدنا (3)، قال فأرسل إليها يقرأ السلام (4) ويقول إن لله ما أخذ وما أعطى (5) وكل شيء عنده إلى أجل

_ (101) عن أسامة بن زيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن عاصم الأحول قال سمعت أبا عثمان يحدث عن أسامة بن زيد - الحديث" (غريبه) (1) هى زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يستفاد ذلك من الطريق الثانية (2) شك الراوى وقد جاء صريحا فى الطريق الثانية بغير شك أنها أميمة بنت زينب بنت النبى صلى الله عليه وسلم والمراد بأميمة بالتصغير أمامة بنت أبى العاص، ويؤيده ما رواه الطبرانى فى ترجمة عبد الرحمن بن عوف فى المعجم الكبير من طريق الوليد بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده قال استعز بأمامة بنت أبى العاص فبعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم اليه تقول له فذكر نحو حديث أسامة (وقوله فى هذه الرواية استعز بضم المثناة وكسر المهملة وتشديد الزاى أى اشتد بها المرض وأشرفت على الموت) فالمراد بقوله فى حديث الباب "قد احتضرت أى قاربت الاحتضار من شدة وطأة المرض، وليس المراد أنها احتضرت بالفعل، لأن أهل العلم بالأخبار والنسب اتفقوا على أن أمامة بنت أبى العاص من زينب بنت النبى صلى الله عليه وسلم عاشت بعد النبى صلى الله عليه وسلم حتى تزوجها على بن أبى طالب بعد وفاة فاطمة، ثم عاشت عند على حتى قتل عنها (قال الحافظ) الذي يظر أن الله تعالى أكرم نبيه عليه الصلاة والسلام لما سلَّم لأمر ربه وصبَّر ابنته ولم يملك مع ذلك عينيه من الرحمة والشفقة بأن عافى الله ابنه ابنته فى ذلك الوقت فخلصت من تلك الشدة وعاشت تلك المدة، وهذا ينبغى أن يذكر فى دلائل النبوة والله المستعان (3) أى أحضر عندنا (4) لفظ البخارى فأرسل يقرئ السلام بضم الياء (قال العينى) وروى بفتحها، قال ابن التين: ولا وجه له إلا أن يريد يقرأ عليك، وذكر الزمخشرى عن الفراء يقال قرأت عليه السلام واقرأته السلام (وقال الأصكعى) لا يقال اقرأته (وقال الزمخشرى) والعامة تقول قريت السلام بغير همز وهو خطأ اهـ (5) رواية الشيخين إن لله ما أخذوله ما أعطى (وللأمام أحمد) فى الطريق الثانية "لله ما أخذ ولله ما أعطى" ومعناه الحث على الصبر والتسليم لقضاء الله تعالى وتقديره، وأن هذا الذى أخذ منكم كان له لا لكم، فلم يأخذ الا ما هو له، فينبغى أن لا تجزعوا كما لا يجزع

مسمى (1) فلتصبرو لتحتسب (2) فأرسلت تقسم عليه (3) فقام وقمنا فرفع الصبي إلى حجر أو في حجر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ونفسه تقمقع (4) وفي القوم سعد بن عبادة وأبي أحسب (5) ففاضت عينًا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال له سعد ما هذا يا رسول الله؟ (6) قال إن هذه رحمة يضعها الله في قلوب من يشاء من

_ من استردت منه وديعة أو عارية (ومعنى ما أعطى) أن ما وهبه لكم ليس خارجا عن ملكه بل له التصرف فيه يفعل فيه ما يشاء سبحانه عز وجل (1) أى كل واحد من الأخذ والاعطاء عند الله مقدر بأجل مسمى أى معلوم، والأجل يطلق على الحد الأخير وعلى مجموع العمر ومعنى عنده فى علمه وإحاطته (2) أي تنوع بصبرها طلب الثواب من ربها ليحسب لها ذلك من عملها الصالح (3) وقع فى حديث عبد الرحمن بن عوف أنها راجعته مرتين وأنه إنما قام فى ثالث مرة، وكأنها ألحت عليه فى ذلك دفعا لما يظنه بعض أهل الجهل أنها ناقصة المكانة عنده، أو ألهمها الله تعلاى أن حضور نبيه عندها يدفع عنها ما هى فيه من الألم بكرة دعائه وحضوره فحقق الله ظنها، والظاهر أنه امتنع أولا مبالغة فى اظهار التسليم لربه، أو ليبين الجواز فى أن من دعى لمثل ذلك لم تجب عليه الأجابة بخلاف الوليمة مثلا أفاده الحافظ (4) أى تتحرك وتضطرب، وفى الطريق الثانية "نقسها تقعقع كأنها فى شن ووقع عند البخارى "كأنها شن" قال الحافظ كذا فى هذه الرواية، وجزم بذلك فى رواية حماد ولفظه "ونقسه تقتع كأنها فى شن" والقعقعة حكاية بصوت الشئ اليابس اذا حرك والشن بفتح المعجمة وتشديد النون المقربة الخلقة اليابسة، وعلى الرواية الثانية "يعنى كأنها فى شن" شبه البدن بالجلد اليابس الخلق وحركة الروح فيها بما يطرح فى الجلد من حصاة ونحوها، وأما الرواية الأولى "يعنى كأنها شن" فكأنه شبه النفس بنفس الجلد وهو أبلغ فى الأشارة وذلك أظهر فى التشبيه اهـ (5) أى أظن وهذا الظن راجع إلى أبىّ فقط، أما سعد فمحقق وجوده (والمعنى) وفى القوم سعد بن عبادة وأظن أبيا فى القوم أيضا؛ يدل على ذلك رواية أبى داود عن أسامة أيضا بلفظ "ان ابنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت اليه وأنا معه وسعد وأحسب أبيا - الحديث" (ورواية البخارى) فقام سعد بن عبادة ومعاذ ابن جبل وأبى بن كعب وزيد بن ثابت ورجال الخ (وقوله ففاضت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم) أى نزل منهما الدمع (6) أى ماذا أراه من فيضان عينيك بالدموع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ان هذه" أى الدمعة "رحمة" أى أثر رحمة (يضعها الله فى قلوب من يشاء من عباده)

عباده، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء (1) (وعنه من طريق ثان) (2) قال أني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بأميمة ابنة زينب ونفسها تقمقع كأنها في شن، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لله ما أخذ، ولله وما أعطى؛ وكل إلى أجل مسمى، فدمعت عينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال له سعد بن عبادة يا رسول الله أتبكي؟ أو لم تنه عن البكاء؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنما هي رحمة جعلها الله في قلوب عباده وإنما يرحم الله من عباده الرحماء (وعنه من طريق ثالث) (3) قال أرسلت ابنة النبي (صلى الله عليه وسلم) إن أبي يقبض فأتنا فذكر الحديث بنحو ما تقدم

_ أي رحمة على المقبوض تبعق على التأمل فيما هو عليه، وليس كما توهمت من الجزع وقلة الصبر (1) جمع رحيم وهو من صيغ المبالغة (قال الحافظ) ومقتضاه أن رحمة الله تختص بمن اتصف بالرحمة وتحقق بها بخلاف من فيه أدنى رحمة، لكن ثبت فى حديث عبد الله بن عمرو عند أبى داود وغيره "الراحمون يرحمهم الرحمن" والراحمون جمع راحم فيدخل فيه كل من فيه أدنى رحمة اهـ (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا عاصم عن أبى عثمان النهدى عن أسامة بن زيد قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (3) (وعنه من طريق ثالث) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق أنا سفيان عن عاصم عن أبى عثمان النهدى عن أسامة بن زيد قال أرسلت الخ (4) هكذا جاء فى هذا الطريق ان ابنى يقبض، وكذا عند البخارى من طريق عبد الله بن المبارك بسند حديث الباب بلفظ "أرسلت بنت النبى صلى الله عليه وسلم إليه أن ابنًا لى قبض فأتنا فأرسل يقرئ السلام ويقول "إن لله ما أخذ وله ما أعطى - الحديث" بنحو الطريق الأولى من حديث الباب (قال الحافظ) فى شرحه "قوله إن ابنا لى" قيل هو على بن أبى العاص بن الربيع وهو من زينب كذا كتب الدمياطي بخطه فى الحاشية، وفيه نظر لأنه لم يقع مسمى فى شئ من طرق هذا الحديث، وأيضا فقد ذكر الزبير بن بكار وغيره من أهل العلم بالأخبار أن عليا المذكور عاش حتى ناهز الحلم، وأن النبى صلى الله عليه وسلم أردفه على راحلته يوم فتح مكة، ومثل هذا لا يقال فى حقه صبى عرقا وإن جاز من حيث اللغة، ووجدت فى الأنساب للبلاذرى أن عبد الله بن عثمان بن عفان من رقية بنت النبى صلى الله عليه وسلم لما مات وضعه النبى صلى الله عليه وسلم فى حجره وقال إنما يرحم الله من عباده الرحماء، وفى مسند من حديث أبى هريرة قال ثقل

(102) عن عائشة رضي الله عنها أن سعد بن معاذ (1) لما مات حضره رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر، قالت فوالذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر وأنا في حجرتي (2) وكانوا كما قال

_ ابن لفاطمة فبعث الى النبى صلى الله عليه وسلم فذكر نحو حديث الباب، وفيه مراجعة سعد بن عبادة فى البكاء فعلى هذا فالابن المذكور محسن بن على بن أبى طالب، وقد اتفق أهل العلم بالأخبار أنه مات صغيرًا فى حياة النبي صلى الله عليه وسلم فهذا أولى أن يفسر به الابن إن ثبت أن القصة كانت لصبى ولم يثبت أن المرسلة زينب، لكن الصواب فى حديث الباب أن المرسلة زينب، وأن الولد صبية كما ثبت فى مسند أحمد عن أبى معاوية بالسند المذكور (قلت: يعنى الطريق الثانية من حديث الباب فذكره) هذا ما قاله الحافظ ولا زال فى المسألة غموض، لأننا اذا اعملنا الرواية المصرح فيها بأمامة فقد أهملنا المصرح فيها بالابن وبالعكس، وكلتا الروايتين صحيحة ولا مرجح لاحداهما على الأخرى، فلم يبق الا الجمع بينهما بأن الواقعة تعددت وأن رواية الابن جاءت فى محسن بن فاطمة رضى الله عنها، ويؤيد ذلك ما رواه البزار عن أبى هريرة (كما أشار اليه الحافظ) قال ثقل ابن لفاطمة فأرسلت إلى النبى صلى الله عليه وسلم تدعوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجع فان له ما أخذ وله ما أبقى وكل لأجل بمقدار، فلما احتضر بعثت اليه وقال لنا قوموا، فلما جلس جعل يقرأ "فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون) حتى قبض، فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سعد يا رسول الله أتبكي وتنهى عن البكاء؟ قال إنما هى رحمة وإنما يرحم الله من عباده الرحماء" أورده الهيثمى وقال رواه البزار وفيه إسماعيل بن موسى المكى وفيه كلام، وقد وثق اهـ. والله أعلم (101) (عن عائشة رضى الله عنها) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بتمامه وسنده وتخريجه فى باب غزوة الخندق من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله تعالى (غريبه) (1) هو أبو عمرو سعد بن معاذ الأنصارى الصحابى الأوسى الأشهلى المدنى سيد الأوس رضى الله عنه، وهو الذى قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم "اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ" رواه الأمام أحمد والشيخان وغيرهم عن جابر، وعنى اهتزاز العرش فرح الملائكة بقدومه لما رأوا من منزلته، ومناقبه كثيرة ستأتى فى ترجمته من كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالى - وأنشدوا. وما اهتز عرش الله من موت هالك _ سمعنا به الا لسعد أبى عمرو (2) يستفاد من ذلك أنهما كانا يبكيان بصوت ولم يقتصرا على مجرد دمع العين، ولهذا

الله عز وجل رحماء بينهم (1)

_ فرقت عائشة وهى فى حجرتها بين بكاء أبى بكر وعمر، ولعل الواقع منهما كان مما لا يمكن دفعه ولا يقدر على كتمه ولم يبلغ الى الحد المنهى عنه، ولذلك لم ينكر عليهما النبى صلى الله عليه وسلم (1) أى يعطف بعضهم على بعض ويرق له، ولهذا غلبتهم الراِّفة والرحمة على هذا البكاء عند موت سعد رضى الله عنهم أجمعين (وفى الباب) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال (اشتكى سعدين عبادة شكوى له فأتاه صلى الله عليه وسلم يعوده مع عبد الرحمن بن عوف وسعد ابن أبى وقاس وعبد الله بن مسعود، فلما دخل عليه وحده فى عشيّة (*) فقال قد مضى؟ فقالوا يا رسول الله، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأى القوم بكاءه بكوا، قال ألا تسمعون ان الله لا يعذب بدمع العين ولا يحزن القلب ولكن يعذب بهذاأو أشار إلى لسانه، أو يرحم) رواه الشيخان والبيهقى (وعن عبد الله بن عتبة) قال لما مات عتبة بن مسعود بكى عبد الله ابن مسعود فقالوا له تبكى؟ قال نعم - أخى فى النسب وصاحبى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحب الناس إلىّ غلا ما كان من عمر بن الخطاب" رواه الطبرانى فى الكبير والأوسط بنحوه، وزاد "وما أحب مع ذلك انى كنت من قبله، لأن يموت فأحتسبه أحب إلىّ من أن أموت فيحتسبنى ورجاله ثقات (وعن عبد الله بن يزيد) قال رخص فى البكاء من غير نوح رواه الطبرانى فى الكبير وإسناده حسن (وعن عامر بن سعد) قال دخلت عريشا وفيه قرظة بن كعب وأبو مسعود الأنصارى قال فذكر حديثا لهما قالا فيه انه رخص لنا فى البكاء عند المصيبة من غير نوح - رواه الطبرانى فى الكبير ورجاله رجال الصحيح (وعن أم عياش) قالت جعلت أم سعد تقول، ويل أم سعد سعدًا صرامة وجدّا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم لا تزيدين على هذا لا تزيدين على هذا، وكان والله ما علمت حازما فى أمر الله قويا فى أمر الله، رواه الطبرانى فى الكبير وفيه مسلم الملائى وهو ضعيف، ورواه أيضًا عن محمد بن اسحاق قالت أم سعد حين حمل نعشه وهى تبكيه ويل أن سعد سعدًا صرامة وجدَّا وسيدا سد به مسدا فقال النبى صلى الله عليه وسلم كل باكية تكذب الا باكية سعد بن معاذ (وعن أم سلمة) أنها قالت يا رسول الله ان نساء بنى مخزوم قد أقمن مأتهن على الوليد بن الوليد بن المغيرة فأذن لها فقالت وهى تبكيه أبكى الوليد بن المغيرة، أبكى الوليد بن الوليد أخا العشيرة - رواه

الطبراني في الصغير والأوسط وفيه ثابت أبو حمزة الثمالى ضعيف، أورد هذه الأحاديث مع تخريجها وبيان درجاتها الحافظ الهيثى (الأحكام) أحاديث الباب تددل على الرخصة فى البكاء على الميت مطلقًا اذا لم يصحبه نوح أو لعلم أو نحو ذلك مما تقدم ذكره فى الباب الأول، ولنا فى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، وقد ثبت فى أحاديث الباب أنه صلى الله عليه وسلم بكى على بعض أولاده وبعض أولاد بناته وبعض أصحابه كما فعل ذلك بعض الصحابة أيضا رضوان الله عليهم؛ لكن جاء فى بعض الأحاديث ما يدل بظاهره على المنع من مطلق البكاء كحديث عبد الله بن عمر المذكور فى الباب الأول من أبواب البكاء على الميت وفيه "ولا يبكينّ على هالك بعد اليوم" وكذلك قوله فى حديث جابر المذكور فى هذا الباب "فاذا وجبت فلا يبكين" وفى لفظ "فاذا وجبت فلا تبكين باكية" وهذا يعارض ما فى أحاديث الباب من الأذن بمطلق البكاء بعد الموت، ويعارض أيضا سائر الأحاديث الواردة فى الأذن بمطلق البكاء كحديث أبى هريرة الذى فى الباب بلفظ" مات ميت من آل النبى صلى الله عليه وسلم فاجتمع النساء يبكين عليه، فقام عمر بن الخطاب ينهاهن ويطردوهن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعهن يا ابن الخطاب فان العين دامعة. والفؤاد مصاب. وإن العهد حديث" وحديث بكائه صلى الله عليه وسلم على ابنه ابراهيم، فقيل له فى ذلك فقال (تدمع العين. ويحزن القلب) وفى لفظ عند الشيخين "انها رحمة" ثم قال "العين تدمع. ويحزن القلب) وفى لفظ عند الشيخين "انها رحمة" ثم قال "العين تدمع. والقلب يحزن. ولا نقول الا ما يرضى ربنا" (وحديث ابن عباس) المذكور أول الباب فى قصة عثمان بن مظعون وفيه "فبكت النساء فجعل عمر يضربهن بسوطه فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وقال مهلا يا عمر ثم قال "ابكين وإياكن ونعيق الشيطان، ثم قال إنه مهما كان من العين والقلب فمن الله عز وجل ومن الرحمة، وما كان من اليد واللسان فمن الشيطان" فيجمع بين الأحاديق بحمل النهى عن البكاء مطلقا ومقيدا ببعد الموت - على البكاء المفضى إلى ما يجوز من النوح والصراخ وغير ذلك - والاذن به على مجرد البكاء الذى هو دمع العين وما لا يمكن دفعه من الصوت، وقد أرشد إلى هذا الجمع قوله صلى الله عليه وسلم ابكين وإياكن ونعيق الشيطان (يعنى الصراخ والنوح) ثم قال إنه مهما كان من العين والقلب فمن الله عز وجل ومن الرحمة (وعند الترمذى) فى قصمة موت ابراهيم عن النبى صلى الله عليه وسلم من حديث جابر "وفيه فأخذه النبى صلى الله عليه وسلم فوضعه فى حجره فبكى، فقال له عبد الرحمن يعنى ابن عوف أتبكى؟ أو لم تكن نهيت عن البكاء؟ فقال لا. ولكن نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين. خمس وجوه. وشق جيوب. ورنَّة شيطان" وحسنه الترمذى "وقوله صلى الله عليه وسلم" فى حديث ابن عمر المذكور فى الشرح - إن الله لا يعذب بدمع العين ولا يحزن القلب فيكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم "لا يبكين على هالك بعد اليوم" وقوله "فاذا ووجبت فلا يبكين" النهى عن البكاء الذى يصحبه شئ مما حرمه

(4) باب ما جاء في نعي الميت عن بلال العبسى عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه كان

_ الشارع، وقد جمع الشافعية بحمل أحاديث الجواز على البكاء قبل الموت وأحاديث المنع على البكاء بعده، ولذلك حكوا عن الأمام الشافعي رحمه الله أنه قال يباح الكلام الى أن تخرج الروح ويكره بعد ذلك لحديث جابر بن عتيك، وقد بينا لك توجيهه بما فيه الكفاية (وأجمع العلماء) على جواز البكاء الخالى عن الندب والنياحة ونحو ذلك (وفى أحاديث الباب أيضا) ما يدل على جواز البكاء بصوت اذا غلب عليه ولم يبلغ إلى الحد المنهى عنه كما حكت عائشة عن بكاء أبى بكر وعمر رضى الله عنهما (وفيها أيضا) ما يدل على جواز الندبة، وهى ذكر الميت بصفاته الممدوحة شرعا ان كان متصفًا بها حقيقة كقول فاطمة رضى الله عنها "يا أبتاه من ربه ما أدناه إلى آخر ما قالت وكقول أبى بكر رضى الله عنه حين دخل النبى صلى الله عليه وسلم بعد وفاته فوضع فمه بين عينيه ووضع يده على صدغيه وقال وأنبياه وا خليلاخ. وا صفياه" رواه الأمام أحمد وسيأتى فى باب تأثير وفاته صلى الله علي وسلم على أصحابه وآل بيت الخ من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله (قال ابن قدامه فى المغنى) وقال أحمد اذا ذكرت المرأة مثل ما حكى عن فاطمة فى مثل الدعاء لا يكون مثل النوح يعنى لا بأس به، وروى عن فاطمة رضى الله عنها أنها قالت يا أبتاه من ربه ما أدناه الخ - قال وروى عن على رضى الله عنه أن فاطمة رضى الله عنها أخذت قبضة من تراب قبر النبى صلى الله عليه وسلم فوضعتها على عينها ثم قالت ماذا على مئتم تربة أحمد _ أن لا يشم الزمان غواليا سبت علىّ مصيبة لو أنها _ صبت على الأيام عدن لياليا اهـ (قال الخافظ) ويؤخذ من قول فاطمة الخ جواز ذكر الميت بما هو متصف به ان كان معلوما (قال الكرمانى) وليس هذا من نوح الجاهلية من الكذب ورفع الصوت وغيره إنما هو ندبة مباحة اهـ (قال الشوكانى) وعلى فرض صدق اسم النوح فى لسان الشارع على مثل هذا، فليس فى فعل فاطمة وأبى بكر دليل على جواز ذلك لأن فعل الصحابى لا يصلح للحجة كما تقرر فى الأصول، ويحمل ما وقع منهما على أنهما لم يبلغا أحاديث النهى عن ذلك الفعل. ولم ينقل أن وقع منهما بمحضر جميع الصحابة حتى يكون كالاجماع منهم على الجواز لسكونهم عن الانكار والأصل أيضا عدم ذلم اهـ. والله أعلم (103) عن بلال العبسى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم

إذا مات له ميت قال لا تؤذنوا به أحدًا (1) إني أخاف أن يكون نعيًا (2) إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهي عن النعي (وعنه من طريق ثان) (3) عن حذيفة رضي الله عنه قال نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن النعي عن أبي الزبير قال سئل جابر عما يدعي للميت (4) فقال ما أباح لنا فيه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولا أبو بكر ولا عمر رضي الله عنهما

_ ثنا حبيب بن سليم العبسى عن بلال العبسى عن حذيفة - الحديث" (غريبه) (1) أى لا تخبروا به أحدا (2) النعى بفتح النون وسكون العين المهملة وتخفيف الياء التحتية، وفيه أيضا كسر العين وتشديد يد الياء، وهو فى الغة الأخبار بموت الميت كما فى الصحاح والقاموس وغيرهما من كتب اللغة، وفى النهاية نعى الميت نعيا إذا أذاع موته وأخبر به (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن حبيب بن سليم العبسى عن بلال بن يحيى العبسى عن حذيفة - الحديث" (تخريجه) (جه. هق. مذ) وقال هذا حديث حسن (104) عن أبى الزبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد القدوس ابن بكر بن خنيس أنا حجاج عن أبى الزبير - الحديث" (غريبه) (4) أى النعى على ما كان معروفا فى الجاهلية (قال الأصمعى) كانت العرب إذا مات فيها ميت ركب راكب فرسا وجعل يسير فى الناس ويقول نعاو فلانا أى أنعيه وأظهر خبر وفاته (قال الجوهرى) وهى مبنية على الكسر مثل دراك ونزال، كذا فى قوت المغتدى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحم دسنده جيد (وفى الباب عن عبد الله بن مسعود) رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال إياكم والنعى فان النعى من عمل الجاهلية، قال عبد الله (يعنى ابن مسعود) رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال إياكم والنعى فان النعى من عمل الحاهلية، قال عبد الله (يعنى ابن مسعود) والنعى أذان بالميت "أى اعلا بموته" رواه الترمذى وقال حديث عبد الله حديث غريب (الأحكام) أحاديث الباب تدل على عدم جواز نعى الميت وهو الاخبار بموته على النحو الذى كان عليه أهل الجاهلية، وانما قلنا ذلك لما ورد فى حديث ابن مسعود من التحذير منه وتعليل ذلك بأنه من عمل الجاهلية، وظاهره أنه اذا لم يكن على النحو الذى كان عليه أهل الجاهلية فلا بأس به، ويؤيده أن النبى صلى الله عليه وسلم نعى جعفرًا وزيدًا وابن رواحة وغيرهم (قال الترمذى) وقد كره بعض أهل العلم النعى، والنعى عندهم أن ينادى فى الناس بأن فلانا مات ليشدهوا جنازته، وقال بعض أهل العلم لا بأس بأن يعلم الرجل قرابته وإخوانه

وروي عن إبراهيم النخعى أنه قال لا بأس بأن يعلم الرجل قرابته اهـ (وقال البهقى) بعد أن روى حديث حذيفة المذكور فى الباب فى النهى عن النعى (قال) ويروى فى ذلك "أى فى كراهة النعى" عن ابن مسعود وابن عمر وأبى سعيد ثم عن علقمة وابن المسيب والربيع بن خثيم وابراهيم النخعى، وبلغنى عن مالك بن أنس أنه قال لا أحب الصياح لموت الرجل على أبواب المساجد، ولو وقف على حلق المساجد فأعلم الناس بموته لم يكن به بأس (وروينا) عن أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم نعى جعفرًا وزيدا وابن رواحة (وعن أبى هريرة رضى الله عنه) أن النبى صلى الله عليه وسلم نعى النجاشى (وعنه) فى موت الأنسان الذى كان يقمُّ المسجد ودفن ليلا أفلا كنتم آذنتمونى "وفى رواية ما منعكم أن تعلمونى" وروى البيهقى أيضًا بسنده، عن يحيى بن عبد الحميد يعنى ابن رافع عن جدته أن رافع بن خديج مات بعد العصر فأتى ابن عمر فأخبر بموته فقيل له ما ترى أيخرج بجنازته الساعة؟ فقال ان مثل رافعلا يخرج به حتى يؤذن به من حولنا من القرى، فأصبحوا وأخرجوا بجنازته اهـ (وقال ابن قدامة فى المغنى) ويكره النعى وهو أن يبعث مناديًا ينادى فى الناس ان فلانا قد مات ليشهدوا جنازته، لما روى حذيفة قال سمعت النبى رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النعى (قال الترمذى) هذا حديث حسن، واستحب جماعة من أهل العلم أن لا يعلم الناس بجنائزهم، منهم عبد الله بن مسعود وأصحابه علقمة والربيع بن خثيم وعمرو لم شرحبيل، قال علقمة لا تؤذوا بى أحدا، وقال عمرو بن شرحبيل أذا أنامت فلا أنعى الى أحد (وقال كثير من أهل العلم) لا بأس أن يعلم بالرجل اخوانه ومعارفه وذوو الفضل من غير نداء، وقال ابراهيم النخعى لا بأس إذا مات الرجل أن يؤذن صديقه وأصحابه، وإنما يكون يكرهون أن يطاف فى المجالس أنعى فلانا كفعل الجاهلية (وممن رخص فى هذا) أبو هريرة وابن عمر وابن سيرين - وروى عن ابن عمر أنه نعى اليه رافع بن خديج قال كيف تريدون أن تصنعوا به؟ قال نحبسه حتى نوسل إلى قباء والى من قد بات حول المدينة ليشهدوا جنازته، قال نعم ما رأيتم. وقال النبى صلى الله عليه وسلم فى الذى دفن ليلا "ألا آذنتمونى؟ " (وقد صح عن أبى هريرة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعى للناس النجاشى فى اليوم الذى مات فيه وخرج بهم إلى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات متفق عليهم (وفى لفظ) أن أخاكم النجاشى قد مات فقوموا فصلوا عليه (وروى) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا يموت فيكم أحد إلا آذنتمونى به أو كما قال" ولأن فى كثرة المصلين عليه أجرًا لهم ونفعا للميت فانه يحصل لكم مصل منهم قيراط من الأجر وجاء عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال "ما من مسلم يموت فيصلى عليه ثلاثة صفوف من المسلمين إلا أوجب اهـ وقوله أوجب يعنى الا وجبت له الجنة (وقصارى القول) أن النعي

(5) باب ما جاء في الأحداد على الميت عن زينب بنت جحش زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) ورضي عنها قالت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول على المنبر لا يحل (1) لامرأة تؤمن بالله واليوم

_ بقصد تعريف الأهل والأقارب والأصدقاء لا بأس به، وبه قال الأئمة الأربعة وجمهور العلماء (قال النووى رحمه الله) والصحيح الذى تقتضيه الأحاديث الصحيحة أن الأعلام بموته لمن لا يعلم ليس بمكروه بل ان قصد به الأخبار لكثرة المصلين فهو مستحب؛ وانما يكره ذكر المآثر والمفاخر والتطواف بين الناس بذكره بهذه الأشياء، وهذا نعى الجاهلية المنهى عنه فقد صحت الأحاديث بالأعلام فلا يجوز الغاؤها، وبهذا الجواب أجاب بعض أئمة الفقه والحديث المحققين، والله اعلم اهـ ج (105) عن زينب بنت حجش (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق ثنا مالك عن عبد الله بن أبى بكر عن حميد بن نافع أن زينب بنت أبى سلمة أخبرته أنها دخلت على زينب بنت جحش زوج النبى صلى الله عليه وسلم فقالت إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) نفى بمعنى النهى والتقييد بقوله "تؤمن بالله واليوم الآخر" خرج مخرج الغالب كما يقال هذا طريق المسلمين مه أنه يسلكه غيرهم، فالكتابية كذلك عند الجمهور، وهو المشهور عن مالك، وقال أبو حنيفة والكوفيون ومالك فى رواية وابن نافع وابن كنانة وأشهب وأبو ثور لا إحداد عليها لظاهر الحديث (وقال النووى) التقييد بوصف الأيمان لأن المتصف به هو الذى ينقاد للشرع، ورجح ابن دقيق العيد الأول، وحجة أبو حنيفة ومن وافقه أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل الأحداد من أحكا من يؤمن بالله واليوم الآخر فلا تدخل فيه الكافرة، ولأنها غير مكلفة بأحكام الفروع، قالوا وعدلوه عن اللفظ العام المطلق الى الخاص بالأيمان يقتضى أن هذا من أحكام الأيمان ولوازمه وواجباته، فكأنه قال من التزم الأيمان فهذا من شرائعه وواجباته (قال الحافظ ابن القيم) فى الهدى والتحقيق أن نفى حل الفعل عن المؤمنين لا يقتضى نفى حكمه عن الكفار ولا اثبات الحكم لهم أيضا، وإنما يقتضى أن من التزم الأيمان وشرائعه فهذا لا يحل، ويجب على كل حال أن يلزم الأيمان وشرائعه، ولكن لا يلزم الشارع شرائع الايمان إلا بعد دخوله فيه، وهذا كما لو قيل لا يحل لمؤمن أن يترك الصلاة والحج والزكاة، فهذا لا يدل على أن ذلك حل للكافر، وهذا كما قال فى لباس الذهب لا ينبغى هذا للمتقين، فلا يدل أنه ينبغى لغيرهم، وكذا قوله لا ينبغى للمؤمن أن يكون لعَّانً، وسر المسألة أن شرائع الحلال

الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشرًا عن زينب بنت أم سلمة رضي الله عنهما قالت توفي حميم

_ والحرام والايجاب انما شرعت لمن التزم أصل الايمان؛ ومن لم يلتزمه وخلى بينه وبين دينه فانه يخلى بينه وبين شرائع الدين الذى التزمه كما خلى بينه وبين أصله ما لم يحاكم الينا، وهذه القاعدة متفق عليها بين العلماء، ولكن عذر الذين أوجبوا الأحداد على الذمية أنه يتعلق به حق الزوج المسلم، وكان منه إلزامها به كأصل العدة، ولهذا لا يلزمونها به فى عدتها من الذّمى ولا يتعرض لها فيها، فصار هذا كعقودهم مع المسلمين فانهم يلزمون فيها باحكام الاسلام وإن لم يتعرض لعقودهم هى والأولياء والمتوفى على سقوطه بأن أوصاها بتركه لم يسقط ولزمها الأتيان به، فهو جا مجرى العبادات وليست الذمية من أهلها فهذا سر المسألة اهـ (1) بضم اوله وكسر ثانيه من الرباعى، ويجوز بفتح أوله وضم ثانيه من الثلاثى (قال أهل اللغة) أصل الأحداد المنع، ومنه تسمية البواب حدَّاد لمنعه الداخل، وتسمية العقوبة حدِّا لأنها تردع عن المعصية (قال ابن درستويه) معنى الأحداد منع المعتدة نفسها الزينة وبدنها الطيب، ومنع الخطاَّب خطبتها، وحكى الخطاَّبى أنه يروى بالجيم والحاء، والحاء أشهر، وهو بالجيم مأخوذ من جددت الشئ إذا قطعته، فكأن المرأة انقطعت عن الزينة (2) يستفاد من هذا الحصر أنه لا يزد على الثلاث فى غير الزوج، كأب. وأخ. وابن. ونحو ذلك، والمعنى أنه يجوز للمرأة أن تحد على من مات من أقاربها غير الزوج ثلاث ليال فما دونها، ويحرم عليها الزيادة على ذلك، وكأن هذا القدر أبيح لأجل حظ النفس ومراعاتها وغلبة الطباع البشرية، أما الزوج فلا بد من الأحداد عليه أربعة أشهر وعشرا (3) ذكر العشر مؤنثا لارادة الليالى؟ والرماد مع أيامها عند الجمهور، فلا تحل حتى ندخل الليلة الحادية عشرة، وعن الاوزاعى وبعض السلف تنقضى بمضى الليالى العشر بعد مضى الأشهر، وتحل فى أول اليوم العاشر، والحكمة فى زيادة العشر أن الولد يتكامل تخليقه وتنفخ فيه الروح بعد مشى مائة وعشرين يوما وهى بزيادة على أربعة أشهر بنقصات الأهلة فجبر الكسر الة العقد على طريق الاحتياط والله أعلم (تخريجه) (ق. لك. وغيرهم) (106) عن زينب بمن أم سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر قال حدثنا شعبة وحجاج قال حدثنى شعبة بن حميد بن نافع قال سمعت زينب بنت أم سلمة قالت توفى حميم الخ (غريبه) (4) أى قريب، ورجح الحافظ أنه أخوها

لأم حبيبة فدعت بصفرة (1) فمسحت ذراعيها وقالت بما أصنع هذا الشيء (2) سمعت (وفي رواية (3) لأن) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لا يحل لامرأة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تجد فوق ثلاث إلا على زوجها أربعة وعشرًا (4) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر يحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج (108) وعن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم ورضي عنها مثله (وزادت بعد إلا على زوج) فإنها XXX عليه أربعة أشهر وعشرا (109) عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها قالت قال رسول الله

_ يزيد بن أبي سفيان الذى كان أميرًا على الشام (1) رواية البخارى ومسلم "فدعت أم حبيبة بطيب فيه صفرة خلوق أو غيره" وهو برفع خلوق وبرفع غيره، أّى دعت بصفرة وهى خلوق أو غيره، والخلوق بفتح الخاء هو طيب الخلق (2) وفى روايى الشيخين ثم قالت والله ما لى بالطيب من حاجة غير أّنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر لا يحل الخ (3) هذه الرواية رواية حجاج أحد رجال السند (4) ليس هذا آخر الحديث "وبقيته" وحدثته زين عن أمها عن زينب زوج النبى صلى الله عليه وسلم (ترخيجه) (ق. لك. وغيرهم) (107) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أيا ثنا سفيان ثنا الزهرى عن عروة عن عائشة - الحديث" (تخريجه) (م. وغيره) (108) عن حفصة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبا ثنا يزيد بن هارون قال أنا يحيى بن سعيد عن نافع أن صفية بنة أبى عبيد أخبرته أنها سمعت حفصة بنة عمر زوج النبى صلى الله عليه وسلم تحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أو باللع ورسوله أن تحد على ميت فوق ثلاث الا على زوج فانها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا (م. وغيره) (109) عن أم عطية (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن

صلى الله عليه وسلم (1) لا تحد المرأة فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرًا، ولا تلبس ثوبًا مصبوغًا إلا عصبًا (2) ولا تكتحل ولا تمس طيبًا إلا عند طهرها (3) فإذا طهرت من حيضها نبذة من قسط وأظفار (4) عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها قالت دخل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اليوم الثالث من قتل جعفر، فقال لا تحدى بعد يومك هذا (5) (وعنها من طريق ثان (6) قالت لما أصيب جعفر أتانا النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال قومي

_ عبد الرحمن الطفاوي ثنا هشام بن حسان عن حفصة بنت سيرين عن أم عطية الأنصارية "الحديث" (غريبه) (1) فى رواية يزيد أحد رجال السند "عن النبى صلى الله عليه وسلم" بدل "قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" (2) رواية الشيخين ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا ثوب عصب، والعصب بمهملتين، مفتوحة ثم ساكنة ثم موحدة، برود اليمن يعصب غزلها أى يربط، ثم يصبغ ثم ينسج معصوبا فيخرج موشَّى لبقاء ما عصب منه أبيض لم ينصبغ، وإنما ينصبغ السدى دون اللحمة، ومعنى الحديث النهى عن جميع الثياب المصبوغة للزينة إلا ثوب العصب (3) قال يزيد أحد الرواة "أو فى طهرها" (4) رواية الشيخين من قسط أو اظفار (وفى رواية لمسلم) من حديث أم عطية أيضا قالت "وقد رخص للمرأة فى طهرها إذا اغتسلت احدانا من محيضها فى نبذة من قسط وأظفار" (قال النووى رحمه الله) النبذة بضم النون القطعة والشئ اليسير، وأما القسط فبضم القاف ويقال فيه كست بكاف مضمومة بدل القاف وبتاء يدل الطاء، وهو والأظفار، نوعان معروفان من البخور وليسا من مقصود الطيب، رخص فيه للمغتسلة من الحيض لأزالة الرائحة الكريهة تتبع به أثر الدم لا للتطيب، والله تعالى أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (110) عن أسماء بنت عميس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد قال أنبأنا محمد بن طلحة قال ثنا الحكم بن عتيبة عن عبد الله بن شداد عن أسماء بنت عميس - الحديث" (غريبه) (5) معناه أنها تخلع ثوب الحداد بعد ثلاثة أيام وهو يعارض أحاديث الباب المتقدمة فى وجوب الأحداد على من مات زوجها أربعة أشهر وعشرا، (قال صاحب المنتفى) وهو متأول على المبالغة فى الاحداد للتعزية اهـ (قلت) وسيأتى الكلام عليه مستوفى فى الأحكام ان شاء الله (6) (سنده) حدثنا عبد الله

البسي ثوب الحداد ثلاثاً، ثمَّ أصنعي ما شئت، قال عبد الله وحدثنا محمد ابن بكَّارٍ قال حدثَّنا محمد بن طلحة مثله

_ حدثني أبي ثنا أبو كامل ويزيد بن هارون وعفان قالوا ثنا محمد بن طلحة قال يزيد في حديثه ثنا الحكم وقال عفان في حديثه سمعت الحكم بن عتيبة عن عبد الله بن شداد عن أسماء بنت عميس قالت لما أصيب جعفر "الحديث" هو ابن الأمام أحمد رحمهما الله (تخريجه) (حب) وصححه وكذلك صححه الأمام أحمد أيضا (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز إحداد المرأة على عير زوجها ثلاثة أيام لا أكثر، وليس الأحداد بواجب (قال ابن بطال رحمه الله) أجمع العلماء على أن أبيح لها الأحداد فيها أنه يقضى له عليها بالجماع فيها اهـ وقولنا على غير زوجها يشمل كل ميت غير الزوج حتى الأبن (واستدل بأحاديث الباب أيضا) على تحريم الأحداد على غير الزوج زيادة على ثلاث وعلى وجوب الأحداد على الزوج أربعة أشهر وعشرا، وبه قال الجمهور (قال الحافظ) واستشكل بأن الاستثناء وقع بعد النفي، فيدل على الحل فوق الثلاث على الزوج لا على الوجوب قال (وأجيب) بأن الوجوب استفيد من دليل آخر كالأجماع (ورد) بأن المنقول عن الحسن البصري أن الأحداد لا يجب (أخرجه ابن أبي شيبة) ونقل الحلال بسنده عن أحمد عن هشيم عن داود عن الشعبي أنه كان لا يعرف الأحداد، قال أحمد ما كان بالعراق أشد تبحرا من هذين "يعني الحسن والشعبي" قال وخفى ذلك عليهما اهـ. ومخالفتها لا تقدح في الاحتجاج وإن كان فيها رد على من ادعى الأجماع، وفي أثر الشعبي تعقب على ابن المنذر حيث نفى الخلاف في المسألة إلا عن الحسن وأيضاً فحديث التي اشتكت عينها دال على الوجوب وإلا لم يمتنع التداوي المباح اهـ (قلت) يشير الحافظ رحمه الله إلى حديث أم سلمة عند الشيخين والأمام أحمد بلفظ "جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا، مرتين أو ثلاث، كل ذلك يقول لا - الحديث" وهذا كلام البخاري: وسيأتي في باب الحداد معتدة الوفاة من كتاب الحدد (وهل تجد المطلقة كالمتوفي عنها أم لا؟ فيه خلاف) (قال الحافظ) أما الرجعية فلا إحداد عليها إجماعا، وإنما الاختلاف في البائن، فقال: الجمهور لأحداد (وقالت الحنفية) وأبو عبيد وأبو رثور عليها الاحداد قياساً على المتوفى (وبه قال بعض الشافعية والمالكية) واحتج الأولون بأن الأحداد يشرع لأن تركه من التطيب واللبس والتزين يدعوا إلى الجماع

فمنعت المرأة منه زجراً لها عن ذلك فكان ذلك ظاهرا في حق الميت لأنه بمنعه الموت عن منع المعتدة منه عن التزويج ولا تراعيه هي ولا تخاف منه، بخلاف المكلق الحي في كل ذلك، ومن ثم وجبت العدة على كل متوفي عنها وإن لم تكن مدخولا بها، بخلاف المطلقة قبل، الدخول فلا احداد عليها اتفاقا، وبأن المطلقة البائن يمكنها العود إلى الزوج بعينه بعقد جديد اهـ (قال الشوكاني) والحق الاقتصار على مورد النص عملا بالبراءة الأصلية فيما عداه، فمن ادعى وجوب الأحداد على غير المتوفى عنها فعليه الدليل اهـ (قلت) ومع هذا فحديث أسماء بنت عميس وهو الحديث الأخير من أحاديث الباب يعارض كل ما تقدمه من الأحاديث، لأنه يقتضي عدم الأحداد على المتوفي عنها زوجها إلا ثلاثة أيام فقط، وبعد الثلاثة تفعل مابدالها من أنواع الزينة (وأشار اليه الحافظ في الفتح فقال) وقد ورد في حديث قوي الأسناد أخرجه أحمد وصححه ابن حبان عن أسماء بنت عميس فذكره ثم قال قال شيخنا (يعني العراقي) في شرح الترمذي ظاهره أنه لا يجب الأحداد على المتوفي عنها بعد اليوم الثالث لأن أسماء بنت عميس كانت زوج جعفر بن أبي طالب بالاتفاق، وهي والدة أولاده عبد الله، ومحمد، وعون، وغيرهم، قال بل ظاهر النهي أن الأحداد لا يجوز (وأجاب) بأن الحديث شاذ مخالف للأحاديثالصحيحة، وقد أجمعوا على خلافه، قال ويحتمل أن يقال إن جعفرا قتل شهيدا "والشهداء أحياء عند ربهم يرزقون" قال وهذا ضعيف لأنه لم يرد في حق غير جعفر من الشهداء ثمن قطع بأنهم شهداء كما قطع لجعفر كحمزة بن عبد المطلب عمه، وكعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر اهـ. كلام شيخنا ملخصا، قال وأجاب الطحاوي بأنه منسوخ وأن الأحداد كان على المعتدة في بعض عدتها في وقت ثم أمرت بالأحداد أربعة أشهر وعشرا، ثم ساق أحاديث الباب، وليس فيها ما يدل على ما ادعاه من النسخ، لكنه يكثر من ادعاه النسخ بالحتمال فجرى على عادته، ويحتمل وراء ذلك أجوبة أحرى (أحدها) أن يكون المراد بالأحداد المقيد بالثلاث قدراً زائدا على الأحداد المعروف فعلته أسماء مبالغة في حزنها على جعفر، فهناها عن تلك الثلاث (ثانيها) أنها كانت حاملا فوضعت بعد ثلاث فانقضت فنهاها بعدها عن الأحداد، ولا يمنع ذلك قوله في الرواية الأخرى ثلاثاً، لأنه يحمل على أنه صلى الله عليه وسلم اطلع على أن عدتها تنقضي عند الثلاث (ثانيها) لعله كان أبانها بالطلاق قبل استشهاده فلم يكن عليها احداد (رابعها) أن البيهقي أعل الحديث بالانقطاع، فقال لم ينبت سماع عبد الله بن شداد من أسماء، وهذا تعليل مدفوع فقط صححه أحمد، لكنه قال إنه مخالف للأحاديث الصحيحة في الأحداد "قلت" وهو مصير منه إلى إنه يعله بالشذوذ، وذكر الأثرم أن أحمد سئل عن حديث حنظلة عن سالم

أبواب غسل الميت (1) باب من بليه ورفقه به وستره عليه وثواب ذلك (111) عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلي الله عليه وسلم من غسَّل ميتاً فأدَّى فيه الأمانة ولم يفش عليه ما يكون منه عند ذلك خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمُّه، وقال ليله أقربكم منه إن كان يعلم، فإن كان لا يعلم فمن ترون أن عنده حظًّا من ورع وأمانة (112) عن صالح أبى حجير عن معاوية بن خديج رضي الله عنه قال وكانت له صحبة من غسل ميتاً وكفَّنه وتبعه وولى جثته رجع مغفوراً له، قال أبو عبد الرَّحمن قال أبي ليس بمرفوٍع

_ عن ابن عمر رفعه "لا احداد فوق ثلاث" فقال هذا منكر، والمعروف عن ابن عمر من رأيه اهـ. وهذا يحتمل أن يكون لغير المعتدة فلا نكارة فيه بخلاف حديث أسماء، أفاده الحافظ (111) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا أحمد بن عبد الملك قال ثنا سلام بن أبي مطيع عن جابر بن يزيد الجعفي عن عامر عن يحيي ابن الجزار عن عائشة - الحديث" (غريبة) المراد بتأدية الأمانة إما كتم ما يرى منه مما يكرهه الناس ويكون قوله "ولم يفش عطف تفسير" أو يكون المراد بتأديه الأمانة أن يغسله الغسل الذي وردت به الشريعة، لأن العلم عند حامله أمانة واستعماله في مواضعه من تأديتها فيه أن الأحق بغسل الميت من الناس الأقرب إلى الميت بشرط أن يكون؟؟؟؟؟ ص 153 بما يحتاج إليه من العلم، وقد قال بتقديم القريب على غيره الشافهية والأمام يحيي يعني أن القريب إذا لم يكن يعلم أحكام الغسل فليغسله أجنبي يعلم، ويستحب أن يكون على جانب من الورع والأمانة لأنهما يحملانه على الرأفة بالميت والاعتناء بشأنه (تخريجه) (طس) وفي إسناده جابر الجعفي ضعيف (112) عن صالح أبي حجير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا ثابت عن صالح أبي حجير عن معاوية بن خديج - الحديث" (غريبة) أي تولى دفنها يعني عبد الله بن الأمام أحمد رحمهما الله "وقوله ليس بمرفوع" يعني أنه موقوف على معاوية بن خديج ولم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وسنده جيد، وهو وإن كان

(113) ز عن أبي بن كعب رضي الله عنه أنَّ آدم عليه السَّلام قبضته الملائكة وغسَّلوه وكفنوه وحنطوه وحفروا له وألحدوا له وصلوا عليه، ثمَّ دخلوا قبره فوضعوه في قبره ووضعوا عليه اللبن ثمَّ خرجوا من القبر ثمَّ حثوا عليه التُّراب، ثم قالوا يا بني آدم هذه سنتكم (114) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يستر عبد عبداً في الدُّنيا إلا ستره الله يوم القيامة

_ موقوفا كما قال الأمام احمد رحمه الله، لكن له حكم الرفع لأن مله لا يقال بالرأي، والله أعلم (113) ز (عن أبي بن كعب) هذا طرف من حديث سيأتي بتمامه وسنده في باب وفاة آدم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام من كتاب خلق العالم (غريبة) بكسر الباء ما يعمل من الطين ويبني به، الواحدة لبنه (2) يعني أن الغسل والكفن والحنوط والصلاة على الميت والدفن هي الطريقة المتبعة في آدم وبنية، وقد استمرت إلى وقتنا هذا (تخريجه) (ك) وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه، قال وهو من النوع الذي لا يوجد للتابعي إلا الراوي الواحد فان عتى بن ضمرة السعدى ليس له راو غير الحسن وعندي أن الشيخين عللاه بعلة أخرى، وهو أنه روي عن الحسن عن أبي دون ذكر عتى اهـ (قلت) وقال الذهبي لم يخرجاه لأن عتى بن ضمرة لم يرو عنه غير الحسن وله علة اهـ (114) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة - الحديث" (تخريجه) (م. وغيره) (الأحكام) في أحاديث الباب دليل على أن أولى الناس بغسل الميت أقربهم إليه إن كان يعلم ما يلزم لذلك (وبه قالت الشافعية والأمام يحيي) فان لم يكن يعلم فليتخيروا من الناس من يكون أمينا ذا ورع ودين كما ورد في أحاديث الباب، ولما روى عن ابن عمر أنه قال " لا يغسل موتاكم إلا المأمونون" أخرجه ابن ماجه وسنده ضعيف، ولأنه إذا لم يكن أميناً لم نأمن أن لا يستوفى الغسل، وربما ستر ما يظهر من جميل أو يظهر ما يرى من قبيح، ولهذا (ذهبت الهادوية) إلى اشتراط العدالة في الغاسل (وخالفهم الجمهور) قال الشوكاني فان صح هذا الحديث فذاك، وإلا فالظاهر عدم اختصاص هذه القربة بمن ليس فاسقا لأنه مكلف بالتكاليف، وغسل الميت من جملتها، والإلزم عدم صحة كل تكليف شرعي منه، وهو خلاف الأجماع؛ ودعوى صحة بعضها دون بعض بغير دليل تحكم، وقد حكى المهدي في البحر

الإجماع على أن غسل الميت واجب على الكفاية، وكذلك حكى الأجماع النووي وناقش دعوى الأجماع صاحب ضوء النهار مناقشة واهية (حاصلها) أنه لا مستند له إلا أحاديث الفعل وهي لا تفيد الوجوب، وأحاديث الأمر بغسل الذي وقصته ناقته (قلت هذا الحديث رواه مسلم والنسائي وابن حبان والأمام أحمد، وسيأتي في الباب الأخير من أبواب الكفن وفظه عند الأمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا كان مع النبي صلى الله عليه وسلم فوقصته ناقته وهو محرم فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغسلوه بماء وسدر وكفنوه في ثوبيه ولا تمسوه بطيب ولا تخمروا رأسه فانه يبعث يوم القيامة ملبيا - متفق على صحته) قال والأمر بغسل ابنته صلى الله عليه وسلم، والأمر مختلف في كونه للوجوب أو للندب؛ ورد كلامه بأنه أن ثبت الاجماع على الوجوب فلا يضر جهل المستند، ويرد أيضا بأن الاختلاف في كون الأمر للوجوب لا يستلزم الاختلاف في كل مأمور به، لأنه ربما شهدت لبعض الأوامر قرائن يستفاد منها وجوبه، وهذا مما لا يخالف فيه القائل بأن الأمر ليس للوجوب لأن محل الخلاف الأمر المجرد كما تقرر في الأصول. نعم قال في الفتح وقد نقل النووي الأجماع على أن غسل الميت فرض كفاية وهو ذهول شديد، فان الخلاف مشهور جداً عند المالكية، ابن العربي على من لم يقل بذلك، وقال قد توارد به القول والعمل اهـ. وهكذا فليكن التعقب لدءوى الأجماع اهـ. ما نقله للشوكاني (وفي أحاديث الباب أيضا) ثواب عظيم وفضل جسيم لمن غسل ميتا وكفنه وتبعه وأدخله قبره احتسابا لوجه الله تعالى لماروى الشيخان أيضا والأربعة والأمام أحمد، وسيأتي في بابا فضل الصلاة على الميت عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من صلى على جنازة فله قيراط وءن انتظر حتى يفرغ منها فله قيراطان، قالوا يا رسول الله وما القيراطان؟ قال مثل الجبلين العظيمين" (وفيها أيضا) الترغيب في ستر عورات المسلم لما ورد في أحاديث الباب عن أبي هريرة وان لم يصرح فيه بلفظ المسلم فقد صرح به في أحاديث كثيرة أخرى، منها في حديث طويل لأبي هريرة "ومن ستر على مسلم ستره الله في الدنيا والآخرة" رواه مسلم والأمام أحمد وغيرهما (وعن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرى مؤمن من أخيه عورة فيسترها عليه الا أدخله الله بها الجنة" رواه الطبراني في الكبير والأوسط وغير ذلك كثير، سيأتي جميعه في محله ان شاء الله تعالى، وظاهر هذه الأحاديث عدم الفرق بين الحي والميت، فيدخل في عمومه ستر ما يراه الغاسل ونحوه من الميت وكراهة افشائه والتحدث به، وايضا قد صح ان الغيبة عي ذكرك لأخيك بما يكره، ولا فرق بين الاخ الحي والميت، ولا شك ان الميت يكره ان يذكر بشيء من عيوبه التي تظهر حال موته فيكون على

(2) باب ما جاء في غسل أحد الزوجين للآخر (115) عن عائشة رضي الله عنها قالت دخل علىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدى فيه فقلت وا رأساه، فقال وددت أنَّ ذلك كان وأنا حي فهيُّأتك ودفنتك (وعنها من طريق ثان بنحوه وفيه) قال ما ضرَّك لو متّ قبلي فغسَّلتك وكفَّنتك، ثم صليت عليك ودفنتك (116) عن يحيي بن عباَّد بن عبد الله بن الزبُّير عن أبيه عن عائشة

_ هذا ذكرها محرما "وفيها غير ذلك" والله أعلم (115) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا ابراهيم بن سمد عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة - الحديث" (غريبة) (1) أي الذي ظهر فيه وجعه الذي توفي فيه (7) يريد أنها لو ماتت وهو صلى الله عليه وسلم حي لتولى ما يلزم لها بنفسه من غسل وكفن ودفن ونحو ذلك كما يستفاد ذلك من الطريق الثانية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن سلمة عن محمد ابن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة رضي الله عنها قال رجع إلى رسول اللله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعاً في رأسي وأنا أقول وا رأساه، قال بل أنا وا رأساه، قال ما ضرك لو مت قبلي - الحديث" وقد اقتصرت من هذا الحديث على ما يناسب ترجمة الباب؛ وسيأتي كاملا بطريقية في باب مرضه صلى الله عليه وسلم الذي توفي فيه من كتاب الشيرة النبوية ان شاء الله تعالى (4) بضم الميم وكسرها لفتان مشهورتان (تخريجه) أخرج الطريق الأولى من النسائي وسندها جيد، وأخرج الطريق الثانية منه (حب. قط. مي. هق) وفي إسناده محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، والمدلس إذا عنعن لا يحتج بحديثه وإن كان ثقة، وبه أعله البيهقي، لكن قال الحافظ في التلخيص ولم ينفرد به بل تابعه عليه صالح بن كيسان عند أحمد والنسائي (قلت يعني الطريق الأولى منه) قال وأنا ابن الجوزي فقال: لم يقل غسلتك إلا ابن اسحاق، وأصل الحديث عند البخاري بلفظ "ذاك لو كان وأنا حي فأستغفر لك وأدعو لك (116) (عن يحيي بن عباد) هذا طرف من أثر طويل ذكرته عائشة رضي الله عنها وسيأتي بتمامة في غسل النبي صلى الله عليه وسلم بعد وفاته، واقتصرت على هذا الطرف منه لمناسبة

زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تقول لو استقبلت من الأمر ما استدبرت ما غسَّل رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلُّم إلا نساؤه

_ ترجمة الباب وسنجه جيد، ورواه أيضا أبو داود وسكت عنه هو والمنذري (الأحكام) حديث عائشة بطريقيه يدل على أن للزوج أن يغسل زوجته إذا ماتت وهي تعغسله قياسا على ذلك (وحكى ابن قدامة في المغني) عن ابن المنذر أن قال: أجمع أهل العلم على أن المرأة تغسل زوجها إذا مات (قالت عائشة) "لو استقبلنا من أمرنا ما استدبرنا ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه" رواه أبو داود، وأوصى أبو بكر رضي الله عنه أن تغسله امرأته أسماء بنت عميس وكانت صائمة فعزم عليها أن تفطر، فلما فرغت من غسله ذكرت يمينه فقالت لا أتبعه اليوم حنئا، فدمت بماء فشربت، وغسل أبو موسى امرأته أم عبد الله، وأوصى جابر بن زيد أن تغسله امرأته، قال أحمد ليس فيه اختلاف بين الناس (قال) والمشهور عن أحمد أن الزوج غسل امرأته وهو قول علقمة وعبد الرحمن بن يزيد ابن الأسود وجابر بن زيد وسليمان بن يسار وأبي سلمة بن عبد الرحمن وقتادة وحماد ومالك والأوزاعي والشافعي واسحاق (وعن أحمد) رواية ثانية ليس للزوج غسلها، وهو قول (أبي حنيفة والنوري) لأن الموت فرقة تبيح أختها وأربعا سواها، فحرم اللمس والنظر كالطلاق (قال) ولنا ما روى ابن المنذر أ، عليا رضي الله عنه غسل فاطمة رضي الله عنه واشتهر ذلك في الصحابة فلم ينكروه فكان إجماعا (قلت حديث غسل علي لفاطمة رضي الله عنهما - رواه الأمام الشافعي والدار قطنى وأبو نعيم والبيهقي وحسنه الحافظ في التلخيص) (قال) ولأن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة رضي الله عنها، لو مت قبلي لغسلتك وكفنتك رواه ابن ماجه، والأصل في إضافة الفعل إلى الشخص أن يكون للمباشرة، وحمله على الأمر يبطل فائدة التخصيص، ولأنه أحد الزوجين فأبيح له غسل صاحبه كاآخر، والمعنى فيه أن كل واحد من الزوجين يسهل عليه اطلاع الآخر على عورته دون غيره لما كان بينهما في الحياة، ويأتي بالغسل على أكمل ما يمكنه لما بينهما من المودة والرحمة، وما قاسوا عليه لا يصح، لأنه يمنع الزوجة من النظر وهذا بخلافه، ولأنه لا فرق بين للزوجين الا بقاء العدة ولا أثر لها اهـ. "وفي أثر عائشة: لو استقبلت من الأمر ما استدبرت الخ" متمسك لمذهب الجمهور اهـ (قال الشوكاني) ولكنه لا يدل على عدم جواز غسل الجنس لجنسه مع وجود الزوجة، ولا على أنها أولى من الرجال، لأنه قول صحابيه ولا حجة فيه؛ وقد تولى غسله صلى الله عليه وسلم علي والفضل بن العباس، وأسامة بن زيد يناوله الماء، والعباس واقف (قال ابن دحية) لم يختلف في أن الذين غسلوه صلى الله عليه وسلم علي والفضل، واختلف في العباس وأسامة وقثم وشقران

(3) باب ترك غسل الشهيد وما جاء فيه (117) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال لَّما كان يوم أحد أشرف النبيُّ صلى الله عليه وسلم على الشُّهداء الذين قتلوا يومئذٍ، فقال زمّلوهم بدمائهم فإنّى قد شهدت عليهم، فكان يدفن الرَّجلان والثلَّاثة في القبر الواحد ويسأل أيهم كان أقرأ للقرآن فيقدّمونه، قال جابر فدفن أبى وعمى يومئذ في قبر واحدٍ (118) عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير قال لَّما أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد قال أشهد على هؤلاء، ما من مجروح جرح في الله عزَّ وجلّ غلا بعثه الله يوم القيامة وجرحه بدمي، اللون لون الدم والريّح ريح المسك

_ وقد استوفى صاحب التلخيص الطرق في ذلك؛ ولم نقل الينا أن أحدا من الصحابة أنكر ذلك فكان إجماعا منهم (وروى البزار) من طريق يزيد بن بلال قال قال علي أوصى النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يغسله أحد غيري (وروى ابن المنذر) عن أبي بكر رضي الله عنه أنه أمرهم أن يغسل النبي صلى الله عليه وسلم بنو أبيه وخرج من عندهم اهـ. (117) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن أبي صعير عن جابر بن عبد الله - الحديث" (غريبة) (1) أي لفوهم في ثيابهم بدمائهم، يقال تزمل بثوبه إذا التف فيه (2) فعلوا ذلك لكثرة القتلى في وقعة أحد وإن كان الأفضل انفراد كل واحد بقبر (3) فيه استحباب من كان أكثر قرآناً، ومثله سائر أنواع الفضائل قياساً (تخريجه) (خ. نس. جه. مذ) ولفظ البخاري عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما " قال النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول أيهم أكثر أخذ للقرآن، فاذا أشير إلى أحدهما قدمه في اللحد وقال أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة وامر بدفنهم في دمائهم ولم يغسلوا ولم يصل عليهم" (118) عن عبد الله بن ثعلبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هرون أبا محمد بن إسحاق عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير - الحديث" (غريبة) (4) قال الحافظ في التقريب: عبد الله بن ثعلبة بن صعير بالمهملتين

أنظروا أكثرهم جمعاً للقرآن فقدّموه أمامهم في القبر (119) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبّي صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أنَّه قال في قتلى أحد لا تغسَّلوهم، فإنَّ كل جرٍح أو كلَّ دم يفوح مسكاً يوم القيامة، ولم يصلّ عليهم (120) ز عن إبراهيم بن عبد الله بن فروخ عن أبيه قال شهدت عثمان بن عفان رضي الله عنه دفن في ثيابه بدمائه ولم يغسَّل

_ مصغرا، ويقال ابن أبي صعير له رواية ولم يثبت له سماع مات سنة سبع أو تسع وثمانين وقد قارب التسعين اهـ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد ولا مطعن فيه ويؤيده ما رواه (ق. لك. نس. مذ) والأمام أحمد وسيأتي في باب فضل الشهداء من كتاب الجهاد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما من ملكوم يكلم في سبيل الله الا جاء يوم القيامة وكلمة تدمى؛ اللون لون دم والريح ريح مسك "وفي رواية" كل كلم يكلم في سبيل الله يكون يوم القيامة كهيئتها يوم طعنت تفجر دماء اللون لون دم والعرف عرف مسك) (119) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا محمد يعني ابن جعفر ثنا شعبة سمعت عبد ربه يحدث عن الزهري عن ابن جابر عن جابر بن عبد الله - الحديث" (غريبة) (1) الحكمة في عدم غسلهم بقاء الدم ورائحته لأنهما أثر طاعة كما ورد في عدم السواك للصائم لبقاء رائحة الخلوف لانها اطيب عند الله من رائحة المسك فكذلك ما هنا، والحكمة في عدم الصلاة عليهم شهادة النبي صلى الله عليه وسلم لهم فحسب (تخريجه) (خ. د. مذ. جه. هق) بمعنها لا بلفظه (120) ز عن ابراهيم بن عبد الله بن فروخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا صريح بن يونس ثنا محبوب بن محرز عن ابراهيم بن عبد الله بن فروخ عن أبيه - الحديث" (تخريجه) لم أقف على هذا الأثر لغير الأمام أحمد وسنده جيد (وفي الباب) عن سعيد بن عبيد وكان يدعى في زمن النبي صلى الله عليه وسلم القارى، وكان له عدو فانهزم منهم، فقال له عمر: هل لك في الشام لعل الله أن يمن عليك؟ قال لا، إلا العدو الذي فررت منهم، قال فخطبهم بالفارسية فقال إنا لاقو العدو إن شاء الله غداً، وإنا مستشهدون فلا تغسلوا عنا دما ولا نكفن إلا في ثوب كان علينا، رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال

الصحيح (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) قال أصيب حمزة بن عبد المطلب وحنظله بن الراهب وهما جنب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت الملائكة تغسلها - رواه الطبراني في الكبير وسنده حسن "وروى محمد بن إسحاق" في المغازي باسناده عن عاصم بن عمر بن قتاده عن محمود بن لبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "إن صاحبكم لتغسله الملائكة: يعني حنظلة" فسألوا أهله ما شأنه فسئلت صاحبته (أي زوجته) فقالت خرج وهو جنب حين سمع الهالعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لذلك غسلته الملائكة "والهائعة هي الصوت الشديد" (وأخرجه أيضا) ابن حبان في صحيحه والحاكم والبيهقي من حديث ابن الزبير والحاكم في الاكليل من حديث ابن عباس بأسناد ضعيف (وعن أبي سلام) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال أغرنا على حى من جهينة، فطلب رجل من المسلمين رجلا منهم فضربه فأخطأه وأصاب نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخوكم يا معشر المسلمين! فابتدره الناس فوجدوه قد مات فلفه رسول الله صلى الله عليه وسلم بثيابه ودمائه وصلى عليه ودفنه، فقالوا يار رسول الله أشهيد هو؟ قال نعم وأنا له شهيد، رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري، وفي إسناده سلام بن أبي سلام وهو مجهول لكن قال أبو داود بعد إخراجه عن سلام المذكور إنما هو عن زيد بن سلام عن جده أبى سلام اهـ. وزيد ثقة قاله الشوكاني (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة مسائل (منها) أن الشهيد يدفن بثيابه ولا يغسل ولا يصلى عليه (ومنها) جواز دفن الرجلين والثلاثة في القبر الواحد (ومنها) أن الشهيد له فضل عظيم وثواب جسيم حتى أن ريح دمه يكون أطيب عند الله تعالى يوم القيامة من ريح المسك (ومما ذكرنا في الشرح) ما يدل على أن من أراد قتل كافر في الجهاد فأصاب نفسه خطأ فمات يكون له حكم الشهيد في دفنه بثيابه وعدم غسله والصلاة عليه (ومنها) أن من مات جنبا من المجاهدين غسلته الملائكة (وقد اختلف العلماء) في بعض مسائل هذا الباب فذكر النووى رحمه الله أن مذهب الشافعية تحريم غسل الشهيد والصلاة عليه، قال وبه قال جمهور العلماء، وهو قول عطاء والنخعي وسليمان ابن موسى ويحيي الأنصاري والحاكم وحماد والليث ومالك وتابعوه من أهل المدينة وأحمد واسحاق وأبو ثور وابن المنذر (وقال سعيد بن المسيب) والحسن البصرى يغسل ويصلى عليه (وقال أبو حنيفة) والثورى والمزني يصلى عليه ولا يغسل، واحتج لأبى حنيفة بأحاديث أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد وصلى على حمزة صلوات (ومنها) رواية أبي مالك الغفاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد عشرة عشرة في كل عشرة حمزة حتى صلى عليه سبعين صلاة - رواه أبو دواد في المراسيل (وعن شداد بن الهاد)

أن رجلا من الأعراب جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فآمن به واتبعه وذكر الحديث بطوله - وفيه أنه استشهد فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم، رواه النسائي (وعن عقبة بن عامر) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج فصلى على قتلى أحد صلاته على الميت - رواه البخاري ومسلم - وفي رواية للبخاري صلى عليهم بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات (واحتج أصحابنا) بحديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر في قتلى أحد بدفنهم وبدمائهم ولم يصل عليهم ولم يغسلوا رواه البخاري (وعن جابر) أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في قتلى أحد لا تغسلوهم فان كل جرح أو كل دم يفوح مسكا يوم القيامة ولم يصل عليهم - رواه الأمام أحمد (وعن أنس) رضي الله عنه أن شهداء أحد لم يغسلوا ودفنوا بدمائهم ولم يصل عليهم، رواه أبو داود باسناد حسن أو صحيح (وأما الأحاديث) التي احتج بها القائلون بالصلاة، فاتفق أهل الحديث على ضعفها كلها إلا حديث عقبة بن عامر، والضعف فيها بين (قال البيهقي) وغيره، وأقرب ما روى حديث أبي مالك وهو مرسل، وكذا حديث شداد مرسل أيضا، فانهما تابعان (وأما حديث عقبة) فأجاب أصحابنا وغيرهم بأن المراد من الصلاة هنا الدعاء وقوله "صلاته على الميت" أي دعا لهم كدعاء صلاة الميت؛ وهذا التأويل لابد منه، وليس المراد صلاة الجنازة المعروفة لما أخرها ثمان سنين (ودليل آخر) وهو أنه لا يجوز أن يكون المراد صلاة الجنازة بالجماع لأن عندنا لا يصلى على الشهيد (وعند أبى حنيفة) رحمه الله لا يصلى على القبر بعد ثلاثة أيام فوجب تأويل الحديث، ولأن أبا حنيفة لا يقبل خبر الواحد فيما تعم به البلوى وهذا منها. والله اعلم (فان قيل) ما ذكرتموه من حديث جابر لا يحتج به لأنه نفى، وشهادة النفى مردودة مع ما عارضها من رواية الأثبات (فأجاب) أصحابنا بأن شهادة النفى إنما ترد إذا لم يحط بها علم الشاهد ولم تكن محصورة، اما ما أحاط به علمه وكان محصورا فيقبل بالاتفاق؛ وهذه قصة معينة أحاط بها جابر وغيره علما "وأما رواية الأثبات" فضعيفة فوجودها كالعدم إلا حديث عقبة وقد أجبنا عنه، واشتد انكار الشافعي في الأم وتشنيعة على من يقول يصلى على الشهيد محتجا برواية الشعبي وغيره أن حمزة رضي الله عنه صلى عليه سبعون صلاة، وكان يؤتي بتسعة من القتلى وحمزة عاشرهم فيصلى عليهم، ثم يرفعون وحمزة مكانه، ثم يؤتى بتسعة آخرين فيصلى عليهم وعلى حمزة حتى صلى عليه سبعين صلاة (قال الشافعي رحمه الله) وشهداء أحد اثنان وسبعون شهيدا، فاذا صلى علىهم عشرة عشرة فالصواب أن لا يكون أكثر من سبع صلوات أو ثمان على أنه صلى على كل تسعة مع حمزة صلاة فهذه سبع، فمن أين جاءت سبعون صلاة؟ وإن عنى أنه كبر سبعين تكبيرة

فنحن وهم نقول التكبير أربع فهى ست وثلاثون تكبيرة (قال الشافعي رحمه الله) ينبغي لمن روى هذا الحديث أن يستحي على نفسه، وقد كان ينبغي له أن لا يعارض به الأحاديث فقد جاءت من وجوه متواترة أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليهم، هذه آخر كلام الشافعي رحمه الله (وقال إمام الحرمين) في الأساليب معتمدنا في المسألة الأحاديث الصحيحة أنه لم يصل عليهم ولم يغسلوا (وأما) ما ذكروه من صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على شهداء أحد فحطاً لم يصححه الأئمة، لأنهم رووا أنه كان يؤتي بعشرة عشرة وحمزة أحدهم فصلى على حمزة سبعين صلاه، وذا غلط ظاهر لأن الشهداء سبعون، وإنما يخص حمزة سبعين صلاة لو كانوا سبعمائه، ثم عند أبي حنيفة رحمه الله إذا صلى على الميت لم يصل عليه مرة أخرى وبالاتفاق منا ومنه فن من صلى مرة لا يصلى هو ثاتنية، ولأن الغسل لا يجوز عندنا وعندهم، وهو شرط في الصلاة على عير الشهداء فوجب أن لا تجوز الصلاة على الشهي بلا غسل (فان قالوا) سبب ترك الغسل بقاء أثر الشهادة لقوله صلى الله عليه وسلم زملوهم بكلومهم، فظهر سبب ترك الغسل وبقيت الصلاة مشروعة كما كانت (فالجواب) أنه لو كان المعتبر بقاء الدم لوجب أن يغسل من قتل في المعترك خنقا أو بمنقل ولم يظهر دم، ولأنه لو كان المراد بقاء الدم لميم، قال وليس معنى الحديث ترك الغسل بسبب، وإنما المراد نفى توهم من يظن أن الغسل متعين لازالة الأذى فقال صلى الله عليه وسلم "زملوهم وادفنوهم بدمائهم ولا تهتموا بازالتها عنهم ظنهم يبعثون يوم القيامة وعليهم الدماء، قال والذي يوضح هذا أنا نقطع بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرد أن الدماء التي يدفنون بها تبقى إلى يوم القيامة، فثبت بما ذكرناه بطلان قولهم إن ترك الغسل للدم، فيجب ان يقال الشهادة تطهير للمقتول عن الذنوب فيغنى عن التطهير بالماء، وهذا يقتضى ترك الصلاة ايضا فانها شرعت لتطهيره بشفاعة المصلين (فان قيل) الصبي طاهر ويصلى عليه (قلنا) الشهادة امر طارئ يقتضى رتبة عظيمة وتمحيصاً، فلا يبعد ان يقال انه مغن عن الغسل والصلاة، والصبي وإن لم يكن مكلفاً فلم يطرأ عليه ما يقتضي مرتبه اهـ (وقد ذكر الأمام النووى أيضاً جملة فروع في مذاهب الأئمة في مسائل تتعلق بالباب) (الأول منها في مذاهبهم في الصبى إذا استشهد (قال رحمه الله مذهبنا أنه لا يغسل ولا يصلى عليه، وبه قال الجمهور، وحكاه العبدرى عن أكثر الفقهاء، منهم (مالك وأبو يوسف ومحمد وأحمد) وحكاه ابن المنذر عن أبي ثور واختاره (وقال أبو حنيفة) يغسل ويصلى عليه، دليلنا أنه مسلم قتل في معترك المشركين بسبب قتالهم فأشبه البالغ والمرأة، فأن احتج بأنه لا ذنب له، قلنا يغسل ويصلى عليه في غير المعترك وإن لم يكن من أهل الذئب (الثاني) إذا رفسته دابة في حرب المشركين أو عاد عليه سلاحه أو تردى من جبل أو في بئر في حال

مطاردته، فقد ذكرنا أن مذهبنا أنه لا يغسل ولا يصلى عليه، وكذا لو وجد ميتا ولا أثر عليه (وقال مالك وأبو حنيفة وأحمد) بغسل ويصلى عليه، دليلنا ما سبق في الفرع قبله (الثالث) في مذاهبهم في كفن الشهيد، مذهبنا أنه يزال ما عليه من حديد وجلود وجبة محشوة، وكل ما ليس من عام لباس الناس، ثم وليه بالخيار ان شاء كفنه بما بقى عليه مما هو من عام لباس الناس، وان شاء نزعه وكفنه بغيره، وتركه أفضل كما سبق (وقال مالك وأحمد) لا ينزع عنه فرو ولا خف ولا محشو ولا يخير وليه في نزع شيء (ولأصحاب داود) خلاف كالمذهبين (وأجمع العلماء) على أن الحديد والجلود ينزع عنه وسبق دليلنا والأحاديث الواردة في ذلك (قلت) يعني حديث ابن عباس قال "أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتلى أحد أن ينزع عنهم الحديد والجلود وأن يدفنوا بدمائهم وثيابهم" رواه أبو داود والأمام أحمد وسيأتي، وفي اسناده على بن عاصم وقد تكلم فيه جماعة (الرابع) المقتول ظلما في البلد بحديداً وغيره يغسل ويصلى عليه عندنا (وبه قال مالك وأحمد) وقال أبو حنيفة وصاحباه إذا قتل بحديدة صلى عليه ولم يغسل، دليلنا القياس على القتل بمثقل أجعنا أنه يغسل ويصلى عليه (وقال ابن سريج وابن أبى هريرة) يغسل ولا يصلى عليه، وسبق دليل الجميع (الخامس) اذا انكشف الحرب عن قتيل مسلم لم يغسل ولم يصل عليه عندنا سواء أكان به أثر أم لا (وبه قال مالك، وقال أبو حنيفة وأحمد) إن لم يكن به أثر غسل وصلى عليه (السادس) مذهبنا الصلاة على المقتول من البغاة وبه قال (أحمد وداود) وقال أبو حنيفة لا يغسلون ولا يصلى عليهم (وقال مالك) لا يصلى عليهم الأمام وأهل الفضل (السابع) إذا قتلت البغاة رجلا من أهل العدل فالأصح عندنا أنه يجب غسله والصلاة عليه، وبه قال (مالك) وقال أبو حنيفة لا يغسل ولا يصلى عليه (وعن أحمد) روايتان كالمذهبين (الثامن) القتيل بحق في حد زنا أو قصاص يغسل ويصلى عليه عندنا وذلك واجب، وحكاه ابن المنذر عن على بن أبي طالب وجابر بن عبد الله وعطاء والنخعي والأوزاعى واسحاق وأبى ثور واصحاب الرأى (وقال الزهري) يصلى على المقتول قصاصا دون المرحوم (وقال مالم) رحمه الله لا يصلى الأمام على واحد منهما وتصلى عليه الرعية (التاسع) من قتل نفسه أو غل في الغنيمة يغسل ويصلى عليه عندنا، وبه قال (أبو حنيفة ومالك وداود) وقال أحمد لا يصلى عليهما الأمام وتصلى بقية الناس (العاشر) مذهبنا وجوب غسل ولد الزنا والصلاة عليه، وبه قال (جمهور العلماء) وحكاه ابن المنذر عن أكثر العلماء، قال وبه قال النخعى والزهرى (ومالك وأحمد واسحاق) وقال قتادة لا يصلى عليه انتهى

(4) باب صفة غسل الميت (121) حدثنا عبد الله حدثَّني أبي حدثَّنا إسماعيل أنا أيوب عن محمد عن أمَّ عطية رضي الله عنها قالت أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نغسّل أبنته عليها السَّلام فقال أغسلنها ثلاثاً أو خمساً أو أكثر من ذلك إن رأيتنَّ ذلك بماء وسدرٍ واجعلن في الآخرة كافوراً أو شيئاً من كافورٍ

_ (121) حدثنا عبد الله (غريبة) (1) في رواية عند الشيخين دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توفت ابنته فقال اغسلنها الخ (قال الحافظ) ويجمع بينهما بأن المراد به دخل حين شرع النسوة في الغسل، وابنته المذكورة هي زينب زوج أبي العاص بن الربيع كما في مسلم (وقال الداودى) انها أم كلثوم زوج عثمان، ويدل عليه ما أخرجه ابن ماجه بأسناد على شرط الشيخين ولفظه "دخل علينا ونحن نغسل ابنته أم كلثوم" وكذا وقع لابن بشكوال في المبهمات عن أن عطية والدولابى في الذرية الطاهرة (قال الحافظ) فيمكن ترجيح أنها أم كلثوم بمجيئه من طرق متعددة، ويمكن الجمع بأن تكون أم عطية حضرتهما جميعاً، فقد جزم ان عبد البر ترجمتها بأنها كانت غاسلة الميتات اهـ (2) هو وما بعده بكسر الكاف خطاب لأم عطية "وقوله إن رأيتن ذلك" فيه دليل على التفويض إلى اجتهاد الغاسل ويكون ذلك بحسب الحاجة لا التشهى كما قال الحافظ، قال ابن المنذر إنما فوض الرأى اليهن بالشرط المذكور وهو الأيتار (3) السدر ورق النبق، قال الزين بن المنير: ظاهرة أن السدر يخلط في كل مرة من مرات الغسل، لأن قوله بماء وسدر تعاق بقوله اغسلنها، قال وهو مشعر بأن غسل الميت للتنظيف لا للتطهير لأن الماء المضاف لا يتطهر به، وتعقبه الحافظ يمنع لزوم مصير الماء مضافا بذلك لاحتمال أن لا يغير السدر وصف الماء بأن يمعك بالسدر ثم يغسل بالماء في كل مرة فان لفظ الخبر لا يأبى ذلك (4) "أو" في قوله أو شيئا من كافور للشك من الراوى (قال الحافظ) الأول محمول على الثاني لأنه نكرة في سياق الأثبات فصدق بكل سيء منه، وقد جزم البخاري في رواية باللفظ الأول، وظاهره أنه يجعل الكافور في الماء (وبه قال الجمهور، وقال النخعى والكوفيون) إنما يجعل الكافور في الحنوط، والحكمة في الكافور كونه طيب الرائحة وذلك وقت تحضر فيه الملائكة، وفيه أيضا تبريد وقوة نفوذ وخاصة في تصلب بدن الميت وطرد الهوام عنه وردع ما يتحلل من الفضلات ومنع إسراع الفساد إليه، وإذا عدم قام غيره مقامه مما فيه هذه الخواص أو بعضها

فإذا فرغتن فآذنَّني قالت فلمَّا فرغنا آذنَّاه، فألقى إلينا حقوه وقال أشعرنها إيَّاه، قال وقالت حفصة قال اغسلنا وتراً ثلاثاً أو خمسا أو سبعاً، قال وقالت أم عطيَّة مشطناها ثلاثة قرون (زادت في رواية) وألقينا خلفها قرنيها وناصيتها (122) عن قتادة قال أخذ ابن سيرين غسله عن أم عطيَّة قالت غسَّلنا ابنة رسول الله صلًّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فأمرنا أن نغسّلها

_ (1) أي أعلمنني (2) قال الحافظ بفتح المهملة ويجوز كسرها وهي لغة هذيل بعدها قاف ساكنة، والمراد هنا الأزاز كما وقع مفسراً في آخر الرواية "يعنى عند البخارى" ولفظه "فقال اشعرنها إياه يعنى ازازه" قال والحقوا في الأصل معقد الأزار، وأطلق على الأزار مجازا (وفي رواية للبخارى) فنزع عن حقوه ازاره، والحقو على هذا حقيقة اهـ "وقوله اشعرنها ايه" أى الففنها فيه لأن الشعار ما يلى الجسد من الثياب، والمراد اجعلنه شعاراً لها (قال الحافظ) قيل الحكمة في تأخير الأزار معه إلى أن يفرغن من الغسل ولم يناولهن اياه أولا ليكون قريب العهد من جسده حتى لا يكون بين انتقاله من جسده إلى جسدها فاصل، وهو أصل في التبرك بآثار الصالحين، وفيه جواز تكفين المرأة في ثوب الرجل، وقد نقل ابن بطال الاتفاق على ذلك اهـ (3) أى محمد بن سيرين الراوى عن أم عطية قال في رواية أخرى عن أخته حفصة بنت سيرين عن أم عطية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اغسلنها وترا الخ. وقد استدل به على أن أقل الوتر ثلاث (قال الحافظ) ولا دلالة فيه لأنه سبق مساق البيان للمراد، اذ لو أطلق لتناول الواحدة فما فوقها (4) أى سرحنا شعرها بالمشط وضفرناه ثلاث ضفائر "وفي رواية للبخارى" بسنده عن حفصة بنت سيرين قالت حدثتنا أم عطية رضى الله عنها أنهن جعلن رأس بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة قرون نقضنه ثم غسلنه ثم جعلنه ثلاثة قرون (قال الحافظ) وفائدة النقض تبليغ الماء البشرة وتنظيف الشعر من الأوساخ (5) أى جعلنا قرناها ضفيرتين وناصيتها ضفيرة، والمراد بقرنيها جانبا رأسها وبالناصية مقدم رأسها، وقد جاء في رواية لأبى داود ما يبين ذلك عن أم عطية قالت وضفرنا رأسها ثلاثة قرون، ثم ألقيناها خلفها، مقدم رأسها وقرنيها (تخريجه) (ق. هق. والأربعة) (122) عن قتاده (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا همام

بالسّدر ثلاثاً فإن أنجت وإلاَّ فخمساً، فإن أنجت وإلاَّ فأكثر من ذلك قالت فرأينا أن أكثر من ذلك سبع (123) عن أمَّ عطيَّة رضي الله عنهم أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم في غسل ابنته ابدأن بميامنها ومواضع الوضوء منها

_ عن قتادة - الحديث" (غريبة) (1) تقدم أن السدر هو ورق النبق فيحتمل أن النبى صلى الله عليه وسلم خص السدر بالذكر لمز به فيه أو لعدم وجود ما يقوم مقامه في ذاك الوقت كالصابون ونحوه، لكن قال النوى رجمه الله، فيه دليل على استحباب السدر في غسل الميت وهو متفق على استحبابه ويكون في المرة الواجبة (2) أى فان أنقت الثلاث الغسلات وإلا فخمسا (قال النووى) النراد اغسلنها وترا وليكن ثلاث، فان احتجن إلى زيادة فخمسا وحاصله أن الايتار مطلوب والثلاث مأمور بها ندبا، فان حصل الانقاء بثلاث لم تشرع الرابعة وإلا زيد وترا حتى يحصل الانقاء، والواجب من ذلك مرة واحدة عامة للبدن اهـ (3) قال الحافظ لم أر في شيء من الروايات بعد قوله سبعا التعبير بأكثر من ذلك إلا في رواية لأبى داود، وأما ما سواها فاما أو سبعاً وإما أو أكثر من ذلك، فيحتمل تفسير قوله أو أكثر من ذلك بالسبع (وبه قال أحمد) فكرة الزيادة على السبع (وقال ابن عبد البر) لا أعلم أحداً قال بمجاوزة السبع اهـ (قلت) حديث الباب يؤيد ما ذكره الحافظ من احتمال تفسير قوله صلى الله عليه وسلم أو أكثر من ذلك بالسبع، لأن أم عطية رضي الله عنها رواية الحديث فسرته بذلك والصحابى أدرى بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيره (وقال الماوردى) الزيادة على السبع سرف (وقال ابن المنذر) بلغنى أن جسد الميت يسترخى بالماء، فلا أحب الزيادة على ذلك (تخريجه) (ق. هق. وغيرهم) (123) عن أم عطية (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى اسماعيل عن خالد عن حفصة عن أم عطية - الحديث" (غريبه) (4) قال الحافظ ليس بين الأمرين تناف لأمكان البداءة بمواضع الوضوء؛ وكأن المصنف (يعنى البخارى) أشار بذلك (يعنى بقوله في صحيحه "باب يبدأ بميامن الميت" إلى مخالفة أبى قلابة في قوله يبدأ بالرأس ثم باللحية، قال والحكمة في الأمر بالوضوء تجديد أثر سمة المؤمنين في ظهور أثر الغرة والتحجيل اهـ: واستدل به على استحباب المضمضة والاستنشاق في غسل الميت خلافا للحنفية، بل قالوا لا يستحب وضؤوه

أصلا (قال الحافظ) رحمه الله والبداء بالميامن وبمواضع الوضوء مما زادته حفصه في روايتها عن أم عطية على أخيها محمد، وكذا المشط والضفر اهـ (تخريجه) (ق. هق. والأربعة) (وفي الباب) عن أم سليم أم أنس بن مالك رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اذا توفيت المرأة فأرادوا أن يغسلوها فليبدوءوا (وفي لفظ فليبدأ) ببطنها فليمسح بطنها مسحا رفيقا ان لم تكن حبلى، فان كانت حبلى فلا تحركيها، فان أردت غسلها فابدئي بسفلها فألقى على عورتها ثوبا ستيرا ثم خذي كرسفة (أي قطعة من القطن) فاغسليها فأحسني غسلها، ثم أدخلي يدك من تحت الثوب فامسحيها بكرسف ثلاث مرات فأحسنى مسحها قبل أن توضئيها، ثم وضئيها بماء فيه سدر، ولتفرغ الماء امرأة وهى قائمة لا تلى شيئا غيره حتى تنقى بالسدر وأنت تغسلين، وليل غسلها أولى الناس بها والا فامرأة ورعة مسلمة، فان كانت صغيرة أو ضعيفة فلتلها (وفي لفظ فلتغسلها) امرأة أخرى ورعة مسلمة، فاذا فرغت من غسل سفلها غسلا نقيا بسدر وماء فلتوضئها وضوء الصلاة، فهذا بيان وضوئها، ثم اغسليها بعد ذلك ثلاث مرات بماء وسدر فابدئي برأسها قبل كل شيء فأنقى كل غسلة من السدر بالماء، ولا تسرحى رأسها بمشط، فان حدث بها حدث بعد الغسلات الثلاث فاجعليها خمسا، فان حدث في الخامسة فاجعليها سبعاً، وكل ذلك فليكن وترا بماء وسدر حتى لا يريبك شيء، فان كان في جر حديد ثم أقعديها فأفرغى عليها وابدئى برأسها حتى تبلغى رجليها، فاذا فرغت منها فألقى عليها ثوبا نظيفاً، ثم أدخلى يدك من وراء الثوب فانزعيه عنها، ثم احشي سفلتها كرسفاما استطعت، ثم امسحي كرسفها من طيبها، ثم خذي سبنية (1) طويلة مغسولة فاربطيها على عجزها إلى قريب من ركبتيها، فهذا شأن سفلتها، ثم طيبيها وكفنيها واضفرى شعرها ثلاثة أقرن، قصة وقرنين ولا تشبهبها بالرجال، وليكن كفنها خمسة أثواب أحدها الأزار تلفى به فخذيها ولا تنقصى من شعرها شيئا يعنى بنورة ولا غيرها، وما يسقط من شعرها فاغسليه ثم اغرزيه في شعر رأسها، وطيبي شعر رأسها فأحسنى تطييبه، ولا تغسليها بماء مسخن وأجمريها، وما تكفنيها به سبع نبذات ان شئت واجعلى كل شيء منها زترا، هذا شأن كفنها ورأسها، وإن كانت في نعشها فاجعليه نبذة واحدة حتى يكون وترا، هذا شأن كفنها ورأسها، وإن كانت مجدورة أو محصوبة أو أشباه ذلك فخذي خرقة واسعة واغسليها بالماء واجعلى تتبعي كل شيء منها ولا تحركيها، فانى أخشى أن ينفجر منها شيء لا يستطاع رده - أورده الهيثمي وقال رواه الطبرانى في الكبير باسنادين في أحدهما ليث بن أبى سليم وهو مدلس ولكنه

_ (1) هي ضرب من الثياب تتخذ من مشاقة الكتان منسوبة إلى موضع بناحية المغرب يقال له سبن (نه)

ثقة وفي الآخر جنيد وقد وثق وفيه بعض كلام اهـ (قلت) ورواه البهيقى أيضا باختلاف يسير وتقديم وتأخير فى بعض الألفاظ، وإنما ذكرته لكونه أجمع حديث يختص بالنساء فى هذا البابوالله آعلم بالصواب (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية غسل الميت لقوله (ص) فى حديث أم عطية اغسلنها ثلاثا أو خمسا الخ. وقد ذهب جمهور العلماء إلى وجوبه، وتقدم الخلاف فى ذلك الباب السابق، قال ابن دقيق العيد، لكن قوله ثلاثا الخ ليس للوجوب على المشهور من مذاهب العلماء، فيتوقف الاستدلال به على تجويز ارادة المعنيين المختلفين بلفظ واحد، لأن قوله ثلاثا غير مستقل بنفسه فلا بد أن يكون داخلا تحت صيغة الأمر، فيراد بلفظ الأمر الوجوب بالنسبة إلى أصل الغسل والتدب بالنسبة الى الايتار اهـ (قال الشوكانى) فمن جوز ذلك جوز الاستدلال بهذا الأمر على الوجوب، ومن لم يجوزه حمل الأمر على الندب لهذه القرينه واستدل على الوجوب بدليل آخر، وقد (ذهب الكوفيون وأهل الظاهر والمزنى) إلى إيجاب الثلاث، وروى ذلك عن الحسن، وهو يرد ما حكاه فى البحر من الأجماع على أن الواجب مرة فقط اهـ (وفيها أيضا) استحباب السدر فى غسل الميت وتقدم الكلام فيه (وفيها) استحباب شئ من الكافور فى الأخيرة وهو متفق عليه عند الشافعية، وبه قال الأمامان (مالك وأحمد وجمهور العلماء) وقال (الأمام أبو حنيفة رحمه الله) لايستحب، وحجة الجمهور حديث الباب المذكور فيه ذلك، ولأنه يطيب الميت ويصلب بدنه ويبرده ويمنع اسراع فساده أو يتضمن اكرامه (وفيها أيضا) جواز تكفين المرأة فى ثوب الرجل (وفيها) استحباب ضفر شعر المرأة وجعله ثلاثة قرون وهى ناصيتها وقرناها أى جانبا رأسها، وبه قال الأئمة (الشافعى وأحمد واسحاق) (وقال الأوزاعى والحنيفة) إنه يرسل شعر المرأة خلفها وعلى وجهها مفرقا (قال القرطي) وكأن سبب الخلاف أن الذى فعلته أم عطية هل استندت فيه إلى النبي (ص) فيكون مرفوعا، أو هو شئ رأته ففعلته استحبابا.؟ كلا الأمرين محتمل، لكن الأصل أن يفعل فى الميت شئ من جنس القرب الا بإذن الشرع ولم يرد ذلك مرفوعا؛ كذا قال النووى رجمه الله، والظاهر النبى (ص) على ذلك واستئذانه فيه كما فى باقى صفة غسلها (وقال الحافظ) روى سعيد بن منصور فى سننه عن أم عطية أنها قالت "قال لنا رسول الله (ص) اغسلنها وترا واجعلن شعرها ضفائر" وأخرج ابن حبان فى صحيحه عن أم عطية مرفوعا بلفظ "واجعلن لها ثلاثة قرون" اهـ (قلت) وهذا يؤيد ما ذهب اليه الأولون (وفيها) استحباب تقديم الميامن فى غسل الميت وسائر الطهارات ويلحق به أنواع الفضائل والأحاديث فى هذا المعنى كثيرة فى الصحيح مشهورة (وفيها) استحباب وضوء الميت (قال النووى) وهو مذهبنا ومذهب مالك والجمهور (وقال أبو حنيفة) لا يستحب ويكون الوضوء عندنا فى أول الغسل كما فى وضوء الجنب (وفى حديث أم عطية هذا) دليل لأصح الوجهين

أبواب الكفن وتوابعه (1) باب استحباب احسان الكفن من غير مغالاة واختيار الأبيض (124) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم خطب يومّاً فذكر رجلاً قبض وكفّن في كفن غير طائل وقبر ليلاً فزجر النَّبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل باللَّيل حتى يصلَّى عليه إلا أن يضطرَّ إنسان إلى

_ عندنا أن النساء أحق بغسل الميتة من زوجها، وقد تمنع دلالته حتى يتحقق أن زوج زينب كان حاضرا فى وقت وفاتها لا مانع له من غسلها، وانه لم يفوض الأمر الى النسوة، ومذهبنا ومذهب الجمهور أن له غسل زوجته (وقال الشعبي والثورى وأبو حنيفة) لا يجوز له غسلها وأجمعوا أن غسل زوجها (واستدل بعضهم) بهذا الحديث "يعنى حديث أم عطية" على أنه لا يجب الغسل على من غسل ميتا، ووجه الدلالة أنه موضع تعليم فلو وجب لغلمه (ومذهبنا ومذهب الجمهور) أنه لا يجب الغسل من غسل الميت لكن يستحب (قال الخطابى) لا أعلم أحدا قال بوجوبه، وأوجب (أحمد واسحاق) الوضوء منه والجمهور على استحبابه، ولنا وجه شاذ أنه واجب وليس بشئ، والحديث المروى فيه من رواية أبى هريرة "من غسل ميتا فليغتسل ومن مسه فليتوضأ" ضعيف بالاتفاق اهـ (قلت) حديث أبى هريرة المشار اليه رواه الامام أحمد من عدة طرق وليس فيها "ومن مسه" وفيها ومن حمله فليتوضأ (قال الحافظ) فى التلخيص قد حسنه الترمذى وصححه ابن حبان وغيره وتقدم الكلام عليه مبسوطا فى الفصل الثانى من باب الاغتسالات المسنونة فى الجزء الثانى صحيفة 145 رقم 486 فارجع اليه ان شئت، أحاديث الباب غير ذلك كثير تقدم فى خلال الشرح. والله أعلم (124) عن جابر بن عبدالله (سنده) حدثنا عبدالله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريح أنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبدالله _الحديث" (غريبه) (1) أى حقير غير كامل لم يستر جميع بدنه ((وقوله وقبر ليلا)) أى دفن بالليل (2) هو بفتح اللام كما قال النوى وإنما نهى عن الدفن ليلا حتى يصلى عليه لأن الدفن نهارا يحضره كثيرون من الناس ويصلون عليه، ولا يحضره فى الليل الا أفراد، وقيل لأنهم كانوا يفعلون ذلك بالليل لرداءة الكفن فلا يبين فى الليل، ويؤيده أول الحديث وآخره

ذلك وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا كفَّن أحدكم أخاه فليحسّن كفنه (125) وعنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال من وجد سعة فليكفَّن في ثوب حبرةٍ (126) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البسوا من ثيابكم البياض فإنَّها من خير ثيابكم وكفّنوا فيها موتاكم، وإنَّ

_ (قال القاضي عياض) رحمه الله العلتان صحيحتان، قال والظاهر أن النبى صلى الله عليه وسلم قصدهما معا قال وقد قيل غير هذا (1) أى لا بأس بقصر الكفن أو الدفن ليلا اذا قضت الضرورة بذلك (2) ضبط بفتح الحاء واسكانها (قال النووى) وكلاهما صحيح، قال القاضى عياض والفتح أصوب وأظهر وأقرب إلى لفظ الحديث اهز والمراد باحسان الكفن نظافته وكثافته وستره وتوسطه وكونه من جنس لباسه فى الحياة لا أفخر منه ولا أحقر (قال العلماء) وليس المراد باحسانه السرف فيه والمغالاه ونفاسته، وانما المراد ما تقدم، فما يفعله الناس الآن من التغالى فى الكفن زيادة عما كان يلبس الميت فى الحياة اسراف لا يجوز شرعا؛ فان كان للمين أيتام او عليه دين كان حراما باجماع المسلمين وتتضاعف الحرمه اذا قصد به الرياء، نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (م. د. هق. وغيرهم) (125) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعه ثنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (3) أى من ترك مالا عن دينة وحاجة أولاده بالأضافه أو بتنوين ثوب؛ وحبرة كعنبة صفه له، وهى نوع من برود اليمن مخطط ذو ألوان من قطن أو كتان، والأفضل التكفين فى الأبيض لأن حديثه أصح وسيأتى بعد هذا (تخريجه) (د. هق) بلفظ " إذا توفى أحدكم فوجد شيئا فليكفن فى ثوب حبرة وفى اسناد رواية الأمام احمد ابن لهيعه فيه كلام، وأورده الحافظ السيوطى فى الجامع الصغير بلفظ حديث الباب ورمز له بالحسن وسنده عند البهيقى وأبى داود جيد (126) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على قال ان عبد الله بن عثمان بن خيثم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الحديث " (غريبة) (5) بفتح الباء (ومن) فى قوله "من ثيابكم" تبعيضية أو بيانية مقدمه " وقوله البياض" اى ذات البياض (6) رواية النسائى فإنها أطهر وأطيب، أما كونها أطيب فظاهر، وأما كونها أطهر فلأن أدنى شئ يقع عليها يظهر فيغسل اذا كان من جنس النجاسة فيكون نقيا كما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم فى دعائه (ونقنى من الخطايا كما ينقى الثوب الابيض من الدنس) واستحب استحباب التكفين في الثياب البيض

من خير أكحالكم الإثمد يجلو البصر وينبت الشعر (127) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم البسوا من ثيابكم البيض وكفنوا فيها موتاكم

_ تكفين الميت بالأبيض للعلة نفسها، أى كونه أطهر وأطيب (1) بكسر الهمزة والميم، الكحل الأسود، ويقال أنه معرب (قال ابن البيطار فى المنهاج) هو الكحل الأصفهانى، ويؤيد مقول بعضهم ومعادنه بالمشرق، قاله فى المصباح (2) يعنى أهداب العين (تخريجه) (د. جه. مذ) وصححه وأخرجه أيضا (فع. حب. ك. هق) وصححه ابن القطان (137) عن سمرة بنت جندب (سنده) حدثنا عبدالله حدثنى أبى ثنا على بن عاصم عن خالد الحذاء عن أبى قلابة عن سمرة "الحديث" (تخريجه) (نس. جه. هق. مذ) وصححه. وأخرجه أيضا (جه. ك) واختلف فى وصله وإرساله (قال الحافظ) فى الفتح واسناده صحيح وصححه الحاكم اه (وفى الباب) (عن عمران ابن الحصين) عند الطبرانى (وعن أنس) عند ابن أبى حاتم فى العلل، وعند البزار فى مسنده (وعن ابن عمر) عند ابن عدى فى الكامل (وعن ابى الدرداء) يرفعه عند ابن ماجه بلفظ" احسن ما زرتم الله به فى قبوركم ومساجدكم البياض" (وعن أم سامه) رضى الله عنها عند الدبلمى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "أحسنوا الكفن ولا تؤذوا موتاكم بعويل ولا بتزكية ولا بتأخير وصية ولا بقطيعه، وعجلوا بقضاء دينه، واعدلوا عن جيران السوء، وإذا حفرتم فأعمقوا ووسعوا (وروى البهيقى) فى شعب الإيمان عن أبى قتادة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ولى أحدكم أخاه فليحسن كفنه فأنهم يتزاورون فى قبورهم (وعن على رضى الله عنه) قال لا تعالى فى كفن فأنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول" لا تغالوا فى الكفن فأنه يسلبه سريعا" رواه أبو داود وضعفه بعضهم، لكن قال النووى فى المجموع رواه أبو داود باسناد حسن ولم يضعفه (وأخرج ابن أبى الدنيا) عن يحيى بن راشد أن عمر ابن الخطاب رضى الله عنه قال فى وصيته" اقصدوا فى كفنى فانه ان كان لى عند الله خير أبدلنى ما هو خير منه، وان كان على غير ذلك سلبنى وأسرع" (وأخرج عبدالله ابن الأمام احمد رحمهما الله) فى زوائده على كتاب الزهد لأبيه عن عبادة بن نسى قال لما حضرت أبا بكر الوفاة قال لعائشة اغسلى ثوبى هذين وكفنينى بهما فانما أبوك أحد رجلين، اما مكسو أحسن الكسوة أو مسلوب أسوء السلب (وأخرج ابن سعد وابن أبى شيبة وسعيد بن منصور وابن أبى الدنيا والحاكم والبهيقى) من طرق عن حذيفة رضى الله عنه أنه قال عند موته اشتروا لي ثوبين

أبيضين ولا عليكم ألا تغالوا فانهما لم يتركا عليا الا قليلا حتى أبدل بهما خيرا منهما أو شرا منهما" (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها) احسان الكفن، وهذا لا يعارض الأحاديث الواردة فى الاقتصاد فيه وعدم المغالاة، لأن المراد من تحسينه نظافته وتوسطه وتطيبه ونحو ذلك؛ وهذا يحدث بدون تجاوز الحدفية (ومنها) كراهة الدفن ليلا، وسيأتى اكلام عليه فى بابه ان شاء الله (ومنها) كون الكفن ثياب الحبر، ولكن الأبيض من الثياب أفضل لكون أحاديثه أصح (ومنها) أن الانمد أفضل أنواع الكحل لأنه يجلو البصر وينبت أهداب العينين، وسيأتى الكلام عليه فى بابه ان شاء الله تعالى فى كتاب اللباس والزينة (وقد ذكر النووى رحمه الله فى المجموع فى أحكام هذا الباب مسائل) (احداها) يستحب أن يكون الكفن أبيض لحديث عائشة يعنى (ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن فى ثلاثة أثواب سحولية بيض رواه الشيخان والأمام أحمد، وسيأتى فى الباب التالى (الثانية) قال يستحب تحسين الكفن (قال أصحابنا) والمراد بتحسينه بياضه ونظافته وسوغه وكثافته لا كونه ثمينا لحديث النهى عن المغالاه فيه، وتكره المغالاه فيهللحديث، قال القاضى حسين البغوى، الثوب الغسيل أفضل من الجديد، ودليله حديث عائشة قالت (نظر أبو بكر رضى الله عنه الى ثوب كان يمرض فيه فقال اغسلوا هذا وزيدوا عليه ثوبين وكفنونى فيها"قلت" ان هذا خلق قال الحى أحق بالجديد من الميت انما هو للمهلة رواه البخارى) والمهلة بضم الميم وكسرها وفتحها هى دم الميت وصديده ونحوه (قال اصحابنا رحمهم الله) ويجوز تكفين كل انسان فيما يجوز له لبسه فى الحياه فيجوز من القطن والصوف والكتان والشعر والوبر وغيرها، أما الحرير فيحرم تكفين الرجل فيه، وأما المرأة فالمشهور القطع بجواز تكفينها فيه لأنه يجوز لها لبسه فى الحياه لكن يكره تكفينها فيها، لأن فيه سرفا ويشبه إضاعة المال؛ بخلاف اللبس فى الحياة فانه تجمل للزوج، وحكى صاحب البيان فى زيادات المهذب وجها أنه لا يجوز، وأما المعصفر والمزعفر فلا يحرم تكفينها فيه بلا خلاف، ولكن يكه على المذهب وبه قطع الأكثرون، وحكى صاحب العده والبيان وجهين ثانيهما لا يكره، قالا وهو مذهب أبى حنيفه (قال أصحابنا) ويعتبر فى الكفن المباح حال الميت، فانه كان مكنزا من المال فمن جياد الثياب، وإن كان متوسطا فأوسطها، وإن كان مقلا فاخشنها. هذه عبارة الشيخ أبى حامد والبندنيجى وغيرهما (الثالثه) يستحب تبخير الكفن الا فى حق المحرم والمحرمه (قال أصحابنا) صفة ذلك أن يجعل الكفن على عود وغيره ثم يبخر كما يبخر ثياب الحى حتى تعبق بها رائحة الطيب (قال أصحابنا) ويستحب أن يكون الطيب عودا، وكون العود غير مطيب بالمسك فان كان مطيبا به جاز ويستحب تطيبه ثلاثا للحديث اه (قلت) (يعنى حديث جابر) رضي الله عنه

(2) باب صفة الكفن للرجل والمرأة وفي كم ثوب يكون (128) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنَّها قالت إن أبا بكر رضي الله عنه قال لها يا بنيَّة أي يوم توفّى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت يوم الإثنين، قال في كم كفَّنتم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت يا أبت كفَّناه في ثلاثة أثواب بيض سحوليَّةٍ جدد يمانية ليس فيها قميص ولا عمامة، أدرج فيها إدراجاً (129) عن أبن عبَّاس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كفّن في

_ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أجمرتم الميت فأجمروه ثلاثا، وسيأتى الكلام عليه قريبا فى بابه، (وقال فى شرح مسلم) وكزه مالك وعامة العلماء التكفين فى الحرير مطلقا، قال ابن المنذر ولا أحفظ خلافه اه (138) عن هشام ابن عروة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان ابن داود قال انا عبد الرحمن عن هشام بن عروة الحديث" (غريبه) (1) بضم المهملتين ويروى بفتح أوله نسبة الى سحول قرية باليمن (قال النووى) والفتح أشهر وهو رواية الأكثرين (قال ابن الأعرابى وغيره) هى ثياب بيض نقية لا تكون الا من القطن (وقال ابن قتيبه) ثياب بيض ولم يخصها بالقطن اه وفى رواية للبخارى: سحول بدون نسبة وهو جمع سحل، والسحل الثوب الأبيض النقى ولا يكون الا من قطن كما تقدم (وقال الأزهرى) بالفتح المدينة وبالضم الثياب، وقيل النسبة الى القرية بالضم، واما بالفتح فنسبة الى القصار لأنه يسحل الثياب اى ينقيها، كذا ذكره الحافظ (وقوله جدد) هكذا وقع فى رواية الأمام احمد، وكذلك رواه البيهقى وليس فى الصحيحين لفظ جدد، ووقع فى رواية لها بدل جدد"من كرسف" وهو القطن (وقوله يمانية) بتخفيف الياء على اللغه الفصيحه المشهورة، قاله النووى: قال وحكى سيبويه والجوهرى وغيرهما لغه فى تشديدها، ووجه الأول أن الألف بدل ياء النسب فلا يجتمعان بل يقال يمنية أو يمانية بالتخفيف اه " وفى قوله بيض " دليل على استحباب التكفين فى الأبيض، وتقدم الكلام على ذلك فى الباب السابق (قال النووى) وهو مجمع عليه (تخريجه) (ق. فع. هق. والاربعه وغيرهم) (139) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن ادريس قال اخبرنا يزيدعن ابن مقسم عن ابن عباس رضى الله عنهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث"

ثلاثة أثواب، في قميصه الذَّي مات فيه وحلة نجرانيَّة، الحلَّة ثوبان (130) وعنه أيضاً رضي الله عنه قال كفن رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلّم في بردين أبيضين وبردٍ أحمر

_ (غريبه) (1) استدل بها القائلون باستحباب القميص فى الكفن وهم الحانفية والمالكية وآخرون "والحلة" بضم الحاء المهملة، واحدة الحلل وهى برود اليمن، ولا تكون حلة إلا أن تكون ثوبين من جنس واحد "نه"وقال الخطابى: الحلة ثوبان رداء وازار، ولا تكون حلة إلا وهى جديدة تحل من طيها فتلبس اه (وقوله) نجرانية بفتح النون نسبة الى نجران (قال النووى) فى الأسماء واللغات هى بلدة معروفة كانت منزلا الأنصار، وهى بين مكة واليمن على نحو سبع مراحل من مكة اه. وقد بين الراوى أن الحلة ثوبان فيكون المجموع ثلاثة بالقميص (تخريجه) (د. جه. هق) قال النووى حديث ابن عباس حيث ضعيف لا يصح الاحتجاج به، لان يزيد بن أبى زياد أحد رواته مجمع على ضعفه لاسيما وقد خالف بروايته الثقات اه. يعنى انه خالف حديث عائشة الذى قبله ورواته كلهم ثقات ورواه الشيخان وغيرهما، وقد بينت عائشة رضى الله عنها أنه صلى الله عليه وسلم لم يكفن فى الحلة وإنما شبه على الناس كما فى رواية لها عند مسلم قالت " أما الحلة فانما شبه على الناس فيها انها اشتريت له ليكفن فيها فتركت الحله وكفن فى ثلاثة اثواب سحولية فأخذها عبد الله ابن أبى بكر فقال لاحبسنها حتى أكفن فيها نفسى، ثم قال لو رضيها الله عز وجل لنبيه لكفنه فيها فباعها وتصدق بثمنها (130) وعنه ايضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق ثنا سفيان عن ابن أبى ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) تثنية برد، والبرد نوع من الثياب يجمع على أبراد وبرود، وهو خلاف البردة فانها الشملة المخططه، وقيل كساء أسود مربع فيه صفر تلبسه الأعراب وجمعها برد (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام احمد وسنده جيد ورواه البيهقى من طريق، قبيصه عن سفيان بسند حديث الباب عن ابن عباس قال (كفن النبى صلى الله عليه وسلم فى ثوبين ابيض وبرد حبرة) ثم قال كذا رواه محمد بن عبدالرحمن ابن ابى ليلى، قال وبمعناه رواه على بن الحسين بن على بن ابى طالب رضى الله عنه مرسلا اه (قلت) رواية البيهقى لم تختلف عن رواية الامام احمد الا فى قوله حبرة بدل قوله احمر فى رواية الامام أحمد، فكلتا الروايتين مفسرة للأخرى، فرواية البيهقى فسرت البرد بأنه من الحبر، ورواية الامام أحمد أن لونه أحمر والله اعلم

(131) عن ابنة أهبان أن أباها أمر أهله حين ثقل أن يكفّنوه ولا يلبسوه قميصاً، قالت فألبسناه قميصاً فأصبحنا والقميص على المشجب (132) عن ليلى ابنه قانف الثَّقفية رضي الله عنها قالت كنت فيمن غسَّل أمَّ كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند وفاتها وكان أوَّل ما أعطانا رسول الله

_ (131) (عن ابنة أهبان) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بتمامه وسنده فى الفصل الثانى فى قدوم الأمام على كرم الله وجهه إلى البصرة واستنفار أهلها لوقعة الجمل من أبواب خلافته رضى الله عنه (غريبه) (1) اسمها عديمة بنت أهبان بن صيفى الغفارى صحابى (قال الحافظ) فى الأصابة، ويقال وهبان يكنى أبا مسلم، روى له الترمذى حديثا وحسن حديثه وابن ماجه وأحمد (قال الطبرانى) مات بالبصرة، وروى المعلى بن جابر بن مسلم عن أبيه عن عديمة بنت وهبان بن صيفى أن أباها لما حضرته الوفاة أوصى ان يكفن فى ثوبين فكفنوه فى ثلاثة فأصبحوا فوجدوا الثوب الثالث على السرير. وكذلك رواه الطبرانى من طريق عبد الله بن عبيد عن عديمة بنت أهبان؛ ونقل ابن حبان أن أهبان ابن أخت أبى ذر الغفارى هو أهبان بن صيفى؛ ورد ذلك ابن منده اه (2) أى حين ثقل مرضه وقار الموت (3) كمنبر قال الأزهرى: المشجب خشبات موثقه تنصب فينشر عليها الثياب اه. والمعنى أنهم لما خالفوا وصيته أكرمه الله عز وجل بتنفيذها قهرا عنهم، وفيه منقبة له لو صح " الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمى بلفظه كما هنا وقال رواه أحمد هكذا، وروى الطبرانى فى الكبير فقال عن عديمة بنت أهبان قالت حيث حضر أبى الوفاة قال لا تكفنونى فى ثوب مخيط، فحيث قبض وغسل أرسلوا إلى أن أرسلوا بالكفن فأرسل إليهم بالكفن، قالوا قميص، قلت إن أبى قد نهانى أن أكفنه فى قميص مخيط! قالت فأرسلت إلى القصار ولأبى قميص فى القصار فأنى به ج فألبس وذهب به فاغلقت بابى وتبعته ورجعت والقميص فى البيت، فأرسلت الى الذين غملوا أبى، قلت كفنتموه فى قميص؟ قالوا نعم، قلت هو ذا؟ قالوا نعم، وفيه أبو عمر القسملى، قال الحسينى لا يعرف (132) عن ليلة بنة قانف (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب قال ثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى نوح بن حكيم الثقفى وكان قارئا للقرآن عن رجل من بنى عروة بن مسعود يقال له داود قد ولدته أم حبيبة بنت أبى سفيان زوج النبى صل الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم عن ليلى بنت قانف الثقفية رضى الله عنها - الحديث"

صلى الله عليه وسلم الحقاء ثمَّ الدّرع ثم الخمار، ثمَّ الملحفة، ثمَّ أدرجت بعد في الثَّوب الآخر قالت ورسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم عند الباب معه كفنها يناولناه ثوباً ثوباً (133) عن محمد بن على ابن الحنفيَّة عن أبيه (على رضي الله عنه) قال كفّن النَّبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم في سبعة أثوابٍ

_ (غريبه) (1) تعني حقوه صلى الله عليه وسلم كما تقدم فى حديث أم عطية رقم 121 من باب صفة غسل الميت وتقدم تفسيره، وقال فى القاموس الحقو الكشح والأزار ويكسر أو معقدة كالحقوة والحقاء جمعه أحق وأحقاء اه (2) درع المرأه قميصها "والخمار" ثوب تغطى به المرأة رأسها، والجمع خمر مثل كتاب وكتب " والملحفه بكسر الميم هى الملاءه التى تلتحف بها المرأة (3) ربما يفهم بعض الناس أن الثوب الآخر هو الملحفه وليس كذلك بل أتى بثوب آخر غير الأربعه المتقدمة ليكون الكفن وترا والله اعلم (تخريجه) (د. هق) وسنده لا بأس به (133) عن محمد بن على (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ابن موسى ثنا حماد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن على ابن الحنفية عن أبية الحديث " (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وإسناده حسن والبزار (قلت) وابن أبى شيبة (وفى الباب عن أنس بن مالك) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كفن فى ثلاثة أثواب أحداها قميص - رواه الطبرانى فى الأوسط واسنده حسن " وعن عبد الله بن معقل" رضى الله عنه قال اذا أنا مت فأجعلوا فى غسلى كافورا وكفنونى فى بردين وقميص، فأن النبى صلى الله عليه وسلم فعل ذلك - رواه الطبرانى فى الكبير وفيه صدقه بن موسى وفيه كلام (وعن أبى اسحاق) قال سألت آل محمد فهيم ابن نوفل فى أى شئ كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى حلة حمراء وليس فيها قميص وجعل فى قبره شق قطيفه كانت لهم رواه الطبرانى فى الكبير ورجاله رجال الصحيح؛ أورد هذه الأحاديث الثلاثة الحافظ الهيثمى مع بيان درجاته (الأحكام) فى أحاديث الباب ما يدل على مشروعية الكفن فى ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة وهو حديث عائشة رضى الله عنها الأول من أحاديث الباب وهو أصحها " رواه الشيخان والأربعه وغيرهم " قال الترمذى: والعمل على حديث عائشة عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم وغيرهم اه (قلت) واليه ذهبت (الشافعية) قالوا يستحب أن يكفن الرجل فى ثلاثة أثواب " أزار ولفافتين بيض

ليس فيها قميص ولا عمامة " والمراد بالأزار المزر الذى يشهد فى الوسط وسواء فى هذا البالغ والصبى، يستحب تكفين الصبى فى ثلاثة كالبالغ، قالوا وإن كفن الرجل فى أربعة أو خمسة لم يكره ولم يستحب، وان كفن فى زياده عن خمسة يكره لأنه سرف، فان كان فى الكفن قميص وعمامة لم يكره لأنه خلاف الأولى، ووافقهم على استحباب الكفن فى ثلاثة أثواب الحنابلة إلا أنهم كرهوا الزيادة عليها، قالوا وان كفن فى قميص بكمين وازار ولفافة جاز من غير كراهة ولكن الأفضل الأول (وقال الأمام أحمد رحمه الله) ان كان قميصا أحب الىّ أن يكون مثل قميص الحى له كماّن، ولا يزر عليه القميص (ومنها) ما يدل على مشروعية الكفن فى ثلاثة أثواب أحدها قميص والباقى ثوبان وهما المعبر عنهما بالحلة فى حديث ابن عباس الثانى من أحاديث الباب، وفى اسناده يزيد بن أبى زياد ضعيف، لكن يعضده حديث أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم كفن فى ثلاثة أثواب أحدها قميص - رواه الطبرانى فى الأوسط " قال الهيثمى " واسناده حسن اه (قلت) واليه ذهبت (الحنفية والمالكية) الا أنهم اختلفوا فى الزيادة على الثلاثة؛ فذهبت (الحنفية) الى كراهة الزيادة على أرجح الأقوال عندهم، وذهبت (المالكية) الى استحباب الزيادة الى خمس، وهى إزار وقميص ولفافتان وعمامة، أو قميص وعمامة وثلاث لفائف، مستدلين بما رواه البيهقى بسنده عن نافع أن ابنا لعبد الله بن عمر مات فكفنه ابن عمر فى خمسة أثواب قميص وعمامة وثلاث لفائف، وفى قول للحنيفه أنه لا بأس بالزيادة إلى خمس عملا بما روى عن ابن عمر أيضا (ومنها) ما يدل على مشروعية الكفن فى بردين أبيضين وبرد حبرة وهو حديث ابن عباس رضى الله عنهما الثالث من أحاديث الباب - ورواه البيهقى أيضا واسناده لا مطعن فيه واليه (ذهبت الحنفية) فقالوا يستحب أن يكون فى الكفن برد حبرة (ومنها) ما يدل على مشروعية الكفن فى سبعة أثواب وهو حديث على رضى الله عنه الأخير من أحاديث الباب وحسن اسناده الحافظ الهيثمى، واليه ذهب الهادى فقال " إن المشروع إلى سبعة ثياب" (وأجاب الأولون) وهم (الشافعية والحنابلة والجمهور) عن الحديث الأول لابن عباس بأنه ضعيف، وبأنه ثبت عند مسلم والترمذى أن الحلة نزعت عنه صلى الله عليه وسلم وتقدم الكلام على ذلك فى شرحه (قلت) حديث ابن عباس الأول وإن كان ضعيفا، لكن يعضده حديث أنس المشار إليه آنفا (قال الحافظ) وأجاب القائلون باستحباب القميص والعمامة عن حديث عائشة بأن قولها ليس فيها قميص ولا عمامة يحتما نفى وجودها جملة، ويحتمل أن يكون المراد نفى المعدود أى ثلاثة خارجة عن القميص والعمامة؛ قال والأول أظهر، وقال بعض الحنفية معناه ليس فيها قميص أى جديد، وقيل ليس فيها القميص الذى غسل فيه، أو ليس

(3) باب التكفين من رأس المال وجواز الرجلين والثلاثة في ثوب واحد والاقتصار على ما يستر العورة إذا دعت الضرورة واستحباب المواساة بالكفن (134) عن أنس بن مالك أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على حمزة فوقف عليه

_ فيها قميص مكفوف الأطراف اه (وأجاب الجمهور) أيضا عن الحديث الثانى لأبن عباس بما ثبن عند ابى داوود والنسائى من حديث عائشة رضى الله عنها أنه ذكر لهم قولهم فى ثوبين وبرد حبرة، فقالت قدأتى بالبرد ولكنهم ردوه ولم يكفنوه فيه - تعنى وأتوا بدله بثوب آخر أبيض فصارت الجملة ثلاثة، وهى التى عانتها عائشة بقولها " كفن النبى صلى الله عليه وسلم فى ثلاثة أثواب بيض سحولية جديدة ليس فيها قميص ولا عمامة" وفيه نفى القميص والعمامة (وأجابوا أيضا) عن حديث على رضى الله عنه بأنه لا ينهض لمعارضة حديث عائشة وهو ثابت فى الصحيحين وغيرهما (قلت) لا معارضه فى ان حديث عائشة أصح أحديث الباب ولكنه لا ينفى لا ينفى الزيادة على الثلاثة الأثواب وقد تقرر أن ناقل أن ناقل الزيادة أولى بالقبول، على أنه لو تعرض رواة الثلاثة لنفى ما زاد عليها لكان المثبت مقدما على النافى (فالأولى) الجمع بين الأحاديث بأن (من ذهب إلى أن الكفن سبعة أثواب) اعتبر حديث عائشة فى الثلاثة أثواب البيض، وحديث ابن عباس الأول فى القميص والثوبين المعبر عنهما بالحلة وحديثه الثانى فى البرد الأحمر أو الحبرة فالجملة سبعة (ومن ذهب الى انه خمسه) أخرج الحلة من السبعه لما ثبت عند مسلم عن عائشة رضى الله عنها قالت " أدرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حلة يمنية كانت لعبد الله بن أبى بكر ثم نزعت عنه - الحديث" ولمسلم أيضا رواية أخرى تقدمت فى شرح الحديث الثانى من أحاديث الباب " ومن ذهب إلى أنه ثلاثه" اعتبر حديث عائشه فقط لأنه أصح الأحاديث الواردة فى هذا الباب (أما العمامه) فلم أجد لها ذكرا فى حديث مرفوع إلى النبى صلى الله عليه وسلم إلا ما نسب الى ابن عمر رضى الله عنهما من فعله أنه كفن ابنا له فى خمسة أثواب - قميص وعمامه وثلاث لفائف (وفى أحاديث الباب أيضا) دليل على أن المشروع فى كفن المرأة خمسة أثواب ازار وقميص وخمار ولفافه؛ وهى المعبر عنها بالملحفه؛ ودرج وهو المعبر عنه بالثوب الآخر فى حديث ليلى بنت قانف الثقفية، وهو لفافه ثانية واليه ذهبت (الشافعية والحنابلة وكذا الحنفية) الا أنهم أبدلوا إحدى الفافتين بخرقه يربط بها ثدياها واكتفوا بلفافة واحدة (وذهبت المالكية) إلى أن المستحب فى كفن المرأة سبعة أثواب الخمسة المذكورة فى الحديث وزادوا لفافتين أخريين ولا أدرى من أين أتوا بهذه الزيادة، وما ذهب اليه الأولون هو الموافق للنص والله أعلم (134) عن أنس ابن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا صفوان

فرآه قد مثّل به فقال لولا أن نجد صفيَّة في نفسها لتركته حتى تأكله العافية وقال زيد بن الحباب تأكله الماهة حتى يحشر من بطونها قال ثم دعا بنمرة فكفَّنه فيها، قال وكانت إذا مدَّت على رأسه بدت قدماه وإذا مدَّت على قدميه بدا رأسه قال وكثر القتلى وقلت الثياب، قال وكان يكفَّن أو يكفّن الرجلين شكّ صفوان والثلَّاثة في الثَّوب الواحد قال وكان

_ ابن عيسى وزيد بن الحباب قالا أنا أسامه بن زيد عن الزهرى عن أنس بن مالك الحديث " (غريبه) (1) يقال مثل بالقتيل جدعت انفه وأذنه أو مذاكريه أو شيئا من أطرافه والأمم مثله (2) أى تحزن وتجزع (وصفية) هى بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ووالدة الزبير ابن العوام وشقيقة حمزة؛ أمها هاله بنت وهب خالة الرسول صلى الله عليه وسلم وكانت أول من تزوجها الحارث بن حرب بن أمية، ثم هلك فتزوجها العوام بن خويلد أخو خديجة زوج زوج النبى صلى الله عليه وسلم فولدت له الزبير والسائب وأسلمت وروت وعاشت الى خلافة عمر (3) قال الخطابى هى السباع والطير التى تقع على الجيف فتاكلها وتجمع على العوافى اه (وقوله وقال زيد بن الحباب) يعنى احد الرواة فى روايته (العاهه) أى بدل العافية والمعنى واحد (4) إنما أراد صلى الله عليه وسلم ذلك ليتم له به الجر ويكمل؛ ويكون كل البدن مصروفا فى سبيله تعالى الى البعث، أو لبيان أنه ليس عليه فيما فعله به من المثله تعذيب حتى ان دفنه وتركه سواء، قال أبو الطيب (5) بفتح النون وكسر الميم هى شملة فيها خطوط بيض وسود أو بردة من صوف يصرفها الأعراب، كذا فى القاموس (6) أى ظهرت لصفر النمرة عن ستر جميع بدنه ولكن الله عز وجل أكرمه بحضور أخته صفية بثوبين لكفنه فكفن فى أحدهما وكفن بالثوب الآخر رجل من الأنصار كان معه قد فعل به كما فعل بحمزة، ويحتمل أن تكون هذه النمرة من الثوبين اللذين أتت بهما صفية كما يستفاد من سياق الحديث التالى والله أعلم (7) زاد فى رواية لأبى يعلى فخمروا رأسه (8) هو أحد رجال السند أى شك فى صيغة الفعل هل هو مبنى للمجهول أو للمعلوم " وقوله والثلاثة" بالنصب معطوف على الرجلين على أن الفعل مبنى للمعلوم والفاعل هو النبى صلى الله عليه وسلم أو غيره بأمره وأسند الفعل اليه مجازا (9) قال الحافظ إما يجمعهم فيه أو قطعه بينهم (وقال الحافظ) ابن تيمية معنى الحديث أنه كان يقسم الثوب الواحد بين

رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل عن أكثرهم قرآناً فيقدّمه إلى القبلة قال فدفنهم

_ الجماعة فيكفن كل واحد ببعضه للضرورة وإن لم يستر إلا بعض بدنه، يدل عليه تمام الحديث انه صلى الله عليه وسلم كان يسأل عن أكثرهم قرآنا فيقدمه فى اللحد فلو أنهم فى ثوب واحد جمله لسأل عن أفضلهم قبل ذلك كيلا يؤدى الى نقض التكفين وإعادته (وقال ابن العربى) فيه دليل على ان التكليف قد ارتفع بالموت، والا فلا يجوز ان يلصق الرجل بالرجل الا عند انقطاع التكليف او للضرورة اه (قلت) بقى أمر واحد خطر لى اثناء كتابة الشرح لم اقف على من تكلم فيه من شراح الحديث وهو (ان قيل) ما الضرورة الملجئة لجمعهم فى ثوب واحد وتقسيم الثوب الواحد بين الجماعه وان لم يستر الا بعض بدنه وقد تقدم فى الأحاديث الصحيحة وسيأتى كذلك فى الباب التالى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال زملوهم فى ثيابهم (وفى لفظ) ادفنوهم بدمائهم وثيابهم الى غير ذلك من اللفاظ التى تعطى هذا المعنى، ومعلوم ان المجاهد لابد أن يكون لابسا ولو ثوبا واحدا يكفيه للكفن؟ (فالجواب) أن الغرض من الكفن ستر جميع بدن الميت حتى رأسه ووجهه وقدميه بحيث لا يظهر منه شيئا مطلقا وثياب الحى لا تستر ذلك كما يستر الكفن الميت، فشرع الكفن لستر جميع بدنه، فان قلت الثياب فليقتصر على ستر ما بدا منه، ويحتمل أن يجرد الأعداء القتيل من ثيابه بقصد هتكه فيكون عاريا، والغالب ان قتل أحد أو كثيرا منهم كانوا عراة، بل قد فعل بهم الأعداء أكثر من ذلك لما روى ابن اسحاق قال - ووقفت هند بنت عتبه (كما حدثنى صالح بن كيسان) والنسوة اللاتى معها يمثلن بالقتلى من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يجدعن الآذان والأنوف حتى اتخذت هند من آذان الرجال وأنوفهم خدما وقلائد وأعطت خدمها وقلائدها وقرطها وحشيا، وبقرت عن كبد حمزة فلاكنها فلم تستطع ان تصيغها فلفظتها اه (قلت) إنما فعلت ذلك هند بنت عتبة لأن زوجها وأخاها وعمها قتلوا فى وقعة بدر فأرادت الأنتقام من المسلمين فى وقعة أحد "وقوله خدما" بفتحات جمع خدمة يعنى الخلخال، ويجمع على خدام ايضا، وإنما أعطت هذه القلائد لوحشى لأنه هو الذى قتل حمزة، ووحشى هذا هو ابن حرب كان مولى لجبير ابن مطعم فأوعز اليه جبير بقتل حمزه ووعده بالعتق ان فعل ذلك لان حمزة رضى الله عنه كان قد قتل عمه طعيمه بن عدى بن الخيار فى وقعة بدر، وسيأتى تفصيل ذلك فى غزوة أحد من أبواب الغزوات ان شاء الله تعالى، فالغالب أن قتلى أحد كانوا عراة أو بعضهم ممن مثل بهم كحمزة رضى الله عنه، وهؤلاء لابد من تكفينهم، ولما كثرت القتلى وقلت الثياب كما فى الحديث - قضت الضرورة بتقسيم الثوب الواحد بين الجماعه والله أعلم (1) أي في

رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يصلّ عليهم وقال زيد بن الحباب، فكان الرَّجل والرجلان والثَّلاثة يكفَّنون في ثوبٍ واحدٍ (135) عن الزبُّير (بن العوَّام) رضي الله عنه قال، إنَّه لَّما كان يوم أحد أقبلت امرأة تسعى حتَّى إذا كادت أن تشرف على القتلى قال فكرة النَّبي صلى الله عليه وسلم أن تراهم، فقال المرأة المرأة قال الزُّبير رضي الله عنه، فتوسمت أنها أمّي صفَّية، قال فخرجت أسعى إليها فأدركتها قبل أن تنتهي إلى القتلى قال فلدمت في صدري وكانت امرأة جلدة قالت إليك لا أرض لك

_ القبر، وفيه أن صاحب القرآن أفضل من غيره (1) اى لانه صلى الله عليه وسلم شهد لهم بأنهم بذلوا أرواحهم لله تعالى فهم غير محتاجين الى الصلاه بشهادتهم صلى الله عليه وسلم لهم (تخريجه) (هق مذ) وقال حديث أنس حديث حسن غريب، وأخرجه أيضا أبو داود وسكت عنه؛ وذكر المنذرى قول الترمذى هذا وأقره، وأورده الهيثمى ما عدا قوله (وكثر القتلى) الى آخر الحديث وقالى رواه ابو يعلى وروى أبو داود بعضه من غير ذكر الكفن، ورجاله رجال الصحيح. (135) عن الزبير ابن العوام (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان بن داود الهاشمى أنبأنا عبد الرحمن يعنى ابن أبى الزناد عن هشام عن عروة قال أخبرنى أبى الزبير رضى الله تعالى عنه - الحديث (غريبه) (2) هى صفية بنت عبد المطلب أخت حمزة وأم الزبير بن العوام رضى الله عنهم كما سيأتى (3) أى حتى قربت أن تكون على مرأى من القتلى (4) منصوب على التحذير وكرر للتأكيد وعامل النصب محذوف تقديره احذروا المرأة اى احذروا إشراف المرأة على القتلى، وإنما حذره النبى صلى الله عليه وسلم من ذلك خوفا من أن يصيبها ما لا يحمد من شدة تأثرها بهذا المنظر الفظيع الذى تقشعر منه أبدان أقوياء الرجال، فما بالك بالمرأة الضعيفة (5) بفتح الدال المهملة من باب قتل أى ضربت ودفعت (وقوله وكانت امرأة جلدة) أى قوية صبورة (6) هو اسم فعل بمعنى تنح أى تباعد عنى" وقولها لا أرض لك" أى لا مقر لك ولا وطن؛ كلمة سب بمعنى لا أم لك وأصلها تقال للقيط، اى لا أم لك تنسب إليها، ثم جرت على ألسن العرب فصاروا يقولونها

قال فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عزم عليك قال فوقفت وأخرجت ثوبين معها فقالت هذان ثوبان جئت بهما لأخي حمزة فقد بلغني مقتله فكفّنوه فيهما، قال فجئنا بالثَّوبين لنكفّن فيهما حمزة فإذا إلى جنبه رجل من الأنصار قتيل قد فعل به كما فعل بحمزة، قال فوجدنا غضاضة وحياء أن نكفّن حمزة في ثوبين والأنصاريُّ لا كفن له، فقلنا لحمزة ثوب وللأنصاريّ ثوب، فقدَّر ناهما فكان أحدهما أكبر من الآخر فأقرعنَّا بينهما بينهما فكفنا كلَّ واحد منهما في الثَّوب الذي طار له (136) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة في ثوب واحدٍ، قال جابر ذلك الثَّوب نمرة (137) عن خبَّاب (بن الأرتّ رضي الله عنه) قال هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتغي وجه الله تبارك وتعالى فوجب أجرنا على الله عزَّ وجل فمنَّا

_ لكل من يريدون سبه بدون قصد أصلها (1) أى أمر بمنعك وأكد ذلك (2) أى نقصا وعدم أنصاف (3) بالطاء المهملة، وطائر الأنسان ما حصل له فى علم الله ما قدر له (تخريجه) (على. بز) وفى اسناده عبد الرحمن ابن أبى الزناد ضعيف، وقد وثق. قاله الهيثمى (136) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى سند عبد الصمد ابن عبد الوارث وأبو سعيد قالا ثنا زائدة ثنا عبد اله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله - الحديث (تخريجه) (مذ) ولم يتكلم عليه، وفى إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل لين وضعفه النسائى، وقال الترمذى صدوق سمعت محمدا (يعنى البخارى يقول كان أحمد واسحاق والحميدى يحتجون بحديث ابن عقيل (قال الواقدى) مات بعد الأربعين ومائة (137) عن خبأ ب بن الأرث (سنده) حدثنا عبدالله حدثنى أبى ثنا يحيى قال سمعت شقيقا سمعت خبابا ح وأبو معاوية ثنا الأعمش عن شقيق عن خباب قال هاجرنا - الحديث" (غريبه) معناه وجوب إنجاز وعد بالشرع لا وجوب بالعقل كما تزعمه المعتزلة، وهو نحو ما فى الحديث " حق العباد على الله " وقد سبق شرحه

من مضى لم يأكل من أجره شيئاً منهم مصعب بن عميرٍ قتل يوم أحدٍ فلم نجد شيئاً نكفَّنه إلا نمرةً كنَّا إذا غطَّينا بها رأسه خرجت رجلاه وغذا غطَّينا رجليه خرج رأسه، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن نغطّي بها رأسه ونجعل على رجليه إذخراً ومنا من أينعت له ثمرته فهو بهدبها يعني يجتنبها

_ في كتاب الأيمان فارجع اليه إن شئت (1) اى لم يوسع عليه فى الدنيا ولم يجعل له شيئا من جزاء عمله ولم تتطلع نفسه إلى ذلك زاهدا فى الدنيا وزجرا للنفس عن شهواتها لينالها موفرة فى الآخرة (2) بضم الميم هو ابن عمير بن هاشم يجتمع نسبه مع النبى صلى الله عليه وسلم هاشم كان من فضلاء الصحابة وخيارهم ومن السابقين الى الاسلام، أسلم والرسول صلى الله عليه وسلم فى دار الأرقم قبل الهجرة وسجنه أهله لما عملوا بأسلامه، ثم هاجر الى الحبشة مع من هاجر اليها، وكان قبل اسلامه أنعم فتى بمكه وأجوده خله وأكملهم شبابا وجمالا وجودا، وكان أبواه بحبانه حبا كثيرا، وكانت أمه تكسوه أحسن ما يكون من الثياب بمكة؛ وكان أعطر أهل مكه، ثم انتهى به الحال فى الأسلام الى أن كان عليه برده مرقوعه بفروة وتزوج بحموه بنت جحش زوج النبى صلى الله عليه وسلم واستشهد باحد ومعه لواء المسلمين، قيل كان عمره أربعين سنه وسنبسط الكلام فى مناقبه فى كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالى رضى الله عنه (3) فيه دليل على أنه اذا ضاق الكفن عن ستر جميع البدن ولم يوجد غيره جعل ما يلى الرأس وجعل النقص مما يلى الرجلين، فان ضاق عن ذلك سترت العورة (4) بكسر الهمزة والخاء وهو نبت بأرض الحجاز طيب الرائحة ينبت فى السهول والحزون، وفيه أنه يستحب اذا لم يوجد ساتر لبعض البدن أو لكله ان يغطى بالأذخر، فان لم يوجد فما تيسر من نبات الأرض، وقد كان الأذخر مستعملا لذلك عند العرب كما يدل على ذلك قول العباس " الا الأذخر فانه لبيوتنا وقبورنا" وسيأتى حديثه فى باب فضل مكه من كتاب الفضائل ان شاء الله تعالى (5) بفتح الهمزة وسيكون الياء وفتح النون أينع النمر اذا أدرك ونضج (6) بفتح أوله وسكون ثانية وكسر الدال وضمها، بعدها باء موحده مضمومة، أى يجتنبها كما فسرت فى الحديث (قال ابن سيده) هدب النمرة يهدبها هدبا اجتناها اه وهو كناية عن الغنائم التى تناولها من ادرك زمن الفتوح من الصحابة رضى الله عنهم (تخريجه) (ق. والثلاثة. وغيرهم)

(138) ز وعنه أيضاً أنَّ حمزة رضي الله عنه لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه حتى مدَّت على رأسه وجعل على قدميه الإذخر

_ (138) "ز" وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله ثنا يحيى بن آدم ثنا اسرائيل عن أبى اسحاق عن حارثه بن مضرب قال دخلت على خباب وقد اكتوى سبعا فقال لولا أن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا يتمنى أحدكم الموت، لتمنيته ولقد رأيتنى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أملم درهما، وإن فى جانب بيتى الآن لاربعين الف درهم، قال ثم أتى بكفنه، فلما رأه بكى وقال "لكن حمزه لم يكن له كفن - الحديث" وسيأتى بتمامه فى مناقب خباب من كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالى (غريبه) (1) أى برده فيها خطوط سود وبيض، وفى بعض الروايات (الا نمرة) بدل بردة والمعنى واحد (2) اى ذهبت " وقوله مدت على رأسه" أى غطوا رأسه بها ووضعوا الأذخر على ما انكشف من قدميه رضى الله عنه (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ الا لعبد الله ابن الأمام أحمد وهو من زوائده على مسند أبيه وسنده جيد، وبعضه للحاكم من حديث أنس، وفى رواية للبخارى أن عبد الرحمن ابن عوف قال قتل مصعب بن عمير وكان خيرا منى؛ فلم يجد له ما يكفن فيه إلا برده، وقتل حمزة أو رجل آخر فلم يوجد ما يكفن فيه إلا برده (وقال الحافظ) " قوله أو رجل آخر " فلم اقف على اسمه ولم يقع فى أكثر الروايات الا بلفظ حمزة ومصعب فقط اه (الاحكام) أحاديث الباب تدل على أن الكفن يكون من رأس المال، لان النبى صلى الله عليه وسلم أمر بالتكفين فى النمرة ولا مال غيرها (قال ابن المنذر) قال بذلك جميع أهل العلم إلا رواية شاذة عن خلاس بن عمرو قال الكفن من الثلث، وعن طاوس قال من الثلث ان كان قليلا، وحكى فى البحر عن الزهرى وطاوس انه من الثلث ان كان معمرا، وقد اخرج الطبرانى فى الأوسط من حديث على أن الكفن من جميع المال واسناده ضعيف، واخرجه ابن ابى حاتم فى العلل من حديث جابر، وحكى عن أبيه انه منكر، وقد أخرجهما عبد الرازق، أفاده الشوكانى (وقال النووى) فيه دليل على أن الكفن من رأس المال وأنه مقدم على الديون، لأن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بتكفينه فى نمرته (يعنى مصعب بن عمير) ولم يسأل هـ عليه دين مستغرق أم لا، ولا يبعد من حال من لا يكون عنده إلا نمرة أن يكون عليه دين؛ واستثنى اصحابنا من الديون الدين المتعلق بعين المال فيقدم على الكفن، وذلك

كالعبد الجاني والمرهون والمال الذي تعلقت به زكاة أو حق بائعه بالرجوع بإفلاس ونحو ذلك، قال ويستدل بهذا الحديث "يعنى حديث خباب" على أن الواجب في الكفن ستر العورة فقط، ولا يجب استيعاب البدن عند التمكن، فأن قيل لم يكونوا متمكنين من جميع البدن لقوله لم يوجد له غيرها، فجوابه أن معناه لم يوجد مما يملك الميت إلا نمرة، ولو كان ستر جميع البدن واجبا لوجب على المسلمين الحاضرين تتميمه أن لم يكن له قريب تلزمه نفقته، فأن كان - وجب عليه (فان قيل) كانوا عاجزين عن ذلك، لأن القضية جرت يوم أحد وقد كثرت القتلى من المسلمين واشتغلوا بهم وبالخوف من العدو وغير ذلك (فجوابه) أنه يبعد من حال الحاضرين المتولين دفنه أن لا يكون مع واحد منهم قطعة من ثوب ونحوها والله أعلم أم (قلت) وما قاله النووي رحمه الله هو الأصح من مذهب الشافعي وهو ظاهر نص الشافعي في الم، وصححه صاحب المهذب والمحاملي في المجموع، وقطع به كثير من العراقيين أو أكثرهم (وقطع جمهور الخراسانيين) بأنه يجب ستر جميع البدن، فمن قطع به منهم إمام الحرمين والغزالي والبغوي والسرخسي وغيرهم، وصححه منهم القاضي حسين وغيره، ووافق الخراسانيين في ذلك الأئمة الثلاثة (أبو حنيفة ومالك وأحمد) فقالوا أقل الكفن ما يستر جميع بدن الميت سواء أكان ذكرا أم أنثى وما دون ذلك لا يسقط به فرض الكفاية عن المسلمين، قالوا ويجب تكفين الميت من ماله الخاص الذي لم يتعلق به حق الغير كالمرهون، فأن لم يكن له مال خاص فكفنه على من تلزمه نفقته في حال حياته إلا الزوجة (وذهب المالكية والحنابلة) إلي أنه لا يلزم الزوج تكفينها ولو كانت فقيرة، فأن لم يكن لمن فعلى جماعة المسلمين القادرين، ومثل الكفن في ذلك مؤن التجهيز كالحمل إلي المقبرة والدفن ونحو ذلك (وفي أحاديث الباب أيضا) دليل على جواز تكفين الرجلين والثلاثة في كفت واحد عند الضرورة، وتقدم بيان ذلك في الشرح (وفيها أيضا) دليل على أنه إذا ضاق الكفن عن ستر جميع البدن ولم يوجد غيره جعل مما يلي الرأس وجعل النقض مما يلي الرجلين (قال النووي) فأن ضاق عن ذلك سترت العورة، فأن فضل شيء جعل فوقها، وأن ضاق عن العورة سترت السوءتان لأنهما أهم، وهما الوصل في العورة أم (قالت) وفي تلك الحالة يستر الباقي من البدن بأذخر أو نحوه من نبات الأرض (وفيها أيضا) استجاب المواساة بالكفن إذا مات اثنان مثلا وكان لأحدهما ثوبان ولم يكن للآخر شيء فيستحب أن يكفن كل واحد منهما في ثوب واحد كما فعل بحمزة مع صاحبه (وفيها) ما كان عليه صدر هذه الأمة من إيثار الآخرة على الدنيا والتضحية بالنفس في سبيل الله (وفيها) أن الصبر على مكابدة الفقر وصعوبته من منازل الأبرار ودرجات الأخيار وفيها غير ذلك والله أعلم.

(4) باب تكفين الشهيد في ثيابه التي قتل فيها (139) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال رمى رجل بسهم في صدره أو قال في جوفه فأدرج في ثيابه كما هو ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (141) عن أبن عبَّاس رضي الله عنهما قال أمر رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يوم أحد بالشُّهداء أن ينزع عنهم الحديد والجلود وقال أدفنوهم بدمائهم وثيابهم (141) عن عبد الله بن ثعلبه بن صعير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد زمّلوهم في ثيابهم وجعل يدفن في القبر الرَّهط وقال قدّموا أكثرهم قرآناً

_ (139) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا محمد ابن سابق ثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر - الحديث" (غريبة) (1) أو للشك من الراوي ولفظ أبي داود "رمى رجل بسهم في صدره أو حلقه فمات" ولم تقف على اسم الرجل ولا في أي غزوة كان ذلك (2) أي لف في ثيابه ودفن بغير غسل ولا كفن "وقوله ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بذلك إلي أن الحديث مرفوع إلي النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (د. مذ. هق) وسنده جيد. (140) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عاصم عن عطاء بن الصائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (3) يعني آلات الحرب (4) يعني بغير غسل ولا كفن (تخريجه) (د. جه. هق) وفي إسناده عطاء بن الصائب (قال الحافظ) في التلخيص وهو مما حدث به بعد الاختلاط. (141) عن عبد الله بن ثعلبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هيثم عن محمد بن إسحاق عن الزهري حدثني عبد الله بن ثعلبة بن صعير - الحديث (غريبه) (5) الرهط من الرجال ما دون العشرة وقيل إلي الأربعين ولا تكون فيهم امرأة، ولا واحد له من لفظه، ويجمع على أرهط وأرهاط، وأرهط جمع الجمع (له) (6) أي أكثرهم حفظا للقرآن أو أخذا للقرآن كما في بعض الروايات، وفيه دليل على

تقديم من كان أكثر قرآنا من صاحبه، وفيه منقبة عظيمة لحفاظ القرآن - فأحمد الله الذي من على بحفظه وإتقانه كما انزل، ورحم الله والدي وجزاهما على أحسن الجزاء لأنهما السبب في ذلك، والمراد بتقديمه يعمي في القبر لجهة القبلة كما تقدم (تخريجه) (د وغيره) ورجاله رجال الصحيح (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز دفن الشهيد بثيابه التي قتل فيها ونزع ما عليه من آلة الحرب فقط كالحديد والجلود ونحو ذلك، قال الإمام أحمد رحمه الله "لا يترك عليه فرو ولا خف ولا جلد" وبهذا قال (الشافعي وأبو حنيفة) وقال مالك لا ينزع عنه فرو ولا خف ولا محشو لقول النبي صلى الله عليه وسلم وادفنوهم بثيابهم (قلت) الخلاف في الفرو والخف ونحوهما، أما الجلود والحديد فنفق على نزعها ونقدم كلام النووي في ذلك في آخر الأحكام من باب ترك غسل الشهيد فارجم إليه، والظاهر أن الأمر فيه للوجوب، والحكمة في دفنهم بدمائهم إعلام النسا بأن الله طهرهم من الذنوب فلا يؤثر عليهم نجاسة الدم، بل إبقاؤه في ثيابهم وأجسامهم مفخرة لهم عند البعث لما تقدم في باب ترك غسل الشهيد في حديث عبد الله بن ثعلبة أيضا وجابر وغيرهما من قوله صلى الله عليه وسلم ما من مجروح جرح في الله عز وجل إلا بعثه يوم القيامة وجرحه بدمي، اللون لون الدم والريح ريح المسك - الحديث" (وفي أحاديث الباب أيضا) جواز دفن الرجلين والثلاثة في قبر واحد للضرورة وتقدمي من كان أكثر حفظا للقرآن، وترجم له البخاري فقال (باب دفن الرجلين والثلاثة في قبر) (قال الحافظ) أورد فيه حديث جابر المذكور مختصرا بلفظ "كان يجمع بين الرجلين من قتلي أحد" (قال ابن رشيد) جرى المصنف على مادته إما بالإشارة إلي ما ليس على شرطه وإما بالاكتفاء بالقياس، وقد وقع في رواية عبد الرزاق بلفظ "وكان يدفن الرجلين والثلاثة في القبر الواحد" اهـ (قال الحافظ) ورود ذكر الثلاثة في هذه القصة عن أنس أيضا عند الترمذي وغيره، وروي أصحاب السنن عن هشام بن عامر الأنصاري قال جاءت الأنصار إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فقالوا أصابنا قرح وحمد، قال احفروا وأوسعوا واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر صححه الترمذي والظاهر أن المصنف (يعني البخاري) أشار إلي هذا الحديث، وأما القياس ففيه نظر لأنه لو أراده لم يقتصر على الثلاثة بل كان يقول مثلا دفن الرجلين فأكثر، ويؤخذ من هذا جواز دفن المرأتين في قبر، وإسناد حسن عن واثلة بن الأسقع أنه كان يدفن الرجل والمرأة في القبر الواحد، فيقدم الرجل ويجعل المرأة وراءه، وكأنه كان يجعل بينهما حائلا من تراب ولاسيما أن كانا أجنبيين والله اعلم (فائدة) قال الإمام الشافعي وأصحابه وصاحب المهذب رحمهم الله يتسحب أن يجمع الأقارب في موضع من المقبرة لما رواه أبو داود والبيهقي عن المطلب بن عبد الله بن حنطب

(5) باب تطييب بدن الميت وكفنه الا المحرم - وما جاء في تكفين المحرم (142) عن جابر (بن عبد الله رضي الله عنهما) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أجمرتم الميّت فأجمروه ثلاثاً (143) عن أبن عباس رضي الله عنهما أنَّ رجلاً كان مع النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فوقصته ناقته وهو محرم فمات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أغسلوه بماء وسدر

_ أن النبي صلى الله عليه وسلم ترك عند رأس عثمان بن مظعون صخرة وقال نعلم على قبر أخي لأدفن إليها من مات (142) عن جابر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي بن آدم ثنا قطبة عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر قال قال النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) أي إذا بخرتموه بالطيب، يقال ثوب مجمر ومجمر، وأجمرت الثوب وجمرته إذا بخرته بالطيب، والذي يتولي ذلك مجمر ومجمر ومنه نعيم المجمر الذي كان يلي إجمار مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (له) قال النووي: يستحب تبخير الكفن إلا في حق المحرم والمحرمة (قال أصحابنا) صفة ذلك أن يجعل الكفن) على عود أو نحوه، ثم يبخر كما يبخر ثياب الحي غير مطيب بالمسك فأن كان مطيباً به جاز ويستحب تطييبه ثلاثا للحديث (يعمي حديث جابر) (تخريجه) (هق. بز. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرك مسلم ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (وقال النووي) رواه أحمد بن حنبل في مسنده والحاكم في المستدرك والبيهقي وإسناده صحيح، قال ولكن روي البيهقي بإسناده عن يحيي بن معين أنه قال لم يرفعه إلا يحيي بن آدم" قال يحيي بن معين ولا أظنه إلا غلطاً (قلت) كأن يحيي بن معين فرعه على قاعدة أكثر المحدثين أن الحديث إذا روى مرفوعا وموقوفا حكم بالوقف، والصحيح الذي قاله الفقهاء وأصحاب الأصول ومحققوا المحدثين أنه يحكم بالرفع لأنها زيادة ثقة، ولفظ رواية الحاكم والبيهقي "إذا جمرتم الميت فأوتروا" قال البيهقي: وروى "جمروا كفن الميت ثلاثاً" أهـ ج (143) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنبأنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (2) بفتح الواو بعدها قاف، ثم صاد مهملة من باب وعد أي رمت به فدقت عنقه فالعنق موقوصة وفي القاموس الوقص الكسر ولم يعلم اسم هذا الرجل (3) فيه تعيين الماء والسدر لغسل

وكفنوه في ثوبيه ولا تمسُّوه بطيب ولا تخمّروا رأسه فإنَّه يبعث يوم القيامة ملبّياً (وعنه من طريقٍ ثان) يقول كنّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فخر رجل عن بعيره فوقص فمات (الحديث كما تقدَّم وفيه) فإنَّ الله عزَّ وجلُّ يبعثه يوم القيامة مهلاً، وقال مرَّة يهل (وعنه من طريق ثالثٍ) بنحوه وفيه فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغسَّل بماء وسدر، وأن يكفَّن في ثوبين، وقال لا تمسُّوه بطيب خارج رأسه قال شعبة ثم إنَّه حدَّثني به بعد ذلك

_ الميت، وتقدم الكلام على ذلك في أبواب غسل الميت (1) فيه تكفين المحرم في ثيابه التي مات فيها، وقيل إنما اقتصر على تكفينه في ثوبيه لكونه مات فيهما وهو بتلك العبادة الفاضلة، ويحتمل أنه لم يجد غيرها (2) بضم أوله وكسر الميم من أمس، قاله الحافظ أي لا تضعوا طيبا على جسمه ولا في كفنه (ولا تخمروا رأسه) أي لا تغطوه، لأن المحرم ممنوع من ذلك، ففيه دليل على بقاء حكم الإحرام، وأصرح من ذلك التعليل بقوله "فأنه يبعث يوم القيامة ملبيا" أي يقول لبيك اللهم لبيك، كما يقول الحاج، وفي بعض الروايات "فأنه يبعث يوم القيامة محرما" أي على حالته التي مات عليها ومعه علامة لحجه وهي دلالة الفضيلة كما يجيء الشهيد يوم القيامة وأوداجه تشحب دماً (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو عن سعيد بن جبير عن لاين عباس يقول "كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (4) أي سقط "وقوله فوقص" أي كسرت عنقه (5) يعني أن الراوي رواه بلفظين، فمرة قال مهلاً ومرة قال يهل، والإهلال هو رفع الصوت بالتلبية، فقوله يهل يدل على تجدد التلبية مستمراً، وقوله مهلاً يدل على ثبوتها (6) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت أبا بشر يحدث أنه سمع سعيد بن جبير يحدث أنه سمع بن عباس يحدث أن رجلاً أتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو محرم فوقع من ناقته فأوقصته، فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يغسل بماء وسدر وأن يكفن في ثوبين، وقال لا تمسوه بطيب خارج رأسه (قال شعبة) ثم أنه حدثني به بعد ذلك فقال خارج رأسه أو وجهه فأنه يبعث يوم القيامة ملبداً (7) هذه الجملة أعني قوله "خارج رأسه" في موضع الحال من الضمير في قوله "وإن يكفن في ثوبين" والمعني أن يكون في رأسه خارجاً عن الكفن أي عاريا بدليل قوله في الطريق الأولي "ولا تخمروا رأسه" (8) هو أحد للسند وراوي الحديث عن أبي بشر يريد أن أبا بشر حدثه مرة فقال

فقال خارج رأسه أو وجهه فإنه يبعث يوم القيامة ملبّداً

_ "خارج رأسه" ثم حدثه به مرة اخرى فقال "خارج رأسه أو وجهه" بالشك، ورواه مسلم بنحو حديث الباب، لكن بدون شك ففيه "قال شعبة: ثم حدثنى به بعد ذلك خارج راسه ووجهه" يعنى مكشوف الراس والوجه معاً، والله اعلم (1) كذا فى هذه الرواية مبلدا بالدال المهملة، وكذا رواية للشيخين، ومعنى التلبيدأن يجعل المحرم فى راسه من الصمغ ليلتصق شعره فلا يشعث فى الاحرام، وكانت عادتهم أن يفعلوا ذلك فى الأحرام (قال الحافظ) وقد أنكر عياض هذه الرواية، وقال ليس للتبليد معنى (قلت) رد الحافظ قول عياض بأن رواية ملبدا ليست فاسدة المعنى بل توجيهها ظاهر، ولعل الحافظ يريد أن الله تعالى يبعثه يوم القيامة على هيئة التى مات عليها، أعلم (تخريجه) (ق والأربعة وغيرهم) (الأحكام) حديث جابر يدل على استحباب تبخير كفن الميت بعود ونحوه مما يظهر له رائحة زكية إذا وضع على النار، وتقدم كيفية التبخير فى الشرح، وأوصى أبو سعيد وابن عمر وابن عباس أن تجمر أكفانهم بالعود (قال أبو هريرة) يجمر الميت، ولأن هذا عادة الحى عند غسله وتجديد ثيابه أن يجمر بالطيب والعود فكذلك الميت، وكذا يستحب تطيب بدن الميت بالمسك أن تسير، لأنه أطيب الطيب، فقد روى عبد الرزاق فى مصنفه عن سلمان رضى الله عنه أنه استودع امرأته مسكا، فقال اذا مت فطيبونى به فإنه يحضرني خلق الله "يعنى الملائكة" لا ينالون من الطعام والشراب يجدون الريح (وروى ابن آبى شيبة) عن ابن سيرين قال سئل ابن عمر رضى الله عنهما عن المسك يجعل فى الحنوط، قال أو ليس أطيب طيبكم المسك (وعن أبى وائل) قال كان عند على مسك فأوصى أن يحنط به، قال وقال على هو فضل حنوط رسول الله (ص) _ رواه الحاكم وسكت عنه، وأقره الذهبى (وعن سعيد الخدرى) رضى الله عنه أن النبى (ص) سئل عن المسك فقال "هو أطيب طيبكم_ رواه الحاكم وقال هذا حديث صحيح الاسناد (قلت) وأقره الذهبى، ورواه أيضا الأمام أحمد وسيأتى فى كتاب اللباس والزينة إن شاء الله تعالى_ فإن آمذر المسك فما أنواع الطيب؛ وبهذا قال كافة العلماء ولم أر مخالفا فى ذلك (وفى مختصر الخرقى) فى مذهب الأمام أحمد قال ويجعل الذريرة فى مفاصله ويحعل الطيب فى مواضع السجود والمغابن، ويفعل به كما يفعل بالعروس (قال ابن قدامة).فى شرحه، الذريرة هى الطيب المسحوق، ويستحب أن يجعل فى مفاصل الميت ومغابنه وهى المواضع التى تنثنى من الأنسان كطى الركبتين وتحت الابطين وأصول الفخذين لأنها مواضع

الوسخ ويتبع بأزالة الوسخ والدرن منها من الحى ويتبع بالطيب من المسك والكافورمواضع السجود لأنها أعضاء شريفة، ويفعل به كما يفعل بالعروس، لأنه يروى عن النبى (ص) "اصنعوا بموتاكم كما تصنعون بعرائسكم)) وكان ابن عمر يتبع مغابن الميت ومرافقه بالمسك (قال أحمد) يخلط الكافور بالذريرة، وقيل له يذر المسك على الميت أو يطلى به؟ قال لا يبالى، قد روى عن ابن عمر أنه ذر عليه، وروى عنه أنه مسحه بالمسك مسحا، سيرين طلا انسانا بالمسك من قرنه إلى قدمه، وقال ابراهيم النخعي يوضع الحنوط على عظم السجود الجبهة والراحتين والركبتين وصدر القدمين اهـ (وحديث ابن عباس) يدل على أن المحرم إذا مات لا يجوز أن يلبس المخيط ولا تحمر رأسه ولا يمس طيبا. وإليه ذهب الأئمة (الشافعي وأحمد واسحاق وآخرون) وذهب الأئمة (مالك والأوزاعى وأبو حنيفة وغيرهم) إلى أنه يفعل بالحى، وأجابوا عن الحديث الباب بأن قصة هذا الرجل واقعة عين لا عموم لها، فتختص به (وأجيب) بأن الحديث ظاهر فى أن العلة هى كونه فى النسك وهى عامة فى كل محرم، والأصل أن كل ثبت لواحد فى زمن النبي (ص) ثبت لغيره حتى يثبت التخصيص، واعتذر الداودى عن مالك فقال إنه لم يبلغه_ الحديث" وهو اعتذرا وجيه، وفى قوله (ص) "اغسلوه بماء وسدر" دليل على استحباب السدر فى غسل الميت، وأن المحرم فى ذلك كغيره (قال النووى رحمه الله) وهذا مذهبنا، وبه قال طاوس وعطاء ومجاهد وابن المنذر وآخرون، ومنعه (مالك وأبو حنيفة وآخرون) أما تخمير الرأس فى حق المحرم الحى فمجمع على تحريمه؛ وأما وجهه فقال (مالك وأبو حنيفة) هو كرأسه (وقال الشافعى والجمهور) لا إحرام فى وجهه بل له تغطيته، وإنما يحب كشف الوجه فى حق المرأة، هذا حكم المحرم الحى، وأما الميت (فمذهب الشافعى) وموافقيه أنه يحرم تغطية رأسه كما سبق، ولا يحرم تغطية وجهه بل يبقى كما كان فى الحياة، ويتأول هذا الحديث (يعنى حديث ابن عباس) على أن النهى عن تغطية وجهه ليس لكونه وجها، إنما هو صيانة للرأس، فإنهم لو غطوا وجهه لم يؤمن أن يغطوا رأسه ولا بد من تأويله، لأن مالكا وأبا حنيفة وموافقيهما يقولون لا يمنع من ستر رأس الميت ووجهه، والشافعى وموافقوه يقولون يباح ستر الوجه فتعين تأويل الحديث (قال) وفى قوله (وكنفنوه فى ثوبيه) فوائد (منها) الدلالة لمذهب الشافعى وموافقيه فى أن حكم الأحرام باق فيه (ومنها) أن التكفين فى الثياب الملبوسة جائز وهو مجمع عليه (ومنها) جواز التكفين فى ثوبين والأفضل ثلاثة (ومنها) أن الكفن مقدم على الدين وغيره، لأن النبى (ص) لم يسأل هل عليه دين مستغرق أم لا (ومنها) أن التكفين واجب وهو إجماع في حق

أبواب الصلاة على الميت (1) باب فضل الصلاة على الميت وتشييع الجنازة (144) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلَّى على جنازة فله قيراط ومن انتظر حتَّى يفرغ منها فله قيراطان قالوا يا رسول الله

_ المسلم، وكذا غسله والصلاة عليه ودفنه اهـ (144) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبدالله حدثنى أبى ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة_ الحديث" (غريبه) (1) فى رواية للشيخين من شهد الجنازة حتى يصلى عليها، وفى رواية للبخارى (من شيع) وفى أخرى له وللأمام أحمد وستأتى "من تبع" وفى رواية لمسلم "من خرج مع جنازة من بيتها ثم تبعها حتى تدفن" فينبغى أن تكون هذه الرواية الأخيرة مقيدة لبقية الروايات المذكور فيها التشييع والشهادة والاتباع والصلاة، بأنها لا تعتبر محصلة للأجر المذكور فى الحديث إلا إذا كان ابتداء الحضور من بيت الميت، ويدل على ذلك ما وقع فى رواية أبى هريرة عند البزار بلفظ (من أهلها) وما عند الأمام أحمد وسيأتى من حديث أبى سعيد الخدرى بلفظ "من جاء جنازة فى أهلها فتبعها حتى يصلى عليها_الحديث" ومقتضاه أن القيراط يختص بمن حضر من أول الأمر الى انقضاء الصلاة وبذلك جزم الطبرى (قال الحافظ) والذى يظهر لى أن القيراط يحصل لمن ثلى فقط، لأن كل ما قبل الصلاة وسيلة اليها، لكن يكون قيراط من صلى فقط دون قيراط من شيع وصلى، واستدل بما عند مسلم بلفظ "من صلى على جنازة ولم يتبعها فله قيراط" وبما عند الأمام أحمد عن هريرة "ومن صلى ولم يتبعها فله قيراط" فدل على أن الصلاة تحصل القيراط وان لم يقع اتباع، قال ويمكن أن يحمل الاتباع هنا على ما بعد الصلاة اهـ "والقيراط) " بكسر القاف، أما مقداره فقد نقل الحافظ عن الجوهرى أنه قال "القيراط نصف دانق سدس الدرهم (قلت) فهو على هذا نصف سدس الدرهم_ولما كان مقدار القيراط المتعارف حقيرا نبه على عظم القيراط الحاصل لمن فعل ذلك فقال "مثل أحد" كما فى بعض الروايات، وفى أخرى "أصغرهما مثل أحد" وفى حديث الباب "مثل الجلين العظيمين" (2) قال النووى ضبطناه بضم الياء وفتح الراء وعكسه والأول أحسن وأعم، وفيه دليل لمن يقول القيراط الثانى لا يحصل إلا بفراغ الدفن (3) ربما يفهم من هذه العبارة أن القيراطين لمن انتظر حتى يفرغ منها ولو لم يصل، وليس الأمر كذلك انما هما لمن صلى وانتظر حتى يفرغ منها، ويؤيد ذلك مارواه البخارى في أول صحيحه

وما القيراطان؟ قال مثل الجبلين العظيمين (وعنه من طريق ثانٍ) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صلَّى على جنازة فاتَّبعها فله قيراطان مثلى أحد، ومن صلَّى ولم يتَّبعها فله قيراط مثل أحد، قال ابن بكر القيراط مثل أحد (145) عن أبن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من صلَّى على جنازة فله قيلااط، قالوا يا رسول الله مثل قيراطنا هذا؟ قال لا، بل مثل أحدٍ أو أعظم من أحدٍ (وعنه من طريقٍ

_ في كتاب الإيمان "من شهد جنازة وكان معها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها رجع من الأجر بقراطين" فهذا صريح فى أن المجموع بالصلاة والاتباع وحضور الدفن قيراطان، وظاهره أن القيراط الثانى لا يحصل إلا لمن دام معها من حين صلى إلى أن فرغ من دفنها؛ وهو أصح الأوجه عند الشافعية وغيرهم، وقيل يحصل بمجرد الوضع فى اللحد، وقيل عند انهاء الدفن قبل اهالة التراب، وقد وردت الأخبار بكل ذلك، ففي حديث الباب ورواية عند مسلم "حتى يفرغ منها"، وعنده أخرى "حتى توضع فى اللحد"، وعنده أيضا "حتى توضع فى القبر" وعند الترمذى "حتى يقضى دفنها" وعند أبى عوانة "حتى بسوى عليها" أى التراب، وقيل يحصل القيراط بكل من ذلك ولكن يتفاوف، والظاهر أنها تحمل الروايات المطلقة عن الفراغ من الدفن وتسوية التراب بالمقيدة بهما، والله أعلم (1) فى رواية لمسلم "القيراط مثل أحد" وفى رواية للنسائى " كل واحد منهما أعظم من أحد" وفى رواية لمسلم أيضاً "أصغرهما مثل أحد" وسيأتى مثل هذه الروايات كلها للأمام أحمد، وفى رواية لابن عدى "أثقل من أحد" فأفادت هذه الرواية بيان وجه التمثيل بجبل أحد، وأن المراد به زنة الثواب المترتب على ذلك (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا أنا ابن جريح أخبرنى الحارث بن عبد المطلب، وقال ابن بكر ابن عبد الملك أن نافع بن جبير أخبره أن أبا هريرة أخبره أنه سمع النبى (ص) "الحديث" (3) يريد والله أعلم أن ابن بكر أحد الرواة قال فى روايته بعد قوله (فله قيراطان) "القيراط مثل أحد" وأما غيره فقال قيراطان مثلى أحد (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (145) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبدالله حدثنى أبى ثنا يعلى ثنا اسماعيل عن سالم بن عبدالله عن ابن عمر _الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه

ثانٍ) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من تبع جنازة حتَّى يصلى عليها فإن له قيراطاً، فسئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القيراط، فقال مثل أحدٍ (146) وعنه أيضاً رضي الله عنه أنه مرَّ بأبي هريرة وهو يحدّث عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم أنه قال؛ من تبع جنازةً فصلَّى عليها فله قيراط، فإن شهد دفنها فله قيراطان، القيراط أعظم من أحدٍ، فقال له ابن عمر أبا هرٍ أنظر ما تحدّث به عن رسول الله (وفي لفظ أنظر ما تحدّث يا أبا هريرة فإنَّك تكثر الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقام إليه أبو هريرة حتَّى انطلق به إلى عائشة رضي الله عنها فقال لها يا أمّ المؤمنين أنشدك بالله أما سمعت رسول الله

_ أحمد والطبراني فى الكبير والأوسط الا أنه قال فى الكبير عن رسول الله (ص) "من تبع جنازة حتى يصلي عليها ثم يرجع فله قيراط، ومن صلى عليها ثم مشى معها حتى يدفنها فله قيراطان، قيل يارسول الله وما القيراطان؟ قال مثل أحد" والبراز بنحوه ورجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن إسماعيل حدثنى سالم بن عبد الله عن ابن عمر عن رسول الله (ص) (تخريجه) أوراده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير والأوسط، إلا أنه فى الكبير عن رسول الله (ص) "من تبع جنازة حتى يصلى عليها ثم يرجع فله قيراط، ومن صلى عليها ثم مشى معها حتى يدفنها فله قيراطان، قيل يارسول الله وما القيراطان؟ قال مثل أحد" والبراز بنحوه ورجاله ثقات اهـ. وأورد الطريق الثانية منه المنذرى وعزاها للأمام أحمد فقط قال ورواته ثقات (146) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبدالله حدثنى أبى ثنا هشيم عن يعلى ابن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن القرشى عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه مر بأبى هريرة "الحديث" (غريبه) (2) أى تحقق ما تقول لعلك تكون ناسياً لأنك تكثر الحديث عن رسول الله (ص) فربما اشتبه عليك، ومعنى كلام ابن عمر رضى الله عنهما أنه خاف لكثرة روايات أبى هريرة أنه اشتبه عليه الأمر فى ذلك واختلط عليه حديث بحديث، لا أنه نسبه إلى رواية مالم يسمع، لأن مرتبة ابن عمر وأبى هريرة أجل من هذا (3) رواية مسلم فبعث ابن عمر إلى عائشة يسألها فصدقت أبا هريرة، وفي رواية أبي سلمة

صلى الله عليه وسلم يقول من تبع جنازة فصلَّى عليها فله قيراط، فإن شهد دفنها فله قيراطان؟ فقالت اللَّهمَّ نعم، فقال أبو هريرة إنَّه لم يكن يشغلني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم غرس الوادي ولا صفق بالأسواق إني إنما كنت أطلب من رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمة يعلّمنها وأكلة يطعمنيها؛ فقال له ابن عمر أنت يا أبا هريرة كنت ألزمنا لرسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وأعلمنا بحديثه

_ عند الترمذي، فذكر ذلك البن عمر فأرسل إلى عائشة فسألها عن ذلك فقالت صدق (وفى رواية خباب) صاحب المقصورة عند مسلم فأرسل ابن عمر خبابا إلى عائشة يسألها عن قول أبى هريرة ثم يرجع اليه فيخبره بما قالت حتى رجع اليه الرسول، فقال قالت عائشة صدق أبو هريرة (وفى رواية لأبى داود) فأرسل ابن عمر إلى عائشة فقالت صدق أبو هريرة (ووقع فى رواية الوليد بن عبدالرحمن) عن سعيد بن منصور، فقام أبو هريرة فأخذ بيده فانطلقا حتى أتيا عائشة كما فى حديث الباب (قال الحافظ) ويجمع بينهما بأن الرسول لما رجع الى ابن عمر بخير عائشة بلغ ذلك أبا هريرة فمشى الى ابن عمر فأسمعه ذلك من عائشة مشافهة اهـ (وقوله فمشى الى ابن عمر) يعنى ثم ذهب معه إلى عائشة الخ والله أعلم، وإنما بعث ابن عمر الى عائشة يسألها بعد إخبار أبى هريرة لأنه خاف على أبى هريرة النسيان والا شتباه كما تقدم فلما وافقته عائشة علم أنه أحفظ وأتقن (1) يعنى لا تستغربوا كثرة حديثى عن رسول الله (ص) فانه ما كان يشغلنى عن ملازمته زراعة ولا تجارة مثلكم، بل كنت ألازمه لطلب العلم وما يسد حاجتى من القوت الضرورى، لذلك حفظت مالم تحفظوا ووعيت مالم تعوا رضى الله عنه (ويؤيد ذلك) مارواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم عن أبى هريرة قال انكم تزعمون أن أبا هريرة يكثر الحديث عن رسول الله (ص) والله الموعد، انى كنت امرءا مسكينا أصحب رسول الله (ص) على ملء بطنى، وكان المهاجرون يشغلهم الصفق بالأسواق، وكانت الأنصار يشغلهم القيام على أموالهم فحضرت من النبي (ص) مجلسا فقال من يبسط رداءه حتى أقضى مقالتى ثم يقبضه اليه فلن ينسى شيئا سمعه منى؟ فبسطت بردة على حتى قضى حديثه، ثم قبضها إلى، فوالذى نفسى بيده مانسيت شيئا سمعته منه بعد (تخريجه) أخرجه سعيدبن منصور مطو لا بلفظ حديث الباب، وأخرجه (ق. مذ) مختصراً وسنده صحيح (وفى روايه عند الشيخين) فقال ابن عمر رضى الله عنهما "لقد فرطنا فى قراريط كثيرة" يعنى من عدم المواظبة على حضور الدفن كما جاء ذلك مبينا فى رواية لمسلم من طريق ابن شهاب

(147) عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه أنَّ نبي الله صلى الله عليه وسلم قال من تبع جنازة (وفي رواية من صلَّى على جنازةٍ) فله قيراط ومن شهد دفنها فله قيراطان، قيل وما القيراطان؟ قال أصغرهما مثل أحدٍ (148) عن عبد الله بن مغفَّل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبع جنازة حتَّى يصلى عليها فله قيراط، ومن انتظرها حتَّى يفرغ منها فله قيراطان (149) عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّي الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال من تبع جنازة يحمل من علوّها وحثا في قبرها

_ عن سالم بن عبد الله بن عمر كان ابن عمر يصلى عليها "يعنى الجنازة" ثم ينصرف، فلما بلغه حديث أبى هريرة قال لقد ضيعنا قراريط كثيرة (قال الحافظ) وفى هذه القصة دلالة على تميز أبى هريرة فى الحفظ وأن انكار العلماء بعضهم على بعض قديم، وفيه استغراب العالم مالم يصل الى علمه، وعدم مبالاة الحافظ بأنكار من لم يحفظ، وفيه ما كان الصحابة عليه من التثبت فى الحديث النبوى والتحرز فيه والتنقيب عليه، وفيه دلالة على فضيلة ابن عمر من حرصه على العلم وتأسفه على مافاته من العمل الصالح اهـ. (147) عن ثوبان (سنده) حدثنا عبدالله حدثنى أبى ثنا أبو قطن ثنا هشام عن قتادة عن سالم بن أبى الجعد عن معدان بن أبى طلحة عن ثوبان_الحديث" (غريبه) (1) يعنى حتى يصلى عليها بدليل ماتقدم فى الروايات الأخرى وما فى الرواية الثانية من هذا الحديث أيضاً (تخريجه) (م. جه. وغيرهما) (148) عن عبد الله بن مغفل (سنده) حدثنا عبدالله حدثنى أبى ثنا أبو النضر قال ثنا المبارك عن الحسن عن عبدالله بن مغفل _الحديث" (تخريجه) (نس) وصحح الحافظ اسناده. (149) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبدالله حدثنى أبى ثنا عبدالله ابن يزيد ثنا ابن لهيعة حدثنى عبدالله بن هبيرة عن تميم الجيشانى قال كتب الى عبدالله ابن هرمز مولى من أهل المدينة يذكر عن أبى هريرة أن رسول الله (ص) قال "من تبع جنازة_الحديث" (غريبه) (2) فيه اشارة الى كيفية حمل الجنازة بارتفاع سريرها على عةاتق الرجال مادامت محمولة فيه (وفيه أيضاً) احتراز من حملها فى نحو قفة أو غرارة مثلا أو خشبة مدلاة بين أيدى الحاملين، ففى ذلك إهانة للميت ولا يجوز فعله (3) يقال حثا

وقعد حتى يؤذن له آب بقراطين من الأجر كلُّ قيراط مثل أحدٍ (150) عن أبي سعيدٍ الخدرىّ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جاء جنازة في أهلها فتبعها حتَّى يصلى عليها فله قيراط، ومن مضى معها فله قيراطان مثل أحدٍ (وعنه من طريق ثانٍ) عن النَّبيّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال من صلَّى على جنازة وشيَّعها كان له قيراطان، ومن صلى عليها ولم يشيّعها كان له قيراط والقيراط مثل أحدٍ

_ الرجل التراب يحثوه حثوا، ويحثيه حثيا من باب رمى لغة. إذا هاله بيده، وبعضهم يقول قبضه بيده ثم رماه، ومنه فاحثوا التراب فى وجهه. ولا يكون إلا بالقبض والرمى، وهو المراد هنا، والمعنى أنه يسن لمن على شفير القبر أن يحثوا فى القبر ثلاث حثيات من تراب لأن النبي (ص) فعل ذلك فى قبر عثمان بن مظعون رضى الله عنه، وسيأتى الكلام على ذلك مبسوطا فى باب من أين يدخل الميت قبره (1) فيه استحباب المكث عند القبر ختى يفرغ من دفن الميت واستئذان ولى الميت فى الانصراف، وسيأتى الكلام عليه فى الأحكام ((وقوله آب)) بمد الهمزة من الأياب وهو الرجوع أى رجع بقراطين من الأجر الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وفى اسناده ابن لهيعة فيه كلام وفيه أيضاً عبدالله بن هرمز ضعيف (150) عن أبى سعيد الخدرى (سنده) حدثنا عبدالله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا عمرو بن يحيى عن محمد بن يوسف بن عبد الله سلام عن أبى سعيد الخدرى_الحديث" (غريبه) (2) استدل به القائلون بأن القيراط يختص بمن حضر من أول الأمر إلى انقضاء الصلاة (3) يعنى بعد أن صلى عليها كما يؤخذ من الطريق الثانية (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا فضيل بن مرزوق عن عطية العوفى عن أبى سعيد الخدرى عن النبى (ص) _الحديث" (5) فيه إشعار بأن من صلى فقط ولم يشيع يحصل له فضل القيراط، ويستفاد منه أيضا أن من شيع ولم يصل ولم ينتظر الفراغ من الدفن كان محصلا لقيراط التشييع، ولكن تعارضه الأحاديث الأخرى والحديث الذى بعده حيث قيد فيه بالاتباع والفراغ، وتقدم الكلام على ذلك شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه الزار وأحمد وأبو يعلى

(151) عن أبيّ بن كعبٍ رضي الله عنه عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال من تبع جنازة حتى يصلَّى عليها ويفرغ منها فله قيراطان، ومن تبع حتَّى يصلَّى عليها فله قيراط، والذي نفس محمد بيده لهو أثقل في ميزانه من أحدٍ

_ وإسناده حسن (قلت) وصحح الحافظ رواية الأمام أحمد (151) عن ابى بن كعب (سنده) حدثنا عبدالله حدثنى أبى ثنا يزيد ابن هارون أنا حجاج بن أرطاة عن عدى بن ثابت عن زر بن حبيش عن أبى "الحديث" (غريبه) (1) بينت هذه الرواية وجه التمثيل بجبل أحد، وأن المراد به زنة الثواب المترتب على ذلك (تخريجه) (جه) وفى إسناده حجاج بن أرطاة مدلس (وفى الباب) (عن البراء بن عازب) وضى الله عنه قال قال رسول الله (ص) "من تبع جناوة حتى يصلى عليها كان له من الأجر قيراط، ومن مشى مع الجنازة حتى تدفن كان له من الأجر قيراطان، والقيراط مثل أحد، رواه النسائى وسنده جيد (وعن أنس بن مالك) رضى الله عنه مرفوعا قال "مامن مسلم يشهد جنازة امرئ مسلم إلا كان له قيراط من الأجر؛ فان قعد حتى يسوى عليها كان له قيراطان من الأجر كل قيراط مثل أحد، وفى رواية من صلى على جنازة كتب له قيراط (قال الهيثمى) رواه أبو يعلى والطبرانى فى الأوسط بلفظ من تبع جنازة فصلى عليها؛ وقالوا وما القيراط يارسول الله؟ قال مثل أحد، وفى إسناد أحدهما محسب وفى الآخر روح بن عطاء وكلاهما ضعيف اهـ (وعن أبى هريرة) رضى الله عنه عن النبى (ص) قال من أتى جنازة فى أهلها فله قيراط، فان اتبعها فله قيراط، فان انتظرها حتى تدفن فله قيراط، رواه البزار، وفيه معدى بن سليمان صحح له الترمذى ووثقه أبو حاتم وغيره، وضعفه أبو زرعة والنسائى، وبقية رجاله رجال الصحيح، قاله الهيثمى وقال له حديث غير هذا فى الصحيح (قلت) هو ما ذكر فى أحاديث الباب من رواية الامام أحمد والشيخين وغيرهم (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما قال: سمعت رسول الله (ص) يقول يوضع فى ميزانه قيراطان مثل أحد "يعنى من تبع جنازة" (قال الهيثمى) رواه الطبرانى فى الكبير وفيه نافع أبو هرمز وهو متروك (الأحكام) فى أحاديث الباب الحث على الصلاة على الجنازة واتباعها ومصاحبتها حتى تدفن؛ وأن من فعل ذلك كان له قيراطان من الأجر، قيراط بالصلاة وقيراط بالاتباع مع حضور الدفن والفراغ منه، وفى بعض الأحاديث عدم التقييد بحضور الدفن، وتقدم فى شرح الحديث الأول أنها تحمل

الروايات المطلقة عن الفراغ من الدفن وتسوية التراب بالمقيدة بهما (قال النووى) وهذا هو الصحيح عند أصحابنا، قال وقال بعض أصحابنا: يحصل القيراط الثانى اذا ستر الميت فى القبر باللبن، وإن لم يلق عليه التراب؛ قال والصواب الأول (وذكر فى المجموع) خلافا لأصحاب الشافعى فى هذه المسألة ثم قال: والحاصل أن الأنصراف مراتب (احداها) ينصرف عقب الصلاة (الثانية) عقب وضعها فى القبر وسترها باللبن قبل اهالة التراب (الثالثة) ينصرف بعد اهالة التراب وفراغ القبر (الرابعة) يمكث عقب الفراغ ويستغفر للميت ويدعو له ويسأل له التثبيت، فالرابعة أكمل المراتب، والثالثة تحصل القيراطين، ولا تحصله الثانية على الأرجح، ويحصل بالأولى قيراط بلا خلاف اهـ (وفى حديث أبى هريرة) المذكور فى الشرح من رواية البزار ما يدل على أن القراريط أربعة لا اثنان كما أحاديث الباب (قال الحافظ) ونقل ابن الجوزي عن ابن عقيل أنه يقول القيراط نصف سدس درهم أو نصف عشر دينار، والأشارة بهذا المقدار إلى الأجر المتعلق بالميت فى تجهيز وغسله وجميع ما يتعلق به، فللمصلى عيه قيراط من ذلك، ولمن شهد الدفن قيراط، وذكر القيراط تقريبا للفهم لما كان الأنسان يعرف القراريط ويعمل العمل فى مقابلته وعد من جنس ما يعرف وضرب له المثل بما يعلم اهـ (قال الحافظ) وليس الذى قاله ببعيد، وقد روى الزار من طريق عجلان عن أبى هريرة مرفوعا "من أتى جنازة فى أهلها فله قيراط، فان تبعها فله قيراط، فان صلى عليها فله قيراط، فان انتظرها حتى تدفن فله قيراط" فهذا يدل على أن لكل عمل من أعمال الجنازة قيراطا، وان اختلفت مقادير القراريط ولا سيما بالنسبة إلى مشقة ذلك العمل وسهولته، وعلى هذا فيقال لإنما خص قيراطى الصلاة والدفن بالذكر لكونهما المقصودين بخلاف باقى أحوال الميت فأنها وسائل، ولكن هذا يخالف ظاهر سياق الحديث الذى فى صحيح "يعنى صحيح البخارى" المتقدم فى كتاب الايمان فان فيه أن لمن تبعها حتى يصلى عليها ويفرغ من دفنها قيراطين فقط؛ ويجاب عن هذا بأن القيراطين المذكورين لمن شهد والذى ذكره ابن عقيل لمن باشر الأعمال التى يحتاج اليها الميت فافترقا (قال) وذهب الأكثر الى أن المراد بالقيراط فى أحاديث الباب جزء من أجزاء معلومة عند الله وقد قربها النبي (ص) للفهم بتمثيله القيراط بأحد (قال الطيي) قوله مثل أحد تفسير للمقصود من الكلام لا للفظ القيراط، والمراد منه أنه يرجع بنصيب كبير من الأجر، وذلك لأن لفظ القيراط مبهم من وجهين فبين الموزون بقوله من الأجر وبين المقدار المراد منه بقوله مثل أحد (قال الزين بن المنير) أراد تعظيم الثواب فمثله للعيان بأعظم الجبال خلقا وأكثرها الى النفوس المؤمنة حباً لأنه الذى قال (ص) فى حقه (إنه جبل يحبنا ونحبه) اهـ. ولأنه أيضاً

قريب من المخاطبين يشترك أكثرهم فى معرفته , وخص القيراط بالذكر لأنه أقل ما يقع به الأجارة فى ذلك الوقت , أو جرى ذلك مجرى العادة من تقليل الأجر بتقليل العمل , أفاده الحافظ (وفى حديث أبى هريرة) السادس من أحاديث الباب ما يدل على استئذان المشيع أولياء الميت فى الانصراف , ولم يقل بذلك أحد إلا ما حكاه ابن عبد الحكم عن الأمام مالك أنه لا ينصرف إلا بأذن , قال وهو قول جماعة من الصحابة (قلت) حديث أبى هريرة المذكور لا يصلح الاحتجاج به لضفعه (قال القاضى عياض) رحمه الله وفى اطلاق أحاديث الباب أشارة إلى أنه لا يحتاج المنصرف عن اتباع الجنازة بعد دفنها إلى استئذان , وهو مذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم , وهو المشهور عن مالك أهـ (قلت) وقد أشار البخارى رحمه الله إلى ذلك فى صحيحه فقال (باب فضل اتباع الجنائز) وقال زيد ابن ثابت رضى الله عنه (إذا صليت فقد قضيت الذى عليك) وقال حميد بن هلال (ما علمنا على الجنازة إذنا ولكن من صلى ثم رجع فله قيراط) اهـ (وتكلم الحافظ على أنر زيد ابن ثابت) فقال وصله سعيد بن منصور من طريق عروة عنه بلفظ (إذا صليم على الجنازة فقد قضيتم ما عليكم فخلوا بينهاوبين أهلها) وكذا أخرجه عبد الرزاق لكن بلفظ (إذا صليت على جنازة فقد قضيت ما عليك) ووصله ابن أبى شيبة من هذا الوجه بلفظ الأفراد ومعناه فقد قضيت حق الميت , فاذا أردت الاتباع فلك زيادة أجر (وتكلم أيضا على أنر حميد بن هلال) فقال لم أره موصولا عنه (قال الزين بن المنير) مناسبته للترجمة استعارة بأن الاتباع إنما هو لمحض ابتغاء الفضل , وأنه لا يجرى مجرى قضاء حق أولياء الميت فلا يكون لهم فيه حق ليتوقف الانصراف قبله على الأذن منهم (قال الحافظ) وكأن البخارى أراد الرد على ما أخرجه عبد الرزاق من طريق عمرو بن شعيب عن أبى هريرة قال (أميران وليسا بأميرين , الرجل يكون مع الجنازة يصلى عليها فليس له أن يرجع حتى يستأذن وليها _ الحديث) وهذا منقطع موقوف (وروى عبد الرزاق) مثله من قول ابراهيم , وأخرجه ابن أبى شيبة عن المسور من فعله أيضا؛ وقد ورد مثله مرفوعا من حديث جابر, أخرجه البزار باسناد فيه مقال (وأخرجه العقيلى) فى الضعفاء من حديث أبى هريرة مرفوعا بأسناد ضعيف (وروى أحمد) من طريق عبد الله بن هرمز عن أبى هريرة (فذكر حديث أبى هريرة السادس من أحاديث الباب) ثم قال واسناده ضعيف , قال والذى عليه معظم أئمة الفتوى قول حميد بن هلال (يعنى ما علمنا على الجنازة أذنا الخ) قال وحكى عن مالك أنه لا ينصرف حتى يستأذن أهـ. (تتمة) إعلم رحمنى الله وإياك أنه ورد الأمر بالصلاة على الجنازة واتباعها فى غير حديث (فما ورد) فى الصلاة على الميت قوله صلى الله عليه وسلم

(2) باب ما يرجى للميت بكثرة المصلين عليه (152) عن مرثد بن عبد الله اليزنيّ عن مالك بن هبيرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مؤمن يموت فيصلّي عليه أمّه من المسلمين بلغوا أن يكونوا ثلاثة صفوفٍ إلاَّ غفر له، قال فكان مالك بن هبيرة يتحرَّى إذا قلَّ أهل الجنازة أن يجعلهم ثلاثة صفوف

_ (صلوا على صاحبكم) رواه الشيخان والأمام أحمد وسيأتى قريبا فى باب ترك الأمام الصلاة على الغال وقاتل نفسه الخ , وهذا أمر. وهو للوجوب (قال النووى رحمه الله) وقد نقلوا الأجماع على وجوب الصلاة على الميت إلا ما حكى عن بعض المالكية أنه جعلها سنة , وهذا متروك عليه لا يلتفت اليه أهـ ج (ومما ورد) فى اتباع الجنازة: حديث البراء بن عازب رضى الله عنهما (قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم باتباع الجنائز وعيادة المريض وتشميت العاطس وإجابة الداعى ونصر المظلوم) رواه الشيخان والأمام أحمد أيضا , وسيأتى بأطول من هذا فى الباب السابع من كتاب الأدب والمواعظ والحكم من قسم الترغيب ان شاء الله تعالى , والامر باتباع الجنازة والصلاة على الميت للوجوب على الكفاية كغسله وتكفينه ودفنه , إذا قام به سقط عن الباقين , ولكنه يستحب لهم لأحراز الثواب والله الموفق للصواب. (152) عن مرئد بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال حدثنا يزيد بن هارون قال أنا حماد بن زيد عن محمد بن اسحاق عن يزيد بن أبى حبيب عن مرثد بن عبد الله - الحديث (غريبه) (1) زاد ابن ماجه بعد قوله عن مالك بن هبيرة (الشامى وكانت له صحبة) (قلت) ويقال أيضا السكونى الكندى نزل مصر وولى حمص وكان أميرا لمعاوية على الجيوش وغزو الروم , مات فى أيام مروان (ومرئد) بفتح الميم وسكون الراء وبالثاء الملثلثة المفتوحه , فقيه ثقة (2) أى جماعة (3) يستفاد منه أن من صلى عليه ثلاثة صفوف من المسلمين غفر له , وأقل ما يسمى صفا رجلان ولا حد لأكثره (4) يعنى اذا قل عدد المصلين على الجنازة جعلهم ثلاثة صفوف لاحراز الثواب المترتب على ذلك (تخريجه) (د. مذ. جه. هق. ك) وصححه , وسكت عنه أبو داود والمنذرى (وقال الترمذى) حديث مالك بن هبيرة حديث حسن - رواه غير واحد عن محمد بن اسحاق , وروى ابراهيم بن سعيد عن على بن إسحاق هذا الحديث وأدخل

(153) عن عائشة رضي الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال لا يموت أحد من المسلمين فيصلّى عليه أمَّه من النَّاس يبلغون أن يكونوا مائة فيشفعوا له إلا شفّعوا فيه (154) وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم مثله (155) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما سمعت رسول الله صلى الله عليه

_ بين مرثد ومالك بن هبيرة رجلا ورواية هؤلاء اصح عندنا (153) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل ثنا أيوب عن أبى قلابة عن عبد الله بن يزيد رضيعا كان لعائشة (يعنى أخاها من الرضاع) عن عائشة - الحديث) (غريبه) (1) فيه استحباب تكثير جماعة الجنازة , ويطلب بلوغهم إلى هذا العدد الذى يكون من موجبات الفوز , وقد قيد ذلك بأمرين (الأول) أن يكونوا شافعين فيه. أى مخلصين له الدعاء سائلين له المغفرة (الثانى) أن يكونوا مسلمين ليس فيهم من يشرك بالله شيئا كما فى حديث ابن عباس الانى (تخريجه) (م. نس. مذ) وقال حديث عائشة حديث حسن صحيح , وقد أوقفه بعضهم ولم يرفعه اهـ (قال النووى) قال القاضى عياض - رواه سعيد بن منصور موقوفا على عائشة فاشار إلى تعليله بذلك وليس معلنلا لأن من رفعه ثقة وزيادة الثقة مقبولة اهـ. (154) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا على ابن اسحاق أنا عبد الله وعتاب قال ثنا عبد الله أنا سلام بن أبى مطيع عن أيوب عن أبى قلابة عن عبد الله رضيع عائشة عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (ما من ميت تصلى عليه أمة من المسلمين يبلغون أن يكونوا مائة فيشفعون له إلا شفعوا فيه (قال سلام) حدثنا به شعيب بن الحبحاب , فقال حدثنى به أنس بن مالك عن النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أخرجه مسلم بسند رواية الأمام أحمد ولفظها الا أنه قال (يبلغون مائة كلهم يشفعون له إلا شفعوا فيه قال فحدثت به شعيب بن الحبحاب الخ) وفى رواية أخرى للأمام أحمد بلفظ رواية مسلم (155) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون قال أبو عبد الرحمن وسمعته أنا من هارون قال أنا ابن وهب حدثنى أبو صخر عن شريك أبن عبد الله بن أبى نمر عن كريب مولى ابن عباس عن عبد الله بن عباس أنه مات ابن له بقديد أو يعسفان , فقال ياكريب انظر ما اجتمع له من الناس , قال فخرجت فاذا ناس قد

وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول ما من مسلم يموت فيقوم على جنازته أربعون رجلالا يشركون بالله إلا شفَّعهم الله فيه (156) عن ميمونة زوج النَّبيّ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يصلىّ عليه أمَّه إلا شفّعوا فيه، قال أبو المليح ألأمَّة أربعون إلى مائةٍ فصاعداً

_ اجتمعوا له فأخبرته قال يقول هم أربعون , قال نعم؛ قال أخرجوه فأنى سمعت رسول الله صلى الله علىيه وسلم يقول (مامن مسلم _الحديث) (تخريجه) (م. د. جه. هق) (156) عن ميمونة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن أبى بكار قال صليت خلف أبى المليح على جنازة, فقال أقيموا صفوفكم , ولتحمن شفاعتكم ولو اخترت رجلا اخترته , ثم قال حدثنى عبد الله بن سليط قال أبى وثنا أبو عبيدة الحداد قال حدثنى عبد الله بن سليط عن بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم ميمونة وكان أخاها من الرضاعة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (ما من مسلم _ الحديث) (غريبه) (1) هو أحد رجال السند , وفسر الأمة هنا بأربعين فصاعدا إلى مائة , وأبو المليح هذا هو الهذلى اسمه عامر بن أسامةبن عمير عن أبيه وعبد الله بن سليط وأنس وعائشة وجماعة , وعنه سالم ابن أبى الجعد وقتادة وأيوب وطائفة , وثقه أبو زرعة (قال الفلاس) مات سنة ثمان وتسعين؛ وقال ابن سعد سنة اثنتى عشرة ومائة (تخريجه) (نس) وسنده جيد. ورواه الطبرانى فى الكبير مطولا عن ميمونة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال (من صلى عليه مائة شفعوا فى أخيهم , والأمة أربعون إلى مائة , والعصبة عشرة الى أربعين , والنفر ثلاثة إلى عشرة) (قال الهينمى) فى اسناده القاسم بن مطيب وهو ضعيف (الأحكام) أحاديث الباب فيها الحث على كثرة المصلين على الجنازة , وأن من صلى عليه جماعة من المسلمين مخلصين فى الدعاء له بالمغفرة شفعهم الله فيه , وقبل دعاءهم , وقدرت هذه الجماعة فى بعض الروايات بمائة انسان؛ وفى بعضها بأربعين , وفى بعضها بثلاثة صفوف (قال القاضى عياض) رحمه الله , قيل هذه الأحاديث خرجت أجوبة لسائلين سألوا النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجاب كل واحد منهم عن سؤاله أهـ (وقال النووى) يحتمل أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم أخبر بقبول شفاعة مائة فأخبر به. ثم بقبول شفاعة أربعين. ثم ثلاثة صفوف وإن قل عددهم فأخبر به , ويحتمل أيضا أن يقال هذا مفهوم عدد ولا يحتج به جماهير الأصوليين , فلا يلزم من الأخبار عن قبول شفاعة مائة منع قبول ما دون ذلك , وكذا فى الأربعين مع ثلاثة صفوف , وحينئذ كل الأحاديث معمول بها

(3) باب مشروعية الصلاة على الأنبياء وعدم مشروعيتها على الشهداء (157) حدثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا وأبو كامل قالا ثنا حَّماد بن سلمة عن أبى عمران (يعنى الجونىَّ) عن أبى عسيبٍ أو أبى عسيمٍ قال بهز إنه شهد الصَّلاة على رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قالوا كيف نصلى عليه؟ قال أدخلوا أرسالاً أرسالاً قال فكانوا يدخلون من هذا

_ ويحصل الشفاعة بأقل الأمرين من ثلاثة صفوف وأربعين أهـ (وفى أحاديث الباب أيضا) استحباب جعل المصلين على الجنازة ثلاثة صفوف لحديث مالك بن هبيرة (وبه قالت الحنفية والشافعية والحنابلة (قال ابن قدامة فى المغنى (قال أحمد) أحب إذا كان فيهم قلة أن يجعلهم (يعنى الأمام) ثلاثة صفوف , قالوا فان كان وراءه أربعة كيف يجعلهم؟ قال يجعلهم صفين فى كل صف رجلين , وكره أن يكونوا ثلاثة , فيكون فى صف رجل واحد ,وذكر ابن عقيل أن عطاء بن أبى رباح روى أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فكانوا سبعة , فجعل الصف الأول ثلاثة والثانى اثنين والثالث واحدا (قلت وبنحو هذا قالت الحنفية) قالوا إذا كان عدد المصلين سبعة قدم واحد , ثم ثلاثة , ثم اثنان , ثم واحد (قال ابن قدامة) ولا أحسب هذا الحديث صحيحا فانى لم أره غير كتاب ابن عقيل , وأحمد قد صار الى خلافه وكره أن يكون الواحد صفا , ولو علم أحمد فى هذا حديثا لم يعده إلى غيره , والصحيح فى هذا أن يجعل كل اثنين صفا اهـ (قلت وبهذا قالت الشافعية) وقالوا إن أقل الصف اثنان (قال النووى) وأما النساء فان كن مع الرجال صلين مقتديات بأمام الرجال , وإن تمحضن (قال الشافعى) وصاحب المهذب والأصحاب: استحب أن يصلين منفردات كل واحدة وحدها , فان صلت بهن أحداهن جاز وكان خلاف الأفضل , وفى هذا نظر , وينبغى أن أمن لهن الجماعة كجماعتهن فى غيرها , وقد قال به جماعة من الملف , منهم الحسن بن صالح وسفيان النورى , واحمد , وأصحاب أبى حنيفة , وغيرهم (وقال مالك) فرادى أهـ ج والله أعلم (157) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) (أو) للشك من الراوى , وقد اختلف المحدثون فى اسمة , فذكره بعضهم بالباء الموحدة , وبعضهم ذكره بالميم , وعلى كل حال فهو صحابى لا تضر جهالته فضلا عن الاختلاف فى اسمه (2) أى أفواجا وفرقا متقطعة يتبع بعضهم بعضا , واحدهم رسل بفتح الراء والسين (نه) والظاهر أن أبا عسيب علم ذلك جن النبى صلى الله عليه وسلم قبل موته , فلما رأى الصحابة يسأل بعضهم بعضا عن كيفية الصلاة عليه

الباب فيصلوُّن عليه، ثمَّ يخرجون من الباب الأخر الحديث (158) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النَّبيّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أنه قال في قتلى أحد لا تنسّلوهم، فإنَّ كلَّ جرحٍ أو كلَّ دم يفوح مسكاً يوم القيامة ولم يصلّ عليهم (159) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال فدفنهم رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ولم يصلّ عليهم

_ صلى الله عليه وسلم إخبرهم بما علم , ويؤيد ذلك ما رواه البيهقى بسنده عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه مطولا عن النبى صلى الله عليه وسلم , وفيه قلنا فمن يصلى عليك يارسول الله؟ فبكى وبكينا , وقال مهلا غفر الله لكم وجزاكم عن نبيكم خير؛ إذا غسلتمونى وحننطتمونى وكفنتمونى فضعونى على شفير قبرى , ثم اخرجوا عن ساعة , فان أول من يصلى على خليلاى وجليساى جبريل وميكائيل؛ ثم اسرافيل ثم ملك الموت مع جنود من الملائكة عليهم السلام , وليبدأ بالصلاة على رجال أهل بيتى ثم نساؤهم , ثم ادخلوا على أفواجا أفواجا وفرادى فرادى , ولا تؤذونى بباكية ولا مرنة ولا بضجة , ومن كان غائبا من أصحابى فأبلغون عنى السلام - الحديث) وفد إسناد من ضغف -ورواه البزار بطوله أيضا من طرق متعددة , لكنها لا تخلو من علة وربما يعتضد بكثرة طرقه ويشهد له حديث الباب (1) الحديث له بقية وسيأتى بمامه فى باب غسل النبى صلى الله عليه وسلم تكفينه والصلاة عليه من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله تعالى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد , وأورده الهيثمى , وقال راه أحمد ورجاله رجال الصحيح أهـ. (158) (عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ترك غسل الشهيد رقم 119 وإنما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة (159) (عن أنس بن مالك رضى الله عنه) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الكفن من رأس المال الخ رقم 134 وذكرت هذا الجزء منه لمناسبة الترجمة أيضا (وفى الباب) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال دخل الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسالا يصلون عليه حتى إذا فرغوا أدخلوا النساء حتى إذا فرغوا أدخلوا الصبيان , ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم , رواه ابن ماجه والبيهيقى (قال الحافظ)

(3) باب ما جاء في الصلاة على الصغير والسقط وعدمها (160) عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على

_ وإسناده ضعيف لأنه من حديث حسين بن عبد الله بن ضميرة (وعن الواقدى) قال حدثنى موسى بن محمد بن ابراهيم قال وجدت كتابا بخط أبى فيه أنه لما كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع على سريره دخل أبو بكر وعمر رضى الله عنهما ومعهما نفر من المهاجرين والأنصار بقدر ما يسع البيت , فقال السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته , وسلم المهاجرون والأنصار كما سلم أبو بكر وعمر , ثم صفوا صفوفا لا يؤمهم أحد , فقال أبو بكر وعمر وهما فى الصف الأول حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم انا نشهد أنه قد بلغ ما أنزل اليه ونصح لأ مته وجاهد فى سبيل الله حتى أعز الله دينه وتمت كلمته وأومن به وحده لا شريك له فاجعلنا إلهنا ممن يتبع القول الذى أنزل معه , واجمع بيننا وبينه حتى تعرفه بنا وتعرفنا به فانه كان بالمؤمنين رءوفا رحيما , لا نبتغى بالأيمان به بديلا , ولا نشترى به ثمنا أبدا , فيقول الناس امين ويخرجون ويدخل اخرون حتى صلى الرجال ثم النساء ثم الصبيان -ذكره الحافظ ابن كثير فى تاريخه ولم يتعقبه , ثم قال وقد قيل (إنهم صلو عليه من بعد الزوال يوم الاثنين إلى مثله من يوم الثلاثاء , وقيل انهم مكثوا ثلاثة أيام يصلون عليه اهـ (الأحكام) حديث أبى عسيب رضى الله عنه مع ما ذكرنا فى الشرح يدل على مشروعية الصلاة على الانبياء عليهم الصلاة والسلام بعد وفاتهم وعلى أن الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم كانت فرادى بدون امام يؤم الناس فيها (قال ابن عبد البر) وصلاة الناس عليه أفرادا مجمع عليه عند أهل السير وجماعة اهل النقل لا يختلفون فيه , وتعقبة ابن دحية بأن ابن القصار حكى الخلاف فيه هل صلوا عليه الصلاة المعهودة أودعوا فقط.؟ وهل صلوا فرادى أو جماعة؟ واختلفوا فيمن أم بهم فقيل أبو بكر , روى بأسناد (قال الحافظ) لا يصح , وفيه حرام وهو ضعيف جدا (قال ابن دحية) هو باطل بيقين لضعف رواته وانقطاعه؛ قال والصحيح أن المسلمين ضلوا عليه أفرادا لا يؤمهم أحد , وبه جزم الشافعى , قال وذلك لعظم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبى وأمى وتنافسهم فى أن لا يتولى الامامة عليه فى الصلاة واحد (قال ابن حية) كان المصلون عليه ثلاثين ألفا اهـ (قلت) لو صح حديث ابن مسعود الذى ذكرته فى الشرح لكان رافعا للخلاف ونصا فى الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم فرادى ويكون من باب التعبد الذى أمرنا بفعله ولم نبحث عن حكمته. والله أعلم (بقى من أحاديث الباب) حديث جابر بن عبد الله وحديث أنس رضى الله عنهم , وقد تقدم الكلام عليهما فى أحكام بابيهما وسبقت الاشارة الى ذلك والله أعلم (160) عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود

ابنه إبراهيم ومات وهو أبن ستَّة عشر شهراً وقال إن له في الجنَّة من يتم رضاعه وهو صدّيق (161) عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السّقط (وفي رواية الطّفل) يصلى عليه ويدعى لوالديه بالمغفرة والرَّحمة

_ ابن عامر ثنا اسرائيل عن جابر عن البراء بن عازب - الحديث) (غريبه) (1) سيأتى فى حديث عائشة أنه توفى وهو ابن ثمانية شهرا (وفى رواية للبخارى) أنه توفى وله سبعة عشر شهرا أو ثمان عشر شهرا , وتقدم الجمع بين هذه الروايات فى الباب الأول من أبواب صلاة الكسوف فى الجزء السادس , وفيه تحقيق يوم ميلادة ويوم وفاته بطريقة حساب علم الفلك , وهى طريقة لم نسبق اليها فارجع اليه تجد ما يسرك (2) فى رواية عند مسلم (وإن له لظمئرين فى الجنة تكملان رضاعه فى الجنه) والمعنى أن له مرضعتين فى الجنه ثمان رضاعه سنتين , لأنه توفى قبل بلوغهما والله تعالى يقول _ والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة) قال صاحب التحرير وهذا الأتمام لارضاع ابراهيم رضى الله عنه يكون عقب موته فيدخل الجنه متصلا بموته فيم فيها رضاعة كرامه له ولأبيه صلى الله عليه وسلم أهـ (3) الصديق الكثير الصدق القائم عليه , وقبل من صدق الله فى وحدانيته وصدق أنبياءه ورسله وصدق بالبعث وقام بالأوامر فعمل بها فهو الصديق (فان قبل) إن هذه الصفات لا يتصف بها إلا الكبير الذى يعقل معناها. وابراهيم عليه السلام مات قبل تمام الرضاع كما فى حديث الباب فالحواب) أنه فطر على ذلك ولو عاش لكان كذلك والله أعلم (تخريجه) (هق) وفى إسناده جابر الجعفى ضعيف , وروى الشيخان وغيرهما منه الجزء المختص بارضاع ابراهيم عليه السلام (161) عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم بن القاسم ثنا المبارك قال أخبرنى زياد بن جبير أبى عن المغيرة بن شعبة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال الراكب خلف الجنازة , والماشى أمامها قريبا عن يمينها أو عن يسارها , والسقط يصلى عليه -الحديث) (غريبه) (4) السقط بكسر السين. والولد ذكر كان أو أنثى يسقط قبل تمامه وهو مستبين الخلق, يقال سقط الولد من بطن أمه سقوطا , فهو سقط بالكسر والتثليث لغة ولا يقال وقع , وأسقطت الحامل بالألف سقطا , قال بعضهم وأماتت العرب ذكر المفعول فلا يكادون يقولون أسقطت سقطا , ولا يقال أسقط الولد بالبناء له مفعول قاله فى المصباح (تخريجه) (نس. جه. هق. مذ) وقال حديث حسن صحيح

(162) عن إسماعيل السُّدّي قال سألت أنس بن مالك رضي الله عنه قال قلت صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنه إبراهيم قال لا أدرى، رحمة الله على إبراهيم لو عاش كان صدّيقاً نبياً

_ وأخرجه أيضا (حب. ك) وصححه وقال على شرط البخارى ومسلم بلفظ (السقط يصلى عليه ويدعى لوالديه بالعافية والرحمة) وأخرجه بهذا للفظ الترمذى وصححه , ولكن رواه الطبرانى موقوفا على المغيرة ورجح الدار قطنى فى العلل الموقوف , والله أعلم (162) عن إسماعيل الحدى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا أبو عوانة عن اسماعيل الحدى _ الحديث) وفيه بعد قوله صديقا نبيا (قال (يعنى اسماعيل الحدى) قلت كيف أنصرف اذا صليت؟ عن يمينى أو عن يسارى؟ قال أما أنا فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينصرف عن يمينه) وهذا الجزء الزائد تقدم نحوه حديثا مستقلا رقم 466 صحيفة 47 فى الجزء الرابع (غريبه) (1) أى لو قضى فى علم الله عز وجل أن يعيش ابراهيم لكان صديقا نبينا , ولما كان محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء ولا نبى بعد اقتضت ارادة الله تعالى أن يموت ابراهيم صغيرا , ولا يخفى أن التعليق بالمحال يستلزم المحال , ولا ينافى ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم ختم به النبوة , ومثل هذا التعليق كثير فى كتاب الله عز وجل: قال تعالى (لئن أشركت ليحبضن عملك ولتكونن من الخاسرين) وقال عز من قائل (ولئن اتبعت أهوائهم بعد ما جاءك من العلم مالك من الله من ولى ولا نصير) وقال عز وجل (ولولا أن ثبتناك لقد كدت تركن اليهم شيئا قليلا. إذا لأذقناك ضعف الحياة وضعف الممات ثم لا تجد لك علينا نصيرا) والغرض أن الشرطية الحالية لا تسلتزم الوقوع , ولو كان كذلك لزم كذب المتلك , تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا , والظاهر أن أنس رضى الله عنه سمع ذلك من النبى صلى الله عليه وسلم لأن مثله لا يقال بالرأى , لا سيما وقد توارد عليه جماعة من الصحابة؛ وسيأتى ما يعضد رفعه (تخريجه) أخرجه ايضا ابن منده , وتكلم بعضهم فى اسماعيل بن عبد الرحمن السدى , ولكن صححه الحافظ ونقل ابن حجر المكى فى قتاواه الحديثية عن الحافظ السيوطى تصحيحه , وله شاهد عند ابن ماجه من حديث ابن عباس رضى الله عنهما قال (لما مات ابراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال إن له مرضعا فى الجنة , ولو عاش لكان صديقا نبيا , ولو عاش لمتقت أخواله القبط وما اشترق قبطى) وفى اسناده ابراهيم بن عثمان الواسطى وهو ضعيف (وروى ابن ماجه) أيضا قال حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير ئتا محمد بن بشير اسماعيل بن أبى خالد قال قلت

(163) عن عائشة رضي الله عنها قالت لقد توفّى إبراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر شهراً فلم يصلّ عليه

_ لعبد الله بن أبى أوفى رأيت ابراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال مات وهو صغير , ولو قضى أن يكون بعد محمد صلى الله عليه وسلم نبى لعاش ابنه ولكن لا نبى بعده , رواه البخارى فى صحيحه بعين سند ابن ماجه فى الأدب فى باب من سمى بأسماء الأنبياء , ومثله للأمام أحمد وسيأتى فى باب ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله (وقد أنكر ابن عبد البر حديث أنس) حيث قال بعد إبراده فى التمهيد , لا أدرى ما هذا. فيد ولد نوح غير نبى , ولو لم يلد النبى الا أنبياء لكان كل واحد نبيا , لأنهم من ولد نوح اهـ. وكأن النووى رحمه الله تبعه فى قوله حيث قال فى تهذيب الأسماء واللغات مانصه , وأما ما روى عن بعض المتقدمين (لو عاش ابراهيم لكان نبيا (فباطل وجسارة على الكلام على المغيبات ومجازفة وهجوم على عظيم أهـ ورد ذلك الحافظ رحمه الله فى لأصابة فقال وهو عجيب مع وروده عن ثلاثة من الصحابة قال وكأنه لم يظهر له وجه تأويله فبالغ فى انكاره (وجوابه) أن القضية شرطية لا تستلزم الوقوع ولا نظن بالصحابى أنه يهجم على مثل هذا بظنه والله أعلم أهـ. وأورد الحافظ فى الفتح حديث ابن عباس الذى رواه البخارى ثم قال وروى أحمد وابن منده من طريق السدى ٍسألأت أنسا كم بلغ ابراهيم؟ قال كان قد ملأ المهد ولو بقى لكان نبيا , ولكن لم يكن ليبقى لأن نبيكم اخر الأنبياء (ولفظ أحمد) لو عاش ابراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم لكان صديقا نبيا ولم يذكر القصة , قال فهذه عدة أحاديث صحيحه عن هؤلاء الصحابة أنهم أطلقوا ذلك , فلا أدرى ما الذى حمل النووى فى ترجمة ابراهيم المذكور من كتاب تهذيب الأسماء واللغات على استنكار ذلك ومبالغته أهـ (قلت والخلاصة) أنه ورد فى هذا الباب أحاديث كثيرة من طرق متعددة , بعضها مرفوع ولكنه ضعيف وبعضها موقوف وإسناده صحيح , فهى لكثرة طرقها يعضد بعضها بعضا فتنهض , على أن الموقوف منها له حكم الرفع ويحتج به , لأن مثله لا يقال بالرأى كحديث ابن أبى أوفى الذى رواه البخارى فى صحيحه وابن ماجه والأمام أحمد. فيتعين التسليم بها وعدم الأنكار عليها والله سبحانه وتعالى أعلم. (163) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ئنا يعقوب قال ئنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى عبد الله بن أبى بكر بن محمد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة رضى الله عنها _الحديث) (تخريجه) أورده الحافظ فى الأصابة وقال اسناده حسن , ورواه البزار وأبو يعلى , وصححه ابن حزم , لكن قال أحمد فى رواية

حنبل عنه حديث منكر (وقال الخطابى) حديث عائشة أحسن اتصالا من الرواية التى فيها انه صلى عليه: قال ولكن هى أولى (وقال ابن عبد البر) حديث عائشة لا يصح , ثم قال وقد يحتمل أن يكون معناه لم يصل عليه فى جماعة أو أمر أصحابه فصلوا عليه ولم يحضرهم أهـ وسيأتى تحقيق المقام فى الأحكام (وفى الباب) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال مات ابن لأبى طلحة فصلى عليه النبى صلى الله عليه وسلم فقال أبو طلحة خلف النبى صلى الله عليه وسلم وأم سليم خلف أبى طلحة كأنهم عرف ديك وأشار بيده , رواه الأمام أحمد وسيأتى فى باب موقف المصلى من الرجل والمرأة اذا كان إماما أو منفردا (وعن أبى هريرة) عند ابن ماجه برفعه بلفظ (صلوا على أطفالكم فأنهم من أفراطكم) وإسناده ضعيف (وروى ابن سعد وأبويعلى) من طريق عطاء بن عجلان وهو ضعيف عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى على ابنه ابراهيم وكبر عليه أربعا (وروى البزار) من طريق أبى نضرة عن ابى سعيد منله, وفيه عبد الرحمن بن مالك بن معقل وهو ضعيف (وروى البيهقى فى الدلائل) من طريق سليمان بن بلال عن جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على ابنه ابراهيم حين مات (وروى ابن أبى شيبة) فى مصنفه من الاثار عن خالد الأحدب , قال سئل ابن عمر عن الصلاة على الأطفال قال لأن أصلى على من لا ذنب له أحب الى (وعن عمرو بن مرة) قال سألت ابن أبى ليلى قال أدركت بقايا الأنصار يصلون على الصبى من صبيانهم (وعن عبد الرحمن بن أبى ليلى) قال ما تدع أحدا من أولادنا إلا صلينا عليه (وعن محمد بن سيرين) فى السقط ان استوى خلقه سمى وصلى عليه (وعن سعيد بن المسيب) قال اذا تم خلقه ونفخ فيه الروح صلى عليه (وعن معمر) عن الزهى فى المولود لا بصلى عليه ولا يورث حتى يستهل (وعن أبى الزبير عن جابر) قال اذا استهل صلى عليه وورث , فاذا لم يستهل لم يصل عليه ولم يورث (وعن الشعبى منله) روى هذه الأثار ابن أبى شيبة فى مصفه (الأحكام) أحاديث الباب مع ما ذكرنا فى الشرح تدل على مشروعية صلاة الجنازة على الصبى وعلى السقط إذا استهل , وتقدم معى السقط فى شرح حديثه؛ ومعنى استهل أى صرخ , وأصل الأهلال رفع الصوت, وأما حديث عائشة فى نفى صلاة النبى صلى الله عليه وسلم على ابنه ابراهيم فيجمع بينه وبين الأحاديث المئبتة بأنها لم تعلم بصلاة النبى صلى الله عليه وسلم عليه؛ وعلم غيرها. فأخبر كل بما علم والمنبت مقدم على النافى (وقد ذهب جمهور العلماء) إلى مشروعية الصلاة على الصبى (قال النووى رحمه الله) أما الصبى فمذهبنا ومذهب جمهور السلف والخلف وجوب الصلاة عليه , ونقل ابن المنذر رحمه الله الأجماع فيه , وحكى اصحابنا عن سعيد بن جبير أنه قال: لا يصلى عليه ما لم يبلغ , وخالف العلماء كافة , وحكى العبدري عن بعض العلماء

أنه قال إن كان قد صلى صلى عليبه وإالافلا, وهذا أيضا شاذ مرودود واحتج له برواية من روى أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل على ابنه ابراهيم رضى الله عنه , ولأن المقصود من الصلاة الاستغفار للميت وهذا لا ذنب له , واحتج أصحابنا بعموم النصوص الواردة بالأمر بالصلاة على المسلمين , وهذا داخل فى عموم المسلمين (وعن المغيرة بن شعبة) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (الراكب خلف الجنازة. والماشى حيث شاء منها. والطفل يصلى عليه) رواه أحمد والنسائى والترمذى وقال حديث حسن صحيح , وأجاب الأصحاب عن احتجاج سعيد بأن الروائة اختلفت فى صلاته صلى الله عليه وسلم على ابراهيم فأثبتها كثيرون من الرواة _ قال البيهقى وروايتهم أولى (قال أصحابنا) رحمهم الله فهى أولى لأوجه (أحدها) أنها أصح من رواية النفى (الثانى) أنها منبتة فوجب تقديمها على النافية كما تقرر (الثالث) يجمع بينهما فمن قال صلى أراد أمر بالصلاة عليه واشتغل هو بصلاة الكسوف (ومن قال لم يصل أآ لم يصل لنفسة (وأما الجواب) عن قوله المقصود المغفرة فباطل بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم وعلى المجنون الذى بلغ مجنونا واستمر حتى مات. وعلى من كان كافرا فأسلم ثم مات متصلابه من غير إحداث ذنب , فان الصلاة ثابتة فى هذه المواضع بالاجماع ولا ذنب له بلا شك (قال وأما السقط) فله أحوال (أحدهما) أن يستهل فيجب غسله والصلاة عليه بلا خلاف عندنا , ويكون كفنه ككفن البالغ ثلاثة أبواب (الثانى) أن يتحرك حركة تدل على الحياة ولا يستهل أو يختلج , ففيه طريقان - المذهب وبه قطع صاحب المهذب والعراقيون يغسل ويصلى عليه قولا واحدا , والثانى حكاه الخراسانيون فيه قولان , وبعضهم يقول وجهان. أصحهما هذا , والثانى حكاه الخراسانيون لا يصلى عليه (قال وقال مالك) لا يصلى علهي الا أن يختلج ويتحرك ويطول ذلك عليه , وحكى ابن المنذر عن جابر بن زيد التابعى والحكم. وحماد (ومالك. والأوزاعى) وأصحاب الرأى: أنه إذا لم يستهل لا يصلى عليه (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما , أنه يصلى عليه وإن لم يستهل , وبه قال ابن سيرين وابن المسيب. وأحمد. وإسحاق (وقال العبدرى) إن كان له دون أربعة أشهر لم يصل عليه بلا خلاف يعنى بالأجماع , وإن كان له أربعة أشهر ولم يتحرك لم يصل عليه عند جمهور العلماء (وقال أحمد وداود رحمهما الله) يصلى عليه أهـ ج. وقال صاحب المنتقى انما يصلى عليه إذا نفخت فيه الروح وهو أن يستكمل أربعة أشهر, فاما إن سقط لدونها فلا , لأنه ليس بميت. إذ لم ينفخ فيه روح , وأصل ذلك حديث ابن مسعود قال حدثنا رسول الله علقة مثل ذلك. ثم يكون مضغة مثل ذلك. ثم يبعث الله اليه ملكا بأربع كلمات يكتب رزقه

(5) باب ترك الإمام الصلاة على الغال وقاتل نفسه ونحوها (164) عن زيد بن خالد الجهنيّ رضي الله عنه أنَّ رجلاً من المسلمين توفي بخيبر، وأته ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلُّوا على صاحبكم قال فتغَّيرت وجوه القوم لذلك، فلمَّا رأى الذَّي بهم قال إنَّ صاحبكم غلَّ في سبيل الله، ففتَّشنا متاعه فوجدنا فيه خرزاً من خرز اليهود ما يساوى درهمين (165) عن سماك (ابن حربٍ) أنه سمع جابر بن سمرة رضي الله عنه

_ وأجله. وعمله. وشقى أم سعد. ثم ينفخ فيه الروح -متفق عليه) اهـ (قلت) هذا الحديث تقدم فى الجزء الأول فى باب تقدير حال الأنسان وهو فى بطن أمه من كتاب القدر (قال الشوكانى) ومحل الخلاف فيمن سقط بعد أربعة أشهر ولم يستهل , وظاهر حديث الاستهلال أنه لا يصلى عليه وهو الحق , لأن الاستهلال يدل على وجود الحياة قبل خروج السقط كما يدل على وجودها بعده , فاعتبار الاستهلال من الشارع دليل على أن الحياة بعد الخروج من البطن معتبرة فى مشروعية الصلاة على الطفل وأنه لا يكتفى بمجرد العلم بحياته فى البطن فقط اهـ. والله أعلم (164) عن زيد بن خالد الجهنى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن ممير عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى ويزيد قال ثنا يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى عن ابن أبى عمرة عن أبى عمرة أنه سمع زيد بن خالد الجهنى قال يزيد إن أبا عمرة مولى زيد بن خالد الجهنى قال إنه سمع زيد بن خالد الجهنى يحدث أن رجلا من المسلمين - الحديث) (غريبه) (1) فيه جواز الصلاة على العصاة , وأما ترك النبى صلى الله عليه وسلم الصلاة عليه فلعله للزجر عن الغلول كما امتنع من الصلاة على المديون وأمرهم بالصلاة عليه , أما تغير وجوه القوم عند قوله صلى الله عليه وسلم (صلوا على صاحبكم (فلأنهم كانوا يعتقدون صلاح الرجل وأنه من المجاهدين فى سبيل الله , فما الذى يمنع النبى صلى الله عليه وسلم من الصلاة عليه؟ فلما راهم كذلك أخبرهم بالسبب وه أنه (غل) يعنى خان فى الغنيمة قبل قسمها (2) فيه معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم لاخباره بذلك وظهر الأمر كما قال صلى الله عليه وسلم , وفيه أيضا دليل على تحريم الغلول وإن قل مقداره (تخريجه) (د. نس. جه) وسكت عنه أبو داود والمنذرى ورجاله رجال الصحيح (165) عن سماك بن حرب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

يقول مات رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فقال يا رسول الله مات فلان؟ قال لم يمت ثم أتاه الثَّانية، ثم الثاَّلثة فأخبره فقال له النَّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم كيف مات؟ قال نحر نفسه عشقصٍ قال فلم يصلّ عليه (وفي روايةٍ) قال إذا لا أصلّى عليه (166) عن أبي قتادة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعى لجنازة سأل عنها فإن أثنى عليها خير قام فصلَّى عليها، وإن أثنى عليها غير ذلك قال لأهلها شأنكم بها ولم يصلّ عليها

_ عبد الرزاق أنا اسرائيل عن سماك - الحديث (غريبه) (1) الظاهر من قوله صلى الله عليه وسلم (لم يمت) أن الذى بلغه تسرع فى التبليغ قبل موت الرجل معتقدا موته ثم مات بعد (2) بكسر الميم وفتح القاف جمعه مشاقص , وهى سهام عراض (قال فى القاموس) مشقص كمنبر نصل عريض أوسهم فيه ذلك يرمى به الوحش أهـ (3) فى ذلك زجر وتأديب لمن فعل مثل هذا الرجل (تخريجه) (م. هق. والأربعة) (166) عن أبى قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن أبيه حدثنى عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث) (غريبه) (4) يعنى شرا (قال أهل اللغه) الثناء بتقديم الثاء والمسد يستعمل فى الخير ولا يستعمل فى الشر هذا هو المشهور , وفيه لغة شاذة أنه يستعمل فى الشر أيضا وأما النثا بتقديم النون وبالقصر فسيتعمل فى الشر خاصة , وإنما استعمل الثناء الممدود هنا فى الشر مجازا لتجانس الكلام كقوله تعالى (وجزاء سيئة مثلها) (ومكروا ومكر الله) أفاده النووى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وصحح الحافظ اسناده (وفى الباب من الابار) عند ابن أبى شيبة فى مصنفه , قال حدثنا وكيع عن أبى هلال عن أبى غالب قال قلت لأبى أمامة: الرجل يشرب الخمر فيموت يصلى عليه؟ قال نعم. لعله اضطجع عن فراشه مرة فقال لا إله إلا الله فغفر له بها (وله أيضا) حدثنا جرير عن مغيرة عن حماد عن ابراهيم قال يصلى عليه الذى قتل نفسه وعلى النقساء من الزنا وعلى الذى يموت مريضا من الخمر (وله أيضا) حدثنا عبد الله بن ادريسى عن هشام عن أبن سيرين قال ما أعلم أن أحدا من أهل العلم ولا التابعين ترك الصلاة على أحد من أهل القبلة تأثما

(الأحكام) الحديث الأول والثاني من أحاديث الباب يدلان على مشروعية ترك الأمام الصلاة على الغال وعلى قاتل نفسه زجرا للناس عن ارتكاب مثل هذه الجرائم الفظيعة (أما الغلول) فقد أجمع العلماء على تحريمه , وقد ورد فيه من الوعيد أحاديث كثيرة ستاتى فى بابه من كتاب الجهاد ان شاء الله تعالى (وأما من قتل نفسه) فقد ارتكب كبيرة من أعظم الكبائلا باجماع المسلمين , وسيأتى ما ورد فيه فى كتاب القتل والجنايات وأحكام الدماء , لهذا لم يصل النبى صلى الله عليه وسلم على من فعل ذلك وأمر أصحابه بالصلاة عليه (ويستفاد من حديث أبى قتادة) رضى الله عنه أن من ذمه الناس عند الأمام وشهدوا أمامه بسوء فعله كانت شهادتهم كافية فى عدم صلاته عليه , والظاهر أن ذلك كان فى حق المنافقين , لأنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم أن فى المدينة منافقين مندسين فى الصحابة , والله تعالى أمره بعدم الصلاة عليهم فقال عز من قائل (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا - الأية) لهذا كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا دعى لجنازة سأل عنها (فان أتى عليها خير قام فصلى عليها , وإن أتى عليها غير ذلك قال لأهلها شأنكم بها ولم يصل عليها) وحمله النووى على المنافقين أيضا (وقال الحافظ) برشد إلى ذلك ما رواه أحمد من حديث أبى قتادة باسناد صحيح أنه صلى الله عليه وسلم لم يصلى على الذى اثنوا عليه شرا اهـ (قلت) ولأنه لم يثبت عنه عليه الصلاة والسلام أنه ترك الصلاة على مسلم غير الغال والقاتل نفسه , فقد حكى صاحب المنتقى عن الأمام أحمد رحمه الله أنه قال ما نعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة على أحد الا على الغال وقاتل نفسه اهـ نعم ثبت أنه صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة على من عليه دين لم يترك له وفاء , ولكن ذلك كان فى أول الاسلام حيث لا مال فلما كثرت الأموال بسبب الغنائم صار صلى الله عليه وسلم يصلى على من مات وعليه دين لم يترك له وفاء ويوفى عنه من عنده كما ثبت فى حديث أنس وغيره عند الأمام أحمد وغيره قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من ترك ما لا فلأهله , ومن ترك دينا فعلى الله عز وجل وعلى رسوله) (وفى الباب غير ذلك) سيأتى مع الكلام عليه فى باب عدم صلاة الفاضل على من مات وعليه دين الخ من كتاب القرض والدين ان شاء الله تعالى (وقد اختلف العلماء) فى أحكام أحاديث الباب , فحكى ابن قدامة فى المغنى عن الأمام أحمد رحمه الله أنه قال: لا يصلى الأمام على الغال ولا على من تقل نفسه متعمدا , ويصلى عليه سائلا الناس , نص عليهما أحمد (قال) وقال أحمد لا أشهد الجهمية ولا الرافضة ويشهدهم من شاء , وقد ترك النبى صلى الله عليه وسلم الصلاة على أقل من هذا , الدين والغاول وقاتل نفسه , وقال لا يصلى على الرافضى (قال) وقال أحمد أهل البدع لا يعادون إن مرضوا ولا نشهد جنائزهم أن ماتوا , وهذا قول مالك (قال ابن قدامة) ولنا أن النبى صلى الله عليه وسلم ترك الصلاة

(6) باب هل يصلي الإمام على من قتل في حد أم لا (167) عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن أمرأة من جهينة اعترفت عند رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بزناً، وقالت أنا حبلى، فدعا النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم وليها، فقال أحسن إليها فإذا وضعت

_ بأدون من هذا فأولى أن نترك الصلاة به , وروى ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال (إن لكل أمة مجوسا , وإن مجوس أمتى الذين يقولون لا قدر , فان مرضوا فلا تعودوهم , وإن ماتوا فلا تشهدوهم) رواه أحمد (قلت) تقدم هذا الحديث فى الباب الخامس من كتاب القدر صحيفة 140 فى الجزء الأول وهو حديث صحيح (قال) وقال عمر بن عبد العزيز والأوزاعى لا يصلى على قاتل نفسه بحال , لأن من لا يصى عليه الأمام لا يصلى عليه غيره (قلت) وواففهم أبو حنيفة فى الباغى والمحارب (قال) وقال عطاء والنخعى والشافعى: بصلى الامام وغيره على كل مسلم (وقال ابن عبد البر) إن سائر العلماء يصلون على أهل البدع والخواج وغيرهم لعموم قوله صلى الله عليه وسلم صلوا على من قال (لا إلا الله محمد رسول الله اهـ (قلت) هذا الحديث غير صحيح, ضعفه أئمة الحديث فلا ينهض للاحتجاج به (وذهب ابن حزم) الى أنه يصلى على كل مسلم بر أو فاجر مقتول فى حد أو فى حرابة أو فى بغى , ويصلى عليهم الأمام وغيره , وكذلك على المبتدع ما لم يبلغ الكفر وعلى من قتل نفسه وعلى من قتل غيره , ولو أنه شر من على ظهر الأرض اذا مات مسلما , لعموم أمر النبى صلى الله عليه وسلم بقوله (صلوا على صاحبكم) والمسلم صاحب لنا , قال تعالى (نما المؤمنون أخوه) وقال تعالى (والمؤمنون والمؤمنات بعضهم اولياء بعض) فمن منع الصلاة على مسلم فقد قال قولا عظيما , وأن الفاسق لأ حوج الى دعاء اخوانه المؤمنين من الفاضل المرحوم اهـ. والله سبحانه وتعالى أعلم. (167) عن عمران بن حصين (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن يحيى بن أبى كثير عن أبى قلابة عن ابى المهلب عن عمران بن حصين (الحديث) (غريبه) (1) فى رواية أخرى عن الأمام أحمد ومسلم (جاءت امرأة من غامد) بغين معجمة ودال مهملة , وهى بطن من جهينة (2) هذا الأمر بالأحسان له سببان (أحدهما) الخوف عليها من أقاربها أن تحملهم الغيرة ولحوق العار بهم أن يؤذوها فأوصى بالأحسان اليها تحذيرا لهم من ذلك (والثانى) أمر به رحمة لها

فأخبرني ففعل فأمر بها النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فشكَّت عليها ثيابها، ثمَّ أمر يرجمها فرجمت، ثم صلَّى عليها فقال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه يار سول الله رجمتها، ثم تصلّى عليها؟ فقال لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم، وهل وجدت شيئاً أفضل من أن جادت بنفسها لله تبارك وتعالى (168) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رجلاً من أسلم جاء إلى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزّنا فأعرض عنه ثم اعترف فأعرض عنه حتَّى شهد على نفسه أربع مرَّاتٍ، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أبك جنون قال لا، قال أحصنت؟

_ إذ قد تابت , وحرض على الاحسان عليها لما فى نفوس الناس من النفرة من مثلها وإسماعها الكلام المؤذى ونحو ذلك فنهى عن هذا كله (1) فيه أن الحامل لا يقام عليها الحد إلا بعد الوضع سواء أكان الحد رجما أم جلدا (2) قال النووى: هكذا فى معظم النسخ وفى بعضها فشدت بالدال بدل الكاف وهو معنى الأول؛ وفى هذا استحباب جمع أثوابها عليها وشدها بحيث لا تنكشف عورتها فى تقلبها وتكرار اضطرابها (واتفق العلماء) على أنها لا ترجم إلا قاعدة , وأما الرجل فجمهورهم على أنه يرجم قائما (وقال مالك) قاعدا. وقال غيره يخير الأمام بينهما (3) أى صلاة الجنازة وهو حجة للقائلين بأن الأمام يصلى على من قتل فى حد لأن الحد طهره من الذنب (تخريجه) (م. هق. والأبعة) (168) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ئنا عبد الرزاق ئنا معمر عن الزهرى عن أبى سلمة عن جابر _ الحديث) (غريبه) (4) هو ماعز بن مالك (5) إنما أعرض عنه صلى الله عليه وسلم لعله يرجع عن الاعتراف بشبهة مثلا فيقبل رجوعه , وهذا جائز فى الحدود (6) إنما قال النبى صلى الله عليه وسلم ذلك له ليتحقق حاله فان الغالب أن الانسان لا يصر على الأقرار بما يقتضى قتله من غير سؤال مع أن له طريقا إلى سقوط الائم بالتوبة , وفيه اشارة الى أن اقرار المجنون باطل وأن الحدود لا تجب عليه , وهذا كله مجمع عليه (وقوله أحصنت) يعنى تزوجت قبل الزنا , وفيه أن الأمام يسأل عن شروط الرجم من الأحضان وغيره سواء ثبت بالأقرار أم بالبينة , وفيه مؤاخذة الإنسان

قال نعم، فأمر به النَّبي صلى الله عليه وسلم فرجم بالمصلّى فلمَّا أذلقته الحجارة مرَّ فأدرك فرجم حتّى مات، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً ولم يصلّ عليه

_ بإقراره , قال النووي (1) قال البخارى وغيره من العلماء فيه دليل على أن مصلى الجنائز والأعياد إذا لم يكن قد وقف مسجدا لا يثبت له حكم المسجد , إذ لو كان له حكم المسجد لتجنب الرجم فيه وتلطخه بالدماء والميتة , قالوا والمراد بالمصلى هنا مصلى الجنائز , ولهذا جاء فى بعض الروايات فى بقيع الغرقد وهو موضع الجنائز بالمدينة , وذكر الدرامى أن المصلى الذى للعيد وغيره اذا لم مسجدا هل يثبت له حكم المسجد؟ فيه وجهان , أصحهما ليس له حكم السمجد والله أعلم (2) هو بالذال المعجمة وبالقاف, أى أصابته يحسدها وقوله (مر) أى هرب كما فى رواية عند مسلم (3) أى ذكره بجميل , وفى رواية للأمام أحمد: ستأتى فى كتاب الحدود فى حد الزنا من حديث أبى ذر فقال (غفر له وأدخل الجنه) (4) فى رواية للبخارى فقال له النبى صلى الله عليه وسلم خيرا وصلى عليه (قال الحافظ) هكذا وقع هنا عن محمود بن غيلان عن عبد الرزاق وخالفه محمد بن يحيى الذهلى وجماعة عن عبد الرزاق فقالوا فى اخره ولم يصل عليه (قال المنذرى) فى حاشية الحنن , رواه ثمانية أنفس عن عبد الرزاق فلم يذكروا قوله وصلى عليه ثم ذكر الحافظ أكثر من عشرة أنفس خالفوا محمودا منهم من سكت عن الزيادة ومنهم من صرح نبفيها أهـ (تخريجه) (ق. هق. والأربعة) (الأحكام) حديث عمر ان بن حصين يدل على أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى عليه من قتل بحد الرجم , وحديث جابر يدل على عدم الصلاة عليه وكلاهما صحيح , فحديث جابر محمول على أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل على ماعز حين رجم وصلى عليه بعد ذلك , لما ثبت فى رواية عند البخارى تقدمت (أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له خيرا وصلى عليه) والمثبت مقدم على النافى (وقد جمع الحافظ رحمه الله) بين الروايتين فقال: قد أخرج عبد الرزاق أيضا وهو فى السنن لأبى قرة من وجه قال لأ , قال قلما كان من الغد قال , صلوا على صاحبكم فصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسمل والناس فهذا الخبر يجمع بني الاختلاف , فتحمل رواية النفى على أنه لم يصل عليه حين رجم , ورواية الأثبات على أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه فى اليوم الثانى، وكذا طريق الجمع لما أخرجه أبو داود (عن بريدة) أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يأمر بالصلاة على ماعز ولم ينه عن الصلاة عليه , وبتأيد بما أخرجه مسلم من حديث عمران بن حصين فى قصة الجهنية التى زنت ورجمت أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى عليها (فقال له عمر) أتصلى عليها وقد زنت؟ فقال لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين

(7) باب ما جاء في الصلاة على الغائب (169) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال نعى لنا رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم النَّجاشيَّ في اليوم الذَّي مات فيه فخرج

_ لو سمعتهم (قلت وهذا جمع حسن وبه رحج أن النبى صلى الله عليه وسمل صلى على ماعز بن مالك) (قال) وقد اختلف أهل العلم فى هذه المسأل , فقال (مالك) يأمر الأمام بالرجم ولا يتولاه بنفسه ولا يرفع عنه حتى يموت , ويخلى بينه وبين أهله يغسلونه ويصلون عليه , ولا يصلى عليه الأمام ردها لأهل المعاصى اذا علموا أنه ممكن لا يصلى عليه , ولئلا يجترئ النا سعلى مثل فعله , وعن بعض المالكية يجوز للأمام أن يصلى عليه (وبه قال الجمهور) والمعروف عن مالك أنه يكره للأمام وأهل الفضل الصلاة على المرجوم (وهو قول أحمد) (قلت) لم أقف على نص فى كراهية الصلاة على المرجوم للأمام أحمد والله أعلم (قال) (وعن الشافعى) لا يكره وهو قول الجمهور (وعن الزهرى) لا يصلى على المرجوم ولا على قاتل نفسه (وعن قتادة) لا يصلى على المولود من الزنا , وأطلق عياض فقال لم يختلف العلماء فى الصلاة على أهل الفسق والمعاصى والمقتولين فى الحدود وان كره بعضهم ذلك لأهل الفضل الا ما ذهب اليه ابو حنيفة فى المحاربين , وما ذهب اليه الحسن فى الميتة من نفاس الزنا , وما ذهب اليه الزهرى وقتادة , وقال وحديث الباب فى قصة الغامدية حجة للجمهور , والله سبحاة وتعالى أعلم أهـ. (169) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن مالك قال أخبرنى الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة - الحديث) (غريبه) (1) فيه معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأ علامه يموت النجاشى وهو فى الحبشة فى اليوم الذى مات فيه , والمراد بالنعى هنا الأعلام بالميت وهو مستحب لاعلى صورة نعى الجاهلية , بل مجرد إعلام للصلاة عليه وتشييعه وقضاء حقه فى ذلك , أما النعى المنهى عنه فهو نعى الجاهلية المشتمل على ذكر المفاخر وغيرها , وقد تقدم الكلام عليه فى بابه (والنجاشى) قال الحافظ بفتح النون وتخفيف الجيم من ملك الحبشة , وحكى المطرزى تشديد الجيم عن بعضهم وخطأه اهـ , ومن ملك الحبشة النجاشى , ومن ملك الروم قيصر , ومن ملك الفرس كسرى , ومن ملك الترك خاقان , ومن ملك القبط فرعون

إلى المصلى فصفَّ أصحابه خلفه وكَّبر عليه أربعاً (170) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم مات اليوم رجل صالح من الحبش هلم فصفُّوا، قال فصففنا فصلّى النّبي صلى الله عليه وسلم ونحن (وعنه من طريقٍ ثان) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم مات اليوم عبد الله صالح أصحمة فقوموا فصلوا عليه

_ ومن ملك مصر العزيز , ومن ملك اليمن تبع , ومن ملك حمير القيل بفتح القاف , وقبل القيل أقل درجة من الملك (1) يحتمل أن يراد بالمصلى مصلى العيدين , ويحتمل أن يراد مصلى الجنائز ببقيع الغرقد. والله أعلم (2) فيه دليل على أن التكبير على الجناز يكون أربعا وسيأتى الكلام عليه فى بابه (تخريجه) (ق. هق. والأمان. والأربعة. وغيرهم) (170) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ئنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرنى عطاء أنه سمع جابر بن عبد الله يقول قال النبى صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث) ثم قال حدثنى أبى ئنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن عطاء عن جابر فذكر الحديث) وقال اسم النجاشى صحمة (غريبه) (3) بفتح المهملة والموحدة بعدها معجمة , وقد أبهم أسمه فى هذه الرواية وصرح به فى الطريق الثانية بقوله مات اليوم عبد الله صالح أصحمة , وكذا عند مسلم , وللبخارى فى مجرة الحبشة من طريق ابن عيينة عن ابن جريج فقوموا فصلوا على أخيكم أصحمة (4) هذا أخر الحديث عند الأمام أحمد , زاد فى رواية للبخارى (ونحن صفوف. قال أبو الزبير عن جابر كنت فى الصف الثانى) (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ئنا يحيى عن ابن جريج ئا عطاء عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مات اليوم - الحديث) (6) قال النووى هو يفتح الهمزة وإسكان الصاد وفتح الحاء والميم المهملتين وهذا الذى وقع فى رواية مسلم هو الصواب المعروف فيه , وهكذا هو فى كتب الحديث والمغازى وغيرها؛ ووقع فى مسند ابن أبى شيبة فى هذا الحديث تسميته صحمة بفتح الصاد واسكان الحاء، وقال هكذا قال لنا يزيد وإنما هو صمحة (يعنى بتقديم الميم على الحاء) وهذان شاذان والصوب أصحمة بالألف (قال ابن قتيبة) وغيره ومعناه بالعربية عطية أهـ (قلت) تسميه بصحمة جاءت عند الأمام أحمد من طريق قتادة عن عطاء عن جابر , وذكرنا ذلك بعد ذكر سند الطريق الأول من هذا الحديث , وجاءت فى الحديث الاتى أيضا من طريق قتادة عن أبى الطفيل عن حذيفة

فقام فأمنا فصلَّى عليه (171) عن حذيفة بن أسيد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يومٍ، فقال صلُّوا على أخٍ لكم مات بغير أرضكم، قالوا من هو يا رسول الله قال صحمة النَّجاشيُّ، فقاموا فصلَّوا عليه 172 عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنَّ أخاكم النَّجاشيَّ قد مات فقوموا فصلُّوا عليه، قال فقمنا فصففنا عليه كما نصف على الميّت وصلينا عليه كما نصلّى على الميّت (183) عن جرير (بن عبد الله) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ والظاهر أنه كان يقال له صحمة وأصحمة , وإن كان بالهمز أشهر والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرها) (171) عن خذيفة بن أسيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ئنا سعيد مولى بن هاشم قال ئنا المئنى بن سعيد قال ئنا قتادة عن أبى الطفيل عن حذيفة بن أسيد _ الحديث) (تخريجه) (جه) وأبو داود الطيالسى والضياء المقدسى وابن قالع (ورواه الطبرانى) عن حذيفة بن أسيد أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغه موت النجاشى فقال لأصحابه (ان أخاكم النجاشى قد مات فمن أراد أن يصلى عليه فليصل عليه) فتوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو الجنة فكبر عليه أربعا - أورده الهينمى وقال رواه الطبرانى فى الكبير واسنا هـ حسن (172) عن عمران بن حصين (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ئنا عفان ئنا بشر بن المفضل ئنا يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين عن أبى المهلب عن عمران أبن حصين _ الحديث) (غريبه) (1) يعنى الميت الحاضر , وكذلك قوله وصلينا عليه كما نصلى على الميت (يعنى الحاضر) وإنما قال ذلك لئلا يتوهم أنهم صلوا عليه صلاة ليست كصلاة الحاضر؛ فنص على أنها كانت كصلاة الحاضر فى الصفوف والتكبير والدعاء ونحو ذلك (تخريجه) (نس. مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه وقد رواه أبو قلابة عن همه أبى المهلب عن عمران بن حصين وأبو المهلب اسمه عبد الرحمن ابن عمرو. ويقال له معاوية بن عمرو اهـ (173) عن جرير بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

إن أخاكم النجَّاشيَّ قد مات فاستغفروا له (174) وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم مثله (175) عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صلَّى على النَّجاشيّ

_ موسى بن داود ومحمد بن عبد الله بن الزبير قال ثنا شريك عن أبى اسحاق عن عامر بن جير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث) (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وسنده جيد , ورواه الطبرانى فى الكبير عن جرير أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم قال (إن النجاشى قد مات فصلوا عليه) أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الكبير ورجاله ثقات أهـ (قلت) فيكون المراد بقوله فى حديث الباب (فاستغفروا له) أى صلو عليه صلاه الجنازة , وعبر عنها بالاستغفار لاشمالها على الدعاء للميت بالمغفرة والله أعلم. (174) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن الزهرى عن أبى سلمة عن ابى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما مات النجاشى أخبرهم أنه قد مات فاستغفروا له (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وسنده جيد , ورواه الشيخان والأمامان والأربعة وغيرهم عن أبى هريرة بغير هذا اللفظ وهو الحديث الأول من أحاديث الباب. (175) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا على بن زيد عن رجل عن أبن عباس - الحديث) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وفى إسناده رجل لم يسم (وفى الباب عن ابن عمر) رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشى عليه أربعا , رواه البزار والطبرانى فى الأوسط ورجال الطبرانى رجال الصحيح (وعن أبى سعيد الخدرى) رضى الله عنه قال لما قدم على النبى صلى الله عليه وسلم وفاة النجاشى قال اخرجوا فصلوا على أخ لكم لم تروه قط , فخرجنا وتقدم النبى صلى الله عليه وسلم وصفنا خلفه فصلى وصلينا , فلما انصرفنا قال المنافقون انظروا إلى هذا خرج فصلى على علج نصرانى لم يره قط ' فأنزل الله (وإن من أهل الكتاب لم يؤمن بالله - الخ الأيه) رواه الطبرانى فى الأوسط وفيه عبد الرحمن بن أبى الزناد وه ضعيف (وله شاهد يقويه) عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى على النجاشى حين نعى , فقيل يارسول الله تصلى على عبد حبشى؟.فأنزل الله عز وجل (وإن من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله - الآية)

رواه البزار الطبراني في الأوسط ورجال الطبراني ثقات (وعن ابن خارجة) قال لما بلغ النبي صلي الله عليه وسلم وفاة النجاشي قال "إن أخاكم قد توفي فخرجنا فصففنا خلفه فصلينا وما نري شيئاً، رواه الطبراني في الكبير وفيه حمران بن أعين وثقه أبو حاتم وضعفه ابن معين، وبقية رجالة ثقات، هذه الأحاديث أوردها الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد مع تخريجها وبيان درجاتها (الأحكام) أحاديث الباب مع ما ذكرنا قي الشرح تدل علي مشروعية الصلاة علي الميت الغائي (قال الحافظ) وبذلك (قال الشافعي وأحمد) وجمهور السلف حتي قال ابن حزم لم يأت عن أحد من الصحابة منعه (قال وعن الحنفية والمالكية) لا يشرع ذلك؛ وعن بعض أهل العلم إنما يجوز في ذلك اليوم الذي يموت فيه الميت أو ما قرب منه لا ما إذا طالت المدة، حكاه ابن عبد البر (وقال ابن حبان) إنما يجوز ذلك لمن كان في جهة القبلة. فلو كان بلد الميت مستدير القبلة مثلاً لم يجز (قال المحب الطبري) لم أر ذلك لغيره، وحجته حجة الذي قبله الجمود علي قصة النجاشي، وستأتي حكاية مشاركة الخطابي لهم في الجمود، وقد اعتذر من لم يقل بالصلاة علي الغائب، عن قصة النجاشي بأمور (منها) أنه كان بأرض لم يصل عليه بها أحد فتعينت الصلاة عليه لذلك، ومن ثم قال الخطابي لا يصلي علي الغائب إلا إذا وقع موته بأرض ليس بها من يصلي عليه، واستحسنه الروياني من الشافعية، وبه ترجم أبو داود في السنن "الصلاة علي المسلم يليه أهل الشرك ببلد آخر" وهذا محتمل إلا أنني أقف في شيء من الأخبار علي أنه لم يصل عليه في بلدة أحد، ومن ذلك قول لبعضهم كشف له صلي الله عليه وسلم، عنه حتى رآه، فتكون صلاته عليه كصلاة الأمام علي ميت رآه ولم يره المأمون، ولا خلاف في جوازها (قال ابن دقيق العيد) هذا يحتاج إلي نقل ولا يثبت بالاحتمال، وتعقبه بعض الحنفية بأن الاحتمال كاف في مثل هذا من جهة المانع، وكأن مستند قائل ذلك ما ذكره الواقدي في أسبابه "يعني كتاب أسباب النزول" بغير إسناد "عن اين عباس" قال كشف للنبي صلي الله عليه وسلم عن سرير النجاشي حتى رآه وصلي عليه (ولا بن حبان) من حديث عمران بن حصين فقام وصفوا خلفه وهم لا يظنون إلا أن جنازته بين يديه، أخرجه من طريق الأوزاعي عن يحي بن أبي كثير عن أبي قلابة عن أبي المهلب عنه (ولأبي عوانة) من طريق أبان وغيره عن يحي فصلينا خلفه ونحن لا نري إلا أن الجنازة قدامنا (ومن الاعتذارات أيضاً) أن ذلك خاص بالنجاشي لأنه لم يثبت أنه صلي الله عليه وسلم صلي علي ميت غائب (قال المهلب) وكأنه لم يثبت عنده قصه معاوية الليثي وقد ذكرت في ترجمته في الصحابة أن خبره قوي بالنظر إلي مجموع طرقه، واستند من قال بتخصيص النجاشي لذلك إلي ما تقدم من إدارة اشاعة أنه مات مسلماً أو استئلاف قلوب الملوك الذين

(8) باب الصلاة على القبر بعد الدفن (176) حدّثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا عفَّان حدَّثنا حمَّاد بن زيد ثنا ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن إنساناً كان يقم المسجد أسود مات أو ماتت ففقدها النَّبي صلي الله عليه وسلم فقال ما فعل الإنسان

_ أسلموا في حياته صلي الله عليه وسلم (قال النووي) لو فتح باب هذا الخصوص لا انسد كثير من ظواهر الشرع مع أنه لو كان شيء مما ذكره لتوفرت الدواعي علي تقله (وقال ابن العربي المالكي) (قال المالكية) ليس ذلك إلا لمحمد صلي الله عليه وسلم قلنا وما عمل به محمد صلي الله عليه وسلم تعمل به أمته يعني لأن الأصل عدم الخصوصية (قالوا) طويت الأرض وأحضرت الجنازة بين يديه (قلنا) إن ربنا عليه لقادر وإن نبينا لأهل لذلك، ولكن لا تقولوا إلا ما رويتم ولا تخترعوا حديثاً من عند أنفسكم، ولا تحدقوا إلا بالثابتات، ودعوا الضعاف فأنها سبيل إتلاف إلي ما ليس له تلاف (وقال الكرماني) قولهم رفع الحجاب عنه ممنوع ولئن سلمنا فكان غائباً عن الصحابة الذين صلَّوا عليه مع النبي صلي الله عليه وسلم "قلت" وسبق إلي ذلك الشيخ أبو حامد في تعليقه ويؤيده حديث مجمع بن جارية بالجيم في قصة الصلاة علي النجاشي قال "فضفضنا خلفه صفين وما تري سيئاً" أخرجه الطبراني وأصله في ابن ماجه، لكن أجاب بعض الحنفية عن ذلك بما تقدم من أية يصير كالميت الذي يصلي عليه الأمام وهو يراه ولا يراه المأمومون فأنه جائز اتفاقا، أفاده الحافظ (قلت وقصارى القول) أن القائلين بمشروعية صلاة الجنازة علي الغائب حجتهم أقوي لأنها تتمشي مع الدليل بدون تكلف ولا تأويل، أما المانعون منها فلم يأتوا بشيء يعتد به سوي الاعتذار بأن ذلك مختص بمن كان في أرض لا يصلي عليه فيها، والخصوصية لا تثبت إلا بدليل، ولا دليل إلا أن النجاشي كان في بلد ليس فيه من يصلي عليه، وهذا بعيد، لأنه كان ملك الحبشة وقد أظهر إسلامه، فيبعد جداً أنه لم يوافقه أحد علي الإسلام حتى من حاشيته وأهل بيته يصلي عليه، وحينئذ فدليلهم مبني على الاحمّال، والدليل إذا تطرق إليه الاحتمال سقط به الاستدلال، والله أعلم بحقيقة الحال. (176) حدّثنا عبد الله (غريبه) (1) هو ثابت البنانى بضم الباء الموحدة الذي يروى كثيراً عن أنس بن مالك (وأبو رافع) هو الصائغ تابعى كبير (قال الحافظ) ووهم بعض الشراح فقال إنه أبو رافع الصحابى، وقال هو من رواية صحابى عن صحابي وليس كما قال، فان ثابتا البنانى لم يدرك أبا رافع الصحابى (2) بقاف مضمومة أي تكنسه وتجمع القمامة وهى الكناسة (3) شك الراوى في الميت هل هو رجل أو امرأة (وفي رواية للبخاري)

الذَّي كان يقمُّ المسجد، قال فقيل له مات، قال فهلاَّ آذنتموني به فقالوا كان ليلا، قال فدلوُّني علي قبرها، قال فأتي القبر فصلَّي عليها، قال ثابت عند ذلك أو في حديث آخر، إنَّ هذه القبور مملوءة ظلمة علي أهلها، وإنَّ الله عزَّ وجلَّ ينوِّرها بصلاتي عليهم (177) عن أنس (بن مالك رضي الله عنه) أنَّ أسود كان ينظِّف المسجد فمات فدفن ليلاً وأتي النَّبي صلي الله عليه وسلم فأخبر فقال انطلقوا إلي قبره فانطلقوا إلي قبره، فقال إنَّ هذه القبور ممتلئة علي أهلها ظلمةً، وإنَّ الله

_ عن حماد بهذا الإسناد أن رجلاً أسود أو امرأة سوداء، وله في رواية أخري عن حماد أيضاً بسند حديث الباب "أن امرأة أو رجلا كانت تقم المسجد ولا أراه إلا امرأة" (قال الحافظ) الشك فيه من ثابت لأنه رواه عنه جماعة هكذا أو من أبي رافع، قال ورواه ابن خزيمة من طريق العلاء بن عبد الرحيم عن أبيه عن أبي هريرة فقال امرأة سوداء ولم يشك - ورواه البيهقي بإسناد حسن من حديث ابن بريدة عن أبيه فسماها أم محجن؛ وأفاد أن الذي أجاب النبي صلي الله عليه وسلم عن سؤاله عنها أبو بكر الصديق، وذكر ابن منده في الصحابة خرقاء امرأة سوداء كانت تقم المسجد، ووقع ذكرها في حديث حماد بن أبي زيد عن ثابت عن أنس، وذكرها ابن حبان في الصحابة بذلك بدون ذكر السند، فإن كان مخفوظاً فهذا اسمها، وكنيتها أم محجن اهـ أي أعلمتوني يشك حماد هل سمع هذه الجملة من ثابت ضمن حديث أبي هريرة وهي قوله "إن هذه القبور الخ - الحديث" أو سمعها منه في حديث آخر، ولم يخرج البخاري هذه الزيادة أي الجملة المشار إليها، وأخرجها مسلم من رواية ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة؛ وهي عند الأمام أحمد أيضاً من رواية ثابت عن أنس وستأتي؛ وأخرجها أيضاً اين منده وأبو داودالطيالسي والبيهقي كذلك (تخريجه) (ق. جه. هق. ك. حب. وغيرهم) (177) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان ابن داود ثنا أبو عامر يعنى الجراز عن ثابت عن أنس بن مالك - الحديث" (غريبه) (3) المراد بالأسود هنا المرأة التي كانت تقم المسجد كما تقدم تحقيقه في شرح الحديث

عزَّ وجل ينوِّرها بصلاتي عليها فأتي القبر فصلَّي عليه وقال رجل من الأنصار يا رسول الله إن أخي مات ولم تصلِّ عليه، قال فأين قبره؟ فأخبره فانطلق رسول الله صلي الله عليه وسلم مع الأنصاري. (178) وعنه أيضاً أنَّ رسول الله صلَّي الله عليه وسلم صلَّي علي قبر امرأة قد دفنت (179) عن يزيد بن ثابت رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم فلمَّا وردنا البقيع إذا هو بقبر جديد فسأل عنه، فقيل فلانة فعرفها فقال إلا آذنتموني بها؟ قالوا يا رسول الله كنت قائلاً صائماً فكر هنا أن نؤذنك، فقال لا تفعلوا لا يموتنَّ فيكم ميِّت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي عليه له رحمة؛ قال ثم أتي القبر فصفَّنا

_ السابق، واسمها خرقاء وكنيتها أم مِحجَن والأحاديث يفسر بعضها بعضا (1) احتج به المانعون من الصلاة على القبر فقالوا إن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم، لأن الله ينور قبورهم بصلاته عليها، وسيأتى الكلام على ذلك في الأحكام (2) لم يذكر الراوى غير ذلك لأنه لم يذهب معهما فلا يدرى إن كان صلى أم لا، والظاهر من السياق أنه صلى، والله أعلم (تخريجه) (هق) وابن منده وأبو داود الطيالسى، وأورده الهيثمى بلفظه وقال في الصحيح طرف منه، رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ. (178) وعنه أيضاً (سنده) حدّنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن حبيب بن الشهيد عن ثابت عن أنس - الحديث" (تخريجه) (بز. هق) ورواه مسلم من طريق شعبة أيضاً بسند حديث الباب مختصرا بلفظ "أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر" والظاهر أن هذا القبر هو قبر المرأة التي كانت تقم المسجد وهو الغالب، ويحتمل غيرها والله سبحانه وتعالى أعلم. (179) عن يزيد بن ثابت (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنا عثمان بن حكيم الأنصارى عن خارجة بن زيد عن عمه يزيد بن ثابت - الحديث" (غريبه) (3) الظاهر أنها المرأة التي كانت تقم المسجد وقوله صلى الله عليه وسلم "ألا آذنتمونى" معناه ألا أعلمتمونى بموتها لأصلى عليها (4) أي لا تعودوا إلى مثل ذلك (5) أي على

خلفه وكبَّر عليه أربعاً (180) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلي الله عليه وسلم صلَّى علي صاحب قبر بعد ما دفن (ومن طريق ثان) عن شعبة قال سمعت سليمان الشيَّباني قال سمعت الشعبي قال أخبرني من مرَّ مع رسول الله صلي الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم على قبر منبوذ فأمَّهم وصفوا خلفه، فقلت

_ الميت سواء أكان ذكر أم أنثي (تخريجه) (نسق. هق) وسنده جيد (قال البيهقي) وروي فيه عن عامر بن ربيعة وبريدة عن النبى صلى الله عليه وسلم (قلت) أما حديث عامر بن ربيعة فرواه ابن ماجه "أن امرأة سوداء ماتت لم يؤذن بها النبى صلي الله عليه وسلم فأخبر بذلك فقال هلا آذنتمونى بها؟ ثم قال لأصحابه صفوا عليها فصلى عليها" وسنده جيد، (وأما حديث بريدة) فرواه أيضاً ابن ماجه مختصراً بلفظ (ان النبى صلى الله عليه وسلم صلى على ميت بعد ما دفن" ورواه البيهقى مطولا ولفظه أن النبى صلى الله عليه وسلم مر على قبر جديد حديث عهد بدفن ومعه أبو بكر فقال قبر من هذا؟ فقال أبو بكر يا رسول الله هذه أم محجن كانت مولعة بلقط القذى من المسجد، فقال أفلا آذنتمونى؟ فقالوا كنت نائماً فكر هنا أن نهجيك "أى نزعجك" قال فلا تفعلوا فان صلاتى على موتاكم نور لهم فى قبورهم، قال فصف أصحابه فصلى عليها (قلت) هذا الحديث والذى قبله يدلان على أن المراد بالمرأة فى حديث يزيد ابن ثابت هى التى كانت تقم المسجد والله اعلم. (180) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الشيبانى عن الشعبى عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (1) هو صاحب القبر المنبوذ الآتى في الطريق الثانية وسيأتى الكلام عليه (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت سليمان الشيبانى - الحديث" (4) أي منفرد عن القبور بعيد عنها، واسم صاحب القبر طلحة بن البراء بن عمير البلوى حليف الأنصار، قاله الحافظ. قال وروى حديثه أبو داود مختصراً والطبرانى من طريق عروة بن سعيد الأنصارى عن أبيه عن حسين بن وحوح الأنصارى، وهو بمهملتين بوزن جعفر أن طلحة بن البراء مرض فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم يعوده فقال إنى لا أرى طلحة ألا قد حدث فيه الموت فآذنونى به وعجلوا، فلم يبلغ النبي صلى الله عليه وسلم بنى سالم بن عوف حتى توفى، وكان قال

يا أبا عمرو ومن حدَّثك؟ قال ابن عبَّاس

_ لأهله لما دخل الليل إذا مت فادفنوني ولا تدعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأني أخاف عليه يهوداً أن يصاب بسببي، فأخبر النبى صلى الله عليه وسلم حين أصبح؛ فجاء حتى وقف على فبره فصف الناس معه ثم رفع يديه، فقال اللهم الق طلحة يضحك اليك وتضحك اليه اهـ (قلت) الضحك من الله كناية عن الرضا، أورد هذا الحديث الهيثمي مطولا، وقال عزا صاحب الأطراف بعض هذا الى أبى داود ولم أره، رواه الطبرانى فى الكبير واسناده حسن اهـ (1) القائل هو الشيبانى، والمقول له هو الشعبى (قال الحافظ) والطرق الصحيحة تدل على أنه صلى الله عليه وسلم صلى عليه صبيحة دفنه (تخريجه) (ق. مذ. هق. وغيرهم) (وفي الباب) عن قتاة يا رسول الله إنى أحب أن تصلى على أم سعد، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم قبرها فصلى عليها، رواه ابن أبى شيبة في مصنفه وهذا لفظه، والبيهقى وقال رواه ابن أبى عروبة عن قتادة وهو مرسل صحيح اهـ. (قلت) ورواه الترمذى بسنده عن قتادة أيضا عن سعيد بن المسيب أن أم سعد ماتت والنبى صلى الله عليه وسلم غائب، فلما قدم صلى عليها وقد مضى لذلك شهر (وعن حميد بن هلال) أن البراء بن معرور توفى قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة فلما قدم صلى عليه، رواه ابن أبى شيبة وهو مرسل أيضا وسنده جيد (وعن سهل بن حنيف) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعود فقراء أهل المدينة ويشهد جنائزهم إذا ماتوا، فتوفيت امرأة من أهل العوالى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حُضرت فآذنونى فأتوه ليؤذنوه فوجدوه نائماً وقد ذهب من الليل فكرهوا أن يوقظوه وتخوفوا عليه ظلمة الليل وهو ام الأرض، فذهبوا بها فلما أصبح سال عنها، قالوا يا رسول الله أتيناك لنؤذنك فوجدناك نائماً فكرهنا أن نوقظك وتخوفنا عليك ظلمة الليل وهو ام الأرض، فمشى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قبرها فصلى عليها وكبر أربعا، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى في الأوسط وفيه سفيان بن حسين، وفيه كلام وقد وثقه جماعة، وبقية رجاله رجال الصحيح (قلت) ورواه البيهقى بأطول من هذا وليس في غسناده سفيان بن حسين (وعن أبى أمامة بن ثعلبة) أنه صلى الله عليه وسلم رجع من بدر وقد توفيت أم أبى أمامة فصلى عليها، ذكره ابن عبد البر في التمهيد (وعن ابن أبى مليكة) قال مات عبد الرحمن ابن أبى بكر بالصفاح أو قريبا منها "هو اسم موضع بينه وبين مكة ستة أميال" فحملناه على عواتق الرجال حتى دفناه بمكة، فقدمت عائشة رضي الله عنها بعد وفاته أين قبر أخى؟ فأتته فصلت عليه - زاد فيه غيره بعد وفاته بشهر (وعن نافع) قال قدم ابن عمر بعد

_ وفاة عاصم بن عمر بثلاث فأتى قبره فصلى عليه؛ رواهما البيهقي وابن أبى شيبة (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية صلاة الجنازة على قبر الميت بعد دفنه لمن لم يدرك الصلاة عليه قبل الدفن (قال الترمذى) والعمل على هذا "أي على مشروعية الصلاة على القبر" وهو قول (الشافعى وأحمد وإسحاق) وقال بعض أهل العلم لا يصلى على القبر وهو قول مالك بن أنس (وقال ابن المبارك) إذا دفن الميت ولم يصل عليه صلى على القبر ورأى ابن المبارك الصلاة على القبر (وقال أحمد وإسحاق) يصلى على القبر إلى شهر، وقالا أكثر ما سمعنا عن ابن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على قبر أم سعد بن عبادة بعد شهر اهـ (وذهب النخعى ومالك وأبو حنيفة) إلى أنه إن دفن قبل أن يصلى عليه شرع وإلا فلا، وأجابوا عن أحاديث الباب بأن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم واستدلوا على ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبى هريرة عند مسلم والأمام أحمد وغيرهما "إن هذه القبور مملؤة ظلمة؛ وإن الله ينورها بصلاتى عليهم، قالوا صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت لتنوير القبر، وما لا يوجد في صلاة غيره فلا تكون الصلاة على القبر مشروعة (وأجاب) ابن حبان عن ذلك بأن في ترك انكاره صلى الله عليه وسلم على من صلى معه القبر بيان جاوز ذلك لغيره وأنه ليس من خصائصه (وتعقب) بأن الذي يقع بالتبعية لا ينهض دليلاً للصالة، ومن جملة ما أجاب به الجمهور عن هذه الزيادة "أي قوله في الحديث إن هذه القبور الخ" أنها مدرجة في هذا الأسناد، وهى من مراسيل ثابت بيّن ذلك غير واحد من أصحاب حماد بن زيد (قال البيهقى) والذى يغلب على القلب أن تكون هذه الزيادة في غير رواية أبى رافع عن ابى هريرة، فاما أن تكون عن ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلة كما رواه أحمد بن عبدة ومن تابعه أو عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه خالد بن خداش، وقد رواه غير حماد عن ثابت عن ابى رافع فلم يذكرها اهـ (قلت) ثبتت هذه الزيادة عن ثابت عن أنس عند الأمام أحمد وابن منده وغيرهما غير مرسلة، وعند النسائى والأمام أحمد أيضاً من حديث خارجة بن زيد عن عمه يزيد بن ثابت غير مرسلة أيضاً (قال الشوكانى) وقد عرفت غير مرة أن الاختصاص لا يثبت إلا بدليل، ومجرد كون الله ينور القبور بصلاته صلى الله عليه وسلم على أهلها لا ينفى مشروعية الصلاة على القبر لغيره لاسيما بعد قوله صلى الله عليه وسلم "صلوا كما رايتمونى أصلى" وهذا باعتبار من كان قد صلى عليه قبل الدفن (وأما من لم يصل عليه) ففرض الصلاة عليه الثابت بالأدلة وإجماع الأمة باق، وجعل الدفن مسقطاً لهذا الفرض محتاج إلى دليل، وقد قال بمشروعية الصلاة على القبر الجمهور كما قال ابن المنذر، وبه قال الناصر من أهل البيت (وقد استدل بأحاديث الباب) على رد قول من فصّل، فقال يصلى على قبر من لم يكن قد صلى عليه قبل

(9) باب عدد تكبير صلاة الجنازة وما جاء في التسليم منها (181) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال نعي رسول الله صلي الله عليه وسلم النَّجاشيِّ لأصحابه وهو بالمدينة فصلَّوا خلفه وصلَّي عليه وكبَّر أربعاً (182) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم كبِّروا على موتاكم باللَّيل والنَّهار أربع تكبيرات

_ الدفن لا من كان قد صلي عليه لأن القصة وردت فيمن قد صلي عليه، والمفصل هو بعض المانعين، واختلفوا في أمر ذلك، فقيده بعضهم إلي شهر، وقيل ما لم يبل الجسد، وقيل يجوز أبداً وقيل إلي اليوم الثالث، وقيل إلي أن يترب اهـ (قال الحافظ ابن القيم) رحمه الله وكان من هدية صلي الله عليه وسلم إذا قاتته الصلاة على الجنازة صلى على القبر فصلى مرة على قبر بعد ليلة، ومرة بعد ثلاث، ومرة بعد شهر، ولم يوقت في ذلك وقتاً (قال ـحمد رحمه الله) من يشك فى الصلاة على القبر؟ ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا فاتته الجنازة صلى الله على القبر من ستة أوجه كلها حسان فحدّ الأمام أحمد رحمه الله الصلاة على القبر بشهر إذ هو أكثر ما روى عن النبى صلي الله عليه وسلم أنه صلى بعده، وخدّ الشافعى رحمه الله بما إذا لم يبل الميت، ومنع منها مالك وأبو حنيفة رحمها الله إلا للولى إذا كان غائباً اهـ (وقد ذكر ابن عبد البر) في الصلاة عن القبر تسعة أحاديث من تسعة أوجه كلها حسان، وساقها كلها بأسانيده في تمهيده من حديث سهل ابن حنيف وأبي هريرة وعامر بن ربيعة وزيد بن ثابت الخمسة فى صلاته صلى الله عليه وسلم على المسكينة التي كانت تقم المسجد، وسعد بن عبادة فى صلاته صلى الله عليه وسلم على أم سعد بعد دفنها بشهر وحديث الحصين بن وحوح فى صلاته صلى الله عليه وسلم على قبر طلحة بن البراء، وحديث أبي أمامة ابن ثعلبة أنه رجع من بدر وقد توفيت أم أبى أمامة فصلى عليها، وحديث أنس أنهه صليى الله عليه وسلم صلى على امرأة بعد ما دفنت (وقد أتيت بها جميعها وزيادة عليها) بعضها في المتن من رواية الأمام أحمد وبعضها فى الشرح من رواية غيره، وهذا من توفيق الله تعالى فله الحمد والمنة (181) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهرى عن ابن المسيب وأبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة - الحديث" (تخريجه) (ق. هق. والأربعة وغيرهم). (182) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير عن جابر - الحديث" (غريبه) (3) يعنى في صلاة الجنازة سواء أكانت ليلا أم نهارا (تخريجه) أخرجه الطبراني في الأوسط مرفوعا بلفظ "صلوا

(183) عن أبي سلمان المؤذَّن قال توفىَّ أبو سريحة فصلَّى عليه زيد بن أزقم رضي الله عنه فكبَّر عليه أربعاً، وقال كذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم (184) عن ابن أبى ليلى أنَّ زيد بن أرقم رضى الله عنه كان يكبِّر على جنائزنا أربعاً وإنَّه كبَّر علي جنازة خمساً فسألوه فقال كان رسول الله صلي الله عليه وسلم يكبِّرها، أو كبَّرها النَّبى صلى الله عليه وسلم (ومن طريق ثن) عن عبد الأعلى قال صلَّيت خلف زيد بن أرقم رضى الله عنه على جنازة فكبَّر خمساً؛ فقام إليه أبو عيسى عبد الرَّحمن بن أبى ليلى فأخذ بيده فقال نسيت؟ قال لا ولكن صلَّيت خلف أبى القاسم خليلى صلى الله عليه وسلم فكبَّر خمساً فلا أتركها

_ على موتاكم بالليل والنهار" والصغير والكبير والدنئ والأمير أربعاً وأخرجه البيهقى بلفظ حديث الباب، وفي جميع طرقه ابن لهيعة فيه كلام اهـ. (183) عن أبى سلمان المؤذن (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن عثمان بن أبى زرعة عن أبى سلمان المؤذن "الحديث" (غريبه) (1) بفتح السين المهملة اسمه حذيفة بن أسيد بفتح الهمزة الغفارى صحابى، من أصحاب الشجرة، مات سنة اثنتين وأربعين، قاله الحافظ في التقريب (تخريجه) لم أقف علي بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وسنده جيد. (184) عن ابن ابى ليلى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال حدثنى عمرو بن مرة عن ابن أبى ليلى أن زيد بن ارقم كان يكبر - الحديث" (غريبه) (2) الظاهر أن التكبير أربعاً كان مشهوراً عندهم، فلما كبر خمساًَ سالوه عن ذلك (3) (سنده) حدّثنا عبد الله ابى ثنا اسود بن عامر ثنا اسرائيل عن عبد الأعلى قال صليت الخ (4) في هذه الرواية ان الذي سأل زيدا هو عبد الرحمن بن أبى ليلى، وفي الطريق الأولى المروية عن عبد الرحمن بن ابى ليلى ابهم السائل، فيحتمل ان يكون هو السائل وابهم نفسه كما يحصل كثيراً، ويحتمل ان تكون الواقعة تعددت وان سؤاله وقع في مرة، وسؤال غيره وقع في اخرى، والله سبحانه وتعالى اعلم (تخريجه) (م. هق. والأربعة).

(185) عن يحيى بن عبد الله الجابر قال صلَّيت خلف عيسى مولى لحذيفة (بن اليمان) بالمدائن على جنازة فكبَّر خمساً، ثمَّ التفت إلينا فقال ما وهمت ولا نسيت، ولكن كبَّرت كما كبر مولاي وولىُّ نعمتى حذيفة ابن اليمان، صلَّى على جنازة وكبَّر خمساً، ثمَّ التفت إلينا فقال، ما نسيت ولا وهمت ولكن كبَّرت كما كبَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم على جنازة فكبَّر خمساً (186) عن إبراهيم الهجرىَّ أنَّ عبد الله بن أبى أو فى فام على جنازة بنت له فكبَّر عليها أربع تكبيرات، ثمُّ قام هنيَّة فسبَّح به بعض القوم فا نفتل، فقال أكنتم ترون أنَّى أكبَّر الخامسة؟ قالوا نعم، قال إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبَّر الرَّابعة قام هنيِّة، فلمَّا وضعت الجنازه جلس وجلسنا إليه

_ (185) عن يحيى بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا عبد العزيز بن مسلم ثنا يحيى بن عبد الله الجابر - الحديث" (غريبه) (1) وهم في الشئ من باب وعد اذا ذهب وهمه اليه وهو يريد غيره، والمعنى أنه كبر الخامسة قصدا وهو يعرف أنها الخامسة لأن حذيفة فعل ذلك وأخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك (تخريجه) (ش) وسنده لا بأس به. (186) (عن ابراهيم الهجرى) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بتمامه وسنده في باب المشى أمام الجنازة وخلفها (غريبه) أي مدة وجيزة، يعنى أنه لم يسلم عقب التكبيرة الرابعة بل يدعو مدة وجيزة، ففهم بعض القوم أنه يريد أن يجعل التكبير خمساً فذكره بالتسبيح "وقوله فانفتل" أي انصرف من الصلاة بعد المدة المذكورة ولم يأت بتكبيرة خامسة، ثم أخبرهم أن ما فعله بعد التكبيرة الرابعة من الاستمرار في القيام مدة قصيرة كان يفعله النبي صلى الله عليه وسلم ولم يبين في هذا الحديث مقدار المدة، ولا ما كان يقوله فيها، وقد جاء ذلك مبيناً في رواية أخرى له تقدمت في باب الرخصة في البكاء من غير نوح في هذا الجزء صحيفة 136 رقم 99 وفيها قال "ثم قام بعد الرابعة قدر ما بين التكبيرتين يدعو" وفي رواية عند البيهقى "يستغفر لها ويدعو" ثم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في الجنازة هكذا (3) القائل فلما وضعت الجنازة هو إبراهيم الهجري؛ يعني

_ أنه لما وضعت الجنازة في القبر جلس عبد الله بن أبى أوفى وجلسنا إليه يحدثنا - وليس هذا آخر الحديث (وتمامة) قال فسئل عن لحوم الحمر الأهلية، فقال تلقاَّنا يوم خبير حمر أهلية خارجا من القرية فوقع الناس فيها فذبحوها، قان القدور لتغلى ببعضها إذ نادى منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم أهريقوها فأهرقناها؛ ورايت على عبد الله بن أبى أوفى مطرقا من خز أحمر (تخريجه) أخرجه البيهقى وابن ماجة مختصرا، وفي إسناده ابراهيم بن مسلم الهجرى، قال في التقريب لين الحديث، رفع موقوفات، وفي الخلاصة ضعفه النسائى وغيره (قال ابن عدى) إنما أنكروا عليه كثرة روايته عن أبى الأحوص عن عبد الله وعامتها مستقيمة اهـ (وفي الباب عن عبد الله بن مغفل) رضي الله عنه أن عليا رضي الله عنه صلى على سهل بن حنيف فكبر عليه ستا، ثم التفت الينا فقال إنه بدرىّ، رواه الطبرانى في الكبير ورجاله رجال الصحيح (وعن عبد الله بن مسعود) قال لا وقت ولا عدد في الصلاة على الجنائز يعنى التكبير، رواه البزار ورجاله ثقات (وعنه أيضاً) قال قد كبر رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعاً وخمسا واربعا، فكبروا ما كبر الأمام إذا قدّمتموه، رواه الطبرانى في الأوسط، وفيه عطاء بن السائب، وفيه كلام وهو حسن الحديث (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد فكبر تسعا تسعا، ثم سبعا سبعا، ثم أربعا أربعا حتى لحق بالله، رواه الطبرانى في الكبير والأوسط وإسناده حسن - أوردها الحافظ الهيثمى مع تخريجها وبيان درجاتها (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية التكبير على الجنازة أربعاً وخمساً، وهى التي اختارها الأمام أحمد في مسنده لكونها مرفوعة وأصح ما ورد في الباب (وقد اختلف السلف) في ذلك فروى عن زيد بن أرقم أنه كان يكبر خمسا كما في حديث الباب، ورواه ابن المنذر عن ابن مسعود أنه صلى على جنازة رجل من بنى أسد فكبر خمسا (وروى أيضا) عن ابن مسعود عن على أنه كان كبر على أهل بدر ستا وعلى الصحابة خمسا، وعلى سائر الناس أربعا (وروى ذلك أيضاً) ابن أبى شيبة والطحاوي والدارقطنى عن عبد خير عنه (وروى ابن المنذر أيضاً بأسناد صحيح عن ابن عباس أنه كبر على جنازة ثلاثا (قال القاضى عياض) رحمه الله اختلفت الآثار في ذلك فجاء من رواية ابن أبى خثيمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكبر أربعا. وخمسا. وستا. وسبعا. وثمانيا حتى مات النجاشى فكبر عليه اربعا وثبت على ذلك حتى توفى صلى الله عليه وسلم، قال واختلف الصحابة في ذلك من ثلاث تكبيرات إلى تسع (قال ابن عبد البر) وانعقد الأجماع بعد ذلك على أربع، وأجمع الفقهاء وأهل الفتوى بالاقتصار على أربع ما جاء في الأحاديث الصحيحة، وما سوى ذلك عندهم شذوذ لا يلتفت إليه، وقال لا نعلم أحداً من فقهاء الأمصار يخمس إلا ابن أبي ليلى

(وروى البيهقي أيضًا) عن ابى وائل قال كانوا يكبرون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا وخمسا. وستا. وسبعا، فجمع عمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبر كل رجل منهم بما رأى فجمعهم عمر على أربع تكبيرات (وروى أيضاً) من طريق ابراهيم النخعى أنه قال " اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ابى مسعود فاجتمعوا على أن التكبير على الجنازة أربع (قلت) واليه ذهب جمهور العلماء (قال الترمذى) العمل عليه عند أكثر أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم يرون التكبير على الجنازة أربع تكبيرات، وهو قول (سفيان الثورى. ومالك بن أنس. وابن المبارك. والشافعى. وأحمد. واسحاق) اهـ. ورجح الجمهور ما ذهبوا اليه من مشروعية الأربع بمرجحات أربعة (الأول) أنها ثبتت من طريق جماعة من الصحابة أكثر عددا ممن روى منهم الخمس (الثانى) أنها في الصحيحين (الثالث) أنه أجمع على العمل بها الصحابة (الرابع) أنها آخر ما وقع منه صلى الله عليه وسلم (وأجاب الشوكانى) رحمه الله عن الأول والثانى من هذه المرجحات بأنه إنما يرجح بهما عند التعارض، ولا تعارض بين الأربع والخمس، لأن الخمس مشتملة على زيادة غير معارضة (وعن الرابع) بأنه لم يثبت، ولو ثبت لكان غير رافع للنزاع، لأن اقتصاره على الأربع لا ينفى مشروعية الخمس بعد ثبوتها عنه، وغاية ما فيه جواز الأمرين (نعم المرجح الثال) أعنى إجماع الصحابة على الأربع هو الذي يعول عليه في مثل هذا المقام إن صح، وإلا كان الاخذ بالزيادة الخارجة من مخرج صحيح هو الراجح اهـ. (وذهب إلى أن التكبير على الجنازة خمس) جماعة من الصحابة منهم أبو ذر. وزيد بن أرقم. وحذيفة. وابن عباس. رضي الله عنهم، وبه قال محمد بن الحنفية وابن أبى ليلى "وفي المبسوط للحنفية" قيل إن أبا يوسف كان يكبر خمسا (وذهب بكر بن عبد الله المزنى) إلى أنه لا ينقص من ثلاث ولا يزاد على سبع (وبنحوه قال الأمام أحمد) إلا أنه قال لا ينقص من أربع، قال وقال ابن مسعود كبر ما كبر الأمام، قال والذى تختاره ما ثبت عن عمر، ثم ساق بأسناد صحيح إلى سعيد بن المسيب قال كان التكبير اربعا وخمسا، فجمع عمر الناس على أربع (وروى أنس بن مالك) رضي الله عنه أن تكبير الجنازة ثلاث (روى عنه ابن المنذر) أنه قيل له إن فلانا كبر ثلاثا، فقال وهل التكبير الا ثلاث؟ (وروى عنه ابن أبى شيبة) أنه كبر ثلاثا لم يزد عليها (وروى عنه عبد الرازق) أنه كبر على جنازة ثلاثا، ثم انصرف ناسيا، فقالوا له يا ابا حمزة إنك كبرت ثلاثا؟ قال فصُنفوا فصَفو فكبر الرابعة (وروى عنه البخارى) تعليقا نحو ذلك "قال الحافظ" ويمكن الجمع بين ما اختلف فيه على أنس، إما بأنه كان يرى الثلاث مجزئة والأربع أكمل منها، وإما بأن من أطلق عنه الثلاث لم يذكر الأولى لأنها افتتاح الصلاة اهـ (وفي حديث ابن أبى أوفى) دليل على مشروعية استمرار المصلى مدة يسيرة بعد التكبيرة الرابعة بقدر ما بين التكبيرتين، وتقدم

(10) باب ما يقال من الأدعية في الصلاة على الميت (187) عن أبى هريرة رضى الله عنه وقد سمع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو يصلِّى على جنازة قال سمعته يقول، أنت خلقتها، وأنت رزقتها، وأنت هديتها للإسلام، وأنت قبضت روحها،

_ ذلك في الشرح؛ ولم يصرح بالسلام فى رواية الأمام أحمد، وصرح به فى رواية البيهقى بلفظ "فكبر أربعا فمكث ساعة حتى ظننا أنه سيكبر خمساً، ثم سلم عن يمينه وعن شماله، فلما انصرف قلنا له ما هذا؟ قال أنى لا أرزيدكم على مارأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنه أو هكذا صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث (وعن أبى هريرة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة فكبر عليها أربعاً وسلم تسليمة واحدة رواه البيهقى والدارقطنى (وعن عمير بن سعيد) قال صليت خلف على بن أبى طالب رضى الله عنه على جنازة يزيد بن مكفف فكبر عليه أربعا وسلم تسليمة (وعن مجاهد) عن ابن عباس أنه كان يسلم على الجنازة تسليمة (وعن نافع ابن عمر) أنه كن إذا صلى على جنازة سلم واحدة عن يمينه (وعن يزيد بن أبى مالك) عن أبيه قال رأيت وائله بن الأسق رضى الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسلم على الجنازة تسليمة - رواها البيهقى، قال ورورينا أيضاً عن جابر بن عبد الله وأنس ابن مالك وأبى أمامة بن سهل بن حنيف وغيرهم اهـ، وهذه الأحاديث والآثار تدل على مشروعية التسليم من صلاة الجنازة كالتسليم من الصلاة (قال النووى) وأجمع العلماء عليه ثم قال جمهورهم يسلم تسليمة واحدة (وقال الثورى وأبو حنيفة والشافعى) وجماعة من السلف تسليمتين (واختلفوا) هل يجهر الأمام بالتسليم أم يسر (وأبو حنيفة والشافعى) يقولون يجهر وعن مالك روايتان (واختلفوا) فى رفع الأيدى فى هذه التكبيرات، ومذهب (الشافعى) الرفع فى جميعها، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر. وعمر بن عبد العزيز. وعطاء وسالم بن عبد الله. وقيس بن أبى حازم. والزهرى. والأوزاعى. وأحمد. واسحاق واختاره ابن المنذر (وقال الثورى وأبو حنيفة) وأصحاب الرأى لا يرفع الا في التكبيرة الأولى (وعن مالك) ثلاث روايات الرفع فى الجميع وفى الأولى فقط وعدمه فى كلها اهـ. (187) (عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا شعبة عن الجلاَس عن عثمان ابن شماس قال سمعت أبا هريرة ومر عليه مروان فقال - بعض حديثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - أو حديثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم رجع فقلنا الآن يقع به، قال كيف

تعلم سرَّها وعلانيتها، جئنا شفعاءً فاغفر لها (188) وعنه ايضا ثال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلَّى على الجنازة قال اللَّهم اغفر لحيِّناً وميِّتناً وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا اللهم من أحييته منَّا فأحيه عل الإسلام ومن توفيِّته منَّا فتوفَّه على الإيمان

_ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى على الجنائز قال سمعته يقول أنت خلقها - الحديث " (غريبه) (1) في هذا الدعاء غاية التذلل والخشوع والثناء على الله عز وجل ليقبل شفاعة المصلين في الميت فيغفر له (تخريجه) (د. هق) والنسائى في عمل اليوم والليلة وسنده جيد. (188) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا خلف بن الوليد قال ثنا أيوب بن عتبة عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى - الحديث" (غريبه) (2) إن قيل إن الصغير غير مكلف لا ذنب له، فما معنى الاستغفار له (فالجواب) أن الاستغفار في حق الصغير لرفع الدرجات "وقيل" المراد بالصغير الشاب، والكبير الشيخ، وقال التوربشتى عن الطحاوى: انه سئل عن معنى الاستغفار للصبيان مع أنه لا ذنب لهم، فقال معناه السؤال من الله أن يغفر له ما كتب في اللوح المحفوظ أن يفعله بعد البلوغ من الذنوب حتى إذا كان فعله كان مغفوراً، وإلا فالصغير غير مكلف لا حاجة له إلى الاستغفار (3) المقصود من القرائن الأربع الشمول والاستيعاب كأنه قيل، اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات كلهم أجمعين (4) أي الاستسلام والانقياد للأوامر والنواهى (5) أي التصديق القلبى إذ لا نافع حينئذ غيره، ورواه أبو داود من طريق يحيى عن أبى سلمة عن ابى هريرة، وزاد اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده، ووقع في هذه الرواية "اللهم من أحييته منا فأحيه على الأيمان، ومن توفيته منا توفه على الاسلام" (قال الشوكانى) ولفظ "فأحيه على الاسلام" هو الثابت عند الأكثر وعند أبى داود "فأحيه على الايمان وتوفه على الاسلام (تخريجه) (الأربعة. حب. ك) وقال وله شاهد صحيح من حديث عائشة نحوه، وأخرج هذا الشاهد الترمذى وأعله بعكرمة بن عمار؛ وفي اسناد حديث الباب يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن أبى هريرة (قال أبو حاتم) الحفاظ لا يذكرون ابا هريرة، إنما يقولون أبو سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلاً ولا يوصله بذكر أبى هريرة الا غير متقن، والصحيح أنه مرسل، ورواه يحيى بن أبى كثير من حديث أبى ابراهيم الأشهلى عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل

(189) وعن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم مثله (190) وعن أبى إبراهيم الأنصارىِّ عن أبيه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم مثله (191) عن واثله بن الأسقع رضى الله عنه أنَّه سمع رسول الله

_ حديث أبي هريرة، أخرجه من هذا الوجه الأمام أحمد "وسيأتى بعد حديث" والنسائى والترمذى وقال حسن صحيح وقال سمعت محمدا "يعنى البخارى" يقول أصح الروايات في هذا حديث يحيى ابن ابى كثير عن أبى ابراهيم الأشهلى عن أبيه، قال وسألته عن اسم أبى ابراهيم الأشهلى فلم يعرفه. (189) عن عبد الله بن أبى قتادة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا يحيى بن أبى كثير عن عبد الله بن أبى قتادة عن ابيه أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم صلى على ميت فسمعته يقول اللهم اغفر لحينا وميتنا الحديث كسابقه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد رجاله رجال الصحيح. (190) عن ابى ابراهيم الأنصارى عن أبيه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان أبان ثنا ييحى بن أبى كثير ثنا شيخ من الأنصار يقال له أبو ابراهيم عن أبيه أن نبى الله صلى الله عليه وسلم كان اذا صلى على الميت قال اللهم اغفر لحينا وشاهدنا وغائبنا وذكرنا وأنثانا وصغيرنا وكبيرنا، قال يحيى وحدثنى أبو سلمة بن عبد الرحمن بهذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم وزاد فيه اللهم من أحييته منا فأحيه على الاسلام، ومن توفيته فتوفه على الايمان (تخريجه) (نس. مذ) وقال حسن صحيح (قلت) وهو حديث ابى ابراهيم الأشهلى الذي أشرت اليه سابقا، والذى قال فيه الترمذى سمعت محمدا "يعنى البخارى" يقول اصح الروايات في هذا حديث يحيى بن أبى كثير عن أبى ابراهيم الأشهلى عن أبيه، وتقدم هذا آنفاً، وانما قيل له الأشهلى لأنه من بنى عبد الأشهل، ووالد أبى إبراهيم هذا لم يعرف وهو صحابى، وجهالة الصحابى لا تضر، وقد توهم بعض الناس أن أبا ابراهيم الأشهلى هو عبد الله بن ابى قتادة (قال الحافظ) هو غلط لأن أبا ابراهيم من بنى عبد الأشهل وأبو قتادة من بنى سلمة، والله أعلم. (191) عن وائلة بن الأسقع (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على ابن بحر قال ثنا الوليد بن مسلم قال ثنا مروان بن جناح عن يونس بن ميسرة بن حليس عن وائلة بن الأسقع رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث"

صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول ألا إنَّ فلان بن فلان فى ذمَّتك وحبل جوارك فقه فتنة القبر وعذاب النار، أنت أهل الوفاء والحقِّ اللِّهمَّ فاغفر له وأرحمه فإنَّك أنت الغفور الرَّحيم (192) عن عوف بن مالك (الأشجعىِّ الأنصارىِّ) رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى على ميِّت ففهمت من صلاته عليه، اللَّهم اغفر له وارحمه وعافه واعف عنه، وأكرم نزله ووسِّع مدخله، واغسله بالماء والثَّلج والبرد ونقِّه من الخطايا كما نقَّيت الثَّوب الأبيض من الدنس

_ (غريبه) (1) لفظ أبي داود وابن ماجه (اللهم ان فلان بن فلان الخ" وقوله في ذمتك" أي في أمانك وعهدك وحفظك "وحبل جوارك" ومعناه كما قيل - كان من عادة العرب أن يخيف بعضهم بعضا، وكان الرجل اذا أراد سفرا أخذ عهدا من سيد كل قبيلة فيأمن به ما دام في حدودها حتى ينتهى إلى الأخرى فيأخذ مثل ذلك، فهذا حبل الجوار عند العرب أي العهد والأمان ما دام مجاوراً أرضه، وحبل جوار الله هو القرآن، يعنى أن من تمسك به كان له عهد وميثاق عند الله عز وجل بحفظه من الأذى، وقد ورد "كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض" رواه الأمام أحمد، وتقدم في الجزء الأول صحيفة 186 رقم 2 في باب الاعتصام بكتاب الله عز وجل، ورواه الحاكم بلفظ "القرآن حبل الله المتين" وصححه "وقوله فقه فتنة القبر" صيغة أمر من الوقاية والمقصود الدعاء أي احفظه من محنة السؤال فيه وعذابه كالضغطة والظلمة ونحو ذلك، وقد مر شئ منه في "باب ما يراه المحتضر، ومصير الروح بعهد مفارقة الجسد" وسيأتى بأوسع منه في أبواب عذاب القبر (2) أي أهل الوفاة بالوعد، واحقاق الحق واثباته ونصرته (تخريجه) (د. جه) وسنده جيد، وسكت عنه أبو داود والمنذرى. (192) عن عوف بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى عن معاوية عن حبيب بن عبيد قال حدثنى جبير بن نفير عن عوف "الحديث" (غريبه) (3) الثلج معروف، والبرد بفتح الباء الموحدة والراء شئ ينزل من السحاب يشبه الحصى ويسمى حب الغمام، أي طهره بأنواع الرحمة التي بمنزلة الثلج والبرد في إزالة الوسخ؛ وإنما خصهما بالذكر تأكيداً للطهارة ومبالغة فيها، لأنهما ما آنِ

وأبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله، وزوجاً خيراً من زوجه وأدخله الجنَّة ونجِّه من النَّار وقه عذاب القبر

_ مفطوران على خلقتهما لم يستعملا ولم تنلهما الأيدى ولم يخضهما الأرجل كسائر المياه التي خالطت التراب، وجرت في الأنهار، وجمعت في الحياض، فكان أحق بكمال الطهارة (1) هذا من عطف الخاص على العام على أن المراد بالأهل ما يعم الخدم أيضاً، وفيه إطلاق الزوج على المرأة، قيل هو أفصح من الزوجة فيها (قال الحافظ السيوطى) قالت طائفة من الفقهاء هذا خاص بالرجل، ولا يقال في الصلاة على المرأة ابدلها زوجا خيرا من زوجها لجواز أن تكون لزوجها في الجنة فان المرأة لا يمكن الاشتراك فيها والرجل يقبل ذلك (2) زاد مسلم والنسائى "قال عوف فتمنيت أن لو كنت أنا الميت لدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك الميت" (تخريجه) (م. نس. جه) (وفي الباب عن عائشة) رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الصلاة على الميت، اللهم اغفر له وصل عليه، وأورده حوض رسولك صلى الله عليه وسلم - رواه أبو يعلى والطبرانى في الأوسط وزاد "وبارك فيه" وفيه عاصم بن هلال وثقة أبو حاتم وضعفه غيره (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى على الميت قال "اللهم اغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا ولأنثانا وذكورنا من أحييته منا فأحيه على الاسلام ومن توفيته منا فتوفه على الايمان، اللهم عفوك عفوك - رواه الطبرانى في الكبير والأوسط وإسناده حسن (وعن أبى هريرة) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إذا صليتم على الميت فأخلصوا له الدعاء" رواه أبو داود وابن ماجه والبيهقى وابن حبان وصححه (وعنه أيضاً) وقد سئل كيف تصلى على الجنازة؟ فقال أنا لعمر الله أخبرك بزيادة عن سؤالك - اتبعها من أهلها فاذا وضعت كبرت وحمدت الله وصليت على نبيه ثم أقول اللهم إنه عبدك وابن عبدك وابن امتك؛ كان يشهد أن لا غله إلا أنت، وأن محمداً عبدك ورسولك، وأنت أعلم به - اللهم إن كان محسنا فزد في إحسانه، وان كان مسيئا فتجاوز عن سيئاته - اللهم لا تحرمنا أجره ولا تفتنا بعده، رواه الأمام مالك في الموطأ (قال النووى) في شرح المهذب: قال البيهقى والمتولى وآخرون من الأصحاب، التقط الشافعى من مجموع الأحاديث الواردة دعاء ورتبه واستحبه، وهو الذي ذكره في مختصر المزنى وذكره المصنف "يعنى صاحب المهذب" هنا وفي التنبيه وسائر الأصحاب قال يقول* اللهم هذا عبدك وابن عبدك خرج من روح الدنيا وسعتها ومحبوبه وأحباؤه فيها إلى ظلمة القبر. وما هو لاقيه كان يشهد أن لا إله إلا أنت وأن محمدا عبدك ورسولك وأنت أعلم به

.

_ اللهم إنه نزل بك وأنت خير منزول به، وأصبح فقيراً إلى رحمتك وأنت غنى عن عذابه وقد جئناك راغبين اليك شفعاء له - اللهم ان كان محسنا فزد في احسانه وان كان مسيئا فتجاوز عنه ولقه برحمتك الأمن من عذابك حتى تبعثه إلى جنتك يا أرحم الراحمين* قال وقال أبو عبد الله الزهرى من متقدمى أصحابنا في كتابه الكافى وغيره من أصحابنا فان كانت امرأة قال اللهم هذه أمتك ثم ينسق الكلام، ولو ذكرها على ارادة شخص جاز (قال أصحابنا) فان كان الميت صبيا أو صبية اقتصر على حديث اللهم اغفر لحينا وميتنا الخ "يعنى الخ حديث ابى هريرة الثانى من احاديث الباب" وضم اليه اللهم اجعله فرطا لأبويه وسلفا وذخرا وعظمة واعتبارا وشفيعا وثقل به موازينهما وافرغ الصبر على قلوبهما ولا تفتنهما بعده ولا تحرمهما اجره والله اعلم اهـ (قلت) وروى البخارى في صحيحه عن سعيد بن ابى عروبة انه سئل عن الصلاة على لصبى فأخبرهم عن قتادة عن الحسن أنه كان يكبر ثم يقرأ فاتحة الكتاب ثم يقول اللهم اجعله لنا سلفا وفرطا واجرا، وروى نحوه البيهقى من حديث أبى هريرة (وعن الأعمش عن ابراهيم) قال ليس في الصلاة على الميت دعاء مؤقت في الصلاة فادع بما شئت (وعن موسى الجهنى) قال سالت الحكم والشعبي وعطاء ومجاهدا في الصلاة على الميت بشئ مؤقت فقالوا لا إنما أنت شفيع فاشفع بأحسن ما تعلم (وعن عمرو ابن شعيب) عن أبيه عن جده عن ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم لم يقوموا على شئ في أمر الصلاة على الجنازة (روى هذه الآثار الثلاثة) ابن أبى شيبة في مصنفه ومعناها أنه لم يرد عن الشارع توقيف على قراءة أو أدعية مخصوصة لا يصح غيرها، بل لو دعا المصلى بأى لفظ كان أجزأه، ولكن اتباع ما ورد أفضل وأكثر ثوابا والله أعلم. (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الدعاء للميت في صلاة الجنازة بالأدعية الواردة أو بعضها بدون تعيين دعاء مخصوص منها، وقد ذهب إلى مشروعية الدعاء للميت كافة العلماء (قال الشوكانى) انه ينبغى للمصلى على الميت أن يخلص الدعاء له سواء أكان محسنا أم مسيئاً، فان ملابس المعاصى أحوج الناس إلى دعاء اخوانه المسلمين وأفقرهم إلى شفاعتهم، ولذلك قدموه بين أيديهم وجاءوا به اليهم، لا كما قال بعضهم ان المصلى يلعن الفاسق، ويقتصر في المتلبس على قوله "اللهم ان كان محسنا فرد في احسانه، وان كان مسئيا فأنت أولى بالعفو عنه، فان الأول من اخلاص السب لا من اخلاص الدعاء، والثانى من باب التفويض باعتبار المسيء لا من باب الشفاعة والسؤال وهو تحصيل حاصل، والميت غنى عن ذلك (قال) واعلم أنه قد وقع في كتب الفقه ذكر أدعية غير المأثورة عنه صلى الله عليه وسلم والتمسك بالثابت عنه أولى، واختلاف الأحاديث

.

_ في ذلك محمول على أنه صلى الله عليه وسلم كان يدعو لميت بدعاء ولآخر بآخر، والذى أمر به صلى الله عليه وسلم الدعاء (وفي أحاديث الباب أيضا) دليل على أنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم جهر بالدعاء في صلاة الجنازة لما في حديث واثلة بن الأسقع أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على ميت ففهمت من صلاته عليهن اللهم اغفر له الخ" وفي لفظ عند مسلم "فحفظت من دعائه وهو يقول اللهم اغفر له - الحديث" (قال النووى) رحمه الله وفيه استحباب هذا الدعاء، وفيه اشارة إلى الجهر بالدعاء فى صلاة الجنازة، وقد اتفق أصحابنا على أنه ان صلى عليها بالنهار أسرّ بالقراءة، وإن صلى بالليل ففيه وجهان الصحيح الذي عليه الجمهور يسرّ والثانى يجهر، وأما الدعاء فيسرّ له بلا خلاف، وحينئذ يتأول هذا الحديث على أن قوله حفظت من دعائه أي علمنيه بعد الصلاة فحفظته اهـ (قلت) ويحتمل أن يقال إنه صلى الله عليه وسلم جهر بالدعاء في بعض الأحيان لقصد تعليمهم (وفيها أيضا) دليل على استحباب تسمية الميت باسمه واسم ابيع، وهذا ان كان معروفا، وإلا جعل مكان ذلك اللهم ان عبدك هذا أو نحوه، والظاهر أنه يدعو بالألفاظ الواردة في هذه الأحاديث سواء كان الميت ذكرا أو أنثى، ولا يحول الضمائر المذكورة إلى صيغة التأنيث اذا كان الميث أنثى، لأن مرجعها الميت، وهو يقال على الذكر والأنثى (واعلم) أنه لم يرد في أحاديث الباب تعيين مكان الدعاء في صلاة الجنازة إلا ما جاء في حديث عبد الله بن أبى أوفى أنه قام بعد الرابعة قدر ما بين التكبيرتين يدعو، ثم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع في الجنازة هكذا، وتقدم هذا الحديث في باب الرخصة في البكاء من غير نوح صحيفة 131 ورقم 99 من هذا الجزء، وهو لا يدل على اختصاص الدعاء بذلك الموضع، بل له مصلى أن يأتى بهذه الأدعية جملة بعد التكبير أو بعد التكبيرة الأولى أو الثانية أو الثالثة أو يفرقه بين كل تكبيرتين أو يدعو بين كل تكبيرتين بواحد من هذه الأدعية ليكون مؤدياً لجميع ما ورد عنه صلى الله عليه وسلم، وبتفريق الدعاء بين التكبيرات (قالت المالكية - وذهبت الحنفية والشافعية والحنابلة) إلى أن محله بعد التكبيرة الثالثة والرابعة. وسيأتى مستندهم في أحاديث التتمة، والله أعلم. (تتمة فيما ورد في القرآن والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجنازة) إعلم أرشدنى الله وإياك ما وجدت في مسند الأمام أحمد شيئاً ورد في القراءة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجنازة ولا في صحيح مسلم أيضا، وقد وقفت على ما ورد في ذلك في بعض الأصول الأخرى، واليك ما ورد (عن أبى أمامة بن مهل) أنه أخبره رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن السنة في الصلاة

_ أن يكبر الإمام ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سراً في نفسه، ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ويخلص الدعاء للجنازة في التكبيرات لا يقرأ في شئ منهن ثم يسلم سراً في نفسه - رواه الأمام الشافعى في مسنده - وفي اسناده مطرّف، ولكن قد قواه البيهقي بما رواه في المعرفة من طريق عبد الله بن أبى زياد الرصافي عن الزهرى بمعناه؛ وأخرج نحوه الحاكم من وجه آخر، وأخرجه أيضا النسائى وعبد الرازق وإسناده صحيح، وليس فيه قوله "بعد التكبيرة" ولا قوله "ثم يسلم سراً في نفسه" ولكنه أخرج الحاكم نحوها، أفاده الحافظ (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما "أنه صلى على جنازة فقرأ بفاتحة الكتاب وقال لتعلموا أنه من السنة" رواه (خ. د. مذ) وصححه النسائى وقال فيه "فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر، فلما فرغ قال سنة وحق" (وعن أبى أمامة بن سهل) بن حنيف عن عبيد ابن السباَّق قال صلى بنا سهل بن حنيف على جنازة، فلما كبر التكبيرة الأولى قرأ بأم القرآن حتى أسمع من خلفه، ثم تابع تكبيره حتى إذا بقيت تكبيرة واحدة تشهَّد تسهُّد الصلاة ثم كبر وانصرف - رواه البيهقى (وعنه أيضا) أنه قال السنة في الصلاة على الجنازة أن يكبر ثم يقرأ بأم القرآن، ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ثم يخلص الدعاء للميت ولا يقرأ الا في الأولى - رواه عبد الرازق والنسائى، وصحح الحافظ اسناده (وعن أبى هريرة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ على الجنازة أربع مرات "الحمد لله رب العالمين" أورده الحافظ الهيثمى؛ وقال رواه الطبرانى في الأوسط، وفيه ناهض بن القاسم ولم أجد من ترجمة، وبقية رجاله ثقات (الأحكام) الأحاديث الواردة تحت ترجمة "تتمة" الخ تدل على مشروعية قراءة الفاتحة في صلاة الجنازة، والى ذلك ذهب الأئمة (الشافعى وأحمد واسحاق وداود) رحمهم الله؛ وحكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عباس وابن الزبير والمسور بن مخرمة وعبيد بن عمير والحسن بن على، وذهب الأئمة (أبو حنيفة واصحابه وسائر الكوفيين ومالك) إلى عدم القراءة، وحكاه ابن المنذر عن أبى هريرة وابن عمر وابن المسيب وطاوس وعطاء وابن سيرين وابن جبير والشعبى ومجاهد وحماد (واختلف الأولون) هل قراءة الفاتحة واجبة أم لا؟ فذهب إلى الوجوب الأمامان (الشافعى وأحمد) وغيرهما واستدلوا بحديث أم شريك "قالت أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نقرأ على الجنازة بفاتحة الكتاب" رواه ابن ماجة (قال الحافظ) وفي اسناده ضعف يسير اهـ، واستدلوا أيضا بالأحاديث التي تقدمت في كتاب الصلاة في باب وجوب قراءة الفاتحة كحديث "لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب" رواه الأمام أحمد والشيخان والأربعة، وصلاة الجنازة صلاة (وفيها أيضا) مشروعية قراءة سورة مع الفاتحة في صلاة الجنازة لما تقدم في حديث

.

_ ابن عباس أنه قرأ بفاتحة الكتاب وسورة وجهر، فلما فرغ قال سنة وحق، والى استحباب السورة بعد الفاتحة (ذهبت الشافعية) وظاهر حديث ابن عباس استحباب الجهر بالفاتحة والسورة في صلاة الجنازة، وقال بعض أصحاب الشافعى إنه يجهر بالليل كالليلية (قال النووى) اتفق الأصحاب على أنه يسر بغير القراءة من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم والدعاء، واتفقوا على أنه يجهر بالتكبيرات والسلام، واتفقوا أيضاً على أنه يسر بالقراءة نهاراً، وفي الليل وجهان أصحهما أن يسر أيضاً كالدعاء اهـ ج (وذهب الجمهور) إلى انه لا يستحب الجهر في صلاة الجنارة، وتمسكوا بما روى عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه صلى على جنازة بالابواء فكبر ثم قرأ الفاتحة رافعاً صوته، ثم صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال "اللهم هذا عبدك وابن عبديك اصبح فقيرا إلى رحمتك فأنت غنى عن عذابه، إن كان زاكيا فزكه، وإن كان مخطئا فاغفر له" اللهم لا تحرمنا أجره ولا تضلنا بعده، ثم كبر ثلاث تكبيرات، ثم انصرف فقال ايها الناس انى لم أقرأ عليها أي جهراً إلا لتعلموا أنه سنة - رواه الحاكم وفي اسناده شرحبيل بن سعد (قال الحافظ) واختلفوا في توثيقه اهـ. وفي قول ابن عباس رضي الله عنهما في هذا الحديث "لم أقرأ أي جهراً إلا لتعلموا أنه سنة" (يْعنى ما قرأت جهراً إلا لتعلموا أن القراءة سنة) دليل على أن السنة في القراءة السرار، وقد تمسك به الجمهور وبما في حديث أبى أمامة الأول من أحاديث التتمة "ثم يقرأ بفاتحة الكتاب بعد التكبيرة الأولى سراً في نفسه" (وفيها أيضا) دليل على مشروعية الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الجنازة، وبه قال الأئمة الأربعة وجمهور العلماء واختاروا أن تكون عقب التكبيرة الثانية الا المالكية فقد اختاروا أن يحمد الله عز وجل عقب التكبيرة الأولى، ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم يدعو ثم يكبر الثانية، ثم يدعوا وهكذا يكرر الدعاء عقب التكبيرتين الباقيتين، ثم يسلم (وفيها أيضاً) دليل على مشروعية السلام، وحكى النووى الأجماع على ذلك، وذكر اختلاف الائمة في عدده وهل يسر به أو يجهر، وذكر أيضا اختلافهم في رفع اليدين عند التكبيرات، وتقدم ذلك في آخر أحكام الباب السابق فارجع اليه ان شئت (فائدة) قال النووى في المجموع مذهب الشافعى في المسبوق الذي فاته بعض التكبير أنه يلزمه تدارك باقى التكبيرات بعد سلام الأمام، وحكاه ابن المنذر عن ابن المسيب وعطاء وابن سيرين وبه أقول، قال وروينا عن ابن عمر أنه لا يقضيه، وبه قال الحسن البصرى وايوب والأوزاعى، وحكاه العبدرى عن ربيعة، قال وهو اصح الروايتين عند احمد رحمه الله (واما المسبوق) الذي ادرك بعض صلاة الأمام فمذهب الشافعى انه يكبر في الحال

(11) باب موقف المصلي من الرجل والمرأة إذا كان اماماً أو منفرداً - وكيف يفعل إذا اجتمعت أنواع من الجنائز (193) عن أبى غالب عن أنس بن مالك رضى الله عنه أنَّه أتى بجناز رجل فقام عند رأس السرير ثمَّ أتى بجنازة أمرأة، فقام أسفل من ذلك حذاء السَّرير فلمَّا صلَّى قال له الملأ بن زياد يا أبا حمزة أهكذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم من الرَّجل والمرأة نحواً ممَّا رأيتك فعلت؟

_ ولا ينتظر تكبيرة الأمام المستقبلة، وبه قال الأوزاعى وابو يوسف، وهو الصحيح عن احمد ورواية عن مالك، وبه قال ابن المنذر (وقال أبو حنيفة) ينتظر حتى يكبر للمستقبلة فيكبرها معه؛ وحكاه ابن المنذر عن الحارث بن يزيد ومالك والثورى وأبى حنيفة ومحمد بن الحسن واسحاق اهـ. (193) عن ابى غالب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا وكيع حدثنى همام عن غالب هكذا قال وكيع "غالب" وإنما هو أبو غالب عن انس - الحديث" (غريبه) (1) هو الباهلى مولاهم اسمه نافع او رافع البصرى الخياط، روى عن أنس بن مالك والعلاء بن زياد العدوى وعنه همام بن يحيى وخلف، وثقه ابن معين وأبو حاتم وموسى بن هارون الحمال، وذكره ابن حبان في الثقات وقال لا يعجبنى الاحتجاج بخبره إذا انفرد، روى له البخارى في الأدب والأربعة (2) لفظ أبى داود "فمرت جنازة معها ناس كثير قالوا جنازة عبد الله بن عمير" فبينت الرجل المبهم هنا بأن اسمه عبد الله ابن عمير بالتصغير، قيل هو أبو محمد مولى أم الفضل والدة عبد الله بن عباس أو مولى ابنها عبد الله بن عباس، وكانت هذه الجنازة بالبصرة لأن أنس بن مالك رضي الله عنه كان اذ ذاك مقيما بها (3) يعنى الخشبة التي يحمل عليها الميت، والمراد رأس الميت كما جاء مصرحا به في رواية أبى داود قال "فقام عند رأسه" (4) رواية أبى داود فقام عند عجيزتها فصلى عليها نحو صلاته على الرجل (5) هو العلاء بن زياد بن مطر البصرى أرسل عن معاذ، وروى عن أبى هريرة والحسن؛ وعنه قتادة ومطر الوراق ذكره ابن حبان في الثقات، وكان من علماء البصرة وقرائهم، مات سنة أربع وتسعين "وقوله يا ابا حمزة" هي كنية انس ابن مالك رضي الله عنه (6) إنما قال ذلك ياد لماَّ رأى اختلاف قيام أنس على الرجل

قال نعم، قال فأقبل علينا العلاء بن زياد فقال احفظوا (194) عن سمرة ثن جندب رضى الله عنه أنَّ النَّبىَّ صلَّى الله عليه وسلم صلَّى على أم فلان (وفى رواية أمِّ كعب) ماتت فى نفاسها فقام وسطها (195) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال مات أبن لابى طلحة فصلَّى عليه النَّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فقام أبو طلحة خلف النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم وأمُّ سليم خلف أبى طلحة كأنَّهم عرف ديك وأشار بيده

_ والمرأة حيث قام على الرجل عند رأسه وعلى المرأة عند وسطها (1) أي تعلَّموا هذا الحكم واعرفوه ولا تنسوه (تخريجه) أخرجه أبو داود والبيهقى مطولا وأخرجه (جه. ش. طح. مذ) مختصرا وحسنه الترمذى. (194) عن سمرة بن جندب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد ابن هارون أنا حسين يعنى المعلم عن عبد الله بن بريدة عن سمرة بن جندب - الحديث" (غريبه) (2) ى الأنصارية كما في رواية لأبى نعيم، وفي رواية لمسلم ذكر اسمها بدون نسبة كما هنا (3) بسكون السين وفتحها؛ وفي رواية لأبى داود من حديث أنس "فقام عند عجيزتها" ولا منافاة بين الحديثين، لأن العجيزة يقال لها وسط وعجز الشئ مؤخره (تخريجه) (ق. والأربعة. ش. هق). (195) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حماد ابن خالد ثنا عبد الله يعنى العمرى قال سمعت أم يحيى قالت سمعت أنس بن مالك يقول مات ابن لأبى طلحة - الحديث" (غريبه) (4) اسم أبى طلحة زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصارى النجارى، مشهور بكنيته - من كبار الصحابة شهد بدراً وما بعدها مات سنة أربع وثلاثين، وقال أبو زرعة الدمشقى عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم أربعين سنة، افاده الحافظ في التقريب (قلت) وهو زوج أم سليم والدة أنس بن مالك رضي الله عنهم (5) يعنى يتبع بعضهم بعضا، والظاهر أنهم كانوا كذلك ليكونوا ثلاثة صفوف كما هي السنة في الصلاة عن الجنازة، أما سنة الصلاة في غير الجنازة اذا كانوا ثلاثة فيهم امرأة يؤمهم واحد منهم ثم يقف الثانى على يمين الأمام، والمرأة خلفهما كما تقدم في صلاة الجماعة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه أم يحيى ولم اجد من ترجمها

.

_ (قلت) وله شاهد من حديث عبد الله بن ابى طلحة أن ابا طلحة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمير بن أبى طلحة حين توفى فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه في منزله، فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أبو طلحة ورواءه وأم سليم وراء أبى طلحة ولم يكن معهم غيرهم، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى في الكبير ورجاله رجال الصحيح (وفي الباب) عن عمار مولى الحارث بن نوفل قال حضرت جنازة صبى وامرأة فقدم الصبى مما يلى القوم ووضعت المرأة وراءه فصلى عليها، وفي القوم أبو سعيد الخدرى وابن عباس وابو قتادة وأبو هريرة فسالتهم عن ذلك فقالوا السنة، رواه النسائى وأبو داود - وسكت عنه أبو داود والمنذرى ورجال غسناده ثقات، وصححه النووى، وأخرجه أيضاً البيهقى "وقال وفي القوم الحسن والحسين وابن عمر وأبو هريرة ونحو عن ثمانين نفسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم" وفي رواية للبيهقى أن الأمام في هذه القصة ابن عمر (وعن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما أنه صلى على تسع جنائز جميعاً فجعل الرجال يلون الأمام وجعل النساء يلين القبلة، فصفهن صفا واحدا ووضعت جنازة أم كلثوم بنت على امرأة عمر بن الخطاب وابن لها يقال له زيد وصفا جميعا والأمام يومئذ سعيد بن العاص، وفي الناس ابن عمر وأبو هريرة وأبو سعيد وابو قتادة، فوضع الغلام مما يلى الأمام، فقال رجل فأنكرت ذلك فنظرت إلى ابن عباس وابى هريرة وأبى سعيد وابى قتادة، فقلت ما هذا؟ قالوا هي السنة - رواه النسائى وهذا لفظه والبيهقى والدارقطنى وابن الجارود في المنتقى (قال الحافظ) واسناده صحيح (قلت) يستفاد من أول الحديث أن الذي صلى إمام هو ابن عمر؛ لكن يعارضه قوله بعد ذلك، والأمام يومئذ سعيد بن العاصِ، وقد جمع بينهما الحافظ فقال يحتمل قوله والأمام يومئذ سعيد بن العاص (يعنى الأمير) لا أنه كان إماما في الصلاة؛ أو يحمل على أن نسبة ذلك إلى ابن عمر لكونه اشار بترتيب وضع تلك الجنائز اهـ (قلت) والثانى أظهر لأمرين (أحدهما) أن الأمامة كانت من شان الأمراء (الثانى) أنه جاء في بعض الروايات فصلى عليهما أمير المدينة وستأتى (وعن عمار مولى الحارث بن نوفل) أن أم كلثوم بنت على وابنها زيد بن عمر أخرجت جنازتاهما فصلى عليهما أمير المدينة فجعل المرأة بين يدى الرجل واصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ كثير وثمَّت الحسن والحسين؛ رواه ابن أبى شيبة في مصنفه وسعيد بن منصور في سننه (وعن الشعبى) أن أم كلثوم بنت على وابنها زيد بن عمر توفيا جميعا فأخرجت جنازتاهما فصلى عليهما أمير المدينة فسوّى بين رءوسهما وأرجلهما حين صلى عليهما، رواه أيضا سعيد ابن منصور في سننه (وعن عمرو بن مهاجر) قال صليت مع واثلة بن السقع على ستين جنازة من الطاعون رجال ونساء، فجعلهم صفين. صف النساء بين أيدى الرجال، رأس سرير

.

_ المرأة عند رجلي صاحبتها، ورأس الرجل عند رجلى سرير صاحبه (وعن عبد الله بن مغفل) رضي الله عنه أنه صلى على الرجال على حدة وعلى المرأة على حدة، ثم اقبل على القوم فقال هذا الذي لاشك فيه (وعن ابن سيرين) أنه قال في جنائز الرجال والنساء قال نبئت أن ابا الأسود لما اختلفوا عليه صلى على هؤلاء ضربة وعلى هؤلاء ضربة رواهما ابن أبى شيبة في مصنفه (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية وقوف المصلى على الجنازة إماما أو منفردا حذاء رأس الرجل ووسط المرأة، وحمله العلماء على أنه سنة، فان وقف في غير هذا الموضع خالف السنة وصحت صلاته، وبد قال الأئمة (الشافعي وأحمد واسحاق وأبو يوسف ومحمد) وقال الخرقى من الحنابلة: يقوم عند صدر الرجل وهو قريب من القول الأول لقرب أحدهما من الآخر، فالواقف عند أحدهما واقف عند الآخر (وقال الأمام أبو حنيفة) يقوم عند صدر الرجل والمرأة لأنهما سواء، فاذا وقف عند صدر الرجل فكذلك المرأة (وفي رواية لأبى حنيفة وأبى يوسف) يقف من الرجل عند رأسه ومن المرأة عند وسطها، واختاره الطحاوى قائلا وهذا أحب الينا فقد قوَّت الآثار التي قد رويناها عن النبي صلى الله عليه وسلم "يعنى أحاديث الباب" (وقال الأمام مالك) يقف عند وسط الرجل، لأن ذلك يروى عن ابن مسعود، ويقف عند منكب المرأة، لأن الوقوف عند أعاليها أمثل وأسلم (قلت) وما ذهب إليه الأولون هو الأقوى دليلا والله تعالى أعلم (وفي أحاديث الباب أيضا) إذا لم يصل على الجنازة إلا إمام ورجل وامرأة استحب لهم أن يكون الرجل وراء الأمام والمرأة وراء الرجل ليكونوا ثلاثة صفوف كما هي السنة في صلاة الجنازة (وفي الأحاديث التي زدناها في الشرح) دليل على أن السنة إذا اجتمعت جنائز أن يصلى عليها صلاة واحدة (وفيها أيضاً) أن الصبى اذا صلى عليه مع امرأة كان الصبى مما يلى الأمام والمرأة مما يلى القبلة، وكذلك إذا اجتمع رجل وامرأة، فان كانوا رجالا ونساء جعلهم صفين، صف الرجال مما يلى الأمام، وصف النساء مما يلى القبلة، رأس كل واحد عند رجلى الآخر، وسواء في ذلك الرجال والنساء، وبذلك قال جمهور العلماء (وفيها أيضاً) دليل على أن الأولى بالتقدم للصلاة على الجنازة ذو الولاية أو نائبه، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم لا يُؤم الرجل في سلطانه، وقد تقدم في أبواب صلاة الجماعة (قال الشوكانى) ووقع الخلاف اذا اجتمع الامام والولى أيهما أولى؟ فعند أكثر العترة وابى حنيفة واصحابه أن الامام وَوالِيه أولى، وعند (الشافعى والمؤيد بالله والناصر) في رواية عنه أن الولى اهـ. والله سبحانه وتعالى أعلم.

(12) باب الصلاة على الجنازة فى المسجد (196) عن عبَّاد بن عبد الله بن الزُّبير عن عائشة رضى الله عنها قال لمَّا توفِّى سعد بن أبى وقَّاص رضى الله عنه واتى بجنازته أمرت به عائشة أن يمرَّ به عليها فشقَّ به فى المسجد فدعت له فأنكر ذلك عليها فقالت ما أسرع النَّاس إلى القول ما صلَّى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابن بيضاء إلاَّ فى المسجد (ومن طريق ثان) عن عبد الرَّحمن بن عبد الله بن الزُّبير عن عائة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنها أرسلت هى وأزواج النبى صلى الله عليه وسلم إلى أهل سعد بن أبى وقَّاص أن مرُّوا به علينا فى المسجد، فصلَّى عليه أزواج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم.

_ (196) عن عباد بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس ثنا فليح عن صالح بن عجلان عن عباد بن عبد الله - الحديث (غريبه) (1) أي أدخل في وسط المسجد كأنه شقه نصفين (2) أي صلت عليه صلاة الجنازة، فالمراد بالدعاء هنا الصلاة لاشتمالها عليه بل هو لبّها، ويؤيد ذلك ما جاء في رواية لمسلم "ادخلوا به المسجد حتى أصلى عليه (3) أي فأنكر الناس ذلك عليها كما صرح به في رواية مسلم وكذا في الطريق الثانية من هذا الحديث أيضاً، والظاهر أن الذين أنكروا ذلك لم يبلغهم أن النبي صلى الله عليه وسلم على ابن البيضاء في المسجد، فلما أخبرتهم بذلك سلموا لها (4) في رواية لمسلم "فقالت ما أسرع الناس أن يعيبوا ما لا علم لهم به" وهذا يؤيد ما قلنا من أن الذين أنكروا ذلك لم يبلغهم الخ، ومن علم حجة على من لم يعلم (5) هكذا رواية الأمام أحمد (ابن) بالأفراد ومثلها في رواية لمسلم، وله في أخرى "والله لقد صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ابنى بيضاء في المسجد سهيل وأخيه، ففى هذه الرواية ابنى بالتثنية (قال النووى) قال العلماء بنو بيضاء ثلاثة اخوة، سهل وسهيل وصفوان؛ وأمهم البيضاء اسمها دعد، والبيضاء وصف، وأبوهم وهب بن ربيعة القرشي الفهري، وكان سهيل قديم الأسلام هاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة وشهد بدراً وغيرها، توفى سنة تسع من الهجرة رضي الله عنه اهـ (6) (سنده) حدّنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق قال أنا ابن جريج قال أخبرنى موسى بن عقبة عن عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير عن عبد الرحمن

فأنكر ذلك النَّاس فذكر ذلك لعائشة رضي الله عنها، فقالت ألا تعجبون من النَّاس حين ينكرون هذا؟ فوالله ما صلَّى رسول الله صلّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم على سهل بن ببضاء إلاَّ في المسجد. (197) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلَّى على جنازة في المسجد فليس له شيء.

_ ابن عبد الله بن الزبير - الحديث" (1) في روايات مسلم سهيل بالتصغير فلعل الذين صُلى عليهما في المسجد هما سهل وسهيل، فأخبر الراوى مرة بسهل ومرة بسهيل، أو تكون كلمة سهل أصلها سهيل وحرفت من الناسخ، لأنها في غير المسند سهيل بالتصغير، والله أعلم (تخريجه) (م. هق. ش. والأربعة). (197) عن ابى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع قال ثنا ابن ابى ذئب عن صالح مولى التوأمة (*) عن أبى هريرة - الحديث" (غريبه) (2) اللاظهر أن معناه فليس له شئ من الثواب، وعلى هذا فهو ينافى حديث عائشة، وتأوله بعض العلماء على أن له بمعنى على، كقوله تعالى - وإن أسأتم فلها - يعنى فعليها، ولا منافاة على هذا التأويل، وسيأتى الكلام على تحقيق ذلك في الأحكام (تخريجه) (د. جه. هق. ش) ولفظ ابن ماجه كلفظ حديث الباب، ولفظ ابى داود والبيهقى "فلا شئ له" ولفظ ابن أبى شيبة "فلا صلاة له" وفي كل طرقه صالح مولى التوأمة اختلط في آخر عمره (قال في الخلاصة) قال ابن معين ثقة حجة سمع منه ابن أبى ذئب قبل أن يخرف، ومن سمع منه قبل أن يختلط فهو ثبت (قال ابن عدى) لا بأس برواية القدماء عنه اهـ (وفي الباب) عن هشام بن عروة عن أبيه قال ما صُلى على أبى بكر إلا في المسجد (وعن المطلب) ابن عبد الله بن حنطب قال صُلى على أبى بكر وعمر تجاه المنبر (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما أن عمر صُلى عليه في المسجد (وعن محمد بن عمرو) حدّثنا أشياخنا أن عمر صُلى عليه عند المنبر فجعل الناس يصلون عليه أفواجا (وعن سعيد) بن سمعان عن كثير بن عباس قال لأعرفن ما صليت على جنازة في المسجد، روى هذه الآبار ابن أبى شيبة في مصنفه، وأثر ابن عمر أخرجه أيضاً مالك وسعيد بن منصور في سننه، وأثر عروة أخرجه أيضا سعيد بن منصور

_ (الأحكام) حديث عائشة يدل على جواز الصلاة على الميت في المسجد وبه قالت الأئمة (الشافعى وأحمد واسحاق والجمهور) قال ابن عبد البر، ورواه المدنيون في الموطأ عن مالك، وبه قال ابن حبيب المالكي؛ وذهب الأمامان (أبو حنيفة ومالك) في المشهور عنه وابن أبى ذئب وكل من قال بنجاسة الميت إلى كراهة ذلك في المسجد، وأجابوا عن حديث عائشة بأنه محمول على أن الصلاة على ابنى بيضاء كانت وهُما خارج المسجد والمصلون داخله وذلك جائز، وردّ بأن حديث عائشة فيه التصريح بدخول الجنازة المسجد، ففى رواية مسلم والبيهقى "ما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سهيل بن بيضاء الا في جوف المسجد" ورواية الأمام أحمد أعنى حديث الباب (فشق به المسجد) وأجابوا أيضا بأن الأمر استقر على ترك ذلك، لأن الذين أنكروا على عائشة كانوا من الصحابة، وردّ بأن عائشة لماَّا أنكرت ذلك الأنكار سلّموا لها فدل على أنها حفظت ما نسوه وأن الأمر استقر على الجواز، ويؤيد ذلك الصلاة على أبى بكر وعمر رضي الله عنهما في المسجد كما تقدم في الآثار التي ذكرناها قبل الأحكام، ومنهم من علَّل كراهة الصلاة على الميت في المسجد بنجاسة الميت، وهذا التعليل باطل لقوله صلى الله عليه وسلم "المؤمن لا ينجس حيا ولا ميتا" رواه الأمام الشافعى في مسنده والبخارى تعليقا من حديث ابن عباس، وانهض ما استدلوا به على الكراهة (حديث أبى هريرة) الثانى من أحاديث الباب (قال النووى) وأجابوا عنه "يعنى الجمهور" بأجوبة (أحدها) أنه ضعيف لا يصح الاحتجاج به (الثانى) أن الذي في النسخ المشهورة المحققة المسموعة من سنن أبى داود "من صلى على جنازة في المسجد فلا شئ عليه" فلا حجة لهم حينئذ (الثالث) أنه لو ثبت الحديث وثبت أنه "فلا شئ له" لوجب تأويله بأن له (بمعنى عليه) ليجمع بين الروايتين، قال وقد جاء له - بمعنى عليه كقوله تعالى} وإن أسأتم فلها {(الرابع أنه محمول على نقص الأجر في حق من صلى في المسجد ورجع ولم يشيعها إلى المقبرة لما فاته من تشييعه إلى المقبرة وحضور دفنه اهـ (قلت) أما قولهم إن الحديث ضعيف لا يحتج به فغير مسلَّم، لأنهم ضعفوه بسبب اختلاط راويه صالح مولى التوأمة في آخر عمره، وتقدم أن ابن معين قال في صالح إنه ثبت حجة سمع منه ابن أبى ذئب قبل أن يخرّف، ومن سمع منه قبل أن يختلط فهو ثبت اهـ وقيل أيضا لابن معين إن مالكا تركه، فقال إن مالكا أدركه بعد أن خرّف، والثورى إنما أدركه بعد أن خرّف فسمع منه، لكن ابن أبى ذئب سمع منه قبل أن يخرّف، وقال على بن المدينى هو ثقة الا أنه خرّف وكبر فسمع منه الثورى بعد أن خرّف، وسماع ابن أبى ذئب منه قبل ذلك اهـ. وحينئذ فالحديث صحيح، وأحسن الأجوبة هو تأويل قوله في الحديث (فلا شئ له) بمعنى

(فلا شيء عليه) أي فلا وزر، ويؤيده ما حكاه النووى من أن الذي في النسخ المشهورة المحققة المسموعة من سنن أبى داود (فلا شئ عليه) والظاهر من الأدلة أن الصلاة على الجنائز في المسجد كانت قليلة غير مشهورة، وهذا لا ينافى جوازها فيه وان كان الأفضل كونها في غيره (قال العلامة) ابن رشد رحمه الله في بداية المجتهد انكار الصحابة على عائشة يدل على اشتهار العمل بخلاف ذلك عندهم "يعنى بخلاف الصلاة على الجنائز في المسجد" قال ويشهد له بروزه صلى الله عليه وسلم للمصلى لصلاته على النجاش اهـ (وقال الحافظ ابن القيم) في الهدى ولم يكن من هديه صلى الله عليه وسلم الراتب الصلاة عليه "يعنى على الميت" في المسجد، وإنما كان يصلى على الجنازة خارج المسجد، وربما كان يصلى أحياناً على الميت في المسجد كما صلى على سهيل بن بيضاء وأخيه في المسجد، ولكن لم يكن ذلك سنته وعادته، وأن سنته وهديه الصلاة على الجنازة خارج المسجد الا لعذر، وكلا الأمرين جائز، والأفضل الصلاة عليها خارج المسجد؛ والله أعلم اهـ. اللهم أحينا على سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم وهديه وتوفنا على ملته، واحشرنا في زمرته مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين؛ وحسن أولئك رفيقا

_ إلى هنا قد انتهى الجزء السابع

رموز واصطلاحات خاصة بالشرح بسم الله الرحمن الرحيم (أبواب حمل الجنازة والسير وما يتعلّق بذلك) (1) باب ما جاء في حمل الجنازة والإسراع بها من غير رمل: (198) عَنْ سَعيدِ بِنْ أَبِي سَعيد الخدْري عَنْ أبيه رَضِي الله عنهُ قال: قال

_ (198) عن سعيد بن أبي سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا يونس وحجاج قالا ثنا ليث قال حدّثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه - الحديث " ======= (رموز واصطلاحات تختص بالشرح) (خ) للبخاري في صحيحه (م) لمسلم (ق) لهما (د) لأبي داود (مذ) للترمذي (نس) للنسائي (جه) لابن ماجه (الأربعة) لأصحاب السنن الأربعة، أبي داود والترمذي. والنسائي. وابن ماجه (ك) للحاكم في المستدرك (حب) لابن خبَّان في صحيحه (خز) لابن خزيمة في صحيحه (بز) للبزار في مسنده (طب) للطبراني في معجمه الكبير (طس) له في الأوسط (طص) له في الصغير (ص) لسعيد بن منصور في سننه (ش) لابن أبي شيبة في مصنفه (عب) لعبد الرزاق في الجامع (عل) لأبي يعلي في مسنده (قط) للدار قطني في سننه (حل) لأبي نعيم في الحلية (هق) للبيهقي في السنن الكبرى (لك) للإمام مالك في الموطأ (فع) للإمام الشافعي، فإن اتفقا على إخراج حديث قلت أخرجه الإمامان (مي) للدارمي في مسنده (طح) للطحاوي في معاني الآثار، وهؤلاء هم أصحاب الأصول والتخريج رحمهم الله، أمّا الشراح وأصحاب كتب الرّجال والغريب ونحوهم فإليك ايختص بهم (طرح) للحافظ أبي زرعة بن الحافظ العراقي في كتابه طرح التثريب (نه) للحافظ ابن الأثير في كتابه النهاية (خلاصة) للحافظ الخزرجي في كتابه خلاصة تذهيب الكمال في أسماء الرجال، ثم إذا قلت قال الحافظ وأطلقت فمرادي به الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح البخاري، فإن كان في غيره بيَّنْتَهُ (وإذا قلت) قال النووي فالمراد به في شرح مسلم، فإن كان في المجموع (*)

رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلَّم إذا وُضِعَتِ الجنَازةُ (1) واحْتَمَلَهَا الرِّجَالُ عَلَى أَعْنَاقِهِمْ، فَإنْ

_ (غريبه) (1) المراد بالجنازة هنا الميت وبوضعه جعله في السرير، وقد جاء مصرحاً بذلك في حديث أبي هريرة الآتي بلفظ ((إذا وضع الرجل الصالح في سريره قال قدِّموني قدِّموني إلخ)) وظاهره أن قائل ذلك هو الجسد الحمول على الأعْنَاقِ، وقال ابن بطال: إنما يقول ذلك الروح، وردَّه ابن المنير بأنه لا مانع أن يردّ الله الروح إلى الجسد في تلك الحال ليكون ذلك زيادة في بشرى المؤمن وبؤس الكافر، وكذا قال غيره وزاد ويكون ذلك مجازاً باعتبار ما يؤول إليه الحال بعد إدخال القبر وسؤال الملكين (قال الحافظ) وهو بعيد ولا حاجة إلى دعوى إعادة الروح إلى الجسد قبل الدفن لأنه يحتاج إلى دليل، فمن الجائز ====================== (*) فالرمز له (ج) وإذا قلت قال المندري فالمراد به الحافظ زكي الدين عبد العظيم بن عبد القوي المنذري في كتابه الترغيب والترهيب (وإذا قلت) قال الهيثمي فالمراد به الحافظ علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي في كتابه مجمع الزّوائد (وإذا قلت) قال في التنقيح فالمراد به المحدث الشهير أبو الوزير أحمد حسن في كتابه تنقيح الرواة في تخريج أحاديث المشكاة (وإذا قلت) قال في المنتقى: فالمراد به الحافظ مجد الدين عبد السلام المعروف بابن تيمية الكبير المتوفي سنة 621 جد ابن تيمية المشهور شيخ بن القيم (وإذا قلت) قال الشوكاني فالمراد به المحدث الشهير محمد بن علي بن محمد الشوكان في كتابه نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، فإن نقلت عن غير هؤلاء ذكرت أسماءهم وأسماء كتبهم رحمة الله عليهم أجمعين. (تنبيه) يجد القارئ بالاستقراء من أول الكتاب إلى نهاية الجزء السابع أني أورد في الشرح في آخر كل باب قبل الأحكام ما يتيسر لي من الأحاديث الزائدة على ما أخرجه الإمام احمد في الباب سواء أكانت في الصحاح أو السنن أو المعاجم أو الجوامع أو المسانيد، وسواء كانت صحيحة أو حسنة أو ضعيفة ضعفاً يقوى بغيرها من طرق أخرى وهذا الأخير لا أذكره إلا نادراً، مُعْرِضاً عن ذكر الأحاديث الشديدة الضعف لأنها لا يعمل بها ولا فائدة في ذكرها قاصداً بذلك أن يكون (كتابي هذا أجمع كتاب) في علم السنة لا يحتاج مقتنيه إلى غيره، ولما كانت هذه الأحاديث الزائدة تزداد في كل جزء عن سابقه بحسب زيادة المواد التي لم تكن موجودة قبل ذلك وكان لها ارتباط بالأحكام وتكثر الإشارة إليها في الشرح رأيت أن أترجم لها بعنوان (زوائد الباب) وتكون الإشارة إليها بلفظ الزوائد (فإذا قلت) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على كذا أو حديث عمر مثلاً الذي في الزوائد يدل على كذا، فمرادي بلفظ الزوائد ما زدته في الشرح من الأحاديث التي تناسب الباب لغير الإمام أحمد، فتنبه والله الهادي.

كانت صالحةً قالتْ قدِّموني (1) وإِنْ كانتْ غَيْرَ صَالحةٍ قَالَتْ يا وَيْلَهَا (2) أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِها يَسْمَعُ صَوْتَهَا كلُّ شَيء إلاَّ الإنسانَ، وَلَوْ سَمِعَهَا الإنْسانُ لَصُعِقَ (3) (199) عن عطاءٍ قال حَضَرْنَا مَعَ ابْنِ عَبَّاسٍ جَنَازَةَ مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبيَّ صلَّى الله عَلَيه وَعَلَى آله وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ بِسَرِفَ (4) قال فقال ابن عبَّاس هَذِهِ مَيْمُونَةُ

_ أن يحدث الله النطق في الميت إذا شاء، قال وكلام ابن بطال فيما يظهر لي أصوب؛ وقال ابن بزيزة قوله في آخر الحديث يسمع صوتها كل شيء دال على أن ذلك بلسان القال لا بلسان الحال اهـ (1) إنّما تقول قدِّموني استعجالاً للخير الذي أمامها مما أعدَّه الله لها من الثواب العظيم والنعيم المقيم (2) هو دعاء بالويل يدعو به كل من وقع في الهلكة ومعاناه يا حزني وأضاف الويل إلى ضمير الغائب حملاً على المعنى كراهية أن يضيف الويل إلى نفسه أو كأنّه لما أبصر نفسه غير صالحة نفر عنها وجعلها كأنّها غيره، ويؤيد الأول ما في حديث أبي هريرة الآتي من قوله: (يا ويله أين تذهبون بي) فدلّ على أنَّ ذلك من تصرّف الرّواة. (3) أي لغشي عليه أو مات من شدة ما يسمعه، والضَّمير في يسمعه راجع إلى دعائه بالويل أي يصيح بصوت منكر لو سمعه الإنسان لغشي عليه، قال ابن بزيزة هو مختص بالميت الذي هو غير صالح، وأما الصالح فمن شأنه اللطف والرفق في كلامه فلا يناسب الصّعق من سماع كلامه اهـ (قال الحافظ) ويحتمل أن يحصل الصعق من سماع كلام الصالح لكونه غير مألوف، وقد روى أبو القاسم بن منده هذا الحديث في كتاب الأهوال بلفظ لو سمعه الإنسان لصعق من المحسن والمسيء، فإن كان المراد به المفعول دل على وجود الصعق عند سماع كلام الصالح أيضاً، وقد استشكل هذا مع ما ورد في حديث السؤال في القبر فيضربه ضربة فيصيح صيحة يسمعه كل شيء إلاّ الثقلين، والجامع بينهما كلام الميت والصيحة، والأول استثنى في الأنس فقط، والثاني استثنى فيه الجن والإنس، والجواب أن كلام الميت بما ذكر لا يقتضي وجود الصّعق وهو الفزع إلاّ من الآدمي لكونه لم يألف سماع كلام الميت بخلاف الجن في ذلك. وأما الصيحة التي يصيحها المضروب فإنها غير مألوفة للإنس والجن جميعاً لكون سببها عذب الله، ولا شيء أشد منه على كل مكلّف، فاشترك فيه الجن والإنس والله أعلم اهـ تخريجه (خ. نس. هق. وابن منده). (199) ((عن عطاء (سنده) حدَّثَنا عبد الله حدَّثَني أبي ثنا جعفر بن عون ثنا ابن جريج عن عطاء - الحديث)) (غريبه) (4) بفتح السين وكسر الراء وبالفاء

إِذَا رَفَعْتُمْ نَعْشَها فَلاَ تزَعْزِعُوهَا وَلاَ تزَلْزِلوهَا (1) (2002) عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودِ رَضِيَ اللهُ عَنْه قَالَ سَألْنَا نَبيَّنا صلى الله عليه وسلّم عَنِ السَّيْرِ بِالْجَنَازَةِ فَقَالَ السَّيْرُ مَا دُونَ الخَبَبِ (2) فإنْ يكُ خيْراً تَعْجَلْ إلَيْهِ أَوْ قَالَ

_ ممنوع من الصرف، وهو اسم مكان بقرب مكة، بينه وبينها ستة أميال؛ وقيل سبعة، وقيل تسعة، وقيل اثنا عشر، ومن غريب الصدف أن هذا المكان هو الذي تزوّج النبي صلى الله عليه وسلّم ميمونة به وبنى بها فيه عند رجوعه من مكة من عمرة القضاء، والدليل على ذلك ما رواه الإمام أحمد بسنده وسيأتي في عمرة القضاء عن يزيد بن الأصم عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ((أ، رسول الله صلى الله عليه وسلّم تزوّجها حلالاً وبنى بها حلالاً وماتت بسرف فدفنها (يعني ابن عباس) في الظلة التي بنى بها فيها، فنزلنا في قبرها أنا وابن عباس)) وإنما تولى دفنها ابن عباس رضي الله عنهما لأنها خالته، وهي التي كان يبيت عندها في بعض الليالي كما تقدَّم في أبواب صلاة الليل. (1) الزعزعة كل حركة شديدة، والزلزلة كذلك، والمعنى ارفعوا نعشها بتؤدة وسكينة ولا تحركوها تحريكاً شديداً فإن ذلك ينافي كرامة الميت، وليس هذا آخر الحديث وقد ذكرت هذا الجزء منه هنا لمناسبة الترجمة وبقيته ((فإن رسول الله صلى الله عليه وسلَّم كان عنده تسع نسوة وكان يقسم لثمان؛ وواحدة لم يكن ليقسم لها (قال عطاء) التي لم يكن يقسم لها صفية وسيأتي هذا الحديث كاملاً مستوفي الشرح في باب القسم بين الزوجات في آخر كتاب النكاح إن شاء الله تعالى، وتحقيق أن التي لم يكن يقسم لها هي سودة لا صفية كما وَهَمَ عطاء (تخريجه) (م. وغيره) (200) عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدّثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا أبو كامل ثنا زهير عن يحي الجابر أبو الحارث التيمي أن أبا ماجد رجل من بني حنيفة حدّثه قال: قال عبد الله بن مسعود سألنا ... إلخ (غريبه) (2) بفتح أوله وثانيه، هو ضرب من العدْوِ كذا في النهاية، ومعناه الجري، والمراد هنا أن يكون السير بالجنازة أٍرع من المشي المعتاد ودون الجري لأن الجري ينشأ عنه اهتزاز الميت وربما تسبب عنه خروج شيء من الميت ينجسه، ولأنه يقلق الميت ويَذْهَبْ بكرامته وبالخشوع والاتعاظ المقصودين من تشييع الجنازة، وفي الإبطاء في السير بالجنازة تعطيل للمشيعين وتأخير للميت عن الدَّفن، والسنة تعجيله سواء أكان صالحاً أم طالحاً، فإن كان الأول فقد عجل به إلى ما أعدَّه الله له من الخير والكرامة، وإن كان الثاني فشر وضعوه عن أعناقهم، وهذا معنى قوله في

تُعَجَّل إليهِ (1) وإن يَكُ سِوَى ذَاكَ فَبُعْداً (2) لأَهْلِ النَّارِ، الجَنَازَةُ مَتْبُوعَةٌ (3) وَلاَ تَتْبَعُ، لَيْسَ مِنَّا مَنْ تَقَدَّمَهَا (4). (201) عَنْ عَبْدِ الرَّحمَنِ بن مِهْرَانَ أنَّ أبا هُرَيْرَةَ رَضيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ حِينَ حَضَرَهُ الْمَوْتُ لا تضْرِبوا على فُسْطاطاً (5) ولا تْبِعُوني بمِجْمَرٍ (6) وَأَسْرِعُوا بي ن فإنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلَّى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسلَّمَ يَقُولُ إذَا وُضِعَ

_ الحديث، فإن يَكُ خيراً تعجَّل إليه، وإن يَكُ سوى ذاك فبعداً لأهل النار (1) شك الرواي في أي اللفظين سمع (2) أي هلاكاً وسحقاً فهو دعاء منه صلى الله عليه وسلَّم على أهل النَّار (3) أي يتبعها المشيعون فيمشون خلفها ((ولا تتبع)) بفتح التاء الأولى وسكون الثانية أي لا ينبغي أن تكون خلف المشيعين وتمسك به الحنفية ومن وافقهم في المشي خلف الجنازة وسيأتي الكلام عليه في الباب التالي (4) هكذا في الأصل ((ليس منا)) ورواية أبي داود وابن ماجه والبيهقي (ليس معها) أي ليس له حكم من معها من المشيعين، ورواية الترمذي (ليس منها) أي ليس ممن حازوا ثواب تشييعها، ومعنى رواية الإمام أحمد ليس على سنتنا إن كان اللفظ غير محرّف، ومع هذا فالحديث ضعيف، وقد ثبت بما هو أقوى منه جواز المشي أمامها. وسيأتي تحقيق ذلك في أحكام الباب التالي (تخريجه) (د. جه. هق. مذ) وقال هذا حديث لا نعرفه من حديث ابن مسعود إلا من هذا الوجه وسمعت محمد بن إسماعيل (يعني البخاري) يضعف حديث أبي ماجد هذا، وقال محمد قال الحميدي قال ابن عبينة قيل ليحي من أبو ماجد هذا؟ فقال طائر طار فحدّثنا اهـ (قلت) يشير إلى أنه مجهول، وقال البيهقي أبو ماجد مجهول ويحي ضعفه جماعة من أهل النقل. (201) ((عن عبد الرحمن بن مهران (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن عبد الرّحمن بن مهران - الحديث)) (غريبه) (5) الفسطاط بضم الفاء وكسرها بيت من الشعر والجمع فساطيط، والفسطاط بالوجهين أيضاً مدينة مصر قديماً، وبعضهم يقول كل مدينة جامعة فسطاط، والقسطاس والقرطاس، قاله في المصباح (قلت) والمراد هنا الأول أعني البيت لا المدينة (6) المِجْمَر بكسر الميم الأولى وفتح الثانية بينهما جيم ساكنة هو الذي يوضع فيه النار للبخور، وفيه أنه لا يجوز نصب فسطاط كالسرادق والخيمة ونحو ذلك لأجل اجتماع النّاس فيه للتعزية، ولا اتباع الجنازة بنار.

الرَّجُلُ الصَّالِحُ عَلَى سَرِيرِهِ قَالَ قَدِّمُوني قَدِّمُونِي، وَإذَا وُضِعَ الرّجُلُ السُّوءُ عَلَى سَرِيرِهِ قَالَ يَا وَيْلَهُ أَيْنَ تَذْهَبُونَ بِي. (202) عَنِ ابْنِ المُسِيبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَة رَضيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ لا أعْلَمُ إلاَّ رفَعَ الحَدِيثَ (1) قَالَ أَسْرِعُوا (2) بِجَنَائِزِكُمْ فإنْ كَانَتْ صَالِحَةً (3) عَجَّلْتُمُوها إلَى الخَيرِ، وَإنْ كَانَتْ طَالِحةً اسْتَرَحْتُمْ مِنْهَا وَوَضَعْتُمُوهَا عَنْ رِقَابِكُمْ. (203) عَنْ عُيَبْنَة (4) ثَنَا أبي قالَ خَرَجْتُ فِي جَنَازَةِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ

_ فإن ذلك من عوائد الجهال ومن لا دين لهم ومما نهى عنه وذم فاعله؛ ومع ذلك فلا تزال هذه العادة باقية عند لنَّاس إلى الآن فلا حول ولا قوة إلا بالله (وقوله أسرعوا بي) المراد به السّير بسرعة دون الخبب وفوق المشي المعتاد كما تقدَّم (تخريجه) (خ. نس. هق. حب) (202) عن ابن المسيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عبد الرزّاق ثنا معمر عن الزّهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة - الحديث)) (غريبه) (1) يريد الراوي أن أبا هريرة رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلَّم والظَّاهر أن الراوي يشك في صيغة الرفع هل قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلَّم أو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم فلما تردد في صيغة الرفع صرح بما هو أعم، وهو قوله لا أعلم إلا رفع الحديث، وقد جاء مثل ذلك في رواية لمسلم من طريق معمر عن الزّهري أيضاً، ورواه البخاري من طريق سفيان عن الزّهري عن سعيد عن أبي هريرة عن النَّبي صلى الله عليه وسلّم الحديث بالعنعنة، ورواه ابن ماجه من هذا الطريق بلفظ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلّم ورواه مسلم والنسائي من طريق أبي أمامة بن سهل عن أبي هريرة بلفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم فالحديث مرفوع لا شك في رفعه (2) أي بحملها إلى قبرها وقيل المعنى بتجهيزها فهو أعم من الأول، والأول أظهر لقوله في آخر الحديث ((وإن كانت طالحة استرحتم منها ووضعتموها عن رقابكم)) نعم ورد الأمر بالإسراع بالتجهيز ولكن بأدلة أخرى تقدَّمت في باب المبادرة إلى تجهيز الميت صحيفة 99 من الجزء السابع والله أعلم (3) أي الجثة المحمولة، قال الطيبي جعلت الجنازة عين الميت وجعلت الجنازة التي هي مكان الميت مقدَّمة إلى الخير الذي كني به عن عمله الصالح (تخريجه) (ق. هق. والأربعة. وغيرهم). (203) عن عيينة (سنده) حدّثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا يحي بن سعيد عن عيينة ثنا أبي - الحديث)) (غريبه) (4) هو ابن عبد الرّحمن بن جوشن

ابْنِ سَمُرَةَ قَالَ فَجَعَلَ رِجَالٌ مِنْ أَهْلِهِ يَسْتَقْبِلُونَ الْجَنَازَةَ فَيَمْشُونَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ (1) وَيَقُولُونَ رُوَيْداً بَارَكَ الله فِيكُمْ؛ قَال فَلَحِقَنَا أَبُو بَكْرَةَ (2) رَضِيَ اللهُ عَنْهُ مِنْ طَريقِ المِرْبَدِ (3) فَلَمَّا رَأَى أولئكَ وَمَا يَصْنَعُونَ حَمَلَ عَلَيْهِمْ بِبَغْلَتِهِ (4) وَأَهْوَى لَهُمْ بِالسَّوْطِ وَقَالَ خَلُّوا (5) فَوَالَّذي كرَّم وَجْهَ أَبِي القَاسِمِ صلى الله عليه وسلّم لَقَدْ رَأَيْتُنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وعلى آلهِ وَصَحْبِه وسلّم وَإِنَّا لَنَكَادُ أَنْ نَرْمُلَ بِهَا (6) (204) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ يَقُولُ كَانَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلّم إِذَا تَبِعَ جَنَازَةً قَالَ انْبَسِطُوا بِهَا (7) وَلاَ تَدِبُّوا دَبيبَ اليَهُودِ بِجَنَائِزِهَا

_ الغطفاني أبو مالك البصري عن أبيه ونافع وعنه شعبة ووكيع وثَّقَه النسائي وذكره ابن حيان في الثقات (1) الظاهر من سياق الحديث أن الذين كانوا يحملون الجنازة أسرعوا في السير بها، وكان رجال من أهل الجنازة أمامها، فلما أحسوا بسرعة السير مشوا على أعقابهم أي ارتدوا إلى الوراء مستقبلين الجنازة ليبطئوا من يحملها عن سرعة السير ويقولون رويداً أي امهلوا ولا تسرعوا (2) اسمه نفيع بن الحارث الثقفي الصحابي رضي الله عنه (3) بوزن المنبر هو موضع بالبصرة (4) يعني فلما رأى تباطؤهَم في السير وهذا خلاف السنة حمل عليهم ببغلته أي أسرع إليهم ((وأهوى لهم بالسوط)) أي رفعه كمن يريد أن يضرب به وهذا تهديد لهم على التباطؤ في السير وترك السنة (5) أي اتركوا هذا التباطؤ وأسرعوا في السير (6) بضم الميم من باب طلب، يقال رمل يرمل رملاً ورملانا إذا أسرع في المشي وهز منكبيه (تخريجه) (د. هق. نس) وسنده جيد - زاد النسائي ((فانبسط القوم)) أي أسرعوا امتثالاً لأبي بكرة رضي الله عنه ولائهم كانوا يودون السرعة وأسرعوا فعلاً لولا ما حصل من ذوي الميت. (204) عن أبي هريرة (سنده) حدّنا عبد الله حدّثني أبي حدّثنا عبد الرحمن حدثنا عبد الحكم قائد سعيد بن أبي عروبة حدثنا عبد الرحمن الأصم قال سمعت أبا هريرة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلّم - الحديث)) (غريبة) (7) أي أسرعوا ((ولا تدبوا)) أي ولا تباطؤوا في السير، يقال دب الصغير يدب من باب ضرب دبيباً ودب الجيش دبيباً أيضاً ساروا سيراً ليناً، ولما كانت اليهود تفعل ذلك بجنائزها أمرهم النبي صلى الله عليه وسلّم بمخالفتهم لأنه كان يكره التشبه بهم (تخريجه) لم أقف عليه مرفوعاً لغير الأمام أحمد، وفي

(205) عَنْ أَبِي برْدَةَ عَنْ أَبِيهِ (أَبي موسىَ الأَشْعَرِيِّ رَضِيَ الله عَنْهُ) قَالَ إنَّ أُنَاساً مَرُّوا عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلّم بِجَنَازَةٍ يسْرِعُونَ بِهَا، فَقالَ رسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلّم لِتَكُنْ عَلَيْكُمُ السَّكِينَةُ (1) (وَعَنْهُ مِنْ طَرِيقٍ ثَانٍ) (2) عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ مَرَّتْ بِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلّم جَنَازَةٌ تُمخَضُ مَخْضَ الزِّقِّ (3) قَالَ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى وَصَحْبِهِ وَسَلَّم عَلَيْكُمُ القَصْدَ (4)

_ إسناده عبد الحكم قائد سعيد بن أبي عروبة (قال الحافظ) في تعجيل المنفعة، قال الدارقطني متروك. ووصفه بأنه كاتب سعيد بن أبي عروبة، وأنه بصري وفي ثقات التابعين لابن حيان اهـ، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه قال حدَّثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن إبراهيم قال كان يقال ((انبسطوا بجنائزكم ولا تدبوا بها دب اليهود)) وهو مرسل وسنده جيد. (205) عن أبي بردة (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثَنَا محمد بن جعفر ثَنَا شعبة عن ليث قال سمعت أبا بردة يحدّث عن أبيه قال إن أُناساً - الحديث)) (غريبه) (1) الظاهر أنّهم كانوا يسرعون بها جداً إسراعاً يخشى منه انفجار الميت أو خروج شيء؛ والدليل على ذلك قوله في الطريق الثانية ((تمخّض مَخْضَ الزّق)) فهو أمر بالتوسط بن أبي موسى عن أبيه أنه قال مرت الخ (3) أي تحرك تحريكاً سريعاً كتحريك السقاء الذي فيه اللبن ليخرج زبده (4) أي التوسط في السير وهو ما يكون فوق المشي المعتاد ودون الخبب (تخريجه) (جه. هق. ش) وفي إسناده ليث بن أبي سليم القرشي فيه كلام (زوائد الباب) عن أبي عبيدة قال قال عبد الله بن مسعود ((من اتبع جنازة فليحمل بجوانب السرير كلها فإنه من السنة ثم إن شاء فليتطوّع وإن شاء فليدع)) رواه ابن ماجه وسعيد بن منصور في سننه والبهيقي وأبو داود الطيالسي من رواية أبي عبيدة ابن عبد الله بن مسعود عن أبيه وهو موقوف حكمه الرفع لكنه منقطع، فإن أبا عبيدة لم يسمع من أبيه، قاله أبو حاتم وأبو زرعة وغيرهما (وعن عامر بن جشيب) أو غيره من أهل الشام قال قال أبو الدرداء من تمام أجر الجنازة أن تتبعها من أهلها وأن تحمل أركانها الأربع وأن تحثو في القبر، رواه ابن أبي شيبة في مصنفه، وأورده ابن حزم في المحلي وقال عامر بن جشيب غير مشهور (قلت) عامر هذا وثقه ابن حيان وغيره فلا عبرة بما قيل فيه

_ (وعن جعفر بن إياس) قال رأيت الحسن تبع جنازة فحمل فوضع مقدّم السرير على شقه الأيسر فحوّل فحمل مقدّم السرير على شقه الأيمن، ثم تأخر فوضع مؤخر السرير على شقه الأيسر ثم تحول فوضع مؤخر السرير على شقه الأيمن، ثم خلي منها؛ رواه ابن أبي شيبة أيضاً (وروى الإمام الشافعي) عن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن جده قال ((رأيت سعد بن أبي وقّاص في جنازة عبد الرحمن بن عوف قائماً بين العمودين المقدمين واضعاً السرير على كاهله، ورواه الشافعي أيضاً بأسانيد من فعل عثمان وأبي هريرة وابن الزّبير وابن عمر أخرجها كلها البيهقي (وروي ابن أبي شيبة وعبد الرزاق) من طريق على الأزدي قال رأيت ابن عمر في جنازة يحمل جوانب السرير الأربع (وروى عبد الرزاق) عن أبي هريرة أنه قال من حمل الجنازة بجوانبها الأربع فقد قضى الذي عليه (وأخرج الترمذي) عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلّم يقول من تبع الجنازة وحملها ثلاث مرات فقد قضى ما عليه من حقها (قال الترمذي) هذا حديث غريب، ورواه بعضهم بهذا الإسناد ولم يرفعه (وروى ابن أبي شيبة) في مصنفه قال حدّثنا محمد بن أبي عدي عن أشعث عن الحسن قال كان لا يبالي بأي جوانب السرير بدأت (الأحكام) أحادي الباب تدل على مشروعيه الإسراع في السير بالجنازة (قال الحافظ) نقل ابن قدامة أن الأمر فيه للاستحباب بلا خلاف بين العلماء، وشذّ ابن حزم فقال بوجوبه، والمراد بالإسراع شدة المشي، وعلى ذلك حمله بعض السلف (وهو قول الحنفية) قال صاحب الهداية ويمشون بها مسرعين دون الخبب، وفي المبسوط ليس فيه شيء مؤقت غير أن العجلة أحب إلى أبي حنيفة (وعن الشافعي والجمهور) المراد بالإسراع ما فوق سجية المشي المعتاد، ومن كرهه أراد الإفراط فيه كالرمل، والحاصل أنه يستحب الإسراع لكن بحيث لا ينتهي إلى شدة يخاف معها حدوث مفسدة بالميت أو مشقة على الحامل أو المشيع لئلا ينافي المقصود من النظافة وفيه إدخال المشقة على المسلم (قال القرطبي) مقصود الحديث أن لا يتباطأ بالميت عن الدفن ولأن التباطؤ ربما أدى إلى التباهي والاختيال اهـ. وقد اعترض العيني على الحافظ في قوله ((والمراد بالإسراع شدة المشي ونسبة ذلك إلى الحنفية)) ولا وجه للاعتراض لأن الحافظ يريد بشدة المشي السعي الشديد الذي هو أقل من الخبب ولذا عقبه يقول صاحب الهداية ((ويمشون بها مسرعين دون الخبب)) يعني الجري. رحم الله الجميع (وفي الحديث الأول من أحاديث الباب إشارة إلى أنه لا يحمل الجنازة إلا الرجال سواء أكان الميت ذكراً أم أنثى، ولا خلاف في هذا، لأن النساء يضعفن عن الحمل، وربما انكشف منهن شيء لو حملن وكلهن عورة

(2) باب المشي أمام الجنازة وخلفها - وما جاء في الركوب معها (206) حدّثنا عَبْدُ اللهِ حَدَّثَنِي أَبِي ثَنَا عَلِيُّ بْنُ عَاصمٍ ثَنَا الهَجَرِيُّ (1) قال خَرَجَتُ في جَنَازَةِ بنْتِ عَبْدِاللهِبْنِ أَبيِ أَوْفَى (2) رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُوَ عَلَى بَغْلَةٍ لَهُ حَوَّاءَ يَعْنيِ سَوْدَاءَ، قَالَ فَجَعَلْنَ النِّسَاءُ يَقٌلْنَ لِقَائِدِهِ قَدِّمْهُ أَمَامَ الْجَنَازَةِ (3) فَفَعَلَ، قَالَ فَسَمِعْتهُ يَقول لَهُ أَيْنَ الجَنَازَةُ؟ قَالَ فَقَالَ خَلْفَكَ، قَالَ فَفَعَلَ ذَلِكَ

_ (وفي الحديث الثاني) من أحاديث الباب إشارة إلى أنه يستحب أن يتخذ للمرأة نعش، قال الشيخ نصر المقدسي رحمه الله، والنعش هو المكبة التي توضع فوق المرأة على السرير وتغطى بثوب لتستر عن أعين الناس، وكذا قاله صاحب الحاوي يختار للمرأة إصلاح النعش كالقبة على السرير لما فيه من الصيانة؛ وروي البيهقي أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلّم ورضي الله عنها أوصت أن يتخذ لها ذلك ففعلوه (وفيه أيضاً) إكرام الميت واحترامه بعدم زعزعته وتحريكه بشدة ((وفيما أوردنا من الزوائد)) دليل على أن لحمل الجنازة كيفيتين (الأولى) أن يجعل الحامل على رأسه بين عمودي مقدمة النعش ويجعلهما على كاهله (والكاهل ما بين الكتفين) وحكاه ابن المنذر عن عثمان وسعد بن مالك وابن عمر وأبي هريرة وابن الزبير رضي الله عنهم، وبه قال الشافعي وأبو ثور وغيرهما (الثانية) أن يحملها من الجوانب الأربع، وهو أن يضع قائمة السرير اليسرى المقدمة على كتفه اليمنى ثم ينتقل إلى المؤخرة اليسرى، ثم يضع قائمته اليمنى المقدمة على كتف اليسرى، ثم ينتقل إلى المؤخرة اليسرى هذا صفة التربيع كما في المهذّب، وإلى ذلك ذهب الأئمة (الحسن البصري والنخعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد وإسحاق) وقال الأمامان مالك وداود هما سواء في الفضيلة (قال النووي) رحمه الله (قال الشافعي والأصحاب رحمهم الله 9 حمل الجنازة فرض كفاية ولا خلاف فيه (قال الشافعي والأصحاب) وليس في حملها دناءة وسقوط مروءة بل هو بر وطاعة وإكرام للميت وفعله الصحابة والتابعون ومن بعدهم من أهل الفضل والعلم والله أعلم اهـ ج. (206) حدّثنا عبد الله (غريبه) (1) اسمه إبراهيم بن مسلم العبدي أبو إسحاق الهجري بفتح الهاء والجيم (2) صحابي مشهور تقدمت ترجمته في شرح حديث رقم 99 صحيفة 136 من الجزء السابع (3) أي لأنه كان قد عمي في آخر عمره ((وقوله

مرة أو مرتين، ثم قال ألم أنهك أن تقدمني أمام الجنازة؟ قال فسمع امرأة تلتدم وقال مرة ترثي (وفي رواية فجعل النساء يبكين) فقال مه، ألم أنهكن عن هذا؟ إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهي عن المراثي، لتفض إحداكن من عبرتها ما شاءت، فما وضعت الجنازة تقدم فكبر عليها أربع تكبيرات، ثم قام هنية فسبح به بعض القوم فانفتل فقال أكنتم ترون أني أكبر الخامسة؟ قالوا، نعم، قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا كبر الرابعة قام هنية، فلما وضعت الجنازة جلس وجلسنا، فسئل عن لحوم الحمر الأهلية فقال تلقانا يوم خيبر حمر أهلية خارجا من القرية فوقع الناس فيها فذبحوها فإن القدور لتغلي ببعضها إذا نادى منادي رسول الله

_ ففعل ذلك مرة او مرتين" يعني كرر السؤال (1) أي لأنه كان يرى أن الراكب يكون خلف الجنازة لا أمامها، ويؤيده حديث المغيرة بن شعبة الآتي مرفوعا "الراكب خلف الجنازة والماشي حيث شاء- الحديث" (2) الالتدام ضرب النساء وجوههن في النياحة وهو حرام بالإجماع وقوله "وقال مرة ترثي) قبل معناه الندبة كقولهن واحسرتاه وامصيبتاه واويلاه ونحو ذلك مما فيه سخط وعدم رضا بقضاء الله، فكل هذا حرام لا يجوز فعله (3) أي بكاء مصحوبا بشيء مما تقدم، ولذا قال لهن (مه) أي اكففن وهو اسم فعل أمر مبني على السكون، ومعناه اكفف فإن وصلت نونت فقلت مه مه "ألم أنهكن عن هذا" ثم عزز ذلك بقوله "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينهي عن المراثي" (4) أي لترق احداكن من دموعها في بكائها ما شاءت بدون صوت ولا تلفظ بما يغضب الله عز وجل (5) أي للصلاة عليها، وتقدم تفسير هذه الجملة وما بعدها إلى قوله "جلس وجلسنا" في شرح حديث رقم 186 في باب عدد تكبير صلاة الجنازة (6) هي الحمر المستأنسة (جمع حمار) التي يركبها الناس أي سأله الناس عن أكلها هل يجوز أم لا (7) يعني يوم غزوة خيبر وكانت في السنة السابعة من الهجرة، وسيأتي تفصيلها إن شاء الله تعالى في أبواب الغزوات من كتاب السيرة النبوية (8) في رواية أخرى عن أبي أوفى أيضا قال أصابتنا مجاعة ليالي خيبر، فما كان يوم خيبر وقعنا في الحمر الأهلية فانتحرناها- الحديث"

صلى الله وعلى آله وصحبه وسلم أهريقوها قال فأهرقناها، ورأيت على عبد الله بن أبي أوفا مطرفا من خز (207) ز عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج مع جنازة ثابت بن الدحداحة على فرس أغر

_ (1) أي صبوا ما فيها وألقوه لأنه لا يجوز أكله، وفي وراية "نادي منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اكفئوا القدور لا تأكلوا من لحوم الحمر شيئا" وسيأتي الكلام على حكمها في بابها من كتاب الأطعمة إن شاء الله تعالى (2) المطرف بكسر الميم وفتحها وضمها. الثوب الذي في طرفيه علمان والميم زائدة (والخز) نوعان النوع الأول ثياب تنسج من صوف وحرير وهي مباحة وقد لبسها الصحابة والتابعون (والنوع الثاني) معمول من الحرير الخالص وهو حرام، وعليه حمل قوله صلى الله عليه وسلم "قوم يستحلون اللباس إن شاء الله (تخريجه) (هق. جه) مختصرا وفي إسناده إبراهيم بن مسلم الهجري (قال الحافظ) في التقريب لين الحديث يرفع موقوفات أهـ. وفي الخلاصة ضعفه النسائي وغيره (قال ابن عدي) إنما أنكروا عليه كثرة روايته عن أبي الاحوص بن عبدالله وعامتها مستقيمة أهـ. (207) "ز" عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبو القاسم الزهري عبدالله بن سعد ثنا أبي وعمي قال ثنا أبي عن ابن اسحاق ثنا عمر بن موسى بن الوجيه عن سماك بن حرب عن جابر- الحديث" (غريبه) (3) بدالين مهملتين مفتوحتين وحاءين مهملتين أولاهما ساكنة والثانية مفتوحة، ويقال أبن الدحداح كما في رواية مسلم والنسائي والترمذي، وهو الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت "ويسألونك عن المحيض- الآية" وقال الوافدي في غزوة أحد حدثني عبد الله بن عمارة الخطمي قال أقبل ثابت بن الدحداحة يوم أحد فقال يا معشر الأنصار إن كان محمد قتل فإن الله حي لا يموت فقاتلوا عن دينكم فحمل بمن معه من المسلمين فطعنه خالد فأنفذه فوقع ميتا (قال الواقدي) وبعض أصحابنا يقول: إنه جرح ثم برأ من جراحته ومات بعد ذلك والله أعلم أهـ. وهو الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وسلم "كم من فئة عذق مدلى لابن الدحداح في الجنة" رواه مسلم والبيهقي، وسيأتي سبب قول النبي صلى الله عليه وسلم له ذلك في مناقبه من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (قال ابن عبد البر) لا يعرف اسمه، وكأنه لم يطلع

محجل تحته ليس عليه سرج معه الناس وهم حوله قال فنزل رسزل الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه ثم جلس حتى فرغ منه، ثم قام فقعد على فرسه، ثم انطلق يسير حوله الرجال (وعنه من طريق ثان) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة أبي الدحداح وهو على فرس يتوقص ونحن نسعى حوله

_ على اسمه في المسند لو اطلع عليه لعرف اسمه أن اسمه ثابت لأنه ثابت فيه (قال الحافظ) في الإصابة ثابت بن الدحداح بن نعيم بن غنم بن إياس حليف الأنصار وكان بلويا حالف بني عمر بن عوف أهـ رضي الله عنه (1) أصل الغرة البياض الذي يكون في وجه الفرس، فكل فرس يكون كذلك يقال له أغر، والفرس المحجل هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الأرساغ ولا يجاوز الركبتين لأنهما مواضع الأحجال وهي الخلاخل والقيود، ولا يكون التحجيل باليد واليدين مالم يكن معها رجل أو رجلان (نه) "وقوله تحته" هكذا تركيب العبارة بالأصل فتأمل (وفي رواية مسلم) عن جابر بن سمرة أيضا قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بفرس معروري فركبه حين انصرف من جنازة ابن الدحداح "وقوله معروري" بضم الميم وفتح الراء الأولى وتنوين الثانية مفتوحة أيضا معناه بفرس عري بوزن قفل كما في لفظ آخر عند مسلم أيضا (قال النووي) قال أهل اللغة: أعروريت الفرس واحلوليت الشيء أهـ (3) هذه الرواية تفيد ركوبه صلى الله عليه وسلم كان في الذهاب والإياب ولم أجدها كذلك لغير عبدالله بن الأمام أحمد بل كل الروايات متفقة على أن ركوبه صلى الله عليه وسلم كان في الرجوع بعد الإنصراف من الجنازة كما عند مسلم وغيره، وهذه الرواية لا يحتج بها لأن في إسنادها عمر بن موسى بن الوجيه قيل فيه أنه كذاب يضع الحديث ولأنها تخالف الروايات الصحيحة (4) (سنده) حدثنا عبدالله حدثني يحيى بن عبدالله ثنا شعبة عن سماك بن حرب أنه سمع جابر بن سمرة يقول كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (5) لفظ الترمذي يتوقص به، وهو بتشديد القاف والصاد المهملة أي يتوثب به وفي مصنف ابن أبي شيبة يتوقس بالسين المهملة وهما لغتان، كذا في قوت المغتذي. وقال في الجميع أي يثب يقارب الخطو (تخريجه) هذا الحديث من زوائد عبدالله بن الأمام أحمد على مسند أبيه، ولم أقف على من أخرج الطريق الأولى غيره، وقد علمت ما فيها، أما الطريق الثاني فهي صحيحة أخرجها (م. نس. هق. ش. مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح

(208) عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الراكب خلف الجنازة والماشي حيث شاء منها والطفل يصلي عليه (وعنه من طريق ثان) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال الراكب خلف الجنازة، والماشي أمامها قريبا عن يمينها أو عن يسارها والسقط يصلي عليه ويدعي لوالديه بالمغفرة والرحمة. (209) عن سالم بن عبدالله بن عمر أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان يمشي بين يدي جنازة، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يمشي بين يديها وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم (وعنه من طريق ثان) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر يمشون أمام الجنازة. (210) عن عبدالله بن يسار أن عمر بن حريث عاد الحسن

_ (208) عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبدالرحمن الحداد ثنا سعيد بن عبيد الله الثقفي عن زياد بن جبير عن أبيه عن المغيرة بن شعبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) أي يسير خلف الجنازة كما في رواية أبي داود لأن اللائق بحاله أن يكون كذلك (2) رواية أبي داود والماشي يمشي خلفها وأمامها وعن يمينها وعن يسارها قريبا منها (3) (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا المبارك قال أخبرني زياد بن جبير أخبرني أبي عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث" (تخريجه) (هق. ش. والأربعة) وصححه ابن حبان والحاكم. (209) عن سالم بن عبدالله (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا ليث حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب أن سالم بن عبدالله بن عمر أخبره أن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما كان يمشي - الحدبث" (4) (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه أنه رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (تخريجه) (ق. ش. والأربعة) وجزم بصحته ابن المنذر وابن حزم. (210) عن عبد الله بن يسار (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يزيد ثنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن عبدالله بن يسار - الحديث" (غريبه) (5) هو ابن حريث بن عمرو بن عثمان بن عبدالله بن عمرو بن عثمان بن عبدالله بن عمرو بن مخزوم القرشي له ولأبيه وصحبة

ابن علي رضي الله عنهما فقال له علي أتعود الحسن وفي نفسك ما فيها؟ فقال له عمرو إنك لست بربي فتصرف قلب حيث شئت، قال علي أما إن ذلك لا يمنعنا أن نؤدي إليك النصيحة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلم عاد أخيه إلا ابتعث الله له سبعين ألف ملك يصلون عليه من أي ساعات النهار كان حتى يمسي؛ ومن أي ساعات الليل كان حتى يصبح، قال له عمرو كيف تقول في المشي مع الجنازة بين يديها أو خلفها؟ فقال علي إن فضل المشي من خلفها على بين يديها كفضل صلاة المكتوبة في جماعة على الوحدة قال عمرة فإني رأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما يمشيان أمام الجنازة، قال علي إنهما إنما كرها أن يحرجا الناس.

_ (1) أي في مرض غير مرض موته لان عليا رضي الله عنه كان موجودا وموت الحسن كان بعد موت علي بتسع سنين، ومن غريب الصدف أن عليا توفى في رمضان سنة 40 هـ، والحسن توفى في رمضان أيضا سنة 49 هـ رضي الله عنهما (وقوله فقال له علي) يعني ابن أبي طالب رضي الله عنه (2) الظاهر أنه كان بين عمرو وبين علي أو ابنه الحسن أمور شخصية الله أعلم بها، وكان عمرو لا يزال مصرا على ما نفسه، فقال له علي "أتعود الحسن وفي نفسك ما فيها" يريد بذلك أن يصرف ما في نفسه، فقال عمرو إنك لست بربي الخ، يعني أنه لا يقدر على صرف النفوس وتحويلها عما هي عليه إلا الله عز وجل، وفيه منقبة لعمرو حيث أنه عاد الحسن وفي نفسه ما فيها ولم يقعده ذلك عن أداء سنة العيادة (3) يعني أن إصرارك على ما في نفسك لا يمنعني من تبشيرك بما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل عيادة المريض وإدخال السرور عليك بذلك فذكر الحديث (4) صلاة الملائكة على بني آدم دعاؤهم لهم بالرحمة والمغفرة "وقوله من أي ساعات النهار" أي من وقت العيادة إن كانت بالنهار حتى تغرب الشمس، ومن وقتها إن كانت بالليل حتى يطلع الفجر، فينبغي لعائد المريض أن يبكر بالعيادة في أول النهار أو يعجل بها في أول الليل لتكثر صلاة الملائكة عليه (5) يعني أيكون بين يديها أو خلفها (6) أي على المنفرد أي كرها أن يدخلا عليهم المشقة بحصرهم في جهة واحدة

(211) عن عبدالله (بن مسعود رضي الله عنه) قال سالنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المسير بالجنازة فقال متبوعة وليست بتابعة (212) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتبع الجنازة صوت ولا نار ولا يمشي بين يديها

_ ففعلا ذلك ليبينا للناس أن المشي خلفها ليس بواجب بل يجوز المشي أمامها وإن كان خلفها أفضل، وهذا بناء على ما يفيده هذا الحديث، لكن ثبت في الباب ما يخالفه وهو حديث ابن عمر والله أعلم (تخريجه) أورد الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار باختصار ورجال أحمد ثقات أهـ (قلت) وأخرج نحوه البيهقي وابن أبي شيبة في مصنفه من حديث عبد الرحمن بن أبزي وفيه قال (أي علي رضي الله عنه) "إنهما يعلمان أن المشي خلفها أفضل من المشي أمامها كفضل صلاة الرجل في جماعة على صلاته فذا، ولكنهما سهلان يسهلان للناس (قال البيهقي) والآثار في المشي أمامها أصح وأكثر وبالله التوفيق. (211) عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدثنا عبدالله حدثني ابي ثنا سفيان قال يعني زاد سفيان "وليس منها ما يقدمها" وقرئ على سفيان سمعت يحيى الجابر عن أبي ماجد الحنفي قال سمعت عبدالله يقول سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) أي حقيقة وحكما فيمشي خلقها "وقوله وليست بتابعة"فائدته أنها متبوعة محضة لا تكون تابعة أصلا، لا أنها متبوعة من وجه وتابعة من وجه زاد سفيان في رواية "وليس منها من يقدمها" كما في المسند (تخريجه) د. نس. مذ. جه. هق) وفي إسناده أبو ماجد الحنفي تكلم فيه بالجهالة، وتقدم الكلام عليه في تخريج الحديث رقم 200 صحيفة 5. (212) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حرب ثنا يحيى حدثني باب بن عمير الحنفي حدثني رجل من أهل المدينة أن أباه حدثه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (3) سيأتي الكلام عليه في الباب التالي (4) أي أمامها وقد احتج به الحنفية فقالوا يكره المشي أمام الجنازة، وسيأتي الكلام عن ذلك في الأحكام (تخريجه) (د. هق. قط في العلل) وفي إسناده مجهولان (زوائد الباب) عن ثوبان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بدابة وهو مع الجنازة فأبى أن يركب، فلما انصرف أتى بدابة فركب فقيل له، فقال إن الملائكة كانت تمشي فلم أكن لأركب وهو يمشون، فلما ذهبوا ركبت، رواه (د. ش)

.

_ هق. ك) وقال صحيح على شرط الشيخين (وعنه أيضا) قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة فرأي ناسا ركبانا فقال ألا تستحيون أن ملائكة الله على أقدامهم وأنتم على ظهور الدواب (جه. مذ) وقال قد روي عنه مرفوعا ولم يتكلم عليه بحسن ولا ضعف، وفي إسناده أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف (وعن زيد بن أرقم) رضي الله عنه قال لو يعلم رجال يركبون في الجنازة ما لرجال يمشون ما ركبوا (ش) (وعن إبراهيم النخمي) قال كانوا يكرهون أن يسير الراكب أمامها (ش) (وعن سعيد بن كبير عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال الراكب في الجنازة كالجالس في بيته (ش) (وعن عبدالله بن رباح) قال للماشي في الجنازة قيراطان وللراكب قيراط (ش) (وعن خالد بن دينار) قال أرأيت عطاء يسير أمام الجنازة راكبا (ش) (وعن ابن أبي عروبة) قال رأيت الحسن أمام الجنازة راكبا (ش) (من استحب المشي أمام الجنازة) (عن العقار بن المغيرة) قال كنت أمشي خلف الجنازة، فجاء أبو هريرة فوضع فقاري بين أصبعيه، ثم دفعني حتى تقدمت أمام الجنازة (ش) (وعن أبي صالح) قال كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يمشون أمام الجنازة إذا تباعدوا عنها قاموا ينتظرونها (ش) (وعن ابن عون) قال سألت محمدا عن المشي أمام الجنازة فقال لا أعلم به بأسا، ذل وكان القاسم وسالم يفعلانه (ش) (من استحب المشي خلف الجنازة) عن ابن جريح عن مسروق قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل أمة قربان وإن قربان هذه الأمة موتاها فاجعلوا موتاكم بين أيديكم (ش) وسنده صحيح لكنه مرسل (عن عامر بن جشيب وغيره) من أهل الشام قالوا قال أبو الدرداء من تمام أجر الجنازة أن يشيعها من أهلها ويمشي خلفها (من رخص في المشي خلفها وأمامها وعن يمينها وعن شمالها) عن حميد بن أنس بن مالك رضي الله عنه في الجنازة أنتم مشيعون لها تمشون أمامها وخلفها وعن يمينها وعن شمالها (ش) (وعن أبي العالية) قال خلفها قريب منها وأمامها قريب منها، وعن يسارها قريب منها، وعن يمينها قريب منها (ش) (الأحكام) أحاديث الباب مع زوائده (منها) ما يدل على استحباب المشي أمام الجنازة دون خلفها (منها) ما يدل على استحبابه خلفها دون أمامها (ومنها) ما يدل على جواز المشي أمامها وخلفها وعن يمينها وعن شمالها (ومنها) ما يدل على جواز الركوب أمامها وخلفها (ومنها) ما يخص ذلك بالخلف فقط (ومنها) ما يدل على أن المشي أفضل من الركوب مطلقا (ومنها) ما يدل على جواز الركوب بعد الانصراف بدون كراهة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك كما في حديث جابر بن سمرة، لهذا اختلف أهل العلم هل الأفضل لمتبع الجنازة أن يمشي خلفها أو أمامها؟ فقال شريح والقاسم بن محمد وسالم والزهري والأئمة (مالك والشافعي وأحمد والجمهور) وجماعة من الصحابة منهم أبو بكر. وعمر. وعثمان

(3) باب النهي عن اتباع الجنازة بنار أو صياح أو نساء (213) عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما قال مرت بنا جنازة

_ وابن عمر. وأبو هريرة. والحسن بن علي. وابن الزبير. وأبو قتادة. وأبو أسيد رضي الله عنهم أن المشي أمام الجنازة أفضل مستدلين بحديث ابن عمر الرابع من أحاديث الباب، وهو حديث صحيح جزم بصحته ابن المنذر وابن حزم، وقال ابن المنذر ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما قال السنة في الجنازة أن يمشي أمامها (وقال أبو صالح) كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشون أمام الجنازة ولأنهم شفعاء له والشفيع يتقدم المشفوع (وقال أبو حنيفة وأصحابه) وحكاه الترمذي عن سفيان الثوري وإسحاق، وحكاه صاحب البحر عن العترة أن المشي خلفها أفضل واستدلوا بحديث ابن مسعود المذكور في أحاديث الباب، وفي إسناده أبو ماجد الحنفي مجهول، وبحديث أبي هريرة الأخير من أحاديث الباب، وفي إسناده مجهولان، وبحديث علي رضي الله عنه وهو موقوف عليه، وربما كان له حكم الرفع لأن مثله لا يقال بالرأي وسنده جيد (وذهب أنس بن مالك) رضي الله عنه إلى أن المشي بين يديها وخلفها وعن يمينها وعن شمالها سواء (اتفقوا) على أن المشي مع الجنازة أفضل من الركوب وعلى جواز الركوب بعد الانصراف بلا كراهة (واختلفوا) في الراكب هل يكون أمامها أو خلفها (فذهبت الشافعة) إلى أنه يكون أمامها كالماشي (وذهب الجمهور) إلى أنه يكون خلفها مستدلين بحديث المغيرة بن شعبة الثالث من أحاديث الباب وصححه ابن حبان والحاكم، وهذا مذهب قوي لولا ما يعارضه من حديث ثوبان المذكور في الزوائد من قوله صلى الله عليه وسلم "ألا تستحيون من ملائكة الله على أقدامهم وأنتم على ظهور الدواب (وقد جمع العلماء) بين ذلك بأن قوله صلى الله عليه وسلم الراكب خلفها لا يدل على عدم الكراهة وإنما (يدل على الجواز فيكون الركوب جائزا مع الكراهة أو بأن إنكاره صلى الله عليه وسلم على من ركب، وتركه للركوب إنما كان لأجل مشي الملائكة، ومشيهم مع الجنازة التي مشي معها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستلزم مشيهم مع كل جنازة لإمكان أن يكون ذلك تبركا به صلى الله عليه وسلم فيكون الركوب على هذا جائزا غير مكروه والله أعلم (خلاصة القول في هذا الباب) أن المشي أمام الجنازة أفضل منه خلفها لقوة دليله، وأن الراكب يكون خلفها لحديث المغيرة ابن شعبة، وأن الركوب بعد الانصراف جائز بلا كراهة لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك كما في حديث جابر بن سمرة، وأن المشي في الجميع أفضل من الركوب إلا لعذر، والله سبحانه وتعالى أعلم. (213) عن مجاهد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النصر

فقال ابن عمر لو قمت بنامعها، قال فأخذ بيدي فقبض عليها قبضا شديدا فلما دنونا من المقابر سمع رنة من خلفه وهو قابض على يدي فاستدار، فاستقبلها فقال لها شرا وقال نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن نتبع جنازة فيها رنة. (214) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا تتبع الجنازة بنار ولا صوت.

_ ثنا أبو معاوية يعني شيبان عن ليث عن مجاهد - الحديث" (غريبه) (1) أي صوت امرأة تصيح (2) أي زجرها ونهرها (3) رواية ابن ماجة وابن أبي شيبة (رانة) بالراء المهملة بعدها ألف ثم نون مشددة أي مصوتة، قال في القاموس رن يرن رنينا صاح أهـ (تخريجه) (جه. ش) وسنده جيد عند الأمام أحمد وابن أبي شيبة، وفي سنده عند ابن ماجه أبو يحيى القتات فيه مقال وبقية الرجال ثقات. (214) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن هشام الدستواني عن يحيى عن رجل عن أبي هريرة - الحديث " (غريبه) (4) هذا عام يشمل كل نار وكل صوت، فقوله بنار يشمل المجامر جمع مجمر كمنبر وهو الذي يوضع فيه الجمر للبخور، لما روى ابن أبي شيبة بسند جيد عن عائشة رضي الله عنها أنها أوصت أن لا تشيعوني بمجمر ولا تجعلوا علي قطيفة حمراء "وقوله ولا صوت" يشمل صوت النياحة والقراءة والذكر وغير ذلك مما يفعل الآن أمام الجنائز، فكل هذا منهي عنه لا يجوز فعله (روى ابن أبي شيبة) في مصنفه بسنده عن قيس عن عباد قال كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم يستحبون خفض الصوت عند ثلاث "عند القتال، وعند القرآن، وعند الجنائز" وإنما نهى عن إتباع الجنازة بنار وصوت، لأن في ذلك تشبها بأهل الكتاب، وقد نهينا عن التشبه بهم، ويؤيد ذلك (ما رواه) ابن أبي شيبة) في مصنفه بسنده عن سعيد بن جبير أنه رأى مجمرا في جنازة فكسره وقال سمعت ابن عباس يقول "لا تشبهوا بأهل الكتاب" (تخريجه) (د. هق. قط في العلل) وفي إسناده رجل لم يسم، وبقية رجاله ثقات وله شاهد عند ابن أبي شيبة من حديث أبي سعيد، وفي اسناده رجل لم يسم.

(215) عن أم عطية رضي الله عنها قالت نهى عن إتباع الجنائز ولم يعزم علينا. (216) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال بينما نحن نمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ بصؤ بامرأة لا نظن أنه عرفها، فلما توجهنا إلى الطريق وقف حتى انتهت إليه فإذا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنها، فقال ما أخرجك من بيتك يا فاطمة، قالت أتيت أهل هذا البيت فرحمت إليهم ميتهم وعزيتهم، فقال لعلك بلغت معهم الكدي

_ (215) عن أم عطية (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا بن أبي عدي عن ابن عون عن محمد عن أم عطية - الحديث" (غريبه) (1) أي النبي صلى الله عليه وسلم كما صرح بذلك في رواية أخرى عن طريق يزيد بن حكيم عن الثوري باسناد صحيح بلفظ "نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم" أخرجه الإسماعيلي (قال الحافظ) وفيه رد على من قال لا حجة في هذا الحديث، لأنه لم يسم الناهي فيه لما رواه الشيخان وغيرهما أن كل ما ورد بهذه الصيغة كان مرفوعا وهو الأصح عند غيرهما من المحدثين، وفي رواية أخرى لأم عطية عند الأمام أحمد في حديث البيعة قالت "ونهينا عن إتباع الجنائز ولا جمعة علينا" وسيأتي هذا الحديث في باب البيعة من كتاب الخلافة إن شاء الله تعالى "وقوله عن إتباع الجنائز" أي عن السير معها إلى القبور (2) أي ولم يؤكد علينا في المنع كما أكد علينا في غيره من المنهيات، فكأنها قالت كره لنا إتباع الجنائز من غير تحريم، قاله الحافظ (تخريجه) (ق. د. جه. هق) (216) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبدالله أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا سعيد ربيعة بن سيف المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عمرو- الحديث" (غريبه) (3) بضم الصاد (والباء في قوله بامرأة) للتعدية مثل بصرت بما لم يبصروا به (4) أي دعوت له بالرحمة وقلت فيه رحم الله ميتكم "وعزيتهم" أي أمرتهم بالصبر عليه وسليتهم بذلك (5) بضم ففتح مقصورا جمع كدية بضم فسكون، وهي الأرض الصلبة، قيل أراد المقابر لأنها كانت في مواضع صلبة وكانوا يتخيرونها في هذه

قالت معاذ الله أن أكون بلغتها معهم وقد سمعتك تذكر في ذلك ما تذكر، قال لو بلغتها معهم ما رأيت الجنة حتى يراها جد أبيك.

_ المواضع خشية السقوط (1) قيل المراد بذلك التغليظ على من فعل ذلك (قلت) ويمكن أن يقال إن من فعل ذلك لا يدخل الجنة مع السابقين لأن جد أبيها من أهل الفترة، وأهل الفترة لا يدخلونها إلا بعد الاختبار كما وردت بذلك الأحاديث، وسيأتي ذلك في باب ما جاء في أولاد المسلمين وأولاد المشركين، وأهل الفترة من كتاب قيام الساعة وأحوال الآخرة إن شاء الله تعالى، ولأنه معلوم أن المعصية غير الشرك لا تؤدي إلى عدم دخول الجنة، (ورحم الله الحافظ السيوطي حيث قال) لا دلالة في هذا على ما توهمه المتوهمون لأنه لو مشت امرأة مع جنازة إلى المقابر لم يكن ذلك كفرا موجبا للخلود في النار كما هو موضح، وغاية ما في ذلك أن يكون من جملة الكبائر التي يعذب صاحبها، ثم يكون آخر أمره إلى الجنة؛ وأهل السنة يؤولون ما ورد من الحديث في أهل الكبائر أنهم لا يدخلون الجنة، والمراد لا يدخلونها مع السابقين الذين يدخلونها أولا بغير عذاب، فأكثر ما يدل الحديث المذكور على أنها لو بلغت مهم الكدى لم تر الجنة مع السابقين، بل يتقدم ذلك عذاب أو شدة أو ما شاء الله من أنواع المشاق، ثم يؤول أمرها إلى دخول الجنة قطعا، ويكون المعني به "يعني عبد المطلب جد أبيها" كذلك لا يرى الجنة مع السابقين بل يتقدم ذلك الامتحان وحده أو مع مشاق أخر، ويكون معنى الحديث لم تر الجنة حتى يأتي الوقت الذي يراها فيه جد أبيك فترينها حينئذ، فتكون رؤيتك لها متأخرة عن رؤية غيرك من السابقين لها، هذا مدلول الحديث، لا دلالة له على قواعد أهل السنة غير ذلك، والذي سمعته من شيخنا شيخ الإسلام شرف الدين المناوي، وقد سئل عن عبد المطلب فقال هو من أهل الفترة الذين لم تبلغهم الدعوة وحكمهم في المذهب معروف أهـ. وهذا قول حسن (تخريجه) (د. هق. نس) وفي إسناده ربيعة بن سيف وثقه العجلي وضعفه النسائي، وقال البخاري روى أحاديث لا يتابع عليها عنده مناكير، والله سبحانه وتعالى أعلم (زوائد الباب) (عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتبع الجنازة بصوت ولا بنار ولا يمشي أماها (ش) وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (وعن ابنة أبي سعيد) أن أبا سعيد قال لا تتبعوني بنار ولا تجعلوا على سريري قطيفة نصراني (ش) (وعن بكر بن عبدالله) أن عبدالله بن مغفل رضي الله عنه أوصى أن لا تتبعوني بصوت ولا نار ولا ترموني بالحجارة يعني المدر الذي يكون على شفير

.

_ القبر (ش) (وعن الحنش بن المعتمر) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فرأى امرأة معها مجمر، فقال اطردوها فما زال قائما حتى قالوا يا رسول الله قد توارت في آجام المدينة (ش) (وعن ابن جريح) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في جنازة أكثر السكوت وحدث نفسه (ش) (وعن علي بن يزيد) عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره الصوت عند ثلاث. عند الجنازة وإذا التقى الزحفان وعند قراءة القرآن (ش) (وعن أبي قلابة) قال كنا في جنازة فرفع ناس من القصاص أصواتهم، فقال أبو قلابة كانوا يعظمون الميت بالسكينة (ش) (وعن ابن عمر رضي الله عنهما) قال نهينا أن نتبع جنازة معها رانة (ش) وسنده جيد (وعن مسروق) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مع جنازة معها امرأة فلم يبرح حتى توارت في البيوت (ش) (وعن ابن مغفل) قال قال عمر لا تتبعني امرأة (ش) (وعن محمد بن المنتشر) قال كان مسروق لا يصلي على جنازة معها امرأة (ش) (وعن إبراهيم النخعي) قال كانوا إذا خرجوا للجنازة أغلقوا الباب على النساء (ش) (وعن عبيد الله بن مرة) عن مسروق قال رأيته يحثوا التراب في وجوه النساء في الجنازة ويقول لهن ارجعن، فإن رجعن مضى مع الجنازة وإلا رجع وتركها (ش) (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد فيها النهي عن ابتاع الجنازة بنار أو صوت (وفيها) التشديد في عدم خروج النساء مع الجنازة، وظاهر النهي التحريم في الجميع، وحمله الجمهور على كراهة التنزيه إلا إذا كان الصوت بنياحة فيحرم، وتقدم الكلام على مذاهب العلماء في النياحة (قال النووي) رحمه الله (قال الشافعي) في الأم وأصحابنا يكره أن تتبع الجنائز بنار، قال ابن الصباغ وغيره: المراد أنه يكره البخور في المجمرة بين يديها إلى القبر، ولا خلاف في كراهته كما نص عليه الشافعي والأصحاب، ونقل ابن منذر إجماع العلماء على كراهته كما نص عليه الشافعي والأصحاب، ونقل ابن منذر إجماع العلماء على كراهته، وقال وممن نقل عنه ذلك عمر وأبو هريرة وعبدالله بن مغفل ومعقل بن يسار وأبو سعيد الخدري وعائشة؛ وذكر البيهقي عن عبادة بن الصامت وعائشة وأسماء وغيرهم أنهم أوصوا أن لا يتبعوا بنار، قال أصحابنا إنما كره للنص، ولأنه تفاءل بذلك فال السوء، وهذا الذي ذكرناه من كراهة الإتباع هو نص (الشافعي والجمهور) وقال الشيخ نصر لا يجوز أن يحمل مع الجنازة المجامر والنار، فإن أراد بقوله لا يجوز كراهة التنزيه فهو كما قاله الشافعي والأصحاب، وإن أراد التحريم فشاذ مردود، قال المحاملي وغيره: وكذا يكره أن يكون عن القبر مجمرة حال الدفن أهـ ج (وقال في الأذكار) واعلم أن الصواب والمختار ما كان عليه السلف رضي الله عنهم السكوت في حال السير مع الجنازة فلا يرفع صوت بقراءة ولا ذكر ولا غير ذلك، والحكمة فيه ظاهرة وهي أنه أسكن لخاطره وأجمع لفكره فيما يتعلق بالجنازة وهو المطلوب في هذا الحال فهذا هو الحق.

_ ولا تغتر بكثرة من يخالفه فقد قال أبو علي الفضيل بن عياض رضي الله عنه ما معناه "الزم طرق الهدى ولا يغرك قلة السالكين وإياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين" وقد روينا في سنن البيهقي ما يقتضي ما قلته، وأما ما يفعله الجهلة من القراء على الجنازة بدمشق وغيرها من القراءة بالتمطيط وإخراج الكلام عن موضوعه فحرام بإجماع العلماء، وقد أوضحت قبحه وغلظ تحريمه وفسق من تمكن من إنكاره فلم ينكره في كتاب آداب القراء، والله المستعان أهـ (وقال ابن قدامة في المغني) ويكره رفع الصوت عند الجنازة لنهي النبي صلى الله عليه وسلم أن نتتبع الجنازة بصوت (قال ابن المنذر) روينا عن قيس بن عباد أنه قال: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرهون رفع الصوت عند ثلاث، عند الجنائز وعند الذكر وعند القتال (وذكر الحسن عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا يستحبون خفض الصوت عند ثلاث فذكر نحوه، وكره سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير والحسن والنخعي وإمامنا "يعني الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله" واسحق قول القائل خلف الجنازة استغفروا له، وقال الأوزاعي بدعة وقال عطاء محدثة، وقال سعيد بن المسيب في مرضه إياي وحاديهم هذا الذي يحدوا لهم يقول استغفروا له غفر الله لكم (وقال فضيل بن عمرو) بيننا ابن عمر في جنازة إذ سمع قائلا يقول استغفروا له غفر الله لكم، فقال ابن عمر لا غفر الله لك، رواهما سعيد أهـ (قلت) ومثل ذلك (قالت الحنفية والمالكية) أي بكراهة رفع الصوت أمام الجنازة ولو بذكر أو قراءة، وفي دعاء ابن عمر رضي الله عنهما بعدم المغفرة على من رفع صوته بقوله استغفروا لأخيكم أعظم زجر في رفع الصوت عند الجنازة، وروى مثله علي بن مسعود أيضا، فأين هذا مما يفعله أهل هذا العصر من استحضار الموسيقى وجعلها أمام الجنازة، ورفع الأصوات بأنواع مختلفة من الأذكار والقراءة والدلائل، وكل ذلك بتحريف وتمطيط يغضب الله عز وجل فهذا حرام بالإجماع كما قال النووي، فيجب على كل عالم في بلد أن ينهي عن هذه المنكرات والبدع والخرافات ويبين لهم قبحها وسوء عاقبتها، ويدلهم على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وما ذهب إليه أئمة الدين من بعده، وأن يخلص لهم في القول مراعيا الحكمة والموعظة الحسنة، فإنه إن فعل ذلك جنى ثمرة قوله وإلا كان آثما، هذا فيما يختص باتباع الجنازة بصوت أو نار (وأما إتباع النساء الجنازة) فظاهر النهي عنه التحريم كما أسلفنا، لكن النووي رحمه الله يكره لهن إتباعها ولا يحرم، قال وهذا هو الصواب، وهو الذي قاله أصحابنا قال وأما قول الشيخ نصر المقدمي رحمه الله، لا يجوز للنساء إتباع الجنازة فمحمول على كراهة التنزيه، فإن أراد به التحريم فهو مردود مخالف لقول الأصحاب بل للحديث الصحيح، قالت أم عطية رضي الله عنها "نهينا عن إتباع الجنائز ولم يعزم علينا، رواه البخاري ومسلم

.

_ وهذا الحديث مرفوع، فهذه الصيغة معناها رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما تقرر في كتب الحديث والأصول، وقولها "ولم يعزم علينا" معناه نهانا نهيا شديدا غير محتم، ومعناه كراهة تنزيه ليس بحرام، وأما الحديث المروي عن علي رضي الله عنه قال "خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا نسوة جلوس قال ما يجلسكن؟ قلن ننتظر الجنازة، قال هل تغسلن؟ قلن لا، قال هـ لتحملن؟ قلن لا، قال هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن لا، قال فارجعن مأزورات غير مأجورات" فرواه ابن ماجه بإسناد ضعيف من رواية إسماعيل بن سليمان الأزرق، ونقل ابن أبي حاتم تضعيفه عن أعلام هذا الفن، وأما حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة رضي الله عنها ما أخرجك من بيتك (فذكر حديث فاطمة المذكور في أحاديث الباب ثم قال) فرواه أحمد بن حنبل وأبو داوود والنسائي بإسناد ضعيف "ثم قال" هذا الذي ذكرناه من كراهة ابتاع النسوة الجنازة (هو مذهبنا ومذهب جماهير العلماء) حكاه ابن المنذر عن ابن مسعود وابن عمر وأبي أمامة وعائشة ومسروق والحسن والنخعي والأوزاعي (وأحمد واسحق وبه قال الثوري) وعن أبي الدرداء والزهري وربيعة أنهم لم ينكروا ذلك (ولم يكرهه مالك إلا لشابة) وحكى العبدري عن مالك أنه يكره إلا أن يكون الميت ولدها أو والدها أو زوجها وكانت ممن يخرج مثلها لمثله "ثم قال" دليلنا حديث أم عطية أهـ (وقال القرطبي) ظاهر سياق أم عطية أن النهي نهي تنزيه وبه قال جمهور أهل العلم (ومال مالك إلى الجواز) وهو قول أهل المدينة، ويدل على الجواز ما رواه ابن أبي شيبة من طريق محمد بن عمرو بن عطاء عن أبي هريرة "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في جنازة فرأي عمر امرأة فصاح فقال بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعها يا عمر- الحديث" (قلت بقيته فإن العين دامعة والنفس مصابة والعهد قريب- هكذا في مصنف ابن أبي شيبة) قال وأخرجه ابن ماجة والنسائي من هذا الوجه، ومن طريق آخر عن محمد بن عمرو ابن عطاء عن سلمة بن الأزرق عن أبي هريرة ورجاله ثقات أهـ (قلت) وأخرجه أيضا من هذا الوجه الإمام أحمد إلا أنه كان في نساء اجتمعن يبكين لا في نساء اتبعن الجنازة كما صرح فيه بذلك، وتقدم في باب الرخصة في البكاء من غير نوح، والعمدة في أحاديث الباب حديث أم عطية، وهو وإن كان سياقه يدل على النهي فيه للتنزيه، إلا أن العلماء خصصوه بذلك الزمن حيث كان يباح لهن الخروج إلى المساجد والأعياد، ومع هذا فقد قالت عائشة رضي الله عنها "لو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي من النساء ما رأينا لمنعهن من المساجد كما منعت بنو إسرائيل نساءها" رواه الأمام أحمد وهذا لفظه، وتقدم رقم 1342 صحيفة 201 في الجزء الخامس، ورواه أيضا الشيخان وأبو داود والبيهقي، وهذا في نساء زمنها

(4) باب من اتبع جنازة فلا يجلس حتى توضع وماجاء في القيام للجنازة إذا مرت (217) عن ابي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها فمن اتبعها فلا يقعد حتى وتضع هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى على جنازة فلم يمش معها فليقم حتى تغيب عنه

_ فما ظنك بنساء زماننا، وهذا الأثر مع الآثار التي ذكرناها في الزوائد تقوى ضعف الأحاديث التي جاءت في الباب دالة على التحريم (قال ابن الحاج رحمه الله تعالى في كتابه المدخل) واعلم أن الخلاف المذكور بين الأئمة إنما هو في نساء ذلك الزمان "يعني زمان الصحابة والتابعين" وكن على ما يعلم من عادتهن في الاتباع، وأما خروجهن في هذا الزمان فمعاذ الله أن يقول أحد من العلماء أو من له مروءة أو غيره في الدين بجواز ذلك، فإن وقعت ضرورة للخروج فليكن ذلك على ما يعلم في الشرع من الستر، لا على ما يعلم من عادتهن الذميمة في هذا، والله أعلم أهـ. فهذا ابن الحاج يقبح ما كان عليه النساء في زمانه الذي هو آخر القرن السابع وأول القرن الثامن، فما بالك بنساء زماننا اللائي يخرجن رافعات أصواتهن بالنياحة والبكاء، شاقات جيوبهن، كاشفات صدورهن، واضعات ف يوجوههن السواد علامة الحداد، نعوذ بالله من ذلك وبرأ إليه منه، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم اللهم اهدنا رجالا ونساء إلى سبيل الرشاد، واغفر لنا يوم التناد آمين. (217) آعن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن هشام ثنا يحيى عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري- الحديث" (غريبه) (1) فيه مشروعية القيام للجنازة إذا مرت لمن كان قاعدا، وسيأتي الكلام عليه في الأحكام (2) أي على الأرض كما في رواية عند البيهقي وأبي داود من حديث أبي هريرة (تخريجه) (ق. هق. والثلاثة) (218) 'عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن إبراهيم قال أتيت سعيد بن مرجانة فسألته فقال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من صلى على جنازة - الحديث" (غريبه) (3) أي تتوارى كما في رواية عند مسلم من حديث

ومن مشى معها فلا يجلس حتى توضع (219) ز عن عثمان رضي الله عنه أنه رأي جنازة فقام إليها وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم رأي جنازة فقام لها

_ جابر قال قام النبي صلى الله عليه وسلم لجنازة مرت به حتى توارت (1) زاد فيه أبو داود من طريق سفيان الثوري عن سهيل عن أبيه عن ابي هريرة قال "حتى توضع بالأرض" قال ورواه أبو معاوية عن سهيل، قال "حتى توضع في اللحد" (قال أبو داود) وسفيان أحفظ من أبي معاوية أهـ. فعلم من هذا أن أبا داود رجح الرواية الأولى وهي قوله "حتى توضح في اللحد" وكذلك أِشار البخاري إلى ترجيحها بقوله (باب من شيد جنازة فلا يقعد حتى توضع عن مناكب الرجال) وأخرج أبو نعيم عن سهيل قال رأيت ابا صالح لا يجلس حتى توضع عن مناكب الرجال، وهذا يدل على أن الرواية الأولى أرجح، لأن ابا صالح راوي حديث، وهو أعرف بالمراد منه، وقد تمسك بالرواية الثانية صاحب المحيط من الحنفية فقال الأفضل أن لا يقعد حتى يهال عليها التراب وخالفه الجمهور، ويؤيدها ما ذهب إليه الجمهور حديث البراء بن عازب رضي الله عنه "قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وجلسنا حوله- الحديث" رواه الأمام أحمد، وتقدم صحيفة 74 رقم 53 في الجزء السابع في باب ما يراه المحتضر الخ (تخريجه) (طح) بلفظ حديث الباب ورواه (د. هق) مقتصرين على الشق الثاني منه، ولفظه عن البيهقي من طريق قاسم بن يزيد الجرمي قال حدثنا الثوري عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أتبع أحدكم جنازة فلا يجلس حتى توضع في الأرض" ويعضده حديث أبي سعيد قبله. (219) "ز" عن عثمان رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبدالله ثنا إسماعيل أبو معمر ثنا يحيى بن سليم الطائفي عن إسماعيل بن أمية عن موسى بن عمران بن مباح عن أبان بن عثمان - الحديث (تخريجه) (طح) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار، وفيه موسى بن عمران بن مباح، ولم أجد منذ ترجمة بما يشفى (قلت) هذا الحديث من زوائد عبدالله بن الأمام أحمد على مسند أبيه، وموسى بن عمران قد ترجمه الحافظ في تعجيل المنفعة فقال: موسى بن عمران بن مباح عن أبان بن عثمان؛ وعنه إسماعيل بن أمية ليس بمشهور، قال وذكره ابن حبان في الثقات أهـ (قلت) ويشهد له أحاديث الباب، والله أعلم

(220) عن عامر بن ربيعة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذ رأى أحدكم الجنازة ولم يكن ماشيا معها فليقم حتى تجاوزه أو توضع (وعنه من طريق ثان) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال إذا رأيت جنازة فقم حتى تجاوزك أو قال قف حتى تجاوزك. (221) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يحيى ووكيع عن زكريا حدثني عامر قال كان أبو سعيد ومروان جالسين فمر عليهما بجنازة، فقام أبو سعيد فقال مروان اجلس، فقال أبو سعيد رأيت رسول الله صلى الله عليه وعليه وسلم قام، فقام مروان، وقال وكيع مرت به جنازة فقام

_ (220) عن عامر بن ربيعة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني ابي ثنا يحيى بن عبيد الله قال أخبرني نافع عن ابن عمر عن عامر بن ربيعة - الحديث" (غريبه) (1) أي لم يكن ممن يشيعونها بل مرت عليه "فليقم حتى تجاوزه" اي تتركه وراءها "أو توضع" يعني من على أعناق الرجال على الأرض كما تقدم تحقيق ذلك في شرح الحديث الثاني من أحاديث الباب (2) (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا ابن عون عن نافع عن ابن عمر عن عامر بن ربيعة عن النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث" (3) أو للشك من الراوي، هل قال فقم حتى تجاوزك، أو قال. قف. والمعنى واحد (تخريجه) (ق. فع. هق. والأربعة) وزاد الأمام أحمد في الطريق الثانية قال "يعني نافع" وكان ابن عمر إذا رأى جنازة قام حتى تجاوزه، وكان والأربعة) وزاد الأمام أحمد في الطريق الثانية قال "يعني نافع" وكان ابن عمر إذا رأى جنازة قام حتى تجاوزه، وكان إذا خرج مع جنازة ولي ظهره المقابر، وله أيضا بلفظ آخر قال فكان ابن عمر ربما تقدم الجنازة فقعد حتى إذا رآها قد أشرفت قام حتى توضع وربما سترته (رواه ابن أبي شيبة) في مصنفه من طريق الزهري عن سالم عن أبيه عن عامر بن ربيعة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال فإذا رأيتم الجنازة فقوموا لها حتى تلحقكم أو توضع. (221) حدثنا عبدالله (غريبه) (4) يعني وقال وكيع في رواية "فقال أبو سعيد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام مروان" (وفي رواية أخرى لأمام أحمد) من طريق الشعبي عن أبي سعيد قال مر على مروان بجنازة فلم يقم قال فقال أبو سعيد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فقام قال فقام مروان" (تخريجه) (ش. طح) وسنده جيد.

(222) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن أبي ذئب عن المقبري عن أبيه عن أبي هريرة أنه كان جالسا مع مروان فمرت جنازة فمر به أبو سعيد فقال قم أيها الأمير فقد علم هذا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا تبع جنازة لم يجلس حتى توضع

_ (222) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع (غريبه) (1) اي في المقبرة بعد أن صلى مروان على الجنازة إماما، لأنه كان إذ ذاك أميرا "وقوله فمرت جنازة" أي وهو جالس مع أبي هريرة قبل أن توضع، وهي الجنازة التي صلى عليها كما يستفاد ذلك من رواية الحاكم من طريق ابن عبد الرحمن عن أبيه أنه شهد جنازة صلى عليها مروان بن الحكم فذهب أبو هريرة مع مروان حتى جلسا في المقبرة (ومن رواية البخاري) من طريق سعيد المقبري عن أبيه؛ قال كنا في جنازة فأخذ أبو هريرة رضي الله عنه بيد مروان فجلسا قبل أن توضع (2) أي مر أبو سعيد بمروان وهو جالس مع أبي هريرة "وقوله فقد علم هذا" يعني أبا هريرة (وفي رواية البخاري) فجاء أبو سعيد رضي عنه فأخذ بيد مروان فقال قم فوالله لقد علم هذا النبي صلى الله عليه وسلم نهانا عن ذلك؛ فقال أبو هريرة صدق (ورواية الحاكم) فجاء أبو سعيد الخدري، فقال لمروان أرني يدك فأعطاه يده، فقال قم فقام، ثم قال مروان لم أقمتني؟ فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأي جنازة قام حتى يمر بها ويقول إن الموت فزع، فقال مروان أصدق يا أبا هريرة؟ قال نعم، فما منعك أن تخبرني؟ قال كنت إماما فجلست فجلست، قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذه السياقة (قلت) وأقره الذهبي (قال الحافظ) فعرف بهذا أن أبا هريرة لم يكن يراه واجبا، وأن مروان لم يكن يعرف حكم المسألة قبل ذلك، وأنه بادر إلى العمل بها بخبر أبي سعيد أهـ (تخريجه) (خ. ك. هق) ويستفاد من هذا الحديث أن ابا سعيد لم يكن جالسا مع مروان بل مر عليه وهو جالس مع ابي هريرة، والحديث الذي قبله يفيد أن أبا سعيد هو الذي كان جالسا مع مروان، وظاهر هذا التناقض، ويجمع بينهما بتعدد الواقعة، وأن هذا خاص بمن صلى على جنازة وجلس قبل أن توضع، وذاك خاص بمن مرت عليه جنازة فلم يقم، والله أعلم

فصل منه في القيام لجنازة الكافر (223) عن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما أنه سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم، فقال يا رسول الله تمر بنا جنازة الكافر أفنقوم لها؟ قال نعم قوموا لها، فإنكم لستم تقومون لها، وإنما تقومون إعظاما للذي يقبض النفوس. (224) حدثنا عبدالله أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريح أخبرنا ابو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول قام النبي صلى الله عليه وسلم لجنازة مرت به حتى توارت قال فأخبرني أبو الزبير أيضا أنه سمع جابر بن عبد الله يقول قام النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه لجنازة يهودي حتى توارت. (225) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما مرت بنا جنازة

_ (223) عن عبد الله بن عمرو بن العاص (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن الحبلي عن عبدالله بن عمرة - الحديث" (غريبه) (1) المعنى أنكم لا تقومون إعظاما للجنازة، وإنما تقومون إعظاما لله عز وجل الذي قهر الخلق بقبض أرواحهم وصيرهم جثة هامدة بعد أن كانوا أحياء، فالقيام عند رؤية الجنازة سواء كانت جنازة مسلم أو يهودي أو نصراني أو غير ذلك مذكر بعظمة الله تعالى وقهره، منبه للإنسان من الغفلة والاغترار بالدنيا (تخريجه) (حب. ك) وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير، ورجال أحمد ثقات (224) حدثنا عبد الله (غريبه) (2) أي اختفت، وقوله "قال فأخبرني" القائل فأخبرني هو ابن جريح يريد أن أبا الزبير أخبره بالروايتين عن جابر، ويستفاد من الرواية الثانية أنه صلى الله عليه وسلم قام مع أصحابه لجنازة يهودي (تخريجه) (ق. هق. طح) (225) عن جابر بن عبدالله (سنده) حدثنا عبدالله حدثني ابي ثنا يحيى عن هشام (ح) وعبد الوهاب الخفاف ثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن عبيد بن مقسم\

فقام لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمنا معه، فقلت يا رسول الله إنه جنازة يهودي قال إن الموت فزع فإذا رأيتم الجنازة فقوموا (وعنه من طريق ثان) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقمنا معه فذهبنا لنحملها إذا هي جنازة يهودية فقلنا يا رسول الله إنها جنازة يهودية قال إن للموت فزعا، فإذا رايتم الجنازة فقوموا لها (226) عن ابي هريرة رضي الله عنه قال مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ عن جابر - الحديث (غريبه) (1) قال القرطبي معناه إن الموت يفزع منه إشارة إلى استعظامه، ومقصود الحديث لا يستمر الإنسان على الغفلة بعد رؤية الموت لما يشعر ذلك من التساهل بأمر الموت، فم ثم استوى فيه كون الميت مسلما أو غير ذلك، وقال غيره جعل نفس الموت فزعا مبالغا كما يقال رجل عدل (قال البيضاوي) هو مصدر جري مجري الوصف للمبالغة أو فيه تقدير، أي الموت ذو فزع أهـ. (قال الحافظ) ويؤيده الثاني رواية ابي سلمة عن ابي هريرة بلفظ "إن للموت فزعا) أخرجه ابن ماجه، وعن ابن عباس مثله عند البزار قال، وفيه تنبيه على أن تلك الحالة ينبغي لمن رآها أن يقلق من أجلها ويضطرب ولا يظهر منه عدم الاحتفال والمبالاة (2) (سنده) حدثنا عبدالله حدثتي أبي حدثنا أبو المغيرة حدثنا الأوزاعي حدثني يحيى بن ابي كثير حدثني عبيد الله بن مقسم حدثني جابر بن عبد الله قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث (3) أي فلم نحنل فيها وإذا للمفاجأة، وفي رواية للأمام أحمد ايضا (فإذا هي يهودي أو يهودية" بالشك من الراوي، وعند أبي داود "إذ هي جنازة يهودي (تخريجه) (ق. د. نس. هق. طح) وأخرجه الحاكم من حديث أنس مرفوعا ولفظه "إن جنازة يهودي مرت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقام، فقالوا يا رسول الله إنها جنازة يهودي، فقال إنما قمت للملائكة" (قال الحاكم) هذا حديث على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذا اللفظ غير أنهما قد اتفقا على حديث عبدالله بن مقسم عن جابر في القيام لجنازة اليهودي (قلت) وأقره الذهبي (226) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا محمد بن بشرتنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم

بجنازة فقال قوموا فإن للموت فزعا (وعنه من طريق ثان) أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مرت به جنازة يهودي، فقام فقيل له يا رسول الله إنها جنازة يهودي\ن فقال إن للموت فزعا. (227) عن أبي ليلى أن سهل بن حنيف وقيس بن سعد كانا قاعدين بالقادسية فمروا بجنازة فقاما فقيل إنما هو من أهل الأرض فقالا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم مروا عليه بجنازة فقام فقيل له إنه يهودي فقال أليست نفسا. (228) عن خارجة بن زيد عن عمه يزيد بن ثابت رضي الله عنه أنه

_ - الحديث (غريبه) (1) أي تعظيما لهول الموت وفزعه لا تعظيما للميت، فلا يختص القيام بميت دون ميت، بل كل الناس فيه سواء مسلمهم وكافرهم، كما يستفاد من الطريق الثانية حيث قيل له يا رسول الله إنها جنازة يهودي، فقال إن للموت فزعا (2) (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة - الحديث" (تخريجه) (جه) بدون ذكر اليهودي، وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله ثقات، وروى نحوه البزار من حديث ابن عباس (وقال) فيه تنبيه على أن تلك الحالة ينبغي لمن رآها أن يقلق من أجلها ويضطرب ولا يظهر منه عدم الاحتفال والمبالاة. (227) عن أبن أبي ليلى (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن شعيبة ومحمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مرة على ابن أبي ليلى- الحديث" (غريبه) (3) بالقاف وكسر الدال والسين المهملتين وتشديد التحتية، مدينة صغيرة ذات نخل ومياه بينها وبين الكوفة مرحلتان أو خمسة عشر فرسخا في طريق الحاج، وبها كانت وقعة القادسية في أيام عمر بن الخطاب رضي الله عنه (4) أي من أهل الذمة كما فسر بذلك في رواية البخاري، والمعنى أنهم من أهل الجزية المقربين بأرضهم، لأن المسلمين لما فتحوا البلاد أقر وهم على عمل الأرض وحمل الخراج (5) أي ليست نفعا ماتت فالقيام لها لأجل صعوبة الموت وتذكره لا لذات الميت فكأنه إذا قام كان أشد لتذكرة، قاله ابن بطال (قلت) وفيه تعظيم الله الذي خلق الموت، فقوله هنا أليست نفسا لا ينافي التعليل بالفزع في الحديث السابق، لأن ذلك كله يرجع إلى تعظيم الله عز وجل (تخريجه) (ق. نس. هق. ش) (228) عن خارجة بن يزيد (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا ابن نمير

كان جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم في أصحابه فطلعت جنازة، فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثار وثار أصحابه معه فلم يزالوا قياما حتى نفذت قال والله ما أدري من تأذ بها أو من تضايق المكان ولا أحسبها إلا يهوديا أو يهودية، وما سألنا عن قيامه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

_ عن عثمان يعني ابن حكيم عن خارجة بن زيد - الحديث (غريبه) (1) أي نهضوا قياما مسرعين (2) أي مضت (3) أي يريحها كما في بعض الروايات، وستأتي من حديث الحسن في الباب التالي (4) أي الجنازة، وقوله يهوديا الخ أي جنازة يهودي أو يهودية (وقوله وما سألنا عن قيامه) أي عن سبب قيامه، والسبب معلوم من الأحاديث المتقدمة وهو تعظيم الله عز وجل وتذكر الموت لا تعظيم الجنازة (تخريجه) (نس. ش) وسنده جيد (زوائد الباب) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن جنازة مرت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فقيل إنها جنازة يهودي، فقال إنما قمنا للملائكة (نس. ك) ورجاله رجال الصحيح (وعن جعفر عن أبيه) قال كان الحسن بن علي رضي الله عنهما جالسا مر عليه بجنازة يهودي فقام، ثم قال مر بجنازة يهودي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريقها جالسا فكره أن يعلوا رأسه جنازة يهودي فقام (نس. ش) (وعن ابن أبي ليلى) أن أبا موسى وأبا مسعود مرت بهما جنازة فقاما (ش) وسنده جيد (وعن الوليد بن المهاجر) قال رأيت الشعبي مرت به جنازة فقام (ش) (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مرت به جنازة فقام فقيل له، فقال إن الموت فزع (بز) وفيه قيس بن الربيع الأسدي وفيه كلام (وعن ابن عمر رضي الله عنهما) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قام لجنازة يهودي مرت عليه (طب) وفيه أبو يحيى القتات وفيه كلام (قال الجاحظ) في التقريب أبو يحيى القتات بقاف ومثناه مثقلة آخره مثناة أيضا الكوفي اسمه ذاذان، وقيل دينار، وقيل مسلم، وقيل يزيد وقيل زبان وقيل عبد الرحمن، لين الحديث من السادسة (وعن عائشة رضي الله عنها) قالت إنما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة يهودي مر عليه (بز) وإسناده حسن (الأحكام) أحاديث الباب فيها النهي عن جلوس الماشي مع الجنازة حتى توضع على الأرض (وفيها) الأمر بأن من مرت به جنازة وهو جالس فليقم حتى تجاوزه سواء أكانت جنازة مسلم أم كافر (وقد اختلف العلماء) في ذلك، فذهب إلى استحباب عدم جلوس الماشي معها حتى توضع، الاوزاعي واسحاق وأحمد ومحمد بن الحسن، حكى ذلك عنهم القاضي عياض،

(4) باب من قال بنسخ القيام للجنازة (229) عن ليث عن أبي بردة بن ابي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مرت بكم جنازة فإن كان مسلما أو يهوديا أو نصرانيا فقوموا لها، فإنه ليس لها نقوم، ولكن نقوم لمن معها من الملائكة، قال ليث فذكرت هذا الحديث لمجاهد، فقال حدثني عبدالله بن سخبرة

_ ونقله ابن المنذر عن أكثر الصحابة والتابعين، قالوا والنسخ إنما هو في قيام من مرت به لا في قيام من شيعها، وحكى الحافظ عن الشعبي والنخعي أنه يكره القيام قبل أن توضع، (وذهب بعض السلف) إلى وجوب القيام لما في أحاديث الباب من النهي عن الجلوس قبل وضعها وهو حقيقة للتحريم، وترك الحرام واجب (قال القاضي عياض) واختلفوا في القيام على القبر حتى تدفن، فكرهه قوم وعمل به آخرون، وروى ذلك عن عثمان وعلي وابن عمر وغيرهم رضي الله عنهم أهـ (واختلفوا أيضا) فيمن مرت به جنازة وهو جالس هل يقوم أم لا؟ فذهب الأمام أحمد وإسحق وابن حبيب وابن الماجشون المالكيان إلى أن القيام للجنازة لم ينسخ والقعود منه صلى الله عليه وسلم كما في الحديث على الآتي في الباب التالي إنما هو لبيان الجواز، فمن جلس فهو في سعة، من قام فله أجر، وكذا قال ابن حزم إن قعوده صلى الله عليه وسلم بعد أمره بالقيام يدل على أن الأمر للندب ولا يجوز أن يكون نسخا (وقال النووي) المختار أنه مستحب، وبه قال المتولي وصاحب المهذب من الشافعية، وممن ذهب إلى استحباب القيام ابن عمر وابن مسعود وقيس بن سعد وسهل بن حنيف كما يدل على ذلك رواياتهم المذكورة في الباب (وقال مالك وأبو حنيفة والشافعي) إن القيام منسوخ بحديث على الآتي (قال الشافعي) رحمه الله إما أن يكون القيام منسوخا أو يكون لعلة، وأيهما كان فقد ثبت أنه تركه بعد فعله، والحجة في الآخر من أمره والقعود أحب إلي، حكاه الحافظ وسيأتي تحقيق ما إذا كانت أحاديث القيام منسوخة أم لا في أحكام الباب التالي إن شاء الله، والله الموفق (229) عن ليث عن أبي بردة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا أبو النضر قال ثنا أبو معاوية يعني شيبان عن ليث عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري - الحديث" (غريبه) (1) هو ابن أبي سليم، وستأتي ترجمته في تخريج هذا الحديث

الأزدي قال إنا لجلوس مع علي رضي الله عنه ننتظر جنازة إذ مرت بنا أخرى فقمنا، فقال علي رضي الله عنه ما يقيمكم، فقلنا هذا ما تأتونا به يا أصحاب محمد قال وما ذاك؟ قلت زعم أبو موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا مرت بكم فإن كان مسلما أو يهوديا أو نصرانيا فقوموا لها فإنه ليس لها نقوم، ولكن نقوم لمن معها من الملائكة، فقال علي رضي الله عنه ما فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم قط غير مرة برجل من اليهود وكانوا أهل كتاب وكان يتشبه بهم فإذا نهى انتهى فما عاد لها بعد. (230) عن أبي معمر قال كنا مع علي رضي الله عنه فمر جنازة فقام لها ناس فقال علي رضي الله عنه من أفتاكم هذا؟ فقالوا أبو موسى فقال إنما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مرة فكان

_ (1) أي هذا القيام الذي تراه منا ما عرفناه إلا منكم وما نقلناه إلا عنكم لأنكم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعرف الناس بفعله وبكم نقتدي (2) تشبه النبي صلى الله عليه وسلم بأهل الكتاب إنما كان في الأمور المستحسنة التي لم ينزل عليه بها وحي، فكان يتشبه بهم فيها لأنهم أهل كتاب ومصدرها من عند الله عز وجل "فإذا نهى انتهى" يعني فلما نهاه الله عز وجل عن ذلك انتهى فما عاد لها بعد النهي (تخريجه) روى البيهقي وابن أبي شيبة منه حديث أبي موسى، وروى الباقي منه الطحاوي، ورواه الحازمي في الاعتبار بطوله، وأورده الهيثمي بطوله، وقال حديث علي رواه النسائي باختصار "يعني ما ذكره علي ضمن هذا الحديث" ثم قال رواه أحمد "يعني حديث الباب" وفيه ليث بن ابي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس أهـ (قلت) قال في الخلاصة ليث بن أبي سليم القرشي الكوفي أحد العلماء والنساك عن عكرمة وغيره وعنه معمر وشعبة والثوري وخلق، قال أحمد مضطرب الحديث، وقال الفضيل بن عياض ليث أعلم أهل الكوفة بالمناسك، وقال الدارقطني إنما أنكروا عليه الجمع بين عطاء وطاوس ومجاهد، قال مطين مات سنة ثلاث وأربعين ومائة. قرنه مسلم بآخر أهـ (230) عن ابي معمر (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق

يتشبه بأهل الكتاب، لما نهي انتهى (231) عن واقد بن عمرة بن سعد بن معاذ قال شهدت جنازة في بني سلمة فقمت فقال لي نافع بن جبير اجلس فإني سأخبرك في هذا بثبت حدثني مسعود بن الحكم الزرقي أنه سمع علي بن ابي طالب رضي الله عنه برحبة الكوفة وهو يقول كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أمرنا بالقيام في الجنازة، ثم جلس بعد ذلك وأمرنا بالجلوس. (232) عن يزيد يعني بن إبراهيم وهو التستري انبأنا محمد نبئت أن جنازة مرت على الحسن بن علي وابن عباس رضي الله عنهم فقام الحسن وقعد ابن عباس، فقال الحسن لابن عباس ألم تر إلى النبي صلى الله عليه

_ أخبرنا سفيان عن ليث عن مجاهد عن أبي معمر - الحديث" (تخريجه) (ش) وفي إسناده عند الإمام أحمد ليث بن أبي سليم، وتقدم الكلام عليه في تخريج الحديث السابق وسنده عن ابن أبي شيبة جيد. (231) عن واقد بن عمرو (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم عن محمد بن عمرو وقال حدثني واقد بن عمرو - الحديث" (غريبه) (1) بكسر اللام قبيلة من الأنصار (2) بفتح الثاء المثلثة والباء الموحدة كسبب اي بحجة، تقول لا أحكم بكذا إلا بثبت بفتح الباء أي حجة (3) أي رحبة مسجد الكوفة، وأصل الرحبة المكان الواسع ورحبة المسجد ساحته (تخريجه) أخرجه ابن حبان بلفظ حديث الباب والبيهقي بلفظ "ثم قعد بعد ذلك وأمرهم بالقعود" ومسلم بلفظ "رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فقمنا وقعد فقعدنا يعني في الجنازة" وله في أخرى "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام ثم قعد" وأبو داود والترمذي والنسائي بنحوها مقتصرين إلى قوله "ثم قعد" (والشافعي) في مسنده بلفظ "كان يقوم في ال جنائز ثم جلس" وابن ماجه بلفظ "قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمنا حتى جلس فجلسنا" وأسانيدهم جميعا جيدة. (232) عن يزيد بن إبراهيم (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عفان ثنا يزيد يعني ابن إبراهيم وهو التستري- الحديث" (غريبه) (4) هو ابن سيرين

وعلى آله وصحبه وسلم مرت به جنازة فقام، فقال ابن عباس بلى وقد جلس، فلم ينكر الحسن ما قال ابن عباس رضي الله عنهم (233) عن الحسن بن علي رضي الله عنهما أنه مر بهم جنازة فقام القوم ولم يقم، فقال الحسن ما صنعتم؟ إنما قام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تأذيا يريح اليهودي. (234) عن حسين وابن عباس أو عن أحدهما (رضي الله عنهما) أنه قال إنما قال إنما قام رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من أجل جنازة

_ (تخريجه) (نس. هق. ش) وأشار إليه الترمزي ورجاله ثقات (233) عن الحسن بن علي (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عفان أنا حماد عن الحجاج بن أرطأة عن محمد بن علي عن الحسن بن علي رضي الله عنهما - الحديث" (غريبه) (1) زاد الطبراني من حديث عبدالله بن عياش (بالتحتانية والمعجمة) فأذاه ريح بخورها (وللطبراني والبيهقي) من وجه آخر عن الحسن كراهية أن تعلو رأسه، وهذا التعليل لا يعارض التلعيل الذي مر في الأحاديث السابقة من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عبدالله بن عمرو "إنما تقومون إعظاما للذي يقبض النفوس" وفي حديث جابر "إن ابن سعد "أليست نفسا" وفي حديث أنس عند الحاكم وغيره "إنما قمنا للملائكة" وفي حديث عبدالله بن عمرو عند ابن حبان "إنما تقومون إعظاما لله الذي يقبض الأرواح" لأن التعليل هنا راجع إلى فهمه الراوي، والتعليل الماضي صريح من لفظ النبي صلى الله عليه وسلم فكأن الراوي هنا لم يسمع التصريح بالتعليل منه صلى الله عليه وسلم فعلل باجتهاده، وبعضهم تردد في التعليل كما في حديث يزيد بن ثابت "قال والله ما أدري من تأه بها أو من تضايق المكان" فالتعليل هناك أوضح قبلا وأصح دليلا (تخريجه) (ط) وفيه الحجاج بن ارطأة مختلف فيه، ورواه (أنس. هق. طب) من وجه آخر فيه "كراهية أن تعلو رأسه" بدل قوله تأذيا بريح اليهودي. (234) عن حسين وابن عباس (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن جريح قال سمعت محمد بن علي بزعم عن حسين وابن عباس أو عن

يهودي مر بها عليه فقال أذاني ريحها

_ أحدهما - الحديث (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الأوسط بنحوه ورجاله رجال الصحيح (زوائد الباب) (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم في الجنازة حتى توضع في اللحد فمر به خبر من اليهود فقال هكذا نفعل، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم وقال اجلسوا خالفوهم (د. جه. بز. هق. طح. مذ) وقال حديث غريب (وعن زيد بن وهب) قال تذاكرنا القيام عند الجنازة عند علي فقال أبو محمود ما زلنا نفعله، فقال علي صدقت ذاك وأنتم يهود (طب) قال الهيثمي اسناده حسن (وعن أبي اسحق) قال كان أصحاب علي وأصحاب عبدالله لم يقوموا للجنائز إذا مرت بهم (ش) (وعن ليث) قال كان عطاء ومجاهد يريان الجنازة لا يقومان لها (ش) (الأحكام) أحاديث الباب منها ما يدل على جواز ترك القيام للجنازة (ومنها) ما يدل على نسخه (أي وجوب تركه) وليس فيها ما يدل على النسخ صراحة إلا حديث علي رضي الله عنه الثالث من أحاديث الباب، حديث عبادة بن الصامت من الزوائد "أما حديث علي رضي الله عنه" فهو صحيح، رواه البيهقي وابن حبان وفيه "ثم جلس بعد ذلك وأمرتا بالجلوس" فهو صريح في النسخ، لكن رواه الأمام مالك ومسلم وأبو داود والترمذي بسند أصح إلى قوله ثم قعد (وعند مالك) ورواية لمسلم "ثم جاس" بدون الزيادة التي جاءت في حديث الباب وهي قوله "وأمرنا بالجلوس" وهو بدون الزيادة لا يدل على النسخ (وأما حديث عبادة) فقد رواه أبو داود والترمذي وابن ماجه والبزار، وفي اسناده بشر بن رافع كما قال الترمذي (وقال البزار) تفرد به بشر وهو لين (قال الترمذي) حديث عبادة غريب، قال أبو بكر الهمداني لو صح لكان صريحا في النسخ غير أن حديث ابي سعيد أصح وأثبت فلا يقاومه هذا الإسناد أهـ (قلت) حديث ابي سعيد تقدم في أول الباب السابق مرفوعا بلفظ "إذا رأيتم الجنازة فقوموا لها فمن اتبعها فلا يقعد حتى توضع " رواه الشيخان والثلاثة وغيرهم (لهذا اختلفت أنظار العلماء) فذهب قوم إلى أن القيام للجنازة لم ينسخ، وتقدم ذكرهم في أحكام الباب السابق وحملوا أحاديث الباب على بيان الجواز، وأن قعوده صلى الله عليه وسلم بعد أمره بالقيام يدل على أن الأمر للندب ولا يجوز أن يكون ناسخا، وأجابوا عن حديث عبادة وإن كانوا صريحا في النسخ بأنه ضعيف لا يجوز أن يستند في نسخ تلك الثنة الثابتة بالأحاديث الصحيحة من طريق جماعة من الصحابة إلى مثله، بل المتحتم الأخذ بها واعتقاده مشروعيتها حتى يصح ناسخ صحيح

.

_ ولا يكون إلا بأمر بالجلوس أو نهي عن القيام أو أخبار من الشارع بأن تلك السنة منسوخة بكذا (وأجابوا عن حديث علي رضي الله عنه) بأن اقتصار جمهور المخرجين له وحفاظهم على مجرد القعود بدون ذكر زيادة الأمر بالجلوس مما يوجب عدم الاطمئنان والتمسك بها في النسخ لما هو من الصحة في الغاية، لا سيما بعد أن شد من عضدها عمل جماعة من الصحابة بها يبعد ك البعد أن يخفي على مثلهم الناسخ، ووقوع ذلك منهم بعد عصر النبوة "ويمكن الجواب على ذلك" بأن اقتصار جمهور المخرجين على مجرد ذكر القعود لا ينافي صحة الزيادة، فقد خرجها غيرهم من طرق مختلفة، وزيادة الثقة مقبولة، وبأ، الأمر بالجلوس لا يعارض بفعل القيام من بعض الصحابة بعد أيام النبوة، لا سيما وقد تركه بعض الصحابة أيضا عملا بالأمر بالجلوس، ومن علم حجة علي من لم يعلم، وحديث عبادة وإن كان ضعيفا فهو لا يقصر عن كونه شاهدا لحديث الأمر بالجلوس (وذهب آخرون) إلى أن الأمر بالقيام منسوخ (قال الحازمي في الاعتبار) وقال أكثرهم أهل العلم ليس على أحد القيام للجنازة، روينا ذلك عن علي بن أبي طالب والحسن بن علي وعلقمة والأسود والنخعي ونافع بن جبير وفعلة سعيد المسيب، وبه قال عروة بن الزبير ومالك وأهل الحجاز والشافعي وأصحابه، وذهبوا إلى أن الأمر بالقيام منسوخ وتمسكوا في ذلك بأحاديث، ذكر الحازمي منها حديث علي "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم في الجنائز ثم جلس بعد" وقال هذا حديث صحيح أخرجه مسلم في الصحيح من حديث ليث بن سعد عن يحيى بن سعيد (ومنها) حديث علي الثالث من أحاديث الباب (منها) حديث أبي معمر الثاني من أحاديث الباب وفيه "فلما نسخ ذلك ونهى عنه انتهى" ولفظ النسخ ليس موجودا في رواية الإمام أحمد (ومنها) حديث ليث الأول من أحاديث الباب، ثم قال (قال الشافعي) فقد جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم تركه بعد فعله والحجة في الآخر من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان الأول واجبا فالآخر من أمره ناسخ. وإن كان استحبابا فالآخر هو الاستحباب، وإن كان مباحا فلا بأس بالقيام والقعود، فالقعود أولى لأنه الآخر من فعله أهـ، وروى الترمذي حديث فقال حدثنا قتيبة قال الليث بن سعد عن يحيى بن سعيد عن واقد وهو ابن عمرو بن سعد بن معاذ عن نافع بن جبير عن مسعود بن الحكم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه ذكر القيام في الجنازة حتى توضع فقال علي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قعد (قال الترمذي) حديث علي حسن صحيح وفيه رواية أربعة م التابعين بعضهم من بعض، والعمل على هذا عند بعض أهل العلم (قال الشافعي) وهذا أصح شيء في هذا الباب، وهذا الحديث ناسخ للحديث الأول (إذا رأيتم الجنازة فقوموا" وقال أحمد إن شاء قام وإن شاء لم يقم

(5) باب ثناء الناس على الميت وشهادتهم (235) عن أنس (بن مالك رضي الله عنه) قال مروا بجنازة فأثنوا عليها خيرا فقال النبي صلى الله عليه وسلم وجبت وجبت وجبت، فقال عمر فداك أبي وأمي مر بجنازة فأثنى عليها خيرا فقلت وجبت وجبت وجبت ومر بجنازة فأثنى عليها شرا فقلت وجبت وجبت وجبت، فقال من أثنيتم عليه خيرا

_ واحتج بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد روي عنه أنه قام ثم قعد وهكذا قال اسحق بن إبراهيم، ومعني قول علي "قام النبي صلى الله عليه وسلم في الجنازة ثم قعد" يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم يقوم إذا رأى الجنازة ثم ترك ذلك بعد فكان لا يقوم إذا رأى الجنازة أهـ. والله أعلم. (235) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا عبد العزيز عن أنس - الحديث" (غريبه) (1) بين الحاكم ما أثنوا عليه به على الميت من رواية النضر بن أنس قال (فقالوا كان يحب الله ورسوله ويعمل بطاعة الله ويسعى فيها) وله أيضا من حديث جابر فقال بعضهم لنعم المرء لقد كان عفيفا مسلما، وفي الجنازة الأخرى فقال بعضهم بئس المرء إنه كان لفظا غليظا (2) أي وجبت له الجنة كما سيأتي في آخر الحديث وكرره ثلاث مرات للتوكيد ومثله في صحيح مسلم (قال النووي) في شرحه هكذا وقع هذا الحديث في الأصول، وجبت وجبت وجبت ثلاث في المواضع الأربعة وأنتم شهداء الله في الأرض ثلاث مرات، قال وفيه استحباب توكيد الكلام المتهم بتكراره ليحفظ وليكون أبلغ (3) استعمال الثناء في الشر لغة شاذة لكنه استعمل هنا للمشاكلة لقوله فأثنوا عليها خيرا، وإنما مكنوا من الثناء بالشر مع الحديث الصحيح في النهي عن سب الأموات، رواه الإمام أحمد والبخاري والنسائي عن عائشة بلفظ "لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا" (وسيأتي في باب النهي عن سب الأموات) لأن النهي عن سبهم إنما هو في حق غير المنافقين والكفار وغير المتظاهرين بالفسق والبدعة، أما هؤلاء يحرم سبهم للتحذير من طريقتهم ومن الاقتداء بآثارهم والتخلق بأخلاقهم، وقد بين الحاكم في روايته التي أشرنا إليها سابقا ما أثنوا به عليه من الشر قال، فقالوا " كان يبغض الله ورسوله ويعمل بمعصية الله ويسعى فيها" وهي تؤبد أن الميت كان منافقا لأنه لا يبغض الله ورسوله إلا منافق كافر (4) هكذا بالأصل خيرا بالنصب

وجبت له الجنة ومن أثنيتم عليه شرا وجبت له النار، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض، أنتم شهداء الله في الأرض. (236) وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم نحوه، وفيه فأثنوا عليها خيرا في مناقب الخير (وقال في الأخرى) فأثنوا عليها شرا في مناقب الشر فقال وجبت، ثم

_ وكذلك شرا الآتي بعده، ومثله في البخاري ومسلم (قال الحافظ) كذا في جميع الأصول خيرا بالنصب وكذا شرا، وقد غلط من ضبط أثنى بفتح الهمزة على البناء للفاعل فإنه في جميع الأصول مبني للمفعول (قال ابن التين) والصواب الرفع، وفي نصبه بعد في اللسان، ووجهه غيره بأن الجار والمجرور أقيم مقام المفعول الأول، وخيرا مقام الثاني وهو جائز، وإن كان المشهور عكسه، وقال النووي هو منصوب بنزع الخافض، أي أثنى عليها بخير أهـ (1) فيه بيان لأن المراد بقوله وجبت أي الجنة لذي الخير والنار لذي الشر، والمراد بالوجوب الثبوت إذ هو في صحة الوقوع كالشيء الواجب، والأصل أنه لا يجب على الله شيء، بل الثواب فضله والعقاب عدله، لا يسئل عما يفعل، أفاده الحافظ (2) تقدم الكلام على فائدة تكرار اللفظ، والمخاطبون بذلك هم الصحابة رضوان الله عليهم ومن كان على صفتهم من المؤمنين، وحكي ابن التين أن ذلك مخصوص بالصحابة لأنهم كانوا ينطقون بالحكمة بخلاف من بعدهم، قال والصواب أن ذلك يختص بالثقات والمتقين أهـ (قلت) هذا التخصيص يرده ما جاء عاما في قوله صلى الله عليه وسلم "المؤمنون شهداء الله في الأرض" رواه البخاري في الشهادات، وما رواه أبو داوود والإمام أحمد، وسيأتي في هذا الباب "أنتم شهداء الله بعضكم على بعض" ولفظ أبي داود "إن بعضكم على بعض شهيد" وسيأتي تحقيق ذلك في الأحكام (تخريجه) (ق. نس. هق) (236) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يعلى ويزيد قالا أنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال مرت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يزيد مروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة فأثنوا عليها خيرا - الحديث" (غريبه) (3) أي خيرا معدودا في مناقب الخير (4) جاء التصريح بما قالوه في الشر عند الطبراني في الكبير م حديث كعب بن عجرة قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسين، أما أحدهما فأتي بجنازة

قال إنكم شهداء الله في الأرض (237) عن عبدالله بن بريدة قال جلس عمر رضي الله عنه مجلسا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بجلسة تمر عليه الجنائز، قال فمروا بجنازة فأثنوا خيرا فقال وجبت، ثم مروا بجنازة فأثنوا خيرا فقال وجبت، ثم مروا بجنازة فقالوا خيرا، فقال وجبت، ثم مروا بجنازة فقالوا هذا كان أكذب الناس فقال أكذب الناس أكذبهم على الله ثم الذين يلونهم من كذب على روحه في جسده، قال قالوا أرأيت إذا شهد أربعة؟ قال وجبت قالوا ثلاثة؟ قال وجبت، قالوا اثنان؟ قال وجبت، ولأن أكون قلت واحدا أحب إلي من حمر النعم قال فقيل لعمر هذا شيء تقوله برأيك أم شيء سمعته من

_ فقيل هذا فلان بئس الرجل وأثنى عليه شرا - الحديث" سيأتي في الزوائد كاملا (1) لفظ أبي داود "إن بعضكم على بعض شهيد" ولفظ النسائي "فقال النبي صلى الله عليه وسلم الملائكة شهداء الله في السماء وأنتم شهداء الله في الأرض" يعني أن الله عز وجل يقبل شهادة المؤمنين بعضهم على بعض ويحكم بمقتضاها، وقبل غير ذلك والله أعلم (تخريجه) (د. نس. جه. ش. هق. طب. بز) وسنده جيد ورجاله من رجال الصحيحين. (237) عن عبدالله بن بريدة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عمر بن الوليد الشني عن عبدالله بن بريدة - الحديث" (غريبه) (2) هكذا في الأصل "فقالوا خيرا" ولم يقل فأثنوا كما تقدم ولا مانع من ذلك (3) الظاهر أنه كان من المنافقين لأنهم أكذب الناس، وقد وصفهم الله بالكذب في كتابه العزيز، وما وصفوا بذلك إلا لكثرة كذبهم وافتراءهم على الله، قاتلهم الله أني يؤفكون (4) يعني المنافقين وأهل الشرك "ثم الذين يلونهم" أي الذي أقل منهم درجة في الكذب "من كذب على روحه في جسده" ككونه يصف نفسه بصفة ليست فيها ونحو ذلك (5) أي وجبت له الجنة كما تقدم، ومثله من شهد له ثلاثة بل ومن شهد له اثنان (6) يعني ولأن أكون سألت النبي صلى الله عليه وسلم في شهادة أمر الواحد كان ذلك أحب إلي من حمر النعم، يعني الإبل الحمر التي يعز وجودها عند العرب، ولكنه ما سأله في شهادة الواحد كما يستفاد ذلك من الحديث

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (238) عن عبدالله بن بريدة عن أبي الأسود أنه قال أتيت المدينة فوافيتها وقد وقع فيها مرض فمنهم يموتون موتا ذريعا فجلست إلي عمر بن الخطاب رضي الله عنه وجبت، ثم مر بأخرى فأثنى على صاحبها خير، فقال عمر وجبت ثم مر بالثالثة فأثنى عليها شر، فقال عمر وجبت، فقال أبو الأسود ما وجبت يا أمير المؤمنين قال قلت كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيما مسلم شهد له أربعة

_ التالي وفيه قال "ثم لم نسأل عن الواحد (1) يعني أن ما قاله عمر رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم وسمعه منه عمر؛ ويؤيده الحديث الآتي بعده وهو أًصرح من هذا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد بهذا اللفظ. ويعضده حديث أبي الأسود الآتي بعده (238) عن عبدالله بن بريدة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يونس بن محمد ثنا داود يعني ابن أبي الفراء عن عبدالله بن بريدة عن أبي الأسود - الحديث" (غريبه) (2) اسمه ظالم بن عمرو بن سفيان الديلي بكسر الدال المهملة وسكون التحتية. ويقال الدؤلي بضم الدال بعدها همزة مفتوحة، وهو أول من تكلم في النحو بعد علي رضي الله عنه (3) أي سريعا وزنا ومعنى (4) أي ما معنى قولك لكل منهما وجبت مع اختلاف الثناء بالخير والشر (5) الظاهر أن قوله أيما مسلم هو المقول. فحينئذ يكون قول عمر لكل منهما وجبت قاله بناء على اعتقاده صدق الوعد المستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم أدخله الله الجنة؛ وأما اقتصار عمر على ذكر أحد الشقين فهو إما للاختصار وإما لإحالة السامع على القياس. والأول أظهر؛ وعرف من القصة أن الثمنى على كل من الجنائز المذكورة كان أكثر من الواحد. وكذا في قول عمر فلنا وما وجبت إشارة إلى أن السائل عن ذلك هو وغيره. وقد وقع في تفسير قوله تعالى "وكذلك جعلناكم أمة وسطا" في البقرة عند ابن أبي حاتم من حديث أبي هريرة أن أبي بن كعب سأل عن ذلك "وقوله فقلنا ثلاثة" وفيه اعبتار مفهوم الموافقة، لأنه سأله عن الثلاثة ولم يسأل عما فوق الاربعة كالخمسة مثلا. وفيه أن مفهوم العدد ليس دليلا قطعيا بل هو في مقام الاحتمال "وقوله ثم لم نسأله عن الواحد" قال فيه الزين بن المنير إنما لم يسأل عمر عن الواحد استبعادا منه أن يكتفي في مثل هذا المقام

بخير أدخله الله الجنة، قال فقلنا وثلاثة، فقال وثلاثة، قال قلنا واثنان، قال واثنان، قال ثم لم نسأله عن الواحد. (239) عن أبي بكر بن أبي زهير الثقفي عن أبيه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول بالنباءة أ, النباوة شك نافع بن عمر من الطائف وهو يقول يا أيها الناس إنكم توشكون أن تعرفوا أهل الجنة من أهل النار، أ, قال خياركم من شراركم، قال فقال رجل من الناس بم يا رسول الله، قال بالثناء المسئ والثناء الحسن، وأنتم شهداء الله بعضكم على بعض. (240) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه عز وجل قال، ما من عبد مسلم يموت يشهد له ثلاثة ابيات من جيرانه

_ العظيم بأقل من النصاب "وقال أخوه في الحاشية" فيه إيماء الاكتفاء بالتزكية بواحد كذا قال وفيه غموض. أفاده الحافظ (تخريجه) (خ. مذ. نس. ش. هق) (239) عن أبي بكر بن أبي عمير (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمرو وسريج المعني قالا ثنا نافع بن عمر يعني الجمحي عن أميه بن صفوان عن أبي بكر بن أبي زهير، قال أبي كلاهما قال عن أبي بكر بن أبي زهير الثقفي عن أبيه - الحديث" (غريبه) (1) نافع بن عمر هو أحد الرواة شك هل قال بالنباءة بالهمز أو النباوة بالواو، والمشهور بالواو (قال في القاموس) والنباوة ما ارتفع من الأرض كالنبوة والنبي. وموضع بالطائف أهـ. والمعنى أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم بهذا الموضع وهو مكان معروف بالطائف، يقول يا أيها الناس الخ الحديث "وقوله توشكون" أي يقرب أن تعرفوا أهل الجنة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيده. (240) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبدالله أبي حدثني عفان ثنا مهدي بن ميمون ثنا عبدالحميد صاحب الزيادة عن شيخ من أهل البصرة عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (2) فيه أن شهادة ثلاثة من جيران الميت من موجبات مغفرة الله تعالى، ولا يعارضه حديث أنس الآتي بعده حيث قال فيه "فليشهد له أربعة" لأنه ورد ذكر الثلاثة في حديث عمر عند البخاري وغيره والإمام أحمد. وتقدم في هذا الباب

الأدنين بخير إلا قال الله عز وجل قد قبلت شهادة عبادي على ما علموا وغفرت له ما أعلم. (241) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة أهل أبيات من جيرانه الأذنين إلا قال الله تبارك وتعالى قد قبلت علمكم فيه وغفرت له ما لا تعلمون. (242) عن أبي قتادة بن ربعي رضي الله عنه قال مر علي النبي صلى الله عليه وسلم بجنازة قال مستريح ومستراح منه، قالوا يا رسول الله ما المستريح

_ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "أيما مسلم شهد له أربعة بخير أدخله الله الجنة، قال فقلنا وثلاثة؟ فقال وثلاثة، قال قلنا واثنان؟ قال واثنان، قال ثم لم نسأله عن الواحد" وتقدم الكلام عليه في شره حديث أبي الأسود "وقوله أبيات" جمع بيت ويجمع بيوت أيضا؛ وليس المراد شهادة البيوت نفسها بل شهادة، أهلها فهو على حذف مضاف "أي يشهد له ثلاثة أهل أبيات" كما في حديث أنس الآتي بعده بلفظ "أربعة أهل أبيات" وخص الجيران بالذكر لأنهم أعرف الناس بالميت. وخص الأقربين منهم بقوله الأدنين مبالغة في شدة المعرفة لأن الجار القريب أعرف بأحواله من الجار البعيد. كما أن الله عز وجل قدمه في البر والإحسان بقوله عز من قائل "والجار ذي القربى والجار الجنب" (1) استدل به القائلون بقبول شهادة المسلمين للميت فيما علموا والمغفرة له وإن كان له ذنوب مستورة عنهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم. ويشهد له حديث أنس الآتي بعده. (241) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا مؤمل ثنا حماد ثنا سالم عن أنس - الحديث" (تخريجه) (حب. عل. ك) وقال هذا حديث صحيح على شروط مسلم (قلت) وأقره الذهبي. (242) عن ابي قتادة بن ربعي (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد ثنا عبدالله بن سعيد يعني بن أبي هند حدثني محمد بن عمرو بن حلحلة عن ابن الكعب بن مالك عن أبي قتادة بن ربعي - الحديث" (غريبه) (2) هكذا عند الإمام أحمد قال بدون فاء، وكذا في رواية عند البخاري، وله في أخرى بزيادة الفاء

والمستراح منه؟ قال المؤمن استراح من نصب الدنيا وأذاها إلى رحمة الله تعالى، والفاجر استراح منه العباد والبلاد والشجر والدواب

_ في أوله وكذا لمسلم والنسائي بزيادة الفاء ايضا "وقوله مستريح ومستراح منه" قال في النهاية، يقال أراح الرجل واستراح إذا رجعت إليه نفسه بعد الإعياء أهـ. والواو في قوله ومستراح بمعنى أوفهي تنويعية، والمعنى هذا الميت أو كل ميت إما مستريح أو مستراح منه (1) زاد النسائي في رواية وهب بن معد من أوصاب الدنيا، والأوصاب جمع وصب بفتح الواو المهملة ثم موحدة وهو دوام الوجع، ويطلق أيضا على فتور البدن "والنصب" بوزنه، لكن أوله نون وهو التعب وزنه ومعناه، والأذى من عطف العام على الخاص (قال ابن التين) يحتمل أن يراد بالمؤمن من التقى خاصة، ويحتمل كل مؤمن "والفاجر" يحتمل أن يريد به الكافر؛ ويحتمل أن يدخل فيه العاصي؛ أفاده الحافظ (2) قال النووي: وأما استراحة العباد من الفاجر معناه اندفاع أذاه عنهم؛ وأذاه يكون من وجوه، منها ظلمة لهم، ومنها ارتكابه للمنكرات فإن أنكروها قاسوا مشقة من ذلك. وربما نالهم ضرورة، وإن سكتوا عنه أثموا "واستراحة الدواب منه" كذلك لأنه كان يؤذيها ويضربها ويحملها ما لاتطيقه ويجيعها في بعض الأوقات وغير ذلك "واستراحة البلاد والشجر" فقيل لأنها تمنع القطر بمصيبته. قاله الدوادي (وقال الباجي) لأنه يغصبها ويمنعها حقها من الشرب وغيره أهـ (تخريجه) (ق. نس. قط. عل) (زوائد الباب) (عن كعب بن عجزة) رضي الله عنه قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسين، أما أحدهما فأتى جنازة، فقيل هذا فلان بئس الرجل وأثنى عليه شرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلمون ذلك؟ قالوا نعم، قال وجبت، وأما الآخر فأنى بجنازة رجل فقالوا هذا فلان وأثنوا عليه أخرا، قال تعلمون ذلك؟ قالوا نعم؛ قال وجبت، رواه الطبراني في الكبير وفيه عبد العزيز بن عبيد الله بن حمزة وهو ضعيف (وعن سلمة بن الأكوع) رضي الله عنه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بجنازة فقال القوم إن كنت وإن كنت، ثم أتى بأخرى فقال القوم إن كنت لكنت وكنت، فأثنوا على واحدة خيرا والأخرى شرا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم شهداء الله في الأرض والملائكة شهداء الله في السماء؛ وفي رواية فإذا شهدتم وجبت (طب) وفي السند الأول عبد الغفار بن القاسم أبو مريم وهو ضعيف، وفي الأخرى موسى بن عبيدة وهو ضعيف، قاله الهيثمي (قلت) وأخرج الطريق الثانية ابن أبي شيبة قال حدثنا زيد بن الحباب عن موسى بن عبيدة عن إياس بن سلمة عن أبيه قال مر على النبي صلى الله عليه وسلم

.

_ بجنازة رجل من الأنصار فأثنى عليها خير، فقال وجبت، فقال يا رسول الله وما وجبت؟ قال الملائكة شهود الله في السماء وأنتم شهداء الله في الأرض، وموسى بن عبيدة مختلف فيه، بعضهم وثقة وبعضهم ضعفه، والله أعلم (وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات العبد والله يعلم منه شرا وتقول الناس، قال الله عز وجل لملائكته فقد قبلت شهادة عبادي على عبدي وغفرت له علمي فيه (بز) وفيه محمد بن عبد الرحمن العشيري وهو متروك الحديث، قال الهيثمي أيضا (وروى ابن أبي شيبة) قال حدثنا جرير عن عبدالعزيز عن خيثمة قال قال عبدالله انظروا الناس عند مضاجعهم، فإذا رأيتم العبد يموت على خير ما ترونه فأرجوا له الخير، وإن رأيتموه يموت على شر ما ترونه فخافوا عليه (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن من مات وشهد له اثنان فأكثر من المسلمين بالخير قبل الله شهادتهم وغفر له بسببها، وأن من شهد عليه اثنان فأكثر بالشر استحق العذاب بسببها، وقد اختلف العلماء في معنى ذلك، فقال الداودي المعتبر في ذلك شهادة أهل الفضل والصدق لا الفسقة، لأتهم قد يثنون على من يكون مثلهم، ولا من بينه وبين الميت عداوة. لأن شهادة العدو لا تقبل أهـ. ونقل الطيبي عن بضع شراح المصابيح قال ليس معنى قوله أنتم شهداء الله في الأرض أي الذي يقولونه في حق شخص يكون كذلك حتى يصير من يستحق الجنة من أهل النار بقولهم ولا العكس، بل معناه أن الذي أثنوا عليه خيرا رأوه منه كان ذلك علامة كونه من أهل الجنة وبالعكس. وتعقبه الطيبي بأن قوله وجبت بعد الثناء حكم عقب وصفا مناسبا فأشعر بالعلية، وكذا قوله أنتم شهداء الله في الأرض لأن الإضافة فيه للتشريف لأنهم بمنزلة عالية عند الله فهو كالتزكية للأمة بعد أداء شهادتهم فينبغي أن يكون لهاأثر، قال وإلى هذا يومي ثوله تعالى "وكذلك جعلناكم أمة وسطا - الآية" أهـ (وقال النووي رحمه الله) للعلماء في ذلك قولان (أحدهما) أن هذا الثناء بالخير لمن أثنى عليه أهل الفضل. فكان ثناؤهم مطابقا لأفعاله فيكون من أهل الجنة فإن لم يكن كذلك فليس هو مرادا بالحديث (والثاني) وهو الصحيح المختار أنه على عمومه وإطلاقه، وأن كل مسلم فألهم الله تعالى الناس أو معظمهم الثناء عليه كان ذلك دليلا على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا، وإن لم تكن أفعاله تقتضيه فلا تحتم عليه العقوبة، بل هو في خطر المشيئة. فإذا ألهم الله عز وجل الثناء عليه استدللنا بذلك على أنه سبحانه وتعالى قد شاء المغفرة له، وبهذا تظهر فائدة الثناء وقوله صلى الله عليه وسلم "وجبت وأنتم شهداء الله" ولو كان لا ينفعه ذلك إلا أن تكون أعماله تقتضيه لم يكن للثناء فائدة، وقد أثبت النبي صلى الله عليه وسلم له فائدة أهـ (قال الحافظ) وهذا في جانب الخير واضح

(5) باب النهي عن سب الأموات وذكر مساوئهم (243) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا الأموات

_ ويؤيده ما رواه أحمد وابن حبان والحاكم من طريق حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس مرفوعا "ما من مسلم يموت فيشهد له أربعة من جيرانه الأدنين" فذكر حديث أنس السابع من أحاديث الباب، ثم قال ولأحمد من حديث أبي هريرة نحوه، فذكر حديث أبي هريرة السادس من أحاديث الباب، ثم قال وأما جانب الشر فظاهر الأحاديث أنه كذلك، لكن إنما يقع ذلك في حق من غلب شره على خيره، وقد وقع في رواية النضر (يعني ابن أنس عن أبيه أنس بن مالك رضي الله عنه) عند الحاكم وفيها "إن لله ملائكة تنطق على ألسنة بني آدم بما في المرء من الخير والشر" أهـ (وفيها دليل) على قبول الشهادة بالاستفاضة وأن أقل أصلها اثنان (وقال ابن العربي) فيها جواز الشهادة قبل الاستشهاد وقبولها قبل الاستفصال أهـ (وفيها) استعمال الثناء في الشر للمؤاخاة والمشاكلة وحقيقته إنما هي في الخير (وفيها دليل) على جواز ذكر المرء بما فيه من خير أو شر ولا يكون ذلك من الغيبة (وفيها) فضيلة هذه الأمة وأعمال الحكم بالظاهر، وفيها غير ذلك والله أعلم. (تنبيه) اعتاد الناس في بعض البلاد أن يقول أحدهم بعد الفراغ من الصلاة على الميت سواء أكان صالحا أم طالحا ما تشهدون فيه؟ فيقولون من أهل الخير والصلاح وإن كان من أفسق الفساق، فهذا القول من الجهتين بدعة ذميمة مخالف لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه، والذي كان في عصرهم أنهم كانوا يشهدون تطوعا بدون سؤال، وكانت شهادتهم على حسب ما يعلمون في الميت. أما هؤلاء فقد ابتدعوا السؤال الذي لا أصل له في الشرع ويشهدون زورا في بعض الأحيان، لأنهم لا يفرقون بين الصالح والطالح فيلحقهم الإثم، قمن أراد النجاة من ذلك فليتأس بفعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وليسلك سبيلهم، فالخير كله في الإتباع والشر كله في الابتداع، قال تعالى "ومن يتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى ونصله جهنم وساءت مصيرا" وقال عز من قائل "وأن هذا صراطي مستقيما فاتبعوه وال تتبعوا السبل فتفرق بكم عن سبيله ذلكم وصاكم به لعلكم تتقون" نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق إلى أقوم طريق آمين. (243) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا شعبة عن الأعمش عن مجاهد عن عائشة - الحديث" (غريبه) (1) كيف الجمع بين هذا ونحوه مما سيأتي في هذا الباب وبين ما جاء في أحاديث الباب السابق

فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا (244) عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب الأموات (وعنه من طريق ثان) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء. (245) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه

_ من أنه صلى الله عليه وسلم مر عليه بجنازة فأثنوا عليها شرا، فقال صلى الله عليه وسلم وجبت ولم ينههم عن الثناء بالشر، وأجاب النووي يرحمه الله بأن النهي عن سب الأموات هو في غير المنافق والكافر وفي غير المتظاهر بفسق أو بدعة، فأما هؤلاء فلا يحرم ذكرهم بالشر للتحذير من طريقهم ومن الاقتداء بآثارهم والتخلق بأخلاقهم، قال والحديث الآخر محمول على أن الذي أثنوا عليه شرا كان مشهورا بنفاق أو نحوه مما ذكرنا (1) أي وصلوا إلى ما قدموا لأنفسهم من الأعمال، والمراد جزؤها اي فلا ينفع سبهم فيهم كما ينفع الحي في النهي والزجر حتى لا يقع في الهلاك (تخريجه) (خ. نس. هق) (244) عن المغيرة بن شعبة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفسان عن زياد بن علاقة عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه - الحديث" (2) "وعنه عن طريق ثان" (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن زياد قال سمعت المغيرة بن شعبة قال قال رسول الله صلى الله - الحديث" (غريبه) (3) أي من أقاربهم وذويهم (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه ابن أبي شيبة بسندها ولفظها كما عند الإمام أحمد وسندها جيد (وأخرج الطريق الثانية) منه الترمذي وحسنها الحافظ السيوطي (245) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي حدثني حجير ابن المثنى ثنا إسرائيل عن عبد الأعلى عن ابن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رجلا من الأنصار وقع في أب للعباس كان في الجاهلية فلطمه العباس، فجاء قومه فقالوا والله لتلطمنه كما لطمه، فلبسوا السلاح قبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر، فقال أيها الناس أي أهل ال\ارض أكرم على الله؟ قالوا أنت، قال فإن العباس مني وأنا منه فلاتسبوا موتانا فتؤذوا أحيانا، فجاء القوم فقالوا يا رسول الله نعوذ بالله من غضبك

وعلى آله وصحبه وسلم قال لاتسبوا موتانا فتؤذوا أحيانا (246) عن قطبة بن مالك رضي الله عنه عم زياد بن علاقة قال نال المغيرة بن شعبة من على رضي الله عنه، فقال زيد بن أرقم رضي الله عنه قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان ينهي عن سب الموتى فلم تسب عليا وقد مات

_ وسيأتي هذا الحديث في المتن كاملا في مناقب العباس بن عبد المطلب من كتاب المناقب إن شاء الله تعالى، وإنما ذكرت هذا الجزء منه هنا لمناسبة ترجمة الباب (تخريجه) (نس) وسنده جيد (246) عن قطبة بن مالك (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا محمد ابن بشرتنا مسعر عن الحجاج مولي بني ثعلبة عن قطبة بن مالك - الحديث" (غريبه) (1) أي سب المغيرة بن شعبة عليا رضي الله عنه بعد موته ولم يصرح باسم المغيرة في رواية ابن أبي شيبة ولفظه "سب أمير من الأمراء عليا" (2) أنكر عليه زبد بن أرقم رضي الله عنه فعله ولامه عليه، لاسيما وقد علم النهي عن ذلك م رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعل المنهي عنه بعد العلم بالنهي حرام لا يجوز، ولذا لم يسمع زيد بن أرقم السكوت على ذلك لأنه من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو واجب. ولم يقعده عن ذلك كون المغيرة أميرا، فهكذا يكون الإيمان رضي الله عنه (تخريجه) (نس. ش. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (زوائد الباب) عن عائشة رضي الله عنها قالت ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم هالك (أي ميت) بسوء، فقال لا تذكروا هلكاكم إلا بخير (نس) وسنده جيد (وعن هلاك بن يساف) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه خطب بمنى على جمل، فقال لا تسبوا الأموات، فإن ما يسب به الموتى فإنما يؤذي به الحي (ش) وسنده جيد (وعن عبدالله بن عمرو) رضي الله عنه قال ساب الميت كالمشرف على الهلكة (ش) وسنده جيد (عن عائشة رضي الله عنها) قالت لا تذكروا موتاكم إلا بخير (ش) (وعن ابن مسعود) رضي الله عنه قال أذى المؤمن في موته كأذاه حيا (ش) وسنده جيد (وعن سعيد بن زيد) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تؤذوا مسلما يشتم كافر (ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت)

_ وأقره الذهبي (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذكروا محاسن موتاكم وكفوا عن مساويهم، أورده المنذري وقال رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه كلهم من رواية عمران بن أنس المكي عن عطاء عنه (وقال الترمذي) حديث غريب سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول عمران بن أنس منكر الحديث (قال المنذري) وتقدم حديث أم سلمة الصحيح قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا حضرتم الميت فقولوا خيرا فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون" أهـ (وعن مجاهد) قال قالت عائشة رضي الله عنها ما فعل بزيد بن قيس لعنه الله؟ قالوا قد مات؛ قات فاستغفر الله، فقالوا لما مالك لعنتيه ثم قلت استغفر الله؟ قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا الأموات فإنهم أفضوا إلى ما قدموا، رواه ابن حبان في صحيحه وصححه ورواه (خ. نس. هق) والإمام أحمد بدون ذكر القصة وتقدم أول الباب، أما قصة يزيد بن قيس فسببها أن عليا رضي الله عنه أرسله في أيام وقعة الجمل برسالة إلى عائشة رضي الله عنها فلم ترد عليه جوابا فبلغها أن يزيد عاب عليها ذلك فكانت تلعنه، ثم لما بلغها موته نهت عن لعنه وقالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن سب الأموات، أخرجه عمر ابن شبه في كتاب أخبار البصرة عن مجاهد (الأحكام) أحاديث الباب تدل بظاهرها على عموم النهي عن سب الأموات مطلقا، ولكن هذا العموم مخصوص بأحاديث الباب السابق حيث قال صلى الله عليه وسلم عند ثنائهم بالخير وبالشر وجبت، وأنتم شهداء الله في الأرض ولم ينكر عليهم، ويحتمل أن اللام في الأموات عهدية، والمراد به المسلمون، لأن الكفار مما يتقرب إلى الله بسبهم، قاله الزين بن المنير (وقال القرطبي) في الكلام على حديث وجبت يحتمل أجوبة (الأول) أن الذي كان يحدث عنه بالشر كان مستظهرا بع فيكون من باب لا غيبة في فاسق، أو كان منافقا (ثانيها) يحمل النهي على ما بعد الدفن، والجواز على ما قبله ليتعظ به من يسمعه (ثالثها) يكون النهي العام متأخرا فيكون ناسخا وهذا ضعيف (وقال ابن رشيد ما محصله) إن السب ينقسم في حق الكفار وفي حق المسلمين، أما الكافر فيمنع إذا تأذى به الحي المسلم، وأما المسلم فحيث تدعو الضرورة إلى ذلك كأن يصير من قبيل الشهادة، وقد يجب في بعض المواضع، وقد يكون فيه مصلحة للميت كمن علم أنه أخذ ماله بشهادة زور ومات الشاهد، فإن ذكر ذلك ينفع الميت إن علم أن ذلك المال يرد إلى صاحبه (قال الحافظ) والوجه عندي حمله على العموم إلا ما خصصه الدليل بل لقائل أن يمنع ما كان على جهة الشهادة وقصد التحذير لأنه يسمى سبا في اللغة أهـ (وقال ابن بطال) سب الأموات يجري مجرى الغيبة، فإن كان أغلب أحوال المرء الخير وقد تكون منه الفلتة فالاغتياب له ممنوع، وإن كان فاسقا معلنا فلا غيبة له فكذلك الميت، ويحتمل

أبواب الدفن وأحكام القبور (1) باب اختبار اللحد على الشق وتعميق القبر وتوسيعه (ودفن الاثنين والثلاثة في قبر واحد إذا اقتضى الحال) (247) عن جرير بن عبدالله البجلي رضي الله عنه أن رجلا جاء فدخل في الإسلام، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه الإسلام وهو في مسيره، فدخل خف بعيره في جحر يربوع فوقصه بعيره فمات، فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمل قليلا وأجر كثيرا، قالها حماد ثلاثا اللحد لنا والشق

_ أن يكون النهي على عمومه فيما بعد الدفن والمباح ذكر الرجل بما فيه قبل الدفن ليتعظ بذلك فساق الأحياء، فإذا صار إلى قبره وأمسك عنه لأفضائه إلى ما قدم وقد عملت عائشة راوية هذا الحديث بذلك في حق من استحق عندها اللعن فكانت تلعنه وهو حي، فلما مات تركت ذلك ونهت عن لعنه، أفاده الحافظ (والخلاصة) أن أصح ما قيل في ذلك جواز ذكر مساوئ الكفار والفساق للتحذير منهم والتنفير عنهم، وقد أجمع العلماء على جواز جرح المجروحين من الرواة أحياء وأمواتا، والله أعلم. (247) عن جرير بن عبدالله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن الحجاج عن عمرو بن مرة عن زاذان عن جرير بن عبدالله- الحديث" (غريبه) (1) اليربوع بفتح الياء التحتية وسكون الراء دويبة نحو الفأرة، لكن ذنبه وأذناه أطول منها، ورجاه أطول من يديه عكس الزرافة، والجمع يرابيع، والعامة تقول جربوع بالجيم؛ ويطلق على الذكر والأنثى، ويمنع الصرف إذا جعل علما، قاله في المصباح "وقوله فوقصه" الوقص كسر العنق أي رمي به فدقت عنقه فالعنق موقوصة أي مكسورة (2) هو ابن سلمة أحد الرواة، يعني أن حمادا كرر هذه الجملة "عمل قليلا وأجر كثيرا" ثلاث مرات، فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم قالها كذلك، ويحتمل أن حمادا هو الذي كررها، والمراد بتكريرها التأكيد وتفهيم السامع أن الرجل لم يعمل من أعمال الإسلام إلا النطق بالشهادتين وهو عمل يسير جدا؛ لكن ترتب عليه أجر كثير وهو النجاة من النار ودخول الجنة، فيالها من سعادة، نسأل الله حسن الخاتمة (3) أي معشر المسلمين، ويقال في اللحد لحد يلحد كذهب يذهب وألحد يلحد إذا حفر القبر.

لغيرنا وعنه م طريق ثان بنحوه وفيه فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جلس عللا شفير القبر، فقال ألحدوا ولا تشقوا فإن اللحد لنا والشق لغيرنا (وعنه عن طريق ثالث) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اللحد لنا والشق لأهل الكتاب. (248) عن هشام بن عامر رضي الله عنهما قال جاءت الأنصار إلى

_ وسمي اللحد لحدا لأنه شق يعمل في جانب القبر بقدر ما يسع الإنسان فيميل به عن وسطه ثم ينصب عليه اللبن، ثم تردم الحفرة، والألحاد في أصل اللغة الميل والعدول، ومنه قيل للمائل عن الدين ملحد (1) يعني أهل الكتاب كما جاء مصرحا به في الطريق الثالثة، والمراد بالشق هنا غير اللحد، وهو حفرة مستطيلة عميقة تبنى جوانبها باللبن ونحوه يوضع فيها الميت وتسقف باللبن أو الخشب أو نحو ذلك، ويكون السقف مرتفعا عن الميت بحيث لو انتفخ لا يمسه، وهو جائز إلا أن اللحد أفضل، لأنه فعل للنبي صلى الله عليه وسلم، ولأن النبي صى الله عليه وسلم مدحه (2) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وطوله في الفصل السادس في باب سن وفد عن النبي صلى الله عليه وسلم من العرب من كتاب الإيمان رقم 18 صحيفة 72 من الجزء الأول (3) قال النووي. وهو يوصل الهمزة وفتح الحاء، ويجوز بقطع الهمزة وكسر الحاء أهـ (وقال الفراء) الرباعي أجود، وقال غيره. الثلاثي أكثر، ويؤيده حديث عائشة في قصة دفن النبي صلى الله عليه وسلم قالت فأرسلوا إلى الشقاق واللاحد (4) (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي اليقظان عثمان بن عمير البجلي عن زاذان عن جرير بن عبدالله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (5) قال الحافظ ابن تيمية رحمه الله فيه تنبيه على مخالفتنا لأهل الكتاب في كل ما هو شعارهم حتى في وضع الميت داخل القبر أهـ. (تخريجه) (جه. بز) وفي إسناده عثمان بن عمير ضعيف، لكنه ليس من رجال الطريقين الأولى والثانية عند الإمام أحمد وسندهما جيد، وله شاهد من حديث ابن عباس عند الأربعة بلفظ "قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللحد لنا. والشق لغيرنا" (وقال الترمذي) غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. (248) عن هشام بن عامر (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا بهز قال ثنا سليمان بن المغيرة قال ثنا حميد بن هلال قال قال هشام بن عامر جاءت الأنصار - الحديث" (غريبه) (6) هو عامر بن أمية بن زيد بن الحسحاس بمهملات ابن

رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد، فقالوا يا رسول الله أصابنا قرح وجهد فكيف وجهد فكيف تأمرنا قال احفروا وأوسعوا (زاد في رواية وأعمقوا) واجعلوا الرجلين والثلاثة في القبر قالوا فأيهم نقدم قال أكثرهم قرآنا، قال فقدم أبي عامر بين أيدي رجل أو اثنين (وعنه من طريق ثان) قال قتل أبي يوم أحد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم احفرو وأوسعوا وأحسنوا وادفنوا الإثنين والثلاثة في القبر، وقدموا أكثرهم قرآنا (وفي رواية أكثرهم جمعا وأخذا للقرآن) وكان أبي ثالث ثلاثة؛ وكان أكثرهم قرآنا فقدم

_ مالك بن عدي بن عامر بن غنم بن عدي بن النجار الأنصاري الخزرجي والد هشام ذكره موسى بن عقبة وابن اسحاق فيمن شهد بدرا (وفي صحيح مسلم) عن سعيد بن هشام عن عائشة رضي الله عنها قالت نعم المرء كان عامرا، أصيب يوم أحد رضي الله عنه (1) أي قتل وجراحات وهزيمة، وأصل القرح بالفتح والضم الجرح، وقيل هو بالضم الاسم وبالفتح المصدر، والجهد بالفتح المشقة، وبالضم الوسع والطاقة، والمراد هنا الأول، وفي رواية عند البيهقي "اشتدت الجراحات يوم أحد فشكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كثرة الجراحات فذكر الحديث" (2) أمر من حفر من باب ضرب، وفي قوله "وأوسعوا - وأعمقوا" استحباب توسيع القبر وإعماقه، وقد اختلف في حد الأعماق، وسيأتي الكلام عليه في الأحكام (3) فيه جواز دفن أكثر من واحد في قبر واحد، وذلك إذا دعت الضرورة إليه كما هنا لكثرة الموتى وقلة القبور، أما إذا لم تكن هناك ضرورة فيكون كل واحد في قبر منفردا (4) أي في اللحد إلى جهة القبلة ليكون أقرب إليها (5) يعني قدم في القبر عن رجل أو اثنين دفنا معه، والظاهر أنهما اثنان غيره كما يستفاد ذلك من الطريق الثانية وفيها "فكان أبي فكان أبي ثالث ثلاثة" والله أعلم (6) (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال حدثنا معمر عن أيوب عن حميد بن هلال قال أنا هشام بن عامر قال قتل أبي - الحديث" (7) من الإحسان بمعنى الإكمال في الحفر\ن والظاهر أنهم كانوا يريدون الترخيص لهم بأدنى حفر، فمنعهم عن ذلك وأمرهم بالإعماق والإحسان والتوسيع (تخريجه) (د. نس. هق. مذ) وقال هو حديث حسن صحيح (قلت) هذا الحديث له طرق أخرى عند الإمام أحمد منها، فحدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن حميد

(249) عن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل من الأنصار قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة رجل من الأنصار وأنا غلام مع أبي فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على حفيرة القبر، فجعل يوصي الحافر ويقول أوسع من قبل الرأس، وأوسع من قبل الرجلين، لرب عذق له في الجنة (250) عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال ألحدوا لي لحدا

_ ابن هلال عن هشام بن عامر قال إنكم لتخطون إلى أقوام ماهم بأعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم منا، قتل أبي يوم أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احفروا وأوسعوا وادفنوا الإثنين والثلاثة في القبر وقدموا أكثرهم قرآنا، وكان أبي أكثرهم قرآنا فقدم. (249) عن عاصم بن كليب (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي سمعت وحدي ثنا محمد بن فضيل عن عاصم بن كليب عن أبيه - الحديث" (غريبه) (1) يعني من الصحابة رضي الله عنهم، ولو أقف على ذكر اسمه، وجهالة الصحابي لا تضر (2) لم يذكر اسم الرجل الميت ولم أقف على من ذكره، والظاهر والله أعلم أنه ثابت بن الدحداح رضي الله عنه لما رواه مسلم عن جابر بن سمرة رضي الله عنه، قال صلى الله عليه وسلم على ابن الدحداح، ثم أتى بفرس عري فعقله رجل مركبه، فجعل يتوقص به ونحن نتبعه لسعي خلفه فقال رجل من القوم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "كم من عذق معلق أو مدلي في الجنة لابن الدحداح" والله أعلم (3) الحفيرة ما يحفر في الأرض، فعيلة بمعنى مفعولة والجمع حفائر، والحفرة مثلها والجمع حفر مثل غرفة وغرف، والمعنى أ، هـ صلى الله عليه وسلم بتوسيع قبره وإكرامه وباشر الحفرة بنفسه (والعذق) بفتح العين النخلة، والجمع أعذق وأعذاق، وبكسر العين القنو منها، والعنقود من العنب والجمع أعذاق وعذوق، والله أعلم بالمراد (تخريجه) أورده الحافظ في التلخيص وقال رواه أحمد وأبو داود والبيهقي وإسناده صحيح، وصححه النووي أيضا، ويؤيده حديث هشام بن عامر الذي قبله، رواه (د. نس. مذ) وصحه. (250) عن سعد بن أبي وقاص (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا أبو سلمة الخزاعي أخبرنا عبدالله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد عن عامر بن سعد عن سعد

وانصبوا على اللبن نصبا كما صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم

_ ابن أبي وقاص رضي الله عنه - الحديث" (غريبه) (1) قال الواقدي فيه استحباب اللحد ونصب اللبن، وأنه فعل ذلك برسول صلى الله عليه وسلم بإتفاق الصحابة رضي الله عنهم، وقد نقلوا أن عدد لبناته تسع (تخريجه) (م. نس. جه) (زوائد الباب) (عن بريدة رضي الله عنه) قال الحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم ونصب عليه اللبن نصبا وأخذ من قبل القبلة (طس. وابن عدي في الكامل) (وعن أبي بن كعب) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما توفى آدم غسلته الملائكة بالماء وترا ولحد له، وقالت هذه سنة آدم وولده (طس) ورجاله موثقون وفي بعضهم كلام (وعن أنس بن مالك رضي الله عنه) قال لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رجل يلحد وآخر يضرح) "أي يشق" قالوا نستخير ربنا فنبعث إليهما فأيهما سبق تركناه، فأرسل إليهما فسبق صاحب اللحد فألحدوا له لحدا (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما وعن عبد الرحمن عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم ألحد له، رواهما (ش) والإمام أحمد، وسيأتيان وغيرهما فيما جاء في دفنه صلى الله عليه وسلم قبره ولأبي بكر وعمر، ثم تفاخرتم (ش) (وعن محمد بن اسحاق) عن أبيه عن أشياخ الأنصار قالوا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد بعبد الله بن عمر وبن حرام وعمرو بن الجموح ممثلين، فقال ادفنوهما في قبر واحد فإنهما كانا متصاحبين في الدنيا (ش) (وعن ابي العلاء) أن أبا موسى أوصيى حفرة قبره أن يعمقوا له قبره (ش) (وعن مغيرة عن إبراهيم) أنه قال يحفر القبر إلى السرة (ش) (وعن الحسن) قال أوصى عمر أن يجعل عمق قبره قامة وبسطة (ش) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها) استحباب اللحد، وأنه أولى من الشق، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء (قال النووي رحمه الله) أجمع العلماء أن الدفن في اللحد وفي الشق جائزان، لكن إن كانت الأرض صلبة لا ينهار ترابها فاللحد أفضل لما سبق من الأدلة. وإن كانت رخوة تنهار فالشق أفضل (قال الشافعي) في الأم وأصحابنا فإن اختار الشق حفر حفيرة كالنهر وبني جانبيها باللبن أو غيره، وجعل بينهما شقا يوضع فيه الميت ويسقف عليه اللبن أو الخشب أو غيرهما، ويرفع السقف قليلا بحيث لا يمس الميت، ويجعل في شقوقه قطع اللبن (قال الشافعي) في الأم ورأيتهم عندنا يعني في مكة شرفها الله، يضعون على السقف الأذخر، ثم يضعون عليه التراب (قال النووي) واللحد هو أن يحفر في حائط "يعني من حائطي الشق" من أسفله إلى ناحية القبلة قدر ما يوضع الميت فيه ويستره، قال وهذا الذي ذكرته من صفة الشق، واللحد

(2) باب من أين يدخل الميت قبره - وما يقال عند ذلك ومن يدخلها (ومن جاء في الحثي في القبر وانتظار الفراغ من الدفن) (251) عن أبي أمامة رضي الله عنه قال لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى، قال ثم لا أدري أقال، باسم الله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله أم لا فلما بني عليها لحدها طفق يطرح لهم الجيوب ويقول سدوا خلال اللبن، ثم قال أما إن هذا ليس بشئ ولكنه

_ نص عليه الشافعي في الأم واتفق عليه أصحاب أهـ ج (ومنها) ما يدل على مشروعية أعماق القبر وتوسيعه واحسانه، وقد اختلف في حد الأعماق فقال الشافعي رحمه الله قامة وقال عمر بن عبد العزيز إلى السرة، وقال الإمام يحيى إلى الثدي، وأفله ما يواري الميت ويمنع السبع؛ وقال مالك لاحد لأعماقه (وذكر الشافعي) والشيخ أبو حامد والأصحاب لاستحباب تعميقه ثلاث فوائد؛ أن لا ينبشه سبعن ولا تظهر رائحته، وأن يتعذر أو يتعسر نبشه على من يريد سرقة كفنه أهـ ج (ومنها) جواز دفن الإثنين والثلاثة في قبر واحد إذا دعت الحاجة إلى ذلك كما في أحادييث الباب (قال الشوكاني) وإلا كان مكروها كما ذهب إليه الهادي والقاسم (وأبو حنيفة والشافعي) أ. هـ (تنبيه) قال النووي في المجموع، قال صاحب المهذب وسائر الأصحاب يكره أن يدفن الميت في تابوت إلا غذا كان رخوة "يعني الأرض" أو ندبة قالوا ولا تنفذ وصيته به إلا في مثل هذا الحال، قالوا ويكون التابوت من رأس المال صرح به البغوي وغيره، وهذا الذي ذكرناه من كراهة التابوت مذهبنا ومذهب العلماء كافة وأظنه إجماعا قال العبد ري رحمه الله لا أعلم فيه خلافا، يعني لا خلاف فيه بين المسلمين كافة والله أعلم أهـ ج (251) عن أبي أمامة رضي الله عنه (سنده) حدننا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن اسحق أنا عبد الله يعني ابن المبارك أنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة - الحديث" (غريبه) (1) جاءت هذه الجملة في رواية ذكرها الحافظ في التلخيص وعزاها للحاكم والبيهقي من حديث أبي أمامة بدون تردد م الراوي (2) بفتح الجيم هو المدرواحدتها جبوبة (3) أي ليس فعله ضروريا

يطيب بنفس الحيي (252) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال إذا وضعتم موتاكم في القبر فقولوا باسم الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (253) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا هشيم أنا خالد عن ابن سيرين أن أنس بن مالك شهد جنازة رجل من الأنصار، قال فأظهروا الاستغفار فلم ينكر ذلك أنس، قال هشيم قال خالد في حديثه، وأدخلوه من قبل رجل القبر وقال هشيم مرة إن رجلا من الأنصار مات بالبصرة فشهده

_ وإنما هو لحبس الرائحة لئلا يتأذى منه الناس، أو لأنه يمنع دخول التراب على الميت ويجوز أن يكون لهما جميعا والله أعلم (تخريجه) (هق. عب. ك) وضعفه الحافظ، لكن يؤيده حديث ابن عمر الآتي بعده فقد حسنه الترمذي، وله شواهد أخرى تعضده. (252) عن ابن عمر رضي الله عنهما (سنده) حدثنا عبدالله حدثني ابي ثنا يزيد أنا همام بن يحيى عن قتادة عن أبي الصديق هو الناجي عن ابن عمر - الحديث" (تخريجه) (د. نس. حب. مذ) قال الترمذي حديث حسن غريب من هذا الوجه وصححه ابن حبان، وأخرجه أيضا الحاكم من طريق همام بسند حديث الباب ولفظه وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، قال وهمام بن يحيى ثبت مأمون إذا أسند مثل هذا الحديث لا يعلل بأحد بأحد إذا أوقفه شعبة أهـ، ورواه ايضا من طريق شعبة موقوفا على ابن عمر (قال الذهبي) على شرطهما وقد وقفه شعبة (253) حدثنا عبدالله (غريبه) (1) أي دعوا للميت بالمغفرة جهرا عند إدخاله في القبر، وهو جائز بل مستحب، ويؤيد ذلك أحاديث وآثار وردت في الدعاء للميت عند إدخاله في القبر، وهو جائز بل مستحب، ويؤيد ذلك أحاديث وآثار وردت في الدعاء للميت عند إدخاله في القبر ستأتي في زوائد الباب، أما المكروه فهو الجهر بالاستغفار له أو الذكر أو نحو ذلك حين تشييع الجنازة والسير بها، وقد نقدم الكلام على ذلك مبسوطا في باب أحكام النهي عن اتباع الجنازة بنار أو صياح أو نساء فارجع إليه إن شئت (2) فسره الشراح بأن يوضع رأس الميت عند رجل القبر أي جهة الموضع الذي يكون فيه رجل الميت بعد

أنس بن مالك فأظهروا له الاستغفار (254) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال شهدنا ابنة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عل القبر، فرأيت عينيه تدمعان، ثم قال هل منكم من رجل لم يقارف الليلة، قال سربج يعني ذنبا، فقال أبو طلحة أنا يا رسول الله، قال فانزل، قال فنزل في قبرها

_ وضعه في القبر، ثم يسل من قبل رأسه سلا رفيقا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح (254) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يونس وسربج قالا ثنا فليح عن هلال بن علي بن أسامة عن أنس بن مالك - الحديث" (غريبه) (1) قال الحافظ هي أم كلثوم زوج عثمان؛ رواه الواقدي عن فليح بن سليمان بهذا الإسناد وأخرجه ابن سعد في الطبقات في ترجمة أم كلثوم، وكذا الدولابي في الذرية الطاهرة، وكذلك رواه الطبري والطحاوي من هذا الوجه، ورواه حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس فسماها رقية، أخرجه البخاري في التاريخ الأوسط والحاكم في المستدرك (قال البخاري) ما أدري ما هذا؟ فإن رقية ماتت والنبي صلى الله عليه وسلم ببدر لم يشهدها (قال الحافظ) وهم حماد في تسميتها فقط، ويؤيده الأول ما رواه ابن سعد أيضا في ترجمة ام كلثوم من طريق عمرة بنت عبد الرحمن قالت نزل في حفرتها أبو طلحة أهـ (2) بقاف وآخره فاء، فسره سربج أحد الرواة عن فليح أنه الذنب يعني لم يقترف ذنبا "وفي رواية عند البخاري" في باب من يدخل قبر امرأة، ذكرها تعليقا ووصلها الإسماعيلي (قال ابن المبارك قال فليح أراه يعني الذنب) وقيل معناه لم يجامع تلك الليلة، وبه جزم ابن حزم، وقال معاذ الله أن يتبجح أبو طلحة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لم يذنب تلك الليلة أهـ. ويؤيده م في الحديث الآتي بعده من قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم "لا يدخل القبر رجل قارف أهله" (3) قيل الحكمة في اختيار م نلم يحصل منه جماع في تلك الليلة أنه حينئذ يأمن من أن يذكره الشيطان بما كان منه تلك الليلة والله سبحانه وتعالى أعلم (تخريجه) (خ. هق. طح. مذ) في الشمائل وابن سعد في الطبقات

(255) وعنه أيضا أن رقية رضي الله عنها لما ماتت قال رسول الله صلى الله وعلى آله وصحبه وسلم لا يدخل القبر رجل قارف أهله فلم يدخل عثمان بن عفان رضي الله عنه القبر (256) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن سول الله صلى الله عليه وسلم قال من تبع جنازة يحمل علوها، وحثا في قبرها، وقعد حتى يؤذن له آب بقيراطين من الأجر كل قيراط مثل أحد

_ (255) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا حماد يعني ابن سلمة عن ثابت عن أنس أن رقية رضي الله عنه - الحديث" (غريبه) (1) تقدم في شرح الحديث السابق أنها أم كلثوم لا رقية، وأن حمادا وهم في تسميتها فقط كما قال (الحافظ) (2) أي جامع زوجته (3) في الحديث السابق أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا طلحة أن ينزل، وفي هذه الرواية فلم يدخل عثمان، قيل إن السر في إيثار أبي طلحة على عثمان أن عثمان كان قد جامع بعض جواريه في تلك الليلة فتلطف النبي صلى الله عليه وسلم في منعه من النزول في قبر زوجته حيث لم يعجبه أنه اشتغل عنها تلك الليلة بذلك، لكن يحتمل أنه طال مرضها واحتاج عثمان إلى الوقاع، ولم يكن يظن أنها تموت تلك الليلة، وليس في الخبر ما يقتضي أنه واقع بعد موتها، بل ولا حين احتضارها، والله أعلم بالحقيقة (تخرجه) (ك والبخاري في التاريخ) قاله الحافظ، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. (256) (عن أبي هريرة رضي الله عنه) هذا الحديث تقدم بسنده ومتنه وشرحه وتخريجه في باب فضل الصلاة على الميت وتشييع الجنازة من الجزء السابع صحيفة 196 رقم 149، وإنما ذكرته هنا لما فيه من مناسبة الترجمة وهو قوله "وحثا في قبرها" وفي إسناده ضعيفان، ولكن له شواهد صحيحة تعضده، ولم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وسيأتي في زوائد الباب ذكر أحاديث وآثار وردت في الحشو في القبر (زوائد الباب) (عن أبي اسحق) قال أوصى الحارث أن يصلي عليه عبدالله بن يزيد فصلي عليه، ثم أدخله القبر من قبل رجلي القبر، وقال هذا من السنة، رواه أبو داود وسعيد في سننه والبيهقي وصححه ورجال إسناده رجال الصحيح (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم سل من قبل رأسه سلا (فع) السل بتشديد اللام الإخراج بتأن وتدريج، وهو أن يوضع السرير في

.

_ مؤخر ويحمل الميت منه فيوضع في اللحد (وعن أبي رافع) قال سل رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد ابن معاذ سلا ورش على قبره الماء (جه) (وعن ابن علية) عن منصور بن عبد الرحمن قال قلت للشعبي رجل دفن ميتا فسله من قبل رجل القبر. قال هذا والله السنة (ش) (وعن ابن سيرين) قال كنت مع أنس في جنازة فأمر بالمبيت فأدخل من قبل رجليه (ش) (وعن أبي اسحق) قال شهدت عبدالله بن يزيد ادخل الحارث من قبل رجليه وقال هكذا السنة (ش) (وعن ابن بريدة عن أبيه) قال أدخل النبي صلى الله عليه وسلم من قبل القبلة وألحد له لحد ونصب عليه اللبن نصبا (هق) وضعفه (وعن عطاء) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم قبرا ليلا وأسرج له سراج وأخذه من القبلة وكبر عليه أربعا، ثم قال رحمك الله إن كنت لأواها تاليا للقرآن (هق) وقال هذا إسناد ضعيف، قال وروي من وجه آخر ضعيف عن ابن مسعود أهـ (وعن إبراهيم) قال لحد للنبي صلى الله عليه وسلم وأخذ من قبل القبلة ورفع قبره حتى يعرف (ش) (وعن عمير بن سعيد) أن عليا أدخل ميتا من قبل القبلة (ش) (وعن عمران بن أبي عطاء) مولى بني أسد قال شهدت وفاة ابن عباس فوليه ابن الحنفية، قال فكبر عليه أربعا وأدخله من قبل القبلة (ش) (وعن عبد الرحمن بن العلاء بن اللجلاج) قال قال لي أبي يا بني إذا أنا مت فالحد لي لحدا فإذا وضعتني في لحدي فقل بسم الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم سن التراب على سنا "أي وضعه وضعا سهلا" ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك (طب) ورجاله موثقون (وعن قتادة) أن أنسا دفن ابنه له فقال اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وافتح أبواب السماء لروحه، وأبدله دارا خيرا من داره (طب) ورجاله موثقون (وعن سعيد بن المسيب) قال حضرت عبدالله بن عمر في جنازة، فلما وضعها في اللحد قال، بسم الله، وفي سبيل الله، وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أخذ في تسوية اللبن على اللحد قال، اللم أجرها من الشيطان، ومن عذاب القبر، ومن عذاب النار، فلما سوى الكثيب عليها قام جانب القبر، ثم قال اللهم جاف الأرض (وفي لفظ القبر) عن جنبيها، وصعد بروحها، ولقها منك رضوانا، فقلت لابن عمر أشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أم شيء قلته من رأيك؟ قال إني إذا لقادر على القول، بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (جه. هق) وضعفه (وعن عبد الرحمن بن أبزي) قال ماتت زينب بنت جحش رضي الله عنها، فكبر عمر عليها أربعا، ثم سأل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من يدخلها القبر؛ فقلن من كان يدخل عليها في حياتها (ش) (وعن الحسن) قال يدخل الرجل قبر امرأته ويلي سفلتها (ش) (وعن عامر بن ربيعة) رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين دفن عثمان بن مظعون صلى عليه وكبر عليه أربعا وحثى قبره بيديه ثلاث

.

_ حثيات من التراب وهو قائم عند رأسه (بز. قط. هق) وزاد البزار (فأمر فرش عليه الماء) وضعفه البيهقي، وله شاهد من حديث جعفر بن محمد عن أبيه مرسلا، رواه الشافعي عن إبراهيم بن محمد عن جعفر (وعن أبي المنذر)) عند أبي داود في المراسل أن النبي صلى الله عليه وسلم حثى في قبر ثلاثا، قال أبو حاتم في العلل أبو المنذر) عند أبي داود في المراسل أن النبي صلى الله عليه وسلم حثى في قبر ثلاثا، قال أبو حاتم في العلل أبو المنذر مجهول (وعن أبي أمامة رضي الله عنه) قال توفى رجل فلم تصب له حسنة إلا ثلاث حثيات حثاها على قبر فغفرت له ذنوبه (وعن أبي أمامة رضي الله عنه) قال توفى رجل فلم تصب له حسنة إلا ثلاث حثيات حثاها على قبر فغفرت له ذنوبه (وعن أبي هريرة) مرفوعا من حثى على مسلم احتسابا كتب له بكل ثراة حسنة، رواه أبو الشيخ وضعفه الحافظ (وعنه أيضا) أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة، ثم أتى قبر الميت فحثى عليه من قبل رأسه ثلاثا (جه) ورواه أيضا ابن ابي داود من الوجه الذي رواه منه ابن ماجه وصححه، وقال أبو حاتم في العلل هذا حديث باطل (قال الحافظ) اسناده ظاهر الصحة لكن أبو حاتم إمام لم يحكم عليه بالبطلان إلا بعد أن تبين له أهـ (قلت) وجود النووي اسناده (وعن عبدالله بن نمير) قال كان عبدالله بن الزبير إذا مات المسلم لم يزل قائما حتى يدفنه (ش) (وعن عمير بن سعيد) أن عليا رضي الله عنه قام على قبر حتى دفن وقال ليكن لأحدكم قيام على قبره حتى يدفن (ش) (وعن ثمامة) قال خرجنا مع فضالة ابن عبيد إلى أرض الروم، قال وكان عاملا لمعاوية على الدرب فأصيب ابن عم لنا يقال له نافع فصلى عليه فضالة وقام على حفرته حتى واراه (ش) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها) استحباب إدخال الميت من قبل رجلي القبر أي موضع رجلي الميت منه عند وضعه فيه. وكيفية ذلك أن يوضع رأسه في ذلك الموضع، ثم يسل سلا رفيقا بتأن ورفق، وإلى ذلك (ذهبت الشافعية) وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر وأنس بن مالك وعبدالله بن يزيد الخطمي الصحابي والشعبي والنخعي وهو (مذهب الأمام أحمد) واختاره ابن المنذر (وذهبت الحنفية) إلى أنه يوضع عرضا من ناحية القبلة، ثم يدخل القبر معترضا وحكى ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وابنه محمد واسحق بن راهوية (وقال الأمام مالك) رحمه الله كلاهما سواء، وعن رواية كالشافعية، واحتج الحنفية بما رواه البهقي عن ابن عباس وبريدة وابن مسعود رضي الله عنهم "أن النبي صلى الله عليه وسلم أدخل من جهة القبلة وبأن جهة القبلة أفضل، ويجاب عن ذلك بأن البيهقي ضعفها كلها؛ وذكرنا ذلك في الزوائد (قال البيهقي) والذي ذكره الشافعي أشهر في أرض الحجاز يأخذه الخلف عن السلف، فهو أولي بالاتباع أهـ. وسيأتي ما ذكره الشافعي (واحتج الشافعية) بحديث عبدالله بن يزيد الخطمي الأنصاري الصحابي المذكور في الزوائد وفيه "ثم أدخله القبر من قبل رجلي القبر وقال هذا من السنة" رواه أبو داود وسعيد بن منصور والبيهقي وصححه البيهقي وغيره

.

_ وقول الصحابي بيمن السنة كذا مرفوع كما نقرر في علم مصطلح الحديث، واحتجوا أيضا بحديث ابن عباس المذكور في الزوائد "أن النبي صلى الله عليه وسلم سل من قبل رأسه" قال النووي يحتج (ومن حججهم أيضا) ما جاء في بعض أحاديث الباب عن ابن سيرين أنهم أدخلوا ميتا من الأنصار من قبل رجل القبر مع حضور أنس بن مالك رضي الله عنه لم ينكر ذلك، وقد أنكر الإمام الشافعي رحمه الله نقل من نقل أن النبي صلى الله عليه وسلم أدخل من جهة القبلة (قال النووي) رحمه الله قال القاضي حسين وإمام الحرمين وآخرون، هذا الذي نقلوه من أقبح الغلط، لأن شق قبره صلى الله عليه وسلم لاصق بالجدار، ولحده تحت الجدار، وليس هناك موضع يوضع فيه، هذا كلام القاضي وموافقيه أهـ أما إنكار (الإمام الشافعي) فقد قال رحمه الله في الأم "وسل الميت سلا من قبل رأسه "وقال بعض الناس يدخل معترضا من قبل القبلة وروى حماد عن إبراهيم أن النبي صلى الله عليه وسلم أدخل من قبل القبلة معترضا، أخبرني الثقات من أصحابنا أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم على يمين الداخل من البيت لاصق بالجدار، والجدار الذي اللحد لجنبه قبلة الميت، وأن لحده تحت الجدار فكيف يدخل معترضا واللحد لاصق بالجدار لا يقف عليه شيء، ولا يمكن إلا أن يسل سلا أو يدخل من خلاف القبلة، وأمور الموتى وإدخالهم من الأمور المشهورة عندنا لكثرة الموت وحضور الأئمة وأهل الثقة، وهو من الأمور العامة التي يستغني فيها عن الحديث، ويكون الحديث فيها كالتكليف بعموم معرفة الناس لها ورسول الله صلى الله عليه وسلم والمهاجرون والأنصار بين أظهرنا ينقل العامة عن العامة لا يختلفون في ذلك أن الميت يسل سلا، ثم جاءنا آت من غير بلدنا يعلمنا كيف ندخل الميت، ثم لم يعلم حتى روى عن حماد عن إبراهيم أن النبي صلى الله عليه وسلم أدخل معترضا أهـ (وقد روى الربيع) قال أخبرنا الشافعي، قال أخبرنا مسلم بن خالد وغيره عن ابن جريح عن عمران بن موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سل من قبل رأسه والناس بعد ذلك (وروى أيضا عن ابن عباس) رضي الله عنهما مثل ذلك. وروى أثرا عن أبي الزناد وربيعة وابن النضر لا اختلاف بينهم في ذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سل من قبل رأسه، وكذلك أبو بكر وعمر رضي الله عنهما أهـ (قال صاحب البدر المنير) بعد أن ذكر أنه صلى الله عليه وسلم أدخل من جهة القبلة "وهو غير ممكن كما ذكره الشافعي في الأم وأطنب في الشناعة على من يقول ذلك ونسبه إلى الجهالة ومكابرة الحس" أهـ (قال النووي) وما ادعوه من استقبال القبلة (فجوابه) أن استقبال القبلة إنما يستحب بشرطين، أن يمكن، ولا ينابذ سنة، وهذا ليس ممكنا ومنابذا للسنة أهـ ج (وفيها أيضا) استحباب قول من يضع الميت حين وضعه في قبره ما روى عن ابن عمر في أحاديث الباب وفي الزوائد، وروى البيهقي بسنده عن عمير ابن سعيد النخعي قال شهدت علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقد أدخل ميتا في قبره فقال "وفي لفظ إذا أدخل ميتا في قبره قال" اللهم

.

_ إنه عبدك ابن عبدك نزل بك وأنت خير منزول به، ولا نعلم به إلا خيرا، وأنت أعلم به كان يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاغفر له ذنبه، ووضع له مدخله (وعن عاصم بن ضمرة) قال كان علي يقول عند المنام إذا نام، بسم الله، وفي سبيل الله وعلى ملة رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقوله ويقوله إذا أدخل الرجل القبر (ش) ويجوز أن يدعو بأي لفظ كان والمأثور أفضل، وقد اتفق الأئمة على استحباب الدعاء هنا (وفيها أيضا) مشروعية أن يتولى الدفن الرجال سواء أكان الميت رجلا أم امرأة، لأنه يجتاج إلى بطش وقوة، والنساء ضعيفات لا قدرة لهن على ذلك، ولأن المرأة لو تولته لأدى إلى انكشاف بعض بدنها على مرأى من الرجال، وبدنها كله عورة، وقد منعهن النبي صلى الله عليه وسلم عن اتباع الجنازة وقال لهن على سبيل المثال الأنكار "هل تدلين فيمن يدلي؟ قلن لا، قال فارجعهن مأزورات غير مأجورات" والأولى أن يدخل الرجل زوجته لما روى ابن شيبة قال حدثنا معاذ بن معاذ قال أخبرنا أشعث عن الحسن قال (يدخل الرجل قبر امرأته ويلي سفلتها) ثم محارمها، ثم الأقرب فالأقرب فإن لم يوجد فشيوخ الرجال وأصلحهم لأن أبا طلحة رضي الله عنه تولى دفن بنت النبي صلى الله عليه وسلم وهو أجنبي، ولكنه كان من صالحي الحاضرين، ولم يكن هناك محرم إلا النبي صلى الله عليه وسلم فلعله كان له عذر في نزول قبرها، وكذا زوجها عثمان رضي الله عنه، ومعلوم أنها كانت أختها فاطمة، وغيرها من محارمها وغيرهن هناك، فدل على أنه لا يدخل النساء في إدخال القبر والدفن (وقد ذهب إلى ذلك الشافعية والجمهور) وقالت الحنابلة: الأولى بذلك المحارم، ثم الزوج ثم صالح الناس وشيوخهم، واحتجوا بأن الزواج تزول زوجيته بموتها والقرابة باقية، وبحديث عبد الرحمن بن أبزي المذكور في الزوائد فإنه يفيد أن الأولى بإدخال المرأة قبرها من كان يدخل عليها في حياتها وهم المحارم، والله أعلم (وفيها أيضا) أنه يستحب لكل من على القبر أن يحثي عليه ثلاث حثيات من تراب بيديه جميعا من قبل رأسه بعد الفراغ من سد اللحد، قص عليه الشافعي في الأم (قال النووي) واتفق الأصحاب عليه، وممن صرح به شيخ الأصحاب الشيخ أبو حامد والمارودي والقاضي أبو الطيب وسليم الرازي والبغوي وصاحب العدة وآخرون (قال القاضي حسين والمتولي وآخرون) يستحب أن يقول في الحثية الأولى "منها خلقناكم" وفي الثانية "وفيها نعيدكم" وفي الثالثة "ومنها نخرجكم تارة أخرى" وقد يستدل له بحديث أبي أمامة رضي الله عنه قال (لما وضعت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) أهـ. وخالف في ذلك المكلية والحنابلة فقالوا لا يطلب ذكر الآية أو غيرها عند حثو التراب، ثم يهال عليه التراب بالمساحي (وفيها أيضا) استحباب بقاء المشيعين حتى يفرغ من دفنه لما ذكرنا في الزوائد من الآثار (ويستحب ايضا) انتظارهم بعد الدفن

_ قدر ساعة لحديث عمرو بن العاص رضي الله عنه "وفيه فإذا واريتموني التراب فاقعدوا عند قبري قدر نحر جزور أستأنس بكم" رواه الإمام أحمد وسيأتي في مناقب عمرو بن العاص من كتاب المناقب إنشاء الله تعالى، وهو حديث طويل، ورواه مسلم أيضا في كتاب الإيمان "وفيه ثم اقيموا حول قبري قدر ما تنحر جزور ويقسم لحمها حتى استأنس بكم وأعلم ماذا أراجع رسل ربي" (فائد) يستحب أن يضجع الميت في القبر على جنبه الأيمن مستقبل القبلة حتما، لأنه كذلك فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك كان يفعل، وخالف المالكية، فقالوا بالستحباب فيهما ووافقهم القاضي أبو الطيب من الشافعية، ويستحب أن يوسد رأسه بلبنة أو حجر أو تراب؛ ويفضي بخده الأيمن إلى اللبنة ونحوها أو إلى التراب، ومعناه أن ينحي الكفن عن خده ويوضع على التراب، لما روى عن عمر رضي الله عنه أنه قال إذا أنزلتموني إلى اللحد فافضوا بخدي إلى الأرض، ذكره صاحب المهذب، وروى ابن أبي شيبة بسنده عن الضحاك أنه أوصى تحل عنه العقد ويبرز وجهه من الكفن، ويستحب وضع شيء خلفه من لبن أو تراب يسنده حتى لا يستلقي على قفاه، ويستحب أيضا حل عقد الكفن عن الميت، لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعله ببعض أصحابه، رواه ابن أبي شييبة، ويستحب ايضا أن يمد ثوب على الميت عند إدخاله في القبر؛ وقد ذهب إلى استحبابه في الرجل والمرأة (الشافعية) وقال الأئمة (أبو حنيفة ومالك وأحمد) يستحب في قبر المرأة دون الرجل، وحكى ابن المنذر عن عبدالله بن بريد وشريح أنهما كرها ذلك على الرجل، والله أعلم (تتمة فيما ورد في الدعاء للميت بعد دفنه وما جاء في تلقينه) (عن عثمان بن عفان) رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من دفن الميت وقف عليه؛ فقال استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل، أخرجه أبو داود والحاكم وصححه، واقر الذهبي تصحيحه؛ وأخرجه أيضا البزار وقال لا يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من هذا الوجه (عن عبدالله بن ابي بكر) قال كان أنس بن مالك رضي الله عنه إذا سوى على الميت قبر قام عليه فقال "اللهم عبدك رد إليك فأرأف به وارحمه، اللهم جاف الأرض عن جنبيه، وافتح أبواب السماء لروحه، وتقبله منك بقبول حسن، اللهم إن كان محسنا فضعف له في إحسانه، وإن كان مسيئا قتجاوز عنه" (وعن ابن ابي مليكة) قال لما فرغ من قبر عبدالله بن السائب قام ابن عباس رضي الله عنهما على القبر فوقف عليه ثم دعا؛ ثم انصرف (وعن خالد بن شمير) قال كنت مع الأحنف في جنازة فجلس الأحنف وجلست معه، فلما فرغ من دفنها وهو ضرار بن القعقاع التميمي رأيت الأحنف انتهى إلى قبره، فقام فبدأ بالثناء قبل الدعاء، فقال كنت والله ما علمت كذا كنت والله

.

_ ما علمت كذا، ثم دعا له" (هذه الآثار) رواها كلها ابن أبي شيبة في مصنفه بأسانيد جيدة، وما ورد فيها وفي غيرها من الأحاديث في القيام على القبر أو الوقوف عليه، يراد به الوقوف عند رأس القبر لا على القبر نفسه كما جاء مصرحا به في بعض الأحاديث، ولأن الوقوف أو الجلوس على القبر منهي عنه كما سيأتي ذلك في بابه قريبا (وعن راشد بن سعد وضمرة بن حبيب وحكيم بن عمير) قالوا إذا سوى على الميت قبره وانصرف الناس عنه كانوا يستحبون أن يقال للميت عند قبره يا فلان قل لا إله إلا الله، أشهد أ، لا إله إلا الله ثلاث مرات، يافلان قل ربي الله، وديني الإسلام ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم ثم ينصرف" رواه سعيد ابن منصور في سننه، وذكره الحافظ في التلخيص وسكت عنه، ورواته الثلاثة كلهم من قدماء التابعين حمصيون (وعن سعيد بن عبد الله الأزدي) قال شهدت ابا أمامة رضي الله عنه وهو في النزاع، فقال إذا مت فاصنعوا بي كما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال إذا مات أحد من إخوانكم فسويتم التراب على قبره فليقم أحدكم على رأس قبره، ثم ليقل يا فلان ابن فلانة فإنه يسمعه ولا يجيب، ثم يقول يا فلان ابن فلانة فإنه يستوى قاعدا؛ ثم يقول يا فلان ابن فلانة، فإنه يقول أرشدنا رحمك الله، ولكن لا تشعرون، فليقل اذكر ما خرجت عليه من الدنيا شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، وأنك رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا، وبمحمد نبيا وبالقرآن إماما، فإن كان منكرا ونكيرا يأخذ كل واحد منهما بيد صاحبه، ويقول انطلق بنا، ما نقعد عند من لقن حجته، فقال رجل يا رسول الله فإن لم نعرف أمه؟ قال فينسبه إلى أمه حواء يافلان بن حواء" رواه الطبراني في الكبير وعبد العزيز الحنبلي في الشافي، وأورده الحافظ في التلخيص وقال إسناده صالح، وأورده الهيثمي وقال في إسناده جماعة لم أعرفهم أهـ. وضعفه النووي ثم قال فهذا الحديث وإن كان ضعيفا فيستأنس به، وقد اتفق علماء المحدثين وغيرهم على المسامحة في أحاديث الفضائل والترغيب والترهيب، وقد اعتضد بشواهد من الأحاديث كحديث "واسألوا له التثبيت" ووصية عمرو بن العاص وهما صحيحان أهـ ج (وفي هذه الأحاديث) مشروعية الاستغفار للميت عند الفراغ من دفنه وسؤال التثبيت له، لأنه يسأل في تلك الحال (وفيها دليل) على ثبوت حياة القبر، وقد وردت بذلك أحاديث كثيرة بلغت حد التواتر (وفيها أيضا) استحباب تلقين الميت بعد دفنه (وبه قالت الشافعية وأكثر الحنابلة، وخالفهم الجمهور) قال الأثرم قلت لأحمد هذا الذي يصنعونه إذا دفن الميت يقف الرجل ويقول يا فلان ابن فلانة، قال ما رأيت أحدا يفعله إلا أهل الشام حين مات أبو المغيرة، يروى فيه عن أبي بكر بن ابي مريم عن أشياخهم أنهم كانوا يفعلونه، وكان اسماعيل بن عياش يرويه، يشير إلى حديث أبي أمامه أهـ (وقال النووي)

(3) باب ما جاء في الدفن ليلا وبيان الأوقات المنهي عن الدفن فيها (257) عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال توفى رجل على عبد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من بني عذرة فقبر ليلا، فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أ، يقبر الرجل ليلا حتى يصلى عليه

_ قال جماعة من أصحابنا يستحب تلقين الميت عقب دفنه، فيجلس عند رأسه إنسان ويقول يا فلان ابن فلان أو يا عبد الله بن أمة الله اذكر العهد الذي خرجت عليه الدنيا، شهادة أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدا عبده ورسوله، وأن الجنة حق والنار حق وأن البعث حق. وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور، وانك رضيت بالله ربا، وبالإسلام دينا، وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبيا، وبالقرآن إماما، وبالكعبة قبلة، وبالمؤمنين إخوانا. زاد الشيخ نصر "ربي وربك الله لا إله إلا هو عليه توكلت، وهو رب العرش العظيم" فهذا التلقين عندهم مستحب ممن نص على استحبابه القاضي حسين والمتولي والشيخ نصر المقدسي والرافعي وغيرهم، ونقله القاضي حسين عن أصحابنا مطلقا، وسئل الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله، فقال التلقين هو الذي نختاره ونعمل به، قال وروينا فيه حديثا عن أبي أمامة ليس إسناده بالقائم، ولكن اعتضد بشواهد ويعمل به أهل الشام قديما هذا كلام أبي عمرو (قال النووي) ولم يزل أهل الشام على العمل بهذا في زمن من يقتدي به وإلى الآن وهذا التلقين إنما هو في حق المكلف الميت، أما الصبي فلا يلقن والله أعلم أهـ ج (257) عن جابر بن عبدالله (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عفان ثنا المبارك حدثني نصر بن راشد عمن حدثه عن جابر بن عبد الله - الحديث" (غريبه) (1) جاء النهي صريحا في رواية ابن ماجه من حديث جابر أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تدفنوا موتاكم بالليل إلا أن تضطروا (2) ضبطه النووي بفتح اللام، والمراد بذلك أن الدفن نهارا يحضره كثيرون من الناس فيصلون عليه ولا يحضره في الليل إلا أفراد قليلون هذا ما يفيده كلام النووي رحمه الله (قلت) ويحتمل أن يضبط قوله يصلي بكسر اللام مشددة وفتح الياء الأخيرة ويكون المعنى حتى يصلي عليه صلى الله عليه وسلم لأنه كان حريصا على ذلك، وقد ورد مايؤيد هذا المعنى عند الأمام أحمد من حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال لا يموتن فيكم ميت ما كنت بين أظهركم إلا آذنتموني به فإن صلاتي

إلا أن يضطروا إلى ذلك (258) عن عائشة رضي الله عنها قالت ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم حتى سمعت صوت المساحي من آخر الليل ليلة الأربعاء، قال محمد والمساحي المرور. (259) عن عقبة بن عامر الجهني رضي الله عنه قال ثلاث ساعات كان ينهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نصلي فيها أو أن نقبر فيها موتانا، حين تطلع الشمس

_ عليه له رحمة، وتقدم هذا الحديث في باب الصلاة على القبر بعد الدفن صحيفة 225 رقم 179 في الجزء السابع (قوله إلا أن يضطروا" يفيد أنه لا بأس بالدفن ليلا في وقت الضرورة والله أعلم (تخريجه) (م. د) عن جابر، ولفظهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما فذكر رجلا من أصحابه قبض فكفن في كفن غير طائل وقبر ليلا فزجر النبي صلى الله عليه وسلم أن يقبر الرجل بالليل حتى يصلى عليه إلا أن يضطر إنسان إلى ذلك، وقال النبي صلى الله عليه وسلم إذا كفن أحدكم أخاه فليحسن كفنه، وأورده أيضا الإمام أحمد بهذا اللفظ، وتقدم في باب إحسان الكفن صحيفة 169 رقم 124 من الجزء السابع. (258) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبدة بن سليمان قال ثنا محمد بن اسحق عن فاطمة بنت محمد عن عمرة عن عائشة - الحديث" (غريبه) (1) هي جمع مسحاة، والمسحاة آلة من حديد يجرف بها الطين، مشتقة من السحو وهو كشف وجه الأرض، والميم فيها زائدة (2) هو ابن اسحق أحد الرواة "وقوله المرور" جمع مر بفتح الميم بعدها راء مهملة وهو المسحاة على ما في القاموس وقيل صوت المسحاة على الأرض (تخريجه) (ش) وفي إسناده محمد بن اسحق مدلس وقد عنعن، وفاطمة بنت محمد لم أقف على ترجمتها، وله شواهد تعضده (291) عن عقبة بن عامر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن موسى بن علي عن أبيه قال سمعت عقبة بن عامر- الحديث" (غريبه) (3) بضم الباء من باب النصر، وبكسرها من باب ضرب لغتان، والمراد به دفن الميت، وحمله بعضهم على صلاة الجنازة وهو بعيد لا ينساق إليه الذهن من لفظ الحديث، يقال قبر الميت دفنه

بازغة حتى ترتفع وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس وحين تضيف للغروب حتى تغرب

_ ولا يقال قبره إذا صلى عليه (1) أي طالعه ظاهرة لا يخفى طلوعها (2) أي يقف ويستقر الظل الذي يقف عادة عند الظهيرة حسب ما يبدو، فإن الظل عن الظل عند الظهيرة لا يظهر له سرعة حركة حتى يظهر، أي المعنى أنه واقف وهو سائر حقيقة، لأن الشمس إذا بلغت وسط السماء ابطأت حركتها إلى أن تزول فيحسب أنها وقفت وهي سائرة، ولا شك أن الظل تابع لها، والحاصل أن المراد بذلك وقت الاستواء (3) بفتح أوله وثانيه وتشديد الياء التحتية مفتوحة اصله تتضيف بتاءين حذفت احداهما تخفيفا أي تميل للغروب (تخريجه) (م. والأربعة. وغيرهم) زوائد الباب) (عن عمرو بن دينار) قال أخبرني جابر بن عبدالله أو سمعت جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال رأى ناس نارا في المقبرة فأتوها فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر؛ وإذا يقول ناولوني صحبكم، فإذا هو الرجل الذي كان يرفع صوته بالذكر (د. ك. هق) قال النووي وإسناده على شرط البخاري ومسلم. واحتج به أبو داود في المسألة أهـ. ولعل المراد بالذكر هنا القرآن كما في رواية الترمذي من حديث ابن عباس؛ وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "رحمك الله إن كنت لأواها تلاء للقرآن " (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بقبر قد دفن ليلا، فقال متى دفن هذا؟ قالوا البارحة، قال افلا آذنتموني؟ قالوا دفناه في ظلمة الليل فكرهنا أن نوقظك، فقام فصففنا خلفه (فال ابن عباس) وأنا فيهم فصلى عليه (وعن عائشة رضي الله عنها) أن أبا بكر رضي الله عنه لم يتوف حتى أمسى من ليلة الثلاثاء ودفن قبل أن يصبح، رواه البخاري (وعن موسى بن علي) عن أبيه قال كنت عند عقبة بن عامر، فسئل عن التكبير على الميت فقال أربع، قلت الليل والنهار سواء؟ قال الليل والنهار سواء، قلت يدفن الميت بالليل؟ قال قبر أبو بكر بالليل (وعن أبي زرعة بن عمرو) مولى لآل حباب عن أبيه عمرو قال "دفنا عثمان بن عفان بعد عشاء الآخرة بالبقيع وكنت رابع أربعة فيمن حمله (وعن خالد بن شمير) قال سألت أنسا رضي الله عنه عن الصلاة على الميت بالليل فقال ما الصلاة على الميت بالليل إلا كالصلاة على الميت بالنهار (وعن ابن أبي عروبة) عن قتادة أن ابن مسعود دفن ليلا، قال وكان قتادة يكره ذلك (وعن أبي حرة) عن الحسن أنه كان يكره أن يدفن ليلا، روى هذه الآثار الخمسة ابن أبي شيبة في مصنفه (الأحكام) حديث جابر يدل بظاهره على كراهة الدفن بالليل؛ وقد جاء عند ابن ماجه بلفظ "لا تدفنوا

(4) باب تسوية القبور ورش الماء عليها وتسميتها لتعرف (260) عن أبي محمد الهذلي عن علي رضي الله عنه قال كان رسول الله

_ موتاكم بالليل إلا أن تضطروا" وبه قال الحسن وقتادة فإنهما كرها الدفن بالليل كما جاء عند ابن أبي شيبة إلا للضرورة، وتقدم في الزوائد، وخالفهم الجمهور فقالوا بعدم الكراهة مستدلين بحديث عائشة الثاني من أحاديث الباب، وبما ذكر في الزوائد من الأحاديث والآثار (قال النووي) رحمه الله، وقال جماهير العلماء من السلف فدفنوا ليلا من غير إنكار، وبحديث المرأة السوداء والرجل الذي كان يقم المسجد، فتوفى بالليل فدفنوه ليلا وسألهم النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا توفى ليلا فدفناه في الليل، فقال ألا آذنتموني؟ قالوا كانت ظلمة ولم ينكر عليهم، وأجابوا عن هذا الحديث "يعني حديث جابر" بأن النهي كان لترك الصلاة، ولم ينه عن مجرد الدفن بالليل (قال في المجموع) قال أصحابنا لا يكره الدفن بالليل لكن المستحب دفنه نهارا، قالوا وهو مذهب العلماء كافة إلا الحسن البصري فإنه كرهه أهـ (وحديث عقبة بن عامر) رضي الله عنه يدل على كراهة الدفن في الأوقات المذكورة فيه، وبه قالت الحنابلة، لكن قال النووي معناه تعمد تأخير الدفن إلى هذه الأوقات كما يكره تعمد تأخير العصر إلى اصفرار الشمس بلا عذر وهي صلاة المنافقين، قال فإما إذا وقع الدفن بلا تعمد في هذه الأوقات فلا يكره عندنا، نص عليه الشافعي في الأم في باب القيام للجنازة واتفق عليه الأصحاب، قال ونقل الشيخ أبو حامد في أول باب الصلاة على الميت من تعليقه والماوردي والشيخ نصر المقدسي وغيرهم اجماع العلماء عليه، وثبت في صحيح مسلم رحمه الله عن عقبة ابن عامر رضي الله عنه قال ثلاث ساعات فذكر حديث عقبة الثالث من أحاديث الباب ثم قال وأجاب الشيخ أبو حامد والماوردي ونصر المقدسي وغيرهم بأن الإجماع دل على ترك ظاهره في الدفن. وأجاب القاضي أبو الطيب والمتولي وغيرهما بأن النهي عن تحري هذه الأوقات للدفن وقصد ذلك، قالوا وهذا مكروه، فأما إذا لم يتحره فلا كراهة ولا هو مراد الحديث وهذا الجواب أحسن أهـ ج (قلت) حكاية الإجماع غير مسلمة، لأن ابن قدامة حكى الكراهة عن الإمام أحمد فقال وكره أحمد دفن الميت في هذه الأوقات لحديث عقبة أهـ. ولم يذكر التفصيل الذي قالته الشافعية (قال الشوكاني) وظاهر الحديث أن الدفن في هذه الأوقات محرم من غير فرق وبين العامد وغيره إلا أن يخص غير العامد بالأدلة القاضية برفع الجناح عنه أهـ والله أعلم (260) عن أبي محمد الهذلي (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا معاوية

صلى الله عليه وسلم في جنازة فقال أيكم ينطلق إلى المدينة فلا يدع بها وثنا إلا كسره ولا قبرا إلا سواه ولا صورة إلا لطخها فقال رجل أنا يا رسول الله فانطلق ثم رجع فقال يا رسول الله لم أدع بها وثنا إلا كسرته ولا قبرا إلا سويته ولا صورة إلا لطختها ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من

_ ثنا أبو إسحق عن شعبة عن الحكم عن أبي محمد الهذلي - الحديث" (غريبه) (1) أي المدينة المنورة التي كانت تسمىيثرب (2) الفرق بين الوثن والصنم أن الوثن كل ماله جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة الآدمي تعمل وتنصب فتعبد، والصنم الصورة بلا جثة، ومنهم من لم يفرق بينهما وأطلقهما على المعنيين؛ وقديطلق الوثن على غير الصورة "ومنه حديث عدي بن حاتم" قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم وفي عنقي صليب من ذهب، فقال لي ألق هذا الوثن عنك (3) أي هدمه وجعله مساويا للأرض إلا شيئا يسيرا كالشبر ونحوه لما سيأتي في الأحكام من حديث جعفر بن محمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصباء ورفعه شبرا (4) في رواية أخرى للإمام أحمد أيضا "إلا طلخها" بتقديم الطاء المهملة على اللام، ومعناه لطخها بالطين حتى يطمسها، من الطلخ، وهو الذي يبقى في أسفل الحوض والغدير، وقيل معناه سودها من الليلة المطلخمة على أن الميم زائدة "نه" (5) لم يسم هذا الرجل، ولكنه من الأنصار كما صرح بذلك في الطرق الثانية (6) أي خاف مشركي أهل المدينة، لأن هذا أعظم حدث يصيبهم في معبودهم لم يقدر عليه إلا رجل قوي. جلد. همام. باع نفسه في سبيل الله (7) ذكر المؤرخون وأصحاب السير أن ارسال علي رضي الله عنه لكسر الأصنام كان في السنة الثامنة من الهجرة عام الفتح أي فتح مكة (فإن قيل) كيف يكون بالمدينة أصنام إلى السنة الثامنة وأهلها أول من بادر من أهل القرى إلى الإسلام وترك عبادة الأوثان (فالجواب) أن هذا لا ينافي وجود أناس منهم تأخر إسلامهم إلى هذا التاريخ فكانوا يعبدون الأصنام، والظاهر أن أصنامهم كانت بمنازلهم أو بدار خاصة لهم بالمدينة وبضواحيها، أما صنمهم الرئيسي الذي كانوا يحجون إليه فقد كان منصوبا على ساحل ابحر من ناحية المشلل بقديد بين المدينة ومكة، وهو المسمى بمناة المذكور في قوله تعالى (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثاثة الآخرى) وكان أهل المدينة وما جاورها من العرب يعبدونه قبل الإسلام، وكانت الأوس والخزرج أشد الناس

عاد لصنعة شيء من هذا فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم ثم قال لا تكونن فتانا ولا مختالا ولا تاجرا إلا تاجر خير فإن أولئك هم المسبوقون بالعمل

_ تعظيما له، فلما أظهر الله الإسلام وفتح عل نبيه بفتح مكة أراد صلى الله عليه وسلم أن يطهر جزيرة العرب من هذه الأصنام، فأرسل عليا لمناة وما يتبعها من الأصنام الصغيرة، وأسل المغيرة بن شعبة وأبا سفيان صخر بن حرب إلى اللات، وكانت بالطائف فهدمها وجعلا مكانها مسجدا بالطائف، وأرسل خالد بن الوليد إلى العزى، وكانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، وهي بين مكة والطائف، وكانت قريشا تعظمها، ولذا قال أبو سفيان يوم أحد (لنا العزى ولا عزى لكم) فقطعها خالد بن الوليد وهدم البيت الذي كان عليها (وقد ذكر أبو المنذر) هشام بن محمد بن السائب الكلبي في كتابه المسمى كتاب الأصنام، أن أقدم أصنام العرب كلها مناة؛ قال وقد كانت العرب تسمي عبد مناة. وزيد مناة، وكانت الأوس والخزرج ومن ينزل المدينة ومكة وما قارب من المواضع يعظمونه ويذبحون له ويهدون له، قال وحدثنا رجل من قريش عن أبي عبيدة بن عبدالله بن أبي عبيدة بن عمار بن ياسر، وكان أعلم الناس بالأوس والخزرج، قال كانت الأوس والخزرج ومن يأخذ بإخذهم من عرب أهل يثرب وغيرها يحجون فيقفون مع الناس المواقف كلها ولا يحلقون رءوسهم، فإذا انفروا أتوه فحلقوا رءوسهم عنده وأقاموا عنده لا يرون لحجهم تماما إلا بذك، فالأعظام الأوس والخزرج يقول عبد العزى ابن وديعة المزني أو غيره من العرب إن حلفت يمين صدق بره ... بمناة عند محل آل الخزرج قال وكانت قريس وجميع العرب تعظمه ولم يكن أحد أشد إعظاما له من الأوس والخزرج، لم يزل على ذلك حتى خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة سنة ثمان من الهجرة، وهو عام الفتح، فلما سار من المدينة أربع ليال أو خمس ليال بعث عليا إليها فهدمها وأخذ ما كان لها فأقبل به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكان فيما أخذ سيفان كان الحارث بن أبي شمر الغساني ملك غسان أهداهما لها. أحدهما يسمى مخذوما والآخر رسوبا، وهما سيفا الحارث اللذان ذكرهما علقمة في شعره فقال: مظاهر سربالي حديد عليهما ... عقيلا سيوف مخذم ورسوب فوهبهما النبي صلى الله عليه وسلم لعلي رضي الله عنه، فيقال أن ذا الفقار أحدهما أهـ (1) يعني ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي يا علي لا تكونن فتانا، وقد صرح باسم على في الطريق الثانية، وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم هذه الجملة لعلي، لأنه قام بمهمة شاقة خطيرة لا يقدر عليها من الرجال سواه فخشي النبي صلى الله عليه وسلم أن يعجب بنفسه أو يداخله الاختيال أو يفتتن به الناس وإن لم يحصل شيء

(ز وعنه من طريق ثان) عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا من الأنصار أن يسوي كل قبر، وأن يلطخ كل صنم، فقال يا رسول الله إني أكره أن أدخل بيوت قومي قال فأرسلني، فلما جئت قال يا علي لا تكونن فتانا ولا مختالا ولا تاجرا إلا تاجر خير، فإن أولئك مسوفون في العمل. (261) ز عن جرير بن حيان عن أبيه أن عليا رضي الله عنه قال لأبيه لأبعثنك فيما بعثني فيه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن أسوي كل قبر وأن أطمس كل صنم

_ لكنه أراد تهذيبه بهذا القول وتعوده الإخلاص في العمل، لأن كل عمل يشوبه رياء أو فخر مهما عظم لا يساوي عند الله شيئا ولا يقبل من فاعله "قوله ولا تاجرا" معناه لا تكن كالتاجر الذي لا يبتغي بعمله إلا ربح الدراهم وعرض الدنيا، غافلا عن أعمال الآخرة مسوفا في ذلك حتى يسبقه غيره، بل كن كتاجر الخير الذي ينبغي بعمله الثواب ويراقب الله عز وجل في تصرفاته، فهذا عمله مقبول وتجارته رابحة لن تبور (1) (سنده) "ز" حدثنا عبدالله حدثني شيبان أبو محمد ثنا حماد يعني ابن سلمة أنبأنا حجاج بن ارطأة عن الحكم ابن عتيبة عن أبي محمد الهذلي عن علي بن أبي طالب - الحديث" (2) يستفاد من هذا أن أصنامهم الصغيرة كانت في البيوت كما أشرنا إلى ذلك سابقا (تخريجه) الطريق الأول رواية الإمام أحمد، والطريق الثانية من زوائد عبدالله بن الإمام أحمد على مسند أبيه، وفي كلتيهما أبو محمد الهذلي مجهول، ولم أقف على هذا الحديث بطريقيه لغير الإمام أحمد وابنه عبدالله رحمهما الله، ويؤيده الحديث الآتي بعده فقد رواه مسلم وغيره. (261) "ز" عن جرير بن حيان (سنده) حدثنا عبدالله حدثنا شيبان أبو محمد ثنا حماد بن سلمة أنبأنا يونس بن خباب عن جرير بن حيان عن أبيه - الحديث" (غريبه) (3) اسم أبيه حيان بالياء التحتية ابن حصين؛ وكنيته أبو الهياج الأسدي الكوفي من ثقات التابعين (4) تقدم حديث علي رضي الله عنه وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إياه لهذا الغرض، وتقدم أيضا الكلام عليه (5) الطمس استئصال أثر الشيء أي محو أثره (تخريجه) (م. والثلاثة)

(262) عن ثمامة قال خرجنا مع فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه إلى أرض الروم، وكان عاملا لمعاوية على الدرب فأصيب ابن عم لنا فصلى عليه فضالة رضي الله عنه وقام على حفرته حتى واراه، فلما سوينا عليه حفرته قال أخفوا عنه فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا بتسوية القبور (وعنه من طريق ثان) قال غزونا أرض الروم وعلى ذلك الجيش فضالة ابن عبيد الأنصاري فذكر الحديث، فقال فضالة خففوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسوية القبور (ومن طريق ثالث) عن يزيد بن أبي حبيب أن أبا علي الهمداني أخبره أنه رأى فضالة بن عبيد رضي الله عنه

_ (262) عن ثمامة (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن عبدالله بن أحمد بن محمد ابن حنبل قال حدثني أبي ثنا محمد بن يحيى بن اسحق عن ثمامة- الحديث" (غريبه) (1) هو ابن شفي الهمداني كما صرح بذلك في سند الطريق الثانية (2) الدرب المدخل بين جبلين، والجمع دروب كفلس وفلوس، وليس أصله عربيا، والعرب تستعمله في معنى الباب، فيقال لباب السكة درب وللمدخل الضيق درب، لأنه كالباب يفضي إليه، وكل مدخل إلى الروم درب، والمعنى أن معاوية رضي الله عنه استعمله أميرا على ذلك الجيش لغزو الروم كما يستفاد من الطريق الثانية (3) أي أخفوا التراب عن قبره، وكأنهم أرادوا أن يظهروا قبره فأكثروا عليه التراب، فأمرهم بتسويته مستدلا بالحديث (4) (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحق قال حدثني ثمامة ابن شفي الهمداني قال غزونا أرض الروم- الحديث" (5) كانت هذه الغزوة بجزيرة رودس من أرض الروم كما صرح بذلك في رواية مسلم وأبي داود "ورودس" براء مضمومة ثم واو ساكنة ثم جال مهملة مكسورة ثم سين مهملة، هكذا ضبطه، النووي في شرح مسلم؛ وفي بعض نسخ أبي داود بذال معجمة وسين مهملة، وهي جزيرة ببحر الروم "المسمى الآن بالبحر الأبيض المتوسط" مقابل الأسكندرية على ليلة منها، فتحت سنة ثلاث وخمسين من الهجرة في عهد معاوية، ولم تزل تتقلب عليها الأيدي حتى فتحها السلطان سليم الثاني سنة اثنتين وعشرين وتسعمائة هجرية، وهي الآن تابعة لدولة إيطاليا (6) (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا بن موسى قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا يزيد بن أبي حبيب

أمر بقبور المسلمين فسويت بأرض الروم، وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول سووا قبوركم بالأرض

_ الحديث (تخريجه) (م. د. نس. هق) بألفاظ مختلفة (زوائد الباب) (عن سفيان التمار) أنه رأى قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما؛ رواه البخاري، ورواه أيضا ابن أبي شيبة وزاد "وقبر أبي بكر وقبر عمر كذلك" وكذلك أخرجه أبو نعيم بالزيادة (وعن جعفر بن محمد عن أبيه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصباء، والحصباء لا تثبت على سطح إلا على قبر مسطح، رواه الشافعي في مسنده مرسلا، وأخرجه أيضا سعيد بن منصور والبيهقي من هذا الوجه مرسلا بهذا اللفظ وزادا "ويرفع قبره قدر شبر" (وعن جابر بن عبدالله) رضي الله عنهما قال رش على قبر النبي صلى الله عليه وسلم بالماء رشا، فكان الذي رش على قبره بلال بن رباح بدأ من قبل رأسه من شقه الأيمن حتى انتهى إلى رجليه وفي إسناده الواقدي والكلام فيه معروف (وروى سعيد بن منصور) أن الرش على القبر كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعن الحسن) أنه لم يكن يرى بأسا برش الماء على القبر (وعن أبي جعفر) قال لا بأس برش الماء على القبر، رواهما ابن أبي شيبة في مصنفه (وعن المطلب بن عبد الله بن حنطب) قال لما مات عثمان بن مظعون أخرج بجنازته فدفن فأمر النبي صلى الله عليه وسلم رجلا أن يأتيه بحجر فلم يستطع حمله، فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحسر عن ذراعيه قال كأني انظر إلى بياض ذراعي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حسر عنهما؛ ثم حملها فوضعها عند رأٍسه وقال أتعلم بها قبر أخي وأدفن إليه من مات من أهلي، رواه أبو داود (قال الحافظ) وإسناده حسن ليس فيه إلا كثير بن زيد رواةيه عن المطلب وهو صدوق أهـ (قال الشوكاني) والمطلب ليس صحابيا، ولكنه بين أن مخبرا أخبره ولم يسمه وإيهام الصحابي لا يضر أهـ (الأحكام) أحاديث الباب فيها ما يدل على مشروعية تسوية القبور وهو حديث على رضي الله عنه بجميع طرقه وحديث فضالة بن عبيد رضب الله عنه بجميع طرقه، وليس المراد بتسويتها التسوية بالأرض، وإنما المراد تسطيحها وارتفاعها عن الأرض قدر شبر لما أخرجه سعيد بن منصور في سننه والبيهقي من حديث جعفر بن محمد عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رش على قبر ابنه إبراهيم ووضع عليه حصباء ورقعه شبرا ولما سيأتي من حديث القاسم بن محمد حيث وصف قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر رضي الله عنهما بأنها غير مشرفة ولا لاطئة، أي لا مرتفعة كثيرا ولا مساوية للأرض بل مرتفعة نحو شبر، ولاطئة بالهمز أو بالياء التحتية أي لازقة، يقال لطئ يلطأ مثل لصق

وزنا ومعنى (وفيها ما يدل على استحباب تسميتها) وهو حديث سفيان الثمار عند البخاري أنه رأي قبر النبي صلى الله عليه وسلم مسنما، وتقدم في الزوائد، وإلى استحباب تسنيمها ذهب الأئمة (أبو حنيفة ومالك وأحمد والمزني وكثير من الشافعية) (قال الحافظ وادعى القاضي حسين اتفاق الأصحاب عليه، وتعقب بأن جماعة من قدماء الشافعية استحبوا التسطيح كما نص عليه الشافعي، وبه جزم الماوردي وآخرون، وقول سفيان التمار لا حجة فيه كما قال البيهقي، لاحتمال أن قبره صلى الله عليه وسلم لم يكن في الأول مسنما؛ فقد روى أبو داود والحاكم من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر "قال دخلت على عائشة فقلت يا أمه، اكشفي لي عن قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، فكشفت له عن ثلاثة قبور لا مشرفة، ولا لاطئة مبطوحة ببطحاء العرضة الحمراء" (أي مفروشة بحصباء الموضع المعروف بالعرضة الحمراء، والبطحاء في الأصل مسيل واسع فيه دقاق الحصا، والمراد به هنا الحصا لإضافته إلى العرضة، وهي كل موضع واسع لا بناء فيه) زاد الحاكم "فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدما، وأبا بكر رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم، وعمر رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم" وهذا كان في خلافة معاوية، فكأنها كانت في الأول مسطحة ثم لما بني جدار القبر في إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة من قبل الوليد بن عبد الملك صيروها مرتفعة، وقد روى أبو بكر الآجري في كتاب صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم من طريق اسحاق بن عيسى عن بنت داود بن أبي هند عن غنيم بن بسطام المديني قال رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم في أمارة عمر بن عبد العزيز فرأيته مرتفعا نحوا من اربع أصابع، ورأيت قبر أبي بكر وراء قبره، ورايت قبر عمر وراء قبر أبي بكر اسفل منه، ثم الاختلاف في ذلك في أيهما أفضل لافي أصل الجواز، ورجع المزني التسنيم من حيث المعني بأن المسطح يشبه ما يصنع للجلوس بخلاف المسنم، ورجحه ابن قدامة بأنه يشبه أبنية أهل الدنيا وهو من شعار أهل البدع فكان التسنيم أولى، ويرجح التسطيح ما رواه مسلم من حديث فضالة بن عبيد أنه مر بقبر فسوي، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بتسويتها أهـ وقد جمع البيهقي بين روايتي التسنيم والتسطيح بأنه كان أولا مسطحا كما قال القاسم بن محمد، ثم لما سقط الجدار في زمن الوليد ابن عبد الملك أصلح فجعل مسنما، قال وحديث القاسم أولى وأصح والله أعلم أهـ، وقد اتفق الأئمة رضى الله عنهم على ارتفاع القبر نحو شبر عن الأرض ومازاد على ذلك فهو بدعة ذميمة مخالفة لهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وسننه، فما يفعله الناس الآن من تشييد القبور وبناء القباب والمساجد والبيوت عليها حرام لا يجوز فعله، لا سيما إذا كانت المقبرة مسبلة (قال الشافعي) رحمه الله في الأم ورأيت من الولاء من يهدم ما بنى فيها، قال ولم أر الفقهاء يعيبون عليه ذلك، ولأن في ذلك تضييقا على الناس أهـ (وقال الشوكاني) رحمه الله والظاهر

.

_ أن رفع القبور زيادة على القدر المأذون فيه محرم، وقد صرح بذلك (أصحاب أحمد) وجماعة من أصحاب (الشافعي ومالك) والقول بأنه غير محظور لوقوعه من السلف والخلف بلا نكير كما قال الإمام يحيى والمهدي في الغيث لا يصح، لأن غاية ما فيه أنهم سكتوا عن ذلك، والسكوت لا يكون دليلا إذا كان في الأمور الظنية وتحريم رفع القبور ظن (ومن رفع القبور الداخل تحت الحديث دخولا أوليا) القباب والمشاهد المعمورة على القبور، وأيضا هو من اتخاذ القبور مساجد، وقد لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاعل ذلك كما سيأتي، وكم قد سرى عن تشييد أبنية القبور وتحسينها مفاسد يبكي لها الإسلام (منها) اعتقاد الجهلة لها كاعتقاد الكفار للأصنام وعظم ذلك فظنوا أنها قادرة على جلب النفع ودفع الضرر فجعلوها مقصدا لطلب قضاء الحوائج وملجأ لنجاح المطالب، وسألوا منها ما يسأله العباد من ربهم وشدوا إليها الرحال وتمسحوا بها واستغاثوا، وبالجملة أنهم لم يدعوا شيئا مما كانت الجاهلية تفعله بالأصنام إلا فعلوه، فإنا لله وإنا إليه راجعون، ومع هذا المنكر الشنيع والكفر الفظيع لا نجد من يغضب لله ويغار حمية للدين الحنيف، لا عالما ولا متعلما ولا أميرا ولا وزيرا ولا ملكا، وقد توارد إلينا من الأخبار ما لا يشك معه أن كثيرا من هؤلاء القبوريين أو أكثرهم إذا توجهت عليه يمين من جهة خصمه حلف بالله فاجرا، فإذا قيل له بعد ذلك احلف بشيخك ومعتقدك الولي الفلاني تلعثم وأبى واعترف بالحق، وهذا من أبين الأدلة الدالة على أن شركهم قد بلغ فوق شرك من قال إنه تعالى ثاني اثنين أو ثالث ثلاثة، فياعلماء الدين ويا ملكوك المسلمين أي رزء للإسلام أشد من الكفر وأي بلاء لهذا الدين أضر عليه من عبادة غير الله وأي مصيبة يصاب بها المسلمون تعدل هذه المصيبة، وأي منكر يجب إنكاره إن لم يكن إنكار هذا الشرك البين واجبا لقد أسمعت لو ناديت حيا ... ولكن لا حياة لمن تنادي ولو نارا نفخت بها أضاءت ... ولكن أنت تنفخ في رماد أهـ "وفيما أوردنا في الزوائد" دليل على مشروعية ش الماء على القبر وإليه ذهب الإمامان (أبو حنيفة والشافعي) رحمهما الله تعالى والقاسمية والحسن وأبو جعفر (وفيها أيضا) جواز جعل علامة على قبر الميت كنصب حجر أو نحوه لحديث عبد المطلب بن عبدالله بن حنطب المذكور في الزوائد (وبه قالت الشافعية) قال النووي رحمه الله السنة أن يجعل عند رأسه علامة شاخصة من حجر أو خشبة أو غيرهما، هكذا قاله الشافعي وصاحب المهذب والأصحاب أهـ. قال الإمام يحيى فأما نصب حجرين على المرأة، وواحد على الرجل فبدعة، قال في البحر قلت لا بأس به لقصد التمييز لنصبه على قبر ابن مظعون أهـ وذهب الجمهور إلى كراهة ذلك إلا إذا خيف ذهاب معالم القبر فيجرز وضع ذلك للتمييز، أما إذا قصد به التفاخر والمباهاة فهو حرام، والله أعلم.

(5) باب النهي عن البناء على القبرو وتخصيصها والجلوس عليها والصلاة إليها (وما جاء في كسر عظم الميت والمشي بين القبور بالنعل) (263) عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ينهى أن يقعد على القبر وأن يقصص أو يبنى عليه. (264) عن أم سلمة رضي الله عنها قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن يبنى على القبر وأن يحصص. (265) عن أبي هريرة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال لا يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه حتى

_ (263) عن جابر بن عبدالله (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبدالرزاق ثنا ابن جريح أخبرني أبو الزير أنه سمع جابر بن عبدالله يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) بقاف وصادين مهملتين أي يطلي بالقصة بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة؛ أي الجص بكسر الجيم وهو المعروف بالجير (2) يعني أي بناء كان سواء تعلق بالميت أو الحي، فمثاله للميت أن يبنى على القبر قبة أو نحوها، ومثاله للحيي أن يبنى عليه حجرة أو مسجد أو نحو ذلك، فهذا كله لا يجوز فعله (تخريجه) (م. د. نس. هق) ورواه الترمذي وصححه بلفظ "نهي أن يبنى على القبر أو يزاد عليه بجص أو يكتب عليه (264) عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا يزيد بن أبي حبيب عن ناعم مولى أم سلمة عن أم سلمة - الحديث" (غريبه) (3) أي يطلي بالجص بكسر الجيم كما تقدم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام، وله طريق آخر عند الإمام أحمد عن ناعم مولى أم سلمة مرسلا "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجصص قبر أو يبنى عليه أو يجلس عليه" وفي إسناده ابن لهيعة أيضا (265) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه- الحديث"

تفضي إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر (وفي لفظ) خير من أن يطأ على قبر رجل مسلم. (266) عن أبي مرثد الغنوي رضى الله عنه سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول لا تصلوا إلى القبور ولا تجلسوا عليها (وفي لفظ) لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا عليها. (276) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا داود بن قيس عن سعد بن سعيد عن يحيى بن سعيدة عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كسر عظم الميت ككسره وهو حي قال يرون أنه في الإثم

_ (غريبه) (1) المراد بالجلوس القعود، وقيل أراد القعود لقضاء الحاجة أو للأحداد وأمر بأن يلازمه لا يرجع عنه "وقوله خير من أن يطأ الخ" الوطء هنا معناه الدوس بالقدم، وروى الطحاوي من حديث محمد بن كعب قال إنما قيل أبو هريرة من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط فكأنما جلس على جمرة (قال الحافظ) لكن إسناده ضعيف، وقال نافع كان ابن عمر يجلس على القبور؛ ومخالفة الصحابي لما روى تعارض المروي (تخريجه) (م. د. نس. جه) (266) عن أبي مرثد الغنوي (سنده) حدثنا عبدالله ثنا أبي ثنا الوليد ابن مسلم قال سمعت ابن جابر يقول حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي أنه سمع وائلة بن الأسقع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حدثني أبو مرثد الغنوي سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (2) أبو مرثد بفتح الميم والثاء المثلثة واسمه كناز بفتح الكاف وتشديد النون وآخره زاي ابن حصين، ويقال ابن حصين الغنوي بفتح الغين المعجمة والنون توفى بالشام ثنتي عشرة وقيل سنة إحدى عشرة وهو ابن ست وستين سنة وحضر هو وابنه مرثدا بدرا، قاله النووي ج (3) جاءت هذه الرواية في الأصل هكذا "ولا تصلوا عليها" وهي مخالفة للرواية الأولى، وقد رواه مسلم بطريقيه وفيه "ولاتصلوا إليها بدل "عليها" لكن أشار الحافظ في باب هل تنبش قبور مشركي الجاهلية الخ في البخاري من طريق أبي مرثد الغنوي أيضا مرفوعا بلفظ "لا تجلسوا على القبور ولا تصلوا إليها أو عليها" ولم أقف على هذه الزيادة عند مسلم، فالله أعلم (تخريجه) (م. د. مذ. هق) (267) حدثنا عبدالله (غريبه) (5) فسره الراوي بقوله يرون أنه

قال عبد الرزاق أظنه قول داود (وعنها من طريق ثان) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كسر عظم المؤمن ميتا مثل كسره حيا. (268) عن بشير ابن الخصاصية رضي الله عنه بشير رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بيده فقال لي يا ابن الخصاصية ما أصبحت تنقم على الله تبارك وتعالى، أصبحت تماشي رسوله، قال أحسبه

_ في الإثم، يعني أن من كسر عظم ميت كان آثما كما يأثم كم كسر عظم الحي (قال عبد الرزاق) أظنه قول داود يعني تفسيره بالإثم هو قول داود بن قيس أحد الرواة، وقد اتفق العلماء على تحريم ذلك في الحياة والموت، لافي القصاص والدية فإنهما مرفوعان عن كاسر عظم الميت إجماعا أو يكون معنى ذلك أن الميت يتأذى مما يتأذى منه حال الحياة، فقد اخرج ابن شيبة رحمه الله عن ابن مسعود رضي الله عنه قال "أذى المؤمن في موته كأذاه في حياته" يعني فلا يهان ميتا كما لا يهان حيا (قال الحافظ) ومن لوازمه أن يستلذ بما يستلذ به الحي أهـ وذكر الحافظ السيوطي سبب هذا الحديث في كتابه درجات الصعود حاشية أبي داود (عن جابر رضي الله عنهما) قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فجلس النبي صلى الله عليه وسلم على شفير القبر وجلسنا معه فأخرج الحفار عظما ساقا أو عضدا، فذهب ليكسره فقال صلى الله عليه وسلم لا تكسره، فإن كسرك إياه ميتا ككسرك إياه حيا ولكن دسه بجانب القبر (1) (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا سعد بن سعيد قال أخبرتني عمرة قال سمعت عائشة تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (تخريجه) (د. جه. هق) أخرجه (لك) في الموطأ موقوفا على عائشة وأخرجه (جه) أيضا من حديث أم سلمة مرفوعا، وحديث الباب حسنه ابن القطان، وقال ابن دقيق العيد أنه على شروط مسلم. (268) عن بشير بن الخصاصية (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا أسود بن شيبان عن خالد بن سمير عن بشير بن نهيك عن بشير بن الخصاصية - الحديث" (غريبه) (2) أضيف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه هو الذي سماه بشيرا وكان اسمه زحما بزاي مفتوحة ثم جاء مهملة ساكنة، وفي رواية أبي داود مولي رسول الله صلى الله عليه وسلم بدل بشير رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية الحاكم يشير رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هنا (3) بكسر القاف من نقم كضرب إذا كره الأمر ومل منه "وما" استفهامية، والمراد منه أي شيء تكره على الله مع أنه أنعم عليك بهذه النعمة العظيمة حيث أصبحت تمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، والغرض إظهار نعمة الله تعالى

قال آخذا بيده قال قلت ما أصبحت أنقم على الله شيئا، قد أعطاني الله تبارك وتعالى كل خير، قال فأتينا على قبور المشركين، فقال لقد سبق هؤلاء خيرا كثيرا ثلاث مرات، ثم أتينا على قبور المسلمين، فقال لقد أدرك هؤلاء خيرا كثيرا ثلاث مرات يقولها، قال فبصر برجل بمشي بين المقابر في نعليه قال ويحك يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك مرتين أو ثلاثا فنظر الرجل، فلما رأى رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم خلع نعليه.

_ عليه ولهذا أقرأ الخصاصية بذلك (1) القائل "أحسبه قال آخذا بيده" هو الأسود بن شيبان أحد رجال السند (2) أي ماتوا قبل أن يسلموا وتقدموا الإسلام وحادوا عنه حتى جعلوه خلف ظهورهم ولم يعبئوا به، فحرموا خيره وما يترتب عليه من سعادة الدارين، نعوذ بالله من ذلك (3) يعني أنهم أسلموا وعملوا بتعاليم الإسلام حتى ماتوا عليه فكتبت لهم السعادة وفازوا بالنعيم المقيم والخير العميم جعلنا الله منهم آمين (4) ويحك كلمة ترحم واشفاق عكس ويلك "والسبتيتين" بكسر السين وسكون الموحدة نسبة إلى السبت وهو جلد البقر المدبوغ بالقرط تتخذ منها النعال، سميت بذلك لأن شعرها قد سبت أي أزيل عنها. أو لأنها انسبتت أي لانت بالدباغ، والمعنى يا اصاحب النعلين المتخذين من السبت (5) إنما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بالخلع احتراما للمقابر عن المشي بينها بها أو لقذر بهما أو لاختباله في مشيه والله أعلم (تخريجه) (د. جه. هق. ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وله طريق آخر عند الإمام أحمد، قال حدثنا عبد الصمد ثنا الأسود ثنا خالد بن سمير ثنا بشر بن نهيك قال حدثني بشير رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان اسمه في الجاهلية. زحم بن معبد، فهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأله فقال ما اسمك قال زحم قال لا، بل أنت بشير فكان اسمه، قال بينما أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ قال يا ابن الخصاصية ما أصبحتم تنقم على الله تبارك وتعالى؟ أصبحت تماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أبو شيبان وهو الاسود بن شيبان احسبه قال آخذا بيده، فقلت يا رسول الله بأبي وأمي ما أنقم على الله عز وجل شيئا فذكر الحديث، وقال يا صاحب السبتيتين ألق سبتيتيك

(269) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن السدي عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سفيان يرفعه، قال إن الميت ليسمع خفق نعالهم إذا ولوا عنه مدبرين (270) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان الحديث

_ (269) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) اي صوت مشيهم بالنعال على الأرض "وقوله إذا ولوا عنه مدبرين" أي بعد الدفن، وقد استدل به القائلون بجواز المشي بالنعال في المقابر، وسيأتي تحقيق ذلك في الأحكام وكيفية الجمع بينه وبين سابقه. (270) (عن أنس بن مالك) هذا طرف من حديث طويل رواه الشيخان وغيرهما وسيأتي بطوله وسنده وشرحه في الباب الأول من أبواب عذاب القبر إن شاء الله تعالى وإنما ذكرته هنا لما يستفاد منه من جواز المشي في المقبرة بالنعال (زوائد الباب) (عن عمارة بن حزم) رضي الله عنه قال رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا على قبر، فقال يا صاحب القبر \انزل من على القبر لا تؤذي صاحب القبر ولا يؤذيك (قال الهيثمي) رواه الطبراني في الكبير، وفيه ابن لهيعة وفيه كلام وقد وثق (وعن ابن مسعود رضي الله عنه) قال لأن أطأ على جمرة أحب إلى من أطأ على قبر رجل مسلم (ش) (وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه) قال لأن أطأ على جمرة أو على حد سيف حتى يخطف رجلي أحب إلى من أن أمشي على قبر رجل مسلم (ش)) وعن عمران بن جدير) عن أبي العلاء بن الشخير قال يا فلان تمشون على قبوركم؟ قلت نعم، قال فكيف تمطرون (ش) (وعن أنيسه بنت زيد) عن زيد بن أرقم قالت مات ابن لزبد يقال له سويد فاشترى غلام له أو جارية جصا أو آجرا، فقال له زيد ما تريد إلى هذا؟ قال أردت أن أبني قبره وأجصصه، قال جفوت ولغوت. لا يقربه شئ مسته النار (ش) (وعن مغيرة عن إبراهيم) قال كانوا يستحبون اللبن ويكرهون الآجر، ويستحبون القصب ويكرهون الخشب (ش) (وعن جابر بن عبدالله) رضي الله عنهما قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أ، يبنى على القبر أو يزاد عليه أو يجصص، زاد سليمان بن موسى "أحد الرواة" أو يكتب عليه (نس) (وعن ابن عون) قال سئل محمد بن سيرين هل تطين القبور؟ فقال لا أعلم به بأسا (ش) (وعن يونس عن الحسن) أنه كان يكره

.

_ تطيين القبور (ش) ولأبي نعيم شيخ البخاري "بينما أنس يصلي إلى قبر ناداه عمر القبر القبر فظن أنه يعني القمر، فلما رأى أنه يعني القبر تجاوز القبر وصلى (قال الحافظ) وله طرق أخرى بينتها في تعليق التعليق منها من طريق حميد عن أنس نحوه، وزاد فيه فقال بعض من يلبني، إنما يعني القبر فتنحيت عنه، وقوله القبر القبر بالنصب فيهما على التحذير أهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أحكام شتى (منها) النهي عن القعود على القبر والمراد به الجلوس، وظاهر النهي التحريم، وبه قال ابن حزم لماورد فيه من الوعيد، لكن قال النووي عبارة الشافعي في الأم وجمهور الأصحاب في الطرق كلها أنه يكره الجلوس، وأرادوا به كراهة التنزيه كما هو المشهور في استعمال الفقهاء وصرح به كثيرون منهم، قال عبارة الشافعي في الأم وجمهور الأصحاب في الطرق كلها أن يكره الجلوس، وأرادوا به كراهة التنزيه كما هو المشهور في استعمال الفقهاء وصرح به كثيرون منهم، قال وبه قال جمهور العلماء، منهم النخعي والليث (وأبو حنيفة وأحمد) وداود، قال ومثله في الكراهة الاتكاء عليه والاستناد إليه أهـ ج (قال الإمام مالك) في الموطأ إنما نهى عن القعود على القبور فيما نرى (أي نظن) للمذاهب "يعني لحاجة الإنسان البول والغائط" ولهذا قالت المالكية بجواز القعود لغير قضاء الحاجة بلاكراهة؛ لما رواه الطحاوي بسنده أن محمد بن سعد القرظي أخبرهم، قال إنما قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من جلس على قبر يبول عليه أو يتغوط فكأنما جلس على جمرة" وتقدم أن الحافظ ضعف اسناده. وعلى فرض صحته لا يخصص عموم النهي الصريح في الجلوس كحديث أبي مرثد الغنوي المذكور في أحاديث الباب بلفظ "لا تجلسوا على القبور الخ" ومشهور (مذهب المالكية) أنه يكره القعود والمشي على القبر إذا كان مسنما أو مسطحا والطريق دونه وظن بقاء شيء من عظام الميت وإلا جاز بلا كراهة، ومحل الخلاف في القعود إذا كان لغير قضاء الحاجة، أمالها فيحرم اتفاقا، واتفقوا أيضا على جواز المشي على القبور لضرورة كما إذا لم يصل إلى قبر ميته إلا بذلك والله أعلم (منها) النهي عن تجصيص القبور وظاهر النهي التحريم وبه قال ابن حزم، وحمله الأئمة الأربعة والجمهور على الكراهة، قال العراقي ذكر بعضهم أن الحكمة في النهي عن تجصيص القبور كون الجص أحرق بالنار، وحينئذ فلا بأس بالتطبيق كما نص عليه الشافعي أهـ (قلت) ويؤيد ذلك ما جاء في الزوائد عن زيد بن أرقم موقوفا عليه وفيه "لا يقربه شئ مسته النار" وقيل الحكمة في ذلك أن القبر للبلى لا للبقاء؛ وأن التجصيص من زينة الدنيا؛ ولا حاجة للميت إليها، وهو وجيه، أما تطيين القبر فلا بأس به عند (الشافعية والحنابلة) قال الترمذي وقد رخص بعض أهل العلم. منمه الحسن البصري في تطيين القبور (وقال الشافعي) لا بأس به أن يطين القبر أهـ (قال الشوكاني) وقد روى أبو بكر النجاد من طريق جعففر بن محمد عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم رفع قبره عن الأرض شبرًا

.

_ وطين بطين أحمر من العرصة، وحكي في البحر عن الهادي والقاسم أنه لا بأس بالتطيين لئلا ينطمس، وقال الإمام يحيى وأبو حنيفة يكره أهـ (قلت) المختار عند الحنفية عجم الكراهة (وقالت المالكية) يكره ما لم يتوقف منع الرائحة على تطيينه وإلا جاز (ومنها أيضا) النهي عن البناء على القبور، وظاهره التحريم وبه جزم ابن حزم، وهذا النهي يشمل البناء على نفس القبر ليرتفع عن أن ينال بالوطء كما يفعله كثير من الناس، والبناء حوله كقبة أو مدرسة أو مسجد أو بيوت للاستراحة فيها عند الزيارة ونحوها، وقد حمله الأئمة على الكراهة إذا لم يقصد بالبناء الزينة والتفاخر وإلا كان ذلك حراما، وهذا إذا كانت الأرض غير مسبلة ولا موقوفة، والمسبلة هي التي اعتاد الناس الدفن فيها ولم يسبق لأحد ملكها، والموقوفة هي ما وقفها مالك بصيغة الدفن كقرافة مصر التي وقفها عمر بن الخطاب رضي الله عنه، أما الموقوفة والمسبلة، فيحرم فيها البناء مطلقا لما في ذلك من الضيق والتحجير على الناس (وقالت الحنابلة بكراهة البناء مطلقا سواء كانت الأرض مسبلة أم لا، إلا أنه في المسبلة أشد كراهة (وقال العلامة الأمير) المالكي رحمه الله، وحرم موقوفة كأعداده القبر حال الحياة، وسمعت شيخنا يقول رب مصر كالملك فيجوز إعداده أي القبر، قال محشيه الشيخ الحجازي رحمه الله "وقوله وحرم موقوفة" إلا أن يكون يسيرا كما في الخطاب، ومثل الموقوفة المسجد عند جواز الدفن فيه، قال الفاكهاني على الرسالة لأن في ذلك تضييقا على الناس (قال الشافعي) وقد رأيت من الولاة من يهدم بمكة ما بني بها، ولم أر الفقهاء يغيرون عليه، وقد أفتى من تقدم من جملة العلماء عل ما أخبرني به من أثق به يهدم ما بني بقرافة مصر وإلزام البانين فيها حمل النقض وإخراجه منها إلى موضع غيرها أهـ وقد كان هذا قبل أن يتغالوا فيها بالبناء والتفنن فيه ونبش القبور لذلك وتصويب المراحيض على أموات المسلمين من الأشراف والعلماء والصالحين وغيرهم، فكيف في هذا الزمان وقد تضاعف ذلك جدا حتى كأنهم لم يجدوا من البناء فيها بدا، وجاء في ذلك أشياء إذا فتحت على ولي الأمر أرشده الله لأمر بهدمها وتخريبها حتى يعود طولها عرضا وسماؤها أرضا، ولو لم يكن في البناء فيها مفسدة إلا الضيق على الناس لكان كافيا في وجوب الهدم، فكيف وقد انضاف لذلك هتك الحريم واختلاط البرئ بالسقيم، فإنهم استباحوا التكشف فيها واتخذوه ديدنا لا يستحيون من الله تعالى ولا من الناس، وخالفوا في ذلك الكتاب والسنة والإجماع والقياس، وربما أضافوا لذلك آلات الباطل من الدفوف والشبابات "الغاب" واقتحموا في ليالي الجمع وغيرها تعاطي هذه المحرمات واستهانوا بحرمة القبور، وارتكبوا بين ظهرانيها الفجور، وربما أكلوا الحشيش وشربوا الخمور، وهذا مع أنها مواطن الاعتبار ةتذكر الموت وخوف عقوبة الجبار

.

_ فناهيك بها معصية ما أفظعها وشناعة ما أشنعها، ولم أسمع بذلك في بلد من بلاد المسملين ولا غيرهم أهـ (ومنها أيضا) النهي عن زيادة تراب القبر على ما يخرج منه كما في رواية النسائي والبيهقي "نهي أن يبنى على القبر أو يزاد عليه الحديث" وقد بوب على هذه الزيادة البيهقي فقال "باب لا يزاد على القبر أكثر من ترابه لئلا يرتفع" وظاهره أن المراد بالزيادة عليه الزيادة على ترابه، واستدل به الشافعية على ذلك (وحكى النووي عن الشافع) رحمه الله أنه قال في المختصر يستحب أن لا يزاد القبر على التراب الذي أخرج منه "قال الشافعي" والأصحاب رحمهم الله إنما قلنا يستحب أن لايزاد لئلا يرتفع القبر ارتفاعا كثيرا "قال الشافعي" فإن زاد فلا بأس (قال أصحابنا) معناه أنه ليس بمكروه؛ لكن المستحب تركه أهـ ج (وقال آخرون) المراد بالزيادة عليه أن يقبر ميت على قبر ميت آخر والله أعلم (ومنها) النهي عن الكتابة على القبور كما في حديث جابر أيضا عند النسائي والترمذي والحاكم بزيادة "وأن يكتب عليها" قال أبو الطيب السندي في تعليقه على النسائي يحتمل النهي عن الكتابة مطلقا ككتابة ةاسم صاحب القبر وتاريخ وفاته، أو كتابة شيء من القرآن وأسماء الله الحسنى ونحو ذلك للتبرك، لاحتمال أن يوطأ أو يسقط على الأرض فيصير تحت الأرجل، قال الحاكم بعد تخريج هذا الحديث في المستدرك، الإسناد صحيح وليس العمل عليه، فإن أئمة المسلمين من الشرق والغرب يكتبون على قبورهم، وهو شئ أخذه الخلف عن السلف، وتعقبه الذهبي في مختصره بأنه محدث ولم يبلغهم النهي، والله تعالى أعلم أهـ (وقال الشوكاني) فيه تحريم الكتابة علي القبور، وظاهره عدم الفرق بين كتابة اسم الميت على القبر وغيرها، وقد استثنت الهادوية رسم الاسم فجوزوه لا على وجه الزخرفة قياسا على وضعه صلى الله عليه وسلم الحجر على قبر عثمان كما تقدم (يعني. عثمان بن مظعون ليعرف به" قال وهو من التخصيص بالقياس وقد قال به الجمهور، لا أنه قياس في مقابلة النص كما قال في ضوء النهار، ولكن الشأن في صحة هذا القياس أهـ (وقد ذهبت الحنفية) إلى أن يكره تحريما الكتابة على القبر مطلقا إلا إذا خيف ذهاب أثره فلا يكره "ووقالت المالكية) الكتابة على القبر إن كانت قرآنا حرمت وإن كانت لبيان اسمه أو تاريخ موته فهي مكروهة (وذهبت الشافعية) إلى الكراهة سواء أكانت الكتابة قرآنا أم غيره إلا إذا كان قبر عالم أو صالح فيندب كتابة اسمه وما يميزه ليعرف (وقالت الحنابلة) تكره الكتابة على القبور من غير تفصيل والله أعلم (ومنها أيضا) النهي عن الصلاة إلى القبور "أي متوجها إليها" أو عليها أي جاعلها تحته، وحمله جماعة من العلماء على التحريم، منهم الظاهرية، ولم يفرقوا بين مقابر المسلمين والكفار (قال ابن حزم) وبه يقول طوائف من السلف فحكى عن خمسة من الصحابة النهي عن ذلك، وهم عمر. وعلي

.

_ وأبو هريرة. وأنس. وابن عباس. رضي الله عنهم وفصل آخرون، فقالت (الحنفية) تكره الصلاة في المقبرة إذا كان القبر بين يدي المصلي بحيث لو صلى صلاة الخاشعين وقع بصره عليه، أما إذا كان خلفه أو فوقه أو تحت ما هو واقف عليه فلا كراهة، وقيدوا الكراهة بأن لا يكون في المقبرة موضع أعد للصلاة لا نجاسة فيه ولا قذر وإلا فلا كراهة. وهذا في غير قبور الأنبياء، فلا تكره الصلاة عليها مطلقا (وقالت الشافعية) تكره الصلاة في المقبرة غير المنبوشة سواء أكانت القبور خلفه أو أمامه أو على يمينه أو شماله أو تحته إلا قبور الأنبياء والشهداء فإن الصلاة في المقبرة وهي ما احتوت على ثلاثة قبور فأكثر في أرض موقوفة للدفن باطلة مطلقا، أما إذا لم تحتو على ثلاثة بأن كان بها واحد أو اثنان فالصلاة فيها صحيحة بلا كراهة إن لم يستقبل القبر وإلا كره، وتقدم شيء من ذلك في أحكام الباب الأول من أبواب اجتناب النجاسة في الجزء الثالث؛ فارجع إليه إن شئت (ومنها أيضا) ما يستدل به على تحريم كسر عظم الميت، ويستفاد منه تكريم الآدمي حيا وميتا، وأن الميت يتأذى مما يتأذى به الحيي (ومنها أيضا) ما يستدل به على عدم جواز المشي بين القبور بالنعلين (قال الشوكاني) ولا يختص عدم الجواز بكون النعلين سبتيتين لعدم الفرق بينهما وبين غيرهما قال وقال ابن حزم يجوز وطء القبور بالنعال التي ليست سبتية لحديث "إن الميت يسمع خفق نعالهم" وخصخ المنبع بالسبتية، وجعل هذا جمعا بين الحديثنين وهو وهم، لأن سماع الميت لخفق النعال لا يستلزم أن يكون المشي على القبر أو بين القبور فلا معارضة أهـ (وقال النووي) المشهور في مذهبنا أن لا يكره المشي في المقابر بالنعلين فلا معارضة أهـ (وقال النووي) المشهور في مذهبنا أن لا يكره المشي في المقابر بالنعلين والخفين ومحوهما، مما صرح بذلك من أصحابنا الخطابي والعبدري وآخرون، ونقله العبدري عن مذهبنا ومذهب أكثر العلماء (وقال أحمد بن حنبل) رحمه الله يكره، وقال الحاوي يخلع نعليه لحديث بشير بن معبد الصحابي المعروف بأن الخصاصية، فذكر حديثه المذكور في الباب بلفظ "إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى إنه ليسمع قرع نعالهم الحديث" قال وأجابوا عن الحديث الأول (يعني حديث ابن الخصاصية) بجوابين (أحدهما) وبه أجاب الخطابي أنه يشبه أنه كرههما لمعنى فيهما، لأن النعال السبتية هي لباس أهل الرقة والتنعم، فنهى عنهما لمافيهما من الخيلاء فأحب صلى الله عليه وسلم أن يكون دخوله المقابر على زي التواضع ولباس أهل الخشوع (والثاني) لعل كان فيهما نجاسة، قالوا وحملنا على تأويله الجمع بين الحديثين أهـ والله أعلم.

(6) باب تعزية المصاب وثواب صبره وأمره به وما يقال لذلك (271) عن ثابت (البناني) قل سمعت أنسا يعني بن مالك رضي الله عنه يقول لامرأة من أهله أتعرفين فلانة فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بها وهي تبكي على قبر فقال لهااتقي الله واصبري فقالت إياك عني فإنك لا تبالي بمصيبتي قال ولم تكن عرفته فقيل لها إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها مثل الموت، فجاءت إلى بابه فلم تجد عليه بوابا فقالت يا رسول الله

_ (271) عن ثابت البناني (سنده) حدثنا عبدالله بن أحمد بن محمد بن حنبل حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا شعبه وأبو داود قال أنا شعبة المعني ثنا ثابت قال سمعت أنسا- الحديث" (غريبه) (1) قال الحافظ لم أقف على اسمها ولا اسم صاحب القبر وفي رواية لمسلم ما يشعر بأنه ولدها ولفظه "تبكي على صبي لها" وصرح به في مرسل يحيى ابن أبي كثير عند عبد الرزاق ولفظه "قد أصيبت بولدها" (2) في رواية أبي نعيم في المستخرج، فقال يا أمة الله اتقي الله (قال القرطبي) الظاهر أنه كان في بكائها قدر زائد من نوح أو غيره، ولهذا أمرها بالتقوى (قال الحافظ) ويؤيده أنه في مرسل يحيى بن أبي كثير "فسمع منها ما يكره فوقف عليها" وقال الطيبي قوله اتقي الله توطئة لقوله واصبري كأنه قيل لها خافي غضب الله إن لم تصبري، ولاتجزعي ليحصل الثواب أهـ. وقولها "إياك عني" معناه تنح وابعد (3) أي لم تصب بمصيبتي فتبالي بها، وفي لفظ للبخاري فإنك خلو من مصيبتي" وهو بكسر المعجمة وسكون اللام، ولأبي يعلى من حديث أبي هريرة أنها قالت "ياعبد الله إني أنا الجري الثكلي ولو كنت مصابا عذرتني" معنى الحري محروقة القلب من الحزن والثكلى فاقدة ولدها (4) أي خاطبته بذلك ولم تعرف أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهما " (5) في رواية الطبراني من طريق عطية عن أنس أن الذي أخبرها هو الفضل بن العباس رضي الله عنهما وقوله فأخذها مثل الموت" أي شدة الكرب الذي أصابها لما عرفت أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم استشعرت خوفا ومهابة (6) قال الطيبي فائدة هذه الجملة أنه لما قيل لها أنه النبي صلى الله عليه وسلم استشعرت خوفا وهيبة في نفسها؛ فتصورت أنه مثل الملوك له حاجب وبواب يمنع الناس من الوصول إليه، فوجدت الأمر بخلاف ما تصورته أهـ "فقالت يا رسول الله إني لم أعرفك" أي حين رددت عليك هذا الرد الخشن، فاغتفر لها صلى الله عليه وسلم تلك الجفوة لصدورها منها في جال مصيبتها وعدم معرفتها به "إنما الصبر عند أول صدمة" والمعنى أن الصبر

إني لم أعرفك، فقال إن الصبر عند أول صدمة (272) عن الحسين بن علي رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة فيذكرها وإن طال عهدها، قال عبادة قدم عهدها فيحدث لذلك استرجاعا إلا جدد الله له عند ذلك فأعطاه مثل أجرها يوم أصيب بها (273) عن أم سملة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها قالت سمعت رسول الله

_ الذي يحمد عليه صاحبه ما كان عند مفأجأة المصيبة بخلاف ما بعد ذلك فإنه على طول الأيام يسلو كما يقع لكثير من أهل المصائب بخلاف أول وقوع المصيبة، فإنه يصدم القلب بغتة، وقد قيل إن المرء لا يؤجر على المصيبة لأنها ليست من صنعه، وإنما يؤجر لحسن نيته وجميل صبره (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (272) عن الحسين بن علي (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يزيد وعباد بن عبادة قال انبأنا هشام بن أبي هشام قال عباد بن زياد عن أمه عن فاطمة بنة الحسين عن أبنها الحسين بن علي رضي الله عنهما- الحديث" (غريبه) (1) يعني أن عبادة قال في روايته "وإن قدم عهدها" بدل وإن طال، والمعنى واحد "وقوله فيحدث لذلك استرجاعا" أي يقول "إنا لله وإنا إليه راجعون" لأن الله عز وجل جعل هذه الكلمات ملجأ لذوي المصائب وعصمة للممتحنين لما جمعت من المعاني المباركة فإن قوله "إنا لله" توحيد وإقرار بالعبودية والملك "وقوله وإن إليه راجعون" إقرار بالموت على أنفسنا والبعث من قبورنا، واليقين أن رجوع الأمر كله إليه كما هو له (قال سعيد بن جبير) رحمه الله تعالى لم تعط هذه الكلمات نبينا قبل نبينا صلى الله عليه وسلم ولو عرفها يعقوب لما قال يا أسفي على يوسف (2) المعنى أن استرجاع المصاب عند ذكر المصيبة يكون سببا لاستحقاقه لمثل الأجر الذي كتبه الله له في الوقت الذي كتبه الله له في الوقت الذي أصيب فيه بتلك المصيبة وإن تقادم عهدها ومضت عليها أيام طويلة (تخريجه) (جه) وفي إسناده هشام بن زياد (قال الحافظ) في التقريب هشام بن زياد بن أبي يزيد، وهو هشام بن أبي هشام أبو المقدم؛ ويقال له أيضا هشام بن أبي الوليد المدني متروك، وقال الإمام أحمد وأبو زرعة وغيرهما ضعيف أهـ (273) عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا ابن نمير قال

صلى الله عليه وسلم يقول مامن عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وإنا إليه راجعون، اللهم أجرني في مصيبتي (وفي رواية اللهم عندك أحتسب مصيبتي فأجرني فيها) واخلف لي خيرا منها إلا أجره الله في مصيبته وأخلف له خيرا منها، قالت فلما توفى أبو سلمة، قلت من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت فعزم الله عز وجل لي فقلتها اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا ومنها، قالت فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (274) عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال أرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض بناته أن صبيا لها ابنا أو ابنة قد احتضرت فاشهدنا، قال فأرسل إليها يقرأ السلام ويقول، إن لله ما أخذ وما أعطى (وفي لفظ لله ما أخذ ولله ما أعطي) وكل شيء عنده إلى أجل مسمى فتصبر ولتحتسب

_ ثنا سعد بن سعيد قال أخبرني عمر بن كثير عن سفيان مولى أم سلمة عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غربه) (1) قال القاضي عياض أجرني بالقصر والمد، حكاها صاحب الأفعال، وقال الأصمعي وأكثر أهل اللغة هو مقصور لا يمد، ومعنى أجره الله اعطاه أجره وجزاء صبره وهمه في مصيبته (2) أي أصبر عليها ابتغاء وجه الله تعالى وطلبا لثوابه (3) قال النووي هو بقظع الهمزة وكسر اللا م، قال أهل اللغة يقال لمن ذهب له مال أو ولد أو قريب أو شيء يتوقع حصول مثله، أخلف الله عليك أي رد عليك مثله، فإن ذهب ما لا يتوقع مثله بأن ذهب والد أو عم أو أخ لمن لا جد له ولا والد له، قيل خلف الله عليك بغير ألف، أي كان الله خليفة منه عليك (4) أي خلق لي أو خلق في عزما (تخريجه) (م. جه. هق. غيرهم) (274) (عن أسامة بن زيد) هذا طرف من حديث ذكر بتمامه وسنده وشرحه في باب البكاء من غير نوح صحيفة 138 رقم 101 من الجزء السابع، وأخرجه الشيخان أيضا، وإنما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة (زوائد الباب) (عن عبد الله بن محمد) بن أبي بكر بن عمرو بن حزم عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ما من مؤمن يعزي

.

_ أخاه بمصيبة إلا كساه الله عز وجل من حلل الكرامة يوم القيامة، رواه ابن ماجه ورجاله كلهم ثقات إلا قيسا ابا عمارة فقيه لين، وقد ذكره الحافظ في التلخيص وسكت عنه (وعن عبدالله بن مسعود) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من عزى مصابا فله مثل أجره، رواه ابن ماجه والحاكم والترمذي وقال غريب لا نعرفه مرفوعا إلا من حديث على بن عاصم (وعن أبي برزة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عزي ثكلى كسى بردا في الجنة، رواه الترمذي وقال هذا حديث غريب وليس اسناده قوي (وعن معاذ بن جبل) رضي الله عنه أنه مات ابن له فكتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعزيه بابنه، فكتب إليه بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله إلى معاذ بن جبل، سلام عليك فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو. أما بعد: فأعظم الله لك الأجر وألهمك الصبر ورزقنا وإياك الشكر، فإن أنفسنا وأموالنا وأهلنا من مواهب الله الهنيئة وعواريه المستودعة، متعك الله به في غبطة وسرور؛ وقبضه منك بأجر كثير؛ الصلاة والرحمة والهدى، إن احتسبته فاصبر، ولا يحبط جزعك أجرك فتندم، واعلم أن الجزع لا يرد ميتا ولا يدفع حزنا؛ وما هو نازل فكأن فد والسلام (يعني فكأنه قد نزل) أورده الهيثمي، وقال رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه مجاشع بن عمرو وهو ضعيف (قلت) ورواه ايضا الحاكم وابن مردويه (وعن جابر ابن عبدالله) رضي الله عنهما قال لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم عزتهم الملائكة يسمعون الحس ولا يرون الشخص، فقالت السلام عليكم أهل البيت ورحمة الله وبركاته إن في الله عزاء من كل مصيبة، وخلفا من كل فائت، فبالله فثقوا وإياه فارجوا، فإنما المحروم من حرم الثواب والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، رواه الحاكم وقال هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدق به أصحابه فبكوا حوله واجتمعوا فدخل رجل أصهب اللحية جسيم صبيح فتخطى رقابهم، فبكى ثم التفت إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وأقره الذهبي (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدق به أصحابه فبكوا حوله واجتمعوا فدخل رجل أصهب اللحية جسيم صبيح فتخطى رقابهم، فبكى ثم التفت إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن في الله عزاء كل مصيبة، وعوضا من كل فائت، وخلفا من كل هالك، فإلى الله أنيبوا وإليه فارغبوا؛ ونظرة إليكم في البلاء فانظروا، فإنما المصاب من لم يجبر "وفي لفظ من يجبره الثواب" "وفي لفظ من حرم الثواب" وانصرف، فقال بعضهم لبعض تعرفون الرجل؟ فقال أبو بكر وعلي نعم، هذا أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضر عليه السلام، رواه الحاكم وقال هذا شاهد لما تقدم "يعني حديث جابر" وإن كان عباد بن عبد الصمد ليس من شرط هذا الكتاب أهـ وأورده الهيثمي وأورده الهيثمي، وقال رواه الطبراني في الأوسط وفيه عباد بن عبد الصمد أبو معمر ضعفه البخاري (وعن طلحة بن عبيد الله) بن كريز قال "من عزى مصابا كساه الله رداء

_ يجبر به يعني يغبط به (ش) (وعن داود بن ناقد) قال قلت لعبيد الله بن عبيد كيف كان هذان الشيخان يعزيان؟ يعني ابن الزبير وعبد الله بن عمر، قال كانا يقولان أعقبك الله عقبي المتقين صلوات منه ورحمة جعلك من المهتدين واعقبك كما اعقب عباده الصالحين (ش) (وعن أبي خالد الوالبي) أن النبي صلى الله عليه وسلم عزى رجلا يرحمه الله ويأجرك (ش) (وعن الحسن) عن سمرة أنه كان إذا عزى مصابا قال اصبر لحكم الله ربك (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية التعزية لأهل الميت؛ وأصل العزاء في اللغة الصبر الحسن، والتعزية التصبر وعزاه صبره؛ فكل ما يجلب للمصاب صبرا يقال له تعزية بأي لفظ كان، ويحصل به للمعزى الأجر المذكور في أحاديث الباب والأفضل أن يكون بالألفاظ الواردة، ومن أحسنها ما جاء في حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما من قوله صلى الله عليه وسلم "إن لله ما أخذ وله ما أعطى وكل شيء عنده بأجل مسمى- الحديث" قال صاحب المهذب ويستحب أن يعزي بتعزية الخضر عليه السلام أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم "قلت تقدم لفظه في الزوائد" قال ويستحب أن يدعو للميت فيقول أعظم الله أجرك وأحسن عزاءك، وإن عزى كافرا بمسلم قال أحسن الله عزاءك وغفر لميتك وإن عزى كافرا بكافر قال أخلف الله عليك ولا نقص عددك أهـ "وقد اتفق العلماء على استحباب التعزية" قال النووي رحمه الله (قال الشافعي والأصحاب) يستحب أن يعزي جميع أهل الميت وأقاربه الكبار والصغار الرجال والنساء إلا أن تكون المراة شابة فلا يعزيها إلا محارمها، قالوا وتعزية الصلحاء والضعفاء عن احتمال المصيبة والصبيان آكد أهـ ج (واختلفوا في وقت التعزية) من حين يموت ويبقى إلى ثلاثة أيام بعد الدفن، والثلاثة على التقريب لا على التحديد، كذا قال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا (قال أصحابنا) وتكره التعزية بعد ثلاثة أيام، لأن التعزية لتسكين قلب المصاب، والغالب سكون قلبه بعد الثلاثة فلا يجدد له الحزن، هكذا قاله الجماهير من أصحابنا، وقال أبو العباس بن القاص من أصحابنا لا بأس بالتعزية بعد الثلاثة بل يبقى أبدا وإن طال الزمان، وحكى هذا إمام الحرمين ايضا عن بعض أصحابنا، والمختار أنها لا تفعل بعد ثلاثة أيام إلا في صورتين استثناهما أصحابنا أو جماعة منهم وهما إذا كان المغزى أو صاحب المصيبة غائبا حال الدفن، واتفق رجوعه بعد الثلاثة (قال

_ أصحابنا) والتعزية بعد الدفن أفضل منها قبله، لأن أهل الميت مشغولون بتجهيزه، ولأن وحشتهم بعد دفنه لفراقه أكثر، هذا إذا لم ير منهم جزعا شديدا، فإن رآه قدم التعزية ليسكنهم، والله أعلم أهـ أذكار (وفي أحاديث الباب) أيضا فضل عظيم وثواب جسيم لمن عزى مصابا ولمن ابتلى فصبر واسترجع، ومن نظر إلى حديث أسامة بن زيد المذكور في الباب، وإلى قوله صلى الله عليه وسلم فيه لابنته "إن لله ما أخذ ولله ما أعطى وكل شئ عنده بأجل مسمى فمرها فلتصبر ولتحتسب" من نظر إلى هذا الحديث بعين الأنصاف والتأمل والاعتبار هان عليه مصائب الدنيا (قال النووي رحمه الله) في كتابه الأذكار هذا الحديث من أعظم فواعد الإسلام المشتملة على مهمات كثيرة من أصول الدين وفروعه والآداب والصبر على النوازل كلها ملك لله تعالى، فلم يأخذ ما هو لكم بل أخذ ما هو له عندكم في معنى العارية "ومعنى له ما أعطى" أن ما وهبه لكم ليس خارجا عن ملكه بل هو له سبحانه يفعل فيه ما يشاء، وكل شئ عنده بأجل مسمى، فلا تجزعوا فإن من قبضه قد انتهى أجله المسمى؛ فمحال تأخره أو تقدمه عنه، فإذا علمتم هذا كله فاصبروا واحتسبوا ما نزل بكم، والله أعلم قال وروينا في كتاب النسائي بإسناد حسن عن معاوية بن قرة بن إياس عن أبيه رضي عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم فقد بعض أصحابه فسأل عنه، فقالوا يا رسول الله بنيه الذي رأيته هلك؛ فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن بنيه فأخبره أنه هلك فعزاه عليه، ثم قال يا فلان أيما كان أحب إليك، أن تمتع به عمرك أو لا تأتي غدا بابا من أبواب الجنة إلا وجدته قد سبقك إليه يفتحه لك، قال يا نبي الله بل يسبقني إلى الجنة فيفتحها لهو أحب إلى، قال فذلك لك (وروى البيهقي) بإسناده في مناقب الشافعي رحمهما الله، أن الشافعي بلغه أن عبد الرحمن ابن مهدي رحمه الله مات له ابن فجزع عليه عبد الرحمن جزعا شديدا فبعث إليه الشافعي رحمه الله، مات له ابن فجزع عليه عبد الرحمن جزعا شديدا فبعث إليه الشافعي رحمه الله، يا أخي عز نفسك بما تعزي به غيرك، واستقبح من فعلك ما تستقبحه من فعل غيرك، واعلم أن آخر المصائب فقد سرور وحرمان أجر، فكيف إذا اجتمعتا مع اكتساب وزر فتناول حظك يا اخي إذا قرب منك قبل تطلبه وقد نأى عنك؛ ألهمك الله عند المصائب صبرا، وأجرز لنا ولك بالصبر أجرا وكتب إليه إني معزيك لا أني على ثقة ... من الخلود ولكن سنة الدين فما المعزى بباق بعد ميته ... ولا المعزي ولو عاشا إلى حين وكتب رجل إلى بعض إخوانه يعزيه بابنه (أما بعد) فإن الولد على والده ما عاش حزن وفتنة، فإذا قدمه فصلاة ورحمة، فلا تجزع على ما فاتك من حزنه وفتنته، ولا تضيع

(7) باب صنع طعام لأهل الميت وكراهة منهم لأجل اجتماع الناس عليه (274) عن عبدالله بن جعفر رضي الله عنهما قال لما جاء نعي جعفر حين قتل قال النبي صلى الله عليه وسلم أصنعوا لآل جعفر طعاما فقد أتاهم أمر يشغلهم أو أتاهم ما يشغلهم. (275) عن أسماء بنت عميس رضي الله عنها في قصة موت زوجها جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأهله لاتغفلوا آل جعفر من أن تصنعوا لهم طعاما فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم.

_ ما عوضك الله عز وجل من صلاته ورحمته (وعن عبدالله بن عمر رضي الله عنهما) أنه دفن ابنا له وضحك عند قبره، فقيل له أتضحك عند القبر؟ قال أردت أن أرغم أنف الشيطان أهـ. وفي هذا قدر كفاية، وسيأتي إن شاء الله تعالى في كتابنا هذا من هذا القبيل في كتاب الصبر ما يروي الظمآن ويشفي العليل، والله الهادي إلى سواء السبيل (274) عن عبدالله بن جعفر (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا جعفر بن خالد عن أبيه عن عبدالله بن جعفر- الحديث" (غريبه) (1) كان قتل جعفر رضي الله عنه في جمادى سنة ثمان من الهجرة في غزوة مؤتة، وهي موضع معروف بالشام عند الكرك، وسيأتي تفصيل ذلك في هذه الغزوة من كتاب الغزوات إن شاء الله تعالى (2) يعني لزوجاته أمهات المؤمنين رضي الله عنهن (3) بفتح الياء التحتية وحكى ضمها (قال النووي) وهو شاذ قال وقد وقع في المهذب يشغلهم عنه، والذي في كتب الحديث يشغلهم بحذف عنه أهـ (تخريجه) (فع. د. جه. مذ) وحسنه وصححه ابن السكن (275) (عن أسماء بنت عميس) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في مناقب جعفر بن عبد المطلب من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (غريبه) (4) أي زوجات النبي صلى الله عليه وسلم "وقوله لا تغفلوا آل جعفر بما أصابهم، يقال أغفل الشئ تركه عن ذكر (تخريجه) (جه) وفي إسناده أم عيسى مجهولة لا يعرف حالها ويعضده ما قبله، ولفظه عند ابن ماجه حدثنا يحيى بن خلف أبو سلمة قال

(276) عن عروة عن عائشة رضي الله عنها إنها كانت إذا مات الميت من أهلها فاجتمع النساء، ثم تفرقن إلا أهلها وخلصتها، أمرت ببرمة من تلبينة فطبخت، ثم صنع ثريد فصنت التلبينة عليها، ثم قالت كلن منها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول التلبينة مجمة لفؤاد المريض تذهب ببعض الحزن (277) عن جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه قال كنا نعد الاجتماع

_ ثنا عبد الأعلى عن محمد بن اسحق حدثني عبدالله بن أبي بكر عن أم عيسى الجزار قالت حدثتني أم عون بن محمد بن جعفر عن جدتها أسماء بنت عميس قالت لما أصيب جعفر رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال إن آل جعفر قد شغلوا بشأن ميتهم فاصنعوا لهم طعاما، قال عبدالله فما زالت سنة حتى كان حديثا فترك (276) عن عروة عن عائشة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا حجاج حدثني ليث حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة - الحديث" (غريبه) (1) أي من أقاربها (2) بضم الموحدة الثانية قدر من حجارة "وقوله من تلبينة" التلبينة بفتح المثناة وسكون اللام وكسر الموحدة بعدها تحتانية ثم نون ثم هاء، وقد يقال بلاهاء (قال الأصمعي) هي حساء يعمل من دقيق أو نخالة، ويجعل فيه عسل، قال غيره أو لبن سميت تلبينة تشبيها لها باللبن في بياضها ورقتها، وقال ابن قتيبة وعلى قول من قال يخلط فيها لبن سميت بذلك لمخالطة اللبن لها، وقال أبو نعيم في الطب هي دقيق بحت، وقال قوم فيه شحم، وقال الدوادي يؤخذ العجين غير خمير فيخرج ماؤه فيجعل حشوا فيكون لا يخالطه شيء فلذلك كثر نفعه، وقال الموفق البغدادي التلبينة الحساء ويكون في قوام اللبن وهو الدقيق النضج لا الغليظ النيئ (3) الثريد بفتح المثلثة وكسر الراء هو أن يثرد الخبز بمرق اللحم، وقد يكون معه لحم (4) بضم الميم وكسر الجيم اسم فاعل أي مريحة، ويجوز فتح الميم الأولى والجيم والميم الثانية مشددة (5) بضم الحاء المهملة وسكون الزاي ويجوز فتحها، والفؤاد رأس المعدة، وفؤاد الحزين يضغف باستيلاء اليبس على أعضاءه ومعدته لتقليل الغذاء، وهذا الطعام يربطها ويقويها ويفعل ذلك ايضا بفؤاد المريض (تخريجه) (ق. نس. مذ) (277) عن جرير بن عبدالله (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا نصر

إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة

_ ابن باب عن اسماعيل عن قيس عن جرير بن عبد الله البجلي - الحديث" (غريبه) (1) يغني أنهم كانوا يعدون الاجتماع عند أهل الميت بعد دفنه وأكل الطعام عندهم نوعا من النياحة لما في ذلك من التثقيل عليهم وشغلهم مع ماهم فيه من اشتغال الخاطر بموت الميت، وما فيه من مخالفة السنة، لأنهم مأمورون بأن يصنعوا لأهل الميت طعاما فخالفوا ذلك وكلفوهم صنعة الطعام لغيرهم (تخريجه) (جه) وإسناده صحيح، ورواه ابن ماجه من طريقين أحدهما على شرط البخاري، والثاني على شرط مسلم، وقول الصحابي كنا نعد كذا من كذا هو بمنزلة رواية اجماع الصحابة رضي الله عنهم أو تقرير النبي صلى الله عليه وسلم، وعلى الثاني فحكمه الرفع، وعلى التقديرين فهو حجة (زوائد الباب) (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا عقر في الإسلام. قال عبد الرزاق كانوا يعقرون عند القبر يعني ببقرة أو بشئ" رواه أبو داود والبيهقي، وسكت عنه أبو داود والمنذري، ورجال إسناده رجال الصحيح (وروى سعيد بن منصور) في سننه أن جريرا وفد على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال هـ ليناح على ميتكم؟ قال لا، قال فهل تجتمعون عند أهل الميت وتجعلون الطعام؟ قال نعم، قال ذلك النوح (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية صنع طعام لأهل الميت من أقاربه وجيرانه لأن أهل الميت جاءهم من الحزن ما يمنعهم عن تهيئة الطعام لأنفسهم فربما حصل لهم ضرر بذلك وهم لا يشعرون، فصنع الطعام لهم نوع من أنواع البر بالقريب والجار والعطف عليه، وفي ذلك أعظم تسلية لأهل الميت ومزيد أجر لفاعله (قال القارئ رحمه الله) والمراد طعام يشبعهم يومهم وليلتهم فإن الغالب أن الحزن الشاغل عن تناول الطعام لا يستمر أكثر من يوم، ثم إذا صنع لهم ما ذكر سن أن يلح عليهم في الأكل لئلا يضعفوا بتركه استحياء أو لفرط جزع أهـ (قلت) وهو قول الحنفية وبمثل ذلك قالت (الشافعية أيضا) قال النووي رحمه الله قال الشافعي في المختصر وأحب لقرابة الميت وجيرانه أن يعملوا لأهل الميت في يومهم وليلتهم طعاما يشبعهم فإنه سنة وفعل أهل الخير، قال أصحابنا ويلح عليهم في الأكل أهـ. قال النووي (قال أصحابنا) رحمهم الله، ولو كان النساء بنحن لم يجز اتخاذ طعام لهن لأنه إعانة على المعصية أهـ ج، وبنحو ذلك (قالت المالكية والحنابلة) (وفيها أيضا) استحباب صنع التلبينة وإطعامها لأهل الميت لأنها تذهب ببعض الحزن كما في حديث عائشة وتقدم الكلام على ذلك في شرحه (واتفق الأئمة الأربعة) على كراهة صنع أهل الميت طعاما للناس يجتمعون عليه مستدلين بحديث جرير بن عبد الله المذكور في الباب وظاهره التحريم، لأن النياحة حرام، وقد عده الصحابة رضي الله عنهم من النياحة فهو حرام

_ وبذلك قال بعض أهل العلم منهم شيخ الإسلام زكريا الأنصاري الشافعي، قال وهو ظاهر في الحرمة فضلا عن الكراهة والبدعة الصادقة بكل منهما أهـ (قلت) والحكمة في الكراهة أو التحريم أن في صنع الطعام من اهل الميت زيادة على مصيبتهم وشغلالهم إلى شغلهم وتشبها بصنع أهل الجاهلية وعكسها للمشروع (قال ابن قدامة في المغنى) فإن دعت الحاجة إلى ذلك جاز فإنه ربما جاءهم من يحضر ميتهم من القرى والأماكن البعيدة ويبيت عندهم ولا يمكنهم إلا أن يضيفوه أهـ (قلت) هذا إذا لم يكن للميت أيتام أو كان ولم يصنع من مالهم، وإلا كانت الضيافة على أهل البلد، فإن كان من مال الأيتام حرم بالاتفاق (ويستفاد من حديث جرير أيضا) عدم جواز الاجتماع إلى اهل الميت كما يفعل الآن لأجل التعزية (قال النووي رحمه الله) وأما الجلوس للتعزية فنص الشافعي وصاحب المهذب وسائر الأصحاب على كراهته، ونقله الشيخ أبو حامد في التعليق وآخرون عن نص الشافعي، قالوا يعني الجلوس لها أن يجتمع أهل الميت في بيتهم فيقصدهم من أراد التعزية، وقالوا بل ينبغي أن ينصرفوا في حوائجهم فمن صادفهم عزاهم ولا فرق بين الرجال والنساء في كراهة الجلوس لها، صرح به المحاملي، ونقله عن نص الشافعي رحمه الله وهو موجود في الأم (قال الشافعي في الام) وأكره المآتم وهي الجماعة وإن لم يكن لهم بكاء، فإن ذلك يجدد الحزن ويكلف المؤنة مع ما مضى فيه من الأثر، هذا لفظه في الأم أهـ ج (وقال صاحب المهذب) ويكره الجلوس للتعزية ثلاثة أيام والمحدث بدعة (ويمثل ذلك قالت الحنابلة، وقالت الحنفية) بجواز الجلوس للتعزية ثلاثة أيام من غير ارتكاب مخذور من فرش البسط والأطعمة؛ لأنها تتخذ عند السرور أهـ. وذهب جماعة منهم إلى ما ذهب جماعة منهم إلى ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة (وذهبت المالكية) إلى جواز ذلك، ونقل الخطاب عن سند أنه يجوز الجلوس لها ولم يذكر مدة معينة لذلك، ومحل الخلاف إذا خلا المجلس عما ينكره الشرع، وإلا امتنع بالاتفاق، فما يفعله الناس الآن من الاجتماع للتعزية وذبح الذبائح وتهيئة الطعام ونصب الخيام والقماش المزخرف بالألوان وفرش البسط وغيرها وصرف الأموال الطائلة في هذه الأمور المبتدعة التي لا يقصدون بها إلا التفاخر والرياء ليقول الناس فلان فعل كذا وكذا وأنفق كذا وكذا في مأتم أبيه مثلا، كله حرام مخالف لهدي النبي صلى الله عليه وسلم وهدي السلف الصالح من الصحابة والتابعين؛ ولم يقل به أحد من أئمة الدين، نسأل الله السلامة (وفي حديث أنس) رضي الله عنه المذكور في الزوائد دليل على عدم جواز العقر في الإسلام كما كان في الجاهلية (قال الخطابي رحمه الله) وكان أهل الجاهلية يعقرون الإبل على قبر الرجل الجواد يقولون نجازيه على فعله؛ لأنه كان يعقرها في حياته فيطعمها الأضياف فنحن نعقرها عند قبره حتى تأكلها السباع والطير فيكون مطعما بعد مماته كما كان مطعما في حياته، قال ومنهم من كان يذهب

(8) باب ما جاء في باب وصول ثواب القريب المهداة إلى الموتى (278) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن سعد بن عبادة أخا بني ساعدة توفيت أمه وهو غائب عنها، فقال يا رسول الله إن أمي توفيت وأنا غائب عنها، فهل ينفعها إن تصدقت بشئ عنها؟ قال نعم قال فإني أشهدك أن حائطي المخرف وفي لفظ ال مخراف صدقة عليها

_ في ذلك إلى أنه إذا عقرت راحلته عند قبره حشر في القيامة راكبا، ومن لم يعقر عنده حشر راجلا أهـ (قلت) كان ذلك في الجاهلية قبل الإسلام، فلما جاء الإسلام منعه ونهى عنه فلم يفعله الصحابة ولا التابعون ولا من السلف من صالحي الأمة، ولكن زين الشيظان لبعض الجهال ما كان عليه أهل الجاهلية فقلدوهم في ذلك ونحوه ونبذوا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وراء ظهورهم وتحملوا تبعة ذلك وتبعة من تبعهم إلى يوم القيامة فباءوا بالخزي والخذلان، وقد جاء في الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من سن سنة ضلال فاتبع عليها كان عليه مثل أوزارهم من غير أن ينقص من أوزارهم شئ، ومن سن سنة هدى فأتبع عليها كان له مثل أجورهم من غير أن ينقص من أجورهم شئ" رواه مسلم والأربعة والإمام أحمد، وتقدم في باب التحذير من الابتداع في الدين من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة 15 صحيفة 193 في الجزء الأول نسأل الله تعالى التوفيق للعمل بكتابه واتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم. (278) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا أنا ابن جريج قال أخبرني يعلى أنه سمع عكرمة مولى ابن عباس يقول أنبأنا ابن عباس أن سعد بن عبادة "الحديث" (غريبه) (1) هو الأنصاري الخزرجي سيد الخزرج، وبنو ساعدة بطن من الخزرج شهير (2) هي عمرة بنت مسعود وقيل سعد بن قيس بن عمرو أنصارية خزرجية، ذكر ابن سعد انها أسلمت وبايعت وماتت سنة خمس من الهجرة وابنها غائب مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة دومة الجندل، قال فلما رجعوا جاء النبي صلى الله عليه وسلم فصلى على قبرها (قال الحافظ) وعلى هذا فهذا الحديث مرسل صحابي، لأن ابن عباس كان حينئذ مع أبويه بمكة، والذي يظهر سمعه من سعد بن عبادة (3) يعني ينفعها عند الله (4) الحائط البستان والمخرف بوزن مبر عطف بيان لحائط، اسم له أو وصف، أي المثمر (5) هذا اللفظ لابن بكر أحد الرواة "والمخراف" بوزن مفتاح المكان المثمر سمي بذلك لما يخرف منه أي يجني من الثمرة، تقول شجرة مخراف ومثمار، قاله الخطابي (تخريجه) (خ. د. نس. مذ)

(279) عن عائشة رضي الله عنها أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وعلى لآله وصحبه وسلم إن أمي افتلتت نفسها، وأظنها لو تكلمت تصدقت فهل لها أجر أن أتصدق عنها؟ قال نعم (280) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا حجاج قال سمعت شعبة يحدث عن قتادة قال سمعت الحسن يحدث عن سعد بن عبادة رضي الله عنه أن أمه ماتت فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمي ماتت افأتصدق عنها؟ قال نعم، قال فأي الصدقة أفضل، قال سقى الماء قال فتلك سقاية آل سعد بالمدينة

_ (279) عن عائشة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يحيى قال أنا هشام قال أخبرني أبي قال أخبرتني عائشة أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه - الحديث" (غريبه) (1) هو سعد بن عبادة رضي الله عنه المتقدم ذكره في الحديث السابق ويؤيده الحديث الآتي بعده، وما رواه الإمام مالك في الموطأ عن سعيد بن عمرو بن شرحبيل ابن سعيد بن سعد بن عبادة عن أبيه عن جده قال خرج سعد بن عبادة مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه وحضرت أمه الوفاة بالمدينة، فقيل لها أوصى، فقالت قيم أوصي، المال مال سعد، فتوفيت قبل أن يقدم سعد فذكر الحديث (2) بالفاء وضم التاء الفوقية أي ماتت بغتة وفجأة، والفلتة والإفتلات ما كان بغتة "وقوله نفسها" برفع السين ونصبها، هكذا ضبطوه وهما صحيحان؛ الرفع على مالم يسم فاعله، والنصب الثاني "وأما قوله أظنها لو تكلمت تصدقت" معناه لما علمه من حرصها على الخير أو لما علمه من رغبتها في الوصية، أفاده النووي (فإن قيل) يستفاد من هذا الحديث أنها ماتت بغتة ولم تتكلم، وفي حديث مالك الذي تقدم ذكره آنفا أنها تكلمت وقالت "فيم أوصي المال مال سعد" فكيف الجمع بينهما (فالجواب) ما قاله الحافظ وهو إن أمكن تأويل رواية الباب بأن المراد أنها لم تتكلم أي بالصدفة؛ ولو تكلمت لتصدقت أي فكيف أمضي ذلك، أو يحمل على أن سعدا ما عرف بما وقع منها فإن الذي روى هذا الكلام في الموطأ هو سعيد بن سعد بن عبادة أو ولده شرحبيل مرسلا فعلى التقديرين لم يتحد راوي الإثبات وراوي النفي فيمكن الجمع بينهما بذلك، والله أعلم (3) لفظ البخاري، قال نعم تصدق عنها (تخريجه) (ق. لك. وغيرهم) (280) حدثنا عبدالله (غريبه) (4) فيه دليل على أن سقى الماء أفضل

قال شعبة فقلت لقتادة من يقول تلك سقاية آل سعد\ظ قال الحسن (281) عن ابن عباس عن سعد بن عبادة رضي الله عنهم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن امي ماتت وعليها نذر أفيجزى عنها أن أعتق عنها، قال أعتق عن أمك (282) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن العاص بن وائل نذر في الجاهلية أن ينحر مائة وأن هشام بن العاص نحر حصته خمسين

_ الصدقة "وقوله فتلك سقاية آل سعد بالمدينة" القائل هو الحسن كما سيأتي، يعني أن سقاية آل سعد لا زالت باقية بالمدينة إلى زمنه، وأصرح من ذلك ما جاء في رواية أبي داود قال فأي الصدقة أفضل؟ قال الماء، فحفر بئر أو قال هذه لأم سعد" يعني يستقي منها الناس، وهذا الحديث مبين لجهة الصدقة التي ابهمت في حديث عائشة وللرجل المبهم فيه أيضا وهو سعد بن عبادة (تخريجه) (د. نس. جه) ورجال اسناده ثقات إلا أن الحسن لم يدرك سعدا. (281) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عفان ثنا سليمان بن كثير أوب داود عن الزهري عن عبيد الله بن عبدالله عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (1) رواية البخاري إلى قوله وعليها نذر، فقال يعني النبي صلى الله عليه وسلم اقضه عنها، وقد أفادت رواية الإمام أحمد بيان ما هو النذر المذكور وهو أنها نذرت أن تعتق رقبة فماتت قبل أن تفعل (قال الحافظ) ويحتمل أن تكون نذرت نذرا أن تعتق رقبة فماتت قبل أن تفعل (قال الحافظ) ويحتمل أن تكون نذرت نذرا مطلقا غير معين فيكون في الحديث، حجة لمن أفتى في النذر المطلق كفارة يمين والعتق أعلى كفارات الأيمان فلذلك أمره أن يعتق عنها؛ وحكى ابن عبد البر عن بعضهم أن النذر الذي كان على والدة سعد صيام واستند إلى حديث ابن عباس في الصوم أن رجل قال يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم الحديث ثم رده بأن في بعض الروايات عن ابن عباس جاءت امرأة فقالت إن أختي ماتت، قال الحافظ والحق أنها قصة أخرى أهـ (2) يستفاد من هذا الحديث أن أم سعد ماتت وعليها نذر فوفاه عنها، وفي حديث الحسن تصدق عنها بسقى الماء، وفي الحديث الأول من أحاديث الباب أنه تصدق عنها بحائطه المخرف، ولا منافاة بين ذلك لاحتمال أ، يكون سأل عن ذلك كله وفعل كل ذلك والله أعلم (تخريجه) (خ. لك. نس) (282) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا هشيم

بدنة وأن عمرا سال النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال أما أبوك فلو كان أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك. (283) عن ابي هريرة رضي الله عنه أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إن أبي مات وترك مالا ولم يوص، فهل يكفر عنه أن أتصدق عنه؟ فقال نعم (284) عن عقبة بن عامر رضي الله عنه أن غلاما أتي النبي صلى الله عليه وسلم (وفي لفظ سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) فقال يا رسول الله إن أمي ماتت وتركت حليا أقأتصدق به عنها؟ قال أمك

_ أنا حجاج ثنا عمرو بن شعيب "الحديث" (غريبه) (1) إنما كانت حصته خمسين لأن العاص بن وائل خلف اثنين هشاما وعمرا، فأراد هشام أن يفي بنذر أبيه فنحر حصته من المائة التي نذرها وحصته خمسون. وأراد عمرو أن يفعل كفعل أخيه فسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره أن موت أبيه على الكفر مانع من وصول نفع ذلك إليه؛ وأنه لو أقر بالتوحيد لأجزأ ذلك عنه ولحقه ثوابه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد. (283) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود قال حدثنا إسماعيل يعني ابن جعفر قال أخبرني العلاء عن أبيه عن ابي هريرة - الحديث" (غريبة) (2) من التكفير اي يكفر سيئاته؟ فيحتمل أن المتوفي لم يؤد زكاة ماله مع وجوبها عليه فسأل ابنه النبي صلى الله عليه وسلم إن أداها عن أبيه يكفر عنه هذا الذنب؟ قال نعم، ويحتمل أن المراد بالسيئة هو ترك الوصية مع كثرة المال، وعده سيئة لما فيه من النقصان والحرمان من الثواب العظيم مع وجود الإمكان والله أعلم. (284) عن عقبة بن عامر (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا اسحق ابن عيسى وموسى بن داود قالا ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن ابي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر - الحديث" وفي آخره قال عبد الله حدثني أبي ثناه أبو عبد الرحمن يعني المقري "يريد أنه روى ولأن لفظ الغلام قد يطلق على الرجل مجازا باسم ما كان عليه، كما يقال للصغير شيخ

أمرتك بذلك قال لا، قال فأمسك عليك حلي أمك (285) عن معقل بن يسار رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يس قلب القرآن لا يقرؤها رجل يريد الله تعالى والدار الآخرة إلا غفر له واقرءوها على موتاكم

_ مجازا باسم ما يؤول إليه (1) يريد بذلك إن كانت أمرته فليتصدق بما أمرت به وجوبا وإلا فاستحبابا إن لم يكن محتاجا، فإن كان محتاجا فهو أولى، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم رأى رجل محتاجا فأمره بإمساك حلي أمه والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير، إلا أنه قال إن أمي توفيت ولم توص فهل ينفعها إن تصدقت عنها؟ قال احبس عليك مالك، ورجال الطبراني رجال الصحيح، وفي إسناد أحمد ابن لهيعة. (285) (عن معقل بن يسار) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتحريجه في باب قراءة يس عند المحتضر في الجزء السابع صحيفة 63 رقم 41 - وقد ذكرته هنا لأن بعض العلماء يرى أن قراءة يس تستحب للميت مطلقا عند الاحتضار وفي القبر، وسيأتي الكلام على ذلك في الأحكام (زوائد الباب) (وعن عبد الله بن عمرو) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تصدق بصدقة تطوعا فيجعلها عن أبويه فيكون لهما أجرها ولا ينتقص من أجره شيئا أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الأوسط، وفيه خارجة بن مصعب العبدي ضعيف (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا مات الإنسان انقطع عمله عنه إلا من ثلاث، إلا من صدقة جارية. أو علم ينتفع به. أو ولد صالح يدعو له (م. والأربعة) والإمام أحمد، وسيأتي في باب الصدقة الجارية من كتاب الزكاة (وروى الدارقطني) أن رجلا قال يا رسول الله إنه كان لي أبوان أبرهما في حال حياتهما فكيف لي ببرهما بعد موتهما؟ قال إن من البر بعد البر أن تصلي لهما مع صلاتك وأن تصوم لهما مع صيامك (وعن عبد الرحمن بن العلاء) بن اللجلاج عن أبيه أنه قال لبنيه إذا أدخلتموني قبري فضعوني في اللحد وقولوا "بسم الله وعلى سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنوا علي التراب سنا واقرءوا عند رأسي أول البقرة وحاتمتها فإني رأيت ابن عمر يستحب ذلك، رواه (هق. طب) وسنده جيد (الأحكامي) أحاديث الباب مع ما ذكرنا في الزوائد تدل على انتفاع الميت بما يهديه إليه الاحياء من أعمال الخير كالصدقة والصلاة والصيام والحج والعتق وقراءة القرآن (وللعلماء في ذلك مذاهب شتى) (قال الحافظ ابن القيم) في كتابه الروح أجمع أهل السنة على انتفاع الأموات بشيئين (أحدهما)

.

_ ما تسبب به الميت في حياته لقوله تعالى: فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره" واستدل بأحاديث كثيرة (منها) حديث أبي هريرة المذكور في الزوائد بلفظ "إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث الخ" (والثاني) دعاء المسلمين واستعفارهم والتصدق عنه والحج لقوله تعالى "والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا باللإيمان" وأجمعت الأمة على الدعاء للميت في صلاة الجنازة وأتى باحاديث كثيرة في هذا المعنى. واستدل لانتفاع الميت بالصدفة بأحاديث الباب، واستدل لجواز الجج عن الميت بأحاديث كثيرة (منها) ما رواه البخاري وغيره أن امرأة من جهينة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن أمي نذرت أن تحج فلم تحج حتى ماتت افأحج عنها؟ قال حجي عنها أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته؟ اقضوا الله قالله أحق بالوفاء، قال والواصل إلى الميت ثواب العمل عند الجمهور (وقال) بعض الحنفية بل ثواب الأنفاق (قال) بعض الحنفية بل ثواب الإنفاق (قال) واختلف في العبادات البدنية كالصوم والصلاة وقراءة القرآن والذكر، فمذهب أحمد وجمهور السلف وصولها، نص عليه الإمام أحمد في رواية محمد بن يحيى الكمال، قال قيل لأبي عبدالله الرجل يعمل الشئ من الخير من صلاة أو صدقة وغيرها، وقال اقرأ آية الكرسي ثلاث مرات وقل هو الله أحد وقل اللهم فصله لأهل المقابر، واستدل الحافظ بن القيم لجواز الصيام عن الميت بأحاديث (منها) حديث عزاه للصحيحين عن عائشة رضي الله عنها مرفوعا من مات وعليه صيام صام عنه وليه (منها) حديث عمرو بن العاص رضي الله عنه المذكور في الباب فيه "أما أبوك فلو أقر بالتوحيد فصمت وتصدقت عنه نفعه ذلك" قال والعبادات قسمان مالية وبدنية وقد نبه الشارع بوصول ثواب الصدقة على وصول سائر الأعمال المالية، أما أداء الدين فبالاجتماع ولو كان من أجنبي بلا إذن أو من غير تركة الميت، وبوصول ثواب الصوم على وصول ثواب سائر العبادات البدنية، وبوصول ثواب الحج على وصول ثواب المركب منهما، والمشهور من (مذهب الشافعي ومالك) أن ثواب العبادات البدنية المتحضة لا يصل، لأن العبادات نوعان (احدهما) لا يدخله النيابة بحال كالإسلام والصلاة وقراءة القرآن والصيام، فهذا النوع يختص ثوابه بفاعله لا يتعداه كما في الحياة (والثاني) تدخله النيابة كودائع وأ>اء الديون وإخراج الصدقة والحج. فهذا يصل ثوابه إلى الميت لأنه يقبل النيابة في الحياة فبعد الموت أولى، ثم قال وسر المسألة أن الثواب ملك العامل، في إذا تبرع به لأخيه المسلم أوصله أكرم الأكرمين إليه فما الذي خص من هذا الثواب ثراءة القرآن وحجر على العبد أن يوصله إلى أخيه؟ ولم يزل عمل الناس عليه حتى المنكرين في سائر الأعصار والأمصار من غير نكير من أحد العلماء. قال والأنفع للميت من ذلك ما كان أنفع نفسه فالعتق والصدقة أنفع من الصيام

.

_ لتعدي نفعها وقصور نفعه، وأفضل الصدقة ما صادف حاجة من المتصدق عليه وكان دائما مستمرا، ومنه حديث (أفضل الصدقة سقى الماء على الأنهار) وكذلك الدعاء والاستغفار له إذا كان بصدق وإخلاص وتضرع فهو موضعه أفضل من الصدقة عنه، وذلك كالصلاة على جنازته والوقوف على قبره للدعاء أهـ باختصار (وقال الشوكاني رحمه الله) أحاديث الباب تدل على أن الصدقة من الولد تلحق الوالدين بعد موتهما بدون وصية منهما ويصل إليهما ثوابها، فيخصص بهذه الأحاديث عموم قوله تعالى "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" ولكن ليس في أحاديث الباب إلا لحوق الصدقة من الولد فالظاهر من العموميات القرآنية أنه لا يصل ثوابه إلى الميت فيوقف عليها حتى يأتي دليل يقتضي تخصيصها (وقد اختلف) في غير الصدقة من أعمال البر هل يصل إلى الميت؟ (فذهبت المعتزلة) إلى أن يجعل ثواب عمله لغيره صلاة كان أو صوما أو حجا أو صدقة أو قراءة قرآن أو غير ذلك من جميع أنواع البر ويصل ذلك إلى الميت وينفعه عند أهل السنة أهـ. والمشهور من مذهب الشافعي وجماعة من العلماء وجماعة من أصحاب الشافعي إلى أن يصل، كذا ذكره النووي في الأذكار، وف شرح المنهاج لإبن النحوي لا يصل إلى الميت عندنا ثواب القراءة على المشهور والمختار الوصول إذا سأل الله إيصال ثواب قراءته، وينبغي الجزم به لأنه دعاء، إذا جاز الدعاء للميت بما ليس للداعي فلإن يجوز بما هو له أولى، ويبقى الأمر فيه موقوفا على استجابة الدعاء، وهذا المعنى لا يختص بالقراءة بل يجري في سائر الأعمال، والظاهر أن الدعاء متفق عليه أنه ينفع الميت والحي القريب والبعيد بوصية وغيرها وعلى ذلك أحاديث كثيرة، بل كان أفضل الدعاء أن يدعو لأخيه يظهر الغيب أهـ. وقد حكي النووي في شرح مسلم الإجماع على وصول الدعاء إلى الميت، وكذا حكى الإجماع على أن الصدقة تقع عن الميت وبصله ثوابها ولم يقيد ذلك بالولد، وحكى أيضا الإجماع على لحوق قضاء الدين (قال الشوكاني) والحق أنه يخصص عموم الآية (بالصدفة) من الولد كما في أحاديث الباب (وبالحج) من الولد كما في خبر الخثعمية (ومن غير الولد) أيضا كما في حديث المحرم عن أخيه شبرمة ولم يستفصله صلى الله عليه وسلم هل أوصي شبرمة أم لا (وبالعتق) من الولد كما وقع في البخاري في حديث سعد خلافا للمالكية على المشهور عندهم (وبالصلاة) من الولد كما وقع في البخاري في حديث سعد خلافا للمالكية على المشهور عندهم (وبالصلاة) من الولد أيضا لما روى الدارقطني أن رجلا قال يا رسول الله إنه كان لي أبوان ابرهما الخ الحديث المتقدم في الزوائد قال وبالصيام) من الولد لهذا الحديث (ولحديث) عبدالله بن عمرو المذكور في الباب (ولحديث) ابن عباس عند البخاري ومسلم أن

.

_ امرأة قالت يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم نذر فقال أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أكان يؤدي ذلك عنها؟ قالت نعم، قال فصومي عن أمك، وأخرج مسلم وأبو داود والترمذي من حديث بريدة أن امرأة قالت إنه كان على أمي صوم شهر افأصوم عنها؟ قال صومي عنها (ومن غير الولد) أيضا لحديث من مات وعليه صيام صام عنه وليه متفق عليه من حديث عائشة (وبقراءة يس) من الولد وغيره لحديث اقرءوا على موتاكم يس، وقد تقدم (وبالدعاء من الولد) لحديث أو ولد صالح يدعو له (ومن غيره) لحديث استغفروا لأخيكم وسلوا له التثبيت فإنه الآن يسأل، وقد تقدم، ولحديث فضل الدعاء للأخ بظهر الغيب، ولقوله تعالى "والذين جاءوا من بعدهم يقولون ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان" ولما ثبت من الدعاء للميت عند الزيارة كحديث بريدة عند مسلم وأحمد وابن ماجه "قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر أن يقول قائلهم السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وأنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية" (وبجميع ما يفعله الولد لوالديه) من أعمال البر لحديث "ولد الإنسان من سعيه" وكما تخصص هذه الأحاديث الآية المتقدمة كذلك يخصص حديث أبي هريرة عند مسلم وأهل السنن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا مات الإنسان انقطع عمله الخ" وقد تقدم فإن ظاهره أنه ينقطع عنه ما عدا هذه الثلاثة كائنا ما كان، وقد قيل إنه يقاس على هذه المواضع التي وردت بها الأدلة غيرها؛ فيلحق الميت كل شيء فعله غيره أهـ. وقال شارح الكنز إن الآية منسوخة بقوله تعالى "والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم" وقيل الإنسان أريد به الكافر؛ وأما المؤمن فله ما سعى اخوانه، وقيل ليس له من طريق العدل، وهو له من طريق الفضل، وقيل اللام بمعنى على كما في قوله تعالى ولهم اللعنة أي عليهم أهـ (وقال الحافظ بن كثير) رحمه الله في تفسير قوله تعالى "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" أي كمالا يحمل عليه وزرع غيره كذلك لا يحصل له من الأجر إلا ما كسب هو لنفسه، قال ومن هذه الآية الكريمة استنبط الشافعي رحمه الله ومن اتبعه أن القراءة لا يصل اهداء ثوابها إلى الموتى لأنه ليس من عملهم ولا كسبهم؛ ولهذا لم يندب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته ولا حثهم عليه ولا أرشدهم إليه بنص ولا إيماء؛ ولم ينقل ذلك عن أحد من الصحابة رضي الله عنهم ولو كان خيرا لسبقوا إليه، وباب القربات يقتصر فيه على النصوص ولا يتصرف فيه بأنواع الأقيسة والآراء (فأما الدعاء والصدقة) فذاك مجمع على وصولها ومنصوص من الشارع عليهما (وأما الحديث) الذي رواه مسلم في صحيحه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مات الإنسان انقطع عمله (فذكر الحديث المتقدم في الزوائد) ثم قال فهذه الثلاثة في الحقيقية هي من سعيه وكده وعمله كما جاء في الحديث

.

_ "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه، والصدقة الجارية كالوقف ونحوه هي من آثار عمله ووقفه، وقد قال تعالى (إنا نحن نحيي الموتى ونكتب ما قدموا وآثارهم) الآية والعلم الذي نشره في الناس فاقتدى به الناس بعده هو أيضا من سعيه وعمله، وثبت في الصحيح من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من اتبعه من غير أن ينقص أجورهن شيئا أهـ (وقال الإمام القرطبي في التذكرة) كان الإمام أحمد رضي الله تعالى عنه يقول إذا دخلتم المقابر فاقرءوا فاتحة الكتاب والمعوذتين وقل هو الله أحد واجعلوا ثواب ذلك لأهل المقابر فإنه يصل إليهم، وكان رضي الله عنه ينكر قبل ذلك وصول الثواب من الأحياء للموتى، فلما حدثه بعض الثقات أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أوصى إذا دفن أن يقرأ عند راسه فاتحة الكتاب وخاتمة سورة البقرة رجع عن ذلك (وكذلك بلغنا) عن الشيخ عز الدين بن عبد السلام رحمه الله أنه كان ينكر وصول ثواب القراءة للموتى ويقول قال الله تعالى "وأن ليس للإنسان إلا ما سعى" فلما مات رآه بعض أصحابه فسأله عن ذلك، فقال رجعت عما كنت أقوله من عدم وصول الثواب إلى الموتى من القارئ حين رأيت وصوله وأنا في القبر، ويؤيد ذلك ما رواه الحافظ السلفي مرفوعا "من مر بالمقابر فقرأ قل هو الله أحد احدى عشرة مرة ثم وهب أجره للأموات أعطى من الأجر بعدد الأموات" (وكان الحسن البصري) رضي الله تعالى عنه يقول من دخل المقابر فقال اللهم رب هذه الأجساد البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة، اللهم فأدخل عليها روحا منك وسلاما مني، كتب له بعددهم حسنات، قال الإمام القرطبي رحمه الله، وقد أجمع العلماء على وصول الصدقة للأموات فكذلك القول في قراءة القرآن والدعاء والاستغفار إذ كل صدقة، ويؤيده حديث "وكل معروف صدقة" فلم يخص الصدقة بالمال؛ وكذلك يؤيده قوله صلى الله عليه وسلم "الميت في قبره كالغريق المتعوب ينتظر دعوة تلحقه من أبيه أو من أخيه أو من صديق له، فإذا لحقته كانت أحب إليه من الدنيا وما فيها، وإن هدايا الأحياء للأموات الدعاء والاستغفار (وحكى عن الحسن البصري) رضي الله تعالى عنه أن امرأة كانت تعذب في قبرها وكل الناس يرون ذلك في المنام ثم رؤيت بعد ذلك وهي في النعيم، فقيل لها ما سبب ذلك؟ فقالت مر بنا رجل فقرأ الفاتحة وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وأهدى ذلك لنا، وكان في المقبرة خمسمائة وستون رجلا في العذاب فنودي ارفعوا العذاب عنهم ببركة صلاة هذا الرجل على النبي صلى الله عليه وسلم أهـ (قلت) والذي أميل إليه ما ذهب إليه الحافظ ابن القيم وموافقوه (وفي أحاديث الباب أيضا) دليل على أن نذر الكافر بما هو قربة لا يلزم إذا مات على كفره، وأما إذا أسلم وقد وقع منه نذر في الجاهلية ففيه خلاف؛ والظاهر أنه يلزمه الوفاء بنذره، لما أخرجه الشيخان والإمام أحمد.

(أبواب عذاب القبر) (1) باب ما جاء في هول القبر وفتنته والسؤال فيه وشدته (286) ز عن هانيء مولي عثمان (بن عفان) قال كان عثمان رضي الله عنه إذا وقف على قبر بكى حتى يبل لحيته، فقيل له تذكر الجنة والنار فلا تبكي وتبكي من هذا؟ فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال القبر أول منازل الآخرة فإن ينج منه فما بعده أيسر منه، وإن لم ينج منه فما بعده أشد منه، فقال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما رأيت منظرا قط إلا والقبر أفظع منه

_ وسيأتي في كتاب الأيمان والنذور من حديث ابن عمر أن عمر رضي الله عنه قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن اعتكف ليلة في المسجد الحرام؛ فقال له صلى الله عليه وسلم أوف بنذرك، وفي ذلك أحاديث كثيرة ستأتي في باب من نذر وهو مشرك من كتاب الإيمان والنذور إن شاء الله تعالى والله أعلم. (286) "ز" عن هانئ مولى عثمان (سنده) حدثنا عبدالله حدثني يحيى ابن معين ثنا هشام بن يوسف حدثني عبدالله بن بخير القاص عن هانئ مولى عثمان - الحديث" (غريبه) (1) أي الذي يتحقق به مصيره، إما إلى الجنة وإما إلى النار، ويؤيد ذلك ما رواه الشيخان والإمام أحمد، وسيأتي في هذا الباب عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار، فيقال هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة" وهذا لفظ البخاري (فإن قيل) ثبت في الأحاديث الصحيحة عن أنس وغيره "وتقدم في الباب الأول من كتاب الجنائز في الجزء السابع" إن المؤمن إذا حضر جاءه البشير من الله عز وجل بما هو صائر إليه، وكذلك الفاجر أو الكافر، ومقتضى هذا أنه يعلم مصيره قبل الموت (قلت) ذاك في الدنيا فهو تبشير من الملك للمؤمن وتهديد للكافر، والذي يكون في القبر إنما هو فعل صريح وكشف للغطاء عن المقعد، فهو المبين عما بعده يقينا (2) أي من مناظر الدنيا الفظيعة، وإلا فالنار أفظع (تخريجه) (جه. مذ) وقال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث هشام بن يوسف

(287) عن عبدالله بن عمرو (بن العاص) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتان القبور، فقال عمر أترد علينا عقولنا يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم كهيئتكم اليوم، فقال عمر بفيه الحجر. (288) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم أحد إلا يعرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة، وإن كان من أهل النار فمن أهل النار يقال هذا مقعدك حتى ـــــــــــــــــــــــــــــ (287) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثني حي بن عبدالله أن أبا عبد الرحمن حدثه عن عبد الله بن عمرو - الحديث" (غريبه) (1) هذا القول من عمر رضي الله عنه كناية عن أنه إذا أردت عليه روحه يستطيع أن يدافع عن إيمانه بالجواب الذي يسكت الفتان ويقنعه، وإنما صدر ذلك منه رضي الله عنه لرسوخ الإيمان في نفسه وثباته في قلبه، ويستعمل العرب هذا اللفظ دائما كناية عن الجواب المسكت، والله أعلم (تخريجه) أورده المنذري، وقال رواه أحمد من طريق ابن لهيعة والطبراني بإسناد جيد (288) عن ابن عمر رضي الله عنهما (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر - الحديث" (غريبه) (2) قال القرطبي رحمه الله يجوز أن يكون هذا العرض على الروح فقط، ويجوز أن يكون عليه مع جزء من البدن، قال والمراد بالغداة والعشي وقتهما، وإلا فالموتى لا صباح عندهم ولا مساء، قال وهذا في حق المؤمن والكافر واضح، فأما المؤمن المخلص فمحتمل في حقه أيضا، لأنه يدخل الجنة في الجملة، ثم هو مخصوص بغير الشهداء لأنهم أحياء وأرواحهم تسرح في الجنة، ويحتمل أن يقال أن فائدة العرض في حقهم تبشير أرواحهم باستقرارها في الجنة مقترنة بأجسادها، فإن فيه قدرا زائدا على ما هي فيه الآن أهـ (3) ظاهره اتحاد الشرط والجزاء، لكنهما متغايران في التقدير؛ ويحتمل أن يكون تقديره فمن مقاعد أهل الجنة أي فالمعروض عليه من مقاعد أهل الجنة، فحذف المبتدأ والمضاف المجرور بمن وأقيم المضاف إليه مقاما، وفي رواية مسلم بلفظ "إن كان من أهل الجنة فالجنة، وإن كان من أهل النار فالنار، تقديره فالمعروض الجنة النار، فاقتصر فيها على حذف المبتدأ فهي

تبعث إليه (زاد في رواية) يوم القيامة (289) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جنازة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس إن هذه الأمة تبتلى في قبورها

_ أقل حذفا، أو المعنى فإن كان من أهل الجنة فسييسر بما لا يدرك كنهه ويفوز بما لا يقدر قدره (1) لفظ البخاري حتى يبعثك الله يوم القيامة، ولمسلم حتى يبعثك الله إليه يوم القيامة بزيادة لفظ (إليه) لكن حكي ابن عبد البر أن الأكثرين من أصحاب مالك، رووه كالبخاري وابن القاسم كرواية مسلم (نعم) روى النسائي رواية ابن القاسم كلفظ البخاري، واختلف في الضمير هل يعود على المقعد أي هذا مقعدك تستقر فيه حتى تبعث إلى مثله من الجنة أو النار، ولمسلم من طريق الزهري عن سالم عن أبيه، ثم يقال هذا مقعدك الذي تبعث إليه يوم القيامة، والضمير يرجع إلى الله تعالى، أي إلى لقاء الله تعالى أو إلى المحشر، أي هذا الآن مقعدك إلى يوم الحشر؛ فيرى عند ذلك كرامة أو هوانا ينسى عنده هذا المقعد كقوله تعالى "وإن عليك لعنتي إلى يوم الدين" (قال الزمخشري) أي أنك مذموم مدعو عليك باللعنة في السموات والأرض إلى يوم الدين، فإذا جاء ذلك اليوم عذبت بما تنسى اللعن معه (تخريجه) (ق. نس. مذ) (289) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا عباد يعني ابن راشد عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد - الحديث" (غريبه) (2) المراد بالأمة هنا كل ما بلغته دعوة النبي صلى الله عليه وسلم سواء أكان مسلما أم كافرا، وأما قول بعضهم إن الكافر لا يسأل فهو محجوج بقوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث "وإن كان كافرا أو منافقا الخ" وبقوله تعالى (يثبت الله الذين آمنوا منكم بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين) وظاهره أن الأمم السالفة لا تسأل "وقوله تبتلى" أي تختبر وتمتحن، والحكمة في اختصاص هذه الأمة بالسؤال اختبارهم في عقيدتهم بالنسبة للنبي صلى الله عليه وسلم بدليل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة الآتي في هذا الباب "فأما فتنة القبر فبي تفتنون وعني تسألون" وجزم الحكيم الترمذي باختصاص هذه الأمة بالسؤال وقال كانت الأمم، قبل هذه الأمة تأتيهم الرسل، فإن أطاعوا لذاك وإن أبوا اعتزلوهم عوجلوا بالعذاب، فلما أرسل الله محمدا صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين، أمسك عنهم العذاب وقبل الإسلام ممن أظهره سواءا أسر الكفر أولا، فلما ماتوا قيض الله لهم فتان القبر يستخرج

فإذا الإنسان دفن فتفرق عنه أصحابه، جاءه ملك في يده مطراق فأقعده، قال ما تقول في هذا الرجل؟ فإن كان مؤمنا قال أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، فيقول صدقت، ثم يفتح له باب إلى النار فيقول هذا كان منزلك لو كفرت بربك، فأما إذ آمنت فهذا منزلك، فيفتح له باب إلى الجنة فيريد أن ينهض إليه، فيقول له اسكن، ويفسح له في قبره (وإن كان كافرا أو منافقا) يقول له ما تقول في هذا الرجل؟ فيقول لا أدري، سمعت الناس يقولون شيئا، فيقول لا دريت ولا تليت ولا اهتديت ثم يفتح له باب إلى الجنة فيقول هذا منزلك لو آمنت بربك، فأما إذ كفرت به فإن الله عز وجل أبدلك به هذا، ويفتح له باب إلى النار، ثم يقمعه قمعة بالمطراق يسمعها خلق الله كلهم غير الثقلين، فقال بعض القوم يا رسول الله

_ سرهم بالسؤال؛ وليميز الله الخبيث من الطيب، ويثبت الله الذين آمنوا ويضل الله الظالمين أهـ (وقال الحافظ ابن القيم) ليس في الأحاديث ما ينفي المسألة عمن تقدم من الأمم، وإنما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أمته بكيفية امتحانهم في القبور؛ لا أنه نفى ذلك من غيرهم، قال والذي يظهر أن كل نبي مع أمته كذلك فتعذب كفارهم في قبورهم بعد سؤالهم وإقامة الحجة عليهم كما يعذبون في الآخرة بعد السؤال وإقامة الحجة أهـ (1) في حديث أنس الآتي بعد هذا "أتاه ملكان" وفي هذه الرواية "جاءه ملك" فيحتمل أنهما ملكان أيضا، وخص أحدهما بالذكر لكونه يحمل المطراق (والمطراق) بكسر الميم اسم لآلة الضرب كالعصا ونحوها (2) المعنى لا فهمت ولا قرأت القرآن ولا اتبعت من يدري، وتقدم الكلام عليه بأوسع من هذا في شرح حديث البراء بن عازب صحيفة 81 في الجزء السابع (3) أي يضربه ضربة "وقوله غير الثقلين" أي الجن والإنس، قيل لهم ذلك لأنهم كالثقل على وجه الأرض. ومقتضى هذا أن كل شيء خلقه الله عز وجل من ملائكة وحيوان وجماد يسمعه إلا الثقلين. لكن يمكن أن يخص به منه الجماد حديث أبي هريرة عند البزار بلفظ "يسمعه كل دابة إلا الثقلين"

ما أحد يقوم عليه ملك في يده مطراق إلا هبل عند ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) (290) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله وعليه والسلام قال إن العبد إذا وضع في قبره وتولى عنه أصحابه حتى أنه ليسمع قرع نعالهم أتاه ملكان فيقعدانه فيقولان له ما كنت تقول في هذا الرجل لمحمد صلى الله عليه وسلم فأما المؤمن فيقول أشهد أنه عبدالله ورسوله، فيقال انظر إلى مقعدك من النار قد أبدلك الله به مقعدا في الجنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيراهما جميعا، قال روح في

_ والله أعلم (1) أي فقد عقله من شدة الخوف والجزع (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار وزاد "في الحياة الدنيا والآخرة ويضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء" ورجاله الصحيح. (290) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا روح عبادة ثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك ويونس ثنا شيبان ثنا قتادة ثنا أنس بن مالك - الحديث" "وقوله في السند ويونس" معناه أن الإمام أحمد رحمه الله ذكر هذا الحديث بإسنادين، فذكر السند الأول إلى قوله عن أنس بن مالك، ثم ذكر السند الثاني بقوله ويونس يعني وحدثنا يونس الخ (غريبه) (1) يقال لأحدهما المنكر والآخر النكير، كما صرح بذلك في رواية أبي هريرة عند الترمذي وابن حبان (2) أي في الرجل المشهور بين أظهركم، ولا يلزم منه الحضور وتركهما ما يشعر بالتعظيم لئلا يسير تلقينا؛ وهو لا يناسب موضع الاختبار (3) هو أحد رجال السند الأول يريد أن قتادة روى الحديث عن أنس إلى قوله فيراهما جميعا، ثم قال قتادة فذكرنا (بالبناء للمفعول) أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون، يشير بذلك إلى أن هذه الجملة من قوله "يفسح له في قبره إلى قوله يوم يبعثون" ليست من أحديث أنس، ويؤيده قول روح بعد ذلك "ثم رجع إلى حديث أنس بن مالك قال وأما الكافر الخ" رواه مسلم من طريق عبد بن حميد حدثنا يونس بالسند الثاني لحديث الباب، ومتنه إلى قوله "فيراها جميعا" ثم قال قتادة وذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون، وإلى هنا

حديثه، قال قتادة فذكر لنا أنه يفسح له في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون، ثم رجع إلى حديث أنس بن مالك "قال وأما الكافر أو المنافق" فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل، فيقول لا أدري، كنت أقول ما يقول الناس فيقال له لا دريت ولا تليت ثم يضرب بمطراق من حديد ضربة بين أذنيه فيصيح صيحة فيسمعها

_ انتهى الحديث عند مسلم (1) قال القاضي عياض يحتمل أن يكون هذا الفسح له على ظاهره، وأنه يرفع عن بصره ما يجاوره من الحجب الكثيفة بحيث لا تناله ظلمة القبر ولا ضيقه إذا ردت إليه روحه، قال ويحتمل أن يكون على ضرب المثل والاستعارة للرحمة والنعيم كما قال سقى الله قبره والاحتمال الأول أظهر" والله أعلم (2) قال النووي الخضر ضبطوه بوجهين أصحهما بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمتين، والثاني بضم الخاء وفتح الضاد والأول أشهر؛ ومعناه يملأ نعما غضة ناعمة، واصلة من خضرة الشجر، هكذا فسروه أهـ. (قلت) قال القرطبي في التذكرة فسر في الحديث بالريحان أهـ (3) يريد أنه كان مقلدا في دينه للناس ليس له عقيدة ثابتة (4) يجوز فيقوله من حديد وجهان (أحدهما) أن يكون صفة لموصوف محذوف أي من ضارب حديد، أي قوي شديد الغضب (والثاني) أن يكون صفة للمطراق، فعلى هذا تكون كلمة من بيانية، والظاهر أن الضارب غير المنكر والنكير؛ ويحتمل أن يكون أحدهما، ويحتمل أن يكون غيرهما، وقد جاء في مسند الإمام أحمد ما يدل على جواز الوجهين، فما يدل على أنه غيرهما ما جاء في حديث البراء بن عازب - وتقدم في الجزء السابع صحيفة 72 - ثم يقيض له أعمى أصم أبكم في يده مرزبة لو ضرب بها جبل كان ترابا، فيضربه ضربة حتى يصير ترابا - وما سيأتي في حديث أسماء "ثم تسلط عليه دابة في قبره معها صوت تمرئة جمرة مثل غرب البعير تضربه ما شاء الله الحديث" ومما يدل على أنه أحدهما ما ذكر في حديث أبي سعيد بلفظ "ثم يقمعه قمعة بالمطراق يسمعها خلق الله كلهم، وما رواه أبو داود من حديث أنس بلفظ "فيضربه بمطراق من حديد بين أذنيه فيصيح صيحة يسمعها الخلق الثقلين" فهذا يدل صريحا على أن الضارب هو الملك الذي يسأله وهو إما المنكر. وإما النكير (فإن قلت) كيف الجمع بين الوجهين (فالجواب) يحتمل أن يكون الضرب معددا، مرة من أحد الملكين ومرة من الأعمى الأبكم، وكل هذا في

من يليه غير الثقلين، وقال بعضهم يضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه (291) عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءت يهودية فاستطعمت على بابي فقالت أطعموني أعاذكم الله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر قالت فلم أزل أحبسها حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ما تقول هذه اليهودية؟ قال وما تقول؟ قلت تقول أعاذكم الله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر، قالت عائشة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقع يديه مدا يستعيذ بالله من فتنة الدجال ومن فتنة عذاب القبر، ثم قال أما فتنة الدجال فإنه لم يكن نبي إلا قد حذر أمته ووسأحذركموه تحذيرا لم يحذره نبي أمته إنه أعور والله عز وجل ليس بأعور، مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن (فأما فتنة القبر) فبي تفتنون وعني تسألون، فإذا كان الرجل الصالح أجلس في قبره غير فزع ولا مشعوف ثم يقال له فيم كنت؟ فيقول في الإسلام، فيقال ما هذا الرجل الذي كان فيكم؟ فيقول محمد رسول الله

_ في حق الكفار والله أعلم (1) يعني بعض الرواة ولم يرفعه - وقد جاء مرفوعا من حديث أبي هريرة عند الطبراني في الأوسط بإسناد حسن، وفيه ويضيق عليه قبره حتى تختلف أضلاعه فذلك قول الله عز وجل (ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا) (تخريجه) (ق. والثلاثة) (291) عن عائشة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال ابن أبي ذئب عن محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان عن عائشة رضي الله عنها - الحديث" (غريبه) (2) أي تطلب الطعام وتبتغي الصدقة لفقرها (3) أي أشاغها وألهيها (4) ورد أن الأنبياء المتقدمين كانوا يحذرون أممهم من الدجال، ولكن تحذير النبي صلى الله عليه وسلم أمته أبلغ لأنه مع تحذيرهم منه ذكر لهم صفته لئلا يلتبس عليهم أ/ره (5) بشين معجمه بعدها عين مهملة من الشعف- والشعف شدة الفزع حتى يذهب بالقلب، والشعف

صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبنات من عند الله عز وجل فصدقناه، فيفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضهم بعضا، فيقال له أنظر إلى ما وقاك الله عز وجل ثم يفرج له فرجة إلى الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له هذا مقعدك منها؛ ويقال على اليقين كنت عليه ومت وعليه تبعث إن شاء الله (وإن كان الرجل السوء) أجلس في قبره فزعا مشعوفا، فيقال له فيم كنت؟ فيقول لا أدري، فيقال ما هذا الرجل الذي كان فيكم؟ فيقول سمعت الناس يقولون قولا فقلت كما قالوا؛ فتفرج له فرجة قبل الجنة فينظر إلى زهرتها وما فيها، فيقال له انظر إلى ما صرف الله عز وجل عنك، ثم يفرج له فرجة قبل النار فينظر إليها يحطم بعضها بعضا ويقال له هذا مقعدك منها، كنت على الشك وعليه مت وعليه تبعث إن شاء الله ثم يعذب. (292) عن أبي الزبير أنه سأل جابر بن عبدالله رضي الله عنهما عن فتان القبر، فقال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم يقول إن هذه الأمة تبتلى في قبورها، فإذا أدخل المؤمن من قبره وتولى عنه أصحابه جاء ملك شديد الانتهار، فيقول له ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول المؤمن إنه رسول الله وعبده، فيقول له الملك انظر غلى مقعدك الذي كان في النار قد أنجاك الله منه وأبدلك بمقعدك الذي ترى من النار مقعدك الذي ترى من النار مقعدك الذي ترى من الجنة فسيراها كلاهما، فيقول المؤمن دعوني أبشر أهلي، فيقال

_ أيضا شدة الحب وما يغشى قلب صاحبة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله من رجال الصحيحين. (292) حدثنا عبدالله حدثني أبي حدثنا موسى بن داود حدثنا ابن لهيعة عن

له اسكن "وأما المنافق" فيقعد إذا تولى عنه أهله، فيقال له ما كنت تقول في هذا الرجل؟ فيقول لا أدري أقول ما يقول الناس، فيقال له لا دريت هذا مقعدك الذي كان لك من الجنة قد أبدلت مكانه مقعدك من النار، قال جابر فسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يبعث كل عبد في القبر على ما مات، المؤمن على إيمانه، والمنافق على نفاقه. (293) عن محمد بن المنكدر قال كانت أسماء (بنت أبي بكر رضي الله عنهما تحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت قال إذا دخل الإنسان قبره فإن كان مؤمنا أحف به عمله بالصلاة والصيام، قال فيأتيه الملك من نحو الصلاة فترده ومن نحو الصيام فيرده، قال فيناديه اجلس، قال فيجلس فيقول له ماذا تقول في هذا الرجل يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال من؟ قال محمد، قال أنا أشهد أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول وما يدريك. أدركته؟ قال أشهد أنه رسول الله، قال يقول على ذلك عشت، وعليه مت وعليه تبعث "قال وإن كان فاجرا أو كافرا" قال جاء الملك وليس بينه وبينه شئ يرده، قال فأجلسه قال يقول

_ عن أبي الزبير - الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمي، وقال في الصحيح منه "يبعث كل عبد على مامات عليه" فقط. رواه أحمد والطبراني في الأوسط. وفيه ابن لهيعة وفيه كلام وبقية رجاله ثقات. (293) عن محمد بن المنكدر (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا حجين ابن المثنى قال ثنا عبد العزيز يعني ابن أبي سلمة الماجشون عن محمد يعني ابن المنكدر - الحديث" (غريبه) (1) أي تدفع الملك عنه وتقول ليس قبلي مدخل كما صرح بذلك عند الطبراني في الأوسط بإسناد حسن من حديث أبي هريرة عن أبي الزبير، وفيه "فإذا كان مؤمنا كانت الصلاة عند رأسه. والزكاة عن يمينه. والصوم عن شماله. وفعل الخيرات والمعروف والإحسان إلى الناس من قبل رجليه، فيؤتى من قبل رأسه، فتقول

اجلس ماذا تقول في هذا الرجل؟ قال أي رجل، قال محمد صلى الله عليه وسلم قال يقول والله ما أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، قال فيقول له الملك على ذلك عشت وعليه مت وعليه تبعث، قال وتسلط عليه دابة في قبره معها سوط تمرته جمرة مثل غرب البعير تضربه ما شاء الله، صماء بكماء لا تسمع صوته فترحمه

_ الصلاة ليس قبلي مدخل، فيؤتى عن يمينه قتقول الزكاة ليس قبلي مدخل، ويؤتى من قبل شماله فيقول الصوم ليس قبلي مدخل، ثم يؤتى من قبل رجليه فيقول فعل الخيرات إلى الناس ليس قبلي مدخل، فيقال له اجلس فيجلس الحديث (1) هذه الجملة وهي قوله "تمرته جمره مثل غرب البعير" لم أفهم لها معنى، وهي بالأصل هكذا، ولم أجد هذا الحديث في كتب أخرى إلا في مجمع الزوائد معزوا إلى مسند الإمام أحمد باختلاف في هذه الجملة، ولفظها "وتسلط عليه دابة في قبره معها سوط تمربه جمرة مثل البعير تضربه ما شاء الله الخ" وهي غير واضحة أيضا، والظاهر أن ذلك نشأ عن تحريف من الناسخ في صفة السوط فقط، وما عدا هذه الجملة معتاه ظاهر وهو أن الله عز وجل يسلط على الكافر أو الفاجر في قبره دابة صماء معها سوط تضربه به إلى ما شاء الله، والحكمة في كونها صماء لمرادة التنكيل به وعدم رحمته والإشفاق عليه، لأنها لو كانت تسمع استغاثته وأنينه ربما أشفقت عليه ورحمته والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد، وروى الطبراني منه طرفا كبيرا، ورجال أحمد رجال الصحيح (زوائد الباب) (عن أبي حازم عن أبي هريرة) أحسبه رفعه قال إن المؤمن ينزل به الموت ويعاين ما يعاين فود لو خرجت يعني نفسه والله يحب لقاءه، فإن المؤمن يصعد بروحه إلى السماء فتأتيه أرواح المؤمنين فيستخبرونه عن معارفهم من أهل الأرض، فإذا قال تركت فلانا في الدنيا أعجبهم ذلك، وإذا قال إن فلان قد مات قالوا ما جاء إلينا. وإن المؤمن يجلس في قبره فيسأل من ربه فيقول ربي الله - فيقول من نبيك؟ فيقول نبي محمد صلى الله عليه وسلم - قال فما دينك؟ قال ديني الإسلام - فيفتح له باب في قبره أو يقال انظر إلى مجلسك ثم يرى القبر فكأنما كانت رقدة (فإذا كان عدو الله) نزل به الموت وعاين ما عاين فإنه يحب أن لا تخرج روحه أبدا والله يبغض لقاءه، فإذا جلس في قبره أو اجلس. فيقال من ربك؟ فيقول لا أدري فيقال لا دريت. فيفتح له باب من جهنم ثم يضرب ضربة تسمع كل دابة إلا الثقلين، ثم يقال له نم كما ينام المنهوش، فقلت لأبي هريرة ما المنهوش؟ قال الذي تنهشه الدواب والجنادب

.. ـــــــــــــــــــــــــــــ ثم يضيق عليه قبره - أورده الهيثمي وقال في الصحيح طرف منه، رواه البزار ورجاله ثقات خلا سعيد بن بحر القراطيسي فإني لم أعرفه (وعن أبي هريرة أيضا) قال شهدنا جنازة مع نبي الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ من دفنها وانصرف الناس (قال نبي الله صلى الله عليه وسلم) إنه الآن يسمع خفق نعالكم أتاه نكير ومنكرا عينهما مثل قدور النحاس وأنيابهما مثل صياصي البقر (يعني قرونها" وأصواتهما مثل الرعد فيجلسانه فيسألانه ما كان يعبد ومن كان نبيه، فإن كان ممن يعبد الله، قال كنت أعبد الله ونبيي محمد صلى الله عليه وسلم جاءنا بالبينات فآمنا به وابتعناه، فذلك قول الله (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) فيقال له على اليقين حييت وعليه مت وعليه تبعث، ثم يفتح له باب إلى الجنة ويوسع له في حفرته (وإن كان من أهل الشك) قال لا أدري سمعت الناس يقولون شيئا فقلته، فيقال له على الشك حييت وعليه مت وعليه تبعث - ثم يفتح له باب إلى النار ويسلط عليه عقارب وتنانين لو نفخ أحدهم في الدنيا ما نبتت شيئا تنهشه، وتؤمر الأرض فتضمه حتى تختلف أضلاعه- رواه الطبراني في الأوسط وفيه ابن لهيعة وفيه كلام (وعن عبد الله) يعني ابن مسعود رضي الله عنه قال إذا حدثتكم بحديث أنبئكم بتصديق ذلك، إن المؤمن إذا مات جلس في قبره فيقال من ربك؟ ما دينك؟ من نبيك؟ فيقول ربي الله، وديني الإسلام، ونبي محمد صلى الله عليه وسلم - فيوسع له في قبره ويفرج له فيه - ثم قرأ عبد الله "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين" رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال اسم الملكين الذين يأتيان في القبر منكر ونكير - وكان اسم هاروت وماروت وهما في السماء، عززا وعزيزا. رواه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن (وعن عائشة) رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله تبتلى هذه الأمة في قبورها فكيف بي وأنا امرأة ضعيفة قال "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة" أورده المنذري والهيثمي وقالا رواه البزار؛ ورواته ثقات (وروي عن ابن أبي شيبة) في مصنفه قال حدثنا غندر بن شعبة عن يعلى بن عطاء عن تميم عن غيلان بن سلمة قال جاء رجل إلى أبي الدرداء رضي الله عنه وهو مريض فقال يا أبا الدرداء إنك قد أصبحت على جناح فراق الدنيا فمرني بأمر ينفعني الله به وأذكرك به، قال إنا من أمة معافاة. فأقم الصلاة وأد الزكاة مالك إن كان لك وصم رمضان واجتنب الفواحش ثم أبشر، قال ثم أعاد الرجل على أبي الدرداء فقال مثل ذلك، قال شعبة وأحسبه أعاد عليه ثلاث مرات ورد عليه أبو الدرداء ثلاث مرات فنفض الرجل رداءه وقال "إن الذين يكتمون ما أنزلنا من البينات والهدى من بعد ما بيناه للناس في الكتاب إلى قوله "ويلعنهم اللاعنون" فقال أبو الدرداء على بالرجل فجاءه فقال

أبو الدرداء ما قلت؟ قال كنت رجلا معلما، ما عندك من العلم ما ليس عندي، فأردت أن تحدثني بما ينفعني الله به، فلم تزد على إلا قولا واحدا، قال أبز الدرداء اجلس ثم أعقل ما أقول لك، أين أنت من يوم ليس لك من الأرض إلا عرض ذراعين في طول أربعة أذرع، أقبل بك أهلك الذين كانوا لا يحبون فراقك وجلساءك وإخوانك فألقوا عليك اللبينات ثم أكثروا عليك التراب ثم تركوك بمثل ذلك ثم جاءك ملكان أسودان أزرقان جعدان أسماؤهما منكر ونكير فأجلساك ثم سألاك ما أنت أم على ماذا كنت ثم ماذا نقول في هذا؟ فإن قلت والله ما أدري سمعت الناس قالوا قولا فقلته والله لا دريت ولا نجوت ولا هديت، وإن قلت محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد والله نجوت وهديت، ولم تستطع ذلك إلا بتثبيت من الله مع ما ترى من الشدة والخوف (الأحكام) أحاديث الباب تدل على اثبات فتنة القبر والسؤال فيه، وأن السؤال عام يشمل المسلم والمنافق والكافر، وقد ذهب إلى ذلك جمهور العلماء، وزعم بعضهم أن السؤال على من يدعي الإيمان إن محقا وإن مبطلا، وأما الكافر الجاحد فلا يسأل عن دينه، وهو محجوج بقوله تعالى "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ويضل الله الظالمين" وبحديث أنس عند البخاري والإمام أحمد وفيه "وأما المنافق والكافر" بواو العطف، وتقدم تحقيق هذه المسألة وذكر الخلاف فيها في باب ما يراه المحتضر الخ صحيفة 84 من الجزء السابع فارجع إليه (واختلف أيضا) في فتنة القبر هل هي للأمة المحمدية خاصة أو لكافة الأمم المتقدمة؟ وتقدم الكلام على ذلك في شرح حديث أبي سعيد المذكور في أحاديث الباب (قال النووي) رحمه الله فإن قيل فنحن نشاهد الميت على حاله في قبره فكيف يسأل ويقعد ويضرب بمطارق من حديد ولا يظهر له أثر (فالجواب) أن ذلك غير ممتنع بل له نظير في العادة وهو النائم فإنه يجد لذة وآلاما لا نحس نحن شيئا منها، وكذا كان جبريل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيخبره بالوحي الكريم ولا يدركه الحاضرون، وكل هذا ظاهر جلي (قال أصحابنا) وإما إقعاده المذكور في الحديث فيحتمل أن يكون مختصا بالقبور دون المنبوذ ومن أكلته السباع والحيتان، وأما ضربه بالمطارق فلا يمتنع أن يوسع له في قبره فيقعد ويضرب والله أعلم أهـ (وفي أحاديث الزوائد) ما يستدل به على أن اسم فتاني القبر منكر ونكير (قال القرطبي) فإن قال قائل فلم يسمي فتانا القبر بمنكر ونكير (فالجواب) أنهما سميا بذلك لأن خلقهما لا يشبه خلق الآدميين ولا خلق الملائكة ولا خلق البهائم ولا خلق الهوام، بل هما خلق بديع لا يأنس بهما أحد من الناظرين، ولكن الله تعالى يخلق عندهما اللطف والرحمة والستر للمؤمن فضلا منه تعالى

(2) باب ما جاء في عذاب القبر والتعوذ منه (294) عن مسروق عن عائشة رضي الله عنه قالت دخلت عليها

_ فيتشكلان لكل إنسان بشاكلة عمله وعلمه واعتقاده (فإن قال قائل) كيف يخاطب الملكان جميع الموتى في جميع أقطار الأرض في وقت واحد (فالجواب) أن الله تعالى جعل جسمهما كبيرا مثل جسم ملك الموت فتكون الدنيا كلها بين يديهما كالإناء الذي يؤكل منه، فإذا تكلما وصل إلى كل واحد من الموتى في سائر أقطار الأرض فيتخيل أن الخطاب له من منعم ومعذب فيدخل في أذن كل واحد من ذلك الكلام ما يناسب حاله من لطف وشدة ونعيم وعذاب أهـ (وفي أحاديث الباب أيضا) دليل على أن الأعمال الصالحة كالصلاة والصيام ونحو ذلك تدافع عن صاحبها عند فتنة القبر، وتتشكل أيضا في صورة رجل صالح يبشر صاحبه بالجنة ويؤنسه في قبره كما جاء في حديث البراء بن عازب، وتقدم في الجزء السابع صحيفة 74 وفيه "ثم يأتيه آت حسن الوجه طيب الريح حسن الثياب فيقول أبشر بكرامة من الله ونعيم مقيم فيقول وأنت فبشرك الله بخير، من أنت؟ فيقول أنا عملك الصالح -الحديث (وفيه أن الكافر) يأتيه آت قبيح الوجه قبيح الثياب منتن الرائحة فيقول أبشر بهوان من الله وعذاب مقيم. فيقول وأنت فبشرك الله بالشر من أنت؟ فيقول أنا عملك الخبيث -الحديث" (قال القرطبي رحمه الله) فإن قال قائل فكيف تنقلب الأعمال أشخاصا وهي في نفسها أعراض (فالجواب) أن الله تعالى يخلق من ثواب الأعمال أشخاصا حسنة وقبيحة لأن العرض نفسه لا ينقلب جوهرا، وقد ورد في الصحيح أنه يؤتى بالموت يوم القيامة كأنه كبش أملح فيوقف على الصراط فيذبح ومحال أن ينقلب الموت كبشا لأنه عرض وإنما المعنى أن الله تعالى يخلق شخصا يسميه الموت فيذبح بين الجنة والنار، قال وهكذا كل ما ورد في هذا الباب من الأمور التي لا تدركها العقول هو مؤول أهـ (وقال الشعراني) في مختصره التذكرة، ويجوز أن يقال إذا كان للحق سبحانه وتعالى إيجاد الخلق من عدم فله تعالى إيجاد الجوهر من العرض بالأولى والله أعلم (فإن قيل) قد اختلفت الآثار في سعة القبر وضيقه من سبعين ذراعا أو أربعين أو مد البصر كما في الصحيح من ذلك (فالجواب) هذا مختلف باختلاف الناس من أهل الخير، فكل من زاد في الأعمال الصالحة كان قبره أوسع، وأما الكافر فقبره ضيق على حالة واحدة لا يتسع أبدا، نسأل الله العافية (294) عن مسروق (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن شقيق عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها- الحديث"

يهودية استوهبتها طيبا، فوهبت لهاعائشة، فقالت أجارك الله من عذاب القبر، فقالت فوقع في نفسي من ذلك حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فذكرت ذلك له قت يا رسول الله إن للقبر عذابا؟ قال نعم، إنهم ليعذبون في قبورهم عذابا تسمعه البهائم. (295) عن اسحق بن سعيد عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن يهودية كانت تخدمها فلا تصنع إليها عائشة شيئا من المعروف إلا قالت لها اليهودية وقاك الله عذاب القبر، قالت فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على فقلت يا رسول الله هل للقبر عذاب قبل يوم القيامة؟ قال لا، وعم ذلك، قالت هذه اليهودية لا نصنع إليها من المعروف شيئا إلا قالت وقاك الله عذاب القبر قال كذبت يهود وهم على الله عز وجل أكذب، لا عذاب دون يوم القيامة قالت ثم مكث بعد ذاك ما شاء الله أن يمكث، فخرج ذات يوم نصف النهار

_ (غريبه) (1) يعني أنها أنكرت قو لاليهودية لأنها لم تسمع بعذاب القبر قبل ذلك (2) جمع بهيمة؛ والبهيمة كل ذات أربع من دواب البحر والبر، وكل حيوان لا يميز فهو بهيمة، وجاء في حديث أبي سعيد في الباب السابق يسمعها خلق الله كلهم غير الثقلين، يعني الجن والإنس (تخريجه) (ق. نس) (295) عن اسحق بن سعيد (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا هاشم قال ثنا اسحق بن سعيد - الحديث" (3) بضم الدال وكسرها يقال خدمه يخدمه خدمة بفتح الخاء وكسرها فهو خادم غلاما كان أو جارية، والخادمة بالهاء في المؤنث قليل والجمع خدم وخدام (4) أي لم تسألين عن ذلك أو عن أي شيء نشأ هذا السؤال، وأصله عن ما، فسقطت ألف ما وأدغمت النون في الميم كقوله تعالى "عم يتساءلون" قاله صاحب النهاية، قال وهذا ليس بابها وإنما ذكرناها للفظها (5) ي هذه الرواية أنه صلى الله عليه وسلم أنكر على اليهودية ونفى عذاب القبر - وفي الرواية الأولى أنه صلى الله عليه وسلم اقرها وأثبت عذاب القبر بقوله "إن للقبر عذابا" وظاهر هذا التعارض، وأجاب النووي عن ذلك تبعا للطحاوي وغيره بأنهما قصتان. فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم قول اليهودية في القصة الأولى، ثم أعلم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك

مشتملا بثوبه محمرة عيناه وهو ينادي بأعلى صوته أيها الناس أظلتكم الفتن كقطع الليل المظلم أيها الناس لو تعلمون ما أعلم لبكيتم كثيرا

_ ولم يعلم عائشة فجاءت اليهودية مرة أخرى فذكرت لها ذلك فانكرت عليها مستندة إلى الإنكار الأول، فأعلمها النبي صلى الله عليه وسلم بأن الوحي نزل بإثباته أهـ. ويستفاد من حديث عائشة المتقدم في الجزء السادس رقم 1694 صحيفة 198 من أبواب صلاة الكسوف ف باب من روى أنها ركعتان في كل ركعة ركوعان، أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بحكم عذاب القبر إلا وهو بالمدينة في آخر الأمر، ولفظ الحديث عن عائشة رض الله عنها قالت جاءتني يهودية تسألني فقالت "أعاذك الله من عذاب القبر" فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم قلت يا رسول الله أنعذب في القبور؟ قال عائذ بالله، فركب مركبا فخسفت الشمس، ثم ذكرت صفة صلاة الخسوف - ثم قالت فسمعته بعد ذلك يستعيذ بالله من عذاب القبر (وفي رواية للبخاري) ثم أمرهم أن يتعوذوا من عذاب القبر" فثبت أن صلاة الخسوف كانت بالمدينة بل وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بعام أو عامين (فإن قيل) إن عذاب القبر جاء في آيتين من كتاب الله نزلنا بمكة (أحدهما) قوله تعالى "يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة" (والثانية) قوله عز وجل "النار يعرضون عليها غدوا وعشيا - الآية" فكيف لم يعلم النبي صلى الله عليه وسلم بحكم عذاب القبر إلا بالمدينة في آخر أمره (وأجاب الحافظ) عن ذلك بقوله إن عذاب القبر إنما يؤخذ من الأولى بطريق المفهوم في حق من لم يتصف بالإيمان، وكذلك بالمنطوق في الأخرى في حق آل فرعون وإن التحق بهم من كان له حكمهم من الكفار، فالذي أنكره النبي صلى الله عليه وسلم إنما هو وقوع عذاب القبر على الموحدين، ثم اعلم صلى الله عليه وسلم أن ذلك قد يقع على من يشاء الله منهم، فجزم به وحذر منه وبالغ في الاستعاذة منه تعليما لأمته وإرشادا، فانتفى التعارض بحمد الله تعالى أهـ. (1) كان صلى الله عليه وسلم تحمر عيناه ووجنتاه من شدة الغضب في خطبه عند التحذير وذكر الساعة ليتأثر السامعون، فينبغي لكل خطيب أن يكون كذلك (2) يشير صلى الله عليه وسلم بذلك إلى ما سيحدث بعده من الفتن وقد كان كما قال (3) أي من عقاب الله للعصاة وشدة مناقشته للعباد وكشف السرائر وجواب لو "قوله لبكيتم كثيرا أو ضحكتم قليلا" والمراد أن كل من كان بربه أعرف كان من ربه أخوف، ومن علامة شدة الخوف ودوام انزعاج القلب لتوقع ما يستوجبه من العقوبة لما يأتيه من الجرم وتحول البدن والخشية والبكاء (قال الشيخ أبو حامد) هذا الحديث من الأسرار التي أودعها الله في قلب الأمين الصادق محمد صلى الله عليه وسلم ولا يجوز إفشاء سرها، فإن صدور الأحرار قبور الإسرار، بل كان يذكر لهم ذلك حتى يبكوا

وضحكتم قليلا، أيها الناس استعيذوا بالله من عذاب القبر فإن عذاب القبر حق (296) وعنها أيضا قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم وعندي امرأة من اليهود وهي تقول أشعرت أنكم تفتنون في القبور فارتاع النبي صلى الله عليه وسلم وقال إنما تفتن اليهود، فقالت عائشة فلبثنا ليالي ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم هل شعرت أنه أوحى إلي أنكم تفتنون في القبور؟ قالت عائشة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك يستعيذ من عذاب القبر. (297) عند عبد الله بن القاسم قال حدثتني جارة للنبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت

_ ولا يضحكوا، فإن البكاء ثمرة شجرة حياة القلب لحي بذكر الله واستشعار عظمته وهيبته وجلاله، والضحك نتيجة القلب الغافل عن ذلك أهـ. وفي الحديث من البديع مقابلة الضحك بالبكاء والقلة بالكثرة ومطابقة كل منهما بالآخر (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد، وصحه الحافظ إسناده، وقال الهيثمي هو في الصحيح باختصار، ورواه أحمد ورجاله رجال الصحيح أهـ (قلت) ورواه أيضا الحاكم في المستدرك مختصرا، وروى منه الشيخان والأربعة "لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا" من حديث أنس، زاد الحاكم من حديث أبي ذر " ولما ساغ لكم الطعام والشراب" (296) وعنها أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان قال أنا شعيب عن الزهري قال حدثني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) بفتح العين المهملة، يقال شعرت بالشيء شعورا من باب قعد وشعرا وشعرا بكسرهما علمت، وليت شعري ليتني علمت أهـ مصباح (2) أي فزع من ذلك وأنكره، وتقدم في شرح الحديث السابق أن ذلك كان قبل أن يوحى إليه بشأن عذاب القبر (3) أي زمنا قليلا، ثم أوحي إليه بفتنة القبر، فلما علم ذلك كان يستعيذ من عذاب القبر ويأمرهم بذلك (تخريجه) (م. وغيره) (297) عن عبد الله بن القاسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن يعني المقري ثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب حدثني أبو عيسى الخرساني عن عبد الله بن القاسم "الحديث" وفي آخره قال أبو عيسى فقلت لعبد الله أرأيت إن جمعهما إنسان قال فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال (غريبه) (4) لم أقف على اسم هذه الجارة، وجهالة

تسمع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول عند طلوع الفجر اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة القبر. (298) عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدجال فقال إحدى عينيه كأنها زجاجة خضراء (وفي رواية عينه خضراء كأنها الزجاجة) وتعوذوا بالله تبارك وتعالى من عذاب القبر. (299) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عيينة سمع أم خالد بنت خالد (بن سعيد بن العاص) رضي الله عنهما قال ولم أسمع أحدا يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عذاب القبر. (300) عند عبدالله (بن مسعود رضي الله عنه) قال قالت أم حبيبة رضي الله عنه) قال قالت أم حبيبة رضي الله عنها ابنة أبي سفيان، اللهم أمتعتني بزوجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وبأبي

_ الصحابي لا تضر (تخريجه) لم اقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (298) عن أبي بن كعب (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا سليمان ابن داود ثنا شعبة عن حبيب بن الزبير قال سمعت عبدالله بن أبي الهذيل سمع ابن أبزي سمع عبد الله بن خباب سمع أبيا يحدث أن رسول الله - الحديث" (تخريجه) أخرجه أيضا أبو داود الطيالسي في مسنده وسنده جيد. (299) حدثنا عبدالله (غريبه) (1) اسمها أمة (قال الحافظ) في التقريب أمة بنت خالد بن سعيد بن العاص بن أمية صحابية بنت صحابي ولدت بأرض الحبشة وتزوجها الزبير بن العوام وعمرت حتى لحقها موسى بن عقبة (2) يريد أنه لم يلحق أحدا من الصحابة غيرها لأنها عمرت حتى لحقها موسى بن عقبة (2) يريد أنه لم يلحق أحدا من الصحابة غيرها لأنها عمرت (3) يعني قالت أم خالد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ الخ (تخريجه) رواه ابن أبي شيبة أيضا في مصنفه وسنده جيد. (300) عن عبد الله (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا وكيع عن مسعر عن علقمة بن مرثد عن المغيرة بن عبد الله اليشكري عن المعرور بن سويد عن عبدالله - الحديث" وفي آخره بعد قوله "كان أخير وأفض" قال وذكر عنده القردة قال مسعر أراه قال والخنازير إنه مما مسخ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله لم يمسخ شيئا فيدع له نسلا أو عاقبة

أبي سفيان، وبأخي معاوية قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك سألت الله لآجال مضروبة وأيام معدودة، وأرزاق مقسومة؛ لن يعجل شئ قبل حله أو يؤخر شئ عن جله، ولو كنت سألت الله أن يعيذك من عذاب في النار وعذاب في القبر كان أخير وأفضل فصل منه فيما في عذاب الكفار واليهود في القبر (301) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ وقد كانت القردة أو الخنازير قبل ذلك (غريبه) (1) أي تدعو الله تعالى أن يظيل حياتهم لتتمتع بوجودهم (1) بكسر الحاا المهملة ويجوز فتحها، والأشهر الكسر وهما لغتان، ومعناه وجوبه وحينه - يقال حل الأجل يحل حلا وحلا، وهذا الحديث صريح في أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تتغير عما قدره الله تعالى وعلمه في الأزل، فيستحيل زيادتها ونقصها حقيقة عن ذلك، ونقل النووي عن المازري أنه قال هنا قد تقرر بالدلائل القطعية أن الله تعالى أعلم بالآجال والأرزاق وغيرها؛ وحقيقة العلم معرفة المعلوم على ما هو عليه، فإذا علم الله تعالى أن زيدا يموت سنة خمسمائة استحال أن يموت قبلها أو بعدها لئلا ينقلب العلم جهلا، فاستحال أن الآجال التي علمها الله تعالى تزبد وتنقص، فيتعين تأويل الزيادة أنها بالنسبه إلى ملك الموت أو غيره ممن وكله الله بقبض الأرواح وأمره فيها بآجال ممدودة فإنه بعد أن يأمره بذلك أو يثبته في اللوح المحفوظ ينقص منه ويزيد على حسب ما سبق به علمه في الأزل؛ وهو معنى قوله تعالى "يمحو الله ما يشاء ويثبت" وعلى ما ذكرناه يحمل قوله تعالى "ثم قضى أجلا وأجل مسمى عنده" واعلم أن مذهب أهل الحق أن المقتول مات بأجله (وقالت المعتزلة) قطع اجله والله أعلم (فإن قيل) ما الحكمة في نهيها عن الدعاء بالزيادة في الأجل مع أنه مفروغ منه وندبها إلى الدعاء بالاستعاذة من العذاب مع أنه مفروغ منه أيضا كالأجل (فالجواب) أن الجميع مفروغ منه، لكن الدعاء بالنجاة من عذاب النار ومن عذاب القبر ونحوهما عبادة، وقد أمر الشرع بالعبادات، فقيل أفلا نتكل على كتابنا وما سبق لنا من القدر، فقال اعلموا فكل ميسر لما خلق له، وأما الدعاء بطول الأجل فليس عبادة، وكما لا يحصل ترك الصلاة والصوم والذكر اتكالا على القدر، فكذا الدعاء بالنجاة من النار ونحوه والله أعلم. (301) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا

يسلط على الكافر في قبره تسعة وتسعون تنينا تلدغه حتى تقوم الساعة فلو أن تنينا منها نفخ في الأرض ما أنتت خضراء. (302) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في نخل لنا لأبي طلحة يتبرز لحاجته، قال وبلال يمشي وراءه يكرم نبي الله صلى الله عليه وسلم أن يمشي إلى جنبه فمر نبي الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم بقبر فقام

_ أبو عبد الرحمن ثنا سعيد بن أبي أيوب قال سمعت أبا السمح يقول سمعت أبا الهيثم يقول سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (1) التنين بالكسر والتشديد نوع من الحيات كثير السم كثير الجنة (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد وأبو يعلى؛ ومن طريقه ابن حبان في صحيحه كلهم من طريق دراج عن أبي الهيثم أهـ (قلت) دراج الذي أشار إليه المنذري في السند؛ اسمه دراج السهمي قاضي مصر وثقة ابن معين وضعفه الدارقطني، قال أبو داود حديثه مستقيم إلا عن أبي الهيثم أهـ وهذا هو السر في قول المنذري رحمه الله كلهم من طريق دراج عن أبي الهيثم يعني أنه ضعيف، ورواه أيضا الدارمي والضياء المقدسي في المختارة وعبد بن حميد كلهم عن أبي سعيد، وربما يعضده كثرة طرقه، والله أعلم. (302) عن عائشة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا روح ثنا حماد عن علي بن زيد عن علي بن زيد عن أم محمد عن عائشة - الحديث" (غريبه) (2) القرص هنا معناه العض، أي تعضانه بأنيابهما مرة بعد أخرى، وهذا معنى قوله كلما فرغتا عادتا، ومنه حديث إن قرصتك نملة أي عضتك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده حسن. (303) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا أبي ثنا عبد العزيز عن أنس "الحديث" (غريبه) (3) فيه استحباب مشى المفضول

حتى لم إليه بلال، فقال ويحك يا بلال هل تسمع ما أسمع؟ فقال ما أسمع شيئا، قال صاحب القبر يعذب، قال فسئل عنه فوحد يهوديا. (304) عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بعد ما غربت الشمس فسمع صوتا، فقال يهود تعذب في قبورها. فصل ثان في عذاب أهل الجاهلية في القبر (305) عن أم مبشر (امرأة زيد بن حارثة رضي الله عنها) قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في حائط من حوائط بني النجار وفيه قبور منهم قد ماتوا في الجاهلية فسمعهم وهم يعذبون، فخرج وهو يقول استعيذوا بالله من عذاب القبر، قالت قلت يا رسول الله وإنهم ليعذبون في قبورهم؟ قال نعم عذابا تسمعه البهائم. (306) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم حائطا من حيطان المدينة لبني النجار، فسمع صوتا من قبر فسأل عنه متى دفن هذا؟

_ وراء الفاضل لا بجنبه؛ وذلك من الأدب الممدوح إلا إذا قربه الفاضل فيستحب الامتثال (1) أي قرب منه "وقوله ويحك" كلمة ترحم وقد مر تفسيرها غير مرة (تخريجه) لم اقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجال أحمد رجال الصحيح (304) عن أبي أيوب (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يحيى عن شعبة حدثني عون بن أبي جحيفة عن أبيه عن البراء عن أبي أيوب الأنصاري - الحديث" (تخريجه) (ق. نس وغيرهما) (305) عن أم مبشر (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر عن أم مبشر - الحديث" (غريبه) (2) الحائط هنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجدار وجمعه الحوائط كما في الحديث (تخريجه) أخرجه أيضا ابن ابي شيبة في مصنفه، ورجاله رجال الصحيح. (306) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي

فقالوا يا رسول الله دفن هذا في الجاهلية فأعجبه ذلك وقال لولا أن لا تدافنوا لدعوت الله عز وجل أن يسمعكم عذاب القبر (وعنه من طريق ثان) قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم خربا لبني النجار، وكان يقضي فيها حاجة فخرج إلينا مذعورا أو فزعا، وقال لولا أن تدافنوا لسألت الله تبارك وتعالى أن يسمعكم من عذاب أهل القبور ما أسمعني (307) عن أبي سعيد الخدري عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حائط من حيطان المدينة فيه أقبر وهو بغلته فحادث به وكادت أن تلقيه، فقال من يعرف هذه الأقبر؟ فقال رجل يا رسول الله قوم هلكوا في الجاهلية، فقال لولا أن لا تدافنوا لدعوات الله عز وجل أن يسمعكم عذاب القبر، ثم قال لنا تعوذوا بالله من عذاب جهنم

_ عن حميد عن أنس - الحديث" (غريبه) (1) أي لأنه صلى الله عليه وسلم كان يخشي أن يكون صاحب الصوت من أهل الإسلام فقد سمعه يستغيث من العذاب؛ فلما علم أنه من أهل الجاهلية اطمئن (2) بحذف احدى التاءين أي لولا الخوف عليكم من ترك دفن موتاكم لدعوات الله الخ ليزول عنكم استعظامه واستبعاده، والغرض من ذلك اثبات عذاب القبر وأنه واقع لا شك فيه (3) (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا سفيان قال سمع قاسم الرحال أنسا يقول دخل النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث (4) بفتح المعجمة وكسر الراء اسم جمع واحد خربة، وهي موضع ما تخرب من البنيان، والمراد هنا والله أعلم موضع السور الذي كان يحيط بالبستان، وكان به قبور أهل الجاهلية فسمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت صاحب القبر وهو يعذب فخرج إليهم خائفا مذعورا فذكر الحديث (تخريجه) (م. نس. ش) (307) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا أبو مسعود الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري- الحديث" (غريبه) (5) أي مالت عن الطريق ونفرت لما اعتراها من الفزع عند سماع أصوات

قلنا نعوذ بالله من عذاب جهنم، ثم قال تعوذوا بالله من فتنة المسيح الدجال، فقلنا نعوذ بالله من عذاب القبر، ثم قال تعوذوا بالله من فتنة المحيا والممات، قلنا نعوذ بالله من فتنة المحيا والممات. فصل ثالث في عذاب عصاة المؤمنين في القبر وما يخففه عنهم وإنه أكثره بسبب البول (308) عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين، فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول (قال وكيع من بوله) وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة ثم أخذ جريدة فشقها بنصفين فغرز في كل قبر واحدة، فقالوا يا رسول الله لم صنعت

_ المعذبين من أهل القبور؛ وقد أطلع الله عز وجل ونبيه على ذلك، فقال ما قال (تخريجه) (م. وغيره) (308) عن طاوس عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ووكيع المعنى قال حدثنا الأعمش ومجاهد قال وكيع سمعت مجاهدا يحدث عن طاوس عن ابن عباس- الحديث) (غريبه) (1) العذاب واقع على صاحبي القبرين لا على القبرين؛ فهو من باب تسمية الحال باسم المحل (2) يحتمل أن يكون نفى كونه كبيرا باعتبار اعتقاد الإثنين المعذبين أو اعتقاد مرتبكه مطلقا أو باعتبار اعتقاد المخاطبين، أي ليس كبيرا عندكم، ولكنه كبير عند الله كما جاء في رواية عند البخاري "وما يعذبان في كبير بلى أنه كبير" فهو كقوله تعالى "وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم" (3) أي لا يتحرز عن ملابسته وعدم الاستبراء منه، والمراد بذلك بول نفسه بدليل قوله في رواية وكيع أحد الرواة "من بوله" (4) يقال نم الرجل الحديث نما من بابي قتل وضرب، سعى به ليوقع فتنة أو وحشة، فالرجل نم تسمية بالمصدر، ونمام مبالغة والاسم النميمة، وخرج بذلك ما كان للنصيحة أو لدفع مفسدة، والباء في قوله بالنميمة للمصاحبة أي يسير في الناس متصفا بهذه الصفة، أو للسببية أي يمشي بسبب ذلك (5) قال الزركشي دخلت الباء على المفعول زائدة أهـ. يعني في قوله بنصفين، وقد تعقبه صاحب مصابيح الجامع فقال لا نسلم شيئا

هذا؟ قال لعلهما أن يخفف عنهما ما ييسا "قال وكيع تييسا" (وعنه من طريق ثان) عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحائط من حيطان المدينة فسمع صوت إنسانين يعذبان في قبرهما فذكره، وقال حتى ييسا أو مالم ييسا

_ من ذلك، أما دعواه أن نصفين فلإن شق إنما يتعدى لمفعول واحد وقد أخذه، وليس هذا بدلا منه، وأما دعوى الزيادة فعلى خلاف الأصل وليس هذا من محال زيادتها ثم قال والباء للمصاحبة وهي مدخولها ظرف مستقر منصوب على الحال، أي فشقها متلبسة بنصفين، ولا مانع من أن يجتمع الشق، وكونها ذات نصفين في حالة واحدة، وليس المراد أن انقسامها إلى النصفين كان ثابتا قبل الشق وإنما هو معه وبسببه. ومنه قوله تعالى "وسخر لكم الليل والنهار والشمس والقمر والنجوم، مسخرات بأمره" أهـ (1) يعني العذاب "وقوله لم ييبسا" بالمثناة التحتية المفتوحة وفتح الموحدة وكسرها "وما" مصدرية زمانية أي مدة دوامها إلى زمن اليبس؛ ولعل بمعنى عسى، فلذا استعمل استعماله في افترائه بأن، وإذا كان الغالب في لعل التجرد، وليس في الجريد معني بخصه ولا في الرطب معنى ليس في اليابس، وإنما ذلك خاص ببركة يده الكريمة، ومن ثم استنكر الخطابي وضع الناس الجريد ونحوه على القبر عملا بهذا الحديث، وكذلك الطرطوشي في سراج الملوك قائلين بأن ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه والسلام لبركة يده المقدسة وبعلمه بما في القبور، وجرى على ذلك ابن الحاج في مدخله؛ وما ذكره البخاري في صحيحه تعليقا أن بريدة الأسلمي أمر أن يجعل على قبره جريدتان محمول على أن ذلك رأى له لم يوافقه أحد من الصحابة عليه وأن المعنى فيه أنه يسبح ما دام رطبا فيحصل التخفيف ببركة التسبيح، وحينئذ فيطرد في كل ما فيه رطوبة من الرياحين والبقول وغيرها، وليس لليابس تسبيح، قال تعالى "إن من شيء إلا يسبح بحده" أي كل شيء حي، وحياة كل شيء بحسبه. فالخشب ما لم ييبس، والحجر ما يقطع من معدته، والجمهور أنه على حقيقته وهو قول المحققين إذ العقل لا يحيله أو بلسان الحال باعتبار دلالته على الصانع وأنه منزه، أفاده القسطلاني (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ثنا شيبان عن منصور عن مجاهد عن ابن عباس- الحديث" (3) أو للشك من الراوي (تخريجه) (ق. د. وغيرهم)

(309) وعن يعلى بن سيابة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه (310) عن أبي بكرة (نفيع بن الحارث رضي الله عنه) قال بينما أنا أماشي رسول الله الله صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيدي ورجل عن يساره فإذا نحن بقبرين أمانا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير وبلى فأيكم يأتيني بجريدة؛ فاستبقنا فسبقته فأتيته بجريدة فكسرها نصفين فألقى على ذا القبر قطعة وعلى ذا القبر

_ (309) عن يعلى بن سيابة (سنده) حدثنا بعد الله حدثني أبي ثنا سليمان ابن حرب ثنا حماد عن عاصم بن بهدلة عن حبيب بن أبي جبيرة عن يعلى بن سيابة أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بقبر فقال إن صاحب هذا القبر يعذب في غير كبير، ثم دعا بجريدة فوضعها على قبره فقال لعله أن يخفف عنه مادامت رطبة (غريبة) (1) هو يعلى بن مرة الثقفي، ويقال له العامري أيضا، وقد جاء كل ذلك في مسند الإمام أحمد (تخريجه) رواه أيضا ابن أبي شيبة في مصنفه كما هنا متنا وسندا، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد، وفيه حبيب بن أبي جبيرة. قال الحسيني مجهول. (310) عن أبي بكرة (سنده) حدثنا عبدالله أبي ثنا أبو سعيد مولي بني هاشم ثنا الأسود بن شيبان ثنا بحر بن مرار عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال ثنا أبو بكرة قال بينما أنا أماشي رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (2) رواية البخاري من حديث ابن عباس "وما يعذبان في كبير ثم قال بلى" يعني وإنه لكبير (قال الحافظ) وصرح بذلك (يعني البخاري) في الأدب من طريق عبد حميد عن منصور فقال "وما يعذبان في كبيروإنه لكبير" وهذا من زيادات رواية منصور على الأعمش ولم يخرجها مسلم، واستدل ابن بطال برواية الأعمش على أن التعذيب لا يختص بالكبائر بل قد يقع على الصغائر؛ قال لأن الاحتراز في البول لم يرد فيه يعني قبل هذه القصة، وتعقب بهذه الزيادة، وقد ورد مثلها من حديث أبي بكرة عند أحمد والطبراني ولفظه "وما يعذبان في كبير" وقال ابن مالك في قوله في كبير شاهد على ورود (في) للتعليل وهو مثل قوله صلى الله عليه وسلم "عذبت امرأة في هرة" قال وخفي ذلك على أكثر النحويين مع وروده في القرآن كقوله تعالى "لمسكم فيما أخذتم" وفي الحديث كما تقدم، وفي الشعر فذكر شواهد أهـ (قلت) وتقدم الكلام على قوله وإنه لكبير في شرح حديث ابن عباس رضي الله عنهما

قطعة وقال إنه يهون عليهما ما كانتا رطبتين، وما يعذبان إلا في البول والغيبة. (311) عن جسرة قالت حدثتني عائشة رضي الله عنها قالت دخلت على امرأة من اليهود فقالت إن عذاب القبر من البول فقلت كذبت، فقالت بلى إنا لنقرض منه الثوب والجلد، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة وقد ارتفعت أصواتنا فقال ما هذه، فأخبرته بما قالت، فقال صدقت، قالت فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يؤمئذ إلا قال في دبر الصلاة اللهم رب جبريل وميكائيل (أعذني من حر النار وعذاب القبر) (312) عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

_ (تخريجه) (جه. طب) وسنده جيد (311) عن جسرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعلى ثنا قدامة يعني ابن عبد الله العامري عن جسرة - الحديث" (غريبه) (1) المراد بتخصيص البول بالذكر تعظيم أمره لا نفي الحكم عما عداه، فعلى هذا لا يلزم من ذكره حصر عذاب القبر عليه، لكن الظاهر من الاقتصار على ذكره أنه أمكن في ذلك من غيره؛ ومثل البول في ذلك النميمة لذكرها مع البول" وأورد فيه حديث ابن عباس (فإن قيل) إن حديث ابن عباس ليس فيه للغيبة ذكر وإنما ورد بلفظ النميمة (فالجواب) لعل مراد البخاري أن الغيبة تلازم النميمة؛ لأن النميمة مشتملة على ضربين، نقل الكلام المغتاب إلى الذي اغتابه، والحديث عن المنقول عنه بما لا يريده (قال ابن رشيد) لكن لا يلزم من الوعيد على النميمة ثبوته على الغيبة وحدها، لأن مفسدة النميمة أعظم، وإذا لم تساوها لم يصح الإلحاق، إذ لا يلزم من التعذيب على الأشد التعذيب على الأخف، لكن يجوز أن يكون ورد على معنى التوقع والحذر، فيكون قصد التحذير من المغتاب لئلا يكون له في ذلك نصيب أهـ. (قلت) وقع في بعض طرق هذا الحديث بلفظ الغيبة كما في حديث أبي بكرة المتقدم، فالظاهر أن البخاري جرى على عادته في الإشارة إلى ما ورد في بعض طرق الحديث؛ والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد. (312) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي حدثنا عفان

قال أكثر عذاب القبر في البول (313) عن أبي أماة رضي الله عنه قال مر النبي صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الاحر نحو بقيع الغرقد، قال فكان الناس يمشون خلفه، قال فلما سمع صوت النعال وقر ذلك في نفسه فجلس حتى قدمهم أمامه لئلا يقبع في نفسه من الكبر، فلما مر ببقيع الغرقد إذ بقبرين قد دفنوا فيهما رجلين، قال فوقف النبي صلى الله عليه وسلم فقال من دفنتم هاهنا اليوم؟ قالوا يا نبي الله فلان وفلان، قال إنهما ليعذبان الآن ويفتنان في قبريهما، قالوا يا رسول الله فيم ذلك؟ قال أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة، وأخذ جريدة رطبة فشقها ثم جعلها على القبرين، قالوا يا نبي الله ولم فعلت؟ قال ليخففن عنهما، قالوا يا نبي الله وحتى متى يعذبهما الله؟ قال غيب

_ ثنا أبو عوانة عن سليمان الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة - الحدثي" (غريبه) (1) أي في عدم التنزه من البول وترك التحرز منه لأنه مفسد للصلاة (تخريجه) (جه. ك) وسنده جيد وصححه ابن خزيمة. (313) عن أبي أمامة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني ابي ثنا أبو المغيرة ثنا معان بن رفاعة حدثني على بن يزيد قال سمعت القاسم أبا عبد الرحمن يحدث عن أبي أمامة - الحديث" (غريبه) (2) بفتح أوله وثانيه، أي ثقل على نفسه، من الوقر وهو الحمل الثقيل، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم لما تردد في سمعه صوت نعالهم وهم يمشون وراءه جلس حتى لحقوا به فقدمهم أمامه لئلا يقع في نفسه من الكبر، وكل ما يشين الإنسان، ولكنه فعل ذلك ليتأسى به غيره (3) أي خضراء، وفي رواية للأعمش من حديث ابن عباس فدعا بعسيب رطب، والعسيب بمهملتين بوزن فعيل، هي الجريدة التي لم ينبت فيها خوض، فإن نبت فهي السعفة، وقيل إنه صلى الله عليه وسلم خص الجريد بذلك لأنه بطئ الجفاف، وروى النسائي من حديث أبي رافع بسند ضعيف أن الذي أتاه بالجريدة بلال ولفظه "كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة إذ سمع شيئا زفر، فقال لبلال ائتني بجريدة خضراء الحديث (فإن قيل) تقدم

لا يعلمه إلا الله، قال ولولا تمريغ قلوبكم أو تزيدكم في الحديث لسمعتم ما أسمع (314) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبر فقال ائتوني بجريدتين، فجعل إحداهما عند رأسه والأخرى عند رجليه، فقيل يا نبي الله أينفعه ذلك؟ قال لن يزال أن يخفف عنه بعض عذاب القبر ما كان فيهما ندو. (315) عن عبد الله بن يسار قال كنت جالسا مع سليمان بن صرد وخالد بن عرقطة رضي الله عنهما قال فاذكروا رجلا مات من بطنه قال

_ في حديث أبي بكرة أنه الذي أتى بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فكيف الجمع بينهما (فالجواب) أن الواقعة تعددت والله أعلم (1) أي تقلبها وعدم ثباتها على حالة واحدة وتزيدكم في الحديث الخ (تخريجه) (طب) وفي إسناده على بن يزيد فيه كلام. (214) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد عن يزيد يعني ابن كيسان عن ابن أبي حازم عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (2) بضم أوله وثانيه وتشديد الواو مضمومة أيضا أي نداوة (قال صاحب النهاية) كذا جاء في مسند أحمد وهو غريب، إنما يقال ندى الشيء فهو ند وأرض ندية وفيها نداوة أهـ. والمعنى أن الله عز وجل يخفف عن الميت بعض عذاب القبر مدة بقاء الرطوبة في الجريدتين (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح أهـ (قلت) وأورده أيضا ابن أبي شيبة في مصنفه بإسناد جيد. (315) عن عبد الله بن يسار (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا شعبة عن جامع بن شداد قال سمعت عبدالله بن يسار - الحديث" (غريبه) (3) قيل هو أن يميته الإسهال وقي الاستسقاء (قال في النهاية) أي الذي يموت بمرض بطنه كالاستسقاء ونحوه؛ وقال القرطبي في التذكرة فيه قولان (أحدهما) أنه الذي يصيبه الذرب وهو الإسهال (والثاني) أنه الاستسقاء، وهو أظهر القولين فيه لأن العرب تنسب موته إلى بطنه، يقولون قتله بطنه يعنون الداء الذي أصابه في جوفه، وصاحب الاستسقاء

فكأنما اشتهيا أن يصليا عليه، فقال أحدهما للآخر ألم يقل النبي صلى الله عليه وسلم من قتله بطنه فإنه لن يعذب في قبره؟ قال الآخر بلى (فصل رابع فيما جاء في ضغطة القبر) (316) عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما إلى سعد بن معاذ رضي الله عنه حين توفى قال فلما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع في قبره وسوى عليه سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبحنا طويلا، ثم كبر فكبرنا، فقيل يا رسول الله لم سبحت ثم كبرت؟ قال لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره

_ قل أن يموت غلا بالذرب، فكأنه قد جمع الوصفين، والوجود شاهد للميت بالبطن أن عقله لا يزال حاضرا وذهنه باقيا على حين موته، بخلاف من يموت بالسام والبرسام والحميات المطبقة أ, القولون أو الحصاة فتغيب قلوبهم لشدة الآلام لورم أدمغتهم ولفساد أمزجتها، فإذا كان الحال هكذا فالميت يموت وذهنه حاضر وهو عارف بالله أهـ (تخريجه) (نس. حب. مذ) وقال هذا حديث حسن غريب. (316) عن جابر بن عبدالله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحق حدثني معاذ بن رفاعة الأنصاري ثم الزرقي عن محمود بن عبد الرحمن ابن عمرو بن الجموح عن جابر بن عبدالله - الحديث" (تخريجه) (1) هو سيد الأوس الأنصاري الصحابي من السابقين إلى الإسلام من أهل المدينة؛ أسلم سعد على يد مصعب ابن عمير رضي الله عنه حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم قبله مهاجرا إلى المدينة يعلم المسلمين أمور دينهم، فلما أسلم سعد قال لبني عبد الأشهل كلام رجالكم ونسائكم علي حرام حتى تسلموا، فأسلموا، وكان من أعظم الناس بركة في الإسلام ومن أنفعهم لقومه وشهد بدرا وأحدا والخندق، وتوفى شهيدا عام الخندق من جرح اصابه، وثبت في الصحيحين ومسند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ؛ وسيأتي ذكر مناقبه في كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (2) إن قيل إن وصفه بالعبد الصالح ينافي تضايق القبر عليه (فالجواب) إن هذا عام للصالح والطالح، فالصالح يضمه القبر ضمة برفق وإشفاق

حتى فرجه الله عز وجل عنه (317) عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم إن للقبر ضغطة ولو كان أحد ناجيا منها نجا منها سعد بن معاذ

_ والطالح يضمه ضمة تختلف منها أضلاعه، سيأتي في حديث عائشة أن ضمة القبر لا ينجو منها أحد (وروى ابن أبي الدنيا عن محمد التيمي) قال كان يقال ضمة القبر إنما أصلها أنها أمهم (يعني الأرض) ومنها خلقوا فغابوا عنها الغيبة الطويلة، فلما ردوا إليها ضمتهم ضمة الوالدة غاب عنها ولدها ثم قدم عليها، فمن كان لله مطيعا ضمته برأفة ورفق، ومن كان عاصيا ضمته بعنف سخطا منها عليه لربها (تخريجه) أخرجه أيضا الطبراني في الكبير وسنده جيد. (317) عن عائشة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يحيى عن شعبة ثنا سعد بن إبراهيم وابن جعفر ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن نافع قال ابن جعفر عن إنسان عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) بفتح الضاد المعجمة، ومعناه التقاء جانبي القبر على جسد الميت (2) قال أبو القاسم السعدي لا ينجو من ضغطة القبر صالح ولا طالح غير أن الفرق بين المسلم والكافر فيها دوام الضغط للكافر وحصول هذه الحالة للمؤمن في أول نزوله إلى قبره ثم يعود إلا الانفساح، قال والمراد بضغط القبر التقاء جانبيه على جسد الميت (وقال الحكيم الترمذي) سبب هذا الضغط أنه ما من أحد غلا وقد ألم بذنب ما فتدركه هذه الضغطة جزاء له، ثم تدركه الرحمة، وكذلك ضغطة سعد بن معاذ في التقصير من البول (قال الحافظ السيوطي) قلت يشير إلى ما أخرجه البيهقي من طريق ابن اسحق حدثني أمية بن عبد الله أنه سأل بعض أهل سعد ما بلغكم من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالوا ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك، فقال كان يقصر في بعض الطهور من البول، وقال ابن سعد في طبقاته أخبر شبابه بن سوار أخبرني أبو معشر عن سعيد المقبري قال لما دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم سعدا قال لو نجا أحد من ضغطة القبر لنجا سعد، ولقد ضم ضمة اختلفت منها أضلاعه من أثر البول (وأخرج البيهقي) عن الحسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال حين دفن سعد بن معاذ أنه ضم في القبر ضمة حتى صار مثل الشعرة فدعوت الله أن يرفعه عنه، وذلك بأنه كان لا يستبريء من بوله، ثم قال الحكيم، وأما الأنبياء فلا يعلم أن لهم في القبور ضمة ولا سؤالا لعصمتهم (وقال النسفي) في بحر الكلام المؤمن المطيع لا يكون له عذاب القبر ويكون له ضغطة القبر، فيجد هول ذلك وخوفه لما أنه تنعم بنعمة الله ولم يشكر النعمة (تخريجه) (نس. هق) وغيرهما وسنده جيد.

(318) عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما انتهينا إلى القبر قعد على شفته فجعل يرد بصره فيه ثم قال يضغط المؤمن فيه ضغطة تزول منها حمائله ويملأ على الكافر نارا، ثم قال ألا أخبركم بشر عباد الله؟ الفظ المستكبر ألا أخبركم بخير عباد الله؟ الضعيف المستضعف ذو الطمرين لو أقسم على الله لأبر الله قسمه

_ (318) عن حذيفه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود ثنام محمد بن جابر عن عمرو بن مرة عن أبي البحتري عن حذيفة بن اليمان- الحديث" (غريبه) (1) أي المرتكب "وقوله حمائله أي عواتقه وصدره (2) الفظ هو الغليظ القلب الجافي، والمستكبر هو صاحب الكبر، وهو بطر الحق وغمط الناس والاستهانة بهم واعتقاد أنهم دونه (3) هو الفقير الذي لا يملك شيئا من الدنيا ولا قوة في الجسم ولهذا وصف بالمستضعف بفتح العين، ومعناه يستضعفه الناس ويحتقرونه ويتجرءون عليه لضعف حاله في الدنيا يقال تضعفه واستضعفه (4) الطمر الثوب الخلق (5) معناه لو حلف يمينا طمعا في كرم الله تعالى بإبراره لأبره، وقيل لو دعا لأجابه، يقال أبررت قسمه وبررته، والأول هو المشهور، واعلم أن هذه المزية لا تكون إلا لمن كان صالحا تقيا متواضعا لله غير متصنع، وإلا فهو من شياطين الإنس كما يوجد الآن كثير من هذا الصنف، أما الصنف الأول فوجوده نادر (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه محمد بن جابر ضعيف أهـ (قلت) روى القسم الثاني منه المختص بشر عباد الله وخيرهم الشيخان وغيرهما (وهذا الحديث) مما حكم عليه ابن الجوزي بالوضع وذب عنه الحافظ ابن حجر العسقلاني رحمه الله في كتابه "القول المسدد في الذب عن المسند للإمام أحمد" بعد ذكر الحديث وسنده (قال رحمه الله) قال ابن الجوزي هذا حديث لا يصح، محمد بن جابر قال يحيى ليس بشيء، وقال أحمد لا يحدث عنه إلا من هو شر منه (قال الحافظ) وأبو البحتري اسمه سعيد بن فيروز لم يدرك حذيفة، ولكن مجرد هذا لا يدل على أن المتن موضوع فإن له شواهد أما القصة الأولى فشاهدها في أحاديث كثيرة لا يتسع الحال لاستيعابها، وأما القصة الثانية فشاهدها في الصحيحين من حديث حارثة بن وهب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ألا أخبركم بأهل النار؟ كل عتل جواظ مستكبر، وفي رواية ابي داود "لا يدخل الجنة الجواظ" قال والجواظ الغليظ الفظ، وفي المستدرك للحاكم والأوسط للطبراني بإسناد حسن

_ عن سراقة بن مالك بن جعشم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أخبرك بأهل الجنة وأهل النار؟ قلت بلى، قال أما أهل النار فكل جواظ مستكبر، وأما أهل الجنة فالضعفاء المغلوبون أهـ ما قاله الحافظ (زوائد الباب) (عن ابن عباس رضي الله عنهما) أن النبي صلى الله عليه وسلم يوم دفن سعد بن معاذ وهو قاعد على قبره، قال لو نجا أحد من فتنة القبر أو مسألة القبر لنجا سعد بن معاذ وهو قاعد على قبره، قال لو نجا أحد من فتنة القبر أو مسألة القبر لنجا سعد بن معاذ ولقد ضم ضمة ثم أرخي عنه، رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله موثقون (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال توفيت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجنا معه فرأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مهتما شديد الحزن فجعلنا لا نكلمه حتى انتهينا إلى القبر فإذا هو لم يفرغ من لحده، فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعدنا حوله، فحدث نفسه هنيهة وجعل ينظر إلى السماء، ثم فرغ من القبر فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فرأيته يزداد حزنه، ثم إنه فرغ فخرج فرأيته سري عنه وتبسم صلى الله عليه وسلم، فقلنا يا رسول الله رأيناك مهتما حزينا فلم نستطع أن نكلمك، ثم رأيناك سري عنك فلم ذلك؟ قال كنت أذكر ضيق القبر وغمه وضعف زينب فكان ذلك يشق علي، فدعوت الله عز وجل أن يخفف عنها ففعل، ولقد ضغطها ضغطة سمعها من بين الخافقين، رواه الطبراني في الكبير والأوسط وإسناده ضعيف (وعن أبي أيوب الأنصاري) رضي الله عنه أن صبيا دفن فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أفلت أحد من ضمة القبر لأفلت هذا الصبي، رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح (وعن أنس) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على صبي أو صبية، فقال لو كان أحد نجا من ضغطة القبر لنجا هذا الصبي، رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثقون (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فجلس إلى قبر منها، فقال ما يأتي على هذا القبر من يوم إلا وهو ينادي بصوت ذلق طلق (أي فصيح بليغ) يا ابن آدم كيف نسيتني، ألم تسلم أني بيت الوحدة. وبيت الغربة. وبيت الوحشة. وبيت الدود. وبيت الضيق إلا من وسعني الله عليه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "القبر إما روضة من رياض الجنة أو حفرة من حفر النار" رواه الطبراني في الكبير وإسناده حسن (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال المؤمن في قبره في روضة ويرحب له قبره سبعين ذراعا وينور له كالقمر ليلة البدر، أتذرون فيما أنزلت هذه الآية "فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى" قالوا الله ورسوله أعلم، قال عذاب الكافر في قبره، والذي نفسي بيده إنه ليسلط عليهم تسعة وتسعون تنينا؛ أتدرونما التنين؟ قالوا تسع وتسعون حية، لكل حية سبهة رؤوس، ينفخون في جسمه ويلعنونه ويخدشونه إلى يوم القيامة، رواه أبو يعلى

_ وفيه دراج وحديثه حسن واختلف فيه، وهذه الأحاديث أعني أحاديث الزوائد التي في هذا الباب، أوردها الهيثمي جميعها وتكلم عليها جرحا وتعديلا (الأحكام) أحاديث الباب تدل على ثبوت عذاب القبر وأنه واقع على الكفار مطلقا وعلى من شاء الله من الموحدين، (وفيها أيضا) مشروعية التعوذ من عذاب القبر وفتنته كما كان يتعوذ النبي صلى الله عليه وسلم، والمقصود من تعوذه تعليم أمته وإلا فهو صلى الله عليه وسلم معصوم من العذاب (وفيها أيضا) ثبوت ضغطة القبر وأنه لا ينجو منها أحد إلا الأنبياء لعصمتهم كما قال الحكيم الترمذي، وما ذكرنا من الأحكام هو مذهب أهل السنة، وقد تظاهرت عليه دلائل كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أما الكتاب فقد قال الله عز وجل "النار يعرضون عليها غدوا وعشيا" وأما السنة فما ذكر في الباب من الأحاديث الصحيحة عن النبي صلى الله عليه وسلم من رواية جماعة من الصحابة رضي الله عنهم، ولا يمتنع في العقل أن يعيد الله تعالى الحياة في جزء من الجسد ويعذبه، وإذا لم يمنعه العقل وورد الشرع به وجب قبوله واعتقاده، ولم يخالف في ثبوت عذاب القبر إلا الخوارج ومعظم المعتزلة وبعض المرجئة فإنهم نفوا ذلك (قال النووي رحمه الله، والمعذب عند أهل السنة الجسد بعينه أو بعضه بعد إعادة الروح إليه أو إلى جزء منه، وخالف فيه محمد بن جرير وعبد الله ابن إكرام وطائفة فقالوا لا يشترط إعادة الروح إليه أو إلى جزء منه، وخالف فيه محمد بن جرير وعبدالله ابن كرام وطائفة فقالوا لا يشترط إعادة الروح إليه أو إلى جزء منه، وخالف فيه محمد بن جرير وعبدالله ابن كرام وطائفة فقالوا لا يشترط إعادة الروح (قال أصحابنا) هذا فاسد لأن الألم والإحساس إنما يكون في الحي (قال أصحابنا) ولا يمنع من ذلك كون الميت قد تفرقت أجزاؤه كما نشاهد في العادة أو أكلته السباع أو حيتان البحر أو نحو ذلك، فكذا يعيد الحياة إلى جزء منه أو أجزاء وإن أكلته السباع والحيتان أهـ (وقال الحافظ ابن القيم) رحمه الله في كتابه الروح، أما عذاب القبر فحق أعاذنا الله منه، ولا خلاف بين أهل السنة فيه لنبوته في الأخبار الصحيحة الصريحة الكثيرة المتواترة أي تواترا معنويا، ففي صحيح مسلم وجميع السنن (قلت ومسند الإمام أحمد أيضا) عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا فرغ أحدكم من التشهد الأخير فليتعوذ بالله من أربع من عذاب جهنم. ومن عذاب القبر. ومن فتنة المحيا والممات. ومن فتنة المسيح الدجال، وفي صحيح مسلم أيضا وغيره عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلمهم هذا الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن "اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا وأعوذ بك من فتنة الممات. وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال" وذكر الحافظ ابن القيم ما تقدم في أحاديث الباب وزاد شيئا من أحاديث الإسراء لما فيها من الأدلة على ذلك، ثم قال وهذا كما أنه مقتضى الأحاديث الصحيحة فهو متفق عليه بين أهل السنة (قال المروزي) قال أبو عبد الله يعني أحمد بن حنبل لا ينكره إلا ضال مضل (وقال ابن حنبل) قلت لأبي عبدالله في عذاب القبر، فقال هذه أحاديث صحاح نؤمن بها ونقر بكل ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم

_ بإسناد جيد. قال تعالى "وما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" قال وسمعت أبا عبد الله يقول نؤمن بعذاب القبر ومنكر ونكير، وأن العبد يسئل في قبره فيثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة في القبر (وقال أحمد بن القاسم) قلت يا أبا عبد الله تقر بمنكر ونكير وبما يروى في عذاب القبر؟ قال سبحانه نعم، نقر بذلك ونقوله قال (يعني الحافظ بن القيم) واعلم أن عذاب القبر هو عذاب البرزخ، فكل ميت أراد الله تعذيبه ناله ما أراده به قبر أو لم يقبر، ولو صلب أو غرق في البحر أو أكلته الدواب أو أحرق حتى صار رمادا وذرى في الريح، فسبحان ذي القدرة الشاملة والعظمة الباهرة الكاملة (وأما) محل العذاب فالروح والبدن جميعا لاتفاق أهل السنة، فإذا مات العبد تبقى روحه منعمة أو معذبة تارة منفردة عن البدن إلا عند من شدد فقال إنما الروح الحياة ولا تبقى بعد فراق البدن، وتارة تتصل به وهو متصل بها فيكون النعيم والعذاب عليهما في هذه الحالة مجتمعين، وهل يكون النعيم والعذاب للبدن بدون الروح؟ فيه قولان مشهوران لأهل الحديث وأهل الكلام (والحاصل) أن مذهب سلف الأمة أن المرء إذا مات يكون في نعيم أو عذاب، وأن ذلك يحصل لروحه وبدنه، وأن الروح تبقى بعد مفارقة البدن منعمة أو معذبة، وأنها تتصل بالبدن أحيانا يحصل له معها النعيم أو العذاب، فإذا كان يوم القيامة الكبرى أعيدت الأرواح إلى الأجساد، وجميع هذا ثابت بالكتاب والسنة واتفاق الأمة، ومعاد الأبدان متفق عليه بين أهل الشرائع؛ المسلمين واليهود والنصاري، وإنما أوقع من أحال عذاب القبر في الضلال قياسهم غيب المآل على شاهد الحال؛ والجواب عن شبههم أنا نعلم أن الرسل صلوات الله عليهم وسلامه لم يخبروا بحيلة العقل، غاية ما يقال أنهم يخبرون بما لا تدركه العقول بمجردها كالغيوب من تفاصيل البرزخ واليوم الآخر والثواب والعقاب، ولا يكون خبرهم محالا في العقل أصلا، بل كل خبر يظن أن العقل يحيله فلا يخلو من أمرين (أحدهما) أن يكون كذبا عليهم (والثاني) أن يكون ذلك العقل فاسدا، قال الله تعالى "أفمن يعلم أن ما أنزل إليك من ربك الحق كمن هو أعمى" وهذا ينفع بأمور ملاكها أن تمعن النظر في السنة مع التلبس بأثواب الافتقار والتضرع للملك الجبار حتى تفهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مراده من غير غلو ولا تقصير، فلا تحمل كلامه ما لا يحتمله ولا تخرج به عن مراده، وقد حصل بإهمال ذلك من الضلال ما لا يعلمه إلا الله، وسوء الفهم عن الله ورسوله أصل كل بدعة وضلالة، بل أصل كل خطأ في الأصول والفروع لا سيما إن أضيف إليه سوء القصد، وإنك ربما مررت على الكتاب من أوله إلى آخره فلا تجد صاحبه فهم عن الله ورسوله مراده كما ينبغي في موضع واحد، وهذا إنما تعرفه إذا عرضت الآراء على ما جاء به الرسول؛ وأما من عكس هذا الأمر فعرض

.

_ ما جاء به الرسول على ما اعتقده مما قلد فيه من أحسن الظن فهو في الضلال لا ينفعه جدال فقد يتفق الغلط من المتبوع فيتبعه مقلده إحسانا للظن أو لسوء قصد، نسأل الله العافية من ذلك وأن لا يكلنا إلى أنفسنا طرفة عين ولا إلى أحد من خلقه إنه حسبنا ونعم الوكيل. وقد ذكر الحافظ ابن القيم هنا أمورا مهمة آثرت نقلها لأهميتها وهي (الأمر الأول) أن الله جعل الدور ثلاثة. دار الدنيا. دار البرزخ. دار القرار، وجعل لكل دار أحكاما تختص بها؛ وركب هذا الإنسان من بدن ونفس (وجعل أحكام دار الدنيا) على الأبدان، والأرواح تبعا لها، ولهذا جعل الأحكام الشريعة مرتبة على ما يظهر من حركات اللسان والجوارح وإن أضمرت النفوس خلافه (وجعل أحكام البرزخ) على الأرواح والأبدان تبع لها، فكما تبعت الأرواح الأبدان في أحكام الدنيا فتألمت بألمها والتذت براحتها وكانت هي التي باشرت أسباب النعيم والعذاب. تبعت الأبدان الأرواح في القبور في نعيمها وعذابها؛ والأرواح حينئذ هي التي تباشر العذاب والنعيم، فالأبدان هنا ظاهرة، والأرواح خفية والأبدان كالقبور لها، والأرواح هناك ظاهرة، والأبدان خفية في قبورها تجري أحكام البرزخ على الأرواح فتسري إلى أبدانها نعيما وعذابا كما تجري أحكام الدنيا على الأبدان فتسري إلى الأرواح كذلك (وجعل أحكام الدار الآخرة) على الأرواح والأبدان معا، فأحط بهذا الموضع علما يزل عنك كل إشكال، وقد أراك الله تعالى نموذجا في الدنيا من حال النائم، إن ما ينعم به أو يعذب يجري على روحه أصلا، والبدن تبع له، وقد يتعدى أثره إلى البدن تأثيرا مشاهدا، فيرى النائم أنه عذب أو نعم فيصبح وأثر ذلك في جسمه ونحو ذلك (ذكر الحارث بن أسد المحاسبي) وأصبغ وخلف بن القاسم وجماعة عن سعيد بن سلمة قال بينما امرأة عند عائشة إذ قالت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا أشرك بالله شيئا ولا أسرق ولا أزني ولا أقتل ولدي ولا آتي ببهتان افتريه بين يدي ورجلي ولا أعصي في معروف فوفيت لربي، فوالله لا يعذبني الله تعالى، فأتاها في المنام ملك فقال كلا، إنك تتبرجين. وزينتك تبدين، وخيرك تكدرين. وجارك تؤذين. وزوجك تعصين، ثم وضع أصابعه الخمسة على وجهها فقال خمس بخمس، ولو زدت زدناك، فأصبحت وأثر الأصابع على وجهها (وقال بد الرحمن ابن القاسم) صاحب مالك سمعت مالكا يقول إن يعقوب بن عبد الله بن الأشج كان من خيار هذه الأمة نام في اليوم الذي استشهد فيه فقال لأصحابه إني قد رأيت أثرا ولأخبرن به، إني رأيت كأني أدخلت الجنة فسقيت لبنا، فاستقاء فقاء اللبن واستشهد بعد ذلك (قال ابن القاسم) وكان في غزوة في البحر بموضع لا لبن فيه، وقد سمعت غير مالك يكره ويذكر أنه معروف، فقال إني رأيت كأني أدخل الجنة فسقيت فيها لبنا، فقال له بعض القوم

.

_ أقسمت عليك ألا تقيأت، فقاء لبنا يصلد وما في السفينة لبن ولا شاة إلى (يصلد أي يبرق) وذكر مسعدة في كتابه) عن ربيع بن يزيد الرقاشي قال أتاني رجلان فصعدا إلي فاغتابا رجلا فنهيتهما، فأتاني أحدهما بعد ذلك فقال إني رأيت في المنام كأن زنجيا أتاني بطبق عليه جنب خنزير ولم أر لحما قط أسمن منه فقال لي كل، فقلت آكل لحم خنزير؟ فتهددني فأكلت فأصبحت وقد تغير فمي، فلم يزل يجد الريح في فمه شهرين (قال الحافظ ابن القيم رحمه الله) وأعجب منه ذلك أنك ربما رأيت النائم يقوم ويضرب ويبطش ويتكلم كأنه يقظان وهو نائم لا شعور له بشيء من ذلك، لكن الحكم لما جرى على الروح استعانت بالبدن من خارجه ولو دخلت فيه استيقظ، فإذا كانت الروح هنا تتألم وتتنعم فيصل ذلك إلى البدن بطريق الاستتباع، ففي البرزخ أقوى، فإذا كان يوم الحشر صار الحكم على الأرواح والأجساد معا كل منهما أصل في ذلك، ومتى أعطيت هذا الموضع حقه لاحت لك أسرار أخبار الرسول صلى الله عليه وسلم عن عذاب القبر ونعيمه، ومن أشكل عليه شيء من ذلك فمن غلظ كبده ورداءة فهمه ونقده، (واغرب من ذلك) أنم ترى النائمين في فراش، هذا روحه في نعيم وهذا روحه في عذا، وربما استيقظا أو أحدهما وأثر ذلك موجود ولا شعور لأحدهما بما فيه الآخر (الأمر الثاني) أن الله تعالى حجب أمر الآخرة وما كان متصلا بها عن إدراك المكلفين في هذه الدار، وذلك من كما لحكمته ليتميز المؤمنون بالغيب عن غيرهم، فأول ذلك نزول الملائكة على المحتضر على الهيئات التي تقدمت في الأحاديث، وقد يسلمون عليه فيرد عليهم بلفظهم أو إشارته، وربما سأل من عنده عنهم من أين هؤلاء الرجال الحسان أو نحو ذلك، وكل من امتدت حياته في هذه الدار رأى من ذلك ما يغنيه من الأخبار، ويكفي من ذلك قوله تعالى "حتى إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون" أي أقرب بملائكتنا ورسلنا وغير ذلك من قبض الروح وخروجها والشعاع الذي يخرج معها والريح الطيب أو الخبيث وهو غير مرئي لنا ولا محسوس وهو في هذه الدار، ثم تأتي الروح فتشاهد غسل الميت وتكفينه وحمله (روى البخاري) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا وضعت الجنازة فاحتملها الرجال على أعناقهم، فإن كانت صالحة قالت قدموني، وإن كانت غير صالحة قالت يا ويلها أين تذهبون، بها يسمع صوتها كل شيء إلا الإنسان، وقد ثبت نحو هذا في هذه الدار واطلع الله عليه بعض من اختار، فهذا جبريل كان ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم ويتمثل له رجلا يكلمه تارة بكلام الرجال وتارة مثل صلصلة الجرس ويدارسه القرآن؛ ويشاهد الصحابة من النبي صلى الله عليه وسلم من الأحوال الاضطرارية الطبيعية ما يعلم بها مجيئة إليه قطعا من غير إخبار، ولا يسمعون كلامه ولا يرون شخصه، وربما رآه

.

_ بعضهم كما في صحيح الأخبار، فقد كانت الملائكة تضرب الكفار بالسياط وتصيح بهم ويراهم الكفار ويسمعونهم كما أخبر كثير منهم بذلك بعد إسلامه، ولا يسمع المسلمون ولا يرونه، كل من له نظر في كتب السنة الصحيحة فقطع بذلك بعد إسلامه، ولا يسمع المسلمون ولا يرونه، وكل من له نظر في كتب السنة الصحيحة فقطع بذلك، وهذه الجن تتكلم بالأصوات المرتفعة بيننا ونحن لا نسمعهم، والعبد أضعف أثرا وسمعا من أن يثبت لمشاهدة عذاب القبر وربما كشف لبعض الناس عن شيء فربما ثبت وربما صعق، وليس بعزيز على من أوجد هذا الإنسان من العدم وجله حيا عالما سميعا بصيرا بعد أن لم يكن شيئا مذكورا أن يجمع أجزاءه بعد أن تفرقت رمادا في هواء البر والبحر وفي حواصل الطير وبطون السباع، ويجعل للروح اتصالا بها لتحس بالعذاب والنعيم، فقد أرانا أعجب من ذلك بأن جعل في الجمادات شعورا وإدراكا، فقد صح أنه صلى الله عليه وسلم كان يسمع تسليم الحجر والشجر عليه، وأن الصحابة رضوان الله عليهم كانوا يسمعون تسبيح الطعام وهو يؤكل والحصى في أيديهم، وأما حنين الجذع فأشهر من أن يذكر (الأمر الثالث) اتساع القبر وضيقه ونوره وظلمته أمر معلوم من الدين بالضرورة لا مرية فيه لمتشرع، ثم ذكر جملة أحاديث في الصحيحين وغيرهما وتقدت في باب هول القبر وفتنته والسؤال فيه وشدته وفيها أنه يفسح للمؤمن في قبره سبعون ذراعا ويملأ عليه خضرا إلى يوم يبعثون، والكافر بعكس ذلك، وذكر من أحاديث هذا الباب شيئا كثيرا، ثم قال واتساع القبر للروح بالذات والبدن تبع لها، فيكون البدن في لحد أضيق من ذراع، وقد فسح له مد بصره تبعا لروحه قال (وقد أخبرنا بعض الصادقين) أنه حفر ثلاثة أقبر، فلما فرغ منها اضطجع ليستريح فرأى فيما يرى النائم ملكين نزلا فوقفا على أحد الأقبر، فقال أحدهما لصاحبه اكتب فرسخا في فرسخ، ثم وقفا على الثاني، فقال أكتب ميلا في ميل، ثم وقفا على الثالث فقال أكتب فترا في فتر، ثم انتبه فجيء برجل غريب لا يؤبه له فدفن في الأول، ثم جيء برجل آخر فدفن في الثاني، ثم جيء بامرأة مترفة من وجوه البلد حولها ناس كثير فدفنت في القبر الضيق الذي سمته فتر في فتر؛ والفتر بالفاء المكسورة والفوقية الساكنة، ما بين رأسي الإبهام والسبابة (الأمر الرابع) أن الميت إذا وضع في لحده ودفن لم يحجب التراب الملائكة عن الوصول إليه، بل لو نقر له حجر وأودع فيه وختم عليه بالرصاص لم يمنع وصولهم إليه، فإن هذه الأجسام الكثيفة لا تمنع خرق الأرواح لها، وأنت ربما شاهدت من الجن في ذلك العجائب، وقد جعل الله الحجارة والتراب للملائكة بمنزلة الهواء للطير (الأمر الخامس) أن النار في القبر والخضرة ليستا من نار الدنيا ولا نباتها ولا يحس به أهل الدنيا، فالله تعالى يحمي على الميت ذلك التراب وتلك الحجارة التي فوقه وتحته حتى تكون أعظم حرا من نار الدنيا بما لا يعلمه

_ إلا الله، ولو لمسها أهل الدنيا لم يحسوا بذلك (بل أعجب من هذا) أن الرجلين يدفنان أحدهما إلى جنب الآخر؛ وهذا في حفرة من حفر النار لا يصل حرها إلى جاره، بل ربما كان في روضة من رياض الجنة، وقد أرانا الله تعالى من آثار قدرته في هذه الدار ما هو أعجب من ذلك، لكن النفوس مولعة بالتكذيب بما لم تحط به علما إلا من وفقه الله، فكيف ينكر في الحكمة الإلهية اسبال غطاء يحول بين المكلفين وبين مشاهدة ما يريد الله عز وجل واخفاءه حتى إذا كشف الغطاء رأوه وشاهدوه عيانا، وقد يطلع على ذلك بعض عبيده، ولو اطلع الكل عليه لزالت حكمة التكليف والإيمان بالغيب، ولا تدافن الناس كما الصحيحين في حديث زيد بن ثابت (قلت) تقدم في أحاديث الباب من رواية الإمام أحمد بلفظ "لولا أن لا تدافتوا لدعوت الله أن يسمعكم عذاب القبر" وتقدم أيضا من رواية أنس بلفظ "لولا أن لا تدافنوا لسألت الله تبارك وتعالى أن يسمعكم من عذاب أهل القبور ما أسمعني" (قال) وسر ذلك كله أن ما في البرزخ من النبات والنار والسعة والضيق ليس من جنس المعهود في الدنيا، فلا مانع من سؤال الملكين الميت ولو كان بين الناس ملثى على جذع مصلوبا ويعذبانه أو ينعمانه ولا يحس الناس بذلك، هذا الواحد منا ينام إلى جنبه صاحبه فيعذب في النوم بما قد يرى أثره عليه بعد أن يستيقظ، وليس عند من إلى جنبه علم بذلك البتة؛ (وحدثني صاحبنا أبو عبدالله) محمد بن الوزير الحراني أنه أخرج من داره بعد العصر بآمد إلى بستان، قال فلما كان قبل غروب الشمس توسطت القبور فإذا قبر خرج منه جمرة نار مثل كور الزجاج والميت في وسطه، فجعلت أمسح عيني وأقول أنائم أنا أو يقظان، ثم التفت إلى سور المدينة وقلت والله ما أنا بنائم، ثم ذهبت إلى أهلي وأنا مدهوش فأتوني بطعام فلم أستطع الأكل، ثم سألت عن صاحب القبر فإا هو مكاس قد توفى في ذلك اليوم \0 وذكر ابن أبي الدنيا) في كتاب القبور عن الشعبي أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم مررت ببدر فرأيت رجلا يخرج من الأرض فضربه رجل بمقمعة حتى يغيب في الأرض ثم يخرج فيفعل به ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك أبو جهل بن هشام يفعل به إلى يوم القيامة (وذكر من طريق حماد بن سلمة) عن عمرو بن دينار عن سالم بن عبدا لله بن عمر عن أبيه قال بينما أنا أسير بين مكة والمدينة على راحلة وأنا محتقب أداوة إذ مررت بمقبرة، فإذا رجل خارج من قبره يلتهب نارا وفي عنقه سلسلة يجرها، فقال يا عبد الله انضح فوالله ما أدري أعرفني باسمي أو كما يدعو الناس، فخرج آخر فقال يا عبد الله لا تنضح، ثم اجتذب السلسلة فأعاده في قبره (قال وحدثني أبي) أخبرنا موسى بن داود أخبرنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه قال بينما راكب يسير بين مكة والمدينة إ مر بمقبرة فإذا برجل قد خرج من قبره

.

_ يلتهب نارا مصفدا في الحديد، فقال يا عبد الله انضح يا عبد الله انضح، وخرج آخر يتلوه فقال يا عبد الله لا تنضح يا عبد الله لا تنضح، وعشي على الراكب وعدلت به راحلته إلى العوج وأصبح وقد أبيض شعره، فأخبر عثمان بذلك فنهى أن يسافر الرجل وحده (قلت) حديث ابن عمر أورده الهيثمي في مجمع الزوائد ولفظه (عن ابن عمر رضي الله عنهما) قال بينما أسير بجنبات بدر إذ خرج رجل من حفرة في عنقه سلسلة، فناداني يا عبد الله اسقني فلا أدري أعرف اسمي أودعاني بدعاية العرب، وخرج رجل من ذلك الحفير في يده سوط فناداني لا تسقه فإنه كافر، ثم ضربه بالسوط حتى عاد إلى حفرته، فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم مسرعا فأخبرته فقال لي أو قد رأيته؟ قلت نعم، قال ذاك عدو الله أبو جهل بن هشام وذاك عذابه إلى يوم القيامة (قال الهيثمي) رواه الطبراني في الأوسط وفيه عبد الله بن محمد ابن المغيرة وهو ضعيف أهـ. قال الحافظ ابن القيم (وذكر عن حصين الأسدي قال سمعت مرثد بن حوشب قال كنت جالسا عند يوسف بن عمر وإلى جنبه رجل كأن شق وجهه صفحة من حديد، فقال له يوسف حدث مرثدا بما رأيت. قال كنت شابا قد أتيت هذه الفواحش، فلما وقع الطاعون قلت اخرج إلى ثغر من هذه الثغور ثم رأيت أن احفر القبور فأني لليلة بين المغرب والعشاء قد حفرت قبرا وأنا متكيء على تراب قبر آخر إذ جيء بجنازة رجل حتى دفن في ذلك القبر وسووا عليه، فأقبل عليه طيران أبيضان مثل البعيرين سقط أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه، ثم أثاراه ثم تدنى أحدهما في القبر والآخر على شفيره، فجئت حتى جلست على شفير القبر وكنت رجلا لا يملأ جوفي شيء، فسمعته يقول ألست الزائر أصهارك في ثوبين ممصرين تسحبهما كبرا تمشي الخيلاء، فقال أنا أضعف من ذلك، فضربه ضربة امتلأ القبر حتى قاض ماء ودهنا؛ ثم عاد وأعاد عليه القول حتى ضربه ثلاث ضربات كل ذلك يقول ذلك، ويذكر أن القبر بفيض ماء ودهنا، قال فرفع رأسه فنظر إلى فقال انظروا أين هو جالس نكسه الله، ثم ضرب جانب وجهي فسقطت فمكثت ليلتي حتى أصبحت، ثم أخذت أنظر إلى القبر فإذا هو على حاله. فهذا ماء ودهن في رأي العين لهذا، وهما نار تأجج للميت كما أخبر صلى الله عليه وسلم عن نار الدجال أنها ماء بارد وعن مائة أنه نار تأجج (وقيل لنباش) قد تاب ما أعجب ما رأيت قال نبشت رجلا فإذا هو مسمر بمسامير في سائر جسده ومسمار كبير في رأسه وآخر في رجليه (وقيل لآخر) قال رأيت جمجمة إنسان مصبوبا فيها الرصاص (الأمر السادس) أن يعلم أ، عذاب القبر ونعيمه عبارة عن عذاب البرزخ ونعيمه، وهو ما بين الدنيا والآخرة، وإنما أضيف إلى القبر باعتبار الغالب فالمصلوب والغريق والحريق وأكيل السباع والطيور له من عذاب البرزخ ونعيمه قسطه، حتى لو علق

.

_ العاصي على رءوس الأشجار في مهاب الرياح لأصاب جسده من عذاب البرزخ حظه، ولو لقي الصالح في أتون من النار لأصاب جسده من نعيم البرزخ وروحه نصيبه، فيجعل النار على هذا بردا وسلاما والهواء على ذلك نارا وسموما، فعناصر العالم وموارده منقادة لربها يصرفها كيف يشاء كما صرفها فيما نشاهد بخلق هذه القوى فيها بعد أن لم تكن، تبارك اسمه وعزت مشيئته وتعالت قدرته وجلت قوته (وأما هل ذكر في القرآن) فنعم في قوله تعالى "ولو ترى إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم. اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون على الله غير الحق وكنتم عن آياته تستكبرون" فخاطبوهم عند الموت بقولهم (اليوم تجزون) وفي قوله "فوقاه الله سيئات ما مكروا وحاق بآل فرعون أشد العذاب" فذكر عذاب الدارين ذكرا صريحا لا يحتمل غيره، وفي قوله تعالى "ولنذيقهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر" احتج بها ابن عتاب على عذاب القبر (فإن قيل) إنما المراد بهذا العذاب في الدنيا بالقتل والقحط والأسر وغيرها بدليل قوله "لعلهم يرجعون" أي عن الكفر (قيل) حبر الأمة وترجمان القرآن يقول ذلك، وهو أدق فهما وأغزر علما، وتقرير قوله أن قوله تعالى "من العذاب الأدنى" يدل على أنه يبقى بعد ما يذوقونه منه في الدنيا بقية يذوقونها بعد الموت، والعذاب الأكبر بعد الحشر، وهذا نظير قوله صلى الله عليه وسلم فيفتح له طاقة إلى النار فيأتيه من حرها وسمومها، فإن الذي يصل إليه بعض ذلك ويبقى أكثره (وأما هل هو دائم أو منقطع) فهو نوعان (أحدهما دائم) وهو عذاب الكفار وبعض العصاة لقوله تعالى في آل فرعون "النار يعرضون عليها غدوا وعشيا" وفي حديث سمرة عند البخاري في رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم فهو يفعل ذلك إلى يوم القيامة، وفي حديث أبي هريرة في الذين ترضخ رءوسهم لا يفتر عنهم، وفي الصحيح عن أبي هريرة في قصة الذي لبس بردين وجعل يمشي ويتبختر فخسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة، وفي بعض ألفاظ حديث البراء الطويل الماضي عند أجمد ثم يخرق له خرقا إلى النار فيأتيه من غمها ودخانها إلى يوم القيامة، لكن ورد في بعض الأحاديث أنه يخفف عنهم ما بين النفختين، فإذا قاموا من قبورهم قالوا يا ويلنا من بعثنا من مرقدنا (الثاني منقطع) وهو عذاب من خفت جرائمهم من العصاة فإنه يعذب بحسب جريمته، ثم يرفع عنه بدعاء أو صدقة أو نحو ذلك (قال ابن أبي الدنيا) حدثني محمد بن موسى الصائغ أخبرنا عبد الله بن نافع قال مات رجل من أهل المدينة فرآه رجل كأنه من أهل النار فاغتم لذلك ثم إنه بعد سابعة أو ثامنة رآه كأنه من أهل الجنة، فقال ألم تكن قلت إنك من أهل النار؟ قال قد كان ذلك

.

_ إلا أنه دفن معنا رجل من الصالحين، فشفع في أربعين من جيرانه فكنت منهم، وحدثنا أحمد بن يحيى حدثنا بعض أصحابنا قال مات أخ لي فرأيته في النوم، فقلت له ما حالك حين وضعت في قبرك؟ قال أتاني آت بشهاب من نار فلولا أن داعيا دعالي لرأيت أنه سيضربني به (وحدثني) أبو عبد الله بن بجير حدثني بعض أصحابنا قال أرأيت أخا لي في النوم بعد موته فقلت أيصل إليك دعاء الأحياء؟ قال إي والله يترفرف مثل النور ثم نلبسه (وعمر بن جرير) إذا دعا العبد لأخيه الميت أتاه بها إلى قبره ملك فقال يا صاحب القبر الغريب هذه هدية من أخ عليك شفيق (وقال بشار بن غالب) رأيت رابعة في منامي وكنت كثير الدعاء لها، فقالت لي يا بشار بن غالب هداياك تأتينا على أطباق من نور مخمرة بمناديل الحرير، قلت وكيف ذاك؟ قلت هكذا دعاء المؤمنين الأحياء إذا دعوا للموتى فاستجيب لهم جعل ذلك الدعاء على أطباق النور ثم خمر بمناديل الحرير، ثم أتى على الذي دعى له من الموتى فقيل هذه هدية فلان إليك (وأما الأسباب) الموقعة في عذاب القبر فهي الجهل بالله والإضاعة لأمره والارتكاب لمعاصيه المفضية إلى سخطه المعبر به عن عذابه، فمن أغضب الله وأسخطه في هذه الدار ومات من غير توبة كان له من عذاب البرزخ بقدر غضب الله وسخطه عليه فمستقل ومستكثر، وقد عين النبي صلى الله عليه وسلم للإيقاع فيها أسبابا من اتقى ما ذكرناه من هذا الإجمال استغنى عن تفصيلها، ولما كان أكثر الناس مستخفا بأكثر الأرجاس كان أكثر أصحاب القبور معذبين والفائز منهم قليل، إلا أن عفا الله وهو أهل العفو والمغفرة، فظواهر القبور تراب وبواطنها حسرات وعذاب، ظواهرها بالحجارة المنقوشة مبنيات، وفي بواطنها الدواهي والبليات، تغلي بالحسرات كما تغلي القدور بما فيها، وحق لها لعمري وقد حيل بينها وبين أمانيها، (ذكر ابن أبي الدنيا) عن سماك بن حرب قال مر أبو الدرداء بين القبور، فقال ما أسكت ظواهرك وفي باطنك الدواهي؟ (قال ثابت البناني) بينما أنا أمشي في المقابر وإذا صوت خلفي يقول يا ثابت لا يغرنك سكوتها فكم من مغموم فيها، فالتفت فلم أر أحدا (ومر الحسن) على مقبرة فقال يا لهم من عسكر ما أسكتهم وكم فيهم من مكروب. (خاتمة) وأما الأسباب المنجية منه فالعلم بالله وخشيته وتقواه والامتثال لأمره والوقوف عند نهيه وزجره وتجنب الأسباب المقتضية للعذاب، ومن أنفع ذلك أن نجلس عند المنام ساعة تحاسب فيها نفسك، ثم تجدد لكل ذنب توبة نصوحا وتنام على تلك التوبة، فإن مت كنت على توبة وإلا استيقظت مستقبلا للعمل مسرورا بتأخير الأجل حتى تستقبل ربك وتستدرك ما فاتك، وليس للعبد أنفع من هذه التوبة لا سيما إذا عقب ذلك بذكر الله واستعمل السنن التي وردت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يغلبه النوم، هذا وقد عين صلى الله عليه وسلم

.

_ للنجاة منها أسبابا فعليك بها (أخرج مسلم) في صحيحه عن سلمان رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رباط يوم خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات أجرى عليه عمله الذي كان يعمله وأجرى عليه رزقه وأمن الفتان (وللترمذي) وقال حسن صحيح عن فضالة بن عبيد رضي الله عنه عن رسول صلى الله عليه وسلم قال "كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله فإنه ينمي إلى يوم القيامة ويأمن فتنة القبر" (وللنسائي) عن رشدين بن سعد عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا قال يا رسول الله ما بال المؤمنين يفتنون في قبورهم إلا الشهيد، وقال كفى ببارقة السيوف على رأسه فتنة، معناه والله أعلم أنه امتحن إيمانه من نفاقه ببارقة السيوف، فدل على إيمانه هو الذي يحمله على بروزه للقتل وبذل نفسه لله وتسلميها له، وهاج من قلبه حمية الغضب لله ورسوله وإظهار دينه وإعزاز كلمته، فظهر أن دعواه الإيمان بلسانه برزت عن قلب صادق وضمير بالله واثق فأغنى ذلك عن الامتحان في قبره (وللترمذي) وهذا لفظه وقال حسن صحيح غريب وابن ماجه عن المقدام بن معد يكرب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للشهيد عند الله ست خصال، يغفر له في أول دفعة من دمه ويرى مقعده من الجنة، ويجار من عذاب القبر، ويؤمن من الفزع الأكبر، ويوضع على رأسه تاج الوقار الياقوته منه خير من الدنيا وما فيها، ويزوج اثنتين وسبعين زوجة من الحور العين. ويشفع في سبعين من أقاربه (وللترمذي أيضا) وقال حسن غريب عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال ضرب رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خباه على قبر وهو لا يحسب أنه قبر، فإذا قبر إنسان يقرأ سورة الملك حتى ختمها، فقال صلى الله عليه وسلم هي المانعة هي المنجية تنجيه من عذاب القبر، وفي مسند عبد بن حميد عن إبراهيم ابن الحكم عن أبيه عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لرجل ألا أتحفك بحديث تفرح به؟ قال الرجل بلى، قال اقرأ تبارك الذي بيده الملك، احفظهما وعلمها جميع أهلك وولدك وصبيان بيتك وجيرانهم ظنها المنجية والمجادلة، تجادل أو تخاصم يوم القيامة عند ربها لقارئها، وتطلب له إلى ربها أن ينجيه من عذاب النار إذا كان جوفه، وينجي الله صاحبها من عذاب القبر، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال سورة ثلاثون آية شفعت في صاحبها حتى غفر له، تبارك الذي بيده الملك (قلت) رواه الإمام أحمد وأصحاب السنن والحاكم، وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه - وأقره الذهبي - قال (وقد جاء فيما ينجي من عذاب القبر) حديث رواه أبو موسى المديني وبنى عليه كتابه في الترغيب والترهيب وجعله سر حاله رواه من طريق الفرج بن فضالة حدثنا هلال أبو حبلة عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن

.

_ ابن سمرة رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في صفة بالمدينة، فقام علينا فقال إني رأيت البارحة عجبا، رجلا من أمتي أتاه ملك الموت ليقبض روحه فجاءه بره بوالديه فرد ملك الموت عنه، ورأيت رجلا من أمتي قد بسط عليه عذاب القبر فجاءه وضوءه فاستنقذه من ذلك، ورأيت رجلا من أمتي قد أحتوشته الشياطين، فجاءه ذكر ذكر الله فطرد الشيطان عنه (وفي رواية فخلصه من أيديهم) ورأيت رجلا من أمتي يلهث عطشا، فلما دنى من حوض منع وطرد فجاءه صيام شهر رمضان فأسقاه ورواه، ورأيت رجلا من أمتي من بين يديه ظلمة وهو متحير فيه (وفي روايته فتحير فيها) فجاءه حجة وعمرته فأخرجاه من الظلمة وأدخلاه في النور، ورأيت رجلا من أمتي يتقي بوجهه وهج النار وشررها (وفي رواية يقي حر النار وشررها بيده ووجهه) فجاءت سترته بينه وبين النار وظللت على رأسه، ورأيت رجلا من أمتي يكلم المؤمنين ولا يكلمونه فجاءته صلته لرحمه فقالت يا معشر المؤمنين إنه كان وصولا لرحمه فكلموه، فكلمه المؤمنون وصافحوه وصافحهم (وفي رواية وكان معهم) ورأيت رجلا من أمتي قد احتوشته الزبانية فجاءه أمره بالمعروف ونهيه عن المنكر فاستنفذه من أيديهم وأدخله في ملائكة الرحمة، ورأيت رجلا من أمتي جاثيا. على ركبتيه وبينه وبين الله حجاب فجاءه حسن خلقه فأخذ بيده فأدخله على الله عز وجل، ورأيت رجلا من أمتي قد ذهبت صحيفته من قبل شماله، فجاءه خوفه من الله عز وجل فأخذ صحيفته فوضعها في يمينه، ورأيت رجلا من أمتي قد خف ميزانه فجاءه افراطه فنقلوا ميزانه، ورأيت رجلا من أمتي قائما على شفير جهنم فجاءه وجله من الله عز وجل فاستنقذه ومضى، ورأيت رجلا من أمتي قد هوى في النار فجاءته دمعته التي بكت من خشية الله عز وجل فاستنقذته من ذلك، ورأيت رجلا من قائما على الصراط يرعد كما ترعد السعفة في ريح عاصف فجاءه حسن ظنه بالله فسكن روعه (وفي رواية فسكن رعدته ومضى) ورأيت رجلا من أمتي يزحف على الصراط يحبو أحيانا ويتعلق أحيانا فجاءته صلاته على فإقامته على قدميه وأقعدته حتى جاز، ورأيت رجلا من أمتي انتهى إلى أبواب الجنة فغلقت الأبواب دونه فجاءته شهادة أن لا إله إلا الله ففتحت له الأبواب وأدخلته الجنة (قال الحافظ) أبو موسى هذا حديث حسن جدا، رواه عن سعيد بن المسيب عمر بن ذر وعلي بن زيد بن جدعان، ونحو هذا الحديث مما قيل فيه رؤيا الأنبياء وحيى فهي على ظاهرها، ورؤياه طويلة، وردت من ثلاثة أوجه، من حديث سمرة في الصحيح، ومن حديث على وأبي أمامة، والثلاثة قريب بعضها من بعض تشتمل على

(3) باب ما جاء في الميت ينقل أو ينبش لفرص صحيح (319) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما لما مات عبد الله بن أبي أتي ابنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنك إن لم تأته لم نزل نعير بهذا فأتاه النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فوجده قد أدخل في حفرته، فقال أفلا قبل أن تدخلوه فأخرج من حفرته فتفل عليه

_ ذكر عقوبات جماعة من المعذبين في البرزخ، فأما هذه الرواية فاتبع العقوبة بالعمل المنجي لصاحبها وراويها عن ابن المسيب هلال أبو حبلة مدني لا يعرف بغير هذا الحديث، فكره ان أبي حاتم عن أبيه هكذا، وكنى الحاكمان أبو أحمد وأبو عبد الله أباه أبا حبل بغير الهاء، وحكياه عن مسلم، ورواية عنه الفرج بن فضالة، وهو وسط في الرواية ليس بالقوي ولا المتروك، ورواية عنه بشر بن الوليد الفقيه المعروف بابن الخطيب كان حسن المذهب جميل الطريقة أهـ (قال الحافظ ابن القيم) سمعت شيخ الإسلام يعظم أمر هذا الحديث، وقال أصول السنة تشهد له، وهو من أحسن الأحاديث أهت باختصار. (319) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن عبيد ثنا عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر- الحديث" (غريبه) (1) يعني ابن سلول وهو رأس المنافقين ورئيسهم (2) هو عبد الله بن عبد الله بن أبي وكان اسمه الحباب بضم الحاء المهملة فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، وهو صحابي جليل، وقد استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في قتل أبيه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا تقتل أباك، رواه الطبراني، وروى نحوه ابن منده وزاد بل أحسن صحبته (3) أي لأن في عدم حضور النبي صلى الله عليه وسلم جنازته دليل على غضب الله عز وجل ومقته إياه، وفي حضوره مداراة لذلك، ولكن الله عز وجل نهى نبيه بعد ذلك عن الصلاة على المنافقين وفضحهم على لسان نبيه بقوله عز من قائل " ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ول تقم على قبره. إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون" ونهاه عن الاستغفار لهم بقوله عز وجل "استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم. ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله. والله لا يهدي القوم الفاسقين (4) يعني أفلا آذنتموني بالحضور قبل أن تدفنوه، وكان أهل عبد الله بن أبي بادروا إلى تجهيزه قبل وصول النبي صلى الله عليه وسلم، فلما وصل وجدهم قد دلوه في حفرته فأمربإخراجه فأخرج (وفي رواية البخاري) أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن أبي بعد ما أدخل حفرته، فأمر به

من قرنه إلى قدمه وألبسه قميصه (320) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال استشهد أبي بأحد فأرسلتني أخواتي إليه بناضح لهن فقلن اذهب فاحتمل أباك على هذا الجمل فادفنه في مقبرة بني سلمة قال فجئته وأعوان لي فبلغ ذلك نبي الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم وهو جالس بأحد فدعاني وقال

_ فأخرج فوضعه على ركبتيه فنفث فيه من ريقه وألبسه قميصه فالله أعلم، وكان كسا عباسا قميصا، قال سفيان فيرون النبي صلى الله عليه وسلم ألبس عيد الله قميصه مكافأة بما صنع، والقائل فالله أعلم هو جابر راوي الحديث؛ وكأنه التبست عليه الحكمة في صنعه صلى الله عليه وسلم بعبد الله ذلك بعد ما تبين نفاقه، أما سبب كسوة العباس قميص عبدالله بن أبي فإنه لما أتى بالأسارى يوم بدر والعباس معهم لم يكن عليه ثوب فوجدوا قميص عبد الله بن أبي، فكساه النبي صلى الله عليه وسلم إياه، فلذلك ألبسه النبي ثلى الله عليه وسلم قميصه، ويمكن أن يكون السبب ما أخرجه البخاري أيضا في الجنائز أن ابن عبدالله المذكور قال يا رسول الله ألبس أبي قميصك الذي إلى جلدك (وفي رواية) أنه قال أعطني قميصك أكفنه فيه، ويمكن أن يكون السبب هو المجموع، السؤال والمكافأة، ولا مانع من ذلك والله أعلم (تخريجه) (خ. وغيره) (320) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا على ابن اسحق حدثنا عبد الوهاب وعتاب أخبرنا عبد الله أنا عمر بن سلمة بن أبي يزيد المديني حدثني أبي قال سمعت جابر بن عبد الله يقول استشهد أبي بأحد - الحديث" (غريبه) (1) هو البعير الذي يحمل الماء لسقي لزرع يقال نضح البعير الماء حمله من نهر أو بئر لسقي الزرع فهو ناضح، والأنثى ناضحة بالهاء، سمي ناضحا لأنه ينضح العطش أي يبله بالماء الذي يحمله، هذا أصله، ثم استعمل الناضح في كل بعير وإن لم يحمل الماء، وفي حديث "أطعمه ناضحك" أي بعيرك والجمع نواضح (2) يعني بالمدينة (وفي رواية أخرى عند الإمام أحمد من حديث جابر أيضا أن عمة جابر جاءت بأبيه وخاله (الشهيدين) قال عادلتهما على ناضح فدخلت بهما المدينة لتدفنهما في مقابرنا إذ لحق رجل ينادي ألا إن النبي صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا بالقتلى فتدفنوهما في مصارعهما حيث قتلت، فرجعنا بهما فدفناهما حيث قتلا، وسيأتي

والذي نفسي بيده لا يدفن إلا مع إخوته، فدفن مع أصحابه بأحد

_ هذا الحديث تامًا في مناقب عبدالله بن عمرو بن حرام والد جابر من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (تخريجه) (الأربعة. وغيرهم) وصححه الترمذي (زوائد الباب) (وعن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال دفن مع أبي رجل لم تطب نفسي حتى أخرجته فجعلته في قبر على حدة، رواه البخاري والنسائي (ولمالك في الموطأ) أنه سمع غير واحد يقول إن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد ماتا بالعقيق فحملا إلى المدينة ودفنا بها (ولسعيد بن منصور في سننه) عن شريح بن عبيد الحضرمي أن رجالا قبروا صاحبا لهم لم يغسلوه ولم يجدوا له كفنا، ثم لقوا معاذ بن جبل فأخبروه فأمرهم أن يخرجوه فأخرجوه من قبره، ثم غسل وكفن وحنط ثم صلى عليه (الأحكام) في أحاديث الباب دليل على جواز نبش الميت لحاجة كالغسل والتكفين والصلاة عليه كما في قصة عبدالله ابن أبي، وما رواه سعيد بن منصور المذكور في الزوائد في الرجل الذي دفن من غبر غسل ولا كفن وحنط ثم صلى عليه، وهذا وإن كان قول صحابي ولا حجة فيه. ولكن جعل الدفن مسقطا لما علم من وجوب غسل الميت أو تكفينه أو الصلاة عليه محتاج إلى الدليل ولا دليل (وفي حديث جابر) المذكور في الزوائد أنه نبش قبر أبيه وأخرجه ليدفن على حدة دليل على جواز نبش الميت لأمر يتعلق بالحي لأنه لا ضرر على الميت في دفن ميت آخر معه وقد بين جابر ذلك بقوله فلم تطب نفسي، ولكن هذا إن ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن له بذلك أو قرره عليه. وإلا فلا حجة في فعل الصحابي، والرجل الذي دفن معه هو عمرو بن الجموح ابن زيد بن حرام الأنصاري، وكان صديق والد جابر وزوج أخته هند بنت عمرو، روى ابن اسحق في المغازي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اجمعوا بينهما فإنهما كانا متصادقين في الدنيا أهـ (وفي حديث جابر) المذكور في المتن رواية الإمام أحمد دليل على عدم جواز دفن الشهيد في غير الموطن الذي استشهد فيه، أما غير الشهيد فيجوز نقله إلى موطن آخر لما في الزوائد عن مالك في الموطأ أن سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد رضي الله عنهما ماتا بالعقيق فحملا إلى المدينة ودفنا بها، ولأن الأصل الجواز، ولو كان ذلك غير جائز لما سكت عنه الصحابة عند نقلهما وهم حينئذ كثيرون، ولا يقاس غير الشهيد على الشهيد لوجود الفارق وهو أن الشهيد له مزايا ليست في غيره، وربما كان لدفنه بمصرعه مزية يعلمها الشارع والله أعلم (قال ابن قدامة في المعنى في المغنى) ويستحب دفن الشهيد حيث قتل، قال أحمد أما القتلى فعلى حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ادفنوا القتلى في مصارعهم، وروى ابن ماجة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتلي أحد أن يردوا إلى مصارعهم، فأما غيرهم فلا ينقل الميت من بلده إلى بلد آخر إلا

(4) باب النهي عن اتخاذ المساجد على القبور (321) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا

_ لغرض صحيح، وهذا مذهب الأوزاعي وابن المنذر، قال عبد الله بن أبي مليكة توفى عبد الرحمن بن أبي بكر بالحبشي (*) فحمل إلى مكة فدفن، فلما قدمت عائشة أتت قبره ثم قالت والله لو حضرتك ما دفنتك إلا حيث مت ولو شهدتك ما زرتك، ولأن ذلك أخف لمؤنثة وأسلم له من التغيير، فأما إن كان فيه غرض صحيح جاز (قال أحمد) ما أعلم بنقل الرجل بموت في بلده إلى بلد أخرى بأسا، وسئل الزهري عن ذلك فقال قد حمل سعد بن أبي وقاص وسعيد بن زيد من العقيق إلى المدينة (وقال ابن عيينة) مات ابن عمر هنا فأوصى أن لا يدفن هاهنا وأن يدفن بسرف أهـ. (قلت) وجواز النقل مشروط بما إذا كان المكان قريبا كما بين العقيق والمدينة، أما إذا كان بعيدا يخشى من النقل إليه تغير الميت فهو غير جائز بالاتفاق، لأن تعريض الميت للتغيير حرام (قال صاحب المهذب) وإذا دفن الميت قبل الصلاة صلى على القبر لأن الصلاة تصلي إليه في القبر، وإن دفن من غير غسل أو إلى غير القبلة ولم يخش عليه الفساد في نبشه نبش وغسل ووجه إلى القبلة. لأنه واجب مقدور على فعله، وإن خشي عليه الفساد لم ينبش. لأنه تعذر فعله فسقط كما يسقط وضوء الحي واستقبال القبلة في الصلاة إذا تعذر أهـ (قلت) وبهذا قال الأئمة (مالك وأحمد وداود - وقال أبو حنيفة) لا يجب ذلك بعد إهالة التراب عليه (وذكر ابن قتيبة في المعارف) وغيره أن طلحة بن عبيد الله أحد العشرة رضي الله عنهم دفن فرأته بنته عائشة بعد دفنه بثلاثين سنة في المنام فشكا إليها النز، فأمرت به فاستخرج طريا فدفن في داره بالبصره (قال غيره قال الراوي) كأني أنظر إلى الكافور في عينيه لم يتغير إلا عقيصته فمالت عن موضعها واخضر ضقه الذي يلي النز، رضي الله عنه (321) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا ليث بن سعد حدثني عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (1) لفظ النصاري لم يرد في رواية البخاري وأبي داود، وورد في رواية لمسلم "ومعنى" قاتل أي قتلهم وأهلكهم- فقاتل بمعنى قتل كسارع بمعنى أسرع، أو المعنى

قبور أنبيائهم مساجد (وعنه عن طريق ثان) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتل الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. (322) عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعن (وفي لفظ قاتل) الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. (323) عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أدخل على أصحابي فدخلوا عليه فكشف القناع ثم قال لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (وعنه من طريق ثان بنحوه)

_ لعنهم الله وأبعدهم عن رحمته كما في رواية البخاري والإمام أحمد من حديث عائشة وسيأتي "لعن الله اليهود والنصارى الخ. وللإمام أحمد من حديث زيد بن ثابت، وسيأتي بعد هذا بلفظ "لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" وهذا دعاء منه صلى الله عليه وسلم عليهم فهو خبر بمعنى الإنشاء "وقوله اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" جملة مستأنفة بيان سبب دعائه صلى الله عليه وسلم عليهم، ومعنى اتخاذها مساجد أنهم جعلوها قبلة يصلون إليها فلعنهم لما فيه من التشبه بعبادة الأصنام، أو أنهم بنوا عليها مساجد يصلون فيها، وفي صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك قبل أن يموت بخمس ليال، وزاد فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك (وفي رواية للإمام أحمد) من حديث عائشة وسيأتي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ذلك في مرضه الذي لم يقم منه (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم ابن أبي عباس قال حدثنا أبو أويس عن الزهري عن سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (تخريجه) (ق. د. نس) (322) عن زيد بن ثابت (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر ثنا ابن أبي ذئب عن عقبة بن عبد الرحمن بن ثوبان عن زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال- الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (طب) ورجاله موثقون. (323) عن أسامة بن زيد (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا قيس بن الربيع ثنا جامع بن شداد عن كلثوم الخزاعي عن أسامة ابن زيد- الحديث" (غريبه) (2) كان ذلك في مرض موته صلى الله عليه وسلم كما يستفاد من حديث عائشة الآتي (3) أي غطاء رأسه لأن الرأس موضع القناع (3) (سنده)

إلا أنه قال فدخلوا عليه وهو مقتنع ببردله معا فري يقل والنصارى. (324) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم اللهم لا تجعل قبري وثنا لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. (325) وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا تتخذوا قبري عيدا ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وحيثما كنتم

_ حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا قيس عن جامع إلا أنه قال فدخلوا عليه الخ (1) أي مغطى ببرد له "وقوله معافري" صفة البرد وهي برود يمانية منسوبة إلى معافر، وهي قبيلة باليمن والميم زائدة (2) المعنى أنه لم يقل في هذه الرواية لعن الله اليهود والنصارى كما قال في الطريق الأولى، بل اقتصر على اليهود فقال لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله موثقون. (324) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن حمزة بن المغيرة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه هريرة رضي الله عنه - الحديث" (غريبه) (3) الوثن هو الصنم الذي يعبده المشركون؛ وقد كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيما لشأنهم ويجعلونها قبلة يتوجهون إليها في الصلاة واتخذوها أوثانا، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل أن لا يكون ثبره كذلك، ولعن من فعله وحذر منه سدا للذريعة المؤدية إلى فعله (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وسنده جيد. (325) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج قال ثنا عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (4) العيد مشتق من العود وهو الرجوع والمعاودة لأنه يتكرر، والمعنى لا تجعلوا لزيارة قبري أياما معلومة وأوقاتا بخصوصة، ولا تتخذوه منسكا ترحلون إليه كالحج، ولا تشبهوا باليهود والنصارى فإنهم يفعلون ذلك (5) أي لا تجعلوها كالقبور مهجورة من الصلاة، لأن القبور ليست محلا للعبادة، والمراد به صلاة الناقلة، أي صلوا النواقل في بيوتكم، وتقدم عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه في باب فضل صلاة التطوع في البيت من الجزء الرابع قال "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيوتكم ولا تتخذوها

فصلوا على فإن صلاتكم تبلغني (326) عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في مرضه الذي لم يقم منه لعن الله اليهود والنصارى فإنهم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، قالت ولولا ذلك أبرز قبره غير أنه خشي

_ قبورا" (1) أي تبلغه بواسطة الملائكة إن كان المصلي بعيدا عن القبر، فإن كان عند القبر سمعه صلى الله عليه وسلم بلا واسطة (لما أخرجه البزار والطبراني وابن حبان) عن عمار بن ياسر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إن لله تبارك وتعالى ملكا أعطاه اسماء الخلائق فهو قائم على قبري إذا مت، فليس أحد يصلي على صلاة إلا قالوا يا محمد صلى عليك فلان بن فلان؛ قال فيصلي الرب تبارك وتعالى على ذلك الرجل بكل واحدة عشرا (ولما صح عن ابن عباس) رضي الله عنهما مرفوعا ما من أحد يمر على قبر أخيه المؤمن، وفي رواية "بقبر الرجل كان يعرفه في الدنيا" فيسلم عليه إلا عرفه ورد عليه، وهذا في عامة الناس، فما بالك بالأنبياء منهم، وقد ثبت أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام أحياء في قبورهم (تخريجه) (د. عل) وفي إسناده عبد الله بن نافع ضعيف، وقد روي في الصحاح بعضه. (236) عن عائشة (حدثنا) عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا أبو معاوية يعني شيبان عن هلال بن أبي حميد الأنصاري عن عروة بن الزبير عن عائشة - الحديث" (غريبه) (2) رواية البخاري " في مرضه الذي مات فيه" ورواية مسلم كلفظ حديث الباب (3) أي لولا الخوف من اتخاذ قبره صلى الله عليه وسلم مسجدا كما فعل اليهود والنصارى بأنبيائهم لأبرز قبر النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتخذ عليه حائل (قال الحافظ) والمراد الدفن خارج بيته، وهذا قالته عائشة قبل أن يوسع المسجد النبوي، ولهذا لما وسع المسجد جعلت حجرتها مثلثة الشكل محددة حتى لا يتأتى لأحد أن يصلي إلى جهة القبر مع استقبال القبلة (4) قال النووي ضبطناه بضم الخاء وفتحها وهما صحيحان أهـ (قلت) وفي رواية البخاري "غير أني أخشى" قال الحافظ كذا هنا، وفي رواية أبي عوانة عن هلال الآتية في أواخر الجنائز (يعني في صحيح البخاري) غير أنه خشي أو خشي على الشك هل هو بفتح الخاء المعجمة أو ضمها؟ قال (وفي رواية مسلم) غير أنه خشي بالضم لا غير، قال فرواية الباب "يعني غير أني أخشى" المذكورة في صحيح البخاري تقتضي أنها هي التي امتنعت من ابرازه، ورواية الضم مبهمة يمكن أن تفسره بهذه والهاء ضمير الشأن

أن يتخذ مسجدا (327) عن أبي عبيدة رضي الله عنه قال آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب، واعلموا أن شرار الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد

_ وكأنها أرادت نفسها ومن وافقها على ذلك، وذلك يقتضي أنهم فعلوه باجتهاد، بخلاف رواية الفتح فإنها تقتضي أن النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي أمرهم بذلك أهـ. والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (327) عن أبي عبيدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد ثنا إبراهيم بن ميمون ثنا سعد بن سمرة بن جندب عن أبيه عن أبي عبيدة - الحديث" (غريبه) (1) هو موضع معروف بين الحجاز والشام واليمن كان به قوم نصارى وإنما أمر صلى الله عليه وسلم بإخراجهم من جزيرة العرب حتى يتوحد الدين وتتوحد العناصر، وقد أخرجوا في عهد عمر رضي الله عنه (وجزيرة العرب) قال أبو عبيد هو اسم صقع من الأرض، وهو مابين حفر أبي موسى الأشعري إلى أقصى اليمن في الطول، وما بين رمل يبرين إلى منقطع السماوة في العرض، وقيل هو من أقصى عدن إلى ريف العراق طولا، ومن جدة وساحل البحر إلى أطراف الشام عرضا، قال الأزهري سميت جزيرة، لأن بحر فارس وبحر السودان أحاطا بجانبيها وأحاط بالجانب الشمالي دجلة والفرات، وإذا أطلقت في الحدث ولم تضف إلى العرب فإنما يراد بها ما بين دجلة والفرات (نه) (تخريجه) أورده الهيثمي عن أبي عبيدة ابن الجراح أيضا بلفظ "قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الله اليهود اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" قال وأحسبه قال "أخرجوا اليهود من أرض الحجاز" رواه البزار ورجاله ثقات أهـ (زوائد الباب) (عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من شرار الناس تدركهم الساعة وهم أحياء، ومن يتخذ القبور مساجد" (طب) وإسناده حسن (وعن علي بن ابي طالب) رضي الله عنه قال قال لي النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه ائذن للناس علي فاذنت، قال لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا، ثم أغمى عليه، فلما أفاق قال يا علي ائذن للناس علي فأذنت للناس عليه، فقال لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا ثم أغمى عليه، فلما آفاق قال يا علي ائذن للناس فأذنت لهم، فقال لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا ثم أغمى عليه، فلما آفاق قال يا علي ائذن للناس فأذنت لهم، فقال لعن الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مسجدا، ثلاثا في مرض موته، رواه

البزار، وفيه أبو الرقاد لم يروا عنه غير حنيف المؤذن، وبقية رجاله موثقون (وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "اللهم إني أعوذ بك أن يتخذ قبري وثنا، فإن الله تبارك وتعالى اشتد غضبه على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، رواه البزار وفيه عمر بن صهبان، وقد اجتمعوا على ضعفه (قلت) أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا؛ وحديث أبي سعيد يشهد له حديث أبي هريرة الرايع من أحاديث الباب والله أعلم بالصواب (وعن جندب) رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول، ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، إني أنهاكم عن ذلك؛ رواه مسلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على عدم جواز اتخاذ المساجد على القبور، لأن تخصيص القبور بالصلاة عندها يشبه تعظيم الأصنام بالسجود لها، والأصل في عبادة الأصنام تعظيم الأموات باتخاذ صورهم ومسحها والصلاة عندها، كما يستفاد من حديث ابن عباس وغيره عند البخاري وغيره "أن ودا وسواعا ويغوث ويعوق ونسرا" التي اتخذها قوم نوح أصناما كانت أسماء رجال صالحين اتخذ الناس لهم صورا بعد موتهم ليستأنسوا برؤية تلك الصور ويتذكروا أحوالهم الصالحة ليجتهدوا كاجتهادهم، ثم خلف من بعدهم خلف جهلوا مرادهم ووسوس لهم الشيطان أن أسلافكم كانوا يعبدون هذه الصور ويعظمونها فاعبدوها، فحذر النبي صلى الله عليه وسلم من مثل ذلك سدا للذريعة المؤدية إليه (وفي أحاديث الباب أيضا) أن النهي عن اتخاذ القبور مساجد كان في مرض النبي صلى الله عليه وسلم الذي مات فيه (وفي رواية لمسلم) كان قبل أن يتوفى بخمس، وفائدة التنصيص على زمن النهي الإشارة إلى أنه من الأمر المحكم الذي لم ينسخ لكونه صدر في آخر حياته صلى الله عليه وسلم - وكأنه صلى الله عليه وسلم لما علم بقرب أجله خشي أن يفعل بعض أمته بقبره الشريف ما فعلته اليهود والنصارى بقبور أنبيائهم فنهى عن ذلك، قال التوربشتي هو مخرج على الوجهين (أحدهما) كانوا يسجدون لقبور الأنبياء تعظيما لهم وقصد العبادة في ذلك (وثانيهما) أنهم كانوا يتحرون الصلاة في مدافن الأنبياء والتوجه إلى قبورهم في حالة الصلاة والعبادة لله، نظرا منهم أن ذلك الصنيع أعظم موقعا عند الله لاشتماله على الأمرين، العبادة والمبالغة في تعظيم الأنبياء، وكلا الطريقين غير مرضية، أما الأولى فشرك جلي (وأما الثانية فلما فيها من معنى الإشراك بالله عز وجل وإن كان خفيا؛ والدليل على ذم الوجهين قوله صلى الله عليه وسلم اللهم لا تجعل قبري وثنا، اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، والوجه الأول أظهر وأشبه، كذا قال التوربشتي (وقال البيضاوي) لما كانت اليهود والنصارى يسجدون لقبور الأنبياء تعظيما لشأنهم ويجعلونها قبلة يتوجهون في الصلاة نحوها

(أبواب زيارة القبور) (1) باب استحبابها للرجال دون النساء (328) ز عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور وعن الأوعية وأن تجلس لحوم الأضاحي بعد ثلاث ثم قال إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة ونهيتكم عن الأوعية فاشربوا فيها، واجتنبوا كل ما أسكر، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي أن تحبسونها بعد ثلاث فاحبسوا ما بدا لكم

_ واتخذوها أوثانا لعنهم ومنع المسلمين عن مثل ذلك، أما من اتخذ مسجدا في جوار صالح وقصد التبرك بالقرب منه لا التعظيم له ولا التوجه نحوه فلا يدخل في ذلك الوعيد أهـ (قلت) الأولى التباعد عن ذلك سدا للذريعة، وما ذكرنا من تحريم اتخاذ القبور ومساجد هو ما ذهب إليه كافة العلماء إلا ما ذهب إليه بعضهم من حمل الوعيد على من كان في ذلك، وقد تقدم لنا في هذا الموضوع كلام نفيس في الباب التاسع من أبواب المساجد في الجزء صحيفة 75 فارجع إليه تجد ما يسرك والله الموفق. (328) "ز" عن علي (سنده) حدثنا عبد الله ثنا يزيد أنبأنا حماد بن سلمة عن علي بن يزيد عن ربيعة بن النابغة عن أبيه عن علي رضي الله عنه "الحديث" (غريبه) (1) يعني وعن الانتباذ في الأوعية المتخذة من الدباء والخنتم والنقير والمزفت، وقد مر تفسير ذلك في الحديث الرابع عشر من كتاب الأيمان في الجزء الأول، وسيأتي أيضا في كتاب الأشربة (2) أي بعد ثلاث ليال من يوم النحر يعني لا تدخروها زيادة عن هذه المدة، وسيأتي شرح ذلك في الأضحية إن شاء الله تعالى (3) هذا الأمر ناسخ للنهي المتقدم، وحمله جمهور العلماء على الاستحباب (4) هذه الأوامر ناسخة للنهي المتقدم أيضا وسيأتي الكلام على كل في بابه إن شاء الله تعالى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال في الصحيح طرف منه، رواه أبو يعلى وأحمد وفيه ربيعة بن النابغة (قال البخاري) لم يصح حديثه عن علي في الأضاحي أهـ (قلت) هو من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه ويعضده ما بعده

(329) وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه (بريدة الأسلمي رضي الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نحوه. (330) وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وفيه ونهيتكم عن زيارة القبور، فإن زرتموها فلا تقولوا هجرا (331) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيتكم عن زيارة القبور، ثم بدا لي أنها ترق القلب وتدمع العين وتذكر

_ (329) وعن عبد الله بن بريدة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا محمد ابن فضيل ثنا ضرار يعن يا ابن مرة أبو سنان عن محارب بن دينار عن عبدالله بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي أن تمسكوها فوق ثلاث فامسكوها ما بدالكم، ونهيتكم عن النبيذ إلا في سقاء فاشربوا في الأسقية كلها ولا تشربوا مسكرا (تخريجه) (م. والأربعة). (330) وعن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن سعيد أنا فليح وسريج قال ثنا فليح عن محمد بن عمرو بن ثابت عن أبيه قال مر بي ابن عمر فقلت من أين أصبحت غاديا ابا عبد الرحمن؟ قال إلى سعيد الخدري، فانطلقت معه فقال أبو سعيد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إني نهيتكم عن لحوم الأضاحي وادخاره بعد ثلاثة أيام فكلوا وادخروا فقد جاء الله بالسعة، ونهيتكم عن أشياء من الأشربة والأنبذة فاشربوا وكل مسكر حرام، ونهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجرا، ولفظ الحاكم "نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإن فيها عبرة" (ومعنى قوله في الحديث ولا تقولوا هجرا) بضم الهاء أي فحشا يقال أهجر في منطقه بهجر إهجارا إذا أفحش، وكذلك إذا أكثر الكلام فيما لا ينبغي، والاسم الهجر بالضم وهجر يهجر هجرا بالفتح إذا خلط في كلامه وإذا هذى (نه) (تخريجه) (فع. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبي. (331) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحاق حدثني يحيى بن الحارث الجابر عن عبد الوارث مولى أنس بن مالك وعمرو بن عامر عن أنس بن مالك قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور وعن لحوم الأضاحي

الآخرة فزوروها ولا تقولوا هجرا (332) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال زار النبي صلى الله عليه وسلم قبر أمه فبكى وأبكى من حوله فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم استأذنت ربي أن استغفر لها فلم يؤذن لي واستأذنته في أن أزور

_ بعد ثلاث وعن النبيذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ألا أني قد كنت نهيتكم عن ثلاث ثم بدا لي فيهن نهيتكن عن زيارة القبور - الحديث" (غريبه) (1) ليس هذا آخر الحديث، وبقيته "ونهيتكم عن لحوم الأضاحي أن تأكلوها فوق ثلاث ليال، ثم بدا لي أن الناس يتحفون ضيفهم ويخبئون لغائبهم فأمسكوا ما شئتم، ونهيتكم عن النبيذ في هذه الأوعية فاشربوا بما شئتم ولا تشربوا مسكرا، فمن شاء أو كما سقاءه على إثم (تخريجه) (د. نس. ك) وفي إسناده يحيى بن الحارث الجابر (قال الذهبي) الجابر ضعيف. (332) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد الطنافسي قال ثنا يزيد بن كيسان عن أبي حازم عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (2) هي آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة (قال ابن اسحق) حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم توفيت وهو ابن ست سنين بالإبواء (اسم موضع) بين مكة والمدينة كانت قد قدمت به على أخواله من بني عجي بن النجار تزيره إياهم فماتت وهي راجعة به إلى مكة (3) أي تسبب في بكاء من حوله ببكائه صلى الله عليه وسلم (قال القاضي عياض) بكاؤه صلى الله عليه وسلم ليس لتعذيبها، وإنما هو آسف على ما فاتها من إدراك أيامه والإيمان به أهـ (قلت) ويؤيده ما رواه البيهقي من حديث ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه قال انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى رسم قبر فجلس وجلس الناس حوله فجعل يحرك رأسه كالمخاطب ثم بكى فاستقبله عمر، فقال ما يبكيك يا رسول الله؟ قال هذا قبر آمنة بنت وهب واستأذنت ربي في أن أزور قبرها فأذن لي واستأذنته في الاستغفار لها فأبى علي وأدركتني رقتها فبكيت، قال فما رأيت ساعة أكثر باكيا من تلك الساعة (4) بالبناء للمفعول، قيل ولعله لم يؤذن للنبي صلى الله عليه وسلم في الاستغفار لأمه لأنه فرع المؤاخذة على الذنب، ومن لم تبلغه الدعوة لا يؤاخذ على ذنبه فلا حاجة إلى الاستغفار لها، ولأن عدم اللإذن بالاستغفار لها لا يستلزم أن تكون كافرة لجواز أن يكون الله تعالى منعه من الاستغفار

قبرها فأذن لي، فزوروا القبور فإنها تذكر الموت فعل منه فيما جاء في لعن زائرات القبور من النساء والمتخذين عليها المساجد والسرج (333) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لعن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم زوارات القبور.

_ لها لمعنى آخر كما كان صلى الله عليه وسلم ممنوعا في أول الإسلام من الصلاة على من عليه دين لم يترك له وفاء، ومن الاستغفار له مع أنه من المسلمين، وعلل ذلك بأن استغفاره صلى الله عليه وسلم مجاب على الفور فمن استغفر له مع أنه من المسلمين، وعلل ذلك بأن استغفاره صلى الله عليه وسلم مجاب على الفور فمن استغفر له وصل ثواب دعاؤه إلى منزله في الجنة وانتفع به فورا، والمدين محبوس عن مقامه الكريم حتى يقضي دينه، فقول من قال إن عدم الإذن في الاستغفار لكفرها والاستغفار للكافر لا يجوز غير سديد والله أعلم (تخريجه) (م. هق. ك. والأربعة. (333) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن شعبة ثنا محمد بن جحادة قال سمعت أبا صالح عن ابن عباس - الحديث" (وقوله ووكيع) معناه أن الإمام أحمد روى هذا الحديث من طريقين، الأولى عن يحيى عن شعبة الخ والثانية عن وكيع عن شعبة اخ (غريبه) (1) قال الترمذي رأى بعض أهل العلم أن هذا كان قبل أن يرخص النبي صلى الله عليه وسلم في زيارة القبور، فلما رخص دخل في رخصته الرجال والنساء؛ وقال بعضهم إنما كره زيارة القبور للنساء لقلة صبرهن وكثرة جزعهن (2) جمع سراج قال في مجمع البحار نهى عن الإسراج لأنه تضييع مال بلا نفع، أو احتراز عن تعظيم القبور لاتخاذها مساجد (تخريجه) (بز. حب. ك. والأربعة) وقال الترمذي حديث ابن عباس حديث حسن. (334) عن حسان بن ثابت (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية ابن هشام ثنا سفيان عن عبد الله بن عثمان قال أبي وثنا قبيصة عن سفيان عن ابن خثيم عن عبد الرحمن بن بهمان عن عبد الرحمن بن حسان عن أبيه - الحديث" (غريبه) (3) قال القارئ لعل المراد كثيرات الزيارة (وقال القرطبي) هذا للعن إنما هو للمكثرات

(335) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن زوارات القبور

_ من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة، ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج وما ينشأ منهن من الصياح ونحو ذلك، فقد يقال إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الإذن، لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء أهـ (تخريجه) (ك. جه) وفي زوائد ابن ماجه للبوصيري إسناد حديث حسان بن ثابت صحيح ورجاله ثقات. (335) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن اسحق ثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه - الحديث" (تخريجه) (جه. حب. مذ) وصححه الترمذي (زوائد الباب) (وعن عائشة رضي الله عنها) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في زيارة القبور (جه) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه رجال إسناده ثقات (وعن عبد الله بن أبي مليكة) أن عائشة أقبلت ذات يوم من المقابر، فقلت لها يا أم المؤمنين من أين أقبلت؟ قالت من قبر أخي عبد الرحمن، فقلت لها أليس كان نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور؟ قالت نعم كان نهى عن زيارة القبور ثم أمر بزيارتها، رواه الأثرم في سننه والبيهقي والحاكم وقال الذهبي صحيح (وعنه أيضا) قال توفى عبد الرحمن بن أبي بكر بالحبشى (بضم الحاء وسكون الباء وكسر الشين تشديد الباء موضع قريب من مكة كذا في النهاية) فملا حجت عائشة رضي الله عنها أتت قبره فقالت وكنا كندماني جذيمة حقبة ... من الدهر حتى قيل لن يتصدعا فلما تفرقنا كأني ومالكا ... لطول اجتماع لم نبت ليلة معا أما والله لو شهدتك ما زرتك ولدفنتك حيث مت، رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح (وعن عائشة رضى الله عنها) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن زيارة القبور ثم رخص فيها، أحسبه قال فإنها تذكر الآخرة، رواه البزار ورجاله ثقات (وروى البيهقي) من طريق محمد بن إسماعيل بن أبي فديك أخبرني سليمان بن داود عن جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن أبيه أن فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده، قال البيهقي كذا قال - قال وقد قيل عنه سليمان بن داود عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه دون ذكر علي بن الحسين عن أبيه فيه (قال البيهقي) وهو منقطع أهـ ورواه أيضا الحاكم وقال هذا الحديث رواته كلهم ثقات، لكن قال الذهبي هذا منكر جدا وسليمان ضعيف أهـ (قلت) سليمان هذا هو ابن داود أحد رجال السند (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زار قبر أبويه أو أحدهما كل جمعة غفر له وكتب برا (قال الهيثمي) رواه الطبراني في الأوسط والصغير

وفيه عبد الكريم أبو أمية وهو ضعيف (وعن علي رضي الله عنه) قال الخروج إلى الجبان في العيدين من السنة (قال الهيثمي) رواه الطبراني في الأوسط، وفيه الحارث وهو ضعيف (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "زوروا القبور فأنها تذكركم الآخرة" (جه) وصححه الحافظ السيوطي في الجامع الصغير (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية زيارة القبور ونسخ النهى عن الزيارة، وقد حكي الحازمي والعبدري والنووي اتفاق أهل العلم على أن زيارة القبور للرجال جائزة (قال الحافظ) كذا اطلقوه وفيه نظر، لأن ابن أبي شيبة وغيره رووا عن ابن سيرين وإبراهيم النخعي والشعبي أنهم كرهوا ذلك مطلقا، حتى قال الشعبي لولا نهي النبي صلى الله عليه وسلم لزرت قبر ابنتي، فلعل من أطلق أراد بالاتفاق ما استقر عليه الأمر بعد هؤلاء، وكأن هؤلاء لم يبلغهم الناسخ والله أعلم (وذهب ابن حزم) إلى زيارة القبور واجبة ولو مرة واحدة في العمر لورود الأمر به، وهذا يتنزل على الخلاف في الأمر بعد النهي هل يفيد الوجوب أو مجرد الإباحة فقط والكلام في ذلك مستوفى في كتب الأصول (وفي أحاديث الباب أيضا) عدم جواز زيارة النساء للقبور، وقد ذهب إلى الكراهة هل هي كراهة تحريم أو تنزيه، فذهب إلى كراهة التحريم بعض الشافعية والمالكية والحنفية (وذهب أكثر الشافعية وبعض الحنفية) إلى كراهة التنزيه وهو مشهور مذهب الحنابلة، قالوا وصرفه عن التحريم حديث أم عطية المتقدم في باب النهي عن اتباع الجنازة بنار أو صباح أو نساء بلفظ (نهى "أي النبي صلى الله عليه وسلم " عن اتباع الجنائز ولم يعزم علينا) وفي لفظ "نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث" (وقال أكثر الحنفية) بجوازها (وهو قول المالكية) ورواية عن الإمام أحمد قالوا إن منعهن من الزيارة كان قبل الترخيص فلما رخص فيها عمت الرخصة الرجال والنساء؛ واستدلوا بأدلة (منها) دخولهن تحت الأذن العام في قوله صلى الله عليه وسلم فزوروها، وعبر بضمير المذكر تغليبا، ولأن النساء شقائق الرجال (ومنها) الحديث الثاني من أحاديث الزوائد عن ابن ابي مليكة أن عائشة قالت كيف أقول يا رسول الله إذا زرت المقابر الخ (ومنها) ما رواه مسلم والإمام أحمد وسيأتي عن عائشة قالت كيف أقول يا رسول الله إذا زرت القبور؟ قال ولي السلام على اهل الديار من المؤمنين- الحديث" (ومنها) ما رواه الشيخان والإمام أحمد، وتقدم أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بامرأة تبكي عند قبر فقال اتقي الله واصبري فقالت إليك عني الحديث ولم ينكر عليها الزيارة (ومنها) ما رواه البيهقي والحاكم وتقدم في الزوائد أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تزور قبر عمها حمزة كل جمعة فتصلي وتبكي عنده (قال النووي) في شرح المهذب قال صاحب المستظهر وعندي إن كانت زيارتهن

لتجديد الحزن والتعديد والبكاء والنوح على ما جرت به عادتهن حرم، قال وعليه يحمل الحديث "لعن الله وزارات القبور" وإن كانت زيارتهن للاعتبار من غير تعديد ولا نياحة كره إلا أن تكون عجوزا لا تشتهي فلا يكره كحضور الجماعة في المساجد، وهذا الذي قاله حسن ومع هذا فالاحتياط للعجوز ترك الزيارة الظاهر الحديث أهـ (قلت) وبهذا يجمع بين الأحاديث المتعارضة في هذا الباب، وهو جمع حسن (قال صاحب المدخل) المالكي قد اختلفت العلماء في خروجهن على ثلاثة أقوال، بالمنع والجواز على ما يعلم في الشرع من الستر والتحفظ عكس ما يفعل اليوم، والثالث يفرق بين الشابة والمتجالة أي العجوز، قال واعلم أن الخلاف في نساء ذلك الزمان، أما خروجهن في هذا الزمان فمعاذ الله أن يقول أحد من العلماء أو من له مروءة أو غيرة في الدين بجوازه أهـ (وقال القرطبي) اللعن المذكور في الحديث إنما هو للمكثرات من الزيارة لما تقتضيه الصيغة من المبالغة، ولعل السبب ما يفضي إليه ذلك من تضييع حق الزوج والتبرج وما ينشأ من الصباح ونحو ذلك، وقد يقال إذا أمن جميع ذلك فلا مانع من الأذن لهن، لأن تذكر الموت يحتاج إليه الرجال والنساء أهـ (قال الشوكاني) وهذا الكلام هو الذي ينبغي اعتماده في الجمع بين أحاديث الباب المتعارضة في الظاهر أهـ والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضا) مشروعية زيارة قبور أهل الفترة خصوصا الأقارب لما في ذلك من صلة الرحم والاعتبار (وفيها أيضا) دليل على جواز البكاء حال الزيارة بلا صوت ولا نوح وعلى مزيد شفقته صلى الله عليه وسلم على والديه وقيامه بحقوقهما حق القيام، أما عدم الإذن له صلى الله عليه وسلم في الاستغفار لأمة فقد تقدم الكلام عليه في شرح الحديث، وقد ترجم النسائي رحمه الله لهذا الحديث بزيارة قبر المشرك، وما كان ينبغي ذلك سامحه الله (قال السندي) في حاشيته على النسائي كأنه أخذ ما ذكر في الترجمة من المنع عن الاستغفار أو من مجرد أنه الظاهر على مقتضى وجودها في وقت الجاهلية، لا من قوله بكى وأبكى، إذ لا يلزم من البكاء عند الحضور في ذلك المحل العذاب أو الكفر بل يمكن تحققه مع النجاة والإسلام أيضا، لكن من يقول بنجاة الوالدين لهم ثلاثة مسالك في ذلك (مسلك) أنهما ما بلغتهما الدعوة، ولا عذاب على من لم تبلغه، لقوله تعالى "وماكنا معذبين الخ" فلعل من سلك هذا المسلك يقول في تأويل الحديث إن الاستغفار فرع تصوير الذنب، وذلك في أوان التكليف ولا يعقل ذلك فيمن لم تبلغه الدعوة فلا حاجة إلى الاستغفار لهم فيمكن أنه ما شرع الاستغفار إلا لأهل الدعوة لا لغيرهم وإن كانوا ناجين "وأما من يقول" بأنهما أحييا له صلى الله عليه وسلم فآمنا به فيحمل هذا الحديث على أنه كان قبل الإحياء "وأما من ميقول" بأنه تعالى يوفقهما عند الامتحان يوم القيامة فهو يقول بمنع الاستغفار لهما قطعا فلا حاجة له

إلى تأويل، فاتضح وجه الحديث على جميع المسالك والله تعالى أعلم أهـ هذا وللحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله كتاب أسماه (مسالك الحنفاء في والدي المصطفى صلى الله عليه وسلم) لخصت منه ما يحتاج إليه في هذا المقام لأهميته (قال رحمه الله) بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى (مسئلة) الحكم في أبوي النبي صلى الله عليه وسلم أنهما ناجيان وليسا في النار، صرح بذلك جمع من العلماء ولهم في تقرير ذلك مسالك (المسلك الأول) أنهما ماتا قبل البعثة ولا تعذيب قبلها، لقوله تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" وقد أطبقت أئمتنا الأشاعرة من أهل الكلام والأصول والشافعية من الفقهاء على أن من مات ولم تبلغه الدعوة يموت ناجيا وإنه لا يقاتل حتى يدعي إلى الإسلام، وأنه إذا قتل يضمن بالدية والكفارة، نص عليه الإمام الشافعي رضي الله عنه وسائر الأصحاب، بل زاد بعض الأصحاب وقال إنه يجب في قتله القصاص ولكن الصحيح خلافه؛ لأنه ليس بمسلم حقيقي وشرط القصاص المكافأة، وقد علل بعض الفقهاء قوله إذا مات لا يعذب بأنه على أصل الفترة ولم يقع منه عناد ولا جاءه رسول فكذبه، وهذا المسلك أول ما سمعته في هذا المقام الذي نحن فيه من شيخنا شيخ الإسلام شرف الدين المناوي فإنه سئل عن والد النبي صلى الله عليه وسلم هل هو في النار؟ فزأر في السائل زارة شديدة، فقال له السائل هل ثبت إسلامه؟ فقال إنه مات في الفترة ولا تعذيب قبل البعثة، ونقله البسيط ابن الجوزي في كتاب مرآة الزمان عن جماعة، فإنه حكى كلام اجده على حديث إحياء أمة صلى الله عليه وسلم ثم قال ما نصه، وقال قوم قد قال الله تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" والدعوة لم تبلغ أباه وأمه فما ذنبهما، وجزم به الأبي في شرح مسلم وسأذكر عبارته، وقد ورد في أهل الفترة أحاديث أنهم بمتحنون يوم القيامة وآيات مشيرة لعدم تعذيبهم، وإلى ذلك مال حافظ العصر شيخ الإسلام أبو الفضل ابن حجر في بعض كتبه فقال والظن بآله صلى الله عليه وسلم يعني الذين ماتوا قبل البعثة أنهم يطيعون عند الامتحان إكراما له صلى الله عليه وسلم لتقر عينه بهم، ثم رأيته قال في الإصابة ورد من عدة طرق في حق الشيخ الهرم ومن مات في الفترة ومن ولد أكمه أعمى أصم ومن ولد مجنونا أو طرأ عليه الجنون قبل أن يبلغ ونحو ذلك أن كلا منهم يدلي بحجة ويقول لو عقلت أو ذكرت لآمنت، فترفع لهم نار ويقال ادخلوها، فمن كانت له بردا وسلاما، ومن امتنع ادخلها كرهاه، هذا معنى ما ورد في ذلك، قال وقد جمعت طرقه في جزء مفرد، قال ونحن نرجو أن يدخل عبد المطلب وآل بيته في جملة من يدخلها طائعا فينجو إلا أبا طالب فإنه أدرك البعثة ولم يؤمن، وثبت في ضحضاح من نار، وقد جعلت قصة الإمتحان داخلة في هذا المسلك مع أن الظاهر أنها مسلك مستقل ولكني وجدت ذلك لمعنى دقيق لا يخفى على ذوي التحقيق

(ذكر الآيات المشيرة إلى ذلك) (الأولى) قوله تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" وهذه الآية هي التي أطبقت أئمة السنة على الاستدلال بها في أنه لا تعذيب قبل البعثة وردوا بها على المعتزلة ومن وافقهم في تحكم العقل، أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم في تفسيريهما عن قتادة في قوله "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" قال إن الله ليس بمعذب أحدا حتى يسبق إليه من الله خير أو تأتيه من الله بينة (الآية الثانية) وقوله تعالى "ذلك أن لم يكن ربك مهلك القرى بظلم وأهلها غافلون" أورد هذه الآية الزركشي في شرح جمع الجوامع استدلالا على قاعدة أن شكر المنعم ليس بواجب عقلا بل بالسمع (الثالثة) قوله تعالى "ولولا أن تصيبهم مصيبة بما قدمت أيديهم فيقولوا ربنا لو أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين" أورد هذه الزركشي أيضا (وأخرج ابن أبي حاتم) في تفسيره عند هذه الآية بسند حسن عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الهالك في الفترة يقول رب لم يأتيني كتاب ولا رسول، ثم قرأ هذه الآية ثم قرأ هذه الآية "ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك ونكون من المؤمنين" (الرابعة) قوله تعالى " ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا ربنا لولا أرسلت إلينا رسولا فنتبع آياتك من قبل أن نذل ونخزى" وأخرج ابن أبي حاتم في تفسيره عند هذه الآية عن عطية العوفي قال الهالك في الفترة يقول رب لم يأتني كتاب ولا رسول وقرأ هذ الآية "ولو أنا أهلكناهم بعذاب من قبله لقالوا الخ" الآية (الخامسة) قوله تعالى "وما كان ربك مهلك القرى حتى يبعث في أمها رسولا يتلو عليهم آياتنا" أخرج ابن أبي الحاتم عن ابن عباس وقتادة في الآية قالا لم يهلك الله ملة حتى يبعث إليهم محمدا صلى الله عليه وسلم - فلما كذبوا وظلموا بذلك هلكوا (السادسة) قوله تعالى "وهذا كتاب أنزلناه مبارك فاتبعوه واتقوا لعلكم ترحمون، أن تقولوا إنما أنزل الكتاب على طائفتين من قبلنا وإن كنا عن دراستهم لغافلين" (السابعة) قوله تعالى "وما أهلكنا من قرية إلا لها منذرون ذكرى وما كنا ظالمين" أخرج عبد بن حميد وابن المنذر وابن أبي حاتم في تفاسيرهم عن قتادة في الآية قال، ما أهلك الله من قرية إلا بعد الحجة والبينة والعذر حتى يرسل الرسل وينزل الكتب تذكرة لهم وموعظة وحجة لله "ذكرى وما كنا ظالمين" يقول ما كنا لنعذبهم إلا من بعد البينة والحجة (الثامنة) قوله تعالى "وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل. أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير" قال المفسرون احتج عليهم ببعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهو المراد بالنذير في الآية (ذكر الأحاديث الواردة في أن أهل الفترة يمتحنون يوم القيامة) فمن أطاع منهم أدخل الجنة، ومن عصى أدخل النار، وهنا ذكر الحافظ السيوطي جملة أحاديث في هذا المعنى

منها ما رواه الإمام أحمد واسحق بن راهويه في مسنديهما والبيهقي في كتاب الاعتقاد وصححه عن الأسود بن سريع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أربعة يحتجون يوم القيامة. رجل أصم لا يسمع شيئا. ورجل أحمق. ورجل هرم؛ ورجل مات في فترة، فأما الأصم فيقول رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئا، وأما الأحمق فيقول رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئا، وأما الذي مات في الفترة فيقول رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه، فيرسل إليهم أن ادخلوا النار فمن دخلها كانت عليه بردا وسلاما، ومن لم يدخلها يسحب إليها، وذكر الحافظ السيوطي أحاديث أخرى لا تخرج عن معنى هذا الحديث غلى أن قال (وقال النووي) في شرح مسلم في أطفال المشركين إن المذهب الصحيح المختار الذي صار إليه المحققون أنهم في الجنة، لقوله تعالى "وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا" قال إذا كان لا يعذب البالغ لكونه لم تبلغه الدعوة فغيره أولى أهـ. فإن قلت هذا المسلك الذي قررته هل هو عام في أهل الجاهلية كلهم؟ قلت لا بل هو خاص بمن لم تبلغه دعوة نبي أصلا، أما من بلغته منهم دعوة أحد من الأنبياء السابقين، ثم أصر على كفره فهو في النار قطعا، وهذا لا نزاع فيه؛ وأما الأبوان الشريفان، فالظاهر من حالهما ما ذهبت إليه هذه الطائفة من عدم بلوغهما دعوة أحد، وذلك لمحموع أمور، تأخر زمانهما. وبعد ما بينهما وبين الأنبياء السابقين، فإن آخر الأنبياء قبل بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم عيسى عليه السلام، وكانت الفترة بينه وبين بعثة نبينا نحو ستمائة سنة، ثم أنهما كانا في زمن الجاهلية، وقد طبق الجهل الأرض شرقا وغربا وفقد من يعرف الشرائع ويبلغ الدعوة على وجهها إلا نفرا يسيرا من أحبار أخل الكتاب مفرقين في أقطار الأرض كالشام وغيرها، ولم يعهد لهما تقلب في الأسفار سوى المدينة، ولا عمرا عمرا طويلا بحيث يقع لهما فيه التنقيب والتفتبش، فإن واولد النبي صلى الله عليه وسلم لم يعش من العمر إلا قليلا (قال الحافظ) صلاح الدين العلاني في كتابه (الدرة السنية في مولد سيد البرية) كان سن عبد الله حين حملت منه آمنة برسول الله صلى الله عليه وسلم نحو ثمانية عشر عاما، ثم ذهب إلى المدينة ليمتار تمرا لأهله، فمات بها عند أخواله من بني النجار والنبي صلى الله عليه وسلم حمل على الصحيح أهـ. وأمه قريبة من ذلك لا سيما وهي امرأة مصونة محجبة في البيت عن الاجتماع بالرجال، والغالب على النساء أنهن لا يعرفن ما الرجال فيه من أمر الديانات والشرائع خصوصا في زمان الجاهلية الذي رجاله لا يعرفون ذلك فضلا عن نسائه، ولهذا لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم تعجب من بعثته أهل مكة وقالوا بعث الله بشرا رسولا، وقالوا "لو شاء ربنا لأنزل ملائكة ما سمعنا بهذا في آبائنا الأولين" فلو كان عندهم علم من بعثة الرسل ما أنكروا ذلك، وربما كانوا يظنون أن إبراهيم بعث بما هم عليه فإنهم لم يجدوا من يبلغهم

شريعة إبراهيم على وجهها لدثوروها وفقد من يعرفها، إذ كان بينهم وبين زمن زمن إبراهيم أزيد من ثلاثة آلا ف سنة، فاتضح بذلك صحة دخولها في هذا المسلك. (تنبيه) ثم رأيت الإمام ابا عبد الله محمد بن خلف الأبي بسط الكلام على هذه المسألة في شرح مسلم عند حديث إن ابي وأباك في النار، فأورد قول النووي فيه أن من مات كافرا في النار ولا تنفعه قرابة الأقربين، ثم قالت قلت انظر هذا الإطلاق، وقد قال السهيلي ليس لنا أن نقول ذلك، فقد قال صلى الله عليه وسلم لا تؤذوا الأحياء بسبب الأموات، وقال تعالى "إن الذين يؤذون الله ورسوله" ولعله يصح ما جاء أنه صلى الله عليه وسلم سأل الله سبحانه فأحيا له أبويه فآمنا به، ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا تؤذوا الأحياء بسبب الأموات، وقال تعالى "إن الذين يؤذون الله ورسوله" ولعله يصح ما جاء أنه صلى الله عليه وسلم سأل الله سبحانه فأحيا له أبويه فآمنا به، ورسول الله صلى الله عليه وسلم فوق هذا ولا يعجز الله سبحانه شيء، ثم أورد قول النووي وفيه أن من مات في الفترة على ما كانت عليه العرب من عبادة الأوثان في النار، وليس هذا من التعذيب قبل بلوغ الدعوة لأنه بلغتهم دعوة إبراهيم وغيره من الرسل، ثم قال قلت تأمل ما في كلامه من التنافي، فإن من بلغتهم الدعوة ليسوا من أهل الفترة، فإن أهل الفترة هم أمم الأمم الكائنة بين أزمنة الرسل الذين لم يرسل إليهم الأول ولا أدركوا الثاني كالأعراب الذين لم يرسل إليهم عيسى ولا لحقوا النبي صلى الله عليه وسلم، والفترة بهذا التفسير تشمل ما بين كل رسولين، ولكن الفقهاء إذا تكلموا في الفترة فإنما يعنون التي بين عيسى والنبي صلى الله عليه وسلم ولما دلت القواطع على أنه لا تعذيب حتى تقوم الحجة علمنا أنهم غير معذبين (فإن قلت) صحت أحاديث بتعذيب أهل الفترة كصاحب المحجن وغيره، قلت أجاب عن ذلك عقيل بن ابي طالب بثلاثة أجوبة (الأول) أنها أخبار آحاد فلا تعارض القاطع (الثاني) قصر التعذيب المذكور في هذه الأحاديث على من بدل وغير الشرائع وشرع من الضلال ما لا يعذر به فإن أهل الفترة (ثلاثة أقسام) (الأول) من أدرك التوحيد ببصيرته، ثم من هؤلاء فإن أهل الفترة (ثلاثة أقسام) (الأول) من أدرك التوحيد ببصيرته، ثم من هؤلاء من لم يدخل في شريعة كقس بن ساعدة وزيد بن عمرو بن نفيل، ومنهم من دخل في شريعة حتى قائمة الرسم كتبع وقومه (القسم الثاني) من بدل وغير وأشرك ولم يوحد وشرع لنفسه فحلل وحرم، وهم الأكثر كعمرو بن لحيي أول من سن للعرب عبادة الأصنام وشرع الأحكام، فبحر البحيرة. وسيب السائبة. ووصل الوصيلة. وحمى الحامي، وزادت طائفة من العرب على ما شرعه أن عبدوا الجن والملائكة. وحرقوا البنين والبنات. واتخذوا بيتا جعلوا لها سدنة وحجابا يضاهون بها الكعبة كاللات والعزى ومناة (القسم الثالث) من لم يشرك ولم يوحد ولا دخل في شريعة نبي ولا ابتكر لنفسه شريعة ولا اخترع دينا بل بقي عمره على حال غفلة من هذا كله، وفي الجاهلية من كان كذلك، فإذا انقسم أهل الفترة إلى الثلاثة الأقسام فيحمل من صح تعذيبه على أهل القسم الثاني لكفرهم بما لا يعذرون به

(وأما القسم الثالث) فهم أهل الفترة حقيقة وهم غير معذبين للقطع كما تقدم (وأما القسم الأول) فقد قال صلى الله عليه وسلم في كل من قس وزيد إنه يبعث أمة وحده (وأما تبع ونحوه) فحكمهم حكم أهل الدين الذين دخلوا فيه ما لم يلحق أحد منهم الإسلام الناسخ لكل دين أهـ ما أورده الأبي (المسلك الثاني) أنهما لم يثبت عنهما شرك، بل كانا على الحيفية دين جدهما إبراهيم عليه السلام كما كان على ذلك طائفة من العرب كزيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل وغيرهما، وهذا المسلك ذهبت إليه طائفة منهم الإمام فخر الدين الرازي فقال في كتابه أسرار التنزيل ما نصه، قيل إن آزر لم يكن والد إبراهيم بل كان عمه، واحتجوا عليه بوجوه (منها) إن آباء الأنبياء ما كانوا كفارا، ويدل عليه وجوه (منها) قوله تعالى "الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين" قيل معناه أنه كان ينقل نوره من ساجد إلى ساجد وبهذا التقدير فالآية دالة على أن جميع أباء محمد صلى الله عليه وسلم كانوا مسلمين وحينئذ يجب القطع بأن والد إبراهيم ما كان من الكافرين إنما ذاك عمه، وأقصى ما في الباب أن يحمل قوله تعالى "الذي يراك حين تقوم وتقلبك في الساجدين" قبل معناه أنه كان ينقل نوره من ساجد إلى ساجد وبهذا التقدير فالآية دالة على أن جميع أباء محمد صلى الله عليه وسلم كانوا مسلمين وحينئذ يجب القطع بأن والد إبراهيم ما كان من الكافرين إنما ذلك عمه، وأقصى ما في الباب أن يحمل قوله تعالى "وتقلبك- في الساجدين" على وجوه أخرى، وإذا وردت الروايات بالكل ولا منافاة بينها وجب حمل الآية على الكل، ومتى صح ذلك ثبت أن والد إبراهيم ما كان من عبدة الأوثان "ثم قال ومما يدل على أن أباء محمد صلى الله عليه وسلم ما كانوا مشركين" قوله عليه الصلاة والسلام "لم أزل أنقل من أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات" وقال تعالى "إنما المشركون نجس" فوجب أن لا يكون أحد من أجداده مشركا، هذا كلام الإمام فخر الدين الرازي بحروفه (المسلك الثالث) أن الله أحيا له أبويه حتى آمنا به، وهذا المسلك مال إليه طائفة كثيرة من حفاظ المحدثين وغيرهم، منهم ابن شاهين والحافظ أبو بكر الخطيب البغدادي والسهيلي والقرطبي والمحب الطبري والعلامة ناصر الدين ابن المنير وغيرهم واستدلوا لذلك بما أخرحه ابن شاهين في الناسخ والمنسوخ، والخطيب البغدادي في السابق واللاحق، والدارقطني وابن عساكر كلاهما في غرائب مالك بسند ضعيف عن عائشة رضي الله عنها قالت "حج بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع فمر بي على عقبة الحجون وهو باك حزين مغتم فنزل فمكث عني طويلا، ثم عاد إلى وهو فرح مبتسم فقلت له، فقال ذهبت لقبر أمي فسألت الله أن يحييها فأحياها فآمنت بي وردها الله" هذا الحديث ضعيف باتفاق المحدثين، بل قيل إنه موضوع، لكن الصواب ضعفه لا وضعه؛ وقد ألفت في بيان ذلك جزء مفردا. وأورد السهيلي في الروض الأنف بسند قال إن فيه مجهولين عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يحيى أبويه فأحياهما فآمنا به ثم أماتهما (وقال السهيلي) بعد إيراده، الله قادر على كل شيء، وليس تعجز رحمته وقدرته عن شيء، ونبيه صلى الله عليه وسلم أهل

أن يختص بما شاء من كرامته (وقال القرطبي) لا تعارض بين حديث الأحياء وحديث النهي عن الاستغفار، فإن إحياءهما متأخر عن الاستغفار لهما بدليل حديث عائشة أن ذلك كان في حجة الوداع، لذلك جعله ابن شاهين ناسخا لما ذكر من الأخبار (وقال العلامة ناصر الدين ابن المنير) المالكي في كتاب (المقتفي. في شرف المصطفى) وقع لنبينا صلى الله عليه وسلم إحياء الموتى نظير ما وقع لعيسى بن مريم إلى أن قال وجاء في حديث أن النبي صلى الله عليه وسلم لما منع من الاستغفار للكفار دعا الله أن يحيى له أبويه فأحياهما له فآمنا به وصدقا وماتا مؤمنين (وقال القرطبي) فضائل النبي صلى الله عليه وسلم لم تزل تتوالي ونتابع إلى حين مماتة فيكون هذا مما فضله الله به وأكرمه، قال، قال وليس إحياءهما وأيمانها به يمتنع عقلا ولا شرعا، فقد ورد في القرآن إحياء قتيل بني إسرائيل وإخباره بقاتله، وكان عيسى عليه السلام أحيا الله على يديه جماعة من الموتى، قال وإذا ثبت هذا فلا يمتنع أن إيمانها بعد إحيائهما زيادة كرامة في فضيلته (وقال الحافظ فتح الدين بن سيد الناس في سيرته بعد ذكر قصة الأحياء والأحاديث الواردة في التعذيب) وذكر بعض أهل العلم في الجمع بين هذه الروايات ما حاصله أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يزل راقيا في المقامات السنية صاعدا في الدرجات العلية إلى أن قبض الله روحه الطاهرة إليه، وأزلفه بما خصه به لديه من الكرامة حين القدوم عليه، فمن الجائز أن تكون هذه درحة حصلت له صلى الله عليه وسلم بعد أن لم تكن، وأن يكون الإحياء والإيمان متأخرا عن تلك الأحاديث فلا تعارض أهـ (وقال الحافظ) شمس بن ناصر الدين الدمشقي في كتابه المسمى (مورد الصادي في مولد الهادي صلى الله عليه وسلم بعد إيراد الحديث المكورة منشدا لنفسه حبا الله النبي فضل على فضل وكان به رءوفا فأحيا أمه وكذا أباه لإيمان به فضلا لطيفا فسلم فالقديم بذا قدير وإن كان الحديث به ضعيفا أهـ وجمع من العلماء لم تقو عندهم هذه المسالك فأبقوا حديثي مسلم ونحوهما على ظاهرها من غير عدول عنها بدعوى نسخ ولا غيره، ومع ذلك قالوا لا يجوز لأحد أن يذكر ذلك (قلت) حديثا مسلم المشار إليهما (أحدهما) حديث الباب المروي عن أبي هريرة في عدم الإذن له صلى الله عليه وسلم في الاستغفار لأمه، وتقدم الكلام عليه في الشرح (والثاني) ما رواه مسلم عن أنس أن رجلا قال يا رسول الله اين أبي؟ قال في النار، قلما ففي دعاه، فقال إن أبي وأباك في النار" لم يتفق على ذكرها الرواة، وإنما ذكرهما حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس، وهي الطريق التي رواها مسلم منها، وقد خالفه معمر عن ثابت فلم يذكر "إن أبي وأباك في النار" ولكن قاله له إذا مررت بقبر كافر فبشره بالنار، وهذا اللفظ لا دلاله فيه على والده صلى الله عليه وسلم بأمر البتة، وهو

أثبت من حيث الرواية، فإن معمرا أثبت من حماد، فإن حماداً تكلم في حفظه ووقع في أحاديثه مناكير، ذكروا أن ربيبه دسها في كتبه وكان حماد لا يحفظ فحدث بها فوهم فيها، ومن ثم لم يخرج له البخاري شيئا، ولا خرج له مسلم في الأصول إلا من رواتيه عن ثابت (قال الحاكم) في المدخل ما خرج مسلم لحماد في الأصول من حديثه عن ثابت، وقد خرج له في الشواهد عن طائفة، وأما معمر فلم يتكلم في حفظه ولا استنكر شيء من حديثه، واتفق على التخريج له الشيخان فكان لفظه أثبت، ثم وجدنا الحديثورد من حديث سعد بن أبي وقاص بمثل لفظ رواية معمر عن ثابت عن أنس، فأخرج البزار والطبراني والبيهقي من طريق إبراهيم بن سعد عن الزهري عن عامر بن سعد عن أبيه أن إعرابيا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أين أبي؟ قال في النار، قال فأين ابوك؟ قال حيثما مررت بقبر كافر فبشره بالنار، وهذا إسناد على شرط الشيخين فتعين الاعتماد على هذا اللفظ وتقديمه على غيره، وقد زاد الطبراني والبيهقي في آخره قال فأسلم الأعرابي بعد فقال كلفني رسول الله صلى الله عليه وسلم تعبا، ما مررت بقبر كافر إلا بشرته بالنار، فهذه الزيادة أوضحت بلا شك أن هذا اللفظ عام هو الذي صدر منه صلى الله عليه وسلم ورآه الأعرابي بعد إسلامه أمرا مقتضيا للامتثال فلم يسمعه إلا امتثاله، ولو كان الجواب باللفظ الأول لم يكن فيه أمر بشيء البتة، فعلم أن هذا اللفظ العام هو الذي صدر منه صلى الله عليه وسلم ورآه الأعرابي بعد إسلامه أمرا مقتضيا للامتثال فلم يسمعه إلا امتثاله، ولو كان الجواب باللفظ الأول لم يكن فيه أمر بشيء البتة، فعلم أن هذا اللفظ الأول من تصرف الراوي رواه بالمعني على حسب فهمه، وقد وقع في الصحيحين روايات كثيرة من هذا النمط فيها لفظ تصرف فيه الراويوغيره أثبت منه، كحديث مسلم عن أنس في نفي قراءة البسملة، وقد أعله الإمام الشافعي رضي الله عنه بذلك، وقال إن الثابت من طريق آخر نفي سماعها، ففهم منه الراوي نفي قراءتها فرواه بالمعنى على ما فهمه فأخطأ، ونحن أجبنا عن حديث مسلم في هذا المقام بنظير ما أجاب به إمامنا االشافعي رضي الله عنه عن حديث مسلم في نفي قراءة البسملة، ثم لو فرض اتفاق الرواة على اللفظ الأول كان معارضا بما تقدم من الأدلة؛ والحديث الصحيح إذا عارضه أدلة أخرى هي أرجح منه وجب تأويله وتقديم تلك الأدلة عليه كما هو مقرر في الأصول (قال السهيلي) في الروض الانف بعد إيراده حديث مسلم، وليس لنا نحن أن نقول ذلك في أبويه صلى الله عليه وسلم لقوله "لا تؤذوا الأحياء بسبب الأموات" وقال الله تعالي "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا مهينا" (وسئل القاضي) أبو بكر ابن العربي أحد أئمة المالكية عن رجل قال إن أبا النبي صلى الله عليه وسلم في النار؟ فأجاب بأن من قال ذلك فهو ملعون لقوله تعالى "إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة" قال ولا أذى أعظم من أن يقال عن أبيه إنه في النار (ومن العلماء من ذهب إلى قول خامس) وهو الوقف، قال الشيخ تاج الدين الفاكهاني في كتابه الفجر المنير الله أعلم بحال أبويه أهـ

(وأخرج أبو نعيم) في دلائل النبوة بسند ضعيف من طريق الزهري عن أم سماعة بنت أبي رهم عن أمها قالت شهدن آمنة أم رسول الله صلى الله عليه وسلم في علتها التي ماتت فيها ومحمد صلى الله عليه وسلم غلام يفع له خمس سنين عند رأسها فنظرت إلى وجهه ثم قالت: بارك فيك الله من غلام ... يا ابن الذي من حومه الحمام نجا بعون المالك العلام ... فودي غداة الضرب بالسهام بمائة من إبل سوام ... إن صح ما أبصرت في المنام فأنت مبعوث إلى الأنام ... تبعث في الحل وفي الحرام تبعث بالتحقيق والإسلام ... دين أبيك البر ابراهام فالله أنهاك عن الأصنام ... ألا تواليها مع الأقوام ثم قالت كل حي ميت. وكل جديد بال. وكل كبير يفنى. وأنا ميتة وذكري باق، وقد تركت خيرا وولدت ظهرا، ثم ماتت فكنا نسمع نوح الجن عليها فحفظنا من ذلك. نبكي الفتاة البرة الأمينة ... ذات الجمال العفة الرزينة زوجة عبدالله والقرينة أم نبي الله ذي السكينة وصاحب المنر بالمدينة ... صارت لدى حفرتها رهينة فأنت ترى هذا الكلام منها صريحا في النهي عن موالاة الأصنام مع الأقوام والاعتراف بدين إبراهيم وببعث ولدها إلى الأنام من عند ذي الجلال والإكرام بالإسلام، وهذه الألفاظ منافية للشرك، وقولها تبعث بالتحقيق كذا هو في النسخة، وعندي أنه تصحيح وإنما هو بالتخفيف، وإلى هنا قد انتهى ما قصدت تلخيصه من كتاب (مسالك الحنفا في والدي المصطفى صلى الله عليه وسلم (وأما أبوة صلى الله عليه وسلم) فقد نقل عنه كلمات دلت على توحيده وإيمانه بالشرائع القديمة كقوله حين عرضت امرأة نفسها عليه: أما الحرام فالممات دونه والحل لا حل فاستبينه يحمي الكريم عرضه ودينه فكيف بالأمر الذي تبغينه هذا مع ما كان عليه من كمال العفة فقد افتتن به النساء ولم ينلن منه شيئا (قال الحلواني في المواكب) القول بكفر أبويه صلى الله عليه وسلم زلة عاقل نعوذ بالله من ذلك، فمن تفوه به فقد تعرض للكفر بإيذائه صلى الله عليه وسلم فقد جاء أن عكرمة بن أبي جهل اشتكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الناس يسبون أباه، فقال صلى الله عليه وسلم "لا تؤذوا الأحياء بسبب الأموات" رواه الطبراني؛ ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره تعرض عليه أعمالنا، وإذا روعي عكرمة رضى الله عنه في أبيه بالنهي عما يتأذى به من سبه فسيد الخلق أولى وأوجب، فكيف وقد جاء أن سبيعة وكأنها المعروفة

(2) باب ما يقال عند زيارة القبور وهل يسمع الميت قول الحي (336) عن سليمان بن بريدة عن أبيه (بريدة الأسلمي) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يعلمهم إذا خرجوا إلى المقابر فكان قائلهم يقول السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين قال معاوية في حديثه إنا إن شاء الله بكم لاحقون أنتم فرطنا ونحن لكم تبع، ونسأل الله لنا ولكم العافية (337) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى

_ بدرة بنت أبي لهب جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إن الناس يصيحون بي يقولون إني ابنة حطب النار، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مغضب شديد الغضب فقال "ما بال أقوام يؤذونني في نسبي وذوي رحمي، ألا ومن آذى رحمي فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله عز وجل" أهـ باختصار (وقال العلامة السحيمي) في شرحه على عبد السلام إنه يجب اعتقاد أن جميع الأنبياء وأمهاتهم مؤمنون وأنهم في الجنة مخلدون، هذا هو الذي نعتقده ونلقي الله إن شاء الله تعالى عليه والحمد لله رب العالمين أهـ (336) عن سليمان بن بريدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية ابن هشام وأبو أحمد قالا ثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة - الحديث" (غريبه) (1) أهل منصوب على النداء أي يا أهل (والديار) جمع دار واسم الدار يقع على المقابر (قال الخطابي) وهو صحيح فإن الدار في اللغة تقع على الربع المسكون وعلى الخراب غير المأهول (2) فيه أن المسلم والمؤمن قد يكونان بمعنى واحد، وعطف أحدهما على الآخر لاختلاف اللفظ، وهو بمعنى قوله تعالى "فاخرجنا من كان فيها من المؤمنين. فما وجدنا فيها غير بيت من المسلمين" ولا يجوز أن يكون المراد بالمسلم في هذا الحديث غير المؤمن إن كان منافقا لا يجوز السلام عليه والترحم، قاله النووي (وقوله قال معاوية في حديثه) يغني معاوية بن هشام أحد رجال السند (3) التقييد بالمشيئة على سبيل التبرك وامتثال قول الله تعالى "ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله" وقبل المشيئة عائدة إلى الكون معهم في تلك التربة، وقيل غير ذلك "وقوله فرطنا" أي سبقتمونا بالموت يقال يفرط فهو فارط، وفرط إذا تقدم القوم وسبق (تخريجه) (م. نس. جه. هق) (337) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبدالله أبي ثنا محمد

آله وصحبه وسلم أنه أتى المقبرة فسلم على أهل المقبرة فقال سلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون الحديث. (338) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال أنا ابن جريج قال حدثني عبد الله رجل من قريش أنه سمع محمد بن قيس بن مخرمة بن المطلب أنه قال يوما ألا أحدثكم عني وعن أمي؟ فظننا أنه يريد أمه التي ولدته، قال قالت عائشة ألا أحدثكم عني وعن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؟ قلت بلى، قال قالت لما كانت ليلتي التي كان النبي

_ ابن جعفر ثنا شعبة قال سمعت العلاء بن عبد الرحمن يحدث عن أبيه عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (1) رواية مسلم وأبي داود "السلام عليكم" بلام التعريف (2) الحديث له بقية وسيأتي بتمامه في أبواب ما جاء في الحوض والكوثر من كتاب قيام الساعة إن شاء الله تعالى (تخريجه) (م. د. هق) (338) حدثنا عبد الله (غريبه) (3) هكذا وقع في السند عند مسلم أيضا بلفظ "اخبرني عبد الله رجل من قريش" (قال القاضي عياض) رحمه الله هكذا وقع في مسلم في إسناده حجاج عن ابن جريج أخبرني عبدالله رجل من قريش، وكذا رواه أحمد بن حنبل، وقال النسائي وأبو نعيم الجرجاني وأبو بكر النيسابوري وأبو عبد الله الجرجاني كلهم عن يوسف بن سعيد المصيصي حدثنا حجاج عن ابن جريج أخبرني عبدالله بن أبي مليكة (وقال الدارقطني) هو عبد الله بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة، قال أبو علي الغساني الجياني هذا الحديث أحد الأحاديث المقطوعة في مسلم، وقال وهو أيضا من الأحاديث التي وهم في رواتها، وقد رواه عبد الرزاق في مصنفه عن ابن جريج قال أخبرني محمد بن قيس بن مخرمة أنه سمع عائشة (قال القاضي) قوله إن هذا مقطوع لا يوافق عليه بل هو مسند، وإنما لم يسم بعض رواته فهو من باب المجهول لا من باب المنقطع، إذا المنقطع ما سقط من رواته راو قبل التابعي (قال القاضي) ووقع في سنده إشكال آخر، وهو أن قول مسلم "وحدثني من سمع حجاجا الأعور واللفظ له قال حدثنا حجاج بن محمد. يوهم أن حجاجا الأعور حدث به عن آخر يقال له حجاج ابن محمد" وليس كذا. بل حجاج الأعور هو حجاج بن محمج بلاشك، وتقدير كلام مسلم حدثني من سمع حجاجا الأعور قال هذا المحدث حدثني حجاج بن محمد فحكى لفظ المحدث أهـ (قال النووي) هذا كلام القاضي، ولا يقدح رواية مسلم لهذا الحديث عن هذا المجهول الذي

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فيها عندي انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه وبسط طرف إزاره على فراشه فاضطجع، فلم يلبث إلا ريثما ظن أني قد رقدت فأخذ رداءه رويدا وانتعل رويدا وفتح الباب فخرج ثم أجافه رويدا فجعلت درعي في رأسي واختمرت وتقنعت إزاري ثم انطلقت على إثره حتى جاء البقيع فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات ثم انحرف فانحرفت، فأسرع فأسرعت، فهرول فهرولت، فأحضر فأحضرت فسبقته، فدخلت، فليس إلا أن اضطجعت فدخل فقال مالك يا عائش حشيا رابية؟ قالت قلت لا شيء يا رسول الله، قال لتخبريني أو ليخبرني اللطيف الخبير، قالت قلت يا رسول الله

_ سمعه منه عن حجاج الأعور، لأن مسلما ذكره متابعة لا متأصلا معتمدا عليه، بل الاعتماد على الإسناد الصحيح قبله (1) أي رجع من صلاة العشاء (2) بفتح الراء وسكون الياء بعدها مثلثة مفتوحة أي قدر ما ظن أني قد رقدت (3) أي برفق لئلا ينبهها (4) بالجيم أي أغلقه، وإنما فعل ذلك صلى الله عليه وسلم في خفية لئلا يوقظها ويخرج عنها فربما لحقها وحشة في انفرادها في ظلمة الليل، وهذا من كمال خقله ورحمته بأهله صلى الله عليه وسلم (5) درع المرأة قميصها أي لبست قميصها (واختمرت) أي غطت رأسها بالخمار وهو ما تستر به المرأة رأسها ورقبتها (6) قال النووي هكذا هو في الأصول بغير باء في أوله، وكأنه بمعنى لبست إزاي فلهذا عدى بنفسه (7) أي بقيع الغرقد، وهو مقبرة المسلم بالمدينة (8) قال النووي فيه استحباب إطالة الدعاء وتكريره ورفع اليدين فيه، وفيه أن الدعاء القائم أكمل من دعاء الجالس في القبور (9) من الإحضار بحاء مهملة وضاد معجمة بمعنى العدو بسكون الدال المهملة (10) قال النووي يجوز في عائش فتح الشين وضمها وهما وجهان جاريان في كل المرخمات، وفيه جواز ترخيم الاسم إذا لم يكن فيه إيذاء للمرخم "وحشيا" بفتح الحاء المهملة وإسكان الشين المعجمة مقصور، معناه وقد وقع عليك الحشا، وهو الربو والتهيج الذي يعرض للمسرع في مشيه والمحتد في كلامه من ارتفاع النفس وتواتره، يقال امرأة حشياء وحشية ورجل حشيان وحشش، قيل أصله من أصاب الربو حشاه "وقوله رابية" أي مرتفعة البطن

بأبي أنت وأمي فأخبرته قال فأنت السواد الذي رأيت أمامي؟ قلت نعم، فلهزني في ظهري لهزة فأرجعتني، وقال أظننت أن يحيف عليك الله ورسوله؟ قالت مهما يكتم الناس يعلمه الله، قال نعم، فإن جبريل عليه السلام أتاني حين رأيت فناداني فأخفاه منك، فأجبته فأخفيته منك، ولم يكن ليدخل عليك وقد وضعت ثيابك، وظننت أنك قد رقدت فكرهت أن أوقظك وخشيت أن تستوحشي، فقال إن ربك جل وعز يأمرك أن تأتي أهل البقيع فتستغفر لهم، قالت فكيف أقول يا رسول الله؟ فقال قولي السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا إن شاء الله للاحقون. (339) عن عائشة رضي الله عنها قالت قام النبي صلى الله عليه وسلم من الليل فظننت

_ (1) أي أفديك بأبي وأمي "وقوله السواد" أي الشخص (2) بزاي معجمة في آخره واللهز الضرب بجمع الكف، وفي رواية مسلم فلهدني بالدال المهملة من اللهد وهو الدفع الشديد في الصدر، وكانت الضربة شديدة ولذلك أوجعتها، وإنما فعل ذلك صلى الله عليه وسلم، وإنما فعل ذلك النبي صلى الله عليه وسلم تأديبا لها من سوء الظن (3) من الحيف بمعنى الجور أي بأن يدخل الرسول في نوبتك على غيرك، وأسند الفعل أولا لله عز وجل للدلالة على أن الرسول لا يمكن أن يفعل بدون إذن من الله تعالى، فلو كان منه جور لكان بإذن الله تعالى له فيه وهذا غير ممكن، ويستفاد منه أن القسم كان واجبا عليه صلى الله عليه وسلم إذ لا يكون تركه جورا إلا إذا كان واجبا (4) أي القبور تشبيها للقبر بالدار في كونها مسكنا (5) أي المتقدمين ولا طلب في السين، وكذا المستأخرين "وقوله إن شاء الله" تبرك أو للموت على الإيمان، اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة واختم لنا بالإيمان (تخريجه) (م. نس) وفي رواية أخرى لمسلم عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول السلام عليكم دار قوم مؤمنين وأتاكم ما توعدون غدا مؤجلون، وإن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد. (339) عن عائشة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر

أنه يأتي بعض نسائه فاتبعتع فأتى المقابر، ثم قال سلام عليكم دار قوم مؤمنين (زادني رواية وأنتم لنا فرط) وإنا بكم لاحقون، اللهم لا ترحمنا أجرهم، ولا تفتنا بعدهم، قالت ثم التفت فرآني فقال ويحها لواستطاعت ما فعلت. (340) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على القليب يوم بدر فقال يا فلان يا فلان يا فلان هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ أما والله إنهم الآن ليسمعون كلامي، قال يحيى فقالت عائشة غفر الله لأبي عبد الرحمن إنه وهل إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله إنهم ليعلمون

_ قال ثنا شريف عن عاصم بن عبيد الله عن القاسم عن عائشة- الحديث" (غريبه) (1) ويح كلمة ترحم وقوله "لو استطاعت ما فعلت" معناه والله أعلم أنها لو استطاعت كبح جماح الغيرة ما قامت من مضجعها واتبعتني (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد، وفي إسناده عاصم بن عبيد الله ضعيف، وقال العجلي لا بأس به، وقال ابن عدي هو مع ضعفه يكتب حديثه أهـ (قلت) وفيه أيضا من اسمه شريف لم أقف على من ترجم له، ويعضده ما قبله. (340) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبدالله حدثنا أبي ثنا يزيد أنا محمد يعني ابن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب أنه حدثهم عن ابن عمر أنه قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (2) القليب هي البئر كما صرح بذلك في رواية عند مسلم قال (فجعلوا في بئر بعضهم على بعض" وله في رواية أخرى "فألقوا في طوى من أطواء بدر" قال النووي القليب والطوى بمعنى؛ وهي البئر المطوية بالحجارة أهـ (3) هو ابن عبد الرحمن بن حاطب أحد رجال السند (4) بفتحات أي ذهب وهمه إلى ذلك، ويجوز أن يكون بمعنى سها وغلط، يقال منه وهل في الشيء وعن الشيء بالكسر يوهل فهو وهل (نه) (قلت) وإنما قالت عائشة رضي الله عنها باعتبار ما بلغها، والظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما رواه ابن عمر وما روته عائشة، فسمع ابن عمر الجملتين ولم يبلغ عائشة إلا الجملة الأخيرة، لأنه لم يثبت أنها شهدت غزوة بدر وسمعت ذلك من النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام، على أنه لو ثبت ذلك لكان الوهل منها أقرب، لما ثبت في الأحاديث الصحيحة التي لا مدفع لها عن كثير من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم أن الميت يسمع خطاب الحي وحركته بعد الدفن وعند الزيارة

الآن أن الذي كنت أقول لهم حقا، وإن الله تعالى يقول (إنك لا تسمع الموتى (وما أنت بمسمع من في القبور)

_ وتقدم في هذا الكتاب (أي كتاب الجنازة) شيء كثير من هذا القبيل، أما استدلالها بالآية فلاحجة فيه، فقد قال العلماء هي محمولة على الكفار الاحياء الذين لم يستجيبوا للنبي صلى الله عليه وسلم مجازا، فإن قلوبهم ميتة مقبورة لا تعي ما يقال لها (قال ابن عبد البر) ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال " ما من مسلم يمر بقبر أخ كان يعرفه في الدنيا فيسلم عليه إلا رد الله عليه روحه حتى يرد عليه السلام" (وقال الحافظ ابن القيم في كتابه الروح) وفي الصحيحين من وجوه متعددة أنه صلى الله عليه وسلم أمر بقتلى بدر فألقوا في قليب ثم جاء حتى وقف عليهم وناداهم بأسمائهم يا فلان بن فلان ويا فلان بن فلان هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فإني وجدت ما وعدني ربي حقا، فقال له عمر يا رسول الله ما يخاطب من أقوام قد جيفوا (أي انتنوا) فقال والذي بعثني بالحق ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكن لا يستطيعون جوابا، وأما قوله تعالى "وما أنت بمسمع من في القبور" فسياق الآية يدل على أن الكافر ميت القلب لا يقدر على اسماعه اسماعا ينتفع به أي إجابته، كما أن من في القبر لا يقدر على إسماعه إسماعا يجيب عنه، وكذا (إنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين) أي كما أنك لا تسمع الموتى اسماعا يستجيبون له، فكذلك الصم إذا أدبروا؛ فانضم إذا صممهم إلى عدم إبصارهم بإدبارهم لم يقدر أن يسمعهم اسماعا يستجيبون له، فحال هؤلاء الكفار في عدم الاستجابة كحالهم، فإن قلوبهم ميتة وصم عن الحق، ولم ينف عنهم السماع بالكلية، يوضحه قوله عقبه "إن أنت إلا نذير" كيف وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم من حديث أنس في الصحيحين أن الميت يسمع قرع نعال المشيعين له إذا انصرفوا أهـ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (زوائد الباب) (عن عمر رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى البقيع بقيع الغرقد فقال السلام على أهل الديار من المسلمين والمؤمنين ورحم الله المستقدمين وإنا إن شاء الله لا حقوق يعني بكم، رواه البزار وفيه غالب بن عبد الله وهو ضعيف (وعنه أيضا) قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على مصعب بن عمير حين رجع من أحد فوقف عليه وعلى أصحابه، فقال أشهد أنكم أحياء عند الله، فزورهم وسلموا عليهم، فو الذي نفسي بيده لا يسلم عليهم أحد إلا ردوا عليه يوم القيامة، رواه الطبراني في الكبير، وفيه ابو بلال الأشعري ضعفه الدارقطني (وعن مجمع بن حارثة) رضي الله عنه قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة من بني عمرو بن عوف حتى انتهى غلى المقبرة، فقال

السلام على أهل القبور ثلاث مرات من كان منكم من المؤمنين والمسلمين، أنتم لنا فرط ونحن لكم تبع، عافانا الله وإياكم، رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه اسماعيل بن عياش؛ وفيه كلام وقد وثق، أورد هذه الأحاديث الثلاثة الحافظ الهيثمي ويعضدها ما تقدم من أحاديث الباب (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المدينة فأقبل عليهم بوجهه فقال السلام عليكم يا أهل القبور يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر، رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب (وعن الحسن البصري) قال من دخل المقابر فقال اللهم رب الأجسام البالية والعظام النخرة التي خرجت من الدنيا وهي بك مؤمنة أدخل عليها روحا (بفتح فسكون أي رحمة) منك وسلاما مني؛ استغفر له كل مؤمن مات منذ خلق آدم، رواه ابن أبي شيبة في مصنفه (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية السلام على الأموات عند زيارتهم والدعاء لهم بالعافية، وباستحباب ذلك قال جمهور العلماء (قال الخطابي وغيره) إن السلام على الأموات والأحياء سواء في تقديم السلام على عليكم، بخلاف ما كانت الجاهلية عليه كقولهم. عليكم سلام الله قيس بن عاصم ورحمته ما شاء أن يترجما أهـ (قال النووي رحمه الله) ويستحب للزائر أن يسلم على المقابر ويدعو لمن يزوره ولجميع أهل المقبرة، والأفضل أن يكون السلام والدعاء بما ثبت في الحديث، ويستحب أن يقرأ من القرآن ما تيسر ويدعو لهم عقيها، نص عليه الشافعي واتفق عليه الأصحاب، قال الحافظ أبو موسى الأصفهاني رحمه الله في كتابه آداب زيارة القبور، الزائر بالخيار إن شاء زار قائما وإن شاء قعد كما يزور الرجل أخاه في الحياة، فربما جلس عنده وربما زاره قائما أومارا، قال وروى القيام عند القبر من حديث أبي أمامة والحكم بن الحارث وابن عمر وأنس، وعن جماعة من السلف رضي الله عنهم، قال أبو موسى وقال الإمام أبو الحسن محمد ابن مرزوق الزعفراني وكان من الفقهاء المحققين في كتابه في الجنائز ولا يستلم القبر بيده ولا يقبله، قال وعلى هذا مضت السنة، قال أبو الحسن واستلام القبور وتقبيلها الذي يفعله العوام الآن من المبتدعات المنكرة شرعا ينبغي تجنب فعله وينهى فاعله وينهى فاعله، قال فمن قصد السلام على ميت سلم عليه من قبل وجهه، وإذا أراد الدعاء تحول عن موضعه واستقبل القبلة، قال أبو موسى وقال الفقهاء المتبحرون الخراسانيون المستحب في زيارة القبور أن يقف مستدير القبلة مستقبلا وجه الميت يسلم ولا يمسح القبر ولا يقبله ولا يمسه =، فإن ذلك عادة النصارى، قال وما ذكروه صحيح لأنه قد صح النهي عن تعظيم القبور، ولأنه إذا لم يستحب استلام الركنين الشاميين من أركان الكعبة لكونه لم يسن استحباب استلام الركنين الآخرين، فلأن لا يستحب

من القبور أولى والله أعلم أهـ (وقال الحافظ ابن القيم) في الهدى كان صلى الله عليه وسلم إذا زار قبور أصحابه يزورها للدعاء لهم والترحم عليهم والاستغفار لهم، وهذه هي الزيارة التي سنها لأمته وشرعها لهم وأمرهم أن يقولوا إذا زاروها السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية، وكان هديه أن يقول ويفعل عند زيارتها من جنس ما يقوله عند الصلاة عليه من الدعاء والترحم والاستغفار، فأبي المشركون الأدعاء والإشراك به والأقسام على الله به سؤاله الحوائج والاستعانة به والتوجه إليه، بعكس هديه صلى الله عليه وسلم فإنه هدى توحيد وإحسان إلى الميت، وهدى هؤلاء شرك وإساءة إلى نفوسهم وإلى الميت، وهم ثلاثة أقسام، إما أن يدعو به أو عنده، ويرون الدعاء عنده أوجب وأولى من الدعاء في المساجد، ومن تأمل هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه تبين الفرق بين الأمرين وبالله أهـ (وقال الإمام محمد بن اسماعيل الصنعاني) صاحب كتاب سبل السلام في رسالته (تطهير الاعتقاد من أدران الالحاد) بعد كلام طويل في هذا الموضوع (فإن قلت) هذا أمر عم البلاد واجتمعت عليه سكان الأغوار والانجاد وطبق الأرض شرقا وغربا ويمنما وشاما وجنوبا وشمالا بحيث لا بلدة من بلاد الإسلام ولا قرية من قراه إلا وفيها قبور ومشاهد، وأحياء يعتقدون فيها ويعظمونها وينذرون لها ويهتفون بأمسائها ويحلفون ويطوفون بفناء القبور ويسرجونها ويلقون عليها الورد والرياحين ويلبسونها الثياب ويصنعون كل أمر ويقدرون عليه من العيادة لها وما في معناها من التعظيم والخشوع والتذلل والافتقار إليها، بل هذه مساجد المسلمين غالبا لا تخلو عن قبر أو مشهد يقصده المصلون في أوقات الصلاة يصنعون فيه ما ذكر أو بعضه، ولا يسع العاقل أن منكرا يبلغ إلى ما ذكرت من الشناعة والقباحة ويسكت عليه علماء الإسلام الذين ثبتت لهم الوطأة في جميع جهات الدنيا (قلت) إن أردت الأنصاف، وتركت متابعة الأسلاف، وعرفت أن الحق ما قام عليه الدليل، لا ما اتفق عليه العوالم جيلا بعد جيل وقبيلا بعد قبيل، فاعلم أن هذه الأمور التي تدندن حول انكارها، ونسعى في هدم منارها، صادرة عن العامة الذين اسلامهم تقليد الآباء بلا دليل؛ ومتابعتهم لهم من غير فرق بين دني ومثيل، ينشأ الواحد فيهم فيجد أهل قريته وأصحاب بلدته يلقنونه في الطفولية أن يهتف باسم من يعتقدون فيه، ويراهم ينذرون له ويعظمونه ويرحلون به إلى محل قبره ويلطخونه بترابه ويطوفون به على قبره، فينشأ على هذا الصغير رشاخ عليه الكبير، ولا يسمعون من أحد انكارا عليهم، بل ترى من يتسم بالعلم ويدعي الفضل وينتصب للقضاء

أو الفتيا أو التدريس أو الولاية والمعرفة أو الأمارة والحكومة معظما لما يعظمونه مكرما لما يكرمونه قابضا للنذور، آكلا ما ينحر على القبور، فيظن أن هذا دين الإسلام، وأنه رأس الدين والسنام، ولا يخفي على أحد يتأهل للنظر، ويعرف بارقة من علم الكتاب والسنة والأثر، أن سكوت العالم أو العالم على وقوع منكر ليس دليلا على جواز ذلك المنكر، ولنضرب لك مثلا من ذلك، وهي هذه المكوس المسماة بالمجابي المعلوم من ضرورة الدين تحريمها قد ملأت الديار والبقاع، وصارت أمرا مأنوسا لا يلج إنكارها إلى سمع من الأسماع، وقد امتدت أيدي المكاسين في أشرف البقاع، في مكة أم القرى يقبضونها من القاصدين لأداء فريضة الإسلام، ويرتكبون في البلد الحرام كل فعل حرام (1) وسكانها من فضلاء الأنام، والعلماء والحكام ساكتون عن الأنكار معرضون عن بيان أنها ظلم وعدوان، أفيكون السكوت من العلماء بل من العالم دليلا على جوازها وأخذها، هذا لا يقوله من له أدنى إدراك، بل أضرب لك مثلا آخر، هذا حرم الله الذي هو أفضل بقاع الدنيا باتفاق وإجماع العلماء، أحدث فيه بعض ملوك الشراكسة الجهلة الضلال هذه المقامات الأربعة التي فرقت عبادة العباد (2) واشتملت على ما لا يحصيه إلا الله عز وجل من الفساد، وفرقت عبادات المسلمين وصيرتهم كالملل المختلفة في الدين، بدعة قرت بها عين إبليس اللعين، وصيرت المسلمين ضحكة للشياطين، وقد سكت الناس عليها، ووفد علماء الآفاق والأقطار إليها، وشاهدها كل ذي عينين، وسمع بها كل ذي أذنين، أفهذا السكوت دليل على جوازها، هذا لا يقوله من له إلمام بشيء من المعارف، وكذلك سكوتهم على هذه الأشياء الصادرة من عباد القبور (فإن قلت) يلزم من هذا أن الأمة قد اجتمعت على ضلالة حيث سكتت عن إنكارها لأعظم جهالة (قلت) الإجماع حقيقة اتفاق مجتهدي أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر بعد عصره وفقهاء المذاهب الأربعة يحيلون الاجتهاد من بعد الأئمة الأربعة، وإن كان هذا قولا باطلا، وكلاما لا يقوله إلا من كان للحقائق جاهلا، فعلى زعمهم لا إجماع أبدا من بعد الأئمة الأربعة فلا يرد السؤال، فإن هذا الابتداع والفتنة بالقبور لم يكن على عهد أئمة المذاهب

_ (1) كان ذلك في الزمن السابق أما الآن فقد استنارت الأفكار وانتشر الفقه بين أهل الحرمين الشريفين وفي الأرض المقدسة واختفى كثير من المبتدعات وعم الأمن تلك البلاد وسهل الحج واستراح العباد. (2) لعل المصنف يعني جعل أربعة أئمة للصلاة، كل إمام على مذهب من المذاهب الأربعة يصلي بإتباع ذلك المذهب، وقد زال الآن واجتمع الناس على إمام واحد يصلي بهم جميعا، وذلك بهمة حكومة الحجاز وعلى رأسها جلالة الملك الهمام عبد العزيز بن سعود، وإنا لنسأل الله أن يوفق أمراء الإسلام وملوكه في كل مكان إلى نصر السنة وقمع البدعة، آمين.

كتاب الزكاة

(8) كتاب الزكاة (*) (1) باب ما ورد في فضلها (1) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل يقبل الصدقات ويأخذها بيمينه فيريها لأحدكم كما يربي

_ الأربعة، وعلى ما تحققه فالإجماع وقوعه محال، فإن الأمة المحمدية قد ملأت الآفاق وصارت في كل أرض وتحت كل نجم، فعلماءنا المحققون لا ينحصرون ولا يتم لأحد معرفة أحوالهم، فمن ادعى الإجماع بعد انتشار الدين وكثرة علماء المسلمين فإنها دعوى كاذبة كما قاله أئمة التحقيق أهـ (أما قراءة القرآن) من الزائر عند القبر فقد تقدم الكلام عليها في أحكام باب وصول ثواب القرب المهداة إلى الميت صحيفة 105 من هذا الجزء، والله الموفق للصواب وإليه المرجع والمآب. (1) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبدالله أبي ثنا وكيع قال ثنا عباد منصور واسماعيل عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (1) في حديث عائشة عند البزار "فيتلقاها الرحمن بيده" نحن نؤمن بهذا الحديث وأمثاله من أحاديث الصفات كما نؤمن بذات

أحدكم مهره أو فلوه أو فصيلة حتى إن القمة لتصير مثثل جبل أحد، قال وكيع في حديثه وتصديق ذلك في كتاب الله وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات، ويمحق الله الربا ويربي الصدقات. (2) وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من عبد مؤمن تصدق بصدقة من طيب ولا يقبل الله إلا طيبا ولا يصعد إلى السماء إلا طيب إلا وهو

_ الله عز وجل من غير تشبيه ولا تمثيل (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير) وقال صاحب اللمعات في تفسير قوله ويأخذها بيمينه، والمراد حسن القبول ووقعها منه عز وجل موقع الرضا، وذكر اليمين للتعظيم والتشريف وكلتا يدي الرحمن أهـ (1) المهر بضم الميم وسكون الهاء، قال في القاموس المهر بالضم ولد الفرس أو أول ما ينتج منه ومن غيره، جمعه أمهار ومهار ومهارة والأنثى مهرة أهـ (والفلو بفتح الفاء وضم اللام وتشديد الواو) وهو المهر لأنه يفلي أي يفطم، وقيل هو كل فطيم من ذات حافر، والجمع أفلاء كعد وأعداء، وقال أبو زيد إذا فتحت الفاء شددت الواو، وإذا كسرتها سكنت اللام كجرو، وضرب به المثل لأنه يزيد زيادة بينة، ولأنه الصدقة نتاج العمل، وأحوج ما يكون النتاج إلى التربية إذا كان فطيما، فإذا أحسن العناية به انتهى إلى حد الكمال، وكذلك عمل ابن آدم لا سيما الصدقة، فإن العبد إذا تصدق من كسب طيب لا يزال نظر الله إليهما يكسبها نعت الكمال حتى ينتهي بالتضعيف إلى نصاب نقع المناسبة بينه وبين ما قدم، نسبة ما بين اللقمة إلى الجبل (والفصيل) هو ما فصل عن لبن أمه، وأكثر ما يطلق فب الإبل وقد يقال في البقر، ووقع عند الترمذي فلوه أو مهره ولعبد الرزاق مهره أو فصيله، وللبزار مهره أو رضيعه أو فصيله، وهذا يشعر بأن أو للشك من الراوي (2) ليست الآية كذلك، ووقع مثل ذلك عند الترمذي وهو تخليط من بعض الرواة كما قال العراقي، والصواب "ألم يعلموا أن الله هو يقبل التوبة عن عباده ويأخذ الصدقات" أي يقبلها ويثيب عليها "وقوله يمحق الله الربا" أي ينقصه ويذهب ببركته "ويربي الصدقات" أي يزيدها وينميها ويضاعف ثوابها (تخريجه) (مذ) وصححه، وقد صرح بصحته أيضا المنذري، وروى مسلم نحوه عن عائشة. (2) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا قتيبة ثنا بكر بن مضر عن ابن عجلان أن سعد بن يسار أبا الحباب أخبره عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (3) أي من حلال وقوله "ولا يقبل الله إلا طيبا ولا يصعد إلى السماء

يضعها في يد الرحمن أو في كف الرحمن فيربيها له كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى إن التمرة لتكون مثل الجبل العظيم. (3) وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (4) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل البخيل والمتصدق مثل رجلين عليهما جبتان من حديد قد اضطرت أيديهما إلى تراقيهما فكلما هم المتصدق بصدقة اتسمت عليه حتى

_ إلا طيب" جملة معترضة ما قبله، وفيه إشارة إلى أن غير الحلال غير مقبول، (قال القرطبي) وإنما لا يقبل الله الصدفة بالحرام لأنه غير مملوك للمتصدق وهو ممنوع من التصرف فيه، والمتصدق به متصرف فيه، فلو قبل منه لزم أن يكون الشيء مأمورا منهيا من وجه واحد وهو محال أهـ (تخريجه) (ق. نس) (3) عن عائشة حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا حماد عن ثابت عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله ليربي لأحدكم الثمرة واللقمة كما يربي أحدكم فلوه أو فصيله حتى يكون مثل أحد (تخريجه) (م) (4) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة - الحديث" (تخريجه) (1) بضم الجيم وتشديد الباء الموحدة، كذا في هذه الرواية ومثلها للبخاري، ووقع في رواية لمسلم وكذا النسائي جبتان أو جنتان (قال النووي) أما جبتان أو جنتان (فالأول بالباء) والثاني بالنون (ووقع في بعض الأصول عكسه أهـ. وقال ابن قرقول والنون أصوب بلا شك وهي الدرع، يدل عليه قوله في الحديث نفسه "لزقت كل حلقة" (يعني في رواية البخاري) وفي لفظ فأخذت كل حلقة موضعها، وكذا قوله من حديد أهـ (قال العيني) ورواه حنظلة بن أبي سفيان الجمحي عن طاوس بالنون كما يجيء عن قريب (يعني البخاري) ورجحت هذه الرواية بما قاله ابن قرقول، والجنة هي الحصن في الأصل، وسميت بها الدرع لأنها تجن صاحبها أي تحصنه، والجبة بالباء الموحدة هي الثوب المعين (وقال الزمخشري) في الفائق جنتان بالنون في هذا الموضع بلا شك ولا اختلاف (يعني في رواية أخرى عند مسلم) وقال الطيبي هو الأنسب، لأن الدرع لا يسمي جبة بالباء بل بالنون أهـ (3) جمع ترقوة

تعفى أثره وكلما هم البخيل بصدقة انقبضت عليه كل خلقة منها إلى صاحبتها وتقلصت عليه قال فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيجهد أن يوسعها فلا تتسع. (5) عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما طلعت شمس قط إلا بعث بجنتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض إلا

_ ويقال الترائق أيضا على القلب، وقال ثابت في خلق الإنسان الترقوتان هما العظمان المشرقان في أعلى الصدر من رأس المنكبين إلى طرف ثغره النحر، وهي اللهزمة التي بينهما، نقله العيني (1) تعفى بتشديد الفاء للمبالغة أي تعفو، قال السندري والمعنى أنها تمحو أثر مشيه بسبوغها وكمالها كثوب يجر على الأرض يمحو أثر صاحبه إذا ممشى بمرور الذيل عليه، وفيه إشارة إلى كمال الاتساع والإسباغ، والمراد أن الجواد إذا هم بالنفقة اتسع كذلك بتوفيق الله تعالى صدره وطاوعته يداه فامتدتا بالعطاء والبذل، والبخيل يضيق صدره وتنقبض يده من الإنفاق في المعروف أهـ وإليه أشار بقوله "انقبضت عليه كل حلقة منها إلى صاحبتها وتقلصت عليه" أي اجتمعت، وانضم بعضها إلى بعض فضاقت عليه وعضت كل حلقة مكانها في رواية (2) أي فيجتهد أن يحاول توسيعها فلا يمكنه ذلك (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم) قال الخطابي في معنى الحديث هذا مثل ضربه صلى الله عليه وسلم للجواد والبخيل، وشبهها برجلين أراد أن يلبس كل واحد منهما درعا يستجن بها، والدرع أول ما يلبس إنما يقع على موصع الصدر والثديين إلى أن يسلك لابسها يديه في كميه ويرسل ذيلها على أسفل بدنه فيستمر سفلا، فجعل صلى الله عليه وسلم مثل المنفق مثل من لبس درعا سابغة فاسترسلت عليه حتى سترت جميع بدنه (وجعل البخيل) كرجل يداه مغلولتان ما بين دون صدره. فإذا أراد لبس الدرع حالت يداه بينها وبين أن أن تمر سفلا على البدن واجتمعت في عنقه فلزمت ترقوته فكانت ثقلا ووبالا عليه من غير وقاية له وتحصين لبدنه، وحاصله أن الجواد إذا هم بالنفقة اتسع لذلك صدره وطاوعت يداه فامتدتا بالعطاء، وأن البخيل يضيق صدره وتنقبض يده عن الاتفاق؛ وثيل ضرب المثل بهما لأن المنفق يستره الله بنفقته ويستر عوراته في الدنيا والآخرة كستر هذه الجبة لابسها والبخيل كمن لبس جبة إلى ثدييه فيبقى مكشوفا ظاهر العورة مفتضحا في الدارين أهـ (5) عن أبي الدرداء (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدي ثنا همام عن قتادة عن خليد العصيري عن أبي الدرداء رضي الله عنه- الحديث"

الثقلين يا أيها الناس هلموا إلى ربكم فإن ما قل وكفى خير مما كثر وألهى ولا آبت شمس قط إلا بعث بجنتيها ملكان يناديان يسمعان أهل الأرض إلا الثقلين، اللهم أعط متفقا خلفا وأعط ممسكا مالا تلفا. (6) عن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله

_ (غريبه) (1) أي الأنس والجن "وقوله هلموا" أي أقبلوا إلى ربكم وتصدقوا بفضل ما لكم ولا تبخلوا به رغبة في التكثير؛ فإن ما قل من المال وكفى صاحبه بعد إخراج الصدقة منه خير مما كثر وألهى صاحبه عن التصدق وفعل الخير (2) أي غربت (3) أبهم الخلف ليتناول المال والثواب وغيرهما، وكم من منفق مات قبل أن يقع له الخلف المالي فيكون خلفه الثواب المعد له في الآخرة أو يدفع عنه من السوء ما يقابل ذلك (4) هكذا رواية الإمام أحمد عن أبي الدرداء بزيادة "مالا" وعند الشيخين من حديث أبي هريرة بدون ذكر المال، ولفظهما "اللهم أعط ممسكا تلفا" والتعبير بالعطية في الممسك للمشاكلة لأن التلف ليس بعطبة (ومالا) مفعول للمسك (وتلفا) مفعول لأعط، والدعاء بالخلف أعم من أن يكون لأحوال الدنيا فقط أو لأحوال الآخرة فقط بل يعم الأمرين، وأما الدعاء بالتلف فيحتمل تلف ذلك المال بعينه أو تلف نفس صاحب المال، والمراد به فوات أعمال البر بالتشاغل بغيرها (وقال النووي) الإنفاق الممدوح ما كان في الطاعات وعلى العيال والضيفان والتطوعات (وقال القرطبي) وهو يعم الواجبات والمندوبات، لطن الممسك عن المندوبات لا يستحق هذا الدعاء إلا أن يغلب عليه البخل المذموم بحيث لا تطيب نفسه بإخراج الحق الذي عليه ولو أخرجه (تخريجه) (حب. ك) بنحوه وقال صحيح الإسناد، ورواه البيهقي من طريق الحاكم ولفظه في إحدى رواياته، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من يوم طلعت شمسه إلا وبجنتيها ملكان يناديان نداء يسمعه ما خلق الله كلهم غير الثقلين؛ اللهم أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا، وأنزل الله في ذلك قرآنا في قول الملكين "يا أيها الناس هلموا إلى ربكم" في سورة يونس "والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم" وأنزل في قولهما "اللهم أعط منفقا خلفا وأعط ممسكا تلفا" (والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى وما خلق الذكر والأنثى) إلى قوله للعسرى. (6) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا سفيان عن

عن وجل يا ابن آدم أنفق أنفق عليك وقال يمين الله ملأى وسحاء لا يغيضها شيء بالليل والنهار. (7) وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل بفلاة من الأرض فسمع صوتا في سحابة اسق حديقة فلان فتنحى ذلك السحاب ففزع ماءه في حرة فانتهى إلى الحرة فإذا هو أذناب شراج وإذا شرجه من تلك الشراج قد استوعبت ذلك الماء كله، فتبع الماء فإذا رجل قائم في حديقته

_ أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة "الحديث" (غريبه) (1) أي أنفق من مالك في سبل الخير، أنفق عليك أي أزيدك من نعمي وأثيبك وأبارك لك في مالك قال تعالى "لئن شكرتم لأزيدنكم" (2) قال النووي ضبطوا سحاء بوجهين أحدهما سحا بالتنوين على المصدر وهذا هو الأصح الأشهر، والثاني حكاه القاضي سحاء بالمد على الوصف ووزنه فعلاء صفة لليد. والسح الصب الدائم. والليل والنهار في هذه الرواية منصوبان على الظرف، ومعنى لا يغيضها شيء أي لا ينقصها، يقال غاض الماء وغاضه الله لازم ومتعد (قال القاضي) قال الإمام المازري هذا مما يتأول لأن اليمني إذا كانت بمعنى المناسبة للشمال لا يوصف بها الباري سبحانه وتعالى لأنها تتضمن إثبات الشمال، وهذا يتضمن التجديد ويتقدس الله سبحانه وتعالى عن التجسيم والحد، وإنما خاطبهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يفهمونه وأراد الإخبار بأن الله تعالى لا ينقصه الإنفاق، ولا يمسك خشية الإملاق، جل الله عن ذلك، وعبر صلى الله عليه وسلم عن توالي النعم بمسح اليمين لأن الباذل منا يفعل ذلك بيمينه، قال ويحتمل أن يريد بذلك أن قدرة الله سبحانه وتعالى على الأشياء على وجه واحد لا يختلف ضعفا وقوة وأن المقدورات تقع بها على جهة واحدة ولا تختلف قوة وضعفا كما يختلف فعلنا باليمين والشمال تعالى عن صفات المخلوقين ومشابهة المحدثين أهـ (تخريجه) (م. وغيره) (7) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يزيد أنا عبد العزيز ابن عبدالله بن أبي سلمة الماجشون عن وهب بن كيسان عن عبدالله بن عمير الليثي عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (3) هي الأرض القفراء التي لا نبات فيها ولا ماء (4) هي البستان إذا كان عليه حائط (5) بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء؛ الأرض التي بها حجارة سود (6) الشراج بكسر الشين المعجمة جمع شرجة، والشرجة مسيل الماء.

يحول الماء بمسحاته فقال له يا عبد الله ما اسمك؟ قال فلان بالاسم الذي سمع في السحابة، فقال له يا عبد الله لم تسألني عن اسمي؟ قال إني سمعت صوتا في السحاب الذي هذا ماؤه يقول اسق حديقة فلان لاسمك فما تصنع فيها؟ قال أما إذ قلت هذا فإني أنظر إلى ما خرج منها فأتصدق بثلثه وآكل أنا وعيالي ثلثه وأرد فيها ثلثه. (8) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه قال أتى رجل من بني تميم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني ذو مال كثير وذو أهل وولد وحاضرة فأخبرني كيف أنفق وكيف أصنع؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تخرج الزكاة من مالك فإنها طهرة تطهرك؛ وتصل أقرباءك، وتعرف حق السائل والجار

_ من الحرة إلى سهل والشرج جنس لها، وأذئاب الشراج هي نهاية المسيل إلى أسفل الوادي والمعنى أن الرجل وصل إلى الحرة التي وقع فيها ماء السحاب فإذا بالماء قد سال من الحرة في مسايل متعددة، ثم انحصر الماء كله في مسيل واحد حرى في الوادي فتبع الرجل ميل لماء حتى وصل إلى الحديقة فإذا بصاحبها يحول الماء بمسحاته، فقال له يا عبد الله الخ ما في الحديث (1) المسحاة بالسين والحاء المهملتين هي المجرفة من الحديد (تخريجه) (م) وزاد من طريق آخر أنه قال "وأجعل ثلثه في المساكين والسائلين وابن السبيل وفضل أكل الإنسان من كسبه والإنفاق على العيال، وفيه أن الأعمال الصالحة تكون سببا في رضا الله عز وجل وإكرامه لعبده الصالح. (8) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا ليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أنس بن مالك رضي الله عنه - الحديث" (غريبه) (1) الحاضرة هي الجماعة تنزل على صاحب الماء للاستسقاء والضيافة ونحو ذلك (ومنه حديث) "إني تحضرني من الله حاضرة" اراد جماعة الملائكة الذين يحضرونه، والسائل هو صاحب الماء، ويقال للمناهل المحاضر للاجتماع والحضور عليها (قال الخطابي) ربما جعلوا الحاضر اسما للمكان المحضور، يقال نزلنا حاضر بني فلان فهو فاعل بمعنى مفعول أهـ. والمعنى أن الرجل يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن كيفية توزيع ماله الكثير وهو ذو أهل وولد وضيوف

والمسكين، فقال يا رسول الله أقلل لي قال فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ولا تبذر تبذيرا، قال حسبي يا رسول الله إذا أديت الزكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم إذا أديتها إلى رسولي فقد برئت منها، فلك أجرها وإثمها على من بدلها. (2) باب افتراض الزكاة والحث عليها والتشديد في منعها (9) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى

_ تنزل عليه (1) لعله يريد تقليل اللفظ ولذلك أجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله "فآت ذا القربى حقه والمسكين الخ" الآية لكونها قليلة المبنى كثيرة المعنى (2) أي يكفيني ويسقط عني فرض الزكاة إذا أديتها إلى رسولك؟ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله رجال صحيح (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل الصدقة سواء أكانت واجبة أم تطوعا وأن الله تعالي يتقبلها من عبده ويثيبه عليها ويبارك له في ماله فيزداد وينمو إذا أخرجها من حلال بإخلاص وحسن نية مراعيا في ذلك وجه الله تعالى لا لرياء ولا سمعة (وفيها أيضا) ذم البخيل؛ وإن البخل لا يزيد في المال، بل يذهب البركة منه فضلا عن حرمان صاحبه من الثواب، ووقوعه تحت طائلة العذاب، لا سيما إذا بخل بالصدقة الواجبة، قال تعالى "والذين يكنزون الذهب والفضة لا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم. يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم. هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون" (وفيها أيضا) أنه كلما أنفق الإنسان في طاعة الله أخلفه الله عز وجل وضاعفه له أضعافا كثيرة، لأن خزائنه ملأى لا تنفد بالإنفاق ليلا ونهارا (وفيها أيضا) فضل أكل الإنسان من كسبه والإنفاق على العيال ثم الأقارب المساكين وأبناء السبيل مع عدم التبذير (وفيها) أن من أدى زكاة ماله للإمام القائم بمصالح الرعية أو نائبه فقد بريء منها إلى الله ورسوله، أي سقط عنه فرض الزكاة وأجير عليها (وفيها غير ذلك) تقدم في خلال الشرح (وفي الباب) أحاديث كثيرة ستأتي في أبواب صدقة التطوع. (9) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا زكريا بن اسحق المكي عن يحيى بن عبدالله بن صيفي عن أبي معبد عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم- الحديث"

آله وصحبه وسلم لما بعث معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمين قال إنك تأتي قوما أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله عز وجل افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله

_ (غريبه) كان بعثه صلى الله عليه وسلم لمعاذ إلى اليمن سنة عشر قبل حج النبي صلى الله عليه وسلم كما ذكره البخاري في أواخر المغازي، وقيل كان آخر سنة تسع عند منصرفه صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، رواه الواقدي بإسناده إلى كعب بن مالك وقد أخرجه ابن سعد في الطبقات عنه ثم حكى ابن سعد أنه كان في ربيع الآخر سنة عشر، وقيل بعثه عام الفتح سنة ثمان، واتفقوا على أنه لم يزل باليمن إلى أن قدم في عهد أبي بكر ثم توجه إلى الشام فمات بها، واختلف هل كان واليا أو قاضيا، فجزم ابن عبد البر بالثاني، والنسائي بالأول والله أعلم (2) هذا كالتوطئة للوصية لتستجمع همته عليها لكون أهل الكتاب أهل علم في الجملة فلا يكون في مخاطبتهم كمخاطبة الجهال من عبدة الأوثان (3) إنما وقعت البداءة بالشهادتين لأنهما أصل الدين الذي لا يصح بشيء غيرهما؛ فمن كان منهم غير موحد فالمطالبة متوجهة إليه بكل واحدة من الشهادتين على التعيين، ومن كان موحدا فالمطالبة له بالجمع بينهما (4) استدل به على أن الكفار غير مخاطبين بفروع الشريعة حيث دعوا أولا إلى الإيمان فقط، ثم دعوا إلى العمل، ورتب ذلك عليه بالفاء، وتعقب بأن مفهوم الشرك مختلف في الاحتجاج به وبأن الترتيب في الدعوة لا يستلزم الترتيب في الوجوب كما أن الصلاة والزكاة لا ترتيب بينهما في الوجوب، وقد قدمت احداهما على الأخرى في هذا الحديث ورتبت الأخرى عليها بالفاء (5) استدل به على أن الوتر ليس بفرض، وكذلك تحية المسجد وصلاة العيد، وتقدم الكلام على ذلك في أبوابه (6) قال ابن دقيق العيد يحتمل وجهين أحدهما أن يكون المراد أن هم أطاعوك بالإقرار بوجوبها عليهم والتزامهم بها، والثاني أن يكون المراد الطاعة بالفعل، وقد رجح الأول بأن المذكور هو الإخبار بالفريضة فتعود الإشارة إليها، ويرجح الثاني أنهم لو أخبروا بالفريضة فبادروا بالامتثال لا بالفعل لكفى ولم يشترط التلفظ، بخلاف الشهادتين فالشرط عدم الإنكار والإذعان للوجوب (وقال الحافظ) المراد القدر المشترك بين الأمرين فمن امتثل بالإقرار أو بالفعل كفاه أو بهما فأولى، وقد وقع في رواية الفضل بن العلاء بعد ذكر الصلاة، فإذا صلوا وبعد ذكر الزكاة، فإذا أقروا بذلك فخذ منهم

افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم وأتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله عز وجل حجاب.

_ (1) استدل به على الإمام هو الذي يتولى قض الزكاة وصرفها غما بنفسه وإما بنائبه فمن امتنع منهم أخذت منه قهرا؛ واستدل بقوله "على فقرائهم" لقول مالك وغيره إنه يكفي إخراج الزكاة في صنف واحد، وفيه بحث كما قال ابن دقيق العيد لاحتمال أن يكون ذكر الفقراء لكونهم الغالب في ذلك وللمطابقة بينهم وبين الأغنياء، وقال الخطابي وقد يستدل به من لا يرى المديون زكاة إذا لم يفضل من الدين الذي عليه قدر نصاب لأنه ليس بغني، إذ إخراج ماله مستحق لغرمائه (2) كرائم منصوب بفعل مضمر لا يجوز إظهاره والكرائم جمع كريمة أي نفيسة، وفيه دليل على أنه لا يجوز للمصدق أخذ خيار المال لأن الزكاة لمواساة الفقراء، فلا يناسب ذلك الإجحاف بالمالك إلا يرضاه (3) فيه تنبيه على المنع من جميع أنواع الظلم، والنكتة في ذكره عقب المنع من أخذ كرائم الأموال الإشارة إلى أن أخذها ظلم (4) أي ليس لها صارف يصرفها ولا مانع، والمراد أنها مقبولة وإن كان عاصيا كما في حديث أبي هريرة مرفوعا عند الإمام وسيأتي في باب الدعوات المستجابة من كتاب الأذكار والدعوات بلفظ "دعوة المظلوم مستجابة. وإن كان فاجرا فتجوره على نفسه" (قال الحافظ) وإسناده حسن، وليس المراد أن الله تعالى حجابا يحجبه عن الناس (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) وقد استشكل عدم ذكر الصوم والحج في الحديث مع أن بعث معاذ كان في آخر الأمر كما تقدم، وأجاب ابن الصلاح أن ذلك تقصير من بعض الرواة، وتعقب بأنه يفضي إلى ارتفاع الوثوق بكثير من الأحاديث النبوية لاحتمال الزيادة والنقصان، وأجاب الكرماني بأن اهتمام الشارع بالصلاة والزكاة أكثر، ولهذا كررا في القرآن، فمن ثم لم يذكر الصوم والحج في هذا الحديث مع أنهما من أركان الإسلام، وقيل إذا كان الكلام في بيان الأركان لم يخل الشارع منه بشيء كحديث (بني الإسلام على خمس) فإذا كان في الدعاء إلى الإسلام اكتفى بالأركان الثلاثة الشهادة والزكاة، ولو كان بعد وجود فرض الحج والصوم لقوله تعالى "فإن تابوا وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة" مع أن نزولها بعد فرض الصوم والحج. والله أعلم.

(10) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله، وقال فلما قام أبو بكر وارتد من ارتد أراد أبو بكر تنالهم، قال عمر كيف تقاتل هؤلاء القوم وهم يصلون؟ قال

_ (10) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا روح ثنا محمد بن أبي حفصة ثنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (1) أي مع محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء في رواية أخرى لأبي هريرة أيضا عند الإمام أحمد بلفظ "أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله محمد رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، ثم قد حرم على دماؤهم وأموالهم وحسابهم على الله عز وجل" وتقدم هذا الحديث في باب حكم الإقرار بالشهادتين في الجزء الأول من كتاب الإيمان (2) زاد في رواية ستأتي في الحديث التالي إلا بحقها، أي كلمة الإسلام وهي لا إله إلا الله مع محمد رسول الله كما تقدم، ورواية البخاري "إلا بحقه" أي الإسلام من قتل النفس المحرمة أو ترك الصلاة أو منع الزكاة بتأويل باطل (وحسابهم على الله) فيما يسره فيثيب المؤمن ويعاقب المنافق (3) أي بالخلافة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم "وارتد من ارتد" من العرب، بعض بعبادة الأوثان، وبعض بالرجوع إلى إتباع مسيلمة وهم أهل اليمامة وغيرهم، واستمر بعض على الإيمان إلا أنه منع الزكاة بغيا وشحا، ولذلك سموا في لسان الشرع أهل بغي ولم يسموا على الإنفراد كفارا، وإن كانت الردة قد أضيفت إليهم لمشاركتهم المرتدين في منع بعض ما منعوه من حقوق الدين، وذلك أن الردة اسم لغوي، فكل من انصرف عن أمر كان مقبلا عليه فقد ارتد عنه، وقد وجد من هؤلاء القوم الإنصراف عن الطاعة ومنع الجق وانقطع عنهم اسم الثناء والمدح وعلق بهم الاسم القبيح لمشاركتهم القوم الذين كان ارتدادهم حقا؛ وقد زعم بعض الرافضة أن مانعي الزكاة كانوا متأولين في منعها وكانوا يزعمون أن الخطاب في قوله تعالى "خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم" خطاب خاص في مواجهة النبي صلى الله عليه وسلم دون غيره، وأنه مقيد بشرائط لا توجد فيمن سواه، وذلك أنه ليس لأحد من التطهير والتزكية والصلاة على المتصدق ما كان النبي صلى الله عليه وسلم، ومثل هذه الشبهة إذا وجدت كان ذلك مما يعذر فيه أمثالهم ويرفع السيف عنهم، وزعموا أن قتالهم كان عسفا، وهذا زعم باطل وتأويل عاطل، لأن قوله تعالى "خذ من أموالهم صدقة" غير مختص به صلى الله عليه وسلم بل يشاركه فيه الأمة، والفائدة في مواجهة النبي صلى الله عليه وسلم بالخطاب

فقال أبو بكر والله لأقاتلن قوما ارتدوا عن الزكاة، والله لو منعوني عناقا مما فرض الله ورسوله لقاتلتهم، قال عمر فلما رأيت الله شرح صدر أبي بكر لقتالهم عرفت أنه الحق (11) عن عبيد الله بن عبدالله بن عتيبة قال لما ارتد أهل الردة في زمان أبي بكر رضي الله عنه قال عمر كيف تقاتل الناس يا أبا بكر وقد قال

_ أ، هـ هو الداعي إلى الله عز وجل والمبين عنه معنى ما أراد فقدم اسمه ليكون سلوك الأمة في شرائع الدين على حسب ما ينهجه لهم، وأما التطهير والتزكية والدعاء منه صلى الله عليه وسلم لصاحب الصدقة، فإن الفاعل لها قد ينال ذلك كله بطاعة الله رسلوه صلى الله عليه وسلم فيها وكل، ثواب موعود على عمل من كان في زمنه صلى الله عليه وسلم فإنه باق غير منقطع، فبهذا ثبت أنهم كانوا بغاة ولذلك أمر ابو بكر رضي الله عنه بقتال أهل الردة جميعا ولم يستن منهم م نعى الزكاة (فقال له عمر كيف تقاتل هؤلاء القوم وهم يصلون) وكأن عمر رضي الله عنه لم يستحضر من هذا الحديث إلا هذا القدر الذي ذكره وإلا فقد وقع في رواية أخرى من حديث أبي هريرة وابن عمر زيادة، وأن محمدا رسول الله ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، وتقدم ذلك آنفا (وفي رواية) للعلاء بن عبد الرحمن حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله ويؤمنوا بما جئت به، وهذا يعم الشريعة كلها، ومقتضاه أن من جحد شيئا مما جاء به صلى الله عليه وسلم ودعى إليه فامتنع ونصب القتال تجب مقاتلته وقتله إذا أصر، ولذلك قال أبو بكر رضي الله عنه "والله لأقاتلن قومام ارتدوا عن الزكاة" وفي رواية للشيخين والإمام أحمد "والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة" يعني بأن قال أحدهما واجب دون الآخر. أو انكر وجوب أداء الزكاة إلى الإمام (فإن الزكاة حق المال) كما أن الصلاة حق البدن أي فدخلت في قوله إلا بحقه (1) بفتح العين بعدها نون وهو الأنثى من أولاد المعز، وقد احتج الشافعية وأبو يوسف بقوله عناقا على أن حول النتاج حول الأمهات وإلا لم يجز أحد العناق، وقال أبو حنيفة ومحمد لا تجب الزكاة في المسألة المذكورة، وجمل الحديث على المبالغة (2) يعني فلما استقر عند عمر صحة قول أبي بكر وبان له صوابه تابعه على قتال القوم، وهو معنى قوله فعرفت أنه الحق، يشير إلى انشراح صدره بالحجة التي أدلى بها والبرهان الذي اقامه نصا ودلاله. والله أعلم (تخريجه) (ق. والثلاثة) (11) عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي

رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوا لا إله إلا الله عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله فقال أبو بكر رضي الله عنه والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة الزكاة، فإن الزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا كانوا يؤدونها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقاتلتهم عليها، قال عمر رضي الله عنه فوالله ما هو إلا أن رأيت أن الله قد شرح صدر أبي بكر رضي الله عنه للقتال فعرفت أنه الحق (12) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من صاحب

_ حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبدالله بن عتبة - الحديث" (غريبه) (1) كان هذا من عمر رضي الله عنه تعلقا بظاهر الكلام قبل أن أن ينظر في آخره ويتأمل شرائطه، فقال له أبو بكر رضي الله عنه إن الزكاة حق المال يريد أن القضية قد تضمنت عصمة دم ومال معلفة باستيفاء شرائطها، والحكم المعلق بشرطين لا يحصل بأحدهما والآخر معدوم، فكما لا تتناول العصمة من لم يؤد حق الصلاة كذلك لا تتناول العصمة من لم يؤد حق الزكاة، وإذا لم تتناولهم العصمة بقوا في عموم قوله أمرت أن أقاتل الناس فوجب قتالهم حينئذ، وهذا من لطيف النظر أن يقلب المعترض على المستدل دليله فيكون أحق به، وكذلك فعل أبو بكر فسلم له عمر رضي الله عنهما وقاسه على قتال الممتنع من الصلاة، لأنه كان إجماعا من الصحابة فرد المختلف فيه إلى المتفق عليه، فاجتمع في هذا الاحتجاج من عمر بالعموم ومن أبي بكر بالقياس، وفيه دلالة على أن الصديق والفاروق لم يسمعا من الحديث الصلاة والزكاة كما سمعه غيرهما ولم يستحضراه، إذ لو كان ذلك لم يحتج عمر على أبي بكر، ولو سمعه أبو بكر لرد به على عمر ولم يحتج بعموم قوله إلا بحقها، لكن يحتمل أن يكون سمعه واستظهر بهذا الدليل النظري، ويحتمل كما قال الطيبي أن يكون عمر ظن أن المقاتلة إنما كنت لكفرهم لالمنعهم الزكاة فاستشهد بالحديث، وأجابه الصديق بأني ما أقاتلهم لكفرهم بل لمنعهم الزكاة والله أعلم (تخريجه) (أخرجه الشيخان. وغيرهما) من مسند أبي هريرة وهو عند الإمام أحمد من مسند عمر (12) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب بن خالد البصري قال ثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه - الحديث"

كنز لا يؤدي زكاته إلا جيء به يوم القيامة وبكنزه فيحمى عليه صفائح في نار جهنم فيكوى بها جبينه وجنبه وظهره حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب إبل لا يؤدي زكاتها إلا جيء به يوم القيامة وبإبله كأوفر ما كانت عليه فيبطح لها بقاع قرقر كلما مضى أخراها

_ (غريبه) (1) قال الإمام أبو جعفر الطبري الكنز كل شيء مجموع بعضه على بعض سواء كان في بطن الأرض أو في ظهرها (قال صاحب العين) وغيره وكان مخزونا (وقال القاضي عياض) اختلف السلف في المراد بالكنز المذكور في القرآن وفي الحديث، فقال أكثرهم هو كل مال وجبت فيه صدقة الزكاة فلم تؤد، فأما مال أخرجت زكاته فليس بكنز، وقيل الكنز هو المذكور عن أهل اللغة، ولكن الآية منسوخة بوجوب الزكاة، وقيل المراد بالآية أهل الكتاب المذكورون قبل ذلك، وقيل كل ما زاد على أربعة آلاف فهو كنز وإن أديت زكاته، وقيل هو ما فضل عن الحاجة؛ ولعل هذا كان في أول الإسلام وضيق الحال، واتفق أئمة الفتوى على القول الأول لقوله "لا يؤدي زكاته" وفي صحيح مسلم بدل قوله "ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا أحمي عليه في نار جهنم فيجعل صفائح فيكوى بها جنباه وجبينه حتى يحكم الله بين عباده" الخ (3) أي يوم القيامة يجعله الله على الكافر مقدار خمسين ألف سنة، وعلى المؤمن دون ذلك حتى جاء في الحديث أنه يكون على المؤمن كقدر صلاة مكتوبة صلاها في الدنيا (وقوله ثم يرى سبيله) قال النووي ضبطناه بضم الياء وفتحها وبرفع لام سبيله ونصبها (4) زاد مسلم "لا يفقد منها فصيلا واحدا" وله في أخرى "أعظم ما كانت" وهذا للزيادة في عقوبته بكثرتها وقوتها وكمال خلقها فتكون أثقل في وطئها، كما أن ذوات القرون تكون بقرونها ليكون أنكى وأصوب لطعنها ونطحها "وقوله فيبطح لها بقاع قرقر" معناه أنه يلقى على وجهه (قال القاضي عياض) قد جاء في رواية للبخاري يخبط وجهه بأخفافها، قال وهذا يقتضي أنه ليس من شرط البطح كونه على الأرض. وإنما هو في اللغة بمعنى البسط والمد فقد يكون على وجهه وقد يكون على ظهره. ومنه سميت بطحاء مكة لانبساطها أهـ "والقاع" المستوى الواسع من الأرض والقرقر المستوى الأملس (قال الهروي) وجمعه

رد عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وما من صاحب غنم لا يؤدي زكاتها إلا جيء به وبغنمه يوم القيامة كأوفر ما كانت فيبطح لها بقاع قرقر فتطؤه بأظلافها وتنطحه بقرونها كلما مضت أخراها ردت عليه أولاها حتى يحكم الله بين عباده في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة مما تعدون، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، قيل يا رسول الله فالخيل، قال الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة، والخيل ثلاثة وهي لرجل أجر، وهي لرجل ستر، وهي على رجل وزر (فأما الذي هي له أجر) الذي يتخذها ويحبسها في سبيل الله فما غيبت في بطونها فهو له أجر، ولو عرض له نهر فسقاها منه كان له بكل قطرة غيبته في بطونها أجر حتى ذكر الأجر في أرواثها وأبوالها (وأما الذي هي له ستر) فرجل يتخذها تعففا وتجملا وتكرما ولا ينسى حقها في ظهورها وبطونها في عسرها ويسرها

_ قيعة وقيعان مثل جيرة وجيران "القرقر" المستوى أيضا من الأرض الواسع وهو بفتح القافين (1) الظلف للبقر والغنم والظباء، وهو المنشق من القوائم، والخف للبعير، والقدم للآدمي. والحافر للفرس والبغل والحمار (2) يعني الأجر والمغنم كما في رواية صحيحة، وفيه دليل على بقاء الإسلام والجهاد إلى يوم القيامة، والمراد قبيل القيامة بيسير أي حتى تأتي الريح الطيبة من قبل اليمن تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة كما ثبت في الصحيح (3) أي أعدها للجهاد في سبيل الله "وقوله فما غيبت في بطونها" أي من العلف والماء (4) معنى استنت أي جرت والشرف بفتح الشين المعجمة والراء، وهو العالي من الأرض، وقيل المراد هنا طلقا أو طلقين (5) جاء في رواية لمسلم، وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات (6) قيل المراد بحقها الإحسان إليها والقيام بعلفها وسائر مؤنها، والمراد بظهورها اطراق

(وأما الذي عليه وزر) فرجل يتخذها أشرا وبطرا ورئاء الناس وبذخا عليه قيل يا رسول الله فالحمر؟ قال ما أنزل على فيها شيء إلا هذه الآية "فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره" (13) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا سعيد عن قتادة عن أبي عمر الغداني قال كنت عند أبي هريرة جالسا فمر رجل من بني عامر ابن صعصعة فقيل له هذا أكثر عامري مالا، فقال أبو هريرة ردوه إلي فردوه عليه فقال نبئت أنك ذو مال كثير، فقال العامري إي والله إن لي مائة حمرا ومائة أدما حتى عد من ألوان الإبل وأفنان الرقيق ورباط الخيل، فقال

_ فحلها إذا طلبت عاريته وهذا على الندب، وقيل المراد حق الله مما يكسب من مال العدو وعلى ظهورها وهو خمس الغنيمة، وقيل المراد وجوب الزكاة في الخيل (وبه قال أبو حنيفة) ومذهبه أنه كانت الخيل كلها ذكورا فلا زكاة فيها، وإن كانت إناثا أو ذكورا وإناثا وجبت الزكاة وهو بالخيار إن شاء أخرج عن كل فرس دينارا، وإن شاء قومها وأخرج ربع عشر القيمة وقال الأئمة الثلاثة "ليس على المسلم في فرسه صدقة" رواه الشيخان والإمام أحمد وغيرهم، وتأولوا هذا الحديث على أن المراد أن يجاهد بها وقد يجب الجهاد بها إذا تعين (1) قال أهل اللغة الأشر بفتح الهمزة والشين المعجمة وهو المرح واللجاج "وأما البطر" فالطغيان عند الحق "وأما البذخ" فبفتح الباء والذال المعجمة وهو بمعنى الأشر والبطر (2) جمع حمار أي أخبرنا عن الحمر وما جاء فيها (3) رواية مسلم "إلا هذه الآية الفاذة الجامعة" ومعنى الفاذة أي قليلة النظير والجامعة أي العامة المتناولة لكل خير ومعروف (قال النووي) وفيه إشارة إلى التمسك بالعموم، ومعنى الحديث لم ينزل على فيها شيء أهـ (تخريجه) (م). (13) حدثنا عبدالله (غريبه) (4) بكسر الهمزة وهي بمعنى نعم إلا أنها تختص بالمجيء مع القسم كما أنها إيجابا لما سبقه من الاستعلام (5) بضم الهمزة وسكون الدال جمع آدم بمد الهمزة كأحمر وحمر، والأدمة في الإبل البياض مع سواد المقلتين، يقال بعير آدم بين الأدمة وناقة أدماء، وهي في الناس السمرة الشديدة، وقيل هو من أدمة الأرض وه ولونها وبه سمي آدم (6) أي ضروبها وأنواعها "ورباط الخيل" الخمس فما

أبو هريرة إياك وأخفاف الإبل وأظلاف الغنم يردد ذلك عليه حتى جعل لون العامري يتغير أو يتلون، فقال ما ذاك يا أبا هريرة؟ فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كانت له إبل لا يعطي حقها (فذكر مثل الحديث المتقدم ثم قال) وإذا كانت له بقر لا يعطي حقها (فذكر مثل الحديث المتقدم ثم قال) وإذا كانت له بقر لا يعطي حقها في نجدتها ورسلها فإنها تأتي يوم القيامة كأغذ ما كانت وأكبره وأسمنه وأسره ثم يبطح لها بقاع قرقر.

_ فوق، يريد كثرة الخيل (1) أي احذر أن تطأك الإبل بأخفافها والغنم بأظلافها وكرر ذلك حتى خاف الرجل وتغير لونه من شدة الخوف (2) النجدة الشدة والرسل بالكسر الهينة والتأني (قال الجوهري) يقال أفعل كذا وكذا على رسلك بالكسر أي اتئدفيه كما يقال على هينتك، قال ومنه الحديث إلا من أعطى في نجدتها ورسلها أي الشدة والرخاء، يقول يعطي وهي سمان حسان يشتد عليه إخراجها فتلك نجدتها، ويعطي في رسلها وهي مهازيل مقاربة (وقال الأزهري) معناه إلا من أعطى في إبله ما يشق عليه عطاؤه فيكون نجدة عليه أي شدة، ويعطي ما يهون عليه إعطاؤه منها مستهينا به على رسله (وقال الأزهري) قال بعضهم في رسلها أي بطيب نفس منه، وقيل ليس للهزال فيه معنى، لأنه ذكر الرسل بعد النجدة على جهة التفخيم فجرى مجرى قولهم إلا من أعطى في سمنها وحسنها ووفور لبنها، وهذا كله يرجع إلى معنى واحد فلا معنى للهزال، لأن من بذل حق الله من المضنون به كان إلى إخراجه مما يهون عليه أسهل، فليس لذكر الهزال بعد السمن معنى (نقله صاحب النهاية) ثم قال والأحسن والله أعلم أن يكون المراد بالنجدة الشدة والجدب؛ وبالرسل الرخاء والخصب، لأن الرسل اللبن، وإنما يكثر في حال الرخاء والخصب، فيكون المعنى أنه يخرج حق الله في حال الضيق والسعة والجدب والخصب، لأنه إذا خرج حقها في سنة الضيق والجدب كان ذلك شاقا عليه فإنه إجحاف به، وإذا أخرجها في حال الرخاء كان ذلك سهلا عليه، ولذلك قيل في الحديث "يا رسول الله وما نجدتها ورسلها؟ قال عسرها ويسرها" فسمي النجدة عسر والرسل يسر، لأن الجدب عسر والخصب يسر؛ فهذا الرجل يعطي حقها في حال الجدب والضيق؛ وهو المراد بالنجدة؛ وفي حال الخصب والسعة، وهو المراد بالرسل والله أعلم أهـ (3) أي أسرع وأنشط أغذ يعذ إغذاذا، إذا أسرع في السير (4) بالسين المهملة وتشديد الراء (قال في النهاية) أي كأسمن ما كانت وأوفره من سر كل شيء وهو لبه ومخه، وقيل هو من السرور لأنها إذا سمنت سرت الناظر إليها، قال وروي وآشره بمد الهمزة وشين

فتطؤه فيه كل ذات ظلف بظلفها وتنطحه كل ذات قرن بقرنها إذا جاوزته أخراها أعيدت عليه أولاها في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي بين الناس حتى يرى سبيله، وإذا كانت له غنم (فذكر نحو الحديث المتقدم ثم قال) فقال العامري وما حق الإبل يا ابا هريرة؟ قال أن تعطي الكريمة وتمنح الغزيرة وتفقر الظهر وتسقي اللبن وتطرق الفحل (14) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر وعبد الرزاق قالا ثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبدالله (رضي الله عنهما) يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من صاحب إبل لا يفعل فيها حقها (فذكر نحو ما تقدم في الإبل والبقر والغنم ثم قال) ولا صاحب كنز لا يفعل فيه حقه إلا جاء كنزه يوم القيامة شجاعا أقرع يتبعه فاغرًا فاه

_ معجمة وتخفيف الراء أي أبطره أو أنشطه (1) كرائم الأموال نفائسها التي تتعلق بها نفس مالكها، واحدها كريمة، والمراد أن يعطها عن طيب خاطر إن كانت في الصدقة الواجبة ولا يجوز إكراهه على إعطائها، فقد ورد النهي عن أخذ كرائم الأموال في الزكاة إلا برضا صاحبها، لأن الزكاة لمواساة الفقراء فلا يناسب ذلك الإجحاف بالمالك (وقوله وتمنح الغزيرة) أي كثيرة اللبن سواء أكانت ناقة أو شاة، والمعنى أن يعطي إنسانا ناقة أو شاة ينتفع بلبنها ويعيدها، وكذلك إذا أعطاه ينتفع بوبرها وصوفها زمانا ثم يردها (2) أي يعير بعيره لغيره إذا احتاج إليه للركوب، يقال أفقر البعير يفقره افتقارا، أعاره مأخوذ من ركوب فقار الظهر وهو خرزاته الواحدة فقارة، وفي حديث المزارعة أفقرها أخاك أي أعره أرضك للزراعة، استعاره للأرض من الظهر "نه" (3) اطراق الفحل اعارته للضراب واستطراق الفحل استعارته لذلك (قال القاضي عياض) هذه الألفاظ صريحة في أن هذا الحق غير الزكاة، قال ولعل هذا كان قبل وجوب الزكاة أهـ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وأخرجه الشيخان وغيرهما بسياق آخر. (14) حدثنا عبد الله (غريبه) (4) الشجاع الحية الذكر والأقرع الذي تمعط شعره لكثرة سمه وطول عمره، وقيل الشجاع الذي بواثب الرجل والفارس ويقوم على ذنبه

فإذا رآه فر منه فيناديه ربه خذ كنزك الذي خبأته فأنا عنه أغنى منك، فإذا رأى أنه لابد له منه سلك يده في فيه فقضمها قضم الفحل، قال أبو الزبير وسمعت عبيد بن عمير قال يا رسول الله قال عبد الرزاق في حديثه قال رجل يا رسول الله ما حق الإبل، قال حلبها على الماء وإعارة دلوها وإعارة فحلها ومنيحتها. وحمل عليها في سبيل الله، قال عبد الرزاق فيها كلها وقعد لها وقال عبد الرزاق فيه، قال أبو الزبير سمعت عبيد بن عمير يقول هذا القول ثم سألنا جابر الأنصاري عن ذلك فقال مثل قول عبيد بن عمير

_ وربما بلغ رأس الفارس ويكون في الصحاري، وفي رواية مسلم "إلا تحول يوم القيامة شجاعا أقرع" أي صار على صورة الشجاع لعذابه (وقوله فاغرا) أي فاتحا فاه (1) معنى سلك أدخل، وقضمها بقاف وضاد معجمة أي أكلها، ويقال قضمت الدابة شعيرها بكسر الضاد وتقضمه بفتحها إذا أكلته (2) هو ابن قتادة الليثي أبو عاصم المكي ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال مسلم، وعده غيره من كبار التابعين، وكان قاص أهل مكة مجمع على ثقته، مات قبل ابن عمره، والظاهر أن أبا الزبير سمع هذا الحديث من جابر بن عبدالله إلى قوله "قضم الفحل" ثم سمع بقيته من عبيد بن عمير من قول عبد الرزاق "قال رجل يا رسول الله" إلى قوله "وحمل عليها في سبيل الله" (3) يعني يوم ورودها الماء ففيه رفق بالماشية وبالمساكين لأنه أهون على الماشية وأرفق بها وأوسع عليها من حلبها في المنازل، وهو أسهل على المساكين وأمكنهم في وصولهم إلى موضع الحلب ليواسوا (4) أي لمن يطلبها من الناس ليستقي بها وبقية هذه الخصال تقدم الكلام عليها في شرح الحديث السابق (5) يريد أن قوله "وقعد لها" راجع لكل خصلة من الخصال المتقدمة، ومعناه أن صاحب الإبل اقتعدها لذلك، ومنه سمي ذكر الإبل قعودا والأنثى قعودة، لأن صاحبه يقتعده للركوب والحمل، والقعود من الإبل ما أمكن أن يركب، وأدناه أن يكون له سنتان ثم هو قعود إلى أن ينثني فيدخل في السنة السادسة، ثم هو حمل (6) يعني الخصال الواردة في حق الإبل، ثم سأل أبو الزبير جابرا عنها فأقرها عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم. فالحديث مرفوع من طريق جابر، وقد جاء هذا الحديث عند مسلم بتمامه مرفوعا عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه (تخريجه) (م)

(15) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من آتاه الله مالا فلم يؤد زكاته مثل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يأخذ بلهزمتيه يوم القيامة، ثم يقول أنا مالك أنا كنزك ثم تلا هذه الآية (ولا تحسبن الذين يبخلون بما آتاهم الله من فضله - الخ الآية) (16) وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

_ (15) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن أبيه عن أبي صالح عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (1) أي صور أو ضمن (مثل) معنى التصيير أي صير ماله على صورة شجاع، ووقع في رواية لأبي هريرة أيضا وتقدمت رقم 12 بلفظ "ما من صاحب كنز لا يؤدي زكاته إلا جيء به يوم القيامة وبكنزه فيحمى عليه صفائح في نار جهنم فيكوى بها جبينه وجنبه- الحديث" ولا تنافي بين الروايتين لاحتمال اجتماع الأمرين معا، فروايته هنا توافق الآية التي ذكرها وهي "سيطوقون - الخ" وروايته هناك توافق قوله تعالى "يوم حمى عليها في نار جهنم" الآية (قال البيضاوي) خص الجبين والظهر لأنه جمع المال ولم يصرفه في حقه ليحصل الجاه والتنعم بالمطاعم والملابس، أو لأنه أعرض عن الفقير وولاه ظهره، أو لأنها أشرف الأعضاء الظاهرة لاشتمالها على الأعضاء الرئيسية، وقيل المراد بها الجهات الأربع التي هي مقدم البدن ومؤخره وجنباه نسأل الله السلامة (2) تنبيه زبيبة بفتح الزاي وموحدتين، وهما الزبدتان اللتان في الشدقين، يقال تكلم حتى زبب شدقاه أي خرج الزبد منهما، وقيل هما النكتتان السوداوان فوق عينيه، وقيل نقطتان يكتنفان فاه (3) بكسر اللام وسكون الهاء بعدها زاي مكسورة، وقد فسر في الحديث عند البخاري بالشدقين، وفي الصحاح هما العظمان الناتئان في اللحيين تحت الأذنين، وفي الجامع هما لحم الخدين الذي يتحرك إذا أكل الإنسان (4) فائدة هذا القول الحسرة والزيادة في التعذيب حيث لا ينفعه الندم، وفيه نوع من التهكم (5) في هذا الحديث وحديث ابن مسعود الآتي تقوية لقول من قال المراد بالتطويق في الآية الحقيقية، خلافا لمن قال إن معناه سيطوقون الإثم، وفي تلاوة النبي صلى الله عليه وسلم الآية دلالة على أنها نزلت في مانعي الزكاة، وهو قول أكثر أهل العمل بالتفسير، وقيل إنها نزلت في اليهود الذين كتموا صفة النبي صلى الله عليه وسلم؛ وقيل نزلت فيمن له قرابة لا يصلهم. قاله مسروق (تخريجه) (ق. لك. نس) (16) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا قتيبة حدثنا

قال يكون كنز أحدهم يوم القيامة شجاعا اقرع ذا ربيبتين يتبع صاحبه وهو يتعوذ منه، ولا يزال يتبعه حتى يلقمه إصبعه. (17) عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يأتي رجل مولاه فيسأله من فضل هو عنده فيمنعه إلا دعي له يوم القيامة شجاع يتلمظ فضله الذي منعه (وفي رواية) ما من مولى يأتي له فيسأله من فضل من فضل عنده فيمنعه إلا جعله الله تعالى عليه شجاعا ينهسه قبل القضاء

_ ليث بن سعد عن ابن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة - الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد، ومعناه في الذي كنز مثل له يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان يتبعه فيقول من أنت؟ فيقول أنا كنزك الذي خلفت فلا يزال يتبعه حتى يلقمه يده فيقضمها ثم يتبعه سائر جسده - رواه البزار وقال إسناده حسن و (طب. خز. حب) في صحيحيهما. (17) عن بهز بن حكيم (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يزيد أنا بهز بن الحكيم- الحديث" (غريبه) (1) جد بهز بن الحكيم هو معاوية بن حيده رضي الله عنه (2) في رواية عند ابن جرير "ما من ذي رحم يأتي ذا رحمه" (3) أي يدير لسانه في فيه ويحركه بعد نهسه يتذوق طعمه "وقوله فضله" بالضم حبر لمبتدأ محذوف تقديره هو فضله الذي منعه. والمعنى أن الله عز وجل يجعل فضل مال البخيل شجاعا أقرع ينهس اصبعه ثم يده ثم سائر جسده كما يستفاد من مجموع الأحاديث ثم يتلمظ (4) النهس بالسين المهملة أخذ اللحم بأطراف الأسنان. والنهش بالشين المعجمة الأخذ بجميعها "وقوله قبل القضاء" أي قبل القضاء بين الخلائق يوم القيامة (تخريجه) (د. نس مذ) وحسنه وأخرجه أيضا ابن جرير وابن مردويه - ورواه أيضا ابن جرير من طريق أخرى عن أبي قزعة واسمه حجر ابن بيان عن أبي مالك العبدي موقوفا، ورواه من وجه آخر عن أبي قزعة مرسلا. قال الحافظ ابن كثير في تفسيره والله أعلم.

(18) عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يمنع عبد زكاة ماله إلا جعل له شجاع أقرع يتبعه يفر منه وهو يتبعه، فيقول أنا كنزك ثم قرأ عبد الله مصداقه في كتاب الله عز وجل (سيطوقون ما بخلوا به يوم القيامة) قال سفيان مرة يطوقه في عنقه. (19) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الذي لا يؤدي زكاة ماله يمثل الله عز وجل له ماله يوم القيامة شجاعا أقرع له زبيبتان ثم يلزمه يطوقه يقول أنا كنزك أنا كنزك. (20) عن الأحنف بن قيس قال قدمت المدينة وأنا أريد العطاء من عثمان بن عفان رضي الله عنه فجلست إلى حلقة من حلق قريش فجاء رجل عليه أسمال له فدلف ثوبا على رأسه قال بشر الكنازين بكى في الجباه

_ (18) عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن جامع عن أبي وائل عن عبد الله "بن مسعود" - الحديث" (غريبه) (1) ظاهر الآية أنه يجعل قدر الزكاة طوقا لأنه الذي يخل به، وظاهر الحديث أنه الكل، ويمكن أن يحمل الحديث على قدر الزكاة أيضا، لا سيما وقد جاء صريحا في الحديث الذي قبله. والله أعلم (2) هو ابن عيينة أحد رجال السند يعني أنه قال في رواية أخرى يطوقه في عنقه، فبينت هذه الرواية مكان التطويق (تخريجه) (نس. جه. خز) وصححه المنذري. (19) عن ابن عمر رضي الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجين بن المثنى حدثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- الحديث" (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه النسائي بإسناد صحيح. (20) عن الأحنف بن قيس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا أبو نعامة عن الأحنف بن قيس- الحديث" (غريبه) (3) الحلقة بإسكان اللام، وحكى الجوهري لغية رديئة في فتحها، وفي رواية لمسلم "فبينما أنا في حلقة فيها ملأ من قريش" الملأ الأشراف، ويقال أيضا للجماعة (4) الأسمال جمع سمل بفتح أوله

وبكي في الظهور وبكى في الجنوب ثم تنحى إلى سارية فصلى خلفها ركعتين، فقلت من هذا، فقيل هذا أبو ذر (رضي الله عنه) فقلت ما شيء سمعتك تنادى به؟ قال ما قلت لهم إلا شيئا سمعوه من نبيهم صلى الله عليه وسلم فقلت يرحمك الله، إني كنت آخذ العطاء من عمر فما ترى؟ قال خذه فإن فيه اليوم معونة ويوشك أن يكون دينا، فإذا كان دينا فارفضه (وفي لفظ) فإذا كان ثمنا لدينك فدعه. (21) عن أبي ذر رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل الكعبة، فقال هم الأخسرون، ورب الكعبة، هم الأخسرون ورب الكعبة فأخذني غم وجعلت أتنفس، قال قلت هذا شر حدث في، قال قلت من فداك أبي وأمي؟ قال الأكثرون إلا من قال في عباد الله

_ وثانيه، والسمل الخلق من الثياب؛ أي الثياب البالية (1) قال التووي ظاهره أنه أراد الاحتجاج لمذهبه في أن الكنز كل ما فضل عن حاجة الإنسان، هذا هو المعروف من مذهب أبي ذر، وروى عنه غيره، والصحيح الذي عليه الجمهور أن الكنز هو المال الذي لم تؤد زكاته، فأما إذا أديت زكاته فليس بكنز سواء كثر أم قل أهـ (2) الظاهر أن أبا ذر رضي الله عنه علم احتياج الرجل الصدقة ثمنا لدينه، وهذا عند فساد الأمراء والسلاطين الذين يأخذون لأنفسهم من بيت المال وما بقي لا ينفقونه في وجوهه بل يختصون به أناسا يعانونهم على الظلم والاستبداد وهؤلاء يقبلونه ثمنا لدينهم، ولهذا حذر أبو ذر رضي الله عنه الرجل بقوله "فإذا كان ثمنا لدينك فدعه" يعني وإن كنت محتاجا، نسأل الله السلامة (تخريجه) (م. وغيره) (21) عن أبي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد وابن نمير المعني قال ثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر- الحديث" (غريبه) (3) أي من شدة ما لحقه من الغم والكرب (4) في رواية مسلم "قال هم الأكثرون أموالا" وهذه

هكذا وهكذا وهكذا وقليل ما هم، ما من رجل يموت فيترك غنما أو إبلا أو بقرا لم يؤد زكاته إلا جاءت يوم القيامة أعظم ما تكون وأسمن حتى تطأه بأظلافها وتنطحه بقرونها حتى يقضي بين الناس، ثم تعود أولاها على أخراها (وفي رواية) كلما نفدت أخراها عادت عليه أولاها. (22) عن سماك بن حرب قال سمعت قبيصة بن هلب يحدث عن أبيه سمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال وذكر الصدقة قال لا يجيئن أحدكم بشاة لها يعار يوم القيامة

_ الجملة مفسرة لقوله هم الأخسرون، يعني أن الأكثرين أموالا هم الأخسرون "إلا من قال في عباد الله هكذا وهكذا وهكذا" زاد مسلم "من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله" يعني إلا من تصدق على الناس المستحقين وفي أوجه الخير لا يقتصر على نوع من أنواع البر بل ينفق في كل وجه ومن وجوه الخير يحضر (1) نفدت بالدال المهملة، وكذلك عند مسلم (قال النووي) هكذا ضبطناه نفدت بالدال المهملة، ونفذت بالذال المعجمة وفتح الفاء وكلاهما صحيح (تخريجه) (م. وغيره). (22) عن سماك بن حرب (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا أبو موسى محمد بن المثنى ثنا أبو داود عن شعبة أخبرني سماك بن حرب- الحديث" (غريبه) (2) هو الهلب بضم الهاء وسكون اللام الطائي صحابي، وسبب تسميته بذلك على ما رواه ابن دريد وكان أقرع فصار أفرع، يعني كان أقرع فمسح رأسه فنبت شعره فسمى الهلب، قال ابن دريد وكان أقرع فصار أفرع، يعني كان بالقاف فصار بالفاء، والأهلب الكثير الشعر (قال الحافظ) في الإصابة هو يزيد بن قنافة وقيل ابن يزيد بن قنافة، وكذا قال ابن الكلبي، لكن سماه سلافة (3) بضم أوله يقال يعرت العنز تيعر بالكسر يعارا بالضم اي صاحت، وكأنها بصياحها هذا تشكو صاحبها لعدم إخراج حقها فحذر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك، وقد ورد مثل ذلك في الغلول وهو السرقة من الغنيمة. قال تعالى "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة" وفي الحديث عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره حتى قال لا ألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء فيقول يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك) وذكر مثل ذلك في الفرس والشاة وغيرها (تخريجه) (نس) من حديث

أبي هريرة مطولا وسنده جيد (زوائد الباب) (عن علي رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله فرض على أغنياء المسلمين في أموالهم بقدر الذي يسع فقراءهم ولن يجهد الفقراء إذا جاعوا أو عروا إلا بما يصنع أغنياؤهم، ألا وإن الله يحاسبهم حسابا شديدا أو يعذبهم عذابا أليما، رواه الطبراني في الصغير والأوسط وقال تفرد به ثابت بن محمد الزاهد (قال الهيثمي) ثابت من رجال الصحيح وبقية رجاله وثقوا وفيهم كلام (وعن أنس رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويل للأغنياء من الفقراء يوم القيامة يقولون ربنا ظلموا حقوقنا التي فرضت لنا عليهم، فيقول الله تعالى وعزتي وجلالي لأدنينكم ولأباعدنهم، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم "والذين في أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم" رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه الحارس بن النعمان وهو ضعيف (وعن أبي الدرداء) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الزكاة قنطرة الإسلام" رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله موثقون إلا أن بقية مدلس وهو ثقة (وعن حذيفة بن اليمان) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "الإسلام ثمانية أسهم، الإسلام سهم. والصلاة سهم. والصيام سهم. والزكاة سهم. وحج البيت سهم. والأمر بالمعروف سهم. والنهي عن المنكر سهم. والجهاد في سبيل الله سهم. وقد خاب من لا سهم له" رواه البزار وفيه يزيد بن عطاء؛ وثقه أحمد وضعفه جماعة (وعن ابن مسعود) رضي الله عنه قال "أمرنا بإقام الصلاة وإيناء الزكاة ومن يزك فلا صلاة له" رواه (طب) وله إسناد صحيح (وعن جابر) رضي الله عنه قال قال رجل من القوم يا رسول الله أرأيت إن أدى الرجل زكاة ماله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أدى زكاة ماله فقد ذهب عنه شره (طس) وإسناده حسن وإن كان في بعض رجاله كلام (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه قال سمعت من عمر بن الخطاب حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمعته منه كنت أكثرهم لزوما لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تلف مال في بر ولا بحر إلا بحبس الزكاة (طس) وفيه عمر بن هارون ضعيف (وعن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حصنوا أموالكم بالزكاة وداووا مرضاكم بالصدقة، وأعدوا للبلاء الدعاء (طب. طس) وفيه موسى بن عمير الكوفي وهو متروك) وعن ابن عمر رضي الله عنهما) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهرت لهم الصلاة فصلوها. وخفيت لهم الزكاة فأكلوها. وأولئك هم المنافقون (بز) وفيه عبد الله بن إبراهيم الغفاري وهو ضعيف (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس بخمس قيل يا رسول الله وما خمس بخمس؟ قال ما نقض قوم العهد إلا سلط عليهم عدوهم، وما حكموا بغير ما أنزل الله إلا فشا فيهم الموت، ولا منعوا الزكاة إلا حبس عنهم القطر/ ولا طفقوا المكيال إلا حبس عنهم النبات وأخذوا بالسنين

هكذا بالأصل، وهي أربع لا خمس، فالظاهر أن الراوي نسي خامسه (طب) وفيه اسحق ابن عبد الله بن كيسان المروزي لينه الحاكم. وبقية رجاله موثقون وفيهم كلام (وعن بريدة رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منع قوم الزكاة إلا ابتلاهم الله بالسنين (طس) ورجاله ثقات (وعن ميمون بن مهران) قال قيل لابن عمر إن زيد بن حارثة قد مات فقال رحمه الله، فقيل يا أبا عبد الرحمن إنه قد ترك مائة ألف، فقال لكنها لم تتركه (طب) ورجال رجال صحيح، ذكر هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد وهذا كلامه عليها جرحا وتعديلا (الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب الزكاة وأنها فرض على كل من ملك النصاب، وقد ثبت فرضيتها بالكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقوله تعالى "وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة" وغير ذلك في كتاب الله كثير، وأما السنة فحديث (بني الإسلام على خمس) وفيه قال "وإيتاء الزكاة" وحديث معاذ الأول من أحاديث الباب وفيه فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم" وغير ذلك كثير، ما ثبت من الوعيد الشديد لمانع الزكاة في أحاديث الباب (وأما الإجماع) على فرضية الزكاة فقد حكاه ابن المنذر وغيره، وهي أحد أركان الإسلام الخمس (قال ابن بطال) فمن جحد واحدة من هذه الخمس فلا يتم إسلامه، ألا ترى أن أبا بكر رضي الله عنه قال لاقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، وقال ابن الأثير من منعها منكرا وجوبها فقد كفر إلا أن يكون حديث عهد بالإسلام ولم يعلم وجوبها، وقال القشيري من جحدها كفر، وأجمع العلماء أن مانعها تؤخذ منه قهرا، وإن نصب الحرب دونها قتل كما فعل أبو بكر رضي الله عنه بأهل الردة ووافق على ذلك جميع الصحابة رضي الله عنهم (وفي حديث معاذ) ابن جبل رضي الله عنه دليل على بعث السعاة وتوصية الإمام عامله فيما يحتاج غليه من الأحكام وقبول خبر الواحد، ووجوب العمل به، وأن من ملك نصابا لا يعطي من الزكاة من حيث أنه جعل أن المأخوذ منه غني وقابله بالفقر؛ وإن المال إذا تلف قبل التمكن من الأداء سقطت الزكاة لإضافة الصدقة إلى المال، وقد احتج به أيضا على صرف الزكاة في بلدها واشتراط إسلام الفقير، وأنها تجب في مال المجنون والصبي اليتيم الغني عملا بعمومه (قال الترمذي) وقد اختلف أهل العلم في هذا الباب فرأى غير واحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في مال اليتيم زكاة منهم عمر وعلي وعائشة وابن عمر، وبه يقول (مالك والشافعي) وأحمد) وإسحق (وقالت طائفة) من أهل العلم ليس في مال اليتيم زكاة، وبه قال سفيان الثوري وعبدالله بن المبارك أهـ (قال العيني) (وبه قال أبو حنيفة وأصحابه) وهو قول أبي وائل وسعيد ن جبير والنخعي والشعبي والحسن البصري، وحكى عنه إجماع الصحابة (وقال

(3) باب ما جاء في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جمع فيه فرائض الصدقة (23) حدثنا عبد الله حدثني ابي حدثنا محمد بن يزيد يعني الواسطي عن سفيان يعني بن حسين عن الزهري عن سالم عن أبيه (عبد الله بن عمر رضي الله عنهما) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كتب الصدقة ولم يخرجها إلى عماله حتى توفى، قال فأخرجها أبو بكر رضي الله عنه من بعده فعمل بها حتى توفى، ثم أخرجها عمر من بعده فعمل بها؛ قال فلقد هلك عمر يوم هلك وإن ذلك لمقرون بوصيته، فقال كان فيها في الإبل في كل خمس شاة حتى تنتهي إلى اربع وعشرين، فإذا بلغت إلى خمس وعشرين ففيها بنت مخاض إلى خمس

_ سعيد بن المسيب) لا تجب الزكاة إلا على من تجب عليه الصلاة والصيام، وذكر حميد بن زنجويه النسائي أنه مذهب ابن عباس، وفي المبسوط وهو قول على أيضا. وعن جعفر ابن محمد عن أبيه مثله، وبه قال شريح ذكره النسائي أهـ (وفي أحاديث الباب أيضا) دليل على وجوب الزكاة في الذهب والفضة والإبل والبقر والغنم (وقد استدل أبو حنيفة) على وجوب الزكاة في الخيل لما وقع في حديث أبي هريرة من قوله "ولا ينسى حقها في ظهورها ولا رقابها" وتأول الجمهور هذا الحديث على أن المراد يجاهد بها، وقيل المراد بالحق في رقابها الإحسان إليها والقيام بعلفها وسائر مؤنها، والمراد بظهورها إطراق فحلها إذا طلبت عاريته، وقيل المراد حق الله مما يكسبه من مال العدو على ظهورها وهي خمس الغنيمة، وسيأتي الكلام على هذه الأطراف التي دل الحديث عليها في أبوابها (وفي أحاديث الباب) غير ذلك تقدم الكلام عليه في خلال الشرح والله سبحانه وتعالى أعلم. (23) حدثنا عبدالله (غريبه) (1) أي جذعة من الضأن وهي مالها سنة (2) أي من الإبل وهي ما لها سنة ودخلت في الثانية وحملت أمها؛ والماخض الحامل، والمراد أنه قد دخل وقت حملها وإن لم تحمل، وهذا يدل على أن في الخمس والعشرين إلى الخمس والثلاثين بنت مخاض وإليه ذهب الجمهور، وقد روى ابن أبي شيبة وغيره عن علي رضي الله عنه أن في الخمس والعشرين خمس شياة، فإذا صارت ستا وعشرين كان فيها بنت

وثلاثين، فإن لم تكن ابنة مخاض فابن لبون فإذا زادت على خمس وثلاثين ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعين، فإذا زادت واحدة ففيها حقة إلى ستين، فإذا زادت ففيها جذعة إلى خمس وسبعين، فإذا زادت ففيها ابنتا لبون إلى تسعين، فإذا زادت ففيها حقتان إلى عشرين ومائة، فإذا كثرت الإبل ففي كل خمسين حقة، وفي كل أربعين ابنة لبون (وفي الغنم) من أربعين شاة إلى عشرين ومائة، فإذا زادت ففيها شاتان إلى مائتين، فإذا زادت ففيها ثلاث إلى ثلاثمائة، فإذا زادت بعد فليس فيها شيء حتى تبليغ أربعمائة؛ فإذا كثرت الغنم ففي كل مائة شاة وكذلك لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق مخافة الصدقة وما كان من خليطين

_ مخاض، وقد روى هذا عنه مرفوعا وموقوفا (قال الحافظ) وإسناد المرفوع ضعيف (1) أي ذكر كما جاء في بعض الروايات، وهو الذي دخل في السنة الثالثة وصارت أمه لبونا بوضع الحمل (2) زاد البخاري أنثى (3) الحقة بكسر المهملة وتشديد القاف هي من الإبل ما دخلت في السنة الرابعة لأنها استحقت الركوب والحمل، جمعه حقاق وحقائق (4) الجذعة بفتح الجيم والذال المعجمة هي التي أتى عليها أربع سنين ودخلت في الخامسة (5) مقتضاه أنها لا تجب الشاة الرابعة حتى توفى أربعمائة شاة، وهو مذهب الجمهور، وعن بعض الكوفيين والحسن بن صالح ورواية عن الإمام أحمد إذا زادت على الثلاثمائة واحدة وجبت الأربع (6) قال الحافظ قال مالك معنى هذا "يعني قوله ولا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق مخافة الصدقة" أن يكون النفر الثلاثة لكل واحد منهم أربعون شاة وجبت فيها الزكاة فيجمعونها حتى لا يجب عليهم كلهم فيها إلا شاة واحدة، أو يكون للخليطين مائتا شاة واحدة (وقال الشافعي) هو خطاب لرب المال من جهة والساعي من جهة، فأمر كل منهما أن لا يحدث شيئا من الجمع والتفريق خشية الصدقة، فرب المال يخشى أن يكثر الصدقة فيجمع أو يفرق ليقل، والساعي أن يقل الصدقة فيجمع أو يفرق لتكثر، فمعنى قوله خشية الصدقة أي خشية أن تكثر أو تقل، فلما كان محتملا للأمرين لم يكن الحمل على أحدهما أولى

فهما يتراجعان بالسوية لا تؤخذ هرمة ولا ذات عيب من الغنم

_ من الآخر فحمل عليهما معا، لكن الذي يظهر أن حمله على المالك أظهر، واستدل به على أن من كان عنده دون النصاب من الفضة ودون النصاب من الذهب مثلا أنه لا يجب ضم بعضه إلى بعض حتى يصير نصابا كاملا فيجب عليه فيه الزكاة، خلافا لمن قال بالضم كالمالكية والهادوية والحنفية (واستدل به الأمام أحمد) على أن من كان له ماشية ببلد لا تبلغ النصاب وله ببلد آخر ما يوفيه منها أنها لا تضم، قال ابن منذر وخالفه الجمهور فقالوا تجمع على صاحب المال أمواله، ولو كانت في بلدان شتى ويخرج منها الزكاة (واستدل به أيضا) على إبطال الحيلة والعمل على المقاصد المدلول عليها بالقرائن (1) قال الحافظ اختلف في المراد بالخليطين فعند أبي حنيفة أنهما الشريكان، قال ولا يجب على أحد منهما فيما يملك إلا مثل الذي كان يجب عليهما لولم يكن خليط؛ وتعقبه ابن جرير بأنه لو كان تفريقها مثل جمعها في الحكم لبطلت فائدة الحديث، وإنما نهى عن أمر لو فعله كان فيه فائدة، ولو كان كما قال لم يكن لتراجع الخليطين بينهما بالسوية معنى، ومثل تفسير أبي حنيفة روى البخاري عن شفيان (وبه قال مالك، وقال الشافعي وأحمد) وأصحاب الحديث إذا بلغت ماشيتها النصاب ومثل ذلك روى سفيان في جامعه عن عمر، والمصير إلى هذا التفسير متعين، ومما يدل على أن الخليط لا يستلزم أن يكون شريكا قوله تعالى "وإن كثيرا من الخلطاء" وقد بينه قبل ذلك بقوله "إن هذا أخي له تسع وتسعون نعجة" واعتذر بعضهم عن الحنفية بأن الحديث لم يبلغهم، أو أرادوا أن الأصل ليس فيما دون خمس ذود صدقة، وحكم الخليط بخالفه، ويرد بأن ذلك مع الانفراد وعدم الخلطة لا إذا انضم ما دون الخمس إلى عدد الخليط يكون به الجميع نصابا فإنه يجب تزكية الجميع لهذا الحديث وما ورد في معناه، ولابد من الجمع بهذا، (ومعنى التراجع) كما قال الخطابي أن يكون بينهما أربعون شاة مثلا لكل واحد منهما عشرون قد عرف كل منهما عين ماله فيأخذ المصدق من أحدهما شاة فيرجع المأخوذ من ماله على خليطه بقيمة نصف شاة وهي تسمى خلطة الجوار أهـ (2) بفتح الهاء وكسر الراء وهي الكبيرة التي سقطت أسنانها "وقوله ولا ذات عيب" أي معيبة، واختلف في ضبطه، فالأكثر على أنه ما يثبت به الرد في البيع، وقيل ما يمنع الأجزاء في الأضحية، ويدخل في المعيب المريض والذكورة بالنسبة إلى الأنوثة، والصغير سنا بالنسبة إلى سن أكبر منه، قال الحافظ (تخريجه) (د. ق. ك. هق. مذ) وقال حديث حسن

(24) ز عن طارق قال خطبنا على رضي الله عنه فقال ما عندنا شيء من الوحي أو قال كتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من كتاب الله، وهذه الصحيفة المقرونة بسيفي وعليه سيف حليته حديد، وفيها فرائض الصدقات (ز وعنه من طريق ثان) قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول ما عندنا كتاب نقرؤه عليكم إلا في القرآن وما في هذه الصحيفة صحيفة كانت في قراب سيف كان عليه حليته حديد أخذتها من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فيها فرائض الصدقة

_ (24) "ز" عن طارق (سنده) حدثنا عبدالله ثنا محمد بن جعفر الوركاني ثنا شريك عن مخارق عن طارق قال خطبنا علي رضى الله عنه - الحديث" (غريبه) (1) هذه الصحيفة هي التي تقدم ذكرها في الحديث السابق "أي حديث عمر" حيث قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كتب الصدقة ولم يخرجها إلى عماله حتى توفى قال فأخرجها أبو بكر فعمل بها الخ (وفي رواية للترمذي والإمام أحمد) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرن هذه الصحيفة بسيفه، ثم تداولها الخلفاء بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن وصلت إلى علي رضي الله عنه (2) يحتمل أن عليا رضي الله عنه قرنها بسيفه، ويجتمل أن هذا السيف هو سيف النبي صلى الله عليه وسلم الذي قرنها به ونسب إلى علي رضي الله عنه لكونه يمتلكه الآن، قيل وفي اقتران الصحيفة بالسيف إشارة إلى أن من منع ما فيها يقاتل بالسيف، وقد وقع المنع والقتال في خلافة الصديق رضي الله عنه وثباته على القتال مع مدافعة بعض الصحابة أولا كما تقدم والله أعلم (3) (سنده) "ز" حدثنا عبد الله حدثني محمد بن أبان بن عمران الواسطي ثنا شريك عن مخارق عن طارق يعني ابن شهاب قال سمعت عليا الحديث (4) بكسر القاف وعاء من جلد شبه الجراب يطرح الراكب فيه سيفه بغمده وسوطه، وقد يطرح فيه زاده من تمر وغيره، وكذا في مجمع البحار (5) أي ورثها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تقدم من أنه تداولها الخلفاء قبله، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكتابتها للرجوع إليها بعد وفاته صلى الله عليه وسلم ووضعها في المكان الذي وضع فيه سيفه ولم يخرجها إلى العمال استغناء بما كان يشافههم به من الأحكام، فلما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجها أبو بكر وعمل بها خلافته. ثم عمر. ثم عثمان ثم علي (تخريجه) لم أقف عليه لغير الله عبد الله بن الإمام أحمد وسنده جيد

(25) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي حدثنا ثنا أبو كامل ثنا حماد بن سلمة قال أخذت هذا الكتاب من ثمامة بن عبدالله بن أنس عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه كتب لهم أن هذه فرائض الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن سئلها من المسلمين التي أمر الله عز وجل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن سئلها من المسلمين على وجههها فليعطها، ومن سئل فوق ذلك فلا يعطه فيما دون خمس وعشرين من الإبل، ففي كل

_ (25) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) في لفظ البخاري أن أبا بكر كتب له هذا الكتاب لما وجهه إلى البحرين، هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم على المسلمين والتي أمر بها رسوله الخ (2) معنى قرض هنا أوجب أو شرع يعني بأمره الله تعالى، وقيل معناه قدر لأن إيجابها ثابت بالكتاب فيكون المعنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بين ذلك (قال الحافظ) وقد يرد الفرض بمعنى البيان، كقوله تعالى "قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم" وبمعنى الإنزال كقوله عز وجل "إن الذي فرض عليك القرآن" وبمعنى الحل، كقوله جل شأنه "ما كان على النبي من حرج فيما فرض الله له" وكل ذلك لا يخرج عن معنى التقدير، وقد قال الراغب كل شيء ورد في القرآن فرض على فلان فهو بمعنى الإلزام، وكل شيء ورد فرض له فهو بمعبى لم يحرم عليه، وذكر أن معنى قوله تعالى "إن الذي فرض عليك القرآن" أي أوجب عليك العمل به، وهذا يؤيد قول الجمهور إن الفرض مرادف للوجوب، وتفريق الحنفية بين الفرض والواجب باعتبار ما يثبتان به لا مشاحة فيه، وإنما النزاع في حمل ما ورد من الأحاديث الصحيحة على ذلك، لأن اللفظ السابق لا يحمل على الاصطلاح الحادث أهـ (3) أي من سئل زائدا على ذلك في سن أو عدد له المنع، ونقل الرافعي الاتفاق على تجريحه، وقيل معناه فليمنع الساعي وليتول إخراجه بنفسه أو يدفعها إلى ساع آخر، فإن الساعي الذي طلب الزيادة يكون بذلك متعديا وشرطه أن يكون أمينا، (قال الحافظ) لكن محل هذا إذا طلب الزيادة بغير تأويل أهـ (قال الشوكاني) ولعله يشير بهذا إلى الجمع بين هذا الحديث وحديث "سيأتيكم ركب مبغضون، فإذا أتوكم فرحبوا بهم وخلوا بينهم وبين ما يبغون

خمس ذود شاة فإذا بلغت خمسا وعشرين ففيها ابنة مخاض فابن لبون ذكر فإذا بلغت ستة وثلاثين ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعين، فإذا بلغت ستة وأربعين ففيها حقة طروقة الفحل إلى ستين، فإذا بلغت ستة وسبعين ففيها ابنتا لبون إلى تسعين، فإذا بلغت إحدى وتسعين ففيها حقتان طروقتا الفحل إلى عشرين ومائة، فإن زادت على عشرين ومائة ففي كل أربعين ابنة لبون وفي كل خمسين حقة، فإذا تباين أسنان الإبل في فرائض الصدقات، فمن بلغت عنده صدقة الجذعة وليس عنده جذعة وعنده حقة فإنها تقبل منه ويجعل

_ فإن عدلوا فلأنفسهم وإن ظلموا فعليها وارضوهم فإن تمام زكاتكم رضاهم" أخرجه أبو داود من حديث جابر بن عتيك، وفي لفظ للطبراني من حديث سعد بن ابي وقاص "ادفعزا إليهم ما صلوا الخمس" فتكون هذه الأحاديث محمولة على أن للعامل تأويلا في طلب الزائد على الواجب (1) الرواية المشهورة خمس ذود بإضافة ذود إلى خمس، وروى بتنوين خمس ويكون ذود بدلا منه. حكاه ابن عبد البر والقاضي عياض وغيرهما والمعروف الأول، ونقله ابن عبد البر والقاضي عن الجمهور "قال أهل اللغة" الذود من الثلاثة إلى العشر لا واحد له من لفظه، إنما يقال في الواحد بعير وكذلك النفر والرهط والقوم والنساء وأشباه هذه الألفاظ لا واحد لها من لفظها. قالوا وقوله خمس ذود كقوله خمسة أبعرة وخمسة جمال وخمس نوق وخمس نسوة. قال سيبويه تقول ثلاث ذود لأن الذود مؤنث وليس باسم كسر عليه مذكرة. ثم الجمهور على أن الذود من ثلاثة إلى العشرة، وقال أبو عبيد ما بين ثلاث إلى تسع. وهو مختص بالإناث نقله النووي (2) المراد أنه يجب بعد مجاوزة المائة والعشرين بواحدة في كل أربعين بنت لبون، فيكون الواجب في مائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون، وإلى هذا ذهب الجمهور، ولا اعتبار بالمجاوزة بدون واحدة كنصف أو ثلث أو ربع (قال الشوكاني) وإلى ما قاله الجمهور ذهب الناصر والهادي في الأحكام حكى ذلك عنهما المهدي في البحر، وحكى في البحر أيضا عن على وابن مسعود والنخعي وحماد والهادي وأبي طالب والمؤيد بالله وأبي عباس أن الفريضة تستأنف بعد المائة والعشرين، فيجب في الخمس

معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده إلا جذعة فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة الحقة وليست عنده، وعنده بن لبون فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسر له أو عشرين درهما، ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليست عنده إلا الحقة فإنها تقبل منه ويعطيه المصدق عشرين درهما أو شاتين، ومن بلغت عنده صدقة ابنة لبون وليست عنده ابنة لبون وعنده ابنة مخاض فإنها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهما، ومن بلغت عنده صدقة بنت مخاض وليس عنده إلا ابن لبون ذكر فإنه يقبل منه وليس معه شيء، ومن لم يكن

_ شاة ثم كذلك، واحتج لهم بقوله صلى الله عليه وسلم "وما زاد على ذلك استؤنفت الفريضة، وهذا إن صح كان محمولا على الاستئناف بمعنى الرجوع إلى إيجاب شاة في كل خمس إلى خمس وعشرين على حسب التفصيل المتقدم بأنه متضمن للإيجاب يعني إيجاب شاة مثلا في الخمس الزائدة على مائة وعشرين وحديث الباب وما في معناه متضمن الإسقاط، لأنا نقول هو وهم ناشيء من قوله "وإذا زادت ففي كل أربعين" فظن أن معناه في كل أربعين من الزيادة فقط وليس كذلك، بل معناه في كل أربعين من الزيادة والمزيد، وحكي في الفتح (عن أبي حنيفة) مثل قول علي وابن مسعود ومن تبعهما وقيده في البحر بأنه يقول بذلك إلى مائة وخمس وأربعين، ثم له فيما زاد روايتان كالمذهب الثاني (1) فيه دليل على أنه يجب على المتصدق قبول ما هو أدون ويأخذ التفاوت من جنس غير جنس الواجب، وكذا العكس (وذهبت الهادوية) إلى أن الواجب إنما هو زيادة فضل القيمة من المصدق أو رب المال ويرجع في ذلك إلى التقويم، لكن أجاب الجمهور عن ذلك بأنه لو كان كذلك لم ينظر إلى ما بين السنين في القيمة وكان العرض يزيد تارة وينقص أخرى لاختلاف ذلك في الأمكنة والأزمنة، فلما قدر الشارع التفاوت بمقدار معين لا يزيد ولا ينقص كان ذلك هو الواجب في الأصل في مثل ذلك، ولولا تقدير الشارع بذلك

عنده إلا ربع من الإبل فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها وفي صدقة الغنم في سئامتها إذا كانت أربعين ففيها شاة إلى عشرين ومائة، فإن زادت ففيها شاتان إلى مائتين، فإذا زادت واحدة ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة، فإذا زادت ففي كل مائة شاة، ولا تؤخذ في الصدقة هرمة ولا ذات عوار ولا تيس إلا أن يشاء المتصدق ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة، وما كان من خليطين فإنهما يتراجعان بينهما بالسوية، وإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة شاة واحدة فليس

_ لتعينت بنت المخاض مثلا ولم يجز أن تبدل بابن لبون مع التفاوت (وذهب أبو حنيفة) غلىأنه يرجع إلى القيمة فقط عند التعذر (وذهب زيد بن علي) إلى أن الفضل بين كل سنين شاة أو عشرة دراهم (1) أي إلا أن يتطوع متبرعا (2) السائمة من المواشي هي التي ترعى نفسها، والتقييد بالسائمة يخرج المعلوفة فلا زكاة فيها، وإلى ذلك ذهب الأئمة (أبو حنيفة والشافعي وأحمد) سوى المالكية بين السائمة والمعلوفة في وجوب الزكاة (3) بفتح العين المهملة وضمها وقيل بالفتح فقط وقيل بالفتح العيب العيب وبالضم العور، وتقدم الخلاف في مقدار ذلك في شرح الحديث السابق "وقوله ولا تيس" بتاء فوقية مفتوحة وياء تحتية ساكنة، ثم سين مهملة، وهو فحل الغنم وقيده ابن التين أنه من المعز (4) أي المالك ورواية البخاري المصدق بدون تاء (قال الحافظ) اختلف في ضبطه، فالأكثر على أنه بالتشديد (يعني تشديد الصاد المهملة) والمراد به المالك، وهذا اختيار أبي عبيد (قلت ويؤيده رواية الإمام أحمد) قال وتقدير الحديث لا تؤخذ هرمة ولا ذات عيب أصلا، ولا يؤخذ التيس وهو فحل الغنم إلا برضا المالك لكونه يحتاج إليه ففي أخذه بغير اختياره إضرار به والله أعلم، وعلى هذا فالاستثناء مختص بالثالث، ومنهم من ضبطه بتخفيف الصاد وهو الساعي، وكأنه يشير بذلك إلى التفويض إليه في اجتهاده لكونه يجري مجرى الوكيل فلا يتصرف بغير المصلحة فيتقيد بما تقتضيه القواعد، وهذا قول الشافعي في البويطي، ولفظه ولا تؤخذ ذات عوار ولا تيس ولا هرمة إلا أن يرى المصدق أن ذلك أفضل للمساكين فيأخذه على النظر أهـ. وهذا أشبه بقاعدة الشافعي في تناول الاستثناء جميع ما ذكر قبله، فلو كانت الغنم كلها معيبة مثلا أو تيوسا أجزاه أن يخرج منها (وعند المالكية) يلتزم المالك أن يشتري شاة مجزئة تمسكا بظاهر هذا الحديث (وفي رواية أخرى) عندهم كالأول أهـ (5) لفظ شاة الأول منصوب على أنه مميز عدد

فيها شيء إلا أن يشاء ربها، وفي الرقة ربع العشور، فإذا لم يكن المال إلا تسعين ومائة درهم فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها. (4) باب جامع لأنواع تجب فيها الزكاة وبيان نصاب كل منها (26) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس فيما دون خمس آواق من الورق صدقة وليس فيما دون خمس

_ أربعين، ولفظ شاه الثاني منصوب أيضا على أنه مميز نسبة ناقصة إلى السائمة (1) بكسر الراء وتخفيف القاف، هي الفضة الخالصة سواء كانت مضروبة أو غير مضروبة (قال الحافظ) قيل أصلها الورق فحذفت الواو وعوضت الهاء، وقيل تطلق على الذهب والفضة بخلاف الورق وعلى هذا قيل أن الأصل في زكاة النقدين نصاب الفضة، فإذا بلغ الذهب ما قيمته مائتا درهم فضة خالصة وجبت فيه الزكاة وهي ربع العشر، وهذا قول الزهري وخالفه الجمهور وسيأتي البحث عن ذلك في باب زكاة الذهب والفضة إن شاء الله تعالى (تخريجه) (د. نس. خ) وقطعه في عشرة مواضع، رواه الدارقطني كذلك، وله فيه في رواية في صدقة الإبل، فإذا بلغت احدى وعشرين ومائة ففي كل أربعين بنت لبون، وفي كل خمسين حقه (قال الدارقطني) هذا إسناد صحيح ورواته كلهم ثقات (الأحكام) تقدم الكلام على أحكام زكاة الإبل والغنم وبيان مذاهب الأئمة في خلال الشرح وسيأتي الكلام على أحكام الأنواع الأخرى كل نوع في بابه المختص به إن شاء الله تعالى. (26) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي ابن اسحق قال حدثني محمد بن يحيى بن حبان ومحمد بن عبدالله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة وهما رجلان من الأنصار من بني مازن بن النجار وكانا ثقة عن يحيى بن عمارة بن أبي حسن وعباد بن تميم وهما من رهطهما وكانا ثقة عن أبي سعيد الخدري- الحديث" (غريبه) (2) بالتنوين وحذف الياء التحتية، وكذا في رواية البخاري (وفي رواية) أواقي بإثبات الياء مشددة وكلاهما جمع أوقية بضم الهمزة وتشديد الياء (قال ابن السكيت) كل ما كان من هذا النوع واحده مشدد إجاز في جمعه التشديد والتخفيف، وحكى وقية بحذف الهمزة وفتح الواو، ويجمع على وقايا مثل ضحية وضحايا، واتفقوا على أن مقدارها أربعون درهما، وهي أوقية الحجاز فتكون الأواقي الخمس مائتي درهم وهو نصاب الفضة بدرهم الوزن المتعارف الذي يبلغ به الرطل المصري مائة وأربعة

من الإبل صدقة وليس فيما دون خمسة أوسق من التمر صدقة (27) عن قزعة وقد سأل أبا سعيد الخدري رضي الله عنه عن أشياء قال وسألته عن الزكاة فقال لا أدري أرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أم لا، في مائتي درهم خمسة دراهم وفي أربعين شاة شاة إلى عشرين ومائة، فإن زادت واحدة ففيها شاتان إلى مائتين، فإذا زادت ففيها ثلاث شياه إلى ثلاثمائة، فإذا زادت ففي كل مائة شاه (وفي الإبل في خمس شاة) وفي عشر شاتان وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه، وفي خمس وعشرين

_ وأربعين درهما. وهذا هو الدرهم الذي قدر به نصاب الزكاة والديات وغيرها (1) جمع وسق بفتح الواو ويجوز كسرها كما حكاه صاحب المحكم وجمعه حينئذ أوساق كحمل وأحمال، وهو ستون صاعا بالاتفاق. وقد وقع في رواية ابن ماجة من طريق أبي البختري عن أبي سعيد أيضا نحو هذا الحديث، وفيه والوسق ستون صاعا. وأخرجها أبو داود لكن قال ستون مختوما، وللدارقطني من طريق عائشة الوسق ستون صاعا؛ وفيه دليل على أن الزكاة لا تجب فيما دون خمسة أوسق. وسيأتي البحث عن ذلك في بابه إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق. والأربعة) (27) عن قزعة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثني معاوية يعني ابن صالح عن ربيعة بن يزيد قال حدثني قزعة قال أتيت أبا سعيد وهو مكثور عليه فلما تفرق الناس عنه قلت إني لا أسألك عما يسألك هؤلاء عنه، قلت أسألك عن صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مالك في ذلك من خير، فأعادها عليه؛ فقال كانت صلاة الظهر تقام فينطلق أحدنا إلى البقيع فيقضي حاجته ثم يأتي أهله فيتوضأ ثم يرجع إلى المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم في الركعة الأولى، قال وسألته عن الزكاة فقال لا أدري أرفعه الخ- الحديث" (غريبه) (2) هو ابن يحيى البصري، روى عن أبي سعيد وأبي هريرة وابن عمر، وروى عنه مجاهد وعاصم الأحول. وثقه العجلي، له في البخاري فرد حديث (3) الظاهر أن القائل لا أدري هو قزعة، يعني الشك هل رفع أبو سعيد الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو قاله موقوفا عليه. وقد جاء نحو هذا الحديث عن غير أبي سعيد عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم (4) يعني ربع العشر وتقدم بيان الدرهم

ابنة مخاض إلى خمس وثلاثين، فإذا زادت واحدة ففيها ابنة لبون إلى خمس وأربعين، فإذا زادت واحدة ففيها حقة إلى ستين، فإذا زادت واحدة فيها جذعة إلى خمس وسبعين، فإذا زادت ففيها ابنتا لبون إلى تسعين، فإذا زادت واحدة ففيها ابنتا لبون إلى تسعين فإذا زادت واحدة ففيها حقتان إلى عشرين ومائة، فإذا زادت ففي كل خمسين حقة وفي كل أربعين بنت لبون (28) عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده (معاوية بن حيدة رضي الله عنه) قال سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم يقول في كل إبل سائمة في كل أربعين ابنة لبون لا تفرق إبل عن حسابها من أعطاها مؤتجرا فله أجرها، ومن منعها فإنا آخذوها منه

_ الحديث السابق (1) ليس هذا آخر الحديث "وبقيته" وسألته عن الصوم في السفر فذكر حكم الصوم والأفطار في السفر. وقد تضمن هذا الحديث ثلاثة أحكام (الأول) في تطويل القيام في الركعة الأولى من صلاة الظهر وتقدم في باب القراءة في الظهر والعصر رقم 570 صحيفة 223 من الجزء الثالث، وذكرته هنا عقب السند (الثاني) تضمن انواعا تجب فيها الزكاة، وهو المذكور في هذا الباب لمناسبة الترجمة (والثالث) تضمن حكم الصوم والإفطار في السفر، وسيأتي في باب الفطر والصوم في السفر من كتاب الصيام إن شاء الله تعالى، والله الموفق (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وسنده جيد وله شواهد صحيحة (28) عن بهز بن حكيم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسماعيل ابن علية عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده قال سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (2) السائمة من الماشية الراعية المرسلة في مرعاها، يقال سامت تسوم سموما واسمتها أنا، ويستفاد منه عدم الزكاة في المعلوفة (3) أي لا يفرق أحد الخليطين إبله عن إبل صاحبه فرارا من الصدقة، فقوله عن حسابها اي عن مقدارها وعددها الذي تجب فيه الزكاة، كما إذا كان لأحد الخليطين ثلاث من الإبل وللأخر اثنان فإن في مجموعها شاة، ولو فرقاها لا يجب عليهما شيء (4) أي طالبا للأجر طيبة بها نفسه يبتغي بذلك وجه الله تعالى (5) استدل به على أنه يجوز للأمام أن يأخذ الزكاة قهرا إذا لم يرض رب المال

وشطر إبله عزمة من عزمات ربنا عز وجل، لا يحل لآل محمد منها شيء

_ وعلى أنه يكتفى بنية الإمام كما ذهب إلى ذلك الشافعية والهادوية؛ وعلى أن ولاية قبض الزكاة إلى الإمام، وإلى ذلك ذهبت العترة (وأبو حنيفة وأصحابه ومالك والشافعي) في أحد قوليه (1) في بعض الروايات "وشطر ماله" وجمهور المحدثين على أن شطر بالنصب معطوف على الضمير في آخذوها باعتبار محله، وظاهره أن من منع الزكاة أخذت منه الزكاة وأخذ ماله أي نصفه عقوبة له على منع الزكاة "وقال صاحب النهاية" قال الحربي غلط الراوي في لفظ الرواية إنما هو "وشطر ماله" يعني بضم الشين المعجمة وكسر الطاء المهملة مبني للمجهول، أي يجعل ماله شطرين ويتخير عليه المصدق فيأخذ الصدقة من خير النصفين عقوبة لمنعه الزكاة أما مالا تلزمه فلا (وقال الخطابي) في قول الحربي لا أعرف هذا الوجه، وقيل معناه أن الحق مستوفي منه غير متروك عليه وأن تلف شطر ماله، كرجل كان له ألف شاة مثلا فتلفت حتى لم يبق له إلا عشرون فإنه يؤخذ منه عشر شياه بصدقة الألف وهو شطر ماله الباقي. وهذا أيضا بعيد لأنه قال إنا آخذوها ولم يقل أنا آخذوا شطر ماله، وقيل إنه كان في صدر الإسلام يقع بعض العقوبات في الأموال. ثم نسخ لقوله في الثمر المعلق من حرج بشيء منه فعليه غرامة مثلية والعقوبة، وكقوله في ضالة الإبل المكتومة غرامتها ومثلها معها، وكان عمر يحكم به فغرم حاطبا ضعف ثمن ناقة المزني لما سرقها رفيقه ونحروها؛ وله في الحديث نظائر، وقد أخذ أحمد بن حنبل بشيء من هذا العمل وعمل به (وقال الشافعي) في القديم من منع زكاة ماله اخذت منه وأخذ منه شطر ماله عقوة على منعه واستدل بهذا الحديث منسوخا وقال كان ذلك حيث كانت العقوبات في المال ثم نسخت، ومذهب عامة الفقهاء أن لا واجب على متلف الشيء أكثر من مثله أو قيمته. والله أعلم أهـ (2) عزمة منصوب على أنه مفعول مطلق لفعل محذوف تقديره عزم الله علينا ذلك عزمة (وقال صاحب البدر المنير) عزمة بالرفع خبر لمبتدأ محذوف تقديره ذلك عزمة؛ وكلا الوجهين جائز من حيث العربية، والعزمة في اللغة الجد في الأمر، والمراد به هنا الحق الواجب، وعزمات الله حقوقه وواجباته، وفيه دليل على أن آخذ ذلك واجب مفروض من الأحكام (3) يعني أن الزكاة حق من حقوق الله تعالى ليس لآل محمد فيها نصيب (تخريجه) (د. نس. ك. هق) وقال يحيى بن معين اسناده صحيح إذا كان من دون بهز ثقة، وقد اختلف في بهز فقال أبو حاتم لا يحتج به، وروى الحاكم عن الشافعي أنه قال ليس بهز حجة وهذا الحديث لا يثبته أهل العلم بالحديث، ولو ثبت لقلنا به كان وكان قال به في القديم ثم رجع

(29) عن أبي ذر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول في الإبل صدقتها، وفي الغنم صدقتها، وفي البقر صدقتها، وفي البر صدقته. (30) عن معاذ بن جبيل رضي الله عنه قال بعثني صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأمرني أت آخذ من كل حالم دينارا أو عدله معافر، وأمرني أن آخذ

_ وسئل الإمام أحمد عن هذا الحديث فقال ما أدري وجهه، وسئل عن إسناده فقال صالح الإسناد، وقال ابن سعد لولا هذا الحديث لأدخلت بهزا في الثقات، وقال ابن حزم إنه غير مشهور العدالة وقال ابن الطلاع أنه مجهول، وتعقبا بأنه قد وثقه جماعة من الأئمة، وقال ابن عدي لم أر له حديثا منكرا، وقال الذهبي ما تركه عالم قط، وقد تكلم فيه بأنه كان يلعب الشطرنج، قال ابن القطان وليس ذلك بضائر له فإن استباحته مسألة فقهية مشتهرة (قال الحافظ) وقد استوفيت الكلام فيه في تلخيص التهذيب، وقال البخاري بهز بن حكيم يختلفون فيه، وقال ابن كثير الأكثر لا يحتجون به، وقال الحاكم حديثه صحيح وقد حسن له الترمذي عدة أحاديث ووثقه، واحتج به الإمام أحمد واسحق والبخاري خارج الصحيح وعلق له فيه، وروى عن أبي داود أنه حجة عنده، والله أعلم (29) عن أبي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج عن عمران بن أبي أنس بلغه عنه عن مالك بن أوس بن الحدثان النضري عن أبي ذر - الحديث" (غريبه) (1) المعنى أن كل نوع من هذه الأنواع تجب فيه الزكاة زكاته تكون من جنسه أما مقدار ذلك ونصابه فسيأتي في أبوابه إن شاء الله تعالى وقد تقدم بعضه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رواه لم يسم. (30) عن معاذ بن جبل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داوود الهاشمي ثنا أبو بكر يعني ابن عياش ثنا عاصم عن أبي وائل عن معاذ- الحديث" (غريبه) (2) أي محتلم كما فسر بذلك في رواية أبي داود والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم أمره أن يأخذ من كل بالغ ذكر من أهل الذمة دينارا جزية إذا لم يسلم، وسيأتي الكلام عليه في باب الجزية من كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى (3) العدل بالكسر والفتح المثل، وقيل بالفتح ما عادله من جنسه، وبالكسر ما ليس من جنسه، وقيل بالعكس (والمعافر) بالعين المهملة بوزن مساجد ممنوع من الصرف لما فيه من صيغة منتهى الجموع، وهو موضع باليمن أوحى

من كل أربعين بقرة مسنة ومن كل ثلاثين بقرة تبيعا حوليا، وأمرني فيما سقت السماء العشر وما سقى بالدوالي نصف العشر

_ من همدان ليمن تنسب إليهم الثياب المعافرية والمعنى أن من لم يتيسر له الدينار فاليدفع ما يساويه من الثياب المعافريقة (1) هكذا في هذه الرواية تقديم الأربعين على الثلاثين، ورواية أبي داود والجمهور تقديم الثلاثين، وسيأتي مثل رواية الجمهور للإمام أحمد في الباب التالي (واسم المسن) بقع على البقرة والشاة إذا مان في السنة الثانية، والاقتصار على المسنة في الحديث يدل على أنه لا يجزئ المسن، ولكنه أخرج الطبراني عن ابن عباس مرفوعا "وفي كل أربعين مسنة أو مسن" ولفظ "بقرة" الذي في حديث الباب منصوب على التمييز "ومسنة" مفعول لآخذ، والمعنى أمرني أن آخذ مسنة من كل أربعين بقرة وكذلك يقال في الآتي بعده (2) التبيع على مافي القاموس ما كان في أول سنة، وفي النهاية التبيع ولد البقر أول سنة، وفي حديث عمرو بن حزم جذع أو جزعة، والجزع من البقر والمعز ما دخل في السنة الثانية، وقيل البقر في الثالثة، وفي رواية أبي داود وغيره تبيعا أو تبيعة أي لا فرق هنا بين الذكر والأنثى، قال الحطابي يشبه أن يكون ذلك لقلة هذا النصاب وانحطاط هذا النوع من الحيوان، فيسوغ لهم إخراج الذكر منه ما دام قليلا إلى أن يبلغ كمال النصاب وهو الأربعون أهـ وقوله "حوليا" أي حال عليه الحول (3) المراد بذلك المطر أو الثلج أو البرد أو الطل، والمعنى أن ما سقى بدون آلة يؤخذ عشرة في الزكاة إذا بلغ النصاب، وسيأتي الكلام عليه في باب زكاة الزرع والثمار إن شاء الله تعالى (تخريجه) (الأربعة. وغيرهم) وليس لابن ماجة فيه حكم الحالم، وأخرجه أيضا (حب. قط. ك) وصححه ابن حبان والحاكم من رواية أبي وائل عن مسروق عن معاذ، ورواه أبو داود والنسائي من رواية ابي وائل عن معاذ، ورجح الترمذي والدارقطني الرواية المرسلة، ويقال إن مسروقا لم يسمع من معاذ، وقد بالغ ابن حزم في تقرير ذلك، وقال ابن القطان هو على الاحتمال، وينبغي أن يحكم لحديثه بالاتصال على رأي الجمهور، وقال ابن عبد البر التمهيد اسناده متصل صحيح ثابت، ووهم عبد الحق فنقل عنه قال مسروق لم يلق معاذا، وتعقبه ابن القطان بأن أبا عمر إنما قال ذلك في رواية مالك عن حميد ابن قيس عن طاوس عن معاذ، وقد قال الشافعي طاوس عالم بأمر معاذ وإن لم يلقه لكثرة من لقيه ممن أدرك معاذا، وهذا مما لا أعلم من أحد فيه خلافا أهـ (قال الحافظ) في

(5) باب زكاة البقر وما جاء في الوقصي (31) عن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق أهل اليمن وأمرني أن آخذ من البقر من كل ثلاثين تبيعا، قال هارون والتبيع الجذع أو الجذعة ومن كل أربعين مسنة قال فعرضوا على أن آخذ

_ التلخيص، ورواه البزار والدارقطني من طريق ابن عباس بلفظ "لما بعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن أمره أن يأخذ من كل ثلاثين من البقر تبيعا وتبيعة جذعا أو جذعة الحديث، لكنه من الطريق بقية المسعودي وهو ضعيف أهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب الزكاة في جملة أنواع (منها الورق) أي الفضة تجب فيها الزكاة إذا بلغت مائتي درهم فأكثر (ومنها الإبل تجب فيها الزكاة إذا كانت خمسا فأكثر (ومنها الغنم) تجب فيها الزكاة إذا كانت أربعين فأكثر (ومنها البقر) تجب فيها الزكاة إذا كانت ثلاثين فأكثر (ومنا الزرع) تجب الزكاة في أنواع منه إذا بلغ خمسة أوسق فأكثر، وجاء في حديث معاذ رضي الله عنه أخذ دينار عن كل مكلف من الكفار الذين لم يريدوا الإسلام وهو المعروف بالجزية وسيأتي تفصيل أحكام هذه الانواع في الأبواب الآتية كل في بابه إن شاء الله تعالى والله الموفق (31) عن معاذ بن جبل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا معاوية عن عمرو وهارون بن معروف قالا ثنا عبد الله بن وهب قال هارون في حديثه قال وقال حيوة عن ابن أبي حبيب، وقال معاوية عن حيوة عن يزيد عن سلمة بن أسامة عن يحيى بن الحكم أن معاذا قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) هو ابن معروف أحد رجال السند، وقد فسر التبيع هنا بالجذع أو الجذعة وهو من البقر ما كان له سنة ودخل في الثانية (قال النووي) في شرح المهذب. قال المصنف "يعني صاحب المهذب" والأصحاب التبيع ما استكمل سنة ودخل في الثانية، والمسنة ما استكملت سنتين ودخلت في الثالثة، هذا هو الصواب المعروف (للشافعي والأصحاب) وشذ الجرجاني فقال في كتابه التحرير التبيع ماله دون سنة، وقيل ماله سنة، والمسنة لها سنة وقيل سنتان، وكذا قول صاحب الإبانة التبيغ ما استكمل سنة، وقيل الذي يتبع أمه وإن كان له دون سنة (وقال الرافعي) وحكى جماعة أن التبيع له ستة أشهر والمسنة لها سنة وهذا كله غلط ليس معدودا من المذهب والله تعالى أعلم أهـ (2) هي ما استكلمت سنتين ودخلت في الثالثة

من الأربعين، قال هارون ما بين الأربعين والخمسين وما بين الستين والسبعين وما بين الثمانين والتسعين، فأبيت ذاك وقلت لهم حتى اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقدمت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين تبيعا، ومن كل أربعين مسنة، ومن الستين تبيعين، ومن السبعين مسنة وتبيعين ومن العشرة والمائة مسنتين وتبيعا، ومن التسعين ثلاثة أتباع، ومن المائة مسنة وتبيعين ومن العشرة والمائة مسنتين وتبيعا، ومن العشرين ومائة ثلاث مسنات أو أربعة أتباع، قال وأمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا آخذ فيما بين ذلك، وقال هارون فيما بين ذلك شيئا إلا أن يبلغ مسنة أو جذعا وزعم أن الأوقاص

_ على الصحيح (1) لم يثبت أن معاذا رضي الله عنه رجع على المدينة بعد ذهابه إلى اليمن إلا بعد وفاة رسول الله وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي الموطأ عن طاوس اليماني أن معاذ بن جبل الأنصاري أخذ من ثلاثين بقرة تبيعا، ومن أربعين بقرة مسنة وأتى بما دون ذلك فأبى أن يأخذ منه شيئا وقال لم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئا حتى ألقاه فأسأله، فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يقدم معاذ (2) أي فيما بين الفرضين، وتوضيح ذلك أنه يأخذ تبيعا في الثلاثين فأكثر لغاية تسع وثلاثين، فإذا بلغت الأربعين أخذ مسنة لغاية تسع وخمسين، فإذا بلغت الستين أخذ تبيعين، وهكذا في كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة (3) يعني إلا أن يبلغ العدد ما يستحق مسنة أو جذعة بالحساب المتقدم ذكره (4) الأوقاص جمع وقص بفتح القاف وإسكانها لغتان أشهرها عند أهل اللغة الفتح؛ والمستعمل منها عند الفقهاء الإسكان، واقتصر الجوهري وغيره من أصحاب الكتب المشهورة في اللغة على الفتح، ويجوز ابدال الصاد سينا مع اسكان القاف، وعلى كل حال فهو ما بين الفريضتين، ويقال له أيضا الشنق (قال صاحب الشامل) وغيره الشنق بفتح الشين المعجمة والنون هو أيضا ما بين الفريضتين أهـ (قال النووي) في شرح المهذب. قال القاضي أكثر أهل اللغة يقولون الوقص والشنق سواء لا فرق بينهما (وقال الأصمعي) الشنق يختص بأوقاص الإبل والوقص يختص بالبقر والغنم، واستعمل الشافعي رضي الله عنه في البويطي الشنق في أوقاص الإبل والبقر والغنم جميعا، ويقال أيضا وقس بالسين المهملة، قال (وقال الشافعي في مختصر المزني، الوقس ما لم يبلغ الفريضة؛ وروى البيهقي عن المسعودي قال الأوقاس

لا فريضة فيها (32) حدثنا عبدالله حدثني أبي حدثنا سفيان عن عمرو (بن دينار) عن طاوس أتى معاذ بن جبل رضي الله عنه بوقص البقر والعسل، فقال لم يأمرني النبي صلى الله عليه وسلم فيها بشيء، قال سفيان الأوقاص ما دون الثلاثين (33) عن أبي عبيدة عن أبيه رضي الله عنه قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم في صدقة البقر إذا بلغ البقر ثلاثين يها تبيع من البقر جذع أو جذعة حتى تبلغ أربعين، فإذا بلغت أربعين ففيها بقرة مسنة

_ ما دون الثلاثين يعني من البقر وما بين الأربعين والستين، فحصل من هذه الجملة أنه يقال وقص بفتح القاف وإسكانها وشنق ووقس بالسين المهملة؛ وأنه يطلق على مالا زكاة فيه سواء كان بين نصابين أو دون النصاب الأول، لكن أكثر استعماله فيما بين النصابين والله تعالى أعلم أهـ (تخريجه) (بز) وفي إسناده عند الإمام أحمد من لم أعرفه، وفي إسناده عند البزار الحسن بن عمارة وهو ضعيف (قال الحافظ) في التلخيص ويدل على ضعفه (يعني الحديث معاذ) ذكره فيه لقدوم معاذ على النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يقدم إلا بعد موته، وقد أخرج نحو هذه الرواية مالك في الموطأ من طريق طاوس عن معاذ، وليس عنده أن معاذا قدم قبل موت النبي صلى الله عليه وسلم بل صرح فيها أن النبي صلى الله عليه وسلم مات قبل قدومه أهـ (قلت) رواية مالك تقدمت بلفظها في خلال الشرح، وهي تؤيد حديث الباب في الحكم، ويؤيده ايضا حديث معاذ المتقدم في آخر الباب السابق؛ وله شواهد أيضا تعضده والله أعلم. (32) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) يعني ما دون الثلاثين بقرة ليس فيه زكاة، وهذا بالاتفاق، وأما ما وقص العسل فربما يكون فيما نقص عن عشر قرب، فإذا بلغ عشر قرب ففيها العشر عند القائلين بذلك كما سيأتي في بابه إن شاء الله (تخريجه) أخرجه أيضا الحميدي وسنده جيد (33) عن أبي عبيدة عن أبيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا ابن مسعود وابن سعد ثنا خصيف عن أبي عبيدة عن أبيه رضي الله عنه (3) قال ابن الهمام البقر من بقر الشيء إذا شق سمى به لأنه يشق الأرض "يعني بالحراثة" وهو اسم

فإذا كثرت البقر ففي كل أربعين من البقر بقرة مسنة

_ جنس، والتاء في بقرة للوحدة فيقع على الذكر والأنثى لا للتأنيث أهـ (تخريجه) (ش. مذ) من طريق عبد السلام بن حرب عن خصيف عن أبي عبيدة عن عبدالله ابن مسعود، وقال الترمذي هكذا روى عبد السلام بن حرب عن خصيف عن أبي عبيدة عن أبيه عن عبد الله ابن مسعود، وأبو عبيدة بن عبدالله لم يسمع من أبيه أهـ (وقال النووي) رواه الترمذي وغيره من حديث عبدالله بن مسعود، إلا أن إسناد حديث ابن مسعود ضعيف، قال وروى أيضا من حديث عل رضى الله عنه مرفوعا (قال البيهقي) وأما الأثر الذي يرويه معمر عن الزهري عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما، قال في خمس من البقر شاة وفي عشر شاتان، وفي خمس عشرة ثلاث شياه، وفي عشرين أربع شياه (قال الزهري) وإذا كانت خمسا وعشرين ففيها بقرة إلى خمس وسبعين ففيها بقرتان إلى عشرين ومائة، فإذا زادت ففي كل أربعين بقرة (قال الزهر) وبلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وفي كل ثلاثين بقرة تبيع وفي كل أربعين بقرة مسنة، أن ذلك كان تخفيفا لأهل اليمن ثم كان هذا بعد ذلك (قال البيهقي) فهذا حديث موقوف منقطع أهـ ج (زوائد الباب) (عن ابن عباس رضي الله عنهما) قال لما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معاذا إلى اليمن أمره أن يأخذ في كل ثلاثين من البقر تبيعا أوتبيعة جذعا أو جذعة، ومن كل أربعين بقرة مسنة، قالوا فالأوقاص قال ما أمرني فيها بشيء وسأسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قدمت فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله، فقال ليس فيها شيء، قال قال المسعودي، والأوقاص ما بين الثلاثين إلى الأربعين والأربعين إلى الستين، وراه البزار وقال لم يتابع بقية أحد على رفعه إلا الحسن بن عمارة والحسن ضعيف (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس في البقر العوامل صدقة، ولكن في كل ثلاثين تبيع، وفي كل أربعين مسن أو مسنة، رواه الطبراني في الكبير وفيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب في صدقة البقر في كل ثلاثين بقرة جذعة وفي كل أربعين بقرة مسنة (طس) من حديث طويل ذكر فيه صدقة الإبل والبقر والغنم، وقد اقتصرنا منه على الجزء الخاص البقر، وأورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الأوسط عن محمد بن إسماعيل بن عبد الله عن أبيه ولم اعرفهما وبقية رجاله ثقات (وقد أورد ابن أبي شيبة) رحمه الله في مصنفه من الآثار شيئا كثيرا (فمنها عن علي رضي الله عنه) قال إذا بلغت "يعني البقر" ثلاثين ففيها تبيع أو تبيعة حولى، فإذا بلغت اربعين ففيها مسنة ثنية فصاعدا (وعن حماد عن

إبراهيم) قال في ثلاثين من البقر تبيع أو تبيعة جذع أو جذعة، وفي أربعين مسنة. وعن الشعبي مثله (وعن عكرمة بن خالد) قال استعملت على صدقات عك فلقيت أشياخا ممن صدق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختلفوا على، فمنهم من قال اجعلها مثل صدقة الإبل ومنهم من قال في ثلاثين تبيع أو تبيعة جذع أو جذعة، وفي أربعين مسنة (وعن مكحول) قال إذا بلغت ثلاثين ففيها تبيع أو تبيعة، فإذا بلغت اربعين ففيها مسنة (وعن ابن طاوس) عن أبيه مثل ذلك (وعن ابن جريج عن سلمان بن موسى) مثل ذلك (وعن صالح بن دينار) أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى عثمان بن محمد أبي سويد أن تأخذ من كل ثلاثين بقرة بقرة، ومن كل أربعين بقرة بقرة، ولم يزد على ذلك (وعن محمد بن يحيى بن حبان) أن نعيم بن سلامة أخبره وهو الذي كان خاتم عمر بن عبد العزيز في يده أن عمر بن عبد العزيز دعا بصحيفة زعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب بها إلى معاذ فقال نعم، فقرئت وأنا حاضر فإذا فيها من كل ثلاثين تبيع جذع أو جذعة، ومن كل أربعين بقرة بقرة مسنة (وعن محمد بن بكر) عن ابن جريج قال أخبرني عمرو قال كان عثمان بن الزبير بن أبي عوف وغره يأخذون من كل خمسين بقرة بقرة (الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب الزكاة في البقر وعلى أن في كل ثلاثين من البقر تبيعا، وفي كل أربعين مسنة، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء؛ قال الإمام ابن رشد في كتابه بداية المجتهد (وقالت طائفة) في كل عشر من البقر شاة على ثلاثين ففيها تبيع، وقيل إذا بلغت خمسا وعشرين ففيها بقرة إلى خمس وسبعين، ففيها بقرتان إذا جاوزت ذلك، فإذا بلغت مائة وعشرين ففي كل أربعين بقرة، وهذا عن سعيد بن المسيب، واختلف فقهاء الأمصار فيما بين الأربعين والستين (فذهب مالك والشافعي وأحمد الثوري) وجماعة أن لا شيء فيما زاد على الأربعين حتى تبلغ ستين، فإذا بلغت ستين ففيها تبيعان إلى سبعين، ففيها مسنة وتبيع على ثمانين، ففيها مسنتان إلى تسعين، ففيها ثلاثة أتبعة إلى مائة، ففيها تبيعان ومسنة، ثم هكذا ما زاد ففي كل ثلاثين تبيع وفي كل أربعين مسنة، وسبب اختلافهم في النصاب أن حديث معاذ غير متفق على صحته، ولذلك لم يخرجه الشيخان، وسبب (اختلاف فقهاء الأمصار في الوقص) أنه جاء في حديث معاذ هذا أنه توقف ي الأوقاص وقال حتى أسأل فيها النبي صلى الله عليه وسلم فلما قدم عليه وجده قد توفى، فلما يرد في ذلك نص طلب حكمه من طريق القياس، فمن قاسها على الإبل والغنم لم ير في الأوقاص شيئا، ومن قال إن الأصل أن في الأوقاص الزكاة غلا ما استثناه الدليل من ذلك وجب ألا يكون عنده في البقر وقص؛ إذ لا دليل هنالك من إجماع ولا غيره أهـ (قلت) الوقص من الأربعين إلى الستين لا زكاة فيه عند جمهور العلماء (وذهبت الحنفية) إلى وجوب الزكاة فيه بقدرها من لمسنة على ظاهر الرواية، ففي الواحدة الزائدة على الأربعين ربع عشر مسنة. وفي الاثنين نصف عشر مسنة، وهكذا إلى

(6) باب اجتناب كرائم أموال الناس في الزكاة (وما يجزى من النعم ومن أدى افضل الواجب) (34) عن عمارة بن عمر بن حزم عن أبي كعب رضي الله عنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقا على يلي وعذرة وجميع بني سعد بن هذيم ابن قضاعة (وفي رواية من قضاعة) قال فصدقتهم حتى مررت بآخر رجل منهم، وكان منزله وبلده من أقرب منازلهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة قال فلما جمع إلي ماله لم أجد عليه فيها إلا ابنة مخاض بعني فأخبرته أنها صدقته، قال فقال ذاك مالا لبن فيه ولا ظهر وأيم الله ما قام في مالي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رسول الله قط قبلك وما كنت لأقرض الله تبارك

_ الستين، وحكى الحافظ عن عبد الحق أنه قال ليس في زكاة البقر حديث متفق علي صحته يعني في النصب، وحكى أيضا عن ابن جرير الطبري أنه قال صح الإجماع المتيقن المقطوع به الذي لا اختلفا فيه أن في كل خمسين بقرة بقرة، فوجب الأخذ، بهذا وما دون ذلك مختلف فيه ولا نص في إيجابه، وتعقبه صاحب الإمام بحديث عمرو بن حزم الطويل في الديات وغيرها فإن فيه في كل ثلاثين باقورة تبيع جذع أو جذعة، وفي كل أربعين باقورة بقرة، وحكى أيضا عن ابن عبد البر أنه قال في الاستذكار لا خلاف بين العلماء أن السنة في زكاة البقر على ما في حديث معاذ وأنه النصاب المجمع عليه فيها أهـ (34) عن عمارة بن حزم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يعقوب ثنا أبي عن محمد بن اسحق حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن يحيى بن عبد الله بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن عمارة بن عمرو بن حزم - الحديث" (غريبه) (1) هما قبيلتان معروفتان (2) أنث الضمير باعتباره الإبل، أي لم اجد واجبا عليه في إبله غلا ابنة مخاض (3) يعني أن بنت المخاض التي تريد أخذها لا منفعة فيها بلبن ولا ركوب لصغرها، وهي من الإبل ما دخلت في السنة الثانية، وذكر اسم الإشارة العائد على بنت المخاض باعتبار لفظ ما (4) أيم الله من ألفاظ القسم كقولك لعمر الله وعهد الله وهمزتها وصل وقد تقطع (5) يريد أنه ما طلبت منه الزكاة قبل هذا الوقت

وتعالى من مالي مالا لبن فيه ولا ظهر، ولكن هذه ناقة فتية سمينة فخذها، قال فقلت له ما أنا بآخذ ما لم أومر به، فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم منك قريب فإن أحببت أن تأتيه فتعرض عليه ما عرضت علي فافعل، فإن قبلة منك قبلة، وإن رده عليك رده قال فإني فاعل، قال فخرج معي وخرج بالناقة التي عرض علي حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فقال له يا نبي الله أتاني رسولك ليأخذ مني صدقة مالي؛ وأيم الله ما قام في مالي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا رسول له قط قبله، فجمعت له مالي فزعم أن علي فيه ابنة مخاض وذلك مالا لبن فيه ولا زهر وقد عرضت عليه ناقة فتية سمينة ليأخذها فأبى على ذلك وقال ها هي هذه قد جئتك بها يا رسول الله رسول الله خذها، قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الذي عليك فإن تطوعت بخير قبلناه منك وآجرك الله فيه، قال فها هي ده يا رسول الله قد جئتك بها فخذها، قال فأمر رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بقبضها ودعى له في ماله بالبركة (35) عن سويد بن غفلة رضي الله عنه قال أتانا مصدق رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم.

_ (1) رواية أبي داود (فإن قبله منك قبلته وإن رده عليك رددته) (1) يريد أن ما طلبه الساعي من بنت المخاض هو الواجب عليك فإن تبرعت بأجود منها آجرك الله فيه يعنى أنابك الله عليه ,قال فى المصباح أجره الله أجراٌ من باب قتل ومن باب ضرب لغة بنى كعب , وآجره بالمدلغة ثالثة إذا أثابه (تخريجه) (د) وصححه الحاكم ,وروى نحوه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على مسند أبيه وزاد فيه قال عمارة وقد وليت صدقاتهم في زمن معاوية فأخذت من ذلك الرجل ثلاثين حقه لألف وخمسمائة بعير عليه (قلت) هذا من بركة دعاء النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم له في ماله لإخلاصه وسخائه وكرمه. (35) عن سويد بن غفلة (سنده) حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا هشيم أنبأنا هلال بن خباب قال حدثني ميسرة أبو صالح عن سويد بن غفلة - الحديث"

قال فجلست إليه فسمعته وهو يقول إن في عهدي أن لا آخذ من راضعي لبن ولا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع وآتاه رجل بناقة كوماء فقال خذها فأبى أن يأخذها. (36) عن الصنابحي رضي الله عنه قال رأى رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم في إبل

_ (غريبه) (1) المراد بالعهد هنا كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بين له فيه أحكام الصدقة، ويؤيد ذلك ما جاء في رواية لأبي داود عن سويد بن غفلة قال أتانا مصدق النبي صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده وقرأت في عهده لا يجمع بين مفترق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة (2) أي صغير يرضع اللبن، أو المراد ذات لبن بتقدير المضاف، أي ذات راضع لبن، والنهي عن الثاني لأنها من خيار المال، وعلى الأول لأن حق الفقراء في الأوساط، وفي الصغار إخلال بحقهم وفي رواية للنسائي (أن ألا تأخذ راضع لبن" بدون من (ومن) زائدة على الاحتمالين، ويحتمل أن المراد لا تعد الصغار في نصاب الزكاة، وعليه يكون الحديث حجة (لأبي حنيفة ومحمد) في أن الصغار من الإبل والغنم والبقر لا زكاة فيها استقلالا، فلو ملك خمسا وعشرين من الإبل وقد وضعت خمسا وعشرين فصيلا ومات الكبار كلها قبل تمام الحول وتم على الصغار فلا زكاة فيها؛ أما لو بقي من الكبار ولو واحدة فإنها تزكى تبعا للأصل لا قصدا (وعند أبي يوسف) يجب في الصغار واحدة منها إذا تم لها حول (3) تقدم الكلام على هذه الجملة في شرح الحديث الأول من باب ما جاء في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) بفتح الكاف وسكون الواو هي الناقة العظيمة السنام، وهي نوع جيد من الإبل (5) رواية أبي داود (فأبى أن يقبلها) وليس آخر الحديث عنده بل زاد (قال إني أحب أنتأخذ خير إبلي، قال فأبى أن يقبلها، قال فخطم له أخرى دونها، فأبى أن يقبلها، ثم خطم له أخرى دنها فقبلها وقال إني آخذها وأخاف أن يجد علي رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم (أي يغضب) يقول لي عمدت إلى رجل فتخيرت عليه إبله" (تخريجه) (د. نس. قط. هق) وفي إسناده هلال بن خباب وقد وثقه غير واحد وتكلم فيه بعضهم. (36) عن الصنابحي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب بن زياد ثنا عبد الله بن مبارك أنا خالد بن سعيد عن قيس بن أبي حازم عن الصنابحي - الحديث" (غريبه) (6) بضم الصاد المهملة وفتح النون وكسر الموحدة بعدها حاء مهملة نسبة إلى صنابح بطن من مراد واسمه صنابح بن الأعسر متفق على صحبته. وتقدم

الصدقة ناقة مسنة فغضب وقال ما هذه؟ فقال يا رسول الله إني أرتجعتها بببعيرين من حاشية الصدقة فسكت. (37) عن قرة بن دعموص النميري رضي الله عنه قال قدمت المدينة فأتيت رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم وحوله الناس فجعلت أريد أدنو منه فلم أستطع، فناديته يا رسول الله استغفر للغلام النميري فقال غفر الله لك، قال وبعث رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحاك بن قيس ساعيا، فلما رجع رجع بإبل جلة فقال له رسول الله

_ لنا بحث في الصنابحيين في شرح حديث عبدالله الصنابحي رقم 187 صحيفة 302 في الباب الاول من أبواب الوضوء من الجزء الأول (1) إنما غضب النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم لكونها من كرائم الأموال فخشي أن يكون المصدق أخذها من بعض الناس في الصدقة، وقد نهى رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أخذ كرائم الأموال في الصدقة، فقال له المصدق إني أخذتها ببعيرين من حاشية الصدقة (يعني من أقل الأبعار قيمة) أبدلتهما به وما أخذتها من أحد في صدقته، فسكت رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني أقره على ذلك، والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد، وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وعزاه للطبراني في الكبير ولفظه (عن الصنابحي قال أبصر رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة حسنة في إبل الصدقة فقال قاتل الله صاحب هذه الناقة، فقال يا رسول الله إني ارتجعتها ببعيرين من حاشية الإبل، قال فنعم إذا" (قال الهيثمي) فيه محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي وهو ضعيف (قلت) رواية الإمام أحمد تعضده. (37) عن قرة بن دعموص (سنده) حدثنا عبدالله حدثني ابي ثنا عفان ثنا جرير بن حازم قال جلس إلينا شيخ في مكان أيوب فسمع القوم يتحدثون فقال حدثنا مولاي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما اسمه؟ قلت قرة بن دعموص بن ربيعة بن عوف بن الحارث بن زهير بن قرنع بن الحارث بن نمير بن عامر العامري، ثم النميري، قال البخاري وابن السكن له صحبة، يعد في البصرين، وقال ابن الكلبي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى بني هلال يدعوهم إلى الإسلام فقتلوه أهـ (3) أي عظيمة وهي الكبار من الإبل وقيل هي المسان منها، وقيل هو ما بين الثني إلى البازل، والثني من الإبل ما دخل في السنةالسادسة، والبازل

صلى الله عليه وسلم أتيت هلال بن عامر وعامر بن ربيعة فأخذت جلة أموالهم، قال يا رسول الله إني سمعتك تذكر الغزو فأحببت أن آتيك بإبل تركبها وتحمل عليها، فقال والله للذي تركت أحب إلي من الذي أخذت، أرددها وخذ من حواشي أموالهم صدقاتهم، قال فسمعت المسلمين يسمون تلك الإبل المسان المجاهدات. (38) عن مسلم بن شعبة أن علقمة استعمل أباه على عرافة قومه قال مسلم فبعثني إلى مصدقه في طائفة من قومي قال فخرجت حتى آتي شيخا يقال له سعر في شعب من الشعاب، فقلت إن أبي إليك لتعطيني صدقة

_ ما دخل في السنة التاسعة (1) حواشي الأموال هي صغار كابن المخاض وابن اللبون واحدها حاشية، وحاشية كل شيء جانبه وطرفه، وإنما أمره النبي صلى الله عليه وسلم برد الإبل التي أتى بها لكونها من كرائم الأموال وأنفسها، وفي آخذها في الصدقة عين لأصحابها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه راو لم يسم وبقية رجاله رجال الصحيح. (38) عن مسلم بن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا زكريا بن إسحاق قال حدثني عمرو بن أبي سفيان قال حدثني مسلم بن شعبة- الحديث" (غريبه) (2) لفظ أبي داود "استعمل نافع بن علقمة أبي" ولفظ النسائي "استعمل ابن علقمة أبي" فالظاهر أن لفظ (ابن) في رواية الإمام أحمد سقط من الناسخ والله أعلم، والضمير في أباه يعود على مسلم بن شعبة، والمعنى أن ابن علقمة استعمل أبا مسلم بن شعبة، أي جعله رئيسا على قومه ليتولى مصالحهم ويدبر أمورهم ويجمع صدقاتهم (والعرافة) عمل العريف من تدبير أمور القوم وسياستهم (والعريف) القائم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يتولى أمورهم ويتبين الأمير منه أحوالهم، يقال عرفت على القوم أعرف من باب قتل عرافة بكسر العين فأنا عارف (3) رواية أبي داود "فبعثني أبي في طائفة منهم" والمعنى أن مسلم بن شعبة يقول أرسلني أبي إلى طائفة منهم" أي من قوم أبيه ونسبهم إلى نفسه في رواية الإمام أحمد باعتبار أن قوم أبيه قومه، وأتى بصبغة المضارع في قوله حتى آتى استحضارا للصورة الماضية (4) بفتح السين وسكون العين المهملتين آخره راء مهملة كذا في تهذيب التهذيب، ويقال ابن ديسم "كما صرح به في بعض الأصول" العامري

غنمك فقال أي ابن أخي وأي نحو تأخذون فقلت نأخذ أفضل ما نجد فقال الشيخ إني لفي شعب من هذه الشعاب في غنم لي إذ جاءني رجلان مرتدفان بعيرا، فقالا إنا رسولا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنا إليك لتوتينا صدقة غنمك، قلت وما هي؟ قالا شاة، فعمدت إلى شاة قد علمت مكانها ممتلئة مخضا وشجعا، فأخرجتها إليهما؛ فقالا هذه شافع وقد نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نأخذ شافعا والشافع التي في بطنها ولدها، قال فقلت فأي شيء تأخذان، قالا عناقا أو

_ الكناني ويقال الدؤلي، قدم الشام تاجرا في الجاهلية وأسلم، روى عن مصدقين للنبي صلى الله عليه وسلم وعنه ابنه جابر ومسلم بن شعبة؛ قال الدارقطني وابن وابن حبان له صحبة وذكره العسكري في المخضرمين، قاله الحافظ في الإصابة (والشعب) بكسر الشين المعجمة واد بين جبلين، والشعاب بكسر الشين أيضا جمعه (1) أي حرف نداء وابن أخي منادي، وعند أبي داود والنسائي "قال ابن أخي" بحذف حرف نداء وابن أخي منادى، وعند ابي داود والنسائي "قال ابن أخي" بحذف حرف النداء والمعنى يا ابن أخي (2) يعني أي صنف تأخذون (3) لفظ أبي داود "قلت نختار حتى أنا نبين ضروع الغنم" ولفظ النسائي "حتى أنا لنشبر ضروع من رديئها، ومعنى قوله نشبر ضروع الغنم أي نقيسها بالشبر ليتبين حالها من سبرت الشيء من باب قتل قسنه بالشبر (4) أي قصدت إلى شاة سمينة جيدة ممتلئة كثيرة اللبن، والمحض بحاء مهملة وضاد معجمة هو اللبن (5) أي معها ولدها سميت شافعا لأن ولدها قد شفعها فصارت معه زوحا، وقيل هي الحامل التي يتبعها ولد آخر (6) العناق بفتح العين المهملة الأنثى من ولد المعز لم يتم له سنة، والجذع بفتحتين ما ألقى مقدم أسنانه وقد يكون ذلك لسنة أو دونها (قال في المصباح) فالعناق تجذع لسنة وربما أجذعت قبل تمامها للخصب فتسمن فيسرع أجذاعها فهي جذعة، ومن الضأن إذا كان من شابين بجذع لستة أشهر إلى سبعة، وإذا كان من هرمين بفتح فكسر أجذع من ثمانية إلى عشرة أشهر وفي النهاية، وأصل الجذع من أسنان الدواب، وهو ما كان منها شابا فتيا فهو من الإبل ما دخل في السنة الخامسة، ومن البقر والمعز ما دخل في السنة الثانية، وقيل من البقر ما دخل في الثالثة ومن الضأن ما تمت له سنة، وقيل أقل منها، ومنهم من خالف بعض هذا التقدير أهـ

جذعة أو ثنية قال فأخرج لهما عناقا، قال فقالا ادفعها إلينا فتناولاها وجعلاها معهما على بعيرهما

_ (1) الثني من الضأن والعز ماله سنة، وفي البقر والجاموس ماله سنتان، ومن الإبل ماله خمس، وهذا مذهب الإمامين أبي حنيفة وأحمد، ووافقهما الإمام مالك في الضأن والمعز والإبل، وقال الثني من البقر والجاموس ما دخل في السنة الرابعة ووافقهما الإمام الشافعي في البقر والإبل، وقال الثنى من الضأن والمعز ما دخل في الثالثة كالبقر، قال في النهاية الثنية من الغنم ما دخلت في السنة الثالثة ومن البقر كذلك، قال في النهاية الثنية من الغنم ما دخلت في السنة الثالثة ومن البقر كذلك، ومن الإبل في السادسة والذكر ثنى، وعلى مذهب الإمام أحمد ما دخل من المعز في الثانية ومن البقر في الثالثة أهـ. (تخريجه) (د. نس) وسنده جيد (زوائد الباب) (وعن عبدالله بن معاوية الغاضري) من غاضرة قيس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث من فعلهن طعم طعم الإيمان من عبد الله وحده وأنه لا إله إلا الله، وأعطى زكاة ماله طيبه بها نفسه رافدة عليه كل عام، ولا يعطى الهرمة ولا الدرنة ولا المريضة ولا الشرط اللئيمة، ولكن من وسط أموالكم فإن الله لم يسألكم خيره ولم يأمركم بشره (د. طب) وجود إسناده (الرافدة) من الرفد وهو الإعانة يقال رفدته أرفده إذا أعنته، أي تعينه نفسه على أداء الزكاة (الدرنة) بفتح الدال المهملة مشددة بعدها راء مكسورة ثم نون وهي الجرباء، قاله الخطابي. وأصل الدرن الوسخ كما في القاموس وغيره (الشرط) بفتح الشين المعجمة والراء. قال أبو عبيد هي صغار المال وشراره (واللئيمة) البخيلة باللبن (وعن سفيان بن عبد الله الثقفي) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال تعد عليهم بالسخلة يحملها الراعي ولا تأخذها، ولا تأخذ الأكولة ولا الربى ولا الماخض ولا فحل الغنم، وتأخذ الجيدة والثنية وذلك عدل بين غذاء المال وخياره (لك. فع) ورواه أيضا ابن حزم (السخلة) تطلق على الذكر والأنثى من أولاد الضأن والمعز ساعة تولد والجمع سخال (الأكولة) بفتح الهمزة وضم الكاف العاقر من الشياه والشاة تعزل للأكل هكذا في القاموس، وأما الأكولة بضم الهمزة والكاف فهي قبيحة المأكول وليست مرادة هنا لأن السياق في تعداد الخيار (ولا الربى) بضم الراء وتشديد الباء الموحدة، هي الشاة التي تربى في البيت للبنها (ولا فحل الغنم) إنما منعه من أخذه مع كونه لا يعد من الخيار، لأن المالك يحتاج إليه لينزو على الغنم. والمراد (بالجذعة) في هذا الأثر يعني من الضأن (والثنية) يعني من المعز والله أعلم (غذاء المال) بالغين المعجمة المكسورة بعدها ذال معجمة جمع غذى كغنى السخال (وعن سعيد الأعرج) قال

خرجت أريد الجهاد فلقيت عمر بمكة فقال بادر صاحبك فإذا أوقف الرجل عليكم فنمه فاصدعوها صدعين ثم اختاروا من النصف الآخر (ش) (وعن الحكم) قال كان المصدق يصدع الغنم صدعين ثم فيختار صاحب الغنم خير الصدعين (ش) (وعن سفيان بن حسين) عن الزهري قال إذا جاء المصدق قسمت الغنم أثلاثا. ثلث خيار. وثلث شرار. وثلث أوساط. ويأخذ المصدق من الوسط (ش) (وعن إبراهيم بن ميسرة) عن رجل من ثقيف قال سألت أبا هريرة في أي المال صدقة؟ فقال في الثلث الأوسط، فإذا أتاك المصدق فأخرج له الجذعة والثنية "يعني من الضأن والمعز" (ش) (وعن ابن جريج) قال سمعت ابي وغيره يذكرون أن عمر بن عبد العزيز كتب أن تضم الغنم أثلاثا ثم يختار سيدها ثلثا، ويأخذ المصدق من الثلث الأوسط (ش) (الأحكام) اشتملت أحاديث الباب على جملة أحكام (منها) ما يدل على أنه لا يجوز للمصدق أن يأخذ من خيار الماشية وقد أخرج الشيخان والأمام أحمد وتقدم في أول باب افتراض الزكاة رقم 9 من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذا إلى اليمن فال له إياك وكرائم أموالهم (ومنها) ما يدل على عدم أخذ الزكاة من الصغار التي ترضع اللبن كما في حديث سويد بن غفلة، أي لا تعد على صاحبها (قال الشوكاني) وطاهره سواء كانت منفردة أو منضمة إلى الكبار، ومن أوجبها فيها عارض هذا بما أخرجه مالك في الموطأ والشافعي وابن حزم أن عمر قال لساعيه سفيان ابن عبد الله الثقفي اعتد عليهم بالسخلة التي يروح بها الراعي على يده ولا تأخذها، قال وهو مبني على جواز التخصيص بمذهب الصحابي والحق خلافه أهـ (قلت) تقدم الخلاف في ذلك في شرح حديث سويد بن غفلة "وقد روى ابن ابي شيبة" في مصنفه عن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم؛ وعن يومس عن الحسن قالا يعتد بالسخلة ولا تؤخذ في الصدقة (وعن محمد بن بكر) عن ابن جريج عن عطاء قال قلت له أيعتد بالصغار أولاد الشاء قال نعم (وعن عبد الأعلى) عن معمر عن الزهري قال يعتد بالصغير حتى ما ينتجه أمه (وعن أبي أسامة) عن النهاس بن قهم قال حدثنا الحسن ين قهم قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سفيان بن عبد الله على الصدقة، فقال خذ ما بين الغذية والهرمة يعني بالغذية السخلة أهـ (قلت) والهرمة هي الكبيرة التي سقطت أسنانها (ومنها) ما يدل على أن ذات العيب لا تجزيء في الزكاة كالهرمة والدرنة والمريضة ونحو ذلك مما تقدم ذكره في الأحاديث، وإنما بؤخذ من أوساط المال لا من خياره ولا من شراره (منها) ما يدل على جواز قبول المصدق أفضل من الواجب على المالك إذا رضى بذلك عن طيب نفس كما دفع الرجل ناقته السمينة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبضها ودعا له بالبركة.

(7) باب عدم الزكاة في الرقيق والخيل والحمر (39) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم ليس على المسلم في فرسه ولا عبده صدقة (40) وعنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنه قال ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر (41) عن عمر بن الخطاب وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لم يأخذ من الخيل والرقيق صدقة. (42) عن حارثة بن مضرب أنه حج مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فأتاه أشراف أهل الشام فقالوا يا أمير المؤمنين إنا أصبنا رقيقا ودواب

_ (39) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عراك عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (1) قال ابن رشيد أراد بذلك الجنس في الفرس والعبد لا الفرد الواحد، إذ لا خلاف في ذلك في العبد المنصرف والفرس المعد للركوب، ولا خلاف أيضا أنها لا تؤخذ من الرقاب، وإنما قال بعض الكوفيين تؤخذ منها بالقيمة (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (40) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف حدثنا ابن وهب ثنا مخرمة بن بكير عن أبيه عن عراك بن مالك قال سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر (تخريجه) (م) (41) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان ثنا أبو بكر بن عبد الله عن راشد بن سعد عن عمر بن الخطاب وحذيفة- الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي، وقال رواه أحمد وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف لاختلاطه (42) عن حارثة بن مضرب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على يحيى بن سعيد بن زهير قال ثنا أبو اسحاق عن حارثة بن مضرب- الحديث" (غريبه) (2) بضم أوله وفتح ثانية الضاد المعجمة مكسورة هو العبدي

فخذ من أموالنا صدقة تطهرنا بها وتكون لنا زكاة، فقال هذا شيء لم يفعله اللذان قبلي ولكن انتظروا حتى اسأل المسلمين (وعنه من طريق ثان) قال جاء ناس من أهل الشام إلى عمر رضي الله عنه فقالوا إنا قد أصبنا أموالا وخيلا ورقيقا نحب أن يكون لنا فيها زكاة وطهور، قال ما فعله صاحباي قبلي فأفعله، واستشار أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وفيهم علي رضي الله عنه، فقال علي هو حسن إن لم يكن جزية راتبة يؤخذون بها من بعدك (43) ز عن علي رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمير فيها زكاة؟ فقال ما جاء فيها شيء إلا هذه الآية الفاذة

_ الكوفي ثقة (1) يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي اسحق عن حارثة قال جاء ناس- الحديث" (3) يؤخذ من ظاهر كلام علي رضي الله عنه أنه لا يقول بجواز أخذ الزكاة من هذين النوعين، وإنما حسن الأخذ من الجماعة المذكورين لكونهم قد طلبوا من عمر ذلك والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثم وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات. (43) "ز" عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أحمد بن محمد بن أيوب ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي اسحق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه - الحديث" (غريبه) (4) أي تركت لكم أخذ أركانها وتجاوزت عنه، وهذا لا يقتضي سبق وجوب ثم نسخه (تخريجه) (د. نس. ش) وسنده جيد. (44) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية قال ثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (5) بالذال المعجمة المشددة، والمراد بالفاذة القليلة النظير والجامعة العامة المتناولة لكل خير ومعروف، ومعنى ذلك أنه لم ينزل على فيها نص بعينها، ولكن نزلت هذه الآية العامة، وقد يحتج بهذا من قال

(فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره)

_ لا يجوز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم، ويجاب بأنه لم يظهر له فيها شيء، ومحل ذلك الأصول (تخريجه) لم أقف على من رواه حديثا مستقلا غير الإمام أحمد، وهو طرف من حديث طويل رواه مسلم والإمام أحمد وتقدم في باب افتراض الزكاة رقم 12 صحيفة 193 وهو حديث صحيح (زوائد الباب) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قد عفوت لكم عن صدقة الخيل والرقيق وليس فيما دون المائتين زكاة (طب. طس) وفيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام، لكن رواه النسائي بلفظه من حديث علي بسند جيد (وعن عبد الرحمن بن سمرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا صدقة في الكسعة والحبهة والنخة، وفسره أبو عمر قال الكسعة الحمير. والجبهة الخيل. والنخة العبيد (طب) وفيه سليمان بن أرقم متروك (وعن سمرة بن جندب) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمرنا برقيق الرجال والمرأة الذين هم تلادة (أي نشأوا عنده وهم غلمته لا يريد بيعهم" فكان يأمرنا أن لا نخرج عنهم من الصدقة شيئا، وكان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي يعد للبيع (طب) وروى أبو داود منه كان يأمرنا أن نخرج الصدقة عن الذي يعد للبيع (طب) وروى أبو داود منه كان يأمرنا أن نخرج الصدقة عن الذي يعد للبيع (طب) وروى أبو داود منه كان يأمرنا أن نخرج الصدقة من الذي يعد للبيع فقط، وفي إسناده ضعف (وعن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الخيل السائمة في كل فرس دينار (طس) وفيه الليث بن حماد وغورك وكلاهما ضعيف (وعن ابن أبي خالد) عن شيبان بن عوف قال وكان أدرك الجاهلية قال أمر عمر بن الخطاب الناس بالصدقة؛ فقال الناس يا أمير المؤمنين خيل لنا ورقيق افرض علينا عشرة عشرة؛ فقال أما أنا فلا أفرض ذلك عليكم (ش) (وعن ابن جريج) قال أخبرني عبد الله بن أبي حسين أن ابن شهاب أخبره أن عثمان كان يصدق الخيل، وأن السائب عن أخت تمر أخبره أنه كان يأتي عمر بصدقة خيل (ش) (وعن ابن طاوس) عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما قال ليس في الفرس الغازي في سبيل الله صدقة (ش) (وعن مكحول) قال ليس في الخيل ولا الرقيق صدقة (ش) (وعن مالك) عن عطاء قال ليس في الخيل السائمة صدقة (ش) (وعن عبد الله بن دينار) قال سألت سعيد بن المسيب عن صدقة البراذين فقال أو في الخيل صدقة؟ (ش) (وعن مبارك عن الحسن) قال ليس في الخيل والبراذين والحمر صدقة (ش) (وعن هشيم عن مغيرة عن إبراهيم) أنه كان لا يرى في الرقيق إذا كانوا للتجارة صدقة؛ ولكن بقومهم فيؤدي عنهم الزكاة (ش) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على عدم وجوب الزكاة في الرقيق والخيل مطلقا إن كانت الخيل للركوب

والعبد للخدمة وسواء كانت الخيل إناثا أو ذكورا أو ذكورا وإناثا (وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء) وحكاه ابن المنذر عن علي بن أبي طالب وابن عمر والشعبي والنخعي وعطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز والحاكم والثوري وأبي يوسف ومحمد بن الحسن وأحمد وإسحق وأبي ثور وأبي خيثمة وأبي بكر بن أبي شيبة، وحكاه غيره عن عمر بن الخطاب والأوزاعي ومالك والشافعي والليث وداود (وقال حماد بن أبي سبيمان وأبو حنيفة) وزفر زيد بن ثابت تجب الزكاة في الخيل إذا كانت ذكورا وإناثا سائمة وصاحبها بالخيار، إن شاء أعطى عن كل فرس دينارا، وإن شاء قومها وأعطى ربع العشر عن كل مائتي درهم خمسة دراهم، وعن كل عشرين دينارا نصف دينار، ويعتبر فيها الحول دون النصاب، ولا نصاب فيها عند أبي حنيفة في المشهور عنه، وقيل نصابها ثلاثة أو خمسة، وأما المذكور الخلص والإناث، الخلص ففيها روايتان عن أبي حنيفة، والراجح عدم وجوبها في الذكر ووجوبها في الإناث، واحتج بما روى أبو يوسف عن غورك الحضرمي عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الخيل السائمة في كل فرس دينار (والجواب) عن حديث غورك أنه ضعيف باتفاق المحدثين (قال الدارقطني) تفرد به غورك هو ضعيف جدا، واتفقوا على تضعيف غورك وهو مجهول، واحتجوا أيضا بالأثر المروي عن عمر رضي الله عنه وبما روى عن عمر رضي الله عنه أنه كان يأخذ من الرأس عشرة، ومن الفرس عشرة، ومن البرذون خمسة، ولأنه حيوان يطلب نماؤه من جهة السوم أشبه بالنعم (قال ابن قدامة في المغنى) أما عمر فإنما أخذ منهم شيئا تبرعوا به وسألوه أخذه وعوضهم عنه برزق عبيدهم، فروى الإمام أحمد بإسناده عن حارثة قال جاء ناس من أهل الشام إلى عمر فذكر الأثر المروي عن عمر في أحاديث الباب، ثم قال قال أحمد فكان عمر يأخذ منهم ثم يرزق عبيدهم، فصار حديث عمر حجة عليهم من وجوه (أحدها) قوله ما فعله صاحباي يعني النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر ولو كان واجبا لما تركا فعله (والثاني) أن عمر امتنع من أخذها ولا يجوز أن يمتنع من الواجب (الثالث) قول علي هو حسن إن لم يكن جزية يؤخذون بها من بعدك، فسمي جزية إن أخذوا بها، وجعل مشروطا بعدم أخذها به فيدل على أن أخذهم لذلك غير جائز (الرابع) استشارة عمر أصحابه في أخذه، ولو كان واجبا لما احتاج إلى الاستشارة (الخامس) أنه لم يشر عليه بأخذه أحد سوى علي بهذا الشرط الذي ذكره، ولو كان واجبا لأشاروا به (والسادس) أن عمر عوضهم عنه رزق عبيدهم، والزكاة لا يؤخذ عنها عوض، ولا يصح قياسها على النعم لأنها يكمل نماؤها وينتفع بدرها ولحمها. ويضحي بجنسها، وتكون هدايا وفدية عن محظورات الإحرام. وتجب الزكاة من عينها. ويعتبر كمال نصابها

(8) باب زكاة الذهب والفضة (45) عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عفوت لكم عن الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة من كل أربعين درهما درهما وليس في تسعين ومائة شيء، فإذا بلغت مائتين ففيها خمسة دراهم (وعنه من

_ ولا يعتبر قيمتها، والخيل بخلاف ذلك أهـ، ومن جملة ما يرد عليهم حديث علي عند أبي داود والإمام أحمد وسنده حسن، وسيأتي في الباب التالي مرفوعا "قد عفوت لكم عن الخيل والرقيق فهاتوا صدقة الرقة" فإن كانت الخيل والرقيق للتجارة ففيها الزكاة عند جمهور العلماء (وقالت الظاهرية) لا تجب الزكاة في الخيل والرقيق مطلقا لا لتجارة ولا لغيرها محتجين بظاهر حديث أبي هريرة "ليس على المسلم في فرسه ولا عبده صدقة" وأجيب عن ذلك بأن زكاة التجارة ثابتة بالإجماع كما نقله ابن المنذر وغيره فيخص به عموم هذا الحديث (قال الشوكاني) ولا يخفى أن الإجماع على وجوب زكاة التجارة في الجملة لا يستلزم وجوبها في كل نوع من أنواع المال، لأن مخالفة الظاهرية في وجوبها في الخيل والرقيق الذي هو محل النزاع مما يبطل الاحتجاج عليهم بالإجماع على وجوبها، فالظاهر ما ذهب إليه أهله "يعني أهل الظاهر" والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضا) دليل على عدم وجوب الزكاة في الحمر إلا إذا كانت للتجارة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن زكاتها فلم يذكر أن فيها الزكاة، والبراءة الأصلية مستصحبة، والأحكام التكليفية لا تثبت إلا بدليل، ولم أقف على أحد من أهل العلم، قال بوجوب الزكاة في الحمر لغير تجارة واستغلال والله أعلم بحقيقة الحال. (45) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ابن النعمان ثنا أبو عوانة عن أبي اسحق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه - الحديث" (غريبه) (1) أي تركت لكم أخذ زكاتها وتجاوزت عنه (2) قال النووي الرقة بتخفيف القاف وكسر الراء هي الورق وهو كل الفضة، وقيل الدراهم خاصة، وأما قول صاحب البيان (قال أصحابنا) الرقة هي الذهب والفضة فغلط فاحش، ولم يقل أصحابنا ولا أهل اللغة ولا غيرهم إن الرقة تطبق على الذهب بل هي الورق، وأصلها ورقة بكسر الواو كالزنة من الوزن (3) أي إذا بلغ النصاب مائتي درهم فأكثر، أما إذا نقص عن المائتين ولو درهما واحدا فليس فيه زكاة، ولهذا قال وليس في تسعين ومائة شيء، وتقدم مقدار الدرهم في شرح الحديث الأول من باب جامع لأنواع تجب فيها الزكاة رقم 26 صحيفة 215 وسيأتي

طريق ثان) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال قد عفوت لكم عن الخيل والرقيق وليس فيما دون مائتين زكاة (46) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا صدقة فيما دون خمس آواق ولا فيما دون خمسة أوسق ولا فيما دون خمس ذود. (47) وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى

_ لذلك مزيد بحث في أحكام هذا الباب إن شاء الله (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا الأعمش عن أبي اسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث" (2) أي مائتي درهم من الفضة (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (د. مذ) وأخرج الطريق الثانية منه (نس) وقال الترمذي روى هذا الحديث الأعمش وأبو عوانة وغيرهما عن أبي اسحاق عن الحارث عن علي، وسألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث الأعمش وأبو عوانة وغيرهما عن أبي اسحق عن الحارث عن علي، وسألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث، فقال كلاهما عندي صحيح أهـ. وقد حسن هذا الحديث الحافظ. وقال الدارقطني الصواب وقفه على على (46) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرازق أنبأنا محمد بن مسلم عن عمرو بن دينار عن جابر بن عبد الله - الحديث" (غريبه) (3) تقدم معنى الأوقية وضبطها في شرح الحديث الأول من باب جامع لأنواع تجب فيها الزكاة رقم 26 صحيفة 215 قال الحافظ ومقدار الأوقية في هذا الحديث أربعون درهما بالاتفاق، والمراد بالدرهم الخالص من الفضة سواء كان مضروبا أو غير مضروب (4) أي من التمر ونحوه كما صرح بذلك في رواية ابي سعيد وسيأتي زيادة إيضاح للوسق في زكاة الزرع والثمار (5) يعني من الإبل، وتقدم تفسير الذود وشرحه في شرح حديث أنس في باب ما جاء في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جمع فيه فرائض الصدقة رقم 25 صحيفة 211 (تخريجه) (م) وروى نحوه الشيخان والإمام أحمد من حديث أبي سعيد وسيأتي في هذا الباب. (47) وعن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا أبو النضر ثنا أبو معاوية يعني شيبان عن ليث عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس

آله وصحبه وسلم مثله. (48) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صدقة فيما دون خمس من الإبل. (49) عن أنس بن مالك رضي الله عنه في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جمع فيه فرائض الصدقة، قال وفي الرقة ربع العشور، فإذا لم يكن المال إلا تسعين ومائة درهم فليس فيها شيء إلا أن يشاء ربها

_ فيما دون خمس من الإبل ولا خمس آواق ولا خمسة أوساق صدقة (تخريجه) أورده الهيثمي، وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط وفيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة لكنه مدلس. (48) عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحق قال حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه سمع يحيى بن عمارة بن أبي حسن وعباد بن تميم يحدثان أنهما سمعا أبا سعيد الخدري- الحديث" (غريبه) (1) هذا الحديث تقدم نحوه لأبي سعيد في أول باب جامع لأنواع تجب فيها الزكاة وتقدم شرحه هناك (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم). (49) (عن أنس بن مالك) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه في باب ما جاء في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي جمع فيه فرائض الصدقة (غريبه) (2) يعني إلا أن يتبرع صاحبها بشيء عن طيب نفس تطوعا لا واجبا عليه (تخريجه) (خ. د. نس) (زوائد الباب) (عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كانت لك مائتا درهم، وحال عليها الحول ففيها خمسة دراهم، وليس عليك شيء يعني في الذهب حتى يكون لك عشرون دينارا، فإذا كانت لك عشرون دينارا وحال عليها الحول ففيها نصف دينار، رواه (د) وصححه (خ) وحسنه الحافظ وفيه الحارث الأعور مختلف فيه (وعن أنس بن مالك) قال فرض محمد صلى الله عليه وسلم في أموال المسلمين في كل أربعين درهما درهما، وفي أموال من لا ذمة له في كل عشرة دراهم درهم؛ أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات

إلا أنه قال تفرد به زنبيج، ورواه جماعة ثقات فوقفوه على عمر بن الخطاب (وعن ابي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمس آواق "يعني من فضة" صدقة وكانت تقوم مائتي درهم (ش) (وعن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس في أقل من مائتي درهم شيء (ش) (وعن عاصم عن الحسن) قال كتب عمر إلى أبي موسى رضي الله عنه فما زاد على المائتين، ففي كل اربعين درهم (وعن مكحول) قال ليس فيما زاد على المائتين شيء حتى يبلغ أربعين درهما (وعن جريج عن عطاء) قال حتى يبلغ أربعين درهما نيفا على المائتين فهي حينئذ ستة دراهم، ثم لا شيء حتى تبلغ ثمانين ومائتي درهم فهي سبعة دراهم، ثم كذلك (ش) (وعن علي رضي الله عنه) قال ليس في أقل من مائتي درهم شيء، فما زاد فبالحساب (وعن ابن عمر رضي الله عنهما) مثله (وعن إبراهيم النخعي وابن سيرين وعمر بن عبد العزيز) كذلك (ش). (ما رواه ابن أبي شيبة في مصنفه من الآثار في نصاب الذهب وما يؤخذ منه) قال رحمه الله حدثنا أبو بكر قال ثنا وكيع عن سفيان عن أبي اسحاق عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه قال ليس في أقل من عشرين دينارا شيء وفي عشرين دينارا نصف دينار. وفي أربعين دينارا دينارا، فما زاد بالحساب (وعن ابن سيرين) مثله، وعن الحسن مثله (وعن الشعبي) قال في عشرين مثقالا نصف مثقال، وفي أربعين مثقالا مثقال (وعن إبراهيم النخعي) قال ليس في اقل من عشرين مثقالا شيء، وفي عشرين نصف مثقال، وفي أربعين مثقالا مثقال (وعن محمد بن أبي بكر) عن ابن جريج قال قال عطاء لا يكون في مال صدقة حتى يبلغ عشرين دينارا ففيها نصف دينار، وفي كل أربعة وعشرين دينارا نصف دينار ودرهم (وعن زريق) مولى بني فزارة أن عمر بن عبد العزيز كتب إليه حين استخلف خذ ممن مر بك من تجار المسلمين فيما يديرون من أموالهم كم كل أربعين دينارا دينارا، فما نقص فبحساب ما نقص حتى يبلغ عشرين، فإذا نقصت ثلث دينار فدعها لا تأخذ منها شيئا، واكتب لهم براءة بما تأخذ منهم إلى مثلها من الحول، وخذ ممن مر بك من تجار أهل الذمة فيما يظهرون من أموالهم ويريدون بها التجارات من كل عشرين دينارا دينارا، فما نقص فبحساب ما نقص حتى تبلغ عشرة دنانير، فإذا نقصت ثلث دينار فدعها لا تأخذ منها شيئا، واكتب لهم براءة إلى مثلها من الحول بما تأخذ منهم (وعن عبيدة) قال سألت إبراهيم "يعني النخعي" عن رجل له مائة درهم وعشرة دنانير، قال يزكي من المائة بدرهمين

ونصف، ومن الدنانير برع دينار، وقال سألت الشعبي فقال يحمل الأكثر على الأقل أو قال الأقل على الأكثر، فإذا بلغت فيه الزكاة زكى (وعن عبيد الله بن عيد الله) قالت قلت لكمحول يا أبا عبد الله إن لي سيفا فيه خمسون ومائة درهم فهل على فيه زكاة؟ قال أضف إليه ما كان لك من ذهب وفضة، فإذا بلغ مائتي درهم ذهب وفضة فعليك فيه الزكاة (وعن أشعث عن الحسن) أنه كان يقول إذا كانت له ثلاثون دينارا ومائة درهم كان عليه فيها الصدقة، وكان يرى الدراهم والدنانير عينا كله (الاحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب الزكاة في الفشة وهو مجمع عليه (وفيها أيضا) دليل على أن زكاتها ربع العشر، ولا أعلم أحدا خالف في ذلك (وفيها أيضا) دليل على اعتبار النصاب الفضة مائتا درهم إلا ابن حبيب الأندلسي فإنه قال إن أهل كل بلد يتعاملون بدراهمهم، وذكر ابن عبد البر اختلافا في الوزن بالنسبة إلى دراهم الأندلس وغيرها من دراهم البلدان، قيل وبعضهم اعتبر النصاب بالعدد لا بالوزن وهو خارق للإجماع (قال الشوكاني) وهذا البعض الذي أشار إليه هو المريسي، وبه قال المغربي من الظاهرية كما في البحر، وقد قوى كلام هذا المغربي الظاهري (الصنعاني في شرح بلوغ المرام) وقال إنه الظاهر إن لم يمنع منه إجماع، وحكى في البحر عن مالك أنه يغتفر نصف الحبة والحبتين، ولابد أن يكون النصاب خالصا عن الغش كما ذهب إليه الجمهور (وقال المؤيد بالله والإمام يحيى) إنه يغتفر ما دون النصف أهـ (وفيما أوردنا في الزوائد) من الأحاديث والآثار دليل على وجوب الزكاة في الذهب أيضا (وفي الصحيحين) من حديث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من صاحب ذهب ولا فضة لا يؤدي منها حقها إلا إذا كان يوم القيامة صفحت له صفائح من نار فأحمى عليها في نار جهنم فيكوى بها جنبه وجبينه وظهره كلما بردت أعيدت له في يوم كان مقداره خمسين الف سنة حتى يقضي بين العباد فيرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، وهذا لفظ مسم (وفيها أيضا) دليل على أن نصاب الذهب عشرون دينارا فيها ربع العشر سواء أكان نصابا كاملا أم زاد زيادة قليلة أم كثيرة، فإذا نقص عن العشرين دينارا فلا شيء فيه، وإلى ذلك ذهب الأئمة (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأصحابهم وأحمد وجماعة فقهاء الأمصار) وقد جاء في بعض الأحاديث والآثار تحديد نصاب الذهب بعشرين دينارا، وفي بعضها بعشرين مثقالا، والتحديد واحد في كليهما، فالدينار مثقال في الوزن (قال في القاموس) في فصل الميم من حرف الكاف الدينار مثقال المثقال، درهم وثلاثة أسباع درهم، والدرهم ستة دوانيق، والدانق قيراطان، والقيراط طسوجان، والطسوج حبتان، والحبة سدس ثمن درهم، وهو

جزء من ثمانية وأربعين جزءا من درهم أهـ (وقالت طائفة) منهم الحسن بن أبي الحسن البصري، وأكثر أصحاب داود بن علي ليس في الذهب شيء حتى يبلغ صرفها مائتي درهم أو قيمتها، فإذا بلغت ففيها ربع عشرها كان وزن ذلك من الذهب عشرين دينارا أو أقل من ذلك أو أكثر، هذا فيما كان منها دون الأربعين دينارا، فإذا بلغت أربعين دينارا كان الاعتبار بها نفسها لا بالدراهم لا صرفا ولا قيمة (وسبب اختلافهم) في نصاب الذهب أنه لم يثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم كما ثبت ذلك في نصاب الفضة، وما روى الحسن بن عمارة من حديث على أنه عليه الصلاة والسلام قال "هاتوا زكاة الذهب من كل عشرين دينارا نصف دينار" فليس عند الأكثر مما يجب العمل به لانفراد الحسن بن عمارة به، فمن لم يصح عنده هذا الحديث اعتمد في ذلك على الإجماع وهو اتفاقهم على وجوبها في الأربعين، وأما مالك فاعتمد في ذلك على العمل، ولذلك قال في الموطأ السنة التي لا اختلاف فيها عندنا أن الزكاة يجب في عشرين دينارا كما تجب في مائتي دينارا كما تجب في مائتي درهم، وأما الذين جعلوا الزكاة فيما دون الأربعين تبعا للدراهم فإنه لما كان عندهم من جنس واحد جعلوا الفضة هي الأصل إذ كان النص قد ثبت فيهافجعلوا الذهب تابعا لها في القيمة لا في الوزن، وذلك فيما دون موضع الإجماع، ولما قيل أيضا إن الرقة اسم يتناول الذهب والفضة، وجاء في بعض الآثار ليس فيما دون خمس أواق من الرقة صدقة (واختلفوا أيضا فيما زاد على النصاب فيها) فذهب الجمهور إلى أن ما زاد على مائتي درهم من الوزن ففيه بحساب ذلك أعني ربع العشر، وممن قال بهذا القول الأئمة (مالك والشافعي وأبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة وأحمد بن حنبل) وجماعة "وقالت طائفة" من أهل العلم أكثرهم أهل العراق لا شيء فيما زاد على المائتي درهم حتى تبلغ الزيادة أربعين درهما، فإذا بلغتها كان فيها ربع عشرها وذلك درهم، وبهذا القول قال (أبو حنيفة وزفر) وطائفة من أصحابهما "وظاهر أحاديث الباب" أنه لا يكمل نصاب الدراهم بالذهب ولا عكسه حتى لو ملك مائتين إلا درهما، وعشرين مثقالا إلا نصفا أو غيره فلا زكاة في واحد منهما (وبه قال الشافعية وجمهور العلماء) حكاه ابن المنذر عن ابن أبي ليلى والحسن بن صالح وشريك وأحمد وأبي ثور وأبي عبيد (قال ابن منذر) وقال الحسن وقتادة والأوزاعي والثوري (ومالك وأبو حنيفة) وسائر أصحاب الرأي يضم أحدهما الآخر (واختلفوا في كيفية الضم) فقال الأوزاعي يخرج ربع عشر كل وحد، فإذا كانت مائة درهم وعشرة دنانير أخرج ربع عشر كل واحد منهما (وقال الثوري) يضم القليل إلى الكثير (ونقل العبدري عن أبي حنيفة) أنه يضم الذهب إلى

الفضة بالقيمة، فإذا كانت له مائة درهم وله ذهب قيمته مائة درهم وجبت الزكاة، قال وقال (مالك وأبو يوسف وأحمد) يضم أحدهما إلى الآخر بالأجزاء، فإذا كان معه مائة درهم وعشرة دنانير أو خمسون درهما وخمسة عشر دينارا ضم أحدهما إلى الآخر، ولو كان له مائة درهم وخمسة دنانير قيمتها مائة درهم فلا ضم، وحجة القائلين بعدم الضم مطلقا قوله صلى الله عليه وسلم "ليس فيما دون خمس آواق من الورق صدقة" (وفي حديث على المذكور في الزوائد) دليل على أنه بشترط تمام الحول في زكاة النقدين (قال النووي مذهبنا ومذهب مالك وأحمد) والجمهور أنه يشترط في المال الذي تجب الزكاة في عينه ويعتبر فيه الحول كالذهب والفضة والماشية وجود النصاب في جميع الحول، فإن نقص النصاب في لحظة من الحول انقطع الحول، والماشية وجود النصاب في جميع الحول من حين يكمل النصاب (وقال أبو حنيفة) المعتبر وجود النصاب في أول الحول وآخره، ولا يضر نقصه بينهما حتى لو كان معه مائتا درهم فتلفتت كلها في أثناء الحول إلا درهما أو أربعون شاة فتلفت في أثناء الحول إلا شاة ثم ملك في آخر الحول تمام المائتين وتمام الأربعين وجبت زكاة الجميع والله أعلم ج (فائدة) نقل الإمام النووي رحمه الله في شرح المهذب أقوال بعض من سلف من فطاحل العلماء ومحققيهم في بيان الدرهم والدينار أحببت ذكرها لأهميتها قال رحمه الله (فصل في بيان حقيقة الدينار والدرهم ومبدأ أمرهما في الإسلام وضبط مقدارهما) قال الإمام أبو سليمان الخطابي في معالم السنن في أول كتاب البيع في باب "المكيال مكيال أهل المدينة والميزان ميزان أهل مكة" (1) قال معنى الحديث أن الوزن الذي يتعلق به حق الزكاة وزن أهل مكة، وهي دراهم الإسلام المعدلة منها العشرة بسبعة مثاقيل، لأن الدراهم مختلفة الأوزان في البلدان، فمنها البغلي وهو ثمانية دوانيق، والطبري أربعة دوانيق، ومنها الخوارزمي وغيرها من الأنواع، ودراهم الإسلام في جميع البلدان ستة دوانيق وهو وزن أهل مكة الجاري بينهم، وكان أهل المدينة يتعاملون بالدراهم عددا وقت قدوم النبي صلى الله عليه وسلم، ويدل عليه قول عائشة رضي الله عنها في قصة شراها بريرة إن شاء أهلك أن أعدها لهم عدة واحدة فعلت، تريد الدراهم، فأرشدهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى الوزن وجعل العيار وزن أهل مكة، قال واختلفوا في حال الدراهم، فقال بعضهم لم تزل الدراهم على هذا العيار في الجاهلية والإسلام، وإنما غيروا السكك ونقشوها بسكة الإسلام، والأوقية أربعون

_ (1) (قال النووي) هذا حديث رواه أبو داود والنسائي بأسانيد صحيحة على شرط البخاري ومسلم من رواية ابن عمر رضي الله عنهما؛ قال أبو داود وروى من رواية ابن عباس رضي الله عنهما ذكره أبو داود في كتاب البيوع والنسائي في الزكاة اهـ ج

درهما، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم "ليس فيما دون خمس أواق من الورق صدقة" وهي مائتا درهم، قال وهذا قول أبي العباس بن سريج (قال أبو عبيد) حدثني رجل من أهل العلم والعناية بأمر الناس ممن يعني بهذا الشأن أن الدراهم كانت في الجاهلية ضربين البغلية السوداء ثمانية دوانيق، والطبرية اربعة، وكانوا يستعملونها متقاصة مائة بغلية ومائة طبرية، فكان في المائتين منها خمسة دراهم زكاة، فلما كان زمن بني أمية قالوا إن ضربنا البغلية ظن الناس أنها التي تعتبر فيها الزكاة فيضر الفقراء، وإن ضربنا الطبرية ضر ارباب الأموال فجمعوا الدرهم البغلي والطبري وجعلوهما درهمين كل درهم ستة دوانيق "وأما الدينار" فكان يحمل إليهم من بلاد الروم؛ فلما أراد عبد الملك بن مروان ضرب الدنانير والدراهم سأل عن أوزان الجاهلية فأجمعوا له على أن المثقال اثنان وعشرون قيراطا إلا حبة بالشامي، وأن عشرة من الدراهم سبعة مثاقيل فضربها كذلك، هذا آخر كلام الخطابي (وقال الماوردي) في الأحكام السلطانية استقر في الإسلام وزن الدراهم ستة دوانيق كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل، واختلف في سبب استقرارها على هذا الوزن، فقيل كانت الفرس ثلاثة أوزان. منها درهم على وزن المثقال عشرون قيراطا. ودرهم اثنا عشر. ودرهم عشرة، فلما احتيج في الإسلام إلى تقديره أخذ الوسط من جميع الأوزان الثلاثة، وهو اثنان وأربعون قيراطا فكان أربعة عشر قيراطا من قراريط المثقال (وقيل) إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى الدراهم مختلفة منها البغلي ثمانية دوانيق. والطبري أربعة. والمغربي ثلاثة دوانيق. واليمني دانق واحد، فقال أغلب ما يتعامل الناس به من أعلاها وأدناها. فكان البغلي والطبري، فجمعهما فكانا اثنى عشر دانقا، فأخذ نصفهما فكان ستة دوانيق فجعله دراهم الإسلام (قال واختلف في أول من ضربها في الإسلام عبد الملك بن مروان، قال أبو الزياد أمر عبد الملك بضربها في العراق سنة أربع وسبعين، وقال المدائني بل ضربها في آخر سنة خمس وسبعين، ثم أمر بضربها في النواحي سنة ست وسبعين (قال) وقيل أول من ضربها مصعب بن الزبير بأمر من أخيه عبد الله بن الزبير سنة سبعين على ضرب الأكاسرة ثم غيرها الحجاج، هذا آخر كلام الماوردي (وقال القاضي عياض) رحمه الله تعالى لا يصح أن تكون الأوقية والدراهم مجهولة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوجب الزكاة في إعداد منها وتقع بها البياعات والأنكحة كما ثبت في الأحاديث الصحيحة (قال) وهذا يبين أن قول من زعم أن الدراهم لم تكن معلومة إلى زمن عبد الملك بن مروان وأنه جمعها برأي العلماء وجل كل عشرة وزن سبعة مثاقيل ووزن الدرهم ستة دوانيق قول باطل، وإنما معنى ما نقل من ذلك أنه لم يكن منها شيء من ضرب الإسلام وعلى صفة لا تختلف، بل كانت مجموعات من ضرب فارس

والروم، وصغارا وكبارا، وقطع فضة غير مضروبة، ولا منقوشة ويمنية ومغربية، فرأو صرفها إلى ضرب الإسلام ونقشه وتصييرها وزنا واحدا لا يختلف، وأحيانا يستغني فيها الموازين فجمعوا اصغرها وأكبرها وضربوه على وزنهم (قال القاضي) ولا شك أن الدراهم كانت حينئذ معلومة وإلا فكيف كانت تعلق بها حقوق الله تعالى في الزكاة وغيرها وحقوق العباد، وهذا كما كانت الأوقية معلومة أربعين درهما، هذا كلام القاضي (وقال الرافعي وغيره) من أصحابنا أجمع أهل العصر الأول على التقدير بهذا الوزن، وهو أن الدرهم ستة دوانيق، كل عشرة دراهم سبعة مثاقيل، ولم يتغير المثقال في الجاهلية ولا الإسلام، هذا ما ذكره العلماء في ذلك (والصحيح الذي يتعين اعتماده) أن الدراهم المطلقة في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت معلومة الوزن معروفة المقدار وهي السابقة إلى الأفهام عند الإطلاق، وبها تتعلق الزكاة وغيرها من الحقوق والمقادير الشرعية، ولا يمنع من هذا كونه كان هناك دراهم أخرى أقل أو أكثر من هذا القدر؛ فإطلاق النبي صلى الله عليه وسلم الدراهم محمول على المفهوم عند الإطلاق، وهو كل درهم ستة دوانيق؛ كل عشرة سبعة مثاقيل، وأجمع أهل العصر الاول فمن بعدهم إلى يومنا على هذا؛ ولا يجوز أن يجمعوا على خلاف ما كان في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخلفائه الراشدين والله تعالى أعلم (وأما مقدار الدرهم والدينار) فقال الحافظ أبو محمد عبد الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله الأزدي في كتابه الأحكام، قال أبو محمد علي بن أحمد يعني ابن حزم بحثت غاية البحث عن كل من وثقت بتمييزه فكل اتفق على أن دينار الذهب بمكة وزنه ثنتان وثمانون حبة وثلاثة أعشار حبة من حب الشعير وعشر عشر حبة (فالرطل) مائة درهم وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم وهو تسعون مثقالا، وقيل مائة وثلاثون درهما، وبه قطع الغزالي والرافعي وهو غريب ضعيف هذا آخر ما نقله الإمام النووي رحمه الله في شرح المهذب (وفي رسالة العلامة الشيخ مصطفى الذهبي) التي حرر فيها الدرهم والمثقال ما نصه، وأما الدرهم المتداول فدرهم شرعي كما امتحن بحب الخردل وبدرهم الملك قايتباي المختوم بختمه ومنه يركب الرطل، وهو بالبغدادي مائة وثمانية وعشرون درهما وأربعة أسباع درهم، وبالمصري مائة وأربعة واربعون درهما فيزيد عن البغدادي ثلاثة أخماس خمسة، فالقلتان بالبغدادي مائة وثمانية وعشرون درهما واربعة أسباع درهم بالدرهم المعروف في زمانه، وما حرره الذهبي موافق أيضا للدرهم المعلوم في زماننا إذ الرطل المصري زنته الآن بمصر مائة وأربعة وأربعون درهما، ولم يثبت أن الدرهم تغير وزنه بعد زمن النووي بوزن آخر إلى عصرنا هذا، فينتج من ذلك أن الدرهم على حاله، ومما يؤيد ذلك أيضا

قول صاحب لسان العرب، وزنة المثقال هذا المتعامل به الآن درهم واحد وثلاثة أسباع درهم على التحرير يوزن به ما اختير وزنه به، وهو بالنسبة إلى رطل مصر الذي يوزن به عشر عشر رطل أهـ. ويستفاد من كلام صاحب اللسان معرفة زنة المثقال بالدراهم، وأن الرطل المصري يبلغ مائة مثقال، وأن مائة المثقال تبلغ مائة وثلاثة وأربعين درهما إلا سبعا بناء على أن الدرهم سبعة أعشار المثقال، وأن مائة المثقال تبلغ مائة وثلاثة وأربعين درهما إلا سبعا بناء على أن الدرهم سبعة أعشار المثقال، فينتج أن الرطل المصري يبلغ من الدراهم ذلك العدد وهو يعين أن الدرهم الحالي المستعمل هو بعينه الدرهم القديم، ولا يضر اعتبار الرطل المصري مائة وأربعة وأربعين درهما، فإن الفرق بين الاعتبارين قليل يمكن حمله على أن تحديد الرطل بمائة مثقال على التقريب حيث كان الفرق دون مثقال واحد (ومما ذكرنا) يعلم مقدار نصاب الزكاة في النقدين بالوزن كما كان في عصر الصحابة والتابعين (أما مقدار النصاب بالعملة المتداولة الآن) فقد ذكر الشيخ المرصفي في كتابه نخبة المقاصد نقلا عن العلامة الذهبي أنه ضبط النصاب بالنقود الموجودة بمصرنا سنة 1256 هـ مع جبر الكسور الدقيقة فبلغ بالبند في خمسه وعشرين ونصفا (وبالمجر) خمسة وعشرين وتمانية اتسعاع (وبالجنيه) المجيدي ثلاثة عشر وربعا (وبالجنيه الإنجليزي) اثنى عشر وثمنا (وبالجنيه المصري) أحد عشر ونصفا وربعا وثمنا (وبالبينتو) الفرنساوي خمسة عشر وخمسي خمس (وبالبريال السنكو) سبعة وعشرين ونصف الثمن (وبالريال أبي مدفع) خمسة وعشرين ونصفا وربعا وقيراطين (وبالريال المجيدي) ثلاثين وثلاثة أخماس (وبالريال أبي مدفع) خمسة وعشرين وثلثين (وبالبشلك) اثنين وثلاثين وربعا أهـ , ورأيت في بعض الكتب الحسابية أن الريال المصري المستعمل الآن وزنة تسعة دراهم وعياره ثلاثة وثلاثون وثمانمائة من ألف فيكون ما فيه من الفضة الخالصة سبعة دراهم ونصف، وحينئذ فالنصاب منه ستة وعشرون وثلثان على ما ذهب إليه الشافعية والحنابلة الذين يقولون لا زكاة في المغشوش حتى يبلغ خالصه نصابا، ويكون النصاب منه اثنان وعشرون ريالا وجزآن من تسعة أجزاء على ما ذهب إليه الحنفية والمالكية الذين يغتفرون الغش اليسير والله أعلم بحقيقة الحال وإليه المرجع والمآل. (تتمة في زكاة الأوراق المالية (البنكنوت) الجاري بها التعامل الآن) جاء في كتاب بهجة المشتاق في بيان حكم زكاة الأوراق للعلامة السيد أحمد بك الحسيني تغمده الله برحمته. أن أوراق البنكنوت هي سندات ديون فما كان منها مصرحا فيه بوجوب دفع مبلغه عند الطلب أو إذا لم يذكر وقت الأداء فهو ورق دين لا يشتبه فيه واحد من الناس، وما كان مكتوبا فيه أن صاحب الورقة أودع في خزينة الحكومة

مبلغا، وكان المعروف أن حامل الورقة متى طلب ذلك المبلغ دفع إليه من غير تأخير فكذلك أيضا، وإن كان مذكورا في الورقة أن مبلغها مدفوع أمانة فلا يخرج ذلك عن كون الورقة سند دين لما لا يختلف فيه أحد أن هذه الأمانات تتصرف فيها الحكومة بانواع التصرفات المغيرة لأعيانها وهذا إتلاف لها، فصارت الجكومة ضامنة لتلك الأمانات، وبهذا صارت دينا عليها وصار سند الأمانة في الحقيقة سند دين يأخذه وقت الطلب من بيده هذا السند، وما كان غير مكتوب عليه شيء وهو القليل جدا فمعروف من القوانين الخاصة بتلك الأوراق أن الجكومة التي أصدرت هذه الأوراق تدفع قيمتها من قدم إليها حامل الورقة وطلب قيمتها، فكل هذه الأوراق يما ذكر هي سندات ديون، ولذلك لو بحثنا عن ماهية كلمة (بنك نوت) لوجدناها من الاصطلاح الفرنسي، وقد نص لاروس وهو أكبر وأشهر قاموس للغة الفرنساوية الآن في تعريف أوراق ال بنك حيث قال "ورقة البنك هي ورقة عملة قابلة لدفع قيمتها عينا لدى الإطلاع لحاملها وهي يتعامل بها كما يتعامل بالعملة المعدنية نفسها. غير أنه ينبغي أن تكون مضمونة ليثق الناس بالتعامل بها" أهـ فقوله قابلة لدفع قيمتها عينا لدى الاطلاع لحاملها لم يجعل شكا في أنها سندات ديون، ولا عبرة بما توهمه عبارته من التعامل بها كما يتعامل بالعملة المعدنية، لأن معنى تلك العبارة الناس يأخذونها بدل العملة، ولكن مع ملاحظة أن قيمتها تدفع لحاملها وأنها مضمونة يدفع قيمتها، وهذا صريح في أن تلك الأوراق هي سندات ديون (ثم قال الحسيني رحمه الله) بقي أن المعاملة بهذه الأوراق إنما تخرج على قاعدة الحوالة لمن يجيز المعاملة بالمعاطاة من غير اشتراط صيغة، والحوالة كالبيع، فمن يقول بصحة البيع بالمعاطاة يقول بصحة الحوالة بالمعاطاة، وذلك هو مذهب (السادة الحنفية والسادة المالكية والسادة الحنابلة) فإنهم يجيزون المعاملة بالمعاطاة من غير اشتراط صيغة، وهناك قول وجيه في مذهب ÷السادة الشافعية) يجيز المعاملة بالمعاطاة، وأما أسهم الشركات وأوراق الديون المسماة بالبون، فإن المعاملة فيها لا يمكن تخريجها على قاعدة من قواعد الشرع، فإن تعامل أحد فحكمها حكم المقبوض بالعقود الفاسدة على الأصح، ومتى تلف ثمن الأوراق في يد بائعها يكون مثله أو قيمته باقيا على ملك مشتريها على تلك القاعدة وإن كانت من أسهم شركات تجارية ففيها زكاة التجارة وإلا إذا لم تكن أعمالها تجارية كشركة الترمواي والتليفون وما شابههما فلا زكاة إلا على المقبوض من المال منها إن حال عليه الحول، وكذلك يقال في سندات الديون التي يشتريها الأشخاص فمتى اعتبرها الشخص مملوكة له أي أنه مستحق للدين المكتوب في الورقة وجب عليه زكاة الدين كما مر، أما الربا المقبوض فلا يجوز أكله بحال من الأخوال، اللهم إلا أن بكون من مال الحربيين أو كان للشخص حق علىلحكومة بسبب ظلمها وأخذها الأموال

من غير مسوغ شرعي، فيجوز لمن له مثل ذلك الحق أن بأخذ ذلك الربا ويأكله، لكن ليس من حيث أنه ربا، وإنما لأنه من باب الطافر ببعض حقه والله أعلم؛ ثم ذكر رحمه الله (حكم الزكاة في الدين الحال بشرطه وتعجيلها قبل قبض الدين على المذاهب الأربعة) مبتدئا بمذهب (السادة الشافعية) فقال، قال في مختصر المزني قال الشافعي وإن كان له دين يقدر على أخذه فعليه تعجيل زكاته كالوديعة، قال شارحه الماوردي في الحاوي الكبير قد مضت هذه المسألة مرتبة وسنذكرها على غير ذاك الترتيب ليكون التكرار مفيداـ قد مضت هذه المسألة مرتبة وسنذكرها على غير ذاك الترتيب ليكون التكرار مفيدا، اعلم أن قوله (له دين) لا يخلو من أحد الأمرين، إما أن يكون حالا أو مؤجلا "فإن كان مؤجلا" فعلى وجهين (أحدهما) وهو قول أبي اسحق يكون مالكا له، وفي زكاته قولان كالمال المغصوب (والقول الثاني) وهو قول أبي على بن أبي هريرة لا يكون مالكا له ولا زكاة فيه حتى يقبضه ويستأنف حوله "وإن كان الدين حالا" (فعلى ضربين- أحدهما) أن يكون على معسر فلا تلزمه زكاته قبل قبضه؛ فإذا قبضه فهل يزكيه لما مضى أو يستأنف حوله؟ على قولين (والضرب الثاني) أن يكون على موسر، فهذا على صربين (أحدهما) أن يكون جاحدا فلا زكاة عليه قبل قبضه، وبعد قبضه على قولين كالدين على المعسر (والضرب الثاني) أن يكون معترفا (فهذا على ضربين أحدهما) أن يكون مماطلا مدافعا، فلا زكاة فيما عليه كالمال الغائب، فإذا قدم فزكاة ما عليه واجبة لما مضى قولا واحدا وإن لم يقبضه، لأنه قادر على قبضه (والضرب الثاني) أن يكون حاضرا فزكاة ما عليه واجبة قبض أو لم يقبض، لأن هذا كالوديعة بل أحسن حالا منها لأنه في الذمة (فأما ما في ذمة العبد) من مال كتابته أو الحراج المضروب على رقبته فلا زكاة فيه على سيده حتى يقبضه ويستأنف حوله، لأنه ليس بدين لازم والله أعلم بالصواب (وأما مذهب السادة الحنفية) فقد ذكر في فتج القدير أن أبا حنيفة قسم الدين إلى ثلاثة أقسام (قوي) وهو بدل القرض ومال التجارة (ومتوسط) وهو بدل مال ليس للتجارة كثمن ثياب البذلة وعبد الخدمة ودار السكنى (وضعيف) وهو يدل ما ليس بمال كالمهر والوصية ويدل الخلع والصلح عن عدم العمد والدية وبدل الكتابة والسعاية، فقي القوى تجب الزكاة إذا حال الحول ويتراخى الأداء إلى أن يقبض أربعين درهما ففيها درهم، وكذا فيما زاد فبحسابه (وفي المتوسط) لا تجب مالم يقبض نصابا ويحول الحول عليه بعد القيض (وأما مذهب السادة المالكية) إذا لم يكن الدين ثمن عرض وكان حالا فيزكيه عن كل سنة ولو قبل قبضه (وأما مذهب السادة الحنابلة) فمن له دين على مليء باذل من قرض أو دين عروض تجارة أو ثمن مبيع وحال عليه الحول فكلما قبض شيئا أخرج زكاته لما مضى (وفي الدين على غير ملئ روايتان) الصحيح من

المذهب أنه كالدين على الملئ فيزكيه إذا قبضه لما مضى، إلى هنا انتهى ما نقله العلامة السيد أحمد بك الحسيني رحمه الله. (وفي كتاب التبيان في زكاة الأئمان) لمعاصرنا العلامة الكبير الصالح الورع الجليل الشيخ محمد حسنين مخلوف العدوي أحد كبار العلماء ووكيل مشيخة الأزهر ومدير المعاهد الدينية سابقا تغمده الله برحمته ما نصه (المطلب الخامس في زكاة الاوراق المالية الجاري يها التعامل الآن) اعلم أنه قد ورد إلينا بتاريخ 11 ربيع الأول سنة 1324 هجرية خطاب من أحد أهالي الفيوم يتضمن السؤال عن حكم زكاتها شرعا "وصورته" إذا وجد عن شخص ورقة بنكنوت قيمتها مائة جنيه مثلا وحال عليها هل تجب فيها الزكاة أو لا؟ فأجبناه إذ ذاك بوجوب الزكاة فيها تخرجا على زكاة الدين عند السادة الشافعية، لأن المزكي في الحقيقة هو المال المضمون بها (وتفصيل الجواب) أن الأوراق المالية الجاري بها التعامل الآن في القطر المصري معتبرة كمستندات ديون على شخص معنوي كما هو الظاهر من التعهد المرقوم عليها وصورته- أتعهد بأن أدفع لدى طلب مبلغ كذا لحامله، تحرر هذا السند بنقتضى الدكريتور المؤرخ في 25 يونيو سنة 1899 - عن البنك الأهلي المصري الإمضاء. (وفي كتاب الفقه على المذاهب الأربعة) المطبوع على نفقة وزارة الأوقاف بمصر والذي اشترك في تأليفه علماء المذاهب الأربعة ما نصه - أما الأوراق المالية البنكنوت فهي وإن كانت سندات دين إلا أنها يمكن صرفها فضة فورا، وتقوم مقام الذهب في التعامل فتجب فيها الزكاة متى بلغت قيمتها نصابا ووجدت باقي الشروط المعتبرة في وجوب الزكاة، وقد ذيل هذا الحكم في الكتاب المكور بما يلي (الشافعية) قالوا الورق النقدي وهو المسمى البنكنوت التعامل به في صورة حوالة على البنك بقيمة إلا أنها غير صحيحة شرعا لعدم وجود الإيجاب والقبول لفظا بين المعطي والآخذ، وعلى ذلك فلا تجب الزكاة على مالكه إلا إذا قبض قيمته ذهبا أو فضة ومضى على هذه القيمة حول كامل (الحنابلة) قالوا لا تجب زكاة الورق النقدي إلا إذا صرف ذهبا أو فضة ووجد فيه شروط الزكاة السابقة أهـ من كتاب الفقه على المذاهب الأربعة (قلت) يعلم مما أوردنا في هذه التتمة أن الورق المالي المسمى (بالبنكنوت) تجب فيه الزكاة كزكاة الدين الحال على الموسر الذي يمكنه الدفع، وأما تعليل السادة الشافعية عدم صحة الحوالة بعدم وجود الإيجاب والقبول لفظا بين المعطي والآخذ فغير متفق عليه، فإن الإئمة الثلاثة (أبا حنيفة ومالك وأحمد) رحمهم الله يقولون بصحة الحوالة بالمعاطاة من غير شرط صيغة

وأما قولهم (أعني الشافعية) بعدم وجوب الزكاة في الورق المذكور إلا إذا قبضت قيمته ذهبا أو فضه ومضى على هذه القيمة حول كامل بحجة عدم الإيجاب والقبول بين الآخذوالمعطي، ففي هذا منافاة لما تقتضيه حكمة التشريع وضياع لحق الفقير، لأننا نجد البنوك مكدسة بالأوراق المالية وديعة للموسرين من الناس، وبعضهم يحفظها في خوانة بيته السنين الطوال ولا يصرف منها إلا لحاجته الوقتية، فلو قلنا بعدم الزكاة للعلة التي ذكروها لما وجبت الزكاة على أحد، وهذا غير معقول، فالذي أراه حقا وأدين الله عليه أن حكم الورق المالي كحكم النقدين في الزكاة سواء بسواء، لأنه يتعامل به كالنقدين تماما ولأنه مالكه يمكنه صرفه وقضاء مصالحه به في أي وقت شاء، فمن ملك النصاب من الورق المالي ومكث عنده حولا كاملا وجبت عليه زكاته باعتبار زكاة الفضة، لأن الذهب غير ميسور الآن ولا يمكنه صرف ورقة بقيمتها ذهبا، هذا ما ظهر لي والله أعلم بحقيقة الحال وإليه المرجع والمآل.

-[رموز واصطلاحات تختص بالشرح]- بسم الله الرحمن الرحيم (9) باب زكاة الزرع والثمار (50) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

_ (50) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن

-[يؤخذ العشر زكاة الزرع إذا سقى الزرع بالمطر والعيون، ونصف العشر إذا سقى بالآلة]- فيما سقت السماء والعيون العشر، وفيما سقت السَّانية نصف العشر (وعنه من طريقٍ ثانٍ) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت الأنهار

_ ثنا ابن لهيعة عن أبى الزبير عن جابر- الحديث)) (غريبه) (1) يعنى المطر أو الثلج أو البرد أو الطل، تسمية للحال باسم المحل لأنه ينزل من السماء، قال تعالى {وأنزلنا من السماء ماء طهورًا} (والعيون) جمع عين وهى الشق فى الأرض أو فى الجبل ينبع منه الماء ثم يجرى على وجه الأرض (2) هو البعير الذى يسقى به الماء من البئر ويقال له الناضج، يقال منه سنًا يسنو سنوًا إذا استقى به (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون ثنا ابن وهب حدثنى عمرو بن الحارث حدثنى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضى الله عنهما يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت الأنهار- الحديث)) (4) جمع نهر وهو الماء الجارى المتسع كالنيل والفرات ونحوهما (والغيم) بفتح الغين المعجمة هو المطر، وجاء فى بعض الروايات (الغبل) باللام، قال أبو عبيد هو ما جرى من المياه فى الأنهار وهو سيل دون

-[يؤخذ العشر زكاة الزرع إذا سقى الزرع بالمطر والعيون، ونصف العشر إذا سقى بالآلة]- والغيم العشور وفيما سقت السانية نثف العشور (51) ز حدّثنا عبد الله حدَّثنى عثمان بن أبى شيبة حدَّثنا جريرٌ عن محمَّد بن سالمٍ عن أبى إسحاق عن عاصم بن ضمرة عن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فيما سقت السَّماء ففيه العشر وما سقى بالغرب والدَّابَّة ففيه نصف العشر، قال أبو عبد الرَّحمن فحدَّثت أبى بحديث عثمان عن جريرٍ فأنكره جدًا وكان أبى لا يحدِّثنا عن محمَّد بن سالمٍ لضعفه عنده وإنكاره لحديثه (52) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبىِّ صلَّى الله عليه وعلى آله

_ السبل الكبير (وقال ابن السكيت) هو الماء الجارى على الأرض (والعشور) قال النووى ضبطناه بضم العين جمع عشر (وقال القاضى عياض) ضبطناه عن عامة شيوخنا بفتخ العين وقال وهو اسم للمخرج من ذلك (وقال صاحب المطالع) أكثر الشيوخ يقولونه بالضم وصوابه الفتح (قال النووى) وهذا الذى ادّعاه من الصواب ليس بصحيح، وقد اعترف بأن أكثر الرواة رووه بالضم وهو الصواب جمع عشر، وقد اتفقوا على قولهم عشور أهل الذمة بالضم ولا فرق بين اللفظين (تخريجه) (م. د. نس. قط) باختلاف فى بعض الألفاظ (51) ((ز)) حدّثنا عبد الله (غريبه) (1) الغرب بسكون الراء الدلو العظيمة التى تتخذ من جلد ثور، فاذا فتحت الراء فهو الماء السائل بين البئر والحوض (نه) وقوله والدابة) يعنى البعير الذى يسقى به الماء كما تقدم وهو المعبر عنه بالسانية فى الحديث السابق وتقدم شرحه (2) هو عب الله بن الأمام أحمد رحمهما الله (تخريجه) لم أقف عليه بهذا لغير عبد الله بن الأمام أحمد، وفى إسناده محمد بن سالم ضعفه الأمام أحمد كما فى متن الحديث، ورواه ابن أبى شيبة بسند جيد موقوفًا على علىّ رضى الله عنه ولفظه ((قال فيما سقت السماء وكان سيحًا العشر وما سقى بالدالية فنصف العشر)) (52) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن اسحاق قال أنا عبد الله قال أنا معمر قال حدثنى سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبي هريرة

-[أول نصاب الزرع والثمار]- وصحبه وسلَّم قال ليس فيما دون خمسة أوسقٍ صدقةٌ، ولا فيما دون خمس آواقٍ صدقةٌ، ولا فيما دون خمس ذودٍ صدقةٌ (53) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيما دون خمسة أوساقٍ من تمرٍ ولا حبٍ صدقةٌ

_ - الحديث)) (غريبه) (1) جمع وسق بفتح الواو وسكون السين، ويجمع أيضًا على وسوق مثل فلس وفلوس، وحكى بعضهم فيه لغة أخرى وهى كسر الواو، ويجمع على أوساق مثل حمل وأحمال (قال الأزهرى) الوسق ستون صاعًا بصاع النبى صلى الله عليه وسلم، والصاع خمسة أرطال وثلث، والوسق على هذا الحساب مائة وستون منّا؛ والوسق ثلاثة أقفزة اهـ، وسيأتى فى حديث أبى سعيد أن النبى صلى الله عليه وسلم قدّر الوسق بستين صاعًا (قال النووى) والصاع خمسة أرطال وثلث بالبغدادى، وفى رطل بغداد أقوال، أظهرها أنه مائة درهم وثمانية وعشرون درهمًا وأربعة أسباع درهم، وقيل مائة وثمانية وعشرون بلا أسباع، وقيل مائة وثلاثون، فالأوسق الخمسة ألف وستمائة رطل بالبغدادى، وهل هذا التقدير بالأرطال تقريب أم تحديد؟ فيه وجهان لأصحابنا، أصحهما تقريب، فاذا نقص عن ذلك يسيرًا وجبت الزكاة، والثانى تحديد فمتى نقص شيئًا وان قل لم تجب الزكاة اهـ (تخريجه) (هق) وسنده جيد (53) عن أبى سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن اسماعيل بن أمية عن محمد بن يحيى بن حبان عن يحيى بن عمارة عن أبى سعيد الخدرى- الحديث)) (غريبه) (2) هكذا بالأصل أوساق، وكذا فى رواية عند مسلم (قال النووى) وهو صحيح جمع وسق بكسر الواو كحمل وأحمال، وقد سبق أن الوسق بفتح الواو وبكسره، وقوله صلى الله عليه وسلم (من تمر) هو بفتح التاء المثناة واسكان الميم، وفى رواية محمد بن رافع عن عبد الرازق من ثمر بفتح المثلثة وفتح الميم اهـ والمراد به ثمر النخل إذا صار تمرًا، ومثله كرم العنب إذا صار زبيبًا، وهما المعبر عنهما فى الترجمة بالثمار، وإنما وجبت فيهما الزكاة دون غيرهما من الثمار لأنهما من الأقوات والأموال المدخرة المقتاتة فهى كالانعام والمواشى، أما غيرهما كالتين والتفاح والرمان ونحو ذلك فلا زكاة فيه، لأنه ليس من الاموال المقتاتة المدخرة (3) المراد بالحب هنا كل ما تخرجه الأرض مما يقتات ويدخر كالحنطة والشعير والذرة والدخن والأرز ونحو ذلك، وهذه الأصناف هى المعبرة عنها فى الترجمة بالزرع لأنها مما يزرعه الأنسان للاقتيات به (تخريجه) (م. نس. هق)

-[مقدار الوسق بالصاع - وما المراد بالبحرين فى الحديث]- (54) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوسق ستُّون صاعًا (وعنه من طريقٍ ثانٍ) يرفعه إلى النَّبىَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال ليس فيما دون خمسة أو ساقٍ صدقةٌ والوسق ستُّون مختومًا (55) عن العلاء ءبن الحضرمىِّ رضى الله عنه قال بعثنى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إلى البحرين أو أهل هجر شكَّ أبو حمزة

_ (54) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أحمد بن عبد الملك ثنا شريك عن ابن أبى ليلى عن عمرو بن مرة عن أبى البخترى عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الوسق ستون صاعًا (1) ((وعنه من طريق ثان)) (سنده) حدّثنا عبد الله أبى ثنا يعلى ثنا إدريس الأودى عن عمرو بن مرة عن أبى البخترى عن أبى سعيد يرفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم- الحديث)) (غريبه) (2) أى ستون صاعًا معلمًا بخاتم فى أعلاه، ووصف بكونه مختومًا لأن الأمراء ختمته لئلا يزاد عليه أو ينقص منه (تخريجه) (جه) وأخرجه أيضًا (قط. حب) من طريق عمرو بن أبى يحيى عن أبيه عن أبى سعيد، وأخرجه أيضًا (نس. د. جه) من طريق أبى البخترى عن أبى سعيد، قال أبو داود أبو البخترى لم يسمع من أبى سعيد (قلت) يشير بذلك إلى أنه منقطع، وقال أبو حاتم لم يدركه، وأخرج البيهقى نحوه من حديث ابن عمر، وابن ماجه من حديث جابر واسناده ضعيف، وأخرج الطريق الثانية من حديث الباب أبو داود أيضًا من طريق أبى البخترى عن أبى سعيد وقد علمت ما فيه (55) عن أبى العلاء (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى يحيى بن معين قالا ثنا عتاب بن زياد أبو حمزة قال سمعت المغيرة الأزدى عن محمد بن زيد عن حيان الأعرج عن العلاء بن الحضرمى- الحديث)) (غريبه) (3) هو أحد رجال السند يشك هل قال الراوى الذى فوقه ((الى البحرين أو إلى أهل هجر)) والبحرين اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند بين البصرة وعمان قيل هى قصبة هجر (أى عاصمتها) وقيل هجر قصبة البحرين، وقد عدها قوم من اليمن، وجعلها آخرون قصبة برأسها وفيها عيون ومياه وبلاد واسعة، وربما عد بعضهم اليمامة من أعمالها، والصحيح أن اليمامة عمل برأسه فى وسط الطريف بين مكة والبحرين، كذا فى معجم ياقوت، وقال أبو منصور الأزهرى إنما سمو البحرين لأن فى ناحية قراها بحيرة على باب الأحساء، وقرى هجر بينها وبين البحر الأخضر

-[الأصناف التي تؤخذ منها زكاة الزرع والثمار]- قال كنت آتي الحائط يكون بين الإخوة فيسلم أحدهم فآخذ من المسلم العشر ومن الآخر الخراج (56) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كلِّ جادٍ عشرة أوسقٍ من تمرٍ بقنوٍ يعلق فى المسجد للمساكين (57) عن موسى بن طلحة قال عندنا كتاب معاذٍ رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه إنَّما أخذ الصِّدقة من الحنطة والشَّعير والزَّبيب والتَّمر

_ عشرة فراسخ، قال وقدرت هذه البحيرة ثلاثة أميال فى مثلها ولا يغيض ماؤها، وماؤها راكد زعاق (أى ملح) اهـ (1) الحائط هنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط، وهو الجدار (2) أى فيما زاد عن خمسة أوسق وسقى بالمطر أو كان بعلًا وهو ما شرب من النخيل بعروقه من الأرض من غير مطر ولا غيره (والخراج) هو دينار عن كل مكلف ذكر من غير المسلمين يعطى للمصدق أو قيمته مما يحصل من غلة الأرض، ولذلك أطلق على الجزية (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد (56) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا احمد ابن عبد الملك ثنا محمد بن مسلمة عن محمد بن اسحاق عن محمد بن يحيى بن حبان عن عمه واسع بن حبان بن عبد الله- الحديث)) (غريبه) (3) جاد بتشديد الدال منونًا ومن زائدة وعشرة مفعول له أى أمر كل قاطع عشرة أوسق من التمر الخ. وتقدم فى حديث أبى سعيد أن الوسق ستون صاعًا ويحتمل أن يكون الجاد بمعنى المجدود أى المقطوع. وحكى الخطابى عن ابراهيم الحربى قال يريد قدرًا من النخل. يجدُّ منه عشرة أوسق اهـ وفى المصباح جده جدًا من باب قتل قطعه فهو حديد، فعيل بمعنى مفعول وهذا زمن الجداد بفتح أوله وكسره وأجد النخل حان جداده وهو قطعه اهـ (4) القنو بكسر القاف على وزن سدر هو العذق بما عليه من رطب وبسر (5) قال الخطابى وهذا من صدقة المعروف لا القرض (تخريجه) (د) وفيه محمد بن اسحاق ثقة ولكنه مدلس، والمدلس إذا عنعن لا يوثق بحديثه (57) عن موسى بن طلحة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا سفيان عن عمرو بن عثمان يعنى ابن موهب عن موسى بن طلحة- الحديث)) (تخرجيه) (هق. ك) وقال هذا حديث قد احتج بجميع رواته

-[زوائد الباب فى زكاة الزرع والثمار]- .....

_ ولم يخرجاه وموسى بن طلحة تابعى كبير لم ينكر له أنه يدرك أيام معاذ رضى الله عنه اهـ (قلت) وأقره الذهبى وقال على شرطهما (زوائد الباب) (عن ابن عمر) رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت السماء والعيون أو كان عثريًا العشر، وفيما سقى بالنضج نصف العشر (خ. والأربعة) لكن لفظ النسائى وأبى داود وابن ماجه بعلا بدل عثريًا (قلت) المعنى واحد وعثريًا بفتح أوله وثانيه وتشديد التحتانية وهو الذى يشرب بعروقه من غير سقى كأن يغرس فى أرض يكون الماء قريبًا من وجهها فتصل اليه عروق الشجر فيستغنى عن السقى، والبعل كذلك هو بفتح الباء الموحدة وسكون العين المهملة (وعن اسحاق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله) عن عمه موسى بن طلحة عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيما سقت السماء والبعل والسيل العشر، وفيما سقى بالنضج نصف العشر، وإنما يكون ذلك فى التمر والحنطة والحبوب، وأما القثّاء والبطيخ والرمان والقصب فقد عفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (رواه الحاكم) وقال هذا حديث صحيح الأسناد ولم يخرجاه وله شاهد با سناد صحيح (قلت) ذكر الحاكم شاهده بسنده عن أبى موسى ومعاذ بن جبل رضى الله عنهما حين بعثهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن يعلمان الناس أمر دينهم ((لا تأخذوا الصدقة إلا من هذه الأربعة، الشعير. والحنطة. والزبيب. والتمر)) وصحيح الذهبى الحديث وشاهده (وروى البيهقى) حديث أبى موسى ومعاذ وقال رواته ثقات وهو متصل، وأورده الهيثمى وقال رواه (طب) ورجاله رجال الصحيح (وعن عمر) رضى الله عنه قال إنما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فى هذه الأربعة، فذكرها وهو من رواية موسى بن طلحة عن عمر قال أبو زرعة موسى عن عمر مرسل (وعن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده بلفظ إنما سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الزكاة فى الحنطة والشعير والتمر والزبيب رواه الدار قطنى وابن ماجه وزاد (والذرة) وفى إسناده محمد بن عبد الله العزيزى وهو متروك (وروى البيهقى) من طريق مجاهد قال لم تكن الصدقة فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم إلا فى خمسة فذكرها (وأخرج أيضًا) من طريق الحسن فقال لم يفرض الصدقة النبى صلى الله عليه وسلم إلا فى عشرة فذكر الخمسة المذكورة والابل والبقر والغنم والذهب والفضة (وحكى أيضًا) عن الشعبى أنه قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن انما الصدقة فى الحنطة والشعير والتمر والزبيب (وعن عطاء بن السائب) قال أراد عبد الله بن المغيرة أن يأخذ من أرض موسى ابن طلحة من الخضروات صدقة، فقال له موسى بن طلحة ليس لك ذلك، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ليس فى ذلك صدقة، رواه الأثرم فى سننه وهو من أقوى المراسيل لاحتجاج من أرسله به، قاله صاحب المنتقى (وعن عائشة) رضى الله عنهما قالت جرت

-[زوائد الباب - ومذاهب العلماء فى زكاة الزرع]- .....

_ السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صداق النضاء اثنا عشر أوقية، والوقية أربعون درهمًا، فذلك ثمانون وأربعمائة، وجرت السنة من رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الغسل من الجنابة صاع، والوضوء رطلين، والصاع ثمانية أرطال، وجرت السنة فيما أخرجت الأرض من الحنطة والشعير والزبيب والتمر إذا بلغ خمسة أوسق، والوسق ستون صاعًا فذلك ثلاثمائة صاع بهذا الصاع الذى جرت به السنة، وجرت السنة منه يعنى النبى صلى الله عليه وسلم أنه ليس فيما دون خمسة أوسق زكاة، ولوسق ستون صاعًا بهذا الصاع فذلك ثلاثمائة صاع، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى في الأوسط وفيه صالح أبو موسى الطلحى وهو ضعيف، وروى ابن أبى شيبة في مصنفه قال حدثنا أبو بكر قال حدثنا ابن مبارك عن معمر عن الزهرى في الزيتون قال هو يكال فيه العشر (وعن طاوس عن ابن عباس) رضى الله عنهما قال فى الزيتون العشر {وعن رجاء بن أبى سلمة} قال سألت يزيد بن يزيد بن جابر عن الزيتون فقال عشّرة عمر بن الخطاب بالشام {وعن عطاء} الخراسانى قال فيه العشر، روى هذه الآثار ابن أبى شيبة {الأحكام} أحاديث الباب تدل على وجوب الزكاة في الزرع والثمار؛ لكن منها ما هو عام كحديث جابر الأول من أحاديث الباب، وحديث علّى الذى يليه، وحديث ابن عمر المذكور في أول الزوائد، فانها بعمومها ظاهرة في عدم اشتراط النصاب، وفى إيجاب الزكاة في كل ما يسقى بمؤنة وبغير مؤنة، وسواء كان خمسة أوسق أو دونها لا فرق بين الخضروات وغيرها، لكنها عند الجمهور مختصة بالمعنى التي سيقت لأجله وهو التمييز بين ما يجب فيه العشر أو نصف العشر، بخلاف حديث أبى هريرة الثالث من أحاديث الباب فانه مخصص لها، لأن قوله ((ليس فيما دون خمسة أوسق صدقة)) خاص بقدر النصاب، وحديث أبى سعيد الذى يليه مساق لبيان جنس المخرج منه وقدره فأخذ به الجمهور، وأصرح منه في بيان الجنس الذى تجب فيه الزكاة حديث موسى بن طلحة (آخر أحاديث الباب) وحديث أبى موسى ومعاذ المذكور في الزوائد وما ذكر في الزوائد أيضًا من المراسيل (قال البيهقى) هذه المراسيل طرقها مختلفة وهى يؤكد بعضها بعضًا ومعها حديث أبى موسى، ومعها قول عمر وعلّى وعائشة ((ليس في الخضروات زكاة)) (قال الشوكانى) فلا أقل من انتهاض هذه الأحاديث لتخصيص تلك العمومات التي قد دخلها التخصيص بالأوساق والبقر العوامل وغيرها، فيكون الحق ما ذهب اليه الحسن البصرى والحسن بن صالح والثورى والشعبى من أن الزكاة لا تجب إلا في البر والشعير والتمر والزبيب لا فيما عدا هذه الأربعة مما أخرجت الأرض، وأما زيادة الذرة في حديث عمرو بن شعيب (تقدم في الزوائد) فقد عرفت أن في إسناده متروكًا، ولكنها معتضدة بمرسل مجاهد والحسن اهـ (قلت) مرسل مجاهد

-[مذاهب العلماء في زكاة الزرع والثمار]- .....

_ والحسن تقدمًا في الزوائد أيضًا. ومن ذلك يعلم أن الذرة مما وجبت فيها الزكاة، وإلى ذلك ذهبت الأئمة الأربعة، وقال الرافعى قد ثبت أخذ الصدقة من الذرة بأمر النبى صلى الله عليه وسلم اهـ فأحاديث الذرة وإن كان في بعضها مقال لكن يقوّى بعضها بعضًا، وأيضًا فالاحتياط لجانب الفقراء وجوب الزكاة فيها (ويستفاد) من حديث جابر وعلىّ رضى الله عنهما وهما الأول والثانى من أحاديث الباب؛ ومن حديث ابن عمر المذكور في الزوائد أنه يجب العشر في الزرع إذا سقى بغير آلة ونصف العشر إذا سقى بالنواضح ونحوها مما فيه مشقة، وحكى النووي الاتفاق على ذلك، وإن وجد مما يسقى بالنضج تارة وبالمطر أخرى، فان كان ذلك على جهة الاستواء وجب ثلاثة أرباع العشر وهو قول أهل العلم (قال ابن قدامة) لا نعلم فيه خلافًا، وإن كان أحدهما أكثر كان حكم الأقل تبعًا للأكثر عند أحمد والثورى وأبى حنيفة وأحد قولى الشافعى، وقيل يؤخذ بالتقسيط، قال الحافظ ويحتمل أن يقال إن أمكن فصل كل واحد منهما أخذ بحسابه، وعن ابن القاسم صاحب مالك العبرة بما تم به الزرع لول كان أقل (وفى أحاديث الباب أيضًا) ما يدل على أن الوسق ستون صاعًا وهو حديث أبى سعيد وإن كان منقطعًا، فان ابن المنذر نقل الاجماع على ذلك (قال النووي) رحمه الله والمعتمد في تقدير الأوسق بهذا الأجماع. وإلا فالحديث ضعيف اهـ (قلت) ولختلفوا في هذا التقدير هل هو تحديد أو تقريب، وبالأول جزم الأمام أحمد، وهو أصح الوجهين للشافعية إلا ان كان نقصًا يسيرًا جدًا مما لا ينضبط فلا يضر، قاله ابن دقيق العيد، وصحح النووى في شرح مسلم أنه تقريب، وقال فى المجموع الأصح أن هذا التقدير تحديد صححه أصحابنا اهـ (وفيها أيضًا) ما يدل على استحباب أخذ قنو من كل جاد عشرة أوسق من التمر يعلق فى المسجد للمساكين، والقنو الغصن، بما عليه من الرطب أو البسر (قال الخطابى) وهذا من صدقة التطوع وليس بواجب (قلت) وإلى ذلك ذهب الجمهور، وذهب بعض الظاهرية إلى وجوبه أخذًا بظاهر الأمر، وردّ بأنه لو كان واجبً لبينة النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه فى كتب الزكاة التى كتبوها للعمال، وقد ثبت أنه ليس فيها شئ من ذلك (وحديث موسى بن طلحة) يدل على وجوب الزكاة فى الحنطة والشعير والتمر والزبيب وحصرها فى هذه الأصناف، أما وجوب الزكاة فيها فباتفاق العلماء؛ وقد حكى ابن المنذر وابن عبد البر الاجماع على ذلك، وأما حصرها فى هذه الأصناف فقد ذهب اليه الحسن البصرى والحسن بن صالح والثورى والشعبى والصادق والباقر مستدلين بحديث الباب وحديث أبى موسى ومعاذ المذكور فى الزوائد، وهو قصر للعام على بعض ما يتناوله بلا دليل وخالفهم الجمهور (وذهب أبو حنيفة) وزفر والقاسم والهادى إلى الأخذ بعموم حديث جابر وابن عمر وعلى رضى الله عنهم من وجوب العشر فيما سقت السماء والعيون ونصف العشر فيما سقى بالآلة سواء أكان كثيرًا

-[من قال بوجوب الزكاة فى الزيتون - وتعيين الأصناف التى تجب فيها الزكاة على اختلاف المذاهب]- .....

_ أم قليلًا بلا شرط نصاب، لا فرق بين الخضروات وغيرها وقيدوه بما يقصد بزراعته استغلال الأرض ونماؤها عادة الا الطاب والقصب الفارسى (وهو المعروف بالبوص) والحشيش والشجر الذى ليس له ثمر (وحكى القاضى عياض عن داود) أن كل ما يدخله الكيل يراعى فيه النصاب، وما لا يدخل فيه الكيل ففى قليله وكثيره الزكاة وهو نوع من الجمع، وقال ابن العربى أقوى المذاهب وأحوطها للمساكين قول أبى حنيفة وهو التمسك بالعموم اهـ وذهب الأمامان (مالك والشافعى) الى وجوب الزكاة فيما تخرجه الأرض إذا بلغ خسو أوسق فأكثر، وكان مما يقتات ويدخر مما يستنبته الآدميون كالقمح والشعير والسلت وهو نوع من الشعير لا قشر له والدخن والذرة والأرز ونحو ذلك (قال النووى مذهبنا) أنه لا زكاة فى غير النخل والعنب من الأشجار ولا فى شئ من الحبوب إلا فيما يقتات ويدخر، ولا زكاة فى الخضروات، وبهذا كله قال (مالك وأبو يوسف ومحمد) وأوجب أبو يوسف الزكاة فى الحناء، وقال محمد لا زكاة (وأما الزيتون) فالصحيح عندنا أنه لا زكاة فيه، وبه قال الحسن بن صالح وابن أبى ليلى وأبو عبيد، وقال الزهرى والأوزاعة والليث ومالك والثورى وأبو حنيفة وأبو ثور فيه الزكاة، قال الزهرى والليث والأوزاعى يخرص فتؤخذ زكاته زيتًا (وقال مالك) لا يخرص بل يؤخذ العشر بعد عصره وبلوغه خمسة أوسق اهـ ج (وذهب الأمام أحمد) الى وجوب الزكاة فى كل ما أخرج الله عز وجل من الأرض من الحبوب والثمار مما يبيس ويبقى ويكال وينبته الآدميون ويبلغ خمسة أوسق فصاعدًا سواء كان قوتًا كالحنطة والشعير والسلت والأرز والذرة والدخن، أو من القطنيات كالباقلاء والعدس والماش والحمص، أو من الأبازير كالكسبرة والكمون والكراويا، أو البزور كبزر الكتان والقثاء والخيار، أو حب البقول كالرشاد وحب الفجل والقرطم والترمس والسمسم وسائر الحبوب؛ وتجب أيضًا فيما جمع هذه الأوصاف من الثمار كالتمر والزبيب والمشمش واللوز والفستق والبندق، ولا زكاة فى سائر الفواكه كالخوخ والآجاص والكمثرى والتفاح والمشمش والتين اللذين لا يجففان ولا فى الخضروات كالقثاء والخيار والبطيخ والباذنجان واللفت والجزر، وبهذا قال عطاء فى الحبوب كلها ونحوه قول أبى يوسف ومحمد فانهما قالا لا شئ فيما تخرجه الأرض إلا ما كانت له ثمرة باقية يبلغ مكيلها خمسة أوسق (وذهب الهادى والقاسم) إلى وجوب الزكاة فى الخضروات مستدلين بعموم قوله تعالى: {خذ من أموالهم صدقة} وبقوله عز وجل ((ومما أخرجنا لكم من الأرض)) وبقوله ((وآثو حقه يوم حصاده)) وبعموم حديث ((فيما سقت السماء العشر)) ونخوه، قالوا وأحاديث عدم الزكاة فى الخضروات ضعيفة لا تصلح لتخصيص هذه العمومات، وأجيب بأن طرقها متعددة يقوى بعضها بعضًا

-[معنى خرص النخل والعنب - وفائدة ذلك]- (10) باب ما جاء فى خرص النخل والعنب (58) عن عروة عن عائشة رضى الله عنها أنَّها قالت وهى تذكر شأن خيبر كان النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم يبعث ابن رواحة إلى اليهود فيخرص عليهم النَّخل حين يطيب (وفى رواية أوَّل الثَّمر) قبل أن يؤكل منه، ثمَّ يخيِّرون يهود أيأخذونه بذلك الخرص أم يدفعونه إليهم بذلك وإنَّما كان أمر النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم لكى يحصى الِّزِّكاة قبل أن تؤكل الثَّمرة وتفرًّق

_ فتنتهض لتخصيص هذه العمومات، وتقدم بسط الكلام على ذلك فى أول الأحكام والله أعلم (58) عن عروة عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج قال اخبرت عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة- الحديث)) (غريبه) (1) يعنى ما وقع فى فتحها (2) معنى التخريص أن يحزر مقدار ما فى النخل أو العنب حين يبدو صلاحه ويأخذ فى النضج قبل أن يؤكل، وذلك باعتبار ما يؤول اليه أمره من التمر اليابس أو الزبيب على حسب جنسه، لأن الزكاة إنما تؤخذ منه تمرًا أو زبيبًا، فان لم يتتمر أو يتزبب كبلح مصر وعنبها خرصها على تقدير التتمر والتزبب، وذلك أن ثمر النخل والأعناب يؤكل رطبًا وعنبًا ويباع ويعطى، فان أبيح ذلك فلا خرص ضربًا لمساكين، وان منع أربابه من ذلك ضرّ بهم، فيخرص على أهله للتوسعة عليهم وعلى المساكين، ولئلا يكون على أحد منهما فى ذلك ضيق فيخرص عليهم، ثم يخلى بينهم وبينه ينتفعون به أكلًا أو بيعًا أو عطاء كيف شاءوا، تم يؤدون منه الزكاة على ما خرص عليهم (3) أى بذلك الخرص، وسبب ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم قد ساقى اليهود بعد فتح خيبر على أن يعملوا فى نخليهم ويكون لهم النصف من الثمار، وأمر صلى الله عليه وسلم ابن رواحة أن يخرص نخيلهم ليظهر لصيب اليهود من نصيبه صلى الله عليه وسلم وليعلم قدر الزكاة فى نصيبه وأن يخيّرهم فى أخذ الثمر بهذا الخرص، ودفع قيمة ما يخص النبى صلى الله عليه وسلم أو دفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم وأخذ قيمة ما يخصهم فيه حتى لا يكون هناك ظالم (تخريجه) (د. قط. عب) وفى إسناده بين ابن جريج والزهرى راو لم يسم ولم يعرف، وقد رواه عبد الرزاق والدار قطنى والأمام أحمد فى رواية أخرى عن ابن جريج ع ابن شهاب بدون الواسطة المذكورة هنا، وابن جريج مدلس فلعله تركه تدليسًا، وذكر الدار قطنى الاختلاف فيه، فقال رواه صالح عن أبى الأخضر عن الزهرى عن ابن المسيب عن أبى هريرة، وأرسله معمر ومالك وعقيل ولم يذكروا أبا هريرة.

-[مشروعية خرص ثمر النخل والأعناب عند ابتداء نضجه]- (59) عن أبي الزُّبير أنَّه سمع جابر بن عبد الله رضى الله عنهما خرصها ابن رواحة أربعين ألف وسقٍ، وزعم أنَّ اليهود لمَّا خيَّرهم ابن رواحة أخذوا الثَّمر وعليهم عشرون ألف وسقٍ (60) عن ابن عنر رضى الله عنهما أن النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم بعث ابن رواحة إلى خيبر يخرص عليهم، ثمَّ خيَّرهم أن يأخذوا أو يردُّوا، فقالوا هذا الحقُّ، بهذا قامت السَّماوات والأرض (61) عن سهل بن أبى حثمة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليع وعلى آله وصحبه وسلَّم قال إذا خرصتم فجذُّوا ودعوا الثُّلث، فإن لم

_ (59) عن أبي الزبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا أنا ابن جريج أخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابر- الحديث)) (تخريجه) (د) وسنده جيد (60) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا العمرى عن نافع ع ابن عمر- الحديث)) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وفى إسناده العمرى فيه كلام (61) عن سهل بن أبى حثمه (سنده) حدّثنا عبد الله أبى ثنا عفان ثنا شعبة قال أخبرنى حبيب بن عبد الرحمن الأنصارى قال سمعت عبد الرحمن بن مسعود ابن نيار قال جاء سهل بن أبى حثمة إلى مجلسنا فحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث)) (غريبه) (1) بضم الجيم أى اقطعوا، والأمر فيه للإباحة، يقال جذه يجذه من باب قتل إذا قطعه، والمعنى إذا قدّر العامل الثمار بالحزر والتخمين وعرفتم حق الله فيها فاقطعوا منها ما شئتم (وفى روايه للنسائى والترمذى) إذا خرصتم فخذوا بدل فجذوا، ومعناه فخذوا أيها السعاة زكاة ما خرصتم عند الجذاذ (ودعوا الثلث) أى اتركوه (وقال الطيبى) ((فخذوا)) جواب للشرط ((ودعوا)) عطف عليه، أى إذا خرصتم فبينوا مقدار الزكاة، ثم خذوا ثلثى ذلك المقدار واتركوا الثلث لصاحب المال حتى يتصدق به اهـ (وقال القاضى عياض) الخطاب مع المصدقين أمرهم أن يتركوا للمالك ثلث ما خرصوا عليه أو رابعه توسعة عليه حتى يتصدق به هو على جيرانه ومن يمر به يطلب منه فلا يحتاج إلى أن يغرم ذلك من ماله؛ وهذا قول

-[استحباب ترك ثلث الثمر أو ربعه بلا خرص]- تجذُّوا أو تدعوا فدعوا الرُّبع

_ قديم للشافعي رحمه الله وعامة أهل الحديث اهـ. وعلى هذا فالأمر فى قوله فجذوا مراد به أصحاب المال، وفى قوله ((فدعوا الثلث)) مراد به العمال على الصدقة، وقوله ((فان لم تجذوا أو تدعوا) يعنى الثلث كما صرح بذلك فى رواية أبى داود أى إن لم يقطع أرباب الأموال من الثمر شيئًا، أو إن لم يترك العمال الثلث فاتركوا الربع، قال ابن قدامة فى المغنى على الخارص أن يترك فى الخرص الثلث أو الربع توسعة على أرباب الأموال لأنهم يحتاجون إلى الأكل هم وأضيافهم ويطعمون جيرانهم وأهلهم وأصدقاءهم وسؤالهم، ويكون فى الثمرة الساقطة وينتابها الطير وتأكل منه المارة، فلو استوفى العامل الكل منهم أضربهم، وبهذا قال اسحاق وأبو عبيد، والمرجع فى تقدير المتروك الى الساعى باجتهاده، فان رأى الاكلة كثيرًا تر الثلث، وإن كانوا قليلًا ترك الربع ((وذكر حديث باب)) ثم قال وروى أبو عبيد باسناده عن مكحول قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث الخراص قال خففوا على الناس فان فى المال العرية والواطئة والأكلة اهـ. والعربية نخلات يهبها رب المال لشخص يجنى ثمارها، والواطئة المارة فى الطريق سموا بذلك لواطئهم بلاد الثمار مجتازين، والأكلة أرباب الثمار وأقاربهم وجيرانهم والله أعلم (تخريجه) (أخرجه الثلاثة) وأخرجه أيضًا (حب ك) وصححاه، وفى إسناده عبد الرحمن بن مسعود بن نيار الراوى عن ابن أبى حثمة، وقد قال البزار إنه انفرد به، وقال ابن القطان لا يعرف حاله (قال الحاكم) وله شاهد باسناد متفق على صحته أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أمر به (زوائد الباب) (عن عتاب بن أسيد) أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يبعث على الناس من يخرص عليهم كرومهم وثمارهم (د. مذ جه. حب) (وعنه أيضًا) قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرص العنب كما يخرص النخل فتؤخذ زكاته زبيبًا كما تؤخذ صدقة النخل تمرًا (د. مذ. نس. حب. قط) ومدار هذا الحديث والذى قبله على سعيد بن المسيب عن عتاب، وقد قال أبو داود لم يسمع منه، وقال المنذرى انقطاعه ظاهر، لأن مولد سعيد فى خلافة عمر ومات عتاب يوم مات أبو بكر رضى الله عنهما، وسبقه إلى ذلك ابن عبد البر والله أعلم (وعن عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن حزم) قال إنما خرص ابن رواحة على أهل خيبر عامًا واحدًا فأصيب يوم مؤتة ثم إن جبار بن صخر بن خنسًا كان يبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ابن رواحة فيخرص عليهم أورده الهيثمى، وقال رواه الطبرانى فى الكبير وهو مرسل وإسناده صحيح (وعن رافع ابن خديج) أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يبعث فروة بن عمرو يخرص النخل فاذا دخل الحائط حسب ما فيه من الأفناء ثم ضرب بعضها على بعض على ما فيها ولا يخطئ (طب) وفي

-[زوائد الباب - ومذاهب العلماء فى خرص النخيل والأعناب]- .....

_ إسناده إسحاق بن عبد الله بن أبى فروة وهو ضعيف، قاله الهيثمى (وعن جابر) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يبعث رجلًا من الأنصار، يقال له فروة بن عمرو فيخرص تمر أهل المدينة (طب) وفيه حرام بن عثمان وهو متروك، قاله الهيثمى أيضًا (وعن سهل ابن أبى حثمة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أباه أبا حثمة خارصًا رجل فجاءه فقال يا رسول الله إن أبا حثمة زاد علىّ فدعا أبا حثمة فقال يا رسول الله قد تركت عرية أهله وما تطعمه المساكين وما يصيب الريح، فقال قد زادك ابن عمك وأنصف، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الأوسط وفيه محمد بن صدقة وهو ضعيف (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الخرص فى النخل والعنب وإلى استحبابه ذهب الأمامان (الشافعى وأحمد) رحمهما الله تعالى، وذهب (الأمام مالك) وأصحابه إلى وجوبه وهو قول شريح وأبى جعفر وبعض أهل الظاهر وقول للشافعية (قال النووى) رحمه الله حرص الرطب والعنب اللذين تجب فيهما الزكاة سنة، هذا هو نص الشافعى رضى الله عنه فى جميع كتبه وقطع به الأصحاب فى طرقهم، وحكى الصميرى وصاحب البيان وجهًا أن الخرص واجب وهذا شاذ ضعيف (قال أصحابنا) ولا مدخل للخرص فى الزرع بلا خلاف لعدم التوقيف فيه ولعدم الأحاطة كالأحاطة بالنخل والعنب، وممن نقل الاتفاق عليه إمام الحرمين (قال أصحابنا) ووقت خرص الثمرة وبدوّ الصلاج، وصفته ان يطوف بالنخلة ويرى جميع عناقيدها ويقول خرصها كذا وكذا، ثم يفعل بالنخلة الأخرى كذلك ثم باقى الحديقة، ولا يجوز الاقتصار على رؤية البعض وقياس الباقى به لأنها تتفاوت، وإنما يخرص رطبًا ثم يقدر تمرًا، لأن الأرطاب تتفاوت، فان اختلف نوع الثمر وجب خرص شجرة شجرة وان اتحد جاز كذلك وهو الأحوط، وجاز أن يطوف بالجميع ثم يخرص الجميع دفعة واحدة رطبًا، ثم يقدر تمرًا هذا الذى ذكرناه هو الصحيح المشهور فى المذهب اهـ ج (وقال ابن قدامة فى المغنى) وينبغى أن يبعث الأمام ساعيه إذا بدا صلاح الثمار ليخرصها ويعرف قدر الزكاة ويعرف المالك ذلك وممن كان يرى الخرص عمر بن الخطاب وسهل بن أبى حثمة ومروان والقاسم بن محمد والحسن وعطاء والزهرى وعمرو بن دينار وعبد الكريم بن أبى المخارق ومالك والشافعى وأبو عبيد وأبو ثور وأكثر أهل العلم، واستدل لهم ابن قدامة بحديث عتّاب بن أسيد المذكور بطريقيه فى الزوائد؛ وبحديث المذكور فى أحاديث الباب ثم قال وقد عمل به النبى صلى الله عليه وسلم فخرص على امرأة بوادى القرى، قال وعمل به أبو بكر بعده والخلفاء اهـ (قلت) يشير إلى ما رواه البخارى عن أبى حميد الساعدى قال غزونا مع النبى صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك، فلما جاء وادى القرى إذا امرأة فى حديقة لها، فقال النبى صلى الله عليه وسلم لأصحابه اخرصوا وخرص

-[مذاهب العلماء فى حكم خرص النخيل والأعناب - وكلام الحافظ ابن القيم فى ذلك]- .....

_ رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أوسق، فقال لها احصى ما يخرج منها الحديث، وقال الخرقى من الحنابلة يجزئ خارص واحد لأن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يبعث ابن رواحة فيخرص ولم يذكر معه غيره، ولأن الخارص يفعل ما يؤديه اجتهاده اليه فهو كالحاكم والقائف، ويعتبر فى الخارص أن يكون أمينًا غير متهم اهـ. وحكى الشوكانى عن أبى حنيفة عدم جواز الخرص لأنه رجم بالغيب، قال والأحاديث تردّ عليه، قال وقد قصر جواز الخرص على مورد النص بعض أهل الظاهر، فقال لا يجوز إلا فى النخل والعنب ووافقه على ذلك شريح وأبو جعفر وابن أبى الفوارس (قلت) والأئمة الثلاثة (مالك والشافعى وأحمد) وقيل يقاس عليه غيره مما يمكن ضبطه بالخرص، واختلف فى خرص الزرع فأجازه للمصحلة الأمام يحيى ومنعته الهادوية والشافعيى اهـ (وحكى الحافظ) عن الخطابى أنه قال أنكر أصحاب الرأى الخرص، وقال بعضهم إنما كان يفعل تخويفًا للمزارعين لئلا يخونوا، لا ليلزم به الحكم لأنه تخمين وغرور، وكان يجوز قبل تحريم الربا والقمار، وتعقبه الخطابى بأن تحريم الربا والميسر متقدم، والخرص عمل به فى حياة النبى صلى الله عليه وسلم حتى مات ثم أبو بكر وعمر فمن بعدهم، ولم ينقل عن أحد منهم ولا من التابعين تركه إلا عن الشعبى، قال وأما قولهم إنه تخمين وغرور فليس كذلك؛ بل هو اجتهاد فى معرفة مقدار التمر وإدراكه بالخرص الذى هو نوع من المقادير، قال واعتل الطحاوى بأنه يجوز أن يحصل للثمرة آفة فتتلفها فيكون ما يؤخذ من صاحبها مأخوذًا بدلًا مما لا يسلم له، وأجيب بأن القائلين به لا يضمِّنون أرباب الأموال ما تلف بعد الخرص، وقال ابن المنذر أجمع من يحفظ عنه العلم أن المخروص إذا أصابته جائحة قبل الجذاذ فلا ضمان اهـ (وقال الحافظ ابن القيم رحمه الله) فى كتابه إعلام الموقعين (المثال التاسع والعشرون) رد السنة الصحيحة الصريحة المحكمة فى خرص الثمار فى الزكاة والعرايا وغيرها إذا بدا صلاحها، ثم ذكر أحاديث الخرص وقال- ادعى جماعة رد هذه السنن كلها بقوله تعالى {إنما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه} قالوا والخرص من باب القمار والميسر فيكون تحريمه ناسخًا لهذه الآثار، وهذا من أبطل الباطل، فان الفرق بين القمار والميسر والخرص المشروع كالفرق بين البيع والربا والميتة والمذكاة، وقد نزه الله ورسوله وأصحابه عن تعاطى القمار وعن شرعه وإدخاله فى الدين، ويالله العجب أكان المسلمون يقامرون إلى زمن خيبر، ثم استمروا على ذلك إلى عهد الخلفاء الراشدين، ثم انقضى عصر الصحابة وعصر التابعين على القمار ولا يعرفون أن الخرص قمار حتى بينه بعض فقهاء الكوفة؛ هذا والله الباطل حقًا والله الموفق للصواب اهـ ببعض تصرف (قلت) إذا علمت هذا فالراجح فول القائلين بمشروعية الخرص عملًا بأحاديث الباب وفعل الصحابة والتابعين ومن بعدهم والله أعلم

-[حجة من قال بوجوب الزكاة فى العمل]- (11) باب ما جاء في زكاة العسل (62) عن أبى سيَّارة المتعىِّ رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله إنَّ لى نحلًا، قال أدِّ العشور قال قلت يا رسول الله احمها لى فحماها لى، قال عبد الرحمن احم لى جبلها، قال فحمي لي جبلها

_ (62) عن أبي سيارة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع وعبد الرحمن عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن أبى سيارة قال عبد الرحمن المتعى قال قلت يا رسول الله- الحديث)) (وقوله المتعى) بضم الميم وفتح التاء المثناة نسبة أبى سيارة، والمعنى أن عبد الرحمن أحد الراويين اللذين روى عنهما الأمام أحمد هذا الحديث قال فى روايته عن سعيد بن عبد العزيز عن سليمان بن موسى عن أبى سيارة المتعى فزاد فى روايته المتعى، أما وكيع وهو الثانى فذكر الحديث بالسند المذكور ولم يقل المتعى بل قال عن أبى سيارة، قال قلت يا رسول الله- الحديث)) (غريبه) (1) أى عشر عسل النحل (2) أى احفظ لى مرعاها من أن يرعاها الناس (قال الخطابى) رحمه الله معناه أن النحل إنما ترعى من البقل والنبات أنوارها وما رخص ونعم منها، فاذا حميت مراعيها قامت فيها وأقبلت تعسل فى الخلايا فكثرت منافع أصحابها، وإذا شوركت فى تلك المراعى نفرت عن تلك المواضع وأمعنت فى طلب المرعى فيكون ريعها حينئذ أقل، قال وقد يحتمل رجهًا آخر وهو أن يكون ذلك بأن يحمى لهم الوادى الذى يعمل فيه، فلا يترك أحدًا أن يتعرض للعسل، وذلك أن سبيل العسل سبيل المياه والمعادن والصيود وليس لأحد عليها ملك، وإنما تملك باليد لمن سبق اليها، فاذا حمى له الوادى ومنع الناس منه فلا يجتازه هؤلاء القوم وجب عليهم بحق الحماية إخراج العشر منه، قال ويدل على هذا التأويل قوله فانما هو ذباب غيث يأكله من شاء (يعنى كما فى رواية أبى داود) ومعنى هذا الكلام أن النحل إنما تتبع مواقع الغيث أو حيث يكثر المرعى، وذلك شأن الذباب لأنها تألف الغياض والمكان المعشب اهـ (3) هو أحد الروايين المتقدم ذكرهما يعنى أنه روى الحديث بلفظ ((احم لى جبلها)) فزاد جبلها فى روايته، أما وكيع فرواه بلفظ ((يا رسول الله احمها لى)) والمراد بالجبل هنا الوادى كما صرح بذلك فى رواية أبى داود (تخريجه) قال الحافظ فى التلخيص رواه (د. جه. هق) من رواية سليمان بن موسى عن أبى سيارة وهو منقطع، قال البخارى لم يدرك سليمان أحدًا من الصحابة وليس

-[زوائد الباب - وحجة القائلين بزكاة العسل وردّ المعارضين لهم]- .....

_ في زكاة العسل شئ يصح، وقال أبو عمر (يعنى ابن عبد البر) لا تقوم بهذا حجة اهـ (زوائد الباب) (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال جاء هلال أحد بنى متعان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشور نحل له وكان سأله أن يحمى واديًا يقال له سلبة فحمى له رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الوادى، فلما ولّى عمر بن الخطاب رضى الله عنه كتب سفيان بن وهب إلأى عمر بن الخطاب يسأله عن ذلك، فكتب عمر إن أدَّى اليك ما كان يؤدِّى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم من عشور نحله فاحم له سلبة، وإلا فانما هو ذباب غيث يأكله من يشاء (د. نس) قال الدار قطنى يروى عن عبد الرحمن بن الحارث وابن لهيعة عن عمرو بن شعيب مسندًا، ورواه يحيى بن سعيد الأنصارى عن عمرو بن شعيب عن عمر مرسلًا اهـ (قال الحافظ) فى التلخيص فهذه علته، وعبد الرحمن وابن لهيعة ليسا من أهل الأتقان لكن تابعهما عمرو بن الحارث أحد الثقات؛ وتابعهما أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عند ابن ماجه وغيره اهـ. ولفظ حديث أسامة بن زيد عند ابن ماجه (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه أخذ من العسل العشر، وروى الطبرانى من طريق أحمد بن صالح قال حدثنا عبد الله بن وهب أخبرنى أسامة بن زيد (عن عمرو ابن شعيب) عن أبيه عن جده أن بنى شبابة بطن من فهم كانوا يؤدون الى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نحل كان لهم العشر من كل عشر قرب قربة، وكان يحمى واديين لهم، فلما كان عمر استعمل على ما هناك سفيان بن عبد الله الثقفى فأبوا أن يؤدوا اليه شيئًا وقالوا إنما كنا نؤديه الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكتب سفيان الى عمر، فكتب اليه عمر إنما النحل ذباب غيث يسوقه الله عز وجل رزقًا الى من يشاء، فان أدو اليك ما كانوا يؤدون الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحم لهم أدويتهم وإلا فخل بينه وبين الناس، فأدوا اليه ما كانوا يؤدون الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وحمى لهم أدويتهم (وعن الحارث بن عبد الرحمن بن أبى ذباب) عن أبيه عن سعد بن أبى ذباب، قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت ثم قلت يا رسول الله اجعل لقومى ما أسلموا عليه من أموالهم، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم واستعملنى عليهم، ثم استعملنى أبو بكر ثم عمر، قال وكان سعد من أهل السراة؛ قال فكلمت قومى فى العسل فقلت لهم زكوة فانه لا خير فى ثمرة لا تزكى، فقالوا كم؟ قال فقلت العشر، فاخذت منهم العشر، فأتيت عمر بن الخطاب رضى الله عنه فأخبرته بما كان، قال فقبضه عمر رضى الله عنه فباعه، ثم جعل ثمنه فى صدقات المسلمين، رواه البيقهى (قال الحافظ) فى التلخيص (قال الشافعى) وسعد بن أبى ذباب يحكى ما يدل على أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يأمره فيه بشئ وأنه شئ رآه هو فتطوع له به قومه، وقال الزعفرانى عن الشافعى الحديث فى أن فى العسل العشر ضعيف

-[حجة القائلين بعدم وجوب الزكاة فى العسل ومذاهب الأئمة فى ذلك]- .....

_ واختياري أنه لا يؤخذ منه، وقال البخارى لا يصح فيه شئ، وقال ابن المنذر ليس فيه شئ ثابت، وفى الموطأ عن عبد الله بن أبى بكر قال جاء كتاب عمر بن عبد العزيز الى أبى وهو بمنى أن لا تأخذ من الخيل ولا من العسل صدقة (وعن طاوس عن معاذ ابن جبل) رضى الله عنه أتى بوقص البقر والعسل حسبته فقال معاذ رضى الله عنه كلاهما لم يأمرنى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بشئ (هق) قال الحافظ فى التلخيص، رواه أبو داود فى المراسيل والحميدى فى مسنده وابن أبى شيبة والبيهقى من طريق طاوس عنه وفيه انقطاع بين طاوس ومعاذ، لكن قال البيهقى هو قوى لأن طاوسًا كان عارفًا بقضايا معاذ اهـ (وعن أبى هريرة) رضى الله عنه قال كتب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل اليمن أن يؤخذ من العسل العشر (هق. عب) وفى اسناده عبد الله بن محرر (قال البخارى) فى تاريخه عبد الله متروك ولا يصح فى زكاة العسل شئ (وعن نافع عن ابن عمر) رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى العسل فى كل عشرة أزق زقٌ (مذ. هق) (ولفظ البيهقى) فى كل عشرة أزقاق زق، ثم قال تفرد به هكذا صدقة بن عبد الله السمين وهو ضعيف، وقد ضعفه أحمد ويحيى بن معين وغيرهما، وقال أبو عيسى الترمذى سألت محمد بن اسماعيل البخارى عن هذا الحديث، فقال هو عن نافع عن النبى صلى الله عليه وسلم مرسل (وعن على رضى الله عنه) قال ليس فى العسل زكاة، قال يحيى بن آدم وسئل حسون بن صالح عن العسل فلم ير فيه شيئًا، وذكر عن معاذ أنه لم يأخذ من العسل شيئًا (هق) (الأحكام) حديث أبى سيارة المذكور فى الباب يدل على مشروعية زكاة العسل لولا ما فيه من على الانقطاع، والأحاديث والآثار التى ذكرناها فى الزوائد متعارضة فبعضها يثبت الزكاة فى العسل وبعضها ينفيها، لهذا اختلفت أنظار العلماء فى الوجوب وعدمه. وقد ذهب الى وجوب الأئمة (أبو حنيفة وأحمد وإسحاق) قالوا بوجوب العشر فى العسل، وحكاه الترمذى عن أكثر أهل العلم، وروى عن عمر وابن عباس وعمر بن عبد العزيز وأبى يوسف ومحمد (غير أن أبا حنيفة) أوجب الزكاة فيه إذا كان فى أرض عشرية قل أو أكثر، فان أخذ من أرض الخراج لم يجب فيه شئ عنده، لأن أرض الخراج قد وجب على مالكها الخراج لأجل ثمارها وزرعها فلم يجب فيها حق آخر لأجلها، وأرض العشر لم يجب فى ذمته حق عنها، فلذلك وجب الحق فيما يكون منها (وسوى الأمام أحمد) بين الأرضين فى ذلك وأوجبه فيما أخذ من ملكه فيما يكون منها (وسوّى الأمام أحمد) بين الأرضين فى ذلك وأوجبه فيما أخذ من ملكه أو موات، كانت الأرض عشرية أو خراجية، (ثم اختلف الموجبون له) هل له نصاب أم لا؟ على قولين (أحدهما) أنه يجب فى قليله وكثيره، وهذا قول أبى حنيفة رحمه الله (والثانى) أن له نصابًا معينًا، ثم اختلف فى قدره فقال أبو يوسف هو عشرة أرطال، وقال مجدهم خمسة أفراق، والفرق ستة وثلاثون رطلًا بالعراقي

-[حجة القائلين بوجوب زكاة العسل وأدلة المعارضين لهم]- باب زكاة الحلي (63) عم عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه قال أتت النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم أمرأتان فى أيديهما أساور من ذهبٍ، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وعلى

_ وقال أحمد والزهري لا زكاة فيه حتى يبلغ عشرة أفراق لما رواه الجوزجانى بسنده إلى عمر أن أناسًا سألوه فقالوا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع لنا واديًا باليمن في خلايا من نحل وإنا نجد ناسًا يسرقونها، فقال عمر إن أديتم صدقتها من كل عشرة أفراق فرقًا حميناها لكم، ومثل هذا لا يكون الا عن توقيف من النبى صلى الله عليه وسلم، والفرق ستة عشر رطلًا، وقيل ستون رطلًا، (واحتج الموجبون) بحديث الباب أيضًا وبما ذكرنا فى الزوائد وإن كانت كلها لا تخلو من مقال، قالوا لكن يقوّى بعضها بعضًا؛ وقد تعددت مخارجها واختلفت طرقها ومرسلها يعضد بمسندها (وقد اختلف أصحاب الأمام أحمد) فى الفرق على ثلاثة أقوال (أحدهما) أنه ستون رطلًا (والثانى) أنه ستة وثلاثون رطلًا (والثالث) ستة عشر رطلًا وهو ظاهر كلام الأمام وهو الراجح (وذهب الأئمة مالك والشافعى) والحسن بن صالح وابن أبى ليلى وابن المنذر والثورى إلى أنه لا زكاة فى العسل مطلقًا قل أو كثر خرج من أرض عشرية أم لا، وهو المروى عن ابن عمر وعمر بن عبد العزيز، وحكى عن علىّ وحكاه ابن عبد البر عن الجمهور، قالوا لأنه مائع خارج من حيوان فأشبه اللبن. واحتجوا بحديث عبد الله بن أبى بكر بن حزم الذى رواه مالك فى الموطأ وتقدم فى الزوائد. وبما أخرجه عبد الرزاق وابن أبى شيبة باسناد صحيح إلى نافع مولى ابن عمر قال بعثنى عمر بن عبد العزيز على اليمن فأردت أن آخذ من العسل العشر فقال المغيرة بن حكيم الصنعانى ليس فيه شئ، فكتب إلى عمر بن عبد العزيز فقال صدق وهو عدل رضا ليس فيه شئ (وأجابوا) عن حديث هلال أنه تطوع بما دفعه مكافأة على حماية ذلك الوادى له كما يدل عليه ما رواه عبد الرزاق فى مصنفه (عن ابن جريج) قال أخبرنا صالح بن دينار أن عمر بن عبد العزيز كتب الى عامله فى العسل فجمع أهل العسل فشهدوا أن هلال بن سعد جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسل. فقال ما هذا؟ فقال هدية فأكل النبى صلى الله عليه وسلم، ثم جاء مرة أخرى فقال ما هذا؟ فقال صدقة فأمر النبى صلى الله عليه وسلم بأخذها ورفعها، ولم يذكر عند ذلك عشورًا الا أنه أخذها، فكتب بذلك الى عمر بن عبد العزيز، قال فكنا نأخذ ما أعطونا من شئ ولا نسأل عشورًا ولا شيئًا فما أعطونا أخذنا. قالوا والأحاديث الدالة على أن العسل فيه زكاة فى جميعها مقال (قال ابن المنذر) ليس فى وجوب الصدقة فى العسل خبر يثبت ولا اجماع فلا زكاة فيه اهـ والله اعلم (63) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[حجة القائلين بوجوب زكاة الحلى]- آله وصحبه وسلَّم أتحبَّان أن يسوِّركما الله يوم القيامة أساور من نارٍ؟ قالتا لا، قال فأدِّيا حقَّ هذا الَّذى فى أيديكما (64) عن أسماء بنت يزيد قالت دخلت أنا وخالتى على النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم وعلينا أسورةٌ من ذهبٍ، فقال لنا أتعطيان زكاته؟ قالت فقلنا لا، قال أما تخافان أن يسوِّركما الله أسورةً من نار؟ أدِّيا زكاته

_ أبو معاوية ثنا حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده- الحديث)) (غريبه) (1) أى يلبسكما الله يوم القيامة أساور من نار بسبب عدم زكاة أساوركما (2) يعنى بالحق الزكاة والله أعلم (تخريجه) قال الحافظ فى التلخيص، رواه أبو داود والنسائى والترمذى من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده واللفظ للترمذى، وقال لا يصد فى الباب شئ (ولفظ الآخرين) أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعها ابنة لها وفى يد ابنتها مسكتان غليظتان من ذهب، فقال لهما أتعطيان زكاة هذا؟ قالتا لا. قال أيسرك أن يسوّرك الله بهما يوم القيامة بسوارين من نار، قال فجعلتهما فألقتهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالت هما لله ورسوله، لفظ أبى داود، أخرجه من حديث حسين المعلم وهو ثقة عن عمرو، وفيه رد على الترمذى حيث جزم بأنه لا يعرف إلا من حديث ابن لهيعة والمثنى بن الصباح عن عمرو، وقد تابعهم حجاج بن أرطاة أيضًا (قال البيهقى) وقد انضم الى حديث عمرو بن شعيب بحديث أم سلمة وحديث عائشة وساقهما (قلت سيأتيان فى الزوائد) وحديث عائشة أخرجه أبو داود والحاكم والدار قطنى والبيهقى، وحديث أم سلمة أخرجه أبو ادود والحاكم ومن ذكر معهما أيضًا. وروى أيضًا عن أسماء بنت يزيد، رواه أحمد انتهى ما ذكره الحافظ (قلت) حديث أسماء سيأتى بعد هذا، وحديث الباب سنده جيد عند الأمام أحمد وأبى داود، ولا يؤثر عليه كون الترمذى رواه بسنده فيه ضعف (64) عن أسماء بنت يزيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على ابن عاصم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد- الحديث)) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد وإسناده حسن اهـ (قلت) حديث أسماء ذكره الحافظ فى التلخيص وسكت عنه؛ وقال فى الدراية فى اسناده مقال (قال العينى) فى عمدة القارى فان قلت (قال ابن الجوزى) علي بن عاصم

-[زوائد الباب تؤيد القائلين بوجوب زكاة الحلى]- .....

_ رماه يزيد بن هارون بالكذب، وعبد الله بن خثيم قال ابن معين أحاديثه لبست بالقوية، وشهر ابن حوشب (قال ابن عدى) لا يحتج بحديثه ((قلت)) ذكر فى الكمال وسئل أحمد عن على بن عاصم فقال هو والله عندى ثقة وأنا أحدث عنه، وعبد الله بن خثيم (قال ابن معين) هو ثقة حجة، وشهر بن حوشب قال أحمد ما أحسن حديثه ووثقه، وعن يحيى هو ثقه وقال أبو زرعة هو لا بأس به، فظهر من هذا كله سقوط كلام ابن الجوزى وصحة الحديث انتهى كلام العينى (قلت) الحديث مختلف فيه وفى صحته نظر. لكن لا شك أنه يصلح للاحتجاج. لا سيما وقد حسنه الهيثمى والله أعلم (زوائد الباب) (عن أم سلمة رضى الله عنها) قالت كنت ألبس أوضاحًا من ذهب، فقلت يا رسول الله أكنز هو؟ فقال ما بلغ أن تؤدى زكاته فزكى فليس بكنز، رواه أبو داود والدار قطنى والبيهقى وقال تفرد به ثابت بن عجلان اهـ (قلت) ثابت ابن عجلان وثقه غير واحد، وأخرجه أيضًا الحاكم وصححه بلفظ ((إذا أديت زكاته فليس بكنز)) والأوضاح جمع وضح بفتحتين، وهو نوع من حلى الفضة سمى بذلك لبياضه، ولكنه هنا مستعمل فيما عمل من الذهب، وقيل إنه الخلاخل، (وعن عبد الله بن شداد بن الهاد) أنه قال دخلنا على عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم فقالت دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى فى يدى فتخات من ورق. فقال لى ما هذا يا عائشة. فقلت صنعتهن أتزين لك يا رسول الله؟ فقال أتؤدين زكاتهن؟ قلت لا أو ما شاء الله، قال هو حسبك من النار. الفتخات جمع فتخة بسكون التاء وفتحها، هى خواتيم من فضة، وقيل هى خاتم كبير أو حلقة من فضة تلبس فى الأيدى وربما وضعت فى أصابع الأرجل. وقيل خاتم لا فص له كانت نساء الجاهلية يتخذنها فى أصابعهن العشر. والورق بفتح الواو وكسر الراء الفضة ((وقوله هو حسبك من النار)) يريد أنها لو لم تعذب فى النار إلا من أجل عدم زكاته لكفاها- وفيه وعيد شديد لمن لم يؤد زكاة الحلى، وهذا الحديث رواه أبو داود والدار قطنى والبيهقى، ورواه الحاكم بنحو هذا. وفيه أن عائشة قالت فرأى فى يدى سخابًا من ورق بدل فتخات، والسخاب ككتاب خيط ينظم فيه خرز ويلبسه الصبيان والجوارى، وقيل قلادة تتخذ من قرنفل ومحلب وسك (بالضم) نوع من الطيب، وكأنها اتخذت قلادة من ورق تشبه هذه القلادة أو ضمت اليها شيئًا من الورق وهو الفضة (قال الحاكم) هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (وعن ابن مسعود) رضى الله عنه أنه قال وسألته امرأة عن حلى لها أفيه زكاة؟ قال إذا بلغ مائتى درهم فزكيه، قالت ان فى حجرى أيتامًا أفأدفعه اليهم؟ قال نعم، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فة الكبير ورجاله ثقات ولكن ابراهيم لم يسمع من ابن مسعود (وعن فاطمة بنت قيس) رضى الله عنها قالت

-[مذاهب الأئمة في حكم زكاة الحلي]- .....

_ أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بطوق فيه سبعون مثقالًا من ذهب فقلت يا رسول الله خذ منه الفريضة فأخذ منه مثقالًا وثلاثة أرباع مثقال، أخرجه الدارقطنى وفى إسناده أبو بكر الهذلي وهو ضعيف، ونصر بن مزاحم وهو أضعف منه وتابعه عباد بن كثير، أخرجه أبو نعيم فى ترجمة شيبان بن زكريا من تاريخه، كذا فى الدراية (وعن عبد الله بن مسعود) رضى الله عنه قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم إن لامرأتى حليًّا من ذهب عشرين مثقالًا، قال فأدّ زكاته نصف مثقال وإسناده ضعيف جدًا؛ أخرجه الدارقطنى كذا فى الدراية (الأحكام) حديث الباب مع الزوائد تدل على وجوب الزكاة فى حلىّ المرأة، وقد روى ذلك عن عمر وابن مسعود وابن عباس وعبد الله بن عمرو بن العاص وسعيد بن المسيب وسعيد بن جبير وعطاء ومجاهد وعبد الله بن شداد وجابر بن زيد وابن سيرين وميمون بن مهران والزهرى والثورى وطاوس (وبه قال أبو حنيفة وأصحاب الرأى) مستدلين بأحاديث الباب وبعموم قوله صلى الله عليه وسلم فى الرقة ربع العشر، وبقوله عز وجل {والذين يكنزون الذهب والفضة} فان عموم الآية يتناول الحلىّ فلا يجوز إخراجه بالرأى (وذهب إلى عدم الوجوب) جماعة منهم القاسم والشعبى وقتادة ومحمد بن على وعمرة (ومالك والشافعى وأحمد) وأبو عبيد وإسحاق وأبو ثور وهو المروى عن ابن عمر وجابر وأنس وعائشة وأسماء رضى الله عنهم (واحتجوا بما رواه الدارقطنى) عن جابر مرفوعًا ((ليس فى الحلى زكاة)) وهو مروى من عدة طرق فيها مقال ورواه ابن الجوزى فى التحقيق بسنده عن عافية بن أيوب عن ليث بن سعد عن أبى الزبير عنه (وأجيب) بأنه حديث باطل لا أصل له (قال البيهقي) فى المعرفة وما يروى عن عافية ابن أيوب عن الليث عن أبى الزبير عن جابر مرفوعًا ((ليس فى الحلىّ زكاة)) فباطل لا أصل له إنما يروى عن جابر من قوله، وعافية بن أيوب مجهول، فمن احتج به مرفوعًا كان مغرورًا بدينه داخلًا فيما يعيب المخالفين من الاحتجاج برواية الكذابين اهـ (وبما رواه مالك فى الموطأ) عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضى عنها كانت تلى بنات أخيها يتامى فى حجرها لهن الحلى فلا تخرج من حليّهن الزكاة (وبما رواه أيضًا) عن نافع أن عبد الله بن عمر كان يحلى بناته وجواريه الذهب، ثم لا يخرج من حليهن الزكاة (وبما رواه البيهقى) من طريق عمرو بن دينار سمعت ابن خالد يسأل جابر بن عبد الله عن الحلى أفيه زكاة؟ قال جابر لا، فقال وإن كان يبلغ ألف دينار، فقال جابر أكثر (وبما رواه الدارقطنى) عن أسماء بنت أبى بكر أنها كانت تحلى بناتها الذهب ولا تزكيه نحوًا من خمسين ألفًا، وهذه الحجج كلها بآثار وردت عن السلف قاضية بعدم وجوبها فى الحلى ولكن بعد صحة الحديث لا أثر للآثار (وذهب جماعة) إلى أن زكاة الحلى عاريته، رواه الدارقطنى عن أنس وأسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهم (وقال بعضهم) تجب الزكاة في

-[ترجيح مذهب القائلين بوجوب زكاة الحلى]- (13) باب ما جاء فى الركاز والمعدن (65) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خيبر فدخل صاحبٌ لنا إلى خربةٍ يقضى حاجته، فتناول لبنةً ليستطيب بها فانهارت عليه تبرًا فأخذها فأتى بها النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، قال زنها فوزنها، فإذا مئتا درهمٍ، فقال النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم هذا ركازٌ وفيه الخمس

_ الحلي مرة واحدة، رواه البيهقى عن أنس، وأظهر الأقوال دليلًا واقواها ما ذهب اليه الأولون من وجوب الزكاة فى الحلى، قال ابن المنذر وابن حزم الزكاة واجبة بظاهر الكتاب والسنة، حكاه العينى عنهما، وقال الخطابى الظاهر من الكتاب يشهد لقول من أوجبها والأثر يؤيده، ومن أسقطها ذهب الى النظر ومعه طرف من الأثر والاحتياط أداؤها اهـ (فائدة) ما ذكر من وجوب الزكاة فى الحلى إنما هو فى حلى الذهب والفضة، واما فى غير حلى الذهب والفضة كاللؤلؤ والمرجان والزبرجد والماس ونحو ذلك من الأحجار فلا زكاة فيه بالاتفاق إلا إذا اتخذت للتجارة ففيها الزكاة والله اعلم (65) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر ثنا زهير حدثنى عبد الرحمن بن زيد عن أبيه أن أنس بن مالك أخبره قال خرجنا- الحديث)) (غريبه) (1) الخربة بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء موضع الخراب جمعه خربات وخرب ككتف وخرائب، قاله فى القاموس، والمراد هنا مكان خرب خال من السكان (2) اللبنة بفتح اللام وكسر الباء واحدة اللبن التى يبنى بها الجدار ((وقوله ليستطيب بها)) كناية عن الاستنجاء، سمى بها من الطيب لأنه يطيب جسده بازالة ما عليه من الخبث بالاستنجاء أى يطهره، يقال منه أطاب واستطاب (نه) (3) التبر هو الذهب والفضة قبل أن يضربا دنانير ودراهم، فاذا ضربا كانا عينًا، وقد يطلق التبر على غيرهما من المعدنيات كالنحاس والحديد والرصاص وأكثر اختصاصه بالذهب، ومنهم من يجعله فى الذهب أصلًا وفى غيره فرعًا ومجازًا (نه) (4) الركاز بكسر الراء وتخفيف الكاف وآخره زاى هو عند أهل الحجاز كموز الجاهلية المدفونة فى الأرض، وعند أهل العراق المعادن، والقولان تحتملهما اللغة لأن كلا منهما مركوز فى الأرض أى ثابت، يقال ركزه يركزه ركزًا إذا دفنه وأركز الرجل

-[تفسير الركاز ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم البئر جبار الخ الحديث]- (66) عن أبي الزُّبير قال سالت جابرًا أقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فى الرِّكاز الخمس؟ فقال نعم (67) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال قضى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فى الرِّكاز الخمس. (68) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، البئر جبارٌ والمعدن جبارٌ،

_ إذا وجد الركاز، والحديث إنما جاء فى التفسير الأول وهو الكنز الجاهلى، وإنما كان فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه، وقد جاء فى مسند الأمام أحمد فى بعض طرق هذا الحديث ((وفى الركائز الخمس)) كأنها جمع ركيزة أو ركازة، والركيزة والركزة القطعة من جواهر الأرض المركوزة فيها، وجمع الركزة ركاز (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار، وفيه عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وفيه كلام وقد وثقه ابن عدي (66) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير- الحديث)) (تخريجه) أخرجه أيضًا البزار وفى اسناده ابن لهيعة ولكن أحاديث الباب تؤيده (67) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الرزاق قال أنا اسرائيل وأبو نعيم ثنا اسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس- الحديث)) ((وفى آخره أن عبد الله بن الأمام أحمد قال)) قال أبي حدثناه أسود حدثنا إسرائيل قال وقضى، وقال أبو نعيم فى حديثه قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الركاز الخمس (تخريجه) رواه أيضًا ابن أبي شيبة فى مصنفه وسنده جيد (68) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي هشيم ثنا منصور وهشام عن ابن سيرين عن أبى هريرة- الحديث)) (غريبه) (1) البئر بهمز ويبدل ((وجبار)) أى هدر، ومعنى ذلك أن يستأجر الرجل من يحفر له البئر فى ملكه فتنهار عليه فانه لا يلزمه ضمان، أو يحفر الرجل بأرض فلاة بئرًا للمارة فيسقط فيها إنسان فيهلك فانه لا يلزمه شئ من ذلك إن لم يكن الحفر عدوانًا، فان كان ففيه خلاف (2) بفتح الميم وكسر الدال مكان يستخرج منه شئ من الجواهر والأجساد المعدنية من الذهب

-[زوائد الباب - وتفسير قوله صلى الله عليه وسلم العجماء جبار الخ]- والعجماء جبارٌ، وفى الرِّكاز الخمس

_ والفضة والنحاس وغير ذلك، من عدن بالمكان إذا أقام به، والمعنى أنه إذا استأجر إنسانًا لاستخراج معدن من الأرض فانهارت عليه فهلك فلا ضمان عليه أيضًا (1) أى البهيمة وهى فى الأصل تأنيث الأعجم، وهو الذى لا يقدر على الكلام، سميت بذلك لأنها لا تتكلم وفى بعض الروايات ((والعجماء جرحها جبار)) أى هدر، والمراد الدابة المرسلة فى رعيها أو المنفلتة من صاحبها إذا جرحت إنسانًا أو أتلفت شيئًا ولم يكن معها قائد ولا سائق وكان نهارًا فلا ضمان على صاحبها، وإن كان معها أحد فهو ضامن، لأن الاتلاف حصل بتقصيره وكذا اذا كان ليلًا، لأن المالك قصر فى ربطها إذ العادة أن تربط الدواب ليلًا وتسرح نهارًا، كذا ذكره الطيبى وابن الملك (2) أى يخرج منه خمسه لله عز وجل، وانما وجب فيه الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) وأخرج نحوه الأمام أحمد أيضًا والبزار والطبرانى فى الاوسط بسند جيد من حديث جابر ابن عبد الله مرفوعًا بلفظ ((السائبة جبار والجب جبار والمعدن جبار وفى الزكار الخمس)) قال الشعبى الركاز الكنز العادى (قلت) ((السائبة)) هى الماشية السائمة التى ترعى بدون راع ((والجب)) بضم الجيم هو البئر التى لم تطو وهو مذكر (وقال الفراء) يذكر ويؤنث، والجمع أجباب وجباب وجببه مثل عنبة (زوائد الباب) (عن زيد بن أرقم) رضى الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا عاملًا على اليمن فأتى بركاز فأخذ منه الخمس ودفع بقيته الى صاحبه، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأعجبه (طب) وفيه راو لم يسم (وعن سرَّاء بنت نبهان الغنوية) رضى الله عنها قالت احتفر الحى فى دار كلاب فأصابوا بها كنزًا عاديًا فقالت كلاب دارنا (وقال الحى) احتفرنا، فنافروهم فى ذلك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقضى به للحى وأخذ منهم الخمس فاشترينا بنصيبنا ذلك مائة من النعم فأتينا به الحى فأراد المصدق أن يصدقنا فأبينا عليه وأتينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال ان كنتم جعلتموها فى غيرها والا فلا شئ عليكم فى هذا العام، وقال ان المصدّق اذا انصرف عن القوم وهو عنهم راض رضى الله عنهم، واذا انصرف وهو عليهم ساخط سخط الله عليهم (طب) وفيه أحمد بن الحارث الغساني وهو ضعيف (وعن أبى هريرة) رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يظهر معدن فى أرض بنى سليم يقال له فرعون وفرعان وذلك بلسان أبى جهم قريب من السوء يخرج اليه شرار الناس أو يحشر اليه شرار الناس (على) ورجاله ثقات (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما قال أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقطعة من ذهب كانت أول صدقة جاءته من

-[بقية زوائد الباب- ومذاهب الأئمة فى زكاة الركاز]- ....

_ معدن لنا فقال انها ستكون معادن، وسيكون فيها شر الخلق (طس طص) ورجاله رجال الصحيح، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمى (وعن ربيعة بن عبد الرحمن) عن غير واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث المزنى معادن القبليَّة وهى من ناحية الفرع فتلك المعادن لا يؤخذ منها إلا الزكاة الى اليوم (لك. د) وقوله القبلية (قال فى النهاية) نسبة إلى قبل بفتح القاف والباء، وهى ناحية من ساحل البحر، بينها وبين المدينة خمسة أيام، وقيل هى من ناحية الفرع وهو موضع بين نخلة والمدينة؛ هذا هو المحفوظ فى الحديث (والفرع) بضم الفاء والراء كما جزم به السهيلى موضع بين نخلة والمدينة يقال انها أول قرية مارت اسماعيل وأمه التمر بمكة. وفيها عينان يقال لهما الربض والتحف يسقيان عشرين ألف نخلة كانت لحمزة ابن عبد الله بن الزبير والربض منابت الأراك فى الرمل اهـ. وهذا الحديث أخرجه أيضًا (طب. ك. هق) بدون قوله من ناحية الفرع الخ وهو مرسل عند جميع الرواة؛ ووصله البزار من طريق عبد العزيز الدراوردى عن ربيعة عن الحارث بن بلال بن الحارث المزنى عن أبيه ((وأبو داود)) من طريق ثور بن يزيد الديلى عن عكرمة عن ابن عباس (قال الشافعى) بعد أن روى هذا الحديث ليس هذا مما يثبته أهل الحديث ولم يكن فيه رواية عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا اقطاعه، وأما الزكاة فى المعادن دون الخمس فليست مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم (قال البيهقى) هو كما قال الشافعى، قال وكذلك أخرجه الحاكم فى المستدرك، وكذا ذكره ابن عبد البر ورواه أبو سبرة المدينى عن مطرّف عن مالك عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبيه عن بلال موصولًا، لكن لم يتابع عليه، ورواه أبو أويس عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده وعن ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس، هكذا قال البيهقى وأخرجه من الوجهين الآخرين أبو داود (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن زكاة الركاز الخمس وأن الواجب فى المعادن ربع العشر كزكاة النقد. وإلى ذلك ذهب الأئمة (مالك والشافعى وأحمد والجمهور) وحملوا الركاز على كنوز الجاهلية المدفونة فى الأرض وقالوا لا خمس فى المعدن بل فيه الزكاة إذا بلغ قدر النصاب، وهو المأثور عن عمر بن عبد العزيز، وصله أبو عبيد فى كتاب الأموال وعلقه البخارى فى صحيحه (وأما الحنفية) فقالوا الركاز يعم المعدن والكنز ففى كل ذلك الخمس. وما ذهب اليه الجمهور من التفرقة بين الركاز والمعدن هو الظاهر. لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال ((المعدن جبار وفى الركاز الخمس)) عطف الركاز على المعدن وفرق بينهما فى الحكم فعلم منه أن المعدن ليس بركاز عند النبي صلى الله عليه وسلم بل هما شيئان مغايران، ولو كان المعدن ركازًا عنده لقال المعدن جبار وفيه الخمس. ولما لم يقل ذلك ظهر أنه غيره، فالعطف يدل على المغايرة (قال الحافظ) والحجة للجمهور التفرقة من النبي

-[إتفاق المذاهب على عدم اشتراط الحول فى الركاز- واختلافهم فى اشتراط النصاب]- (أبواب إخراج الزكاة) (1) باب المبادرة الى اخراجها وتعجيلها قبل حلولها ودعاء الأمام لمعطيها (69) عن عقبة بن الحارث رضى الله عنه قال صلَّيت مع رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم العصر فلمَّا سلَّم قام سريعًا، فدخل على بعض نسائه، ثمَّ خرج ورأى ما فى وجوه القوم من تعاجبهم لسرعته قال ذكرت وأنا فى الصَّلاة تبرًا عندنا فكرهت أن يمسى أو يبيت

_ صلى الله عليه وسلم بين المعدن والركاز بواو العطف فصح انه غيره اهـ. ولأن الركاز فى لغة أهل الحجاز هو ما ذهب اليه الجمهور. ولا شك فى أن النبي صلى الله عليه وسلم حجازى تكلم بلغة أهل الحجاز وأراد به ما يريدون منه (وقال ابن دقيق العيد) من قال من الفقهاء ان فى الركاز الخمس إما مطلقًا أو فى أكثر الصور فهو أقرب إلى الحديث اهـ. وظاهره سواء أكان الواجد مسلمًا أم ذميًا (وإلى ذلك ذهب الجمهور) فيخرج الخمس (وعند الشافعى) لا يؤخذ منه شئ يعنى الذمى (واتفقوا) على أنه لا يشترط فيه الحلول بل يجب إخراج الخمس فى الحال، والى ذلك ذهب العترة (قال الحافظ) وأغرب ابن العربى فى شرح الترمذى فحكى عن الشافعى الاشتراط ولا يعرف ذلك فى شئ من كتبه ولا كتب أصحابه، ومصرف هذا الخمس مصرف خمس الفئ عند مالك وأبى حنيفة والجمهور (وعند الشافعى) مصرف الزكاة (وعن أحمد) روايتان، وظاهر الحديث عدم اعتبار النصاب، وإلى ذلك ذهبت العترة (وقال مالك وأحمد واسحاق) يعتبر لقوله صلى الله عليه وسلم ((ليس فيما دون خمس آواق صدقة)) وتقدم هذا الحديث فى زكاة الذهب والورق، وأجيب أن الظاهر من الصدقة الزكاة فلا تتناول الخمس وفيه نظر، أفاده الحافظ والله أعلم (69) عن عقبة بن الحارث (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا عمر بن سعيد بن أبى حسين، قال أخبرنى عبد الله بن أبى مليكة عن عقبة بن الحارث- الحديث)) (غريبه) (1) لفظ البخارى ((ففزع الناس من سرعته)) أى خافوا، وكانت تلك عادتهم إذا رأو منه غير ما يعهدونه خشية أن ينزل فيهم شئ يسوءهم (2) بكسر التاء وسكون الموحدة الذهب الذى لم يصف ولم يضرب (قال الجوهرى) لا يقال إلا للذهب، وقد قاله بعضهم فى الفضة اهـ. وأطلقه بعضهم على جميع جواهر الأرض قبل أن تصاغ وتضرب

-[حجة القائلين بتعجيل الزكاة قبل حلولها]- عندنا فأمرت بقسمه (70) عن علىٍّ رضى الله عنه أنَّ العبَّاس بن عبد المطَّلب سأل النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم فى تعجيل صدقته قبل أن تحل فرخَّص له فى ذلك (71) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصَّدقة فقيل منع ابن جميلٍ وخالد بن الوليد والعبَّاس عمُّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم فقال النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم ما نقم ابن جميلٍ إلَّا أنَّه كان فقيرًا فأغناه الله، وأما خالدٌ

_ حكاه ابن الأنباري عن الكسائي، كذا أشار اليه ابن دريد (1) أى كره صلى الله عليه وسلم تركه بدون قسمة حتى يدخل عليه الليل (قال ابن بطال) فيه أن الخير ينبغى أن يبادر به، فان الآفات تعرض والموانع تمنع والموت لا يؤمن والتسويف غير محمود، زاد غيره وهو أخلص للذمة وأنفى للحاجة، وأبعد من المطل المذموم وأرضى للرب وأمحى للذنب (تخريجه) (خ. نس) (70) عن على رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سعيد ابن منصور ثنا اسماعيل بن زكريا عن حجاج بن دينار عن الحكم عن حجية بن عدي عن علىّ أن العباس- الحديث)) (غريبه) (2) أى قبل حلول وقتها وهو نهاية الحول ((وقوله فرخص له فى ذلك)) جاء فى بعض الروايات فاذن له فى ذلك (تخريجه) (د. مذ. جه. ك. هق. قط) وفيه اختلاف ذكره الدارقطنى ورجح إرساله، وكذا رجحه أبو داود (وقال الشافعى) لا أدرى أثبت أم لا يعنى هذا الحديث، ويشهد له ما أخرجه البيهقى عن على أن النبى صلى الله عليه وسلم قال كنا احتجنا فأسلفنا العباس صدقة عامين، ورجاله ثقات إلا أن فيه انقطاعًا، ويعضده أيضًا حديث أبى هريرة الآتى (71) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن حفص أنا ورقاء عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة- الحديث)) (غريبه) (3) القائل ذلك عمر رضى الله عنه؛ قاله الحافظ، قال وابن جميل لم أقف على اسمه فى كتب الحديث، لكن وقع فى تعليق القاضى الحسين المروزى الشافعى وتبعه الرويانى أن اسمه عبد الله، وذكر الشيخ سراج الدين بن الملقن أن بعضهم سماه حميدًا، ووقع فى رواية ابن جريج أبو جهم ابن حذيفة بدل ابن جميل، وهو خطأ لأطباق الجميع على ابن جميل، وقول الأكثر أنه كان أنصاريًا، وأما أبو جهم بن حذيفة فهو قرشى فافترقا اهـ (4) أى ما أنكر إعطاء الصدقة إلا

-[ما يستدل به على فضائل خالد بن الوليد والعباس عم النبى صلى الله عليه وسلم]- فإنَّكم تظلمون خالدًا فقد احتبس أدراعه فى سبيل الله، وأمَّا العبَّاس فهو علي

_ لأنه كان فقيرًا فأغناه الله من فضله بما أفاء على رسوله وأباح لأمته من الغنائم ببركته صلى الله عليه وسلم فقد جعل نعمة الله سببًا لكفرها، وهذا مما لا ينبغى أن يكون علة لكفران النعمة ومنع الزكاة، فالمراد به المبالغة فى التنفير من المنع (وفى رواية عند البخارى) فأغناه الله ورسوله (قال الحافظ) إنما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه، لأنه كان سببًا لدخوله فى الاسلام فأصبح غنيًا بعد فقره بما أفاء الله على رسوله، قال وهذا السياق من باب تأكيد المدح بما يشبه الذم، لأنه إذا لم يكن له عذر إلا ما ذكر من أن الله أغناه فلا عذر له، وفيه التعريض بكفران النعم وتقريع بسوء الصنيع فى مقابلة الاحسان اهـ. وقال ابن المهلب كان ابن جميل منافقًا فمنع الزكاة فاستتابه الله تعالى بقوله ((وما نقموا إلا أن أغناهم الله ورسوله من فضله فان يتوبوا يك خيرًا لهم)) فقال استتابنى ربى فتاب وصلح حاله اهـ (1) لفظ مسلم فقد احتبس ادراعه وأعتاده فى سبيل الله ورواية البخارى وأبى داود فقد احتبس (ادراعه وأعتده) والأعتد. والأعتاد جمع عتاد بفتح العين المهملة، وهى آلات الحرب من السلاح والدواب وغيرها؛ ومعنى الحديث أنهم طلبوا من خالد زكاة أعتاده ظنًا منهم أنها للتجارة وأن الزكاة فيها واجبة، فقال لهم لا زكاة لكم علىّ، فقالوا للنبى صلى الله عليه وسلم إن خالدًا منع الزكاة. فقال لهم إنكم تظلمونه لأنه حبسها ووقفها فى سبيل الله قبل الحول عليها فلا زكاة فيها. ويحتمل أن يكون المراد لو وجبت عليه زكاة لأعطاها ولم يشح بها، لأنه قد وقف أمواله لله تعالى متبرعًا فكيف يشح بواجب عليه. واستنبط بعضهم من هذا وجوب زكاة التجارة. وبه قال جمهور العلماء من السلف والخلف خلافًا لداود، وفيه دليل على صحة الوقف وصحة وقف المنقول. وبه قالت الأمة بأسرها إلا أبا حنيفة وبعض الكوفيين، وقال بعضهم هذه الصدقة التى منعها ابن جميل وخالد والعباس لم تكن زكاة إنما كانت صدقة تطوع. حكاه القاضى عياض، قال ويؤيده أن عبد الرزاق روى هذا الحديث وذكر فى روايته أن النبى صلى الله عليه وسلم ندب الناس إلى الصدقة وذكر تمام الحديث. قال ابن القصار من المالكية وهذا التأويل اليق بالقصة فلا يظن بالصحابة منع الواجب. وعلى هذا فعذر خالد واضح لأنه أخرج ماله فى سبيل الله فما بقى له مال يحتمل المواساة بصدقة التطوع ويكون ابن جميل شح بصدقة التطوع فعتب عليه. وقال فى العباس هى علىّ ومثلها معها، أى انه لا يمتنع إذا طلبت منه. هذا كلام ابن القصار (وقال القاضى) لكن ظاهر الأحاديث فى الصحيحين أنها فى الزكاة لقوله بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر على الصدقة وإنما كان يبعث فى الفريضة (قال النووى) الصحيح المشهور أن هذا كان فى الزكاة لا فى صدقة التطوع. وعلى هذا قال أصحابنا وغيرهم

-[إستشارة عمر رضي الله عنه الناس فيما فضل عنده من مال الصدقة]- ومثلها ثمَّ قال أما علمت أنَّ عمَّ الرَّجل صنو أبيه (72) عن علىّ رضى الله عنه قال قال عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه للنَّاس ما ترون فى فضلٍ فضل عندنا من هذا المال فقال النَّاس يا أمير المؤمنين قد شغلناك عن أهلك وضيعتك وتجارتك فهو لك، فقال لى ما تقول أنت فقلت قد أشاروا عليك، فقال لى قل، فقلت لم تجعل يقينك ظنًّا فقال

_ (1) معناه أني تسلفت منه زكاة عامين. وقال الذين لا يجوّزون تعجيل الزكاة معناه أنا أؤديها عنه (قال أبو عبيد وغيره) معناه أن النبى صلى الله عليه وسلم أخرها عن العباس الى وقت يساره من أجل حاجته اليها (قال النووى) والصواب أن معناه تعجلتها منه. وقد جاء فى حديث آخر فى غير مسلم إنا تعجلنا منه صدقة عامين اهـ (قلت) لعله يشير إلى ما أخرجه أبو داود الطيالسى من حديث أبى رافع أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لعمر إنا كنا تعجلنا صدقة مال العباس عام الأول (وأخرج الطبرانى والبزار) من حديث ابن مسعود أنه صلى الله عليه وسلم تسلف من العباس صدقة عامين، وفى إسناده محمد بن ذكوان وهو ضعيف (ورواه البزار) من حديث موسى ابن طلحة عن أبيه نحوه، وفى إسناده الحسن بن عمارة وهو متروك (ورواه الدارقطنى) من حديث ابن عباس وفى اسناده مندل بن على والعزرمى وهما ضعيفان (قال الشوكانى) والصواب أنه مرسل، قال ومما يرجح أن المراد ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم لو أراد أن يتحمل ما عليه لأجل امتناعه لكفاه أن يتحمل مثلها من غير زيادة، وأيضًا الحمل على الامتناع فيه سوء ظن بالعباس اهـ (2) أى مثله أو شقيقه يريد أن أصله صلى الله عليه وسلم وأصل العباس واحد، وأصله أن يقال للنخلتين نبتتا من أصل واحد صنوان ولأحداهما صنو، والمعنى أما علمت أنه عمى وأبى فكيف تتهمه بما ينافى حاله؟ (تخريجه) (ق. د. نس. قط) (72) عن على (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وهب بن جرير ثنا أبى سمعت الأعمش أى يحدث عن عمرو بن مرة عن أبي البخترى عن على- الحديث)) (غريبه) (3) أى مال الصدقة (4) ضيعة الرجل ما يكون منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغير ذلك (5) يعنى عليًا رضى الله عنه (6) يشير إلى أن عمر تيقن أن النبى صلى الله عليه وسلم لم ينشرح صدره إلا بعد تقسيم الدينارين اللذين بقيا عنده من الصدقة وكان ضيّق الصدر بسبب بقائهما كما سيأتى فى آخر الحديث، فكان الأجدر بعمر أن يقتدى بفعل النبى صلى الله عليه وسلم ولم يستشر أحدًا

-[إستحباب إنفاق جميع المال فى سبيل الخير الا ما يسد حاجة صاحبه]- لتخرجنَّ ممَّا قلت فقلت أجل والله لأخرجنَّ منه، أتذكر حين بعثك نبيُّ الله صلى الله عليه وسلم ساعيًا فأتيت العبَّاس بن عبد المطَّلب فمنعك صدقته فكان بينكما شئٌ فقلت لى انطلق معى إلى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فوجدناه خائرًا فرجعنا، ثمَّ غدونا عليه فوجدناه طيِّب النَّفس فأخبرته بالَّذى صنع، فقال لك أما علمت أنَّ عم الرَّجل صنو أبيه، وذكرنا له الَّذى رأيناه من خثوره فى اليوم الأوَّل والَّذى رأيناه من طيب نفسه فى اليوم الثَّانى، فقال إنَّكما أتيتمانى اليوم الأوَّل وقد بقى عندى من الصَّدقة ديناران، فكان الَّذى رأيتما من خثوري له وأتيتمانى اليوم وقد وجَّهتهما غدًا فذاك الَّذى رأيتما من طيب نفسي، فقال عمر رضى الله عنه صدقت، والله لأشكرنَّ لك الأولى والآخرة (73) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والَّذى نفس محمَّدٍ بيده لو أنَّ أحدًا عندى ذهبًا لأحببت أن لا يأتى علىَّ ثلاث ليالٍ وعندى منه دينارٌ أجد من يقبله منِّى ليس شيئًا أرصده فى دينٍ علي

_ (1) يريد تأييد قوله بالدليل، وقوله ((أجل)) أى نعم (2) يعنى من المناقشة وعدم الاتفاق (3) أى ثقيل النفس غير طيب ولا نشيط (4) أى لأجل هذا الأمر، وهو بقاء الدينارين عندى هذا اليوم بدون تصريف (5) أى فى صباح اليوم الى مستحقيهما (6) يريد بالأولى كون علىّ لم يجار القوم فيما أشاروا به على عمر، ومنعه من قبول قولهم (وبالثانية) كون على أتى بدليل قوله وذكّر عمر بما فعله النبى صلى الله عليه وسلم فى الدينارين والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد (73) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ابن همام ثنا معمر عن همام بن منبه، قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث)) (غريبه) معنى هذا الحديث أن الرسول الأعظم صلى الله عليه وسلم يقسم بالله عز وجل لو أنه يملك مثل جبل أحد ذهبًا لأنفقه قبل ثلاث ليال إن وجد من يقبله من المستحقين ولم يبق لنفسه منه إلا ما يعده لسداد دينه إن كان، وفى هذا حث على المبادرة بانفاق المال فى سبل الخير وأعمال البر فضلًا عن تأدية الواجب منه والله أعلم (تخريجه) لم أقف

-[إستحباب دعاء آخذ الصدقة لرب المال- وما جاء فى الصلاة على غير الأنبياء]- (74) عن عمرو بن مرَّة قال سمعت عبد الله بن أبى أوفى رضى الله عنهما وكان من أصحاب الشَّجرة، قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بصدقةٍ قال اللَّهمَّ صلِّ عليهم وإنَّ أبى أتاه بصدقته، فقل اللَّهمَّ صلِّ على آل أبى أوفى (وعنه من طريقٍ ثانٍ) قال سمعت ابن أبى أوفي يقول كان الرَّجل إذا أتى النَّبىَّ صلَّي الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بصدقة ماله صلَّى عليه فأتيته بصدقة مال أبى، فقال اللَّهمَّ صلِّ على آل أبى أوفى

_ عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد، وللأمام أحمد وأبى يعلى نحوه بسند جيد عن ابن عباس (74) عن عمرو بن مرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مرة- الحديث)) (غريبه) (1) أصل الصلاة الدعاء إلا أنه يختلف بحسب المدعو له، فصلاة النبى صلى الله عليه وسلم على أمته دعاء لهم بالمغفرة، وصلاة أمته عليه دعاء له بزيارة القربى والزلفى، ولذلك كان لا يليق بغيره (قال الحافظ) وقد استدل بهذا الحديث على جواز الصلاة على غير الأنبياء وكرهه مالك والجمهور (قال ابن التين) وهذا الحديث يعكر عليه، وقد قال جماعة من العلماء يدعو آخذ الصدقة للمتصدق بهذا الدعاء لهذا الحديث (2) قال الحافظ يريد أبا أوفى نفسه لأن الآل يطلق على ذات الشئ كقوله فى قصة أبى موسى (لقد أوتى مزمارًا من مزامير آل داود) وقيل لا يقال ذلك إلا في حق الرجل الجليل القدر، واسم أبى أوفى علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمى شهد هو وابنه عبد الله بيعة الرضوان تحت الشجرة وعمّر عبد الله إلى أن كان آخر من مات من الصحابة بالكوفة، وذلك سنة سبع وثمانين (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت ابن أبى أوفى- الحديث)) (4) هذه الرواية مصرحة بأن عبد الله بن أبى أوفى هو الذى أتى النبى صلى الله عليه وسلم بصدقة والده، والرواية الأولى مصرحة بأن والده هو الذى أتى النبى صلى الله عليه وسلم بالصدقة ولا تناف بين الروايتين؛ فيحتمل أنهما أتياه معًا فنسب عبد الله الأتيان فى الرواية الولى لوالده؛ وفى الرواية الثانية لنفسه، أو تكون الواقعة تعددت فمرة أتاه عبد الله ومرة أتاه والده، والله أعلم (تخريجه) (ق. د. جه) (زوائد الباب) (عن عائشة رضى الله عنها) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما خالطت الصدقة مالًا قط إلا أهلكته، رواه الأمام الشافعى والبخارى فى تاريخه والحميدى وزاد ((قال يكون قد وجب عليك فى مالك صدقة فلا يخرجها فيهلك الحرام الحلال)) (وعن طلحة بن عبيد الله) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجل

-[زوائد الباب- ومذاهب الأئمة فى تعجيل الزكاة]- .....

_ صدقة العباس بن عبد المطلب سنتين (عل. بز) وفيه الحسن بن عمارة وفيه كلام (وعن عبد الله بن مسعود) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم تعجل من العباس صدقة سنتين (بز. طب. طس) وزاد الطبراني ((ان عم الرجل صنو أبيه)) وفيه محمد بن ذكوان وفيه كلام وقد وثق (وعن أبى رافع) رضى الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب ساعيًا على الصدقة فأتى العباس بن عبد المطلب فأغلظ له العباس، فأتى عمر النبى صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك، فقال له صلى الله عليه وسلم يا عمر أما علمت أن عم الرجل صنو أبيه، إن العباس كان أسلفنا صدقة العام عام أول (طس) وفيه اسماعيل المكى وفيه كلام كثير، وقد وثق (وروى نحوه ابن أبي شيبة فى مصنفه) قال حدثنا أبو بكر قال ثنا حفص بن غياث عن حجاج عن الحكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ساعيًا على الصدقة فأتى العباس يستسلفه فقال له العباس رضى الله عنه انى أسلفت صدقة مالى سنتين فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال صدق عمى (وعن أبى هريرة) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اعطيتم الزكاة فلا تنسوا ثوابها أن تقولوا اللهم اجعلها مغنمًا ولا تجعلها مغرمًا، رواه ابن ماجه وفى بعض رجاله مقال (وعن وائل بن حجر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رجل بعث بناقة حسنة فى الزكاة ((اللهم بارك فيه وفى إبله)) رواه النسائى وسنده جيد (الأحكام) فى أحاديث الباب مشروعية المبادرة باخراج الزكاة؛ لأن ذلك أبرأ للذمة وأبعد من المطل المذموم (وفيها أيضًا) دليل على جواز تعجيل الزكاة قبل الحول ولو لعامين (قال الشوكانى) رحمه الله، وإلى ذلك ذهب (الشافعى وأحمد وأبو حنيفة) وبه قال الهادى والقاسم، قال المؤيد بالله وهو أفضل (وقال مالك وربيعة وسفيان الثورى وداود) وأبو عبيد بن الحارث، ومن أهل البيت الناصر إنه لا يجزئ حتى يحول الحول (واستدلوا) بالأحاديث التى فيها تعلق الوجوب بالحول وقد تقدمت، وتسليم ذلك لا يضر من قال بصحة التعجيل، لأن الوجوب متعلق بالحول فلا نزاع؛ وإنما النزاع فى الأجزاء قبله اهـ (قلت) وممن ذهب الى جواز التعجيل عطاء وسعيد بن جبير والحسن والضحاك، وقال حفص بن سليمان سألت الحسن عن رجل أخرج زكاة ثلاث سنين يجزيه قال يجزيه (وعن الزهرى) أنه كان لا يرى بأسًا أن يعجل الرجل زكاته قبل الحول، روى ذلك ابن أبي شيبة فى مصنفه (وفيها أيضًا دليل) على أنه يستحب الدعاء عند أخذ الزكاة لمعطيها وأوجبه بعض أهل الظاهر، وحكاه الحناطى وجهًا لبعض الشافعية، وأجيب بأنه لو كان واجبًا لعلمه النبى صلى الله عليه وسلم السعاة، ولأن سائر ما يأخذه الأمام من الكفارات والديون وغيرها لا يجب عليه فيه الدعاء فكذلك الزكاة، وأما الآية الكريمة وهى قوله عز وجل {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك

-[إذا حسنت نية المتصدق قبلت صدقته وان لم تصادف محلها]- (2) باب من دفع صدقته الى من ظنه من أهلها فبان غير ذلك (75) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رجلٌ لأتصدَّقنَّ اللَّيلة صدقةً، فأخرج صدقته فوضعها فى يد زانيةٍ فأصبحوا يتحدَّثون تصدَّق الليلة على زانيةٍ، وقال لأتصدَّقنَّ اللَّيلة بصدقةٍ فأخرج صدقته فوضعها فى يد سارقٍ، فأصبحوا يتحدَّثون تصدَّق الليلة على سارقٍ ثمَّ قال لأتصدَّقنَّ اللَّيلة بصدقةٍ، فأخرج الصَّدقة فوضعها فى يد غنىٍّ فأصبحوا يتحدَّثون تصدَّق الليلة على غنىٍّ فقال الحمد لله على سارقٍ وعلى زانيةٍ وعلى غنىٍّ، قال فأتى فقيل له أما صدقتك فقد تقبِّلت، أمَّا الزَّانية فلعلَّها

_ سكن لهم} فيحتمل أن يكون الوجوب خاصًا به صلى الله عليه وسلم لكون صلاته سكنًا لهم بخلاف غيره، والله أعلم. (75) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن حفص أنا ورقاء عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة- الحديث)) (غريبه) (1) جاء فى رواية أخرى عند الأمام أحمد من طريق ابن لهيعة عن الأعرج فى هذا الحديث أنه كان من بنى اسرائيل (2) أى وهو لا يعلم أنه سارق فأصبح الناس يتحدثون بقولهم (تصدق) ((بضم أوله على البناء للمجهول)) الليلة على زانية، زاد البخارى فقال ((اللهم لك الحمد على زانية لأتصدقن الليلة)) الخ (3) زاد البخارى أيضًا فقال ((اللهم لك الحمد لأتصدقن بصدقة)) الخ (4) فقال الحمد لله الخ. يعنى لك الحمد على كل حال، فان صدقتى وقعت بيد من لا يستحقها فلك الحمد، حيث كان ذلك بارادتك أى لا بارادتى، فان إرادة الله كلها جميلة، والمعنى أن الرجل فوّض وسلّم ورضى بقضاء الله فحمد الله على تلك الحال، لأنه المحمود على كل حال ولا يحمد على المكروه سواه، وقد ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ما لا يعجبه قال ((اللهم لك الحمد على كل حال)) ذكره الحافظ (5) فى رواية الطبراني فساءه ذلك فأنى فى منامه، وكذلك أخرجه أبو نعيم والأسماعيلى وفيه تعيين أحد الاحتمالات التى ذكرها ابن التين وغيره (قال الكرمانى) قوله أنى أى أرى فى المنام أو سمع هاتفًا ملكًا أو غيره، أو أخبره نبى أو أفتاه عالم (وقال غيره) أو أتاه ملك فكلمه، فقد كانت الملائكة

-[من أدّى الزكاة الى المصدق برئت ذمته منها]- يعني أن تستعفَّ به؛ وأمَّا السَّارق فلعلَّه أن يستغنى به، وأمَّا الغنيُّ فلعلَّه أن يعتبر فينفق ممّا آتاه الله (3) باب براءة المال (بدفع الزكاة الى المصدق وان أساء التصرف فيها) (76) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّه قال أتى رجلٌ من بنى تميمٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال حسبي يا رسول الله إذا أدَّيت الزَّكاة إلى رسولك فقد برئت منها إلى الله ورسوله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم، إذا أدَّيتها إلى رسولى فقد برئت منها، فلك أجرها وإثمها على من بدَّلها

_ تكلم بعضهم فى بعض الأمور، وقد زهر بالنقل الصحيح أنها كلها لم تقع إلا النقل الأول أفاده الحافظ (تخريجه) (ق. وغيرهم) (الأحكام) قال الحافظ فى الحديث دلالة على أن الصدقة كانت مختصة عندهم بأهل الحاجة من أهل الخير، ولهذا تعجبوا من الصدقة على الأصناف الثلاثة (وفيه) أن نية المتصدق إذا كانت صالحة قبلت صدقته ولو لم تقع الموقع (واختلف الفقهاء) فى الأجزاء إذا كان ذلك فى زكاة الفرض ولا دلالة فى الحديث على الأجزاء ولا على المنع، ومن ثم أورد المصنف (يعنى البخارى) الترجمة بلفظ الاستفهام ((فقال باب إذا تصدق على غنى وهو لا يعلم)) ولم يجزم بالحكم (فان قيل) إن الخبر إنما تضمن قصة خاصة وقع الاطلاع فيها على قبول الصدقة برؤيا صادقة اتفاقية، فمن أين يقع تعميم الحكم (فالجواب) أن التنصيص فى هذا الخبر على رجاء الاستعفاف هو الدال على تعدية الحكم فيقتضى ارتباط القبول بهذه الأسباب (وفيه) فضل صدقة السر وفضل الأخلاص واستحباب إعادة الصدقة إذا لم تقع الموقع، وأن الحكم للظاهر حتى يتبين سواه، وبركة التسليم والرضا وذم التضجر بالقضاء كما قال بعض السلف لا تقطع الخدمة ولو ظهر لك عدم القبول اهـ (76) (عن أنس بن مالك) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه فى أول كتاب الزكاة فى باب ما ورد فى فضلها رقم 8 صحيفة 187 فى الجزء الثامن، وقد ذكرت هذا الطرف منه لمناسبة الترجمة، وهو حديث صحيح أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح اهـ. قال صاحب المنتقى احتج بعمومه من يرى

-[الأمر بدفع الزكاة الى الامام وان كان جائرًا]- (77) عن عبد الله (بن مسعودٍ) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّه سيكون عليكم أمراء وترون أثرةً قال قالوا يا رسول الله فما يصنع من أدرك ذاك منَّا؟ قال أدُّوا الحقَّ الَّذى عليكم وسلوا الله الَّذى لكم، قال عبد الله سمعت أبى قال سمعت يحيى قال سمعت سليمان قال سمعت زيد بن وهبٍ قال سمعت عبد الله قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّكم سترون بعدى أثرةً وأمورًا تنكرونها قال قلنا ما تأمرنا؟ قال أدُّوا إليهم حقَّهم وسلوا الله حقكم

_ المعجلة إلى الإمام إذا هلكت عنده من ضمان الفقراء دون الملاك اهـ (77) عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله- الحديث)) (غريبه) (1) بفتح الهمزة والثاء المثلثة هى اسم لاستئثار الرجل على أصحابه كتقريب من يستحق الاقصاء، واقصاء من يستحق التقريب واحترام ذوى الجاه الأغنياء، وإن كانوا أغبياء واحتقار الفقراء وإن كانوا من أفاضل العلماء ونحو ذلك (1) يعنى ابن الأمام أحمد رحمهما الله يقول إنه سمع هذا الحديث من أبيه من طريق آخر غير الطريق الأول (3) كتأخيرهم الصلاة عن وقتها وضرب الضرائب والمكوس وظلم العباد والعمل للدنيا وإهمال أمور الآخرة ونحو ذلك مما يطول ذكره، نسأل الله السلامة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (زوائد الباب) (عن وائل بن حجر) رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل يسأله، فقال أرأيت إن كان علينا أمراء يمنعونا حقنا ويسألونا حقهم، فقال اسمعوا وأطيعوا فأنما عليهم ما حملوا وعليكم ما حملتم، رواه مسلم والترمذى وصححه (وعن جابر ابن عتيك) مرفوعًا عند أبى داود بلفظ ((سيأتيكم ركب مبغضون فاذا أتوكم فرحبوا بهم وخلّوا بينهم وبين ما يبتغون، فان عدلوا فلأنفسهم وإن ظلموا فعليها وأرضوهم فان تمام زكاتكم رضاهم)) (وعن سعد بن أبي وقاص) عند الطبرانى فى الأوسط مرفوعًا ((ادفعوا اليهم ما صلوا الخمس)) (وعن ابن عمر) وسعد بن أبى وقاص وأبى هريرة وأبي سعيد عند سعيد بن منصور وابن أبي شيبة: أن رجلًا سألهم عن الدفع إلى السلطان فقالوا ادفعها الى السلطان (وفى رواية) أنه قال لهم هذا السلطان يفعل ما ترون فأدفع اليه زكاتى؟ قالوا نعم، ورواه البيهقى عنهم وعن غيرهم أيضًا (وروى ابن أبي شيبة) من طريق قزعة قال قلت لابن عمر ان لى مالًا فالى من ادفع زكاته؟ قال ادفعها إلى هؤلاء القوم يعني الأمراء

-[مذاهب الأئمة في حكم دفع الزكاة الى أئمة الجور]- (4) باب الرفق برب المال وأمر المصدق بالذهاب اليه وعدم التعدى عليه (78) عن عبد الله بن عمرو (بن العاص) رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تؤخذ صدقات المسلمين على مياههم

_ قلت إذًا يتخذون بها ثيابًا وطيبًا قال وان (وفى رواية) أنه قال ادفعوا صدقة أموالكم إلى من ولّاه الله أمركم فمن برّ فلنفسه ومن أثم فعليها (وعند البيهقى) عن أبى بكر الصديق والمغيرة بن شعبة وعائشة (وأخرج البيهقى أيضًا) عن ابن عمر باسناد صحيح أنه قال ادفعوها اليهم وإن شربوا الخمور (وأخرج أيضًا) من حديث أبى هريرة إذا أتاك المصدق فأعطه صدقتك، فان اعتدى عليك فولّه ظهرك ولا تلعنه وقل اللهم انى أحتسب عندك ما أخذ منى (الأحكام) حديثا الباب مع الزوائد تدل على جواز دفع الزكاة إلى سلاطين الجور وإجزائها وبراءة رب المال بالدفع إلى السلطان، وإلى ذلك ذهب الجمهور (قال الشوكانى) وحكى المهدى فى البحر عن العترة وأحد قولى الشافعى أنه لا يجوز دفع الزكاة إلى الظلمة ولا يجزئ، واستدلوا بقوله تعالى {لا ينال عهدى الظالمين} ويجاب أن هذه الآية على تسليم صحة الاستدلال بها على محل النزاع عمومها مخصَّص بالأحاديث المذكورة فى الباب، وقد زعم بعض المتأخرين أن الأدلة المذكورة لا تدل على مطلوب المجوزين لأنها فى المصدّق والنزاع فى الوالى وهو غفلة عن حديث بن مسعود (أى المذكور فى الزوائد) وحديث وائل ابن حجر (أى المذكور فى الزوائد أيضًا) وقد حكى فى التقرير عن أحمد بن عيسى والباقر مثل قول الجمهور؛ وكذلك عن المنصور وأبى مضر، وقد استدل للمانعين أيضًا بما رواه ابن أبي شيبة عن خثيمة قال سألت ابن عمر عن الزكاة، فقال ادفعها اليهم، ثم سألته بعد ذلك فقال لا تدفعها إليهم فانهم قد أضاعوا الصلاة، وهذا مع كونه قول صحابى ولا حجة فيه ضعيف الأسناد، لأنه من رواية جابر الجعفى (ومن جملة ما احتج به صاحب البحر) للقائلين بالجواز لأنها لم تزل تؤخذ كذلك ولا تعاد، وبأن عليًا لم يئن على من أعطى الخوارج وأجاب عن الأول بأنه ليس بأجماع، وعن الثانى بأن ذلك كان لعذر أو مصلحة إذ لا تصريح بالأجزاء ولا يخفى ضعف هذا الجواب، والحق ما ذهب اليه الجمهور من الجواز والأجزاء انتهى، والله أعلم (78) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد عن عبد الله بن المبارك ثنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو- الحديث)) (غريبه) (1) يعنى أن المصدق وهو الساهى لتحصيل الزكاة

-[إستحباب ذهاب الساعي الى محل أرباب الأموال لأخذ زكاتهم]- (79) وعنه أيضًا عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال لا جلب ولا جنب، ولا تؤخذ صدقاتهم إلا فى ديارهم (80) عن أنِّ سلمة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيتى فجاء رجلٌ فقال يا رسول الله ما صدقة كذا وكذا؟ قال كذا وكذا؛ قال فإنَّ فلانًا تعدَّى علىَّ، قال فنظروه فوجدوه قد تعدَّى عليه بصاعٍ فقال النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فكيف بكم إذا سعى من يتعدَّى

_ مكلف بالذهاب الى مكان رب المال لأخذ الصدقة منه، لأن ذلك أيسر لأرباب الأموال وأسهل لهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد، وأخرج نحوه الطبرانى فى الأوسط من حديث عائشة وسنده حسن (79) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا محمد بن اسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو- الحديث)) (غريبه) (1) بفتح الجيم واللام (ولا جنب) بفتح الجيم والنون، قال ابن اسحاق معنى لا جلب أن تصدق الماشية فى موضعها ولا تجلب إلى المصدق ومعنى (لا جنب) أن يكون المصدق بأقصى مواضع أصحاب الصدقة فتجنب اليه فنهوا عن ذلك، وفسر مالك الجلب بأن تجلب الفرس فى السباق فيحرك وراءه الشئ يستحثه به فيسبق (والجنب) أن يجنب مع الفرس الذى سابق به فرسًا آخر حتى إذا دنا تحول الراكب عن الفرس المجنوب فسبق (قال ابن الأثير) له تفسيران فذكرهما، وتبعه المنذرى فى حاشيته (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذرى والحافظ فى التلخيص، وفى إسناده محمد بن اسحاق وقد عنعن، ورواه الأمام أحمد من حديث عمران بن حصين وأبى داود والنسائى والترمذى وابن حبان وصححاه بمثل حديث الباب، وسيأتي فى موضع أخر، وحديث الباب هذا طرف من حديث طويل سيأتى بتمامه فى باب خطب النبى صلى الله عليه وسلم من كتاب الخطب (80) عن أم سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زكريا بن عدى قال أنا عبد الله بن عمرو عن زيد بن أبى أنيسة عن القاسم بن عوف الشيبانى عن على بن حسين قال حدثتنا أم سلمة قالت كان رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم- الحديث)) (غريبه) (2) يريد أن الساعى أخذ منه صاعًا فى الصدقة زيادة عن

-[الأمر بإرضاء المصدق وإن تعدى فوزره على نفسه]- عليكم أشدَّ من هذا التَّعدِّى (فصل منه فى ارضاء المصدق) (81) عن عبد الرحمن بن هلال العبسىِّ عن جرير بن عبد الله رضى الله عنه قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسٌ من الأعراب، فقالوا يا نبيَّ الله يأتينا ناسٌ من مصدقيك يظلمونا، قال أرضوا مصدِّقكم قالوا وإن ظلم؟ قال أرضوا مصدِّقكم، قال جريرٌ فما صدر عنِّى مصدِّقٌ منذ سمعتها من نبيِّ الله صلى الله عليه وسلم إلا وهو عنِّي راضٍ، قال وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من يحرم الرِّفق يحرم الخير (82) عن جرير بن عبد الله رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصدر المصدِّق وهو عنكم راضٍ (وفى لفظٍ) ليصدر المصدق من عندكم وهو راضٍ

_ استحقاقه (1) ليس فى هذا تقرير من النبى صلى الله عليه وسلم للساعى على ظلمه، وإنما يشير صلى الله عليه وسلم إلى ما سيكون بعد عصره صلى الله عليه وسلم وعصر الخلفاء الراشدين من ظلم الأمراء وتعدى السعاة بأكثر من ذلك؟ وربما ثبت عنده صلى الله عليه وسلم أن ساعيه لم يقصد التعدى بل ربما غلط فى الكيل أو نحو ذلك، لأن الصاع شئ قليل لا يستحق التعدى ولا يطمع فى مثله، والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد (81) عن عبد الرحمن بن هلال (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن محمد بن أبي اسماعيل ثنا عبد الرحمن بن هلال العبسى- الحديث)) (غريبه) (1) معناه أرضوه ببذل الواجب وملاطفته، وهذا محمول على ظلم لا يفسق به الساعى إذ لو فسق لانعزل ولم يجب الدفع اليه بل لا يجزئ (2) أى ما رجع عنى (3) يشير صلى الله عليه وسلم إلى رفق المصدق برب المال (تخريجه) (م. د. نس) (82) عن جرير بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد ابن هارون أنا داود عن عامر عن جرير بن عبد الله- الحديث)) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد من حديث جرير بهذا اللفظ، وروى نحوه الطبرانى فى الأوسط من حديث أبى هريرة رضى الله عنه بلفظ ((لا يصدر المصدق إلا وهو عنكم راض)) ورجاله ثقات

-[زوائد الباب- وإرضاء المصدق وعدم كتم شئ من الأموال عنه]- (5) باب كراهة تيمم الخبيث ودفعه فى الصدقة وفضل الصدقة بالطبيب (83) عن كثير بن مرَّة الحضرمىِّ عن عوف بن مالكٍ الأشجعىِّ قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه العصا وفى المسجد أقناءٌ معلَّقةٌ فيها فنوٌ فيه حشفٌ

_ (زوائد الباب) (عن بشيربن الخصاصية) رضى الله عنه قال قلنا يا رسول الله إن قومًا من أصحاب الصدقة يعتدون علينا أفنكتم من أموالنا بقدر ما يعتدون علينا؟ فقال لا (د. عب) وسكت عنه أبو داود والمنذرى (وعن هنيد مولى المغيرة بن شعبة) وكان على أمواله بالطائف، قال قال المغيرة بن شعبة كيف تصنع فى صدقة أموالى؟ قال منها ما أدفعه إلى السلطان ومها ما أتصدق بها، فقال مالك وما لذلك؟ قال إنهم يشترون بها البزوز ويتزوجون بها النساء ويشترون بها الأرضين، قال فادفعها اليهم فان النبى صلى الله عليه وسلم أمرنا أن ندفعها اليهم وعليهم حسابهم (هق) (وعن نافع عن ابن عمر) قال ادفعوا صدقات أموالكم إلى من ولّاه الله أمركم فمن برَّ فلنفسه، ومن أثم فعليها (هق) (وعن عائشة رضى الله عنها) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تؤخذ صدقات أهل البادية على مياههم وبأفنيتهم، أورده الهيثمى، وقال رواه الطبرانى فى الاوسط وإسناده حسن (قلت) ورواه أيضًا البيهقى (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية ذهاب المصدّق إلى محل أرباب الأموال وأخذ صدقاتهم، لأن ذلك أرفق بحالهم ولا يجوز تكليفهم بالذهاب إلى المصدق لما فى ذلك من المشقة (وفيها أيضًا) دليل على إرضاء المصدق باعطائه الواجب من غير مطل، ولا غش ولا خيانة ولا كتم شئ من الأموال وإن كان ظالمًا فوزره على نفسه، قال ابن الملك وإنما لم يرخص فى ذلك لأن كتمان بعض المال خيانة ومكر، ولأنه لو رخص لربما كتم بعضهم على عامل غير ظالم، وقال ابن رسلان لعل المراد بالمنع من الكتم ان ما أخذه الساعى ظلمًا يكون فى ذمته لرب المال، فان قدر المالك على استرجاعه منه وإلا استقر فى ذمته اهـ. وفيها غير ذلك، والله أعلم (83) عن كثير بن مرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الحميد ابن جعفر عن صالح بن أبى غريب عن كثير بن مرة الحضرمى- الحديث)) (غريبه) (1) جمع قنو بكسر القاف أو ضمها وسكون النون، هو العذق بما فيه من الرطب (2) الحشف بفتح الحاء والشين المعجمة هو اليابس الردئ من التمر، وكان الناس يعلقون الأقناء فى المسجد زمن الجداد ليأكل منه المحتاجون، فقد روى ابن ماجه بسند صحيح عن البراء بن عازب رضى الله عنه فى قوله تعالى {ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه

-[كراهة تعمد الخبيث ودفعه فى الصدقة- وما جاء فى خراب المدينة]- فغمز القنو بالعصا الَّتى فى يده قال لو شاء ربُّ هذه الصَّدقة تصدَّق بأطيب منها، إنَّ ربَّ هذه الصَّدقة ليأكل الحشفة يوم القيامة قال ثم أقبل علينا، فقال أما والله يا أهل المدينة لتدعنَّها أربعين عامًا للعوافي قال

_ تنفقون} قال نزلت فى الأنصار، كانت الأنصار تخرج إذا كان جداد النخل من حيطانها أقناء البسر فيعلقونه على حبل بين اسطوانتين فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأكل منه فقراء المهاجرين، فيعمد أحدهم فيدخل قنوًا فيه الحشف يظن انه جائز فى كثرة ما يوضع من الأقناء، فنزل فيمن فعل ذلك {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} يقول لا تعمدوا للحشف منه تنفقون {ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} يقول لو أهدى لكم ما قبلتموه إلا على استحياء من صاحبه غيظًا أنه بعث اليكم ما لم يكن لكم فيه حاجة {واعلموا أن الله غنى} عن صدقاتكم (1) لفظ ابن ماجه ((فجعل يطعن يدقدق فى ذلك القنو)) أى يضربه بالعصا يشير إلى حقارة ذلك القنو، وأن صاحبه لم يؤد ما طلب منه على الوجه الأكمل (2) يعنى يجازى على فعله السيئ، وأطلق الأكل على الجزاء مشاكلة، ويحتمل أن يكون جزاؤه أكل الحشف حقيقة بأن يخلق الله له شهوة أكله جراء صنعه (3) الظاهر والله أعلم أن ذلك فى آخر الزمان عند خراب المدينه كما فى رواية عند الأمام أحمد عن أبى هريرة، وستأتى فى أبواب فضائل المدينة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدعن أهل المدينة المدينة وهى خير ما يكون مرطبة مونعة، فقيل من يأكلها؟ قال الطير والسباع (وروى مسلم عن أبى هريرة أيضًا) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تتركون المدينة على خير ما كانت لا يغشاها إلا العوافى يعنى السباع والطير ثم يخرج راعيان من مزينة يريدان المدينة ينعقان بغنمهما فيجدانها وحشًا ((أى خلاء لا ساكن بها)) حتى إذا بلغا ثنية الوداع خرَّا على وجوههما، وفى رواية عن حذيفة رضى الله عنه قال أخبرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى قيام الساعة، فما منه شئ إلا وقد سألته عنه إلا أنى لم أسأله عما يخرج أهل المدينة من المدينة، زاد فى رواية لابن أبي شيبة عن أبى هريرة مرفوعًا يخرجهم أمراء السوء (وفى رواية أخرى) يخرج أهل المدينة من المدينة ثم يعودون اليها فيعمرونها حتى تملأ ثم يخرجون منها فلا يعودون اليها أبدًا، قيل فمن يأكل رطبها وبسرها؟ قال الطير والسباع ((وقد فسر بعض العلماء)) هذه الأحاديث بما وقع لأهل المدينة فى خلافة يزيد بن معاوية (قال الأمام القرطبى فى التذكرة) وقد وقع ما أخبر به النبى صلى الله عليه وسلم من خراب المدينة لما ارتحل أهلها منها وتحولت الخلافة الى الشام، وكانت معقل الخلافة، فوجه يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة فى جيش عظيم من أهل الشام، فنزل

-[كلام العلماء فى خراب المدينة مرتين]- فقلت الله أعلم قال يعنى الطير والسِّباع قال وكنَّا نقول إنَّ هذا الَّذى تسمِّيه العجم هى الكراكىُّ (84) عن قتادة قال سمعت أبا المليح يحدِّث عن أبيه أنَّه سمع النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فى بيت يقول إنَّ الله عزَّ وجلَّ لا يقبل صلاةً بغير طهورٍ ولا صدقةً من غلولٍ (85) وعن ابن عمر رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلَّى الله عليه وسلَّم نحوه

_ بالمدينة وقاتل أهلها حتى هزمهم وقتلهم بحرّة المدينة قتلًا ذريعًا، واستباح المدينة ثلاثة أيام فسميت وقعت الحرّة، قال وذكر أهل الأخبار أنها خلت من أهلها وبقيت ثمارها للطير والسباع كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم تراجع الناس اليها؛ وفى حال خلائها عدت الكلاب على سوارى المسجد اهـ (وحمله آخرون) على خراب المدينة آخر الزمان مستدلين بحديث أبى هريرة عند ابن أبي شيبة وفيه ثم يخرجون منها فلا يعودون اليها أبدًا (قلت) ويمكن الجمع بخراب المدينة مرتين، المرة الأولى وقعت فى خلافة يزيد، والثانية ستكون فى آخر الزمان كما يستفاد ذلك من حديث أبى هريرة المتقدم بلفظ ((يخرج أهل المدينة من المدينة، ثم يعودون اليها فيعمرونها حتى تملأ، ثم يخرجون منها فلا يعودون اليها أبدًا)) فالخروج الأول فى زمن يزيد، والثانى فى آخر الزمان والله أعلم، ويستفاد من قوله أربعين عامًا أن نخل المدينة يبقى أربعين عامًا بعد خرابها يثمر كل عام فلا يوجد من يأكل ثمره إلا الطير والسباع، والظاهر أن هذا لا يكون إلا فى آخر الزمان والله أعلم (1) معنى هذا أن الراوى يتردد فى سماع تفسير العوافى بالطير والسباع ممن هو أعلى منه ((والكراكىّ)) جمع كركىّ طائر معروف له خواص، ذكره فى القاموس (تخريجه) (د. نس. جه) وسنده جيد (84) عن قتادة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج حدثنى شعبة عن قتادة- الحديث)) (غريبه) (2) بضم الغين المعجمة الخيانة وأصله السرقة من الغنائم قبل القسمة، قاله النووى (تخريجه) (الأربعة. وغيرهم) وسكت عنه أبو داود والمنذرى (85) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن شعبة حدثنى سماك بن حرب عن مصعب بن سعد أن ناسًا دخلوا على ابن عامر فى مرضه فجعلوا يثنون عليه، فقال ابن عمر أما أنى لست بأغشهم لك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله تبارك وتعالى لا يقبل صدقة من غلول ولا صلاة بغير طهور (تخريجه) (م

-[فضل الصدقة من كسب حلال- وان الله يضاعفها لصاحبها]- (86) عنَّ أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ العبد إذا تصدَّق من طيِّبٍ تقبَّلها الله منه وأخذها بيمينه وربَّاها كما يربِّى أحدكم مهره أو فصيله، وإنَّ الرَّجل ليتصدَّق باللُّقمة فتربوا فى يد الله، أو قال فى كفِّ الله حتَّى تكون مثل الجبل فتصدَّقوا (وعنه من طريقٍ ثانٍ) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من عبدٍ مؤمنٍ تصدَّق بصدقةٍ من طيِّبٍ ولا يقبل الله إلا طيِّبًا ولا يصعد السَّماء إلَّا طيِّبٌ إلَّا وهو يضعها فى يد الرحمن أو فى كف الرَّحمن فيربِّيها له كما يربِّى أحدكم فلوَّه أو فصيله حتَّى إنَّ التَّمرة لتكون مثل الجبل العظيم (87) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصدَّق بعدل تمرةٍ من كسبٍ طيِّبٍ ولا يصعد إلى الله إلَّا الطَّيِّب فإنَّ الله يقبلها بيمينه ثمَّ يربِّيها لصاحبها كما يربِّى أحدكم فلوَّه حتَّى تكون مثل الجبل

_ (والأربعة. وغيرهم) (86) عن أبى هريرة رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن أيوب عن القاسم بن محمد عن أبى هريرة- الحديث)) (غريبه) (1) أى من كسب حلال، وتقدم شرح هذا الحديث بطريقيه فى شرح حديثين آخرين لأبى هريرة أيضًا ذكرًا فى أول كتاب الزكاة فى باب ما ورد فى فضلها من الجزء الثامن فارجع اليه (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة ثنا بكر بن مضر عن ابن عجلان أن سعيد بن يسار أبا الحباب أخبره عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث)) (تخريجه) (ق. وغيرهما) (87) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر وحسن بن موسى قالا ثنا ورقاء عن عبد الله بن دينار عن سعيد بن يسار عن أبى هريرة- الحديث)) (غريبه) (3) بكسر العين المهملة وفتحها بمعنى المثل، وقيل هو بالفتح ما عادله من جنسه، وبالكسر ما ليس من جنسه، وقيل بالعكس (نه) (تخريجه) (ق. وغيرهما) (زوائد الباب) (عن أبى أمامة) بن سهل عن

-[تفسير قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا انفقوا من طيبات ما كسبتم- الآية) وسبب نزولها]- .....

_ أبيه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجعرور ولون الحبيق أن يؤخذ فى الصدقة (قال الزهرى) لونين من تمر المدينة، رواه أبو داود (والجعرور) بضم الجيم وسكون العين المهملة بوزن عصفور نوع ردئ من التمر لا خير فيه (ولون الحبيق) بضم الحاء المهملة وفتح الموحدة تمر صغير ردئ أغبر فيه طول منسوب الى ابن حبيق اسم رجل (ورواه أيضًا الحاكم والدارقطنى) بأتم من هذا عن سهل قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة فجاء رجل من هذا السُّخُّل بكبائس، قال سفيان يعنى الشيص، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جاء بهذا؟ وكان لا يجئ أحد بشئ الا نسب الى الذى جاء به، فنزلت {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون} قال ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجعرور ولون الحبيق أن يؤخذا فى الصدقة (قال الزهرى) لونين من تمر المدينة (والسُّخّل) بضم السين المهملة وتشديد الخاء المعجمة المفتوحة الشيص كما ذكره سفيان (والكبائس) جمع كباسة بكسر الكاف العذق وهو من التمر كالعنقود من العنب (الأحكام) دلت أحاديث الباب على أنه لا يجوز لرب المال أن يقصد الردئ من أمواله ويدفعه فى الزكاة، وأقوى دليل على ذلك قوله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه، واعلموا أن الله غنى حميد} وتفسير ذلك أن الله عز وجل يأمر عباده المؤمنين بالنفاق، والمراد به ههنا الصدقة من طيبات ما رزقهم من الأموال التى اكتسبوها، قاله بن عباس؛ وقال مجاهد يعنى التجارة بتيسيره إياها لهم، وقال على والسدى {من طيبات ما كسبتم} يعنى الذهب والفضة ومن الثمار والزرع التى أنبتها لهم من الأرض (قال ابن عباس) رضى الله عنهما أمرهم بالأنفاق من أطيب المال وأجوده وأنفسه، ونهاهم عن التصدق برذالة المال ودنيئه وهو خبيثه، فان الله تعالى طيب لا يقبل الا طيبًا ولهذا قال {ولا تيمموا الخبيث} أى تقصدوا الخبيث {منه تنفقون ولستم بآخذيه} أى لو أعطيتموه ما أخذتموه إلا أن تتغاضوا فيه، فالله أغنى عنه منكم فلا تجعلوا لله ما تكرهون (وسبب نزول هذه الآية) على ما رواه ابن أبى حاتم بسنده عن البراء بن عازب رضى الله عنه قال نزلت فينا، كنا أصحاب نخل فكان الرجل يأتي من نخله بقدر كثرته وقلته فيأتى الرجل بالقنو فيعلقه فى المسجد وكان أهل الصفة ليس لهم طعام، فكان أحدهم إذا جاع جاء فضرب بعصاه فسقط منه البسر والتمر فيأكل، وكان أناس ممن لا يرغبون فى الخير يأتي بالقنو والحشف والشيص فيأتى بالقنو قد انكسر فيعلقه فنزلت {ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه} قال لو أن أحدكم أهدى له مثل ما أعطى ما أخذه إلا على إغماض وحياء، فكنا بعد ذلك يجئ الرجل منا بصالح ما عنده {واعلموا

-[أدلة القائلين بوجوب تفرقة الزكاة فى بلدها]- .....

_ أن الله غني حميد} أى وإن امركم بالصدقات وبالطيب منها فهو غنى عنها، وما ذاك إلا أن يساوى الغنى الفقير كقوله تعالى {لم ينال الله لحومها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم} وهو غنى عن جميع خلقه، وجميع خلقه فقراء اليه وهو واسع الفضل لا ينفد ما لديه، فمن تصدق بصدقة من كسب طيب فليعلم أن الله غنى واسع العطاء كريم جواد وسيجزيه بها ويضاعفها له أضعافًا كثيرة وهو (الحميد) أى المحمود فى جميع أفعاله وأقواله وشرعه وقدره لا إله غيره ولا رب سواه (وفى حديث أمامة بن سهل) المذكور فى الزوائد دلالة على أنه لا يجوز لرب المال أن يدفع زكاة التمر الردئ بدلًا من الجيد الذى وجبت فيه الزكاة وهو نص فى التمر، وتقدم النهى عن أخذ الردئ فى كل الأموال فى زوائد باب اجتناب كرائم أموال الناس فى الزكاة وما يجزى من النعم صحيفة 232 فى الجزء الثامن، والذى ينبغى لرب المال أن يعطى الصدقة سواء أكانت واجبة أن تطوعًا من أفضل ماله كسبًا ونوعًا، فان ذلك أقرب إلى القبول وأجدر بالثواب العظيم قال تعالى {وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرًا وأعظم أجرًا} فان أعطى من أوساط ماله فلا بأس بذلك، أما من دنيئه فلا والله أعلم (تتمة فى تفرقة الزكاة فى بلدها ومراعاة المنصوص عليه لا القيمة) (عن أبى جحيفة) رضى الله عنه قال قدم علينا مصدّق رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ الصدقة من أغنيائنا فجعلها فى فقرائنا، فكنت غلامًا يتيمًا فأعطانى منها قلوصًا ((أى ناقة شابة وتجمع على قلائص وقلاص وقلص)) رواه الترمذى وقال حديث حسن (وعن عمران ابن حصين) رضى الله عنه أنه استعمل على الصدقة، فلما رجع قيل له أين المال؟ قالوا وللمال أرسلتنى؟ أخذناه من حيث كنا نأخذه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعناه حيث كنا نضعه (د. جه) وسكت عنه أبو داود والمنذرى ورجال اسناده رجال الصحيح إلا ابراهيم بن عطاء وهو صدوق (وعن طاوس) قال كان فى كتاب معاذ من خرج من مخلاف الى مخلاف ((أى من عشيرة الى عشيرة أخرى أو من بلد الى بلد آخر)) فان صدقته وعشره فى مخلاف عشيرته؛ رواه الأثرم فى سننه، وأخرجه أيضًا سعيد بن منصور بأسناد صحيح الى طاوس بلفظ ((من انتقل من مخلاف عشيرته فصدقته وعشره فى مخلاف عشيرته)) (وعن معاذ ابن جبل رضى الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه الى اليمن، فقال خذ الحب من الحب والشاة من الغنم والبعير من الأبل والبقر من البقر (د. جه. ك) وصححه على شرط البخارى ومسلم، وفى اسناده عطاء عن معاذ ولم يسمع منه لأنه ولد بعد موته أول سنة موته أو بعد موته بسنة، وقال البزار لا نعلم أن عطاء سمع من معاذ (أحكام التتمة) استدل بهذه الأحاديث على مشروعية صرف الزكاة كل بلد فى فقراء أهله وكراهية صرفها في غيرهم

-[مذاهب الأئمة فى حكم نقل الزكاة من بلدها- وهل تجزئ القيمة؟]- .....

_ وقد روى عن الأئمة (مالك والشافعى والثورى) أنه لا يجوز صرفها فى غير فقراء البلد (وقالت الحنفية) إنه لا يجوز مع كراهة لما علم بالضرورة أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يستدعى الصدقات من الأعراب الى المدينة ويصرفها فى فراء المهاجرين والأنصار كما أخرج النسائى من حديث (عبد الله بن هلال) الثقفى قال جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كدت أن أقتل بعدك فى عناق أو شاة من الصدقة، فقال صلى الله عليه وسلم لولا أنها تعطى فقراء المهاجرين ما اخذتها (وقالت الحنابلة) يستحب تفرقتها فى بلدها ثم الأقرب فالأٌرب من القرى والبلدان فان نقلها إلى البعيد لقرابة أو لمن كان أشد حاجة جاز ما لم يبلغ مسافة القصر، فان بلغها فلا يجوز (قال ابن قدامة) فان استغنى عنها فقراء أهل بلدها جاز نقلها، نص عليه أحمد فقال قد تحمل الصدقة إلى الأمام إذا لم يكن فقراء، أو كان فيها فضل عن حاجتهم اهـ (وحديث طاوس) يدل على أن من انتقل من بلد الى بلد كان زكاة ماله لأهل البلد الذى انتقل منه مهما أمكن ايصال ذلك اليهم (وحديث معاذ) يدل على أن الزكاة تجب من العين ولا يعدل عنها إلى القيمة الا عند عدمها وعدم الجنس (وبذلك قالت الشافعية والحنابلة) والهادى والقاسم والأمام يحيى، واستدلوا أيضًا بما جاء فى حديث أنس فى باب ما جاء فى كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى جمع فيه فرائض الصدقة رقم 25 صحيفة 212 من الجزء الثامن ((فمن بلغت عنده صدقة الجذعة وليس عنده جذعة وعنده حقة فانها تقبل منه ويجعل معها شاتين إن استيسرتا له أو عشرين درهمًا)) فان ذلك ونحوه يدل على أن الزكاة واجبة فى العين، ولو كانت القيمة هى الواجبة لكان ذكر ذلك عبثًا لأنها تختلف باختلاف الأزمنة والمكنة (وللمالكية) فى هذه المسألة أقوال، جواز القيمة مطلقًا؛ وعدم الجواز مطلقًا، وجواز إخراج الذهب والفضة عن الحرث والماشية فقط مع الكراهة، وعدم الجواز فيما عدا ذلك (وذهب أبو حنيفة) والمؤيد بالله والناصر والمنصور بالله وأبو العباس وزيد ابن على إلى جواز إخراج القيمة، واستدلوا بما أخرجه البيهقى وعلقه البخارى عن معاذ أنه قال لأهل اليمن ائتونى بعرضٍ ثيابٍ خميص أو لبيس فى الصدقة مكان الشعير والذرة أهون عليكم وخير لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، والخميص ثوب من خز له علمان، قالوا وهذا الخبر رواه البخارى معلقًا بصيغة الجزم الدالة على صحته عنده، والخميص واللبيس ليس إلا قيمة عن الأعيام التى تجب فيها الزكاة، لكن قال الشوكانى فيه انقطاع، قال وقال الاسماعيلى إنه مرسل فلا حجة فيه ولا سيما مع معارضته لحديثه المتفق عليه ((وهو أن النبى صلى الله عليه وسلم لما بعثه إلى اليمن قال خذها من أغنيائهم وضعها فى فقرائهم)) أو يحمل على أنه بعد كفاية من فى اليمن، وإلا فما كان معاذ ليخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم، فالحق أن الزكاة واجبة من العين لا يعدل عنها الى القيمة إلا لعذر اهـ. والله أعلم

-[نبذة من ترجمة عدي بن حاتم الطائي رضى الله عنه]- أبواب تقسيم الصدقة وبيان الاصناف الثمانية (1) باب جواز اعطاء قوم وحرمان آخرين لمصلحة يراها لأمام (88) عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمةً نقلت يا رسول الله لغير هؤلاء أحقُّ منهم، قال فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّهم خيَّرونى بين أن يسألونى بالفحش أو يبخِّلونى فلست بباخلٍ (89) عن عديِّ بن حاتمٍ رضى الله عنه قال أتيت عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه فى أناسٍ من قومى فجعل يفرض للرَّجل من طيِّئٍ في ألفين ويعرض عنِّى، قال فاستقبلته فأعرض عنِّي، ثمَّ أتيته من حيال وجهه فأعرض

_ (88) عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنبأنا سفيان عن الأعمش عن شقيق بن سلمة عن سلمان بن ربيعة عن عمر رضى الله عنه- الحديث)) (غريبه) (1) معنى هذا الحديث أنهم ألحوا فى المسألة لضعف إيمانهم وألجأوه صلى الله عليه وسلم بمقتضى حالهم إلى السؤال بالفحش أى الكلام الذى لا ينبغى أن يقال لمثله صلى الله عليه وسلم أو نسبته الى البخل وهو صلى الله عليه وسلم ليس ببخيل ولا ينبغى احتمال واحد من الأمرين، ففيه مداراة أهل الجهالة والقسوة وتألفهم إذا كان فيه مصلحة وجواز دفع المال اليهم لهذه المصلحة، والله أعلم (89) عن عدى بن حاتم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بكر بن عيسى ثنا أبو عوانه عن المغيرة عن الشعبى عن عدى بن حاتم- الحديث)) (غريبه (2) هو عدى بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدى الطائى أبوه حاتم الطائى الجواد المشهور الذى يضرب به المثل فى الكرم، أسلم عدى فى سنة تسع وقيل سنة عشر وكان نصرانيًا قبل ذلك، وثبت على إسلامه فى الردة وأحضر صدقة قومه إلى أبى بكر وشهد فتوح العراق ثم سكن الكوفة وشهد صفين مع على ومات بعد الستين وقد أسن، قال خليفة بلغ عشرين ومائة سنة، وقال أبو حاتم السجستانى بلغ مائة وثمانين، قال خليفة عن عدى بن حاتم ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء؛ وجزم خليفة بأنه مات سنة ثمان وستين رضى الله عنه أفاده الحافظ فى الأصابة (3) اسم قبيلة عدي بن حاتم الطائي

-[جواز إعطاء قوم من الصدقة وحرمان آخرين لمصلحة يراها الإمام]- عنيَّ، قال فقلت يا أمير المؤمنين أتعرفني؟ قال فضحك حتى استلقى لقفاه ثم قال نعم والله إني لأعرفك، آمنت إذ كفروا، واقبلت إذ أدبروا، ووفيت إذ غدروا، وإن أول صدقةٍ بيضت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه صدقة عدي جئت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) ثم أخذ يعتذر، ثم قال إنما فرضت لقومٍ أجحفت (2) بهم الفاقة وهم سادة عشائرهم لما ينوبهم من الحقوق (3) (90) عن عامر بن سعد بن أبي وقاصٍ عن أبيه رضي الله عنه قال أعطى النبي صلى الله عليه وسلم رجالاً ولم يعط رجلاً منهم شيئًا، فقال سعدٌ يا نبي الله أعطيت فلانًا وفلانًا ولم تعط فلانًا شيئًا وهو مؤمن؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو مسلمٌ (4) حتى أعادها سعد ثلاثًا والنبي صلى الله عليه وسلم يقول أو مسلمٌ، ثم قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إني لأعطي رجالاً وأدع من هو أحب إليَّ منهم فلا أعطيه شيئًا مخافة أن يكبوا في النار على وجوههم (5)

_ (1) هذه الخصال حصلت من عدي بن حاتم رضي الله عنه. وهي تدل على فضله، وغنما أعرض عنه عمر رضي الله عنه ولم يعطه من الصدقة لما يعلمه فيه من العفة ورسوخ الأيمان، ولذلك اعتذر إليه وبين وجهه نظره في حرمانه وإعطاء غيره (2) أي أفقرتهم الحاجة وأذهبت أموالهم (3) أي لما ينزل بهم من المهمات والحوادث، ولأن الناس يقصدونهم في حوائجهم ومهماتهم لكونهم سادة عشائرهم، وقد نابه ينوبه نوبًا، وانتابه إذا قصده مرة بعد أخرى (تخريجه) أخرجه ابن سعد وغيره وبعضه في مسلم (90) عن عامر بن سعد بن أبي وقاص (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهري عن عامر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه - الحديث" (غريبه) (4) بإسكان الواو على الأضراب عن قوله والحكم بالظاهر؛ كأنه قال بل مسلم ولا نقطع بأيمانه، فإن الباطن لا يطلع عليه إلا الله، فالأولى أن يعبر بالإسلام، وليس ح كمًا بعدم إيمانه بل نهى عن الحكم بالقطع به، والله أعلم (5) قال النووي معنى هذا الحديث أن سعدًا رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي ناسًا ويترك من هو أفضل منهم في الدين

-[التعريف بالمسكين]- (2) باب ما جاء في الفقير المسكين (91) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس المسكين هذا الطوَّاف الذي يطوف على الناس ترده اللقمة واللقمتان والتمرة

_ وظن أن العطاء يكون بحسب الفضائل في الدين، وظن أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم حال هذا الإنسان المتروك فأعلمه به وحلف أنه يعلمه مؤمنًا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أو مسلمًا فلم يفهم منه النهي عن الشفاعة فيه مرة أخرى فسكت، ثم رآه يعطي من هو دونه بكثير فغلبه ما يعلم من حسن حال ذلك الإنسان، فقال يا رسول الله مالك عن فلان (كذا في رواية مسلم) تذكيرًا وجوّز أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم همَّ بعطائه من المرة الأورى ثم نسيه فأراد تذكيره، وهكذا المرة الثالثة إلى أن أعلمه النبي صلى الله عليه وسلم أن العطاء ليس هو على حسب الفضائل في الدين فقال صلى الله عليه وسلم "إني لأعطي الرجل وغيره أحب إلي منه مخافة أن يكبه الله في النار" هكذا في رواية مسلم، والمعنى أني أعطي ناسًا مؤلفة. في إيمانهم ضعف. لو لم أعطهم كفروا فيكبهم الله في النار، وأترك أقوامًا هم أحب إلي من الذين أعطيتهم، ولا أتركهم احتقارًا لهم ولا لنقص دينهم ولا إهمالاً لجانبهم، بل أكلهم إلى ما جعل الله في قلوبهم من النور والإيمان التام وأثق بأنهم لا يتزلزل إ يمانهم لكماله؛ وقد ثبت هذا المعنى في صحيح البخاري (قلت والإمام أحمد أيضًا وسيأتي) عن عمرو بن تغلب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتي بمال أو سبي فقسمه فأعطى رجالاً وترك رجالاً، فبلغه أن الذين ترك عتبوا فحمد الله تعالى ثم أثنى عليه، ثم قال أما بعد فوالله إني لأعطي الرجل وأدع الرجل والذي أدع أحب إليّ من الذي أعطي ولكني أعطي أقوامًا لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع وأكل أقوامًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير اهـ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (وفي الباب) أحاديث أخرى ستأتي في باب قسم الغنائم من كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أنه يجوز للإمام أو لمن يتولى قسم الزكاة أن يتصرف في القسمة على حسب المصلحة، فيعطي هذا ويمنع هذا، وله أن يفضل بعض الناس على بعض في العطية مراعيًا في ذلك المصلحة العامة التي تعود على الأمة بالخير مخلصًا لوجه الله تعالى، فإن توجه إليه لوم ممن لا يعرفون مقصده بين لهم السبب برفق وردّ جميل كما رد النبي صلى الله عليه وسلم على سعد بن أبي وقاص، وكما اعتذر عمر بن الخطاب رضي الله عنه لعدي بن حاتم، وبمثل هذا تساس الأمم وتصلح الرعية، وسيأتي لذلك مزيد بحث في باب ما جاء في المؤلفة قلوبهم والله الموفق (91) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن

-[التعريف بالمسكين - وكلام العلماء في ذلك]- والتمرتان (1) إنما المسكين الذين لا يجد غنى يغنيه ويستحي (2) أن يسأل الناس ولا يفطن له فيتصدق عليه (وعنه من طريق ثان) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس المسكين الذي ترده الأكلة والأكلتان (4) أو التمرة والتمرتان، ولكن المسكين الذي لا يسأل شيئًا ولا يفطن بمكانه فيعطى (وعنه من طريقٍ ثالث بنحوه وفيه) (5) قالوا فمن المسكين يا رسول الله؟ قال الذي لا يجد غنىً ولا يعلم الناس بحاجته فيتصدق عليه، قال الزهري وذلك هو المحروم (6)

_ همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال - الحديث" (غريبه) (1) أي عند طوافه على الناس للسؤال لأنه قادر على تحصيل قوته وربما يقع له زيادة عليه، وليس المراد نفي المسكنة عن الطوّاف بل نفى كمالها لأنهم أجمعوا على أن السائل الطوّاف المحتاج مسكين (وقوله إنما المسكين) أي الكامل (الذي ليس له غنى) بكسر الغين المعجمة مقصورًا أي يسار (ويغنيه) صفة له وهو قدر زائد على اليسار، إذ لا يلزم من حصول اليسار للمرء أن يغني به بحيث لا يحتاج إلى شيء آخر، واللفظ محتمل لأن يكون المراد نفي أصل اليسار، ولأن يكون المراد نفي اليسار المقيد بأنه يغنيه مع وجود أصل اليسار، وعلى الاحتمال الثاني ففيه أن المسكين هو الذي يقدر على مال أو كسب يقع موقعًا من حاجته ولا يكفيه كثمانية من عشرة، وهو حينئذ أحسن حالاً من الفقير فإنه الذي لا مال له أصلاً أو يملك مالاً يقع موقعًا من كفايته كثلاثة من عشرة، واحتجوا بقوله تعالى {أما السفينة فكانت لمساكين} فسماهم مساكين مع أن لهم سفينة لكنها لا تقوم بجميع حاجتهم (2) بياء واحدة ويجوز بياءين (وقوله) فيتصدق منصوب بفاء السببية (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نعيم قال ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس المسكين - الحديث" (4) بالضم فيهما (قال أهل اللغة) الأكلة بالضم اللقمة، وبالفتح المرة من الغداء والعشاء، تقول أكلت أكلة واحدة أي لقمة، وأما بالفتح فالأكل مرة واحدة حتى يشبع (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان والأكلة والأكلتان، قالوا فمن المسكين؟ الخ (6) المذكور في قوله تعالى {وفي أموالهم حق

-[تفسير المحروم من هو؟ وكراهة الإلحاف في السؤال]- وعنه من طريقٍ رابعٍ) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس المسكين الذي ترده التمرة والتمرتان أو اللقمة واللقمتان، إنما المسكين المتعفف، اقرءوا إن شئتم {لا يسألون الناس إلحافًا} (1) (وعنه من طريق خامس) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس المسكين بالطوَّاف عليكم أن تطعموه لقمةً لقمةً، إنما المسكين المتعفف الذي لا يسأل الناس إلحافًا (92) قر وعن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نحوه

_ للسائل والمحروم} وهو قول الزهري وقتادة، وقال ابن عباس ومجاهد وهو المحارف الذي ليس له في الإسلام سهم، يعني لا سهم له في بيت المال ولا كسب له ولا حرفة يتقوت منها، وقالت عائشة رضي الله عنها هو المحارف الذي لا يكاد يتيسر له مكسبه، وقيل غير ذلك والله أعلم (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود أنبأنا إسماعيل يعني ابن جعفر قال أخبرني شريك يعني ابن أبي نمر عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة - الحديث" (2) أي إلحاحًا وهو أن يلازم المسئول حتى يعطيه من قولهم لحفني من فضل لحافه أي أعطاني من فضل ما عنده، ومعناه أنهم لا يسألون الناس وإن سألوا عن ضرورة لم يلحو، وقيل هو نفي للسؤال والإلحاح، ولا ريب أن نفي السؤال والإلحاح أدخل في التعفف (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن أبي الوليد عن أبي هريرة - الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) (92) "قر" وعن عبد الله بن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله قال قرأت على أبي حدثك عمرو بن مجمع ثنا إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المسكين ليس بالطوّاف الذي ترده اللقمة واللقمتان أو التمرة والتمرتان، قلت يا رسول الله فمن المسكين؟ قال الذي لا يسأل الناس ولا يجد ما يغنيه ولا يفطن له فيتصدق عليه (تخريجه) لم أقف عليه من حديث ابن مسعود لغير الإمام أحمد، وفي إسناده إبراهيم الهجري "بفتح الهاء والجيم" ليين الحديث ويعضده ما قبله، وهذا الحديث من الأحاديث التي قرأها عبد الله على أبيه ولم يسمعها منه، ولذلك رمزنا له في أوله بقاف وراء هكذا "قر" كما ذكرنا في مقدمة الكتاب

-[تقبيح السؤال والعمل على ما يغني عنه بكل وسيلة - ومن يجوز له السؤال]- (93) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلاً من الأنصار أتى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا إليه الحاجة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما ع ندم شيءٌ؟ فأتاه بحلسٍ (1) وقدحٍ وقال النبي صلى الله عليه وسلم من يشتري هذا؟ فقال رجلٌ أنا آخذهما بدرهمٍ، قال من يزيد على درهمٍ؟ فسكت القوم، فقال من يزيد على درهمٍ؟ فقال رجلٌ أنا آخذهما بدرهمين، فقال هما لكن ثم قال إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثٍ، ذي دمٍ موجعٍ (2) أو غرمٍ (3) مفظعٍ، أو فقرٍ مدقعٍ (4)

_ (93) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن الأخضر بن عجلان حدثني أبو بكر الحنفي عن أنس بن مالك - الحديث" (غريبه) (1) بكسر الحاء وسكون اللام هو الكساء الذي يلي ظهر البعير تحت القتب (والقدح) إناء يشرب فيه الماء كما جاء مصرحًا بذلك في رواية أبي داود بلفظ "وقُعب نشرب فيه من الماء (2) هو الذين يتحمل دية عن قريبه أو حميمه أو نسيبه القاتل يدفعها إلى أولياء المقتول وإن لم يدفعها قتل قريبه أو حميمه الذي يتوجع لقتله وإراقة دمه (3) الغرم بضم الغين المعجمة وسكون الراء هو ما يلزم أداؤه تكلفًا لا في مقابلة عوض (والمفظع) بضم الميم وسكون الفاء وكسر الظاء المعجمة وبالعين المهملة، وهو الشديد الشنيع الذي جاوز الحد (4) بضم الميم وسكون الدال المهملة وكسر القاف، وهو الفقر الشديد الملصق صاحبه بالدقعاء، وهي الأرض التي لا نبات بها (تخريجه) أخرجه الترمذي وحسنه والنسائي بنحو حديث الباب، وأخرجه أبو داود والبيهقي بأطول منه، وفيه بعد قوله "فقال رجل أنا آخذهما بدرهمين" فأعطا هما إياه وأخذ الدرهمين فأعطاهما الأنصاري (يعني صاحب الحلس والقدح) وقال اشتر بأحدهما طعامًا فانبذه إلى أهلك، واشتر بالآخر قدومًا فأتني به، فأتاه به فشد فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم عودًا بيده، ثم قال له اذهب فاحتطب وبع ولا أريّنك خمسة عشر يومًا، فذهب الرجل يحتطب ويبيع فجاء وقد أصاب عشرة دراهم فاشتري ببعضها ثوبًا وببعضها طعامًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا خير لك من أن تجيء المسألة نكتة في وجهك يوم القيامة، إن المسألة لا تصلح إلا لثلاثة، لذي فقر مدقع. أو لذي غرم مفظع. أو لذي دم موجع (الأحكام) في أحاديث الباب دلالة على أن المسكين هو الجامع بين عدم الغنى وعدم تفطن الناس له لما يظن به لأجل تعففه وتظهره بصورة الغنى من عدم الحاجة، ومع هذا فهو

-[مذاهب العلماء في تعريف الفقير والمسكين - وبيان المقدار الذي يصير به الرجل غنيا]- .....

_ المستعف عن السؤال، وقد استدل به من يقول أن الفقير أسوأ حالاً من المسكين، وأن المسكين الذين له شيء لكنه لا يكفيه، والفقير الذي لا شيء له، ويؤيده قوله تعالى {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر} فسماهم مساكين مع أن لهم سفينة يعملون فيها وإلى هذا ذهب (الشافعي والجمهور) كما قال الحافظ (وذهب أبو حنيفة والعترة) إلى أن المسكين دون الفقير، واستدلوا بقوله تعالى أو مسكينًا ذا متربة، قالوا لأن المراد أنه يلصق بالتراب للعري (وقال ابن القاسم) وأصحاب مالك إنهما سواء؛ وروي عن أبي يوسف ورجحه الجلال، قال لأن المسكنة لازمة للفقر، إذ معناها الذل والهوان، فإنه ربما كان يغني النفس أعز من الملوك الأكابر، بل معناها العجز عن إدراك المطالب الدنيوية والعاجز ساكن عن الانتهاض إلى مطالبة اهـ (قال الشوكاني) ومن جملة حجج القول الأول قوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم "اللهم أحيني مسكينًا مع تعوذه صلى الله عليه وسلم من الفقر" قال والذي ينبغي أن يعوّل عليه أن يقال المسكين من اجتمعت له الأوصاف المذكورة في الحديث، والفقير من كان ضد الغنى كما في الصحاح والقاموس وغيرهما من كتب اللغة، (وسيأتي تحقيق الغنى) فيقال لمن عدم الغنى فقير، ولمن عدمه مع التعفف عن السؤال وعدم تفطن الناس له مسكين، وقيل إن الفقير من يجد القوت. والمسكين من لا شيء له، وقيل الفقير المحتاج. والمسكين من أذلة الفقر. حكى هذين صاحب القاموس اهـ. والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضًا) دلالة على جواز المسألة "لذي دم موجع. أو غرم مفظع. أو فقر مدقع" (وقد اختلف المذاهب) في المقدار الذي يصير به الرجل غنيًا (فذهبت الهادوية والحنيفة) إلى أن الغنى من ملك النصاب زائدًا عن حاجته فيحرم عليه أخذ الزكاة، واحتجوا بما في حديث معاذ من قوله صلى الله عليه وسلم "تؤخذ من أغنيائهم وترد في فقرائهم" قالوا فوصف من تؤخذ منه الزكاة بالغني، وقد قال ولا تحل الصدقة لغني، وقال بعضهم هو من وجد ما يغديه ويعشيه، حكاه الخطابي، واستدل بما أخرجه الإمام أحمد وأبو داود وابن حبان وصححه (وسيأتي في أبواب النهي عن السؤال) عن سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من النار، قالوا يا رسول الله وما يغنيه؟ قال قدر ما يغديه ويعشيه (وقال الثوري وابن المبارك وأحمد وإسحاق وجماعة) من أهل العلم هو من كان عنده خمسون درهمًا أو قيمتها، واستدلوا بحديث ابن مسعود عند الترمذي وغيره مرفوعًا "من يسأل الناس وله ما يغنيه جاء يوم القيامة ومسألته في وجهه خموش أو كدوش، قيل يا رسول الله وما يغنيه؟ قال خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب (وقال الشافعي وجماعة) إذا كان عنده خمسون درهمًا أو أكثر وهو محتاج فله أن يأخذ من الزكاة

-[جواز أخذ العامل المتبرع من الصدقة وإن كان غير محتاج]- (3) باب العاملين عليها (94) عن ابن الساعدي (1) المالكي أنه قال استعملني عمر بن الخطاب على الصدقة فلما فرغت منها وأديتها إليه أمر لي بعمالةٍ (2) فقلت له إنما عملت لله وأجري على الله، قال خذ ما أُعطيت فإني قد عملت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فعملني (3) فقلت مثل ذلك، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم إذا أعطيت شيئًا من أن تسأل فكُل (4) وتصدق

_ (وروي عن الشافعي) أن الرجل قد يكون غنيًا بالدرهم مع الكسب ولا يغنيه الألف مع ضعفه في نفسه وكثرة عياله، وقال أبو عبيد بن سلام هو من وجد أربعين درهمًا، واستدل بحديث أبي سعيد مرفوعًا "من سأله وله قيمة أوقية فقد ألحف" رواه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وسيأتي، لأن الأربعين درهمًا قيمة الأوقية (وذهبت المالكية) إلى أن الفقير هو من يملك من المال أقل من الكفاية العام فيعطى من الزكاة ولو ملك نصابًا، وتجب عليه زكاة هذا النصاب. فإن كان عنده ما يكفيه مدة العام فهو غني لا يجوز له أخذ الزكاة والله أعلم (94) عن ابن الساعدي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا ليث حدثني بكير بن عبد الله عن بسر بن سعيد عن ابن الساعدي المالكي - الحديث" (غريبه) (1) هكذا وقع في رواية الإمام أحمد وأبي داود "ابن الساعدي" ويقال ابن السعدي، وهو أبو محمد عبد الله بن وقدان بن عبد الله بن عبد شمس بن عبد ودّ بن نضر بن مالك بن حنبل بن عامر بن لؤي بن غالب، وإنما قيل له السعدي، لأن أباه استرضع في بني سعد بن بكر بن هوازن، وقد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قديمًا، وقال وفدت في نفر من بني سعد بن بكر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (والمالكي) نسبه إلى مالك بن حنبل (2) بتشديد الميم أي أعطاني العمالة أي أجرة عملي (قال الخطابي) فيه بيان جواز أخذ العامل الأجرة بقدر مثل عمله فيما يتولاه من الأمر، وقد سمى الله تعالى للعاملين سهمًا في الصدقة فقال "والعاملين عليها" فرأى العلماء أن يعطوا على قدر غنائهم وسعيهم اهـ (4) فيه دليل على أنه لا يحل أكل ما حصل من المال عن مسألة لغير حاجة (تخريجه) (ق. د. نس) قال المنذري أخرجه البخاري ومسلم والنسائي أتم منه (يعني أتم من رواية أبي داود)

-[جواز أخذ عامل الصدقة من أجرته ما يلزمه من مسكن وداية ونحو ذلك]- (95) عن المستورد بن شدادٍ رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من وليَ لنا عملاً وليس له منزلٌ فيتخذ منزلاً (1) أوليست له زوجةٌ فيلتزوج؛ أوليس له خادمٌ فليتخذ خادمًا، أوليست له دابةٌ فليتخذ دابةً، ومن أصاب شيئًا سوى ذلك فهو غالٌ (2) (وعنه من طريقٍ ثانٍ بنحوه (3) وفيه) فهو غالٌ أو سارقٌ

_ قال وهو أحد الأحاديث التي اجتمع في إسنادها أربعة من الصحابة يروي بعضهم عن بعض (95) عن المستورد بن شداد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن ابن هبيرة والحارث بن يزيد عن عبد الرحمن بن جبير قال سمعت المستورد بن شداد يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) أي يحل له أن يأخذ مما في تصرفه من المال قدر ما ينفقه في اتخاذ مسكن بقدر حاجته، وكذلك إذا لم يكن له زوجة فيأخذ قيمة مهر الزوجة ونفقتها وكسوتها، وكذا ما لابد منه من خادم وداية من غير إسراف وتنعم، فإن أخذ أكثر مما يحتاج إليه ضرورة فهو حرام وقال الخطابي، هذا يتأول على وجهين (أحدهما) أنه إنما أباح اكتساب الخادم والمسكن من عمالته التي هي أجرة مثله، وليس له أن يرتفق بشيء سواها (والوجه الآخر) أن للعامل السكنى والخدمة فإن لم يكن له مسكن ولا خادم استؤجر له من يخدمه فيكفيه مهنة مثله، ويكترى له مسكنًا يسكنه مدة مقامة في عمله اهـ (2) بتشديد اللام أي خائن (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن بن موسى قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا الحارث بن يزيد الحضرمي عن عبد الرحمن بن جبير أنه كان في مجلس فيه المستورد ابن شداد وعمرو بن غيلان بن سلمة فسمع المستورد يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" بنحو ما تقدم (تخريجه) (د) وفي إسناده عند الإمام أحمد بن لهيعة وفيه مقال، لكن أخرجه أبو داود بسند آخر فقال حدثنا موسى بن مروان الرقي نا المعافى بنا الأوزاعي عن الحارث بن يزيد عن جبير بن نفير عن المستورد بن شداد قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من كان لنا عاملاً فليكتسب زوجة، فإن لم يكن له خادم فليكتسب خادمًا، فإن لم يكن له مسكن فليكتسب مسكنًا، قال أبو بكر أخبرت أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال من اتخذ غير ذلك فهو غال أو سارق" وسكت عنه أبو داود والمنذري

-[الخازن الأمين له مثل أجر المتصدق بشروط]- (96) عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الخازن الأمين (1) الذي يعطى ما أمر به كاملاً موفرًا (2) طيبةً به نفسه حتى يدفعه إلى الذي أُمر له به (3) أحد المتصدقين (4) (97) عن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعيًا فاستأذنته أن نأكل من الصدقة فأذن لنا (5) (98) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى

_ (96) عن أبي موسى الأشعري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن أسامة عن يزيد بن عبد الله بن أبي بردة عن جده أبي بردة عن أبي موسى - الحديث" (غريبه) (1) في رواية للبخاري الخازن المسلم الأمين بزيادة المسلم، وهي شروط لاستحقاق الخازن ثوابًا كاملاً كثواب المتصدق صاحب المال، فخرج بالمسلم الكافر لأنه لا تصح منه نية التقرب، وخرج بقوله الأمين الخائن لأنه مأزور لا مأجور لخيانته، ومن الخيانة الأنقاص في الأعطاء عما أمر به (2) هما حالان من مفعول يعطي أي يعطي المحتاج ما أمر به المتصدق كاملاً وافرًا وقيل غير ذلك (وقوله طيبة بها نفسه) قيد خرج به من أعطى كارهًا فإنه لا يؤجر (3) أي حتى يدفع الخازن المال إلى الفقير الذي أمر رب المال بدفعه إليه، فإن دفع الخازن إلى غيره كان غير أمين لمخالفته أمر رب المال فلا ثواب له (4) بالتثنية خبر إن في قوله إن الخازن (قال القرطبي) لم نروه بالتثنية، ومعناه أن الخازن بما فعل متصدق، وصاحب المال متصدق آخر، فهما متصدقان، قال ويصح أن يقال على الجميع فتكسر القاف؟ ويكون معناه أنه متصدق من جملة المتصدقين اهـ (تخريجه) (ق. د. نس. ش) (97) عن عقبة بن عامر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب بن زياد قال ثنا عبد الله قال ثنا ابن لهيعة أخبرني يزيد بن عمرو المعافري عمن سمع عقبة بن عامر يقول بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (5) لعله يريد نفسه ومن كان معه من المساعدين له (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفيه راو لم يسم (98) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد لله حدثني أبي حدثنا حسن حدثنا عبد الله بن لهيعة حدثنا أبو يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة أنه سمع أبا هريرة

-[زوائد الباب - وفضل العامل في الصدقة بالحق]- آله وصحبه وسلم أعطوا العامل من عمله فإن عامل الله لا يخيب (1) (99) عن رافع بن خديجٍ رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول العامل في الصدقة بالحق لوجه الله (2) عز وجل كالغازي في سبيل الله عز وجل حتى يرجع إلى أهله

_ يقول ما رأيت أحدًا أسرع في مشيته من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما الأرض تطوى له، إنا لنجهد أنفسنا وأنه لغير مكترث، وعنه صلى الله عليه وسلم أعطوا العامل - الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وفي إسناده ابن لهيعة (99) عن رافع بن خديج (سنده) تحدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعلي بن عبد الله ثنا محمد يعني ابن إسحاق عن عاصم بن عمر عن رافع بن خديج - الحديث" (غريبه) (2) المعنى أن من تطوع للعمل في جمع الصدقة غير ناظر لأجرة ولا خيانة فيها بل يقصد بذلك وجه الله تعالى كان له مثل أجر المجاهد في سبيل الله تعالى حتى يرجع إلى أهله، فإن أعطي منها بدون سؤال ولا إشراف نفس فليقبله ولا ينقص ذلك من ثوابه والله أعلم (تخريجه) (ش) وفي إسناده محمد بن إسحاق وهو ثقة ولكنه مدلس وقد ععنعن وبقية رجاله رجال الصحيح (زوائد الباب) (عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم العامل إذا استعمل فأخذ الحق وأعطى الحق لم يزل كالمجاهد في سبيل الله حتى يرجع إلى بيته (طب) وفيه دويب بن عمامة تكلم فيه، لكن يعتضد بحديث رافع بن خديج (وعن بريدة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من استعملناه على عمل فرزقناه رزقًا فما أخذ بعد فهو غلول (د) ورجاله إسناده ثقات (الاحكام) في أحاديث الباب دلالة على أن علم الساعي سبب لاستحقاقه الأجرة كما أن وصف الفقر والمسكنة هو السبب في ذلك، وإذا كان العمل هو السبب اقتضى قياس الشرع أن المأخوذ في مقابلته أجرة، ولهذا قالت الشافعية تبعًا لإمامهم إنه يستحق أجرة المثل (وفيها أيضًا) دلالة على أن من نوى التبرع يجوز له أخذ الأجرة بعد ذلك (قال صاحب المنتقى) وفيه دلالة على أن نصيب العامل يطيب له وإن نوى التبرع أو لم يكن مشروطًا اهـ (وفيها أيضًا) أن العامل على الصدقة إذا لم يكن له مسكن أو زوجة أو خادم أو دابة فله اتخاذ ذلك من أجرته أو يكترى له ذلك مدة عمله زائدًا على أجرته كما يستفاد من كلام الخطابي (وقد ذهب الجمهور) إلى

-[مذاهب الأئمة في صفة العامل وحكم ما يأخذه من الزكاة]- .....

_ أن ما يأخذه العامل من الزكاة هو عن عمله (وقالت المالكية والشافعية) هو من الزكاة لا عن عمله (وذهب الجمهور) أيضًا إلى أنه لا يجوز أن يكون عامل الزكاة عبدًا. ولا من ذوي القربى ولا كافرًا، وخالف في ذلك الإمام أحمد فقال بالجواز. ووجهه أن العامل أجير فلا يشترط فيه الكمال بالحرية والإسلام، قال وإنما منع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدعمه العباس أن يكون عاملاً وقال لم أكن لأستعملك على غسالة ذنوب الناس تشريفًا له على وجه البدل لا والوجوب. ووجه الجمهور أن العبد يكتفي بنفقة سيده عليه وذوي القربى أشراف فيمنعون من أن يكون أحدهم عاملاً تشريفًا لهم كما يمنعون من قبول الزكاة المفروضة، والكافر لا يصلح أن يكون له حكم على المسلمين، ولذلك أفتى العلماء بتحريم جعل الكافر جابيًا للمظالم أو للخراج أو كاتبًا أو حاسبًا والله أعلم (وفيها أيضًا) أن الخازن الأمين يشارك رب المال في أجر الصدقة إذا أعطى ما أمر به بدون تتحيز لأحد، ومعنى المشاركة أن له أجرًا كما أن لصاحبه أجرًا، وليس معناه أنه يزاحمه في أجره بل المراد المشاركة في الطاعة في أصل الثواب، فيكون لهذا ثواب ولهذا ثواب وإن كان أحدهما أكثر، ولا يلزم أن يكون مقدار ثوابهما سواء، بل قد يكون ثواب هذا أكثر، وقد يكون عكسه، فإذا أعطى المالك خازنه مائة درهم أو نحوها ليوصلها إلى مستحق للصدقة على باب داره، فأجر المالك أكثر، وإن أعطاه رمانة أو رغيفًا أو نحوهما حيث ليس له كثير قيمة ليذهب به إلى محتاج في مسافة بعيدة بحيث يقابل ذهاب الماشي إليه أكثر من الرمانة ونحوها، فأجر الخازن أكثر، وقد يكون الذهاب مقدار الرمانة فيكون الأجر سواء، قال ابن رسلان ويدخل في الخازن من يتخذه الرجل على عياله من وكيل وعبد وامرأته وغلام ومن يقوم على طعام الضيفان، أفاده الشوكاني (وفيها أيضًا) دلالة على جواز أكل العامل من الصدقة وإعطائه منها إذا لم يفرض له أجر معين، فإن فرض له أجر فلا يحل له زيادة على ما فرض له، وأن ما أخذه بعد ذلك فهو من الغلول، وذلك بناء على أنها إجارة ولكنها فاسدة يلزم فيها أجرة المثل، ولهذا ذهب البعض إلى أن الأجرة المفروضة من المستعمل للعامل تؤخذ على حسب العمل، فلا يأخذ زيادة على ما يستحقه، وقيل يأخذ ويكون من باب الصرف (وفيها أيضًا) أنه يجوز للعامل أن يأخذ حقه من تحت يده أي يقبض من نفسه لنفسه بدون زيادة عما يستحق، فإن زاد شيئًا فهو غلول، أي خيانة وسرقة، فيجب على من وكل إليه أمر للتصرف فيه أن يراقب مولاه وليعلم أنه إن خفي على الناس لا يخفى على الله "إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء" {يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور} (وفيها) أن العامل إذا أخذ الحق وأعطى الحق كان كالمجاهد في سبيل الله في الأجر، كما يستفاد من حديث رافع بن خديج، وظاهره سواء أكان متبرعًا أم بأجرة، فإن كان متبرعًا فثوابه أكثر وفضله أكبر

-[ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الكرم وحسن السياسة]- (4) باب ما جاء في المؤلفة قلوبهم (100) عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال كان الرجل يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيسلم لشيءٍ يعطاه من الدنيا (1) فلا يمسي حتى يكون الإسلام أحب إليه وأعز عليه من الدنيا وما فيها (101) وعنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن يسئل شيئًا عن الإسلام إلا أعطاه، قال فأتاه رجلٌ فسأله فأمر له بشاءٍ (2) كثيرٍ بين جبلين من شاء الصدقة، قال فرجع إلى قومه فقال يا قوم أسلموا فإن محمدًا صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يعطي عطاءً ما يخشى الفاقة (1) (102) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا جرير بن حازمٍ قال سمعت الحسن ثنا عمرو بن تغلب (4) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (100) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس - الحديث" (غريبه) (1) يعي أنه يظهر الإسلام أو لا للدنيا لا بقصد صحيح بقلبه، ثم ببركة النبي صلى الله عليه وسلم ونور الإسلام لم يلبث إلا قليلاً حتى ينشرح صدره بحقيقة الإيمان ويتمكن من قلبه فيكون حينئذ أحب إليه من الدنيا وما فيها، وهذا هو السر في ترغيبه صلى الله عليه وسلم بعض الكفار بالمال لاعتناق دين الإسلام ممن يتوسم فيهم الخير والاستعداد لذلك، لأنه من الدعوة إلى سبيل الله بالحكمة، وقد كان صلى الله عليه وسلم حكيمًا في صنعه، سديدًا في رأيه، يضع الشيء في محله، جزاه الله عن الإسلام خيرًا (تخريجه) (م) وهو من ثلاثيات الإمام أحمد، أعني أنه ليس بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة رجال (101) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن حميد عن موسى بن أنس عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (2) الشاء جمع شاة، والشاة من الغنم يقع على الذكر والأنثى "وقوله بين جبلين" أي كثيرة كأنها تملأ ما بين جبلين (3) أي الفقر (تخريجه) (م) (102) حدثنا عبد لله (غريبه) (4) بفتح المثناة وسكون الغين المعجمة وكسر اللام في آخره باء موحدة هو العبدي التميمي البصري صحابي جليل معروف نزل

-[جواز إعطاء قوم من الصدقة وترك آخرين لحكمة يراها الإمام]- أتاه شيءٌ (1) فأعطاه ناسًا وترك ناسًا، وقال جريرٌ أعطى رجالاً وترك رجالاً قال فبلغه عن الذين ترك (2) أنهم عتبوا وقال، قال فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال (3) إني أعطي ناسًا وأدع ناسًا، وأعُطي رجالاً وأدع رجالاً، قال عفَّان قال ذي وذي (4) والذين أدع أحب إلي من الذين أعطي، أُعطي لما في قلوبهم (5) من الجزع والهلع، وأكل قومًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير (6) ومنهم عمرو بن تغلب، قال وكنت جالسًا تلقاء وجه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقال ما أحب أن لي بكلمة (7) رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حُمْرَ النعم

_ البصرة وعاش إلى خلافة معاوية (1) في رواية للبخاري أتى بمال أوسي بسين مهملة بعدها باء موحدة ساكنة ثم باء تحتية (وفي رواية له أيضًا) بشين معجمة ثم ياء تحتية ساكنة بعدها همزة، وفي رواية الإسماعيلي "أتى بمال من البحرين (2) أي الذين تركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعطهم (أنهم عتبوا وقالوا) أي تكلموا في هذا الشأن كلام عتاب لا سخط حيث حرموا عن العطاء (3) رواية البخاري ثم قال أما بعد فوالله إني لأعطي الرجل وأدع الرجل - الحديث" (4) يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الجملتين من قوله إني أعطي ناسًا إلى قوله وأدع رجالاً (5) رواية البخاري "لما أرى في قلوبهم من الجزع" أي لما أرى من نظر القلب لا من نظر العين (والجزع) بالتحريك ضد الصبر يقال جزع جزعًا وجزوعًا فهو جزع وجازع، وقال يعقوب الجزع الفزع (والهلع) بالتحريك أيضًا وهو أفحش الفزع، وقال محمد بن عبد الله بن طاهر لأحمد بن يحيى ما الهلوع؟ فقال قد فسره الله تعالى حيث قال "إن الإنسان خلق هلوعا" بقوله {إذا مسه الشر جزوعًا وإذا مسه الخير منوعا} ويقال الهلع والهلاع والهلعان الجبن عند اللقاء والله أعلم (6) أي تركهم لما وهب الله تعالى لهم من غنى النفس، فصبروا وتعففوا عن المسألة والشره (7) مثل هذه الباء في قوله (بكلمة) تسمى بالباء البدلية وبالمقابلة نحو اعتضت بهذا الثوب خيرًا منه أي ما أحب حمر النعم لي بدل كلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني الكلمة التي قالها النبي صلى الله عليه وسلم في حقه (وهي كونه من أهل الخير والغنى) أحب إليه من أن يعطي حمر النعم وهي الإبل الحمراء بدلها، وكانت هذه

-[إختلاف المذاهب في إعطاء المؤلفة قلوبهم من الزكاة]- .....

_ الإبل محبوبة عند العرب (تخريجه) (خ) وهذا الحديث من أفراد البخاري وأخرجه في الجمعة عن محمد بن معمر، وفي الخمس عن موسى بن إسماعيل، وفي التوحيد عن أبي النعمان (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز المؤلفة قلوبهم من الصدقة سواء أكانوا كفارًا أم مسلمين، وقد ورد في ذلك أحاديث كثيرة منها إعطاؤه صلى الله عليه وسلم أبا سفيان بن حرب وصفوان بن أمية وعيينة بن حصن والأقرع بن حابس وعباس بن مرداس كل إنسان منهم مائة من الإبل، وروي أيضًا أنه صلى الله عليه وسلم أعطى علقمة بن علاقة مائة؛ ثم قال للأنصار لما عتبوا عليه ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والأبل وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم، ثم قال لما بلغه أنهم قالوا يعطي صناديد نجد ويدعنا - إنما فعلت ذلك لأتألفهم - كما في صحيح مسلم وغيره (واعلم أن المؤلفة قلوبهم) صنفان، صنف كفار كان النبي صلى الله عليه وسلم يعطيهم ترغيبًا لهم ولقومهم في الإسلام وصنف أسلموا على ضعف كان النبي صلى الله عليه وسلم يتألفهم ليثبتوا على الإسلام، وقد اتفق العلماء على جواز ذلك في المؤلفة قلوبهم من المسلمين، واختلفوا في الكفار، فقال الإمام الشافعي لا تتألف كافرًا، فأما الفاسق فيعطى من سهم التأليف (وقال الإمام أبو حنيفة) وأصحابه قد سقط بانتشار الإسلام وغلبته، واستدلوا على ذلك بامتناع أبي بكر من إعطاء أبي سفيان وعيينة والأقرع بن حابس وعباس بن مرداس (قال في روح المعاني) إن هذا الصنف يعني المؤلفة قلوبهم من الأصناع الثمانية قد سقط وانعقد إجماع الصحابة على ذلك في خلافة الصدّيق رضي الله عنه، روي أن عيينة بن حصن والأقرع جاءا يطلبان أرضًا من أبي بكر فكتب بذلك خطّا فمزقه عمر رضي الله عنه وقال هذا شيء كان يعطيكموه رسول الله صلى الله عليه وسلم تأليفًا لكم، فأما اليوم فقد أعز الله تعالى الإسلام وأغنى غنكم، فإن ثبتّم في الإسلام وإلا فبيننا وبينكم السيف، فرجعوا إلى أبي بكر فقالوا أنت الخليفة أم عمر؟ بذلت لنا الخط ومزقه عمر، فقال رضي الله عنه هو إن شاء، ووافقه ولم ينكر عليه أحد من الصحابة رضي الله عنهم اهـ (واختلف المالكية) في المؤلف الكافر فقيل تدفع إليه ترغيبًا له في الإسلام لإنقاذه من النار لا لإعانته للمسلمين، فلا يسقط حقه بفشو الإسلام (وقيل) لا يعطى بناء على أن العلة في إعطائه إعانته للمسلمين، وقد استغنى عنه بعزة الإسلام، أما المؤلف المسلم فلا خلاف في إعطائه عندهم (وذهب الحسن والزهري وأبو جعفر محمد بن علي والعترة والبلخي والإمام أحمد) إلى جواز إعطاء المؤلفة قلوبهم؟ من الصدقة كافرهم ومسلمهم (قال ابن قدامة) ولنا كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم فإن الله تعالى سمى المؤلفة في الأصناف الذين سمى الصدقة لهم والنبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تعالى حكم فيها فجزأها ثمانية أجزاء، وكان يعطي المؤلفة كثيرًا

-[ما ذهب إليه الحنابلة من إعطاء المؤلفة قلوبهم]- (5) باب الصدقة في الرقاب (103) عن البراء بن عازبٍ رضي الله عنه قال جاء أعرابيٌ إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله علِّمني عملاً يدخلني الجنة (1) فقال لئن كنت أقصرت الخطبة لقد أعرضت المسألة (2) أعتق النسمة (3) وفُك الرقبة، فقال يا رسول الله

_ في أخبار مشهورة، ولم يزل كذلك حتى مات، ولا يجوز ترك كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم إلا بنسخ، والنسخ لا يثبت بالاحتمال، ثم إن النسخ إنما يكون في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، لأن النسخ إنما يكون بنص، ولا يكون النص بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم وانقراض زمن الوحي، ثم إن القرآن لا ينسخ إلا بقرآن، وليس في القرآن نسخ كذلك ولا في السنة، فكيف يترك الكتاب والسنة بمجرد الآراء والتحكم أو بقول صحابي أو غيره، على أنهم لا يرون قول الصحابي حجة يترك بها قياس، فكيف يتركون به الكتاب والسنة، (قال الزهري) لا أعلم شيئًا نسخ حكم المؤلفة، على أن ما ذكروه من المعنى لا خلاف بينه وبين الكتاب والسنة، فإن الغنى عنهم لا يوجب، رفع حكمهم؛ وإنما يمنع عطيتهم حال الغنى عنهم، فمتى دعت الحاجة إلى إعطائهم أعطوا، فكذلك جمع الأصناع إذا عدم منها صنف في بعض الزمان سقط حكمه في ذلك الزمن خاصة، فإذا وجد عاد حكمه كذا ههنا اهـ (قال الشوكاني) والظاهر جواز التأليف عند الحاجة إليه، فإذا كان في زمن الإمام قوم لا يطيعونه إلا للدنيا ولا يقدر على إدخالهم تحت طاعته بالقسر والغلب فله أن يتألفهم، ولا يكون لفشو الإسلام تأثير لأنه لم ينفع في خصوص هذه الواقعة، وقد عد ابن الجوزي أسماء المؤلفة قلوبهم في جزء مفرد فبلغوا نحو الخمسين نفسًا اهـ. والله أعلم (103) عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم وأبو أحمد قالا ثنا عيسى بن عبد الرحمن البجلي من بني بجيلة من بني سليم عن طلحة قال أبو أحمد ثنا طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب - الحديث" (غريبه) (1) في رواية أخرى قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال دلني على عمل يقربني إلى الجنة ويبعدني من النار، فقال أعتق النسمة - الحديث" (2) يريد أن الرجل عبّر عن سؤاله بلفظ "قصير وجيز" ولكن المسألة واسعة، لأن الأعمال التي تقرب إلى الجنة كثيرة الشعب، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم أجاب الرجل بهذه الخصال واختارها له لأنه توسم فيه أن حاجته إليها أمس من غيرها، على أن هذا الجواب من جوامع الكلم ينتفع به كل إنسان (3) النسمة النفس والروح، أي أعتق ذات الروح، وكل دابة فيها روح فهي

-[جواز عتق الرقبة وفكها من الرق بمال الصدقة]- أوليستا بواحدةٍ؟ (1) قال لا، إن عتق النسمة أن تفرد بعتقها، وفك الرقبة أن تعين في عتقها، والمنحة الوكوف (2) والفيء على ذي الرحم الظالم (3) فإن لم تطق ذلك فأطعم الجائع واسق الظمآن وأمر بالمعروف وانه عن المنكر فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من الخير (104) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال ثلاث كلهم حقٌ على الله، عون المجاهد في سبيل الله (4) والناكح المستعفف (5) والمكاتب يريد الأداء (6)

_ نسمة، وإنما يريد بني آدم (وعتق النسمة) أن ينفرد بعتقها "وفك الرقبة" أن يعين في عتقها كما فسر بذلك في الحديث، وذلك أن يكاتب السيد عبده على قدر معلوم من المال في نظير عتقه، وليس مع العبد شيء فيستحب لأهل الخير أن يعينوه على أداء ما فرض عليه ولو من الزكاة لتخليصه من الرق (1) يعني أو ليس عتق النسمة وفك الرقبة بمعنى واحد؟ قال لا - الحديث (2) المنحة العطية، والمراد هنا منحة اللبن وهو أن يعطيه ناقة أو شاة ينتفع بلبنها ويردها "والوكوف" أي غزيرة اللبن، وقيل التي لا ينقطع لبنا سنتها جميعها، وهو من وكف البيت والدمع إذا تقاطر (نه) يعني ومنحة الناقة أو الشاة الوكوف تقرب من الجنة (3) أي الرجوع إليه والعطف عليه مقرب إلى الجنة، وإنما كان ذلك كذلك لأن الظلم من شأنه قطع حبل المودة والعطف، فإذا عطف عليه لكونه ذا رحم مراعيًا بذلك وجه الله تعالى غير ناظر إلى ظلمه كان ذلك سببًا في دخوله الجنة (تخريجه) (قط) ورجاله ثقات (104) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن عجلان حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (4) أي الذي يريد الجهاد بنفسه وليس له فرس أو سيف أو مال ينفق منه ونحو ذلك (5) أي الذي يريد الزواج بقصد التعفف عن الزنا لا بقصد التلذذ والترف ولم يجد ما يتزوج به (6) هو العبد يكاتبه سيده على قدر معلوم من الدراهم ونحوها؛ فإن أدّى ذلك أخلى سبيله من الرق (تخريجه) (نس. مذ. جه) وحسنه الترمذي (الأحكام) حديثا الباب يدلان على جواز عتق الرقبة من مال الصدقة، وتفسير ذلك أن يشتري من زكاة ماله عبدًا ويعتقه أو يدفع للمكاتب شيئًا من مال الصدقة إعانة له على ما طلب منه (وقد اختلف العلماء)

-[مذاهب العلماء في حكم عتق الرقبة وإعانة المكاتب بمال الصدقة]- (6) باب ما جاء في الغارمين (105) عن كنانة بن نعيمٍ عن قبيصة بن المخارق (الهلالي) رضي الله عنه قال حملت حمالةٍ) (1) فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فيها، فقال أقيم حتى تأتينا الصدقة، فإما أن نحملها وإما أن نعينك فيها، وقال إن المسألة لا تحل إلا لثلاثةٍ، لرجلٍ تحمَّل حماية قومٍ فيسأل فيها

_ في المراد بقوله تعالى "وفي الرقاب" فروى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه وسعيد بن جبير والليث والثوري والعترة والحنفية والشافعية وأكثر أهل العلم أن المراد به المكاتبون يعانون من الزكاة على الكتابة، وروي عن ابن عباس والحسن البصري والأئمة (مالك وأحمد بن حنبل وأبي ثور وأبي عبيد) وإليه مال البخاري وابن المنذر أن المراد بذلك أنها تشتري رقاب لتعتق، واحتجوا بأنها لو اختصت بالمكاتب لدخل في حكم الغارمين لأنه غارم وبأن شراء الرقبة لتعتق أولى من إعانة المكاتب، لأنه قد يعان ولا يعتق، لأن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم، ولأن الشراء يتيسر في كل وقت بخلاف الكتابة (وقال الزهري) إنه يجمع بين الأمرين وهو الظاهر لأن الآية تحتمل الأمرين (وحديث البراء المذكور) في دليل على أن فك الرقاب غير عتقها؛ وعلى أن العتق وإعانة المكاتبين على مال الكتابة من الأعمال المقربة من الجنة والمبعدة من النار (وفي حديث أبي هريرة) دلالة على أن الله عز وجل يتولى إعانة المجاهد في سبيل الله. والناكح المتعفف. والمكاتب الذي يريد الأداء ويتفضل عليهم بأن لا يحوجهم، لكن بشرط أن يكون المجاهد يقصد بغزوه وجه الله تعالى وإعلاء كلمة الإسلام لا بقصد الغنيمة أو الفخر، والناكح يريد التعفف عن الزنا، والمكاتب يريد الأداء حقيقة (قال الشوكاني) وقد اختلف في المكاتب إذا كان فاسقًا هل يعان على الكتابة أم لا؟ فذهبت الهادوية إلى أنه لا يعان. قالوا لأنه لا قربة في إعانته (وقال الشافعي) والإمام يحيى والمؤيد بالله إنه يعان وهو الظاهر اهـ. وقد ورد في ثواب الإعتاق وفك الرقبة أحاديث كثيرة أن الله يعتق بكل عضو منها عضوًا من معتقها حتى الفرج بالفرج، وما ذاك إلا لأن الجزاء من جنس العمل، وسيأتي ذلك في كتاب العتق إن شاء الله تعالى (105) عن كنانة بن نعيم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن هارون بن رئاب عن كنانة بن نعيم - الحديث" (غريبه) (1) بفتح الحاء وهي المال الذي يتحمله الإنسان أي يستدينه ويدفعه في إصلاح ذات البين

-[ما ورد في أصناف الغارمين وبيان حالهم]- حتى يؤدِّيها ثم يمسك، ورجلٌ أصابته جائحةٌ (1) أجاحت ماله فيسأل فيها حتى يصيب قوامًا (2) من عيشٍ أو سدادًا (3) من عيشٍ ثم يمسك، ورجلٌ أصابته فاقةٌ (4) فيسأل حتى يصيب قوامًا من عيشٍ أو سدادًا من عيشٍ ثم يمسك، وما سوى ذلك من المسائل سحتًا (5) يا قبيصة يأكله صاحبه سحتًا (وعنه من طريق ثانٍ بنحوه (6) وفيه) ورجلٌ أصابته فاقةٌ أو حاجةٌ حتى يشهد له ثلاثةٌ من ذوي الحِجَا (7) من قومه أنه قد أصابته حاجةٌ أو فاقةٌ

_ كالإصلاح بين قبيلتين ونحو ذلك، وإنما تحل له المسألة ويعطى من الزكاة بشرط أن يستدين لغير معصية (1) هي ما اجتاح المال وأتلفه إتلافًا ظاهرًا ك السيل والحريق ونحو ذلك كالآفة التي تهلك الثمار والأموال وتستأصلها، وكل مصيبة عظيمة وفتنة مبيرة جائحة والجمع جوائح وجاحهم إذا غشيهم بالجوائح وأهلكهم (2) بكسر القاف وهو ما تقوم به حاجته ويستغنى به وهو بفتح القاف الاعتدال (3) هو بكسر السين ما تسد به الحاجة والخلل، وأما السداد بالفتح، فقال الأزهري هو الإصابة في النطق والتدبير والرأي، ومنه سداد من عوز (وقال النووي) القوام والسداد بكسر القاف والسين هما بمعنى واحد، وهو ما يغني من الشيء وما تسد به الحاجة، وكل شيء سددت به شيئًا فهو سداد بالكسر ومنه سداد الثغر والقارورة، وقولهم سداد من عوز اهـ (4) قال الجوهري الفاقة الفقر والحاجة (5) بضم السين وسكون الحاء المهملتين، وروي بضم الحاء وهو الحرام، وسمي سحتًا لأنه يسحت أي يمحق، وقد وقعت هذه الكلمة بالنصف في رواية الإمام أحمد، وكذا في رواية مسلم (قال النووي) هكذا هو في جميع النسخ سحتًا، ورواية غير مسلم سحت، وهذا واضح، ورواية مسلم صحيحة وفيه إضمار، أي اعتقده سحتًا أو يؤكل سحتًا اهـ (قلت) وهكذا فُسر في رواية الإمام أحمد، والله أعلم (6) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عيينة عن هارون بن رئاب عن كنانة بن نعيم - الحديث" (7) بكسر الحاء المهملة مقصور العقل، وإنما جعل العقل معتبرًا، لأن من لا عقل له لا تحصل الثقة بقوله، وإنما قال من قومه لأنهم أخبر بحاله وأعلم بباطن أمره، والمال مما يخفى في العادة ولا يعلمه إلا من كان خبيرًا لحاله، وظاهره اعتبار شهادة ثلاثة على الإعسار (تخريجه) (م. د. نس)

-[بيان الأصناف التي يجوز لهم المسألة ويعطون من الزكاة]- (106) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن المسألة لا تحل إلا لأحد ثلاثٍ؛ ذي دمٍ موجعٍ، أو غُرمٍ مفظعٍ، أو فقرٍ مدقعٍ (107) عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده (معاوية بن حيدة) (1) رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إنا قومٌ نتساءل أموالنا (2) قال يتساءل الرجل في الجائحة والفتق (3) ليصلح به بين قومه، فإذ بلغ أو كرب (4) استعف (108) عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال أصيب (5) رجلٌ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمارٍ ابتاعها فكثر دينه، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقوا عليه، قال فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه

_ (106) (عن أنس بن مالك) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الفقير والمسكين رقم 93 - وإنما ذكرت هذا الطرف منه هنا لقوله فيه أو غرم مفظع وهو يناسب الترجمة، وهو ما يلزم أداؤه تكلفًا لا في مقابلة عوض، وتقدم تفسيره هناك، والله أعلم (107) عن بهز بن حكيم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده - الحديث" (غريبه) (1) هو معاوية بن حيدة بن معاوية بن كعب القشيري صحابي نزل البصرة ومات بخراسان وهو جد بهز بن حكيم قاله الحافظ في التقريب (2) أي يسأل بعضنا بعضا في الأموال (والجائحة) تقدم تفسيرها في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (3) أي الحرب تكون بين القوم تقع فيها الجراحات والدماء، وأصله الشق والفتح، وقد يراد بالفتق نقص العهد (نه) (4) أي فإذا بلغ مقصده بالسؤال أو قارب ذلك استعف. أي امتنع عن السؤال (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (108) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا ليث بن سعد عن بكير عن عبد الله بن الأشج عن عياض بن عبد الله بن سعد عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه - الحديث" (غريبه) (5) أي أصيب بأي نوع من أنواع الجائحة المتقدم ذكرها في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب

-[مذاهب العلماء في إعطاء الغارمين - ومن شرط لذلك شروطًا]- فقال النبي صلى الله عليه وسلم خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك (1) (7) باب الصدقة في سبيل الله وابن السبيل وما جاء في استيعاب الأصناف (109) عن أبي سعيدً الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحل الصدقة لغنيٍ (2) إلا لثلاثةٍ. في سبيل الله (3) وابن السبيل

_ (1) وجه الاستدلال بهذا الحديث ومناسبته للترجمة قوله صلى الله عليه وسلم "تصدقوا عليه" لأنه أصيب في ماله فهو من الغارمين الذين يباح لهم أخذ الصدقة سواء أكانت صدقة تطوع أم واجبة، وفيه أن أصحاب الدين ليس لهم على المدين إلا ما تيسر له (تخريجه) (م وغيره) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية إعطاء الغارمين من الزكاة وهم أقسام، فمنهم من تحمّل حمالة أو ضمن دينًا فلزمه فأجحف بماله أو غرم في أداء دينه أو في معصية ثم تاب، فهؤلاء يدفع إليهم وتحل لهم المسألة لذلك، واشترط بعضهم أن يستدين لغير معصية (قال الشوكاني) وإلى هذا الشرط ذهب الحسن البصر والباقر والهادي وأبو العباس وأبو طالب (وروي عن الفقهاء الأربعة) والمؤيد بالله أن يعان، لأن الآية لم تفصّل، وشرط بعضهم أن الحمالة لابد أن تكون لتسكين فتنة، وقد كانت العرب إذا وقعت بينهم فتنة اقتضت غرامة في دية أو غيرها قام أحدهم فتبرع بالتزام ذلك والقيام به حتى ترتفع تلك الفتنة الثائرة، ولا شك أن هذا من مكارم الأخلاق، وكانوا إذا علموا أن أحدهم تحمل حمالة بادروا إلى معونته وأعطوه ما تبرأ به ذمته؛ وإذا سأل لذلك لم يعد نقصًا في قدره بل فخرًا اهـ (وفي الطريق الثاني) من حديث قبيصة دلالة على اعتبار شهادة ثلاثة من الإعسار وقد ذهب إلى ذلك ابن خزيمة وبعض الشافعية (قال النووي رحمه الله) وأما اشتراط الثلاثة فقال بعض أصحابنا هو شرط في بينة الإعسار فلا يقبل إلا من ثلاثة لظاهر هذا الحديث (وقال الجمهور) تقبل من عدلين كسائر الشهادات غير الزنا، وحملوا الحديث على الاستحباب وهذا محمول على من عرف له مال فلا يقبل قوله في تلفه والإعسار إلا ببينة، وأما من لم يعرف له مال فالقول قوله في عدم المال اهـ (وفي أحاديث الباب أيضًا) تحريم المسألة لغير حاجة، وأن من سأل لغير حاجة إنما يأكل سحتًا أي حرامًا، وفيها غير ذلك والله أعلم (109) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا XXX ص 68 ابن أبي ليلى عن عطية عن أبي سعيد الخدري - الحديث" (غريبه) (2) تقدم تعريف الغنى في أحكام باب ما جاء في الفقير والمسكين (3) أي للغازي في سبيل الله

-[حجة من قال بأن الحج من سبيل الله - وفضل العمرة في رمضان]- ورجل (1) كان له جارٌ فتصدق عليه فأهدى له (110) عن أم معقلٍ الأسدية رضي الله عنها أن زوجها جعل بكرًا لها في سبيل الله وأنها أرادت العمرة فسألت زوجها البكر فأبى (2) فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأمره أن يعطيها، وقال النبي صلى الله عليه وسلم الحج والعمرة من سبيل الله، وقال عمرةٌ في رمضان تعدل حجةً أو تجزئ حجةً (3) وقال حجاجٌ (4) تعدل بحجةٍ أو تجزئ بحجةٍ

_ كما في حديثه الآتي بعد حديث (وقوله وابن السبيل) قال المفسرون هو المسافر المنقطع يأخذ من الصدقة وإن كان غنيًا في بلده، وقال مجاهد هو الذي قطع عليه الطريق (وقال الإمام الشافعي) ابن السبيل المستحق للصدقة هو الذي يريد السفر في غير معصية فيعجز عن بلوغ مقصده إلى بمعونة (1) بالجر بدل من ثلاثة أي فقير كان له جار غني (فتصدق) بضم التاء والصاد المهملة مبني للمجهول، أي فتصدق الناس على الفقير فأهدى لجاره الغني مما أخذه من الزكاة، فيجوز للغني قبول هدية الفقير، لأن صفة الزكاة قد زالت عنها (تخريجه) (د. وغيره) وفي إسناده عطية بن سعيد بن جنادة العوفي بفتح العين المهملة وإسكان الواو، ضعفه الثوري وهشيم وابن عدي وحسّن له الترمذي أحاديث (110) عن أم معقل الأسدية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة عن إبراهيم بن مهاجر عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث قال أرسل مروان إلى أم معقل الأسدية يسألها عن هذا الحديث فحدثته أن زوجها جعل بكرًا لها في سبيل الله - الحديث" (غريبه) (2) أي لم يجب طلبها لاعتقاده أن جعل البكر في سبيل الله يمنع من استخدامه في الحج، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بإعطائها وقال الحج والعمرة في سبيل الله (3) أي تقوم مقامها في الثواب لا أنها تعدلها في كل شيء، فإنه لو كان عليه حجة فاعتمر في رمضان لا تجزئه عن الحجة (4) هو ابن محمد أحد رجال السند قال في روايته تعدل بحجة أو تجزئ بحجة والمعنى واحد (تخريجه) أخرجه الأربعة وفي إسناده إبراهيم بن مهاجر بن جابر البجلي الكوفي تكلم فيه غير واحد، وقد اختلف على أبي بكر بن عبد الرحمن فيه؛ فروي عنه عن رسول مروان الذي أرسله إلى أم معقل عنها، وروي عنه عن أم معقل بغير واسطة، وروي عنه عن أبي معقل والله أعلم

-[من تحل لهم الصدقة من الأغنياء - وزوائد الباب]- (111) عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحل الصدقة لغنيٍ إلا لخمسةٍ، لعاملٍ عليها (1) أو رجلٍ اشتراها بماله (2) أو غارمٍ، أو غازٍ في سبيل الله. أو مسكينٍ تُصُدِّق عليه منها فأهدى منها لغنيٍ

_ (111) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري - الحديث) (غريبه) (1) قال ابن عباس يدخل في العامل الساعي والكاتب والقاسم والحاشر الذي يجمع الأموال وحافظ المال والعريف وهو كالنقيب للقبيلة وكلهم عمال؛ لكن أشهرهم الساعي، والباقي أعوان له، وظاهر هذا أنه يجوز الصرف من الزكاة إلى العامل عليها سواء أكان هاشميًا أم غير هاشمي، لكن هذا مخصص بحديث المطلب بن ربيعة الآتي في باب تحريم الصدقة على بني هاشم، فإنه يدل على تحريم الصدقة على العامل الهاشمي، ويؤيده حديث أبي رافع الآتي في الباب المذكور، فإن النبي صلى الله عليه وسلم لم يجوّز له أن يصحب من بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصدقة لكونه من موالي بني هاشم (2) فيه أنه يجوز لغير دافع الزكاة شراؤها ويجوز لآخذها بيعها ولا كراهة في ذلك (وفيه دلالة) على أن الزكاة والصدقة إذا ملكها الآخذ ت غيرت صفتها وزال عنها اسم الزكاة وتغيرت الأحكام المتعلقة بها، والغارم وما بعده تقدم تفسيره والله أعلم (تخريجه) (لك. د. جه. بر. هق. عل. ك) وصححه الحاكم، وقد أعل بالإرسال لأنه رواه بعضهم عن عطاء بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه رواه الأكثر عنه عن أبي سعيد كما هنا، والرفع زيادة يتعين الأخذ بها. والله أعلم (زوائد الباب) (عن يوسف بن عبد الله بن سلام) عن جدته أم معقل رضي الله عنها قالت لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجه الوداع وكان لنا فجعله أبو معقل في سبيل الله وأصابنا مرض وهلك أبو معقل وخرج النبي صلى الله عليه وسلم - فلما فرغ من حجته جئته فقال يا أم معقل ما منعك أن تخرجي؟ قالت لقد تهيأنا فهلك أبو معقل وكان لنا جمل هو الذي نحج عليه فأوصى به أو معقل في سبيل الله، قال فهلا خرجت عليه؟ فإن الحج من سبيل الله رواه أبو داود (وعن زياد بن الحارث الصُّدائي) رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته فأتى رجل فقال أعطني من الصدقة، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو، فجزأها ثمانية أجزاء، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك؛ رواه أبو داود، وفي إسناده عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الأفريقي، وقد

-[مذاهب العلماء في دفع الزكاة في سبيل الله وابن السبيل - وكلامهم في العمرة في رمضان]- .....

_ تكلم فيه غير واحد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية إعطاء الزكاة في سبيل الله وهو صنف من الأصناف الثمانية التي ذكرها الله عز وجل في قوله {إنما الصدقات للفقراء والمساكين- الآية}، ومن سبيل الله الغزاة فلهم سهم في الصدقة يعطون إذا أردوا الخروج إلى الغزو وما يستعينون به على أمر الغزو من النفقة والكسوة والسلاح والحمولة وإن كانوا أغنياء، ولا يعطى شيء منه في الحج عند أكثر أهل العلم؛ وقال قوم يجوز أن يصرف سهم في سبيل الله، ويروى ذلك عن ابن عباس وهو قول الحسن (والإمام أحمد وإسحاق) وحجتهم ما جاء من ذلك في أحاديث الباب (وفيها أيضًا) مشروعية إعطاء الزكاة لابن السبيل وهو أحد الأصناف الثمانية أيضًا، فكل من يريد سفرًا مباحًا ولم يكن له ما يقطع به المسافة يعطى من الصدقة بقدر ما يقطع به تلك المسافة سواء كان له في البلد المنتقل إليه مال أو لم يكن (وقال قتادة) ابن السبيل هو الضيف، وقال فقهاء العراق ابن السبيل الحاج المنقطع (وقال الإمام الشافعي رحمه الله) ابن السبيل المستحق للصدقة هو الذي يريد السفر في غير معصية فيعجز عن بلوغ مقصده إلا بمعونة (وفيها أيضًا) جواز إهداء الفقير الذي صرفت إليه الزكاة بعضًا منها إلى الأغنياء، لأن صفة الزكاة قد زالت عنها (وفيها أيضًا) دلالة على جواز قبول هدية الفقير للغني (وفيها أيضًا) مشروعية إعطاءها لعامل عليها أو غارم، وتقدم الكلام على ذلك (وفيها أيضًا) أنه يجوز لغير دافع الزكاة شراؤها ويجوز لآخذها بيعها بدون كراهة (وفيها أيضًا) دلالة على أنه لا تحل الصدقة لغير هؤلاء الخمسة من الأغنياء، وما ورد بدليل خاص كان مخصصًا لهذا العموم (وفيها أيضًا) دلالة على أن العمرة في رمضان تعدل حجة في الثواب (قال ابن خزيمة) في هذا الحديث أن الشيء يشبه الشيء ويجعل عدله إذا أشبهه في بعض المعاني لا جميعها؛ لأن العمرة لا يقضى بها فرض الحج ولا النذر (قال الحافظ) والحاصل أن العمرة في رمضان تعدل الحجة في الثواب لا أنها تقوم مقامها في إسقاط الفرض للإجماع على أن الاعتمار لا يجزئ عن فرض الحج. ونقل الترمذي عن استحقاق بن راهويه أن معنى الحديث نظير ما جاء أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن (وقال ابن العربي) حديث العمرة هذا صحيح وهو فضل من الله ونعمة. فقد أدركت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان إليها (وقال ابن الجوزي) فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وبخلوص القصد (وقال غيره) يحتمل أن يكون المراد عمرة فريضة في رمضان كحجة فريضة وعمرة نافلة (وقال ابن التين) قوله لحجة يحتمل أن يكون على بابه. ويحتمل أن يكون لبركة رمضان، ويحتمل أن يكون مخصوصًا بهذه المرأة (قال الحافظ) الثالث قال به بعض المتقدمين

-[مذاهب العلماء في حكم تقسيم الصدقة في الأصناف الثمانية]- .....

_ ففي رواية أحمد بن منيع المذكورة قال سعيد بن جبير ولا نعلم هذه إلا لهذه المرأة وحدها، ووقع عند أبي داود من حديث يوسف بن عبد الله بن سلام عن أم معقل في آخر حديثها قال فكانت تقول الحج حجة والعمرة عمرة. وقد قال هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم لي فما أدري أليَ خاصة تعني أو للناس عامة اهـ. والظاهر حمله على العموم كما تقدم. والسبب في التوقف استشكال ظاهره وقد صح جوابه. والله أعلم أفاده الحافظ (خاتمة في مذاهب الأئمة) في كيفية تقسيم الصدقة على الأصناف الثمانية المذكورة في كتاب الله عز وجل اختلف أهل العلم والفقهاء في كيفية قسم الصدقات وفي جواز صرفها إلى بعض الأصناف فذهب جماعة إلى أنه لابد من صرف الزكاة للأصناف الثمانية لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث زياد بن الحارث الصدائي المذكور في الزوائد "فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك حقك" أي نصيبك منها. وإلى هذا ذهب (عكرمة وعمرو بن عبد العزيز والزهري وداود والشافعي) (وقال إبراهيم النخعي) إذا كان مال الزكاة كثير أعممت الأصناف لزومًا. وإن كان قليلاً جاز أن يوضع في صنف واحد (وقال مالك) يقدم الأحوج ولا يلزم التعميم (وقال أبو ثور) أن قسمة الإمام لزم تعميم الأصناف، وأن قسمة رب المال جاز صرفه في صنف واحد. والمعتمد عند الشافعية لزوم التعميم أن قسم الإمام، وكذا أن قسم المالك وكانوا محصورين (وذهب أبو حنيفة وأصحابه وأحمد) والنخعي وعطاء والثوري وأبو عبيد إلى استحباب تعميم الأصناف إن أمكن، وجواز صرفها إلى بعض ولو شخصًا واحدًا. وهو قول عمر وعلي وابن عباس ومعاذ وحذيفة وكثيرين من الصحابة. ومن التابعين سعيد بن جبير والحسن والضحاك. واستدلوا بما روى الطبري في التفسير عن ابن عباس في قوله تعالى {إنما الصدقات للفقراء - الآية} أنه قال في أي صنف وضعته أجزأك وروى نحوه ابن أبي شيبة عن عمر وحذيفة وسعيد بن جبير وعطاء بن أبي رباح وابي العالية وميمون بن مهران (والظاهر ما ذهب إليه أبو حنيفة ومالك) ومن وافقهما لما رواه أبو عبيد القاسم بن سلام في كتاب الأموال أنه صلى الله عليه وسلم أتاه مال فجعله في صنف المؤلفة قلوبهم الأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وعلقمة بن علاقة وزيد الخيل قسم فيهم الذهبية التي بعث بها معاذ من اليمن. ثم أتاه مال آخر فجعله في صنف آخر وهم الغارمون. فقال لقبيصة بن المخارق حين أتاه وقد تحمل حمالة يا قبيصة أقم حتى تأتينا الصدقة فنأمر لك بها. وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بني زريق بدفع صدقتهم إلى سلمة بن صخر البياض، ولو وجب صرفها إلى جميع الأصناف لما صرفها صلى الله عليه وسلم إلى واحد، والآية ليس فيها تعميم جميع الأصناف وإنما سمى الله تعالى

-[تحريم الصدقة على النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته]- (8) تحريم الصدقة على بني هاشم وأزواجهم ومواليهم لا الهدية (112) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن جعفرٍ ثنا شعبة قال سمعت بريد (1) بن أبي مريم يحدث عن أبي الحوراء (2) قال قلت للحسن بن عليٍ رضي الله عنهما ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال أذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أخذت تمرةً من تمر الصدقة فجعلتها في فيَّ، قال فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم بلعابها (3) فجعلها في التمر، فقيل يا رسول الله (4) ما كان عليك من هذه التمرة لهذا الصبي؟ قال وإنا آل محمدٍ لا تحل لنا الصدقة، قال وكان يقول دع

_ هذه الأصناف الثمانية إعلامًا منه أن الصدقة لا تخرج عن هذه الأصناف لا إيجابًا لقسمها بينهم جميعًا. ولأن في التعميم حرج ومشقة؛ والله تعالى يقول {ما جعل عليكم في الدين من حرج} والمراد من حديث زياد بن الحارث الصدائي بيان أن الآية تكفلت ببيان الأصناف الذين يجوز الدفع إليهم. ولذا اختار بعض محققي الشافعية قول الجمهور وهو عدم وجوب التعميم (قال البيضاوي) في تفسير الآية بعد أن ذكر قول الجمهور. واختاره بعض أصحابنا. وبه كان يفتي شيخي وولدي رحمهما الله تعالى على أن الآية لبيان أن الصدقة لا تخرج عنهم لا لإيجاب قسمها عليهم والله أعلم اهـ (112) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) بضم الباء الموحدة وفتح الراء مصغرًا (قال الحافظ) في التقريب يريد بن أبي مريم مالك بن أبي ربيعة السلولي بفتح المهملة البصري ثقة من الرابعة مات سنة أربع وأربعين (2) اسمه ربيعة بن شيبان بمعجمة السعدي أبو الحوراء بمهملتين البصري عن الحسن بن علي، وعنه بريد بن أبي مريم وثقه الترمذي وقال النسائي ثقة (3) مبالغة في عدم إيصال شيء من أثرها إلى جوفه لأنها أوساخ الناس كما في رواية (4) لم أقف على اسم القائل، والمعنى أن بعض الحاضرين فهم أن أخذ تمرة واحدة من تمر الصدقة لا يضر بمصلحتها ولا يعد سرقة لا سيما والذي أخذها صبي صغير لا تكليف عليه، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم ما كان عليك. أي ما الذي يغضبك أو ما الذي يصيبك يا رسول الله من قبول هذه التمرة وتركها لهذا الصبي؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم أن الأمر ليس كما فهم، بل السرف في ذلك أن الصدقة لا تحل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ولا لأحد من آل بيته كما في

-[ترك ما فيه ريبة - ومدح الصدق - وذم الكذب]- ما يريبك (1) إلى ما لا يريبك، فإن الصدق طمأنينة (2) وإن الكذب ريبةٌ، قال وكان يعلمنا هذا الدعاء (3) اللهم اهدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت، وبارك لي فيما أعطيت، وقني شر ما قضيت، إنك تقضي ولا يقضى عليك، إنه لا يذر ما واليت، قال شعبة وأظنه قد قال هذه أيضًا تباركت ربنا وتعاليت (4) (113) عن ربيعة بن شيبان (5) أنه قال للحسن بن عليٍ رضي الله عنهما ما تذكر من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال أدخلني غرفة الصدقة فأخذت منها تمرةً فألقتيها في فمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألقها فإنها لا تحل لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ولا لأحدٍ من أهل بيته (114) عن أبي الحوراء قال كنا عند حسن بن عليٍ رضي الله عنهما

_ رواية ستأتي والله أعلم (1) أي اترك ما تشك في كونه حسنًا أو قبيحًا أو حلالاً أو حرامًا "إلى ما لا يريبك" أي إلى ما لا تشك فيه أي ما تتيقن من حسنه وحِله (2) أي يطمئن إليه القلب ويسكن (وإن الكذب ريبة) أي يقلق له القلب ويضطرب (3) تقدم شرح هذا الدعاء في "باب القنوت في الوتر وألفاظه" صحيفة 310 في الجزء الثالث (4) في الأصل بعد هذه الجملة قال شعبة وقد حدثني من سمع هذا منه ثم إني سمعته حدث بهذا الحديث مخرجه إلى المهدي بعد موت أبيه فلم يشك في تباركت وتعاليت، فقلت لشعبة إنك تشك فيه، فقال ليس فيه شك (تخريجه) لم اقف على هذا الحديث بهذا السياق لغير الإمام أحمد، وأخرج الترمذي وابن حبان منه حديث (دع ما يربك الخ) وأخرج الأربعة منه دعاء القنوت ورجاله رجال الصحيح (113) عن ربيعة بن شيبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر ثنا ثابت بن عمارة ثنا ربيعة بن شيبان - الحديث" (غريبه) (5) هو أبو الحوراء المتقدم ذكره في الحديث السابق فذكره هناك بكنيته وذكره هنا باسمه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي، وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (114) عن أبي الحوراء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد

-[تحريم الصدقة على النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته ولو تمرة]- فسئل ما عقلت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كنت أمشي معه فمر على جرينٍ (1) من تمرٍ للصدقة فأخذت تمرة فألقيتها في فمي فأخذها بلعابها، فقال بعض القوم وما عليك لو تركتها، قال إنا آل محمدٍ لا تحل لنا الصدقة، قال وعلقت منه الصوات الخمس (115) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقسم تمرًا من تمر الصدقة والحسن بن علي رضي الله عنهما في حجره، فلما فرغ حمله النبي صلى الله عليه وسلم على عاتقه فسال لعابه على النبي صلى الله عليه وسلم فرفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه فإذا تمرة في فيه، فأدخل النبي صلى الله عليه وسلم يده فانتزعها منه، ثم قال أما علمت أن الصدقة لا تحل لآل محمدٍ صلى الله عليه وسلم (116) وعنه أيضًا أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى الحسن بن عليٍ رضي الله عنهما أخذ تمرة من تمر الصدقة فلاكها في فيه، فقال له النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كِخ كِخ (3) ثلاثًا لا تحل لنا الصدقة

_ هو الزبيري حدثنا العلاء بن صالح ثنا يزيد بن أبي مريم عن أبي الحوراء - الحديث" (غريبه) (1) هو موضع تجفيف التمر وهو له كالبيدر للحنطة؛ ويجمع على جُرُن بضمتين (يخرجه) (عل. طب) وقال الهيثمي رجال أحمد ثقات (115) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر أخبرني محمد بن زياد أنه سمع أبا هريرة يقول كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد ورجاله من رجال الصحيحين، ومعناه في الصحيحين (116) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (3) بفتح الكاف وكسرها وسكون المعجمة مثقلاً مخففًا وبكسرها منونة وغير منونة فيخرج من ذلك ست لغات، والثانية والثالثة تأكيد للأولى، وهي كلمة تقال لردع الصبي عند مناولة ما يستقذر

-[جواز أكل النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته من الهدية لا الصدقة]- (117) عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نائمًا فوجده تمرةً تحت جنبه فأخذها فأكلها، ثم جعل يتضور (1) من آخر الليل وفزع لذلك بعض أزواجه، فقال إني وجدت تمرةً تحت جنبي فأكلتها فخشيت أن تكون من تمر الصدقة (وعنه من طريقٍ ثانٍ (2) بنحوه وفيه) فأكلها فلم ينم تلك الليلة، فقال بعض نسائه يا رسول الله أرقت البارحة، قال إني وجدت تحت جنبي تمرةً فأكلتها وكان عندنا تمرٌ من تمر الصدقة فخشيت أن تكون منه (118) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بطعامٍ من غير أهله سأل عنه، فإن قيل هديةٌ أكل، وإن قيل صدقةٌ قال كلوا ولم يأكل (3)

_ قيل إنها عربية وقيل أعجمية وزعم الداودي أنها معربة، وقد أوردها البخاري في باب من تكلم بالفارسية، وقد زاد عند البخاري بعد قوله كخ كخ (ارم بها) وفي رواية للإمام أحمد (ألقها يا بني) وكأنه كلمه أولاً بهذا فلما تمادى قال له كخ كخ إشارة إلى استقذار ذلك ويحتمل العكس والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (117) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر الحنفي ثنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب - الحديث" (غريبه) (1) أي يتلوى ويتقلب ظهرًا لبطن من الأرق والتفكير بسبب أكل هذه التمرة، وما ذلك إلا لأن أكل شيء من الصدقة محرم عليه وعلى آل بيته (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا وكيع ثنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله علهي وسلم وجد تحت جنبه تمرة من الليل فأكرها فلم ينم - الحديث" (تخريجه) لم اقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (118) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (3) فيه استعمال الورع والفحص عن أصل المآكل والمشارب (تخريجه) (م. مذ. وغيرهما)

-[عدم جواز استعمال آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقة]- (119) وعن بهز بن حكيمٍ عن أبيه عن جده (1) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نحوه (120) عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب رضي الله عنه أنه اجتمع ربيعة بن الحارث وعباس بن عبد المطلب رضي الله عنهما فقالا والله لو بعثنا هذين الغلامين، فقالا لي وللفضل بن عباسٍ (2) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرهما على هذه الصدقات فأديا ما يؤدي الناس وأصابا ما يصيب الناس ما المنفعة، فبينا هما في ذلك جاء علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه فقال ماذا تريدان؟ فأخبراه بالذي أرادا، قال فلا تفعلا. فوالله ما هو بفاعل، فقالا لم تصنع هذا؟ فما هذا منك إلا نفاسةً (3) علينا، لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونلت صهره فما نفسنا (4) ذلك عليك، قال فقال أنا أبو حسنٍ (5) أرسلوهما

_ (119) وعن بهز بن حكيم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مكي بن إبراهيم أنا بهز بن حكيم عن ابيه عن جده قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتى بالشيء سأل عنه هدية أم صدقة؟ فإن قالوا هدية بسط يده، وإن قالوا صدقة قال لأصحابه خذوا (غريبه) (1) هو معاوية بن حيدة رضي الله عنه صحابي جليل تقدم ذكره آنفًا رقم 107 صحيفة 67 (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (120) عن عبد المطلب بن ربيعة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب وسعد قالا ثنا أبي عن صالح عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب أخبره أن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب أخبره أنه اجتمع ربيعة بن الحارث وعباس بن عبد المطلب الحديث، وبسند آخر قال حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال ثنا الزهري عن محمد بن عبد الله بن نوفل بن الحارث عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث قال اجتمع العباس بن عبد المطلب وربيعة بن الحارث في المسجد فذكر الحديث (غريبه) (2) أي فأشار إليّ وإلى الفضل بن عباس، فالقول هنا بمعنى الإشارة (وقوله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم) متعلق ببعثنا (3) أي حسدًا منك (4) هو بكسر الفاء أي ما حسدناك ذلك (5) في رواية

-[عدم جواز استعمال آل بيت النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقة]- ثم اضطجع قال فلما صلى الظهر (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) سبقناه إلى الحجرة فقمنا عندها حتى مر بنا فأخذ بأيدينا، ثم قال أخرجا ما تصرران (1) ودخل فدخلنا معه وهو حينئذ في بيت زينب بنت جحش، قال فكلمناه فقلنا يا رسول الله جئناك لتؤمِّرنا على هذه الصدقات فنصيب ما يصيب الناس من المنفعة ونؤدي إليك ما يؤدي الناس، قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورفع رأسه إلى سقف البيت حتى أردنا أن نكلمه، فأشارت إلينا زينب من وراء حجابها كأنها تنهانا عن كلامه، وأقبل فقال ألا إن الصدقة لا تبتغى لمحمدٍ ولا لآل محمدٍ (2) إنما هي أوساخ الناس ادعوا لي محمية بن جزءٍ (3) وكان على العشر (4) وأبا سفيان

_ لمسلم أنا أبو حسن القرم بتنوين حسن، والقرم بفتح القاف وسكون الراء بعدها ميم مضمومة وهو السيد، وأصله فحل الإبل (قال الخطابي) معناه المقدم في المعرفة بالأمور والرأي كالفحل، هذا أصح الأوجه في ضبطه (1) بضم التاء وفتح الصادق المهملة وكسر الراء وبعدها راء أخرى، ومعناه تجمعانه في صدوركما من الكلام وكل شيء جمعته فقد صررته (2) في هذا دليل على أن الصدقة محرمة على النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته سواء أكانت بسبب العمل أم لسبب الفقر والمسكنة وغيرهما من الأسباب الثمانية (قال النووي) وهذا هو الصحيح عند أصحابنا، وجوز بعض أصحابنا لبني هاشم وبني المطلب العمل عليها بسهم العامل لأنه إجارة، وهذا ضعيف أو باطل، وهذا الحديث صريح في رده، وفي قوله صلى الله عليه وسلم "إنما هي أوساخ الناس" تنبيه على العلة في تحريمها على بني هاشم وبني المطلب. وأنها لكرامتهم وتنزيههم عن الأوساخ، ومعنى أوساخ الناس أنها تطهير لأموالهم ونفوسهم كما قال تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} فهي كغسالة الأوساخ (3) أما محمية بميم مفتوحة ثم حاء مهملة ساكنة ثم ميم أخرى مكسورة ثم ياء مخففة (وأما جزء) فجيم مفتوحة ثم زاي ساكنة ثم همزة هذا هو الأصح (قال القاضي عياض) هكذا تقوله عامة الحفاظ وأهل الإتقان ومعظم الرواة، وقال عبد الغني بن سعيد (جزى) بكسر الزاي يعني وبالباء (التحتية) وكذا وقع في بعض النسخ في بلادنا (قال القاضي) وقال أبو عبيد هو عندنا جز مشدد الزاي أفاده النووي (4) في رواية لمسلم ادعوا لي محمية بن جزء وهو رجل من بني أسد كان

-[قصة زواج الفضل بن العباس وعبد المطلب بن ربيعة رضي الله عنهم]- ابن الحارث فأتيا فقال لمحمية أصدق عنهما من الخمس (1) (وعنه من طريقٍ ثان (2)) أنه هو والفضل أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليزوجهما ويستعملهما على الصدقة فيصيبان من ذلك، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس وإنها لا تحل لمحمد ولا لآل محمدٍ، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمحمية الزبيدي زوِّج الفضل، وقال لنوفل بن الحارث بن عبد المطلب زوج عبد المطلب بن ربيعة وقال لمحمية بن جزءٍ الزبيدي وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعمله على الأخماس، فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم يصدق عنهما من الخمس شيئًا (3) لم يسمعه عبد الله بن الحارث

_ رسول الله صلى الله عليه وسلم استعمله على الأخماس (قال القاضي عياض) كذا وقع (يعني في رواية مسلم) قال والمحفوظ أنه من بني زبيد لا من بني أسد والله أعلم (1) أي أدِّ صداق زواجهما من الخمس لأنهما كانا طلبا منه الزواج أيضًا كما في الطريق الثانية (وقوله الخمس) يحتمل أن يريد من سهم ذوي القربى من الخمس لأنهما من ذوي القربى، ويحتمل أن يريد من سهم النبي صلى الله عليه وسلم من الخمس (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا ابن المبارك عن يونس عن الزهري عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث أنه هو والفضل أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (3) شيئًا مفعول قال في قوله. وقال لمحمية بن جزء الزبيدي. "وقوله وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعمله إلى قوله من الخمس" جملة معترضة بين القول ومقوله، أي وقال لمحمية بن جزء الزبيدي شيئًا لم يسمعه عبد الله بن الحارث، وليس هذا آخر الحديث. بل بعده هذه الجملة "وفي أول هذا الحديث أن عليًا لقيهما فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستعلكما، فقالا هذا حسدك، فقال أنا أبو حسن القوم لا أربح حتى أنظر ما يردّ عليكما، فلما كلماه سكت فجعلت زينب تلوح بثوبها إنه في حاجتكما" ومعنى هذه الجملة أن الراوي يقول "وفي أول هذا الحديث" يعني الطريق الثانية من حديث الباب "أن عليًا لقيهما" أي قبل مقابلتهما النبي صلى الله عليه وسلم "فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسعلكما في الصدقة" وإنما قال ذلك لكونه يعلم أن الصدقة لا تحل لذوي القربى "فقالا هذا حسدك" أي هذا حسد منك (فقال أنا أبو حسن القوم) بالواو وبإضافة حسن إلى القوم، ومعناه عالم القوم وذو رأيهم "فلما كلماه" أي فلما كلّما النبي صلى الله عليه وسلم في أمرهما "سكت" فأرادا أن يكلماه مرة أخرى، فأشارت إليهما زينب بنت جحش زوج

-[دليل من قال بتحريم الصدقة على موالي آل البيت]- (121) عن عطاء بن السائب قال أتيت أم كلثومٍ ابنة عليٍ (1) بشيءٍ من الصدقة فردتها وقالت حدثني مولىً للنبي صلى الله عليه وسلم يقال له مهران رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنا آل محمدٍ لا تحل لنا الصدقة ومولى القوم منهم (2) (وعنه من طريقٍ ثانٍ (3) بنحوه وفيه) أنها قالت أخبرني مهران أبو ميمون مولى النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا ميمون أو يا مهران إنا أهل بيتٍ نُهينا عن الصدقة، وإن موالينا من أنفسنا ولا نأكل الصدقة (122) عن أبي رافعٍ (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه) قال مر عليَّ الأرقم الزهري (4) أو ابن أبي الأرقم واستعمل على الصدقات قال

_ النبي صلى الله عليه وسلم بثوبها لا تتكلما "إنه في حاجتكما" اي ينظر في أمركما، وقد أمضى لهما النبي صلى الله عليه وسلم مسألة الزواج ومنع عنهما استعمالهما في الصدقة كما قال علي رضي الله عنه (تخريجه) (مد. نس. وغيرهم) (121) عن عطاء بن السائب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عطاء بن السائب - الحديث" (غريبه) (1) هي الصغرى ولعليّ رضي الله عنه بنت أخرى يقال لها أم كلثوم وهي الكبرى، أمها فاطنة بنت النبي صلى الله عليه وسلم وتزوجها عمر فولدت له، والصغرى عمّرت وسمع منها عطاء بن السائب؛ وأمها أم ولد، ذكرها ابن سعيد، أفاده الحافظ في تعجيل المنفعة (2) فيه أن الصدقة تحرم على موالي أهل البيت كما تحرم عليهم (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا سفيان عن عطاء بن السائب بنحو الطريق الأولى وفيه أنها قالت أخبرني مهران الخ (تخريجه) (طب. عب. ش) وأورده الهيثمي وقال أم كلثوم لم أر من روى عنها غير عطاء بن السائب وفيه كلام. (122) عن أبي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن الحكم بن عتيبة عن ابن أبي رافع عن أبي رافع - الحديث" (غريبه) (4) أي اذهب معي لتعطي من الزكاة فلم يقبل حتى استأذن النبي صلى الله عليه وسلم فلم يأذن له تنزيهًا له عن أوساخ الناس وإلحاقًا له بمولاه وهو النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأن مولى القوم من أنفسهم كما صرح بذلك في الحديث، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يمونه فكان مستغنيًا

-[تحريم الصدقة على موالي النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته - وجواز الإهداء إليه وأكله من الهدية]- فاستتبعني (وفي روايةٍ قال أصحبني كيما تصيب منها (1)) قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته عن ذلك، فقال يا أبا رافعٍ إن الصدقة حرامٌ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، وإن مولى القوم من أنفسهم (123) عن سلمان (الفارسي رضي الله عنه) قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم بطعامٍ وأنا مملوكٌ فقلت هذه صدقةٌ، فأمر أصحابه فأكلوا ولم يأكل، ثم أتيته بطعامٍ فقلت هذه هديةٌ أهديتها لك أ: رمك الله بها فإني رأيتك لا تأكل الصدقة، فأمر أصحابه فأكلوا وأكل معهم

_ بذلك عن قبول أوساخ الناس، وقد روى البيهقي، والحاكم عن ابن عمر مرفوعًا "الولاء لحمة كلحمة النسب" (1) رواية أبي داود والترمذي عن أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً على الصدقة من بني مخزوم، فقال لأبي رافع اصحبني الحديث (قال المنذري) وهذا الرجل الذي بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأرقم بن الأرقم القرشي المخزومي بيّن ذلك الخطيب والنسائي، وكان من المهاجرين الأولين وكنيته أبو عبد الله، وهذا الذي استخفى رسول الله صلى الله عليه وسلم في داره بمكة في أسفل الصفا حتى كملوا الأربعين رجلاً آخرهم عمر بن الخطاب، وهي التي تعرف بالخيزران، وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه إبراهيم. وقيل أسلم. وقيل ثابت. وقيل هرمز اهـ (123) عن سلمان الفارسي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثنا محمد بن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن ابن عباس قال حدثني سلمان قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث" (تخريجه) (طب) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفيه الن إسحاق وهو ثقة ولكنه مدلس وبقية رجاله رجال الصحيح (زوائد الباب) (عن أنس) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمر بالتمرة العائرة ثم يمنعه من أخذها إلا مخافة أن تكون صدقة، رواه أبو داود والطحاوي وسنده جيد (وقوله العائرة) بالهمزة أي الساقطة التي لا يعرف لها مالك من عار الفرس يعير إذا انطلق من مرابطه هائمًا "وعنه بلفظ آخر" أن النبي صلى الله عليه وسلم وجد تمرة فقال لولا أن تكون من الصدقة لأكلتها (ش) (وعن ابن أبي مليكة) أن خالد بن سعيد بعث إلى عائشة ببقرة من الصدقة فردّتها وقالت إنا آل محمد صلى الله عليه وسلم لا تحل لنا الصدقة (ش) (وعن

-[مذاهب الأئمة فيمن تحرم عليهم الصدقة من آل البيت]- .....

_ زيد بن أرقم رضي الله عنه) وقد سأله حصين عن آل البيت الذين تحرم عليهم الصدقة من هم؟ قال هم آل عباس وآلا علي وآل جعفر وآل عقيل، فقال له حصين على هؤلاء تحرم الصدقة قال نعم (ش) (وعن ثابت بن الحجاج) قال بلغني أن رجلين من بني عبد المطلب أتيا النبي صلى الله عليه وسلم يسألانه من الصدقة؟ فقال لا، ولكن إذا رأيتما عندي شيئًا الخمس فأتياني (وعن مجاهد) قال كان آل محمد صلى الله عليه وسلم لا تحل لهم الصدقة فجعل لهم خمس الخمس (ش) (وعن حفصة بنت طلق) قالت حدثني جدي رشيد بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنا لا تحل لنا الصدقة (ش) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على تحريم الصدقة على النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته، وكذلك تحرم على مواليهم أيضًا تبعًا لهم، أما النبي صلى الله عليه وسلم فلا خلاف بين المسلمين أن الصدقة لا تحل له، وقد اختلف في المراد بالآل هنا (فذهب الإمام الشافعي) وجماعة من العلماء إلى أنهم بنو هاشم وبنو المطلب، واستدل الإمام الشافعي على ذلك بأن النبي صلى الله عليه وسلم أشرك بني المطلب مع بني هاشم في سهم ذوب القربى ولم يعط أحدًا من قبائل قريش وغيرهم، وتلك العطية عوض عوضوه بدلاً عما حرموه من الصدقة كما أخرج البخاري والإمام أحمد، وسيأتي من حديث جبير بن مطعم قال "مضيت أنا وعثمان ابن عفان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله أعطيت بني المطلب من خمس خيبر وتركتنا ونحن وهم بمنزلة واحدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بنو المطلب وبنو هاشم شيء واحد" وأجيب عن ذلك بأنه إنما أعطاهم ذلك لموالاتهم لا عوضًا عن الصدقة (وقال الإمامان أبو حنيفة ومالك) هم بنو هاشم فقط (وعن الإمام أحمد) في بني المطلب روايتان (وعن المالكية) فيما بين هاشم وغالب بن فهر قولان، فعن أصبغ منهم هم بنو قصي، وعن غيره بن غالب بن فهر، كذا قال الحافظ، والمراد ببني هاشم آل علي وآل عقيل وآل جعفر وآل العباس وآل الحارث ولم يدخل في ذلك آل أبي لهب لما قيل من أنه لم يسلم أحد منهم في حياته صلى الله عليه وسلم ويرده ما في جامع الأصول أنه أسلم عتبة ومعتب ابنا أبي لهب عام الفتح وسر صلى الله عليه وسلم بإسلامهما ودعا لهما وشهدا مه حنينًا والطائف ولهما عقب عند أهل النسب (قال ابن قدامة) لا نعلم خلافًا في أن بني هاشم لا تحل لهم الصدقة المفروضة، وكذا قال أبو طالب من أهل البيت حكي ذلك عنه في البحر، وكذا حكى الإجماع ابن رسلان، وقد نقل الطبري الجواز (عن أبي حنيفة) وقيل عنه تجوز لهم إذا حرموا سهم ذوي القربى حكاه الطحاوي، ونقله بعض المالكية عن الأبهري منهم، قال الحافظ وهو وجه لبعض الشافعية، وحكى أيضًا عن (أبي يوسف) أنها تحل من بعضهم لبعض لا من غيرهم، وحكاه صاحب البحر عن زيد بن علي والمرتضى وأبي العباس والإمامية

-[تحقيق تحريم الصدقة على آل البيت ولو من بعضهم لبعض ودحض حجج المجوزين لذلك]- .....

_ (قال الحافظ) وعند المالكية في ذلك أربعة أقوال مشهورة. الجواز. المنع. جواز التطوع دون الفرض. عكسه. والأحاديث الدالة على التحريم على العموم تردّ على الجميع، وقد قيل إنها متواترة تواترًا معنويًا، ويؤيد ذلك قوله تعالى {قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى} وقوله {قل ما أسألكم عليه من أجر} ولو أحلها لآله أو شك أن يطعنوا فيه. ولقوله تعالى {خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها} وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أن الصدقة أوساخ الناس كما تقدم عند الإمام أحمد ومسلم (قال الشوكاني) وأما ما استدل به القائلون بحلها للهاشمي من الهاشمي من حديث العباس الذي أخرجه الحاكم في النوع السابع والثلاثين من علوم الحديث بإسناد كله من بني هاشم أن العباس بن عبد المطلب قال قلت يا رسول الله إنك حرّمت علينا صدقات الناس هل تحل علينا صدقات بعضنا لبعض؟ قال نعم فهذا الحديث قد اتهم بعض رواته وأطال صاحب الميزان الكلام في ذلك فليس بصالح لتخصيص تلك العمومات الصحيحة (وأما قول العلامة) محمد بن إبراهيم الوزير بعد أن ساق الحديث ما لفظه "واحسب له متابعًا لشهرة القول به قال والقول قول جماعة وافرة من أئمة العترة وأولادهم وأتباعهم، بل ادعى بعضهم أنه إجماعهم، ولعل توارث هذا بينهم يقوي الحديث اهـ" فكلام ليس على قانون الاستدلال، لأن مجرد الحسبان أن له متابعًا وذهاب جماعة من أهل البيت إليه لا يدل على صحته (وأما) دعوى أنهم أجمعوا عليه فباطل باطل ومطولات مؤلفاتهم مختصراتها شاهدة لذلك (وأما قول الأمير) في المنحة أنها سكنت نفسه إلى هذا الحديث بعد وجدان سنده وما عضده من دعوى الإجماع فقد عرفت بطلان دعوى الإجماع، وكيف يصح إجماع لأهل البيت والقاسم والهادي والناصر والمؤيد بالله وجماعة من أكابر بل جمهورهم خارجون عنه (وأما) مجرد وجدان السند للحديث بدون كشف عنه فليس مما يوجب سكون النفس (والحاصل) أن تحريم الزكاة على بني هاشم معلوم من غير فرق بين أن يكون المزكي هاشميًا أو غيره فلا ينفق (أي يروج) من المعاذير عن هذا المحرم المعلوم إلا ما صح عن الشارع لا ما لفقه الواقعون في هذه الورطة من الأعذار الواهية التي لا تخلّصن ولا ما لم يصح من الأحاديث المروية من التخصيص، ولكثرة أكلة الزكاة من بني هاشم في بلاد اليمن خصوصًا أرباب الرياسة قالم بعض العلماء منهم في الذب عنهم وتحليل ما حرم الله عليهم مقامًا لا يرضاه الله ولا نُقَّاد العلماء فألف في ذلك رسالة هي في الحقيقة كالسراب الذي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئًا، وصار يتسلى بها أرباب النباهة منهم، وقد يتعلق بعضهم بما قاله البعض منهم إن أرض اليمن خراجية، وهو لا يشعر أن هذه المقالة مع كونها من أبطل الباطلات ليست مما يجوز التقليد فيه على مقتضى أصولهم

-[إتفاق العلماء على تحريم صدقة التطوع على النبي صلى الله عليه وسلم واختلافهم فيها لآل بيته ومواليهم]- .....

_ فالله المستعان ما أسرع الناس إلى متابعة الهوى وإن خالف ما هو معلوم من الشرعية المطهرة اهـ كلام الشوكاني (وفي حديث سلمان رضي الله عنه) دلالة واضحة على تحريم صدقة التطوع على النبي صلى الله عليه وسلم (ويؤيده عموم) قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة وغيره "لا تحل لنا الصدقة" فإنه يفيد تحريمها مطلقًا سواء أكانت فرضًا أم تطوعًا، وقد نقل جماعة منهم الخطابي الإجماع على تحريمها عليه صلى الله عليه وسلم، وتعقب بأنه قد حكى غير واحد عن الإمام الشافعي في التطوع قولاً وكذا في رواية عن الإمام أحمد (وقال ابن قدامة) ليس ما نقل عنه من ذلك بواضح الدلالة (وأما آل النبي صلى الله عليه وسلم) فقال أكثر الحنفية وهو المصحح عند الشافعية والحنابلة وكثير من الزيدية أنها تجوز لهم صدقة التطوع دون الفرض، قالوا لأن المحرم عليهم إنما هو أوساخ الناس وذلك هو الزكاة لا صدقة التطوع (وقال صاحب البحر) إنه خصص صدقة التطوع القياس على الهبة والوقف (وقال أبو يوسف وأبو العباس) إنها تحرم عليهم كصدقة الفرض لأن الدليل لم يفصّل (قلت) وهو الظاهر والله أعلم 0 وفي حديث أبي رافع) دلالة على تحريم الصدقة على موالي بني هاشم، ولو كان الأخذ على جهة العمالة (وبه قال أبو حنيفة) وهو مروي أيضًا (والشافعي) وأصحابه، وإليه ذهب المؤيد بالله وأبو طالب وهو مروي عن الناصر وابن الماجشون (ومال الخطابي) إلى عدم تحريم الصدقة على موالي بني هاشم، قال لأنه لا حظ لهم في سهم ذوي القربى فلا يجوز أن يحرموا الصدقة، قال ويشبه أن يكون إنما نهاه (يعني أبا رافع) عن ذلك تنزيهًا له، وقال مولى القوم على سبيل التشبيه للاستنان بهم والاقتداء بسيرتهم في اجتناب مال الصدقة التي هي أوساخ الناس ويشبه أن يكون صلى الله عليه وسلم يكفيه المؤنة إذ كان أبو رافع مولاه وكان يتصرف له في الحاجة والخدمة. فقال له على هذا المعنى أو كنت تستغني بما أعطيت فلا تطلب أوساخ الناس فإنك مولانا ومنا اهـ. وإلى عدم تحريم الصدقة على موالي بني هاشم (ذهب مالك) ويحيى وهو مروي أيضًا عن الناصر (والشافعي) في قوله له أنها تحل لهم (قال صاحب البحر) لأن علة التحريم مفقودة وهي الشرف اهـ (قال الشوكاني) نصب هذه العلة في مقابل هذا الدليل الصحيح من الغرائب التي يعتبر بها المتيقظ اهـ (قلت) وقصارى القول أن المعتمد عند المالكية والشافعية والحنابلة أنه يجوز للآل ومواليهم الأخذ من صدقة التطوع قياسًا على الهبة والهدية والوقف. وإذا منعت الآل من حقهم في سهم ذوي القربى لم يعطوا من الزكاة (عند الإمام أحمد) وهو الصحيح من مذهب الشافعي لعموم الأدلة المانعة ولأن منعهم من الزكاة لشرفهم لقرابة النبي صلى الله عليه وسلم وهو باقي فيبقى المنع (وذهب الإمام مالك) والاصطخري والشافعية والطحاوي من الحنفية إلى جواز دفعها إليهم حينئذ والله أعلم.

-[التشديد في الغلول في الصدقة ووعيد فاعله]- (9) باب الغلول في الصدقة ووعيد من فعله (124) عن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري أن عبد الله بن أنيسٍ رضي الله عنه حدثه أنهم تذاكروا هو وعمر بن الخطاب رضي الله عنه يومًا الصدقة، فقال عمر رضي الله عنه ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ذكر غلول الصدقة (1) أنه من غل فيها بعيرًا أو شاةً (2) أتى به يحمله يوم القيامة؟ قال عبد الله بن أنيس بلى (125) عن أبي حميدٍ الساعدي رضي الله عنه قال استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً من الأزد (3) يقال له ابن اللتبية (4) على صدقةٍ فجاء فقال هذا لكم وهذا أهدي إلي، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال ما بال العامل نبعثه

_ (124) عن عبد الرحمن بن الحباب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف قال عبد الله وسمعته أنا من هارون قال ثنا ابن وهب قال ثنا عمرو بن الحارث أن موسى بن جبير حدثه أن عبد الرحمن بن الحباب الأنصاري حدثه أن عبد الله ابن أنيس رضي الله عنه - الحديث) (غريبه) (1) أن السرقة منها (2) أي أو بقرة أو نحو ذلك كما في بعض الروايات، والمعنى أن من سرق شيئًا من مال زكاة أو غنيمة سواء كان حيوانًا أو غيره أتى به يحمله يوم القيامة، وإنما خص الحيوان الذكر لكونه يصوّت فيزيد افتضاحه، الغلول حرام مطلقًا أي ولو لغير الحيوان من نحو مال أو متاه، لكن غلول الحيوان أشد في الإثم والافتضاح (وقوله بلى) يعني نعم يريد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك (تخريجه) رواه أيضًا المقدسي في المختارة وسنده جيد (125) عن أبي حميد الساعي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري سمع عروة يقول أنا أبو حميد الساعدي قال استعمل النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً - الحديث" (غريبه) (3) بفتح الهمزة وإسكان الزاي، ويقال له الأزدي من أزدشنوءة، ويقال لهم الأزد والأسد بالسين بدل الزاي. وقد جاء بهما في روايتين عند مسلم (4) بضم اللام وإسكان التاء المثناة فوق نسبة إلى بني لتب قبيلة معروفة. واسم ابن اللتبية

-[هدايا العمال من حق بيت المال وإلا كانت غلولاً]- فيجيء فيقول هذا لكم وهذا أهدي إليَّ، افلا جلس في بيت أبيه وأمه فينظر يهدى إليه أم لا، والذي نفس محمدٍ بيده لا يأتي أحدٌ منكم منها بشيءٍ (1) إلا جاء به يوم القيامة على رقبته إن كان بعيرًا له رغاءٌ (2) أو بقرةً لها خوارٌ أو شاةً تبعر (3) ثم رفع يديه حتى رأينا عفرة (4) يديه؛ ثم قال اللهم هل بلغت ثلاثًا، وزاد هشام بن عروة (4) قال أبو حميدٍ سمع أذني وابصر عيني (5) وسلوا زيد بن ثابتٍ (6) (126) وعنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هدايا العمال غلولٌ (7)

_ هذا عبد الله، قاله النووي (1) أي من الصدقة بشيء مسروق (2) الرغاء بضم الراء صوت البعير (والخوار) بضم الخاء المعجمة صوت البقر (3) هو بمثناة فوق مفتوحة ثم ياء تحتية ساكنة ثم عين مهملة مكسورة ومفتوحة، ومعناه تصيع واليعار صوت الشاة (4) رواية مسلم "ثم رفع يديه حتى رأينا عفرتي إبطيه" (والعفرة) بضم العين المهملة وفتحها والفاء ساكنة فيهما، وممن ذكر اللغتين في العين القاضي عياض في شرح مسلم وفي المشارق وصاحب المطالع (قال النووي) والأشهر الضم، قال الأصمعي وآخرون عفرة الإبط هي البياض ليس بالناصع بل فيه شيء كلون الأرض، قالوا وهو مأخوذ من عفر الأرض بفتح العين والفاء وهو وجهها اهـ (5) يعني ابن الزبير في رواية أخرى، وفي رواية لمسلم قال عروة فقلت لأبي حميد أسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من فيه إلى أذني (6) زاد مسلم فإنه كان حاضرًا معي، وفيه استشهاد الراوي والقائل بقول من يوافقه ليكون أوقع في نفس السامع وأبلغ في طمأنينته (تخريجه) (ق. وغيرهما) (126) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد عن عروة بن الزبير عن أبي حميد الساعدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (7) لفظ العمال هنا يشمل السلطان ونوابه من أهل الولايات "وقوله غلول" أي خيانة إن استأثر بها أحد منهم لنفسه لأنها من حق بيت مال المسلمين (تخريجه) (هق) وفي إسناده إسماعيل بن عياش فيه مقال، وله شاهد عند أبي يعلي عن حذيفة بلفظ "هدايا العمال حرام كلها" أي على الإمام

-[تغليظ الغلول في الصدقة ووعيد فاعله]- (127) عن أبي رافع رضي الله عنه (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى العصر ربما ذهب إلى بني عبد الأشهل فيتحدث حتى ينحدر (1) للمغرب، قال فقال أبو رافعٍ فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعًا إلى المغرب إذ مر بالبقيع (2) فقال أُفٍ لك (3) أفٍ لك مرتين فكبر في ذرعي (4) وتأخرت وظننت أنه يريدني، فقال مالك؟؟؟؟؟، قال قلت أحدثت حدثًا يا رسول الله؟ (5) قال وما ذاك؟ قلت أففت بي، قال لا، ولكن هذا قبر فلانٍ بعثته ساعيًا على بني فلانٍ فغل تمرةً (6) فدُرِّع الآن مثلها من نارٍ (128) عن مصعب (7) بن سعدٍ قال دخل عبد الله بن عمر على عبد الله بن عامرٍ

_ ونوابه إن لم توضع في بيت المال والله أعلم (127) عن أبي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية قال أبو إسحاق الفزاري عن ابن جريج قال حدثني منبوذ رجل من آل أبي رافع عن الفضل بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبي رافع قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) أي يسرع والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يمكث عندهم طويلاً حتى لم يبق إلا زمن يسير لوقت المغرب فيسرع ذاهبًا إلى المسجد (2) أي بقيع الغرقد وهو مقبرة أهل المدينة (3) هي صوت إذا صوت به الإنسان علم أنه متضجر متكره يقال أفّفت بفلان تأففًا وأففت به إذا قلت له أف لكن وفيها لغات هذه أصحها وأكثرها استعمالاً (4) الذرع الوسع والطاقة، والمعنى أنه ضاق صدره ولم يطق سماع هذا الكلام من النبي صلى الله عليه وسلم لفهمه أنه يعنيه بذلك (5) أي أذنبت ذنبًا يا رسول الله استحق به تضجرك مني (6) النمرة بكسر الميم كساء من صوف مخطط، أي سرق نمرة من الصدقة فعذبه الله في قبره بأن ألبسه مثلها من نار والجزاء من جنس العمل، وقد أطلع الله نبيه صلى الله عليه وسلم على ذلك فتأفف لهذا المنظر الفظيع وأخبر به أبا رافع ليعتبر الناس بذلك والله أعلم (تخريجه) (نس خز في صحيحه) وسنده جيد (128) عن مصعب بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبو عوانة ثنا سماك بن حرب عن مصعب بن سعد - الحديث" (غريبه) (7) بضم الميم وفتح العين المهملة بينهما صاد مهملة ساكنة هو ابن سعد بن أبي وقاص الزهري أبو زرارة

-[تحذير العمال من الغلول في الصدقة]- يعوده فقال مالك لا تدعو لي (1) قال فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل لا يقبل صلاةً بغير طهورٍ ولا صدقةً من غلولٍ وقد كنت على البصرة يعني عاملاً (129) عن سعيد بن المسيب عن سعيد بن عبادة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له قم على صدقة بني فلان (2) وانظر لا تأتي يوم القيامة ببكرٍ تحمله على عاتقك أو على كاهلك له رغاءٌ يوم (3) القيامة، قال

_ المدني قال ابن سعد ثقة كثير الحديث توفي سنة ثلاث ومائة (1) سبب قول عبد الله بن عامر ذلك لابن عمر أن ابن عمر رضي الله عنه دخل عليه مع آخرين فجعلوا يثنون عليه ويدعون له إلا ابن عمر فقال عبد الله ما لك لا تدعو لي؟ فقال ابن عمر لست بأغشهم لك فذكر الحديث، وما ذكره يستفاد من حديث لمصعب أيضًا تقدم في أول أبواب الوضوء رقم 182 صحيفة 299 من كتاب الطهارة في الجزء الأول، وتعليل ابن عمر رضي الله عنهما عدم الدعاء بذكر الحديث معقبًا بقوله "وقد كنت على البصرة يعني عاملاً" معناه أنك لست بسالم من الغلول فقد كنت واليًا على البصرة وتعلقت بك تبعات من حقوق الله تعالى وحقوق العباد، ولا يقبل الدعاء لمن هذه صفته كما لا تقبل الصلاة والصدقة إلا ممن صان نفسه مما يخل بهما، والظاهر والله أعلم أن ابن عمر قصد زجر ابن عامر وحثه على التوبة وتحريضه على الإقلاع عن المخالفات ولم يرد القطع حقيقة بأن الدعاء للفساق لا ينفع. فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم والسف والخلف يدعون للكفار وأصحاب المعاصي بالهداية والتوبة والله أعلم (تخريجه) (م. مذ. طب) (129) عن سعيد بن المسيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا سليمان بن المغيرة ثنا حميد بن هلال عن سعيد بن المسيب - الحديث" (غريبه) (2) أي محصلاً لزكاتهم، ثم حذره النبي صلى الله عليه وسلم من أن يغل منها شيئًا فإنه لو فعل ذلك يأت بما غل يوم القيامة يحمله على عاتقه سواء أكان صغيرًا أم كبيرًا خفيفًا أم ثقيلاً يقدر على حمله أم لا، وخص البكر بالذكر لأنه أعظم أموال الصدقة كالبطر بفتح الباء الموحدة وإسكان الكاف وهو الفتى من الإبل والأنثى بكرة، فالله سبحانه وتعالى يوجد له قوة على حمله (3) الرغاء بضم الراء وبالغين المعجمة والمد صوت البعير

-[إفتضاح من غل في الصدقة يوم القيامة]- يا رسول الله اصرفها عني فصرفها عنه (1) (130) عن سماك (بن حربٍ) قال سمعت قبيصة بن هلبٍ يحث عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الصدقة فقال لا يجيئن أحدكم بشاةٍ لها يعارٌ (2)

_ (1) يعني أن سعدًا رضي الله عنه طلب من النبي صلى الله عليه وسلم إقالته من هذه العمالة خوفًا من الوقوع فيما حذره النبي صلى الله عليه وسلم منه فأقاله والله أعلم (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد والبزار والطبراني ورواة أحمد ثقات إلا أن سعيد بن المسيب لم يدرك سعدًا، ورواه البزار عن ابن عمر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة فذكر نحوه، ورواته محتج بهم في الصحيح. (130) عن سماك بن حرب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بان داود وهو أبو داود الطيالسي ثنا شعبة عن سماك قال سمعت قبيصة بن هلب - الحديث" (غريبه) (2) اليعار بضم الياء التحتية صوت الشاة، والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم يحذر عمال الصدقة من الخيانة فيها والسرقة، فإن من سرق منها شيئًا سواء كان شاة أو بقرة أو بعيرًا أتى به يحمله يوم القيامة ولن صياح يسمعه جميع الخلائق فيعرفون أن هذا سارق فيفضح أمامهم. نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (زوائد الباب) (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه على الصدقة، فقال يا أبا الوليد اتق الله لا تأتي يوم القيامة ببعير تحمله له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة لها ثغاء، قال يا رسول الله إن ذلك لكذلك؟ قال إي والذي نفسي بيده، قال فو الذي بعثك بالحق لا أعمل لك على شيء أبدًا، أورده المنذري وقال رواه الطبراني في الكبير وإسناده صحيح (الرغاء) تقدم تفسيره وكذلك الخوار (والثغاء) بضم الثاء المثلثة وبالغين العجمة ممدودًا هو صوت الغنم (وعن أبي مسعود) الأنصاري رضي الله عنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعيًا، ثم قال انطلق أبا مسعود لا ألفينك تجيء يوم القيامة على ظهرك بعير من إبل الصدقة له رغاء قد غللته، قال فقلت إذًا لا أنطلق قال إذًا لا أكرهك رواه أبو داود (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلاً يصدق يقال له ابن اللتبية فصدق، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما تعديت ولا تركت لهم حقًا، ولقد أهدي إلي فقبلت الهدية، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال إني أبعث رجالاً على الصدقة فيأتي أحدهم فيقول والله ما تعديت ولا تركت لهم حقًا ولقد

-[مذاهب العلماء في تحريم الغلول وعقاب فاعله]- أبواب النهي عن السؤال وما يتعلق به (1) باب نهي الغني عن السؤال وحدُّ الغنى - ومن لا تحل له الصدقة (131) عن عبد الله (بن مسعودٍ) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل وله ما يغنيه جاءت (1) يوم القيامة خدوشًا أو كدوشًا في وجهه

_ أهدي إلي فقبلت الهدية؛ ألا جلس في حفش (*) أمه فينظر ما هذا الذي يهدى إليه إياكم أن يأتي أحدكم على عنقه بعير له رغاء أو بقرة لها خوار أو شاة لها ثغاء ثم رفع يديه حتى نظر إلى بياض إبطيه ثم قال اللهم هل بلغت، رواه الطبراني في الكبير وفيه إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حنيفة وهو ضعيف (الأحكام) أحاديث الباب تدل على تحريم الغلول سواء كان في الصدقة أو الغنيمة (قال النووي) رحمه الله أجمع المسلمون على تغليظ تحريم الغلول وأنه من الكبائر وأجمعوا على أن عليه رد ما غله فإن تفرق الجيش (إن كان الغلول في الغنيمة) وتعذر إيصال حل كل واحد إليه ففيه خلاف للعلماء (قال الشافعي وطائفة) يجب تسليمه إلى الإمام أو الحاكم كسائر الأموال الضائعة (وقال ابن مسعود) وابن عباس ومعاوية والحسن والزهري والأوزاعي (ومالك والثوري والليث وأحمد والجمهور) يدفع خمسه إلى الإمام ويتصدق بالباقي (واختلفوا) في صفة عقوبة الغال، فقال جمهور العلماء وأئمة الأمصار يعزز على حسب ما يراه الإمام ولا يحرق متاعه، وهذا قول (مالك والشافعي وأب حنيفة) ومن لا يحصى من الصحابة والتابعين ومن بعدهم (وقال مكحول والحسن والأوزاعي) يحرق رحله ومتاعه كله (قال الأوزاعي) إلا سلاحه وثيابه التي عليه (وقال الحسن) إلا الحيوان والمصحف (واحتجوا) بحديث عبد الله بن عمر في تحريق رحله (قال الجمهور) وهذا حديث ضعي لأنه مما انفرد به صالح بن محمد عن سالم وهو ضعيف (قال الطحاوي) ولو صح يحمل على أنه كان إذا كانت العقوبة بالأموال كأخذ شطر المال من مانع الزكاة وضالة الإبل وسارق التمر. وكل ذلك منسوخ والله أعلم اهـ (131) عن ابن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن حكم بن جبير عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله - الحديث" (غريبه) (1) يعني المسألة "وقوع خدوشًا" بضم الخطاء المعجمة جمع خدش وهو ----- (*) الحفش بكسر الحاء المهملة هو البيت الصغير القريب السمك، وأصل الحفش الدرج، شبه به بيت أمه في صغره (نه)

-[بيان من لا تحل له الصدقة]- قالوا يا رسول الله وما غناه؟ قال خمسون درهمًا أو حسابها من الذهب (1) (132) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إن الصدقة لا تحل لغني (2) ولا لذي مرةٍ (3) سوى (133) وعن عبد الله بن عمرو (بن العاص) رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مثله

_ خمش الوجه بظفر أو حديدة أو نحوهما "وقوله أو كدوشًا" بضم الكاف والدال المهملة وبعد الواو شين معجمة، جمع كدش وهو الخدش (1) يعنى قيمتها من الذهب وقدر ذلك بخمسة دنانير (تخريجه) (الأربعة. وغيرهم) وحسنه الترمذي (132) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يحيى ابن إسحاق أخبرني أبو بكر بن عياش أنبأنا أبو حصين عن سالم بن أبي الجعد عن أبي هريرة -الحديث" (غريبه) (2) الغنىّ هو من ملك النصاب عند قوم، وعند آخرين من ملك خمسين درهمًا أو قيمتها من الذهب، وقال أبو عبيد بن سلام هو من وجد أربعين درهمًا أو أوقية، وقال آخرون هو من وجد ما يغديه ويعشيه، وتقدم خلاف المذاهب في ذلك في أحكام باب ما جاء في الفقير والمسكين صحيفة 54 (3) المرة بكسر الميم وتشديد الراء (قال الجوهري) المرة القوة وشدة العقل ورجل مرّ برّ أي قوى ذو مرة، وقال غيره المرة القوة على الكسب والعمل، وإطلاق المرة هنا وهي القوة مقيد بما سيأتي في حديث عبد الله ابن عدى من قوله "ولا لقوى مكتسب" فيؤخذ من الحديثين أن مجرد القوة لا يقتضي عدم الاستحقاق إلا إذا قرن بها الكسب "وقوله سوى" أي مستوى الخلق. قاله الجوهري والمراد استواء الأعضاء وسلامتها (تخريجه) (نس. جه. حب. قط) من طريق سالم بن أبى الجعد عن أبي هريرة كما هنا، قال في التنقيح رواته ثقات، لكن قال أحمد سالم ابن أبى الجعد لم يسمع من أبى هريرة، وأخرجه الحاكم من طريق أبي حازم عن أبي هريرة وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (133) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن سعد بن إبراهيم عن ريحان بن يزيد العامري عن عبد الله بن عمرو قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا تحل الصدقة لغنى ولا لذى مرة سوى (تخريجه) (د. مذ. ك) وحسنه الترمذي، وذكر أن شعبة لم يرفعه، وفي إسناده ريحان بن يزيد وثقه يحيى بن معين

-[حجة القائلين بأن من ملك أربعين درهمًا لا تحل له الصدقة]- (134) عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل وله أوقيةٌ (1) أو عدلها فقد سأل إلحافًا. (135) عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه رضى الله عنه قال سرحتني (2) أمي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله فأتيته فقعدت، قال فاستقبلني فقال من استغنى أغناه الله. ومن استعف أعفه الله. ومن استكفى كفاه الله (3) ومن سأل وله قيمة أوقيةٍ فقد ألحف (4) قال فقلت ناقتي الياقوتة (5)

_ وقال أبو حاتم الرازي شيخ مجهول، وقال بعضهم لم يصح إسناد هذا الحديث، وإنما هو موقوف على عبد الله بن عمرو (قلت) يعضده حديث أبي هريرة رضى الله تعالى عنه السابق وقد علمت صحته. (134) عن عطاء بن يسار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بني أسد- الحديث" (غريبه) (1) يعنى من الفضة وهي أربعون درهمًا "وقوله أو عدلها" بكسر العين وفتحها أي مثلها من الذهب، وقيمتها من الذهب أربعة دنانير، لأن نصاب الزكاة من الفضة خمسة آواق ومن الذهب عشرون دينارًا وقوله (إلحافًا) أي إلحاحًا بدون حق، يقال ألحف السائل إلحافًا أي ألح في المسألة ولازم المسئول حتى يعطيه (تخريجه) لم أقف عليه من حديث هذا الصحابي المجهول لغير الأمام أحمد وسنده جيد وجهالة الصحابي لا تضر، ويقويه أيضًا حديث أبي سعيد الآتي بعده (135) عن عبد الرحمن بن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال عن عمارة بن غزية عن عبد الرحمن ابن أبي سعيد الخدري عن أبيه- الحديث" وله سند آخر حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن موسى ثنا ابن أبي الرجال نحوه (غريبه) (2) أي أرسلتني (3) يعني أن من استغنى عن السؤال واستعف عنه واكتفى وقنع بما أعطاه الله من رزق يسير مع الأخذ بأسباب الكسب الحلال أغناه الله وأعفه وكفاه مؤنة السؤال (4) أي فقد تعدى في السؤال وألح فيه إلحاحًا (5) أي المسماة بهذا الاسم، وفيه جواز تسمية البهائم، وقد سمي النبي صلى الله عليه وسلم بعض الدواب بأسماء، فقد كان له حمار اسمه يعفور، وناقة اسمها العضباء. وغير ذلك

-[تحريم الصدقة على الغني القوي المكتسب]- معي خيرٌ من أوقيةٍ (1) فرجعت ولم أسأله (136) عن عبيد الله بن عديٍ (2) قال أخبرني رجلان (3) أنهما أتيا النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يسألانه الصدقة، قال فرفع فيهما رسول الله صلى الله عليه وسلم البصر وخفضه فرآهما رجلين جلدين (4) فقال إن شئتما أعطيتكما (5) منها ولا حظ فيها لغنيٍ ولا لقويٍ مكتسبٍ (137) ز عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله تعالى

_ (1) زاد أبو داود بعد قوله خير من أوقية (قال هشام) خير من أربعين درهمًا فرجعت فلم أساله، زاد هشام في حديثه وكانت الأوقية على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين درهمًا (تخريجه) (نس) مطولاً كحديث الباب وأخرجه (د. قط. طح) مختصرًا ورجال إسناده ثقات، وسكت عنه أبو داود والمنذري، وابن أبي الرجال المذكور في إسناده اسمه عبد الرحمن بن محمد أبي الرجال قد وثقه الأمام أحمد والدارقطني وابن معين، وذكره ابن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ (136) عن عبيد الله بن عدي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن نمير عن هشام عن أبيه عن عبيد الله بن عدي - الحديث" (غريبه) (2) هو عبيد الله بن عدي بن الخيار بكسر الخاء المعجمة وفتح الياء التحتية مخففة ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم قال العجلي ثقة من كبار التابعين، وذكره ابن سعد في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة، وقيل كان عام الفتح صغيرًا مميزًا فعده بعضهم من الصحابة لذلك، وكان ثقة قليل الحديث، روى له البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي (3) هما رجلان من الصحابة رضى الله عنهم لم أقف لهما على اسم وجهالة الصحابة لا تضر لأنهم كلهم عدول (4) بإسكان اللام أي قويين شديدين (قال الجوهري) الجلد بفتح اللام هو الصلابة والجلادة، تقول منه جلُد الرجل بالضم فهو جلد يعني بإسكان اللام وجليد بين الجلد والجلادة (5) أي من الزكاة ووكلت الأمر إلى ما تعلمناه من حالكما ويكون عليكما إثم الأخذ إن كنتما غنيين أو قادرين على الكسب "وقوله ولا حظ فيها" أي في الصدقة أو في سؤالها لذي مال يصير به غنيًا أو قادر على كسب كفايته (تخريجه) (د. نس. قط) وروى عن الأمام أحمد أنه قال ما أجوده من حديث (137) "ز" عن على رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني محمد

-[حجة القائلين بأن الصدقة لا تحل لمن عنده عشاء ليلة]- عليه وعلى آله وصحبه وسلم من سأل مسألة عن ظهر غنى (1) استكثر بها من رضف (2) جهنم، قالوا ما ظهر غنى؟ قال عشاء ليلةٍ (3) (138) عن حبشي بن جنادة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من سأل من غير فقر فكأنما يأكل الجمر (139) عن سهل بن الحنظلية (4) الأنصاري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن عيينة والأقرع (5) سألا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا فأمر معاوية

_ ابن يحيى بن أبي سمينة ثنا عبد الصمد حدثني أبي ثنا حسن بن ذكوان عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن على -الحديث" (غريبه) (1) أي وعنده ما يغنيه عن السؤال وقد فسر في الحديث بعشاء ليلة (2) الرضف الحجارة المحماة على النار واحدتها رضفة، والمعنى أنه يعذب بالحجارة المحماة في جهنم بقدر سؤاله كثرة وقلة، نعوذ بالله من ذلك (3) يعني أنه لا يجوز لمن عنده عشاء ليلته أن يسأل الناس لغذاء اليوم التالي، فإن هذا ينافي التوكل، والأجل غير معلوم، فإن سأل استحق العقاب المذكور في الحديث، والله أعلم (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه عبد الله بن أحمد في زوائده على المسند والطبراني في الأوسط وسنده جيد (138) عن حبشي بن جنادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ويحيى بن أبي بكير قالا ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن حبشي بن جنادة -الحديث" (تخريجه) (طب) ورجاله رجال الصحيح وللطبراني رواية أخرى بلفظ "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سأل الناس في غير مصيبة حاجته فكأنما يلقم الرضفة وفي إسنادها جابر الجعفي وفيه كلام، وقد وثقه الثوري وشعبة (139) عن سهل بن الحنظلية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عبد الله حدثني الوليد بن مسلم حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثني ربيعة ابن يزيد حدثني أبو كبشة السلوني أنه سمع سهل بن الحنظلية الأنصاري- الحديث" (غريبه) (4) هو اسم أمه، واسم أبيه الربيع أو عمرو؛ ويقال الربيع بن عمرو ابن عدي بن زيد بن جشم الخزرجي، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم شهد بيعة الرضوان، وكان متعبدًا متوحدًا لا يخالط الناس سكن دمشق وكانت داره بها، مات في خلافة معاوية، روى له الإمام أحمد وأبو داود والنسائي (5) أما عيينة فهو ابن حذيفة الفزاري أبو مالك كان من

-[وعيد من سأل وعنده ما يغنيه]- أن يكتب به (1) لهما ففعل وختمها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بدفعه إليهما، فأما عيينة فقال ما فيه؟ قال فيه الذي أمرت به فقبله وعقده في عمامته وكان أحكم الرجلين (2)، وأما الأقرع فقال أحمل صحيفةً لا أدري ما فيها كصحيفة المتلمس (3) فأخبر معاوية رسول الله صلى الله عليه وسلم بقولهما، وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجةٍ فمر ببعيرٍ مناخٍ على باب المسجد من أول النهار، ثم مر به آخر النهار وهو على حاله، فقال أين صاحب هذا البعير؟ فابتغى (4) فلم يوجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتقوا الله في هذه البهائم (5) ثم اركبوها صحاحًا واركبوها سمانًا كالمتسخط أنفًا (6)، إنه من سأل وعنده ما يغنيه فإنما يستكثر من نار

_ المؤلفة قلوبهم أسلم بعد الفتح وشهد حنينًا والطائف وارتد في عهد أبي بكر وبايع طليحة الأسدي ثم عاد إلى الإسلام، وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بالأحمق المطاع (وأما الأقرع) فهو لقب واسمه فراس، وقدم في أشرف بني تميم على رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد فتح مكة، وكان من المؤلفة قلوبهم وقد حسن إسلامه قتل باليرموك في عشرة من بيته (1) المعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر كاتبه معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أن يكتب لعامل جهتهما أن يعطيهما ما سألاه (2) أي أعقلهما لأنه لم يتهم النبي صلى الله عليه وسلم (3) هذا المثل وهو قوله "كصحيفة المتلمس" له حكاية مشهورة عند العرب، وذلك أن المتلمس كان شاعرًا في زمن الجاهلية هجا عمرو بن هند الملك فكتب له كتابًا إلى عامله أوهمه أنه أمر له فيه بعطية، وقد كتب يأمر بقتله فارتاب المتلمس ففكه وقرئ له؛ فلما علم ما فيه رماه ونجا فضربت العرب المثل بصحيفته بعد، وقد أعطاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم من سهم المؤلفة قلوبهم لأنهما لم يكونا فقيرين بل كانا سيدي قومهما، وقيل إنه أعطى كل واحد مائة ناقة من غنائم حنين لا من الزكاة والله أعلم (4) أي أمر صلى الله عليه وسلم بالبحث عنه فلم يوجد (5) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم علم أن هذا البعير لم يأكل ولم يشرب من أول النهار إلى آخره لعدم وجود صاحبه فقال "اتقوا الله في هذه البهائم" أي في أكلها وشربها بأن تعطوها من العلف ما يجعلها صحيحة سمينة تصلح للركوب وحمل الأثقال والنحر ولا تعذبوها بإهمالكم علفها فإنكم مسئولون عنها (6) أي قال صلى الله عليه وسلم "اتقوا الله في هذه البهائم إلخ" وهو ساخط كاره لما رآه من إهمال البعير، يقال أنف من الشيء يأنف أنفًا إذا

-[وعيد من سأل وعنده ما يغديه أو يعشيه]- جهنم (1) قالوا يا رسول الله وما يغنيه؟ قال ما يغديه أو يعشيه (2) (140) عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سأل مسألة وهو عنها غنيٌ كانت شيئًا (3) في وجهه يوم القيامة (141) عن عمران بن حصينٍ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مسألة الغني شينٌ في وجهه يوم القيامة.

_ كرهه وشرفت نفسه عنه، والمراد هنا أنه صلى الله عليه وسلم أخذته الحمية والغيرة والغضب رحمة بهذا البعير، ويحتمل صلى الله عليه وسلم علم أن صاحب البعير جاء بالسؤال فغضب لإهماله البعير ولأنه لا حق له في السؤال لأنه يملك بعيرًا، ولذا قال صلى الله عليه وسلم "أنه من سأل الخ الحديث" والله أعلم (1) أي يطلب لنفسه ما يستحق به دخول النار من جمع أموال الناس وأخذها بلا ضرورة (2) الظاهر أن (أو) في قوله أو يعشيه بمعنى الواو لأنه ورد في رواية أبي داود بلفظ "قدر ما يغديه ويعشيه" وفي رواية أخرى لأبي داود أن يكون له شبع يوم وليلة أو ليلة ويوم. والله أعلم (تخريحه) أخرجه أبو داود بنحو حديث الباب وليس فيه قصة البعير، ورواه الطحاوي مختصرًا باختلاف في بعض الألفاظ، وأورده الهيثمي وقال رواه أبو داود باختصار، وجعل أن الذي قال أحمل صحيفة كصحيفة المتلمس هو عيينة على العكس من هذا؛ ورواه أحمد ورجال رجال الصحيح اهـ (140) عن ثوبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عبد الله ابن جعفر ثنا عبد الملك بن عبد الله بن عثمان ثنا يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان - الحديث" (غريبه) (1) أي عيبًا يعرفه به الناس فينفضح أمامهم يوم القيامة. نسأل الله السلامة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح (141) عن عمران بن حصين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا أبو الأشهب عن الحسن عن عمران بن حصين- الحديث" وفي آخره (قال عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله) قال أبي لم أعلم أحدًا أسنده غير وكيع (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار وزاد "ومسألة الغني نار إن أعطى قليلاً فقليل وإن أعطى كثيرًا فكثير" والطبراني في الأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح

-[وعيد من سأل الناس تكثرا]- (142) عن عائذ بن عمرو المزني رضي الله عنه قال بينما نحن مع نبينا صلى الله عليه وسلم إذ أعرابيٌ قد ألح عليه في المسألة يقول يا رسول الله أطعمني يا رسول الله أعطني، قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل المنزل وأخذ بعضادتي (1) الحجرة وأقبل علينا بوجهه وقال والذي نفس محمدٍ بيده لو تعلمون ما أعلم في المسألة (2) ما سأل رجلٌ رجلاً وهو يجد ليلةً تبيته (3) فأمر له بطعامٍ (143) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل الناس أموالهم تكثرًا (4) فإنما يسأل جمرًا (2) فليستقل منه أو ليستكثر

_ (142) عن عائذ بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ابن عبادة ثنا بسطام بن مسلم قال سمعت خليفة بن عبد الله الغبري يقول سمعت عائذ بن عمرو المزني- الحديث" (غريبه) (1) تثنية عضادة بكسر العين وهي جانب العتبة من الباب (2) أي من الوعيد الشديد لمن يسأل وعنده ما يكفيه ليلته (3) أي وهو يجد طعام ليلة تكفيه شر التفكير في الطعام وألم الجوع بالليل (تخريجه) أورده المنذري وسكت عنه فهو صالح، وقال رواه النسائي، ورواه الطبراني في الكبير من طريق قابوس عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لو يعلم صاحب المسألة ما له فيها لم يسأل" اهـ (143) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل ثنا عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (4) أي طلبًا للزيادة عن حاجته الضرورية في يومه أو ليلته (5) قال القاضي عياض معناه أنه يعاقب بالنار، ويحتمل أن يكون على ظاهره وأن الذي يأخذه يصير جمرًا يكوى به كما ثبت في مانع الزكاة (تخريجه) (م. جه) (زوائد الباب) (عن سمرة ابن جندب) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصلح المسألة لغني إلا من ذي رحم أو سلطان، رواه الطبراني في الأوسط، وفيه عبد الله بن خراش وثقه ابن حبان وضعفه جماعة، وله عند أبي داود والترمذي والنسائي والإمام أحمد وسيأتي من رواية زيد بن عقبة عنه "أن المسألة كد يكد بها الرجل وجهه إلا أن يسأل الرجل سلطانًا أو في أمر لابد منه" ذكره الهيثمي (قلت) وقوله "كد يكد بها الرجل وجهه" معنى الكد الأتعاب يقال كد يكد في عمله كدًا (من باب رد) إذا استعجل وتعب وأراد بالوجه ماءه ورونقه (نه) (وعن

-[زوائد الباب- ومذاهب الأئمة فيمن يجوز له السؤال]- .....

_ جابر بن عبد الله رضى الله عنهما) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من سأل وهو غني عن المسألة يخشر يوم القيامة وهي خموش في وجهه؛ رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثقون (وعن مسعود بن عمرو) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يزال العبد يسأل وهو غني حتى يخلق وجهه فما يكون له عند الله وجه؛ أورده المنذري وقال رواه البزار والطبراني في الكبير وفي إسناده محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى "وقوله حتى يخلق وجهه" أي يضيع ماء وجهه ورونقه بالسؤال في الدنيا ثم يعذب في الآخرة في وجهه حتى يسقط لحمه كما صرف بالسؤال ماء وجهه فيكون الجزاء من جنس العمل والله أعلم (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سأل الناس في غير فاقة نزلت به أو عيال لا يطيقهم جاء يوم القيامة بوجه ليس عليه لحم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فتح على نفسه باب مسألة من غير فاقة نزلت به أو عيال لا يطيقهم فتح الله عليه باب فاقة من حيث لا يحتسب، أورده المنذري وقال رواه البيهقي وهو حديث جيد في الشواهد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على عدم جواز السؤال لغير حاجة وعلى الوعيد الشديد لمن وجد ما يكفيه وسأل الناس، وقد جاء في بعض الأحاديث أن الذي يكفيه خمسون درهمًا، وفي بعضها أوقية من فضة وهي أربعون درهمًا؛ وفي بعضها أن من وجد ما يغديه ويعشيه (بالجمع) كما في رواية أبي داود، أو يغديه أو يعشيه (بالتخيير) كما في رواية الإمام أحمد يحرم عليه سؤال صدقة التطوع، فعلى رواية التخيير يكون المعنى أن الإنسان إذا حصل له أكلة واحدة في النهار غداء أو عشاء كفته واستغنى بها، وعلى رواية الجمع يكون المعنى أنه إذا حصل في يومه أكلتان كفتاه، وقيل إن (أو) في رواية الإمام أحمد بمعنى الواو جمعًا بينها وبين رواية أبي داود، وإلى ذلك ذهب الجمهور. واستدلوا بحديث ما أغناك الله فلا تسأل الناس شيئًا، رواه ابن عبد البر عن عطية السعدي (قال الطيبي) من كان له قوت هذين الوقتين لا يجوز له أن يسأل في ذلك اليوم من صدقة التطوع، وأما في الزكاة المفروضة فيجوز للمستحق أن يسألها بقدر ما يتم به نفقة سنة له ولعياله وكسوتهم، لأن تفريقها في السنة مرة واحدة اهـ (قلت) هذا يتجه إذا لم يمكنه التكسب طول العام لمرض يعتريه أحيانًا أو كبر أو نحو ذلك وإلا فلا (وقال الخطابي) قد أختلف العلماء في تأويل ذلك، فقال بعضهم من وجد غداء يومه وعشائه لم تحل له المسألة على ظاهر الحديث. وقال بعضهم إنما هو فيمن وجد غداء وعشاء على دائم الأوقات، فإذا كان عنده ما يكفيه لقوته المدة الطويلة حرمت عليه المسألة. وقال آخرون هذا منسوخ بالأحاديث التي تقدم ذكرها اهـ (قلت) يعني الأحاديث التي فيها تقدير الغني بملك خمسين درهمًا أو قيمتها أو بملك أوقية أو قيمتها؛ ودعوى النسخ مردودة

-[مذاهب العلماء فيمن يجوز له السؤال وبعض مناقب حكيم بن حزام رضى الله عنه]- (2) باب ما جاء في اليد العليا واليد السفى (144) عن حكيم بن حزامٍ (1) رضى الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاني ثم سألته فأعطاني ثم سألته فأعطاني؛ ثم قال إن هذا المال خضرةٌ حلوةٌ (2) فمن أخذه بحقه (3) بورك له فيه، ومن أخذه بإشراف

_ بأنه لا تعارض بين الأحاديث حتى يدعى النسخ، ويمكن الجمع بينها بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعلم ما يغني كل واحد فخاطبه بما يناسبه فإن الناس مختلفون في قدر كفايتهم فمنهم من لا يكفيه أقل من خمسين درهمًا، ومنهم من لا يكفيه أقل من أربعين، ومنهم من يكون له كسب في كل يوم يقوم بكفايته أوّلا فأوّلا فيكون به غنيًا فلا يسأل والله أعلم (قال المنذري) رحمه الله كان الشافعي رحمه الله يقول قد يكون الرجل بالدرهم غنيًا مع كسبه ولا يغنيه الألف مع ضعفه في نفسه وكثرة عياله، وقد ذهب سفيان الثوري وابن المبارك والحسن بن صالح وأحمد بن حنبل وإسحاق بن راهويه إلى أن من له خمسون درهمًا أو قيمتها من الذهب لا يدفع إليه شيء من الزكاة، وكان الحسن البصري وأبو عبيد يقولان من له أربعون درهمًا فهو غني، وقال أصحاب الرأي (ومنهم أبو حنيفة رحمه الله) يجوز دفعها إلى من يملك دون النصاب وإن كان صحيحًا مكتسبًا مع قولهم من كان له قوت يومه لا يحل له السؤال استدلالاً بهذا الحديث وغيره اهـ (قلت) يعني حديث سهل بن الحنظلية وما جاء في معناه، وقد جمع الشوكاني بين مختلف الأحاديث في هذا الباب بأن القدر الذي يحرم السؤال عنده هو أكثرها وهو الخمسون عملاً بالزيادة. والله أعلم. (144) عن حكيم بن حزام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري سمع عروة وسعيد بن المسيب يقولان سمعنا حكيم بن حزام يقول سألت النبي صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (1) حكيم بفتح الحاء المهملة بن حزام بكسر الحاء المهملة وتخفيف الزاي الأسدي المكي ولد في باطن الكعبة عاش في الجاهلية سنتين وفي الإسلام أيضًا سنتين، وأعتق مائة رقبة وحمل على مائة بعير في الجاهلية، وحج في الإسلام ومعه مائة بدنة، ووقف بعرفة بمائة رقبة في أعناقهم أطواق الفضة منقوش فيها عتقاء الله عن حكيم بن حزام، وأهدى ألف شاة، ومات بالمدينة سنة ستين أو أربع وخمسين (2) شبهه في الرغبة فيه والميل إليه وحرص النفوس عليه بالفاكهة الخضراء الحلوة المستلذة فإن الأخضر مرغوب فيه على انفراده والحلو كذلك على انفراده فاجتماعهما أشد، وفيه إشارة إلى عدم بقائه لأن الخضروات لا تبقى ولا تراد للبقاء، والله أعلم (3) حقه هو أن

-[التنفير من السؤال وأن ما يأخذه السائل أوساخ الناس]- نفس (1) لم يبارك له فيه، وكان كالذي يأكل ولا يشبع (2) واليد العليا خيرٌ من اليد السفلى (3) (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (4) قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم من المال فألحفت (5) فقال يا حكيم ما أكثر مسألتك، يا حكيم إن هذا المال خضرةٌ حلوةٌ وإنه مع ذلك أوساخ أيدي للناس، ويد الله فوق يد المعطى (6)

_ يأخذه بطيب نفس كما صرح بذلك في رواية مسلم ولفظه "فمن أخذه بطيب نفس بورك له فيه" وذكر القاضي عياض في معنى طيب النفس احتمالين، أظهرتما أنه عائد على الآخذ، ومعناه من أخذ بغير سؤال ولا إشراف وتطلع بورك له فيه (والثاني) أنه عائد إلى الدافع، ومعناه من أخذه ممن يدفع منشرحًا. يدفعه إليه طيب النفس لا بسؤال اضطره إليه أو نحوه مما لا تطيب مع نفس الدافع اهـ (1) إشراف النفس تطلعها إلى الشيء وتعرضها إليه وطعمها فيه وقد علمت معنى طيب النفس (2) قيل هو الذي به داء لا يشبع بسببه، وقيل يحتمل أن المراد التشبيه بالبهائم الراعية والله أعلم (3) اليد العليا هي المنفقة، واليد السفلى السائلة كما فسر بذلك في حديث ابن عمر الآتي في الباب، وكذلك وقع في صحيحي البخاري ومسلم العليا المنفقة من الإنفاق، وكذا ذكره أبو داود عن أكثر الرواة، قال ورواه عبد الوارث عن أيوب عن نافع عن ابن عمر العليا المتعففة بالعين من العفة، ورجح الخطابي هذه الرواية، قال لأن السياق في ذكر المسألة والتعفف عنها (قال النووي) والصحيح الرواية الأولى، قال ويحتمل صحة الروايتين. فالمنفقة أعلى من السائلة، والمتعففة أعلى من السائلة اهـ (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن حكيم بن حزام قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (5) أي ألحت وأكثرت في السؤال، وتقدم في الطريق الأولى أنه سأله ثلاث مرات وكل مرة يعطيه، والسبب في إلحاحه على ما رواه الطبراني في الكبير أنه أعان بفرسين يوم حنين فأصيبتا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن فرسي أصيبتا فعوضني، فأعطاه فاستزاده. والله أعلم (6) أي لأنه معطى الجميع وإليه يرجع الفضل كله (قال الخطابي) قد يتوهم كثير من الناس أن معنى العليا هو أن يد المعطى مستعلية فوق يد الآخذ، يجعلونه من علو الشيء إلى فوق، قال وليس ذلك عندي بالوجه, وإنما هو من علاء المجد والكرم، يريد به الترفع عن المسألة والتعفف عنها قال وأنشدني أبو عمرو قال أنشدنا أبو العباس قال أنشدنا ابن الأعرابي في معناه إذا كان باب الذل من جانب الغنى ... سموت إلى العلياء من جانب الفقر

-["حديث" اليد العليا خير من اليد السفلى - ومدح التعفف عن المسألة]- ويد المعطي فوق يد المعطي وأسفل الأيدي يدا المعطي (145) عن هشام (1) عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول اليد العليا خير من اليد السفلى، وليبدأ أحدكم بمن يعول (2) وخير الصدقة ما كان عن ظهر (3) ومن يستغن يغنه الله (4) ومن يستعف يعفه الله، فقلت ومنك يا رسول الله؟ (5) قال ومني، قال حكيم لا تكون يدي تحت يد رجل من العرب أبدًا

_ يريد به التعزز بترك المسألة والتنزه عنها أهـ (تخريجه) (أخرج الطريق الأولى منه الشيخان، وغيرهما) وأخرج الطريق الثانية منه الطبراني في الكبير بسند صحيح (145) عن هشام (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى قال ثنا ابن نمير أنا هشام عن حكيم بن حزام قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحديث (غريبة) (1) هو ابن عروة بن الزبير بن العوام (3) لفظ البخاري وأبدًا بمن تعول، أي بمن يجب عليك نفقته، ومال الرجل أهله إذا ماتهم أي قام بما يحتاجون إليه من القوت والكسورة وغيرهما؛ وقد روي النسائي من طريق طارق المحاربي ولفظه "قدمنا المدينة فإذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قائم على المنبر يخطب الناس وهو يقول "يد المعطي العليا وأبدأ بمن تعول أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك" أي الأقرب فالأقرب وقد بينت هذه الرواية مراتب المستحقين، وفيها تقديم نفقة نفسه وعياله لأنها منحصرة فيه بخلاف نفقه غيرهم، وفيها الابتداء بالأهم في الأمور الشرعية (3) معناه أفضل الصدقة ما بقي صاحبها بعدها مستغنيًا بما بقي معه، وتقديره أفضل الصدقة بالنسبة إلى من تصدق بجميع ماله، لأن من تصدق بالجميع يندم غالبًا، أو قد يندم إذا احتاج ويود أنه لم يتصدق، بخلاف من بقي بعدها مستغنيًا فإنه لا يندم عليها بل يسر بها (4) هذه الجملة شرط وجزاء، ولعامة الجزم حذف الياء، أي من يطلب الغني من الله "ومن يستعف" من الاستعفاف وهو طلب العفة وهي الكف عن الحرام والسؤال من الناس، وقيل الاستعفاف الصبر والنزاهة عن الشيء "وقوله يعفه الله" بضم الياء التحتية من الأعفاف ومعناه يصّبره عفيفًا (5) أي وطالب الصدقة منك يا رسول الله يكون كذلك؟ فقال ومني (تخريجه) (ق. وغيرها) وللشيخين "فقلت يا رسول الله والذي بعثك بالحق لا أرزأ أحد بعدك شيئًا حتى أفارق الدنيا" الرزء الأخذ

-[حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (الأيدي ثلاثة)]- (146) قر عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الأيدي ثلاثة (1) فيد الله العليا، ويد المعطي التي تليها، ويد السائل السفلي (2) (147) وعن مالك بن نضلة، عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مثله وزاد فأعط الفضل (3)

_ والنقص، يقال ما رزأنا من مالك شيئًا، أي ما أخذنا ولا نقصنا، وفي صحيح البخاري أن أبا بكر (رضي الله عنه) كان يدعو حكيمًا ليعطيه الماء فيأبى أن يقبل منه شيئًا، ثم دعاه عمر ليعطيه فأبى أن يقبله فقال يا معشر المسلمين أشهدكم على حكيم أحدًا من الناس بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) شيئًا حتى توفي رضي الله عنه. (146) "قر" عن عبدا لله بن مسعود (سنده) حدّثنا عبد الله قال قرأت على أبى حدثكم القاسم بن أبى الأحوص عند عبد الله - الحديث" (غريبة) (1) أي بالنسبة للإعطاء والأخذ، وذلك أن المعطي قسمان، معط حقيقة وهو الله عز وجل لكونه مالك كل شيء وإليه يرجع أمر كل شيء، ومعط ظاهرًا وهو من أجرى الله عز وجل الإعطاء على يديه وجعلت يده وإليه يد الله تعالى لأنه عز وجل جعله مظهرًا للخير "وقوله فيد الله العليا" أي نعمته الكاملة وعطاؤه العام على ما ذهب إليه الخلف من تأويل المتشابه لتنزيهه عز وجل عن الجارحة، ومذهب السلف "وهو مذهبي" إمراره على ظاهر وتفويض المراد منه إلى الله تعالى مع اعتقد تنزيهه جل شأنه عن الجارحة "ليس كمثله شيء" (2) لما يترتب على السؤال من الذل والأهانة وإراقة ماء الوجه وهذا إذا كان السؤال لغير حاجة، وإلا فيده لا تتصل بذلك (تخريجه) (هق. عل ك) وأورد المنذري، وقال رواه أبو يعلي، والغالب على رواته التوثيق، رواه الحاكم وصحيح إسناده أهـ. (147) عن مالك بن فضله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبيدة ابن حميد أبو عبد الرحمن التيمي قال ثنا أبو الزعراء عن أبى الأحوث عن أبيه مالك بن فضله قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الأيدي ثلاثة فيد الله العليا ويد المعطي التي تليها ويد السائل السفلي فأعط الفضل ولا تعجز عن نفسك (غريبة) (3) أي ما فضل عنك وعمن تلزمك نفقته من الزوجة والأولاد والأقارب "وقوله ولا تعجز عن نفسك" أي ولا تترك نفسه بدون شيء تبقيه لمهامتك فتعجز عن القيام بشأن من تعول عن نفسك" أي ولا تترك فسك بدون شيء تبقيه لمهامتك فتعجز عن القيام بشأن من تعول فتحتاج إلى السؤال

-[كلام العلماء في تفسير اليد العليا واليد السفلى]- ولا تعجز عن نفسك (148) عن أبن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اليد العليا خير من اليد السفلي، اليد العليا المنفقة، واليد السفلي السائلة (149) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا صدقه

_ وقد علمت ما فيه، فما في يدك أقرب مما في أيد الناس (تخريجه) (د. خز. ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي. (148) عن ابن عمر 0 سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عتاب ثنا عبد الله أنا موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر - الحديث" (غريبة) (1) هذه الجملة وهي قوله: "اليد العليا المنفقة واليد السفلي المعطية" تفسير من النبي (صلى الله عليه وسلم) وليس مدرجة في الحديث كما قال بعض العلماء، ويؤيد ذلك ما رواه البيهقي والأمام أحمد من حديث ابن مسعود وتقدم بلفظ "الأيدي ثلاثة، فيد الله العلاي، ويد المعطي التي تليها ويد السائل السفلي، وما رواه النسائي من حديث طارق المحاربي قال قدمنا المدين فإذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قائم على المنبر يخطب الناس وهو يقول "يد المعطي العليا" وما رواه الطبراني والإمام أحمد من حديث أبى رمنه بلفظ "يد المعطي العليا" وسيأتي في هذا الباب (قال الحافظ) أدعي أبو العباس الداني في أطراف الموطأ أن التفسير المذكور مدرج في الحديث ولم يذكر مستندًا لذلك، ثم وجدت في كتاب العسكري في الصحابة بإسناد له: فيه انقطاع عن ابن عمر أنه كتب إلى بشير بن مروان إلى سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: "اليد العليا خير من اليد السفلي" ولا أحسب اليد السفلي إلا السائلة ولا العليا إلا المعطية، فهذا يشعر بأن التفسير من كلام ابن عمر، ويؤيده ما رواه ابن أبى شيبة من طريق عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال كنا نتحدث أن العليا هي المنفقة (وحكي الحافظ) أقوالاً كثيرة لبعض العلماء في تأويل هذا الحديث ثم قال، وكل هذه التأويلات المتعسفة تضمحل عند الأحاديث المتقدمة المصرحة بالمراد، فأوى ما فسر الحديث بالحديث، ومحصل ما في الآثار المتقدمة أن أعلى الأيدي المنفقة، ثم المتعففة عن الأخذ ثم الآخذة بغير سؤال، وأسفل الأيدي الحائلة والمانعة، والله أعلم أهـ (تخريجه) (ق. ر، وغيرهم). (149) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يعلى بن

-[تقديم الوالدين بالبر ثم الأقرب فالأقرب]- إلا عن ظهر غنين واليد العليا خير من اليد السفلي، وأبدأ بمن تمول (150) عن أبى رمثه رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال يد المعطي العليا أمك (1) وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك أدناك فقال رجل (2) يا رسول الله هؤلاء بنو يربوع قتله فلان (3) قال ألا لا تجني نفس على أخرى، وقال أبى (4) قال أبو النضر في حديثه دخلت المسجد فإذا رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يخطب ويقول يد المعطي العليا

_ عبيد ثنا عبد الملك عن عطاء عن أبى هريرة - الحديث" (تخريجه) (خ. نس) وروي الشيخان وأبو داود مثله من حديث حكيم بن حزام وتقدم (150) عن أبى رمثه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عمرو بن الهيثم أبو قطن وأبو النضر قالا حدثنا المسعودي عن إياد بن لقيط عن أبى رمثه - الحديث" (غريبة) (1) مفعول لفعل محذوف تقديره أعط أمك وأباك الخ، أي قدمهما في العطية على غيرهما وكذا ما بعده على هذ الترتيب " وقول ثم أدناك أدناك" أي الأقرب فالأقرب (2) يعني من الحاضرين لم يعلم اسمه وكان من الأنصار كما في رواية أخرى (3) أي أقارب القائل: وكأن القال يحث النبي (صلى الله عليه وسلم) على القصاص منهم فقال (صلى الله عليه وسلم) "ألا لا تجني نفس على أخرى" أي لا يؤاخذ أحد بذنب أحد في عقوبة ولا ضمان، ولكنه مخصص بأحاديث ضمان العاقلة، وسيأتي البحث عن ذلك في باب لا يؤاخذ المرء بجريره غيره من كتاب القتل والجنايات إن شاء الله تعالى (4) القائل ذلك هو عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله، يريد أن الإمام أحمد روي عن أبى النضر بسنده إلى أبى رمثه أن أبار منه قال في أول الحديث "دخلت المسجد فإذا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخطب ويقول " يد المعطي العليا فذكر الحديث) (تخريجه) (نس) ورجاله ورجال الصحيح (الأحكام) أحاديث الباب في الحث على الإنفاق في وجوه الخير والطاعات بعد كفاية المتصدق فيقدم نفسه وعياله ثم أقاربه الأقرب فالأقرب بحيث لا يصير المتصدق محتاجًا بعد صدقته إلى أحد، فمعني الغني من قوله في حديث حكيم بن حزام "وخير الصدقة ما كان عن ظهر غني" وفي قوله في حديث أبى هريرة "لا صدقة إلا عن ظهر غني" حصول ما تدفع به الحاجة الضرورية كالأكل عند الجوع المشوش الذي لا صبر عليه وستر العورة والحاجة إلى ما يدفع به عن نفسه الأذى وما هذا

-[مذاهب الأئمة في أحكام الباب]- .....

_ سبيله؛ فلا يجوز الإيثار به بل يحرم، وذلك أنه إذا آثر غيره به أدي إلا إهلاك نفسه أو الأضرار بها أو كشف عورته، فمراعاة حقه أولى على كل حال، فإذا سقطت هذه الواجبات صح الإيثار، وكانت صدقته على الأفضل لأجل ما يحتمله من مضض الفقر وشدة مشقته (قال النووي) رحمه الله وقد اختلف العلماء في الصدقة بجميع ماله، فمذهبنا أنه مستحب لمن لا دين له ولا له عيال لا يصبرون بشرط أن يكون ممن يصبر على الإضافة والفقر، فإن لم تجتمع هذه الشروط فهو مكروه (قال القاضي عياض) جوز جمهور العلماء وأئمة الأمصار الصدقة بجميع ما له وقيل يرد جميعها، وهو مروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وقيل ينفذ في الثلث (وهو مذهب أهل الشام) وقيل أن زاد على النصف ردت الزيادة، وهو محكي عن مكحول: قال أبو جعفر الطبري ومع جوازه فالمستحب أن لا يفعله وأن يقتصر على الثلث أهـ (وفيه أيضًا) الحث على التعفف والقناعة والرضا بما تيسر في عفاف وإن كان قليلاً، والإجمال في الكسب، وأنه لا يغتر الإنسان بكثرة ما يحصل له بإشراف ونحوه فإنه لا يبارك له فيه، وهو قريب من قول الله تعالى "يمحق الله الربا ويربي الصدقات" (وفيها أيضً) دليل لمذهب الجمهور أن اليد العليا هي المنفقة (وقال الخطابي) المتعففة كما سبق، وقد علمت ما فيه، وأن اليد السفلي هي الآخذه (وفي حديث حكيم بن حزام) فوائد كثيرة، قال ابن أبى جمرة (منها) أنه قد يقع الزهد مع الأخذ فإن سخاوة النفس هو زهدها، تقول سخت بكذا أي جادت، وسخت عن كذا أي لم تلتفت إليه (ومنها) أن الأخذ مع سخاوة النفس يحصل أجر الزهد والبركة في الرزق، فتبين أن الزهد يحصل خيري الدنيا والآخرة (وفيه) ضرب المثل لما يعقله السامع من الأمثلة "يعني قوله وكان كالذي يأكل ولا يشبع" لأن الغالب من الناس لا يعرف البركة إلا في الشيء الكثير، فبين بالمثال المذكور أن البركة هي خلق من خلق الله تعالى وضرب لهم المثل بما يعهدون، فالآكل إنما يأكل ليشبع فإذا أكل ولم يشبع كان غناه في حقه بغير فائدة، وكذلك المال ليست الفائدة في عينة وإنما هي لما يتحصل به من المنافع، فإذا كثر عن المرء بغير تحصيل منفعة كان وجوده كالعدم (وفيه) أنه ينبغي للإمام أن لا يبني للطالب ما في مسألته من المفسدة غلا بعد قضاء حاجته لنقع موعظته له المواقع لئلا يتخيل أن ذلك سبب لمنعه من حاجته (وفيه) جواز تكرار السؤال ثلاثاً وجواز المنع في الرابع والله أعلم (وفي الحديث أيضًا) أن سؤال الأعلى ليس بعار وأن رد السائل بعد ثلاث ليس بمكروه وأن الإجمال في الطلب مقرون بالبركة، وقد زاد إسحاق بن راهويه في سنده من طريق معمر عن الزهري في آخره فمات حين مات "يعني حكيمًا" وإنه لمن أكثر قريش مالاً (وفيها أيضًا) سبب ذلك وهو أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أعطي حكيم بن حزام دون ما أعطي الصحابة، فقال حكيم يا رسول الله ما كنت

-[الحث على التكسب وتقبيح السؤال]- (3) باب ما جاء في ترك التكسب اتكالاً على السؤال ووعيد فاعد (151) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والذي نفسي بيده لأن يأخذ أحدكم حبله فيذهب إلى الجبل فيحتطب (1) ثم يأتي به يحمله على ظهره فيبيعه فيأكل خير له (2) من أن يسأل الناس، ولأن يأخذ ترابًا فيجعله في خير له من أن يجعل في فيه ما حرم الله (3) (وعن من طريق ثان) (4) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) والله لأن يأخذ أحدكم حبلا ًفيحتطب فيحمله على هره فيأكل أو يتصدق خير له من أن يأتي رجلاً أغناه الله من فضله فيسأله أعطاه أو منعه (5) ذلك بأن اليد العليا خير من اليد السفلى (وعنه من طريق ثالث) (6) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لا يفتح الإنسان على نفسه باب مسألة إلا فتح الله

_ أظن أن تقصر بي دون أحد من الناس فزاده ثم استزاده فزاده حتى رضي فذكر نحو الحديث أفاده الحافظ (151) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد أنا محمد بن إسحاق عن سعيد بن يسار مولى الحسن بن على رضي الله عن أبى هريرة - الحديث" (غريبة) (1) أي يجمع الحطب (2) قال الحافظ "قوله خير له" ليست بمعني أفعل التفضيل إذ لا خير في السؤال مع القدرة على الاكتساب، والأصح عند الشافعية أن سؤال من هذا حاله حرام، ويحتمل أن يكون المراد بالخير فيه بحسب اعتقاد السائل وتسميته الذي يعطاه خيرًا وهو في الحقيقة شر والله أعلم أهـ (3) أي مما أخذه بالسؤال أمما اكتسبه ن حرام مطلقًا ليعم السؤال وغيره (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا سفيان عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة - الحديث" (5) أي لأن حال المسئول منه إما العطاء، ففيه المنة وذل السؤال "وإما لمنع" ففيه الذل والخيبة والحرمان، وكان السلف إذا سقط من أحدهم سوطه لا يسأل من يناوله إياه، ولذا أشار إليه بقوله " وذلك بأن اليد العليا خير من اليد السفلى" (6) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا قتيبة ثنا عبد العزيز بن محمد عن العلاء يعني ابن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحديث (غريبه)

-[تقبيح المسألة وأن السائل يلقي الله تعالى وليس في وجهه قطعة لحم]- عليه باب فقر (1) يأخذ الرجل خبله فيعمد إلى الجبل فيحتطب على ظهره فيأكل به خير له من أن يسأل الناس معطي أو ممنوعًا (2). (152) عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه رضي الله عنهما قال قال رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) لا تزال المسألة بأحدكم حتى يلغي الله تبارك وتعالى وليس في وجهه مزعة (3) لحم. (153) وعنه أيضًا قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول المسألة كدوح (4) في وجه صاحبها يوم القيامة، فمن شاء فليستبق على وجهه (5) وأهون المسائل مسألة ذوي الرحم (6) تسأله في حاجة، وخير المسألة (7) المسألة عن

_ (1) هذا إذا كان يمكنه التكسب أو عنده ما يكفيه وسأل مختارًا إلا مضطرًا، وإليه الإشارة بقوله: "لا يفتح الإنسان على نفسه باب مسألة" أي باختياره (2) المعني أن ما يلحق الأنمان من الاحتطاب وحمل الحطب على ظهره من التعب الدنيوي خير له مما يلحقه بالسؤال من التعب والعذاب الأخروي بسبب السؤال، فعند الحاجة ينبغي له أن يختار الأول ويترك الثاني (تخريجه) (ق. لك. نس. مذ. جه) (152) عن حمزة بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى أنا معمر عن عبد الله بن مسلم أخي الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) - الحديث (غريبة) (3) بضم الميم وسكون الزاي فعين مهملة أي قطعة يسيرة، وهذا يدل على قبح كثرة السؤال وأن كل مسألة تذهب من وجهه قطعة لحم حتى لا يبقي فيه شيء لقوله لا تزال (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم). (153) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو النضر ثنا اسحاق بن سعيد عن أبيه عن ابن عمر - الحديث" (غريبة) (4) بضم الكاف مثل خموش وخدوش وزنا ومعني، وكل أثر من خداش أو عض فهو كدح (5) أي فليقلل من المسائل؛ لأن كل مسألة تترك أثرًا وفي وجهه، أو يترك السؤال أصلاً ليبقي وجهة بلا أثر (6) يعني فإن كان ولا بد من السؤال فليسأل ذوي رحمه لأن له حقا عليهم ولأنهم أبعد عن المن من الأجنبي (7) هكذا بالأصل "وخير المسألة المسألة عن ظهر غني" ولعل

-[تقبيح السؤال وأنه يذهب بنضارة الوجه ورونقه]- ظهر غنى، وأبدأ بمن تعول (154) عن يزيد بن عقبة الفراري قال دخلت على الحجاح بن يوسف (1) فقلت أصلح الله الأمير، ألا أحدثك حديثًا حدثنيه سمرة بن جندب رضي الله عنه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ قال بلى، قال سمعته يقول قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المسائل كد يكد (3) بها الرجل وجهه، فمن شاء أبقي على وجهه ومن شاء ترك إلا أن يسأل رجل ذا سلطان (3) أو يسأل في أمر لا بد منه (155) عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال عمر يا رسول الله لقد سمعت فلانًا وفلانًا يحسنان الثناء يذكران أنك أعطيتهما دينارين، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لكن والله فلانًا ما هو كذلك، لقد أعطيته من عشرة إلى مائة فما

_ المراد بالمسألة هنا الصدقة أخذا من حديثي أبى هريرة وحكيم بن حزام المتقدمين في الباب السابق، ويكون المعني وخير صدقه تعطي للسائل صدقة تكون عن ظهر غني أي يكون معطيها مستغنيًا عنها، وتقدم تفسير ذلك في الباب السابق والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه من حديث ابن عمر لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (قلت) وأخرج الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان نحوه من حديث سمرة بن جندب وهو الآتي بعده. (154) عن يزيد بن عقبة الفزاري (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن بن موسي ثنا شيبان بن عبد الرحمن عن عبد الملك عن زيد بن عقبة الفزاري الحديث" (غريبة) (1) هو الحجاج بن يوسف الثقفي الأمير والظالم المبير (قال النسائي) ليس بثقة ولا مأمون مات سنة خمس وتسعين (2) الكد الأتعاب يقال كد يكد في عمله كدا إذا استعمل وتعب وأراد بالوجه ماءه ورونقه (نه) (3) أي إلا أن يسأل رجل رجلاً صاحب حكم في حقه من بيت المال، أو لاحتياج شديد لكونه لا يمكن التكسب ولا شيء عنده يغنيه عن السؤال (تخريجه) (د. نس. جب. مذ) وصححه الترمذي. (155) عن أبى سعيد الخدري (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أسود بن عامر ثنا أبو بكر عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد الخدري- الحديث"

-[من سأل لغير حاجة لم يبارك له فيما يأخذه وكان نارًا يكوي بها]- يقول ذاك (1) أما والله إن أحدكم ليخرج مسألته (2) من عندي يتأبطها يعني تسكون تحت إبطه يعني نارًا (3) قال قال عمر يا رسول الله لم تعطيها إياهم؟ قال فما أصنع يأبون إلا ذاك (¬1) ويأبى الله لي البخل (156) عن معاوية (بن أبى سفيان رضي الله عنهما) سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لا تلحقوا في المسألة (5) فو الله لا يسألني أحد شيئًا (6) فتخرج له مسألته (7) فيبارك له فيها. (157) وعنه أيضًا قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إنما أنا خازن (8)

_ (غريبه) (1) أي ما يبدي ثناء، والظاهر أن هذا الرجل كان من المنافقين أو من الذين أسلموا طعمًا في المال ولم تستضي قلوبهم بنور الإيمان (2) أي الشيء الذي أخذه بسبب السؤال (3) أي لأنه سأل لغير حاجة (4) يعني إلا السؤال، ولو منعوا العطاء بسطوا ألسنتهم بالسوء ووصفوه (صلى الله عليه وسلم) بالبخل، والله عز وجل قد جيله على الجود والكرم (تخريجه) أورده الهيثمي بلفظه كما هناثم قال (وفي رواية) لقد أعطيته ما بني العشرة إلى المائة أو قال المائتين، رواه أحمد وأبو يعلي والبزار بنحوه ورجال أحمد رجال الصحيح أهـ (قلت) لعل هذه الرواية الأخيرة من مسند أبى يعلي أو البزار، والله أعلم. (156) عن معاوية (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا سفيان عن عمرو عن ابن منبه عن أخيه عن معاوية - الحديث) (غريبة) (5) قال النووي هكذا في بعض الأصول "في المسألة" بالفاء وفي بعضها بالباء وكلاهما صحيح؛ والألحاف الألحاح (6) أي من غير ضرورة الجأته لذلك (7) أي فيعطي ما سأل بغير طيب نس مني "ولفظ مسلم، فو الله لا يسألني أحد منكم شيئًا فتخرج له مسألته مني شيئًا وأنا له كاره فيبارك له فيما أعطيته" أي لا يبارك له فيه، لأن سأل تكثرا لا لحاجة (تخريجه) إم. نس. ك) وقال صحيح على شرطهما. (157) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يحيي بن إسحاق أن أبا لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن ربعية بن يزيد عن عبد الله بن عامر اليحصبي قال سمعت معاوية بن أبى سفيان يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) - الحديث" (غريبة) (8) في رواية أخرى للإمام أحمد "إنما أنا قاسم" ومثلهما عند مسلم أيضًا (قال النووي) معناه أن

-[من أعطي شيئًا بطيب نفس فإنه يبارك له فيه والعكس بالعكس]- وإنما يعطى الله عز وجل، فمن أعطيته عطاء بطيب نفس فإنه يبارك له فيه، ومن أعطيته عطاء بشره (1) نفس وشره مسألة فهو كالذي يأكل فلا يشبع (158) عن أبى هريرة رضي الله عنه عن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبة وسلم) قال والله ما أوتيكم من شيء ولا أمتعكموه (3) إن أنا إلا خازن أصنع حيث أمرت. (159) عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذه الدنيا خضرة حلوة، فمن آتيناه منها شيئًا بطيب نفس منا وطيب طعمه (3) ولا إشراه بورك له فيه، ومن اتيناه منها شيئًا بغير طيب نفس منا وغير طيب طعمه وإشراه منه لم يبارك له فيه.

_ المعطى حقيقة هو الله تعالى؛ ولست أنا معطيًا وإنما أنا خازن على ما عندي ثم أقسم ما أمرت بقسمته على حسب ما أمرت به، فالأمور كلها بمشيئة الله تعالى وتقديره والإنسان مصرف مربوب أهـ (1) الشرة شده الحرص على الشيء (تخريجه) (م. وغيره) (158) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرازق ابن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) - الحديث" (غريبة) (2) المعني أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقسم بالله لطالبي الصدقة أنه لا يملك شيئًا منها فيعطيهم إياه ويمتعهم به، إنما هو خازن من قبل الله عز وجل يصنع فيها حيث أمره الله، وقد بين الله له المستحقين فلا يعطيها لغيرهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد. (159) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أسود ثنا شريك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الحديث" (غريبة) (3) بضم الطاء وسكون العين المهملتين أي عطية زائدة على استحقاقه، يقال هذا الشيء طعمه إذا أعطاه زيادة على حظه أو أعطاه ما لا يعطي غيره "وقوله ولا إشراء" يعني من السائل وتقدم معني الشره وهو الحرص الشديد (تخريجه) (حب. بز) وسنده جيد

-[منقبة عظيمة لأبي سعيد الخدري رضي الله عنه في العفة]- (فصل منه في التعفف عن المسألة وفضل ذلك) (160) عن هلال بن حصن قال نزلت على أبى سعيد الخدري فضمني وإياه المجسن قال فحدث أنه أصبح ذات يوم وقد عصب على بطنه حجرًا من الجوع، فقالت له امرأته وأمه أئت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأسأله فقد أتاه فلان فسأله فأعطاه وأتاه فلان فسأله فأعطاه، قال فقلت حتى التمس شيئًا، قال فالتمست (1) فمل أجد شيئًا فأتيته وهو يخطب فأدركت من قوله وهو يقول، من أسعف يعفه الله، ومن أستغني يغنه الله، ومن سألنا إما أن نبدل له وإما أن نواسيه (3) ومن يستعف عنا أو يستغني أحب إلينا ممن يسألنا، قال فرجعت فما سألته شيئًا، فما زال الله عز وجل يرزقنا حتى ما أعلم في الأنصار أهل بيت أكثر أموالاً منا (3). (161) وعنه أيضًا قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) يقول من يتصبر بصبره الله، ومن يستغن يغنه الله، ومن يستعف يعفه

_ (160) عن هلال بن حصن (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد ابن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة قال سمعت أبا حمزة يحدث عن هلال بن حص - الحديث" (غريبة) (1) رواية محمد بن جعفر (فالتمست فأتيته الخ) ورواية حجاج "فالتمست فلم أجد شيئًا فأتيته" وهي التي أثبتناها لأنها أثم، والمعني أنه طلب شيئًا من أنواع المكاسب يغنيه عن السؤال فلم يتيسير له، فأتى النبي (صلى الله عليه وسلم) كما في الحديث (2) شك أبو حمزة أحد الرواه هل قال نبذل له، أو قال نواسيه، والمعني واحد (3) هذا إنما حصل له ببركة التعفف عن المسألة والرضا بالفقر والصبر على الجوع، وهكذا يكون الإيمان رضي الله عنك يا أبا سعيد (تخريجه) (ش) وفيه هلال بن حصن لم أقف على من ترجمة وبقية رجال ثقات (161) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا شعيب بن حرب ثنا هشام بن سعد ثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدري - الحديث"

-[منقبة عظيمة لحبان بن بج الصدائي الصحابي رضي الله عنه]- الله، وما أجد لكم رزقًا أوسع من الصبر (1). (162) عن حبان (2) بن بج الصدائي رضي الله عنه صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال إن قومي كفروا (3) فأخبرت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) جهز لهم جيشًا فأتيته فقلت إن قومي على الإسلام، فقال أكذلك؟ فقلت نعم، قال فاتبعته ليلتي إلى الصباح فأذنت بالصلاة لما أصبحت وأعطاني إنه توضأت منه

_ (غريبه) (1) في بعض الروايات وما أعطي الله أحدًا من عطاء أوسع من الصبر ومعني أوسع من الصبر أي أكثر وأفضل؛ لأن مقامه أعلى المقامات ولأنه جامع لمكارم الصفات والحالات، ولذا قدم على الصلاة في قوله تعالى " واستعينوا بالصبر والصلاة" وقد ورد الحث عليه في كثير من الآيات والأحاديث، وقد جعلنا له كتاباً مخصوصًا من كتابنا هذا، وسيأتي إن شاء الله تعالى في قسم الترغيب (تخريجه) (ق. عل. حب. هق. والثلاثة). (162) عن حبان بن بج الصدائي (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم عن حبان بن بج - الحديث" (غريبة) (2) حبان بحاء مهملة مكسورة على المشهور، وقيل بفتحها بعدها باء موحدة وقيل ياء تحتانية مشددة "ابن يح" بضم الموحدة بعدها مهملة ثقيلة (قال الحافظ) في الإصابة ذكر ابن الأثير أنه شهد فتح مصر ولم أر ذلك في أصوله، وإنما قال ابن عبد البر يعد فمين نزل مصر أهـ (3) يحتمل أن يراد بذلك البض القليل منهم بدليل قوله بعد ذلك إن قومي على الإسلام يعني أكثرهم، والظاهر من السياق أنهم أسلموا ثم أرتد منهم أناس قليلون فبلغه أن النبي (صلى الله عليه ولسم) جهز لهم جيشًا فخشي أن يكون قد بلغ النبي (صلى الله عليه وسلم) ارتدادهم جميعًا، ولذا جهز لهم جيشًا، فأتى النبي (صلى الله عليه وسلم) ليخبره بحقيقة الأمر (ويحتمل) أن المراد جميعًا، ولذا جهز لهم جيشًا، فأتي النبي (صلى الله عليه ولسم) ليخبره بحقيقة الأمر (ويحتمل) أن المراد بقوله: إن قومي كفروا" أي كانوا كفاراً ثم أسلموا لما بلغهم سماحة الدين الإسلامي ولم يعلم النبي (صلى الله عليه وسلم) بإسلامهم فجهز لهم جيشًا فأتاه حبان رضي الله عنه ليخبره بإسلامهم، وقد جاء في رواية أخرى عند غير الإمام أحمد عن حبان أيضًا أنه قال "أسلم قومي فأخبرت أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جهز لهم جيشًا - الحديث كما هنا "وقوله إن قومي على الإسلام" معناه على الاحتمال الأول إن أكثر قومي على الإسلام، وعلى الاحتمال الثاني معناه إن قومي

-[معجزة للنبي (صلى الله عليه وسلم) ومنقبه لحبان بن بح الصدائي (رضي الله عنه)]- فجعل النبي (صلى الله عليه وسلم) أصابعه في الإناء فانفجر عيونًا (1) فقال من أراد منكم أن يتوضأ فليتوضأن فتوضأت وصليت وأمرني عليهم وأعطاني صدقتهم، فقام رجل إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لا خير في الإمرة لمسلم، ثم جاء رجل يسأل صدقه، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه وسلم إن الصدقة صداع في الرأس وحريق في البطن أو داء (3) فأعطيته صحيفتي أو صحيفة إمرتي وصدقتي (4) فقال ما شأنك؟ فقلت كيف أقبلها وقد سمعت منك ما سمعت، فقال هو ما سمعت (فصل منه في البيعة على عدم السؤال) (163) عن أبى اليمان وأبى المثني أنا أبا ذكر رضي الله عنه قال بايعني

_ كلهم على الإسلام الآن، والله أعلم (1) فيه معجزة للنبي (صلى الله عليه وسلم)، وقد تقدم نحوه في الوضوء من كتاب الطهارة وسيأتي أيضًا في كتاب المعجزات، وقد روي من طرق متعددة (2) الظاهر أنه كان يتظلم من رجل أمره النبي (صلى الله عليه وسلم) على الصدقة (3) أي لمن يطلبها بلا استحقاق كما تقدم (4) معناه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) جعله أميرًا على قومه في جمع الصدقة وجعل له أجرًا يأخذه منها وكتب له صحيفة بذلك، فلما سمع قول النبي (صلى الله عليه وسلم) "لا خير في الأمرة مسلم" وقوله (صلى الله عليه وسلم) (إن الصدقة صداع في الرأي الخ) تعفف عن ذلك واستقال فأقاله النبي (صلى الله عليه وسلم) (تخريجه) قال الحافظ في الإصابة في ترجمة حبان بن بج المذكور روى حديثه البغوي وأبن أبى شيبة والبارودي والطبراني من طريق ابن لهيعة عن بكر ابن سوادة عن زياد بن نعيم عن حبان بن بج صاحب رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) قال أسلم قومي فأخبرت أن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) جهز إليه جيشًا فاتيته فقلت إن قومي على الإسلام فذكر الحديث، قال وأخرج الطبراني من هذا الوجه له حديثصا آخر أهـ. (163) عن أبى اليمان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان عن أبى اليمان وأبى المثني أن أبا ذر رضي الله عنه - الحديث) (غريبه)

-[إهتمام النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسؤال ومبايعة الصحابة على عدمه]- رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خمسًا، وأوثقني سبعًا، وأشهد الله على تسعًا (1) أن لا أخاف في الله لومه لائم، ثم قال أبو المثني قال أبو ذرك فدعاني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال هل لك إلى بيعة ولك الجنة؟ قلت نعم، قال وبسطت يدي، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يشترط على أن لا تسأل الناس شيئًا (2) قلت نعم، قال ولا سوطك إن يسقك منك حتى تنزل إليه فتأخذه.

_ (1) تكررت البيعة والموثق والشهادة هذه المرات كلها لأهمية هذه الخصلة لكونها أهم الخصال ولا يقدر على القيام بها إلا فحول الرجال، فإن من خشي الله تعالى ولم يبال بالخلق كان أحرص الناس على حقوق الله تعالى وانتشال أو أوامره واجتناب نواهية مع المراقبة والإخلاص، وهذا سبيل النجاح وعين الفلاح، قد وردت أحاديث عدة بأن النبي (صلى الله عليه وسلم) بايع أبا ذكر على صال من الخبر كثيرة منها ما بلغ عدده حمسًا وما بلغ سبعًا، وهكذا، وسيأتي في باب الخماسيات من كتاب الأدب والمواعظ والحكم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال ستة أيام، ثم أعقل يا أبا ذر ما أقل لك بعد، فلما كان اليوم السابع قال أصويك بتقوي الله في سر أمرك وعلانيته، وإذا أسأت فأحسن، ولا تسألن أحد شيئًا وإن سقط سوطك، ولا تقبض أمانة "وفي لفظ ولا تؤوينّ أمانة" ولا تقض بين اثنين، فلعل هذه الخصال الخمس مراده هنا والله أعلم، وقد جاء في حديث آخر عن أبى ذر سيأتي في باب السباعيات من كتاب المواعظ والحكم أيضًا قال أمرني خليلي بسبع، أمرني بحب المساكين والدنو منهم، وأمرني أن أنظر إلى من هو دوني ولا أنظر إلى من هو فرقي، وأمرني أن أصل الرحم وإن أدبرت، وأمرني أن لا أسأل أحدًا شيئًا، وأمرني أن أقول بالحق وإن كان مرا، وأمرني أن لا أخاف في الله لومة لائم، وإمرتي أن أكثر نم قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنهم من كنز تحت العرش، فلعل هذه الخصال السبع مراده هنا أيضًا، والأحاديث يفسر بعضها بعضًا والله أعلم بالمراد، نسأله الهداية إلى سبيل الرشاد آمين (3) النص على عدم السؤال في البيعة يدل على الاهتمام بشأنه وأن السؤال من أقبح الأعمال، وقد بالغ النبي (صلى الله عليه وسلم) في النهي عن بقوله لأبى ذر (ولا سوطك أن يسقط منك حتى تنزل إلي فتأخذه) لما في ذلك من المذلة والاستعانة بالمخلوق، نسأل الله عز وجل أن يغنينا عن خلقه وأن يلحظنا بعنايته وعطفه وكرمه ولطفه آمين (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد.

-[إهتمام النبي (صلى الله عليه وسلم) بالسؤال ومبايعة الصحابة على عدمه]- (164) عن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال دخلت على النبي (صلى الله عليه وسلم) في ستة نفر أو سبعة أو ثمانية، فقال لنا بايعوني (1) فقلت يا نبي الله قد بايعناك، قال بايعوني، فبايعناه، فأخذ علينا فيما أخذ على الناس (2) تم أتبع ذلك كلمة خفية فقال (3) فقال لا تسألوا الناس شيئًا. (165) عن عبد الرحمن بن يزيد عن ثوبان (مولي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورضي عنه) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من يتقبل (59) (وفي رواية من يتكفل)

_ (164) عن عوف بن مالك الأشجعي (سنده) حّدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن ابى حبيب عن ربيعة بن لقيط عن عوف بن مالك الأشجعي - الحديث (غريبة) (1) أي عاهدوني على ما أذكره لكم من أركان الإيمان (لفظ مسلم وكنا حديث عهد ببيعة فقلنا يا رسول الله قد بايعناك، ثم قال إلا تبايعون رسول الله؟ ذكر ثلاثًا وهم يقولون قد بايعناك، وفي الثالثة قالوا قد بايعناك يا رسول الله؛ فعلام نبايعك؟ قال على أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئًا والصلوات الخمس وتطيعوا وأسر كلمة خفية ولا تسألوا الناس شيئًا، فلقد رأيت بعض أولئك النفر يسقط سوط أحدهم فما يسأل أحدًا يناوله إياه) والمعني أن النبي (صلى الله عليه وسلم) طلب منهم البيعة وكان قد بايعهم قبل ذلك ففهموا أنه نسي البيعة الأولى فذكروه بقوله قد بايعناك ولكنه (صلى الله عليه وسلم) لم ينس وإنما أراد مبايعتهم مرة أخرى، فلما علموا ذلك بسطوا أيديهم للبيعة كما في رواية أبى داود "قال فبسطنا أيدينا فبايعاه" (3) أي ما ذكرناه من رواية مسلم وهو قوله (صلى الله عليه وسلم) "أن تعبدوا الخ" وفي رواية أبى داود وتسمعوا وتطيعوا (3) يعني أنه قال بعد ذلك كلمة خافضًا به صوته لم يسمعها كل الحاضرين، وهي قوله (ولا تسألوا الناس شيئًا) والظاهر أن الحكمة في الأسرار بهذه الجملة أراده تخصيص بعضهم بها، لأن من الناس من لا بد له من السؤال لحاجة، ومنهم الغني عنه بماله أو بالتعفف والله أعلم (تخريجه) (م. د. نس. جه). (165) عن عبد الرحمن بن يزيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع ثنا أبن أبى ذئب عن محمد بن قيس عن عبد الرحمن بن يزيد عن ثوبان - الحديث" (غريبة) (4) من القبالة بالفتح أي الكفالة وهي في الأصل مصدر قبل إذا كفل

-[تكفل النبي (صلى الله عليه وسلم) بالجنة لمن لا يسأل الناس شيئًا - ومنقبة لنوبان]- لي بواحدة وأتقبل (وفي رواية وأتكفل) له بالجنة، قال قلت أنا (1) قال لا تسأل الناس شيئًا، فكان ثوبان يقع سوطه وهو راكب فلا يقول لأحد ناولنيه حتى ينزل فيتناوله

_ وقيل بالضم إذا صار قبيلاً أي كفيلاً، والمعني من يلتزم أن لا يسأل الناس شيئًا وأنا أضمن له الجنه (1) فيه نمقبه عظيمه لثوبان حيث كان أول من لبي طلب النبي (صلى الله عليه وسلم) ووفي بما التزم رضي الله عنه (تخريجه) (د. نس. ك) وسنده جيد (زوائد الباب) (عن أبى أمامة) رضي الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من يبايع؟ فقال ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بايعنا يا رسول الله، قال على أن لا تسألوا أحدًا شيئًا، فقال ثوبان فما له به يا رسول الله؟ قال الجنة؛ فبايعه ثوبان، فقال أبو أمامة فلقد رأيته بمكة في أجمع ما يكون من الناس يسقط سوطه وهو راكب فربما وقع على عاتق رجل فيأخذه الرجل فيناوله فما يأخذه منه حتى يكون هو ينزل فيأخذه (وفي رواية عن أبى إمامة) قال جلس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يومًا في نفر من أصحابه فرفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يده فقال من يبايعني ثلاث مرات فلم يقم غليه أحد إلا ثوبان، رواهما الطبراني في الكبير، وفيه على بن يزيد وهو ضعيف ولهما شواهد صحيحة (وعن أم سنان الاسلمية) رضي الله عنها وكانت من المبايعات قالت جئت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلت يا رسول الله إني جئتك على حياء وما جئتك حتى ألجئت من الحاجة، فقال لو استغنيت لكان خيرًا لك؛ رواه الطبراني في الكبير وفيه محمد بن عمر بن صالح وهو ضعيف (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "استغنوا عن الناس ولو يشوص السواك" أي بغسالته، وقيل بما يتفتت من هـ عند التسوك؛ رواه البزار والطبراني في الكبير ورجاله ثقات (وعن أبى هريرة) رضي الله عنه أن رجلين أتيا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسألاه فقال اذهبا إلى هذه الشعوب فاحتطبا فبيعاه فذهبا فاحتطبا، ثم جاءا فباعا فأصابا طعامًا، ثم ذهبا فاحتيطا أيضًا فجاءا فلم يزالا حتى ابتاعا ثوبين، ثم ابتاعا حمارين، فقال قد بارك لنا في أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، رواه البزار وفيه بشر بن حرب وفيه كلام وقد وثق (وعن أبى سلمة بن عبد الرحمن) عن أبية رضي الله عنه قال كانت لي عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عدة، فلما فتحت قريظة جئت لينجز لي ما وعدني فسمعته يقول من يستغن يغنه الله، ومن يقنع يقنعه الله، فقلت في نفسي لا جرم لا أسأله شيئًا (رواه البزار) وأبو سلمة قبل أنه لم يسمع من أبيه (وعن أم الدرداء) عن أبى الدرداء رضي الله عنه

-[كلام العلماء في حكم السؤال والتعفف عن المسألة]- (4) باب جواز قبول العطاء إذا كان من غير مسألة - وسؤال الصالحين إن كان ولا بد من السؤال (166) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يعطيني العطاء (1)

_ قال قلت له مالك لا تطلبه كما يطلب فلان وفلان؟ قال أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول" إن وراءكم عقبة كؤودا لا يجوزها المنقلون" فأنا أحب أن أتخفف لتلك العقبة، رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات، وذكر هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحًا وتعديلاً (الأحكام) أحاديث الباب تدل على تغليظ العقاب على من أمكنه التكسب وتركه اتكالاً على السؤال (وفيه) تقبيح السؤال وإن خف أمره كمناولة السوط (وفيه أيضًا) تنفير الناس منه واهتمام النبي (صلى الله عليه وسلم) بأمره، ولقد بلغ من اهتمام النبي (صلى الله عليه وسلم) به أنه كان يبايع الناس على تركه (وفيها أيضًا) الحث على التعفف عن المسألة والتنزه عنها ولوامتهن المرء نفسه في طلب الرزق وارتكب المشقة في ذلك، ولولا قبح المسألة في نظر الشرع لم يفضل ذلك عليها، وذلك لما يدخل على السائل من ذلك ومن ذلك الرد إذا لم يعط، ولم يدخل على المسئول من الضيق في ماله إن أعطي كل سائل (قال الإمام النووي) رحمه الله مقصود الباب وأحاديثه النهي عن السؤال، واتفق العلماء عليه إذ لم تكن ضرورة، واختلف أصحابنا في مسألة القادر على الكسب على وجهين، أصحهما أنه حرام لظاهر الأحاديث، والثاني حلال مع الكراهة بثلاثة شروط، أن لا يذل نفسه، ولا يلح في السؤال، ولا يؤذي المسئول، فإن فقد أحد هذه الشروط فهي حرام بالاتفاق والله أعلم أهـ. (166) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدّثنا عبدا لله حدثني أبى ثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرنا السائب بن يزيد بن أخت نمر أن حويطب بن عبد العزي أخبره أن عبد الله بن السعدي أخبره أنه قدم على عمر بن الخطاب رضي الله عنه في خلافته فقال له عمر ألم أحدث أنك تلي من أعمال الناس أعمالاً فإذا أعطيت العمالة كرهتها؟ قال فقلت بلى، فقال عمر رضي الله عنه فما تريد إلى ذلك؟ قال قلت أن لي أفراسًا وأعبدا وأنا بخير وأريد أن تكون عمالتي صدقة على المسلمين؛ فقال عمر رضي الله عنه فلا تفعل فإني قد كنت أردت الذي أردت، فكان النبي (صلى الله عليه وسلم) لعمر كانت سبب العمالة كما في حديث ابن الساعدي وتقدم في باب العاملين على الزكاة رقم (94 صحيفة 55 وفيه أن عمر رضي الله عنه قال" فإني قد عملت على عهد رسول الله فعلمني" ولهذا قال الطحاوي ليس معني هذا الحديث في الصدقات وإنما هو في الأموال وليست هي من جهة الفقراء ولكن شيء من الحقوق، فلما

-[جواز قبول العطية إذا كانت بغير سؤال ولا تطلع]- فأقول أعطه أفقر مني (1) حتى أعطاني مرة مالاً فقلت أعطه أفقر مني، قال فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) خذه فتموله (2) وتصدق به، فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف (3) ولا سئل فخذه ومالاً (4) فلا تتبعه نفسك (167) عن المطلب بن حنطب أن عبد الله بن عامر بعث إلى عائشة رضي الله عنها بنفقة وكسوة، فقالت للرسول إني يا بني لا أقبل من أحد شيئًا، فلما خرج قالت ردوه على فردوه، فقالت إني ذكرت شيئًا قاله لي رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) قال يا عائشة من أعطاك عطاء بغير مسألة فاقبليه فإنما هو رزق عرض الله لك. (186) عن القعقعاء بن حكيم أن عبد العزيز بن مروان كتب إلى

_ قال عمر أعطه من هو أفقر مني لم يرض بذلك لأنه إنما أعطاه لمعني غير الفقير، قال ويؤيده في رواية شعيب (خذه فتمول) فل على أنه ليس من الصدقات (1) ظاهرة أن عمر رضي الله عنه لم يكن غنيًا، لأن صيغة أفعل تدل على الاشتراك في الأصل وهو الافتقار إلى المال، ولكن ظاهر أمره (صلى الله عليه) له بالأخذ إذا لم يكن مستشرفًا ولا سائلاً أنه لا فرق بني كونه غنيًا أو فقيرًا، وهكذا في قبول المال من غير السلطان لا فرق فيه بين الغني والفقير على ظاهر حديث خالد بن عدي الآتي آخر الباب (2) أي تملكه لتصير ذا مال، يقال مال الرجل وتمول إذا صار ذا مال "وقوله وتصدق به" أي إذا كان زائدًا عن كفايتك (3) من الأشراف بكسر الهمزة وسكون الشين المعجمة، وهو التعرض للشيء والحرص عليه، ومن قولهم أشرف على كذا إذا تطاول له، ومنه قيل للمكان المتطاول شرف (4) أي وما لا يكون كذلك بأن لا يجيء إليك وتميل نفسك إليك فلا تتبعه نفسك في الطلب واتركه (تخريجه) (ق. نس). (167) عن المطلب بن حنطب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا منصور بن سلمة قال ثنا ليث عن يزيد بن الهاد عن عمرو عن المطلب بن حنطب- الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات إلا أن المطلب مدلس واختلف في سماعه من عائشة. (186) عن القعقاع بن حكيم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[إستحباب سؤال الصالحين إن كان ولا بد من السؤال]- عبد الله بن عمر أن أرفع إلى حاجتك، قل فكتب إليه عبد الله بن عمر إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: أبدأ بمن تعول واليد العليا خير من اليد السفلي وإني لأحسب اليد العليا المعطية واليد السفلي السائلة (1) وإني غير سائلك شيئًا، ولا راد رزقًا ساقه الله إلى منك. (169) عن ابن الفراسي أن الفراسي (2) رضي الله عنه قال لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسأل؟ (3) قال النبي (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا، وإن

_ حماد بن مسعدة عن ابن عجلان وصفوان قال أنا ابن عجلان المعني عن القعقاع بن حكيم - الحديث) (غريبة) (1) احتج بهذه الجملة وهي قوله "وإني لأحسب اليد العليا المعطية والسفلي السائلة) من قال بأن ما جاء في حديث ابن عمر المتقدم في باب ما جاء في "اليد العليا واليد السفلي" رقم 148 صحيفة 103 من قوله "اليد العليا المنفقة اليد السائلة" مدرج من الراوي وقد حققنا هناك أنه من قول رسول الله (صلى الله علية وسلم)،ولا ينافيه قول ابن عمر هنا لاحتمال أنه قال قبل وقوفه على بيان النبي (صلى الله عليه وسلم)، والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد. (169) عن ابن الفراسي (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا قتيبة ابن سعيد قال أبو عبد الرحمن وكتب به إلى قتيبة بن سعيد كتبت إليك بخطي وختمت الكتاب بخاتمي ونقشه (الله ولي سعيد رحمه الله) وهو خاتم أبى ثنا ليث بن سعد عن جعفر ابن ربعية عن بكر بن سوادة عن مسلم بن مخشي عن ابن الفراسي- الحديث" (غريبة) (2) الفراسي بكسر الفاء وفتح الراء وكسر السين المهملة وتشديد الياء التحتية من بني فراس بن غنم بن مالك بن كنانة روي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) هذا الحديث (قال النذري) وله في حديث آخر في ماء البحر" هو الطهور ماؤه الحل ميتته" كلاهما يرويه الليث ابن سعد، روي له أبو داود والنسائي وابن ماجه (3) بحذف همزة الاستفهام يعني أأسال الناس، فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) لا، أي لا تسأل الناس شيئًا من المال وتوكل على الله في كل حال "وإن كنت سائلاً لا بد" أي لا بد لك من السؤال ولا غني لك عنه "فاسأل الصالحين" أي القادرين على قضاء الحاجة القائمين بحقوق الله وحقوق العباد لأنهم أرحم الناس بعباد الله، وإذا أعطوا لا يمنوا وإذا سئلوا لا يردون السائل خائبًا وإن كان محتاجين إلى ما يعطونه

-[كلام العلماء في حكم من جاءه مال أو نحوه من غير مسألة ولا إشراف نفس]- كنت سائلاً لا بد فأسال الصالحين (170) عن خالد بن عدي الجهني رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من بلغه معروف عن أخيه من غير مسألة ولا إشراف نفس فليقبله ولا يرده، فإنما هو رزق ساقه الله عز وجل إليه

_ للسائل ويعطون ما يعطون عن طيب نفس ولأن الصالح لا يعطي إلا من الحلال، فإذا لم يجد ما يعطيه مطلقًا رد السائل بالحسي داعيًا له ودعاؤه مستجاب وهو إرشاد إلى ما هو الأولى وإلا فسؤال غير الصالحين جائز (تخريجه) (د. نس) وسنده جيد. (170) عن خالد بن عدي الجهني (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد ثنا سعيد بن أبى أيوب حدثني أبو الأسود عن بكير بن عبد الله عن بسر بن سعيد عن خالد بن عدي الجهني - الحديث) (غريبة) (1) كهبة أو هدية أو نحو ذلك وقوله "عن أخيه" هكذا في رواية الإمام أحمد، وعند أبى يعلي والطبراني في الكبير "من أخيه" (تخريجه) (عل. طب) وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح، وله شاهد من حديث أبى هريرة رضي اله عنه عند الإمام أحمد أيضًا بلفظ "سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال من آتاه الله شيئًا من هذا المال من غير أن يسأله فليقبله فإنما هو رزق ساقه الله إليه) ورجاله رجال الصحيح (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية قبول العطية من المعطي إذا كانت من غي سؤال ولا إشراف نفس سواء أكانت العطية ما لا أم غيره (وقد اختلف العلماء) في حكم القبول هل هو واجب أو مندوب على ثلاثة مذاهب، حكاها أبو جعفر محمد بن جرير الطبري رحمه الله بعد إجماعهم على أنه مندوب (قال النووي) الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه مستحب في غير عطية السلطان، وأما عطية السلطان يعني الجائر فحرمها قوم وأباحها آخرون وكرهها قوم، والصحيح أنه أن غلب الحرام فيما في يد السلطان حرمت، وكذا إن أعطي من لا يستحق، وإن لم يغلب الحرام فمباح إن لم يكن في القابض مانع يمنعه من استحقاق الأخذ (وقالت طائفة) الأخذ واجب من السلطان وغيره (وقال آخرون) هو مندوب في عطية السلطان دون غيره أهـ، وحديث خالد بن عدي يرده (قال الحافظ) ويؤيده حديث سمرة في السنن (قلت وفي المسند أيضًا) "إلا أن يسأل ذا سلطان" قال والتحقيق في المسألة أن من علم كونه ماله حلالاً فلا ترد عطيته، ومن علم كون ماله حرامًا فتحرم عطيته ومن شك فيه فالاحتياط رده وهو الورع، ومن أباحه

-[ترجمة فاطمة بنت الحسين وتاريخ ميلاد الحسين بن على رضي الله عنهما]- (5) باب البر بالسائل وتحسين الظن به وإعطائه وإن جاء على فرس (171) حدّثنا عبد الله حدثني أبى حدثنا وكيع وعبد الرحمن قال حدثنا سفيان عن مصعب بن محمد بن يعلي بن أبى يحيي عن فاطمة بنت حسين (1) عن ابيها، قال عبد الرحمن حسين بن علي (2) رضي الله عنهما قال قال رسول الله

_ أخذ بالأصل أهـ (قال ابن المنذر) واحتج من رخص بأن الله تعالى قال في اليهود "سماعون للكذب أكالون للسحت" وقد رهن الشارع (صلى الله عليه وسلم)، درعه عنه يهودي مع علمه بذلك، وكذا أخذ الجزية منهم مع العلم بأن أكثر أموالهم من ثمن الخمر الخنزير والمعاملات الفاسدة (قال الحافظ) وفي حديث الباب (يعني حديث عمر) أن للإمام أن يعطي بعض رعيته إذا رأي لذلك وجهًا وإن كان غيره أحوج إليه منه، وأن رد عطية الأمام ليس من الأدب ولا سيما من الرسول (صلى الله عليه وسلم) لقوله تعالى: "وما آتاكم الرسول فخذوه" (وفي الحديث الفراسي) رضي الله عنه دلاله على التنفير من السؤال مطلقًا، وعلى جوازه عند الحاجة الشديدة، وعلى فضل الصالحين بطلب سؤالهم عند الحاجة لأنهم أسرع الناس إلى البر إلخ ولمزايا أخرى تقدم ذكرها في شرح الحديث، وهذا إرشاد إلى ما هو الأولى وإلا فسؤال غير الصالحين جائز، والله أعلم. (171) حدّثنا عبد الله (غريبة) (1) هي بنت الإمام الحسين بن علي ابن أبى طالب الهاشمية المدنية روت عن أبيها وأخيها زين العابدين وابن عباس وأسماء بنت عميس وغيرهم، وعنها أولادها عبد الله وإبراهيم وحسين ومحمد بن عبد الله بن عمر، ذكرها ابن حبان في الثقات (وقال الحافظ) في التقريب ثقة من الرابعة، روي لها أبو داود والترمذي وابن ماجه (2) يعني أن عبد الرحمن بن مهدي أحمد الراويين اللذين روي عنهما الإمام أحمد هذا الحديث، قال في روايته "عن أبيها حسين بن علي قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخ أما وكيع فقال في روايه "عن أبيها قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) - الحديث" وكنية الحسين ابن علي رضي الله عنهما أبو عبد الله، وهو سبط رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ابن فاطمة الزهراء بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ورضي عنها، وهو وأخوه الحسن سيدا شباب أهل الجنة كما جاء في الأحاديث الصحيحة (قال الحافظ في الإصابة) قال الزبير (يعني ابن بكار) وغيره ولد في شعبان سنة أربع وقيل سنة ست، وقيل سبع وليس بشيء، قال جعفر بن محمد لم يكن بين الحمل بالحسين بعد ولادة الحسن إلا طهر واحد (قلت) فإذا كان الحسن ولد في رمضان وولد الحسين في

-[تاريخ وفاة الحسين بن علي رضي الله عنهما - وبيان درجة حديث للسائل حق الخ]- (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم للسائل حق وإن جاء على فرس (1) (172) عن عبد الرحمن بن بجيد عن جدته أم بجيد رضي الله عنها

_ شعبان احتمل أن يكون ولدته لتسعة أشهر ولم تطهر من النفاس إلا بعد شهرين، وقد حفظ الحسين أيضًا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وروي عنه، أخرج له أصحاب السنن أحاديث يسيرة، وروي عن أبيه وأمه وخالد هند بن ابى هالة وعن عمر، وروي عنه أخوه الحسن وبنوه على زين العابدين وفاطمة وسكينة وحفيدة الباقر والشعبي وعكرمة وشيبان الدؤلي وكرز التيمي وآخرون أهـ قال الزبير بن بكار قتل الحسين يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، وكذا قال الجمهور، وشذ من قال غير ذلك " وقد اختلف في سماعه من جده" (صلى الله عليه وسلم) فقال أبو عبد الله محمد بن يحيي أبن الحذاء سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) وقال أبو على سعيد بن عثمان بن السكن قد روي من وجوه صحاح حضور حسين عند النبي (صلى الله عليه وسلم) ولعبه بين يديه وتقبيله إياه، فأما ما يرويه عنه فكلمة من المراسيل، وقال أبو القاسم البغوي نحوه، وللإمام الحسين مناقب لا تحصي سيأتي كثير منها في مناقب آل البيت من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (1) لطالب العطاء حق في إعطائه وإن كان ظاهره الغني تحسينا للظن بالمسلم الذي امتهن نفسه بذل السؤال فلا يقابله بسوء الظن، وبه واحتقاره بل يكرمه بإظهار السرور له ويقدر أن الفرس التي تحته عارية أو أنه ممن يجوز له أخذ الزكاة مع الغني كمن تحمل حمالة أو غرم غرمًا لإصلاح ذات البين، أو يكون مسافرًا احتاج في الطريق، إلى غير ذلك، وعلى هذا فلا ينافي ما تقدم في باب نهي الغني عن السؤال رقم 132 صحيفة 91 من قوله (صلى الله عليه وسلم) "إن الصدقة لا تحل لغني ولا لذي مرة سوي" (تخريجه) (د. عل) والضياء المقدسي في المختارة، (قال الحافظ العراقي) إسناده جيد ورجاله ثقات، وكذا جزم بصحته غير واحد، لكن قال ابن عبد البر إنه ليس بقوي أهـ (قلت) وفي إسناده مصعب بن محمد، وثقة ابن معين وغيره، وقال أبو حاتم صالح لا يحتج به واختلف فيه، قال أبو حاتم مجهول ووثقه ابن حيان، وقد اختلف أيضًا في إرسال الحديث ووصله وهذا لا يضر في الاحتياج به، وقد روي من عدة طرق، فقد أخرجه الحافظ السيوطي في الهاشميات بلفظ (للسائل حق وإن جاء على فرس لا تردوا السائل" ورواه ابن عدي من حيث أبى هريرة مرفوعًا "أعطوه السائل وإن كان على فرس" وقد رواه أبو داود من طريق آخر وسكت على الطريقين فهو صالح عنده، إذا علمت هذا فالحديث لا ينحط عن رتبة الحسن والله أعلم (172) عن عبد الرحمن بن بجيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[إستحباب إعطاء السائل ولو شيئًا حقيرًا وعدم رده خائبًا]- أنها قلت كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأتينا في بني عمرو بن عوف فأتخذ له سويقه (1) في قبة لي فإذا جاء سقيتها إياه، قالت قلت يا رسول الله إنه يأتيني السائل فأتزهد له بعض ما عندي (3) (وفي رواية فلا أجد في بيت ما أرفع في يده) فقال ضعي في يد المسكين ولو ظلقًا (3) محرقًا (وعنه من طريق ثان) (4) أنه حدثته جدته وهي أم بجيد وكانت ممن بايع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قلت لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) والله إن المسكين ليقومعلى بابي فما أجد له شيئًا أعطيه إياه؛ فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن لم تجدي له شيئًا تعطينه إياه إلا ظلفًا محرقًا فادفعيه إليه في يده. (173) عن عمرو بن معاذ الأنصاري قال إن سائلاً وقف على بابهم فقالت له جدته حواء (5) أطعموه تمرًا، قالوا ليس عندنا، قالت فاسقوه سويقًا،

_ عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن سعيد بن أبى سعيد المقبري عن عبد الرحمن بن بجيد - الحديث" (غريبة) (1) السويق ما يتخذ من الشعير أو القمح بعد قلبه أو دقه وخطله بماء أو عسل أو لبن (والقعبة) ويقال له القعب أيضًا بفتح القاف وسكون العين المهملة قدح من خشب يستعمل للأكل والشرب، جمعه قعاب مثل سهم وسهام (2) أي احتقره لكونه قليلاً لا يكفي السائل (3) الظلف بكسر الظاء المعجمة وسكون اللام هو للبقر والغنم كالحافر للفرس والبغل، والخف للبعير، والقدم للإنسان، أي إن لم تجدي إلا شيئًا يسيرًا تعطينه فأعطيه إياه، فهو مبالغة في قلة ما يعطي السائل، وقيل إن المراد حقيقة الظلف المحرق فإنهم كانوا ينتفعون به ولا سيما عند الحاجة والله أعلم (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا هاشم بن القاسم ثنا الليث حدثني سعيد يعني المقبري عن عبد الرحمن بن بجيد أخي بني حارثة أنه حدثته جدته وهي أم بجيد - الحديث) (تخريجه) (لك. د. نس. ك. مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح (173) عن عمر بن معاذ (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الملك ابن عمرو ثنا زهير بن محمد عن زيد عن عمرو بن معاذ الأنصاري - الحديث" (غرية) (5) هي بنت يزيد بن سنان بن كرز بن زعوراء بن عبد الأشهل الأنصارية ذكرها

-[ترجمة حواء بنت يزيد جدة عمرو بن معاذ - وكراهة إحصاء الصدقة]- قالوا العجب لك نستطيع أن تطعمه ما ليس عندنا؟ قالت إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يول لا تردوا السائل ولو بظلف محرق (174) عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن سائلاً سال قالت فأمرت الخادم فأخرج له شيئا (وفي رواية فأمرت بريرة أن تأتينها (1) فتنظر

_ أبو عمر فقال قال مصعب الزبيري أسلمت وكانت تكتم زوجها قيس بن الحطيم الشاعر إسلامها، فلما قدم قيس مكة حين خرجوا يطلبون الحلف من قريش عرض عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الإسلام فاستنظره قيس حتى يقدم المدينة، فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يجتذب زوجته حواء بنت يزيد وأوصاه بها خيرًا وقال له أنها قد أسلمت، فقبل قيس وصية رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (قال الحافظ في الإصابة) ووقع لابن منده وهم فإنه قال حواء بنت زيد بن السكن الأشهلية امرأة قيس بن الطيم، يقال لها أم بجيد (قال الحافظ) وفيه تخليط، فإن أم بجيد اسم والدها زيد بغير ياء قبل الزاي وجدها السكن، وأما امرأة قيس فأسلم والدها يزيد بزيادة الياء واسم جدها سنان أهـ (تخريجه) رواه مالك في الموطأ عن عمرو بن معاذ عن جدته حواء عن النبي (صلى الله عليه وسلم) بلفظ " لا تحتقرن جاره لجارتها ولو بفرسن شاة" (174) عن عروة عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الله بن محمد بن أباشيبة قال أبو عبد الرحمن وسمعته أنا من ابن أبى شيبة قال ثنا ابن إدريس عن الأعمش عن الحكم عن عروة عن عائشة - الحديث" وفي آخره قال أبو عبد الرحمن وسمعته أنا من ابن ابى شيبة، وأبو عبد الرحمن كنية عبد الله بن الإمام أحمد يعني أنه سمعه مرة من أبن أبى شيبة بدون واسطة أبيه (غريبة) (1) أي لتر بها مقدار ما أخرجته للصدقة، والظاهر أنها أرادت النظر إلى مقداره لتعلم هل يكفي السائل أو يزيد لتخرج الصدقة على قدر حاله "وفي رواية النسائي" عن عائشة رضي الله عنها قالت دخل علينا سائل مرة وعندي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأمرت له بشيء ثم دعوت به فنظرت إليه فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أما تريدين أن لا يدخل بيتك شيء ولا يخرج إلا بعلمك؟ قلت نعم؛ قال مهلا يا عائشة لا تحصي فيحصي الله عز وجل عليك "وفي رواية أبى داود "قال حدثنا مسددنا إسماعيل أنا أيوب عن عبد الله أبن أبى مليكة عن عائشة أنها ذكرت عدة من مساكين، قال أبو داود وقال غيره (يعني غير مسدد) أو عدة من صدقة، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أعطي ولا تحصي فيحصي عليك، والمعني أنها ذكرت للنبي (صلى الله عليه وسلم) عددًا من المساكين الذين تصدقت عليهم أو عددًا من الصدقات

-[سخاء النبي (صلى الله عليه وسلم) وكرمه وتلطفه بالسائل- وفضل التعفف عن المسألة والصبر]- إليه) قالت فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لها يا عائشة لا تحصي فيحصي الله عليك (175) عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال جاء ناس من الأنصار فسألوه فأعطاهم (1) قال فجعل لا يسأله أحد منهم إلا أعطاه حتى نفد (2) ما عنده، فقال لهم حين أنفق كل شيء بيده وما يكون عندنا من خير فلن ندخره عنكم (3) وإنه من يستعفف يعفه الله (4) ومن يستغن (5) ليغنه الله ومن يتصبر (6) يصبره الله، ولن تعطوا عطاء خيرًا أوسع من الصبر (7).

_ التي أخرجتها، فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا تحصي من الإحصاء وهو العد والحفظ، أي لا تعدي ما صدقت به من المال (فيحصي الله عليك) أي يمنع عنك الرزق ويقتر عليك، وقيل المعني لا تعدي ما أنفقته فتسكتثر به فيكون ذلك سببًا لانقطاع إنفاقك فيقطع الله عنك الرزق والله أعلم (تخريجه) (د. نس) وسنده جيد. (175) عن أبى سعيد الخدري (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرازق أخبرني معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبى سعيد الخدري - الحديث" (غريبة) (1) عند مسلم وأبى داود فسألوه فأعداهم ثم سألوه فأعطاهم حتى إذانفد ما عنده قال ما يكون عندي من خير فلن أدخره عنكم- الحديث (2) بكسر الفاء أي فرغ وفني المال الذي عنده (3) أي فلن أضن به عليكم وأحبسه، وفيه ما كان عليه (الصلاة والسلام) من السخاء وإنفاذ امر الله، وفيه إعطاء السائل مرتين والاعتذار إلى السائل والحض على التعفف، وفيه جواز السؤال للحاجة وإن كان لأولى تركه والصبر حتى يأتيه رزقه بغير مسألة (4) أي من يطلب من نفسه العفة عن السؤال (قال الطبي) أو يطلب العفة من الله فليس السين لمجرد التأكيد "يعفه الله) أي يجعله عفيفًا من الأعفاف وهو إعطاء العفة وهي الحفظ عن المناهي، يعني من قنع بأدنى قوت وترك السؤال تسهل عليه القناعة وهي كنز لا يفني (5) أي يظهر الغني بالاستغناء عن أمواله الناس والتعفف عن السؤال حتى يحسبه الجاهل غنيًا من التعفف "يغنه الله" أي يجعله غنيًا أي بالقلب لأن الغني ليس بكثرة العرض، إنما الغني غني النفس كما في الحديث الصحيح (6) أي تطلب توفيق الصبر من الله أو يأمر نفسه بالصبر ويتحمل مشاقه (يصبره الله) بالتشديد أي يسهل عليه الصبر (7) أي أشرح للصدق من الصبر، وذلك لأن مقامه أعلى المقامات لأنه جامع لمكارم الصفات والحالات نسألة تعالى أن يمن علينا بالصبر الجميل وأن يهدينا إلى سؤال السبيل (تخريجه) (ق. د. نس. مذ)

-[إعطاء من سأل بالله - وإجابة الداعي - ومكافأة صانع المعروف]- (فصل منه في السؤال يوجه الله عز وجل) (176) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم من استعاذ بالله فأعيذوه (1) ومن سألكم بوجه الله فأعطوه (2). (177) عن أبن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم من أستعاذ بالله فأعيذوه، ومن سألكم (وفي رواية ومن سألكم بوجه الله) فأعطوه (3) ومن دعاكم فأجيبوه (4) ومن أتي معروفًا (5) فكافئوه فإن لم تجدوا

_ (176) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عبد الله ثنا خالد بن الحارث ثنا سعيد عن قتادة عن أبي نهيك عن ابن عباس- الحديث" (غريبة) (19 أي من سأل منكم الإعادة مستغيثًا بالله فأعيذوه (قال الطيي) أي من استعاذ بكم وطلب منكم دفع شركم أو شر غيركم قائلاً بالله عليك أن تدفع عني شرك فأجيبوه وادفعوا عنه الشر تعظيمًا لاسم الله تعالى، فالتقدير من استعاذ منكم متوسلاً بالله مستعطفًا به (2) أي من طلب منكم شيئًا من خيري الدنيا والآخرة متوسلاً بالله تعالى فأعطوه ما سأله قدرم اجلالا لمن سألكم به، ومحله إذا كان السائل طائعًا صادقًا في مسألته، أما إذا كان فاسقًا يسأل ليستكثر ويستعين بذلك على المعاصي فلا يعطي مطلقًا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد من حديث ابن عباس. ويؤيده حديث ابن عمر الآتي بعده. (177) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عفاف ثنا أبو عوانة ثنا سليمان الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر- الحديث" (غريبة) (3) هذه الجملة والتي قبلها تقدم شرحهما في شرح الحديث السابق (4) أي وجوبًا إن كانت الدعوة لوليمة عرس أو لمعونة متعينة أن لم يكن ثم مانع شرعي أو منكر، وندبًا في غير ذلك (5) لفظ أبي داود "ومن صنع إليكم معروفًا" أي أحسن إليكم أحسانًا قوليًا أو فعليًا "فكافئوه" من المكافأة أي أحسنوا إليه مثل ما أحسن إليكم، لقوله تعالى: {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} وقوله عز من قائل {وأحسن كما أحسن الله إليك}

-[مكافأة صانع المعروف بالدعاء- وقصة الخضر عليه السلام مع السائل]- ما تكافئونه (1) فادعوا له حتى تعلموا أن قد كافأتموه

_ (1) أي من المال ونحوه (فادعوا له) أي فكافئوه بالدعاء له وكرروا الدعاء حتى تعلموا أنكم قد أديتم حقه، وقد جاء في حديث عن أسامة بن زيد مرفوعًا "من صنع إليه معروف فقال لفاعله جزاك الله خيرًا فقد أبلغ في الثناء" رواه النسائي والترمذي وابن حبان وصححه الحافظ السيوطي، فينبغي لمن صنع إليه معروف من مال أو نحوه وعجز عن مكافأته بمثله فليقل له جزاك الله خيرًا عملاً بهذا الحديث، فإن قال ذلك وزاد أدعية أخرى فقد زاد في عمل الخير، وكانت عائشة رضي الله عنها إذا دعا لها السائل تجيبه بمثل دعائه ثم تعطيه الصدقة، فقيل لها تعطين المال وتدعين؟ فقالت لو لم أدع له لكان حقه بالدعاء لى على أكثر من حقي عليه بالصدقة فأدعوا له له بمثل دعائه لي حتى أكافئ دعاءه وتخلص لي الصدقة رضي الله عنها (تخريجه) (د. نس. حب. ك) وقال حديث صحيح على شرط الشيخين (قلت) وأقره الذهبي، وقال النووي حديث صحيح رواه أبو داود والنسائي بإسناد الصحيحين، وفي رواية للبيهقي فأثنوا عليه بدل فادعوا له (زوائد الباب) (عن أبي أمامة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أحدئكم عن الخضر عليه السلام، قالوا لي يا رسول الله؛ قال بينما هو ذات يوم يمشي في سوق بني إسرائيل أبصره رجل مكاتب فقال تصدق على بارك الله فيك، فقال الخضر عليه السلام آمنت بالله ما شاء الله من أمر يكون، ما عندي شيء أعطيكم، فقال المسكين أسألك بوجه الله لما تصدقت على فأني نظرت السماحة في وجهك ورجوت البركة عندك، فقال الخضر آمنت بالله ما عندي شيء أعطيكه إلا أن تأخذني فتبيعني، فقال المسكين وهل تستطيع هذا؟ قال نعم. أقول لقد سألنني بأمر عظيم، أما أني لا أخيبك بوجه ربي. يعني قال فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم، فمكث عند المشترى زمانًا لا يستعمله في شيء، فقال له إنك إنما اشتريتني التماس خير عندي فأوصني بعمل، قال أكره أن أشق عليك أنك شيخ كبير ضعيف، قال ليس تشق على، قال قم فانقل هذه الحجارة وكان لا ينقلها دون ستة نفر في يوم، فخرج في بعض حاجته ثم انصرف وقد نقل الحجارة في ساعة، قال أحسنت وأجملت وأطلقت ما لم أرك تطيقه، قال ثم عرض للرجل سفر، قال إني أحسبك أمينًا فاخلفني في أهلي خلافة حسنة، قال وأوصني بعمل، قال إني أكره أن أشق عليك، قال ليس تشق على، قال فاضرب من اللبن لبيتي حتى أقدم عليك، قال فمر الرجل لسفره قال فرجع الجل وقد شيد بناؤه، قال أسألك بوجه الله ما سببك وما أمرك. قال سألني بوجه الله ووجه الله أوقعني في العبودية، فقال الخضر

-[بقية قصة الخضر- وكلام العلماء في أحكام أحاديث الباب]- ....

_ عليه السلام سأخبرك من أناة أنا الخضر الذي سعت به سألني مسكين صدقة فلم يكن عندي شيء أعطيه فسألني بوجه الله فأمكنته من رقبتي فباعني. وأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر وقف يوم القيامة جلدة لا لحم له ولا عظم يقعقع "أي يضطرب ويتحرك" فقال الرجل آمنت بالله شققت عليك يا نبي الله ولم أعلم. قال لا بأس أحسنت واتقيت، فقال الرجل يأبي أنت وأمي يا نبي الله أحكم في أهلي ومالي بما شئت أو اختر فأخلى سبيلك، قال أحب أن تخلي سبيلي فاعبد ربي. فاخلى سبيله، فقال الخضر الحمد لله الذي أوثقني في العبودية ثم نجاني منها، أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثقون، إلا أن فيه بقية بن الوليد وهو مدلس. ولكنه ثقة (وعنه أيضًا رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أن المساكين صدقوا ما أفلح من ردهم، رواه الطبراني في الكبير وفيه جعفر بن الزبير وهو ضعيف (الأحكام) أحاديث الباب تدل على تحسين الظن بالمسلمين ومساعدتهم والعطف على السائل بإجابة طلبه بقدر الإمكان وعدم رده خائبًا (وفيها أيضًا) دلالة على أن المتصدق لا يمنع من الصدقة لقلة ما يتصدق به وحقارته، فإن قليل الخير كثير عند الله وما قبله الله تعالى وبارك فيه فليس هو بقليل. قال تعالى: {فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره} فإن لم يجد شيئًا أصلاً فليرد السائل بكلمة طيبة، فعند البخاري ومسلم والأمام أحمد. وسيأتي في فضل صدقة التطوع من حديث عدى بن حاتم الطائي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من استطاع منكم أن يتقى النار فليتصدق ولو بشق تمرة فمن لم يجد فبكلمة طيبة" وعند الأمام أحمد أيضًا في الباب المذكور من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها يا عائشة استترى من النار ولو بشق تمرة فإنها تسد من الجائع مسدها من الشبعان، وفي المسألة أحاديث كثيرة صحيحة مشهورة (وفي أحاديث الباب أيضًا) دلالة على أنه ينبغي للمتصدق أن لا يحصى ما تصدق به أو على كم مسكين تصدق اليوم أو أمس مثلاً فإنه لو فعل ذلك ربما استكثر ما تصدق به فيمسك عن الصدقة فيقتر الله عليه رزقه (وفي حديثي ابن عباس وابن عمر) رضي الله عنهم دلال على أن من سأل بالله أو توسل به لحاجة تقضي حاجته اجلالا لله عز وجل، وتقدم الكلام على ذلك في الشرح (وفيها أيضًا) مشروعية إجابة الداعي ومكافأة صاحب المعروف ولو بالدعاء إن لم يجد ما يكافئه به، وفيها غير ذلك. والله أعلم (تنبيه) ما ذكرناه من العطف على السائل واعطائه وعدم رده خائبًا محله إذا كان محتاجًا وصادقًا في سؤاله ولم يسأل إلا لضرورة كما كان عليه الناس الفقراء في مدة السلف أو كان مستور الحال لا يعلم حاله للمتصدق، أما الشحاذون الآن فينذر فيهم جدًا الذي يسأل لحاجة وكلهم إلا النزر اليسير اتخذوا السؤال

-[حيل المتسولين الذين يسألون الناس إلحافًا في هذا العصر]- (6) باب نهي المتصدق عن مشترى ما تصدق به (178) عن زيد بن أسلم عن أبيه أن عمر رضي الله عنه حمل على فرس (1)

_ مهنة يتعيشون منها ويدخرون منها الأموال فتراهم يبتزون أموال الناس بأساليب غريب، وحيل عجيبة. ترى منهم الكهل والشاب والصبي والفتاة والمرضع والعجوز، فمنهم من يعصب عينيه ويمشي بعصاه على غير هدى ليفهم الناس أنه أعمى أو بعينيه رمد. ومنهم من يربط ساقه بفخذه ليوهم الناس أنه مقطوع الساق ويمشي على رجل واحدة مستندًا على عكازتين، ومنهم من يدعي إليكم والخرس فلا ينطق ويشير بيديه عند السؤال. وتراه في مكان آخر زلق اللسان أقوى من الشيطان. ولهم رؤساء وعرفاء ونحو ذلك، وهم جميعًا من أفسق الفساق لا يصلون ولا يصومون ولا يذكرون الله إلا عند السؤال لسلب الأموال. فهؤلاء مرتكبون لا يجوز لهم السؤال. ويحرم على الناس إعطاؤهم على كل حال؛ وأقوى دليل على كذب هذه الطائفة ما قامت به حكومتنا المصرية من إعداد دار فسيحة واسعة. فيها كل سبل الراحة جعلتها ملجأ لهؤلاء المتسولين الذين يدعون الفقر وطلب القوت الضروري. وخصصت جانبًا من المال ينفق على طعامهم وكسوتهم. وأدخلت عددًا كثيرًا منهم هذه الدار فلم ترق في نظرهم حتى أصحاب العاهات الحقيقي منهم وطلبوا الخروج منها فلم تجبهم الحكومة إلى طلبهم، ولما يئسوا من ذلك اتفقوا على أن يضرب بعضهم بعضًا وعلى أحداث غوغاء واضطراب في هذه الدار لتسرحهم الحكومة، وما ذلك إلا لكونهم يرون أن في خروجهم ربحًا من ابتزاز أموال الناس وإدخارها. أما دار الحكومة فليس فيها إل القوت والكسوة وهم لا يكتفون بذلك هداهم الله، فهذا دليل واضح على أنهم اتخذوا السؤال حرفة لجمع المال لا لفقر أو عاهة، نسأل الله السلامة. (178) عن زيد بن أسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن زيد بن أسلم- الحديث" (غريبة) (1) أي حمل عليه رجلاً في سبيل الله والمعنى أنه ملكه له، ولذلك ساغ له بيعه، ومنهم من قال كان عمر حبسه أي جعله وفقاً في سبيل الله لكل من احتاجه. وإنما ساغ للرحل بيعه لأنه حصل فيه هزال عجز بسببه عن اللحاق بالخيل وضعف عن ذلك وانتهى إلى حالة عدم الانتفاع به، وأجاز ذلك ابن القاسم، لكن يرجح الأول قوله "لا تعد في صدقتك" ولو كان حبسًا لعلله به "والفرس يقع على الذكر والأنثى" فيقال هو الفرس وهي الفرس وتصغير الذكر فريس والأنثى فريسة على القياس وجمعت الفرس على غير لفظها فقيل خيل. وعلى لفظها فقيل ثلاثة أفراس بالهاء للذكور وثلاث

-[كراهة مشترى المتصدق ما تصدق به]- في سبيل الله عز وجل فرآها أو (1) بعض نتاجها يباع فأراد شراءه، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتركها توافك (2) أو تلقها جميعًا وقال مرتين، فنهاه وقال لا تشتره (3) ولا تعد في صدقتك (وعنه أيضًا من طريق) (4) عن أبيه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال حملت على فرس في سبيل الله فأضعه (5) صاحبه فأردت أن أتباعه وظننت أنه بائعه برخص (6) فقلت حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تبتعه وإن أعطاكه بدرهم (7) فإن الذي يعود

_ أفراس بحذفها للأناث. ويقع على التركي والعربي (قال ابن الأنباري) وربما بنوا الأنثى على الذكر فقالوا فيها فرسة، وحكاه يونس سماعاً عن أيوب. كذا في المصباح (1) أو للشك من الراوي يعني أن الراوي يشك هل رأى عمر رضي الله عنه الفرس نفسها التي تصدق بها أو رأى بعض ما أنتجته من الأفراس، وقد جاء في الطريق الثانية في حديث ابن عمر الآتي بعد هذا أنها هي التي تصدق بها من غير شك (2) أي أتركها بلا شراء يوافك أجرها يوم القيامة أو تلقى أجرها وأجر ما أنتجته يوم القيامة (3) بلا ياء قبل الهاء مجزوم بلا الناهية. وفي قوله "ولا تعد في صدقتك" دلالة على أنه تمليك، ولو كان لقال في رفقك أو حبسك؛ وسمى الشراء عودا في الصدقة لأن العادة جرت بالمسامحة من البائع في مثل ذلك للمشترى فأطلق على القدر الذي يسامح به رجوعًا. والله أعلم (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن مالك عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر ابن الخطاب الخ (5) أي لم يحسن القيام عليه وقصر في مؤنته وخدمته، وقيل لم يعرف مقداره فأراد بيعه بدون قيمته، وقيل معناه استعمله في غير ما جعل له والأول أظهر ويدل له رواية مسلم من طريق روح بن القاسم عن زيد بن أسلم "فوجده قد أضاعه وكان قليل المال" فأشار إلى علة ذلك وإلى عذره في إرادة بيعه، وقال الباجي أي لم يحسن القيام عليه، وهذا يبعد في حق الصحابة إلا لعذر، أو صبره ضائعًا من الهزال لفرط مباشرة الجهاد والأتعاب له فيه. والله أعلم (6) بضم الراء مصدر رخص السع وأرخصه الله فهو رخيص (7) هذه مبالغة في رخصة وهو الحامل له على شرائه، ويستفاد منه أيضًا أن البائع ملكه ولو كان وقفًا كما قيل وجاز له بيعه لأنه لا ينفع فيما حبس عليه لما كان له بيعه إلا بالقيمة الوافرة. ولا كان له أن يسامح منها بشيء، ولو كان المشترى هو المحبس

-[كراهة مشترى المتصدق ما تصدق به والنهي عن ذلك]- في صدقته فكالكلب يعود في قيئه (8). (179) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن عمر حمل على فرس في سبيل الله ثم رآها تباع فأراد أن يشتريها، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم لا تعد في صدقنك. (180) عن الزبير بن العوام رضي الله عنه أن رجلاً (1) حمل على فرس يقال لها غمرة أو غمراء، وقال فوجد فرسًا أو مهرًا يباع فنسب إلى تلك الفر (3) فنهي عنها.

_ (8) الفاء في قوله فإن الذي يعود إلخ للتعليل أي كما يقبح أن يقيئ ثم يأكل كذلك يقبح أن يتصدق بشيء ثم يجره إلى نفسه بوجه من الوجوه. فشبه بأبخس الحيوان في أخس أحواله تصوير للتهجين وتنفيرًا منه، وبه استدل على حرمة ذلك، لأن إلقئ حرام (قال القرطبي وغيره) وهو الظاهر من سياق الحديث. وذهب الجمهور إلى الكراهة لأن فعل الكلب لا يوصف بتحريم لعدم تكليفه فالتشبيه للتنقير خاصة لكون القئ مما يستقذر. وهو قول الأكثر، ويلحق بالصدقة الكفارة والنذر وغيرهما من القربات (تخريجه) (ق. وغيرهما) (179) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر- الحديث" (تخريجه) (ق. لك. نس) وهذا الحديث من مسند عبد الله بن عمر. والحديث الأول بطريقته من مسند عمر رضي الله عنه (180) عن الزبير بن العوام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ابن هارون أنبأنا سليمان يعني التيمي عن أبي عثمان عن عبد الله بن عامر عن الزبير بن العوام -الحديث" (غريبة) (1) لم يسم الرجل في هذه الرواية، فيحتمل أنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه كما في الروايات، ويحتمل أنه غيره. والظاهر الأول والله أعلم (2) يعني أن الفرس أو المهر الذي يباع من نتاج الفرس الذي تصدق به "وقوله فنهى عنه" أي عن شراء ذلك الفرس أو المهر الذي من نتاج فرسه الذي تصدق به. والحكمة في النهي عن شرائه هو ما تقدم من مسامحة البائع في مثل ذلك للمشترى؛ لأنه يعلم أنه من نتائج فرسه الذي تصدق به عليه والله أعلم (تخريجه) (ش) وسنده جيد.

-[جواز أخذ المتصدق ما تصدق به إذا آل إليه بالميراث]- (181) عن أبي عريف بن سريعٍ أن رجلاً سأل بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فقال يتيم كان في حجري تصدقت عليه بجاريةٍ ثم مات وأنا وارثه، فقال له عبد الله بن عمرٍ وسأخبرك بما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، حمل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على فرسٍ في سبيل الله، ثم وجد صاحبه قد أوقفه يبيعه؟ فأراد أن يشتريه فسأل رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم فنهاه عنه وقال إذا تصدقت بصدقةٍ فامضها (1). (182) عن سليمان بن بريدة عن أبيه (بريدة الأسلمي) رضي الله عنه أن امرأةً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني تصدقت على أمي بجاريةٍ فماتت وإنها رجعت إلى في الميراث، قال قد آجرك الله (2) ورد عليك في الميراث، قالت فإن أمي ماتت ولم تحج فيجزئها أن أحج عنها؟ قال نعم، قالت فإن

_ (181) عن أبي عريف بن سريع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي بن غيلان ثنا رشيدين حدثني عمرو بن الحارث أن توبة بن نمر حدثه أن أبا عريف بن سريع حدثه أن رجلاً سأل ابن عمرو بن العاص - الحديث" (غريبه) (1) استدلال عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما بقصة عمر يدل على أنه كان يرى عدم تملك الشيء المتصدق به للمتصدق مطلقا حتى لو آل إليه بالميراث لم يقبله، وهذا يعارض ما ثبت عند الأمام أحمد ومسلم وأصحاب السنن من حديث بريدة الأسلمي رضي الله عنه وسيأتي بعد هذا، والظاهر أن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال ما قال حين لم يبلغه حديث بريدة؛ ويجمع بين قصة عمر وحديث بريدة بجواز تملك الشيء المتصدق به بالميراث، لأن ذلك ليس مشبها بالرجوع عن الصدقة دون سائر المعارضات (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وفيه رجل لم يسم وفيه أيضا رشدين بن سعد فيه كلام. ولكنه يعضد بما قبله (182) عن سليمان بن بريدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق ابن يوسف عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عبد الله بن عطاء المكي عن سليمان بن بريدة عن أبيه - الحديث" (غريبه) (2) أي أعطاك الله أجر الصدقة بها وردها عليك

-[مذاهب الأئمة في أحكام الباب]- أمي كان عليها صوم شهرٍ فيجزئها أن أصوم عنها؟ قال نعم

_ في الميراث. ففيه دلالة على أن ملك قريبا له عينا من الأعيان صدقة أو هبة أو بيعا ثم مات القريب بعد ذلك فللمتصدق أو الواهب أن يتملك تلك العين بطريق الميراث إن كان وارثا. وسيأتي الكلام على بقيته في الأحكام (تخريجه) (م. والأربعة) (الأحكام) أحاديث الباب فيها دليل على كراهة الرجوع عن الصدقة وأن شراءها برخص نوع من الرجوع فيكون مكروها (قال ابن بطال) كره أكثر العلماء شراء الرجل صدقته لحديث عمر رضي الله عنه (وهو قول مالك والكوفيين والشافعي) وسواء كانت الصدقة فرضا أو تطوعا؛ فإن اشترى أحد صدقته لم يفسخ بيعه وأولى به التنزه عنها، وكذا قولهم فيما يخرجه المكفر في كفارة اليمين (وقال النووي) في النهي الوارد في حديثي عمر وابنه، هذا نهى تنزيه لاتحريم فيكره لمن تصدق بشيء أو أخرجه في زكاة أو كفارة نذر ونحو ذلك من القربات أن يشتريه ممن دفعه هو إليه أو يهبه أو يتملكه باختياره، فأما إذا ورثه منه فلا كراهة فيه، قال وكذا لو انتقل إلى ثالث ثم اشتراه منه المتصدق فلا كراهة، هذا مذهبنا ومذهب الجمهور أهـ (قلت) لكن كرهه الأمام مالك، قال يحيي سئل مالك عن رجل تصدق بصدقة فوجدها مع غير الذي تصدق بها عليه تباع أيشتريها؟ فقال تركها أحب إلي، قال الزرقاني إذ لا فرق بين اشترائها من نفس من تصدق بها عليه أو من غيره في المعنى لرجوعه فيما تركه لله تعالى كما حرم الله على المهاجرين سكنى مكة بعد هجرتهم منها لله عز وجل. ولا يفسخ البيع إن وقع مع من أن النهي يقتضى الفساد للأجماع على ثبوت البيع كما قال ابن المنذر (قال ابن عبد البر) لاحتمال أن أحاديث الباب على التنزيه وقطع الذريعة أهـ (وقال ابن المنذر) رخص في شراء الصدقة الحسن وعكرمة وربيعة والأوزاعي، قال ابن القصار قال قوم لا يجوز لأحد أن يشترى صدقته ويفسخ البيع ولم يذكر قائل ذلك. وكأنه يريد به أهل الظاهر، وأجمعوا أن من تصدق بصدقة ثم ورثها أنها حلال له، والدليل على ذلك حديث بريدة المذكور في الباب (قال ابن التين) وشذت فرقة من أهل الظاهر فكرهت أخذها بالميراث ورأوه من باب الرجوع في الصدقة وهو سهو لأنها تدخل قهرًا، وإنما كره شراؤها لئلا يحابيه المصدق بها عليه فيصير عائدا في بعض صدقته (وقال جماعة من العلماء) كان عمر رضي الله عنه لا يكره أن يشترى الرجل صدقته إذا خرجت من يد صاحبها إلى غيره، رواه الحسن عنه وقال به هو وابن سيرين (وفي حديث بريدة) دليل على أنه من رجعت إليه صدقته بالميراث لا كراهة في تملكها (وفيه أيضا) دلالة على أنه يجزئ عن الميت صيان وليه عنه إذا مات وعليه صوم واجب وإن لم

-[تاريخ مشروعية زكاة الفطر]- (أبواب زكاة الفطر (*)) (1) باب مشروعيتها وحكمها وعلى من تجب (183) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم فرض زكاة (1) الفطر من رمضان صاعًا من تمرٍ أو صاعًا (2) من شعيرٍ على كل حرٍ أو عبدٍ (3) ذكرٍ أو أنثى من المسلمين (وعنه من طريق

_ يوص بذلك (وفيه أيضا) دلالة على أنه يجوز للابن أن يحج عن أمه أو أبيه. وإن لم يوص وكذلك الابنة. والله أعلم (183) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود الهاشمي ثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر - الحديث" (غريبه) (1) قال النووي رحمه الله اختلف الناس في معنى فرض هنا فقال جمهورهم من السلف والخلف معناه ألزم وأوجب. فزكاه الفطر فرض واجب عندهم لدخولها في عموم قوله تعالى "وآتوا الزكاة" ولقوله فرض وهو غالب في استعمال الشرع بهذا المعنى. وقال إسحاق بن راهويه إيجاب زكاة الفطر كالأجماع، وقال بعض أهل العراق وبعض أصحاب مالك وبعض أصحاب الشافعي وداود في آخر أمره إنها سنة ليست واجبة قالوا ومعنى فرض قدر على سبيل الندب (وقال أبو حنيفة) هي واجبة ليست فرضا بناء على مذهبه في الفرق بين الواجب والفرض (قال القاضي) وقال بعضهم الفطرة منسوخة بالزكاة (قلت) هذا غلط صريح والصواب أنها فرض واجب أهـ "وقوله زكاة الفطر" أضيفت الزكاة إلى الفطر لكونها تجب بالفطر من رمضان وهو صريح في ذلك، ويرد قول ابن قتيبة أن المراد بصدقة الفطر صدقة النفوس مأخوذ من الفطرة التي هي أصل الخلقة (2) صاعا منصوب على التمييز أو أنه مفعول ثان لفرض (2) لفظ كل يدخل فيه الكبير والصغير، وقد صرح

-[وجوب صدقة الفطر على كل مسلم ومسلمة]- ثان) (1) فرض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صدقة الفطر على الصغير (2) والكبير والحر والمملوك صاعًا من تمرٍ أو شعيرٍ

_ بذلك في الرواية الثانية فقال على الصغير والكبير، وظاهره يدل على أن العبد يخرج عن نفسه ولم يقل به إلا داود، فقال يجب على السيد أن يمكن عبده من الاكتساب لها كما يمكنه من صلاة الفرض، ويدل على ما ذهب إليه الجمهور من كون الوجوب على السيد حديث ليس على المرء في عبده ولا فرسه صدقة إلا صدقة الفطر، ولفظ مسلم ليس في العبد صدقة إلا صدقة الفطر "وقوله ذكر أو أنثى" ظاهره وجوبها على المرأة سواء أكان لها زوج أم لا، وبه قال الثوري وأبو حنيفة وابن المنذر (وقال مالك والشافعي والليث وأحمد) وإسحاق تجب على زوجها تبعًا للنفقة (قال الحافظ) وفيه نظر لأنهم قالوا إن أعسر وكانت الزوجة أمة وجبت فطرتها على السيد بخلاف النفقة فافترقا، واتفقوا على أن المسلم لا يخرج عن زوجته الكافرة مع أن نفقتها تلزم، وإنما احتج الشافعي بما رواه من طريق محمد بن علي الباقر مرسلا أدوا صدقة الفطر عمن تمونون، وأخرجه البيهقي من هذا الوجه فزاد في إسناده ذكر علي وهو منقطع؛ وأخرجه من حديث ابن عمر وإسناده ضعيف وأخرجه أيضا عنه الدراقطني "وقوله من المسلمين" فيه دليل على اشتراط الإسلام في وجوب الفطرة فلا تجب على الكافر (قال الحافظ) وهو أمر متفق عليه، وهل يخرجها عن غيره كمستولدته المسلمة؟ نقل ابن المنذر فيه الأجماع على عدم الوجوب. لكن فيه وجه للشافعية ورواية عن أحمد أهـ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي عن عبيد الله قال أخبرني نافع عن ابن عمر قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" وله طرق أخرى متعددة عند الأمام أحمد لا يزيد معناها ولا مبناها عن هذين الطريقين (2) وجوب فطرة الصغير على من تلزمه نفقته إن لم يكن للصغير مال. فإن كان له مال فتكون في ماله والمخاطب بها وليه، وإلى هذا ذهب الجمهور (وقال محمد بن الحسن) هي على الأب مطلقا فإن لم يكن له أب فلا شيء عليه (وعن سعيد بن المسيب والحسن البصري) لا تجب إلا على من صام، واستدل لهما بحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث، رواه أبو داود وابن ماجه والدارقطني والحاكم وصححه (قال الحافظ) وأجيب بأن ذكر التطهير خرج مخرج الغالب كما أنها تجب على من لا يذنب كمتحقق الصلاح أو من أسلم قبل غروب الشمس بلحظة، قال ونقل ابن المنذر الأجماع على أنها لا تجب على الجنين وكان أحمد يستحبه ولا يوجبه أهـ (تخريجه) (ق والأربعة. وغيرهم)

-[حجة القائلين بنسخ فرضية زكاة الفطر والصواب عدم النسخ]- (184) عن أبي عمار قال سألت قيس بن سعدٍ رضي الله عنه عن صدقة الفطر فقال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن تنزل الزكاة (1) ثم نزلت الزكاة فلم ننه عنها ولم نؤمر بها ونحن نفعله، وسألته عن صوم عاشوراء، فقال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قبل أن ينزل رمضان (2) ثم نزل رمضان فلم نؤمر به ولم ننه عنه ونحن نفعله

_ (184) عن أبي عمار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنبأنا سفيان الثوري عن سلمة بن كهيل عن القاسم بن مخيمرة عن أبي عمار - الحديث" وروى الشق الأول منه الأمام أحمد أيضا من طريق وكيع عن سفيان بهذا السند (غريبه) (1) أي قبل نزول فرضيتها (2) أي قبل أن ينزل افتراض صوم رمضان (تخريجه) (تس) وسنده جيد، ورواه النسائي من طريقين أحدهما عن وكيع عن سفيان بسند حديث الباب، والثاني من طريق شعبة عن الحكم بن عتيبة عن القاسم بن مخيمرة عن عمرو بن شرحبيل عن قيس بن سعد بن عبادة - الحديث" وفي كلا الطريقين اقتصر على الشق الأول الخاص بصدقة الفطر، ثم قال في آخره أبو عمار اسمه عريب بن حميد، وعمرو بن شرحبيل يكنى أبا ميسرة، وسلمة بن كهيل خالف الحكم في إسناده، والحكم أثبت من سلمة بن كهيل (الأحكام) في حديث ابن عمر دلالة على أن صدقة الفطر من الفرائض وقد نقل ابن المنذر وغيره الأجماع على ذلك، ولكن الحنفية يقولون بالوجوب دون الفرضية على قاعدتهم في التفرقة بين الفرض والواجب. قالوا إذ لا دليل قاطع تثبت به الفرضية (قال الحافظ) وفي نقل الاجماع مع ذلك نظر لأن إبراهيم بن علية وأبا بكر بن كيسان الأصم قالا إن وجوبها نسخ. واستدل لهما بما روى النسائي وغيره (قلت والأمام أحمد وهو الحديث الثاني من أحاديث الباب) عن قيس بن سعد بن عبادة قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصدقة الفطر قبل أن تنزل الزكاة فلما نزلت الزكاة لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله، وتعقب بأن في إسناده مجهولا "هكذا قال الحافظ" ولست أدرى من المجهول فكل رجاله عند الأمام أحمد والنسائي معلومون ثقات، قال وعلى تقدير الصحة فلا دليل فيه على النسخ لاحتمال الاكتفاء بالأمر الأول، لأن نزول فرض لا يوجب سقوط فرض آخر (ونقل المالكية) عن أشهب أنها سنة مؤكدة وهو قول بعض أهل الظاهر وابن اللبان من الشافعية وأولو قوله فرض في الحديث بمعنى قدر (قال ابن دقيق العيد) هو أصله في اللغة

-[مذاهب الأئمة في وجوب زكاة الفطر وعلى من تجب]- .....

_ لكن نقل في عرف الشرع إلى الوجوب فالحمل عليه أولى، ويؤيده تسميتها زكاة وقوله في الحديث "على كل حر وعبد" والتصريح بالأمر بها في حديث قيس بن سعد وغيره ولدخولها في عموم قوله تعالى" وأتوا الزكاة" فبين صلى الله عليه وسلم تفاصيل ذلك وجملتها. ومن جملتها زكاة الفطر، وقال الله سبحانه وتعالى "قد أفلح من تزكى" وثبت أنها نزلت في زكاة الفطر أهـ (قلت) ثبت ذلك في صحيح ابن خزيمة. وظاهر قوله "على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين" وجوبها على الغنى والفقير، أي الذي لم يملك النصاب، بل ورد ذلك صريحا في حديث أبي هريرة الآتي في الباب التالي، وفي حديث ثعلبة بن أبي صعير عند الدراقطني. وإلى ذلك ذهب الأئمة الثلاثة (مالك والشافعي وأحمد والجمهور) بشرط أن يكون ذلك فاضلا عن قوته وقوت من تلزمه نفقته يوم العيد وليلته (وخالف الحنفية) فقالوا لا تجب إلا على من ملك نصابا، ومقتضاه أنها لا تجب على الفقير على قاعدتهم في الفرق بين الغنى والفقير، واستدل لهم بحديث أبي هريرة المتقدم في باب ما جاء في اليد العليا واليد السفلى رقم 149 صحيفة 103 وقال ابن بزيزة لم يدل دليل على اعتبار النصاب فيها، لأنها زكاة بدنية لا مالية "وفي قوله ذكر أو أنثى" حجة لأبي حنيفة والكوفيين في أنها تجب على الزوجة في نفسها ويلزمها إخراجها من مالها، وعند الأئمة (مالك والشافعي وأحمد والجمهور) يلزم الزوج فطرة زوجته لأنها تابعة للنفقة "وفي قوله من المسلمين" دلالة على أنها لا تخرج إلا عن مسلم، فلا يلزمه من عبده وزوجته وولده ووالده الكفار وإن وجبت عليه نفقتهم، وهذا مذهب الأئمة (مالك والشافعي وأحمد والجمهور) وقال الإمام أبو حنيفة والكوفيون وإسحاق وبعض السلف تجب عن العبد الكافر، وتأول الطحاوي قوله من المسلمين على أن المراد بقوله من المسلمين السادة دون العبيد، وهذا يرده ظاهر الحديث، واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم ليس على المسلم في عبده صدقة إلا صدقة الفطر. وأجاب الجمهور بأنه يبني عموم قوله في عبده على خصوص قوله من المسلمين في حديث البا، ولا يخفى أن قوله من المسلمين أعم من قوله في عبده من وجه. وأخص من وجه. فتخصيص أحدهما بالآخر تحكم، ولكنه يؤيد اعتبار الإسلام ما عند مسلم بلفظ "على كل نفس من المسلمين حر أو عبد" وظاهر الحديث عدم الفرق بين أهل البادية وغيرهم وإليه ذهب الجمهور؛ وقال الزهري وربيعة والليث إن زكاة الفطر تختص بالأمصار والقرى ولا تجب على أهل البادية، وفي قوله "صدقة الفطرة على الصغير والكبير" دلالة على وجوب إخراجها عن الصبي، وقد اختلف العلماء في ذاك، فحكى النووي رحمه الله عن الجمهور أنه يجب إخراجها لقوله في الحديث "صغير أو كبير" وتعلق من لم يوجبها بأنها تطهير والصبي ليس محتاجا إلى التطهير لعدم الآثم. قال وأجاب الجمهور عن هذا بأن التعليل بالتطهير لغالب الناس ولا يمتنع

-[الأصناف التي كانوا يخرجون منها زكاة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم]- (2) باب ما جاء في مقدارها وأصنافها (185) عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال كنا نؤدي صدقة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعًا من شعيرٍ (1) صاعًا من تمرٍ. صاعًا من زبيبٍ. صاعًا من أقطٍ (2). فلما جاء معاوية (3) جاءت السمراء فرأى أن مدًا يعدل مدين (4) (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (5) قال كنا نخرج صدقة الفطر إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعًا من طعامٍ (6) أو صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من

_ أن لا يوجد التطهير من الذنب كما أنها تجب على من لا ذنب له كصالح محقق الصلاح وككافر أسلم قبل غروب الشمس بلحظة فإنها تجب عليه مع عدم الأثم. وكما أن الفطر في السفر جوز للمشقة، فلو وجد من لا مشقة عليه فله القصر أهـ (وذهب جماعة) منهم إبراهيم بن علية وأبو بكر بن كيسان الأصم إلى أن وجوب زكاة الفطر منسوخ. واحتجوا بحديث قيس ابن سعد المذكور في الباب. وتقدم الكلام عليه في شرحه وجواب الحافظ عن ذلك (ونقل المالكية) عن أشهب أنها سنة مؤكدة وهو قول بعض أهل الظاهر وابن اللبان من الشافعية وتقدم الجواب عن ذلك في الشرح أيضا والله أ'لم (185) عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق إنا سفيان عن زيد بن أسلم عياض بن عبد الله بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري - الحديث (غريبه) (1) الصاع أربعة إمداد والمد حفنة بكفى رجل معتدل الكفين (وقله صاعا من تمر) بحذف حرف العطف يعني أو صاعا من تمر. وهكذا كما في الطريق الثانية (2) بفتح الهمزة وكسر القاف وهو لبن يابس غير منزوع الزبد، وقال الأزهري يتخذ من اللبن المخيض يطبخ ثم يترك حتى ينصل (3) زاد مسلم "حاجا أو معتمرا وكلم الناس على المنبر" وزاد بن خزيمة "وهو يومئذ خليفة" (والسمراء) بفتح السين المهملة وإسكان الميم وبالمد هي القمح الشامي (4) أي مدا من القمح يعدل مدين من الأصناف الأخرى وقد احتج بقول معاوية رضي الله عنه من رأى أجزاء المدين من القمح عن الشخص الواحد، وسيأتى الكلام على ذلك في الأحكام (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا داود بن قيس الفراء عن عياض بن عبد الله بن أبي سرح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كنا نخرج صدقة الفطر - الحديث" (6) ظاهره المغايرة بين الطعام وبين ما ذكر قبله في الطريق الأولى، وقد حكى الخطابي أن المراد

-[رأي معاوية في أن نصف صاع من قمح يجزئ ومخالفة أبي سعيد له]- شعيرٍ، أو صاعًا من زبيبٍ، أو صاعًا من أقطٍ، فلم نزل كذلك حتى قدم علينا معاوية (186) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن نافعٍ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة رمضان على الذكر والأنثي والحر والمملوك صاع تمرٍ أو صاع شعيرٍ، قال فعدل الناس (1) به بعد

_ بالطعام هنا الحنطة وأنه اسم خاص له، قال هو وغيره قد كانت لفظة الطعام تستعمل في الحنطة عند الأطلاق، حتى إذا قيل ذهب إلى سوق الطعام فهم منه سوق القمح، وإذا غلب العرف نزل اللفظ عليه، لأنه لما غلب استعمال اللفظ فيه كان خطوره عند الأطلاق أغلب (قال الحافظ) وقد رد ذلك ابن المنذر وقال ظن بعض أصحابنا أن قوله في حديث أبي سعيد صاعا من طعام حجة لمن قال صاع من حنطة وهذا غلط منه، وذلك أن أبا سعيد أجمل الطعام ثم فسره، ثم أورد طريق حفص بن ميسرة عند البخاري وغيره أن أبا سعيد قال كنا نخرج في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفطر صاعا من طعام (قال أبو سعيد) وكان طعامنا الشعير والزبيب والأقط والتمر وهي ظاهرة فيما قال. وأخرج الطحاوي نحوه من طريق أخرى؛ وأخرج ابن خزيمة والحاكم في صحيحهيما أن أبا سعيد قال لما ذكروا عنده صدقة رمضان لا أخرج إلا ما كنت أخرج في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاع تمر أو صاع حنطة أو صاع شعير أو صاع أقط، فقال له رجل من القوم أو مدين من قمح فقال لا، تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها، قال ابن خزيمة ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد هذا غير محفوظ ولا أدرى ممن الوهم، ويدل على أنه خطأ قوله فقال رجل إلخ، إذ لو كان أبو سعيد أخبر أنهم كانوا يخرجون منها صاعا لما قال الرجل أو مدين من قمح، وقد أشار أيضا أبو داود إلى أن ذكر الحنطة فيه غير محفوظ (تخريجه) (ق. والأربعة) وفي رواية لمسلم، فلم نزل تخريجه حتى قدم علينا معاوية بن أبي سفيان حاجا أو معتمرا فكلم الناس على المنبر فكان فيما كلم به الناس أن قال إني أرى أن مدين من سمراء الشام تعدل صاعا من تمر فأخذ الناس بذلك، قال أبو سعيد فأما أنا فلا أزل أخرجه كما كنت أخرجه أبدا ما عشت (186) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) يحتمل أنه يشير بذلك إلى معاوية وأصحابه من أهل الشام لما تقدم في حديث أبي سعيد، ويحتمل أن المراد بذلك أهل المدينة بعد ما جعل عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من غيره من الأصناف الأخرى، فقد روى أبو داود بسنده عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال كان الناس يخرجون صدقة

-[حجة القائلين بأن نصف صاع من القمح يجزء في زكاة الفطر]- نصف صاعٍ برٍ، قال أيوب وقال نافع كان ابن عمر يعطي التمر (1) إلا عامًا واحدًا أعوز (2) التمر فأعطى الشعير (فصل منه فيمن روى نصف صاع من قمح) (187) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري وكان ممر يقول عن أبي هريرة (3) ثم قال بعد عن الأعرج عن أبي هريرة في زكاة الفطر على كل حرٍ وعبدٍ ذكرٍ وأنثى صغيرٍ أو كبيرٍ فقيرٍ أو غنيٍ (4) صاع من تمرٍ أو نصف صاعٍ من قمحٍ، قال معمر وبلغني أن الزهري كان

_ الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من شعير أو تمر أو سلت أو زبيب، قال قال عبد الله (يعني ابن عمر) فلما كان عمر رحمه الله وكثرت الحنطة جعل عمر نصف صاع حنطة مكان صاع من تلك الأشياء (ومعنى قوله عدل) بالتخفيف أي سوى الناس نصف الصاع من القمح بالصاع من غيره لما رأوا من استوائهما في المنفعة والقيمة، ولعلهم قاسوا لعدم وقوفهم على نص من النبي صلى الله عليه وسلم في الاكتفاء بنصف صاع من قمح وإلا لما احتاجوا إلى القياس، لكن جاءت أحاديث مرفوعة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تفيد أن نصف الصاع من الحنطة كان في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ستأتي بعد هذا الحديث، والظاهر أن من أنكر نصف الصاع من البر لم يبلغه عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء والله أعلم (1) في رواية مالك في الموطأ عن نافع كان ابن عمر لا يخرج إلا التمر في زكاة الفطر إلا مرة واحدة فإنه أخرج شعيرا، ولابن خزيمة من طريق عبد الوارث عن أيوب كان ابن عمر إذا أعطى أعطى التمر إلا عاما واحدا (2) أي أعجزهم الحصول عليه يقال أعوزني المطلوب مثل اعجزني لفظا ومعنى، ويقال أعوزني الشيء إذا احتجت إليه فلم أقدر عليه؛ وفيه دلالة على أنه يستحب إخراج أجود الأصناف، كل جهة بحسبها، لأن التمر كان أجود الأصناف عندهم (تخريجه) (ق. نس) (187) حدثنا عبد الله (غريبه) (3) يعني أن معمرا كان يروى هذا الحديث أولا عن الزهري عن أبي هريرة بدون واسطة الأعرج، ثم رواه بعد ذلك عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة موقوفا عليه (4) احتج الجمهور بقوله فقير أو غنى على وجوب زكاة الفطر على الفقير إذا كان يملك قوت يوم العبد وليلته ولو لم يملك النصاب

-[ترجمة الحسن البصري التابعي رحمه الله وتاريخ ميلاده]- يرويه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم (1) (188) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الصدقة كذا وكذا (2) ونصف صاعٍ برًا (189) عن الحسن (3) قال خطب ابن عباسٍ رضي الله عنهما في آخر

_ (1) يعني مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم غير موقوف على أبي هريرة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وهو موقوف صحيح، ورفعه لا يصح (188) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي ثنا حميد عن الحسن عن ابن عباس قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (2) يعني صاعا من شعير أو صاعا من تمر كما في حديثه الآتي بعد هذا "وقوله ونصف صاع برًا" احتج به القائلون بأن البر وهو القمح يجزئ منه نصف صاع عن الشخص بخلاف غيره من الأصناف فإنه لا يجزئ منها أقل من صاع وسيأتي ذكرهم في الأحكام (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد، وأخرج نحوه الدارقطني عن الواقدي حدثنا عبد الله بن عمران ابن أبي أنس عن أبيه عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير ومدين من قمح، وأعله بالواقدي وله طريق آخر أخرجه الدارقطني أيضا عن سلام الطويل عن زيد العمي عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقه الفطر عن كل صغير وكبير ذكر وأنثى نصف صاع من بر الحديث وأعله بسلام (189) عن الحسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنا حميد عن الحسن - الحديث" (غريبه) (3) هو ابن أبي الحسن البصري (قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات) هو الأمام المشهور المجمع على جلالته في كل فن أبو سعيد الحسن بن أبي الحسن يسار التابعي البصري بفتح الباء وكسرها الأنصاري مولاهم، مولى زيد بن ثابت، وقيل مولى جميل بن قطبة؛ وأمه اسمها خيرة مولاة لأم سلمة أم المؤمنين رضي الله عنها، ولد الحسن لسنتين بقيتا من خلافة عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قالوا فربما خرجت أمه في شغل فيبكى فتعطيه أم سلمة رضي الله عنها ثديها فيدر عليه، فيرون أن تلك الفصاحة والحكم من ذلك، ونشأ الحسن بوادي القرى وكان فصيحا رأى طلحة بن عبيد الله وعائشة رضي الله عنها، ولم يصح له سماع منها، وقيل إنه لقى علي ابن أبي طالب رضي الله عنه ولم يصح، وسمع ابن عمر وأنسا وسمرة وأبا بكرة وقيس بن عاصم وجندب بن عبد الله ومعقل

-[كلام المحدثين في الحسن البصري وتاريخ وفاته]- رمضان، فقال يا أهل البصرة أدوا زكاة صومكم، قال فجعل الناس ينظر بعضهم إلى بعض (1) فقال من ههنا من أهل المدينة؟ (2) قوموا فعلموا إخوانكم فإنهم لا يعلمون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض صدقة رمضان نصف صاعٍ من برٍ أو صاعًا من شعيرٍ أو صاعًا من تمرٍ على العبد والحر والذكر والأنثى

_ ابن يسار وعمرو بن تغلب بالمثناة والغين المعجمة وعبد الرحمن بن سمرة وأيا برذة الأسلمي وعمران بن الحصين وعبد الله بن مغفل وأحمر بن جزء وعائذ بن عمرو المزني الصحابيين رضي الله عنهم، وسمع خلائق من كبار التابعين وغيرهم، وروينا عن الفضيل بن عياض رحمه الله قال سألت هشام بن حسان كم أدرك الحسن من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مائة وثلاثين قلت فابن سيرين قال ثلاثين أهـ (وفي الخلاصة) أرسل عن خلق من الصحابة، وروى عنه أيوب وحميد ويونس وقتادة ومطر الوراق وخلائق (قال ابن سعد) كان عالما جامعا رفيعا ثقة مأمونا عابدا ناسكا كثير العلم فصيحا جميلا وسيما، ما أرسله فليس بحجة (قال أب زرعة) كل شيء قال الحسن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجدت له أصلا مليا خلا أربعة أحاديث أهـ وقال محمد بن أحمد بن محمد بن أبي بكر المقدمي سمعت علي بن المديني يقول مرسلات يحيي بن أبي كثير شبه الريح، ومرسلات الحسن البصري التي رواها عن الثقات صحاح، ما أقل ما يسقط منها، (وقال يونس بن عبيد) سألت الحسن قلت يا أبا سعيد إنك تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنك لم تدركه، قال يا ابن أخي لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك، ولولا منزلتك مني ما أخبرتك، إني في زمان كما ترى وكان في عمل الحجاج كل شيء سمعتني أقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو عن علي بن أبي طالب غير أني في زمن لا أستطيع أن أذكر عليا أهـ. تهذيب وقال الذهبي كان الحسن كثير التدليس، فإذا قال في حديث عن فلان ضعف احتجاجه ولاسيما عمن قيل أنه لم يسمع منهم كأبي هريرة رضي الله عنه ونحوه أهـ. ميزان، وفي الخلاصة قال ابن علية مات سنة عشر ومائة، وفي التهذيب في رجب رحمه الله (1) أي لكونهم لم يعلموا حكم زكاة الفطر من قبل (2) إنما سأل عن أهل المدينة لكونهم أعرف الناس بزكاة الفطر لأنها شرعت ببلدهم (تخريجه) (نس. قط. مذ) وقال حسن غريب وقال النسائي والأمام أحمد وعلي بن المديني وأبو حاتم. الحسن لم يسمع من ابن عباس، وقال صاحب التنقيح الحديث رواته ثقات مشهورون، لكن فيه إرسال، فإن الحسن لم يسمع من ابن عباس على ما قيل، وقد جاء في مسند أبي يعلي الموصلي في حديث عن الحسن قال أخبرني ابن عباس

-[جواز إخراج زكاة الفطر قبل العيد بيومين عن كل نفس]- (190) عن عبد الله بن ثعلبة بن صعيرٍ (1) العذري رضي الله عنه قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس قبل الفطر بيومين فقال أدوا صاعًا من برٍ أو قمح بين اثنين (2) (وفي روايةٍ عن كل اثنين) أو صاعًا من تمرٍ أو صاعًا من شعيرٍ على كل حرٍ وعبدٍ وصغيرٍ وكبيرٍ (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أدوا صاعًا من قمحٍ أو صاعًا من برٍ وشك حماد (4) عن كل اثنين صغيرٍ

_ وهذا إن ثبت دل على سماعه منه، وقال البزار في مسنده بعد أن رواه لا يعلم روى الحسن عن ابن عباس غير هذا الحديث ولم يسمع الحسن من ابن عباس "وقوله خطب" أي خطب أهل البصيرة ولم يكن الحسن شاهد الخطبة ولا دخل البصرة بعد، لأن ابن عباس خطب يوم الجمل والحسن دخل أيام صفين - كذا في غاية المقصود (190) عن عبد الله بن ثعلبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا ابن جريج قال وقال ابن شهاب قال عبد الله بن صعير العذري خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) بمهملتين مصغرًا (العذري) بضم المهملة وسكون المعجمة، ويقال ثعلبة بن عبد الله بن صغير، ويقال ثعلبة بن أبي صعير مختلف في صحبته، كذا في التقريب، وقال في حرف العين عبد الله بن ثعلبة بن صعير كما هنا، ويقال ابن أبي صعير، له رواية ولم يثبت له سماع أهـ. وفي الطريق الثانية للأمام أحمد عن ابن ثعلبة ابن أبي صعير عن أبيه، ولأبي داود نحوه وصوبه الدارقطني، وعليه فهو أبو محمد المدني الشاعر مسح رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه ورأسه زمن الفتح ودعا له روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبيه ثعلبة وعمر وعلي وسعد بن أبي وقاص وجابر وأبي هريرة، وعنه الزهري وسعد بن إبراهيم وعبد الله بن مسلم وغيرهم (قال البخاري) في التاريخ عبد الله بن ثعلبة بن صعير عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا إلا أن يكون عن أبيه فهو أشبه أهـ (وقال الحافظ) في التقريب له رؤية ولم يثبت له سماع، توفي سنة سبع أو تسع وثمانين، وأبوه ثعلبة بن أبي صعير بن عمرو ابن زيد بن سنان العذري حليف بني زهرة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم هذا الحديث فقط، وعنه ابنه عبد الله (2) أي عن كل اثنين كما في الرواية الثانية، وكذا في رواية أبي داود أيضا عن كل اثنين (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال سألت حماد بن زيد عن صدقة الفطر فحدثني عن نعمان بن راشد عن الزهري عن ابن ثعلبة بن أبي صعير عن أبيه الخ (4) يعني أن حمادا أحد رجال السند شك هل قال أدوا صاعا من قمح أو قال صاعا من بر (بدل قمح)

-[وجوب زكاة الفطر على الكبير والصغير والذكر والأنثى والحر والعبد والغنى والفقير]- أو كبيرٍ ذكرٍ أو أنثى حرٍ أو مملوكٍ غنيٍ أو فقيرٍ، أما غنيكم (1) فيزكيه الله وأما فقيركم (2) فيرد عليه أكثر مما يعطي (191) عن أسماء بنت أبي بكرٍ رضي الله عنهما قالت كنا نؤدي زكاة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) مدين من قمحٍ بالمد الذي تقتاتون به

_ والمعنى واحد (1) هو من يملك خمسين درهما أو قيمتها من الذهب فأكثر "فيزكيه الله" أي يطهره من دنس الذنوب ويزيده بركة في ماله وعمله (2) هو الذي يملك الزكاة زيادة عن قوته وقوت من تلزمه نفقته يوم العيد وليلته "فيرد الله عليه أكثر مما يعطي" في الدنيا والآخرة (أما في الدنيا) فلأنه سيأتيه أضعاف ما أنفق في هذا اليوم من الأغنياء أو ممن هم مثله (وأما في الآخرة) فيضاعف الله له الثواب أضعافا كثيرة إلى سبعمائة ضعف حسب إخلاصه، قال تعالى "وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرًا" وفي قوله صلى الله عليه وسلم "فيرد عليه أكثر مما يعطي" تسلية لمن يكون فقير الحال بوعد العوض والخلف في المال والله أعلم (تخريجه) (د. طح. قط. عب. طب) وقد أعلت الطريق الأولى بالأرسال، لأن عبد الله بن ثعلبة مختلف في صحبته، وأعلت الطريق الثانية بالنعمان بن راشد لأنه فيه كلام (191) عن أسماء بنت أبي بكر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب بن زياد قال حدثنا عبد الله يعني ابن المبارك قال ابن لهيعة عن محمد بن عبد الرحمن ابن نوفل عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر - الحديث" (غريبه) (3) أي في حياته صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (طب) وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام، وأورده الهيثمي كما هنا ثم قال (وفي رواية عنها) أنهم كانوا يخرجون زكاة الفطر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمد الذي يقتات به أهل المدينة يفعل ذلك أهل المدينة كلهم؛ روى أحمد الرواية الأولى فقط، ورواه كله الطبراني في الكبير (وفي الأوسط بعضه) وإسناده له طريق رجالها رجال الصحيح أهـ (قلت) الرواية الثانية التي ذكرها الهيثمي زائدة عن حديث الباب رواها ابن خزيمة والحاكم من طريق هشام بن عروة بن الزبير عن أبيه عن أمه أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنها حدثته أنهم كانوا يخرجون زكاة الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمد الذي يقتانون به يفعل ذلك أهل المدينة كلهم (قال الحاكم) وهذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (زوائد الباب) (عن ابن

-[زوائد الباب]- .....

_ عباس) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر صارخا يصرخ في بطن مكة فأمر بصدقة الفطر ويقول هي حق واجب على كل مسلم ذكر أو أنثى صغير أو كبير حر أو عبد حاضر أو باد مدان من قمح أو صاع مما سوى ذلك من الطعام، ألا وإن الولد للفراش وللعاهر الحجر (وفي رواية) أو نصف صاع من بر، من أتى بدقيق قبل منه، ومن أتى بسويق قبل منه، أورده الهيثمي وقال رواه كله البزار وفيه يحيي بن عباد السعدي وفيه كلام (وقوله) من أتى بدقيق قبل منه من رواية الحسن عن ابن عباس والحسن مدلس ولكنه ثقة (قلت) ورواه أيضا الدارقطني والبيهقي وتكلما في يحيي بن عباد، ورواه الحاكم وقال هذا حديث صحيح الأسناد ولم يخرجاه بهذه الألفاظ (قلت) قال الذهبي بل خبر منكر جدا، قال العقيلي يحيي بن عباد عن ابن جريج حديثه يدل على الكذب، وقال الدارقطني ضعيف أهـ (وعن جابر ابن عبد الله) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقة الفطر على كل إنسان مدان من دقيق أو قمح، ومن الشعير صاع ومن الحلواء زبيب أو تمر صاع صاع، رواه الطبراني في الأوسط وفيه الليث بن حماد وهو ضعيف (وعن ابن مسعود) رضي الله عنه في زكاة الفطر قال مدان من قمح أو صاع من تمر أو شعير، رواه الطبراني في الكبير وفيه عبد الكريم أبو أمية وهو ضعيف، أوردهما الهيثمي وهذا كلامه فيهما (وعن ابن عيينة) عن ابن عجلان عن عياض بن عبد الله عن أبي سعيد قال ما أخرجنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا صاعا من دقيق أو صاعا من تمر أو صاعا من سلت أو صاعا من زبيب أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط، فقال ابن المديني يا أبا محمد أن أحدا لا يذكر في هذا الدقيق، قال بلى هو فيه، رواه الدارقطني (والسلت) بضم السين المهملة وسكون اللام بعدها مثناة فوقية نوع من الشعير، وهو كالحنطة في ملامسته وكالشعير في برودته وطبعه، قال صاحب المنتقى واحتج به أحمد على أجزاء الدقيق أهـ (قلت) وروى الحاكم في المستدرك أحاديث تدل على وجوب صاع من القمح على كل شخص كسائر الأصناف الأخرى (منها) ما رواه من طريق بكر ابن الأسود ثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب (عن أبي هريرة) أن النبي صلى الله عليه وسلم حض على صدقة رمضان على كل إنسان صاعًا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من قمح (قال الحاكم) هذا حديث صحيح، وقال الذهبي بكر ليس بحجة أهـ ورواه أيضا الدارقطني وقال فيه بكر بن الأسود ليس بالقوى (قلت) بكر بن الأسود وإن تكلم فيه الدارقطني والذهبي فقد قال ابن أبي حاتم سألت أبي عنه فقال صدوق، وأما سفيان بن حسين فالأكثر على تضعيفه في روايته عن الزهرى، قال النسائي ليس به بأس إلا في الزهري، وقال ابن عدى هو في غير الزهري صالح الحديث، وفي الزهري يروى أشياء خالف

-[بقية الزوائد وقصة أبي إسحاق الرازي مع الأمام مالك]- .....

_ فيها الناس، وقد استشهد به البخاري في الصحيح، وروى له في الأدب، وفي القراءة خلف الأمام، وروى له مسلم في مقدمة كتابه (ومنها) ما رواه مسندا (عن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من بر على كل حر أو عبد ذكر أو أنثى من المسلمين وصححه الحاكم وأقره الذهبي (ومنها) ما رواه بعنده عن الحارث (عن علي بن أبي طالب) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في صدقة الفطر عن كل صغير وكبير حر أو عبد صاع من بر أو صاع من تمر، قال الحاكم هكذا السند عن علي ووقفه غيره (قلت) وأقر الذهبي وقفه (ومنها) ما رواه عن أبي الوليد العنزي ثنا عباد بن زكريا أنا سليمان بن أرقم عن الزهري عن قبيصة بن ذؤيب (عن زيد بن ثابت) قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من كان عنده طعام فليتصدق بصاع من بر أو صاع من شعير أو صاع من تمر أو صاع من دقيق أو صاع من زبيب أو صاع من سلت (قال الحاكم) وهذا إسناد يخرج مثله في الشواهد (قلت) وسكت عليه الذهبي (ومنها) ما رواه بسنده عن عياض بن عبد الله بن سعد بن أبي سريج قال (قال أبو سعيد) وذكر عنده صدقة الفطر فقال لا أخرج إلا ما كنت أخرجه على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم صاعا من تمر أو صاعا من حنطة أو صاعا من شعير أو صاعا من أقط، فقال له رجل من القوم أو مدين من قمح، فقال لا. تلك قيمة معاوية لا أقبلها ولا أعمل بها، وصحح الحاكم إسناده وأقره الذهبي. لكن قال ابن خزيمة ذكر الحنطة في خبر أبي سعيد هذا غير محفوظ ولا أدرى ممن الوهم، ويدل على أنه خطأ قوله فقال رجل إلخ. إذ لو كان أبو سعيد أخبر أنهم كانوا يخرجون منها صاعا لما قال الرجل ومدين من قمح، وقد أشار أيضا أبو داود إلى أن ذكر الحنطة فيه غير محفوظ والله أعلم (وعن أبي إسحاق) بن سليمان الرازي قال قلت لمالك بن أنس أبا عبد الله كم قدر صاع النبي صلى الله عليه وسلم قال خمسة أرطال وثلث بالعراقي أنا حزرته، فقلت أبا عبد الله خالفنا شيخ القوم، قال من هو؟ قلت أبا حنيفة يقول ثمانية أرطال، فغضب غضبا شديدًا ثم قل لجلسائنا يا فلان هات صاع جدك؛ يا فلان هات صاع عمك، يا فلان هات صاع جدتك، قال إسحاق فاجتمعت آصع، فقال ما تحفظون في هذا؟ فقال هذا حدثني أبي عن أبيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وقال الآخر حدثني أبي عن أخيه أنه كان يؤدي بهذا الصاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال الآخر حدثني أبي عن أمه أنها أدت بها الصاع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال مالك أنا حزرت هذه فوجدتها خمسة أرطال وثلثا، رواه الدارقطني وسكت عليه وهذه القصة مشهورة أخرجها أيضا البيهقي بإسناد جيد (الأحكام) أعلم أن أحاديث هذا الباب تدور على ثلاثة أمور (الأول) معرفة الأصناف التي تجزئ في زكاة الفطر (الثاني) مقدار ما يجب على الشخص الواحد منها (الثالث) تحرير المكيال الذي يكال به

-[مذاهب العلماء في الأصناف التي تجزئ في زكاة الفطر - ومن قال بجواز إخراج القيمة]- .....

_ (أما الأمر الأول) وهو معرفة أصنافها فقد جاء في أحاديث الباب مع ما أوردناه من الزوائد ثمانية أصناف، القمح. والشعير. والتمر. والزبيب. والأقط. والسلت. والدقيق. والسويق وقد اتفق الأئمة على جواز إخراجها من ستة أصناف، منها وهي القمح والشعير والتمر والزبيب والأقط والسلت، واختلفوا في الدقيق والسويق فذهب الأمامان (مالك وأصحابه والشافعي) وأكثر العلماء إلى عدم جواز إخراجها منهما لحديث ابن عمر ولأنهما لم يذكرا في الأحاديث الصحيحة، ولأن منافعهما قد نقصت، والنص ورد في الحب وهو يصلح لما لا يصلح له الدقيق، قالوا والأحاديث التي فيها ذكر الدقيق لا تصلح للاحتجاج بها، وقال الأمامان (أبو حنيفة وأحمد) يجزآن أصلا بأنفسهما، وبه قال الأنماطي من أئمة الشافعية عملا بالأحاديث الواردة فيها، وهي وإن كانت فيها مقال إلا أنها لكثرة طرقها يعضد بعضها بعضًا (واعلم) أن النص على هذه الأصناف لا ينافي جواز إخراج غيرها إذا تعين قوتا بل قالت (الشافعية) كل ما يجب فيه العشر فهو صالح لإخراج الفطرة منه كالارز والذرة والدخن والحمص والعدس والفول وغير ذلك (وقالت الحنابلة) من كل حبة وثمرة تقتات، فإن توفرت هذه الأصناف جميعها وكانت قوتا فالمنصوص عليه أفضل (وقالت الحنابلة أيضا) من قدر على التمر أو الزبيب أو البر أو الشعير أو الاقط فأخرج غيره لم يجزه. وقاس المالكية على الأصناف المنصوص عليها كل ما هو عيش أهل كل بلد من القطاني وغيرها (وعن مالك) قول آخر أنه لا يجزئ غير المنصوص في الحديث وما في معناه * (ولا يجوز إخراج القيمة) * إلا عند أبي حنيفة وقول للمالكية مع الكراهة. وإخراج التمر في الفطرة أفضل عند الأمامين * (مالك وأحمد، وقال الأمام الشافعي) * البر أفضل * (وقال الأمام أبو حنيفة) * أفضل ذلك أكثره قيمة (الأمر الثاني) وهو مقدار ما يجب على الشخص الواحد. اعلم أرشدني الله وإياك إن أحاديث الباب الصحيحة المرفوعة قد دلت على أن الواجب من هذه الأصناف المتقدمة في الفطرة صاع لا فرق بين القمح والزبيب وغيرهما، وبه قال الأئمة * (مالك والشافعي) * وأحمد والهادي والقاسم والناصر والجمهور. وهو قول أبي سعيد وأبي العالية وأبي الشعناء والحسن البصري وجابر بن زيد (وقال أبو حنيفة) وأصحابه وزيد بن علي يجزئ نصف صاع من بر وصاع من غيره وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وأبي هريرة وجابر بن عبد الله وابن عباس وابن الزبير، واستدلوا بالأحاديث التي ورد فيها نصف صاع من أحاديث الباب وزوائده * (وروى عن أبي حنيفة) * أنه قال يكفي من الزبيب نصف صاع كالحنطة لكنه مردود بأحاديث الباب ونحوها الدالة على أن الزبيب لا يكفي منه إلا صاع، ولذا اختاره أبو يوسف ومحمد به ويفتى عندهم، وهو رواية عن أبي حنيفة أيضا

-[الخلاف بين أبي حنيفة والجمهور في مقدار ما يجزئ من القمح]- .....

_ (وحجة الجمهور) حديث أبي سعيد الأول من أحاديث الباب لقوله فيه صاعا من طعام أو صاعا من تمر أو صاعا من شعير أو صاعا من زبيب أو صاعا من أقط (قال النووي رحمه الله) والدلالة فيه من وجهين (أحدهما) أن الطعام في عرف أهل الحجاز اسم للحنطة خاصة لاسيما وقد قرنه بباقي المذكورات (والثاني) أنه ذكر أشياء قيمتها مختلفة وأوجب في كل نوع منها صاعا، فدل على أن المعتبر صاع ولا نظر إلى قيمته، ووقع في رواية لأبي داود صاعا من حنطة قال وليس بمحفوظ، وليس للقائلين بنصف صاع حجة إلا حديث معاوية وهو الذي يعتمده أبو حنيفة وموافقوه في جواز نصف صاع حنطة، والجمهور يجيبون عنه بأنه قول صحابي وقد خالفه أبو سعيد وغيره ممن هو أطول صحبة وأعلم بأحوال النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا اختلف الصحابة لم يكن قول بعضهم بأولى من بعض فنرجع إلى دليل آخر، وجدنا ظاهر الأحاديث والقياس متفقا على اشتراط الصاع من الحنطة كغيرها فوجب اعتماده، وقد صرح معاوية بأنه رأى رآه لا أنه سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم ولو كان عند أحد من حاضرى مجلسه مع كثرتهم في تلك اللحظة علم في موافقة معاوية عن النبي صلى الله عليه وسلم لذكره كما جرى لهم في غير هذه القصة أهـ (وحكى الحافظ) عن ابن المنذر أنه قال لا نعلم في القمح خبراً ثابتًا عن النبي صلى الله عليه وسلم يعتمد عليه ولم يكن البر بالمدينة في ذلك الوقت إلا الشيء اليسير منه، فلما كثر في زمن الصحابة رأوا أن نصف صاع منه يقوم مقام صاع من شعير، وهم الأئمة فغير جائز أن يعدل عن قولهم إلا إلى قول مثلهم، ثم أسند عن عثمان وعلي وأبي هريرة وجابر وابن عباس وابن الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر بأسانيد صحيحة أنهم رأوا أن في زكاة الفطرة نصف صاع من قمح أهـ (قال الحافظ) وهذا مصير منه إلى اختيار ما ذهب إليه الحنفية، لكن حديث أبي سعيد دال على أنه لم يوافق على ذلك، وكذلك ابن عمر فلا إجماع في المسألة خلافا للطحاوي أهـ (قلت) ورجح الشوكاني ما ذهب إليه الجمهور، قال لأن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم فرض صدقة الفطر صاعا من طعام والبر مما يطلق عليه اسم الطعام إن لم يكن معهودا عندهم غالبًا فيه كما تقدم، وتفسيره بغير البر إنما هو لكونه لم يكن معهودا عندهم الصاع منه، ويمكن أن يقال إن البر على تسليم دخوله تحت لفظ الطعام مخصص بما أخرجه الحاكم من حديث ابن عباس مرفوعا بلفظ "صدقة الفطر ميدان من قمح" وأخرج نحوه الترمذي من حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده مرفوعا أيضا وأخرج نحوه الدارقطني من حديث عصمة بن مالك وفي إسناده الفضل بن المختار وهو ضعيف، وأخرج أبو داود والنسائي عن الحسن مرسلا بلفظ "فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الصدقة صاعا من تمر أو من شعير أو نصف صاع من قمح، وأخرج أبو داود من حديث عبد الله بن ثعلبة أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صغير بلفظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "صدقة الفطر صاع

-[مذاهب الأئمة في مقدار ما يجزئ بالكل والوزن - وما جاء في الصاع]- ....

_ من برأ وقمح عن كل اثنين" وأخرج سفيان الثوري في جامعه عن علي عليه السلام موقوفا بلفظ "نصف صاع بر" وهذه تنتهض بمجموعها للتخصيص. والله أعلم * (الأمر الثالث) * تحرير المكيال الذي يكال به؛ وقد جاء ذلك مبينا بالوزن في قصة إسحاق بن سليمان الرازي مع الأمام مالك رحمهما الله. وتقدمت في الزوائد، وفي حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أنهم كانوا يخرجون زكاة الفطر في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمد الذي يقتات به أهل المدينة، رواه الحاكم وابن خزيمة (قال الشوكاني) وللبخاري عن مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يعطي زكاة رمضان عند النبي صلى الله عليه وسلم بالمد الأول ولم يختلف أهل المدينة في الصاع وقدره من لدن الصحابة إلى يومنا هذا أنه كما قال أهل الحجاز خمسة أرطال وثلث بالعراقي، وقال العراقيون منهم أبو حنيفة إنه ثمانية أرطال؛ وهو قول مردود لدفعه هذه القصة المسندة إلى صيعان الصحابة التي قررها النبي صلى الله عليه وسلم "يعني قصة مال مع إسحاق بن سليمان" وقد رجع أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم صاحب أبي حنيفة بعد هذه الواقعة إلى قول مالك وترك قول أبي حنيفة أهـ (قال ابن قدامة) في المغنى وقد روى جماعة عن أحمد أنه قال الصاع وزنته فوجدته خمسة أرطال وثلثا حنطة، وقال حنبل قال أحمد أخذت الصاع من أبي النضر، وقال أبو النضر أخذته من ابن أبي ذؤيب وقال هذا صاع النبي صلى الله عليه وسلم الذي يعرف بالمدينة (قال أبو عبد الله فأخذنا العدس فعيرنا به وهو أصلح ما وقفنا عليه يكال به، لأنه لا يتجافى عن موضعه فكلنا به ثم وزناه فإذا هو خمسة أرطال وثلث، وقال هذا أصلح ما وقفنا عليه وما تبين لنا من صاع النبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان الصاع خمسة أرطال وثلثا من البر والعدس وهما من أثقل الحبوب فما عداهما من أجناس الفطرة أخف منهما؛ فإذا أخرج منهما خمسة أرطال وثلثا فهي أكثر من صاع أهـ (وقال النووي رحمه الله) اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على أن الواجب في الفطرة عن كل إنسان صاع بصاع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو خمسة أرطال وثلث بالبغدادي من أي جنس أخرجه سواء الحنطة وغيرها، ورطل بغداد مائة وثمانية وعشرون درهما على الأصح. قال صاحب الشامل وغيره الأصل فيه الكيل، وإنما قدره العلماء بالوزن استظهارًا (قلت) قد يستشكل ضبط الصاع بالأرطال فإن الصاع المخرج به في زمان رسول الله مكيال معروف، ويختلف قدره وزنا باختلاف ما يوضع فيه كالذرة والحمص وغيرهما، فإن أوزان هذه مختلفة. وقد تكلم جماعات من العلماء في هذه المسألة، فأحسنهم فيها كلاما الأمام أبو الفرج الدارمي من أصحابنا فإنه صنف فيها مسألة مستقلة، وكان كثير الاعتناء بتحقيق أمثال هذه، ومختصر كلامه أن الصواب أن الاعتماد في ذلك على الكيل دون الوزن، وأن الواجب إخراج صاع معاير بالصاع الذي

-[مقدار الصاع بالكيل المصري واعتماد الكيل بمد النبي صلى الله عليه وسلم]- (2) باب وقت إخراجها (192) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدي قبل خروج الناس إلى الصلاة (1) (وعنه من طريقٍ ثانٍ (2)) مثله إلا أنه قال قبل خروج الناس إلى المصلى (3) وقال مرًة إلى الصلاة، وقد تقدم في حديث عبد الله بن ثعلبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس قبل

_ كان يخرج به في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذلك الصاع موجود، ومن لم يجده وجب عليه الاستظهار بأن يخرج ما يتيقن أنه لا ينقص عنه. وعلى هذا فالتقدير بخمسة أرطال وثلث تقريب. هذا كلام الدارمي، وذكر البندنيجي نحوه (وقال جماعة من العلماء) الصاع أربع حفنات بكفى رجل معتدل الكفين. ونقل الحافظ عبد الحق في كتابة الأحكام عن أبي محمد علي بن حزم أنه قال وجدنا أهل المدينة لا يختلف منهم اثنان في أن مد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يؤدي به الصدقات ليس بأكثر من رطل ونصف ولا دون رطل وربع. وقال بعضهم هو رطل وثلث. قال وليس هذا اختلافا ولكنه على حسب رزانة المكيل من البر والتمر والشعير. قال وصاع ابن أبي ذؤيب خمسة أرطال وثلث وهو صاع رسول الله صلى الله عليه وسلم أهـ ج (قلت) والصاع عند الحنفية بالكيل المصري قد حان وثلث. وعند الشافعية قد حان. وعند المالكية قدح وثلث، والصواب عندي أن يعتبر الكيل فيما يكال وإن زاد أو نقص في الوزن، ومعلوم أن الصاع النبوي أربعة إمداد بلا خلاف. والمد حفنة بكفي الرجل المعتدل الكفين بالاتفاق. فمن أراد الخروج من الخلاف والاحتياط لدينه فليخرج أربعة أمداد كما وصفنا عن كل نفس، وليزد شيئا يدفع عن نفسه الشك في النقص، وهذه الطريقة صالحة إن شاء الله تعالى لكل زمان ومكان، هذا ما ظهر لي والله أعلم. (192) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب ثنا عبد الله أنا أسامة بن زيد عن نافع عن ابن عمر - الحديث" (غريبه) (1) قال البن التين أي قبل خروج الناس إلى صلاة العيد وبعد صلاة الفجر (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر أنه حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى المصلى. وقال مرة إلى الصلاة (3) أي المكان المعد لصلاة العيد غير المسجد. وتقدم الكلام عليه في أحكام باب صلاة العيد ركعتين صحيفة 139 في الجزء السادس "وقال

-[وقت وجوب زكاة الفطر - ومذاهب العلماء في ذلك]- الفطر بيومين، فقال أدوا صاعًا من برٍ أو قمحٍ بين اثنين، وتقدم أيضًا في حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان

_ مرة إلى الصلاة" أي قبل خروج الناس إلى الصلاة والمعنى واحد (تخريجه) (ق والثلاثة) هذا وحديث عبد الله بن ثعلبة يستفاد منه جواز إخراج زكاة الفطر قبل العيد بيومين وسياتي الكلام عليه في الأحكام (زوائد الباب) (عن ابن عباس رضي الله عنهما) قال فرض رسول الله صلى الله عليه وسلم زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين فمن أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة، ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات (د. جه. قط. ك) وصححه (وعن عمين بن عوف) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بزكاة الفطر قبل أن يصلى صلاة العيد ويتلو هذه الآية "قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى" أورده الهيثمي وقال رواه البزار وفيه كثير بن عبد الله وهو ضعيف (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) قال كنا نأكل ونشرب ونخرج صدقة الفطر ثم نخرج إلى المصلى، أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الأوسط وفيه إبراهيم بن يزيد الجوزي وهو ضعيف (وعن عمر بن مساور) عن الحسن أنه كان لا يرى بأسا أن يعجل الرجل صدقة الفطر قبل الفطر بيوم أو يومين * (وعن نافع عن ابن عمر) * رضي الله عنهما أنه كان إذا حبس من يقبض زكاة الفطر قبل الفطر بيوم أو يومين لا يرى بذلك بأسًا، رواهما ابن أبي شيبة في مصنفه (الأحكام) يستفاد من أحاديث الباب ثلاثة أحكام (أحدها) وقت وجوب زكاة الفطر (والثاني) وقت إخراجها (والثالث) جواز تقديمها عن وقت الوجوب * (أما وقت وجوبها) * فدليله حديث ابن عمر المتقدم في الباب الأول من أبواب زكاة الفطر رقم 183 صحيفة 124 (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر من رمضان) والفطر من رمضان لا يكون إلا بغروب الشمس من ليلة العيد ولأن الفطرة جعلت طهرة للصائم لحديث ابن عباس المذكور في الزوائد، فاستفيد أن وقت الوجوب بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان وإلى ذلك ذهب الأئمة (أحمد وإسحاق والثوري والشافعي) على القول الصحيح الراجح ورواية عن مالك وذهبت الأئمة (أبو حنيفة وأصحابه وأبو ثور وداود) وهو قول للشافعي ورواية عن مالك، تجب بطلوع الفجر، وقال بعض المالكية تجب بطلوع الشمس (واتفقوا) على أنها لا تسقط بالتأخير بعد الوجوب بل تصير دينا حتى تؤدي، ولا يجوز تأخيرها عن يوم العيد بالاتفاق إلا ما نقل عن ابن سيرين والنخعي أنهما قالا يجوز تأخيرها عن يوم العيد، وقال الأمام أحمد أرجو أن لا يكون به بأس (وقال ابن رسلان) إنه حرام بالاتفاق لأنها زكاة، فوجب أن يكون في تأخيرها اثم كما في إخراج الصلاة عن وقتها، وحكى صاحب البحر

-[مذاهب الأئمة فى وقت اخراج زكاة الفطر وتقديمها عن وقتها]- (أبواب صدقة التطوع) (1) باب الحث عليها وفضلها (193) عن المنذر بن جرير بن عبد الله البجلىِّ رضى الله عنه عن

_ عن المنصور بالله أن وقتها إلى آخر اليوم الثالث من شهر شوال (وأما وقت اخراجها) فهو بعد صلاة الفجر قبل الخروج إلى المصلى لصلاة العيد، دل على ذلك حديث ابن عمر وحديث ابن عباس المذكور فى الزوائد، والى استحباب ذلك ذهب الجمهور (قال ابن عيينة) فى تفسيره عن عمرو بن دينار عن عكرمة قال يقدم الرجل زكاته يوم الفطر بين يدى صلاته فان الله تعالى يقول {قد أفلح من تزكى وذكر اسم ربه فصلى} ولابن خزيمة من طريق كثير ابن عبد الله عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن هذه الآية فقال نزلت فى زكاة الفطر، وحمل الجمهور التقييد بقبل صلاة العيد على الاستحباب لصدق اليوم على جميع النهار، وقد رواه أبو معشر عن نافع عن ابن عمر بلفظ "كان يأمرنا أن نخرجها قبل أن نصلى فاذا انصرف قسمه بينهم وقال أغنوهم عن الطلب" أخرجه سعيد بن منصور ولكن أبو معشر ضعيف، وقد استدل بالحديث على كراهة تأخيرها، وحمله ابن حزم على التحريم، وظاهر قوله فى حديث ابن عباس رضى الله عنهما المذكور فى الزوائد بلفظ "من أداها قبل الصلاة فهى زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهى صدقة" أن من أداها بعد صلاة العيد لا تعتبر زكاة بل صدقة من الصدقات التى يتصدق بها فى سائر الأوقات، وأمر القبول فيها موقوف إلى مشيئة الله تعالى * (وقال الجمهور) * انها تجزاء إلى آخر يوم الفطر. والله اعلم (واما تقديمها عن وقت الوجوب) فدليله حديث عبد الله بن ثعلبة المتقدم فى الباب السابق ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس قبل الفطر بيومين "فقال ادوا صاعا من بر او قمح بين اثنين. وبه قال كافة العلماء * (واختلفوا) * فيما زاد على اليومين فقال الأمام ابو حنيفة يجوز تقديمها على شهر رمضان * (وقال الأمام الشافعى) * يجوز التقديم من اول الشهر وقال الامامان (مالك واحمد) * لا يجوز التقديم عن يومين قبل العيد (واتفقوا) على جواز دفعها إلى جنس واحد من الأجناس الثمانية المذكورة فى قوله تعالى {إنما الصدقات للفقراء والمساكين الآية} إلا الشافعية فانهم قالوا لا بد من الاستيعاب للأصناف الثمانية إن قسم الأمام وهناك عامل. وإلا فالقسمة على سبعة، فان فقد بعض الأصناف قسمت الصدقات على الموجودين وكذا يستوعب المالك الأصناف ان انحصر المستحقون فى البلد ووفى بهم المال؛ وإلا فيعطى الثلاثة لا اقل فلو عدم الأصناف من البلد وجب النقل، او بعضهم رد على الباقين والله اعلم (193) عن المنذر بن جرير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[فضل صدقة التطوع واهتمام النبى صلى الله عليه وسلم بأمر الفقراء]- أبيه (1) قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فى صدر النَّهار قال فجاءه قومٌ حفاةٌ عراةٌ مجتابى النِّمار (2) أو العباء متقلِّدى السُّيوف عامتهم من مضر، بل كلُّهم من مضر، فتغيَّر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأي بهم من الفاقة، قال فدخل ثمَّ خرج فأمر بلالًا فأذَّن وأقام فصلَّى ثمَّ خطب (3) فقال يا أيُّها النَّاس اتَّقوا ربَّكم الَّذى خلقكم من نفسٍ واحدةٍ الخ- الآية. إن الله كان عليكم رقيبًا (4) وقرأ الآية الَّتى فى آخر الحشر {ولتنظر نفسٌ ما قدَّمت لغدٍ} تصدَّق رجلٌ من ديناره. من درهمه. من ثوبه. من صاع برِّه. من صاع تمره. حتَّى قال ولو بشقِّ تمرةٍ، قال فجاء رجلٌ من الأنصار بصرَّةٍ كادت كفُّه تعجز عنها بل قد عجزت، ثمَّ تتابع النَّاس حتَّى رأيت كومين (5) من طعامٍ وثيابٍ حتَّى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عون بن أبى جحيفة عن المنذر بن جرير عن أبيه- الحديث" (غريبه) (1) هو جرير بن عبد الله الصحابى ابن جابر بن مالك بن نصر بن ثعلبة البجلى الأحمسى بالمهملتين الكوفى (قال ابن قتيبة) قدم جرير على النبى صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة فى شهر رمضان فبايعه وأسلم، قال وكان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول جرير يوسف هذه الأمة لحسنه، قال وكان طويلا يصل الى سنام البعير. وكانت نعله ذراعا ويخضب لحيته بزعفران بالليل ويغسلها إذا أصبح. واعتزل عليا ومعاوية. وأقام بالجزيرة ونواحيها حتى توفى سنة أربع وخمسين رضى الله عنه (2) النمار بكسر النون جمع نمرة بفتحها، وهى ثياب صوف فيها تنمير (والعباء) بالمد وبفتح العين جمع عباءة وعباية لغتان "وقوله مجتابى النمار" أى خرقوها وقوّروا وسطها "وقوله فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم" أى من التأثر رحمة بهؤلاء المساكين (3) فيه استحباب جمع الناس للأمور المهمة ووعظهم وحثهم على الخير وأعمال البر وتحذيرهم من القسوة والبخل والأعمال السيئة (4) انما اختار صلى الله عليه وسلم هذه الآية فى خطبته لانها أبلغ فى الحث على الصدقة عليهم، ولما فيها من تأكيد الحق لكونهم إخوة (5) هو بفتح الكاف وضمها (قال القاضى عياض) ضبطه بعضهم بالفتح وبعضهم بالضم (قال ابن سراج) هو بالضم اسم لما كوّمه وبالفتح المرة الواحدة. قال والكومة بالضم الصبرة والكوم العظيم من كل شاء. والكوم المكان المرتفع كالرابية (قال القاضي)

-[حديث من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها واجر من عمل بها الخ]- يتهلَّل (1) وجهه يعنى كأنَّه مذهبةٌ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سنَّ فى الإسلام سنَّةً حسنةً (2) فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينتقص من أجورهم شيءٌ، ومن سنَّ فى الإسلام سنَّةً سيِّئةً كان عليه وزرها ووزر من عمل بها

_ فالفتح هنا أولى لأن مقصوده الكثرة والتشبيه بالرابية (1) أى يستنير فرحا وسرورًا "وقوله مذهبة" قال النووى ضبطوه بوجهين أحدهما وهو المشهور. وبه جزم القاضى والجمهور مذهبة بذال معجمة وفتح الهاء وبعدها باء موحدة (والثانى) ولم يذكر الحميدى فى الجمع بين الصحيحين غيره "مدهنة" بدال مهملة وضم الهاء وبعدها نون، وشرحه الحميدى فى كتاب غريب الجمع بين الصحيحين فقال هو وغيره ممن فسر هذه الرواية ان صحت المدهن الاناء الذى يدهن فيه؛ وهو أيضا اسم للنقرة فى الجبل التى يستجمع فيها ماء المطر فشبه صفاء وجهه الكريم بصفاء هذا الماء وبصفاء الدهن والمدهن (وقال القاضى عياض) فى المشارق وغيره من الأئمة هذا تصحيف وهو بالذال المعجمة والباء الموحدة، وهو المعروف فى الروايات، وعلى هذا ذكر القاضى وجهين فى تفسيره (أحدهما) معناه فضة مذهبة فهو أبلغ فى حسن الوجه وإشراقه (والثانى) شبهه فى حسنه ونوره بالمذهبة من الجلود وجمعها مذاهب، وهى شاء كانت العرب تضعه من جلود وتجعل فيه خطوطا مذهبة يرى بعضها أثر بعض. وأما سبب سروره صلى الله عليه وسلم ففرحا بمبادرة المسلمين الى طاعة الله تعالى وبذل أموالهم لله وامتثال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولدفع حاجة هؤلاء المحتاجين وشفقة المسلمين بعضهم على بعض وتعاونهم على البر والتقوى. وينبغى للأنسان اذا رأى شيئا من هذا القبيل أن يفرح ويظهر سروره ويكون فرحه لما ذكرناه اهـ. (2) هى كل عمل صالح فعله الأنسان واقتدى به غيره ففعل مثل فعله فيكون للفاعل الأول مثل أجور من اقتدوا به فى هذا العمل الصالح مهما كثر عددهم ما دام العمل مستمرا من غير أن ينقص من أجورهم شاء "ويقال مثل ذلك فيمن سن سنة سيئة" وهى كل عمل قبيح لا يرضى الله ويخالف أوامر الدين فانّ على الفاعل الأول مثل أوزار من قلده فى هذا العمل وعمل به ما دام العمل مستمرا قال الله تعالى {وليحملنَّ أثقالهم وأثقالا مع أثقالهم وليسألنّ يوم القيامة عما كانوا يفترون} ففيه الحث على الابتداء بالخيرات وسن السنن الحسنات والتحذير من اختراع الاباطيل والمستقبحات، وسبب هذا الكلام فى هذا الحديث أنه قال فى أوله فجاء رجل من الانصار بصرّة كادت كفه تعجز عنها بل قد عجزت. ثم تتابع الناس الخ. وكان الفضل العظيم

-[الصدقة تلجم الشياطين وتكفهم عن الوسوسة]- بعده من غير أن ينتقص من أوزارهم شاءٌ (194) عن ابن بريدة عن أبيه (بريدة الأسلمىِّ) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ما يخرج رجلٌ شيئًا من الصَّدقة (1) حتَّى يفكَّ عنها لحي (2) سبعين شيطانًا (195) عن عديِّ بن حاتم الطَّائىِّ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحدٍ إلَّا سيكلِّمه ربُّه عزَّ وجلَّ ليس بينه وبينه ترجمان (3) فينظر عمَّن أيمن منه (4) فلا يرى إلَّا شيئًا قدَّمه، وينظر عمَّن أشأم منه (5)

_ للباديء بهذا الخير والفاتح لباب هذا الأحسان رضى الله عنه (تخريجه) (م. نس. وغيرهما) (194) عن ابن بريدة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن ابن بريدة عن أبيه قال أبو معاوية ولا اراه سمعه منه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يخرج رجل- الحديث" (غريبه) (1) أى يبتغى بذلك وجه الله تعالى (2) اللحى بفتح اللام وسكون الحاء المهملة عظم الحنك، وهو الذى عليه الأسنان، وهو من الأنسان حيث ينبت الشعر وهو أعلى وأسفل، وجمعه ألحٍ ولحىٌّ "وقوله سبعين شيطانا" المراد من السبعين التكثير، والمعنى أن كل إنسان له شياطين كثيرة تمنعه عن سبل الخير وتوسوس له بتحسين ذلك؛ لأن الشيطان عدو الأنسان بنص القرآن لا يريد له الخير، والصدقة من الأعمال الخيرية التى تقرب العبد من ربه؛ فاذا تفطن الأنسان لهذا وخالف الشياطين وتصدق فكأنه أمسك لحاهم وفسخها فلا يقدرون على الكلام والوسوسة؛ فهو كناية عن قهرهم وغلبتهم والله أعلم (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه أحمد والبزار والطبرانى وابن خزيمة فى صحيحه وتردد فى سماع الأعمش من بريدة، رواه الحاكم والبيهقى. وقال الحاكم صحيح على شرطهما، ورواه البيهقى أيضا عن أبى ذر موقوفا عليه "قال ما خرجت صدقة حتى يفك عنها لحى سبعين شيطانا كلهم ينهى عنها (195) عن عدى بن حاتم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع وأبو معاوية المعنى قالا ثنا الأعمش عن خيثمة عن عدى بن حاتم الطائى- الحديث" (غريبه) (3) هو بفتح التاء وضمها وهو المعبر عن لسان بلسان (4) أى فينظر ليرى أحدا عن يمينه يستعين به فى هذا الموقف الحرج (5) أى ينظر ليرى أحدا عن شماله

-[الصدقة تنجي صاحبها من النار ولو بشق تمرة]- فلا يرى إلَّا شيئًا قدَّمه، وينظر أمامه فتستقبله النَّار، فمن استطاع منكم أن يتَّقى النَّار ولو بشقِّ تمرةٍ (1) فليفعل (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (2) عن النبَّيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من استطاع منكم أن يتَّقى النَّار فليتصدَّق ولو بشقِّ تمرةٍ، فمن لم يجد فبكلمةٍ طيِّبةٍ (3) (196) عن يزيد بن حبيبٍ أنَّ أبا الخير (4) حدَّثه أنَّه سمع عقبة بن عامرٍ رضى الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كلُّ امراءٍ فى ظلِّ صدقته (5) حتَّى يفصل بين النَّاس أو قال يحكم بين النَّاس، قال يزيد وكان أبو الخير لا يخطئه يومٌ إلَّا تصدَّق فيه (6) بشاءٍ ولو كعكةً (7) أو بصلةً أو كذا

_ كذلك (1) شق التمرة بكسر الشين نصفها وجانبها وفيه الحث على الصدقة وانه لا يمتنع منها لقلتها، وأن قليلها سبب للنجاة من النار (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سعدان الجهنى عن ابن خليفة الطائى عن عدى بن حاتم عن النبى صلى الله عليه وسلم- الحديث" (3) الكلمة الطيبة هى التى فيها تطييب قلب انسان اذا كانت مباحة أو طاعة تكون سببا للنجاة من النار وفضل الله واسع (تخريجه) (ق. وغيرهما) (196) عن يزيد بن حبيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على ابن اسحاق أنا عبد الله بن مبارك أنا حرملة بن عمران أنه سمع يزيد بن أبى حبيب يحدث أن أبا الخير حدثه- الحديث" (غريبه) (4) اسمه مرثد بن عبد الله كما فى الطريق الثانية وأبو الخير كنيته (5) كناية عن اكرام الله عز وجل لعبده المتصدق فى الموقف إلى أن يفصل بين الناس، ويحتمل أن يجسم الله تعالى الصدقة ويجعل لها ظلا يستظل به صاحبها من حر الشمس فى الموقف حتى يفصل بين الناس. والله أعلم (6) يريد أنه كان محافظا على الصدقة كل يوم لا يتركها يوما واحدا (7) الكعك قال فى القاموس خبز معروف فارسى معرّب اهـ (قلت) ربما كانت الكعكة فى زمانهم تعد من الشاء الحقير بدليل قوله "أو بصلة أو كذا" يعنى من الشاء الحقير، أما فى زماننا فالكعك يعتنى بشأنه فى الأدام ويكون من أجود الدقيق، لهذا تجد قيمة الكعكة الواحدة تزيد عن قيمة الرغيف الذى يشبع الرجل وهذا فى القطر المصرى، ولا نعلم قيمة الكعكة فى الأقطار الأخرى فربما كانت زهيدة

-[المؤمن يستظل بصدقته يوم القيامة]- (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (1) قال كان مرثد بن عبد الله لا يجاء إلى المسجد إلَّا ومعه شيءٌ يتصدَّق به. قال فجاء ذات يومٍ إلى المسجد ومعه بصلٌ؟ فقلت له أبا الخير ما تريد إلى هذا؟ ينتن عليك ثوبك، قال يا ابن أخى إنَّه والله ما كان فى منزلى شاءٌ أتصدَّق به غيره؛ إنَّه حدَّثنى رجلٌ من أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال ظلُّ المؤمن يوم القيامة صدقته (197) عن مرثد بن عبد الله اليزنىِّ حدَّثنى بعض أصحاب النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم (2) أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنَّ ظلَّ المؤمن يوم القيامة صدقته (3) (198) عن أبى أمامة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا ابن آدم إنَّك أن تبذل (4) الخير خيرٌ لك وأن تمسكه شرٌّ لك، ولا تلام

_ والله أعلم، والمعنى أن الرجل إذا لم يجد ما يتصدق به إلا الشاء الحقير فليتصدق به فانه يكون كبيرا عند الله عز وجل وينفعه الله به يوم القيامة ويكون فوق رأسه كالظلة فى الموقف إلى أن يقضى بين العباد، والعبرة بالأخلاص فى العمل لا بالكثرة والقلة (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل ثنا محمد بن اسحاق عن يزيد بن أبى حبيب قال كان مرثد ابن عبد الله- الحديث" (تخريجه) (خز. حب. ك) وقال صحيح على شرط مسلم (197) عن مرثد بن عبد الله اليزنى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثما يزيد بن هارون أنا محمد بن اسحاق عن يزيد بن أبى حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزنى- الحديث" (غريبه) (2) الظاهر أن هذا الصحابى المبهم هو عقبة بن عامر رضى الله عنه كما يستفاد ذلك من الحديث السابق على أن جهالة الصحابى لا تضر (3) أى الظل الذى يستظل به المؤمن يوم القيامة صدقته (تخريجه) (خز. حب. ك) وقال صحيح على شرط مسلم (198) عن أبى أمامة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو نوح قراد قال أبو عبد الرحمن سمعت أبى غير مرة يقول أبو نوح قراد ثنا عكرمة بن عمار عن شداد بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (4) قال النووى هو بفتح همزة أن ومعناه ان بذلت الفاضل عن حاجتك

-[دعاء الملائكة بالخلف للمنفق وبالتلف للممسك]- على الكفاف وابدأ بمن تعول واليد العليا خيرٌ من اليد السُّفلى (199) وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مثله (200) وعنه أيضًا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنَّ ملكًا ببابٍ من أبواب السَّماء يقول من يقرض اليوم يجزى غدًا (1) وملكا ببابٍ آخر يقول اللَّهمَّ أعط منفقًا خلفًا (2) وعجِّل لممسكٍ تلفًا

_ وحاجة عيالك فهو خير لك لبقاء ثوابه، وإن أمسكته فهو شر لك لأنه إن أمسك عن الواجب استحق العقاب عليه، وإن أمسك عن المندوب فقد نقص ثوابه وفوت مصلحة نفسه فى آخرته وهذا كله شر "ومعنى لا تلام على الكفاف" أنّ قدر الحاجة لا لوم على صاحبه، وهذا اذا لم يتوجه فى الكفاف حق شرعى كمن كان له نصاب زكوى ووجبت الزكاة بشروطها وهو محتاج إلى ذلك النصاب لكفافه وجب عليه إخراج الزكاة، ويحصّل كفايته من جهة مباحة "ومعنى ابدأ بمن تعول" أن العيال والقرابة أحق من الأجانب اهـ (تخريجه) (م. مذ. هق) (199) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد بن يحيى الدمشقى ثنا عبد الله بن العلاء بن زبر قال سمعت القاسم مولى يزيد يقول حدثنى أبو هريرة أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم قال ان الله عز وجل يقول يا ابن آدم ان تعط الفضل فهو خير لك، وإن تمسكه فهو شر لك، وابدأ بمن تعول ولا يلوم الله على الكفاف واليد العليا خير من اليد السفلى (تخريجه) لم أقف عليه من حديث أبى هريرة لغير الأمام أحمد ويؤيده حديث أبى أمامة المذكور قبله فهو بمعناه (200) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي قال حدثنا بهز وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن اسحاق بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى عمرة عن أبى هريرة- الحديث" (غريبه) (1) يعنى من ينفق من ماله اليوم فى سبل الخير وأعمال البر يكافئه الله يوم القيامة ويجازيه بأكثر مما أنفق. قال تعالى {من ذا الذى يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة} وقال أيضا {وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم أجرا} (2) قال العلماء هذا فى الأنفاق فى الطاعات ومكارم الأخلاق وعلى العيال والضيفان والصدقات ونحو ذلك، بحيث لا يذم ولا يسمى سرفا، والأمساك المذموم فى قوله "وعجل لممسك تلفا" هو الأمساك عن هذا. والله أعلم (تخريجه) أخرجه مسلم، ولفظه عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

-[حديث "ليتق أحدكم وجهه من النار ولو بشق تمرة"]- (201) عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها يا عائشة استترى من النَّار ولو بشقِّ تمرةٍ، فإنَّها تسدُّ من الجائع مسدَّها من الشَّبعان (202) قر عن عبد الله (بن مسعود) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتَّق أحدكم وجهه من النَّار ولو بشقِّ تمرةٍ (203) عن حارثة بن وهب رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تصدَّقوا فيوشك الرَّجل يمشى بصدقته، فيقول الَّذى أعطيها (1)

_ ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول احدهما اللهم أعط منفقا خلفا ويقول الآخر اللهم أعط ممسكا تلفا" (201) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عبد الله ثنا كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله عن عائشة- الحديث" (تخريجه) (بز) وحسّن المنذرى اسناد الأمام أحمد (202) "قر" عن عبد الله (بن مسعود) (سنده) حدثنا عبد الله قال قرأت على أبى ثنا على بنى عاصم انا إبراهيم بن مسلم الهجرى عن أبى الأحوص عن عبد الله- الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام احمد، وأورده الهيثمى وقال رواها أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ. واعلم ان هذا الحديث روى من عدة طرق عن كثير من الصحابة، فرواه أيضا الأمام أحمد من حديث عائشة وعدى بن حاتم وتقدما، ورواه أبو يعلى والبزار من حديث أبى بكر الصديق، وأبو يعلى والطبرانى فى الكبير من حديث ابن عباس، والبزار والطبرانى فى الأوسط من حديث أنس، والبزار والطبرانى فى الكبير من حديث النعمان بن بشير، والبزار من حديث أبى هريرة، والطبرانى فى الكبير والأوسط من حديث أبى أمامة، والطبرانى فى الكبير من حديث فضالة بن عبيد (203) عن حارثة بن وهب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن معبد بن خالد قال سمعت حارثة بن وهب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (1) أى الذى عرضت عليه ليأخذها، وإنما يقول ذلك لكثرة الأموال وظهور كنوز الأرض ووضع البركات فيها، وذلك فى آخر الزمان بعد هلاك يأجوج ومأجوج كما ثبت فى الصحيحين وعند الأمام أحمد، وذلك قرب قيام الساعة

-[هلاك أصحاب الأموال إن لم يتصدقوا منها]- لو جئت بها بالأمس قبلتها، وأمَّا الآن فلا حاجة لى فيها فلا يجد من يقبلها (1) (204) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال كنت أمشى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نخل بعض أهل المدينة، فقال يا أبا هريرة هلك المكثرون (2) إلَّا من قال هكذا وهكذا وهكذا ثلاث مرَّاتٍ حثى بكفِّه عن يمينه وعن يساره وبين يديه، وقليلٌ ما هم (205) عن عبد الله (بن مسعود) رضى الله عنه قال قال رسول الله

_ (1) فيه الحث على الصدقة والمبادرة بها واغتنام إمكانها قبل تعذرها، وهذا مستفاد من قوله صلى الله عليه وسلم تصدقوا فيوشك الرجل الخ (تخريجه) (ق. نس. طب) (204) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق انا معمر عن أبى اسحاق عن كميل بن زياد عن أبي هريرة- الحديث" (غريبه) (2) هم أصحاب الأموال الزائدة على حاجاتهم ولا ينفقون منها فى سبل الخير فهؤلاء من الهالكين؛ أما من كان ذا مال ينفق منه فى سبل الخير. هذا لفقير. وهذا لبناء مسجد. وهذا لأعانة مجاهد فى سبيل الله ونحو ذلك. واليه الأشارة بقوله صلى الله عليه وسلم هكذا وهكذا وهكذا يعنى ينفق ماله فى أمور متعددة من أنواع الخير. فهؤلاء عند الله ناجون مأجورون ولكنهم قليلون (تخريجه) (جه. عل) وسنده جيد، ورواه الطبرانى فى الكبير عن عبد الرحمن ابن أبزى، وعبد بن حميد عن أبى سعيد. وليس هذا آخر الحديث عند الأمام أحمد بل فيه بعد قوله "وقليل ما هم" ثم مشى ساعة فقال يا أبا هريرة ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ فقلت بلى يا رسول الله، قال قل لا حول ولا قوة إلا بالله ولا ملجأ من الله إلا اليه، ثم مشى ساعة فقال يا أبا هريرة هل تدرى ما حق الناس على الله وما حق الله على الناس؟ قلت الله ورسوله أعلم، قال فان حق الله على الناس أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، فاذا فعلوا ذلك فحق عليه أن لا يعذبهم" وقد تقدم هذا القسم الخاص بحق الله على الناس فى الباب الأول من كتاب التوحيد رقم 6 صحيفة 37 من الجزء الأول، وسيأتى القسم الخاص بلا حول ولا قوة الا بالله فى كتاب الأذكار ان شاء الله تعالى (205) عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن ابراهيم التيمى عن الحارث بن سويد عن عبد الله- الحديث"

-[بيان أن ما تصدق به الإنسان هو الباقي له - وأن ما بخل به لا حظ له فيه]- صلى الله عليه وسلم أيُّكم مال وارثه أحبُّ إليه من ماله? (1) قال قالوا يا رسول الله ما منَّا أحدٌ إلَّا ماله أحبُّ إليه من مال وارثه، قال اعلموا أنَّه ليس منكم أحدٌ إلَّا مال وارثه أحبُّ إليه من ماله (2) ما لك من مالك إلَّا ما قدَّمت، ومال وارثك ما أخَّرت (206) عن عائشة رضى الله عنها أنَّهم ذبحوا شاةً، قلت يا رسول الله ما بقى إلَّا كتفها (3) قال كلُّها قد بقى إلَّا كتفها؟ (207) وعنها أيضًا أنَّها سألت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم عن شاءٍ من أمر الصَّدقة

_ (غريبه) (1) معناه أن الذى يخلفه الأنسان من المال وإن كان هو فى الحال منسوبا اليه فهو باعتبار انتقاله الى وارثه يكون منسوبا للوارث، فنسبته للمالك فى حياته حقيقية، ونسبته للوارث فى حياة الموروث مجازية ومن بعد موته حقيقية (2) أى باعتبار ما جبل عليه الأنسان من حب المال وبخله بانفاقه، فكأنه بفعله هذا يصير مال وارثه أحب اليه من ماله، وذلك لجهله بفائدة ما يقدمه من ماله فى سبل الخير، وقد بين ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله "ما لك من مالك" أى لا ينفعك من مالك ولا ينسب اليك حقيقة "إلا ما قدمت" أى الا الذى أنفقته مدة حياتك فى سبل الخير "ومال وارثك" هو الذى بخلت به على نفسك وتركته للوارث فصار ملكا له، وفى هذا الحث على تقديم ما يمكن تقديمه من المال فى وجوه المبرات وأنواع القربات فى هذه الدار الفانية لينتفع به فى الدار الباقية (تخريجه) (خ. نس) (206) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن سفيان عن أبى اسحاق عن أبى ميسرة عن عائشة (غريبه) (3) رواية الترمذى "أنهم ذبحوا شاة فقال النبى صلى الله عليه وسلم ما بقى منها؟ " بصيغة الاستفهام توطئه لما سيذكره بعد، وذلك أنه صلى الله عليه وسلم تصدق بالشاة بعد ذبحها ولم يبق منها لأهل بيته إلا كتفها، وهو مقدم الشاة مع الرأس والعنق، وهذا قليل بالنسبة لما تصدق به، فقال لعائشة رضى الله عنها "ما بقى منها؟ " فقالت "ما بقى إلا كتفها" فقال صلى الله عليه وسلم "كلها قد بقى إلا كتفها" يعنى أن ما خرج للصدقة هو الباقى حقيقة يثاب عليه الأنسان ويكتسب بسببه جزيل الأجر قال تعالى {ما عندكم ينفد وما عند الله باق} (تخريجه) (مذ) وقال حديث حسن صحيح (207) وعنها أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد الزبيري

-[الحث على الصدقة ولو بالقليل من القليل - ومواساة ابن السبيل]- فذكرت شيئًا قليلًا (1) فقال لها النبيُّ صلى الله عليه وسلم أعطى ولا توعى (2) فيوعى عليك (208) عن أبى سعيد الخدرىِّ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى رجلٍ يصرف راحلته فى نواحى القوم (3) فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم من كان عنده فضلٌ من ظهرٍ فليعد به على من لا ظهر له، ومن كان له فضلٌ من زادٍ (4) فليعد به على من لا زاد له حتَّى رأينا أن لا حقَّ لأحد منَّا في فضل (5)

_ ثنا محمد بن شريك عن ابن أبى مليكة عن عائشة- الحديث" (غريبه) (1) يعنى أن الموجود عندها شيء قليل لا يتحمل أن تتصدق منه (2) أى لا تجمعى وتشحى بالصدقة فيشح عليك وتجازى بتضييق رزقك (تخريجه) (د. نس) بألفاظ مختلفة وسنده جيد، وله شاهد عند الشيخين والأمام أحمد والنسائى من حديث أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنها "أنها جاءت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبى الله ليس لى شاء إلا ما أدخل علىّ الزبير فهل علىّ جناح أن أرضخ مما يدخل على؟ فقال ارضخى ما استطعت ولا توعى فيوعى الله عليك" وقوله "ارضخى ما استطعت" أى أعطى القليل الذى جرت العادة بأعطائه (208) عن أبى سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا أبو الأشهب عن ابي نضرة عن أبي سعيد- الحديث" (غريبه) (3) لفظ مسلم يصرف بصره يمينا وشمالا، ولفظ أبى داود يصرف راحلته كما هنا ولا منافاة فى ذلك، لأن الجمع ممكن بأنه كان يصرف راحلته فى نواحى القوم؛ ثم ينظر يمينا وشمالا أى متعرضا لشاء يدفع به حاجته، فأدرك النبى صلى الله عليه وسلم ذلك منه وعلم أنه من أبناء السبيل، فقال للناس على سبيل التعريض "من كان عنده فضل من ظهر" يعنى بعيرا أو فرسًا أو نحو ذلك فاضلا عن حاجته "فليعد به على من لا ظهر له" أى فليعطه إياه (4) يعنى شيئا من الزاد فاضلا عن حاجته فليعطه من لا زاد له (5) يريد أن كلامه صلى الله عليه وسلم أثر فيهم حتى ظنوا أنهم جميعا شركاء فيما يملكون لا فضل لأحد منهم دون الآخر (تخريجه) (م. د وغيرهما) (الأحكام) أحاديث الباب فيها الحث على الصدقة والأنفاق فى سبل الخير وأن الباداء بالصدقة إذا اقتدى به غيره وفعل مثل فعله كان للباداء مثل أجر من اقتدى به لا ينقص من أجره شاء (وفيها) أن الصدقة تنفع صاحبها وإن قلَّت وإن كانت بشق تمرة (وفيها) أن المؤمن يستظل يوم القيامة بظل صدقته (وفيها) أن الملائكة تدعو للمتصدق بالخلف على الممسك بالتلف، ودعاء الملائكة مستجاب لا شك فى ذلك (وفيها) التحذير من

-[كلام العلماء فى أحكام الباب]- (2) باب أفضل الصدقة (209) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رجلٌ (1) يا رسول الله أىُّ الصَّدقة أفضل؟ قال أن تصدَّق (2) وأنت شحيحٌ (3) صحيح تأمل العيش وتخشى الفقر ولا تمهل (4) حتَّى إذا كانت بالحلقوم قلت لفلانٍ كذا ولفلانٍ

_ التسويف بالصدقة لما فى المسارعة إليها من تحصيل النمو وكثرة البركة، ولأن التسويف بها قد يكون ذريعة الى عدم القابل لها، إذ لا يتم مقصود الصدقة إلا بمصادقة المحتاج اليها، وقد أخبر الصادق صلى الله عليه وسلم أنه سيقع فقد الفقراء المحتاجين الى الصدقة بأن يخرج الغنى صدقته فلا يجد من يقبلها (فان قيل) ان من أخرج صدقته مثاب على نيته ولو لم يجد من يقبلها (فالجواب) أن الواجد يثاب ثواب المجازاة والفضل، والناوى يثاب ثواب الفضل فقط والأول أربح (وفيها) أن أصحاب الأموال الذين لا يتصدقون بفضل أموالهم من الهالكين (وفيها) أنه ليس يبقى للأنسان الا ما قدمه فى حياته وأنه ينفعه بعد مماته، أما ما تركه للورثة فلا ينفع إلا الورثة (وفى حديث أبى سعيد) الأخير من أحاديث الباب الحث على الصدقة أيضا والجود والمواساة والأحسان الى الرفقة والأصحاب والاعتناء بمصالحهم وأمر كبير القوم بمواساة المحتاج وأنه يكتفى فى حاجة المحتاج بتعرضه للعطاء وتعريضه من غير سؤال (وفيه) مواساة ابن السبيل والصدقة عليه إذا كان محتاجا وان كان له راحلة وعليه ثياب أو كان موسرا فى وطنه، ولهذا يعطى من الزكاة فى هذه الحال، وفى أحاديث الباب غير ذلك كثير تقدم فى خلال الشرح والله أعلم (209) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن سفيان عن عمارة بن القعقاع عن أبى زرعة عن أبى هريرة- الحديث" (غريبه) (1) قال الحافظ لم أقف عن اسمه، قيل يحتمل أن يكون أبا ذر لأنه ورد فى مسند أحمد أنه سأل أى الصدقة أفضل، وكذا عند الطبرانى، لكنه أجيب جهد من مقل (2) بتخفيف الصاد وحذف إحدى التاءين، أو بأبدال إحدى التاءين صادا وإدغامها فى الصاد، وهى فى موضع رفع خبر المبتدأ المحذوف تقديره أفضل الصدقة أن تصدق أى بأن تصدق (3) صفة مشبهة من الشح وهو بخل مع حرص (والصحيح) الذى لم يعتره مرض مخوف ينقطع عنده أمله من الحياة، وإنما كانت صدقة الشحيح الصحيح أفضل من غيرها، لأن فى ذلك مجاهدة النفس على إخراج المال الذى هو شقيق الروح خوفا من هجوم الأجل مع قيام المانع وهو الشح، وليس هذا إلا من قوة الرغبة فى القربة وصحة العقيدة "وقوله تأمل العيش" تفسير لقوله وأنت صحيح وقوله "وتخشى الفقر" تفسير لقوله شحيح" (4) بالجزم على النهي

-[(حديث) خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى]- كذا وقد كان (وفى لفظٍ) ألا وقد كان لفلانٍ (210) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا عبد الرَّزَّاق ثنا معمرٌ عن أيُّوب عن ابن سيرين عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الصَّدقة ما كان عن ظهر غنًى (1) وابدأ بمن تعول، واليد العليا خيرٌ من اليد السُّفلى (قلت) لأيُّوب (2) ما عن ظهر غنًى، قال عن فضل غناك (ومن طريقٍ ثانٍ) (3) عن أبى صالحٍ عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال خير الصَّدقة ما كان عن ظهر غنًى، واليد العليا خيرٌ

_ أو بالنصب عطفًا على أن تصدق، أو بالرفع على الاستئناف، أى لا تمهل الصدقة وتسوف فى إعطائها (حتى إذا كانت) الروح (بالحلقوم) بضم الحاء المهملة مجرى النفس عند الغرغرة "قلت لفلان كذا ولفلان كذا" كناية عن الموصى له والموصى به فيهما "وقد كان" أى لفلان كما فى لفظ آخر للأمام أحمد "ألا وقد كان لفلان" أى وقد صار ما أوصى به للوارث فيبطله ان شاء إذا زاد على الثلث أو أوصى به لوارث آخر (والمعنى) أن أفضل الصدقة أن تتصدق فى حال حياتك وصحتك مع احتياجك اليه واختصاصك به، لا فى حال سقمك وسياق موتك، لأن المال حينئذ خرج عنك وتعلق بغيرك (وقال الخطابي) فيه دليل على أن المرض يقصر يد المالك عن بعض ملكه؛ وأن سخاوته بالمال فى مرضه لا تمحوا عنه سمة البخل، ولذلك شرط أن يكون صحيح البدن شحيحا بالمال يجد له وقعا فى قلبه لما يأمله من طول العمر ويخاف من حدوث الفقر، قال والاسمان الأولان كناية عن الموصى له والموصى به والثالث عن الوارث يريد أنه إذا صار للوارث، فانه ان شاء أبطله ولم يجزه. اهـ (تخريجه) (ق. نس) (210) حدّثنا عبد الله (غريبه) (1) أى أفضل الصدقة ما وقع بعد القيام بحقوق النفس والعيال بحيث لا يصير المتصدق محتاجا بعد صدقته إلى أحد، وهذا معنى قوله "وابدأ بمن تعول" يعنى بمن تلزمك نفقته شرعا (2) القائل هو معمر الراوى عن أيوب "ما عن ظهر غنى" يعنى ما معنى عن ظهر غنى؟ فقال "عن فضل غناك" يعنى مما فضل عن ما يغنيك (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الملك بن عمرو ثنا هشام

-[الصدقة القليلة من الفقير أكثر ثوابا من الكثيرة من الغنى]- من اليد السُّفلي، وابدأ بمن تعول، قال سئل أبو هريرة ما من تعول؟ قال امرأتك تقول أطعمنى أو أنفق علىَّ شكَّ أبو عامرٍ أو طلِّقنى، وخادمك يقول أطعمنى واستعملنى، وابنتك تقول إلى من تذرنى (1) (211) وعن حكيم بن حزامٍ رضي الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم نحوه (212) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّه قال يا رسول الله أىُّ الصَّدقة أفضل؟ قال جهد (2) المقلِّ، وابدأ بمن تعول (فصل منه فى المنيحة) (213) عن عبد الله (بن مسعودٍ) رضى الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال أتدرون

_ عن زيد عن أبي صالح عن أبى هريرة- الحديث" (1) يريد أن هؤلاء وأمثالهم ممن تجب نفقتهم على الرجل يقولون هذا القول إذا لم يترك لهم شيئا ينفقه عليهم، فالواجب أن يبدأ بهؤلاء وأمثالهم ثم يتصدق بما فضل عنهم (تخريجه) (خ. نس) وليس فيه عندهما سؤال أبى هريرة رضى الله عنه (211) (عن حكيم بن حزام) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى اليد العليا واليد السفلى صحيفة 101 رقم 145 فارجع اليه ان شئت (212) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجين ثنا الليث بن سعد عن أبى الزبير عن يحيى بن جعدة عن أبي هريرة- الحديث" (غريبه) (2) بضم الجيم وفتحها الوسع والطاقة، وقيل بالضم الوسع والطاقة، وبالفتح المشقة، والمقلّ الفقير قليل المال، والمعنى أفضل الصدقات صدقة الفقير بما فى وسعه وطاقته، وهذا محمول على فقير رزق القناعة والرضا فصدقته ولو قليلة أكثر ثوابا من صدقة الغنى كثير المال ولو كثيرة، كما جاء فى حديث أبى هريرة مرفوعا "سبق درهم مائة الف درهم، قالوا وكيف؟ قال لرجل درهمان تصدق بأحدهما وانطلق رجل إلى عرض ماله فأخذ منه مائة الف درهم فتصدق به" رواه النسائى وابن حبان والحاكم وصححه (تخريجه) (د. خز حب. ك) وصححوه وسكت عنه أبو داود والمنذرى (213) عن عبد الله (بن مسعود) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا شعبة عن ابراهيم الهجرى قال سمعت أبا الأحوص عن عبد الله- الحديث"

-[فضل المنيحة - وتفسير لفظها]- أي الصَّدقة أفضل، قالوا الله ورسوله أعلم، قال المنيحة (1) أن يمنح أحدكم أخاه الدِّرهم أو ظهر الدَّابَّة أو لبن الشَّاة أو لبن البقرة (214) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خير الصَّدقة المنيحة تغدوا (2) بأجرٍ وتروح بأجرٍ، منيحة النَّاقة كعتاقة الأحمر (3) ومنيحة الشَّاة كعتاقة الأسود

_ (غريبه) (1) بفتح الميم وكسر النون، وفى بعض الروايات منحة بكسر الميم وسكون النون، والمنيحة بفتحها مع زيادة الياء التحتية هى العطية ينتفع بها ثم ترد، كأن يمنح الرجل دابة لشرب لبنها أو شجرة لأكل ثمرها او أرضا لزرعها أو نقودا قرضا، ويكون فى الحيوان وفى الثمار وغيرهما، وفى الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم منح أم أيمن عذاقا أى نخيلا؛ ثم قد تكون المنيحة عطية للرقبة بمنافعها وهى الهبة، والمراد فى الحديث القرض أو ظهر الدابة أو اللبن؛ وهى منحة المنفعة لمدة، ثم ترد العين لصاحبها، ومنه حديث (المنحة مردودة والناس على شروطهم ما وافق الحق) رواه البزار عن أنس فهو يدل على أنها تمليك منفعة لا رقبة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد من حديث ابن مسعود وفى إسناده ابراهيم بن مسلم الهجرى تكلم فيه بعضهم (214) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج قال ثنا فليح عن محمد بن عبد الله بن حصين الأسلمى عن عبد الله بن صبيحة عن أبى هريرة- الحديث" (غريبه) (2) الغدو السير من أول النهار الى الزوال، والرواح منه الى الغروب، والمراد بالأجر هنا ما تحلبه من اللبن فى الصباح وفى المساء لأن كل حلبة فيها منفعة للمعطى بفتح الطاء وفيها ثواب وأجر عظيم للمعطى بكسر الطاء، ويؤيد ذلك ما رواه مسلم عن أبي هريرة أيضا مرفوعا "ألا رجل يمنح أهل بيت ناقة تغدوا بعس وتروح بعس إن أجرها لعظيم" والعس بضم العين وتشديد السين المهملة هو القدح الكبير أى تحلب إناء بالغداة وإناء بالعشى (3) يعنى أن من منح ناقة كان كمن أعتق عبدا أحمر، ومن منح شاة كان كمن أعتق عبدا أسود، لأن العبيد الحمر أرفع قيمة من العبيد السود، فيستفاد أن منيحة الناقة أفضل من منيحة الشاة (تخريجه) (م) وتقدم لفظه ورواه بلفظ آخر عن أبى هريرة أيضا عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه نهى فذكر خصالا وقال "من منح منيحة غدت بصدقة وراحت بصدقة صبوحها وغبوقها" رواه أيضا البخارى ومالك في الموطأ

-[كلام العلماء في أحكام الباب]- (215) عن عبد الله بن عمرو (بن العاص) رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربعون حسنةً (1) أعلاهنَّ منيحة العنز (2) لا يعمل العبد بحسنةٍ منها رجاء ثوابها وتصديق (3) موعودها إلَّا أدخله الله بها الجنة (4)

_ وقوله صبوحها وغبوقها، الصبوح بفتح الصاد الشرب أول النهار، والغبوق بفتح الغين المعجمة أول الليل، والصبوح والغبوق فى الحديث منصوبان على الظرف ويجوز جرهما على البدل. والله أعلم (215) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا الأوزاعى عن حسان بن عطية عن أبى كبشة السلولى عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما- الحديث (غريبه) (1) عند أبى داود والبخارى أربعون خصلة (2) العنز بفتح المهملة وسكون النون أنثى المعز، والمراد بها فى الحديث ذات اللبن من المعز تعار ليؤخذ لبنها ثم ترد على صاحبها ولم يذكر النبى صلى الله عليه وسلم الأربعين ترغيبا فى كل أعمال الخير، إذ لو عينها لوقف بعض الناس عندها وتركوا غيرها، ونظيره اخفاء ليلة القدر وساعة الجمعة، ويقاس على منيحة العنز منيحة الأبل والبقر بالأولى إذ هى أكثر نفعًا وأجرا (3) منصوب على التعليل عطفًا على رجاء أى لا يعمل أحد من اهل الأسلام بخصلة منها راجيا ثوابها ومصدقا بما وعد به فاعلها من الثواب إلا كان ذلك سببا لدخوله الجنة (4) زاد البخارى وأبو داود قال حسان (يعنى ابن عطية أحد الرواة عندهما) فعددنا ما دون منيحة العنز من رد السلام وتشميت العاطس وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه فما استطعنا أن نبلغ خمس عشرة خصلة (تخريجه) (د) ورواه البخارى فى باب فضل المنيحة من كتاب الهبة، ورواه أيضا الحاكم، ولعله لم يقف على تخريج البخارى له فأخرجه فى المستدرك. والله اعلم (الاحكام) احاديث الباب فيها الحث على المبادرة بالصدقة قبل هجوم الموت حيث لا تنفع الصدقة فى ذلك الوقت (وفيها) ان افضل الصدقة ما كان بعد كفاية الرجل ومن تلزمة نفقتة (وفيها) ان الصدقة من الفقير وإن كانت قليلة تفضل صدقة الغنى وإن كانت كثيرة (وفيها) ان المنيحة من افضل الصدقات ومن اعظم القربات وأنها فوق اربعين خصلة، الواحدة منها تدخل صاحبها الجنة؛ ولم يذكر فى حديث الباب شاء من هذه الخصال، وتقدم أن حسان بن عطية راوى الحديث عند البخارى ومسلم قال فعددنا ما دون منيحة العنز من رد السلام وتشميت العاطس وإماطة الأذى عن الطريق ونحوه فما استطعنا ان نبلغ خمس عشرة خصلة، وحكى الحافظ عن ابن بطال انه قال ما ملخصه

-[أربعون خصلة من عمل بواحدة منها دخل الجنة]- (3) باب فضل الصدقة فى سبيل الله (216) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنفق زوجين (1) من ماله في سبيل الله دعي من أبواب الجنَّة (2) وللجنَّة أبوابٌ، فمن

_ ليس في قول حسان ما يمنع من وجدان ذلك، وقد حض صلى الله عليه وسلم على أبواب من أبواب الخير والبر لا تحصى كثرة، ومعلوم أنه صلى الله عليه وسلم كان عالما بالأربعين المذكورة، وإنما لم يذكرها لمعنى هو أنفع لنا من ذكرها، وذلك خشية أن يكون التعيين لها مزهدا فى غيرها من أبواب البر قال وقد بلغنى أن بعضهم تطلبها فوجدها تزيد على الأربعين، فما زاده إعانة الصانع والصفقة للأخرق وإعطاء شسع النعل والستر على المسلم والذب عن عرضه وإدخال السرور عليه والتفسح فى المجلس والدلالة على الخير والكلام الطيب والغرس والزرع والشفاعة وعيادة المريض والمصافحة والمحبة فى الله والبغض لأجله والمجالسة لله والتزاور والنصح والرحمة وكلها فى الأحاديث الصحيحة، وفيها ما قد ينازع فى كونه دون منيحة العنز، وحذفت مما ذكره أشياء قد تعقب ابن المنير بعضها، وقال الأولى أن لا يعتنى بعدّها لما تقدم (وقال الكرمانى) جميع ما ذكره رجم بالغيب، ثم أنَّى عرف أنها أدنى من المنيحة * (قلت) * وإنما أردت بما ذكرته منها تقريب الخمس عشرة التى عدها حسان بن عطية، وهى ان شاء الله تعالى لا تخرج عما ذكرته، ومع ذلك فأنا موافق لابن بطال فى إمكان تتبع أربعين خصلة من خصال الخير، أعلاها منيحة العنز؛ وموافق لابن المنير فى رد كثير مما ذكره ابن بطال مما هو ظاهر انه فوق المنيحة والله اعلم اهـ كلام الحافظ (216) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة- الحديث" (غريبه) (1) يعنى اثنين أى صنفين من اى صنف كان من أصناف المال (وقال الداودى) والزوج هنا الفرد، يقال للواحد زوج وللاثنين قال تعالى {فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى} وصوابه أن الاثنين زوجان يدل عليه الآية، وقد جاء مفسرا مرفوعا فى حديث أبى ذر الآتى، وفيه قلت وكيف ذاك؟ قال إن كانت رجالا فرجلين، وإن كانت إبلا فبعيرين وإن كانت بقرًا فبقرتين "وقوله فى سبيل الله" يحتمل أن يكون عاما فى أنواع الخير ويحتمل أن يكون خاصًا بالجهاد (2) قال العلماء المراد من هذه الأبواب غير الأبواب الثمانية وقال أبو عمر فى التمهيد كذا قال من أبواب الجنة، وذكره أبو داود وأبو عبد الرحمن

-[أبواب الجنة التى يدعى منها أهل الأعمال الصالحة]- كان من أهل الصَّلاة (1) دعى من باب الصَّلاة، ومن كان من أهل الصَّدقة (2) دعى من باب الصَّدقة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصِّيام دعي من باب الرَّيَّان (3) فقال أبو بكرٍ والله يا رسول الله

_ ابن سنجر "فتحت له أبواب الجنة الثمانية" وليس فيها ذكر "من" (وقال ابن بطال) لا يصح دخول المؤمن إلا من باب واحد، ونداؤه منها كلها إنما هو على سبيل الأكرام والتخيير له فى دخوله من أيها شاء "وقوله وللجنة أبواب" أى متعددة أو أبواب غير الثمانية المعلومة والله أعلم (1) أى المؤدين للفرائض المكثرين من النوافل، لأن الواجبات لا بد منها لجميع المسلمين (2) أى من الغالب عليه ذلك، وإلا فكل المؤمنين أهل للكل، وكذا يقال فى الباقى (3) مشتق من الرى فخص بذلك لما فى الصوم من الصبر على ألم العطش والظمأ فى الهواجر. قاله الباجى (قال الحافظ) وقد ذكر فى هذا الحديث أربعة أبواب من أبواب الجنة وهى ثمانية، وبقى الحج فله باب بلا شك، والثلاثة باب الكاظمين الغيظ والعافين عن الناس، رواه أحمد عن الحسن مرسلا "إن لله بابا فى الجنة لا يدخله إلا من عفا عن مظلمة" والباب الأيمن الذى يدخل منه من لا حساب عليه ولا عذاب، والثامن لعله باب الذكر، ففى الترمذى ما يومى اليه، ويحتمل أنه باب العلم. ويحتمل أن المراد بالأبواب التى يدعى منها أبواب من داخل أبواب الجنة الأصلية، لأن الأعمال الصالحة أكثر عددا من ثمانية اهـ (وفى نوادر الأصول) للحكيم الترمذى من أبواب الجنة باب محمد صلى الله عليه وسلم وهو باب الرحمة. وهو باب التوبة. وهو منذ خلقه الله مفتوح لا يغلق، فاذا طلعت الشمس من مغربها أغلق فلم يفتح إلى يوم القيامة. وسائر الأبواب مقسومة على أعمال البر. باب الزكاة. باب الحج. باب العمرة. وعند القاضى عياض باب الكاظمين الغيظ. باب الراضين. الباب الأيمن الذى يدخل منه من لا حساب عليه (وفى كتاب الآجرّى) عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إن فى الجنة بابا يقال له الضحى فاذا كان يوم القيامة ينادى مناد أين الذين كانوا يديمون على صلاة الضحى هذا بابكم فادخلوه" (وفى مسند الفردوس) عن ابن عباس يرفعه "للجنة باب يقال له الفرح لا يدخل منه إلا مفرح الصبيان" (وعند الترمذى) باب الذكر (وعند ابن بطال) باب الصابرين (وذكر البرقى) فى كتاب الروضة عن الأمام أحمد حدثنا روح حدثنا أشعث عن الحسن قال إن لله باب فى الجنة لا يدخله إلا من عفا عن مظلمة (وفى كتاب التخيير للقشيرى) عن النبى صلى الله عليه وسلم الخلق الحسن طوق من رضوان الله فى عنق صاحبه، والطوق مشدود الى سلسلة من الرحمة، والسلسلة مشدودة الى حلقة من باب الجنة حيث

-[منقبة لأبي بكر الصديق رضى الله عنه - وفضل من أنفق زوجين فى سبيل الله]- ما على أحد من ضرورةٍ من أيِّها دعي (1) فهل يدعي منها كلِّها أحدٌ يا رسول الله؟ قال نعم وإنِّى أرجوا (2) أن تكون منهم (217) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنفق زوجًا أو (3) زوجين في سبيل الله دعته خزنة الجنَّة يا مسلم هذا خيرٌ هلمَّ (4) إليه

_ ما ذهب صاحب الخلق الحسن جرّته السلسلة الى نفسها حتى يدخل من ذاك الباب، فيحتمل أن كل هذه الأبواب داخلة فى داخل الأبواب الثمانية الكبار التى ما بين مصراعى كل باب منها خمسمائة عام كما اشار إلى ذلك الحافظ والله أعلم (1) معناه ما على أحد من ضرر إذا كان من أهل خصلة واحدة من هذه الخصال ودعى من بابها، لأن الغاية المطلوبة دخول الجنة "وفى شرح المشكاة" لما خص كل باب بمن أكثر نوعا من العبادة وسمع الصديق رضى الله عنه رغب فى أن يدعى من كل باب، وقال ليس على من دعى من تلك الأبواب ضرر بل شرف وإكرام، ثم سأل فقال فهل يدعى أحد من تلك الأبواب ويختص بهذه الكرامة كلها، فقال النبى صلى الله عليه وسلم (نعم) يعنى يدعى منها كلها على سبيل التخيير فى الدخول من أيها شاء لاستحالة الدخول من الكل معًا (2) قال العلماء الرجا منه صلى الله عليه وسلم واقع، وبه صرح فى حديث ابن عباس عند ابن حبان ولفظه "فقال أجل وأنت هو يا أبا بكر وفى الحديث اشعار بقلة من يدعى من تلك الأبواب كلها واشارة الى أن المراد ما يتطوع به من الأعمال المذكورة لا واجباتها لكثرة من يجتمع له العمل بالواجبات بخلاف التطوعات فقلّ من يجتمع له العمل بجميع أنواعها. والله أعلم (تخريجه) (ق. نس. مذ. لك. حب) (217) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا معاوية قال ثنا أبو اسحاق يعنى الفزارى عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة رضى الله عنه- الحديث" (غريبه) (3) أو للشك من الراوى، وقد جاء فى الحديث السابق عند الشيخين والأمام أحمد أيضا زوجين بغير شك (3) اسم فعل أمر أى أقبل، وليس هذا آخر الحديث، وإنما اقتصرنا على هذا الطرف منه لمناسبة الترجمة (وبقيته) فقال أبو بكر هذا رجل لا توى عليه "أى لا ضياع ولا خسارة" فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نفعنى مال قط إلا مال أبى بكر، قال فبكى أبو بكر وقال وهل نفعنى الله إلا بك، وهل نفعنى الله إلا بك. وهل نفعنى الله إلا بك" وسيأتى هذا الحديث بتمامه فى باب مناقب أبى بكر فى خلافته رضى الله عنه (تخريجه) (م) بلفظ "من أنفق زوجين في سبيل الله

-[تسابق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصدقة وفرح النبى صلى الله عليه وسلم بذلك]- (218) عن صعصعة بن معاوية عن أبى ذرٍّ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلمٍ ينفق من كلِّ مالٍ له (1) زوجين في سبيل الله عزَّ وجلَّ إلَّا استقبلته حجبة الجنَّة كلُّهم يدعوه إلى ما عنده، قلت وكيف ذاك؟ قال إن كانت رجالًا فرجلين وإن كانت إبلًا فبعيرين، وإن كانت بقرًا فبقرتين (219) عن جرير بن عبد الله (البجلىِّ) رضى الله عنه أنَّ رجلًا من الأنصار جاء إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم بصرَّةٍ من ذهبٍ تملأ ما بين أصابعه، فقال هذه فى سبيل الله عزَّ وجلَّ، ثمَّ قام أبو بكرٍ رضي الله عنه فأعطى، ثمَّ قام عمر رضي الله عنه فأعطي، ثمَّ قام المهاجرون فأعطوا، قال فأشرق وجه (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى

_ دعاء خزنة الجنة كل خزنة بابٍ اى فل (يعنى يا فلان هلم) فقال أبو بكر يا رسول الله ذلك الذى لا ترى عليه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنى لأرجو أن تكون منهم" (218) عن صعصعة بن معاوية (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل عن يونس عن الحسن عن صعصعة بن معاوية قال أتيت أبا ذر قلت ما بالك قال لى عملى، قلت حدثنى قال نعم. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة من أولادهما لم يبلغوا الحنث إلا غفر الله لهما، قلت حدثنى، قال نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم ينفق من كل مال له زوجين- الحديث، وسيأتى الشطر الأول منه فى باب الصبر على موت الأولاد من كتاب الصبر ان شاء الله تعالى (غريبه) (1) أى إن كان ماله أصنافا متعددة كأبل وبقر وغنم مثلا، فان لم يوجد الا صنف واحد وأنفق منه اثنين فقط كفى فى الفضل، والظاهر أنه ما حث الشارع صاحب الأصناف المتعددة على انفاق اثنين من كل صنف إلا ليلحق النماء والبركة كل صنف منها. وباقى الحديث تقدم شرحه آنفًا فى شرح حديث أبى هريرة (تخريجه) (نس. حب. ك) مختصرا ومطولا. ويؤيده حديث أبى هريرة المتقدم (219) عن جرير بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة عن حميد بن هلال عن جرير بن عبد الله- الحديث" (غريبه) (2) أى احمرّ وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رؤى الاحمرار فى وجنتيه سرورًا بما حصل؛ وباقى الحديث تقدم شرحه فى شرح الحديث الاول من الباب الاول من أبواب

-[تسابق أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصدقه - وفرح النبى صلى الله عليه وسلم بذلك]- رأيت الإشراق في وجنتيه، ثمَّ قال من سنَّ سنَّةً صالحة في الإسلام فعمل بها بعده كان له مثل أجورهم من غير أن ينتقص من أجورهم شيءٌ، ومن سنَّ في الإسلام سنَّةً سيِّئةً فعمل بها بعده كان عليه مثل أوزارهم من غير أن ينتقص من أوزارهم شاءٌ (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (1) قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحثَّنا على الصَّدقة فأبطأ النَّاس حتَّي رؤي في وجهه الغضب (وقال مرَّةً بان) ثمَّ إنَّ رجلًا من الأنصار جاء بصرَّةٍ فأعطاها إيَّاه، ثمَّ تتابع النَّاس فأعطوا حتَّى رؤي فى وجهه السُّرور فقال من سن َّ سنَّة حسنةً فذكر نحو الحديث المتقدِّم (220) خط عن أبى أمامة رضى الله عنه أنَّ رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيُّ الصَّدقة أفضل قال ظلُّ فسطاطٍ (2) فى سبيل الله، أو خدمة خادمٍ (3)

_ صدقة التطوع رقم 193 صحيفة 152 من هذا الجزء (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن مسلم يعنى ابن صبيح عن عبد الرحمن بن هلال العبسى عن جرير بن عبد الله قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (تخريجه) (م. نس. وغيرهما) (220) "خط" عن أبى أمامة (سنده) حدّثنا عبد الله قال وجدت فى كتاب أبى بخط يده واظن أنى قد سمعته أنا من الحكم ثنا الحكم بن موسى ثنا اسماعيل بن عياش ابن مطرح بن يزيد الكنانى عن عبيد الله بن زحر عن على بن يزيد عن القاسم عن أبى أمامة- الحديث" (غريبه) (2) بضم الفاء وقد تكسر أى منيحة فسطاط بدليل ما بعده، لأنه جاء عند الترمذى بلفظ "ظل فسطاط فى سبيل الله ومنيحة خادم" وعبر بظل اشارة الى أن المقصود من منحة الخيمة الاستظلال (قال فى المصباح) الفسطاط بضم الفاء وكسرها بيت من الشعر والجمع فساطيط، والفسطاط بالوجهين مدينة مصر قديما، وقال بعضهم كل مدينة جامعة فسطاط ووزنه فعلال وبابه الكسر اهـ، والمعنى أن ينصب خباء للغزاة يستظلون فيه، والاشهر فيه ضم الفاء وحكى كسرها (3) معناه أن يعطى الغازى خادما يخدمه مدة الجهاد وهو عند الترمذى "منيحة خادم بدل خدمة" ولفظ منيحة يحتمل أن يكون هبة أو عارية

-[فضل الصدقة فى سبيل الله وأنها تضاعف إلى سبعمائة ضعف]- في سبيل الله أو طروقة (1) فحلٍ في سبيل الله (221) عن أبى مسعود الأنصاريِّ رضى الله عنه أنَّ رجلًا تصدَّق بناقةٍ مخطومةٍ (2) فى سبيل الله، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ليأتينَّ أو لتأتينَّ بسبعمائة ناقةٍ مخطومة (3)

_ وقد بينت رواية الأمام أحمد أنها عارية (1) بفتح الطاء فعولة بمعنى مفعولة، أى مطروقة وهو بالجر عطف على خادم أو الرفع عطف على خدمة، والمراد إعطاء دابة مطروقة أى بلغت أوان طروق الفحل، لأن هذا الوقت هو وقت كمال الانتفاع بها، فان أعطى أحد هذه الأمور الثلاثة على سبيل التمليك أو الحبس أعنى الوقف إن كان فى غنى عن ذلك فالفضل أعظم. والله أعلم (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح غريب، وله رواية أخرى عن عدى بن حاتم من طريق معاوية بن صالح. قال الترمذى وهو (يعنى حديث الباب) أصح عندى من حديث معاوية بن صالح (221) عن أبى مسعود (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وهب ابن جرير ثنا شعبة عن الأعمش عن أبى عمرو الشيبانى عن أبى مسعود- الحديث" (غريبه) (2) خطام البعير أن يؤخذ حبل من ليف أو شعر أو كتان فيجعل فى أحد طرفيه حلقة ثم يشد فيه الطرف الآخر حتى يصير كالحلقة، ثم يقلد البعير ثم يثنَّى على مخطَّمه، وأما الذى يجعل فى الأنف دقيقا فهو الزمام (نه) والخطام عادة لا يكون إلا للبعير أو الناقة الكبيرة الجيدة التى تحمل الأثقال، ففى وصفها بكونها مخطومة بيان لجودتها وكثرة نفعها (3) قيل يحتمل أن المراد له أجر سبعمائة ناقة، ويحتمل أن يكون على ظاهره ويكون له فى الجنة بها سبعمائة كل واحدة منهن مخطومة يركبهن حيث شاء للتنزه كما جاء فى خيل الجنة ونجبها، وهذا الاحتمال أظهر. قاله النووى والله أعلم (تخريجه) (م. نس) (الأحكام) أحاديث الباب فيها الحث على النفقة فى سبيل الله عز وجل وإعانة الغازى بما يلزمه من سلاح أو خيل أو إبل أو طعام أو ملابس أو غير ذلك وأنها من أعظم ما يتقرب به الى الله عز وجل؛ وأن أجرها عظيم وثوابها جسيم يضاعفه الله عز وجل الى سبعمائة ضعف وفيها غير ذلك تقدم فى خلال الشرح والله أعلم

-[فضل الكلام اللين والخطى إلى المساجد. وطلاقة الوجه. وسقى الماء]- (4) باب خصال تعد من الصدقة وما جاء فى صدقة الجسد (222) عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم قال الكلمة اللَّيِّنة صدقةٌ (1) وكلُّ خطوةٍ يمشها إلى الصَّلاة أو قال إلى المسجد صدقةٌ (3) (223) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم كلُّ معروفٍ صدقةٌ (3) ومن المعروف أن تلقى أخاك بوجهٍ طلقٍ (4) وأن تفرغ من دلوك في إنائه (5)

_ (222) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم ثنا ابن مبارك عن معمر عن همّام بن منبه عن أبى هريرة- الحديث" (غريبه) (1) لفظ مسلم الكلمة الطيبة بدل اللينة والمعنى واحد، وأصل الطيب ما تستلذه الحواس ويختلف باختلاف متعلقه (قال ابن بطال) طيب الكلام من جليل عمل البر لقوله تعالى {ادفع بالتى هى أحسن- الآية} والدفع قد يكون بالقول كما يكون بالفعل، قال ووجه كون الكلمة الطيبة صدقة إن إعطاء المال يفرح به قلب الذى يعطاه ويذهب ما فى قلبه، وكذلك الكلام الطيب فاشتبها من هذه الحيثية (2) قال القاضى عياض) يحتمل تسميتها صدقة أن لها أجرًا كما للصدقة اجر، وأن هذه الطاعات تماثل الصدقات فى الأجور، وسماها صدقة على طريق المقابلة وتجنيس الكلام، وقيل معناه أنها صدقة على نفسه اهـ (قلت) ويقال مثل ذلك فيما سيأتى من خصال الخير المعبر عنها بالصدقة (تخريجه) (م. وغيره) (223) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا اسحاق بن عيسى ثنا المنكدر بن محمد بن المنكدر عن ابيه عن جابر بن عبد الله- الحديث" (غريبه) (3) المعروف هو كل ما يفعل من انواع البر والخير. ومعنى كونه صدقة ان ثوابه كثواب من تصدق بالمال (وقال الراغب) المعروف اسم كل فعل يعرف حسنه بالشرع والعقل معًا، ويطلق على الاقتصاد لثبوت النهى عن السرف اهـ (وقال ابن ابى جمرة) يطلق اسم المعروف على ما عرف بأدلة الشرع أنه من أعمال البر سواء جرت به العادة ام لا، قال والمراد بالصدقة الثواب. فان قارنته النية اجر صاحبها جزما وإلا ففيه احتمال. قال وفى هذا الكلام اشارة الى ان الصدقة لا تنحصر فى الأمر المحسوس منه فلا تختص بأهل اليسار مثلا بل كل واحد قادر على ان يفعلها فى اكثر الأحوال بغير مشقة اهـ (4) اى منبسط الوجه متهلله غير غاضب (5) يعنى إعطاء الماء لمن لم يكن عنده لا سيما اذا كان محتاجا اليه لشرب آدمى أو حيوان فهو من أعظم الصدقات وانواع المبرات (تخريجه) (ك

-[الحث على العمل باليد. وإغاثة الملهوف. والأمر بالمعروف]- (224) عن عبد الله بن يزيد الخطميِّ (1) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم كلُّ معروفٍ صدقةٌ (225) عن سعيد بن أبى بردة عن أبيه (2) عن جدِّه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على كلِّ مسلمٍ صدقة (3) قال أفرأيت إن لم يجد، قال يعمل بيده فينفع نفسه ويتصدَّق، قال أفرأيت إن لم يستطع أن يفعل، قال يعين ذا الحاجة الملهوف (4) قال أرأيت إن لم يفعل (5) قال يأمر بالخير أو بالعدل، قال

_ مذ) وقال حسن صحيح وأخرج صدره الشيخان (224) عن عبد الله بن يزيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن بشير حدثنى عبد الجبار بن عباس عن عدى بن ثابت عن عبد الله بن يزيد- الحديث" (غريبه) (1) بفتح الخاء المعجمة وسكون الطاء المهملة نسبة الى خطمة فخذ من الأوس. الأنصارى الصحابى رضى الله عنه (تخريجه) (ق. د. مذ. ك) (225) عن سعيد بن أبى برده (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا شعبة عن سعيد بن أبى بردة- الحديث" (غريبه) (2) هو أبو بردة بن أبى موسى الأشعرى، قيل اسمه عامر، وقيل الحارث ثقة. مات سنة أربع ومائة. وقيل غير ذلك "وقوله عن جده" هو أبو موسى الأشعرى الصحابى المشهور راوى الحديث رضى الله عنه (3) أى فى مكارم الأخلاق وليس ذلك بفرض إجماعا (قال ابن بطال) وأصل الصدقة ما يخرجه المرء من ماله تطوعا به، وقد يطلق على الواجب لتحرى صاحبه الصدق بفعله، ويقال لكل ما يحابى به المرء من حقه صدقة لأنه تصدق بذلك على نفسه "وقوله قال أفرأيت الخ" هكذا رواية الأمام أحمد (بلفظ قال)، وعند مسلم قيل، وعند البخارى قالوا. وعلى كل حال القائل "إن لم يجد الخ" هو بعض من حضر مجلس النبى صلى الله عليه وسلم يعنى إن لم يجد ما يتصدق به (قال يعمل بيده) قال ابن بطال فيه التنبيه على العمل والتكسب ليجد المرء ما ينفق على نفسه ويتصدق به ويغنيه عن ذل السؤال. وفيه الحث على فعل الخير مهما أمكن. وأن من قصد شيئا منها فتعسر فلينتقل الى غيره (4) الملهوف عند أهل اللغة يطلق على المتحسر وعلى المضطر وعلى المظلوم، وقولهم يا لهف نفسى على كذا كلمة يتحسر بها على ما فات. ويقال لهف بكسر الهاء من باب علم أى حزن وتحسر وكذلك التلهف (5) أي عجزا

-[عدد مفاصل الإنسان وأن على كل مفصل منها صدقة كل يوم]- أفرأيت إن لم يستطع أن يفعل، قال يمسك عن الشَّرِّ فإنَّه له صدقةً (1) (226) عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم المعروف كلُّه صدقةٌ (فصل منه فى صدقة الجسد) (227) عن بريدة الأسلمىِّ رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى الإنسان ستُّون وثلاثمائةٍ مفصلٍ فعليه أن يتصدَّق عن كلِّ مفصلٍ منها صدقةً (2) قالوا فمن الَّذى يطيق ذلك يا رسول الله (3) قال النُّخاعة فى المسجد

_ أو كسلا (1) معناه صدقة على نفسه كما سيأتى فى حديث أبى ذر، والمراد أنه إذا أمسك عن الشر لله كان له أجر على ذلك كما أن للمتصدق بالمال أجرًا (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم) (226) عن حذيفة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا أبو مالك الأشجعى عن ربعى بن خراش عن حذيفة- الحديث" (تخريجه) (ق. د. مذ. ك) (227) عن بريدة الأسلمى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد حدثنى حسين حدثنى عبد الله بن بريدة قال سمعت أبى بريدة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (2) قال العلماء المراد صدقة ندب وترغيب لا إيجاب وإلزام والمعنى على كل مسلم مكلف أن يتصدق بعدد كل مفصل من عظامه صدقة لله تعالى على سبيل الشكر له بأن جعل عظامه مفاصل يتمكن بها من القبض والبسط، وخصت بالذكر لما فى التصرف بها من دقائق الصنائع التى اختص بها الآدمى (3) أى لفهمهم أن الصدقة لا تكون إلا بالمال، وإذا كان كل مفصل عليه صدقة فهم لا يطيقون ذلك ولا يقدرون عليه فبين لهم النبى صلى الله عليه وسلم أن الصدقة ليست محصورة فى المال بقوله صلى الله عليه وسلم "النخاعة فى المسجد تدفنها الخ" أى يكتب لك بها ثواب المتصدق، وكذا يقال فيما بعده. والنخاعة هى الخارجة من أسفل الحلق الخارجة من الصدر كمخرج الحاء المهملة "والنخاعة" هى الخارجة من مخرج الخاء المعجمة النازلة من الدماغ "وقوله ندفنها" يعنى إن كانت ظاهرة فى أرض المسجد وكانت أرضه ترابا أو حصى فيواريها فيه بحيث لا تكون ظاهرة، وان كانت بالحائط أو بأرض المسجد وكانت الأرض بلاطًا فيزيلها

-[صلاة الضحى تجزاء عن الصدقة المطلوبة من الرجل عن جسده فى يومه]- تدفنها والشَّيء تنحِّيه عن الطَّريق (1) فإن لم تقدر فركعتا الضُّحى تجزيء عنك (228) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال لا أعلمه إلَّا عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال كلُّ سلامى (2) من ابن آدم عليه صدقةٌ حين يصبح، فشقَّ ذلك على المسلمين، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إنَّ سلامك على عباد الله صدقةٌ، وإماطتك الأذي عن الطَّريق صدقةٌ، وإنَّ أمرك بالمعروف صدقةٌ، ونهيك عن المنكر صدقةٌ (3) وحدَّث بأشياء من نحو هذا لم أحفظها (229) وعنه أيضًا عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال كلُّ نفسٍ كتب عليها الصَّدقة كلَّ يومٍ طلعت فيه الشَّمس، فمن ذلك أن يعدل بين الاثنين (4) صدقةٌ وأن يعين الرَّجل على دابَّته فيحمله عليها (5) صدقةٌ ويرفع متاعه عليها صدقةٌ

_ (1) أي الشيء المؤذى كشوك أو حجر أو نحوه يزيله من طريق المارة "وقوله فان لم تقدر" أى لم يتيسر لك ذلك فتصلى ركعتين سنة الضحى تجزى عنك صدقة اليوم. والله أعلم (تخريجه) (د. حب) وسنده جيد (228) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا المبارك بن فضالة عن الحسن عن أبى هريرة- الحديث" (غريبه) (2) بضم أوله وفتح الميم، فى الأصل عظام الأصابع ثم استعمل فى سائر عظام الجسد ومفاصله (3) الثواب فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر أكثر منه فى السلام وإماطة الأذى عن الطريق، لأن الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فرض كفاية وقد يتعين، ولا يتصور وقوعه نفلا، والسلام وإماطة الاذى من النوافل. ومعلوم أن أجر الفرض أكثر من أجر النوافل لقوله عز وجل فى الحديث القدسى "وما تقرب إلىّ عبدى بشاء أحب إلىّ من أداء ما افترضت عليه" رواه البخارى من رواية أبى هريرة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (229) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا حسن حدثنا عبد الله بن لهيعة حدثنا أبو يونس سليم بن جبير مولى أبى هريرة عن أبى هريرة- الحديث" (غريبه) (4) أى تصلح بين اثنين متخاصمين أو متهاجرين بالعدل قاصدا بذلك وجه الله تعالى لا لمصلحة دنيوية بل رجاء الثواب من عند الله عز جل (5) معناه أن يكون الراكب ضعيفا أو مريضا لا يقدر على الركوب مستقلا فيعاونه على الركوب

-[التسبيح والتحميد والتهليل والاستغفار والتكبير يقوم مقام الصدقة عن الفقير]- ويميط الأذى عن الطَّريق صدقةٌ، والكلمة الطَّيِّبة صدقةٌ، وكلُّ خطوةٍ (1) يمشى إلى الصَّلاة صدقةٌ (230) عن زيد بن سلَّامٍ عن أبى سلَّامٍ قال أبو ذرٍّ على كلِّ نفسٍ فى كلِّ يومٍ طلعت فيه الشَّمس صدقةٌ منه على نفسه (2) قلت يا رسول الله من أين أتصدَّق وليس لنا أموالٌ؟ قال لأنَّ من أبواب الصَّدقة التَّكبير، وسبحان الله. والحمد لله. ولا إله إلَّا الله. وأستغفر الله (3) وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر. وتعزل الشَّوك عن طريق النَّاس والعظم والحجر وتهدى الأعمى (4) وتسمع الأصمَّ (5) والأبكم حتَّى يفقه، وتدلُّ المستدلَّ على حاجةٍ له قد علمت مكانها (6) وتسعى بشدَّة ساقيك إلى اللَّهفان المستغيث (7) وترفع بشدَّة

_ بإمساك الدابة إن كانت صعبة أو باستناد إليه او بحمله ووضعه على الدابة، ومثل ذلك معاونته فى رفع متاعه على الدابة ونحوها (وإماطة الأذى عن الطريق والكلمة الطيبة) تقدم شرحهما (1) بفتح الخاء المعجمة المرة الواحدة، وبضمها ما بين القدمين "وقوله صدقة" أى ثوابها كثواب الصدقة فى الجميع (تخريجه) (ق. وغيرهما) (230) عن زيد بن سلام (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الملك ابن عمرو ثنا على يعنى ابن مبارك عن يحيى عن زيد بن سلام- الحديث" (غريبه) (2) فى قوله منه على نفسه إشارة إلى أن للصدقة حالتين، فقد تكون من الشخص إلى غيره، وقد تكون منه إلى نفسه وتكون، بالمال أحيانا، وبغيره أحيانا، فما فى هذا الباب من القسم الثاني (3) يعنى أن كل نوع من هذا الذكر صدقة لما فى رواية مسلم (وكل تكبيرة صدقة وكل تحميدة صدقة وكل تهليلة صدقة) وتقدم قول القاضى عياض أن تسميتها بالصدقة يحتمل أن لها أجرا كما للصدقة أجر، وأن هذه الطاعات تماثل الصدقات فى الأجور وسماها صدقة على طريق المقابلة وتجنيس الكلام. وقيل معناه أنها صدقة على نفسه (4) أى تدله على الطريق إذا ضل عنه (5) الأصم هو الذى لا يسمع لعلة فى أذنيه أبطلت سمعهما (والأبكم) هو الأخرس، وقيل الأخرس الذى خلق ولا نطق له. والأبكم. الذى له نطق ولا يعقل الجواب "وقوله حتى يفقه" أى يعلم ما يريد وما يراد منه (6) أى كما إذا كان يسأل عن ضالة أو صاحب لا يعرف مكانه أو نحو ذلك (7) أى كمن سطا عليه لصوص

-[الرجل إذا جامع زوجته قاصدًا الولد أو إعفاف نفسه أو زوجته يكتب له صدقة]- ذراعيك مع الضَّعيف، كلُّ ذلك من أبواب الصَّدقة منك على نفسك، ولك فى جماع زوجتك أجرٌ، قال أبو ذرٍّ كيف يكون لى أجرٌ فى شهوتى؟ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أرأيت لو كان لك ولدٌ فأدرك (1) ورجوت خيره فمات أكنت تحتسب به؟ (2) قلت نعم، قال فأنت خلقته؟ قال بل الله خلقه، قال فأنت هديته؟ قال بل الله هداه، قال فأنت ترزقه؟ قال بل الله كان يرزقه، قال كذلك فضعه فى حلاله وجنِّبه حرامه، فإن شاء الله أحياه وإن شاء أماته ولك أجرٌ (231) ز عن (عبادة) بن الصَّامت رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصدَّق عن جسده بشاءٍ (3) كفَّر الله تعالى عنه بقدر ذنوبه (4)

_ أو قطاع طريق أو عدو يريد قتله فتغيثه بأن تسعى اليه مسرعا بكل ما أعطاك الله من قوة ولا تتوان فى إغاثته (1) اى بلغ الحلم (2) أى تطلب الأجر والثواب من الله عز وجل فقال أبو ذر نعم، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم "أفأنت خلقته الخ ما قال" يعنى أنك لم تخلقه ولم ترزقه فلم تطلب الثواب من الله، وكأن أبا ذر قال اطلب أجره لأنى السبب فى وجوده فقال النبى صلى الله عليه وسلم (كذلك) أى كما تثاب عند موته باحتسابك تثاب أيضا عند وطئك راجيا بذلك الولد بشرط أن تضع النطفة فى حلال أى فى زوجة شرعية، أما إذا جاء الولد من زنا فلا ثواب لوالده فيه، بل عليه الوزر لأنه ارتكب كبيرة من أعظم الكبائر، نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (م. د. هق) بألفاظ مختلفة (فى رواية مسلم) قالوا يا رسول الله أيأتى أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر، قال أرأيتم لو وضعها فى حرام أكان عليه فيها وزر؟ فكذلك إذا وضعها فى الحلال كان له أجر "وعند أبى داود" بمعناه (231) "ز" عن عبادة بن الصامت (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى اسماعيل أبو معمر الهذلى ثنا جرير عن مغيرة عن الشعبى عن ابن الصامت- الحديث" (غريبه) (3) يحتمل أن المراد جنى عليه إنسان فقطع أصبعه مثلا فعفا عنه، ويحتمل أنه أزال شيئا من طريق المارة يؤذى من مر. أو فعل شيئا من الأمور المتقدمة فى أحاديث الباب والله أعلم (4) هكذا فى المسند (بقدر ذنوبه) والظاهر أن المراد كفر الله عنه من ذنوبه بقدر صدقته والله أعلم (تخريجه) لم اقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد

-[زوائد الباب - وكلام العلماء فى حكم صدقة الجسد]- .....

_ ورواه الطبراني عن عبادة أيضا بلفظ "من تصدق بشاء من جسده أعطى بقدر ما تصدق" وحسّن الحافظ السيوطى رواية الطبرانى وفى إسناد رواية الأمام احمد من لم اعرفه (زوائد الباب) (عن عائشة رضى الله عنها) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انه خلق كل إنسان من بنى آدم على ستين وثلاثمائة مفصل، فمن كبر الله وحمد الله وهلل الله وسبح الله واستغفر الله وعزل حجرًا عن طريق الناس أو شوكة أو عظما عن طريق الناس وأمر بمعروف أو نهى عن منكر عدد تلك الستين والثلاثمائة السلامى فانه يمشى يومئذ وقد زحزح نفسه عن النار، رواه مسلم، وفى رواية له "فانه يمسى يومئذ" بالسين المهملة بدل يمشى بالشين المعجمة (قال النووى) وكلاهما صحيح (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يصبح على كل مسلم من الأنسان صلاة؛ فقال رجل من القوم ومن يطيق هذا؟ فقال أمر بالمعروف صلاة، ونهى عن المنكر صلاة. وإن حملًا عن الضعيف صلاة. وان كل خطوة يخطوها أحدكم إلى الصلاة صلاة (وفى رواية) يصبح على كل مسلم من ابن آدم كل يوم صدقة بدل صلاة، أورده الهيثمى وقال رواه أبو يعلى والبزار والطيرانى فى الكبير والصغير وزاد فيها (ويجزاء من ذلك كله ركعتا الضحى) ورجال أبى يعلى رجال الصحيح (وعن أبى هريرة) رضى الله عنه بنحو حديثيه المتقدمين فى أحاديث الباب وزاد "وعيادتك المريض صدقة، واتباعك الجنازة صدقة، ورد المسلم على المسلم السلام صدقة" أورده الهيثمى وقال هو فى الصحيح باختصار - ورواه كله البزار ورجاله رجال الصحيح (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الصدقة على كل مسلم فى كل يوم. وقد حمله العلماء على الاستحباب المتأكد ويصح حمله على ما هو أعم من ذلك والعبارة صالحة للأيجاب والاستحباب والأصل فى الصدقة أن تكون بالمال، ولذا لما قال صلى الله عليه وسلم فى حديث بريدة على كل مسلم صدقة قالوا أفرأيت ان لم يجد. وفى حديث أبى ذر "قلت يا رسول الله من أين أتصدق وليس لنا أموال" كأنهم فهموا من لفظ الصدقة العطية فسألوا عمن ليس عنده شاء، فبين لهم أن المراد بالصدقة ما هو أعم من ذلك ولو بأغاثة الملهوف والأمر بالمعروف (وفيه) أن من أمسك عن الشر يكتب له ثواب المتصدق (وقال الزين بن المنير) رحمه الله إنما يحصل ذلك للممسك عن الشر إذا نوى بالأمساك القربة بخلاف محض الترك، والأمساك أعم من أن يكون عن غيره. فكأنه تصدق عليه بالسلامة منه. فان كان شره لا يتعدى ننفسه فقد تصدق على نفسه بأن منعها من الأثم. قال وليس ما تضمنه الخبر من قوله فان لم يجد ترتيبًا وإنما هو للأيضاح لما يفعله من عجز عن خصلة من الخصال المذكورة فانه يمكنه خصلة أخرى، فمن أمكنه أن يعمل بيده فيتصدق وأن يغيث الملهوف وأن يأمر بالمعروف وينهى

-[كلام العلماء في مراتب صدقة الجسد]- .....

_ عن المنكر ويمسك عن الشر فليفعل الجميع، ومقصود هذا الباب أن أعمال الخير تنزل منزلة الصدقات فى الأجر. ولا سيما فى حق من لا يقدر عليها، ويفهم منه أن الصدقة فى حق القادر عليها أفضل من الأعمال القاصرة. ومحصل ما ذكر فى حديث الباب (يعنى حديث بريدة) أنه لا بد من الشفقة على خلق الله وهى إما بالمال أو غيره، والمال إما حاصل أو مكتسب، وغير المال إما فعل وهو الأغاثة. واما ترك وهو الأمساك اهـ (وقال الشيخ ابو محمد بن أبى جمرة) رحمه الله ترتيب هذا الحديث أنه ندب إلى الصدقة، وعند العجز عنها ندب إلى ما يقرب منها أو يقوم مقامها وهو العمل والانتفاع، وعند العجز عن ذلك ندب إلى ما يقوم مقامه وهو الأغاثة، وعند عدم ذلك ندب إلى الصلاة، فان لم يطق فترك الشر، وذلك آخر المراتب، قال ومعنى الشر هنا ما منعه الشرع، ففيه تسلية للعاجز عن فعل المندوب إذا كان عجزه عن ذلك عن غير اختيار اهـ (قال الحافظ) وأشار بالصلاة إلى ما وقع فى آخر حديث أبى ذر عند مسلم (قلت والأمام أحمد أيضا من حديث بريدة الأسلمى) "ويجزاء عن ذلك كله ركعتا الضحى" وهو يؤيد أن هذه الصدقة لا يكمّل منها ما يختل من الفرض، لأن الزكاة لا تكمل الصلاة ولا العكس، فدل على افتراق الصدقتين، واستشكل الحديث مع ما تقدم ذكر الأمر بالمعروف وهو من فروض الكفاية فكيف تجزاء عنه صلاة الضحى وهى من التطوعات (وأجيب) بحمل الأمر هنا على ما إذا حصل من غيره فسقط به الفرض، وكأن فى كلامه هو زيادة فى تأكيد ذلك. فلو تركه أجزأت عنه صلاة الضحى كذا قيل (وفيه نظر) والذى يظهر أن المراد أن صلاة الضحى تقوم مقام الثلاثمائة وستين حسنة التى يستحب للمرء أن يسعى فى تحصيلها كل يوم ليعتق مفاصله التى هى بعددها، لا أن المراد أن صلاة الضحى تغنى عن الأمر بالمعروف وما ذكر معه؛ وإنما كان ذلك لأن الصلاة عمل بجميع الجسد فتتحرك المفاصل كلها فيها بالعبادة، ويحتمل أن يكون ذلك لكون الركعتين يشتملان على ثلاثمائة وستين ما بين قول وفعل إذا جعلت كل حرف من القراءة مثلا صدقة، وكأن صلاة الضحى خصت بالذكر لكونها أول تطوعات النهار بعد الفرض وراتبته، وقد أشار فى حديث أبى ذر إلى أن صدقة السلامى نهارية لقوله يصبح على كل سلامى من أحدكم (قلت يعنى رواية مسلم وقد روى هذا اللفظ الأمام أحمد من حديث أبى هريره المذكور فى الباب) قال وفى حديث أبى هريرة كل يوم تطلع فيه الشمس، وفى حديث عائشة فيمسى وقد زحزح نفسه عن النار (قلت حديث عائشة تقدم فى الزوائد من رواية مسلم) قال وفى الحديث "يعنى حديث أبى موسى الرابع من أحاديث الباب" أن الأحكام تجرى على الغالب لأن في

-[كلام العلماء فى جواز العمل بالقياس وعدد ما ذكر فى هذا الباب من الخصال]- .....

_ المسلمين من يأخذ الصدقة المأمور بصرفها. وقد قال "على كل مسلم صدقة" وفيه مراجعة العالم فى تفسير المجمل وتخصيص العام. وفيه فضل التكسب لما فيه من الأعانة وتقديم النفس على الغير، والمراد بالنفس ذات الشخص وما يلزمه والله أعلم اهـ، وفى قوله فى رواية مسلم من حديث أبى ذر وقد ذكرتها فى الشرح (قالوا يا رسول الله أيأتى أحدنا شهوته ويكون له فيها أجر؟ قال أرأيتم لو وضعها فى حرام أكان عليه فيها وزر فكذلك إذا وضعها فى الحلال كان له أجر) فى هذه الرواية جواز القياس (قال النووى) وهو مذهب العلماء كافة ولم يخالف فيه إلا أهل الظاهر ولا يعتد بهم، وأما المنقول عن التابعين ونحوهم من ذم القياس فليس المراد به القياس الذى يعتمده الفقهاء المجتهدون، وهذا القياس المذكور فى الحديث هو من قياس العكس، واختلف الأصوليون فى العمل به، وهذا الحديث دليل لمن عمل به وهو الأصح والله أعلم اهـ (وفى حديث أبى ذر رضى الله عنه) المذكور فى الباب دليل على أن كل مباح يصير طاعة بالنية الصالحة، فالجماع يكون عيادة إذا نوى به قضاء حق الزوجة ومعاشرتها بالمعروف الذى أمر الله تعالى به أو طلب ولد صالح أو إعفاف نفسه أو اعفاف الزوجة ومنعهما جميعًا من النظر الى حرام أو الفكر فيه أو الهم به أو غير ذلك من المقاصد الصالحة (وفيه أيضا) فضيلة التسبيح وسائر الأذكار والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر وإحضار النية فى المباحات. وذكر العالم دليلا لبعض المسائل وتنبيه المفتى على مختصر الأدلة. وجواز سؤال المستفتى عن بعض ما يخفى من الدليل اذا علم من حال المسئول أنه لا يكره ذلك ولم يكن فيه سوء ادب، وفيه غير ذلك والله اعلم (تنبيه) تلخص من أحاديث الباب وزوائدة ثمانية وعشرون خصلة من اعمال البر نصّ على ان كل واحدة منها صدقة وهى- الكلمة اللينة أو الطيبة كما فى رواية. الخطا الى المساجد. طلاقة الوجه. سقى الماء. العمل باليد للتكسب. اعانة ذوى الحاجات. اغاثة الملهوف. الأمر بالمعروف. النهى عن المنكر. اصلاح ذات البين بالعدل. دفن النخاعة يجدها فى المسجد. تنحية الاذى عن الطريق. ركعتا الضحى. اعانة الرجل على دابته. رفع متاع الرجل على دابته. التسبيح التكبير. التحميد. التهليل. الاستغفار. هداية الأعمى الى الطريق. إسماع الأصم والأبكم. ارشاد المستدل على حاجته. اعانة الضعيف. جماع الزوجة الشرعية. عيادة المريض. اتباع الجنازة. رد السلام. كل معروف صدقة. وهذا الأخير يجمع كل هذه الخصال التى نص عليها وما لم ينص عليه من أعمال البر والله أعلم

-[صدقة الفقير وإن قلَّت - تساوى صدقة الغنى وإن جلّت]- (4) باب من تصدق بعشر ماله ومن تصدق بثلثه ومن تصدق بناقة (232) عن علىٍّ رضي الله عنه قال جاء ثلاثة نفرٍ إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال أحدهم يا رسول الله كانت لى مائة دينارٍ فتصدَّقت منها بعشرة دنانير، وقال الآخر يا رسول الله كانت لى عشرة دنانير فتصدَّقت منها بدينارٍ، وقال الآخر كان لى دينارٌ فتصدَّقت بعشره؛ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلُّكم فى الأجر سواءٌ، كلُّكم تصدَّق بعشر ماله (233) عن الحسين بن السَّائب بن أبى لبابة أخبر أنَّ أبا لبابة (1) ابن عبد المنذر لمَّا تاب الله عليه (2) قال يا رسول الله إنَّ من توبتي أن

_ (232) عن علي (سنده) حدّثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبى اسحاق عن الحارث عن على رضى الله عنه- الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار وفيه الحارث وفيه كلام كثير (233) عن الحسين بن السائب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح قال ثنا ابن جريج قال أخبرنى ابن شهاب أن الحسين بن السائب بن ابى لبابة- الحديث" (غريبه) (1) اسمه بشير، وقيل رفاعة بن عبد المنذر الأنصارى المدنى الأوسى أحد النقباء عاش الى خلافة على رضى الله عنه، وكان أحد الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ونزل فيهم قوله تعالى {وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم ان الله غفور رحيم، خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها وصل عليهم إن صلاتك سكن لهم} (2) اختلف العلماء فى ذلك فقال مجاهد فى تفسير قوله تعالى {وآخرون اعترفوا بذنوبهم- الآية} نزلت فى أبى لبابة حين استشاره بنو قريظة وكانوا حلفاء الأوس فقالوا أترى أن ننزل على حكم محمد صلى الله عليه وسلم؛ قال نعم إنه الذبح وأشار بيده الى حلقه؛ وذكر ابن اسحاق وغيره أن بنى قريظة بعثوا الى النبى صلى الله عليه وسلم أن ابعث لنا أبا لبابة فبعثه، فقام اليه الرجال وجهش اليه النساء والصبيان (يعنى من بنى قريظة) يبكون فرقَّ لهم، فقالوا أترى أن ننزل على حكم محمد صلى الله عليه وسلم، قال نعم وأشار بيده الى حلقه أنه الذبح، قال فوالله ما زالت قدماى من مكانها حتى عرفت أنى قد خنت الله ورسوله، فندمت واسترجعت فنزلت

-[إستحباب التصدق بثلث المال لمن عنده فضل]- أهجر دار قومى وأساكنك وإنِّى أنخلع من مالى صدقةً لله ولرسوله؛ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يجزاء عنك الثُّلث (234) عن أبى السَّليل قال وقف علينا رجلٌ فى مجلسنا بالبقيع فقال حدَّثنى أبى أو عمِّى أنَّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبقيع وهو يقول من يتصدَّق

_ وإن لحيتي لمبتلة من الدموع والناس ينتظرون رجوعى اليهم حتى أخذت من وراء الحصن طريقا أخرى حتى جئت المسجد وارتبطت بالاسطوانة وقلت لا أبرح حتى أموت أو يتوب الله على مما صنعت، وعاهدت الله أن لا أطأ بنى قريظة أبدا ولا ارى فى بلد خنت الله ورسوله فيه أبدا، فلما بلغه صلى الله عليه وسلم خبره وكان قد استبطأه، قال أما لو جاءنى لاستغفرت له وأما إذ فعل ما فعل، فما أنا بالذى أطلقه من مكانه حتى يتوب الله عليه (، وروى ابن مردويه) عن أم سلمة أن توبة أبي لبابة نزلت على النبى صلى الله عليه وسلم فى بيتها قالت فسمعته من السحر يضحك، فقلت يا رسول الله لم تضحك؟ أضحك الله سنك، قال تيب على أبى لبابة، قلت أفلا أبشره؟ قال ما شئت، فقمت على باب الحجرة وذلك قبل أن يضرب الحجاب؛ فقلت يا أبا لبابة أبشر فقد تاب الله عليك، فثار الناس اليه ليطلقوه، فقال لا والله حتى يطلقنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فلما خرج الى الصبح أطلقه ونزلت {وآخرون اعترفوا بذنوبهم- الآية} وقال الزهرى نزلت فى تخلفه عن غزوة تبوك فربط نفسه بسارية وقال والله لا أحل نفسى ولا أذوق طعاما ولا شرابا حتى أموت أو يتوب الله على، فمكث سبعة أيام لا يذوق طعاما ولا شرابا حتى خر مغشيا عليه، فأنزل الله تعالى هذه الآية، فقيل له قد تيب عليك، فقال والله لا أحل نفسى حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذى يحلنى، فجاء النبى صلى الله عليه وسلم فحله بيده، ثم قال أبو لبابة يا رسول الله إن من توبتى أن أهجر دار قومى التى أصبت فيها الذنب وأن أنخلع من مالى كله صدقة الى الله والى رسوله، قال يجزئك يا أبا لبابة الثلث، قالوا جميعًا. فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلث أموالهم وترك الثلثين، لأن الله قال خذ من أموالهم ولم يقل خذ أموالهم. قال الحسن وقتادة هؤلاء سوى الثلاثة الذين خلِّفوا، رواه البغوى فى تفسيره (قلت) حديث أم سلمة المتقدم يؤيد أن القصة كانت بسبب بنى قريظة لقولها فيه "وذلك قبل أن يضرب الحجاب" لأن غزوة تبوك كانت بعد نزول آية الحجاب، وكان نزول آية الحجاب سنة خمس من الهجرة، وكانت غزوة تبوك سنة تسع، وقد جمع بعض العلماء بين القصتين بتعدد ربطه فيهما وتعدد النزول. والله أعلم (تخريجه) (لك. د) وسنده جيد (234) عن أبى السليل (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يزيد ثنا

-[فضل الرجل الذى تصدق بناقة - وذم أصحاب الأموال البخلاء]- بصدقةٍ أشهد له بها يوم القيامة، قال فحللت من عمامتى لوثًا أو لوثين (1) وأنا أريد أن أتصدَّق بهما فأدركنى ما يدرك بنى آدم (2) فعقدت على عمامتى، فجاء رجلٌ ولم أر بالبقيع رجلًا أشدَّ سوادًا اصفر منه (3) ولا آدم يعير بناقةٍ لم أر بالبقيع ناقةً أحسن منها، فقال يا رسول الله أصدقةً؟ (4) قال نعم، قال دونك هذه النَّاقة، قال فلمزه رجلٌ فقال هذا يتصدَّق بهذه؟ فوالله لهى خيرٌ منه، قال فسمعها رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فقال كذبت، بل هو خيرٌ منك ومنها ثلاث مرارٍ، ثمَّ قال ويلٌ (5) لأصحاب المئين من الإبل ثلاثًا، قالوا إلَّا من يا رسول الله؟ قال إلَّا من قال بالمال هكذا (6) وهكذا وجمع بين كفَّيه عن يمينه وعن شماله، ثمَّ قال قد أفلح المزهد المجهد (7)

_ الجريري عن أبى السليل- الحديث" (غريبه) (1) أى لفة أو لفتين يريد التصدق بهما لما حصل له من التأثر من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) أى من الحرص ورآى أن جزءا من عمامته لا يغنى شيئا فعدل عن ذلك وعقد عمامته بعد أن هم بالتصدق بجزء منها (3) أى اسود منه. والعرب تطلق الأصفر على الأسود أحيانا. ومنه قوله تعالى {كأنه جمالة صفر} أى سود. قال الشاعر: تلك خيلى منه وتلك ركابي ... هن صفر أولادهن كالزبيب أى هن سود، وإنما سميت السود من الأبل صفرا لأنه يشوب سوادها شاء من صفرة كما قيل لبيض الظباء آدم، لأن بياضها تعلوه كدرة "وقوله ولا آدم يعير بناقة الخ" أى ولا رأيت رجلا آدم أى أبيض بكدرة "يعير بناقة" أى يتصدق بناقة لم أر بالبقيع ناقة أحسن منها (4) أى أتريد صدقة "وقوله فلمزه أى عابه" (5) الويل شدة الهلاك والعذاب وجاء عند الأمام احمد (مذ. حب. ك) عن أبى سعيد مرفوعا ويل واد فى جهنم يهوى فيه الكافر أربعين خريفا "اى عاما قبل أن يبلغ قعره" قال المناوى معناه أن فيها موضع سوء فيه من جعل له الويل فسماه بذلك مجازا اهـ (6) أى فرّقه على من عن يمينه وشماله من الفقراء والمساكين والمحتاجين (7) المزهد القليل الشاء. وقد أزهد إزهادا وشيء

-[كلام العلماء فى أحكام أحاديث الباب وزوائده]- ثلاثًا المزهد فى العيش المجهد فى العبادة (5) باب من تصدق عليه بثوبين فألقى أحدهما يريد التصدق به (235) عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضى الله عنه قال دخل رجلٌ المسجد

_ زهيد قليل، والمجهد هو الذى أجهد نفسه وأتعبها فى العبادة، وهو من أجهد فهو مجهد بالكسر أى ذو جهد ومشقة (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وفى إسناده رجل لم يسم (زوائد الباب) (عن جابر بن عبد الله الأنصارى) رضى الله عنهما قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل بمثل بيضة من ذهب فقال يا رسول الله أصبت هذه من معدن فخذها فهى صدقة ما أملك غيرها؛ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه من قبل ركنه الأيمن "أى جانبه الأيمن" فقال مثل ذلك فأعرض عنه، ثم أتاه من قبل ركنه الأيسر. فأعرض عنه، ثم أتاه من خلفه فأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحذفه بها فلو أصابته لأوجعته أو لعقرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يأتى احدكم بما يملك فيقول هذه صدقة ثم يقعد يستكف الناس "خير الصدقة ما كان عن ظهر غنى" رواه أبو داود والحاكم. وفى اسناده محمد بن اسحاق ثقة لكنه مدلس وقد عنعن (الاحكام) أحاديث الباب تدل على أن الفقر لا يمنع صاحبه الصدقة وإن كانت قليلة، فان ثوابها عند الله عز وجل يكون بمنزلة ثواب صدقة الغنى مهما كثرت، لأن كل واحد منهما قد أنفق ما يناسب حاله؛ وفى هذا تسلية للفقير وحثه على الصدقة لكى لا يحرم من ثوابها. قال تعالى {ومن يعمل مثقال ذرة خيرا يره، ومن يعمل مثقال ذرة شرا يره} (وفيها) أن الأفضل للمتصدق أن يتصدق بثلث ماله إن كان ما بقى بعد الصدقة يكفى لحاجته وحاجة من تلزمه نفقته، وللعلماء كلام فى ذلك تقدم فى غير هذا الباب (وفيها أيضًا) عدم جواز تصدق الرجل بكل ماله خوفا من احتياجه، فاذا تحقق الاحتياج بحيث يكون عالة على الناس حرم عليه ذلك (وفيها) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يشهد للمتصدقين يوم القيامة بصدقاتهم (وفيها) ذم الأغنياء الذين لا يتصدقون بفضل أموالهم ووعيدهم بشدة العذاب (وفيها) مدح الزاهدين فى الدنيا المجتهدين فى عبادة الله عز وجل وأنهم هم المفلحون جعلنا الله منهم آمين (235) عن ابى سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان ثنا عياض عن ابى سعيد الخدرى رضى الله عنه- الحديث"

-[قصة الرجل صاحب الثوبين وتصدقه بأحدهما]- يوم الجمعة والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم على المنبر، فدعاه فأمره أن يصلِّى ركعتين (1) ثمَّ دخل الجمعة الثَّانية ورسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فدعاه فأمره (2) ثمَّ دخل الجمعة الثَّالثة فأمره أن يصلِّى ركعتين، ثمَّ قال تصدَّقوا ففعلوا (3) فأعطاه ثوبين ممَّا تصدَّقوا، ثمَّ قال تصدَّقوا (4) فألقى أحد ثوبيه فانتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم وكره ما صنع، ثمَّ قال انظروا إلى هذا فإنَّه دخل فى المسجد فى هيئة بذَّةٍ (5) فدعوته فرجوت أن تعطوا له فتصَّدَّقوا عليه وتكسوه فلم تفعلوا فقلت تصدَّقوا فتصدَّقوا، فأعطيته ثوبين ممَّا تصدَّقوا، ثمَّ قلت تصدَّقوا فألقى أحد ثوبيه، خذ ثوبك وانتهره

_ (غريبه) (1) لفظ الترمذى "أن رجلا جاء يوم الجمعة فى هيئة بذة والنبى صلى الله عليه وسلم يخطب الخ" (2) فيه حجة للقائلين بمشروعية صلاة ركعتين لداخل المسجد وإن كان الأمام على المنبر (3) يعنى أمره أن يصلى ركعتين كما فى رواية النسائى بلفظ "ثم جاء الجمعة الثانية والنبى صلى الله عليه وسلم يخطب فقال صل ركعتين" (4) لفظ أبى داود "فأمر النبى صلى الله عليه وسلم الناس أن يطرحوا ثيابا فطرحوا فأمر له منها بثوبين" (5) أى بعد أن أعطى الرجل الثوبين، ففهم الرجل أنه يملك ثوبين فرمى بأحدهما يريد التصدق به، فزجره النبى صلى الله عليه وسلم وكره ما صنع لأنه يعلم أنه فى احتياج اليهما وأمره بأخذ الثوب (تخريجه) (رواه الأربعة. والحاكم وصححه. وصححه أيضا الترمذى) (الأحكام) حديث الباب يدل على ما كان عليه النبى صلى الله عليه وسلم من الحكمة والرأفة بالفقير والحرص على مصلحته، فانه لما رأى الرجل فقيرًا ذا هيئة بذة تدل على احتياجه الى الملابس حث الناس على الصدقة بالثياب ففعلوا فأعطاه ثوبين لعلمه باحتياجه اليهما، ثم حثهم بعد ذلك على الصدقة لعلهم يتصدقون بشاء من المال يعطيه إياه، فتصدق الرجل بأحد ثوبيه فزجره النبى صلى الله عليه وسلم لعلمه باحتياجه اليه، فيستفاد منه أنه يكره للشخص أن يتصدق بما هو محتاج اليه، وعلى أنه ينبغى للأمام إذا رأى من يتصدق بما يحتاج اليه أن يرده عليه (وفيه أيضا) الحث على التعاون وإعانة الفقير بقدر ما يمكن، وفيه غير ذلك. والله أعلم

-[النساء ناقصات عقل ودين، وانهن أكثر أهل النار]- (6) باب الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم ومراتب المستحقين (236) عن عمرو بن الحارث عن زينب امرأة عبد الله بن مسعود (1) رضي الله عنهما أنَّها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنِّساء تصدَّقن ولو من حليِّكنَّ (وفى روايةٍ قالت خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا معشر النِّساء تصدَّقن ولو من حليِّكنَّ فإنَّكنَّ أكثر أهل جهنَّم يوم القيامة) (2) قالت فكان عبد الله خفيف

_ (236) عن عمرو بن الحارث (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر قال ثنا شعبة عن سليمان عن أبى وائل عن عمرو بن الحارث- الحديث" (غريبه) (1) قال الطحاوى زينب هذه هى رائطة. قال ولا نعلم عبد الله تزوج غيرها فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم (وقال الكلاباذى) رائطة هى المعروفة بزينب (وقال ابن طاهر) وغيره امرأة ابن مسعود زينب، ويقال اسمها رائطه (وأما ابن سعد) وأبو أحمد العسكرى وأبو القاسم الطبرانى وأبو بكر البيهقى وأبو عمر بن عبد البر وأبو نعيم الحافظ وأبو عبد الله ابن منده وأبو حاتم بن حبان، فجعلوهما ثنتين والله أعلم (قلت) جاء فى المسند حديث زينب تحت ترجمة مستقلة. قال فيها "حديث زينب امرأة عبد الله" (وحديث رائطة) جاء تحت ترجمة أخرى قال فيها "حديث رائطة امرأة عبد الله" وهذا الصنيع يشير إلى أنهما ثنتين وسيأتى حديث رائطة بعد هذا (2) كان ذلك فى خطبة العيد كما جاء فى صحيح البخارى عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أضحى أو فطر الى المصلى ثم انصرف فوعظ الناس وأمرهم بالصدقة، فقال أيها الناس تصدقوا، فمر على النساء فقال يا معشر الناس تصدقن، فانى رأيتكن أكثر أهل النار، فقلن وبم ذلك يا رسول الله؟ قال تكثرن اللعن وتكفرن العشير (يعنى الزوج) ما رأيت من ناقصات عقل ودين اذهب للب الرجل الحازم من احداكن يا معشر النساء، ثم انصرف، فلما صار الى منزله جاءت زينب امراة ابن مسعود تستأذن عليه، فقيل يا رسول الله هذه زينب. فقال أى الزيانب، فقيل امرأة ابن مسعود قال نعم. ائذنوا لها. فأذن لها قالت يا نبى الله انك أمرت اليوم بالصدقة وكان عندى حلىّ لى فأردت أن أتصدق به فزعم ابن مسعود أنه وولده أحق من تصدقت به عليهم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم صدق ابن مسعود زوجك وولدك أحق من تصدقت به عليهم، زاد فى رواية أخرى عند البخارى أيضا "قلن وما نقصان ديننا وعقلنا يا رسول الله؟ قال أليس شهادة

-[قصة زينب امرأة عبد الله بن مسعود وإنفاقها على زوجها وولدها]- ذات اليد (1) فقالت له أيسعنى ان أضع صدقتى فيك (2) وفى بنى أخي أو بنى أخٍ لى يتامى، فقال عبد الله سلى عن ذلك النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قالت فأتيت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فإذا على بابه امرأةٌ من الأنصار يقال لها زينب تسأل عمَّا أسأل عنه، فخرج إلينا بلالٌ رضي الله عنه فقلنا انطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسله عن ذلك ولا تخبر من نحن، فانطلق إلى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فقال من هما، فقال زينب، فقال أىُّ الزَّيانب، فقال زينب امرأة عبد الله وزينب الأنصاريَّة، فقال نعم. لهما أجران. أجر القرابة وأجر الصَّدقة (237) عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن رائطة (3) امرأة عبد الله ابن مسعودٍ وأمِّ ولده؟ وكانت امرأةٌ صناع اليد (4) قال فكانت تنفق عليه وعلى ولده من صنعتها، قالت فقلت لعبد الله بن مسعودٍ لقد شغلتنى أنت وولدك عن الصَّدقة فما أستطيع أن أتصدَّق معكم بشاءٍ، فقال لها عبد الله والله ما أحبُّ إن لم يكن فى ذلك أجرٌ أن تفعلى، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ المرأة مثل نصف شهادة الرجل؟ قلن بلى، قال فذاك من نقصان عقلها، اليس إذا حاضت لم تصلّ ولم تصم؟ قلن بلى، قال فذاك من نقصان دينها (1) أى فقيرا لا يملك شيئا يقوم بشأنه كله (2) قيل صدقة الزكاة، وقيل صدقة التطوع. وسيأتى تحقيق ذلك فى الأحكام (تخريجه) (ق. نس. جه) (237) عن عبيد الله بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب حدثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى بن عروة عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة- الحديث" (غريبه) (3) هذا يشعر بأن رائطة غير زينب، ولكن قوله هنا (وأم ولده) وقوله فى حديث زينب عند البخارى وتقدم لفظه فى شرح الحديث السابق "زوجك وولدك أحق بمن تصدقت به عليهم" واتحاد القصة، كل ذلك يشعر بأنها واحدة، وربما كانت تسمى بزينب ورائطة كما ثبت لبعض الصحابيات أسماء متعددة كأم أنس وغيرها والله أعلم (4) أى لها صنعة تكتسب بها وتعملها بيدها

-[النفقة الواجبة إذا احتسبها الرجل تكون له صدقة]- فقالت يا رسول الله إنِّى امرأةٌ ذات صنعةٍ أبيع منها وليس لى ولا لولدى ولا لزوجي نفقةٌ غيرها، وقد شغلونى عن الصَّدقة فما أستطيع أن أتصدَّق بشاءٍ، فهل لى من أجرٍ فيما أنفقت؟ قال فقال لها يا رسول الله صلَّي الله عليه وسلَّم أنفقى عليهم فإنَّ لك في ذلك أجر (1) ما أنفقت عليهم (238) عن المقدام بن معد يكرب (الكندىِّ أبى كريمة) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّي الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ما أطعمت نفسك فهو لك صدقةٌ، وما أطعمت ولدك فهو لك صدقةٌ، وما أطعمت زوجك فهو لك صدقةٌ، وما أطعمت خادمك فهو لك صدقةٌ (239) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (1) رواه الأكثر بالأضافة على أن تكون ما موصولة (قال الحافظ) وجوز أبو جعفر الغرناطى نزيل حلب تنوين أجر على أن تكون ما ظرفية، ذكر ذلك لنا عن الشيخ برهان الدين المحدث بحلب اهـ. والمراد أن لها ثواب المتصدق بما أنفقت عليهم (تخريجه) (ق. نس. مذ. جه) (238) عن المقدام بن معد يكرب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابراهيم بن أبى العباس قال ثنا بقية قال ثنا بحير بن سعيد عن خالد بن معدان عن المقدام ابن معد يكرب- الحديث" (غريبه) (2) معناه أن الانسان يثاب على النفقة الواجبة عليه كثواب الصدقة حيث نوى بها التقرب الى الله وامتثال الأمر فقد جاء مقيدا بذلك فى صحيح مسلم عن أبى مسعود البدرى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "ان المسلم إذا أنفق على اهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة" ففيه بيان ان المراد بالصدقة والنفقة المطلقة فى باقى الأحاديث إذا احتسبها، ومعناه اراد بها وجه الله تعالى فلا يدخل فيه من انفقها ذاهلا ولكن يدخل المحتسب وطريقه فى الاحتساب ان يتذكر انه يجب عليه الأنفاق على الزوجة واولاده القصر والمملوك وغيرهم ممن تجب نفقته على حسب احوالهم واختلاف العلماء فيهم، وأن غيرهم ممن ينفق عليه مندوب الى الانفاق عليهم فينفق بنية اداء ما امر به، وقد امر بالأحسان اليهم. والله اعلم (تخريجه) (طب) وسنده جيد (239) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا

-[تقديم الأقرب فالأقرب فى الصدقة]- إذا كان أحدكم فقيرًا (1) فليبدأ بنفسه، وإن كان فضلٌ فعلى عياله، وإن كان فضلٌ فعلى ذوى قرابته أو قال (2) على ذوي رحمه، وإن كان فضلٌ فها هنا وههنا (3) (240) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدَّقوا، قال رجلٌ عندى دينارٌ، قال تصدَّق به على نفسك، قال عندى دينارٌ آخر، قال تصدَّق به على زوجتك، قال عندي دينارٌ آخر، قال تصدَّق به على ولدك قال عندي دينارٌ آخر، قال تصدَّق به على خادمك، قال عندي دينارٌ آخر، قال أنت أبصر (4) (241) عن سلمان بن عامرٍ الضَّبِّيِّ رضي الله عنه قال قال رسول الله

_ إسماعيل أنا ايوب عن ابى الزبير عن جابر ان رجلا من الأنصار يقال له ابو مذكور اعتق غلاما له يقال له يعقوب عن دبر لم يكن له مال غيره، فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من يشتريه؟ من يشتريه؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله النحام بثمانمائة درهم فدفعها اليه وقال اذا كان احدكم فقيرا- الحديث" (غريبه) (1) لا مفهوم له والمطلوب ان يبدأ الشخص بنفسه مطلقا غنيا كان أو فقيرا، يعنى فليقدم نفسه بالأنفاق عليها مما آتاه الله "وان كان فضل" بسكون الضاد يعنى فان فضل بعد كفايته فضلة "فعلى عياله" أى الذين يعولهم وتلزمه نفقتهم (2) أو للشك من الراوى يعنى أن الراوى يشك هل قال فعلى ذوى قرابته أو على ذوى رحمه، والمعنى واحد وهم الأقارب (3) أى فيرده على من عن يمينه ويساره وأمامه وخلفه من الفقراء فيقدم الأحوج فالأحوج (تخريجه) (م. د. نس) (240) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن ابن عجلان عن سعيد عن أبى هريرة- الحديث" (غريبه) (4) يعنى أنت أدرى بذوى قرباك فقدم الأحوج منهم، أو أنت أدرى بأنواع البر التى تحيط بك فقدم الأكثر منفعة أو نحو ذلك. والله أعلم (تخريجه) (د نس ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى (241) عن سلمان بن عامر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع قال ثنا ابن عون عن حفصة بنت سيرين عن الرباب بنت صليع عن سلمان بن عامر الضبي

-[الصدقة على القريب يكتب للمتصدق بها أجران]- صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم الصَّدقة على المسكين صدقةٌ (1) وعلى ذي القرابة اثنتان صلةٌ وصدقةٌ (2)

_ - الحديث" (غريبه) (1) أى لها أجر واحد وهو أجر الصدقة (2) أى ففيها أجران أجر صلة الرحم وأجر الصدقة، وهو يفيد الحث على التصدق على ذوى الأرحام والاهتمام بأمرهم وتقديمهم على غيرهم (تخريجه) (نس. مذ) وحسنه (خز. حب ك) وقال صحيح الأسناد، ولفظ ابن خزيمة قال "الصدقة على المسكين صدقة وعلى القريب صدقتان، صدقة وصلة" (زوائد الباب) (عن أم كلثوم بنت عقبة) رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال أفضل الصدقة الصدقة على ذى الرحم الكاشح، أورده المنذرى وقال رواه الطبرانى فى الكبير ورجاله رجال الصحيح وابن خزيمة فى صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم، قال والكاشح بالشين المعجمة هو الذى يضمر عداوته فى كشحه وهو خصره، يعنى أن أفضل الصدقة على ذى الرحم المضمر العداوة فى باطنه اهـ (قلت) وروى الأمام أحمد مثله عن حكيم بن حزم وسيأتى فى باب صلة الرحم من كتاب البر والصلة ان شاء الله تعالى (وعن أبى أمامة) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الصدقة على ذى قرابة يضعف أجرها مرتين، رواه الطبرانى فى الكبير وفيه عبد الله بن زحر وهو ضعيف (وعن أبى طلحة) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم "قال الصدقة على المسكين صدقة، وعلى ذى الرحم صدقة وصلة" اورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الكبير والأوسط وفيه من لم أعرفه (وعن جمرة بنت قحافة) رضى الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى حجة الوداع يا معشر النساء تصدقن ولو من حليكن فانكن أكثر أهل النار؛ فأتت زينب "أى امرأة عبد الله بن مسعود" فقالت يا رسول الله زوجى محتاج فهل يجوز لى أن أعود عليه، قال نعم لك أجران، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الكبير وفيه الحسن ابن عازب ولم أجد من ترجمه (وعن معاذ بن جبل) رضى الله عنه قال أقبل رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله من اعطى من فضل ما خولنى الله، قال ابدأ بأمك وأبيك، وأختك وأخيك، والأدنى فالأدنى، ولا تنس الجيران وذا الحاجة، رواه الطبرانى فى الكبير وفيه عباد بن أحمد العزرمى وهو ضعيف، قاله الهيثمى (وعن صعصعة بن ناجية) رضى الله عنه قال دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ربما فضلت لى الفضلة خبأتها للنائبة وابن السبيل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك أدناك أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الكبير وفيه من لم أعرفه (وعن أبى أمامة) رضي الله عنه

-[زوائد الباب واستحباب دفع الصدقة الى الأقرب فالأقرب من الأقارب]- .....

_ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من انفق على نفسه يستعف بها فهى صدقة. ومن أنفق على امرأته وولده وأهل بيته فهى صدقة" رواه الطبرانى فى الأوسط والكبير باسنادين أحدهما حسن (وعن أبى قلابة) عن أبى أسماء عن توبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل دينار ينفقه الرجل دينار ينفقه على عياله. ودينار ينفقه الرجل على دابته فى سبيل الله، ودينار ينفقه على أصحابه فى سبيل الله، قال أبو قلابة وبدأ بالعيال، ثم قال أبو قلابة وأى رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عيال صغار يعفهم أو ينفعهم الله به ويغنيهم (وعن أبى هريرة رضى الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دينار أنفقته فى سبيل الله، ودينار أنفقته فى رقبة، ودينار تصدقت به على مسكين، ودينار أنفقته على أهلك، أعظمهما أجرا الذى أنفقته على أهلك (وعن خيثمة) قال كنا جلوسًا مع عبد الله بن عمرو إذ جاءه قهرمان له فدخل فقال أعطيت الرقيق قوتهم؟ قال ق، قال فانطلق فأعطهم، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفى بالمرء إثمًا أن يحبس عمن يملك قوته، روى هذه الأحاديث الثلاثة مسلم فى صحيحه (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز صدقة المرأة على زوجها إن كان فقيرا بل يتأكد ذلك ويكون لها أجران. أجر الصدقة وأجر القرابة (وفيها) أن نفقة الرجل على نفسه وأولاده ومن يعول يكتب له بها صدقة وان كانت واجبة عليه إذا قصد بذلك احتسابها وامتثال أمر الله عز وجل (وفيها أيضا) الحث على تقديم الأقارب الأقرب فالأقرب فى الصدقة حتى الجيران (قال النووى) رحمه الله أجمعت الأمة على أن الصدقة على الأقارب أفضل من الأجانب، والأحاديث فى المسألة كثيرة مشهورة (قال أصحابنا) ولا فرق فى استحباب صدقة التطوع على القريب وتقديمه على الأجنبى بين أن يكون القريب ممن يلزمه نفقته أو غيره (قال البغوى) دفعها الى قريب يلزمه نفقته أفضل من دفعها الى الأجنبى، قال وقال أصحابنا يستحب فى صدقة التطوع وفى الزكاة والكفارة صرفها إلى الأقارب إذا كانوا بصفة الاستحقاق، وهم أفضل من الأجانب (قال أصحابنا) والأفضل أن يبدأ بذى الرحم المحرم كالأخوة والأخوات والأعمام والعمات والأخوال والخالات، ويقدم الأقرب فالأقرب، وألحق بعض أصحابنا الزوج والزوجة بهؤلاء لحديث زينب امرأة ابن مسعود أن رشول الله صلى الله عليه وسلم قال زوجك وولدك أحق من تصدقت عليه "رواه مسلم" ثم بذى الرحم غير المحرم كأولاد العم وأولاد الخال ثم المحرم بالرضاع ثم بالمصاهرة ثم الموالى من أعلى وأسفل ثم الجار، فان كان القريب بعيد الدار فى البلد قدم على الجار الأجنبى (قال اصحابنا) ويستحب تخصيص الأقارب على الأجانب بالزكاة حيث يجوز دفعها اليهم كما قلنا فى صدقة التطوع ولا فرق بينهما، وهكذا الكفارات والنذور والوصايا والأوقاف وسائر جهات البر يستحب

-[مذاهب الأئمة فى دفع زكاة المرأة إلى زوجها]- .....

_ تقديم الأقارب فيها حيث يكونون بصفة الاستحقاق والله تعالى أعلم اهـ ج. وقال فى شرح مسلم مقصود الباب الحث على النفقة على العيال وبيان عظم الثواب فيه لأن منهم من تجب نفقته بالقرابة، ومنهم من تكون مندوبة وتكون صدقة وصلة، ومنهم من تكون واجبة بملك النكاح أو ملك اليمين، وهذا كله فاضل محثوث عليه، وهو أفضل من صدقة التطوع، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم فى رواية ابن أبي شيبة "اعظمها اجرا الذى انفقته على اهلك" (قلت يشير بذلك الى حديث ابى هريرة المذكور فى الزوائد ففقد رواه مسلم عن ابن ابى شيبة) قال مع انه ذكر قبله النفقة فى سبيل الله وفى العتق والصدقة، ورجح النفقة على العيال على هذا كله "يعنى فى حديث ابى قلابة المذكور فى الزوائد" قال وزاده تأكيدا بقوله صلى الله عليه وسلم فى الحديث الآخر (يعنى حديث خيثمة المتقدم فى الزوائد) "كفى بالمرء إثما ان يحبس عمن يملك قوته" اهـ. وقد احتج بحديث زينب امرأة عبد الله بن مسعود الائمة (الشافعى وأحمد) فى رواية، وأبو ثور وأبو عبيد وأشهب من المالكية وابن منذر وأبو يوسف ومحمد واهل الظاهر على أنه يجوز للمرأة أن تعطى زكاتها الى زوجها الفقير، وقال القرافى كرهه الشافعى وأشهب، واحتجوا أيضا بما رواه الجوزجاني عن عطاء قال أتت النبى صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت يا رسول الله إن على نذرا أن أتصدق بعشرين درهما وإنّ لى زوجا فقيرا أفيجزئ عنى أن أعطيه؟ قال نعم كفلان من الأجر (وقال الائمة الحسن البصرى والثورى وأبو حنيفة ومالك وأحمد) فى رواية وأبو بكر من الحنابلة لا يجوز للمرأة ان تعطى زوجها من زكاة مالها، ويروى ذلك عن عمر رضى الله عنه، وأجابوا عن حديث زينب بأن الصدقه المذكورة فيه إنما هى من غير الزكاة، واستدلوا بحديث رائطه على أن تلك الصدقة مما لم يكن فيه زكاة، إنما كانت تطوعا لقولها إنى امرأة ذات صنعة أبيع منها وليس لى ولا لولدى ولا لزوجى نفقة غيرها، وبقوله صلى الله عليه وسلم فى حديث زينب "زوجك وولدك احق من تصدقت به عليهم" كما فى رواية البخارى، وتأولوا قولها فى رواية البخارى "أيجزئ عنى" اى فى الوقاية من النار كانها خافت ان صدقتها على زوجها لا تحصّل لها المقصود، وبكون هذه الصدقة كانت تطوعا جزم النووى وصاحب المنتقى (وفى حديث) زينب المذكور فى الباب الحث على صلة الرحم وجواز تبرع المرأة بما لها بغير إذن زوجها (وفيه) عظة النساء وترغيب ولى الأمر فى افعال الخير للرجال والنساء والتحدث مع النساء الاجانب عند أمن الفتنة، والتخويف من المؤاخذة بالذنوب وما يتوفع بسببها من العذاب (وفيه) فتيا العالم مع وجود من هو اعلم منه وطلب الترقى فى تحمل العلم (قال القرطبى) ليس إخبار بلال باسم المرأتين بعد ان استكتمتاه باذاعة ولا كشف امانة لوجهين (احدهما) انهما لم تلزماه بذلك

-[كلام العلماء فيمن أحق بالصدقة - وقصة االرجل الذى سقى الكلب]- (7) باب استحباب اعطاء الصدقة للصالحين - وكراهة اعطائها للقلقلين (242) عن أبى سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال مثل المؤمن ومثل الإيمان كمثل الفرس فى آخيَّته (1) يجول ثمَّ يرجع إلى آخيَّته، وإنَّ المؤمن يسهوا ثمَّ يرجع إلى الإيمان، فأطعموا اطعامكم الأتقياء (2) وأولوا معروفكم (3) المؤمنين (243) عن عبد الله بن عمرو (بن العاص) رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال من أخرج صدقةً فلم يجد

_ وإنما علم انهما رأتا أن لا ضرورة تحوج إلى كتمانهما (ثانيهما) أنه أخبر بذلك جوابا لسؤال النبى صلى الله عليه وسلم لكون إجابته أوجب من التمسك بما أمرتا به من الكتمان؛ وهذا كله بناء على انه التزم لهما بذلك، ويحتمل ان تكونا سألتاه ولا يجب اسعاف كل سائل اهـ. والله أعلم (242) عن أبى سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعمر بن بشر أنا عبد الله أنا سعيد بن أبى أيوب ثنا عبد الله بن الوليد عن أبي سليمان الليثى عن أبى سعيد الخدرى "الحديث" وفى آخره قال عبد الله "يعنى ابن الأمام أحمد رحمهما الله) قال أبى ثناه أبو عبد الرحمن المقرى وهذا أتم (غريبه) (1) بفتح الهمزة ممدودة وكسر الخاء المعجمة وفتح الياء التحتية مشددة حبيل أو عود يعرض فى الحائط ويدفن طرفاه فيه ويصير وسطه كالعروة وتشد فيه الدابة، وجمعها الأواخى مشددًا والأخايا على غير قياس، يعنى أنه يبعد عن ربه بالذنوب وأصل إيمانه ثابت (نه) قال الطيبى وأراد بالأيمان شعبه فكما أن الفرس يبعد عن آخيّته ثم يعود اليها، فكذلك المؤمن قد يترك بعض الشعب ثم يتداركه ويندم (2) أى بالهدية والصدقة ونحو ذلك لأنهم أولى الناس بالبر ولأن دعاءهم مستجاب (3) المعروف يشمل كل أنواع البر ومنه الصدقة (تخريجه) الحديث سنده جيد وأخرجه أيضا الضياء المقدسى فى المختارة وحسنه الحافظ السيوطى (243) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن القاسم بن عبد الله المعافرى عن أبى عبد الرحمن الحبلى عن القاسم بن البرجى عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث"

-[إستحباب إعطاء الصدقة للصالحين وكراهة إعطائها للفاسقين]- إلَّا بربريًّا (4) فليردَّها

_ (غريبه) (4) هكذا فى المسند بباءين موحدتين وراء بن ثم ياء تحتية آخرها ألف نسبة الى بربر (قال فى القاموس) وبربرٌ جيلٌ جمعه البرابرة وهم بالمغرب وأمة أخرى بين الحبوش والزَّنج. يقطعون مذاكير الرجال ويجعلونها مهور نسائهم، وكلهم من ولد قيس عيلان أوهم بطنان من حمير صنهاجة وكتامة صاروا الى البربر أيام فتح أفريقش الملك افريقيَّة اهـ (وقال شارح القاموس) قوله وكلهم من ولد قيس عيلان قال ابو منصور ولا أدرى كيف هذا (وقال البلاذرى) حدثدنى بكر بن الهيثم قال سألت عبد الله بن صالح عن البربر فقال هم يزعمون أنهم من ولد برّ بن قيس عيلان وما جعل الله لقيس من ولد اسمه برّ، وقال أبو المنذر هم من ولد فاران بن عمليق بن يلمع بن عابر بن سليخ بن لوذ بن سام بن نوح؛ والأكثر الأشهر من بقية قوم جالوت وكانت منازلهم فلسطين، فلما قتل جالوت تفرقوا إلى المغرب اهـ، والظاهر والله أعلم ان المراد بالبرابرة فى هذا الحديث المتوحشون الذين لا دين لهم، أما البرابرة المسلمون المتحضرون فلا مانع من إعطائهم الصدقه. بل يستحب لأن معظمهم متصف بالصلاح (تخريجه) لم اقف عليه لغير الأمام احمد وفى اسناده ابن لهيعة ضعيف (الأحكام) حديث ابى سعيد يدل على انه يستحب ان يخص الرجل بصدقته الصلحاء واهل الخير واهل المروءات والحاجات، لان هؤلاء ممن ترجى بركاتهم وتستجاب دعواتهم، وفى إعطائهم الصدقة إعانة لهم على طاعة الله (وحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما) يدل على كراهة اعطاء الصدقة لفاسق، وذلك اذا علم انه يستعين بها على فعل مكروه، ويحرم إعطاؤه اذا علم أنه يستعين بها على ارتكاب محرم، اما اذا لم يعلم شيئا أو علم أنه يستعين بها على القوت فله اعطاؤها بدون كراهة ويثاب على ذلك ولو لكافر، قال تعالى "ويطعمون الطعام على حبه مسكينا ويتيما وأسيرا" ومعلوم ان الأسير حربى، وقد ثبت عند البخارى ومسلم والأمام أحمد وغيرهم، وتقدم فى "باب من دفع صدقته إلى من ظنه من اهلها فبان غير ذلك" من حديث ابي هريرة فى قصة الرجل الذى تصدق على سارق وزانية وغنى انه قيل له أمَّا صدقتك على سارق فلعله ان يستعف عن سرقته، وأما الزانية فلعلها تستعف عن زناها، وأمَّا الغنى فلعله يعتبر وينفق مما آتاه الله تعالى (وعن ابى هريرة أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل يمشى بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب، ثم خرج فاذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش، فقال الرجل لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذى كان قد بلغ منى. فنزل البئر فملأ خفه ماء ثم امسكه بفيه حتى رقى فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له، قالوا يا رسول الله ان لنا فى البهائم أجرًا؟ فقال فى كل كبد رطبة أجر، رواه الشيخان والأمام احمد وغيرهم (وفى رواية) للشيخين "بينما كلب

-[جواز تصدق المرأة من بيت زوجها]- (8) باب صدقة المرأة من بيت زوجها (244) عن أسماء بنت أبى بكرٍ رضي الله عنهما أنَّها سألت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت إنَّ الزُّبير رجلٌ شديدٌ ويأتينى المسكين فأتصدَّق عليه من بيته بغير إذنه، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ارضخى (1) ولا توعى فيوعى الله عليك (2) (وعناه من طريقٍ ثانٍ) (3) قالت قلت للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ليس لى إلّا ما أدخل الزُّبير بيتي (4) قال أنفقى ولا توكى فيوكى عليك (5) (وعنها من طريقٍ ثالثٍ (6) بنحوه وفيه)

_ يطيف بركية قد كاد يقتله العطش إذ رأته بغى من بغايا بنى اسرائيل فنزعت موقها (أى خفها) فاستقت له به فسقته فغفر لها به، وذلك لان الله عز وجل رحيم يحب من عباده الرحماء. نسأله تعالى ان يجعلنا من الراحمين المرحومين برحمته الواسعة آمين (244) عن أسماء بنت أبي بكر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابي ثنا وكيع ثنا محمد بن سليمان وعبد الجبار بن ورد، رجلان من أهل مكة سمعاه من ابن أبى مليكة عن أسماء بنت أبى بكر - الحديث (غريبه) (1) براء ثم ضاد معجمة مفتوحة ومعنى الرضخ العطية القليلة أى أعط شيئا قليلا مما جرت العادة باعطاء مثله للمحتاج فان الزبير لا يكره ذلك (2) معناه الحث على النفقة فى الطاعة والنهى عن الأمساك والبخل وعن ادخار المال فى الوعاء، قاله النووى (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن ابن أبى مليكة عن أسماء قالت قلت للنبى صلى الله عليه وسلم الحديث (4) لفظ أبى داود "قلت يا رسول الله ما لى شئ إلا ما أدخل على الزبير بيته أفأعطى منه قال أعطى ولا توكى فيوكى عليك" ومعناه ليس لى شئ من المال إلا ما أدخله زوجى الزبير فى بيته أفيجوز لى أن أتصدق منه (5) معناه أعطى منه ولا تمسكى فيضيق الله عليك" وأصل الأيكاء شد فم القربة بالحبل (وقال الخطابى) معناه أعطى من نصيبك منه ولا توكى أى لا تدخرى. والأيكاء شد رأس الوعاء بالوكاء وهو الرباط الذي يربط به. يقول لا تمنعى ما فى يدك فتنقطع مادة بركة الرزق عنك اهـ (6) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية قال أنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبي بكر

-[زوائد الباب فى إنفاق المرأة من بيت زوجها]- انفحي (1) أو ارضخى أو أنفقي ولا توعى فيوعي الله عليك ولا تحصى فيحصي (2) الله عليك

_ قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم انفحى الخ (غريبه) (1) بفتح الفاء وبحاء مهملة زاد مسلم أو انضحى بنون ثم ضاد مكسورة ثم حاء مهملة مكسورة أيضا، والنقح والتضح معناهما واحد وهو الأعطاء، ويطلق النضح أيضًا على الصب، فلعله المراد هنا ويكون أبلغ من النفح (2) قال النووى هو من باب مقابلة اللفظ باللفظ للتجنيس كما قال تعالى {ومكروا ومكر الله} ومعناه يمنعك كما منعت. ويقتر عليك كما قترت. ويمسك فضله عنك كما أمسكته. (وقيل) يعنى لا تحصى أى لا تعدّيه فتستكثريه فيكون سببا لانقطاع انفاقك اهـ (تخريجه) (ق. د. نس) (زوائد الباب) (عن عائشة رضى الله عنها) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا أنفقت المرأة من طعام بيتها" (وفى رواية من بيت زوجها) غير مفسدة كان لها اجرها بما انفقت ولزوجها اجره بما كسب، وللخازن مثل ذلك لا ينقص بعضهم اجر بعض شيئا) رواه البخارى ومسلم واللفظ له وابو داود وابن ماجه والترمذى والنسائى وابن حبان فى صحيحه، وعند بعضهم إذا تصدقت بدل انفقت (وعن ابى هريرة) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصم المرأة وبعلها شاهد إلا باذنه، ولا تأذن فى بيته وهو شاهد إلا باذنه، وما انفقت من كسبه من غير أمره فان نصف اجره له، رواه البخارى ومسلم واللفظ له (وفى رواية لأبى داود) أن ابا هريرة سئل عن المرأة هل تتصدق من بيت زوجها؟ قال لا إلا من قوتها والأجر بينهما، ولا يحل لها ان تصدق من مال زوجها إلا باذنه (وعن عمرو بن شعيب) عن ابيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم قال اذا تصدقت المرأة من بيت زوجها كان لها اجر ولزوجها مثل ذلك لا ينقص كل واحد منهما من اجر صاحبه شيئا، له بما كسب ولها بما انفقت، رواه الترمذى وقال حديث حسن (وعن ابى امامة) رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى خطبة عام حجة الوداع لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا باذن زوجها، قيل يا رسول الله ولا الطعام؟ قال ذلك افضل اموالنا، رواه الترمذى وقال حديث حسن (وعن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجوز لامراة عطية إلا باذن زوجها، رواه ابو داود والنسائى من طريق عمرو بن شعيب (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصدق المرأة من بيت زوجها إلا باذنه، رواه الطبرانى فى الأوسط وفيه رشدين بن كريب ضعفه أحمد وجماعة (وقال ابن عدى ممن يكتب حديثه على

-[بقية الزوائد وكلام العلماء فى تصدق المرأة من بيت زوجها والمملوك من مال سيده]- .....

_ ضعفه (وعن أم سعد) قالت دخلت على عائشة فقلت يا أم المؤمنين المرأة تعطى الشئ من بيت زوجها صدقة فهو لها أو لزوجها؟ قالت هو بينهما حدثنى به رسول الله صلى الله عليه وسلم أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الأوسط وفيه من لم أعرفه (وعن عمير مولى آبى اللحم) قال أمرنى مولاى أن أقدد لحما فجاءنى مسكين فأطعمته منه فعلم بذلك مولاى فضربنى، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال لم ضربته؟ فقال يعطى طعامى بغير أن آمره، فقال الأجر بينكما (وعنه فى رواية أخرى) قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أأتصدق من مال موالى بشئ؟ قال نعم، والأجر بينكما نصفان (الأحكام) حديث الباب مع ما أوردنا من الزوائد تدل على جواز تصدق المرأة من بيت زوجها بغير إذنه فى الشئ القليل التى جرت العادة بالتصدق بمثله، وهى وزوجها فى الأجر سواء. وكذلك المملوك إذا تصدق من مال سيده يكون شريكا لسيده فى الأجر (قال النووى رحمه الله) معنى هذه الأحاديث أن المشارك فى الطاعة مشارك فى الأجر، ومعنى المشاركة أن له أجرا كما لصاحبه أجر، وليس معناه أن يزاحمه فى أجره، والمراد المشاركة فى أصل الثواب فيكون لهذا ثواب ولهذا ثواب وإن كان أحدهما أكثر ولا يلزم أن يكون مقدار ثوابهما سواء، بل قد يكون ثواب هذا أكثر وقد يكون عكسه، فاذا أعطى المالك لخازنه أو امرأته أو غيرهما مائة درهم أو نحوها ليوصلها الى مستحق الصدقة على باب داره أو نحوه فأجر المالك أكثر، وإن أعطاه رمانة أو رغيفًا ونحوهما مما ليس له كثير قيمة ليذهب به إلى محتاج فى مسافة بعيدة بحيث يقابل مشى الذاهب اليه بأجرة تزيد على الرمانة والرغيف فأجر الوكيل أكثر، وقد يكون عمله قدر الرغيف مثلا فيكون مقدار الأجر سواء. وأما قوله صلى الله عليه وسلم "الأجر بينكما نصفان" فمعناه قسمان وإن كان أخدهما أكثر كما قال الشاعر "اذا مت كان الناس نصفان بيننا" وأشار القاضى إلى أنه يحتمل أيضا أن يكون سواء، لأن الأجر فضل من الله تعالى يؤتيه من يشاء ولا يدرك بقياس ولا هو بحسب الأعمال، بل ذلك فضل يؤتيه من يشاء. والمختار الأول "وقوله صلى الله عليه وسلم الأجر بينكما" ليس معناه أن الأجر الذى لأحدهما يزدحمان فيه بل معناه أن هذه النفقة والصدقة التى أخرجها الخازن أو المرأة أو المملوك ونحوهم باذن المالك يترتب على جملتها ثواب على قدر المال والعمل فيكون ذلك مقسوما بينهما لهذا نصيب بماله ولهذا نصيب بعمله، فلا بزاحم صاحب المال العامل فى نصيب عمله، ولا يزاحم العامل صاحب المال فى نصيب ماله، واعلم أنه لا بد للعامل وهو الخازن والزوجة والمملوك من إذن المالك فى ذلك، فان لم يكن إذن أصلا فلا أجر لأحد من هؤلاء الثلاثة بل عليهم وزر بتصرفهم فى مال غيرهم بغير إذنه، والأذن ضربان (أحدهما) الأذن الصريح في النفقة

-[حديث سبعة يظلهم الله فى ظله يوم لا ظل إلا ظله]- (9) باب ما جاء فى صدقة السر (245) عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال سبعةٌ يظلُّهم الله فى ظلِّه (1) يوم لا ظلَّ إلَّا ظلُّه، الإمام العادل، وشابٌّ نشأ بعبادة الله، ورجلٌ قلبه متعلِّقٌ بالمساجد، ورجلان تحابَّا فى الله عزَّ وجلَّ اجتمعا عليه وتفرَّقا

_ والصدقة (والثاني) الأذن المفهوم من اطراد العرف والعادة، كأعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة به واطَّرد العرف فيه، وعلم بالعرف رضاء الزوج والمالك به، فأذنه فى ذلك حاصل وإن لم يتكلم، وهذا إذا علم رضاه لاطراد العرف وعلم أن نفسه كنفوس غالب الناس فى السماحة بذلك والرضا به، فان اضطرب العرف وشك فى رضاه أو كان شخصا يشح بذلك وعلم من حاله ذلك أو شك فيه لم يجز للمرأة أو غيرها التصدق من ماله إلا بصريح إذنه، وأما قوله صلى الله عليه وسلم (وما أنفقت من كسبه من غير أمره فان نصف أجره له) فمعناه من غير، أمره الصريح فى ذلك القدر المعين ويكون معها إذن عام سابق متناول لهذا القدر وغيره وذلك الأذن الذى قد بيناه سابقا، إما بالصريح وإما بالعرف، ولابد من هذا التأويل لأنه صلى الله عليه وسلم جعل الأجر مناصفة، وفى رواية أبى داود "فلها نصف أجره" ومعلوم أنها إذا أنفقت من غير إذن صريح ولا معروف من العرف فلا أجر لها بل عليها وزر، فتعين تأويله (واعلم) أن هذا كله مفروض فى قدر يسير يعلم رضا المالك به فى العادة، فان زاد على المتعارف لم يجز. وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم "وإذا أنفقت المرأة من طعام بيتها غير مفسدة" فأشار صلى الله عليه وسلم إلى أنه قدر يعلم رضا الزوج به فى العادة، ونبه بالطعام أيضا على ذلك لأنه يسمح به فى العادة، بخلاف الدراهم والدنانير فى حق أكثر الناس وفى كثير من الأحوال، واعلم أن المراد بنفقة المرأة والعبد والخازن النفقة على عيال صاحب المال وغلمانه ومصالحه وقاصديه من ضيف وابن سبيل ونحوهما، وكذلك صدقتهم المأذون فيها بالصريح أو العرف والله أعلم اهـ كلام النووى (245) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن عبيد الله قال حدثنى خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم "الحديث" (غريبه) (1) قال القاضى عياض رحمه الله اضافة الظل الى الله تعالى اضافة ملك وكل ظل فهو لله وملكه وخلقه وسلطانه، والمراد هنا ظل العرش كما جاء فى حديث آخر مبينا، والمراد يوم القيامة إذا قام الناس لرب العالمين، ودنت منهم الشمس

-[من تصدق بصدقة فأخفاها يكون فى ظل الله تعالى يوم القيامة]- عليه، ورجلٌ تصدَّق بصدقةٍ أخفاها لا تعلم شماله ما تنفق يمينه (1) ورجلٌ ذكر الله خاليًا ففاضت عيناه، ورجلٌ دعته ذات منصبٍ وجمالٍ إلى نفسها فقال أنا أخاف الله عزَّ وجلَّ (246) عن أبى ذرٍّ رضي الله عنه وقد سأل رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم عن أشياء منها الصَّدقة قال (قلت) يا رسول الله فالصَّدقة؟ قال أضعافٌ مضاعفةٌ (2) قلت يا رسول الله فأيُّها أفضل؟ قال جهدٌ من مقلٍّ (3)

_ واشتد عليهم حرّها وأخذهم العرق ولا ظل هناك لشئ إلا للعرش، وقد يراد به هنا ظل الجنة وهو نعيمها والكون فيها كما قال تعالى {وندخلهم ظلا ظليلا} قال القاضى وقال ابن دينار المراد بالظل هنا الكرامة واكنف والكف عن المكاره فى ذلك الموقف، قال وليس المراد ظل الشمس (قال القاضى) وما قاله معلوم فى اللسان؛ يقال فلان فى ظل فلان أى فى كنفه وحمايته، قال وهذا أولى الأقول، وتكون اضافته الى العرش لأنه مكان التقريب والكرامة، والا فالشمس وسائر العالم تحت العرش وفى ظله اهـ (1) قال العلماء ذكر اليمين والشمال مبالغة فى الأخفاء والاستتار بالصدقة، وضرب المثل بهما لقرب اليمين من الشمال وملازمتها لها، ومعناه لو قدرت الشمال رجلا متيقظا لما علم صدقة اليمين لمبالغته فى الأخفاء، ونقل القاضى عياض عن بعضهم أن المراد من عن يمينه وشماله من الناس، وصوّب النووى الأول والله أعلم، وقد اقتصرت فى شرح الحديث على هذا المقدار لضرورته هنا، وسيأتي الحديث بشرحه مستوفى فى الباب السابع من السباعيات من كتاب الأدب والمواعظ والحكم ان شاء الله تعالى (تخريجه) (ق) عن أبى هريرة. ورواه (لك. مذ) عن أبى هريرة وأبي سعيد على الشك (246) عن أبى ذر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا المسعودى أنبأني أبو عمر الدمشقى عن عبيد بن الخشخاش عن أبى ذر - الحديث" (غريبه) (2) يعنى أن الله عز وجل يضاعفها من عشرة أضعاف الى سبعمائة ضعف حسب اخلاص المتصدق ونيته، وقد يضاعفها الله عز وجل أكثر من ذلك كما قال تعالى {مثل الذين ينفقون أموالهم فى سبيل الله كمثل حبة أنبتت سبع سنابل فى كل سنبلة مائة حبة والله يضاعف لمن يشاء} (3) المقل الفقير قليل المال يعنى أن أفضل الصدقة صدقة الفقير

-[زوائد الباب - وفضل صدقة السر]- أو سرٌّ إلى فقيرٍ الحديث (247) عن عقبة بن عامرٍ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجاهز بالقرآن (1) كالجاهر بالصَّدقة والمسرُّ بالقرآن كالمسرِّ بالصَّدقة

_ بما في وسعه وطاقته؛ وهذا محمول على فقير رزق القناعة والرضا "وقوله أو سر الى فقير" يعنى أن إعطاء الصدقة فى السر الى الفقير من أفضل الصدقة لكونه أقرب الى الأخلاص وأبعد عن الرياء، وخصه العلماء بصدقة التطوع، وسيأتى توضيح ذلك فى الأحكام قريبًا (تخريجه) لم اقف عليه لغير الأمام أحمد وفيه ابو عمر، ويقال ابو عمرو الدمشقى ضعيف (247) عن عقبة بن عامر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا حماد ابن خالد ثنا معاوية بن صالح عن بحير عن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن عقبة بن عامر الحديث، وفى آخره قال ابو عبد الرحمن (يعنى ابن الامام أحمد رحمهما الله) قال ابى كان حماد بن خالد حافظا وكان يحدثنا وكان يحفظ، كتبت عنه انا ويحيى بن معين (غريبه) (1) أى بقراءته (كالجاهر بالصدقة) يعنى كالذى يتصدق جهارا، وكذلك المسر بتلاوة القرآن كالذى يتصدق سرًا، وقد جاءت الاحاديث بفضيلة الأسرار والجهر (قال النووى) والجمع بينهما أن الأسرار أبعد من الرياء فهو افضل فى حق من يخاف ذلك، فان لم يخف فالجهر افضل بشرط ان لا يؤذى غيره من مصلّ او نائم او غيرهما اهـ (قلت) وانما كان الجهر افضل اذا أمن من الرياء ولم يؤذ احدا لأنه يترتب عليه اقتداء غيره به فى الصدقة، ووعظ الغير وانزجاره بالقرآن والله أعلم (تخريجه) أخرجه الثلاثة. وقال الترمذى هذا حديث حسن غريب (زوائد الباب) (عن معاوية بن حيدة) رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ان صدقة السر تطفئ غضب الرب تبارك وتعالى، أورده المنذرى وقال رواه الطبرانى فى الكبير وفيه صدقة بن عبد الله السمين ولا بأس به فى الشواهد (وعن أبى أمامة) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صنائع المعروف تقى مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد فى العمر، رواه الطبرانى فى الكبير باسناد حسن (وعن ام سلمة) رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صنائع المعروف تقى مصارع السوء، والصدقة خفيا تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد فى العمر، وكل معروف صدقة؛ وأهل المعروف فى الدنيا هم أهل المعروف فى الآخرة، وأهل المنكر فى الدنيا هم أهل المنكر فى الآخرة، وأول من يدخل الجنة اهل المعروف، أورده المنذرى بصيغة التمريض، وقال رواه الطبرانى فى الأوسط (وعن ابى جعفر محمد بن على) قال قلت لعبد الله بن جعفر حدِّثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سمعت رسول الله

-[تسابق أبي بكر وعمر رضى الله عنهما فى الصدقة - وكلام العلماء فى فضل صدقة السر]- .....

_ صلى الله عليه وسلم يقول صدقة السر تطفئ غضب الرب، اورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الصغير والأوسط وفيه أصرم بن حوشب وهو ضعيف (قلت) يقويه حديث ابى امامة المتقدم (الأحكام) احاديث الباب مع الزوائد تدل على ان صدقة السر افضل من صدقة الجهر. وفى التنزيل {ان تبدوا الصدقات فنعمَّا هى، وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم ويكفر عنكم من سيئاتكم والله بما تعملون خبير} وحكى الحافظ ابن كثير فى تفسيره عن ابن أبى حاتم أنه قال أنزلت فى أبى بكر وعمر رضى الله عنهما، أما عمر فجاء بنصف ماله حتى دفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ما خلفت وراءك لأهلك يا عمر؟ قال خلفت لهم نصف مالى (وأما أبو بكر) فجاء بماله كله يكاد أن يخفيه من نفسه حتى دفعه الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ما خلفت وراءك لأهلك يا أبا بكر؟ فقال عدة الله وعدة رسوله "يعنى ما وعد الله ورسوله المتصدقين من الخلف والبركة والثواب الجزيل" فبكى عمر رضى الله عنه وقال بأبى أنت وأمى يا أبا بكر والله ما استبقنا الى باب خير قط إلا كنت سابقا (قال الحافظ ابن كثير) رحمه الله وهذا الحديث روى من وجه آخر عن عمر رضى الله عنه، وإنما أوردناه ها هنا لقول الشعبى إن الآية نزلت فى ذلك، ثم إن الآية عامة فى أن اخفاء الصدقة أفضل سواء كانت مفروضة أو مندوبة، لكن روى ابن جريج من طريق على ابن أبى طلحة عن ابن عباس فى تفسير هذه الآية قال جعل الله صدقة السر فى التطوع تفضل علانيتها يقال بسبعين ضعفا، وجعل صدقة الفريضة علانيتها أفضل من سرها يقال بخمسة وعشرين ضعفًا "وقوله ويكفر عنكم من سيئاتكم" أى بدل الصدقات ولا سيما إذا كانت سرًا يحصل لكم الخير فى رفع الدرجات ويكفر عنكم السيئات، وقد قرئ ويكفر بالجزم عطفا على محل جواب الشرط وهى قوله فنعما هى كقوله {فأصّدق وأكون وأكن} وقوله {والله بما تعملون خبير} أى لا يخفى عليه من ذلك شئ وسيجزيكم عليه اهـ (وقال جمهور العلماء) صدقة السر أفضل فى التطوع لأنه أقرب الى الأخلاص وأبعد من الرياء، وأما الزكاة الواجبة فأعلانها أفضل، وهكذا حكم الصلاة فأعلان فرائضها أفضل واسرار نوافلها أفضل لقوله صلى الله عليه وسلم "أفضل الصلاة صلاة المرء فى بيته إلا المكتوبة" (وقال الترمذى) عقب إيراد حديث عقبة بن عامر المذكور آخر احاديث الباب، ومعنى هذا الحديث أن الذى يسر بقراءة القرآن افضل من الذي يجهر بقراءة القرآن، لأن صدقة السر افضل عند اهل العلم من صدقة العلانية، وإنما معنى هذا عند اهل العلم لكى يأمن الرجل يعنى من العجب، لان الذى يسر العمل لا يخاف عليه العجب ما يخاف عليه من علانيته اهـ. وقال الأمام ابو بكر بن العربى لا شك فى أن العلانية افضل إلا انها اخطر لما يدخلها من العجب والرياء وتخليصها يصعب

-[الخصال التي تنفع صاحبها بعد الموت]- (9) باب ما جاء فى الصدقة الجارية (248) عن أبى هريرة رضي الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال إذا مات الإنسان (1) انقطع عنه عمله إلَّا من ثلاثةٍ (3) إلَّا من صدقةٍ جاريةٍ أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالحٍ يدعوا له (249) عن أبى أمامة الباهلى رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أربعٌ تجرى عليهم أجورهم بعد الموت، رجلٌ مات مرابطًا (2) فى سبيل الله، ورجلٌ علَّم علمًا فأجره يجرى عليه ما عمل به، ورجلٌ أجري صدقةً فأجرها

_ فإذا أخلصت فهى أفضل، وقد كشف الله القناع بالبيان عن ذلك على لسان رسوله صلى الله عليه وسلم فقال قال الله (عز وجل) من ذكرنى فى نفسه ذكرته فى نفسى، ومن ذكرنى فى ملأ ذكرته فى ملأ خير من ملئه اهـ (قلت) وما ذهب اليه الجمهور هو الأسلم والله أعلم (248) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان ابن داود حدثنا اسماعيل أنبأنا العلاء عن أبيه عن أبى هريرة - الحديث" (غريبه) (1) فى بعض الروايات إذا مات ابن آدم "وقوله انقطع عمله" أى فائدة عمله وتجديد ثوابه (2) أى الا ثلاثة خصال (أحدها) صدقة جارية وفى رواية دارَّة أى متصلة كوقف أو بناء مسجد أو مشفى ونحو لك "أو علم ينتفع به" كتعليم وتصنيف (قال التاج السبكى) رحمه الله والتصنيف أقوى لطول بقائه على ممر الزمان وارتضاه الحافظ السيوطى "أو ولد صالح يدعو له" لأنه السبب فى وجوده، وفائدة تقييده بالولد مع أن دعاء غيره ينفعه تحريض الولد على الدعاء لأصله، وليست الصدقة الجارية محصورة فى هذه الثلاثة، بل ورد زيادة عن الثلاثة فى أحاديث أخر سيأتى بعضها فى هذا الباب وجاءت كلها فى المسند فى أبواب متفرقة (تخريجه) (م. والثلاثة) (249) عن أبى أمامة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن اسحاق ثنا ابن المبارك أنا ابن لهيعة عن خالد بن أبى عمران عمن حدثه عن أبى أمامة - الحديث" (غريبه) (3) الرباط بكسر الراء وبالموحدة الخفيفة هو ملازمة المحل الذى بين المسلمين والكفار لحراسة المسلمين، فمن مات وهذا حاله، فظاهر الحديث أن

-[دعاء الولد الصالح ينفع والديه بعد موتهما - وغرس الشجر ينفع صاحبه بعد موته]- يجري عليه ما جرت عليه (1) ورجلٌ ترك ولدًا صالحًا يدعوا له (250) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنَّ الله عزَّ وجلَّ ليرفع الدَّرجة للعبد الصَّالح فى الجنَّة فيقول ياربُّ أنَّى لى (2) هذه؟ فيقول باستغفار ولدك لك (3) (251) عن سهل بن معاذٍ عن أبيه (4) رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من بنى بنيانًا من غير ظلمٍ (5) ولا اعتداءٍ أو غرس غرسًا فى غير ظلمٍ ولا اعتداءٍ كان له أجرٌ جارٍ ما انتفع به من خلق الله تبارك وتعالى

_ يكتب له كل يوم بعد موته ثواب المرابط الى يوم القيامة، ويحتمل إلى أن يأمن المسلمون من جهة العدو بأخذ بلاده أو اجراء صلح بينهم وبينه والله أعلم، وإنما كان للمرابط هذا الأجر العظيم لأنه فى كل لحظة مهدد بالقتل ولا يصبر على هذا إلا قوى الأيمان (1) أى مدة بقائها جارية (تخريجه) (طب) وفى إسناده ابن لهيعة ورجل لم يسمّ، لكن حسَّنه الحافظ السيوطى، ويعضده حديث أبى هريرة المتقدم (250) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبى النجود عن أبى صالح عن أبى هريرة - الحديث" (غريبه) (2) يعنى من أين لى هذه الكرامة ولم أعمل عملا يستوجبها (3) فيه أن دعاء الولد لوالديه ينفعهما بعد موتهما، فمن لم يدرك والديه وأراد برّهما أو أدركهما وقصَّر فى برهما فليكثر من الدعاء لهما بعد موتهما، فهو من أعظم أنواع البر بالوالدين، ويكون للولد أجر عظيم فى ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد ورجاله رجال الصحيحين (251) عن سهل بن معاذ (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا لهيعة ثنا زبَّان عن سهل بن معاذ عن أبيه - الحديث" (غريبه) (4) هو معاذ ابن أنس الجهنى الصحابى رضى الله عنه (5) كأن يظلم البنائين أو الشغالين فى العمل أو فى الأجر (والاعتداء) كأن يغتصب الأرض من أصحابها بدون ثمن لكونهم أضعف منه مثلا، ويقال مصل ذلك فى الغرس، (3) أى مدة انتفاع الناس بالبناء ان كان مسجدا أو نحوه مما ينتفع به، وبالغرس مدة انتفاع الناس بظله أو ثمره والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وفى اسناده ابن لهيعة

-[نظم خصال الصدقة الجارية للحافظ السيوطى]- (252) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ما من رجلٍ ينعش لسانه حقًّا يعمل به بعده إلَّا أجرى الله عليه أجره إلى يوم القيامة، ثمَّ وفَّاه الله عزَّ وجلَّ ثوابه يوم القيامة

_ (252) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على ابن اسحاق ثنا عبد الله قال أنا عبيد الله بن موهب عن مالك بن محمد بن حارثة الأنصارى أن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) بفتح أوله ثم نون ساكنة ثم عين مهملة مفتوحة، من باب منع يقال نعشه الله رفعه وانتعش العاثر اذا نهض من عثرته، والمعنى ما مان رجل يرفع لسانه حقا ويقيمه من كبوته كسنة أميتت وتناساها الناس وبدَّلوا مكانها بدعة فجاءهم هذا الرجل وقبَّح لهم البدعة وحسَّن لهم السنة وبينها لهم بأقامة الدليل من كتاب الله أو سنة رسوله صلى الله عليه وسلم حتى أقنعهم فتركوا البدعة وعملاو بالسنة من بعده جيلا بعد جيل فهذا يجرى الله تعالى أجره مستمرا إلى يوم القيامة وهناك الجزاء الأوفى والثواب الجزيل، والله نسأل أن يجعلنا من المتبعين لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم علما وعملا وتعلمًا وتعليما فأفادوا واستفادوا آمين (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفى اسناده ابن لهيعة ومعناه فى الصحيحين (فائدة) تتبع الحافظ السيوطى ماورد من خصال الصدقة الجارية فبلغت عشر خصال نظمها فى قوله إذا مات ابن آدم ليس يجرى ... عليه من فعال غير عشر علوم بثها ودعاء نجل ... وغرس النخل والصدقات تجرى وراثة مصحف ورباط ثغر ... وحفر البئر أو اجراء نهر وبيت للغريب بناه يأوى ... اليه أو بناء محل ذكر وتعليم لقرآن كريم ... فخذها من أحاديث بحصر (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن من فعل خصلة من الخصال المذكورة فيها جعل الله أجره مستمرًا بعد موته ما دامت مستمرة، وقد ذكر فى أحاديث هذا الباب سبع خصال وهى - الوقف فى سبل الخير، تعليم العلم وتأليفه، الولد الصالح، الرباط فى سبيل الله، بنيان المساجد ونحوها، غرس الشجر، إقامة الحق. وباقى الخصال التى ذكرها الحافظ السيوطى مذكورة فى المسند فى غير هذا الباب عدا وراثة المصحف فانى لا أتذكرها فيه الا اذا دخلت فى الوقف، والحكمة فى بقاء ثواب هذه الأعمال لصاحبها بعد موته أنه

كتاب الصيام

-[كلام العلماء فى فوائد الصدقة الجارية - والحكمة فى جعل كتاب الصيام بعد الزكاة]- ((9) كتاب الصيام (*)) (1) باب ما جاف فى فصل الصيام مطلقا (1) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلُّ

_ هو المتسبب فيها، فان الولد من كسبه وكذلك العلم الذى خلفه من تعليم أو تصنيف، وكذلك الصدقة الجارية وهى الوقف، وكذلك غرس الشجر والبنيان وإقامة الحق، أما الذى مات مرابطا فيقال ان هذه خصوصية خصه الله بها (ويستفاد من أحاديث الباب أيضًا) فصيلة الزواج لرجاء ولد صالح (وفيها أيضًا) دلالة لصحة أصل الوقف وعظيم ثوابه وبيان فضيلة العلم والحث على الاستكثار منه والترغيب من توريثه بالتعليم والتصنيف والأيضاح والتأليف؛ وأنه ينبغى أن يختار من العلوم الأنفع فالأنفع (وفيها) أن الدعاء يصل ثوابه إلى الميت وكذلك الصدقة وهما مجمع عليهما، وكذلك قضاء الدين، وقد ذكر بعض أصحاب الأصول من المحدثين فى كتبهم. باب وصول ثواب الصدقات إلى الميت ضمن أبواب صدقة التطوع ولكنى ذكرته فى آخر كتاب الجنائز وترجمت له بباب وصول ثواب القرب المهداة إلى الميت صحيفة 97 من الجزء الثامن، لأن مناسبته - هناك أكثر - والله ولى التوفيق وهو الهادى إلى أقوم طريق (1) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق وابن

-[معنى الصيام لغة واصلاحا]- عمل ابن آدم له (1) إلَّا الصِّيام فإنَّه لى وأنا أجزى به (2) والصِّيام جنةٌ، وإذا

_ بكر قالا أنا ابن جريج أخبرنى عطاء عن أبى صالح الزيات أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عمل ابن آدم - الحديث" (غريبه) (1) أى له فيه حظ ومدخل لاطلاع الناس عليه فهو يتعجل به ثوابا من الناس ويحوز به حظا من الدنيا "إلا الصيام فانه لى" أى خالصًا لى لا يعلم ثوابه المترتب عليه غيرى، وقد اختلف العلماء فى معنى قوله "إلا الصيام فانه لى مع كون جميع الطاعات لله تعالى، فقيل سبب اضافته الى الله عز وجل انه لم يعبد أحد غير الله تعالى به" فلم يعظم الكفار فى عصر من الأعصار معبودًا لهم بالصيام وان كانوا يعظمونه بصورة الصلاة والسجود والصدقة والذكر وغير ذلك، وقيل لأن الصوم بعيد من الرياء لخفائه بخلاف الصلاة والحج والغزو والصدقة وغيرهما من العبادات الظاهرة، وقيل لأنه ليس للصائم ونفسه فيه حظ. قاله الخطابى، قال وقيل ان الاستغناء عن الطعام من صفات الله تعالى، فتقرب الصائم بما يتعلق بهذه الصفة وان كانت صفات الله تعالى لا يشبهها شئ، وقيل معناه أنا المنفرد بعلم مقدار ثوابه أو تضعيف حسناته، وغيره من العبادات أظهر سبحانه بعض مخلوقاته على مقدار ثوابها، وقيل هى اضافة تشريف كقوله تعالى {ناقة الله} مع أن العالم كله لله تعالى وفى هذا الحديث بيان عظم فضل الصوم والحث عليه (2) فيه بيان لكثرة ثوابه، لأن الكريم اذا أخبر بأنه يتولى بنفسه الجزاء اقتضت عظمته وسعته العطاء "وقوله والصيام جنة" بضم الجيم أى سترة ومانع من الرفث والآثام ومانع أيضا

-[ما يقول الصائم لمن سابَّه أو شاتمه]- كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث (1) يومئذٍ ولا يصخب (وفى روايةٍ ولا يجهل بدل ولا بصخب) فإن شاتمه أحدٌ (2) أو قاتله فليقل إنِّى امرؤٌ صائمٌ مرَّتين (3) والَّذى

_ من النار ومنه المجنّ وهو الترس، ومنه الجن لاستتارهم عن العيون، والجنان لاستتارها بورق الأشجار، وإنما كان الصوم جنة من النار لأنه امساك عن الشهوات، والنار محفوفة بالشهوات كما فى الحديث الصحيح "حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات" (وقال ابن الأثير) معنى كونه جنة أى يقى صاحبه ما يؤذيه من الشهوات (وقال القاضى عياض) معناه يستر من الآثام أو من النار أو بجميع ذلك، وبالأخير قطع النووى والله أعلم (1) بتثليث الفاء وآخره مثلثه أى لا يفحش فى الكلام (ولا يصخب) بالصاد المهملة والخاء المعجمة المفتوحة؛ ويجوز إبدال الصاد سينا كما جاء فى رواية عند مسلم أى لا يصيح ولا يخاصم (وفى رواية ولا يجهل) أى لا يفعل شيئًا من أفعال الجاهلية كالسفه والسخرية. (وقال القرطبى) لا يفهم من هذا أن غير الصوم يباح فيه ما ذكر، وإنما المراد أن المنع من ذلك يتأكد بالصوم (2) لفظ البخارى "وإن امرؤ قاتله أو شاتمه فليقل إنى صائم مرتين" (ولفظ مسلم) "إذا أصبح أحدكم يوما صائما فلا يرفص ولا يجهل فان امرؤ شاتمه أو قاتله فليقل إنى صائم إنى صائم" ومعنى شاتمه أى شتمه متعرضا لمشاتمته، ومعنى قاتله نازعه ودافعه وفى رواية (فان سابه أحد أو قاتله) زاد سعيد بن منصور من طريق سهيل (فان سابه أحد أو ماراه) يعنى جادله، وفى رواية أبى قرة من طريق سهيل عن أبيه (وإن شتمه إنسان فلا يكلمه) وفى رواية ابن خزيمة من طريق عجلان عن أبى هريرة (فان شاتمك أحد فقل انى صائم وان كنت قائمًا فاجلس) وفى رواية الترمذى (وان جهل على أحدكم جاهل وهو صائم فليقل اني صائم) قال الحافظ العراقى اختلف العلماء فى هذا على ثلاثة أقوال (أحدها) أن يقول ذلك بلسانه انى صائم حتى يعلم من يجهل أنه معتصم بالصيام عن اللغو والرفث والجهل (والثانى) أن يقول ذلك لنفسه أى واذا كنت صائما فلا ينبغى أن أخدش صومى بالجهل ونحوه فيزجر نفسه بذلك (قلت) قال النووى فى المجموع كل منهما حسن والقول باللسان أقوى ولو جمعهما لكان حسنًا اهـ (والقول الثالث) التفرقة بين صيام الفرض والنفل، فيقول ذلك بلسانه فى الفرض ويقول لنفسه فى التطوع اهـ (قال العينى) فان قلت قاتله أو شاتمه من باب المفاعلة وهى المشاركة بين الاثنين، والصائم مأمور بالكف عن ذلك (قلت) لا يمكن حمله على أصل الباب ولكنه قد يجيئ بمعنى فعل يعنى لنسبة الفعل الى الفاعل لا غير، كقولك سافرت بمعنى نسبت السفر الى المسافر، وكما فى قولهم عافاه الله وفلان عالج الأمر ويؤيد هذا رواية سهيل عن أبيه (وان شتمه انسان فلا يكلمه) اهـ (3) اتفقت الروايات كلها على أنه ------- (*) صوما وصياما واصطام ورجل صائم اهـ (وأما فى الشرع) فالصوم هو الامساك عن (*)

-[ريح فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك]- نفس محمَّدٍ بيده (1) لخلوف فم الصَّائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك (2) وللصَّائم فرحتان يفرحهما، إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربَّه عزَّ وجلَّ فرح بصيامه (3) (وعنه من طريقٍ ثانٍ بنحوه (4) وفيه) يقول الله عزَّ

_ يقول إني صائم فمنهم من ذكرها مرتين ومنهم من اقتصر على واحدة (1) أقسم على ذلك تأكيدًا "وقوله لخلوف" بضم المعجمة واللام وسكون الواو. وبعدها فاء (قال القاضى عياض) هذه الرواية الصحيحة، وبعض الشيوخ يقوله بفتح الخاء (قال الخطابى) وهو خطأ وحكى القابسى الوجهين. وبالغ النووى فى شرح المهذب فقال لا يجوز فتح الخاء، واحتج غيره لذلك بأن المصادر التى جاءت على فعول بفتح أوله قليلة، ذكرها سيبويه وغيره وليس هذا منها، واتفقوا على أن المراد به تغير رائحة فم الصائم بسبب الصيام "وفى قوله فم الصائم" رد على من قال لا تثبت الميم فى الفم عند الأضافة الا فى ضرورة الشعر لثبوته فى هذا الحديث الصحيح وغيره (2) قال المازرى هذا مجاز واستعارة، لأن استطابة بعض الروائح من صفات الحيوان الذى له طبائع تميل الى شئ فتستطيبه، وتنفر من شئ فتستقذره، والله تعالى متقدس عن ذلك. لكن جرت عادتنا بتقريب الروائح الطيبة منا. فاستعير ذلك فى الصوم لتقريبه من الله تعالى (قال القاضى عياض) وقيل يجازيه الله تعالى به فى الآخرة فتكون نكهته أطيب من ريح المسك كما أن دم الشهيد يكون ريحه ريح المسك. وقيل يحصل لصاحبه من الثواب أكثر مما يحصل لصاحب المسك. وقيل رائحته عند ملائكة الله تعالى أطيب من رائحة المسك عندنا وان كانت رائحة الخلوف عندنا خلافه (قال النووى) والأصح ما قاله الداودى من المقارنة، وقاله من قال من أصحابنا إن الخلوف أكثر ثوابا من المسك حيث ندب اليه فى الجمع والأعياد ومجالس الحديث وسائر مجامع الخير اهـ (3) قال العلماء أما فرحته عند فطره فسببها تمام عبادته وسلامتها من المفسدات وما يرجوه من ثوابها، وأما فرحته عند لقاء ربه فيما يراه من جزائه وتذكر نعمة الله تعالى عليه بتوفيقه لذلك (وقوله اذا أفطر فرح بفطره) يشعر بأن فرحه لزوال الجوع والعطش حيث أبيح له الفطر، وهذا الفرح من طبيعة الانسان، وكل انسان بحسبه لاختلاف مقامات الناس فى ذلك (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا محمد عن موسى

-[الصائم يوفى أجره بلا عد ولا حساب]- وجلَّ كلُّ عمل ابن آدم له إلَّا الصِّيام فهو لى وأنا أجزى به، إنَّما يترك طعامه وشرابه من أجلى (1) فصيامه لى وأنا أجزى به، كلُّ حسنةٍ بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ إلَّا الصِّيام فهو لى وأنا أجزى به (2) قر عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه قال قال رسول الله

_ ابن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل والذى نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل كل عمل ابن آدم له الحديث (1) أى خوفا منى وامتثالا لأمرى (قال الحافظ) وقد يفهم من الأتيان بصيغة الحصر فى قوله انما يترك الخ التنبيه على الجهة التى بها يستحق الصائم ذلك وهو الاخلاص الخاص به، حتى لو كان ترك ذلك لغرض آخر كالتخمة لا يحصل للصائم الفضل المذكور، لكن المدار فى هذه الاشياء على الداعى القوى الذى يدور معه الفعل وجودًا وعدما، ولا شك أن من لم يعرض فى خاطره شهوة شئ من الأشياء طول نهاره الى أن أفطر ليس هو فى الفضل كمن عرض له ذلك فجاهد نفسه فى تركه اهـ، (وقوله فصيامه لى) أى من بين سائر الأعمال ليس للصائم فيه حظ، أو هو سر بينى وبين عبدى يفعله خالصا لوجهى (وفى الموطأ فالصيام) بفاء السببية أى بسبب كونه لى انه يترك شهوته لأجلى أو أن فيه صفة الصمدانية وهى التنزيه عن الغذاء (وأنا أجزى به) يعنى صاحبه وقد علم علم أن الكريم إذا تولى الأعطاه بنفسه كان فى ذلك إشارة الى تعظيم ذلك العطاء وتفخيمه، ففيه مضاعفة الجزاء من غير عدد ولا حساب، ولما أفاد سعة الجزاء وفخامته لتوليه بنفسه دفع توهم أنه له غاية ينتهى اليها كغيره من الأعمال بقوله (كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف الا الصيام فهو لى وأنا أجزى به) أى بلا عدد ولا حساب، وأعاد قوله وأنا أجزى به فى آخر الكلام تأكيدًا، وهذا كقوله تعالى {إنما يوفَّى الصابرون أجرهم بغير حساب} والصابرون الصائمون فى أكثر الأقوال لانهم يصِّبرون أنفسهم عن الشهوات (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم.). (2) "قر" عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدّثنا عبد الله قال قرأت على أبي

-[للصائم فرحتان - فرحة عند إفطاره - وفرحة يوم القيامة]- صلى الله عليه وسلم إنَّ الله عزَّ وجلَّ جعل حسنة ابن آدم بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعفٍ إلَّا الصَّوم، والصَّوم لى وأنا أجزى به، وللصَّائم فرحتان، فرحةٌ عند إفطاره وفرحةٌ يوم القيامة، ولخلوف فم الصَّائم أطيب عند الله من ريح المسك (3) عن أبى هريرة وأبى سعيدٍ رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم مثله، وفيه إنَّ للصَّائم فرحتين، إذا أفطر فرح، وإذا لقى الله فجزاه فرح (4) عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والَّذى نفس محمَّدٍ بيده لخلوف فم الصَِّّائم أطيب عند الله من ريح المسك (5) عن سعيد بن أبى هندٍ أنَّ مطرِّفًا رجلٌ من بنى عامر بن صعصعة حدَّثه أنَّ عثمان بن أبى العاص الثَّقفى رضى الله عنه دعا له بلبنٍ ليسقيه

_ حدثكم عمرو بن مجمع أبو المنذر الكندى انا ابراهيم الهدرى عن أبى الأحوص عن عبد الله ابن مسعود الحديث (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار باختصار والطبر إني فى الكبير وزاد عن النبى صلى الله عليه وسلم (اذا كان يوم صوم أحدجكم فلا يرفص ولا يجهل فان جهل عليه جاهل فليقل إنى صائم) وله أسانيد عن دالطبرانى وبعض طرقه رجالها رجال الصحيح وفى اسناد أحمد. عمرو بن مجمع. وهو ضعيف اهـ (قلت) هذا الحديث مما قرأه عبد الله على أبيه ولذا رمزت له بهذه العلامة (قر) فتنبه (3) عن أبى هريرة وأبى سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن فضيل ثنا ضرار وهو أبو سنان عن أبي صالح عن أبى هريرة وأبى سعيد قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله يقول إن الصوم لى وأنا أجزى به، ان للصائم فرحتين اذا أفطر فرح واذا لقى الله فجزاه فرح، والذى نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك (4) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد قال أنا جعفر بن برد عن أم سالم الراسبية قالت سمعت عائشة تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (تخريجه) أخرجه النسائى بأطول من هذا وسنده جيد (5) عن سعيد بن أبي هند (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا هاشم

-[الصيام يقي صاحبه من النار - ودخول الصائمين الجنة من باب الريان]- قال مطرِّفٌ إنِّى صائمٌ، فقال عثمان سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقو الصِّيام جنَّةٌ من النَّار كجنَّة أحدكم من القتال (6) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال قال ربُّنا هزَّ وجلَّ الصِّيام جنَّةٌ يستحنُّ بها العبد من النَّار وهو لى وأنا أجزى به (7) وعن سهل بن سعد رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال إنَّ للجنَّة بابًا يقال له الرَّيَّان (1) قال يقال يوم القيام أين الصَّائمون هلمُّوا إلى الرَّيَّان، فإذا دخل آخرهم (2) أغلق ذلك الباب (وعنه من طريقٍ ثانٍ (3) بنحوه وفيه)

_ قال ثنا ليث حدثنى يزيد بن أبى حبيب عن سعيد بن أبى هند الحديث (غريبه) (1) أى وقاية من النا كما يتقى أحدكم سلاح العدو فى القتال بالملابس الحديدية كالدرع والبيضة ونحوهما (2) ليس هذا آخر الحديث (وبقيته) وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صيامٌ حسنٌ ثلاثة أيام من الشهر (تخريجه) (نس. جه. حب) وسنده جيد (6) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير عن جابر الحديث (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه أحمد باسناده جيد والبيهقى (7) عن سهل بن سعد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أحمد ابن عبد الملك ثنا حماد بن زيد عن أبى حازم عن سهل بن سعد (تخريجه) (1) الكلام على أبواب الجنة تقدم مستوفى فى شرح الحديث الأول، فى باب فضل الصدقه فى سبيل الله من كتاب الزكاة صحيفة 168 رقم 216 وذكرنا هناك أن أبواب الجنة ليست محصورة فى الثمانية المعلومة، بل لها أبواب أخر ذكر منها هناك باب الريان، والريان نقيض العطشان، وهو مما وقعت المناسبة فيه بين لفظه ومعناه، فانه مستق من الرىّ، وهو مناسب لحال الصائمين لانهم بتعطيشهم أنفسهم فى الدنيا يدخلون من باب الريان ليأمنوا من العطش (2) وقع فى رواية عند مسلم (فاذا دخل أولهم) قال القاضى عياض وغيره وهو وهم، والصواب آخرهم (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا بن المفضل ثنا عبد الرحمن

-[لكل أهل عمل باب من أبواب الجنة - وباب الصائمين يقال له الريان]- فإذا دخلوه أغلق فلم يدخل منه غيرهم (1) (8) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكلِّ أهل عملٍ بابٌ من أبواب الجنَّة يدعون بذلك العمل (2) ولأهل الصِّيام بابٌ يدعون منه يقال له الرَّيَّان (3) فقال أبو بكرٍ يا رسول الله هل أحدٌ يدعى من تلك الأبواب كلِّها؟ (4) قال نعم. وأنا أرجوا أن تكون منهم يا أبا بكرٍ

_ ابن إسحاق عن أبى حازم عن سهل بن سعد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للجنة بابا يدعى الريان يقال يوم القيامة أين الصائمون فا 1 ادخلوه أغلق فلم يدخل منه غيرهم، قال فلقيت أبا حازم فسألته فحدثنى به غير أنى لحديث عبد الرحمن أحفظ (1) كرر نفى دخول غيرهم منه تأكيدًا (وأما قوله فلم يدخل) فهو معطوف على أغلق أى لم يدخل منه غير من دخل، وفيه فضيلة الصيام وكرامة الصائمين وما لهم من المنزلة العليا عن دالله عز وجل (تخريجه) (ق. نس. مذ. خز. ش) وزاد الترمذى "ومن دخله لم يظمأ أبدا" وزاد ابن خزيمة "من دخل شرب ومن شرب لم يظمأ أبدا" ونحوه للنسائى والأسماعيلى من طريق عبد العزيز ابن حازم عن أبيه لكنه وقفه (قال الحافظ) وهو مرفوع قطعًا لأن مثله لا مجال للرأى فيه (8) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد قال أنا محمد بم عمرو عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن عن أبى هريرة الحديث" (غريبه) (2) فيه دلالة على أن للجنة أكثر من ثمانية أبواب، لأن الأعمال اكثر من ذلك العدد، ويمكن ان يقال الأبواب الرئيسية ثمانية يدعى من احدها كل من اشتهر بعمل من الأعمال المهمة كالصلاة والزكاة والصيام والحج ونحو ذلك، فمن أدى فرائض الصلاة قى أوقاتها مثلا وأكثر من نوافلها وكان يؤدى الزكاة، ولكنه لا يتصدق تطوعا إلا يسيرا، فهذا يدعى من باب الصلاة، ومن كما يؤدى الزكاة المفروضة ويتصدق كثيرا تطوعا مع أداء الصلاة المفروضة ولكنه مقصر فى النوافل، فهذا يدعى من باب الزكاة وهكذا (3) فى تخصيص باب الصيام بالذكر دلالة على فضل الصيام والصائمين (4) يعنى والله أعلم هل يوجد أحد يحافظ على جميع الأعمال فرضها ونفلها حتى يدعى من تلك الأبواب جميعها؟ قال نعم. وأنا أرجو أن تكون منهم يا أبا بكر، ومعلوم أن رجاء النبى صلى الله عليه وسلم من ربه واقع بلا شك بل وقع صريحا فى حديث ابن عباس عند ابن حبان بلفظ "قال أجل. وانت هو يا أبا بكر" ففى هذا منقبة عظيمة لأبى بكر رضى الله عنه، وفيه أن أعمال البر قل أن تجتمع جميعها لشخص واحد

-[فضل الصيام فى سبيل الله - وفضل الصوم مطلقا]- (9) عن أبي سعيدٍ الخدري رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لا يصوم عبدٌ يومًا فى سبيل الله (1) إلَّا باعد الله بذلك اليوم النَّار عن وجهه سبعين خريفًا (2) (10) عن أبى أمامة (3) رضى الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت مرنى بعملٍ يدخلنى الجنَّة، قال عليك بالصَّوم فانَّه لا عدل (4) له، ثمَّ أتيته الثَّانية، فقال عليك بالصِّيام (5)

_ على السواء، فمن حاز هذه المزية يدعى من جميع الأبواب على سبيل التكريم له وإلا فدخوله إنما يكون من باب واحد، ولعله باب العمل الذى يكون أغلب عليه والله تعالى أعلم (تخريجه) (طب. ش) وصححه الحافظ (9) عن أبى سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير ثنا سفيان عن سمين عن النعمان بن أبى عياش الزرقى عن أبى سعيد - الحديث" (غريبه) (1) هذا محمول على من لا يتضرر به ولا يفوِّت به حقا ولا يختل به قتاله ولا غيره من مهمات غزوه، والا فيتعين الفطر، فان صام فلا ثواب له (2) الخريف السنة، والمراد سبعين سنة (تخريجه) (ق. نس. مذ) (10) عن أبى أمامة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا شعبة ثنا محمد بن أبى يعقوب قال سمعت أبا نصر يحدث عن رجاء بن حيوة عن أبى أمامة - الحديث" (غريبه) (3) هو أبو أمامة الباهلى اسمه الصُّدى بن عجلان ابن عمرو بن وهب الباهلى الصحابى رضى الله عنه (4) بكسر العين المهملة أى لا مثل له كما صرح بذلك فى رواية أخرى (5) فى قوله صلى الله عليه وسلم لأبى أمامة فى المرة الثانية "عليك بالصيام" دلالة على أنه لم يجد له أفضل منه، وهذا لا ينافى ما ثبت فى أحاديث أخرى من أن النبى صلى الله عليه وسلم أجاب بعض السائلين فى مثل هذا بأعمال أخرى غير الصيام، لأنه صلى الله عليه وسلم كالطبيب يصف لكل إنسان من الدواء ما يناسب حاله (تخريجه) (نس. خز. ك) وصححه (وفى رواية للنسائى) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله مرنى بأمر ينفعنى الله به، قال عليك بالصيام فانه لا مثل له (رواه ابن حبان فى صحيحه) بلفظ "قلت يا رسول الله دلنى على عمل أدخل به الجنة، قال عليك بالصوم فانه لا مثل له، قال وكان

-[الصيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة]- (11) عن عبد الله بن عمرو (بن العاص) رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصِّيام والقرآن يشفعان للعبد يوم القيامة يقول، الصِّيام أى ربِّ منعته الطَّعام والشَّهوات بالنَّهار فشفِّعنى فيه، ويقول القرآن منعته النَّوم باللَّيل فشفعنى فيه، قال فيشفَّعان (1) (12) عن أمِّ عمارة (2) بنت كعبٍ (الأنصاريَّة) رضى الله عنها أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم دخل عليها فدعت له بطعامٍ فقال لها كلى فقال إنِّى صائمةٌ، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم إنَّ الصَّائم إذا أكل عنده (3) صلَّت عليه الملائكة حتَّى يفرغوا

_ أبو أمامة لا يرى فى بيته الدخان نهارا إلا إذا نزل بهم ضيف (11) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن حى بن عبد الله عن أبى عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله ابن عمرو - الحديث" (غريبه) (1) بضم أوله وتشديد الفاء أى يشفعهما الله فيه، أى يقبل شفاعتهما ويدخله الجنة، وهذا القول يحتمل الحقيقة بأن يجسد ثوابهما ويخلق فيه النطق، ويحتمل المجاز والتمثيل والله أعلم (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير ورجاله محتج بهم فى الصحيح، ورواه ابن أبى الدنيا فى كتاب الجوع وغيره باسناد حسن، والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم اهـ (12) عن ام عمارة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم بن القاسم قال ثنا شعبة عن حبيب الأنصارى قال سمعت مولاة لنا يقال لها ليلى تحدث عن جدته أم عمارة بنت كعب أن النبى صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (2) اسمها نسيبة بنت كعب بن عمرو بن مبذول بن عمرو بن غنم بن مازن بن النجار الأنصارية النجارية والدة عبد الله وحبيب ابنى زيد بن عاصم، قال أبو عمر شهدت بيعة العقبة، وشهدت احدا مع زوجها وولدها منه فى قول ابن إسحاق، وشهدت بيعة الرضوان، ثم شهدت قتال مسيلمة باليمامة وجرحت يومئذ اثنتى عشرة جراحة وقطعت يدها، وقتل ولدها حبيب، روت عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث، روى عنها ابنها عباد بن تميم بن زيد. والحارث بن عبد الله بن كعب. وعكرمة. وليلى مولاة لهم، كذا فى الأصابة للحافظ وطوّل فى ترجمتها بما يدل على فضلها وشجاعتها، وقد اقتصرت فى ترجمتها على هذا المقدار رضى الله عنها (3) أى إذا أكل المفطرون وهو حاضر (صلت

-[الصائم إذا أكل عنده فواطر صلت عليه الملائكة]- ربَّما قال حتَّى يقضوا أكلهم (13) عن حبيب بن زيدٍ عن مولاته ليلى عن عمَّته (1) أمِّ عمارة أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم دخل عليها قال وثاب (2) إليها رجالٌ من قومها، قال فقدَّمت إليهم تمرًا فأكلوا فتنحَّى رجلٌ منهم، فقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ما شأنه؟ فقال إنِّى صائمٌ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أما إنَّه ما من صائمٍ يأكل عنده فواطر إلَّا صلَّت عليه الملائكة حتَّى يقوموا (14) عن عامر بن مسعودٍ الجمحى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصَّوم فى الشِّتاء الغنيمة الباردة (4)

_ عليه الملائكة) أى استغفرت له بسبب صبره على الجوع مع وجود الأكل لا سيما اذا مالت نفسه اليه واشتد صومه عليه (تخريجه) (نس جه مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح (13) عن حبيب بن زيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود بن عامر قال ثنا شريك عن حبيب بن زيد - الحديث" (غريبه) (1) المراد بالمولاة هنا المعتقة بفتح التاء المثناة أى معتوقته (2) هذا يخالف ما تقدم فى سند الحديث السابق حيث قال "سمعت مولاة لنا يقال لها ليلى تحدث عن جدته أم عمارة" والظاهر أن ما هنا وهم فيه بعض الرواة والصواب جدته، قال الترمذى عقب ايراد الحديث. وأم عمارة هى جدة حبيب ابن زيد الأنصارى اهـ ولعله يريد بذلك دفع هذا الوهم والله أعلم (3) أى رجع الى بيتها رجال من قومها، يقال ثاب يثوب ثوبا ويؤوبا إذا رجع، ومنه قيل للمكان الذى يرجع اليه الناس مثابة. قال تعالى {وإذ جعلنا البيت مثابة للناس وأمنا} (تخريجه) (نس. جه. مذ) وسنده جيد (14) عن عامر بن مسعود (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن سفيان عن أبى اسحاق عن نمير بن عريب عن عامر بن مسعود - الحديث" (غريبه) (4) أى الحاصلة بلا مشقة، وذلك لأنهم كانوا فى بلاد شديدة الحر جدا والبرد عندهم من أكبر النعم، فالصوم فى الشتاء غنيمة باردة لكل من يسكن البلاد الحارة، فينبغى للأنسان أن يكثر من صيام التطوع فى الشتاء لقصر يومه وعدم الحر فيه، وشبهه بالغنيمة الباردة بجامع أن كلا منهما حصول نفع بلا مشقة (تخريجه) (عل. طب. هق) ورواه أيضًا (طب. هب

-[زوائد الباب فى فضل الصيام والصائمين]- .....

_ وابن عدي) عن أنس بن مالك، ورواه أيضًا ابن عدى والبيهقى عن جابر، وحديث الباب حسّنه الحافظ السيوطى (زوائد الباب) عن معاذ بن جبل رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له ألا أدلك على أبواب الخير؟ قلت بلى يا رسول الله. قال الصوم جنة. والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار، رواه الترمذى ضمن حديث طويل وصححه (وعن أبى هريرة) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغزوا تغنموا. وصوموا تصحوا. وسافروا تستغنوا. أورده المنذرى وقال رواه الطبرانى فى الأوسط ورواته ثقات (وعنه أيضًا) لو أن رجلا صام يوما تطوعا ثم أعطى ملء الأرض ذهبًا لم يستوف ثوابه دون يوم الحساب، رواه أبو يعلى والطبرانى ورواته ثقات الا ليث بن أبى سليم، قاله المنذرى (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا موسى على سرية فى البحر فبينما هم كذلك قد رفعوا الشراع فى ليلة مظلمة إذا هاتف فوقهم يهتف يا أهل السفينة قفوا أخبركم بقضاء قضاه الله على نفسه، فقال أبو موسى أخبرنا إن كنت مخبرًا، قال إن الله تبارك وتعالى قضى على نفسه أنه من أعطش نفسه له فى يوم صائف سقاه الله يوم العطش، أورده المنذرى وقال رواه البزار باسناد حسن ان شاء الله، قال ورواه ابن أبى الدنيا من حديث لقيط عن أبي بردة عن أبى موسى بنحوه إلا أنه قال فيه قال (إن الله قضى على نفسه أن من عطّش نفسه لله فى يوم حار كان حقًا على الله أن يرويه يوم القيامة) قال فكان أبو موسى يتوخى اليوم الشديد الحر الذى يكاد الأنسان ينسلخ فيه حرا فيصومه (الشراع) بكسر الشين المعجمة هو قلع السفينة الذى يصفقه الريح فتمشى (وعن أبي هريرة) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل شئ زكاة، وزكاة الجسد الصوم، والصيام نصف الصبر (رواه ابن ماجه) وجاء عند الامام أحمد (الصوم نصف الصبر) من حديث طويل عن رجل من بنى سليم سيأتى بتمامه وشرحه فى باب ما جاء فى فضل سبحان الله والحمد لله من كتاب الاذكار (وعن أبى الدرداء) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوما فى سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقا كما بين السماء والأرض (طب. طس) باسناد حسن (وعن أبي هريرة) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صام يوما فى سبيل الله زحزح الله وجهه عن النار بذلك اليوم سبعين خريفًا رواه النسائي باسناد حسن، والترمذى من رواية ابن لهيعة وقال حديث غريب، ورواه ابن ماجه من رواية عبد الله بن عبد العزيز الليثى وبقية الاسناد ثقات (وعن عمرو ابن عبسة) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوما فى سبيل الله بعدت عنه النار مسير مائة عام، رواه الطبرانى فى الكبير والأوسط باسناد لا بأس به، قال الحافظ المنذرى بعد إيراد هذه الأحاديث الثلاثة وغيرها، وقد ذهب طوائف من العلماء إلى أن هذه الأحاديث جاءت فى فضل الصوم في

-[من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه]- (2) باب فضل صيام رمضان وقيامه (15) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا (1) غفر له ما تقدَّم من ذنبه (2)

_ الجهاد وبوب على هذا الترمذى وغيره، وذهبت طائفة إلى أن كل الصوم فى سبيل الله إذا كان خالصا لوجه الله تعالى اهـ (وعن قيس بن يزيد الجهنى) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوما تطوعا غرست له شجرة فى الجنة ثمرها أصغر من الرمان وأضخم من التفاح، وعذوبته كعذوبة الشهد. وحلاوته كحلاوة العسل، يطعم الله منه الصائم يوم القيامة، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الكبير وفيه يحيى بن يزيد الأهوازى، قال الذهبى لا يعرف (وعن أنس بن مالك) رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "الصوم يزيل اللحم ويبعد من حر السعير؛ إن لله مائدة عليها مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، لا يقعد عليها إلا الصائمون" أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الأوسط وفيه عبد المجيد بن كثير الحرانى ولم أجد من ترجمته (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل الصيام مطلقًا سواء أكان فرضا أم نفلا، وعلى فضل الصائمين أيضًا. وأن فضل الصوم كبير جدًا لا يعلمه إلا الله عز وجل. بخلاف الأعمال الأخرى وذلك باتفاق العلماء، وقد بينا فى شرح كل حديث ما يختص به بمالا يحتاج معه إلى مزيد والله الموفق (15) عن أبى هريرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن فضيل ثنا يحيى يعنى ابن سعيد عن أبى سلمة عن أبى هريرة - الحديث" (غريبه) (1) قال الخطابى قوله إيمانا واحتسابا أى نية وعزيمة، وهو أن يصومه على التصديق والرغبة فى ثوابه طيبة به نفسه غير كاره ولا مستثقل لصيامه ولا مستطيل لأيامه لكن يغتنم طول أيامه لعظم الثواب (وقال البغوى) قوله احتسابا أى طلبا لوجه الله تعالى وثوابه، يقال فلان يحتسب الأخبار ويتحسبها أى يتطلبها (2) ظاهر الحديث غفران الصغائر والكبائر وفضل الله واسع، لكن المشهور من مذاهب العلماء فى هذا الحديث وأمثاله كحديث غفران الخطايا بالوضوء وبصوم يوم عرفه ويوم عاشوراء ونحوه أن المراد غفران الذنوب الصغائر فقط كما فى حديث الوضوء - ما لم يؤت - كبيرة - ما اجتنبت الكبائر - وقال النووى فى التخصيص نظر، لكن أجمعوا على أن الكبائر لا تسقط إلا بالتوبة أو بالحد اهـ (فان قيل) قد ثبت فى الصحيح هذا الحديث فى قيام رمضان والآخر فى صيامه والآخر فى قيام ليلة القدر والآخر فى صوم عرفة أنه كفارة سنتين، وفى عاشوراء أنه كفارة سنة. والآخر رمضان إلى رمضان كفارة لما بينهما - والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما - والجمعه الى الجمعة كفارة لما بينهما -

-[الترغيب في قيام رمضان وفضله]- (زاد في روايةٍ وما تأخَّر) (1) (16) وعنه أيضًا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغِّب فى قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمةٍ (2) فيقول من قام رمضان (3) إيمانًا واحتسابًا غفر له

_ من وافق تأمينه تامين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه، ونحو ذلك فكيف الجمع بينها؟ (أجيب) بأن المراد أن كل واحدة من هذه الخصال صالحة لتكفير الصغائر، فان صادفها كفرتها، وإن لم يصادفها فان كان صاحبها سليما من الصغائر لكونه صغيرا غير مكلف أو موقفا لم يعمل صغيرة أو عملها وتاب أو فعلها وعقبها بحسنة أذهبتها كما قال تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات} فهذا يكتب له بها حسنات ويرفع له بها درجات (وقال بعض العلماء) ويرجى أن يخفف بعض الكبيرة أو الكبائر والله أعلم (1) هذه الزيادة رواها الأمام أحمد من طريق أخرى فقال حدثنا عفان قال حدثنا حماد بن سلمة أنبأنا محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة، قال حماد وثاب عن الحسن عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر (تخريجه) (ق والأربعة وغيرهم) بدون الزيادة (قال الحافظ المنذرى) ورواه أحمد بالزيادة بعد ذكر الصوم باسناد حسن إلا أن حمادا شك فى وصله أو ارساله، قال وفى رواية للنسائي عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "من صام رمضان ايمانًا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" قال وفى حديث قتيبة (وما تأخر) قال الحافظ المنذرى انفرد بهذه الزيادة قتيبة بن سعيد عن سفيان وهو ثقة ثبت واسناده على شرط الصحيح اهـ (16) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر وعبد الأعلى عن معمر عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة - الحديث" (غريبه) (1) فيه التصريح بعدم وجوب القيام، وقد فسره بقوله من قام الخ فانه يقتضى الندب دون الأيجاب، واصرح منه قوله فى حديث عبد الرحمن بن عوف الآتى فى باب الأحوال التى عرضت للصيام (وسننت قيامه) بعد قوله (إن الله عز وجل فرض صيام رمضان) (2) قال الحافظ أى قام لياليه مصليا، والمراد من قيام الليل ما يحصل به مطلق القيام كما فى التهجد سواء، وذكر النووى أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح يعنى أنه يحصل بها المطلوب من القيام، لا أن قيام رمضان لا يكون إلا بها، وأغرب الكرمانى فقال اتفقوا على أن المراد بقيام رمضان صلاة التراويح، وتقدم الكلام على قيام رمضان فى أبواب صلاة التراويح فى أول الجزء الخامس فارجع اليه (وقوله إيمانا واحتسابا) تقدم الكلام عليه فى شرح الحديث السابق وقال النووى معنى ايمانًا تصديقا بانه حق معتقدًا فضيلته (ومعنى احتسابا) أن يريد الله تعالى وحده لا يقصد رؤية الناس ولا غير ذلك

-[فضل قيام رمضان وقيام ليلة القدر]- ما تقدَّم من ذنبه (1) (وعنه من طريقٍ ثانٍ بنحوه (2) وفيه) ولم يكن رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم جمع النَّاس على القيام (17) عن أبى سلمة أنَّ أبا هريرة أخبره أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر (3) إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدَّم من ذنبه (18) عن أبى سعيدٍ الخدرى رضي الله عنه قال سمعت رسول الله

_ مما يخالف الأخلاص (1) قال الحافظ زاد قتيبة عن سفيان عند النسائى وما تأخر، قال ووردت هذه الزيادة من طريق أبى سلمة من وجه آخر أخرجها أحمد من طريق حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة، وعن ثابت عن الحسن كلاهما عن النبى صلى الله عليه وسلم (قلت يشير إلى الزياده المتقدمة فى الحديث السابق وقد ذكرت حديثها بسنده ولفظه فى الشرح) قال وقد ورد فى غفران ما تقدم وما تأخر من الذنوب عدة أحاديث جمعتها فى كتاب مفرد اهـ باختصار (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل بن عمر ثنا ابن أبى ذئب عن ابن شهاب عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة قال "سمعت وسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب الناس فى قيام رمضان ويقول من قامه ايمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ولم يكن رسول الله جمع الناس على القيام" أى لم يكن هو الذى جمعهم على القيام بل اجتمعوا من أنفسهم، وقصة اجتماعهم تقدمت فى أبواب التراويح فى أول الجزء الخامس (تخريجه) (ق. الأربعة) (17) عن أبي سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى قال ثنا شيبان عن يحيى قال أخبرنى أبو سلمه أن أبا هريرة - الحديث" (غريبه) (3) يحصل قيام ليلة القدر باى نوع من أنواع العبادة كصلاة وقراءة قرآن وذكر ونحو ذلك ويجمع ذلك كله فهى أفضل، لا سيما ولفظ القيام يشعر بذلك (وقد اختلف) فى المراد بالقدر الذى أضيفت إليه الليلة فقيل هو التعظيم لقوله تعالى {وما قدر الله حق قدره} والمعنى أنها ذات قدر لنزول القرآن فيها ولما يقع فيها من نزول الملائكة، أو لما ينزل فيها من البركة والرحمة والمغفرة، أو أن الذى يحييها يكون ذا قدر، وقيل غير ذلك وسيأتى عند الكلام عليها فى بابها إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق. والثلاثة. وغيرهم) (18) عن أبى سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا علي بن

-[تكفير الذنوب ومضاعفة الأجر لمن راعى حدود الصيام فى رمضان]- صلى الله عليه وسلم يقول من صام رمضان وعرف حدوده (1) وتحفَّظ ممَّا كان ينبغي له أن يتحفَّظ فيه كفر ما قبله (2) (19) عن ثوبان (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان فشهرٌ بعشرةٍ أشهرٍ (3) وصيام ستَّة أيَّامٍ بعد الفطر (4) فذلك تمام صيام السَّنة (20) عن معاذ بن جبلٍ رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من لقي الله لا يشرك به شيئًا يصلِّى الخمس ويصوم رمضان غفر

_ إسحاق أنا عبد الله يعنى ابن مبارك أنا يحيى بن أيوب عن عبد الله بن قريط أن عطاء بن يسار حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدرى يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) أى بأن يصومه راغبًا فى الثواب خائفًا من العقاب مخلصًا لوجه الله تعالى (ومعنى التحفظ) أى يجتنب اللغو والرفص والمخاصمة والغيبة والنظر الى ما يثير شهوتى البطن والفرج ونحو ذلك (2) أى من الذنوب الصغائر كما تقدم والله أعلم (تخريجه) (حب. هق) وسنده جيد (19) عن ثوبان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الحكم بن نافع ثنا ابن عياش عن يحيى بن الحارث النمارى عن أبى أسماء الرحبى عن ثوبان - الحديث" (غريبه) (3) اى باعتبار أن الحسنة بعشر أمثالها (4) أى من شوال اى باعتبار الحسنة بعشر أمثالها كما مر، فيكون الشهر بعشرة أشهر والستة أيام بشهرين فكأنه صام العام كله (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه ابن ماجه والنسائى ولفظه "جعل الله الحسنة بعشر أمثالها فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بعد الفطر تمام السنة" (وابن خزيمة) فى صحيحه ولفظه وهو رواية النسائى قال "صيام رمضان بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بشهرين فذلك صيام السنة" (وابن حبان فى صحيحه) ولفظه "من صام رمضان وستًا من شوال فقد صام السنة" رواه أحمد والبزار والطبرانى من حديث جابر بن عبد الله اهـ (قلت) حديث جابر المشار اليه فى باب صيام ست من شوال من أبواب صيام التطوع إن شاء ألله تعالى (20) عن معاذ بن جبل (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا زهير بن محمد ثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل - الحديث"

-[ما جاء في صيام رمضان وشوال والأربعاء والخميس والجمعة]- له (1) قلت أفلا أبشِّرهم يا رسول الله، قال دعهم يعملوا (2) (21) عن عكرمة بن خالد قال حدَّثنى عريفٌ (3) من عرفاء قريشٍ حدَّثنى أبى أنَّه سمع من فلقٍ (4) فى رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام رمضان وشوَّالًا والأربعاء والخميس والجمعة دخل الجنَّة

_ (غريبه) (1) أي إن لم يكن مرتكبا كبيرة، فان كان مرتكبًا فهو فى خطر المشيئة إن شاء الله عذبه بذنبه، وإن شاء عفا عنه بفضله؛ هذا مذهب السلف (2) أى لا تخبرهم لئلا يتركوا العمل ويتكلوا على ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد بهذا اللفظ وسنده جيد ومعناه فى الصحيحين (21) عن عكرمة بن خالد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا ثابت قال عفان بن زيد أبو زيد ثنا هلال بن خباب عن عكرمة بن خالد - الحديث" (غريبه) (3) العريف هو القيم بأمر القبيلة أو الجماعة من الناس يلى أمورهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم (4) بسكون اللام هو الشق. والمعنى أنه سمع هذا الحديث من شق فم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مبالغة فى أنه لم يسمعه من غيره بل سمعه منه مباشرة (تخريجه) لم أقف عليه بذكر رمضان وشوال لغير الأمما أحمد، وفى إسناده رجل لم يسم وهو العريف فلا يحتج به، وقد وردت أحاديث فى صوم الأربعاء والخميس والجمعة بدون ذكر رمضان وشوال منها (عن ابن عباس) رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام الأربعاء والخميس والجمعة بنى الله له بيتا فى الجنة يرى ظاهره من باطنه وباطنه من ظاهره، أورده الحافظ المنذرى بصيغة التمريض وقال رواه الطبرانى فى الأوسط، ورواه فى الكبير من حديث أبى أمامة (ومنها) ما رواه البيهقى بسنده عن أيوب بن نهيك مولى سعد بن أبى وقاص عن عطاء عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من صام يوم الأربعاء والخميس والجمعة وتصدق بما قلَّ أو كثر غفر الله له ذنوبه وخرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، قال أيوب بن نهيك وحدثنى محمد بن على بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن ابن عباس انه كان يستحب أن يصوم الأربعاء والخميس والجمعة، ويخبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأمر بصومهن وأن يتصدق بما قلَّ أو كثر فان لله الفضل الكثير، رواه البيهقى، وفى إسناده عبد الله بن واقد، قال البيهقى غير قوى وثقه بعض الحفاظ وضعفه بعضهم، قال ورواه يحيى البابلى عن أيوب بن نهيك عن محمد بن قيس عن أبي حازم عن

-[فضل صوم رمضان وثلاثة أيام من كل شهر - وزوائد الباب - وأحكامه]- (22) عن عبد الله بن الشِّخِّير عن الأعرابى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صوم شهر الصَّبر (1) وثلاثة أيَّامٍ من كلِّ شهرٍ يذهبن وحر الصَّدر (2)

_ ابن عمرو، البابلتى ضعيف، قال وروى فى صوم الأربعاء والخميس والجمعة من أوجه أخر أضعف من هذا عن أنس اهـ كلام البيهقى (22) (عن عبد الله بن الشخير) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بسنده وشرحه فى الباب الأول من أبواب الأمان والصلح من كتاب الجهاد ان شاء الله تعالى (غريبه) (1) يعنى شهر رمضان وسمى شهر الصبر، لأن الصائم يحبس نفسه عن شهواتها، وحبس النفس عما تشتهى هو معنى الصبر، وسيأتى الكلام على صوم الثلاثة الأيام وبيانها فى بابها من أبواب صيام التطوع ان شاء الله (2) وحر الصدر بفتح الواو والحاء المهملة بعدهما راء، هو غشه وحقده ووساوسه (تخريجه) أورده الحافظ المنذرى عن ابن عباس، وقال رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، قال ورواه أحمد وابن حبان فى صحيحه والبيهقى. الثلاثة من حديث الأعرابى ولم يسموه، ورواه البزار أيضا من حديث على (زوائد الباب) (عن أبى سعيد الخدرى) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شهر رمضان شهر أمتى، يمرض مريضهم فيعودونه، فاذا صام مسلم لم يكذب ولم يغتب وفطره طيب. سعى الى العتمات. محافظًا على فرائضه. خرج من ذنوبه كما تخرج الحية من سلخها، أورده المنذرى بصيغة التمريض وقال رواه أبو الشيخ (وعن عمرو بن مرة الجهنى) رضى الله عنه قال جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت ان شهدت أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وصليت الصلوات الخمس وأديت الزكاة وصمت رمضان وقمته فمن أنا؟ قال من الصديقين والشهداء، أورده المنذرى وقال رواه البزار وابن خزيمة وابن حبان فى صحيحيهما واللفظ لابن حبان (وروى البيهقى) قال أخبرنا أبو محمد ابن يوسف ثنا أبو الطيب المظفر بن سهل الخليلى ثنا اسحاق بن أيوب بن حبان الواسطى عن أبيه قال سمعت رجلا سأل سفيان بن عيينة فقال يا أبا محمد فيما يرويه النبى صلى الله عليه وسلم عن ربه عز وجل "مل عمل ابن آدم له إلا الصوم فانه لى وأنا أجزى به" فقال ابن عيينة هذا من أجود الأحاديث وأحكمها، إذا كان يوم القيامة يحاسب الله عز وجل عبده ويؤدى ما عليه من المظالم من سائر عمله حتى لا يبقى الا الصوم، فيتحمل الله عنه ما بقى عليه من الظالم ويدخله بالصوم الجنة (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل صيام شهرس رمضان وانه مكفر جميع الذنوب الصغاير، وقد تقدم فى شرح كل حديث من أحاديث الباب ما يناسبه من الأحكام والله الموفق

-[مذاهب العلماء في قولهم جاء رمضان ونحوه من غير ذكر الشهر وجواز ذلك]- (5) باب ما جاء فى فضل شهر رمضان والعمل فيه (23) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال لمَّا حضر رمضان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاءكم رمضان (1) شهرٌ مباركٌ افترض الله عليكم صيامه، تفتح فيه أبواب الجنَّة، وتغلق فيه أبواب الجحيم، وتغلُّ فيه الشَّياطين (2) فيه ليلةٌ

_ (23) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل ثنا أيوب عن أبى قلابة عن أبى هريرة - الحديث" (غريبه) (1) قال النووى رحمه الله فيه دليل للمذهب الصحيح المختار الذى ذهب اليه البخارى والمحققون أنه يجوز أن يقال رمضان من غير ذكر الشهر بلا كراهة وفى هذه المسألة ثلاثة مذاهب (قالت طائفة) لا يقال رمضان على انفراده بحال وإنما يقال شهر رمضان، هذا قول أصحاب مالك، وزعم هؤلاء أن رمضان اسم من أسماء الله تعالى فلا يطلق على غيره إلا بقيد (وقال أكثر أصحابنا) وابن الباقلانى ان كان هناك قرينة تصرفه الى الشهر فلا كراهة وإلا فيكره، قالوا فيقال صمنا رمضان قمنا رمضان، ورمضان أفضل الأشهر، ويندب طلب ليلة القدر فى أواخر رمان وأشباه ذلك ولا كراهة فى هذا كله، وانما يكره أن يقال جاء رمضان. ودخل رمضان. وأحضر رمضان. وأحب رمضان ونحو ذلك (والمذهب الثالث) مذهب البخارى والمحققين أنه لا كراهة فى إطلاق رمضان بقرينة وبغير قرينة، وهذا المذهب هو الصواب، والمذهبان الأولان فاسدان لأن الكراهة إنما تثبت بنهى الشرع ولم يثبت فيه نهى، وقولهم إنه اسم من أسماء الله تعالى ليس بصحيح ولم يصح فيه شئ وإن كان قد جاء فيه أثر ضعيف، وأسماء الله تعالى توقيفية لا تطاق الا بدليل صحيح، ولو ثبت أنه اسم لم يلزم منه كراهة؛ وهذا الحديث المذكور فى الباب صريح فى الرد على المذهبين، ولهذا الحديث نظائر كثيرة فى الصحيح فى اطلاق رمضان على الشهر من غير ذكر الشهر. والله أعلم اهـ (2) فى رواية عند مسلم إذا جاء رمضان فتّحت أبواب الجنة وغلّقت أبواب النار وصفّدت الشياطين، وله فى أخرى "إذا كان رمضان فتحت أبواب الرحمة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين، وكلها بمعنى واحد والخلاف فى اللفظ فقط (قال القاضى عياض) رحمه الله يحتمل أنه على ظاهره وحقيقته وأن تفتيح أبواب الجنة وتغليق أبواب جهنم وتصفيد الشياطين علامة لدخول الشهر وتعظيم لحرمته، ويكون التصفيد ليمنعوا من ايذاء المؤمنين والتهويش عليهم، قال ويحتمل أن يكون المراد المجاز ويكون اشارة الى كثرة الثواب والعفو وأن الشياطين يقل اغواؤهم وإيذاؤهم

-[كلام العلماء فى تصفيد الشياطين فى رمضان]- خيرٌ من ألف شهرٍ (1) من حرم خيرها فقد حرم

_ فيصيرون كالمصفدين ويكون تصفيدهم عن أشياء دون أشياء، ولناس دون ناس، ويؤيد هذه الرواية الثانية "فتحت أبواب الرحمة" وجاء فى حديث آخر صفدت مردة الشياطين، (قال القاضى) ويحتمل أن يكون فتح أبواب الجنة عبارة عما يفتحه الله تعالى لعباده من الطاعات فى هذا الشهر التى لا تقع فى غيره عموما كالصيام والقيام وفعل الخيرات والانكفاف عن كثير من المخالفات، وهذه أسباب لدخول الجنة وأبواب لها، وكذل تغليق أبواب النار، وتصفيد الشياطين عبارة عما ينكفون عنه من المخالفات (ومعنى صفدت) غللت والصفد بفتح الفاء الغل بضم الغين وهو معنى سلسلت فى الرواية الأخرى اهـ كلام القاضى (وقال القرطبى رحمه الله) فى معنى قوله صلى الله عليه وسلم وتغل فيه الشياطين أنها انما تغل عن الصائمين الصوم الذى حوفظ على شروطه وروعيت آدابه. أو المصفد بعض الشياطين وهم المردة لا كلهم. والمقصود تقليل الشروو منهم فيه، وهذا أمر محسوس فان وقوع ذلك فيه أقل من غيره. اذ لا يلزم من تصفيد جميعهم أن لا يقع شرور ولا معصية، لأن لذلك أسبابا غير الشياطين كالنفوس الخبيثة والعادات القبيحة والشياطين الأنسية اهـ (1) هى ليلة القدر ومعنى أنها خير من ألف شهر ان الحسنة فيها أفضل من ألف حسنة فى غيرها، ولذلك قال من حرم خيرها فقد حرم. يعنى من خير كثير، وسيأتى الكلام على ليلة القدر مستوفى فى بابها ان شاء الله (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه النسائى والبيهقى وكلاهما عن أبى قلابة عن أبى هريرة ولم يسمع منه فيما أعلم (قلت جاء معناه فى رواية مسلم ما عدا القدر المختص بليلة القدر وهو ثابت بالقرآن) قال قال الحليمى وتصفيد الشياطين فى شهر رمضان يحتمل أن يكون المراد أيامه خاصة (قلت الظاهر أنه يعنى مدى وجود النبى صلى الله عليه وسلم بدليل ما يفهم من قوله فى الاحتمال الثانى الآتى) قال وأراد الشياطين التى هي مسترقة السمع، ألا تراه قال مردة الشياطين، لأن شهر رمضان كان وقتًا لنزول القرآن الى السماء الدنيا وكانت الحراسة قد وقعت بالشهب كما قال "وحفظا من كل شيطان مارد" فزيدوا التصفيد فى شهر رمضان مبالغة فى الحفظ والله أعلم (ويحتمل) أن يكون المراد أيامه وبعده، والمعنى أن الشياطين لا يخلصون فيه من إفساد الناس الى ما كانوا يخلصون اليه فى غيره لاشتغال المسلمين بالصيام الذى فيه قمع الشهوات وبقراءة القرآن وسائر العبادات اهـ

-[كلام العلماء في فتح أبواب الجنة وغلق أبواب النار فى رمضان هل مجاز أو حقيقة]- (24) عن عرفجة (1) قال كنت عند عتبة بن فرقد (2) وهو يحدِّث عن رمضان قال فدخل علينا رجلٌ من أصحاب محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم فلما رآه عتبة هابه فسكت (3) قال فحدِّث عن رمضان، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى رمضان تغلق أبواب النَّار وتفتح فيه أبواب الجنَّة (4) وتصفَّد فيه الشَّياطين، قال وينادى فيه ملكٌ (5) يا باغى الخير أبشر، ويا باغى الشَّرِّ أقصر، حتَّى ينقضي رمضان

_ (24) عن عرفجة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبيدة بن حميد أبو عبد الرحمن حدثنى عطاء بن السائب عن عرفجة - الحديث (غريبه) (1) هو ابن عبد الله الثقفى (2) قال فى الاصابة عتبة بن فرقد بن يربوع السلمى صحابي له حديث عداده فى الكوفيين. وعنه قيس بن أبى حازم (3) لم يذكر اسم الصحابى الذى دخل على عتبة، والظاهر أنه كان يمتاز عن عتبة إما بكبر سنه. أو غزارة علمه. أو قدم صحبته. ولذا هابه عتبة عندما رآه وسكت، وهذا من حسن الأدب ومكارم الأخلاق (4) قال بعض العلماء إنما تفتح أبواب الجنة ليعظم الرجاء ويكثر العمل وتتعلق بها الهمم ويتشوق اليها الصابرون، وتغلق أبواب النار لتخزى الشياطين ونقل المعاصى ويصد بالحسنات فى وجوه السيئات، وقال بعضهم إن معنى قوله فتحت أبواب الجنة كثرت الطاعات وغلقت أبواب النار وانقطعت المعاصى أو قلت، وحمل ذكر الأبواب فى الوجهين على سبيل المجاز والتمثيل (قال الأمام أبو بكر بن العربى) رحمه الله وهذا مجاز جائز لا يقطع الحقيقة ولا يعارضها، وكلا المعنيين صحيحان موجودان والحمد لله اهـ "وقوله وتصفد" بضم أوله وفتح الصاد المهملة بعدها فاء ثقيلة مفتوحة. أى شدت بالأصفاد وهى الأغلال، وهو بمعنى سلسلت فى بعض الروايات (5) (إن قيل) ما فائدة هذا النداء وهو غير مسموع (فالجواب) أنه قد علم الناس بهذا النداء بأخبار الصادق وبه يحصل المطلوب بأن يتذكر الناس كل ليلة بأنها ليلة المناداة فيتعظ بها "وقوله يا باغى الخير أقبل "معناه يا طالب الخير أقبل على فعل الخير فهذا أوانك فانك تعطى الجزيل بالعمل القليل، أو معناه يا طالب الخير المعرض عنا وعن طاعتنا أقبل الينا وعلى عبادتنا فان الخير كله تحت قدرتنا "ويا باغى الشر أقصر" بفتح الهمزة وكسر الصاد المهملة أى ما مريد المعصية أمسك عن المعاصى وارجع الى الله، فهذا أوان قبول النبوة وزمان استعددا المغفرة، قال فى االمرقاة ولعل طاعة المطيعين وتوبة المذنبين ورجوع المقصرين فى رمضان من أثر النداءين ونتيجة اقبال الله تعالى على الطالبين، ولهذا

-[مدارسة جبريل القرآن مع النبى صلى الله عليه وسلم فى رمضان]- (25) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود النَّاس (1) وكان أجود ما يكون فى رمضان حين يلقى جبريل (2) وكان جبريل يلقاه فى كلِّ ليلةٍ من رمضان فيدارسه (3) القرآن، قال فلرسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أجود بالخير من الرِّيح المرسلة (4)

_ ترى أكثر المسلمين صائمين حتى الصغار والجوار بل غالبهم الذين يتركون الصلاة يكونون حينئذ مصلين مع أن الصوم أصعب من الصلاة، وهو يوجب ضعف البدن الذى يقتضى الكسل عن العبادة وكثرة النوم عادة، ومع ذلك ترى المساجد معمورة وباحياء الليل مغمورة والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله (تخريجه) (لك. نس) وسنده جيد، وله شاهد من حديث أبى هريرة عند (مذ. جه. خز. حب. هق. ك) وقال صحيح على شرطهما ولم يخرجاه بهذه السياقة (قلت) وأقره الذهبى (26) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عتاب ثنا عبد الله قال أنا يونس عن الزهرى قال حدثنى عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس الخ (غريبه) (1) فيه احتراس بليغ لئلا يخيل مما يتلوه أن الأجودية خاصة منه فيه فاثبت له الأجودية المطلقة أولا ث معطف عليها ما ينبئ بمضاعفتها فى شهر فيضان النعم (2) أى لأن فى ملاقاته زيادة ترقية فى مقاماته لأنه يهبط عليه عليه الصلاة والسلام بالعلوم ويتابع إمداد الكرامة عليه فيجد فى ذلك المقام ما يبعث على زيادة الجود والسخاء، فينعم على عبدا الله تعالى بما أنعم به عليه، ويحسن اليهم بتعليم جاهلهم واطعام جائعهم كما أحسن الله اليه، شكرًا للمنعم على ما آتاه وأولاه؛ وأيضًا فان رمضان موسم الخيرات، لأن نعم الله سبحانه على عباده تربو فيه على غيره، وكان صلى الله عليه وسلم يؤثر على متابعة سنة الله تبارك وتعالى فى عباده (3) التدارس أن يقرأ بعض القوم مع بعض شيئًا أو يعلِّم بعضهم بعضًا ويبحثون فى معناه، أو فى تصحيح ألفاظه وحسن قراءته، والظاهر أن جبريل عليه السلام كان يسمع القرآن من النبى صلى الله عليه وسلم ويقرئه إياه ليزدادا حفظا واتقانا (4) أى التى يرسلها الله عز وجل بشرايين يدى رحمته، وآثرهما بالذكر احتراسا من غيرها كالريح العقيم والصرصر العاتية وأشار الى استمرار هبوبها مدة ارسالها وعموم نفعها وأنها آتية بالغيث الذى تحيا به الأرض بعد موتها، لذلك وقع التشبيه بها وشتان بين الأثرين والله أعلم (تخريجه) (ق. نس مذ) في الشمائل

-[تزيين الجنة في كل يوم من رمضان واستنفار الملائكة للصالحين حتى يفطروا]- (26) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أعطيت أمَّتى خمس خصالٍ فى رمضان لم تعطها أمَّةٌ قبلهم، (1) خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وتستغفر لهم الملائكة حتَّى يفطروا، ويزيِّن الله عزَّ وجلَّ كلَّ يومٍ جنَّته ثمَّ يقول يوشك عبادي الصَّالحون أن يلقوا عنهم المؤنة (2) والأذى ويصيروا إليك، ويصفَّد فيه مردة الشَّياطين (3) فلا يخلصوا إلى ما كانوا يخلصون فى غيره (4) ويغفر لهم فى آخر ليلةٍ، قيل يا رسول الله أهى ليلة القدر؟ قال لا ولكن العامل إنَّما يوفَّى أجره إذا قضي عمله (5)

_ (26) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا هشام ابن أبى هشام عن محمد بن الأسود عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة - الحديث" (غريبه) (1) يعنى أن هذه الخصال من خصائص هذه الأمة أى أمة الأجابة (2) أى ثقل النفقة على الأولاد ومشقة السعى للارتزاق فى الدنيا، وفى المؤنة لغات. إحداها على فعولة لفتح الفاء وبهمزة مضمومة والجمع مئونات على لفظها، ومأنت القوم أمأنهم مهموز بفتحتين (واللغة الثانية) مؤنة بهمزة ساكنة قال الشاعر * أميرنا مؤنته خفيفة * والجمع مؤن مثل غرفة وغرف (والثالثة) مونة بالواو والجمع مون مثل سورة وسور. يقال منها مانه يمونه من باب قال - كذا فى المصباح "وقوله والأذى" أى وما يلاقونه من الأذى فى الدنيا وهو كل شئ يؤلم الأنسان ويتأذى منه "وقوله ويصيروا اليك" أى يرجعوا اليك بعد الموت، وفيه تبشير للصالحين بدخول الجنة جزاء بما كانوا يعملون فى الدنيا من الأعمال الصالحة (3) تقدم معنى التصفيد وهو الشد بالأغلال "ومردة الشياطين" جمع مارد كفجرة وفاجر وهو المتجرد للشر، ومنه الأمرد لتجرده من الشعر، وهو حجة للقائلين بأن الذى يصفد بعض الشياطين وهم المردة لا كلهم (4) أى فلا يتمكنوا فى رمضان من بث الشرور والفساد بين الناس كما كانوا يتمكنون منه فى غير رمضان "وقوله فى آخر ليلة" يعنى من رمضان (5) يعنى أن هذه المغفرة هى أجر عملهم فى رمضان علاوة على ما ينالهم من فضل ليلة القدر، وفيه دلالة على أنه لا ينال هذه المغفرة إلا الصائمون المحافظون على حدود الله، أما غير الصائمين فلا نصيب لهم فى شئ من ذلك إلا الخزى والخذلان فى الدنيا والآخرة، نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد

-[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم على من دخل عليه رمضان ثم انقضى قبل أن يغفر له]- (27) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم رغم أنف (1) رجلٍ دخل عليه رمضان فانسلخ قبل أن يغفر له (2) (28) ز عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا

_ والبزار وفيه هشام بن زياد أبو المقدام وهو ضعيف (قلت) هشام بن زياد الذى أشار اليه الهيثمى يقال له هشام بن أبى هشام أيضا كما فى سند الحديث عند الأمام (قال الحافظ) فى التقريب هشام بن زياد بن أبى يزيد، وهو هشام بن أبى هشام أبو المقدم، ويقال له أيضا هشام بن أبى الوليد المدنى متروك اهـ، وأخرجه أيضا البيهقى وأبو الشيخ ابن حبان فى كتاب الثواب وأشار المنذرى إلى ضعفه، وأخرجه أيضا محمد بن نصر المروزى، وفى الباب عن جابر عند البيهقى فى الشعب (قال المنذرى) واسناده مقارب أصح مما قبله (27) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ربعى بن ابرهيم قال أبى وهو أخو اسماعيل بن ابراهيم يعنى ابن علية قال أبى وكان يفضل على أخيه عن عبد الرحمن بن اسحاق عن سعيد عن أبى سعيد عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رغم أنف رجل ذكرت عنده فلم يصل علىَّ. ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان فانسلخ قبل أن يغفر له، ورغم أنف رجل أدرك عنده أبواه الكبر فلم يدخلاه الجنة، قال ربعى ولا أعلمه إلا قال أو أحدهما (غريبه) (1) قال أهل اللغة معناه ذلك وقيل كره وخزى، وهو بكسر الغين المعجمة وفتحها وهو الرغم بضم الراء وفتحها وكسرها، وأصله لصق أنفه بالرغام وهو تراب مختلط برمل، وقيل الرغم كل ما أصاب الأنف بما يؤذيه "وقوله فانسلخ" يعنى انقضت أيامه وانتهى قبل أن يغفر له، والمعنى أن صيام رمضان والعمل الصالح فيه سبب لدخول الجنة، فمن لم يصل رمضان وقصّر فى طاعة الله عز وجل فاته دخول الجنة وأرغم الله أنفه، يعنى أذله وأخزاه (2) ليس هذا آخر الحديث وقد تقدم جميعه مع الندس فى الشرح واقتصرت فى المتن على الجزء المختص برمضان لمناسبة الباب، وسيأتى الجزء المختص بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم فى كتاب الأذكار فى الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم والمختص بالوالدين فى باب بر الوالدين من كتاب البر والصلة، وسيأتى بطوله فى باب الثلاثيات من كتاب الأدب والمواعظ والحكم (تخريجه) (ت. ك) وسنده جيد، وأخرج مسلم منه الجزء المختص بالوالدين فى كتاب البر والصلة (28) "ز" عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبيد الله بن عمر عن زائدة بن أبى الرقاد عن زياد النميرى عن أنس بن مالك رضى الله عنه - الحديث"

-[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لرجب وشعبان ورمضان بالبركة]- دخل رجبٌ قال اللَّهمَّ بارك لنا فى رجبٍ وشعبان وبارك لنا فى رمضان وكان يقول ليلة الجمعة غرَّاء (2) ويومها أزهر (29) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) ما أتى على المسلمين شهرٌ خيرٌ لهم من رمضان، ولا أتى على المنافقين شهرٌ شرٌّ لهم من رمضان، وذلك لما يعدُّ المؤمنون فيه من القوَّة للعبادة (4) وما يعدُّ فيه المنافقون من غفلات النَّاس وعوراتهم (5) هو غنمٌ

_ (غريبه) (1) دعاء النبى صلى الله عليه وسلم بالبركة فى هذه الأشهر الثلاثة يدل على فضلها. وفى تخصيص رمضان بالدعاء منفردا وعدم عطفه على رجب وشعبان دلالة على زيادة فضله (2) أى مشرقة "ويومها أزهر" أى مضيئ؛ كذا جاء مفسرا فى بعض الأحاديث (قال المناوى) وقدم الليلة لسبقها فى الوجود، ووصفها بالغراء لكثرة نزول الملائكة فيها الى الأرض لأنهم أنوار، واليوم بالأزهر لأنه أفضل أيام الأسبوع (تخريجه) أورده الهيثمى وعزاه للبزار والطبرانى فى الأوسط عن أنس مرفوعا بلفظ "كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب قال اللهم بارك لنا فى رجب وشعبان وبلغنا رمضان، قال الهيثمى وفيه زائدة بن أبى الرقاد وفيه كلام وقد وثق (قلت) وفى حديث الباب زياد النميرى أيضا ضعيف، وأورده الحافظ السيوطى فى الجامع الصغير وعزاه للبيهقى فى شعب الأيمان وابن عساكر، وأشار الى ضعفه، وله طرق أخرى يقوى بعضها بعضا. والله أعلم (29) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو بكر الحنفى قال ثنا كثير بن زيد عن عمرو بن تميم عن أبيه عن أبى هريرة - الحديث" (غريبه) (3) يقسم أبو هريرة بما أقسم به النبى صلى الله عليه وسلم أنه ما أتى على المسلمين شهر خير لهم من رمضان الخ (4) أى ما يقويهم عليها فى رمضان كادّخار القوت وما ينفقه على عياله فيه، وقد فسره بذلك فى الطريق الثانية بقوله "وذلك أن المؤمن يعد فيه القوة للعبادة من النفقة، أى لأن اشتغالهم بالعبادة فيه يمنعهم من تحصيل المعاش أو يقلل منه؟ فقيام الليل يستدعى النوم بالنهار، والاعتكاف يستدعى عدم الخروج من المسجد، وفى هذا تعطيل لأسباب المعاش فهم يحصلون القوت وما يلزم لأولادهم فى رمضان قبل حلوله ليتفرغوا فيه للعبادة والأقبال على الله عز وجل واجتناء ثمرة هذا الموسم، فهو خير لهم لما اكتسبوه فيه من الأجر العظيم والغفران العميم (5) يعني أن

-[رمضان خير للمسلمين وشر للمنافقين]- للمؤمن يغتنمه الفاجر (1) (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أظلَّكم (3) شهركم هذا بمحلوف رسول الله صلى الله عليه وسلم ما مرَّ بالمؤمنين شهرٌ خيرٌ لهم منه، ولا بالمنافقين شهرٌ شرٌّ لهم منه، إنَّ الله عزَّ وجلَّ ليكتب أجره (4) ونوافله من قبل أن يدخله، ويكتب إصره وشقاءه من قبل أن يدخله، وذلك أنَّ المؤمن يعدُّ فيه القوَّة للعبادة من النَّفقة؛ ويعدُّ المنافق اتِّباع غفلة النَّاس واتِّباع عوراتهم، فهو غنمٌ للمؤمن يغتنمه الفاجر

_ المنافقين يستعدون فى شهر رمضان للأيذاء بالمسلمين فى دنياهم وتتبع عوراتهم أثناء غفلتهم عن الدنيا وانقطاعهم الى الله عز وجل، فكأن ذلك غنيمة اغتنموها فى نظرهم، ولكنها فى الحقيقة شر لهم لو كانوا يعلمون ما أعده الله لهم فى الآخرة من العذاب المقيم وحرمانهم من فضله العميم. نعوذ بالله من ذلك (1) فى رواية للبيهقى "ونقمة للفاجر" بدل "يغتنمه الفاجر" وله فى رواية أخرى يغتنمه كما هنا، وكل هذه الروايات من طريق كثير بن زيد عن عمرو بن تميم عن أبيه عن أبي هريرة "ومعنى نقمة للفاجر" ان الله عز وجل ينتقم منه ويذيقه العذاب الأليم بسوء فعله وإيذائه المسلمين وتتبع عوراتهم فيكون نقمة له. وأما المسلم فرمضان غنيمة له بما اكتسبه من صيام أيامه وقيام لياليه والانقطاع الى الله بالعبادة فيه، والله تعالى لا يضيع عمل عامل بل يجازيه فى الجنة بما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، لا أحرمنا الله منها آمين (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابراهيم ثنا ابن مبارك عن كثير بن زيد حدثنى عمرو بن تميم عن أبيه أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (3) أى أشرف عليكم وقرب منكم (4) الأصر بكسر الهمزة وسكون الصاد الأثم والعقوبة والذنب، والمعنى أن الله عز وجل يكتب أجر الطائعين فى رمضان وعقوبة العاصين فيه قبل حلوله، لانه عز وجل يكتب أجر الطائعين فى رمضان وعقوبة العاصين فيه قبل حلوله، لانه عز وجل يعلم ما كان وما يكون (تخريجه) (هق. طس. خز) وأورده المنذرى وقال رواه ابن خزيمة فى صحيحه وغيره (قلت) سكت عنه المنذرى ولم يتكلم فيه بشئ، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الأوسط عن تميم مولة ابن رمانة ولم اجد من ترجمه (زوائد الباب) (عن سلمان الفارسى رضى الله عنه) قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آخر من شعبان قال يا أيها الناس قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك، شهر فيه ليلة خير

-[زوائد الباب فيما ورد فى فضل شهر رمضان]- .....

_ من ألف شهر جعل الله صيامه فريضة وقيام لله تطوعا، من تقرب فيه بخصلة كان كمن أدَّى فريضة فيا سواء، ومن أدى فريضة فيه كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر الصبر والصبر ثوابه الجنة، وشهر المواساة، وشهر يزاد فى رزق المؤمن فيه، من فطر فيه صائما كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شاء. قالوا بارسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطى الله هذا الثواب لمن فطّر صائما على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن (1) وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار من خفف عن مملوكه فيه غفر الله له وأعتقه من النار. فاستكثروا فيه من أربع خصال. خصلتين ترضون بهما ربكم، وخصلتين لا غناء بكم عنهما فأما الخصلتان اللتان ترضون بهما ربكم. فشهادة أن لا اله الا الله وتستغفرونه. وأما الخصلتان اللتان لا غناء بكم عنهما فتسألون الله الجنة وله وتعوذون به من النار، ومن سقى صائمًا سقاه الله من حوضي شربة لا يظمأ حتى يدخل الجنة، رواه ابن خزيمة فى صحيحه ثم قال أن صح الخبر: ورواه من طريق البيهقى. ورواه أبو الشيخ ابن حبان فى الثواب باختصار عنهما قاله المنذرى رحمه الله (وعن ابن عباس رضى الله عنهما) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الجنة لتبخر من الحول إلى الحول لدخول شهر رمضان. فاذا كانت أول ليلة، من شهر رمضان هبت ريح من تحت العرش يقال لها المثيرة فتصفق ورق أشجار الجفان وحلق المصاريع، فيسمع لذلك طنين لم يسمع السامعون أحسن منه، فتبرز الحور العين حتى يقفن بين شرف الجنة فينادين هل من خاطب إلى الله فيزوجه؟ ثم يقلن الحور العين يا رضوان الجنة ما هذه الليلة؟ فيجيبهن بالتلبية ثم يقول هذه أول ليلة من شهر رمضان. فتحت أبواب الجنة للصائمين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم، قال ويقول الله عز وجل يا رضوان افتح أبواب الجنان. ويا مالك أغلق أبواب الجحيم عن الصائمين من أمة أحمد صلى الله عليه وسلم، ويا جبرائيل أهبط إلى الأرض فاصفد مردة الشياطين وغلهم بالأغلال ثم اقذفهم فى البحار حتى لا يفسدوا على امة محمد حبببى صلى الله عليه وسلم صيامهم، قال ويقول الله عز وجل فى كل ليلة من شهر رمضان لمناد ينادى ثلاث مرات. هل من سائل فاعطيه سؤله؟ هل من تائب فاتوب عليه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ من يقرض الملياء غير العدوم، والوفى غير الظلوم، قال ولله عز وجل فى كل يوم من شهر رمضان عند الأفطار الف الف عتيق من النار كلهم قد استوجبوا النار، فاذا كان آخر يوم من شهر رمضان أعتق الله فى ذلك اليوم بقدر ما أعتق من أول الشهر إلى آخره، وإذا كانت ليلة القدر يأمر الله ------- (1) المذقة الشربة من اللبن الممذوق أى المخلوط بالماء

-[زوائد الباب فيما ورد فى فضل شهر رمضان]- .....

_ عز وجل جبرائيل عليه السلام فيهبط فى كبكبة من الملائكة ومعهم لواء أخضر فيركز اللواء على ظهر الكعبة، وله مائة جناح منها جناحان لا ينشرها إلا فى تلك الليلة، فينشرها فى تلك الليلة فيجاوز المشرق إلى المغرب، فيحث جبرائيل عليه السلام الملائكة فى هذه الليلة فيسلمون على كل قام وقاعد ومصل وذاكر ويصافحونه ويؤمنون على دعائه حتى مطلع الفجر، فاذا طلع الفجر ينادى جبرائيل عليه السلام معاشر الملائكة الرحيل الرحيل، فيقولون يا جبرائيل فما صنع الله فى حوائج المؤمنين من أمة أحمد صلى الله عليه وسلم؟ فيقول نظر الله اليهم فى هذه الليلة فعفا عنهم إلا أربعة. فقلنا يا رسول الله من هم؟ قال رجل مدمن خمر. وعاق لوالديه. وقاطع رحم. ومشاحن، قلنا يا رسول الله ما المشاحن؟ قال هو المصارم. فاذا كانت ليلة الفطر سميت تلك الليلة ليلة الجائزة. فاذا كانت غداة الفطر بعث الله عز وجل الملائكة فى كل بلد فيهبطون إلى الأرض فيقومون على أفواه السكك فينادون بصوت يسمع من خلق الله عز وجل. إلا الجن والأنس فيقولون يا أمة محمد أخرجوا إلى رب كريم يعطى الجزيل ويعفو عن العظيم، فاذا برزوا إلى مصلاهم يقول الله عز وجل للملائكة ما جزاء الأجير إذا عمل عمله؟ فتقول الملائكة إلا هنا وسيدنا جزاؤه أن توفيه أجره، قال فيقول فانى أشهدكم يا ملائكتى أنى قد جعلت ثوابهم من صيامهم شهر رمضان وقيامهم رضاى ومغفرتى، ويقول يا عبادي سلوني فو عزتي وجلالى لاتسألونى اليوم شيئًا فى جمعكم لآخرتكم إلا أعطيتكم، ولا لدنياكم إلا نظرت لكم، فوعزتي لاسترن عليكم عثراتكم ما راقبتمونى، وعزتي وجلالى لاأخزيكم ولا أفضحكم بين أصحاب الحدود. انصرفوا مغفورًا لكم، قد أرضيتمونى ورضيت عنكم، فتفرح الملائكة وتستبشر بما يعطى الله عز وجل هذه الأمة إذا أفطروا من شهر رمضان (رواه أبو الشيخ ابن حبان) فى كتاب الثواب والبيهقى واللفظ له، وليس في اسناده من أجمع على ضعفه (وعن أبي سعيد اظدري الخدرى) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان أول ليلة من رمضان فتحت أبواب السماء فلا يغلق منها باب حتى يكون آخر ليلة من رمضان، وليس عبد مؤمن يصلى فى ليلة فيها إلا كتب الله له ألفًا وخمسمائة حسنة بكل سجدة، وبنى له بيتا فى الجنة من ياقوتة حمراء لها ستون ألف باب. لكل باب منها قصر من ذهب موشح ياقوتة حمراء، فاذا صام أول يوم من رمضان غفر له ما تقدم من ذنبه إلى مثل ذلك اليوم من شهر رمضان واستغفر له كل يوم سبعون ألف ملك من صلاة الغداة الى أن توارى بالحجاب، وكان له بكل سجدة يسجدها فى شهر رمضان بليل أو نهار شجرة يسير الراكب فى ظلها خمسمائة عام، رواه البيهقى وقال قد روينا فى الأحاديث المشهورة ما يدل على هذا أو لبعض معناه. كذا قال رحمه الله (وعن أبي هريرة رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إذا كان أول ليلة من شهر

-[زوائد الباب فيما ورد فى فضل شهر رمضان]- .....

_ رمضان نظر الله الى خلقه، واذا نظر الله الى عبد لم يعذبه أبدا، ولله فى كل يوم ألف ألف عتيق كانت ليلة الفطر ارتجت الملائكة وتجلى الجبار تعالى بنوره مما أنه لا يصفه الواصفون فيقول للملائكة وهم فى عيدهم من الغد يا معشر الملائكة يوحى اليهم ما جزاء الأجير اذا وفى عمله؟ تقول الملائكة يوفى أجره، فيقول الله تعالى أشهدكم أني قد غفرت لهم، أورده المنذري بصيغة التمريض وقال رواه الأصبهاني (وعن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوما وحضر رمضان أتاكم رمضأن شهر بركة يغشاكم الله فيه فينزل الرحمة ويحط الخطايا ويستجيب فيه الدعاء، ينظر الله تعالى إلى تنافسكم فيه، ويباهي بكم ملائكته، فأروا الله من أنفسكم خيرا فان الشقى من حرم فيه رحمة الله عز وجل، أورده المنذري وقال رواه الطبراني ورواته ثقات إلا أن محمد بن قيس لا يحضرني فيه جرح ولا تعديل (وعن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان أول ليلة من شهر رمضان فتحت أبواب الجنان فلم يغلق منها باب واحد الشهر كله، وغلقت أبواب النار فلم يفتح منها باب الشهر كله، وغلت عتاة الجن، ونادي مناد من السماء كل ليلة الى انفجار الصبح يا باغي الخير يمم وأبشر يا باغي الشر أقصر وأبصر. هل من مستغفر يغفر له تائب؟ هل من تائب يتوب عليه؟ هل من داع يستجاب له؟ هل من سائل يعطي سؤله؟ ولله عز وجل عند كل فطر من شهر رمضان كل ليلة عتقاء من النار ستون الفا، فاذا كان يوم الفطر أعتق الله مثل ما أعتق فى جميع الشهر ثلاثين مرة ستين ألفا ستين ألفا، رواه البيهقى وهو حديث حسن لا بأس به فى المتابعات، وفى اسناده ناشب بن عمرو الشيباني وثق وتكلم فيه الدارقطني و (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا يستقبلكم وتستقبلونه ثلاث مرات؟ فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يا رسول الله وحي نزل؟ قال لا. قال عدو حضر؟ قال لا. قال فماذا؟ قال ان الله يغفر فى أول ليلة من شهر رمضان لكل أهل هذه القبلة وأشار بيده اليها، لجعل رجل بين يديه يهز رأسه ويقول بخ بخ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا فلان ضاق به صدرك؟ قال لا. ولكن ذكرت المنافق، فةال ان المنافقين هم الكافرون. وليس للكافرين فى ذلك شاء، رواه ابن خزيمة فى صحيحه والبيهقى وسنده جيد و (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ان الجنة لتزخرف لرمضان من رأس الحول الى الحول المقبل، فاذا كان أول يوم من شهر رمضان هبت ريح من تحت العرش فصفقت ورق الجنة، ويجئ الحور العين يقلن يا رب اجعل لنا من عبادك أزواجا تقربهم أعيينا وتقرّ أعينهم بنا، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الكبير والأوسط

-[بقية زوائد الباب فى فضل شهر رمضان والعمل فيه]- (4) باب وعيد من تهاون بصيام رمضان والعمل فيه (30) عن زياد بن نعيم الحضرميِّ قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أربعٌ فرضهنَّ الله فى الإسلام (1) فمن جاء بثلاثٍ لم يغنين عنه

_ باختصار وفيه الوليد بن الوليد القلانسى وثقه أبو حاتم وضعفه جماعة (وعن أبى مسعود الغفارى) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وقد أهل شهر رمضان لو يعلم العباد ما فى شهر رمضان لتمنى العباد أن يكون شهر رمضان سنة، فقال رجل من خزاعة يا رسول الله حدثنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الجنه لتزين لشهر رمضان من رأس الحول الى رأس الحول حتى اذا كان أول ليلة هبت ريح من تحت العرش فصفقت ورق الجنة فنظرت الحور العين الى ذلك فقلن يا رب اجعل لنا من عبادك فى هذا الشهر أزواجا تقر أعيننا بهم وتقر اعينهم بنا؛ وما من عبد صام شهر رمضان الا زوجه الله زوجة فى كل يوم من الحور العين فى خيمة من درة مجوفة مما بعث الله به الحور العين المقصورات فى الخيام، على كل امرأة منهن سبعون حلة ليس منها حلة على لون الأخرى، ويعطى سبعون لونا من الطيب ليس منهن لون يشبه الآخر، وكل امرأة منهن على مرير من ياقوت موشح بالدر، على سبعين فراشًا بطائنها من استبرق، وفوق السبعين فراشًا سبعون أريكة، ولكل امرأة منهن سبعون وصيفًا لخدمتها وسبعون للقيها زوجها مع كل وصيف صحفة من ذهب فيها لون من الطعام يجد لآخره من اللذة مثل الذى لأوله، ويعطى زوجها مثل ذلك على سرير من ياقوتة حمراء عليه سواران من ذهب موشح بالياقوت الأحمر؛ هذا لكل يوم صامه من شهر رمضان سوى ما عمل من الحسنات. أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير وفيه المباح بن بصطام وهو ضعيف اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل شهر رمضان وأنه من أفضل الشهور فرض الله صومه على الأمة المحمدية وخصه بليلة القدر التى حازت كل مزيه، قال تعالى {ليلة القدر خير من ألف شهر} يضاعف، الله فيه أجر العاملين. ويغفر للصائمين. وقد تقدم فى الشرح ما يغنى عن الأعادة، نسأل الله الحسنى وزيادة. (30) عن زياد بن نعيم الحضرمي (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق عن المغيرة بن أبي بردة عن زياد بن نعيم الحضرمي - الحديث" (غريبه) (1) أي أربع خصال فرضهن الله على كل مسلم، وهذه الخصال هى أربعة أركان من أركان الأسلام الخمسة المذكورة فى حديث "بنى الأسلام على خمس" والركن الخامس النطق بالشهادتين ولم يذكره مع هذه الأركان لأنه قال "فرضهن الله فى الأسلام" يعنى على كل مسلم، والأنسان لا يكون

-[وعيد من تهاون بصيام رمضان والعمل فيه]- شيئًا (1) حتّى يأتى بهنَّ جميعًا، الصَّلاة. والزَّكاة. وصيام رمضان. وحجُّ البيت

_ مسلما إلا إذا نطق بالشهادتين أولا فهو مذكور معنى (1) أى لم يغن الثلاثة عن الواحد المتروك لأنه ركن مستقل يثاب على فعل ويعاقب على تركه، فمن أتى بالصلاة مثلا وترك الزكاة بعد وجوبها عليه أثيب على فعل الصلاة وعوقب علي وك الزكاة، ومن أتي بهما ورك الصيام أثيب عليهما وعوقب على ترك الصيام، ومن أتى بالثلاثه وكان مستطيعا وكان مستطيعا وترك لحج أثيب على الثلاثة وعوقب على ترك الحج، ومن أتى بها جميعها كان من المفلحين الناجين، ولذا قال صلى الله عليه وسلم فى حديث ضمام بن ثعلبة رضى الله عنه وقد ذكر له هذه الأركان (لئن صدق ليدخلنَّ الجنة) وكان ضمام قال (والله لا أزيد عليهن شيئا ولا أنقص منهن شيئا) فمن ترك الصيام وفعل باق الأركان لا تغنى عنه شيئًا بل لابد من عقابه على تركه إلا إذا عفا الله عنه، وهذا موضع الدلالة من الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وهو مرسل لأن زياد بن نعيم ليس صحابيا وفى اسناده ابن لهيعة، وله شاهد من حديث عمارة بن حزم رضى الله عنه عند الطبرانى فى الكبير مرفوعا وفى اسناده ابن لهيعة أيضا وقد ضعفوه، وله شواهد أخرى صحيحة تعضده (زوائد الباب) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال حماد بن زيد (أحد الرواة) ولا أعلمه إلا قد رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال عرى الاسلام وقواعد الدين ثلاثة عليهن أسس الأسلام. من ترك واحدة منهن فهو بها كافر. حلال الدم. شهادة أن لا إله الا الله. والصلاة المكتوبة. وصوم رمضان، رواه أبو يعلى باسناد حسن، ورواه سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد عن عمرو بن مالك النكرى عن أبي الجوزاء عن ابن عباس مرفوعا وقال فيه "من ترك منهن واحدة فهو بالله كافر، ولا يقبل منه صرف ولاعدل، وقد حل دمه وماله" (وعن أبى هريرة رضى الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض لم يقضه صوم الدهر كله وان صامه رواه الترمذى واللفظ له وأبو داود والنسائى وابن ماجه وابن خزيمة فى صحيحه والبيهقى كلهم من رواية ابن المطوس، وقيل أبى المطوس عن أبيه عن أبى هريرة، وذكره البخارى تعليقا غير مجزوم فقال ويذكر عن أبى هريرة رفعه (من أفطر يوما من رمضان من غير عذر ولا مرض لم يقضه صوم الدهر وان صامه) وقال الترمذي لا نعرفه الا من هذا الوجه، وسمعت محمدا يعني البخاري يقول أبو المطوس اسمه يزيد بن المطوس ولا أعرف له غير هذا الحديث اهـ وقال البخارى أيضا لا أدري سمع أبوه من أبى هريره أم لا؟ وقال (ابن حبان) لا يجوز الاحتجاج بما انفرد

-[العمرّى والرقبى لمن أعطيها (بضم الهمزة وكسر الطاء) ولورثته من بعده]- أعطى أمه حديقة (1) من نخل حياتها فماتت فجاء اخوته فقالوا نحن فيه شرع (2) سواء فأبى فاختصموا إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقسمها بينهم ميراثَا (3). (عن سليمان بن يسار) (4) أن أميرًا كان بالمدينة يقال له طارق (5) قضى بالعمرى للوارث على قول جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (6) (عن زيد بن ثابت) (7) أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل العمرى (وفى لفظ قضى بالعمرى) للوارث (8) (حدّثنا عبد الرازق) (9) ومحمد بن بكر قالا أنبأنا جريج أخبرنى ابن شهاب الزهرى عن حديث أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن جابر بن عبد الله الانصارى أخبرنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أيما رجل أعمر رجلًا عمرى له ولعقبه فقال قد أعطيتكما وعقبك ما بقى منكم أحد فانما هى (10) قال ابن بكر لمن اعطاها وقال عبد الرازق (11) لمن أعطيها وأنها لا ترجع إلى صاحبها (12) من أجل أنه أعطاها عطاء وقعت فيه المواريث (13) (كتاب الوقف (14)) (باب مشروعية الوقف وفضله ووقف المشاع والمنقول). (عن أبى هريرة) (15) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إذا مات

_ حميد بن قيس الأعرج عن محمد بن ابراهيم عن جابر بن عبد الله أن رجلًا من الأنصار اعطى امه الخ (غريبه) (1) تقدم تفسير الحديقة وهى البستان يكون عليه الحائط، فعليه بمعنى مفعولة لأن الحائط احدق بها أى أحاط ثم توسعوا حتى أطلقوا الحديقة على البستان وإن كان غير حائط (2) بفتح الشين المعجمة والراء (وقوله سواء) تفسير لشرع أى سواء ومثل ذلك فى القاموس (3) أى على سبيل الميراث وهو حجة الجمهور فى عدم رجوع العطية إلى صاحبها الأول وان شرط ذلك (تخريجه) (د هق) وسكت عنه أبو داود والمنذرى، وقال ابن رسلان فى شرح السين ما لفظه وهذا الحديث رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ ويشهد لصحته أحاديث الباب المصرحة بأن المعمر والمرقب يكون أولى بالعين فى حياته وورثته من بعده. (4) (سنده) حدّثنا سفيان عن عمرو عن سليمان بن يسار الخ (غريبه) (5) هو طارق بن عمرو المكى الأموى امير المدينة لعبد الملك بن مروان (6) يعنى قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث جابر المتقدم (فانه من أعمر عمرى فهى للذى أعمرها حيًا أو ميتًا ولعقبه) (تخريجه) (م هق). (7) (سنده) حدّثنا سفيان عن عمرو عن طاوس سعن حجر المدرى عن زيد بن ثابت الخ (غريبه) (8) أى لوارث المعمر بفتح الميم الثانية مبنى للمفعول (تخريجه) (بس جه هق) ورجاله ثقات (9) (حدّثنا عبد الرازق الخ) (غريبه) (10) أى العمرى (قال ابن بكر) يعنى فى روايته (لمن أعطاها) بضم الهمزة مبنى للمفعول (11) يعنى فى روايته (لمن أعطيها) بضم الهمزة وكسر المهملة وفتح التحتية مبنى للمفعول أيضًا والمعنى واحد (12) أى لا تصير إلى الذى أعطاها (بفتح الهمزة) (13) هذا التعليل مدرج فى الحديث من قول أبى سلمة كما صرح بذلك فى رواية لمسلم (تخريجه) (م نس هق) (كتاب الوقف) (14) هو فى اللغة الحبس يقال وقفت كذا بدون ألف على اللغة الفصحى اى حبسته، وفى الشريعة حبس الملك فى سبيل الله تعالى للفقراء وأبناء السبيل يصرف عليهم منافعه ويبقى أصله على مبك الواقف، وألفاظه وقفت وحبست وسبلت وأبدّت هذه صرائح ألفاظه، وأما كنايته فقوله تصدقت: واختلف فى حرّمت فقيل صريح وقيل غير صريح (باب). (15) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى الصدقة الجارية من كتاب الزكاة رقم 148 صحيفة 204 من الجزء

-[تنبيه وإيقاظ للغافلين عن فضل رمضان المغترين بالملاهى]- (5) باب الأحوال التي عرضت للصيام ووجوب صيام رمضان ومبدأ فرضه (31) عن معاذ بن جبلٍ رضى الله عنه قال أحيلت الصَّلاة ثلاثة أحوالٍ، وأحيل الصِّيام ثلاثة أحوالٍ، فأمَّا أحوال الصَّلاة فانَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وهو يسلِّى سبعة عشرة شهرًا إلى بيت المقدس (الحديث) (1) قال وأمَّا أحوال الصِّيام فإنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم المدينة فجعل يصوم من كلِّ شهرٍ ثلاثة أيَّامٍ (2)

_ في المدن الكبيرة كمصر والأسكندرية بالقطر المصرى يفطر فى رمضان جهارا فى الشوارع والأسواق ولا يجد من ينهاه، وإذا نهاه انسان قل أن يسلم من أذاه، فلا حول ولا قوة إلا بالله، ونجد بعض المطاعم والمقاهى فى هذه المدن مفتحة الأبواب للمفطرين نهارا جهارا. أما فى الليل فترى محلات الفجور وحانات الخمور كذلك محلات الملاهى والقمار يؤمها جميع الأشرار فى ليالى رمضان المباركة التى هى جديرة بالقيام والتوبة من جميع الآثام، فلو علم هؤلاء المساكين ما فى قيام رمضان من الخير والبركات. ونزول الرحمات. لرجعوا إلى الله تائبين، وعلى ما فرطوا نادمين، ولكن استحوذ عليهم الشيطان فأنساهم ذكر الله أولئك حزب الشيطان ألا إن حزب الشيطان هم الخاسرون، نعم نرى المساجد مملوءة بالناس فى رمضان أكثر من غيره، ولكنهم قليلون بالنسبة لمن يؤمون محلات الفساد التى تستعد لذلك فى رمضان أكثر من غيره، فالعاقل من خالف نفسه وهواه. وتاب الى رشده وتاب الى الله. واستعد فى رمضان أكثر من غيره لعبادة الله. وأكثر من الصدقة على الفقراء والمساكين. واعتصم بحبل الله القوى المتين، فمن فعل ذلك فقد استمسك بالعروة الوثقى لا انفصام لها، وحاز الفضائل كلها، وكان من حزب الله "ألا إن حزب الله هم المفلحون" (31) عن معاذ بن جبل (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا المسعودي ويزيد بن هارون أخبرنا المسعودي قال أبو النضر في حديثه حدثني عمرو ابن مرة عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن معاذ بن جبل - الحديث" (غريبه) (1) تقدم ما يختص بالصلاة منه فى باب الأحوال التى عرضت للصلاة فى الجزء الثانى صحيفة 235 رقم 83 من كتاب الصلاة (2) يعني من حين قدومه المدينة إلى أن فرض الصيام وكانت هذه المدة سبعة عشر شهرا كما بين ذلك يزيد بن هارون أحد رجال السند فى روايته. وقد ثبت عن السند الشيخين والأمام أحمد وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل المدينة يوم الاثنين

-[الدليل على وجوب الصيام من كتاب الله عز وجل]- وقال يزيد فصام سبعة عشر شهرًا من ربيع الأول إلى رمضان (1) من كلِّ شهرٍ ثلاثة أيامٍ (2) وصام يوم عاشوراء (3) ثمَّ إنَّ الله عزَّ وجلَّ فرض عليه الصِّيام (4) فأنزل الله عزَّ وجلَّ {يا أيُّها الَّذين آمنوا كتب عليكم الصِّيام كما كتب على الَّذين من قبلكم} (إلى هذه الآية) وعلى الَّذين يطيقونه فديةٌ طعام

_ من شهر ربيع الأول. قيل لثنتى عشرة منه. وقيل ثمان، وذلك فى شهر أيلول (1) يعني إلى أن زل فرض صيام رمضان وكان ذلك فى السنة الثانية من الهجرة، روى الواقدى عن عائشة وابن عمر وأبي سعيد الحدرى قالوا زل فرض شهر رمضان بعد ما حولت القبلة الى الكعبة بشهر فى شعبان (2) قيل من كل عشرة أيام يوما، وقد روى أن الصيام فرض علينا أولا كما كان عليه الأم قبلنا من كل شهر ثلاثة أيام عن معاذ وابن مسعود وابن عباس وعطاء وقتادة والضحاك بن مزاحم، وزاد لم يزل هذا مشروعا من زمان نوح الى أن نسخ الله ذلك بصيام شهر رمضان (3) روى الشيخان والأمام أحمد عن عائشة رضى الله عنها قالت كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش فى الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه، فلما قدم المدينة صامه وأمر الناس بصيامه، فلما فرض رمضان قال من شاء صامه ومن شاء تركه، يستفاد منه أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يأمر الناس بصيام يوم عاشوراء إلا بعد قدومه المدينة واختلف فى صومه هل كان فرضا أم تفلا، فذهب قوم إلى أنه كان فرضا، فلما فرض صوم رمضان نسخ افتراضه وبقي مستحبًا. وذهب آخرون الى أنه كان نفلا مؤكدا، فلما فرض صوم رمضان خفف فى أمره، وقد ورد فى صوم عاشوراء أحاديث كثيرة ستأتي في بابها من أبواب صيام التطوع (قال الحافظ) ويؤخذ من مجموع الأحاديث أنه كان واجبًا لثبوت الأمر بصومه ثم تأكد الأمر بذلك (4) أى صيام رمضان، وكان ذلك فى شعبان فى السنة الثانية من الهجرة على رأس ثمانية عشر شهرا من مقدمه المدينة صلى الله عليه وسلم (5) أى فرضه الله عليكم كما فرضه على الأمم الذين من قبلكم من لدن آدم الى عهدكم فالصوم عبادة قديمة فرضها الله على جميع الأمم المتقدمة، وعلى هذا فالتشبيه فى أصل الوجوب لا فى قدر الواجب. قيل وكان الصوم على آدم عليه الصلاة والسلام أيام البيض، وصوم عاشوراء على قوم موسى. وكان على كل أمة صوم، والتشبيه لا يقتضى التسوية من كل وجه كما فى قوله صلى الله عليه وسلم انكم سترون ربكم كما ترون القمر ليلة البدر، وهذا تشبيه الرؤية بالرؤية لا تشبيه المرئى بالمرئى، وقيل هذا التشبيه فى الاصل والقدر والوقت جميعًا، وكان على الأولين

-[الحال الثانية من احوال الصيام وكلام المفسرين فيمن كتب عليه الصيام قبلنا]- مسكين) قال فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكينًا فأجزأ ذلك عنه (1) * قال ثمَّ إنَّ الله عزَّ وجلَّ أنزل الآية الأخرى {شهر رمضان الَّذى أنزل فيه القرآن} "على قوله" {فمن شهد منكم الشَّهر فليصمه} قال فأثبت الله صيامه على المقيم الصَّحيح. ورخَّص فيه للمريض والمسافر. وثبت الإطعام للكبير الَّذي

_ صوم رمضان لكنهم زادوا فى العدد ونقلوا من أيام الحر إلى أيام الاعتدال، وعن الشعبى أن النصاري فرض عليهم شهر رمضان كما فرض علينا لخولوه إلى الفصل (يعنى فصل الر بيع) وذللك أنهم ربما صاموه فى القيظ فعدوا ثلاثين يوما، تم جاء بعدهم قرن منهم فأخذوا بالثقة فى أنفسهم وصاموا قبل الثلاثين يوما، وبعدها يوما، ثم لم يزل الاخر يستن بسنة القرن الذى قبله حتى صارت إلى خمسين، فذلك قوله {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} (وأخرج الطبرى بسنده الى السدى قال {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} أما الذين من قبلنا فلنصارى كتب عليهم رمضان وكتب عليهم أن لا يأكلوا ولا يشربوا بعد النوم ولا ينكحوا النساء شهر رمضان، فاشتد علي النصاري صيام رمضان وجعل يتقلّب عليهم فى الشتاء والصيف، فما رأوا ذلك اجتمعوا فجعلوا الصيام فى الفصل بين الشتاء والصيف. وقالوا نزيد عشرين يوما نكفر بها ما صنعنا، فجعلوا صيامهم خمسين، فلم يزل المسلمون على ذلك يصنعون كما تصنع النصارى حتى كان من أمر أبى قيس بن صرمة وعمر بن الخطاب ما كان، فأحل الله لهم الأكل والشرب والجماع إلى طلوع الفجر (وفى تفسير ابن أبى حاتم عن الحسن) قال والله لقد كتب الله الصيام على كل أمة خلت كما كتبه علينا شهرا كاملا (وفى تفسير القرطبى) عن قتادة كتب الله تعالى على قوم موسى وعيسى عليهما الصلاة والسلام صيام رمضان فغيروا وزاد أحبارهم عشرة أيام أخرى، ثم مرض بعض أحبارهم فنذر إن شفي أن يزيد فى صومهم عشرة أيام أخرى، ففعل فصار صوم النصارى خمسين يوما، فصعب عليهم فى الحر فنقلوه إلى الربيع، قال واختار هذا القول النحاس وأسند فيه حديثًا يدل علي صحته اهـ (1) روي البخاري عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه أنه لما نزلت {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} كان من أراد أن يفطر يفتدى حتى نزلت الآية التى بعدها فنسخها، وروي أيضًا من حديت عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال هى منسوخة، وقال السدى عن مرة عن عبد الله قال لما زلت هذه الآية {وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين} قال يقول وعلى الذين يطيقونه أى يتجشمونه. قال عبد الله فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا (فمن تطوع) يقول أطم مسكينًا آخر فهو خير له {وأن تصوموا

-[الحال الثالثة من أحوال الصيام. وقصة صرمة بن قيس]- لا يستطيع الصِّيام فهذان حالان (1) * قال وكانوا يأكلون ويشربون (2) ويأتون النِّساء ما لم يناموا، فإذا ناموا امتنعوا، قال ثمَّ إنَّ رجلًا من الأنصار يقال له صرمة (3) ظلَّ يعمل صائمًا حتَّى أمسى فجاء إلى أهله فصلَّى العشاء ثمَّ نام فلم يأكل ولم يشرب حتَّي أصبح فأصبح صائمًا، قال فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جهد جهدًا شديدًا، قال مالى أراك قد جهدت جهدًا شديدًا؟ قال يا رسول الله إنِّى عملت أمس فجئت حين جئت فألقيت نفسى وأصبحت حين أصبحت

_ خير لكم) فكانوا كذلك حتى نسختها (فن شهد منكم الشهر فليصمه) قلت وهذه هي الحال الأولى من أحوال الصيام أعنى من قوله تعالى - ياأيها الذين آمنوا كتب عليك الصيام - إلى قوله - فدية طعام مسكين) وهى تفيد فرض الصيام مع جواز الفطر والأطعام (1) قد علمت الحال الأولى مما تقدم، (أما الحال الثانية) فتؤخذ من قوله عز وجل {شهر رمضان - إلى قوله ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر} وهى تفيد وجوب الصيام حتما على المقيم الصحيح. والرخصة للمريض والمسافر. وبقى حكم الأطعام للكبير الذى لا يستطيع الصيام (روى البخارى فى صحيحه بسنده عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقرأ وعلى الذين يطيقوه فدية طعام مسكين) قال ابن عباس ليست منسوخة، هو الشيخ الكبير والمرأة الكبير ة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينا، وهكذا روي غير واحد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس نحوه. وهذا يؤيد مافى حديث الباب من قول معاذه وثبت الأطعام للكبير الذى لا يستطيع الصيام" وهذا القول أرجح من القول بالنسخ (2) هذا شروع فى ذكره (الحال الثالثة من أحوال الصيام) (3) اختلف فى اسمه اختلافا كثيرًا فى روايات متعددة ذكرها الحافظ فى الأصابة، ثم قال فان حمل هذا الاختلاف على تعدد أسماء من وقع لذلك وإلا فيمكن الجمع برد جميع الروايات الى واحد، فانه قيل فيه صرمة بن قيس؛ وصرمة بن مالك. وصرمة بن أنس، وقيل فيه قيس بن صرمة. وأبو قيس بن صرمة، وأبو قيس بن عمرو، فيمكن أن يقال إن كان إسمه صرمة بن قيس فمن قال فيه قيس بن صرمة قلبه وإنما اسمه صرمة وكنيتة أبو قيس أو العكس، وأما أبوه فاسمه قيس أوصرمة على ما تقرر من القلب وكنيته أبو أنس، ومن قال فيه أنس حذف أداة الكنية، ومن قال فيه ابن مالك نسبه إلى جد له والعلم عند الله اهـ (4) الجهد بالضم الوسع والطاقة. وبالفتح المشقة. وقيل المبالغه والغاية. وقيل هما الغتان

-[سبب نزول قوله تعالى - أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم الآية]- صائمًا، قال وكان عمر قد أصاب من النِّساء من جاريةٍ أو من حرةٍ بعد ما نام وأتى النَّبىَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فذكر ذلك له فأنزل الله عزَّ وجلَّ {أحلَّ لكم ليلة الصِّيام الرَّفث إلى نسائكم (1) إلى قوله عزَّ وجلَّ

_ في الوسع ر الطاقة. فاما فى المشقة والغاية فالفتح لا غير والمراد هنا غاية المشقة (1) كان السبب فى نزول هذه الآية ما ذكر فى حديث معاذ، مارواه البخارى وغيره عن البراء بن عازب قال كان أمحاب النبى صلى الله عليه وسلم اذا كان الرجل صائما فنام قبل أن يفطر لم يأكل الى مثلها وأنّ قيس بن صرمة الأنصارى كان صائما وكان يومه ذلك يعمل فى أرضه فلما حضر الأفطار أتى امرأته فقال هل عندك طعام؟ قالت لا. ولكن أنطلق فأطلب لك فغلبته عينه فنام، وجاءت امرأته فلما رأته نائما قالت خيبة لك، أنمت؟ فلما انتصف النهار غشى عليه فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم - الى قوله وكلوا - واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} ففرحوا بها فرحا شديدًا، وللبخارى أيضا فى التفسير من طريق أبى اسحاق سمعت البراء قال لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربون النساء رمضان كله، وكان رجال يخونون أنفسهم فأ نزل الله {علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسك فتاب عليكم وعفا عنكم} وقال على بن أبى طلحة (عن ابن عباس) قال كان المسلمون فى شهر رمضان اذا صلوا العشاء حرم عليهم النساء والطعام الى مثلها من القابلة، ثم ان اناسا من المسلمين أصابوا من النساء والطعام فى شهر رمضان بعد العشاء منهم عمر بن الخطاب، فشكوا ذلك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانزل الله تعالى {علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن - الآية} وكذا روى العوفى عن ابن عباس، وقال موسى بن عقبة عن كريب (عن ابن عباس) قال ان الناس كانوا قبل أن ينزل فى الصوم ما نزل فيهم يأكلون ويشربون ويحل لهم شأن النساء، فاذا نام أحدهم لم يطعم ولم يشرب ولا يأتى أهله حتى يفطر من القابلة، فبلغنا أن عمر بن الخلطاب رضى الله عنه بعد ما نام ووجب عليه الصوم وقع على أهله، ثم جاء الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال أشكو الى الله واليك الذى صنعت، قال وما صنعت؟ قال إنى سوَّلت لى نفسى فوقعت على أهلى بعد ما نمت وأنا أريد الصوم، فزعموا أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال ما كنت خليقًا أن تفعل؛ فنزل الكتاب {أحل لكم ليلة الصيام الرفث الى نسائكم} (والرفث) هنا معناه مجامعة النساء

-[فضل قيام رمضان - وأنه سنة]- ثم أتموا الصيام إلى الليل (1). (32) عن النضر بن شيبان قال لقيت أبا سلمة بن عبد الرحمن (يعني ابن عوف) قلت حدثني عن شيء شمعته من أبيك سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان، قال نعم حدثني أبي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم قال إن الله عز وجل فرض صيام رمضان وسننت قيامه (2) فمن صامه وقامة احتسابًا خرج من الذنوب كيوم ولدته أمه (3).

_ (1) يعني إلى ابتداء دخول الليل وهو يقتضي الإفطار عند غروب الشمس حكمًا شرعيًا كما عند الشيخين والأمام أحمد وسيأتي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم "إذا أقبل الليل من ههنا وأدبر النهار من ههنا فقد أفطر الصائم" (وعن سهل بن سعد الساعدي) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا بزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) رواه الشيخان وللإمام أحمد مثله من حديث أبي ذر وسيأتي (تخريجه) (د: هق) وهو مرسل صحيح الإسناد فإن ابن أبي ليلي لم يدرك معاذا، وذكر البخاري الحال الثانية منه تعليقًا في صحيحة بصيغة الجزم فيكون صحيحًا كما تقررت قاعدته وهذا لفظه (قال وقال ابن نمير حديثنا الأعمش حدثنا عمرو بن مرة حدثنا ابن أبي ليلى حدثنا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم محكينا ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها وأن تصوموا خير لكم فأمروا بالصوم) وحديث الباب أخرجه أيضًا عبد بن حميد في التفسير عن عمرو بن عوف عن هشيم، وأخرجه الطبراني من حديث ابن إدريس كذلك، وأخرجه ابن شاهين أيضًا من طريق المسعودي عن عمرو بن أبي ليلي عن معاذ بن جبل قال أحيل الصوم ثلاثة أحوال فذكر الحديث وحيث قد تعددت طرقه فهو حجة. (32) عن النضر بن شيبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا القاسم بن الفضل ثنا النضر بن شيبان- الحديث" (غريبة) (2) هذا صريح في أن صيام رمضان فرض وقيامه سنة وقوله "وسنن" بصيغة المتكلم ولفظ النسائي (وسننت لكم قيامه) أي ندبت لكم، وإنما قال لكم لأنه نفع محض لا ضرر فيه أصلاً فمن فعل نال أجرًا عظيمًا، ومن ترك فلا آثم عليه. (3) أي طهر من الذنوب كطهارته يوم ولدته أمه لا كخروجه منها يوم ولدته أمه، إذ لا ذنب عليه في ذلك اليوم حتى يخرج منه، ثم ظاهره الشمول للكبائر، والتخصيص في مثله بعيد، وفضل الله واسع (تخريجه) (نس

-[حكمة مشروعية الصوم - وكلام العلماء في وجوبه بالكتاب والسنة والأجماع]- (33) عن عوف بن مالك عن أبي ذر رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله ما الصوم؟ قال فرض مجزي.

_ جه) وفي إسناده النضر بن شيبان وهو ضعيف، وقال النسائي هذا الحديث خطأ. والصواب حديث أبي سلم عن أبي هريرة اهـ (قلت) حديث أبي هريرة المشار إليه تقدم في باب فضل صيام رمضان وقيامه صحيفة 219 رقم 16 بلفظ (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرغب في قيام رمضان من غير أن يأمرهم بعزيمة فيقول من قام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه رواه، الشيخان والأربعة وغيرهم. (33) عن عوف بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا حماد بن سلمة عن معبد بن هلال حدثني رجل في مسجد دمشق عن عوف بن مالك -الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الصيام للأمة المحمدية وللأمم السابقة من لدن آدم إلى رسالة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، أما صوم رمضان فهو فرض واجب على كل مسلم عاقل بالغ ذكر أم أنثى، وقد ثبتت فرضيته بالكتاب والسنة والإجماع، أما الكتاب فقوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} إلى قوله تعالى: {فمن منكم الشهر فليصمه) وأما السنة فما في أحاديث الباب وحديث بنى الإسلام على خمس وغيره كثير جدًا، وهو أحد أركان الإسلام الخمس، وأجمعت الأمة على ذلك فلم يخالف فيه أحد، فمن جحد فرض صيامه فهو كافر؛ (وحكمة مشروعيته) تقليل الأكل والشرب لسكون النفس وكسر سورتها في الفضول المتعلقة بجميع الجوارح في العين واللسان والأذن والفرج، (فبالصوم) ترجع النفس عن الاسترسال في اللذات والشهوات البهيمية وتسمو بروح الإخلاص والقوة الملكية المتحلية بالفضائل، (وبالصوم) يتخلق المؤمن في بعض آنائه بخلق من أخلاق المهيمن جل وعلا وهو الصمدية، ويتشبه على قدر الإمكان بالملائكة المقربين من الله تعالى في الصفات المنزهين عن جميع الشهوات في الكف عنها والخلو منها (وبالصوم) يتعود الإنسان على الصبر والثبات على المكاره، فإن الصائم يكلف نفسه البعد عن مشياتها من الأكل والشرب ومباشرة النساء، ويذودها عن ذلك بعزم قوى وصبر حسن (وبالصوم) يتذكر العبد ما هو عليه من الذلة والمسكنة لأنه يشعر أثناء صومه بحاجته إلى يسير الطعام وقليل الشراب والمحتاج إلى الشيء ذليل به (وبالصوم) يحصل المحافظة على النفس من الوقوع في الآثام (وبالصوم) حث الأغنياء على مساعدة الفقراء والقيام بما يذود عنهم عائل الجوع وغائل

-[كلام العلماء في الصيام المشروع قبل فرض رمضان]- .....

_ الصدى (وبالصوم) إيقاد الفكرة وإنقاذ البصيرة (يروى أن لقمان) قال لابنه وهو يعظه. يا بني إذا امتلأت المعدة نامت الفكرة وخرست الحكمة وقعدت الأعضاء عن العبادة، وصفاء القلب ورقة المدرك بهما لذة المناجاة والتأثر بالذكر (وبالصوم) تستريح المعدة من التخمة لأن المعدة بيت الداء والحمية رأس الدواء، فإذا استراحت من ذلك مدة شهر استعادت نشاطها وهضمها، وفي هذا العصر عصر تقدم الطب لجأ الأطباء على اختلاف أديلهم في مداواة بعض المرضي إلى صيام المسلمين فوجدوا أن ذلك أعظم دواء لمرض الباطن (قال الزرقاني) شرع الصيام لفوائد- أعظمها. كسر النفس. وقهر الشيطان، فالشبع نهر في النفس برده الشيطان، والجوع نهر في الروح ترده الملائكة (ومنها) أن الغني يعرف قدر نعمة الله عليه باقداره على ما منع منه كثير من الفقراء من فضول الطعام والشراب والنكاح فإنه بامتناعه في ذلك في وقت مخصوص وحصول المشقة له بذلك يتذكر به من منع ذلك على الإطلاق فيوجب ذلك في وقت مخصوص وحصول المشقة له بذلك يتذكر به من منع ذلك على الإطلاق فيوجب ذلك شكر نعمة الله عليه بالغني ويدعوه إلى رحمة أخيه المحتاج ومواساته بما يمكن من ذلك اهـ (أما الصيام المشروع قبل فرض رمضان) فقد اختلف السلف فيه هل كان فرضًا أو نفلاَ" فذهب الجمهور وهو المشهور عند الشافعية أنه لم يجب قط صوم قبل صوم رمضان، وفي وجه وهو قول الحنفية أول ما فرض صيام عاشوراء نزل رمضان نسخ، ومن أدلة الجمهور حديث معاوية ابن أبي سفيان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا يوم عاشوراء لم يكتب الله عليكم صيامه وأنا صائم. فمن شاء فليصم ومن شاء فليفطر. رواه البخاري والإمام أحمد وسيأتي في باب صيام يوم عاشوراء، قال الحافظ قد استدل به على أنه لم يكن (يعني صوم يوم عاشوراء) فرضا قط ولا دلالة فيه لاحتمال أنه يريد ولم يكتب الله عليكم صيامه على الدوام كصيام رمضان، وغايته أنه عام خص بالأدلة الدالة على تقدم وجوبه اهـ (وذهب الحنفية) إلى أن أول ما فرض صيام عاشوراء. ثم ثلاثة أيام من كل شهر. من كل عشرة أيام يومًا. ثم نسخ ذلك بصوم رمضان بحيث يمسك في كل يوم وليلة من صلاة العشاء إلى غروب الشمس، ثم نسخ ذلك بقوله تعالى {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} إلى قوله {وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر} واستدلوا بحديث معاذ الطويل المذكور في الباب وبما رواه نافع عن ابن عمر قال "صام النبي صلى الله عليه وسلم عاشوراء وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان ترك، وكان عبد الله لا يصومه إلا أن يوافق صومه" وبحديث عائشة رضي الله عنها أن قريشًا كانت تصوم يوم عاشوراء فليصمه ومن شاء أفطر، وراهما البخاري والإمام أحمد وسيأتيان أيضًا، واستنتج الحافظ من مجموع الأحاديث أن صوم يوم عاشوراء كان واجبًا قبل افتراض صوم رمضان، وستأتي جميع الأحاديث المشار إليها في أبواب ما ورد في يوم عاشوراء إن شاء الله تعالى والله الموفق

-[ثبوت شهر رمضان برؤية عدلين للهلال أو عدل على الخلاف في ذلك]- (6) باب ثبوت الشهر برؤية الهلال في الصوم والفطر أو إكمال العدة ثلاثين أن كان غيم (34) عن قيس بن طلق عن أبيه (1) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم إن الله عز وجل جعل هذه الأهلة (2) مواقيت للناس، صوموا (3) لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم (4) عليكم فأتموا العدة.

_ (34) عن قيس بن طلق (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبي ثنا إسحاق بن عيسي أنا محمد بن جابر عن قيس بن طلق عن أبيه- الحديث" (غريبة) (1) هو طلق بن على بن المنذر الحنفي السحيمي بمهملتين مصغرًا يكني أبا على، مشهور له صحبة ووفادة ورواية، روى عنه ابنه قيس وابنته خلدة وعبد الله بن بدر وعبد الرحمن بن على بن شيبان (2) جمع هلال مثل رداء وأردية، سمى هلالا لأن الناس يرفعون أصواتهم بالذكر عند رؤيته، من قولهم استهل الصبي إذا صرخ حين يولد، وأهل القوم بالحج (وقوله مواقيت) جمع ميقات، أي جعلها الله كذلك ليعلم الناس أوقات الحج والعمرة والصوم والأفطار وآجال الديون وعدد النساء وغيرها (3) أي بيتوا فيه الصيام أو صوموا إذا دخل وقت الصوم وهو من فجر الغد وقوله لرؤيته) أي لرؤية الهلال واللام فيه للتوقيت كهى في قوله تعالى: {أقم الصلاة لدلوك الشمس} أي وقت دلوكها، وقال ابن مالك وابن هشام بمعنى بعد، أي بعد زوالها وبعد رؤية الهلال اهـ قال النووي والمراد رؤية بعض المسلمين. ولا يشترط رؤية كل إنسان. بل يكفي جميع الناس رؤية عدلين وكذا عدل على الأصحز هذا في الصوم. وأما في الفطر فلا يجوز بشهادة عدل واحد على هلال شوال عند جميع العلماء إلا أبا ثور فجوزه بعدل اهـ (وقوله وأفطروا لرؤيته) أي رؤية هلال شوال وليس المراد الأفطار من وقت الرؤية حتى يلزم أن يفطر قبل الغروب إذا رأى الهلال في ذلك الوقت، كما أنه ليس المراد الصوم من وقت الرؤية؛ بل المراد الإفطار والصوم على الوجه المشروع وهو في الصوم من فجر الليلة التي رأى فيها هلال رمضان وفي الإفطار بعد غروب شمس آخر يوم من رمضان سواء رأى الهلال قبل غروب شمس ذلك اليوم أو بعد الغروب (4) بضم الغين المعجمة وفنج الميم المشددة أي فإن حال بينكم وبينه غيم أو سحاب كما صرح بذلك في رواية عكرمة عن ابن عباس وستأتي في الفصل الأول من هذا الباب بلفظ (فأن حال بينكم وبينه سحاب فكملوا العدة ثلاثين) "وقوله في حديث الباب فأتموا العدة" أي عدة شعبان ثلاثين يومًا عند إرادة الصوم. وعدة رمضان ثلاثين عند إرادة الفطر إذا لم ير الهلال بسبب غيم ونحوه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه محمد بن جابر اليماني وهو صدوق

-[إذا لم يرا هلال مرضان وجب تكميل شعبان ثلاثين يوما]- (35) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطر والرؤيته فإن غم (1) عليكم الشهر (2) فأكملوا العدة ثلاثين (36) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (37) عن أبي البخري (3) قال أهللنا هلال رمضان ونحن بذات عرق (4) قال فأرسلنا رجلاً إلى ابن عباس يسأله قال هاشم فقال ابن عباس رضي الله

_ ولكنه ضاعت كتبه وقبل التلقين (قلت) تؤيده الأحاديث الآتية بعده (35) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي بن سعيد الأموي قال ثنا الحجاج عن عطاء عن أبي هريرة- الحديث" (غريبة) (1) لفظ البخاري (فإن غبي عليكم فأكملوا عدة شعبان ثلاثين) (ولفظ مسلم) فإن غميي عليكم الشهر فعدوا ثلاثين، وقد جاءت هذه الكلمة بلغات متعددة، يقال غم بضم الغين وتشديد الميم مفتوحة وأغمى بضم الهزة وسكون الغين وكسر الميم بعدها ياء مفتوحة وعمي وغمىِ بتشديد الميم وتخفيفها والغين مضمومة فيهما ويقال غبي بفتح الغين وكسر الباء وكلها صحيحة، وقد غامت الصماء وغيمت وأغامت وتغيمت وأغمت قاله النووي (2) أي هلال الشهر حذف المضاف وأقيم المضاف إليه مقامه فارتفع ارتفاعه، والمراد بالشه هنا رمضان أو شوال (تخريجه) (ق. نس). (36) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا زكريا ثنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال فصوموا. وإذا رأيتموه فأفطروا. فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يومًا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح. (37) عن أبي البختري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر وهاشم قالا ثنا شعبه عن عمرو بن مرة قال سمعت أبا البختري- الحديث (غريبة) (3) بفتح الموحدة والمثناة بينهما معجمة ساكنة اسمه سعيد بن فيروز بن أبي عمران الطائي مولاهم الكوفي ثقة ثبت (4) هو منزل معروف من منازل الحاج يحرم أهل العراق بالحج منه، سمى به لأنه فيه عرقًا وهو الجبل الصغير، وقيل العرق من الأرض سبخة تنبت الطرفاء. والعراق في اللغة شاطئ النهر والبحر، وبه سمى الصقع لأنه على شاطئ الفرات ودجلة (نه) (وقوله قال هاشم) يعني في روايته وهو أحد الراوبين اللذين روى عنهما الإمام

-[النهي عن تقدم رمضان بصيام يوم أو يومين]- عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم إن الله قد مد رؤيته قال هاشم لرؤيته (1) فإن أغمى عليكم فأكملوا العدة. (38) عن ابن عباس رضي الله عنهما عجبت ممن يتقدم الشهر (2) وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصوموا تروه (3) أو قال صوموا لرؤيته (39) عن ربعي بن حراش عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا (5) الشهر حتى تكملوا العدة أو تروا

_ أحمد هذا الحديث وكذا يقال فيما يأتي (1) في رواية لمسلم إن الله مده للرؤية، وله في أخرى (إن الله قد أمده لرؤيه) قال القاضي عياض قال بعضهم الوجه أن يكون أمده بالتشديد من الآمداد، ومده من الامتداد، قال القاضي والصواب عندي بقاء الرواية على وجهها، ومعناه أطال مدته إلى الرؤية، يقال منه مدوا أمد قال الله تعالى {وإخوانهم يمدونهم في الغي} قوي بالوجهين أي يطيلون لهم، قال وقد يكون أمده من المدة التي جعلت له، قال صاحب الأفعال أمددتكما أي أعطيتكما اهـ (وفي التقيح) قوله مده لرؤيته أي أطال مدته إلى الرؤية أي أطال مدة شعبان إلى زمان رؤية هلال رمضان، والضمير في مده راجع إلى شعبان اهـ (وقوله أغمى) بضم الهمزة وسكون الغين المعجمة. ومثل ذلك عند مسلم وهي بمعنى غم أي حال بينكم وبين رؤيته غيم ونقدم الكلام في ذلك (تخريجه) (م. قط) (38) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو عن محمد بن حنين عن ابن عباس الحديث (غريبة) (2) أي بصيام يوم أو يومين كما صرح بذلك في رواية أبي داود (3) أي حتى تروا هلال رمضان (وقوله أو قال صوموا لرؤيته) أو للشك من الراوي (تخريجه) (د. نس. فع. هق) بألفاظ مختلفة وسنده جيد (39) عن ربعي بن حراش (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور عن ربعي بن حراش- الحديث" (غريبه) (4) في رواية لأبي داود "عن حذيفة" بدل قوله هنا عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والصحيح عن منصور عن ربعي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم كما رواه الأمام أحمد. وسيأتي الكلام رمضان بصيام لقصد الاحتياط له لما فيه من التشبه بالنصارى فيما رادوه عن ما افترض عليهم برأيهم فلا تصوموا

-[بيان أن الشهر قد يكون تسعا وعشرين]- الهلال وصوموا ولا تفطروا حتى تكلموا العدة أو تروا الهلال (40) عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الشهر تسع وعشرون (1) فلا تصوموا حتى تروه (2) ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا (3) له

_ حتى تروا هلال رمضان وتكلموا عدة شعبان ثلاثين يومًا، وإذا صمم رمضان فلا تفطروا حتى تروا هلال شوال أو تكملوا عدة رمضان ثلاثين يومًا (تخريجه) (د. نس. قط) وقال أبو داود ود عقب هذا الحديث رواه سفيان وغيره عن منصور عن ربعي عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يسم حذيفة اهـ قال المنذري والحديث أخرجه النسائي مسندًا ومرسلا وقال لا أعلم أحدًا من أصحاب منصور قال في هذا الحديث عن حذيفة غير جرير. يعني ابن عبد الحميد اهـ (وقال البيهقي) وصله جرير عن منصور فذكر حذيفة فيه وهو ثقة حجة، وروي له الثوري وجماعة عن منصور عن ربعي عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (قلت) الحديث صحيح على كل حال لأن جهالة الصحابي لا تضر ورواته ثقات محتج بهم والله أعلم. (40) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن نافع ابن عمر- الحديث" (غريبه) (1) ظاهره حصر الشهر في تسع وعشرين مع أنه لا ينحصر فيه، بل قد يكون ثلاثين، والمعني أن الشهر يكون تسعًا وعشرين، أو اللام للعهد. والمراد شهر بعينه ويؤيد الأول ما سيأتي في حديث يحيي بن عبد الرحمن بن حاطب عن ابن عمر من قال عائشة ترفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (أن الشهر يكون تسعًا وعشرين) ومثله من حديث أم سلمة عند مسلم مرفوعًا (إن الشهر يكون تسعا وعشرين) ويؤيد الثاني قول ابن مسعود (صمنا مع النبي صلى الله عليه وسلم تسعا وعشرين أكثر مما صمنا ثلاثين) أخرجه أبو داود والترمذي، ومثله عن ابن مسعود وعائشة عند الأمام أحمد بإسناد جيد (2) يعني هلال رمضان وليس المراد تعليق الصوم بالرؤية من كل أحد، بل المراد بذلك إما واحد على رأى الجمهور أو اثنان على رأي غيرهم، وسيأتي الكلام على ذلك في الأحكام إن شاء الله تعالى {وقوله ولا تفطروا حتى تروه) يعني هلال شوال (3) قال أهل اللغة يقال قدرت الشيء أقدره واقدره بكسر الدال وضمها وقدرته واقدرته كلها بمعني واحد وهي من التقدير (قال الخطابي) ومنه قول الله تعلى (فقدرنا فنعم القادرون) اهـ ومعناه عند الشافعية والحنفية والمالكية وجمهور السلف والخلف فاقدر واله تمام الثلاثين يومًا (وقالت طائفة) من العلماء ضيقو اله وقدروه تحت السحاب، وممن قال بهذا الأمام أحمد وغيره ممن يجوز صوم يوم ليلة الغيم عن رمضان وسيأتي الكلام على

-[إستحباب رؤية القمر ليلة الثلاثين من شعبان - ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم فاقدرو اله]- قال نافع فكان عبد الله (يعنى ابن عمر رضى الله عنهما) إذا مضي من شعبان تسع وعشرون يبعث من ينظر، فإن رؤى فذاك (1) وإن لم ير ولم يحل دون منظره سحاب أو قتر (2) أصبح مفطرًا، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائمًا (3) (41) عن يحيي بن عبد الرحمن بن حاطبٍ قال قال عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهر تسع وعشرون (4) وصفق بيديه مرتين، ثم صفق الثالثة وقبض إبهامه (5) (وفي روايةٍ فذكروا ذلك لعائشة)

_ ذلك إن شاء الله تعالى (وقالت طائفة) منهم ابن سريج ومطرف بن عبد الله وابن قتيبة إن معناه قدروه بحساب المنازل (قال الحافظ) قال ابن عبد البر لا يصح عن مطرف، وأما ابن قتيبة فليس هو ممن يعرج عليه في مثل هذا. ولا كما نقله ابن العربي عن ابن سريج أن قوله فاقدروا له خطاب لمن خصه الله بهذا العلم وقوله فأكملوا العدة خطاب للعامة. لأنه كما قال ابن العربي أيضا يستلزم اختلاف وجوب رمضان فيجب على قوم بحساب الشمس والقمر وعلى آخرين بحساب العدد، قال وهذا بعيد النبلاء أهـ واحتج الجمهور بالروايات المتقدمة (فأكملوا العدة ثلاثين) وهو تفسير لا قدروا له، ولهذا لم يجتمعا في رواية، بل تارة يذكر هذا وتارة يذكر هذا، ويؤكده ما في رواية عند مسلم فاقدروا له ثلاثين (قال المازري) حمل جمهور الفقهاء قوله صلى الله عليه وسلم فاقدروا له على أن المراد إكمال عدة ثلاثين كما فسره في حديث آخر. قالوا ولا يجوز أن يكون المراد حساب المنجمين لأن الناس لو كلفوا به ضاق عليهم لأنه لا يعرفه إلا أفراد والشرع إنما يعرف الناس بما يعرفه جماهيرهم والله أعلم (1) يعنى أصبح صائما (2) القتر بفتح القاف والتاء الفوقية وبعدها راء هو الغبرة على ما في القاموس (3) بستفاد منه أن ابن عمر رضى الله عنهما كان يقول بصوم يوم الشك. وسيأتى الكلام على ذلك إن شاء الله (تخريجه) (م. وغيره.) إلى قوله فادروا له وانفرد الأمام أحمد بهذه الزيادة (41) عن يحيي بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد أنا محمد عن يحيي بن عبد الرحمن بن حاطب - الحديث" (غريبه) (4) قال ابن العربي قوله الشهر تسع وعشرون إلخ معناه حصره من جهة أحد طرفيه أي أنه يكون تسعًا وعشرين وهو أقله، ويكون ثلاثين وهو أكثره، فلا تأخذوا أنفسكم بصوم الأكثر احتياطا ولا تقتصروا على الأقل تخفيفا. ولكن اجعلوا عبادتكم مرتبطة ابتداء وإنهاء باستهلاله أهـ (5) أي جمع كفيه بعضهما لبعض مفتوحة الأصابع مرتين، ومعلوم أن عدد أصابع اليدين

-[سبب قوله صلى الله عليه وسلم إن الشهر يكون تسعا وعشرين وقصة ذلك]- فقالت عائشة رضى الله عنها غفر الله لأبي عبد الرحمن إنه وهل (1) إنما هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه شهرًا، فنزل لتسعٍ وعشرين، فقالوا يا رسول الله إنك نزلت لتسعٍ وعشرين، فقال إن الشهر يكون تسعًا وعشرين (42) عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إنا أمة أمية

_ عشرة فالمرتان بعشرين، وفي المرة الثالثة قبض إبهام إحدى يديه إشارة إلى أنها ليست داخلة في العدد. فيكون العدد تسعًا وعشرين، وقد جمع صلى الله عليه وسلم بذلك بين القول والإشارة للاهتمام بالأمر وتفهيمه للسامعين، وهكذا ينبغي للمعلم أن يعد وسائل التفهيم لمن يعلمه حتى ينتفع بعلمه (1) هذه الجملة من قوله "فذكروا ذلك لعائشة إلى قوله إنه وهل" لم أقف عليها لغير الأمام أحمد، والظاهر أن عائشة رضى الله عنها بلغها أن ابن عمر فهم من قوله صلى الله عليه وسلم "الشهر تسع وعشرون" أن كل شهر يكون تسعًا وعشرين، ولهذا قالت غفر الله لأبي عبد الرحمن تعنى ابن عمر رضي الله عنهما لما تعلمه فيه من تمسكه بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله، وحملت ما بغلها عنه على أنه وهل في فهم الحديث أي ذهب وهمه إلى ما بلغها، يقال وهل إلى الشيء بالفتح يهل بالكسر وهلا بالسكون إذا ذهب وهمه إليه، ويجوز أن يكون بمعنى سها وغلط، يقال منه وهل في الشيء وعن الشيء بالكسر يوهل وهلا بالتحريك ثم ذكرت عائشة رضى الله عنها الحديث مع سببه لتدفع به ما بلغها عن ابن عمر، وفيه التصريح بأن الشهر يكون تسعا وعشرين (أي في بعض الأحيان) لا أن كل شهر تسع وعشرون وقد يكون المبلغ أخطأ في فهم قول ابن عمر، فبلغها ذلك خطأ وهو الغالب، لأن حرص ابن عمر رضى الله عنهما على فهم الحديث والعمل به ينافى ذلك. لاسيما وقد جاء في حديثه الآتى بعد هذا ما يفهم منه أن الشهر تارة يكون تسعا وعشرين وتارة يكون ثلاثين، فالخطأ ممن بلغ عائشة لا من ابن عمر. والله أعلم، وسبب هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه أنهن اجتمعن حوله يطلبن منه النفقة بما ليس عنده ولا يقدر عليه، فأقسم أن يعتزلهن شهرا. وسيأتى ذلك في تفسير قوله تعالى "يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها الآية - في سورة الأحزاب من كتاب التفسير، وقد جاء حديث "الشهر تسع وعشرون" من عدة طرق عن كثير من الصحابة ستأتي جميعها في كتاب الأيلاء إن شاء الله تعالى وسيأتى قريبًا طرف منه في باب ما جاء خاصا بنقص الشهر (تخريجه) (ق. د. نس هق) بدون ذكر قصة عائشة. وأخرجها الشيخان وغيرهما حديثا مستقلا. (42) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا محمد بن جعفر

-[جواز الاستدلال بالإشارة والعمل بمقتضاها]- لا نكتب ولا نحسب (1) الشهر هكذا وهكذا وهكذا، وعقد الإبهام في الثالثة (2) والشهر هكذا وهكذا وهكذا؛ يعنى تمام ثلاثين فصل منه فيما جاء خاصا بإكمال شعبان ثلاثين يوما إذا غم على هلال رمضان (43) عن عكرمة قال سمعت ابن عباسٍ رضى الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن حال بينكم وبينه سحاب فكملوا العدة ثلاثين (3) ولا تستقبلوا الشهر استقبالاً (4) قال حاتم

_ ثنا شعبة عن الأسود بن قيس سمعت سعيد بن عمرو بن سعيد يحدث أنه سمع ابن عمر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم أنه قال إنا أمة أمية لا نكتب - الحديث" (غريبه) (1) قال العلماء أمية باقون على ما ولدتنا عليه أمهاتنا لم نتعلم الكتابة ولا الحساب. ومنه قوله تعالى (النبي الأمي) وقيل هو نسبة إلى الأم وصفتها. لأن هذه صفة النساء غالبا "وقوله ولا نحسب" بضم السين المهملة من باب قتل من الحسب بمعنى الأحصاء، يقال حسبت المال حسبا أحصيته عددا. وفي قوله "لا نكتب ولا نحسب" بيان لكونهم أمية. وهذا بالنظر للغالب وإلا فقد كان فيهم من يكتب ويحسب. وقيل المراد بالحساب حساب النجوم وتسييرها، وهذا أيضا لم يكونوا يعرفونه إلا النذر اليسير والله أعلم (2) يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم أشار بيديه الكريمتين ثلاث مرات ناشرًا أصابعه إلا في المرة والثالثة فإنه قبض أصبعه الأبهام إشارة إلى أن الشهر قد يكون تسعا وعشرين "وقوله والشهر هكذا وهكذا وهكذا يعني تمام ثلاثين" معناه أنه صلى الله عليه وسلم فعل كما تقدم إلا في المرة الثالثة فإنه لم يقبض من أصابعه شيئًا إشارة إلى أن الشهر قد يكون ثلاثين. وحاصله أن الاعتبار بالهلال فقد يكون تاما ثلاثين. وقد يكون ناقصا تسعا وعشرين. وقد لا يرى الهلال فيجب إكمال العدة ثلاثين، قال العلماء وقد يقع النقص متواليا في شهرين وثلاثة وأربعة ولا يقع في أكثر من أربعة، وفي هذا الحديث جواز الإشارة المفهمة في مثل هذا. قاله النووي (تخريجه) (ق. د. نس) (43) عن عكرمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي أنا حاتم بن أبى صغيرة عن سماك بن حرب عن عكرمة - الحديث" (غريبه) (3) أي فكملوا عدة شعبان ثلاثين يوما كما فسره بذلك حاتم أحد رجال السند (4) قال العلماء معنى

-[الحث على الاعتناء برؤية هلال شعبان استعداداً لرؤية هلال رمضان]- يعني عدة شعبان (وعنه من طريقٍ ثانٍ (1) مثله وفيه) فإن حال دونه غيابة (2) فأكملوا العدة (3) والشهر تسع وعشرون يعنى أنه ناقص (44) عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من هلال شعبان مالا يتحفظ من غيره (4) ثم يصوم برؤية

_ ذلك أنكم لا تستقبلوا رمضان بصيام على نية الاحتياط لرمضان، والحكمة فيه التقوى بالفطر ليكون في رمضان ذا قوة ونشاط، وقيل الحكمة فيه خشية اختلاط النفل بالفرض، وقيل لأن الحكم علق بالرؤية، فمن تقدمه بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم هذا هو المعتمد "وقوله قال حاتم" هو حاتم بن أبي صغيرة بكسر الغين المعجمة أحد رجال السند (قال الحافظ في التقريب) هو أبو يونس البصرى، وأبو صغيرة اسمه مسلم، وهو جده لأمه. وقيل زوج أمه، ثقة من السادسة أهـ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن حال دونه غيابة إلخ (2) كسحابة وزنا ومعنى وهي كل شيء غيبه عنك، وفي رواية أبي داود (غمامة) وهي السحاب. وفي الطريق الأولى (فإن حال بينكم وبينه سحاب) قال في القاموس وغيابة كل شيء ما سترك منه (3) أي عدة شعبان كما فسره بذلك حاتم في الطريق الأولى، وقوله والشهر تسع وعشرون، يعنى أنه قد يكون تسعا وشعرين لا أنه يكون دائما كذلك (تخريجه) (د. مذ. حب. خزك) وقال الترمذي حديث ابن عباس حسن صحيح، وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وقال أبو داود عقب هذا الحديث. ورواه حاتم بن أبى صغيرة وشعبة والحسن بن صالح عن سماك بمعناه لم يقولوا ثم أفطروا، قال أبو داود وهو حاتم بن مسلم بن أبى صغيرة وأبو صغيرة زوج أمه أهـ (44) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الرحمن عن معاوية عن عبد الله بن أبي قيس قال سمعت عائشة تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (4) أي يتحرى رؤية هلال شعبان وعد أيامه محافظة على صوم رمضان تحريا لا يتحراه في غيره من الأشهر التي لا يتعلق بها أمر شرعي كالحج ونحوه (وقوله ثم يصوم برؤية رمضان) يعني برؤية هلال رمضان ليلة الثلاثين من شعبان فإن رآه أصبح صائما.

-[إعتماد الصيام والفطر على رؤية الهلال فإن لم بر غدوا ثلاثين يوما]- رمضان، فإن غم عليه عد ثلاثين يومًا ثم صام فصل منه فيما جاء خاصا بإكمال رمضان ثلاثين يوما إذا غم على هلال شوال (45) عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم قال إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم (1) فصوموا ثلاثين يومًا (46) وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم مثله إلا أنه قال فعدوا ثلاثين يومًا (47) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا الشهر بيومٍ ولا يومين (2) إلا أن يوافق أحدكم صومًا كان يصومه، صوموا

_ وإن حال دون رؤيته غيم أكمل شعبان ثلاثين يوما (تخريجه) (د. ك. قط) وقال إسناده صحيح وصححه أيضا الحافظ (45) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهرى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (1) يعنى هلال شوال (تخريجه) (م. نس. جه) (4) وعن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا زكريا ثنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الهلال فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين يوما (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط. ورجال أحمد رجال الصحيح (47) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي يعني ابن سعيد عن محمد بن عمرو قال ثنى أبو سلمة عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (2) قال النووي فيه التصريح بالنهى عن استقبال رمضان بصوم يوم أو يومين لمن لم يصادف عادة له أو يصله بما قبله. فإن لم يصله ولا صادف عادة فهو حرام، هذا هو الصحيح في مذهبنا لهذا الحديث. وللحديث الآخر في سنن أبي داود وغيره (إذا انتصف شعبان فلا صيام حتى يكون رمضان) فإن وصله بما قبله أو صادف عادة له فإن كانت عادته صوم يوم الاثنين ونحوه فصادف فصامه تطوعا بنية ذلك جاز لهذا الحديث وسواء في النهي عندنا لمن لم يصادف

-[النهي عن صيام يوم أو يومين قبل رمضان]- لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين يومًا، ثم أفطروا فصل منه فيما جاء في استقبال رمضان بيوم أو يومين وحكم صوم يوم الشك (48) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقدموا بين يدى رمضان بيومٍ ولا يومين إلا رجلاً كان يصوم صومًا فليصمه. (49) عن عبد الله بن أبي موسى قال سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (ورضي عنها) عن اليوم الذي يختلف فيه من رمضان (1) فقالت لأن أصوم يومًا من شعبان أحب إلى من أن أفطر يومًا من رمضان، قال فخرجت فسألت ابن عمر وأبا هريرة فكل واحدٍ منهما قال أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بذاك منا

_ عادته ولا وصله يوم الشك وغيره. فيوم الشك داخل في النهي، وفيه مذاهب للسلف فيمن صامه تطوعا، وأوجب صومه عن رمضان أحمد وجماعة بشرط أن يكون هناك غيم والله أعلم أهـ (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (48) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عمرو بن الهيثم ثنا هشام عن يحيي عن أبي سلمة عن أبي هريرة - الحديث" تقدم شرحه في الذي قبله (تخريجه) (ق. وغيرهما) (49) عن عبد الله بن أبي موسى، صوابه عبد الله بن أبي قيس كما سيأتي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن يزيد بن خمير قال سمعت عبد الله بن أبي موسى - الحديث" وفي آخره "قال عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله" سمعت أبي يقول يزيد بن خمير صالح الحديث، قال أبي عبد الله بن أبي موسى هو خطأ. أخطأ فيه شعبة، هو عبد الله بن أبي قيس (غريبه) (1) هو يوم الثلاثين من شعبان المسمى بيوم الشك إذا حال دون رؤية الهلال من ليلته غيم أو نحوه. فالجمهور على عدم صومه وتكميل شعبان ثلاثين يوما. وذهبت عائشة وبعض الصحابة وآخرون إلى صومه احتياطا لرمضان وسيأتي الكلام على ذلك في الأحكام (تخريجه) أخرجه أيضا سعيد بن منصور في سننه. وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح أهـ (قلت) وهو طرف من حديث طويل ذكر بعضه في الجزء الرابع صحيفة 210 رقم 960 من كتاب الصلاة وسيأتي

-[زوائد الباب في ثبوت الشهر برؤية الهلال - وفي النهي عن صوم يوم الشك]- .....

_ جميعه تاما في الفصل الحادة عشر في فتاوى السيدة عائشة رضي الله عنها من ترجمتها في باب ذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (زوائد الباب) (عن أبي بكرة رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته. فإن غم عليكم فأكملوا العدة، قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الشهر هكذا وهكذا وهكذا" رواه البزار والطبراني في الكبير وفيه عمران بن داود القطان، وثقه ابن حبان وغيره، وفيه كلام (وعن مسروق والبراء بن عازب) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين وقال بيده الشهر هكذا وهكذا، يعنى تسعا وعشرين (طب) (وعن عدى بن حاتم رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء رمضان فصم رمضان ثلاثين إلا أن ترى الهلال قبل ذلك (طب) وفيه مجالد بن سعيد وثقه النسائي وضعفه جماعة (وعن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا يعنى شهر رمضان. صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فأتموا ثلاثين (طب طس) وفيه ابن إسحاق وهو مدلس ولكنه ثقة (وعن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه قال الصيام من رؤية الهلال إلى رؤيته، فإن خفى عليكم فثلاثين يوما (طب) ورجاله رجال الصحيح، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا وتخريجا (وعن أبي إسحاق) عن صلة بن زفر قال كنا عند عمار في اليوم الذي يشك فيه فأتى بشاة فتنحى بعض القوم، فقال عمار من صام هذا اليوم فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم (د. نس. جه. خز. حب. مى. مذ) وقال حديث حسن صحيح - وأخرجه أيضًا الدارقطني وقال إسناده حسن صحيح وروائه كلهم ثقات أهـ. وأخرجه أيضا الحاكم وقال صحيح على شرطهما - وذكره البخاري تعليقًا في باب إذا رأيتم الهلال فصوموا (وعن محمد ابن كعب) قال دخلت على أنس بن مالك عند العصر يوم يشكون فيه من رمضان وأنا أريد أن أسلم عليه، فدعا بطعام فأكل فقلت هذا الذي تصنع سنة؟ قال نعم، أورده الهيثمي وقال روى له الترمذي حديثا في الفطر إذا أراد السفر. رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح (وعن ابن مسعود رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام ثلاثة أيام، تعجيل يوم قبل الرؤية - والفطر - والأضحى - أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير وفيه سعيد بن سلمة وثقة ابن حبان وقال يخطئ وضعفه جماعة (وعن مسروق) قال دخلت على عائشة في اليوم الذي يشك فيه من رمضان فقالت يا جارية خوضى له سويقا، فقلت إني صائم، فقالت تقدمت الشهر؟ فقلت. ولكني صمت شعبان كله فوافق ذلك هذا اليوم، فقالت إن ناسًا كانوا يتقدمون الشهر فيصومون قبل النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل (يا أيها

-[كلام العلماء في أحكام أحاديث الباب - وتفسيرهم قوله صلى الله عليه وسلم "فاقدروا له"]- .....

_ الذين آمنوا لا تقدموا بين يدى الله ورسوله) رواه الطبراني في الأوسط وفيه حبان بن رقيدة وهو مجهول. قاله الهيثمي (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة مسائل (منها) الأمر بصوم رمضان عند رؤية هلاله سواء أكان شعبان تاما أو ناقصًا، والفطر منه عند رؤية هلال شوال سواء أكان رمضان تاما أم ناقصا، والتام ثلاثون يوما والناقص تسعة وعشرون، يدل على ذلك حديث طلق بن علي وأبي هريرة وابن عباس بلفظ (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته - الحديث) وفي حديث لأبي هريرة أيضًا (إذا رأيتموه فصوموا، وإذا رأيتموه فأفطروا) وقد جاء في أحاديث الباب عن ابن عباس وغيره النهي عن صوم رمضان قبل رؤية هلاله إذا لم يكمل شعبان ثلاثين يوما، والنهي عن الفطر قبل رؤية هلال شوال إذا لم يكمل رمضان ثلاثين يوما، وجاء أيضًا في حديث ابن عمر مرفوعا بلفظ "لا تصوموا حتى تروه، ولا تفطروا حتى تروه فإن غم عليكم فاقدروا له" وظاهره إيجاب الصوم حين الرؤية متى وجدت ليلاً أو نهارًا وكذلك الفطر من رمضان، لكنه محمول على اليوم المستقبل في الصوم والفطر (وبعض العلماء) فرق بين ما قبل الزوال أو بعده، وخالف الشيعة الإجماع فأوجبوه مطلقًا، وقوله في حديث ابن عمر (لا تصوموا حتى تروه ولا تفطروا حتى تروه) ظاهر في النهي في ابتداء صوم رمضان قبل رؤية الهلال فيدخل فيه صورة الغيم وغيرها، ولو وقع الاقتصار على هذه الجملة لكفى ذلك لمن تمسك به، لكن اللفظ الذي رواه أكثر الرواة أوقع للمخالف شبهة وهو قوله (فإن غم عليكم فاقدروا له) فاحتمل أن يكون المراد التفرقة بين الصحو والغيم فيكون التعليق على الرؤية متعلقًا بالصحو، وأما الغيم فله حكم آخر، ويحتمل أن لا تفرقة ويكون الثاني مؤكدًا للأول (وقد اختلف العلماء) في تفسير قوله فاقدروا له * (فذهبت الحنفية والمالكية والشافعية) وجمهور السلف والخلف إلى أن معناه فاقدروا له تمام العدد ثلاثين يوما، أي انظروا في أول الشهر واحسبوا تمام ثلاثين يوما، وما ذهب إليه الجمهور يوافق معنى اللفظ لغة (قال أهل اللغة) يقال قدرت الشيء بالتخفيف أقدره بضم الدال وكسرها وقدرته بالتشديد وأقدرته بهمزة أوله وكلها بمعنى واحد وهو التقدير، قال الخطابي ومنه قوله تعالى (فقدرنا فنعم القادرون) ويدل لذلك قوله في رواية لمسلم فاقدروا ثلاثين، وفي رواية فأتموا العدة ثلاثين يوما، وفي رواية فعدوا ثلاثين يوما، وأولى ما فسر الحديث بالحديث (وذهب آخرون) إلى أن معنى قوله صلى الله عليه وسلم فاقدروا له، ضيقوا له وقدروه تحت السحاب، ومن قال بهذا أوجب الصيام من الغد ليلة الثلاثين من شعبان إذا كان في محل الهلال ما يمنع رؤية من غيم وغيره (وهذا مذهب ابن عمر) راوى الحديث وفيه قال نافع فكان عبد الله (يعنى ابن عمر) إذا مضى من شعبان

-[كلام العلماء في ثبوت الشهر بحساب المنجمين إذا لم ير الهلال - والجمهور على خلافه]- .....

_ تسع وعشرون يبعث من ينظر، فإن رؤى فذاك، وإن لم ير ولم يخل دون منظره سحاب ولا قتر أصبح مفطرا، وإن حال دون منظره سحاب أو قتر أصبح صائما، رواه الأمام أحمد، وأبو داود وزاد "قال وكان ابن عمر يفطر مع الناس ولا يأخذ بهذا الحساب" (قال الخطابي) يريد أنه كان يفعل هذا الصنيع في شهر شعبان احتياطا للصوم، ولا يأخذ بهذا الحساب في شهر رمضان ولا يفطر إلا مع الناس أهـ. وقد تبع ابن عمر على هذا المذهب * (الأمام) * أحمد في المشهور عنه (وقال ابن عبد البر) لم يتابع ابن عمر على تأويله ذلك فيما علمت إلا طاوس وأحمد بن حنبل، وروي عن أسماء بنت أبي بكر مثله، وعن عائشة نحوه أهـ (وذهبت فرقة ثالثة) إلى أن معنى الحديث قدروه بحساب المنازل، حكاه النووي في شرح مسلم عن ابن سريج وجماعة منهم مطرف بن عبد الله وابن قتيبة وآخرون (وقال ابن عبد البر) روى عن مطرف وليس بصحيح عنه، ولو صح ما وجب إتباعه عليه لشذوذه فيه ولمخالفة الحجة له، ثم حكى عن ابن قتيبة مثله، وقال ليس هذا من شأن ابن قتيبة ولا هو ممن يعرج عليه في مثل هذا الباب أهـ. وبالغ ابن العربي في العارضة في إنكاره مقاله ابن سريج هذه (قال المازري) عن الجمهور لا يجوز أن يكون المراد حساب المنجمين لأن الناس لو كلفوا به ضاق عليهم لأنه لا يعرفه إلا أفراد، والشرع إنما يعرف الناس بما يعرفه جماهيرهم، وحكى ابن العربي عن ابن سريج أن قوله "فاقدروا" خطاب لمن خصه الله بهذا العلم "وقوله فأكملوا العدة" خطاب للعامة (قال ابن لعربي) فكأن وجوب رمضان عنده مختلف الحال يجب على قوم بحساب الشمس والقمر، وعلى آخرين بحساب العدد، إن هذا لبعيد عن النبلاء (وقال ابن الصلاح) في مشكل الوسيط معرفة منازل القمر هي معرفة سير الأهلة وهي غير المعرفة بالحساب على ما أشعر به كلام الغزالي في الدرس، فالحساب أمر دقيق يختص بمعرفته الآحاد، والمعرفة بالمنازل تدرك بأمر محسوس يدركه من يراقب النجوم، وهذا هو الذي أراد ابن سريج وقال به في حق العارف بها في خاصة نفسه (ونقل الرويائي) عنه أنه لم يقل بوجوب ذلك عليه، وإنما قال بجوازه، وهو اختيار القفال وأبي الطيب، وأما أبو إسحاق فقد نقل في المهذب عن ابن سريج لزوم الصوم في هذه الصورة، وإذا جمعت بين مسألتى الحاسب والمنجم ونظرت فيهما بالنسبة إلى أنفسهما وإل غيرهما، وبالنسبة إلى الجواز والوجوب، حصل لك من ذلك في مذهب الشافعي رحمه الله أوجه، جمعها النووي في شرح المهذب ملخصة بعد بسطها (أصحها) لا يلزم الحاسب ولا المنجم ولا غيرهما بذلك، ولكن يجوز لهما دون غيرهما ولا يجزيهما عن فرضهما (والثاني) يجوز لهما ويجزيهما (والثالث) يجوز للحاسب ويجزيه ولا يجوز للمنجم (والرابع) يجوز لهما ويجوز لغيرهما

-[كلام العلماء في المنجم هل يلزمه الصوم بعلمه إذا لم ير الهلال أم لا؟]- .....

_ تقليدهما (والخامس) يجوز لهما ولغيرهما تقليد الحاسب دون المنجم، وأهمل النووي من الأوجه وجوب الصوم وقد حكاه حين بسط الكلام قبل ذلك، فحكى عن صاحب المهذب أنه قال إذا غم الهلال وعرف رجل بالحساب ومنازل القمر أنه من رمضان فوجهان (قال ابن سريج) يلزمه الصوم لأنه عرف الشهر بدليل فأشبه من عرفه بالبينة، وقال غيره لا يصوم لأنا لم نتعبد إلا بالرؤية (قال النووي) ووافق صاحب المهذب على هذه العبارة جماعة، ثم حكى عن صاحب البيان أنه قال قال ابن الصباغ إما بالحساب فلا يلزمه بلا خلاف بين أصحابنا، وذكر صاحب المهذب أن الوجهين في الوجوب، ثم حكى عن الرافعي أنه قال لا يجب بما يقتضيه حساب المنجم عليه ولا على غيره الصوم (قال الروياني) وكذا من عرف منازل القمر لا يلزمه الصوم به على أصح الوجهين، قال وأما الجواز فتكلم على ذلك (وحكى ابن الصلاح عن الجمهور) منع الحاسب والمنجم من الصوم في حق أنفسهما على خلاف ما صححه النووي في شرح المهذب، وللمسألة نظير مذكور في الصلاة وهو ما لو علم المنجم دخول الوقت بالحساب فالمذهب أنه يعمل به بنفسه ولا يعمل به غيره كما في التحقيق للنووي تبعًا لصاحب البيان، ومعنى العمل به على طريق الجواز كما في الصيام والله أعلم، ورجح ابن دقيق العيد في شرح العمدة وجوب الصوم على الحاسب في الصورة المذكورة، فقال وأما ما دل عليه الحساب على أن الهلال قد طلع من الأفق على وجه يرى لولا وجود المانع كالغيم، فهذا يقتضى الوجوب لوجود السبب الشرعي، قال وليس حقيقة الرؤية تشترط في اللزوم، لأن الاتفاق على أن المحبوس في المطمورة إذا علم بإكمال العدة أو الاجتهاد بالأمارات أن اليوم من رمضان وجب عليه الصوم وإن لم ير الهلال ولا أخبره من رآه (قال الحافظ العراقي رحمه الله) في شرح الترمذي المحبوس في المطمورة معذور فوجب عليه الاجتهاد في دخول الوقت، ويجب عليه العمل بما أدى إليه اجتهاده، فإن تبين خطؤه بيقين أعاد، وحصول الغيم في المطالع أمر معتاد، والسبب الشرعي للوجوب إنما هو الرؤية لا علم ذلك بالحساب لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح إنا أمة أمية لا نحسب ولا نكتب - الحديث" أهـ (قلت) الحديث المشار إليه رواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم، وتقدم في أحاديث الباب وهو حجة للجمهور القائلين بعدم اعتبار الحساب والتنجيم في الحكم بإثبات الشهر وعدمه، لأن في قوله صلى الله عليه وسلم لا نكتب ولا نحسب وقوله بعده الشهر هكذا وهكذا إشعارا بعدم التعويل على الحساب (قال الحافظ) والمراد بالحساب هنا حساب النجوم وتسييرها ولم يكونوا يعرفون من ذلك أيضا إلا النذر اليسير فعلق الحكم بالصوم وغيره بالرؤية لرفع الحرج عنهم في معاناة حساب التسيير واستمر الحكم في الصوم ولو حدث بعدهم

-[مذاهب العلماء في صيام يوم أو يومين قبل رمضان والصيام في النصف الثاني من شعبان]- .....

_ من يعرف ذلك، بل ظاهر السياق يشعر بنفي تعليق الحكم بالحساب أصلا، ويوضحه قوله في الحديث الآخر (فأكملوا العدة ثلاثين) ولم يقل فسلوا أهل الحساب، والحكمة فيه كون العدد عند الإغماء يستوى فيه المكلفون فيرتفع الاختلاف والنزاع عنهم (وقد ذهب قوم) إلى الرجوع إلى أهل التسيير في ذلك وهم الروافض. ونقل عن بعض الفقهاء موافقتهم. قال الباحي وإجماع السلف الصالح حجة عليهم (وقال ابن بزيزة) وهو مذهب باطل فقد نهت الشريعة عن الخوض في علم النجوم لأنها حدس وتخمين ليس فيها قطع ولا ظن غالب مع أنه لو ارتبط الأمر بها لضاق إذ لا يعرفها إلا القليل أفاده الحافظ، وقد ظهر مما أوضحنا صحة مذهب الجمهور في تعلق الحكم بالرؤية في ثبوت الصوم والفطر دون غيرها (وبه قال الأئمة الأربعة) وجمهور العلماء من السلف والخلف والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضا) النهى عن صوم يوم أو يومين من آخر شعبان لما في حديث ابن عباس "ولا تستقبلوا الشهر استقبالا" ولما في حديث أبي هريرة "لا تقدموا بين يدي رمضان بيوم أو يومين إلا رجلاً كان يصوم صوما فليصمه" قال العلماء معنى الحديث لا تستقبلوا رمضان بصيام على نية الاحتياط لرمضان (قال الترمذي) لما أخرج هذا الحديث. العلم على هذا عند أهل العلم كرهوا أن يتعجل الرجل بصيام قبل دخول رمضان بمعنى رمضان أهـ وإنما اقتصر على يوم أو يومين لأنه الغالب فيمن يقصد ذلك، وقد قطع كثير من الشافعية بأن ابتداء المنع من أول السادس عشر من شعبان، واستدلوا بحديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا "إذا انتصف شعبان فلا تصوموا" أخرجه أصحاب السنن والأمام أحمد وصححه ابن حبان وغيره، وسيأتي في باب الصوم في شعبان من أبواب صيام التطوع (وقال الروياني) من الشافعية يحرم التقدم بيوم أو يومين لحديث الباب (يعني حديث أبي هريرة المتقدم) ويكره التقدم من نصف شعبان للحديث الآخر "يعني حديث العلاء" (وقال جمهور العلماء) يجوز الصوم تطوعا في النصف الثاني ولو لمن لم يعتده ولم يصله بالنصف الأول منه، ولا يكره إلا صوم يوم الشك، وقالوا إن حديث العلاء ضعيف، قال الإمام أحمد وابن معين إنه منكر (قال الحافظ) قال بعض أئمتنا يجوز بلا كراهة الصوم بعد النصف مطلقًا تمسكا بأن الحديث غير ثابت أو محمول على من يخاف الضعف بالصوم. ورده المحققون بما تقرر أن الحديث ثابت بل صحيح وبأنه مطنة الضعف ومانيط بالمظنة لا يشترط فيه تحققها أهـ (وقد جمع الطحاوي) بين حديث العلاء وبين حديث لا تقدموا بين يدي رمضان بيوم أو يومين الدال بمفهومه أن صيام ما بعد النصف غير مكروه إلا في آخر الشهر بأنه محمول على من يضعفه الصوم، وحديث النهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين مخصوص بمن يصوم ذلك احتياطا لرمضان؛ قال الحافظ وهو جمع حسن

-[تعريف يوم الشك - ومذاهب العلماء في صومه وعدمه]- .....

_ اهـ (قلت) أما من كان له عادة فلا كراهة في صومهما كما يؤخذ من قوله في الحديث (إلا رجلا كان يصوم صوما فليصمه) فلا يجوز صوم النفل المطلق الذي لم تجر العادة به والله أعلم (وقد اختلف العلماء) في النهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين فقيل هي القوى بالفطر لرمضان ليدخل فيه بقوة ونشاط، وفيه نظر لأن مقتضى الحديث أنه لو؟؟؟ بصوم ثلاثة أيام أم أربعة أيام جاز (وقيل) الحكمة خشية اختلاط النفل بالفرض وفيه نظر، لأنه يجوز لمن له عادة كما تقدم (وقيل) لأن الحكم معلق بالرؤية. فمن تقدمه بيوم أو يومين فقد حاول الطعن في ذلك الحكم، وهذا هو المعتمد. ولا يرد عليه صوم من اعتاد ذلك. لأنه قد أذن له فيه وليس من الاستقبال في شيء، ويلحق به القضاء والنذر لوجوبهما. قال بعض العلماء يستثنى القضاء والنذر بالأدلة القطعية على وجوب الوفاء بهما فلا يبطل القطعي بالظنى أفاده الحافظ (وفي حديث عمار بن ياسر المذكور في الزوائد) مع أحاديث الباب المصرحة بالنهى عن استقبال رمضان بيوم أو يومين دلالة على المنع من صوم يوم الشك وهو يوم الثلاثين من شعبان إذا تحدث برؤيته أو شهد بها من لا يثبت بقوله، فإن لم يتحدث برؤيته أحد فليس يوم الشك ولو كانت السماء مغيمة (وذلك عند الشافعية، وقالت المالكية) هو يوم الثلاثين من شعبان إذا كانت السماء مغيمة، وإلى المنع من صومه ذهب الأمامان (مالك والشافعي والجمهور) قاله النووي، وحكى الحافظ في الفتح عن الأمامين (مالك وأبي حنيفة) أنه لا يجوز صومه عن فرض رمضان ويجوز صومه عن فرض رمضان ويجوز عما سوى ذلك، قال ابن الجوزي في التحقيق (ولأحمد في هذه المسألة) وهي إذا حال دون مطلع الهلال غيم أو غيره ليلة الثلاثين من شعبان ثلاثة أقوال (أحدها) يجب صومه على أنه من رمضان (وثانيها) لا يجوز فرضا ولا نفلا مطلقا بل قضاء وكفارة ونذرا ونفلا يوافق عادة (ثالثها) المرجع إلى رأى الأمام في الصوم والفطر (وذهب جماعة من الصحابة) إلى صومه، منهم علي وعائشة وعمر وابن عمر وأنس ابن مالك وأسماء بنت أبي بكر وأبو هريرة ومعاوية وعمرو بن العاص وغيرهم، وجماعة من التابعين منهم مجاهد وطاوس وسالم بن عبد الله وميمون بن مهران ومطرف بن الشخير وبكر بن عبد الله المزني وأبو عثمان النهدي (قال الشوكاني) وقال جماعة من أهل البيت باستحبابه، وقد ادعى المؤيد بالله أنه أجمع على استحباب صومه أهل البيت، وهكذا قال الأمير الحسين في الشفا والمهدي في البحر، وقد أسند لابن القيم في الهدى الرواية عن الصحابة المتقدم ذكرهم القائلين بصومه، وحكى القول بصومه عن جميع من تقدم ذكرهم من الصحابة والتابعين، قال (وهو مذهب إمام أهل الحديث والسنة أحمد بن حنبل) أهـ (قلت) أورد الحافظ ابن القيم في الهدى آثارًا كثيرة عن الصحابة المتقدم ذكرهم

-[كلام الحافظ ابن القيم في توجيه ما ذهب إليه جماعة من الصحابة من صوم يوم الشك]- .....

_ تدل على قولهم بصيامه (ثم أجاب عن ذلك بقوله ليس فيما ذكر عنهم أثر صالح صريح في وجوب صومه حتى يكون فعلهم مخالف لهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وإنما غاية المنقول عنهم صومه احتياطا، وقد صرح أنس بأنه إنما صامه كراهة للخلاف على الأمراء، ولهذا قال الأمام أحمد في رواية (الناس تبع للأمام في صومه وإفطاره) والنصوص التي حكيناها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعله، وقوله إنما تدل على أنه لا يجب صوم يوم الأغمام ولا تدل على تحريمه، فمن أفطره أخذ بالجواز، ومن صامه أخذ بالاحتياط (ثم قال رحمه الله) ويدل على أنهم إنما صاموه استحبابا وتحريا ما روى عنهم من فطره بيانا للجواز، فهذا ابن عمر قال حنبل في مسائله حدثنا أحمد بن حنبل حدثنا وكيع عن سفيان عن عبد العزيز بن حكيم الحضرمي قال سمعت ابن عمر يقول لو صمت السنة كلها لأفطرت اليوم الذي يشك فيه، قال احنبل وحدثنا أحمد بن حنبل حدثنا عبيدة بن حميد قال أخبرنا عبد العزيز بن حكيم قال سألوا ابن عمر قالوا نسبق قبل رمضان حتى لا يفوتنا منه شيء؟ فقال أف أف صوموا مع الجماعة فقد صح عن ابن عمر أنه قال "لا ينقد من الشهر منكم أحد" وصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال "صوموا لرؤية الهلال وأفطروا لرؤيته فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين" كذلك قال على بن أبي طالب رضى الله عنه إذا رأيتم الهلال فصوموا لرؤيته وإذا رأيتموه فأفطروا فإن غم عليكم فأكملوا العدة (وقال ابن مسعود) رضى الله عنه فإن غم عليكم فعدوا ثلاثين، فهذه الآثار إن قدر أنها معارضة لتلك الآثار التي رويت عنهم في الصوم فهذه أولى لموافقتها النصوص المرفوعة لفظا ومعنى، وإن قدر أنها لا تعارض بينها، فها هنا طريقان من الجمع (أحدهما) حملها على غير صورة الإغمام أو على الأغمام في آخر الشهر كما فعله الموجبون للصوم (والثاني) حمل آثار الصوم عنهم على التحرى والاحتياط استحبابا لا وجوبا؛ وهذه الطريقة أقرب إلى موافقة النصوص وقواعد الشرع، وفيها السلامة من التفريق بين يومين متساويين في الشك فيجعل أحدهما يوم شك والثاني يوم يقين مع حصول الشك فيه قطعا، أو تكليف العبد اعتقاد كونه من رمضان قطعا مع شكه هل هو منه أم لا تكليف بما لا يطاق وتفريق بين المتماثلين والله أعلم أهـ (قال الشوكاني) واستدل المجوزون لصومه بأدلة (منها) ما أخرجه ابن أبي شيبة والبيهقي عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصومه، وأجيب عنه بأن مرادها أنه كان يصوم شعبان كله لما أخرجه أبو داود والترمذي والنسائي (قلت والأمام أحمد وسيأتي في صوم شعبان) من حديثها قالت ما رأيته يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان وهو غير محل النزاع، لأن ذلك جائز عند المانعين من صوم يوم الشك لما في الحديث الصحيح المتفق عليه من قوله صلى الله عليه وسلم "إلا رجلا كان يصوم صوما فليصمه"

-[ذكر من كره صوم يوم الشك من الصحابة رضى الله عنهم]- (7) باب من يكتفي بشهادته برؤية الهلال في الصوم والفطر (50) عن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أنه خطب في اليوم الذي يشك فيه (1) فقال ألا إني قد جالست أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وساءلتهم، ألا وإنهم حدثوني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم قال صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته وانسكوا لها (2) فإن غم عليكم فأتموا

_ وأيضا قد تقرر في الأصول أن فعله صلى الله عليه وسلم لا يعارض القول الخاص بالأمة ولا العام له ولهم، لأنه يكون فعله مخصصا له من العموم (ومنها) ما أخرجه الشافعي عن علي عليه السلام قال "لأن أصوم يوما من شعبان أحب إلى من أن أفطر يوما من رمضان" وأجيب بأن ذلك من رواية فاطمة بنت الحسين عن علي وهي لم تدركه. فالرواية منقطعة، ولو سلم الاتصال فليس ذلك بنافع، لأن لفظ الرواية أن رجلا شهد عند علي على رؤية الهلال فصام وأمر الناس أن يصوموا، ثم قال لأن أصوم إلخ. فالصوم لقيام شهادة واحدة عنده لا لكونه يوم شك، وأيضا الاحتجاج بذلك على فرض أنه عليه السلام استحب صوم يوم الشك من غير نظر إلى شهادة الشاهد إنما يكون حجة على من قال بأن قوله حجة، على أنه قد روى عنه القول بكراهة صومه، حكى ذلك عنه صاحب الهدى (قال ابن عبد البر) وممن روى عنه كراهة صوم يوم الشك عمر بن الخطاب وعلي بن أبي طالب وعمار وابن مسعود وحذيفة وابن عباس وأبو هريرة وأنس بن مالك * (والحاصل) * أن الصحابة مختلفون في ذلك، وليس قول بعضهم بحجة على أحد، والحجة ما جاءنا عن الشارع، وقد عرفته أهـ (قلت) وأثر عائشة المذكور في آخر أحاديث الباب يدل على جواز صوم يوم الشك وهو محمول على الجواز تحريا واحتياطا، كما حكى ذلك الحافظ ابن القيم رحمه الله عن بعض الصحابة رضى الله عنهم والله أعلم (50) عن عبد الرحمن بن زيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يحيي ابن زكريا قال أنا حجاج عن حسين بن الحارث الجدلى قال خطب عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب في اليوم الذي يشك فيه - الحديث" (غريبه) (1) هو يوم الثلاثين من شعبان إذا لم ير الهلال وتقدم تعريفه في أحكام الباب السابق (2) انسكوا بضم السين المهملة من نسك وبابه نصر، ومعناه التقرب إلى الله تعالى بالصوم في رمضان، والأفطار في أول شوال

-[ثبوت رؤية هلال شوال بشهادة رجلين]- ثلاثين يوماً وإن شهد شاهد إن مسلمان (1) فصومووا وأفطروا (51) عن ربعي بن حراشٍ عن بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أصبح الناس لتمام ثلاثين يومًا (2) فجاء أعرابيان فشهدا أنهما أهلاه بالأمس عشيًة (3) فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس أن يفطروا (4) (52) عن أبي عمير بن أنسٍ (5) حدثني عمومة لي من الأنصار من

_ وبالأضحية وأعمال الحج في وقتها. قال في النهاية النسك الطاعة والعبادة وكل ما تقر به إلى الله تعالى، والنسك ما آمرت به الشريعة أهـ (1) فيه دلالة على أنها لا تقبل شهادة الكافر في الصيام والأفطار بل تشترط العدالة كما في بعض الأحاديث (واستدل به أيضا) على اشتراط العدد في شهادة الصوم والأفطار وسيأتي الكلام على ذلك في الأحكام (تخريجه) (نس) وذكره الحافظ في التلخيص ولم يذكر فيه قدحا، وإسناده لا بأس به على اختلاف فيه، ولم يذكر في رواية النسائي (مسلمان) (51) عن ربعي بن حراش (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدى قال ثنا سفيان عن منصور عن ربعي بن حراش - الحديث" (غريبه) (2) لفظ أبي داود (اختلف الناس في آخر يوم من رمضان) أي ترددوا ليلة الثلاثين من رمضان في أن غدًا منه أو من شوال لكونهم لم يروا الهلال في تلك الليلة، فأصبح النبي صلى الله عليه وسلم صائما كما جاء في رواية عند الدارقطني (وقوله فجاء أعرابيان فشهدا الخ) الظاهر أن شهادتهما كانت بعد الزوال من يوم الثلاثين من رمضان آخر النهار كما يستفاد ذلك من حديث أبي عمير الآتى بعد هذا، ولذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالفطر ولم يأمرهم بصلاة العيد في ذلك اليوم بل أخرهم لليوم التالي لأن آخر وقتها الزوال، والشهادة لم تقع إلا بعده (وفي رواية أبي داود فشهدا عند النبي صلى الله عليه وسلم بالله) أي أقسما بالله أنهما (أهلاه) أي رأيا الهلال بالأمس، يقال أهللت الهلال إذا أبصرته (3) العشية ما بين الزوال والغروب، والظاهر أنهما رأياه قبيل الغروب والله أعلم (4) زاد أبو داود في رواية (وإن يغدوا إلى مصلاهم) ومثلها للإمام أحمد من حديث أبي عمير الآتى، أي يخرجوا لصلاة العيد في صباح اليوم التالي (تخريجه) (د. نس. قط) وقال إسناده حسن ثابت (52) عن أبي عمير بن أنس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا هشيم أنا أبو بشر عن أبي عمير بن أنس - الحديث" (غريبه) (5) ويقال أبو عميرة

-[حجة من قال بثبوت رؤية هلال شوال وبشهادة رجل واحد]- أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال غم علينا هلال شوالٍ فأصبحنا صيامًا، فجاء ركب (1) من آخر النهار فشهدوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا الهلال بالأمس، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفطروا من يومهم وأن يخرجوا لعيدهم من الغد (53) "قط" عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أن عمومًة له شهدوا عند النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم على رؤية الهلال (2) فأمر الناس أن يفطروا وأن يخرجوا لعيدهم من الغد (54) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال كنت مع عمر رضى الله عنه فأتاه رجل فقال إني رأيت الهلال هلال شوالٍ، فقال عمر رضي الله عنه

_ أيضا هو ابن أنس بن مالك الأنصارى، قيل اسمه عبد الله ثقة من الرابعة، قيل كان أكبر ولد أنس بن مالك. كذا في التقريب "وقوله عمومة" جمع عم كالخؤولة جمع خال (1) الركب جمع راكب أي جماعة ركبانا "وقوله من آخر النهار" أي يوم الثلاثين من رمضان "وقوله لعيدهم" أي لصلاة العيد من اليوم التالي، لأن الركب جاء بعد فوات وقتها، ويستفاد منه أنه إذا فات وقت صلاة العيد أول يوم صليت في اليوم الثاني (تخريجه) (د. نس. جه. حب. طح. قط) وقال إسناده حسن، وأخرجه أيضا البيهقي وحسنه، قال والصحابة كلهم عدول سموا أو لم يسموا (53) "قط" عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا يعقوب بن إبراهيم الدورقي قال حدثني سعيد بن عامر عن شعبة عن قتادة عن أنس - الحديث" (غريبه) (2) أي هلال شوال (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه البزار ورجاله رجال الصحيح إلا أن البزار قال الصواب أنه مرسل أهـ (قلت) هذا الحديث من زوائد الحافظ أبي بكر القطيعي على مسند الإمام أحمد ولذا رمزت له في أوله بقاف وطاء هكذا (قط) كما هو مبين في مقدمة الكتاب في الجزء الأول فتنبه (54) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنبأنا إسرائيل بن يونس عن عبد الأعلى الثعلبي عن عبد الرحمن بن أبي ليلى - الحديث"

-[زوائد الباب فيمن يكتفى بشهادته في إثبات الصوم والفطر]- يا أيها الناس أفطروا (1)

_ (غريبه) (1) ليس هذا آخر الحديث (وبقيته - ثم قام إلى عس فيه ماء فتوضأ ومسح على خفيه. فقال الرجل والله يا أمير المؤممنين ما أتيتك إلا لأسألك عن هذا، أفرأيت غيرك فعله؟ فقال نعم خيرصا منى وخير الأمة، رأيت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم فعل مثل الذي فعلت وعله جبه شامية ضيقة الكمين فأدخل يده من تحت الجبة ثم صلى عمر المغرب) وقد اقتصرت منه على القدر المناسب للترجمة، وبقيته تقدم نحوها عن كثير من الصحابة في أبواب المسح على الخفين (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار وفيه عبد الأعلى الثعلبي، قال النسائي ليس بالقوى ويكتب حديثه وضعفه الأئمة (زوائد الباب) عن أبي مالك الأشجعي عن حسين بن الحارث الجدلي من جديلة تيس أن أمير مكة خطب ثم قال عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننسك للرؤية فإن لم نره وشهد شاهدا عدل نسكنا بشهادتهما، فسألت الحسين بن الحارث من أمير مكة؟ فقال لا أدري. ثم لقيني بعد فقال هو الحارث بن حاطب أخو محمد بن حاطب، ثم قال الأمير إن فيكم من هو أعلم بالله ورسوله منى وشهد هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأومأ بيده إلى رجل. قال الحسين. فقلت لشيخ إلى جنبى من هذا الذي أومأ إليه الأمير؟ قال هذا عبد الله بن عمر وصدق. كان أعلم بالله منه. فقال بذلك أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه أبو داود والدارقطني وقال إسناده متصل صحيح (وعن عكرمة عن ابن عباس) رضى الله عنهما قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني رأيت الهلال يعني رمضان فقال أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال نعم قال أتشهد أن محمد رسول الله؟ قال نعم. قال يا بلال أذن في الناس فليصوموا غدا (د. نس. جه. مذ. قط. ك. هق. مى) (وعن عكرمة) أنهم شكوا في هلال رمضان مرة فأرادوا أن لا يقوموا ولا يصوموا فجاء أعرابي من الحرة فشهد أنه رأى الهلال، فأتى به النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتشهد أن لا إلا الله وأني رسول الله؟ قال نعم، وشهد أنه رأى الهلال؟ فأمر بلالا فنادى في الناس أن يقوموا وأن يصوموا (أخرجه أبو داود والبيهقي والدارقطني) مرسلا والحاكم مسندا (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما قال تراءى الناس الهلال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه (د. مى. حب. هق. ك) وقال صحيح على شرط مسلم وصححه أيضًا بن حبان وابن حزم (وعن عبد الملك ابن ميسرة) قال شهدت المدينة وبها ابن عمر وابن عباس رضى الله عنهم فجاء رجل إلى واليها وشهد عنده على رؤية هلال شهر رمضان فسأل ابن عمر وابن عباس عن شهادته فأمراه أن يجيزها وقالا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أجاز شهادة رجل واحد على رؤية هلال رمضان وكان

-[مذاهب العلماء فيمن تقبل شهادته في إثبات الصوم]- .....

_ رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يجيز شهادة في الإفطار إلا شهادة رجلين" أورده الهيثمي وقال هو في السنن باختصار عن هذا، رواه الطبراني في الأوسط وفيه حفص بن عمرو الأيلي وهو ضعيف (وعن ابن مسعود) قال أصبح الناس صياما لتمام ثلاثين فجاء رجلان فشهدا أنهما رأيا الهلال بالأمس فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس فأفطروا، رواه الهيثمي وقال أورده الطبراني في الكبير، وقال لم يقل في هذا الحديث عن أبي مسعود إلا إسحاق بن إسماعيل الطالقاني قلت وهو ثقة أهـ (الأحكام) أعلم أنه جاء في هذا الباب عشرة أحاديث وأثر، (منها أربعة أحاديث والأثر) جاءت في المسند، وهي حديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب، وهو يدل على اعتبار شاهدين مسلمين في إثبات الصوم والفطر من رمضان، وحديث ربعي ابن حراش، وحديث أبي عمير، وحديث أنس بن مالك، وهي تدل على اعتبار شاهدين في الفطر من رمضان، ثم الأثر المروى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى، وهو يدل على اعتبار شاهد واحد في الفطر، ومع كونه أثرا فهو ضعيف (ومنها ستة أحاديث) جاءت في الزوائد (أولها) حديث أمير مكة وهو يدل على اعتبار شاهدين في إثبات الصوم (وثانيها) حديث عكرمة عن ابن عباس مرفوط (وثالثها) حديث عكرمة مرسلا (ورابعها) حديث ابن عمر (وخامسها) حديث عبد الملك بن ميسرة، وهي تدل على اعتبار شاهد واحد في الصوم (وسادسها) حديث أبى مسعود وهو يدل على اعتبار شاهدين في الفطر أيضًا (لهذا اختلف العلماء) في إثبات الصوم والفطر هل يكتفى فيهما بشاهد واحد أم لابد من اثنين؟ ونتكلم أولا على اختلافهم في إثبات الصوم فنقول (ذهب جمهور العلماء) إلى القول بقبول شهادة الواحد في رؤية هلال رمضان مستدلين بحديث ابن عباس وحديث ابن عمر وحديث عبد الملك بن ميسرة المذكورة في الزوائد (قال الترمذي بعد ذكر حديث ابن عباس) والعلم على هذا الحديث عند أكثر أهل العلم قالوا تقبل شهادة رجل واحد في الصيام وبه يقول (ابن المبارك والشافعي وأحمد وأهل الكوفة) أهـ (قلت) ما حكاه الترمذي عن الإمام الشافعي هو أشهر قوليه عند أصحابه وأصحهما، وسيأتي ذكر القول الثاني (وذهب الأئمة مالك والليث والأوزاعي والثوري والشافعي) في أحد قوليه والهادوية أنه لا يقبل الواحد بل يعتبر اثنان، واستدلوا بحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وفيه فإن شهد شاهدان مسلمان فصوموا وأفطروا، وبحديث أمير مكة وفيه "فإن لم نره وشهد شاهداً عدل الحديث" وظاهرهما اعتبار شاهدين، وتأولوا أدلة الأولين باحتمال أن يكون قد شهد عند النبي صلى الله عليه وسلم غيرهما (وأجاب الأولون) بأن التصريح بالاثنين غاية ما فيه المنع من قبول الواجد بالمفهوم، وأدلتهم مصرحة بالواحد وهي تدل على قبوله بالمنطوق، ودلالة المنطوق أرجح، وأما التأويل بالاحتمال المذكور فتعسف وتجويز لو صح اعتبار مثله لكان مفضيا إلى طرح أكثر

-[مذاهب العلماء فيمن تقبل شهادته في إثبات الفطر من رمضان]- .....

_ الشريعة (قال الشوكاني) وحكى في البحر عن (الصادق وأبي حنيفة) وأحد قولي المؤيد بالله أنه يقبل الواحد في الغيم لاحتمال الهلال عن غيره لا الصحو فلا يقبل إلا جماعة لبعد خفائه (واختلف العلماء) أيضا في شهادة إثبات الفطر من رمضان برؤية هلال شوال هل يكتفي بشهادة واحد أو لابد من اثنين؟ (فذهب الجمهور والأئمة الأربعة) إلى أنه لابد من شهادة شاهدين في هلال شوال محتجين بحديث عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب وحديث ربعي بن حراش وحديث أبي عمير وحديث أنس وكلها في المسند (قال النووي) لا تجوز شهادة عدل واحد على هلال شوال عند جميع العلماء إلا أبا ثور فجوزه بعدل أهـ (قلت) لم أقف على ما يؤيده في أحاديث الباب إلا الأثر المروى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى أن عمر رضي الله عنه أمر الناس بالفطر لشهادة رجل أنه رأى هلال شوال. وهو ضعيف لا تقوم به حجة، والظاهر أنه جعل الخروج من الشهر كالدخول فيه، يثبت بشهادة رجل واحد لا فرق بينهما في ذلك، والجمهور إنما فرقوا بين هلال الفطر وهلال الصوم للتهمة التي تعرض للناس في هلال الفطر ولا تعرض في هلال الصوم، والاحتياط في العبادة يقضى وأن لا يخرج منها إلا بيقين، وخبر الواحد لا يفيده والله أعلم (قال الإمام) ابن رشد في بداية المجتهد ومذهب أبي بكر بن المنذر هو مذهب أبي ثور وأحسبه هو مذهب أهل الظاهر، وقد احتج أبو بكر بن المنذر لهذا بانعقاد الإجماع على وجوب الفطر والأمساك عن الأكل بقول واحد، فوجب أن يكون الأمر كذلك في دخول الشهر وخروجه إذ كلاهما علامة تفصل زمان الفطر من زمان الصوم أهـ (واختلفوا أيضًا) في شهادة العدل هل تقبل منه سواء أكان ذكراً أم أنثى حرًا أم عبدا أم لابد من الذكورة والحرية (فذهب الحنفية) إلى جواز شهادة العدل ولو عبدا أو أنثى في ثبوت رمضان إذا كان بالسماء غيم ونحوه، ولا يشترط لفظ الشهادة بخلاف هلال شوال فلابد أن يكون بشهادة عدلين حرين أو حر وحرتين بلفظ الشهادة (وقال الأمامان الشافعي وأحمد) يكفى في هلال رمضان مطلقا رؤية عدل واحد. قال الأمام أحمد ولو عبدا أو امرأة (وهو قول للشافعية) ومعتمد مذهبهم أنه لابد أن يكون حرًا ذكرًا بلفظ الشهادة ولا يثبت هلال غيره كشوال إلا بشهادة عدلين حرين عندهما (قال النووي) ومحل الخلاف ما لم يحكم بشهادة الواحد حاكم يراه وإلا وجب الصوم ولم ينقض الحكم إجماعا (وذهبت الماليكة) إلى أنه يشترط في ثبوت هلال رمضان رؤية عدلين ذكرين حرين بالغين أو يراه جماعة كثيرة يفيد خبرهم العلم ويؤمن تواطؤهم على الكذب، ولا يشترط في هذه الصورة أن يكونوا كلهم ذكورا أحرارا عدولا (واتفقوا) على وجوب الصوم على المنفرد برؤية

-[مذاهب العلماء فيمن انفرد برؤية الهلال ولم يعمل بقوله هل يجب عليه الصوم أم لا]- (7) باب إذا رؤي الهلال في بلد دون غيره (هل يلزم بقية البلاد الصوم أم لا؟) (55) عن كريب (1) أن أم الفضل بنت الحارث بعثته إلى معاوية بالشام قال فقدمت الشام فقضيت حاجتها واستهل (2) على رمضان وأنا بالشام فرأينا الهلال ليلة الجمعة، ثم قدمت المدينة في آخر الشهر، فسألني (3) عبد الله بن عباسٍ رضي الله عنهما، ثم ذكر الهلال فقال متى رأيتموه؟ فقلت رأيناه ليلة الجمعة، فقال أنت رأيته؟ قلت نعم. ورآه الناس وصاموا وصام معاوية، فقال لكنا رأيناه ليلة السبت فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه، فقلت أو لا تكتفى برؤية معاوية وصيامه؟ فقال لا. هكذا أمر النبي

_ هلال رمضان وعلى وجوب الأفطار على المنفرد برؤية هلال شوال وإن لم يثبت ذلك بقوله (وهو قول الأئمة الأربعة) في هلال رمضان (واختلفوا) في الأفطار برؤية هلال شوال وحده (فقال الثلاثة) لا يفطر بل يستمر صائمًا احتياطا للصوم (وقال الشافعية) وهو قول للمالكية يلزمه الفطر عملا بقوله صلى الله عليه وسلم "ولا تفطروا حتى تروه" ولكن يخفيه لئلا يتهم (وذهب عطاء بن أبي رباح وإسحاق بن راهويه) إلى أنه لا يصوم برؤيته وحده (وعن الأمام أحمد) رحمه الله أنه لا يصوم إلا في جماعة الناس. وروى نحوه عن الحسن وابن سيرين رحمهما الله والله سبحانه وتعالى أعلم (55) عن كريب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي حدثني سليمان بن داود الهاشمي ثنا إسماعيل يعني ابن جعفر قال أخبرني محمد يعني ابن أبي حرملة عن كريب - الحديث" (غريبه) (1) هو مولى عبد الله بن عباس. وأم الفضل اسمها لبابة بتخفيف الموحدة بنت الحارث بن حزن؛ بفتح المهملة وسكون الزاي بعدها نون. الهلالية أم الفضل بن العباس وزوج العباس بن عبد المطلب. أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال ابن حيان ماتت بعد العباس في خلافة عثمان رضى الله عنها (2) بالبناء للمفعول أي رؤى هلاله (3) أي سأله عن حاله كيف كان في السفر وعن حال أهل الشام ونحو ذلك مما جرت به العادة في مثل هذا، ثم جاء ذكر رمضان فسأله عن رؤية الهلال بقوله "متى رأيتموه إلخ"

-[مذاهب العلماء في رؤية الهلال بجهة هل تسرى على من لم يره في جهة أخرى]- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (1)

_ (1) ظاهره أي أمرنا أن لا نعمل برؤية أهل بلد آخر (تخريجه) (م. والثلاثة. وغيرهم) (الأحكام) احتج بحديث كريب هذا من قال إنه لا يلزم أهل بلد رؤية أهل بلد آخر، ووجه الاحتجاج به أن ابن عباس لم يعمل برؤية أهل الشام وقال في آخر الحديث هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم، وقد اختلف في المراد بقوله "هكذا أمر النبي صلى الله عليه وسلم" فقال بعضهم يشير إلى قوله في الحديث (فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين أو نراه) يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بإكمال الشهر ثلاثين يوما إن لم يروا الهلال، وقال بعضهم أمرنا أن لا نعمل برؤية أهل بلد آخر، وقال الشيخ تقى الدين في شرح العمدة ويمكن أنه أراد بذلك هذا الحديث العام يعني قوله صلى الله عليه وسلم (لا تصوموا حتى تروا الهلال ولا تفطروا حتى تروه) لا حديثا خاصًا بهذه المسألة، قال وهو الأقرب عندي أهـ وقد حكى ابن المنذر هذا المذهب (يعني عدم العمل برؤية أهل بلد آخر) عن عكرمة والقاسم وسالم وإسحاق بن راهوية وحكاه الترمذي عن أهل العلم ولم يحك سواه وحكاه الماوردي وجهًا في مذهب الشافعي (وقال آخرون) إذا رؤى ببلدة لزم أهل جميع البلاد الصوم وهو مذهب الأئمة (مالك وأبي حنيفة وأحمد والليث بن سعد) وحكاه ابن المنذر عن أكثر الفقهاء، وبه (قال بعض الشافعية) فإنهم قالوا إن تقاربت البلدان فحكمهما حكم البلد الواحد، وإن تباعدتا فوجهان. أصحهما عند الشيخ أبي حامد والشيخ أبي إسحاق والغزالي والأكثرين أنه لا يجب الصوم على أهل البلد الآخر، والثاني الوجوب، وإليه ذهب القاضي أبو الطيب والروياني، وقال أنه ظهر المذهب واختاره جميع أصحابنا، وحكاه البغوى عن الشافعي نفسه، وعلى الأول ففي ضبط البعد أوجه (أحدها) وبه قطع العراقيون والصيدلاني وغيرهم أن التباعد أن تختلف المطالع كالحجاز والعراق وخراسان، والتقارب أن لا تختلف كبغداد والكوفة والرى وقزوين؛ وصححه النووي في الروضة والمنهاج وشرح المهذب (والثاني) أن التباعد مسافة القصر، وبهذا قطع إمام الحرمين وادعى الاتفاق عليه، والغزالي والبغوي وصححه الرافعي في شرحه الصغير والمحرر، والنووي في شرح مسلم (والثالث) اعتباره باتحاد الأقاليم واختلافه، وحكى السرخسى وجها آخر إن كل بلد لا يتصور خفاؤه عنهم بلا عارض يلزمهم دون غيرهم (وقال ابن الماجشون) من المالكية إن ثبت بأمر شائع لزم البعيد، وإن ثبت عند الحاكم بشهادة شاهدين كسائر الأحكام لم يلزم من خرج من ولايته إلا أن يكون أمير المؤمنين فيلزم القضاء جماعتهم إذا كتب بما عنده من شهادة أو رؤية إلى من لا يثبت عنده، حكاه ابن شاش في الجواهر أهـ. (وقال الشوكاني) واعلم أن الحجة إنما هي في المرفوع من رواية ابن عباس لا في اجتهاده

-[مذاهب العلماء في أنه هل يعتبر، اختلاف المطالع في رؤية الهلال]- .....

_ الذي فهم عنه الناس، والمشار إليه بقوله هكذا أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو قوله فلا نزال نصوم حتى نكمل ثلاثين. والأمر الكائن من رسول الله صلى الله عليه وسلم هو ما أخرجه الشيخان وغيرهما بلفظ "لا تصوموا حتى تروا الهلال. ولا تفطروا حتى تروه. فإن غم عليكم فأكملوا العدة ثلاثين" وهذا لا يختلف بأهل ناحية على جهة الانفراد؛ بل هو خطاب لكل من يصلح له من المسلمين، فالاستدلال به على لزوم رؤية أهل بلد لغيرهم من أهل البلاد أظهر من الاستدلال به على عدم اللزوم، لأنه إذا رآه أهل بلد فقد رآه المسلمون فيلزم غيرهم ما لزمهم، ولو سلم توجه الإشارة في كلام ابن عباس إلى عدم لزوم رؤية أهل بلد لأهل بلد آخر لكان عدم اللزوم مقيدا بدليل العقل وهو أن يكون بين القطرين من البعد ما يجوز معه اختلاف المطالع، وعدم عمل ابن عباس برؤية أهل الشام مع عدم البعد الذي يمكن معه الاختلاف عمل بالاجتهاد وليس بحجة، ولو سلم عدم لزوم التقييد بالعقل فلا يشك عالم أن الأدلة قاضية بأن أهل الأقطار يعمل بعضهم بخبر بعض وشهادته في جميع الأحكام الشرعية والرؤية من جملتها، وسواء كان بين القطرين من البعد ما يجوز معه اختلاف المطالع أم لا فلا يقبل التخصيص إلا بدليل، ولو سلم صلاحية حديث كريب هذا للتخصيص فينبغي أن يقتصر فيه على محل النص إن كان النص معلوما. أو على المفهوم منه إن لم يكن معلوما لوروده على خلاف القياس. ولم يأت ابن عباس بلفظ النبي صلى الله عليه وسلم ولا بمعنى لفظه حتى تنظر في عمومه وخصوصه، إنما جاءنا بصيغة مجملة أشار بها إلى قصة هي عدم عمل أهل المدينة برؤية أهل الشام على تسليم أن ذلك المراد. ولم نفهم منه زيادة على ذلك حتى نجعله مخصصا لذلك العموم. فينبغي الاقتصار على المفهوم من ذلك الوارد على خلاف القياس وعدم الألحاق به، فلا يجب على أهل المدينة العمل برؤية أهل الشام دون غيرهم، ويمكن أن يكون في ذلك حكمة لا نعقلها، ولو سلم صحة الألحاق وتخصيص العموم به فغايته أن يكون في المحلات التي بينها من البعد ما بين المدينة والشام أو أكثر، وأما في أقل من ذلك فلا، وهذا ظاهر. فينبغي أن ينظر ما دليل من ذهب إلى اعتبار البريد أو الناحية أو البلد في المنع من العمل بالرؤية، (والذي ينبغي اعتماده) هو ما ذهب إليه المالكة وجماعة من الزيدية واختاره المهدي منهم، وحكاه القرطبي عن شيوخه أنه إذا رآه أهل بلد لزم أهل البلاد كلها، ولا يلتفت إلى ما قاله ابن عبد البر من أن هذا القول خلاف الأجماع، قال لأنهم قد أجمعوا على أنه لا ترعى الرؤية فيما بعد من البلدان كخراسان والأندلس، وذلك لأن الاجماع لا يتم والمخالف مثل هؤلاء الجماعة أهـ (قلت) يريد بالجماعة (أبا حنيفة ومالكا وأحمد بن حنبل) رحمهم الله والله أعلم

-[سبب قوله صلى الله عليه وسلم تم الشهر تسعا وعشرين]- (9) باب ما جاء خاصا ينقص الشهر مع قوله صلى الله عليه وسلم شهران لا ينقصان (56) عن ابن عباس رضى الله عنهما أن جبريل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم فقال تم الشهر تسعًا وعشرين (1) (57) عن إسحاق بن سعيدٍ عن أبيه قال قيل لعائشة رضي الله عنها يا أم المؤمنين رؤى هذا الشهر لتسع وعشرين، قالت وما يعجبكم (2) من ذاك؟ لما صمت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعًا وعشرين أكثر مما صمت ثلاثين (58) عن ابن مسعودٍ رضي الله عنه قال ما صمت (3) مع رسول الله

_ (56) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عمرو بن الهيثم ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل عن أبي الحكم عن ابن عباس - الحديث" (غريبة) (1) سبب هذا الحديث جاء مصرحا به في رواية أخرى من حديث ابن عباس أيضا عند الأمام أحمد قال هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه شهرًا، فلما مضى تسع وعشرون أتاه جبريل فقال فقد برت يمينك وقد تم الشهر، وستأتي هذه الرواية في كتاب الأيلاء إن شاء الله تعالى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد. (57) عن إسحاق بن سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ابن القاسم قال ثنا إسحاق بن سعيد عن أبيه - الحديث" (غريبه) (2) بفتح العين المهملة وكسر الجيم المشددة، من التعجب وهو انفعال النفس لزيادة وصف في المتعجب منه، والمعنى وأي شيء في هذا تتعجبون منه "وقولها لما صمت" اللام واقعة في جواب قسم مقدر وما مصدرية أو موصولة، والمعنى والله لصومي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شهر رمضان تسعا وعشرين أكثر من صومي له ثلاثين مع النبي صلى الله عليه وسلم، أو للذي صمته مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ أي فلا تتعجبوا من ذلك (تخريجه) (هق. قط) وقال إسناده صحيح حسن (قلت) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح (58) عن ابن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المنذر ثنا عيسى بن دينار الخزاعى قال حدثني أبي أنه سمع عمرو بن الحارث الخزاعي يقول سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول ما صمت إلخ (غريبه) (3) هكذا وقع في

-[تفسير قوله صلى الله عليه وسلم شهران لا ينقصان]- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسعًا وعشرين أكثر مما صمت معه ثلاثين (59) عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال شهران لا ينقصان (1) في كل واحدٍ منهما عيد، رمضان. وذو الحجة (2)

_ هذه الرواية عند الأمام أحمد ومثلها عند الترمذي "ما صمت" بدون لام قبل الميم. ووقع في رواية أبي داود باللام كما في رواية عائشة عند الإمام أحمد وتقدم الكلام على ذلك (قال أبو الطيب السندي) في شرح الترمذي كلمة "ما" تحتمل أن تكون في الموضعين موصولة والعائد محذوف، والتقدير ما صمته حال كونه تسعا وعشرين أكثر مما صمته حال كونه ثلاثين، فيكون تسعا وعشرين وكذلك ثلاثين حالا من ضمير المفعول المحذوف الراجع إلى رمضان المراد بالموصول؛ وعلى التقديرين قوله أكثر مرفوع على الخبرية (والحاصل) أن الأشهر الناقصة أكثر من الوافية، وأما القول بأن كلمة "ما" الأولى نافية وعلى هذا التقدير يكون قوله أكثر منصوبا ويكون الحاصل أن الناقص ما كان غالبا على الوافي فبعيد، ويؤيد هذا البعد ما قاله الشيخ ابن حجر (يعني الحافظ بن حجر العسقلاني) قال بعض الحفاظ صام صلى الله عليه وسلم تسع رمضانات، منها رمضانان فقط ثلاثون (وقال النووي) وقد يقع النقص متواليا في شهرين وثلاثة وأربعة، ولا يقع أكثر من أربعة أهـ كلام السندي باختصار (تخريجه) (د. مذ. هق. قط) وسكت عنه أبو داود والمنذرى. فهو صالح للاحتجاج به (59) عن عبد الرحمن بن أبي بكرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت خالد الحذاء يحدث عن عبد الرحمن بن أبي بكرة - الحديث" (غريبه) (1) جاء في معنى ذلك أقوال كثيرة للعلماء سنذكرها في الأحكام، وقال النووي الأصح أن معناه لا ينقص أجرهما والثواب المترتب عليهما وإن نقص عددهما "يعني في الأيام" (2) إطلاق شهر العيد على ذي الحجة ظاهر. وعلى رمضان من ضروب المجاز لعلاقة المجاورة (تخريجه) (ق. د. مذ. جه. هق. طح) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الشهر قد يكون تسعًا وعشرين وهذا حق لا شك فيه والواقع يؤيده، بل الغالب أن يكون تسعًا وعشرين أكثر من كونه ثلاثين كما في أحاديث الباب، أما قوله صلى الله عليه وسلم شهران لا ينقصان فليس المراد منه نقص الأيام، بل المراد والله أعلم لا ينقصان في أحر العبادة المشروعة فيهما بسبب نقصهما في الأيام بل الأجر فيهما واحد سواء نقصًا

-[كلام العلماء في نقص الشهر ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم شهران لا ينقصان]- (10) باب وجوب النية في الصوم من الليل (وحكم من وجب عليه الصوم في أثناء الشهر أو اليوم) (60) عن حفصة (زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه

_ أم كملا، فلا منافاة بين هذا الحديث وبين الأحاديث التي ثبت فيها نقص الأيام، وللعلماء في ذلك أقوال (قال الترمذي) رحمه الله بعد إيراد هذا الحديث بلفظ "شهرًا عيد لا ينقصان رمضان وذو الحجة" حاكيا عن الأمام أحمد أنه قال معنى هذا الحديث "شهرًا عيد لا ينقصان" يقول لا ينقصان معًا في سنة واحدة، شهر رمضان وذو الحجة، إن نقص أحدهما تم الآخر، (وقال إسحاق) معناه لا ينقصان يقول وإن كان تسعًا وعشرين فهو تمام غير نقصان، وعلى مذهب إسحاق يكون ينقص الشهران معًا في سنة واحدة انهى كلام الترمذي، ومعناه على ما ذهب إليه الأمام أحمد رحمه الله إن جاء أحد الشهرين تسعا وعشرين جاء الآخر ثلاثين، وعلى ما ذهب إليه إسحاق بن راهويه رحمه الله إن كان تسعا وعشرين فهو تمام غير نقصان أي فهو تام في الفضيلة غير ناقص مع جواز نقصانهما في الأيام معا في سنة واحدة، (وفي صحيح البخاري) وقال أبو الحسن كان إسحاق بن راهويه يقول لا ينقصان في الفضيلة إن كان تسعة وعشرين أو ثلاثين أهـ. (وذكر ابن حبان) لهذا الحديث معنيين أحدهما ما قال إسحاق والآخر أنهما في الفضل سواء لقوله في الحديث الآخر "ما من أيام العمل فيها أفضل من عشر ذي الحجة" (وقيل) معناه لا ينقصان في عام بعينه وهو العام الذي قال فيه صلى الله عليه وسلم تلك المقالة (وقيل) معناه لا ينقصان في الأحكام، وبهذا جزم البيقهي وقبله الطحاوي فقال معنى لا ينقصان أي الأحكام فيهما وإن كانا تسعة وعشرين متكاملة غير ناقصة عن حكمهما إذا كانا ثلاثين (وقيل) معناه لا ينقصان في نفس الأمر، لكن ربما حال دون رؤية الهلال مانع، وهذا أشار إليه ابن حبان أيضًا وهو بعيد (وقيل) معناه لا ينقصان معًا في سنة واحدة على طريق الأكثر الأغلب وإن ندر وقوع ذلك، وهذا أعدل مما تقدم، لأنه ربما وجد وقوعهما ووقوع كل منهما تسعًا وعشرين، هذا تلخيص ما قاله الحافظ (وقال النووي) رحمه الله الأصح أن معناه لا ينقص أجرهما والثواب المترتب عليهما وإن نقص عددهما (وقيل) معناه لا ينقصان جميعًا في سنة واحدة غالبا (وقيل) لا ينقص ثواب ذي الحجة عن ثواب رمضان لأن فيه المناسك حكاه الخطابي وهو ضعيف، والأول هو الصواب المعتمد، ومعناه "أن قوله صلى الله عليه وسلم من صام رمضان إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه" وقوله "من قام رمضان إيمانا واحتسابا" وغير ذلك؛ فكل هذه الفضائل تحصل سواء تم عدد رمضان أم نقص أهـ والله أعلم (60) عن حفصة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى قال

-[حجة القائلين بوجوب نية الصوم من الليل في الفرض والنفل]- قال من لم يجمع (1) الصيام مع الفجر فلا صيام له

_ ثنا ابن لهيعة ثنا عبد الله بن أبي بكر عن ابن شهاب عن سالم عن حفصة - الحديث" (غريبه) (1) بضم أوله من أجمع يجمع إجماعا، والأجماع معناه إحكام النية والعزيمة، يقال أجمعت الرأى وأزمعته وعزمت عليه، بمعنى أن من لم يصمم العزم على الصوم مع أول ظهور الفجر أو قبله فلا صيام له، وإنما قلنا أو قبله لما ورد عند أبي داود والترمذي بلفظ "من لم يجمع الصيام قبل الفجر فلا صيام له" وظاهره التعارض مع لفظ حديث الباب، ولا معارضة، لأن الجمع ممكن يحمل رواية قبل الفجر على عدم ظهوره جليا، أي قبل ظهوره ظهورًا واضحا، وحمل رواية مع الفجر على ابتداء ظهوره، ويؤيد هذا التأويل قوله عز وجل "وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" فقد أباح لنا الأكل والشرب ونحوهما حتى يظهر ابتداء الفجر، وهذا غاية وقت النية، وليس المراد أنها لا تصح إلا في هذا الوقت، بل المراد أنها لا تصح بعده وتصح من أول الليل وإن كان يأكل ويشرب ويطأ النساء إلى ابتداء ظهور الفجر، وظاهر هذا الحديث أن من لم تقع منه النية في هذا الوقت أعنى من أول الليل إلى ابتداء ظهور الفجر لا يصح صومه سواء أكان فرضا أم نفلا، وفي ذلك خلاف بين الأئمة سيأتي تفصيله في الأحكام إن شاء الله تعالى (تخريجه) (الأربعة. قط. خز. حب) وصححاه مرفوعا (قال الحافظ) في التلخيص واختلف الأئمة في رفعه ووقفه، فقال ابن أبي حاتم عن أبيه لا أدرى أيهما أصح، يعني رواية يحيي بن أيوب عن عبد الله بن أبي بكر عن الزهري عن سالم. أو رواية إسحاق بن حازم عن عبد الله بن أبي بكر عن سالم بغير واسطة الزهري لكن الوقف أشبه؛ وقال أبو داود لا يصح رفعه، وقال الترمذي الموقوف أصح، ونقل في العلل عن البخاري أنه قال هو خطأ وهو حديث فيه اضطراب والصحيح عن ابن عمر موقوف، وقال النسائي الصواب عندي موقوف ولم صح رفعه، وقال أحمد ماله عندي ذلك الإسناد، وقال الحاكم في الأربعين صحيح على شرط الشيخين، وقال في المستدرك صحيح على شرط البخاري، وقال البيهقي رواته ثقات إلا إنه روى موقوفًا؛ وقال الخطابي أسنده عبد الله بن أبي بكر والزيادة من الثقة مقبوله، وقال ابن حزم الاختلاف فيه يزيد الخبر قوة، وقال الدارقطني كلهم ثقات أهـ كلام الحافظ في التلخيص (قال الشوكاني) وقد تقرر في الأصول وعلم الاصطلاح أن الرفع من الثقة زيادة مقبولة وإنما قال ابن حزم إن الاختلاف يزيد الخبر قوة لأن من رواه مرفوعا فقد رواه موقوفا باعتبار الطرق أهـ والله أعلم

-[حجة القائلين بجواز النية في صوم النفل نهارًا]- (61) عن عائشة بنت طلحة (1) عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيها وهو صائم (2) فيقول أصبح عندكم شيء تطعمو نيه؟ فتقول لا، ما أصبح عندنا شيء كذاك، فيقول إني صائم، ثم جاءها بعد ذلك (وفي رواية ثم جاء يومًا آخر) فقالت أهديت لنا هدية فخبأناها لك، قال ما هي؟ قالت حيس (3) قال قد أصبحت صائمًا فأكل (4) (62) عن خالد بن ذكوان قال سألت الربيع (5) بنت معوذ بن عفراء (رضي الله عنها) عن صوم عاشوراء فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء من أصبح منكم صائمًا؟ قال قالوا منا الصائم ومنا المفطر، قال فأتموا بقية يومكم وأرسلوا إلى من حول المدينة فليتموا بقية يومهم (وعنه

_ (61) عن عائشة بنت طلحة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي عن طلحة بن يحيي قال حدثني عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين - الحديث" (غريبه) (1) قال الحافظ في التقريب عائشة بنت طلحة بن عبيد الله التيمية أم عمران كانت فائقة الجمال وهي ثقة من الثالثة أهـ (2) يعني نفلا (3) بفتح الحاء المهملة وسكون الياء التحتية. تمر مخلوط بسمن وأقط. وقيل طعام يتخذ من الزبد والتمر والأقط، وقد يبدل الأقط بالدقيق والزبد والسمن. وقد يبدل السمن بالزيت، قاله القارئ (4) زاد النسائي بعد قوله (فأكل) فعجبت منه فقلت يا رسول الله دخلت علي وأنت صائم ثم أكلت حيسا، قال نعم يا عائشة. إنما منزلة من صام في غير رمضان أو غير قضاء رمضان أو في التطوع بمنزلة رجل أخرج صدقة ماله فجاد منها بما شاء فأمضاه وبخل منها بما بقى فأمسكه، وفي رواية أخرى للنسائي أيضا فأكل منه ثم قال "إنما مثل صوم المتطوع مثل الرجل يخرج من ماله الصدقة فإن شاء أمضاها وإن شاء حبسها" (تخريجه) (م. والأربعة. هق. قط) (62) عن خالد بن ذكوان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عاصم قال أنا خالد بن ذكوان - الحديث" (غريبه) (5) بتشديد الياء مصغرا. ومعوذ بضم أوله وفتح العين المهملة وبكسر الواو المشددة، وهو ابن عون ويعرف بابن عفراء

-[من وجب عليه الصوم في أثناء اليوم فليصم بقية اليوم]- من طريقٍ ثانٍ) (1) قال حدثني ربيع بنت معوذٍ قالت بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم في قري الأنصار قال من كان منكم صائمًا فليتم صومه ومن كان أكل فليصم (2) بقية عشية يومه (63) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (64) عن عبد الرحمن أبي المنهال بن مسلمة الخزاعي عن عمه أن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم قال لأسلم (3) صوموا اليوم قالوا إنا

_ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا خالد بن ذكوان قال حدثني ربيع بنت معوذ الحديث (2) في رواية لمسلم من كان لم يصم فليصم، ومن كان أكل فليتم صيامه إلى الليل (وله في أخرى) كرواية حديث الباب (قال النووي) ومعنى الروايتين أن من كان نوى الصوم فليتم صومه، ومن كان لم ينو الصوم ولم يأكل أو أكل فليمسك بقية يومه حرمة لليوم كما لو أصبح يوم الشك مفطرًا ثم ثبت أنه من رمضان يجب إمساك بقية يومه حرمة لليوم أهـ (تخريجه) (ق. وغيرهما) زاد الشيخان في رواية عندهما "فكنا بعد ذلك نصومه ونصوممه صبياننا الصغار منهم ونذهب إلى المسجد فنجعل لهم اللعبة من العهن فإذا بكى أحدهم على الطعام أعطيناها إياه" (وفي لفظ مسلم) ونضع لهم اللعبة من العهن فنذهب به معنا فإذا سألونا الطعام أعطيناهم اللعبة تلهيهم حتى يتموا صومهم (قال البخاري) وقال عمر لنشوان في رمضان ويلك وصبياننا صيام وضربه (العهن) أي الصوف يل هو المصبوغ منه (نشوان) بفتح النون وسكون المعجمة كسكران وزنا ومعنى وجمعه نشاوى كسكارى، قال ابن خالويه سكر الرجل فانتشى وثمل بمعنى (63) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو جعفر ثنا عبد الصمد بن حبيب الأزدي عن أبيه حبيب بن عبد الله عن شبيل عن أبي هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم صائما يوم عاشوراء، فقال لأصحابه من كان أصبح منكم صائمًا فليتم صومه ومن كان أصاب من غداء أهله فليتم بقية يومه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه حبيب بن عبد الله الأزدي لم يرو عنه غير ابنه (64) عن عبد الرحمن أبي المنهال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد وحجاج قالا ثنا شعبة عن قتادة عن عبد الرحمن بن المنهال أو ابن مسلمة عن عمه قال حجاج عن عبد الرحمن أبي المنهال - الحديث" (غريبه) (3) إسم قبيلة من

-[زوائد الباب وفيها أن وفد ثقيف أسلموا في رمضان ثم صاموا بقية الشهر]- قد أكلنا قال صوموا بقية يومكم (1) يعني يوم عاشوراء

_ قبائل مختلفة (وقوله صوموا اليوم) يعني يوم عاشوراء كما سيأتي في آخر الحديث (1) يعني أمسكوا عن الفطر بقية اليوم واقضوه بعد كما صرح بذلك في رواية لأبي داود، وقد احتج به من قال إن صيام يوم عاشوراء كان واجبا، قال الخطابي أمره صلى الله عليه وسلم بالقضاء للاستحباب وليس بأيجاب لأن لأوقات الطاعات أذمة ترعى ولا تهمل فأحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يرشدهم إلى ما فيه الفضل والحظ لئلا يغفلوه عند مصادفتهم وقته أهـ بتصرف (تخريجه) (د. نس. مذ. طح) وسنده جيد وأخرج نحوه البخاري والبيهقي والدرامي والأمام أحمد أيضًا، وسيأتي في باب فضل يوم عاشوراء وتأكد صومه عن سلمة بن الأكوع "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا من أسلم أن يؤذن في الناس يوم عاشوراء من كان صائما فليتم صومه ومن كان أكل فلا يأكل شيئا وليتم صومه" (زوائد الباب) عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لم يبت الصيام قبل طلوع الفجر فلا صيام له، رواه البيهقي وقال قال أبو الحسن الدارقطني تفرد به عبد الله بن عباد عن المفضل بهذا الإسناد وكلهم ثقات (قلت) قال الذهبي في ميزان الاعتدال عبد الله بن عابد البصري نزل مصر وحدث عن مفضل بن فضالة ضعيف، قال ابن حبان روى عنه أبو الزنباع روح نسخة موضوعة أهـ وذكره ابن حبان في الضعفاء (وعن ميمونة بنت سعد) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أجمع الصيام من الليل فليصم، ومن أصبح ولم يجمعه فلا يصم، رواه الدارقطني وفي إسناده الواقدي (وعن نافع) أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما كان يقول لا يصوم إلا من أجمع الصيام قبل الفجر (وعن ابن شهاب عن عائةش وحفصة) رضي الله عنهما بمثل ذلك، رواهما الإمام مالك في الموطأ وعن سفيان بن عبد الله بن ربيعة) قال حدثنا وفدنا الذين قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم بإسلام ثقيف قال وقدموا عليه في رمضان وضرب عليهم قبة في المسجد فلما أسلموا صاموا ما بقى عليهم من الشهر، رواه ابن ماجة وسنده حسن (وفي صحيح البخاري) تعليقا وقالت أم الدرداء كان أبو الدرداء يقول عندكم طعام. فإن قلنا لا قال فإني صائم يومي هذا وفعله أبو طلحة وأبو هريرة وابن عباس وحذيفة رضي الله عنهم (قال الحافظ عن أثر أبي الدرداء) وصله ابن أبي شيبة من طريق أبي قلابة عن أم الدرداء قالت كان أبو الدرداء يغدونا أحيانا ضحى فيسأل الغداء فربما لم يوافقه عندنا فيقول إذًا أنا صائم؛ وذكر الحافظ له طرقا أخرى عند عبد الرزاق قال (وأما أثر أبي طلحة) فوصله عبد الرزاق من طريق قتادة وابن أبي شيبة من طريق حميد كلاهما عن أنس، ولفظ قتادة أن أبا طلحة كان يأتي أهله

-[مذاهب الأئمة في تبييت نية الصيام من الليل]- .....

_ فيقول هل من غداء فإن قالوا لا صام يومه ذلك، قال قتادة وكان معاذ بن جبل يفعله، ولفظ حميد نحوه، وزاد وإن كان عندهم أفطر ولم يذكر قصة معاذ (وأما أثر أبي هريرة) فوصله البيهقي من طريق ابن أبي ذئب عن حمزة (1) عن يحيي عن سعيد بن المسيب قال رأيت أبا هريرة يطوف بالسوق ثم يأتي أهله فيقول عندكم شيء؟ فإن قالوا لا قال فأنا صائم، ورواه عبد الرزاق بسند آخر فيه انقطاع أن أبا هريرة وأبا طلحة فذكر معناه (وأما أثر ابن عباس) فوصله الطحاوي من طريق عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أنه كان يصبح حتى يظهر، ثم يقول والله لقد أصبحت وما أريد الصوم وما أكلت من طعام ولا شراب منذ اليوم ولأصومن يومي هذا (وأما أثر حذيفة) فوصله عبد الرزاق وابن أبي شيبة من طريق سعيد بن عبيدة عن عبد الرحمن السامي قال قال حذيفة "من بدا له الصيام بعدما تزول الشمس فليصم" وفي رواية ابن أبي شيبة أن حذيفة بدا له في الصوم بعد ما زالت الشمس فصام أهـ (الأحكام) حديث حفصة الأول من أحاديث الباب مع حديثي عائشة وميمونة بنت سعد وأثر ابن عمر المذكورة في الزوائد تدل على وجوب تبييت نية الصوم وإيقاعها في أي جزء من الليل، وظاهرها سواء أكان الصوم فرضا أم نقلا (قال الشوكاني) وقد ذهب إلى ذلك ابن عمر وجابر بن يزيد من الصحابة؛ والناصر والمؤيد بالله ومالك والليث وابن أبي ذئب ولم يفرقوا بين الفرض والنفل، وقال أبو طلحة (وأبو حنيفة والشافعي وأحمد بن حنبل) والهادي والقاسم إنه لا يجب التبييت في التطوع، ويروى عن عائشة أنها تصح النية بعد الزوال، وروى عن علي عليه السلام والناصر (وأبي حنيفة وأحد قولي الشافعي) أنها لا تصح النية بعد الزوال (وقالت الهادوية وروى عن علي وابن مسعود والنخعي) أنه لا يجب التبييت إلا في صوم القضاء والنذر المطلق والكفارات وأن وقت النية في غير هذه (يعني المذكورات من القضاء والنذر المطلق والكفارات) من غروب شمس اليوم الأول إلى بقيةٍ من نهار اليوم الذي صامه (وقد استدل القائلون بإنه لا يجب التبييت) بحديث سلمة بن الأكوع والربيع عند الشيخين (قلت والأمام أحمد أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر رجلا من أسلم أن أذن في الناس إذ فرض صوم عاشوراء (الأكل من أكل فليمسك ومن لم يأكل فليصم) (وأجيب) بأن خبر حفصة متأخر فهو ناسخ لجوازها في النهار، ولو سلم عدم النسخ فالنية إنما صحت في نهار عاشوراء لكون الرجوع إلى الليل غير مقدور (يعني غير ممكن) والنزاع فيما كان مقدورا، فيخص الجواز بمثل هذه الصورة، أعني من ظهر له وجوب الصيام عليه من النهار كالمجنون يفيق والصبى يحتلم والكافر يسلم، وكمن انكشف له في النهار أن ذلك اليوم من رمضان،

-[مذهب الجمهور عدم وجوب تبييت النية من الليل في صوم التطوع]- .....

_ (والحاصل) أن قوله لا صيام نكرة ف سياق النفي فيغم كل صيام ولا يخرج عنه إلا ما قام الدليل على أنه لا يشترط فيه التبييت، والظاهر أن النفي متوجه إلى الصحة لأنها أقرب المجازين إلى الذات، أو متوجه إلى نفي الذات الشرعية فيصلح الحديث للاستدلال به على عدم صحة صوم من لا يبيت النية إلا ما خص كالصورة المتقدمة (يعني من ظهر له وجوب الصيام عليه من النهار كالمجنون الخ) والحديث أيضًا يرد على الزهري وعطاء وزفر لأنهم لم يوجبوا النية في صوم رمضان وهو يدل على وجوبها، ويدل أيضًا على الوجوب حديث "إنما الأعمال بالنيات" والظاهر وجوب تجديدها لكل يوم لأنه عبادة مستقلة مسقطة لفرض وقتها، وقد وهم من قاس أيام رمضان على أعمال الحج باعتبار التعدد للأفعال لأن الحج عمل واحد ولا يتم إلا بفعل ما اعتبره الشارع من المناسك والأخلال بواحد من أركانه يستلزم عدم أجزائه أهـ (وفي حديث عائشة الثاني من أحاديث الباب) دلالة لمن قال إنه لا يجب تبييت النية في صوم التطوع وهم الجمهور، ومنهم الأئمة (أبو حنيفة والشافعي وأحمد) وأجاب عنه الموجبون لتنييتها في الفرض والنفل بأنه صلى الله عليه وسلم قد كان نوى الصيام من الليل وإنما أراد الفطر لما ضعف عن الصوم، وهو محتمل. لاسيما على رواية "فلقد أصبحت صائما" ولو سلم عدم الاحتمال كان غايته تخصيص صوم التطوع من عموم قوله "فلا صيام" وهو ما ذهب إليه الجمهور (وفيه أيضًا) دلالة على أنه يجوز للمتطوع بالصوم أن يفطر ولا يلزمه الاستمرار على الصوم وإن كان أفضل بالاجماع، وظاهره أن من أفطر في التطوع لم يجب عليه القضاء، وإليه ذهب الجمهور (وقال أبو حنيفة ومالك والحسن البصري ومكحول والنخعي) إنه لا يجوز للمتطوع الأفطار ويلزمه القضاء إذا فعل واستدلوا على وجوب القضاء بما وقع في رواية للدارقطني والبيهقي من حديث عائشة بلفظ "واقضى يوما مكانه" ولكنهما قالا هذه الزيادة غير محفوظة، هذا (وحديث الربيع بنت معوذ) الثالث من أحاديث الباب مع زيادته التي رواها الشيخان وذكرناها في تخريج الحديث وهي قول الربيع (فكنا بعد ذلك نصومه ونصومه صبياننا الصغار منهم إلخ) يدل على أن صوم يوم عاشوراء كان فرضا قبل أن يفرض رمضان، وعلى أنه يستحب أمر الصبيان بالصوم للتمرين عليه إذا أطاقوه، وقد قال باستحباب ذلك جماعة من السلف منهم (ابن سيرين والزهري والشافعي) وغيرهم، واختلف الشافعية في تحديد السن التي يؤمر الصبي عندها بالصيام، فقيل سبع سنين. وقيل عشر (وبه قال الإمام أحمد) وقيل اثنتا عشرة سنة (وبه قال إسحاق) وقال الأوزاعي إذا أطاق صوم ثلاثة أيام تباعا لا يضعف فيهن حمل على الصوم، والمشهور عن (المالكية) أن الصوم لا يشرع في حق الصبيان، والحديث يرده، لأنه يبعد كل البعد أن لا يطلع النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، وأخرج ابن خزيمة من

-[المذاهب في حكم صوم الصبيان والكافر إذا أسلم في رمضان ومن وجب عليه الصيام]- .....

_ حديث رزينة "بفتح الراء وكسر الزاي" أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر برضعائه ورضعاء فاطمة فيتفل في أفواههم ويأمر أمهاتهم أن لا يرضعن إلى الليل، وقد توقف ابن خزيمة في صحته (قال الحافظ) وإسناده لا بأس به (قال الشوكاني) وهو يرد على القرطبي قوله "لعل النبي صلى الله عليه وسلم لم يعلم بذلك ويبعد أن يكون أمر بذلك لأنه تعذيب صغير بعبادة شاقة غير متكررة في السنة" أهـ مع أن الصحيح عند أهل الأصول والحديث أن الصحابي إذا قال فعلنا كذا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان حكمه الرفع، لأن الظاهر إطلاعه عليه مع توفر دواعيهم إلى سؤالهم إياه عن الأحكام. مع أن هذا مما لا مجال للاجتهاد فيه لأنه إيلام لغير مكلف فلا يكون إلا بدليل "ومذهب الجمهور) أنه لا يجب الصوم على من دون البلوغ، (وذكر الهادي) في الأحكام أنه يجب على الصبي الصوم بالأطاقة لصيام ثلاثة أيام، واحتج لذلك بما رواه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا أطاق الغلام صيام ثلاثة أيام وجب عليه صيام الشهر كله، وهذا الحديث ذكره السيوطي في الجامع الصغير، وقال أخرجه المرهبي عن ابن عباس ولفظه "تجب الصلاة على الغلام إذا عقل والصوم إذا أطاق. والحدود والشهادة إذا احتلم" وقد حمل المرتضى كلام الهادي على لزوم التأديب، وحمله السادة الهارونيون على أنه يؤمر بذلك تعويدًا وتمرينًا أهـ (وفي حديث سفيان بن عبد الله) المذكور في الزوائد دلالة على وجوب الصيام على من أسلم في رمضان، أي يجب عليه صوم بقية الشهر، ولا أعلم في ذلك خلافا (وفي حديث عبد الرحمن أبي المنهال) الأخير من أحاديث الباب دلالة على أنه يجب الأمساك على من وجب عليه الصوم في أثناء اليوم كالمغمى عليه إذا أفاق والكافر إذا أسلم. والحائض إذا ظهرت. والصبي إذا احتلم. لأنه صلى الله عليه وسلم أمرهم بالصوم بقية اليوم وكان صوم عاشوراء واجبا (وفيه) أنه يجب عليه القضاء لذلك اليوم وغن لم يكن مخاطبا بالصوم في أوله لما في رواية أبي داود "فأتموا بقية يومكن واقضوا" (قال الحافظ) وعلى تقريران لا يثبت هذا الحديث في الأمر بالقضاء فلا يتعين القضا، لأن من لم يدرك اليوم بكماله لا يلزمه القضاء كمن بلغ أو أسلم في أثناء النهار أهـ (وقال صاحب المنتقى) بعد أن ساق حديث الربيع وحديثى سفيان وعبد الرحمن ما لفظه "وهذا حجة في أن صوم عاشوراء كان واجبا وأن الكافر إذا أسلم أو بلغ الصبي في أثناء يومه لزمه إمساكه وقضاؤه، ولا حجة فيه على سقوط تبييت النية لأن صومه إنما لزمه في أثناء اليوم" أهـ والله سبحانه وتعالى أعلم

الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني مع شرحه بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني كلاهما تأليف أحمد بن عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي خادم السنة السنية بعطفة الرسام رقم 5 بالغورية بمصر الجزء العاشر وقد جعلنا الفتح الرباني في أعلى الصحيفة وبلوغ الأماني في أدناها مفصولاً بينهما بجدول تنبيه: للحافظ ابم حجر العسقلاني كتاب أسماه القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد أدرجناه جميعه ضمن الشرح موزعا عن كل حديث ذب عنه الحافظ مع عزوه إليه. الطبعة الأولى الطبعة الثانية دار إحياء التراث العربي

بسم الله الرحمن الرحيم أبواب الإفطار والسحور وآدابهما وما يتعلق بهما 1 ـ باب وقت جواز الفطر (65) عن عبد الله بن ابي أوفى رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في

_ (65) عن عبد الله بن أبي أوفى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ...

سفرٍ في شهر رمضان فلما غابت الشمس قال انزل يا فلان (1) فاجدح لنا، قال

_ هشيم أنا الشيباني عن عبد الله بن أبي أوفى الحديث (غريبه) (1) لم يسم المأمور بذلك في رواية الإمام أحمد، وكذلك في روايتي البخاري ومسلم، وأخرجه أبو داود مصرحاً باسمه (ولفظه ـ فلما غربت الشمس قال يا بلال انزل فاجدح لنا) فظهر أن المبهم هنا هو بلال، ويؤيده ما في الطريق الثانية من قوله (فدعا صاحب شرابه) فإن بلالا هو المعروف بخدمة النبي صلى الله عليه وسلم (وقوله اجدح لنا) هو بجيم ثم حاء مهملة، وهو خلط الشيء بغيره، والمراد

يا رسول الله عليك نهار (1) قال انزل فاجدح، قال ففعل، فناوله فشرب، فلما شرب أومأ بيده إلى المغرب ففقال إذا غربت الشمس ههنا جاء الليل من ههنا فقد أفطر الصائم (2) (وعنه من طريق ثانٍ) (3) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفرٍ وهو صائم فدعا صاحب شرابه بشرابٍ، فقال صاحب شرابه لو أمسيت يا رسول الله، ثم دعاه فقال له لو أمسيتَ ثلاثاً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لإذا جاء الليل من ههنا فقد حل الإفطار أو كلمةً هذا معناها (وفي لفظٍ) إذا رأيتم الليل قد أقبل من ههنا فقد أفطر الصائم.

_ هنا خلط السويق بالماء وتحريكه حتى يستوي، والمجدح بكسر الميم عود مجنح الرأس ليساط به الاشربة وقد يكون له ثلاث شعب (1) القائل يا رسول الله عليك نهار هو بلال كما يستفاد من رواية أبو داود، يريد أن النهار لم ينته بل بقي منه شيء، والظاهر أنه ما قال ذلك إلا عن اعتقاد لما رأى من الضوء والحمرة التي تكون بعد مغيب الشمس ففهم أن الشمس باقية وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينظر ذلك الضوء (2) هكذا في المسند (إذا غربت الشمس هاهنا جاء الليل من هاهنا فقد أفطر الصائم) ولفظ مسلم (إذا غابت الشمس من هاهنا وجاء الليل من هاهنا فقد أفطر الصائم) وهي أحسن في التعبير، والمعنى إذا غابت الشمس من جهة المغرب وجاء الليل من جهة المشرق فقد أفطر الصائم، يعني انقضى صومه وتم وحلَّ له الفطر وزالت عنه موانع الصيام لأنه بغروب الشمس خرج النهار ودخل الليل. والليل ليس محلاً للصوم (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان الشيباني قال سمعت عبد الله بن أبي أوفى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (4) جاءت هذه الجملة وهي قوله (لو أمسيت) مكررة مرتين في صحيح البخاري من طريق خالد عن الشيباني. وفي المرة الثالثة قال للنبي صلى الله عليه وسلم أن عليك نهاراً (قال الحافظ) وقد اختلفت الروايات عن الشيباني في ذلك، فأكثر ما وقع فيها أن المراجعة وقعت ثلاثاً وفي بعضها مرتين وفي بعضها مرة واحدة، وهو محمول على أ، بعض الرواة اختصر القصة، ورواية خاللد المذكورة في هذا الباب أتمهم سياقاً وهو حافظ فزيادته مقبولة، وقد جاء أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يراجع ثلاث اهـ (تخريجه) (ق. د. نس. وغيرهم).

(66) عن عاصم بن عمر عن أبيه عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبل الليل وقال رمةً جاء الليل من ههنا وذهب النهار من ههنا فقد أفطر الصائم، يعني المشرق والمغرب (1) (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (2) عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال إذا أقبل الليل وأدبر النهار وغربت الشمس فقد أفطر الصائم. (67) ز عن قطبة بن قتادة رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يفطر إذا غربت الشمس

_ (66) عن عاصم بن عملا عن أبيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع هشام بن عروة عن أبيه عروة عن عاصم بن عمر عن أبيه ـ الحديث (غريبه) (1) هذا تفسير من بعض الرواة، يعني إذا أقبل أو جاء الليل من هاهنا أي من جهة المشرق، وذهب النهار من هاهنا أي من جهة المغرب (فقد أفطر الصائم) أي دخل في وقت الفطر. وقال ابن خزيمة لفظه خبر ومعناه الأمر، أي فليفطر الصائم (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن هشام عن أبيه عن عاصم بن عمر عن أبيه رضي الله عنه الحديث (3) قال العلماء كل واحد من هذه الثلاثة يعني إقبال الليل وإدبار النهار وغروب الشمس يتضمن الآخرين ويلازمهما، وإنما جمع بينها لأنه قد يكون في واد ونحوه بحيث لا يشاهد غروب الشمس فيعتمد إقبال الظلام وإدبار النهار والله أعلم، حكاه النووي (تخريجه) (ق. والثلاثة وغيرهم). (67) (ز) عن قطبة بن قتاده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني محمد بن ثعلبة بن سواء قال ثنا محمد بن سواء قال ثنا حمران بن يزيد العمري عن قتادة عن رجل من بني سدوس عن قتبة بن قتادة الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير عبد الله ابن الإمام أحمد وفي اسناده رجل لم يسم ويؤيده ما قبله (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن وقت الصوم ينتهي بغروب الشمس وأنه متى تحقق غروبها يحل الفطر، وهو مجمع عليه. حكاه ابن عبد البر. ويكره تأخير الفطر إلى دخول جزء من الليل، والحكمة في ذلك عدم التشبه بأهل الكتاب لأنهم كانوا يؤخرون الفطر عن الغروب (وفي حديث ابن ابي أوفى) دلالة على جواز الصوم في السفر وتفضيله على الفطر لمن لا تلحقه بالصوم مشقّة ظاهرة، وفيه

(2) باب فضل تعجيل الفطر وما يستحب الإفطار به (68) عن ابي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال الدين ظاهراً (1) ما عجل الناس الفطر، إن اليهود والنصارى يؤخرون (69) وعنه أيضاً عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

_ تذكير العالم بما يخشى أن يكون نسيه وترك المراجعة له بعد ثلاث، وأن الصحابي لم يراجع النبي صلى الله عليه وسلم إلا بعد أن رأى أثر الضوء والحمرة التي بعد غروب الشمس فظن أن الفطر لا يحل إلا بعد ذهاب ذلك واحتمل عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرها فأراد تذكيره وإعلامه بذلك، ويؤيد هذا قوله (عليك نهار) لتوهمه أن ذلك الضوء من النهار الذي يجب صومه، وهو معنى قوله (لو أمسيت) أي تأخرت حتى يدخل المساء، وتكريره المراجعة لغلبة اعتقاده على أن ذلك نهار يحرم فيه الأكل مع تجويزه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم ينظر إلى ذلك الضوء نظراً تاماً فقصد زيادة الأعلام ببقاء الضوء (وفيه بيان) ما اختص به النبي صلى الله عليه وسلم من الخلق العظيم حيث لم يزجر بلفظ جامع شامل، فقد خصه الله عز وجل بجوامع الكلم صلى الله عليه وسلم. (68) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة ـ الحديث (غريبه) (1) أي لا يزال دين الغسلام واضحاً أو عالياً أو غالباً على غيره من الأديان الأخرى (وقوله ما عجل الناس الفطر) (ما) ظرفية أي مدة تعجيل الناس فطرهم بعد تحقق غروب الشمس مباشرةً امتثالاً للسنة وعملاً بها، فهم بخير ما داموا محافظين على ذلك (وقوله إن اليهود والنصارى يؤخرون) لفظ أبي داود (لأن اليهود الخ) بلام التعليل، قال الطيبي في هذا التعليل دليل على أن قوام الدين الحنفي على مخالفة الأعداء من اهل الكتاب وأن في موافقتهم تلفاً للدين أهـ (تخريجه) (د. نس. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وأخرجه أيضاً ابن ماجه بلفظ (ل يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر فإن اليهود يؤخرون) وأخرجه الدارمي والبخاري عن سهل بن سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر. (69) وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد ثنا الأوزاعي حدثني قرة عن الزهري عن ابي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه ـ الحديث

قال يقول الله عز وجل إن أحب عبادي إلليّ أعجلهم فطراً. (70) عن نافع ان ابن عمر رضي الله عنهما كان أحياناً يبعثه وهو صائم (2) فيقدّم له عشاءه وقد نوديَ بصلاة المغرب، ثم تقام وهو يسمع فلا يترك عشاءه وهو لا يعجل حتى يقضي عشاءه ثم يخرج فيصلي، قال وقد كان يقول قال نبي الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا تعجلوا عن عشائكم إذا قُدِّم إليكم (71) عن سلمان بن عامر الضّبيّ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى

_ (غريبه) (1) أي أكثرهم تعجيلاً في الإفطار، (قال الطيبي) ولعل السبب في هذه المحبة المتابعة للسنة والمباعدة عن البدعة والمخالفة لأهل الكتاب اهـ (وقال القاري) فيه إيماء إلى أفضلية هذه الأمة لأن متابعة الحديث توجب محبة الله تعالى (قل إن كنتم تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله) وإليه الإشارة بحديث لا يزال الدين ظاهراً ما عجل االناس الفطر لأن اليهود والنصارى يؤخرون اهـ (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب اهـ وأخرجه أيضاً (خز. حب) في صحيحيهما كذا في المرقاة (70) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني نافع أن ابن عمر ـ الحديث (غريبه) (2) المتصف بالصيام هو ابن عمر رضي الله عنهما، والمعنى أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يبعث نافعا لاستحضار طعام الإفطار فيقدم له ذلك الطعام والمؤذن ينادي بصلاة المغرب ثم تقام الصلاة وهو يسمع ذلك فلا يترك الطعام حتى ينتهي غرضه منه عملاً بقوله صلى الله عليه وسلم (لا تعجلوا عن عشائكم إذا قدم إليكم) وكان ابن عمر رضي الله عنهما من اشد الناس تمسكاً بقوله صلى الله عليه وسلم وفعله (تخريجه) (حب) وسنده جيد. قال الحافظ وهو أصرح ما ورد عنه في ذلك (يعني عن ابن عمر) اهـ ورواه الشيخان والامام أحمد وتقدم في باب الأعذار التي تبيح التخلف عن الجماعة رقم 1325 صحيفة 289 من الجزء الخامس عن نافع عن ابن عمر أيضاً مرفوعاً بلفظ (إذا وضع العشاء وأقيمت الصلاة فابدءوا بالعشاء) قال تعشى ابن عمر مرة وهو يسمع قراءة الإمام. (71) عن سلمان بن عامر الضبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية قال ثنا عاصم عن حفصة عن الرباب عن سلمان بن عامر الضبي ـ الحديث (حفصة)

الله عليه وسلم إذا أفطر أحدكم فليفطر على تمر (1) فإن لم يجد فليفطرا على ماء فإنه طهور (2) (وفي لفظ) فإنه له طهور (وفي لفظٍ آخر) فإن الماء طهور

_ هي بنت سيرين (والرباب) بفتح الراء مشددة وتخفيف الموحدة آخرها موحدة أيضاً بنت ضليع بمهملتين مصغرة الضبية أم الرائح بهمزة بعد الألف، البصرية عن عمها سلمان بن عامر الضبي وعنها حفصة بنت سيرين (غريبه) (1) فيه مشروعية الإفطار بالتمر. فإن عدم فبالماء ولكن حديث أنس الآتي في الزوائد يدل على أن الرطب أولى من اليابس فيقدم عليه إن وجد (2) بفتح الطاء أي بالغ في الطهارة فيفطر به تفاؤلاً بطهارة الظاهر والباطن (وفي لفظ) فإنه له طهور أي يزيل المانع من أداء العبادة، ولذا منّ الله على عباده فقال (وأنزلنا من السماء ماءً طهوراً) فلذلك يبدأ به إن لم يجد التمر ولأنه يزيل العطش عن النفس، وغليه الإشارة بقوله صلى الله عليه وسلم عند الإفطار ذهب الماء والله أعلم (تخريجه) (د. جه. مذ) وذال هذا حديث حسن صحيح اهـ وأخرجه (حب. ك) وصححاه، وصححه أبو حاتم الرازي (زوائد الباب) عن انس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفطر على رطبات قبل أن يصلي، فإن لم تكن فعلى تمرات، فإن لم تكن حسا حسوات من ماء، رواه أبو داود والحاكم وابن ماجه والترمذي وقال حسن غريب، والدار قطى وقال إسناده صحيح. (الحسوات) جمع حسوة بضم الحاء المهملة أي شرب ثلاث مرات. قال في النهاية الحسوة بالضم الجرعة من الشراب بقدر ما يحسى مرة واحدة والحسوة بالفتح المرة اهـ (وعنه أيضاً) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان صائماً لم يصلِّ حتى يأتيه (يعني أنسا) برطب وماء فيأكل ويشرب. وإذا لم يكن رطب لم يصلّ حتى يأتيه بتمر وماء. رواه الطبراني في الأوسط وقال تفرد به مسكين بن عبد الرحمن عن يحيى بن ايوب وعنه زكريا بن عمر (وعنه أيضاً مرفوعا) من وجد التمر فليفطر عليه. ومن لم يجد التمر فليفطر على الماء فإنه طهور (الأحكام) في أحاديث الباب مشروعية تعجيل الفطر وهو مستحب باتفاق العلماء قالوا والحكمة في ذلك أن لا يزاد في النهار من الليل. ولأنه أرفق بالصائم وأقوى له على العبادة. وأيضاً في تأخيره تشبه باليهود فإنهم يفطرون عند ظهور النجوم وقد كان صلى الله عليه وسلم يأمر بمخالفتهم في أفعالهم وأقوالهم، واتفق العلماء على أن محل ذلك إذا تحقق غروب الشمس بالرؤية أو باخبار عدلين أو عدل، وقد صرح الحديث المروي عن أبي هريرة في أحاديث الباب بأن معجل الافطار أحب عباد الله إليه، فلا يرغب عن الاتصاف بهذه الصفة إلا من كان حظهمن الدين قليلاً كما تفعله الرافضة (وفي حديث ابن عمر) دلالة على تقديم الفطر على الصلاة وإن فاتته الجماعة وفي ذلك

(3) باب فضل وقت الإفطار وما يقال عنده ـ وفضل من فطر صائماً (72) عن ابي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال إن لله عز وجل عند كل فطر عُتَقاء

_ خلاف للأئمة تقدم الكلام عليه مطولاً في أحكام باب ما جاء في الأعذار التي تبيح التخلف عن الجماعة صحيفة 192 من الجزء الخامس فارجع إليه إن شئت (ويستفاد من حديث أنس) المذكور في الزوائد أنه يفطر أولاً على رطب أو تمر أو ماء ثم يصلي ثم يطعم طعام الإفطار (وفيها أيضاً) استحباب الفطر على الرطب فإن لم يتيسر فعلى التمر فإن لم يوجد فعلى الماء المطلق على هذا الترتيب،، فإن ابتدأ بالماء فاتته السنة، وكذا إن ابتدأ بالتمر مع وجود الرطب (قال القارئ) وقول من قال السنة بمكة تقديم ماء زمزم على التمر أو خلطه به مردود بأنه خلاف الاتباع وبأنه صلى الله عليه وسلم صام عام الفتح أياماً كثيرة ولم ينقل عنه أنه خالف عادته التي هي تقديم التمر على الماء ولو كان لنقل اهـ (قال العلماء) والحكمة في الإفطار بالتمر أنه حلو، وكل حلو يقوي البصر الذي يضعف بالصوم. قالوا وهذا أحسن ما قيل في المناسبة وبيان وجه الحكمة، وقيل لأن الحلو يوافق الإيمان ويرق القلب (قال الشوكاني) وإذا كانت العلة كونه حلوا والحلو له ذلك التأثير فيلحق به الحلويات كلها اهـ وقال ابن حجر المكي من خواص التمر أنه إذا وصل المعدة فيلحق به الحلويات كلها اهـ وقال ابن حجر المكي من خواص لتمر أنه إذا وصل المعدة إن وجدها خالية حصل به الغذاء وإلا أخرج ما هناك من بقايا الطعام اهـ والله أعلم. (72) عن ابي أمامة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا الأعمش عن حسين الخراساني عن ابي غالب عن أبي أمامة ـ الحديث (غريبه) (1) أي من النار كما صرح بذلك في بعض الروايات، وهو جمع عتيق ولم يبين في هذه الرواية مقدار العتقاء في كل ليلة، وقد جاء مصرحاً به في رواية للبيهقي من حديث ابن مسعود وتقدم بطوله في زوائد باب فضل رمضان والعمل فيه صحيفة 235 من الجزء التاسع. وفيه ولله عز وجل عند كل فطر من شهر رمضان كل ليلة عتقاء من النار ستون الفاً. فإذا كان يوم الفطر أعتق الله مثل ما أعتق في جميع الشهر ستين الفاً ستين ألفاً، قال المنذري وهو حديث حسن لا بأس به في المتاعات (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد بإسناد لا باس به والطبراني والبيهقي وقال هذا حديث غريب في رواية الأكابر عن الأصاغر وهو رواية الأعمش عن الحسين بن واقد

(73) عن زيد بن خالد الجهني رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فطّر صائماً كتب له مثل أجر الصائم لا يُنقص من أجر الصائم شيء (2).

_ (73) عن زيد بن خالد الجهني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن يوسف أنا عبد الملك عن عطاء عن زيد بن خالد الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتخذوا بيوتكم قبورا صلوا فيها. ومن فطر صائما ـ الحديث (غريبه) (1) أي من اطعمه عند حلول الفطر أي بعد غروب الشمس كان لمن اطعمه مثل أجره من غير أن ينقص من اجر الصائم شيء (2) ليس هذا آخر الحديث (وبقيته) (ومن جهز غازياً في سبيل الله أو خلفه في أهله كتب له مثل أجر الغازي في أنه لا ينقص من أجر الغازي شيء) وسيأتي ذلك في كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى (تخريجه) أورده المنذري وقالرواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما، وقال الترمذي حديث حسن صحيح، ولفظ ابن خزيمة والنسائي (من جهز غازياً أو جهز حاجاً أو خلفه في أهله أو فطر صائماً كان له مثل أجورهم من غير أن ينقص مكن أجورهم شيء) (زوائد الباب) عن سلمان الفارسي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من فطر صائماً على طعام وشراب من حلال صلّت عليه الملائكة في ساعات شهر رمضان وصلى عليه جبرائيل ليلة القدر) أورده المنذريوقال رواه الطبراني في الكبير وأبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب إلا أنه قال (وصافحه جبرائيل ليلة القدر) وزاد فيه (ومن صافحه جبرائيل عليه السلام يرق قلبه وتكثر دموعه، قال فقلت يا رسول الله أفرأيت من لم يكن عنده؟ قال فقبضة من طعام، قلت أفرأيت إن لم يكن عنده لقمة خبز؟ قال فمذقة من لبن، قال أفرأيت إن لم يكن عنده؟ قال فشربة من ماء) (القبضة) بالصاد المهملة هو ما يتناوله الآخذ بأنامله الثلاث (والمذقة) الشربة من اللبن الممذوق أي المخلوط بالماء (وعنه أيضاً) من حديث طويل تقدم بطوله وتخريجه على زوائد باب فضل شهر رمضان والعمل فيه صحيفة 233 من الجزء التاسع وفيه (من فطّر فيه صائماً) (يعني في رمضان) كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار وكان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء. قالوا يا رسول الله ليس كلنا يجد ما يفطر الصائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي الله هذا الثواب لمن فطر صائماً على تمرة أو شربة ماء أو مذقة لبن الحديث (وعن عائشة رضي الله عنها) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فطر صائماً كان له مثل أجره من غير أن ينقص من أجره شيء، وما عمل من أعمال البر شيئاً إلا كان أجره لصاحب الطعام ما كان قوة الطعام فيه، أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الأوسط، وفيه الحكم بن عبد الله

.

_ الأيلي وهو متروك (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فطر صائماً فله مثل أجره، رواه الطبراني في الكبير، وفيه الحسين بن رشيد وهو ضعيف (وعن ابن عمر رضي الله عنهما) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله (د. نس. ك. هق. قط) وقال تفرد به الحسين بن واقد واسناده حسن (وعن معاذ بن زهرة) أنه أبلغه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أفطر قال (اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت) رواه أبو داود وهو مرسل، لأن معاذ بن زهرة لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم وقد رواه الطبراني في الكبير والدارقطني من حديث ابن عباس بسند ضعيف ورواه (د. نس. قط. ك) وغيرهم من حديث ابن عمر وزاد ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله، قال الدارقطني إسناده حسن، وتقدم لفظ أبي داود (وعن أنس ابن مالك) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال بسم الله اللهم لك صمت وعلى رزقك أفطرت، رواه الطبراني في ألأوسط وفيه داود بن الزبرقان وهو ضعيف (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أفطر قال لك صمت وعلى رزقك افطرت فتقبل مني إنك أنت السميع العليم، رواه الطبراني في الكبير وفيه عبد الملك بن هارون وهو ضعيف (وعن عبد الله بن الزبير) رضي الله عنهما قال فطر رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سعد ابن معاذ فقال أفطر عندكم الصائمون وأكل طعامكم الأبرار، وصلت عليكم الملائكة (وعن اسحاق بن عبيد الله المدني) قال سمعت عبد الله بن ابي مليكة يقول سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للصائم عند فطره لدعوة ما ترد، قال اب ابي مليكة سمعت عبد الله بن عمرو يقول إذا أفطر (اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت كل شيء أن تغفر لي) رواه ابن ماجه. وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده صحيح لأن اسحاق بن عبيد الله بن الحارث قال النسائي ليس به بأس، وقال أبو زرعة ثقة، وذكره ابن حبان في الثقات وباقي رجال الأسناد على شرط البخاري اهـ (الأحكام) في أحاديث الباب دلالة على أن وقت الإفطار وقت مبارك يقبل الله فيه دعاء الصائمين ويغفر للمذنبين ويعتقهم من عذاب النار (وفيها) أن من فطّر صائماً كالن له مثل أجره من غير ان ينقص من أجر الصائم شيء. وصلّت عليه الملائكة وصافحه جبريل وصلى عليه ليلة القدر، فهنيئاً لمن حاز هذا الفضل العظيم والثواب الجسيم (وفي الزوائد) من الأحاديث ما يدل على مشروعية الدعاء عند الفطر بالألفاظ الواردة فيها والله عز وجل جدير بالإجابة (قال الحكيم الترمذي) في نواد الأصول أمة محمد صلى الله عليه وسلم قد خصت من بين الأمم في شأن الدعاء فقال تعالى (ادعوني أستجب لكم) وإنما كان ذلك للأنبياء فأعطيت الأمة ما أعطيت الانبياء، فلما دخل التخليط في أمورهم من أجل الشهوات التي استولت

(4) باب ما جاء مشتركاً في تعجيل الفطر وتأخير السحور (74) عن ابي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزال أمتي بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور. (75) عن ابي عطية قال دخلت أنا ومسروق على عائشة رضي الله عنها فقلنا لها يا أم المؤمنين رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحدهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة (1) والآخر يؤخر الإفطار ويؤخر الصلاة، قال فقالت أيهما يعجل الإفطار ويعجل الصلاة؟ قال قلنا عبد الله بن مسعود، قالت كذاك كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والآخر أبو موسى (2)

_ على قلوبهم حجبت قلوبهم، والصوم يمنع النفس عن الشهوات، فإذا ترك شهوته من قلبه صفا القلب وصارت دعوته بقلب فارغ قد زايلته ظلمة الشهوات، وتولته الأنوار، فإن كان ما سأل في القدر له عجل، وان كان لم يكن كان مدخراً له في الآخرة اهـ والله أعلم. (74) عن ابي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بن داود ثنا داود ثنا ابن لهيعة عن سالم بن غيلان عن سليمان بن ابي عثمان عن عدي بن حاتم الحمصي عن ابي ذر ـ الحديث (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه سليمان بن أبي عثمان قال ابو حاتم مجهول اهـ (قلت) وفيه ابن لهيعة أيضاً فيه كلام، وله شاهد من حديث سهل بن سعد عند الشيخين بلفظ (لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر) (75) عن ابي عطية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبا ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عمارة عم أبي عطية ـ الحديث (غريبه) (1) الظاهر أن المراد صلاة المغرب ويمكن حملها على العموم، وتكون المغرب من جملتها، قال أبو الطيب السندي رحمه الله (2) يعني الاشعري رضي الله عنه قال الطيبي الأول عمل بالعزيمة، والثاني بالرخصة اهـ (قال القارئ) وهذا إنما يصح لو كان الاختلاف في الفعل فقط، أما إذا كان الاختلاف قولياً فيحمل على ان ابن مسعود اختار المبالغة في التعجيل وابو موسى اختار عدم المبالغة فيه وإلا فالرخصة متفق عليها عند الكل، والأحسن أن يحمل عمل ابن مسعود على السنة

(وعنه من طريق ثان (1)) قال قلنا لعائشة رجلان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أحدهما يعجل المغرب (2) ويعجل الإفطار، والآخر يؤخر المغرب ويؤخر الإفطار فذكره

_ وعمل أبو موسى على بيان الجواز اهـ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن جعفر ثنا شعبة ثنا مؤمل ثنا سفيان عن الأعمش عن عمارة عن ابي عطية قال قلنا لعائشة الحديث (2) هذه الرواية تفيد أن المراد بقوله في الرواية الأولى (ويعجل الصلاة) صلاة المغرب لا جميع الصلوات، وللإمام أحمد من طريق ثالث قال حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان قال سمعت خيثمة يحدث عن أبي عطية قال قلنا لعائشة إن فينا رجلين من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما يعجل الإفطار ويؤخر السحور والآخر يؤخر الإفطار ويعجل السحور، قال فقالت عائشة أيهما الذي يعجل الإفطار ويؤخر السحور؟ قال فقلت هو عبد الله، فقالت كذا كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ففي هذه الرواية قال يؤخر الإفطار ويعجل السحور بعكس المستحب، ولعل أبا موسى كان يفعل ذلك في بعض الأحيان لبيان الجواز كما قال القارئ والرواية الأولى هي المشهورة وتوافقها رواية مسلم والله أعلم (تخريجه) (م. نس. مذ) وصححه (زوائد الباب) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنا معاشر الأنبياء أمرنا ان نعجل فطرنا وأن نؤخر سحورنا وأن نضع ايماننا على شمائلنا في الصلاة، رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح (وعن ابن عمر رضي الله عنهما) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنا معاشر الأنبياء أمرنا بثلاث، بتعجيل الفطر وتأخير السحور ووضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، رواه الطبراني في الصغير والأوسط وفيه يحيى بن سعيد بن سالم القداح وهو ضعيف (وعن يعلى بن مرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة يحبهم الله، تعجيل الافطار، وتأخير السحور، وضرب اليدين إحدهما على الأخرى في الصلاة، رواه الطبراني في الأوسط وفيه عمر بن عبد الله بن يعلي وهو ضعيف، (وأم حكيم بنت وداع) رضي الله عنها قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول عجلوا الإفطار وأخروا السحور، رواه الطبراني في الكبير من طريق حبابة بنت عجلان عن أمها عن صفية بنت جرير. وهؤلاء النسوة روى لهن ابن ماجه ولم يخرجهن أحد ولم يوثقهن (وعن عمرو بن ميمون) قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرع الناس إفطاراً وأبطأهم سحوراً، رواه الطبراني في الكبير ورجاله ورجال الصحيح (وعن عمرو بن حريث) قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اسرع الناس إفطاراً وأطأهم سحوراً، رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح، أورد هذه الأحاديث الحافظ

5 باب فضل السحور والأمر به (76) عن ابي هريرة رضي الله عنه قال اقل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسحروا فإن في السحور بركة (1). (77) وعنه أيضاً قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبركة في السحور والثريد (2) (78) عن عبد الله بن الحارث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل على النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وهو يتسحر فقال إنه بركة

_ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا، وقد نقلنا عنه ذلك (قال ابن عبد البر رحمه الله) أحاديث تعجيل الإفطار وتأخير السحور صحاح متواترة (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية تعجيل الفطر وتأخير السحور وأن ذلك سنة، وقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم وواظب عليه أصحابه من بعده، واتفق على ذلك الائمة ولم أعلم لذلك مخالفاً، ومن هذا يعلم أن ما عليه الناس الآن من تعجيل السحور غير موافق لهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم نسأل الله تعالى التوفيق للعمل بسنته صلى الله عليه وسلم والوفاة على ملته آمين. (76) عن ابي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال أنبأنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن أبي هريرة ـ الحديث (غريبه) بفتح السين ما يتسحر به من الطعام والشراب، وبالضم أكله، والوجهان جائزان ها هنا، وتوصيف الطعام بالبركة باعتبار ما في أكله من الأجر والثواب والتقوية على الصوم وما يتضمنه من الذكر والدعاء في ذلك الوقت، وربما توضأ صاحبه وصلى أو أدام الاستيقاظ للذكر والدعاء والصلاة والتأهب لها حتى يطلع الفجر (تخريجه) (نس) وسنده جيد وأخرجه أيضاً (ق. مذ. نس. جه.) من حديث أنس بن مالك (77) وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الزاق ثنا معمر عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابي هريرة ـ الحديث (غريبه) (2) الثريد فعيل بمعنى مفعول. ويقال أيضاً مثرود. يقال ثردت الخبز ثردا من باب قتل. وهو أن تفته ثم تبله بمرق والاسم الثردة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى وفيه محمد بن أبي ليلى وهو سيء الحفظ. وبقية رجاله رجال الصحيح. (78) عن عبد الله بن الحارث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

أعطاكموه الله عز وجل فلا تدعوه (79) عن عرباض بن سارية رضي الله عنه قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السحور في رمضان (1) فقال هلم إلى هذا الغداء المبارك (2) (80) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت عبد الحميد صاحب الزيادي يحدث عن عبد الله بن الحارث يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ـ الحديث (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه النسائي باسناد حسن. (79) عن عرباض بن سارية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد ابن خالد الخياط ثنا معاوية يعني ابن صالح عن يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رهم عن عرباض بن سارية ـ الحديث (غريبه) (1) كنيته أبو نجيح السلمي الصحابي رضي الله عنه كان من أهل الصفة وهو من البكائين نزل الشام وسكن حمص قال محمد بن عوف الحمصي كل واحد من العرباض بن سارية وعمرو بن عبسة يقول أنا ربع الإسلام. أي أنا رابع من أسلم. ولا يعلم أيهما أسلم قبل صاحبه، والعرباض ممن نزل فيهم قوله تعالى (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم) روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه أبو أمامة الباهلي وغيره من الصحابة وخلق من التابعين، توفي سنة خمس وسبعين وقيل توفي في ايام الزبير والله أعلم (2) معناه تعال، وفيه لغتان. فأهل الحجاز يطلقونه على الواحد والجمع والإثنين والمؤنث بلفظ واحد مبني على الفتح، وبنو تميم تثنى وتجمع وتؤنث فتقول هلم وهلمى وهلما وهلموا. قاله صاحب النهاية (وقال علي القاري) وجاء في التنزيل بلغة أهل الحجاز (قل هلمّ شهداءكم) أي أحضروهم (3) الغداء مأكول الصباح. وأطلق عليه لأنه يقوم مقامه (قال الخطابي) إنما سماه غداءا لأن الصائم يتقوّى به على صيام النهار فكأنه قد تغدى، والعرب تقول غدا فلان لحاجته إذا بكّر فيها، وذلك من لدن وقت السحر إلى طلوع الشمس اهـ (تخريجه) (د. نس. خز. حب) وفي اسناده الحارث بن زياد (قال المنذري) كلهم رووه عن الحارث بن زياد عن أبي رهم عن العرباض، والحارث لم يرو عنه غير يونس بن سيف، وقال ابو عمر النميري مجهول (يعني الحارث) يروى عن أبي رُهم. حديثه منكر اهـ (80) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسماعيل عن هشام الدستوائي قال ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي رفاعة عن أبي سعيد

السحور أكله (1) بركة فلا تدعوه ولو أن يجرع أحدكم جرعة (2) من ماء فإن الله عز وجل وملائكته يصلون على المتسحرين (3) (81) عن جابر (بن عبد الله رضي الله عنهما) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أراد أن يصوم فليتسحر بشيء. (82) عن ابي قيس مولى عمرو بن العاص أن عمرو بن العاص رضي الله عنه كان يسرد (4) الصوم وقلما كان يصيب من العشاء أول الليل أكثر ما كان يصيب من السحر (5) قال وسمعته يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله

_ الخدري ـ الحديث (غريبه) (1) بفتح الهمزة والإضافة إلى الضمير فهو مصدر أو بمعنى المرة يعني أكلة بركة كما في رواية، وبركته زيادة الأجر لأنه يقوي على الصوم (وقوله فلا تدعوه) أي فلا تتركوه لئلا تحرموا من ثوابه (2) قال في المصباح جرعت الماء جرعاً من باب نفع، وجرعت أجرع من باب تعب لغة وهو الابتلاع. والجرعة من الماء كاللقمة من الطعام وهو ما يجرع مرة واحدة، والجمع جرع مثل غرفة وغرف اهـ والمراد ولو أن يشرب شيئاً قليلاً من الماء بقصد التسحر (3) صلاة الله عليهم رحمته إياهم، وصلاة الملائكة استغفار لهم، فمن لم يتسحر يحرم من رحمة الله عز وجل واستغفار الملائكة في هذا الوقت (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده المنذري وقال رواه أحمد وإسناده قوى أهـ وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه رفاعة ولم أجد من وثقه ولا جرحه وبقية رجاله رجال الصحيح (81) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر ـ الحديث (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني في الأوسط وفيه عن عبد الله بن محمد بن عقيل وحديثه حسن وفيه كلام (82) عن ابي قيس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى قال سمعت أبي يقول حدثني أبو قيس مولى عمرو بن العاص أن عمرو بن العاص ـ الحديث (غريبه) (4) أي يواليه ويتابعه (5) والمعنى أنه ما كان يتناول من طعام الإفطار أكثر من طعام السحور إلا في قليل من الأحيان، وكان معظم أحيانه يأكل من طعام الافطار أكثر مما يأكل من طعام الإفطار، وكان يحافظ على أكلة السحور ليخالف أهل الكتاب لأنهم

وصحبه وسلم يقول إن فصلا (1) بين صيامنا وصيام أهل الكتاب أكلة (2) السحر

_ كانوا لا يتسحرون (1) أي فرقا وتمييزاً، يعني الفارق والمميز بين صيامنا وصيام أهل الكتاب السحور، فإنهم لا يتسحرون ونحن يستحب لنا السحور (2) قال النووي أكلة السحر هي السحور، هي بفتح الهمزة. هكذا ضبطناه وهكذا ضبطه الجمهور. وهو المشهور في روايات بلادنا وهي عبارة عن المرة الواحدة من الأكل كالغدوة والعشوة وإن كثر المأكول فيهما، وأما الأكلة بالضم فهي اللقمة. وادعى القاضي عياض أن الرواية فيه بالضم، ولعله أراد رواية أهل بلادهم فيها بالضم. قال والصواب الفتح لأنه المقصود هنا (تخريجه) (م. د. مذ. نس. خز.) (زوائد الباب) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله وملائكته يصلون على المتسحرين، رواه الطبراني في الأوسط. وقال تفرد به يحيى بن يزيد الخولاني، قلت ولم أجد من ترجمه (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تسحروا ولو بجرعة من ماء، رواه ابو يعلى وفيه عبد الواحد بن ثابت الباهلي وهو ضعيف (وعن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على المتسحرين، رواه البزار والطبراني في الكبير. وفيه عبد الله بن صالح وثقه عبد الملك بن شعيب بن الليث وضعفه الأئمة (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال ارسل إليّ عمر بن الخطاب يدعوني إلى السحور وقال عن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه الغداء المبارك، رواه الطبراني في الأوسط وفيه محمد بن ابراهيم أخو ابي معمر وهو محمد بن ابراهيم بن معمر بن الحسن أبو بكر الهذلي، قال موسى بن هرون الحمال صدوق لا بأس به، وسئل ابن معين عن أبي معمر فقال مثل ابي معمر لا يسأل عنه هو وأخوه من أهل الحديث، وبقية رجاله رجال الصحيح (وعن عائشة) رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قربي إلينا الغداء المبارك، يعني السحور، وربما لم يكن إلا تمرتين، رواه أبو يعلى ورجاله ثقات (وعن عتبة بن عبد وأبي الدرداء) رضي الله عنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسحروا في آخر الليل، وكان يقول هو الغداء المبارك. رواه الطبراني في الكبير وفيه جبارة بن مغلس وهو ضعيف (وعن سلمان) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البركة في ثلاثة. في الجماعة، والثريد، والسحور، رواه الطبراني في الكبير وفيه أبو عبد الله البصري قال الذهبي لا يعرف، وبقية رجاله ثقات (وعن السائب بن يزيد) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم السحور التمر. وقال يرحم الله المتسحرين، رواه الطبراني في الكبير وفيه يزيد بن عبد الملك النوفلي وهو ضعيف (وعن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم

(6) باب وقت السحور واستحباب تأخيره (83) عن عدي بن حاتم (الطائي) رضي الله عنه قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة والصيام، قال صلِّ كذا وكذا وصم (1) فإذا غابت الشمس فكل واشرب حتى يتبين لك الخيط الابيض من الخيط الاسود، وصم ثلاثين يوماً إلا أن ترى الهلال قبل ذلك (2) فأخذت خيطين من شعر اسود وأبيض (3) فكنت أنظر

_ قال نعم السحور التمر، رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وهذا كلامه فيها جرحا وتعديلا (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية السحور، وحكى النووي وابن المنذر الاجماع على استحبابه وأنه ليس بواجب، واشار إلى ذلك البخاري في ترجمة هذا الباب فقال (بركة السحور من غير إيجاب لأن النبي صلى الله عليه وسلم واصلوا ولم يذكر السحور) وقد ثبت وصاله صلى الله عليه وسلم مع أصحابه في حديث ابي هريرة عند البخاري والامام أحمد وغيرهما، وسيأتي في باب النهي عن الوصال أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل بهم يوماً ثم يوماً ثم رأوا الهلال فقال لو تأخر لزدتكم كالمنكل لهم حين ابوأ أن ينتهوا، لأنه صلى الله عليه وسلم كان نهاهم عنه فألحوا عليه بالوصال، وسيأتي الكلام عليه في بابه إن شاء الله تعالى، واستدل به الحافظ على أن السحور ليس بحتم، قال إذ لو كان حتاما واصل بهم، قال الوصال يستلزم ترك السحور سواء قلنا الوصال حرام أو لا اهـ ومن مقويات مشروعية السحور ما فيه من المخالفة لأهل الكتاب فإنهم لا يتسحرون كما صرح بذلك حديث عمرو بن العاص، وأقل ما يحصل به التسحر ما يتناوله المؤمن من مأكول أو مشروب ولو جرعة من ماء كما تقدم في الأحاديث والله أعلم. (83) عن عدي بن حاتم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن مجالد أخبرني عامر حدثني عدي بن حاتم ـ الحديث (غريبه) (1) يعني وصم ثلاثين يوماً كما سيأتي التصريح بذلك في الحديث، ثم بين له الوقت الذي يباح له فيه الفطر وهو من غروب الشمس إلى أن يتبين الخيط الابيض من الخيط الاسود يعني بياض النهار من سواد الليل كما في آخر الحديث (2) يعني قبل انتهاء الثلاثين كأن يراه ليلة الثلاثين من رمضان فله أ، يصبح مفطراً ويكون الشهر تسعا وعشرين (3) أي أحدهما من شعر والآخر من شعر أبيض. وقد جاء في رواية أخرى للشيخين والإمام أحمد وغيرهم وستأتي في التفسير قال (أخذت عقالاً أبيض وعقالاً أسود) العقال بكسر العين المهملة أي حبلا، وأصله الحبل

فيهما فلا يتبين لي (1) فذكرت ذلك ارسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك وقال يا ابن حاتم إنما ذاك بياض النهار من سواد الليل (84) عن أبي ذر رضي الله عنه قال قلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم إني أريد أن أبيت عندك الليلة فأصلي بصلاتك، قال لا تستطيع صلاتي (2) فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم يغتسل فيستر بثوب وأنا محوّل عنه فاغتسل ثم فعلت مثل ذلك ثم قام يصلي وقمت معه حتى جعلت أضرب برأسي الجدران من طول صلاته ثم أذن

_ الذي يعقل به البعير. ويجمع على عقل بضمتين وقد تسكن القاف (1) أي فلا يتبين له الأبيض من الأسود. وإنما فعل ذلك لأنه حمل الخيطين على حقيقتيهما فصنع ما صنع، وحمل قوله من الفجر كما في رواية أخرى على السببية وظن أن الغاية تنتهي إلى أن يظهر تمييز أحد الخيطين من الآخر بسبب ضياء الفجر أو أنه نسي قوله من الفجر حتى ذكره النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى ابن أبي حاتم من طريق أبي أسامة عن مجالد في حديث عدي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له لما أخبره بما صنع. يا ابن حاتم ألم أقل لك من الفجر؟ (وللطبراني) من وجه آخر عن مجالد وغيره فقال عدي يا رسول الله كل شيء أوصيتني قد حفظته غير الخيط الأبيض من الخيط الاسود، إني بت البارحة معي خيطان أنظر إلى هذا وإلى هذا. قال إنما هو الذي في السماء، أفاده الحافظ (تخريجه) (ق. د. وغيرهم) بسياق آخر (84) عن أي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن غيلان ثنا رشدين بن أبي عثمان حدثه عن حاتم بن أبي عدي أو عدي بن حاتم الحمصي عن أبي ذر ـ الحديث (غريبه) (2) أي لأنه صلى الله عليه وسلم كان يطيل صلاة الليل جداً، يدل على ذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى قام حتى تتفطر رجلاه، قالت عائشة يا رسول الله أتصنع هذا وقد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ فقال يا عائشة أفلا أكون عبداً شكورا. رواه الشيخان والامام أحمد وتقدم في باب فضل صلاة الليل رقم 1005 صحيفة في الجزء الرابع (3) أي من شدة التعب أو من غلبة النوم بسبب طول صلاته صلى الله عليه وسلم ولا يقال كان ينبغي التخفيف مراعاة للمأموم لأنه صلى الله عليه وسلم بين له كيفية صلاته

بلال للصلاة فقال أفعلت، قال نعم. قال يا بلال إنك لتؤذن إذا كان الصبح ساطعاً في السماء وليس ذلك الصبح (1) إنما الصبح هكذا معترضاً، ثم دعا بسحور فتسحر (2) (85) عن زرّ بن حبيش قال تسحرت ثم انطلقت إلى المسجد فمررت بمنزل حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فدخلت عليه فأمر بلقحةٍ (3) فحُلبت وبقدرلا فسُخنت ثم قال، ادنُ فكل. فقلت إني أريد الصوم، فقال وأنا أريد الصوم فأكلنا وشربنا ثم أتينا المسجد فأقيمت الصلاة ثم قال حذيفة هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية) هكذا صنعت مع النبي صلى الله عليه وسلم وصنع بي

_ الليلية قبل الدخول فيها فقبل أن يصلى بصلاته فلا عذر له (1) المعنى يقول النبي صلى الله عليه وسلم لبلال إن أذانك في هذا الوقت الذي يكون فيه الصبح ساطعاً أي مضيئاً أبيض مستطيلا مرتفعاً في السماء لا يدل على أن هذا هو الصبح الذي يحرم به الأكل على الصائم وتحل به الصلاة، إنما الصبح الذي تتعلق به هذه الأحكام هو ما كان معترضاً في الأفق منتشراً، ويؤيد ذلك ما رواه مسلم والامام أحمد وسيأتي من حديث سمرة بلفظ (لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير في الأفق (وفي لفظ) لا يغرنكم نداء بلال وهذا البياض حتى ينفجر الفجر، أو يطلع الفجر (وما رواه ابن أبي شيبة) عن ثوبان مرفوعا (الفجر فجران فأما الذي كأنه ذنب السرحان (أي الذئب) فإنه لا يحل شيئاً ولا يحرمه، ولكن المستطير) أي هو الذي يحرم الطعام ويحل الصلاة (2) فيه استحباب تأخير السحور لأنه ليس بين الفجر الكاذب والفجر الصادق إلا زمن يسير كما سيأتي بيانه والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد، وفي اسناده رشدين بن سعد فيه كلام (85) عن زر بن حبيش (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش ـ الحديث (غريبه) (3) اللقحة بالكسر والفتح الناقة القريبة العهد بالنتاج والجمع لقح كعنب وقد لقحت لقحا ولقاحا وناقة لَقوح إذا كانت غزيرة اللبن وناقة لاقح إذا كانت حاملاً ونوق لواقح واللقاح ذوات الألبان: الواحدة لقوح (نه) وقوله وبقدر فسخنت يعني وأمر باستحضار إناء فسخن فيه

النبي صلى الله عليه وسلم قلت أبعد الصبح؟ قال نعم هو الصبح غير أن لم تطلع الشمس (2) (86) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل ثنا سفيان عن عاصم عن نصر عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال كان بلال يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر وإني لأبصر مواقع نبلي (2) قلت أبعد الصبح؟. قال بعد الصبح إلا أنها لم تطلع الشمس (ومن طريق ثان) (3) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان بن عاصم قال قلت لحذيفة أي ساعة تسحرتم مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؟ قال هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع (87) عن بلال بن رباح رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أوذنه بالصلاة قال أبو أحمد (4) وهو يريد الصيام فدعا بقدح فشرب

_ اللبن (1) يريد انه تسحر مع النبي صلى الله عليه وسلم في مثل هذا الوقت ثم ذهب معه الى المسجد فأقيمت الصلاة كذلك (وقوله أبعد الصبح؟) يعني أكلت مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد الصبح؟ قال نعم هو الصبح يعني بعد انفجار الفجر إلا أن ذلك كان قبل طلوع الشمس والجمهور على خلافه، وأجابوا عن هذا الحيث ومثله بأنه كان أول الأمر ثم نسخ، وسيأتي الكلام عليه في الأحكام (2) ليس هذا آخر الحديث (وبقيته) قال وبين بيت حذيفة وبين المسجد كما بين مسجد ثابت وبستان حوط، وقد قال حماد أيضاً وقال حذيفة هكذا صنعت مع النبي صلى الله عليه وسلم وصنع بي النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (نس. ص. طح. عب) وصحح الحافظ إسناده (86) حدثنا عبد الله (غريبه) (3) أي المواضع التي تصل إليها سهامه إذا رمى بها والنبل بفتح النون وسكون الموحدة وهي السهام العربية وهي مؤنثة لها من لفظها قاله ابن سيده، وقيل واحدها نبلة مثل تمر وتمرة، ويستفاد منه أن ذلك كان بعد الفجر الصادق ووضوح النهار لكل إنسان بغير شك. ويؤيد ذلك قوله بعد الصبح إلا أنها لم تطلع الشمس وبقوله في الطريق الثانية هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع، فهو صريح في أن ذلك كان بعد ظهور الفجرجليا وتقدم الكلام عليه في الذي قبله (تخريجه) (نس. ص. وغيرهما) وسنده جيد (87) عن بلال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم وأبو أحمد قالا ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الله بن معقل المزنى عن بلال ـ الحديث (غريبه) (4) هو محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن درهم الاسدي الزبيري مولاهم

وسقاني (1) ثم خرج إلى المسجد للصلاة فقام يصلي بغير وضوء (2) يريد الصوم (88) عن قتادة عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك في السَحَر (3) يا أنس إني أ {يد الصيام فأطعمني شيئاً، قال فجئته بتمر وإناء فيه ماء بعدما أذن بلال، فقال يا أنس انظر انساناً يأكل معي، قال فدعوت زيد بن ثابت فقال يا رسول الله إني شربت شربة سويق فأنا أريد الصيام، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وأنا أريد الصيام، فتسحر معه وصلى

_ أبو أحمد الكوفي أحد الراويين الذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث، قال العجلي ثقة يتشيع، وقال ابو حاتم حافظ للحديث عاقل مجتهد له أوهام، وقال النسائي ليس به بأس، قال الامام أحمد مات سنة ثلاث ومائتين (1) الظاهر أن بلالا لم بأت النبي صلى الله عليه وسلم يؤذنه بالصلاة إلا بعد أذان الفجر الصادق كما هي عادته (فإن قيل) ان بلالا كان يؤذن بليل كما في الحديث الصحيح عن ابن عمر مرفوعا (أن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم) (فالجواب) أن هذا لا ينافي أن ابن أم مكتوم هو الذي أذن وأن بلالا جاء يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة لان ذلك كان من وظيفته، ويؤيد هذا قول حذيفة في الحديث السابق (كان بلال يأتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو يتسحر وإني لأبصر مواقع نبلي) فهو دليل على أن بلالا أتاه صلى الله عليه وسلم بعد أذان الفجر الصادق سواء أكان بلالا هو المؤذن أم غيره (2) يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان نائماً فلما أيقظه بلال للصلاة وهو يريد الصوم اقتصر على الشرب ثم ذهب إلى المسجد فصلى ولم يحدث وضوءاً لأن نوم الأنبياء لا ينقض الوضوء، ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان متيقظاً متوضئاً ولم يره بلال توضأ فأخبر بما رأى والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجالهما رجال الصحيح (88) عن قتادة عن أنس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن قتادة عن أنس ـ الحديث (غريبه) (3) أي في وقت السحر وهو قبيل الصبح (وقوله بعدما أذن بلال) يعني الأذان الأول وهو قبل طلوع الفجر الصادق لقوله

ركعتين ثم خرج فأقمت الصلاة (1) (89) عن ابي الزبير قال سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن الرجل يريد الصيام والإناء على يده ليشرب منه فيسمع النداء؟ قال جابر كنا نحدث (2) أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال ليشرب

_ صلى الله عليه وسلم (إن بلال يؤذن بليل الحديث سيأتي) (1) يستفاد منه أنهما انتهيا من السحور عند طلوع الفجر الصادق لقوله وصلى ركعتين يعني ركعتي الفجر (تخريجه) (نس) رجاله من رجال الصحيحين (89) عن ابي الزبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا موسى حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير_الحديث (غريبة) (2) قول جابر رضي الله عنه كنا نحدث الخ_ يفيد أنه لم يسمع ذلك من الرسول صلى الله عليه وسلم ولكنه بلغه عن بعض الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو حديث مرفوع، وظاهره يدل على أن الشرب جائز بعد سماع آذان الفجر الصادق وقد حمله الجمهور على الأذان الأول وهو آذان بلالفإنه كان يؤذن بليل قبل طلوع الفجر الصادق ليرجع القائم ويتنبه النائم، وعلى هذا فقوله ليشرب ظاهر لأن الوقت الذي يحرم فيه الطعام والشراب لم يحن بعد، قال في فتح الودود قال البيهقي إن صح هذا يحمل عند الجمهور على أنه صلى الله عليه وسلم قال حين كان المنادي ينادي قبل طلوع الفجر بحيث يقع شربه قبل طلوع الفجر، قلت من يتأمل في هذا الحديث وكذا حديث كلوا واشربو حتى يؤذن ابن ام مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر، وكذا ظاهر قوله تعالى "حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر" يرى أن المدار هو الفجر وهو يتأخر عن أوائل الفجر بشيء، والمؤذن لانتظاره يصادف أوائل الفجر فيجوز الشرب حينئذ إلا أن يتبين، لكن هذا خلاف المشهور بين العلماء، فلا اعتماد عليه عندهم والله أعلم اه (تخريجة) لم أقف عليه من حديث جابر لغير الأمام أحمد، وأورده الهينمي وقال رواه أحمد وأسناده حسن اه (قلت) وله شاهد من حديث أبي هريرة عند للأمام أحمد أيضاً وأبي داودالدارقطني والحاكم، وقال صحيح على شرط مسلم (قلت) وأقره الذهبي وسكت عنه أبو داود والمنذري ولفظه (عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع أحدكم النداء والأناء على يده فلا يضعه حتى يقضي حاجته منه)

(90) عن ابن عمر عن حفصة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أذن المؤذن صلى ركعتين وحرم الطعام، وكان لا يؤذن حتى يطلع الفجر (فصل منه في صفة الفجر الصادق والفجر الكاذب_ وما جاء في أذان بلال وابن أم مكتوم) (91) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنعنكم من سحوركم أذان بلال (2) ولا الفجر المستطيل، ولكن الفجر المستطير، في الأفق (وعنه في طريق ثان) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينرنكم نداء بلال وهذا البياض حتى ينفجر الفجر أو يطلع الفجر

_ (90) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الجبار بن محمد الخطابي في سنة ثماني وثمانين قال ثنا عبيد الله بن عمر الرقى عن عبد الكريم، يعنى الجزري عن نافع عن ابن عمر عن حفصة_ الحديث (غريبة) (1) أي الأذان الثاني للفجر الصادق (وقوله وكان لا يؤذن) يعنى المؤذن (تخريجة) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام أحمد وسنده جيد وأخرجه (ق. لك) وليس فيه تحريم الطعام (91) عن سمرة بن جندب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا وكيع ثنا أبو هلال عن سوادة بن حنظلة عن سمرة بن جندب ـ الحديث (غريبه) (2) أي لا يمنعكم من السحور أذان بلال فإنه يؤذن بليل كما سيأتي في حديث ابن عمر (وقوله ولا الفجر المستطيل) أي ولا يمنعكم البياض الذي يظهر في السماء من الشرق مستطيلا كذنب الذئب فإنه الفجر الكاذب (وقوله ولكن الفجر المستطير) أي ولكن الذي يمنع الأكل والشرب ظهور الفجر الصادق وهو المستطير في الأفق يعني المنتشر ضوءه معترضاً في جانب السماء من جهة الشرق. قال الشاعر فهان على سراة بني لؤي حريق بالبويرة مستطير (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر وروح قالا ثنا شعبة عن شيخ من بن قشير قال روح قال سمعت سوادة القشيري وكان إمامهم قال سمعت سمرة بن جندب يخطب يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يغرنكم الخ (تخريجه) (م. قط.) وقال إسناده صحيح وأخرجه أيضاً الثلاثة وحسنه الترمذي.

(92) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا يمنعكم أذان بلال من السحور فإن في بصره شيئاً (93) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إن بلالا يؤذن بليلٍ فكلوا واشربوا حتى يؤذن أبن أم مكتوم. (94) عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن ام مكتوم، قالت فلا أعلمه إلا كان قدر ما ينزل هذا ويرقى هذا (1)

_ (92) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر ثنا سعيد عن قتادة عن أنس ـ الحديث (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ورواه أبو يعلى أيضاً (93) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن لبن عمر ـ الحديث (غريبه) (2) زاد في رواية من طريق ابن شهاب (الزهري) عن سالم عن ابن عمر عند الإمام أحمد (وكان ابن أم مكتوم رجلاً أعمي لا يبصر. لا يؤذن حتى يقول الناس قد أصبحت) وتقدمت هذه الرواية في باب الاذان في أول الوقت صحيفة 31 رقم 286 في الجزء الثالث وفي الموطأ للامام مالك مثلها وللبخاري من حديث عائشة (فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) وهذه الزيادة يحتمل ا، تكون من كلام ابن عمر أو من كلام سالم. أو من كلام شهاب، ولكل من هذه الاحتمالات الثلاثة أدلة، قال الحافظ ولا يمنع كون ابن شهاب قاله أن يكون شيخه سالم قاله. وكذا شيخ شيخه ابن عمر أيضاً أهـ (قلت وقوله حتى يقول الناس قد أصبحت) يعني أنه لا يؤذن حتى يأمره بالأذان من نظر ظهور الفجر لأنه كان أعمي لا يبصر والله أعلم (تخريجه) (ق. لك. وغيرهم) (94) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله قال سمعت القاسم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ـ الحديث (غريبه) (1) يرقى بفتح أوله وثالثه، من باب أعلم أي يصعد (قال النووي) قال العلماء معناه أن بلالا كان يؤذن قبل الفجر ويتربص بعد أذانه للدعاء ونحوه ثم يرقب الفجر، فإذا قارب طلوعه نزل فأخبر ابن أم مكتوم فيتأهب ابن أم مكتوم بالطهارة وغيرها ثم يرقى ويشرع في الأذان مع أول طلوع الفجر والله أعلم أهـ (تخريجه) (ق. وغيرهما) وفي رواية للبخاري عن ابن عمر والقاسم

(95) عن خبيب (1) قال سمعت عمتى تقول وكانت حجت مع النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان ابن أم مكتوم بنادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي بلال أو (2) إن بلالا ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي

_ ابن محمد عن عائشة رضي الله عنها بلفظ إن بلال كان يؤذن بليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن ام مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر قال القاسم ولم يكن بين أذانيهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا قال الداودي في قوله لم يكن بين أذانيهما إلى آخره ـ وقد قيل له أصبحت أصبحت دليل على أن اب أم مكتوم كان يراعي قرب طلوع الفجر أو طلوعه لأنه لم يكن يكتفي بآذان بلال في علم الوقت لان بلالا فيما يدل عليه الحديث كان تختلف أوقاته، وإنما حكى من قال ينزل ذا ويرقى ذا في بعض الأوقات، ولو كان فعله لا يختلف لاكتفى به رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ولقال إذا فرغ بلال فكفوا ولكنه جعل أول أذان ابن أم مكتوم علامة الكف، ويحتمل أن لابن أم مكتوم من يراعي الوقت، ولوا ذلك لكان ربما خفي عنه الوقت، ويبين ذلك ما روي ابن وهب عن يونس عن ابن شهاب عن سالم قال كان ابن ام مكتوم ضرير البصر ولم يكن يؤذن حتى يقول له الناس حين ينظرون إلىى بزوغ الفجر أذن، وقد روى الطحاوي 0 قلت والامام أحمد وسيأتي بعد هذا) من حديث أنيسة وكانت حجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها قالت كان إذا نزل واراد أن يصعد ابن أم مكتوم تعلقوا به وقالوا كما أنت حتى نتسحر، وقال ابو عبد الله هذا الحديث فيه صعوبة وكيف لا يكون بين أذانيهما إلا ذلك وهذا يؤذن بليل وهذا بعد الفجر، فإن صح أن بلالا كان يصلي ويذكر الله في الموضع الذي هو به حين يسمع مجيء ابن أم مكتوم وهذا ليس ببين لأنه قال (لم يكن بين أذانيهما إلا أن يرقى ذا وينزل ذا) فإذا ابطأ بعد الأذان لصلاة وذكر لم يقل ذلك، وإنما يقال لما نزل هذا طلع هذا أهـ نقله العيني (95) عن خبيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا شعبة عن خبيب ـ الحديث (غريب) (1) بمعجمة وموحدتين مصغرا، ابن عبد الرحمن بن خبيب بن يساف (وقوله سمعت عمتي) اسمها أنيسة بنت خبيب بن يساف بن عتبة بن عمرو بن خديج بن عامر بن جشم بن الحارث بن الخزرج الأنصارية، قال ابن سعد اسلمت وبايعت النبي صلى الله عليه وسلم وحجت معه، وقال ابن حبان لها صحبة، وقال ابن السكن وأبو عمر تعد في أهل البصرة (2) أو للشك من الراوي، يعني أن الراوي يشك هل

ابن أم مكتوم وكان يصعد هذا وينزل (1) هذا فنتعلق به فنقول كما أنت حتى نتسحر (وعنه من طريق ثان) (2) عن عمته أنيسة بنت خبيب قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اذن ابن أم مكتوم فكلوا واشربوا، وإذا أذن بلال فلا فلا تأكلوا ولا تشربوا، قالت وإن كانت المرأة ليبقى عليها من سحورها فتقول لبلال أمهل حتى أفرغ من سحوري (فصل منه في مقدار ما بين الفراغ من السحور وصلاة الصبح) (96) عن قتادة عن انس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزيد بن ثابت تسحرا فلما فرغا من سحورهما قام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة فصلّى فقلنا لأنس كم كان بين فراغهما من سحورهما ودخولهما في الصلاة (3) قال قدر

_ قال النبي صلى الله عليه وسلم ان ابن ام مكتوم ينادي بليل الخ أو قال أن بلالا ينادي بليل الخ، وسيأتي في الطريق الثانية أن ابن أم مكتوم هو الذي ينادي أولا بغير شك، وهو عكس الأحاديث المجمع على صحتها، وللعلماء في ذلك كلام كثير سيأتي في الأحكام (1) تقدم الكلام على شرح هذه الجملة في الحديث السابق (وقولها فنتعلق به) أي بالمؤذن الأخير منهما كما يستفاد ذلك من الطريق الثانية، ويستفاد منه أن الأخير منهما كان يؤذن في أول انفجار الفجر قبل وضوحه لكل انسان وأنه يجوز الأكل والشرب في هذا الوقت حتى يظهر نور الفجر وبذلك قال جماعة من الصحابة والتابعين، والجمهور على خلاف ذلك، وسيأتي الكلام عليه في الأحكام (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم ثنا منصور يعني ابن زاذان عن خبيب بن عبد الرحمن عن عمته أنيسة بنت خبيب ـ الحديث (تخريجه) (خر. حب. وابن المنذر وغيرهم) وسنده جيد) (96) عن قتادة عن أنس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر ثنا سعيد بن ابي عروبة عن قتادة عن أنس ـ الحديث (غريبه) (3) أي كم كان بين انتهاء السحور وابتداء الصلاة لأن المراد تقدير الزمان الذي ترك فيه الأكل، والمراد بفعل الصلاة أول الشروع فيها قاله الزين بن المنير (ولفظ قدر) مرفوع

ما يقرأ رجل خمسين آية (1) (97) وعنه أيضاً عن أنس عن زيد بن ثابت رضي الله عنهما قال تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجنا إلى المسجد فأقيمت الصلاة، قلت (وفي رواية قلت لزيد) (2) كم كان بينهما؟ قال قدر ما يقرأ الرجل خمسين آية

_ على أنه خبر المبتدأ ويجوز النصب عل أنه خبر كان المقدرة في جواب أنس لا في سؤال قتادة لئلا تصير كان واسمها والخبر من آخر، قال المهلب وغيره فيه تقدير الأوقات بأعمال البدن، وكانت العرب تقدر الأوقات بالأعمال كقولهم قدر حلب شاة وقدر نخر جذور فعدل المسئول عن ذلك إلى التقدير بالقراءة إشارة إلى أن ذلك الوقت كان وقت العبادة بالتلاوة، ولو كانوا يقدرون بغير العمل لقال مثلا قدر درجة اهـ (1) أي متوسطة لا طويلة ولا قصيرة لا سريعة ولا بطيئة قاله الحافظ (تخريجه) (خ. نس) (97) وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن هشام ثنا قتادة عن أنس عن زيد بن ثابت ـ الحديث (غريبه) (2) القائل هو أنس، والمقول له زيد بن ثابت، لأن هذا الحديث من مسند زيد، وأما في الحديث السابق فالقائل قتاادة والمقول له زيد بن ثابت، لأن هذا الحديث من مسند زيد، وأما في الحديث السابق فالقائل قتادة والمقول له أنس لأنه من مسند أنس ولهذا جعلتهما حديثين (تخريجه) (ق. نس. مذ.) (زوائد الباب) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انظر من في السمجد فادعه، فدخلت يعني المسجد فإذا أبو بكر وعمر فدعوتهما، فأتيته بشيء فوضعته بين يديه فأكل وأكلوا ثم خرجوا فصلى بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الغداة، رواه البزار واسناده حسن (وعن علي رضي الله عنه) قال دخل علقمة بن علاثه فدعا له برأس المسجد ما شاء الله ثم رجع فقال الصلاة يا رسول الله، قد واله أصبحت. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله بلالا لولا بلال لرجونا أن يؤخر لنا ما بيننا وبين طلوع الشمس، فقال علي لولا أن بلالا حلف لأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقول له جبريل ارفع يدك، رواه البزار وفيه سوار بن مصعب وهو ضعيف (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما قال تسحر رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وعنده قوم فجاء علقمة بن علائه العامري فدعا له النبي صلى الله عليه وسلم برأس فجاء بلال ليؤذن بالصلاة. فقال رويدك يا بلال يتسحر علقمة؟ رواه الطبراني في الكبير وفيه قيس ابن الربيع وثقة سعبة وسفيان الثوري وفيه كلام (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن

.

_ النبي صلى الله عليه وسلم قال إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم، رواه البزار ورجاله رجال الصحيح (وعن شيبان) أنه غدا على المسجد فجلس إلى بعض حجر النبي صلى الله عليه وسلم فسمع صوته فقال أبا يحيى؟ قال نعم. قال أدخل. فدخل فرأى النبي صلى الله عليه وسلم يتغدى. فقال هلم إلى الغداء. فقال يا رسول الله إني أريد الصيام، قال وأنا أريد الصيام، إن مؤذننا في بصره سوء أذن قبل الفجر، رواه الطبراني في الكبير والأوسط وفيه قيس بن الربيع وثقة شعبة والثوري وفيه كلام (وعن سهل بن سعد) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم، وكان ابن أم مكتوم لا يؤذن حتى يقال له أصبحت أصبحت، رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح (وعن عامر بن مطر) رضي الله عنه قال تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قمنا إلى الصلاة، رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات (وعن سالم مولى أبي حذيفة) أنه كان مع أبي بكر رضي الله عنه على سطح في رمضان وهو يصلي فأتاه قال ألا تطعم يا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار بيده حتى فعل ذلك مرتين، كان في الثالثة قال ائتني بطعامك، فطعم وصلى ركعتين ثم دخل المسجد وأقيمت الصلاة، رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح (وعن مطر الشيباني) قال تسحرنا مع عبد الله ثم خرجنا فأقيمت الصلاة، رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحاً وتعديلاً (وعن قيس بن طلق) عن ابيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كلوا واشربوا ولا يهيدنكم الساطع المصعد فكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر) رواه أبو داود في سننه وقال في آخره (وهذا مما تفرد به أهل اليمامة) (وقوله لا يهيدنكم) هو بفتح الياء التحتية وكسر الهاء معناه لا يزعجنكم وأصل الهيد بالكسر الحركة والانزعاج، يقال هدت الشيء أهيده هيدا إذا حركته فأزعجته (والمصعد) بضم الميم وكسر العين المهملة إسم فاعل، أي الساطع الذي يسطع ضوءه المستطيل من أعلى إلى أسفل (وقوله حتى يعترض لكم الأحمر) قال الخطابي معنى الأحمر أن يستبطن البياض المعترض أوائل الحمرة. وذلك أن البياض إذا تتام طلوعه ظهرت أوائل الحمرة والعرب تشبه الصبح بالبلق في الخيل لما فيه من بياض وحمرة اهـ وأخرج هذا الحديث أيضاً الترمذي وذال حسن غريب، وأخرجه الدارقطني عن عبد الله بن النعمان السحيمي قال أتاني قيس بن طلق في رمضان في آخر الليل بعدما رفعت يدي من السحور لخوف الصبح فطلب مني بعض الأدام، فقلت أيا عماه لو كان بقي عليك من الليل شيء لأدخلتك إلى طعام عندي وشراب. قال عندك؟ فدخل فقربت إليه ثريداً ولحماً ونبيذا فأكل وشرب وأكرهني فأكلت وشربت وإني لوجل من الصبح ثم قال، حدثني طلق بن علي أن نبي الله صلى الله عليه وسلم

.

_ قال كلوا واشربوا ولا يغرنكم الساطع المصعد، وكلوا واشربوا حتى يعرض لكم الأحمر وأشار بيده قال الدارقطني قيس بن طلق ليس بالقوي اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها) أن وقت السحور يمتد إلى أن يتبين الفجر فيجب الإمساك حينئذ عن كل مفطر، وهو المراد بقوله تعالى (وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الاسود من الفجر) يعني بياض النهار من سواد الليل، ولما كان الفجر فجران أحدهما يسمى بالكاذب وهو الذي يبدو أولا ساطعاً مستطيلا من أعلى إلى أسفل، والثاني بعده بزمن يسع السحور وهو المعبر عنه بالفجر الصادق، وهو الذي يبدو منتشراً في الأفق، فقد بينت السنة علامة كل منهما لعدم الالتباس (فمن ذلك) حديث أبي ذر وحديث سمرة بن بن جندب المذكورين في الباب ووهما يدلان على جواز الأكل والشرب إلى هذا الحد، وهو أول ظهور الفجر الصادق ولم يخالف في ذلك أحد من العلماء، وإنما الخلاف فيما بعد هذا الوقت، فذهب جماعة من الصحابة والأعمش من التابعين وصاحبه ابو بكر بن عياش إلى جواز الأكل والشرب حتى يتضح النهار جلياً لكل إنسان بحيث يبصر الإنسان مواقع نبله كما في حديث حذيفة المذكور في أحاديث الباب، (قال ابن المنذر) روى عن حذيفة أنه لما طلع الفجر تسحر ثم صلى، قال وروى معناه عن ابن مسعود، وقال مسروق لم يكونوا يعدون الفجر فجركم إنما كانوا يعدون الفجر الذي يملأ البيوت والطرق، (قال النووي) وحكى أصحابنا عن الأعمش وإسحاق بن راهويه لأنهما جوزا الأكل وغيره إلى طلوع الشمس ولا أظنه يصح اهـ ج (وروى ابن المنذر) بإسناد صحيح عن علي رضي الله عنه أنه صلى الصبح ثم قال الآن حتى تبين الخيط الأبيض من الخيط الاسود (قال وذهب بعضهم) إلى أن المراد بتبين بياض النهار من سواد الليل إلى أن ينتشر البياض في الطرق والسكك والبيوت، ثم حكى ما تقدم عن ابي بكر بن عياش وغيره، وروى بإسناد صحيح عن سالم بن عبيد الأشجعي وله صحبة أن ابا بكر رضي الله عنه قال له أخرج فانظر هل طلع الفجر، قال فنظرت ثم اتيته فقلت قد ابيض وسطع، ثم قال اخرج فانظر هل طلع، فنظرت فقلت قد اعترض. فقال الآن أبلغني شرابي. وروى من طريق وكيع عن الأعمش أنه قال، لولا الشهرة لصليت الغداة ثم تسحرت اهـ (وذهب الجمهور) إلى أن الدخول في الصوم بطلوع الفجر الصادق وتحريم الطعام والشراب والجماع به، وهو مذهب الأئمة (أبي حنيفة ومالك والشافعي وأحمد) وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم (قال ابن المنذر) وبه قال عمر بن الخطاب وابن عباس وعلماء الامصار وقال به نقول أهـ واحتجوا بالأحاديث المشهورة الصحيحة التي رواها الشيخان والإمام أحمد وغيرهما (منها حديث عدي بن حاتم) وتقدم في أحاديث الباب (ومنها حديث سهل بن سعد) رضي

.

_ الله عنهما قال (أنزلت وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) ولم ينزل من الفجر. فكان رجال إذا أرادوا الصوم ربط أحدهم في رجله الخيط الابيض والخيط الاسود ولا يزال حتى يتبين له رؤيتهما فأنزل الله تعالى (من الفجر) فعلموا أنه به الليل والنهار (ومنها حديث سمرة بن جندب) وتقدم فب أحاديث الباب (ومنها حديث عبد الله بن مسعود) وتقدم في باب الأذان في أول الوقت صحيفة 35 رقم 284 من الجزء الثالث (وأجاب بعضهم) عن حديث حذيفة وما ماثله من الأحاديث المصرحة بجواز الأكل والشرب بعد انتشار النهار بأن ذلك كان في أول الأمر ثم نسخ، قاله الحازمي في الاعتبار واستدل على ذلك بحديثي سهل بن سعد وعدي بن حاتم (وفي أحاديث الباب أيضاً) أن بلالا رضي الله عنه كان يؤذن بليل قبل ظهور الفجر الصادق وأن ابن ام مكتوم كان يؤذن عند ظهور الفجر الصادق، ولكن حديث أنيسة يعرضه لأنه يفيد أن ابن أم مكتوم كان يؤذن أولا وأن بلالا كان يؤذن ثانياً، رواه ابن خزيمة وابن المنذر وابن حبان وغيرهم من طرق من حديث أنيسة مرفوعا بلفظ (ان ابن أم مكتوم ينادي بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال قال الحافظ وادعى ابن عبد البر وجماعة من الأئمة أنه مقلوب وأن الصواب حديث الباب يعني أن بلالا يؤذن بليل الخ قال وقد كنت أميل إلى ذلك إلى أن رأيت الحديث في صحيح ابن خزيمة من طريقين آخرين عن عائشة وفي بعض ألفاظه ما يبعد وقوع الوهم فيه وهو قوله إذا أذن عمرو فهو ضرير البصر فلا يغرنكم، وإذا أذن بلال فلا يطعمن أحد (وجاء عن عائشة) أيضاً أنها كانت تنكر حديث ابن عمر وتقول إنه غلط، أخرج مالك والبيهقي من طريق الدراوردي عن هشام عن أبيه عنها مرفوعا (إن ابن أم مكتوم يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن بلال) قال عائشة وكان بلال لا يؤذن حتى يبصر الفجر، قال وكانت عائشة تقول غلط ابن عمر اهـ وهذا مما يتعجب منه، ففي صحيح البخاري والإمام أحمد وهو مذكور في أحاديث الباب من طريق القاسم بن محمد عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر) وهذا لفظ البخاري، وكذا أخرجه مسلم، فقد جاء عنها في لأصح الصحيح مثل رواية ابن عمر فكيف تغلطه؟ فالظاهر والله أعلم أن تلك الرواية وهم من بعض الرواة عنها والله أعلم (قال الحافظ) قد أجمع ابن خزيمة والضبعي بين الحديثين باحتمال أن الأذان كان نوبا بين بلال وابن أم مكتوم، فكان النبي صلى الله عليه وسلم يعلم الناس أن الأذان الأول منهما لا يحرم على الصائم شيئاً ولا يدل على دخول وقت الصلاة بخلاف الثاني، وجزم ابن حبان بذلك ولم يبده احتمالاً وأنكر ذلك عليه الضياء وغيره، وقيل لم يكن نوباً وإنما كانت لهما حالتان مختلفتان

.

_ فإن بلالا كان في أول ما شرع الأذان يؤذن وحده ولا يؤذن للصبح حتى يطلع الفجر، وعلى ذلك تحمل رواية عروة عن امرأة من بني النجار قالت كان بلال يجلس على بيتي وهو أعلى بيت في المدينة فإذا رأى الفجر تمطى ثم أذن أخرجه أبو داود وإسناده حسن، ورواية حميد عن أنس أن سائلاً سأل عن وقت الصلاة فأمر صلى الله عليه وسلم بلالا فأذن حين طلع الفجر الحديث أخرجه النسائي وإسناده صحيح، ثم أردف بابن أم مكتوم فكان يؤذن بليل، واستمر بلال على حالته الأولى، وعلى ذلك تنزل رواية أنيسة وغيرها، ثم في آخر الأمر أخر ابن أم مكتوم لضعفه ووكل به من يراعي له الفجر واستقر أذان بلال، وكان سبب ذلك ما روى أنه كان ربما أخطأ الفجر فأذن قبل طلوعه وأنه أخطأه مرة فأمره صلى الله عليه وسلم أن يرجع فيقول ألا إن العبد نام، يعني أن غلبة النوم على عينيه منعته من تبيين الفجر، وهو حديث أخرجه أبو داود وغيره من طريق حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر موصولاً مرفوعاً ورواته ثقات حفاظ، لكن اتفق أئمة الحديث على بن المديني وأحمد والبخاري والذهبي وابو حاتم وأبو داود والترمذي والأثرم والدارقطني على أن حماداً أخطأ في رفعه وأن الصواب وقفه على عمر بن الخطاب وأنه هو الذي وقع له ذلك مع مؤذنه وأن حماداً انفرد برفعه. ومع ذلك فقد وجد له متابع أخرجه البيهقي من طريق سعيد بن زربى، وهو بفتح الزاي وسكون الراء بعدها موحدة ثم ياء كياء النسبة فرواه عن ايوب موصولاً، لكن سعيد ضعيف، ورواه عبد الرزاق عن معمر عن أيوب أيضاً لكنه أعضله فلم يذكر نافعا ولا ابن عمر، وله طريق أخرى عن نافع عن الدارقطني وغيره اختلف في رفعها ووقفها أيضاً، وأخرى مرسلة من طريق يونس بن عبيد وغيره عن حيد بن هلال، وأخرى من طريق سعيد عن قتادة مرسلة، ووصلها أبو يوسف عن سعيد بذكر أنس، فهذه طرق يقوى بعضها ببعض قوة ظاهرة، فلهذا والله أعلم استقر بلال يؤذن الاذان الأول اهـ (قال النووي) رحمه الله ولا شك في طلوع الفجر جاز له الأكل والشرب والجماع وغيرها بلا خلاف حتى يتحقق الفجر للآية الكريمة (حتى يتبين لكم الخيط الأبيض) ولما صح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال (كل ما شككت حتى يتبين لك) رواه البيهقي بإسناد صحيح) (وفي رواية) عن حبيب بن أبي ثابت قال ارسل ابن عباس رجلين ينظران الفجر فقال أحدهما أصبحت وقال الآخر لا، قال اختلفتما؟ أرني شرابي، ثال البيهقي وروى هذا عن ابي بكر الصديق وعمر وابن عمر رضي الله عنهم. وقول ابن عباس (أرني شرابي) جار على القاعدة انه يحل الشرب والأكل حتى يتبين الفجر، ولو كان قد تبين لما اختلف الرجلان فيه، لأن خبريهما تعارضا، والأصل بقاء الليل، ولأن قوله أصبحت

.

_ ليس صريحا في طلوع الفجر فقد تطلق هذه اللفظة لمقاربة الفجر والله أعلم، قال وقد اتفق أصحابنا على جواز الأكل للشاك في طلوع الفجر وصرحوا بذلك، فمن صرح به الماوردي والدارمي والبندنيجي وخلائق لا يحصون (وأما) قول الغزالي في الوسيط لا يجوز الاكل هجوما في أول النهار، وقول المتولي في مسألة السحور لا يجوز للشاك في طلوع الفجر أن يتسحر فلعلهما أراد بقولهما لا يجوز أنه ليس مباحاً مستوى الطرفين بل الأولى تركه، فإن أرادا به تحريم الأكل على الشاك في طلوع الفجر فهو غلط مخالف للقرآن ولابن عباس ولجميع الأصحاب، بل لجماهير العلماء، ولا نعرف أحداً من العلماء قال بتحريمه إلا مالك فإنه حرمه وأجب القضاء على من أكل شاكاً في الفجر، وذكر ابن المنذر في الاشراف باباً في إباحة الأكل للشاك في الفجر، فحكاه عن أبي بكر الصديق وابن عمر وابن عباس وعطاء والأوزاعي وأصحاب الرأي وأحمد وأبي ثور واختاره ولم ينقل المنع إلا عن مالك والله أعلم اهـ ج (وفي حديث زيد بن ثابت) الأخير من أحاديث الباب دلالة على استحباب تأخير السحور بحيث يكون بين الفراغ منه وبين الصبح مقدار قراءة خمسين آية من القرآن. وهذا متفق عليه فينبغي العمل به، وعدم العدول عنه لكونه أفضل وأحوط (قال ابن أبي جمرة) رحمه الله في الكلام على هذا الحديث وفي تأخير السحور لكونه ابلغ في المقصود وكان صلى الله عليه وسلم ينظر ما هو الأرفق بأمته فيفعله، لأنه لو لم يتسحر لاتبعوه فيشق على بعضهم، ولو تسحر في جوف الليل لشق ايضاً على بعضهم ممن يغلب عليه النوم، فقد يفضي إلى ترك الصبح أو يحتاج على المجاهدة بالسهر، قال (وفيه) أيضاً تقوية على الصيام لعموم الاحتياج إلى الطعام. ولو ترك لشق على بعضهم ولا سيما من كان صفراوياً فقد يغشى عليه فيفضي إلى الإفطار في رمضان. قال (وفي الحديث) تأنيس الفاضل أصحابه بالمؤاكلة وجواز المشي بالليل للحاجة لأن زيد بن ثابت ما كان يبيت مع النبي صلى الله عليه وسلم (وفيه) الاجتماع على السحور (وفيه) حسن الأدب في العبارة لقوله تسحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل نحن ورسول الله صلى الله عليه وسلم لما يشعر لفظ المعية بالتبعية (وقال القرطبي) فيه دلالة على أن الفراغ من السحور كان قبل طلوع الفجر فهو معارض لقول حذيفة هو النهار إلا أن الشمس لم تطلع اهـ (قال الحافظ) والجواب أن لا معارضة، بل تحمل على اختلاف الحال فليس في رواية واحد منهما ما يشعر بالمواظبة فتكون قصة حذيفة سابقة، افاده الحافظ والله سبحانه وتعالى أعلم

(أبواب ما يبطل الصوم وما يكره وما يباح) (7) باب ما جاء في الحجامة للصائم (98) عن شداد بن أوس رضي الله عنه أنه مر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الفتح على رجل (1) يحتجم بالبقيع لثماني عشرة خلت من رمضان وهو آخذ بيدي فقال أفطر الحاجم والمحجوم (2) (وعنه من طريق ثان) (3) قال مر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم علىَّ وأنا أحتجم في ثماني عشرة خلون من رومضان فقال أفطر الحاجم والمحجوم

_ (98) عن شداد بن أوس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي سنا اسماعيل ابن ابراهيم ثنا خالد عن ابي قلابة عن ابي الأشعث عن شداد بن أوس ـ الحديث (غريبه) (1) الظاهر أن هذا الرجل المبهم هو معقل بن سنان رضي الله عنه كما سيأتي في حديثه الآتي بعد هذا (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر وهو يحتجم الخ) ولكن في الطريق الثانية من حديث شداد قال مر عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث فكأن المرور كان على شداد، ويجمع بينهما بأن النبي صلى الله عليه وسلم مر على شداد أولا وهو يحتجم فذكر الحديث، ثم اخذ بيده فمرا على معقل ف ذلك اليوم وهو يحتجم أيضاً فذكر الحديث. والله أعلم (2) ذكر العلماء في معنى قوله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم أقوالاً كثيرة، أقربها ما ذكره البغوي في شرح السنة أن معنى أفطر الحاجم والمحجوم أي تعرضا للإفطار، أما الحاجم فلأنه لا يأمن وصول شيء من الدم إلى جوفه عند المص، وأما المحجوم فلأنه لا يأمن من ضعف قوته بخروج الدم فيؤول أمره إلى أن يفطر اهـ فهو على سبيل المجاز لا الحقيقة كحديث (من جعل قاضيا بين الناس فقد ذبح بغير سكين) رواه أبو داود والترمذي والامام أحمد وهذا لفظه وسيأتي في الباب الثاني من كتاب الأقضية. وكقولهم هلك فلان إذا تعرض للهلاك (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل عن داود بن أبي هند عن عبد الله بن زيد وهو أبو قلابة عن ابي الاشعث الصنعاني عن أبي أسماء الرحبي عن شداد بن أوس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليّ الحديث (تخريجه) (نس. جه. ك. خظ. حب) وصححاه، وصححه أيضاً الامام أحمد والبخاري وعلي بن المديني

(99) عن معقل بن سنان رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مر به وهو يحتجم لثماني عشرة (5) قال أفطر الحاجم والمحجوم (100) عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أتى على رجل يحتجم في رمضان فقال افطر الحاجم والمحجوم (101) عن رافع بن خديج رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم

_ (99) عن معقل بن سنان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي سنا عبد الله ابن محمد بن أبي شيبة قال عبد الله وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال ثنا ابن فضيل عن عطاء بن السائب قال شهد عندي نفر من أهل البصرة منهم الحسن بن أبي الحسن عن معقل بن سنان ـ الحديث (غريبه) (1) يعني خلت من رمضان (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط. (100) عن ثوبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسماعيل أنا هشام الدستوائي عن يحيى بن ابي كثير عن ابي قلابة عن ابي أسماء عن ثوبان الحديث (تخريجه) (د. نس. جه. حب. ك) وروى الإمام أحمد أنه اصح ما روي في الباب، وكذا قال الترمذي عن البخاري، وصححه البخاري تبعاً لعلي بن المديني. نقله الترمذي في العلل. (101) عن رافع بن خديج (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن يحيى بن ابي كثير عن ابراهيم بن عبد الله بن قارظ عن السائب ابن يزيد عن رافع بن خديج ـ الحديث (تخريجه) (حب. ك) وصححاه. ورواه الترمذي عن معمر بسند رواية الإمام أحمد، قال الترمذي ذكر عن احمد أنه قال هو أصح شيء في هذا الباب اهـ قال الحافظ في التلخيص. وصححه ابن حبان والحاكم، ورواه الحاكم من طريق معاوية بن سلام أيضاً عن يحيى. لكن قال البخاري هو غير محفوظ. نقله الترمذي، قال وقلت لاسحاق بن منصور ما علته؟ قال روى هشام الدستوائي عن يحيى عن ابراهيم ابن قارظ عن السائب عن رافع حديث كسب الحجام خبيث وبذلك جزم أبو حاتم

(102) وعن بلال بن أبي رباح رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (103) وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله (104) وعن اسامة بن زيد رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم مثله (فصل منه في الرخصة في ذلك) (105) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن بعض أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال إنما نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الوصال في الصيام والحجامة للصائم إبقاء (1) على أصحابه

_ وبالغ فقال هو عندي من طريق رافع باطل، ونقل عن يحيى بن معين أنه قال هو أضعف أحاديث الباب اهـ (102) وعن بلال (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا يزيد بن هارون ثنا أبو العلاء ومحمد بن يزيد عن أبي العلاء عن قتادة عن شهر بن حوشب عن بلال قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير وشهر لم يلق بلالا (103) وعن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا أبو معاوية يعني شيبان عن ليث عن عطاء عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم (تخريجه) (نس) وفي إسناده ليث بن أبي سليم ضعيف، وأورده الهيثمي وقال رواه أبو يعلى والبزار وفيه المثنى بن الصباح وفيه كلام وقد وثق. (104) وعن اسامة بن زيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن سعيد عن أشعث عن الحسن عن أسامة بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أفطر الحاجم والمستحجم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أخحمد والزار والحسن مدلس، وقيل لم يسمع من أسامة. (105) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن عابس عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ـ الحديث (غريبه) (1) أي رحمة بهم واشفاقاً عليهم، يقال أبقيت عليه أبقى إبقاء إذا رحمته وأشفقت عليه. والإسم البقيا، قال الحافظ وقوله إبقاء على أصحابه يتعلق بقوله نهى اهـ (وقوله

ولم يحرمهما (وفي لفظ) ولم يحرمهما على أحدٍ من أصحابه (106) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم صائماً محرماً (1) فغشي عليه، قال فلذلك كره الحجامة للصائم (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (2) قال احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم بين مكة والمدينة وهو صائم محرم (وعنه من طريق ثالث) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم بالقاحة (3) وهو صائم (وعنه من طريقٍ رابع) قال احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجامة في رأسه وهو محرم

_ ولم يحرمهما) صريح في عدم التحريم (تخريجه) (د. عب) وصحح الحافظ إسناده قال والجهالة بالصحابي لا تضر، وقال هو أحسن ما ورد في ذلك، قال وقد رواه ابن أبي شيبة عن وكيع عن الثوري بإسناده هذا (يعني بسند حديث الباب) (ولفظه) عن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قالوا إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الحجامة للصائم، وكرهها للضعيف أي لئلا يضعف (106) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا نصر بن باب عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس ـ الحديث (غريبه) (1) في رواية البخاري احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم، وفي أخرى له أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم واحتجم وهو صائم (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن ادريس أنبأنا يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس قال احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا هاشم ثنا شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (4) هو اسم موضع بين مكة والمدينة على ثلاث مراحل منها وهو من قاحة الدار أي وسطها مثل ساحتها وباحتها (نه) (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا هشام عن عكرمة عن ابن عباس قال احتجم الخ (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (طب. بز. عل) وفيه نصر من باب فيه كلام كثير. وقد وثقه الإمام أحمد وأخرجه الترمذي من طريق عكرمة عن ابن عباس بلفظ (احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم صائم) وقال هذا حديث صحيح (وأخرج الطريق الثانية منه) (د. جه. طح. هق. مذ) وقال حديث حسن صحيح وأعله الامام أحمد فقال ليس فيه صائم، إنما هو محرم عند أصحاب ابن عباس طاوس وعطاء وسعيد بن جبير. قال فهؤلاء أصحاب ابن عباس لا يذكرون صياما (والطريق الثالثة) أخرجها

(107) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد وحسن قالا ثنا ثابت ثنا هلال بن عكرمة قال سألت عكرمة (1) عن الصائم أيحتجم؟ فقال إنما كره للضعف، ثم حدث عن ابن عباس (2) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم من أكلة أكلها من شاة مسمومة سمتها امرأة من أهل خيبر

_ البخاري والطحاوي والبيهقي بدون ذكر القاحة (والطريق الرابعة) أخرجها البخاري وزاد واحتجم وهو صائم، وأخرجها الشيخان بلفظ حديث الباب من حديث عبد الله بن بحينة (107) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) (قوله ثنا هلال بن عكرمة قال سألت عكرمة الخ) هذا لفظ رواية حسن أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث، أما رواية عبد الصمد فبلفظ (ثنا هلال بن عكرمة سئل عكرمة عن الصائم الخ) (2) قوله (ثم حدث عن ابن عباس) هذا لفظ رواية عبد الصمد، أما رواية حسن فبلفظ (وحدث) بالواو بدل ثم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي غسناده من لم أعرفه، وأخرج البخاري نحو شطره الأول عن أنس من طريق شعبة قال سمعت ثابتا البناني قال سئل أنس بن مالك رضي الله عنه، أكنتم تكرهون الحجامة للصائم، قال لا؟ إلا من أجل الضعف. وزاد شبابة حدثنا شعبة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم (زوائد الباب) (عن علي رضي الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال افطر الحاجم والمحجوم (بز، طس) وفيه الحسن وهو مدلس ولكنه ثقة (وعن جابر) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال افطر الحاجم والمحجوم (بز. طس) وقال تفرد به سلام ابو المنذر عن مطر (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أفطر الحاجم والمحجوم (بز. طس) ورجال البزار موثوقون إلا أن فطر بن خليفة فيه كلام وهو ثقة (وعن سمرة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال افطر الحاجم والمحجوم (بز. طب) وفيه يعلى ابن عباد وهو ضعيف (وعن أبي رافع) أنه دخل على ابي موسى وهو يحتجم ليلاً فقال لو كان نهاراً، فقال تأمرني أن أريق دمي وأنا صائم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم (بز. طب) ورجاله رجال الصحيح خلا شيخ البزار وهو ثقة لم يتكلم فيه احد (وعن أنس) رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال أفطر الحاجم والمحجوم (بز) وفيه مالك بن سليمان وضعفوه بهذا الحديث (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر الحاجم والمحجوم (طس) وفيه الحسن بن ابي جعفر الجفري وفيه كلام وقد وثق (ما ورد في الرخصة في ذلك) (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم

.

_ (بز. طب) وفيه الأحوص بن حكيم وفيه كلام وقد وثق (وعن أبي سعيد) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في الحجامة للصائم (بز. طس) إلا أنه قال رخص في القبلة والحجامة للصائم ورجال البزار رجال الصحيح (وعن أنس بن مالك) أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم في رمضان (طس) وفيه يوسف بن خالد السمتي وهو ضعيف (وعنه ايضاً) قال مر بنا ابو طيبة في شهر رمضان فقلنا من أين جئت؟ قال حجمت النبي صلى الله عليه وسلم (طب. عل) وفيه ليث أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس (وعن عبد الله بن سفيان) أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو صائم (طب) وفيه محمد بن ابي ليلى وفيه كلام (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما قال احتجم النبي صلى الله عليه وسلم وهو صائم وأعطى الحجام أجره، ولو كان حراما لم يعطه (طب) وفيه سلم بن سالم وهو ضعيف (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم بعدما قال أفطر الحاجم والمحجوم (طس) وفيه طريف أبو سفيان وهو ضعيف وقد وثقه ابن عدي (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يفطرن الصائم، القيء والحجامة والاحتلام (بز) باسنادين وصحح أحدهما وظاهره الصحة (وعن ثوبان) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا يمنعن الصائم، الحجامة والقيء والاحتلام ولا يتقيأ الصائم متعمداً (طب) (ولثوبان في الأوسط) ثلاث لا يفطرن الصائم فذكره وإسنادهما ضعيف (وعن عبد الله الصنابحي) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصبح صائماً فاحتلم أو احتجم أو ذرعه القيء فلا قضاء عليه ومن استقاء فعليه القضاء (طس) وفيه أبو بلال الاشعري وهو ضعيف أورد هذه الأحاديث كلها الحافظ الهيثمي وهذا كلامه فيها جرحا وتعديلا (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد منها ما يدل على أن الحجامة تفطر الصائم وهو قوله صلى الله عليه وسلم (أفطر الحاجم والمحجوم) المروي عن كثير من الصحابة من طرق صحيحة وسواء في ذلك الحاجم والمحجوم ويجب عليهما القضاء، وهو مروي عن علي بن أبي طالب وأبي هريرة وعائشة رضي الله عنهم وإليه ذهب الحسن البصري وابن سيرين وعطاء والأوزاعي وأبو ثور وإسحاق وابن المنذر وابن خزيمة (قال الخطابي) (قال احمد وإسحاق) يفطر الحاجم والمحجوم عليهما القضاء دون الكفارة (وقال عطاء) يلزم لمحتجم في رمضان القضاء والكفارة (وفي أحاديث الباب والزوائد) ما يدل على الترخيص في الحجامة للصائم وأنه لا يفطر الحاجم ولا المحجوم، وإلى ذلك ذهب جماعة من الصحابة منهم ابن مسعود وابن عمر، وابن عباس وانس بن مالك وابو سعيد الخدري وام سلمة رضي الله عنهم، وبه قال سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير والشعبي والنخعي (ومالك، والثوري وابو حنيفة والشافعي) وداود وغيرهم، واحتجوا أيضاً بحديث أنس قال أول ما كرهت الحجامة للصائم أن جعفر ابن ابي طالب رضي الله عنه احتجم وهو صائم فمر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أفطر هذان ثم

.

_ رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة للصائم، وكان أنس يحتجم وهو صائم، رواه الدارقطني وقال رواته كلهم ثقات، قال ولا أعلم له علة، قال البيهقي وروينا في الرخصة في ذلك عن سعد ابن أبي وقاص وابن مسعود وابن عباس وابن عمر والحسين بن علي وزيد بن ارقم وعائشة وام سلمة رضي الله عنهم (قال النووي رحمه الله) وأما حديث (أفطر الحاجم والمحجوم) فأجاب أصحابنا عنه بأجوبة (أحدها) جواب الشافعي ذكره في الأم وفيه اختلاف وتابعه عليه الخطابي والبيهقي وسائر أصحابنا، وهو أنه منسوخ بحديث ابن عباس وغيره مما ذكرنا، ودليل النسخ أن الشافعي والبيهقي روياه بإسنادهما الصحيح عن شداد بن أوس، قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم زمان الفتح فرأى رجلاً يحتجم لثماني عشرة خلت من رمضان فقال، وهو آخذ بيدي أفطر الحاجم والمحجوم، وقد ثبت في صحيح البخاري من حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محوم صائم. وابن عباس إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم محرما في حجة الوداع سنة عشر من الهجرة ولم يصحبه محرما قبل ذلك وكان الفتح سنة ثمان بلا شك، فحديث ابن عباس بعد حديث شداد بسنتين وزيادة، قال فحديث ابن عباس ناسخ (قال البيهقي) ويدل على النسخ أيضاً قوله في حديث أنس السابق في قصة جعفر ثم رخص النبي صلى الله عليه وسلم بعد في الحجامة وهو حديث صحيح كما سبق. قال وحديث أبي سعيد الخدري السابق أيضاً فيه لفظ الترخيص وغالب ما يستعمل الترخيص بعد النهي (الجواب الثاني) أجاب به الشافعي أيضاً أن حديث ابن عباس أصح ويعضده أيضاً القياس فوجب تقديمه (الجواب الثالث) جواب الشافعي أيضاً والخطابي وأصحابنا أن المراد بأفطر الحاجم والمحجوم أنهما كانا يغتابان في صومهما وروى البيهقي ذلك في بعض طرق حديث ثوبان (قال الشافعي) وعلى هذا التأويل يكون المراد بإفطارهما أنه ذهب أجرهما كما قال بعض الصحابة لمن تكلم في حال الخطبة لا جمعة لك، أي ليس لك أجرها وإلا فهي صحيحة مجزئة عنه (الجواب الرابع) ذكره الخطابي أن معناه تعرضا للفطر (أما المحجوم) فلضعفه بخروج الدم فربما لحقته مشقة فعجز عن الصوم فأفطر بسببها (وأما الحاجم) فقد يصل جوفه شيء من الدم أو غيره إذا ضم شفتيه على قصب الملازم كما يقال للمتعرض للهلاك هلك فلان وإن كان باقياً سالماً وكقوله صلى الله عليه وسلم (من جعل قاضياً فقد ذبح بغير سكين) أي تعرض للذبح بغير سكين (الخامس) ذكره الخطابي أيضاً أنه مر بهما قريب المغرب فقال أفطرا أي حان فطرهما كما يقال أمسى الرجل إذا دخل في وقت المساء أو قاربه (السادس) أنه تغليظ ودعاء عليهما لارتكابهما ما يعرضهما لفساد صومهما (واعلم) أن ابا بكر بن خزيمة اعترض على الاستدلال بحديث ابن عباس فروى عنه الحاكم أبو عبد الله في المستدرك أنه قال ثبتت الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أفطر الحاجم والمحجوم فقال بعض من خالفنا في هذه

(8) باب ما جاء في القيء للصائم (8) عن معدان بن ابي طلحة (1) أن أبا الدرداء رضي الله عنه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء (2) فأفطر قال فلقيت ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسجد دمشق فقلت إن أبا الدرداء أخبرني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر

_ المسألة لا يفطر لحديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم صائم، ولا حجة في هذا لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما احتجم وهو محرم صائم في السفر لأنه لم يكن قط محرما مقيما ببلده، والمسافر إذا نوى الصوم له الفطر بالأكل والشرب والحجامة وغيرها، فلا يلزم من حجامته أنها لا تفطر فاحتجم وصار مفطراً وذلك جائز، هذا كلام ابن خزيمة، وحكاه الخطابي في معالم السنن ثم قال وهذا تاويل باطل لأنه قال احتجم وهو صائم فأثبت له الصيام مع الحجامة، ولو بطل صومه بها لقال أفطر بالحجامة كما يقال أفطر الصائم بأكل الخبز. ولا يقال أكله وهو صائم، قلت ولأن السابق إلى الفهم من قول ابن عباس احتجم وهو صائم الاخبار بأن الحجامة لا تبطل الصوم، ويؤيده ما في الأحاديث المذكورة والله أعلم اهـ واستنتج الشوكاني من أحاديث الباب أن الحجامة غير محرمة ولا موجبة لأفطار، الحاجم ولا المحجوم، قال فيجمع بين الأحاديث بأن الحجامة مكروهة في حق من كان يضعف بها وتزداد الكراهة إذا كان الضعف يبلغ إلى حد يكون سبباً للإفطار ولا تكره في حق من كان لا يضعف بها، وعلى كل حال تجنب الحجامة للصائم أولى، فيتعيين حمل قوله أفطر الحاجم والمحجوم على المجاز لهذه الأدلة الصارفة عن معناه الحقيقي اهـ والله أعلم (108) عن معدان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا أبي ثال ثنا الحسين عن يحيى بن ابي كثير قال حدثني عبد الرحمن بن عمر والأوزاعي عن يعيش بن الوليد بن هشام حدثه أن اباه حدثه قال حدثني معدان ـ الحديث (غريبه) (1) ويقال ابن طلحة اليعمري بفتح التحتانية والميم بينهما مهملة شامي ثقة من الثانية، قاله الحافظ في التقريب (2) أي قاء عمداً قال الترمذي معناه ان النبي صلى الله عليه وسلم كان صائماً متطوعاً فقاء فضعف فأفطر لذلك، هكذا روى في يعض الأحاديث مفسراً اهـ قال الزيلعي في نصب الراية الحديث المفسر الذي اشار إليه الترمذي رواه ابن ماجه (قلت) والإمام أحمد وسيأتي في هذا الباب من حديث أبي مرزوق قال سمعت فضالة بن عبيد

قال صدق ـ أنا صببت له وضوءه (1) (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (2) عن أب الدرداء رضي الله عنه قال استقاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنظر فأتى بماء فتوضأ (109) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من ذرعه (3) القيء فليس عليه قضاء ومن استقاء فليقض

_ الأنصاري يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج عليهم في يوم كان يصومه فدعا بإناء فشرب، فقلنا يا رسول الله إن هذا يوم كنت تصومه قال أجل ولكني قئت (1) بفتح الواو أي ماء وضوئه، والوضوء هنا يحتمل أن يراد به الوضوء اللغوي الذي هو غسل اليدين والفم من القيء أو الوضوء الشرعي. والظاهر الأول لقرينة النظافة (قال في المرقاة) قال ميرك احتج به ابو حنيفة وابو احمد واسحاق وابن المبارك والثوري على أن القيء ناقض للوضوء وحمله الشافعي (قلت ومالك أيضاً) على غسل الفم والوجه أو على استحباب الوضوء وهذا أولى، لأن كلام الشارع إذا أمكن حمله على المعنى الشرعي لا ينبغي العدول عنه إلى المعنى اللغوي، نعم يتوقف الاستدلال به للنقض على تحقق أنه صلى الله عليه وسلم كان متوضئاً قبل القيء اهـ (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن يحيى بن ابي كثير عن يعيش بن الوليد عن خالد بن معدان عن أبي الدرداء الحديث (تخريجه) (د. مذ. نس. حب. قط. هق. طب. ك) وابن الجارود وابن منده وقال إسناده صحيح متصل وتركه الشيخان لاختلاف في اسناده قال الترمذي جوّده حسين المعلم وهو أصح شيء في هذا الباب وكذلك قال أحمد، قال البيهقي هذا حديث مختلف في غسناده فإن صح فهو محمول على القيء عامداً وكانه كان صائما تطوعا (109) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم، قال عبد الله وسمعته أنا من الحكم بن موسى ثنا عيسى بن يونس ثنا هشام بن حسان عن محمد ابن سيرين عن ابي هريرة ـ الحديث (غريبه) (3) وهو بفتح الذال المعجمة أي غلبه القيء وهو صائم فلا يفطر به ولو كان ملء الفم وليس عليه قضاء (4) أي من استدعى القيء وطلب خروجه تعمداً أفطر وعليه القضاء (تخريجه) (د. مذ. جه. حب. قط. ك) وله ألفاظ قال النسائي وقفه عطاء على أبي هريرة، وقال الترمذي لا نعرفه إلا من حديث هشام عن محمد عن أبي هريرة، وتفرد به عيسى بن يونس، وقال البخاري لا أراه محفوظاً وقد روى من غير وجه ولا يصح إسناده، وقال أبو داود وبعض الحفاظ لا أراه محفوظاً، قال

(110) عن أبي مرزوق عن فضالة (1) الأنصاري سمعته يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم في يوم كان يصومه فدعا بإناء فيه ماء فشرب، فقلنا يا رسول الله إن هذا اليوم كنت تصومه (2) قال اجل ولكن قئت (111) عن أبي الجودي (3) عن بلج عن أبي شيبة المهري قال وكان قاص (4)

_ الحافظ وأنكره أحمد، وقال في روايته ليس من ذاك شيء، يعني أنه غير محفوظ كما قال الخطابي وصححه الحاكم على شرطهما (قلت) وأقره الذهبي (101) عن أبي مرزوق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن عبيد ثنا محمد بن غسحاق عن يزيد بن ابي حبيب عن ابي مرزوق عن فضالة الأنصاري ـ الحديث (غريبه) (1) هو ابن عبيد الصحابي الأنصاري الأوسي العمري، أول مشاهده أحد، شهدها وما بعدها من المشاهد، ومنها بيعة الرضوان وشهد فتح مصر وسكن دمشق وولى قضاءها لمعاوية وأمّره على غزو الروم في البحر توفي بدمشق ودفن بباب الصغير سنة ثمان وخمسين رضي الله عنه (2) يعني تطوعا وقوله، أجل أي نعم (تخريجه) (جه) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه في اسناده محمد بن اسحاق وهو مدلس وقد زوى بالعنعنة وأبو مرزوق لا يعرف اسمه ولم يسمع فضالة ففي الحديث ضعف وانقطاع (111) عن أبي الجودي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي الجودي ـ الحديث (غريبه) (3) بضم الجيم وسكون الواو الاسدي الشامي نزيل واسط مشهور بكنيته واسمه الحارث بن عمير ثقة، قاله الحافظ في التقريب (وقوله عن بلج) قال الحافظ في تعجيل المنفعة هو ابن عبد الله المهري عن أبي شيبة المهري عن ثوبان حديث (قاء فأفطر) روى عنه ابو الجودي. قال البخاري غسناده ليس بمعروف وذكره ابن حبان في الثقات (قلت) ولم يذكروا له راوياً غير ابو الجودي أهـ وقال الذهبي في الميزان في ترجمة بلج لا يدري من هذا ولا من شيخه. رواه شعبة عن أبي الجودي أهـ (4) القاص الذي يأتي بالقصة على وجهها كلأنه يتتبع معانيها وألفاظها، وهو في الاصل الذي يعظ الناس ويخبرهم بما مضى ليعتبروا وهو المراد هنا، وذها ممدوح، أما من اتخذ من ذلك حرفة يتعيش منها ولا يتحاشا الكذب في اخباره فهذا مذموم وردت الأحاديث بذمه، منها (القاص ينتظر المقت) رواه الطبراني في الكبير وذلك لما يعرض في قصصه من الزيادة

الناس بقسطنطينية (1) قال قيل لثوبان حثنا عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر

_ والنقصان (1) ويقال قسطنطينة بإسقاط الياء الأخيرة المشددة، وقد تضم الطاء الأولى. كانت دارا لملك الروم. وتسمى بالرومية بوزنطيا، وقد غزاها المسلمون ثلاث مرات بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم (فالمرة الأولى) كانت في خلافة معاوية بن ابي سفيان سنة 48 هجرية وفيها توفي ابو ايوب الأنصاري الصحابي رضي الله عنه وقبره للآن ولم يتم لهم فتحها (والمرة الثانية) كانت في خلافة سليمان بن عبد الملك سنة 98 هجرية بأمارة أخيه مسلمة وأمره ان يقيم عليها حتى يفتحها فشتى بها وزرع الناس بها الزرع وأكلوه وكاد الناس أن يهلكوا من شدة البرد ومع هذا فما زال مسلمة قاهراً لأهلها حتى جاء الخبر بموت سليمان بن عبد الملك ومبايعة عمر بن عبد العزيز فأمره عمر بالرجوع بمن معه من الجيش إشفاقاً عليهم ولم يتم لهم فتحها أيضاً، والظاهر أن أبا شيبة كان قاص الناس مع الجيش بقسطنطينية في هذه المرة لطول مكثهم بها والله أعلم، ثم قيض الله لها في المرة الثالثة السلطان محمد الفاتح من ملوك آل عثمان ففتحها في 20 جمادى الأولى سنة 875 هجرية وسماها إسلام بول أي مدينة الإسلام وبقيت عاصمة ملكهم إلى أن دالت دولتهم في عصرنا وتحولت المملكة إلى جمهورية في ربيع الأول سنة 1342 هجرية وجعلت مدينة أنقرة عاصمة الجمهورية بدلاً من مدينة الإسلام، فسبحان من له الدوام، (قل اللهم مالك الملك، تؤتي الملك من تشاء، وتنزع الملك ممن تشاء، وتعز من تشاء، وتذل من تشاء، بيدك الخير إنك على كل شيء قدير) (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وفي إسناده بلج بن عبد الله المهري غير معروف، أما ابو شيبة المهري فقد قال ابو زرعه هو تابعي لا يعرف اسمه وذكره ابن حبان في ثقات التابعين، ورواه البزار من طريق أبي اسماء حدثنا ثوبان قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم صائماً في غير رمضان فأصابه أحسبه قيء وهو صائم فأفطر) وقال لا نحفظه إلا من هذا الوجه تفرد بهذه الزيادة (يعني قوله في غير رمضان) عتبة ابن السكن وهو يحدث عن الاوزاعي بأشياء لا يتابع عليها (وفي الباب) عن ابن عمر موقوفا عن ابن مالك في الموطأ والشافعي بلفظ من استقاء وهو صائم فعليه القضاء ومن زرعه القيء فليس عليه القضاء (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أنه لا يبطل صوم من غلبه القيء ولا يجب عليه القضاء، ويبطل صوم من تعمد إخراجه ولم يغلبه ويجب عليه القضاء، وقال ابن المنذر أجحمع أهل العلم على أن من تقيأ عنداً أفطر، ثم قال قال علي وابن عمر وزيد بن ارقم وعلقمة والزهري (ومالك وأحمد)

.

_ وإسحاق وأصحاب الرأي لا كفارة عليه وإنما عليه القضاء (قلت وكذلك أبو حنيفة والشافعي) (وقال عطاء وأبو ثور) عليه القضاء والكفارة قال وبالأول أقول، قال (وأما من ذرعه القيء) فقال علي وابن عمر وزيد بن ارقم (ومالك والثوري والاوزاعي وأحمد) وإسحاق (قلت والشافعي) وأصحاب الرأي لا يبطل صومه، قال وهذا قول كل من يحفظ عنه العلم وبه أقول (قلت) ومحله عند الجمهور ما لم يرجع منه شيء إلى حلقه بعدا مكان طرحه وإلا فعليه وإلا فعليه القضاء قال (وعن الحسن البصري روايتان) الفطر وعدمه هذا، نقل ابن المنذر، وقال العبدري نقل (عن ابن مسعود وابن عباس) أنه لا يفطر بالقيء عمداً، قال وعن أصحاب مالك في فطر من ذرعه القيء خلاف، قال وقال أحمد تقايأ فاحساً أفطر فخصه بالفاحش اهـ (قلت) قال ابن قدامة الحنبلي فيمن استقاء عمداً، وقليل القيء لأو كثيره سواء في ظاهر المذهب، وفيه رواية ثانية، لا يفطر إلا بملء الفم اهـ قلت وبمثل الرواية الثانية قال ابو حنيفة (قال الشوكاني) وقال ابن مسعود وعكرمة وربيعة والهادي والقاسم إنه لا يفسد الصوم سواءً كان غالباً أو مستخرجاً ما لم يرجع منه شيء باختياره، واستدلوا بحديث أبي سعيد، رواه التركمذي بلفظ (ثلاث لا يفطرن الصائم القيء والحجامة والاحتلام) وأجيب بأنه فيه مقال فلا ينتهض معه للاستدلال، ولو سلم صلاحيته لذلك فهو محمول كما قال البيهقي على من ذرعه القيء وهذا لا بد منه، لأن ظاهر حديث ابي سعيد أن القيء لا يفطر مطلقاً، وظاهر حديث أبي هريرة (يعني حديث الباب) أنه يفطر نوع منه خاص فيبنى العام على الخاص، ويؤيد حديث أبي هريرة ما أخرجه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن الجارود وابن حبان والدارقطني والبيهقي والطبراني وابن منده والحاكم من حديث ابي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قاء فأفطر الحديث ذكره الشوكاني اهـ وحديث أبي الدرداء المشار اليه هو الحديث الأول من أحاديث الباب واعدل الاقوال هو ما ذهب إليه الجمهور بالتفصيل المذكور في حديث أبي هريرة والله اعلم (قال الخطابي) وفي إسقاط اكثر العلماء الكفارة عن المستقيء عامداً دليل على أنه لا كفارة على من أكل عامداً في نهار مضان لأن المستقيء مشبه بالآكل متعمداً ومن ذرعه القيء مشبه بالآكل ناسياً، ويدخل في معنى من ذرعه القيء كل ما غلب على الانسان من دخول الذباب حلقه، ودخول الماء جوفه إذا وقع في ماء غمر (بسكون الميم أي كثير غمره بفتح العين المهملة والميم أي غطاه) وما اشبه ذلك فإنه لا يفسد صومه شيء من ذلك اهـ والله سبحانه وتعالى أعلم

(9) باب جواز السواك والمضمضة والاستنشاق والاغتسال من الحر للصائم (112) عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن ابيه رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما لا أعدّ وما لا أُحصي (1) يستاك (وفي لفظ يتسوك) (2) وهو صائم (113) عن عمرو بن عبسة رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مضمض واستنشق في رمضان (114) عن ابي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يسكب (3) على رأسه الماء بالسقيا إما من الحر وإما من العطش (4) وهو صائم، ثم لم يزل صائماً حتى أتى

_ (112) عن عبد الله بن عامر بن ربيعة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان وعبد الرحمن عن سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر ابن ربيعة ـ الحديث (غريبه) (1) أي مقداراً لا أقدر على إحصائه وعدّه لكثرته (2) هذا اللفظ من رواية عبد الرحمن أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث، يعني انه قال في روايته يتسوك بدل يستاك (مذ) وقال حديث عامر لن ربيعة حديث حسن (113) عن عمرو بن عبسة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب بن زياد قال ثنا عبد الله ثنا السرى بن يحيى عن كثير بن زياد قال قال ابن عبسة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وكثير بن زياد لم يدرك ابن عبسة (114) عن ابي بكر بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر أنا مالك عن سمى عن ابي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث الحديث (3) أي يصب (والسقيا) منزل بين مكة والمدينة، قيل هي على ميلين من المدينة ينزل بها المسافرون للاستراحة وأخذ الماء (4) لا يدرب الراوي هل كان ذلك لدفع الحر أو العطش، وفي الرواية

كديداً (1) ثم دعا بماء فأفطر وأفطر الناس وهو عام الفتح (2) زاد في رواية قال الذي حدثني فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصب الماء على راسه من الحر وهو صائم (3)

_ الثانية التصريح بأن ذلك كان من أجل الحر ويجوز أن يكون للاثنين معاً لأن شدة الحر توجب العطش (1) بفتح الكاف وكسر الدال، وهو ماء بين عسفان وقديد كما جاء في بعض الروايات (وقديد) بضم القاف مصغراً، وبين الكديد ومكة مرحلتان، قال القاضي عياض رحمه الله اختلفت الروايات في الموضع الذي أفطر فيه النبي صلى الله عليه وسلم والكل في قصة واحدة وكلها متقاربة والجميع من عمل عسفان (2) يعني وهم مسافرون من المدينة إلى مكة لفتحها (3) في رواية عند الإمام مالك في الموطأ وأبي داود والنسائي (من شدة الحر أو العطش) وفي رواية للنسائي من شدة الحر (تخريجه) (لك. د. نس. ك) قال النووي أما حديث ابي بكر بن عبد الرحمن فصحيح رواه مالك في الموطأ وأحمد بن حنبل في مسنده وابو داود والنسائي في سننهما والحاكم ابو عبد الله في المستدرك على الصحيحين والبيهقي وغيرهم بأسانيد صحيحة واسناد مالك وابي داود والنسائي على شرط البخاري ومسلم (زوائد الباب) (عن علي وعن خباب) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كان نوراً بين عينيه يوم القيامة (طب) ورفعه عن خباب ولم يرفعه عن علي وفيه كيسان ابو عمر وثقة ابن حبان وضعفه غيره (وعن عبد الرحمن بن غنم) قال سألت معاذ بن جبل أتسوك وانت صائم؟ فقال نعم. قلت أي النهار تسوك؟ قال أي النهار شئت. إت شئت غدوة وان شئت عشية، قلت فإن الناس يكرهونه عشية، قال ولم؟ قلت يقولون إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. قال سبحان الله لقد امرهم بالسواك حين امرهم وهو يعلم أنه لا بد ان يكون بفم الصائم خلوف وان استاك، وما كان بالذي يامرهم أن ينتنوا افواههم عمداً، ما كان في ذلك من الخير شيء بل هو شر إلا من ابتلى ببلاء لا يجد منه بدا، قلت والغبار في سبيل الله أيضاً كذلك إنما يؤجر من اضطر إليه ولا يجد عنه محيصاً؟ قال نعم فأما من ألأقى نفسه في البلاء عمداً فما له في ذلك من أجر، رواه الطبراني في الكبير وفيه بكر بن خنيس وهو ضعيف وقد وثقه ابن معين في رواية، أوردها الهيثمي وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خير خصال الصائم السواك (جه. قط) وفي اسناده مجالد بن سعيد فيه كلام (الأحكام) في أحاديث الباب والزوائد دلالة على جواز السواك للصائم، مطلقاً في كل وقت سواء

.

_ أكان ذلك بالغداة أوالعشي إلا ما جاء في حديث علي وخباب رضي الله عنهما المذكور في الزوائد من تقييد الجواز بالغداة فقط ولكنه فيه ضعف، ولهذا حصل الخلاف بين العلماء، (فذهب أكثر العلماء) إلى جوازه قبل الزوال وبعده، وبه قال الائمة (مالك وابو حنيفة والشافعي) على ما حكى عنه الترمذي وهو خلاف المشهور عند الشافعية فإنهم قالوا بكراهة السواك للصائم بعد الزوال واحتج المجوزون لذلك بحديث عامر بن ربيعة المذكور اول احاديث الباب، وحديث عائشة المذكور في الزوائد، الأثر المروي عن معاذ بن جبل، وبالأحاديث الصحيحة الواردة في السواك مطلقاً بدون قيد. قال الترمذي والعمل على هذا عند اهل العلم لا يرون بالسواك للصائم بأسا إلا أن بعض أهل العلم كرهوا السواك للصائم بالعود الرطب، وكرهوا له السواك آخر النهار ولم ير الشافعي بالسواك بأسا اول النهار وآخره (وكره أحمد وإسحاق) السواك آخر النهار اهـ (قلت) ممن قال بكراهة السواك بالعود الرطب (المالكية والشعبي) فإنهم كرهوا للصائم الاستياك بالسواك الرطب لما فيه من طعم، واجاب عن ذلك ابن سيرين جوابا حسنا، قال البخاري في صحيحه، قال ابن سيرين لا باس بالسواك الرطب، قيل له طعم، قال والماء له طعم وانت تمضمض به اهـ (وقال ابن عمر) رضي الله عنهما لا بأس أن يستاك الصائم بالسواك الرطب واليابس. رواه ابن أبي شيبة وهذا هو الظاهر لأن أقصى ما يخشى من السواك الرطب أن يتحلل منه في الفم شيء وذلك الشيء كماء المضمضة، فإذا قذفه من فيه لا يضره بعد ذلك (واحتج القائلون بكراهة السواك بعد الزوال) بأن في الاستياك بعده إزالة الخلوف الوارد فيه (لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك) (وأجيب) بأن الخلوف بضم الخاء المعجمة على الصحيح تغير رائحة الفم من خلو المعدة وذلك لا يزال بالسواك (قال ابن الهمام) بل إنما يزيل أثره الظاهر على السن من الاصفرار وهذا لان سبب الخلوف خلو المعدة من الطعام والسواك لا يفيد شغلها بطعام ليرتفع السبب، واستشهد ابن الهمام بالأثر المروي عن معغاذ بن جبل المذكور في الزوائد وهو كفيل بالإجابة على احتجاج القائلين بكراهة السواك للصائم بعد الزوال، وقد صرح الحافظ في التلخيص بأن إسناده جيد واحتجوا أيضاً بحديث خباب وعلي المذكور في الزوائد (وأجيب) بأنه ضعيف ضعفه البيهقي والدارقطني وبلا ينتهض لمقاومة الأحاديث الصحيحة الواردة في السواك وفضله والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضاً) دلالة على جواز المضمضة والاستنشاق للصائم من غير مبالغة لحديث لقيط بن صبرة وفيه (وإذا استنشقت فأبلغ إلا أن تكون صائماً) رواه الاربعة وابن خزيمة والحاكم وصححه ايضاً الترمذي، وتقدم في باب المضمضة والاستنشاق صحيفة 25 رقم 247 من الجزء الثاني وإنما كرهت المبالغة في الاستنشاق للصائم خوفاً

_ من تسرب الماء إلى جوفه، واختلف إذا دخل من ماء المضمضة والاستنشاق إلى جوفه خطأ فقالت (الحنفية والقاسمية والأمامان مالك والشافعي في أحد قوليه والمزنى) إنه يفسد الصوم وقال الإمام (أحمد وإسحاق والأوزاعي والناصر والإمام يحيى وأصحاب الشافعي) إنه لا يفسد الصوم كالناسي (وقال زيد بن علي) يفسد الصوم بعد الثلاث مرات، (وقال الصادق) يفسد اذا كان التمضمض لغير قربة، (وقال الحسن البصري والنخعي) إنه يفسد إن لم يكن لفريضة (وفيها ايضاً) دليل على انه يجوز للصائم أن يكسر الحر بصب الماء على بعض بدنه أو كله سواء أكان في الحمام أم غيره وقد (ذهب إلى ذلك الجمهور) ولم يفرقوا بين الأغسال الواجبة والمسنونة والمباحة مستدلين بحديث أبي بكر بن عبد الرحمن وحديث عائشة وغيرهما في الصحيحين وعند الإمام وأحمد وغيرهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً وهو صائم ثم يغتسل، قال الشوكاني وقالت الحنفيه إنه يكره الاغتسال للصائم، واستدلوا بما أخرجه عبد الرزاق عن علي من النهي عن دخول الصائم الحمام، وهو مع كونه أخص من محل النزاع في إسناده ضعف كما قال الحافظ أهـ والله اعلم (تتمة) جاء في بعض كتب السنة أحاديث في بعضها إباحة الكحل للصائم وفي بعضها المنع منه ليست في مسند الامام أحمد وقد جاء في المسند في الترغيب في الكحل أحاديث كثيرة مطلقة بدون تعرض للصائم لا بحظر ولا بإباحة ستأتي إن شاء الله تعالى في كتاب اللباس والزينة، وسأذكر هنا ما وقفت عليه من الأحاديث المشار إليها في الإباحة والحظر على الصائم لغير الإمام أحمد لمناسبة الصيام لئلا يخلو هذا الكتاب منها فأقول جاء في سنن أبي داود قال حدثنا النفيلي نا علي بن ثابت حدثني عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة عن ابيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه امر بالأثمد المروّح عند النوم وقال ليتقه الصائم، قال ابو داود قال لي يحيى بن معين هو منكر يعني حديث الكحل قلت الأثمد بكسرة الهمزة والميم هو حجر الكحل الأسود كما في القاموس (والمروّح) بضم الميم وتشديد الواو مفتوحة أي المطيب بالمسك أو غيره من انواع الطيب، وهذا الحديث رواه ايضاً الأمام أحمد الى قوله عند النوم بدون ذكر الصائم وفي اسناده عبد الله وابوه النعمان وهما ضعيفان وأخرجه البيهقي والدارمي من طريق عبد الرحمن بن النعمان الأنصاري قال ثنا أبي عن جدي قال وكان جدي اتى به النبي صلى الله عليه وسلم فمسح على راسه فقال لا تكتحل بالنهار وانت صائم واكتحل ليلاً بالأثمد فإنه يجلو البصر وينبت الشعر (وعن عبيد الله ابن ابي بكر بن أنس) عن انس بن مالك رضي الله عنه أنه كان يكتحل وهو صائم (وعن

_ الأعمش) قال ما رأيت أحداً من أصحابنا يكره الكحل للصائم. وكان ابراهيم يرخص أن يكتحل الصائم بالصبر، رواهما ابو داود بسند جيد (وعن أبي رافع) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتحل بالأثمد وهو صائم (طب) من رواية حبان بن علي بن محمد ابن عبيد الله بن أبي رافع وقد وثقا وفيهما كلام كثير (وعن بريرة مولاة عائشة) رضي الله عنهما قالت رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يكتحل بالأثمد وهو صائم (طس) أوردهما الهيثمي وقال في حديث بريرة، فيه جماعة لم أعرفهم (وعن عائشة) رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم اكتحل في رمضان وهو صائكم، رواه ابن ماجه وفي اسناده بقية ضعيف (وعن ابن عمر رضي الله عنهما) خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه مملوءتان من الأثمد وذلك في رمضان وهو صائم، رواه ابن ابي عاصم في كتاب الصيام له، (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اشتكت عيني أفأكتحل وأنا صائم؟ قال نعم، رواه الترمذي وقال ليس إسناده بالقوي، قال ولا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب شيء اهـ (قلت) حديث معبد بن هوذة المذكور في أول أحاديث التتمة استدل به المانعون من الكحل للصائم وهم كما حكاه ابن المنذر ـ سليمان التيمي ومنصور بن المعتمر وابن شبرمة وابن أبي ليلى أنهم قالوا يبطل به صومه (وقال قتادة) يجوز بالأثمد ويكره بالصبر (وقال الثوري واسحاق) يكره (وقال مالك وأحمد) يكره وإن وصل إلى الحلق أفطر (وذهب الشافعية) الى جواز الاكتحال بجميع الأكحال للصائم ولا يفطر بذلك سواء وجد طعمه في حلقه أو لا، لأن العين ليست بجوف، ولا منفذ منها الى الحلق، وحكاه ابن المنذر عن عطاء والحسن البصري والنخعي والأوزاعي وابي حنيفة وابي ثور وحكاه غيره عن ابن عمر وأنس وابن ابي أوفى الصحابيين رضي الله عنهم (وبه قال داود) واحتجوا بسائر الأحاديث المذكورة في التتمة وكلها لا تخلو من ضعف، وأجابوا عن حديث معبد بن هوذة بأنه ضعيف لا ينتهض للاحتجاج به (واستدل المانعون أيضاً) بما أخرجه البخاري تعليقاً ووصله البيهقي والدارقطني وابن ابي شيبة من حديث ابن عباس بلفظ (الفطر مما دخل والوضوء مما خرج) قالوا واذا وجد طعمه فقد دخل (ويجاب) بأن في اسناده الفضل بن المختار وهو ضعيف جدا، وفيه أيضاً شعبة مولى ابن عياش وهو ضعيف، وقال ابن عدى الأصل في هذا الحديث أنه موقوف وقال البيهقي لا يثبت مرفوعا، ورواه سعيد بن منصور موقوفاً من طريق الأعمش عن ابي ظبيان عنه، ورواه الطبراني من حديث أبي أمامة، قال الحافظ واسناده أضعف من الأول (قلت) وقصارى القول أنه ليس لأحد الفريقين دليل يصلح للاحتجاج به على الآخر، والأصل في كل شيء الجواز، ولا ينتقل عن البراءة الأاصلية إلا بدليل، وليس في الباب ما يصلح

(10) باب ما جاء في القبلة للصائم (115) عن ميمونة بنت سعد رضي الله عنها مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل قبّل امرأته وهو صائم قال قد أفطر (1) (116) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء شاب فقال يا رسول الله أقبّل وأنا صائم؟ قال لا، فجاء شيخ فقال أقبل وأنا صائم؟ قال نعم، قال فنظر بعضنا إلى بعض (2) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علمت لِمَ نظر بعضكم إلى بعض، إن الشيخ يملك نفسه

_ للنقل، لا سيما وقد جاءت الأحاديث الصحيحة بالترغيب في الكحل بدون حظر على الصائم كما جاءت في السواك، فالظاهر بل المتعين ما ذهب إليه الجمهور من جواز الكحل للصائم (قال النووي)، والمعتمد في المسألة ما ذكره صاحب المهذب (يعني) أن العين ليست بمنفذ فلم يبطل الصوم بما يصل إليها اهـ ج والله أعلم (115) عن ميمونة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نعيم ثنا إسرائيل عن زيد بن جبير عن أبي يزيد الضني عن ميمونة (غريبه) (1) لفظ ابن ماجه سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل قبل امرأته وهما صائمان قال قد أفطرا يعني الرجل والمرأة، ومعناه تعرضا للإفطار لأن التقبيل من مقدمات الجماع، وهذا تأويل الحديث إن صح (تخريجه) (جه. قط) وقال الدارقطني راويه مجهول ولا يثبت هذا اهـ (وقال البوصيري) في زوائد ابن ماجه اسناده ضعيف لاتفاقهم على ضعف زيد بن جبير وضعف شيخه ابي يزيد الضني. وفي التقريب أبو يزيد الضني بكسر المعجمة وتشديد النون مجهول من الرابعة أهـ وقال الزبيري حديث منكر وأبو يزيد مجهول والله أعلم (116) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى ابن داود ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن ابي حبيب عن قيصر التجيبي عن عبد الله بتن عمرو بن العاص ـ الحديث (غريبه) (2) أي نظر تعجب واستغراب لأن النبي صلى الله عليه وسلم منع رجلاً من القبلة وأذن لرجل آخر فيها في وقت واحد ففهم النبي صلى الله عليه وسلم منهم ذلك، فأخبرهم بالحكمة في ذلك وهي أن الشيخ يملك نفسه فلا يسترسل معها، وأما الشاب فربما غلبته شهوته فأوقعته في الجماع. لهذا أذن النبي صلى الله عليه وسلم للشيخ ومنع الشاب (تخريجه) أورده

(117) عن ابن شهاب عن عبد الله بن ثعلبة بن صعير (1) العذري رضي الله عنه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مسح على وجهه وأدرك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كانوا ينهوني عن القبلة (2) تخوفاً أن أتقرب لأاكثر منها (3) ثم المسلمون اليوم (4) ينهون عنها ويقول قائلهم إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان له من حفظ الله ما ليس لأحد (فصل منه في الرخصة في القبلة والمباشرة للصائم إلا لمن يخاف على نفسه) (118) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال هششت (5) يوماً فقبلت وأنا صائم فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت صنعت ىليوم أمراً عظيماً فقبلت وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت لو تمضمضت بماءٍ وأنت صائم؟ قلت

_ الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه كلام (117) عن ابن شهاب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا ليث يعني ابن سعد حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عبد الله بن ثعلبة ـ الحديث (غريبه) (1) بضم الصاد المهملة ثم عين مهملة مفتوحة بعدها ياء تحتية ساكنة، مختلف في صحبته، قاله في التقريب، (2) يعني الصحابة رضي الله عنهم (3) يستفاد منه أنهم كانوا لا يرون بأساً بالقبلة لمن يملك نفسه (4) يعني التابعين كانوا ينهون عنه مطلقاً سواء ملك نفسه أم لم يملكها ويرون ان النبي صلى الله عليه وسلم كان معصوماً فلا يقاس عليه والله أعلم. (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. (118) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا ليث حدثني بكر بن عبد الملك بن سعيد الانصاري عن جابر بن عبد الله عن عمر بن الخطاب ـ الحديث (غريبه) (5) بشينين معجمتين أي نشطت وارتحت، والهشاش في الأصل الارتياح والخفة والنشاط، كذا في القاموس (6) قال المازري ومن بديع ما روي في ذلك قوله صلى الله عليه وسلم للسائل أرايت لو مضمضت (كما في رواية أبي داود) فأشار إلى فقه بديع، وذلك أن المضمضة لا تنقض الصوم وهي أول الشرب ومفتاحه كما أن القبلة من دواعي الجماع ومفتاحه، والشرب يفسد الصوم كما يفسده الجماع، وكما ثبت عندهم أن أوائل الشرب لا يفسد

لا بأس بذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ففيمَ (1) (119) عن عائة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يباشر وهو صائم ثم يجعل بينه وبينها ثوياً تعني الفرج (2) (120) عن ابراهيم عن علقمة (3) خرج علقمة وأصحابه حجّاجاً فذكر بعضهم (4) الصائم يقبل ويباشر فقال رجل منهم (4) قد قام سنتين وصامهما

_ الصيام فكذلك أوائل الجماع اهـ (1) أي ففيمَ تسأل؟ (تخريجه) (د. طح. نس) وقال حديث منكر، وأخرجه أيضاً الحاكم وقال هذا حديث صحيح على رط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبين وصححه ابن خزيمة وابن حبان، وقال البزار لا نعلمه يروى عن عمر إلا من هذا الوجه. (119) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير عن طلحة بن يحيى قال حدثتني عائشة بنت طلحة عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ـ الحديث (غريبه) (2) المباشرة مفاعلة، وهي الملامسة، وأصله من لمس بشرة الرجل بشرة المرأة، وقد ترد بمعنى الوطئ في الفرج وخارجاً عنه. وليس المراد به هنا الجماع (3) تعني أنه صلى الله عليه وسلم كان يجعل بينه وبينها ثوباً يمنع من مباشرة الفرج. وترجم البخاري لذلك فقال (باب المباشرة للصائم وقالت عائشة رضي الله عنها يحرم عليه فرجها) وهذا التعليق قال فيه الحافظ وصله الطحاوي من طريق أبي مرة مولى عقيل عن حكيم بن عقال (قال سألت عائشة ما يحرم عليّ من امرأتي وأنا صائم قالت فرجها) غسناده غلى حكيم صحيح، ويؤدي معناه أيضاً ما رواه عبد الرزاق بإسناد صحيح عن مسروق سألت عائشة ما يحل للرجل من امرأته صائماً قالت كل شيء إلا الجماع (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام أحمد وسنده جيد وروى معناه الشيخان وغيرهما عنها (120) عن ابراهيم عن علقمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن منصور عن ابراهيم عن علقمة ـ الحديث (غريبه) (4) ابراهيم هو النخعي (وعلقمة) هو ابن قيس بن عبد الله النخعي أبو شبل الكوفي أحد الأعلام مخضرم، روى عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وابن مسعود وحذيفة وطائفة، وروى عنه ابراهيم النخعي والشعبي. وسلمكة بن كهيل وخلق. قال ابراهيم كان يقرأ في خمس. وقال ابن المديني أعلم الناس بابن مسعود علقمة والأسود، قال ابن سعد مات سنة 62 وقال أبو نعيم سنة 61 قيل عن تسعين سنة (5) هو شريح اوله شين معجمة مصغراً ابن ارطاة كما في رواية عند النسائي ستأتي (6) في رواية

هممت أن آخذ قوسي فأضربك بها قال فكفوا حتى تأتوا عائشة (1) فدخلوا على عائشة رضي الله عنها فسألوها عن ذلك فقالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل ويباشر وكان أملككم لإربه (2) قالوا يا أبا شبل سلها (3) قال لا أرفث عندها اليوم، فسألوها فقالت كان يقبل ويباشر وهو صائم

_ أخرى للنسائي أن هذا الرجل القائل هممت الخ هو شريح أبهم الذي حدث بجواز المباشرة والقبلة للصائم (1) في رواية للنسائي (فقال قولوا له فليكف عني حتى نأتي أم المؤمنين) (2) بفتح الهمزة والراء وبالموحدة أي حاجته تعني أنه كان غالباً لهواه، وقال صاحب النهاية أكثر المحدثين يروونه بفتح الهمزة والراء، يعنون الحاجة، وبعضهم يرويه بكسر الهمزة وسكون الراء، وله تأويلان (أحدهما) أنه الحاجة الأرَب والأرب والأربة والمأربة (والثاني) ارادت به العضو وعنت به من الأعضاء الذكر خاصة أهـ قال العلماء معنى كلام عائشة رضي الله عنها أنه ينبغي لكم اللاحتراز عن القبلة ولا تتوهموا من أنفسكم أنكم مثل النبي صلى الله عليه وسلم في استباحتها، لأنه يملك نفسه ويأمن الوقوع في قبلة يتولد منها إنزال أو شهوة أو هيجان نفس ونحو ذلك، وأنتم لا تأمنون ذلك فطريقكم الانكفاف عنها، وفيه جواز الأخبار عن مثل هذا مما يجري بين الزوجين على الجملة للضرورة، وأما في غير حال الضرورة فمنهي عنه (3) كنية علقمة (وقوله لا أرقث) أي لا أتكلم بكلام فاحش عندها اليوم، وهذا من كمال أدبه رحمه الله (تخريجه) رواه الشيخان باللفظ الأول بدون ذكر القصة، ورواه مسلم باللفظ الثاني بدون ذكر القصة أيضاً، وفي رواية له الغشارة إلى القصة بدون ذكرها، وقال الاسماعيلي، رواه غندر وابن ابي عدي عن شعبة فقالوا عن علقمة، وحدث به البخاري عن سليمان بن حرب عن شعبة، فقال عن الاسود وفيه نظر، وصرح ابو إسحاق بن حمزة فيما ذكره أبو نعيم في المستخرج عنه أنه خطأ (قال الحافظ) وليس ذلك من البخاري فقد أخرجه البيهقي من طريق محمد بن عبد الله بن معبد عن سليمان بن حرب كما قال البخاري، وكأن سليمان بن حرب حدث به على الوجهين، فإن كان حفظه عن شعبة فلعل شعبة حدث به على الوجهين وغلا فأكثر أصحاب شعبة لم يقولوا فيه من هذا الوجه عن الاسود، قال وكذا أخرجه النسائي من طريق عبد الحمن بن مهدي عن شعبة، ومنهم من قال عن ابراهيم عن علقمة، وشريح، وقد ترجم النسائي في سننه الاختلاف فيه على ابراهيم والاختلاف فيه على الحكم وعلى الأعمش وعلى منصور وعلى عبد الله بن عون كلهم عن ابراهيم، وأورده من طريق

(121) عن عائشة رضي الله عنها قالت أهوي إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ليقبلني فقلت إني صائمة. فقال وأنا صائم، قالت قالت فأهوى إلي فقبلني (1) (وعنها من طريق ثان) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قبل امرأة من نسائه وهو صائم ثم ضحكت (3)

_ إسرائيل عن منصور عن ابراهيم عن علقمة. قال خرج نفر من النخع فيهمن رجل يدعى شريحاً فحدث ان عائشة قالت فذكر الحديث. قال فقال له رجل لقد هممت أن أضرب راسك بالقوس، فقال قولوا له فليكف عني حتى نأتي أم المؤمنين. فلما أتوها قالوا لعلقمة سلها، فقال ما كنت لأرفث عندها اليوم فسمعته فقالت، فذكر الحديث، ثم ساقه من طريق عبيدة عن منصور فجعل شريحاً هو المنكر وأبهم الذي حدث بذلك عن عائشة، ثم استوعب النسائي طرقه، وعرف منها أن الحديث كان عند ابراهيم عن علقمة والأسود ومسروق جميعاً، فلعله كان يحدث به تارة عن هذا وتارة عن هذا، وتارة يجمع وتارة يفرق، وقد قال الدارقطني بعد ذكر الاختلاف فيه على ابراهيم كلها صحاح، وعرف من طريق اسرائيل سبب تحدث عائشة بذلك واستدراكها على من حدث عنها به على الاطلاق بقولها ولكنه كان أملككم لاربه فأشارت إلى أن الإباحة لمن يكون مالكاً لنفسه دون من لا يأمن من الوقوع فيما يحرم اهـ باختصار (121) عن عائشىة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي أنا عفان قال ثنا ابو عوانة ثنا سعد بن ابراهيم عن طلحة عن عائشة ـ الحديث (غريبه) (1) لقائل أن يقول غن الحديث السابق يفيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يملك نفسه إذا قبل بخلاف غيره من الناس خصوصاً الشباب وعائشة كانت شابة حينئذٍ فلماذا كان يقبلها (فالجواب) أنه صلى الله عليه وسلم ما كان يسترسل معها حتى يثير شهوتها، وإنما كان يفعل ذلك لبيان الجواز والله أعلم (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا هشام عن أبيه عن عائشة الحديث (3) قيل كان ضحكها تنبيهاً على أنها صاحبة القضية ليكون ابلغ في الثقة بجديتها، وقيل يحتمل ضحكها التعجب ممن خالف في هذا أو من نفسها حيث جاءت بمثل هذا الحديث الذي يستحى من ذكره، لا سيما حديث المرأة عن نفسها للرجال، لكنها اضطرت إلى ذكره لتبليغ الحديث فتعجبت من ضرورة الحال المضطرة لها إلى ذلك، وقيل ضحكت سروراً بمكانها من النبي صلى الله عليه وسلم وبمنزلتها منه ومحبته لها، وقد روى ابن أبي

(وعنها من طريق ثالث) (1) قالت ان كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ليظل صائما لم يقبّل ما شاء من وجهي حتى يفطر (122) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا محمد بن دينار عن سعد بن أوس عن مصدع أبي يحيى الأنصاري عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم ويمص لسانها (2) قلت سمعته من سعد بن أوس؟ قال نعم (123) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان قال قلت لعبد الرحمن بن القليم (3) أسمعت أباك يحدث عن عائشة أسمعت أباك يحدث عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله

_ شيبة عن شريك عن هاشم في هذا الحديث فضحكت فظننا أنها هي (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا أبو عوانة قال ثنا مطرف عن مسروق قال قالت عائشة إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (وقولها إن كان) إن بكسر وسكون مخففة, من الثقيلة دخلت على الجملة الفعلية وهي"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ" فيجب اهمال إن, واللام في قولها ليقبل للتأكيد وهي مفتوحة (1) أي كخديها وشفتيها وما بين عينيها ونحو ذلك (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (نس. طح. هق) وسنده جيد, وأخرج الطيق الثانية منه (ق. طح. هق. وغيرهم) وأخرج الطريق الثالثة منه (هق. طح) وأبو داود بمعناه وسنده جيد (122) حدثنا عبد الله (غريبة) (2) أى من غير أن يبتلع ريقها لأنهم أجمعوا على أن من ابتلع ريق غيره أفطر. قيل ويحتمل أن يكون التقبيل وهو صائم والمص في وقت آخر لأنه ليس في الحديث تصريح بأنه مص لسانها وهو صائم. وقد ذكر المص هنا لمناسبة القبلة, ولبيان ما لعائشة عنده صلى الله عليه وسلم من المنزلة والمحبة القلبية, على أن كلمة ويمص لسانها غير محفوظة كما يقول المحدثون. قال النسائى وابن عدى "قوله يمص لسانها" لا يرويه إلا محمد بن دينار (قلت محمد بن دينار ضعيف متكلم فيه) وسيأتي الكلام عنه في التخريج "وقوله قلت سمعته ألخ" القائل هو عفان؛ والمقول له محمد بن دينار (تخريجه) (د. هق) وقال الحافظ إسناده ضعيف ولو صح فهو محمول على أنه لم يبتلع ريقه الذي خالطه ريقها وحكى ابن الأعرابي عن اهـ وحكى ابن الأعرابي عن أبي داود أنه قال هذا الحديث ليس بصحيح, وعن يحيى أن محمد بن دينار ضعيف. وقال أبو داود وكان تغير قبل ان يموت وسعد بن أوس ضعفه يحيى أيضاً, قال العيني (123) حدثنا عبد الله (غريبه) (3) هو عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر

وصحبه وسلم كان يقبلها وهو صائم فسكت هنيّة (1) ثم قال نعم (124) عن أبي قيس (2) قال أرسلني عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما إلى أم سلمة أسألها هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّل وهو صائم؟ فإن قالت لا. فقل فقل لها إن عائشة تخبر الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبّل وهو صائم, قال فسألتها أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّل وهو صائم؟ قالت لا, قلت إن عائشة تخبر الناس أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يقبل وهو صائم, قالت لعله إياها (3) , كان لا يتمالك عنها حباً, أما إياي فلا (125) عن عبد الله بن فروخ أن امرأة سألت أم سلمة رضي الله عنها فقالت ان زوجي يقبلن وهو صائم وانا صائمة فما ترين؟ فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقبلني وهو صائم وأنا صائمة (4)

_ الصديق رضي الله عنه. عمة والدة عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها كان امام ثقة. وثقة أحمد وابن سعد وابو حاتم, قال جماعة مات سنة 126 هـ (1) أي مدة وجيزة خجلاً من الجواب لانه يختص بعمة والده والله أعلم (تخريجه) (هق. طح) ورجاله من رجال الصحيحين, وفيه عند الطحاوى فطأطأ رأسه واستحى قليلاًوسكت ثم قال نعم, (124) عن أبي قيس (سنده) حدثنا عبد الله حدثي أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدى قال ثنى موسى يعني ابن علي عن أبه عن أبي قيس_ الحديث" (غريبه) (2) هو مولى عمرو ابن العاص رضي الله عنه, اسمه عبد الرحمن بن ثابت, وقيل ابن الحكم وهو غلط. ثقة من الثانية. مات 54 هـ قال الحافظ في التقريب (3) أي لعله كان يفعل ذلك معها لشدة حبه إياها, اما أنا فلم يفعل ذلك معي (تخريجه) (طح) وسنده جيد (125) عن عبد الله بن فروخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبا ثنا يحيى بن سعيد بن طلحة بن يحيى قال حدثني عبد الله بن فروخ- الحديث" (غريبه) (4) في الحديث السابق أن أم سلمة أنكرت تقبيل النبي صلى الله عليه وسلم اياها في الصيام, وفي هذا الحديث صرحت بأنه صلى الله عليه وسلم قبلها وهو صائم وهي صائمة وهذا تعارض لا شك فيه وكلا الحديثين صحيح, فكيف الجمع بينهما (الجواب) يمكن أن يقال أن أم سلمة رضي الله عنها أنكرت هذا الأمر في الحديث السابق نسيناً منها لما حصل لكون حصوله كان معها نادراً, ولا غرابة في ذلك, فقد ينسى الإنسان الأمور النادرة التي وقعت له في الزمن الماضي, وفي هذا الحديث تذكرت ذلك فصرحت به والله أعلم (تخريجه) (طح) بمثل حديث الباب

(126) عن حفصة بنة عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبل وهو صائم (وعنها من طريق ثانٍ) (1) أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان ينال (2) من وجه بعض نسائه وهو صائم (127) عن أم حبيبة (زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها) أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يقبل وهو صائم (128) عن أيوب عن شيخ من بني سدوس قال سئل ابن عباس رضي الله عنهما عن القبلة للصائم فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصيب من الرءوس (3) وهو صائم (129) عن عطاء بن يسار عن رجل من الأنصار أن الأنصاري أخبرعطاءً أنه قبل امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك (4) فأخبرته امرأته

_ سندا ومتنا وأخرجه الشيخان بدون قصة المرأة بلفظ (النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبلها وهو صائم) (126) عن حفصة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عفان قال ثنا أبو عوانة قال ثنا منصور عن مسلم عن شتير بن شكل عن حفصة بن عمر الحديث (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا سفيان عن منصور عن أبي الضحى عن شتير بن شكل عن حفصة_الحديث) (غريبة) (2) هم كناية عن القبلة في الجه (تخريجة) (م. جه. طح) (127) عن أم حبيبة (سند) حثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبه عن منصور عن أبي الضحى عن شتير بن شكل عن أم حبيبة الحديث (تخريجة) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (128) عن أيوب (سنده) حدثنا عبد الله حثنى أبي ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن شيخ من بني سدوس_ الحديث) (غريبة) (3) جمع رأس، أي يتمتع بما فيها من الجه وغيره وكنى به عن القبيلة ونحوها (تخريجة) (طح) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار. والطبراني في الكبير، وقال أي يقبل رجال أحمد رجال الصحيح (129) عن عطاء بن يسار (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار_الحديث) (غريبه) (4) يربد

فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يرخص له في أشياء (1) فارجعي اليه، فقولي له، فرجعت الى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقالت قال إن النبي صلى الله عليه وسلم يرخص له في أشياء (2) فقال أنا أتقاكم لله وأعلمكم بحدود الله

_ نفسه صلى الله عليه وسلم (1) أي يبيح الله عز وجل لرسوله ما لم يبحه لغيرة، فاعتقد أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم كالزياد على أربع نسوة مثلا (2) في الموطأ زيادة فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي لاعتقاد الرجل التخصيص بغير علم أشار اليه ابن العربي وابن عبد البر. (وقال القاضي عياض) غضبه صلى الله عليه وسلم لذلك ظاهر لأن السائل جوّز وقوع المنهى عنه منه صلى الله عليه وسلم لكن لا حرج عليهإذ غفر له فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك وقال "أنا أتقاكم لله وأعلم بحدود الله" فكيف تجوزون وقوع ما نهى عنه منى (تخريجه) (لك) مرسلاً عند جميع الرواة ووصله عبد الرزاقباسنلد صحيح صححه الحافظ, وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (زوائد الباب) عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فرأته ينظر إلي, قلت يا رسول الله ما شأنك؟ قال أولست المقبّل وأنت صائم؟ فقلت, ولذي نفسي بيده لا أقبّل وأنا صائم أبداً, رواه البزار ورجاله رجال الصحيح, قال البزار وقد روى عن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم خلاف هذا (عن أبي هريرة رضي الله عنه) قال نهى النبي أن يقبّل الرجل وهو صائم (طس) وفيه الحارث بن نبهان قال ابن عدى له أحاديث؛ وهو ممن يكتب حديثه وضعفه الأئمة (وعن عمر ابن الخطاب) رضي الله عنه أنه كان ينهى الصائم أن يقبّل. ويقول ليس لأحدكم من العصمة ما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم (طس) وفيه زيد بن حبان الرقى, وقد وثقه ابن حبان وغيره وفيه كلام (وعن ابن مسعود رضي الله عنه) فى الرجل يقبّل وهو صائم فال يقضى يوما مكانه, قال سفيان لا يؤخذ به, رواه الطبراني في الكبير ورجاله تقاة (وعن أبي هريرة رضي الله عنه) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سأله شاب عن القبة نهاه, وإذا سأله شيخ رخصها له, وقال إن الشاب ليس كالشيخ (طس) وفيه عباد بن صهيب وهو متروك (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال رخص للشيخ أن يقبل ونهى الشاب (طب) ورجاله رجال صحيح (وعن عطية) قال سأل شاب ابن عباس أيقبّل وهو صائم؟ قال لا؛ ثم جاء شلب فقال أيقبّل وهو صائم؟ فقال نعم, قال الشاب سألتك أقبّل وأنا صائم فقلت لا, وسألك هذا أيقبل وهو صائم قلت نعم فكيف يحل لهذا ما يحرم علي وأنا وهو على دين واحد؟ فقال له ابن عباس إن عرق الخصيتين

.

_ معلقة بالأنف فإذا شم الأنف تحرك الذكر وإذا تحرك الذكر دعا إلى ما هو أكبر من ذلك, والشيخ أملك لأربه وذلك بعدما ذهب بصرعبد الله (يعني ابن عباس) وخلفه امرأة فقال أذلك الله من جليس قوم (طب) وعطية فيه كلام وقد وثق (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيقبّل الصائم قال وما بأس ذلك بريحانة يشمها (طس. طص) (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقبّل وهو صائم (طس) وفيه عبد الله بن صالح قال عبد الملك بن الليث ثقة مأمون, وضعفه الأئمة أحمد وغيره (وعن عائشة) رضي الله عنها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عائشة هل من كسرة؟ فأتيته بقرص فوضعه على فيه وقال يا عائشة هل دخل بطني منه شيء, كذلك قبلة الصائم, إنما الأفطار ما دخل وليس ما خرج (عل) قال الهيثمي وفيه ما لم أعرفه, أورد هذه الأحاديث الهيثمي وتكلّم عنها جرحاً وتعديلا (وعن عمر بن أبي سلمة) أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيقبّل الصائم؟ فقال له سل هذه لأم سلمة, فأخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك فقال يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر, فقال له أما والله إني لأتقاكم لله وأخشاكم له (م) وفيه أن أفعاله صلى الله عليه وسلم حجة (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المباشرة للصائم فرخص له, وأتاه آخر فنهاه عنها, فإذا الذي رخص له شيخ وإذا الذي نهاه شاب (د) وسكت عنه أبو داود والمنذرى, فهو صالح للإحتجاج به والله أعلم (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد (في بعضها) ما يدل على جواز القبلة للصائم مطلقاً (وفي بعضها) ما يدل على المنع منها مطلقاً (وفي بعضها) ما يدل على الجواز للشيخ والمنع للشاب, لهذا اختلفت أنظار العلماء في ذلك, قال النووي ولا خلاف أنها لاتبطل الصوم إلا أن ينزل المنى بها لكنه متعقب بأن عبد الله ابن شبرمة أحد فقهاء الكوفة أفتى بإفار من قبّل وهو صائم, ونقله الطحاوي عن قوم لم يسمهم, وألزم ابن حزم أهل القياس أن يلحقوا الصيام بالحج في منع المباشرة ومقدمات النكاح للإتفاق على ابطالهما بالجماع (وقد قال بكراهة القبلة والمباشر على الأطلاق قوم وهو المشهور عند المالكية) وروى ابن أبي شيبة باسناد صحيح عن ابن عمر أنه كان يكره القبلة والمباشرة (ونقل ابن المنذر وغيره عن قوم تحريمها) واحتجوا بقوله تعالى"فالآن باشروهن الآية" فمنع من المباشرة في هذه الآية نهاراً (والجواب عن ذلك) أن النبي صلى الله عليه وسلم هو المبين عن الله عز وجلّ وقد أباح المباشرة نهاراً فدلّ على ان المراد بالمباشرة في الآية الجماع لا ما دونه من قبلة ونحوها والله اعلم (واباح القبلة قوم مطلقا) وهو المنقول صحيحاًعن أبي هريرة, وبه قال سعيد وسعد بن أبي وقاص وطائفة بل بالغ بعض اهل الظاهر فاستحبها (وذهب فريق الى التفريق) بين الشاب والشيخ فكرهها للشاب وأباحها للشيخ وهو مشهور

(11) باب من أكل أو شرب ناسياً أو متأولا (130) عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن الحسن عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال إذا صام أحدكم يوماً فنسي فأكل وشرب فليتم صومهفإنما أطعمه الله وسقاه

_ عن ابن عباس. أخرجه مالك وسعيد بن منصور وغيرهما, وجاء فيه حديثان مرفوعان فيهما ضعف أخرج احدهما أبو داود عن أبي هريرة وهو المذكور في الزوائد. والآخر للإمام أحمد, وهو حديث عبد الله بن عمرو بن العاص المذكور في أحاديث الباب (وفرَق آخرون) بين من يملك نفسه ومن لا يملك. كما أشارت الى ذلك عائشة في حديثها المتقدم (وقال الترمذي) راى بعض أهل العلم أن للصائم إذا ملك نفسه أن يقبّل. الا فلا ليسلم له صومه. وهو (قول سفيان والشافع) ويدل على ذلك ما رواه مسلم من طريق عمر بن ابي سلمة وهو ربيب النبي صلى الله عليه وسلم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيقبّل الصائم؟ الحديث. وتقدم في الزوائد فدل ذلك على أن الشاب والشيخ سواء لأن عمر حينئذٍ كان شاباً. ولعله كان أول ما بلغ (وفيه دلالة) على أنه ليس من خصائص النبي صلى الله عليه وسلم (وروى عبد الرزاق) باسناد صحيح عن عطاء بن يسار عن رجل من الأنصارأنه قبّل امرأته وهو صائم الحديث رواه الإمام أحمد أيضا وتقدم في أحاديث الباب (واختلف) فيما اذا باشر أو قبل أو نظر فأنزل أو أمذى فقال (الكوفين والشافعي) يقضى اذا أنزل في غير النظر ولا قضاء في الأمذاء (وقال مالك واسحاق) يقضى في كل ذلك ويكفر الا في الأمذاء فيقضى فقط, واحتج بأن الأنزال أقصى ما يطلب بالجماع من الإلتذاذ في كل ذلك, وتعقب بأن الأحكام علقت بالجماع ولو لم يكن انزال فافترقا, وروى عيسى بن دينار عن ابن القاسم (عن مالك) وجوب القضاء فيمن باشر فانعظ ولم يمذ ولا أنزل, وأنكره غيره عن مالك, وأبلغ من ذلك ما روى عبد الرزاق عن حذيفة أن من تامل خلق امرأة وهو صائم بطل صومه (قال الحافظ) واسناده ضعيف. قال وقال ابن قدامة ان قبل فأنزل افطر بلا خلاف, كذا قال وفيه نظر, فقد حكى ابن حييم أنه لا يفطر ولو أنزل, وقوى ذلك وذهب اليه, أفاده الحافظ (130) عن ابي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا هوذة قال ثنا عوف"بن أبي جميلة" عن خلاس"بن عمرو"ومحمد"بن عمر"عن أبي هريرة-الحديث" (غريبه) (1) هو البصرى التابعى المشهور (2) هو حجة القائلين بعدم القضاء لمن أكل أو شرب ناسياً في صوم الفرض أو التطوّع لأطلاق الحديث, وسيأتي ذكرهم في الأحكام (تخريجه)

(131) عن أم حكيم بنت دينار عن مولاتها ام اسحاق رضي الله عنها أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بقصعة من ثريد فأكلت معه ومعه ذو اليدين فناولها رسول الله صلى الله عليه وسلم عرقا فقال يا ام اسحاق أصيبي من هذا, فذكرت اني كنت صائم فرددت يدي لااقدمها ولا أؤخرها, فقال النبي صلى الله عليه وسلم مالك؟ قالت كنت صائمة فنسيت, فقال ذو اليدين الآن بعدما شبعت؟ فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أتمي صومك فإنما هو رزق ساقه الله إليك (132) عن اسماء (بنت ابي بكر) رضي الله عنهما قالت افطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم غيم في رمضان ثم طلعت الشمس, قلت لهشام

_ (ق. د. مذ. جه) وغيرهم وللإمام احمد حديث عن الحسن (يعني البصرى) مرسلا بلفظ "بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا كان أحدكم صائما فنسي فأكل او شرب فليتم صومه فإن الله عز وجل أطعمه وسقاه" وهو مرسل صحيح الإسناد قال الهيثمي (131) عن ام حكيم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا بشار بن عبد الملك وقال حدثني أم حكيم بنت دينار عن مولاتها أم اسحاق _الحديث" (غريبه) (1) هي الغنوية احدى المهاجرات وعنها مولاتها أم حكيم بنت دينار؛ قال الحافظ في تعجيل المنفعة (2) العرق بفتح العين المهملة وسكون الراء قال في النهاية هو العظم إذا اخذ عنه معظم اللحم. وجمعه عراق وهو جمع نادر. يقال عرقت العظم واعترقته وتعرقته اذا اخذت عنه اللحم بأسنانك اهـ (تخريجه) أورده الهيثمي. وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير. وفيه ام حكيم ولم أجد لها ترجمة اهـ (قلت) ذكرها الحافظ في تعجيل المنفعة وهذا لفظه (أم حكيم) بنت دينار عن مولاتها ام اسحاق وعن بشار بن عبد الملك اهو لم يذكر عنها جرحاً ولا تعديلاً (132) عن أسماء بنت أبي بكر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابو أسامة عن هشام (بن عروة) عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما -الحديث (غريبه) (1) القائل هو ابو اسامة اسمه حمادة ابن سلمة "وهشام" هو ابن

أمروا بالقضاء قال وبد من ذاك

_ عروة ابن الزبير"وقوله امروا بالقضاء" يعني أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بقضاء ذلك اليوم, وفي رواية للبخاري فأمروا بالقضاء"وقوله بد من ذلك" بتقدير حرف استفهام إنكارى بمعنى النفي, أي قال هشام ولا بد من القضاء, أى لا مفر منه. وفي لفظ للبخاري قال "لا بد من القضاء" (تخريجه) (خ. د. جه. هق. قط) وقال اسناده صحيح ثابت "زوائد الباب" (عن ابي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صائم اكل وشرب ناسياً فلم يأمره بالقضاء, وقال انما ذلك طعام أطعمه الله (طس) وفيه محمد بن عبيد الله العذرمي وهو ضعيف) وعن ابي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكل او شرب ناسياً في رمضان فلا قضاء عليه ولا كفارة (طس) وفيه محمد بن عمرو. وحديثه حسن, أوردهما الهيثمي ورواه أيضاً الدارقطني. وقال تفرد به ابن مرزوق وهو ثقة عن الأنصارى (وعنه أيضاً) قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اني أكلت وشربت ناسياً وانا صائم فقال أطعمك الله وأسقاق (ق. مذ. نس. فط. ك. خز. مي. هق) من طرق بألاظ متقاربة, وقال الترمذي حديث حسن صحيح (وأخرج الدارقطنى) من حديث ابي سعيد مرفوعاً. من أكل في شهر رمضان ناسياً فلا قضاء عليه, قال الحافظ واسناده وان كان ضعيفاً لكنه صالح للمتابعة فأقل درجات الحديثبهذه الزيادة أن يكون حسناً فيصلح الإحتجاج به (وعن خالد بن أسلم) أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه أفطر في رمضان في يوم ذي غيم ورأى انه قد امسى وغابت الشمس فجاءه رجل فقال يا أمير المؤمنين قد طلعت الشمس, فقال عمر الخطب يسير وقد اجتهدنا (قال الشافعي) رحمه الله يعني قضاء يوم مكانه, وعلى ذلك حمله أيضاً مالك بن أنس (هق) (وعن علي بن حنظلة عن أبيه) قال كنت عند عمر رضي الله عنه فأتى بجفنة في رمضان فقال المؤذن الشمس طالعة فقال أغنى الله عنا شرك, انا لم نرسلك راجيا للشمس انما ارسلناك داعيا للصلاة, يا هؤلاء من كان منكم افطر فقضاء يوم يسير والا فليتم (هق) (وعن بشير بن قيس) عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه قال كنت عنده عشية في رمضان وكان يوم غيم فظن أن الشمسأن الشمس قد غابت فشرب عمر وسقاني, ثم نظروا اليها على سفح الجبل, فقال عمر لا نبالي والله نقضي يوماً مكانه (هق) قال وكذلك رواه الوليد بن ابي ثور عن زياد, وفي تظاهر هذه الوايات عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه في القضاء دليل على خطأ رواه زيد بن وهب في ترك القضاء (قلت رواية وهب بن زيد) رواها البيهقي أيضاً (عن الأعشمي عن المسيب) ابن رافع عن زيد بن وهب قال بينما نحن جلوس في مسجد المدينة في رمضان والسماء متغيمة

.

_ فرأينا أن الشمس قد غابت وأنا قد أمسينا فأخرجت لنا عساس (1) من لبن من بيت حفصة فشرب عمر وشربنا فلم نلبث أن ذهب السحاب وبدت الشمس فجعل بعضنا يقول لبعض يومنا هذا, فسمع ذلك عمر فقال والله لا نقضيه وما يجانفنا الإثم "أي لم نمل لارتكاب الإثم" (هق) وقالكذا رواه شيبان, ورواه حفص بن غياث وأبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب, وكان يعقوب بن سفيان يحمل على زيد بن وهب بهذه الرواية المخالفة للروايات المتقدمة ويعدها مما خولف فيه, وزيد ثقة الا أن الخطأ غير مأمون نسأل الله أن يعصمنا من الزلل والخطأ بمنه وسعت رحمته اهـ (وعن يوسف بن محمد بن يزيد بن صيفي بن صهيب) صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ثنا شعيب بن عمرو بن سليم الأنصاري وكان أتى عليه مائة وخمسة عشر سنة قال أفطرنا مع صهيب الخيل أنا وأبي في شهر رمضان في يوم غيم وطش "أي مطر" فبينما نحن نتعشى طلعت الشمس وقال صهيب, طعمة الله أتموا صيامكم الى الليل واقضوا يوماً مكانه (هق) (الاحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على أن من اكل أو شرب ناسياً لا يبطل صومه سواء أكان فرضاً أو تطوعاً, وسواء اكان اللاكل كثيراً ام قليلاً, ولا قضاء عليه في ذلك لأن ام اسحاف أكلت ولم تتذكر حتى شبعت أو قاربت ألشبع ولذا قال لها ذو اليدين"الآن بعدما شبعت" ومع هذا فقد قال لها النبي صلى الله عليه وسلم أتمي صومك ولم يأمرها بالقضاء (فإن قيل) لا حجة فيه على عدم قضاء من اكل ناسياً في رمضان لأنها كانت متطوعة في صيامها, وغاية ما فيه أنه يصلح دليلاً لعدم قضاء صوم التطوّع فقط (فالجواب) ما رواه الدارقطني والطبراني في الأوسط بسند جيد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكل أو شرب ناسياص في رمضان فلا قضاء عليه ولا كفارة" وتقدم هذا الحديث في الزوائد, قال النووي في المجموع اسناده صحيح أو أحسن (وحكى عن الشافعيّة) أنه اذا اكل أو شرب أو تقيّأ أو استعط أو جامع أو فعل غير ذلك من منافيات الصوم ناسياً لم يفطر عندهم سواء قل ذلك أم كثر, هذا هو المذهب والمنصوص؛ وبه قطع صاحب المذهب والجمهور من العراقيين وغيرهم, قال وذكر الخراسانيون في أكل الناسى اذا كثر وجهين ككلام الناسى في الصلاة اذا كثر, والمذهب أنه لا يفطر هنا وجهاً واحداً لعموم الأحاديث السابقة. ولأنه قدج يستمر النسيان حتى ياكل كثيراً ويندر ذلك في الكلام في الصلاة, قال وبما ذهب اليه الشافعيّة قال الحسن البصري ومجاهد (وأبو حنيفة) وإسحاق وأبو ثور وداود وابن المنذر وغيرهم (وقال عطاء الأوزاعي والليث) يجب قضاؤه في الجماع ناسياً دون الأكل وقال 0 ربيعة ومالك) يفسد صوم الناسى في جميع ذلك وعليه القضاء دون الكفارة (وقال أحمد) يجب بالجماع ناسياً القضاء والكفارة ولا شيء في الأكل (قال النووي)

(12) باب حكم من أصبح جنبا وهو صائم (133) عن ابي هريرة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال اذا نودي للصلاة صلاة الصبح وأحدكم

_ دليلنا على الجميع الأحاديث السابقة (يعني أحاديث الباب) (قال) واذا أكل الصائم او شرب أو جامع جاهلاً بتحريمه فإن كان قريب عهد باسلام أو نشأ ببادية بعيدة بحيث يخفى عليه كون هذا مفطر لم يفطر, لأنه لا يأثم فأشبه بالناسى الذي ثبت في النص, وان كان مخالطاً للمسلمين بحيث لا يخفى عليه تحريمه أفطر لنه مقصّر اهج (وفي أحاديث الباب ايضاً) دلالة على أن من اكل أو شرب ظاناً غروب الشمس فبان خلافع وجب عليه قضاء ذاك اليوم, وبه قال ابن عباس ومعاويةبن ابي سفيان وعطاء وسعيد بن جبير ومجاهد والزهرى والثورى, كذا حكاء ابن المنذر عنهم وبه قال (أبو حنيفة ومالك وأحمد وأبو ثور والجمهور) وقال اسحاق بن راهويهوداود صومه صحيح ولا قضاء عليه, وحكى ذلك عن عطاء وعروة ابن الزبير والحسن البصرى ومجاهد واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم "ان الله تعالى تجاوز لي عن امتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه" رواه ابن ماجه من حديث ابي ذر, و (طب. ك. هق) عن ابن عباس و (طب) عن ثوبان بأسانيد صحيحة؛ واحتج الجمهور بقوله تعالى"حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر ثم أتموا الصيام الى الليل" وهذا قد أكل في النهار (وبما رواه البيهقي) باسناده عن ابن مسعود أنه سئل عن رجل تسحر وهو يرى أن عليه ليلاً وقد طلع الفجر فقال "من أكل من أول النهار فليأكل من آخره" ومعنه فقد أفطر, وروى البيهقي معناه عن ابي سعيد الخدري (وبحديث هشام بن عروة) عن فاطمة بنت المنذر عن اسماء بنت أبى بكر الصديق رضي الله عنهما وهو آخر احاديث الباب (وبحديث خالد ابن أسلم) وما بعده من الأحاديث المذكورة في الزوائد (أما الأثر المروى عن زيد بن وهب) وفيه أن عمر قال"والله لا نقضيه وما تجانفنا اللإثم" ففيه خطأ ذكره البيهقي ورد عليه عقب ذكره في الزوائد, (وأجاب الجمهور) عن حديث"إن الله تجاوز لي عن أمتي الخطأ" انه هنا محمول على رفع الإثم, فانه عام خص منه غرامات المتلفات وانتقاض الوضوء بخروج الحدث سهوا والصلاة بالحدث ناسياً وأشباه ذلك فيخص هنا بما ذكرناه والله أعلم, أفاده النووى ج (133) عن ابي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به ابو هريرة عن رسول الله

جنب فلا يصوم يومئذ (1) (134) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسماعيل انبأنا ابن عوف (2) عن رجاء بن حيوة قال حدثني يعلي بن منبه في رمضان فأصبح وهو جنب (3) فلقي أبا هريرة فسأله فقال أفطر, قال أفلا أصوم هذا اليم وأجزئه من يوم آخر؟ قال افطر (4) فأتى مروان فحدثه فأرسل أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث الى ام المؤمنين عائشة رضي الله عنها فسألها فقالت قد كان يصبح (5) فينا جنباً من غير احتلام (6)

_ صلى الله عليه وسلم قال اذا نودي للصلاة -الحديث" (غريبه) (1) هذا مخالف لما سيأتي من حديث عائشة وام سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباص ثم يصو (والجواب عنه) كما قال ابن المنذر فيما رواه عن البيهقي أن حديث ابى هريرة منسوخ وأنه كان في اول الأمر حين كان الجماع محرماً في الليل بعد النوم كما كان الطعام والشراب محرماً, ثم نسخ ذلك ولم يعلمه أبو هريرة, فكان يفتي بما علمه حتى بلغه الناسخ فرجع اليه, قال ابن المنذر هذا أحسن ما سمعت فيه والله أعلم (تخريجه) (م) بلفظ من أدركه الفجر جنباً فلا يصم والأمام مالك في الموطأ بلفظ من أصبح جنباً افطر ذلك اليوم (134) حدثنا عبد الله (غريبه) (2) اسمه محمد بن عوف بن سفيان الطائى الحمصى وثقه النسائى, وقال أبو حاتم صدوق, وقال ابن عدي هو عالم الشا, قال ابن المنادى مات سنة 272 هـ (3) الذي أصبح جنباً هو يعلى بن منبه (4) انما قال ذلك أبو هريرة رضي الله عنه وأكد القول لوثرقه بخبر الفضل بن العباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قاله, زتقدم أن ذلك كان أول ألأمر ثم نسخ (وقوله فأتى مروان) هو ابن الحكم الأموي, وكان اذ ذاك أمير المدينة من جهة معاوية بن ابي سفيان ولم تصح له صحبة, مات في رمضان سنة خمس وستين (5) تعني النبي صلى الله عليه وسلم (6) في رواية"من جماع غير احتلام" للإمام أحمد وغيره سيأتي (قال القرطبي) في هذا فائدتان (احداهما) أنه صلى الله عليه وسلم كان يجامع في رمضان ويؤخر الغسل الى مابعد طلوع الفجر بياناً للجواز (والثانية) أته كان لا يحتلم لأنه من الشيطان وهو صلى الله عليه وسلم معصوم منه (وقال غيره) فيه اشارة الى جوازه عليه والا لما كان لإستثنائه معنى (قال النووي وغيره) احتج به من اجاز الإحتلام على الأنبياء, والأشهر امتناعه لنه من تلاعب الشيطان, وتأولوا الحديث على أن المعنى يصبح جنباً من جماع ولا يجنب من احتلام, لامتناعه منه صلى الله عليه وسلم

ثم يصبح صائماً فرجع الى مروان فحدثه فقال ألق بها (1) أبا هريرة, فقال جار جار, فقال اعزم عليك (2) لتلق به, فلقيه فحدثه فقال إني لم اسمعه من النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلمانما أنبأنيه الفضل بن عباس (3) قال فلما كان بعد ذلك لقيت رجاء فقلت حديث يعلى من حدثكه (4) فقال اياي حدثه (153) عن أبي قلابة عن عبد الرحمن بن عتاب (5) قال كان ابو هريرة يقول من أصبح جنباً فلا صوم له, قال فأرسلني مروان ابن الحكم أنا ورجل

_ وهو قريب من قوله تعالى"ويقتلون النبيين بغير حق" ومعلوم بأن قتلهم لا يكون بحق اهـ (1) أى أخبر أبا هريرة بهذه الجملة التي قالتها عائشة رضي الله عنها (وقوله جار جار) كررها مرتين للتأكيد ومعناها أن أبا هريرة جار لى وإني أكره ان أقابله بما يكره (2) أي آمرك أمراً جازماًمحتماً (لتلق به) أى لتلقه" وزيدت الباء للتقوية" فتخبره بكلام عائشة (وفي لفظ) عند الأمام مالك في الموطأ"أقسمت عليك يا ابا محمد لتركبن دابتي فانها بالباب فلتذهبن الى ابي هريرة فإنه بأرضه بالعقيق فلتخبرنه بذلك" (وفي لفظ النسائى) "القى ابا هريرة فحدثه بهذا, فقال إنه لجاري واني لأكره أن استقبله بما يكره (وفي لفظ) انه لي صديق ولا أحب أن أرد عليه (3) في رواية للبخاري فقال كذلك أخبرني الفضل ابن عباس وهو أعلم, أي بما روى والعهدة في ذلك عليه لا علي (وقوله قال فلما كان بعد ذلك الخ) القائل هو عوف الراوي عن رجاء بن حيوة (4) يعني حديث يعلى الذي سمعته منك من حدثك به؟ إباي حدثه يعني يعلى حدثتي به والله أعلم (تخريجه) (ق. نس) بألفاظ مختلفة, وأخرجه أيضاً ابن حيان بلفظ حديث الباب (135) عن ابي قلابة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عاصم عن خالد عن ابي قلابة عن عبد الرحمن بن عتاب_الحديث" (غريبه) (5) هكذا في السند في هذه الرواية (عبد الرحمن بن عتاب) والمذكور في جميع طرق الحديث عند الإمام أحمد (وسنأتي) وعند الشيخين وأبى داود والنيائلى وغيرهم (عن عبد الحمن ابن الحارث بن هشام) فلعل بعض الرواة وهم في هذه الرواية أو هو تحريف من الناسخ والله أعلم, على انى لم أقف في كتب الرجال على اسم عبد الرحمن بن عتاب, وإنما المذكور فيها (عبد الرحمن بن أبي عتاب) وهو يروي عن أبي سلمة, وعنه زياد بن سعد وهكذا

آخر إلى عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما نسألهما عن الجنب يصبح في رمضان قبل أن بغتسل, قال فقالت احداهما قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً ثم يغتسل ويتم صيام يومه, وقالت الأخرى كان يصبح جنباً من غير ان يحتلم ثم يتم صومه, قال فرجعا فأخبرا مروان بذلك, فقال لعبد الرحمن أخبر أبا هريرة بما قالتا, فقال ابو هريرة كذا كنت أحسب وكذا كنت أظن (2) قال فقال له مروان بأظن وبأحسب تفتي التاس؟ (136) عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبيه (3) أنه قال دخلت على عائشة رضي الله عنها فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً ثم يغتسل ثم يغدو الى المسجد ورأسه يقطر ثم يصوم في ذلك اليوم, فأخبرت مروان ابن الحكم بقولها فقال لي أخبر ابا هريرة بقةل عائشة, فقلت انه لي صديق فأحب أن تعفيني, فقال عزمت عليك لما انطلقت إليه. فانطلقت أنا وهو الى أبي هريرة فأخبرته بقولها, فقال عائشة اذن اعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم (وعنه من طريق ثانٍ) قال دخلت أنا وابي على عائشة وأم سلمة رضي الله

_ لا ينطبق على ما هنا "وقوله فلا صوم له" يعني صحيحاً (1) لعله ابو بكر ابنه كما في بعض طرق الحديث الآتي فقد صرح فيها بأنه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث. وكذلك عند الشيخينوأبي داود والنسائي وغيرهم. ولم أقف على أن مروان أرسل لعائشة وأم سلمة غير عبد الرحمن ابن الحارث وابنه ابا بكر والله أعلم (2) أي ظنا قوياً قريباً من العلم لوثوقي بمن أخبرني (تخريجه) (ق. والثلاثة. وغيرهم) (136) عن ابي بكر بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن الحكم عن ابي بكر بن عبد الرحمن-الحديث" (غريبه) (3) هو عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي ابن عم عكرمة بن ابي جهل بن هشام. مات سنة ثلاثة وأربعين (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن

عنهما (1) فقالنا ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً ثم يصوم (وعنه من طريق ثالث) (2) قال قالت عائشة وام سلمة زوجا النبي صلى الله عليه وسلم قد كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يصبح من اهله جنباً فيغتسل قبل ان يصلي الفجر ثم يصوم يومئذٍ, قال فذكرت ذلك لأبي هريرة فقال لا أدري (4)

_ أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال "دخلت أنا وأبي الحديث" (1) يعني فسألاهما عن الجنابة هل تبطل الصوم, كما يزعم ابو هريرة "فقالنا النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً الخ" (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا ابن اخي ابن شهاب عن عمه. قال أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال قالت عائشة وام سلمة الحديث (3) يشير الى ما قالته عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما "أن النبي كان يصبح جنباً ثم يصوم وهذا مخالف لما كان يرويه ابو هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويفتي الناس به بلفظ "اذا نودي للصلاة, صلاة الصبح واحدكم جنب فلا يصم يومئذٍ" (4) معناه انه لم يسمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما أخبره به الفضل ابن عباس (وفي لفظ للبخاري) كذلك حدثني الفضل ابن عباس وهو أعلم, أي أعلم مني بما روى والعهدة عليه في ذلك لا علي, قال الحافظ ووقع في رواية النسفي عن البخاري "وهن أعلم" اي أزواج النبي صلى الله عليه وسلم وكذا في رواية معمر, وفي رواية ابن جريج فقال أبو هريرة انهما قالتاه؟ قال نعم, قال هما اعلم, وهذا يرجح رواية النسفي, والنسائى من طريق عمر بن ابي بكر بن عبد الرحمن عن ابيه هي اى عائشة أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم منا (قلت ومثل ذلك عند الإمام أحمد وتقدم) قال وزاد ابن جريح في روايته. فرجع ابو هريرة عما كان يقول في ذلك؛ وكذلك وقع في رواية محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عند النسائى أنه رجع, وروى ابن ابي شيبة من طريق قتادة عن سعيد ابن المسيب أن ابا هريرة رجع عن فتياه "من أصبح جنباً فلا صوم له " والتسائى من طريق عكرمة بن خالد. ويعلى بن عقبة, وعراك بن مالك كلهم عن ابي بكر بن عبد الرحمن أن ابا هريرة أحال بذلك على الفضل بن عباس لكن عنده من طريق عمر بن ابي بكر عن ابيه أن أبا هريرة قال في هذه القصة, انما كان اسامة بن زيد حدثني, فيحمل على انه كان عنده عن كل منهما, ويؤيده رواية اخرى عند النسائى من طريق اخرى عن عبد الملك بن ابى بكر عن ابيه قال فيها انما حدثني فلان وفلان في رواية مالك المذكور أخبرنيه مخبر (والظاهر) ان هذا من تصرف الرواة, منهم من أبهم الرجلين

أخبرني ذلك الفضل بن عباس رضي الله عنهما (وعنه من طريق رابع) (1) بنحوه وفيه كان يصبح جنباً من جماع غير احتلام ثم يصوم وقالت في حديث عبد ربه في رمضان (2) (137) عن ابي هريرة رضي الله عنه قال لا ورب هذا البيت ما انا قلت من اصبح جنباً فلا يصوم, محمد صلى الله عليه وسلم ورب البيت قاله (3) , ما انا نهيت عن صيام يوم الجمعة, محمدصلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نهى عنه ورب البيت

_ ومنهم من اقتصر على احدهما تارة مبهمة, وتارة مفسرة, ومنهم من لم يذكر عن ابي هريرة أحداً, وهو عند النسائي ايضاً من طريق ابي قلابة عن عبد الرحمن ابن الحارث, ففي آخره فقال ابو هريرة هكذا كنت احسب اهـ (قلت وتقدم مثل رواية النسائي من طريق ابي قلابة للأمام أحمد) وفي رواية عند مسلم, فقال ابو هريرة سمعت ذلك من الفضل بن عباس ولم اسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرحمن عن مالك عن سمى وعبد ربه بن سعيد عن ابي بكر بن عبد الرحمن عن عائشة وأم سلمة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً الحديث (2) يعني ان عبد ربه احد الراوين اللذين روى عنهما الإمام مالك هذا الحديث قال في روايته"كان يصبح جنباً من جماع غير احتلام في رمضان ثم يصوم" ورواه الإمام مالك في الموطأ بهذا اللفظ "وقوله ثم يصوم" يعني ذلك اليوم الذي يصبح فيه جنباً وإنما كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك في بعض الأحيان لبيان الجواز وإن كلن الغسل قبل الفجر أفضل (تخريجه) (ق. لك. الثلاثة. وغيرهم) (137) عن ابي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا سفيان عن عمرو وعن يحيى بن جعدة عن عبد الله بن عمر القارى قال سمعت ابا هريرة يقول لا ورب هذا البيت -الحديث" (غريبه) (2) (ان قيل) كيف يحلف ابى هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قاله مع انه صرح في رواية عند مسلم انه لم يسمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم وانما سمعه بواسطة الفضل واسامة (فالجواب) أنه كان لشدة وثوقه بخبرهما يحلف على ذلك (تخريجه) (جه) وسنده جيد.

(138) عن عائشة رضي الله عنها أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) فقال يا رسول الله تدركني الصلاة وأنا جنب وأنا أريد الصيام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا تدركني الصلاة وأنا ججنب وأنا اريد الصيام فأغتسل ثم أصوم (2) فقال الرجل إنا لسنا مثلك، فقد غفر الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر (3)، فغضب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (4) وقال والله إني لأرجو (5) أن أكون أخشاكم لله عز وجل وأعلمكم بما أتقي (6) (139) وعنها رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدركه الصبح وهو

_ (138) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المنذر ثنا اسماعيل بن عمر قال ثنا مالك يعني ابن أنس عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر عن أبي يوسف مولى عائشة عن عائشة أن رجلا ـ الحديث (غريبه) (1) رواية مالك في الموطأ أن رجلاً قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقف على الباب وأنا اسمع، ومثله لأبي داود بدون (وأنا أسمع) (ولفظ مسلم) أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستفتيه وهي تسمع من وراء الباب (2) أجابه صلى الله عليه وسلم بالفعل لأنه ابلغ مما لو قال اغتسل وصم، لكن اعتقد الرجل أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم لأن الله يحل لرسوله ما شاء، (3) أي ستر وحال بينك وبين الذنب فلا يقع منك ذنب أصلاً لأن المغفرة الستر، وهو إما بين العبد والذنب، وإما بين الذنب وعقوبته، فاللائق بالأنبياء الأول. وبأممهم الثاني فهو كناية عن العصمة (4) إنما غضب صلى الله عليه وسلم لاعتقاد الرجل الخصوصية بلا علم مع كونه أخبره بفعله صلى الله عليه وسلم جواباً لسؤاله، وذلك أقوى دليل على عدم الاختصاص، اشار إليه (إبن العربي) (5) بلام التوكيد تقوية للقسم، ورجاؤه صلى الله عليه وسلم محقق لا شك فيه (6) قال القاضي عياض فيه وجوب الاقتداء بأفعاله صلى الله عليه وسلم والوقوف عندها إلا ما ق 5 ام الدليل على اختصاصه به، وهو قول مالك وأكثر أصحابنا البغداديين وأكثر اصحاب الشافعي، وقال معظم الشافعية إنه مندوب. ووحملته طائفة على الإباحة، وقيد بعض أهل الأصول وجوب اتباعه صلى الله عليه وسلم بما كان من افعاله الدينية في محل القربة والله اعلم (تخريجه) (م. د. نس. خز. هق. طح) (139) وعنها رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

جنب فيغتسل ويصوم (وعنها من طريق ثان (2) بنحوه وفيه) كان تعني النبي صلى الله عليه وسلم يصبح جنباً ثم يغتسل ثم يغتسل ثم يغدو إلى الصلاة فأسمع قراءته ويصوم

_ سفيان عن سمي عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن عائشة ـ الحديث (غريبه) (1) أي بعد انفجار الفجر، وكذا يقال في قوله ثم يغتسل الآتي في الطريق الثانية (2) (سنده) حدثنا عبد الله أبي قال ثنا عبد الصمد ثنا شعبة قال ثنا ابن أبي السفر عن الشعبي عن عبد الرحمن بن الحارث عن عائشة قالت (كان تعني النبي صلى الله عليه وسلم الخ) (تخريجه) (ق. وغيرهما) (زوائد الباب) عن عقبة بن عامر وفضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً ثم يستحم فيصوم، أورده الهيثمي، وقال رواه الطبراني في الكبير وفيه جماعة لم أجد من ذكرهم (وعن عبد الله بن مرداس) قال جاءني رجل من الحي. فقال إني مررت بامرأتي في القمر فأعجبتني فجامعتها في شهر رمضان فنمت حتى أصبحت فقلت عليك بعبد الله بن مسعود أو بابي حكيم المزني فإذا عبد الله بن مسعود، فسألته فقال كنت جنباً لا تحل لك الصلتاة فاغتسلت فحل لك الصلاة، وحل لك الصيام (وفي رواية عن عبد الله بن مرداس) أنه جاء إلى مسجد الحي بعدما صلوا الفجر وذلك في رمضان، فقال لهم إني اصبت من اهلي ثم غلبتني عيني فأصبحت ولم اغتسل، فقال له القوم ما نراك إلا قد أفطرت، فانطلق إلى عبد الله بن مسعود فسأله، فقال لهم أوتيت من هو خير منكم أو أفقه، فقال إنما الإفطار من الطعام والشراب فأتم صومك، أورده الهيثمي، وقال عبد الله بن مرداس، لم أجد من ذكره، وبقية رجاله رجال الصحيح (وعن عبد الله بن مسعود) قال لو اوتيت امرأتي من الليل ثم تركت الغسل عامداً حتى أصبح لم يمنعني من الصيام، إنما أتيتها وهي تحل لي، أورده الهيثمي، وقال رواه الطبراني في الكبير، ويحسى ابن الحارث لم أجد من ذكره، وبقية رجاله رجال الصحيح (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد استدل بها من قال إن من أصبح جنباً فصومه صحيح ولا قضاء عليه من غير فرق بين أن تكون الجنابة من جماع أو غيره (وإليه ذهب الجمهور) وجزم النووي بأنه استقر الاجماع على ذلك. وقال ابن دقيق إنه صار ذلك إجماعاً أو كالاجماع. لكن حديث أبي هريرة المذكور أول أحاديث الباب. ورواه الشيخانت أيضاً بلفظ (من اصبح جنباً فلا صوم له) يخالف أحاديث الباب (قال الترمذي) وقد بقي على العمل بحديث أبي هريرة بعض التابعين اهـ ورواه عبد الرزاق عن عروة بن الزبير وحكاه ابن المنذر عن طاوس قال ابن بطال وهو أحد قولى أبي هريرة (قال الحافظ) ولم يصح عنه لأن ابن المنذر رواه عنه من طريق

.

_ أبي المهذم وهو ضعيف، وحكى ابن المنذر أيضاً عن الحسن البصري وسالم بن عبد الله بن عمر أن يتم صومه ثم يقضيه، وروى عبد الرزاق عن عطاء مثل قولهما (وقال الحافظ) زنقل بعض المتأخرين عن الحسن بن صالح بن حيى إيجاب القضاء، والذي نقله عنه الطحاوي استحبابه، ونقل ابن عبد البر عنه وعن النخعي إيجاب القضاء في الفرض دون التطوع، ونقل الماوردي أن هذا الاختلاف كله إنما هو في حق الجنبن وأما المحتلم فأجمعوا على أنه يجزئه، وتعقبه الحافظ بما أخرجه النسائي باسناد صحيح عن أبي هريرة أنه افتى من أصبح جنباً من احتلام أن يفطر، وفي رواية أخرى عنه عند النسائي ايضاً (من احتلم من الليل وواقع أهله ثم أدركه الفجر ولم يغتسل فلا يصم) (وأجاب القائلون) بأن من أصبح جنباً يفطر عن أحاديث الباب بأجوبة منها أن ذلك من خصائصه صلى الله عليه وسلم ورد الجمهور بأن الخصائص لا تثبت إلا بدليل، وبأن حديث عائشة المذكور قبل الحديث الأخير من أحاديث الباب يقتضي عدم اختصاصه صلى الله عليه وسلم بذلك وجمع بعضهم بين الحديثين بأن الأمر في حديث ابي هريرة أمر إرشاد إلى الأفضل، فغن الأفضل أن يغتسل قبل الفجر، فلو خالف جاز. ويحمل حديث عائشة على بيان الجواز، وقد نقل النووي هذا الجمع عن أصحاتب الشافعي (وتعقبه الحافظ) بأن الذي نقله البيهقي وغيره من أصحاب الشافعي هو سلوك طريقة الترجيح، قال ويعكر على حمله علفى الإرشاد التصريح في كثير من طرق حديث أبي هريرة بالأمر بالفطر وبالنهي عن الصيام فكيف يصح الحمل المذكور إذا وقع ذلك في رمضان؟ (وقيل) هو محمول على من أدركه الفجر مجامعاً فاستدام بعد طلوعه عالماً بذلك. ويعكر عليه مال رواه النسائي من طريق ابي حازم عن عبد الملك بن ابي بكر بن عبد الرحمن عن أبيه أن ابا هريرة كان يقول من احتلم وعلم باحتلامه ولم يغتسل حتى أصبح فلا يصوم (وعن ابن المنذر) وغيره سلوك النسخ، وبالنسخ قال الخطابي، وقواه ابن دقيق العيد بأن قوله تعالى (أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) يقتضي إباحة الوطئ في ليلة الصوم، ومن جملتها الوقت المقارن لطلوع الفجر فيلزم إباحة الجماع فيه، ومن ضرورته أن يصبح فاعل ذلك جنباً ولا يفسد صومه، ويقوى ذلك أن قول الرجل للنبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك ما تأخر يدل على أن ذلك كان بعد نزول الآية وهي إنما نزلت عام الحديبية سنة ست وابتداء فرض الصيام كان في السنة الثانية (ويؤيد دعوى النسخ) رجوه أبي هريرة عن الفتوى بذلك وإحالته على الفضل بن العباس، وقول عائشة إذّا أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم كما ثبت ذلك في أحاديث الباب، وثبت أيضاً في رواية للبخاري أنه لما أخبر بما قالت أم سلمة وعائشة قال هما أعلم برسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية ابن جريج فرجع ابو هريرة عما كان يقول في ذلك، وكذا

.

_ وقع عند النسائي انه رجع, وكذا عند ابن ابي شيبة, وفي رواية عند النسائي أنه قال حدثني بذلك أسامة ابن زيد (وأما أخرجه ابن عبد البر) عن ابي هريرة أنه قال كنت حدثتكم "من اصبح جنباً فقد أفطر وأن ذلك من كيس ابى هريرة" فقال الحافظ لا يصح ذلك عن ابي هريرة لأنه من رواية عمر بن قيس وهو متروك (ومن حجج من سلك طريق الترجيح) ما قاله ابن عبد البر أنه صح وتواتر حديث عائشة وام سلمة, وأما حديث ابى هريرة فأكثر الروايات عنه أنه كان يفتي بذلك, وأيضاً رواية اثنين مقدمة على رواية واحد ولا سيما وهما زوجتان للنبي صلى الله عليه وسلم والزوجات أعلم بحال الأزواج, وأيضاً روايتهما موافقة للمنقول وهو ما تقدم من مدلول الآية, وللمعقول وهو ان الغسل شيء وحب بالإنزال وليس في فعله شيء يحرم على الصائم. فإن الصائم قد يحتلم بالنهار فيجب عليه الغسل ولا يفسد صومه بل يتمه اجماعاً (وفي الحديث الثاني والثالث والرابع من أحاديث الباب) من الفوائد غير ما تقدم في شرحها جواز دخول العلماء على الأمراء ومذاكرتهم اياهم بالعلم (وفيها) فضيلة لمروان ابن الحكم لما دلت عليه الأحاديث المذكورة من اهتمامه بالعلم ومسائل الدين (وفيها) التثبت من النقل والرجوع في المعاني الى الأعلم فان الشيء اذا نوزع فيه رد الى من عنده علماً, وترجيح مروى النساء فيما لهن عليه الاطلاع دون الرجال كعكسه, وان المباشر للأمر اعلم به من الخبر عنه, والتأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في افعاله ما لم يكن دليل الخصوصية, وان للمفضول اذا سمع من الأفضل خلاف ما عنده من العلم ان يبحث عنه حتى يقف على وجهه, وان الحجة عند الإختلاف في المصير الى الكتاب والسنة (وفيها) الحجة بخبر الواحد وان المرأة فيه كالرجل (وفيها) فضيلة لأبى هريرة لاعترافه بالحق ورجوعه اليه (وفيها) استعمال السلف من الصحابة والتابعين الإرسال عن العدول من غير نكير بينهم, لأن أبى هريرة اعترف بأنه لم يسمع الحديث من النبي صلى الله عليه وسلم مع أنه كان يمكنه أن يرويه عنه بلا واسطة وانما بينها لما وقع من الإختلاف (وفيها) الأدب مع العلماء والمبادرة لامتثال امر ولاة الأمور اذا كان طاعة ولو كان فيه مشقة على المأمور, أفاده الحافظ؛ وفيها غير ذلك والله أعلم (فائدة) في معنى الجنب الحائض والنفساء اذا انقطع دمها ليلاً ثم طلع فجراً قبل اغتسالها, قال النووي في شرح مسلم, مذهب العلماء كافة صحة صومها الا ما حكى عن بعض السلف مما لا يعلم صح عنه او لا (قال الحافظ) وكأنه أشار بذلك الى ما حكاه في شرح المذهب عن الأوزاعي, لكن حكاه ابن عبد البر عن الحسن بن صالح أيضاً, وحكى ابن دقيق العيد ان في المسألة في مذهب مالك قولين, وحكاه القرطبي عن محمد ابن مسلمة من أصحابهم. ووصف قلبه بالشذوذ (وحكى ابن عبد البر) عن عبد الملك ابن الماجشون انها اذا أخرت غسلها حتى طلع الفجر فيومها يوم فطر لأنها في بعضه غير

(13) باب تحذير الصائم من اللغو والرفث والغيبة (وأن ذلك مبطل لثواب الصوم) (140) عن ابى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث (1) يومئذٍ ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله (2) أحد فليقل إني امرؤ صائم (3)

_ طاهرة, قال وليس كالذي يصبح جنباً, لأن الإحتلام لا ينقض الصوم, والحيض ينقضه اهـ (140) عن ابى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابى ثنا روح قال أخبرني عطاء عن ابى صالح الزيات أنه سمع ابا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) بضم الفاء وكسرها ويجوز في ماضيه التثليث, والمراد به هنا الكلام الفاحش, وهو بهذا المعنى بفتح الراء والفاء, وقد يطلق على الجماع وعلى مقدماته وعلى ذكر ذلك مع النساء أو مطلقاً, قال الحافظ ويحتمل ان يكون النهي عما هو أعم منها, وفي رواية ولا يجهل. اي لا يفعل شيئاً من أفعال الجهل كالصياح والسفه ونحو ذلك"وقوله ولا يصخب" الصخب وهو الرجة واضطراب الأصوات للخصام (قال القرطبي) لا يفهم من هذا ان غير يوم الصوم يباح فيه ما ذكر. وإنما المراد ان المنع من ذلك يتأكد بالصوم (2) يمكن حمله على ظاهره ويمكن ان يراد بالقتل اللعن فيرجع الى معنى الشتم, ولا يمكن حمل قاتله وشاتمه على المفاعلة. لأن الصائم مأمور بأن يكف نفسه عن ذلك فكيف يقع ذلك؟ وانما المعنى اذا جاء متعرضاً لمقاتلته او مشاتمته كأن يبدأه بقتل او شتم اقتضت العادة ان يكافئه عليها, فالمراد بالمفاعلة ارادة غير الصائم ذلك من الصائم, وقد نطلق المفاعلة على وقوع الفعل من واحد كما يقال عالج الأمر وعاناه, قال الحافظ وأبعد من حمله علىظاهره, فقال المراد اذا بدرت من الصائم مقابلة الشتم بشتم على مقتدى الطبع فلينزجر عن ذلك, ومما يبعد ذلك ما وقع في رواية "فإن شتمه أحد" (3) في رواية لإبن خزيمة بزيادة, وان كنت قائماً فاجلس, ومن الرواة من ذكر قوله"إني امرؤ صائم" واختلف في المراد بقوله اني صائم, هل يخاطب بها الذي يشتمه ويقاتله أو يقولها في نفسه؟ وبالثاني حزم المتولى ونقله الرافعى عن الأئمة, ورجع النووى في الأذكار الأول, وقال في شرح المهذب كل منهما حسن والقول باللسان أقوى, ولو جمعهما لكان حسناً (وقال الرويانى) ان كان رمضان فليقل بلسانه, وان كان غيره فليقل في نفسه, وادعى ابن العربي أن موضع الخلاف في التطوع, واما في الفرض فليقله بلسانه قطعاً (تخريجه) (ق. وغيرهما)

(141) وعنه أيضاً قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ربّ صائم حظه من صيامه الجوع والعطش (2) ورب قائم حظّه من قيامه السهر (3) (142) وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من لم يدع قول الزور (4) والعمل به والجهل فليس لله حاجة أن يدع طعامه وشرابه (5)

_ (141) وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابى ثنا سليمان ثنا اسماعيل أخبرني عمرو يعني ابن ابى عمرو عن ابى سعيد المقبرى عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رب صائم -الحديث" (غريبه) (1) رب حرف يكون للتقليل غالباً وهو حرف خافض يختص بانكرة يشدد ويخفف وتدل عليه التاء. فيقال ربت. وتدخل عليه ما ليدخل على الفعل. كقوله تعالى (ربما يود الذين كفروا) وتدخل عليه الهاء فيقال ربه رجلا (2) هو من يفطر على الحرام او على لحوم الناس أو من لا يحفظ جوارحه عن الآثام كما في بعض الروايات بهذا اللفظ (3) يعني انه لا ثواب له لفقد شرط حصوله من نحو اخلاص او خشوع, أما الفرض فيسقط طلبه والله اعلم (تخريجه) (نس. خز. ك) وقال صحيح على شرط البخارى, ورواه ابن ماجه بلفظ"رب صائم ليس له من صيامه الا الجوع والعطش, ورب قائم ليس له من قيامه الا السهر"ورواه البيهقي بلفظ "رب قائم حظه من القيام السهر, ورب صائم حظه من الصيام الجوع والعطش" واسناده حسن (142) وعنه رضي الله عنه (ستده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج وثنا يزيد قالا أنل ابن ابى ذئب عن سعيد المقبرى عن ابيه عن ابى هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم من لم يدع قول الزور- الحديث" (غريبه) (4) المراد بالزور هنا الكذب, وفي رواية عند الطبرانى من حديث انس"من لم يدع الخنا والكذب" قال الحافظ ورجاله ثقات (5) قال ابن بطال ليس معناه بأنه يؤمر ان يضع صيامه, وانما معناه التحذير من قول الزور وما ذكر معه (قال الحافظ) لا مفهوم لذلك فإن الله لا يحتاج الى شيء وانما معناء فليس لله ارادة في صيامه؛ فوضع الحاجة موضع الإرادة (وقال ابن المنير) في حاشيته على البخاري بل هو كناية عن عدم القبول كما يقول المغضب لمن رد عليه شيئاً طلبه منه فلم يقم به, لا حاجة لي في كذا (تخريجه) (خ. د. مذ. جه)

(143) عن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امرأتين صامتا وأن رجلاً قال يا رسول الله إن هاهنا امرأتين قد صامتا وأنهما قد كادتا ان تموتا من العطش فأعرض عنه او سكت, ثم عاد (1) وأراه قال بالهاجرة؛ قال يا نبي الله انهما والله قد ماتتا او كادتا ان تموتا, قال ادعهما, قال فجاءتا, قال فجيء بقدحٍ أو عسٍ فقال لأحدهما قيئي فقاءت قيحاً ودماً وصديداً ولحماً حتى قاءت نصف القدح, ثم قال للأخرى قيئي فقائت من قيحٍ ودمٍ وصديد ولحم عبيط (3) وغيره حتى ملأت القدح, ثم قال ان هاتين صامتا عما أحل الله وأفطرتا على ما حرّم الله عزّ وجلّ عليهما, جلست احداهما الى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس (ومن طريق ثانٍ) عن عثمان بن غياث قال كنت مع ابى عثمان (3) قال فقال رجل من القوم ثنا سعد او عبيد, عثمان بن غياث الذي يشك (1) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يزيد انا سليمان وابن ابى عدى عن سليمان المعنى عن رجل حدثهم في مجلس ابى عثمان الهدى, قال ابن ابى عدى عن شيخ في مجلس ابى عثمان عن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم أمروا بصيام، قال فجاء رجل بعض النهار

_ (143) عن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد انا سليمان وابن أبي عدي عن سليمان المعنى عن رجل حدثهم في مجلس أبي عثمان النهدي، قال ابن أبي عدي عن شيخ في مجلس أبي عثمان عن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث (غريبه) (1) يعنى الرجل الذي يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم بشأن المرأتين عاد الى القول مرة اخرى بعد اعراض النبي صلى الله عليه وسلم وسكوته عنه"وقوله وأراه" بضم الهمزة اى اظنه, والقائل اراه هو عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول واظن ان الرجل الذى بلغ هذا الخبر للنبيصلى الله عليه وسلم , قاله في وقت الهاجرة, اى وقت اشتداد الحر نصف النهار (2) العس بضم العين وتشديد السين المهملتين هو القدح العظيم "وأو" للشك يعنى يشك الراوي هل قال بقدح او قال بعس والمعنى واحد (3) اللحم العبيط الطرى غير النضيج (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا محمد بن جعفر ثنا عثمان بن غياث-الحديث" (5) يعنى النهدى كما صرح به في سند الطريق الأولى (6) يعنى ان عثمان بن غياث يشك هل قال الرجل حدثنا

فقال يا رسول الله ان فلاناً وفلانة قد بلغهما الجهد (1) فذكر معني حديث يزيد وابن ابى عدى عن سليمان (ومن طريق ثالث) (2) عن ابى عثمان قال حدثنى سعد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم امروا بصيام يوم فجاء رجل بعض النهار فقال يا رسول الله ان فلان وفلانة قد بلغهما الجهد فأعرض عنه فذكر الحديث

_ سعد أو قال حدثنا عبيد, وعلى كل حال فهو صحابى من موالى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يضر الشك في اسمه بل ولا في عدم تسميته, إنما الضرر في ابهام اسم غير الصحابي كالرجل الذي روى هذا الحديث عن عبيد فجهالته تضعف الحديث (1) الجهد بفتح الجيم وضمها, الطاقة وقرئ بهما قوله تعالى (والذين لا يجدون الا جهدهم) والجهد بالفتح المشقة, يقال جهد دابته أجهدها إذا حمل عليها بالسير فوق طاقتها"وقوله فذكر معنىحديث يزيد الخ" يعنى الطريق الأولى (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابى ثنا يحيى بن سعيد عن عثمان ثنا رجل في حلقة ابى عثمان قال حدثنى سعد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه احمد, واللفظ له. وابن ابى الدنيا. وأبو يعلى. كلهم عن رجل لم يسم عن عبيد , ورواه ابو داود الطيالسي وابن ابلى الدنيا في ذم الغيبة. والبيهقي من حديث أنس اهـ (زوائد الباب) (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من لم يدع الخنا والكذب فلا حاجة لله ان يدع طعامه وشرابه" (طس. طص) وقال الحافظ رجاله ثقات (عن ابى هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ليس الصيام من الأكل والشرب إنما الصيام من اللغو والرفث فان سابك أحد او جهل عليك فقل اني صائم إني صائم" (خز. حب. ك) وقال صحيح على شرط مسلم (وفي رواية) لابن خزيمة عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "لا تساب وأنت صائم, فان سابك احد فقل اني صائم, وان كنت قائما فاجلس" (وعنه أيضا) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "الصيام جنة ما لم يخرقها" فيل وبم يخرقه, قال بكذب او غيبة (طس) وفيه الربيع بن يزيد وهو ضعيف (الأحكام) أحاديث الباب فيها حث الصائم على التخلق بالأخلاق الفاضلة, لأنه متلبس بعبادة. والعبادة لا يناسبها إلا ذلك, فان سابه احد او شاتمه فليعرض عنه ولا يقابله بالمثل (وفيها) تحذير الصائم من اللغو والرفث, وهو الكلام الفاحش القبيح (وفيها أيضاً) التحذير من الغيبة وتقبيحها ونحوها من كل فعل محرم شرعاً (وفيها) أن من ارتكب شيئاً من ذلك فقد اضاع ثواب صيامه واستحق المقت من الله, نعوذ بالله من ذلك

(14) باب ما جاء في الوصال للصائم وفيه فصول (الفصل الأول في النهي عنه واباحته للنبي صلى الله عليه وسلم خصوصية له) (144) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اياكم ولوصال (1) قالها ثلاث مرار, قالوا فإنك تواصل يا رسول الله, قال انكم لستم في ذلك مثلي (2)

_ (144) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابى ثنا محمد بن فضيل ثنا عمارة عن ابي زرعة عن ابي هريرة- الحديث" (غريبه) (1) الوصال هو الترك في ليالي الصيام لما يفطر بالنهار بالقصد. فيخرج من انفق اتفاقا, ويدخل من امسك جميع الليل أو بعضه, والوصال الذي ورد فيه النهي بدون رخصة. هو ما كان يومين فصاعدا من غير أكل أو شرب بينهما"وقوله ثلاث مرار" يعني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حذرهم من الوصال بتكرير هذه الجملة ثلاث مرار للتأكيد, وقد جاء عند البخاري. ومالك في الموطأ "اياكم والوصال مرتين" وعند ابن ابي شيبة من طريق ابى زرعة بلفظ "اياكم والوصال ثلاث مرات"قال الحافظ واسناده صحيح, قال فدل على ان قوله مرتين"يعنى في رواية البخارى" اختصار من البخارى أو شيخه اهـ "وقوله قالوا انك تواصل" كذا في اكثر الأحاديث "قالوا" بلفظ الجمع. ووقع في رواية عند البخاري"فقال رجل من المسلمين" قال الحافظ وكأن القائل واحد ونسب القول الى الجميع لرضاهم به. ولم أقف على تسمية القائل في شيء من الطرق اهـ. قال العينى (فان قلت) كيف يحسن قولهم له بعد النهي عن الوصال"فإنك تواصل" وهم اكثر الناس آداباً (قلت) لم يكن ذلك على سبيل الإعتراض, ولكن على سبيل استخراج الحكم أو الحكمة أو بيان التخصيص (2) أى لستم على صفتى ومنزلتى من ربى "وقوله يطعمنى" بضم الياء "ويسقيني" بفتح الياء الأولى وإثبات الأخيرة كقراءة يعقوب في الشعراء حالة الوصل والوقف مراعاة للأصل, والحسن البصرى في الوقف فقط مراعاة للأصل والرسم, فإنها رسمت في المصحف العثماني بحذف الياء (والطعام والشراب) هنا يحتمل ان يكون حقيقة فيؤتى بطعام وشراب من عند الله كرامة له في ليالي صومه (وتعقب) بأنه يلزم ان لا يكون مواصلاً ويشهد له رواية "أظل يطعمنى" كما في حديث ابن عمر الآتى بعد هذا, لأن أظل لا يكون إلا بالنهار والأكل فيه ممنوع (وأجيب) بأن طعام الجنة وشرابها لا تجرى عليه أحكام التكليف (قال ابن المنير) الذي يفطر شرعاً انما هو الطعام المعتاد, وأما الخارق للعادة كالمحضر من الجنة فعلى غير هذا المعنى. وليس تعاطيه من

إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني فاكلفوا (1) من العمل ما تطيقون

_ جنس الأعمال, وانما هو من جنس الثواب كأكلاهل الجنة في الجنة, والكرامة لا تبطل العبادة, فلا يبطل بذلك صومه ولا ينقطع وصاله ولا ينقص اجره (ويحنمل ان يكون ذكر الطعام والشراب هنا مجازاً) عن لازم الطعام والشراب وهو القوة فكأنه قال يعطيني قوة الآكل والشارب ويفيض على ما يسد مسدهما ويقوى على انواع الطاعات من غير ضعف في القوة ولا كلال في الإحساس (والى هذا ذهب الجمهور) وهو أظهر الأقوال (وقيل) يحتمل ان الله تعالى يخلق فيه من الشبع والري ما يغنيه عن الطعام والشراب. فلا يحس بجوع ولا عطش, والفرق بينه وبين ما قبله انه عليه يعطى القوة بلا شبع ولا رى. بل مع الجوع والظمأ؛ وعلى الثاني يعطى القوة معهما. ورجح ما قبله بأن الثاني ينافى حال الصائم ويفوت المقصود من الصوم والوصال, لأن الجوع هو روح هذه العبادة بخصوصها (قال القرطبي) ويبعده ايضاً النظر الى حالهصلى الله عليه وسلم فانه كان يجوع أكثر مما يشبع. ويربط على بطنه الحجارة من الجوع (قال الحافظ) وتمسك به ابن حبان بظاهر الحال فاستدل بهذا الحديث على تضعيف الأحاديث الواردة بأنه صلى الله عليه وسلم كان يجوع ويشد الحجر على بطنه من الجوع. قال لأن الله تعالى كلن يطعم رسوله ويسقيه اذا واصل, فكيف يتركه جائعاً حتى يحتاج الى شد الحجر على بطنه. ثم قال وماذا يغني الحجر من الجوع. ثم ادعى ان ذلك تصحيف ممن رواه وانما هي الحجز بالزاى جمع حجزة, وقد اكثر الناس من الرد عليه في جميع ذلك, وأبلغ ما يرد عليه به أنه أخرج في صحيحه من حديث ابن عباس (قال خرج النبي صلى الله عليه وسلم بالهاجرة فراى ابا بكر وعمر, فقال ما أخرجكما؟ فالا ما أخرجنا الا الجوع فقال وانا والذي نفسي بيده ما أخرجني إلا الجوع- الحديث" فهذا لحديث يرد ما تمسك به. وأما قوله وما يغنى الحجر عن الجوع فجوابه أنه يقيم الصلب, لأن البطن اذا خلا ربما ضعف صاحبه عن القيام لإنثناء بطنه عليه, فاذا ربط عليه الحجر اشتد وقوى صاحبه على القيام حتى قال بعض من وقع له ذلك كنت اظن ان الرجلين يحملان البطن. فاذا البطن يحمل الرجلين اهـ باختصار (1) قال القسطلانى بهمزة وصل وسكون الكاف وفتح اللام من كلفت بهذا الأمر. أكلف به من باب علم يعلم أى"تكلفوا من العمل ما تطيقون" أى تطيقونه فحذف العائد أى الي تقدرون عليه ولا تتكلفوا فوق تطيقونه فتعجزوا اهـ, وضبطه الحافظ بضم اللام ولم اقف على من وافقه على ذلك, ففي العينى اكلفوا بفتح اللام كما في القسطلانى. وضبطه النووى في شرح مسلم بفتح اللام أيضاً, وكذلك صاحب النهاية (تخريجه) (ق. وغيرهما) ورواه الإمام مالك في الموطأ بدون قوله"فاكلفوا من العمل ما تطيقون"

(145) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال في الصيام؛ فقيل له انك تفعله, فقال انى لست كأحدكم, انى أظل (1) يطعمني

_ (145) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا وكيع عن العمرى عن نافع عن ابن عمر -الحديث" (غريبه) (1) قال اهل اللغة يقال ظل يفعل كذا اذا عمله في النهار دون الليل وبات, يفعل كذا اذا عمله في الليل. ومنه قول عنترة * ولقد ابيت على الطوى وأظله* اى اظل عليه, وقد جاء في رواية للإمام أحمد وابن ابى شيبة من طريق الأعمش عن ابى صالح عن ابى هريرة "اني أظل عند ربي فيطعمني ويسقيني" قال الحافظ وهو محمول على مطلق الكون لا على حقيقة اللفظ، لأن المتحدث عنه هو الإمساك ليلاً لا نهاراً، وأكثر الروايات إنما هي، أبيت وكأن بعض الرواة عبر عنها بأظل نظراً إلى اشتراكهما في مطلق الكون، يقولون كثيراً أضحى فلان كذا مثلاً، ولا يريدون تخصيص ذلك بوقت الضح، ومنه قوله تعالى (وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسوداً) فإن المراد به مطلق الوقت ولا اختصاص لذلك نهار دون ليل اهـ وآثر اسم الرب دون اسم الذات، فلم يقل يطعمني الله، لأن التجلي باسم الربوبية اقرب إلى العباد من الألوهية لأنها تجلي عظمة لا طاقة للبشر بها، وعلى ربوبية تججلي رحمة وشفقة وهي أليق بهذا المقام (وفي رواية أظل) دلالة لما ذهب إليه الجمهور من تأويل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة السابق (إني أبي يطعمني ربي ويسقيني) بأنه على سبيل المجاز لا الحقيقة، لأن ظل لا يكون إلا في النهار، ولا يجوز أن يكون أطكلاً حقيقياً في النهار، وأن المراد به القوة لأنه لو كان على الحقيقة لم يكن مواصلاً ومر جوابه (وقيل كان يؤتى بطعام وشراب في النوم فيستيقظ وهو يجد الري والشبع) (قال النووي) في شرح المهذب معناه (محبة الله تشغلني عن الطعام والشراب، والحب البالغ يشغل عنهما، وجنح اليه ابن القيم فقال. يحتمل أن المراد أنه يشغله بالتفكر في عظمته والتجلي بمشاهدته والتغذي بمعارفه وقرة العين بمحبته والاستغراق في مناتجاته والإقبال عليه وتوابع ذلك من الأحوال التي هي غذاء القلوب ونسيم الأرواح وقرة العين وبهجة النفوس عن الطعام والشراب، فللقلب بها والروح أعظم غذا وأنفعه. وقد يكون هذا أعظم غذاء الأجسام، ومن له أدنى شوق وتجربة يعلم استغناء الجسم بغذاء القلب والروح عن كثير من الغذاء الجسماني، ولا سيما الفرحان الظافر بمطلوبه الذي قرت عينه بمحبوبه كما قيل: لها أحاديث من ذكراك تشغلها ... عن الشراب وتلهيها عن الزاد

ربي ويسقيني (وعنه من طريق ثان) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم واصل في رمضان فواصل الناس فنهاهم، فقيل له إنك تواصل، قال إني لست مثلكم، إني أطعم وأسقي (2) (146) عن معاذة (3) قالت سألت امراة عائشة رضي الله عنها وأنا شاهدة (4) عن وصل صيام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لها أتعملين كعمله؟ (5) فإنه قك كان غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. وكان عمله نافلة له (147) عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يواصل من السحر إلى السحر (6)

_ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (2) بضم الهمزة فيهما (تخريجه) (ق. وغيرهما) (146) عن معاذة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قال حدثني أبي ثنا يزيد يعني لاالرشك عن معاذة ـ الحديث (غريبه) (3) هي بنت عبد الله العدوية أم الصهباء البصرية ثقة من الثالثة. قاله الحافظ في القريب (4) أي حاضرة (5) أي اتريدين أن تعملي كعمله؟ إن كنت تريدين ذلك فلا يمكنك. لأنه صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر. ومع هذا فقد كان يجهد نفسه في عبادة الله وطتاعته شكراً لله وطلباً لمزيد فضله (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد (147) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا غسرائيل عن عبد الاعلى عن محمد بن علي عن علي رضي الله عنه ـ الحديث (غريبه) (6) أي في بعض الأحيان وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يواصل خمسة عشر يوماً، رواه ابن أبي شيبة بإسناد صحيح، وسيأتي أنه صلى الله عليه وسلم واصل بأصحابه يومين وليلتين، وقد ذهب جماعة سيأتي ذكرهم في الأحكام إلى جواز الوصال من السحر إلى السحر مستدلين بهذا الحديث وبحديث ابي سعيد الآتي في الفصل الأخير من هذا الباب، قالوا وهذا الوصال لا يترتب عليه شيء مما يترتب على غيره. لأنه في الحقيقة بمنزلة عشائه إلا أنه يؤخره، لأن الصائم له في اليوم والليلة أكلة، فإذا أكلها في السحر فقد نقلها من أول الليل إلى آخره ووكان أخف لجسمه في قيام الليل (وقال الحافظ) ولا يخفى أن محل ذلك ما لم يشق على الصائم وإلا فلا يكون قربة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وأخرجه

(148) عن عائشة رضي الله عنها قالت نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن الوصال في الصيام (149) عن ليلي امرأة بشير (1) قالت أردت أن اصوم يومين مواصلةً فمنعني بشير وقال إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نهى عنه (2) وقال يفعل ذلك النصارى ولكن صوموا كما أمركم الله عز وجل وأتموا الصيام إلى الليل، فإغذا كان الليل فأفطروا (الفصل الثاني في مواصلة النبي صلى الله عليه وسلم يومين وليلتين حين أبوا أن ينتهوا كالمنكل بهم) (150) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تواصلوا

_ عبد الرزاق من حديث علي أيضاً، وأخرجه الطبراني أيضا من حديث جابر، وأخرجه سعيد ابن منصور مرسلاً من طريق بن ابي نجيح عن أبيه ومن طريق ابي قلابة (148) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا حيوة بن شريح قتال ثنا بقية قال محمد بن زياد قال سمعت عبد الله بن ابي قيس يقول سمعت عائشة تقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (تخريجه) (ق) مطولاً بلفظ (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم قالوا إنك تواصل، قال إني لست كهيئتكم اني يطعمني ربي ويسقين) وسيأتي للإمام أحمد مثله في الفصل الثاني (149) عن ليلى امرأة بشير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد وعفان قالا ثنا عبيد الله بن أياد ثنا أياد يعني ابن لقيط عن ليلى امرأة بشير ـ الحديث (غريبه) (1) هو ابن معبد وقيل ابن معبد بن زيد السدوسي المعروف بابن الخصاصية بمعجمة مفتوحة وصادين مهملتين ثم ياء تحتيه صحابي جليل (2) ظاهر النهي التحريم لا سيما وقد قال (يفعل ذلك النصارى) ونحن مطالبومن بمخالفتهم وقد قال بذلك جماعة من العلماء سيأتي ذكرهم في الأحكام (تخريجه) (طب. ص) وعبد بن حميد وابن ابي حاتم في تفسيرهما وصحح الحافظ إسناده (150) عن ابي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة رضي الله عنه ـ الحديث

قالوا يا رسول الله إنك تواصل، قال إني لست مثلكم، إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني، قال فلم ينتهوا عن الوصال فواصل بهم النبي صلى الله عليه وسلم يومين وليلتين ثم رأوا الهلال (1) فقال النبقي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لو تأخر (2) الهلال لزدتكم كالمنكل بهم (3) (151) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم واصل في رمضان (4) فواصل ناس من أصحابه فأُخبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لو مُدّ لي الشهر (5) لواصلت وصالاً يدع المتعمقون (6) تعمقهم، إني أظل يطعمني ربي ويسقيني

_ (غريبه) (1) أي هلال شوال (2) يعني لو بقي من الشهر أكثر من ذلك لزدتكم في الوصال إلى أن تعجزوا عنه فتسألوا التخفيف عنكم بتركه (قال الحافظ) وهذا كما اشار عليهم أن يرجعوا من حصار الطائف فلم يعجبهم، فأمرهم بمباكرة القتال من الغد فأصابتهم جراح وشدة وأحبوا الرجوع فأصبح راجعاً بهم فأعجبهم ذلك اهـ (32) لفظ البخاري (كالتنكيل بهم) ولفظ مسلم (كالمنكل بهم) ووقع في رواية معمر عند المستملي (كالمنكر) بالراء وسكون النون من الأنكار، وللحموي (كالمنكى) بالياء التحتية الساكنة قبلها كاف مكسورة خفيفة، من الأنكاء، والأول أشهر وأكثر، والتنكيل من النكال وهو العقوبة التي تنكل الناس عن فعل جعلت له جزاء وقد نكل به تنكيلاً ونكل به إذا جعله عبرة لغيره (تخريجه) (ق. نس. قط) وغيرهم (151) عن انس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال أنا ثابت عن أنس بن مالك ـ الحديث (غريبه) (4) في رواية عند مسلم في أول شهر رمضان قال القاضي عياض وهو وهم من الراوي، وصوابه في آخر شهر رمضان. وكذا رواه بعض رواة صحيح مسلم وهو الموافق للحديث الذي قبله ولباقي الأحاديث (5) أي تمادى كما في رواية عند مسلم، والمعنى لو بقي في الشهر مدة (6) هم المشددون في الأمور المجاوزون الحدود في قول أو فعل (تخريجه) (ق وغيرهما)

(152) عن عبد الله بن أبي موسى (1) قال سألت عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها عن الوصال فقالت لما كان يوم أحد واصل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه (2) فشقّ عليهم، فلما رأوا الهلال أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم فقال لو زاد لزدت (3) فقيل له إنك تفعل ذاك أو شيئاً نحوه قال إني لست مثلكم أبني أبيت يطعمني ربي ويسقيني (الفصل الثالث في الرخصة في الوصال إلى السحر) (153) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول لا تواصلوا فأيكم اراد أن يواصل فليواصل حتى السحر (4) فقالوا إنك تواصل، قال إني لست كهيئتكم (5) إني أبيت لي مطعم يطعمني وساق يسقيني

_ (152) عن عبد الله بن أبي موسى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن يزيد بن خمير قال سمعت عبد الله بن ابي موسى ـ الحديث (غريبه) (1) هكذا بالأصل عبد الله بن ابي موسى وهو خطأ، وصوابه عبد الله بن ابي قيس كما سيأتي في تخريجه (2) يعني بعد نهاهم عن الوصال كما يستفاد من الأحاديث السابقة، ولكنه وجد منهم الرغبة في الوصال فواصل معهم ليريهم وجهة نظره وخطئهم في إصرارهم على الوصال (3) يعني لو تأخر الشهر لزدتكم وصالاً، يريد بذلك تأديبهم (تخريجه) (ق. وغيرهما) وفي آخر هذا الحديث قال عبد الله بن الإمام أحمد، قال أبي ـ عبد الله بن أبي موسى هو خطأ، أخطأ فيه شعبة ـ هو عبد الله بن أبي قيس (153) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا قتيبة ثنا بكر بن مضر عن ابن الهاد عن عبد الله بن خباب عن أبي سعيد الخدري ـ الحديث (غريبه) (4) بالجر بحتى الجارة التي بمعنى إلى، وفيه رد على من قال إن الإمساك بعد الغروب لا يجوز (5) أي لست مثل حالتكم وصفتكم فيب أن من أكل منكم أو شرب انقطع وصاله (تخريجه) (خ. د) من رواية ابن الهاد أيضاً كما هنا ولم يخرجه مسلم. ووهم صاحب العمدة فعزاه له وإنما هو من أفراد البخاري كما قاله عبد الحق في الجمع بين الصحيحين، وكذا صاحب المنتقى وصاحب الضياء في المختارة بل والحافظ عبد الغني

.

_ ابن سرور في عمدته عزا ذلك للبخاري فقط، فلعله وقع في عمدته الصغرى سبق قلم واغلله أعلم، وهذا الحديث لا يعارضه حديث أبي صالح عن ابي هريرة المروي عن ابن خزيمة من طريق عبيدة بن حميد عن الأعمش عنه بلفظ (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يواصل إلى السحر ففعل بعض أصحابه ذلك فنهاه الحديث) لأن المحفوظ في حديث أبي صالح اطلاق النهي عن الوصال بغير تقييد بالسحر، فرواية عبيدة هذه شاذة وقد خالفه أبو معاوية وهو أضبط أصحاب الأعمش فلم يذكر ذلك، وأخرجه الامام أحمد وغيره عن ابي معاوية وتابعه عبد الله ابن نمير عن الأعمش كما سبق. وعلى تقدير أن تكون رواية عبيدة محفوظة فقد أجمع ابن خزيمة بينهما باحتمال أن يكون نهي صلى الله عليه وسلم عن الوصال أولاً مطلقاً سواء جميع الليل أو بعضه، وعلى هذا يحمل حديث أبي صالح، ثم خص النهي بجميع الليل فأباح الوصال غلى السحر، وعلى هذا يحمل حديث أبي سعيد، وقيل يحمل النهي في حديث أبي صالح على كراهة التنزيه، وما زاد على السحر في حديث أبي سعيد على كراهة التحريم أفاده الحافظ (زوائد الباب) عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم واصل يومين وليلة، فأتاه جبريل فقال إن الله عز وجل قد قبل وصالك. ولا يحل لأحد بعدك، وذلك لأن الله تبارك وتعالى يقول (ثم أتموا الصيام إلى الليل) فلا صيام بعد الليل. وأمرني بالوتر بعد الفجر (طس) عن عبد الله عن أبي ذر قال الهيثمي. ولم أعرف عبد الملك وبقية رجاله رجال الصحيح (وعن ابن عمر رضي الله عنهما) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وصال ثلاثة أيام. قالوا انك تواصل (قال إني أظل يطعمني الله ربي ويسقيني) (طب) وفيه سهل بن سنان النهرتيري، قال الهيثمي ولم أجد من ترجمه (وعن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم (يواصل من السحر إلى السحر) رواه الطبراني في الأوسط وهو حديث حسن (وعن سمرة بن جندب) رضي الله عنه قال (نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نواصل وليست بالعزيمة) (بز. طب) وإسناده ضعيف (وعن أبي المليح عن ابيه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (صوموا من وضح إلى وضح) (1) (بز. طب. طس) وفيه سالم بن عبد الله بن سالم، قال الهيثمي ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله موثقون، أورد هذه الاحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا (الأحكام) أحاديث الباب فيها النهي عن الوصال وإباحته للنبي صلى الله عليه وسلم وأنه من خصائصه، وفيها الترخيص بفعله لغيره صلى الله عليه وسلم إلى وقت السحر (أما كونه من خصائصه) صلى الله عليه وسلم فلما في أحاديث الباب من قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي هريرة (إنكم لستم في ذلك مثلي) وفي حديث ابن عمر (إني لست كأحدكم) وفي لفظ (إني لست مثلكم) وفي حديث أبي

.

_ سعيد (إني لست كهيئتكم) وفي سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بعد العصر وينهي عنها. ويواصل وينهى عن الوصال (قال الإمام الشافعي رحمه الله) بعد أن ذكر حديث النهي عن الوصال ـ وفرق الله بين رسوله وبين خلقه في أمور أباحها له وحظرها عليهم، وذكر منها الوصال (وقال الخطابي) الوصال من خصائص ما ابيح لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محظور على أمته، وحكى النووي في شرح المهذب اتفاق نصوص الشافعي والأصحاب على أنه من الخصائص، ثم ذكر خلافا في كيفية ذلك فنقل (عن الشافعي والجمهور) أنه مباح له، وعن أمام الحرمين أنه قربة في حقه صلى الله عليه وسلم (وأما النهي عنه) أي الوصال فيحتمل التحريم والكراهة لكن قوله في حديث أبي هريرة رضي الله عنه (اياكم والوصال) يقتضي التحريم، وكذا قوله في رواية أخرى لأبي هريرة وابي سعيد\، لا تواصلوا. وفي أحاديث ابن عمر وعائشة وبشير أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوصال. وقد اختلف العلماء في هذه المسألة (فذهب الجمهور) إلى النهي عنه وحكى ابن المنذر كراهته عن (مالك والثوري والشافعي وأحمد واسحاق) وقال العبدري من الشافعية هو قول العلماء كافة إلا ابن الزبير وهو متفق عليه في مذهب الشافعي (واختلفوا) في أنها كراهة تحريم أو تنزيه (فذهب الأكثرون إلى التحريم) وفيه وجهان مشهوران للشافعية (أصحهما) عندهم كراهة تحريم، وقال ابن شاس في الجواهر حكي أبو الحسن اللخمي قولين في جواز ذلك ونفيه، ثم اختار جوازه إلى السحر، وكراهيته غلى الليلة القابلة عملاً بحديث علي المذكور في الفصل الأول، وبحديث أبي سعيد المذكور في الفصل الثالث، ورواه البخاري أيضاً وفيه الترخيص لهم بالوصال إلى السحر (واليه ذهب الأمام أحمد واسحاق وابن المنذر وابن خزيمة وجماعة من المالكية) وهذا عندي أعدل الأقوال لأنه إن كان اسم الوصال إنما يصدق على إمساك جميع الليل فلا معارضة بين الأحاديث، وإن كان يصدق على أعم منذ لك فيبنى العام علىلخاص ويكون المحرم ما زاد على الغمساك إلى ذلك الوقت (وقال ابن قدامة في المغني) بعد تقريره كراهته إنه غير محرم، قال واستدل هؤلاء بقول عائشة رضي الله عنها (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال رحمة لهم) كما في رواية الشيخين، وبكونه عليه الصلاة والسلام لما أبوا أن ينتهوا واصل بهم يومين وليلتين كما في حديث أبي هريرة عند الامام أحمد، وهو في الصحيحين أيضاً بلفظ (فلما أبوا أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم يوماً ثم يوماً) ولمسلم والإمام أحمد من حديث أنس (لو مد لي الشهر لواصلت وصالاً يدع المتعمقون تعمقهم الحديث) تقدم في الفصل الثاني من الباب (واجاب القائلون بتحريمه) عن قولها (رحمة لهم) بأن ذلك لا يمنع كونه منهياً عنه للتحريم. وسبب تحريمه الشفقة عليهم لئلا يتكلفوا ما يشق عليهم (وعن الوصال بهم يوماً ثم يوماً) بأنه احتمل لمصلحة في تأكيد

.

_ زجرهم (قال ابن العربي) تمكينهم منه تنكيل لهم. وما كان على طريق االعقوبة لا يكون من الشريعة اهـ (وذهب ىخرون) إلى أنه لا كراهة في الوصال وكان عبد الله بن الزبير يفعله (وروى ابن ابي شيبة) في مصنفه عن أبي نوفل بن عقرب قال، دخلت على ابن الزبير صبيحة خمسة عشر من الشهر وهو مواصل (وعن عبد الرحمن بن ابي نعيم) أنه كان يواصل خمسة عشر يوماً (وعن أبي العالية) أنه قال في الوصال للصائم قال الله تعالى (ثم أتموا الصيام إلى الليل) فإذا جاء الليل فهو مفطر ثم إن شاء صام وان شاء ترك (وذكر الماوردي) أن عبد الله بن الزبير واصل سبعة عشر يوماً ثم أفطر على سمن ولبن وصبر، قال وتأول في السمن أن يلين الأمعاء. واللبن ألطف غذاء، والبر يقوي الاعضاء (وفي الاستذكار لابن عبد البر عن مالك أن عامر بن عبد الله بن الزبير كلت يواصل في شهر رمضان ثلاثاً. فقيل له ثلاثة أيام؟ قال لا ومن يقوى؟ يواصل يومين وليلة (وحكى ابن حزم) عن ابن وضاح من المالكية أنه كان يواصل أربع ايام. واحتج هؤلاء بمثل ما احتج به الذاهبون إلى الكراهة، وقالوا أنهيهم عن الوصال رحمة بهم ورفق لا الزام وحتم، واستدلوا أيضاً بفعله صلى الله عليه وسلم ولم يروا ذلك مختصاً به، ويرده تصريحه عليه الصلاة والسلام باختصاصه بذلك في أحاديث الباب كقوله صلى الله عليه وسلم إنكم لستم في ذلك مثلي إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني, هذا"وفي أحاديث الباب" من الفوائد استواء المكلفين في الأحكام وان كل حكم ثبت في حق النبي صلى الله عليه وسلم ثبت في حق امته ألا ما لسنتى بدليل (وفيها) جواز معارضة المفتى فيما افتى به اذا كان بخلاف حاله ولم يعلم المستفتى بسر المخالفة (وفيه) الاستكشاف عن حكمة النهى (وفيها) ثبوت خصائصه صلى الله عليه وسلم وأن عموم قوله تعالى (لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة) مخصوص (وفيها) أن الصحابة كانوا يرجعون الى فعله المعلوم صفته ويبادرون الى الائتساء به الا فيما نهاهم عنه (وفيها) أن خصائصه لا يتأسى به فى جميعها وقد توقف في ذلك امام الحرمين, وقال ابو شامة, ليس لأحد التشبه به في المباح كالزيادة على اربع نسوة (ويستحب التنزه عن المحرم عليه) والتشبه به في الواجب عليه كالضحى. وأما المستحب فلا يتعرض له. والوصال منه. فيحتمل أن يقال ان لم ينه عنه لم يمنع الائتساب به فيه (وفيه) بيان قدرة الله تعالى على ايجاد المسببات العاديات من غير سبب ظاهر والله أعلم

(15) باب كفارة من جامع في نهار رمضان (154) عن ابي هريرة رضي الله أن أعرابياً (1) جاء يلطم وجهه وينتف شعره ويقول ما أراني (2) إلا قد هلكت، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أهلكك؟ قال اصبت أهلي في رمضان (3) قال أتستطيع أن تعتق رقبة؟ (4) قال لا، قال أتستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟ قال لا، (5) قال أتستطيع

_ (154) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا محمد بن ابي حفصة عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة ـ الحديث (غريبه) (1) قيل هذا الإعرابي هو سلمان، ويقال فيه سلمة بن صخر البياضي، رواه ابن ابي شيبة وابن الجارود، وبه حزم عبد الغني في المبهمات، وتعقب بأن سلمة هو المظاهر في رمضان وإنما أتى أهله ليلاً رأى خلخالها في القمر، ولكن روى ابن عبد البر في التمهيد عن سعيد بن المسيب أن الرجل الذي وقع على أهله في رمضان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم هو سلمان بن صخر أحد بني بياضة، قال ابن عبد البر أظن هذا وهماً، لأن المحفوظ أن سلمة أو سلمان إنما كان مظاهراً (قال الحافظ) ويحتمل أن قوله وقع على امرأته أي ليلاً بعد أن ظاهر فلا يكون وهماً، ويحتمل وقوع الأمرين له، قال وسبب ظنهم أنه المحترق (يعني الذي جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يقول احترقت) أن ظهاره من امرأته كان في شهر رمضان وجامع ليلاً كما هو صريح حديثه، وأما المحترق فأعرابي جامع نهاراً فتغايرا، نعم اشتركا في قدر الكفارة وفي الاتيان بالنمر وفي الأعطاء، وفي قول كل منهما على أفقر منا، ولكن لا يلزم من ذلك اتحادهما اهـ (وقوله يلطم وجهه وينتف شعره) زاد الدارقطني ويحثي على رأسه التراب، والظاهر أن هذه الواقعة كانت قبل النهي عن لطم الخدود وحلق الشعر عند المصيبة، او كانت بعده ولم يبلغ الرجل هذا الحكم والله أعلم (2) بضم الهمزة، أي ما أظنني إلا قد هلكت، وفي بعض طرق هذا الحديث عند الدارقطني أنه قال يا رسول الله هلكت وأهلكت أي فعلت ما هو سبباً لهلاكي وهلاك غيري، أو هو زوجته التي وطئها، لكن زيادة وأهلكت حكم البيهقي وشيخه الحاكم بأنها باطلة وغلط ممن قالها كما ذكره الحافظ (3) في رواية عائشة وطئت امرأتي وأنا صائم (4) في رواية عند البخاري هل تجد رقبة تعتقها؟ أي تقدر، فالمراد الوجود الشرعي ليدخل فيه القدرة بالشراء ونحوه، ويخرج عند مالك الرقبة المحتاج اليها بطريق معتبر شرعاً (5) في رواية عند البزار (وهل لقيت ما لقيت إلا من الصيام)

أن تطعم ستين مسكيناً (1) قال لا، وذكر الحاجة (2) قال فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بزنبيلٍ (3) وهو المكتل فيه خمسة عشر صاعاً أحسبه تمراً، قال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اين الرجل؟ قال أطعم هذا (4) قال يا رسول الله

_ (1) لفظ البخاري فهل تجد إطعام ستين مسكيناً (قال ابن دقيق العيد) قوله إطعام ستين مسكيناً يدل على وجوب إطعام هذا العدد لأنه أضاف الإطعام الذي هو مصدر أطعم إلى ستين، فلا يكون ذلك موجوداً في حق من أطعم عشرين مسكيناً ثلاثة ايام مثلاً، ومن أجاز ذلك فكأنه استنبط من النص معنى يعود عليه بالإبطال، والمشهور عن الحنفية الأجزاء حتى لو أطعم الجميع مسكيناً واحداً في ستين يوماً كفى اهـ 02) يعني احتياجه وأنه فقير لا يملك قوت أهله، وقد جاء مصرحاً بذلك في حديث ابن عمر عن أبي يعلى والطبراني في الكبير والأوسط بلفظ (والذي بعثك بالحق ما أشبع أهلي) (قال العلماء) والحكمة في ترتيب هذه الكفارة على ما ذكر أن من انتهك حرمة الصوم بالجماع فقد أهلك نفسه بالمعصية فناسب ان يعتق رقبة فيفدي نفسه، وقد صح من أعتق رقبة بكل عضو منها عضواً منه من النار، وأما الصيام فإنه كالمقاصة بجنس الجناية (وكونه شهرين) لأنه لما امر بمصابرة النفس في حفظ كل يوم من شهر على الولاء فلما أفسد منه يوماً كان كمن أفسد الشهر كله من حيث أنه عبادة واحدة بالنوع، وكلف بشهرين مضاعفة على سبيل المقابلة لنقيض قصده (وأما الإطعام) فمناسبته ظاهرة لأنه مقابل كل يوم إطعام مسكين، وإذا ثبتت هذه الخصال الثلاث في هذه الكفارة فهل هي على الترتيب أو التخيير؟ قال البيضاوي رتب الثاني بالفاء على فقد الاول. ثم الثالث بالفاء على فقد الثاني. فدل على عدم التخيير مع كونها في معرض البيان وجواب السؤال فينزل منزلة الشرط للحكم. وقال مالك بالتخيير (وقوله فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم) بضم الهمزة مبيناً للمفعول، ولم يسم الآتي. لكن للبخاري في الكفارات (فجاء رجل من الأنصار) وللدارقطني عن سعيد بن المسيب مرسلاً (فأتي رجل من ثقيف) قال الحافظ فإن لم يحمل على أنه كان حليفاً للأنصار بالمعنى الأعم وإلا فما في الصحيح أصح (3) بكسر الزاي بعدها نون ساكنة. ويقال له الزبيل بفتح الزاي من غير نون بوزن كفيل، ويقال له أيضاً القفة والمكتل بكسر الميم وفتح التاء الفوقية كما فسره به الراوي، ويقال له أيضاً العرق بفتح العين والراء (قال النووي) هذا هو الصواب المشهور في الرواية واللغة، وكذا حكاه القاضي عياض عن رواية الجمهور، ثم قال ورواه كثير من شيوخنا وغيرهم بإسكان الرائ. قال والصواب الفتح اهـ والعرق عند الفقهاء ما يسع خمسة عشر صاعاً وهي ستون مداً لستين مسكيناً لكل مسكين مد (4) أي أطعم التمر عن نفسك. وفي رواية أخرى للإمام أحمد ستأتي بلفظ (خذ هذا

ما بيت لابتيها (1) أحد أحوج منا أهل بيت قال فضحك (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه (3) قال أطعم أهلك (وعنه من طريق ثانٍ) قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل ينتف (5) شعره ويدعو ويله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك (6) قال قد وقع على امرأته في رمضان، قال أعتق رقبة (7) قال لا أجدها، قال صم شهرين متتابعين، قال لا أستطيع، قال أطعم ستين مسكيناً، قال لا أجد، قال فأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرقٍ (8) فيه خمسة عشر صاعاًُ من تمر، قال خذ هذا فأطعمه عنك ستين مسكيناً، قال يا رسول الله ما بين لابتيها أهل بيتٍ

_ فأطعمه عنك ستين مسكيناً) وفي رواية لابن اسحاق فتصدق به عن نفسك (1) بالتخفيف تثنية لابة، وهي الحرة. والحرة الأرض التي فيها حجارة سود. يقال لابة ولوبة ونوبة بالنون. حكاهن الجوهري وجماعة من أهل اللغة، ومنه للاسود لوبي ونوبي، والضمير في قوله لابتيها عائد الى المدينة، اي ما بين حرتي المدينة لكونها واقعة بين حرتين وقوله أحد بالرفع اسم ما وأحوج بالنصب خبرها على أنها حجازية تعمل عمل ليس، ويجوز الرفع فيهما على أن ما تميمية (2) إنما ضحك صلى الله عليه وسلم تعجباً من حال الرجل في كونه جاء أولاً هالكاً يلطم وجهه خائفاً على نفسه راغباً في فدائها مهما أمكنه، فلما وجد الرخصة طمع أن يأكل ما أعطيه في الكفارة (3) الأأنياب جمع ناب وهي الاسنان الملاصقة للرباعيات وهي اربعة، والضحك غير التبسم، وقد ورد أن ضحكه صلى الله عليه وسلم كان تبسماً أي في غالب أحواله، ثم قال صلى الله عليه وسلم أطعم اهلك اي ما في الزنبيل من التمر (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا الحجاج ابن أرطأة عن ابراهيم بن عامر عن سعيد بن المسيب، وعن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال (بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث) (5) تقدم في شرح الطريق الأولى أن هذا الرجل هو سلمة أو سلمان بن صخر (وقوله ويدعو ويله اي ينادي بالهلاك يعني أن هلك كما صرح بذلك في الطريق الأولى) (6) بفتح اللام، وما استفهامية محلها رفع بالابتداء يعني أي شأن كائن لك أو حاصل لك (7) أعتق هنا بلفظ الأمر وكذلك صم وأطعم وهو يفيد الوجوب (8) بفتح الراء وقد تسكن وهو ما نسج من الخوص وتقدم ضبطه وانه مرادف للمكتل والزنبيل وغيرها مما تقدم ذكره. قال في الصحاح المكتل يشبه الزنبيل يسه خمسة عشر صاعاً (قلت) وهو موافق لهذه الرواية والرواية الأولى أيضاً، لكن وقع عند الطبراني في

أفقر منا قال كله أنت وعيالك (وعنه من طريق ثالث) (1) بمثله عن النبي صلى الله عليه وسلم وزاد بدنة (2) وقال عمرو في حديثه وأمره أن يصوم يوماً

_ في الأوسط أنه أتى بمكتل فيه عشرون صاعاً فقال تصدق بهذا وفي اسناده ليث بن ابي سليم ووقع مثل ذلك عند ابن خزيمة من حديث عائشة، وفي مسلم عنهاغ فجاءه عرقان فيهما طعام (قال الحافظ 9 ووجهه أن التمر كان في عرق لكنه كان في عرقفين في حال التحميل على الدابة ليكون اسهل، فيحتمل أن الآتي به لما وصل افرغ أحدهما في الآخر فمن قال عرقان أراد ابتداء الحال، ومن قال عرق أراد ما آل غليه (وقد ورد في تقدير الاطعام) حديث علي عند الدارقطني بلفظ (يطعم ستين مسكيناً لكل مسكين مد) وفيه فأتى بخمسة عشر صاعا، فقال أطعمه ستين مسكيناً، وكذا عند الدارقطني أيضاص من حديث ابي هريرة، قال الحافظ من قال عشرون أراد اصل ما كان عليه، ومن قال خمسة عشر اراد قدر ما يقع به الكفارة والله أعلم (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ابي ثنا يزيد انا الحجاج عن عطاء وعن عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده بمثله عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (وقوله بمثله) هكذا جاء بالأصل مجملاً والضمير يعود على الطريق الثانية. يعني بمثل حديث سعيد بن المسيب والزهري (2) يعني أمره النبي صلى الله عليه وسلم بإهداء بدنة. وقد جاء ذاك موضحاً عند الإمام مالك في الموطأ عن عطاء الخراساني عن سعيد بن المسيب. قال جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث، وفيه (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل تستطيع تعتق رقبة؟ فقال لا. قال فهل تستطيع أن تهدي بدنة؟ قال لا) لكن ارسله سعيد بن المسيب (قال ابن عبد البر) ما ذكر في هذا الحديث محفوظ من رواية الثقات الأثبات إلا هذه الجملة فإنها غير محفوظة (يعني البدنة) ونقل القاسم بن عاصم عن سعيد بن المسيب أنه قال كذب عطاء الخراساني، ما حدثته. إنما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له تصدق. وقد اضطرب في ذلك على القاسم. ولا يخرج بمثله عطاء فإنه فوقه في الشهرة بحمل العلم. وشهرته فيه وفي الخبر أكثر من القاسم وإن كان البخاري أدخله في كتاب العفاء بهذا الخبر فلم يتابع على ذلك. وقد أسند البخاري في التاريخ ذكر البدنة من رواية غير عطاء الخراساني، فرواه عن عطاء ومجاهد عن أبي هريرة مرفوعاً (أعتق رقبة ثم قال انحر بدنة) قال البخاري لا يتابع عليه. وكذا أسنده قاسم بن أصبغ عن مجاهد مرسلاً إلا ان جمهور العلماء لم يروا نحر البدن عملاً بحديث ابن شهاب. ولا أعلم أحداً أفتى بذلك إلا الحسن البصري أهـ ملخصاً، وحاصله ان غلط الثقة في لفظ لا يقتضي طرح حديثه ولا تكذيبه دائماً بل يحكم بغلطه في هذه اللفظة فقط والذي في الأحاديث (قال فهل

مكانه (1) (وعنه من طريق رابع) (2) بنحو حديث ابن ابى حفصة عن ابن شهاب وفيه, قال قاتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بعرق والعرق المكتل فيه تمر, قال اذهب فتصدق بها (3) الحديث (155) وعنه ايضاً رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم امر رجلاً افطر في رمضان ان يعتق رقبة او (4) يصوم شهرين

_ تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين" (1) يعنى مكان اليوم الذي جامع فيه. قال الحافظ وقد ورد الأمر بالقضاء في رواية أبى أويس وعبد الجبار وهشام بن سعد كلهم عن الزهرى. وأخرجه البيهقي من طريق ابراهيم بن سعد عن الليث عن الزهرى, وحديث ابراهيم بن سعد في الصحيح عن الزهرى نفسه بغير هذه الزيادة. وحديث الليث عن الزهرى في الصحيحين بدونها. ووقعت الزيادة ايضاً في مرسل سعيد ابن المسيب ونافع بن جبير والحسن ومحمد بن كعب, وبمجموع هذه الطرق الأربع يعرف أن لهذه الزيادة أصلاً. وقد حكى عن الشافعى انه لا يجب عليه القضاء. واستدل له بأنه لم يقع التصريح في الصحيحين بالقضاء ويجاب بأن عدم الذكر له في الصحيحين لا يستلزم العدم. وقد ثبت عند غيرهما كما تقدم وظاهر إطلاق اليوم عدم الفورية والله اعلم (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثناعبد الرزاق ثنى معمر عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن ابى هريرة بنحو حديث ابن ابى حفصة عن ابن شهاب (اى الزهرى) يعني الطريق الأولى من هذا الحديث وفيه قال. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم الحديث (3) أى الفقة من باب ذكر المحل وارادة الحال أى تصدق بما فيها من التمر (تخريجه) (ق. لك. والأربعة. وغيرهم) ورواه ماينيف على اربعين نفساً عن الزهرى عن حميد عن ابى هريرة, وروى الطريق الثالثة منه (لك. جه. هق) (155) وعنه ايضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج وابن بكر قال انا ابن جريج حدثني ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن أن ابا هريرة حدثه ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلاً-الحديث" (غريبه) (4) قال النووى رحمه الله لفظ أو هنا للتقسيم لا للتخبير, تقديره يعتق او يصوم ان عجز عن العتق أو يطعم ان عجز عنهما وتبينه الروايات الباقية. قال وفي هذه الروايات دلالة لأبى حنيفة ومن يقول يجزئ.

أو يطعم ستين مسكيناً (156) عن محمد بن جعفر بن الزبير ان عبد الله بن الزبير (1) حدثه ان عائشة حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا هو جالس في ظل فارع (2) أجم حسان جاء رجل فقال احترقت يا رسول الله (3) قال ما شأنك قال وقعت على امرأتي وأنا صائم , قال وذاك في رمضان, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس (4) فجلس في ناحية القوم. فأتى رجل بحمار عليه غرارة (5) فيها تمر قال هذه صدقتى يا رسول الله, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أين المحترق (6) آنفاً هاهو ذا انا يا رسول الله

_ عتق كافر عن كفارة الجماع والظهار. وانما يشترطون الرقبة المؤمنة في كفارة القتل لأنها منصوص على وصفها بلأيمان في القرآن, وقال الشافعى والجمهور يشترط الأيمان في جميع الكفارات تنزيلاً للمطلق على المقيد والمسألة بنيت على ذلك. فالشافعى يحمل المطلق على القيد. وأبو حنيفة يخالفه اهـ (تخريجه) (م. لك د. هق) (156) عن محمد بن جعفر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يعقوب قال ثنا ابى عن ابن اسحاق قال حدثني محمد بن جعفر-الحديث" (غريبه) (1) هكذا بالأصل ان عبد الله بن الزبير هو الذي روى الحديث عن عائشة ولكن الثابت عند الشيخين وأبي داود والنسائي والبيهقى انه عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة فلعل لفظ (عباد بن) سقط من الأصل والله أعلم (2) الفارعهو كل شيء مرتفع. يفال جبل فارع أى مرتفع عال (والأجم) بضم الهمزة بعدها جيم مضمومة أيضا الحصن. جمعه آجم بمد الهمزة. والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان جالساً في ظل ما ارتفع من الحصن, وهو حصن بالمدينة. بقال انه حصن حسان بن ثابت رضي الله عنه (3) أطلق على نفسه انه احترق لاعتقاده ان مرتكب الإثم يعذب في النار فهو مجاز عن العصيان, أو المراد انه يحترق يوم القيامة فجعل المتوقع كالواقع. وعبر عنه بالماضي, ورواية الإحتراق هذه تفسر رواية الهلاك التى مضت في الحديث السابق أول الباب "وقولهصلى الله عليه وسلم ما شأنك يعنى ما قصتك وما الذي اصابك (4) قيل امره صلى الله عليه وسلم بالجلوس اتظاراً لشيء يأتيه يعينه به كما وقع ويحتمل انه رجل فضل الله أو انتظار وحي ينزل في امره (5) أوله غين معجمة مكسورة جمعها غرائر وهي وعاء يوضع فيه التمر ونحوه كالمكتل والزنبيل (6) أثبت له صلى الله عليه وسلم وصف الإحتراق إشارة

قال خذ هذا (1) فتصدق به, قال واين الصدقة يا رسول الله إلا على ولى (2) فوا الذي بعثك بالحق ما اجد انا وعيالى شيئاً, قال فخذها, فأخذها

_ إلى أنه لو اصر على ذلك استحق ذلك (1) يعنى التمر فتصدق به على ستين مسكيناً كما في بعض الروايات أى كفارة لما فرط منك (2) يريد انه افقر الناس وأحوجهم الى الصدقة وأقسم بالله على ذلك, فقال له النبي صلى الله عليه وسلم "خذها" يعنى الصدقة لك ولعيالك"فأخذها" (تخريجه) (ق. د. نس) وراه البيهقى بسنده عن عائشة رضي الله عنها بلفظ قالت"كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً في ظل فارع فجاءه رجل من بني بياضة, فقال احترقت, وقعت بامرأتي في رمضان؛ فقال اعتق رقبة, قال لا اجد, قال اطعم ستين مسكيناً, قال ليس عندي فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بعرق من تمر فيه عشرون صاعاً, فقال تصدق به. فقال لا نجد عشاء ليلة قال فعد به على أهلك" (قال البيهقى) عقب ذكره- الزيادات التي في هذه الواية تدل على صحة حفظ ابى هريرة ومن دون لتلك القصة"وقوله فيه عشرون صاعاً" بلاغ بلغ محمد بن جعفر بن الزبير, وقد روى الحديث محمد بن اسحاق بن يسار عن محمد بن جعفر ببعض من هذا يزيد وينقص, وفي آخره قال محمد بن جعفر فحدثت بعد ان تلك الصدقة كانت عشرين صاعاًمن تمر, وقد روى في حديث ابى هريرة خمسة عشر صاعاً وهو اصح والله اعلم اهـ (قلت) لا منافاة بين من روى عشرين صاعا وبين من روى خمسة عشر لأن الجمع ممكن بأن من روى عشرين صاعاً أراد ان أصل ما كان عليه, ومن روى خمسة عشر اراد ما اخذه الرجل كما تقدم عن الحافظ في شرح الطريق الثانية من حديث ابى هريرة والله اعلم (زوائد الباب) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اني افطرت يوما من رمضان, قال من غير عذر او سفر؟ قال نعم, قال بئس ما صنعته قال فما تأمرني؟ قال اعتق رقبة, قال والذي بعثك بالحقما ملكت رقبة قط, قال فصم شهرين متتابعين, قال لا استطيع, قال فأطعم ستين مسكيناً, قال والذي بعثك بالحق ما اشبع اهلي, قال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بمكتل فيه تمر, فقال تصدق بهذا على ستين مسكيناً, قال الى من ادفعه؟ قال الى افقر من تعلم, قال والذي بعثك بالحق ما بين قرنيها أهل بيت أحوج منا, قال فتصدق به على عيالك (عل. طب. طس) ورجاله ثقات (وعن سعد بن ابى وقاصرضي الله عنه) أن رجلا قال يا رسول الله اني هلكت, أفطرت في رمضان متعمداً, قال اعتق رقبة, قال لااجد. قال صم شهرين متتابعين. قال لا اقدر. قال أطعم ستين مسكيناً (بز) وفيه الواقدى وفيه كلام كثير وقد وثق (وعن أبى هريرة) رضي الله عنه قال جاء رجل إلى

.

_ النبي صلى الله عليه وسلم فقال اني افطرت يوما من رمضان متعمدا ووقعت على اهلى فيه, قال اعتق رقبة قال لا أجدو قال اهد بدنة, قال لا أجد, قال تصدق بعشرين صاعاً من تمر أو تسعة عشر أو أحد وعشرين, قال لا أجد, فأتى النبي صلى الله عليه وسلم بمكتل فيه عشرون صاعاً من تمر فقال تصدق بهذا, فقال ما بالمدينة أهل بيت احوج اليه منا. قال فأطعمه أهلك (قال الحافظ الهيثمى) لأبى هريرة حديث في الصحيح في المجامع بغير سياقه (طس) وفيه ليث بن ابى سلمة وهو ثقة ولكنه مدلس (وعن ابن مسعود) رضي الله عنه"قال من افطر يوم من رمضان من غير رخصة لقي الله به وان صام الدهر كله ان شاء غفر له وان شاء عذبه" (طب) ورجاله ثقات, أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي. وهذا كلامه فيها جرحاً وتعديلاً (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على وجوب الكفارة على من افسد صوم يوم من رمضان بجماع عامداً, وبه قال الأئمة (أبو حنيفة ومالك والشافعى واحمد وداود) والعلماء كافة إلا ما حكاه العبدرى وغيره من الشافعية عن الشعبى وسعيد بن جبير والنخمى وقتادة أنهم قالوا لا كفارة عليه كما لا كفارة عليه بافساد الصلاة , واحاديث الباب ترد عليهم ولأن الصوم يخالف الصلاة فانه لا مدخل للمال في جبرانها (وفي أحاديث الباب أيضا) دلالة على وجوب صوم يوم مع الكفارة قضاء اليوم الذي جامع فيه لما في الطريق الثالثة من حديث أبى هريرة" أنه صلى الله عليه وسلم أمره ان يصوم يوماً مكانه" قال العبدرى وبأيجاب قضائه قال جميع الفقهاء سوى الأوزاعى فقال. ان كفر بالصوم فلا يجب قضائه, وان كفّر بالعتق والأطعام قضاه (وظاهر أحاديث الباب تدل) على وجوب الكفارة على الرجل فقط دون المرأة. والى ذلك ذهب الأئمة (الشافعى في اصح القولين عنه, والأوزاعى والحسن واحمد في رواية عنه) (قال الخطابى) وقال الشافعى بجزئهما كفارة واحدة وهي على الرجل دونها (وقال الأوزاعى) ان كانت الكفارة بالصيام كان على كل واحد منهما صوم شهرين, واحتجوا بان قول الرجل أصبت أهلى سؤال عن حكمه وحكمها, لأن الإصابة معناها انه واقعها وجامعها, واذا كان هذا قد حصل منهما ثم اجاب النبي صلى الله عليه وسلم عن المسألة فأوجب فيها كفارة واحدة على الرجل ولم يعرض لها بذكر دل على انه لا شيء عليها وأنها مجزأة في الأمرين معاً, ألا ترى انه بعث انيساً الى المرأة التى رميت بالزنى, وقال ان اعترفت فارجمها, فلم يهمل حكمها لغيبتها عن حضرته. فدل هذا على انه لو رأى عليها كفارة لألزمها ذلك ولم يسكت عنها (قال الخطابى) وهذا غير لازم. وذلك ان هذا حكاية حال لا عموم لها, وقد يمكن ان تكون المرأة مفطرة بعذر من مرض أو سفر أو تكون مكرهة أو ناسية لصومها أو نحو ذلك من الأمور, واذا كان كذلك لم يكن لما ذكروه حجة يلزم الحكم بها. واحتجوا أيضاً في هذا بحرف لا أزال

.

_ أسمعهم يروونه في هذا الحديث وهو قوله"هلكت واهلكت" قالوا فدل قوله وأهلكت على مشاركة المراة اياه في الجنابة لأن الأهلاك يقتضي الهلاك ضرورة, كما ان القطع يقتضي الانقطاع, قلت وهذه اللفظة غير موجودة في شيء من رواية هذا الحديث, وأصحاب سفيان لم يرووها عنه, وانما ذكروا قوله هلكت حسب, غير ان بعض اصحابنا حدثنى ان المعلى بن منصور روى هذا الحديث عن سفيان فذكر هذا الحرف فيه وهو غير محفوظ, والمعلى ليس بذاك في الحفظ والإتقان اهـ (وذهب الأئمة أبو حنيفة ومالك وأبو ثور وابن المنذر) الى ان المراة عليها كفارة اخرى, وهى رواية عن الإمام احمد, ولهم تفصيل في هذا (فذهبت الحانفية والمالكية) الى ان الكفارة تلزم المرأة ان كانت مختارة, وان كلنت مكرهة فكفارتها على زوجها. وأما الأمة فكفارتها على سيدها مطلقا مختارة كانت او مكرهة متى كانت بالغة عاقلة (وعند الحنابلة قولان) قيل تلزمها الكفارة لأنها هتكت حرمة رمضان بالجماع, وقيل لا تلزمها لأن احمد سئل عن رجل اتى اهله في رمضان اعليها كفارة؟ فقال ما سمعنا ان على امراة كفارة (وفي احاديث الباب ايضاً) دلالة على ان الترتيب واجب في الكفارة فيجب اولاً عتق رقبة. فان عجز فصوم شهرين متتابعين, فان عجز فاطعام ستين مسكيناً, والى هذا ذهب الأئمة (ابو حنيفة والنورى والأوزاعى واحمد) في اصح الروايتين عنه (قال ابن العربى) لأن النبي صلى الله عليه وسلم نقله عن امر بعد عدمه الى امر آخر, وليس هذا شأن التخبير, ونازع القاضي عياض في ظهور دلالة الترتيب في السؤال عن ذلك فقال ان مثل هذا السؤال قد يستعمل فيما هو على التخبير وقرره ابن المنير (وقال البيضاوى) ان ترتيب الثانى على الأول والثالث على الثانى بالفاء يدل على عدم التخبير من كونها في معرض البيان وجواب السؤال فتنزل منزلة الشرط, والى القول بالترتيب (ذهب الجمهور منهم الأئمة ابو حنيفة والشافعى) وهو مشهور مذهب الإمام احمد, وقال به ابن حبيب من المالكية (وذهب الإمام مالك وأصحابه) الى انها واجبة على التخبير مستدلين بحديث ابى هريرة الثانى من احاديث الباب ان النبي صلى الله عليه وسلم أمر رجلا افطر في رمضان ان يعتق رقبة او يصوم شهرين او يطعم ستين مسكينا, ورواه ايضا كذلك الإمام مالك في الموطأ وابو داود والبيهقي من طريق ابن جريج عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن عن ابى هريرة. زقد تابع ابن جريج على هذه الرواية كما قال الدارقطني يحيى بن سعيد الأنصارى وعبد الله بن ابى بكر وابو اويس. وفليح بن سليمان. وعمر بن عثمان المخزومى. ويزيد بن عياض. وشبل, والليث بن سعد من رواية أشهب بن عبد العزيز. وابن عيينة من رواية نعيم بن حماد وابراهيم بن سعد من رواية عمار بن مطر. وعبد الله بن ابى زياد, كل هؤلاء رووه عن

.

_ الزهري بن حميد بن عبد الرحمن عن ابى هريرة" ان رجلا افطر في رمضان وجعلوا كفارته على التخبير , قالوا وهذا الحديث يدل على ان الترتيب المذكور في غيره من الأحاديث ليس مراداً؛ ولأنه اقتصر على الإطعلام في حديث عائشة الأخير من احاديث الباب, ونقل الخطابى عن الإمام مالك انه قال الأطعام أحب الىّ من العتق اهـ والتخبير المذكور رواية عن الإمام احمد (وذهب ابن ابى ليلى وابن جرير) الى انه مخير بين العتق والصيام, قالا ولا سبيل الى الأطعام إلا بعد العجز عنهما, وجمع ابن المهاب والقرطبي بين الروايات بتعدد الواقعة, قال الحافظ وهو بعيد , لأن القصة واحدة والمخرج متحد والأصل عدم التعدد, وجمع بعضهم بحمل الترتيب على الأولوية, والتخبير على الجواز, وعكسه بعضهم اهـ (قلت) حمل الترتيب على الأولوية أظهر من حمله على الجواز لكون رواياته اصح واكثر ومعها الزيادة (وفي احاديث الباب ايضاً) دلالة على اشتراط التتابع في صيام كفارة رمضان (واليه ذهب كافة العلماء) إلا ابن ابى ليلى فقد ذعب الى جواز تفريقه مستدلا بحديث ابى هريرة الثاني من احاديث الباب لأنه لم يذكر فيه تتابعاً, وحجة الجمهور حديث ابى هريرة الأول من احاديث الباب وهو مقيد بالتتابع فيحمل المطلق عليه, واشترط الجمهور ان لا يكون في الشهرين شهر رمضان, وان لا يكون فيهما ايام نهى عن الصومهما كيومى الفطر والأضحى وأيام التشريق, ثم اذا كفر بالإطعام فهو اطعام ستين مسكينا لكل مسكين مد سواء البر والزبيب والتمر وغيرها عند الأمامين (مالك والشافعي-وقال ابو حنيفة) يجب لكل مسكين مدان من حنطة او صاع من سائر الحبوب, وفي الزبيب عنه روايتان, رواية صاع ورواية مدان أو يغدى الستين مسكيناويعشيهم غداء وعشاء مشبعين أو غداءين أو عشاءين او عشاء وسحورا (وذهب الأمام احمد) الى ان الواجب لكل مسكين مد من بر أو نصف صاع من تمر او شعير لما رواه بسنده عن ابى زيد المدنى قال جاءت امرأة من بنى بياضة بنصف وسق شعير, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمظاهر أطعم هذا فان فان مد شعير مكان مد بر, قال اصحابه ولأن فدية الأذى نصف صاع من التمر والشعير بلا خلاف فكذا هنا (وظاهر احاديث الباب) انه لا يجزئ التكفير بغير هذه الثلاث. أعنى العتق او الصوم او الاطعام, (وروى عن سعيد بن المسيب) أنه يجوز اهداء البدنة كما في الموطأ عنه مرسلا, وقد روى سعيد بن منصور عن سعيد ابن المسيب انه كذب من نقل عنه ذلك, وتقدم الكلام عليه في شرح الطريق الثلثة من حديث ابي هريرةالأول (وذهبت المالكية) الى وجوب الكفارة على من لفطر في رمضان بجماع او غيره مستدلين بحديث ابى هريرة الثاني من احاديث الباب لقوله"ان رسول الله صلى الله عليه وسلم امر رجلا افطر في رمضان ان يعتق رقبة الخ"ولم يقل

_ أفطر بجماع بل اطلق فيدخل فيه كل كل مفطر سواء أكان جماعا ام غيره, والجمهور حملوا الطلق على المقيد وقالوا لا كفارة الا في الجماع (وقد استدل بقوله صلى الله عليه وسلم في بعض الروايات اطعم اهلك وفي بعضها اطعمه عيالك) على سقوط الكفارة بالأعسار لما تقرر من انها لا تصرف من النفس والعيال, ولم يبين له صلى الله عليه وسلم استقرارها في ذمته الى حين يساره, وهو احد قول الشافعى, ويجزم به عيسى بن دينار من المالكية (وقال الجمهور) لا تسقط بالأعسار, قالوا وليس في الخبر ما يدل على سقوها عن المعسر بل فيه ما يدل على استقرارها عليه: قالوا ايضاً والذي أذن له في التصرف فيه ليس على سبيل الكفارة, وقيل المراد بالأهل المذكورين من لا تلزمه نفقتهم, وبه قال (بعض الشافعية) ورد بما وقع من التصريح في رواية بالعيال, وفي الأخرى من الأذن بالأكل, وقيل لما كان عاجزا عن نفقة اهله جاز لع ان يفرق الكفارة فيهم (وقيل) غير ذلك والله أعلم (مسائل تتعلق بالباب) (الأولى) من جامع زوجته في يوم من رمضان مرتين او اكثر لزمه كفارة واحدة بالجماع الأول سواء أكان كفّر عن الأول ام لا, وبه قال الأئمة (ابو حنيفة ومالك والشافعى-وقال الأمام احمد) ان كان الوطء الثانى قبل تكفيره عن الأول لزمه كفارة اخرى لأنه وطء محرم فاشبه الأول, احتج الأولون لأنه لم يصادف صوما منعقدا بخلاف الجماع الأول (المسألة الثانية) من وطئ يومين او أيام من رمضان يجب عليه لكل يوم كفارة سواء كفّر عن الأول ام لا, وبه قال الأئمة (الشافعي ومالك وداود واحمد) في اصح الروايتين عنه (وقال الأمام ابو حنيفة) ان وطئ في الثاني قبل تكفيره عن الأول كفته كفارة واحدة, وان كفّر عن الأول فعنه روايتان, قال ولو جامع في رمضانين ففي رواية عنه هو كرمضان واحد, وفي رواية بتكرر الكفارة, وهذه الرواية هي الصحيحة عنه وقاسه على الحدود, واحتج الأولون بأنها عبادات فلم تتداخل بخلاف الحدود المبنية على الدرء والإسقاط (المسألة الثالثة) لو جامع في صوم غير رمضان من قضاء او نذر او غيرهما فلا كفارة عليه, وبه قال الجمهور (وقال قتادة) تجب الكفارة في افساد قضاء رمضان (واتفقوا) على ان الموطوءة مكرهة او نائمة يفسد صومها ويلزمها القضاء الا في قول للشافعي, وعلى انه لا كفارة عليه إلا في رواية عن الإمام احمد, ولو طلع الفجر وهو مجامع (قال ابو حنيفة) ان نزع في الحال صح صومه ولا كفارة عليه, وان استدام لزمه القضاء دون الكفارة (وقال مالك) ان نزع لزمه الفضاء وان استدام لزمه الكفارة ايضا (وقال الشافعى) ان نزع في الحال فلا شيء عليه وان استدام لزمه القضاء والكفارة (وقال الإمام احمد) عليه القضاء والكفارة مطلقاً نزع او استدام والله اعلم

-[جواز الفطر والصوم في السفر]- (أبواب ما يبيح الفطر وأحكام القضاء) (1) باب جواز الفطر والصوم في السفر (157) عن عائشة رضي الله عنها قالت جاء حمزة (بن عمرو) الأسلمي رضي الله عنه إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال يا رسول الله إني رجل أسرد (1) الصوم أفأصوم في السفر؟ (2) قالت فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن شئت فصم وإن شئت فأفطر (3). (158) عن أبى الدرداء (رضي الله عنه) قال كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر (4) وإن أحدنا ليضع يده على رأسه من شدة الحر وما منا صائم إلا رسول الله

_ (157) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو معاوية ثنا هشام بن عروة عن أبية عن عائشة رضي الله عنها- الحديث" (غريبة) (1) أتابعة وأواليه في الحضر رغبة الثواب وزيادة الأجر، ولا يلزم من تتابع الصوم صيام الدهر المنهي عنه، لأن التتابع يصدق بدون صوم الدهر (2) ظاهر قوله "فأصوم في السفر" أنه سأل عن مطلق الصوم سواء أكان رمضان أم غيره (قال ابن دقيق العبيد) ليس فيه تصرحي بأن صوم رمضان فلا يكون فيه حجة على من منع صوم رمضان في السفر (قال الحافظ) هو كما قال بالنسبة في سياق حديث الباب، لكن في رواية مسلم أن إجابة بقوله وهي رخصة من الله فمن أخذ بها فحسن ومن أحب أن يصوم فلا جناح عليه، وهذا يشعر بأنه سأل عن صيام الفريضة لأن الرخصة إنما تطلق في مقابل ما هو واجب، وأصرح من ذلك ما أخرجه أبو داود والحاكم عنه أنه قال يا رسول الله إني صاحب ظهر أعالجه أسافر عليه وأكريه وإنه ربما صادفني هذا الشهر، يعني رمضان وأنا جد القوة وأنا شاب فأجد بأن أصوم يا رسول الله أهون علىّ على من أخره فيكون دينا، أفأصوم يا رسول الله أعظم لأجري أو أفطر؟ قال أي ذلك شئت يا حمزة (3) قال الخطابي هذا نص في إثبات الخيار للمسافر بين الصوم والإفطار؛ وفيه جواز صوم الفرض للمسافر إذا صامه وأن صيام الفرض في السفر ليس بواجب (تخريجه) (ق. لك. د. هق. مي) (158) عن أبى الدرداء (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا المغيرة ثنا سعيد بن عبد العزيز حدثني إسماعيل بن عبيد الله عن أم الدرداء عن أبى الدرداء - الحديث (غريبة) (4) لفظ البخاري "في بعض أسفاره" وزاد مسلم "في شهر

-[مذهب الظاهرية جواز الفطر في السفر مطلقًا سواء أكان طويلاً أم قصيرًا]- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وعبد الله ابن رواحة (1) (159) عن سلمه بن المحبق (2) رضي الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من كانت له حمولة (3) تأوي إلى شبع فليصم رمضان حيث أدركه (4)

_ رمضان" وليس ذلك في غزوة الفتح لأن عبد الله بن رواحة المذكور في هذا الحديث استشهد في غزوة مؤتة قبل غزوة الفتح بلا خلاف، ولا في غزوة بدر لأن أبا الدرداء لم يكن حينئذ أسلم (1) فيه أن الصوم والإفطار في الفرض كلاهما جائز في السفر (تخريجه) (ق. د. نس. جه). (159) عن سلمة بن المحبق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو النصر قال ثنا عبد الصمد بن حبيب بن عبد الله الأزدي ثم النميري قال حدثني حبيب عن عبد الله يعني أباه قال سمعت سنان بن سلمة بن المحبق الهذلي يحدث عن أبيه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من كانت له حملة - الحديث" (غريبة) (2) بفتح الموحدة المشددة ويكسر قال الطيبي بكسر الباء وأهل الحديث يفتحونها (قال القاري) قلت قول المحدثين أقوى من اللغويين، وأحرى كما لا يخفي (3) بفتح الحاء المهملة أي مركوب، وهو كل ما يحمل عليه من إبل وحمار أو غيرهما، وفعول يدخله الهاء؛ إذا كان بمعني مفعول، أي من كان له دابة "تأوي" بكسر الواو أي تأويه فإن أوى لازم وتعد على لفظ واحد، وفي الحديث يجوز الوجهان، والمعني تؤوي صاحبها أو تأوي بصاحبها "إلى شبع" بكسر الشين المعجمة وسكون الموحدة وفتحها، أي تأوي بصاحبها إلى حال شبع ورفاهية أو إلى مكان يقدر على الشبع فيه بحيث يكون فيه ما يقوته ولم يلحقه في سفره وعناء ومشقة "فليصم رمضان حيث أدركه" يعني رمضان وإن كان سفهر طويلاً (قال الطيبي) الأمر فيه محمول على الندب والحث على الأولى الأفضل للنصوص الدالة على جواز الإفطار في السفر مطلقًا، "وقال المظهر" يعني من كبار راكبًا وسفر قصير بحيث يبلغ إلى المنزل في يومه فليصم رمضان (وقال داود) ويجوز الإفطار في المقاري قدر كان، قاله على القاري (تخريجه) (د. هق) وفي إسناده عبد الصمد بن حبيب الأزدي العوذي المصري، قال يحيي بن معين ليس به بأس، وقال أبو حاتم الرازي يكتب حديثه وليس بالمتروك، وقال يحيي من كبار الضعفاء، وقال البخاري لين الحديث ضعفه أحمد، وذكر له أبو جعفر العقيلي هذا الحديث وقال لا يتابع عليه ولا يعرف إلا به، والله سبحانه وتعالى أعلم.

-[حجة القائلين بتفضيل الصوم في السفر للقوي والفطر للضعيف]- (160) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كنا نغزوا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فمنا الصائم ومنا المفطر فلا يجد (1) الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، يرون أنه يعني أنه من وجد قوة فصام فإن ذلك حسن (2)، ويرون أن من وجد ضعفًا فأفطر فإن ذلك حسن (3). (161) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لا تعب على من صام في السفر ولا على من أفطر، قد صام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في السفر وأفطر (4). (162) عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال سافرنا مع رسول الله

_ (160) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أخبرنا الجريري عن أبى سعيد الخدري - الحديث" (غريبة) (1) أي لا يغضب، وفي حديث الإيمان "إني سائلك فلا تجد علي" أي لا تغضب من سؤالي، يقال وجد عليه يجد وجدًا وموجدة (2) يعني الأفضل له الصوم (3) يعني الأفضل له الفطر (تخريجه) (م. وغيره). (161) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع عن سفيان عن عبد الكريم الجزري عن طاوس عن ابن عباس - الحديث" (غريبة) (4) يعني أن كلا الأمرين جائز، وفهي دلالة لمذهب الجمهور في جواز الصوم والفطر جميعًا (تخريجه) (م. وغيره). (162) عن أبى سعيد الخدري (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثني معاوية يعني ابن صالح عن ربيعة بن يزيد قال حدثني قزعة قال أتيت أبا سعيد وهو مكثور عليه، فلما تفرق الناس عنه، قلت إني لا أسألك عما سألك هؤلاء عنه، قلت أسألك عن صلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (تقدم الجواب في بابه من كتاب الصلاة) قال وسألته عن الزكاة (تقدم الجواب أيضًا في بابه من كتاب الزكاة) قال وسألته عن الصوم في السفر، قال سافرنا مع رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) - الحديث " وسيأتي بطولة في مناقب أبى سعيد الخدري رضي الله عنه من كتاب المناب إن شاء الله تعالى

-[تفضيل الفطر في السفر لمن قارب العدو]- (صلى الله عليه وسلم) إلى مكة (1) ونحن صيام، قال فنزلنا منزلاً (2) فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنكم قد دنوتم من عدوكم والفطر أقوى لكم فكانت رخصة (3) فمنا من صام ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلاً آخر (4) فقال إنكم مصبحوا

_ (غريبه) (1) يعني لفتح مكة وكان ذلك في يوم الأربعاء بعد العصر لعشر خلون من رمضان سنة ثمان من الهجرة، ولفظ أبى داود خرجنا مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في رمضان عام الفتح فكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصوم ونصوم حتى بلغ منزلاً من المنازل فذكر الحديث (3) اختلفت الروايات في اسم هذا المنزل (ففي بعضها الكديد) بفتح الكاف وكسر الدال المهملة وهو مكان فيه ماء بينه وبين المدينة سبع مراحل أو نحوها، وبينه وبين مكة قريب من مرحلتين، والمرحلة المسافة التي يقطعها المسافر في نحو يوم (وفي بعضها عسفان) بضم العين والسكون السين المهملتين، موضع مكة والمدينة على نحو ثلاث مراحل من مكة، ويذكر ويؤنث ونونه زائدة (وفي بعضها كراع الغميم) بضم الكاف، والغميم بفتح الغين المعجمة واد أمام عسفان بثمانية أميال يضاف إليه هذا الكراع وهو جبل أسود متصل به والكراع كل أنف سال من جبل أو حرة (وفي بعضها من الظهران) (مرّ) بفتح الميم وتشديد الراء اسم قرية "والظهران" أسم واد بين مكة وعسفان أضيفت القرية إليه فقيل مر الظهران (وفي بعضها قديد) بالتصغير اسم موضع بين مكة والمدينة وهو قريب من مكة، قال ابن الكلبي، لما رجع تبع من المدينة بعد حربه لأهلها، نزل قديدًا فهبت ربح قدت خيم أصحابه سمي قديدًا أهـ وكل هذه الأسماء ثابتة في روايات صحيحة عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم (قال القاضي عياض رحمه الله) وهذا كله في سفر واحد في غزاة الفتح، قال وسميت هذه المواضع في هذه الأحاديث لتقاربها، وإن كان عسفان متباعدة شيئًا عن هذه المواضع لكنها كلها مضافة إليها ومن عملها أهـ وإنما أفضت القول في بيان هذه المواضع قبل ذكرها ليكون القارئ على بصيرة منها فيما سيأتي والله الموفق، ولعل هذا المنزل عسفان لأنه أبعد المنازل التي حصل فيها الفطر عن مكة (3) أي لأنه لم يأمرهم النبي (صلى الله عليه وسلم) بالفطر بلفظ الأمر في هذا المكان، بل بين لهم أن الفطر أولى فكانت رخصة، ولذلك أفطر البعض وبقي البعض صائمًا وفيه دلالة على أن الفطر لمن وصل في سفره إلى موضع قريب من العدو أولى لأنه ربما وصل إليهم العدو إلى ذلك الموضع الذي هو مظنة ملاقاة العدو، ولهذا كان الإفطار أولى ولم يتحتم (4) الظاهر أن هذا المنزل هو مرّ الظهر أن لما سيأتي في الطريق الثانية أنه (صلى الله عليه وسلم)

-[وجوب الفطر في السفر لمن تأهب للقاء العدو]- عدوكم والفطر أقوى لكم فأفطروا، فكانت عزيمة فأفطرنا، ولقد رأيتنا نصوم مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد ذلك في السفر (1) (وعنه من طريق ثان) (2) قال لما بلغ رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم علم الفتح مر الظهران آذننا بلقاء العدو (3) فأمرنا بالفطر فأفطرنا أجمعون. (163) عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام عن رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صام في سفر عام الفتح وأمر أصحابه بالإفطار، وقال إنكم تلقون عدوكم فتقووا (4) فقيل يا رسول الله إن

_ أمرهم فيه بالفطر فأفطروا جميعًا وهنا أمرهم بالفطر أيضًا فأفطروا فكانت عزيمة لا رخصة، ولأن مر الظهران ليس بينها وبين مكة إلا مرحلتان كما تقدم فكأنهم على أبواب العدو بخلاف عسفان فبينها وبين مكة ثلاث مراحل ولذا كان الفطر عندها رخصة لا عزيمة، ويستفاد من هذا أنه إذا كان لقاء العدو متحققًا فالإفطار عزيمة، لأن الصائم يضعف عن منازله الأقران ولا يخفي ما في ذلك من الإهانة لجند المحقين وإدخال الوهن على عامة المجاهدين (1) أي الأسفار العادية أو التي ليس فيها خوف من العدو (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا إبراهيم بن إسحاق ثنا ابن مبارك عن سعيد بن عبد العزيز عن عطية بن قيس عن قزعة عن أبى سعيد الحديث (3) أي أمرهم بالتأهب للقاء العدو ولذا أمرهم بالفطر جميعًا ليكون عندهم قوة لملافاة العدو، فأفطروا (تخريجه) (م. د. هق. طح) (163) عن أبى بكر بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عثمان بن عمرو وأنا مالك عن سمي عن أبى بكر بن عبد الرحمن - الحديث" (غريبة) (4) المعني إنكم على وشك مقابلة العدو فتقووا بالفطر لأن الصيام يضعف قوة الرجل، وملاقاة العدو تحتاج إلى قوة ونشاط يعني فبقي (صلى الله عليه وسلم) على صومه حتى أتي الكديد أفطر، وتقدم أن بين الكديد وبين المدينة نحو سبع مراحل (قال النووي) رحمه الله وقد غلط بعض العلماء في فهم هذا الحديث (فتوهم أن الكديد وكراع الغميم قريب من المدينة، وأن قوله فصام حتى بلغ الكديد وكراع الغميم (يعني في رواية مسلم) كان في اليوم الذي خرج فيه من المدينة فزعم أنه خرج من المدينة صائمًا فلما بلغ كراع الغميم في يومه

-[حجه القائلين بجواز الصوم والفطر في السفر]- الناس قد صاموا ولصيامك فلما أني الكديد أفطر (1) قال الذي حدثني فلقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصب الماء على رأسه من الحر وهو صائم. (164) عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان في سفر في رمضان (2) فأتي بإناء فوضعه على يده فلما رآه الناس أفطروا

_ أفطر في نهار واستدل به هذا القائل على أنه إذا سافر بعد طلوع الفجر صائمًا له أن يفطر في يومه، ومذهب الشافعي والجمهور أن لا يجوز الفطر في ذلك اليوم، وإنما يجوز لمن طلع عليه الفجر في السفر، واستدلال هذا القائل بهذا الحديث من العجائب الغريبة، لأن الكديد وكراع الغميم على سبع مراحل أو أكثر من المدينة والله أعلم (تخريجه) (لك. وغيره). (164) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا روح ابن عبادة ثنا هشام بن حسان عن حميد الطويل عن أنس - الحديث" (غريبة) (2) الظاهر والله أعلم أن هذا السفر كان لأجل فتح مكة لأن قوله "فأني بإناء فوضعه على يده" جاء نحوه عند البخاري من حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال "خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من المدينة إلى مكة فصام حتى بلغ عسفان ثم دعا بماء فرفعه إلى يده ليراه الناس فافطر حتى قدم مكة وذلك في رمضان" ومثله للإمام أحمد من حديث ابن عباس أيضًا سيأتي بعد باب، وقد استشكل الحافظ قوله في رواية البخاري ثم دعا بماء "فرفعه إلى يده" قال لأن الرفع إنما يكون باليد، قال وأجاب الكرماني بأن المعني يحتمل أن يكون رفعه إلى أقصي طول يده أي انتهي الرفع إلى أقصي غايتها (قال الحافظ) وقد وقع عند أبى داود عن ممدود عن أبى عوانة بالإسناد، المذكور في البخاري "فرفعه إلى فيه" وهذا أوضح؛ ولعل الكلمة تصفحت أهـ (قلت) يريد الحافظ أن التصحيف جاء في قوله "إلى يده) بدل "إلى فيه" ليوافق رواية أبى داود، والأقرب عندي أن التصحيف جاء في لفظ "إلى يده) بدل "على يده" ليوافق رواية الإمام أحمد؛ لاسيما وقد جاء ما يؤيد ذلك في حديث ابن عباس الآتي بعد باب عند الإمام أحمد بلفظ "فدعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقدح فيه ماء فأمسكه على يده حتى رآه الناس ثم شرب فشرب الناس" ويكون الجمع بين ما رواه البخاري والإمام أحمد وبين رواية أبى داود أنه (صلى الله عليه وسلم) بعد أن وضع الإناء على يده ليراه الناس رفعه إلى فيه فشرب والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد، وأورده

-[بيان الغزوة التي غزاها النبي (صلى الله عليه وسلم) في رمضان غير غزوة الفتح]- (165) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال غزونا مع رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في رمضان (1) والفتح في رمضان فأفطرنا فيهما (فصل منه في حجة من رأي أفضلية الفطر في السفر) (166) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (2) في سفر فرأي رجلاً (2) قد اجتمع الناس عليه وقد ظلل عليه، قالوا هذا رجل صائم

_ الهيثمي، وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح أهـ (قلت) وله شاهد من حديث جابر ابن عبد الله أن النبي (صلى الله عليه وسلم) صام في رمضان فاشتد الصوم على رجل من أصحابه فجعلت ناقته تهيم به تحت ظلال الشجر فأخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) فأمره فأفطر: "ثم دعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بإناء فيه ماء فوضعه على يده، فلما رآه الناس شرب فشربوا" أورده الهيثمي، وقال رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح. (165) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو سعيد ثنا ابن لهيعة ثنا بكر عن سعيد بن المسيب عن عمر - الحديث" (غريبة) (1) يعني غير غزوة الفتح، وكانت غزوة الفتح في رمضان أيضًا (وقوله فأفطر نافيهما" يعني في غزوة الفتح وفي الغزوة الأخرى التي لم يسمها، وقد جاءت مسماة في رواية عند الترمذي، قال حدثنا قتيبة ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب عن معمر بن أبى حبيبة عن ابن المسيب سأله عن الصوم في السفر فحدث أن عمر بن الخطاب قال "غزونا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في رمضان غزوتين، يوم بدر والفتح فأفطرنا فيهما" فاتضح أن الغزوة الأخرى هي غزوة بدر وكانت في رمضان (تخريجه) (مد) وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام، لكن أحاديث الباب تعضده والله سبحانه وتعالى أعلم. (166) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة الأنصاري عن محمد بن عمرو بن الحسن بن علي عن جابر بن عبد الله قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) - الحديث (غريبة) (1) في الأصل بعد قوله كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (قال عبد الله "يعني ابن الإمام أحمد رحمهما الله" قال أبى قال أبو النضر يعني صائمًا في سفر قال يزيد بن ابن هارون بينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفره فرأي رجلاً الخ الحديث- وقد جاء في رواية للبخاري وابن خزيمة أنها غزوة الفتح (2) زعم مغلطاي

-[حديث "ليس من البر الصيام في السفر" والكلام عليه]- فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ليس البر أن تصوموا في السفر (1) (وعنه من طريق ثان بنحوه (2) وزاد) فدعاه فأمره أن يطفر، فقال أما يكفيك في سبيل الله ومع رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حتى تصوم. (167) عن كعب بن عاصم الأشعري رضي الله عنه وكان من أصحاب السقيفة (3) قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ليس من أمر امصيام في امسفر (4) (وعنه عن طريق ثان) (5) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال ليس من البر الصيام في السفر

_ أنه أبو إسرائيل وعزا ذلك إلى مبهمات الخطيب ولم يقل الخطيب ذلك في هذه القصة؛ وإنما قاله في قصة الذي نذر أن يصوم ويقوم في الشمس ولا يتكلم، وكان ذلك يوم الجمعة والنبي (صلى الله عليه وسلم) يخطب، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) ليقعد وليتكلم وليستظل، وقصة حديث جابر كانت في السفر، وقصة أبى إسرائيل كانت في الحضر (قال الحافظ) لم أقف على اسم هذا الرجل (1) لفظ البخاري "ليس من البر الصوم في السفر" وقد أشار البخاري إلى أن السبب في قوله (صلى الله عليه وسلم) هذه المقالة هو ما ذكر من المشقة التي حصلت للرجل الذي ظلل عليه، وفي ذلك دلالة على أن الصيام في السفر لمن كان يشق عليه ليس بفضيلة (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا زيد بن الحباب حدثني حسين بن واقد عن أبي الزبير قال سمعت جابر- الحديث بنحو ما تقدم، وزاد فدعاه فأمره أن يفطر - الحديث (تخريجه) (ق. د. نس. هق. مي. طح). (167) عن كعب بن عاصم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرازق أنا معمر عن الزهري عن صفوان بن عبد الله عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم الحديث" (غريبة) (3) يعني سقيفة بن يساعده وهي صفة لها سقف فعليه بمعني مفعولة وهي التي اجتمع فيها المهاجرون والأنصار للتشاور فيمن يكون خليفة بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) (4) أي ليس من البر الصيام في السفر أبدلت اللام ميمًا في الثلاثة على لغة بعض أهل اليمن حيث خاطبهم النبي (صلى الله عليه وسلم) بلغتهم وكان هذا الأشعري منهم، ويحتمل أن الأشعري بلغ الحديث بلغته فأداه الراوي عنه كما سمعه (5) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا سفيان عن الزهري عن صفوان بن عبد الله بن صفوان عن أم الدرداء عن كعب بن عاصم الأشعري أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحديث (تخريجه) (ق. د. نس. جه. هق. مي. طح) ولم أقف على من أخرجه بالميم بدال اللام غير الإمام أحمد

-[الرخصة بالفطر للصائم في السفر- ووعيد من ضعف عن الصوم ولم يقبل الرخصة]- (168) عن أبي طعمة أنه قال كنت عند ابن عمر رضي الله عنهما إذ جاءه رجل، فقال يا أبا عبد الرحمن إني أقوى على الصيام في السفر، فقال ابن عمر سمعت رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) يقول من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الإثم مثل جبال عرفة (1). (169) عن بشر بن حرب قال سالت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال قلت ما تقول في الصوم في السفر؟ قال تأخذ إن حدثتك؟ قلت نعم، قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا خرج من هذه المدينة قصر الصلاة ولم يصم حتى يرجع إليها

_ (168) عن أبي طعمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو طعمة (غريبة) (1) هذا الوعيد في حق من يضعف عن الصوم ولم يقبل الرخصة، وكأن ابن عمر رضي الله عنهما رأي في الرجل ضعفًا، لأن كثيرًا من الناس يحبون الظهور بالقول لا بالفعل، ومن كان كذلك فليس له في صومه ثواب بل عليه الوزر والعقاب نسأل الله السلامة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وإسناد أحمد حسن. (169) عن بشر بن حرب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يونس ابن محمد ثنا الحارث بن عبيد ثنا بشر بن حرب - الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي، وقال رواه أحمد، وبشر فيه كلام وقد وثق (زوائد الباب) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما، قال خرجنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم منا الصائم ومنا الفطر فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم (بز) وإسناده حسن (وعن ابن عمر رضي الله عنهما) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يصوم في السفر ويفطر فأنا أصوم وأفطر (طب) وله طريق رجالها ثقات كلهم (وعن أبى موسي الأشعري) رضي الله عنه "قال كنا مع النبي (صلى الله عليه وسلم) فمنا الصائم ومنا المفطر فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم" (بز. طس) وفيه الوليد بن مروان وهو ضعيف (وعن متعب) رضي الله عنه "قال كان غزو مع النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلم يكن أحد منهم الأولة راحلته يتعقب عليها غيري، قال فكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينزل ثم يقول لي اركب فأقول أنابي قوة حتى يفعل ذلك مرتين أو ثلاثًا فيقول: ما أنت إلا متعب، قال فكان من

-[زوائد الباب في جواز الصوم والفطر للمسافر والرخصة في ذلك]- .....

_ أحب أسمائي إلى، قال فكنت أسافر مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه فيصوم بعضهم ويفطر بعضهم فلم يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم" (طب) ورجاله موثقون إلا أن أشعث بن أبى الشعناء لم يسمع من أحد من الصحابة والله أعلم (وعن أبى أمامة) رضي الله عنه "قال لما كانت غزوة خيبر قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنا مصبحوهم بغارة فأفطروا وتقووا" (طب) وفيه بشر بن نمير وهو ضعيف (وعن عبد الله بن عمرو) "قال سافر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فنزل بأصحابه وإذا ناس قد حملوا عريشًا على صاحبهم وهو صائم، فمر بهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال ما شأن صاحبكم أوجع؟ قالوا لا يا رسول الله، ولكنه صائم وذلك في يوم حرور، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم لا بر أن يصام في سفر (طب) ورجاله رجال الصحيح (وعن عمار بن ياسر) رضي الله عنه "قال أقبلنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من غزوة فسرنا في يوم شديد الحر فنزلنا في بعض الطريق فانطلق رجل منا فدخل تحت شجرة فإذا أصحابه يلذون به وهو مضطجع كهيئة الوجع، فلما رآهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال ما بال صاحبكم؟ قالوا صائم، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليس من البر أن تصوموا في السفر، عليكم بالرخصة التي أرخص الله لكم فاقبلوها (طب) وإسناده حسن (وعن زرارة بن أوفى) عن رجل منهم أنه دخل على النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو يأكل، فقال هلم فقال أني صائم قال هلم أحدثك، إن الله تعالى وضع عن المسافر الصيام وشطر الصلاة (طب) وفيه عباد بن السري ولم أجد من ترجمة (وعن أبى الفيض) قال خطبنا مسلم بن عبد الملك، فقال لا تصوموا رمضان في السفر فمن صام فليقضه، قال أبو الفيض فلقيت أبا قرصافة واثلة بن الأسقع فسألته، فقال لو ما صمت ثم صمت ما قضتيه (طب) ورجاله ثقات (وعن عثمان بن أبى العاص) قال الإفطار في السفر رخصة (طب. طس) ورجاله ثقات (وعنه أيضًا) أنه كان يستحب الصوم في السفر ويقول إنما كانت رخصة (طب) وفيه أحمد بن عبد الله بن الحسين العنبري ولم أجد من ترجمة (وعن عمرو بن حزم) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومن لم يقبل رخصة الله فعليه من الأثم مثل جبال عرفات آثامًا (طب) وفيه سليمان بن عمرو بن إبراهيم الأنصاري ذكره ابن أبى حاتم ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلاً (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن الله يحب أن تؤتي رخصة كما يجب أن تؤتي عزائمه (طب. بز) ورجال البزار ثقات وكذلك رجال الطبراني (وعن عبد الله بن يزيد) بن آدم قال حدثني أبو الدردراء وواثلة بن الأسقع وأبو إمامة وأنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال أن الله يحب أن تقبل رخصة كما يحب العبد مغفرة ربه (طب. طس) وعبد الله بن يزيد ضعفه أحمد وغيره، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وهذا كلامه فيها جرحًا وتعديلاً (الأحكام)

-[مذاهب الأئمة في حكم الصوم والفطر للمسافر واختلافهم في ذلك]- .....

_ أحاديث الباب (منها) ما يدل على تفضيل الصيام في السفر على الفطر (ومنها) ما يدل على تفضيل الفطر على الصوم (ومنها) ما يدل على تساوي الأمرين، لهذا اختلفت أنظار العلماء في هذه المسألة، أعني صوم رمضان في السفر، فذهب جمهور الصحابة والتابعين ومن بعدهم، ومنهم الأئمة الأربعة (أبو حنيفة، ومالك، والشافعي وأحمد) إلى جواز الصوم والفطر (وذهبت الشيعة) إلى عدم صحة الصوم في السفر، وإن صام فعليه القضاء (واختلف أصحاب داود الظاهري) فقال بعضهم يصح صومه، وقال بعضهم لا يصح، وقال ابن المنذر كان (ابن عمرو سعيد بن جبير) يكرهان صوم المسافر، قال وروينا عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال إن صام قضاه، قال وروي عن ابن عباس قال ولا يجزئه الصيام (وعن عبد الرحمن بن عوف) قال الصائم في السفر كالمفطر في الحضر (وحكي الشافعية) بطلان صوم المسافر عن أبى هريرة وأهل الظاهر والشيعة، وحكي الحافظ عن عمر، وابن عمر، وأبى هريرة والزهري، وإبراهيم النخعي وغيرهم أن من صام رمضان في السفر وجب عليه قضاؤه في الحضر أهـ واحتجوا بقوله تعالى "فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر" قالوا لأن ظاهر قوله فعدة أي فالواجب عليه عدة، وتأوله الجمهور بأن التقدير فأفطر فعدة (واحتجوا أيضًا) بما في حديث ابن عباس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أفطر في السفر وكان ذلك آخر الأمرين رواه الشيخان، وسيأتي نحوه الإمام أحمد في الباب التالي، وبأن الصحابة كانوا يأخذون بالآخر من فعله (صلى الله عليه وسلم) فزعموا أن صومه في السفر منسوخ (وأجاب الجمهور عن ذلك) بأن هذه الزيادة مدرجة من قول الزهري كما جزم بذلك البخاري في الجهاد، وكذلك وقعت عند مسلم مدرجة، وبأن النبي (صلى الله عليه وسلم) صام بعد هذه القصة كما في حديث أبى سعيد المذكور في الباب بلفظ "ولقد رأيتنا نصوم مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد ذلك في السفر (واحتجوا أيضًا) بما أخرجه مسلم عن جابر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خرج عام الفتح فصام حتى بلغ كراع الغميم وصام الناس معه فقيل له إن الناس قد شق عليهم الصيام وإن الناس ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر فشرب والناس ينظرون إليه فافطر بعضهم وصام بعضهم فبلغه أن ناسا صاموا، فقال أولئك العصاة (وأجاب عنه الجمهور) بأنه إنما نسبهم إلى العصيان لأنه عزم عليهم فخالفوا (واحتجوا أيضًا) بما في حديثي جابر وكعب بن عاصم المذكورين في الباب، وبما جاء في الزوائد من قوله (صلى الله عليه وسلم) ليس من البر الصيام في السفر (وأجاب عنه الجمهور) بأنه إنما قال ذلك في حق من شق عليه الصوم، ولا شك أن الإفطار مع المشقة الزائدة أفضل، وأيضًا وأيضًا فإن نفي البر لا يستلزم عدم صحة الصوم وقد قال (الإمام الشافعي) رحمه الله يحتمل أن يكون المراد ليس من البر المفروض الذي من خالفه أثم (وقال الطحاوي) المراد بالبر هنا البر الكامل الذي هو أعلى المراتب، وليس المراد به إخراج الصوم في السفر عن أن يكون

-[اختلاف الجمهور هل الأفضل الصوم أو الفطر في السفر]- .....

_ برا، لأن الإفطار قد يكون أبر من الصوم إذا كان للتقوّي على لقاء العدو (وقال الإمام الشافعي) نفي البر المذكور في الحديث محمول على من أبى قبول الرخصة، وقد روي الحديث النسائي بلفظ (ليس من البر أن تصوموا في السفر وعليكم برخصة الله التي رخص لكم فاقبلوا" قال ابن القطان إسنادها حسن متصل يعني الزيادة، ,رواها الإمام الشافعي، ورجح ابن خزيمة الأول (واحتجوا أيضًا) بما أخرجه ابن ماجه عن عبد الرحمن بن عوف مرفوعًا "الصائم على السفر كالمفطر في الحضر) (ويجاب عنه) بأن في إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف، ورواه الأثرم من طريق أبى سلمة عن أبيه مرفوعًا (قال الحافظ) المحفوظ عن أبى سلمة عن أبيه موقوقًا كذا أخرجه النسائي وابن المنذر، ورجح وقفه ابن أبى حاتم والبيهقي والدارقطني، ومع وقفه فهو منقطع، لأن أبا سلمة لم يسمع من أبيه، وعلى تقدير صحته فهو محمول على الحالة التي يكون الفطر فيها أولى من الصوم كحالة المشقة جمعًا بين الأدلة (واحتجوا أيضًا) بما أخرجه الإمام أحمد والنسائي والترمذي وحسنه عن أنس بن مالك الكعبي بلفظ "إن الله وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة" (ويجاب عنه) بأنه مختلف فيه كما قال أنه أبى حاتم، وعلى تسليم صحته فالوضع لا يستلزم عدم صحة الصوم في السفر وهو محل النزاع (واحتج الجمهور) وهم المجوزون للصوم والفطر في السفر بحديث عائشة المذكور أول أحاديث الباب أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لحمزة ابن عمر الأسلمي إن شئت فصم وإن شئت فافطر (وبما رواه مسلم) عن حمزة بن عمرو أيضًا أنه قال يا رسول الله أجد بي قوة على الصيام في السفر فهل على جناح؟ فقال رسول الله (وبأحاديث) أبى الدرداء وأبن عباس وأبى سعيد المذكورة في الباب، وفيها جواز الأمرين، (وبحديث) أنس عند الشيخين كنا نسافر مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلا يعب الصائم على المفطر ولا المفطر على الصائم، إلى غير ذلك مما ذكر في أحاديث الباب وزوائده (واختلف المجوزون للأمرين في الأفضل منهما) فذهب الأئمة (أبو حنيفة ومالك والشافعي) إلى أن الصوم أفضل لمن قوي عليه ولم يشق به وهو مروي عن أنس وعثمان بن أبى العاص وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم وعروة بن الزبير والأسود بن يزيد وأبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث وسعيد ابن جبير والنخعي والفضيل بن عياض والثوري وبعد الله بن المبارك وأبى ثور وآخرين محتجين بحديث أبى سعيد الرابع من أحاديث الباب أخرجه مسلم وغيره (وذهب الأئمة أحمد والأوزاعي وإسحاق) إلى أن الفطر أفضل عملاً بأحاديث الرخصة وهو مروي عن ابن عباس وابن عمر وابن المسيب والشعبي وعبد الملك بن الماجشون المالكي (وقال عمر بن ابن عبد العزيز) أفضلهما أيسرهما، فمن يسهل عليه حينئذ، يشق عليه قضاؤه بعد ذلك فالصوم في حقه

-[اختلاف الجمهور هل الأفضل الصوم أو الفطر في السفر]- (2) باب من شرع في الصوم ثم أفطر في يومه ذلك في السفر (170) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عام الفتح إلى مكة في شهر رمضان (وفي لفظ لعشر مضين من رمضان) فصام حتى مر بغدير (1) في الطريق وذلك في بحر الظهيرة (2) قال فمطش الناس وجعلوا يمدون أعناقهم وتتوق (3) أنفسهم إليه، قال فدعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بقدح

_ أفضل واختاره ابن المنذر (وقال آخرون) هو مخير مطلقًا بدون تفضيل أحدهما على الآخر (قال الشوكاني) والأولى أن يقال من كان يشق عليه الصوم ويضره وكذلك من كان معرضًا عن قبول الرخصة فالفطر أفضل إما الطرف الأول فلما قدمنا من الأدلة في حجج القائلين بالمنع من الصوم (قلت تقدمت جميعها وأكثر منها آنفًا) قال وأما الطرف الثاني فلحديث أن الله يحب أن تؤتي رخصة (قلت تقدم في الزوائد عن ابن عباس) قال ولحديث من رغب عن سنتي فليس مني (قلت لم أقف عليه بهذا اللفظ ومعناه صحيح) قال وكذلك يكون الفطر أفضل في حق من خاف على نفسه العجب أو الرياء إذا صام في السفر، وقد روي الطبراني عن ابن عمر أنه قال إذا سافرت فلا تصم فإنك أن تصم قال أصحابك أكفو الصيام (*) ادفعوا للصائم وقاموا بأمرك وقالوا فلان صائم فلا تزال كذلك حتى يذهب أجرك، وأخرج نحوه أيضًا من طريق أبى ذكر، ومثل ذلك ما أخرجه البخاري في الجهاد عن أنس مرفوعًا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال للمفطرين لما خدموا الصائمين "ذهب المفطرون اليوم بالأجر" وما كان من الصيام خاليًا من هذه الأمور فهو أفضل من الأفطار أهـ والله أعلم. (170) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهري عن عبد الله بن عبد الله عن ابن عباس - الحديث" (غريبة) (1) أي، هر، ولعله بالمكان المسمي كديدا، وتقدم تفسير الكديد في الباب السابق بأنه مكان فيه ماء، وفسره البخاري في حديث ابن عباس أيضًا بأنه ماء بين عسفان والقديد وفسره البكري بأنه ماء عليه نخل كثير، قال وهو بين أمج بفتحتين وعسفان (2) هو حين تبلغ الشمس منتاها من الارتفاع كأنها وصلت إلى النحر وهو أعلى الصدر (3) أي تشتاق ----- (*) هكذا بالأصل المنقول عنه؛ ولعله "أكفوا الصائم" بمعني عاونوه في كل ما يهمه من زادوا راحلة ونحو ذلك؛ أو عاونوه فيما يشق فعله في السفر والله أعلم

-[جواز الصوم والفطر في السفر]- فيه ماء فأمسكه على يده حتى رآه الناس ثم شرب فشرب الناس (وعنه من طريق ثان) (1) قال خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عام الفتح في رمضان فصام وصام المسلمون معه (2) حتى إذا كان بالكديد دعا بماء في قعب (2) وهو على راحلته فشرب (4) والناس ينظرون يعلمهم أنه قد أفطر فأفطر المسلمون (171) وعنه أيضًا رضي الله عنه قال صام رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يوم فتح مكة حتى إني قديدًا فاتي بقدح من لبن (5)

_ قال في القاموس تاق إلي توقًا وتؤوقًا وتياقه وتوقانا اشتاق (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يعقوب قال ثنا أبى عن ابن إسحاق حدثني بشير بن يسار مولى بن حارثة عن عبد الله بن عباس قال خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عام الفتح الحديث (2) أي استمر المسلمون يصومون مع النبي (صلى الله عليه وسلم) مع خروجهم من المدينة إلى أن بلغوا الكديد، وهذه المسافة يصمون مع النبي (صلى الله عليه وسلم) من خروجهم من المدينة إلى أن بلغوا الكديد، وهذه المسافة تستغرق سبعة أيام تقريبًا (3) القعب بفتح القاف وسكون العين المهملة قدح من خشب، (وفي رواية لمسلم) من حديث جابر "فقيل له أن الناس قد شق عليهم الصيام وإنما ينظرون فيما فعلت فدعا بقدح من ماء بعد العصر (وله في وجه آخر) عن جعفر ثم شرب فقيل له بعد ذلك إن بعض الناس قد صام، فقال أولئك العصاة، واستدل بهذا الحديث على أن للمسافر أن يفطر في أثناء النهار ولو استهل رمضان في الحضر، والحديث نص في الجواز، إذ لا خلاف أنه (صلى الله عليه وسلم) استهل رمضان في عام غزوة الفتح وهو بالمدينة ثم سافر في أثنائه، وهذا موضع الدلالة منه (تخريجه) (ق. وغيرهما) وأخرجه البخاري أيضًا في المغازي من طريق معمر عن الزهري بأوضح من هذا - ولفظه "خرج النبي (صلى الله عليه وسلم) في رمضان من المدينة ومعه عشرة آلاف من المسلمين وذلك على رأس ثمان سنين ونصف من مقدمة المدينة فسارو من معه من المسلمني يصوم ويصومون حتى بلغ الكديد فأفطر وأفطروا؛ قال الزهري وإنما يؤكد بالآخر فالآخر من أمره (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم). (171) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا هاشم ثنا شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس رضي الله عنهما قال صام رسول الله 0 صلى الله عليه وسلم - الحديث (غريبة) (4) في الطريق الثانية من الحديث المتقدم "حتى إذا كان بالكديد دعا بماء في قعب الخ" وهنا قال "حتى أتي قديدًا أي بقدح من لبن الخ" وظاهر هذا التناقض، مع أن

-[حجة القائلين بأن آخر الأمرين من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الفطر في السفر]- فأفطر وأمر الناس أن يفطروا (172) عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنهما قال خرج رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) من المدينة يريد مكة فصام حتى أتي عسفان (1) قال فدعا بإناء فوضعه على يده حتى نظر الناس إليه ثم أفطر (3) قال فكان ابن عباس يقول من شاء صام ومن شاء أفطر. (173) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي (صلى الله عليه وسلم) خرج يوم الفتح فصام حتى إذا كان بالكديد أفطر، وإنما يؤخر بالآخر من فعل رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) قيل لسفيان قوله إنما يؤخر بالآخر من قول

_ القصة واحدة والمخرج واحد، ولا تناقض في ذلك لما تقدم أن قديدًا وكديدًا قريبان من بعضهما، فبعض الرواة ذكر قديدًا وبعضهم ذكر كديدًا، ولا تناقض أيضًا بين قوله هنا فأتي بقدح من لبن" وبين قوله هناك "دعا بماء في قعب" لاحتمال أنه (صلى الله عليه وسلم) شرب لبنًا وماءًا فمن رآه يشرب لبنًا أخبر بما رأي، ومن رآه يشرب ماءًا أخبر بما رأي، والكل جائز والله أعلم (تخريجه) (خ. طح). (172) عن طاوس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبيدة حدثني منصور عن مجاهد عن طاوس - الحديث" (غريبة) (1) هكذا في هذه الرواية "حتى أتي عسفان" وفي الرواية السابقة "حتى أتي قديدًا" وفي التي قبلها "حتى إذا كان بالكديد" ولا منافاة بين ذلك، لأن كديدا وقد يدا من عمل عسفان ومضافين إليها، وقد سبقت الإشارة إلى ذلك (2) فعل ذلك (صلى الله عليه وسلم) لما علم أن الناس قد شق عليهم الصوم وكانوا ينتظرون فعله (صلى الله عليه وسلم) ويؤبد ذلك قوله في الحديث الأول من أحاديث الباب فعطش الناس وجعلوا يمدون أعناقهم وتتوق أنفسهم إليه "يعني إلى الماء" (تخريجه) (ق. د. نس. وغيرهم) بألفاظ متقاربة. (173) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا سفيان عن الزهري عن عبد الله بن عبيد الله عن ابن عباس رضي الله عنهما - الحديث"

-[تأخر الصحابة عن الفطر في السفر حتى أفطر رسول الله (صلى الله عليه وسلم)]- الزهري أو قول ابن عباس كذا قال في الحديث (1) (174) عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه قال أتي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على نهر من السماء (2) والناس صيام في يوم صائف مشاة ونبي الله (صلى الله عليه وسلم) على بغلة له فقال أشربوا أيها الناس، قال فأبوا، قال إني لست مثلكم إني أيسركم (3) إني

_ (غريبه) (1) هكذا في الأصل بهذا اللفظ، والمعني أن سفيان سئل عن قوله في الحديث "إنما يؤخذ بالآخر من فعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم" هل هو من قول الزهري أحد رجال السند أو من قول ابن عباس ولم يذكر الجواب في هذا الحديث، وقد جاء مصرحا به في حديث ابن عباس أيضًا من طريق معمر عن الزهري عند البخاري في المغازي، وفي آخره قال الزهري وإنما يؤخذ بالآخر فالآخر من أمره (صلى الله عليه وسلم) (قال الحافظ) وهذه الزيادة التي في آخره من قول الزهري وقعت مدرجة عند مسلم من طريق الليث عن الزهري ولفظه "حتى بلغ الكديد أفطر وكان صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يتبعون الأحدث فالأحدث من أمره" وأخرجه من طريق سفيان عن الزهري بهذا الإسناد مثله، قال سفيان لا أدري من قول من هو، يعني قوله وإنما يؤخذ بالآخر من قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ففي هذه الرواية التصريح بأن سقيان أجاب بقوله "لا أدري" قال الحافظ ثم أخرجه "يعني مسلمًا" من طريق معمر ومن طريق يونس كلاهما عن الزهري، وبينا أنه من قول الزهري، وبذلك جزم البخاري في الجهاد، وظاهره أن الزهري ذهب إلى أن الصوم في السفر منسوخ ولم يوافق على ذلك أهـ (تخريجه) (ق) (تنبيه) ما روي عن ابن عباس في هذا الباب من مرسلات الصحابة، لأن ابن عباس كان في هذه السفرة مقيمًا مع أبويه بمكة فلم يشاهد هذه القصة، فكأنه سمعها من غيره من الصحابة، حكاه الحافظعن القابمي. (174) عن أبى سعيد الخدري (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الصمد حدثني أبى ثنا الجريري عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدري - الحديث" (غريبة) (2) الظاهر أن هذا النهر هو في الموضع المسمي بكديد إن كان هذا المفر في غزوة الفتح، وإن كان في غيرها فالله أعلم بمكانه لأنه لم يبين الجهة المقصود بالمفر في هذا الحديث، وله طريق ثان عند الإمام أحمد لم يبين فيه الجهة أيضًا ولفظه عن أبى سعيد، قال كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر فمررنا بنهر فيه ماء من ماء السماء والقوم صيام فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اشربوا فلم يشرب أحد، فشرب رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وشرب القوم (3) يعني إني أيسركم مشقة، ثم بين ذلك بقوله إني راكب

-[حجة القائلين بجواز فطر المسافر في يوم نوي صيامه من الليل والخلاف في ذلك]- راكب فأبوا (1) قال فثني رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) فخذه فنزل فشرب وشرب الناس وما كان يريد أن يشرب (2).

_ (1) إنما أبوا عن الشرب لأنهم لم يروه شرب فلما علم (صلى الله عليه وسلم) منهم ذلك نزل فشرب اشفاقًا عليهم وتيسير الهم، وفيه أنه يشرع لمن مع المسافرين من إمام أو عالم أن يفطر ليقتدي به الناس وإن لم يكن محتاجًا إلى الإفطار لا تقدم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن للمسافر أن يفطر في أثناء النهار ولو استهل رمضان في الحضر، وأحاديث الباب نص في الجواز إذ لا خلاف أنه (صلى الله عليه وسلم) استهل رمضان في عام غزوة الفتح وهو بالمدينة ثم سافر في أثنائه كماي ستفاد ذلك من حديث ابن عباس المذكور أول الباب أنه (صلى الله عليه وسلم) خرج لعشر مضين من رمضان، ورواه البخاري أيضًا في المغازي كذلك، ووقع في مسلم من حديث أبى سعيد اختلاف من الرواة في ضبط ذلك، والذي اتفق عليه أهل السير أنه خرج من عاشر رمضان ودخل مكة لتسع عشرة ليلة خلت منه (وفيها أيضًا) دليل على أنه يجوز للمسافر أن يفطر بعد أن نوي الصيام من الليل (وهو قول الجمهور) وقطع به أكثر الشافعية (قال الحافظ) وهذا كل فيما لما نوي الصوم في السفر، فأما لو نوي الصم وهو مقيم ثم سافر في أثناء النهار فهل له يفطر في ذلك النهار؟ يمنعه الجمهور (وقال أحمد وإسحاق) بالجواز، واختاره الزني أهـ (قلت للحنابلة في ذلك روايتان) قال في الشرح الكبير على المقنع إذا سافر في أثناء يوم من رمضان فهل له فطر ذلك اليوم؟ فيه روايتان: أصححهما جواز الفطر، وهو قول عمرو بن شرحبيل والشعبي، وإسحاق وداود وابن المنذر (والثانية) لا يباح له فطر ذلك اليوم وهو قول مكحول، والزهري ويحيي الأنصاري (ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي) لأن الصوم عبادة تختلف بالحضر والسفر فإذا اجتمعا فيها غلب حكم الحضر كالصلاة (قال) ولنا ما روي عبيد بن جبير، قال ركبت مع أبي بصرة الغفاري في سفينة من الفسطاط في شهر رمضان فدفع ثم قرب غداء فلم يجاوز البيوت حتى دعا بالسفرة ثم قال اقترب، قلت ألست تري البيوت؟ قال أبو بصرة أترغب عن سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، رواه أبو داود (قلت والإمام أحمد وسيأتي في الباب التالي) قال ولأنه أحد الأمرين المنصوص عليهما في إباحة الفطر فإذا وجد في أثناء النهار إباحة كالمرض، وقياسهم على الصلاة لا يصح، فإن الصوم يفارق الصلاة، لأن الصلاة يلزم إتمامها بنيتها بخلاف الصوم، إذا ثبت هذا فإنه لا يباح

-[حجة القائلين بجواز فطر من عزم على السفر قبل مفارقة بيته والجمهور على خلافه]- (3) باب متى يفطر المسافر إذا خرج ومقدار المسافة التي تبيح له الفطر (175) عن عبيد بن جبير (1) قال ركبت مع أبى بصرة (الغفاري رضي

_ له الفطر حتى يخلف البيوت وراء ظهره ويخرج من بين بنيانها (وقال الحسن) يفطر في بيته إن شاء يوم يزيد الخروج (وروي نحوه عن عطاء) قال ابن عبد البر قول الحسن قول شاذ وقد روي عنه خلافه، ووجهه ما روي محمد بن كعب قال أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفر وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب السفر فدعا بطعام فأكل فقلت له سنة؟ قال سنة ثم ركب، رواه الترمذي وقال حديث حسن، ولنا قوله تعالى (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) وهذا شاهد ولا يوصف بكونه مسافرًا حتى يخرج من البلد؛ ومهما كان في البلد فله أحكام الحاضرين ولذا لا يقصر الصلاة، فأما أنس فيحتمل أنه كان برز من البلد خارجًا منه فاتاه محمد ابن كعب في ذلك المنزل أهـ والله أعلم. (175) عن عبيد بن جبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عتاب قال ثنا عبد الله قال ثنا سعيد بن يزيد عن يزيد بن أبى حبيب عن كليب بن ذهل عن عبيد ابن جبير قال ركبت مع أبى بصر - الحديث" (غريبة) (1) جاء في الأصل "عن عبيد بن حنين" بحاء مهملة ونونين مصغرًا، وعبيد بن حنين هذا هو أبو عبد الله المدني يروي عن أبى موسي وزيد بن ثابت وقتادة بن النعمان وعنه سالم أبو النضر وأبو الزناد كذا في الخلاصة، ولم يثبت أنه روي عن أبى بصرة الغفاري، وإنما الذي روي عنه هو عبيد بن جبير أو جبر على ما في النسخ من الاختلاف في اسم أبية لأنه كان مولى لأبي بصرة وهو الذي روي عنه هذا الحديث كما في سنن أبى داود والبيهقي والدرامي (وفي الخلاصة) عبيد بن جبر بفتح الجيم الغفاري أبو حفص المصري عن مولاه أبى بصرة وعنه كليب بن ذهل (وفي التقريب) عبيد بن جبير بالجيم والموحدة القبطي مولي أبى بصرة يقال كان من بعث به المقوقس مع مارية، فعلى هذا فله صحبه قد ذكره يعقوب بن سفيان في الثقات (وفي الميزان) عبيد بجبير بضم الجيم كما في التقريب: فثبت بهذا أن لفظ حنين الموجود في المسند خطأ وتحريف نشأ من الناسخ، وإنما أثبت بدله لفظ جبير بضم الجيم ولم أثبت جبر لأمرين (أحدهما) أنه جاء في التقريب والميزان والدرامي بلفظ جبير بضم الجيم (ثانيهما) أن لفظ جبير قريب في الرسم من لفظ حنين فظنه الناسخ حنينًا

-[حجة القائلين بجواز فطر المسافر قبل مجاوزة العمران]- الله عنه) من الفسطاط (1) من الفسطاط (1) إلى الإسكندرية في سفينة فلما دفعنا من مراسانا أمر بسفرته (2) فقربت ثم دعاني إلى الغداء وذلك في رمضان، فقلت يا أبا بصرة والله ما تغيبت عنها منازلنا بعد، (3) فقال أترعب عن سنة رسول الله (صلى عليه وعلى آله وصحبه وسلم؟ (4) قلت لا، قل فكل، فلم نزل مفطرين حتى بلغنا ما حوزنا (وعنه من طريق ثان) (6) قال ركبت مع أبى بصرة السفينة وهو يريد الإسكندرية فذكر الحديث. (176) عن منصور الكلبي عن دحية بن خليفة رضي الله عنه أنه خرج من قريته (7) إلى قريب من قرية عقبة في رمضان ثم إنه أفطر وأفطر

_ فأثبته كذلك والله أعلم (1) بضم الفاء وكسرها فسكون السين المهملة، المدينة التي فهيا مجمع الناس، ويقال لمصر والبصرة الفسطاط قاله السندي، وقال الشوكاني هو اسم علم لمصر االتي بناها عمرو بن العاص أهـ (2) هي في الأصلى الطعام الذي يصنع للمسافر وتطلق على ما يوضع فيه الطعام مجازا وبجمع على سفر كغرفة وغرف (والغداء) بالدال المهملة هو الطعام الذي يؤكل أول النهار (3) يعني أتأمرنا بالطعام قيل مجاوزة البيوت؟ وإنما قال ذلك مستغربًا لظنه أن الفطر لا يجوز للمسافر قبل مجاوزة العمران (4) أي لا تتنح عن الأكل فإن فيه إعراضًا عن إتباع سنة رسو الله (صلى الله عليه وسلم) وإذا نسب الصحابي أي عمل إلى السنة كان من سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان له حكم الحديث المرفوع إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) (5) أي الموضع الذي ضمّا وأردنا السفر إليه والتحوز والتحيز والانحياز بمعني وهو الانضمام إلى الشيء (6) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يحيي بن غيلان قال ثنا المفضل قال ثنا عبد الله بن عياش عن يزيد بن أبى حبيب عن كليب بن ذهل الحضرمي عن عبيد بن جبير قال وكبت مع أبى بصرة الحديث (تخريجه) (د. هق. مي). (176) عن منصور الكلبي (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى قال ثنا حجاج ويونس قالا ثنا الليث قال حدثني يزيد بن أبى حبيب عن أبى الخير عن منصور الكلبي - الحديث" (غريبة) (7) أي القرية التي كان يسكنها دحية بن خليفة

-[بيان مقدار المسافة التي تبيح الفطر للمسافر]- معه ناس (1) وكره آخرون أن يفطروا، قال فلما رجع إلى قريته قال والله لقد رأيت اليوم أمرًا ما كنت أظن أن أراه (2)، إن قومًا رغبوا عن هدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه؛ يقول ذلك للذين صاموا، ثم قال عند ذلك اللهم اقبضني إليك

_ واسمها مزة بكسر الميم وتشديد الزاي، وهي قرية كبيرة في سفح الجبل في وسط بساتين من أعلى دمشق، بينها وبين دمشق نحو فرسخ، ويقال لها مزة كلب وهي عجيمة (ودمشق) بكسر أوله وفتح ثانية وسكون ثالثة قاعدة الشام، سميت باسم بانيها ده مشاق بن كنعان (وظاهر قوله إلى قرية عقبة) أن عقبة قرية بالشام، سميت باسم بانهياد مشاق بن كنعان (وظاهر قوله إلى قرية عقبة) أن عقبة قرية بالشام قريبة من قرية دحية وليس كذلك، لأني لم أجد في معجم البلدان قرية بالشام مسماة بهذا الاسم، وقد جاء هذا الحديث في سنن أبى داود بأوضح من هذا ولفظه بعد ذكر السند (عن منصور الكلبي أن دحيه بن خليفة خرج من قرية من دمشق مرة على قدر قرية عقبة من الفسطاط وذلك ثلاثة أميال في رمضان، ثم إنه أفطر وأفطر معه ناس الحديث- ومعلوم أن الفسطاط علم وضع على مصر العتيقة التي بناها عمرو بن العاص كما تقدم في شرح الحديث السابق، فعلى هذا يكون، معني قوله "إلى قرية من قرية عقبة" أن المسافة التي بين القرية التي خرج دحيه منها وبني المحل الذي انتهي سيرة إليه كالمسافة التي بين مصر العتيقة وبين قرية عقبة، وهي قرية من ضواحي مصر، ولعلها المعروفة الآن بمنية عقبة والله أعلم (1) أي لكونه يري أن هذه المسافة ترخص للصائم الفطر (قال الخطابي) يحتمل أن يكون دحية إنما صار في ذلك إلى ظاهر اسم السفر وقد خالفه غير واحد من الصحابة فكان ابن عمر وابن عباس لا يريان القصر والإفطار في أقل من أربعة برد وهما أفقه من دحيه وأعلم بالسنة أهـ (2) إنما أنكر دحيه رضي الله عنه على من صام لكونه رأي من قرائن الأحوال أنهم لم يصوموا بقصد أن الصوم عزيمة، بل هو إعراض عن رخصة الإفطار في السفر، ويحتمل أنه يري أن الفطر واجب بالسفر والله أعلم (تخريجه) (د. هق. طح) قال الخطابي ليس الحديث بالقوي وفي إسناده رجل ليس بالمشهور، ولعله يشير بذلك إلى منصور الكلبي فإن رجال الإسناد جميعهم ثقات يحتج بهم في الصحيح سواه، وقال فيه ابن المديني مجهول ولكن وثقه العجلي والله أعلم (زوائد الباب) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال خرج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في رمضان إلى حنين والناس مختلفون فصائم ومفطر، فلما استوي على راحلته دعا بإناء من لبن أو ماء فوضعه على راحلته أو راحته ثم نظر الناس المفطرون للصوام أفطروا، أورده صاحب المنتفي وقال رواه البخاري، ثم قال قال شيخنا عبد القادر صوابه

-[زوائد الباب ومذاهب الأئمة في الوقت الذي يفطر فيه من أراد سفرًا]- .....

_ خيبر أو مكة (يعني بدل قوله حنين) لأنه (صلى الله عليه وسلم) قصدهما في هذا الشهر، فأما حنين فكانت بعد الفتح بأربعين ليلة أهـ والفتح كان لعشر بقين من رمضان كما تقدم في حديث ابن عباس في الباب السابق (قال الحافظ) وهو الذي اتفق عليه أهل السير، وكان خروجه من المدينة في عاشر شهر رمضان فإذا كانت حنين بعده بأربعين ليلة لم يستقم أن يكون السفر إليها في رمضان (وعن محمد بن كعب) قال أتيت أنس بن مالك في رمضان وهو يريد سفرًا وقد رحلت له راحلته ولبس ثياب السفر فدع بطعام فأكل فقلت له سنة؟ فقال سنة، ثم ركب" أورده الحافظ في التلخيص، وقال رواه الترمذي، وسكت عنه الحافظ، وفي إسناده عبد جعفر والد على بن المديني وهو ضعيف (وعن نافع ان ابن عمر) رضي الله عنهما كان يخرج إلى الغابة فلا يفطر ولا يقصر (د. هق) الغابة موضع قريب من المدينة من ناحية الشام فيه أموال لأهل المدينة على بريد منها، وكأن ابن عمر كان لا يري الفطر ولا قصر الصلاة في هذه المسافاة (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما أن النبي (صلى الله عليه وسلم) غزا غزوة الفتح في رمضان وصام حتى إذا بلغ الكديد الماء الذي بين قديد وعسفان، فلم يزل مفطرًا حتى انسلخ الشهر، أورده صاحب المنتقي وعزاه للبخاري، قال ووجه الحجة منه أن الفتح كان لعشر بقين من رمضان هكذا جاء في حديث متفق عليه أهـ (الأحكام) حديث ابى بصرة المذكور في أول الباب مع حديث أنس المذكور في الزوائد من رواية محمد بن كعب عنه يدلان على أنه يجوز للمسافر أن يفطر قبل خروجه من الموضع الذي أراد السفر منه، قال ابن العربي في العارضة هذا صحيح ولم يقل به إل أحمد، أما علماؤنا فمنعوا منه، لكن اختلفوا إذا أك هل عليه كفارة، فقال مالك، وقال أشهب هو متأول، وقال غيرهما يكفّر ونحب أن لا يكفر لصحة الحديث، قال وأما حديث أنس فصحيح يقضتي جواز الفطر مع أهبة السفر، ثم ذكر أن قوله من السنة لا بد من أن يرجع إلى التوقيف، والخلاف في ذلك معروف في الأصول أهـ (قال الشوكاني) والحق أن قول الصحابي من السنة يتصرف إلى سنة الرسول (صلى الله عليه وسلم) وقد صرح هذان الصحابيان بأن الإفطار للمسافر قبل مجاوزة البيوت من السنة أهـ (وقال الخطابي) في المعالم عقب ذكر حديث أبى بصرة فيه حجة لمن رأي للمقيم الصائم إذا سافر من يومه أن يفطر وهو قول الشعبي وإليه (ذهب أحمد بن حنبل) وعن الحسن أنه قال يفطر إن شاء في بيته يوم يريد أن يخرج (وقال إسحاق بن راهوية) إذا وضع رجله في الرحل فله أن يفطر، وحكاه عن أنس بن مالك وشبهوه بمن أصبح صائمًا ثم مرض في يومه فإن له أن يفطر من أجل المرض، قالوا وكذلك من أصبح صائمًا ثم سافر لأن كل واحد من الأمرين سبب للرخصة حدث بعد مضي شيء من النهار "قلت" السفر لا يشبه المرض لأن السفر من

فارغة في الأصل

فارغة في الأصل

فارغة في الأصل

فارغة في الأصل

-[مذاهب الأئمة في مقدار المسافة التي تبيح الفطر للصائم- وإلى متى يستمر مفطرًا]- .....

_ فعله وهو الذي ينشئه باختياره والمرض شيء يحدث عليه لا باختياره فهو يعذر فيه، ولا يعذر في السفر الذي هو فعل نفسه، ولو كان في الصلاة فمرض كان له أن يصلي قاعدًا، ولو سافر وهو مصل لم يكن له أن يقصر (وقال أصحاب الرأي) لا يفطر إذا سافر يومه ذلك وهو قول (مالك والأوزاعي والشافعي) وروي ذلك عن النخعي ومكحول والزهري (قلت) وهذا أحوط الأمرين، والإقامة إذا اختلط حكمها بحكم السفر غلب حكم المقام أهـ (وقال صاحب بذل المجهود) هذا الحديث بخالف مذهب الحنفية وأجابوا عنه (أولاً) أن أبا بصرة رضي الله عنه لعله ثبت عنده أنه يجوز الإفطار سواء كان مسافرًا أو مقيمًا إذا نوي الصوم الليل بنوع اجتهاد وإلا فلا نص عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (وثانيًا) أنه يمكن أن يقال إن أبا بصرة كان مقيمًا في فسطاطه فخرج منها ليلاً قبل الصبح ولم ينو الصوم فصار مسافرًا فجاز له الإفطار لما فارق بيوت مصر من الجهة التي ركب فيها السفينة أهـ بتصرف (وحديث دحية بن خليفة) الثاني من حديثي الباب يدل على جواز الفطر للمسافر في مسافة ثلاثة أميال فأكثر (وإلى هذا ذهبت الظاهرية) بل قال ابن حزم وهو منهم يجوز الفطر لمن سافر ميلا واحدًا (وقال الخطابي) في هذا "يعني حديث دحية) حجة لمن لم يحد السفر الذي يترخص فيه الإفطار بحد معلوم ولكن يراعي الاسم ويعتمد الظاهر، وأحسبه قول داود وأهل الظاهر، فأما الفقهاء فإنهم يلا يرون الإفطار إلا في السفر الذي يجوز فيه القصر وهو عند أهل العراق ثلاثة أيام، وعند أهل الحجاز ليلتان أو نحوهما، وليس الحديث بالقوي، وفي إسناده رجل ليس بالمشهور، ثم إن دحيه لم يذكر فيه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أفطر في قصير السفر، إنما قال إن قومًا رغبوا عن هدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولعلهم إنما رغبوا عن قبول الرخصة في الإفطار أصلاً، وقد يحتمل أن يكون دحيه إنما صار في ذلك إلى ظاهر اسم السفر وقد خالفه غير واحد من الصحابة، فكان ابن عمر وابن عباس لا يريان القصر والإفطار في أقل من أربعة يرد، وهما أفقه من دحية وأعلم بالسنة أهـ (فائدة) اتفق العلماء على أن كل سف رمبيح لقصر الصلاة فهو مبيح لفطر الصائم، وتقدم الكلام على ذلك مستوي في الأحكام في آخر باب مسافة القصر صحيفة 106 في الجزء الخامس من كتاب الصلاة فارجع إليه إن شئت (وفي حديث ابن عباس) الأخير من الزوائد دلالة على أن المسافر إذا أقام ببلد مترددًا جاز له أن يفطر مدة تلك الإقامة كما يجوز له أن يقصر، وتقدم في صحيفة 109 في أحكام باب مسافة القصر المشار إليه آنفًا أن من حط رحله في بلد وأقام به يتيم صلاته لأن مشقة السفر قد زالت، ولا يقصر إلا إلى مقدار المدة التي قصر فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع إقامته، وكذا يقال فيمن كان مقيمًا ببلد وفي عزمه السفر

-[وضع الصوم عن المسافر والحامل والمرضع]- (4) باب ما جاء في حكم الصيام للمريض والكبير والحامل والمرضع (177) عن أنس بن مالك رجل من بني عبد الله بن كعب (زاد في رواية وليس بالأنصاري) (1) قال أغارت علينا (2) خيل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (وفي لفظ أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في إبل لجاري أخذت) (3) فأتيته وهو يتغدي فقال أدن فكل قلت إني صائم، قال أجلس أحدثك عن الصوم أو الصيام (4) إن الله عز وجل وضع عن المسافر شطر (5) الصلاة، وعن المسافر، والحامل والمرضع (6) الصوم أو الصيام، والله لقد قال

_ يفطر مثل المدة التي أفطرها النبي (صلى الله عليه وسلم)، بمكة وهي عشرة أيام أو أحد عشر يومًا على اختلاف الروايات فيقتصر على ذلك، ولا يجوز الزيادة عليه إلا بدليل والله أعلم. (177) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع ثنا أبو هلال عن عبد الله بن سواه عن أنس بن مالك- الحديث (غريبة) (1) يعني أنه غير أنس بن مالك الأنصاري الصحابي المشهور خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (قال الحافظ في الإصابة) أنس بن مالك الكعبي القشيري أبو أمية وقيل أبو أميمه وقيل أبو مية، نزل البصرة وروي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) حديثنا في وضع الصيام عن المسافر وله معه فيه قصة، أخرجه أصحاب السنن وأحمد وصححه الترمذي وغيره، ووقع فيه عند ابن ماجه "أنس بن مالك رجل من بني عبد الأشهل- وهو غلط) وفي رواية لأبي داود عن أنس بن مالك رجل من بني عبد الله بن كعب أخوه قشير لا من قشير، وهذا هو الصواب؛ وبذلك جزم البخاري في ترجمته، وعلى هذا فهو كعبي القشيري، ولأن قشيرًا هو ابن كعب ولكعب ابن اسمه عبد الله فهو من أخوه قشير لا من قشير نفسه، وقد تعقب الرشاطي قول ابن عبد البر فيه القشيري ويقال الكعبي وكعب أخوه قشير، فإن كعب والد قشير لا أخوه والله أعلم أهـ (2) أي على قومنا لأنه رضي الله عنه كان مسلمًا من قبل الإغارة والنهب (3) يعني أغارت عليها الفرسان (4) أو للشك من الراوي هل قال الصوم أو الصيام، وكذا يقال فيا سيأتي (5) أي نصف الصلاة الرباعية، وتقدم الكلام على ذلك في باب افتراض صلاة السفر وحكمها صحيفة 92 في الجزء الخامس، وتقدم الكلام على وضع الصيام عن المسافر قريبًا (6) أي إذا خافتا على الجمل أو الرضيع أو على أنفسهما وهل يقضيان أم لا؟ سيأتي الكلام على ذلك في الأحكام

-[ثبوت صيام رمضان على الصحيح المقيم والترخيص فيه للمريض والمسافر وثبوت لإطعام للعاجز]- رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلاهما أو أحدهما (1) فيا لهف نفسي (2) هلا كنت طعمت من طعام رسول الله صلى ل اله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم. (178) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه من حديث طويل تقدم في باب الأحوال التي عرضت للصيام رقم 31 صحيفة 239 من الجزء التاسع قال "ثم إن الله عز وجل أنزل الآية الأخرى "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن- إلى قوله- فمن شهد منكم الشهر فليصمه" قال فاثبت الله صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر (3)، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام

_ (1) أي قال الحامل والمرضع كلاهما أو أحدهما (2) يتأسف الصحابي رضي الله عنه على فوته الأكل مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حينما قال أدن فكل (تخريجه) (الأربعة وغيرهم) وحسنه الترمذي وسكت عنه أبو داود، ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره. (178) عن معاذ بن جبل (سنده) تقدم في الباب المشار إليه في المتن (غريبة) (3) يشير إلى قوله تعالى "ومن كان مريضًا أو على سفر فعدة من أيام آخر" (4) لم يبين كيفية الإطعام في هذه الرواية، وقد جاء في رواية عن ابن عباس أنه قال رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم كل يوم مسكينًا ولإقضاء عليه، رواه الدارقطني والحاكم وصححاه، وسيأتي الكلام على قدر إطعام المسكين في الأحكام والخلاف في ذلك والله أعلم (تخريجه) (د. هق. وغيرهم) وتقدم الكلام عليه في باب الأحوال التي عرضت للصيام الذي تقدمت الإشارة إليه (زوائد الباب) عن سلمه بن الأكوع رضي الله عنه، قال لما نزلت هذه الآية (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مساكين) كان من أراد أن يفط ويفتدي حتى أنزلت الآية التي بعدها فنسختا (ق. والأربعة) قوله (فديه طعام) قريء بإضافة فدية إلى طعام بالتنوين ومساكين بالجمع، أي جمع مسكين، وهي قراءة أهل المدينة والشام إفادة القرطبي في تفسيره، قال وقرأ ابن عباس طعام مسكين بالإفراد فيما ذكر البخاري، وأبو داود والنسائي عن عطاء، عنه وهي قراءة حسنه، لأنها بيت الحكم في اليوم

-[زوائد الباب وكلام العلماء في المراد بقوله تعالى "وعلى الذين يطيقونه الخ"]- .....

_ واختارها أبو عبيد وهي قراءة أبى عمرو وحمزة والكسائي، قاله أبو عبيد فبينت أن لكل يوم إطعام واحد، قالوا الواحد مترجم عن الجميع وليس الجميع بمترجم عن الواحد أهـ (وعن عطاء) سمع ابن عباس يقرأ وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، قال ابن عباس ليست بمنسوخة، هي للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا، رواه البخاري (فإن قيل) كيف يقرأ ابن عباس "وعلى الذي يطيقونه" ثم يفسرها بأنها للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما، مع أنه قوله لا يستطيعان أن يصوما ينافي قوله تعالى وعلى الذين يطيقونه (فالجواب) يحتمل أن يكون مراد ابن عباس والله أعلم أن ذلك من مجاز الحذف كما روي عن بعض العلماء، والأصل وعلى الذين لا يطيقونه، وقد روي عن ابن عباس أنه كان يقرأ "وعلى الذين يطوقونه" أي يكلفونه ولا يطبقونه هو المناسب لآخر الكلام والله أعلم (وعن عكرمة) أن ابن عباس قال أثبتت للحبلي والمرضع، رواه أبو داود (وعن قتادة) أن أنسا ضعف عن الصوم قبل موته عامًا فأفطر وأطعم عن كل يوم مسكينًا، (طب) ورجاله رجال الصحيح (وعن أيوب) بن أبى تميمة، قال ضعف أيوب عن الصوم فصنع جفنه من تريد فدعا ثلاثين مسكينًا فأطعمهم، رواه أب يعلي ورجاله رجال الصحيح (وعن مجاهد) أن قيس بن السائب كبر حتى مرت به ستون عن المائة وضعف عن الصيام فأطعم عنه (وفي رواية) سمعت قيس ابن السائب يقول إن شهر رمضان يفتديه الإنسان يطعم فيه كل يوم مسكينًا فأطعموا أعني مسكينًا لكل يوم صاعا وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شريكًا لي في الجاهلية فخير شريك لا يماري ولا يساري (طب) ورجاله ثقات (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على جواز الفطر للمسافر والمريض والشيخ الكبير الذي لا يستطيع الصيام والحبلي والمرضع، (أما المسافر والمريض) فقد ثبت جواز فطرهما أيضًا ووجوب القضاء عليهما بكتاب الله عز وجل (وأما الشيخ الكبير) والحامل والمرضع فالمرجع في أمرهم إلى قوله عز وجل "وعلى الذين يطبقونه فديه طعام مسكين" وقد اختلف العلماء في المراد بالآية فقيل هي منسوخة لما رواه البخاري بسنده عن ابن أبى ليلي حدثنا أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) نزل رمضان فشق عليهم فكان من أطعم كل يوم مسكينًا ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك ورخص لهم في ذلك فنسختها "وأن تصوموا خير لكم" وعلى هذا قراءة الجمهور يطيقونه أي يقدرون عليه، لأن فرض الصيام هكذا خير لكم" وعلى هذا قراءة الجمهور يطيقونه أي يقدرون عليه لأن فرض الصيام هكذا من أراد صام ومن أراد أطعم مسكينًا، ترك الصوم ممن يطيقه ورخص لهم في ذلك فنسختها "وأن تصوموا خير لكم" وعلى هذا قراءة الجمهور يطيقونه أي يقدرون عليه، لأن فرض الصيام هكذا من أراد صام ومن أراد أطعم مسكينًا، وقال ابن عباس نزلت هذه الآية رخصة للشيوخ والعجزة خاصة إذا أفطروا وهم يطيقون الصوم ثم نسخت بقوله "فمن شهد منكم الشهر فليصمه" فزالت الرخصة إلا لمن عجز منهم (قال الفرا) الضمير في يطيقونه يجوز أن

-[كلام العلماء في قوله تعالى (وعلى الذين يطيقونه الخ) وبيان الفدية]- .....

_ يعود على الصيام، أي وعلى الذين يطيقون الصيام أن يطعموا إذا أفطروا؛ ثم نسخ بقوله (وأن تصوموا) ويجوز أن يعود على الفداء، أي وعلى الذين يطيقون الفداء فدية اهـ وأما قراءة يطوفونه) على معني يكلفونه مع المشقة اللاحقة لهم كالمريض والحامل فإنهما يقدران عليه لكن بمشقة تلحقهم في أنفسهم فإن صاموا أجزأهم وأن افتدوا فلهم ذلك وثبتت هذه القراءة عن ابن عباس فقد روي البخاري بسنده عن عطاء سمع ابن عباس يقول (وعلى الذين يطوقونه) بضم المثناة التحتية وفتح الواو المشددة بالبناء للمفعول (فدية طعام مسكين) قال ابن عباس ليست بمنسوخة هو الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة لا يستطيعان أن يصوما فيطعمان مكان كل يوم مسكينًا أهـ وروي أبو داود بسنده عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله تعالى (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) قال كانت رخصة للشيخ الكبير والمرأة الكبيرة وهما يطيقان الصوم أن يفطرا ويطعما مكان كل يوم مسكينًا، والحبلي والمرضع إذا خافتا، قال أبو داود يعني على أولادهما أفطرتا وأطعمتا وأخرج الدارقطني بإسناد صحيح، وأخرجه البزار كذلك وزاد في آخره "وكان ابن عباس يقول لأم ولدله حبلي أنت بمنزله الذي لا يطيقه فعليك الفداء ولا قضاء عليك" وصحح الدارقطني إسناده، وروي عنه الدارقطني أيضًا بسند صحيح، قال رخص للشيخ الكبير أن يفطر ويطعم عن كل يوم مسكينًا ولا قضاء عليه (وفي حديث معاذ) الثاني من حديثي الباب "وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام" وفي الزوائد مثل ذلك من الأحاديث والآثار المروية عن كثير من الصحابة بأسانيد صحيحة، إذا علمت هذا فقد ثبت بالأسانيد الصحاح عن ابن عباس أن الآية ليست بمنسوخة وأنها محكمة في حق الشيخ الكبير والمرأة الكبيرة، والحامل، والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أولادهما، فأما في حق غيرهم فهي منسوخة، يؤيد ذلك ما رواه أبن أبى حاتم وابن مردويه عن ابن عباس، قال نزلت هذه الآية وعلى الذين يطيقونه، فكان من شاء صام ومن شاء أفطر وأطعم مسكينًا، ثم نزلت هذه الآية "فمن شهد منكم الشهر فليصمه" فنسخت الأولى إلا الفاني إن شاء أطعم عن كل يوم مسكينًا وأفطر (وقد أجمعت الأئمة) على أن المشايخ والعجائز الذين لا يطيقونه الصيام أو يطيقونه على مشقة شديدة أن يفطروا (واختلفوا فيما عليهم، فقال ربيعة ومالك لا شيء عليهم غير أن مالكًا، قال لو أطعموا عن كل يوم مسكينًا كان أحب إلى، وقال أنس وابن عباس وقيس بن السائب وأبو هريرة عليهم الفدية وهو قول (الشافعي، وأصحاب الرأي وأحمد وإسحاق) إتباعًا لقول الصحابة رضي الله عنهم وقوله تعالى (فمن كان منكم مريضًا أو على سفر فعدة من أيام أخر) ثم قال "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" وهؤلاء ليسوا بمرضي ولا مسافرين فوجبت عليهم الفدية

-[اختلاف المذاهب في حكم القضاء والفدية للحامل والمرضع ومقدارها]- (5) باب قضاء الصوم عن رمضان ووقته (179) عن أبى هريرة رضي الله عنه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال من أدرك رمضان (1) وعليه من رمضان شيء لم يقضه لم يتقبل منه، ومن صام

_ والدليل لقول مالك أن هذا مفطر لعذر موجود فيه وهو الشيخوخة والكبر فلم يلزمه إطعام كالمسافر والمريض، وروي هذا عن (الثوري ومكحول) واختاره ابن المنذر (وذهب) الحسن البصري وعطاء بن أبى رباح، والضحاك والنخعي، والزهري وربيعة والأوزاعي، وأصحاب الرأي، إلى أن الحامل والمرضع إذا خافتا على أنفسهما أو ولدهما يفطران ولا إطعام عليهما بمنزلة المريض يفطر ويقضي، وبه قال أبو عبيد وأبو ثور وحكي ذلك أبو عبيد عن أبى ثور واختاره بن المنذر (وهو قول مالك (في الحبلي إذا أفطرت، فأما الموضع إن أفطرت فعليها القضاء والإطعام (وقال الشافعي وأحمد) يفطران ويقضيان إن خافتا على أنفسهما فقط أو مع ولدهما، أما إن خافتا على الولد فقط فعليهما القضاء والفدية لكل يوم مد؛ أما وجوب القضاء فلأن حالهما لا ينقص عن حال المريض، وأما وجوب الفدية فلأنهما يطيقان الصوم، وقد قال الله تعالى "وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين" وأخرج ابن جرير الطبري عن سعيد بن جبير عن ابن سعيد، قال إذا خافت الحامل على نفسها والمرضع على ولدها في رمضان يفطران ويطعمان مكان كل يوم مسكينًا ولا يقضيان صومًا، وبه قال ابن عمر وقتادة وعكرمة (واختلف من أوجب الفدية) على من ذكر في مقدارها (فقال مالك) مد بمد النبي (صلى الله عليه وسلم) عن كل يوم أفطره، وبه (قال الشافعي) (وقال أبو حنيفة) كفارة كل يوم صاع ثمر أو نصف صاع بر (وروي عن ابن عباس) نصف صاع من حنطه، ذكر الدارقطني (وروي عن أبى هريرة) قال من أدركه الكبر فلم يستطع أني صوم فعليه لكل يوم مد من قمح (وقال أحمد) مدبر أو نصف صاع شعير، وروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه ضعف عن الصوم عامًا فصنع جفنه من طعام ثم دعا بثلاثين مسكينًا فأشبعهم وتقدم نحوه في الزائد بسند صحيح والله أعلم. (179) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا أبو الأسود عن عبد الله بن رافع عن أبى هريرة - الحديث" (غريبة) (1) أي من أدرك رمضان الحاضر وعليه شيء من رمضان السابق لم يقضه أي فرط في صومه حتى جاء رمضان آخر "لم يتقبل من" أي صوم رمضان الأداء لأنه

-[جواز تأخير قضاء ما فات من رمضان إلى شعبان وعدم قبول التطوع قبل القضاء]- تطوعًا وعليه من رمضان شيء لم يقضه فإنه لا يتقبل منه حتى يصومه (1) (180) عن عائشة رضي الله عنها قالت ما كنت أقضي ما يكون على من رمضان إلا في شعبان حتى توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (2)

_ فرط في قضاء السابق ولم يصمه قبل مجيء اللاحق، ومعني عدم القبول نفي الثواب، ويحتل نفي الكمال والحث على قضائه قبل مجيء مثله والله أعلم (1) أي لا يقبل منه صوم التطوع حتى يوم الفرض، وذلك كمن تصدق وعليه دين فإنه لا تقبل صدقته ولا يثاب عليها حتى يؤدي ما عليه من الدين (تخريجه) أورده الهيثمي، وقال رواه أحمد والطبراني في الأوسط باختصار وهو حديث حسن أهـ وكذلك حسنه الحافظ السيوطي. (180) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا أبو عوانة ثنا إسماعيل السدي عن عبد الله البهي عن عائشة - الحديث" (غريبة) (2) المعني أن كل واحدة من نسائة (صلى الله عليه وسلم) كانت مهيأة نفسها لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) مترصدة لاستمتاعه في جميع أوقاتها إن أراد ذلك، ولا تدري متى يريده ولم تستأذنه في الصوم مخافة أن يأذن، وقد يكون له حاجة فيها فتفوتها عليه وهذا من الأدب، وإنما كانت تصومه في شعبان لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يصومه معظم شعبان فلا حاجة له فيهن حينئذ في النهار، ولأنه إذا جاء شعبان يضيق قضاء رمضان فإنه لا يجوز تأخيره عنه (تخريجه) (ق. والأربعة، وغيرهم) زاد البخاري في آخره قال يحيي الشغل من النبي أو بالنبي (صلى الله عليه وسلم) (قال الحافظ) هو خبر مبتدأ محذوف تقديره المانع لها الشغل أو هو مبتدأ محذوف الخبر تقديره الشغل هو المانع لها، وفي قوله قال يحيي هذا تفصيل لكلام عائشة من كلام غيرها، ووقع في رواية مسلم مدرجًا لم يقل فيه قال يحيي، فصار كأنه من كلام عائشة أو من روي عنها، وأخرجه مسلم من طريق سليمان بن بلال عن يحيي مدرجًا أيضًا، ولفظه وذلك لمكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأخرجه من طريق ابن جريح عن يحيي فبين إدراج، ولفظه فظننت أن ذلك لمكانها من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يحيي بقوله، وأخرجه أبو داود من طريق مالك، والنسائي من طريق يحيي القطان، وسعيد بن منصور عن ابن شهاب وسفيان؛ والإسماعيلي من طريق أبى خالد كلهم عن يحيي بدون الزيادة، وللترمذي وابن خزيمة من طريق عبد الله البهي عن عائشة ما قضيت شيئا مما يكون عليّ من رمضان إلا في شعبان حتى قبض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومما يدل على ضعف الزيادة أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يقسم لنسائه فيعدل وكان يدنو من المرأة في غير

-[زوائد الباب - وجوز قضاة رمضان متفرقًا ومجتمعًا]- .....

_ نوبتها فيقبل ويملس من غير جماع فليس في شغلها بشيء من ذلك ما يمن الصوم، اللهم إلا أن يقال إنها كانت لا تصوم إلا بإذنه ولم يكن يأذن لاحتمال احتياجه إليها فإذا ضاق أذن لها، وكان هو يكثر الصوم في شعبان، فلذلك كان لا يتهيأ لها القضاء إلا في شعبان أهـ (زوائد الباب) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال قضاء رمضان إن شاء فرق وإن شاء تابع، رواه الدر قطني وفي إسناده سفيان ابن بشر وقد تفرد بوصله، (قال الدارقطني) ورواه عطاه عن عبيد بن عمير مرسلاً (قال الحافظ) وفي إسناده ضعف وقد صحح الحديث ابن الجوزي، وقال ما علمنا أحدًا طعن في سفيان بن بشر (ورواه الدارقطني) أيضًا من حديث عبد الله بن عمر، وفي إسناده الواقدي وابن لهيعة، ورواه من حديث محمد بن المنكدر، قال وبلغني أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم سئل عن تقطيع قضاء شهر رمضان، فقال ذاك إليك أرأيت لو كان على أحدكم دين فقضي الدرهم والدرهمين ألم يكن قضاءًا والله أحق أن يعفو، وقال هذا إسناد حسن لكنه مرسل، وقد روي موصولاً ولا يثبت (وعن عائشة رضي الله عنها) قالت نزلت قعده من أيام آخر متتابعات فسقطت متتابعات، رواه الدارقطني، وقال إسناده صحيح (وعن أبى إسحاق) قال قال على رضي الله عنه لا تقض رمضان في ذي الحجة ولا تصم يوم الجمعة أظنه منفردًا، ولا تحتجم وأنت صائم (هق) قال البيهقي، وروي أيضًا عن الحسن عن على رضي الله عنه في كراهية القضاء في العشر، وهذا لأنه كان يري قضاءه في إحدى الروايتين عنه متتابعًا فإذا زاد ما وجب عليه قضاؤه على تسعة أيام انقطع تتابعه بيوم النحر وأيام التشريق (وعن عثمان بن موهب) قال سمعت أبا هريرة سأل رجل، فقال أن علي رمضان وأنا أريد أن أتطوع في العشر "يعني عشر ذي الحجة" قال لا بل أبدأ بحق الله فاقضه ثم تطوع بعد ما شئت (وعن الأسود بن قيس) عن أبيه أن عمر رضي الله عنه قال ما من أيام أحب إلى أن أقضي فيها شهر رمضان من أيام العشر، رواهما البيهقي (وعن عمر رضي الله عنه) قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا فاته شيء من رمضان قضاه في عشر ذي الحجة، أورده الهيثمي وقال رواه (طس، طس) وفي رواية الأوسط كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يري بأسًا بقضاء رمضان في عشر ذي الحجة، وفي إسناد الأول وهذا أيضًا إبراهيم بن إسحاق الضبي وهو ضعيف (وعن ميمون بن مهران) عن ابن عباس في رجل أدركه رمضان وعلي رمضان آخر، قال يصوم هذا ويطعم عن ذاك كل يوم مسكينًا ويقضيه (هق) (وعن عبد الوهاب بن عطاء) سئل سعيد هو ابن أبى عروبة عن رجل تتابع عليه رمضانا وفرط فيما بينهما فأخبرنا عن قتادة عن صالح أبى الخليل عن مجاهد عن أبى هريرة أنه قال يصوم الذي حضر ويقضي الآخر ويطعم لكل يوم

-[مذاهب الأئمة في حكم تأخير قضاء رمضان واختلافهم في وجوب الفدية]- .....

_ مسكينًا (قال وأخبرنا) عبد الوهاب أنبأ سعيد عن قيس بن سعد عن عطاء عن أبى هريرة بمثله، ورواه بن جريح عن عطاء عن أبى هريرة، وقال مدا من حنطة لكل مسكين (هق) (وعن عطاء) أنه سمع أبا هريرة قال في المريض يمرض ولا يصوم رمضان ثم يبرأ ولا يصوم حتى يدركه رمضان آخر، قال يصوم الذي حضره ويصوم الآخر ويطعم لكل ليلة مسكينًا (هق) قال البيهقي وروي هذا الحديث إبراهيم بن نافع الجلاب عن عمر بن موسي بن وجيه عن الحكم عن مجاهد عن أبى هريرة مرفوعا وليس بشيء إبراهيم وعمر متروكان، قال وروينا عن ابن عمر وأبى هريرة "الذي لم يصح حتى أدركه رمضان آخر يطعم ولا قضاء عليه" وعن الحسن وطاوس والنخعي يقضي ولا كفارة عليه وبه نقول، لقوله تعالى "فعدة من أيام آخر" (الأحكام) حديثًا الباب مع الزوائد تدل على جملة أحكام (ومنها) كراهة تأخير قضاء ما أفطره من رمضان لسفر أو مرضي أو نحو ذلك من غير عذر حتى يجيء رمضان آخر، فإن ارتكب ذلك لزمه أن يطعم عن كل يوم مسكينًا مع وجوب قضاء ما فاته (ومنها) جواز قضاء ما عليه من رمضان أن شاء متتابعا وإن شاء متفرقًا في سائر السنة (ومنها) جواز تأخير قضاء ما عليه من رمضان أن شاء متتابعًا وإن شاء متفرقًا في سائر السنة (ومنها) جواز تأخير قضاء رمضان إلى شعبان بحيث ينتهي ما عليه قبل مجيء رمضان آخر (أما كراهة تأخير قضاء رمضان) إلى مجيء رمضان آخر بغير عذر فباتفاق العلماء (وأما وجوب الإطعام والقضاء على من فعل ذلك) فقد ذهب إليه أبو هريرة وابن عباس وعطاء ب أبى رباح والقاسم بن محمد والزهري والأوزاعي، ومالك والشافعي والثوري وأحمد وإسحاق، قالوا يلزمه عن كل يوم فدية وهي مد من طعام مع القضاء إلا أن الثوري قال الفدية مدان عن كل يوم (وقال الحسن البصري وإبراهيم النخعي، وأبو حنيفة، والمزني، وداود) يقضيه ولا فديه عليه، أما إذا دام سفره ومرضه ونحوهما من الأعذار حتى دخل رمضان الثاني فإنه يصوم رمضان الحاضر ثم يقضي الأول ولا فدية عليه لأنه معذور (وإليه ذهب الشافعي) وحكاه ابن المنذر عن طاوس والحسن البصري والنخعي وحماد بن أبى سليمان والأوزاعي (ومالك وأحمد وإسحاق) ومال الشوكاني إلى عدم وجوب الفدية مطلقًا سواء أكان تأخير القضاء لعذر أم لغير عذر، قال لأنه لم يثبت في ذلك عن النبي (صلى الله عليه) شيء، وأقوال الصحابة لا حجة فيها، وذهاب الجمهور إلى قول لا يدل على أنه الحق، والبراءة الأصلية قاضية بعدم وجوب الاشتغال بالأحكام التكليفية حتى يقوم الدليل الناقل عنها ولا دليل ههنا، فالظاهر عدم الوجوب أهـ (وقد اختلف القائلون بوجود الفدية) هل يسقط القضاء بها أم لا؟ فذهب الأكثر منهم إلى أنه لا يسقط، وقال ابن المنذر قال ابن عباس وابن عمر وسعيد بن جبير وقتادة يصوم رمضان الحاضر ويفدي عن الغائب ولا قضاء عليه أهـ والخلاف في

-[اختلاف العلماء في حكم تعريف قضاء رمضان وتتابعه]- .....

_ مقدار الفدية هنا كالخلاف في مقدارها في حق الشيخ العاجز عن الصوم وقد تقدم ذلك (وأما جواز تفريق قضاء رمضان واستحباب تتابعه) فهو مروي عن جمع من الصحابة منهم على بن أبى طالب، ومعاذ بن جبل، وابن عباس وأنس وأبو هريرة رضي الله عنهم وبه قال الأوزاعي، والثوري (وأبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وأحمد) وإسحاق وأبو ثور (وذهب ابن عمر) وعائشة والحسن البصري وعروة بن الزبير والنخعي وداود الظاهري إلى أن يجب التتابع، إلا أن داود قال هو واجب ليس بشرط (احتج الأولون) بحديث ابن عمر الأول من أحاديث الزوائد وإن كان في إسناده سقيان بن بشر تكلم فيه بعضهم، لكن صححه ابن الجوزي، وقال ما علمنا أحدًا طعن في سفيان بن بشر (واحتجوا أيضًا) بحديث عائشة الثاني من أحاديث الزوائد بلفظ "نزلت قعدة من أيام أخر متتابعات" فسقط متتابعات، وصححه الدارقطني (وفي الباب) عن أبى عبيدة، ومعاذ بن جبل، وأنس وأبى هريرة، ورافع بن خديج، أخرجها البيهقي، وهذه الطرق وإن كانت كل واحدة منها لا تخلو من مقال فبعضها يقوي بعضًا فتصلح للاحتجاج بها على جواز التفريق (واحتج القائلون بوجوب التتابع) بما أخرجه الدارقطني أنه (صلى الله عليه وسلم) قال "من كان عليه صوم من رمضان فليسرده ولا يقطعه" لكنه قال البيهقي لا يصح، وفي إسناده عبد الرحمن بن إبراهيم القاضي وهو مختلف فيه، قال الدارقطني ضعيف، وقال أبو حاتم ليس بالقوي روي حديثًا منكرًا، قال عبد الحق يعني هذا، وتعقبه ابن القطان، بأنه لا ينص عليه فلعله غير، غيره، قال ولم يأت من ضعفه بحجة والحديث حسن، قال الحافظ قد صرح به أبن أبى حاتم عن أبيه بأنه أنكر هذا الحديث بعينه على عبد الرحمن أهـ وروي عبد الرازق بإسناده عن ابن عمر أنه قال يقضيه تباعًا (قال الشوكاني) وحكاه في البحر عن النخعي والناصر وأحد قوله الشافعي وتمسكوا بالقراءة المذكورة أعني قوله "متتابعات" قال في الموطأ هي قراءة أبى ابن كعب، وأجيب عن ذلك بما تقدم عن عائشة أنها سقطت، على أنه قد اختلف في الاحتجاج بقراءة الآحاد كما تقرر في الأصول، وإذا سلم أنها لم تسقط فهي منزلة عند من قال بالاحتجاج بها منزلة أخبار الآحاد وقد عارضها ما في الباب من الأحاديث (وقال القاسم بن إبراهيم) أن فرق أساء وأجزأ أهـ وحكي صاحب البيان عن الطحاوي أنه قال التتابع والتفريق سواء ولا فضيلة في التتابع (وأما جواز قضاء رمضان في جميع السنة) "يعني غير رمضان الثاني وأيام العيد والتشريق ولا كراهة فيما سوي ذلك سواء ذو الحجة وغيره" فقد قال به جمهور العلماء ومنهم الأئمة الأربعة، وحكاه ابن المنذر عن سعيد بن المسيب وإسحاق وأبىثور محتجين بقوله تعالى (فعدة من أيام آخر) وبحديث عمر كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يري بأسًا بقضاء رمضان

-[مذاهب العلماء في قضاء رمضان في جميع السنة ما لم بان رمضان آخر]- (6) باب قضاء الصوم عن الميت (181) عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) قال أيما ميت مات وعليه صيام فليصمه عنه وليه

_ في عشر ذي الحجة وتقدم في الزوائد (قال ابن المنذر) وروينا عن على بن أبى طالب أنه كره قضاءه في ذي الحجة، وبه قال الحسن البصري والزهري أهـ وبالأول قال ابن المنذر (وأما جواز تأخيره إلى شعبان) فهو متفق عليه عند كافة العلماء إذا كان لعذر مستدلين بحديث عائشة الثانية من أحاديث الباب، وهو وإن كان في فعل عائشة إلا أن الظاهر أنه (صلى الله عليه وسلم) اطلع عليه واقره لتوفر دواعي زوجاته على سؤاله (صلى الله عليه وسلم) عن الأمور الشرعية، أما إذا تأخر القضاء وغير عذر فالجمهور على أنه جائز إن أفطر لعذر كمرض أو سفر أو حيض إلا انه إذا بقي على رمضان الثاني بقدر ما عليه من أيام رمضان الأول لزمه القضاء فورًا حينئذ عندهم (وكذا يلزمه القضاء فورًا عند الشافعية) إذا كان متعمدًا الفطر بلا عذر شرعي (وقال أبو حنيفة وأصحابه) يجب قضاء رمضان وجوبًا موسعًا بلا تقييد بوقت ولو كان متعمدًا الفطر، فلا يأثم بتأخيره إلى دخول رمضان الثاني لأنه من باب الواجب الموسع، ويجب العزم على القضاء على الصحيح (وقال داود الظاهري) يجب القضاء على الفور مطلقًا، فاته لعذر أم لا والله أعلم. (181) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا هارون ثنا ابن وهب قال حيوة أخبرني سالم أنه عرض هذا الحديث على يزيد فعرفه أن عبد الله بن الزبير قال أخبرتني عائشة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحديث (وله طريق ثان) حدّثنا عبد الله حدثني أبى، قال أنا ابن لهيعة وموسى بن داود قال ثنا أبن لهيعة عن عبيد الله بن أبى جعفر عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة عن عائشة أنها سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال موسي إن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال: من مات وعليه صيام، قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصوم عنه وليه" (تخريجه) (ق. قط. هق. بز والأربعة، ولفظ البزار فليصم عنه وليه إن شاء، قال الهيثمي وإسناده حسن، وقال الحافظ اختلف المجيزون وفي المراد بقوله وليه فقيل كل قريب، وقيل الوارث خاصة، وقيل عصبته، والأول أرجح والثاني قريب ويرد الثالث قصة المرأة التي سأت عن نر أمها "يعني فقال لها النبي (صلى الله عليه وسلم) صومي عنها- وهي ليست من العصبة" قال واختلفوا هل يختص ذلك الولي، لأن الأصل عدم النيابة في العبادة البدنية ولأنها عبادة لا يدخلها النيابة في الحياة فكذلك في الموت إلا ما ورد فيه الدليل فيقتصر على ما ورد ويبقي الباقي على الأصل

-[حجة القائلين بجواز قضأة الصوم عن الميت]- (182) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أتت النبي (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم امرأة (1) فقالت يا رسول الله إن أمي ماتت وعليها صوم شهر (2) أفأقضي عنها؟ قال فقال أرأيت (3) لو كان على أمك دين أما كنت تقضينه؟ قالت بلى، قال فدين الله عز وجل أحق (4). (183) وعنه أيضًا قال جاء رجل (5) إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال يا رسول الله إلى إن أمي ماتت وعلي صوم شهر أفأقضيه عنها؟ فقال لو كان على أمك دين

_ وهذا هو الراجح، وقيل لا يختص بالولي، فلو أمر أجنبيًا بأن يصوم عنه أجزأ، وقيل يصح استقلال الأجنبي بذلك وذلك الولي لكونه الغالب وظاهر صنيع البخاري اختيار هذا الأخبر، وبه جزم أبو الطيب الطبري وقوّاه بتشبيهه (صلى الله عليه وسلم) ذلك بالدين، والدين لا يختص بالقريب أهـ (قال الشوكاني) وظاهر الأحاديث أن يصوم عنه وليه وإن لم يوص بذلك وأن من صدق عليه اسم الولي لغة أو شرعًا أو عرفًا صام عنه، ولا يصوم عنه من لبس بولبي، ومجرد التمثيل بالدين لا يدل على أن حكم الصوم كحكمة في جميع الأمور أهـ. (182) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - الحديث" (غريب) (1) هي من جهينة كما عند البخاري (2) في رواية للبخاري وعليها صوم نذر، وفي أخرى له (وعليها صوم شهر، كما هنا" وفي رواية لمسلم "إن أختي ماتت وعليها صيام شهرين متتابعين) " (3) في قوله أرأيت الخ مشروعية القياس وضرب الأمثال ليكون أوضح وأوقع في نفس السامع وأقرب إلى سرعة فهمه، وفيه تشبيه ما اختلف فيه وأشكل بما اتفق عليه، وفيه أنه يستحب للمفتي للتنبيه على وجه الدليل إذا ترتب على ذلك مصلحة وهو أطيب لنفس المستفتي وأدعي لإذعانه (4) يعني فصومي عنها (تخريجه) (ق. والأربعة، وغيرهم). (183) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا معاوية ثنا زائدة عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - الحديث" (غريبة) (5) لم أقف على اسم هذا الرجل، وفي الحديث السابق "قال أتت النبي (صلى الله عليه وسلم) امرأة" وكذلك في رواية عند البخاري، وله في أخرى أيضًا" وعليها خمسة عشر يومًا، وفي رواية له أيضًا "وعليها

-[زوائد الباب في حكم قضاء ما فات من رمضان]- أكنت قاضية عنها؟ قال نعم، قال فدين الله أحق أن يقضى

_ صوم شهرين متتابعين" وله في أخرى" أنه أتى رجل فسأل: قال الحافظ وقد أدعي بعضهم أن هذا اضطراب من الرواة، والذي يظهر تعدد الواقعة، وأما الاختلاف في كون السائل رجلاً أو امرأة والمسئول عنه أختًا أو أما فلا يقدح في موضع الاستدلال من الحديث (تخريجه) (ق. والأربعة، وغيرهم) (زوائد الباب) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال إذا مرض الرجل في رمضان ثم مات ولم يصم أطعم عنه ولم يكن عليه قضاء، وإن نذر قضي عنه وليه، رواه أبو داود وصححه الحافظ، وأخرجه الدارقطني وسعيد بن منصور والبيهقي وعبد الرازق موصولاً وعلقه البخاري، قال عبد الحق في أحكامه لا يقع في الإطعام شيء يصح يعني مرفوعًا، وكذا قال الحافظ (وعن ابن عمر رضي الله عنهما) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال من مات وعليه صيام شهر رمضان فليطعم عنه مكان كل يوم مسكين، وإسناد ضعيف، قال الترمذي والصحيح أنه عن ابن عمر موقوف (وعن بريدة رضي الله عنه) قال بينا أنا جالس عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا أتته امرأة فقالت إني تصدقت على أمي بجازيه وأنها ماتت، فقال وجب أدرك وردها عليك الميراث، قالت يا رسول الله إنه كان عليها صوم شهر أفأصوم عنها؟ قال صومي عنها، قالت أنها لم تحج قط أفأحج عنها؟ قال حجي وفي رواية لمسلم صوم شهرين بدل شهر رواه (م. د. مذ. وصححه) والإمام أحمد، وتقدم في باب نهي المتصدق عن مشتري ما تصدق به رقم 182 صحيفة 132 في الجزء التاسع (وعن القاسم ونافع) ان أبن عمر كان إذا سئل عن الرجل يموت وعليه صوم من رمضان أو نذر يقول لا يصوم أحد عن أحد، ولكن تصدقوا عنه من اله للصوم لكل يوم مسكينًا (هق) (وعن نافع يوم مسكين (هق) (وعن نافع أن عبد الله بن عمر) كان يقول من أفطر في رمضان أياما وهو مريض ثم ما تقبل أن يقضي فليطعم عنه مكان كل يوم أفطر من تلك الأيام مسكينًا مدا من حنطه، فإن أدركه رمضان عام قابل قبل أن يصومه فأطاق صوم الذي أدرك فليطعم عما مضي كل يوم مسكينًا مدّا من حنطه وليصم الذي استقبل، رواه البيهقي، وقال هذا هو الصحيح موقوف عن ابن عمر، وقد رواه محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلي عن نافع فأخطأ فيه، ثم ذكره بسنده عن محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلي عن نافع عن ابن عمر عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في الذي يموت وعليه رمضان ولم يقضه، قال يطعن عنه كل يوم نصف صاع من تمر (قال البيهقي) هذا خطأ من وجهين، أحدهما رفعه الحديث إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) وإنما هو من

-[مذاهب العلماء في حكم قضاء الصوم عن الميت]- .....

_ قول ابن عمر والآخر قوله نصف صاع، وإنما قال ابن عمر مدّا من حنطه، وروي من وجه آخر عن أبن أبى ليلي ليس فيه ذكر الصاع أهـ، وفي الباب أحاديث غير ما ذكر للإمام أحمد ستأتي في باب قضاء كل المنذورات عن الميت من كتاب الإيمان والنذور إن شاء الله تعالى (الأحكام) حديثًا الباب مع الزوائد تدل على أنه يجوز للولي الصوم عن الميت إذا مات وعليه صوم أي صوم كان (قال النووي رحمه الله) اختلف العلماء فيمن مات وعليه صوم واجب من رمضان أو قضاء أو نذر أو غيره هل يقضي عنه؟ وللشافعي في المسألة قولان مشهوران أشهرهما لا يصام عنه ولا يصح عن ميت صوم أصلاً (والثاني) يستحب لوليه أن يصوم عنه ويصح صومه عنه ويبرأ به الميت ولا يحتاج إلى إطعام عنه، وهذا القول هو الصحيح المختار الذي نعتقده، وهو الذي صححه محققوا أصحابنا الجامعون بين الفقه والحديث لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة (وأما الحديث) الوارد من مات وعليه صيام أطعم عنه فليس بثابت، ولو ثبت أمكن الجمع بينه وبين هذه الأحاديث بأن يحمل على جواز الأمرين فإن من يقول بالصيام يجوز عنده بالإطعام فثبت أن الصواب المتعين تجويز الصيام وتجويز الإطعام والولبي مخير بينهما، والمراد بالولي القريب سواء كان عصبة أو وارثًا أو غيرهما، وقيل المراد الوارث، وقيل العصبة، والصحيح الأول، ولو صام عنه أجنبي إن كان بإذن الولبي صح وإلا فلا في الأصح، ولا يجب على الولي الصوم عنه لكن يستحب هذا تلخيص مذهبنا في المسألة (وممن قال به من السلف) طاوس، والحسن البصري والزهري، وقتادة وأبو ثور وبه قال (الليث وأحمد وإسحاق وأبو عبيد) في صوم النذر دون رمضان وغيره (وذهب الجمهور) إلى أنه لا يصام عن ميت لا نذر ولا غيره، حكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن عباس وعائشة ورواية عن الحسن والزهري (وبه قال مالك وأبو حنيفة) قال القاضي عياض وغيره هو قول جمهور العلماء وتأولوا الحديث على أنه يطعم عنه وليه، وهذا تأويل ضعيف بل باطل، وأي ضرورة إليه وأي مانع يمنع من العمل بظاهرة مع تظاهر الأحاديث مع عدم المعارض لها، قال القاضي وأصحابنا وأجمعوا على أنه لا يصلي عنه صلاة فاتته وعلى أنه لا يصام عن أحد في حياته وإنما الخلاف في الميت والله أعلم (وأما قول ابن عباس) إن السائل رجل، وفي رواية امرأة وفي رواية صوم شهر، وفي رواية صوم شهرين فلا تعارض بينهما، فسأل تارة رجل وتارة امرأة وتارة عن شهر وتارة عن شهرين (وفي هذه الأحاديث) صوم الولبي عن الميت كما ذكرنا وجواز سماع كلام المرأة الأجنبية في الاستفتاء ونحوه من مواضع الحاجة وصحة القياس لقوله (صلى الله عليه وسلم) فدين الله أحق بالقضاء (هذا لفظ رواية مسلم) (وفيها قضاء الدين عن الميت) وقد أجمعت الأئمة عليه ولا فرق بين أن يقضيه عنه وارث أو غ يره فيبرأ به بلا خلاف (وفيه دليل)

-[النهي عن صوم يومي العيدين]- (أبواب الأيام المنهي عن صيامها) (1) باب النهي عن صوم يومي العيدين (184) عن أبى عبيد (1) قال شهدت العبد (2) مع عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فبدأ بالصلاة قبل الخطبة (3) وقال إن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) نهي عن صيام هذين اليومين (4) أما يوم الفطر

_ لمن يقول إذا مات وعليه دين لله تعالى ودين لآدمي وضاق ماله قدّم دين الله تعالى لقوله (صلى الله عليه وسلم) "فدين الله أحق بالقضاء" وفي هذه المسألة ثلاثة أقوال للشافعي، أصحها تقديم دين الله تعالى لما ذكرناه (والثاني) تقديم دين الآدمي لأنه مبني على الشح والمضايقة (والثالث) هما سواء فيقسم بينهما (وفيه) أنه يستحب للمفتي أن ينبه على وجه الدليل إذا كان مختصرًا واضحًا وبالسائل إليه حاجة أو يترتب عليه مصلحة لأنه (صلى الله عليه وسلم) قاس على دين الآدمي تنبيهًا على وجه الدليل (وفيه) أن من تصدق بشيء ثم ورثه لم يكره له أخذه والتصرف فيه بخلاف ما إذا أراد شراءه فإنه يكره لحديث فرس عمر رضي الله عنه (وفيه) دلالة ظاهرة لمذهب الشافعي والجمهور أن النيابة في الحج جائزة عن الميت والعاجز المأيوس من برئه، واعتذر القاضي عياض عن مخالفة مذهبهم يعني المالكية) لهذه الأحاديث في الصوم عن الميت والحج عنه بأنه مضطرب، وهذا عذر باطل وليس في الحديث اضطراب وإنما فيه اختلاف جمعنا بينه كما سبق ويكفي في صحته احتجاج مسلم به في صحيحة والله أعلم أهـ. (184) عن أبى عبيد (سنده) حدثًنا أبى ثنا سفيان عن الزهري سمع أبا عبيد قال شهدت العيد مع عمر - الحديث "غريبة) (1) زاد البخاري مولى أبن أزهر (قلت) هو مولى عبد الرحمن بن أزهر الزهري، وعبد الرحمن كنيته أبو جبير المدني صحابي صغير مات قبل الحرّة، قال البخاري قال ابن عيينة فيما حكاه عنه على بن المديني في العلل من قال أي في عبيد مولى ابن أزهر فقد أصاب، ومن قال مولى عبد الرحمن ابن عوف فقد أصاب أيضًا، لأنه يحتمل أنهما اشتركا في ولائه أو أحدهما على الحقيقة والآخر على المجاز بملازمة أحدهما للخدمة أو للأخذ عنه (2) أي عيد الأضحى كما جاء مصرحًا بذلك في رواية للبخاري عن يونس عن الزهري (3) أي لأن ذلك هدي للنبي (صلى الله عليه وسلم) كما تقدم في صلاة العيد (4) يعني عيد الفطر وعيد الأضحى وأشار إليهما بهذين تغليبًا للحاضر

-[النهي عن صوم يومي العيدين وإن صادفا نذرا]- ففطركم من صومكم (1) وأما يوم الأضحى فكلوا من نسككم (2) (185) عن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) نهي عن صوم يوم الفطر ويوم الأضحى (3). (168) عن زياد بن جبير، قال سأل رجل (4) ابن عمر وهو يمشي بمني، فقال نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثاء أو أربعاء فوافقت (5) هذا اليوم يوم النحر فما تري؟ قال أمر الله تعالى بوفاء النذر (1) ونهي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أو قال نهينا أن نصوم يوم النحر، قال فظن الرجل أنه لم يسمع (7) فقال إني

_ على الغائب، وذلك أن الحاضر يشار إليه بهذا والغائب يشار إليه بذاك فلما أن جمعهما اللفظ قال هذين تغليبًا للحاضر على الغائب (1) زاد الترمذي (وعيد المسلمين) وهو بيان لعلة النهي عن صوم الفطر، أي ففيه فطركم من صيام رمضان وفيه فصل صوم الفرض عن النقل وإظهار إتمام رمضان ولو صامه لا أتصل الفرض بالتطوع فيشكل (3) أي من أضاحيكم التي تتقربون بها إلى الله عز وجل بذبحها في هذا اليوم، وفي هذا أيضًا بيان لعلة النهي عن صوم يوم الأضحى لأنه لو شرع عمومه لم يكن لمشروعية الذبح فيه معني فعبر عن علة التحريم بالأكل من النسك لأنه يستلزم النحر (تخريجه) (ق. هق. الأربعة، وغيرهم). (185) عن أبى سعيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يونس ثنا حماد يعني أبن سلمه عن بشر عن أبى سعيد الخدري - الحديث" (غريبة) (3) لفظ الترمذي "نهي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن صيامين صيام يوم الأضحى ويوم الفطر" وفي لفظ للبخاري "لا صوم في يومين" ولمسلم "لا يصلح الصيام في يومين" ولفظ أبى داود "نهي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن صيام يومين" وهذا النهي للتحريم كما سيأتي بيانه في الأحكام (تخريجه) (ق. د. مذ. هق). (186) عن زياد بن جبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا إسماعيل أنا يونس بن عبيد عن زياد بن جبير - الحديث" (غريبة) (4) لم يسم الرجل وكذا في رواية البخاري (5) أي أحد الأيام المنذورة الثلاثاء أو الأربعاء "وقوله في هذا اليوم" يعني يوم النحر، ولفظ البخاري يوم عيد "وقوله يوم النحر" بدل من لفظ اليوم المذكور قبله (6) أي في قوله تعالى (يوفون بالنذر) (7) يعني ظن السائل أن ابن عمر رضي الله عنهما

-[زوائد الباب - ومذاهب الأئمة في حكم صوم يومي العيدين]- نذرت أن أصوم كل يوم ثلاثاء أو أربعاء فوافقت هذا اليوم يوم النحر، فقال أمر الله بوفاء النذر ونهانا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أو قال نهينا أن نصوم يوم النحر: قال فما زاده على ذلك حتى أسند (1) في الجبل

_ لم يسمع سؤاله فأعاد السؤال مرة ثانية فكان جواب ابن عمر كالجواب الأول، قال الزركشي توقف ابن عرم عن الجزم بالفتيا لتعارضا لأدلة عنده، وتعقبه البدر الدماميني فقال ليس كما ظنه نبل نبه أبن عمر على أن أحدهما وهو الوفاء بالنذر عام والآخر وهو المنع من صرم العبد خاص، فكأنه أفهمه أنه يقضي بالخاص على العام أهـ وهو الذي ذكره هو قول ابن المنير في الحاشية، وقد تعقبه أخوه بأن النهي عن صوم العيد فيه أيضًا عموم للمخاطبين ولكل عيد، فلا يكون من حمل الخاص على العام أهـ وقيل يحتمل أنه عرض للسائل بأن الاحتياط لك القضاء، فيجمع بين أمره عز وجل وأمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقيل إذا التقي الأمر والنهي في موضع قدم الهي والله أعلم (1) أي صعد، والسند ما ارتفع من الأرض، وقيل ما قابلك من الجبل وعلا عن السفح (تخريجه) (ق) (زوائد الباب) عن أبى هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نهي عن صيام يومين يوم الأضحى ويوم الفطر، رواه مسلم، ورواه البخاري من طريق عمرو بن دينار عن عطاء بن مينا، قال سمعته يحدث عن أبى هريرة رضي الله عنه قال ينهي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن صومين، يوم الفطر ويوم الأضحى، رواه مسلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على تحريم صوم يومي العيدين الفطر والنحو، قال النووي وقد أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين بكل حال سواء صامهما عن نذر أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك، ولو نذر صومهما متعمدًا لعلينهما (قال الشافعي والجمهور) "أي منهم مالك وأحمد" لا ينعقد نذره ولا يلزمه قضاؤهما (وقال أبو حنيفة) ينعقد ويلزمه قضاؤهما قال فإن صامهما أجزأه وخالف الناس كلهم في ذلك أهـ (قلت، قال العيني قال الشافعي وزفر وأحمد) لا يصح صوم يومي العيدين ولا النذر بصومهما وهو رواية أبى يوسف وابن المبارك عن أبى حنيفة، (وروي الحسن عن أبى حنيفة) أنه إن نذر صوم النحر لا يصح وإن نذر صوم غدوهو يوم النحر صح واحتج بحديث أبى سعيد أهـ (وقال الشوكاني) قال زيد بن علي والهادوية يصح النذر بصيامهما ويصوم في غيرهما ولا يصح صومه فيهما، وهذا إذا نذر صومهما بعينهما كما تقدم، وأما إذا نذر صوم يوم الاثنين مثلاً فوافق يوم العيد، فقال النووي لا يجوز له صوم العيد بالإجماع، قال وهل يلزمه القضاء؟ فيه خلاف للعلماء، وفيه للشافعي قولان.

-[حجة القائلين بمنع الصيام في أيام التشريق]- (2) باب النهي عن صوم أيام التشريق (*) (187) عن عمرو بن سليم (1) عن أمة قالت بيننا نحن بمني إذا علي بن أبى طالب رضي الله عنه يقول إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال إن هذه أيام أكل وشرب (2) فلا يصومها أحد، واتبع الناس على جملة يصرخ بذلك (3). (188) عن إسماعيل بن حمد بن سعد بن أبى وقاص عن أبيه عن جده (سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه) قال أمرني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلى آله وصحبه وسلم أن أنادي أيام مني (وفي لفظ يا سعد ثم فأذن بمنى) أنها

_ أصحهما لا يجب قضاؤه لأن لفظه لم يتناول القضاء وإنما يجب قضاء الفرائض بأمر جديد على المختار عند الأصولين أهـ. (187) عن عمرو بن سليم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو سعيد ثنا سعيد بن مسلمة بن أبى الحسام مدين مولي لآل عمر ثنا يزيد بن عبد الله بن الهاد عن عمرو بن سليم عن أمه - الحديث" (غريبة) (1) بضم السين المهملة مصغرًا ابن خلده بسكون اللام الأنصاري الزرتي بضم الزاي وفتح الراء بعدها قاف ثقة، من كبار التابعين، مات سنة أربع ومائة (2) يعني أيام مني وهي أيام التشريق (3) أي ينادي بأعلى صوته (تخريجه) أخرجه أيضًا أبن يونس في تاريخ مصر من طريق يزيد بن الهاد عن عمرو بن سليم الزرقي عن أمه قال يزيد فسألت عنها فقيل إنها جدته، وفيه إن الصالح على أيضًا، قال الحافظ في التلخيص، وأخرجه النسائي من طريق مسعود ب الحكم عن أمه أنها رأت وهي بمني في زمان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) راكبًا يصيح يقول، يا أيها الناس إنها أيام أكل وشرب ونساء وبعال، قالت فقلت من هذا قالوا على بن أبى طالب، ورواه البيهقي من هذا الوجه لكن قال إن جدته حدثته، وله طرق أخرى صحيحة دون قول وبعال أهـ والبعال وقاع النساء (188) عن إسماعيل بن محمد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا ----- (*) هي ثلاثة أيام تلي عيد النحر سميت بذلك من تشريق اللحم وهو تقديده وبسطه في الشمس ليجف لأن لحوم الأضاحي كانت تشرق فيها بمني، وقيل سميت به لأن الهدى والضحايا لا تنحر حتى تشرق الشمس أي تطلع (نه) وقيل لأن صلاة العيد تقع عند شروق الشمس، وقيل غير ذلك والله أعلم

-[أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل]- أيام أكل وشرب فلا صوم فيها يعني أيام التشريق (189) عن أبى الشعشاء قال أتينا أبن عمر رضي الله عنهما في اليوم الأوسط من أيام التشريق، قال فأتي بطعام فدنا القوم وتنحي ابن له، قال فقال له أدن فاطعم، قال فقال إني صائم، قال فقال أما علمت أن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) قال إنها أيام طعم (1) وذكر (190) وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم عرفة (2) ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام وهن أيام أكل وشرب

_ روح ثنا محمد بن أبى حميد المدنى ثنا إسماعيل بن محمد (الحديث) (تخريجه) (بز) وأورده الهيثمي، وقال رواه أحمد، وفي رواية عنده أيضًا يا سعد قم فأذن بمني فذكر نحوه، ورواه البزار ورجال الجميع رجال الصحيح. (189) عن أبى الشعناء (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسين ابن علي عن زائدة عن إبراهيم بن مهاجر عن أبى الشعناء - الحديث" (غريبة) (1) أي أكل وسيأتي في حديث عقبة الذي بعد هذا وهن أيام أكل وشرب "وقوله وذكر المراد بالذر هنا التكبير لغير الحاج، والتلبية والتكبير للحاج حتى يرمي جمرة العقبة فلا يلبي (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي، وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. (190) عن عقبة بن عامر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع ثنا موسي بن علي عن أبيه قال سمعت عقبة بن عامر - الحديث (غريبة) (2) أي اليوم التاسع من ذي الحجة "ويوم النحر" أي العاشر من ذي الحجة أيضًا (وأيام التشريق) يعني اليوم الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر منه "وقوله عيدنا" مرفوع على الخبرية والمبتدأ يوم عرفة (تخريجه) (د. نس. مد. بز. هق. مي) وقال الترمذي حديث عقبة بن عامر حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند أهل العلم يكرهون صيام أيام التشريق إلا أن قومًا من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) وغيرهم خصوا للمتمتع إذا لم يجد هديًا ولم يصم في العشر أن يصوم أيام التشريق، وبه يقول مالك بن أنس والشافعي وأحمد وإسحاق اهـ.

-[إرسال النبي (صلى الله عليه وسلم) مناديًا ينادي بعدم الصوم في أيام مني يعني أيام التشريق]- (191) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بعث عبد الله بن حذافة يطوف في مني أن لا تصوموا هذه الأيام فإنها أيام أكل وشرب وذكر الله عز وجل. (192) عن مسعود بن الحكم (الزرقي) الأنصاري عن رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) قال أمر رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عبد الله بن حذاقة السهمي أن يركب راحلته أيام مني فيصبح في الناس لا يصومن أحد فإنها أيام أكل وشرب، قال فلقد رأيته على راحلته ينادي بذلك (193) عن أبى مره (1) مولى أم هانئ أنه دخل مع عبد الله بن عمرو

_ (191) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا روح ثنا صوالح ثنا ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة الحديث (تخريجه) (قط) وسنده جيد. (192) عن مسعود بن الحكم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرازق أنا معمر عن الزهري عن مسعود بن الحكم الحديث (تخريجه) هذا الحديث سنده عند الإمام أحمد جيد، وجالة الصحابي لا تضر، ولعل الصحابي المجهول في هذا الحديث هو أبو هريرة كما يستأنس لذلك بالحديث السابق والله أعلم، وأخرجه الدارقطني من طريق سليمان بن داود الحراني قال ثنا الزهري عن مسعود بن الحكم الرزقي عن رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) قال أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عبد الله بن حذافة فنادي في أيام التشريق ألا إن هذه أيام عبد وأكل وشرب وذكر فلا يصومهن إلا محصر أو متمتع لم يجد هديًا، ومن لم يصم في أيام الحج المتتابعة فليصمهن، قال الدارقطني سليمان بن ابى داود ضعيف، رواه الزبيدي عن الزهري أنه بلغه عن مسعود ابن الحكم عن بعض أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) بهذا ولم يقل فيه إلا محصر أو متمتع أهـ (قلت) وأخرجه مالك في الموطأ عن ابن شهاب مرسلاً أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعث عبد الله بن حذافة أيام مني يطوف يقول إنما هي أيام أكل وشرب وذكر الله. (193) عن أبى مرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا روح ثنا مالك بن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن أبى مرة - الحديث" (غريبة) (1) مشهور بكنيته

-[حديث عمرو بن العاص في النهي عن صوم أيام التشريق وقصته مع ابنه عبد اله]- على أبيه عمرو بن العاص رضي الله عنهما فقرب إليهما طعامًا، فقال كل، فقال إني صائم، (2) قال عمرو كل فهذه الأيام التي كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأمرنا بفطرها وينهي عن صيامها، قال مالك (3) وهي أيام التشريق (194) عن نافع بن جبير بن مطعم عن رجل من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه بعث بشر بن سحيم فأمره أن ينادي، ألا إنه لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمن (وفي لفظ) إلا نفس مسلمة - (وفي لفظ آخر) إلا مؤمن، وإنها أيام أكل وشرب يعني أيام التشريق

_ واسمه يزيد بن مرة وقيل عبد الرحمن "وقوله مولى أم هانئ" يعني بنت أبى طالب وأخت على بن أبى طالب رضي الله عنهما الهاشمية الصحابية اسمها فأخته وقيل هند روت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أحاديث ماتت في خلافة معاوية رضي الله عنها (1) القائل إني صائم هو عبد الله بن عمرو؛ وإنما قلنا ذلك لأنه جاء في الموطأ عن أبى مرة مولى أم هانئ عن عبد الله ابن عمرو بن العاص أنه أخبره أنه دخل على أبيه عمرو بن العاص فوجده يأكل، قال فدعاني قال فقلت لي إني صائم الحديث فكان أبا مرة أكل، أما عبد الله فامتنع لكونه كان صائمًا وهذه الرواية تدل على أن أبا مرة روي هذا الحديث عن عمرو بن العاص، بوساطة ابنه عبد الله، ورواية الإمام أحمد تدل بظاهرها على أنه رواه عن عمرو بن العاص مباشرة، ولا منافاة بينهما لاحتمال أن أبا مرة رواه أولاً عن عمرو بن العاص مع ابنه عبد الله كما في رواية الإمام أحمد ثم رواه مرة أخرى عن عبد الله للاستذكار، وقد جمع بعضهم بين الروايتين باحتمال أن أبا مرة رواه أولاً عن عبد الله ثم رواه مرة أخرى عن عمرو لزيادة التثبت، وهذا الجمع فيه نظر فتأمل (2) هو ابن أنس الأصبحي صاحب المذهب وأحد الأئمة الأربعة، وهو أحد رجال هذا الحديث، فسر الأيام المبهمة في هذا الحديث بأنها أيام التشريق، ولولا تفسيره هذا لالتبست على القارئ رحمه الله. (194) عن نافع بن جبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن جعفر، قال ثنا شعبة عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير الحديث (تخريجه) (نس) وسنده جيد، وسكت عنه الحافظ في التلخيص، ورواه ابن ماجه من مسند بشر بن سحيم

-[زوائد الباب فيما جاء في النهي عن صوم أيام التشريق]- (195) "ز" عن يونس (1) بن شداد رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نهي عن صوم أيام التشريق

_ فقال بعد ذكر السند عن نافع بن جبير بن مطعم عن بشر بن سحيم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خطب أيام التشريق، فقال لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وإن هذه الأيام أيام أكل وشرب، قال الموصيري في زوائد ابن ماجه، ورواه ابن خزيمة في صحيحة يريد فالحديث صحيح أهـ (قلت) ورواه أيضًا الإمام أحمد من مسند بن بشر بن سحيم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) خطب في يوم التشريق في أيام الحج، فقال لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة وأن هذه الأيام أكل وشرب، وسيأتي في باب الخطبة في أيام التشريق في كتاب الحج إن شاء الله تعالى. (195) "ز" عن يونس بن شداد (سنده) حدّثا عبد الله قال حدثني أبو موسى العنزي، قال ثنا محمد بن عتمة، قال ثنا سعيد بن بشير عن قتادة عن أبى قلابة عن أبى الشعناء عن يونس بن شداد - الحديث" (غريبة) (1) قال الحافظ في تعجيل المنفعة هو ابن شداد الأزدي صحابي حديثه عند أهل البصرة في صيام أيام التشريق أخرجه عبد الله بن أحمد بن حنبل في زيادات المسند في مسند المكيين من طريق سعيد بن بشير عن قتادة عن أبى قلابة عن أبى الشعناء عنه قال نهي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن صوم أيام التشريق، قال الحسيني وهو غير معروف (قلت) وقد ذ كره غير واحد في الصحابة أهـ (تخريجه) (بز) وأورده الهيثمي، وقال رواه عبد الله بن أحمد والبزار، وقال لا يعلم أسند يونس إلا هذا الحديث، وفيه سعيد بن بشير وهو ثقة ولكنه اختلط (زوائد الباب) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أرسل صالحًا يصبح أن لا تصوموا هذه الأيام فلها أيام أكل وشرب وبعال والبعال وقاع النساء (طب) وفي رواية له في الأوسط والكبير أيضًا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعث بديل بن ورقاء وإسناد الأول حسن (وعن أم الحارث بنت عياش) قالت رأيت بديل بن ورقاء على جمل يتبع الناس فينادي إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأمركم أن لا تصوموا هذه الأيام فلها أيام أكل وشرب (طب) وفيه ضرار بن صرد وهو ضعيف (وعن معمر بن عبد الله العدوى) قال بعثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنادي في الناس بمني إن أيام التشريق أيام أكل وشرب (طب) وإسناده حسن (وعن عمر بن الخطاب) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال أيام التشريق أيام أكل وشرب (طس) وفيه عبد الله بن عمر بن يزيد الأصبهاني ولم أجد من ترجمة وبقية رجاله ثقات (وعن أسامة الهذلي) رضي الله عنه قال بعث

-[إختلاف المذاهب في حكم أيام التشريق]- .....

_ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيام مني رجلاً على جمل أحمر فنادي أيها الناس إنها أيام أكل وشرب فلا تصوموا (طس) وفيه عبد الله بن أبى حميدو هو متروك، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتلكم عليها جرحًا وتعديلاً (وعن أبى هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيام مني أيام أكل وشرب (جه) وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح على شرطا الشيخي (وعن عائشة وابن عمر) رضي الله عنهما قالا لم يرخص في أيام التشريق أن يصمن إلا لمن لم يجد الهدي (رواه البخاري) وله عنهما أنهما قالا الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفه، فإن لم يجد هديًا ولم يصم صام أيام مني (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل بمجموعها على عدم جواز الصوم في أيام التشريق إلا لتمتع لم يجد الهدي ولم يصم ثلاثة أيام في عشر ذي الحجة، وفي ذلك خلاف بين الصحابة والتابعين فمن بعدهم (فذهب فريق) إلا أنه لا يجوز صيامها إلا للتمتع الذي لم يجد الهدي ولم يصم الثلاثة الأيام عشر ذي الحجة، منهم ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم، وبه قال عبيد بن عمير وعروة بن الزبير (والشافعي في القديم والأوزاعي ومالك، وأحمد وإسحاق) في رواية عنهما يعني أحمد وإسحاق، واستدلوا بما رواه البخاري عن عائشة وابن عمر رضي الله عنه مقالا لم يرخص في أيام التشريق أين يصمن إلا لمن لم يجد الهدى "وله عنهما" أنهما قالا الصيام لمن تمتع بالعمرة إلى الحج إلى يوم عرفة؛ فإن لم يجد هديًا ولم يصم صام أيام مني، وتقدم ذلك في الزوائد أيضًا (قال النووي) فالرواية الأولى مرفوعة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) لأنها بمنزلة قول الصحابي أمرنا بكذا ونهينا عن كذا، ورخص لنا في كذا، وكل هذه وشبهه مرفوع إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) بمنزله قوله قال (صلى الله عليه وسلم) كذا أهـ ج (قال الشوكاني) وأخرجه الدارقطني والطحاوي بلفظ "رخص رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للتمتع إذا لم يجد الهدي أن يصوم أيام التشريق" وفي إسناده يحيي بن سلام، وليس بالقوي ولكنه يؤيد ذلك عموم الآية، قالوا وحمل المطلق على المقيد واجب، وكذلك بناء العام على الخاص، وهذا أقوى المذاهب أهـ (وذهب فريق إلى المنع مطلقًا) منهم على بن أبى طالب وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم، وبه قال الحسن وعظاء، والليث بن سعد، وابن عليه (وأبو حنيفة) وداود: وابن المنذر، وهو أصح الروايتين عن أحمد والمشهور عند الشافعي (واستدلوا) بما في الباب الزوائد من الأحاديث المطلقة التي تدل على المنع (وذهب فريق إلى الجواز مطلقًا) منهم الزبير بن العوام، وأبو طلحة وابن عمر رضي الله عنهم، وبه قال الأسود بن يزيد وابن سيرين، ولعل هؤلاء لم يبلغهم النهي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (وتقل القاضي أبو الطيب والمحاملي والسرخسي وصاحب العمدة) إنفاق أصحاب الشافعي على جواز صيام أيام التشريق فيما له سبب من نذر أو كفارة أو قضاء، أما

-[اختلاف المذاهب في حكم صوم أيام التشريق]- (3) باب النهي عن أفراد يومي الجمعة والسبت بالصيام (196) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) يقول إن يوم الجمعة يوم عيد (1) فلا تجعلوا يوم عيدكم يوم صيامكم إلا أن تصوموا قبله أو بعده (2). (197) وعنه أيضًا قال نهي النبي (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) عن صيام يوم الجمعة إلا أن يكون في أيام.

_ مالا سبب له فلا يجوز فيها بلا خلاف قالوا هي نظير الأوقات المنهي عن الصلاة فيها، فإنه يصلي فيها ماله سبب دون ما لا سبب له والله أعلم. (196) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرحمن عن معاوية، يعني ابن أبى صالح عن أبى بشر عن عامر بن لدين الأشعري عن أبى هريرة - الحديث" (غريبة) (1) يعني عيد الأسبوع لما خصه الله تعالى من المزايا دون أيام الأسبوع، فقد فرض فيه صلاة الجمعة لاجتماع الناس كاجتماعهم يوم العيد، وشرع فيه الخطبة ليتعظ الناس، وشرع فيه أمورًا أخرى كالغسل والطيب وكثرة الصلاة على النبي (صلى الله عليه وسلم) في يومه وليلته وقراءة سورة الكهف للشخص في نفسه وغير ذلك تقدم في أبواب صلاة الجمعة من كتاب الصلاة في الجزء السادس (2) أي إلا أن تصوموا قبله يومًا أو بعده يومًا كما وقع في رواية لمسلم وهي تقيد مطلق النهي، زاد مسلم ولا تختصوا ليلة الجمعة بقيام من بين الليالي ولا تختصوا يوم الجمعة بصيام من بين الأيام إلا أن يكون في صوم يصومه أحدكم (تخريجه) (ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه إلا أن أبا بشر هذا (يعني أحد رجال السند) لم أقف على اسمه وليس ببيان بشر ولا بجعفر بن أبى وحشيه والله أعلم؛ قال وشاهد هذا بغير هذا اللفظ مخرج في الكتابين (يعني الصحيحين) أهـ (قلت) قال الذهبي في أبى بشر هو مجهول، قال وشاهده في الصحيحين أهـ وقال الحافظ في التلخيص، وقد أخرجه البزار، فقال أبو بشر مؤذن مسجد دمشق والله أعلم. (197) (وعنه أيضًا) هذا طرف من حديث طويل تقدم بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الصلاة في النعل رقم 399 صحيفة 104 في الجزء الثالث من كتاب الصلاة

-[النهي عن إفراد يوم الجمعة بالصوم]- (198) عن أياد بن لقيط قال سمعت ليلي امرأة بشير تقول إن بشيرًا (1) سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) أصوم يوم الجمعة ولا أكلم ذلك اليوم أحدًا؟ فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لا تصم يوم الجمعة إلا في أيام (2) هو أحدها أو في شهر، وأما أن لا تكلم أحدًا فلعمري لأن تكلم بمعروف وتنهي عن المنكر خير من أن تسكت (199) عن رجل من بني الحارث بن كعب، قال كنت جالسًا عند أبى هريرة فأتاه رجل فسأله، فقال يا أبا هريرة أنت نهيت الناس أن يصوموا يوم الجمعة؟ قال لا. لعمر الله غير أني ورب هذه الحرمة ورب هذه الحزمة (3) لقد سمعت رسول اله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) يقول لا يصومن

_ (198) عن أياد بن لقيط (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو الوليد وعفان قالا ثنا عبيد الله بن أياد بن لقيط سمعت أياد بن لقيط يقول سمعت ليلي - الحديث" (غريبة) (1) هو ابن معبد أبو سعيد الأسلمي المشهور بابن الخصاصية صحابي جليل شهد بيعه الرضوان رضي الله عنه (2) الجمع ليس مزادًا بقوله (إلا في أيام" فلو صامه مع يوم قبله أو يوم بعده لا انتفي هذا القيد بدليل قوه في رواية مسلم "إلا أن تصوموا قبله يومًا أو بعده يومًا" وقوله أو في شهر" معناه أنه لو تعود صيام شهر فله أن يصوم أيام الجمعة منه والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي عن بشير بن الخصاصية أنه سأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال أصوم يوم الجمعة الحديث، وقال هكذا رواه الطبراني، قال ورواه أحمد عن ليلي امرأة بشير أنه سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) وقد قيل إنها صحابية ورجاله ثقات أهـ. (199) عن رجل من بني الحارث (سنده) حدّثنا عبد الله أبى ثنا عفان قال ثنا أبو عوانة قال ثنا عبد الملك بن عمير عن رجل من بني الحارث بن كعب - الحديث" (غريبة) (3) بضم الحاء المهملة وسكون الراء هي ما لا يحل انتهاكه، ولعله يريد حرمة مكة أو المدينة أو الكعبة أو الشهر الحرام أو ما حرمه الله مطلقًا والله أعلم، وإنما أقسم أب وهريرة رضي الله عنه أو لا بقوله لعمر الله أي وحياة الله، ثم أقسم ثانية بقوله ورب هذه الحرمة، ثم كررها مرتين تأكيدًا لكونه سمع الحديث من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في

-[النهي عن صيام يوم الجمعة مفردًا إلا أن يصوم يوما قبله أو يوم بعده]- أحدكم يوم الجمعة إلا في أيام يصومه فيها (1) (200) عن عبد الله بن عمرو (بن العاص) رضي الله عنهما أن رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) دخل على جو يربه بنت الحارث رضي الله عنها (2) وهي صائمة في يوم جمعة، فقال لها أصمت أمس؟ فقالت لا قال أتريدين أن تصومي غدًا؟ فقالت لا قال فأفطري إذًا. (201) عن أبى أيوب الهجري عن جويرية أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دخل على جويرية في يوم جمعة وهي صائمة، فقال لها أصمت أمس؟ قالت لا قال تصومين (وفي لفظ أتريدين أن تصومي) غدًا؟ قالت لا قال فأفطري.

_ النهي عن صوم يوم الجمعة إلا في أيام يصومه فيها (1) ليس هذا آخر الحديث (وبقيته) فجاء آخر، فقال يا أبا هريرة أنت نهيت الناس أن يصلوا في نعالهم؟ قال لا لعمر الله غير أني ورب هذه الحرمة لقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلي إلى هذا المقام وإن عليه نعليه ثم انصرف وهما عليه (صلى الله عليه وسلم) وهذه البقية ذكر مثلها في حديث آخر لأبي هريرة أيضًا تقدم في الجزء الثالث في باب ما جاء في الصلاة في النعل رقم 404 صحيفة 105 من كتاب الصلاة (تخريجه) (ق. د. مذ. جه) مقتصرين على لفظ الحديث بدون قصة الرجل مع اختلاف في بعض الألفاظ، وفي إسناد رواية الإمام أحمد رجل لم يسم، ولعله أبو الأوبر، أنظر الحديث رقم 404 صحيفة 105 في الجزء الثالث في باب ما جاء في الصلاة في النعل. (200) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن عبد الله بن عمرو الحديث، وفي آخره قال سعيد ووافقني عليه مطر عن سعيد بن المسيب (غريبة) (2) هي بنت الحارث بن أبى ضرار الخزاعية من بني المصطلق أم المؤمنين، وكان أسمها برة فغيرها النبي (صلى الله عليه وسلم) وسباها في غزوة المر بسبع ثم تزوجها، وماتت سنة خمسين على الصحيح، قاله الحافظ في التقريب (تخريجه) (نس. حب) وسنده جيد. (201) عن أبى أيوب الهجري (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع ثنا شعبة عن قتادة عن أبى أيوب الهجري الحديث (تخريجه) (خ. د. نس)

-[النهي عن صوم يوم الجمعة مفردا]- (202) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا تصوموا يوم الجمعة وحده عن محمد بن عباد بن جعفر أنه سأل جابر بن عبد الله الأنصاريَّ رضي الله عنهما وهو يطوف بالبيت أسمعت النبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ينهي عن صيام يوم الجمعة؟ قال نعم وربِّ هذا البيت عن حسَّان بن نوح الحمصيِّ قال رأيت عبد الله بن بسر رضي الله عنهما يقول ترون كفِّى هذه؟ فأشهد أنِّي وضعتها على كفِّ محمَّد صلى الله عليه وسلم (وفي رواية بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم) ونهي عن صيام يوم السَّبت إلاَّ في فريضة

_ (202) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب بن زياد قال أنا عبد الله قال أنا الحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس الحديث (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه الحسين بن عبد الله بن عبيد الله وثقه ابن معين وضعفه الأئمة (203) عن محمد بن عباد (سنده) حدّثنا عبد الله أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريح أخبرني عبد الحميد بن جبير أنه أخبره محمد بن عباد بن جعفر أنه سأل جابر بن عبد الله الحديث (تخريجه) (ق. وغيرهما) عن حسان بن نوح (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على ابن عياش قال ثنا حسان بن نوح -الحديث" (غريبه) (1) ويقال النصرب بفتح النون بعدها صاد مهملة أبو أمية أو أبو معاوية الحمصي ثقة من الرابعة، قاله الحافظ في التقريب (2) وفي لفظ "إلا فيما أفترض عليكم" وسيأتي في الحديث التالي ومثله للترمذي، قال الطيبي قالوا النهي عن الأفراد كما في الجمعة. والمقصود مخالفة اليهود فيهما والنهي فيهما للتنزيه عند الجمهور وما افترض يتناول المكتوب والمنذور وقضاء الفوائت وصوم الكفارة، وفي معناه ما وافق سنة مؤكدة كعرفة وعاشوراء أو وافق وردا، وزاد ابن الملك وعشر ذي الحجة أو في خير الصيام صيام داود، فان النهي عنه شدة الأهتمام والعناية به حتى كانه يراه واجبا كما تفعله اليهود، قال القاري فعلى هذا يكون النهي للتحريم، وأما على غير هذا

-[النهي عن إفراد يوم السبت بالصوم إلا إذا كان في فريضة ونحوها]- وقال إن لم يجد أحدكم إلا لحاء شجرة فليفطر عليه عن عبد الله بن بسر رضي الله عنهما عن أخته أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال لا تصوموا يوم السبت إلاَّ فيما أفترض عليكم، فإن لم يحد أحدكم إلاَّ عود عنب أو لحاء شجرة فليمضغها

_ الوجه فهو للتنزيه بمجرد المشابهة (1) اللحاء بكسر اللام وبالحاء المهملة وبالمد هو قشر الشجرة (تخريجه) (حب) وسنده جيد عن عبد اله بن بسر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عاصم قال ثنا ثور عن خالد بن معدان عن عبد الله بن بسر عن أخته -الحديث". (غريبه) (2) هي الصماء بنت بسر صحابية رضي الله عنها، وقد صرح بذلك في رواية أخرى للأمام أحمد، فقال عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يصومن أحدكم يوم السبت إلا في فريضة وإن لم يجد إلا لحاء شجرة فليفطر عليه (3) لفظ الترمذي فان لم يجد أحدكم إلا لحاء عنبة أو عود شجرة فليمضغه، وتقدم معنى اللحاء وضبطه في شرح الحديث السابق "وقوله فليمضغها" بفتح الضاد وضمها لغتان (تخرجيه) (حب. ك. طب. هق. والأربعة) وصححه ابن السكن وحسنه الترمذي، قال أبو داود في السنن، قال مالك هذا الحديث كذب، وقد أعل بالاضطراب كما قال النسائي لأنه روى عن عبد الله ابن بسر عن أخته كما ترى في هذا الحديث، وروى عن عبد الله بن بسر وليس فيه عن أخته كما وقع في الحديث السابق وكذا وقع لابن حبان (قال الحافظ) وهذه ليست بعلة قادحة، فانه أيضا صحابي. وقيل عنه عن أبيه بسر. وقيل عنه عن أخته الصماء عن عائشة (قال الحافظ) ويحتمل أن يكون عند عبد الله عن أبيه وعن أخته، وعند أخته بواسطة، قال ولكن هذا التلون في الحديث الواحد بالإسناد الواحد مع اتحاد المخرج يوهن الرواية وينبئ عن قلة ضبطه إلا أن يكون من الحفاظ المكثرين المعروفين بجمع طرق الحديث فلا يكون ذلك إلا على قلة ضبعله، وليس الأمر هنا كذا بل اختلف فيه أيضا على الراوي عبد الله بن بسر، وقد أدعى أبو داود أن هذا الحديث منسوخ، قال الحافظ في التلخيص ولا يتبين وجه النسخ فيه، ثم قال يمكن أن يكون أخذه من كون النبي صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب في أول الأمر، ثم في آخر الأمر قال خالفوهم، والنهي عن صوم يوم السبت يوافق

-[زوائد الباب- وبيان أن صيام يوم السبت لا ثواب فيه]- (206) عن عبيد الأعرج قال حدَّثني جدَّتي أنَّها دخلت على رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وهو يتغدَّى وذلك يوم السَّبت، فقال تعالى فكلي، فقالت إنِّي صائمة، فقال لها صمت أمس؟ فقالت لا. قال فكلى فإن صيام يوم السَّبت لا لك ولا عليك

_ الحالة الأولى، وصيامه إياه يوافق الحالة الثانية، وهذه صورة النسخ والله أعلم اهـ عن عبيد الأعرج (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن إسحاق قال أنا ابن لهيعة قال أنا موسى بن وردان عن عبيد الأعرج- الحديث" (غريبه) (1) لم أقف على من عرَّف بجدته وربما كانت الصماء بنت بسر، ويؤيد ذلك وجود هذا الحديث في مسندها عند الأمام أحمد والله أعلم (2) يريد والله أعلم أنه لا ثواب فيه ولا عقاب عليه، والظاهر أن هذا لمن صادفه بطريق الصدفة، أما من صامه بقصد التعظيم كما تعظمه اليهود فان ذلك حرام لما ورد في النهي عن ذلك والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام (زوائد الباب) (عن جابر بن عبد الله الأنصاري) رضي الله عنهما قال دخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الجمعة وبين يديه طعام يأكل منه، فقال أدنوا فكلوا من هذا الطعام، فقلنا إنا صيام يا رسول الله، فقال هل صمتم أمس؟ قلنا لا. قال تريدون أن تصوموا غدا؟ قلنا لا. قال ادنوا فكلوا فان يوم الجمعة لا يصارم وحده يتخذ عيدا (طص. طس) وفيه عبد الله بن سعيد ابن أبي سعيد المقبري وهو متروك، وهذا الحديث في الصحيح بدون قوله يتخذ عيا (وعن عامر بن لدين الأشعري) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن يوم الجمعة عيدكم فلا تصوموه إلا أن تصوموا قبله أو بعده (بز) وإسناده حسن (وعن ابن سيرين) قال كان أبو الدرداء يحيى ليلة الجمعة ويصوم يومها فأتاه سلمان وكان النبي صلى الله عليه وسلم آخي بينهما فنام عنده فأراد أبو الدرداء أن يقوم ليلته. فقام إليه سلمان فلم يدعه حتى نام وأفطر فجاء أبو الدرداء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عويمر سلمان أعلم منك لا تخص ليلة الجمعة بصلاة ولا يومها بصيام (طب) وهو مرسل ورجاله رجال الصحيح (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صائما في جمعة قط (طب) وفيه ليث ابن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) أنه لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم أفطر يوم جمعة قط (بز) وفيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس

-[مذاهب الأئمة في حكم صيام يوم الجمعة مفردا]- .....

_ (وعن أبي أمامة) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى الجمعة وصام يومه وعاد مريضا وشهد جنازة وشهد نكاحا وجبت له الجنة، رواه الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه، وفيه محمد بن حفص الأوصاني وهو ضعيف (وعن كريب) قال أرسلني ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم سلمة أسألها أي الأيام كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لها صوما، فقالت السبت والأحد. ويقول هما يوما عيد للمشركين فأحب أن أخالفهم. رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات وصححه ابن حبان، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا (وعن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم من غرة كل شهر ثلاثة أيام وقلمَّا كان يفطر يوم الجمعة (نس: جه. مذ) وقال حديث عبد الله حديث حسن غريب (وعن عائشة رضي الله عنها) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والأثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس (مذ) وقال هذا حديث حسن (الأحكام) أحاديث الباب منها ما يدل على منع أفراد يوم الجمعة بالصيام، وقد حكاه ابن المنذر وابن حزم عن علي وأبي هريرة وسلمان وأبي ذر رضي الله عنهم، قال ابن حزم ولا نعلم لهم مخالفا في الصحابة ونقله أبو الطيب الطبري عن (الإمام أحمد وابن المنذر وبعض الشافعية) وقال ابن المنذر ثبت النهي عن صوم يوم الجمعة كما ثبت عن صوم يوم العيد، وهذا يشعر بأنه يرى تحريمه (وقال أبو جعفر الطبري) يفرق بين العيد والجمعة بأن الإجماع منعقد على تحريم صوم يوم العيد ولو صام قبله أو بعده (وذهب الجمهور) إلى أن النهي فيه للتنزيه (وقال مالك وأبو حنيفة) لا يكره واستدلا بحديث ابن مسعود (قلت وبحديثي ابن عباس وأبي أمامة المذكورين في الزوائد) "قال الحافظ" وليس فيه حجة لأنه يحتمل أنه كان لا يتعمد فطرة إذا وقع في الأيام التي كان يصومها، ولا يضاد ذلك كراهة إفراده بالصوم جمعا بين الأدلة، قال ومنهم من عده من الخصائص وليس بجيد، لأنها لا تثبت بالاحتمال اهـ (قال الشوكاني) ويمكن أن يقال بل دعوى اختصاص صومه به صلى الله عليه وسلم جيدة لما تقرر في الأصول من أن فعله صلى الله عليه وسلم لما نهى عنه نهيا يشمله يكون مخصصا له وحده من العموم ونهيا يختص بالأمة لا يكون فعله معارضا له إذا لم يقم دليل يدل على التأسي به في ذلك الفعل لخصوصه لا مجرد أدلة التأسي العامة فأنها مخصصة بالنهي للأمة لأنه أخص منها مطلقا، ومن غرائب المقام ما احتج به بعض المالكية على عدم كراهة صوم يوم الجمعة، فقال يوم لا يكره صومه مع غيره فلا يكره وحده، وهذا قياس فاسد الأعتبار لأنه منصوب في مقابلة النصوص الصحيحة. وأغرب من ذلك قول مالك في الموطأ لم أسمع أحدا من أهل العلم والفقه ومن يقتدي به ينهي عن صيام يوم الجمعة وصيامه حسن، وقد رأيت بعضهم يصومه وأراه كان يتحراه (قال النووي)

-[كلام العلماء في الحكمة في النهي عن أفراد يوم الجمعة بالصيام]- .....

_ السنة مقدمة على ما رآه هو وغيره -وقد ثبت النهي عن صوم الجمعة فيتعين القول به، ومالك معذور فانه لم يبلغه- (قال الداودي) من أصحاب مالك لم يبلغ مالكا هذا الحديث ولو بلغه لم يخالفه (وقد اختلف في سبب كراهة أفراد يوم الجمعة بالصيام) على أقوال ذكرها الحافظ (منها) لكونه عيدا، ويدل على ذلك حديث أبي هريرة المذكورة أول أحاديث الباب، واستشكل التعليل بذلك بوقوع الأذن من الشارع بصومه مع غيره، وأجاب ابن القيم وغيره بأن شبهه بالعيد لا يستلزم الأستواء من كل وجه، ومن صام معه غيره انتفت عنه صورة التحري بالصوم (ومنها) لئلا يضعف عن العبادة (قال النووي) لأن يوم الجمعة يوم دعاء وذكر وعبادة من الغسل والتبكير إلى الصلاة وانتظارها واستماع الخطبة وإكثار الذكر بعدها لقول الله تعالى (فاذا قضيت الصلاة فانتشروا في الأرض وابتغوا من فضل الله واذكروا الله كثيرا) وغير ذلك من العبادات في يومها فاستحب الفطر فيه فيكون أعون له على هذه الوظائف وأدائها بنشاط وانشراح لها والتذاذ بها من غير ملل ولاسامة، وهو نظير الحاج بعرفة يوم عرفة فان السنة له الفطر، (فان قيل) لو كان كذلك لم يزل النهي والكراهة بصوم قبله أو بعده لبقاء المعنى (فالجواب) أنه يحصل له بفضيلة الصوم الذي قبله أو بعده ما يجبر ما قد يحصل من فتور أو تقصير في وظائف يوم الجمعة بسبب صومه، فهذا هو المعتمد في الحكمة في النهي عن أفراد صوم الجمعة اهـ (قال الحافظ) وفي هذا لجواب نظر فان الجبر لا ينحصر في الصوم بل يحصل بجميع أفعال الخير فيلزم منه جواز أفراده لمن عمل فيه خيرا كثيرا يقوم مقام صيام يوم قبله أو بعده كمن اعتق فيه رقبة مثلا ولا قائل بذلك، وأيضا فكأن النهي يختص بمن يخشى عليه الضعف لا من يتحقق منه القوة، ويمكن الجواب عن هذا بأن المظنة أقيمت مقام المئنة كما في جواز الفطر في السفر لمن لم يشق عليه (ومنها) خوف المبالغة في تعظيمه فيفتن به كما افتتن اليهود بالسبت (قال النووي) وهذا ضعيف منتقض بصلاة الجمعة وغيرها مما هو مشهور من وظائف يوم الجمعة وتعظيمه (ومنها) أنه نهي عن صومه لئلا يعتقد وجوبه، وضعفه النووي لأنه منتقض بيوم الأثنين ويوم عرفة ويوم عاشوراء فانه يندب صومها فلا يلتفت إلى هذا الاحتمال البعيد، وصوَّب القول الثاني، وهو أن الحكمة في النهي عن صومع خشية تعطيل أداء العبادات المطلوبة في يوم الجمعة (والظاهر) أن أقوى الأقوال وأوها بالصواب القول الأول، لما في حديث أبي هريرة من كونه عيدا، ولا مانع من أن الحكمة في النهي عن صومه تتناول القول الثاني أيضا، لما أخرجه ابن أبي شيبة بأسناد حسن عن على رضي الله عنه قال "من كان منكم متطوعا فليصم يوم الخميس ولا يصم يوم الجمعة فانه يوم طعام وشراب وذكر" (ومن أحاديث

-[مذاهب الأئمة في حكم أفراد يوم السبت بالصوم]- (4) باب النهي عن صوم الأبد يعني الدهر عن عبد الله بن عمرو (بن العاص رضي الله عنهما) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسل لا صام من صام الأبد

_ الباب أيضًا) ما يدل على المنع من أفراد يوم السبت بالصيام، لكن جاء في رواية للنسائي والبيهقي والحاكم وابن حبان عن كريب، وتقدم مثله في الزوائد أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعثوه إلى أم سلمة يسألها عن الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لها صياما فقالت يوم السبت والأحد، فرجعت إليهم فكأنهم أنكروا ذلك فقاموا بأجمعهم إليها فسألوها فقالت صدق، وكان يقوم إنهما يوما عيدنا مشركين فأنا أريد أن أخالفهم، وصحح الحاكم إسناده وصححه أيضا ابن خزيمة (وفي رواية لعائشة) عند الترمذي، قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والأثنين، الحديث تقدم في الزوائد أيضا وحسنه الترمذي، ولا منافاة بين هذين الحديثين وبينما جاء دالا على المنع عند الأمام أحمد من أفراد يوم السبت بالصوم فقد جمع صاحب البدر النمير بين هذه الأحاديث، فقال النهي متوجه إلى الأفراد، والصوم باعتبار انضمام ما قبله أو بعده إليه، ويؤد هذا ما تقدم من أذنه صلى الله عليه وسلم لمن صام الجمعة أن يصوم السبت بعدها، والجمع مهما أمكن أولى من النسخ (وقد ذهب) إلى كراهة صوم يوم السبت منفردا الأئمة (ابو حنيفة والشافعي وأحمد وأصحابهم) مستدلين بحديث عبد الله بن بسر، قالوا والحكمة في النهي عنه أن اليهود كانوا يعظمونه باتخاذه عيدا فأراد صلى الله عليه وسلم مخالفتهم (وذهب الأمام مالك) وجماعة إلى جواز صومه ولو منفردا بلا كراهة، وقالوا حديث عبد الله بن بسر منسوخ، قالوا وعلى تقدير عدم نسخه فهو ضعيف لا تقوم به حجة، والجواب عن ذلك أن النسخ لا يصار إليه إلا إذا تعذر الجمع والجمع ممكن بما قاله البدر المنير آنفا (وأما كونه) ضعيفا فقد تقدم الكلام على ذلك في الشرح، على أن الحديث قد صححه ابن السكن وغيره، إذا علمت هذا فالقول بكراهة صومه مفردا هو الراجح والله أعلم عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان ومسعر عن حبيب بن أبي ثابت عن أبي العباس المكي عن عبد الله بن عمرو -الحديث (غريبه) (1) في رواية البخاري "لا صام من صام الأبد مرتين" ومعناه الدعاء عليه وتأكيد ذلك، وقيل معنى قوله لا صام -النفي. أي ما صام. كقوله تعالى "فلا صدق ولا صلى" (تخريجه) (ق. وغيرهما)

-[ما جاء في النهي عن صوم الأبد يعني الدهر]- (208) عن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها قالت أتى النبي صلى الله عليه وسلم بشراب فدار على القوم وفيهم رجل صائم، فلمَّا بلغه، قال له اشرب، فقيل يا رسول الله ليس يفطر، أو يصوم الدَّهر، فقال يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صام من صام الأبد عن مطرِّف بن عبد الله بن الشِّخيِّر عن أبيه رضي الله عنه أنَّه سمع النَّبي صلى الله عليه وسلم وسئل عن رجل يصوم الدَّهر، قال لا صام ولا أفطر (وعنه من طريق ثان) عن أبيه أنَّ رجلًا سأل النَّبي صلى الله عليه وسلم عن صوم الدَّهر، فقال النبُّي صلَّى الله عليه وسلَّم ولا صام ولا أفطر، أو قال لم يصم ولم يفطر

_ (208) عن أسماء بنت يزيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر وحسن بن موسى قالا ثنا شيبان عن ليث عن شهر عن أسماء بنت يزيد الحديث (تخريجه) أورده الهيثمي، وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير، وقال لا صمام ولا أفطر من صام الأبد، وفيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس عن مطرّف بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن مطرف بن عبد اله- الحديث" (غريبه) (1) في الطريق الثانية "أو قال لم يصم ولم يفطر" ومثلها للترمذي. وهو شك من بعض الرواة، قال صاحب اللمعات اختلفوا في توجيه معناه؛ فقيل هذا دعاء عليه كراهة لصنيعه وزجرا له عن فعله، والظاهر أنه أخبار، فعدم أفطاره ظاهر، أما عدم صومه فلمخالفته السنة، وقيل لأنه يستلزم صوم الأيام المنهية وهو حرام، وقيل لأنه يتضرر وربما يفضي إلى القاء النفس إلى التهلكة وإلى العجز عن الجهاد والحقوق الأخر اهـ (وقال ابن العربي) إن كان معناه الدعاء فياويح من أصابه دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان معناه الخبر فياويح من أخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم أنه لم يصم، وإذا لم يصم شرعا لم يكتب له الثواب لوجوب صدق قوله صلى الله عليه وسلم لأنه نفي عنه الصوم، وقد نفي عنه الفضل كما تقدم فكيف يطلب الفضل فيما نفاه النبي صلى الله عليه وسلم (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام عن قتادة عن مطرّف عن أبيه أن رجلا الخ (3) أي لم يحصل له أجر الصوم لمخالفته، ولم يفطر لأنه أمسك. وقيل لا يبقى له حظ من الصوم لكونه يصير عادة له، ولا هو مفطر حقيقة فلاحظ له من الأفطار، (تخريجه) (جه. حب) وسنده جيد.

-[زوائد الباب ومذاهب الأئمة في حكم صوم الأبد]- (210) عن أبي موسى الأشعريِّ رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال من صام الدَّهر ضيِّقت عليه جهنَّم هكذا وقبض كفَّه عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال قيل يا رسول الله إنَّ فلانا لا يفطر نهارا الدَّهر، فقال لا أفطر ولا صام

_ (210) عن أبي موسى الأشعري (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا شعبة عن قتادة عن أبي تميمة عن أبي موسى قال وكيع وحدثني الضحاك أبو العلاء أنه سمعه من أبي تميمة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (1) قال الحافظ ظاهرة أنها تضيق عليه حصرا له فيها لتشديده على نفسه وحمله عليها ورغبته عن سنة نبيه صلى الله عليه وسلم واعتقاده أن غير سنته أفضل منها، وهذا يقتضي الوعيد الشديد فيكون حراما اهـ وحمله بعض العلماء على من صامه مع الأيام المنهي عن صومها والله أعلم (تخريجه) (نس. خز. حب) وسنده جيد، وقال الهيثمي، رواه أحمد والبزار إلا أنه قال وعقد تسعين، والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح عن عمران بن حصين (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا إسماعيل عن الجريري عن أبي العلاء بن الشخير عن مطرّف عن عمران بن حصين- الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد (زوائد الباب) عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا صام من صام الأبد (طب) وفيه عبيدة ابن معتّب وهو متروك (وعن عبد الله بن سفيان) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا صام من صام الأبد (طب) وفيه محمد بن أبي ليلى وفيه كلام (وعن عمرو بن سلمة) قال سئل ابن مسعود عن صوم الدهر فكرهه (طب) وإسناده حسن (الأحكام) أحاديث الباب تدل على عدم جواز صوم الدهر، وهل المراد بعدم الجواز الكراهة أو التحريم؟ فذهب إلى الكراهة مطلقا إسحاق وأهل الظاهر، وهي رواية عن الأمام عن الأمام أحمد (وقال ابن حزم يحرم) ويدل للتحريم حديث أبي موسى المذكور في الباب لما فيه من الوعيد الشديد (وقال القاضي عياض وغيره) ذهب جماهير العلماء إلى جوازه "يعني صوم الدهر" إذا لم يصم الأيام المنهي عنها، وهي العيدان والتشريق (ومذهب الشافعي وأصحابه) أن سرد الصوم إذا أفطر العيدين والتشريق لا كراهة فيه، بل هو مستحب بشرط أن لا يلحقه به ضرر ولا يفوّت

-[مذاهب الأئمة في حكم صوم الأبد]- .....

_ حقا، فإن تضرر أو فوَّت حقا فمكروه، واستدلوا بحديث حمزة بن عمرو، وقدرواه البخاري ومسلم أنه قال يا رسول الله إني أسرد الصوم "يعني يتابعه" أفأصوم في السفر؟ فقال أن شئت فصم، ورواه أيضا الأمام أحمد "وتقدم في أبواب ما يبيح الفطر رقم 157 صحيفة 100 من هذا الجزء" فأقره النبي صلى الله عليه وسلم على سرد الصيام، ولو كان مكروها لم يقره لاسيما في السفر، وقد ثبت عن ابن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما أنه كان يسرد الصيام، وكذلك أبو طلحة وعائشة وخلائق من السلف، وأجابوا عن حديث أبي موسى وحديث "لا صام من صام الأبد" ونحوهما من أحاديث الباب بأجوبة (أحدها) أنه محمول على حقيقته بأن يصوم معه العيدين والتشريق، وبهذا أجابت عائشة رضي الله عنها، وهو اختيار ابن المنذر وطائفة (والثاني) أنه محمول على من تضرر به أو فوَّت به حقا، ويؤيده أن النهي كان خطابا لعبد الله بن عمرو بن العاص وهو قوله صلى الله عليه وسلم لا صام من صام الأبد، وقد جاء عند الشيخين والأمام أحمد وغيرهم أنه عجز في آخر عمره وندم على كونه لم يقبل الرخصة، قالوا فنهى ابن عمرو وكان لعلمه بأنه سيعجز، وأقر حمزة بن عمرو لعلمه بقدرته بلا ضرر (والثالث) أن معنى لا صام أنه لا يجد من مشقته ما يجدها غيره فيكون خبرا لا دعاءًا، فمن كان كذلك لا يجد مشقة ولا يفوت حقا ولا يصوم شيئا من الأيام المنهي عن صومها فهو مستحب في حقه، فقد سئل ابن عمر عن صيام الدهر، فقال كنا نعد أولئك فينا من السابقين، رواه البيهقي (وعن عروة) أن عائشة كانت تصوم الدهر في السفر والحضر، رواه البيهقي باسناد صحيح (وعن أنس) رضي الله عنه قال كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم من أجل الغزو، فلما قبض النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لم أره مفطرا إلا يوم الفطر أو الأضحى، رواه البخاري في صحيحه (وعن أبي قيس) مولى عمرو بن العاص أن عمرا رضي الله عنه كان يسرد الصوم رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح (فائدة) ذكر الأمام النووي رحمه الله فرعا في المجموع في تسمية بعض الأعلام من السلف والخلف ممن صام الدهر غير أيام النهي الخمسة العيدان والتشريق فقال (منهم) عمر بن الخطاب. وابنه عبد الله: وأبو طلحة الأنصاري. وأبو أمامة وامرأته. وعائشة رضي الله عنهم وذكر البيهقي ذلك عنهم بأسانيده، وحديث أبي طلحة في صحيح البخاري (ومنهم) سعيد بن المسيب. وأبو عمرو بن حماس بكسر الحاء المهملة وآخره سين. وسعيد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف التابعي سرده أربعين سنة. والأسود بن يزيد صاحب ابن مسعود (ومنهم) البويطي وشيخنا. أبو إبراهيم إسحاق بن أحمد المقدسي الفقيه الأمام الزاهد اهـ والله سبحانه وتعالى أعلم

-[ما جاء في صوم يومين وإفطار يوم- وإفطار يومين وصوم يوم]- (5) باب جامع لبعض ما يستحب صومه وما يكره عن أبي قتادة رضي الله تبارك وتعالى عنه أنَّ رجلًا سأل النَّبي صلى الله عليه وسلم عن صومه فغضب، فقال عمر رضي الله عنه رضيت أو قال رضينا بالله ربَّا وبالإسلام دينًا، قال ولا أعلمه إلا قد قال وبمحمد رسولًا وبيعتنا بيعًة، قال فقام عمر أو رجل آخر، فقال يا رسول الله رجل صام الأبد، قال لا صام ولا أفطر أو ما صام وما أفطر، قال صوم يومين وإفطار يوم، قال ومن يطيق ذلك؟ قال إفطار يومين وصوم يوم، قال ليت الله عزَّ وجل قوَّانا لذلك قال

_ عن أبي قتادة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد ثنا شبعة ثنا غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزَّماني عن أبي قتادة، قال شعبة قلت لغيلان. الأنصاري؟ فقال برأسه أي نعم أن رجلا- الحديث" وقوله قال شعبة الخ. معناه أن شعبة سأل غيلان بن جرير الذي روى عنه الحديث عن أبي قتادة أهو أبو قتادة الأنصاري أو غيره؟ فقال برأسه أي أشار غيلان برأسه نعم، أي هو أبو قتادة الأنصاري (غريبه) (1) لم نقف على اسم هذا الرجل (2) عند مسلم وأبي داود أن الرجل قال للنبي صلى الله عليه وسلم "كيف تصوم" فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال العلماء) سبب غضبه صلى الله عليه وسلم أنه كره مسألته لأنه يحتاج إلى أن يجيبه ويخشى من جوابه مفسدة، وهي أنه ربما اعتقد السائل وجوبه أو استقله أو اقتصر عليه وكان يقتضى حاله أكثر منه، وإنما اقتصر عليه النبي صلى الله عليه وسلم لشغله بمصالح المسلمين وحقوقهم وحقوق أزواجه وأضيافه والوافدين إليه لئلا يقتدى به كل أحد فيؤدي إلى الضرر في حق بعضهم، وكان حق السائل أن يقول كم أصوم أو كيف أصوم فيخص السؤال بنفسه ليجيبه بما يقتضيه حاله كما أجاب غيره بمقتضى أحوالهم والله أعلم قاله النووي (3) أي حقا يجب علينا الوفاء به، ولم يذكر لفظ البيعة عند مسلم وأبي داود، ولفظه عند مسلم "فلما رأى عمر رضي الله عنه غضبه، قال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا، نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله، فجعل عمر رضي الله عنه يردد هذا الكلام حتى سكن غضبه" (4) هو عمر لا غيره، لما في صحيح مسلم. قال عمر يا رسول الله كيف بمن يصوم الدهر كله، قال لا صام ولا أفطر الخ. وتقدم معنى قوله صلى الله عليه وسلم لا صام ولا أفطر في الباب السابق (5) يعني من أمته لأنه صلى الله عليه وسلم كان يطيقه وأكثر منه، وكان يواصل ويقول إني لست كأحدكم، إني أبيت عند ربي يطعمني ويسقني (6) إنما قال

-[ما جاء في صوم يوم وإفطار يوم. وصوم الاثنين والخميس. وثلاثة أيام من كل شهر الخ]- صوم يوم وإفطار يوم، قال ذاك صوم أخي داود، قال صوم الاثنين والخميس قال ذاك يوم ولدت فيه وأنزل علىَّ فيه، قال صوم ثلاثة أيَّام من كل شهر ورمضان إلى رمضان، قال صوم الدَّهر وإفطاره، قال صوم يوم عرفة، قال يكفِّر السَّنة الماضية والباقية، قال صوم يوم عاشوراء، قال

_ ذلك صلى الله عليه وسلم لحقوق نسائه وغيرهم من المسلمين المتعلقين به والقاصدين إليه لا لضعف جبلته عن احتمال الصيام أو قلة صبره عن الطعام في هذه المدة (1) يريد أنه أفضل الصوم كما ورد عند الأمام أحمد وغيره "إن أفضل الصوم صوم أخي داود" وفي لفظ "أحب الصيام إلى الله صيام داود" (وفي لفظ آخر) أعدل الصيام صيام داود (وفي رواية للبخاري) أفضل الصوم صوم داود. صيام يوم وإفطار يوم (2) هكذا عند الأمام أحمد صوم الاثنين والخميس، وقد جاء عند مسلم "قال وسئل عن صوم يوم الاثنين قال ذاك يوم ولدت فيه ويوم بعثت أو أنزل على فيه" ولم يذكر مسلم يوم الخميس. ثم قال مسلم في آخر الحديث "وفي هذا الحديث من رواية شعبة قال وسئل عن صوم يوم الاثنين والخمس فسكتنا عن ذكر الخميس لما نراه وهما" اهـ يريد أن ذكر الخميس في هذا الحديث وهم من بعض الرواة ولذا لم يذكره (قال القاضي عياض) رحمه الله إنما تركه وسكت عنه لقوله فيه ولدت وفيه بعثت أو أنزل علىَّ، وهذا إنما هو في يوم الاثنين كما جاء في الروايات الباقيات يوم الاثنين دون ذكر الخميس، فلما كان في رواية شعبة ذكر الخميس تركه لأنه رآه وهما. قال القاضي ويحتمل صحة رواية شعبة ويرجع الوصف بالولادة والأنزال إلى الاثنين دون الخميس، قال النووي وهذا الذي قاله القاضي متعين والله أعلم اه (3) الضمير في قوله "فيه" راجع إلى يوم الاثنين كما قال ذلك القاضي عياض رحمه الله، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم ولد في يوم الاثنين وأنزل عليه القرآن في يوم الاثنين. ويوم هذا شأنه جدير بأن يجتهد فيه بالطاعة وأن يقوم فيه الإنسان بشكر مولاه لما أولاه فيه من تمام النعمة بإيجاد النبي صلى الله عليه وسلم وإنزال القرآن الكريم في هذا اليوم فيصومه بشكرا لله تعالى على هذه النعمة (4) معناه والله أعلم أنه يكتب له ثواب صوم الدهر مع كونه مفطرا فيجوز المزيتين، مزية ثواب الصوم ومزية لذة الأكل، والمعنى أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر وصيام رمضان من كل سنة حال كونه منتهيا بصيامه إلى رمضان الآخر بحيث لا يبقى من رمضان الفائت شيء بدون صيام. ثوابه كثواب صيام الدهر، وهذا مبنى على أن رمضان لا يحسب صومه بعشرة وإنما يحسب غيره من الثلاثة الأيام باعتبار أن الحسنة بعشر

-[ما جاء في صوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر]- يكفِّر السَّنة الماضية. عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النَّبي صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يصوم تسع ذي الحجَّة ويوم عاشوراء وثلاثة أيَّام من كلِّ شهر، قال عفان أول اثنين من الشَّهر وخميسين وعنه أيضًا عن حفصة زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله

_ أمثالها، فكل ثلاثة أيام بشهر؛ وأما رمضان فلابد من صيامه كله. ولا يكفى عنه صيام ثلاثة أيام فذكره النبي صلى الله عليه وسلم لدفع توهم دخوله في الكلية المذكورة في الحديث، وما جاء في قوله صلى الله عليه وسلم من حديث أبي أيوب "من صام رمضان وستا من شوال فقد صام الدهر" وراه (د. جه. حب والأمام أحمد وسيأتي) فمبنى على أن صوم رمضان يحسب بعشرة والله أعلم (وقوله الباقية) يعني الآتية، والمراد أن الله عز وجل يكفر عنه صغائر ذنوب السنة الماضية كما عليه المحققون من أهل العلم ويحول بينه وبين الذنوب في السنة الآتية (1) يعني من الصغائر والله أعلم (تخريجه) (م. د. نس. جه. هق) مختصرا ومطولا وباختلاف في بعض الألفاظ عن هنيدة بن خالد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج وعفان قالا ثنا أبو عوانة ثنا الحربن الصياح قال سريج عن الحر عن هنيدة بن خالد- الحديث" (غريبه) (2) يعني من أول ذي الحجة لغاية اليوم التاسع منه، وقد جاء في رواية عند النسائي من طريق أبي نعيم قال حدثنا أبو عوانة عن الحر بن الصياح عن هنيدة بن خالد عن امرأنه عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم تسعا من ذي الحجة ويوم عاشوراء الحديث كما هنا (3) هو أحد الراويين اللذين روى عنهما الأمام أحمد هذا الحديث، يعني أنه قال في روايته "أول اثنين من الشهر وخميسين" وليس هذا مدرجا من قول عثمان، وقد جاء مرفوعا عند النسائي بلفظ وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر وخميسين" (وله من طريق أخرى) عن هنيدة الخزاعي عن أمة عن أم سلمة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بصيام ثلاثة أيام أول خميس والأثنين والأثنين، قال الشيخ ولي الدين اختلاف هذه الروايات يدل على أن المقصود كون هذه الأيام الثلاثة واقعة في اثنين وخميسين أو بالعكس على أي وجه كان والله أعلم (تخريجه) (د. نس. هق) وسنده جيد وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن

-[النهي عن صوم يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق]- وصحبه وسلَّم قلت أربع لم يكن يدعهنَّ النبي صلى الله عليه وسلم صيام عاشوراء والعشر وثلاثة أيَّام من كلِّ شهر ولركعتين قبل الغداة عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ويوم النَّحر وأيَّام التَّشريق عيدنا أهل الإسلام وهنَّ أيام أكل وشرب أبواب صيام التطوع وما يستحب صومه من الأيام باب ما جاء في صوم التطوع في السفر عن أبي هريرة رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من

_ القاسم ثنا أبو إسحاق الأشجعي الكوفي قال ثنا عمرو بن قيس الملائي عن الحربن الصياح عن هنيدة بن خالد الخزاعي عن حفصة- الحديث" (غريبه) _1) يعني من السنن كان صلى الله عليه وسلم يحافظ على فعلهن (2) أي اليوم العاشر من المحرم "والعشر" المراد بها هنا التسعة الأيام من أول ذي الحجة فان اليوم العاشر لا يصام لأنه يوم عيد، وتقدم النهي عن صومه، ولما كانت الأيام العشر من ذي الحجة لها فضائل كثيرة والعمل الصالح فيها أحب إلى الله منه في غيرها كما ورد في صحاح الأخبار وكان الصيام من أعظم الأعمال عبر بالعشر هنا تغليبا لما اشتهرت به والله أعلم (3) يحتمل أن تكون مطلقة يعني أي أيام كانت من الشهر كما يدل على ذلك ظاهر الحديث، أو تقيد بما في الحديث السابق (4) يعني ركعتي الفجر (تخريجه) (د. نس) وسنده جيد. (عن عقبة بن عامر) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب النهي عن صوم أيام التشريق رقم 190 صحيفة 143 من هذا الجزء، وإنما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة (الأحكام) حديث عقبة بن عامر الأخير من أحاديث الباب تقدم الكلام على أحكامه في باب النهي عن صوم أيام التشريق المشار إليه، وباقي أحاديث الباب سيأتي الكلام على أحكامها مستوفي في أبوابها إن شاء الله تعالى والله الموفق عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أنس بن

-[ما جاء في فضل الصيام في سبيل الله]- صام يومًا في سبيل الله زحزح الله وجهه عن النار بذلك سبعين خريفًا وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أتى النَّبي صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بطعام بمرِّ الظَّهران فقال لأبي بكر وعمر أدنيا فكلا، قالا إنَّا صائمان، قال أرحلوا لصاحبيكم أعملوا لصاحبيكم عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري واصطحب هو ويزيد

_ عياض عن سهيل بن أبي صالح عن أبي هريرة- الحديث" (غريبه) (1) معناه أن الله عز وجل يباعده عن النار ويعافبه منها مسيرة سبعين سنة بسبب صوم ذلك اليوم (تخريجه) (ق. نس. مذ. جه) وعن أبي سعيد الخدري (سنده) حدّثنا عبد الله قال حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا سفيان عن سمىّ عن النعمان بن أبي عياش الزرقي عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصوم عبد يوما في سبيل الله إلا باعد الله بذلك اليوم النار عن وجهه سبعين خريفا (تخريجه) (ق. نس. مذ) عن أبي هريرة (ٍنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عمر ابن سعد هو أبو داود الحفري قال أنا سفيان عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة- الحديث" (غريبه) (2) اسم واد بين مكة وعسفان وتقدم تفسيره بأوضح من هذا في شرح الحديث رقم 162 صحيفة 103 من هذا الجزء (3) يقال أرحلت فلانا بالألف أعطيته راحلة، والراحلة المركب من الأبل ذكرا كان أو أنثى، والرحل كل شيء يعد للرحيل من وعاء للمتاع ومركب للبعير وحلس ورسن. وجمعه أرحل ورحال مثل أفلس وسهام، والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من معه من الصحابة أن يعطوهما شيئا من الرواحل لزيادة راحتهما أو يعاونوهما في ترحيل أمتعة السفر وقضاء مصالحهما اشفافا عليهما لأنهما صائمان والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد عن أبي بردة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنبأنا العوام بن حوشب ثنا إبراهيم بن إسماعيل السكسكي أنه سمع أبا بردة ابن أبي موسى -الحديث" (غريبه) (4) أي أبو بردة ويزيد في سفر

-[زوائد الباب وكلام العلماء في صوم التطوع في السفر]- ابن أبي كبشة في سفر وكان يزيد يصوم فقال له أبو بردة سمعت أبا موسى (الأشعريَّ رضي الله عنه) مرارًا يقول، قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا مرض العبد أو سافر كتب له من الأجر مثل ما كان يعمل مقيمًا صحيحًا

_ (1) زاد البخاري "في السفر" وفي رواية الإسماعيلي "وكان يصوم الدهر" (2) فيه اللَّف والنشر المقلوب، فان قوله مقيما يقابل قوله أو سافر، وقوله صحيحا يقابل قوله إذا مرض، وهذا فيمن كان يعمل طاعة فمنع منها أو سافر في غير معصية وعضله ذلك عن العمل ونيته لولا المانع لدوام عليه (تخريجه) (خ. د) (زوائد الباب) عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوما في سبيل الله جعل الله بينه وبين النار خندقا كما بين السماء والأرض (طس. طص) باسناد حسن (وعن عمرو بن عبسة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوما في سبيل الله بعدت منه النار مسيرة مائة عام (طب. طس) بإسناد لا بأس به (وعن معاذ بن أنس) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوما في سبيل الله في غير رمضان بعد من النار مائة عام سير المضمر الجواد؛ رواه أبو يعلي من طريق زبان بن فايد (وعن أبي أمامة رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال من صام يوما في سبيل الله جعل الله وبينه وبين النار خندقا كما بين السماء والأرض (مذ) من رواية الوليد بن جميل "صدوق يخطئ" عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة وقال حديث غريب، ورواه الطبراني ألا أنه قال من صام يوما في سبيل الله بعَّد الله وجهه عن النار مسيرة مائة عام ركض الفرس الجواد المضمر، أورد هذه الأحاديث الحافظ المنذري وتكلم عليها جرحا وتعديلا (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب صوم سائر التطوعات في السفر سواء أكان السفر لأجل الجهاد أم لغيره، وهذه الأحاديث وردت في سفر الجهاد فالمسافر لحاجة غير الجهاد من باب الأولى، لأن المجاهد يحتاج للفطر أكثر من غيره (قال النووي رحمة الله) وهو محمول على من لا يتضرر به ولا يفوّت به حقا ولا يختل قتاله ولا غيره من مهمات غزوة اهـ (وقال الحافظ المنذري) وقد ذهبت طوائف من العلماء إلى أن هذه الأحاديث جاءت في فضل الصوم في الجهاد وبوَّب على هذا الترمذي وغيره (وذهبت طائفة) إلى أن كل الصوم في سبيل الله إذا كان خالصا لوجه الله تعالى والله أعلم اهـ

-[نهي المرأة عن صوم التطوع وزوجها حاضر إلا بإذنه]- (2) باب لا تصوم المرأة تطوعا وزوجها حاضر بغير إذنه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصم المرأة يومًا واحدًا وزوجها شاهد إلاَّ بإذنه إلا رمضان وعنه أيضًا يبلغ به النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لولا أن أشقَّ على أمَّتي لأمرتهم بتأخير العشاء والسِّواك مع الصَّلاة، ولا تصوم امرأة وزوجها شاهد يومًا واحدًا غير رمضان إلاَّ بإذنه

_ (220) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع وعبد الرحمن عن سفيان عن أبي الزناد عن موسى بن أبي عثمان عن أبيه عن أبي هريرة- الحديث" (غريبه) (1) التعبير باليوم الواحد يفيد أن صيام اليوم الواحد لا يجوز، وما زاد عنه من باب الأولى لا يجوز أيضًا "وقوله وزوجها شاهد" أي حاضر، قال الحافظ يلتحق به السيد بالنسبة لأمته التي يحل له وطؤها، قال ووقع في رواية همام "وبعلها" وهي أفيد، لأن ابن حزم نقل عن أهل اللغة أن البعل اسم للزوج والسيد، فان ثبت وإلا الحق السيد بالزوج للاشتراك في المعنى اهـ والمعنى لا تصوم المرأة نقلا وزوجها حاضر في بلدها إلا بإذنه صريحا أو ضمنا كأن تعلم رضاه بذلك، فان كان مسافرا فلها الصوم لأن الحكمة في عدم صومها استمتاعه بها. ولا يتأنى ذلك مع غيابه عنها "وقوله إلا رمضان" يعني فانها تصومه بغير أذنه لأنه فرض لابد من أدائه (قال الحافظ) وكذا في غير رمضان من الواجب إذا تضيق الوقت اهـ وقال القارئ في المرقاة ظاهر الحديث اطلاق منع صوم النقل فهو حجة على الشافعية في استثناء نحو عرفة وعاشوراء اهـ (تخريجه) (ق. د. هق. مي) وعنه أيضا (ٍنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (3) الكلام على تأخير العشاء تقدم في باب استحباب تأخير العشاء إلى ثلث الليل الأول صحيفة 274 في الجزء الثاني، والكلام على السواك تقدم أيضا في باب ما جاء في السواك عند الصلاة في الجزء الأول صحيفة 292 (تخريجه) (مذ. خز. حب) ورواه البخاري بلفظ لا يحل للمرأة أن تصوم وزوجها شاهد إلا بإذنه، ورواه مسلم أيضا بلفظ لا تصوم

-[زوائد الباب ومذاهب العلماء في حكم صوم المرأة تطوعا وزوجها حاضر بغير إذنه]- .....

_ المرأة وبعلها شاهد إلا بإذنه، ولأبي داود مثل رواية مسلم وزا "غير رمضان" (زوائد الباب) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما مرفوعا في أثناء حديث "ومن حق الزوج على الزوجة أن لا تصوم تطوعا إلا بإذنه، فان فعلت جاعت وعطشت ولا يقبل منها (طب) (وعن أبي هريرة) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما أمرأة صامت بغير إذن زوجها فأرادها على شيء فامتنعت عليه كتب الله عليه ثلاثا من الكبائر، أورده المنذري وقال رواه الطبراني في الأوسط من رواية بقية وهو حديث غريب وفيه نكارة، وأورده الهيثمي أيضا وقال فيه بقية "يعني ابن الوليد" وهو ثقة ولكنه مدلس (وفي الباب) أحاديث كثيرة جاءت ضمن أحاديث طويلة عند الأمام أحمد وغيره (الأحكام) حديثا الباب مع الزوائد تدل على تحريم صوم المرأة تطوعا وزوجها حاضر بغير إذنه (وبذلك قال جمهور العلماء) وحكى النووي التحريم في المجموع عن صاحب المهذب والبغوي وصاحب العدة وغيرهم من الشافعية، ثم قال وقال جماعة من أصحابنا يكره والصحيح الأول، قال فلو صامت بغير إذن زوجها صح باتفاق أصحابنا وإن كان الصوم حراما، لأن تحريمه لمعنى آخر لا لمعنى يعود إلى نفس الصوم فهو كالصلاة في دار مغصوبة، فإذا صامت بلا إذن قال صاحب البيان الثواب إلى الله تعالى هذا لفظه، ومقتضى المذهب في نظائرها الجزم بعدم الثواب كما قيل في الصلاة في دار مغصوبة (وأما صومها التطوع) في غيبة الزوج عن بلدها فجائز بلا خلاف لمفهوم الحديث ولزوال معنى النهي اهـ وقال في شرح مسلم سبب هذا التحريم أن الزوج له حق الاستمتاع بها في كل الأيام؛ وحقه فيه واجب على الفور فلا يفوته بتطوع ولا بواجب على التراخي (فان قيل) فينبغي أن يجوز لها الصوم بغير أذنه، فان أراد الاستمتاع بها كان له ذلك ويفسد صومها (فالجواب) أن صومها يمنعه من الاستمتاع في العادة لأنه يهاب انهاك الصوم بالأفساد "وقوله صلى الله عليه وسلم وزوجها شاهد" أي مقيم في البلد، أما إذا كان مسافرا فلها الصوم، لأنه لا يتأتي منه الاستمتاع إذا لم تكن معه اهـ (قال الحافظ) ويؤكد التحريم ثبوت الخبر بلفظ النهي، وورده بلفظ الخبر لا يمنع من ذلك "يعني كما في رواية مسلم وأبي داود بلفظ لا تصوم" بل هو أبلغ لأنه يدل على تأكيد الأمر فيه فيكون تأكده بحمله على التحريم (قال الحافظ) ومفهوم الحديث في تقييده بالشاهد يقتضي جواز التطوع لها إذا كان زوجها مسافرا، فلو صامت وقدم في أثناء الصيام فله أفساد صومها ذلك من غير كراهة، ة وفي معنى الغيبة أن يكون مريضا بحيث لا يستطيع الجماع، وحمل المهلب النهي المذكور على التنزيه، فقال هو من حسن المعاشرة، ولها أن تفعل من غير الفرائض من غير أذنه مالا يضره ولا يمنعه من واجباته، وليس له أن يبطل شيئا من طاعة الله إذا دخلت فيه بغير إذنه اهـ (قال الحافظ) وهو خلاف الظاهر وفي

-[جواز الفطر للصائم المتطوع واستحباب القضاء له]- (3) باب في أن صوم التطوع لا يلزم بالشروع فيه عن أمِّ هانئ (بنت أبي طالب) رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب شرابًا فناولها لتشرب، فقالت إنِّي صائمة ولكنيِّ كرهت أن أردَّ سؤرك فقال يعني إن كان قضاءً من رمضان فاقضي يومًا مكانه، وإن كان تطوعًا فإن شئت فاقضى وإن شئت فلا تقضي (وعنها من طريق ثان) قال لمَّا كان يوم فتح مكة جاءت فاطمة حتَّى قعدت عن

_ الحديث أن حق الزوج آكد على المرأة من التطوع بالخير لأن حقه واجب والقيام بالواجب مقدم على التطوع اهـ والله أعلم عن أم هانئ (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا حماد ابن سلمة ثنا سماك بن حرب عن هارون بن بنت أم هانئ أو ابن ابن أم هانئ عن أم هانئ -الحديث" (غريبه) (1) السؤر ما بقي من طعام الآكل أو من شراب الشارب، ويستعمل في الأكل والشرب (2) المعنى أن كان صومك لقضاء أيام عليك من رمضان فاقضي يوم مكان هذا اليوم، وإن كان صومك تطوعا فانت مخيرة في القضاء وعدمه (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر قال ثنا إسرائيل عن سماك عن رجل عن أم هانئ قالت لما كان يوم فتح مكة الحديث (4) المراد به الأيام التي أقامها النبي صلى الله عليه وسلم بمكة بعد فتحها وكان فتحها لعشر بقين من رمضان كما في رواية عند الشيخين والأمام أحمد، وكانت مدة أقامته صلى الله عليه وسلم بمكة بعد الفتح إلى أن خرج لحنين خمسة عشر يوما كما رواه أبو داود وابن ماجه والنسائي عن ابن عباس، أو سبعة عشر كما في رواية أخرى لأبي داود، أو ثمانية عشر، وقيل إلى تسعة عشر يوما، واختاره ابن الصلاح والسبكي وغيرهما لقول البيهقي إنها أصح الروايات، وقيل لا يعارض، بل من روى ثمانية عشر أسقط يومي الدخول والخروج، ومن روى تسعة عشر أسقط أحدهما، وقدموا هاتين الروايتين على رواية سبعة عشر وخمسة عشر لأنهما أرجح والله أعلم، إذا علمت هذا تفهم أن قولها في الحديث "لما كان يوم الفتح" ليس المراد به اليوم الخاص الذي وقع فيه الفتح، وعلى هذا فلا يرد قول من ضعَّف الحديث بحجة أن يوم الفتح كان في رمضان فكيف يقول صلى الله عليه وسلم لأم هانئ "أشئ تقضيته عنك" أو "أكنت تقضين شيئًا" كما في رواية أبي داود (والجواب

-[الصائم المتطوع أمير على نفسه -إن شاء أفطر وإن شاء أتم صومه]- يساره وجاءت أمُّ هانئٍ فقعدت عن يمينه وجاءت الوليدة بشراب فتناوله النَّبي صلى الله عليه وسلم فشرب، ثمَّ ناوله أمَّ هانئٍ عن يمينه فقالت لقد كنت صائمة، فقال لها أشي تقضينه عليك؟ قالت لا. قال لا يضرُّك إذًا (وعنها من طريق ثالث) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الفتح فأتى بشراب فشرب ثمَّ ناولني، فقلت إنِّي صائمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إنَّ المتطوِّع أمير على نفسه فإن شئت فصومي وإن شئت فأفطري

_ عن ذلك) أن هذه القصة كانت في الأيام التي أقامها النبي صلى الله عليه وسلم بمكة في شوال وتقدم بيانها والله أعلم (1) يعني عن يسار النبي صلى الله عليه وسلم "وقولها وجاءت أم هانئ فقعدت عن يمينه" أظهار في مقام الأضمار، وكان القياس أن تقول فجئت فقعدت عن يمينه، ويحمل على التجريد فكأنها تحكى عن نفسها أو أن الراوي وضع كلامه مكان كلامها فنقله بالمعنى (2) الوليد في الأصل الطفل الصغير؛ ومنه الحديث "لا تقتلوا وليدا" يعني في الغزو والجمع ولدان والأنثى وليدة والجمع الولائد، وقد تطلق الوليدة على الجارية والأمة وإن كانت كبيرة، والمراد هنا الأمة ولم يذكر اسمها في الحديث ولا نوع الشراب، والظاهر أنه كان ماءًا لأنه المراد عند الأطلاق (3) كان القياس أن تقول ثم ناولني إياه ففيه إظهار في مقام الأضمار وقدَّمها النبي صلى الله عليه وسلم لأن السنة أن يبدأ بأكبر القوم وأشرفهم، ثم من على يمينه، ثم من على يمين من على يمينه وهكذا، فقدمها النبي صلى الله عليه وسلم لكونها كانت على يمينه (4) لفظ أبي داود "ثم ناوله أم هانئ فشربت منه فقالت يا رسول الله لقد أفطرت وكنت صائمة" وظاهر هذا أنها سألت عن الحكم بعد أن شربت، وإنما لم تسأل قبل شربها ايثارا لتناول سؤره صلى الله عليه وسلم على الصوم كما تفيده الطريق الأولى، وقد استشعرت بأنها عملت مالا ينبغي، ففي رواية الترمذي "ثم ناولني فشربت منه فقلت إني أذنبي فاستغفر لي، فقال وما ذاك؟ قالت كنت صائمة فأفطرت" (5) أي ليس عليك إثم في أفطارك، وفي رواية أبي داود فلا يضرك إن كان تطوعا (6) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن جعدة عن أم هانئ وهي جدته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم الفتح الحديث (7) يعني له الخيرة في الصوم أو الأفطار في صوم التطوع (تخريجه) الطريق الأولى منه ذكرها الحافظ في التلخيص بنصها، وقال رواه النسائي من حديث حماد بن سلمة عن سماك عن هارون بن أم هانيء بهذا

-[حجة القائلين بوجوب القضاء للصائم المتطوع إذا أفطر]- (223) عن عائشة رضي الله تبارك وتعالى عنها قالت أهديت لحفصة شاة ونحن صائمتان ففطَّرتني فكانت ابنة أبيها فلمَّا دخل علينا رسول الله صلَّى الله عليه على آله وصحبه وسلم ذكرنا ذلك له،

_ ورواه من طريق أخرى وليس فيها قوله "فان شئت فاقضيه" ورواه أحمد وأبو داود والترمذي والدارقطني والطبراني والبيهقي من طرق عن سماك، واختلف فيه على سماك، وقال النسائي سماك ليس يعتمد عليه إذا انفرد (وقال البيهقي) في إسناده مقال، وقال ابن القطان هارون لا يعرف (تنبيه) اللفظ الذي ذكره الرافعي "يعني في كتابه الشرح الكبير ولفظه كالطريق الأولى من حديث الباب" أورده قاسم بن أصبغ في جامعة، ومما يدل على غلط سماك فيه أنه قال في بعض الروايات عنه أن ذلك كان يوم الفتح وهي عند النسائي والطبراني، ويوم الفتح كان في رمضان فكيف يتصور قضاء رمضان في رمضان، انتهى ما نقله الحافظ (قلت) يتصور قضاؤه سواء أكان قضاء رمضان أم تطوعا في شوال في المدة التي أقامها النبي صلى الله عليه وسلم بمكة فيه، وتقدم الكلام عليها وبذلك تنتفي هذه العلة (والطريق الثانية) أخرجها (د. مذ. نس. قط. هق. مي. طب) قال النووي في المجموع وألفاظ رواياتهم متقاربة المعنى وإسنادها جيد ولم يضعفه أبو داود، وقال الترمذي وفي إسناده مقال اهـ (قلت) الطريق الثانية من حديث الباب رواية الأمام أحمد في إسنادها رجل لم يسم ولكن هذه الروايات تعضدها (والطريق الثالثة) من حديث الباب أخرجها الترمذي وغيره بسند لا بأس به، وبالجملة فكثرة طرق الحديث يعضد بعضها بعضا والله أعلم. عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنا سفيان يعني ابن حسين عن الزهري عن عروة عن عائشة- الحديث" (غريبه) (1) أي تطوعا فقد جاء في الموطأ "أنهما أصبحتا صائمتين متطوعتين" (2) تعني موفقة إلى الصواب كأبيها عمر رضي الله عنهما لأنها رأت أن المتطوع لا بأس عليه إذا أفطر، وهي التي حملت عائشة على الفطر (3) ظاهر هذا أنهما اشتركتا في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم، لكن جاء في الموطأ "قالت عائشة فقالت حافصة بدرتني بالكلام. وكانت بنت أبيها يا رسول الله إني أصبحت أنا وعائشة صائمتين متطوعتين فأهدى لنا طعام فأفطرنا عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقضيا مكانه يوما آخر" فهذه الرواية تفيد أن حفصة هي التي سألت ولذلك قالت عائشة "بدرتني" أي سبقتني بالكلام "وكانت بنت أبيها" أي في المسارعة في الخير كأبيها عمر، فهو غاية في

-[زوائد الباب في جواز الفطر للصائم المتطوع]- فقال أبدلا يومًا مكانه

_ مدحها لها، ولا منافاة بين الروايتين لأن الجمع بينهما ممكن بأن عائشة سألت أيضًا، ولكن بعد أن سبقتها حفصة بذلك والله أعلم (1) لفظ أبي داود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عليكما صوما مكانه يوما آخر، ي لا إثم عليكما (تخريجه) (د. نس. مذ. وغيرهم) ورواه مالك في الموطأ عن ابن شهاب (الزهري) عن عائشة حفصة مرسلا، ووصله ابن عبد البر عن عبد العزيز بن يحيى عن مالك عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة، وقال لا يصح عن مالك إلا المرسل، وله طرق عند النسائي والترمذي وضعفاها كلها، وقال النسائي الصواب. والترمذي الأصح. عن الزهري مرسل، قال الترمذي وتابع مالك على أرساله معمر وعبيد الله بن عمر وزياد بن سعد وغير واحد من الحفاظ، ونقل الترمذي عن ابن جريح، قال سألت الزهري احدثك عروة عن عائشة، قال لم أسمع من عروة في هذا شيئا، ولكن سمعت من ناس عن بعض من سأل عائشة (زوائد الباب) عن أبي جحيفة قال آخر النبي صلى الله عليه وسلم بين سلمان وأبي الدرداء فزار سلمان أبا الدرداء فرأى أم الدرداء متبذلة، فقال لها ما شأنك، قال أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعاما، فقال كل فاني صائم، فقال ما أنا بآكل حتى فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، قال نم فنام، ثم ذهب يقوم، فقال نم، فلما كان في آخر الليل قال سلمان قم الآن فصلَّيا؛ فقال له سلمان أن لربك عليك حقا. ولنفسك عليك حقا. ولأهلك عليك حقا. فأعط كل ذي حق حقه. فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر له ذلك. فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق سلمان رواه البخاري والترمذي (وعن عائشة) رضي الله عنها، قالت دخل علىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال أعندك شيء، فقلت لا. قال إني إذا أصوم، قالت ودخل علىَّ يوما آخر فقال أعندك شيء؟ قلت نعم، قال إذا أفطر وأن كنت قد فرضت الصوم. رواه الدارقطني والبيهقي بهذا اللفظ، وقال إسناده صحيح. وتقدم نحوه عن عائشة في باب وجوب النية في الصوم من الليل رقم 61 صحيفه 277 في الجزء التاسع من كتاب الصيام. رواه الأمام أحمد ومسلم والأربعة (وعن أبي سعيد) رضي الله عنه قال صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاما فأتاني هو وأصحابه فلما وضع الطعام قال رجل من القوم أني صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاكم أخوكم وتكلف لكم، قال له أفطر وصم مكانه يومان شئت، رواه البيهقي وقال الحافظ إسناده حسن (وعن ابن مسعود) رضي الله عنه قال إذا أصبحت وأنت ناوي الصوم فأنت بخير النظرين، أن شئت صمت. وأن شئت أفطرت. رواه البيهقي بإسناد صحيح (وعن

-[مذاهب الأئمة في حكم من أفطر في صوم التطوع. وهل يلزمه القضاء أم لا؟]- .....

_ جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما أنه لم يكن يرى بإفطار المتطوع بأسًا، رواه الدارقطني بإسناد صحيح، قاله النووي في المجموع، قال وعن ابن عباس مثله، رواه الشافعي والبيهقي بإسناد صحيح اهـ (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما قال أصبحت عائشة وحفصة صائمتين فأهدى لهما طعام فأفطرتا فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فسألته إحداهما أحسبه. قال حفصة قال اقضيا يومًا مكانه، أورده الهيثمي، وقال رواه البزار والطبراني في الأوسط. وفيه حماد بن الوليد ضعفه الأئمة، وقال أبو حاتم شيخ (وعن أبي طلحة) رضي الله عنه أنه كان يصبح صائمًا متطوعًا ثم يأتي أهله فيقول هل عندكم شيء، أورده الهيثمي أيضًا وقال رواه البزار وفيه عبد الله بن إسحاق الواسطي وهو ضعيف (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على أنه يجوز لمن صام تطوعًا أن يفطر لاسيما إذا كان في الدعوة إلى طعام أحد من المسلمين. وتدل على أنه يستحب للمتطوع أن يقضى ذلك اليوم (وإلى ذلك ذهب) جمع من الصحابة منهم عمر وعلي وابن مسعود وابن عمر وابن عباس وجابر بن عبد الله رضي الله عنهم. وبه قال سفيان الثوري. والشافعي. وأحمد. وإسحاق والجمهور من أهل العلم (وقال أبو حنيفة) يلزمه الإتمام ولا يخرج لغير عذر، فإن خرج لعذر لزمه القضاء ولا إثم عليه. وإن خرج بغير عذر لزمه القضاء وعليه الإثم. وحكي الترمذي عن قوم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنهم رأوا عليه القضاء إذا أفطر (وهو قول مالك) بن أنس اهـ (واستدل القائلون بوجوب القضاء) بحديث عائشة الثاني من أحاديث الباب وبحديث أبي سعيد المذكور في الزوائد (وأجيب عن ذلك) بما في حديث أم هانيء (الأول من أحاديث الباب) من التخيير فيجمع بينه وبين حديث عائشة وأبي سعيد بحمل القضاء على الندب، ويدل على جواز الإفطار وعدم وجوب القضاء حديث أبي جحيفة المذكور في الزوائد، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قرر ذلك ولم يبين لأبي الدرداء وجوب القضاء عليه، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز (قال ابن المنير) ليس في تحريم الأكل في صوم النفل من غير عذرًا لا الأدلة العامة كقوله تعالى {ولا تبطلوا أعمالكم} إلا أن الخاص يتقدم على العام كحديث سلمان، وقال ابن عبد البر من احتج في هذا بقوله تعالى {ولا تبطلوا أعمالكم} فهو جاهل بأقوال أهل العلم، فإن الأكثر على أن المراد بذلك النهى عن الرياء كأنه قال (لا تبطلوا أعمالكم) بالرياء بل أخلصوها لله، وقال آخرون لا تبطلوا أعمالكم بارتكاب الكبائر، ولو كان المراد بذلك النهى عن إبطال ما لم يفرض الله عليه ولا أوجب على نفسه بنذر أو غيره لا امتنع عليه الإفطار إلا بما يبيح الفطر من الصوم الواجب وهم لا يقولون بذلك اهـ (قال الشوكاني) ولا يخفى أن الآية عامة والاعتبار بعموم اللفظ لا بخصوص السبب كما تقرر في الأصول. فالصواب

-[ما ورد في شهر الله المحرم وصومه]- (2) باب ما جاء في صوم شهر الله المحرم وفضله (224) "ز" عن النعمان بن سعد قال قال رجل لعلي رضي الله عنه يا أمير المؤمنين أي شهر تأمرني أن أصوم بعد رمضان؟ فقال ما سمعت أحدًا سأل عن هذا بعد رجل سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي شهر تأمرني أن أصوم بعد رمضان؟ فقال صلى الله عليه وسلم إن كنت صائمًا شهرًا بعد رمضان فصم المحرم فإنه شهر الله وفيه يوم تاب فيه على قومٍ ويتوب فيه على قومٍ. (225) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي

_ ما قال ابن المنير اهـ (وفي حديث أم هانيء أيضًا) دلالة على أنه يجوز لمن كان صائمًا عن قضاء أن يفطر ولا إثم عليه لقوله صلى الله عليه وسلم لها "إن كان قضاء من رمضان فاقضي يومًا مكانه" وفي قوله لها أيضًا "وإن كان تطوعًا فإن شئت فاقضي وإن شئت فلا تقضى" دلالة لما ذهب إليه الجمهور من استحباب قضاء التطوع لا وجوبه والله أعلم. (224) "ز" عن النعمان بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله ثنا محمد ابن المنهال أخو حجاج ثنا عبد الواحد بن زيادة ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد- الحديث" (غريبه) (1) إضافة الشهر إلى الله عز وجل للتعظيم وهذا يفيد فضل الصيام في هذا الشهر بل صيامه أفضل من صيام سائر الشهور حاشا رمضان كما صرح بذلك في الحديث الآتي (فإن قيل) إذا كان كذلك فلم كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الصوم في شعبان أكثر من المحرم؟ (قلت) أجاب النووي رحمه الله عن ذلك بجوابين (أحدهما) لعله إنما علم فضله في آخر حياته (والثاني) لعله كان يعرض فيه أعذار من سفر أو مرض أو غيرها اهـ والله أعلم. (2) قال العلماء هم قوم موسي بنو إسرائيل نجاهم الله من فرعون وأغرقه (3) لم أقف على كلام للعلماء فيمن يتوب الله عليهم فيه والله أعلم (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب، وأورده الحافظ والمنذري ونقل تحسين الترمذي وأقره. (225) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن وأبو سعيد قالا ثنا عبد الملك بن عميرة عن محمد بن المنتشر عن حميد بن عبد الرحمن

-[زوائد الباب- وكلام العلماء في فضل صوم المحرم- والتفاضل بين صلاة الليل والرواتب]- الصلاة أفضل بعد المكتوبة؟ قال الصلاة في جوف الليل (1)، قيل أي الصيام أفضل بعد رمضان؟ قال شهر الله الذي تدعونه المحرم (2).

_ عن أبي هريرة- الحديث" (غريبه) (1) أي صلاة التطوع بالليل وهي التي يعبر عنها بالتهجد، وهي المرادة بقوله تعالى {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا} وجوف الليل ثلثه الآخر، وهو الجزء الخامس من أسداس الليل (2) هذا تصريح بأن أفضل الشهور للصوم بعد رمضان، وتقدم الجواب عن إكثار النبي صلى الله عليه وسلم من صوم شعبان دون المحرم (تخريجه) (م. د. هق. مى) وأخرجه أيضًا (مذ. جه) مقتصرين فيه على الصيام (زوائد الباب) عن جندب بن سفيان رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "إن أفضل الصلاة بعد المفروضة الصلاة في جوف الليل، وأفضل الصيام بعد رمضان شهر الله الذي تدعونه المحرم" رواه النسائي والطبراني في الكبير بإسناد صحيح (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوم عرفة كان له كفارة سنتين، ومن صام يومًا من المحرم فله بكل يوم ثلاثون يومًا، أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الصفير وفيه الهيثم بن حبيب ضعفه الذهبي اهـ (قلت) وأورده الحافظ المنذري، وقال هو غريب وإسناده لا بأس به، ثم قال الهيثم بن حبيب وثقه ابن حبان، والله أعلم، وأورده الهيثمي في موضع آخر، وقال رواه الطبراني في الصغير، وقال فيه الهيثم بن حبيب عن سلام الطويل وسلام ضعيف وأما الهيثم بن حبيب فلم أر من تكلم فيه غير الذهبي اتهمه بخبر رواه، وقد وثقه ابن حبان (الأحكام) حديثا الباب مع الزوائد تدل على فضل شهر الله المحرم لإضافته إلى الله عز وجل وعلى أن صيامه أفضل من صيام سائر الشهور بعد رمضان، لأن فيه يوم عاشوراء الوارد فيه أن صومه يكفر ذنوب السنة الماضية، وفيه تاب الله على قوم ويتوب على قوم آخرين كما في بعض الروايات (وفيها أيضًا) دلالة على أن صلاة التطوع بالليل أفضل من صلاة التطوع بالنهار لما فيها من المشقة والبعد من الرياء والسمعة والانقطاع عن الشواغل، وقد اتفق العلماء على ذلك، لكن اختلفوا في السنن والرواتب (فذهب جماعة) إلى أن صلاة الليل أفضل من السنن الراتبة أيضًا وبه قال أبو إسحاق المروزي من الشافعية ووافقه منهم جماعة (قال الطيبي) إن صلاة التهجد لو لم يكن فيها فضل سوى قوله تعالى {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقامًا محمودًا} وقوله تعالى {تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاءًا بما كانوا يعملون} لكفاه مزية اهـ (وقال أكثر العلماء وجمهور الشافعية (الرواتب أفضل لأنها تشبه الفرائض، لكن قال النووي الأول أقوى وأوفق بالحديث اهـ يريد ما ذهب إليه أبو إسحاق المروزي ومن وافقه

-[كلام العلماء في التفاضل بين الصيام في شعبان والمحرم- وبحق ما يوم عاشوراء من الشهر]- (3) باب ما جاء في يوم عاشوراء (*) وفيه فصول (الفصل الأول في فضل يوم عاشوراء وتأكيد صومه قبل نزول رمضان) (226) عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال صوم يوم عرفة كفارة سنتين سنة ماضية وسنة

_ (قال ابن رسلان) فإن قيل كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بخص شعبان بصيام التطوع فيه مع أنه قال أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم (فالجواب) أن جماعة أجابوا عن ذلك بأجوبة غير قوية لاعتقادهم أن صيام المحرم أفضل من شعبان كما صرح به الشافعية وغيرهم كما قال النووي أفضل الشهور للصوم بعد رمضان الأشهر الحرم وأفضلها المحرم ويلي المحرم في الفضل رجب، والأظهر كما قال بعض الشافعية والحنابلة وغيرهم أن أفضل الصيام بعد شهر رمضان شعبان لمحافظته صلى الله عليه وسلم على صومه أو صوم أكثره، فيكون قوله أفضل الصيام بعد رمضان المحرم محمولاً على التطوع المطلق، وكذا أفضل الصلاة بعد المكتوبة قيام الليل، إنما أريد تفضيل قيام الليل على التطوع المطلق دون السنن الرواتب التي قبل الفرض وبعده خلافًا لبعض الشافعية، فكذلك ما كان قبل رمضان وبعده من شواء تشبيهًا له بالسنن الرواتب اهـ والله سبحانه وتعالى أعلم. (226) عن أبي قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن حرملة بن إياس الشيباني عن أبي قتادة- الحديث".

-[يوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة ماضية- وما هو يوم عاشوراء من الشهر؟]- مستقبلة ويوم عاشوراء كفارة سنة (وعنه من طريق ثان) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال قال له رجل أرأيت صيام عرفة،

_ (غريبه) (1) المراد بالتكفير هنا تكفير الذنوب الصغائر، وإن لم تكن الصغائر يرجي تخفيف الكبائر، فإن لم تكن رفعت الدرجات، حكاه النووي (وقال القاري) في المرقاة قال أمام الحرمين المكفر الصغائر، قال القاضي عياض وهو مذهب أهل السنة والجماعة، وأما الكبائر فلا يكفرها إلا التوبة أو رحمة الله عز وجل اهـ (فإن قيل) كيف يكفر السنة المستقبلة مع أنه ليس للرجل ذنب فيها (فالجواب) أن الله عز وجل يحفظه من الذنوب فيها، وقيل يعطيه من الرحمة والثواب قدرًا يكون كفارة للسنة الماضية والسنة المستقبلة إذا جاءت واتفقت له ذنوب والله أعلم (2) يعنى السنة الماضية كما جاء صريحًا في بعض الروايات؛ فإن قيل ما الحكمة في أن صوم عاشوراء يكفر السنة الماضية فقط وصوم يوم عرفة يكفر سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة؟ فنقول قد أجاب الحافظ بأن الحكمة في ذلك أن يوم عاشوراء منسوب إلى موسي عليه السلام ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذلك كان أفضل اهـ (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا مهدي بن ميمون ثنا غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم الحديث (4) أي قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر اسم الرجل القائل، والظاهر أنه عمر بن الخطاب رضي الله عنه وقد صرح به في رواية لمسلم من حديث طويل عن أبي قتادة وتقدم مثله للإمام أحمد في

-[السبب في مشروعية صوم يوم عاشوراء]- قال أحتسب عند الله أن يكفر السنة الماضية والباقية، قال يا رسول الله أرأيت صوم عاشوراء، قال أحتسب عند الله أن يكفر السنة. (227) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بأناس من اليهود قد صاموا يوم عاشوراء فقال ما هذا من الصوم؟ قالوا هذا اليوم الذي نجي الله موسي وبني إسرائيل من الغرق وغرق فيه فرعون، وهذا يوم استوت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح وموسي شكرًا لله تعالى. فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنا أحق بموسي وأحق بصوم هذا اليوم فأمر أصحابه بالصوم.

_ باب جامع لبعض ما يستحب صومه وما يكره رقم 212 صحيفة 160 من هذا الجزء (1) أي أرجو منه، ولفظ الترمذي احتسب على الله (قال الطيبي) كان الأصل أن يقال أرجو من الله أن يكفر فوضع موضعه احتسب وعداه بعلى الذي للوجوب على سبيل الوعد مبالغة لحصول الثواب اهـ (تخريجه) (م. مذ. جه. وغيرهم). (227) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو جعفر ثنا عبد الصمد عن أبيه عن شبيل بن أبي هريرة- الحديث" (غريبه) (2) كان ذلك في ابتداء السنة الثانية من الهجرة لأنه صلى الله عليه وسلم قدم المدينة في ربيع الأول "وقوله ما هذا الخ" أي ما شأن هذا اليوم من الصوم (3) (إن قيل) كيف يرجع النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليهود في صيام هذا اليوم مع أنه أمر بمخالفتهم (فالجواب) أنه صلى الله عليه وسلم لم يرجع إليهم في ذلك، فقد ثبت من حديث عائشة الآتي في الباب التالي (أنه صلى الله عليه وسلم كان يصومه في الجاهلية وكانت قريش تصومه) فلما قدم المدينة ووجد اليهود تصومه لأن موسي عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام كان يصومه، قال النبي صلى الله عليه وسلم "أنا أحق بموسي وأحق بصوم هذا اليوم" والأحقية باعتبار الاشتراك في الرسالة والأخوة في الدين والقرابة الظاهرة دونهم، لأنه صلى الله عليه وسلم أطوع وأتبع للحق منهم فصامه صلى الله علبه وسلم وأمر بصومه لذلك، ولأنه أيضًا كان في الوقت الذي يحب فيه موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء ولاسيما إذا كان فيما يخالف فيه أهل الأوثان، وأيضًا فإنه صلى الله عليه وسلم كان يتألفهم إلى الإسلام فلما علم عنادهم ويئس منهم أمر بمخالفتهم بعد فتح مكة وانتشار الإسلام، وقال الباجي يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم لما بعث ترك صومه، فلما هاجر وعلم أنه من شريعة موسي صامه وأمر بصيامه اهـ (تخريجه) لم أقف عليه

-[سبب مشروعية صوم عاشوراء والأمر بصومه]- (228) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود يصومون يوم عاشوراء؛ فقال ما هذا اليوم الذي تصومون؟ قالوا هذا يوم صالح هذا يوم نجي الله بني إسرائيل من عدوهم. قال فصامه موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنا أحق بموسي منكم. قال فصامه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر بصومه. (229) عن ثوبر قال سمعت عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما وهو على المنبر يقول هذا يوم عاشوراء فصوموه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصومه

_ لغير الإمام أحمد وسنده جيد (228) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الوارث ثنا أيوب عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس- الحديث". (غريبه) (1) أي في ربيع الأول كما تقدم في شرح الحديث السابق وأقام بها إلى يوم عاشوراء من السنة الثانية فوجد اليهود يصومونه، فلا يفهم منه أن اليهود كانوا صائمين يوم عاشوراء حتى قدوم النبي صلى الله علبه وسلم المدينة (قال الحافظ) يحتمل أن يكون أولئك اليهود كانوا يحسبون يوم عاشوراء بحساب السنين الشمسية فصادف يوم عاشوراء بحسابهم اليوم الذي قدم فيه صلى الله عليه وسلم المدينة، قال ولكن سياق الأحاديث تدفع هذا التأويل والاعتماد على التأويل الأول (2) عند ابن عساكر تكرير هذا يوم صالح مرتين (3) عند مسلم نجي الله موسي وقومه، وعند البخاري كما هنا (4) زاد مسلم شكرًا فنحن نصومه (تخريجه) (ق. د. نس. جه. مي. هق) (229) عن ثوير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا إسرائيل عن ثوير- الحديث" (غريبه) (5) أوله ثاء مثلثلة مضمومة مصغرًا ابن أبي فاختة بمعجمة مكسورة ومثناه مفتوحة سعيدًا بن علاقة بكسر المهملة الكوفي أبو الجهم ضعيف رمى بالرفض من الرابعة قاله الحافظ في التقريب (تخريجه) (بز. طب) وفي إسناده ثوبر بن أبي فاختة وهو ضعيف كما علمت.

-[اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء أمر الناس بذلك قبل نزول رمضان]- (230) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيوم عاشوراء أن نصومه، وقال هو يوم كانت اليهود تصومه. (231) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أرسل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إلى أهل قرية على رأس أربعة فراسخ، أو قال فرسخين يوم عاشوراء فأمر من أكل أن لا يأكل بقية يومه، ومن لم يأكل أن يتم صومه. (232) عن سلمة ابن الأكوع رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أمر رجلاً من أسلم أن يؤذن في الناس يوم عاشوراء من كان صائمًا فليتم صومه، ومن كان أكل فلا يأكل شيئًا وليتم صومه

_ (230) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة أنا أبو الزبير عن جابر- الحديث" (غريبه) (1) يعنى فنحن أحق بصيامه منهم وأقرب لمتابعة موسي عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لموافقتنا له في أصول الدين لقوله عز وجل {أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده} ولتصديقنا بكتابه الذي جاء به وهم مخالفون له بالتغيير والتبديل (تخريجه) (طس) وفي إسناده ابن لهيعة، قال الهيثمي وهو حسن الحديث وفيه كلام. (231) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن إسرائيل أو غيره عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس- الحديث" (غريبه) (2) إرساله صلى الله عليه وسلم إلى أهل القرى على بعد فرسخين أو أربعة وأمره من أكل أن لا يأكل بقية يومه. ومن لم يأكل أن يتم صومه يدل على اهتمامه صلى الله عليه وسلم بصوم يوم عاشوراء وأن صومه كان واجبًا في أول الأمر، وعليه أكثر العلماء، وكان ذلك في المحرم من السنة الثانية للهجرة قبل فرض صيام رمضان، فلما فرض صومه وكان في شعبان من السنة الثانية للهجرة نسخ افتراض صوم عاشوراء وبقى مستحبًا (تخريجه) أورده الهيثمي، وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير، وفيه جابر الجعفي وثقه شعبة والثوري وفيه كلام كثير. (232) عن سلمة بن الأكوع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد ابن مسعدة عن يزيد يعنى ابن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه- الحديث (تخريجه) (ق. وغيرهما)

-[اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء وأمر الناس بذلك قبل نزول رمضان]- (233) عن محمد بن صيفي الأنصاري رضي الله عنه قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في يوم عاشوراء، فقال أصمتم يومكم هذا؟ فقال بعضهم نعم، وقال بعضهم لا، قال فأتموا بقية يومكم هذا، وأمرهم أن يؤذنوا أهل العروض أن يتموا يومهم ذلك (234) عن هند بن أسماء رضي الله عنهما قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قومي من أسلم، فقال مر قومك فليصوموا هذا اليوم يوم عاشوراء، فمن وجدته منهم قد أكل في أول يومه فليصم آخره.

_ (233) عن محمد بن صيفي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا حصين عن الشعبي عن محمد بن صيفي الأنصاري- الحديث" (غريبه) (1) بفتح العين المهملة يطلق على مكة والمدينة وما حولهما من البلدان المجاورة لهما، قال صاحب النهاية، يقال لمكة والمدينة واليمن العروض اهـ (تخريجه) (جه) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح غريب على شرط الشيخين ولم يرو عن محمد بن صيفي غير الشعبي، وله شاهد في الصحيحين من حديث سلمة بن الأكوع والربيع بنت معوذ والحديث قد عزاه الترمذي إلى النسائي وليس في رواية ابن السني اهـ (قلت) حديث الربيع بنت معوذ رواه الأمام أحمد أيضًا، وتقدم في باب وجوب النية في الصوم من الليل رقم 62 صحيفة 277 في الجزء التاسع. (234) عن هند بن أسماء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ابن إبراهيم قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد عن حبيب ابن هند بن أسماء عن هند بن أسماء قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (2) هو هند بن أسماء بن حارثة الأسلمي، قال الحافظ في الإصابة، قال البخاري له صحبة، وقال ابن السكن له صحبة ومات في خلافة معاوية اهـ (قلت) ذكر له الحافظ هذا الحديث بسنده ومتنه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وزعم ابن الكلبي أن المأمور بذلك "يعنى الذي بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى قومه" هند بن حارثة عم هذا وتبعه أبو عمر اهـ (3) يعنى فليمسك بقية يومه (تخريجه) أورده الهيثمي، وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله ثقات

-[ترجمة هند بن حارثة وأخيه أسماء بن حارثة وشيء من مناقبهما]- (235) عن يحيى بن هند عن أسماء بن حارثة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه، فقال مر قومك بصيام هذا اليوم، قال أرأيت إن

_ (235) عن يحيى بن هند (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا عفان قال ثنا وهيب ثنا عبد الرحمن بن حرملة عن يحيى بن هند بن حارثة وكان هند من أصحاب الحديبية وأخوه الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر قومه بصيام عاشوراء وهو أسماء بن حارثة فحدثني يحيى بن هند عن أسماء بن حارثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه- الحديث". (غريبه) (1) هند المذكور هنا هو ابن حارثة وأخو أسماء بن حارثة. وعم هند الذي روى الحديث السابق والثلاثة لهم صحبة، فالحديث السابق مروى عن هند بن أسماء أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه، وهذا الحديث مروى عن يحيى بن هند بن حارثة عن عمه أسماء بن حارثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه، ولا منافاة بينهما لاحتمال أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أسماء بن راوي هذا الحديث مع ابنه هند راوي الحديث السابق فكلاهما أخبر عن نفسه، والله أعلم (2) قال الحافظ في الإصابة أسماء بن حارثة بن سعيد بن عبد الله بن غياث بن سعد بن عمر بن عامر ابن ثعلبة بن مالك بن أقصى الأسلمي يكنى أبا هند (وقال ابن عبد البر) أسماء بن حارثة ابن هند بن عبد الله والباقي مثله، قال الحافظ وذكر هند في نسبه غلط، وإنما هند أخوه؛ ثم ذكر له الحافظ هذا الحديث وعزاه للإمام أحمد وابن منده (قال) وروى عن الأوزاعي عن ابن حرملة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أسماء بن حارثة نحوه (وعن موسي بن عقبة) عن إسحاق بن يحيى عن عبادة بن الصامت، قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم أسماء بن حارثة (وروى الحاكم في المستدرك) من طريق الوافدي عن سعيد بن عطاء بن أبي مروان عن أبيه عن جده أسماء بن حارثة (وأخرج من طريق يزيد) بن إبراهيم عن ابن سيرين عن أبي هريرة قال ما كنت أرى هندًا وأسماء ابني حارثة إلا خادمين لرسول الله صلى الله عليه وسلم من طول لزومهما بابه وخدمتهما إياه (قال ابن سعد) عن الوافدي مات أسماء سنه ست وستين بالبصرة وهو ابن ثمانين سنة وكان من أهل الصفة، قال وقال غير الوافدي مات في خلافة معاوية أيام زياد، وكان موت زياد سنة ثلاث وخمسين اهـ (أما هند بن حارثة أخو أسماء بن حارثة) فقد ترجمه أيضًا الحافظ في الإصابة فقال. هند بن حارثة الأسامي عم الذي قبله "يعنى هند بن أسماء راوي الحديث الأول" قال ابن حبان له صحبة، وأخرج ابن قانع من طريق عبد الرحمن بن حرملة عن يحيى بن هند بن حارثة عن أبيه وكان من أصحاب الحديبية وأخوه أسماء بن حارثة أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بنفر من أسلم يرمون فقال "ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميًا" وزعم ابن

-[اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء وأمر الناس بذلك قبل نزول صوم رمضان]- وجدتهم قد طعموا، قال فليتموا آخر يومهم (ومن طريق ثان) "ز" عن أسماء بن حارثة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بعثه، فقال مر قومك فليصوموا هذا اليوم، قال أرأيت إن وجدتهم قد طعموا؟ قال فليتموا بقية يومهم. (236) عن بعجة بن عبد الله أن أباه أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم يومًا هذا يوم عاشوراء فصوموا، فقال رجل من بني عمرو بن عوف يا رسول الله إني تركت قومي منهم صائم ومنهم مفطر، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اذهب إليهم فمن كان منهم مفطرًا فليتم صومه.

_ أبي حاتم أنه هند بن أسماء بن حارثة نسب لجده، وحكي البغوي أنه شهد بيعة الرضوان مع أخوة له سبعة وهم، هند. وأسماء. وخراش. وذؤيب. وسلمة. وفضالة. ومالك. وعمران. قال ولم يشهدها إخوة في عددهم كذا قال، وقد أوردوا عليه أولاد مقرن اهـ (1) "ز" (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني محمد بن أبي بكر المقدمي، قال ثنا أبو معشر البراء، قال ثنا ابن حرملة عن يحيى بن هند بن حارثة عن أبيه وكان من أصحاب الحديبية وأخوه الذي بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر قومه بصيام يوم عاشوراء، وهو أسماء بن حارثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه، فقال مر قومك الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وابنه عبد الله، وأورد الهيثمي الطريق الأولى منه التي رواها الإمام أحمد، وقال رواه أحمد هكذا شبه المرسل، وأورد نحوه وعزاه للطبراني في الكبير والأوسط، وقال رجاله رجال الصحيح، وأشار إلى الطريق الثانية التي رواها عبد الله بن الإمام أحمد من زوائده على مسند أبيه، فقال. ورواه ابنه عن يحيى بن هند بن حارثة عن أبيه ورجاله ثقات. (236) عن بعجة بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن سعيد، قال أنا معاوية بن سلام، قال سمعت يحيى بن أبي كثير، قال أخبرني بعجة بن عبد الله أن أباه أخبره الحديث (تخريجه) أورده الهيثمي، وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط والبزار وإسناده حسن.

-[فضل يوم عاشوراء- والأمر بصيامه]- (237) عن مزيدة بن جابر قال قالت أمي كنت في مسجد الكوفة في خلافة عثمان رضي الله عنه وعلينا أبو موسي الأشعري، قال فسمعته يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بصوم يوم عاشوراء فصوموا (238) عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يصوم يوم عاشوراء ويأمر به (239) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سفيان قال أخبرني عبيد الله ابن أبي يزيد منذ سبعين سنة، قال سمعت ابن عباس (رضي الله عنهما) يقول ما علمت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صام يومًا يتحرى فضله على الأيام غير يوم عاشوراء، وقال سفيان مرة أخرى

_ (237) عن مزيدة بن جابر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ابن محمد قال ثنا أبو ليلي عبد الله بن ميسرة عن مزيدة بن جابر الحديث (تخريجه) (طس) وفي إسناده مزيدة بن جابر ضعيف، لكن يعضده أحاديث الباب (238) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كريب الهمذاني ثنا معاوية بن هشام عن سفيان الثوري عن جابر عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن علي- الحديث (تخريجه) (بز) وفي إسناده جابر الجعفي وثقه شعبة والثوري وفيه كلام كثير، قاله الحافظ الهيثمي. (239) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) قال الحافظ هذا يقتضى أن يوم عاشوراء أفضل الأيام للصائم بعد رمضان، لكن ابن عباس أسند ذلك إلى علمه فليس فيه ما يرد علم غيره، وقد روى مسلم (قلت والإمام أحمد) من حديث أبي قتادة مرفوعًا أن صيام يوم عاشوراء يكفر سنة وأن صيام يوم عرفة يكفر سنتين، وظاهره أن صيام يوم عرفة أفضل من صيام عاشوراء، وقد قيل في الحكمة في ذلك أن يوم عاشوراء منسوب إلى موسي عليه السلام- ويوم عرفة منسوب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلذلك كان أفضل "وقوله يتحرى" أي يقصد (2) يعنى أن الإمام أحمد رحمه الله سمع الحديث من سفيان مرة أخرى غير الأولى

-[صوم العرب عاشوراء في الجاهلية قبل الإسلام]- إلا هذا اليوم يعنى عاشوراء وهذا الشهر شهر رمضان (الفصل الثاني في عدم تأكد صومه بعد نزول رمضان) (240) عن عائشة رضي الله عنها قالت كان يوم عاشوراء يومًا يصومه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجاهلية وكانت قريش تصومه في الجاهلية فلما قدم النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم المدينة صامه وأمر بصيامه فلما نزل رمضان كان رمضان هو الفريضة وترك عاشوراء (وعنها من

_ قال فيها ما علمت رسول الله صلى الله عليه وسلم صام يومًا يتحرى فضله على الأيام إلا هذا اليوم يعنى عاشوراء وهذا الشهر شهر رمضان" وهذه الرواية موافقة لرواية البخاري (1) إنما جمع ابن عباس بين عاشوراء ورمضان وإن كان أحدهما واجبًا والآخر مندوبًا لاشتراكهما في حصول الثواب، لأن معنى يتحرى أي يقصد صومه لتحصيل ثوابه والرغبة فيه (تخريجه) (ق. وغيرهما). (340) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن زكريا ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة- الحديث" (غريبه) (2) يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم بحكم الموافقة لهم كالحج أو أذن الله له في صيامه على أنه فعل خير قاله القرطبي (3) قيل يحتمل أنهم اقتدوا في صيامه بشرع سالف ولذا كانوا يعظمونه بكسوة الكعبة فيه، لكن في المجلس الثالث من مجالس الباغندي الكبير عن عكرمة أنه سئل عن صوم قريش عاشوراء، فقال أذنبت قريش في الجاهلية فعظم في صدورهم فقيل لهم صوم عاشوراء يكفره أفاده الحافظ (وفي الإكمال) اختلف العلماء في الحقائق الشرعية هل هي باقية على مسمياتها لغة أو نقلها الشارع عنها ووضعها على معان آخر، والمختار أن سنن العرب قبل ورود الشرع يدل على أنهم كانوا يستعملون هذه الألفاظ في معانيها الشرعية من أقوال وأفعال فعرفوا الصلاة والزكاة والصوم والحج والعمرة وتقربوا بجميع ذلك، فما خاطبهم الشرع إلا بما عرفوه تحقيقًا؛ إلا أنه أتاهم بألفاظ ابتدعها لهم أو بألفاظ لغوية لا يعرف منها المقصود إلا رمزًا كما قال المخالف (4) فيه تعيين الوقت الأول الذي وقع فيه الأمر بصيام عاشوراء، وهو أول قدومه صلى الله عليه وسلم المدينة ولاشك أن قدومه كان في ربيع الأول فحينئذ كان الأمر بذلك في أول السنة الثانية، وفي السنة الثانية فرض شهر رمضان، فعلى هذا لم يقع الأمر بصوم عاشوراء إلا في سنة واجدة ثم فوض الأمر في صومه إلى المتطوع (5) أي ترك صومه باعتبار أنه فرض

-[نسخ افتراض صوم عاشوراء برمضان]- طريق ثان بنحوه وفيه) فلما نزلت فريضة شهر رمضان كان رمضان هو الذي يصومه، وترك يوم عاشوراء فمن شاء صامه ومن شاء أفطره (241) عن عبد الرحمن بن يزيد قال دخل الأشعث بن قيس على عبد الله يوم عاشوراء وهو يتنبي، فقال يا أبا محمد أذن للغداء، قال أوليس اليوم عاشوراء؟ قال وتدرى ما يوم عاشوراء؟ إنما كان رسول الله ضلي الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يصومه قبل أن ينزل رمضان، فلما أنزل رمضان ترك (242) عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال في عاشوراء صامه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وأمر بصومه فلما فرض رمضان ترك، فكان عبد الله لا يصومه إلا أن يأتي على صومه. (243) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان يوم عاشوراء يومًا يصومه

_ وبقي مستحبًا، ولذلك صامه قوم وتركه آخرون، وهو من حجج القائلين بأن صومه كان فرضًا قبل نزول رمضان (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عباد بن عباد بن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بنحوه (2) أي ليس متحتمًا كما كان، وعلى هذا لم يقع الأمر بصومه مشددًا إلا في سنة واحدة، وهذا يرد على من قال ببقاء فريضة صوم عاشوراء كما نقله القاضي عياد عن بعض السلف (تخريجه) (ق. لك. د. نس. مذ. هق. مي) (241) عن عبد الرحمن بن يزيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعلي وابن أبي زائدة قالا ثنا الأعمش عن عمارة بن عبد الرحمن بن يزيد- الحديث" (غريبه) (3) هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه (تخريجه) (م. هق) (242) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن نافع عن ابن عمر- الحديث" (غريبه) (4) يعنى ابن عمر رضي الله عنهما "وقوله إلى أن يأتي على صومه" أي إلا أن يوافق صومًا كان يصومه فيصومه حينئذ يعنى لا يتعمد صومه بخصوصه (تخريجه) (م. هق) (243) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن

-[نسخ افتراض صوم عاشوراء برمضان]- أهل الجاهلية فلما نزل رمضان سئل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال هو يوم من أيام الله تعالى من شاء صامه ومن شاء تركه (244) عن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال كان رسول اله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يأمرنا بصيام عاشوراء ويحثنا عليه ويتعاهدنا عنده، فلما فرض رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ولم يتعاهدنا عنده (245) عن قيس بن سعد بن عبادة رضي الله عنهما قال أمرنا النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن نصوم عاشوراء قبل أن ينزل رمضان فلما نزل رمضان لم يأمرنا ولم ينهنا ونحن نفعله (246) عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف أنه سمع معاوية (بن

_ عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر الحديث (تخريجه) (م. د. هق. طح. مي) (244) عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا شيبان أراه عن أشعث عن جعفر بن أبي ثور عن جابر بن سمرة- الحديث" (غريبه) (1) بفتح أوله وضم ثانيه من باب رد أي يحرضنا "وقوله ويتعاهدنا" أي يتردد علينا عند حلول يوم عاشوراء لشدة اهتمامه به، وهذا من أدلة القائلين بوجوبه أولاً قبل نزول رمضان لأنه لو لم يكن إذ ذاك واجبًا لما اهتم به النبي صلى الله عليه وسلم هذا الاهتمام والله أعلم (تخريجه) (م. هق) (245) عن قيس بن سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن سلمة بن كهبل عن القاسم بن مخيمرة عن أبي عمار عن قيس بن سعد الحديث (تخريجه) (ش) وسنده جيد. (246) عن حميد بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري قال حدثني حميد بن عبد الرحمن الحديث (وله طريق أخرى) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا مالك ومحمد بن أبي حفصة عن ابن شهاب عن حميد بن عبد الرحمن أنه سمع معاوية بن أبي سفيان يوم عاشوراء عام حج

-[حجة القائلين بأن عاشوراء لم يفرض صومه قط- وتاريخ حج معاوية]- أبي سفيان رضي الله عنهما) يخطب بالمدينة يقول يا أهل المدينة أين علماؤكم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هذا يوم عاشوراء ولم يفرض علينا صيامه، فمن شاء منكم أن يصوم فليصم فإني صائم، فصام الناس (الفصل الثالث فيمن قال إن عاشوراء اليوم التاسع وما جاء في صوم يوم قبله أو بعده) (247) عن الحكم بن الأعرج قال أتيت ابن عباس رضي الله عنهما وهو متكئ عند زمزم فجلست إليه وكان نعم الجليس، فقلت أخبرني عن يوم عاشوراء؟ قال عن أب باله تسأل؟ قلت عن صومه، قال إذا رأيت هلال المحرم فاعدد، فإذا أصبحت من تاسعه فأصبح منها صائمًا، قلت

_ وهو على المنبر فذكر الحديث" (غريبه) (1) يعنى سنة أن حج كما صرح بذلك في رواية للإمام إحمد ومالك في الموطأ والبخاري، وكان أول حجة بعد الخلافة سنة أربع وأربعين، وآخر حجة حجها سنة سبع وخمسين ذكره ابن جرير (قال الحافظ) ويظهر أن المراد في هذا الحديث الحجة الأخيرة، وكأنه تأخر بمكة أو المدينة بعد الحج إلى يوم عاشوراء (2) قال القاضي عياض وغيره يدل على أنه سمع فمن يوجبه أو يحرمه أو يكرهه فأراد إعلامهم بأنه ليس كذلك، واستدعاؤه العلماء تنبيهًا لهم على الحكم أو استعانة بما عندهم على ما عنده أو توبيخًا أنه رأى أو سمع من خالفه، وقد خطب به في ذلك الجمع العظيم ولم ينكر عليه اهـ (قال الحافظ) وفي سياق هذه القصة إشعار بأن معاوية لم ير لهم اهتمامًا بصيام عاشوراء فلذلك سأل عن علمائهم أو بلغه عمن يكره صيامه أو يوجبه اهـ (3) هذه الجملة من قوله "فمن شاء منكم أن يصوم إلى آخر الحديث" من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، ففي رواية النسائي "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذا اليوم إني صائم، فمن شاء منكم أن يصوم فليصم، ومن شاء فليفطر" واحتج به من قال إنه لم يفرض قط ولا نسخ برمضان، وسيأتي الكلام على ذلك في الأحكام إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق. لك. نس) (247) عن الحكم بن الأعرج (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاذ بن معاذ ثنا حاجب بن عمر حدثني عمى الحكم بن الأعرج قال أتيت ابن عباس الحديث" (غريبه) (4) أي عن أي شأن من شئونه تسأل (5) ظاهره أن

-[من قال إن يوم عاشوراء اليوم التاسع من المحرم]- أكذلك كان يصومه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، قال نعم (وعنه من طريق ثان بنحوه وفيه) إذ أنت أهللت المحرم فاعدد تسعًا ثم أصبح يوم التاسع صائمًا- الحديث كما تقدم

_ ابن عباس رضي الله عنهما يرى أن يوم عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم، وللعلماء كلام في تأويل ذلك تقدم في أول الباب في شرح لفظ عاشوراء الواقع في الترجمة (قال البيهقي) بعد إيراد هذا الحديث، وكأنه "يعنى ابن عباس" رضي الله عنه أراد صومه مع العاشر، وأراد على يقوله في الجواب نعم. ما روى من عزمه صلى الله عليه وسلم على صومه، واستدل البيهقي لذلك بما رواه موقوفًا على ابن عباس من طريق عبد الرزاق عن ابن جريج عن عطاء أنه سمع ابن عباس يقول صوموا التاسع والعاشر وخالفوا اليهود، وبما رواه أيضًا من طريق ابن أبي ليلي عن داود بن علي عن أبيه عن جده ابن عباس، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود، صوموا قبله يومًا أو بعده يومًا، وسيأتي هذا الحديث للإمام أحمد أيضًا، وتقدم قول الزين بن المنير في شرح ترجمة الباب أن معناه أنه ينوى الصيام في الليلة المتعقبة للتاسع وقواه الحافظ بحديث ابن عباس الآتي بعد هذا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، إن بقيت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع" فلم يأت العام المقبل حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فإنه ظاهر في أنه صلى الله عليه وسلم كان يصوم العاشر وهمَّ بصوم التاسع فمات قبل ذلك (قال الشوكاني) والأولى أن يقال إن ابن عباس أرشد السائل إلى اليوم الذي يصام فيه وهو التاسع ولم يجب عليه بتعيين يوم عاشوراء أنه اليوم العاشر لأن ذلك مما لا يسئل عنه ولا يتعلق بالسؤال عنه فائدة، فإن ابن عباس لما فهم من السائل أن مقصوده تعيين اليوم الذي يصام فيه أجاب عليه بأنه التاسع، وقوله نعم بعد قول السائل هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم بمعنى هكذا كان يصوم لو بقى لأنه قد أخبرنا بذلك ولابد من هذا لأنه صلى الله عليه وسلم مات قبل صوم التاسع، وتأويل ابن المنير في غاية البعد لأن قوله وأصبح يوم التاسع صائمًا لا يحتمله اهـ كلام الشوكاني- وفيه نظر (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي علي بن عاصم أنا معاوية بن عمرو بن غلاب عن الحكم بن عبد الله بن الأعرج، قال كنت عند ابن عباس في بيت السقاية وهو متوسد بردا له، قال فقلت يا أبا عباس أخبرني عن عاشوراء، قال عن أي باله، قال قلت عن صيامه، قال إذا أنت أهللت الحديث (2) أي إذا أنت رأيت هلال المحرم كما صرح بذلك في الطريق الأولى (تخريجه) (م. د. نس. مذ. هق)

-[عزم النبي صلى الله عليه وسلم على صوم التاسع من المحرم لو بقى حيًا]- (248) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لئن بقيت إلى قابل لأصومن اليوم التاسع (249) وعنه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود وصوموا قبله يومًا أو بعده يومًا

_ (248) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثني أبو معاوية ثنا ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عبد الله بن عمير مولى ابن عباس عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله وعليه وسلم لئن بقيت- الحديث" (غريبه) (1) قال العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم "لئن بقيت- وفي رواية مسلم- لئن عشت- إلى قابل لأصومن اليوم التاسع" قالوا يحتمل أمرين (أحدهما) أنه أراد نقل العاشر إلى التاسع (والثاني) أنه يضيفه إليه في الصوم (قلت) يرجع الثاني قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث التالي "صوموا يوم عاشوراء وخالفوا فيه اليهود، وصوموا قبله يومًا أو بعده يومًا" والله أعلم (تخريجه) (م. هق) ورواه أيضًا مسلم وأبو داود بلفظ آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال حين صام رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وأمر بصيامه، قالوا يا رسول الله إنه يوم تعظمه اليهود والنصارى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا كان العام المقبل إن شاء الله صمنا التاسع، قال فلم يأت العام المقبل حتى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا لفظ مسلم. (249) وعنه رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال هشيم أنا ابن أبي ليلي عن داود بن علي عن أبيه عن جده بن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا يوم عاشوراء- الحديث" (غريبه) (2) فيه حث على مخالفة اليهود، وكان هذا في آخر الأمر، وقد كان صلى الله عليه وسلم قبل ذلك يحب موافقتهم استئلافًا لهم كما استألفهم باستقبال قبلتهم طمعًا في إسلامهم وانقيادهم للدين الحق، فكانوا أشد الناس عنادًا وإيذاء له صلى الله عليه وسلم، فلما علم سوء نيتهم وعنادهم أمر بمخالفتهم كما في هذا الحديث وغيره من الأحاديث الصحيحة، فأمر بأن يضاف إليه يوم قبله أو يوم بعده خلافًا لهم (3) يعنى أنه لا يقتصر عليه بل يضيف إليه يومًا قبله أو يومًا بعده وهذا على سبيل الاستحباب، والغرض منه مخالفة اليهود لأنهم يقتصرون على صوم يوم عاشوراء فقط (تخريجه) (هق) وسنده جيد (زوائد الباب) عن أبي سوسي الأشعري رضي الله عنه قال كان أهل خيبر يصومون يوم عاشوراء يتخذونه عيدًا ويلبسون نساءهم فيه حلبهم وشارتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فصوموه أنتم

-[زوائد الباب في فضل عاشوراء والتوسعة فيه على الأهل]- .....

_ رواه مسلم، وله عن أبي موسي أيضًا، قال كان يوم عاشوراء يومًا تعظمه اليهود وتتخذه عيدًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموه أنتم (وعن الحسن عن ابن عباس) قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بصوم عاشوراء يوم العاشر، رواه الترمذي وهو منقطع بين الحسن البصري وابن عباس فإنه لم يسمع منه (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ليس ليوم فضل على يوم في الصيام إلا شهر رمضان ويوم عاشوراء (طب) ورجاله ثقات (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال فلق البحر لبنى إسرائيل يوم عاشوراء (عل) وفيه يزيد الرقاشي وفيه كلام وقد وثق (وعن حباب) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم عاشوراء أيها الناس من كان منكم أكل فلا يأكل بقية يومه، ومن يرى منكم الصوم فليصمه (طب) وفيه أيوب بن جابر وثقه أحمد وغيره وضعفه ابن معين وغيره (وعن معبد القرشي) رضي الله عنه، قال أتي النبي صلى الله عليه وسلم بقديد فأتاه رجل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أطعمت اليوم شيئًا؟ ليوم عاشوراء، قال لا. إلا أني شربت ماء، قال فلا تطعم شيئًا حتى تغرب الشمس وأمر من وراءك أن يصوموا هذا اليوم (طب) ورجاله ثقات (وعن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر يوم عاشوراء فعظم من شأنه ثم قال لمن حوله من كان لم يطعم منكم شيئًا فليصم يومه هذا، ومن كان قد طعم منكم فليصم بقية يومه (طس) ورجاله ثقات (وعن مجزأة بن زاهر) عن أبيه قال سمعت منادى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عاشوراء وهو يقول من كان صائمًا اليوم فليتم صومه، ومن لم يكن صائمًا فليتم ما بقى أو ليصم (بز. طب. طس) إلا أنه قال إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر، ورجال البزار ثقات (وعن عليلة) عن أمها قالت قلت لأمة الله بنت رزينة يا أمة الله حدثتك أمك أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر صوم عاشوراء؟ قالت نعم وكان يعظمه حتى يدعو برضعائه ورضعاء ابنته فاطمة فيتفل في أفواههن ويقول للأمهات لا ترضعوهن إلى الليل (عل. طب. طس) ولفظه في الأوسط كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظمه حتى أن كان ليدعو بصبيانه وصبيان فاطمة المراضع ذلك اليوم فيتفل في أفواههم يقول لأمهاتهم لا ترضعوهم إلى الليل، وكان ريقه يجزئهم، وعليلة ومن فوقها لم أجد من ترجمهن: وسمى الطبراني، فقال عليلة بنت الكميت عن أمها أمينة أنه أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحًا وتعديلاً (وعن أبي هريرة رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أوسع على عياله في يوم عاشوراء أوسع الله عليه سائر سنته (هق) وأخرج ابن عبد البر من طريق شعبة عن أبي الزبير (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من وسع على نفسه وأهله يوم عاشوراء وسع الله عليه سائر سنته، قال جابر جربناه فوجدناه كذلك، وأخرج العراقي نحوه عن عمر

-[اختلاف المذاهب في صيام عاشوراء قبل افتراض رمضان هل كان واجبًا أو منذوبًا]- .....

_ موقوفًا عليه (قال البيهقي) أسانيد هذه الأحاديث وإن كانت ضعيفة فهي إذا ضم بعضها إلى بعض أحدثت قوة اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تنقسم إلى ثلاثة فصول (الفصل الأول منها) يدل على أن صيام عاشوراء كان واجبًا قبل أن يفرض صوم رمضان وإلى ذلك (ذهب أبو حنيفة وأصحابه، واختلف أصحاب الشافعي فيه على وجهين مشهورين) أشهرهما عندهم أنه لم يزل سنة من حين شرع، ولم يكن واجبًا قط في هذه الأمة، ولكنه كان متأكد الاستحباب، فلما نزل صوم رمضان صار مستحبًا دون ذلك الاستحباب (والثاني) كان واجبًا كقول أبي حنيفة (وعند الحنابلة روايتان) إحداهما كالحنفية (والثانية) كالأشهر عند الشافعية (قال النووي) وتظهر فائدة الخلاف في اشتراط نية الصوم الواجب من الليل، فأبو حنيفة لا يشترطها، ويقول كان الناس مفطرين أول يوم عاشوراء ثم أمروا بصيامه بنية من النهار ولم يؤمروا بقضائه بعد صومه (وأصحاب الشافعي) يقولون كان مستحبًا بنية من النهار، ويتمسك أبو حنيفة بقوله "أمر بصيامه" والأمر للوجوب. وبقوله "فلما فرض رمضان، قال من شاء صامه ومن شاء تركه" ويحتج الشافعية بقوله "هذا يوم عاشوراء ولم يكتب عليكم صيامه" اهـ (قلت) قوله "ولم يكتب عليكم صيامه" هذا لفظ مسلم من حديث معاوية، وقد جاء هذا الحديث نفسه عند الإمام أحمد بلفظ "ولم يفرض علينا صيامه" والمعنى واحد، وهو مذكور في الفصل الثاني من أحاديث الباب (قال الحافظ) وقد استدل به على أنه لم يكن فرضًا قط، ولا دلالة فيه لاحتمال أن يريد ولم يكتب الله عليكم صيامه على الدوام كصيام رمضان، وغايته أنه عام خص بالأدلة الدالة على تقدم وجوبه، أو المراد أنه لم يدخل في قوله تعالى {كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم} ثم فسره بأنه شهر رمضان، ولا يناقض هذا الأمر السابق بصيامه الذي صار منسوخًا، ويؤيد ذلك أن معاوية إنما صحب النبي صلى الله عليه وسلم من سنة الفتح، والذين شهدوا أمره صلى الله عليه وسلم بصيام عاشوراء والنداء بذلك شهدوه في السنة الأولى أوائل العام الثاني، ويؤخذ من مجموع الأحاديث أنه كان واجبًا لثبوت الأمر بصومه ثم تأكد الأمر بذلك، ثم زيادة التأكيد بالنداء العام، ثم زيادته بأمر من أكل بالإمساك، ثم زيادته بأمر الأمهات أن لا يرضعن فيه الأطفال؛ وبقول ابن مسعود الثابت في مسلم (قلت والإمام أحمد أيضًا) "لما فرض رمضان ترك عاشوراء" مع العلم بأنه ما ترك استحبابه، والباقي مطلق استحبابه فلا يخفى ضعفه، بل تأكد استحبابه باق ولاسيما مع استمرار الاهتمام به حتى في عام وفاته صلى الله عليه وسلم حيث يقول لئن عشت لأصومن التاسع والعاشر، ولترغيبه في صومه وأنه يكفر سنة، وأي تأكيد أبلغ من هذا؟

-[اتفاق العلماء على استحباب صوم عاشوراء الآن- وحجة من قال إنه اليوم التاسع]- .....

_ اهـ كلام الحافظ وهو الذي ينشرح له صدري واعنقده (والفصل الثاني منها) يدل على استحباب صوم عاشوراء بعد نزول صيام رمضان (وقد اتفق على ذلك العلماء كافة) "قال القاضي عياض" وكان بعض السلف يقول كان صوم عاشوراء فرض وهو باق على فرضيته لم ينسخ، قال وانقرض القائلون بهذا وحصل الإجماع على أنه ليس بفرض وأنه مستحب (وروى عن ابن عمر) كراهة قصد صومه وتعيينه بالصوم "والعلماء مجمعون على استحبابه) وتعيينه للأحاديث، وأما قول ابن مسعود كنا نصومه ثم ترك فمعناه أنه لم يبق كما كان من الوجوب، ثم تأكد الندب (والفصل الثالث منها) يدل بظاهره على أن عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم، وإلى ذلك (ذهب ابن عباس) وتأوله العلماء على أقوال تقدمت في أول الباب (قال النووي) في شرح المهذب قال أصحابنا عاشوراء هو العاشر من المحرم، وتاسوعاء هو اليوم التاسع منه، هذا مذهبنا وبه قال جمهور العلماء، وقال ابن عباس عاشوراء هو اليوم التاسع من المحرم، ثبت ذلك عنه في صحيح مسلم، وتأوله على أنه مأخوذ من إظماء الإبل فإن العرب تسمى اليوم الخامس من أيام الورد ربما بكسر الراء؛ وكذا تسمى باقي الأيام على هذه النسبة، فيكون التاسع على هذا عشرًا بكسر العين، والصحيح ما قاله الجمهور، وهو أن عاشوراء هو اليوم العاشر، وهو ظاهر الأحاديث ومقتضى إطلاق اللفظ، وهو المعروف عند أهل اللغة، وأما تقدير أخذه من إظماء الإبل فبعيد، وفي صحيح مسلم عن ابن عباس ما يرده، لأنه قال إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم عاشوراء فذكروا أن اليهود والنصارى تصومه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه في العام المقبل يصوم التاسع، وهذا تصريح بأن الذي كان يصومه صلى الله عليه وسلم ليس هو التاسع فتعين كونه العاشر، واتفق أصحابنا وغيرهم على استحباب صوم عاشوراء وتاسوعاء وذكر العلماء من أصحابها وغيرهما في حكمة استحباب صوم تاسوعاء أوجها (أحدها) أن المراد منه مخالفة اليهود في اقتصارهم على العاشر وهو مروى عن ابن عباس، وفي حديث رواه الإمام أحمد بن حنبل عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوموا يوم عاشوراء وخالفوا اليهود، وصوموا قبله يومًا وبعده يومًا (الثاني) أن المراد به وصل يوم عاشوراء بصوم كما نهى أن بصيام يوم الجمعة وحده ذكرهما الخطابي وآخرون (الثالث) الاحتياط في صوم العاشر خشية نقص الهلال ووقوع غلط فيكون التاسع في العدد هو العاشر في نفس الأمر اهـ. (تنبيه وتحذير) ما ورد في صلاة مخصوصة ليلة عاشوراء ويومه وفي فضل الكحل يوم عاشوراء لا يصح، ومن ذلك حديث جويبر عن الضحاك عن ابن عباس رفعه "من اكتحل بالأثمد يوم عاشوراء لم يرمد أبدًا" وهو حديث موضوع وضعه قتلة الحسين رضي الله عه، (وقال الإمام أحمد) والاكتحال يوم عاشوراء لم يرو عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه أثر وهو بدعة، وفي التوضيح ومن أغرب ما روى فيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الصرد (إنه أول طائر صام عاشوراء) وهذا من قلة الفهم، فإن الطائر لا يوصف بالصوم، وهو حديث موضوع

-[التحذير مما يحصل من البدع في يوم عاشوراء]- (3) باب الصوم في رجب والأشهر الحرم (250) عن عثمان بن حكيم قال سألت سعيد بن جبير عن صوم رجب كيف ترى؟ قال حدثني ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ قال الحاكم وضعه قتلة الحسين رضي الله عنه (وما يذكر) في كتب بعض المتأخرين من طلب الاغتسال وزيارة العلماء وعيادة المريض ومسح رأس اليتيم وتقليم الأظفار وقراءة سورة الإخلاص ألف مرة وصلة الرحم في يوم عاشوراء فليس له أصل يدل عليه في خصوص هذا اليوم، نعم هذه الخصال كلها طيبة ومطلوبة شرعًا ولكن في أي وقت كان، أما التخصيص باليوم المذكور فهو بدعة (قال الإمام) العلامة الزاهد الورع ابن الحاج رحمه الله في كتابه المدخل- يوم عاشوراء موسم من المواسم الشرعية والتوسعة فيه على الأهل والأقارب واليتامى والمساكين وزيادة النفقة والصدقة مندوب إليها، لكن بشرط عدم التكلف وأن لا يصير ذلك سنة يمتن بها لابد من فعلها، فإن وصل إلى هذا الحد فيكره أن يفعله سيما إذا كان الفاعل له من أهل العلم وممن يقتدي به، لأن تبين السنن وأشاعتها وشهرتها أفضل من النفقة في ذلك اليوم، ولم يكن السلف يعتادون فيه طعامًا مخصوصًا، وقد كان بعض العلماء رحمة الله عليهم يترك التوسعة قصدًا لينبه على أنها ليست بواجبة (أما ما يفعله الناس اليوم) من أن عاشوراء يختص بذبح الدجاج وغيره وطبخ الحبوب وغير ذلك فلم يكن السلف يتعرضون لذلك في هذه المواسم، ولا يعرفون تعظيمها إلا بكثرة العبادة والصدقة والخير بالتوسعة في المأكول (ومن البدع المحدثة فيه) تخصيصه بزيارة القبور للرجال والنساء (ومن البدع التي أحدثها النساء) في هذا اليوم استعمال الحناء على كل حال فمن لم تفعلها منهن فكأنها ما قامت بحق عاشوراء (ومما أحدثته أيضًا) من البدع البخور فمن لم يشتره منهن في ذلك اليوم ويتبخر فكأنه ارتكب أمرًا عظيمًا وكونه سنة عندهن لابد من فعلها وادخارهن له طول السنة يتبركن به ويتبخرن إلى أن يأتي مثله يوم عاشوراء الثاني، ويزعمن أنه إذا تبخر به المسجون خرج من سجنه، وأنه يبرئ من العين والنظرة والمصاب والموعوك، وهذا أمر خطر، لأنه مما يحتاج فيه إلى توقيف من صاحب الشريعة صلى الله عليه وسلم "يريد أنه لم يثبت فيه شيء عن النبي صلى الله عليه وسلم" فلم يبق إلا أنه أمر باطل فعلنه من تلقاء أنفسهن اهـ باختصار نسأل الله تعالى أن يعصمنا من الزيغ والزال وأن يوفقنا لصالح العمل آمين. (250) عن عثمان ين حكيم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد

-[الكلام عن الصوم في رجب- وهل ورد فيه شيء بخصومه]- كان يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم (ومن طريق ثان) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم، وما صام شهرًا تامًا (وفي لفظٍ متتابعًا) منذ قدم المدينة (4) إلا رمضان (251) عن أبي السليل، قال حدثني مجيبة عجوز من باهلة عن

_ ابن عبيد ثنا عثمان بن حكيم قال سألت سعيد بن جبير- الحديث" (غريبه) (1) الظاهر أن مراد سعيد بن جبير بهذا الاستدلال أنه لا نهى عن صيام رجب ولا ندب فيه لعينه، لأنه لم يثبت فيه نهى ولا ندب. إنما ثبت الندب في الأشهر الحرم ورجب أحدها، أفاده النووي (2) يعنى ينتهي صومه إلى غاية نقول إنه لا يفطر فينتهي إفطاره إلى غاية نقول إنه لا يصوم، وذلك لأن الأعمال التي يتطوع بها ليست منوطة بأوقات معلومة، وإنما هي على قدر الإرادة لها والنشاط فيها (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يحيى عن سعيد ثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير- الحديث (4) لا مفهوم لقوله منذ قدم المدينة لأن صيام رمضان لم يفرض إلا في المدينة في السنة الثانية من الهجرة في شعبان كما تقدم (فإن قيل) هذا الحديث يعارضه ما سيأتي في الباب التالي في بعض روايات عائشة أنه صلى الله عليه وسلم "كان يصوم شعبان كله" (ويجاب عن ذلك) بأحد أمرين إما أن عائشة رضي الله عنها أرادت بالكل معظمه، وإما أن ابن عباس رضي الله عنهما ما رآي إلا رمضان فاخبر بذلك على حسب اعتقاده، والأول أرجح، وسيأتي لذلك مزيد بحث في الباب التالي إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق. نس. جه) وأخرجه أيضًا الترمذي في الشمائل وأبو داود الطيالسي في مسنده (251) عن أبي السليل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا الجريري عن أبي السليل- الحديث" (غريبه) (5) اسمه ضريب بالتصغير آخره موحدة ابن نقير بنون وقاف مصغرًا أبو السليل بفتح المهملة وكسر اللام القيسي الجريري بضم الجيم مصغرًا ثقة من السادسة، قاله الحافظ في التقريب (6) بضم الميم وكسر الجيم، وقد جاء هذا اللفظ بالتأنيث في رواية الإمام أحمد وأبي داود وصر به الحافظ في الإصابة ويدل على تأنينه قوله حدثتني بالتأنيث، وقوله عجوز من باهلة عن أبيها الخ، وجاء كذلك في رواية سعيد بن منصور عن ابن علية عن الجريري عن أبي السليل عن مجيبة الباهلية عجوز

-[قصة الرجل الباهلي في سؤال النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم التطوع]- أبيها أو عن عمها، قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاجة مرة، فقال من أنت؟ قال أو ما تعرفني؟ قال ومن أنت؟ قال أنا الباهلي الذي أتيتك عام أول، قال فإنك أتيتني وجسمك ولونك وهيئتك حسنة فما بلغ بك ما أرى؟ فقال إني والله ما أفطرت بعدك إلا ليلاً، قال من أمرك أن تعذب نفسك؟ من أمرك أن تعذب نفسك؟ من أمرك أن تعذب نفسك؟ ثلاث مرات، صم شهر الصبر رمضان، قلت إني أجد قوة وإني أحب أن تزيدني، فقال صم يومًا من الشهر، قلت إني أجد قوة وإني أحب أن تزيد، قال فيومين من الشهر، قلت إني أجد قوة وإني أحب أن تزيدني، قال وما تبتغى عن شهر الصبر ويومين من الشهر، قال قلت إني أجد قوة وإني أحب أن تزيدني، قال فثلاثة أيام من الشهر، قال وألحم عند الثلثة فما كاد، قلت إني أجد قوة، وإني أحب أن

_ من قومها، لكن جاء بالتذكر في رواية النسائي ففيه "عن مجيبة الباهلي عن عمه" وفي رواية ابن ماجه "عن أبي مجيبة عجوز من باهلة" والصواب الأول كما علمت "وباهلة" اسم قبيلة (1) أبوها عبد الله بن الحارث الأنصاري الباهلي أبو مجيبة ذكره ابن حبان في الصحابة، وقال أبو عمر لا أعرفه، وقال البغوي أبو مجيبة أو عمها، سكن البصرة (قال الحافظ) في الإصابة هو والد مجيبة الباهلي أو الباهلية، روى له جماعة "وقوله أو عمها" لم نقف على اسمه (2) في رواية أبي داود أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم انطلق فأتاه بعد سنة وقد تغيرت حاله- الحديث (3) أي ما الذي غير حالك، فقال إني والله ما أفطرت بعدك، أي بعد مفارقتك إلا ليلاً، وفي رواية أبي داود، قال "ما أكلت طعامًا إلا بليل منذ فارقتك" يعنى أنه لازم الصيام مدة سنة، ولعله لم يبلغه النهى عن صوم يومي العيد والتشريق، أو كان ذلك قبل النهى والله أعلم (4) قال الخطابي شهر الصبر هو شهر رمضان، وأصل الصبر الحبس فسمى الصيام صبرًا لما فيه من حبس النفس عن الطعام ومنعها عن وطئ النساء وغشيائهن في نهار الشهر (5) يعنى يكفيك أن تصوم بعد رمضان يومًا من كل شهر تطوعًا (6) أي وما تريد أن تصوم زيادة عن شهر رمضان ويومين تطوعًا من كل شهر (7) أي وقف عندها

-[استحباب الصوم في الأشهر الحرم- وما هي الأشهر الحرم]- تزيدني، قال فمن الحرم وأفطر

_ فلم يزده عليها، من ألحم بالمكان إذا أقام فلم يبرح "وقوله فما كاد" يعنى فما كاد يزيده عليها شيئًا (1) لفظ أبي داود "صم من الحرم واترك. صم من الحرم واترك. صم من الحرم واترك. وقال بأصابعه الثلاثة فضمها ثم أرسلها" الحرم بضمتين أي الأشهر الحرم، وهي أربعة أشهر ذكرها الله عز وجل في كتابه فقال {إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرًا في كتاب الله يوم خلق السماوات والأرض منها أربعة حرم} وهي- رجب. وذو القعدة. وذو الحجة. والمحرم، وقيل لأعرابي كم الأشهر الحرم؟ فقال أربعة. ثلاثة سرد. وواحد فرد، وقوله سرد يعنى متتابعة. والفرد هو رجب. ولذلك قيل رجب الفرد لأنه منفرد عنها (والمعنى) أن النبي صلى الله عليه وسلم صرح له أن يصوم ما شاء من الأشهر الحرم وأشار بالأصابع الثلاثة إلى أنه لا يزيد على الثلاث المتواليات وبعد الثلاث يترك يومًا أو يومين، والأقرب أن الإشارة لإفادة أنه يصوم ثلاثًا ويترك ثلاثًا والله أعلم. قاله السندي (تخريجه) (د. نس. جه) وسنده جيد إلا أنهم اختلفوا في اسم مجيبة هل هو رجل أو امرأة. وتقدم الكلام على ذلك في الشرح، وقد ضعف بعضهم هذا الحديث لهذا الاختلاف- وفيه نظر، لأن مثل هذا الاختلاف لا يقدح في الحديث، لأن المختلف فيه صحابي والصحابة كلهم عدول سواء أكانوا رجالاً أم نساء والله أعلم (زوائد الباب) عن عبد العزيز بن سعيد عن أبيه (سعيد بن أبي راشد) قال عثمان بن مطر وكانت له صحبة، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رجب شهر عظيم يضاعف الله فيه الحسنات، فمن صام يومًا من رجب فكأنما صام سنة، ومن صام منه سبعة أيام غلقت عنه سبعة أبواب جهنم. ومن صام منه ثمانية أيام فتحت له ثمانية أبواب الجنة. ومن صام منه عشرة أيام لم يسأل الله شيئًا إلا أعطاه. ومن صام منه خمسة عشر يوما نادى مناد في السماء قد غفر لك ما مضى فاستأنف العمل. ومن زاد زاده الله. وفي رجب حمل الله نوحًا في السفينة فصام رجب وأمر من معه أن يصوموا فجرت بهم السفينة سبعة أشهر آخر ذلك يوم عاشوراء أهبط على الجودي، فصام نوح ومن معه والوحش شكرًا لله عز وجل. وفي يوم عاشوراء فلق الله البحر لبنى إسرائيل. وفي يوم عاشوراء تاب الله عز وجل على آدم صلى الله عليه وسلم وعلى مدينة يونس "يعنى أهلها" وفيه ولد إبراهيم عليه السلام. أورده الهيثمي، وقال رواه الطبراني في الكبير. وفيه عبد الغفور وهو متروك (وأخرج الخطيب) عن أبي ذر. من صام يومًا من رجب عدل صيام شهر وذكر نحو حديث سعيد

-[زوائد الباب فيما ورد في الصيام في رجب والأشهر الحرم]- .....

_ ابن أبي راشد المتقدم، وأخرج نحوه أبو نعيم وابن عساكر من حديث ابن عمر مرفوعًا (وأخرج أيضًا) نحوه البيهقي في شعب الإيمان عن أنس مرفوعًا (وأخرج الخلال) عن أبي سعيد مرفوعًا "رجب من شهور الحرم وأيامه مكتوبة على أبواب السماء السادسة، فإذا صام الرجل منه يومًا وجدد صومه بتقوى الله نطق الباب ونطق اليوم وقالا يارب اغفر له، وإذا لم يتم صومه بتقوى الله لم يستغفرا له. وقيل خدعتك نفسك (واخرج) أبو الفتح بن أبي الفوارس في أماليه عن الحسن مرسلاً أنه قال "رجب شهر الله وشعبان شهري ورمضان شهر أمتي" (وفي مجمع الزوائد عن أبي هريرة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتم صوم شهر بعد رمضان إلا رجب وشعبان (طس) وفيه يوسف بن عطية الصفار وهو ضعيف (وعن خرشة بن الحر) قال رأيت عمر بن الخطاب يضرب أكف الرجال في صوم رجب حتى يضعوها في الطعام ويقول رجب وما رجب، إنما رجب شهر كان يعظمه أهل الجاهلية. فلما جاء الإسلام ترك (طس) وفيه الحسن بن جبلة ولم أجد من ذكره وبقية رجاله ثقات. أوردهما الهيثمي وهذا كلامه فيهما. والحديث الثاني منهما رواه ابن أبي شيبة أيضًا (وروى ابن ماجه) بسنده عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صوم رجب. وفي إسناده داود ابن عطاء وهو ضعيف متفق على تضعيفه (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوم عرفة كان كفارة سنتين. ومن صام يومًا من المحرم فله بكل يوم ثلاثون يومًا (طص) وفيه الهيثم بن حبيب ضعفه الذهبي (وعنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يومًا من المحرم فله بكل يوم ثلاثون حسنة (طب) وفيه الهيثم بن حبيب أيضًا (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام ثلاثة أيام من شهر حرام الخميس، والجمعة. والسبت كتب له عبادة ستين سنة، رواه الطبراني في الأوسط عن يعقوب بن موسي المدني عن مسلمة. ويعقوب مجهول ومسلمة هو ابن راشد الحماني. قال فيه أبو حاتم مضطرب الحديث، وقال الأزدي في الضعفاء لا يحتج به، وأورد له هذا الحديث وأبوه راشد بن نجيح أبو محمد الحماني أخرج له ابن ماجه. وقال أبو حاتم صالح الحديث، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال ربما أخطأ. وقال ابن الجوزي إنه مجهول وليس كما قال: فقد روى عنه حماد بن زيد وابن المبارك وأبو نعيم الفضل بن دكين وآخرون. أورد الحافظ الهيثمي هذه الأحاديث الثلاثة وتكلم عليها جرحًا وتعديلاً (الأحكام) حديث عثمان بن حكيم الأول من حديثي الباب يدل على مشروعية الإكثار من الصيام في رجب وإن لم يكن صريحًا في ذلك إلا أن جواب السؤال فيه عن صوم رجب يشعر بذلك، ويستفاد الإكثار من الصوم فيه أيضًا من حديث أبي السليل الثاني من حديثي الباب فإنه

-[بيان أن الأحاديث الواردة في فضل الصيام في رجب بخصوصه واهيه]- (4) باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم وإكثاره الصوم في شعبان وفضل الصيام فيه (252) عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر، ويفطر حتى نقول لا يصوم وما استكمل شهرًا قط إلا رمضان وما رأيته في

_ يدل على فضل الإكثار من الصوم في الأشهر الحرم وهو منها قطعًا (قال الشوكاني) وقد ورد ما يدل على مشروعية صومه على العموم والخصوص. أما العموم فالأحاديث الواردة في الترغيب في صوم الأشهر الحرم. وهو منها بالإجماع، وكذلك الأحاديث الواردة في مشروعية مطلق الصوم. قال وأما على الخصوص (فذكر بعض ما أوردنا من الأحاديث الخاصة بفضله وفضل صيامه في الزوائد، ثم قال) وأخرج ابن أبي شيبة من حديث زيد بن أسلم، قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم رجب، فقال أين أنتم عن شعبان (وأخرج عن ابن عمر) ما يدل على أنه كان يكره صوم رجب، قال ولا يخفاك أن الخصوصيات إذا لم تنتهض للدلالة على استحباب صومه انتهضت العموميات، ولم يرد ما يدل على الكراهة حتى يكون مخصصًا لها، وأما حديث ابن عباس عند ابن ماجه بلفظ "أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام رجب" ففيه ضعيفان زيد بن عبد الحميد وداود بن عطاء اهـ (قلت) اتفق العلماء على استحباب الصيام في رجب كغيره من الأشهر الحرم، أما ما ورد من الأحاديث في فضل الصيام في رجب بخصوصه فكلها ضعيفة لا تقوم بها حجة وإنما أوردتها في الزوائد للتنبيه عليها لئلا يغتر بها الناس. فقد جاءت في كتب غير محررة، ولذلك لا تجد حديثًا منها في المسند ولا في الكتب الستة. وقد نقلت ما قاله العلماء فيها، وحكي ابن السبكي عن محمد بن منصور السمعاني أنه قال. لم يرد في استحباب صوم رجب على الخصوص سنة ثابتة، والأحاديث التي تروى فيه واهية لا يفرح بها عالم اهـ والله أعلم. (252) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسي ثنا مالك عن أبي النضر عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة- الحديث" (غريبه) (1) تقدم شرح هذه الجملة في شرح الحديث الأول من الباب السابق (2) إنما لم يستكمل شهرًا غير رمضان لئلا يظن وجوبه

-[الجمع بين قول عائشة كان صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان إلا قليلاً وبين قولها كان يصومه كله]- شهر قط أكثر صيامًا منه في شعبان (وعنها من طريق ثان بنحوه) وزادت كان يصوم شعبان كله إلا قليلاً، بل كان يصوم شعبان كله

_ (1) المعنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم في شعبان وفي غيره من الشهور سوى رمضان وكان صيامه في شعبان أكثر من صيامه فيما سواه، ووجه تخصيص شعبان بكثرة الصوم لكون أعمال العباد ترتفع فيه كما سيأتي في حديث أسامة بن زيد، قال "ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر ترفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" وسيأتي شرحه في موضعه (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنا محمد عن أبي سلمة؛ قال سألت عائشة كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم؟ قالت كان يصوم حتى نقول لا يفطر. ويفطر حتى نقول لا يصوم، ولم أره في شهر أكثر صيامًا منه في شعبان كان يصوم شعبان كله- الحديث (3) هذه الرواية وهي قولها "كان يصوم شعبان كله" وقولها في الحديث الآتي أيضًا "كان يصومه كله" يخالف ما تقدم من قولها "كان يصوم شعبان كله إلا قليلاًَ" ويخالف أيضًا قولها في الطريق الأولى "وما استكمل شهرًا قط إلا رمضان" ويجمع بين هذه الروايات بأن المراد بالكل والتمام الأكثر، وقد نقل الترمذي عن ابن المبارك أنه قال جائز في كلام العرب إذا صام أكثر الشهر أن يقال صام الشهر كله، ويقال قام فلان ليلته أجمع ولعله قد تعشى واشتغل ببعض أمره، قال الترمذي كان ابن المبارك جمع بين الحديثين بذلك اهـ وحاصله أن رواية الكل والتمام مفسرة برواية الأكثر ومخصصة بها وأن المراد بالكل الأكثر (قال الحافظ) وهو مجاز قليل الاستعمال واستبعده الطيبي، قال لأن الكل تأكيد لإرادة الشمول ودفع التجوز فتفسيره بالبعض مناف له، قال فيحمل على أنه كان يصوم شعبان كله تارة ويصوم معظمه أخرى لئلا يتوهم أنه واجب كله كرمضان (وقيل) المراد بقولها كله أنه كان يصوم من أوله تارة ومن آخره أخرى ومن أثنائه طورًا فلا يخلى شيئًا منه من صيام ولا يخص بعضه بصيام دون بعض (وقال الزين بن المنير) إما أن يحمل قول عائشة على المبالغة: والمراد الأكثر، وإما إن يجمع بأن قولها الثاني متأخر عن قولها الأول فأخبرت عن أول أمره أنه كان يصوم أكثر شعبان وأخبرت ثانيًا عن آخر أمره أنه كان يصومه كله اهـ قال الحافظ. ولا يخفى تكلفه والأول هو الصواب ويؤيده رواية عبد الله بن شقيق عن عائشة عند مسلم وسعد بن هشام عنها عند النسائي ولفظه "ولا صام شهرًا كاملاً قط منذ قدم المدينة غير رمضان اهـ (قلت) وتقدم مثله للإمام أحمد عن ابن عباس في الباب السابق (تخريجه) (ق. وغيرهما)

-[كان صلى الله عليه وسلم يكثر الصوم في شعبان- وكان يصله برمضان]- (253) وعنها أيضًا قالت ما كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يصوم من شهر من السنة أكثر من صيامه في شعبان، كان يصومه كله (254) وعنها رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يصوم حتى نقول ما يريد أن يفطر، ويفطر حتى نقول ما يريد أن يصوم، وكان يقرأ كل ليلة ببني إسرائيل والزمر. (255) عن عبد الله بن أبي قيس أنه سمع عائشة رضي الله عنها تقول كان أحب الشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصومه شعبان، ثم يصله برمضان

_ (253) وعنها أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال ثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة قال حدثتني عائشة قالت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (1) تقدم الكلام عليه في الذي قبله (تخريجه) (ق. وغيرهما) (254) وعنها رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا حماد بن زيد قال ثنا مروان أبو لبابة من بني عقيل عن عائشة الحديث (تخريجه) أخرج الشخان وغيرهما منه القدر المختص بالصيام ولم أقف على من أخرجه بزيادة القراءة غير الإمام أحمد وسنده جيد. (255) عن عبد الله بن أبي قيس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية عن عبد الله بن أبي قيس- الحديث" (غريبه) (2) أحب بالنصيب خبر كان، وشعبان اسمها؛ والمعنى كان صوم شعبان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من صوم غيره من بقية الشهور التي كان يتطوع فيها بالصيام (3) أي يصل صيام شعبان بصيام رمضان (فإن قبل) هذا ينافى ما تقدم في الجزء التاسع في باب ثبوت الشهر برؤية الهلال صحيفة 255 من حديث أبي هريرة رقم 57 قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقدموا الشهر بيوم أو يومين إلا أن يوافق أحدكم صومًا كان يصومه (فالجواب) أن ذلك محمول على من تعمد صيام يوم أو يومين ليحتاط لرمضان، أما من كان متعودًا صوم شعبان أو أكثره أو أيامًا منه وصادف ذلك أيام عادته فلا بأس به، وقد استثني ذلك في الحديث بقوله "إلا أن يوافق أحدكم صومًا كان يصومه" وقد ثبت بالاتفاق أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم معظم شعبان (تخريجه) (د. نس. ك. هق) وسنده جيد

-[تحرى صيام الاثنين والخميس والحكمة في ذلك]- (256) "خط" عن خالد بن معدان عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن صوم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، قالت كان يصوم شعبان ويتحرى الاثنين والخميس (257) عن أم سلمة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يصوم شعبان ورمضان (258) وعنها أيضًا رضي الله تبارك وتعالى عنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صام شهرين متتابعين إلا أنه كان

_ (256) "خط" عن خالد بن معدان (سنده) حدثنا عبد الله قال وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده ثنا محمد بن حميد أبو سفيان عن سفيان عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن عائشة- الحديث" (غريبه) (1) أي يقصده ويطلبه، والتحري طلب الأحرى والأولى. وقيل التحري طلب الثواب والمبالغة في طلب الشيء، وإنما كان صلى الله عليه وسلم يتحرى الاثنين والخميس لما سيأتي في باب صيام الاثنين والخميس من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعرض الأعمال كل اثنين وخميس فأحب أن يعرض عملي وأنا صائم، وسيأتي الكلام عليه في بابه إن شاء الله تعالى (تخريجه) لم أقف على من أخرجه بهذا اللفظ غير الإمام أحمد وسنده جيد. وأخرجه الأربعة في صيام الاثنين والخميس بدون ذكر شعبان. وصححه ابن حبان وحسنه الترمذي. (257) عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا أبي عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أم سلمة- الحديث" (غريبه) (2) هذا محمول على أنه صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في بعض السنين لئلا يتوهم أنه واجب، أو المراد بصوم شعبان معظمه، ويؤيد ذلك قولها في الحديث التالي "ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صام شهرين متتابعين الخ (تخريجه) (جه) وسنده جيد (258) وعنها أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن مهدي عن سفيان عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن أبي سلمة عن أم سلمة

-[202 استحباب الصوم في شعبان وكلام العلماء في جواز وصل صيام شعبان برمضان وعدمه]- يصل شعبان برمضان (259) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يصوم فلا يفطر حتى نقول ما في نفس رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن يفطر العام، ثم يفطر فلا يصوم حتى نقول ما في نفسه أن يصوم العام، وكان أحب الصوم إليه في شعبان

_ - الحديث" (غريبه) (1) ذكر بعض العلماء أنه صلى الله عليه وسلم وقع منه وصل شعبان برمضان وفصله منه. وذلك في سنتين فأكثر (وقال الغزالي) رحمه الله في الأحياء فإن وصل شعبان برمضان فجائز؛ فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم مرة. وفصل مرارًا كثيرة اهـ (قلت أما التحديد بالمرة والسنتين فلم نقف عليه في شيء من الأحاديث، نعم وقع منه صلى الله عليه وسلم الوصل والفصل، أما الوصل فكما ترى في أحاديث الباب، وأما الفصل فقد تقدم في باب ثبوت الشهر برؤية الهلال من الجزء التاسع صحيفة 254 في حديث رقم 44 عن عائشة رضي الله عنها قالت "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحفظ من هلال شعبان ما لا يتحفظ من غيره. ثم يصوم برؤية رمضان. فإن غم عليه عد ثلاثين يومًا ثم صام" وهذا الحديث رواه أيضًا أبو داود والدارقطني وقال هذا إسناد صحيح؛ والحاكم وقال هذا صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وصححه أيضًا الحافظ (تخريحه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد، ورواه الترمذي بلفظ "ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يصوم شهرين متتابعين إلا شعبان ورمضان" وأبو داود بلفظ "لم يكن يصوم من السنة شهرًا تامًا إلا شعبان يصله برمضان" (259) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا عثمان بن رشيد قال حدثني أنس بن سيرين قال أتينا أنس بن مالك في يوم خميس فدعا بمائدته فدعاهم إلى الغداء فتغدي بعض القوم وأمسك بعض، ثم أتوه يوم الاثنين ففعل مثلها فدعا بمائدته ثم دعاهم إلى الغداء فأكل بعض القوم وأمسك بعض، فقال لهم أنس بن مالك لعلكم اثنانيون. لعلم خميسيون. كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم فلا يفطر- الحديث (تخريجه) أورده الهيثمي. وقال في الصحيح طرف منه- رواه أحمد والطبراني في الأوسط، وفيه عثمان بن رشيد الثقفي وهو ضعيف

-[زوائد الباب في فضل الصيام في شعبان]- (260) عن أسامة بن زيد رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله لم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان، وهو شهر يرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب أن يرفع عملي وأنا صائم

_ (260) عن أسامة بن زيد- هذا طرف من حديث طويل سيأتي بثمامه وسنده في باب صوم الاثنين والخميس (غريبه) (1) ظاهر قوله يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان أنه يستحب صوم رجب. لأن الظاهر أنهم يغفلون عن تعظيم شعبان بالصوم كما يعظمون رمضان ورجبًا به، ويحتمل أن المراد غفلهم عن تعظيم شعبان بصومه كما يعظمون رجبًا بنحر النحائر فيه. فإنه كان يعظم بذلك عند الجاهلية وينحرون فيه العتيرة كما ثبت في الحديث. والظاهر الأول. لأن المراد بالناس الصحابة فإن الشارع قد كان إذ ذاك محا آثار الجاهلية، ولكن غايته التقرير لهم على صومه. وهو لا يقيد زيادة على الجواز، أفاده الشوكاني (2) قال الشيخ ولي الدين (إن قلت) ما معنى هذا مع أنه ثبت في الصحيحين (وعند الإمام أحمد أيضًا) أن الله تعالى يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار. وعمل النهار قبل عمل الليل (قلت) يحتمل أمرين (أحدهما) أن أعمال العباد تعرض على الله تعالى كل يوم، ثم تعرض عليه أعمال الجمعة في كل اثنين وخميس. ثم تعرض عليه أعمال السنة في شعبان. فتعرض عرضًا بعد عرض ولكل عرض حكمة يطلع عليها من يشاء من خلقه أو يستأثر بها عنده مع أنه تعالى لا يخفى عليه من أعمالهم خافية (ثانيهما) أن المراد أنها تعرض في اليوم تفصيلاً ثم في الجمعة جملة أو بالعكس اهـ (تخريجه) (د. نس) وصححه ابن خزيمة (زوائد الباب) عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان كله، قالت قلت يا رسول الله أحب الشهور إليك أن تصومه شعبان، قال إن الله كتب على كل نفس منية تلك السنة فأحب أن يأتيني أجلى وأنا صائم (قلت في الصحيح طرف منه) رواه أبو يعلي وفيه مسلم بن خالد الزنجي، وفيه كلام وقد وثق (وعن سهل بن سعد) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم حتى نقول لا يفطر ويفطر حتى نقول لا يصوم، وكان أكثر صومه في شعبان (طب. طس) وفيه عمر بن صهبان وهو متروك (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصل شعبان برمضان (طس) وفيه يوسف بن عطية وهو ضعيف (وعن أبي أمامة) رضي الله عنه

-[الأحكام وأقوال العلماء في حكمة إكثار النبي صلى الله عليه وسلم الصوم في شعبان]- .....

_ أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصل شعبان برمضان (طب) ورجاله ثقات (وعن أبي ثعلبة) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم شعبان ورمضان يصلهما (طب) وفيه الأحوص بن حكيم وفيه كلام كثير وقد وثق (وعن عائشة) رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام فربما أخر ذلك حتى يجتمع عليه صوم السنة، وربما أخره حتى يصوم شعبان (طس) وفيه محمد بن أبي ليلي وفيه كلام، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحًا وتعديلاً (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على فضل الصيام في شعبان وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخصه بكثرة الصيام فيه أكثر من سائر الشهور (وقد أجاب النووي) رحمه الله عن كونه صلى الله عليه وسلم لم يكثر من الصوم في المحرم؛ مع قوله إن أفضل الصيام ما يقع فيه. بأنه يحتمل أن يكون ما علم ذلك إلا في آخر عمره فلم يتمكن من كثرة الصوم في المحرم، أو اتفق له فيه من الأعذار بالسفر والمرض مثلاً ما منعه من كثرة الصوم فيه (وقد اختلف العلماء) في الحكمة في إكثاره صلى الله عليه وسلم من صوم شعبان (فقيل) كان يشتغل عن صوم الثلاثة أيام من كل شهر لسفر أو غيره فتجتمع فيقضيها في شعبان، أشار إلي ذلك ابن بطال، ويدل عليه حديث عائشة الأخير من أحاديث الزوائد. وفيه محمد بن أبي ليل فيه كلام (وقيل) كان يصنع ذلك لتعظيم رمضان وقد ورد فيه حديث أخرجه الترمذي من طريق صدقة بن موسي عن ثابت عن أنس، قال "سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الصوم أفضل بعد رمضان، قال شعبان لتعظيم رمضان" قال الترمذي حديث غريب. وصدقة عندهم ليس بذاك القوى اهـ، ويعارضه ما رواه مسلم والإمام أحمد وتقدم في فضل صوم المحرم من حديث أبي هريرة مرفوعًا "أفضل الصوم بعد رمضان صوم المحرم" (وقيل) الحكمة في إكثاره صلى الله عليه وسلم من الصيام في شعبان دون غيره أن نساءه كن يقضين ما عليهن من رمضان في شعبان فكان يصوم معهن (وقيل) الحكمة في ذلك أنه يعقبه رمضان وصومه مفترض وكان يكثر من الصوم في شعبان قدر ما يصوم في شهرين غيره لما يفوته من التطوع بذلك في أيام رمضان (والأولى في ذلك) ما جاء في حديث أسامة آخر أحاديث الباب وهو حديث صحيح رواه النسائي وأبو داود وصححه ابن خزيمة ونحوه من حديث عائشة عند أبي يعلي وهو الأول من أحاديث الزوائد (وفي أحاديث الباب أيضًا) دلالة على أنه يجوز وصل صيام شعبان برمضان لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك ولا تعارض بين هذا وبين ما تقدم من الأحاديث في النهى عن تقدم رمضان بصوم يوم أو يومين وما سيأتي من النهى عن صوم نصف شعبان الثاني فإن الجمع بينهما ظاهر بأن يحمل النهى على من لم يدخل تلك الأيام في صيام اعتاده. وقد صرح بذلك في أحاديث النهى نفسها، فقال "إلا أن يكون شيئًا يصومه" أحدكم والله أعلم.

-[حجة القائلين بكراهة الصيام في النصف الثاني من شعبان]- (5) باب النهي عن الصوم في النصف الثاني من شعبان والرخصة في ذلك (261) عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إذا كان النصف من شعبان (1) فأمسكوا عن الصوم حتى يكون رمضان

_ (261) عن العلاء بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع. قال ثنا أبو العميس عتبة عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة- الحديث" (غريبه) (1) أي إذا انقضى النصف الأول من شعبان فلا تصوموا من النصف الثاني حتى يكون رمضان، قال القاري في المرقاة والنهى للتنزيه رحمة على الأمة أن يضعفوا عن حق القيام بصيام رمضان على وجه النشاط. وأما من صام شعبان كله فيتعود بالصوم ويزول عنه الكلفة، ولذا قيده بالانتصاف، أو نهى عنه لأنه نوع من التقدم والله أعلم اهـ (وقال القاضي عياض) المقصود استجمام من لا يقوى على تتابع الصيام فاستحب له الإفطار كما استحب إفطار عرفة "يعنى لمن بعرفة" ليتقوى على الدعاء، فأما من قدر فلا نهى له، ولذلك جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين الشهرين في الصوم اهـ (تخريجه) (حب. طح. هق. والأربعة) وقد اختلف في صحة هذا الحديث. فصححه الترمذي وابن حبان وابن عساكر. وابن حزم. وابن عبد البر. وضعفه الإمام أحمد فيما حكاه البيهقي عن أبي داود قال: قال أحمد هذا حديث منكر، قال وكان عبد الرحمن "يعنى ابن مهدي" لا يحدث به اهـ (وقال المنذري في تلخيص سنن أبي داود) حكي أبو داود عن الإمام أحمد أنه قال هذا حديث منكر، قال وكان عبد الرحمن يعنى ابن مهدي لا يحدث به، ويحتمل أن يكون الإمام أحمد إنما أنكره من جهة العلاء بن عبد الرحمن فإن فيه مقالاً لأئمة هذا الشأن، قال والعلاء بن عبد الرحمن وإن كان فيه مقال فقد حدث عنه الإمام مالك مع شدة انتقاده للرجال وتحريه في ذلك، وقد احتج به مسلم في صحيحه وذكر له أحاديث انفرد بها رواتها، وكذلك فعل البخاري أيضًا، وللحفاظ في الرجال مذاهب، فعل كل منهم ما أدى إليه اجتهاده من القبول والرد رضي الله عنهم والله أعلم اهـ.

-[الرخصة في جواز الصوم في النصف الثاني من شعبان]- (262) عن مطرف عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال له أو لغيره هل صمت سرار هذا الشهر (وفي لفظٍ هل لصمت من سرر هذا الشهر شيئًا؟ يعنى شعبان) قال لا. قال فإذا أفطرت أو أفطر الناس فصم يومين.

_ (262) عن مطرف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي عن سليمان يعلي التيمي عن أبي العلاء عن مطرف عن عمران بن حصين- الحديث "وله طريق أخرى عند الإمام أحمد أيضًا" حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن ابن مطرف ابن الشخير قال سمعت مطرفًا يحدث عن عمران بن حصين فذكر نحوه (غريبه) (1) هو ابن الشخير كما صرح بذلك في الطريق الثانية (2) بفتح أوله وكسره ورجح الفراء الفتح، ويقال أيضًا سرر كما في اللفظ الآخر بفتح السين المهملة ويجوز كسرها وضمها، قال أبو عبيد والجمهور المراد بالسرر هنا آخر الشهر. سميت بذلك لاستمرار القمر فيها وهي ليلة ثمان وعشرين وتسع وعشرين وثلاثين. ونقل أبو داود عن الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز أن سرره أوله. ونقل الخطابي عن الأوزاعي كالجمهور، وقيل السرر وسط الشهر حكاه أبو داود أيضًا ورجحه بعضهم، ووجهه أن السرر جمع سرة وسرة الشيء وسطه، وأيده بالندب إلى صيام البيض وهي وسط الشهر، وبأنه لم يرد في صيام آخر الشهر ندب بل ورد فيه نهى خاص بآخر شعبان لمن صامه لأجل رمضان، وقد قال الخطابي إن بعض أهل العلم قال إن سؤال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك سؤال زجر وإنكار، لأنه قد نهى أن يستقبل الشهر بيوم أو يومين، وتعقب بأنه لو أنكر ذلك لم يأمر بقضائه، وأجاب الخطابي باحتمال أن يكون الرجل أوجبها على نفسه فلذلك أمره بالوفاء وأن يقضى ذلك في شوال اهـ، وقال صاحب المنتفي عقب هذا الحديث، ويحمل هذا على أن الرجل كانت له مادة بصيام سرر الشهر أو قد نذره اهـ (قلت) والظاهر أن الأرجح ما ذهب إليه الجمهور وهو أن سرر الشهر آخره والله أعلم (3) لفظ مسلم "فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين مكانه" وهي أصرح من رواية الإمام أحمد ومبينة للمراد (تخريجه) (م. وغيره) (الأحكام) حديث العلاء بن عبد الرحمن فيه النهى عن الصوم في النصف الأخير من شعبان، وبه قالت الشافعية وخالفهم الجمهور؛ قال الحافظ قال كثير من الشافعية، يمنع الصوم من أول السادس عشر من شعبان لحديث العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعًا، إذا انتصف شعبان فلا تصوموا، أخرجه

-[كلام العلماء في أحكام هذا الباب- والتحذير مما ابتدعه الناس في ليلة النصف]- .....

_ أصحاب السنن وصححه ابن حبان وغيره اهـ (قلت هذا لفظ أبي داود) ولفظ الترمذي "إذا بقى نصف من شعبان فلا تصوموا" ولفظ النسائي "إذا انتصف شعبان فكفوا عن الصوم" ولفظ ابن ماجه "إذا كان النصف من شعبان فلا صوم" وفي لفظ ابن حبان "فأفطروا حتى يجئ رمضان" ولفظ ابن عدي "إذا انتصف شعبان فأفطروا" ولفظ البيهقي "إذا مضى النصف من شعبان فأمسكوا عن الصيام حتى يدخل رمضان" قال الحافظ، وقال الروياني من الشافعية يحرم التقدم بيوم أو يومين لحديث "لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين" ويكره التقدم من نصف شعبان للحديث الآخر "يعنى حديث الباب" (وقال جمهور العلماء) يجوز للصوم تطوعًا بعد النصف من شعبان وضعفوا الحديث الوارد فيه "يعنى حديث العلاء" وقال أحمد وابن معين إنه منكر، واستدل البيهقي بحديث "لا يتقدمن أحدكم في شعبان بصوم يوم أو يومين" على ضعفه فقال الرخصة في ذلك بما هو أصح من حديث العلاء" وكذا صنع قبله الطحاوي، واستظهر بحديث ثابت عن أنس مرفوعًا "أفضل الصيام بعد رمضان شعبان" لكن إسناده ضعيف، واستظهر أيضًا بحديث عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل هل صمت من سرر شعبان شيئًا؟ قال لا. قال فإذا أفطرت من رمضان فصم يومين، ثم جمع بين الحديثين يعنى بين حديث العلاء بن عبد الرحمن. وبين حديث لا يتقدمن أحدكم رمضان بصوم يوم أو يومين بأن حديث العلاء على من يُضعفه الصوم وحديث التقدم بصوم يوم أو يومين مخصوص بمن يحتاط بزعمه لرمضان وهو جمع حسن اهـ ما نقله الحافظ (وحديث عمران بن حصين) فيه الترخيص لمن كان معتادًا الصوم في النصف الثاني من شعبان أن يصوم ما اعتاده بلا كراهة، وكذلك من كان عليه صيام واجب كنذر فله أن يؤديه فيه، فإن ضاق عليه الوقت ودخل رمضان قضاه في شوال والله أعلم. (تحذير مما ابتدعه الناس في ليلة النصف من شعبان) اعلم أرشدني الله وإياك إلى العمل بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم أن ليلة النصف من شعبان ليلة فاضلة ورد في فضلها أحاديث لا بأس بها سيأتي بعضها في فضل ليلة النصف من شعبان من أبواب فضائل الأزمنة في كتاب الفضائل وسنفيض القول هناك إن شاء الله تعالى، ونقتصر هنا على ما يناسب الباب، وقد تغالي الناس في فضائل ليلة النصف من شعبان فأوردوا فيها أحاديث بعضها ضعيف شديد الضعف، وبعضها موضوع لا أصل له، وابتدعوا لها بدعًا شتى لم ترد في كتاب الله ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم والدين برئ منها (فمن الأحاديث الشديدة الضعف) ما رواه ابن ماجه في فضل صوم يوم النصف عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت ليلة النصف من شعبان فقوموا ليلها وصوموا نهارها، فإن الله ينزل فيها لغروب الشمس إلى السماء الدنيا

-[بقية الكلام في التحذير مما ابتدعه الناس في ليلة النصف من الشعبان]- (6) باب صوم شهر الصبر وثلاثة أيام غير معينة من كل شهر (263) عن أبي عثمان أن أبا هريرة رضي الله عنه كان في سفر فلما نزلوا أرسلوا إليه وهو يصلي، فقال إني صائم، فلما وضعوا الطعام وكادوا أن

_ فيقول ألا من مستغفر فأغفر له. ألا مسترزق فأرزقه. ألا مبتلي فأعافيه. ألا كذا ألا كذا يطلع الفجر، هذا الحديث في سنده أبو بكر بن عبد الله بن محمد بن أبي سبرة القري العامري المدني، قيل اسمه عبد الله. وقيل محمد، وقد ينسب إلى جده، رموه بالوضع كذا في التقريب، وقال الذهبي في الميزان ضعفه البخاري وغيره، وروى عبد الله وصالح ابنا الأمام أحمد عن أبيها رحمهم الله، قال كان يضع الحديث، وقال النمائي متروك اهـ (ومن الأحاديث الموضوعة) ما روى عن علي أيضاً. وفيه فأن أصبح في ذلك اليوم صائماً كان كصيام ستين سنة ماضية وستين سنة مستقبلة، أورده ابن الجوزي في الموضوعات، وقال موضوع وإسناده مظلم (ومن البدع) ما آحدثوه من صلاة مخصوصة وأدعية وغيرها ما أنزل الله بها منن سلطان (ومن أقبحها) الدعاء المسمى بدعاء ليلة النصف من شعبان الذي أوله (اللهم يا ذا المن ولا يمن عليك) وهو يقرأ بعد صلاة المغرب ثلاث مرات مع سوة يس، الأولى بنية طول العمر. والثانية بنية اتساع الرزق. والثالثة بنية الاستغناء عن الناس، وقد عمت به البلوى في القطر المصري فصار يقرؤ علنا بأعلى صوت في مساجد الأوقاف فضلاً عن المساجد الأخرى، ومن عظيم البلوى أن أئمة المساجد الذي يلقنونه للعوام فيرددونه وراءهم بأعلى صوت، وفي ذاك الوقت تضيق المساجد بمن فيها لأنه لا يتخلف عنها أحد من المصلين إلا النادر لاعتقادهم أن قراءة هذا الدعاء تطيل العمر وتوسع الرزق وتغني عن الناس مع ما فيه من مخالفة كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم والتخليط في قراءة سورة يس بعد إدعاء، فلا حول ولا قوة إلا بالله. اللهم أرشد العلماء إلى العمل بكتابك واتباع سنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم ليقتدي بهم العوام ويظهر رونق الأسلام آمين (263) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حماد عن ثابت عن أبي عثمان أن أبا هريرة رضي الله عنه- الحديث" (غريبة) (1) أي ليأكل معهم وكانوا يجهزون الطعام كما يستفاد من سياق الحديث، فلما جاءه الرسول وجده يصلى فانتظر حتى سلم وأخبره بالحضور لتناول الطعام (فقال إني صائم) فلما وضعوا

-[فضل صيام شهر رمضان وثلاثة أيام من كل شهر]- يفرغوا جاء، فقالوا هلم فكل فأكل فنظر القوم إلى الرسول، فقال ما تنظرون؟ فقال والله لقد قال إني صائم، فقال أبو هريرة صدق، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آلة وصحبه وسلم، قال صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر كله فقد صمت ثلاثة أيام من أول الشهر فأنا مفطر في تخفيف الله صائم في تضعيف الله

_ الطعام وكادوا أن يفرغوا جاء) أبو هريرة رضي الله عنه (فقالوا هلم) أي أقبل على الطعام (فكل فأكل فنظر القوم إلى الرسول) أي نظرة دهشة وإنكار لأنه أخبرهم على لسان أبي هريرة أنه صائم فلما جاء أبو هريرة أكل فانكروا ذلك على الرسول وفهموا أنه كذب على أبي هريرة (فقال) الرسول (ما تنظرون) أي لم تنكرون على ذلك؟ ثم أقسم لقد قال أبو هريرة إني صائم (فقال أبو هريرة صدق) يعني رسولكم، ثم ذكر الحديث وبين لهم معنى قوله إني صائم ومعنى أكله معهم (1) هو شهر رمضان وأصل الصبر الحبس فسمى الصوم صبرا لما فيه من حبس النفس عن الطعام والشراب والجماع (2) تقدم شرح هذه الجملة في الكلام على الحديث الأول من باب جامع لما يستحب صومه صحيفة 161 عندما سأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم ثلاثة أيام من كل شهر ومضان إلى رمضان، فقال النبي صلى الله عليه وسلم "صوم الدهر وإفطاره" ونزيد هنا احتمالا آخر وهو أن صيام ثلاثة أيام من كل شهر كصيام الدهر، وصيام رمضان وحده كصيام الدهر (أما الأولى) فأن من صام ثلاثة أيام من كل شهر من شهور السنة فكأنما صام السنة كلها، لأن الحسنة بعشر أمثالها، فيعدل صيام الثلاثة الأيام منن كل شهر صيام الشهر كل فيكون كمن صام الدهر كله (وأما الثانية) فإن رمضان من حيث كونه صوم فرض يزيد على النفل عشر درجات فأكثر، فيكون صيامه مساوياً لصيام الدهر، بل قد يكون أزيد منه والله أعلم (3) معنى هذا أن من صام ثلاثة أيام من الشهر كتب الله له ثواب صوم الشهر كله وأباح له فطر باقيه، وهذا من تخفيف الله على عباده "وقوله صائم في تضعيف الله" أي له حكم الصائم وإن كان مفطراً لأن الله عز وجل ضاعف له أجر الثلاثة أيام فجعلها كصيام شهر باعتبار أن الحسنة بعشر أمثالها، فقول أبي هريرة للرسول إني صائم يعني حكماً وإن كان مفطراً حساً (تخريجه) (هق) وسنده جيد والجزء المرفوع منه رواه (م. د. نس. جه. هق)

-[صيام ثلاثة أيام من كل شهر كصيام الدهر]- (264) عن رجل من بني تميم، قال كنا عند باب معاوية بن أبي سفيان وفينا أبو ذ ر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم يقول صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر صوم الدهر ويذهب مغلة الصدر. قال قلت وما مغلة الصدر؟ قال رجس الشيطان. (265) عن معاوية بن قرة عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيا الدهر وإفطاره. (266) عن عثمان بن أبي العاص الثقفي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صيام حسن صيام ثلاثة أيام من الشهر. (267) عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

_ (264) عن رجل من بني تميم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا حماد بن سامة عن الأزرق بن قيس عن رجل من بني تميم الحديث (تخريجه) أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده والبيهقي في شعب الأيمان وفيه رجل لم يسم. (265) عن معاوية بن قرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا شعبة عن معاوية بن قرة- الحديث" (غريبة) (1) تقدم شرحه في حديث أبي قتادة رقم 212 صحيفة 160 من هذا الجزء (تخريجه) أورده الهيثمي، وقال رواه أحمد والبراز والطبراني في الكبير ورجال أحمد رجال الصحيح (266) عن عثمان بن أبي العاص الثقفي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم قال ثنا ليث حدثني يزيد بن أبي حبيب عن سعيد بن أبي هند أن مطرفاً رجل من بني عامر بن صمصمة حدثه أن عثمان بن أبي العاص الثقفي دعاله بلبن ليسقيه، قال مطرف إني صائم، فقال عثمان سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صيام حسن ثلاثة أيام من الشهر (تخرجه) (نس. حب) باسناد صحيح (267) عن أبي ذر رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي

-[من صام ثلاثة أيام من كل شهر فقد صام الدهر كله]- من صام ثلاثة أيام من كل شهر فقد صام الدهر كله (268) وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله تعالى عنهما نحوه (169) عن أبي نوفل بن أبي عقرب عن أبيه قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصوم، فقال صم من الشهر يوماً. قال قلت يا رسول الله إني أقوي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني أقوى إني أقوى صم يومين من كل شهر، قال قلت يا رسول الله زدني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم زذني زدني، ثلاثة أيام من كل شهر

_ ثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن عاصم بن سليمان عن أبي عثمان عن أبي ذر- الحديث (يخرجه) أورده المنذري بلفظ من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر فأنزل الله تصديق ذلك في كتابه "من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها، اليوم بعشرة أيام" وقال رواه أحمد والترمذي واللفظ له، وقال حديث حسن، والنسائي، وابن ماجه. وابن خزيمة في صحيحه اه (قلت) ورواه أيضاً ابن حبان في صحيحه وصححه الحافظ السيوطي (268) وعن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سليم يعني ابن حيان عن سعيد بن ميناء سمعت عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغني أنك قال أبي وثناه عفان قال ثنا سليم بن حيان ثنا سعيد ابن ميناء سمعت عبد الله بن عمرو قال قا لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بلغني أنك تصوم النهار وتقوم الليل فلا تفعل، فإن لجسدك عليك حظاً ولعينك عليك حظاً ولزوجك عليك حظاً، صم ثلاثة أيام من كل شهر فذلك صوم الدهر. قال قلت إن بي قوة، قال صم صوم داود، صم يوماً وأفطر يوماً، قال فكان ابن عمرو يقول يا ليتني كنت أخذت بالرخصة، وقال عفان ويهز أجد بي قوة "يعني بدل قوله أن بني قوة" (تخريجه) (ق. وغيرها) (269) عن أبي نوفل بن عقرب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ثنا وكيع ثنا الأسود بن يبان عن أبي نوفل بن أبي عقرب عن أبيه- الحديث" (غريبه) (1) كرر النبي صلى الله عليه وسلم قلو الرجل أني أقوى مرتين تعجباً من ابن آدم حيث يريد النبي صلى الله عليه وسلم التخفيف عنه وهو يريد التشديد على نفسه. وكذلك يقال في قوله زدني زدني (وقوله ثلاثة أيام) بالنصب مفعول لفعل محذوف تقديرره صم ثلاثة أيام (تخريجه) (نس) وصحح الحافظ إسناده

-[زوائد الباب - ومذاهب العلماء في تعيين الثلاثة الأيام المطلوب صومها]- (270) عن معاذة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر، قالت فقلت من أية كان، فقالت لم يكن يبالي من أيه كان

_ (270) عن معاذة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر تنا شعبة عن يزيد الرشك عن معاذة عن عائشة- الحديث" (غريبه) (1) أي من أي أيام الشهر كان يصوم؟ كما جاء في رواية مسلم (2) لفظ مسلم لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم (تخريجه) (مذ. جه. هق) (زوائد الباب) عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال صوم الصبر وثلاثة أيام يذهبن بوحر الصدر (بز. طس) وفيه الحجاج بن أرطاة وفيه كلام- وحر الصدر بفتح الواو والحاء المهملة بعدها راء. هو غشة وحقده ووساوسه (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال سول صلى الله عليه وسلم صوم شهر الصبر وثلاثة أيام يذهبن وحر الصدر (بز) ورجاله رجال الصحيح (وعن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الصيام فشغل عنه، فقال له عبد اله بن مسعود صم رمضان وثلاثة أيام من كل شهر، فقال أعوذ بك منك يا عبد الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فما تبغي؟ صم رمضان وثلاثة أيام، من كل شهر (بز) ورجاله رجال الصحيح (وعن ميمونة بنت سعد) رضي الله عنها أنها قالت يا رسول الله أفتنا عن الصوم، فقال من كل شهر ثلاثة أيام، من استطاع أن يصومهن فان كل يوم يكفر عشر سيئات وينقى من الأثم كما ينقى الماء الثوب (طب) وإسناده ضعيف، أوردها الهيثمي وهذا كلامه فيها جرحا وتعديلاً (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على استحباب صوم ثلاثة أيام من كل شهر وذلك باتفاق العلماء، ولكن ولكن اختلفوا في تعيين هذه الثلاثة الأيام المستحبة من كل شهر، ففسرها عمر بن الخطاب وابن مسعود وأبو مسعود وأبو وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم، وجماعة من التابعين وأصحاب الشافعي بأيام البيض، ويشكل على هذا قول عائشة في الحديث الأخير من أحاديث الباب "لم يكن ببالي من أية كان" ولفظ مسلم "لم يكن ببالي من أي أيام الشهر يصوم (وأجيب على ذلك) بأن النبي صلى الله عليه وسلم لعله كان يعرض له ما يشغله عن مراعاة ذلك أو كان يفعل ذلك لبيان الجواز وكل ذلك في حقه أفضل، والذي أمر به قد أخبر به أمته ووصاهم به وعينه لهم فيحمل مطلق الثلاث على الثلاث المقيدة بالأيام المعينة التي ستأتي بعدها هذا الباب (واختار النخعي) وآخرون أنها آخر الشهر

-[بقية كلام العلماء في تعيين الثلاثة الأيام المطلوبة صومها]- (7) باب صوم أيام البيض (271) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال أني أعرابي رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (واختار الحسن البصري) وجماعة أنها من أوله (واختارت عائشة) وآخرون صيام السبت والأحد والاثنين من عدة شهر، ثم الثلاثاء والأربعاء والخميس من الشهر الذي بعده لما أخرجه الترمذي عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين، ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس، رواه الترمذي وقال حديث حسن (وقال البيهقي) كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام لا يبالي من أي الشهر صام كما في حديث عائشة، قال فكل من رآه فعل نوعاً ذكره، وعائشة رأت جميع ذلك فأطلقت، (وقال الرودياني) صيام ثلاثة أيام من كل شهر مستحب فان اتفقت أيام البيض كان أحب، وفي حديث رفعه ابن عمر أول اثنين في الشهر وخميسان بعده، (وروى عن مالك) أنه يكره تعيين الثلاث (قال الحافظ) وفي كلام غير واحد من العلماء أن استحبب صيام أيام البيض غير استحباب ثلاثة أيام من كل شهر اهـ (قال الشوكاني) وهذا هو الحق لأن حمل المطلق على المقيد هاهنا متعذر، وكذلك استحباب السبت والأحد والاثنين من الشهر، والثلاثاء والأربعاء والخميس من شهر غير استحباب ثلاثة أيام من كل شهر، وقد حكى الحافظ في الفتح في تعيين الثلاثة الأيام المطلقة عشرة أقوال ذكرنا أكثرها والحق أنها تبقى على إطلاقها فيكون الصائم مخيراً، وفي أي وقت صامها فقد فعل المشروع، لكن لا يفعلها في أيام البيض اهـ والله سبحانه وتعالى أعلم. (271) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الوليد ابن عمر حدثني أبو عوانة عن عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة

-[قصة الأعرابي صاحب الأرنب والحث على صوم الأيام البيض]- بأرنب قد شواها ومعها صنابها وأدمها فوضعها بين يديه فأمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأكل وأمر أصحابه أن يأكلوا فأمسك الأعرابي، فقال له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما يمنعك أن تأكل؟ قال إني أصوم ثلاثة أيام من الشهر، قال إن كنت صائما فصم الأيام الغر (272) عن ابن الحوتكية قال أبي عمر بن الخطاب رضي

_ - الحديث" (غريبه) (1) الصناب الخردل المعمول بالزيت وهو صباغ يؤتدم به "وقوله وآدمها" الأدم بالضم ما يأكل مع الخبز أي شيء كان، وهو عطف مرادف لقوله صنابها (2) لم يبين في هذه الرواية سبب امتناعه صلى الله عليه وسلم عن الأكل منها، وقد بينه في الحديث التالي بقول الأعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم "إني وجدت بها دماً" يعني دم حيض، لأن الأرنب تحيض كالأنثى من بني آدم، وجاء في رواية النسائي من حديث موسى بن طلحة بأصرح من هذا، ففيها أن الأعرابي قال يا رسول الله إني قد رأيت بها دماً فتركها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يأكلها وقال لمن عنده كلوا فإني لو اشتهيتها أكلتها (وللنسائي أيضاً) من حديث موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية عن أبي ذر قال جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أرنب قد شواها وخبز فوضعها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال إني وجدتها تدمي (كترضى أي تحيض) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه لا يضر. كلوا، وقال للأعرابي كل- الحديث (3) أي البيض الليالي بالقمر (وللنسائي من حديث أبي ذر) قال إن كنت صائماً فعليك بالغز البيض. ثلاث عشرة. وأربع عشرة. وخمس عشرة (تخريجه) (نس. حب) وصححه (272) عن ابن الحوتكية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا المسعودي عن حكيم بن جبير عن موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية- الحديث" (غريبه) (4) بفتح الحاء المهملة والتاء المثناة، بينهما واو ساكنة ثم كاف، وبعضهم

-[تحفظ عمر رضي الله عنه في رواية الحديث واستظهاره بعمار بن ياسر]- الله عنه بطعام فدعا إليه رجلاً، فقال إني صائم، ثم قال وأي الصيام تصوم؟ لولا كراهية أن أزيد أو أنقص لحدثتكم بحديث النبي صلى الله عليه وسلم حين جاء الأعرابي بالأرنب ولكن أرسلوا إلى عمار، فلما جاءه عمار، قال أشاهد أنت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يوم جاءه الأعرابي بالأرنب، قال نعم، فقال إني رأيت بهادمًا، فقال كلوها، قال إني صائم، قال وأي الصيام تصوم؟ قال أول الشهر وآخره، قال إن كنت صائمًا فصم الثلاث عشرة والأربع عشرة والخمس عشرة.

_ ضبطه بالباء الموحدة بدل التاء المثناة والأول أشهر - اسمه يزيد، قال في التقريب يزيد بن الحوتكية التميمي الكوفي، وأكثر ما يأتي غير مسمى مقبول من الثانية اهـ (قلت) قوله أكثر ما يأتي غير مسمى يعني أكثر ما يرد في الحديث عن ابن الحوتكية غير مسمى كما في التهذيب، وفيه أيضًا يروى عن عمر وعمار وغيرهما، وفي الخلاصة يروى عن عليّ وعنه موسى بن طلحة التيمي اهـ (1) لم يشأ عمر رضي الله عنه ذكر الحديث خوفا من أن يزيد فيه أو ينقص منه شيئًا، وأرسل إلى عمار بن ياسر رضي الله عنه ليستظهر به على ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم خوفا من الغلط، وهذا غاية التحري والتحفظ في نقل الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، فالواجب على كل عالم أن لا يورى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما ظنه أو علمه حقا وتبينه صدقا، ولا يروى المشكوك فيه إلا مع بيان موضع الشك منه وإلا كان ممن قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم "من كذب عليَّ متعمدا فليتبوأ مقعده من النار" نسأل الله العصمة والسلامة بمنه وكرمه ورضي الله عنك يا عمر (2) أي أكنت حاضرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جاءه الأعرابي الخ (3) هذا مقول الأعرابي، يعني فقال الأعرابي للنبي صلى الله عليه وسلم إني رأيت بها دما، وتقدم الكلام على ذلك في شرح الحديث السابق (فقال) أي النبي صلى الله عليه وسلم "كلوها قال" الأعرابي "إني صائم" (4) يعني الأيام التالية لهذه الليالي (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق من حديث عمر لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي، وقال رواه أحمد وفيه عبد الرحمن بن عبد الله السعودي. وقد اختلط اهـ (قلت) وفيه أيضًا حكيم بن جبير، قال في التقريب ضعيف وأورد نحوه الهيثمي عن موسى بن طلحة، قال: قال عمر لأبي ذر وعمار وأبي الدرداء أتذكرون يوم كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكان كذا وكذا

-[فضل صيام أيام البيض والحث على صومها]- (273) عن عبد الملك بن المنهال عن أبيه رضي الله عنه قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بأيام البيض فهو صوم الشهر (وعنه من طريق ثان) قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يأمرنا بصيام الليالي البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، وقال هي كصوم الدهر. (274) عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى

_ فأتاه أعرابي بأرنب - الحديث، وقال رواه الطبراني في الكبير وفيه حكيم بين جبير وفيه كلام كثير، وقال أبو زرعة محله الصدق إن شاء الله اهـ (قلت) وروى نحوه النسائي أيضا من حديث موسى بن طلحة عن أبي ذر، وقال الهيثمي حديث أبي ذر وحده رواه الترمذي باختصار والله أعلم. (273) عن عبد الله بن المنهال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أنس بن سيرين عن عبد الملك بن المنهال - الحديث" (غريبه) (1) قوله ابن المنهال خطأ، وصوابه ابن قتادة بن ملحان القيسي كما في الطريق الثانية. وقد رواه ابن ماجه أيضًا من طريقين كما هنا، ثم قال: أخطأ شعبة وأصاب همام، يريد أ، شعبة قال في روايته عن عبد الملك بن المنهال وهو خطأ. والصواب عبد الملك بن قتادة كما قال همام اهـ يعني في الطريق الثانية عنده وعند الإمام أحمد أيضًا، ولم يذكر في الخلاصة باسم عبد الملك بن المنهال، وإنما ذكر باسم عبد الملك بن قتادة بن ملحان، وقال الحافظ في التقريب عبد الملك بن قتادة بن ملحان. ويقال ابن قدامة بدل قتادة، ويقال عبد الملك بن المنهال مقبول من الثالثة (2) يعني بصيام أيام الليالي البيض "وقوله فهو صوم الشهر" يعني فصيامها كصوم الشهر في الثواب باعتبار أن الحسنة بعشر أمثالها، فيكون اليوم بعشرة أيام فالثلاثة الأيام تكون بشهر (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا أنس بن سيرين عن عبد الملك بن قتادة بن ملحان القيسي عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث (4) هو على حذف مضاف أي بصيام أيام الليالي البيض (5) يعني أن من صام الثلاثة أيام المذكورة من كل شهر كان كمن صام العام كله، لأن كل ثلاثة أيام بشهر كما تقدم (تخريجه) (د. نس. جه. هق) وسنده جيد. (274) عن أبي ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد

-[زوائد الباب في الحث على صيام أيام البيض - وأقوال العلماء في تعيينها]- آله وصحبه وسلم من كان منكم صائمًا من الشهر ثلاثة أيام فليصم الثلاث البيض.

_ ثنا الأعمش عن يحيى بن سام عن موسى بن طلحة عن أبي ذر الحديث (تخريجه) (نس. مذ. هق) وسنده جيد (زوائد الباب) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رجلاً سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال عليك بالبيض ثلاثة أيام من كل شهر (طس. طب. ورجاله ثقات (وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صام نوح عليه السلام الدهر الا يوم الفطر والأضحى وصام داود عليه السلام نصف الدهر وصام إبراهيم ثلاثة أيام من كل شهر صام الدهر وأفطر الدهر، أورده الهيثمي وقال صيام نوح رواه ابن ماجة وصيام داود في الصحيح - رواه الطبراني في الكبير وفيه أبو فتان لم أعرفه (وعن جرير بن عبد الله) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، وأيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة، رواه النسائي (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب صوم الأيام البيض من كل شهر (وحكى النووي) رحمه الله الاتفاق على استجبابها، قال وهي الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، قال وقيل هي الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر (قال العراقي رحمه الله) وفيما حكاه من الاتفاق نظر، فقد روى ابن القاسم عن مالك في المجموعة أنه سئل عن صيام أيام الغر ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة فقال ما هذا ببلدنا؟ وكره تعمده ومنها وقال الأيام كلها لله تعالى (وقال ابن وهب) وأنه لعظيم أن يجعل على نفسه شيئًا كالفرض ولكن يصوم إذا شاء، قال واستحب ابن حبيب صومها وقال أراها صيام الدهر، (وقال ابن حبيب) كان أبو الدرداء يصوم من كل شهر ثلاثة أيام أول اليوم ويوم العشر ويوم العشرين ويقول هو صيام الدهر كل حسنة بعشر أمثالها (قال العراقي) وحاصل الخلاف/ أن في المسألة تسعة أقوال (أحدها) استحباب صوم ثلاثة أيام من الشهر غير معينة فأما تعيينها فمكروه وهو المعروف من مذهب ملك، حكاه القرطبي (الثاني) استحباب الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر، وهو قول أكثر أهل العلم، وبه قال عمر بن الخطاب وعبد الله ابن مسعود وأبو ذر وآخرون من التابعين والشافعي وأصحابه. وابن حبيب من المالكية وأبو حنيفة وصاحباه. وأحمد. وإسحاق (الثالث) استحباب الثاني عشر والثالث عشر والرابع عشر حكى ذلك عن قوم (الرابع) استحباب ثلاثة من أول الشهر وبه قال الحسن البصري (الخامس) استحباب السبت والأحد والاثنين من أول الشهر. ثم الثلاثاء والأربعاء والخميس من أول الشهر الذي بعده، وهو اختيار عائشة رضي الله عنها في آخرين

-[استحباب صيام ثلاثة أيام معينة من كل شهر]- (8) باب صوم ثلاثة أيام معينة من كل شهر (275) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يصوم ثلاثة أيام من كل شهر الخميس من أول الشهر والاثنين الذي يليه والاثنين الذي يليه. (276) عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ورضي عنها أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يصوم ثلاثة أيام من كل شهر يوم الاثنين ويوم الخميس ويوم الاثنين من الجمعة الأخرى. (277) عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر وخميسين.

_ (السادس) استحبابها من آخر الشهر وهو قول ابراهيم النخعي (السابع) استحبابها في الاثنين والخميس (الثامن) استحباب أول الشهر والعاشر والعشرين، وروى ذلك عن أبي الدرداء (التاسع) استحباب أول يوم والحادي عشر والعشرين. وهو اختيار أبي إسحاق بن شعبان من المالكية اهـ والله أعلم. (275) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حجاج ثنا شريك عن الحر بن الصباح (بمهملة مفتوحة ثم تحتانية مشددة) سمعت ابن عمر يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث (غريبه) (1) يعني أول خميس من الشهر (تخريجه) (نس) وسنده جيد. (276) عن حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل قال ثنا حماد يعني بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن سواء الخزاعي عن حفصة - الحديث (غريبه) (2) يعني أول اثنين من الشهر ثم الخميس الذي يليه ثم الاثنين الذي يليه (تخريجه) (د. هق) وسنده جيد. (277) عن هنيدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبو عوانة أنا الحر بن الصياح عن هنيدة - الحديث (تخريجه) (د. نس) وسنده جيد

-[استحباب صوم ثلاثة أيام من غرة كل هلال]- (278) وعنه أيضًا عن أمه قالت دخلت على أم سلمة رضي الله عنها فسألتها عن الصيام، فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يأمرني أن أصوم ثلاثة أيام من كل شهر أولها الاثنين والجمعة والخميس. (فصل منه في صوم ثلاثة أيام من غرة كل هلال) (279) عن عبد الله (يعني ابن مسعود) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يصوم ثلاثة أيام من غرة كل هلال وقلما كان يفطر يوم الجمعة.

_ (278) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن فضيل ثنا الحسن بن عبيد الله عن هنيدة، الخزاعي عن أمه - الحديث (غريبه) (1) هو على تقدير مضاف أي أولها يوم الاثنين يعني الأول من الشهر ثم يوم الخميس من الشهر يوم الجمعة الذي يليه مباشرة (فإن قيل) هذا يخالف ترتيب الحديث ففيه تأخير الخميس في الذكر (فالجواب) أن العطف بالواو لا يفيد الترتيب، ولأننا لو مشينا على ترتيب الحديث لزم افراد يوم الجمعة بالصوم وهو منهي عنه والله أعلم (تخريجه) (د. نس. هق) بألفاظ مختلفة ففي رواية أبي داود أولها الاثنين والخميس. ورواية البيهقي كرواية أبي داود، وفي رواية النسائي أول خميس والاثنين والاثنين، وله رواية أخرى عن هنيدة عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كرواية أبي داود، ولم أقف على من أثبت الجمعة في هذا الحديث سوى الإمام أحمد. (279) عن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر وحسن قالا ثنا شيبان عن عاصم عن زر عن عبد الله - الحديث" (غريبه) (2) قال العراقي يحتمل أن يراد بغرة الشهر أوله. يحتمل أن يراد بها الأيام الغر وهي البيض، كذا في قوت المفتذى (3) تأوله العلماء بأنه كان يصومه منضمًا إلى ما قبله أو إلى ما بعده أو أنه مختص بالنبي صلى الله عليه وسلم كالوصال؛ والظاهر الأول والله أعلم (تخريجه) (نس. جه. مذ) وقال حديث عبد الله حسن غريب؛ وقد استحب

-[كلام العلماء في صيام الثلاثة الأيام المعينة وثلاثة أيام من غرة كل شهر]- (9) باب صوم ست من شوال (280) عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول من صام رمضان وستًا من شوال فكأنما صام السنة كلها.

_ قوم من أهل العلم صيام يوم الجمعة، وإنما يكره أن يصوم يوم الجمعة لا يصوم قبله ولا بعده اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب صوم ثلاثة أيام معينة من كل شهر وهي الاثنين والخميس والجمعة، ويستفاد من مجموع الروايات أن المطلوب ايقاع الصوم في هذه الأيام المذكورة إما بتكرار الخميس وإفراد الاثنين أو بتكرار الاثنين وإفراد الخميس أو بحذف أحد الخميسين وجعل الجمعة مكانه والكل جائز (وفيها أيضًا) دلالة على استحباب تفريق صيام الثلاثة الأيام المذكورة وعلى فضل صيام الاثنين والخميس، وكذا الجمعة إذا ضم إليه يوم قبله أو بعده (وفي حديث عبد الله بن مسعود) دلالة على استحباب صوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر أي أوله، ويحتمل أن يراد بذلك الأيام البيض كما قال العراقي والأول أظهر، لأن غرة كل شيء أوله؛ ولقوله في الحديث "من غرة كل هلال" والقمر لا يكون هلالاً قال الفارابي وتبعه في الصحاح، الهلال لثلاث ليال من أول الشهر، ثم هو قمر بعد ذلك اهـ والله أعلم. (280) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن يزيد ثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب حدثني عمرو بن جابر الحضرمي قال سمعت جابر بن عبد الله الأنصاري يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث (غريبه) (1) هكذا رواية الإمام أحمد (وستا) كما عند مسلم من حديث ابي أيوب الأنصاري، قال النووي صحيح، ولو قال ستة بالهاء جاز أيضًا؛ قال أهل اللغة يقال صمنا خمسًا وستًا وخمسة وستة، وإنما يلتزمون الهاء في المذكر إذا ذكروه بلفظه صريحا فيقولون صمنا ستة أيام، ولا يجوز ست أيام، فإذا حذفوا الأيام جاز الوجهان، ومما جاء حذف الهاء فيه من المذكر إذا لم يذكر بلفظه الصريح قوله تعالى {يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} أي عشرة أيام اهـ (2) إنما كان كصيام السنة لأن الحسنة بعشر أمثالها، فرمضان بعشرة أشهر والستة الأيام بشهرين، وقد جاء ذلك مرفوعا في حديث ثوبان الآتي بعد حديث (تخريجه) (طس. بز. هق)

-[من صام رمضان وستا من شوال فقد صام الدهر]- (281) عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان وشتَّا من شوال فقد صام الدهر. (282) عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال من صام رمضان فشهر بعشرة أشهر وصيام ستة أيام بعد الفطر فذلك تمام صيام السنة.

_ وفي إسناده عمرو بن جابر الحضرمي ضعيف، لكنه يعتضد بحديث أبي أيوب الآتي بعده (281) عن أبي أيوب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت ورقاء يحدث عن سعد بن سعيد عن عمر بن ثابت عن أبي أيوب - الحديث (غريبه) (1) رواية أبي داود ثم أتبعه بست، ورواية مسلم ثم أتبعه ستا في صحته وتابع سعدا في روايته أخواه عبد ربه ويحيى، وصفوان بن سليم وغيرهم، قال ورواه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أبو هريرة وجابر. وثوبان. والبراء. بن عازب وابن عباس وعائشة اهـ. (282) عن ثوبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع ثنا ابن عياش عن يحيى بن الحارث الذماري عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان - الحديث (غريبه) (2) قال الشوكاني أي بعد اليوم الذي يفطر فيه وهو يوم عيد الإفطار فيحمل المطلق على المقيد، ويكون المراد بالست ثاني الفطر إلى آخر سابعه، ولكنه يبقى النظر في البعدية المذكورة هل يلزم أن تكون متصلة بيوم الفطر بلا فصل؟ أو يجوز إطلاقها لى كل يوم من أيام شوال لكونها بعد يوم الفطر؟ وهكذا يقال في قوله قم أتبعه ستا، لأن الأتباع يحتمل أن يكون بلا فاصل بين التابع والمتبوع إلا بما لا يصلح للصوم وهو يوم الفطر، ويحتمل أن يجوز إطلاقه مع الفاصل وإن كثر مهما كان التابع في شوال اهـ (تخريجه) (نس. جه. بز. مى. خز. هق) قال البوصيري في زوائد ابن ماجة الحديث قد رواه ابن حبان في صحيحه، يريد فهو صحيح قال وله شاهد اهـ (قلت) بل له شواهد صحيحة أيضا (زوائد الباب) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان وأتبعه بست من شوال فكأنما صام الدهر (بز) وله طرق رجال بعضها رجال الصحيح

-[زوائد الباب ومذاهب الأئمة في حكم صوم ستة أيام من شوال]- .....

_ (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام ستة أيام بعد الفطر متتابعة فكأنما صام السنة كلها (طس) قال الهيثمي وفيه من لم أعرفه (وعن ابن عباس وجابر) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال صام السنة كلها (طس) وفيه يحيى بن سعيد المارني وهو متروك (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام رمضان وأتبعه ستا من شوال خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه (طس) وفيه مسلمة ابن علي الخشبي وهو ضعيف، أوردها الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا، وفي الباب أيضًا (عن عائشة) رضي الله عنها رواه الطبراني (وعن البراء بن عازب) رضي الله عنه رواه الدراقطني (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية صوم ستة أيام من شوال ليس منها يوم الفطر فإنه يحرم صومه كما تقدم، وأن من صامها مع رمضان كان كمن صام السنة كلها، استحبابها ذهبت الأئمة (الشافعي وأحمد وداود) وحكاه ابن قدامة في المغني عن كعب الأحبار والشعبي وميمون بن مهران، ولا فرق عند الحنابلة بين كونها متتابعة أو مفرقة، قال الخرقي في مختصره، ومن صام شهر رمضان وأتبعه بست من شوال وإن فرقها فكأنما صام الدهر اهـ (قال النووي) في شرح المهذب، قال أصحابنا يستحب صوم ستة أيام من شوال لهذا الحديث "يعني حديث أبي أيوب فقد ذكره صاحب المهذب" قالوا ويستحب أن يصومها متتابعة في أول شوال فإن فرقها أو أخرها عن أول شوال جاز وكان فاعلا لأصل هذه السنة لعموم الحديث وإطلاقه، وهذا لا خلاف فيه عندنا (وبه قال أحمد وداود) وقال (مالك وأبو حنيفة) يكره صومها، قال مالك في الموطأ وصوم ستة أيام من شوال لم أر أحدًا من أهل العلم والفقه يصومها ولم يبلغه ذلك عن أحد من السلف، وأن أهل العلم كانوا يكرهون ذلك ويخافون بدعته وأن يلحق برمضان أهل الجفاء والجهالة ما ليس منه لو رأوا في ذلك رخصة عند أهل العلم ورأوهم يعملون ذلك، هذا كلام مالك في الموطأ، ودليلنا الحديث الصحيح السابق ولا معارض له (وأما قول مالك) لم أر أحدًا يصومها فليس حجة في الكراهة لأن السنة ثبتت في ذلك بلا معارض، فكونه لم ير لا يضر، وقولهم لأنه قد يخفى ذلك فيعتقد وجوبه ضعيف، لأنه لا يخفى ذلك على أحد، ويلزم على قوله أن يكره صوم يوم عرفة وعاشوراء وسائر الصوم المندوب إليه، وهذا لا يقوله أحد اهـ (قلت) قال فقهاء الحنفية والمالكية بندب صيامها متفرقة ولا يكره التتابع على المختار خلافا لأبي يوسف، وحملوا كلام الأمامين على ما إذا وصل صيامها بيوم الفطر وتابع صيامها، فإن صامها متصلة يوم الفطر وكانت غير متتابعة فلا كراهة، أو أن الحديث لم يبلغهما ولم يثبت عندهما والله أعلم.

-[فضل صيام شوال والأربعاء والخميس والجمعة]- (10) باب ما جاء في صيام شوال والأربعاء والخميس والجمعة (283) عن عكرمة بن خالد قال حدثني عريف من عرفاء قريش حدثني أبي أنه سمع من فلق في رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام رمضان وشوالاً والأربعاء والخميس والجمعة دخل الجنة (وعنه من طريق ثان) ز حدثني عريف من عرفاء قريش عن أبيه سمعه من فلق في رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صام رمضان وشوالاً والأربعاء والخميس دخل الجنة

_ (283) عن عكرمة بن خالد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد وعفان قالاً ئنا ثابت قال عفان بن زيد ثبا هلال بن خباب عن عكرمة ابن خالد- الحديث" ((غريبه) العريف القائم بأمر جماعة من الناس يدبر أمرهم ويقوم بسياستهم كرئيس القبيلة. والجمع عرفاء بسكون اللام هو الشق, ومعناه انه سمع الحديث من شق فم رسول الله صلى الله عليه وسلم بدون واسطة "وقوله والأربعاء والخميس والجمعة" أي من كل شهر (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبو مالك الحنفي كثير ابن يحي بن كثير البصري, قال ئنا ثابت أبو زيد قال ثنا هلال بن خياب عن عكرمة بن خالد المخزومي قال حدثني عريف الحديث هذه الرواية ليس فيها ذكر الجمعة (تخريجة الطريق الأولي منه رواية الأمام أحمد في مسنده وتقدمت في باب فضل صيام رمضان وقيامه من الجزء التاسع صحيفة 233 رقم 21 مرموزاً لها بحرف زاي في أول الحديث إشارة إلى انها من زوائد عبد الله بن الأمام أحمد علي مسند أبيه, وقد وقع هناك الرمز خطأ, والصواب أنها من مسند الأمام أحمد كما هنا (والطريق الثانية) من زوائد عبد الله بن الأمام أحمد علي مسند أبيه, ولم أقف على من أخرجهما بذكر رمضان وشوال غير الأمام أحمد وابنه عبد الله, وفي كلا الطريقين رجل لم يسم وهو العريف, وأورد الحافظ الهيثمي الطريق الثانية منه, وقال فيه من لم يسم وبقية رجاله ثقاب وتقدم في شرح الطريق الأولى في الباب المشار إليه شيء من الأحاديث الواردة في صيام الأربعاء والخميس والجمعة غير المذكور هنا في زوائد الباب (زوائد الباب) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام الأربعاء والخميس كتبت له براءة من النار (عل) وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

-[زوائد الباب وكلام العلماء في صيام الأربعاء والخميس والجمعة]- (11) باب ما جاء في صيام السبت والاحد (284) عن كريب أنه سمه أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم يوم السبت ويوم الأحد أكثر مما يصوم من الأيام

_ مثله (عال) وفيه أبو بكر بن أبي مريم أيضاً (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام الأربعاء والخميس والجمعة بني الله له بيتاً في الجنة يرى ظاهره من باطنه وباطنه من ظاهره وفيه صالح بن جبلة ضعفه الأزدي (وعن أنس بن مالك رضي الله عنه) أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من صام الأربعاء والخميس والجمعة بنى الله له قصراً في الجنة من لؤلؤ وياقوت وزبر جد وكتب له براءة من النار وفيه صالح ابن جبلة ضعفه الأزدي (وعن أبي أمامة) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صام يوم الأربعاء والخميس والجمعة بني الله له بيتاً في الجنة يرى ظاهره من باطنه وباطنة من ظاهره وفيه صالح بن جبلة أيضاً (وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صام الأربعاء والخميس ويوم الجمعة ثم تصدق يوم الجمعة بما قل أو كثر غفر له كل ذنب عمله حتى يصير كيوم ولدته أمه من الخطايا وفيه محمد ابن قيس المدني أبو حازم, قال الهيثمي ولم أجد من ترجمه, أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحاً وتعديلاً (الأحكام) حديث الباب بطريقيه إن صح يدل على استحباب صيام شهر شوال والأربعاء والخميس والجمعة من كل شهر بعد صوم فرض رمضان بشرط أن لا يكون يوم الجمعة مفرد الثبوت النهي عن ذلك, ويستفاد منه أيضاً حسن الخاتمة للصائم لأنه لا يدخل الجنة إلا من مات على سيئاته دخل الجنة بدون سبق عذاب, وربما كان الصيام سبباً في ذلك والله أعلى (وأحاديث الزوائد) تدل على استحباب صوم الأربعاء والخميس والجمعة من كل شهر وإن كانت لا تخلو من مقال إلا أنها تعتضد بكثرة ظرقها, ويكون لمن صام هذه الأيام احتساباً لوجه الله تعالى ما ذكر فيها من النعيم المقيم والأجر العظيم وفضل الله واسع والله أعلم (284) عن كريب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب بن زياد قال حدثنا عبد الله يعني ابن مبارك قال أخبرني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي قال

-[كلام العلماء في صوم السبت والأحد والحكمة في ذلك]- ويقول إنهما عبيداً المشركين فأنا أحب أن أخالفهم (12) باب استحباب صيام الاثنين والخميس (285) عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام يسرد حتى يقال لا يفطر, ويفطر الأيام حتى لا يكاد أن

_ ثنا أبي عن كريب- الحديث" (غريبه) يعني اليهود والنصارى كانوا لا يصومون هذين اليومين لكونهما يوما عيدهما فكان صلى الله عليه وسلم يصومهما ليخالف اليهود والنصارى في فعلهم (تخريجه) باطول من هذا وصحح الحافظ إسناده, وصححه أيضاً ابن خزيمة, ولفظه "عن كريب أن ناسا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم بعثوه إلى أم سامة يسألها عن الأيام التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر لها صياما, فقالت يوم السبت والأحد فرجعت إليهم فكأنهم أنكروا ذلك فقاموا باجمعهم إليها فسألوها فقالت صدق, وكان يقول إنهما يوماً عيد للمشركين فانا أريد أن أخالفهم" وأورده الهيثمي بنحو حديث الباب وقال رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات وصححه ابن حبان (زوائد الباب) عن طائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من الشهر السبت والأحد والاثنين, ومن الشهر الآخر الثلاثاء والأربعاء والخميس, رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن (الأحكام) حديث الباب مع حديث عائشة المذكور في الزوائد يدلان على استحباب صوم السبت والأحد من كل شهر, وقد بين صلى الله عليه وسلم الحكمة في ذلك وهي مخالفة اليهود والنصارى, ولا منافاة بين هذين الحديثين وبين ما جاء عند الأمام أحمد والأربعة وغيرهم من حديث عبد الله بن بسر أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن صوم يوم السبت إلا في فريضة, وتقدم في باب النهي عن إفراد يومي الجمعة والسبت بالصيام صحيفة 152 رقم 205 من هذا الجزء, وقد جمع صاحب البدر المنير بين هذه الأحاديث بأن النهي متوجه إلى إفراد يوم السبت بالصوم, وجواز الصوم باعتبار انضمام ما قبله أو بعده إليه, ويؤيد هذا ما تقدم من إذنه صلى الله عليه وسلم لمن صام الجمعة أن يصوم السبت بعدها, والجمع مهما أمكن أولى من النسخ والله أعلم (285) عن أسامة بن زيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا ثابت بن قيس أبو غصن حدثني أبو سعيد المقبري حدثني أسامة بن زيد- الحديث" (غريبة) أي يتابع الصوم

-[فضل يومي الأثنين والخميس واستحباب صومهما]- يصوم إلا يومين من الجمعة إن كانا في صيامه وإلا صامهما, ولم يكن يصوم من شهر من الشهور ما يصوم من شعبان, فقلت يا رسول الله إنك تصوم لا تكاد أن تفطر وتفطر حتى لا تكاد ان تصوم إلا يومين, إن دخلا في صيامك وإلا صمتهما, قال أي يومين؟ قال قلت يوم الاثنين ويم الخميس, قال انك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم, قال قلت ولم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان, قال ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر يرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين فأحب يرفع عملي وأنا صائم (286) عن مولى أسامة بن زيد انه انطلق مع أسامة رضي الله

_ أي إن كانا في صيامه المتتابع صامهما معه "وإلا صامهما" أي من الأيام المقبلة بعد فطره من المتتابع أي مقدار ما يصوم من شعبان, فأنه كان يصوم فيه أكثر من غيره من الشهور الأخرى كما تقدم في بابه أي طلبا لزيادة رفع الدرجة, قال ابن الملك وهذا لا ينافي قوله عليه السلام يرفع عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل للفرق بين الرفع والعرض, لأن الأعمال تجمع في الأسبوع وتعرض في هذين اليومين, وفي حديث مسلم تعرض الأعمال في كل جمعة مرتين يوم الاثنين ويم الخميس فيغفر لكل مؤمن إلا عبداً بينه وبين أخيه شحناء فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا قال ابن حجر "يعني الحافظ" ولا ينافي هذا رفعها في شعبان حيث قال " إنه شهر ترفع فيه الأعمال وأحب أن يرفع عملي وأنا صائم" لجواز رفع أعمال الأسبوع مفصلة وأعمال العام مجملة كذا في المرقاة هذه الجملة من قوله "قال قلت ولم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان" الخ الحديث جاءت حديثا مستقلاً تقدم في باب صوم النبي صلى الله عليه وسلم واكثاره الصوم في شعبان رقم 260 صحيفة 230 من هذا الجزء وتقدم شرحه هناك (تخريجه) (د. نس وغيرهما) باختصار عما هنا وصححه أبن خزيمة وفي مسلم بعضه (286) عن مولى أسامة بن زيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا غفان ثنا أبان ثنا يحيي بن أبي كثير حدثني عمر بن الحكم عن مولى قدامة بن مظعون عن مولى أسامة بن زيد- الحديث" (غريبة) قال المزي روى عن حرملة مولى

-[فضل يومي الاثنين والخميس واستحباب صومهما]- عنه إلى وادي القرى يطلب مالاً له وكان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس, فقال له مولاه لم تصوم يوم الاثنين ويوم الخميس وأنت شيخ كبير قدر نقت؟ قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين ويوم الخميس فسئل عن ذلك, فقال إن أعمال الناس تعرض يوم الاثنين ويوم الخميس (287) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان أكثر ما يصوم الاثنين والخميس, قال فقيل له, قال فقال إن الاعمال تعرض كل اثنين وخميس أو كل يوم اثنين وخميس فيغفر الله لكل مسلم أو لكل مؤمن إلا المتهاجرين فيقول أخرهما

_ أسامة بن زيد حديث غير هذا "يعني غير حديث الباب" فان كان المذكور هنا هو حر ملة فقد روى له البخاري في صحيحه كما في الخلاصة (وفي التقريب) حرملة مولى أسامة بن زيد وهو مولى زيد بن ثابت, ومنهم من فرق بينهما صدوق من الثالثة هو واد كثير القرى بين المدينة والشام من أعمال المدينة, فتحه النبي صلى الله عليه وسلم في جمادي الثانية سنة سبع بعد خيبر عنوة ثم صولحو على الجزية يعني أسامة بن زيد رضي الله عنهما أي ضعفت من الكبر (تخريجه) وأخرجه أيضاً أبو داود الطيالسي في مسنده وفي إسناده مولى قدامه بن مظعون مجهول لم يعرف حاله (287) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عاصم أنا محمد بن رفاعة عن سهبل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة- الحديث (غريبة) " أو للشك من الراوي وكذا في "قوله أو لكل مؤمن" ولفظ مسلم "تعرض الأعمال في كل خميس واثنين فيغفر الله في ذلك اليوم لكل امريء" وله في رواية أخرى "لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً" الهجر ضد الوصل, والمراد هنا العداوة والبغضاء, وقد جاء في رواية لمسلم إلا رجلا كانت بينه وبين أخبيه شحناء. فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلحا أنظروا هذين حتى يصطلحا , وكرر هذه الجملة ثلاثاً للتأكيد, ومعني الأنظار التأخير كأنه خطاب لملائكة التي تعرض الأعمال, وفي رواية الأمام احمد أخرهما كأنه خطاب لرئيس الملائكة, ومعناه دعهما آي لا تعرض عملهما حتى يصطلحا, أو لعله

-[زوائد الباب في فضل صوم الاثنين والخميس]- (288) عن عائشة رضي الله عنها أنها سئلت عن صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت كان يصوم شعبان ويتحري الاثنين والخميس

_ إذا غفر لأحد بضرب الملك على سيئاته أو بمحوها من الصحيفة, وعلى هذا فمعنى دعهما أي لا تمسح سيئاتهما حتى يصطلحا والله أعلم (تخريجه) (288) (عن عائشة رضي الله عنها) هذا الحديث نقدم بسنده وشرحه في باب صيام النبي صلى الله عليه وسلم وإكثاره الصوم في شعبان رقم 256 صحيفة 201 من هذا الجزء وذكرته هنا لمناسبة الترجمة (تخريجه) أخرجه الأربعة في صيام الاثنين والخميس بدون ذكر شعبان وصححه ابن حبان وحسنه الترمذي (زوائد الباب) عن وائلة) رضي الله عنه أنه كان يصوم الاثنين والخميس, ويقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومهما ويقول تعرض فيهما الأعمال على الله تبارك وتعالى وفيه محمد بن عبد الرحمن القشيري وهو متروك (وعن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصوم الاثنين والخميس وفيه أبو بلال الأشعري وهو ضعيف (وعن أبي رافع) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم الاثنين والخميس وفيه الحماني. وفيه كلام, أوردها الهيثمي وهذا كلامه فيها جرحاً وتعديلاً, وفي حديث أبي قتادة لما سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن صوم الاثنين والخميس, قال ذاك يوم ولدت فيه, وأنزل على فيه, وتقدم الكلام عليه في شرحه, في باب جامع لبعض ما يستحب صومه صحيفة 161 من هذا الجزء (وعن حفصة) زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اخذ مضجعه كفه اليمني تحت خده الأيمن وكان يصوم الاثنين والخميس, رواه النسائي (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصوم يوم الاثنين والخميس فسألته, فقال إن الأعمال تعرض يوم الاثنين والخميس, رواه الدارمي (وعن جابر) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تعرض الأعمال يوم الاثنين والخميس, فمن مستغفر فيغفر له, ومن تائب فيتاب عليه ويرد أهل الضغائن بضغائنهم حتى يتوبوا, أورده المنذري وقال رواه الطبراني, ورواته ثقات (وله أيضاً عن أبي هريرة) رضي الله عنه مرفوعا, قال تنسخ دواوين أهل الأرض في دواوين أهل السماء في كل اثنين وخميس فيغفر لكل مسلم لا يشرك بالله شيئاً إلا رجل بينه وبين أخيه شحناء (الأحكام) أحاديث الباب تدل على فضل يومي الاثنين والخميس وأن صيامهما مستحب لأنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله عز وجل, ولما

-[ما جاء في صيام نبي الله داود وصلاته عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام]- (13) باب صيام يوم وافطار يوم صيام داود عليه السلام (289) عن صدقة الدمشقي قال جاء رجل إلى ابن عباس رضي الله عنهما يسأله عن الصيام, فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن من أفضل الصيام صيام أخي داود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً (290) عن عبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أحب الصيام إلى الله صيام داود, وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود, كان ينام نصفه ويقوم ثلثه وينام سدسه,

_ كان الصوم من أجل الأعمال, وقد وعد الله الصائبين بالمغفرة استحب صيامهما ليعرض عمل العبد وهو صائم فيغفر الله له, وفيها أيضاً أن هجر المسلم لا يجوز ان كان لأمر لا يقتضي ذلك وإلا فالتقاطع والهجر للدين ولتأديب الأهل جائز, فان تهاجرا لغير مقتض شرعي فالله عز وجل لا يغفر لهما حتى يصطلحا, وفيها غير ذلك والله أعلم (289) عن صدقة الدمشقي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر قال ثنا الفرج بن فضالة عن أبي هرم عن صدقة الدمشقي- الحديث" (غريبة) في رواية لمسلم والأمام أحمد وستأتي, أحب الصيام إلى الله صيام داود (وفي رواية أخرى) للأمام أحمد وستأتي أيضاً " إن أفضل الصوم صوم أخي داود" ولمسلم أيضاً "إن أحب الصيام إلى الله صيام داود" وللبخاري ومسلم "لاصوم فوق صوم داود" ولمسلم "صم أفضل الصيام إلى الله صوم داود" وله أيضاً "صم يوما وأفطر يوماً وذلك صيام داود عليه السلام وهو أعدل الصيام" (قلت) وإنما كان أعدل الصيام وأفضله وأحبه إلى الله لأنه أشق الصيام ولأن فاعله مع ذلك يمكنه أن يؤدي حق نفسه وأهله وزائره أيام فطره بخلاف من يتابع الصوم, فانه لا يمكنه القيام بهذه الحقوق (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد, وأورده الهيثمي, وقال رواه أحمد, وصدقة ضعيف وإن كان فيه بعض توثيق ولم يدرك ابن عباس (قلت) يعضده ما بعده (290) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان سمعت عمراً أخبرني عمرو بن أوس سمعه من عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث (غريبه) المعنى أنه كان ينام نصف

-[قصة عبد الله بن عمرو بن العاص مع النبي صلى الله عليه وسلم وفيها حق الجمد والزوج والزائر]- وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً (291) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو (بن العاص) رضي الله عنهما قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أخبرت أنك تقوم الليل وتصوم النهار, قال قلت يا رسول الله نعم, قال فصم وأفطر وصل وثم, فإن لجسدك عليك حقاً, وإن حقاً وإن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام, قال فشددت فشدد على, قال فقلت

_ الليل الأول, ثم يقوم ثلثه بعد النصف, ثم ينام السدس الباقي من النصف الثاني, والحكمة في قيام الثلث المذكور أنه يوافق الوقت الذى ينادي فيه الرب عز وجل, هل من سائل هل من مستغفر الخ, والحكمة في النوم بعد ذلك أنه يستدرك ما يستربح به من نصب القيام في بقية الليل. وكانت هذه الطريقة أحب إلى الله تعالى من أجل الأخذ بالرفق للنفس التي يخشى منها السآمة, وقد قال صلى الله عليه وسلم "إن الله لا يمل حتى تملوا" (تخريجة) (ق. والأربعة إلا الترمذي) (291) عن أبي سامة بن عبد الرحمن عن عبد الله ابن عمرو- الحديث؟ (غريبة) سبب ذلك جاء في رواية أخرى للأمام أحمد والشيخين والنسائي وغيرهم, وسيأتي في باب الاقتصاد في الأعمال من كتاب الاقتصاد إن شاء الله تعالى, وقال عبد الله زوجني أبي امرأة فجاء يزورها؛ فقال كيف ترين بعلك. فقالت نعم الرجل من رجل لا ينام الليل ولا يفطر النهار, فوقع بي, وقال زوجتك امرأة من المسلمين فعضلتها, قال فجعلت لا ألتفت إلى قوله لما أرى عندي من القوة والاجتهاد, فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم. هذا لفظ النسائي (وعند الأمام أحمد) فقال (يعني عمراً) أنكحتك امرأة من قريش ذات حسب فعضلتها وفعلت وفعلت, ثم انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكاني فأرسل إلى فأتيته- الحديث سيأتي بطوله في الباب المشار إليه إن شاء الله تعالى أي زائرك وهو في الأصل مصدر وضع موضع الأسم كصوم ولوم بمعنى صائم ونائم, وقد يكون الزور جمع زائر كراكب وركب "وقوله وان بحسبك الخ" أي يكفيك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام معناه أنه شدد على نفسه في عدم قبول التخفيف وطمع في الزيادة لزيادة الأجر فشدد

-[استحباب الاقتصاد في الصوم وأن أفضل الصوم صوم داود عليه السلام]- يا رسول الله إني أجد قوة, قال فصم من كل جمعة ثلاثة أيام, قال فشددت فشدد على, قال يا رسول الله إني أجد قوة, قال صم صوم نبي الله داود ولا تزد عليه قلت يا رسول الله وما كان صيام داود؟ (عليه الصلاة والسلام) قال كان يصوم يوماً ويفطر يوماً (292) عن مطرف بن عبد الله عن عبد الله بن عمرو (بن العاص رضي الله عنهما) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله مرني بصيام, قال صم يوماً ولك أجر تسعة, قال قلت يا رسول الله إني أجد قوة فزدني, قال صم يومين ولك أجر ثمانية أيام قال قلت يا رسول الله إني أجد قوة فزدني, قال فصم ثلاثة أيام ولك أجر سبعة أيام, قال فما زال يحط لي حتى قال إن أفضل الصوم صوم أخي داود أو نبي الله داود شك الجريري

_ عليه النبي صلى الله عليه وسلم بالزيادة كطلبه, ولكنه لما كبر وضعف كان يقول ليتني كنت قنعت بما أمرني به النبي صلى الله عليه وسلم, يعني من التخفيف أو لا وهو صيام ثلاثة أيام من كل شهر, ومنه يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أرحم بالناس منهم لأنفسهم عليه أفضل الصلاة والسلام أي لأنه أفضل الصيام كما تقدم, فهو أفضل من صوم يومين. وإفطار يوم, ومن صيام الدهر مع عدم صوم الأيام المنهي عن صيامها وان خالف بعضهم, وهو أشد الصيام على النفس لأنه لا يعتاد الصوم ولا الأفطار فيصعب عليه كل منهما (تخريجة) (ق. وغيرهما) بألفاظ متقاربة (292) عن مطرف بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب بن عطاء أخبرني الجريرى عن أبي العلاء عن مطرف بن عبد الله عن عبد الله ابن عمرو- الحديث" (غريبة) يعني من كل عشرة أيام كما في رواية عند مسلم "صم من كل عشرة أيام يوما ولك أجر تسعة" ومثلها للنسائي إلا أنه قال " ولك أجر تلك التسعة" يعني الباقية من العشرة أي الباقية من العشرة أيضاً يعني من الأجر ويزيده في العمل, وقد جاء نحو ذلك عند النسائي؛ وفي آخره قال ثابت (أحد رجال السند عنده) فذكرت ذلك لمطرف, فقال ما أراه الا يزداد في العمل, وينقص من الأجر, وترجم لذلك النسائي بقوله "ذكر الزيادة في الصيام والنقصان" أحد رجال

-[رجوع عبد الله بن عمرو على نفسه باللوم لعدم قبول الرخصة في تخفيف الصوم]- صم يوماً وأفطر يوماً, فقال عبد الله لما ضعف ليتني كنت قنعت بما أمرني به النبي صلى الله عليه وسلم (ومن طريق ثان عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو بنحوه وفيه قال) فكان عبد الله يصوم ذلك الصيام حتى أدركه السن والضعف كان يقول لأن أكون قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أحب إلى من أهلي ومالي

_ السند عند الإمام أحمد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب ابن عطاء أخبرني محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه في بيته, فقال يا عبد الله بن عمرو ألم أخبر أنك تكلف قيام الليل وصيام النهار؟ قال اني لأفعل, فقال ان حسبك ولا أقول افعل أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام. الحسنة بعشر أمثالها, فكأنك قد صمت الدهر كله, قال فغلظت فغاظ على؛ قال فقلت اني لأجد قوة من ذلك, قال ان من حسبك أن تصوم من كل جمعة ثلاثة أيام, قال فغظت فغلظ على, فقلت اني لأجد بي قوة, فقال النبي صلى الله عليه وسلم أعدل الصيام عند الله صيام داود نصف الدهر, ثم قال لنفسك عليك حق, ولأهلك عليك حق, قال فكان عبد الله يصوم ذلك الصيام الحديث يعني أنه كبر وعجز عن المحافظة على ما التزمه ووظفه على نفسه عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فشق عليه فعله ولا يمكنه تركه لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال له في بعض طرق الحديث "لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل" وفي هذا الحديث وكلام عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أنه ينبغي الدوام على ما تعوده الأنسان من الخير ولا يفرط فيه (تخرجه) أخرج الطريق الأولى منه النسائي وغيره, ولمسلم نحوها من طريق شيبة عن زياد بن فياض, قال سمعت أبا عياض عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له صم يوما ولك أجر ما يبقى, قال إني أطيق أكثر من ذلك, قال صم يومين ولك أجر ما بقى, قال إني أطبق أكثر من ذلك, قال صم ثلاثة أيام ولك اجر ما بقى قال إني أطيق أكثر من ذلك, قال صم أفضل الصيام عند الله صوم داود عليه السلام "كان يصوم يوما ويفطر يوما" (والطريق الثانية) أخرجها مسلم وغيره (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن صيام يوم وإفطار يوم أعدل صيام التطوع وأفضله وأحبه إلى الله عز وجل حتى من صيام الدهر مع تجنب صيام الأيام المنهي عن صومها

-[مذاهب العلماء في التفضيل بين صيام يوم وإفطار يوم- وبين صيام الدهر]- .....

_ لكن ذهب جماعة من العلماء إلى أن صوم الدهر أفضل لأنه أكثر عملاً فيكون أكثر أجراً وما كان أكثر أجراً كان أكثر ثواباً (قال الحافظ) وبذلك جزم الغزالي أولاً وقيده بشرط أن لا يصوم الأيام المنهي عنها وأن لا يرغب عن السنة بأن يجعل الصوم حجراً على نفسه فاذا أمن من ذلك فالصوم من أفضل الأعمال فالاستكثار منه زيادة في الفضل, (وتعقبه ابن دقيق العيد) بأن الأعمال متعارضة المصالح والمفاسد, ومقدار كل منهما في الحث والمنع غير متحقق, فزيادة الأجر بزيادة العمل في شيء, يعارضه اقتضاء العادة التقصير في حقوق أخرى يعارضها العمل المذكور, ومقدار الفائت من ذلك مع مقدار الحاصل غير متحقق. فالأولى التفويض إلى حكم الشارع ولما دل عليه ظاهر قوله" إنه أحب الصيام إلى الله تعالى (قلت وهذا هو الذي أميل إليه) (وذهب جماعة) منهم المتولي, من الشافعية إلى أن صيام داود أفضل, وهو ظاهر الحديث بل صريحه, ويترجح من حيث المعني أيضاً بأن صيام الدهر قد يفوت بعض الحقوق كما تقدم, وبأن من اعتاده فانه لا يكاد يشق عليه, بل تضعف شهوته عن الأكل وتقل حاجته إلى الطعام والشراب نهاراً, ويألف تناوله في الليل بحيث يتجدد له طبع زائد, بخلاف من يصوم يوماً ويفطر يوماً فانه ينتقل من فطر إلى صوم ومن صوم إلى فطر. وقد تقل الترمذي عن بعض أهل العلم أنه أشق الصيام ويأمن مع ذلك غالباً من تفويت الحقوق كما تقدمت الإشارة إليه. نعم إن فرض أن شخصاً لا يفوته شيء من الأعمال الصالحة بالصيام أصلاً ولا يفوت حقاً من الحقوق التي خوطب بها لم يبعد أن يكون في حقه أرجح (والى ذلك أشار ابن خزيمة) فترجم. (الدليل على أن صيام داود إنما كان أعدل الصيام. وأحبه إلى الله لأن فاعله يؤدي حق نفسه ولا يفوت حقاً أن يكون أرجح. وعلى هذا فيختلف ذلك باختلاف الأشخاص والأحوال. فمن يقتضي حاله الإكثار من الصوم أكثر منه. ومن يقتضي حاله الإكثار من الإفطار أكثر منه. ومن يقتضي حاله المزج فعله, حي إن الشخص الواحد قد تختلف عليه الأحوال في ذلك. وإلى ذلك أشار الغزالي أخيراً والله اعلم بالصواب (ويستفاد من أحاديث الباب أيضاً) ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الرفق بأمته وشفقته عليهم وإرشاده إياهم إلى ما يصلحهم وحثه إياهم على ما يطيقون الدوام عليه ونهيهم عن التعمق في العبادة لما يخشى من أفضائه إلى الملل المفضي إلى الترك أو ترك البعض. وقد ذم الله تعالى قوما لازموا العبادة ثم فرطوا فيها (وفيها أيضاً) الندب إلى الدوام على ما وظفه الإنسان على نفسه من العبادة (وفيها أيضاً) الإشارة إلى الاقتداء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام في أنواع العبادات (وفيها غير ذلك) والله أعلم

-[فضل صيام تسع ذي الحجة ويوم عرفة]- (14) باب صوم تسع ذي الحجة ويوم عرفة لغير الحاج (293) عن هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يصوم تسع ذي الحجة ويوم عاشوراء وثلاثة أيام من كل شهر (294) عن أبي قتادة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صوم يوم عرفة يكفر سنتين ماضية ومستقبلة وصوم عاشورا يكفر سنة ماضية (295) عن عطاء الخراساني أن عبد الرحمن بن أبي بكر دخل على عائشة رضي الله عنها يوم عرفة وهي صائمة والماء يرش عليها، فقال لها عبد الرحمن أفطري، فقالت أفطر وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله

_ (293) (عن هنيدة بن خالد) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب جامع لبعض ما يستحب صومه رقم 213 صحيفة 162 من هذا الجزء وذكرته هنا لمناسبة ترجمة الباب وللاستدلال به على صوم تسع ذي الحجة وتقدم أيضا في الباب المشار إليه حديث حفصة قالت (أربع لم يكن يدعهن رسول الله صلى الله عليه وسلم صيام عاشوراء والعشر) الخ يعني عشر ذي الحجة وهي من أول الشر لغاية اليوم التاسع منه، وتقدم الكلام عليه هناك فارجع إليه وهو من أدلة القائلين باستحباب صوم تسع ذي الحجة لغير الحاج (294) عن أبي قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنايحي بن سعيد ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن حرملة بن اياس عن أبي قتادة الحديث (1) في رواية أخرى للأمام أحمد من حديث أبي قتادة أيضا (سنة ماضية وسنة مستقبلة) وتقدمت هذه الرواية في باب ما جاء في يوم عاشوراء رقم 226 صحيفة 257 وتقدم شرحها هناك وأن المراد تكفير الذنوب الصفائر والله أعلم (تخريجه) (م. دأس. جه) (295) عن عطاء الخراساني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمه قال أنا عطاء الخراساني- الحديث) (غريبه) (2) الظاهر

-[ما جاء في صوم يوم عرفة لمن بعرفة من الحجاج]- وصحبه وسلم يقول إن صوم يوم عرفة يكفر العام الذي قبله (فصل منه في كراهة ذلك للحاج) (296) عن عكرمة مولي ابن عباس قال دخلت على أبي هريرة رضي الله عنه في بيته فسألته عن صوم يوم عرفة بعرفات فقال، نهي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن صوم عرفة بعرفات

_ أنها كانت صائمة في يوم صائف شديد الحر (1) هكذا عند الأمام أحمد من رواية عائشة الاقتصار على عام واحد. وله شاهد عند النسائي من حديث ابن عمر أن رجلا سأله عن صوم يوم عرفة. فقال كنا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نعدله بصوم سنة. وهو يخالف حديث أبي قتادة الذي قبله. وقد رواه مسلم وغيره، وله شواهد صحيحة أن صيام يوم عرفة يكفر سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة. ولعله لم يبلغ عائشة وابن عمر. وزيادة الثقة مقبولة لاسيما وحديث أبي قتادة ومن وافقه أصح والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وأورده المنذري. وقال رواه أحمد ورواته محتج بهم في الصحيح إلا أن عطاء الخراساني لم يسمع من عبد الرحمن بن أبي بكر. وكذلك أورده الهيثمي ولم يعزه لغير الأمام أحمد ثم قال -عطا لم يسمع من عائشة بل قال ابن معين لا أعلمه لقي أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وبقية رجاله رجال الصحيح (296) عن عكرمة مولى ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا حوشب بن عقيل حدثني مهدي حدثني عكرمة مولى ابن عباس الحديث، وفي آخره قال عبد الله بن الأمام أحمد هذا الحديث قال مرة أخرى حدثنا حوشب بن عقيل (عن مهدي العبدي) يعني بالعنعنة والنسبة بدل قوله في المرة الأولى (ثنا مهدي) بالتحديث وعدم النسبة (غريبة) (2) أي لمن بعرفات من الحجاج (تخريجه) (د. أس. جه. ك. هق) قال الحافظ في التلخيص صححه ابن خزيمة

-[حجة القائلين بعدم صوم يوم عرفة للحاج]- (297) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال أتيته بعرفة فوجدته يأكل رمانًا، فقال أذن فكل لعلك صائم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يصومه، وقال مرة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يصم هذا اليوم (298) عن نافع قال سئل ابن عمر رضي الله عنهما عن صوم يوم عرفة فقال لم يصمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان يوم عرفة (ومن طريق ثان) عن رجل عن ابن عمر أنه سأله عن صوم يوم عرفة، قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يصمه، ومع أبي بكر فلم يصمه، ومع عمر فلم يصمه، ومع عثمان فلم يصمه، وأنا لا أصومه ولا آمرك ولا أنهاك إن شئت فصمه وإن شئت فلا تصمه (ومن طريق ثالث) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال ما صمت عرفة قط ولا صامه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله

_ (297) عن سعيد بن جبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا سفيان عن أيوب عن سعيد بن جبير_ الحديث) (غريبه) (1) يعني في الحج (تخريجه) الحديث سنده جيد، وأخرجه البيهقي من طريق أيوب عن سعيد بن جبير كماهنا، وللبيهقي أيضا رواية أخرى من طريق أيوب عن عكرمة أن ابن عباس أفطر بعرفة أنى برمان فأكله وقال حدثني أم الفضل أن رسول الله صلى عليه وسلم أطر بعرفة أتته أم الفضل بلبن فشربه (298) عن نافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل ثناسفيان عن اسماعيل بن أمية عن نافع_ الحديث) (غريبه) (2) يعني في حجهم (3) (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبي ثناعفان ثنا شعبة قال ابن أبي نجيح أنبأني قال سمعت أبي يحدث عن رجل عن ابن عمر الحديث (4) أي سنة حجة صلى الله عليه وسلم وقد رواه الترمذي عن ابن عمر أيضا باصرح من هذا قال حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه يعني يوم عرفة ومع أبي بكر فلم يصمه ومع عمر فلم يصمه) (5) (سنده) حدثنا عبد الله ثنا

-[حجة القائلين بعدم صوم يوم عرفة للحاج]- وصحبه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر (299) عن عائشة رضي الله عنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صائمًا في العشر قط (300) عن عمير مولى أم الفضل أم بني العباس عن أم الفضل قالت

_ أبي ثنا سريج ثنا عبد الله عن نافع عن ابن عمر الحديث (1) يعني في الحج كما يستفاد من سياق الطريق الثانية (تخريجه) (نس. مذ. حب) وسنده جيد وروى الترمذي منه الطريق الثانية من طريق ابن أبي نجيح عن أبيه قال سئل ابن عمر عن صوم عرفة (قال حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم فلم يصمه، ومع أبي بكر فلم يصمه، ومع عمر فلم يصمه، ومع عثمان فلم يصمه، وأنا لا أصمه ولا آمر به ولا أنهي عنه) قال الترمذي هذا الحديث حسن. وأبو نجيح اسمه يسار، وقد سمع من ابن عمر، وقد روى هذا الحديث أيضا عن ابن أبي نجيح عن أبيه عن رجل عن ابن عمر اهـ (قلت) وهذه الرواية التي أشار اليها الترمذي هي التي رواها الأمام أحمد في الطريق الثانية، والظاهر أن أبا نجيح سمع أولًا هذا الحديث بواسطة رجل ثم لقى ابن عمر فسمعه منه بلا واسطة، وعلى هذا فلا علة فيه (299) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ويعلي قالا ثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة_ الحديث) (غريبه) (2) لا يلزم من عدم رؤية عائشة النبي صلى الله عليه وسلم صائما هذه الأيام عدم صيامه في الواقع، لاحتمال أنه صلى الله عليه وسلم كان يصومها أحيانا ويتركها أحيانا، أو كان يتركها لعارض سفر أو مرض أو نحو ذلك، فقد ثبت عن بعض أزواجه صلى الله عليه وسلم أنه كان يصومها كما في حديث هنيدة المذكور أول الباب، والمثبت مقدم على النافي، وقد أخبرت كل واحدة منهما بما علمت (تخريجه) (م. د. نس. مذ. جه. هق) (300) عن عمير مولى أم الفضل أم بني العباس_ الحديث) (غريبه) (3) هي لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية أخت ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنهما. وزوجة العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، أما كونها أم بني العباس فلأنها كانت من المنجيات، ولدت للعباس ستة رجال لم تلد امرأة مثلهم وهم. الفضل. وعبد الله. ومعبد. وعبيد الله. وقم. وعبد الرحمن. وأسلمت قديما؛ قال الكلبي ومحمد بن سعد وغيرهما

-[حجة القائلين بعدم صوم يوم عرفة للحاج]- شكوا (وفي لفظ تماروا) في صرم النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يوم عرفة، فقالت أم الفضل أنا أعلم لكم ذلك، فبعثت بلبن فشرب (وعنه من طريق ثان عن أم الفضل بنحوه وفيه) فأرسلت إليه بلبن فشرب وهو يخطب الناس عرفة على بعيره (301) عن عطاء أن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما دعا الفضل يوم عرفة إلى طعام، فقال إني صائم، فقال عبد الله لا تصم. فإن النبي صلى الله عليه وسلم قرب إليه حلاب فشرب منه هذا اليوم وإن الناس يستنون بكم (وعنه من طريق ثان) عن ابن عباس دعا أخاه عبيد الله يوم عرفة إلى طعام،

_ هي أول امرأة أسلمت بعد خديجة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يزورها، وسيأتي لها ذكر في كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (1) أي اختلفوا في صوم النبي صلى الله عليه وسلم فيعضهم قال إنه صائم. وبعضهم قال إنه مقطر، وهذا يشعر بأن صوم يوم عرفة كان معروفا عندهم معتادا لهم في الحضر، وكأن من جزم بأنه صائم استند إلى ما ألفه من العبادة، ومن جزم بأنه غير صائم قامت عنده قرينة كونه مسافرا، وقد عرف نهيه عن الصوم الفرض في السفر فضلا عن النقل (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن مالك حدثني سالم أبو النضر عن عمير مولى أم الفضل أن أم الفضل أخبرته أنهم شكوا في صوم النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فأرسلت إليه بلبن- الحديث (3) زاد البخاري من حديث ميمونة والناس ينظرون (تخريجه) (ق. د) (301) عن عطاء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا ابن جريج قال أخبرني زكريا بن عمر أن عطاء أخبره أن عبد الله بن عباس- الحديث) (غريبه) (4) الحلاب بكسر الحاء المهملة هو الأناء الذي يجعل فيه اللبن، وقيل الحلاب اللبن المحلوب، وقد يطلق على الأناء ولو لم يكن فيه لبن، وفي رواية للبخاري من حديث أم الفضل فأرسلت اليه بقدح لبن وهو واق على بعيره فشربه (5) أي يقتدون بكم كما في الطريق الثانية، لما لهم من صلة القرابة بالنبي صلى الله عليه وسلم (6) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس- الحديث (7) جاء في الطريق الأولى

-[زوائد الباب في فضل عشر ذي الحجة وصوم يوم عرفة]- قال إني صائم، قال إنكم أئمة (وفي لفظ أهل بيت) يقتدي بكم قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم دعا بحلاب في هذا اليوم فشرب

_ أنه دعا أخاه الفضل، وفي هذه أنه دعا أخاه عبيد الله، ولا منافاة لاحتمال أنه دعاهما معا وكانا صائمين فاعتذرا بالصيام فاخبر عطاء مرة بأنه دعا الفضل ومرة أخرى بأنه دعا عبيد الله والله أعلم (1) في حديث أم الفضل أنها هي التي أرسلت إليه بلبن لاستكشافها الحكم هل هو صائم أم لا؟ وفي هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم هو الذي دعا بحلاب أي طلبه، وفي البخاري عن كريب عن ميمونة (زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها) أن الناس شكوا في صيام النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فأرسلت اليه بحلاب وهو واقف في الموقف فشرب منه والناس ينظرون، فيحتمل أن أم الفضل أرسلت اليه لاستكشاف الحكم كما تقدم، وأنه صلى الله عليه وسلم دعا بلبن من عند ميمونة فأرسلت اليه والله أعلم بحقيقة الحال (تخريجة) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وسنده جيد (زوائد الباب) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من أيام أحب إلى الله أن يتعبد له فيها من عشر ذي الحجة يعدل صيام كل يوم منها صيام سنة، وقيام كل ليله منها بقيام ليله القدر (جه. مذ) قال الترمذي هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث مسعود بن واصل عن النهاس (يعني ابن قهم) وسألت محمدا (يعني البخاري) عن هذا الحديث فلم يعرفه من غير هذا الوجه مثل هذا، وقال قد روى عن قتادة عن سعيد ابن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا شيء من هذا، وقد تكلم يحيى بن سعيد في نهاس ابن قهم من قبل حفظه اهـ (قلت) هذا الحديث ضعيف لا تقوم به حجة، لأن في إسناده مسعود بن واصل وهو لين الحديث، والنهاس بن قهم وهو ضعيف، نعم ورد نحوه من حديث ابن عباس عند مسلم وأبي داود. والترمذي. والأمام أحمد ولكن بدون ذكر الصيام ولفظه عند الأمام أحمد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أيام العمل الصالح فيها أحب إلى الله عز وجل من هذه الأيام يعني أيام العشر قال قالوا يا رسول الله ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ثم لم يرجع من ذلك بشيء، وتقدم هذا الحديث في آخر باب من أبواب العيدين رقم 1672 صحيفة 166 من الجزء السادس (وعن سهل بن سعد) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوم عرفة غفر الله له سنتين متتابعتين (عل. طب) ورجال أبي يعلي رجال الصحيح (وعن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صام يوم

-[بقية زوائد الباب وكلام العلماء في صوم عشر ذي الحجة]- .....

_ عرفة غفر له سنة أمامه وسنة خلفه، ومن صام عاشوراء غفر له سنه، رواه البزار وفيه عمر ابن صهبان وهو متروك، والطبراني في الأوسط باختصار يوم عاشوراء وإسناد الطبراني حسن (وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن صيام يوم عرفة، قال يكفر السنة التي أنت فيها والسنة التي بعدها (طب) وفيه رشدين بن سعد وفيه كلام وقد وثق (وعن مسروق) أنه دخل على عائشة رضي الله عنها يوم عرفة، فقال اسقوني؛ فقالت عائشة يا غلام اسقه عسلا، ثم قالت وما أنت يا مسروق بصائم؟ قال لا. إني أخاف أن يكون يوم الأضحى، فقالت عائشة ليس ذاك، إنما عرفة يوم يعرف الأمام، ويوم النحر يوم ينحر الأمام، أو ما سمعت يا مسروق أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعدله بألف يوم (طب) وفي إسناده دلهم بن صالح ضعفه ابن معين وابن حبان، وأورده المنذري، وقال رواه الطبراني في الأوسط بأسناد حسن والبيهقي. قال وفي رواية للبيهقي قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صيام يوم عرفة كصيام ألف يوم اهـ (وعن عائشة رضي الله عنها) قالت نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام يوم عرفه بعرفات (طس) وفيه محمد بن أبي يحيى وفيه كلام كثير وقد وثق (وعن الفضل بن العباس) رضي الله عنهما قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب من شراب يوم عرفة (يعني وهو بعرفة سنة حجه صلى الله عليه وسلم) (طب) ورجاله رجال الصحيح، ورواه أبو يعلي بنحوه، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا، وتقدم حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه في باب جامع لبعض ما يستحب صومه وما يكره رقم 215 صحيفه 162 قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفه ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الأسلام وهن أيام أكل وشرب (الأحكام) الحديث الاول من أحاديث الباب يدل على استحباب صوم تسع ذي الحجة وهي من أول ذي الحجه الى نهاية اليوم التاسع منه ولا يعارضه حديث عائشة السابع من أحاديث الباب وقد تقدم الكلام في شرحه بما ينفي المعارضة وإن كان ظاهره يوهم كراهة صوم العشر (قال النووي) قال العلماء وهذا مما يتأول فليس في صوم هذه التسعة كراهة، بل هي مستحبة استحابا شديدا لاسيما التاسع منها وهو يوم عرفة، وقد سبقت الأحاديث في فضله وثبت في صحيح البخاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من أيام العمل الصالح فيها أفضل منه في هذه يعني العشر الأوائل من ذي الحجة فيتأول قولها لم يصم العشر أنه لم يصمه لعارض مرض أو سفر أو غيرهما أو أنها لم تره صائما فيه. ولا يلزم من ذلك عدم صيامه في نفس الأمر؛ ويدل على هذا التأويل حديث هنيدة بن خالد عن امرأته عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث الأول من أحاديث الباب اهـ (قلت) وباقي أحاديث الباب مع الزوائد منها يدل على استحباب صوم

-[مذاهب العلماء في صوم يوم عرفة - والجمع بين أحاديث النهي عنه وبين أحاديث الحث عليه]- .....

_ يوم عرفة والترغيب فيه وأن صيامه يعدل صيام سنتين سنة ماضية وسنة مستقبلة (ومنها) ما يدل على كراهة صومه والنهي عن ذلك، وقد جمع العلماء بين هذه الأحاديث بأن صوم هذا اليوم مستحب لكل أحد مكروه لمن كان بعرفات حاجا، وبه قال جمهور العلماء (قال الحافظ ابن القيم في الهدى) وكان من هدية صلى الله عليه وسلم إفطار يوم عرفة بعرفة، ثبت عنه ذلك في الصحيحين، وروى عنه أنه نهي عن صوم يوم عرفة بعرفة، رواه عنه أهل السنن، وصح عنه أن صيامه يكفر السنة الماضية والباقية، ذكره مسلم، وقد ذكر لفطره بعرفة عدة حكم (منها) أنه أقوى على الدعاء (ومنها) أن الفطر في السفر أفضل في فرض الصوم فكيف بنقله (ومنها) أن ذلك اليوم كان يوم الجمعة وقد نهي عن إفراده بالصوم فأحب أن يرى الناس فطره فيه تأكيدا لنهيه عن تخصيصه بالصوم وإن كان صومه لكونه يوم عرفة لا يوم جمعة، قال وكان شيخنا رضي الله عنه (يعني ابن تيمية) يسلك مسلكًا آخر، وهو أنه يوم عيد لأهل عرفة لاجتماعهم فيه كاجتماع الناس يوم العيد، وهذا الاجتماع يختص بمن بعرفة دون أهل الآفاق، قال وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى هذا في الحديث الذي رواه أهل السنن يوم عرفة ويوم النحر وأيام منى عيدنا أهل الأسلام، ومعلوم أن كونه عيدا هو لأهل ذلك المجمع لاجتماعهم فيه والله أعلم اهـ (وقال الحافظ المنذري) اختلفوا في صوم يوم عرفة بعرفة، فقال ابن عمر لم يصمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر. ولا عمر. ولا عثمان. وأنا لا أصومه (وكان مالك والنوري) يختاران الفطر (وكان ابن الزبير وعائشة) يصومان يوم عرفة، وروى ذلك عن عثمان بن أبي العاص (وكان إسحاق) يميل إلى الصوم (وكان عطاء) يقول أصوم في الشتاء ولا أصوم في الصيف (وقال قتادة) لا بأس به إذا لم يضعف عن الدعاء (وقال الشافعي) يستحب صوم عرفة لغير الحاج فأما الحاج فأحب أن أفطر فذلك يوم يحتاج فيه إلى القوه اهـ (وذهب جماعة) إلى أنه يستحب فيه الصوم وإن كان حاجا إلا من يضعفه الصوم عن الوقوف بعرفات ويكون مخلا له في الدعوات، واحتجوا بحديث أبي قتادة الثاني من أحاديث الباب وأجابوا عن حديث عقبة بن عامر (يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الأسلام وهي أيام آكل وشرب) بأنه ليس فيه نهي صريح عن صوم يوم عرفة (وفيه نظر) وحكي الحافظ في الفتح على الجمهور أنه يستحب إفطاره (يعني لمن بعرفة) حتى قال عطاء من أفطره ليتقوى به على الذكر كل له مثل اجر الصائم اهـ (قلت) وممن ذهب الى استحباب الفطر لمن بعرفة من الأئمة (أبو حنيفة ومالك والشافعي والنوري) والجمهور وهو قول أبي بكر وعمر وابن عمر رضي الله عنهم، وهو عندي أعدل المذاهب والله أعلم

-[تعريف الاعتكاف وما ورد في فضله]- أبواب الاعتكاف وفضل العشر الأواخر من رمضان (1) باب فضل الاعتكاف وبيان زمان ومكان (302) عن أبي هريرة رضي الله عنه التي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إن للمساجد أوتادا الملائكة جلساؤهم، إن غابوا يفتقدوهم، وإن مرضوا اعادهم، وإن كانوا في حاجة أعانوهم.

_ ((أبواب الاعتكاف) الاعتكاف معناه في اللغة لزوم الشيء وحبس النفس عليه سواء أكان خيرا أم شرا، فمثاله للخير قوله تعالى (سواء العاكف فيه والباد) أي الملازم للمسجد الحرام والطارئ عليه، ومثاله للشر قوله تعالى (فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم) أي يلازمون عبادتها، (ومعناه في عرف الشرع) اللبث في المسجد مدة مع النية، فاللبث ركن والنية شرط، وكذا المسجد، ويشترط في المسجد أن يكون مسجد جماعة وهو ماله إمام ومؤذن ولو لم تصل فيه الخمس لحديث ابن عباس (إن أبغض الأمور إلى الله تعال البدع وإن من البدع الاعتكاف في المساجد التي في الدور، رواه البيهقي، وقال على رضي الله عنه لا اعتكاف إلا في مسجد جماعة، رواه عبد الرزاق وابن أبي شيبة، وهذا في حق الرجل أما المرأة فتعتكف في مسجد بيتها ويكره اعتكافها في مسجد جماعة، وفي ذلك خلاف سيأتي والله أعلم (302) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة قال حدثني ابن لهيعة عن دراج عن ابن حجيرة عن أبي هريرة- الحديث) (غريبه) (1) جمع وتد بكسر التاء على اللغة الفصحى ويجوز فتحها أي أناسا يحبون المساجد يكثرون الجلوس فيها للعبادة ثابتين على ذلك كثبوت الوتد في الأرض، بمن تعوده الملائكة في مرضه. وما ذلك إلا لرضا الله عنه ولا يحرم من دعاء الملائكة واستغفارهم له (2) أعانة الملائكة لهؤلاء من عناية الله عز وجل بشأنهم وجعلهم في ولايته، فهنيئا لمن تولى الله أمره قال تعالى على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم (إن وليي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين) (تخريجه) لم أقف عليه من رواية أبي هريرة لغير الأمام أحمد وفي اسناده ابن لهيعة ورواه الحاكم في المستدرك من حديث عبد الله بن سلام وقال صحيح على شرطهما

-[جواز اتخاذ المعتكف قبة له في المسجد للاعتكاف فيها]- (303) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في العشر الأواخر من رمضان فاتخذ له بيت من سعف، قال فأخرج رأسه ذات يوم، فقال إن المصلي يناجي ربه فلينظر أحدكم بما يناجي ربه، ولا يجهر بعضكم على بعض بالقراءة (304) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبيه رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اعتكف في قبة من خوص

_ (302) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي عتاب ثنا أبو حمزة يعني السكري عن ابن أبي ليلى عن صدقه المكي عن ابن عمر- الحديث (غريبه) السعف محرك جمع سعفه ويجمع أيضا علي سعفان أغصان النخل. كذا في النهاية، وقال الفارسي سعف النخل أوراقه العريضة تنسج منه الأوعية والظروف اهـ ويؤيد هذا ما سيأتي في الحديث التالي اعتكف في قبة من خوص (2) المناجي المخاطب للأنسان والمحدث له، يقال ناجاه يناجيه مناجاه فهو مناج، وإنما سمي المصلي مناجيا ربه لأنه يخاطبه بقوله إياك نعبد وإياك نستعين، والله تعالى يعلم السر وأخفي، فلا داعي للجهر الذي يشوش على غيره (تخريجه) (طب. بز) وفي إسناده صدقه بن عمرو المكي، قال في التقريب مجهول اهـ (قلت) له شاهد صحيح صححه النووي عند النسائي والأمام أحمد عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعهم يجهرون بالقراءة وهو في قبة له فكشف المتور وقال (ألا ان كلكم مناج ربه فلا يؤذين بعضكم بعضا، ولا يرفعن بعضكم على بعض بالقراءة) أو قال في الصلاة؛ هذا الحديث تقدم في الجزء الثالث في باب النهي عن الجهر بالقراءة صحيفة 202 رقم 540 وقد وقع فيه (وهم في قبة لهم) بالجمع وهو خطأ وصوابه (وهو في قبة له) بالأفراد كما هنا، فعلى كل من عنده نسخة من الكتاب أن يصلحوا وله الأجر والثواب. (304) عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف وأبو معمر ومحمد بن حسان السمتي قالوا ثنا على بن عابس عن أبي فزارة عن عبد الرحمن- الحديث) (غريبه) (3) القبة من الخيام بيت صغير مستدير وهو من بيوت العرب يتخذه المعتكف في المسجد للأقامة فيه مدة الاعتكاف، وربما كانت هنا من الخوص المضفور أو مع جريده (تخريجه) (طب. طس) وفيه على بن عابس ضعيف

-[ملازمته صلى الله عليه وسلم الاعتكاف في العضر الأواخر من رمضان حتى توفي]- (305) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتي قبضة الله عز وجل (306) عن عائشة رضي الله عنها قالت كانت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتكف في العشر الأواخر ويقول التمسوها في العشر الأواخر يعني ليلة القدر

_ (205) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة. وعن ابن المسيب عن أبي هريرة- معناه أن الزهري روى هذا الحديث من طريقين، فرواه مرة عن عروة عن عائشة، ورواه مرة أخرى عن ابن المسيب عن أبي هريرة (تخريجه) أخرجه الترمذي عن أبي هريرة وعائشة كما هنا، وقال حديث أبي هريرة وعائشة حديث حسن صحيح اهـ وأخرجه (ق. د. نس) من حديث عائشة (306) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ثنا هشام قال حدثني أبي عن عائشة- الحديث) (تخريجه) الحديث سنده جيد، ولم أقف على من أخرجه بهذا اللفظ أعني في الاعتكاف منه، وأخرج البخاري والترمذي منه الجزء المختص بليلة القدر (زوائد الباب) عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، قال نافع، وقد أراني عبد الله بن عمر المكان الذي كان يعتكف فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (م. د. جه. هق) وعن نافع أيضا عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا اعتكف طرح له فراش أو يوضع له سرير وراء اسطوانة التوبة (جه) وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله موثقون اهـ واسطوانة التوبة هي عمود من عمد المسجد ربط به رجل من الصحابة نفسه حتى تاب الله عليه من ذنب ارتبكبه (وعن معيقيب) قال اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم في قبة من خوص بابها من حصير والناس في المسجد (طب. طس) وفيه النضر بن يزيد البهرتيري، قال الهيثمي لم أجد من ترجمة (وعن أم سلمة) رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم اعتكف سنة العشر الأول. ثم اعتكف العشر الأواخر، وقال إني رأيت ليلة القدر فيها

-[زوائد الباب ومذاهب الأئمة في أحكام الاعتكاف إجمالًا]- .....

_ فأنميتها، فلم يزل الرسول صلى الله عليه وسلم يعتكف فيهن حتى توفي صلى الله عليه وسلم (طب) وإسناده حسن (والطبراني في الكبير أيضًا) أن حذيفة قال لعبد الله بن مسعود قوم عسكوف بين دارك ودار أبي موسى. ألا تنهاهم؟ فقال له عبد الله فلعلهم أصابوا وأخطأت. وحفظوا ونسيت، فقال حذيفة لا اعتكاف إلا في هذه المساجد الثلاثة. مسجد المدينة، ومسجد مكة، ومسجد ايلياء "يعني المسجد الأقصى" قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح (وعن حسين بن علي) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اعتكاف في رمضان كحجتين وعمرتين (طب) وفيه عبينة بن عبد الرحمن القرشي وهو متروك، أورد هذه الأحاديث الثلاثة الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحًا وتعديلًا (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الاعتكاف وفضله وكونه بالمسجد الجامع وتأكد استحبابه في العشر الأواخر من رمضان (قال النووي) رحمه الله وقد أجمع المسلمون على استحبابه وأنه ليس بواجب وعلى أنه الصوم ليس بشرط لصحة الاعتكاف، بل يصح اعتكاف المفطر ويصح اعتكاف ساعة واحدة ولحظة واحدة، وضابطه عند أصحابنا مكث يزيد على طمأنينة الركوع أدنى زيادة، هذا هو الصحيح، وفيه خلاف شاذ في المذهب (ولنا وجه) أنه يصح اعتكاف المار في المسجد من غير لبث. والمشهور الأول، فينبغي لكل جالس في المسجد لانتظار صلاة أو لشغل آخر من آخرة أو دنيا أن ينوي الاعتكاف فيحسب له ويثاب عليه ما لم يخرج من المسجد، فإذا خرج ثم دخل جدد نية أخرى، وليس للاعتكاف ذكر مخصوص ولا فعل آخر سوى اللبث في المسجد بنية الاعتكاف، ولو تكلم بكلام دنيا أو عمل صنعة من خياطة أو غيرها لم يبطل اعتكافه (وقال مالك وأبو حنيفة) والأكثرون يشترط في الاعتكاف الصوم، فلا يصح اعتكاف مفطر، واحتجوا بهذه الاحاديث "يعني أحاديث الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان" قال واحتج الشافعي باعتكافه صلى الله عليه وسلم في العشر الأول من شوال؛ رواه البخاري ومسلم (قلت وسيأتي للأمام أحمد أيضًا) وبحديث عمر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني نذرت أن اعتكف ليلة في الجاهلية، فقال أوف بنذرك، رواه البخاري ومسلم، والليل ليس محلًا للصوم، فدل على أنه ليس بشرط لصحة الاعتكاف (وفي هذه الأحاديث) أن الاعتكاف لا يصح إلا في المسجد لأن النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه وأصحابه إنما اعتكفوا في المسجد مع المشقة في ملازمته، فلو جاز في البيت لفعلوه ولو مرة لاسيما النساء لأن حاجتهن إليه في البيوت أكثر، وهذا الذي ذكرناه من اختصاصه بالمسجد، وأنه لايصح في غيره (وهو مذهب مالك والشافعي وأحمد وداود والجمهور) سواء الرجل والمرأة (وقال أبو حنيفة) يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها، وهو الموضع المهيأ من بيتها لصلاتها، قال ولا يجوز

-[ما ذهب إليه أبو حنيفة من اعتكاف المرأة في مسجد بيتها هو المناسب لهذا العصر]- (2) باب وقت الدخول في المعتكف واستحباب قضاء الاعتكاف أواقات من اعتاده لمانع (307) عن عمرة عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يعتكف صلى الصبح ثم دخل في المكان الذي يريد أن يعتكف فيه (1) فأراد أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فأمر فضرب له خباء (2) وأمرت عائشة فضرب لها خباء، وأمرت حفصة (3) فضرب لها خباء، فلما رأت زينب خباءهما أمرت فضرب لها خباء، فلما رأى رسول الله صلبى الله عليه وسلم ذلك (4) قال

_ للرجل في مسجد بيته، وكمذهب أبي حنيفة قول قديم للشافعي ضعيف عند أصحابه (وجوزه بعض أصحاب مالك وبعض أصحاب الشافعي) للمرأة والرجل في مسجد بيتها، ثم اختلف الجمهور المشترطون المسجد العام، فقال (الشافعي ومالك وجمهورهم) يصح الاعتكاف في كل مسجد (وقال أحمد) يختص بمسجد تقام الجماعة الراتبة فيه (وقال أبو حنيفة) يختص بمسجد تُصلى فيه الصلوات كلها (وقال الزهري) وآخرون يختص بالجامع الذي فيه الجمعة، ونقلوا عن حذيفة بن اليمان الصحابي اختصاصه بالمساجد الثلاثة. المسجد الحرام، ومسجد المدينة. والأقصى، وأجمعوا على أنه لاحد لأكثر الاعتكاف والله اعلم (307) عن عمرة عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعني بن عبيد قال ثنا يحبي عن عمرة عن عائشة - الحديث " (غريبة) (1) استدل بهذا على أن مبدأ الاعتكاف من أول النهار بعد صلاة الصبح كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وفيه خلاف سيأتي في الأحكام (2) بكسر الخاء المعجمة وبالمد هو الخيمة من وبر أو صوف ولا يكون من الشعر وهو على عمودين أو ثلاثة ويُجمع على الأخبية نحو الخمار والأخمرة، وهذا لا ينافي ما تقدم في الباب السابق أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف في قبة من خوض لجواز أن يكون ذلك في مرة أخرى (3) أي زوج النبي صلى الله عليه وسلم بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما (وزينب) هي بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم (4) أي الأخبية المنصوبة في المسجد، وفي رواية للبخاري"فلما أصبح النبي صلى الله عليه وسلم رأى الأخبية" وله في أخرى "فلما انصرف إلى المكان الذي أراد أن يعتكف فيه إذا أخبية" وله أيضًا "فلما انصرف من الغداة أبصر أربع قباب" يعني قبة

-[استحباب قضاء الاعتكاف إذا فات من اعتاده لمانع]- آلبر تردن (1) فلم يعتكف في رمضان (3) واعتكف عشرًا من شوال (3) (308) عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يعتكف في العشر الأواخر من رمضان فسافر سنة فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين يومًا (4)

_ له وثلاث للثلاث (1) بهمزة الاستفهام ممدودة على وجه الأنكار في قوله آلبر بمعنى النفي، والبر منصوب على أن مفعول مقدم لقوله تردن، ومعناه الطاعة والخير. أي لا تردن البر بهذا. والخطاب لأزواجه اللائي نصبن الأخبية؛ وفي رواية لمسلم "آلبر يردن" بصيغة الغيبة، وفي رواية للبخاري "آلبر ترون بهن" أي تظنون الخير بهن، وهو خطاب للحاضرين من الرجال، وفي رواية للإمام أحمد ستأتي في باب اعتكاف النساء "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم آلبر أردتن بهذا ما أنا بمعتكف" وللبخاري "فترك الاعتكاف ذلك الشهر ثم اعتكف عشرًا من شوال" (2) إنما ترك صلى الله عليه وسلم الاعتكاف في رمضان لأنه خشى أن يكون الحامل لهن على ذلك المباهاة والتنافس الناشيء من الغيرة حرصًا على القرب منه خاصة فيخرج الاعتكاف عن موضعه، أو لما أذن لعائشة وحفصة أولًا كان ذلك خفيفًا بالنسبة إلى ما يفضي إليه الأمر من نوادر بقية النسوة على ذلك فيضيق المسجد على المصلين، أو بالنسبة إلى أن اجتماع النسوة عنده يصيره كالجالس في بيته وربما شغلنه عن التخلي لما قصد من العبادة فيفوت مقصود الاعتكاف (3) هي العشر الأول كما في رواية أبي معاوية عند مسلم وأبي داود، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم جعلها قضاء عما تركه من الاعتكاف في رمضان على سبيل الاستحباب لأنه صلى الله عليه وسلم كان إذا عمل عملًا أتيته، ولو كان للوجوب لا اعتكف معه نساؤه في شوال ولم ينقل (تخريجه) (ق. والثلاثة. وغيرهم) (308) عن أبي بن كعب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي وحسن بن موسى وعفان قالوا حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت وقال عفان أنا ثابت عن أبي رافع عن أبي بن كعب - الحديث " (غريبة) (4) يعني من رمضان، عشرة قضاء عما فاته في العام السابق بسبب السفر، وعشرة عن العام الحاضر، فيحتمل أن الاعتكاف كان واجبًا عليه صلى الله عليه وسلم بخصوصه فقضاه على سبيل الوجوب، أو قضاه استحبابًا لتأكد منيته والله أعلم (تخريجه) (د. نس. جه. هق. خز. حب. ك) وسنده جيد وصححه بن حيان وغيره وروى نحوه الترمذي من حديث أنس وصححه، وكذلك الإمام أحمد وسيأتي بعد هذا

-[استحباب قضاء الاعتكاف إذا فات من اعتاده لمانع]- (309) عن أنس (بن مالك) رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إذا كان مقيمًا اعتكف العشر الأواخر من رمضان وإذا سافر اعتكف من العام المقبل عشرين (1) (310) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان والعشر الأوسط (2)

_ (309) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بن أبي عدي عن حميد عن أنس - الحديث وفي آخره قال عبد الله بن الإمام أحمد (قال أبي) لم أسمع هذا الحديث إلا من بن أبي عدي عن حميد عن أنس (غريبة) (1) أي عشرين يومًا وتقدم شرح هذا الحديث في الذي قبله (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب صحيح من حديث أنس (310) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود الهاشمي قال ثنا أبو بكر بن عياش عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة - الحديث" (غريبة) (2) جاء في رواية لمسلم من حديث أبي سعيد "العشر الأوسط" كما هنا، قال النووي هكذا هو في جميع النسخ، والمشهور في الاستعمال هو تأنيث العشر كما قال في أكثر الأحاديث العشر الأواخر، وتذكيره أيضًا لغة صحيحة باعتبار الأيام أو باعتبار الوقت والزمان ويكفي في صحتها ثبوت استعمالها في هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم اه (قلت) أما كونه صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأوسط فلأنه كان ينتظر فيها ليلة القدر، بل ثبت أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف أولًا العشر الأوائل لهذا الغرض فلم يجد بغيته، فاعتكف العشر الأوسط راجيًا ان تكون فيها ليلة القدر، فأوحى الله إليه أنها في العشر الأواخر، ومن ثم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، وقد جاء ذلك صريحًا في رواية لمسلم من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال "إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من رمضان، ثم اعتكف العشر الأوسط في قبة تركية على سدتها حصير، قال فأخذ الحصير بيده فنحاها في ناحية القبة ثم أطلع رأسه فكلم الناس فدنوا منه، فقال إني اعتكفت العشر الأول التمس هذه الليلة ثم اعتكفت العشر الأوسط ثم أتيت فقيل لي إنها في العشر الأواخر؛ فمن أحب منكم أن يعتكف فليعتكف، فاعتكف الناس معه" الحديث سيأتي نحوه للإمام

-[كلام العلماء في سبب اعتكافه صلى الله عليه وسلم عشرين يوما ومذاهب الأئمة في وقت الدخول في المعتكف]- فمات حين مات وهو يعتكف عشرين يومًا (1)

_ أحمد في فصل ما جاء أنها في ليلة إحدى وعشرين من فصول باب ليلة القدر (1) قيل السبب في ذلك أنه صلى الله عليه وسلم علم بانقضاء أجله فأراد أن يستكثر من أعمال الخير ليبين لأمته الإجتهاد في العمل إذا بلغوا أقصى العمر ليلقوا الله على خير أحوالهم (وقيل) السبب فيه أن جبريل كان يعارضه بالقرآن في كل رمضان مرة، فلما كان العام الذي قبض فيه عارضه به مرتين فلذلك اعتكف قدر ما كان يعتكف مرتين (وقال ابن العربي) يحتمل أن يكون سبب ذلك أنه لما ترك الاعتكاف في العشر الأخير بسبب ما وقع من أزواجه، واعتكف بدله عشرًا من شوال اعتكف في العام الذي يليه عشرين ليتحقق قضاء العشر في رمضان (قال الحافظ) وأقوى من ذلك أنه صلى الله عليه وسلم إنما اعتكف في ذلك العام عشرين لأنه كان العام الذي قبله مسافرًا، ويدل لذلك ما أخرجه النسائي واللفظ له وأبو داود وصححه ابن حيان وغيره من حديث أبي بن كعب "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان، فمسافر عامًا فلم يعتكف، فلما كان العام المقبل اعتكف عشرين" ويحتمل تعدد هذه القصة بتعدد السبب فيكون مرة بسبب ترك الاعتكاف لعذر السفر، ومرة بسبب عرض القرآن مرتين اهـ (قلت) يعني لأن عرض القرآن يستدعي التفرغ وطول المدة، أما حديث أبي الذي أشار إليه الحافظ فقدر رواه الإمام أحمد أيضًا وتقدم في هذا الباب قبل حديث أنس (تخريجه) (خ. د. نس. جه) (الأحكام) حديث عائشة الأول من أحاديث الباب فيه دلالة على أن أول وقت الاعتكاف من أول النهار بعد صلاة الصبح، وبه قال الأوزاعي والثوري والليث في أحد قوليه، وقال الأئمة الأربعة (أبو حنيفة. ومالك. والشافعي. وأحمد) يدخل فيه قبل غروب الشمس إذا أراد اعتكاف شهر أو اعتكاف عشر، وأولوا الحديث على أنه دخل المعتكف وانقطع فيه وتخلى بنفسه بعد صلاة الصبح، لأن ذلك وقت ابتداء الاعتكاف، بل كان من قبل المغرب معتكفًا لابثا في جملة المسجد فلما صلى الصبح انفرد (وفيه أيضًا) دلالة على جواز اتخاذ المعتكف لنفسه موضعًا من المسجد ينفرد فيه مدة اعتكافه ما لم يضيق على الناس، وإذا اتخذه يكون في آخر المسجد ورحابه لئلا يضيق على غيره. وليكون أخلى له وأكمل في انفراده (واستدل به أيضًا) على جواز الخروج من العبادة بعد الدخول فيها (وأجيب عن ذلك) بأنه صلى الله عليه وسلم لم يدخل المعتكف ولا شرع في الاعتكاف، وإنما هم به ثم عرض له المانع المذكور فتركه، فيكون دليلًا على جواز ترك العبادة إذ لم يحصل إلا مجرد

-[مذاهب الأئمة في حكم الاعتكاف إذا فات من اعتاده لمانع بعد الشروع فيه]- .....

_ النية (وفيه أيضًا) أن المسجد شرط للاعتكاف لأن النساء شرع لهن الاحتجاب في البيوت فلو لم يكن المسجد شرطًا ما وقع الأذن لهن والمنع كما في بعض الروايات (وستأتي في باب اعتكاف النساء) بل كان اكتفي لهن بالاعتكاف في مساجد بيوتهن. وقال ابراهيم بن علية في قوله "آلبر تردن" دلالة على أنه ليس لهن الاعتكاف في المسجد إذ مفهومه أنه ليس ببر لهن (قال الحافظ) وما قاله ليس بواضح، وفيه شؤم الغيرة أنها ناشئة عن الحسد فتفضي إلى ترك الأفضل لأجله (وفيه) ترك الأفضل إذا كان فيه مصلحة وأن من خشى على عمله الرياء جاز له تركه وقطعه (وفيه) أن الاعتكاف لا يجب بالنية، وأما قضاؤه صلى الله عليه وسلم له فعلى طريق الاستحباب لأنه كان إذا عمل عملًا أتيته، ولهذا لم ينقل أن نساءه اعتكفن معه في شوال أفاده الحافظ (وفي حديثي أبي وأنس المذكورين في الباب) دلالة على أن من اعتاد الاعتكاف أيامًا ثم لم يمكنه أداؤه فيها لسفر أو مرض أو نحو ذلك فله قضاؤه استحبابًا (قال الترمذي) رحمه الله واختلف أهل العلم في المعتكف إذا قطع اعتكافه قبل أن يتمه على ما نوى، فقال بعضش أهل العلم. إذا نقص اعتكافه وجب عليه القضاء، واحتجوا بالحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من اعتكافه فاعتكف عشرًا من شوال (وهو قول مالك) وقال بعضهم إن لم يكن عليه نذر اعتكاف أو شيء أوجبه على نفسه وكان متطوعًا فخرج فليس عليه شيء يقضي إلا أن يجب ذلك اختيارًا منه ولا يجب عليه (وهو قول الشافعي) قال الشافعي كل عمل لك أن لا تدخل فيه، فإذا دخلت فيه فخرجت منه فليس عليك أن تقضشي إلا الحج والعمرة اهـ (قلت) استثنى الإمام الشافعي رحمه الله الحج والعمرة من الأعمال إذا كانا نقلًا لما يلزم لهما من المشقة والمال، ولم يذكر الترمذي رحمه الله ما ذهب إليه الحنفية والحنابلة (أما الحنفية) فقد ذهبوا إلى ما ذهب إليه مالك واحتجوا أيضًا بما في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من اعتكافه واعتكف عشرًا من شوال (وأما الحنابلة) فقد ذهبوا إلى ما ذهب إليه الشافعي، وأجابوا عن الحديث بأنه حجة على المخالفين لأن النبي صلى الله عليه وسلم ترك اعتكافه، ولو كان واجبًا لما تركه، وأزواجه تركن الاعتكاف بعد نيته وضرب ابنيتهن له ولم يوجد عذر يمنع فعل الواجب ولا أمرن بالقضاء، وقضاء النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن واجبًا عليه، وإنما فعله تطوعًا لأنه كان إذا عمل عملًا أثبته، وكان فعله لقضائه كفعله لأدائه على سبيل التطوع به لا على سبيل الإيجاب كما قضى السنة التي فاتته بعد الظهر وقبل الفجر، فتركه له دليل على عدم الوجوب لتحريم ترك الواجب، وفعله للقضاء لا يدل على الوجوب لأن قضشاء السنن مشروع؛ ولا يصح قياسه على الحج والعمرة لأن الوصول إليهما لا يحصل في الغالب إلا بعد كلفة عظمى ومشقة شديدة وانفاق مال كثير، ففي إبطالهما

-[جواز غسل رأس المعتكف وترجيله وتنظيفه]- (3) باب ما يجوز فعله للمعتكف وما لا يجوز له (311) عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجاور (1) في المسجد فيصغي إلى رأسه فأرجله وأنا حائض (وعنها من طريق ثان) (2) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يعتكف فيخرج إلى رأسه من المسجد فأغسله وأنا حائض (312) عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ تضييع لماله وإبطال لأعماله الكثيرة، وقد نهينا عن اضشاعة المال وإبطال الأعمال، وليس في ترك الاعتكاف بعد الشروع فيه مال يضشيع ولا عمل يبطل، لأن النسك يتعلق بالمسجد الحرام على الخصوص، والاعتكاف بخلافه، قالوا ولم يقع الاجماع على لزوم نافلة بالشروع فيها سوى الحج والعمرة، وقد انعقد الاجماع على أن الإنسان لو نوى الصدفة بمال مقدر وشرع في الصدقة به فاخرج بعضه لم تلزمه الصدقة بباقيه، وهو نظير الاعتكاف؛ لأنه غير مقدر بالشرع شبه الصدفة وإذا كانت العبادات التي لها أصل في الوجوب لا تلزم بالشروع فما ليس له أصل في الوجوب أولى، والله أعلم (311) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ثنا هشام حدثني أبي عن عائشة رضي الله عنها- الحديث (غريب) (1) أي يعتكف. فالمجاورة هنا بمعنى الاعتكاف، ولذا جاء في الطريق الثانية يعتكف يدل قوله هنا يجاور، اما المجاورة بمكة والمدينة فيراد بها الإقامة مطلقًا غير ملتزم بشرائط الاعتكاف الشرعي "وقولها فيصغي إلى رأسه" يصغي بضم الياء التحتية وبالعين المعجمة المكسورة من الإصغاء أي يدني ويميل رأسه "فأرجله" أي أسرحه وأنظفه، والترجيل والترجل تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه، وفي الطريق الثانية فيخرج إلى رأسه من المسجد فأغسله فكأنها كانت تغسله ثم تسرحه (وفيه) أن بدن الحائض طاهر إلا موضع الدم إذ لو كان نجسًا لما مكنها النبي صلى الله عليه وسلم من غسل رأسه (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (312) عن عروة عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد

-[جواز خروج المعتكف من المسجد لحاجة الإنسان وما تدعو إليه الضرورة]- معتكفًا وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان (1). قالت فغسلت رأسه وإن بيني وبينه لعتبة الباب (2) (وعنه من طريق ثان (3) أن عائشة قالت) وإن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل على رأسه وهو في المسجد فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إلا إذا أراد الوضوء وهو معتكف (313) عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت إن كنت لأدخل البيت للحاجة (5) والمريض فيه فما أسأل عنه إلا وأنا مارة، وإن كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم ليدخل على رأسه فأرجله، وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة، قال يونس (6) إذا كان معتكفًا

_ قال أنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة - الحديث " (غريبة) (1) فسرها الزهري بالبول والغائط وقد وقع الاجماع على استثنائهما، واختلفوا في غيرهما من الحاجات كالأكل والشرب، ويلحق بالبول والغائط القيء والقصد والحجامة لمن احتاج إلى ذلك، وسيأتي الكلام على ذلك في الأحكام (2) أي عتبة باب حجرة عائشة، ففي رواية أخرى للإمام أحمد والنسائي كان يأتيني وهو معتكف فيتكئ على باب حجرتي فأغسل رأسه وسائره في المسجد" أي وباقي جسده في المسجد (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر قال أنا يونس عن الزهري عن عروة أن عائشة قالت - الحديث (4) إلا الثانية بمعنى أو، والمعنى وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان أو إذا أراد الوضوء الخ لأن المساجد لم يكن بها إذ ذاك ماء للوضوء، وإلى جواز خروج المعتكف من المسجد لأجل الوضوء للصلاة ذهب ابو ثور وفيه خلاف سيأتي في الأحكام (تخريجه) (ق. والأربعة) بدون ذكر الوضوء (313) عن عروة بن الزبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ويونس قالا ثنا ليث قال حدثني ابن شهاب عن عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن - الحديث" (غريبة) (5) أي التي لابد منها للإنسان كالبول ونحوه "وقولها وأنا مارة" أي بلا وقوف لأجله لأنها ترى أن ذلك يقطع الاعتكاف (6) يعني زاد يونس أحد الروايين الذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث في روايته إذا كان معتكفًا واقتصر هاشم الراوي الثاني إلى قوله إلا لحاجة (تخريجه) (هق. جه) وقال البيهقي

-[شيء من ترجمة الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين رضي الله عنهما]- (314) عن علي بن حسين (1) عن صفية بنت حيي (2) (زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفًا فأتيته أزوره ليلًا فحدثته ثم قمت فاتقلبت (3) فقام معي يقلبني وكان مسكنها في دار أسامة بن زيد (4)

_ رواه البخاري ومسلم جميعًا في الصحيح عن قتيبة بن سعيد إلا أن البخاري لم يذكر قولها في المريض اهـ (قلت) الجزء المختص بالمريض موقوف على عائشة من فعلها، لكن ترجم أبو داود "باب المعتكف يعود المريض" ثم أورد فيه عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يمر بالمريض وهو معتكف فيمر كما هو ولا يعرج يسأله عنه" وأورده الحافظ في التلخيص وقال رواه أبو داود من حديث عائشة وفيه ليث بن أبي سليم وهو ضعيف والصحيح عن عائشة من فعلها، وكذلك أخرجه مسلم وغيره، وقال ابن حزم صح ذلك عن علي اهـ (314) عن علي بن حسين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرازق قال أنا معمر وعبد الأعلى بن معمر عن الزهري عن علي بن حسين عن صفية - الحديث" (غريبة) (1) هو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو الحسين زين العابدين المدني عن جده مرسلًا وعن أبيه وعائشة وصفية بنت حيي وأبي هريرة وابن عباس وطائفة، وعنه ينوه محمد. وعمر. وعبد الله. وزيد. وكذلك الزهري. والحكم بن عتيبة (قال الزهري) ما رأيت قرشيًا أفضل منه، وما رأيت افقه منه (وقال أبو بكر بن أبي شيبة) أصح الأسانيد الزهري عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي (وقال ابن المسيب) ما رأيت أورع منه (وقال أبو جعفر) عن أبيه أنه قاسم الله تعالى مرتين (وقال ابن عيينة) حج علي بن الحسين، فلما أحرم أصفر وانتفض وارتعد ولم يستطع أن يلبي، فقيل مالك لا تلبي، فقال أخشى أن أقول لبيك فيقول لا لبيك؛ فقيل له لابد من هذا، فلما لبى غشي عليه وسقط على راحلته. فلم يزل يعتريه ذلك حتى قضى حجه (قال أبو نعيم) مات سنة اثنتين وتسعين وقيل غير ذلك "خلاصة" (2) بمهملة وتحتانية مصغرًا ابن أخطب، كان أبوها رئيس خيبر وكانت تُكنى أم يحي. وستأتي ترجمتها في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تاعالى (3) في رواية للبخاري ثم قامت تنقلب أي ترجع وترد إلى بيتها"فقام معي يقلبني" بفتح أوله وسكون القاف أي يردني إلى منزلي (4) أي الدار التي صارت بعد ذلك لأسامة بن زيد لأن أسامة إذ ذاك لم يكن له دار مستقلة بحيث تسكن فيها صفية، وكانت بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حوالي أبواب المسجد

-[جواز زيارة المرأة زوجها في معتكفه - والتحرز مما يوجب سوء الظن]- (رضي الله عنهما) فمر رجلان من الأنصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم على رسلكما إنها صفية بنت حيي، فقالا سبحان الله يا رسول الله، فقال إن الشيطان يجري من الإنسان مجرى الدم وإني خشيت أن يقذف في قلوبكم شرًا، أو قال شيئًا

_ وفي البخاري فقام النبي صلى الله عليه وسلم معها يقلبها حتى إذا بلغت باب المسجد عند باب أم سلمة مر رجلان من الأنصار فسلما على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم على رسلكما - الحديث (1) قال الحافظ لم أقف على تسميتهما في شيء من كتب الحديث. إلا أن ابن العطار في شرح العمدة زعم أنهما أسيد بن خضير. وعباد بن بشر. ولم يذكر لذلك مستندًا (2) بكسر الراء ويجوز فتحها، أي على هيئتكما في المشي فليس هنا شيء تكرهانه، والرسل المسير السهل بمعنى التؤدة وترك العجلة "إنها صفية بنت حيي" وفي رواية للبخاري "إنما هي صفية بنت حيي" وله في رواية أخرى "هذه صفية" (3) التسبيح هنا إما حقيقة، أي تنزه الله تعالى عن أن يكون رسوله متهمًا بما لا ينبغي، أو كناية عن التعجب من هذا القول، زاد البخاري من رواية هشيم، فقالا يا رسول الله وهل نظن بك إلا خيرًا؟ (4) رواية البخاري "إن الشيطان يبلغ من ابن آدم مبلغ الدم" أي كمبلغ الدم (قال الحافظ) وقوله "يبلغ أو يجري" قيل هو على ظاهره وأن الله تعالى أقدره على ذلك، وقيل هو على سبيل الاستعارة من كثرة اغوائه (يعني وسوسته) وكأنه لا يفارقه كالم فاشتركا في شدة الاتصال وعدم المفارقة اهـ والتعبير بالإنسان في قوله يجري من الإنسان المراد به جنس أولاد آدم من ذكر وأنثى (5) أو للشك من الراوي يعني أو قال "شيئًا" بدل قوله "شرًا" وفي رواية للبخاري "إني خشيت أن يقذف في قلوبكما شيئًا" وله في رواية ابن مسافر وفي رواية معمر "سوءًا وقال شيئًا" ولمسلم وأبي داود من حديث معمر "شرًا" بالشين المعجمة كما عند الإمام أحمد (قال الحافظ) والمحصل من هذه الروايات ان النبي صلى الله عليه وسلم لم ينسبهما إلى أنهما يظنان به سوءًا لما تقرر عنده من صدق ايمانهما. ولكن خشى عليهما أن يوسوس لهما الشيطان، ذلك لأنهما غير معصومين فقد يفضي بهما ذلك إلى الهلاك. فبادر إلى اعلامهما حسمًا للمادة وتعليمًا لمن بعدهما إذا وقع له مثل ذلك كما قاله الشافعي رحمه الله تعالى، فقد روى الحاكم أن الشافعي كان في مجلس ابن عيينة فسأله عن هذا الحديث فقال الشافعي إنما قال لهما ذلك لأنه خاف عليهما الكفر إن ظنا به التهمة فبادر إلى اعلامهما نصيحة لهما قبل أن يقذف الشيطان في نفوسهما شيئًا يهلكان به اهـ (تخريجه) (ق. د. نس. جه. هق) (زوائد الباب) روى أبو داود في

-[زوائد الباب فيما يجوز للمعتكف فعله وما لا يجوز له]- .....

_ سننه حدثنا وهب بن بقية أنا خالد عن عبد الرحمن يعني ابن اسحاق عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت السنة على المعتكف ألا يعود مريضًا ولا يشهد جنازة ولا يمس امرأة ولا يباشرها ولا يخرج لحاجة إلا لما لابد منه، ولا اعتكاف إلا بصوم ولا اعتكاف إلا في مسجد جامع، ورواه النسائي أيضًا وليس فيه قالت السنة، وأخرجه أيضًا من حديث مالك وليس فيه ذلك، قال أبو داود غير عبد الرحمن بن اسحاق لا يقول فيه قالت السنة، وجعله قول عائشة اهـ وجزم الدار قطنى بأن القدر الذي من حديث عائشة قولها لا يخرج الخ وما عداه ممن دونها اهـ وعبد الرحمن بن اسحاق هذا هو القرشي المدني يقال له عباد قد أخرج له مسلم في صحيحه ووثقه يحيي بن معين وأثنى عليه غيره وتكلم فيه بعضهم (وروى البيهقي) بسنده عن الليث عن عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر من رمضان حتى توفاه الله ثم اعتكف أزواجه من بعده، والسنة في المعكتف أن لا يخرج إلا لحاجته التي لابد له منها ولا يعود مريضًا ولا يمس امرأته ولا يباشرها، ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة، والسنة فيمن اعتكف ان يصوم (ثم قال) وأخبرنا أبو على الروذباري أنبأنا محمد بن بكر ثنا أبو داود ثنا وهب فذكر حديث أبي داود المتقدم بسنده، ثم قال قد ذهب كثير من الحفاظ إلى ان هذا الكلام من قول من دون عائشة "يعني عروة" وأن من أدرجه في الحديث وهم فيه، فقد رواه سفيان الثوري عن هشام بن عروة عن عروة قال المعتكف لا يشهد جنازة ولا يعود مريضًا ولا يجيب دعوة ولا اعتكاف إلا بصيام ولا اعتكاف إلا في مسجد جماعة (وعن ابن جريج عن الزهري عن سعيد بن المسيب) أنه قال المعتكف لا يعود مريضًا ولا يشهد جنازة اهـ (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما" في قوله تعالى (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) قال المباشرة والملامسة والمس جماع كله، ولكن الله عز وجل يكني ما شاء بما شاء (هق) (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المعتكف يتبع الجنازة ويعود المريض (جه) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده ضعيف لأن عبد الخالق وعنبسة والهياج ضعفاء مع أنه معارض بما هو أقوى منه، وهو أنه كان لا يدخل البيت إلا لحاجة (وعن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله أني نذرت في الجاهلية أن اعتكف في المسجد الحرام ليلة، فقال له فأوف بنذرك، هذا الحديث رواه الشيخان والأربعة والإمام أحمد، وسيأتي في باب النذر في طاعة الله من كتاب اليمين والنذر لأنه محله، وإنما ذكرته هنا وإن لم يكن من الزوائد لأن بعض الأئمة استنتج منه عدم اشتراط الصوم في الاعتكاف كما سيأتي تفصيله في الأحكام والله أعلم (الأحكام)

-[مذاهب الأئمة فيما يجوز للمعتكف فعله وما لا يجوز له]- .....

_ أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها) جواز استخدام المعتكف زوجته في غسل رأسه ترجيل شعره ونحو ذلك (ومنها) جواز التنظيف والطيب والغسل والحلق والتزيين للمعتكف الحاقًا بالترجل، والجمهور على أنه لا يكره فيه إلا ما يكره في المسجد (قال الخطابي رحمه الله) فيه من الفقه "يعني حديث عائشة بطرقه" أن المعتكف ممنوع من الخروج من المسجد إلا لغائط أو بول (وفيه) أن ترجيل الشعر مباح للمعتكف، وفي معناه حلق الرأس وتقليم الأظفار وتنظيف الأبدان من الشعث والدرن (وفيه) أن بدن الحائض طاهر غير نجس "إلا موضع الدم" (وفيه) أن من حلف لا يدخل بيتًا فأدخل رأسه فيه وسائر بدنه خارج لم يحنث اهـ (قلت) واتفق العلماء على جواز دخول المعتكف بيته لحاجة الإنسان التي لابد منها كالبول والغائط وغسل الجنابة (واختلفوا في غيرها) كعيادة المريض وصلاة الجنازة والوضوء للصلاة (فقال أبو ثور) لا يخرج إلا لحاجة الوضوء الذي لابد منه لما في بعض طرق حديث عائشة عند الإمام أحمد "وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة الإنسان إلا إذا أراد الوضوء" الخ وذهب الأئمة (الثوري والشافعي وأحمد في رواية عنه وإسحاق) إلى أنه يخرج لكل ذلك إن اشترطه في ابتداء اعتكافه سواء أكان واجبًا أم غير واجب؛ إلا أن اسحاق فرق بين الواجب كالاعتكاف المنذور وبين التطوع. فقال في الواجب لا يعود مريضًا ولا يشهد جنازة. وفي التطوع يشترط ذلك حين يبتدئ (وقال الأوزاعي ومالك) لا يكون في الاعتكاف شرطًا (وقال أبو حنيفة وأصحابه) ليس ينبغي للمعتكف أن يخرج من المسجد لحاجة ما خلا الجمعة والغائط والبول، فأما سوي ذلك من عيادة مريض وشهود جنازة فلا يخرج له، وهو قول (مالك وعطاء ومجاهد) "وقالت طائفة" للمعتكف أن يشهد الجمعة ويعود المريض ويشهد الجنازة، وروى ذلك عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو قول سعيد بن جبير. والحسن البصري. والنخعي، (ولو اعتكف بغير الجامع الذي تقام فيه الجمعة) وحضرت الجمعة وجب عليه الخروج إليها بالإجماع، وهل يبطل اعتكافه أم لا؟ قال الأئمة (أبو حنيفة ومالك وأحمد) لا يبطل "وللشافعي" قولان (أصحهما) وهو المنصوص عنه في عامة كتبه يبطل إلا إن شرطه في اعتكافه (والثاني) وهو نصه في البويطي لا يبطل (واستدل بحديث عائشة) المذكور أول الزوائد على أنه لا يجوز للمعتكف مس امرأة ولا مباشرتها (والمراد بالمس هنا) الإفضاء بيده إلى امرأته بشهوة، أما بغير شهوة فلا بأس به لما تقدم في حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يخرج إليها رأسه فتغسله وتسرحه. فإن كان بشهوة حرم عند الأئمة الأربعة وأفسد اعتكافه وإن لم ينزل عند مالك وهو قول للشافعي. وقال أبو حنيفة لا يفسد إلا إن أنزل، وهو مشهور

-[اختلاف المذاهب في اشراط الصوم لصحة الاعتكاف]- .....

_ مذهب الشافعي (وقال عطاء) لا يبطل الاعتكاف بالمس مطلقًا أنزل أو لم ينزل، واختاره ابن المنذر والمحاملي وأبو الطيب. ولا يفسد اعتكافه أيضًا بنظر أو فكر وإن أنزل خلافًا للمالكية (والمراد بالمباشرة هنا) الجماع بقرينة ذكر المس قبلها. وقد نقل ابن المنذر الإجماع على ذلك، ويؤيده ما روى الطبري وغيره من طريق قنادة في سبب نزول الآية يعني قوله تاعالى (ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد) أنهم كانوا إذا اعتكفوا فخرج رجل فلقى امرأته جامعها إن شاء فنزلت، (واستدل بقوله في حديث عائشة المذكور) "ولا اعتكاف إلا بصوم" على أن الصيام شرط في صحة الاعتكاف وإلى ذلك ذهب ابن عباس وابن عمر رضي الله عنهم وبه قال الأئمة (أبو حنيفة. ومالك. والأوزاعي. والثوري) إلا أنه عند أبي حنيفة شرط في الاعتكاف الواجب بالنذر فقط وماعداه ليس بشرط فيه (قال الحافظ ابن القم في الهدي) ولم ينقل عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اعتكف مفطرًا قط، بل قد قالت عائشة رضي الله عنها لا اعتكاف إلا بصوم، ولم يذكر الله سبحانه وتعالى الاعتكاف إلا مع الصوم ولا فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مع الصوم، فالقول الراجح في الدليل الذي عليه جمهور السلف أن الصوم شرط في الاعتكاف وهو الذي كان يرجحه شيخ الإسلام ابن تيمية اهـ (وذهب ابن مسعود والحسن البصري والشافعي وأحمد وإسحاق) إلى أن الصيام ليس بشرط، قالوا ويصح اعتكاف ساعة واحدة ولحظة واحدة، واستدلوا بما تقدم من أنه صلى الله عليه وسلم اعتكف العشر الأول من شوال ومن جملتها يوم الفطر، ومعلوم أن يوم الفطر لا يجوز صومه. وبحديث عمر المذكور في الزوائد أنه نذر في الجاهلية اعتكاف ليلة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم فأوف بنذرك فاعتكف ليلة، ومعلوم أن الليل ليس ظرفًا للصوم. فلو كان شرطًا لأمره النبي صلى الله عليه وسلم به فدل على أنه لم يزد على نذره شيئًا وأن الاعتكاف لا صوم فيه وأنه لا يشترط له حد معين، وأجابوا عن حديث عائشة بأنه موقوف (قال الشوكاني) وهذا هو الحق لا كما قال ابن القيم أن الراجح الذي عليه جمهور السلف أن الصوم شرط في الاعتكاف، قال وقد روى حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال "ليس على المعتكف صيام إلا أن يجعله على نفسه" رواه الدارقطني، وقال رفعه أبو بكر السومي وغيره لا يرفعه، ورجح الدارقطني والبيهقي وقفه، وأخرجه الحاكم مرفوعًا وقال صحيح الأسناد، قال ويؤيد قول من قال بجواز الاعتكاف ساعة أو لحظة حديث (ومن اعتكف فواق ناقة فكأنما اعتق نسمة) رواه العقيلي في الضعفاء من حديث عائشة وأنس، قال في البدر المنير هذا حديث غريب لا أعرفه بعد البحث الشديد عنه، وقال الحافظ هو منكر ولكنه أخرجه الطبراني في الأوسط

-[مذاهب العلماء في مدة الاعتكاف وما يستفاد من حديث صفية رضي الله عنها]- .....

_ (قال الحافظ) لم أر في إسناده ضعفًا إلا أنه فيه وجادة، وفي المتن نكارة شديدة اهـ (قال صاحب سبل السلام) أما اشتراط الصوم في الاعتكاف ففيه خلاف وهذا الحديث الموقوف (يعني حديث عائشة) دل على اشتراطه وفيه أحاديث (منها) في نفي شرطيته (ومنها) في إثباته والكل لا ينهض حجة إلا أن الاعتكاف عرف من فعله صلى الله عليه وسلم ولم يعتكف إلا صائمًا، واعتكافه في العشر الأول من شوال الظاهر أنه صامها ولم يعتكف إلا ثاني شوال لأن يوم العيد يوم شغله صلى الله عليه وسلم بالصلاة والخطبة والخروج إلى الجبانة إلا أن لا يقوم بمجرد الفعل حجة على الاشتراط اهـ (وفي حديث عمر) المذكور في الزوائد رد على من قال أقل الاعتكاف عشرة أيام أو أكثر من يوم، وحكى النووي الإجماع على أنه لاحد لأكثره، واختلفوا في أقله (فذهبت الحنفية) إلى أن أقله يوم (وقالت المالكية) يوم وليلة (وقالت الأئمة الشافعي وأحمد وإسحاق) أقله ما يُطلق عليه اسم لبث ولا يشترط القعود، وقيل يكفي المرور مع النية كوقوف عرفة، وروى عبد الرزاق عن يعلى بن امية الصحابي رضي الله عنه إني لأمكث في المسجد الساعة وما أمكث إلا لاعتكف (وحديث صفية) الأخير من أحاديث الباب يدل على جواز اشتغال المعتكف بالأمور المباحة من تشييع زائره. والقيام معه. والحديث مع غيره. وإباحة خلوة المعتكف بالزوجة، وزيارة المرأة لزوجها المعتكف (وفيه أيضًا) بيان شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته وارشادهم إلى ما يدفع عنهم الأثم (وفيه) التحرز عن التعرض لسوء الظن والاحتفاظ من كيد الشيطان والاعتذار (قال ابن دقيق العبد) وهذا متأكد في حق العلماء ومن يقتدي به، فلا يجوز لهم أن يفعلوا فعلًا يوجب سوء الظن بهم وإن كان لهم فيه مخلص. لأن في ذلك سبب إلى إبطال الانتفاع بعلمهم، ومن ثم قال بعض العلماء ينبغي للحاكم أن يبين للمحكوم عليه وجه الحكم إذا كان خافيًا نفيًا للتهمة، ومن هنا يظهر خطأ من يظهر بمظاهر السوء ويعتذر بأنه يجرب بذلك على نفسه، وقد عظم البلاء بهذا الصنف والله أعلم (قال الحافظ) وفيه اضافة بيوت أزواج النبي صلى الله عليه وسلم إليهن (وفيه) جواز خروج المرأة ليلًا (وفيه) قول سبحان الله عند التعجب، وقد وقعت في الحديث لتعظيم الأمر وتهويله وللجياء من ذكره، واستدل لأبي يوسف ومحمد في جواز تمادي المعتكف إذا خرج من مكان اعتكافه لحاجته وأقام زمنًا يسيرًا زائدًا عن الحاجة ما لم يستغرق أكثر اليوم، ولا دلالة فيه لأنه لم يثبت أن منزل صفية كان بينه وبين المسجد فاصل زائد، وقد حدد بعضهم اليسير بنصف يوم وليس في الخبر ما يدل عليه اهـ (ويستحب) للمعتكف الصلاة والقراءة والذكر بالإجماع. واختلفوا في قراءة القرآن والحديث والفقه (فقال مالك وأحمد) لا يستحب (وقال أبو حنيفة والشافعي) يستحب وكأن وجه ما قال مالك وأحمد

-[مذاهب العلماء في حكم المعتكف إذا باع أو اشترى أو اشتغل بصنعته]- (4) باب جواز اعتكاف النساء حتى المستحاضة (315) عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر أن يعتكف العشر الأواخر من رمضان فاستأذنته عائشة فأذن لها, فأمر ببنائها فضرب, وسألت حفصة عائشة أن تستأذن

_ أن الاعتكاف حبس النفس وجمع القلب على نور البصيرة في تدبر القرآن ومعاني الذكر فيكون ما فرق الهمة وشغل البال غير مناسبة لهذه العبادة (وأجمعوا) على أنه ليس للمعتكف أن يتجر ولا يكتسب بالصنعة على الإطلاق (قال ابن قدامة في المغنى) قال حنبل سمعت أبا عبد الله (يعنى الامام أحمد بن حنبل رحمه الله) لا يبيع ولا يشترى إلا مالا منه طعام أو نحو ذلك. فأما التجارة والأخذ والعطاء فلا يجوز شئ من ذلك (وقال الشافعي) لا بأس أن يبيع ويشترى ويخيط ويتحدث ما لم يكن مأثما (ولنا) ما روى عمرو بن شعيب عن ابيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن البيع والشراء في المسجد, رواه الترمذى وقال حديث حسن, ورأى عمران القصير رجلا يبيع في المسجد, فقال يا هذا إن هذا سوق الآخرة فان أردت البيع فاخرج إلى سوق الدنيا, وإذا منع من البيع والشراء في غير حال الاعتكاف ففيه أولى, فأما الصنعة فظاهر كلام الخرقى أنه لا يجوز منها ما يكتسب به لأنه بمنزلة التجارة بالبيع والشراء, ويجوز ما يعمله لنفسه كخياطة قميصه ونحوه, وقد روى المروزى قال سألت أبا عبد الله عن المعتكف ترى له أن يخيط؟ قال لا ينبغى له أن يعتكف إذا كان يريد أن يفعل (وقال القاضي) لا يجوز الخياطة في المسجد سواء أكان محتاج اليها أم لم يكن قل أم كثر, لأن ذلك معيشة تشغل عن الاعتكاف فأسبه البيع والشراء فيه (والأولى) أن يباح له ما يحتاج اليه من ذلك إذا كان يسيرا, مثل أن ينشق قميصه فيخيطه أو ينحل شئ يحتاج إلى ربط فيربطه, لأن هذا يسير تدعو الحاجة إليه فجرى مجرى لبس قميصه وعمامته وخلعهما اهـ (وقال ابن حزم) كل فرض على المسلم فان الاعتكاف لا يمنع منه, وعليه أن يخرج إليه ولا يضر ذلك باعتكافه والله أعلم. (315) عن عمرة بنت عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال حدثني أبو المغيرة قال ثنا الأوزاعي قال حدثني يحيى بن سعيد قال حدثنى عمرة بنت عبد الرحمن- الحديث (غريبة) (1) أى ذكر للناس أن يريد أن يعتكف العشر.

-[سبب إذن النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أزواجه في الاعتكاف ثم منعهن]- لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلت، فأمرت ببنائها فضرب، فلما رأت ذلك زينب أمرت ببنائها فضرب، قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى انصرف، فبصر بالأبنية، فقال ما هذه؟ قالوا بناء عائشة، وحفصة، وزينب، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم آلبر أردتن بهذا؟ ما أنا بمعتكف فرجع. فلما أفطر اعتكف عشر شوال. (316) عن عائشة رضي الله عنها قالت اعتكفت مع رسول الله

_ الأواخر من رمضان فلما علمت بذلك عائشة رضي الله عنها استأذنته في الاعتكاف فاذن لها، فلما علمت حفصة بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة سألت عائشة أن تستأذن لها رسول الله صلى الله عليه وسلم في اعتكافها أيضًا (1) أي فأستأذنت لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لها (2) هي بنت جحش زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أي لما رأت بناء عائشة وحفصة في المسجد أمرت ببنائها فضرب، والظاهر أن زينب رضي الله عنها فعلت ذلك بدون استئذان (قال الحافظ) وفي رواية عمرو بن الحارث "أي عند أبي عوانة" (فلما رأته زينب ضربت معهن وكانت امرأة غيورًا) ولم أقف في شيء من الطرق أن زينب أستأذنت، وكأن هذا هو أحد ما بعث على الأنكار الآتي (3) يعني إلى المكان الذي أعد له للاعتكاف فيه، وفي رواية للبخاري فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد أبصر أربع قباب فقال ما هذه الخ (4) تقدم تفسيره في باب وقت الدخول في المعتكف رقم 307 صحيفة 246 زاد البخاري "انزعوها فلا أراها" (وفي رواية لمسلم) فأمر بخبائه فقوض بضم القاف وكسر الواو ثقيلة فضاد معجمة أي نقض، قال القاضي عياض رحمه الله قال صلى الله عليه وسلم هذا الكلام إنكارًا لفعلهن وقد كان أذن لبعضهن في ذلك، وسبب إنكاره أنه خاف أن يكن غير مخلصات في الاعتكاف بل أردن القرب منه لغيرتهن عليه ولغيرته عليهن فكره ملازمتهن المسجد مع أنه يجمع الناس وتحضره الأعراب والمنافقون وهن محتاجات إلى الخروج والدخول لما يعرض لهن فيبتذلن بذلك، أو لأنه رآهن عنده في المسجد وهو في معتكفه فصار كأنه في منزله لحصوره مع أزواجه وذهب المهم من مقصود الاعتكاف وهو التخلي عن الأزواج ومتعلقان الدنيا وشبه ذلك، أو لأنهن ضيقن المسجد بأنيتهن أهـ (5) يعني العشر الأول كما ثبت ذلك في رواية لمسلم وأبي داود (تخريجه) (ق. لك. والأربعة وغيرهم). (316) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عفان قال ثنا.

-[اختلاف العلماء في تعيين من اعتكف من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مستحاضة]- صلى الله عليه وعلى آله وسلم امرأة من أزواجه مُستحاضة فكانت ترى الصفرة والحمرة فرُبما وضعنا الطست تحتها وهي تُصلى (317) وعنها أيضًا قالت إن النبي صلى الله عليه وسلم كان يعتكف العشر الأواخر

_ يزيد بن زريع قال ثنا خالد بن عكرمة عن عائشة - الحديث (غريبة) (1) اختلف العلماء في هذه المرأة من هي من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم, فقيل هي زينب بنت جحش, وقيل سودة بنت زمعة, وقيل أم سلمة, ويؤيد الأخير ما رواه سعيد بم منصور في سننه بسنده عن خالد"يعنى الحذاء" عن عكرمة أن أم سلمة كانت عاكفة وهي مستحاضة وربما جعلت الطست تحتها (قال الحافظ) وهذا أولى ما فسرت به هذه المرأة لاتحاد المخرج, وقد أرسله اسماعيل بن علية عن عكرمة, ووصله خالد الطحاوى ويزيد بن زريع وغيرهما بذكر عائشة فيه, ورجح البخارى الموصول فأخرجه, وقد أخرج ابن أبي شيبة عن إسماعيل ابن علية هذا الحديث كما أخرجه سعيد بن منصور بدون تسمية أم سلمة والله أعلم (2) الصفرة ماء أصفر يشبه الصديد, والحمرة الدم. إلا أنه ليس كدم الحيض, وقد جاء هذا الحديث نفسه من طريق خالد بن عكرمة عن عائشة عند البخارى مصرحا بالدم بدل الحمرة (ولفظه) عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتكف معه بعض نسائه وهي مستحاضة ترى الدم فربما وضعت الطست تحتها (ولأبى داود والبخارى) عم أم عطيه رضى الله عنه قالت"كنا لا نعد الصفرة والكدرة بعد الطهر شيئا" إلا أن البخارى لم يذكر "بعد الطهر" قال النووى رحمه الله في شرح المهذب قال الشيخ أبو حامد في تعليقه هما ماء أصفر وماء كدر وليسا دم, (وقال أمام الحرمين) هما شيء كالصديد يعلوه صفرة وكدرة وليسا على لون شئ من الدماء القوية والضعيفة اهـ والمعنى أن ما خرج من المرأة بعد مدة الحيض على هذه الصفة لا يعد دم حيض, بل دم استحاضة لا يمنع شيئا من موانع الحيض والله أعلم (3) أصله الطس بالتضعيف فأبدلت احدى السينيين تاء للاستثقال, فاذا جمعت أو صغرت ردت إلى أصلها فقلت طساس وطسيس, وفي اللغة البلدية بالشين المعجمة؟ ويجمع على طشوت قاله العينى, والحكمة في وضع الطست تحتها ليلاقى الدم خوفا من تلويث المسجد (تخرجه) (خ. د. نس. جه) (317) وعنها أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة بن سعيد قال ثناليث بن سعيد عن عقيل عن الزهرى عن عروة عن عائشة- الحديث"

-[مذاهب العلماء في مشروعية اعتكاف النساء وآدابه وجوازه للمستحاضة]- من رمضان حتى توفاه الله ثُم اعتكف أزواجه من بعده

_ (غريبه) (1) استدل به على استحباب مداومة الاعتكاف في العشر الأواخر من رمضان لتخصيصه صلى الله عليه وسلم ذلك الوقت بالمداومة على اعتكافه, وعلى أن لم ينسخ وأكد ذلك بقوله (ثم اعتكف أزواجه من بعده) أى استمر حكمه بعده حتى في حق النساء ولا هو من الخصائص (تخريجه) (ق. د. نس) (الأحكام) استدل بحديث عائشة الأول من أحاديث الباب على أن المرأة لا تعتكف حتى تستأذن زوجها وأنها اذا اعتكفت بغير اذنه كان له أن يخرجها, وإن كان باذنه فله أن يرجع فيمنعها, واليه ذهب الجمهور, (ومنهم الشافعى وأحمد) (وعن أهل الرأى) إذا أذن لها الزوج ثم منعها أثم بذلك. (وعن مالك) ليس له ذلك بعد الأذن (وفيه أيضا) جواز ضرب الأخبية في المسجد وأن الأفضل للنساء أن لا يعتكفن في المسجد (قال الحافظ) وقد أطلق الشافعى كراهته لهن في المسجد الذى تصلى فيه الجماعة, واحتج بحديث الباب فانه دال على كراهة الاعتكاف للمرأة إلا في مسجد بيتها لأنها تتعرض لكثرة من يراها (وقال ابن عبد البر) لولا أن ابن عيينة زاد في الحديث "أى حديث الباب" أنهن استأذن النبي صلى الله عليه وسلم في الاعتكاف لقطعت بأن اعتكاف المرأة في مسجد الجماعة غير جائز اهـ (وشرط الحنفية) لصحة اعتكاف المرأة أن تكون في مسجد بيتها (قلت) وهو الواجب المتعين الذى يجب المصير اليه خصوصا في عصرنا هذا, وفي رواية لهم أن لهم الاعتكاف في المسجد مع زوجها, وبه قال الامام أحمد (وفيه) أن المرأة إذا اعتكفت في المسجد استحب لها أن تجعل لها ما يسترها, ويشترط أن تكون اقامتها في موضع لا يضيّق على المصلين (وفيه) بيان مرتبة عائشة في كون حفصة لم تستأذن إلا بواسطتها ويحتمل أن يكون سبب ذلك كونه كان تلك الليلة في بيت عائشة والله أعلم, وتقدم كثير من أحكام هذا الحديث في حديثها السابق رقم 307 في باب وقت الدخول في المعتكف (وفي حديثها الثاني من أحاديث الباب) دليل على جواز مكث المستحاضة في المسجد وصحة اعتكافها وصلاتها وجواز حدثها في المسجد عند أمن التلويث, ويلتحق بها دائم الحدث ومن به جرح يسيل (وفي حديثها الثالث من أحاديث الباب) مشروعية الاعتكاف للنساء لقول عائشة فيه" ثم اعتكف أزواجه من بعده" واستدل به على أن الاعتكاف لم ينسخ وليس من الخصائص وأنه من السنن المؤكدة خصوصا في العشر الأواخر من رمضان لطلب ليلة القدر (وحكى الحافظ) عن ابن نافع عن مالك أنه قال فكّرت في

-[فضل العشر الأواخر من رمضان - واستحباب الاجتهاد فيها بالعبادة]- (5) باب الاجتهاد في العشر الأواخر من رمضان (318) "ز" عن على رضى الله عنه قال كان النبى صلى الله عليه وسلم يُوقظ أهله (وفي لفظ نساءه) في العشر الأواخر من رمضان (وعنه من طريق ثان) ز قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم إذا دخل العشر أيقظ أهله ورفع المئزر (وفي لفظ وشد المئزر) قِيل لأبى بكرٍ

_ الاعتكاف وترك الصحابة له مع شدة اتباعهم للأثر فوقع في نفسى أنه كالوصال, وأراهم تركوه لشدته, ولم يبلغني عن أحد من السلف أنه اعتكف إلا عن أبى بكر بن عبد الرحمن اهـ (قال الحافظ) وكأنه أراد صفة مخصوصة والا فقد حكيناه عن غير واحد من الصحابة, ومن كلام مالك أخذ بعض الصحابة أن الاعتكاف جائز, وأنكر ذلك عليهم ابن العربي, وقال أبو داود عن أحمد لا أعلم عن أحد من العلماء خلافا أنه مسنون والله أعلم (318) "ز" عن على رضى الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبو خيثمة ثنا عبد الرحمن بم مهدى عن سفيان وشعبة وإسرائيل عن أبى اسحاق عن هيبرة عن على رضي الله عنه- الحديث" (غريبة) (1) أى ايقظهم للصلاة في الليل وجد ف العبادة زيادة عن العادة (2) (سنده) "ز" حدثنا عبد الله حدثنى أبو بكر بن أبى شيبة ثنا أبو بكر بن عياش عن أبى اسحاق عن هيبرة عن على قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دخل العشر الحديث (3) بكسر الميم مهموز وهو الازار, جعل رفع المئزر وهو تشميره عن الأسبال كناية عن الاجتهاد في العبادة"وشد المئزر" كما في اللفظ الثاني بمعناه أيضا, يقال شددت لهذا الأمر مئزري أى تشمرت له وتفرغت, وقيل هو كناية عن اعتزال النساء للاشتغال بالعبادات, وهذا الأخير موافق لتفسير الراوى كما سيأتي (4) هو ابن عياش أحد رجال السند ذكر عنه ذلك أبو بكر بن أبى شيبة, يعنى أن المراد بشد المئزر هو اعتزال النساء, وبه جزم عبد الرزاق عن الثورى واستشهد بقول الشاعر قوم إذا حاربوا شدوا ما زرهم ... عن النساء ولو باتت بأطهار وقال الخطابي يحتمل أن يريد به الجد في العبادة كما يقال شددت لهذا الأمر مئزرى أى تشمرت له ويحتمل أن يراد التشمير والاعتزال معا ويحتمل أن يراد الحقيقة والمجاز كمن يقول طويل

-[زوائد الباب وفضل الجد والاجتهاد بالعبادة في العشر الأواخر]- ما رفع المِئزر؟ قال اعتزال النساءِ (319) عن مسروق عن عائشة رَضى الله عنها تذكر عن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل العشر أحيا الليل وَأيقظ أهله وشَد المئزر (وعنها من طريق ثان) قال كان يخلط في العشرين الاولى النبى صلى الله عليه وسلم من نوم ٍ وصلاةٍ فاذا دخلت العشر جَد وشَد المئزر (وعنها من طريق ثالث) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يجتهد في العشر ما لا يجتهده في غيره

_ النجاد طويل القامة وهو طويل النجاد حقيقة, فيكون المراد شد مئزره حقيقة فلم يحله واعتزل النساء وشمر للعبادة (قال الحافظ) وقد وقع في رواية عاصم بن ضمرة المذكورة"يعنى عند ابن أبى شيبة من حديث على" شد مئزره واعتزل النساء فعطفه بالواو فيتقوى الاحتمال الأول اهـ (تخريجه) (مذ. ش. هق. عل) من طرق متعددة عن أبى إسحاق وقال الترمذى حسن صحيح (319) عن مسروق عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن ابن عبيد بن نسطاس يعنى أبا يغفور عن مسلم عن مسروق عن عائشة- الحديث" (غريبة) (1) أى سهره فأحياه بالطاعة واستغرقه بالسهر في الصلاة وغيرها (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أسود ثنا شريك عن جابر عن يزيد بن مرة عن لميس عن عائشة قالت كان يخلط الخ (3) أى كان يصلى بعض الليل وينام بعضه كما هي عادته (4) أى اجتهد وقام الليل كله (5) (سند) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا عفان قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا الحسن بن عبيد الله قال ثنا ابراهيم عن الأسود بن يزيد عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد الحديث (6) زاد مسلم الأواخر (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه الشيخان وغيرهما, والطريق الثانية لم أقف على من أخرجها, وفي اسنادها من اسمه لميس لم أقف على من ترجمه, وأخرج الطريق الثالثة (م. مذ. نس. جه. هق) (زوئد الباب) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال كان النبى صلى الله عليه وسلم اذا دخل العشر الأواخر طوى فراشه واعتزل النساء وجعل عشاءه سحورا (طس) قال الهيثمى فيه حفص بن واقد, قال ابن عدى له أحاديث منكرة (وعن على بن أبى طالب) رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوقظ أهله في العشر

-[كلام العلماء فيما يستحب فعله في العشر الأواخر وتفسير لفظ القدر بسكون الدال]- (6) باب ليلة القدر (*) وما جاء في فضلها (وفي أى ليلة من رمضان وفيه فصول- الفصل الأول في فضلها وما يقول من رآها) (320) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قَام

_ الأواخر في شهر رمضان وكل صغير وكبير يطيق الصلاة, قال الهيثمى روه الترمذى باختصار رواه (طس) وأبو يعلى باختصار عنه وفي إسناد الطبرانى عبد الغفار بن القاسم وهو ضعيف وإسناد أبى يعلى حسن (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الاجتهاد في العبادة في العشر الأواخر من رمضان وعلى احيائها بالعبادة وعلى إيقاظ الاهل أعنى الزوجة والأولاد لهذا الغرض حتى الصغار منهم إذا أطاقوا القيام لحديث على رضى الله عنه المذكور في الزوائد. ولما روى الترمذى ومحمد بن نصر من حديث زينب بنت أم سلمة" لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم إذا بقى من رمضان عشرة أيام يدع أحدا من أهله يطيق القيام الا أقامه" وإنما كان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك ليصادف في هذه العشر ليلة القدر التى هي خير من الف شهر (بنص القرآن) تنزل الملائكة والروح فيها بإذن ربهم من كل أمر سلام هي حتى مطلع الفجر" فمن أحياها أحيا الله قلبه وأعطاه خيرا كثيرا لا يعلم قدره الا هو جل شأنه (قال النووي رحمه الله) يستحب أن يزاد من العبادات في العشر الأواخر من رمضان واستحباب إحياء لياليه بالعبادات, وأما قول أصحابنا يكره قيام الليل كله فمعناه الدوام عليه ولم يقولوا بكراهة ليلة وليلتين والعشر, ولهذا اتفقوا على استحباب إحياء ليلتى العيدين وغير ذلك اه (وفي أحاديث الباب أيضا) الحرص على مداومة القيام في العشر الأخير والحث على تجويد الخاتمة نسأل الله أن يختم لنا بخير آمين (320) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى

-[فضل ليلة القدر وما يقول من وافقها]- رمضان إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه, ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له ما تقدم من ذنبه (وعنه من طريق ثان بمثله وفيه) فغنه يُغفر له ما تقدم من ذنبه (بَدل قوله في الطريق الأولى غُفر له) (321) عن عائشة رضى الله عنها قالت يا نبى الله إن وافقت ليلة القدر ما أقول؟ قال تقولين اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عني

_ قال ثنا شيبان عن يحيى قال أخبرنى أبو سلمة أن أبا هريرة أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قام رمضان - الحديث" (غريبة) (1) تقدم شرح هذا الحديث في باب فضل صيام رمضان وقيامه رقم 15 صحيفه 219 من الجزء التاسع, وقيام ليلة القدر يكون بقيام كل الليل أو أكثره في الطاعات من ذكر الله عز وجل واستغفاره والصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم وتسبيحه جل ذكره وغير ذلك من أنواع الطاعات نسأل الله التوفيق (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان قال ثنا همام قال ثنا يحيى بن أبى كثير قال ثنا أبو سلمة عن أبى هريرة بمثله (3) يعنى من الموضوعين, عقب قيام رمضان, وقيام ليلة القدر, وفي آخر الحديث. قال عفان وثنا أبان بهذا الأستاذ مثله (تخريجه) أخرج الشق الأول منه المختص بقيام رمضان (ق. والأربعة) وأخرج الشق الثانى المختص بقيام ليلة القدر (خ. د. نس. مذ) (321) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا كهمس قال حدثنى ابن بريدة قال قالت عائشة يا نبى الله لحديث (تخريجه) (نس. جه. مذ) وقال الترمذى رحمه الله هذا حديث حسن صحيح, وحدثنا الباب يدلان على مشروعية قيام رمضان بنحو صلاة التراويح. وتقدم الكلام على ذلك في أول الجزء الخامس, وعلى مشروعية قيام ليلة القدر والاشتغال فيها بأنواع الطاعات كصلاة ودعاء واستغفار وتلاوة قرآن

-[اختصاص ليلة القدر بشهر رمضان وأنها باقية إلى يوم القيامة]- (الفصل الثاني فيما جاء أنها في العشر أو السبع الأواخر من رمضان) (322) عن أبى ذر رضي اللهُ عنه قال قُلت يا رسول الله أخبرنى عَن ليلة القدر أفي رمضان هي أو في غيره؟ قال هي في رمضان, قال قُلت تكون مع الأنبياء ما كانوا فإذا قُبضوا رُفعت أم هي إلى يوم القيامة؟ قَال بل هي إلى يوم القيامة. قَال قُلت في أي رمضان هي؟ قَال التمسوها في العشر الأول, أو العشر الأواخر, ثُم حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم وحَدث ثم

_ ويستحب فيها الاكثار من دعاء عائشة المذكور في الباب وهو " اللهم إنك عفو تحب العفو فاعف عنى" (قال الأمام الشافعى) رحمه الله أستحب أن يكون اجتهاده في يومها كاجتهاده في ليلتها هذا نصه, ويستحب أن يكثر فيها من الدعوات بمهمات المسلمين فهذا شعار الصالحين, (وفي الحديث الأول) أن من قام ليالى رمضان خصوصا ليلة القدر قاصدا بذلك وجه الله تعالى معتقدا فضل هذه الليالى مصدقا بذلك قاصدًا بذلك وجه الله تعالى معتقدا فضل هذه الليالى مصدقا بذلك راغبا في الثواب غفر الله له ما تقدم من ذنبه وظاهره يتناول كل ذنب من الصغائر والكبائر وبه قطع ابن المنذر (وقال النووي) المعروف أنه يختص بالصغائر وبه قطع إمام الحرمين (وقال القاضى عياض) هو مذهب أهل السنة والله سبحانه وتعالى أعلم (322) عن أبى ذر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن عكرمة بن عمار حدثنى أبو زميل سماك الحنفي حدثنى مالك بن مرثد بن عبد الله الزمانى حدثنى أبو مرثد, قال سألت أبا ذر قلت كنت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر؟ قال أنا كنت أسأل الناسِ عنها, قال قلت يا رسول الله أخبرنى عن ليلة القدر- الحديث" (غريبة) (1) فيه دلالة على أن ليلة القدر يختص وقوعها بشهر رمضان من بين سائر الشهور لا كما يروى عن ابن مسعود ومن تابعه من علماء أهل الكوفة من أنها توجد في جميع السنة وترتجى في جميع الشهور على السواء, وقد ترجم أبو داود في سننه على هذا, فقال (باب بيان أن ليلة القدر في كل رمضان) (2) أى مدة وجودهم أحياء (3) فيه دلالة على أنها تكون باقية ألى يوم القيامة في كل سنة بعد النبى صلى الله عليه وسلم لا كما زعمه بعض طوائف الشيعة من رفعها بالكلية على ما فهموه من حديث عبادة بن الصامت الآتى من قوله"فرفعت

-[طلب ليلة القدر في السبع الأواخر من رمضان]- اهتبلتُ غفلته قُلت في أى العِشرين هي؟ قَال ابتغوها في العشر الأواخر, لا تسْألنى عن شئ بعدها, ثم حدث رَسول الله صلى الله عليه وسلم وحدث قم اهتبلت غفلته فقلت يا رسول الله أقسمت عليك بحقى عليك لما أخبرتني في أى العشر هي؟ قال فغضب على غضبًا لم يغضب مثله منذ صَحبته أو صاحبته كلمة نحوها, قال التمسوها في السبع الأواخر ,لا تسألنى عن شئ بعدها (323) عَن ابن عمر رَضى الله عنهما قَال كَان الناس يرون الرؤيا فيقصونها عَلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنى أو قال أسمع رؤياكم تواطأت على السبع الأواخر فمن كان منكم مُتحريها فليتحرها في السبع الأواخر

_ وعسى أن يكون خيرا لكم " لأن المراد رفع علم وقتها عينا (1) أى تحينت غفلته في الحديث واغتنمها من الهُبالة الغنيمة (2) أى بمالى عندك من المنزلة وقديم الصحبة. لأنه رضى الله عنه كان من السابقين الأولين في الإسلام, وكان ينبغى أن لا يسأل بعد أن أمره النبى صلى الله عليه وسلم بعدم السؤال مرة أخرى, ولكن طمعه في حلم النبي صلى الله عليه وسلم وحرصه على تعلم العلم ومعرفته ليلة القدر والتزود من أعمال البر حمله كل هذا على السؤال بعد النهي, ولقد استفدنا من حديثه ما لم نستفده من حديث غيره, فمن فوائد حصر ليلة القدر في رمضان في السبع الأواخر منه كل سنة وأنها باقية إلى يوم القيامة , فرضى الله عنك يا أبا ذر وجزاك عنا أحسن الجزاء (3) الراوى يشك. وإنما غضب النبى صلى الله عليه وسلم لإلحاحه في السؤال بعد النهي, وقد علمت عذره رضى الله عنه (تخريجه) (نس. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلمو لم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى (323) عن ابن عمر (نده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر - الحديث (غريبه) (4) يعنى قيل لهم في المنام إنها في السبع الأواخر, ولفظه عند البخارى عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رجالا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم اُروا ليلة القدر في المنام في السبع الأواخر, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى رؤياكم قد تواطأت الحديث (5) بالهمزة أى توافقت وزنا ومعنى (6) أى طالبها وقاصدها لأن التحرى القصد والاجتهاد في الطلب"فليتحرها في السبع الأواخر" يعني الأواخر

-[طلب ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان]- (وعنه من طريق ثان) أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال التمسوا ليلة القدر في العشر الغوابر في التسع الغوابر (324) عن ابن عباس رضى الله عنهما أن نبى الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أقبل إليهم مُسرعا, قال حتى أُفزعنا من سُرعته, فلما انتهي إلينا ,قال جئت مُسرعًا أُخبركم بليلة القدر فأنسيتها بينى وبينكم ولكن التمسوها في العشر الأواخر من رمضان

_ من الشهر (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (2) قال الأزهرى الغابر يحتمل الوجهين, يعنى الماضي والباقي فانه من الأضداد, قال والمعروف الكثير أن الغابر الباقي (قلت) وهو المراد هنا, يعنى البواقى من الشهر من ليلة إحدى وعشرين لغاية الثلاثين إذا كان الشهر كاملا"وقوله في التسع الغوابر" أى من ليلة إحدى وعشرين أيضا لغاية تسع وعشرين إذا كان الشهر ناقصًا (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (ق. لك. د) ولم أقف على من أخرج الطريق الثانية وسندها من رجال الصحيحين (324) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبيدة حدثنى قابوس عن أبى ظبيان عن ابن عباس- الحديث" (غريبه) (3) في رواية للبخارى من حديث أبى سعيد"ثم أنسيتها أو نسيتها" قال الحافظ شك من الراوى هل أنساه غيره إياها أو نسيها من غير واسطة, قال ومنهم من ضبط نسيتها بضم أوله والتشديد فهو بمعنى أنسيتها, والمراد أنه أنسى علم تعيينها في تلك السن اهـ أما سبب النسيان فسيأتى في الفصل الرابع في حديث عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (خرجت وأنا أريد أن أخبركم بليلة القدر فتلاحى"أى تخاصم" رجلان فرفعت) أى من قلبى فنسيت تعيينها للاشتغال بالمتخاصمين"وقوله بينى وبينكم" أى في المدة التى بين خروجى ومجيئى بسبب المتخاصمين والله أعلم (4) في حديث عبادة (فالتمسوها في التاسعة أو السابعة أو الخامسة) هذا لفظ رواية الأمام أحمد, وله في أخرى من حديث عبادة أيضا"فاطلبوها في العشر الأواخر في تاسعة أو سابعة أو خامسة" يعنى تبقى كما صرح بذلك في حديث ابن عباس وسيأتى في الفصل الرابع أيضا (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وسنده جيد

-[فضل قيام العشر الأواخر من رمضان - وطلب ليلة القدر في الوتر منهن]- (325) "ز" عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال: اطلبوا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان فإن غلبتم فلا تغلبوا على السبع البواقي. الفصل الثالث في أنها في العشر الأواخر في الوتر أو في آخر ليلة وذكر أماراتها (326) عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليلة القدر في العشر البواقي من قامهن ابتغاء حسبتهن فإن الله تبارك وتعالى يغفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهي ليلة وتر تسع أو سبع أو خامسة أو ثالثة أ, آخر ليلة، وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

_ (325) "ز" عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني سويد ابن سعيد أخبرني عبد الحميد بن الحسن الهلالي عن أبي إسحاق عن هبيرة بن يريم عن علي رضي الله عنه الحدث (غريبة) (1) يعني فإن فاتكم ابتغاؤها من أول العشر لمانع فلا يفوتكم طلبها في السبع البواقي منه والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير عبد الله بن الإمام أحمد وسنده لا بأس به. (326) عن عبادة بن الصامت (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيوة بن شريح ثنا بقية حدثني بحير بن سعيد عن خالد بن معدان عن عبادة بن الصامت - الحديث (غريبة) (2) يعني العشر البواقي من رمضان "ابتغاء حسبتهن" يعني احتسابًا أي طلبًا للآخرة لا لرياء وسمعة (م) إن قيل المغفرة تستدعي سبق شيء من ذنب والمتأخرة من الذنوب لم يأت فكيف يغفر؟ فالجواب) أ، هذا كناية عن حفظ الله إياهم من الكبائر فلا يقع منهم كبيرة بعد ذلك، وقيل إن ذنوبهم تقع مغفورة والله أعلم (4) المراد بالتسع هنا الليالي الباقية بعد العشرين من الشهر أعني من العشر الأواخر وكذا قوله أو سبع، أو خامسة. أو ثالثة. وهذا على طريقة العرب في التاريخ إذا جاوز نصف الشهر يؤخرون بالباقي منه، وإذا لم يجاوز نصفه أرخوا بما مضى "فالتسع هنا" ليلة الحادي والعشرين باعتبار أن الشهر تسعة وعشرون يومًا لنه المحقق، ولا يتأتى نقصه عن ذلك "والسبع" ليلة ثلاث وعشرين "والخامسة" ليلة خمس وعشرين "والثالثة" ليلة سبع وعشرين "قوله أو آخر ليلة"

-[أمارات ليلة القدر وطلبها في الوتر من العشر الأواخر]- إن أمارة ليلة القدر أنها صافية بلجة كأن فيها قمرًا ساطعًا ساكنة ساجية لا برد فيها ولا حر، ولا يحل لكوكب أن يرمي به فيها حتى تصبح وإن أمارتها أن الشمس صبيحتها تخرج مستوية ليس لها شعاع مثل القمر ليلة البدر، ولا يحل للشيطان أن يخرج معها يومئذ. (327) وعنه أيضًا قال أخبرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر، فقال هي في شهر رمضان فالتمسوها في العشر الأواخر فإنها في وتر ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو سبع وعشرين أو آخر ليلة.

_ يرجح ما قلنا، لأن معناه آخر ليالي الوتر وهي ليلة تسع وعشرين (ومما يرجح ذلك أيضًا) ما جاء في حديثه الآتي مفسر لهذا بلفظ "فإنها في وتر ليلة إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو سبع وعشرين أو آخر ليلة من رمضان الحديث" ولا يرد على هذا كون الشهر ثلاثين يومًا في بعض الأحيان، فتكون التسع ليلة ثنتين وعشرين والسبع ليلة أربع وعشرين والخامسة ليلة ست وعشرين، وهكذا لأنها مقيدة بالوتر في هذا الحديث وغيره من الأحاديث الصحيحة سواء أكان الشهر تسعًا وعشرين أو ثلاثين، هذا ما ظهر لي والله أعلم. (1) أي مشرقة ومنه تبلج أي ظهر نوره (2) أي ساكنة أيضًا فهو تأكيد للأول يقال سجا الشيء من باب سمد سكن ودام، وقوله تعالى {والليل إذا سجى} أي دام وسكن ومنه البحر الساجي. أي الساكن (3) لعدم الحاجة إلى ذلك لأنه إنما ترمي الشياطين بالشهب عند إرادة استراق السمع وهم في هذه الليلة لا يجرءون على ذلك لكثرة الملائكة في جميع بقاع الأرض والسماء (4) "أي" مستديرة لا يشوب دائرتها شعاع كالمعتاد، بل تكون كالقمر ليلة البدر (5) أي لأنه ورد في مسند الإمام أحمد وتقدم في أبواب الأوقات المنهي عن الصلاة فيها في غير موضع في الجزء الثاني وفي الصحيحين وغيرهما "أن الشمس تطلع بين قرني شيطان" ففي هذا اليوم لا يخرج معها الشيطان كعادته (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي، وقال رواه أحمد ورجاله ثقات. (327) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زكريا بن عدي أنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عمر بن عبد الرحمن عن عبادة

-[التماس ليلة القدر في الوتر من العشر الأواخر]- من رمضان من قامها احتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه (زاد في رواية وما تأخر) (328) عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: التمسوها في العشر الأواخر لتسع بقين أو لسبع يبقين أو لخمسٍ أو لثلاثٍ أو آخر ليلة. الفصل الرابع في أنها في الوتر من العشر الأواخر من رمضان (329) عن عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه قال ذكرت ليلة القدر عند أبي بكرة رضي الله عنه، فقال: ما أنا بملتمسها بعد ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا في عشر الأواخر، سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: التمسوها في العشر الأواخر في الوتر منه، قال: فكان أبو بكرة يصلي.

_ ابن الصامت قال أخبرنا - الحديث (غريبة) (1) تقدم الكلام عليه في الذي قبله (تخريجه) (طب) قال الهيثمي، وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل وفيه كلام وقد وثق. (328) عن أبي بكرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عيينة عن أبيه عن أبي بكرة - الحديث (غريبة) (2) هذا يؤيد ما قلنا في شرح حديث عبادة السابق (من أن المراد بالتسع هو الليالي الباقية بعد العشرين، أي من العشر الأواخر، وكذا يقال في سبع وخمس ألخ) لقوله هنا لتسع يبقين أو لسبع يبقين ألخ وتقدم الكلام هناك بما يغني عن الشرح هنا والله الموفق (تخرجيه) أخرجه الترمذي بأطول من هذا عن عيينة بن عبد الرحمن أيضًا، قال حدثني أبي قال ذكرت ليلة القدر عند أبي بكرة، فقال ما أنا بملتمسها لشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا في العشر الأواخر، فاني سمعته يقول التمسوها في تسع يبقين أو سبع يبقين أو خمس يبقين أو ثلاث يبقين أواخر ليلة، قال: وكان أبو بكرة يصلي في العشرين من رمضان كصلاته في سائر السنة فإذا دخل العشر اجتهد، قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، وسيأتي نحوه للإمام أحمد في الفصل الآتي. (329) عن عيينة بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[الاجتهاد في العشر الأواخر- وطلب ليلة القدر فى الوتر منها]- في العشرين من رمضان كصلاته فى سائر السنة، فإذا دخل العشرُ أجتهدا (330) ز) عن جابر بن سمرُة رضى الله عنهُ قال قال رسُول الله صلُّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم التمسوُا ليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان فى وتر فإنى أيتُها فنُسيتها وهي ليلةُ مطرٍ وربحٍ أو قال قطرٍ وربحٍ (331) عن عُبادة بن الصامت رضى الله عنهُ قال خرج علينا رسُول الله صلى الله عليه وسلم وهُو يُريدُ أن أخبركُم بليلة القدر فتلاحى

_ يزيد بن هارون أنا عيينة بن عبد الرحمن عن أبيه- الحديث) (غربيه) (1) إنما كان ذلك أبو بكرة رضى الله عنه لاعتقاده أنها فى العشر الأواخر كما سمع من النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (مذ) وقال حديث حسن صحيح، والحاكم وقال هذا حديث صحيح الأسناد ولم يخرجاه (قلت) وأره الذهبى (330) (ز) عن جابر بن سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى محمد ابن غالب ثنا عبد الرحمن بن شريك حدثنى أبى عن سمك عن جابر بن سمرة- الحديث) (غربيه) (2) (القطر بسكون الطاء هو المطر وأو للشك من الروى (تخريجه) (بز. طب.) وهذا الحديث من زوائد عبد الله بن الأمام أحمد على مسند أبيه، ورواه العشر الأواخر من رمضان فى تر فانى قدر أيتها ثم نصيتها وهى ليلة قطر وربح أو قال مطر وريح، ثم قال الهيثمى رواه البزار والطبرانى فى الكبير وزاد ورعد، ورجال أحمد الصحيح (331) عن عبادة بن الصامت (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن أبى عدى عن حميد عن أنس عن عبادة بن الصامت- الحديث) (غريبه) (3) أى بتعيين ليلة القدر هو قوله فتلاحى رجلان) أى تخاصما وتنازعا، وفى رواية لمسلم والأمام أحمد وستأتى من حديث أبي سعيد (فجاء رجلان يحتقان معهما الشيطان فنسيتها) يحتقان بالقاف، ومعناه يطلب كل واحد منهما حقه ويدعى أنه المحق، وفيه أن المخاصمة والمنازعة مذمومة وأنها سبب للعقوبة المعنوية، وفى رواية للبخارى من حديث عبادة (فتلاحى فلان وفلان) قال الحافظ

-[طلب ليلة القدر فى الوتر الأواخر]- رجُلان فرفعت وعسى ان يكون خيرا لكم فالتمسوها فى التاسعة أو السَّبعة أو الخامسة (وفى لفظٍ فاطلُبُوها فى العشر الأواخر فى التاسعةٍ أو سابعة أو خامسةٍ (332) عن عُمر ين الخطَّب رضى الله عنهُ قال إن رسُول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال فى ليلة القدر ما قد علمتُم فالتمسُوها

_ قيل هما عبد الله بن أبى حدود وكعب بن مالك، ذكره بن دحية ولم يذكر له مستندا (1) أى من قلبى فنسيت تعيينها للاشتغال بالمتخاصمين، وقيل معناه رفعت بركبتها فى تلك السنة، وقيل التاء فى رفعت للملائكة لا للَّليلة. قال الحافظ (وقال الطبيى) قال بعضهم رفعت أى معرفتها والحامل له على ذلك أن رفعها مسبوق بوقوعها، فإذا وقعت لم يكن لرفعها معنى، قال ويمكن أن يقال المراد برفعها انها شرعت أن تقع أن تقع فلما تخاصما لافعت بعد، فنزَّ الشروع منزلة الوقوع اهـ قال الحافظ وإذا تقرر أن الذى ارتفع علم تعيينها تلك السنة فهل اُعلم النبى صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بتعيينها؟ فيه احتمال. ثم نقل الحافظ عن ابن عيينة أنه اُعلم، قال وروى محمد بن نصر من طريق واهب المغافرى أنه سأل زينب بنت أم سلمة هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم ليلة القدر؟ فقالت لا. لو علمها لما أقام الناس غيرها اهـ قال الحافظ وهذا قالته احتمالا وليس بلازم، لاحتمال أن يكون التعبد وقع بذلك أيضا فيحصل الاجتهاد فى جميع العشر اهـ (2) وجه خيرية إخفاءها يستدعى قيام كل الشهر أو العشر الأواخر على الأقل. بخلاف ما لو بقيت معرفة تعيينها (3) قال الحافظ يحتمل أن يريد بالتاسعة تاسع ليلة من العشر الأخير فتكون ليلة تسع وعشرين ويحتمل أن يريد بها تاسع ليلة تبقى من الشهر فتكون ليلة إحدى أو أثنين (يعنى وعشرين) بحسب تمام الشهر ونقصانه، قال ويرجح الأول قوله (يعنى البخارى) فى رواية إسماعيل بن جعفر عن حميد بلفظ (التمسوها فى التسع والسبع والخمس أى فى تسع وعشرين وسبع وعشرين وخمس وعشرين اهـ (4) أى فى تاسعة تبقى أو سابعة تبقى أو خامسة تبقى كما جاء ذلك صريحا فى حديث ابن عباس الآتى بعد حديث وسيأتى الكلام عليه هناك (تخريجه) (خ. هق. وأبو داود الطيالسى) (332) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا عاصم بن كليب قال قال أبى ابن عباس رضى الله عنهما قال وما أعجبك من ذلك كان عمر رضى الله عنه إذا دعا الأشياخ من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم دعاني معهم، فقال لا تتكلم حتى يتكلموا، قال فدعانا ذات يوم أو ذات ليلة، فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث) (غريبه) (5) يعنى قوله صلى الله عليه وسلم فالتمسوها الخ يخاطب عمر

-[استشارة عمر الصحابة فى فى أى الوتر من العشر تكون ليلة القدر]- في العشر الأواخر وترا، ففى أى الوتر ترونها (333) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قال رسُول الله عليه وسلم التمسُوها فى العشر الأخر فى تاسعةٍ تبقى أو سابعةٍ تبقى

_ جمعا من مشايخ الصحابة رضى الله عنهم (1) فيه استحباب الاستعانة بالغير فى فهم المسائل المهمة وعدم الاستقلال بالرأى (تخريجه) أورده الهيثمى عن عمر بلفظ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوها فى العشر الأواخر وترا. ثم رواه أبو يعلى والبار، ورجال أبو يعلى ثقات اهـ (قلت) وروى الحاكم نحو حديث الباب مطولا من طريق عبد الله بن إدريس ثنا عاصم ابن كليب الجرمى عن أبيه عن ابن عباس، قال كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه يدعونى مع أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ويقول لى لا تتكلموا، قال فدعاهم وسألهم عن ليلة القدر، قال أرأيتم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوها فى العشر الأواخر أى ليلة ترونها؟ فقال بعضهم ليلة إحدى، وقال بعضهم ليلة ثلاث، وقال آخر خمس. وأنا ساكت، فقال مالك لا تتكلم، فقلت إن أذنت لى يا أمير المؤمنين تكلمت، قال فقال ما أرسلت إليك إلا لتتكلم، قال فقلت أحدثكم برأبى؟ قال عن ذلك نسألك، قال فقلت السبع، رأيت الله ذكر سبع سماوات ومن الأرضين سبعا، وخلق الإنسان من سبع، وبرز نبت الأرض من سبع؟ قال فقلت إن الله يقول شققنا الأرض شقا إلى قوله وفاكهة وأبّا، والأبّ نبت الأرض مما يأكله الدواب ولا يأكله الناس، قال فقال عمر أعجزتم أن تقولوا كما قال هذا الغلام الذى لم يجتمع شئون رأسه بعد، إنى والله ما أرى القول إلا كما قلت، قال وقال قد كنت أمرتك أن لا تتكلم حتى يتكلموا. وإنى آمرك أن تتكلم معهم، قال ابن إدريس فحدثنا عبد الملك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس بمثله، قال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى وكذلك رواه البيهقى (333) عن ابن عباس رضى الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل بن إبراهيم أنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس- الحديث) (غريبه) (2) بدل من العشر (وتبقى) صفة للتاسة وهى الحادى والعشرون لاُن المحقق المقطوع بوجوده بعد العشرين من رمضان تسعة أيام لاحتمال أن يكون الشهر تسعة وعشرين يوما، وليوافق الأحاديث الدالة على أنها فى الأوتار (3) هكذا وقع فى المسند أو خامسة قبل

-[بيان ليلة القدر- وذكر شئ من صفة المسيح الدجال]- (334) وعن أنس بن مالك رضى الله عنهُ عن النبى صلى الله عليه وسلم مثلُه (335) عن أبى هُريرة رضى الله عنهُ قال قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم خرجتُ إليكم وقد بينت لى ليلة القدر ومسحُ الضلالة فكان تلاحٍ بين رجُلين بسُدَّة المسجد فأتيتهما لأحجز بينهُما فأنسيتها وسأشدو الكم شدوًا أما ليلةُ القدر فالتمسوها فى العشر الأواخر وترا، وأما مسيحُ الضّلالة فإنه أعور العين أجلى الجبهة عريض النحر فيه دفًا كأنهُ قطنُ بنُ عبد العُزَّى قال

_ أو سابعة، وفى رواية للبخارى وأبى داود ذكر السابعة قبل الخامسة وهو الموافق ثلثرتيب، والمراد بالخامسة ليلة خمس وعشرين، والمراد بالسابعة ليلة ثلاث وعشرين، قال العينى وإنما يصح معناه ويوافق ليلة القدر وترا من الليالى على ماذكر فى الحديث اذا كان الشهر ناقصا، فاما ان كان كاملا فانها لا تكون ال فى شفع فتكون التاسعة الباقية ليلة ثنتين وعشرين، والخامسة الباقية ليلة أربع وعشرين فلا تصادف واحدة منهن وترا، وهذا دال على الانتقال من وتر الى شفع، والنبى صلى الله عليه وسلم لم يأمر أمته بالتماسها فى شهر كامل دون ناقص. بل اطلق طلبها فى جميعه على ماقدر الله تعالى، على التمام مرة، وعلى النقص أخرى، فثبت انتقالها فى العشر الأواخر، وقيل انما خاطبهم بالنقص لأنه ليس لأنه ليس على تمام شهر على يقين اهـ (قلت) وهذا هو الذى ينشرح له صدرى ليتفق مع الوتر (تخريجه) (خ. د. هق) (334) وعن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الوهاب قال سئل سعيد عن ليلة القدر فأخبرنا عن قتادة عن أنس أن نبى الله صلى الله عليه وسلم قال التمسوها فى العشر الأواخر فى تاسعة وسابة وخامسة (تخريجه) أخرجه أيضا البزار، قال الهيثمى ورجاله رجال الصحيح (335) عن أبى هرية (سندة) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا المسعودى وأبو النضر قال حدثنا المسعودى المعنى عن عاصم بن كليب عن أبيه عن أبى هريرة- حديث) (غريبه) (1) يعنى المسيح الدجال، (والتلاحى) الخصومة (2) (السدة) بضم السين المهملة الظلة حديث واردى الحوض (هم الذى لا تفتح لهم السدد) أى الأبواب (3) يعنى أختصر لكم الكلام فى شأنهما (4) الأجلى الخفيف شعر مابين الزعتين من الصدغين والذى انحسر الشعر عن جببهته (5) الدفا مقصور، االانحناء، يقال رجل أدفى هكذا ذكره الجوهري في

-[تحقيق أن القائل يضرنى شبهه هو أكثم بن ابى الجو نفى حق عمرو بن لحي]- يا رسُول الله يضرني شبهُهُ؟ قال لا, أنت امرؤ مُسلم وهو امرؤ كافر (336) عن أبى نضرة عن أبى سعيدٍ الخدريِّ رضى الله عنهُ قال اعتكف رسُول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأوسط من رمضان وهُو يلتمس ليلة القدر قبل أن تبان له، فلمذَا تفضين أمر بينائه فنقض أمر بينائه فنقضُض ثم أبينت لهُ أنَّها في العشر

_ المعتل، وجاء به الهروى فى المهموز، يقال رجل أدفأ وأمرأة دفآه، وقوله (قطن) بفتح القاف والطاء المهملة (ابن عبد العزى) هكذا جاء فى هذه الرواية عند الأمام أحمد، ولكنه جاء فى الصحيحين (ابن قطن) وعند ابن ماجه والبزار والطبرانى بل والأمام أحمد وسيأتى من حديث ابن عباس فى باب الدجال من كتاب الفتن بلفظ (عبد العزى بن قطن) واعتمده الحافظ، فقال المحفوظ أنه عبدى بن قطن، وآنه هلك فى الجاهيلة كما قال الزهرى (1) هذه الجملة من قله قاله يا رسول الله إلى آخر الحديث لم توجد فى هذا الحديث عند غير الأمام أحمد فهى زائدة، قال الحافظ وهذه الزيادة ضعيفه، فان فى سنده المسعودى وقد اختلط، والذى قال هل يضرنى شبهه هو أكثم بن أبى الجون، وانما قاله فى حق عمرو ابن لحيّ كما أخرجه أحمد والحاكم من طريق محمد بن عمرو عن أبى أسامة رفعة (وعرضت على النار فرأيت فيها عمرو بن فيها عمرو بن لحي الحديث- وفيه- وأشبه من رأيت به أكثم بن أبى الجون، فقال أكثم يا رسول الله أيضرنى شبهه؟ قال، انك مسلم وهو كافر) (قلت هذا الحديث سيأتى فى ترحمة عمرو بن لحي من كتاب أخبار العرب العرب فى زمن الجاهليه من قسم التاريخ) قال فأما الدجال فيشبه بعبد العزى بن قطن وشبه عينه الممسوحة بعين أبى يحيى الأنصارى اهـ (قلت) تشبيه عينه بعين أبى تحي الأنصارى، تقدم فى أبوب صلاة الخسوف والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ والسياق لغير الأمام أحمد، وهو موجود فى الصحيحين وغيرهما بغير هذا السياق وبدون الزيادة التى تقدم الكلام عليها، وأوردنحوه الهيثمى بدون الزيادة، وقال رواه الطبرنى فى الكبير ورجاله رجال الصحيح (336) (عن أبى نضرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل ابن ابرهيم عن سعيد الجريرى عن أبى نظرة عن أبى سعيد- الحديث) (غربيه) (2) أى فلما انقضت الأيام العشر الوسطى (أمر ببنائه فنقض) والمراد بالبناء هنا الخباء الذى كان يعتكف فيه من أى نوع كان، ونقضه ازلته (3) أى أعلمه الله بأنها فى العشر الأواخر

-[إظهار ليلة القدر للنبى صلى الله عليه وسلم ثم نسيانه تعيينها]- الأواخر، فأمر بالبناء فأعيد، ثُمَّ اًعتكف العشر الأواخر، ثُمَّ خرج على الُنَّاس فقال يا أيُّها النَّاسُ إنَّها أُبينت لى ليلةُ القدر فخرجتُ لأُخبركُم فجاء رجُلان يحتقَّان معهُما الشَّيطانُ فنُسِّيتُها، فالتمسُوها فى التَّاسعة والسَّابعة والخامسة فقُلتُ يا أبا سعيد إنكُم أعلم بالمدد منَّا، قال إنَّا أحقُّ بذاك منكُم فما التَّاسعةُ والسَّابعةُ والخامسةُ؟ قال تدعُ الَّتى تدعُون إحدي وعشرين والَّى تليها التَّاسعةُ وتدعُ الُّتى تدعُون ثلاثةَّ وعشرين والَّتى تليها السَّابعة ُ، وتدعُ

_ (1) أي يختصمان ويطلب كل واحد منهما حقه من الآخر ويدَّعى أنه المحق (معهما الشيطان) يحرضهما على الشر (فنسيتها) بضم النون وكسر السين المهلة مشددة أى فأنسانى الله اياها (2) القائل هو أبو النضر الراوى عن أبى سعيد (3) لفظ مسلم قال أجل (أى نعم) نحن أحق بذلك منكم، وإنما قال ذلك أبو سعيد رضى الله عنه لانه من أصحاب النبى صلى الله عليه وأقرب إليه وأعرف بكلامه منه، وأبو النضر تابعى (وقوله فما التاسعه والسابعة والخامسة) هذه الجملة مقول أبى النضر يستفهم من أبى سعيد، ولفظ مسلم (قال قلت ما التاسعة والسابعة والخامسة؟) (4) يعنى ليلة ثنتين وعشرين، ولفظ مسلم (قال إذا مضت واحدة وعشرون فالتى تليها ثنتين وعشرين وهى التاسعة) وقولة ثنتين وعشرين. هكذا وقع فى رواية مسلم بالياء التحتية وصوَّبه النووى قال وهو منصوب بفعل محذوف تقديره أعنى ثنتين وعشرين. وهى تاسعة بالنظر إلى ما بقى من الشهر على أنه ثلاثون يوما، وكذا يقال فى قوله والتى تليها السابعة، أى بالنظر إلى ما بقى من الشهر على أنه ثلاثون يوما ويقال ذلك أيضا فى قوله والتى تليها الخامسة، وهذا لا ينافى قوله فى الحديث الآتى (ابتغوها فى العشر الأواخر فى الوتر منها) لأن الغرض مما هنا انما هو بيان معنى التاسعة والسابعة والخامسة فأنها تطلق على ثنتين وعشرين وأربع وعشرين وست وعشرين باعتبار كون الشهر ثلاثين يوما، وليس المراد بيان كون ليلة القدر قيها لانه يصير مخالفا لما صح من أنها الأوتار فى حديثه الآتى وأحاديث غيره من الصحابة، وعليه فيكون معنى قوله فالتمسوها فى التاسعه والسابعة والخامسة أى فى الليلة التى تبقى التاسة بعدها، وهى ليلة احدى وعشرين وفى الليلة التى تبقى السابعة بعدها، وهى ليلة ثلاث وعشرين، وفى الليلة التى تبقى الخامسة بعدها وهى ليلة خمس وعشرين،

-[حجة القائلين بأنها ليلة احدى وعشرين من رمضان]- الَّتي تدعون خمسة وعشرين والَّتى تليها الخامسة (الفصل الخامس فيما ورد أنها ليلة إحدى وعشرين من رمضان) (337) عن أبى سلمة بن عبد الرحمن قال تذاكرنا ليلة القدر، فقال بعض القوم إنَّها تدُور من السَّنة فمشينا إلى أبى سعيد الخُدرىِّ رضى الله عنهُ قُلتُ يا أبا سعيد سمعت رسُول الله صلى الله عليه وسلم العشر الوسُط من رمضان واعتكفنا معهُ، فلمَّا أصبحنا صبيحة عشرين رجع ورجعنا معهُ وأرى ليلة القدر ثُمَّ أنسيها فقال

_ ويحتمل بقاؤه على ظاهره ويكون الغرض منه ومن حديثه الاتى المصرح بأنها فى الوتر من العشر الأواخر الحث على الاجتهاد فى كل ليلة من الليالى العشر الأواخر وترها وشفعها ليتحقق ادراك الفضيلة والله أعلم (تخريجه) (م. هق) وأخرجه أيضا ابو داود مختصرا، وفى آخره قال أبو داود لا أدرى أخفى علىَّ منه شئ أم لا اهـ ومعناه أنه يشك هل خفى عليه شئ من ألفاظ هذا الحديث أم لا؟ وإنما شك فيه أبو داود رحمه الله لمَّا رأى ظاهره مخالفا لما صح من أن ليلة صح من أن ليلة القدر فى الآوتار كما فى حديث أبى سعيد أيضا الآتى لاسيما والخرج واحد. ففهم أنه إمّا أن يكون خفى عليه من الحديث شئ يصح به معناه ويتفق مع حديث أبى سعيد الآتى، أو لم يخف عليه منه شئ وتكون المخالفة فيه من بعض الرواة، وقد علمت المراد منه والله آعلم (337) عن أبى سلمة بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد حدثنى أبى ثنا يحي ثنا محمد بن عمرو وقال حدثنى أبو سلمة بن عبد الرحمن- الحديث (غربيه) (1) يعنى فى جميع أشهر السنة (2) بضم الواو والسين جمع وسطى، ويروى بفتح السين مثل كبر وكبرى، وفى رواية للأمام أحمد والبخارى فى باب السجود على الأنف فى الطين قال (اعتكف رسول الله صلى الله عليه وسلم العشر الأول من رمضان واعتكفنا معه فأتاه جبريل فقال إن الذى تطلب أمامك فأعتكف العشر الأوسط فأعتكفنا معه فاتاه حبريل فقال إن الذى تطلب أمامك الحديث (3) رواية البخارى فخرج صبيحة عشرين فخطبنا، وقال أبى أريت ليلة القدر ثم لأنسيتها أو نسيتها فالتمسوها فى العشر الأواخر فى الوتر، وإنى رأيت أنى أسجد فى ماء وطين، فمن كان اعتكف مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فليرجع فرجنا- الحديث) وهذه الرواية أوضح من

-[ما كان عليه مسجد النبى صلى الله عليه وسلم فى حياثه- وطلب ليلة القدر فى العشر الأواخر]- إنِّي رأيت ليلة القدر ثُمَّ أنسيتها فأرانى أسجُدُ فى ماءٍ وطينٍ، فمن اعتكف معى فليرجع إلى معُتكفه، ابتغُوها فى العشر الأواخر فى الوتر منها، وهاجت علينا السَّماء آخر تلك العشيَّة وكان سقف المسجد عريشًا من جريدٍ فوكف، قوا الذّى هُو أكرامهُ وأنزل عليه الكتاب لرأيتُهُ يُصلى بنا صلاة المغرب ليلة إحدى وعشرين وإن جبهتهُ وأرنبة أنفه فى الماء والطين

_ رواية الإمام أحمد (وقوله وأرى ليلة القدر) بضم الهمزة وكسر الراء البناء لغير معين وهى من الرؤيا، أى اُعلم بها أو من الؤية، أى أبصرها وهى رؤيا منامية، وإنما أرى علامتها وهو السجود فى الماء والطين كما صرح بذلك فى قوله (فأرانى أسجد فى ماء وطين) والمعنى أنه رآى النوم من يقول له ليلة القدر كذا وعلامتها كذا، وليس معناه أنه رآى ليلة القدر نفسها (1) أى أمطرت السماء (آخر تلك العشية) يعنى عشية ليلة احدى وعشري (2) يعنى مظللا بالجريدو والخوص ولم يكن محكم البناء بحيث يمنع المطر الكثير (وقوله فوكف) أى سال ماء المطر من سقف المسجد (3) هكذا بالأصل (صلاة المغرب) والظاهر أنه خطأ، والصواب صلاة الصبح كما فى جميع الروايات فى الصحيحين وغيرهما (ففى صحيح مسلم) فوكف المسجد امصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر اليه وقد انصرف من صلاة الصبح ووجهه مبتل طينآ وماء (وفى البخارى) فوكف المسجد فى مصلى النبى صلى الله عليه وسلم ليلة إحدى وعشرين فبصرت عينى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونظرت اليه انصرف من الصبح ووجهه ممتلئ طينا وماء (وعند غيرهما) كذلك، وهذه الروايات هى التى تنفق مع سياق الحديث لأنه يقول فيه وهاجت السماء آخر تلك العشية، ومعنى العشية لغة من المغرب إلى ربع الليل، وقيل إلى العتمة، وآخر العشية بعد العشاء الآخرة قطعا، وعلى كل حال فالمطر لم يقع إلا بعدها، فثبت ذلك أن الصلاة التى صلاها النبى صلى الله عليه وسلم وابتل فيها وجهه بالماء والطين هى صلاة الصبح صبيحة ليلة إحدى وعشرين كما صرح بذلك فى رواية أبى داود ففيها، قال أبو سعيد فأبصرت عيناى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى جبهته وأنفه أثر الماء والطين من صبيحة إحدى وعشرين، ويستفاد ذلك من رواية البخارى أيضا والله أعلم (4) هى طرف الأنف (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم والأمام مالك وأبو داود والنسائي

-[حجة القائلين بأنها ليلة ثلاث وعشرين]- (الفصل السادس فيما ورد أنها ليلة ثلاث وعشرين (338) عن عبد الله بن أُنيس رضى الله عنهُ أنَّ النبى صلى الله عليه وسلم قال لهُم وسألُوهُ عن ليلة يتراءونها فى رمضان، قال ليلة ثلاث وعشرين (339) وعنهُ أيضًا أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال رأَّيت ليلة القدر ثُمَّ أُنسيتُا وأرانى صبيحتها أسجُدُ فى ماءٍ وطينٍ فمُطرنا ليلة ثلاثٍ وعشرين فصلَّى بنا رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فانصرف وإنَّ أثر الماء والطِّين على جبهته وأنفه

_ (338) عن عبد الله بن أنيس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سلمة الخزاعى قال ثنا عبد الله بن جعفر يعنى المخرمى عن يزيد بن الهاد عن أبى بكر بن حزم عن عبد الله بن أنيس- الحديث (غريبه) (1) أى يتحرون رؤيتها وقيامها بالعبادة يقصدون أنها تكون ليلة القدر (تخريجه) أخرج نحوه أبو داود وفيه قصة، وللأمام أحمد أيضا عن معاذ بن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن ليلة القدر فقال هى فى العشر الأواخر، قم فى الثالثة أو الخامسة (يعنى بعد العشرين) قال الهيثمى رجاله ثقات (339) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا أنس بن عياض أبو ضمرة قال حدثنى الضحاك بن عثمان عن أبى النضر مولى عمر بن عبيد الله عن بسر بن سعيد عن عبد الله بن أنيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث (غريبه) (2) أى فى المنام (ثم أنسيتها) أى نسى تعيين الليلة التى فيها (3) يعنى ورأى فى النوم أيضا أنه يسجد صبيحتها فى ماء وطين (4) يعنى صلاة الصبح صبيحة ثلاث وعشرين (فانصرف) من الصلاة (وإن أثر الماء والطين على جبهته وأنفه) تصديقا لما رأى فى النوم (فان قيل) هذه القصة نفسها جاءت فى حديث أبى سعيد وكان ذلك ليلة احدى وعشرين (فالجواب) يحتمل أن ذلك كان فى سنة أخرى والله أعلم، وقد احتج بهذا الحديث القائلون بان ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين، واحتج به أيضا القائلون بان ليلة القدر تنتقل فى العشر الأواخر من رمضان (تخريجه) (م) وزاد (كان عبد الله بن أنيس يقول ثلاث وعشرين) هكذا هو فى معظم النسخ عند مسلم (ثلاث وعشرين) بالجر على حذف مضاف أى ليلة ثلاث وعشرين، وجوَّزه النووي على لغة شاذة

-[حجة القائلين بأنها ليلة ثلاث وعشرين وعلامة ذلك]- (340) وعنهُ رضي الله عنهُ، قال جلسنا مع رسُول الله صلى الله عليه وسلم فى آخر هذا الشهر (يعنى رمضان) فقُلنا لهُ يا رسُول الله متى نلتمسُ هذه اللَّيلة اُلمباركة؟ قال التمسُوها هذه الُّليلة، وقال وذلك مساء ليلة ثلاثٍ وعشرين، فقال لهُ رجُل من القوم وهي إذا يا رسُول الله أوَّلُ ثمانٍ، فقال رسُول الله صلى الله عليه وسلم إنها ليست بأول ثمان ولكنَّها أوَّلُ السَّبع، إن الشَّهر لا يتم (341) عن أبى إسحاق أنهُ سمع أبا حذيفه عن رجُلٍ من أصحاب النَّبى صلى الله عليه وسلم، قال نظرتُ ألى القمر صبيحه ليلة القدر فرأيتُهُ كأنهُ فلق جفنةٍ وقال أبُو إسحاق إنَّما يكونُ القمرُ كذاك صبيحة ليلةٍ القدر، فرأيتُهُ كأنهُ فلقُ جفنهٍ، وقال أبُو إسحاق إنَّما يكون ليلة ثلاثٍ وعشرين

_ (340) وعنه رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا يعقوب قال حدثنى أبى عن أبى إسحاق قال حدثنى معاذ بن عبد الله بن خبيب الجهنى عن أخيه عبد الله بن عبد الله بن خبيب قال كان رجل فى زمان عمر بن الخطاب رضى الله عنه قد سأله فأعطاه، قال جلس معنا عبد الله بن أنيس صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مجلسه فى مجلس جهيته قال فى رمضان، قال فقلنا له يا أبا يحيى سمعت من رسول الله عليه وسلم فى هذه الليلة المباركة من شئ؟ قال نعم. جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث) (غريبه) (1) يعنى أول ثمان ليال تبقى من الشهر فيكون الشهر كاملا (2) يعنى ناقصا فى هذا العام (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وفى اسناده رجل لم يسم (341) عن أبى اسحاق (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن أبى اسحاق- الحديث) (غريبه) (3) فلق بكسر الفاء وسكون اللام وهو النصف، والجفنة بفتح الجيم اناء كبير كالقصعة أو هو القصعة نفسها، والمعنى أن القمر صبيحة ليلة القدر يكون عند طلوعه كنصف القصعة إذا شقت نصفين، ولا يكون كذلك ال فى ليلة ثلاث وعشرين والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد، وله شاهد عند الأمام أحمد أيضا من حديث علىٍ الآتى بعده، وعند مسلم من حديث

-[حجة القائلين بأنها ليلة ثلاث وعشرين وعلامة ذلك]- (342) (ز) عن علي رضى الله عنهُ قال قال النَّبى َّ صلَّى الله عليه وسلم خرجتُ حين بزغ القمرُ كأنه فلقُ جفنةٍ، فقال اللَّيلةُ ليلة القدر (343) عن عكرمة قال قال ابنُ عبَّاس رضى الله عنهُما أتيتُ وأنا نائم فى رمضان فقيل لى إن الليلة ليلة القدّر، قال ناعس فتعلقت ببعض أطناب فسطاط رسُول الله صلى الله عليه وسلم فأتيتُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هُو يُصلّي، فنظرتُ فى تلك اللَّيلة فإذا هى ليلةُ ثلاثٍ وعشرين (344) عن أبى هُريرة رضى الله عنهُ قال قال رسُول الله صلى الله عليه وسلم كم

_ أبي هريرة قال تذاكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيكم يذكر حين طلع القمر وهو هريرة قال تذكرنا ليلة القدر عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيكم يذكر حين طلع القمر وهو مثل شق جفنة) قلت يشير إلى آن ليلة القدر إنما تكون فى أواخر الشهر لأن القمر لا يكون كذلك عند طلوعه الا فى أواخر الشهر والله أعلم (342) (ز) عن على رضى الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى محمد بن سليمان لوين ثنا خديج عن أبى اسحاق عن أبى حذيفة عن على رضى الله عنه- الحديث) (غريبه) (1) أى حين طلع القمر من جهة المشرق (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه عبد الله بن أحمد من زياداته وأبو يعلى، وفيه خديج بن معاويه وثقه أحمد وغير موفيه كلام (343) عن عكرمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا ابو الآحوص قال أنا سماك عن عكرمة- الحديث) (غريبه) (2) الأطناب جمع طنب مثل عنق واعناق وهو الحبل تشد به الخيمه (والفسطاس) بضم الفاء وكسرها الخيمة وله معان غير هذا ذكرت فى محلها (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير ورجال احمد رجال الصحيح (قلت) هذا الحديث يتضمن أن ابن عباس رضى الله عنهما رأى فى النوم أن ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين، فهى رؤيا يستأنس بها لما جاء أنها ليلة ثلاث وعشرين وتدل على قوة روحانية ابن عباس رضى الله عنهما حيث قد ورد ما يؤيد رؤياه والله أعلم (344) عن أبى هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية

-[ماورد في أنها ليلة أربع وعشرين]- مضى من الشَّهر؟ قال قُلنا مضيت ثنتان وعشرُون وبقى ثمان، قال رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلَّم لا، بل مضيت منهُ ثنتان وعشروُن وبقى سبع، اطلُبُوها اللَّيلة، قل يملى فى حديثه الشَّهرث تسع وعشرُون (الفصل السابع فيما ورد أنها ليلة أربع وعشرين) (345) عن بلال (بن رباح) رضى الله عنهُ أنَّ النَّبىَّ صلَّى الله عليهُ وعلى آله وصحبه وسلَّم قال ليلة القدر ليلة أربع وعشرين (الفصل الثامن فيما ورد أنها ليلة سبع وعشرين وذكر أمارتها) (346) عن زرّض بن جُبيش عنّ أبى بن كعب رضى الله عنهُ قال تذاكر أصحابُ رسُول الله صلى الله عليه وسلم ليلة القدر، فقال أبى أنا والذَّى لا إله غيرُهُ أعلمُ أيَّ ليلة هى، هي اليلةُ الَّتى أخبرنا بها رسُول الله صلى الله عليه وسلم ليلةُ سبعٍ وعشرين تمضى من رمضان وآية ذلك أنَّ الشَّمس تُصبحُ الغد من تلك الليلة ترقرقُ

_ ويعلى قال حدثنا الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة- الحديث) (غريبه) (1) يعنى ليلة ثلاث وعشرين (وقوله قال يعلى) هو ابن عبيد بن أمية أحد الرويين اللذين روى عنهما الأمام أحمد هذا الحديث، قال فيه الأمام أحمد صحيح الحديث، وقال البخارى مات سنة تسع ومائتين (تخريجه) (هق) وسنده جيد (345) عن بلال (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب عن أبى الخير عن الصنابحى عن بلال الحديث (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وإسناده حسن اهـ (قلت) لكن قال الحافظ قد أخطأ ابن لهية فى رفعه فقد رواه عمرو بن الحارث عن يزيد (سند الأمام أحمد) موقوفا بغير لفظه (يعنى فى صحيح البخارى فى أواخر كتاب المغازى) بلفظ ليلة القدر أول السبع من العشر الأواخر (346) عن زر بن حبيش (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مصعب ابن تدور وتجئ وتذهب وهو كتابه عن ظهور حركتها عند طلوعها فانها يرى لها حركة

-[ما ورد أنها ليلة سبع وعشرين]- ليس لها شعُاع، فزعم سلمةُ بنُ كهيلٍ أنِّ زرًا أخبرهُ أنَّهُ رصدها ثلاث سنين ومن أوَّل يوٍم يدخُل رمضانُ إلى آخره فرآها تطلُعُ صبيحة سبٍع وعشرين ترقرقُ ليس لها شُعاع (وفي روايٍة بيضاء ترقرقُ) (347) عن جُبير بن نُفير عن أبى ذر رضى اللهُ عنهُ قال قُمنا مع رسُول الله صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ليلة ثلاٍث وعشرين فى شهر رمضان إلى ثلُث الليل الأول ثُمَّ قال لا أحسب ما تطلبُون إلاَّ وراءكم ثُمَّ قُمنا معه ليلة خمٍس وعشرين إلى نصف اللَّيل، ثُمَّ قال لا أحسب ما تطلبُون إلاَّ وراءكم، فقُمنا معهُ ليلة سبٍع وعشرين حتى أصبح وسكت

_ متخيلة بسبب قربها من الأفق وأنجزته المعترضة بينها وبين الأبصار بخلاف ما إذا علت وارتفعت (نه) (1) الشعاع بضم الشين، قال أهل اللغة هو ما يرى من ضوئها عند بروزها مثل الحبال والقضبان مقبلة إليك اذا نظرت اليها، قال القاضى عياض قيل معنى لا شعاع لها أنها علامة جعلها الله تعالى لها، قال وقيل بل لكثرة اختلاف الملائكة فى ليلتها ونزولها الى الأرض وصعودها بما تنزل به سترت بأجنحتها وأجسامها اللطيفة ضوء الشمس وشعاعها والله أعلم (2) يعنى الحضرمى أبو يحيى الكوفى. رأى ابن عمرو- روى عن جندب وأبى جحيفة وسويد بن غفلة، وعنه ابنه يحيى وشعبة وحماد بن سلمة، وثقه الأمام أحمد والعجلى، مات سنة احدى وعشرين ومائة عن أربع وسبعين سنة (تخريجه) (م. د. هق) بغير هذا السياق وسنده جيد (347) عن جبير بن نفير (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد بن الحباب ثنا معاوية بن صالح حدثنى أبو الزاخرية عن جبير بن نفير- الحديث (غريبه) (3) ي أمامكم يعنى فى الليالى الآتية لان كلمة وراء مؤنثة تأتى بمعنى الأمام والخلف، والمراد هنا الأمام، وفى التنزيل "وكان وراءهم ملك" أى أمامهم (4) يستفاد من قيامه صلى الله عليه وسلم ليلة سبع وعشرين حتى أصبح. ومن سكوته وعدم ابتغاء ليلة بعدها أنها ليلة القدر والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام احمد وسنده جيد

-[حجة القائلين بأنها فى العام كله- وقسم ابى بن كعب أنها ليلة سبع وعشرين]- (348) حدثنا عبدُ الله حدَّثنى أبى ثنا يحيى بنُ سعيٍد عن سُفيان حدَّثنى عاصم عن رزّ، قال قُلتُ لأبى أخبرنى عن ليلة القدر فإنَّ ابن أمّ عبد كان يقُولُ من يقُم الحول يُصبها، قال يرحمُ اللهُ أبا عبد الرَّحمن، قد علم أنَّها فى رمضان فإنَّها لسبع وعشرين ولكنَّهُ عمَّى على الناس لكيلا يتَّكلوا، فوا الله الذي أنزل الكتاب على مُحمد صلى الله عليه وسلم إنَّها فى رمضان ليلة سبع وعشرين، قال قُلتُ يا أبا المُنذر وأنَّى علمتها؟ قال بالآية الَّتى أنبأنا رسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فعددنا وحفظنا فو الله إنَّها لهى ما يستثنى قُلتُ لزر ما الآيةُ؟ قال إنَّ الشمس غداة إذ كأنَّها طست ليس لها شُعاع (زاد في رواية حتَّى ترتفع) (349) "ز" عن يزيد بن أبى سُليمان، قال سمعتُ زرَّ بن حُبيش

_ (348) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) سفيان هو ابن عيينة (وعاصم) هو ابن أبى النجود كما فى رواية مسلم (وزر) هو ابن حبيش "وأبىّ) هو ابن كعب الصحابي رضى الله عنه (2) هو عبد الله بن مسعود الصحابى المشهور رضى الله عنه (3) أى لأن السنة لا تخلو منها (4) أى اخفى أمرها على الناس لأنهم لو علموا أنها فى ليلة معينة لم يقوموا إلا تلك الليلة ويتركوا بقية العام فتفوت حكمة إخفائها (5) كنية أبى بن كعب، والقائل قلت هو زر بن حبيش، والمعنى أن زرا يقول لأبىّ من أين علمت أن ليلة القدر ليلة سبع وعشرين (6) بياء الغائب وهو من كلام زر بن حبيش يقول حلف أبى بن كعب أنها ليلة سبع وعشرين بدون استثناء فى يمينه بنحو إن شاء الله لتأكده من ذلك "والقائل قلت لزر" هو عاصم، يعنى ما الآية التى أخبرهم بها النبي صلى الله عليه وسلم "قال إن الشمس غداة إذ" يعنى صبيحة ليلة القدر تطلع بيضاء نقية خالية من الشعاع كالطحت، وهو اسم لاناء معروف معرَّب، لأن التاء والطاء لا يجتمعان فى كلمة عربية ذكره المصباح، وتقدم الكلام عليه فى شرح حديث عائشة رقم 316 صحيفة 260 فى باب جواز اعتكاف القماء، وتقدم تفسير الشعاع فى شرح الحديث الأول من هذا الفصل (تخريجه) (م. د. نس. هق) ورواه الترمذى مختصرا وقال حديث حسن صحيح (349) "ز" عن يزيد بن أبى سليمان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني

-[تأكيد زر بن حبيش أنها ليلة سبع وعشرينن حتى همّ أن يؤذن فى الناس بذلك]- يقول لولا سُفهاؤُكم لوضعتُ يدى فى أذُنى ثُم ناديتُ ألا إنَّ ليلة القدر في رمضان فى العشر الأواخر فى السَّبع الأواخر، قبلها ثلاث وبعدها ثلاث نبَّأ من لم يكذبني عن نبأ من لم يكذبهُ، قُلتُ لأبى يُوسُف يعنى أبىَّ كعب عن النبيَّ صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم، قال كذا هُو عندى (350) عن عبد الله بن مسعُود رضى اللهُ عنهُ أنَّ رجُلًا أتى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال متى ليلةُ القدر، قيل من يذكرُ منكم ليلة الصَّهباوات، قال عبدُ الله أنا بأبى وأمَّي وإنَّ في يدى لتمرات أستحرُ بهنَّ (6) مُستترًا بمُؤخرة رحلي من الفجر وذلك حيت طلع القمرُ

_ أبو يوسف بن يعقوب بن إسماعيل بن حماد بن زيد ثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا جابر بن يزيد بن رفاعة عن يزيد بن أبى سليمان- الحديث (غريبه) (1) يعنى لولا خوفى من ضرر يلحقنى من سفهائكم وهم الجهلاء الذين عندهم خفة فى العقل وطيش لوضعت يدى الخ (2) هذا اعتبار أن الشهر كامل، فان كان ناقصا فيكون قبلها ثلاث وبعدها ثنتان "قوله نبأ من لم يكذبنى" يعنى أبي بن كعب رضى الله عنه" عن نبأ من لم يكذبه" يعنى النبي صلى الله عليه وسلم (3) القائل قلت هو عبد الله بن الأمام أحمد، وأبو يوسف هو أحد رجال السند الذى روى عنه عبد الله هذا الحديث (4) يعنى أن زرا روى هذا الحديث عن أبى بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو حديث مرفوع (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسند جيد (350) عن عبج الله بن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عمرو بن الهيثم أبو قطن ثنا المسعودى عن سعيد بن عمرو عن أبى عبيدة عن عبد الله بن مسعود - الحديث" (غريبه) (5) هكذا بالأصل بلفظ الجمع، وكذلك عند البيهقى، وفى بعض نسخ البيهقى الصبهاء بالأفراد. وقد جاء كذلك أى بالأفراد في النهاية والقاموس، وهو اسم موضع قريب من خيبر، ولعل هذا الموضع يطلق عيه اسم الصبهاء والصبهاوات بالأفراد والجمع، والحكمة فى ذكر هذا الموضع تفهيم السائل أن ليلة القدر كانت ليلة نزولهم بهذا المكان (6) أى أتسحر بهن "وقوله من الفجر" أى من أول طلوعه قبل أن يظهر لجميع الناس، ويستفاد من قوله "حين طلع الفجر" تعيين تلك الليلة، وهى ليلة سبع وعشرين. لان القمر فى هذا الوقت الا ليلة سبع وعشرين والله أعلم (تخريجه) (هق. طب) وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد

-[حجة القائلين بأنها ليلة سبع وعشرين وذكر علامتها]- (351) عن عبد الله بن عبَّاس رضى الله عنهُما أنَّ رجلًا أتى النبيَّ صلى لله عليه وسلم، فقال يانى الله إنىَّ شيخ عليل يشقُ علىَّ القيامُ فأمرنى بليلة لعلَّ الله يُوفقنى فيها ليلة القدر، قال عليك بالسَّابعة (352) عن أبى عقرب، قال غدوتُ إبن مسعُوٍد رضى الله عنه ذات غداة فى رمضان فوجدتهُ فوق بيته جالسا فسمعنا صوتهُ وهو يقُول صدق اللهُ وبلغ رسُولهُ، فقال إنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم، قال إنَّ ليلة القدر فى النصف من السَّبع الأواخر من رمضان تطلعُ الشَّمسُ غداة إذ صافية ليس لها شُعاع فنظرتُ إليها فوجدتُها كما قال رسُولُ الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم

_ وأبو يعلى والطبرانى فى الكبير وزاد" وذلك ليلة سبع وعشرين" وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه (351) عن عبد الله بن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا معاذ بن هشام حدثنى أبى عن قتادة عن عكرمة عن عبد الله بن عباس- الحديث" (غريبه) (1) فعيل بمعني مفعول، والعلة المرض الشاغل، والجمع علل مثل سدرة وسدر، واعله الله فهو معاول، واعتل إذا مرض (2) كأن هذا الرجل بلغه أنها تكون فى العشر الأواخر من رمضان، ولكونه مريضا لا يمكنه قيام العشر طلب من النبي صلى الله عليه وسلم تعيين ليلة يقومها رجاء أن تكون ليلة القدر فأرشده النبي صلى الله عليه وسلم الى السابعة يعنى والعشرين، وما ذلك الا لكونها أرجى ليلة تكون ليلة القدر والله أعلم (تخريجه) (هق) وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجال الصحيح (352) عن أبى عقرب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا أبو معاوية يعنى شيبان عن أبى اليعفور عن أبى الصلت عن أبى عقرب- الحديث" (غريبه) (3) أى ذهبت إليه ذات يوم مبكرا، والغدوة ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس هذا أصله وهو المراد هنا (4) يعنى قبلها ثلاث وبعدها ثلاث كما صرح بذلك فى حديث زر بن حبيش المتقدم. وتقدم الكلام عليه فى شرحه (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وأبو يعلى، وأبو عقرب لم أجد من ترجمة، وبقية رجاله ثقات

-[حجة القائلين بأنها ليلة سبع وعشرين]- (353) "قر" حدثنا عبدُ الله، قال قرأتُ على أبى هذا الحديث وسمعتهُ سماعا قال حدثنا الأسودُ بنُ عامر حدَّثنا شُعبةُ، قال عبدُ الله بنُ دينار أخبرنى قال سمعتُ ابن عُمر يحدثُ عن النبىَّ صلى الله عليه وسلم فى ليلة القدر، قال من كان مُتحرِّيها فليتحرَّها فى ليلة سبع وعشرين، قال شُعبة وذكر لى رجُل ثقة عن سُفيان أنَّه كان يقُولُ إنها قال من كان مُتجرَّيها فليتحرها فى السَّبع البواقي، قال شُعبةُ فلا أدرى قال ذا او ذا شُعبةُ شكَّ، قال أبى الرَّجُلُ الثقةُ يحيي بن سعيد القطَّانُ

_ (353) "قر" حدثنا عبد الله (غريبه) (1) ذكرت فى مقدمة هذا الكتاب فى الجزء الأول منه أن كل حديث قرأه عبد الله بن الأمام أحمد على أبيه ولم يسمعه منه أرمز له بهذا الرمز "قر" وجريا على هذه القاعدة رمزت له لأنه من قراءة عبد الله على أبيه، ولكنه صرح فيه بالسماع أيضا فيكون قد جمع فى هذا الحديث بين القراءة والسماع (2) هذه الجملة وهى قوله "قال عبد الله بن دينار أخبرنى" هى مقول شعبة، والمعنى حدثنا شعبة قال أخبرنى عبد الله بن دينار قال سمعت ابن عمر الخ (3) الرجل الثقة هو يحيي بن سعيد القطان كما فسره بذلك الأمام أحمد فى آخر الحديث (4) يعنى ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم (5) هذه الرواية تقدمت فى الفصل الثانى من هذا الباب رقم 323 صحيفة 268 بلفظ "الأواخر بدل "البواقى" ولا مانع من كونه قال هذا مرة وهذا أخرى، لأن كليهما صحيح ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم وله شواهد وطرق تعضده وإن كانت رواية السبع أنبت لأنها فى الصحيحين والله أعلم "وقوله قال أبى الخ" القائل هو عبد الله بن الأمام أحمد (تخريجه) أورده الهيثمى باللفظ الأول "أعى ليلة سبع وعشرين" وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وأشار إلى اللفظ الثانى بقوله- لابن عمر حديث فى الصحيح غير هذا اهـ (قلت) ومما يؤيد اللفظ الأول ما تقدم فى حديث أبىّ فى هذا الفصل وجزم به وأقسم عليه أنها ليلة سبع وعشرين، وما رواه أبو داود عن معاوية بن أبى سفيان عن النبي صلى الله عليه وسلم فى ليلة القدر قال ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، ولابن المنذر من كان متحريها فلينحرها ليلة سبع وعشرين وغير ذلك كثير "واللفظ الثانى أخرجه (ق. لك. د)

-[زوائد الباب وأمارات ليلة القدر وفضلها]- (354) عن أبي هُريرة رضي اللهُ عنهُ أنَّ رسُول الله صلى الله عليه وسلم قال فى ليلة القدر إنَّها ليلةُ سابعٍة أو تاسعٍة وعشرين إن الملائكة تلك الليلة فى الأرض أكثرُ من عدد الحصى

_ (354) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان بن داود وهو أبو داود الطيالسى ثنا عمران يعنى القطان عن قتادة عن أبى ميمونة عن أبى هريرة الحديث (تخريجه) (خز) فى صحيحه وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار والطبرانى فى الأوسطور ورجاله ثقات (زوائد الباب) (أمارات ليلة القدر وفضلها) عن أبن عباس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة القدر طلقة لا حارة ولا باردة، أورده الهيثمى وقال البزار وفيه سلمة بن وهرام وثقه ابن حبان وغيره وفيه كلام اهـ (قلت) رواه أيضا ابن خزيمة فى صحيحه وزاد تصبح الشمس يومها حمراء ضعيفة (وعن وائلة بن الأسقع رضى الله عنه) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليلة القدر ليلة بلجة لا حارة ولا باردة ولا سحاب فيها ولا مطر ولا ريح ولا يرمى فيها بنجم، ومن علامة يومها تطلع الشمس لا شعاع لها (طب) وفيه بشر بن عون عن بكار بن تميم وكلاهما ضعيف (وعن ابن مسعود) رضى الله عنه أن الشمس تطلع كل يوم بين قرنى شيطان الا صبيحة ليلة القدر "رواه ابن أبى شيبة" ولابن خزيمة من حديث جابر مرفوعا فى ليلة القدر وهى ليلة طلقة بلجة لا حارة ولا باردة تنضج كواكبها ولا يخرج شيطانها حتى يضئ فجرها "وروى ابن أى حاتم" من طريق مجاهد لا يرسل فيها شيطان ولا يحدث فيها داء (ومن طريق الضحاك) يقبل الله التوبة فيها من كل تائب وتفتح فيها أبواب السماء، وهى من غروب الشمس إلى طلوعها (وذكر الطبرى) عن قوم أن الأشجار فى تلك الليلة تسقط إلى الأرض ثم تعود الى منابتها وأن كل شئ يسجد فيها (وروى البيهقى) فى فضائل الأوقال من طريق الأوزاعى عن عبدة بن أبى لبابة أنه سمعه يقول أن المياه المالحة تعذب تلك الليلة (وروى ابن عبد البر) من طريق زهرة بن معبد نحوه أفاده الحافظ (من روى أنها ليلة سبع وعشرة) عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه أنه كان يحيى ليلة ثلاث وعشرين من رمضان وليلة سبع وعشرين ولا كأحيائه ليلة سبع وعشرة، فقيل له كيف تحيي ليلة سبع وعشرة، فقال إن فيها نزل القرآن وفى صبيحتها فرق بين الحق والباطل وكان فيها يصبح مبهج الوجه (طب) وفيه أبو بلال الأشعرى وهو ضعيف (وهن حوط العبدى) قال سألت زيد بن أرقم عن ليلة القدر، فقال ما أشك وما أمترى أنها سبع وعشرة ليلة أنزل القرآن ويوم التقى الجمعان (طب) وحوط قال البخارى حديثه هذا منكر (وعن أبي

-[بقية زوائد الباب فى تعيين ليلة القدر]- .....

_ هريرة) رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال التمسوا القدر فى سبع عشرة أو إحدى وعشرين أو ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين أو سبع وعشرين أو تسع وعشرين (طس) وفيه أبو المهذم وهو ضعيف (ماورد أنها فى الوتر من العشر الأواخر) (عن كعب بن مالك) قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب الناس على المنبر فى رمضان، فقال قمت على المنبر وأنا أعلى ليلة القدر فالتمسوها فى العشر الأواخر فى وتر (طب) عن حميدة بنت عبيد عن أمها، قال الهيثمى ومها لم أعرفها وبقية رجاله ثقاب (وعن عقبة بن مالك) رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه قال فى ليلة الوتر (طس) وفيه عبد العزيز بن يحيى المدنى وهو متروك (وعن عمر بن الخطاب) رضى الله عنه قال قال رسول الله عليه وسلم التمسوها فى العشر الأواخر وترا (بز. عل) ورجال أبى يعلى ثقات (من قال إنها ليلة ثلاث وعشرين) (عن أنس بن مالك) رضى الله عنه أن الجهنى قال يا رسول الله نحن حيث قد علمت ولا نستطيع أن نحضر هذا الشهر فأخبرنا بليلة القدر، قال احضر العشر الأواخر، قال لا أستطيع ذلك، قال التمسها ليلة سابعة تبقى وهى هذه الليلة، قال قلت يا رسول الله هذه ليلة ثلاث وعشرين وهى لثمان تبقين، قال كذا هذا الشهر ينقص وهى سبع تبقين، أورده الهيثمى، وقال رواه أبو يعلى وفيه من لم أعرفه (وعن محمد بن عبد الله بن جحش عن أبيه) رضى الله عنه، قال قلت يا رسول الله إن لى بادية أصلى فيها فمرني بليلة أنزلها إلى المسجد فأصلى فيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انزل ليلة ثلاث وعشرين (طب) وفيه ابن إسحاق وهو ثقة لكنه مدلس، قاله الهيثمى (وعن عبد الله بن مسعود) رضى الله عنه، قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر، فقال كنت أُعلمتها ثم انفلتت منى فاطلبوها فى سبع يقين أو ثلاث يبقين، رواه البزار ورجاله ثقات (وعن أنس بن مالك) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال التمسوها فى العشر الأواخر فى التاسعة والخامسة والسابعة، رواه البزار ورجاله رجال الصحيح (ما روى أنها ليلة سبع وعشرين) (عن جابر بن سمرة) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسوا ليلة القدر ليلة سبع وعشرين، روه الطبرنى فى الأوسط عن أبى بكر بن أبى شيبة وجادة عن خط أبيه ورجاله ثقات (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما، قال دعا عمر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسألهم عن ليلة القدر فأجمعوا على أنها فى العشر الأواخر، قال ابن عباس فقلت لعمرانى لأعلم أو أظن أى ليلة هى، قال عمر أى ليلة هى؟ فقلت سابة تمضى أو سابة تبقى من العشر الأواخر، فقال من أين علمت ذلك؟ فقلت خلق الله سبع سماوات وسبع أرضين وسبع والطواف والجمار وأشياء ذكرها، فقال عمر لقد فطنت لامر ما فطنا له رواه عبد الرزاق

-[كلام العلماء فى ليلة القدر هل هى باقية أم رفعت؟ وهل هى خاصة بهذه الأمة؟]- .....

_ (الأحكام) اشتمل هذا الباب مع زوائده على مجموعة أحاديث استقصيت فيها كل ما ورد فى ليلة القدر بقدر المستطاع فلا تكاد تظفر بمجموعة مثلها فى غير هذا الكتاب، ولكثرة الأحاديث وتنوعها فى هذا الباب جعلته ثمانية فصول، أودعت فى كل فصل منه نوعا من تلك الأنواع لتسهيل المراجعة وتناول الأحكام، ولاحظت نحو ذلك فى الزوائد، مفتتحا هذه الفصول بما ورد فى فضل ليلة القدر وما يقول من رآها أوردت فيه حديث أبي هريرة رضى الله عنه (من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه) وحديث عائشة رضي الله عنها (قالت يا نبي الله ان وافقت ليلة القدر ما أقول؟ قال تقولين اللهم انك عفو تحب العفو فاعف عنى) وتقدم شرحهما وتخريجهما والكلام عليهما هناك وقد أجمع العلماء على ما جاء فى هذين الحديثين ولم يخالف فى ذلك أحد (واختلفوا) هل هى (آعنى ليلة القدر) من خصائص هذه الأمة أو لجميع الأمم المتقدمة؟ وهل هى خاصة بزمن النبى صلى الله عليه وسلم ثم رفعت أو باقية إلى يوم القيامة؟ وإذا كانت باقية فهل تنتقل فى جميع أشهر السنة أو هى محصورة فى رمضان؟ وإذا كانت محصورة فى رمضان ففى أى ليلة منه تكون؟ للعلماء فى ذلك أقوال شتى (القول الأول) أنها خاصة بهذه الأمة ولم تكن فى الأمم قبلهم، قال الحافظ جزم به ابن حبيب وغيره من المالكية ونقله عن الجمهور، وحكاه صاحب العدة من الشافعية ورجحه، وهو معترض بحديث أبى ذر عند النسائى حيث قال فيه قلت يا رسول الله أتكون مع الأنبياء فإذا ماتوا رفعت قال لا بل هى باقية اهـ (قلت) حديث أبى ذر رواه الأمام أحمد أيضا وتقدم فى الفصل الثانى من فصول الباب وفيه (قلت تكون مع الأنبياء ما كانوا فإذا قبضوا رفعت أم هى إلى يوم القيامة؟ قال بل هى إلى يوم القيامة (واحتج القائلون بالخصوصية) بما جاء فى الموطأ عن مالك أنه سمع من يثق به من أهل العلم يقول إن لا يبلغوا من العمل مثل الذى بلغ غيرهم فى طول العمر، فأعطاه الله ليلة القدر خير من ألف شهر (قال الحافظ) وهذا يحتمل التأويل فلا يدفع التصريح فى حديث أبى ذر اهـ (وقال ابن عبد البر) هذا لا يعرف فى غير الموطأ لا مسندا ولا مرسلا وهو أحد الأحاديث التى انفرد بها مالك اهـ (وقال الحافط السيوطى) فى تعليقه على الموطأ لكن له شواهد من حيث المعنى مرسلة فأخرج ابن أبى حاتم فى تفسيره من طريق ابن وهب عن سلمة بن على عن على بن عروة قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما أربعة من بنى إسرائيل عبدوا الله ثمانين عاما لم بمصوه طرفة عين، فعجب الصحابة من ذلك، فاتاه جبريل فقال قد أنزل الله عليك خيرا من ذلك ليلة القدر خير من ألف شهر، هذا أفضل من ذاك، فسر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس معه

-[تحقيق أن ليلة القدر باقية إلى يوم القيامة]- .....

_ (القول الثاني) أنها رفعت أصلا ورأسا، حكاه المتولى فى التتمة عن الروافض والفاكهانى فى شرح العمدة عن الحنيفة (قال الحافظ) وكأنه خطأ منه، والذى حكاه المروجى أنه قول الشيعة، وقد روى عبد الرازق من طريق داود بن أبى عاصم عن عبد الله بن يخنس قلت لأبى هريرة زعموا أن ليلة القدر رفعت، قال كذب من قال ذلك، ومن طريق عبد الله بن اهـ وحجتهم ما جاء فى حديث عبادة بن الصامت وتقدم فى الفصل الرابع من قوله صلى الله عليه وسلم (فتلاحى رجلان فرفعت وعسى أن يكون خيرا لكم) وتقدم الكلام على ذلك فى شرحه وأن المراد برفعها رفع علمه بعينها ذلك الوقت، ولو كان المراد رفع وجودها لم يأمر بالتماسك، وهذا القول غلط ظاهر وخطأ بين. لأنه جاء فى الحديث نفسه عقب قوله فرعت (وعسى أن يكون خيرا لكم فالتمسوها فى التاسعة أو السابعة أو الخامسة- الحديث) (وفى حديث أبى ذر) المذكور فى الفصل الثانى التصريح بأنها باقية إلى يوم القيامة، فهذا القول مردود لا قيمة له (القول الثالث) أنها ممكنة فى جميع النة. وهو قول مشهور (عن الحنيفة) حكاه قاضيخان وأبو بكر الرزى منهم، وروى مثله عن ابن مسعود وابن عباس وعكرمة وغيرهم، وزيف المهلب هذا القول وقال لعل صاحبه بناه على دوران الزمان ليقصان الأهلة وهو فاسد. لأن ذلك لم يعتبر فى صيام رمضان فلا يعتبر فى غيره حتى تنتقل ليلة القدر عن رمضان، ومأخذ ابن مسعود كما ثبت فى صحيح. مسلم وعند الأمام أحمد (وتقدم فى الفصل الثامن) عن أبى بن كعب أنه أراد أن لا يتكل الناس (القول الرابع) أنها مختصة برمضان ممكنة فى جميع لياليه (قال الحافظ) وهو قول ابن عمر، رواه ابن أبى شبيبة بإسناد صحيح عنه. وروى مرفعا عنه أخرجه أبو داود (قلت) ولفظه عن ابن عمر قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أسمع عن ليلة القدر فقال هى فى كل رمضان، قال أبو داود رواه سفيان وشعبة عن أبى إسحاق موقوفا على ابن عمر لم يرفعاه إلى النبى صلى الله عليه وسلم (قال الحافظ) وفى شرح الهداية الجزم به (عن أبى حنيفة) وقال به ابن المنذر والمحاملى (وبعض الشافعية) ورجحه السبكى فى شرح المناهج. وحكاه ابن الحاجب رواية. وقال السروجى فى شرح الهداية قال أبو حنيفة إنها تنتقل فى جميع رمضان، وقال صاحباه إنها فى ليلة معينه منه مبهمة، وكذا قال النسقى فى المنظومة وليلة القدر بكل شهر ... دائرة وعيَّناها فادر (القول الخامس) أنها أول ليلة من رمضان، حكى عن أبى رزين العقيلى الصحابى، وروى ابن أبى عاصم من حديث أنس قال ليلة القدر أول ليلة من رمضان، قال ابن عاصم لا نعلم أحدا قال ذلك غيره (القول السادس) أنها ليلة سبع عشرة من رمضان رواه ابن أبى شيبة والطبرانى من حديث زيد بن ثابت وتقدم فى الزوائد وسنده ضعيف، ورواه الطبراني في

-[أقوال العلماء فى تعيين ليلة القدر]- .....

_ الأوسط من حديث أبى هريرة وسنده ضعيف أيضا، ولفظهما تقدم فى الزوائد، ورواه أبو داود من حديث ابن مسعود (قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلبوها ليلة سبع عشرة من رمضان وليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين ثم سكت) وسنده فيه لين (القول السابع) أنها ليلة تسع عشرة رواه عبد الرازق عن على وعزاه الطبرى لزيد بن ثابت وابن مسعود، ووصله الطحاوى عن ابن مسعود (القول الثامن) أنها أول ليلة من العشر الأخير أعنى ليلة الحادى والعشرين (واليه مال الأمام الشافعى) رحمه الله وجماعة من الشافعية، وعبارة الشافعى فى الأم كما نقله البيهقى فى المعرفة (وتطلب ليلة القدر فى العشر الأواخر من شهر رمضان. قال وكأنى رأيت والله أعلم أقوى الأحاديث فيه ليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين) اهـ قلت يريد حديث أبى سعيد المذكور فى الفصل الخامس وحديث عبد الله بن أنيس المذكور فى الفصل السادس (القول التاسع) أنها ليلة ثلاث وعشرين وهو مروى عن عبد الله بن أنس كما فى الفصل السادس، وعنه أيضا قال قلت يا رسول الله إن لى بادية أكون فيها وأنا أصلى فيها بحمد الله فمرنى بليلة أنزلها إلى هذا المسجد، فقال انزل ليلة ثلاث وعشرين الحديث- رواه أبو داود (وروى ابن آبى شيبة) بإسناد صحيح عن معاوية قال ليلة القدر ليلة ثلاث وعشرين (رواه إسحاق) فى مسنده من طريق أبى حازم عن رجل من بنى بياضة له صحبه مرفوعا (وروى عبد الرازق) عن معمر عن أيوب يغتسل ليلة ثلاث وعشرين ويمس الطيب، وعن ابن جريح عن عبد الله بن أبى يزيد عن ابن عباس أنه كان يوقظ أهله ليلة ثلاث وعشرين (وروى عبد الرازق) من طريق يوسف سمع سعيد بن المسيب يقول استقام قول القوم على أنها ليلة ثلاث وعشرين، ومن طريق إبراهيم عن الأسود عن عائشة، ومن طريق مكحول أنه كان يراها ليلة ثلاث وعشرين (ومال إليه الشافعى كما تقدم) (القول العاشر) أنها ليلة رابع وعشرين وهو مروى عن بلال بن رباح كما فى الفصل السابع، ورواه أيضا أبو داود الطيالسى من طريق أبى نضرة عن أبى سعيد مرفوعا (ليلة القدر ليلة أربع وعشرين) وروى ذلك (عن ابن مسعود والشعبى والحسن وقتادة) وحجتهم حديث واثلة (أن القران نزل ليلة أربع وعشرين (قال الحافظ) واحتجوا أيضا بحديث بلال وتقدم الكلام عليه فى الفصل السابع (القول الحادى عشر) أنها ليلة ثلاث وعشرين أو خمس وعشرين، روى ذلك عن معاذ بن جبل وتقدم حديثه فى شرح الحديث الأول من الفصل السادس (القول الثانى عشر) أنها ليلة سبع وعشرين وهو الجادة من (مذهب الإمام أحمد، وراوية عن أبى حنيفة) وبه جزم أبى بن كعب وحلف عليه، ورواه ابن أبى شيبة عن عمر وحذيفة وناس من الصحابة رضي الله عنهم

-[أقوال العلماء فى تعين ليلة القدر]- .....

_ وحكاه صاحب الحلية من الشافعية عن أكثر العلماء (وهو أرجا الأقوال وأرجحها) فى ليلة القدر لكثرة أدلته وصحتها، أنظر الفصل الثامن (القول الثالث عشر) أنها ليلة تسع وعشرين حكاه ابن العربى (القول الرابع عشر) أنها آخر ليلة من رمضان وهو مروى عن عبادة ابن الصامت وأبى بكرة، انظر الفصل الثالث (القول الخامس عشر) أنها تنتقل فى العشر الأخر كله (قال الحافظ) قاله أبو قلابة ونص عليه (مالك والثورى وأحمد وإسحاق) وزعم الماوردى أنه متفق عليه، وكأنه أخذه من حديث ابن عباس أن الصحابة اتفقوا على أنها فى العشر الأخير، ثم اختلفوا فى تعيينها كما تقدم اهـ، ويؤيد كونها فى العشر الأخير حديث أبى سعيد المذكور فى الفصل الرابع. وما تقدم فى أبواب الاعتكاف من اعتكاف صلى الله عليه وسلم فى العشر الأواخر وما جاء فى باب الاجتهاد فى العشر الأواخر، كل ذلك لموافقة ليلة القدر (القول السادس عشر) أنها فى الوتر من العشر الأواخر ودليلة ما جاء فى الفصل الرابع الأحاديث (قال الحافظ) وهو أرجح الأقوال وصار إليه (أبو ثور والمزنى) وابن خزيمة وجماعة من علماء المذاهب اهـ (وقال الترمذى) أكثر الروايات عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال التمسوها فى العشر الأواخر فى كل وتر، وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم فى ليلة القدر أنها ليلة احدى وعشرين وليلة ثلاث وعشرين وخمس وعشرين وسبع وعشرين وتسع وعشرين وآخر ليلة من رمضان (قال الشافعى) كان هذا عندى والله أعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يجيب على نحو ما سأل عنه، يقال له نلتمسها فى ليلة كذا، فيقول التمسوها فى ليلة كذا (قال الشافعى) وأقوى الروايات عندى فيها ليلة احدى وعشرين اهـ. فعلى هذا كانت فى السنة التى رأى أبو سعيد النبى صلى الله عليه وسلم يسجد فى الماء والطين ليلة احدى وعشرين، وفى السنة التى أمر عبد الله ابن أنيس ليلة ثلاث وعشرين، وفى السنة التى رأى أبى كعب علامتها ليلة سبع وعشرين والله أعلم (القول السابع عشر) أنها تنتقل فى جميع السبع الأواخر ويدل عليه ما جاء فى الفصل الثانى من الأحاديث (وقد اختلف أهل هذا القول) هل المراد السبع من آخر الشهر أو آخر سبعة تعد من الشهر أعنى التى أولها ليلة الثانى والعشرين وآخرها ليلة الثامن والعشرين، ورجح الحافظ الأول، ويؤيده أيضا ما رواه الأمام أحمد، قال حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير أخبرنى جابر أن أمير البعث كان غالبا الليثى وقطبة بن عامر الذى دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل وهو محرم، ثم خرج من الباب وقد تسور من قبل الجدار وعبد الله بن أنيس الذى سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر وقد خلت اثنتان وعشرين ليلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم التمسها فى هذه السبع الأواخر التى بقين من الشهر وحسن الهيثمى إسناده (وبقى أقوال أخرى) لم أذكرها لكون مستندها واهيا، أو لعدمه بالمرة

-[خلاصة الأقوال وكلام العلماء فى الحكمة فى إخفاء ليلة القدر وذكر علاماتها]- .....

_ وفي هذا القدر كفاية والله أعلم (الخلاصة) خلاصة هذه الأقوال جميعها وأرجحها على التحقيق أن ليلة القدر هى الليلة التى نزل فيها القرآن، وأنها فى رمضان بنص كتاب الله، وثبت بالأحاديث الصحيحة أنها باقية إلى يوم القيامة وأنها فى العشر الأخير فى الوتر منه، وأنها تنتقل كما فهم من أحاديث الباب وأرجح أوتار العشر عند الشافعية ليلة احدى وعشرين على ما فى حديث أبى سعيد المذكور فى الفصل الخامس، وأرجاها عند الجمهور ليلة سبع وعشرين كما فى الفصل الثامن، والله أعلم (فائدة) قال العلماء الحكمة فى أخفاء ليلة القدر ليجتهد الناس فى طلبها ويجدُّوا فى العبادة فى الشهر كله طمعا فى إدراكها كما أخفى ساعة الإجابة فى يوم الجمعة، وكما أخفى الأجل وقيام الساعة ليجدوا فى الأعمال الصالحة حذرا منها (واختلف العلماء) هل لليلة القدر علامة تظهر لمن وفقت له أم لا؟ فقيل يرى كل شئ ساجدا. وقيل يرى الأنوار فى كل مكان ساطعة حتى فى المواضع المظلمة، وقيل يسمع سلاما أو خطابا من الملائكة، وقيل علامتها استجابة دعاء من وفقت له، واختار الطبرى أن جميع ذلك غير لازم، لأنه لا يشترط لحصولها رؤية شئ ولا سماعه (واختلفوا أيضا) هل يحصل الثواب المترتب عليها لمن اتفق له أنه قامها وان لم يظهر له شئ. أو يتوقف ذلك على كشفها له؟ (والى الأول) ذهب الطبرى والمهلب وابن العربى وجماعة (والى الثانى) ذهب الأكثر، واستدلوا بما وقع عند مسلم من حديث أبى هريرة بلفظ (من يقم الليلة القدر فيوافقها) وفى حديث عبادة عند الإمام أحمد (من قامها إيمانا، واحتسابا ثم وفقت له) قال النووى معنى يوافقها أى يعلم أنها ليلة القدر فيوافقها، ويحتمل أن يكون المراد يوفقها فى نفس الأمر وان لم يعلم هو ذلك اهـ (قلت) وهذا الأخير هو الذى أختاره، وعليه فمن قام رمضان كله أو، العشر الأواخر منه إيمانا واحتسابا ينبغى ليلة القدر حصل له الثواب المترتب على قيامها وان لم يظهر له شئ من علامتها. لأنه لابد أن يوافقها فى نفس الأمر، لما ثبت أنها فى العشر الأواخر، ومن قاتها فوافقها برؤية شئ من علامتها حصل له ذلك أيضا والله أعلم، أما (حديث مسلم فلفظه) عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من يقم ليلة القدر فيوافقها أراه قال إيمانًا واحتسابا غفر له (ولفظ حديث الإمام أحمد) عن عبادة بن الصامت أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ليلة القدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان، فالتمسوها فى العشر الأواخر فأنها فى وتر، فى إحدى وعشرين. أو ثلاث وعشرين. أو خمس وعشرين. أو سبع وعشرين. أو تسع وعشرين. أو فى آخر ليلة، فمن قامها ابتغاءها إيمانًا واحتسابًا ثم وفقت له غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ----- (تم الجزء العاشر من كتاب الفتح الربانى مع شرحه) ----- (بلوغ الأماني) مختتماً بهذين الحديثين الصحيحين المبشرين بالخير العظيم والفضل الجسيم (ويليه الجزء الحادي عشر) وأوله كتاب الحج والعمرة، نسأل الله الإعانة على التمام وحسن الختام آمين.

كتاب الحج

-[كتاب الحج ومعناه لغة واصلاحا - وتاريخ افتراضه]- بسم الله الرَّحمن الرَّحيم (10) كتاب الحج والعمرة) الحج يقال بفتح الحاء وكسرها لغتان قرئ بهما فى السبع، وأكثر السبعة بالفتح، وكذا الحجة فيها لغتان فتح الحاء وكسرها أيضا، فمعناه على الفتح الفعلة من الحج أى المرة، وعلى الكسر الحالة والهيئة كالتلبية والأجابة (ومعنى الحج فى اللغة) القصد مطلقا، وقال الجوهرى هو من قولك حججته إذا أتيته مرة بعد أخرى، والأول هو المشهور، وقال الليث والخليل أصل الحج فى اللغة زيارة شاء تعظمه، وقال كثيرون هو إطالة الاختلاف إلى الشاء، واختاره ابن جرير، قال أهل اللغة يقال حج يحج بضم الحاء فهو حاج، والجمع حجاج وحجيج وحجج بضم الحاء، حكاه الجوهرى كنازل ونزل (ومعناه فى عرف الشرع) القصد إلى زيارة البيت الحرام على وجه التعظيم بأفعال مخصوصة كالطواف والسعى والوقوف بعرفة وغيرها محرما بنية الحج (وأما العمرة) ففيها قولان لأهل اللغة، حكاهما الأزهرى وآخرون، أشهرهما أصلها الزيارة، ولم يذكر ابن فارس والجوهرى غيره (والثاني) أصلها القصد، قاله الزجاج وغيره، قال الأزهرى وقيل إنما اختص الاعتمار بقصد الكعبة لأنه قصد إلى موضع عامر، والله أعلم (وقد اختلف فى وقت ابتداء فرض الحج) فقيل نزلت فريضته سنة خمس من الهجرة وأخره النبى صلى الله عليه وسلم من غير مانع، فانه خرج إلى مكة سنة سبع لقضاء العمرة ولم يحج، وفتح مكة سنة ثمان ولم يحج، وبعث أبا بكر أميرًا على الحج سنة تسع، وحج هو سنة عشر، وعاش بعدها ثمانين يوما ثم قبض، وكل هذه الأمور مجمع عليها بين أهل السير إلا فرض الحج فذكر القرطبى أنه فرض سنة خمس؛ وقيل سنة تسع قال وهو الصحيح، وذكر البيهقى أنه كان سنة ست، وفى حديث ضمام بن ثعلبة ذكر الحج، وذكر محمد بن حبيب أن قدومه كان سنة خمس من الهجرة، وقال الطرطوشى وقد روى أن قدومه على النبى صلى الله عليه وسلم كان فى سنة تسع، وذكر الماوردى أنه فرض سنة ثمان وقال إمام الحرمين سنة تسع أو عشر وقيل سنة سبع وقيل كان قبل الهجرة وهو شاذ، والله أعلم

_ (رموز واصطلاحات تختص بالشرح) (خ) للبخارى فى صحيحه (م) لمسلم (ق) لهما (د) لأبى داود (مذ) للترمذى (نس) للنسائى (جه) لابن ماجه (الأربعة) لأصحاب السنن الأربعة، أبى داود. والترمذى. والنسائى وابن ماجه (ك) للحاكم فى المستدرك (حب) لابن حبان فى صحيحه (خز) لابن خزيمة (*)

-[رموز واصطلاحات تختص بالشرح]- (1) باب ما ورد فى فضل الحج والعمرة (1) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه

_ (1) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا يزيد أنا

-[بيان أن الحج من أفضل الأعمال]- وعلى آله وصحبه وسلَّم أفضل الأعمال عند الله إيمانٌ لا شكَّ فيه وغزوٌ لا غلول فيه وحجٌّ مبرورٌ قال أبو هريرة رضى الله تبارك وتعالى عنه

_ هشام عن يحيى عن أبى جعفر أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الأعمال- الحديث" (غريبه) (1) وقع فى رواية لمسلم "إيمان بالله ورسوله" وفى ذكر الأيمان بعد قوله أفضل الأعمال عند الله تصريح بأن العمل يطلق على الأيمان (قال النووى) المراد به والله أعلم الأيمان الذى يدخل به فى ملة الأسلام وهو التصديق بقلبه والنطق بالشهادتين، فالتصديق عمل القلب والنطق عمل اللسان، ولا يدخل فى الأيمان ههنا الأعمال بسائر الجوارح كالصوم والصلاة والحج والجهاد وغيرها لكونه جعل قسما للجهاد والحج، ولقوله صلى الله عليه وسلم ايمان بالله ورسوله، ولا يقال هذا فى الأعمال، ولا يمنع هذا من تسمية الأعمال المذكورة ايمانا اهـ (قلت) يعنى باعتبار أنه لا يكمل الأيمان الا بها "وقوله لا شك فيه" قيد مخرج لمن آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه كمن يشك فيما علم من الدين بالضرورة كالتوحيد والنبوة والبعث والجزاء وافتراض الصلوات الخمس والزكاة والصيام والحج ونحو ذلك فهذا لا يقال له مؤمن (2) الغزو هو الجهاد فى سبيل الله لاعلاء كلمة الله ونصر دينه ودفع المعتدين من الكفار على بلاد المسلمين "والغلول" السرقه من الغنيمة قبل القسمة وهو من الكبائر قال تعالى {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة} فالمجاهد إذا غل لا يكون مجاهدا وليس له فى الجهاد ثواب بل عليه الوزر وشدة العذاب، نسأل الله السلامة، وسيأتى الكلام عليه أيضا فى كتاب الجهاد إن شاء الله تعالى (3) قال النووى الأصح الأشهر أن المبرور هو الذى لا يخالطه إثم مأخوذ من البر وهو الطاعة، وقيل هو المقبول، ومن علامة القبول أن يرجع خيرا مما كان ولا يعاود المعاصى، وقيل هو الذى لا رياء فيه، وقيل الذى لا يعقبه معصية وهما داخلان فيما قبلهما اهـ

-[كلام العلماء فى أحاديث تفضيل الأعمال - والجمع بين ما تعارض منها]- حجٌّ مبرورٌ يُكفِّر خطايا تلك السَّنة (1)

_ (1) هذا قول أبى هريرة ولا ينافى ما جاء مرفوعا أنه يرجع كهيئته يوم ولدته أمه كما فى الحديث الآتى، وهو كناية عن غفران الذنوب كلها. وسيأتى الكلام عليه فى شرحه (واعلم) أنه جاء فى تفضيل الأعمال أحاديث صحيحة غير هذا عند الشيخين والأمام أحمد فى غير هذا الموضع على غير هذا الترتيب كما فى (حديث ابن مسعود) تفضيل الصلاة ثم بر الوالدين ثم الجهاد، وفى حديث أبى ذر الأيمان والجهاد ولم يذكر الحج (وفى حديث عبد الله بن عمرو) أى الأسلام خير قال تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف (وفى حديث أبى موسى) وعبد الله بن عمر أى المسلمين خير قال من سلم المسلمون من لسانه ويده (وصح فى حديث عثمان) خيركم من تعلم القرآن وعلمه، وأمثال هذا فى الصحيح كثيرة فكيف الجمع بينها؟ "قال النووى" رحمه الله اختلف العلماء فى الجمع بينها، فذكر الأمام الجليل أبو عبد الله الحليمى الشافعى عن شيخه الأمام العلامة المتقن أبى بكر القفال الشاشى الكبير وهو غير القفال الصغير المروزى المذكور فى كتب متأخرى أصحابنا الخراسانيين، قال الحليمى وكان القفال أعلم من لقيته من علماء عصره أنه جمع بينها بوجهين (أحدهما) أن ذلك اختلاف جواب جرى على حسب اختلاف الأحوال والأشخاص، فانه قد يقال خير الأشياء كذا ولا يراد به خير جميع الأشياء من جميع الوجوه وفى جميع الأحوال والأشخاص، بل فى حال دون حال أو نحو ذلك. واستشهد فى ذلك بأخبار، منها عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حجة لمن لم يحج أفضل من أربعين غزوة، وغزوة لمن حج أفضل من أربعين حجة (الوجه الثانى) أنه يجوز أن يكون المراد من أفضل الأعمال كذا أو من خيرها، أو من خيركم من فعل كذا، فحذفت من وهى مرادة. كما يقال فلان أعقل الناس وأفضلهم. ويراد أنه من أعقلهم وأفضلهم؛ ومن ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم خيركم خيركم لأهله، ومعلوم أنه لا يصير بذلك خير الناس مطلقًا، ومن ذلك قولهم أزهد الناس فى العالم جيرانه، وقد يوجد فى غيرهم من هو أزهد منهم فيه، هذا كلام القفال، وعلى هذا الوجه الثانى يكون الأيمان أفضلها مطلقا، والباقيات متساوية فى كونها من أفضل الأعمال والأحوال، ثم يعرف فضل بعضها على بعض بدلائل تدل عليها وتختلف باختلاف الأحوال والأشخاص، فان قيل فقد جاء فى بعض هذه الروايات أفضلها كذا ثم كذا بحرف ثم وهى موضوعة للترتيب (فالجواب) أن ثم هنا للترتيب فى الذكر كما قال تعالى {وما أدراك ما العقبة فك رقبة} الى قوله {ثم كان من الذين آمنوا} ومعلوم أنه ليس المراد هنا الترتيب فى الفعل، وكما قال تعالى {قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم أن لا تشركوا به شيئًا وبالوالدين احسانا ولا تقتلوا -الى قوله- ثم آتينا موسى الكتاب}

-[كلام العلماء فى الحكمة فى ذكر الجهاد قبل الحج فى حديث أبى هريرة]- (2) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من حجَّ (وفى روايةٍ من أمَّ هذا البيت) فلم يرفث ولم

_ وقوله تعالى {ولقد خلقناكم ثم صورناكم ثم قلنا للملائكة اسجدوا لآدم} ونظائر ذلك كثيرة وأنشدوا: قل لمن ساد ثم ساد أبوه ... ثم قد ساد قبل ذلك جده وذكر القاضى عياض فى الجمع بينهما وجهين * (أحدهما) * نحو الأول من الوجهين اللذين حكيناهما، قال قيل اختلف الجواب لاختلاف الأحوال، فأعلم كل قوم بما بهم حاجة اليه، أو بما لم يكملوه بعد من دعائم الأسلام ولا بلغهم علمه * (والثاني) * أنه قدَّم الجهاد على الحج لانه كان أول الاسلام، ومحاربة أعدائه والجد فى اظهاره (وذكر صاحب التحرير) هذا الوجه الثانى ووجها آخر أن ثم لا تقتضى ترتيبًا، وهذا قول شاذ عند أهل العربية والأصول، ثم قال صاحب التحرير والصحيح أنه محمول على الجهاد فى وقت الزحف الملجاء والنفير العام، فانه حينئذ يجب الجهاد على الجميع، وإذا كان هكذا فالجهاد أولى بالتحريض والتقديم من الحج لما فى الجهاد من المصلحة العامة للمسلمين مع أنه متعين متضيق فى هذا الحال بخلاف الحج، والله أعلم اهـ * (قلت) * وهو وجيه (تخريجه) (حب) فى صحيحه بلفظ حديث الباب، ورواه الشيخان عن أبى هريرة أيضا قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى العمل أفضل؟ قال ايمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا؟ قال جهاد فى سبيل الله قيل ثم ماذا؟ قال حج مبرور، وللامام أحمد أيضا بهذا اللفظ وتقدم فى أول كتاب الايمان (2) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم عن سيار عن أبى حازم عن أبى هريرة- الحديث" (غريبه) (1) فى رواية للبخارى "من حج لله فلم يرفث (2) فى رواية أخرى للبخارى أيضا "من حج هذا البيت" ولمسلم "من أتى هذا البيت" وهو يشمل الأتيان للحج والعمرة (وللدارقطنى) من طريق الاعمش عن أبى حازم بسند فيه ضعف من حج واعتمر (3) بتثليث الفاء فى المضارع والماضى؛ لكن الأفصح الضم فى المضارع والفتح فى الماضى، أى الجماع أو الفحش فى القول، أو خطاب الرجل المرأة فيما يتعلق بالجماع (وقال الازهرى) الرفث اسم جامع لكل ما يريده الرجل من المرأة، وكان ابن عمر يخصه بما خوطب به النساء "وقوله ولم يفسق" أى لم يأت بسيئه ولا معصية. وقال سعيد بن جبير فى قوله تعالى {فلا رفث ولا فسوق ولا جدال فى الحج} الرفث إتيان النساء والفسوق السباب. والجدال المراء، يعنى مع الرفقاء والمكارين. ولم يذكر فى الحديث الجدال فى الحج اعتمادا على الآية، ويحتمل أن يكون ترك الجدال قصدًا، لأن وجوده لا يؤثر في

-[تكفير كل الذنوب بالحج - ومباهات الله تعالى ملائكته بأهل عرفة]- يفسق رجع كهيئته يوم ولدته أمُّه (3) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم كان يقول إنَّ الله عزَّ وجلَّ يباهي ملائكته

_ ترك مغفرة ذنوب الحاج إذا كان المراد به المجادلة فى أحكام الحج لما يظهر من الأدلة، أو المجادلة بطريق التعميم لا تؤثر أيضا، لأن الفاحش منها دخل فى عموم الرفث، والحسن منها ظاهر فى عدم التأثير، والمستوى الطرفين لا يؤثر أيضا، قاله الحافظ، والفاء فى قوله فلم يرفث عطف على الشرط (1) هذا جواب الشرط، أى رجع من ذنوبه "كهيئته يوم ولدته أمه" أى مشابها لنفسه فى أنه يخرج بلا ذنب كما خرج بالولادة وهو يشمل الصغائر والكبائر والتبعات (قال الحافظ) وهو من أقوى الشواهد لحديث العباس بن مرداس المصرح بذلك (قلت سيأتى فى أحكام الباب) قال وله شاهد من حديث ابن عمر فى تفسير الطبرى اهـ. لكن قال الطبرى إنه محمول بالنسبة إلى المظالم على من تاب وعجر عن وفائها (وقال الترمذى) هو مخصوص بالمعاصى المتعلقة بحقوق الله خاصة دون العباد ولا تسقط الحقوق أنفسها، فمن كان عليه صلاة أو كفارة ونحوها من حقوق الله تعالى لا تسقط عنه لأنها حقوق لا ذنوب، إنما الذنوب تأخيرها فنفس التأخير يسقط بالحج لا هى أنفسها فلو أخرها بعده تجدد إثم آخر، فالحج المبرور يسقط إثم المخالفة لا الحقوق (قلت) ظاهر الحديث يدل على غفران الذنوب التى قبل الحج كلها صغيرها وكبيرها مطلقا وفضل الله واسع، ويؤيد ذلك ما جاء فى صحيح مسلم فى كتاب الأيمان فى (باب كون الأسلام يهدم ما قبله، وكذا الحج والهجرة) من حديث عمرو بن العاص أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له "أما علمت أن الأسلام يهدم ما كان قبله. وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها. وأن الحج يهدم ما كان قبله- الحديث" ومعنى يهدم ما كان قبله أى يسقطه ويمحوا أثره والله أعلم (تخريجه) (ق. نس. جه) ورواه أيضا الترمذى إلا أنه قال غفر له ما تقدم من ذنبه (3) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أزهر ابن القاسم ثنا المثنى يعنى ابن سعيد عن قتادة عن عبد الله بن بابا عن عبد الله بن عمرو بن العاص- الحديث (غريبه) (2) المباهاة لغة ذكر مآثر نفسه وأصوله للاستعلاء على الغير، وهذا محال على الله سبحانه وتعالى، فالمراد اظهار فضل الحجاج للملائكة لأنهم قمعوا شهواتهم بخلاف الملائكة، فانهم وان كانوا معصومين، إلا أن ذلك بالجبلة لعدم تركيب

-[المتابعة بين الحج والعمرة تنفى الفقر والذنوب]- عشيَّة عرفة بأهل عرفة، فيقول انظروا إلى عبادى أتونى شعثًا غبرًا (4) وعن أبى هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مثله (5) عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال تابعوا بين الحجِّ والعمرة، فإنَّ متابعةً بينهما ينفيان الفقر والذُّنوب كما ينفى الكير الخبث

_ الشهوة فيهم، والمراد الحجاج الذين حجوا بمال حلال قاصدين وجه الله تعالى مخلصين له فى حجهم بدون رياء؛ فلا مباهاة بمن حج من حرام أو قصد افتخارا "وقوله عشية عرفة" أى وقت الوقوف بعرفة (1) بضم الشين المعجمة وسكون العين المهملة آخره مثلثة. أى لم يتعهدوا تنظيف أبدانهم وملابسهم وشعورهم "وقوله غبرا" أى قد علاهم غبار الأرض، قال المناوى وذا يقتضى الغفران وعموم التكفير (تخريجه) أخرجه أيضا الطبرانى فى الكبير ورجال الأمام أحمد موثقون (4) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو قطن واسماعيل ابن عمر قالا ثنا يونس عن مجاهد أبى الحجاج عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل ليباهى الملائكة بأهل عرفات يقول "انظروا إلى عبادى شعثا غبرا" (تخريجه) (حب. ك) وقال صحيح على شرطهما ولم يخرجاه اهـ (قلت) وأقره الذهبى (5) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة يحدث عن عمر رضى الله عنه يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم، وقال سفيان مرة عن النبى صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (2) أى أوقعوا المتابعة بينهما بأن تجعلوا كلا منهما تابعًا للآخر أى إذا حججتم فاعتمروا واذا اعتمرتم فحجوا (3) هكذا بالأصل (فان متابعة بينهما ينفيان) أى تجعلهما ينفيان الفقر والذنوب الخ، أى يزيلانه وهو يحتمل الفقر الظاهر بحصول غنى اليد والفقر الباطن بحصول غنى القلب، وكذلك يزيلان الذنوب ويمحوانها، قيل المراد بها الصغائر ولكن يأباه قوله "كما ينفى الكير الخ" وهو ما ينفخ به الحداد لاشتعال النار لتصفية خبث الحديد (4) الخبث بفتحتين ويروى بضم فسكون، والمراد الوسخ والرداء الخبيث (تخريجه) (ش جه) وفى اسناده عاصم بن عبيد الله ضعيف، لكن يعضده الحديثان بعده

-[فضل المتابعة بين الحج والعمرة]- (6) عن عبد الله بن عامرٍ عن أبيه رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم مثله - وفيه فإنَّ متابعةً بينهما تزيد فى العمر والرِّزق وتنفيان الذنوب كما ينفى الكير خبث الحديد (7) عن عبد الله (بن مسعودٍ) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تابعوا بين الحجِّ والعمرة فإنَّهما ينفيان الفقر والذُّنوب كما ينفى الكير خبث الحديد والذَّهب والفضَّة، وليس للحجَّة المبرورة ثوابٌ دون الجنَّة (8) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجُّ المبرور

_ (6) عن عبد الله بن عامر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود ابن عامر ثنا شريك عن عاصم عن عبد الله بن عامر عن أبيه- الحديث" (غريبه) (1) هو عامر بن ربيعة الصحابي رضى الله عنه، وهذا الحديث رواه عامر عن النبى صلى الله عليه وسلم بدون واسطة، والحديث السابق رواه عامر عن النبى صلى الله عليه وسلم بواسطة عمر، فهذا من مسند عامر، وذاك من مسند عمر رضى الله عنهما (2) المراد بالزيادة هنا البركة، فاذا كان عمره عشرين عاما مثلا بارك الله له فيها بتوفيقه للأعمال الصالحة ومضاعفة الثواب حتى يكون ثوابه أكثر ممن عاش أربعين عاما لم يعمل مثل عمله، وإذا كان يكتسب كل يوم درهما مثلا بارك الله له فيه حتى يكون كمن عنده عشرة دراهم وهكذا (تخريجه) (جه) وفى اسناده عاصم ابن عبيد الله أيضا ويعضده حديث ابن مسعود الآتى بعده (7) عن عبد الله (بن مسعود) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو خالد الأحمر قال سمعت عمرو بن قيس عن عاصم عن شقيق عن عبد الله- الحديث" (غريبه) (3) تقدم الكلام فى معنى الحج المبرور فى شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (والثواب) الجزاء، والمعنى أن الحج المبرور ليس له جزاء إلا دخول الجنة أوَّلا وإلا فمطلق الدخول يكفى فيه الأيمان، وهذا الحديث من أدلة القائلين بأن الحج يكفر الذنوب كلها صغيرها وكبيرها والله أعلم (تخريجه) (د. مذ) وقال حديث ابن مسعود حديث حسن صحيح غريب من حديث عبد الله بن مسعود (8) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الرحمن قال

-[الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة]- ليس له جزاءٌ إلَّا الجنَّة، والعمرتان تكفِّران ما بينهما من الذُّنوب (9) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلَّا الجنَّة، قالوا يا نبيَّ الله ما الحجُّ المبرور؟ قال إطعام الطَّعام وإفشاء السَّلام (10) عن أبى سعيدٍ الخدرىِّ رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال

_ ثنا سفيان عن سمى عن أبى صالح عن أبى هريرة- الحديث (غريبه) (1) هذا ظاهر فى فضيلة العمرة وأنها مكفرة للخطايا الواقعة بين العمرتين، وسبق فى أول أبواب الوضوء فى شرح حديث عمرو بن عبسة رقم 183 صحيفة 300 بيان هذه الخطايا وبيان الجمع بين هذا الحديث وأحاديث تكفير الوضوء للخطايا وتكفير الصلاة، وقد أشار ابن عبد البر إلى أن المراد تكفير الصغائر دون الكبائر، قال وذهب بعض علماء عصرنا إلى تعميم ذلك ثم بالغ فى الأنكار عليه (قال الحافظ) واستشكل بعضهم كون العمرة كفارة مع أن اجتناب الكبائر يكفر. فماذا تكفر العمرة؟ (والجواب) أن تكفير العمرة مقيد بزمنها؛ وتكفير الاجتناب عام لجميع عمر العبد فتغايرا من هذه الحيثية والله أعلم (تخريجه) (م. نس. وغيرهما) وللأمام أحمد أيضا عن عامر بن ربيعة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العمرة إلى العمرة كفارة لما بينهما من الذنوب والخطايا، والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة (9) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الصمد ثنا محمد بن ثابت ثنا محمد بن المنكدر عن جابر- الحديث" (غريبه) (2) أى ما علامة الحج المبرور؟ قال "اطعام الطعام" يعنى للفقراء والمساكين "وإفشاء السلام" يعنى اظهاره والبدء به على من عرف ومن لم يعرف (وفى رواية عند الطبرانى) من حديث جابر أيضًا قال وطيب الكلام بدل وإفشاء السلام، والمراد أن هذه الخصال من علامات الحج المبرور وليست علاماته قاصرة على هذه، والظاهر والله أعلم أنه صلى الله عليه وسلم أجاب السائل بذلك لكونه رأى منه التقصير فى هذه الخصال، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يجيب كل انسان على حسب حاله (تخريجه) أورده المنذرى بلفظ اطعام الطعام وطيب الكلام وهو لفظ الطبرانى، ثم قال رواه أحمد والطبرانى فى الأوسط بأسناد حسن وابن خزيمة فى صحيحه والبيهقى والحاكم مختصرا وقال صحيح الأسناد (وفى روايه لأحمد والبيهقى) "اطعام الطعام وافشاء السلام" (10) عن أبى سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان

-[استمرار الحج والعمرة إلى ما بعد خروج يأجوج ومأجوج - وفضل النفقة فى الحج]- ليحجَّنَّ البيت وليعتمرنَّ بعد خروج يأجوج ومأجوج (11) عن عبد الله بن بريدة عن أبيه رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم النَّفقة فى الحجِّ كالنفقة فى سبيل الله بسبعمائة ضعفٍ (12) عن أمِّ سلمة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم الحجُّ جهاد كلِّ ضعيفٍ

_ قال ثنا أبان ثنا قتادة عن عبد الله بن أبى عتبة عن أبى سعيد الخدرى- الحديث" (غريبه) (1) بضم المثناة التحتية وفتح الحاء والجيم مبنيا للمفعول مؤكدا بالنون الثقيلة؛ وكذا قوله وليعتمرن، ويأجوج ومأجوج اسمان أعجميان، وهما قبيلتان من يافث بن نوج، وبه جزم غير واحد من الأوائل، وعليه كثير من الأواخر والله أعلم (2) هذا الحديث يفهم منه أن البيت يحج حتى بعد أشراط الساعة، لكن يعارضه ما ورد فى الصحيحين وعند الأمام أحمد وغيرهم أن الحبشة يخربون البيت فلا يعمر بعد ذلك، وما ورد عندهم أيضا بلفظ "لا تقوم الساعة حتى لا يحج البيت، وظاهر هذا التعارض، لأنه يفهم من هذين الحديثين عدم الحج بعد أشراط الساعة وخراب البيت، ويفهم من حديث الباب عكس ذلك، وقد جمع الحافظ بينهما بأنه لا يلزم من حج البيت بعد خروج يأجوج ومأجوج أن يمتنع الحج فى وقت مّا عند قرب ظهور الساعة، قال ويظهر والله أعلم أن المراد بقوله ليحجن البيت أى مكان البيت يحج؛ لأن الحبشة إذا خربوه لم يعمر بعد ذلك اهـ (تخريجه) (خ. خز. عل) وأبو داود الطيالسى وأبو عوانة (11) عن عبد الله بن بريدة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بكر بن عيسى ثنا أبو عوانة ثنا عطاء بن السائب عن أبى زهير عن عبد الله بن بريدة الخ (غريبه) (3) المعنى أن النفقة فى الحج تضاعف إلى سبعمائة ضعف كالنفقة فى الجهاد لأنها كلها فى سبيل الله (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الأوسط والبيهقى واسناده حسن (12) عن أم سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا القاسم ابن الفضل عن أبى جعفر محمد بن على عن أم سلمة- الحديث" (غريبه) (4) المعنى أن من أراد الجهاد فى سبيل الله لأعلاء كلمة الله وابتغاء مرضاة الله وعجز عن ذلك لمرض ألمَّ به أو لضعف ببدنه وكان يمكنه الحج فليحج البيت، فان فعل ذلك كتب الله له مثل ثواب المجاهد فى سبيل الله ببركة نيته وإخلاصه وفضل الله واسع (تخريجه) (جه) ورجاله ثقات

-[الحج والعمرة جهاد الكبير. والضعيف. والمرأة]- (13) عن محمَّد بن إبراهيم بن الحارث التَّيميِّ عن أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أنَّه قال إن كان قاله جهاد الكبير والضَّعيف والمرأة الحجُّ والعمرة

_ (13) عن محمد بن إبراهيم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون قال حدثنى ابن وهب عن حيوة عن ابن الهاد عن محمد بن ابراهيم- الحديث" (غريبه) (1) هكذا فى الأصل "ان كان قاله" لكن رواه النسائى عن محمد بن ابراهيم أيضا عن أبى سلمة عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال "جهاد الكبير. والصغير. والضعيف. والمرأة. الحج والعمرة" وهذا اتم وأظهر، والمعنى ان الحج والعمرة يقومان مقام الجهاد لمن منعه عنه كبر. أو ضعف بدن، أو صغر، أو أنوثة، ويؤجرون عليهما كأجر الجهاد، والله تعالى أعلم (تخريجه) (نس) وسنده جيد (زوائد الباب) (عن ابن عمر رضى الله عنهما) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استمتعوا بهذا البيت فقد هدم مرتين ويرفع فى الثالثة، (بز. طب) ورجاله ثقات (وعن الحسين بن على) رضى الله عنهما قال جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال إنى جبان وإنى ضعيف، فقال هلم إلى جهاد لا شوكة فيه الحج (طب. طس) ورجاله ثقات (وقوله لا شوكة فيه أى لا قتال فيه، وشوكة القتال شدّته وحدّته (نه) (وعن عثمان بن سليمان) عن جدته أم أبيه قالت جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال إنى أريد الجهاد فى سبيل الله، قال الا أدلك على جهاد لا شوكة فيه؟ قلت بلى- قال حج البيت (طب) وفيه الوليد بن أبى ثور ضعفه أبو زرعة وجماعة وزكاه شريك (وعن أبى سعيد الخدرى) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يقول إن عبدا أصححت له بدنه وأوسعت عليه فى الرزق لم يفد إلىَّ فى كل اربعة أعوام لمحروم، رواه الطبرانى فى الأوسط وأبو يعلى الا أنه قال خمسة أعوام ورجال الجميع رجال الصحيح (وعن أنس بن مالك) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج فى سبيل الله، النفقة فيه الدرهم بسبعمائة (طس) وفيه من لم أعرفه (وعن جابر) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للكعبة لسانا وشفتين ولقد اشتكت إلى الله فقالت يا رب قلَّ عوادى وقلَّ زوارى، فأوحى الله عز وجل إنى خالق بشرا خشَّعا سجَّدا يحنون اليك كما تحن الحمامة إلى بيضها (طس) وفيه سهل بن قرين وهو ضعيف (وعن أبى ذر) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ان داود النبى صلى الله عليه وسلم قال إلا هى ما لعبادك عليك إذا هم زاروك فى بيتك؟ قالَّ إن لكل زائر على المزور حقا، يا داود إن لهم على أن أعافيهم في الدنيا وأغفر لهم

-[زوائد الباب فى فضل الحج والعمرة - وكلام العلماء فى ذلك]- __

_ إذا لقيتهم (طس) وفيه محمد بن حمزة الرقى وهو ضعيف (وعن جابر بن عبد الله) رضى الله عنهما رفعه قال ما أمعر حاج قط، قيل لجابر ما الأمعار؟ قال ما افتقر، (طس. بز) ورجاله رجال الصحيح- الأمعار أصله من معر الرأس وهو قلة شعره (وعن عائشة رضى الله عنها) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خرج فى هذا الوجه لحج أو عمرة فمات فيه لم يعرض ولم يحاسب وقيل له ادخل الجنة، قالت وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله يباهى بالطائفين (عل طس) وفى اسناد الطبرانى محمد بن صالح العدوى. ولم أجد من ذكره. وبقية رجاله رجال الصحيح وإسناد أبى يعلى فيه عائذ بن بشير وهو ضعيف (وعن أبى هريرة) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خرج حاجا فمات كتب له أجر الحاج الى يوم القيامة، ومن خرج معتمرا فمات كتب له أجر المعتمر الى يوم القيامة، ومن خرج غاريا فمات كتب له أجر الغازى الى يوم القيامة (طس) وفي جميل بن أبى ميمونة، وقد ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا، وذكره ابن حبان فى الثقات (وعن جابر) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ان هذا البيت دعامة من دعائم الأسلام، فمن حج البيت أو اعتمر فهو ضامن على الله فان مات أدخله الجنة، وان رده الى أهله رده بأجر وغنيمة (طس) وفيه محمد بن عبد الله ابن عمير وهو متروك (وعن سهل بن سعد) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما راح مسلم فى سبيل الله مجاهدا أو حاجا مهلا أو ملبيا إلا غربت الشمس بذنوبه وخرج منها (طس) وفيه من لم أعرفه، أورد هذه الزوائد الحافظ الهيثمى وتكلم عليها جرحا وتعديلا، هذا وقد جاء فى مسند الأمام أحمد رحمه الله أحاديث كثيرة فى خصال متعددة من أفضل الأعمال، كالحج. والجهاد. والصلاة. وغير ذلك ستأتى (فى باب الترغيب فى خصال متعددة من أفضل أعمال البر) من قسم الترغيب ان شاء الله تعالى (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على فضل الحج والعمرة وانهما يمحوان الذنوب كلها صغيرها وكبيرها إذا حسنت النية وتمحض الأخلاص لله عز وجل، وتقدم الكلام فى الشرح على ما قاله العلماء فى ذلك، وحديث العباس بن مرداس الذى أشار اليه الحافظ (فى الكلام على قوله فى حديث أبى هريرة- رجع كهيئته يوم ولدته أمه) رواه ابن ماجه عن عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرداس أن أباه أخبره عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا لأمته عشية عرفة فأجيب انى قد غفرت لهم ما خلا الظالم فانى آخذ للمظلوم منه، قال أى رب إن شئت أعطيت المظلوم الجنة وغفرت للظالم، فلم يجب عشية عرفة، فلما أصبح بالمزدلفة أعاد الدعاء فأجيب الى ما سأل، قال فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال تبسم، فقال له أبو بكر وعمر رضى الله عنهما بأبى أنت وأمى إن هذه لساعة ما كنت تضحك فيها، فما الذى أضحكك؟

-[أدلة وجوب الحج]- (2) باب وجوب الحج (14) عن عليٍّ رضى الله عنه قال لمَّا نزلت هذه الآية {ولله على النَّاس حجُّ البيت من استّطاع إليه سبيلًا} قالوا يا رسول الله أفي كلِّ عامٍ؟ فسكت فقالوا أفى كلِّ عامٍ؟ فسكت، قال ثمَّ قالوا أفى كلِّ عامٍ؟ فقال لا، ولو قلت نعم لوجبت فأنزل الله تعالى {يا أيُّها الَّذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن

_ أضحك الله سنك، قال ان عدو الله ابليس لما علم أن الله قد استجاب دعائى وغفر لأمتى أخذ التراب فجعل يحثوه على رأسه ويدعو بالويل والثبور، فأضحكنى ما رأيت من جزعه (وأورده المنذرى) أيضا وقال رواه البيهقى من حديث ابن كنانة بن العباس بن مرداس ولم يسمه عن أبيه عن جده عباس، ثم قال وهذا الحديث له شواهد كثيرة وقد ذكرناها فى كتاب البعث، فان صح بشواهده ففيه الحجة، وان لم يصح فقد قال الله تعالى {ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} وظلم بعضهم بعضا دون الشرك اهـ (قلت) ورواه الأمام أحمد أيضا وسيأتى فى الباب السادص فى دعوات النبى صلى الله عليه وسلم لأمته من أبواب فضائل الأمة المحمدية وهو أحد الأحاديث التى أوردها ابن الجوزى فى الموضوعات وذب عنها الحافظ رحمه الله تعالى، وسيأتى الكلام عليه هناك وذكر ما ذب به الحافظ عنه والله أعلم، وقد تمسك بحديث ابن مسعود وحديث أبى هريرة الذى بعده من أحاديث الباب من قال بوجوب العمرة، ولكنه لا يكون مجرد اقتران العمرة بهذه الأمور الواجبة دليلا على الوجوب لما سيأتى فى باب حكم العمرة من حديث جابر قال أتى النبى صلى الله عليه وسلم أعرابى، فقال يا رسول الله أخبرنى عن العمرة أواجبة هى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا، وان تعتمر خير لك وسيأتى الكلام عليه هناك ان شاء الله تعالى (وفى أحاديث الباب أيضا) فوائد كثيرة تقدم الكلام عليها فى الشرح. والله الموفق (14) عن على رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا منصور بن وردان الأسدى ثنا على بن عبد الأعلى عن أبيه عن أبى البخترى عن على رضى الله عنه- الحديث" (غريبه) (1) فيه دليل على أن الحج لا يجب الا مرة واحدة وهو مجمع عليه كما قال النووى والحافظ وغيرهما، وكذلك العمرة عند من قال بوجوبها لا تجب إلا مرة إلا أن ينذر بالحج أو العمرة وجب الوفاء بالنذر بشرطه (2) ظاهره يقتضى أن افتراض الحج كل عام كان مفروضًا عليه، حتى لو قال نعم لحصل، وليس بمستبعد

-[الدليل على أن الحج واجب فى العمر مرة]- تبد لكم تسؤكم الى آخر الآية} (15) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا أيُّها النَّاس كتب عليكم الحجُّ، قال فقام الأقرع بن حابسٍ فقال فى كلِّ عامٍ يا رسول الله؟ قال لو قلتها لوجبت، ولو وجبت لم تعملوا بها أو لم تستطيعوا أن تعملوا بها، فمن زاد فهو تطوُّعٌ (وعنه من طريقٍ ثانٍ) أنَّ الأقرع بن حابسٍ سأل رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم الحجُّ كلّ عامٍ؟ فقال لا- بل حجَّةٌ، فمن حجَّ بعد ذلك فهو تطوُّعٌ، ولو قلت نعم لوجبت، ولو وجبت لم تسمعوا ولم تطيعوا (16) عن سعيدٍ بن جبيرٍ عن ابن عبَّاسٍ عن الفضل أو أحدهما

_ إذ يجوز أن يأمر الله تعالى بالأطلاق ويفوض أمر التقييد الى الذى فوض اليه البيان، فهو إن أراد أن يقيد بكل عام يقيده به والله أعلم (1) فى الحديث اشارة الى كراهة السؤال فى النصوص المطلقة والتفتيش عن قيودها، بل ينبغى اطلاقها حتى يظهر فيها قيد، وقد جاء القرآن موافقا لهذه الكراهة (تخريجه) (جه. مذ) وقال حديث على حديث حسن غريب من هذا الوجه. ورواه أيضا البزار فى مسنده وقال البخترى لم يسمع من على اهـ وأخرجه الحاكم فى المستدرك فى تفسير آل عمران وسكت عنه ولم يتعقبه الذهبى فى مختصره بالانقطاع. ولكن أعله بعبد الأعلى قال وقد ضعفه أحمد اهـ (15) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا سليمان بن كثير أبو داود الواسطى قال سمعت ابن شهاب يحدث عن أبى سنان عن ابن عباس- الحديث" (غريبه) (2) يعنى على المرة الواحدة فهو تطوع يثاب عليه (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا محمد بن أبى حفصة ثنا ابن شهاب عن أبى سنان عن ابن عباس أن الأقرع- الحديث" (4) أى لم تسمعوا سماع قبول. ولم تطيعوا إن سمعتم (تخريجه) (د. نس. هق. ك) وصحح الحاكم اسناده، وأقره الذهبى (16) عن سعيد بن جبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا أبو اسرائيل العبسى عن فضيل بن عمرو عن سعيد بن جبير الخ (غريبه) (5) هو ابن عباس

-[حجة القائلين بأن الحج واجب على الفور]- عن الآخر قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من أراد الحجَّ فليتعجَّل فإنَّه قد يمرض المريض وتضلُّ الضَّالَّة وتعرض الحاجة (17) عن ابن عباسٍ رضى الله عنهما عن النَّبىِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال على كلِّ مسلمٍ حجَّةٌ ولو قلت كلَّ عامٍ لكان (فصل منه فى وجوب الحج على النساء وفى أمور تتعلق بهن) (18) عن أبى هريرة رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسائه عام حجَّة الوداع هذه الحجَّة ثمَّ (وفى لفظ إنَّما هذه الحجَّة ثمَّ الزمن) ظهور الحصر، قال فكنَّ كلُّهنَّ يحججن إلَّا زينب بنت جحشٍ وسودة بنت زمعة

_ رضي الله عنهما. والمراد بقوله عن ابن عباس هو عبد الله وهو أصغر من أخيه الفضل وقد اشتهر عند المحدثين بابن عباس دون باقى أولاد العباس. فاذا ذكر ابن عباس بدون اسم علم أنه عبد الله "وقوله أو أحدهما عن الآخر" يعنى عن الفضل بن عباس عن أخيه عبد الله. يشك الراوى فى ذلك. وعلى كل حال فالحديث مروى عن أحدهما عن أخيه عن النبى صلى الله عليه وسلم فلا يضر الشك لأنهما صحابيان (1) استدل به القائلون بوجوب الحج على الفور وسيأتى ذكرهم فى الأحكام (تخريجه) (جه. هق. مى) وسنده جيد (17) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد الزبيرى ثنا شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس- الحديث" (غريبه) (2) أى واحدة واجبة فى العمر وله بعد ذلك أن يتطوع ما شاء (3) أى لكان الحج فرضا فى كل عام مرة، ولكن لم يقل ذلك رحمة بأمته عليه الصلاة والسلام (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد (18) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج وحدثنا يزيد بن هارون قال أنا ابن أبى ذئب واسحاق بن سليمان قال سمعت ابن أبى ذئب عن صالح مولى التوأمة عن أبى هريرة- الحديث" (غريبه) (4) أى انما الواجب عليكن هذه الحجة ثم الزمن البيوت فلا تخرجن الى الحج مرة أخرى، فكنى النبى صلى الله عليه وسلم بظهور الحصر عن ملازمتهن البيوت. وظهور جمع ظهر والحصر بضم أوله وسكون ثانيه

-[حجة القائلين باقتصار المرأة على الحجة المفروضة]- رضي الله تعالى عنهما، وكانتا تقولان والله لا تحرِّكنا دابَّةٌ بعد أن سمعنا ذلك من النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم (وفى لفظ) بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه ثمَّ ظهور الحصر (19) عن واقد بن أبى واقدٍ اللَّيثىِّ عن أبيه رضى الله عنه أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال لنسائه في حجَّته هذه ثمَّ ظهور الحصر (20) عن عائشة بنت طلحة أنَّ عائشة امَّ المؤمنين رضى الله عنها قالت قلت للنَّبيِّ صلى الله عليه وسلم ألا نجاهد معك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لك أحسن الجهاد

_ ويجوز ضم الصاد المهملة أيضا جمع حصير. وهو ما يفرش فى البيوت، ولذا قالت زينب بنت جحش وسودة بنت زمعة "والله لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا ذلك من النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم" (1) هذا اللفظ من رواية اسحاق بن سليمان أحد رجال السند كما يستفاد ذلك من نفس الحديث فى الأصل، ففيه بعد قوله "سمعنا ذلك من النبى صلى الله عليه وسلم" قال اسحق بن سليمان فى حديثه قالتا- والله لا تحركنا دابة بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه ثم ظهور الحصر. وقال يزيد بعد أن سمعنا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أوررده الهيثمى وقال رواه أحمد وأبو يعلى إلا أنه قد قال "فكنَّ كلهن يحججن الا زينب وسودة" والبزار وقال "انما هى هذه الحجة ثم ظهور الحصر" وفيه صالح مولى التوأمة. ولكنه من رواية ابن أبى ذئب عنه، وابن أبى ذئب سمع منه قبل اختلاطه وهو حديث صحيح اهـ. (19) عن واقد بن أبى واقد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سعيد بن منصور ثنا عبد العزيز بن محمد عن زيد بن أسلم عن واقد بن أبى واقد- الحديث" (غريبه) (2) يعنى حجة الوداع كما تقدم فى حديث أبى هريرة "وقوله هذه" أى هذه الحجة هى الواجبة عليكن ثم الزمن ظهور الحصر يعنى البيوت، لأنه لا يجب عليكن حج بعدها (تخريجه) (د. هق) وسنده جيد (20) عن عائشة بنت طلحة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس قال ثنا عبد الواحد عن حبيب بن أبى عمرة قال حدثتنا عائشة بنت طحة أن عائشة أم المؤمنين- الحديث" (غريبه) (3) أى نبذل المقدور فى القتال، لأن معنى الجهاد بذل النفس فى القتال (4) هكذا رواية الأمام أحمد (لك) بكاف الخطاب المكسورة

-[حجة القائلين بجواز الحج للمرأة تطوعا]- وأجمله، الحجُّ حجٌّ مبرورٌ، فقالت عائشة فلا أدع الحجَّ أبدًا بعد أن سمعت هذا من رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم (21) عن عمران بن حطَّان السَّدوسىِّ عن عائشة رضى الله عنها أنّها سألت النَّبىَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فقالت يا رسول الله أعلى النِّساء جهادٌ؟ قال الحجُّ والعمرة هو جهاد النِّساء

_ للمؤنثة المفردة؛ ووقع فى رواية للبخارى "لكنَّ" بضم الكاف وتشديد النون بلام الجر الداخلة على ضمير المخاطبات، وهو ظرف مستقر خبر أحسن، وأجمله عطف عليه. والحج بدل من أحسن "وحج مبرور" خبر مبتدأ محذوف، أى هو حج مبرور أو بدل من البدل، ويجوز لكنَّ بفتح اللام وكسر الكاف مع زيادة ألف قبل الكاف وتشديد النون للاستدراك، وأحسن نصب بها، وهو رواية للبخارى أيضا، وعزاه الحافظ فى باب فضل الحج المبرور للحموى. وقال التميمى لكن بتخفيف النون وسكونها، وأحسن مبتدأ. والحج خبره اهـ (قلت) والأول أرجح بدليل رواية الأمام أحمد لأنها لا تقبل تأويلا وأليق بسياق الحديث والله أعلم. والمعنى ليس لك أو لكنَّ الجهاد. ولكن الأفضل منه فى حقك أو حقكن حج مبرور، ولذا قالت عائشة لا أدع أى لا أترك الحج أبدًا الخ، وفهمت عائشة ومن وافقها من هذا الترغيب فى الحج أن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم "هذه ثم ظهور الحصر" عدم وجوب الحج عليهن مرة أخرى، فلا ينافى أنه مستحب فى حقهن لما جاء من الترغيب فى الحج والله أعلم (تخريجه) (خ. د. نس. جه) وغيرهم (21) عن عمران بن حطان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان ابن داود قال ثنا حميد بن مهران عن محمد بن سيرين عن عمران بن حطان- الحديث" (غريبه) (1) أى لأنهما يشبهان الجهاد فى السفر والخروج من البلاد والتعب، أما مقاتلة الأعداء فلا تقوى عليها المرأة (تخريجه) أورده صاحب المنتقى وقال رواه أحمد وابن ماجه وسنده صحيح (زوائد الباب) (عن أبى أمامة) رضى الله عنه قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الناس فقال إن الله كتب عليكم الحج، فقام رجل من الأعراب، فقال أفى كل عام؟ فعلق كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وغضب ومكث طويلا ثم مكث فقال من هذا السائل؟ فقال الأعرابى أنا يا رسول الله، فقال ويحك يؤمنك أن أقول نعم، والله لو قلت نعم لوجبت لو أن أحللت لكم جميع ما فى الأرض من شاء وحرمت عليكم

-[زوائد الباب - وحجج القائلين بوجوب الحج على الفور]- __

_ مثل خف بعير لوقعتم، فأنزل الله عز وجل عند ذلك {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم- الآية} (طب) واسناده حسن جيد (وعن ابن مسعود) رضى الله عنه قال أمرتم بأقامة أربع. اقامة الصلاة. وايتاء الزكاة. وأقيموا الحج والعمرة الى البيت. والحج الحج الأكبر، والعمرة الحج الأصغر (طب) ورجاله ثقات، أوردهما الهيثمى (الأحكام) أحاديث الباب تدل على وجوب الحج وجوا عينيًا على كل مسلم مكلف مستطيع وذلك باجماع المسلمين، وتظاهرت على ذلك دلالة الكتاب والسنة وإجماع الأمة، والأصل فى ذلك قول الله عز وجل {ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا} هذه آية وجوب الحج عند الجمهور، وقيل بل هى قوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} والأول أظهر، وقد وردت الأحاديث الصحيحة المتعددة بأنه أحد أركان الأسلام ودعائمه وقواعده، وأجمع المسلمون على ذلك اجماعا ضروريا؛ وإنما يجب على المكلف فى العمر مرة واحدة بالنص والأجماع، وقد جاء ذلك صريحًا فى حديث ابن عباس الثانى من أحاديث الباب أن الأقرع بن حابس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج كل عام؟ فقال لا- بل حجة واحدة فمن حج بعد ذلك فهو تطوع- الحديث" وفى حديث أبى هريرة الأخير من أحاديث الباب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسائه عام حجة الوداع هذه ثم ظهور الحصر وغير ذلك كثير فى أحاديث الباب (وقد اختلف العلماء) هل الحج واجب على الفور أم على التراخى؟ (فذهب جماعة) إلى أنه واجب على الفور لما جاء فى حديث ابن عباس أو الفضل أو أحدهما عن صاحبه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من أراد أن يحج فليتعجل- الحديث" وللأمام أحمد أيضا وأبى داود حديث آخر عن ابن عباس وحده عن النبى صلى الله عليه وسلم قال تعجلوا الى الحج يعنى الفريضة فان أحدكم لا يدرى ما يعرض له، والى القول بالفور ذهب الأئمة (أبو حنيفة وأبو يوسف ومالك وأحمد) والمزنى من أصحاب الشافعى ومن أهل البيت زيد بن على والهادى والمؤيد بالله والناصر، واحتج لهم بقوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} وهذا أمر والأمر يقتضى الفور، وبحديث ابن عباس السابق "من أراد أن يحج فليتعجل" وبما رواه سعيد بن منصور فى سننه عن عبد الرحمن بن سابط قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات ولم يحج حجة الأسلام لم يمنعه مرض حابس أو سلطان جائر أو حاجة ظاهرة فليمت على أى حال شاء يهوديا أو نصرانيا، ولأن وجوبه على التراخى يخرجه عن رتبة الواجبات لأنه يؤخر الى غاية، ولا يأثم بالموت قبل فعله لكون الشارع رخص له فى تأخيره، وليس على الموت أمارة يقدر بعدها على فعله (وذهب الائمة الشافعى والأوزاعى والثورى) ومحمد بن الحسن ونقله الماوردى عن ابن عباس وأنس وجابر وعطاء وطاوس إلى أنه واجب على التراخي

-[حجج القائلين بوجوب الحج على التراخى - وعدد من حج مع النبى صلى الله عليه وسلم]- __

_ (قال النووي) واحتج الشافعى والأصحاب بأن فريضة الحج نزلت بعد الهجرة وفتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فى رمضان سنة ثمان. وانصرف عنها فى شوال من سنته. واستخلف عتاب بن أسيد فأقام للناس الحج سنة ثمان بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مقيما بالمدينة هو وأزواجه وعامة أصحابه، ثم غزا غزوة تبوك فى سنة تسع وانصرف عنها قبل الحج فبعث أبا بكر رضى الله عنه فأقام للناس الحج سنة تسع ورسول الله صلى الله عليه وسلم هو وأزواجه وعامة أصحابه قادرون على الحج غير مشتغلين بقتال ولا غيره، ثم حج النبى صلى الله عليه وسلم بأزواجه وأصحابه كلهم سنة عشر، فدل على جواز تأخيره، هذا دليل الشافعى وجمهور الأصحاب (قال البيهقى) وهذا الذى ذكره الشافعى مأخوذ من الأخبار "قال "فأما نزول فرض الحج بعد الهجرة فكما قال، واستدل أصحابنا له بحديث كعب بن عجرة قال وقف علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ورأسى يتهافت قملا، فقال يؤذيك هو امُّك؟ قلت نعم يا رسول الله، فقال قد أذاك هو امُّ رأسك؟ قلت نعم، قال فاحلق رأسك، قال ففىَّ نزلت هذه الآية {فمن كان منكم مريضًا أو به أذى من رأسه ففدية الخ} رواه البخارى ومسلم (قال أصحابنا) فثبت بهذا الحديث أن قوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله فأن أحصرتم فما استيسر من الهدى ولا تحلقوا رءوسكم حتى يبلغ الهدى محله فمن كان منكم مريضًا أو به أذى من رأسه الخ} نزلت سنة ست من الهجرة، وهذه الآية دالة على وجوب الحج، ونزل بعدها قوله تعالى {وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة} وقد أجمع المسلمون على أن الحديبية كانت سنة ست من الهجرة فى ذى القعدة، وثبت بالأحاديث الصحيحة واتفاق العلماء أن النبى صلى الله عليه وسلم غزا حنينا بعد فتح مكة وقسم غنائمها واعتمر من سنته فى ذى القعده، وكان احرامه بالعمرة من الجعرَّانة، ولم يكن بقى بينه وبين الحج إلا أيامًا يسيرة، فلو كان على الفور لم يرجع من مكة حتى يحج مع أنه هو وأصحابه كانوا حينئذ موسرين، فقد غنموا الغنائم الكثيرة ولا عذر لهم ولا قتال ولا شغل آخر، وإنما أخره صلى الله عليه وسلم عن سنة ثمان بيانا لجواز التأخير وليتكامل الأسلام والمسلمون فيحج بهم حجة الوداع ويحضرها الخلق فيبلّغوا عنه المناسك، ولهذا قال فى حجة الوداع "ليبلّغ الشاهد منكم الغائب ولتأخذوا عنى مناسككم" ونزل فيه قوله تعالى {اليوم أكملت لكم دينكم} قال أبو زرعة الرازى فيما روينا عنه حضر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع مائة ألف وأربعة عشر ألفا كلهم رآه وسمع منه، فهذا قول الأمام أبي زرعة الذى لم يحفظ أحد من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كحفظه ولا ما يقاربه (قال النووى) واحتج أصحابنا أيضًا بحديث أنس فذكره وهو حديث ضمام بن ثعلبة وتقدم بطوله رقم 10 صحيفة 66 فى باب من وفد على النبى صلى الله عليه وسلم من كتاب الأيمان في الجزء

-[حجج القائلين بوجوب الحج على التراخى وردُّ حجج المخالفين]- __

_ الأول وفيه "وزعم رسولك أن علينا حج البيت من استطاع اليه سبيلا- قال صدق" (قال النووى) رواه مسلم فى صحيحه فى أول كتاب الأيمان، وروى البخارى أصله، وفى رواية البخارى أن هذا الرجل ضمام بن ثعلبة (قلت وكذلك فى رواية الأمام أحمد) قال وقدوم ضمام بن ثعلبة على النبى صلى الله عليه وسلم كان سنة خمس من الهجرة، قاله محمد بن حبيب وآخرون، وقال غيره سنة سبع. وقال أبو عبيد سنة تسع، وقد صرح فى هذا الحديث بوجوب الحج (قال واحتج أصحابنا) أيضا بالأحاديث الصحيحة المستفيضة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر فى حجة الوداع من لم يكن معه هدى أن يفسخ الأحرام بالحج ويجعله عمرة وهذا صريح فى جواز تأخير الحج مع التمكن (واحتج أصحابنا أيضا) بأنه إذا أخره من سنة الى سنة أو أكثر وفعله يسمى مؤديا للحج لا قاضيا بأجماع المسلمين؛ هكذا نقل الأجماع فيه القاضى أبو الطيب وغيره، ونقل الاتفاق عليه أيضا القاضى حسين وآخرون، ولو حرم التأخير لكان قضاء لا أداء (قال) وأما الجواب عن احتجاج الحنفية بالآية الكريمة وأن الأمر يقتضى الفور فمن وجهين (أحدهما) أن أكثر أصحابنا قالوا إن الأمر المطلق المجرد عن القرائن لا يقتضى الفور بل هو على التراخى، وهذا الذى ذكرته من أن أكثر أصحابنا عليه هو المعروف فى كتبهم فى الأصول، ونقله القاضى أبو الطيب فى تعليقه فى هذه المسألة عن أكثر أصحابنا (والثانى) أنه يقتضى الفور وهنا قرينة، ودليل يصرفه إلى التراخى وهو ما قدمناه من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر أصحابه (وأما الحديث) "من أراد الحج فليتعجل" فجوابه من أوجه (أحدها) أنه ضعيف (قلت) هذا بالنسبة لرواية أبى داود لأن فى سندها مهران أبا صفوان وفيه مقال، لكن رواه الأمام أحمد من غير هذا الطريق بسند جيد (قال) (والثانى) أنه حجة لنا، لأنه فوض فعله إلى ارادته واختياره، ولو كان على الفور لم يفوض تعجيله الى اختياره (والثالث) أنه ندب جمعا بين الروايتين (قلت وهذا أوجه الأجوبة) قال وأما الجواب عن حديث فليمت إن شاء يهوديا، فمن أوجه * (أحدها) * أنه ضعيف * (والثانى) * أن الذم لمن أخره إلى الموت ونحن نوافق على تحريم تأخيره إلى الموت، والذى نقول بجوازه هو التأخير بحيث يفعل قبل الموت * (الثالث) * أنه محمول على من تركه معتقدًا عدم وجوبه مع الاستطاعة، فهذا كافر، ويؤيد هذا التأويل أنه قال فليمت ان شاء يهوديا أو نصرانيا؛ وظاهره أنه يموت كافرا ولا يكون ذلك إلا إذا اعتقد عدم وجوبه مع الاستدامة، وإلا فقد أجمعت الأمة على أن من تمكن من الحج فلم يحج ومات لا يحكم بكفره بل هو عاص. فوجب تأويل الحديث لو صح والله أعلم اهـ ج * (قلت) * الظاهر ما ذهب اليه الشافعية ومن وافقهم لقوة أدلتهم

-[الجمع بين حديث منع النساء من الحج بعد الفريضة - وبين حديث عائشة المبيح لذلك]- __

_ وهذا لا ينافي أن الأحوط والأفضل التعجيل للمستطيع بقدر الأمكان، لأن الأجل غير معلوم (وقد استدل بحديثى أبى هريرة وأبى واقد) المذكورين فى الباب على عدم جواز الحج لأزواج النبى صلى الله عليه وسلم بعد حجة الوداع لقوله صلى الله عليه وسلم لهن إذ ذاك "هذه ثم لزوم الحصر" أى عليكن لزوم البيت ولا يجب عليكن الحج مرة أخرى بعد هذه الحجة، ففهم بعض الصحابة من ذلك المنع مطلقا، ولذلك منع عمر رضي الله عنه فى أول خلافته أزواج النبى صلى الله عليه وسلم الحج والعمرة كما روى ابن سعد من طريق أم درة عن عائشة رضى الله عنها قالت منعنا عمر الحج والعمرة حتى إذا كان آخر عام أذن لنا، وإلى ذلك ذهبت زينب بنت جحش وسودة بنت زمعة من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم فقالتا "والله لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا ذلك من النبى صلى الله عليه وسلم، ولكن يعارضهما حديث عائشة المذكور بعدهما فى الباب بلفظ "قلت للنبى صلى الله عليه وسلم ألا نجاهد معك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لك أحسن الجهاد وأجمله الحج حج مبرور، فقالت عائشة فلا أدع الحج أبدا بعد أن سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم" رواه أيضا البخارى، ولفظ الاسماعيلى "لو جاهدنا معك، قال لا جهاد- ولكن حج مبرور" وأجيب عن هذا من وجهين (الوجه الأول) أن حديثى أبى هريرة وأبى واقد ليسا صريحين فى المنع فلا يترك بهما المتيقن وهو الجواز المستفاد من حديث عائشة، أما قوله صلى الله عليه وسلم "لا جهاد ولكن حج مبرور" فى جواب قولهن "ألا تخرج فنجاهد معك" كما فى لفظ الاسماعيلى فالمراد به أن ذلك ليس بواجب عليكن كما وجب على الرجال ولم يرد بذلك تحريمه عليهن، فقد ثبت فى حديث أم عطية أنهن كن يخرجن فيداوين الجرحى وفهمت عائشة ومن وافقها من هذا الترغيب فى الحج إباحة تكريره لهن كما أبيح للرجال تكرير الجهاد وخص به عموم قوله صلى الله عليه وسلم "هذه ثم ظهور الحصر" وقوله تعالى {وقرن فى بيوتكن} وكأن عمر رضي الله عنه كان متوقفا فى ذلك ثم ظهر له قوة دليلها فأذن لهن فى آخر خلافته ثم كان عثمان بعده يحج بهن فى خلافته أيضا كما سيجاء (وقال البيهقى) فى حديث عائشة هذا دليل على أن المراد بحديث أبى واقد وجوب الحج مرة واحدة كالرجال لا المنع من الزيادة (وفيه دليل) على أن الأمر بالقرار فى البيوت ليس على سبيل الوجوب اهـ (الوجه الثانى) أن المراد بحديثى أبى هريرة وأبى واقد جواز الترك لا النهى عن الحج لهن بعد حجة الوداع، فقد ثبت حجهن بعد النبى صلى الله عليه وسلم لما أخرج البخارى من طريق ابراهيم عن أبيه عن جده أذن عمر رضى الله عنه لأزواج النبى صلى الله عليه وسلم فى آخر حجة حجها، فبعث معهن عثمان بن عفان وعبد الرحمن (وروى ابن سعد) فى الطبقات بأسناد صححه الحافظ من طريق أبى اسحاق السبيعى، قال رأيت نساء النبى صلى الله عليه وسلم حججن فى هوادج عليها الطيالسة

-[حج عثمان بنساء النبى صلى الله عليه وسلم فى خلافته - وحجهن أيضا فى خلافة معاوية]- (3) باب وجوب الحج على الشيخ الكبير والزمن (*) (إذا أمكنهما الاستنابة - وجوازه عن الميت إذا كان قد وجب عليه) (22) عن الفضل بن عبَّاسٍ رضي الله عنهما قال أتت امرأةٌ من خثعم فقالت يا رسول الله إنَّ أبى أدركته فريضة الله عزَّ وجلَّ فى الحجِّ وهو شيخٌ كبيرٌ لا يستطيع أن يثبت على دابَّته قال فحجِّي عن أبيك

_ زمن المغيرة أى ابن شعبة، والظاهر أنه أراد بذلك زمن ولاية المغيرة على الكوفة لمعاوية وكان ذلك سنة خمسين أو قبلها (ولابن سعد أيضا) من حديث أم معبد الخزاعية قالت رأيت عثمان وعبد الرحمن فى خلافة عمر حجا بنساء النبى صلى الله عليه وسلم فنزلن بقديد فدخلت عليهن وهن ثمان (وله) من حديث عائشة أنهن استأذن عثمان فى الحج فقال أنا أحج بكن فحج بنا جميعا إلا زينب كانت ماتت وإلا سودة فانها لم تخرج من بيتها بعد النبى صلى الله عليه وسلم (وأخرج ابن سعد أيضا) من حديث أبى هريرة فكن نساء النبى صلى الله عليه وسلم يحججن إلا سودة وزينب، فقالتا لا تحركنا دابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان عمر متوقفا فى ذلك، ثم ظهر له الجواز فأذن لهن وتبعه على ذلك من ذكر من الصحابة ومن فى عصره من غير نكير والله أعلم (22) عن الفضل بن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهرى عن سليمان بن يسار عن ابن عباس حدثنى الفضل بن عباس قال أتت امرأة- الحديث" (غريبه) (1) لم أقف على اسم هذه المرأة وخثعم بالخاء المعجمة المفتوحة فمثلثة ساكنة فعين مهملة غير منصرف للعلمية ووزن الفعل أو التأنيث لكونه اسم قبيلة معروفة (2) أى لضعفه من الكبر، زاد البخارى ومسلم أفأحج عنه، وفى رواية لمسلم بدون هذه الزيادة كرواية الأمام أحمد، وللأمام أحمد رواية أخرى بهذه الزيادة عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم بدون واسطة الفضل أن امرأة من خثعم سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة جمع والفضل بن عباس ردفه فقالت إن فريضة الله فى الحج على عباده أدركت أبى شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على الرحل، فهل ترى أن أحج عنه؟ قال نعم (تخريجه) (ق. والثلاثة) ولفظ البخارى عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال كان الفضل رديف النبى صلى الله عليه وسلم فجاءت امرأة من خثعم فجعل الفضل ينظر اليها وتنظر اليه فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يصرف وجه الفضل الى الشق الآخر فقالت ان فريضة الله أدركت أبي شيخا الخ

-[دليل وجوب الحج على الكبير الذى لا يثبت على الراحلة إذا أمكنه الاستنابة]- (23) عن سليمان بن يسارٍ عن عبد الله بن عبَّاسٍ أو عن الفضل بن عبَّاسٍ رضي الله عنهم أنَّ رجلًا سأل النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنَّ أبى أدركه الإسلام وهو شيخٌ كبيرٌ لا يثبت على راحلته أفأحجُّ عنه قال أرأيت لو كان عليه دينٌ فقضيته عنه أكان يجزيه، قال نعم قال فاحجج عن أبيك

_ (23) عن سليمان بن يسار (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم ثنا يحيى بن اسحاق عن سليمان بن يسار- الحديث" (غريبه) (1) هكذا فى هذه الرواية "أن رجلا سأل" وفى الحديث السابق أن السائل امرأة ولم يذكر فى هذه الرواية التصريح باسم الرجل، وقد جاء التصريح باسمه فى رواية ابن ماجه ولفظه عن ابن عباس عن حصين بن عوف الخثعمى قال قلت يا رسول الله إن أبى أدركه الحج- الحديث" وله رواية أخرى عن أبى الغوث بن حصين الخثعمى أنه استفتى النبى صلى الله عليه وسلم عن حجة كانت على أبيه وقوَّى الحافظ إسناد الرواية الأولى، وقد جاء هذا الحديث بروايات متعددة وألفاظ مختلفة عند غير الأمام أحمد أيضا، ففى بعضها أن السائل رجل وأنه سأل عن أبيه. وفى بعضها أن قال إن أمى عجوز كبيرة (وفى رواية) إنى أبى أو أمى، وفى أخرى أن امرأة سألت عن أمها (قال الحافظ) اتفقت الروايات كلها عن ابن شهاب على أن السائلة امرأة وأنها سألت عن أبيها، وخالفه يحيى بن أبى اسحاق عن سليمان فاتفق الرواة عنه على أن السائل رجل اهـ ورجح الحافظ رواية ابن شهاب لقوة سندها، وقد جمع بعض العلماء بين هذه الروايات بتعدد الواقعة، لكن قال الحافظ الذى يظهر لى من مجموع هذه الطرق أن السائل رجل وكانت ابنته معه، فسألت أيضا- والمسئول عنه أبو الرجل وأمه جميعا، ويقرب ذلك ما رواه أبو يعلى باسناد قوة من طريق سعيد بن جبير عن ابن عباس عن الفضل بن عباس "قال كنت ردف النبى صلى الله عليه وسلم وأعرابى معه بنت له حسناء، فجعل الأعرابى يعرضها لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجاء أن يتزوجها وجعلت التفت اليها ويأخذ النبى صلى الله عليه وسلم برأسى فيلويه، فكان يلبى حتى رمى جمرة العقبة" فعلى هذا فقول الشابة إن أبى لعلها أرادت به جدها لأن أباها كان معها وكأنه أمرها أن تسأل النبى صلى الله عليه وسلم ليسمع كلامها ويراها رجاء أن يتزوجها، فلما لم يرضها سأل أبوها عن أبيه، ولا مانع أن يسأل ايضا عن أمه؛ وتحصل من هذه الروايات ان اسم الرجل حصين بن عوف الخثعمى، وأما ما وقع فى الرواية الأخرى أنه ابو الغوث بن حصين فان اسنادها ضعيف، ولعله كان فيه عن ابى الغوث حصين فزيد فى الرواية ابن أو أن أبا الغوث

-[تقديم أكبر الأولاد فى الحج عن أحد والديه الذى لا يقوى على السفر لضعفه من الكبر]- (وعنه من طريقٍ ثانٍ) حدَّثنا الفضل قال كنت رديف النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فسأله رجلٌ فقال إنَّ أبى أو أمِّى شيخٌ كبيرٌ لا يستطيع الحجَّ - فذكر الحديث (24) عن عبد الله بن الزُّبير رضي الله عنهما قال جاء رجلٌ من خثعم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أبى أدركه الإسلام وهو شيخٌ كبيرٌ لا يستطيع ركوب الرَّحل والحجُّ مكتوبٌ عليه، أفأحجُّ عنه؟ قال أنت أكبر ولده؟ قال نعم، قال أرأيت لو كان على أبيك دينٌ فقضيته عنه أكان ذلك يجزئ عنه؟ قال نعم قال فاحجج عنه (25) وعن سودة بنت زمعة رضى الله عنها عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحوه وفي

_ أيضا كان مع ابيه حصين فسأل كما سأل أبوه وأخته، والله اعلم اهـ (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يحيى بن ابى اسحاق قال سمعت سليمان بن يسار حدثنا الفضل الخ (2) اى راكبا خلفه وأردفته الا أركبته خلفى (تخريجه) (نس. هق. طب) وسنده جيد، وأخرجه ايضا ابن خزيمة عن الحسن مرسلا، ورواه ابن ماجه من حديث حصين بن عوف الخثعمى كما تقدم (24) عن عبد الله بن الزبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا جرير عن منصور عن مجاهد عن يوسف بن الزبير عن عبد الله بن الزبير- الحديث" (غريبه) (3) استدل به على أن المشروع أن يتولى الحج عن الأب العاجز أكبر أولاده (4) فيه مشروعية القياس وضرب المثل ليكون أوضح وأوقع فى نفس السامع وأقرب إلى سرعة فهمه، وفيه تشبيه ما اختلف فيه وأشكل بما اتفق عليه، وفيه أن يستحب التنبيه على وجه الدليل لمصلحة (تخريجه) (نس. هق) وقال الحافظ إن اسناده صالح (25) عن سودة بنت زمعة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد العمّى أبو عبد الصمد ثنا منصور عن مجاهد عن مولى لابن الزبير يقال له يوسف بن الزبير بن يوسف عن ابن الزبير عن سودة بنت زمعة، قالت جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أبى شيخ كبير لا يستطيع أن يحج، قال أريتك لو كان على أبيك دين فقضيته عنه قبل منك؟ قال نعم، قال صلى الله عليه وعلى آله وسلم فالله أرحم، حج عن أبيك

-[جواز حج الولد مطلقا عن أحد والديه إذا مات بعد أن وجب عليه الحج]- آخره قالت قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فالله أرحم حجَّ عن أبيك (26) عن بريدة الأسلمىِّ رضى الله عنه أنَّ امرأةً أتت النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فقالت إنَّ أمِّي قد ماتت ولم تحجَّ فيجزئها أن أحجَّ عنها؟ قال نعم، قالت فإنَّ أمِّى كان عليها صوم شهرٍ فيجزئها أن أصوم عنها؟ قال نعم

_ (تخريجه) (هق) وأورده الهيثمى، وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير ورجاله ثقات (26) عن بريدة الأسلمى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسحاق بن يوسف عن عبد الملك بن أبى سليمان عن عبد الله بن عطاء المكى عن سليمان بن بريدة عن أبيه أن امرأة أتت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إنى تصدقت على أمى بجارية فماتت وإنها رجعت إلى فى الميراث، قال قد آجرك الله ورد عليك فى الميراث، قالت فان أمى ماتت ولم تحج- الحديث" ذكر بتمامه فى باب نهى المتصدق عن مشترى ما تصدق به رقم 182 صحيفة 132 من كتاب الزكاة فى الجزء التاسع (تخريجه) (م. والأربعة) (زوائد الباب) (عن أبى رزين) رجل من بنى عامر أنه قال يا رسول الله إن أبى شيخ كبير لا يستطيع الحج والعمرة ولا الظعن، قال احجج عن أبيك واعتمر (د. هق. خز) وسنده جيد- الظعن بفتحتين أو سكون الثاني، ومعناه الارتحال. أى لا يقوى على السير ولا على الركوب من كبر السن (وعن أنس بن مالك رضي الله عنه) قال جاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال إن أبى مات ولم يحج حجة الأسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت لو كان على أبيك دين أكنت تقضيه عنه؟ قال نعم، قال فانه دين عليه فاقضه (بز. طب. طس) وإسناده حسن (وعن عقبة بن عامر) رضى الله عنه أن امرأة جاءت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله أحج عن أمى وقد ماتت؟ قال أرأيت لو كان على أمك دين فقضيته أليس كان مقبولا منك؟ قالت بلى. فأمرها أن تحج عنها؛ وجاءت امرأة فقالت أحج بابنى وهو مرضع أو صغير؟ قال نعم (طب. طس) وفيه شريك أبو حاتم وثقه أبو زرعة وابن معين فى رواية وضعفه النسائى وابن معين فى رواية (وعن زيد بن أرقم) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حج عن أبيه أو عن أمه أجزأ ذلك عنه وعنهما (طب) وفيه راو لم يسم (وعن أبى هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حج عن ميت فللذى حج عنه مثل أجره، ومن فطَّر صائما فله مثل أجره، ومن دعا الى خير فله مثل أجر فاعله (طس) وفيه على بن زيد بن بهرام (قال الهيثمى) ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات، أورد هذه الأحاديث

-[مذاهب الأئمة فى الحج عن الضعيف والميت الذى لا يقوى على السفر]- __

_ الحافظ الهيثمي عدا الحديث الأول وتكلم عليها جرحا وتعديلا (الأحكام) احاديث الباب تدل على انه يجوز الحج من الولد عن والده إذا كان غير قادر على الحج لكبر سنه وضعفه وعدم تحمل مشاق السفر أو كان قد مات ولم يحج حجة الأسلام فللولد أن يحج عن أبيه وإن لم يوص الوالد بذلك، والمراد بالولد هنا الجنس سواء أكان ذكرا أم أنثى (وذهب بعض أهل العلم) الى عدم جواز حج المرأة عن الرجل، قالوا لأن المرأة تلبس فى الأحرام ما لا يلبسه الرجل فلا يحج عنه إلا رجل مثله، وقول النبى صلى الله عليه وسلم للخثعمية فى أحاديث الباب حجى عن أبيك يردّ هذا القول، (وذهب جماعة) الى أن هذه القصة مختصة بالخثعمية كما اختص سالم مولى أبى حذيفة بجواز إرضاع الكبير، حكاه ابن عبد البر، وتعقب بأن الأصل عدم الخصوص، وأما ما رواه عبد الملك بن حبيب صاحب الواضحة بأسنادين مرسلين فى هذا الحديث فزاد حجى عنه وليس لأحد بعده، فلا حجة فى ذلك لضعف اسنادهما مع الأرسال (وذهب جماعة) إلى أن ذلك خاص بالابن ولا يصح من غيره، والظاهر عدم اختصاص ذلك بالابن لحديث ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يقول لبيك عن شبرمة قال من شبرمة؟ قال أخ لى أو قريب لى، قال حججت عن نفسك؟ قال لا، قال حج عن نفسك، ثم حج عن شبرمة، رواه أبو داود وابن ماجه، وقال فاجعل هذه عن نفسك ثم احجج عن شبرمة، ورواه الدارقطنى أيضا وفيه قال هذه عنك وحج عن شبرمة، وأخرجه أيضا ابن حبان وصححه، والبيهقى وقال اسناده صحيح اهـ (وقال الخطابى) فى الكلام على حديث الخثعمية (فيه) بيان جواز حج الأنسان عن غيره حيا وميتا، وأنه ليس كالصلاة والصيام وسائر الأعمال البدنية التى لا تجزاء فيها النيابة (والى هذا ذهب الشافعى) وكان مالك لا يرى ذلك وقال لا يجزئه ان فعل، وهو الذى روى حديث ابن عباس، وكان يقول فى الحج عن الميت إن لم يوص به الميت- إن تصدق عنه وأعتق أحب إلى من أن يحج عنه، (وكان ابراهيم النخعى وابن أبى ذئب) يقولان لا يحج أحد عن أحد والحديث حجة على جماعتهم، قال وفيه دلالة على أن فرض الحج يلزم من استفاد مالا فى حال كبره وزمانته إذا كان قادرا به على أن يأمر غيره فيحج عنه كما لو قدر على ذلك بنفسه، وقد يتأول بعضهم قولها "ان فريضة الله أدركت أبى شيخا" فقال معناه أنه أسلم وهو شيخ كبير، وحكى عن (مالك وعن أبى حنيفة) أنهما قالا الزّمن لا يلزمه فرض الحج إلا أن أبا حنيفة قال إن لزمه الفرض فى حال الصحة ثم زمن لم يسقط عنه بالزمانة (وقال مالك) يسقط، واستدل الشافعى بخبر الخثعمية على وجوب الحج على المعضوب الزمن إذا وجد من يبذل له طاعته من ولده وولد ولده، ووجه ما استدل به من هذا الحديث أنها ذكرت وجوب فرض الحج

-[ما يستفاد من حديث الخثعمية - ومذاهب الأئمة فى الحج عن الحى والميت]- __

_ على أبيها حال الزمانة وهو قولها "إن فريضة الله على عباده أدركت ابى شيخا كبيرا لا يستطيع ان يستمسك على الراحلة" ولا بد من تعلق وجوبه بأحد أمور، إما بمال أو بقوة بدن أو وجود طاعة من ذى قوة. وقد علمنا عجزه ببدنه ولم يجر للمال ذكر، وإنما جرى الذكر لطاعتها وبذلها نفسها عنه، فدل عل أن الوجوب تعلق به. ومعلوم فى اللسان أن يقال فلان مستطيع لأن يبنى داره إذا كان يجد من يطيعه فى ابتنائها كما إذا وجد ما لا ينفقه فى بنائها وكما لو قدر عليه بنفسه انتهى كلام الخطابى رحمه الله تعالى (وقد اختلفوا) فيما إذا عوفى المعضوب. (فقال الجمهور) لا يجزئه لأنه تبين أنه لم يكن مأيوسا منه (وقال الأمامان أحمد واسحاق) لا تلزمه الأعادة لئلا تفضى الى إيجاب حجتين (وأجيب) بأن العبرة بالانتهاء وقد انكشف أن الحجة الأولى غير مجزئة (وقد ذكر النووى) رحمه الله لأحاديث الباب فوائد (منها) جواز الأرداف على الدابة إذا كانت مطيقة، وجواز سماع صوت الأجنبية عند الحاجة فى الاستفتاء والمعاملة وغير ذلك (ومنها) تحريم النظر الى الأجنبية (ومنها) إزالة المنكر باليد لمن أمكنه (ومنها) جواز حج المرأة عن الرجل (ومنها) بر الوالدين بالقيام بمصالحهما من قضاء دين وخدمة ونفقة وحج وغير ذلك (ومنها) وجوب الحج على من هو عاجز بنفسه مستطيع بغيره كولده، وهذا مذهبنا لأنها قالت أدركته فريضة الحج شيخا كبيرا لا يستطيع أن يثبت على الراحلة (ومنها) جواز قول حجة الوداع وأنه لا يكره ذلك (ومنها) جواز حج المرأة بلا محرم إذا أمنت على نفسها وهو مذهبنا (ومذهب الجمهور) جواز الحج عن العاجز بموت أو عضب وهو الزمانة والهرم ونحوهما (وقال مالك والليث والحسن بن صالح) لا يحج أحد عن أحد إلا عن ميت لم يحج حجة الأسلام (قال القاضى) (وحكى عن النخعى وبعض السلف) لا يصح الحج عن ميت ولا غيره وهى رواية عن مالك وإن أوصى به (وقال الشافعى والجمهور) يجوز الحج عن الميت عن فرضه ونذره سواء أوصى به أم لا ويجزاء عنه (ومذهب الشافعى) وغيره أن ذلك واجب فى تركته، وعندنا يجوز للعاجز الاستنابة فى حج التطوع على أصح القولين، واتفق العلماء على جواز حج المرأة عن الرجل الا الحسن بن صالح فمنعه، وكذا يمنعه من منع أصل الاستنابة مطلقا والله أعلم اهـ (قلت) وفى حديث بريدة الأخير من أحاديث الباب دلالة على أنه يجزاء عن الميت صيام وليه عنه إذا مات وعليه صوم واجب وإن لم يوص بذلك، وتقدم الكلام على ذلك مستوفى فى أحكام باب وصول ثواب القرب المهداة الى الميت صحيفة 101 من كتاب الجنائز فى الجزء الثامن والله الموفق

-[حجة القائلين بجواز حج الصغير والأثابة عليه]- (4) باب ما جاء فى صحة حج الصبى والعبد من غير إيجاب له عليهما (27) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال كان النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم بالرَّوحاء فلقى ركبًا فسلَّم عليهم فقال من القوم؟ قالوا المسلمون، قالوا فمن أنتم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ففزعت امرأةٌ فأخذت بعضد صبىٍّ فأخرجته من محفَّتها فقالت يا رسول الله هل لهذا حجٌّ؟ قال نعم ولك أجرٌ

_ (27) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن ابراهيم عن عقبة عن كريب عن ابن عباس- الحديث" (غريبه) (1) الروحاء مكان على ستة وثلاثين ميلا من المدينة "وقوله فلقى ركبا" قال القاضى عياض يحتمل أن هذا اللقاء كان ليلا فلم يعرفوه صلى الله عليه وسلم، ويحتمل كونه نهارا لكنهم لم يروه صلى الله عليه وسلم قبل ذلك لعدم هجرتهم فأسلموا فى بلدانهم ولم يهاجروا قبل ذلك اهـ. وكان ذلك اللقاء حين رجوعه صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة بعد الحج، ففى رواية النسائى عن ابن عباس قال صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما كان بالروحاء- الحديث" وفى زاد المعاد للحافظ ابن القيم "ثم ارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا إلى المدينة، فلما كان بالروحاء لقى ركبا الخ" (والركب) بفتح الراء وسكون الكاف جمع راكب وهم العشرة فما فوقها من أصحاب الأبل فى السفر دون بقية الدواب ثم اتسع فيه فأطلق على كل من ركب دابة (2) معناه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال مستفهما من القوم؟ فقال القوم نحن المسلمون، ثم قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه فمن أنتم؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم أنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم خبر لمبتدأ محذوف (3) أى خافت فوت الجواب وبادرت فأخذت بعضد صبى أى بساعده وهو من المرفق إلى الكتف (4) بكسر الميم وتشديد الفاء، مركب من مراكب النساء كالهودج إلا أنها ليس لها قبة كقبة الهودج (5) قال الخطابى إنما كان له الحج من ناحية الفضيلة دون أن يكون محسوبا عن فرضه لو بقى حتى بلغ ويدرك مدرك الرجل؛ وهذا كالصلاة يؤمر بها إذا أطاقها وهى غير واجبة عليه وجوب فرض، ولكن يكتب له أجرها تفضلا من الله سبحانه وتعالى؛ ويكتب لمن يأمره بها ويرشده اليها أحر، فاذا كان له حج فقد علم أن من سننه أن يوقف به فى المواقف ويطاف به حول البيت محمولا إن لم يطق المشى، وكذلك السعى بين الصفا والمروة ونحوها من أعمال الحج، وفى معناه المجنون إذا كان مأيوسا من إفاقته، وفى ذلك دليل على أن حجه إذا فسد ودخله نقص فان جبرانه واجب عليه كالكبير وإن اصطاد صيدا لزمه الفداء كما يلزم الكبير (تخريجه) (م. د. نس)

-[جواز حج الصبى والرمى عنه - فان بلغ فعليه حجة أخرى]- (28) عن جابر (بن عبد الله رضى الله عنهما) قال حججنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ومعنا النِّساء والصِّبيان ورمينا عنهم (29) عن السَّائب بن يزيد رضى الله عنه قال حجَّ بى مع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم فى حجَّة الوداع وأنا ابن سبع سنين

_ (28) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير ثنا أشعث عن أبى الزبير عن جابر- الحديث" (غريبه) (1) أى نيابة عنهم، وفيه أن من لا يقدر على أداء فعل يجوز أن ينوب عنه رفيقه، وظاهره أن الرمى حصل نيابة عن النساء والصبيان، لكن رواه ابن أبى شيبة وابن ماجه بلفظ حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا النساء والصبيان فلبينا عن الصبيان ورمينا عنهم" وهويفيد أن التلبية والرمى حصل نيابة عن الصبيان لا النساء، وهى تبين أن المراد بقوله فى رواية الأمام أحمد "ورمينا عنهم" يعنى عن الصبيان فقط، ولا مانع من الرمى عن المرأة أيضا إذا عجزت عن ذلك، والله أعلم (تخريجه) (جه. ش) وفى اسناده أشعث بن سوّار، بعضهم وثقه وبعضهم ضعفه والاكثرون على تضعيفه، ورواه الترمذى من هذا الوجه بلفظ آخر قال- كنا إذا حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنا نلبى عن النساء ونرمى عن الصبيان (قال ابن القطان) ولفظ ابن أبى شيبة أشبه بالصواب، فان المرأة لا يلبى عنها غيرها أجمع على ذلك أهل العلم (29) عن السائب بن يزيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة ابن سعيد ثنا حاتم بن اسماعيل عن محمد يعنى ابن يوسف عن السائب بن يزيد- الحديث" (غريبه) (2) كذا للأكثر بضم أوله على البناء لما لم يسم فاعله (وقال ابن سعد) عن الواقدى عن حاتم "حجت بى أمى" وللفاكهى من وجه آخر عن محمد بن يوسف عن السائب "حج بى أبى" ويجمع بينهما بأنه كان مع أبويه، أفاده الحافظ (تخريجه) (خ. مذ) ولم يذكر البخارى لفظ حجة الوداع (زوائد الباب) (عن محمد بن كعب القرظى) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال أيما صبى حج به أهله فمات أجزأت عنه، فان أدرك فعليه الحج، وأيما رجل مملوك حج به أهله فمات أجزأت عنه، فان اعتق فعليه الحج، أورده صاحب المنتقى وقال ذكره أحمد بن حنبل فى رواية ابنه عبد الله هكذا مرسلا اهـ (قلت) لم أقف على هذا الحديث فى المسند ولعله فى كتاب آخر من كتب الأمام أحمد أو ابنه عبد الله لا سيما ولم يعزه صاحب المنتقى الى المسند والله أعلم، وأخرجه أيضا أبو داود فى المراسيل، وفيه راو لم

-[زوائد الباب - ومذاهب العلماء فى حكم حج الصبى]- __

_ يسم (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما قال كنا نحج بصبياننا فمن استطاع منهم رمى ومن لم يستطع رمى عنه، أورده صاحب المهذب (وعن عبد الله بن أبى يزيد) قال سمعت ابن عباس رضى الله عنهما يقول بعثنى أو قدَّ منى النبى صلى الله عليه وسلم فى الثَّقل من جمع بليل، رواه البخارى- الثقل بفتح المثلثة والقاف ويجوز اسكانها أى الأمتعة، ووجه الدلالة منه أن ابن عباس كان دون البلوغ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أنه يصح حج الصبى ولا يجب عليه، أما عدم وجوبه عن الصبى فمجمع عليه (قال ابن المنذر) أجمع أهل العلم على سقوط فرض الحج عن الصبى وعن المجنون والمعتوه؛ قال وأجمعوا على أن المجنون إذا حج ثم أفاق أو الصبى ثم بلغ أنه لا يجزئهما عن حجة الاسلام، قال وأجمعوا على أن جنايات الصبيان لازمة لهم اهـ. وقد ذهب الى صحة حج الصبى الأئمة (مالك والشافعى وأحمد وداود) وجماهير العلماء من السلف والخلف، وأشار ابن المنذر الى الاجماع فيه (وقال ابن بطال) أجمع أئمة الفتوى على سقوط الفرض عن الصبى حتى يبلغ إلا أنه إذا حج كان له تطوعا عند الجمهور (وقال أبو حنيفة) لا يصح احرامه ولا يلزمه شاء من محظورات الأحرام، وإنما يحج على جهة التدريب، وشذ بعضهم فقال إذا حج الصبى أجزأه ذلك عن حجة الأسلام لظاهر قوله صلى الله عليه وسلم (نعم) فى جواب قولها "ألهذا حج" وقال الطحاوى لا حجة فى قوله صلى الله عليه وسلم نعم على أنه يجزئه عن حجة الاسلام بل فيه حجة على من زعم أنه لا حج له، قال لأن ابن عباس راوى الحديث قال "أيما غلام حج به أهله ثم بلغ فعليه حجة أخرى" ثم ساقه بأسناد صحيح، وقد أخرج هذا الحديث مرفوعا الحاكم وقال على شرطهما. والبيهقى وابن خزيمة وصححه (وقال ابن خزيمة) الصحيح موقوف وأخرجه كذلك (قال البيهقى) تفرد برفعه محمد بن المنهال، ورواه الثورى عن شعبة موقوفا، ولكنه قد تابع محمد بن المنهال على رفعه الحارث بن شريح أخرجه كذلك الاسماعيلى والخطيب، ويؤيد صحة رفعه ما رواه ابن أبى شيبة عن ابن عباس، قال احفظوا عنى ولا تقولوا قال ابن عباس فذكره وهو ظاهر فى الرفع (وقد أخرج ابن عدى) من حديث جابر بلفظ "لو حج صغير حجة لكان عليه حجة أخرى" ومثل هذا حديث محمد بن كعب المذكور فى الزوائد فيؤخذ من مجموع هذه الأحاديث أنه يصح حج الصبى ولا يجزئه عن حجة الاسلام إذا بلغ، وهذا هو الظاهر فتعين المصير اليه جمعا بين الأدلة (قال القاضى عياض) رحمه الله أجمعوا على أنه لا يجزئه أذا بلغ عن فريضة الأسلام إلا فرقة شذت فقالت يجزئه لقوله نعم، وظاهره استقامة كون حج الصبى حجا مطلقا، والحج إذا أطلق تبادر منه اسقاط الواجب، ولكن العلماء ذهبوا الى خلافه محتجين بحديث ابن عباس (يعني

-[حجة من اعتبر الزاد والراحلة من الاستطاعة]- (5) باب اعتبار الزاد والراحلة من الاستطاعة (وكذلك سلامة الطريق ووجود محرم للمرأة) (30) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا يحيى عن ابن جريجٍ أنا عطاءٌ قال سمعت ابن عباسٍ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لامرأةٍ من الأنصار سمَّاها ابن عبَّاسٍ فنسيت اسمها ما منعك أن تحجِّي معنا العام قالت يا نبيَّ الله إنَّما كان لنا ناضحان فركب أبو فلانٍ وابنه لزوجها وابنها ناضحان وترك ناضحًا ننضح عليه؛ فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فإذا كان رمضان فاعتمري فيه، فإنَّ عمرةً فيه تعدل حجَّةً

_ المذكور آنفًا فى الزوائد) قال وقد ذهبت طائفة من أهل البدع إلى منع الصغير من الحج اهـ (قال النووى) وهو مردود ولا يلتفت اليه لفعل النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه واجماع الأمة على خلافه اهـ (30) حدّثنا عبد الله (غريبه) (1) قال الحافظ القائل نسيت اسمها ابن جريج بخلاف ما يتبادر الى الذهن من أن القائل عطاء وانما قلت ذلك لأن المصنف "يعنى البخارى" أخرج الحديث فى باب حج النساء من طريق حبيب المعلم عن عطاء فسماها ولفظه "لما رجع النبى صلى الله عليه وسلم من حجته قال لأم سنان الأنصارية ما منعك من الحج- الحديث" ويحتمل ان عطاء كان ناسيا لاسمها لما حدَّث به ابن جريج وذاكرًا له لما حدث به حبيبا (2) يعنى عام حجة الوداع لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد نزول فرض الحج غيرها (3) تثنية ناضح بضاد معجمة ثم مهملة اى بعير (قال ابن بطال) الناضح البعير أو الثور أو الحمار الذى يستقى عليه اهـ. لكن المراد به هنا البعير لتصريحه بلفظ البكر فى حديث أبى بكر بن عبد الرحمن الآتى بعد هذا (4) أى تعنى زوجها وابنها "وقولها ننضح" بكسر الضاد المعجمة (5) رمضان بالرفع وكان تامة اى فاذا جاء رمضان (6) قال ابن خزيمة فى هذا الحديث إن الشاء يشبه الشاء ويجعل عدله إذا أشبهه فى بعض المعانى لا جميعها. لأن العمرة لا يقضى بها فرض الحج ولا النذر (تخريجه) (ق. وغيرهما) ومناسبة هذا الحديث للترجمة أن المرأة لم تستطع الحج لعدم تيسر الراحلة، وقد اختلف العماء فى معنى هذا الحديث، فقال بعضهم ان الحجة التى فاتت هذه المرأة كانت تطوعا لأجماع الأمة على ان العمرة لا تجزاء عن حجة الفريضة إذ لا مانع من ان تكون حجت مع ابى بكر رضى الله عنه فى السنة التاسعة. ثم أرادت أن تحج

-[حديث أم معقل الأسدية - وقصة الجمل]- (31) عن معقل بن أمِّ معقلٍ عن أمِّ معقلٍ الأسديَّة قال أرادت أمِّى الحجَّ وكان جملها أعجف فذكرت ذلك للنَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، فقال اعتمرى فى رمضان، فإنَّ عمرةً فى رمضان كحجَّةٍ (وعنه من طريقٍ ثانٍ) عن أبى سلمة بن عبد الرَّحمن عن أمِّ معقلٍ

_ مع النبي صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع فى السنة العاشرة فمنعها عدم تيسر الراحلة (وقال بعضهم) إن الحجة التى فاتت هذه المرأة هى حجة الوداع، وكانت أول حجة أقيمت فى الأسلام فرضا (قلت) وهذا مبنى على أن الحج إنما فرض فى السنة العاشرة ولكنه غير متفق عليه، وتقدم الخلاف فيه بأدلته فى احكام الباب الثانى (وعلى كل حال) فان كان ما فاتها حجة الفرض فيكون المراد من الحديث بيان فضل العمرة فى رمضان وأن ثوابها كثواب حجة لكنها لا تسقط الحجة المفروضة، بل لا بد من الأتيان بها من قابل. وان كان ما فاتها تطوعا فالعمرة فى رمضان تقوم مقام الحجة فى التطوع والله أعلم (ونقل الترمذى) عن اسحاق ابن راهويه أن معنى الحديث نظير ما جاء أن قل هو الله احد تعدل ثلث القرآن (وقال ابن العربى) حديث العمرة هذا صحيح وهو فضل من الله ونعمة فقد ادركت العمرة منزلة الحج بانضمام رمضان اليها (وقال ابن الجوزى) فيه أن ثواب العمل يزيد بزيادة شرف الوقت كما يزيد بحضور القلب وبخلوص القصد والله اعلم (31) عن معقل بن أم معقل (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن هشام قال حدثنى يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن معقل بن أم معقل- الحديث" (غريبه) (1) بفتح الهمزة والسين المهملة نسبة الى أسد بن خزيمة ابن مدركه بن الياس بن مضر أبى قبيلة عظيمة من مضر الحمراء، قال فى تاج العروس، وأم معقل هذه غير المرأة المبهمة المتقدمة فى حديث ابن عباس، فان هذه أسدية وتلك أنصارية، وهذه اسمها أم معقل، وتلك اسمها أم سنان، وقد صرح باسمها فى رواية للبخارى ومسلم فهما قصتان وقعتا لامرأتين كما قال الحافظ (2) العجف الهزال. وبابه طرب فهو أعجف، والأنثى عجفاء. وعجف بالضم لغة، والجمع عجاف بالكسر على غير قياس، والمعنى أن جملها كان ضعيفا مهزولا لا يقدر على السفر؛ والظاهر أن أم معقل كانت أدت الحجة المفروضة وتريد الحج تطوعا، فأخبرها أن عمرة فى رمضان تعدل حجة، فلها أن تعتمر فى رمضان ريثما يقوى جملها أو تجد غيره، والله أعلم (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني

-[حديث أم معقل الأسدية - وقصة الجمل]- الأسديَّة أنَّها قالت يا رسول الله إنِّى أريد الحجَّ وجملى أعجف فما تأمرنى؟ قال اعتمرى فى رمضان، فإنَّ عمرةً في رمضان تعدل حجَّةً (32) عن أبى بكر بن عبد الرَّحمن بن الحارث بن هشامٍ عن امرأةٍ من بنى أسد بن خزيمة يقال لها أمُّ معقلٍ قالت أردت الحجَّ فضلَّ بعيري فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اعتمري في شهر رمضان، فإنَّ عمرةً فى شهر رمضان تعدل حجَّةً (وعنه من طريقٍ ثانٍ) قال كنت فيمن ركب مع مروان حين ركب إلى أمِّ معقلٍ، قال وكنت فيمن دخل عليها من النَّاس معه وسمعتها حين حدَّثت هذا الحديث (وعنه من طريقٍ ثالثٍ) قال أرسل مروان إلى أمِّ معقلٍ الأسديَّة يسألها عن هذا الحديث فحدَّثته أنَّ زوجها

_ أبي ثنا روح ومحمد بن مصعب قالا ثنا الأوزاعى عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة بن عبد الرحمن- الحديث" (تخريجه) (عب. وابن منده) وسنده جيد، والطريق الثانية فيها انقطاع، لأن أبا سلمة بن عبد الرحمن لم يدرك أم معقل (32) عن أبى بكر بن عبد الرحمن (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن الزهرى عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث- الحديث" (غريبه) (1) أى غاب وخفى موضعه وأضللته بالألف فقدته (قال الأزهرى) وأضللت الشاء بالألف إذا ضاع منك فلم تعرف موضعه كالدابة والناقة وما أشبههما، فان أخطأت موضع الشاء قلت ضللته ولا تقل أضللته (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب قال ثنا أبى عن ابن اسحاق قال ثنا يحيى بن عباد بن عبد الله ابن الزبير عن الحارث بن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن أبيه قال كنت فيمن ركب- الحديث" (غريبه) (3) يعنى حديثها الآتى (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة عن ابراهيم بن مهاجر عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث قال أرسل مروان إلى أم معقل- الحديث" (غريبه) (5) فى الطريق السابق قال كنت فيمن ركب مع مروان، وفى هذا الطريق قال أرسل مروان إلى أم معقل، فيحتمل أن مروان أرسل إليها أولا ثم ركب إليها

-[حديث أم معقل الأسدية - وقصة الجمل]- جعل بكرًا لها فى سبيل الله وأنَّها أرادت العمرة فسألت زجها البكر فأبى، فأتت النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأمره أن يعطيها، وقال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الحجُّ والعمرة من سبيل الله وقال عمرةٌ فى رمضان تعدل حجَّة أو تجزئ حجَّةً، وقال حجَّاجٌ تعدل بحجَّةٍ أو تجزئ بحجَّةٍ (وعنه من طريقٍ رابعٍ) قال أخبرنى رسول مروان الَّذى أرسل إلى أمِّ معقلٍ قال قالت جاء أبو معقلٍ مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم حاجًّا، فلمَّا قدم أبو معقلٍ قال قالت أمُّ معقلٍ قد علمت أنَّ علىَّ حجَّةً وأنَّ عندك بكرًا فأعطنى فلأحجَّ عليه، قال فقال لها إنَّك قد علمت أنِّى قد جعلته في سبيل الله؛ قالت فأعطني صرام

_ بنفسه لشدة اهتمامه بأمر هذا الحديث، فكان أبو بكر بن عبد الرحمن فيمن ركب معه والله أعلم (1) هكذا بالأصل "وأنها أرادت العمرة" ولم أجد من قال ذلك فى طريق من الطرق ولا أصل من الأصول غير هذه الطريق. بل كلهم قالوا الحج بدل العمرة، ولا أدرى هل وقع ذلك تحريفا من الناسخ أو خطأ من بعض الرواة، لا سيما وفى اسناد هذه الطريق ابراهيم بن مهاجر وهو ضعيف لا يحتج بحديثه والله أعلم (2) فيه أنه جعل الحج من سبيل الله، وعليه فيجوز صرف الزكاة لمن يريد الحج كالمجاهد، وفى ذلك خلاف سيأتى فى الأحكام (3) (سنده) حدثنى عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان قال ثنا أبو عوانة قال ثنا ابراهيم بن مهاجر عن أبى بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال أخبرنى رسول مروان- الحديث" (غريبه) (4) فى هذه الطريق "قال أخبرنى رسول مروان" وفى الطريق الثانية "قال كنت فيمن ركب مع مروان حين ركب إلى أم معقل قال وكنت فيمن دخل عليها من الناس وسمعتها حين حدثت هذا الحديث" ولا منافاة بين ذلك لاحتمال أن رسول مروان أدركها قبلهم فحدثهم بما سمع منها ثم لم يكتفوا بحديثه فقابلوها فحدثتهم والله أعلم (5) يتبادر إلى الذهن من هذا التعبير أن عليها حجة مفروضة أو منذورة وليس كذلك، بل المعنى أنها جعلت على نفسها حجة مع النبى صلى الله عليه وسلم لتحوز بذلك شرف المعية وكثرة الثواب، وإنما قلت ذلك لأنها لو كانت مفروضة أو منذورة ما كانت العمرة فى رمضان تغنى عنها، ويؤيد ذلك ما جاء عند النسائى بلفظ "ان أم معقل جعلت عليها حجة معك" وعند ابن منده أيضا "جعلت على نفسها حجة معك فلم يتيسر لها ذلك" والله أعلم (6) الصرام قطع الثمرة واجتناؤها من

-[بقية حديث أم معقل الأسدية - وقصة الجمل]- نخلك قال قد علمت أنه قوت أهلى، قالت فإنِّى مكلِّمةٌ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وذاكرته له، قال فانطلقا يمشيان حتَّي دخلا عليه، قال فقالت له يا رسول الله إنَّ علىَّ حجَّةً وإنَّ لأبى معقلٍ بكرًا، قال أبو معقلٍ، صدقت جعلته في سبيل الله، قال أعطها فلتحجَّ عليه فإنَّه فى سبيل الله، قال فلمَّا أعطاها البكر قالت يا رسول الله إنِّى امرأةٌ قد كبرت وسقمت فهل من عملٍ يجزئ عنِّى من حجَّتى؟ قال فقال عمرةٌ فى رمضان تجزيء لحجَّتك

_ النخلة، والمعنى أعطنى ما جنيته من ثمرة نخلك (1) أى يكون ثوابه مثل ثواب حجتى التى أريدها؟ (تخريجه) (د. نس) ورواه الترمذى مختصرا عن أم معقل أن النبى صلى الله عليه وسلم قال عمرة فى رمضان تعدل حجة. وقال حديث حسن غريب، ورواه أيضا ابن خزيمة فى صحيحه باختصار إلا أنه قال إن الحج والعمرة فى سبيل الله، وإن عمرة فى رمضان تعدل حجة أو تجزاء حجة، وهذا اللفظ أعنى قول النبى صلى الله عليه وسلم (عمرة فى رمضان تعدل حجة) صحيح متفق على صحته، رواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم من عدة طرق عن كثير من الصحابة كما سيأتى فى أبواب العمرة؛ وإنما الاختلاف والضعف والاضطراب جاء فى قصة أم معقل، قال صاحب عون المعبود فى شرح سنن أبى داود، ولا شك أن رواة هذا الحديث لم يتقنوا ألفاظ الحديث ولم يحفظوها بل اختلطوا وغيروا الألفاظ واضطربوا فى الأسناد وفيه ضعيف ومجهول اهـ (قلت) يعنى بالضعيف ابراهيم بن مهاجر؛ وبالمجهول رسول مروان لأنه لم يسم، ولأجل دفع الاضطراب ورفع التناقض قد أولت فى تفسير كثير من ألفاظه كما عرفت، والحديث الصحيح الذى عليه المعول هو الحديث الأول من أحاديث الباب فقد أخرجه الشيخان والأمام أحمد وليس فيه اختلاط، ولأبى داود رواية أخرى من طريق يوسف بن عبد الله بن سلام عن جدته أم معقل قالت، لما حج رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة الوداع وكان لنا جمل فجعله أبو معقل فى سبيل الله وأصابنا مرض وهلك أبو معقل وخرج النبى صلى الله عليه وسلم، فلما فرغ من حجه جئته فقال يا أم معقل ما منعك أن تخرجى معنا قالت لقد تهيأنا فهلك أبو معقل وكان لنا جمل هو الذى نحج عليه، فأوصى به أبو معقل فى سبيل الله، قال فهلا خرجت عليه فان الحج فى سبيل الله، فأما إذ فاتتك هذه الحجة معنا فاعتمرى فى رمضان فانها كحجة، فكانت تقول الحج حجة والعمرة عمرة، وقد قال هذا لي.

-[التحذير من النوم فوق السطوح التى ليس لها حاجز]- (33) عن أبي عمران الجونىِّ قال حدَّثنى بعض أصحاب محمَّدٍ صلى الله عليه وسلم وغزونا نحو فارس، فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بات فوق بيتٍ ليس له إجَّارٌ فوقع فمات فقد برئت منه الذِّمَّة ومن ركب البحر عند ارتجاجه

_ رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أدرى ألى خاصة؟ والحديث بهذا السياق لا يستقيم معناه، لأنه يفهم منه أن أبا معقل توفى قبل خروج النبى صلى الله عليه وسلم الى الحج وأنه أوصى قبل وفاته بجعل جملهم فى سبيل الله ففهمت أنها لا تملكه ولا يجوز استعماله فى الحج، وهذا هو السبب فى عدم خروجها مع النبى صلى الله عليه وسلم مع أنه ثبت فى حديثها الطويل المذكور فى الباب عند الأمام أحمد وأبى داود أيضا أن زوجها منعها الجمل، لأنه جعله فى سبيل الله، ثم حج مع النبى صلى الله عليه وسلم وتركها وأنها اشتكه لرسول الله صلى الله عليه وسلم بعد حضورهما من الحج. فالحديث فيه تقديم وتأخير والصواب ما فى حديث الباب (أما قولها الحج حجة، والعمرة عمرة) فمعناه أنهما ليسا سواء فى المنزلة فكيف جعل النبى صلى الله عليه وسلم عمرة فى رمضان كحجة؟ ولا تشك فى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لها ذلك، فهل هذه المزية لها خاصة أم للناس عامة؟ (قال الحافظ) وبالخصوصية قال بعض المتقدمين، ففى رواية أحمد بن منيع قال سعيد بن جبير ولا نعلم هذا إلا لهذه المرأة وحدها. واستظهر الحافظ حمله على العموم والله أعلم (33) عن أبى عمران الجونى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أزهر بن القاسم ثنا محمد بن ثابت عن أبى عمران الجونى- الحديث" (غريبه) (1) الأجار بهمزة مكسورة بعدها جيم مشددة وآخره راء مهملة، هو ما يرد الساقط من البناء من حائط على السطح أو نحوه، ووقع فى رواية أبى داود "ليس له حجار" والحجار جمع حجر بكسر الحاء المهملة. أى ليس عليه شاء يستره ويمعه من السقوط، يقال احتجرت الأرض اذا ضربت عليها منارا تمنعها به عن غيرك، أو يكون من الحجر وهى حظيرة الأيل وحجرة الدار وهو راجع الى المنع أيضا (2) معنى الذمة هنا العهد. وذلك أن لكل من الناس عهدا من الله تعالى بالحفظ والكلاءة، فاذا ألقى بيده الى التهلكة انقطع عنه ذلك العهد ووكله الله الى نفسه ولا يؤاخذ أحد بدمه (3) الارتجاج الاضطراب أى عند هياجه وتلاطم أمواجه، لأن من ركبه فى هذه الحال فقد ألقى بنفسه الى الهلاك، والله تعالى يقول {ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة} أما اذا ركبه فى وقت هدوئه فلا بأس بذلك، ووجه الاستدلال بهذا الحديث أن من وجب عليه الحج وكان لا يصل اليه الا بطريق البحر

-[كراهة ركوب البحر عند هياجه - والنهى عن سفر المرأة بغير محرم]- فمات فقد برئت منه الذِّمَّة (وعنه من طريقٍ ثان) قال كنَّا بفارس وعلينا أميرٌ يقال له زهير بن عبد الله، فقال حدَّثنى رجلٌ أنَّ نبىَّ الله صلى الله عليه وسلم قال من بات فوق إجَّارٍ أو فوق بيتٍ ليس حوله شيءٌ يردُّ رجله فقد برئت منه الذِّمَّة، ومن ركب البحر بعد ما يرتجُّ فقد برئت منه الذِّمَّة (34) عن ابن عبَّاسٍ رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال لا تسافر امرأةٌ إلَّا ومعها ذو محرمٍ، وجاء النَّبىُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم رجلٌ فقال إنِّى اكتتبت فى غزوة كذا وكذا وامرأتى حاجَّةٌ، قال فارجع فحجَّ معها

_ فلا يركب البحر عند هياجه وإن فاته الحج (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أزهر ثنا هشام يعنى الدستوائى عن أبي عمران الجونى قال كنا بفارس- الحديث" (2) أى حاجز يمنع رجله من السقوط لا سيما فى الليالى المظلمة، وربما يفهم بعض الناس أن معنى البيات المذكور فى الحديث منحصر فى النوم فقط، وليس كذلك. فان إتيانه بمعنى النوم نادر، والأصل فى معناه السهر بالليل- قال تعالى {والذين يبيتون لربهم سجدا وقياما} وقال الأزهرى قال الفراء بات الرجل إذا سهر الليل كله فى طاعة أو معصية (وقال الليث) من قال بات بمعنى نام فقد أخطأ، ألا ترى أنك تقول بات يرعى النجوم، ومعناه ينظر اليها، وكيف ينام من يراقب النجوم؟ اهـ (قلت) ويشير الى ذلك قوله فى الحديث (يرد رجله) أى عن المشى إلى موضع السقوط. ولا يمشى عادة إلا المتيقظ. وحدوثه من النائم نادر، ومع هذا فالحديث يستفاد منه النهى عن النوم فوق السطوح التى ليس لها حاجز والمكث عليها للمتيقظ، وسيأتى فى الزوائد ما يؤيد ذلك والله أعلم (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه أحمد والبيهقى ورجاله ثقات (وفى رواية للبيهقى) عن أبى عمران أيضا قال كنت مع زهير الشنوى فأتينا على رجل نائم على ظهر جدار وليس له ما يدفع رجليه فضربه برجله ثم قال قم ثم قال زهير قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحو حديث الباب (34) عن ابن عباس رضى الله عنهما الخ. هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب سفر النساء من أبواب صلاة المسافر رقم 1197 صحيفة 85 من الجزء الخامس فارجع اليه ان شئت وإنما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة

-[النهي عن سفر المرأة ولو مسيرة يوم واحد بغير محرم - وزوائد الباب]- (35) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحلُّ لامرأةٍ تؤمن بالله واليوم الآخر تسافر يومًا وليلةً (وفى روايةٍ "تسافر ليلةً" وفى روايةٍ "ثلاثة أيَّامٍ" وفى روايةٍ "يومًا تامًّا) إلَّا مع ذي محرمٍ من أهلها

_ (35) عن أبي هريرة الخ الحديث تقدم أيضا بسنده وشرحه وتخريجه رقم 1200 صحيفة 86 فى الباب المشار اليه فى الجزء الخامس أيضا (زوائد الباب) (عن ابن عباس) رضى الله عنهما قال أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الحج فقالت امرأة لزوجها أحجتى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على جملك، فقال ما عندى ما أحجك عليه، فقالت أحججنى على جملك فلان، قال ذاك حبيس فى سبيل الله عز وجل، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن امرأتى تقرأ عليك السلام ورحمة الله، وأنها سألتنى الحج معك قالت أحججنى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت ما عندى ما أحججك عليه، قالت أحجنى على جملك فلان، فقلت ذاك حبيس فى سبيل الله عز وجل قال أما إنك لو أحججتها عليه كان فى سبيل الله، وأنها أمرتنى أن أسألك ما يعدل حجة معك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأها السلام ورحمة الله وبركاته وأخبرها أنها تعدل حجة معى يعنى عمرة فى رمضان، رواه أبو داود وابن خزيمة فى صحيحه كلاهما بالقصة، واللفظ لأبى داود. وآخره عندهما سواء (وعنه أيضا) قال جاءت أم سليم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت حج أبو طلحة وابنه وتركانى، فقال يا أم سليم عمرة فى رمضان تعدل حجة، رواه ابن حبان فى صحيحه (وعن أبى طليق) أن امرأته قالت له وله جمل وناقة أعطنى جملك أحج عليه، قال هو حبيس فى سبيل الله، قالت إنه فى سبيل الله أن أحج عليه، قالت فأعطنى الناقة وحج على جملك، قال لا أوثر على نفسى أحدا؛ قالت فأعطنى من نفقتك، قال ما عندى فضل عن ما أخرج به وأدع لكم، ولو كان معى لأعطيتك، قالت فاذ فعلت ما فعلت فاقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام إذا لقيته وقل له الذى قلت لك، فلما لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأه منها السلام وأخبره بالذى قالت له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقت أم طليق، لو أعطيتها جملك كان فى سبيل الله، ولو أعطيتها من نفقتك أخلفها الله لك، قلت فما يعدل الحج معك؟ قال عمرة فى رمضان، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الكبير والبزار باختصار عنه ورجال البزار رجال الصحيح اهـ (قلت) قال الحافظ المنذرى أبو طليق هو أبو معقل وكذلك زوجته أم معقل تكنى أم طليق أيضا، ذكره ابن عبد البر النمرى اهـ. وأشار إلى هذا الحديث أيضا الحافظ فى الفتح وذكر شيئا منه، ثم قال وزعم ابن عبد البر أن أم معقل

-[ذكر النسوة اللاتي اشتركن فى قصة الجمل - وزوائد الباب]- __

_ هي أم طليق كنيتان وفيه نظر، لأن أبا معقل مات فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وأبا طليق عاش حتى سمع منه طلق بن حبيب وهو من صغار التابعين، فدل على تغاير المرأتين ويدل عليه تغاير السياقين أيضا اهـ (قلت) يستفاد مما أوردنا فى أحاديث الباب والزوائد أن قصة الجمل وقعت لأربع نسوة إحداهن أم سنان الأنصارية. والثانية أم معقل الأسدية. والثالثة أم سليم. والرابعة أم طليق بل قال الحافظ ووقعت (يعنى القصة) لأم الهيثم أيضا فيصرن خمسة، والظاهر أن القصة تعددت وأن هؤلاء النسوة كن قد أدين فريضة الحج مع أبى بكر رضى الله عنه سنة تسع، ولذلك لم يستعد أزواجهن لما يوصلهن إلى الحج مع النبى صلى الله عليه وسلم والله أعلم (وعن ابن عمر رضى الله عنهما) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى امرأة لها زوج ولها مال ولا يأذن لها زوجها فى الحج، قال ليس لها أن تنطلق الا باذن زوجها (قط)، وأورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الصغير والأوسط ورجاله ثقات (وعن جابر بن عبد الله) رضى الله عنهما قال لما نزلت هذه الاية {ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا} قام رجل فقال يا رسول الله ما السبيل؟ قال الزاد والراحلة (قط) وفى اسناده محمد بن عبد الله بن عبيد الليثى (قال الزيلعى) تركوه وأجمعوا على ضعفه (وعن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال قال رجل يا رسول الله ما يوجب الحج؟ قال الزاد والراحلة (قط) وفيه محمد بن عبيد الله بن ميسرة العزرمى الكوفى (قال الأمام أحمد) ترك الناس حديثه وقال الفلاس متروك (وعن أنس) رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم فى قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا} قال قيل يا رسول الله ما السبيل؟ قال الزاد والراحلة رواه الدارقطنى، وأخرجه أيضا الحاكم وقال صحيح على شرطهما، والبيهقى كلهم من طريق سعيد ابن أبى عروبة عن قتادة عن الحسن مرسلا (قال الحافظ) فى التلخيص وسنده صحيح الى الحسن ولا أرى الموصول إلا وهما، وقد رواه الحاكم من حديث حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس أيضا الا أن الراوى عن حماد هو ابو قتادة عبد الله بن واقد الحرانى وهو منكر الحديث كما قال أبو حاتم، ولكنه قد وثقه أحمد (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الزاد والراحلة، يعنى قوله من استطاع اليه سبيلا- رواه ابن ماجه والدارقطنى (قال الحافظ) وسنده ضعيف، ورواه ابن المنذر من قول ابن عباس (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما قال جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما يوجب الحج؟ قال الزاد والراحلة. رواه الترمذى وقال هذا حديث حسن. والظاهر أن الترمذى حسنه لكثرة شواهده، والا ففى سنده ابراهيم بن يزيد الخوزى وهو متروك الحديث كما صرح به الحافظ فى التقريب (وعنه أيضا) قال سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما الحاج

-[زوائد الباب مع شرح الغريب منها - وفضل من حج ماشيا]- __

_ قال الشعث التفل، فقال آخر يا رسول الله أى الحج أفضل؟ قال العج والثج، فقام آخر فقال يا رسول الله ما السبيل؟ فقال الزاد والراحلة، رواه الأمام الشافعى فى مسنده وابن ماجه، ورواه والترمذى فى التفسير إلى قوله والثج، وفى اسناده ابراهيم بن يزيد الخوزى وتقدم الكلام عليه فى الحديث السابق لكن حسنه المنذرى، وقال رواه ابن ماجه باسناد حسن، والشعث بفتح الشين المعجمة وكسر العين المهملة وبالثاء المثلثة، الذى تفرق شعره، والتفل بالتاء المثناة من فوق وبالفاء المكسورة. الذى لا يتطيب فتوجد منه رائحة كريهة، والعج رفع الصوت بالتلبية. وهو بفتح العين المهملة وبالجيم، والثج بفتح الثاء المثلثة وبالجيم نحر البدن، قال وكيع فى رواية ابن ماجه يعنى بالعج العجيج بالتلبية والثج نحر البدن (وعن بشير بن مسلم) عن عبد الله بن عمرو ابن العاص رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يركب البحر الا حاج أو معتمر أو غاز فى سبيل الله، فان تحت البحر نارا وتحت النار بحرا، رواه أبو داود وسعيد بن منصور فى سننهما وهذا لفظ أبى داود، ومعنى قوله فان تحت البحر نارًا الخ. قيل هو على ظاهره فان الله على كل شاء قدير (وقال الخطابي) تأويله تفخيم أمر البحر وتهويل شأنه، وذلك أن الآفة تسرع إلى راكبه ولا يؤمن الهلاك عليه فى كل وقت كما لا يؤمن الهلاك فى ملابسة النار ومداخلتها والدنو منها اهـ (قال المنذرى) فى هذا الحديث اضطراب روى عن بشير هكذا، وروى عنه أنه بلغه عن عبد الله بن عمرو. وروى عنه عن رجل عن عبد الله بن عمرو وقيل غير ذلك (وقال أبو داد) رواته مجهولون. وذكره البخارى فى تاريخه وذكر له هذا الحديث وذكر اضطرابه وقال لم يصح حديثه (وقال الخطابى) قد ضعفوا إسناد هذا الحديث اهـ (وعن زاذان) قال مرض ابن عباس مرضا شديدًا فدعا ولده فجمعهم فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول من حج من مكة ماشيًا حتى يرجع الى مكة كتب الله له بكل خطوة سبعمائة حسنة كل حسنة مثل حسنات الحرم. قيل وما حسنات الحرم؟ قال بكل حسنة مائة ألف حسنة (هق. ك) وقال الحاكم هذا حديث صحيح الأسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى (وعن عبد الله بن عبيد بن عمير) قال قال ابن عباس ما ندمت على شاء فاتنى فى شبابى إلا أنى لم أحج ماشيا ولقد حج الحسن ابن على رضى الله عنهما خمسة وعشرين حجة ماشيا وان النجائب لتقاد معه. ولقد قاسم الله ما له ثلاث مرات حتى إنه يعطى الخف ويمسك النعل (قال البيهقى) ابن عمير يقول ذلك رواية عن الحسن بن على. وقد روى فيه عن ابن عباس رضى الله تعالى عنهما حديث مرفوع وفيه ضعف (وعن عطاء عن ابن عباس) رضى الله عنهما قال ما آسى على شاء ما آسى على أنى لم أحج ماشيًا (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الاستطاعة المذكورة فى قول الله عز وجل {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه

-[مذاهب الأئمة فى تفسير الاستطاعة إلى الحج]- سبيلا" تشتمل على جملة أمور، ومع ذلك فهى نوعان (أحدهما) أن يكون مستطيعًا بنفسه (والثانى) أن يكون عاجزا بنفسه لا يقدر على الثبوت على الراحلة لمرض مزمن أو كبر وله مال أو من يطيعه من ولده أو ولد ولده، فيلزمه أن يستأجر بماله أو يأذن للمطيع فى الحج عنه؛ وتقدم الكلام عليه فى باب وجوب الحج على الشيخ الكبير الخ (وأما الاستطاعة بالنفس) فتشتمل على جملة أمور كما قدمنا (منها) أن يكون صحيحا واجدًا للزاد والراحلة "وفى معنى الراحلة ما حدث من المراكب البرية والبحرية والهوائية" لحديث الجمل المذكور أول الباب، رواه الشيخان وغيرهما، ولأحاديث الزاد والراحلة المذكورة فى الزوائد وإن كانت ضعيفة ولكنها جاءت من عدة طرق عن كثير من الصحابة، وصحح بعضها جماعة من الحفاظ، على أنها لكثرة طرقها يقوى بعضها بعضا فتصلح للاحتجاج بها (وقد استدل بها) من قال إن الاستطاعة المذكورة فى القرآن هى الزاد والراحلة، أما الزاد فهو أن يجد ما يكفيه ويكفي من يعول حتى يرجع، وأما الراحلة أو ما يقوم مقامها فيشترط أن تبلغه مقصوده ذهابًا وإيابًا سواء أكانت ملكه أو بأجرة معتدلة يقدر على دفعها بدون غبن، وهذا إذا كانت المسافة بعيدة لا يمكنه المشى اليها، والى ذلك ذهب الأئمة (أبو حنيفة والشافعى وأحمد) وبه قال الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير وإسحاق (قال الترمذى) والعمل عليه عند أهل العلم أن الرجل اذا ملك زادًا أو راحلة وجب عليه الحج اهـ وفسرعكرمة الاستطاعة بالصحة (وقال الضحاك) ان كان شابا فليؤاجر نفسه بأكله وعقبه حتى يقضى نسكه (وعن مالك) ان كان يمكنه المشى وعادته سؤال الناس لزمه الحج، لأن هذه الاستطاعة فى حقه فهو كواجد الزاد والراحلة، وفى ذلك نظر. لأن السؤال محرم الا لضرورة الحياة. فكيف يجعل واجبا لغير ضرورة؟ (وفى حديثى ابن عباس وأم معقل) أنه جعل الحج من السبيل، وقد اختلف الناس فى ذلك، فكان ابن عباس لا يرى بأسا أن يعطى الرجل من زكاته فى الحج، وروى مثل ذلك عن ابن عمر (وكان الأمام أحمد واسحاق) يقولان يعطى من ذلك فى الحج. وقال الأئمة (أبو حنيفة وأصحابه وسفيان الثورى والشافعى) لا تصرف الزكاة الى الحج، وسهم السبيل عندهم الغزاة والمجاهدون (ومنها) أى من الاستطاعة أيضا أن يكون الحاج آمنا على نفسه وماله سواء أكان السفر برًا أم بحرًا فان كان لا بد له من اجتياز البحر جاز له ركوبه، وقد جاء فى ذلك حديث عبد الله بن عمرو ابن العاص رضى الله عنهما، وتقدم فى الزوائد بلفظ "لا يركب البحر الا حاج أو معتمر أو غاز فى سبيل الله- الحديث" رواه أبو داود والبيهقى وآخرون، ولكنه ضعيف، وتقدم الكلام عليه. فان كان البحر هائجا فلا يجوز له ركوبه لا لحج ولا غيره حتى يهدأ لحديث

-[مذاهب الأئمة فى سفر المرأة إلى الحج وهل يشترط لها المحرم أم لا؟]- __

_ أبي عمران الجونى المذكور فى الباب، وذلك باتفاق العلماء (قال النووى رحمه الله) إذا كان البحر مفرقًا أى مخيفًا أو كان قد اغتلم وماج حرم ركوبه لكل سفر لقول الله تعالى {ولا تلقوا بأيديكم الى التهلكة} ولقوله تعالى {ولا تقتلوا أنفسكم} هكذا صرح به امام الحرمين والأصحاب قال (ومذهب أبى حنيفة ومالك وأحمد) أنه يجب الحج فى البحر إن غلبت فيه السلامة والا فلا، وهذا هو الصحيح عندنا اهـ (ومن الاستطاعة أيضا) وجود محرم للمرأة يسافر معها، والمحرم من لا يحل له نكاحها من الأقارب كالأب والابن والأخ والعم ومن يجرى مجراهم، وقد استدل بحديث ابن عباس المذكور قبل الحديث الأخير من أحاديث الباب على أن الزوج داخل فى مسمى المحرم أو قائم مقامه، لقول النبى صلى الله عليه وسلم للرجل الذى أرادت امرأته الحج "فارجع فحج معها" (قال الحافظ) وقد أخذ بظاهر الحديث بعض أهل العلم فأوجب على الزوج السفر مع امرأته إذا لم يكن لها غيره، وبه قال (أحمد وهو وجه للشافعى) والمشهور أنه لا يلزمه كالولى فى الحج عن المريض، فلو امتنع إلا بأجرة لزمتها لأنه من سبيلها فصار فى حقها كالمؤنة (واستدل به) على أنه ليس للزوج منع امرأته من حج الفرض (وبه قال أحمد وهو وجه للشافعية) والأصح عندهم أن له منعها لكون الحج على التراخى، وقد روى الدارقطنى عن ابن عمر مرفوعا فى امرأة لها زوج ولها مال ولا يأذن لها فى الحج ليس لها أن تنطلق إلا بأذن زوجها (وأجيب عنه) بأنه محمول على حج التطوع جمعا بين الحديثين (ونقل ابن المنذر الأجماع) على أن للرجل منع زوجته عن الخروج فى الأسفار كلها، وإنما اختلفوا فيما إذا كان واجبا (وقد استدل ابن حزم) بهذا الحديث على أنه يجوز للمرأة السفر بغير زوج ولا محرم لكونه لم يعب عليها ذلك السفر بعد أن أخبره زوجها (وتعقب) بأنه لو لم يكن ذلك شرطا لما أمر زوجها بالسفر معها وترك الغزو الذى كتب فيه اهـ (واعلم) أنه وردت أحاديث كثيرة فى النهى عن سفر المرأة الا بمحرم فيها اختلاف فى تقدير المسافة التى يحرم قطعها فى السفر بغير محرم، ففى بعضها مسافة ثلاثة أيام، وفى بعضها ثلاثة أيام فصاعدا (وفى رواية) مسافة يومين (وفى رواية) يوم وليلة (وفى أخرى) يوم (وفى رواية ليلة) بل جاء فى رواية لأبى داود لا تسافر بريدا والبريد نصف يوم، وتقدمت هذه الروايات وأشبعنا الكلام عليها فى باب سفر النساء فى الجزء الخامس صحيفة 85 (قال العلماء) اختلاف هذه الألفاظ لاختلاف السائلين واختلاف المواطن وليس فى النهى عن الثلاثة تصريح بأباحة اليوم والليلة أو البريد (قال البيهقى) كأنه صلى الله عليه وسلم سئل عن المرأة تسافر ثلاثا بغير محرم فقال لا، وسئل عن سفرها يومين بغير محرم فقال لا، وسئل عن سفرها يوما فقال لا، وكذلك البريد فأدى كل منهم ما سمعه،

-[مذاهب الأئمة واختلافهم فى حكم المحرم للمرأة فى سفر الحج]- __

_ وما جاء منها مختلفًا عن رواية واحد فسمعه فى مواطن، فروى تارة هذا وتارة هذا وكله صحيح وليس فى هذا كله تحديد لأقل ما يقع عليه اسم السفر، ولم يرد صلى الله عليه وسلم تحديد أقل ما يسمى سفرا (فالحاصل) أن كل ما يسمى سفرا تنهى عنه المرأة بغبر زوج أو محرم سواء كان ثلاثة أيام أو يومين أو يوما أو بريدا أو غير ذلك لرواية ابن عباس المطلقة (قلت) هى المذكورة قبل الحديث الأخير من أحاديث الباب بلفظ "لا تسافر امرأة إلا ومعها ذو محرم" ولفظ مسلم "الا مع ذى محرم" (قال النووى وأجمعت الأمة) على أن المرأة يلزمها حجة الأسلام اذا استطاعت؛ لعموم قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت} وقوله صلى الله عليه وسلم "بنى الأسلام على خمس- الحديث" واستطاعتها كاستطاعة الرجل. لكن اختلفوا فى اشتراط المحرم لها (فأبو حنيفة يشترطه) لوجوب الحج عليها الا أن يكون بينها وبين مكة دون ثلاث مراحل. ووافقه جماعة من أصحاب الحديث وأصحاب الرأى. وحكى ذلك عن الحسن البصرى والنخعى. وقال عطاء وسعيد بن جبير وابن سيرين (ومالك والأوزاعى والشافعى فى المشهور عنه) لا يشترط المحرم بل يشترط الأمن على نفسها (قال أصحابنا) يحصل الأمن بزوج أو محرم أو بنسوة ثقات. ولا يلزمها الحج عندنا الا بأحد هذه الأشياء، فلو وجدت امرأة واحدة ثقة لم يلزمها، لكن يجوز لها الحج معها، هذا هو الصحيح وقال بعض أصحابنا يلزمها بوجود امرأة واحدة. وقد يكثر الأمن ولا تحتاج الى أحد بل تسير وحدها فى جملة القافلة وتكون آمنة. والمشهور من نصوص الشافعى وجماهير أصحابه هو الأول (واختلف أصحابنا) فى خروجها لحج التطوع وسفر الزيارة والتجارة ونحو ذلك من الأسفار التى ليست واجبة. فقال بعضهم يجوز لها الخروج فيها مع نسوة ثقات كحجة الأسلام (وقال الجمهور) لا يجوز الا مع زوج أو محرم. وهذا هو الصحيح للأحاديث الصحيحة. وقد قال القاضى عياض (واتفق العلماء) على أنه ليس لها أن تخرج فى غير الحج والعمرة إلا مع ذى محرم إلا الهجرة من دار الحرب. فاتفقوا على أن عليها أن تهاجر منها الى دار الأسلام وان لم يكن معها محرم، والفرق بينهما أن اقامتها فى دار الكفر حرام اذا لم تستطع اظهار الدين وتخشى على دينها ونفسها. وليس كذلك التأخر عن الحج، فانهم اختلفوا فى الحج هل هو على الفور أم على التراخى (قال القاضى عياض) قال الباجى هذا عندى فى الشابة، وأما الكبيرة غير المشتهاة فتسافر كيف شاءت فى كل الأسفار بلا زوج ولا محرم، وهذا الذى قاله الباجى لا يوافق عليه، لأن المرأة مظنة الطمع فيها ومظنة الشهوة ولو كانت كبيرة، وقد قالوا لكل ساقطة لاقطة، ويجتمع فى الأسفار من سفهاء الناس وسقطهم من لا يرتفع عن الفاحشة بالعجوز وغيرها لغلبة شهوته وقلة دينه

-[مذاهب العلماء فى حكم المشى إلى الحج - وتفسير الصرورة]- (6) باب التغليظ فى ترك الحج للمستطيع (36) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أنََّه كان يقول لا صرورة في الإسلام

_ ومروءته وخيانته ونحو ذلك والله أعلم (وفى حديث ابن عباس) المذكور فى آخر الزوائد والآثار المذكورة بعده دلالة على استحباب المشى لمن قدر على الحج راكبا وماشيا، وبه قال (داود الظاهرى) واحتج أيضا بما فى حديث عائشة عند البخارى ومسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لها "ولكنها على قدر نفقتك أو نصبك" وفى رواية أخرى صحيحة "على قدر عنائك ونصبك" (وذهب جمهور العلماء) إلى أن الحج راكبا أفضل، لأنه صلى الله عليه وسلم حج راكبا ولأنه أعون على المناسك والدعاء وسائر عباداته فى طريقه وأنشط له (فان قيل) إن حجه صلى الله عليه وسلم راكبًا كان لبيان الجواز (فالجواب) أن ذلك يقال فيما يتكرر فعله لأنه صلى الله عليه وسلم كان يواظب فى معظم الأوقات على الصفة الكاملة؛ أما ما لم يفعله إلا مرة واحدة فلا يفعله إلا على أكمل وجوهه ومنه الحج فانه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد الهجرة إلا حجة واحدة بأجماع المسلمين وهى حجة الوداع، سميت بذلك لأنه ودع الناس فيها لا سيما وقد قال صلى الله عليه وسلم "لتأخذوا عنى مناسككم" (وللشافعية فى ذلك قولان) أصحهما تفضيل الركوب اقتداء به صلى الله عليه وسلم (قال الغزالى) من سهل عليه المشى فهو أفضل فى حقه، ومن ضعف وساء خلقه بالمشى فالركوب أفضل (قال النووى) والصحيح أن الركوب أفضل مطلقا والله أعلم (36) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن بكر قال أنا ابن جريج أخبرنى عمر بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس- الحديث" (غريبه) (1) بفتح الصاد المهملة وضم الراء هو الذى لم يحج قط، وهو نفى معناه النهى. أى لا يترك الحج فى الاسلام من استطاعه، وأصله من الصر وهو الحبس والمنع، فمن ترك الحج مع الاستطاعة فقد منع عن نفسه الخير، وفى الموطأ قال مالك فى الصرورة من النساء التى لم تحج قط إنها إن لم يكن لها ذو محرم يخرج معها أو كان لها فلم يستطع أن يخرج معها أنها لا تترك فريضة الله عليها فى الحج ولتخرج فى جماعة النساء اهـ. وفى النهاية لا صرورة فى الأسلام (قال أبو عبيد) هو فى الحديث التبتل وترك النكاح، والصرورة أيضا الذى لم يحج قط وأصله من الصر الحبس والمنع، وقيل أراد من قتل فى الحرم قتل ولا يقبل منه أن يقول إنى صرورة ما حججت ولا عرفت حرمة الحرم، كان الرجل فى الجاهلية إذا أحدث حدثًا

-[زوائد الباب فى وعيد من ترك الحج وهو مستطيع]- __

_ فلجأ إلى الكعبة لم يهج فكان إذا لقية ولى الدم فى الحرم قيل له هو صرورة فلا تهجه اهـ (قال الخطابى) الصرورة تفسر تفسيرين (أحدهما) أن الصرورة هو الرجل الذى قد انقطع عن النكاح وتبتل على مذهب رهبانية النصارى (والآخر) أن الصرورة هو الرجل الذى لم يحج، فمعناه على هذا أن سنة الدين أن لا يبقى أحد من المسلمين يستطيع الحج فلا يحج حتى يكون صرورة فى الأسلام اهـ (تخريجه) (د. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط البخارى ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى (زوائد الباب) عن الحارث عن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ملك زادا وراحلة تبلغه الى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا، وذلك أن الله يقول فى كتابه {ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا} أخرجه الترمذى وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وفى اسناده مقال. وهلال بن عبد الله مجهول. والحارث يضعف فى الحديث اهـ. وقد ورد هذا الحديث من عدة طرق (منها) هذه التى ذكرها الترمذى (ومنها) ما رواه البيهقى وأبو يعلى وسعيد بن منصور فى سننه عن شريك بن أبى سليم عن ابن سابط عن أبى أمامة بلفظ "من لم يحبسه مرض أو حاجة ظاهرة أو سلطان جائر فلم يحج فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا، وليث ضعيف. وشريك سيء الحفظ وقد خالفه سفيان الثورى فأرسله (قال الحافظ فى التلخيص) رواه أحمد فى كتاب الأيمان له (هو كتاب آخر غير المسند) عن وكيع عن سفيان عن ليث عن ابن سابط قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات ولم يحج ولم يمنعه من ذلك مرض حابس أو سلطان ظالم أو حاجة ظاهرة فذكره مرسلا، وكذلك ذكره ابن أبى شيبة عن أبى الأحوص عن ليث مرسلا، وأورده أبو يعلى من طريق أخرى عن شريك مخالفة للأسناد الأول، وراويها عن شريك عمار بن مطر ضعيف (ومنها) عن أبى هريرة رفعه من مات ولم يحج حجة الأسلام فى غير وجع حابس أو حاجة ظاهرة أو سلطان جائر فليمت أى الميتتين شاء إما يهوديا أو نصرانيا، رواه ابن عدى من حديث عبد الرحمن القطامى عن أبى المهزم وهما متروكان عن أبى هريرة (قال الحافظ) بعد ذكر هذه الطرق مع ألفاظها وله طريق صحيحة إلا أنها موقوفة، رواها سعيد ابن منصور والبيهقى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال لقد هممت أن أبعث رجالا إلى أهل الأمصار فينظروا كل من كان له جدة ولم يحج فيضربوا عليه الجزية ما هم بمسلمين (لفظ سعيد) ولفظ البيهقى أن عمر قال ليمت يهوديا أو نصرانيًا يقولها ثلاث مرات. رجل مات ولم يحج وعنده كذلك سعة وخليت سبيله (قال الحافظ) وإذا انضم هذا الموقوف الى مرسل ابن سابط علم أن لهذا الحديث أصلا ومحمله على من استحل الترك

-[المذاهب في حكم من لم يحج وهو مستطيع - ومن حج عن غيره ولم يحج عن نفسه]- (أبواب العمرة) (1) باب ما جاء فى فضل العمرة خصوصا فى رمضان (37) عن هرم بن خنبشٍ رضي الله عنه قال كنت جالسًا عند

_ وتبين بذلك خطأ من ادعى أنه موضوع والله أعلم اهـ (قال الشوكاني) وهذه الطرق يقوى بعضها بعضا، وبذلك يتبين مجازفة ابن الجوزى فى عده لهذا الحديث من الموضوعات، فان مجموع تلك الطرق لا يقصر عن كون الحديث حسنا لغيره وهو محتج به عند الجمهور ولا يقدح فى ذلك قول العقيلى والدارقطنى لا يصح فى الباب شاء، لأن نفى الصحة لا يستلزم نفى الحسن (الأحكام) حديث الباب مع الزوائد تدل على التغليظ على من ترك الحج وهو مستطيع، وأنه لا ينبغى تأخيره (أما قوله) فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا فهو محمول على من استحل الترك وعدم الوجوب كما قال الحافظ (وقال بعض العلماء) هو من باب التغليظ الشديد والمبالغة فى الوعيد لمن اعتقد وجوبه وتساهل فى الأداء وهو قادر عليه (وقال الطيبى) رحمه الله. المعنى أن وفاته بهذه الحالة ووفاته على اليهودية أو النصرانية سواء، والمقصود التغليظ فى الوعيد كما فى قوله تعالى ومن كفر اهـ (قال الخطابي) وقد يستدل بحديث الباب من يزعم أن الصرورة لا يجوز له أن يحج عن غيره، وتقدير الكلام عنده أن الصرورة إذا شرع فى الحج عن غيره صار الحج عنه وانقلب عن فرضه ليحصل معنى النفى فلا يكون صرورة (وهذا مذهب الأوزاعى والشافعى وأحمد واسحاق) وقال مالك والثورى حجه على ما نواه (واليه ذهب أصحاب الرأى) وقد روى ذلك عن الحسن البصرى وعطاء والنخعى اهـ والله أعلم (37) عن هرم بن خنبش (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن عبيد ثنا داود الأودى عن عامر الأودى عن هرم بن خنبش- الحديث" (غريبه) (1) قال فى الخلاصة هرم بكسر الراء بن خنبش بمعجمتين بينهما نون ثم موحدة صحابى كذا سماه داود الأزدى، والصحيح وهب اهـ (قلت) ومما يؤيد ذلك أنه ترجم له فى المسند بقوله (حديث وهب بن خنبش الطائى عن النبى صلى الله عليه وسلم) ثم ذكر له هذا الحديث من ثلاث طرق (إحداها) قال حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا وكيع ثنا داود الزعافرى عن الشعبى عن ابن خنبش الطائى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عمرة فى رمضان تعدل حجة" (والثانية) حديث الباب بسنده (والثالثة) قال حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ويحيى بن معين قالا ثنا وكيع ثنا سفيان وقال مرة وكيع وقال سفيان عن بيان وجابر عن الشعبى عن وهب

-[فضل العمرة في شهر رمضان]- رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأتته امرأةٌ فقالت يا رسول الله فى أيِّ الشُّهور أعتمر؟ قال اعتمري في رمضان، فإنَّ عمرةً فى رمضان تعدل حجَّةً (38) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما عن النَّبىِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال عمرةٌ فى رمضان تعدل حجَّةً (39) عن جابر (بن عبد الله رضى الله تعالى عنهما) عن النَّبىِّ صلى الله عليه وسلم مثله (40) عن عمر بن الخطَّاب رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه استأذنه

_ ابن خنبش الطائي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عمرة فى رمضان تعدل حجة" فعبر عنه مرة بابن خنبش. ومرة بهرم. ومرة بوهب. وصحح الأخير صاحب الخلاصة كما تقدم والله أعلم (1) تقدم الكلام على معنى ذلك قبل باب أى فى باب اعتبار الزاد والراحلة الخ (تخريجه) أخرجه ابن ماجه من طريقين (احداهما) من طريق وكيع عن سفيان عن بيان وجابر عن الشعبى عن وهب بن خنبش قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عمرة فى رمضان تعدل حجة" (والثانية) من طريق وكيع عن داود بن يزيد الزعافرى عن الشعبى عن هرم بن خنبش قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عمرة فى رمضان تعدل حجة" قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه حديث وهب بن خنبش إسناد الطريق الأولى من طريق صحيح، وإسناد الطريق الثانية ضعيف لضعف داود بن يزيد، وضبط خنبش بأنه بمعجمة ونون وبموحدة بوزن جعفر اهـ (38) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله بن نمير ثنا ابن أبى ليلى عن عطاء عن ابن عباس- الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) (39) عن جابر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا زكريا بن عدى أنبأنا عبيد الله يعنى ابن عمرو الرقى عن عبد الكريم عن عطاء عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم "عمرة فى رمضان تعدل حجة" (تخريجه) (جه) وفيه من لم أعرفه وباقى رجاله ثقات (40) عن عمر بن الخطاب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عاصم بن عبيد الله عن سالم عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (2 فى الأصل عن عبد الله بن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم كما ترى فى السند ولم يذكر عمر، والظاهر أن لفظ عمر سقط من الناسخ، لأن الحديث

-[تواضع النبي صلى الله عليه وسلم - ومنقبة لعمر بن الخطاب رضى الله عنه]- في العمرة فأذن له، فقال يا أخي لا تنسنا من دعائك وقال بعد فى المدينة أشركنا فى دعائك فقال عمر ما أحبُّ أنَّ لى بها ما طلعت عليه الشَّمس لقوله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يا أخي (41) عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم العمرة إلى العمرة كفَّارةٌ

_ عند الإمام أحمد فى مسند عمر، وقد رواه الترمذى وأبو داود وابن ماجه جميعًا عن عبد الله ابن عمر عن عمر بن الخطاب، ويؤيد ذلك قوله فى آخر الحديث "فقال عمر ما أحب أن لى بها ما طلعت عليه الشمس الخ (1) فيه استحباب طلب الدعاء من الحاج أو المعتمر فى مواطن الخير، وفيه أن الأنسان لا يخص نفسه بالدعاء، وفيه تواضع النبى صلى الله عليه وسلم حيث طلب الدعاء من عمر وهو صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق على الأطلاق (2) معنى هذه الجملة وهى قوله "وقال بعد فى المدينة أشركنا فى دعائك" أن شعبة روى هذا الحديث عن عاصم فى غير المدينة؛ ثم لقيه بعد ذلك فى المدينة فحدثه به مرة أخرى فقال فيه "أشركنا فى دعائك" فيحتمل أنه قالها بدل قوله فى الرواية الأولى "لا تنسنا من دعائك" ويحتمل أنه زادها على الرواية الأولى لكونه سمعها كذلك فنسى تبليغها أوَّلا كما سمعها؛ فقد جاء هذا الحديث عند ابن ماجه عن ابن عمر عن عمر أنه استأذن النبى صلى الله عليه وسلم فى العمرة فأذن له وقال يا أخى أشركنا فى شاء من دعائك ولا تنسنا" ولفظه عند أبى داود عن سالم بن عبد الله عن أبيه "عن عمر قال استأذنت النبى صلى الله عليه وسلم فى العمرة فأذن لى وقال لا تنسنا يا أخى من دعائك، فقال كلمة ما يسرني أن لى بها الدنيا، قال شعبة ثم لقيت عاصما بعد بالمدينة، فحدثنيه فقال أشركنا يا أخى فى دعائك" (3) يريد أن قول النبى صلى الله عليه وسلم له يا أخى- أحب اليه مما طلعت عليه الشمس، يعنى أنه لو أعطيت له الدنيا بما احتوت عليه بدل قول النبى صلى الله عليه وسلم له يا أخى ما قبلها ولا رغب فيها، فالباء فى قوله بها للبدلية (تخريجه) (د. جه. مذ) وقال حديث حسن صحيح (قلت) فى إسناده عند الجميع عاصم بن عبيد الله ضعيف، وبعضهم قال لا بأس بحديثه، ولعل الترمذى من هذا الفريق. والله أعلم (41) عن عبد الله بن عامر بن ربيعة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا حجاج قال ابن جريج حدثنى يحيى بن جرحة عن ابن شهاب قال حدثنى عبد الله ابن عامر قال رأى عامر رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى على ظهر راحلته قال ثنا يونس بن محمد

-[فضل الحج والعمرة - وزوائد الباب - وشاء من الأحكام]- لما بينهما من الذُّنوب والخطايا، والحجُّ المبرور ليس له جزاءٌ إلَّا الجنَّة

_ وسريج بن النعمان قالا ثنا فليج عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر- الحديث" (غريبه) (1) قيل المراد بالذنوب هنا الصغائر دون الكبائر كما فى قوله الجمعة إلى الجمعة كفارة، لما بينهما وقيل غير ذلك، وتقدم الكلام عليه مستوفى فى شرح حديث أبى هريرة رقم 8 صحيفة 9 من هذا الجزء فى باب ما ورد فى فضل الحج والعمرة (فان قيل) الذى يكفر ما بين العمرتين العمرة الأولى أو العمرة الثانية؟ (فالجواب) أن ظاهر الحديث أن العمرة الأولى هى المكفرة لأنها هى التى وقع الخبر فيها أنها تكفر، ولكن الظاهر من حيث المعنى أن العمرة الثانية هى التي تكفر ما قبلها إلى العمرة التى قبلها فان التكفير قبل وقوع الذنب خلاف الظاهر، قاله العينى، والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف اهـ (قلت) يعضده حديث أبى هريرة الوارد بلفظه عند مسلم والأمام أحمد وغيرهما وتقدم فى الباب المشار اليه آنفًا والله أعلم (زوائد الباب) (عن ابن عباس) رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم اعتمر فى رمضان رواه الطبرانى فى الكبير وفيه مسلم بن كيسان الأعور وهو ضعيف لاختلاطه (وعن أنس ابن مالك) رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "عمرة فى رمضان كحجة معى (طب) وفيه هلال مولى أنس وهو ضعيف (وعن عروة البارقى) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عمرة فى رمضان تعدل حجة" (طب) وفيه جابر الجعفى وفيه كلام كثير، وقد وثقه شعبة وسفيان (وعن على رضى الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "عمرة فى رمضان تعدل حجة" (بز) وفيه حرب بن على (قال الهيثمى) لم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على فضل العمرة خصوصا فى رمضان، وتقدم الكلام على كونها تعدل حجة فى شرح حديث رقم 30 صحيفة 32 فى باب اعتبار الزاد والراحلة الخ "أما تكفير ما بين العمرتين من الذنوب" فقد تقدم الكلام عليه فى شرح حديث أبى هريرة صحيفة 10 فى باب ما ورد فى فضل الحج والعمرة، فارجع اليه والله الموفق (تنبيه) قال الحافظ لم يعتمر النبى صلى الله عليه وسلم إلا فى أشهر الحج، وقد ثبت فضل العمرة فى رمضان بحديث الباب فأيهما أفضل؟ الذى يظهر أن العمرة فى رمضان لغير النبى صلى الله عليه وسلم أفضل، وأما فى حقه فما صنعه هو أفضل، لأن فعله لبيان جواز ما كان أهل الجاهلية يمنعونه، فأراد الرد عليهم بالقول والفعل، وهو لو كان مكروها لغيره لكان فى حقه أفضل والله أعلم (وقال صاحب الهدى) يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يشتغل فى رمضان من العيادة بما

-[جواز العمرة قبل الحج وفى أى شهر من أشهر السنة]- (2) باب جواز العمرة فى جميع أشهر السنة قبل الحج وبعده ومعه (42) خط عن عكرمة بن خالدٍ قال سألت عبد الله بن عمر رضى الله عنهما عن العمرة قبل الحجِّ، فقال ابن عمر لا بأس على أحدٍ يعتمر قبل أن يحجَّ قال عكرمة قال عبد الله اعتمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم قبل أن يحجَّ "قر" (وعنه من طريقٍ ثانٍ) قال قدمت المدينة فى نفرٍ من أهل مكَّة نريد العمرة منها فلقيت عبد الله بن عمر رضى الله عنهما، فقلت إنَّا قومٌ من أهل مكَّة قدمنا المدينة ولم نحجَّ قطُّ. أفنعتمر منها؟ قال نعم، وما يمنعكم من ذلك؟ فقد اعتمر رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم عمره كلَّها قبل حجَّته واعتمرنا (43) عن أبى عمران أسلم أنَّه قال حججت مع موالىَّ فدخلت على أمِّ

_ هو أهم من العمرة وخشى من المشقة على أمته، إذ لو اعتمر فى رمضان لبادروا إلى ذلك مع ما هم عليه من المشقة فى الجمع بين العمرة والصوم، وقد كان صلى الله عليه وسلم يترك العمل وهو يحب أن يعمله خشية أن يفرض على أمته وخوفا من المشقة عليهم اهـ (42) "خط" عن عكرمة بن خالد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى قال وجدت فى كتاب أبى ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج قال قال عكرمة بن خالد سألت عبد الله ابن عمر- الحديث" (غريبه) (1) هو ابن خالد بن العاص بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم مات سنة أربع عشرة ومائة (2) يعنى ليس عليه شاء ولا حرج إذا اعتمر قبل أن يحج (3) يعنى عمرة الحديبية. وعمرة القضاء. وعمرة الجعرانة، وسيأتى بيان ذلك مفصلا فى محله (4) "قر" (سنده) حدّثنا عبد الله قال قرأت على أبى ثنا يعقوب بن ابراهيم ثنا أبى عن ابن اسحاق حدثنى عكرمة بن خالد بن العاص المخزومى قال قدمت المدينة- الحديث" (تخريجه) (خ. هق. د. خز) (43) عن أبى عمران (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج ثنا ليث بن سعد المصرى قال حدثنى يزيد بن أبى حبيب عن أبى عمران أسلم- الحديث" (غريبه) (5) هو أسلم بن يزيد النجيبى مولاهم أبو عمران المصرى عن أبى أيوب وعقبة بن عامر وأم سلمة، وعنه يزيد بن أبى حبيب وعبد الله بن عياض وثقه النسائي

-[جواز العمرة قبل الحج وبعده ومعه]- سلمة زوج النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم، فقلت أعتمر قبل أن أحجَّ؟ قالت إن شئت اعتمر قبل أن تحجَّ وإن شئت بعد أن تحجَّ، قال فقلت إنَّهم يقولون من كان صرورةً فلا يصلح أن يعتمر قبل أن يحجَّ، قال فسألت أمَّهات المؤمنين فقلن مثل ما قالت، فرجعت إليها فأخبرتها بقولهنَّ، قال فقالت نعم وأشفيك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أهلُّوا يا آل محمَّدٍ بعمرةٍ فى حجٍّ (44) عن البراء بن عازبٍ رضى الله عنه قال اعتمر رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قبل أن يحجَّ، واعتمر قبل أن يحجَّ فقالت عائشة لقد علم أنَّه اعتمر أربع عمرٍ بعمرته الَّتى حجَّ فيها (45) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أنَّ عائشة رضي الله عنها

_ "خلاصة" وقال الحافظ فى التقريب ثقة من الثالثة (1) أى من لن يسبق له حج قط وتقدم تفسيره بأطول من هذا فى شرح حديث ابن عباس رقم 36 صحيفة 45 فى باب التغليظ فى ترك الحج للمستطيع (2) أى أزيدك ربحا وعلما أكثر مما علمت، وعبرت بهذا التعبير البليغ، لأن الجهل داء والعلم شفاء (3) أى مع الحج وهذا يقال له القران، وهو أن يحرم بالحج والعمرة معا، وهذه فائدة أخرى استفادها أبو عمران بغير سؤال، لأنه سألها عن العمرة قبل الحج فأجابته بجوازها قبل الحج وبعده، ثم زادته أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أمرهم بالعمرة مع الحج، فتلخص من هذا أن العمرة جائزة قبل الحج وبعده ومعه (تخريجه) (هق) وسنده جيد (44) عن البراء بن عازب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد قال أخبرنا زكريا عن أبى اسحاق عن البراء بن عازب- الحديث" (غريبه) (4) يعنى أنه اعتمر قبل أن يحج مرتين فقالت عائشة (لقد علم) أى البراء (أنه) أى النبى صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر الخ. ويحاب عن ذلك بأن البراء لم يحسب العمرة الأولى وهى عمرة الحديبية. لأنها لم تتم، لأن المشركين صدوا النبى صلى الله عليه وسلم عنها، وأسقط الأخيرة لدخولها فى أعمال الحج. وأثبت عمرة القضاء وعمرة الجعرانة والله أعلم (تخريجه) (خ. هق) (45) (عن جابر بن عبد الله) هذا ظرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله

-[اعتمار عائشة رضى الله عنها فى شهر الحجة بعد انقضاء الحج]- حاضت فنسكت المناسك كلَّها غير أنّها لم تطف بالبيت، فلمَّا طهرت طافت قالت يا رسول الله أتنطلقون بحجٍّ وعمرةٍ وأنطلق بالحجِّ فأمر عبد الرَّحمن ابن أبى بكرٍ أن يخرج معها إلى التَّنعيم فاعتمرت بعد الحجِّ فى ذى الحجَّة (46) عن عبد الله بن طاوسٍ عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها أنَّها

_ في باب فسخ الحج إلى العمرة، وقد اقتصرت منه هنا على ما يناسب ترجمة الباب وهو ان عائشة اعتمرت بعد الحج فى أشهر الحج (غريبه) (1) سيأتى من حديث عائشة نفسها فى باب ما تفعل من حاضت فى الحج أو نفست أن حيضها كان بسرف قبل دخولهم مكة (قال الحافظ) وفى رواية أبى الزبير عن جابر عند مسلم أن دخول النبى صلى الله عليه وسلم وشكواها ذلك له كان يوم التروية، ووقع عند مسلم من طريق مجاهد عن عائشة أن طهرها بعرفة، وفى رواية القاسم عنها وطهرت صبيحة ليلة عرفة حين قدمنا منى، وله من طريقه فخرجت من حجتى حتى نزلنا منى فتطهرت ثم طفنا بالبيت- الحديث" واتفقت الروايات كلها على أنها طافت طواف الأفاضة من يوم النحر، واقتصر النووى فى شرح مسلم على النقل عن أبى محمد بن حزم أن عائشة حاضت يوم السبت ثالث ذى الحجة وطهرت يوم السبت عاشر يوم النحر، وإنما أخذه بن حزم من هذه الروايات التى فى مسلم ويجمع بين قول مجاهد وقول القاسم أنها رأت الطهر وهى بعرفة ولم تتهيأ للاغتسال إلا بعد أن نزلت منى، أو انقطع الدم عنها بعرفة وما رأت الطهر إلا بعد أن نزلت منى، وهذا أولى والله أعلم اهـ (2) أى لأن الطهارة من شرط الطواف (3) تريد أن الناس يرجعون بحج منفرد. وعمرة منفردة. وترجع هى بحج مقرون بعمرة، وسيأتى بيان ذلك فى شرح الحديث التالى (4) بفتح المثناة وسكون النون وكسر المهملة مكان معروف خارج مكة وهو على أربعة أميال من مكة إلى جهة المدينة كما نقله الفاكهى (وقال المحب الطبرى) التنعيم أبعد من أدنى الحل إلى مكة بقليل وليس بطرف الحل. بل بينهما نحو من ميل، ومن أطلق عليه أدنى الحل فقد تجوز (قال الحافظ) أو أراد بالنسبة إلى بقية الجهات، قال وروى الفاكهى من طريق عبيد بن عمير قال إنما سمى التنعيم لأن الجبل الذى عن يمين الداخل يقال له ناعم والذى عن اليسار يقال له منعم والوادى نعمان اهـ (قلت) وهو المعروف الآن بمساجد عائشة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (46) عن عبد الله بن طاوس (سنده) حدثنى عبد الله حدثنى أبى قال ثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنها- الحديث"

-[اعتمار عائشة عقب الحج يدل على جواز العمرة فى أشهر الحج]- أهلَّت بعمرةٍ فقدمت ولم تطف بالبيت حتَّى حاضت، فنسكت المناسك كلَّها وقد أهلَّت بالحجِّ، فقال لها النَّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يوم النَّحر يسعك طوافك لحجِّك ولعمرتك فأبت، فبعث بها مع عبد الرَّحمن إلى التَّنعيم فاعتمرت بعد الحجِّ (47) عن عيسى بن عبد الرَّحمن البجلىِّ السَّلمىِّ عن أمِّه قالت سألت عائشة رضى الله عنها عن العمرة بعد الحجِّ قالت أرسل رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم معى أخي فخرجت من الحرم فاعتمرت (48) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال ما أعمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (غريبه) (1) جاء في رواية القاسم وغيره عند البخارى والأمام أحمد وغيرهما أنها أهلت بالحج، ولا منافاة فانها أول ما أهلت بعد خروجهم من المدينة أهلت بالحج كما صرحت بذلك عند البخارى فى رواية القاسم عنها قالت خرجنا مهلين بالحج الخ. ثم فسخته إلى العمرة لمَّا فسخ الصحابة، وعلى هذا يتنزل قول طاوس عنها، وكذا عروة فى رواية أخرى أنها "أهلت بعمرة" فلما حاضت وتعذر عليها التحلل من العمرة لأجل الحيض وجاء وقت الخروج إلى الحج أدخلت الحج على العمرة فصارت قارنة واستمرت إلى أن تحللت، وعليها يدل قول النبى صلى الله عليه وسلم لها فى الحديث "يسعك طوافك لحجك ولعمرتك" فلما أبت ووجدها حريصة على عمرة منفردة كما فعل الناس ووجد فى إعمارها مخالفة لعادة المشركين وهى تحريم العمرة فى أشهر الحج كما سيأتى. تلطف بها وأمر أخاها عبد الرحمن بن أبى بكر أن يعمرها من التنعيم فاعتمرت بعد الحج، وهذا موضع الدلالة من الحديث والله أعلم (تخريجه) (م. وغيره) (47) عن عيسى بن عبد الرحمن (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد قال ثنا عيسى بن عبد الرحمن البجلى- الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وأم عيسى بن عبد الرحمن لم أقف على من ترجمها وباقى رجاله ثقات (48) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس- الحديث"

-[إبطال ما زعمه المشركون من تحريم العمرة فى أشهر الحج بعمرة عائشة]- عائشة ليلة الحصبة إلَّا قطعًا لأمر أهل الشِّرك فإنَّهم كانوا يقولون إذا برأ الدَّبر، وعفا الأثر، ودخل صفر، فقد حلَّت العمرة لمن اعتمر، (49) عن ابن أبى مليكة قال قال عروة لابن عبَّاسٍ حتَّى متى تضلُّ النَّاس يا ابن عبَّاسٍ، قال ما ذاك يا عروة؟ قال تأمرنا بالعمرة في أشهر الحجِّ وقد نهى أبو بكرٍ وعمر فقال ابن عبَّاسٍ قد فعلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال

_ (غريبه) (1) بفتح الحاء وسكون الصاد المهملتين وفتح الباء الموحدة وهى الليلة التى تلى ليلة النفر الأخير، والمراد بها ليلة المبيت بالمحصب (2) يعنى أهل الجاهلية فانهم كانوا يرون أن العمرة فى أشهر الحج من أفجر الفجور فى الأرض ويجعلون المحرم صفرا كما صرح بذلك فى رواية لمسلم والأمام أحمد (قال العلماء) المراد الأخبار عن النساء الذى كانوا يفعلونه وكانوا يسمون المحرم صفرا ويحلونه وينسئون المحرم، أى يؤخرون تحريمه إلى ما بعد صفر لئلا يتوالى عليهم ثلاثة أشهر محرمة تضيق عليهم أمورهم من الغارة وغيرها فأضلهم الله تعالى فى ذلك، فقال جل ذكره {إنما النساء زيادة فى الكفر- الآية} (3) بفتح المهملة والموحدة أى ما كان يحصل بظهور الأبل من أثر الحمل عليها أو مشقة السفر فانه كان يبرأ بعد انصرافهم من الحج (4) أى زال واندرس أثر الأبل وغيرها فى سيرها لطول مرور الأيام هذا هو المشهور (وقال الخطابى) المراد أثر الدبر والله أعلم اهـ (قال النووى) وهذه الألفاظ تقرأ كلها ساكنة الآخر ويوقف عليها، لأن مرادهم السجع اهـ (5) يريدون أنها لا تحل إلا بعد ذلك؛ وهذا من تحكماتهم الباطلة المأخوذة من غير أصل، فأراد النبى صلى الله عليه وسلم إبطال هذه العادة القبيحة وأعمر عائشة ليلة الحصبة لأنها من أشهر الحج ليخالفهم فيما تعودوه (تخريجه) (د. هق) وسنده جيد، قال المنذرى وأخرج البخارى ومسلم طرفا منه ولم يخرجا قصة عائشة فى العمرة (49) عن ابن أبى مليكة (سنده حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا أيوب عن ابن أبى مليكة- الحديث" (غريبه) (6) يريد أن ابن عباس أخطأ فى إفتاء الناس بجواز العمرة فى أشهر الحج، لا يريد عروة أن ابن عباس يقصد إضلالهم (6) الظاهر أن أبا بكر وعمر رضى الله عنهما كانا ينهيان عن العمرة فى الحج بقصد التمتع، لا لأن ذلك حرام لا يجوز فعله، بل لأن الأكمل أن يأتى بالعمرة فى غير أشهر الحج

-[جراءة الصحابة فيما يرونه حقا - ومحاورة عروة وابن عباس]- عروة كانا هما أتبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأعلم به منك

_ لتكون عمرة مستقلة يتحمل مشقتها فيكون ثوابها أعظم، ويؤيد ذلك ما ثبت عند الأمام أحمد، وسيأتي فى باب ما جاء فى التمتع بالعمرة إلى الحج عن سالم بن عبد الله بن عمر قال كان ابن عمر يفتى بالذى أنزل الله عز وجل من الرخصة بالتمتع وسن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه فيقول ناس لابن عمر كيف تخالف أباك وقد نهى عن ذلك؟ فيقول لهم عبد الله ويلكم ألا تتقون الله، إن كان عمر نهى عن ذلك فيبتغى فيه الخير، يلتمس به تمام العمرة، فلم تحرّمون ذلك وقد أحله الله وعمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، أفرسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبعوا أم سنة عمر؟ إن عمر لم يقل لكم إن العمرة فى أشهر الحج حرام؛ ولكنه قال أتمُّ العمرة أن تفردها من أشهر الحج (1) يريد عروة أن صحبتهما لرسول الله صلى الله عليه وسلم أقدم من صحبته فهما أعلم به منه، وليس بلازم فانه قد يصادف الصغير فى الزمن القصير ما لم يصادف الكبير فى الزمن الطويل والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى باختلاف قليل فى بعض الألفاظ وعزاه للطبرانى فى الأوسط وقال إسناده حسن، ولفظه (عن عروة بن الزبير) أنه أتى ابن عباس فقال يا ابن عباس طالما أضللت الناس، قال وما ذاك يا عروة؟ قال الرجل يخرج محرما بحج أو عمرة، فاذا طاف زعمت أنه قد حل فقد كان أبو بكر وعمر ينهيان عن ذلك، فقال أهما ويحك آثر عندك أم ما فى كتاب الله وما سن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فى أصحابه وفى أمته؟ فقال عروة هما كانا أعلم بكتاب الله وما سن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم منى ومنك، قال ابن أبى مليكة رحمه الله تعالى فخصمه عروة (زوائد الباب) (عن عائشة رضى الله عنها) أنها قالت يا رسول الله يصدر الناس بنسكين وأصدر بنسك، فقيل لها انتظرى فاذا طهرت فاخرجى إلى التنعيم فأهلى ثم ائتينا بمكان كذا، ولكنها على قدر نفقتك أو نصبك، رواه البخارى (قال الكرمانى) فى قوله أو نصبك "أو" إما للتنويع فى كلام النبى صلى الله عليه وسلم وإما شك من الراوى، والمعنى أن الثواب فى العبادة يكثر بكثرة النصب أو النفقة، والمراد النصب الذى لا يذمه الشرع، وكذا النفقة، قال النووى اهـ (قال الحافظ) ووقع فى رواية الاسماعيلى من طريق أحمد بن منيع عن اسماعيل "على قدر نصبك -أو- على قدر تعبك" وهذا يؤيد أنه من شك الراوى، وفى روايته من طريق حسين بن حسن "على قدر نفقتك أو نصبك" أو كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وأخرجه الدارقطنى والحاكم) من طريق هشام عن ابن عون بلفظ "إن لك من الأجر على قدر نصبك ونفقتك" بواو العطف، وهذا يؤيد الاحتمال الأول اهـ (الأحكام)

-[مذاهب العلماء فى مشروعية العمرة فى جميع السنة - ومن أين يحرم لها]- __

_ أحاديث الباب تدل على مشروعية العمرة فى جميع أشهر السنة قبل الحج وبعده وفى أشهر الحج أيضا (وإلى ذلك ذهب الجمهور) قال الشوكانى (وذهبت الهادوية) إلى أن العمرة فى أشهر الحج مكروهة، وعللوا ذلك بأنها تشغل عن الحج فى وقته، وهذا من الغرائب التى يتعجب الناظر منها، فان الشارع صلى الله عليه وسلم إنما جعل عمره كلها فى أشهر الحج لأبطال ما كانت عليه الجاهلية من منع الاعتمار فيها كما عرفت، فما الذى سوغ مخالفة هذه الأدلة الصحيحة والبراهين الصريحة وألجأ إلى مخالفة الشارع وموافقة ما كانت عليه الجاهلية، ومجرد كونها تشغل عن أعمال الحج لا يصلح مانعًا ولا يحسن نصبه فى مقابلة الأدلة الصحيحة؛ وكيف يجعل مانعا وقد اشتغل بها المصطفى صلى الله عليه وسلم فى أيام الحج وأمر غيره بالاشتغال بها فيها، ثم أىُّ شغل لمن لم يرد الحج أو أراده وقدم مكة من أول شوال، لا جرم من لم يشتغل بعلم السنة المطهرة حق الاشتغال يقع فى مثل هذه المضايق التى هى السم القتَّال والداء العضال، قال وحكى فى البحر عن الهادى أنها تكره فى أيام التشريق (قال أبو يوسف) يوم النحر (وقال أبو حنيفة) ويوم عرفة اهـ قال الحافظ (واختلف السلف) فى جواز الاعتمار فى السنة أكثر من مرة (فكرهه مالك) وخالفه مطرف وطائفة من أتباعه وهو قول الجمهور (واستثنى أبو حنيفة) يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق، ووافقه أبو يوسف إلا فى يوم عرفة (واستثنى الشافعى) البائت بمنى لرمى أيام التشريق، وفيه وجه اختاره بعض الشافعية فقال بالجواز مطلقا كقول الجمهور والله أعلم (واختلفوا أيضًا) هل يتعين التنعيم لمن اعتمر من مكة؟ فروى الفاكهى وغيره من طريق محمد بن سيرين قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقَّت لأهل مكة التنعيم، ومن طريق عطاء قال من أراد العمرة ممن هو من أهل مكة أو غيرها فليخرج إلى التنعيم أو إلى الجعرانة فليحرم منها، وأفضل ذلك أن يأتي وقتا أى ميقاتا من مواقيت الحج (قال الطحاوى) ذهب قوم إلى أنه لا ميقات للعمرة لمن كان بمكة إلا التنعيم، ولا ينبغى مجاوزته كما لا ينبغى مجاوزة المواقيت التى للحج، وخالفهم آخرون فقالوا ميقات العمرة الحل، وإنما أمر النبى صلى الله عليه وسلم عائشة بالأحرام من التنعيم، لأنه كان أقرب الحل من مكة؛ ثم روى من طريق ابن أبى مليكة عن عائشة فى حديثها، قالت وكان أدنانا من الحرم التنعيم فاعتمرت منه، قال فثبت بذلك أن ميقات مكة للعمرة الحل وأن التنعيم وغيره فى ذلك سواء اهـ (واستدل بحديث خروج عائشة إلى التنعيم مع أخيها) على جواز الخلوة بالمحارم سفرا وحضرا وعلى جواز إرداف المحرم محرمه معه (واستدل به) على تعيين الخروج الى الحل لمن أراد العمرة ممن كان بمكة وهو أحد قولى العلماء، والثانى تصح العمرة ويحب عليه دم لترك الميقات (قال الحافظ) وليس فى حديث الباب ما يدفع ذلك اهـ (واستدل به أيضا) على أن أفضل جهات الحل التنعيم

-[اختلاف المذاهب فى المكان الذى يحرم منه العمرة]- (3) باب حكم العمرة وصفتها (50) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال أتى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم أعرابىٌّ فقال يا رسول الله أخبرنى عن العمرة أواجبةٌ هي؟ فقال رسول الله صلَّى الله

_ (وتعقبه الطحاوي) بما تقدم من أن النبى صلى الله عليه وسلم إنما أمر عائشة بالأحرام من التنعيم لأنه كان أقرب الحل من مكة لا أنه الأفضل (واستدل بحديث عائشة) المذكور فى الزائد على أن الاعتمار لمن كان بمكة من جهة الحل القريبة أقل أجرا من الاعتمار من جهة الحل البعيدة (قال الحافظ) وهو ظاهر هذا الحديث (وقال الشافعى) فى الأملاء أفضل بقاع الحل للاعتمار الجعرانة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم أحرم منها ثم التنعيم، لأنه أذن لعائشة منها، قال وإذا تنحى عن هذين الموضعين فأين أبعد حتى يكون أكثر لسفره كان أحب إلى، وحكى الموفق فى المغنى (عن أحمد) أن المكى كلما تباعد فى العمرة كان أعظم لأجره (وقالت الحنفية) أفضل بقاع الحل للاعتمار التنعيم (ووافقهم بعض الشافعية والحنابلة) ووجهه أنه لم ينقل أن أحدا من الصحابة فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم خرج من مكة الى الحل ليحرم بالعمرة غير عائشة، وأما اعتماره صلى الله عليه وسلم من الجعرانة فكان حين رجع من الطائف مجتازا إلى المدينة، ولكن لا يلزم من ذلك تعين للفضل لما دل عليه هذا الخبر أن الفضل فى زيادة التعب والنفقة، وإنما يكون التنعيم أفضل من جهة أخرى تساويه الى الحل لا من جهة أبعد منه، والله أعلم (وقال النووى) ظاهر الحديث أن الثواب والفضل فى العبادة يكثر بكثرة النصب والنفقة، وهو كما قال، لكن ليس ذلك بمطرد، فقد يكون بعض العبادة أخف من بعض وهو أكثر فضلا وثوابا بالنسبة الى الزمان، كقيام ليلة القدر بالنسبة لقيام ليال من رمضان غيرها، وبالنسبة للمكان كصلاة ركعتين فى المسجد الحرام بالنسبة لصلاة ركعات فى غيره، وبالنسبة إلى شرف العبادة الماليه والبدنية كصلاة الفريضة الى أكثر من عدد ركعاتها أو أطول من قراءتها، ونحو ذلك من صلاة النافلة، وكدرهم من الزكاة بالنسبة الى أكثر منه من التطوع، أشار الى ذلك ابن عبد السلام فى القواعد، قال وقد كانت الصلاة قرة عين النبى صلى الله عليه وسلم وهى شاقة على غيره، وليست صلاة غيره مع مشقتها مساوية لصلاته مطلقا والله أعلم، أفاده الحافظ (50) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا أبو معاوية ثنا الحجاج بن أرطاة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله- الحديث"

-[أركان العمرة - وزوائد الباب]- عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لا؛ وأن تعتمر خيرٌ لك (51) عن عمرو بن دينار ذكروا الرَّجل يهلُّ بعمرةٍ فيحلُّ هل له أن يأتى يعنى امرأته قبل أن يطوف بين الصَّفا والمروة، فسألنا جابر بن عبد الله رضى الله عنهما فقال لا حتَّى يطوف بين الصَّفا والمروة، وسألنا ابن عمر رضى الله عنهما، فقال قدم رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فطاف بالبيت سبعًا فصلَّى خلف المقام ركعتين وسعى بين الصَّفا والمروة، ثمَّ قال لقد كان لكم في رسول الله أسوةٌ حسنةٌ

_ (غريبه) (1) بفتح الهمزة هكذا ضبطه المحدثون كقوله تعالى {وأن تصوموا خير لكم} وقد احتج بهذا الحديث القائلون بعدم وجوب العمرة، وسيأتى ذكرهم فى الأحكام (تخريجه) (هق. ش. مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح (51) عن عمرو بن دينار (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان قال قال عمرو يعنى ابن دينار ذكروا الرجل يهل بعمرة- الحديث" (تخريجه) (نس) والبخارى مقدما سؤال ابن عمر ومؤخرا سؤال جابر بعكس ما هنا (زوائد الباب) (عن يعلى بن أمية) قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم متضمخ بالخلوق (أى متلطخ بالطيب) عليه مقطعات قد أحرم بعمرة، قال كيف تأمرنى يا رسول الله فى عمرتى؟ فأنزل الله عز وجل {وأتموا الحج والعمرة لله} فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من السائل عن العمرة؟ فقال أنا، فقال ألق ثيابك واغتسل واستنق ما استطعت، وما كنت صانعا فى حجتك فاصنعه فى عمرتك، أورده الهيثمى وقال هو فى الصحيح باختصار، رواه الطبرانى فى الأوسط ورجاله رجال الصحيح (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "الحج جهاد. والعمرة تطوع" أورده الهيثمى، وقال رواه الطبرانى فى الكبير وفيه محمد ابن الفضل بن عطية وهو كذاب (وعن ابن مسعود) رضى الله عنه قال أمرتم بأقامة أربع، إقامة الصلاة. وإيتاء الزكاة. وأقيموا الحج والعمرة إلى البيت. والحج الحج الأكبر. والعمرة الحج الأصغر، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الكبير ورجاله ثقات (وعن وهيب) عن عبد الله بن عون أنه كان يقرأ {وأتموا الحج والعمرة لله} يقول هى واجبة، قال وكان الشعبى يقرؤها {وأتموا الحج والعمرة لله} ويقول هي تطوع (هق)

-[زوائد الباب - ومذاهب الأئمة فى حكم العمرة وأدلة القائلين بوجوبها]- __

_ (وعن عبد الله بن لهيعة) عن عطاء بن أبى رباح عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحج والعمرة فريضتان واجبتان (هق) وقال ابن لهيعة غير محتج به، قال وفى حديث الصُّبى بن معبد أنه قال لعمر بن الخطاب رضى الله عنه إنى وجدت الحج والعمرة مكتوبين على، وإنى أهللت بهما، فقال هديت لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم (قلت سيأتى حديث الصُّبى بن معبد) فى باب ما جاء فى فى القران (وعن ابن جريج) أخبرنى نافع مولى ابن عمر أن عبد الله بن عمر كان يقول ليس من خلق الله أحد إلا عليه حجة وعمرة واجبتان من استطاع الى ذلك سبيلا، فمن زاد بعدها شيئا فهو خير وتطوع (قال ابن جريج) وأخبرت عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال العمرة واجبة كوجوب الحج من استطاع اليه سبيلا (هق) (وعن طاوس) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال والله انها لقرينتها فى كتاب الله {وأتموا الحج والعمرة لله} راوه البيهقى وقال رواه الشافعى عن سفيان بن عيينة (وعن ثوير) عن أبيه قال سمعت ابن مسعود يقول "وأقيموا الحج والعمرة الى البيت" ثم يقول والله لولا التحرج أنى لم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها شيئا لقلت العمرة واجبة مثل الحج (هق) (وعن طلحة بن عبيد الله) رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "الحج جهاد. والعمرة تطوع" رواه ابن ماجه، قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه فى اسناده ابن قيس المعروف بمندل ضعفه أحمد وابن معين وغيرهما والحسن أيضا ضعيف اهـ (قلت) يعنى الحسن بن يحيى الخشنى أحد رجال السند عند ابن ماجه (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية العمرة، وقد اتفق العلماء على ذلك، لكن منها ما يدل على الوجوب ومنها ما يدل على الندب لهذا اختلفت أنظار العلماء (فذهب الى وجوبها) جماعة من أهل الحديث وهو المشهور عند الأمامين (الشافعى وأحمد) وبه قال اسحاق. والثورى. والمزنى. وطاوس. وعطاء. وابن المسيب. وسعيد بن جبير، والحسن البصرى. وابن سيرين والشعبى. ومسروق. وأبو بردة بن أبى موسى الحضرمى. وعبد الله ابن شداد. وداود، وهو مروى عن عمر. وابن عباس. وابن عمر. وجابر من الصحابة رضى الله عنهم، واستدلوا بما فى الزوائد من الأحاديث المصرحة بالوجوب، وبحديث عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى قصة السائل الذى سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأيمان والأسلام وهو جبريل عليه السلام، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم الأسلام أن تشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله. وأن تقيم الصلاة. وتؤتى الزكاة. وتحج البيت. وتعتمر. وتغتسل من الجنابة. وتتم الوضوء. وتصوم رمضان، قال فان قلت هذا فأنا مسلم؟ قال نعم، قال صدقت وذكر الحديث، هكذا رواه البيهقى، وقال رواه مسلم فى الصحيح ولم يسق متنه، هذا

-[حجة القائلين بأن العمرة سنة لا واجبة]- كلام البيهقي (قال النووى فى المجموع) وليس هذا اللفظ على هذا الوجه فى صحيح مسلم ولا للعمرة والغسل من الجنابة والوضوء فيه فى هذا الحديث ذكر؛ لكن الأسناد به للبيهقى موجود من صحيح مسلم، وروى الدارقطنى هذا اللفظ الذى رواه البيهقى بحروفه، ثم قال هذا إسناد صحيح ثابت، واحتج البيهقى أيضا بما رواه بأسناده عن أبي رزين العقيلى الصحابى رضى الله عنه أنه قال يا رسول الله إنى شيخ كبير لا أستطيع الحج والعمرة ولا الظعن، قال حج عن أبيك واعتمر (قال البيهقى) قال مسلم بن الحجاج سمعت أحمد بن حنبل يقول لا أعلم فى إيجاب العمرة، حديثا أجود من هذا ولا أصح منه ولم يجوده أحد كما جوده شعبة، هذا كلام البيهقى (قال النووى) وحديث أبى رزين هذا صحيح، رواه أبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه وغيرهم بأسانيد صحيحة، قال الترمذى هو حديث حسن صحيح اهـ (وذهب أبو حنيفة ومالك وأبو ثور) إلى أن العمرة سنة ليست واجبة، وحكاه ابن المنذر وغيره عن النخعى ودليلهم ما جاء فى الزوائد من الأحاديث المصرحة بعدم الوجوب وبحديث جابر المذكور فى الباب، وأجيب عن الحديث بأن فى اسناده الحجاج بن أرطاة وهو ضعيف وتصحيح الترمذى له فيه نظر، لأن الأكثر على تضعيف الحجاج، واتفقوا على أنه مدلس (قال النووى) ينبغى أن لا يغتر بالترمذى فى تصحيحه فقد اتفق الحفاظ على تضعيفه اهـ (قال الشوكانى) وتصحيح الترمذى له إنما ثبت فى رواية الكروخى فقط، وقد نبه صاحب الأمام على أنه لم يرد على قوله حسن فى جميع الروايات عنه إلا فى رواية الكروخى، وقد قال ابن حزم إنه مكذوب باطل وهو إفراط، لأن الحجاج وإن كان ضعيفًا فليس متهما بالوضع وقد رواه البيهقى من حديث سعيد بن عفير عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله عن أبى الزبير عن جابر بنحوه، ورواه ابن جريج عن ابن المنكدر عن جابر، ورواه ابن عدى من طريق أبى عصمة عن ابن المنكدر عن أبى صالح. وأبو عصمة قد كذبوه، قال وفى الباب عن أبى هريرة عند الدارقطنى وابن حزم والبيهقى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "الحج جهاد والعمرة تطوع" وإسناده ضعيف كما قال الحافظ (وعن طلحة) عند ابن ماجه باسناد ضعيف، وعن ابن عباس عند البيهقى (قال الحافظ) ولا يصح من ذلك شاء، وبهذا تعرف أن الحديث من قسم الحسن لغيره وهو محتج به عند الجمهور، ويؤيده ما عند الطبرانى عن أبى أمامة مرفوعا "من مشى إلى صلاة مكتوبة فأجره كحجة، ومن مشى إلى صلاة تطوع فأجره كعمرة" (واستدل القائلون) بوجوب العمرة أيضا بما أخرجه الدارقطنى من حديث زيد بن ثابت رضى الله عنه بلفظ "الحج والعمرة فريضتان لا يضرك بأيهما بدأت" وأجيب عنه بأن فى إسناده اسماعيل بن مسلم المكى وهو ضعيف، وفى الحديث أيضا انقطاع، ورواه

-[مذاهب العلماء فى أفعال العمرة وأركانها]- البيهقي موقوفاً على زيد (قال الحافظ) واسناده أصح، وصححه الحاكم ورواه ابن عدى عن جابر وفى اسناده ابن لهيعة (قلت واستدلوا أيضا) بما رواه البخارى. وأبو داود. والنسائى وابن ماجه. والأمام أحمد، وتقدم رقم 21 صحيفة 18 فى فضل وجوب الحج على النساء عن عائشة رضى الله عنها قالت يا رسول الله أعلى النساء جهاد؟ قال الحج والعمرة هو جهاد النساء (قال الشوكانى) والحق عدم وجوب العمرة، لأن البراءة الأصلية لا ينتقل عنها إلا بدليل يثبت به التكليف ولا دليل يصلح لذلك لا سيما مع اعتضادها بما تقدم من الأحاديث القاضية بعدم الوجوب؛ ويؤيد ذلك اقتصاره صلى الله عليه وسلم على الحج فى حديث بنى الأسلام على خمس واقتصار الله جل جلاله على الحج فى قوله تعالى {ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا} (فان قيل) إن وقوع العمرة فى جواب من سأل عن الأسلام يدل على الوجوب (فيقال) ليس كل أمر من الأسلام واجبا، والدليل على ذلك حديث شعب الأسلام والأيمان فانه اشتمل على أمور ليست بواجبة بالأجماع {وأما قوله تعالى- وأتموا الحج والعمرة لله} فلفظ التمام مشعر بأنه انما يجب بعد الأحرام لا قبله، ويدل على ذلك ما أخرجه الشيخان وأهل السنن (وأحمد والشافعى) وابن أبى شيبة عن يعلى بن أمية (قال جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة عليه جبة وعليها خلوق، فقال كيف تأمرنى أن أصنع فى عمرتى؟ فأنزل الله تعالى على النبى صلى الله عليه وسلم الآية، فهذا السبب فى نزول الآية، والسائل قد كان أحرم وإنما سأل كيف يصنع، أفاده الشوكاني (هذا وحديث عمرو بن دينار الثانى من حديثى الباب) يستفاد منه أن أركان العمرة ثلاثة. الأحرام. والطواف والسعى (وإلى ذلك ذهب الجمهور وزاد الشافعية) إزالة الشعر لما رواه البخارى والنسائى عن الحسن بن مسلم أن طاوسًا أخبره أن ابن عباس أخبره عن معاوية رضى الله عنه أنه قصر عن النبى صلى الله عليه وسلم بمشقص فى عمرة على المروة، وسيأتى للأمام أحمد نحوه فى باب النحر والحلاق والتقصير ان شاء الله تعالى (وزاد الشافعية أيضا) والترتيب بين هذه الأركان، كما فعلها النبى صلى الله عليه وسلم الأول فالأول (وخالف الحنفية) فقالوا ليس للعمرة إلا ركن واحد وهو معظم الطواف أربعة أشواط، أما الأحرام فهو شرط لها، وأما السعى بين الصفا والمروة فهو واجب كما فى الحج عندهم، ومثل السعى الحلق أو التقصير فهو واجب فقط لا ركن (فائدة) يجب للعمرة ما يجب للحج، وكذلك يسن لها ما يسن له، وبالجملة فهى كالحج فى الأحرام والفرائض والواجبات والسنن والمحرمات والمكروهات والمفسدات والأحصار وغير ذلك، ولكنها تخالفه فى أمور (وهى) أنها ليس لها وقت معين ولا تفوت. وليس فيها وقوف بعرفة ولا نزول بمزدلفة، وليس فيها رمى جمار ولا جمع بين صلاتين ولا خطبة ولا طواف قدوم، وأن ميقاتها الحل لجميع الناس بخلاف الحج فان ميقاته للمكى الحرم. والله أعلم

-[عدد غزوات النبى صلى الله عليه وسلم وحجه وعمره]- (4) باب كم حج النبى صلى الله عليه وسلم واعتمر (52) عن أبى إسحاق حدَّثنى زيد بن أرقم رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم غزا تسع عشرة وأنَّه حجَّ بعد ما هاجر حجَّةً واحدةَّ، حجَّة الوداع قال أبو إسحاق وبمكَّة أخرى (53) عن قتادة قال سألت أنسًا كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال أربعًا عمرته الَّتى صدَّه عنها المشركون فى ذي القعدة وعمرته أيضًا فى العام المقبل فى ذى القعدة، وعمرته حين قسم غنيمة حنينٍ من الجعرانة

_ (52) عن أبي اسحاق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى ثنا زهير عن أبى اسحاق قال سألت زيد بن أرقم كم غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال سبع عشرة، قال وحدثنى زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا تسع عشرة- الحديث" (غريبه) (1) معناه أنه يعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم غزا تسع عشرة غزوة وأخبر أنه غزا معه سبع عشرة اهـ وكانت غزواته صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين، وقيل سبعًا وعشرين. وقيل غير ذلك وهو مشهور فى كتب المغازى وغيرها وسيأتى تفصيل غزواته صلى الله عليه وعلى آله وسلم وعددها فى باب حوادث السنة الثانية من الهجرة من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله تعالى (2) كانت سنة عشر من الهجرة؛ وكونه صلى الله عليه وسلم لم يحج إلا مرة واحدة بعد الهجرة هذا متفق عليه، "وقوله قال أبو اسحاق وبمكة أخرى" يعنى قبل الهجرة. وسيأتى فى الزوائد أنه صلى الله عليه وسلم حج قبل الهجرة أكثر من مرة والله أعلم (تخريجه) (م. وغيره) (53) عن قتادة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا همام عن قتادة- الحديث" (غريبه) (3) له فى رواية أخرى كم حج رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال حجة واحدة واعتمر أربع مرات فذكر نحوه (4) مفعول لفعل محذوف أى اعتمر أربعًا (5) هى عمرة الحديبية (6) يعنى عمرة القضاء (7) هى المسماة بعمرة الجعرانة وفيها لغتان، إحداهما كسر الجيم وسكون العين المهملة وفتح الراء المخففة وبعد الألف نون، والثانية كسر العين وتشديد الراء. والى التخفيف ذهب الأصمعى وصوبه الخطابى، وقال فى تصحيف المحدثين إن هذا مما ثقلوه وهو مخفف. وحكى القاضى عياض عن ابن المدينى قال أهل المدينة ينقلونه وأهل العراق يخففونه، وهى ما بين الطائف ومكة وهى إلى مكة أقرب

-[عدد عمر النبى صلى الله عليه وسلم وأنها كلها كانت فى أشهر الحج]- فى ذي القعدة، وعمرته مع حجَّته (54) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال اعتمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم أربع عمرٍ؛ عمرة الحديبية. وعمرة القضاء. والثَّالثة من الجعرانة. والرَّابعة الَّتى مع حجَّته (55) عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه أنَّ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاث عمرٍ كلُّ ذلك فى ذي القعدة يلبِّى حيث يستلم الحجر (56) عن عائشة رضي الله عنها قالت ما اعتمر رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إلَّا في ذى القعدة، ولقد اعتمر ثلاث عمرٍ (57) عن مجاهدٍ عن ابن عمر رضى الله عنهما قال سئل كم اعتمر

_ (1) يعني العمرة التى قرنها صلى الله عليه وسلم بحجته. لأنه كان قارنا (قال ابن حزم) ستة عشر من الثقات مع أنس اتفقوا على أن لفظ النبى صلى الله عليه وسلم كان إهلالا بحجة وعمرة معًا. وصرحوا عن أنس أنه سمع ذلك منه صلى الله عليه وسلم اهـ (قلت) وسيأتى ذلك فى باب ما جاء فى القران (تخريجه) (ق. د. مذ) وغيرهم (54) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا داود يعنى العطار عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما قال اعتمر النبى صلى الله عليه وسلم- الحديث" (تخريجه) رواه ابن ماجه فى سننه وسنده جيد (55) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنا حجاج عن عمرو بن شعيب- الحديث" (غريبه) (2) يعنى غير العمره التى كانت مع حجته صلى الله عليه وسلم فانها كانت فى ذى الحجة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد (56) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن سلمة عن أبى اسحاق عن يحيى بن عبَّاد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير قال دخلت على عائشة فقالت ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (4) تعنى سوى التى قرنها بحجة الوداع كما صرحت بذلك فى الحديث التالى (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد ورجاله كلهم ثقات، وروى ابن ماجه الشق الأول منه، وصححه الحافظ (57) عن مجاهد عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا

-[ما جاء في عمرة الحديبية]- رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قال مرَّتين فقالت عائشة لقد علم ابن عمر أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اعتمر ثلاثةً سوى الَّتى قرنها بحجَّة الوداع (فصل منه فى عمرة الحديبية) (58) عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمرًا فحال كفَّار قريشٍ بينه وبين البيت، فنحر هديه، وحلق رأسه بالحديبية فصالحهم على أن يعتمروا العام المقبل، ولا يحمل السِّلاح عليهم

_ حسن ثنا زهير عن أبى اسحاق عن مجاهد عن ابن عمر- الحديث" (غريبه) (1) يشبه أن يكون ابن عمر لم يعد العمرة التى قرنها النبى صلى الله عليه وسلم بحجته، ولم يعد أيضا عمرة الحديبية لأن النبى صلى الله عليه وسلم صدَّ عنها (2) أى علم مشاهدة لما صرحت به عائشة فى حديث آخر حيث قالت "يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة إلا وهو معه" رواه البخارى والأمام أحمد وسيأتى فى العمرة فى رجب، وكأنها نسبته إلى نسيانه بعد علمه بأنها كانت أربع عمر لما رواه مجاهد وعروة بن الزبير عن عبد الله بن عمر أنهما قالا له كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربعا، رواه البخارى والأمام أحمد وسيأتى فى العمرة فى رجب أيضًا (3) هى عمرة الحديبية. والقضاء. والجعرانة (4) هى الرابعة التى قرنها بحجة الوداع سنة عشر كما تقدم (تخريجه) (د) قال المنذرى وأخرجه النسائى وأخرجه ابن ماجه مختصرا بنحوه (58) عن عبد الله بن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس وسريج قالا ثنا فليح عن نافع عن ابن عمر- الحديث" (غريبه) (5) كان خروجه صلى الله عليه وسلم يوم الأثنين مستهل ذى القعدة سنة ست من الهجرة وبعث عينًا له من خزاعة يخبر عن قريش، وهذا العين اسمه بسر بضم الموحدة وسكون المهملة بن سفيان. ذكره ابن عبد البر وغيره. وكان دليله إليها عمرو بن عبد تميم الأسلمى ذكره العسكرى وابن شاهين، وقد ثبت فى الصحيحين وعند الأمام أحمد وغيره أنهم كانوا ألفًا وأربعمائة، وسيأتى ذلك فى باب عمرة الحديبية من أبواب حوادث السنة السادسة من كتاب السيرة النبوية عن جابر قال كنا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائة، فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم اليوم خير أهل الأرض، وله فى رواية أخرى قال كنا يوم الحديبية ألفًا وأربعمائة فبايعناه وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهى سمرة على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت (6) بحاء مضمومة فمهملة مفتوحة

-[من أفعال العمرة تقليد الهدى وإشعاره والحلاق أو التقصير]- (وفي لفظ ولا يحمل سلاحًا) إلَّا سيوفًا ولا يقيم بها إلَّا ما أحبُّوا، فاعتمر من العام المقبل فدخلها كما كان صالحهم، فلمَّا أن أقام ثلاثًا أمروه أن يخرج فخرج (59) عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم قالا قلَّد رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدى وأشعره بذى الحليفة، وأحرم منها بالعمرة، وحلق بالحديبية فى عمرته، وأمر أصحابه بذلك، ونحر بالحديبية قبل أن يحلق وأمر أصحابه بذلك (فصل منه في عمرة القضاء (*))

_ فتحتية ساكنة فموحده مكسورة فتحتية ثانية مخففة، وقيل مشددة، اسم لبئر فى طريق جدة سميت بشجرة حدباء هناك (قال الفاسى يقال إنها المعروفة الآن ببئر شمس قال فى المواهب وهى على تسعة أميال من مكة (1) هذا اللفظ لسريج أحد الراويين اللذين روى عنهما الأمام أحمد هذا الحديث (2) يعنى عمرة القضاء وسيأتى الكلام عليها فى الفصل التالى (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وسنده جيد ومعناه فى البخارى وغيره (59) عن المسور بن مخرمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهرى عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان- الحديث" (غريبه) (3) تقليد الهدى هو أن يفتل حبل من قشر شجر الحرم ويجعل فى عنق الهدى كالقلادة ليعلم أنه هدى فلا يمسه أحد بسوء، ويجوز أن تكون القلادة بحبل من العهن أى الصوف، وقيل هو المصنوع منه، وقيل هو الأحمر خاصة، وقد ثبت كون القلادة من العهن من حديث عائشة رضى الله عنها عند البخارى وغيره قالت "فتلت قلائدها من عهن كان عندى" واختار الأمام مالك وربيعة أن تكون من نبات الأرض (قال ابن التين) لعله أراد أنه الأولى مع القول بجواز كونها من الصوف والله أعلم "والأشعار" هو أن يكشط شاء من جلد البدنة حتى يسيل دم ثم يسلته فيكون ذلك علامة على كونها هديا، ويجوز أن يعلق فى عنقها نعلا، وسيأتى الكلام على ذلك مستوفى فى باب ما جاء فى إشعار البدن وتقليد الهدى، وهو الباب الأول من كتاب الهدايا والضحايا (تخريجه) (خ وغيره)

-[ما جاء في عمرة القضاء أو القضية]- (60) عن عبد الله بن أبى أوفى رضى الله عنه قال كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اعتمر فطاف وطفنا معه، وصلَّي وصلَّينا معه وسعى بين الصَّفا والمروة وكنَّا نستره من أهل مكَّة لا يصيبه أحدٌ بشاءٍ (61) عن إسماعيل بن أبى خالدٍ قال قلت لعبد الله بن أبى أوفي رضى الله عنه أدخل النَّبىُّ صلى الله عليه وسلم البيت في عمرته قال لا

_ (60) عن عبد الله بن أبي أوفى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعلى ثنا اسماعيل قال سمعت عبد الله بن أبى أوفى يقول كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (1) قال فى المواهب خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المسلمين ألفان واستخلف على المدينة أبارهم، بضم الراء وسكون الهاء اسمه كلثوم بن الحصين الغفارى وساق عليه الصلاة والسلام ستين بدنة اهـ (2) يعنى خلف المقام ركعتين كما فى رواية البخارى، والمراد بالمقام هنا مقام ابراهيم عليه الصلاة والسلام (3) أى خوفا عليه من غدر أهل مكة (تخريجه) (خ. د نس. جه) (61) عن إسماعيل بن أبى خالد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنا اسماعيل بن أبى خالد- الحديث" (غريبه) (4) يعنى الكعبة، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم دخلها حين فتح مكة بالاتفاق وفى حجة الوداع على خلاف فى ذلك كما سيأتى فى بابه "وقوله فى عمرته" يعنى عمرة القضاء أو القضية (5)، قيل سبب عدم دخوله صلى الله عليه وسلم الكعبة فى هذه العمرة ما كان فيها حينئذ من الأصنام ولا يمكنه إزالتها، لأن المشركين لا يمكنونه من ذلك، فلما كان فى الفتح أمر بأزالتها ثم دخلها، ويحتمل أن يكون دخول البيت لم يقع فى الشرط، فلو أراد دخوله لمنعوه كما منعوه من الأقامة بمكة زيادة على الثلاث فلم يقصد دخولها لئلا يمنعوه (تخريجه) (خ. د. نس. جه) وروى الترمذى وأبو يعلى والطبرانى والنسائى وهذا لفظه عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال "دخل النبى صلى الله عليه وسلم مكة

-[شعر ابن رواحة فى عمرة القضاء - وما جاء فى عمرة الجعرانة]- (فصل منه فى عمرة الجعرانة) (62) عن محرِّشٍ الكعبيِّ الخزاعىِّ رضى الله عنه أنَّ النَّبىَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم خرج ليلًا من الجعرانة حين أمسى معتمرًا فدخل مكَّة ليلًا فقضى عمرته، ثمَّ خرج من تحت ليلته فأصبح بالجعرانة كبائتٍ حتَّى إذا زالت الشَّمس خرج من الجعرانة فى بطن سرف حتَّى جامع الطَّريق

_ في عمرة القضاء وابن رواحة بين يديه يقول: خلوا بنى الكفار عن سبيله ... اليوم نضربكم على تأويله ضربا يزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله قال عمر يا ابن رواحة فى حرم الله وبين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم تقول هذا الشعر؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم خل عنه فوالذى نفسى بيده لكلامه أشد عليهم من وقع النبل" (62) عن محرش الكعبى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا ابن جريج قال أخبرنى مزاحم بن أبى مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله عن محرش الكعبى- الحديث" (غريبه) (1) بضم أوله وفتح ثانيه وكسر راء مشددة فمعجمة، ويقال بكسر أوله وسكون ثانيه، ويقال بسكون المعجمة وفتح الراء الخفيفة (2) تقدم ضبطها، والأشهر أنها بكسر الجيم وسكون العين المهملة وهى ما بين الطائف ومكة وهى إلى مكة أقرب (قال الحافظ بن كثير) فى تاريخه البداية والنهاية عمرة الجعرانة ثابتة بالنقل الصحيح الذى لا يمكن منعه ولا دفعه، ومن نفاها لا حجة معه فى مقابلة من أثبتها والله أعلم وهم كالمجمعين على أنها كانت فى ذى القعدة بعد غزوة الطائف وقسم غنائم حنين، وما رواه الحافظ أبو القاسم الطبرانى بسنده عن ابن عباس قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف نزل الجعرانة فقسم بها الغنائم ثم اعتمر فيها، وذلك لليلتين بقيتا من شوال فانه غريب جدا وفى اسناده نظر والله أعلم اهـ، ويعارضه ما جاء عند الشيخين والأمام أحمد من حديث أنس مصرحا بأنها كانت فى ذى القعدة، ولفظ مسلم "وعمرة من جعرانة حيث قسم غنائم حنين فى ذى القعدة" ويوم حنين كانت غزوة هوازن، وحنين واد بينه وبين مكة ثلاثة أميال، وكانت فى سنة ثمان وهى سنة غزوة الفتح، وكانت غزوة هوازن بعد الفتح فى خامس شوال (3) بوزن كتف مصروفا وممنوعا، وهو موضع قريب من التنعيم، وتقدم الكلام

-[ما جاء في العمرة فى رجب والكلام على ذلك]- طريق المدينة بسرف، قال محرِّشٌ فلذلك خفيت عمرته على كثيرٍ من النَّاس (زاد فى روايةٍ) فنظرت إلى ظهره كأنَّه سبيكة فضَّةٍ (فصل منه فيما جاء فى العمرة فى رجب) (63) عن مجاهد قال دخلت أنا وعروة بن الزُّبير المسجد فإذا نحن بعبد الله بن عمر رضى الله عنهما فجالسناه قال فإذا رجالٌ يصلُّون الضُّحي، فقلنا يا أبا عبد الرَّحمن ما هذه الصَّلاة؟ فقال بدعةٌ فقلنا له كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال أربعًا إحداهنَّ في رجبٍ، قال فاستحيينا أن نردَّ

_ عليه في شرح حديث رقم 199 صحيفة 4 فى الباب الأول من أبواب حمل الجنازة فى الجزء الثامن (1) منهم ابن عمر ومولاه نافع، فقد روى مسلم بسنده عن نافع قال ذكر عند ابن عمر عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة فقال لم يعتمر منها (قال الحافظ) ابن كثير فى تاريخه البداية والنهاية، وهذا غريب جدا عن ابن عمر وعن مولاه نافع فى انكارهما عمرة الجعرانة وقد أطبق النقلة ممن عداهما على رواية ذلك من أصحاب الصحاح والسنن والمسانيد، وذكر ذلك أصحاب المغازى والسنن كلهم اهـ (2) أى فى صفاء اللون والاعتدال، وإنما تمكن من النظر إلى ظهره صلى الله عليه وسلم لأنه كان محرما إذ ذاك بالعمرة (تخريجه) (د. نس. مذ) وقال الترمذى حسن غريب ولا يعرف لمحرش الكعبى عن النبى صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث، وقال أبو عمرو النمرى روى عنه حديث واحد وذكر هذا الحديث (63) عن مجاهد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبيدة بن حميد عن منصور بن المعتمر عن مجاهد- الحديث" (غريبه) (3) يعنى إظهارها فى المسجد والاجتماع لها هوالبدعة، لا أن نفس تلك الصلاة بدعة (قال القاضى عياض) وغيره إنما أنكر ابن عمر ملازمتها واظهارها فى المساجد وصلاتها جماعة لأنها مخالفة للسنة، ويؤيده ما رواه ابن أبى شيبة عن ابن مسعود أنه رأى قوما يصلونها فأنكر عليهم فقال ان كان ولا بد ففى بيوتكم اهـ (قلت) صلاة الضحى سنة ثابتة بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعله، انظر أبواب صلاة الضحى صحيفة 19 فى الجزء الخامس (4) يعنى اعتمر أربعا هكذا وقع فى رواية منصور عن مجاهد، وهذا يخالف ما تقدم فى الحديث السادس من أحاديث الباب من رواية أبى اسحاق عن مجاهد عن ابن عمر رضى الله عنهما، قال سئل كم اعتمر رسول الله

إنكار عائشة رضى الله عنها اعتمار النبى صلى الله عليه وسلم فى رجب

_ عليه قال فسمعنا استنان أمِّ المؤمنين عائشة رضى الله عنها، فقال لها عروة بن الزُّبير يا أمَّ المؤمنين ألا تسمعى ما يقول أبو عبد الرَّحمن؟ يقول اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعًا إحداهنَّ فى رجبٍ، فقالت يرحم الله أبا عبد الرَّحمن أما إنَّه لم يعتمر عمرةً إلَّا وهو شاهدها، وما اعتمر شيئًا فى رجب (ومن طريقٍ ثانٍ) عن ابن جريجٍ قال سمعت عطاءً يقول أخبرنى عروة بن الزُّبير قال كنت أنا وابن عمر مستندين إلى حجرة عائشة إنَّا لنسمعها تستنُّ، قلت يا أبا عبد الرَّحمن اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رجبٍ؟ قال نعم، قلت يا أمَّاه ما تسمعين ما يقول أبو عبد الرَّحمن، قالت ما يقول؟ قلت يقول اعتمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم في

-[زوائد الباب فى عدد عمر النبى صلى الله عليه وسلم]- رجبٍ، قالت يغفر الله لأبى عبد الرَّحمن، نسى، ما اعتمر النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فى رجبٍ، قال وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم، سكت

_ (1) قال النووي سكوت ابن عمر على انكار عائشة يدل على أنه كان اشتبه عليه أو نسى أو شك، وقال القرطبى عدم إنكاره على عائشة يدل على أنه كان على وهم وأنه رجع لقولها، وقد تعسف من قال إن ابن عمر أراد بقوله اعتمر فى رجب عمرة قبل الهجرة، لأنه وإن كان محتملا، لكن قول عائشة ما اعتمر فى رجب يلزم منه عدم مطابقة ردها عليه لكلامه ولا سيما وقد بينت الأربع وأنها لو كانت قبل الهجرة فما الذى كان يمنعه أن يفصح بمراده فيرجع الأشكال، وأيضا فان قول هذا القائل، لأن قريشا كانوا يعتمرون فى رجب يحتاج إلى نقل وعلى تقديره فمن أين له أنه صلى الله عليه وسلم وافقهم، وهب أنه وافقهم فكيف اقتصر على مرة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (زوائد الباب) (عن جابر بن عبد الله) رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم حج ثلاث حجج حجتين قبل أن يهاجر وحجة بعد ما هاجر معها عمرة فساق ثلاثة وستين بدنة وجاء على من اليمن ببقيتها فيها جمل لأبى جهل فى أنفه برة (بضم الباء وتخفيف الراء الحلقة تكون فى أنف البعير) من فضة فنحرها فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من كل بدنه ببضعة فطبخت فشرب من مرقها. رواه الترمذى وقال هذا حديث غريب من حديث سفيان لا نعرفه الا من حديث زيد بن حباب ورأيت عبد الله بن عبد الرحمن روى هذا الحديث فى كتبه عن عبد الله بن أبى زياد. وسألت محمدا (يعنى البخارى) عن هذا الحديث فلم يعرفه من حديث الثورى عن جعفر عن أبيه عن جابر عن النبى صلى الله عليه وسلم ورأيته لا يعد هذا الحديث محفوظا، وقال إنما يروى عن الثورى عن أبى اسحاق عن مجاهد مرسلا (وعن عروة عن عائشة رضى الله عنها) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتمر عمرتين، عمرة فى ذى القعدة، وعمرة فى شوال. رواه أبو داود (وعنه أيضا) عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اعتمر ثلاث عمر، عمرتين فى ذى القعدة، وعمرة فى شوال. رواه سعيد بن منصور فى سننه والبيهقى وقوَّى الحافظ إسناده، ورواه الأمام مالك فى الموطأ عن هشام عن أبيه مرسلا. لكن قولها فى شوال مغاير لقول غيرها فى ذى القعدة بل لقولها كما فى رواية عباد بن عبد الله بن الزبير عنها قالت "ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فى ذى القعدة ولقد اعتمر ثلاث عمر" وهو مذكور فى أحاديث الباب. وسيأتى الكلام على ذلك فى الأحكام (وعن أبى هريرة) رضى الله عنه قال اعتمر النبى صلى الله عليه وسلم ثلاث عمر كلها فى ذى القعدة (هق) (وعن جابر) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاث عمر كلها في

-[زوائد الباب - وشئ من احكامه - ومعجزة للنبى صلى الله عليه وسلم]- __

_ ذي القعدة، إحداهن زمن الحديبية، والأخرى فى صلح قريش، والأخرى مرجعه من الطائف زمن حنين من الجعرانة (بز. طس) ورجاله رجال الصحيح (وعن عمر بن الخطاب) رضى الله تعالى عنه قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا قيل حجه فى ذى القعدة (طس) ورجاله ثقات الا أن سعيد بن المسيب اختلف فى سماعه من عمر (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف نزل الجعرانة فقسم بها الغنائم ثم اعتمر منها وذلك لليلتين بقيتا من شوال (عل) من رواية عتبة مولى ابن عباس ولم أعرفه (وعن خالد بن عبد العزى بن سلامة) ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عليه بالجعرانة وأجزره وظل عنده وأمسى عند خالد ثم ندب النبى صلى الله عليه وسلم العمرة فانحدر النبى صلى الله عليه وسلم ومحرش الى الوادى حتى بلغا مكانا يقال له أشقاب فقال يا محرش ماء هذا المكان الى الكدة (1) وماء الكد لخالد وما بقى من الوادى لك يا محرش، ثم أن النبى صلى الله عليه وسلم فحص الكدة بيده فانبجس الماء (أى انفجر) فشرب ثم ندب النبى صلى الله عليه وسلم العمرة فأرسل خالد الى رجل من أصحابه يقال له محرش بن عبد الله والنبى صلى الله عليه وسلم يومئذ خائف من دخول مكة فسار به طريقا يعدله عن من يخاف من ذلك قد عرفها حتى قضى نسكه وأضحى عند خالد راجعين وأحله محرش يعنى خلفه (طب) أورده الهيثمى وقال فيه من لم أعرفه، وأورد أيضا الثلاثة قبله وتكلم عليها جرحا وتعديلا (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على أن النبى صلى الله عليه وسلم حج ثلاث حجج حجتين قبل أن يهاجر وحجة بعد ما هاجر؛ والمهم منها هى الحجة التى كانت بعد الهجرة سنة عشر، لأنها جاءت بعد افتراض الحج وتعلم الناس المناسك منها. وأجمع المسلمون عليها (وفيها أيضا دلالة) على أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر (الأولى) عمرة الحديبية سنة ست من الهجرة (والثانية) عمرة القضاء فى السنة السابعة (والثالثة) عمرة الجعرانة فى السنة الثامنة بعد فتح مكة (والرابعة) كانت مع حجته وكلها كانت فى القعدة إلا الرابعة فكانت فى ذى الحجة، هذا هو الصحيح الذى دلت عليه الأحاديث الصحيحة (وذهب اليه المحققون من الفقهاء) والمحدثين (أما ما ورد فيها) مخالفًا لذلك فى العدد كما جاء فى بعض روايات عائشة وابن عمر أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر مرتين، وفى بعضها ثلاثا كرواية عمرو

-[كلام العلماء فى أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر أربع عمر فى ذى القعدة ولم يعتمر فى رجب]- __

_ ابن شعيب وعائشة المذكورين فى أحاديث الباب، وكذلك ما جاء فى الزوائد عن عمر وجابر وأبى هريرة، فيجمع بينها بأن من قال عمرتين فانه لم يحسب الأولى وهى عمرة الحديبية لكونها لم تتم، والعمرة التى كانت مع حجته لانها كانت مقرونة بحجه صلى الله عليه وسلم كما تقدم (وأما ما ورد فيها) مخالفا فى الزمن كحديث ابن عمر رضى الله عنهما أنه صلى الله عليه وعلى آله وسلم اعتمر فى رجب فيحمل على النسيان كما صرحت بذلك عائشة رضى الله عنها فقالت "يغفر الله لأبى عبد الرحمن نسى" وكذلك قال غير واحد من المحدثين المحققين (وأما ما رواه أبو داود) بسند قوى عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاث عمر عمرتين فى ذى القعدة وعمرة فى شوال فيجمع بينه وبين ما ورد فى الأحاديث الصحيحة أن الثلاثة كانت فى ذى القعدة بأن يكون وقع فى آخر شوال وأول ذى القعدة؛ ويؤيده ما رواه الأمام أحمد وابن ماجه بأسناد صحيح عنها أنها قالت "ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فى ذى القعدة ولقد اعتمر ثلاث عمر" (قال الحافظ ابن القيم) رحمه الله تعالى وظن بعض الناس أن النبى صلى الله عليه وسلم اعتمر فى سنة مرتين، واحتج بما أخرجه أبو داود عن عائشة، قالوا وليس المراد بها ذكر مجموع ما اعتمره فان أنسا وعائشة وابن عباس وغيرهم قد قالوا إنه اعتمر أربع عمر فعلم أن مرادها به أنه اعتمر فى سنة مرتين، مرة فى ذى القعدة ومرة فى شوال، قال وهذا الحديث وهم وإن كان محفوظا عنها فان هذا لم يقع قط فانه اعتمر أربع عمر بلا ريب (العمرة الأولى) كانت فى ذى القعدة عمرة الحديبية ثم لم يعتمر إلا فى العام القابل (عمرة القضية) فى ذى القعدة ثم رجع إلى المدينة ولم يخرج إلى مكة حتى فتحها سنة ثمان فى رمضان ولم يعتمر ذلك العام، ثم خرج إلى حنين وهزم الله أعداءه فرجع إلى مكة (وأحرم بعمرة) وكان ذلك فى ذى القعدة كما قال أنس وابن عباس فمتى اعتمر فى شوال؟ ولكن لقى العدو فى شوال وخرج فيه من مكة وقضى عمرته لما فرغ من أمر العدو فى ذى القعدة ليلا ولم يجمع ذلك العام بين عمرتين ولا قبله ولا بعده، قال وقولها اعتمر فى شوال إن كان هذا محفوظا فلعله فى عمرة الجعرانة حين خرج فى شوال ولكن إنما أحرم بها فى ذى القعدة (قال) ولا تناقض بين حديث أنس "فى الصحيحين" أنهن فى ذى القعدة إلا التى مع حجته وبين قول عائشة وابن عباس لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فى ذى القعدة، لأن مبدأ عمرة القران كان فى ذى القعدة ونهايتها كان فى ذى الحجة مع انقضاء الحج، فعائشة وابن عباس أخبرا عن ابتدائها، وأنس أخبر عن انقضائها، (فأما قول عبد الله بن عمر) إن النبى صلى الله عليه وسلم اعتمر أربعا إحداهن فى رجب فوهم منه رضى الله عنه، قالت عائشة لما بلغها ذلك عنه "يرحم الله أبا عبد الرحمن ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرة قط إلا وهو شاهد، وما اعتمر فى رجب قط" وأما ما رواه الدارقطنى عن عائشة قالت

-[كلام الحافظ ابن القيم فى أحاديث العمرة - وأنه صلى الله عليه وسلم لم يعتمر فى رمضان]- (5) باب صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم (64) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى حدَّثنا يحيي حدَّثنا جعفرٌ حدَّثنى أبى قال أتينا جابر بن عبد الله رضى الله عنهما وهو فى بنى سلمة فسألناه عن حجَّة النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فحدَّثنا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بالمدينة تسع سنين لم يحجَّ

_ "خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عمرة رمضان فأفطر وصمت وقصر وأتممت فقلت بأبى وأمى أفطرت وصمت وقصرت وأتممت، فقال أحسنت يا عائشة" فهذا الحديث غلط، فان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعتمر فى رمضان قط، وعمره مضبوطة العدد والزمان، ونحن نقول يرحم الله أم المؤمنين ما اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رمضان قط، وقد قالت عائشة رضى الله عنها لم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا فى ذى القعدة، رواه ابن ماجه وغيره، ولا خلاف أن عمره لم تزد على أربع، فلو كان قد اعتمر فى رجب لكانت خمسا، ولو كان قد اعتمر فى رمضان لكانت ستًا إلا أن يقال بعضهن فى رجب. وبعضهن فى رمضان. وبعضهن فى ذى القعدة، وهذا لم يقع، وإنما الواقع اعتماره صلى الله عليه وسلم فى ذى القعدة كما قال أنس وابن عباس وعائشة رضى الله عنهم (قال) ولم يكن فى عمره عمرة واحدة خارجا من مكة كما يفعل كثير من الناس اليوم، وإنما كانت عمره كلها داخلا إلى مكة؛ وقد أقام بعد الوحى بمكة ثلاث عشرة سنة لم ينقل عنه أنه اعتمر خارجا من مكة فى تلك المدة أصلا، فالعمرة التى فعلها رسول اله صلى الله عليه وسلم وشرعها فهى عمرة الداخل الى مكة لا عمرة من كان بها فيخرج الى الحل ليعتمر، ولم يفعل هذا على عهده أحد قط إلا عائشة وحدها من بين سائر من كان معه لأنها كانت قد أهلت بالعمرة فحاضت فأمرها فأدخل الحج على العمرة وصارت قارنة، وأخبرها أن طوافها بالبيت وبين الصفا والمروة قد وقع عن حجتها وعمرتها فوجدت فى نفسها أن ترجع صواحباتها بحج وعمرة مستقلين فانهن كن متمتعات ولم يحضن ولم يقرنَّ وترجع هى بعمرة فى ضمن حجتها فأمر أخاها أن يعمرها من التنعيم تطييبًا لقلبها، ولم يعتمر هو من التنعيم فى تلك الحجة ولا أحد ممن كان معه اهـ (ويستفاد من أحاديث الباب أيضا) أن العمرة فى أشهر الحج أفضل منها فى رجب بلا شك، وأما التفضيل بينها وبين العمرة فى رمضان فموضع نظر، وقد تقدم الكلام عليه فى أحكام (باب ما جاء فى فضل العمرة خصوصا فى رمضان) تحت عنوان (تنبيه) صحيفة 50 من هذا الجزء. فارجع اليه والله الموفق (64) حدّثنا عبد الله (غريبه) (1) بفتح الحاء ويجوز كسرها والمراد حجة الوداع (2) بفتح الكاف وضمها أى لبث بالمدينة بعد الهجرة لكنه اعتمر، وقد

-[صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم وتاريخه وعدد من حضره]- ثمَّ أذِّن فى النَّاس أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجٌّ هذا العام، قال فنزل المدينة بشرٌ كثيرٌ كلُّهم يلتمس أن يحجَّ يأتمُّ برسول الله صلى الله عليه وسلم ويفعل مثل ما يفعل فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشرٍ بقين من ذى القعدة وخرجنا معه حتَّى أتى ذا الحليفة نفست أسماء بنت عميسٍ بمحمَّد بن أبى بكرٍ، فأرسلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أصنع؟ قال اغتسلى، ثم استذفري بثوبٍ ثمَّ أهلِّى، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتَّى إذ استوت به ناقته على البيداء أهلَّ بالتَّوحيد لبَّيك

_ فرض الحج سنة خمس. وقيل سنة ست. وقيل سنة ثمان. وقيل سنة تسع، وتقدم الخلاف فى ذلك (1) بضم الهمزة مبنى للمجهول أى نادى مناد بأذنه، ويجوز بناؤه للمعلوم ويكون النبى صلى الله عليه وسلم أعلمهم بذلك بنفسه؛ وعلى كلا الأمرين فالمراد إعلام الناس بحجه صلى الله عليه وسلم وإشاعته بينهم ليتأهبوا للحج معه ويتعلموا المناسك والأحكام ويشاهدوا أقواله وأفعاله، وتشيع دعوة الأسلام وتبلغ الرسالة القريب والبعيد، وفيه أنه يستحب للأمام إيذان الناس بالأمور المهمة ليتأهبوا لها (2) قال القاضى عياض هذا مما يدل على أنهم كلهم أحرموا بالحج لأنه صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج وهم لا يخالفونه، ولهذا قال جابر وما عمل من شاء عملنا به، ومثله توقفهم عن التحلل بالعمرة ما لم يتحلل حتى أغضبوه واعتذر اليهم، ومثله تعليق علىّ وأبى موسى احرامهما على احرام النبى صلى الله عليه وسلم (3) قال فى المرقاة وقد بلغ جملة من معه صلى الله عليه وسلم من أصحابه فى تلك الحجة تسعين ألفًا. وقيل مائة وثلاثين ألفًا اهـ (وقوله ذا الحليفة) بضم الحاء المهملة والفاء اسم مكان على نحو ستة أميال من المدينة، وبينه وبين مكة عشر مراحل أو تسع (4) بكسر الفاء أى ولدت كما صرح بذلك فى رواية مسلم وأبى داود (5) بالذال المعجمة وكذا عند أبى داود، وعند مسلم استثفرى بالثاء المثلثة بدل الذال، والمعنى واحد (قال النووى) فيه استحباب غسل الأحرام للنفساء، وفيه أمر الحائض والنفساء والمستحاضة بالاستثفار. وهو أن تشد فى وسطها شيئا وتأخذ خرقة عريضة تجعلها على محل الدم وتشد طرفيها من قدامها ومن ورائها فى ذلك المشدود فى وسطها. وهو شبيه بثفر الدابة بفتح الفاء (وفيه) صحة إحرام النفساء وهو مجمع عليه والله أعلم اهـ (وقوله ثم أهلى) أى لبى وارفعى صوتك بالتلبية (قال العلماء) الأهلال رفع الصوت بالتلبية عند الدخول فى الأحرام، يقال أهلَّ المحرم بالحج يهل إهلالا اذا لبى ورفع صوته، والمهل بضم الميم موضع الأهلال، وهو الميقات الذى يحرمون منه (6) أصل البيداء المفازة التى لا شاء بها، وهى هاهنا اسم موضع

-[صفة التلبية - وحجة القائلين بأنه صلى الله عليه وسلم نوى الحج مفردا]- اللَّهمَّ لبَّيك، لا شريك لك لبَّيك، إنَّ الحمد والنِّعمة لك والملك لا شريك لك، ولبَّي النَّاس. والنَّاس يزيدون ذ المعارج ونحوه من الكلام والنَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يسمع فلم يقل لهم شيئًا، فنظرت مدَّ بصري وبين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم من راكبٍ وماشٍ ومن خلفه مثل ذلك، وعن يمينه مثل ذلك، وعن شماله مثل ذلك، قال جابرٌ ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا عليه ينزل القرآن وهو يعرف تأويله وما عمل به من شاءٍ عملنا به، فخرجنا لا ننوى إلَّا الحجَّ حتَّى أتينا الكعبة فاستلم نبيُّ الله صلَّى الله عليه وسلَّم الحجر الأسود ثمَّ

_ مخصوص بين مكة والمدينة وأكثر ما ترد ويرد بها هذه (نه) (وقوله أهل بالتوحيد) يعنى قوله لا شريك لك، وفيه اشارة الى مخالفة ما كانت الجاهلية تزيده بعد قوله "لا شريك لك" فقد كانوا يقولون الا شريكا هو لك تملكه وما ملك (ومعنى لبيك اللهم لبيك) أى اجابة بعد اجابة ولزوما لطاعتك، وسيأتى لذلك مزيد ايضاح فى أول أبواب التلبية ان شاء الله تعالى (1) أى العلو والفواضل، قاله ابن عباس (وقال مجاهد) ذا المعارج معارج السماء (وقال قتادة) ذا الفواضل والنعم (قال القاضى) عياض رحمه الله تعالى فيه اشارة الى ما روى من زيادة الناس فى التلبية من الثناء والذكر كما روى فى ذلك (عن عمر) رضى الله عنه أنه كان يزيد لبيك ذا النعماء والفضل الحسن، لبيك مرهوبا منك ومرغوبا اليك (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما لبيك وسعديك والخير بيديك والرغباء اليك والعمل (وعن أنس) رضى الله عنه لبيك حقا تعبدا ورقا (قال القاضى) قال أكثرالعلماء المستحب الاقتصار على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم وبه قال (مالك والشافعى) والله أعلم (2) قال النووى هكذا فى جميع النسخ مد بصرى (يعنى نسخ مسلم) وهو صحيح ومعناه منتهى بصرى، قال وأنكر بعض أهل اللغة مد بصرى وقال الصواب مدى بصرى وليس هو بمنكر بما هما لغتان. المد أشهر (3) فيه جواز الحج راكبًا وماشيا (قال النووى) وهو مجمع عليه، وقد تظاهرت عليه دلائل الكتاب والسنة واجماع الأمة قال الله تعالى {وأذن فى الناس بالحج يأتوك رجالا وعلى كل ضامر} (4) معناه الحث على التمسك بما أخبركم عن فعله فى حجته تلك فانه مأخوذ عن الوحى (5) فيه أن السنة للحجاج أن يدخلوا مكة قبل الوقوف بعرفات ليتمكنوا من استلام الحجر الأسود والطواف وغيره

-[كيفية الطواف - ثم الصلاة فى مقام ابراهيم - ثم السعى بين الصفا والمروة]- رمل ثلاثةً ومشى أربعةً حتَّى إذا فرغ عمد إلى مقام إبراهيم فصلَّى خلفه ركعتين ثمَّ قرأ {واتَّخذوا من مقام إبراهيم مصلًّى} قال أبى قال أبو عبد الله يعنى جعفرًا فقرأ فيهما بالتَّوحيد، وقل يا أيُّها الكافرون؛ ثمَّ استلم الحجر وخرج إلى الصَّفا ثمَّ قرأ {إنَّ الصَّفا والمروة من شعائر الله} ثمَّ قال نبدأ بما بدأ الله به فرقي على الصَّفا حتَّى إذا نظر إلى البيت كبَّر قال

_ (1) يعني في طواف القدوم، وفيه أن المحرم إذا دخل مكة قبل الوقوف بعرفات يسن له طواف القدوم وهو مجمع عليه، وفيه أن الطواف سبع مرات لقوله ثم رمل ثلاثة ومشى أربعة، وفيه أن السنة الرمل فى الثلاث الأول ويمشى على عادته فى الأربع الأخيرة، قال العلماء الرمل هو أسرع المشى مع تقارب الخطا وهو الخبب (2) هذا دليل لما أجمع عليه العلماء أنه ينبغى لكل طائف إذا فرغ من طوافه أن يصلى خلف المقام ركعتى الطواف واختلفوا هل هما واجبتان أم سنتان، وسيأتى ذكر الخلاف فى أبواب الطواف إن شاء الله تعالى (3) القائل (قال أبى) هو عبد الله بن الأمام أحمد (4) هو جعفر بن محمد بن على بن الحسين رضى الله عنهم يقول ما معناه ان النبى صلى الله عليه وسلم قرأ فى ركعتى الطواف فى الركعة الأولى بعد الفاتحة قل يا أيها الكافرون، وفى الثانية بعد الفاتحة بالتوحيد. يعنى بسورة قل هو الله أحد، وقد جاءت هذه الجملة فى صحيح مسلم مرفوعة الى النبى صلى الله عليه وسلم بلفظ "فكان أبى يقول ولا أعلمه ذكره إلا عن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقرأ فى الركعتين قل هو الله أحد. وقل يا أيها الكافرون" قال النووى معنى هذا الكلام أن جعفر بن محمد روى هذا الحديث عن أبيه عن جابر قال كان أبى يعنى محمدا يقول إنه قرأ هاتين السورتين، قال جعفر ولا أعلم أبى ذكر تلك القراءة عن قراءة جابر فى صلاة جابر. بل عن جابر عن قراءة النبى صلى الله عليه وسلم فى صلاة هاتين الركعتين (قال) وأما قوله لا أعلم ذكره الا عن النبى صلى الله عليه وسلم ليس هو شكا فى ذلك، لأن لفظة العلم تنافى الشك. بل جزم برفعه الى النبى صلى الله عليه وسلم، وقد ذكره البيهقى بأسناد صحيح على شرط مسلم عن جعفر ابن محمد عن أبيه عن جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت فرمل من الحجر الأسود ثلاثًا ثم صلى ركعتين قرأ فيهما قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد (5) فيه دليل للقائلين بالعود الى استلام الحجر الأسود بعد الفراغ من صلاة الركعتين ثم يخرج من باب الصفا ليسعى، واتفقوا على أن هذا الاستلام ليس بواجب وانما هو سنة لو تركه لم يلزمه دم (6) أى نبدأ السعى من الصفا، لأن الله عز وجل قدمه فى الذكر فقال "إن الصفا والمروة من شعائر الله" فبدأ

-[كيفية السعى والأذكار التى تقال على الصفا والمروة]- لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كلِّ شاءٍ قديرٌ، لا إله إلَّا الله أنجز وعده وصدَّق عبده وغلب الأحزاب وحده، ثمَّ دعا ثمَّ رجع إلى هذا الكلام، ثمَّ نزل حتَّي إذا انصبَّت قدماه فى الوادى رمل حتَّى إذا صعد مشى حتَّي أتى المروة فرقى عليها حتَّي نظر إلى البيت فقال عليها كما قال على الصَّفا فلمَّا كان السَّابع عند المروة، قال يا أيُّها النَّاس إنِّى لو استقبلت من أمري ما استدبرت لم أسق الهدي

_ بالصفا ولذا اشترط جمهور الفقهاء بدء السعى من الصفا، وبه قال الأمامان (مالك والشافعى والجمهور) وقوله (فرقى على الصفا) أى صعد على جل الصفا (حتى نظر الى البيت) أى الكعبة فيه دلالة على استحباب ذلك للحاج ان أمكن (وقوله حتى إذا نظر الى البيت) فيه استحباب الوقوف على الصفا مستقبلا ذاكرا بهذا الذكر كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم (ومعنى أنجز وعده) أى وفى وعده بأظهاره عز وجل للدين (1) هكذا فى المسند "وصدق عبده" يعنى محمدًا صلى الله عليه وسلم ورواية مسلم وأبى داود فى هذا الحديث نفسه (ونصر عبده) بدل وصدق، ومعنى تصديق الله تعالى لعبده تأييده بالمعجزات. والله سبحانه وتعالى أعلم (وغلب الأحزاب) أى هزمهم فى يوم الخندق (وحده) أى من غير قتال الآدميين قال تعالى {فأرسلنا عليهم ريحًا وجنودًا لم تروها} أو المراد كل من تحزب لحرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه هزمهم؛ وكان الخندق فى شوال سنة أربع من الهجرة وقيل سنة خمس (2) أى بعد فراغه من هذا الذكر (ثم رجع إلى هذا الكلام) أى الذكر بعد الدعاء، قال السندى يقول الذكر ثلاث مرات ويدعو بعد كل مرة (3) قال القاضى عياض مجاز من قولهم صب الماء فانصب أى انحدرت قدماه، ومنه إذا مشى كأنه ينحط فى صبب أى موضه منحدر (4) أى سعى وأسرع فى المشى فى بطن الوادى، وقد صرح بذلك فى رواية أبى داود، والمراد ببطن الوادى المنخفض منه، فاذا بلغ المرتفع منه مشى باقى المسافة إلى المروة على عادة مشيه، وهذا السعى مستحب فى كل مرة من المرات السبع فى هذه المواضع؛ والمثنى مستحب فيما قبل الوادى وبعده (5) يعنى صنع على المروة كما صنع على الصفا من الرقى واستقبال القبلة والذكر والدعاء، وهذا متفق عليه (6) أى لو علمت فى قبل من أمرى ما علمته فى دبر منه، والمعنى لو ظهر لى هذا الرأى الذى رأيته الآن لأمرتكم به فى أول أمرى وابتداء خروجى و (لم أسق الهدي)

-[أمر النبي صلى الله عليه وسلم كل من ليس معه هدى أن يتحلل من إحرامه ويجعله عمرة]- ولجعلتها عمرةً فمن لم يكن معه هديٌ فليحلل وليجعلها عمرةً، فحلَّ النَّاس كلُّهم، فقال سراقة بن مالك بن جعشمٍ وهو فى أسفل المروة يا رسول الله ألعامنا هذا أم للأبد؟ فشبَّك رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أصابعه فقال للأبد ثلاث مرَّاتٍ ثمَّ قال دخلت العمرة فى الحجِّ إلى يوم القيامة، قال وقدم علىٌّ من اليمن فقدم بهديٍ وساق رسول الله صلى الله عليه وسلم معه

_ "بضم السين" يعنى لما جعلت علىَّ هديا وأشعرته وقلدته وسقته بين يدى، فانه إذا ساق الهدى لا يحل حتى ينحر، ولا ينحر إلا يوم النحر فلا يصح له فسخ الحج بعمرة، بخلاف من لم يسق فانه يجوز له فسخ الحج، قال ذلك صلى الله عليه وسلم تطييبًا لقلوبهم وليعلموا أن الأفضل لهم ما دعاهم اليه إذ كان يشق عليهم ترك الاقتداء بفعله (1) أى جعلت إحرامى بالحج مصروفا إلى العمرة كما أمرتكم به موافقة (2) بسكون الحاء المهملة أى ليصر حلالا وليخرج من إحرامه بعد فراغه من أفعال العمرة (وقوله وليجعلها عمرة) أى وليجعل الحجة عمرة إذ قد أبيح له ما قد حرم عليه بسبب الأحرام حتى يستأنف الأحرام بالحج، قاله القاراء (3) معناه أن سراقة رضى الله عنه يستفهم من النبى صلى الله عليه وسلم هل جواز فسخ الحج إلى العمرة "كما هو الظاهر من سياق الحديث" أو الأتيان بالعمرة فى أشهر الحج، أو مع الحج يختص بهذه السنة أم للأبد؟ (4) يعنى أن ذلك جائز فى كل عام لا يختص بعام دون آخر إلى يوم القيامة، وكرر ذلك ثلاثًا للتأكيد، وشبك بين أصابعه إشارة الى اشتراك كل الأعوام فى ذلك بدون اختصاص أحدها (وقد اختلف العلماء) فى معنى هذا السؤال فقال بعضهم المراد منه فسخ الحج إلى العمرة، وقال آخرون بل المراد الأتيان بالعمرة فى أشهر الحج، وذهب فريق إلى أن المراد بذلك القران يعنى اقتران الحج بالعمرة (فعلى الأول) يكون معنى قوله صلى الله عليه وسلم (دخلت العمرة فى الحج الى يوم القيامة) أى دخلت نية العمرة فى نية الحج، بحيث أن من نوى الحج صح له الفراغ منه بالعمرة (وعلى الثانى) حلت العمرة فى أشهر الحج وصحت (وعلى الثالث) دخلت العمرة فى الحج أى اقترنت به لا تنفك عنه لمن نواهما معا، وتندرج أفعال العمرة فى أفعال الحج حتى يتحلل منهما معًا، وسيأتى ذكر الخلاف مبسوطا فى أحكام باب فسخ الحج الى العمرة إن شاء الله تعالى (5) فى رواية مسلم وأبى داود (وقدم علىٌّ من اليمن ببدن رسول الله صلى الله عليه وسلم) بضم الباء وسكون الدال، جمع بدنة والبدنة واحدة الأبل، سميت به لعظمها وسمنها وتقع على الجمل والناقة. وقد تطلق على البقرة. ونسبت لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأن عليا رضي الله عنه

-[جواز تعليق الإحرام بإحرام الغير - كأن يقول أحرمت بما أحرم به فلان]- من المدينة هديًا فإذا فاطمة رضى الله عنها قد حلَّت ولبست ثيابها صبيغًا واكتحلت، فأنكر ذلك عليٌّ رضى الله عنه عليها فقالت أمرنى به رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال علىٌّ بالكوفة قال جعفرٌ قال أبى هذا الحرف لم يذكره جابرٌ فذهبت محرِّشًا أستفتى بها النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم فى الَّذى ذكرت فاطمة، قلت إنَّ فاطمة لبست ثيابها صبيغًا واكتحلت وقالت أمرنى به أبى، قال صدقت صدقت صدقت أنا أمرتها به، قال جابرٌ وقال لعلىٍّ بم أهللت؟ قال قلت اللَّهم إنِّى أهللت بما أهلَّ به رسولك صلى الله عليه وسلم قال ومعى الهدي، قال فلا تحلَّ قال فكانت جماعة الهدى الَّذي أتى به علىٌّ رضى الله تعالى عنه من اليمن والَّذي

_ اشتراها له لا أنها من السعاية على الصدقة كما يتبادر إلى الذهن، وكان عددها سبعًا وثلاثين بدنة (1) كان عدد الهدى الذى ساقه النبى صلى الله عليه وسلم معه منا المدينة ثلاثا وستين بدنة كما جاء فى رواية الترمذى وأعطى عليا البدن التى جاءت معه من اليمن وهى تمام المائة (2) أى مصبوغا (3) فيه إنكار الرجل على زوجته ما يراه منها مخالفا للدين، لأنه ظن أن ذلك لا يجوز فأنكره (4) معنى هذا أن جعفرا أحد رجال السند يذكر عن أبيه محمدا راوى هذا الحديث عن جابر أن جابرًا لم يذكر هذا الحرف يعنى هذه الجملة فى حديثه، والظاهر أن محمدا رواها عن على رضى الله عنه حين كان بالكوفة وهى قوله "فذهبت محرشا استفتى به النبى صلى الله عليه وسلم إلى قوله صدقت أنا أمرتها به" وجاء فى رواية مسلم بلفظ "ولبست ثيابا صبيغا واكتحلت فأنكر ذلك عليها، فقالت إن أبى أمرنى بهذا. قال فكان على يقول بالعراق فذهبت الى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم محرشا على فاطمة للذى صنعت مستفتيا لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فيما ذكرت- الحديث" والله أعلم (5) التحرش الأغراء والمراد هنا أن يذكر للنبى صلى الله عليه وسلم ما فعلته ليزجرها عنه (6) أى بأى شاء نويت حين أحرمت، بحج أو عمرة أو بهما؟ "فقال قلت اللهم إنى أهللت بما أهل به رسولك" فيه أنه يصح الأحرام معلقا وهو أن يحرم إحراما كأحرام فلان فينعقد احرامه وصير محرما بما أحرم به فلان (7) إنما أمر عليا رضي الله عنه بعدم

-[مكان النحر بمنى - وتحديد منًى وعرفات]- أتى به النَّبي صلى الله عليه وسلم مائةً فنحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثلاثةً وستِّين ثمَّ أعطى عليًّا فنحر ما غبر وأشركه فى هديه، ثمَّ أمر من كلِّ بدنةٍ ببضعةٍ فجعلت في قدرٍ فأكلا من لحمها وشربا من مرقها، ثمَّ قال نبيُّ الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، قد نحرت هاهنا، ومنًى كلُّها منحرٌ ووقف بعرفة، فقال ونفت هاهنا وعرفة كلُّها موقفٌ، ووقف

_ الحل، لأنه كان آتيا بالهدى معه (1) فيه استحباب ذبخ المهدى هديه بنفسه وجواز الاستنابة فيه، وذلك جائز بالأجماع إذا كان النائب مسلما (2) أى ما بقى وفيه استحباب تعجيل ذبح الهدايا وإن كانت كثيرة فى يوم النحر ولا يؤخر بعضها الى أيام التشريق (وأما قوله وأشركه فى هديه) فظاهره أنه أشركه فى نفس الهدى (قال القاضى عياض) وعندي أنه لم يكن تشريكا حقيقة بل أعطاه قدرًا يذبحه اهـ والظاهر أن النبى صلى الله عليه وسلم تولى ذبح البدن التى جاءت معه من المدينة، لأنها كانت ثلاثا وستين كما تقدم وأعطى عليا البدن التى جاءت معه من اليمن وهى تمام المائة والله أعلم (قال القارى) ولا يبعد أنه صلى الله عليه وسلم أشرك عليا فى ثواب هديه، لأن الهدى يعطى حكم الأضحية (3) البضعة بفتح الباء الموحدة لا غير، هى القطعة من اللحم، وفيه استحباب الأكل من هدى التطوع وأضحيته (قال العلماء) لما كان الأكل من كل واحدة سنة وفى الأكل من كل واحدة من المائة منفردة كلفة جعلت فى قدر ليكون آكلا من مرق الجميع الذى فيه جزء من كل واحدة، ويأكل من اللحم المجتمع فى المرق ما تيسر، وأجمع العلماء على أن الأكل من هدى التطوع وأضحيته سنة ليس بواجب (4) يعنى كل بقعة منها يصح النحر فيها وهو متفق عليه، لكن الأفضل فى المكان الذى نحر فيه صلى الله عليه وسلم (كذا قال الشافعى) ومنحر النبى صلى الله عليه وسلم هو عند الجمرة الأولى التى تلى مسجد منى. كذا قال ابن التين، وحدُّ منى من وادى محسر الى العقبة (5) يعنى عند الصخرات وعرفة كلها موقف يصح الوقوف فيها، وقد أجمع العلماء على أن من وقف فى أى جزء كان من عرفات صح وقوفه ولها أربعة حدود، حد الى جادة طريق المشرق (والثانى) الى مسافات الجبل الذى وراء أرضها (والثالث) الى البساتين التى تلى قرنيها على يسار مستقبل الكعبة. (والرابع) وادى عرنة بضم العين وبالنون، وليست هى ولا نمرة من عرفات ولا من الحرم

-[الإحرام بالحج يوم التروية - ووجوب الهدى على من تمتع بالعمرة الى الحج]- بالمزدلفة فقال قد وقفت هاهنا والمزدلفة كلُّها موقفٌ (وعنه من طريقٍ ثانٍ بنحوه إلى قوله لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى ثمَّ قال) ولو لم أسق الهدى لأحللت، ألا فخذوا مناسككم، قال فقام القوم بحلِّهم حتَّي إذا كان يوم التَّروية وأرادوا التَّوجُّه إلى منًى أهلُّوا بالحجِّ قال فكان الهدى على من وجد والصِّيام على من لم يجد وأشرك بينهم فى هديهم، الجزور بين سبعةٍ، والبقرة بين سبعةٍ وكان طوافهم

_ (1) يعني بالمزدلفة، وفى قوله والمزدلفة كلها موقف دلالة على أنها كلها موقف كما أن عرفات كلها موقف وسيأتى تحديدها فى شرح الحديث التالى (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين ابن محمد وخلف بن الوليد قالا ثنا الربيع يعنى ابن صبيح عن عطاء عن جابر بنحوه (3) أى حلوا من إحرامهم، ولفظ مسلم "قال فحل الناس كلهم وقصَّروا إلا النبى صلى الله عليه وسلم ومن كان معه هدى" (قال النووى) والمراد بقوله حل الناس كلهم أى معظمهم، والهدى بأسكان الدال وكسرها وتشديد الياء مع الكسر وتخفف مع الأسكان، قال وأما قوله وقصَّروا ولم يحلقوا مع أن الحلق أفضل لأنهم أرادوا أن يبقى شعر يحلق فى الحج، فلو حلقوا لم يبق شعر، فكان التقصير هنا أحسن ليحصل فى النسكين إزالة شعر. والله أعلم (4) يوم التروية هو الثامن من ذى الحجة سمى به لأن الحجاج يرتوون ويشربون فيه من الماء ويسقون الدواب لما بعده (5) قال النووى (والأفضل عند الشافعى) وموافقيه أن من كان بمكة وأراد الأحرام بالحج أحرم يوم التروية عملا بهذا الحديث، وفيه بيان أن السنة أن لا يتقدم أحد الى منى قبل يوم التروية (وقد كره مالك ذلك) وقال بعض السلف لا بأس به، ومذهبنا أنه خلاف السنة اهـ (6) أى وجد الهدى والمراد به هدى التمتع (7) المراد لم يجد هديا هناك إما لعدم الهدى وإما لعدم ثمنه. وإما لكونه يباع بأكثر من ثمن المثل. وإما لكونه موجودا لكنه لا يبيعه صاحبه، ففى كل هذه الصور يكون عادما للهدى فينتقل الى الصوم سواء كان واجدا لثمنه فى بلده أم لا، قاله النووى (قلت) وفيه اشارة الى قوله تعالى {فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدى. فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام فى الحج وسبعة اذا رجعتم تلك عشرة كاملة} وللعلماء خلاف فى أفضل الأوقات للصيام فى الحج سيأتى فى بابه ان شاء الله تعالى (8) المعنى أن البدنة أو البقرة تجزاء فى الهدى عن سبعة اشخاص، وقد جاء صريحا فى حديث جابر قال "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك فى الأبل والبقر كل سبعة منا في بدنة"

-[القارن لا يجب عليه إلا طواف واحد وسعى واحد - وذكر زيادة مسلم في حديث جابر]- بالبيت وسعيهم بين الصَّفا والمروة لحجِّهم وعمرتهم طوافًا واحدًا وسعيًا واحدًا

_ رواه الشيخان والأمام أحمد وسيأتى ذلك فى كتاب الهدايا والضحايا ان شاء الله تعالى (1) هذا الحكم يختص بالقارن الذى أحرم بالحج والعمرة معًا، فانه يجزاء عنهما طواف واحد وسعى واحد، اما المتمتع فلا بد للعمرة من طواف وسعى، وللحج كذلك (تخريجه) (م. د. جه) مطولا (قال النووى) رحمه الله وهو حديث عظيم مشتمل على جمل من الفوائد ونفائس من مهمات القواعد، وهو من أفراد مسلم، لم يروه البخارى فى صحيحه، ورواه أبو داود كرواية مسلم (قال القاضى) وقد تكلم الناس على ما فيه من الفقه وأكثروا. وصنف فيه أبو بكر بن المنذر جزءا كبيرا، وخرَّج فيه من الفقه مائة ونيفا وخمسين نوعا، ولو تقصى لزيد على هذا القدر قريب منه اهـ (قلت) هذا الحديث عند مسلم تضمن قصة حج النبى صلى الله عليه وسلم من أول خروجه من المدينة الى نهاية حجه، وجاء فى مسند الأمام أحمد ما تضمنته هذه القصة فى حديثين (أحدهما) حديث الباب عن جابر بنحو ما رواه مسلم الى يوم التروية (والثانى) من حديث على وفيه القصة بنحو رواية مسلم من يوم الوقوف بعرفة الى نهاية الحج بطواف الأفاضة؛ ما أفعال الحج كالتوجه الى منى يوم التروية وما يفعله الحجاج بمنى وتوجههم إلى عرفة يوم عرفة ونحو ذلك كالخطب فقد ذكرها الأمام أحمد متفرقة فى أحاديث متعددة، وحرصا على راحة القارئ وتقريب الفائدة له أتيت بهذه الأفعال من رواية مسلم فى الشرح لتكون القصة متصلة الحلقات كما فى صحيح مسلم. على أن الأمام أحمد رحمه الله تعالى روى فى هذا الباب أحاديث كثيرة ليست فيه عند مسلم. واليك ما رواه مسلم رحمه الله من حديث جابر قال "فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر. والعصر. والمغرب. والعشاء. والفجر. ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس، وأمر بقبة من شعر تضرب له بنمرة، فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش الا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع فى الجاهلية. فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة (أى قاربها) فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها، حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له، فأتى بطن الوادى فخطب الناس وقال ان دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا، ألا كل شاء من أمر الجاهلية تحت قدمىَّ موضوع ودماء الجاهلية موضوعة. وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث كان مسترضعا فى بنى سعد موضوع كله. فاتقوا الله فى النساء فانكمأخذتموهن بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن ألا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه، فان فعلن ذلك فاضربوهن

-[الوقوف بعرفة وكلها موقف - ثم الدفع منها إلى المزدلفة]- (65) "ز" عن علي رضي الله عنه أنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وقف بعرفة وهو مردف أسامة بن زيد فقال هذا الموقف وكلُّ عرفة موقف، ثمَّ دفع يسير العنق وجعل النَّاس يضربون يمينًا وشمالًا وهو يلتفت ويقول السَّكينة أيُّها النَّاس، السَّكينة أيُّها النَّاس، حتَّى جاء المزدلفة وجمع بين الصَّلاتين،

_ ضربا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تسألون عنى فما أنتم قائلون؟ قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال بأصبعه السبابة يرفعها الى السماء وينكتها الى الناس اللهم اشهد. اللهم اشهد. اللهم اشهد. ثلاث مرات، ثم أذن. ثم أقام فصلى الظهر. ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئا. ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء الى الصخرات وجعل حبل المشاة بين يديه (حبل المشاة هو بالحاء المهملة وإسكان الباء يعنى مجتمعهم) واستقبل القبلة فلم يزل واقفا حتى غربت الشمس وذهبت الصفرة قليلا حتى غاب القرص، وأردف أسامة خلفه ودفع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد شنق للقصواء الزمام حتى ان رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة - الحديث" "مورك الرحل هو ما يجعل فى مقدمة الرحل شبه المخده" وقوله "أيها الناس السكينة" أى الزموا السكينة (65) "ز" عن على رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أحمد ابن عبدة البصرى ثنا المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث المخزومى حدثنى أبى عبد الرحمن ابن الحارث عن زيد بن على بن حسين بن على عن أبيه على بن حسين عن عبيد الله بن أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن على بن أبى طالب رضى الله عنه - الحديث" (غريبه) (1) فيه جواز الأرداف اذا كانت الدابة مطيقة. وقد تظاهرت به الأحاديث (2) بالتحريك من أعنق أى أسرع. يعنق اعناقا أى اسراعا، والأسم العنق "ومنه حديث لا يزال المؤمن معنقا ما لم يصب دما حراما" أى مسرعا (3) بالنصب أى الزموا السكينة وهى الرفق والطمأنينة، ففيه أن السكينة فى الدفع من عرفات سنة، فاذا وجد فرجة فلا بأس من الأسراع، وانما أمرهم بالسكينة لأنهم كانوا يسرعون جدا أكثر من اسراعه صلى الله عليه وسلم (4) بكسر اللام معروفة، سميت بذلك من التزلف والازدلاف وهو التقرب، لأن الحجاج اذا أفاضوا من عرفات أزلفوا اليها أى مضوا اليها وتقربوا منها، وقيل سميت بذلك لمجاء الناس اليها فى زلف من الليل أى ساعات، وتسمى جمعا بفتح الجيم واسكان الميم، سميت بذلك

-[الوقوف بالمزدلفة وتحديدها - والدفع منها الى منى]- ثمَّ وقف بالمزدلفة فوقف على قزح وأردف الفضل بن العبَّاس، وقال هذا الموقف وكلُّ المزدلقة موقف، ثمَّ دفع وجعل يسير العنق والنَّاس يضربون يمينًا وشمالًا وهو يلتفت ويقول السَّكينة السَّكينة أيُّها النَّاس؛ حتَّى جاء محسِّرًا فقرع راحلته فخبَّب حتَّى خرج ثمَّ عاد لسيره الأوَّل حتَّى رمى الجمرة ثمَّ جاء المنحر وكلُّ منًى منحر، ثمَّ جاءته امرأة شابَّة من خثعم فقالت إنَّ أبى شيخ كبير وقد أفند وأدركته فريضة الله في الحجِّ ولا يستطيع أداءها فيجزئ عنه أن أؤديها عنه؟ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نعم. وجعل يصرف وجه

_ لاجتماع الناس فيه، والمزدلفة كلها من الحرم، قال الأزدرقى فى تاريخ مكة والماوردى وكثير من الشافعية حد مزدلفة ما بين مأزمى عرفة ووادى محسر وليس الحدان منها ويدخل فى المزدلفة جميع تلك الشعاب والحبال الداخلة فى الحد المذكور اهـ - الحبال بالحاء المهملة المكسورة جمع حبل وهو التل اللطيف من الرمل الضحم (وقوله وجمع بين الصلاتين) أى جمع تأخير. وسيأتى الكلام على ذلك فى باب الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة (1) بضم القاف وفتح الزاى، وهو القرن أى المكان المرتفع الذى يقف عنده الأمام بالمزدلفة، ولا ينصرف للعدل والعلمية كعمر، وهو من قزح الشاء أى ارتفع (2) بضم الميم وفتح الحاء المهملة وكسر السين المهملة المشددة. سمى بذلك لأن فيل أصحاب الفيل حسر فيه أى أعيى وكلَّ ومنه قوله تعالى {ينقلب اليك البصر خاسئا وهو حسير} (وقوله فقرع راحلته) أى ضربها بسوطه لتسرع فى السير. وهو معنى قوله فخبَّب، والأسراع فى ذلك الموضع سنة (قال العلماء) يسرع الماشى ويحرك الراكب دابته فى وادى محسر ويكون ذلك قدر رمية حجر (3) أى من وادى محسر ثم عاد لسيره الأول بدون إسراع (4) يعنى المسماة بجمرة العقبة ولفظ مسلم "ثم سلك الطريق الوسطى التى تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التى عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف، وسيأتى للأمام أحمد نحو هذا بى بابه ونفيض الكلام عليه فى الشرح ان شاء الله (وقوله ثم جاء المنحر) قال القاضى عياض فيه دلالة على أن المنحر موضع معين من منى، وحيث ذبح منها أو من الحرم أجزأه (5) أى كبر حتى صار هرما والفند فى الأصل الكذب. وأفند تكلم بالفند، ثم قالوا للشيخ اذا هرم قد أفند لأنه يتكلم بالمخرّف من الكلام عن سنن الصحة، وأفنده الكبر إذا

-[طواف الإفاضة - وفضل الوضوء والشرب من ماء زمزم]- الفضل بن العبَّاس عنها ثمَّ أتاه رجل فقال إنِّى رميت الجمرة وأفضت ولبست ولم أحلق، قال فلا حرج فاحلق ثمَّ أتاه رجل آخر فقال إنِّى رميت وحلفت ولبست ولم أنحر، فقال لا حرج فانحر ثمَّ أفاض رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فدعا بسجلٍ من ماء زمزم فشرب منه وتوضَّأ ثمَّ قال انزعوا يا بنى عبد المطَّلب فلولا أن تغلبوا عليها لنزعت قال العبَّاس يا رسول الله إنِّى رأيتك تصرف وجه ابن أخيك، قال إنِّى رأيت غلامًا شابًّا وجاريةً شابَّةً فخشيت عليهما الشَّيطان (66) عن سالم بن عبد الله أنَّ عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قال

_ أوقعه في الفند "نه" (1) أى لأنه وجده ينظر اليها وهو شاب وهى شابة جميلة فخشى عليهما الشيطان كما سيأتى فى آخر الحديث؛ وفيه تحريم النظر الى المرأة الأجنبية وفيه إزالة المنكر باليد إن أمكن (2) فيه جواز تأخير الحلاق بعد طواف الأفاضة والتحلل بلبس الثياب (3) فيه جواز تأخير النحر على الحلاق والتحلل بلبس الثياب أيضا (وقوله ثم أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم) أى طاف طواف الأفاضة وهو ركن من أركان الحج باتفاق العلماء (4) فيه استحباب الشرب والوضوء من ماء زمزم (وقوله انزعوا) بكسر الزاى معناه استقوا بالدلاء وانزعوها بالرشاء، والدلاء جمع دلو وهو معروف والرشاء الحبل الذى يربط فى الدلو ليجذب به ولفظ مسلم "فأتى بنى عبد المطلب يسقون على زمزم فقال انزعوا بنى عبد المطلب - الحديث" ومعناه أنه صلى الله عليه وسلم أتى بنى بعد المطلب بعد فراغه من طواف الأفاضة فوجدهم يسقون على زمزم أى يغرفون بالدلاء ويصبونه فى الحياض ونحوها ليشرب الحجاج أو يسقونهم من الدلاء نفسها (5) لفظ مسلم "فلولا أن يغلبكم الناس على سقايتكم لنزعت معكم فناولوه دلوا فشرب منه" ومعناه لولا خوفى أن يعتقد الناس ذلك من مناسك الحج ويزدحمون عليه بحيث يغلبونكم ويدفعونكم عن الاستقاء لاستقيت معكم لكثرة فضيلة هذا الاسقاء، وفيه فضيلة الاستقاء واستحباب شرب ماء زمزم (تخريجه) لم أقف عليه من حديث على لغير عبد الله بن الأمام أحمد وسنده جيد ومعناه فى الصحيحين (66) عن عبد الله بن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج

-[شبهة القائلين بأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم أولا بالعمرة]- تمتَّع النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم في حجَّة الوداع بالعمرة إلى الحجِّ وأهدى فساق معه الهدى من ذي الحليفة وبدأ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأهلَّ بالعمرة ثمَّ أهلَّ بالحجِّ وتمتَّع النَّاس مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالعمرة إلى الحجِّ، فإنَّ من النَّاس من أهدى فساق الهدى ومنهم من لم يهد، فلمَّا قدم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال للنَّاس من كان منكم أهدى فإنَّه لا يحلُّ من شئٍ حرم منه حتَّى يقضى حجَّه، ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصَّفا والمروة وليقصّر وليحلل ثمَّ ليهلَّ بالحجِّ وليهد، فمن لم يجد هديًا فليصم ثلاثة أيامٍ في الحجِّ وسبعةً

_ ثنا ليث قال حدثنى عقيل عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله - الحديث" (غريبه) (1) قال القاضى عياض رحمه الله قوله تمتع هو محمول على التمتع اللغوى. وهو القران آخرا، ومعناه أنه صلى الله عليه وسلم أحرم أولا بالحج مفردًا ثم أحرم بالعمرة فصار قارنًا فى آخر أمره، والقارن هو متمع من حيث اللغة ومن حيث المعنى، لأنه ترفه باتحاد الميقات والأحرامم والفعل، ويتعين هذا التأويل هنا للجمع بين الأحاديث فى ذلك وممن، روى إفراد النبى صلى الله عليه وسلم ابن عمر الراوى هنا (وأما قوله بدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل بالعمرة ثم أهل بالحج) فهو محمول على التلبية فى أثناء الأحرام، وليس المراد أنه أحرم فى أول أمره بعمرة ثم أحرم بحج لأنه يفضى إلى مخالفة الأحاديث السابقة "يعنى أنهم أحرموا أولا بالحج كما ثبت ذلك عن جابر وعائشة" قال ويؤيد هذا التأويل (قوله تمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج) ومعلوم أن كثيرًا منهم أو أكثرهم أحرموا بالحج أولا مفردا، وإنما فسخوه إلى العمرة آخرا فصاروا متمتعين "فقوله وتمتع الناس" يعنى فى آخر الأمر والله أعلم (3) معناه أن من لم يكن معه هدى فليفعل الطواف والسعى والتقصير، وقد صار حلالا فله فعل ما كان محظورا عليه فى الأحرام من الطيب واللباس والنساء والصيد وغير ذلك، وإنما أمرهم النبى صلى الله عليه وسلم بالتقصير ولم يأمرهم بالحلاق مع أن الحلاق أفضل لما تقدم من أنه صلى الله عليه وسلم أمر بذلك ليبقى له شعر يحلقه فى الحج، فان الحلاق فى تحلل الحج أفضل منه فى تحلل العمرة (قال النووى) وهذا دليل على أن التقصير أو الحلق نسك من مناسك الحج، وهذا هو الصحيح فى مذهبنا. وبه قال جماهير العلماء اهـ (وقوله ثم ليهل بالحج) معناه يحرم به في وقت الخروج

-[صفة أفعال القارن في الحج ومن أهدى وساق الهدى]- إذا رجع إلى أهله وطاف رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين قدم مكَّة استلم الرُّكن أول شيءٍ ثمَّ خبَّ ثلاثة أطوافٍ من السَّبع ومشى أربعة أطوافٍ، ثمَّ ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ثمَّ سلَّم فانصرف، فأتى الصَّفا فطاف بالصَّفا والمروة ثمَّ لم يحلل من شئٍ حرم منه حتَّى قضى حجَّه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت، ثمَّ حلَّ من كلِّ شئٍ حرم منه، وفعل مثل ما فعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من أهدي وساق الهدى من النَّاس (67) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال صلَّى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الظُّهر بالمدينة أربعًا وصلَّى العصر بذي الحليفة ركعتين وبات بها حتَّى

_ إلى عرفات، لا أنه يهل به عقب تحلل العمرة، ولهذا قال ثم ليهل. فأتى بثم التى هى للتراخى والمهلة (1) تقدم الكلام على ذلك فى شرح الحديث الشابق وسيأتى مستوفى فى أحكام باب التمتع (2) أى أسرع فى المشى عن المعتاد وفيه اثبات طواف القدوم واستحباب السرعة فى ثلاثة أطواف منه، وأنه يصلى ركعتى الطواف وأنهما يستحبان خلف المقام وقد سبق بيان هذا فى حديث جابر وسنذكره ان شاء الله تعالى بأوضح من هذا فى أبوابه الآتية (وقوله ثم لم يحلل من شاء حرم منه) معناه أن النبى صلى الله عليه وسلم بقى على إحرامه لم يحل كغيره لأنه كان قارنا والقارن لا يتحلل بالطواف والسعى. بل لا بد فى تحلله من الوقوف بعرفات والرمى والحلاق والطواف كما فى الحاج المفرد (تخريجه) (ق. د. نس. هق) (67) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا خالد ثنا أيوب عن أبى قلابة عن أنس - الحديث" (غريبه) (3) أى أربع ركعات تامة بدون قصر لأنه لم يفارق البلد (4) انما صلى العصر ركعتين على سبيل القصر لأنه كان منشئا للسفر، وبين المدينة وذى الحليفة ستة أميال، ويقال سبعة، وهذا الحديث مما احتج به أهل الظاهر فى جواز القصر فى طويل السفر وقصيره، وقال الجمهور لا يجوز القصر الا فى سفر يبلغ مرحلتين (وقال أبو حنيفة) وطائفة شرطه ثلاث مراحل واعتمدوا فى ذلك آثارا عن الصحابة، وأما هذا الحديث فلا دلالة فيه لأهل الظاهر لأن المراد أنه حين سافر صلى الله عليه وسلم الى مكة فى حجة الوداع صلى الظهر بالمدينة أربعًا ثم سافر

-[حديث أنس رضي الله عنه في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وسلم]- أصبح فلمَّا صلَّى الصُّبح ركب راحلته فلمَّا انبعثت به سبَّح وكبَّر حتَّى استوت به البيداء ثمَّ جمع بينهما فلما قدمنا مكَّة أمرهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يحلوُّا فلمَّا كان يوم التَّروية أهلوُّا بالحجِّ ونحر رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم سبع بدنات بيده قيامًا وضحَّى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بكبشين أقرنين أملحين

_ فأدركته العصر وهو مسافر بذى الحليفة فصلاها ركعتين، وليس المراد أن ذا الحليفة كان غاية سفره فلا دلالة فيه قطعًا، وأما ابتداء القصر فيجوز من حين يفارق بنيان بلده أو خيام أهله إن كان من أهل الخيام، هذا جملة القول فيه، أفاده النووى (قلت) تقدم تفصيل ذلك فى باب مسافة القصر فى الجزء الخامس صحيفة 100 (1) أى بات بذى الحليفة حتى دخل فى الصباح، قال العلماء وهذا المبيت ليس من سنن الحج، وإنما فعله صلى الله عليه وسلم رفقا بأمته ليلحق به من تأخر عنه فى السير ويدركه من لم يمكنه الخروج معه (2) أى فلما نهضت به قائمة أهل حينئذ بالحج وما زال يسبح ويكبر (حتى استوت به البيداء) أى حتى صارت به راحلته على البيداء، فالبيداء منصوب على نزع الخافض، وتقدم تفسيرها فى حديث جابر أول الباب، ونزيد هنا أنه مكان مرتفع معروف متصل بذى الحليفة، وقد جاء فى رواية النسائى من حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالبيداء ثم ركب وصعد جبل البيداء وأهل بالحج والعمرة (3) أى جمع بين الحج والعمرة فى التلبية، فقال لبيك عمرة وحجا، وقد ثبت ذلك بالأحاديث الصحيحة الكثيرة؛ منها رواية النسائى المتقدمة. ومنها ما رواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم عن أنس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبى بالحج والعمرة جميعًا يقول لبيك عمرو وحجا وغير ذلك كثير (4) أى أمر الناس الذين كانوا معه ولم يسوقوا الهدى بالتخلل فحلوا أى صاروا حلالا (5) برفع يوم لأن كان تامة فلا تحتاج إلى خبر، ويوم التروية هو اليوم الثامن من ذى الحجة كما تقدم، وسمى بالتروية لأنهم كانوا يرددون دوابهم بالماء ويحملونه معهم أيضا فى الذهاب من مكة إلى عرفات (6) تقدم فى حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم نحر بيده ثلاثًا وستين، ولا منافاة لاحتمال أن أنسًا رضى الله عنه لم ير إلا ذلك العدد (7) أى أبيضين لكل واحد منهما قرنان حسنان، وذلك بالمدينة فى عيد الأضحى فى غير سنة حجه صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنه أناب عنه من يذبحهما بالمدينة سنة حجة ضحية والله أعلم (تخريجه) (ق. د. نس)

-[بيان الحال التي كان عليها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في حجة الوداع]- (68) عن أبي إسحاق بن سعيد عن أبيه قال صدرت مع ابن عمر يوم الصَّدر فمرَّت بنا رفقه يمانيَّة ورحالهم الأدم وخطهم إبلهم الجرر، فقال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما من أحبَّ أن ينظر إلى أشبه رفقةٍ وردت الحجَّ العام برسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وأصحابه إذ قدموا في حجَّة الوداع فلينظر إلى هذه الرُّفقة (فصل منه في ذكر الأمكنة التى نزل بها النبي صلَّى الله عليه وسلَّم والمساجد التي صلى فيها) (فى طريقة بين المدينة ومكة فى حجة الوداع رواية نافع عن عبد الله بن عمر) (69) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى قال قرأت على أبى قرَّة موسي بن طارق قال قال موسى بن عقبة وقال نافع كان عبد الله (يعني بن عمر)

_ (68) عن أبي إسحاق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم ثنا اسحاق بن سعيد عن أبيه - الحديث" (غريبه) (1) هو سعيد بن عمرو بن سعيد ابن العاص الأموى أبو عثمان بن أبى أحيحة الأشدق عن أبيه وابن عباس وابن عمر، وعنه ابناه اسحاق وخالد وشعبة، قال النسائى ثقة، قال الذهبى وفد على الوليد بن يزيد "خلاصة" (2) الصدر بالتحريك رجوع المسافر من مقصده، وسمى به اليوم الذى يعزم فيه الحاج على الرجوع إلى بلده بعد قضاء نسكه وهو المراد هنا (3) بضم الراء وكسرها جماعة ترافقك فى السفر (والرحال) جمع رحل وهو الذى تركب عليه الأبل كالسرج للفرس، قال فى الصحاح رحل البعير هو أصغر من القتب والجمع رحال اهـ (والأدم) بفتحتين جمع أديم وهو الجلد المدبوغ (4) جمع خطام ككتاب وكتب، وهو كل ما وضع فى أنف البعير ليقتاد به من أى شاء (والجرر) جمع جرير وهو حبل من أدم ويطلق على غيره، (5) المعنى أن هذه الرفقة هى أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقت قدومهم فى حجة الوداع فى تواضعهم وأحوالهم ورحالهم وخطم ابلهم، يريد ابن عمر رضى الله عنهما أن يظهر لمن لم ير النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه فى عصره ما كانوا عليه من التقشف والتواضع ونحو ذلك والله أعلم (تخريجه) (د) مختصرا بسنده عن ابن عمر أنه رأى رفقة من أهل اليمن رحالهم الأدم فقال من أحب أن ينظر إلى أشبه رفقة كانوا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هؤلاء، وسكت عنه المنذرى فهو صالح، وسنده عند الأمام أحمد جيد (69) حدّثنا عبد الله (غريبه) (6) لفظ البخارى "وحدثنى نافع" ونافع

-[ذكر الأمكنة التي نزل بها النبي صلى الله عليه وسلم أو صلى فيها في طريق حجة الوداع]- رضي الله عنهما إذا صدر من الحجِّ أو العمرة أناخ بالبطحاء التى بذي الحليفة (وأنَّ عبد الله) حدَّثه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان يعرِّس بها حتَّى يصلِّى صلاة الصبح، قال موسي (وأخبرنى سالم) أنَّ عبد الله بن عمر أخبره أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أتى فى معرّسه فقيل له إنَّك فى بطحاء مباركة، قال وقال (حدَّثنا نافع) أنَّ عبد الله بن عمر أخبره أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّي حيث المسجد الصَّغير الذَّى دون المسجد الذى يشرف على الرَّوحاء، قال (وقال نافع) إنَّ عبد الله بن عمر حدثه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان ينزل تحت سرحة ضخمة دون الرويثة عن يمين الطَّريق في مكان بطح سهل حيث يقضي من الأكمة

_ هو العدوي مولاهم أبو عبد الله المدنى أحد الأعلام عن مولاه ابن عمر وأبى لبابة وأبى هريرة وعائشة وخلق، وعنه ابناه أبو بكر وعمر وأيوب وابن جريج ومالك وخلائق، قال البخارى أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر، قال حماد بن زيد مات عشرين ومائة "خلاصة" (1) أى رجع (والبطحاء) المسيل الواسع المجتمع فيه دقاق الحصى من مسيل الماء "وذى الحليفة" تقدم ضبطه وهو الميقات المشهور لأهل المدينة (وقوله وأن عبد الله) يعنى ابن عمر رضى الله عنهما (2) بمهملات مع تشديد الراء (والتعريس) نزول المسافر آخر الليل للاستراحة (ولفظ البخارى) كان ينزل بذى الحليفة حين يعتمر وفى حجته تحت سمرة فى موضع المسجد الذى بذى الحليفة (3) هو ابن عقبة. وسالم هو ابن عبد الله بن عمر (4) يعنى آتاه آت من قبل الله عز وجل فى هذا المكان وهو بطحاء ذى الحليفة فأخبره بذلك وفيه فضل هذا المكان وأنه مبارك (5) أى الذى هو فى أعلا مكان فى الروحاء (والروحاء) بفتح الراء مشددة وسكون الواو وبالحاء المهملة ممدودا اسم موضع فيه قرية جامعة على ليلتين من المدينة، بينه وبين المدينة ستة وثلاثون ميلا كما عند مسلم فى الأذان، ولابن أبى شيبة ثلاثون، وقد قال فيه النبى صلى الله عليه وسلم هذا واد من أودية الجنة. وقد صلى فيه قبلى سبعون نبيا، ومر به موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام حاجا أو معتمرًا أفاده القسطلانى (6) بفتح السين والحاء المهملتين بينهما راء ساكنه شجرة ضخمة. أى عظيمة (والرويثة) بضم الراء وبالمثلثة مصغرا قرية جامعة بينها وبين المدينة سبعة عشر

-[ذكر الأمكنة التي نزل بها النبي صلى الله عليه وسلم أو صلى فيها في طريق حجة الوداع]- دون بريد الرُّويثة بميلين وقد انكسر أعلاها وهي قائمة على ساقٍ (وقال نافع) إنَّ عبد الله بن عمر حدَّثه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى من وراء العرج وأنت ذاهب على رأس خمسة أميالٍ من العرج فى مسجدٍ إلى هضبةٍ عند ذلك المسجد قبران أو ثلاثة، على القبور رضم من حجارةٍ على يمين الطَّريق عن سلمات الطَّريق بين أولئك السَّلمات كان عبد الله يروح من العرج بعد أن تميل الشَّمس بالهاجرة فيصلِّى الظُّهر فى ذلك المسجد (وقال نافع) إنَّ عبد الله بن عمر حدَّثه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نزل تحت سرحةٍ (وفى لفظ سرحاتٍ) عن يسار الطَّريق في مسيلٍ دون هرشا، ذلك المسيل لاصق على هرشا (وفى لفظٍ لاصق بكراع هرشا) بينه وبين الطَّريق قريب من

_ فرسخا (وقوله فى مكان بطح) بفتح الباء الموحدة وسكون المهملة وكسرها أى واسع (وقوله حيث يفضى) أى يخرج صلى الله عليه وسلم (من الأكمة) بفتح الهمزة والكاف موضع مرتفع (1) أى بينه وبين المكان الذى ينزل فيه البريد بالرويثة سيلان. وقيل المراد بالبريد سكة الطريق (وقوله وقد انكسر اعلاها) يعنى الشجرة المعبر عنها بالسرحة (وهى قائمة على ساق) يعنى كالبنيان ليست متسعة من أسفل (2) بفتح العين وسكون الراء المهملتين آخره جيم. قرية جامعة بينها وبين الرويثة ثلاثة عشر أو أربعة عشر ميلا (3) بفتح الهاء وسكون الضاد المعجمة جبل منبسط على وجه الأرض أو ما طال واتسع وانفرد من الجبال (4) بفتح الراء وسكون المعجمة، وللأصيلى رضم بفتحها أى صخور بعضها فوق بعض (5) بفتح اللام جمع سلمة بالفتح، وهو شجر من العضاه ورقه القرظ الذى يدبغ به، وبه سمى الرجل سلمة. ويجوز أن يكون بكسر اللام جمع سلمة. بالكسر وهى الحجر، وهذه رواية الأصيلى وأبى ذر للبخارى، وبالفتح رواية غيرهما، وأضيفت السلمات إلى الطريق لأنها فى المكان الذى يتفرع عن جوانبه (6) أى نصف النهار عند اشتداد الحر (7) بفتح الراء جمع سرحة بفتح السين وسكون الراء، تقدم تفسيرها وهى الشجرة الضخمة العظيمة (وقوله فى مسيل) بفتح الميم وكسر المهملة مكان منحدر (دون هرشا) بفتح الهاء وسكون الراء وبالشين المعجمة مقصور. جبل على ملتقى طريق المدينة والشام قريب من الجحفة

-[ذكر الأمكنة التي نزل بها النبي صلى الله عليه وسلم أو صلى فيها في طريق حجة الوداع]- غلوة سهمٍ (وقال نافع) إنَّ عبد الله بن عمر حدَّثه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان ينزل بذى طوًي يبيت به حتَّى يصلِّي صلاة الصُّبح حين قدم إلى مكَّة، ومصلَّى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ذلك على أكمةٍ غليظة ليس فى المسجد الذَّي بنى ولكن أسفل من ذلك على أكمةٍ خشنةٍ غليظةٍ (قال وأخبرنى) أنَّ عبد الله بن عمر أخبره أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم استقبل فرضتى الجبل الطَّويل الَّذي قبل الكعبة فجعل المسجد الَّذي بنى يسار المسجد بطرف الأكمة ومصلَّى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أسفل منه على الأكمة السوداء، يدع من الأكمة عشرة أذرع أو نحوها، ثمَّ يصلِّي مستقبل الفرضتين من الجبل الطَّويل الذي بينه وبين الكعبة

_ وفي لفظ (لاصق بكراع هرشا) بضم الكاف أى بطرف هرشا (1) بفتح الغين المعجمة غاية بلوغ السهم. أو أمد جرى الفرس (2) بضم الطاء موضع بمكة، قال القسطلانى ولأبى ذر عن الكشميهنى طوى بكسرها وعزاه العينى كابن حجر للأصيلى، وله فى الفرع كأصله طوى بفتحها، ولأبى ذر بذى الطوى بزيادة "أل" مع كسر الطاء والمد، وعزا العينى كابن حجر زيادة الألف واللام للحموى والمستملى، وحكيا فتح الطاء عن عياض وغيره، وهو الذى فى الفرع. وليس فيه ضم التاء البتة اهـ (3) بفتحات موضع مرتفع على ما حوله. أو تل من حجر واحد (وقوله غليظة) أى عظيمة كما فى رواية (4) بضم الفاء وسكون الراس وفتح الضاد المعجمة مدخل الطريق الى الجبل (وقوله قبل الكعبة) بكسر القاف وفتح الموحدة أى ناحيتها (5) قال العينى قوله فجعل. الظاهر أنه من كلام نافع وفاعله عبد الله "ويسار" مفعول ثان (وقوله بطرف الأكمة) صفة للمسجد الثانى اهـ (6) بالنصب على الظرفية أو بالرفع خبر مبتدأ (تخريجه) (خ) وقد ذكر الحافظ عقب شرحه لهذا الحديث (تنبيهات) فقال رحمه الله تعالى (الأول) اشتمل هذا السياق على تسعة أحاديث أخرجها الحسن بن سفيان فى مسنده مفرقة من طريق اسماعيل بن أبى أويس عن أنس بن عياض يعيد الأسناد فى كل حديث إلا أنه لم يذكر الثالث، وأخرج مسلم منها الحديثين الأخيرين فى كتاب الحج (الثانى) هذه المساجد لا يعرف اليوم منها غير مسجد ذي الحليفة،

-[ذكر المساجد التي كانت بالمدينة غير مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وما بقى منها]- والمساجد التي بالروحاء يعرفها أهل تلك الناحية، وقد وقع فى رواية الزبير بن بكار فى أخبار المدينة من طريق أخرى عن نافع عن ابن عمر فى هذا الحديث زيادة بسط فى صفة تلك المساجد، وفى الترمذى من حديث عمر بن عوف أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى وادي الروحاء وقال لقد صلى فى هذا المسجد سبعون نبيًا (الثالث) عرف من صنيع ابن عمر استحباب تتبع آثار النبى صلى الله عليه وسلم والتبرك بها (وقد قال البغوى من الشافعية) إن المساجد التى ثبت أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فيها لو نذر أحد الصلاة فى شاء منها تعين كما تتعين المساجد الثلاثة (الرابع) ذكر البخارى المساجد التى فى طرق المدينة ولم يذكر المساجد التى كامن بالمدينة لأنه لم يقع له إسناد فى ذلك على شرطه، وقد ذكر عمرو بن شبة فى أخبار المدينة المساجد والأماكن التى صلى فيها النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة مستوعبا، وروى عن أبى غسان عن غير واحد من أهل العلم أن كل مسجد بالمدينة ونواحيها مبنى بالحجارة المنقوشة المطابقة فقد صلى فيه النبى صلى الله عليه وسلم. وذلك أن عمر بن عبد العزيز حين بنى مسجد المدينة سأل الناس وهم يومئذ متوافرون عن ذلك؛ ثم بناها بالحجارة المنقوشة المطابقة اهـ. وقد عين عمرو بن شبة منها شيئا كثيرا، لكن أكثره فى هذا الوقت قد اندثر وبقى من المشهورة الآن مسجد قباء. ومسجد القضيخ. وهو شرقى مسجد قباء. ومسجد بنى قريظة. ومشربة أم ابراهيم وهى شمال مسجد بنى قريظة. ومسجد بنى ظفر. شرقى البقيع ويعرف بمسجد البغلة. ومسجد بنى معاوية ويعرف بمسجد الأجابة. ومسجد الفتح قريب من جبل سلع. ومسجد القبلتين فى بنى سلمة. هكذا أثبته بعض شيوخنا. اهـ ما نقله الحافظ (زوائد الباب) (عن جابر بن عبد الله) رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم قدم فقرن بين الحج والعمرة وساق الهدى وقال من لم يقلد الهدى فليجعلها عمرة، رواه البزار ورجاله رجال الصحيح (وعن ابن أبى أوفى) رضى الله عنه قال إنما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحج والعمرة لأنه علم أنه لا يحج بعد ذلك (بز. طب. طس) وفيه يزيد بن عطاء وثقه الأمام أحمد وغيره وفيه كلام (وعن أبى داود) يعنى الأنصارى المازنى رضى الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جئنا ذا الحليفة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فصلى ركعتين ثم أحرم فى دبر الصلاة بحج وعمرة معًا (طس) وفيه أبو غزية محمد بن موسى الأنصارى ضعفه البخارى وغيره. ووثقه الحاكم. وفيه أيضًا جماعة لم أعرفهم ولم يسمعوا (وعن عائشة) رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع لولا أهديت لحللت. وكان أهل بعمرة وحج - قلت هو فى الصحيح خلا قولها وكان أهل بعمرة وحج (طس) ورجاله ثقات رجال الصحيح (وعن البراء بن عازب) رضى الله عنه قال كنت مع على حين أمّره رسول الله صلى الله عليه وسلم على

-[كلام العلماء في صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم والجمع بين مختلف الروايات]- .....

_ اليمن فأصبت معه أواقىّ، فلما قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فاطمة قد نضحت البيت بنضوح "أى طيبته بطيب" فقالت مالك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر أصحابه فأحلوا، قال قلت لها إني أهللت بأهلال النبى صلى الله عليه وسلم، قال فأنى سقت الهدى وقرنت، وقال لأصحابه لو أني استقبلت من أمرى ما استدبرت لفعلت كما فعلتم، ولكنى قد سقت الهدى وقرنت، فقالت انحر من البدن سبعا وستين. أو ستا وستين وأمسك لنفسك ثلاثا وثلاثين وأربعا وثلاثين وأمسك من كل بدنة بضعة - قلت للبراء حديث فى الصحيح بغير هذا السياق وليس فيه ذكر القران والله أعلم، أورد هذه الزوائد الحافظ الهيثمى وتعقب كل حديث بما فيه جرحا وتعديلا (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد (منها) ما يدل على أن النبى صلى الله عليه وسلم كان قارنًا (ومنها) ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان متمتعًا، وقد أجمع العلماء على جواز الأنواع الثلاثة، وأما النهى الوارد عن عمر وعثمان رضى الله عنهما عن التمتع فسيأتى الكلام عليه وتوضيح معناه فى باب ما جاء فى التمتع بالعمرة إلى الحج ان شاء الله تعالى (ومعنى الأفراد) أن يحرم بالحج فى أشهره ويفرغ منه ثم يعتمر (والتمتع) أن يحرم بالعمرة فى أشهر الحج ويفرغ منه ثم يحج من عامه (والقران) أن يحرم بهما جميعا، وكذا لو أحرم بالعمرة وأحرم بالحج قبل طوافها صح وصار قارنًا، (وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم حج قرانًا) عن جماعة من الصحابة منهم ابن عمر. وعائشة. والبراء بن عازب. وعلى. وعمران بن حصين. وأبو قتادة. وسراقة بن مالك. وأبو طلحة. والهرماس ابن زياد الباهلى. وابن أبى أوفى. وأبو سعيد. وجابر. وأم سلمة. وحفصة. وسعد بن أبى وقاص. وأنس بن مالك رضى الله عنهم (وأما حجه صلى الله عليه وسلم تمتعًا) فروى عن عائشة وابن عمر. وعلى. وعثمان. وابن عباس. وسعد بن أبى وقاص (وأما حجه صلى الله عليه وسلم إفرادا) فروى عن عائشة وابن عمر وجابر وكلها أحاديث صحيحة، إلا أن بعضها ليس على ظاهره بل يحتاج إلى تأويل، وستأتى كل هذه الأحاديث فى أبواب الأفراد والقران والتمتع (قال النووى رحمه الله) ولقد اختلفت روايات أصحابه رضى الله عنهم فى صفة حجة النبى صلى الله عليه وسلم حجة الوداع، هل كان قارنا أم مفردا أم متمتعًا؟ وقد ذكر البخارى ومسلم رواياتهم كذلك، وطريق الجمع بينها أنه صلى الله عليه وسلم كان أولا مفردا ثم صار قارنا، فمن روى الأفراد فهو الأصل، ومن روى القران اعتمد آخر الأمر، ومن روى التمتع أراد التمتع اللغوى وهو الانتفاع والارتفاق، وقد ارتفق بالقران كارتفاق المتمتع وزيادة فى الاقتصار على فعل واحد، وبهذا الجمع تنتظم الأحاديث كلها، وقد جمع بينها أبو محمد بن حزم الظاهرى فى كتاب صنفه فى حجة الوداع خاصة، وادعى أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا، وتأول باقي الأحاديث، والصحيح

-[أدلة القائلين بأنه صلى الله عليه وسلم كان مفردا في حجته - وكلام القاضى عياض في ذلك]- .....

_ ما سبق (يعني أنه كان أولا مفردا ثم صار قارنا) قال واحتج الشافعى وأصحابه فى ترجيح الأفراد بأنه صح ذلك من رواية جابر وابن عمر وابن عباس وعائشة، وهؤلاء لهم مزية فى حجة الوداع على غيرهم (فأما جابر) فهو أحسن الصحابة سياقة لرواية حديث حجة الوداع فانه ذكرها من حين خروج النبى صلى الله عليه وسلم من المدينة الى آخرها فهو أضبط لها من غيره (وأما ابن عمر) فصح عنه أنه كان آخذا بخطام ناقة النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع، وأنكر على من رجح قول أنس على قوله، وقال كان أنس يدخل على النساء وهن مكشفات الرءوس وإنى كنت تحت ناقة النبى صلى الله عليه وسلم يمسنى لعابها أسمعه يلبى بالحج (وأما عائشة) فقربها من رسول الله صلى الله عليه وسلم معروف، وكذلك اطلاعها على باطن أمره وظاهره وفعله فى خلوته وعلانيته مع كثرة فقهها وعظم فطنتها (وأما ابن عباس) فمحله من العلم والفقه فى الدين والفهم الثاقب معروف مع كثرة بحثه وتحفظه أحوال رسول الله صلى الله عليه وسلم التى لم يحفظها غيره، وأخذه إياها من كبار الصحابة (ومن دلائل ترجيح الأفراد) أن الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم بعد النبى صلى الله عليه وسلم أفردوا الحج وأفردوا الحج وواظبوا على إفراده، وكذلك أبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم واختلف فعل على رضى الله عنه، ولم يكن الأفراد أفضل وعلموا أن النبى صلى الله عليه وسلم حج مفردا لم يواظبوا عليه مع أنهم الأئمة الأعلام وقادة الأسلام، ويقتدى بهم فى عصرهم وبعدهم، فكيف يليق بهم المواظبة على خلاف فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما الخلاف عن على رضى الله عنه وغيره فانما فعلوه لبيان الجواز. وقد ثبت فى الصحيح ما يوضح ذلك (ومنها) أن الأفراد لا يجب فيه دم بالأجماع وذلك لكماله، ويجب الدم فى التمتع والقران وهو دم جبران لفواة الميقات وغيره فكان ما لا يحتاج إلى جبر أفضل اهـ (قلت) وأجاب الطحاوى عن ذلك بأن هذا مبنى على أن دم القران دم جبران، وقد منعه من رجح القران وقال إنه دم فضل وثواب كالأضحية، ولو كان دم نقص لما تام الصيام مقامه ولأنه يؤكل منه، ودم النقص لا يؤكل منه كدم الجزاء (وقال القاضى عياض) رحمه الله قد أكثر الناس الكلام على هذه الأحاديث فمن مجيد منصف ومن مقصر متكلف ومن مطيل مكثر ومن مقصر مختصر، قال وأوسعهم فى ذلك نفسا أبو جعف الطحاوى الحنفى فانه تكلم فى ذلك فى زيادة على ألف ورقة، وتكلم معه فى ذلك أبو جعفر الطبرى ثم أبو عبد الله بن أبى صفرة ثم المهلب. والقاضى أبو عبد الله بن المرابط. والقاضى أبو الحسن بن القصار البغدادى والحافظ أبو عمرو بن عبد البر وغيرهم (قال القاضى عياض) وأولى ما يقال فى هذا على ما فحصناه من كلامهم واخترناه من اختياراتهم مما هو أجمع للروايات وأشبه بمساق الأحاديث أن النبى صلى الله عليه وسلم أباح للناس فعل هذه الأنواع الثلاثة ليدل على جواز جميعها ولو أمر بواحد

-[جمع القاضي عياض بين مختلف الروايات في إحرام النبي صلى الله عليه وسلم وحجج القائلين بالقرآن]- .....

_ لكان غيره يظن أنه لا يجزاء فأضيف الجميع اليه وأخبر كل واحد بما أمره به وأباحه له ونسبه إلى النبى صلى الله عليه وسلم إما لأمره به وإما لتأويله عليه (وأما إحرامه صلى الله عليه وسلم بنفسه) فأخذ بالأفضل فأحرم مفردا للحج وبه تظاهرت الروايات الصحيحة (وأما الروايات بأنه كان متمتعًا) فمعناها أمر به (وأما الروايات بأنه كان قارنا) فأخبار عن حالته الثانية لا عن ابتداء إحرامه، بل إخبار عن حاله حين أمر أصحابه بالتحلل من حجهم وقلبه إلى عمرة لمخالفة الجاهلية إلا من كان معه هدى، وكان هو صلى الله عليه وسلم ومن معه هدى فى آخر احرامهم قارنين بمعنى أنهم أدخلوا العمرة على الحج؛ وفعل ذلك مواساة لأصحابه وتأنيسا لهم فى فعلها فى أشهر الحج لكونها كانت منكرة عندهم فى أشهر الحج ولم يمكنه التحلل معهم بسبب الهدى، واعتذر اليهم بذلك فى ترك مواساتهم فصار صلى الله عليه وسلم قارنا فى آخر أمره، وقد اتفق جمهور العلماء على جواز ادخال الحج على العمرة، وشذ بعض الناس فمنعه وقال لا يدخل إحرام على إحرام كما لا تدخل صلاة على صلاة (واختلفوا) فى إدخال العمرة على الحج فجوزه أصحاب الرأى (وهو قول الشافعى) لهذه الأحاديث، ومنعه آخرون وجعلوا هذا خاصا بالنبى صلى الله عليه وسلم لضرورة الاعتمار حينئذ فى أشهر الحج؛ قال وكذلك يتأول قول من قال كان متمتعا أى تمتع بفعل العمرة فى أشهر الحج وفعلها مع الحج، لأن لفظ التمتع يطلق على معان فانتظمت الأحاديث واتفقت، قال ولا يبعد رد ما ورد عن الصحابة من فعل مثل ذلك الى مثل هذا مع الروايات الصحيحة أنهم أحرموا بالحج مفردا، فيكون الأفراد إخبارا عن فعلهم أولا، والقران اخبارا عن احرام الذين معهم هدى بالعمرة ثانيا، والتمتع لفسخهم الحج الى العمرة ثم اهلالهم بالحج بعد التحلل منها كما فعل كل من لم يكن معه هدى اهـ (قال الحافظ) وهذا الجمع هو المعتمد وقد سبق اليه قديما ابن المنذر وبيَّنه ابن حزم فى حجة الوداع بيانا شافيا ومهده المحب الطبرى تمهيدا بالغا يطول ذكره، ومحصله أن كل من روى عنه الأفراد حمل على ما أهل به فى أول الحال، وكل من روى عنه التمتع أراد ما أمر به أصحابه، وكل من روى عنه القران أراد ما استقر عليه الأمر (ورجح الحافظ رواية من روى القران) بأمور يطول ذكرها (منها) أن أحاديثه مشتملة على زيادة عن من روى الأفراد وغيره والزيادة مقبولة إذا خرجت من مخرج صحيح فكيف اذا ثبتت من طرق كثيرة عن جمع من الصحابة "وتقدم فى ذكرهم فى أول الأحكام" (ومنها) أن من روى الأفرد والتمتع اختلف عليه فى ذلك لأنهم جميعا روى عنهم أنه صلى الله عليه وسلم حج قرانا (ومنها) أن روايات القران لا تحتمل التأويل بخلاف روايات الأفراد والتمتع فانها تحتمله (ومنها) أن رواة القران أكثر كما تقدم (ومنها) أن فيهم من أخبر عن سماعه لفظا صريحا، وفيهم من أخبر عن أخباره صلى الله عليه وسلم

-[جمع الحافظ ابن تيمية بين مختلف روايات الأفراد والقران والتمتع - ومذاهب العلماء في تفضيل أيها]- .....

_ بأنه فعل ذلك، وفيهم من أخبر عن أمر ربه بذلك (ومنها) أن النسك الذى هو أمر به كل من ساق الهدى فلم يكن ليأمرهم به إذا ساقوا الهدى ثم يسوق هو الهدى ويخالفه، وقد جمع شيخ الأسلام الحافظ ابن تيمية جمعا حسنا فقال ما حاصله، إن التمتع عند الصحابة يتناول القران فتحمل عليه رواية من روى أنه حج تمتعا، وكل من روى الأفراد قد روى أنه صلى الله عليه وسلم حج تمتعًا وقرانا فيتعين الحمل على القران، وأنه أفرد أعمال الحج ثم فرغ منها وأتى بالعمرة اهـ (وقد اختلف العلماء) فى هذه الأنواع الثلاثة أيها أفضل، فذهب جماعة من الصحابة والتابعين وأبو حنيفة واسحاق ورجحه جماعة من الشافعية منهم المزنى وابن المنذر وأبو اسحاق المروزى وتقى الدين السبكى الى أن القران أفضل (وذهب جماعة) من الصحابة والتابعين وجماعة من الشافعية وغيرهم إلى أن الأفراد أفضل (وذهب جماعة) من الصحابة والتابعين أيضا ومن بعدهم كالأمامين (مالك وأحمد) إلى أن التمتع أفضل لكونه صلى الله عليه وسلم تمناه فقال "لولا أنى سقت الهدى لأحللت" ولا يتمنى إلا الأفضل (قال الحافظ) وأجيب بأنه إنما تمناه تطييبًا لقلوب أصحابه لحزنهم على فوات موافقته، وإلا فالأفضل ما اختاره الله له واستمر عليه قال (وقال ابن قدامة يترجح التمتع) بأن الذى يفرد إن اعتمر بعدها فهى عمرة مختلف فى إجزائها عن عمرة الأسلام بخلاف عمرة التمتع فهى مجزئة بلا خلاف، فيترجح التمتع على الأفراد ويليه القران (وقال من رجح القران) هو أشق من التمتع وعمرته مجزئة بلا خلاف فيكون أفضل (قلت وقال من رجح الأفراد) إن الخلفاء الراشدين رضى الله عنهم أفردوا الحج وواظبوا على ذلك، فلو لم يكن أفضل لم يواظبوا عليه، وتقدم ذلك فى أول الأحكام (قال الحافظ) وحكى عياض عن بعض العلماء أن الصور الثلاثة فى الفضل سواء، وهو مقتضى تصرف ابن خزيمة فى صحيحه (وعن أبى يوسف) القران والتمتع فى الفضل سواء أوهما أفضل من الأفراد (وعن أحمد) من ساق الهدى فالقران أفضل له ليوافق فعل النبى صلى الله عليه وسلم ومن لم يسق الهدى فالتمتع أفضل له ليوافق ما تمناه وأمر أصحابه، زاد بعض أتباعه، ومن أراد أن ينشاء لعمرته من بلده سفرا فالأفراد أفضل له، قال وهذا أعدل المذاهب وأشبهها بموافقة الأحاديث الصحيحة (فمن قال الأفراد أفضل) فعلى هذا يتنزل لأن أعمال سفرين للنسكين أكثر مشقة فيكون أعظم أجرا ولتجزاء عنه عمرته من غير نقص ولا اختلاف، أفاده الحافظ (واختاره الشوكانى) ما ذهب اليه الأمام أحمد لاحتجاجه بما اتفق عليه من حديث جابر وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى ولجعلتها عمرة (قال الشوكانى) وهذا هو الحق، فانه لا يظن أن نسكا أفضل من نسك اختاره صلى الله عليه وسلم لأفضل الخلق وخير القرون، وأما ما قيل من أنه صلى الله عليه وسلم إنما قال

-[جواز التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم كما ورد - والتحذير من مجاوزته إلى ما يجر إلى مفسدة]- .....

_ كذلك تطييبًا لقلوب أصحابه لحزنهم على فوات موافقته ففاسد، لأن المقام مقام تشريع للعباد، وهو لا يجوز عليه صلى الله عليه وسلم أن يخبر بما يدل على أن ما فعلوه من التمتع أفضل مما استمر عليه والأمر على خلاف ذلك، وهل هذا إلا تغرير يتعالى عنه مقام النبوة، قال وبالجملة لم يوجد فى شاء من الأحاديث ما يدل على أن بعض الأنواع أفضل من بعض غير هذا الحديث، فالتمسك به متعين. ولا ينبغى أن يلتفت إلى غيره من المرجحات فانها فى مقابلته ضائعة اهـ (هذا وأحاديث الفصل) المروية عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما تدل على استحباب النزول فى الأماكن التى نزل فيها النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم والصلاة فى المساجد التى صلى فيها فى طريقه بين مكة والمدينة فى حجة الوداع تبركا بأثره الشريف كما كان يفعل ابن عمر رضى الله عنهما، فقد كان يستحب التببع لآثار النبى صلى الله عليه وسلم والتبرك بها إلا ما ورد النهى عنه كاتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد، والاستغاثة بأصحاب تلك القبور من ضر نزل به أو طلب منفعة تعود عليه كما يفعل كثير من الناس الآن، فان هذا إشراك بالله الواحد الأحد الفرد الصمد الذى لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد، فالله وحده هو الضار النافع لا يشاركه فى ذلك أحد مهما علت درجته، قال تعالى مخاطبا أفضل خلقه {قل لا أملك لنفسى نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله، ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسنى السوء. إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون} فواجب على العلماء أن يعلموا العوام هذه العقيدة ويغرسوها فى قلوبهم، وإلا كانوا كعلماء بنى إسرائيل الذين لعنهم الله فى كتابه العزيز بقوله عز وجل {لعن الذين كفروا من بنى اسرائيل على لسان داود وعيسى بن مريم. ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون * كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، لبئس ما كانوا يفعلون} إذا علمت هذا فلا بأس بالنزول فى الأمكنة التى نزل بها النبى صلى الله عليه وسلم وصلى فيها اقتداء به، ولكن على شرط أن لا يجر ذلك إلى اعتقاد وجوبه؛ فقد روى شعبة عن سليمان التيمى عن المعرور بن سويد قال كان عمر بن الخطاب رضى الله عنه فى سفر فصلى الغداة ثم أتي على مكان فجعل الناس يأتونه ويقولون صلى فيه النبى صلى الله عليه وسلم، فقال عمر إنما هلك أهل الكتاب أنهم كانوا اتبعوا آثار أنبيائهم فاتخذوا كنائس وبيعًا؛ فمن عرضت له الصلاة فليصل وإلا فليمض، وإنما كره عمر رضى الله عنه ذلك لأنه خشى أن يلتزم الناس فى الصلاة فى تلك المواضع فيشكل ذلك على من يأتى بعدهم ويرى ذلك واجبا، وكذا ينبغى للعالم إذا رأى الناس يلتزمون النوافل التزاما شديدا أن يترخص فيها فى بعض المرات ليعلم بفعله ذلك أنها غير واجبة كما فعل ابن عباس فى ترك الأضحية، وروى أشهب عن مالك أنه سئل عن الصلاة فى المواضع التى صلى فيها الشارع فقال ما يعجبني ذلك إلا في

-[سبب مشروعية الرمَل في طواف القدوم]- (6) باب ما رواه أبو الطفيل عن ابن عباس رضى الله عنهما فى أسباب بعض أعمال الحج (70) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا سريج ويونس قالا ثنا حمَّاد يعنى ابن سلمة عن أبى عاصم الغنويِّ عن أبى الطُّفيل قال قلت لابن عباسٍ يزعم قومك أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم رمل بالبيت وأنَّ ذلك سنَّة، قال صدقوا او كذبوا قلت وما صدقوا وكذبوا؟ قال صدقوا. رمل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالبيت، وكذبوا. ليس بسنَّةٍ إنَّ قريشًا قالت زمن الحديبية دعوا محمَّدًا وأصحابه حتَّى يموتوا موت النَّغف فلمَّا صالحوه على أن يقدموا من العام المقبل ويقيموا بمكَّة ثلاثة أيام، فقدم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم والمشركون من قبل قعيقان فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لأصحابه ارملوا بالبيت ثلاثًا وليس بسنَّةٍ،

_ مسجد قباء لأنه صلى الله عليه وسلم كان يأتيه راكبًا وماشيًا ولم يفعل ذلك فى تلك الأمكنة، فرحم الله الأمام مالك فقد بنى مذهبه على سد الذرائع، وهذا أسلم والله أعلم (70) حدّثنا عبد الله (غريبه) (1) قال المنذرى أبو الطفيل هو عامر ابن واثلة، وهو آخر من مات من الصحابة رضى الله عنهم وأبو عاصم الغنوى لا يعرف اسمه (2) يعنى فى طواف القدوم، وتقدم معنى الرمل (3) يعنى صدقوا فى أن النبى صلى الله عليه وسلم فعله وكذبوا فى قولهم إنه سنة مقصودة متأكدة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يجعله سنة مطلوبة دائما على تكرار السنين، وإنما أمر به تلك السنة لأظهار القوة عند الكفار، وقد زال ذلك المعنى، هذا معنى كلام ابن عباس (4) قال النووى رحمه الله هذا الذى قاله (يعنى ابن عباس) رضى الله عنهما من كون الرمل ليس سنة مقصودة هو مذهبه، وخالفه جميع العلماء من الصحابة والتابعين وأتباعهم، ومن بعدهم فقالوا هو سنة فى الطوفات الثلاث من السبع، فان تركه فقد ترك سنة وفاتته فضيلة، ويصح طوافه ولا دم عليه اهـ (5) بفتح النون والغين المعجمة وفاء، دود يكون فى أنوف الأبل والغنم، واحدتها نغفة يقال للرجل إذا استحقر واستضعف ما هو إلا نغفة، يعنى أنهم قالوا ذلك احتقارًا للنبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه لأنهم كانوا إذ ذاك قليلوا العدد والعدد، ولم يعلموا أن الله عز وجل ناصر نبيه صلى الله عليه وسلم (6) بصيغة التصغير جبل مشرف على الحرم من جهة الغرب (وفى رواية أخرى) للأمام أحمد "والمشركون على جبل

-[سبب مشروعية السعى بين الصفا والمروة وحكم الركوب فيه]- قلت ويزعم قومك أنَّه طاف بين الصَّفا والمروة على بعير وأنَّ ذلك سنَّة، فقال صدقوا وكذبوا فقلت وما صدقوا وكذبوا؟ فقال صدقوا قد طاف بين الصَّفا والمروة على بعير، وكذبوا ليست بسنَّةٍ، كان الناس لا يدفعون عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولا يصرفون عنه، فطاف على بعير ليسمعوا كلامه ولا تناله أيديهم، قلت ويزعم قومك أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سعى بين الصَّفا والمروة وأنَّ ذلك سنَّةٌ، قال صدقوا إنَّ إبراهيم لمَّا أمر بالمناسك عرض له

_ قيقعان، فبلغه أنهم يتحدثون أن بهم هزالا فأمر بهم أن يرملوا ليريهم أن بهم قوة، وكان ذلك فى عمرة القضاء، وجاء أصرح من هذا فى رواية أخرى لمسلم والأمام أحمد وستأتى فى باب طواف القدوم والرمل الخ. عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، قال فقال المشركون إنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم الحمى، قال فأطلع الله النبى صلى الله عليه وسلم على ذلك فأمر أصحابه أن يرملوا وقعد المشركون ناحية الحجر ينظرون اليهم، فرملوا ومشوا ما بين الركنين، قال فقال المشركون هؤلاء الذين تزعمون أن الحمى وهنتهم، هؤلاء أقوى من كذا وكذا ذكروا قولهم، قال ابن عباس فلم يمنعه أن يأمرهم أن يرملوا الأشواط كلها إلا إبقاء عليهم (1) أى صدقوا فى أنه صلى الله عليه وسلم طاف راكبا، وكذبوا فى أن الركوب أفضل. بل المشى أفضل، وإنما ركب صلى الله عليه وسلم لشدة ازدحام الناس عليه وسؤالهم إياه عن أحكام المناسك، وكان من خلقه صلى الله عليه وسلم أن لا يدفع قاصده ولا يضرب الناس بين يديه كما يفعل الملوك والعظماء، فدفعا لما يحصل من ضرر الزحام ركب صلى الله عليه وسلم، وهذا معنى قوله كان الناس لا يدفعون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بضم الياء التحتية مبنى للمجهول وكذا قوله ولا يصرفون، وفى لفظ لمسلم "قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر عليه الناس يقولون هذا محمد هذا محمد حتى خرج العواتق من البيوت، قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضرب الناس بين يديه، فلما كثر عليه ركب والمشى والسعى أفضل" (2) أى ما يلقيه عليهم من المواعظ وتعليم الأحكام (ولا تناله أيديهم) أى لأن كل سائل يريد أن يلفته اليه بمدّ يده عليه، وفى هذا إيذاء له صلى الله عليه وسلم، فمن أجل ذلك ركب والله أعلم (قال النووى) وهذا الذى قاله ابن عباس مجمع عليه، أجمعوا على أن الركوب فى السعى بين الصفا والمروة جائز وأن المشى أفضل منه إلا لعذر (3) أقرّ ابن عباس رضى الله عنهما هذا السؤال ولم

-[سبب مشروعية رمي الجمرات - وأن الذبيح اسماعيل على الأرجح]- الشيطان عند السَّعي فسابقه فسبقه إبراهيم، ثمَّ ذهب به جبريل إلى جمرة العقبة فعرض له شيطان (وفي لفظٍ الشيَّطان) فرماه بسبع حصيات حتَّى ذهب، ثمَّ عرض له عند الجمرة الوسطى فرماه بسبع حصيات قال قد تلَّه للجبين (وفى لفظ وثمَّ تلَّه للجبين) وعلى إسماعيل قميص أبيض، وقال يا أبت إنَّه ليس لى ثوب تكفِّننى فيه غيره؛ فاخلعه حتَّى

_ يكذبه، لأن السعى بين الصفا والمروة مشروع بنص القرآن. قال تعالى {إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطَّوَّف بهما} وهو من أركان الحج عند الجمهور، ثم ذكر ابن عباس للسائل سبب مشروعية السعى وهو أن ابراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لما أمره الله بأداء مناسك الحج وذبح أحد ولديه قربانا لله تعالى عقب مناسك الحج، والراجح أنه اسماعيل كما صرح بذلك فى هذا الحديث، اعترضه الشيطان ليفسد عليه عبادته ففر منه ابراهيم تخلصا من شره، فتبعه الشيطان مسرها فأسرع ابراهيم فسبقه وكان ذلك بين الصفا والمروة (1) هذا اللفظ ليونس أحد الراويين اللذين روى عنهما الأمام أحمد هذا الحديث. يعنى أن الشيطان عرض له مرة ثانية يريد إفساد عبادته فرماه ابراهيم بسبع حصيات حتى ذهب عنه، ثم عرض له مرة ثالثة عند الجمرة الوسطى فرمان بسبع حصيات أيضا ليدفعه عن نفسه، والظاهر أن اسماعيل كان مع أبيه ابراهيم فى ذاك الوقت؛ وقد استحضره ابراهيم عليه السلام استعدادا لتنفيذ ما أمره الله به من ذبحه، وقد حاول الشيطان منعه بكل الوسائل فلم يفلح، ففى الرواية للبغوى أن الشيطان أقبل على ابراهيم عليه السلام فقال له أين تريد أيها الشيخ؟ قال أريد هذا الشعب لحاجة لى فيه، قال والله انى لأرى الشيطان قد جاءك فى منامك فأمرك بذبح ابنك هذا، فعرفه ابراهيم عليه السلام فقال اليك عنى يا عدو الله فوالله لأمضين أمر ربى، فرجع ابليس بغيظه (2) زاد البغوى هنا فى رواية "حتى ذهب حتى أدركه عند الجمرة الكبرى فرماه بسبع حصيات حتى ذهب، ثم مضى ابراهيم لأمر الله عز وجل" (3) بفتح الثاء المثلثة أى وهناك تله للجبين، وهذا اللفظ ليونس أيضا "ومعنى تله للجبين" أى صرعه على وجهه ليذبحه من قفاه ولا يشاهد وجهه عند ذبحه ليكون أهون عليه (قال ابن عباس) رضى الله عنهما ومجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة "وتله للجبين" أى أكبه على وجهه (4) الظاهر أنه أراد بخلع القميص عدم تلوثه

-[سبب مشروعية الهدي والتضحية - وتعليم جبريل ابراهيم عليهما السلام مناسك الحج]- تكفِّنني فيه، فعالجه ليخلعه فنودى من خلفه أن يا إبراهيم قد صدَّقت الرُّؤيا فالتفت إبراهيم فإذا هو بكبش أبيض أقرن أعين، قال ابن عبَّاس لقد رأيتنا نتَّبع هذا الضَّرب من الكباش (قال) ثمَّ ذهب به جبريل إلى الجمرة القوصى، فعرض له الشَّيطان فرماه بسبع حصيات حتَّى ذهب، ثمَّ ذهب به جبريل إلى منيً قال هذا منًى (وفي لفظٍ هذا مناخ النَّاس) ثمَّ أتى به جمعًا؛ فقال هذا المشعر الحرام، ثمَّ ذهب به إلى عرفة؟ فقال ابن عبَّاس هل تدري لم سمِّيت عرفة؟ قلت لا، قال إنَّ جبريل قال لإبراهيم عرفت (وفى لفظ هل عرفت؟) قال نعم، قال ابن عبَّاس فمن ثمَّ سمِّيت عرفة؟ ثمَّ قال هل تدرى كيف كانت التلبية؟ قلت وكيف كانت؟ قال إنَّ إبراهيم لمَّا أمر أن يؤذِّن فى النَّاس بالحجِّ خفضت له الجبال رءوسها

_ بالدم ليكون عند التكفين نظيفًا طاهرا والله أعلم (1) أى قد حصل المقصود من رؤياك باضجاعك ولدك للذبح وامتثالك أمر ربك، وذكر السدى وغيره أنه أمرَّ السكين على رقبته فلم تقطع شيئا بل حال ببنها وبينه صفيحة من نحاس ونودى ابراهيم عند ذلك قد صدَّقت الرؤيا (2) أى له قرنان حسنان (أعين) أى واسع العين (3) أى نطلب هذا الصنف المتصف بذلك لأجل الضحية (4) هذا اللفظ ليونس أيضا وهو بضم الميم موضع الأناخة لأن الناس يبيتون بها فينيخون إبلهم (وقوله ثم أتى جمعًا) بفتح الجيم يعنى المزدلفة، وسميت جمعًا لاجتماع الناس بها أو لكونهم يجمعون فيها بين صلاتى المغرب والعشاء جمع تأخير وتقدم معنى تسميتها بالمزدلفة (5) المشعر. واحد المشاعر. هى المعالم الظاهرة، وإنما سميت المزدلفة المشعر الحرام لأنها داخل الحرم (6) روى عبد الرزاق أخبرنى ابن جريج قال قال ابن المسيب قال على بن أبى طالب (رضى الله عنه) بعث الله جبريل عليه السلام إلى ابراهيم صلى الله عليه وسلم فحج به حتى إذا أتى عرفة قال عرفت وكان قد أتاها مرة قبل ذلك، فلذلك سميت عرفة، وقال ابن المبارك عن عبد الملك بن أبى سليمان عن عطاء قال إنما سميت عرفة أن جبريل عليه السلام كان يرى إبراهيم المناسك فيقول عرفت عرفت، فسميت عرفات

-[سبب مشروعية التلبية تأذين ابراهيم في الناب بالحج]- ورفعت له القرى فأذَّن في النَّاس بالحجِّ

_ (1) روى ابن جرير وابن أبى حاتم عن ابن عباس. ومجاهد. وعكرمة. وسعيد بن جبير وغير واحد من السلف أن الله عز وجل أمر ابراهيم أن يؤذن فى الناس بالحج. أى ينادى فى الناس داعيا لهم إلى الحج إلى هذا البيت الذى أمره الله ببنائه، فذكر أنه قال يا رب كيف أبلغ الناس وصوتى لا ينفذهم، فقال نادو علينا البلاغ فقام على مقامه "أى مقام ابراهيم" وقيل على الحجر، وقيل على الصفا. وقيل على أبى قبيس، وقال يا أيها الناس إن ربكم قد اتخذ بيتا فحجوه، فيقال إن الجبال تواضعت حتى بلغ الصوت أرجاء الأرض وأسمع من فى الأرحام والأصلاب وأجابه كل شاء سمعه من حجر ومدر وشجر ومن كتب الله أن يحج إلى يوم القيامة "لبيك اللهم لبيك" (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير ورجاله ثقات اهـ (قلت) روى مسلم وأبو داود منه الجزء المختص بالطواف بالبيت والسعى بين الصفا والمروة من حديث الطفيل عن ابن عباس أيضا (وللأمام أحمد رواية أخرى) مختصرة "عن ابن عباس أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن جبريل ذهب بابراهيم عليه السلام الى جمرة العقبة فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ، ثم أتى الجمرة الوسطى فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ، ثم أتى الجمرة القصوى فرماه بسبع حصيات فساخ، فلما أراد ابراهيم أن يذبح اسحاق قال يا أبت أوثقنى لا اضطرب فينضح عليك دمى اذا ذبحتنى، فشده، فلما أحد الشفرة وأراد أن يذبحه نودى من خلفه أن يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا" فى هذه الرواية أن الذبيح اسحاق، ولكن فى اسنادها عطاء بن السائب وقد اختلط (زوائد الباب) (عن ابن عباس) رضى الله عنهما قال جاء جبريل الى النبى صلى الله عليه وسلم ليريه المناسك فانفرج له ثبير فدخل منى فأراه الجمار ثم أراه جمعا، وأراه عرفات، فلما كان عند الجمرة نبع له ابليس (أى خرج له من الأرض كما يخرج الماء من العين) فرماه بسبع حصيات فساخ (أى غاص فى الأرض) ثم نبع له حتى ذكر جمرة العقبة فساخ فذهب (وفى رواية عن ابن عباس أيضا) قال انطلق جبريل عليه السلام بالنبى صلى الله عليه وسلم ليريه المناسك فأتى به جمرة العقبة فاذا إبليس عليها فأمره فرماه بسبع حصيات فساخ فى الأرض، ثم أتى الجمرة الوسطى فاذا هو بابليس فأمره فرماه بسبع حصيات فساخ فى الأرض، ثم أتي الثالثة فقال مثل ذلك، ثم أتى جمعا ثم لبى من عرفات، أورده الهيثمى وقال رواه كله الطبرانى فى الكبير وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط (الأحكام) اشتمل هذا الباب على ذكر أسباب شاء كثير من أفعال الحج، فذكر فيه سبب الرمل فى طواف القدوم والسعى بين الصفا والمروة

-[بيان مواقيت الإحرام المكانية وتحديد ذى الحليفة والجحفة]- (أبواب الاحرام ومواقيته وصفته واحكامه) (1) باب مواقيت الاحرام المكانية (71) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال وقَّت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لأهل المدينة ذا الحلِّيفة ولأهل الشَّام

_ والركوب فيه (وفيه أيضا) سبب رمى الجمرات الثلاث والمبيت بمنى والوقوف بالمزدلفة (وفيه أيضا) سبب تسمية عرفة بعرفة وسبب التلبية، أما أحكام هذه الأفعال ومذاهب الأئمة فيها فستأتى مفصلة فى أبوابها ان شاء الله تعالى والله الموفق (71) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى ثنا يزيد أنا حماد ابن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (1) قال القاضى عياض وقت أى حدَّد (وقال الحافظ) أصل التوقيت أن يجعل للشاء وقت يختص به، وهو بيان مقدار المدة ثم اتسع فيه فأطلق على المكان أيضا، قال ابن الأثير التأقيت أن يجعل للشاء وقت يختص به وهو بيان مقدار المدة، يقال وقت الشاء بالتشديد يؤقته، ووقته بالتخفيف يقته إذا بين مدته، ثم اتسع فيه فقيل للموضع ميقات (وقال الشوكانى) المراد بالتوقيت هنا التحديد، ويحتمل أن يريد به تعليق الأحرام بوقت الوصول إلى هذه الأماكن بالشرط المعتبر (وقال ابن دقيق العيد) إن التأقيت فى اللغة تعليق الحكم بالوقت ثم استعمل للتحديد والتعيين، وعلى هذا فالتحديد من لوازم الوقت وقد يكون وقَّت بمعنى أوجب، ومنه قوله تعالى {ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا} (2) أى النبوية ومن سلك طريق سفرهم ومر على ميقاتهم (وقوله ذا الحليفة) مفعول وقت وهو تصغير حلفة، نبت معروف. وهى قرية خربة وبها مسجد يعرف بمسجد الشجرة خراب. وبئر يقال لها بئر على، وقال فى القاموس هو ماء لبنى جشم على ستة أميال (يعنى من المدينة) وصححه النووى، وقول من قال كابن الصباغ فى الشامل والرويانى فى البحر إنه على ميل من المدينة وهم يرده الحس (3) أى من العريش إلى نابلس، وقيل إلى الفرات ومن سلك طريقهم (الجحفة) بضم الجيم واسكان الحاء المهملة وفتح الفاء قرية على ستة أميال من البحر وثمان مراحل من المدينة، ومن مكة خمس مراحل أو ستة أو ثلاثة، قال ابن الكلبى كان العماليق يسكنون يثرب فوقع بينهم وبين بنى عبيل "بفتح المهملة وكسر الموحدة" وهم اخوة عاد حرب، فأخرجوهم من يثرب فنزلوا مهيعة "بفتح أوله وسكون ثانيه" وهي

-[ميقات أهل اليمن يلملم - وأهل نجد قرن - وتحديد يلملم وقرن]- الجحفة؛ ولأهل اليمن يلملم ولأهل نجد قرنًا، وقال وهنَّ وقت لأهلهنَّ ولمنّ مرَّ بهنَّ من غير أهلهنَّ يريد الحجَّ والعمرة، فمن كان منزله من وراء الميقات فإهلاله من حيث ينشئ وكذلك، حتَّى أهل مكَّة إهلالهم

_ الجحفة كما صرح بذلك فى رواية عند مسلم، فجاء سيل فاجتحفهم أى استأصلهم فسميت الجحفة، وهى الآن خربة لا يصل اليها أحد لوخمها، وإنما يحرم الناس الآن من رابغ لكونها محاذية لها، وفى حديث عائشة عند النسائى مرفوعا ولأهل الشام ومصر الجحفة (وعند الشافعى) فى مسنده عن عطاء مرسلا ولأهل المغرب الجحفة، قال الولى بن العراقى وهذه زيادة يجب الأخذ بها وعليها العمل (1) يعنى إذا مروا بطريق تهامة ومن سلك طريق سفرهم ومر عليهم فيمقاتهم جميعا (يلملم) بفتح الياء التحتية واللامين وسكون الميم الأولى بينهما غير منصرف. جبل من جبال تهامة، ويقال فيه ألملم بهمزة بدل الياء على مرحلتين من مكة، فان مر أهل اليمن من طريق الجبال فميقاتهم نجد (2) أى نجد الحجاز أو اليمن ومن سلك طريقهم فى السفر (قرنا) بفتح القاف وسكون الراء أى قرون المنازل كما فى رواية أخرى للشيخين والأمام أحمد، وضبطه صاحب الصحاح بفتح الراء وغلطه صاحب القاموس، وحكى النووى الاتفاق على تخطئته. وقيل إنه بالسكون. الجبل. وبالفتح. الطريق، حكاه عياض عن القابسى (قال الحافظ) والجبل المذكور بينه وبين مكة من جهة المشرق مرحلتان اهـ. ويسمى قرن الثعالب، وسمى بذلك لكثرة ما كان يأوى اليه من الثعالب، وحكى الرويانى عن بعض قدماء الشافعية أنهما موضعان، أحدهما فى هبوط، وهو الذى يقال له قرن المنازل والآخر فى صعود، وهو الذى يقال له قرن الثعالب، والمعروف الأول، لكن فى أخبار مكة للفاكهى أن قرن الثعالب جبل مشرف على أسفل منى بينه وبين منى ألف وخمسمائة ذراع فظهر أن قرن الثعالب ليس من المواقيت (3) أى هذه المواقيت لأهل هذه البلدان (ولمن مر بهن) أى بهذه المواقيت (من غير أهلهن) أى من غير أهل البلاد المذكورة، فاذا أراد الشامى الحج فدخل المدينة فميقاته ذو الحليفة لاجتيازه عليها ولا يؤخر حتى يأتى الجحفة التى هى ميقاته الأصلى، فان أخر أساء ولزمه دم عند الجمهور، وحكى النووى الأجماع على ذلك، وتعقب بأن المالكية يقولون يجوز له ذلك وإن كان الأفضل خلافه؛ وبه قالت الحنفية وأبو ثور وابن المنذر من الشافعية؛ وهكذا ما كان من البلدان خارجا عن البلدان المذكورة، فان ميقات أهلها الميقات الذى يأتون عليه (4) أى بين الميقات ومكة

-[من أين يحرم أهل مكة - ومن كان بلده بين الميقات ومكة]- من حيث ينشئون (وعنه من طريقٍ ثانٍ بنحوه وفيه) فمن كان من دون ذلك فمن حيث أنشأ حتَّي أهل مكَّة من مكَّة (72) عن نافعٍ عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّ رجلًا سأل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من أين يحرم؟ قال مهلُّ أهل المدينة من ذى الحليفة، ومهلُّ أهل الشَّام من الجحفة، ومهلُّ أهل اليمن من يلملم، ومهلُّ أهل نجد من قرن، وقال ابن عمر وقاس النَّاس ذات عرق بقرن (ومن طريقٍ ثانٍ) عن عبد الله

_ (فإهلاله من حيث ينشيء) أى يهل من ذلك الموضع (قال الحافظ) وهذامتفق عليه إلا ما روى عن مجاهد أنه قال ميقات هؤلاء نفس مكة ويدخل فى ذلك من سافر غير قاصد للنسك فجاوز الميقات ثم بدا له بعد ذلك النسك، فانه يحرم من حيث تجدد له القصد، ولا يجب عليه الرجوع الى الميقات (1) يعنى أن أهل مكة وغيرهم ممن هنا بها يهلون من مكة (كما فى الطريق الثانية) ولا يخرجون الى الميقات للأحرام منه وهذا فى الحج، وأما فى العمرة فيجب الخروج الى أدنى الحل كما سيأتى (قال المحب الطبرى) ولا أعلم أحدا جعل مكة ميقاتا للعمرة، واختلف فى القارن فذهب الجمهور الى أن حكمه حكم الحاج فى الأهلال من مكة، وقال ابن الماجشون يتعين عليه الخروج الى أدنى الحل والله أعلم (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشام الجحفة، ولأهل نجد قرن المنازل، ولأهل اليمن يلملم هن لهم ولكل آت أتى عليهن من غيرهن ممن أراد الحج والعمرة. فمن كان من دون ذلك - الحديث" (3) أى فمهله من مكانه حيث قصد الذهاب إلى مكة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (72) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنا يحيى بن سعيد وعبيد الله بن عمرو بن عون وغير واحد عن نافع عن ابن عمر - الحديث" (غريبه) (4) بضم الميم وفتح الهاء أى موضع اهلال أهل المدينة الخ (5) ومثلها مصر والمغرب من الجحفة (6) يريد ابن عمر رضى الله عنهما أنه لم يسمع فى ذات عرق حديثا مرفوعا. وسيأتى الكلام عليه (7) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عبد الله ثنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر

-[كلام العلماء في مهل أهل العراق - وهل هو ثابت من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أم لا]- ابن دينار عن ابن عمر رضى الله عنهما قال وقَّت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لأهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل نجدٍ قرنًا، ولأهل الشَّام الجحفة، وقال هؤلاء الثَّلاث حفظتهنَّ من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وحدِّثت أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال ولأهل اليمن يلملم، فقيل له العراق، قال لم يكن يومئذ عراق (73) عن ابن جريح أخبرني أبو الزُّبير أنَّه سمع جابر بن عبد الله يسأل عن المهلِّ فقال سمعت ثمَّ انتهى، أراه يريد النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول مهلُّ أهل

_ - الحديث" (غريبه) (1) أى سمعهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير واسطة (وقوله وحدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولأهل اليمن يلملم) يريد أنه لم يسمع هذا الميقات الرابع من النبى صلى الله عليه وسلم. وإنما بلغه عنه بواسطة، وهذا لا يقدح فى الحديث، فقد ثبت ذلك فى حديث ابن عباس المتقدم ورواه الشيخان أيضا، وفى حديث جابر الآتى رواه مسلم وغيره (2) أى فقيل لابن عمر ما ميقات العراق (فقال لم يكن يومئذ عراق) يعنى أن العراق لم يكن فتح فى زمنه صلى الله عليه وسلم، وهذا لا ينافى أن النبى صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق قبل فتحه لعلمه بأنه سيفتح، ويكون ذلك من معجزات النبى صلى الله عليه وسلم والأخبار بالمغيبات المستقبلات ولم يبلغ ابن عمر ذلك؛ فقد وقت صلى الله عليه وسلم لأهل الشام الجحفة فى جميع الأحاديث الصحيحة، ومعلوم أن الشام لم يكن فتح حينئذ. وقد ثبتت الأحاديث الصحيحة عنه صلى الله عليه وسلم أنه أخبر بفتح الشام واليمن والعراق. وأنهم يأتون اليهم يبسون، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون. وأنه صلى الله عليه وسلم أخبر بأنه زويت له مشارق الأرض ومغاربها، وقال سيبلغ ملك أمتى ما زوى لى منها وأنهم سيفتحون مصرى وهى أرض يذكر فيها القيراط، وأن عيسى عليه السلام ينزل على المنارة البيضاء شرقى دمشق. وكل هذه الأحاديث فى الصحيح. وفى الصحيح من هذا القبيل ما يطول ذكره. والله أعلم. قاله النووى (قلت) جاءت أحاديث وآثار كثيرة من عدة طرق تدل على أن النبى صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق. بل جاء ذلك فى حديث جابر رواه مسلم والأمام أحمد وسيأتى بعد هذا. إلا أنه مشكوك فى رفعه. وسيأتى الكلام على هذه المسألة فى الأحكام ان شاء الله تعالى (تخريجه) (ق. وغيرهما) (73) عن ابن جريج (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا ابن جريج - الحديث" (3) بضم الميم أى مواضع الأهلال (فقال) أي جابر (سمعت

-[تحديد ذات عرق - وحجة القائلين بأن مهل أهل العراق لم ينبت مرفوعا]- المدينة من ذي الحليفة، والطَّريق الأخرى الجحفة، ومهلُّ أهل العراق من ذات عرقٍ ومهلُّ أهل نجدٍ من قرنٍ، ومهلُّ أهل اليمن من يلملم (ومن

_ ثم انتهى) أى سكت جابر عن الكلام ثم قال (أراه) بضم الهمزة أى أظنه، وقد ثبت فى رواية مسلم بعد قوله ثم انتهى "فقال أراه" يعنى أن جابرًا عدل عن قوله سمعت، وأتى بقوله أراه بدلها، والضمير فى قوله أراه يرجع إلى النبى صلى الله عليه وسلم بديل قول أبى الزبير (يريد النبى صلى الله عليه وسلم) فهذه الجملة من كلام أبى الزبير مفسرة لقول جابر أراه (يقول) يعنى النبى صلى الله عليه وسلم (مهل أهل المدينة من ذى الحليفة - الحديث) والمعنى أن أبا الزبير سمع بعض الناس يسأل جابرا عن مواضع إحرام الحجاج من جميع الجهات، فقال جابر سمعت ثم وقف عن الكلام، ثم قال أراه أى أظن أن النبى صلى الله عليه وسلم قال مهل أهل المدينة من ذى الحليفة الخ. وأما قوله يريد النبى صلى الله عليه وسلم فهو من كلام أبى الزبير يفسر به رجوع الضمير الى النبى صلى الله عليه وسلم فى قول جابر أراه يعنى مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم (قال النووى) رحمه الله لا يحتج بهذا الحديث مرفوعا لكونه لم يجزم برفعه (1) هو الجبل الصغير. وقيل العرق من الأرض السبخة تنبت الطرفاء وبينها وبين مكة اثنان وأربعون ميلا، وهذا صريح فى كونه ميقات أهل العراق، لكن قال النووى إنه غير ثابت لعدم جزمه برفعه (وأجيب) بأن قوله أراه أو أحسبه كما فى رواية لمسلم معناه أظنه، والظن فى باب الرواية يتنزل منزلة اليقين وليس ذلك قاد حافى رفعه، وأيضا فلو لم يصرح برفعه لا يقينا ولا ظنا فهو منزل منزلة المرفوع، لأن هذا لا يقال من قبل الرأى، وإنما يؤخذ توقيفا من الشارع، لا سيما وقد ضمه جابر إلى المواقيت المنصوص عليها يقينًا باتفاق، وقد أخرجه الأمام أحمد من رواية ابن لهيعة كما فى الطريق الثانية؛ وابن ماجه من رواية ابراهيم بن يزيد كلاهما عن أبى الزبير ولم يشكا فى رفعه، ووقع فى حديث عائشة عند أبى داود والنسائى بأسناد صحيح كما قاله النووى أن "رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق" لكن الأمام أحمد كان ينكر على أفلح بن حميد هذا الحديث، نعم قال ابن عدى قد حدث عنه ثقات الناس وهو عندى صالح وأحاديثه مستقيمة كلها وصححه الذهبى، وقال العراقى إن اسناده جيد، وروى الدارقطنى والأمام أحمد وسيأتى بعد هذا من حديث الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال "وقت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث" وسيأتى بلفظه، وفيه قال "ولأهل العراق ذات عرق" فهذه الأحاديث وإن كانت لا تخلوا من مقال، فمجموعها لا يقصر عن درجة الاحتجاج، وقد قال ذلك غير واحد

-[تحديد تهامة والعقيق - وحجة القائلين بأن النبي صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق]- طريقٍ ثانٍ) عن ابن لهيعة ثنا أبو الزُّبير قال سألت جابرًا عن المهلِّ قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول مهلُّ أهل المدينة من ذى الحليفة فذكره باللَّفظ المتقدِّم (74) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه قال وقَّت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لاهل المدينة ذا الحليفة، ولأهل الشَّام الجحفة، ولأهل اليمن وأهل تهامة يلملم، ولأهل الطَّائف وهى نجد قرنًا، ولأهل العراق ذات عرقٍ (75) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال وقَّت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لأهل المشرق العقيق

_ من أئمة الحديث والله أعلم (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثما ابن لهيعة - الحديث" (2) هنا صرح بالسماع فالحديث مرفوع بلا شك (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه مسلم، ولكن بالشك فى رفعه كما هنا، وأخرج الطريق الثانية ابن ماجه بغير شك وفى اسناده ابن لهيعة ضعيف (74) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا حجاج عن عطاء عن جابر. وعن أبى الزبير عن جابر. وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده - الحديث" (غريبه) (3) بكسر التاء المثناة، هى أرض أولها ذات عرق من قبل نجد إلى مكة وما وراءها بمرحلتين أو أكثر، ثم تتصل بالغور وتأخذ الى البحر، ويقال إن تهامة تتصل بأرض اليمن وإن مكة من تهامة اليمن، والنسبة اليها تهامى وتهام أيضا بالفتح. قاله فى المصباح (تخريجه) (قط) وفى إسناده الحجاج بن أرطاة فيه كلام قال الهيثمى. وقد وثق (75) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان عن يزيد بن أبى زياد عن محمد بن على بن عبد الله بن عباس عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (4) هو واد وراء ذات عرق مما يلى المشرق، قال الأمام أبو منصور الأزهرى فى تهذيب اللغة يقال لكل مسيل ماء شقه السيل فأنهره ووسعه عقيق. قال وفى بلاد العرب أربعة أعقه، وهى أودية عادية. منها عقيق يدفق ماؤه فى غور ثهامة وهو الذى ذكره الشافعى فقال لو أهلوا من العقيق كان أحب إلى (تخريجه) (د. مذ) وقال

-[حجة القائلين بجواز الأحرام قبل الميقات - وفضل الأحرام من بيت المقدس]- (76) عن عبد الله بن الزُّبير رضى الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وقَّت لأهل نجد قرنًا (77) عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى صعصعة عن أمِّ حكيمٍ السَّلميَّة عن أم سلمة زوج النَّبي صلَّى الله عليه وسلَّم ورضي عنها أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال من أحرم من بيت المقدس غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه (ومن طريقٍ ثانٍ) عن يحيى بن أبى سفيان الأخنسىِّ عن أمِّه أمِّ حكيم بنة أمية بن الأخنس عن أمِّ سلمة زوج النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ورضى عنها قالت سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول من أهلَّ من المسجد الأقصى بعمرةٍ أو بحجةٍ غفر الله له ما تقدَّم من ذنبه، قال فركبت أمُّ حكيمٍ عند ذلك

_ حديث حسن (قال النووى) فى شرح المهذب وليس كما قال فانه من رواية يزيد بن زياد وهو ضعيف باتفاق المحدثين اهـ. وقال الخطابى الحديث فى العقيق أثبت منه فى ذات عرق والله أعلم (76) عن عبد الله بن الزبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو كامل ثنا حماد يعنى ابن سلمة عن أيوب عن عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما - الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، إلا أن أيوب بن أبى تميمة لم يسمع من ابن الزبير (77) عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى صعصعة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة قال ثنا جعفر بن ربيعة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى صعصعة - الحديث" (غريبه) (1) هى بنت أمية بنت الأخنس كما فى الطريق الثانية (2) تقدم غير مرة الكلام فى تكفير الذنوب بالأعمال الصالحة والخلاف فى ذلك، وفيه فضيلة الأحرام من بيت المقدس، لأن له مزايا عديدة لا توجد فى غيره (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب قال حدثنى أبى عن ابن إسحاق قال حدثنى سليمان بن سحيم مولى آل جبير عن يحيى بن أبي سفيان الأخنسي - الحديث"

-[تحديد التنعيم وأنه ميقات العمرة لمن بمكة]- الحديث إلى بيت المقدس حتَّى أهَّلت بعمرةٍ (78) عن عبد الرَّحمن بن أبى بكر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ارحل هذه النَّاقة، ثمَّ أردف أختك فإذا هبطتما من أكمة التَّنعيم فأهلاَّ وأقبلا، وذلك ليلة الصَّدر (وعنه من طريقٍ ثانٍ) بنحوه وفيه فإذا هبطت بها من الأكمة فلتحرم فإنَّها عمرة متقبَّلة

_ (غريبه) (1) أي عندما سمعت هذا الحديث لتحوز هذه المزية العظمى، وسيأتى الكلام عليه فى الأحكام (تخريجه) (د. جه. هق) وغيرهم قال النووى وإسناده ليس بالقوى (قلت) إسناده عند الأمام أحمد لا بأس به والله أعلم (78) عن عبد الرحمن بن أبى بكر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن اسحاق أنبأنا عبد الله يعنى ابن المبارك أنبأنا زكريا بن اسحاق عن ابن أبى نجيح أن أباه حدثه أنه أخبره من سمع عبد الرحمن بن أبى بكر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (2) أى شد عليها رحلها يقال رحلت البعير رحلا من باب نفع شددت عليه رحله، وتقدم شرحه، وهو للبعير كالسرج للفرس (3) أى اجعلها خلفك على ظهر الناقة؛ والرديف الذى تجعله خلفك على ظهر الدابة، تقول أردفته اردافا، وفيه جواز إرداف المرأة مع الرجل إذا كانت محرما له (4) الأكمة بفتحات تل وقيل شرفة كالرابية وهو ما اجتمع من الحجارة فى مكان واحد، وربما غلظ وربما لم يغلط، والجمع أكم وأكمات مثل قصبة وقصب وقصبات، وجمع الأكم إكام مثل جبل وجبال وجمع الأكام أكم بضمتين مثل كتاب وكتب وجمع الأكم آكام مثل عنق وأعناق (مصباح) والتنعيم موضع قريب من مكة وهو أقرب أطراف الحل الى مكة، ويقال بينه وبين مكة أربعة أميال ويعرف بمساجد عائشة، وتقدم الكلام عليه بأطول من هذا فى باب جواز العمرة فى جميع أشهر السنة صحيفة 53 فى الشرح (5) بفتحات أى ليلة سفرهم من مكة الى المدينة بعد انقضاء نسكهم (6) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا داود بن مهران الدباغ حدثنا داود يعنى العطار عن ابن خثيم عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنة عبد الرحمن ابن أبى بكر الصديق عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرحمن أردف أختك يعنى عائشة فأعمرها من التنعيم فاذا هبطت بها - الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما)

-[زوائد الباب - واتفاق الأئمة على مشروعية المواقيت]- .....

_ من مسند عائشة بألفاظ مختلفة. وفى الطريق الأولى من حديث الباب رجل لم يسم (زوائد الباب) (عن نافع عن ابن عمر) رضى الله عنهما قال لما فتح هذان المصران أتوا عمر فقالوا يا أمير المؤمنين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حد لأهل نجد قرنا وهو جور عن طريقنا وإنا إن أردنا قرنا شق علينا، قال فانظروا حذوها من طريقكم؛ فحد لهم ذات عرق رواه البخارى (وقوله المصران بالتثنية) المراد بهما البصرة والكوفة (وعن عائشة) رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم وقت لأهل العراق ذات عرق (د. نس) وسكت عنه أبو داود والمنذرى فهو صالح (وعن أنس بن مالك) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المدائن العقيق. ولأهل البصرة ذات عرق. ولأهل المدينة ذا الحليفة. ولأهل الشام الجحفة (طب) وفيه أبو ظلال هلال بن يزيد وقفه ابن حيان وضعفه جمهور الأئمة وبقية رجاله رجال الصحيح (وعن الحارق بن عمرو) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمنى أو بعرفات ووقت لأهل اليمن يلملم أن يهلوا منها (طب) ورجاله ثقات (وعن ابن عباس رضى الله عنهما) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا تجاوز الموقت إلا باحرام (طب) وفيه خصيف وفيه كلام قد وثقه جماعة (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحرم من بيت المقدس دخل مغفورا له (قال الهيثمى) هكذا وجدته فى نسختين، رواه الطبرانى فى الأوسط وفيه غالب بن عبد الله العقيلى وهو متروك (وعن الحسن) أن عمران بن حصين رضى الله عنه أحرم من البصرة، فلما قدم على عمر وكان قد بلغه ذلك أغلظ له وقال يتحدذ الناس أن رجلا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أحرم من مصر من الأمصار (طب) ورجاله رحال الصحيح الا أن الحسن لم يسمع من عمر (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية المواقيت المذكورة فيها، وقد أجمع العلماء على ذلك، وحكمها الوجوب عند جمهور العلماء، منهم (الأئمة الأربعة) بحيث لو تركها وأحرم بعد مجاوزتها أثم ولزمه دم وصح حجه (وقال عطاء والنخعى) لا شاء عليه (وقال سعيد بن جبير) لا يصح حجه (قال النووى) وفائدة المواقيت أن من أراد حجا أو عمرة عليه مجاوزتها بغير احرام ولزمه الدم (قال أصحابنا) فان عاد الى الميقات قبل التلبس بنسك سقط عنه الدم، وفى المراد بهذا النسك خلاف منتشر (وأما من لا يريد حجا ولا عمرة) فلا يلزمه الأحرام لدخول مكة على الصحيح من مذهبنا سواء دخل لحاجة تتكرر كحطَّاب وحشّاش وصياد ونحوهم أو لا تتكرر كتجارة وزيارة (وأما من مر بالميقات) غير مريد دخول الحرم بل لحاجة دونه ثم بدا له أن يحرم فيحرم من موضعه الذى بدا له فيه، فان جاوزه بلا إحرام ثم أحرم أثم ولزمه الدم؛ وان أحرم من الموضع الذى بدا له أجزأه ولا دم عليه ولا يكلف

-[اختلاف الأئمة في ميقات العراق وأدلاء كل بحجته والجمع بين ذلك]- .....

_ الرجوع إلى الميقات. هذا مذهبنا ومذهب الجمهور (وقال أحمد واسحاق) يلزمه الرجوع الى الميقات اهـ. وقد اتفق العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نص على الأربعة مواقيت المذكورة فى حديث ابن عباس الأول من أحاديث الباب (واختلفوا) فى ذات عرق هل صرت ميقاتا لأهل العراق بتوقيت النبى صلى الله عليه وسلم ونصه. أم باجتهاد عمر بن الخطاب رضى الله عنه كما هو صريح فى صحيح البخارى وهو الحديث الأول من أحاديث الزوائد؟ (قال صاحب المهذب) انه لم ينص عليه النبى صلى الله عليه وسلم بل هو اجتهاد من عمر نص على ذلك الشافعى فى الأم، ووجهه ما روى عن ابن عمر قال لما فتح هذان المصران فذكر الحديث اهـ (قلت) هذا الحديث هو الأول من أحاديث الزوائد (وذهبت الحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية) الى أنه منصوص عليه. محتجين بحديثى جابر وعمرو بن شعيب. والحديث الثانى لابن عباس من أحاديث الباب، وبحديثى أنس وعائشة المذكورين فى الزوائد (قال النووى) فى شرح المهذب وهو الصحيح عند جمهور أصحابنا أنه منصوص عليه من النبى صلى الله عليه وسلم، وممن صرح بتصحيحه الشيخ أبو حامد فى تعليقه. والمحاملى فى كتابيه المجموع والتجريد. وصاحب الحاوى واختاره القاضى أبو الطيب فى تعليقه. وصاحب الشامل وغيرهما (قال الرافعى) واليه ميل الأكثرين (ورجح جماعة) كونه مجتهدا فيه، منهم القاضى حسين، وإمام الحرمين. وغيرهما وقطع به الغزالى فى الوسيط (قال إمام الحرمين) الصحيح أن عمر وقته قياسا على قرن ويلملم قال والذى عليه التعويل أنه باجتهاد عمر (وذكر القاضى أبو الطيب) فى تعليقه أن قول الشافعى قد اختلف فى ذات عرق، فقال فى موضع هو منصوص عليه، وفى موضع ليس منصوصا عليه (وممن قال إنه مجتهد فيه) من السلف طاوس وابن سيرين وأبو الشعثاء جابر بن زيد، وحكاه البيهقى وغيره (وممن قال من السلف إنه منصوص عليه) عطاء بن أبى رباح وغيره، وحكاه ابن الصباغ عن (أحمد وأصحاب أبى حنفة) واحتج من قال إنه مجتهد فيه بحديث ابن عمر لما فتح المصران (واحتج) القائلون بأنه منصوص عليه بالأحاديث السابقة عن النبى صلى الله عليه وسلم. يعنى المنصوص فيها أن ذات عرق ميقات العراق، وتقدم بعضها فى أحاديث الباب وبعضها فى الزوائد (قال النووى) قالوا وإن كانت أسانيد مفرداتها ضعيفة فمجموعها يقوى بعضه بعضا ويصير الحديث حسنا ويحتج به، ويحمل تحديد عمر رضى الله عنه باجتهاده على أنه لم يبلغه تحديد النبى صلى الله عليه وسلم فحدده باجتهاده فوافق النص، وكذا قال الشافعى فى أحد نصية السابقين إنه مجتهد فيه لعدم الحديث عنده، وقد اجتمعت طرقه عند غيره فقوى وصار حسنا والله أعلم اهـ (قال الحافظ) لعل من قال إنه غير منصوص لم يبلغه أو رأى ضعف الحديث باعتبار أن كل طريق منها لا يخلو عن مقال، قال لكن الحديث

-[اختلاف العلماء في ميقات أهل العراق هل هو العقيق أو ذات عرق والجمع بين ذلك]- .....

_ بمجموع الطرق يقوى (وممن قال بأنه غير منصوص) وإنما أجمع عليه الناس طاوس وبه قطع الغزالى والرافعى فى شرح المسند "يعنى مسند الشافعى" والنووى فى شرح مسلم وكذا وقع فى المدونة لمالك (وممن قال بأنه منصوص عليه) الحنفية والحنابلة وجمهور الشافعية والرافعى فى الشرح الصغير. والنووى فى شرح المهذب. وقد أعله بعضهم بأن العراق لم تكن فتحت حينئذ، قال ابن عبد البر هى غفلة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم وقت المواقيت لأهل النواحى قبل الفتوح لكونه علم أنها ستفتح، فلا فرق فى ذلك بين الشام والعراق، وبهذا أجاب الماوردى وآخرون، وقد ورد ما يعارض أحاديث الباب فأخرج أبو داود والترمذى (قلت والأمام أحمد فى أحاديث الباب) عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم وقت لأهل المشرق العقيق وحسنه الترمذى، ولكن فى اسناده يزيد بن أبى زياد (قال النووى) ضعيف باتفاق المحدثين (قال الحافظ) فى نقل الاتفاق نظر يعرف من ترجمته، ويريد المذكور أخرج حديثه أهل السنن الأربع ومسلم مقرونًا بآخر، قال شعبة لا أبالى إذا كتبت عن يزيد أن لا أكتب عن أحد، وهو من كبار الشيعة وعلمائها، ووصفه فى الميزان بسوء الحفظ، وقد جمع بين هذا الحديث وبين ما قبله بأوجه (منها) أن ذات عرق ميقات الوجوب، والعقيق ميقات الاستحباب لأنه أبعد من ذات عرق (ومنها) أن العقيق ميقات لبعض العراقيين وهم أهل المدائن، والآخر ميقات لأهل البصرة، ووقع ذلك فى حديث أنس عند الطبرانى وإسناده ضعيف (ومنها) أن ذات عرق كانت أولا فى موضع العقيق الآن ثم حولت وقربت إلى مكة، فعلى هذا فذات عرق والعقيق شاء واحد اهـ بتصرف واختصار (قال ابن المنذر) واختلفوا فى المكان الذى يحرم منه من أتى من العراق على ذات عرق، فكان أنس يحرم من العقيق، واستحب ذلك الشافعى (وكان مالك واسحاق وأحمد وأبو ثور) وأصحاب الرأى يرون الأحرام من ذات عرق، وقال أبو بكر الأحرام من ذات عرق يجزاء وهو من العقيق أحوط، وقد كان الحسن بن صالح يحرم من الربذة، وروى ذلك عن خصيف والقاسم بن عبد الرحمن (وفى أحاديث الباب أيضا) دلالة على أن من كان من أهل مكة وأراد الحج فميقاته من مكة نفسها، وتقدم الكلام على ذلك فى شرح الحديث الأول من أحاديث الباب، وإن أراد العمرة فميقاته من أدنى الحل (وفضَّل الأمام الشافعى وأصحابه) الأحرام بالعمرة من الجعرانة لأنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة وتقدم صحيفة 68 رقم 62 من حديث محرش الكعبى، وسيأتى فى باب طواف القدوم والرمل عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من جعرانة فرملوا بالبيت ثلاثا ومشوا أربعا، قالوا فان أخطأ الجعرانة فمن التنعيم، لأن النبى صلى الله عليه وسلم أعمر عائشة من التنعيم كما فى حديث الباب عن عبد الرحمن بن أبى بكر، وقد تقدم الكلام في الإحرام بالعمرة

-[كلام العلماء فيمن أحرم قبل الميقات أو بعده - تتمة في مواقيت الحج الزمانية]- .....

_ من التنعيم ومذاهب العلماء فيه صحيفة 57 فى أحكام باب جواز العمرة فى أشهر السنة فارجع اليه إن شئت (وقد استدل بحديث أم سلمة) المذكور فى الباب على استحباب تقديم الأحرام على الميقات، ويؤيد ذلك ما أخرجه الأمام الشافعى فى الأم عن عمر والحاكم فى المستدرك بأسناد قوى عن على رضى الله عنهما أنهما قالا إتمام الحج والعمرة فى قوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} أن تحرم لهما من دويرة أهلك، بل ثبت ذلك مرفوعا من حديث أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فى قوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} قال إن من تمام الحج أن تحرم من دويرة أهلك، وهو المشهور عن عمر وعلى رضى الله عنهما (وبه قال الأمام أبو حنيفة وهو قول للأمام الشافعى) وصححه الرافعى، وحكاه ابن المنذر عن علقمة والأسود وعبد الرحمن وأبى اسحاق والبيهقى (قال ابن المنذر) وثبت أن ابن عمر أهلَّ من ايلياء وهو بيت المقدس (وذهب الأمامان مالك وأحمد) إلى أن الأفضل أن يحرم من الميقات، وبه قال عطاء والحسن البصرى واسحاق، وروى عن عمر بن الخطاب، حكاه ابن المنذر عنهم كلهم (وهو قول للأمام الشافعى) وصححه النووى قال وهو موافق للأحاديث الصحيحة "هن وقت لأهلهن ولمن مر بهن من غير أهلهن" أما من كان مسكنه بين مكة والميقات فميقاته موضعه (وبه قال الأئمة الأربعة) وطاوس وأبو ثور والجمهور، وقال مجاهد يحرم من مكة. ودليل الجمهور حديث ابن عباس المذكور أول الباب والله أعلم (تنبيه) حكى الأمام الشافعى وابن المنذر رحمهما الله عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه أحرم من الفرع (بضم الفاء وإسكان الراء) وهو بلاد بين مكة والمدينة بين ذى الحليفة وبين مكة، فتكون دون ميقات المدنى وابن عمر مدنى، وهذا ثابت عن ابن عمر، رواه الأمام مالك فى الموطأ بأسناده الصحيح، وتأوله الأمام الشافعى وأصحابه تأويلين (أحدهما) أن يكون خرج من المدينة إلى الفرع لحاجة ولم يقصد مكة ثم أراد النسك فان ميقاته مكانه (والثانى) أنه كان بمكة فرجع قاصدًا الى المدينة، فلما بلغ الفرع بدا له أن يرجع الى مكة فميقاته مكانه والله أعلم (تتمة فى مواقيت الحج الزمانية) اعلم أرشدنى الله واياك أن للحج مواقيت زمانية كما له مواقيت مكانية، وقد علمت المكانية وما فيها من الأحكام (أما الزمانية) فهى أشهر معلومة يكون الأحرام بالحج فيها، والأصل فى ذلك قول الله عز وجل {الحج أشهر معلومات} قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره اختلف أهل العربية فى قوله تعالى {الحج أشهر معلومات} فقال بعضهم تقديره الحج حج أشهر معلومات، فعلى هذا التقدير يكون الأحرام بالحج فيها أكمل من الأحرام فيما عداها وان كان ذاك صحيحا، والقول بصحة الأحرام فى جميع السنة (مذهب مالك وأبي حنيفة

-[تعيين أشهر الحج واختلاف المذاهب في الأحرام في غيرها]- .....

_ وأحمد بن حنبل) واسحاق بن راهويه؛ وبه يقول ابراهيم النخعى والثورى والليث ابن سعد، واحتج لهم بقوله تعالى {يسألونك عن الأهلة قل هى مواقيت للناس والحج} وبأنه أحد النسكين فصح الاحرام به فى جميع السنة كالعمرة (وذهب الشافعى) رحمه الله الى أنه لا يصح الأحرام بالحج الا فى أشهره مروى عن ابن عباس وجابر وبه يقول عطاء وطاوس ومجاهد رحمهما الله، والدليل عليه قوله عز وجل {الحج أشهر معلومات} وظاهره التقدير الآخر الذى ذهب اليه النحاة، وهو أن وقت الحج أشهر معلومات، فخصصه بها بين سائر شهور السنة، فدل على أنه لا يصح قبلها كميقات الصلاة (وقال الشافعى) رحمه الله أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن جريج أخبرنى عمر بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس أنه قال لا ينبغى لا حد يحرم بالحج الا فى شهور الحج من أجل قول الله تعالى {الحج أشهر معلومات} وكذا (رواه ابن أبى حاتم) بسنده عن ابن جريج به (ورواه ابن مردويه) فى تفسيره من طريقين عن حجاج بن أرطاة عن الحكم بن عيينة عن مقسم عن ابن عباس أنه قال من السنة أن لا يحرم بالحج الا فى أشهر الحج (وقال ابن خزيمة فى صحيحه) حدثنا أبو كريب حدثنا أبو خالد الأحمر عن شعبة عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال لا يحرم بالحج الا فى أشهر الحج فان من سنة الحج أن يحرم بالحج فى أشهر الحج، وهذا إسناد صحيح، وقول الصحابى من السنة كذا فى حكم المرفوع عند الاكثرين ولا سيما قول ابن عباس تفسيرًا للقرآن وهو ترجمانه (وقد ورد فيه حديث مرفوع) عند ابن مردويه بسنده عن جابر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال "لا ينبغى لأحد أن يحرم بالحج إلا فى أشهر الحج" وإسناده لا بأس به (لكن رواه الشافعى والبيهقى) من طرق عن ابن جريج عن أبى الزبير أنه سمع جابر ابن عبد الله رضى الله عنهما يسأل أيهل بالحج قبل أشهر الحج؟ فقال لا؛ وهذا الموقوف أصح وأثبت من المرفوع ويبقى حينئذ مذهب صحابى يتقوى بقول ابن عباس من السنة أن لا يحرم بالحج إلا فى أشهره. والله أعلم (وقوله أشهر معلومات) قال البخارى. قال ابن عمر هى شوال وذو القعدة. وعشر من ذى الحجة، وهذا الذى علقه البخارى بصيغة الجزم رواه ابن جرير موصولا بسند صحيح عن ابن عمر "الحج أشهر معلومات" قال شوال وذو القعدة وعشر من ذى الحجة (ورواه الحاكم) عن ابن عمر أيضا بسند قال هو على شرط الشيخين قال الحافظ ابن كثير وهو مروى عن عمر. وعلى. وابن مسعود. وعبد الله بن الزبي. وابن عباس. وعطاء. وطاوس. ومجاهد وابراهيم النخعى. والشعبى. والحسن. وابن سيرين. ومكحول. وقتادة. والضحاك بن مزاحم. والربيع بن أنس. ومقاتل بن حيان (وهو مذهب الشافعى وأبى حنيفة وأحمد بن حنبل وأبى يوسف وأبى ثور) رحمهم الله

-[اختلاف المذاهب في أشهر الحج هل هي ثلاثة كاملة أو شهران وبعض الثالث]- (2) باب اختلاف الصحابة رضى الله عنهم فى المكان الذي أهل عنه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم (79) عن سعيد بن جبيرٍ قال قلت لعبد الله بن عبَّاس رضى الله عنهما يا أبا العبَّاس عجبًا لاختلاف أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فى إهلال رسول الله

_ واختار هذا القول ابن جرير، قال وصح اطلاق الجمع على شهرين وبعض الثالث للتغليب كما تقول العرب رأيته اليوم، وإنما وقع ذلك فى بعض العام واليوم، وكقوله تعالى {فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه} وإنما تعجل فى يوم ونصف يوم (وقال الأمام مالك بن أنس والشافعى فى القديم) شوال وذو القعدة وذو الحجة بكماله وهو رواية عن ابن عمر أيضا رواه ابن جرير بسنده عنه. قال شوال وذو القعدة وذو الحجة (وقال ابن أبى حاتم) فى تفسيره حدثنا يونس بن عبد الأعلى حدثنا ابن وهب أخبرنى ابن جريج قال قلت لنافع أسمعت عبد الله بن عمر يسمى شهور الحج؟ قال نعم، كان عبد الله يسمى شوالا وذا القعدة وذا الحجة، قال ابن جريج وقال ذلك "ابن شهاب. وعطاء. وجابر بن عبد الله" صاحب النبى صلى الله عليه وسلم. وهذا إسناد صحيح الى ابن جريج، وقد حكى هذا أيضا عن طاوس. ومجاهد وعروة ابن الزبير والربيع بن أنس وقتادة وجاء فيه حديث مرفوع ولكنه موضوع "وفائدة مذهب مالك" أنه إلى آخر ذى الحجة بمعنى أنه مختص بالحج فيكره الاعتمار فى بقية ذى الحجة لا أنه يصح الحج بعد ليلة النحر (فقد روى ابن أبى حاتم) بسند صحيح عن طارق بن شهاب قال قال عبد الله الحج أشهر معلومات ليس فيها عمرة، قال ابن جريج وإنما أراد من ذهب الى أن أشهر الحج شوال وذو القعدة وذو الحجة أن هذه الأشهر ليست أشهر العمرة إنما هى للحج وإن كان عمل الحج قد انقضى بانقضاء أيام منى كما قال محمد بن سيرين ما أحد من أهل العلم يشك فى أن عمرة فى غير أشهر الحج أفضل من عمرة فى أشهر الحج، وقال ابن عون سألت القاسم بن محمد عن العمرة فى أشهر الحج فقال كانوا لا يرونها تامة (قال الحافظ) ابن كثير وقد ثبت عن عمر وعثمان رضى الله عنهما أنهما كانا يحبان الاعتمار فى غير أشهر الحج وينهيان عن ذلك فى أشهر الحج والله اعلم اهـ (قلت) تقدم ان العمرة جائزة فى جميع أشهر السنة قبل الحج وبعده ومعه وهو ترجمة باب تقدم صحيفة 51 وتكلمنا هناك بما فيه الكفاية والله الموفق (79) عن سعيد بن جبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق ثنا خصيف بن عبد الرحمن الجزرى عن سعيد بن جبير - الحديث" (غريبه) (1) أى إحرامه (وقوله أوجب) أي أوجب على نفسه بإحرامه اجتناب

-[حديث ابن عباس في الجمع بين مختلف الأحاديث في مكان إهلال النبي صلى الله عليه وسلم]- صلَّى الله عليه وسلَّم حين أوجب، فقال إنِّى لأعلم النَّاس بذلك، إنَّها إنَّما كانت من رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حجَّة واحدة فمن هنالك اختلفوا، خرج رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حاجًّا، فلمَّا صلَّى فى مسجده بذى الحليفة ركعتيه أوجب فى مجلسه، فأهلَّ بالحجِّ حين فرغ من ركعتيه، فسمع ذلك منه أقوام فحفظوا عنه ثمَّ ركب فلمَّا استقلت به ناقته أهلَّ، وأدرك ذلك منه أقوام، وذلك أنَّ النَّاس إنَّما كانوا يأتون أرسالًا فسمعوه حين استقلَّت به ناقته يهلُّ فقالوا إنَّما أهلَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين استقلَّت به ناقته، ثمَّ مضى رسول اله صلَّى الله عليه وسلَّم فلمَّا علا على شرف البيداء أهلَّ، وأدرك ذلك منه أقوام، فقالوا إنَّما أهلَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين علا على شرف البيداء وأيم الله لقد أوجب في مصلاَّه، وأهلَّ حين استقلَّت به ناقته، وأهلَّ حين علا على شرف البيداء، فمن أخذ بقول عبد الله بن عبَّاس

_ ما يجتنبه المحرم والتزم ذلك، ويحتمل أيضا أنه أوجب لنفسه الجنة والثواب عند الله تعالى باحرامه، حتى لو مات وهو محرم قبل إتمام الحج كتب له ثواب الحج وجاء يوم القيامة ملبيا كما ورد فى صحاج الأحاديث (1) أى نقلوا عنه أنه صلى الله عليه وسلم أهل بذلك المكان بعد فراغه من صلاة ركعتيه بمسجد ذى الحليفة (2) أى فلما نهضت برسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته وارتفعت وتعالت (أهل) يعنى لبى (3) بفتح الهمزة أى جماعات متتابعين (4) أى لان مجيئهم صادف إهلاله وهو على ناقته فظنوا أنه لم يهل إلا فى ذلك الوقت، فنقلوا عنه صلى الله عليه وسلم أنه أهل حين استقلت به راحلته لأنهم لم يسمعوا إهلاله بالمسجد (5) أى أعلى مكان فيها (والبيداء) مكان قريب من ذى الحليفة فوق علميها (أى علمى ذى الحليفة) لمن صعد من الوادى، قاله أبو عبيد البكرى وغيره (6) أى لأن مجيئهم صادف إهلاله حين علا على شرف البيداء فظنوا أنه لم يهل إلا فى هذا المكان، فنقلوا عنه أنه صلى الله عليه وسلم إنما أهل فى هذا المكان لأنهم لم يروا إهلاله السابق (7) هذه الجملة من كلام سعيد بن جبير كما صرح بذلك فى رواية أبى داود بلفظ "قال سعيد فمن أخذ بقول ابن عباس الخ" ومعناه أن من بلغه قول ابن عباس من أهل المدينة ومن على ميقاتها أهل من ذى الحليفة بعد فراغه من صلاة الركعتين

-[حجة القائلين بأن احرام النبي صلى الله عليه وسلم كان وهو على البيداء]- أهلَّ في مصلاَّه إذا فرغ من ركعتيه (80) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّ النَّبىَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم صلَّي الظُّهر ثمَّ ركب راحلته فلمَّا علا جبل البيداء أهلَّ (81) عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم قال كان ابن عمر يقول هذه البيداء التَّّى يكذبون فيها على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم والله ما أحرم النَّبيُّ

_ سنة الإحرام لأنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عند خروجه من المدينة وحفظ ذلك عنه ومن حفظ حجة على من لم يحفظ (تخريجه) (د) قال المنذرى فى إسناده خصيف بن عبد الرحمنم الحرانى وهو ضعيف اهـ (قلت) قال فى الخلاصة ضعفه أحمد ووثقه ابن معين وأبو زرعة، وقال ابن عدى إذا حدث عنه ثقة فلا بأس به اهـ (قلت) ورواه الحاكم فى المستدرك عن أحمد بن جعفر القطيعى عن عبد الله بن الأمام أحمد عن أبيه بسند حديث الباب ولفظه، ثم قال هذا حديث صحيح على شرط مسلم مفسر فى الباب ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى، وقول الحاكم (مفسر فى الباب) يريد أنه مفسر لغيره من الأحاديث الواردة فى الباب (80) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا أشعث عن الحسن عن أنس بن مالك - الحديث (غريبه) (1) يعنى بذى الحليفة (2) هذه الرواية تشعر بأنه صلى الله عليه وسلم لم يهل إلا بعد صعوده جبل البيداء، وقد علمت من حديث ابن عباس المتقدم أنه صلى الله عليه وسلم أهل من ذى الحليفة عقب صلاة الركعتين بمسجد ذى الحليفة، ولعل أنسا رضى الله عنه لم يسمع إهلاله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بالمسجد، وإنما سمعه على جبل البيداء فأخبر بما سمع والله تعالى أعلم (تخريجه) (د. نس) وسكت عنه أبو داود والمنذرى ورجال إسناده رجال الصحيح إلا أشعث بن عبد الملك الحمرانى وهو ثقة، والله سبحانه وتعالى أعلم (81) عن سالم بن عبد الله بن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن موسى بن عقبة عن سالم - الحديث" (غريبه) (3) قال النووى قال العلماء هذه البيداء هى الشرف الذى قدام ذى الحليفة إلى جهة مكة، وهى بقرب ذى الحليفة، وسميت بيداء لأنه ليس فيها بناء ولا أثر، وكل مفازة تسمى بيداء، وأما هنا فالمراد بالبيداء ما ذكرناه اهـ (وقوله يكذبون فيها) أى يقولون إنه صلى الله عليه وسلم أحرم منها، ولم يحرم منها

-[إنكار ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم من البيداء - وإنما أحرم من مسجد ذى الحليفة]- صلَّى الله عليه وسلَّم إلاَّ من عند المسجد (زاد فى روايةٍ) يعنى مسجد ذى الحليفة (وعنه من طريقٍ ثانٍ) قال كان ابن عمر إذا ذكر عنده البيداء يسبُّها ويقول إنَّما أحرم رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم من ذى الحيفة (82) عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان إذا أدخل رجله فى الغرز واستوت به ناقته قائمةً أهلَّ من مسجد ذي الحليفة

_ وإنما أحرم قبلها من عند مسجد ذى الحليفة ومن عند الشجرة التى كانت هناك وكانت عند المسجد, وسماهم ابن عمر كاذبين لأنهم أخبروا بالشئ على خلاف ما هو, والكذب عند أهل السنة هو الأخبار عن الشئ بخلاف ما هو, سواء تعمده أم غلط فيه أو سها, وقالت المعتزلة يشترط فيه العمدية, وعندنا أن العمدية شرط لكونه إنما لا يكونه يسمى كذبا, فقول ابن عمر جار على قاعدتنا, وفيه أنه لا بأس باطلاق هذه اللفظة اهـ (1) ثبتت هذه الزيادة عند مسلم وأبى داود (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مؤمل حدثنا سفيان عن موسى بن عقبة عن سالم قال كان ابن عمر- الحديث (3) إنما كان يسبها لأن الناس جعلوها ميقاتًا لأحرام النبى صل الله عليه وسلم وليست كذلك, وإنما الميقات من ذى الحليفة كما ثبت فى باب المواقيت (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه الشيخان وأبو داود والنسائى وغيرهم, والطريق الثانية لم أقف على من أخرجها وسندها جيد (82) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن عبيد عن نافع عن ابن عمر- الحديث" (غريبه) (4) بفتح الغين المعجمة ثم راء ساكنة ثم زاى, وهو ركاب كور البعير إذا كان من جلد أو خشب, وقيل هو الكور مطلقا كالركاب للسرج (تخريجه) (م. وغيره) (زوائد الباب) (عن جابر ابن عبد الله) رضى الله عنهما قال أراد النبى صلى الله عليه سلم الحج أذَّن فى الناس فاجتمعوا, فلما أتى البيداء أحرم (مذ) وقال حديث حسن صحيح (وعن عائشة بنت سعد بن أبى وقاص) قالت قال سعد بن أبى وقاص كان نبى الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ طريق الفرع أهلَّ إذا استقلت به راحلته, وإذا أخذ طريق أحد أهل إذا أشرف على جبل البيداء (د) قال المنذرى فى إسناده محمد بن اسحاق بن يسار اهـ (قلت) هو ثقة لكنه مدلس, وقد روى هذا الحديث بالعنعنة لا بالتحديث, والمدلس إذا عنعن لا يحتج بحديثه (وعن عبد الله بن عمر) رضى الله عنهما قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب راحلته بذى الحليفة ثم يهل حين تستوي به

-[اختلاف الأدلة في المكان الذي أحرم منه النبي صلى الله عليه وسلم والجمع بينها والمذاهب في ذلك]- .....

_ قائمة (م) (الاحكام) أحاديث الباب مع الزوائد منها ما يدل على أن النبى صلى الله عليه وسلم أهل من مسجده بذى الحليفة (ومنها) ما يدل على أن إهلاله صلى الله عليه وسلم كان بعد ما استقلت به راحلته (ومنها) ما يدل على أنه كان بعد ما علا جبل البيداء (وفى بعضها) أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر "يعنى بذى الحليفة" ثم ركب راحلته, فلما علا جبل البيداء أهل, وهو حديث أنس المذكور فى الباب؛ ومثله عند مسلم من طريق أبى حسان عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بذى الحليفة ثم دعا بناقته فأشعرها ثم ركب راحلته, فلما استوت به على البيداء أهل بالحج, لكن روى النسائي ما يخالف ذلك من طريق الحسن عن أنس أنه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بالبيداء ثم ركب, وفى هذا تناقض واختلاف (أما الاختلاف) فى صلاة الظهر فطريق الجمع فيه أن يقال انه صلى الله عليه وسلم صلى الظهر فى آخر ذى الحليفة وأول البيداء والله أعلم (وأما الاختلاف) فى مكان الأهلال فقد جمع بينه حديث ابن عباس المذكور أول الباب بأن الناس كانوا يأتون أرسالا جماعة بعد أخرى فرأى قوم شروعه صلى الله عليه وسلم فى الأهلال بعد الفراغ من صلاته بمسجد ذي الحليفة فنقلوا عنه أنه أهل بذلك المكان, ثم أهل لما استقلت به راحلته, فسممه آخرون فظنوا أنه شرع فى الأهلال فى ذلك الوقت, لأنهم لم يسمعوا إهلاله بالمسجد فقالوا إنما أهل عندما استقلت به راحلته, ثم روى كذلك من سمعه يهل على شرف البيداء, وهذا يدل على أن الأفضل لمن كان ميقاته ذا الحليفة أن يهل فى مسجدها بعد فراغه من الصلاة ويكرر الأهلال عند ركوب دابته وعند مروره بشرف البيداء (قال الحافظ) وقد اتفق فقهاء الأمصار على جواز جميع ذلك, وإنما الخلاف فى الأفضل اهـ (قلت) ذهب الأمامان (مالك والشافعى والجمهور) الى أن الأفضل أن يحرم اذا انبعث به راحلته لاتفاق أغلب الروايات فى المعنى وأصحها على أنه صلى الله عليه وسلم أهل عند انبعاث راحلته, وانبعاثها هو استواؤها قائمة (وقال أبو حنيفة وأحمد وداود) يحرم عقب الصلاة وهو جالس قبل ركوب دابته وقبل قيامه (قال النووى) وهو قول ضعيف للشافعى وفيه حديث من رواية ابن عباس لكنه ضعيف اهـ (قلت) يشير الى حديث ابن عباس المذكور أول الباب وقد علمت ما فيه, وإنما ضعفوه لأن فى إسناده خصيف بن عبد الرحمن الحرانى وهو غير متفق على ضعفه, على أن النووى نفسه قال فى شرح المهذب, وأما قول البيهى إن خصيفا غير قوى فقد خالفه فيه كثيرون من الحفاظ والأئمة المتقدمين فى البيان فوثقه يحيى بن معين قوى إمام الجرح والتعديل ووثقه أيضا محمد بن سعد وقال النسائى فيه هو صالح اهـ (وفى أحاديث الباب) دلالة على أن التلبية لا تقدم على الأحرام (وفيها) استحباب صلاة ركعتين عند إرادة الأحرام ويكونان نافلة (وإلى ذلك ذهب العلماء كافة) إلا ماحكاه

-[كلام العلماء في استحباب الركعتين قبل الأحرام وأن الأحرام من الميقات أفضل من دويرة أهله]- (3) باب ما يصنع من أراد الاحرام من الغسل والطيب (83) عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا أراد أن يحرم غسل رأسه بحطمىّ وأشنان ودهنه بشئٍ من زيت غير كثير

_ القاضي عياض وغير عن الحسن البصرى أنه استحب كونهما بعد صلاة فرض, قال لأنه روى أن هاتين الركعتين كانتا بعد صلاة الصبح (قال النووى) والصواب ما قاله الجمهور وهو ظاهر الحديث (قال أصحابنا) وغيرهم من العلماء وهذه الصلاة سنة لو تركها فاتته الفضيلة ولا إثم عليه ولا دم اهـ (وفى أحاديث الباب أيضا) دلالة على أن ميقات أهل المدنية من عند مسجد ذى الحليفة ولا يجوز لهم تأخير الأحرام إلى البيداء, وبهذا قال جميع العلماء (وفيها) أن الأحرام من الميقات أفضل من دويرة أهله لأنه صلى الله عليه وسلم ترك الأحرام من مسجده مع كمال شرفه (قال النووى) فان قبل إنما أحرم من الميقات لبيان الجواز, قلنا هذا غلط لوجهين (أحدهما) أن البيان قد حصل بالأحاديث الصحيحة فى بيان المواقيت (والثانى) أن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم انما يحمل على بيان الجواز فى شئ يتكرر فعله كثيرا فيفعله مرة أو مرات على الوجه الجائز لبيان الجواز ويواظب غالبا على فعله على أكمل وجوهه, وذلك كالوضوء مرة ومرتين وثلاثًا كله ثابت, والكثير أنه صلى الله عليه وسلم توضأ ثلاثا ثلاثلا, وأما الأحرام بالحج فلم يتكرر, وانما جرى منه صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم مرة واحدة فلا يفعله غلا على أكمل وجوهه. والله أعلم اهـ (83) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زكريا ابن عدى قال انا عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عروة عن عائشة -الحديث" (غريبه) (1) بكسر الخاء المعجمة وفتحها وكسر الميم بينهما طاء مهملة ساكنة, نبات كالسدر يغسل به الرأس وغيره, وقد ذكر له صاحب القاموس خواص: فقال نبات محلّل منضّج مليّن نافع لعسر البول والحصاة والنَّسا وقرحة الأمعاء والارتعاش ونضج الجراحات وتسكين الوجع ومع الخل للبهق ووجع الأسنان مضمضة ونهش الهوام وحرق النار, وخلط برزه بالماء أو سحيق أصله يجمّدانه, ولعابه المستخرج بالماء الحار ينفع المرأة العقيم والمقعد اهـ (والأشنان) يضم الهمزة وكسرها وسكون الشين المعجمة يغسل به أيضا, قال فى القاموس الأشنان بالضم والكسر معروف نافع للجرب والحكة جلاء. منق مدر للطمث مسقط للأجنة (تخريجه) (قط) وأورده الهيثمى بلفظه, وقال رواه البزار والطبرانى فى الأوسط باختصار وإسناد البزار حسن

-[حجة القائلين باستحباب الطيب لمريد الأحرام قبل إحرامه]- (84) وعنها رضي الله عنها قالت طيَّبت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بيدىَّ (وفي لفظٍ بيدىَّ هاتين) بذريرةٍ لحجَّة الوداع للحلِّ والإحرام حين أحرم وحين رمى جمرة العقبة يوم النَّحر قبل أن يطوف بالبيت (وفي لفظٍ قبل أن يفيض) (85) عنخ عثمان بن عروة أنَّه سمع أباه يقول سألت عائشة رضى الله عنها بأيِّ شئٍ طيَّبت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قالت بأطيب الطِّيب (86) عن عائشة رضي الله عنها قالت كأنِّى أنظر إلى وبيص المسك

_ (84) وعنها رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا ابن جريج أخبرنى عمر بن عبد الله بن عروة أنه سمع عروة والقاسم يخبران عن عائشة قالت طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم-الحديث" (غريبه) (1) هو نوع من الطيب مجموع من أخلاط (2) أى لتحلله من محظورات الأحرام بعد رمى جمرة العقبة والحلق, وقبل الطواف. أى طواف الأفاضة كما يدل عليه اللفظ الآخر "قبل أن يفيض" وفيه دلالة على استباحة الطيب قبل طواف الأفاضة وبعد الرمى والحلق, واليه ذهب الجمهور (وقولها والأحرام حين أحرم) معناه أنها طيبته عند إرادته الأحرام بالحج, وفيه دلالة على استحباب الطيب عند إرادة الأحرام, وإنما يحرم ابتداؤه بعد الأحرام وهو مذهب الجمهور, وسيأتى الكلام على ذلك فى الأحكام (تخريجه) (ق. لك. والأربعة. وغيرهم) (85) عن عثمان بن عروة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان ثنا عثمان بن عروة- الحديث" (غريبه) (3) أطيب الطيب المسك, فقد روى عن أبى سعيد قال ذكر المسك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هو أطيب الطيب, رواه الأمام أحمد وغيره, وسيأتى فى أبواب الطيب والكحل من كتاب اللباس والزينة, وسيأتى بعد هذا الحديث عن عائشة أنها قالت كأنى أنظر إلى وبيص المسك فى رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (86) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسحاق بن يوسف قال أخبرنا سفيان عن الحسن بن عبيد الله عن ابراهيم عن الأسود عن عائشة- الحديث" (غريبه) (4) بفتح الواو وكسر ابلء الموحدة وسكون الياء آخر الحروف وفي

-[حجة القائلين باستحباب الطيب لمريد الأحرام قبل إحرامه]- في رأس رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو محرم (وعنها من طريقٍ ثانٍ) قالت كأنِّى أنظر إلى وبيص الطِّيب فى مفرق رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم (وفى لفظ فى مفارقه) وهو يلبيِّ (87) وعنها أيضًا رضى الله عنها أنهنَّ كنَّ يخرجن مع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم عليهنَّ الضِّماد قد أضمدن قبل أن يحرمن

_ آخره صاد مهملة وهو البريق واللمعان, والمراد أثر الطيب لا جرمه, وقال الأسماعيلى الوبيص زيادة على البريق, والمراد به التلألؤ, وهو يدل على وجود عين قائمة لا الريح فقط اهـ. وإنما قالت كأني أنظر لأنها أرادت بذلك قوة تحققها لذلك بحيث أنها لشدة استحضارها له كأنها ناظرة اليه (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إبراهيم ابن أبى العباس قال ثنا شريك عن أبى اسحاق عن الأسود عن عائشة قالت كأنى أنظر الخ (2) بفتح الميم وكسر الراء وهو المكان الذى يفترق فيه الشعر فى وسط الرأس "وفى لفظ فى مفارقه" بالجمع وإنما جمع تعميما لجوانب الرأس التى يفرق فيها (وقال الجوهرى) قولهم للمفرق مفارق كأنهم جعلوا كل موضع منه مفرقا (وقولها وهو يلبى) الواو فيه للحال أى والحال انه يلبى, وفيه دلالة على أن أثر الطيب بعد الأحرام لا يضر والله تعالى أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (87) وعنها أيضا رضى الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن عبد الله بن الزبير قال ثنا عمر بن سويد قال سمعت عائشة ابنة طلحة تذكر وذكر عندها المحرم يتطيب فذكرت عن عائشة أم المؤمنين أنهن كن يخرجن- الحديث" (غريبه) (3) أى الى مكة فى حجة الوداع تعنى نفسها وسائر أزواج النبى صلى الله عليه وسلم (4) أصل الضماد الخرقة يشد بها العضو الجريح, ثم قيل لوضع الدواء على الجرح وغيره وان لم يشد, ثم استعير لكل شئ بوضع على الجسد من دواء وطيب وغيره, والمراد هنا الطيب (وقولها قد أضمدن) أى قد وضعن الطيب على جباههن قبل أن يحرمهن, وقد جاء عند أبى داود واضحا لفظ "كنا نخرج مع النبى صلى الله عليه وسلم الى مكة فنضمد جباهنا بالمسك المطيب عند الأحرام, فاذا عرقت اجدانا سال على وجهها فيراه النبى صلى الله عليه وسلم فلا ينهانا" (ومعنى نضمد) أى نلطخ (السك) بضم السين المهملة طيب معروف يضاف الى غيره من الطيب ويستعمل, كن يضعنه قبل الأحرام فيبقى موجودًا بعد الأحرام يسيل مع العرق فلا ينهاهن عنه

-[مذهب عمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضي الله عنهما كراهة أثر الطيب للمحرم]- ثمَّ يغتسلن وهو عليهنَّ يعرقن ويغتسلن لا ينهاهن عنه (88) عن سليمان بن يسار أنَّ عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه وجد ريح طيب بذي الحليفة فقال ممَّن هذه الرِّيح؟ فقال معاوية منيِّ يا أمير المؤمنين، فقال منك لعمرى فقال طيبَّتنى أمُّ حبيبة وزعمت أنها طيَّبت رسول اله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم عند إحرامه، فقال أذهب فأقسم عليها لما غسلته فرجع إليها فغسلته (89) عن إبراهيم بن محمَّد بن المنتشر عن أبيه أنَّه سأل ابن عمر عن الرجل يتطيَّب عند إحرامه؟ فقال لأن أطَّلى بقطران أحبُّ إلي من أن

_ (1) أي غسل الإحرام بعد تلطخهن بالطيب, ويستفاد منه استحباب الغسل للاحرام وأن أثر الطيب لا يضر بعده (2) بفتح الراء من باب تعب, أى فيسيل مع العرق كما فى رواية أبى داود (وقولها ويغسلن) أى وجوههن للوضوء ونحوه فيسيل معه فلا ينهاهن, وما ذلك إلا لكونه مباحا, وفى ذلك خلاف سيأتى فى الأحكام (تخريجه) (د. ش) وسنده جيد (88) عن سليمان بن يسار (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو كامل ثنا حماد يعنى ابن سلمة عن يحيى بن أبى إسحاق عن سليمان بن يسار- الحديث" (غريبه) (3) الظاهر أن ذلك كان فى حجة أو عمرة اعتمرها عمر رضى الله عنه فى رجب سنة 17 من الهجرة بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم (4) فى الموطأ "منك لعمر الله" وإنما أقسم عمر أن الطيب من معاوية لأنه كان يحب الرفاهية, وكان عمر رضى الله عنه يسميه كسرى العرب (5) يعنى زوج النبى صلى الله عليه وسلم بنت أبى سفيان وأخت معاوية واسمها رملة, ولكنها مشهورة بكنيتها (6) إنما أمره عمر بغسله وأكد عليه, لأنه كان يكره الطيب للمحرم ووافقه آخرون, وسيأتى الكلام على ذلك فى الأحكام (تخريجه) (لك. عب) وسنده جيد (89) عن ابراهيم بن محمد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن ابراهيم بن محمد- الحديث" (غريبه) (7) بتشديد الطاء يقال طليته بكذا أى لطخته وأطليت افتعلت منه إذا فعلته بنفسك فالتشديد هنا أظهر وإن خففت تقدر المفعول أى نفسى (والقطران) بفتح فكسر معروف واللام في لأن أطلى

-[استحباب الغسل قبل الأحرام حتى للحائض والنفساء]- أفعله، قال فسأل أبى عائشة رضي الله عنها فأخبرها بقول ابن عمر رضي الله عنهما، فقالت يرحم الله أبا عبد الرحمن، كنت أطيِّب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثم يطوف على نسائه ثمَّ يصبح محرمًا ينتضح طيبا (فصل منه فيما تفعل الحائض والنفساء قبل الأحرام وبعده) (90) عن ابن عباس رضى الله عنهما رفعه إلى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم، أنَّ النفساء والحائص، تغتسل، وتحرم، وتقضى المناسك كلَّها غير أنَّها لا تطوف بالبيت حتَّى تطهر

_ مفتوحة وهو مبتدأ خبره أحب (1) فى رواية الأمام أحمد ينتضح بتاء بعد النون, وعند غيره ينضح بغير تاء (قال فى النهاية) وهو بالحاء المهملة أى يفوح, والنضوح بالفتح ضرب من الطيب تفوح رائحته, وأصل النضح الرشح. فشبه كثرة ما يفوح من طيبه بالرشح, وروى بالحاء المهملة, وقيل هو بالخاء العجمة فبما نحن من الطيب. وبالمهملة فيما رق كالماء, وقيل هما سواء وقيل بالعكس اهـ (تخريجه) (نس) بلفظ حديث الباب والبخارى ولفظه عن ابراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه قال سألت عائشة فذكرت لها قول ابن عمر ما أحب أن أصبح محرما أنضح طيبا, فقالت عائشة أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم طاف فى نسائه ثم أصبح محرما, وله فى رواية أخرى, فقالت يرحم الله أبا عبد الرحمن كنت أطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيطوف على نسائه ثم يصبح محرما ينضخ طيبا "رواية البخارى بالخاء المعجمة" (90) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مروان ابن شجاع حدثنى خيف عن عكرمة ومجاهد وعطاء عن ابن عباس رضى الله عنهما - الحديث" (2) انما منعت الحائض والنفساء (يعنى التى ولدت قبل الأحرام أو بعده) من الطواف بالبيت لأمرين (الأول) لأن البيت من داخل المسجد وهما ممنوعتان من دخوله (والثانى) لأن من شرط صحة الطواف الطهارة عند الجمهور, وهما غير طاهرتين ما بقى الدم, أما باقى المناسك كالسعى والوقوف بعرفة والمزدلفة ورمى الجمار ونحو ذلك فلا تمنعان منها كما ذهب اليه الجمهور لأن الطهارة ليست شرطًا فيها (تخريجه) (د. مذ) وقال حسن غريب من هذا الوجه اهـ (قلت) وفى اسناده مروان بن شجاع وخصيف بن عبد الرحمن الحزرى فيهما مقال؛ ووثقهما جماعة والله أعلم

-[استحباب الغسل عند الأحرام للحائض والنفساء وغيرهما]- (91) عن أسماء بنت عميسٍ رضى الله عنها أنَّها ولدت محمَّد بن أبى بكر بالبيداء فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم مرها فلتغتسل ثم لتهلَّ (92) عن عبد الرَّحمن بن القاسم عن أبيه قال كانت عائشة تقول خرجنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولا نذكر إلا الحجَّ، فلمَّا قدمنا سرف طمثت

_ (91) عن أسماء بنت عميس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن أسماء بنت عميس -الحديث" (غريبه) (1) بضم العين وفتح الميم امرأة أبى بكر الصديق رضى الله عنهما كانت تحت جعفر بن أبى طالب وهاجرت معه إلى أرض الحبشة, ثم قتل عنها فى غزوة مؤتة, فتزوجها أبو بكر رضى الله عنه فمات عنها, ثم تزوجها على رضى الله عنه, وولدت لجعفر عبد الله ومحمدا, وولدت لأبى بكر محمدا بالبيداء أثناء سفرهما لحجة الوداع وهو المراد هنا, وولدت لعلىّ أبى الأرقم بمكة, وبايعت النبى صلى الله عليه وسلم رضى الله عنها (والبيداء) تقدم تفسيرها وهى مكان بذى الحليفة, وقد جاء فى كثير من الروايات فى صحيح مسلم وغيره, ولدت أسماء بذى الحليفة, فذكره الخ, وفى رواية له أيضا (نفست بالشجرة) وهذه المواضع الثلاثة متقاربة فالشجرة بذى الحليفة, وأما البيداء فهي بطرف ذى الحليفة (قال القاضى عياض) يحتمل أنها نزلت بطرف البيداء لتبعد عن الناس, وكان منزل النبى صلى الله عليه وسلم بذى الحليفة حقيقة وهناك بات وأحرم فسمى منزل الناس كلهم باسم منزل إمامهم (2) بسكون اللام الأولى ويجوز كسرها, وهذا الغسل لأجل الأحرام ففيه صحة إحرام النفساء ومثلها الحائض وأولى منهما الجنب لأنهما شاركتاه فى شمول اسم الحدث وزادتا عليه بسيلان الدم, ولذا صح صومه دونهما, وأولى منهم غير المحدث فالغسل مستحب لكل من يريد الأحرام مطلقا والغرض منه النظافة للحائض والنفساء, وسيأتي الكلام عليه فى الأحكام (تخريجه) (لك. م. د. جه. مى. وغيرهم) (92) عن عبد الرحمن بن القاسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم بن القاسم قال ثنا عبد العزيز يعنى ابن عبد الله بن أبى سلمة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه-الحديث" (غريبه) (3) تقدم تفسيره وضبطه (وقولها طمثت)

-[يجوز للحائض والنفساء فعل كل أفعال الحج وأقواله إلا الطواف بالبيت]- فدخل علي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا أبكى، فقال ما يبكيك؟ قلت وددت أنِّى لم أخرج العام، قال لعلَّك نفست يعنى حضت، قالت قلت نعم، قال إنَّ هذا شيء كتبه الله على بنات آدم فافعلى ما يفعل الحاجُّ غير أن لا تطوفى بالبيت حتَّى تطهرى الحديث (ومن طريقٍ ثانٍ عن عروة عن عائشة بنحوه وفيه) فحضت قبل أن أدخل مكَّة فأدركنى يوم عرفة وأنا حائض فشكوت ذلك إلى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فقال دعى عمرتك وانقضى رأسك وامتشطى واغتسلى وأهلىِّ بالحجِّ ففعلت الحديث

_ بفتح أوله وكسر ثانيه أى حضت, يقال طمثت المرأة تطمث بكسر الميم طمثا بسكونها إذا حاضت فهي طامث؛ وطمثت بفتح الميم إذا دميت بالافتضاد, والطمث الدم والنكاح (نه) (1) هو بفتح النون وضمها لغتان مشهورتان, الفتح أنصح والفاء مكسورة فيهما, وأما النفاس الذى هو الولادة فيقال فيه نفثت بالضم لا غير (2) هذا تسلية لها وتخفيف لهما ومعناه أنك لست مختصة به. بل كل بنات آدم يكون منهن هذا كما يكون منهن ومن الرجال البول والغائط وغيرهما, واستدل البخارى فى صحيحه فى كتاب الحيض بعموم هذا الحديث على أن الحيض كان فى جميع بنات آدم. وأنكر به على من قال إن الحيض أول ما أرسل ووقع فى بنى اسرائيل (3) معناه أصنعى كل شئ يصنعه الحاج من أفعال الحج, وأقواله وهيآته إلا الطواف وركعتيه, فيصح الوقوف بعرفات وغيره كما تقدم (4) (سنده حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد ثنا هشام قال يحيى أملاه علىَّ هشام قال أخبرنى أبى قال أخبرتنى عائشة- الحديث" (5) قال النووى ليس معناه إبطالها بالكلية والخروج منها "فان العمرة والحج لا يصح الخروج منهما بعد الأحرام بنية الخروج, وانما يخرج منهما بالتحلل بعد فراغهما" بل معناه ارفضى العمل فيها واتمام أفعالها التى هى الطواف والسعى وتقصير شعر الرأس, فأمرها صلى الله عليه وسلم بالأعراض عن أفعال العمرة وأن تحرم بالحج فتصير قارنة وتقف بعرفات وتفعل المناسك كلها الا الطواف فتؤخره حتى تطهر وكذلك فعلت (6) قال الخطابى استشكل بعض أهل العلم أمره لها بنقض رأسها ثم بالامتشاط, وكان الشافى يتأوله على أنه أمرها أن تدع العمرة وتدخل عليها الحج فتصير قارنة, قال وهذا لا يشاكل القصة, وقيل إن مذهبها أن المعتمر غذا دخل مكة استباح ما يستبيحه الحاج

-[استحباب الغسل للأحرام من الحائض قبل انقطاع الدم]- (93) عن جابر بن عبد الله قال دخل النَّبىُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على عائشة وهى تبكى فقال لها مالك تبكين؟ قالت أبكى أنَّ النَّاس أحلوُّ ولم أحلل، وطافوا بالبيت ولم أطف، وهذا الحجُّ قد حضر، قال إنَّ هذا أمر قد كتبه الله على بنات آدم فاغتسلى وأهلِّى بالحجِّ وحجِّى، قالت ففعلت ذلك فلمَّا طهرت قال طوفى بالبيت وبين الصَّفا والمروة ثمَّ قد أحللت من حجِّك ومن عمرتك قالت يا رسول الله إنِّى أجد فى نفسى من عمرتي أنِّى لم أكن طفت حتَّى

_ إذا رمى الجمرة, قال وهذا لا يعلم وجهه؛ وقيل كانت مضطرة الى ذلك, قال ويحتمل أن يكون نقض رأسها كان لأجل الغسل لتهل بالحج لاسيما إن كانت ملبدة فتحتاج الى نقض الضفر, وأما الامتشاط فلعل المراد به تسريحها شعرها بأصابعها برفق حتى لا يسقط منه شيء ثم تضفره كما كان (تخريجه) الطريق الأولى طرف من حديث سيأتى بتمامه فى باب فسخ الحج الى العمرة والطريق الثانية بعض حديث سيأتى بتمامه فى باب التخيير للمحرم بين التمتع والأفراد والقران وكلاهما أخرجه الشيخان وغيرهما (93) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج أنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول دخل النبى صلى الله عليه وسلم على عائشة -الحديث" (غريبه) (1) هذا الغسل لأجل الأحرام وهو موضع الدلالة من الحديث, وقد سبق بيانه, وأنه استحب لكل من أراد الأحرام بحج أو عمرة سواء الحائض وغيرها (2) قال النووى رحمه الله يستنبط منه ثلاث مسائل حسنة (إحداها) أن عائشة رضى الله عنها كانت قارنة ولم تبطل عمرتها (والثانية) أن القارن يكفيه طواف واحد وسعى واحد وهو مذهب الشافعى والجمهور, وقال أبو حنيفة وطائفة يلزمه طوافان وسعيان (والثالثة) أن السعى بين الصفا والمروة يشترط وقوعه بعد طواف صحيح, وموضع الدلالة أن رسول الله أمرها أن تصنع ما يصنع الحاج غير الطواف بالبيت "يعنى كما فى الطريق الأولى من الحديث السابق" ولم تسع كما لم تطف, فلو لم يكن السعى متوقفًا على تقدم الطواف عليه لما أخرته اهـ (قلت) يستفاد من كلام النووى رحمه الله أن الطهارة ليست شرطا للسعى وانها ما امتنعت عن السعى إلا لأن من شرطه أن يكون مسبوقًا بطواف, وعلى هذا فلو حاضت بعد الطواف, ثم سعت صح سعيها, والله سبحانه وتعالى أعلم

-[زوائد الباب - ومذاهب العلماء في حكم الغسل للأحرام]- حججت قال فاذهب يا عبد الرَّحمن فأعمر أختك من التَّنعيم

_ (1) تعني أن غيرها ممن لم يكن عندهم عذر طافوا مرتين مرة للعمرة ومرة للحج وهى لم تطف إلا مرة واحدة بعد الطهر وإن كان هذا يكفى لنسكها الا أنها لم يسترح ضميرها لذلك فجبرا لخاطرها ولبيان جواز العمرة فى أشهر الحج أمر أخاها أن يعمرها من التنعيم والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (زوائد الباب) (عن ابن عباس رضى الله عنهما) قال تطيب قبل أن تحرم (طب) ورجاله الصحيح (وعن أم سلمة) رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تطيبى وأنت محرمة ولا تمسى الحناء فانه طيب (طب) وفيه ابن لهيعة, قال الهيثمى حديثه حسن وفيه كلام (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما قال من السنة أن يغتسل الرجل إذا أراد أن يحرم, رواه البزار والطبرانى فى الكبير إلا أنه قال "عند إحرامه وعند دخول مكة" ورجال البزار ثقات كلهم. قاله الهيثمى (وعن خارجة ابن زيد بن ثابت عن أبيه) أنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم تجرد لأهلاله واغتسل, رواه الترمذى وقال هذا حديث حسن غريب. وأخرج الحاكم والبيهقى من طريق يعقوب بن عطاء عن أبيه عن ابن عباس رضى الله عنهما, قال اغتسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لبس ثيابه, فلما أتى ذا الحليفة صلى ركعتين ثم قعد على بعيره, فلما استوى على البيداء أحرم, ويعقوب ضعيف, قاله الحافظ (الأحكام) أحاديث الباب منها ما يدل على مشروعية الغسل لكل من يريد الأحرام بحج أو عمرة أو بهما, سواء أكان رجلا أم امرأة ولو حائضا أو نفساء ويغتسلان بنية غسل الأحرام كما ينوى غيرهما, والغرض من مشروعية الغسل لهما النظافة وإن بقى حكم الحدث موجودا (قال النووى) فى شرح المهذب اتفق العلماء على أنه يستحب الغسل عند ادارة الأحرام بحج أو عمرة أو بهما سواء كان احرامه من الميقات الشرعى أو غيره ولا يجب هذا الغسل, وإنما هو سنة متأكدة يكره تركها نص عليه الشافعى فى الأم واتفق عليه الأصحاب (قال ابن المنذر) فى الأشراف (أجمع عوام أهل العلم) على أن الأحرام بغير غسل جائز, قال (وأجمعوا على أن الغسل للأحرام ليس بواحب) والدليل على عدم وجوبه أنه غسل لأمر مستقبل فلم يكن واجبا كغسل الجمعة والعيد والله أعلم (قال الشافعى) رحمه الله فى الأم استحب الغسل عند الأحرام للرجل والصبى والنرأ' الحائض والنفساء وكل من أراد الأحرام, قال وأكره ترك الغسل له, وما تركت الغسل للأحرام؛ ولقد كنت اغتسل له مريضا فى السفر وإني أخاف ضرر الماء, وما صحبت أحدا اقتدى به

-[اختلاف المذاهب في حكم الطيب لمن أراد الأحرام وإدلاء كل بحجته]- .....

_ رأيته تركه, قال وإذا أتت الحائض والنفساء الميقات وعليهما من الزمان ما يمكن فيه طهرهما وأدراكهما الحج بلا علة أحببت استئخارهما ليطهرا فيحرما طاهرتين, وان أهلتا غير طاهرتين أجزأ عنهما ولا فدية, قال وكل ما عملته الحائض عمله الرجل الجنب والمجدث والاختيار له أن لا يعلمه كله الا طاهرا, قال وكل عمل الحج تعمله الحائض وغير الطاهر من الرجال إلا الطواف بالبيت وركعتيه, هذا آخر نصه فى الام بحروفه (قال النووى) واتفق لأصحابنا فى جميع الطرق على جميع هذا الا قولا شاذا ضعيفا حكاه الرافعى أن الحائض والنفساء لا يسن لهما الغسل (والصواب) استحبابه لهما للحديث السابق "يعنى حديث أسماء بنت عميس) المذكور فى الباب اهـ (وفى أحاديث الباب أيضا) ما يدل على مشروعية الطيب لمن يريد الأحرام بحج أو عمرة أو بهما, فيستحب له أن يتطيب فى بدنه بأى نوع من أنواع الطيب سواء الذى يبقى له جرم بعد الأحرام والذى لا يبقى, وسواء الرجل والمرأة لأحاديث عائشة المذكورة فى الباب من عدة طرق أخرجها الشيخان وأصحاب السنن وغيرهم, وأخرج حديثها الطحاوى من ثمانية عشر طريقا (وبه قال جمهور العلماء) من السلف والخلف والمحدثين والفقهاء منهم سعد بن أبى وقاص. وابن عباس. وابن الزبير. ومعاوية. وعائشة وأم حبيبة. وابن جعفر. وأبو سعيد الخدرى: وجماعة من التابعين بالحجاز والعراق والأئمة (أبو حنيفة. وأبو يوسف. والشافعى. وأحمد) والثورى. واسحاق. وأبو ثور وابن المنذر وداود. وغيرهم (وقال آخرون بكراهته) وأنه لا يجوز أن يتطيب المحرم قبل احرامه بما يبقى عليه رائحته بعد الأحرام, واذا أحرم حرم عليه الطيب حتى يطوف بالبيت منهم (عطاء والزهرى ومالك) وسعيد بن جبير. والحسن. وابن سيرين, واليه ذهب (محمد بن الحسن) واختاره الطحاوى وهو مذهب عمر. وعثمان. وابن عمر. وعثمان ابن أبي العاص, واحتج لهم بحديث يعلى بن أمية قال "كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل وهو بالجعرانة وعليه جبة وعليه أثر الخلوق, فقال يا رسول الله كيف تأمرني أن أصنع فى عمرتى؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم اخلع عنك هذه الجبة واغسل عنك أثر الخلوق واصنع فى عمرتك كما تصنع فى حجك" رواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم, واحتج الأولون بأحاديث الباب كما سبق, وأجاب النووى عن حديث يعلى بن أمية بأوجه (احدها) أن هذا الخلوق كان فى الجبة لا فى البدن, والرجل منهى عن التزعفر فى كل الأحوال (قال أصحابنا) ويستوى فى النهى عن المزعفر الرجل الحلال والمحرم (الثانى) أن خبرهم متقدم وخبرنا متأخر فكان العمل على المتأخر, وانما قلنا ذلك لأن خبرهم بالجعرانة كان عقب فتح مكة سنة ثمان من الهجرة, وخبرنا كان عام حجة الوداع بلا شك وحجة الوداع كانت سنة عشر

-[اختلاف المذاهب في حكم الطيب لمن أراد الأحرام وإدلاء كل بحجته]- .....

_ من الهجرة, وإنما قلنا إنه كان عام حجة الوداع لأنه صلى الله عليه وسلم لم يحج بعد الهجرة غيرها بالأجماع (الثالث) أنه يحتمل أنه استعمل الطيب بعد إحرامه فأمر بأزالته, وفى هذا الجواب جمع بين الأحاديث فيتعين المصير اليه اهـ ج (واعلم) أن القاضى عياضا وغيره كالطحاوى ومحمد بن الحسن ممن يقول بكراهة الطيب قبل الأحرام, قالوا ويزيد هذا قولها فى الرواية الأخرى "طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند احرامه ثم طاف على نسائه ثم أصبح محرما" هكذا ثبت فى رواية لمسلم, فظاهره أنه إنما تطيب لمباشرة نسائه ثم زال بالغسل بعده لاسيما وقد نقل أنه كان يتطهر من كل واحدة قبل الأخرى ولا يبقى مع ذلك طيب؛ ويكون قولها (ثم أصبح ينضخ طيبا) كما ثبت فى رواية لمسلم أى أصبح ينضخ طيبا قبل غسله, وقد ثبت فى رواية لمسلم (قلت والأمام أحمد) أن ذلك الطيب كان ذريرة وهى مما يذهبه الغسل, قالوا وقولها "كأنى أنظر إلى وبيص الطيب فى مفارق رسول الله وهو محرم" المراد أثره لا جرمه هذا اعتراضهم (والصواب) ما قاله الجمهور من استحباب الطيب للأحرام لقولها طيبته لأحرامه وهذا ظاهر فى أن التطيب للأحرام لا للنساء, ويعضده قولها كأنى أنظر الى وبيص الطيب, وتأويلهم المذكور غير مقبول لمخالفته الظاهر بغير دليل يحملنا عليه والله أعلم اهـ (ونقل العينى) عن الطرطوشى أنه قال يكره الطيب المؤنث كالمسك والزعفران والكافور والغالية والعود ونحوها, فان تطيب وأحرم فعليه الفدية, فان آكل طعامًا فيه طيب فان كانت النار مسته فلا شئ عليه وإن لم تمسه النار فه وجهان "وأما غير المؤنث" مثل الرياحين والياسمين والورد فليس من ذلك. ولا فدية فيه أصلا, والطيب المؤنث طيب النساء كالخلوق والزعفران. قاله شمر (وأما شم الريحان) ففى شرح المهذب الريحان الفارسى والمرزنجوش واللينوفر والنرجس فيها قولان (أحدهما) يجوز شمها لما روى عن عثمان رضى الله عنه أنه شئل عن المحرم يدخل البستان؟ قال نعم, ويشم الريحان (والثانى) لا يجوز لانه يراد الرائحة فهو كالورد والزعفران, والأصح تحريم شمها ووجوب الفدية, وبه قال ابن عمر وجابر والنووى (ومالم وأبو حنيفة) وأبو ثور إلا أن أبا حنيفة ومالكا يقولان يحرم ولا فدية (وقال ابن المنذر) واختلف فى الفدية عن عطاء وأحمد, وممن جوزه وقال هو حلال ولا فدية فيه عثمان وابن عباس والحسن ومجاهد واسحاق رحمهم الله تعالى, قال العبدرى وهو قول أكثر العلماء وفى التوضيح الحناء عندنا ليس طيبا خلافا لابى حنيفة (وعند مالك وأحمد) فيه الفدية, وقالت عائشة وكان صلى الله عليه وسلم يكره ريحه, أخرجه أبى عاصم فى كتاب الخضاب, وكان يحب الطيب فلو كان طيبا لم يكرهه (وأما الطيب بعد رمي الجمرة)

-[جواز الاشتراط في الأحرام للمريض ومن يخشى عدم الأتمام لمانع]- (3) باب الاشتراط في الإحرام (94) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّه قال جاءت ضباعة بنت الزُّبير ابن عبد المطَّلب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقالت إنِّى امرأة ثقيلة وإنِّى أريد الحجَّ فكيف تأمرني كيف أهلُّ؟ قال أهلِّى واشترطي أنَّ محلىِّ حيث حسبتنى قال فأدركت (وعنه منّ طريقٍ ثانٍ) أنَّها قالت يا رسول الله إنِّي أريد أن أحجَّ فأشترط؟ قال نعم، قالت فكيف أقول؟ قال قولى لبَّيك اللَّهمَّ لبَّيك محلىِّ من الأرض حيث تحبسني

_ فقد رخص فيه ابن عباس. وسعد بن أبى وقاص. وابن الزبير. وعائشة. وابن جبير والنخعى. وخارجة بن زيد. وهو قول الكوفيين والشافعى. وأحمد. واسحاق. وأبى ثور وكرهه سالم ومالك, وقال ابن القاسم ولا فدية لما جاء فى ذلك اهـ والله أعلم (94) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج أخبرنى أبو الزبير أنه سمع طاوسا وعكرمة يخبران عن ابن عباس أنه قال جاءت ضباعة- الحديث" (غريبه) (1) بضاد معجمة مضمومة ثم موحدة مخففة هى ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب (قال الشافعى) رحمه الله كنيتها أم حكيم. وهى بنت عم النبى صلى الله عليه وسلم أبوها الزبير بن عبد المطلب بن هاشم (قال النووى) وأما قول صاحب الوسيط "يعنى الغزالى" هى ضباعة الأسلمية فغلط فاحش والصواب الهاشمية اهـ (2) أى ضخمة كثيرة اللحم, وفى حديثى أم سلمة وعائشة الأثيين أن اعتذارها كان بسبب المرض, وأن النبى صلى الله عليه وسلم هو الذي جاءها, فيحتمل أنها أتته مرة واعتذرت بثقل بدنها, ثم جاءها مرة أخرى فاعتذرت بأنها وجعه, ويحتمل أنه جاءها فلم يجدها فأرسل فى طلبها فجاءته والله أعلم (3) أى كيف أنوى الحج وكيف ألى (4) بفتح الميم وكسر الحاء المهملة أى مكان إحلالى (حيث حبستنى) أى حيث حصل لى مانع يمنعنى عن الأتمام (5) أى أدركت الحج ولم يحصل لها مانع يلجئها للتحلل حتى فرغت منه (6) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عباد بن العوام عن هلال يعنى ابن خباب عن عكرمة عن ابن عباس ان ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب أتت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إنى أريد أن أحج - الحديث" (تخريجه) (م. والأربعة) وزاد النسائى فى رواية وقال فإن لك على

-[جواز الاشتراط في الأحرام للمريض ومن يخشى عدم الأتمام لمانع]- (95) عن أمِّ سلمة رضي الله عنها قالت أتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب وهى شاكية فقال ألا تخرجين معنا فى سفرنا هذا؟ وهو يريد حجَّة الوداع، قالت يا رسول الله إنِّى شاكية وأخشى أن يحبسنى شكواى قال فأهلِّي بالحجِّ وقولى اللهمَّ محلىِّ حيث تحبسنى (96) عن عائشة رضى الله عنها قالت دخل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم على ضباعة بنت الزُّبير بن عبد المطَّلب فقالت إنِّى أريد الحجَّ وأنا شاكية، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حجِّي واشترطى أنَّ محلىِّ حيث حبستنى (وعنها من طريقٍ ثانٍ) قالت دخل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم على ضباعة بنت الزُّبير، فقال لها أردت الحجَّ؟ قالت والله ما أجدني إلاَّ وجعةً، فقال لها حجِّي واشترطى، فقال قولى اللَّهمَّ محلي

_ ربك ما استثنيت, وقد جاء هذا الحديث فى مسند الأمام أحمد فى موضعين, الطريق الأولى فى مسند ابن عباس فى الجزء الأول منه, والطريق الثانية فى مسند ضباعة فى الجزء السادس منه, فانظر كيف جمع الله بين الشتيتين, ورحم الله الأمام أحمد (95) عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب قال حدثنى أبى قال فزعم ابن اسحاق عن أبى بكر بن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أم سلمة -الحديث" (غريبه) (1) أى أخشى ان يزداد مرضى فلا أقدر على اتمام الحج (تخريجه) (طب) وسنده جيد (96) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهرى عن عروة عن عائشة وهشام عن أبيه عن عائشة -الحديث. وقوله وهشام عن أبيه معناه أن الرزاق روى هذا الحديث من طريقين (أحدهما) عن معمر عن الزهرى عن عروة عن عائشة (والثانى) عن معمر عن هشام "يعنى ابن عروة" عن أبيه عن عائشة, وهكذا رواه مسلم أيضا (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حماد بن أسامة قال أنا هشام عن أبيه عن عائشة رضى الله تعالى عنها قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم- الحديث"

-[رأى ابن عمر رضى الله عنهما عدم الاشتراط فى الحج]- حيث حبستني وكانت تحت المقداد بن الأسود (97) عن سالم (بن عبد الله بن عمر) عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّه كان يكره الاشتراط في الحجَّ ويقول أما حسبكم بسنَّة نبيِّكم صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أنه لم يشترط

_ (1) أي كانت زوج المقداد بن الأسود رضى الله عنه فولدت له عبد الله وكريمة, وقتل عبد الله فى وقعة الجمل, روى عنها ابن عباس وجابر وأنس وعائشة وعروة وعبد الرحمن الأعرج وسعيد بن المسيب وابنتها كريمة (تخريجه) (ق. هق. والأربعة. وغيرهم) (97) عن سالم (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق أنا معمر عن الزهرى عن سالم- الحديث" (غريبه) (2) رواية الترمذى "ينكر" بدل يكره, ومعنى ذلك أنه كان يكره فعل الاشتراط وينكره على من أفتى به, وفيه اشارة الى إنكار ابن عمر ما كان يفتى به ابن عباس من جواز الاشتراط (قال البيهقى) لو بلغ ابن عمر حديث ضباعة فى الاشتراط لصار اليه ولم ينكر الاشتراط كما لم ينكره أبوه (3) أى أما يكفيكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم إن حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم حل من كل شئ حتى حج عاما قابلا ويهدى أو يصوم إن لم يجد, وهذا التفسير جاء فى رواية للبيهقى من طريق يونس بن يزيد عن ابن شهاب الزهرى عن سالم عن عبد الله بن عمر, وفى آخره قال يونس قال ربيعة لا نعلم شرطا يجوز فى احرامه (تخريجه) (خ. مذ. هق) (زوائد الباب) (عن جابر) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لضباعة حجى واشترطى أن محلى حيث حبستى (طب. طس) وفيه حجاج بن نصير وثقه ابن حبان وقال يهم وفيه كلام. قاله الهيثمى (قلت) حديث جابر رواه البيهقى أيضا من طريقين وليس فى واحد منهما حجاج بن نصير (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما قال أرادت ضباعة بنت الزبير الحج فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم حجى وقولى محلى حيث حبستى (طب) قال الهيثمى وفيه على بن عاصم وهو متكلم فيه لسوء حفظه وتماديه على الخطأ واحتقاره العلماء اهـ (قلت) وكأن البيهقى لم يطلع على هذا الحديث أو لم يعتبره لهذه العلة, فانه قال لوبلغ ابن عمر حديث ضباعة فى الاشتراط لصار اليه الخ ما تقدم والله أعلم (وعن سعيد بن المسيب) عن ضباعة بنت الزبير قال قالت يا رسول الله أنى أريد الحج فكيف أهل بالحج؟ قال قولى اللهم إنى أهل بالحج إن أذنت لى به وأعتنى عليه ويسرته لى, وإن حبستنى فعمرة وإن حبستنى عنهما جميعًا

-[زوائد الباب - ومذاهب العلماء في جواز الاشتراط في الحج وعدمه]- .....

_ فمحلي حيث حبستنى (وعن زينب بنت نبيط) امرأة أنس بن مالك عن ضباعة بنت الزبير أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لها حجى واشترطى, رواهما البيهقى (وعن سويد بن غفلة) قال قال لى عمر بن الخطاب رضى الله عنه يا أبا أمية حج واشترط فان لم ما اشترطت ولله عليك ما اشترطت (وعن عمير بن زياد) عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال حج واشترط وقل اللهم الحج أردت وله عمدت فان تيسر وإلا فعمرة, رواهما البيهقى أيضا (وعن علقمة ابن أبى علقمة) عن أمه عن عائشة رضى الله عنها أنها كانت تقول استثنوا فى الحج. اللهم الحج أردت وله عمدت فان تممته فهو حج وإلا فهى عمرة, وكانت تستثنى وتأمر من معها أن يستثنوا (هق) (وعن هشام بن عروة) عن أبيه قال قالت لى عائشة رضى الله عنها هل تستثنى اذا حججت؟ فقلت لها ماذا أقول؟ فقالت قل اللهم الحج أردت وله عمدت فان يسرته فهو الحج وإن حبسنى حابس فهو عمرة (هق) قال ورزينا عن محمد بن عمرو بن أبى سلمة قال كانت أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم تأمرنا إذا حججنا بالاشتراط (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على جواز الاشتراط فى الحج خوفا من حدوث طارئ يطرأ عليه أثناء الحج من مرض أو نحوه (وإلى ذلك ذهب جمع من الصحابة) منهم عمر بن الخطاب وعلى وابن مسعود. وجابر. وابن عباس. وعائشة. وأم سلمة. وضباعة صاحبة القصة رضى الله عنهم, وبه قال جماعة من التابعين واليه ذهب الأئمة (أحمد واسحاق وأبو ثور) وهو الصحيح من مذهب الشافعى وحجتهم أحاديث الباب (وذهب الأمامان أبو حنيفة ومالك) وبعض التابعين إلى أنه لا يصح الاشتراط, وهو مروى عن ابن عمر كما فى حديثه المذكور فى الباب, وتقدم قول البيهقى لو بلغ ابن عمر حديث ضباعة لصار اليه ولم ينكر الاشتراط؛ وحملوا أحاديث الباب على أنها قضية عين وأنها مخصوصة بضباعة (قال النووى) وهو تأويل باطل, وقيل معناه محلى حيث حبسنى الموت إذا أدركتنى الوفاة انقطع إحرامى, حكاه إمام الحرمين, وأنكره النووى وقال إنه ظاهر الفساد, وقيل إن الشرط خاص بالتحلل من العمرة لا من الحج, حكاه المحب الطبرى- وقصة ضباعة تردُّه, وقد أطنب ابن حزم فى التعقب على من أنكر الاشتراط بما لا مزيد عليه "ومن الغريب أن بعض العلماء" ادعى أنه لا يثبت فى الاشتراط اسناد صحيح, وكأنه صحيح, وكأنه غفل عما رواه البخارى ومسلم والأمام أحمد وغيرهم من عدة طرق صحيحة عن جمع من الصحابة (قال الحافظ) صح القول بالاشتراط عن عمر. وعثمان. وعلى. وعمار. وابن مسعود وعائشة. وأم سلمة. وغيرهم من الصحابة, ولم يصح انكاره عن أحد من الصحابة الا عن ابن عمر, ووافقه جماعة من التابعين ومن بعدهم من الحنفية والمالكية اهـ (قال النووى) فى حديث قصة ضباعة- هذا الحديث مشهور

-[جواز تعليق الأحرام بالحج على احرام رجل آخر]- (4) باب من أحرم مطلقا أو قال أحرمت بما احرم بـ فلان (98) عن أبى موسى الأشعريِّ رضى الله عنه قال بعثنى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى أرض قومى فلمَّا حضر الحجُّ حجَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وحججت فقدمت عليه وهو نازل بالأبطح فقال لى بم أهللت يا عبد الله بن قيس؟ قال قلت لبيَّك بحجٍّ كحجٍِّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال أحسنت ثمَّ قال هل سقت هديًا؟ فقلت ما فعلت، فقال لى اذهب فطف بالبيت وبين الصَّفا والمروة

_ في صحيحي البخارى ومسلم وسنن أبى داود والترمذى والنسائى وسائر كتب الحديث المعتمدة من طرق متعددة بأسانيد كثيرة عن جماعة من الصحابة, وفيما ذكره مسلم من تنويع طرقه أبلغ كفاية, قال وفى هذا الحديث ذليل على أن المرض لا يبيح التحلل اذا لم يكن اشتراط فى حال الأحرام والله أعلم اهـ (98) عن أبى موسى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا الثورى عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن أبى موسى الأشعرى-الحديث" (غريبه) (1) يعنى إلى اليمن, ولفظ البخارى "بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قوم باليمن" قيل كان بعثه صلى الله عليه وسلم إياه إلى اليمن فى السنة العاشرة من الهجرة قبل حجة الوداع؛ (وعن أبى بردة) قال بعث النبى صلى الله عيله وسلم أبا موسى ومعاذ بن جبل رضى الله عنهما الى اليمن وبعث كل واحد منهما على مخلاف, قال واليمن مخلافان, والمخلاف بكسر الميم فى اليمن كان كالرستاق فى العراق وجمعه مخاليف (2) لفظ البخارى "وهو بالبطحاء" والواو فى (وهو) للحال "والأبطح أو البطحاء" يعنى بطحاء مكة وهو المحصب, هو فى الأصل مسيل واديها, وحدُّه من الحجون ذاهبًا إلى منى (3) هو اسم أبى موسى رضى الله عنه (4) استحسان النبى صلى الله عليه وسلم فعل أبى موسى دليل على جوازه "وقوله اذهب فطف بالبيت وبين الصفا والمروة ثم احلل" معناه أنه صار كالنبى صلى الله عليه وسلم وتكون وظيفته أن يفسخ حجته الى عمرة فيأتى بأفعالها, وهى الطواف والسعى والحلق, فاذا فعل ذلك صار حلالا وتمت عمرته, وإنما لم يذكر الحلق هنا, لأنه كان مشهورا عندهم, ويحتمل أنه داخل في قوله واحلل

-[رأى عمر بن الخطاب رضي الله عنه إفراد العمرة في غير أشهر الحج]- ثمَّ احلل فانطلقت ففعلت ما أمرنى، وأتيت امرأة من قومي فغسلت رأسى بالخطميِّ وفلته ثمَّ أهللت بالحجِّ يوم الرَّوية فما زلت أفتى النَّاس بالَّذى أمرنى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتى توفِّى، ثمَّ زمن أبى بكر رضى الله عنه، ثمَّ زمن عمر رضى الله عنه، فبينا أنا قائم عند الحجر الأسود أو المقام أفتى النَّاس بالَّذي أمرني به رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذ أتاني رجل فسارَّنى فقال لا تعجل بفتياك فإنَّ أمير المؤمنين قد أحدث في المناسك شيئًا فقلت أيُّها النَّاس من كنَّا أفتيناه فى المناسك شيئا فلينَّئد فإنَّ أمير المؤمنين قادم فيه فأتمُّوا قال فقدم عمر رضى الله عنه فقلت يا أمير المؤمنين هل أحدثت فى المناسك شيئًا؟ قال نعم، إن تأخذ بكتاب الله عز وجلَّ فإنَّه يأمر بالتَّمام (وفي لفظٍ فإنَّ الله تعالى قال وأتمُّوا الحجَّ والعمرة لله) وإن نأخذ بسنَّة نبيِّنا صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فإنَّه لم يحلل حتَّى نحر الهدي

_ هذا محمول على أن هذه المرأة كانت محرما له (والخطمىّ) بكسر الخاء وضمها مع كسر الميم بينهما طاء مهملة ساكنة. تقدم تفسيره فى باب ما يصنع من أرادا الأحرام رقم 83 صحيفة 123 (وفلته) بتخفيف اللام أى أخرجت ما به من القمل ونحوه بواسطة المشط, ففى رواية البخارى فمشطتنى أو غسلت رأسى, وفى رواية لمسلم فمشطتنى وغسلت رأسى (2) المعنى أنه تحلل بالعمرة وأقام بمكة حلالا إلى يوم التروية وهو الثامن من ذى الحجة ثم أحرم بالحج يوم التروية (3) يعنى مقام ابراهيم عليه السلام (4) فى رواية لمسلم رويدك بعض فتياك, ورويد اسم فعل معناه أمهل وأمسك عن الفتيا, ويقال فتيا وفتوى لغتان مشهورتان (5) أى خلاف ما كان أبو موسى يفتى به الناس (6) هذا أمر بالتؤدة, يقال انأد فى فعله اذا تأنىَّ وتثبت ولم يعجل, واتئد فى أمرك أى تثبت, وأصل التاء فيهما واو (7) أى فأنموا به وأطيعوه فيما يأمركم, لأن الله تعالى يقول "يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولى الأمر منكم" (8) قال الحافظ محصل جواب عمر فى منعه الناس من التحلل بالعمرة أن كتاب الله دال على منع التحلل والأمر بالأتمام فيقتضي استمرار

-[اختلاف العلماء في جواز تعليق الأحرام بالحج على احرام شخص آخر]- (99) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال لعلىٍّ رضى الله عنه بم أهللت؟ قال قلت اللَّهمَّ إنِّى أهلُّ بما أهلَّ به رسولك، قال ومعى الهدى، قال فلا تحلُّ

_ الإتمام إلى فراغ الحج وأن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا دالة على ذلك لأنه لم يحل حتى بلغ الهدى محله, لكن الجواب عن ذلك ما أجاب به هو صلى الله عليه وسلم حيث قال, ولولا أن معى الهدى لأحللت, فدل على جواز الأحلال لمن لم يكن معه هدى, وتبين من مجموع ما جاء عن عمر فى ذلك أنه منع منه سدا للذريعة اهـ. والله أعلم (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم) (99) (عن جابر بن عبد الله) هذا طرف من حديث طويل تقدم جمعيه بسنده وشرحه فى باب صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم صحيفة 74 رقم 64 من هذا الجزء (1) فى هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر عليا بالبقاء على إحرامه وعدم التحلل, وفى الحديث السابق أمر أبا موسى بفسخه الى عمرة وكلاهما قد أحرم بما أحرم به النبى صلى الله عليه وسلم وعاق إحرامه على إحرامه, فما الفرق بينهما (الجواب) أن عليا رضى الله عنه كان معه الهدى كما كان مع النبى صلى الله عليه وسلم الهدى فبقى على إحرامه كما بقى النبى صلى الله عليه وسلم وكل من معه الهدى, وأبو موسى لم يكن معه هدى فتحلل بعمرة كمن لم يكن معه هدى, ولولا الهدى مع النبى صلى الله عليه وسلم لجعلها عمرة (تخريجه) (م. د. جه) وللشيخين والأمام أحمد أيضا من حديث أنس قال قدم على رضى الله عنه على النبى صلى الله عليه وسلم من اليمن, فقال بم أهللت؟ قال بما أهل به النبى صلى الله عليه وسلم فقال لولا أن معى الهدى لأحللت (الأحكام) حديثا الباب يدلان على جواز تعليق الأحرام بأحرام شخص معين يعرفه من أراد التعليق, وأما مطلق الأحرام على الأبهام فهو جائز ثم يصرفه المحرم إلى ما شاء لكونه صلى الله عليه وسلم لم ينه عن ذلك (قال الشوكانى) وإلى ذلك (ذهب الجمهور) وعند المالكية لا يصح الأحرام على الأبهام, وهو قول الكوفيين (قال ابن المنير) وكأنه مذهب البخارى لأنه أشار فى صحيحه عند الترجمة لهذين الحديثين "يعنى حديث أبى موسى وحديث أنس المذكور فى الشرح قبل الأحكام" إلى أن ذلك خاص بذلك الزمن, وأما الآن فقد استقرت الأحكام وعرفت مراتب الأحرام فلا يصح ذلك, وهذا الخلاف يرجع إلى قاعدة أصولية, وهى هل يكون خطابه صلى الله عليه وسلم لواحد أو لجماعة مخصوصة فى حكم الخطاب العام للأمة أولا؟ فمن ذهب الى الأول جعل حديث على وأبى موسى شرعا عاما ولم يقبل دعوى الخصوصية إلا بدليل, ومن ذهب إلى الثانى قال إن هذا الحكم مختص بهما والظاهر الأول اهـ (وقال النووى) فى الكلام على شرح

-[حجة القائلين بالتخيير في الأحرام بين التمتع والأفراد]- (5) باب التخيير في الاحرام بين التمتع والأفراد والقران (100) عن هشام بن عروة قال أخبرنى أبى قال أخبرتنى عائشة رضى الله عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم موافين لهلال ذى الحجَّة فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من أحبَّ يهلَّ بعمرةٍ فليهلَّ، ومن أ؛ ب أن يهلَّ بحجَّةٍ فليهلَّ فلولا أنِّى أهديت لأهلك بعمرةٍ، قالت فمنهم من أهلَّ بعمرةٍ ومنهم من أهلَّ بحجةٍ، وكنت ممَّن أهلَّ بعمرةٍ فحضت قبل أن أدخل مكَّة فأدركنى يوم عرفة وأنا حائض فشكوت ذلك إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال دعى عمرتك وانقضى رأسك وامتشطى وأهلِّى بالحجِّ ففعلت، فلمَّا كانت ليلة الحصبة أرسل معى عبد الرَّحمن إلى التَّنعيم فأردفها فأهلَّت بعمرةٍ

_ حديث أبي موسى فى هذا الحديث فوائد (منها) جواز تعليق الأحرام, فاذا قال أحرمت بأحرام كأحرام زيد صح إحرامه وكان إحرامه كاحرام زيد؛ فان كان زيد محرما بحج أو بعمرة أو قارنا كان المعلق مثله, وإن كان زيد أحرم مطلقا كان المعلق مطلقًا ولا يلزمه أن يصرف إحرامه الى ما يصرف زيد إحرامه اليه, فلو صرف زيد إحرامه الى حج كان للمعلق صرف إحرامه الى عمرة وكذا عكسه (ومنها) استحباب الثناء على من فعل فعلا جميلا لقوله صلى الله عليه وسلم "يعنى لأبى موسى" أحسنت اهـ. والله اعلم (100) عن هشام بن عروة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى ابن سعيد ثنا هشام قال يحيى أملاه علىَّ هشام قال أخبرني أبي قال أخبرتنى عائشة- الحديث" (غريبه) (1) أى مقاربين لاستهلاله, وكان خروجهم قبله لخمس فى ذى القعدة كما صرحت به فى رواية عمرة عند مسلم عن عائشة (2) فيه دليل لجواز الأنواع الثلاثة (قال النووى) وقد أجمع المسلمون على ذلك, وإنما اختلفوا فى أفضلها اهـ (قلت) تقدم الكلام على ذلك فى آخر باب صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم فى الأحكام ص 98 فارجع اليه ان شئت (3) احتج به القائلون بتفضيل التمتع, ومثله قوله صلى الله عليه وسلم "لو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما سقت الهدى, ووجه الدلالة منهما أنه صلى الله عليه وسلم لا يتمنى الا الأفضل وتقدم بيان ذلك فى الباب المشار اليه آنفًا (4) بفتح الحاء وإسكان الصاد المهملتين وهي

-[حجة القائلين بالتخيير في الأحرام بين الحج مفردا وبين التمتع بالعمرة أوَّلاً]- مكان عمرتها فقضي الله عزّ َوجلَّ حجَّها وعمرتها ولم يكن في شئٍ من ذلك هدي ولا صوم ولا صدقة (101) عن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما قالت خرجنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم حتَّى إذا كنَّا بذى الحليفة قال من أراد منكم أن يهلَّ بالحجِّ فلبهلَّ ومن أراد منكم أن يهلَّ بعمرةٍ فليهلَّ

_ التي بعد أيام التشريق, وسميت بذلك لأنهم نفروا من منى فنزلوا فى المحصب وباتوا به "وقوله فاردفها" فيه انتقال من ضمير المتكلم إلى ضمير الغائب فى حكايته عن عائشة, ويحتمل أن يكون قوله فأردفها الخ الحديث مدرجا من كلام عروة, وقد جاء فى رواية لمسلم بلفظ "فلما كانت ليلة الحصبة وقد قضى الله حجنا أرسل معى عبد الرحمن بن أبى بكر فأردفنى وخرج بى إلى التنعيم فأهللت بعمرة فقضى الله حجنا وعمرتنا, ولم يكن فى ذلك هذى ولا صدقة ولا صوم (ولمسلم أيضا) فى رواية أخرى بعد هذه ساق فيها الحديث بنحو ما تقدم وقال فيه قال عروة فى ذلك انه قضى الله حجها وعمرتها قال هشام ولم يكن فى ذلك هدى ولا صيام ولا صدقة (قال النووى) وهذا اللفظ وهو قوله ولم يكن فى ذلك هى ولا ولا صدقة ولا صوم" ظاهره فى الرواية الأولى أنه من كلام عائشة, ولكن صرح فى الرواية التى بعدها بأنه من كلام هشام بن عروة, فيحمل الأول عليه ويكون الأول فى المعنى المدرج اهـ. والله أعلم (1) أى مكان عمرتها التى لم تتمها مستقلة كما فعل غيرها ممن أهلوا بالعمرة مثلها ولم يكن لهم عذر كعذرها (2) قال النووي وهذا محمول على إخبارهما عن نفسها, أى لم يكن علىّ فى ذلك هدى ولا صوك ولا صدقة, ثم انه مشكل من حيث أنها كانت قارنة, والقارن يلزمه الدم وكذلك المتمتع, ويمكن أن يتأول هذا على أن المراد لم يجب علىّ دم ارتكاب شئ من محظورات الأحرام كالطيب وستر الوجه وقتل الصيد وإزالة شعر وظفر وغير ذلك؛ أى لم أرتكب محظورا فيجب بسببه هدى أو صدقة أو صوم, هذا هو المختار فى تأويله اهـ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (101) عن أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس قال ثنا عمران بن يزيد حدثنا منصور عن أمه عن أسماء-الحديث" (غريبه) (3) أى من أراد أن ينوى الأحرام بحج مفرد فليفعل, ومن أراد أن يحرم بعمرة فقط فليفعل, ففيه التخبير بين الافراد والتمتع, فالافراد هو الأهلال بالحج وحده

-[حجة القائلين بالتخيير في الأحرام بين الأفراد والقران والتمتع]- قالت أسماء وكنت أنا وعائشة والمقداد والزُّبير ممَّن أهلَّ بعمرةٍ (102) عن عائشة رضي الله عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثلاثة أنواع، فمنَّا من أهلَّ بحجّ وعمرة ومنَّا من أهل بحجّ مفرد، ومنَّا من أهلَّ بعمرة، فمن كان أهلَّ بحجٍّ وعمرةٍ معًا لم يحلَّ من شيء ممَّا حرَّم الله عزَّ وجلَّ عليه حتَّى يقضى حجَّه، ومن أهلَّ بعمرةٍ ثمَّ طاف بالبيت وسعى بين الصَّفا والمروة وقصَّر أحلَّ ممَّا حرم منه حتَّى يستقبل حجًّا (وعنها من طريقٍ ثانٍ) قالت خرجنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في حجَّة الوداع، فمنَّا من أهلَّ بحجٍّ، ومنَّا من أهلَّ بعمرةٍ فأهدى فقال النّّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله

_ والتمتع هو الاعتمار فى أشهر الحج ثم التحلل من تلك العمرة والأهلال بالحج فى تلك السنة (1) زاد فى رواية عند مسلم والأمام أحمد وستأتى فى باب التمتع بالعمرة الى الحج "فلم يكن معى هدى فحللت وكان مع الزبير هدى فلم يحلل" (تخريجه) (م. وغيره) (102) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال كانت عائشة تقول خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (2) يعنى قرن فى احرامه بين الحج والعمرة, والقران هو الأهلال بالحج والعمرة وهو جائز باتفاق العلماء, ويطلق التمتع فى عرف السلف على القران (قال ابن عبد البر) ومن التمتع أيضا القران, ومن المتمتع أيضا فسخ الحج إلى العمرة اهـ. وتقدم فى شرح الحديث السابق معنى الأفراد والتمتع, وحكى النووى فى شرح مسلم الأجماع على جواز الأنواع الثلاثة, وتأول ما رود من النهى عن التمتع عن بعض الصحابة (3) يستفاد منه أن أفعال العمرة هى الأحرام والطواف والسعى والحلاق أو التقصير (4) أى بعد تحلله من العمرة يحرم بالحج, وليس ذلك على الفور بل له أن يبقى أياما إلا أنه لا يؤخر الأحرام بالحج عن يوم التروية (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا معمر بن بشر قال ثنا عبد الله أنا يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (6) أى فساق الهدي معه

-[الدليل على أن القارن والمتمتع يلزمهما الهدى]- وصحبه وسلَّم من أهلَّ بالعمرة ولم يهد فليحل ومن أهلَّ بعمرةٍ فأهدى فلا يحلُّ ومن أهلَّ بحج فليتمَّ حجَّه، قالت عائشة وكنت ممَّن أهلَّ بعمرةٍ (6) باب ما جاء فى الافراد (103) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّه قال أهلَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالحجِّ

_ (1) أي لم يكن معه هدى فليحل بعد أفعال العمرة المصرح بها فى الطريق الأولى (2) أى فليبق على احرامه (3) معناه فليهل بالحج مع عمرته فلا يحل حتى يحل منهما جميعًا كما جاء ذلك صريحا من رواية عروة عن عائشة أيضا وسيأتى فى باب القران (تخريجه) (ق. غيرهما) (الأحكام) حدثنا الباب يدلان على جواز الأفراد والقران والتمتع, فالحاج مخير فى أيها شاء, فان أحرم بالحج فقط جاز له ذلك, وإن أحرم به مع العمرة جاز أيضا, وإن أحرم بالعمرة فقط وأدى مناسكها ثم أحرم بالحج جاز له ذلك أيضا, وقد حصل كل نوع من هذه الأنواع الثلاثة لجماعة من الصحابة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع كما يستفاد من حديث عائشة (قال النووى رحمه الله) وقد أجمع المسلمون على ذلك, وإنما اختلفوا فى آفضلها (قلت تقدم الخلاف فى تفضيلها فى أحكام باب صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم صحيفة 98 من هذا الجزء) قال وهذا الحديث (يعنى الطريق الثانى من حديث عائشة المذكور فى الباب) ظاهر فى الدلالة لمذهب (أبى حنيفة وأحمد) وموافقيهما فى أن المعتمر المتمتع إذا كان معه هدى لا يتحلل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر (ومذهب مالك والشافعى) وموافيقهما أنه إذا طاف وسعى وحلق حل من عمرته وحل له كل شئ فى الحال سواء كان ساق هديا أو لا, واحتجوا بالقياس على من لم يسق الهدى وبأنه تحلل من نسكه فوجب أن يحل له كل شئ كما لو تحلل المحرم بالحج, وأجابوا عن هذه الرواية بأنها مختصرة من الروايات التى ذكرها مسلم والتى ذكرها قبلها عن عائشة قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام حجة الوداع فأهللنا بعمرة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان معه هدى فليهلل بالحج مع العمرة ثم لا يحل حتى منهما جميعًا, فهذه الرواية مفسرة للمحذوف من الرواية التى احتج بها أبو حنيفة, وتقديرها ومن أحرم بعمرة وأهدى فليهلل بالحج ولا يحل حتى ينحر هديه, ولابد من هذا التأويل لأن القضية واحدة والراوى واحد, فيتعين الجمع بين الروايتين على ما ذكرناه والله أعلم اهـ (103) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنا

-[حجة القائلين بأن النبي صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج مفرداً]- فلمَّا قدم طاف بالبيت وبين الصَّفا والمروة ولم يقصِّر ولم يحلَّ من أجل الهدى وأمر من لم يكن ساق الهدى أن يطوف وأن يسعى ويقصِّر أو يحلق ثم يحلَّ (104) عن عائشة رضى الله عنها أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أمر النَّاس عام حجَّة الوداع، فقال من أحبَّ أن يبدأ منكم بعمرةٍ قبل الحجَّ فليفعل، وأفرد رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم الحجَّ ولم يعتمر (105) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال أهللنا أصحاب النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالحجِّ خالصًا ليس معه غيره خالصًا وحده، فقدمنا مكَّة صبح رابعة مضت من ذي الحجَّة فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حلُّوا واجعلوها عمرةً - الحديث

_ يزيد بن أبي زياد عن مجاهد عن ابن عباس- الحديث" (غريبه) (1) يعنى مكة (2) فيه أن من ساق الهدى لا يتحلل من عمل العمرة حتى يهل بالحج ويفرغ ويكون طوافه وسعيه واحدا لحجه وعمرته, وفيه أنه لا يحل حتى ينحر هديه وهو قول الأمامين (أبى حنيفة وأحمد) رحمهما الله, وفيه دلالة على انه صلى الله عليه وسلم كان قارنا (3) أى ثم يستأنف الأحرام بالحج يوم التروية كما فعل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لم يسوقوا الهدى (تخريجه) (د) قال المنذرى فى اسناده يزيد بن أبى زياد أبو عبد الله الكوفى تكلم فيه غير واحد, وأخرج له مسلم فى الشواهد (104) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا عبد العزيز بن محمد عن علقمة بن أبى علقمة عن أمه عن عائشة- الحديث" (غريبه) (4) أى لم يعتمر عمرة مستقلة وإنما أهل بالعمرة بعد الحج فصار قارنا لما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يلبى بهما جميعا, وسيأتي ذلك فى باب القران الآتى بعد هذا (تخريجه) (م. والأربعة) (105) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل أنا ابن جريج عن عطاء قال قال جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أهللنا- الحديث" (غريبه) (5) أى لا يخالطه شئ من العمرة ولا القران, ثم أكذ ذلك بقوله خالصا وحده (6) بكسر الحاء المهملة ويجوز فتحها والكسر أفصح (7) الحديث له بقية وإنما اقتصرنا فى المتن على هذا المقدار لمناسبة الترجمة وبقيته "فبلغه أنا نقول لماَّ لم يكن بيننا وبين عرفة إلا خمس أمرنا أن نحل فيروح الى منى ناس منا ومذاكيرنا تقطرمنيا, فخطبنا فقال

-[زوائد الباب وفيها أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم أفردوا الحج]- (106) وعنه أيضًا قال أهلَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في حجَّته بالحجِّ (107) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال أهللنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بالحجِّ مفردًا

_ قد بلغني الذي قلتم وإنى لأتقاكم وأبركم, ولولا الهدى لحللت, ولو استقبلت من أمرى ما استدبرت ما أهديت, حلوا واجعلوها عمرة, قال وقدم على رضى الله عنه من اليمن قال بم أهللت؟ قال بما أهل به النبى صلى الله عليه وسلم, قال فاهد وامكث حراما كما أنت" وسيأتى فى باب فسخ الحج الى العمرة لجابر حديث أكثر معنى من هذا وأطول (تخريجه) (ق. د. جه. وغيرهم) (106) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم-الحديث" (غريبه) (1) يعنى فى أول الأمر لكن ثبت عند اليخارى والأمام أحمد غيرهما أنه صلى الله عليه وسلم أدخل العمرة على الحج, وسيأتى عن ابن عمر فى باب القران قال سمعت رسول الله صلى اللهعليه وسلم وهو بالعقيق يقول أتانى الليلة آت من ربى فقال صل فى هذا الوادى المبارك وقل عمرة فى حجة (تخريجه) (م. وغيره) (107) عن ابن عمر رضى الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل بن محمد ثنا عباد يعنى ابن عباد حدثنى عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر -الحديث" (غريبه) (2) أى من غير عمرة معه؛ وتقدم أن هذا كان فى أول الأمر ثم أدخل عليه العمرة والله أعلم (تخريجه) (م. مذ. وغيرهما) (زوائد الباب) (عن عامر بن ربيعة) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم أفرد الحج, أورده الهيثمى وقال رواه البزار وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف (وعن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه) قال حججت مع أبى بكر رضى الله عنه فجرد "أى أفرد" ومع عمر رضى الله عنه فجرد, ومع عثمان رضى الله عنه فجرد (هق) (وعن نافع) أن ابن عمر كان يقول إن عمر رضى الله عنه كان يقول إن تفصلوا بين الحج والعمرة وتجعلوا العمرة فى غير أشهر الحج أتم لحج أحدهم وأتم لعمرته (هق) (وعن عبد الله الحسن) ابنى محمد بن على عن أبيهما أن على بن أبي طالب رضى الله عنه قال يا بنى أفرد بالحج فانه أفضل (هق) (وعن القاسم بن عبد الرحمن) قال قال عبد الله بن مسعود رضى الله عنه جردوا الحج (هق) (وعن الأسود) عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) أنه أمر بافراد الحج, قال نسكان أحب أن يكون لكل واحد منهما شعث وسفر (هق) (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية الأفراد فى الحج وأنه أفضل من القران والتمتع, وقد اختلفت الأحاديث

-[مذاهب العلماء في إفراد الحج - والجمع بين مختلف الأحاديث]- (7) باب ما جاء في القران (108) عن عثمان بن المغيرة عن سالم بن أبى الجعد مولى الحسن ابن علىّ رضى الله عنهما قال خرجنا مع علىٍّ رضى الله عنه فأتينا ذا الحليفة فقال علىُّ رضي الله عنه إنِّى أريد أن أجمع بين الحجِّ والعمرة، فمن أراد ذلك فليقل كما أقول، ثمَّ لبيَّ قال لبَّيك بحجٍّ وعمرة معًا، قال وقال سالم وقد أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه قال والله إنَّ رجلى لتمسُّ رجل رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وإنَّه ليهلُّ بهما جميعًا (109) عن حميد بن هلال قال سمعت مطرِّفًا قال قال لى عمران بن حصين

_ في ذلك، فمن أهل العلم من جمع بين الروايات كالخطابى قال إن كلا أضاف الى النبي صلى الله عليه وسلم ما أمر به اتساعا، ثم رجح أنه صلى الله عليه وسلم أفراد الحج، وكذا قال القاضى عياض وزاد فقال (وأما احرامه) صلى الله علي وسلم ققد تضافرت الروايات الصحيحة بأنه كان مفردًا (وأما رواية من روى التمتع) فمعناه أنه أمر به لأنه صرح بقوله ولوا أن معى الهدى لأحللت فصح أنه لم يتحلل (وأما رواية من روى القرآن) فهو إخبار عن آخر أحواله لأنه أدخل العمرة إلى الحج لما جاء الى الوادى وقيل قل عمرة فى حجة، قال الحافظ هذا الجمع هو المعتمد (قلت) تقدم الكلام على الجمع بين مختلف الروايات فى الأنواع الثلاثة ومذاهب الأئمة فى ذلك وبيان أفضلها فى أحكام باب صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم ص 95 فارجع اليه والله الموفق (108) عن عثمان بن المغيرة (سنده) حدقنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عثمان أبو عوانة ثنا عثمان بن المغيرة- الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) بدون قصة على، وقصة على رضى الله عنه جاءت بسياق آخر عند مسلم والبخارى ولفظه (عن سعيد بن المسيب قال اختلف على وعثمان رضى الله عنهما وهما بصفا نفى المتعة، فقال على ما تريد إلا أتنهى عن أمر فعله التبى صلى الله عليه وسلم قال فلما رأى ذلك على رضى الله عنه أهل بهما جميعًا) (109) عن حميد بن هلال (سنده) حدقنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر وحجاج قالا أنا شعبة عن حميد بن هلال- الحديث" (غربيه) (1) كنيته أبو نجيم بضم النون وفتح الجيم، صحابى جليل، أسلم هو وأبو هريرة عام خيبر سنة

-[حجة القائلين بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارناً في حجة]- رضي الله عنه إنِّى أحدِّثك حديثًا عسى الله عزَّ وجلَّ أن ينفعك به إنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قد جمع بين حجٍّ وعمرةٍ ثمَّ لم ينه عنه حتَّى مات ولم ينزل قرآن فيه يحرِّمه، وإنَّه كان يسلَّم علَّى فلمَّا اكتويت أمسك عنِّي فلمَّا تركته عاد إلىَّ (110) عن عكرمة بن عمَّار عن الهرماس بن زيادٍ رضي الله عنه قال كنت ردف أبى فرأيت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم

_ سبع من الهجرة وغزا مع النبى صلى الله عليه وسلم غزوات، وبعثه عمر بن الخطاب الى البصرة ليفقه أهلها وكان قاضيها، استقضاه عبد الله بن عامر أياما ثم استعفاه فأعفاه، توفى سنة ثنتين وخمسين، وكان الحسن البصرى يحلف بالله تعالى ما قدم البصرة راكب خير لهم من عمران، وكان مجاب الدعوة، وله مناقب كثيرة ستأتى فى كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (1) أى إذا علمته وعلَمته الناس (ولمسلم الأمام أحمد) وسيأتى فى كتاب المناقب عن مطر ف "قال بعث الىَ عمران بن حصين فى مرضه الذى توفى فيه، فقال إنى كنت محدثك بأحاديث لعل الله أن ينفعك بها بعدى فان عشت فاكتم عنى، وإن مت فحدث بها إن شئت، وإنه قد سلم على، وواعلم أن نبى الله صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حج وعمرة ثم لم ينزل فيها كتاب الله ولم ينه عنها نبى الله صلى الله عليه وسلم قال رجل فينها برأيه ما شاء، يشير الى عمر بن الخطاب رضى الله عنه حيث نهى عن المتعة، وسيأتى فى الكلام على ذلك فى باب التمتع بالعمرة الى الحج (2) بضم أوله وفت اللام مشددة، والمعنى أن عمران بن الحصين رضى الله عنه كانت به بواسير فكان يصبر على المهمات، وكانت الملائكة تسلم عليه، وكان يراهم عيانًا فاكتوى فانقطع سلامهم عليه، ثم ترك الكى فعاد سلامهم عليه، ولذلك قال مطرف، فان عشت فاكتم عنى أى لا تخبر أحدًا بأن الملائكة تسلم علي لأنه كره أن يشاع عنه ذلك فى حياته لما فيه من التعرض للفتنه بخلاف ما بعد الموت، ولذلك قال له "وإن مت فحدث بها إن شئت" رضى الله عنه (3) يعنى تسليم الملائكة لأنه فعل شيئا يشبه أن ينافى التوكل بالنسبة لدرجته هو وقوة إيمانه، وهذا لا ينافى استحباب التداوى لمن كان ضعيف الأيمان أو لا يصبر على المرض (وقوله فلما تركته) أى ترك التداوى بالاكتواء (عاد الى) يعنى تسليم الملائكة (تخريجه) (م. نس. هق) ورواه البخارى مختصرًا (110) عن عكرمة بن عمار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[قصة الصبي بن معبد في إحرامه بالحج والعمرة معاً]- على بعير وهو يقول لبَّيك بحجَّةٍ وعمرةٍ معًا (111) عن الحكم عن أبي وائل أنَّ الصُّبيَّ بن معبد كان نصرانيًّا تغلبيا أعرابيًّا (وفي رواية أنَّ رجلًا كان نصرانيًّا يقال له الصُّبيُّ بن معبد) فأسلم فسأل أيُ العمل أفضل؟ فقيل له الجهاد في سبيل الله، فأراد أن يجاهد، فقيل له حججت؟ فقال لا، فقيل حجَّ واعتمر ثمَّ جاهد، فانطلق حتَّى إذا كان بالحوائط أهلَّ بهما جميعًا، فرآه زيد بن صوحان وسلمان

_ عبد الله بن عمران بن على أبو محمد من أهل الرى وكان أصله أصبهانيا، قال حدثنا يحيى ابن الضريس، قال ثنا عكرمة بن عمار- الحديث" (تخريجه) (طب. طس) قال الهيثمى ورجاله ثقات (111) عن الحكم عن أبى وائل (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن الحكم عن أبى وائل- الحديث" (غربيه) (1) يضم الصاد المهملة وفتح الباء الموحدة وتشديد الياء التحتية (وقوله تغلبيا) أى من بنى تغلب بكسر اللام ابن وائل بن قاسط، والنسبة اليه تغلى بفتح اللام كما فى القاموس والمختار (2) رواية النسائى "كنت أعرابيا نصرانيا فأسلمت فكنت حريصا على الجهاد فوجدت الحج والعمرة مكتوبين على "فأتيت رجلا من عشيرتى يقال له هريم بن عبد الله فسألته فقال اجمعهما ثم اذبح ما استيسر من الهدى فأهللت بهما- الحديث" فظهر من هذه الرواية أن المسئول المبهم فى حديث الباب هو هريم بهاء مضمومة ثم راء مفتوحة بالتصفير ابن عبد الله، وكان من عشيرة الصبى بن معبد "وقوله فوجدت الحج والعمرة مكتوبين على" أى مفروضين على الأنسان ولعله أخذ ذلك من قوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} والله أعلم (3) لفظ النسائى وأبى داود "فلما أتيت العذيب لقينى سلمان بن ربيعة وزبدبن صوحان الخ" وقد فسر صاحب النهاية العذيب بأنه اسم ماء لبنى تميم على مرحلة من الكوفة سمى بتصغير العذب، وقيل سمى به لأنه طرف أرض العرب من العذبة. وهى طرف الشاء اهـ، ولم أجد لفظ الحوائط لغير الأمام أحمد، فيحتمل أن هذا المكان كان به بساتين لتوفر الماء فيه، والبستانى يقال له حائط اذا كان عليه حائط، وهو الجدار، وجمعه حوائط، فسمى هذا المكان بالحوائط أيضًا لذلك

-[كلام العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة]- ابن ربيعة فقالا لهو أصلُّ من جملةٍ أو ما هو بأهدى من ناقته، فانطلق إلى عمر رضى الله عنه فأخبره بقولهما فقال هديت لسنَّة نبيك صلَّى الله عليه وسلَّم، قال الحكم فقلت لأبى وائل حدَّثك الصُّبىُّ؟ فقال نعم (112) عن سراقة (بن مالك بن جعشم رضي الله عنه) قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول دخلت العمرة في الحجِّ إلى يوم القيامة، قال وقرن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في حجَّة الوداع

_ والله أعلم (1) معنى هذه الجملة أن عمر رضى الله عنه منع من الجمع بين الحج والعمرة واشتهر ذلك المنع، وهذا الرجل المسمى بالصبى بن معبد لا يدرى بذلك. فهو وجمله سواء فى عدم العلم (وقوله أو ما هو بأهدى) الخ أو للشك من الراوى، ولفظ ابن ماجه "فقالا لهذا أضل من بعيره فكأنما حملا على جبلا بكلمتهما فقدمت على عمر بن الخطاب" الحديث (2) على بناء المفعول وتاء الخطاب، أى هداك الله بواسطة من أفتاك أو هداك من أفتاك (فان قيل) كان عمر رضى الله عنه يمنع من الجمع فكيف قرره على ذلك بأحسن تقرير؟ (فالجواب) كان عمر رضى الله عنه يرى جواز ذلك لبعض المصالح ويرى أنه جوز النبى لذلك، فكأنه يرى أن من عرض له مصلحة افتضت الجمع فى حقه فالجمع فى حقه سنة والله أعلم (تخريجه) (د. نس. جه. هق) وسنده جيد (112) عن صرافة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مكى بن ابراهيم ثنا داود يعنى ابن يزيد قال سمعت عبد الملك الزراد يقول سمعت النزال بن يزيد بن سبرة صاحب على يقول سمعت صرافة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث (غربيه) (3) قال النووى رحمه الله اختلف العلماء فى معناه على أقوال، أصحها وبه قال جمهورهم معناه أن العمرة يجوز فعلها فى أشهر الحج الى يوم القيامة، والمقصود بها بين إبطال ما كانت الجاهلية تزعمه من امتناع العمرة فى أشهر الحج (الثانى) معناه جواز القران، وتقدير الكلام دخلت أفعال العمرة فى أفعال الحج الى يوم القيامة (والثالث) تأويل بعض القائلين بأن العمرة ليست واجبة، قالوا معناه سقوط العمرة، قالوا ودخولها فى الحج معناه سقوط وجوبها، وهذا ضعيف أو باطل، وسياق الحديث يقتضى بطلانه (والرابع) تأويل بعض أهل الظاهر أن معناه جواز فسخ الحج الى العمرة، وهذا ايضًا ضعيف اهـ (تخريجه) لم أقف

-[نهي عثمان بن عفان رضي الله عنه عن التمتع والقران]- (113) عن عمر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو بالعقيق يقول أتانى اللّيلة آتٍ من ربِّى فقال صلِّ في هذا الوادي المبارك وقل عمرة في حجَّةٍ قال الوليد يعنى ذا الحليفة (114) عن مروان بن الحكم قال شهدت عليًّا وعثمان رضي الله عنهما بين مكَّة والمدينة وعثمان ينهى عن المتعة وأن يجمع بينهما، فلمَّا

_ عليه من حديث سراقة لغير الأمام أحمد، وفى اسناده داود بن يزيد الأودى وهو ضعيف لكن رواه (م. د) من حديث جابر. ورواه (مذ. د) عن ابن عباس مرسلا (113) عن عمر رضى الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الوليد ابن مسلم ثنا الأوزاعى أن يحيى بن كثير حدثه عن عكرمة مولى ابن عباس قال سمعت ابن عباس يقول سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه يقول سمعت رسول الله الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غربيه) (1) هو ذو الخليفة كما فسر الوليد بن مسلم أحد رجال السند، وسعى بالعقيق لما روى الزبير بن بكار فى أخبار المدينة أن تبعًا لما أنحدر فى مكان عند رجوعه من المدينة، قال هذا عقيق الأرض فسمى العقيق (2) هو جبريل عليه السلام كما صرح به فى رواية للبيهقى (وقوله صل فى هذا الوادى المبارك) قال الكرمائى ظاهرة أن هذه الصلاة صلاة الأحرام وقيل كانت صلاة الصبح، والأول أظهر والله أعلم (3) برفع عمرة فى أكثر الروايات على أنه خبر لمبتدأ محذوف تقديره هى عمرة الخ. وبنصبها فى بعضها باضمار فعل، أى جعلتها عمرة، وهو دليل على أن حجة النبى صلى الله عليه وسلم كان قرانا (4) هو ابن مسلم أحد رجال السند كما تقدمت الأشارة اليه (تخريجه) (خ. د. جه) (114) عن مروان بن الحكم (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم عن على بن الحسين عن مروان بن الحكم- الحديث" (غربيه) (5) كان ذلك بمصفان كما صرح بذلك فى رواية للبخارى (6) أى عن فصخ الحج الى العمرة لأنه كان مخصوصًا بتلك السنة التى حج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعض الأوقوال، أو عن التمتع المشهور، وهو أن يحرم بعمرة فقط، ثم بعد الفراغ من أفعالها والتحلل منها يحرم بالحج مفردًا (وقوله وأن يجمع بينهما) بضم الياء من قوله يجمع وسكون الجيم وفتح الميم، وضمير الأثنين فى بينهما عائد على الحج والعمرة، والواو في وأن

-[مخالفة علي لعثمان رضي الله عنهما - وتلبيته بالحج والعمرة معاً]- رأى ذلك علي رضى الله عنه أهلَّ بهما فقال لبَّيك بعمرةٍ وحجٍ معًا، فقال عثمان رضي الله عنه ترانى أنهي النَّاس عنه وأنت تفعله؟ قال لم أكن أدع سنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لقول أحدٍ من النَّاس (وعنه من طريقٍ ثانٍ) قال كنَّا نسير مع عثمان رضى الله عنه فإذا رجل يلبىِّ بهما جميعًا فقال عثمان رضى الله عنه من هذا؟ فقالوا علىّ، فقا لألم تعلم أنِّى نهيت عن هذا؟ قال بلى، ولكن لم أكن لأدع قول رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لقولك (115) عن عبد الله بن الزُّبير رضى الله عنهما قال والله إنَّا لمع

_ للعطف، فيكون النهى واقعًا على التمتع والقران (1) أى فلما رأى على رضى الله عنه النهى الواقع من عثمان على المتعة والقران (أهل بهما) أى بالحج والعمرة حال كونه قائلا "لبيك بعمرة وحج معا" وإنما فعل ذلك خشية أن يحمل الناس النهى على التحريم فأشاع ذلك، ولم يخف على عثمان أن التمتع والقران جائزان، وإنما نهى عنهما ليعمل بالأفضل كما وقع لعمر، فكل مجتهد مأجور، ولا يقال إن هذه الواقعة دليل لمسألة اتفاق أهل العصر الثانى بعد اختلاف أهل العصر الأول وإن ذكره ابن الحاجب وغيره، لأن نهى عثمان عنه ان كان المراد به الأعمار فى أشهر الحج قبل الحج فلم يستقر الأجماع عليه، لأن الحنفية يخالفون فيه، وإن كان المراد به سخ الحج إلى العمرة فكذلك، لأن الحنابلة يخالفون فيه، على أن الظاهر كما مر أن عثمان ما كان عليه يبطله، وإنما كان يرى الأفراد أفضل منه، وفى رواية النسائى ما يشعر بأن عثمان رجع عن النهى ولفظه "نهى عثمان عن التمتع فلى على وأصحابه بالعمرة فلم ينههم عثمان، فقال له على ألم تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم تمتع؟ قال بلى" أفاده الحافظ (قلت) وسيأتى فى حديث عبد الله بن الزبير أن عثمان اعتذر لعلى بأصرح من هذا. فقال "اني لم أنه عنها (يعنى نهى تحريم بل نهى تنزيه) إنما كان رأيا أشرت به فمن شاء أخذ به ومن شاء ترك" (2) معناه أنه مجتهد لا يجوز عليه أن يقلد مجتهدًا آخر لاسيما مع وجود السنة والله أعلم (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا الأعمش عن مسلم البطين عن على بن الحسين عن مروان بن الحكم قال كنا نسير الحديث (4) أى بالحج والعمرة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (115) عن عبد الله بن الزبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[مناقشة علي لعثمان في نهيه عن العمرة في أشهر الحج وإقامة الدليل عليه واعتذار عثمان]- عثمان بن عفَّان رضى الله عنه بالجحفة ومعه رهط من أهل الشَّام فيهم حبيب بن مسلمة الفهرىُّ إذ قال عثمانوذكر له التَّمتُّع بالعمرة إلى الحجِّ إن أتمَّ للحجِّ والعمرة أن لا يكونا في أشهر الحجِّ فلو أخَّرتم هذه العمرة حتَّى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل، فإنَّ الله تعالى قد وسَّع في الخير، وعلىُّ بن أبى طالب رضى الله عنه فى بطن الوادي يعلف بعيرًا له فبلغه الَّذى قال عثمان، فقال أعمدت إلى سنَّةٍ سنها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ورخصةٍ رخَّص الله تعالى بها للعباد في كتابه تضيِّق عليهم فيها وتنهى عنها وقد كانت لذى الحاجة ولنائى الدَّار ثمَّ أهلَّ بحجَّةٍ وعمرةٍ معًا، فأقبل عثمان على النَّاس

_ يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق حدثنى يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال والله إنا لمع عثمان- الحديث" (غربيه) (1) بضم الجيم وإسكان الحاء المرحلة وفتح الفاء اسم قرية تقدم الكلام عليها فى باب مواقيت الأحرام صحيفة 105 وهى مقيات أهل الشام (2) قال فى التقريب حبيب بن مسلمة بن مالك بن وهب القرشى الفهرى المكى نزيل الشام وكان يسمى حبيب الروم لكثرة دخوله عليهم مجاهدا، مختلف فى صحبته، والراجح ثبوتها لكنه كان صغيرا، وله ذكر فى الصحيح فى حديث ابن عمر مع معاوية، مات بأرمينية وكان أميرا عليها لمعاوية سنة اثنتين وأربعين (3) معناه أن الأفضل لمن يريد الحج أن لا يجمع بينه وبين العمرة فى أشهر الحج سواء فى ذلك القارن والمتمتع بالعمرة فى أشهر الحج، وإنما يحرم بالحج مفردًا ثم يعتمر فى غير أشهر الحج ليكون قد زار البيت مرتين، مرة للحج ومرة للعمرة، وهذا معنى قوله "فلو أخرتم هذه العمرة حتى تزوروا البيت زورتين كان أفضل" وهذا رأى عثمان رضى الله عنه واجتهاده كما صرح به فى آخر الحديث (4) يشير الى قوله تعالى {فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدى} (5) يعنى أن الله تعالى رخص للناس بالتمتع فى أشهر الحج رحمة بهم، لأن منهم الفقير لاذي لا يمكنه زيارة البيت مرتين فى العام، ومنهم صاحب الأشغال الكثيرة التى لا تسمح له بذلك، ومنهم من بلده بعد يشق عليه الزيارة مرة أخرى لأجل العمرة والله أعلم بخلقه، وقد رخص لهم فى ذلك ولم يمنع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك، فلا ينبغى ولا يجوز أن يفتى بالرأى مع وجود

-[رأي ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أفرد الحج - ورأى أنس أنه صلى الله عليه وسلم قرن والجمع بينهما]- فقال وهل نهيت عنها؟ إنِّى لم أنه عنها، إنَّما كان رأيًا أشرت به فمن شاء أخذ به، ومن شاء تركه (116) عن حميد عن بكر قال قلت لابن عمر إن أنسًا أخبرنا أنَّ النَّبىَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال لبَّيك بعمرة وحج قال وهل أنس، خرج فلبىَّ بالحجِّ ولبينا معه، فلمَّا قدم أمر من لم يكن معه الهدى أن يجعلها عمرةً، قال فذكرت ذلك لأنس، فقال ما تعدُّونا إلاّ صبيانًا (117) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله

_ النص. هذا ما ذهب اليه الأمام على رضى الله عنه والدليل بعضده، ثم أهلَ على رضى الله عنه بالحج والعمرة معًا أمام عثمان ليعلم الناس أن ذلك جائز وأنه لا مانع منه (1) اعتذر عثمان رضى الله عنه وبين الناس أنه لم ينه عن العمرة فى أشهر الحج لكونها لا تجوز فيها، بل هى جائزة الا أنها فى غير أشهر الحج أفضل، وهذا رأيه واجتهاده، ولذلك قال فمن شاء أخذ به ومن شاء تركه والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الأمام أحمد وسنده جيد (116) عن حميد عن بكر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سهل ابن يوسف عن حميد عن بكر- الحديث" (غربيه) (2) هو حميد الطويل، وبكر هو ابن عبد الله المزنى كما صرح بذلك فى رواية النسائى (3) احتج به القائلون بالقران (قال النووى) والصحيح المختار فى حجة النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان فى أول إحرامه مفردًا ثم أدخل العمرة على الحج قال فحديث ابن عمر هما محمول على اول احرامه صلى الله عليه وسلم، وحديث انس محمول على أواخره واثنائه، وكأنه لم يسمعه أولا. ولابد من هذا التأويل أو نحوه لتكون رواية أنس موافقة لرواية الأكثرين واله أعلم (4) بكسر الهاء أى غلط يقال وهل عن الشاء وفيه. وهلا من باب تعب، أى غلط فيه (وقوله خرج) يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) أى كأنكم ما تأخذون بقولنا لعدكم ايانا صبيابا خينئذ، وقد علمت الجمع بين الحديثين وكلاهما حق (تخريجه) (م. نس. وغيرهما) (117) عن ابن عمر رضى الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[زوائد الباب في أدلة القران بين الحج والعمرة]- عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من قرن بين حجَّته وعمرته أجزأه لهما طواف واحد (118) عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جدَّه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّما قرن خشية أن يصدَّ عن البيت وقال إن لم يكن حجَّة فعمرة

_ أحمد بن عبد الملك الحرانى أنا الدراوردى عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر- الحديث" (تخريجه) (م. وغيره) (118) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد ثنا يونس بن الحارث عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده- الحديث" (غربيه) (1) من المعلوم قطعًا أنه صلى الله عليه وسلم ما حج بعد الهجرة إلا مرة واحدة هى حجة الوداع وهى التى قرن فيها، وكانت سنة عشر من الهجرة فى أواخر أيام حياته صلى الله عليه وسلم بعد أن عزز الله الأسلام وأظهره على سائر الأديان، وفتحت مكة وغيرها من البلدان، ونزل فى حجة الوداع قوله تعالى {اليوم أكملت لكن دينكم وأتممت ليكم نعمتى ورضيت لكم الإسلام دينًا} فكيف يخشى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصد عن البيت، هذا مما لا يفهم له معنى ولا يؤخذ على ظاهره، ولابد أن يكون غلط فيه يعض الرواة لاسيما وفى اسناده من تكلم فيه والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى بلفظه عن عمرو بن شعيب عن أبيه ولم يقل عن جده كما هنا، وعزاه للإمام أحمد ثم قال، وهو مرسل وفيه يونس بن الحارث وثقه ابن حبان وغيره وضعفه أحمد غيره، ولا أدرى ما معنى خشية أن يصد عن البيت وهو فى حجة الوداع والله أعلم (زوائد الباب) (عن أبن أبى أوفى) رضى الله عنه قال إنما جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الحج والعمرة لأنه علم أنه لا يحج بعد ذلك (بز. طب. طس) وفيه يزيد بن عطاء، قال الهيثمى وثقه أحمد وغيره وفيه كلام (وعن جابر) أن النبى صلى الله عليه وسلم قدم فقرن بين الحج والعمرة وساق الهدى وقال من لم يلد الهدى فليجعلها عمرة (بز) ورجاله رجال الصحيح (وعن أبى داود) يعنى الأنصارى المازنى قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جئنا ذا الحليفة دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد فصلى ركعتين ثم أحرم فى دبر الصلاة بحجة وعمرة معًا (طس) وفيه أبو غزية محمد بن موسى الأنصارى ضعفه البخارى وغيره ووثقه الحاكم، قال الهيثمى وفيه أيضا جماعة لم أعرفهم ول يسموا (وعن عائشة) ؤضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع ولولا أخهديت لحللت، وكان أهل بعمرة وحج (طس) ورجاله ثقات رجال الصحيح، قال الهيثمي هو في الصحيح

-[أحكام الباب في القران بين الحج والعمرة ومذاهب الأئمة في ذلك]- (8) باب ما جاء فى التمتع بالعمرة إلى الحج (119) عن عمران بن حصين رضى الله عنه قال نزلت آية المتعة فى كتاب الله تبارك وتعالى وعملنا بها مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فلم ينزل آية تنسخها ولم ينه عنها النَّبي صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم حتَّى مات (120) عن شعبة قال سمعت أبا جمرة الضُّبعىَّ قال تمتَّعت فنهانى ناس عن ذلك فأتيت ابن عبَّاس رضي الله عنهما فسألته عن ذلك فأمرني

_ خلا قولها وكان أهل بعمرة وحج، أورد هذه الأحاديث الحاف الهيثمى (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية القران بين الحج والعمرة، وأن النبى صلى الله عليه وسلم قرنبينهما فى حجته، وللعلماء خلاف فى ذلك تقجم فى أحكام باب صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم صحيفة 95 فارجع اليه (119) عن عمران بن حصين (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى ثنا عمران القصير ثنا أبو رجاء عن عمران بن حصين- الحديث (غربيه) (1) زاد فى رواية عند مسلم "يعنى متعة الحج" (وقوله فى كتاب الله تعالى) يشير الى قوله عز وجل {فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدى} قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره والتمتع بالعمرة الى الحج يشمل من أحرم بهما أو أحرم بالعمرة أولًا، فلما فرغ منها أحرم بالحج، وهذا هو التمتع الخامس. وهو المعروف فى كلام الفقهاء، والتمتع العام يشمل القسمين كما دلت عليه الأحاديث الصحاح، فان من الرواة من يقول تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم وآخر يقول قرن. ولا خلاف أنه ساق هجيا. وقال تعالى {فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدى} أى فليذبح ما قدر عليه من الهدى وأقله شاة (2) لفظ مسلزم "ثم لم تنزل آية تفسخ آية متعة الحج .. الحديث" (تخريجه) (ق. هق. وغيرهم) (120) عن شعبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة- الحديث" (غربيه) (3) بالجيم والراء اسمه نصر بن عمران والضبعى بضم الضاد المعجمة وفتح الباء نسبة إلى ضبيعة بن نزار (4) قال الحافظ لم أقف على أسمائهم وكان ذلك فى زمن ابن الزبير وكان ينهى عن المتعة كما رواه مسلم من حديث أبى الزبير عنه وعن جابر (قلت وسيأتى للأمام أحمد أيضا) ونقل ابن أبى حاتم عن الزبير

-[حجة القائلين بجواز التمتع بالعمرة الى الحج]- بها قال ثمَّ انطلقت إلى البيت فنمت فأتانى آتٍ فى منامي فقال عمرة متقبَّلة وحجُّ مبرور، قال فأتيت ابن عبَّاس فأخبرته بالَّذى رأيت فقال الله أكبر الله أكبر، سنَّة أبى القاسم صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وقال فى الهدى جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم (121) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال تمتَّع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى مات، وأبو بكر حتَّى مات، وعمر حتَّى مات، وعثمان حتَّى مات، رضي الله عنهم

_ أنه كان لا يرى التمتع إلا للمحصر ووافقه علقمة وابراهيم، وقال الجمهور لا اختصاص بذلك للحصر (1) أى بالعمرة لأنه كان يرى جوازها (2) بالرفع خبر لمبتدأ محذوف أى هذه عمرة متقبلة (وحج مبرور) اى مقبول، وتقدم الكلام فى معناه بأوسع من هذا فى الباب الأول من كتاب الحج (3) بالرفع خبر مبتدأ محذوف أى هذه سنة أبى القاسم ويجوز فيه النصب أى وافقت سنة أبى القاسم صلى الله عليه وسلم، والى هنا انتهى الحديث عند مسلم، زاد البخارى "فقال لى أقم عندى فأجعل لك سهما من مالى، قال شعبة فقلت لم؟ فقال للرؤيا التى رأيت" أى لأجل الرؤيا المذكورة (قال الحافظ) ويؤخذ منه إكرام من أخبرنه المرء بما يسره وفرح العالم بموافقة الحق والاستئناس بالرؤيا لموافقة الدليل الشرعى، وعرض الرؤيا على العالم والتكبير عند المسرة والعمل بالأدلة الظاهرة والتنبيه على اختلاف أهل العلم ليعمل بالراجح منه للدليل اهـ (4) هذه الجملة وهى قوله وقال فى الهدى الخ ليست عند الشيخين وهى من كلام ابن عباس، وقد جاء مرفوعا فى غير هذا الحديث، ومعناه أن الهدى يكون من الأبل أو البقر أو الغنم ويجوز أن يشترك سبعة فى بقرة أو بدنة، وفى بعض الروايات عشرة فى بدنة، وسيأتى ذلك مع الكلام عليه فى كتاب الهدايا والضحايا إن شاء الله تعالى (5) فى الأصل بعد قوله فى دم، قال عبد الله "يعنى ابن الأمام أحمد" ما أسند شعبة عن أبى جمرة إلا واحدا وأبو جمرة أوثق من أبى حمزة والله أعلم (تخريجه) (ق. هق. وغيرهم) (121) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس ابن محمد ثنا عبد الواحد يعنى ابن زياد ثنا ليث عن طاوس عن ابن عباس- الحديث"

-[نهي معاوية بن أبى سفيان عن العمرة في أشهر الحج وتعجب ابن عباس منه]- وكان أوَّل من نهى عنها معاوية قال ابن عبَّاس فعجبت منه وقد حدَّثني أنَّه قصَّر عن رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بمشقصٍ (122) عن غنيمٍ قال سألت سعد بن أبى وقاَّص رضي الله عنه

_ (غريبه) (1) يعارضه ما فى صحيح مسلم قال عبد الله بن شقيق كان عثمان ينهى عن المتعة وكان على يأمر بها، وسيأتى للأمام أحمد نهى عثمان وعمر أيضا عن المتعة فى هذا الباب، ويمكن أن يجاب أن نهيهما محمول على التنزية، ونهى معاوية رضى الله عنه على التحريم، فأوليته باعتبار التحريم (قال النووى) رحمه الله وكان عمر وعثمان ينهيان عنها نهى تنزيه لا تحريم اهـ. ويمكن الجمع بين فعلهما ونهيهما بأن الفعل كان متأخرا لما علما جواز ذلك ويتحمل أن يكون لبيان الجواز كذا فى شرح أبى الطيب (2) هذه الجملة وى قوله (قال ابن عباس فعجبت منه الخ- الحديث. لم أقف عليها فى هذا الحديث لغير الأمام أحمد، ورواه الترمذى إلى قوله وكان أول من نهى عنها معاوية، نعم جاءت قصة تقصير معاوية شعر النبى صلى الله عليه وسلم فى حديث مستقل رواه مسلم وأبو داود والنسائى والأمام أحمد أيضا، وإنما تعجب منه ابن عباس رضى الله عنه لكونه كان ينكر العمرة، والظاهر أنه كان ينكرها فى أشهر الحج سواء أكانت مقرونة بالحج أم مفردة والنبى صلى الله عليه وسلم كان قارنا أو متمتا باعتبار أن القران يسمى تمتعًا، وقد أخبر معاوية أنه قصر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلماذا ينكر العمرة وقد أعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم فعلها؟ ففى رواية لأبى داود أن معاوية قال لابن عباس أما علمت أنى قصرت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقص أعرابى على المروة لحجته، قال ابن حزم فى حجة الوادع. قال السندى وهذا مشكل يتعلق به من يقول إنه صلى الله عليه وسلم كان متمتعا، والصحيح الذى لا شك فيه والذى نقله الكواف أنه صلى الله عليه وسلم لم يقصر من شعره شيئا ولا أحل شيئا من إحرامه إلى أن حلق بمنى يوم النحر، ولعل معاوية عنى بالحجة عمرة الجعرانة لأنه قد أسلم حينئذ، ولا يصوغ هذا التأويل فى رواية من روى أنه كان فى ذى الحجة، أو لعله قصر عنه عليه الصلاة والسلام بقية شعر لم يكن استوفاء الحلاق بعد قصره معاوية على المروة يوم النحر اهـ والله أعلم (3) المشقص كمنبر نصل عريض أو سهم فيه ذلك، والنصل الطويل أو سهم فيه ذلك يرمى به الوحش، قاله فى القاموس (تخريجه) (مذ) وقال حديث ابن عباس حديث حسن اهـ وروى (م. د. نس) منه قصة تفسير معاوية عن النبى صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبة وسلم (122) عن غنيم (سنده) حدثنا عبد لله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد أنبأنا سليمان يعنى التيمى حدثنى غنيم- الحديث" (غربيه) (4) هو ابن قيس

-[رأي سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه جواز العمرة في أشهر الحج]- عن المتعة قال فعلناها وهذا كافر بالعرش يعنى معاوية (123) عن مالك بن أنسٍ عن ابن شهاب عن محمَّد بن عبد الله بن الحارث بن نوفل بن عبد المطَّلب أنَّه حدَّثه أنه سمع سعد بن أبى وقَّاص والضَّحَّاك بن قيس رضى الله عنهما عام حجِّ معاوية بن أبى سفيان وهما

_ المازني (1) بضم العين والراء هى بيوت مكة كما فسرت بذلك فى رواية عند مسلم (قال أبو عبيد) سميت بيوت مكة عرشا لأنها عيدان تنصب وتظلل، قال ويقال لها أيضا عروش بالراء واحدها عرش كفلس وفلوس، ومن قال عرش فواحدها عريش كقليب وقلب (قال النووى) وفى حديث آخر أن عمر رضى الله عنه كان إذا نظر إلى عروش مكة قطع التلبية وقال واما قوله {وهذا يومئذ كافر بالعرش} فالأشارة بهذا الى معاوية بن أبى سفيان وفى المراد بالكفر هنا وجهان (أحدهما) ما قاله المازرى وغيره المراد وهو مقيم فى بيوت مكة، قال ثعلب يقال اكتفر الرجل إذا لزم الكفور وهى القرى، وفى الأثر عن عمر رضى الله عنه "أهل الكفور هم أهل القبور" يعنى القرى البعيدة عن الأمصار وعن العلماء (والوجه الثانى) المراد الكفر بالله تعالى، والمراج أنا تمتعنا ومعاوية يومئذ كافر على دين الجاهلية مقيم بمكة، وهذا اختيار القاضى عياض وغيره وهو الصحيح المختار، والمراد بالمتعة العمرة التى كانت سنة سبع من الهجرة وهى عمرة القضاء وكان معاوية يومئذ كافر، وإنما أسلم بعد ذلك عامالفتح سنة ثمان، وقيل إنه أسلم بعد عمرة القضاء سنة سبع. والصحيح الأول، وأما غير هذه العمرة من عمر النبى صلى الله عليه وسلم فلم يكن معاوية كافرا ولا مقيما بمكة بل كان معه النبى صلى الله عليه وسلم (قال القاضى عياض) وقال له بعضهم كافر بالعرش بفتح العين واسكان الراء، المراد عرش الرحمن قال القاضى هذا تصحيف، وفى هذا الحديث جواز المتعة فى الحج اهـ (تخريجه) (م. وغيره) (123) عن مالك بن أنس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك قال أبى وحدثنا عبد الرواق أنبأنا مالك بن أنس- الحديث" (غربيه) (2) سعد بن أبى وقاص صحابى معلوم ومشهور (والضحاك بن قيس) يعنى ابن خالد بن وهب الفهرى الأمير المشهور صحابى أيضا، وقتل فى موقعة مرج راهط سنة 55 على الصحيح (3) كان أول حجة حجها بعد الخلافة سنة أربع وأربعين، وآخر حجة حجها سنة سبع وخمسين، ذكره ابن جرير، والمراد الأولى، لأن سعدا مات سنة خمس وخمسين

-[نهي عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن المتعة فى أشهر الحج]- يذكران التَّمتع بالعمرة إلى الحجِّ فقال الضحَّاك لا يصنع ذلك إلا من جهل أمر الله فقال سعد رضى الله عنه بئسما قلت يا ابن أخى، فقال الضَّحَّاك فإنَّ عمر بن الخطاب قد نهى عن ذلك فقال له سعد قد صنعها رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وصنعناها معه (124) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال متعتان كانتا على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فنهانا عنهما عمر فانتهينا (125) عن إبراهيم بن أبى موسى عن أبي موسى (الأشعرىِّ رضى الله عنه) أنه كان يفتى بالمتعة فقال له رجل رويدك ببعض فتياك فإنَّك لا تدرى ما أحدث أمير المؤمنين في النُّسك بعدك حتَّى لقيه بعد فسأله

_ على الصحيح (1) أى لأن الله تعالى قال {وأتموا الحج والعمرة لله} فأمره بالأتمام يقتضى الاستمرار الى فراغ الحج ومنع التحلل، والتمتع يتحلل ويستمتع بما كان محظورا عليه (2) أى نهى عن التمتع وتقدم نهى عمر من حديث أبى موسى فى باب من أحرم مطلثا أو قال أحرمت بما أحرم به فلان، وسيأتى نحوه فى هذا الباب أيضا مع تعليل نهى عمر رضى الله عنه (3) أى فلا حجة لأحد بعد فعل رسول الله صلة الله عليه وسلم وأصحابه (خريجه) (لك. نس. هق. مذ) وصححه (124) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا حماد عن عاصم عن أبى نضرة عن جابر- الحديث" (غربيه) (4) إحداهما متعة النكاح وهى نكاح المرأة الى الرجل، وهذه قد وقع الأجماع على تحريمها (والثانية) متعة الحج، وهذه قد وقع الأجماع على جوازها سواء أكانت مقرونة بحج أم مفردة فى أشهر الحج (5) سيأتى كلام عمر رضى الله عنه فى علة نهيه عن المتعة فى الحديث التالى (تخريجه) (م) وغيره (125) عن ابراهيم بن موسى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الله محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحاكم عن عمارة بن عمير عن ابراهيم بن أبى موسى عن أبى موسى- الحديث" (غربيه) (6) أى ارفق قليلا وأمسك عن الفتيا

-[بيان السبب في نهى عمر بن الخطاب رضى الله عنه عن المتعة فى أشهر الحج]- فقال عمر رضى الله عنه قد علمت أنَّ النبَّيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قد فعله وأصحابه، ولكنىِّ كرهت أن يظلوُّا بهنَّ معرسين في الأراك ثمَّ يرحون بالحجِّ تقطر رءوسهم (وعنه من طريقٍ ثانٍ) عن أبى بردة عن أبى موسي (الأشعرىِّ رضى الله عنه) أنَّ عمر رضي الله عنه قال هى سنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يعنى المتعة، ولكنىِّ أخشى أن يعرسوا بهنَّ تحت الأراك ثمَّ يرحوا بهنَّ حجَّاجًا (126) عن سالم بن عبد الله بن عمر قال كان ابن عمر رضى الله عنهما يفتى بالَّذي أنزل الله عزَّ وجلَّ من الرُّخصة بالتَّمتُّع وسنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيه، فيقول ناس لابن عمر كيف تخالف أباك وقد نهى عن ذلك؟ فيقول لهم عبد الله ويلكم. ألا تتقون الله، إن كان عمر نهي عن ذلك فيبتغى فيه الخير،

_ (1) هو بإسكان العين وتخفيف الراء، والضمير فى بهن يعود إلى النساء للعلم بهن وإن لم يذكرون، يقال أعرس الرجل فهو معرس إذا دخل بأمرأته عند بنائها، وأراد هنا الوط، فسماه إعراسا لأنه من توابع الأعراس ولا يقال فيه عرس، والتعريس نزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة، يقال منه عرس يعرس تعريسا "الأراك" بفتح الهمزة شجر معروف بأرض الحجاز، له حمل كعناقيد العنب. واسمه الكباث بفتح الكاف، وإذا نضج يسمى المرد بفتح الميم وسكون الراء والمعنى أن عمر رضى الله عنه كره التمتع لأنه يقضى التحلل ووطء النساء إلى حين الخروج إلى عرفات، فبين العلة التى لأجلها كره التمتع، وكان من رأيه عدم الترفه للحاج بكل طريق. فكرة قرب عهدهم بالنساء لئلا يستمر البلل إلى ذلك بخلاف من بعد عهده به، ومن يتفعلم ينفطم (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق قال وأخبرنى هشيم عن الحجاج بن أرطاة عن الحكم بن عتيبة عن عمارة عن أبى بردة- الحديث" (تخريجه) (م. نس. جه. هق. وغيرهم) (126) عن سالم بن عبد الله بن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا روح ثنا صالح بن أبى الأخضر ثنا ابن شهاب عن سالم- الحديث (غربيه) (3) يشير إلى قوله عز وجل {فمن تمتع بالعمرة إلى الحج فما استيسر من الهدي}

-[من قال أن متعة النساء والحج كانتا جائزتين أوَّلاً للحاجة اليها ثم نسختا]- يلتمس به تمام العمرة فلم تحرِّمون ذلك وقد أحلَّه الله وعمل به رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، أفرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أحقُّ أن تتبَّبعوا أم سنَّة عمر؟ إنَّ عمر لم يقل لكم إنَّ العمرة في أشهر الحجِّ حرام، ولكنَّه قال أتمُّ العمرة أن تفردوها من أشهر الحجِّ (127) عن أبى نضرة قال قلت لجابر بن عبد الله إنَّ ابن الزُّبير رضى الله عنهما ينهى عن المتعة وإنَّ ابن عبَّاس رضي الله عنهما يأمر بها، قال فقال لى على يديَّ جرى الحديث، تمتَّعنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال عفَّان ومع أبى بكر، فلمَّا ولى عمر خطب النَّاس فقال إنَّ القرآن هو القرآن وإنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هو الرَّسول وإنَّهما كانتا متعتان على عبد رسول الله

_ (1) يعني أن تكون مفردة مستقلة عن الحج لتكون أشق على النفس فيكون ثوابها أعظم، هذه وجهة نظر عمر رضى الله عنه (2) يعنى أنه لا قول لأحد بعد قول الله عز وجل ورسوله، ومع هذا فان عمر لم يخالف الله ورسوله ولم يقل بتحريم العمرة، بل قصد بنهيه الأثم والأفضل فى نظره وهو مجتهد، ولا لوم عليه فى ذلك والله أعلم (تخريجه) (هق) وفى اسناده صالح بن أبى الأخضر، قال يحيى بن معين ضعيف، وقال الأمام أحمد يعتبر به، وقال العجلى يكتب حديثه وليس بالقوى (127) عن أبى نضرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز قال وثنا عفان قالا ثنا همام ثنا قتادة عن أبى نضرة- الحديث (غربيه) (3) هو أحد رجال السند يعنى أنه زاد فى روايته ومع أبى بكر (4) يريد أن كتاب الله عز وجل محفوظ لا يعتبر به تغيير ولا تبجيل وانه واجب الاتباع، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كلامه مسموع وأمره مطاع لأنه لا ينطق عن الهوى (وأنهما كانتا متعتان) جائزتان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم للحاجة اليهما وقد انتهت الحاجة "احداهما متعة الحج والأخرى متعة النساء" (وأما متعة الحج) فقد قال الله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} وقد فهم عمر رضى الله عنه من ذلك أن إتمامهما إفراد كل واحد منهما عن الآخر وأن تكون العمرة فى غير أشهر الحج، فقد روى عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهرى قال بلغنا أن عمر قال في قول الله تعالى

-[كلام العلماء فيما استقر عليه الأمر في متعة الحج ومتعة النساء]- صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم متعة الحجِّ والأخرى متعة النِّساء (128) عن يونس عن الحسن أنَّ عمر رضى الله عنه أراد أن ينهى عن متعة الحجِّ فقال له أبىُّ (بن كعب) رضي الله عنه ليس ذاك لك قد تمتَّعنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ولم ينهنا، فأضرب عن ذلك عمر رضى الله عنه وأراد أن ينهى عن حلل الحبرة لأنَّها تصبغ بالبول، فقال له أبىُّ ليس ذلك لك، قد لبسهنَّ النَّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ولبسناهنَّ في عهده

_ "وأتموا الحج والعمرة لله" من تمامهما أن تفرد كل واحد منهما من الآخر وأن تعتمر في غير أشهر الحج، إن الله تعالى يقول "الحج أشهر معلومات" وقال هشام عن ابن عوف سمعت القاسم بن محمد يقول ان العمرة في أشهر الحج ليست بتامة، فقيل له فالعمرة في المحرم؟ قال كانوا برونها تامة (وأما متعة النساء) فقد روى الشيخاني والأمام أحمد عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأنسية (وعن سبرة الجهني) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع نهى عن نكاح المتعة" رواه الأمام أحمد وأبو داود، وسيأتي في باب نكاح المتعة الى يوم القيامة، وأما متعة الحج فقد اختلف فيها الصحابة ثم انعقد الأجماع بعد ذلك على جواز الأفراد والقران والتمتع كما سيأتي في الأحكام عن النووي والله أعلم (تخريجه) (م. هق. وغيرهما) ولفظ مسلم عن جابر تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قام عمر قال إن الله كان يحل لرسوله ما شاء بما شاء وإن القرآن قد نزل بنازله "فأتموا الحج والعمرة" كما أمركم الله وأبتوا نكاح هذه النساء فلن أوتي برجل نكح امرأة الى أجل إلا رجمته بالحجارة (وله في رواية) فافصلوا حجكم من عمرتكم فانه أتم لحجكم وأتم لعمرتكم (128) عن يونس عن الحسن (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنبأنا يونس عن الحسن_ الحديث" (غريبه) (1) أي ليس ذاك من حقك، وإنما هو من حق رسول الله صلى الله عليه وسلم المشرع وقد تمتعنا ولم ينهنا (2) أي فأعرض عن قوله ولم يعره التفاتا، لأن له نظرا خاصا في فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم تقدم بيانه (3) بوزن عنبة ثياب يمانية من قطن أو كتان مخططة، والجمع حبر وحبرات مثل عنب وعنبات (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال الحسن لم يسمع من

-[نهي عثمان وابن الزبير رضى الله عنهم عن المتعة وإنكار ابن عباس عليهما ذلك]- (129) عن سعيد بن المسيَّب قال اجتمع علىّ وعثمان رضى الله عنهما بعسفان فكان عثمان رضى الله عنه ينهي عن المتعة والعمرة فقال له علىّ رضى الله عنه ما تريد إلى أمر فعله رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تنهى عنها فقال عثمان رضي الله عنه دعنا منك (130) عن إسحاق بن يسار قال إنَّا لبمكَّة إذ خرج علينا عبد الله ابن الزُّبير رضي الله عنهما فنهى عن التَّمتُّع بالعمرة إلى الحجِّ وأنكر أن يكون النَّاس صنعوا ذلك مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فبلغ ذلك عبد الله بن عبَّاس رضى الله عنهما، فقال وما علم ابن الزُّبير بهذا؟ فليرجع إلى أمِّه أسماء بنت

_ أبي ولا من عمر ورجاله رجال الصحيح (129) عن سعيد بن المسيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن سعيد بن المسيب_ الحديث" (غريبه) (1) قال النووي رحمه الله المختار أن المتعة التي نهى عنها عثمان هي التمتع المعروف في الحج وكان عمر وعثمان ينهيان عنها نهي تنزيه لا تحريم، وإنما نهيا عنها لأن الأفراد أفضل، فكان عمر وعثمان يأمران بالأفراد لأنه أفضل. وينهيان عن التمتع نهي تنزيه لأنه مأمور بصلاح رعيته، وكان يرى الأمر بالأفراد من جملة صلاحهم والله اعلم (2) أي ما تقصد بنهيك هذا عن أمر فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) أي اتركنا من كلامك، وإنما قال عثمان ذلك لأنه يرى أن ما رآه من مصلحة الناس، زاد مسلم فقال (يعني عليا رضي الله عنه) لا أستطيع أن أدعك، فلما أن رأى علىّ ذلك أهل بهما جميعًا (قال النووي) ففيه اشاعة العلم وإظهاره ومناظرة ولاة الأمور وغيرهم في تحقيقه ووجوب مناصحة المسلم في ذلك، وهذا معنى قول علي لا أستطيع أن أدعك، وأما إهلال علي بهما فقد يحتج به من يرجح القران، وأجاب عنه من رجح الأفراد بأنه إنما أهل بهما ليبيبن جوازهما لئلا يظن الناس أو بعضهم أنه لا يجوز القران ولا التمتع وأنه يتعين الأفراد والله اعلم (تخريجه) (ق. هق) (130) عن اسحاق بن يسار (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا يعقوب بن ابراهيم قال حدثني أبي عن ابن اسحاق قال حدثني أبي إسحاق بن يسار

-[نهي ابن الزبير عن متعة الحج وانكار ابن عباس عليه واستشهاده بأمه أسماء امرأة الزبير]- أبي بكر رضى الله عنهما فليسألها فإن لم يكن الزُّبير قد رجع إليها حلالًا وحلَّت، فبلغ ذلك أسماء فقالت يغفر الله لابن عبَّاس، والله لقد أفحش، قد والله صدق ابن عبَّاس، لقد حلوُّا وأحللنا وأصابوا النِّساء (131) عن مسلم القرِّيِّ قال سألت ابن عبَّاس عن متعة الحجِّ فرخَّص فيها وكان ابن الزُّبير ينهى عنها، فقال هذه أمُّ ابن الزُّبير تحدث أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم رخَّص فيها فأدخلوا عليها فاسألوها، قال فدخلنا عليها فإذا امرأة ضخمة عمياء فقالت قد رخَّص رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فيها

_ قال إنا لبمكة_الحديث" (غريبه) (1) ظاهر هذا أن الزبير حل مع من أحلوا وليس كذلك، فقد ثبت عند مسلم والامام أحمد وغيرهما وسيأتي في هذا الباب ان الزبير كان معه الهدى فلم يحل، وأسماء لم يكن معها هدى فحلت (2) يعني أنه جاوز الحد في كلامه لأمرين (الأمر الاول) لن في قوله فليرجع "يعني ابن الزبير الى أمه الخ" تلميحا بأن الزبير أصاب أسماء حينما حل كما فعل من أحلوا مع نسائهم، وهذا لا ينبغي التلميح به (الأمر الثاني) أن كلامه يفهم منه أن الزبير قد حل من احرامه والواقع غير ذلك، فقد كان معه الهدى ولم يحل، وسيأتي في حديث أسماء انها قالت فلم يكن معي هدى فحللت وكان مع الزبير زوجها هدى فلم يحل، قالت فلبست ثيابي وحللت فجئت الى الزبير فقال قومي عني قالت فقلت أتخشى أن أثب عليك؟ "ويجاب عن ابن عباس" في الأمر الأول بأنه كان يفهم أن الزبير حل مع من أحلوا لأنه كان محرما بعمرة ولم يعلم أنه ساق الهدى وإن كان هذا الفهم خطأ فالخطأ مغتفر، ولذلك دعت له أسماء بالمغفرة لأنها فهمت أن ذلك ناشئ عن خطأ لا عن عمد. أما قولها 0 قد والله صدق ابن عباس) فانها تعني أن بعض الناس قد كان معتمرا وحل وأصاب النساء حقيقة كما قال ابن عباس، والله اعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السباق لغير الأمام أحمد، ورواه مسلم بسياق آخر سيأتي بعد هذا (131) عن مسلم القرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا شعبة عن مسلم القرى_ الحديث" (غريبه) (3) هو بقاف مضمومة ثم راء مشددة، قال السمعاني هو منسوب الى نبي قرة حي من عبد القيس (تخريجه) (م. هق)

-[رجوع عبد الله بن الزبير عن نهيه عن التمتع بالعمرة الى الحج]- (132) عن عبد الله بن شريك الِّعامرىِّ قال سمعت عبد الله بن عمر وعبد الله بن عبَّاس وعبد الله بن الزُّبير رضى الله عنهم سئلوا عن العمرة قبل الحجِّ في المتعة فقالوا نعم سنَّة رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تقدم فتطوف بالبيت بين الصَّفا والمروة ثمَّ تحلُّ وإن كان ذلك قبل يوم عرفة بيوم ثمَّ تهلُّ بالحجِّ فتكون قد جمعت عمرةً وحجَّةً أو جمع الله لك عمرةً وحجَّةً (133) عن أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما قالت خرجنا محرمين

_ (132) عن عبد الله بن شريك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبيس ثنا اسحاق بن يوسف عن شربك عن عبد الله بن شربك_ الحديث" (غريبه) (1) ان قيل هذا ينافي ما تقدم في الحديثين السابقين من نهي عبد الله بن الزبير عن التمتع بالعمرة إلى الحج وإنكاره على من فعل ذلك (فالجواب) أن ذلك كان قبل أن يتحقق وقوعه للناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة بالوداع، وغيرها فلما تحقق وقوعه من آمه رجع عن الأنكار وأفنى بالجواز، والرجوع الى الحق فضيلة (2) ظاهره جواز الحل بعد الطواف والسعي بين الصفا والمروة، وليس كذلك، بل الحل لا يكون إلا بعد الحلق والتقصير، وإنما حذف للعلم به لأنهم كانوا يعلمون أنه من لوازم الحل، وقد صرح بالحلق أو التقصير في حديث ابن عباس، وتقدم في باب ما جاء في الأفراد قال "وامر من لم يكن ساق الهدى أن يطوف وان يسعى ويقصر أو يحلق ثم يحل" (3) يعني يوم التروية وهو غاية المدة التي يجوز التحلل فيها، والغرض أن يحرم بالحج يوم التروية كما فعل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين تحللوا سواء حل من العمرة يوم التروية أو قبلها بأيام، وليهد إن تيسر له، فان لم يجد فصيام ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع (4) أي كتب الله له ثواب عمرة مستقلة وحجة كذلك والله أعلم (تخريجه) (طب) اورده الهيثمي بلفظه. وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير، وعبد الله بن شربك وثقه أبو زرعة وابن حبان، وضعفه أحمد وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح (133) عن أسماء بنت أبي بكر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن بكر قال أنا ابن جريج وروح قال ثنا ابن جريج قال أخبرني منصور بن عبد الرحمن عن صفية بنت شيبة وهي أمه عن أسماء الخ (غريبه) (5) هكذا عند مسلم أيضًا

-[حجة القائلين بجواز التمتع وأن المتمتع لا يحل من احرامه إذا كان معه هدى]- فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم من كان معه هدي فليتمَّ (وفى لفظٍ فليقم على إحرامه) ومن لم يكن معه هدي فليحلل، قالت فلم يكن معى هدى فحللت وكان مع الزُّبير زوجها هدى فلم يحلَّ قالت فلبست ثيابى وحللت؛ فجئت إلى الزُّبير، فقال قومي عنىِّ قالت فقلت أتخشى أن أثب عليك (134) عن عائشة رضى الله عنها أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أمر النَّاس عام حجَّة الوداع، فقال من أحبَّ أن يبدأ منكم بعمرة قبل الحجِّ فليفعل، وأفرد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم الحجَّ ولم يعتمر (135) وعنها أيضًا رضى الله عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم

_ خرجنا محرمين، وله في رواية أخرى "مهلين بالحج" والمعنى أن بعضهم كان مهلا بحج وبعضهم بعمرة كما صرحت بذلك عائشة في حديثها المتقدم في أول باب التخبير في الأحرام وفيه "فمنهم من أهل بعمرة ومنهم من أهل بحجة" وكانت أسماء وطائشة أهلتا بعمرة كما صرحت بذلك أسماء في حديثها المذكور في الباب المشار اليه وفيه "قالت أسماء وكنت أنا وعائشة والمقداد والزبير ممن أهل بعمرة" (1) هذا اللفظ لروح أحد رجال السند، ومعناه فليبق محرما حتى يتحلل يوم النحر (2) هذا تصريح بأن الزبير لم يتحلل في حجة الوداع قبل يوم النحر خلافا لمل فهمه ابن عباس، وقد تقدم الكلام عليه قبل حديثين (2) إنما أمرها بالقيام مخافة من عارض قد يندر منه كلمس بشهوة أو نحوه، فان اللمس بشهوة حرام في الأحرام، فاحتاط لنفسه بمباعدتها من حيث أنها زوجة متحللة تطمع بها النفس (تخريجه) (م. هق. وغيرهما) (134) (عن عائشة رضي الله عنها) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الأفراد، وإنما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة ولأنه صلى الله عليه وسلم أباح لهم التمتع بالعمرة فدل على جواز ذلك والله اعلم (135) وعنها أيضا رضي الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن ابن شهاب وحدثنا محمد بن جعفر قال ثنا مالك عن

-[حجة القائلين بجواز التمتع وأن المتمتع لا يحل من إحرامه إذا كان معه هدى]- عام حجَّة الوداع فأهللنا بعمرةٍ ثمَّ قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من كان معه هدى فليهلَّ بالحجِّ مع العمرة ثمَّ لا يحلُّ حتَّى يحلَّ منها جميعًا قالت فقدمت مكَّة وأنا حائض ولم أطف بالبيت ولا بين الصَّفا والمروة، فشكوت ذلك إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال انقضى رأسك وامتشطى وأهلِّى بالحجِّ ودعى العمرة قالت ففعلت، فلمَّا قضينا الحجَّ أرسلنى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم مع عبد الرَّحمن بن أبى بكر إلى التَّنعيم فاعتمرت فقال هذه مكان عمرتك قالت فطاف الَّذين أهلوُّا بالعمرة بالبيت وبين الصَّفا

_ الزهري عن عروة عن عائشة_ الحديث" (غريبه) (1) تعني نفسها وآخرين وافقوها، وأحرم آخرون بالحج كما ثبت في الآحاديث المتقدمة (2) قال القاضي عياض رحمه الله الذي تدل عليه نصوص الآحاديث في صحيحي البخاري ومسلم وغيرهما من رواية عائشة وجابر وغيرهما ان النبي صلى الله عليه وسلم إنما قال لهم هذا القول بعد إحرامهم بالحج في منتهى سفرهم ودنوهم من مكة بسرف كما جاء في رواية عائشة، أو بعد طوافه بالبيت وسعيه كما جاء في رواية جابر، ويحتمل تكرار الامر بذلك في الموضعين وأن العزيمة كانت آخرا حين أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة (3) أي اتتركي العمل فيها وإتمام أفعالها التي هي الطواف والسعي وتقصير شعر الرأس، وليس معناه رفضها بالكلية، وإنما أمرها صلى الله عليه وسلم بالأعراض عن أفعال العمرة وأن تحرم بالحج فتكون قارنة وتقف بعرفات وتفعل المناسك كلها إلا الطواف فتؤخره حتى تطهر وكذلك فعلت، ومما يؤيد ذلك ما تقدم في حديث جابر في آخر باب ما يصنع من أراد الاحرام من الفعل والطيب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها طوفي بالبيت "يعني طواف الأفاضة" وبين الصفا والمروة، ثم قد أحللت من حجك وعمرتك، فهذا يفيد بقاء عمرتها صحيحة مجزئة وأنها كانت قارنة (4) معناه أنها أرادت أن يكون لها عمرة منفردة عن الحج كما حصل لسائر أمهات المؤمنين وغيرهن من الصحابة الذين فسخوا الحج الى العمرة وأتموا العمرة وتحللوا منها قيل يوم التروية ثم أحرموا بالحج من مكة يوم التروية فحصل لهم عمرة منفردة وحجة منفردة، وأما عائشة فأنما حصل لها عمرة مندرجة في حجة بالقران، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم يوم النفر يسعك طوافك لحجك وعمرتك، أي وقد تما وحسبا لك جميعا فأبت وأرادت عمرة منفردة كما حصل لباقي الناس، فلما اعتمرت عمرة منفردة قال لها النبي صلى الله عليه وسلم

-[أحكام الباب وكلام العلماء في المراد بالنهى عن المتعة]- والمروة، ثمَّ أحلوُّا ثمَّ طافوا طوافًا آخر بعد أن رجعوا من منًي لحجِّهم، فأمَّا الَّذين جمعوا الحجَّ فطافوا طوافا واحدا

_ هذه مكان عمرتك أي التي كنت تريدين حصولها منفردة غير مندرجة فمنعك الحيض من ذلك، وإنما حرصت على ذلك لتكثر أفعالها فيزداد ثوابها والله أعلم (1) أي بعد الحلق او التقصير كما تقدم (2) هذا دليل على أن القارن يكفيه طواف واحد عن طواف الركن وأنه يقتصر على أفعال الحج وتندرج أفعال العمرة كلها في أفعال الحج، وبهذا (قال الأمام الشافعي) وهو محكى عن ابن عمر وجابر وعائشة (والأمة مالك وأحمد) واسحاق وأبو داود، وقال (الأمام أبو حنيفة) يلزمه طوافان وسعيان، وهو محكى عن علي بن أبي طالب وابن مسعود والشعبي والنخعي والله أعلم (تخريجه) (ق. هق. وغيرهم) (الاحكام) أحاديث الباب تدل على جواز التمتع بالعمرة الى الحج في أشهر الحج سواء أكانت العمرة مفردة أو مقرونة بالحج، أما أحاديث النهي الواردة في الباب عن عمر وعثمان وعبد الله ابن الزبير فتقدم الكلام عليها في الشرح ونزيد هنا ما لم يذكر هناك (قال المازري) رحمه الله اختلف في المتعة التي نهى عنها عمر في الحج فقيل فسخ الحج الى العمرة وقيل هي العمرة في أشهر الحج ثم الحج من عامه، وعلى هذا إنما نهى عنها ترغيبا في الأفراد الذي هو أفضل لا أنه يعتقد بطلائها او تحريمها (وقال القاضي عياض) ظاهر الأحاديث أن المتعة التي اختلفوا فيها إنما هي فسخ الحج الى العمرة، قال ولهذا كان عمر رضي الله عنه يضرب الناس عليها ولا يضربهم على مجرد التمتع في أشهر الحج، وإنما ضربهم على ما اعتقده هو وسائر الصحابة أن فسخ الحج الى العمرة كان مخصوصا في تلك السنة (قال ابن عبد البر) لا خلاف بين العلماء أن التمتع المراد بقول الله تعالى {فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدى" هو الاعتمار في أشهر الحج قبل الحج، قال ومن التمتع أيضا القران لأنه تمتع بسقوط سفره للنسك الآخر من بلده، قال ومن التمتع أيضا فسخ الحج الى العمرة، هذا كلام القاضي (قال النووي) والمختار ان عمر وعثمان وغيرهما إنما نهوا عن المتعة التي هي الاعتمار في أشهر الحج ثم الحج من عامه، ومرادهم نهى أولوية للترغيب في الأفراد لكونه أفضل، وقد انعقد الأجماع بعد هذا على جواز الأفراد والتمتع والقران من غير كراهة، وإنما اختلفوا في الأفضل منها اخ (قلت) تقدم الكلام في التفضيل في آخر باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم في الاحكام صحيفة 98 من هذا الجزء فارجع اليه والله الموفق

-[تاريخ قتل عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما وسببه]- (9) باب جواز ادخال الحج على العمرة والتحلل بالأحصار (136) عن عروة عن عائشة رضى الله عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عام حجَّة الوداع فأهللت بعمرةٍ ولم أكن سقت الهدى، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من كان معه الهدى فليهلَّ بالحجِّ مع عمرته ثمَّ لا يحلُّ حتَّى يحلَّ منهما جميعا فحضت، فلمَّا دخلت ليلة عرفة قلت يا رسول الله إنِّى كنت أهللت بعمرةٍ فكيف أصنع بحجَّتى؟ قال انقضي رأسك وامتشطى وأمسكى عن العمرة وأهلِّى بالحجَّ، فلمَّا قضيت حجَّتى أمر عبد الرحمن بن أبى بكر فأعمرنى من التَّنعيم مكان عمرتى التَّى نسكت عنها (137) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى حدَّثنا هيحيى عن عبيد الله أخبرنى نافع أنَّ عبد الله بن عبد الله وسالم بن عبد الله كلَّما عبد الله (يعنى ابن عمر رضى الله عنهما) حين نزل الحجَّاج لقتال ابن الزُّبير فقالا لا يضرُّك

_ (136) عن عروة عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة_ الحديث (غريبه) (1) هذا موضع الدلالة من الحديث، ففيه ادخال الحج على العمرة وبهذا يكون قارنا وتكفيه أفعال الحج عن أفعال العمرة (2) أي عن بقية أفعالها لأن أفعال الحج تغني عنها (3) أي مكان عمرتي في التي أدركني الحج فيها ولم أحلل منها كما صرح بذلك في رواية لمسلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (137) حدّثنا عبد الله (غريبه) (4) هو ابن عمر بن حفص بن عاصم ابن عمر بن الخطاب العمري أبو عثمان المدني أحد الفقهاء السبعة والعلماء الاثبات (ونافع) هو العدوى مولاهم أبو عبد الله أحد الاعلام، روى عن مولاه ابن عمر وأبي لبابة وأبي هريرة وعائشة وخلق، وروى عنه ابناه أبو بكر وعمر وأيوب وابن جريج ومالك وخلائق (قال البخاري) أصح الأسانيد مالك عن نافع عن ابن عمر (5) هما ابنا عبد الله ابن عمر (6) سبب ذلك على ما ذكره أصحاب الأخبار أنه لما مات معاوية بن يزيد بن معاوية ولم يستخلف بقي الناس بلا خليفة شهرين وأياما، فأجمع أهل الحل والعقد من أهل مكة

-[جواز إدخال الحج على العمرة والتحلل بالأحصار]- أن لا تحجَّ هذا العام، فإنَّا نخشى أن يكون بين النَّاس قتال، وأن يحال بينك وبين البيت، قال إن حيل بينى وبينه فعلت كما فعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا معه حين حالت كفَّار قريش بينه وبين البيت أشهدكم أنِّى قد أوجبت عمرةً فإن خلِّى سبيلى قضيت عمرتى، وإن حيل بينى وبينه فعلت كما فعل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا معه ثمَّ خرج حتَّى أتى ذا الحليفة فلبَّي بعمرةٍ ثمَّ تلا {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} ثمَّ سار حتَّى إذا كان بظهر البيداء قال ما أمرهما إلاَّ واحد، إن حيل بيني وبين العمرة حيل بيني وبين الحجِّ، أشهدكم أنِّى قد أوجبت حجَّةً مع عمرتى فانطلق حتَّى ابتاع

_ فبايعوا عبد الله بن الزبير وتم له ملك الحجاز والعراق وخراسان وأعمال المشرق، وبابع أهل الشام ومصر مروان بن الحكم، فلم يزل الأمر كذلك حتى مات مروان وولى ابنه عبد الملك فمنع الناس الحج خوفًا أن يبايعوا ابن الزبير ثم بعث جيشًا أمَّر عليه الحجاج بن يوسف الثقفى فقاتل أهل مكة وحاصرهم حتى غلبهم وقتل ابن الزبير وصلبه، وذلك سنة ثلاث وسبعين (1) يعنى فى عمرة الحديبية حيث منعوا النبى صلى الله عليه وسلم من دخول مكة، فقد روى الأمام مالك فى الموطأ أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حل هو وأصحابه بالحديبية فنحروا الهدى وحلقوا رءوسهم وحلوا من كل شئ قبل أن يطوفوا بالبيت وقبل أن يصل اليه الهدى؛ ثم لم يعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أحدًا من أصحابه (يعنى المتقدمين ى صحبته الملازمين له) ولا ممن كان معه أن يقضوا شيئًا ولا يعودوا لشئ {وقوله أشهدكم} إنما قاله ليعلمه من أراد الاقتداء به ممن كانوا معه، فلهذا قال أشهدكم ولم يكتف بالنية مع أنها كافية فى صحة الأحرام (2) تقدم بيان ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم من رواية مالك فى الموطأ (3) أى لأنه ميقات أهل المدينة، وإنما أهل بعمرة ليوافق ما فعله النبى صلى الله عليه وسلم حيث أحرم بعمرة الحديبية سنة ست (4) تقدم الكلام عليها وهى مكان قريب من ذى الحليفة {وقوله ما آمرهما إلا واحد} يعنى الحج والعمرة فى حكم الحصر، فاذا جاز التحلل فى العمرة مع أنها غير محدودة بوقت فهو فى الحج أجوز (5) يعنى أنه أدخل الحج على العمرة

-[جواز الاكتفاء بطواف القدوم عن طواف الأفاضة للقارن]- بقديدٍ هديًا ثمَّ طاف لهما طوافًا واحدًا بالبيت وبالصَّفا والمروة ثمَّ لم يزل كذلك إلى يوم النَّحر (ومن طريقٍ ثانٍ) عن نافع خرج ابن عمر يريد العمرة فأخبروه أن بمكَّة أمرًا، فقال أهلُّ بالعمرة فإن حبست صنعت كما صنع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فأهلَّ بالعمرة، فلمَّا سار قليلا وهو بالبيداء قال ما سبيل العمرة إلاَّ سبيل الحجِّ أوجب حجَّا أو قال أشهدكم أنِّى قد أوجبت حجًّا، فإنَّ سبيل الحجِّ سبيل العمرة، فقدم مكَّة فطاف بالبيت سبعًا وبين الصَّفا والمروة سبعا، وقال هكذا رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فعل أتى قديدًا فاشترى هديًا فساقه (138) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى حدَّثنا محمَّد بن جعفر وروح قالا حدَّثنا شعبة قال روح سمعت مسلمًا القرِّىَّ قال محمد عن مسلم القرِّي قال

_ فصار قارنا، وهذا موضع الدلالة من الحديث (1) بالتصغير موضع بين مكة والمدينة (2) يعني طواف القدوم اكتفى به عن طواف الأفاضة كما هو شأن القارن، وهذا معنى قوله "ثم طاف لهما" أي للحج والعمرة طوافا واحدا (وقوله ثم لم يزل كذلك) يعني محرما بالحج والعمرة (إلى يوم النحر) أي ثم تحلل بالنحر والحلاق أو التقصير (وفي رواية للشيخين) فطاف بالبيت وبالصفا والمروة، ولم يزل على ذلك ولم ينحر ولم يحلق ولم يقصر ولم يحلل من شيء حرم منه حتى كان يوم النحر فنحر وحلق ورأى أنه قد قضى طواف الحج والعمرة بطوافه الأول، وقال ابن عمر كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم "يعني في حجة الوداع" (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا أيوبي بن موسى عن نافع خرج ابن عمر-الحديث" (4) الظاهر أنه يشير بقوله هكذا إلى شراء رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدى من قديد وسوقه، ويحتمل رجوع الأشارة إلى الأفعال المتقدمة أيضًا، ويؤيد ذلك رواية الشيخين المذكورة آنفًا، وفيها قال ابن عمر بعد ذكر هذه الأفعال المتقدمة "كذلك فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق. لك. هق. وغيرهم) (138) حدّثنا عبد الله (غريبة) (5) معناه أن روحا روى هذا الحديث

-[أحكام الباب ومذاهب العلماء في جواز إدخال الحج على العمرة]- سمعت ابن عبَّاس رضى الله عنهما يقول أهلَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالعمرة وأهلَّ أصحابه بالحجِّ، قال روح أهلَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وأصحابه بالحجِّ فمن لم يكن معه هدى أحلَّ وكان ممَّن لم يكن معه هدي طلحة ورجل آخر فأحلاَّ

_ عن مسلم القرى بالسماع، وأما محمد بن جعفر فرواه عنه بالعنعنة " والقرى" بضم القاف وكسر الراء مشددة، وتقدم الكلام عليه في الباب السابق (1) لعله يريد بقوله "أهلّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة" أي لبى بتا لا أحرم ليوافق الأحاديث الكثيرة الصحيحة عن ابن عباس أيضًا وغيره عند الشيخين والأمام أحمد وغيرهم أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج أولا (2) يعني أن روحا قال في روايته أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه (يعني وبعض أصحابه) بالحج وهذه الرواية تؤيد ماقلنا من أنه صلى الله عليه وسلم أحرم بالحج أوّلا (وقال البيهقي) بعد ذكر هذا الحديث وقول من قال إنه أهل بالحج لعلة أشبه لموافقته رواية أبي العالية البراء وابي حسان الأعرج عن ابن عباس في إهلال النبي صلى الله عليه وسلم بالحج والله أعلم (تخريجه) (م. نس. هق) (الأحكام) أحاديث الباب يستفاد منها جملة أحكام (منها) جواز إدخال الحج على العمرة كما في ترجمة الباب، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء لكن بشرط أن يكون الأدخال قبل الشروع في طواف العمرة، وقيل إن كان قبل مضي أربعة أشواط صح (وهو قول الحنفية) وقبل ولو بعد تمام الطواف (وهو قول المالكية) وشذ بعض الناس فمنعه مطلقًا، وقال لا يدخل إحرام على إحرام كما لا تدخل صلاة على صلاة، ونقل ابن عبد البر أن أبا ثور شذ فمنع ادخال الحج على العمرة قياسًا على منع إدخال العمرة على الحج مع أن إدخال العمرة على الحج ثابت بفعله صلى الله عليه وسلم وإن اختلفوا فيه، فجوزه أصحاب الرأي (وهو قول الشافعي) ومنعه آخرون وجعلوه خاصاً بالنبي صلى الله عليه وسلم لضرورة الاعتماد حينئذ في أشهر الحج (ومنها) أن القارن يقتصر على طواف واحد وسعي واحد (وهو مذهب الجمهور) وخالف فيه الأمام أبو حنيفة وطائفة (ومنها) جواز التحلل بالأحصار (ومنها) أن القارن يهدى، وشذ ابن حزم فقال لا هدى على القارن (ومنها) صحة القياس والعمل به وأن الصحابة رضي الله عنهم كان يستعملونه، ولهذا قاس ابن عمر رضي الله عنهما الحج على العمرة لأن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تحلل من الأحصاء عام الحديبية من إحرامه بالعمرة وحدها (ومنها) جواز الخروج إلى النسك في الطريق المظنون خوفه إذا رجا السلامة. قاله ابن عبد البر (ومنها) غير ذلك تقدم بعضه في الشرح والله أعلم

-[كلام العلماء في معنى التلبية واشتقاقها]- (10) باب التلبية وصفتها واحكامها (فيه ثلاثة فصول - الفصل الأول فيما جاء في ألفاظها وفضلها) (139) خط عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما كان يقول سمعت النَّبىَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لبَّيك الَّلهمَّ لبَّيك لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إنَّ الحمد

_ (139) "خط" عن نافع (سنده) حدّثنا عبد الله قال وجدت كتاب أبي ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج أخبرني نافع أن ابن عمر كان يقول -الحديث" (غريبة) (1) قال ابن المنير مشروعية التلبية تنبيه على إكرام الله تعالى لعباده بأن وفودهم على بيته إنما كان باستدعاء منه سبحانه وتعالى (قال المازري) التلبية مثناة للتكثير والمبالغة ومعناها إجابة بعد إجابة ولزوما لطاعتك فثنى للتوكيد لا تثنية حقيقة (وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام) لب بالمكان إذا أقام به، فالملبي يخبر عن إقامته وملازمته لعبادة الله عز وجل وثنى هذا المصدر لتدل التثنية على الكثرة فكأنه يقول تلبية بعد تلبية أبدًا، وليس المراد مرتين فقط لقوله عز وجل {ثم ارجع البصر كرتين} المراد كرة بعد كرة أبدًا ما استطعت، وإذا كان المعنى في التلبية الأخبار بالملازمة على العبادة فهل المراد كل عبادة الله أيّ عبادة كانت ـو العبادة التي هو فيها من الحج؟ الأحسن عند المفسرين الثاني دون الأول للاهتمام بالمقصود (وقال القاضي عياض) قيل هذه الأجابة لقوله تعالى لابراهيم صلى الله عليه وسلم {وأذن في الناس بالحج} (وقال إبراهيم الحربى) في معنى لبيك أي قربا منك وطاعة والألباب القرب (وقال أبو نصر) معناه أنا ملب بين يديك أي خاضع (2) يروى بكسر الهمزة من إن وفتحها وجهان مشهوران لأهل الحديث وأهل اللغة (قال الجمهور) الكسر أجود، قال الخطابى الفتح رواية العامة، وقال ثعلب الاختيار الكسر وهو الأجود في المعنى من الفتح، لأن من كسر جعل معناه إن الحمد والنعمة لك على كل حال، ومن فتح قال معناه لبيك لهذا السبب (وقوله والنعمة لك) المشهور فيه نصب النعمة (قال القاضي عياض) ويجوز رفعها على الابتداء ويكون الخبر محذوفًا (قال ابن الأنباري) وإن شئت جعلت خبر إن محذوفًا تقديره إن الحمد لك والنعمة مستقرة لك اهـ قال الكرماني وحاصله أن النعمة والشكر على النعمة كليهما لله تعالى {وقوله والملك} يجوز فيه الوجهان الرفع والنصب كما تقدم (قال ابن المنير) قرن الحمد والنعمة وأفرد الملك، لأن الحمد متعلق النعمة، ولهذا يقول الحمد لله على نعمه؛ فكأنه قال لا حمد إلا لك لأنه لا نعمة إلا لك {وأما الملك} فهو مستقل بنفسه، ذكر لتحقيق أن النعمة كلها لله لأنه صاحب الملك

-[من زاد في التلبية عن الوارد - ومعنى التلبية للمحرم واستحبابها]- والنِّعمة لك والملك لا شريك لك، قال نافع وكان ابن عمر يقول وزدت أنا لبَّيك لبَّيك وسعديك والخير في يديك، لبَّيك والَّرغباء إليك والعمل (140) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يهلُّ ملبِّدًا يقول لبَّيك اللهمَّ لبَّيك، لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إنَّ الحمد والنِّعمة لك والملك لا شريك لك، لا يزيد على هؤلاء الكلمات

_ (1) يستفاد منه جواز الزيادة على الوارد بما يحب من ذكر الله تعالى؛ ولكن الاقتصار على الوارد أفضل (2) قال القاضي عياض اعرابها وتثنيتها كما سبق في لبيك، ومعناه مساعدة لطاعتك بعد مساعدة (وقوله والخير في يديك) رواية مسلم (بيديك) بالباء بدل الفاء والمعنى واحد، وهو أن الخير كله بيد الله تعالى ومن فضله (3) يروى بفتح الراء والمد وبضم الراء مع القصر ونظيره العلا والعلياء والنعمى والنعماء، قاله المازري (وقال القاضي عياض) وحكى أبو علي فيه أيضًا الفتح مع القصر الرغبي مثل سكري، ومعناه هنا الطلب والمسألة إلى من بيده الخير، وهو المقصود بالعمل المستحق للعبادة (تخريجه) (ق. لك. وغيرهما) (140) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا علي بن اسحاق ثنا عبد الله أنا يونس عن الزهري عن سالم عن عبد الله بن عمر - الحديث" (غريبة) (4) هو حال من يهل (قال العلماء) التلبيد ضفر الرأس بالصمغ أو الخطمى وشبههما مما يضم الشعر ويلزق بعضه ببعض ويمنعه النمعط والقمل، فيستحب تلبيد الرأس قبل الأحرام لكونه أرفق به، وقد نص عليه الشافعي وأصحابه، وهو موافق لحديث الأعرابي الذي خر عن بعيره وهو محرم، فأمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يمسوه بطيب ولا يخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيا (وفي رواية ملبدا) رواه الشيخان والأمام أحمد وتقدم مع الكلام عليه صحيفة 189 رقم 143 من كتاب الجنائز في الجزء السابع (5) هذا لا ينافى ما سيأتي من حديث أبي هريرة قال (كان من تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك اله الحق) لاحتمال أن ابن عمر لم يسمعها من النبي صلى الله عليه وسلم وسمعها أبو هريرة، والظاهر أنه كان يقول هذه الجملة التي رواها أبو هريرة قليًلا لتضافر الروايات على رواية ابن عمر والله أعلم (تخريجه) (ق. هق. ك. والأربعة. وغيرهم).

-[تلبية رسول الله صلى الله التي كان بها يلبى بها في حجة الوداع]- (141) عن الضَّحَّاك (بن مزاحم) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال كانت تلبية النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم لبَّيك لبَّيك الَّلهم لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إنَّ الحمد والنٍِّعمة لك والملك لا شريك لك (وعنه من طريقٍ ثانٍ) قال كان ابن عبَّاس إذا لبيَّ يقول لبَّيك اللَّهمَّ لبَّيك (فذكر مثل الطَّريق الأولى ثمَّ قال) وقال ابن عبَّاسٍّ انته إليها فإنَّها تلبية رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (142) عن أبى عطيَّة قال قالت عائشة رضى الله عنها إنَّى لأعلم كيف كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يلبىِّ، قال ثمَّ سمعتها تلبيِّ تقول لبَّيك اللَّهمَّ لبَّيك لا شريك لك لبَّيك، إنَّ الحمد والنِّعمة لك، والملك لا شريك لك (143) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال كان من تلبية رسول الله

_ (141) عن الضحاك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود ثنا شريك عن أبي إسحاق عن الضحاك -الحديث (غريب) (1) هكذا رواية الأمام أحمد في المسند لبيك لبيك مرتين قبل اللهم (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا زهير عن أبي اسحاق عن الضحاك بن مزاحم قال كان ابن عباس -الحديث" (3) أي اعمل بتا فإن هذه الألفاظ كانت تلبية النبي صلى الله عليه وسلم والله تعالى يقول {لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة} (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث ابن عباس لغير الأمام أحمد؛ وأورده الهيثمي بلفظه وقال رواه أحمد ورجاله ثقات. (142) عن أبي عطية (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن فضيل قال ثنا الأعمش عن عمارة بن عمير عن أبلي عطية -الحديث" (غريبة) (4) اسمه مالك بن عامر الهمداني الوادغي (تخريجه) (خ. هق) وأخرجه أيضًا أبو داود الطيالسي في مسنده. (143) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا عبد العزيز بن عبد الله ثنما عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن أبي هريرة-الحديث"

-[جواز التلفظ بما أحرم به الأنسان في التلبية - ومن لبى بغير الوارد]- صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لبَّيك إله الحقِّ (144) عن بكر بن عبد الله المزنىِّ قال سمعت أنس بن مالك يحدِّث قال سمعت النبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يليِّ بالحجِّ والعمرة جميعا، فحدَّثت ابن عمر بذلك فقال لبيَّ بالحجِّ وحده فلقيت أنسًا فحدَّثته بقول ابن عمر، فقال ما تعدُّوننا إلاَّ صبيانًا سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول لبَّيك عمرةً وحجًّا (145) عن عبد الله بن أبى سلمة أنَّ سعد بن أبى وقَّاص رضى الله عنه سمع رجلا يقول لبَّيك ذا المعارج فقال إنَّه لذو المعارج ولكنَّا كنَّا مع

_ (تخريجه) (نس. جه. حل. هق. ك) وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي. (144) عن بكر بن عبد الله المزنى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا حميد الطويل أنا بكر بن عبد الله المزنى-الحديث" (غريبة) (1) لا منافاة بين قول ابن عمر وقول أنس، قال النبي صلى الله عليه وسلم أحرم أوًلا بالحج فلبى به فسمعه ابن عمر يلبي بالحج وحده، فأخبر بما سمع، ثم أدخل العمرة على الحج فلبى بهما جميعًا فسمعه أنس فأخبر بما سمع (2) أي كأنكم ما تأخذون بقولنا لعدكم إيانا صبيانًا حيئنذ ثم ذكر الحديث، فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لبيك عمرة وحجا، فهو صريح جدًا في كونه صلى الله عليه وسلم كان قارنا ولا يقبل تأويًلا، وفيه أيضًا جواز التلفظ بما أحرم به الإنسان من حج أو عمرة أو بهما جميعًا في التلبية، وهذا موضع الدلالة منه والله أعلم (تخريجه) (ق. نس هق. وغيرهم). (145) عن عبد الله بن أبي سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن عجلان عن عبد الله بن أبي سلمة -الحديث (غريبة) (3) أي مصاعد الملائكة وهي السموات، وقال قتادة معناه ذا الفواضل والنعم اهـ. وجاء في حديث جابر تقدم في باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فيه التلبية بمثل ما جاء في حديث ابن عمر، ثم قال والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلم يقل لهم شيئًا، ففيه إشارة إلى جواز التلبية بذلك ونحوه من مل ذكر فيه تعظيم لله عز وجل، وسيأتي بسط

-[الأمر بالتلبية وفضلها وأنها مكفرة للذنوب]- رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لا نقول ذلك (146) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من أضحى يومًا محرمًا ملبِّيًا حتَّى غربت الشَّمس غربت بذنوبه كيوم ولدته أمُّه (الفصل الثاني فى حكم التلبية والجهر بها) (147) عن أمِّ سلمة رضى الله عنها قالت سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول يا آل محمَّد من حجَّ منكم فليهلَّ في حجِّه أو حجَّته شكَّ أبو عبد الرَّحمن (148) عن سعيد بن جبير قال أتيت على ابن عبَّاس رضى الله عنهما بعرفة وهو يأكل رمَّانًا، فقال أفطر رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم

_ الكلام على ذلك في الأحكام (تخريجه) (هق) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجاله رجال الصحيح إلا أن عبد الله لم يسمع من سعد بن أبي وقاص والله أعلم (146) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد الخياط ثنا عاصم بن عمر عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن جابر ابن عبد الله-الحديث" (غريبة) (1) معناه أن من كان محرمًا بحج أو عمرة فلبى بعد ارتفاع الشمس من وقت الضحى إلى غروب الشمس، ويستثنى من ذلك وقت أكله وصلاته ونومه وأشغاله الضرورية غربت الشمس بذنوبه، وهو كناية عن غفران ذنوبه كلها صغيرها وكبيرها كما يستفاد من تشبيهه بالمولود وفضل الله واسع (تخريجه) (جه. طب) وفي إسناده عاصم بن عبيد الله وعاصم بن عمر بن حفص، وهما ضعيفان فالحديث ضعيف، والأحاديث الصحيحة المتقدمة في باب الحج تغنى عنه، والله أعلم (147) عن أم سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن يزيد قال حدثنا حيوة وابن لهبمة قالا سمعنا يزيد بن حبيب يقو حدثني أبو عمران قال قالت أم سلمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم -الحديث" (غريبة) (2) أي فليلب (وقوله شك أبو عبد الرحمن) يعني عبد الله بن الأمام أحمد (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد. (148) عن سعيد بن جبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا

-[الأمر برفع الصوت بالتلبية واستحباب ذلك]- بعرفة وقد بعثت إليه أمُّ الفضل بلبن فشربه، وقال لعن الله فلانًا عمدوا إلى أعظم أيَّام الحجِّ فمحوا زينته؛ وإنَّما زينة الحجِّ التَّلبية (149) عن خلاَّد بن السَّائب بن خلاَّد عن أبيه رضى الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال أتاني جبريل عليه السَّلام فقال مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالإهلال (وعنه من طريقٍ ثانٍ) عن أبيه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال أتانى جبريل عليه السَّلام فقال أن آمر أصحابي

_ إسماعيل ثنا أيوب قال لا أدري أسمعته من سعيد ب جبير أم نبئته عنه، قال أتيت على ابن عباس بعرفة -الحديث" (غريبة) (1) لم يذكر اسم الملعون ولم أقف على من ذكره، ولعله من كبار كفار قريش قبل فتح مكة أو من مشركى العرب الذين تأخر اسلامهم (وقوله عمدوا) بواو الجماعة يعنى هو وأتباعه (2) أعظم أيام الحج هو يوم عرفة وأيام منى، لأنه يكثر فيها التلبية والتكبير وأعمال الحج (وقوله فمحو ازينته) إما أن يكون ذلك بتركهم التلبية بالكلية، وإما بادخالهم فيها لفظ الشرك وهو قولهم لبيك لا شريك لك الا شريكًا تملكه وما ملك، رواه مسلم والبيهقي من حديث ابن عباس، وسيأتي جميعه في الزوائد والله أعلم (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الكبير، وعزاه لابن جرير وسنده جيد، لولا ماذكره أيوب من الشك في سماعه هل سمعه من سعيد بن جبير نفسه أو بلغه بواسطة ولم يذكر من الواسطة (149) عن خلاد بن السائب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبى ثنا سفيان بن عيينة عن عبد الله بن أبي بكر بن الحارث عن خلاد بن السائل- الحديث" (غريبة) (3) أي التلبية كما صرح بذلك في رواية عند النسائي، وهذا الأمر حمله الجمهور على الندب وحمله الظاهرية على الوجوب (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن بن مهدى عن مالك وثنا روح قال ثنا مالك يعني ابن أنس عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن خلاد بن السائب اِلأنصاري عن أبيه -الحديث" (5) لفظ الموطأ فأمرني أن آمر أصحابي أو من معي الحديث "وأو" هنا للشك من الرواى اشارة إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أحد اللفظين وكل منهما سد مسد الآخر

-[الأمر برفع الصوت بالتلبية وأنه من شعائر الدين]- أو من معي أن يرفعوا أصواتهم بالتَّلبية أو بالإهلال يريد أحدهما (150) عن السَّائب بن خلاَّد رضى الله عنه أنَّ جبريل عليه السَّلام أتى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال كن عجَّاجًا ثجَّاجًا. والعجُّ التَّلبية. والثَّج نحر البدن (151) عن زيد بن خالد الجهنىِّ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم جاءنى جبريل عليه السَّلام، فقال يا محمَّد مر أصحابك فليرفعوا أصواتهم بالتَّلبية فإنَّها من شعائر الدِّين (152) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه

_ (1) أي إظهارًا لشعائر الأحرام وتعليمًا للجاهل ما يستحب في ذلك المقام (وقوله أو بالأ هلال) أو للشك من الرواى والأهلال هو رفع الصوت بالتلبية كما تقدم، فالتصريح بالرفع معه زيادة بيان (وقوله يريد أحدهما) يعنى أنه صلى الله عليه وسلم انما قال أحد هذين اللفظين، لكن الراوى شك فيما قاله من ذلك فأتى بأو التي لأحد الشيئين، ثم زاد ذلك بيانًا بقوله "يريد أحدهما" وتقدم أنه جاء في رواية للنسائى التصريح بالتلبية بدون شك، ولابن ماجه بالأهلال، وفي رواية للحاكم في المستدرك والأمام أحمد وسيأتي بعد من حديث زبد بن خالد الجهني التصريح بالتلبية أيضًا (تخريجه) (لك. هق. ك. والأربعة) وصححه الترمذى وابن خزيمة والحاكم وابن حبان (150) عن السائب بن خلاد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال أنا محمد بن اسحاق عن عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب بن عبد الله بن حّنطب عن السائب بن خلاد أن جبريل -الحديث" (تخريجه) (طب) وفي اسناده محمد بن اسحاق ثقة ولكنه مدلس وقد عنعن. (151) عن زيد بن خالد الجهني (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن خلاد بن السائب عن زيد بن خالد الجهني-الحديث" (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه ابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم وقال صحيح الأسناد (152) عن أبي هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا

-[الأمر برفع الصوت بالتلبية وفعلها عقب الصلاة]- وسلَّم أمرني جبريل برفع الصَّوت في الإهلال فإنًَّه من شعائر الحجِّ (153) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال إنَّ جبريل أتانى فأمرنى أن أعلن بالتَّلبية (الفصل الثالث فى مدة التلبية وفعلها عقب الصلاة) (154) وعنه أيضًا رضى الله عنه أنَّ النَّبىَّ صلَّى الله عليه وسلَّم لبىَّ دبر الصَّلاة صلَّى الله عليه وسلَّم (155) عن ابن سخبرة قال غدونا مع عبد الله بن مسعود

_ أسامة بن زيد قال حدثني عبد الله بن أبي لبيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب قال سمعت ابا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -الحديث" (تخريجه) (هق. ك) وصححه، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (153) ع ن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا عبد الصمد ثنا عبد الرحمن يعني ابن عبد الله بن دينار ثنا أبو حازم عن جعفر عن ابن عباس -الحديث" (غريبة) (1) يعني أن أجهرر بتا (تخريجه) لم اقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده الحافظ في التلخيص، وعزاه للأمام أحمد فقط وسكت عنه. (154) وعنه أيضاً (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الحكم قنا عبد السلام بن حرب عن خصيف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس-الحديث" (غريبة) (2) يعني أن أول إهلاكه بالتلبية كان عقبل تحلله من صلاة الركعتين سنة الأحرام، وبعد قال الأئمة الثلاثة (أبو حنيفة ومالك وأحمد- وقالت الشافعية) الأفضل أن يهل عند انبعاث راحلته، مستدلين بحديثي ابن عمر وجابر المتفق عليهما وتقدما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يهل حتى استقلت به راحلته والله أعلم (تخريجه) أورده الحافظ في التلخيص وقال رواه أصحاب السنن (يعني الأربعة) والحاكم والبيهقي مطولا ومختصرا من حديث ابن عباس وفي اسناده خصيف وهو مختلف فيه اهـ. (155) عن ابن سخبرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا صفوان ابن عيسى أنا الحارث بن عبد الرحمن عن مجاهد عن ابن سخبرة قال غدونا - الحديث" (غريبة) (2) اسمه عيسى بن ميمون الواسطى عن مولاه القاسم بن محمد وحماد ابن سلمة، ويسميه الطفيل بن سخبرة، وعنه يزيد بن هارون وأبو نعيم رحمهم الله تعالى

-[استحباب التلبية في الذهاب من منى إلى عرفات]- رضي الله عنه من منىً إلى عرفات فكان يلبىِّ، قال وكان عبد الله رجلًا آدم له ضفران عليه مسحة أهل البادية، فاجتمع عليه غوغاء من غوغاء النَّاس، قالوا يا أعرابىُّ إنَّ هذا اليوم ليس يوم تلبيةٍ إنَّما هو يوم تكبير، قال فعند ذلك التفت إلىَّ فقال أجهل النَّاس أم نسوا؟ والَّذى بعث محمَّدًا صلَّى الله عليه وسلَّم بالحقِّ لقد خرجت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فما ترك التَّلبية حتَّى رمى جمرة العقبة إلاَّ أن يخلطها بتكبير أو تهليل (156) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال غدونا مع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إلى عرفات منَّا المكبِّر ومنَّا الملبيِّ

_ (1) أي لأجل الوقوف بعرفة 02) الآدم من الناس السمر والجمع أدمان (وقوله له ضفران) تثنية ضفر، وهو نسج الشعر بعضه على بعض، والمعنى أن شعر رأسه كان طويلاً فجعله ذؤابتين (3) بفتح الميم أي يبه أهل البادية في لونهم وذيهم (4) أصل الغوغاء الجراد حين يخف للطيران، ثم استعير للسفلة من الناس والمتسرعين إلى الشر، ويجوز أن يكون من الغوغاء الصوت والجلبة لكثرة لغطهم وصياحهم وهو المراد هنا، والمعنى أنه كثر صياح الناس بقولهم يا أعرابي الح (5) أي أجهل الناس أحكام الحج فلم علموها أم لموها ثم نسوها؟ (6) أي من منى إلى عرفة كما صرح بذلك في رواية الحاكم (حتى رمى جمرة العقبة) يعني يوم النحر (إلا أن يخلطها بتكبير أو تهليل) فإن ذلك جائز لأنه من الأذكار المطلوبة في هذه الأيام أيضاً، والله أعلم (تخريجه) رواه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبي. (156) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنبأنا يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبي سلمة عن ابن عمر - الحديث (غريبة) (7) أي من منى كما صرح بذلك في رواية أخرى لمسلم (إلى عرفات) للوقوف بعرفة (منا المكبر ومنا الملبي) أي لأن هذا اليوم مما يستحب فيه التكبير أيضاً (تخريجه) (م. نس. هق. وغيرهم)

-[استحباب التلبية من عرفة إلى مزدلفة ومن مزدلفة حتى رمى جمرة العقبة]- (157) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أفاض من عرفات وردفه أسامة، وأفاض من جمع وردفه الفضل بن عبَّاس، قال ولبيَّ حتَّى رمى جمرة العقبة (158) عن عكرمة قال وقفت مع الحسين فلم أزل أسمعه يقول لبَّيك حتى رمى الجمرة فقلت يا أبا عبد الله ما هذا الإهلال؟ قال سمعت عليَّ بن أبى طالب رضى الله عنه يهلُّ حتَّى انتهي إلى الجمرة وحدَّثنى أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أهلَّ حتَّى انتهى إليها (وعن من طريقٍ ثانٍ) قال أفضت مع الحسين بن علىّ رضي الله عنهما من المزدلفة فلم أزل أسمعه يلبيِّ حتَّى رمي جمرة العقبة، فسألته فقال أفضت مع أبى من المزدلفة، فلم أزل معه يلبيِّ حتَّى رمى جمرة العقبة، فسألته فقال أفضت مع النَّبيِّ صلَّى الله

_ (157) عن ابن عباس رضي الله عنهما (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم عن عبد الملك عن عطاء عن ابن عباس -الحديث" (غريبة) (1) يعني المزدلفة وسميت بجمع لاجتماع الناس فيها أو لجمعهم صلاة المغرب مع العشا فيها جمع تأخير (تخريجه) لم أقف عليه من حديث ابن عباس لغير الأمام أحمد وسنمده جيد، ورواه مسلم وغيره من حديث ابن عباس عن الفضل بن عباس وسيأتي مثله للإمام أحمد أيضاً في هذا الباب والله أعلم (158) عن عكرمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن أبى عدى عن محمد بن اسحاق حدثنى أبان بن صالح عن عكرمة-الحديث" (غريبه) (2) هو الحسين بن على رضي الله عنهما؛ ويحتمل أن هذا الوقوف كان بعرفة، ويحتمل أنه كان بالمزدلفة لقوله في الطريق الثانية "افضت مع الحسين بن علي رضي الله عنهما من المزدلفة" (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن سلمة عن أبى اسحاق عن ابان بن صالح عن عكرمة قال افضت مع الحسين-الحديث" (4) في هذه المرة قال" فلم أول معه" بخلاف التي قبلها والتي بعدها فانه قال "فلم أزل أسمعه" هكذا بالأصل

-[استحباب التلبية يوم النحر حتى يرمى جمرة العقبة]- عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم، فلم أزل أسمعه يلبيِّ حتَّى رمي جمرة العقبة (159) عن الفضل بن العباس رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لبىَّ يوم النَّحر حتى رمى جمرة العقبة

_ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وسنده جيد (159) عن الفضل بن العباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان حدثنا وهيب ثنا عبد الله بن عثمان بن خشيم عن أبي الطفيل عن الفضل بن عباس -الحديث" (تخريجه) (ق. والأربعة) (زوائد الباب) (عن أبي هريرة رضية الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أهل قط إلا بشّر ولا مكبر قط إلا بشّر، قيل يارسلو الله بالجنة؟ قال نعم، رواه الطبراني في الأوسط باسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح، ورواه أيضًا البيهقي إلا أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أهل مهل قط إلا آبت الشمس بذنوبه) يقال أهلّ الملى إذا رفع صوته بالتلبية (وعن سهل بن سعد) رضيى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من ملب يلبى إلا لبى ما عن يمينه وشماله من حجر أو شجر أو مدر حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هنا عن يمينه وشماله، رواه الترمذى وابن ماجه والبيهقى كلهم من رواية اسماعيل بن عياش عن عمارة بن غزية عن أبى حازم عن سهل ورواه ابن خزيمة في صحيحه عن عبيدة يعنى ابن حميد حدثنى عمارة بن غزية عن أبى حازم عن سهل ورواه ابن خزيمة في صحيحه عن عبيدة يعنى ابن حميد حدثنى عمارة بن غزية عن أبى حازم عن سهل، ورواه الحاكم وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبي " وقوله حتى تنقطع الأرض من ها هنا وها هنا اله" معناه حتى يلبى جميع ما على يمينه وشماله من حجر الأرض ومدرها وشجرها إلى منتهاها من المشرق إلى المغرب والغاية محذوفة أي إلى منتهى الأرض، والمدر هو الطين المستحجر، وفائدة المسلم من تلبية الحجر والشجر والمدر معرفة فضل هذا الذكر وأن له عند الله شرفًا ومكانة، ولا يبعد أن يكتب له ثواب ذلك كأنه فعله بنفسه زيادة عن ذكره الخاص لأن المتسبب فيه والله أعلم (وعن أبى بكر الصديق) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل؟ فقال العج والنج، رواه (مذ. جه. خز) كلهم من رواية محمد بن المنكدر عن عبد الرحمن ابن يربوع، وقال الترمذى لم يسمع محمد من عبد الرحمن، ورواه الحاكم وصححه وأقره الذهبى، ورواه البزار إلا أنه قال مابال الحج؟ قال العج والثج، قال وكيع يعني بالعج العجيج بالتلبية والثج نحر البدن يعني لثج الدم من المنحر، وتقدم حديث السائل بن خلاد في أحاديث الباب

-[زوائد الباب في فضل التلبية وألفاظها والجهر بها]- .....

_ المتقدمة في ذلك (وعن عامر بن ربيعة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أضحى مؤمن يلبى حتى تغرب الشمس إ لا غابت بذنوبه حتى يعود كما ولدته أمه (جه. هق) ورواه الطبراني في الكبير، وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف (وعن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الحج العج والثج، فأما العج فالتلبية، وأما الثج فنحر البدن (عل) وفيه رجل ضعيف (وعن عبد الله بن عروة) قال سمعت عبد الله ابن الزبير ونحن معه قد خرجنا نعتمر، فلما انحدرنا من الأكمة في الوادي اغتسل ابن الزبير وصلى ركعتين واغتسلنا معه وصلينا ركعتين ثم أهل بالتلبية، لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك، قال عبد الله بن عروة سمعت ابن الزبير يقول "هذه والله تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم" وهكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرم في دبر الصلاة (طس) وفيه من لم أعرفه (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال كانت تلبية موسى صلى الله عليه وسلم لبيك عبدك وابن عبديك، وكانت تلبية عيسى صلى الله عليه وسلم لبيك عبدك وابن أمتك وكانت تلبية النبي صلى الله عليه وسلم لبيك لا شريك لك (بز) وفيه عطاء بن السائب وهو ثقة ولكنه اختلط وبقية رجاله رجال الصحيح (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبي لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك، إن الحمد والنعمة لك والملك، لا شريك لك (عل) من رواية عبد الله بن نمير عن اسماعيل ولم ينسبه، فإن كان ابن أبى خالد فهو من رجال الصحيح، وإن كان اسماعيل بن ابراهيم بن مهاجر فهو ضعيف، وكلاهما روى عنه (وعنه أيضًا) قال كانت تلبية النبي صلى الله عليه وسلم لبيك حجًا حقًا تعبدًا ورقًا (بز) مرفوعًا وموقوفًا ولم يسم شيخه في المرفوع (وعن أبى الطفيل) رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على ناقته القصوى بهل والناس يقتل بعضهم بعضا يريدون أن ينظروا إليه (بز) وفيه محمد بن مهزم ولم يجرحه أحد، وقد ذكره ابن أبى حاتم وبقية رجاله رجال الصحيح (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف بعرفات، فلما قال لبيك الله لبيك قال إنما الخير خير الآخرة (طس) وإسناده حسن (وعن حزيمة بن ثابت) رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا فرغ من تلبيته سال الله عز وجل مغفرته ورضوانه واستعتقه من النار (طب) وفيه صالح بن محمد بن زائدة وثقة الأمام أحمد وضعفه خلق، ورواه الأمام الشافعى والدار قطنى أيضًا بلفظ "سال الله عز وجل رضوانه والجنة واستعاذ برحمته من النار" (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه كنا نخرج حجاجًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما بلغ من الغد الروحاء حتى تبح حلوقنا يعنى من رفع الصوت بالتلبية (طس) وفيه عمر ابن صهبان وهو ضعيف (وعن القاسم بن محمد) قاتل كان يستحب للرجل إذا فرغ من تلبيته

-[زوائد الباب في تلبية المشركين وسبها]- .....

_ أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم (قط) (وعن عطاء عن ابن بعاس) قال برفع الحديث إنه كان يمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر (مذ. وصححه) (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يلبى المعتمر حتى يستلم الحجر (د) (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما قال لا تصعد المرأة فوق الصفا والمروة ولا ترفع صوتها بالتلبية (هق) وقال موقوف وترجم له البيهقى (باب المرأة لا ترفع صوتها بالتلبية استدلالا بما مضى من قول النبي صلى الله عليه وسلم التسبيح للرجال والتصفيق للنساء) ثم ذكره بسنده إلى ابن عمر. (فصل منه فيما جاء في تلبية المشتركين وسببها) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان الناس بعد اسماعيل على الأسلام فكان الشيطان يحدث الناس بالشيء يريد أن يردهم عن الأسلام حتى أدخل عليهم في التلبية، لبيك اللهم لبيك، لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكه وما ملك، قال فما زال حتى أخرجهم عن الأسلام إلى الشرك (بز) ورجاله رجال الصحيح (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال إن المشركين كانوا يطوفون بالبيت فيقولون لبيك لبيك لا شريك لك، فيقول النبي صلى الله عليه وسلم قد قد، فيقولون إلا شركا هو لك تملكه وما ملك، ويقولون غفرانك غفرانك، قال فأنزل الله عز وجل "وما كان ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون" فقال ابن عباس كان فيهم أمانان، نبي الله صلى الله عليه وسلم والاستغفار، قال فذهب نبى الله صلى الله عليه وسلم وبقى الاستغفار "ومالهم ألا يعذبهم الله وهم يصدون عن المسجد الحرام وماكانوا أولياءه إن أولياؤه إلا المتقون" قال فهذا عذاب الآخرة وذلك عذاب الدنيا (هق) وقال أخرجه مسلم في الصحيح من حديث النضر بن محمد عن عكرمة بن عمار مختصرا دون قولهم غفرانك إلى آخرره اهـ (قلت) وقوله "قد قد" قال القاضي عياض روى باسكان الدال وكسرها مع التنوين، ومعناه كفاكم هذا الكلام فاقتصروا عليه ولا تزيدو (وعنه أيضًا) قال كان يلبي أهل الشرك لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك إلا شريكًا هو لك تملكهوما ملك، فأنزل الله تعالى " هل لك ما ملكت أيمانكم من شركاء فيما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم) (طس) وفيه حماد بن شعيب وهو ضعيف (وعن عمر ابن معد يكرب) رضي الله عنه قال لقد رايتنا في الجاهلية ونحن إذا حججنا البيت نقول: هذي زبيد قد أتتك قسرا ... تغدوا بتا مضمرات شزرًا يقطعن خبتا وجبالا وعرا ... قد تركوا الأصنام خلوًا صفرًا ونحن اليوم نقول كما علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لبيك اللهم لبيك، لبيك لا شريك لك لبيك، إن الحمد والنعمة لك والملك لا شريك لك (بز. طب. طص. طس) إلا أنه قال لقد رأيتنا

-[كلام العلماء في مشروعية التلبية وألفاظها]- .....

_ من قرن ونحن إذا حججنا قلنا لبيك تعظيمًا اليك عذرا ... هذى زبيد قد أتتك قسرا يقطعن خبتًا وجباًلاوعرا ... قد خلفوا الأمداد خلوًا صفرا ولقد رايتنا وقوفا ببطن محسر نخاف أن تخطفنا الجن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارتفوا عن بطن عُرْنة فإنهم إخوانكم إذا أسلموا، ولمنا التلبية فذكره، وفيه شرقى بن قطامى وهو ضعيف وقال البزار إسناده ليس بالثابت " وزاد الطبراني في الكبير وكنا نمنع الناس أن يقفوا في الجاهلية فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحول بينهم وبين عرنة، فإنما كان موقفهم ببطن محسّر عشية عرفة فرق أن تخطفهم الجن والباقي نحره (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية التلبية وفضلها وكيفية ألفاظها وحكمها والجهر بها ومدتها وغير ذلك (أما مشروعييتها) فقد أجمع المسلمون عليها (وأما فضلها) فيدل عليه حديث جابر المذكور في آخر الفصل الأول من فصول الباب مع ماجاء في الزوائد من الأحاديث الكثيرة الدالة على فضلها وإن كان بعضها ضعيفًا فالبعض الآخر صحيح، والضعيف منها يقوى بكثرة طرقه فنبت فضلها بذلك، ولم يخالف فيه أحد من علماء المسلمين (وأما لفظها) فقد أجمع المسلمون على لفظ حديث ابن عمر الثاني من أحاديث الباب وما ماثله من أحاديث غيره وما صح مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم بأي لفظ كان" واختلفوا في الزيادة فيها" (فقال الأمام مالك) أكره الزيادة فيها على تلبية رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روى عنه أنه لا بأس أن يزاد فيها ما كان ابن عمر يزيده مما هو مذكور في الحديث الأول من أحاديث الباب، وقال الثورى والأوزاعى ومحمد بن الحسن له أن يزيد فيها ماشاء وأحب (وقال الأئمة أبو حنيفة وأحمد وأبو ثور) لا بأي بالزيادة، وقال الترمذى قال الشافعى إن زاد في التلبية شيئًا من تعظيم الله تعالى فلا بأس إن شاء الله، وأحب إلى أن يقتصر (وقال أبو يوسف والشافعى) في قول لا ينبغي أن يزاد فيها على تلبية النبي صلى الله عليه وسلم المذكوة " واليه ذهب الطحاوى واختاره"وقد زاد جماعة في التلبية منهم ابن عمر. ومنهم أبوه عمر بن الخطاب. زاد هذه الزيادة التي جاءت عن ابنه عبد الله المذكوة فيالحديث الأول من أحاديث الباب، ولعل عبد الله أخذها من أبيه كما ثبت ذلك في بعض الروايات (ومنهم ابن مسعود) فروى أنه لبى فقال لبيك عدد الحصى والتراب، وتقدم في حديث جابر في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر التلبية، قال والناس يزيدون ذا المعارج ونحوه من الكلام والنبي صلى الله عليه وسلم يسمع فلا يقول لهم شيئًا (وروى سعيد بن منصور) في سننه بأسناده إلى الأسود ابن يزيد أنه كان يقول لبيك غفار الذنوب، وفي تاريخ مكة للأزرق في صفة تلبية

-[ما جاء في تلبية بعض الأنبياء - ومذاهب العلماء في حكم التلبية والجهر بها]- .....

_ جماعة من الأنبياء عليهم السلام، رواه من رواية عثمان بن ساج، قال أخبرني صادق أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد مر بفج الروحاء سبعون نبيًا تلبيتهم شتى منهم يونس ابن متى، وكان يونس يقول لبيك فراج الكرب لبيك، وكان موسى صلى الله عليه وسلم يقول لبيك أنا عبدك لديك لبيك، قال وتلبية عيسى عليه السلام أنا عبدك وابن أمتك بنت عبديك لبيك، وتقدم نحوه في الزوائد عن ابن عباس، وروى الحاكم في المستدرك من رواية داود ابن أبي هند عن عكرمة عم ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف بعرفات؛ فلما قال لبيك اللهم لبيك، قال إنما الخير خير الآخرة، وقال هذا حديث صحيح ولم يخرجاه (وأما حكمها) ففيه خلاف بين الأئمة قال الحافظ فيها مذاهب أربعة يمكن توصيلها إلى عشرة (الأول) أنها سنة من السنن لايجب بتركها شيء (وهو قول الشافعى وأحمد) (ثانيها) واجبة ويجب بتركها دم، حكاه الماوردى عن ابن أبي هريرة من الشافعية، وقال إنه وجد للشافعى نصا يدل عليه (وحكاه ابن قدامة عن بعض المالكية-والخطابى عن مالك وأبي حنيفة) وأغرب النووي فحكى عن مالك أنها سنة ويجب بتركها دم، ولا يعرف ذلك عندهم إلا أن ابن الجلاب قال التلبية في الحج مسنونة غير مفروضة، وقال ابن التين يريد أنها ليست من أركان الحج وإلا فهي واجبة، ولذلك يجب بتركها الدم ولو لم تكن واجبة لم يجب، وحكى ابن العربي أنه يجب عندهم بترك تكرارها دم، وهذا قدر زائد على أصل الوجوب 0 قالثها) واجبة لكن يقوم مقامها فعل يتعلق بالحج كالتوجه على الطريق، وبهذا صدّ ابن شاس من المالكية كلامه في الجواهر له (وحكى صاحب الهداية) من الحنفية، لكن زاد القول الذي يقوم مقام التلبية من الذكر كما في مذهبهم من أنه لا يجب لفظ معين، وقال ابن المنذر، قال أصحاب الرأي أن كبر وهلل أو سبح ينوي بذلك الأحرام فهو محرم (رابعها) أنها ركن في الحرام لا ينعقد بدونها، حكاه ابن ابد البر (عن الثورى وأبي حنيفة) وابن حبيب من المالكية والزبير من الشافعية، وأهل الظاهر قالوا هي نظير تكبيرة الأحرام للصلاة وهو قول عطاء أخرجه سعيد بن منصور بأسناد صحيح عنه، قال التلبية فرض الحج، وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر وطاوس وعكرمة، وحكى النووي عن داود أنه لابد من رفع الصوت بتا، وهذا قدر زائد على أصل كونها ركنا اهـ (وأما الجهر بها) فهو مستحب عند جمهور العلماء، قال بن بطال رفع الصوت بالتلبية مستحب، وبه قال (أبو حنيفة والتورى والشافعي) واختلفت الرواية عن مالك، ففي رواية ابن القاسم لا ترفع الأصوات بالتلبية إلا في االمسجد الحرام ومسجد منى (وقال الشافعي) في قوله القديم لا يرفع الصوت بالتلبية إلا في مساجد الجماعات إلا المسجد الحرام. ومسجد منى. ومسجد عرفة

-[مذاهب العلماء في الجهر بالتلبية ومدنها]- .....

_ وقوله الجديد استحبابه مطلقا؛ وفي التوضيح وعندنا أن التلبية المقترنة بالأحرام لا يجهر بتا صرح به الجويني من أصحابنا "وأجمعوا أن المرأة لا ترفع صوتها بالتلبية" وإنما عليها أن تسمع نفسها مستدلين بحديث ابن عمر لا تصعد المرأة فوق الصفا والمروة ولا ترفع صوتها بالتلبية، رواه البيهقى موقوفا عل ابن عمر وتقدك في الزوائد، وبما رواه ابن أبي شيبة عن معن عن إبراهيم بن حبيبة عن جاود بن حصين عن عكرمة عن ابن عباس قال" لا ترفع المرأة بالتلبية" ومن حديث أبي الجويرية عن حماد عن إبراهيم مثله، وعن عطاء كذلك (أما حديث السائب بن خلاد) المذكور في الباب بلفظ "أتاني جبريل عليه السلام فقال مر اصحابك أن يرفعوا اصواتهم بالتلبية. وفي لفظ فأمرني أن آمر أصحابي الخ" فهو يدل على استحباب رفع الصوت للرجل فقط بالتلبية بحيث لا يضر نفسه، وبه قال ابن رسلان، وخرج بقوله أصحابي النساءن فإن المرأة لا تجهر بتا بل تقتصر على إسماع نفسها؛ قال الروياني فإن رفعت صوتها لا يحرم لأنه ليس بعورة على الصحيح بل يكون مكروها وكذا قال أبو الطيب وابن الرفعة (قال الشوكاتي) (وذهب داود) إلى أن رفع الصوت واجب وهو ظاهر قوله فأمرني أن آم اصحابي لاسيما وأفعال الحج وأقواله بيان المحل واجب قول الله تعالى {ولله على الناس حج البيت} وقوله صلى الله عليه وسلم "خذوا عني مناسككم اهـ (وأما مدة التلبية) فمن وقت الأحرام إلى رمي جمرة العقبة إن كان مفردًا أو قارنًا كما يستفاد من أحاديث الفصل الثالث من فصول الباب، وكلما أكثر من التلبية كثر ثوابه وأجره لحديث جابر المذكور في آخر الفصل الأول مرفوعًا بلفظ " من أضحى يومًا محرمًا ملبيًا حتى غربت الشمس غربت بذنوبه كيوم ولدته أمه" وحديث عامر بن ربيعة المذكور في الزوائد بنحوه، ويستثنى من ذلك اوقت نومه وأكله وشربه وصلاته ومالابد له منه (وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء) وقالت طائفة يقطع المحرم التلبية إذا دخل الحرم وهو مذهب ابن عمر لكن يعاود التلبية إذا خرج من مكة إلى عرفة (وقالت طائفة) يقطعها إذا راح إلى الموقف رواه ابن المنذر وسعيد بن منصور بأسانيد صحيحة عن عائشة وسعد بن أبي وقاص، وعن علي وأم سلمة أنهما يلبيان حتى نزول الشمس يوم عرفة (وبه قال الأمام مالك) وهو قول الأوزاعي والليث، وعن الحسن البصري مثله، لكن قال إذا صلى الله عليه وسلم الغداة يوم عرفة (واختلف الأولون) هل يقطع التلبية مع رمي أول حصاة أو عند تمام الرمي (فذهب إلى الأول) ابن مسعود وابن عباس وميمونة، وبه قال عطاه. وطاوس. وسعيد بن جبير والنخعى. والثورى. والامامان الشافعي. وأحمد. وأصحاب الرأي (وذهب إلى الثاني) الظاهرية وابن حزم والأمام أحمد في رواية وبعض أصحاب الشافعي، ويدل لهم ما روى

-[مذاهب العلماء في المعتمر متى يقطع التلبية وتأكد التلبية في مواضع]- .....

_ ابن خزيمة من طريق جعفر بن محمد عن أبيه عن علي بن الحسين عن ابن عباس عن الفضل قال أفضت مع النبي صلى الله عليه وسلم من عرفات فلم يزل يلبي حتى رمي جمرة العقبة ويكبر مع كل حصاة ثم قطع التلبية مع آخرر حصاة، قال ابن خزيمة هذا حديث صحيح مفسر لما أبهم في الروايات الأخرى، وأن المراد حتى رمي جمرة العقبة أي أتم رميها اهـ (قال الوكاني) والمر كلما قال ابن خزيمة، فإن هذه زيادة مقبولة خارجة من مخرج صحيح غير منافية للمزيد وقبولها متفق عليه كما تقرر ف الأصول اهـ (فإن كان محرما بعمرة) فقط فليمسك عن التلبية في العمرة إذا استلم الحجر كما جاء ذلك في حديثي ابن عباس المذكورين في الزوائد، وظاهر هذا أنه يلبي في حال دخوله المسجد وبعد رؤية البيت وفي حال مشيه حتى يرع في الاستلام، ويستثنى منه الأوقات التي فيها دعاء مخصوص، وقد ذهب إلى ما دل عليه الحديث من ترك التلبية عند لاشروع في الاستلام الأمامان (أبو حنيفة والشافعي) في الجديد، وقال في القديم يلبي ولكنه يخفض صوته (وهو قول ابن عباس والأمام أحمد) "وتتأكد التلبية في مواضع" لحديث ذكره صاحب المهذب عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي إذا رأى ركبًا أو صعد أكمه أ, هبط واديًا وفي أدبار المكتوبة وآخر الليل (قال الحافظ) في التلخيص رواه ابن عسكر في تخريجه لأحاديث المهذب من طريق عبد الله بن محمد بن ناجية في فوائده باسناد له عن جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي إذا لقى ركبًا فذكره وفي إسناده من لا يعرف، وروى الشافعي عن سعيد بن سالم عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أنه كان يلبي راكبًا ونازًلا ومضطجعًا (وروى ابن أبي شيبة) من رواية بن سابط قال كان السلف يستحبون التلبية في أربعة مواضع في دبر الصلاة وإذا هبطوا واديًا أو علّوه وعند التقاء الرفاق، وعند خثيمة نحوه وزاد"وإذا استقلت بالرجل راحلته" اهـ مذاكره الحافظ (قلت) وبذلك قال إبراهيم النخعى (والأمامان الشافعي وأحمد والجمهور) وكان الأمام الشافعي قبل يقول مثل قول الأمام مالك لا يلبي عند اصطدام الرفاق (وقول النخعى ومن وافقه) مع رواية ابن أبي شيبة عن ابن سابط يدل على أن السلف رحمهم الله تعالى كانوا يستحبون ذلك والحديث يدل عليه أيضًا (قال ابن قدامة في المغنى) ويجزاء من التلبية في دبر الصلاة مرة واحدة، قال الأثرم قلت لبي عبد الله (يعني الأمام أحمد) رحمه الله ما شيء يفعله العامة يلبون في دبر الصلاة ثلاث مرات فتبسم، وقال ما ادرى من اين جاءوا به؟ قلت أليس بجزئه مرة واحدة؟ قال بلى، وهذا لأن المروى التلبية مطلقًا من غير تقييد، وذلك يحصل بكمرة واحدة، وهكذا التكبير في أدبار الصلوات في أيام الأضحى وأيام التشريق، ولا بأس بالزيادة على مرة، لأن ذلك ذكر وخير وتكراره ثلاثًا حسن

-[عدم الجهر بالتلبية في مواضع وتركها في أخرى - وكيف يلبى من لم يعرف اللغة العربية]- أبواب ما يجوز فعله للمحرم وما لا يجوز له (1) باب نزع المخيط للمحرم وما لا يجوز له من الثياب والطيب (160) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رجلًا قال يا رسول الله

_ فإن الله وتر يحب الوتر (قال ابن قدامة) ولا ستحب رفع الصوت بالتلبية في الأمصار ولا في مساجدها إلا في مكة والمسجد الحرام، لما روى عن ابن عباس أنه سمع رجًلا يلبي بالمدينة فقال إن هذا لمجنون، إنما التلبية إذا برزتن وهذا قول (مالك يعني والأمام أحمد) (وقال الشافعي) يلبي في المساجد كلها ويرفع صوته أخذًا من عموم الحديث، قال ولنا قول ابن عباس، ولأن المساجد إنما بنيت للصلاة، وجاءت الكراهة لرفع الصوت فيها عامًا إلا الأمام خاصة فوجب غبقاؤها على عمومهان فأما مكة فتستحب التلبية فيها لأنها محل النسك وكذلك المسجد الحرام وسائر مساجد الحرم كمسجد منى وفي عرفات أيضًا (قال) ولا يلبى بغير العربية إلا أن يعجز عنها، لأن ذكر مشروع فلا يشرع بغير العربية كالآذان والأذكار المشروعة في الصلاة (قال) ولا بأس بالتلبية في طواف القدوم، وبه يقول ابن عباس وعطاء بن سائب وربيعة بن عببد الرحمن وابن أبي ليلى وداود (والشافعي) وروى عن سالم ابن عبد الله أنه قال لا يلبى حول البيت، وقال ابن عيينة ما رأينا أحداً يقتدى به يلبي حول البيت إلا عطاء بن السائب، وذكر أبو الخطاب أنه لا يبلى (وهو قول للشافعي) لأنه مشتغل بذكر يخصه فكان أولى (قال) ولنا أنه زمن التلبية فلم يكره له كما لو لم يكن حول البيت، ويمكن الجمع بين التلبية فلم يكره له كما لو لم يكن حول البيت، ويمكن الجمع بين التلبية والذك المشروع في الطواف، ويكره له رفع الصوت بالتلبية لئلا يشغل الطائفين عن طوافهم وأذكارهم، وإذا فرغ من التلبية صلى على النبي صلى الله عليه وسلم ودعا بما أحب من خير الدينا والآخرة لما روى الدار القطني بأسناده (قلت تقدم في الزوائد) عن خزيمة بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من تلبيته سال الله مغفرته ورضوانه واستعاذ برحمته من النار، وقال القاسم بن محمد يستحب الرجل إذا فرغ من تلبيته أن يصلى على محمد صلى الله عليه وسلم 0 قلت رواه الدار قطنى وتقدم في الزوائد أيضًا) قال ولا بأس إن يلبى الحلال؛ وبه قال الجسن. والنخعى. وعطاء بن لاسائل (والشافعي) وأبو ثور وابن المنذر. وأصحاب الرأي (وكرهه مالك) قال ابن قدامة ولنا أنه ذكر يستحب للمحرم فلم يكره لغيره كسائر الأذكار اهـ والله أعلم (160) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل

-[ما يجتنبه المحرم من الثياب - وكلام العلماء في تفسير السراويل]- ما يلبس المحرم أو قال ما يترك المحرم؟ قال لا يلبس القميص ولا السَّراويل ولا العمامة ولا الخفَّين إلاَّ أن لا يجد نعلين؛ فمن لم يجد نعلين فليلبسهما أسفل من اكعبين ولا البرنس ولا شيئًا من الثِّياب

_ أنا أيوب عن نافع عن ابن عمر -حديث" (غريبه) (1) أو في قوله (أو قال ما يترك المحرم) للشك من الراوي، وقد جاء في الطريق الثانية من هذا الحديث؛ وفي رواية لمسلم منه أيضًا أن رجًلا سال النبي صلى الله عليه وسلم عما يلبسه المحرم من الثياب لا عما يتركه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا القمص الخ (قال العلماء) هذا من بديع الكلام وجزله فانه صلى الله عليه وسلم سئل عما يلبسه المحرم فقال لا يبلس كذا وكذا، فحصل في الجواب أنه لا يلبس المذكورات، ويلبس ما سوى ذلك، وكان التصريح بما لا يلبس أولى لأنه منحصر، وأما الملبوس الجائز للمحرم فغير منحصر فضبط الجميع بقوله صلى الله عليه وسلم لا يلبس كذا وكذا يعني ويلبس ما سواه (2) القميص نوع من الثياب معروف والسراويل ثوب خاص بالنصف الأسفل من البدن ولفظه اعجمى لا عربي على الصحيح 0 قال صاحب المحكم) السراويل فارسي معرب يذكر ويؤنثن ولم يعرف الأصمعى فيها إلا التأنيث والجمع سراويلات، قال سيبويه ولا يكسر لأنه لو كسر لم يرجع إلى لفظ الواحد فترك، وقد قيل سراويل جمع، واحدة سروالة؛ سروله فتسرول. ألبسه إياها فلبسها، والسراوين السراويل، زعم يعقوب أن النون فيها بدل من اللام (وقال الجوهرى) السروايل معروف يذكر ويؤنثن والجمع الساويلات 0 قال سيبويه) سراويل واحدة وهي اعجمية أعربت فأشبهت من كلامهم مالا ينصرف في معرفة ولا نكرة فهي مصروفة في النكرة، ومن النحويين من لا يصرفه في النكرة ويزعم أنه جمع سروال وسروالةن والعمل على القول الأولن والثاني أقوى (وقال أبو حاتم) السحستاني في كتابه المذكر والمؤنث السراويل مؤنثة لا يذكرها من علمناه، قال وبعض العرب يظن السراويل جماعةن قال وسمعت من الأعراب من يقول الشراويل بالشين يعني المعجمة، ذكره النووي ف يتهذيب الأسماء واللغات (واعلم) أنه صلى الله عليه وسلم نبه بالقميص والسراويل على جميع مافي معناهما وهو ما كان مخيطًا أو مخيطًا معموًلا على قدر البدن أو قدر عضو منه (3) يعني أن من لم يجد نعلين وكان له خفان فليلبسهما بعد قطعهما أسفل من الكعبين، فإن ذلك يجزئه من النعلين بشرط القطع وعدم وجود النعلين وإلا فلا، ونبه صلى الله عليه وسلم بالخفاف على كل سائر للرجل من مداس وجمجم وجورب وغيرها فإنه لا يجوزن والمراد كشف الكعبين في الأحرام وهما العظمان الناتئان عند مفصل الساق والقدم (4) البرنس بضم الباء الموحدة والنون

-[اجتناب المحرم ما صبغ من الثياب بالوالس والزعفران - ونهى المرأة عن النقاب ولبس القفازين]- مسَّه ورس ولا زعفران (وعنه من طريقٍ ثانٍ بنحوه وزاد فيه) ولا تنتقب المرأة الحرام ولا تلبس القفَّازين (وعن من طريقٍ ثالثٍ) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم لا يلبس المحرم البرنس ولا القميص ولا العمامة ولا السَّراويل ولا الخفَّين إلاَّ أن يضطرَّ يقطعه من عند الكعبين، ولا يلبس ثوبا مسَّه الورس ولا الزَّعفران إلاَّ أن يكون

_ قال الأزهري وصاحب المحكم وغيرهما البرنس كل ثوب رأسه منه ملتزق به، دراعة كانت أو جبة أو ممطرا (والممطر) بكسر الميم الأولى وفتح الطاء مايلبس في المطر يتوقى به (وقد نبه صلى الله عليه وسلم) بالعمائم والبرانس على كل ساتر للرأس مخيطًا كان أو غيره حتى العصابة فانها حرام، فأن احتاج إليها لشجة أو صداع أو غيرهما شدها ولمته الفدية (1) الورس نبت أصفر طيب الريح يكون باليمين يصبغ به الثياب والخز وغيرهما، يقال ورّست الثوب توريسا إذا صبغته بالورس، والزعفران معلوم طيب الريح أيضًا، ونبه صلى الله عليه وسلم بالورس والزعفران على ما في معناهما وهو الطيب، فيحرم على الرجل والمرأة جميعًا في الأحرام جميع أنواع الطيب، والمراد مايقصد به التطيب (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم ابن القاسم ثنا ليث حدثني نافع عن عبد الله أنه قال قام رجل فقال يا رسول الله ماذا تأمرنا أن نلبس من الثياب في الأحرام؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا القمص فذكر نحو ما تقدم في الطريق الأولاوزاد فيه ولا تنتقب المرأة الخ (3) معناه أن المرأة التي أحرمت بحج أو عمرة لا يجوز لها ستر وجهها بنقاب أو نحوه مما يستر الوجه، لأنه ليس بعورة، والنقاب غطاء للوجه فيه نقبان على العينين تنظر المرأة منهما، وقال الحافظ النقاب الخمار الذي يشد على الأنف أو تحت المحاجر اهـ (وقوله ولا تلبس القفازين) بضم القاف وتشديد الفا وبعد الألف زاي، ما تلبس المرأة في يديها فيغطي أصابعها وكفها عند معانات الشيء كغزل ونحوه، أو للوقاية من البرد ونحوه، وهو لليد كالخف للرجل (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم -الحديث" (5) يعني إلا أن يضطر للبسه لعدم وجود النقل، فإن اضطر لذلك فلقطعه من عند الكعبين أي أسفل منهما (6) قال ابن العربي ليس الورس من الطيب ولكنه نبه به على اجتناب الطيب ومايشبهه في ملائمة الشم فيؤخذ منه تحريم أنواع

-[جواز لبس المحرم ما صبغ من الثياب بالورس والزعفران بعد غسله عند الجمهور]- غسلًا (وعنه من طريقٍ رابعٍ) قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يقول على هذا المنبر وهو ينهى النَّاس إذا أحرموا عمَّا يكره لهم لا تلبسوا العمائم فذكر نحوه (161) عن عطاءٍ أنَّه كان لا يرى بأسًا أن يحرم الرَّجل في ثوب مصبوغ بزعفران قد غسل ليس فيه نفض ولا ردع

_ الطيب على المحرم وهو مجمع عليه فيما يقصد به التطيب (وقوله ألا أن يكون غسيلا) أي مغسوًلا ذهبت رائحته بالغسل فيجوز عند الجمهور خلافًا للأمام مالك (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا محمد يعني ابن اسحاق عن نافع عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على هذا المنبر وهو ينهي الناس إذا أحرموا عما يكره لهم لا تلبسوا العمائم ولا القمص ولا السراويلات ولا البرانس ولا الخفين إلا أن يضطر مضطر إليهما فيقطعهما أسفل من الكعبين ولا ثوبا مسه الورس ولا الزعفران؛ قال وسمعته ينهي النساء عن القفاز والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب (وقوله على هذا المنبر) يعني منير مسجد المدينة، ويؤيده رواية الدار قطنى أن رجًلا نادى في المسجد ماذا يترك المحرم من الثياب (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (ق. والربعة، وغيرهم) واخرج الطريق الثانية منه (خ. نس. مذ) واخرج الطريق الثالثة منه (ق. والأربعة) بدون قوله إلا أن يكون غسيلا، وقد أخرجه بهذه الزيادة يحيى بن عبد الحمد الحماني في مسنده عن أبي معاوية عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر كما هنا، وروى الطحاوى عن أحمد بن أبي عمران إن يحيى بن معين أنكره على الحماني فقال له عبد الرحمن بن صالح الأزدي قد كتبته عن أبي معاوية وقام في الحال فأخرج له أصله فكتبه عنه يحيى بن معين اهـ (قال الحافظ) وهي زيادة شاذة لأن ابا معاوية وإن كان متقنا لكن في حديثه عن غير الأعمش مقال، قال أحمد أبو معاوية مضطرب الحديث في عبيد الله ولم يجاء بهذه الزيادة غيره اهـ، وأخرج الطريق الرابعة منه البخارى والثلاثة. (161) عن عطاء (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا الحجاج عن عطاء -الحديث" (غريبه) (2) الردع بلاعين المهملة أثر الطيب الذي له جرم يظهر في البدن والثوب، يقال ردع به الطيب إذا لزق بجلده (والنفض) ذهاب لون الصبغ مع بقاء أثره، والمعنى أنه يجوز للمحرم أن يلبس ثوبًا مصبوغًا بزعفران قد انقطع

-[جواز لبس المحرم الخفين مع قطعهما أسفل من الكعبين إذا لم يجد النعلين]- (162) عن عكرمة عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مثله (163) عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النَّبىِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال إذا لم يجد المحرم النَّعلين فليلبس الخفَّين وليقطعهما أسفل من الكعبين (164) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال خطب رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وقال إذا لم يجد المحرم إزارًا فليلبس السراويل، وإذا لم يجد النَّعلين فليلبس الخفَّين (165) وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما عن النَّبىِّ صلَّى الله عليه وسلَّم مثله

_ ريحه ولا ينفض صبغه على البدن بسبب الغسل ونحوه ويغتفر اثر الصبغ لعسر زواله (تخريجه) هذا الأثر موقوف على عطاء، وفي إسناده الحجاج بن أوطأة فيه كلام؛ وقد جاء مرفوعًا من حديث ابن عباس الآني بعده. (162) عن عكرمة عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا الحجاج عن الحسين بن عبد الله عن عبيد الله عن عكرمة -الحديث" (غريبه) (1) هكذا جاء الحديث في المسند عقب أثر عطاء بعد ذكر السند" عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله بهذا اللفظ" (وقوله مثله) يعني مثل أثر عطاء المتقدم ولم يذكر لفظه (تخريجه) أورده الهيثمي، ولفظه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال" لا بأس أن يحرم الرجل في ثوب مصبوغ بزعفران قد غسل فليس له نفض ولا ردع" ثم قال رواه أبو يعلى والبزار وفيه حسين بن عبد الله بن عبيد الله وهو ضعيف (163) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثناهشيم أنا ابن عون عن نافع عن ابن عمر -الحديث" (تخريجه) (نس. الجهة المدعية) وسنده جيد (164) عن ابن بعاس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنبأنا عمرو بن دينار عن جابر بن زيد عن ابن عباس -الحديث" (غريبه) (2) في رواية لمسلم من طريق شعبة عن عمرو بن دينار بهذا الأسناد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات فذكر هذا الحديث (تخريجه) (ق. وغيرهما) (165) وعن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم وابو النضر ثنا زهير عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله

-[الرخصة للمرأة المحرمة في لبس الخفين مع عدم قطعهما إذا لم تجد النعلين]- (166) عن محمَّد بن إسحاق قال حدَّثنى نافع وكانت امرأته أمَّ ولد لعبد الله بن عمر حدَّثته أنَّ عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ابتاع جاريةً بطريق مكَّة فأعتقها وأمرها أن تحجَّ معه فابتغى لها نعلين فلم يجدهما فقطع لها خفَّين من الكعبين، قال ابن إسحاق فذكرت ذلك لابن شهاب فقال حدَّثنى سالم أنَّ عبد الله كان يصنع ذلك، ثمَّ حدَّثته صفيَّة بنت أبى عبيد أنَّ عائشة حدَّثتها أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم كان يرخِّص للنِّساء في الخفَّين ثمًَّ تركه (167) عن نافع قال وجد ابن عمر القرَّ وهو محرم فقال ألق علىَّ ثوبًا، فألقيت عليه برنسًا فأخَّره، وقال تلقى علىَّ ثوبًا قد نهى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أن يلبسه المحرم

_ صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم من لم يجد نعلين فليلبس خفين ومن لم يجد إزارا فليلبس سراويل (تخريجه) (م. وغيره) (166) عن محمد بن اسحاق (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن ابى عدى عن محمد بن اسحاق -الحديث" (غريبه) (1) يعني امرأة نافع (2) يعني ابن عمر رضي الله عنهما (كان يصنع ذلك) أي كان يقطع الخف ويفتى بجوار لبسه للمحرم إ ذا لم يجد نعلا سواء أكان المحرم رجًلا أم امرأة ن فلما بلغه حديث عائشة أن رسول اله صلى الله عليه وسلم رخص فيه للنساء افتى بجواز لبسه للنساء بدونق طع ورجع عن رأيه الأول، وهذا معنى قوله "ثم تركه" أي ترك القطع والأفتاء به للنساء (تخريجه) (د. هق) وسنده جيد (167) عن نافع (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا جريج ابن حازم ثنا نافع قال وجد ابن عمر القر وهو محرم-الحديث" (غريبه) (3) بضم القاف أي البرد، يقال قر اليوم قرا بالفتح برد، والأسم القر بالضم فهو قر بالفتح تسمية بالمصدر، ونار على الأصل أي بارد، وليلة فرة وقارة (تخريجه) (خ. د. هق) وسنده جيد

-[قصة الرجل الذي أحرم في جبة متضمخا بطيب]- (168) عن عطاء أنَّ صفوان بن يعلى بن أميَّة أخبره أنَّ يعلى كان يقول لعمر بن الخطَّاب رضى الله عنه ليتنى أرى النَّبىَّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين ينزل عليه قال فلمَّا كان بالجعرانة وعلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ثوب قد أظلَّ به، معه ناس من أصحابه، منهم عمر إذ جاءه رجل عليه جبة متضمِّخًا بطيب (وفى لفظ وهو متضمِّخ بخلوق وعليه مقطَّعات) قال فقال يا رسول الله كيف ترى في رجلٍ أحرم بعمرةٍ في جبَّةٍ بعد ما تضمَّخ بطيبٍ فنظر النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم ساعةً ثمَّ

_ (168) عن عطاء (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال أخبرني عطاء أن صفوان بن يعلى -الحديث" (غريبه) (1) هو ابن أمية التميمي وهو المعروف بابن منية بضم الميم وسكون النون وفتح التحتانية وهي أمه. وقبل جدته. وهو والد صفوان الذي روى عنه، قال الحافظ وقد جاء هذا الحديث من وجه آخر عند الشيخين عن صفوان بن يعلى عن أبيه فذكر الحديث (2) يعني الوحى (وقوله فلما كان) أي النبي صلى الله عليه وسلم وبعض أصحابه معتمرين سنة ثمان في ذي القعدة بعد فتح مكة بالعمرة المسماة بعمرة (الجعرانة) وهو اسم مكان بين الطائف ومكة وهو إلى مكة اقرب وفي ضبطه لغتان مشهورتان (قال النووى) إحداهما إسكان العين "يعني بعد الجيم المكسورة" وتخفيف الراء، والثانية كسر العين وتشديد الراء الأولى أفصح، وبهما قال الشافعي وأكثر أهل اللغة، قال هكذا اللغتان في تخفيف الحديبية وتشديدها، والأفصح التخفيف، وبه قال الشافعي وموافقوه اهـ (3) في الطريق الثانية جاء أعرابي وكذلك جاء بالروايتين عند البخاري، قال الحافظ لم أقف على اسمه (قلت) روى الطحاوي بسنده عن قتاده عهن عطاء بن أبي رباح أن رجًلا يقال له يعلى بن امية أحرم وعليه جبة، فأمره النبي صلى الله عليه وسلم بنزعها، قال قتادة قلت لعطاء إنما كنا نرى أن نشقها، فقال عطاء إن الله لا يحب الفساد، فإن صح الحديث فيكون هو يعلى بن أمية صاحب القصة وأبهم اسمه كما يحصل كثيرًا من بعض الرواة لغرض ما والله أعلم (4) بالضاد والخاء المعجمتين أي متلوثا به مكثرا منه، وفي اللفظ الآخر "وهو متضمخ بخلوق" الخلوق بفتح الخاء هو نوع من الطيب يجعل فيه زعفران (وعليه مقطعات) بفتح الطاء المشددة وهي الثياب المخيطة وفسره في

-[الدليل على عدم جواز لبس المخيط والطيب للمحرم]- سكت فجاءه الوحي، فأشار عمر إلى يعلى أن تعال فجاء يعلى فأدخل رأسه (وفى لفظٍ قال فأدخلت رأسي معهم في السِّتر) فإذا النَّبىَّ صلَّى الله عليه وسلَّم محمر الوجه يغطُّ كذلك ساعةً ثمَّ سرِّى عنه، فقال أين الَّذى سألنى عن العمرة آنفًا؟ فالتمس الرَّجل فأتى به، فقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أمَّا الطِّيب الَّذى بك فاغسله ثلاث مرَّات وأمَّا الجبة فانزعها ثمَّ اصنع فى عمرتك كما تصنع فى حجَّتك (ومن طريقٍ ثانٍ) عن عطاءٍ عن يعلى بن أميَّة قال جاء أعرابى إلى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وعليه جبَّة وعليه ردع

_ رواية مسلم بقوله " يعني جبة" (1) إنما سكت صلى الله عليه وسلم عن الجواب لانتظار الوحي (2) أشار عمر رضي الله عنه ليعلى بالمجاء ليبلغ أمنيته وهي رية النبي صلى الله عليه وسلم عند مجاء الوحي (3) أي تحت الثوب الذي يحول بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من أصحابه رضي الله عنهم (4) بكسر الغين المعجمة، الغطيط هو كصوت النائم الذي يردده مع نفسه، وسبب ذلك شدة الوحي وهو له، قال تعالى {إنا سنلقى عليك قوًلا ثقيًلا} وقوله (سرى عنه) هو بضم السين المهملة وكسر الراء المشددة أي أزيل ما به وكشف عنه (5) قال النووي إنما أمر بالثلاث مبالغة في إزالة لونه وريحه والواجب الازالة فإن حصلت بمرة كفت ولم تجب الزيادة، ولعل الطيب الذي كان على هذا الرجل كثير، ويؤيده قوله متضمخ (قال القاضي) ويحتمل أنه قال له ثلاث مرات أغسله فكرر القول ثلاثًا، والصواب ما سبق والله أعلم اهـ (قلت) والظاهر أنه كان على بدنه منه شيء وإلا لاكتفى بأمره بنزع الجبة والله أعلم (وقوله وأما الجبة فانزعها) استدل به الجمهور على أن المحرم إذا صار عليه مخيط ينزعه ولا يلزمه شقه، وقال الشعبي والنخعي لا يجوز نزعه لئلا يصير مغطيا رأسه بل يلزمه شقه (قال النووي) وهذا مذهب ضعيف وقال في قوله "ثمن اصنع في عمرتك ما أنت صانع في حجتك) معناه من اجتناب المحرمات، ويحتمل أنه صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم مع ذلك الطواف والسعي والحلق بصفاتها وهيئاتها وإظهار التلبية وغير ذلك مما يشترك فيه الحج والعمرة ولا يخص من عمومه مالا يدخل في العمرة من أفعال الحج كالوقوف والرمي والمبيت بمنى ومزدلفة وغير ذلك (6) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم ثنا منصور وعبد الملك عن عطاء عن يعلى بن أمية قال جاء أعرابي-الحديث" (7) أي لطخ لم يعمه كله

-[عدم جواز الطيب وتغطية الرأس للمحرم - وفضل من مات محرما بالحج]- من زعفران، فقال يا رسول الله إنِّى أحرمت فيما تري والنَّاس يسخرون منِّى وأطرق هنيهةًَ، قال ثمَّ دعاه فقال اخلع عنك هذه الجبة واغسل عنك هذا الزَّعفران واصنع في عمرتك كما تصنع فى حجَّتك (169) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّ رجلًا كان مع النَّبىَّ صلَّى الله عليه وسلَّم فوقصته ناقته وهو محرم فمات؛ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم اغسلوه بماءٍ وسدر وكفِّنوه فى ثوبيه ولا تمسُّوه بطيب ولا تخمِّروا رأسه فإنَّه يبعث يوم القيامة ملبِّيا (170) عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله

_ (1) إنما سخروا منه لجهله بالأحكام لكونه لا بسًا مخيطًا ومتلطخًا بزعفران وكلاهما منهى عنه (تخريجه) (ق. لك. د. نس. وغيرهم) (169) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنبأنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس -الحديث" (غريبه) (2) قال الحافظ لم أقف في شيء من الطرق على تسمية المحرم المذكور (3) بفتح الواو بعدها قاف ثم صاد مهملة من باب وعد أي رمت به فدقت عنقه، وفي القاموس الوقص الكسر (4) فيه أنه يكفن المحرم في ثيابه التي مات فيهان وقيل أنما اقتصار على تكفينه في ثوبيه لكونه مات فيهما وهو متلبس بتلك العبادة الفاضلة، ويحتمل أنه لم يجد غيرهما (وقوله ولا تمسوه بطيب) بضم التاء من قوله تمسوه وكسر الميم، من أمسّ، قاله الحافظ، أي لا تضعوا طيبًا على جسمه ولا في كفنه كما يفعل لغير المحرم (ولاتخمروا رأسه) أي لا تغطوه لأن المحرم ممنوع من ذلك، ففيه دلالة على بقاء حكم الأحرام، واصرح من ذلك التعليل بقوله فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا، أي يقول لبيك اللهم لبيك كما يقول الحاج، وفي بعض الروايات فإنه يبعث يوم القيامة محرمًا، أي على حالته التي مات عليها ومعه علامة لحجه، وهي دلالة الفضيلة كما يجاء الشهيد يوم القيامة وأوداجه دما (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (170) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا حماد بن سلمة عن فرقد السبخى عن سعيد بن جبير عن ابن عمر - الحديث"

-[جواز ادهان المحرم بالزيت غير المطيب عند الأحرام وزوائد الباب]- وصحبه وسلَّم كان يدَّهن عند الإحرام بالزَّيت غير المقتَّت

_ (غريبه) (1) أي المطيب، قال ف يالقاموس زيت مقتت طبخ فيه الرياحين أو خلط بأدهان طيبة اهـ، ففيه دلالة على جواز الأدهان بالزيت الذي لم يخلط بشيء من الطيب ويستدل بمفهومه على أنه لو كان مطيبا لم يجز الأدهان به، لكن الحديث ضعيف، وقد ثبت الأدهان والترحيل من حديث ابن عباس عند البخاري قال انطلق النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة بعدما ترجل وادّهن -الحديث (تخريجه) (جه. هق. مذ) وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث فرقد السبخي عن سعيد بن جبير، وقد تكلم يحيى ابن سعيد في فرقد السبخي وروى عنه الناس اهـ (قلت) قال الحافظ في التقريب فرقد ابن يعقوب السبخي بفتح المهملة والموحدة وبخاء معجمة أبو يعقوب البصري صدوق عابد لكنه لين الحديث كثير الخطأ اهـ (زوائد الباب) (عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفران من الثياب ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من الوان الثياب مصفرًا أو خزا أو حليًا أو سراويل أو قميصًا أو خفًا (د. هق) قال أبو داود روى هذا عن ابن اسحاق عبدة ومحمد بن سلمة عن محمد بن اسحاق إلى قوله " وما مس الورس والزعفران من الثياب لم يذكرا مابعده اهـ (قلت) وكذلك رواه الأمام أحمد بدون الزيادة وتقدم (وعن صفية بنت شيبة) قالت كنت عند عائشة إذ جاءتها امرأة من نساء بني عبد الدار يقال لها تملك فقالت لها يا أم المؤمنين إن ابني فلانة حلفت أن لا تلبس حليها في الموسم فقالت عائشة قولي لها أن أم المؤمنين تقسم عليك إلا لبست حليك كله (وعن ابن باباه المكي) أن امرأته سالت عائشة ما تلبس المرأة في إحرامها؟ قال فقالت عائشة تلبس من خزها وبزها واصباغها وحليها، رواهما البيهقى (وروى البيهقى أيضًا) قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن القاضي ثنا أبو العباس الأصم أنبأنا الربيع بن سليمان أنبأ الشافعي أنبأ سعيد هو ابن سالم عن ابن جريج عن هشام بن حجير عن طاوس قال رأيت ابن عمر سعى بالبيت وقد حزم على بطعنه بثوب، قال وأخبرنا سعيد عن اسماعيل بن أمية أن نافعا أخبره أن ابن عمر لم يكن عقد الثوب عليه نما غرز طرفه على إزاره " وبهذا الأسناد" أنبأنا الشافعي أنبأ سعيد عن مسلم بن جندب قال جاء رجل يسأل ابن عمر وأنا معه فقال أخالف بين طرفي ثوبي من ورائي ثم اعقده وأنا محرم فقال عبد الله بن عمر لا تعقد "وبهذا الأسناد" أنبأ الشافعي أنبأ سعيد بن سالم عن ابن جريج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجًلا محزمًا بحبل أبرق

-[زوائد الباب فيما يجتنبه المحرم وما يجوز له]- .....

_ فقال انزع الحبل مرتين هذا منقطع (ورواه أيضًا) ابن أبي ذئب عن صالح بن حسان وهو أيضًا منقطع إلا أن أحدهما يتأكد بالآخر، ثم بما مضى من أثر ابن عمر، ثم بأنه إذا عقد صار في معنى المخيط اهـ ماذكره البيهقي (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس على المرأة حرم إلا في وجهها (طب. طس) وفيه أيوب بن محمد اليمامي وهو ضعيف (وعنه ايضًا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنتقب المرأة المحرمة ولا تلبس القفازين ولا البرقع، فإن أرادت أن تحرم وهي حائض فلتحرم ولتقف المواقف إلا الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة (قال الهيثمي) في الصحيح بعضه (طس) وفيه عمر بن صهبان وهو متروك (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال كان أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يختضبن بالحناء وهن محرمات ويلبسن المعصفر وهن محرمات (طب) وفيه يعقوب بن عطاء وثقه ابن حبان وضعفه جماعة (وعن أسماء بنت أبي بكر) رضي الله عنها أن نساء النبي صلى الله عليه وسلم كن يلبسن الدروع المعصفرات وهن محرمات (طب) قال الهيثمي وفيه جماعة لم أعرفهم (وعن عروة بن الزبير عن أمه أسماء بنت أبي بكر) رضي الله عنهما أنها كانت تلبس الثياب المعصفرات المشبعات وهي محرمة ليس فيها زعفران (لك. هق) وقوله المشبعات أي التي لا ينفض صبغها كما فسره ابن حبيب عن مالك، فإذا نفض كره للرجال والنساء لأن ماينفض منه يشبه الطيب (وعن القاسم بن محمد) قال كانت عائشة تلبس الثياب المعصفرة وهي محرمة (ص) بأسناد صحيح (وعن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما أنه سمعه يقول لا تلبس المرأة ثياب الطيب وتلبس القياب المعصفرة لا ارى العصفر طيبًا (هق) (وعن نافع) أن نساء ابن عمر كن يلبسن المعصفرات وهن محرمات (هق) (وعن على ابن حوشب) قال سمعت مكحوًلا يقول جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بثوب مشبع بعصفر، فقالت يارسول الله إني اريد الحج فأحرم في هذا؟ قال لك غيره؟ قال لا، قال فاحرمي فيه (هق) (وعن نافع) أنه سمع اسيلم مولى عمر بن الخطاب يحدث عبد الله بن عمر أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه رأى على طلحة بن عبيد الله ثوبًا مصبوغًا وهو محرم؛ فقال عمر ما هذا الثوب المصبوغ يا طلحة؟ فقال طلحة يا أمير المؤمنين إنما هو مدر (بميم ودال مهملة أي مغرة) فقال عمر إنكم أيها الرهط أئمة يقتدى بكم الناس، فلو أن رجًلا جاهًلا رأى هذا الثوب لقال أن طلحة بن عبيد الله كان يلبس الثياب المصبغة في الأحرام، فلا تلبسوا ايها الرهط شيئًا من هذه الثياب المصبغة (لك. هق) الصبغ بالمغرة وهي الطين الأحمر لا شيء فيه، وإنما كرهه عمر رضي الله عنه لئلا يراه من لا يعرف ذلك فيفه أنه ورس أو زعفران وكلاهما محظور (وعن جبير بن نفير الحضرمى) قال أني لجالس مع عبد الله

-[مذاهب العلماء في لبس الخف والسراويل للمحرم إذا لم يجد إزاراً ولا نعلين]- .....

_ ابن عمرو بن العاص رضي الله عنهما ببيت المقدس أو في المسجد إذ طلع رجل عليه، معصفرة ثيابه، فقال عبد الله بن عمرو أحرمت في مثل هذا الثوب فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاني عن لبسه، ثم رجعت إلى البيت فصنعت به صنيعًا ولوددت أني صنعت غيرهن قال قلت ما الذي صنعت، قال أوقدت لم تنورًا ثم طرحته فيه، ورواه عمرو بن شعيب عن أبيه ع جده فأخبر أنه لا بأس بذلك للنساء (هق) (وعن أبي الزبير) أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يسال عن الريحان يشمه المحرم والطيب والدهن فقال لا (وعن نافع) عن ابن عمر أنه كان يكره شم الريحان للمحرم (وعن عكرمة) عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه كان لا يرى باسًا للمحرم يشم الريحان، روى هذه الآثار الثلاثة للبيهقى (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة مسائل (منها) الأمور الستة التي يجتنبها المحرم وقد جاءت مبينة في حديث ابن عمر المذكور أول الباب وهي القميص والعمامة والبرنس والسراويل والخف والثوب الذي مسه الورس أو الزعفران، وهذا المنع مختص بالرجل فلا يلحق به المرأة (قال ابن المنذر) أجمعوا على أن للمرأة لبس جميع ذلك، وإنما تشترك مع الرجل في منع الثوب الذي مسه الزعفران أو الورس (وقال القاضي عياض) رحمه الله أجمع المسلمون على أن ماذكر في هذا الحديث لا يلبسه المحرم، وقد نبه بالقميص على كل مخيط، والعمامة والبرنس على غيره، وبالخفاف على كل سائر اهـ (واختلفوا فيمن لم يجد ازارًا ولا نعلين) (فذهب الأمام أحمد) إلى انه يلبس الخف والسراويل على حالهما والفدية عليه عمًلا بحديثي جابر وابن عباس المذكورين في الباب بلفظ (إذا لم يجد المحرم ازارًا فليلبس السراويل، وإذا لم يجد النعلين فليلبس الخفين (وذهب الجمهور) إلى قطع الخف وفتق السراويل لمن لم يجد الأزار والنعلين، ويلزمه الفدية عندهم إذا لبس شيئًا منهما على حالخه لقوله في حديث ابن عمر المتقدم في أحاديث الباب (فليقطعهما) فيحمل المطلق على المقيد ويلحق النظير بالنظير (وقالت الحنفية) يلزم الفدية في لبس الخف لعدم وجود النعل ولو قطعه (قال ابن قدامة) الأولى قطع الخفين عمًلا بالحديث الصحيح وخروجا من الخلاف 0 قال الحافظ) (والأصح عند الشافعية) والأكثر جواز لبس السراويل بغير فتق كقول أحمد، واشترط الفتق محمد بن الحسن وإمام الحرمين وطائفة وذهب الأمامان (أبو حنيفة ومالك) إلى منع السراويل للمحرم مطلقًا، والحديثان المذكوران يردان عليهما، ومن أجاز ليس السراويل على حاله قيده بأن لا يكون على حالة لو فتقه لكان ازارًا، لأنه في تلك الحال يكون واحدًا للأزار كما قال الحافظ، وقد أجاب الحنابلة على الحديث الذي احتج به الجمهور على وجوب القطع بأجوبة (منها) دعوى النسخ لأن حديث ابن عمر كان بالمدينة قبل الإحرام، وحديث

-[كلام العلماء في الجمع بين حديثى ابن عمر وابن عباس في قطع الخف وعدمه الخ]- .....

_ ابن عباس كان بعرفات كما حكى ذلك الدار قطنى عن أبي بكر النيسابوري (وأجاب) الأمام الشافعي في الأم عن هذا فقال كلاهما صادق حافظ، وزيادة ابن عمر لا تخالف ابن عباس لاحتمال أن تكون عزبت عنه. أو شك فيها، أو قالها فلم ينقلها عنه بعض روائه اهـ (وسلك بعضهم) طريقة الترجيح بين الحديثين. قال ابن الجوزى حديث ابن عمر اختلف في وقفه ورفعه وحديث ابن عباس لم يختلف في رفعه؛ وردّ بأنه لم يختلف على ابن عمر ف رفع الأمر بالقطع إلا في رواية شاذة، وعورض بأنه اختلف في حديث ابن عباس فرواهابن أبي شيبة بأسناد صحيح عن سعيد بن جبير عن ابن عباس موقوفًا (قال الحافظ) ولا يرتاب أحد من المحدثين أن حديث ابن عمر أصح من حديث ابن بعاس، لأن حديث ابن عمر جاء بأسناد وصف بكونه أصح الأسانيد، واتفق عليه عن ابن عمر غير واحد من الحفاظ، ومنهم نفع وسالم بخلاف حديث ابن عباس فلم يأت مرفوعًا إلا من رواية جابر بن زيد عنه حتى قال الأصيل إنه شيخ مصري لا يعرف كذا قال، وهو شيخ معروف موصوف بالفقه عند الأئمة، (واستدل بعضهم) بقياس الخف على السراويل في ترك القطع، ورد بأنه مصادم للنص فهو فاسد الاعتبار (واحتج بعضهم) بقول عطاء إن القطع فساد والله لا يحب الفساد، وردّ بأن الفساد إنما يكون فيما نهى عنه الشارع لا فيما أذن فيه بل أوجبه (وقال ابن الجوزي) يحمل الأمر بالقطع على الإباحة لا عل الاشتراط عمًلا بالحديثين، ولا يخفى تكلفه، أفاد الحافظ (قال الشوكاني) والحق أنه لا تعارض بين مطل ومقيد لأمكان الجمع بينهما بحمل المطلق على المقيد والجمع ما أمكن هو الواجب فلا يصار إلى الترجيح، ولو جاز المصير إلى الترجيح لأمكن ترجيح المطلق بأنه ثابت من حديث ابن عباس وجابر كما في الباب ورواية اثنين أرجح من رواية واحد اهـ (واعلم أن جميع ما تقدم) في الطريق الأولى من حديث ابن عمر بخصوص الملابس نما هو في حق الرحال، أما المرأة فلها لبس المخيط وستر الرأس، ولفظ الحديث غير متناول لها، فإن لفظ المحرم موضوع للرجل وإنما يقال للمرأة محرمة، وهذا على ما تقرر في الأصول أن لفظ المذكور لا يتناول الأناث خلافًا للحنابلة، ولم يخالف الحنابلة في هذا الفرع لورود مايدل على اختصاص هذا الحكم بالرجال وهو قوله في الطريق الثانية منه "ولا تنتقب المرأة الحرام ولا تلبس القفازين" وهو في صحيح البخارى وغيره كما تقدم 0 قال ابن المنذر) أجمع أهل العلم على أن للمرأة المحرمة لبس القميص والدرع والسراويلات والخمر والخفاف اهـ فدل النهي عن الانتقاب على تحريم ستر الوجه بما يلاقيه ويمسه دون ما إذا كان متجافيًا عنه (وهذا قول الأمة الأربعة) وبه قال الجمهور، وقال ابن المنذر ولا نعلم أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص فيه يعني النقاب، ثم قال وكانت أسماء

-[مذاهب العلماء في لبس النقاب والقفازين للمرأة المحرمة]- .....

_ بنت أبي بكر تغطى وجهها وهي محرمة، وروينا عن عائشة أنها قالت المحرمة تغطي وجهها إن شاءت (وقال ابن عبد البر) وعلى كراهة النقاب للمرأة جمهور علماء المسلمين من الصحابة والتابعين ومن بعدهم من فقهاء الأمصار أجمعين إلا شيء روى عن أسماء بنت أبي بكر أنها كانت تغطي وجهها وهي محرمة، وعن عائشة أنها قالت تغطي المرأة وجهها إن شاءت (أي لحاجة) وروى عنهما أنها لا تفعل، وعليه الناس اهـ (وأما ليس المرأة القفازين) فمختلف فيه (ذهب الأمامان مالك وأحمد) إلى منعه وهو أصح القولين (عن الشافعي) وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر وعطاء ونافع وابراهيم النخعي، وقال ابن المنذر اتقاؤه أحب إلى للحديث الذي جاء فيه (وقال ابن عبد البر) الصواب عندي نهى المرأة عنه ووجوب الفدية عليها به لثبوته عن النبي صلى الله عليه وسلم (وذهب آخرون) إلى جوازه، وحكاه ابن المنذر عن سعد ابن أبي وقاس وعائشة وعطاء والثوري ومحمد بن الحسن وحكاه النووي وغيره (عن أبي حنيفة) قال ابن البر يشيه أن يكون مذهب ابن عمر، لأنه كان يقول إحرام المرأة في وجهها اهـ. وهو رواية المزني عن الشافعي، وصححه الغزالي والبغوى (قال الرافعي) لكن أكثر النقلة على ترجيح الأول (وحكى الخطابي) عن أكثر أهل العلم أنه لا فدية عليها إذا لبست القفازين وهو قول عند المالكية (وأما ستر المرأة يديها) بغير مخيط كما لو اختضبت فألقت على يديها خرقة فوق الخضاب أو ألقتها بلا خضابن فالمشهور من مذهب الشافعي رحمه الله جوازه، وبعضهم أجرى فيه القولين في القفازين؛ وقال الشيخ أبو حامد إن لم تشد الخرقة جاز، وإلا فالقولان (فعلى المشهور) يكون عليه الصلاة والسلام نبه بالقفازين على مافي معناهما من المخيط أو المحيط (وعلى الثاني) يكون نبه بتا على مطلق الساتر والله أعلم (ومن مسائل الباب أيضًا) أن المراد باللبس المنهي عنه اللبس المعتاد فلو ارتدى القميص ونحوه لم يمنع منه فإنه لا يعد لابسًا له في العرف " فإن قلت كيف ذلك" وقد ثبت في أحاديث الباب عن نافع قال وجد ابن عمر القر وهو محرم فقال الق على ثوبًا فألقيت عليه برنسًا فأخره وقال تلقى على ثوبًا قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يلبسه المحرم رواه أيضًا البخاري وأبو داود والبيهقى (فالجواب) ماقاله ابن عبد البر، وهو أن هذا من ورعه وتوقيه كره أن يلقى عليه البرنس، وسائر أهل العلم إنما يكرهون الدخول فيه ولكنه رضي الله عنه استعمل العموم في اللباس لأن التغطية والامتهان قد يسمى لباسًا، الم تسمع إلى قول أنس فقمت إلى حصير لنا قد أسود من طول ما لبس اهـ وهو يقتضي إن ابن عمر إنما فعل ذلك احتياطًا لا اعتقادًا للوجوب (قال العراقي) حمه الله في شرح الترمذي كان مفرجا كالقباء بحيث لو قام عدّ لابسًاً له، فإن بعض البرانس كذلك، وقد حكى

-[محرمات الإحرام سبعة وكلام العلماء في استدامة الطيب والمزعفر إذا غسل]- .....

_ الرافعي عن إمام الحرمين فيما لو ألقى على نفسه قباء أو فرجية وهو مضطجع أنه إن اخذ من بدنه ما إذا قام عُد لابسه فعليه الفدية، وإن كان بحيث لو قام أو قعد لم يستمسك عليه إلا بمزيد أمر فلا اهـ (وفي أحاديث الباب أيضًا) دلالة على أنه يجوز للمحرم رجًلا كان أو امرأة لبس الثوب الذي صبغ بزعفران أو ورس بعد غسله وانقطاع ريحه (قال ابن المنذر) اختلفوا في لبس الثوب الذي مسه زعفران أو ورس فغسل، وذهب ريحه ونفضه، فمن رخص فيه سعيد بن المسيب والحسن والمخعى، وروى عن عطاء وطاوس ومجاهد، وبه (قال الشافعي"قلت" والأمام أحمد) وأبو ثور وأصحاب الرأي وكان مالك يكره ذلك إلا أن يكون غسل وذهب لونه اهـ (قلت) وهذا يقتضي أنه لا يجوز الأحرام في ثوب مسه الورس أو الزعفران قبل غسله (قال النووى) رحمه الله أجمعت الأمة على تحريم لباسهما "يعني ما مسه الورس أو الزعفران" لكونهما طيبًا، والحقوا بهما جميع أنواع مايقصد به الطيب، قال وأما الفواكه كالأترج والتفاح وأزهار البراري كالشيح والقيصوم ونحوهما فليس بحرام لأنه لا يقصد به الطيب، قال وسبب تحريم الطيب أنه داعية إلى الجماع لأنه ينافي تذلل الحاج فإن الحاج أشعث أغبر وسواء في تحريم الطيب الرجل والمرأة، وكذا جميع محرمات الأحرام سوى اللباس كما سبق بيانه (قال ومحرمات الأحرام سبعة) اللباس بتفصيله السابق، والطيب، وإزالة الشعر. والظفر. والسابع اتلاف الصيد والله أعلم، وإذا تطيب أو لبس ما نهى عنه لزمته الفدية إن كان عامدا بالأجماع، وإنكان ناسيًا فلا فدية عند الثورى والشافعى وأحمد واسحاق وأوجبها (أبو حنيفة ومالك) اهـ ج وقد استدل بحديث يعلى ابن امية) المذكور في الباب على منع استدامة الطيب بعد الأحرام لأنه صلى الله عليه وسلم أمر بغسل اثره من الثوب والبدن وهو قول (الأمام مالك ومحمد بن الحسن) وأجاب الجمهور عنه بأن قصى يعلى كانت بالجعرانة وهي في سنة ثمان بلا خلاف، وقد ثبت عن عائشة أنها طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها عند احرامهما، وكان ذلك في حجة الوداع وهي سنة عشر بلا خلاف وإنما يؤخذ بالأمر الآخر فالآخر، ولأن المأمور بغسله في قصة يعلى إنما هو الخلوق لا مطلق الطيب فلعل علة الأمر فيهما خالطه من الزعفران، وقد ثبت النهى عن تزعفر الرجل مطلقًا محرمًا وغير محرم (وفيه) أن العمرة يجرم فيها من الطيب واللباس وغيرهما من المحرمات السبعة السابقة مايحرم في الحج (وفيه) أن من أصابه طيب ناسيًا أو جاهلًا ثم علم وجبت عليه المبادرة إلى أزالته (وفيه) دلالة للأئمة الأربعة والجمهور أن المحرم اذا صار عليه مخيط ينزعه ولا يلزمه شقه، وقال الشعبي والنخعي لا يجوز نزعه لئلا يصير مغطيًا

-[مذاهب العلماء في المعصفر والادهان بالزيت وشم الريحان]- .....

_ رأسه بل يلزمه شقه (قال النووى) وهذا مذهب ضعيف، قال وفي هذا الحديث دليل للقاعدة المشهورة أن القاضي والمفتى إذا لم يعلم حكم المسألة أمسك عن جوابها حتى يعلمه أو يظنه بشرطه (وفيه) أن من الأحكام التي ليست في القرآن ماهو بوحى لا يتلى، وفد يستدل به من يقول من أهل الأصول أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن له الاجتهاد وإنما كان يحكم بوحي ولا دلالة فيه، لأنه يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم لم يظهر له بالاجتهاد حكم ذلك أو أن الوحي بدره قبا تمام الاجتهاد والله أعلم اهـ (قلت وفي حديث ابن عباس وأسماء وعائشة) وابن عمر وغيرهم دلالة على لبس الثوب المعصفر وهو المصبوغ بالعصفر أنه ليس من الطيب (قال ابن قدامة) ولا بأس باستع ماله وشمه ولبس ما صبغ به، وهذا قول جابر وابن عمر وعبد الله ابن جعفر وعقيل بن أبي طالب وهو مذهب (الشافعى يعني والأمام أحمد) قال وعن عائشة وأسماء أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنهن كن يحرمن في المعصفرات (وكرهه مالك) إذا كان ينتفض في بدنه ولم يوجب فيه فدية (ومنع منه الثوري وأبو حنيفة ومحمد بن الحسن) وشبهوه بالمورس والزعفرنه طيب الرائحة فأشبهه ذلك، قال ونا ما روى أبو داود بأسناده عن ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى النساء في إحرامهن عن القفازين والنقاب وما مس الورس والزعفر من الثياب، ولتلبس بعد ذلك ما أحبت من ألوان الثياب من معصفر أو خز أو حلى أو سراويل أو قميص أو خف، ـ وروى الأمام أحمد في المناسك (اسم كتاب للأمام أحمد) بأسناده عن عائشة بنت سعد، قال كن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم تحرم في المعصفرات، ولأنه قول من سمينا من الصحابة، ولم نعرف لهم مخالفًا، ولأنه ليس يطيب فلم يكره ما صبغ به كالسواد والمصبوغ بالمغرة، وأما الورس والزعفران فإنه طيب بخلاف مسألتنا اهـ (وقال النووى) رحمه الله ولا يحرم المعصفر عند مالك والشافعى وحرمه الثوري وأبو حنيفة وجعلاه طيبًا وأوجبا في هـ الفدية، قال ويكره للمحرم لبس الثوب المصبوغ بغير طيب ولا يحرم والله أعلم اهـ (وفي حديث ابن عمر) المذكور آخر أحاديث الباب دلالة على جواز تلأدّهان بالزيت الذي لم يخلط بشيء من الطيب، وقد قال ابن المنذر إنه أجمع العلماء عل أنه يجوز للمحرم أن يأكل الزيت والشحم والسمن والشيرج وأن يستعمل ذلك في جميع بدنه سوى رأسه ولحيته، قال وأجمعوا على أن الطيب لايجوز استعماله في بدنه وفرقوا بين الطيب والزيت في هذا (وقد جاء في شم الريحان) للمحرم آثار عن بعض الصحابة ذكرت في الزوائد (منها عدم الجواز) وهو مروى عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وبه قال الشافعية (ومنها الكراهة) وهو مروى عن ابن عمر رضي الله عنهما، وبه قال المالكية والحنفية (ومنها الأباحة) وهو مروى عن ابن عباس وبه قال

-[كلام العلماء في الحكمة فيما يجتنبه المحرم]- (2) باب ما جاء فى الحجامة والاكتحال وغسل الرأس للمحرم (171) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم احتجم وهو محرم فى رأسه من صداع وجده (172) عن عبد الله بن بحينة رضى الله عنه قال احتجم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بلحى جملٍ من طريق مكَّة على وسط رأسه وهو محرم

_ إسحاق (قال الحافظ) وتوقف الأمام أحمد، قال ومنشأ الخلاف أن كل مايتخذ منه الطيب يحرم بلا خلاف، وأما غيره فلا اهـ (وفي أحاديث الباب أيضًا) فوائد غير ماذكرنا تقدم بعضها في خلال الشرح، ولو استقصينا كل مافيها لطال بنا المقام، ونختم الكلام بما قاله العلماء في حكمه تحريم اللباس والطيب على المحرم (قال العلماء) الحكمة في تحريم اللباس المذكور على المحرم ولباسه الازار والرداء أن يبعد عن الترفه ويتصف بصفة الخاشع الذليل وليتذكر أنه محرم في كل وقت فيكون اقرب إلى كثرة أذكاره وأبلغ في مراقبته وصيانته لعبادته وامتناعه من ارتكاب المحظورات وليتذكر به الموت ولباس الأكفان ويتذكر البعث يوم القيام والناس حفاة عراة مهطعين إلى الداعى، والحكمة في تحريم الطيب واللساء أن يبعد عن الترفه وزينة الدنيا وملاذها، ويجتمع همه لمقاصد الآخرة نسأل الله سبحانه وتعالى التوفيق لذلك آمين. (171) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا هشام عن عكرمة عن ابن عباس -الحديث" (تخريجه) (ق. والثلاثة. وغيرهم) (172) عن عبد الله بن بحينة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سلمة الخزاعى ثنا سليمان بن بلال عن علقمة بن أبي علقمة أنه سمع عبد الرحمن الأعرج أنه سمع عبد الله بن بحينة يقول احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم -الحديث" (غريبه) (1) بفتح اللام وحكى كسرها، وسكون المهملة وفتح الجيم، موضع بطريق مكة كما وقع مبينًا في الحديث وهو إلى المدينة أقرب، وذكر البكرى في معجمه أنه الموضع الذي بقال له بئر جمل، وقاتل غيره هو عقبة الجحفة على سبعة أميال من السقيا، ووهم من ظن أن المراد به لحى الجمل الحيوان المعروف وأنه كان آلة الحجم، وجزم الحازمى وغيره أن ذلك كان في حجة الوداع (2) بفتح المهملة أي متوسط، وهو ما فوق اليافوج فيما بين أعلى القرنين، قال الليث كانت هذه الحجامة في فاس الرأي (تخريجه) (ق. نس. جه)

-[الدليل على جواز الحجامة للمحرم]- (173) عن أنس بن مالكٍ رضى الله عنه أن النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم احتجم وهو محرم على ظهر القدم من وجعٍ كان به (174) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم احتجم وهو محرم من وثئ كان بوركه أو ظهره (175) عن نيه بن وهب قال أرسل عمر بن عبيد الله إلى أبان

_ (173) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة عن أنس- الحديث" (غريبة) (1) ذكر في هذا الحديث أن الحجامة كانت على ظهر القدم، وفي حديثي ابن عباس وابن بحينة أنها كانت في الرأس من صداع وجده، وفي حديث جابر الآتي بعد هذا من وثاء كان بوركه أو ظهره، وهو رضّ العظم بلا كسر، فيحتمل أنه كان به الأمكر أن فاحتجم مرة لوجع الرأس ومرة للوثاء، وأن الحجامة تعددت منه صلى الله عليه وسلم في إحرام حجة الوداع، ويحتمل أنها كانت مررة في عمرة، ومرة في حجة الوداع والله تعالاة أعلم (تخريجه) (د. نس) ولفظ النسائي من وثاءكان به بدل قوله"من وجع كان به" وسنده جيد. (174) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو قطن وروح قالا ثنا هشام، قال روح بن أبي عبد الله عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله -الحديث" (وقوله قال روح بن أبي عبد الله) يعني أن روحا نسب في روايته هشامًا فقال هشام بن أبي عبد الله، وأما أبو قطن فقال ثنا هشام عن أبي الزبير ولم ينسب هشامًا (2) بفتح الواو وسكون المثلثة آخره همزة، وهو وهن في الرجال دون الخلع والكسر يصيب اللحم ولا يسبلغ العظم، أو وجع العظم من غير كسر، يقال وثئت رجله بالبناء للمجهول فهي موثوءة ووثأتها أنا وقد تترك الهمزة (تخريجه) (نس. جه) وسنده جيد، ولفظه عند ابن ماجه عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم عن رهصة أخذته، ومعناه الوهن والشدة. ولفظ النسائي كحديث الباب. (175) عن نبيه بن وهب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن نبيه بن وهي-الحديث" (غريبه) (3) فيه وجهان الصرف وعدمه (قال النووى) والصحيح الأشهر الصرف فمن صرفه. قال وزنه

-[جواز اكتحال المحرم بالصبر ونحوه لحاجة غير زينة]- ابن عثمان رضي الله عنه أيكحل عينيه وهو محرم أو بأيِّ شئٍ يكحلها وهو محرم؟ فأرسل إليه أن يضدمها بالصَّبر فإنِّى سمعت عثمان ابن عفَّان رضى الله عنه يحدِّث ذلك عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (وعنه من طريقٍ ثانٍ) عن أبان بن عثمان أنَّه حدَّث عن عثمان رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم رخَّص أو قال في المحرم إذا اشتكى عينيه أن يضمدها بالصَّبر (176) عن عبد الله بن حنين قال كنت مع ابن عباس والمسور بالأبواء فتحدَّثنا حتَّى ذكرنا غسل المحرم رأسه فقال المسور لا

_ فعال، ومن منعه هو افعل (1) الضماد بالكسر أن يخلط الدواء بمائع ويلين ويوضع على العضو؛ واصل الضمد الشد من باب ضرب، يقال ضمد رأسه وجرحه إذا شده بالضمادة، وهي خرقة يشد بتا العضو الذي به الألم، ثم نقل لوضع الدواء على الجرح وغيره وإن لم يشد (والصبر) بكسر الباء ككتف ويجوز إسكانها، وقيل لا تسكن إلا لضرورة الشعر (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا سفيان عن أيوب بن موسى عن عمرو ابن سعيد عن نبيه بن وهب رجل من الحجبة عن أبان بن عثمان -الحديث" (3) أو للشك من الراوي يعني أن أبان يشك هل قال عثمان إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في المحرم. أو قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في المحرم (تخريجه) (م. هق والثلاثة) زاد أبو داود " وكان أبان أمير الموسم" (176) عن عبد الله بن حنين (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن بكر ثنا ابن جريج وثنا حجاج عن ابن جريج وروح ثنا ابن جريج أخبرني زيد بن أسلم عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين مولى آل عياش وقال روح مولى عباس أنه أخبره عن ابيه عبد الله بن حنين قال كنت مع ابن عباس - الحديث" وقوله في السند "وثنا حجاج عن ابن جريج وروح ثنا ابن جريج" معناه أن الأمام أحمد رحمه الله روى هذا الحديث عن ابن جريج من ثلاث طرق (احداها) عن محمد بن بكر ثنا ابن جريج يعنى بالتحديث (والثانية) عن حجاج عن ابن جريج يعنى بالعنعنة (والثالثة) عن روح ثنا ابن جريج يعنى بالتحديث (غريبه) (4) بفتح الهمزة وسكون الباء والمد. جبل بين مكة والمدينة وعنده بلد تنسب إليه (5) يعني لا غسل المحرم رأسه كما صرح بذلك في الطريق

-[الدليل على جواز غسل المحرم رأسه وبدنه لعذر]- وقال ابن عبَّاس بلى، فأرسلنى ابن عبَّاس إلى أبى أيُّوب (الأنصارىِّ رضى الله عنه) يقرأ عليك ابن أخليك عبد الله بن عبَّاس السَّلام ويسألك كيف كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يغسل رأسه محرمًا، قال فوجده يغتسل بين قرنى بئر قد ستر عليه بثوب فلمَّا استبنت له ضمَّ الثَّوب إلى صدره حتَّى بدا لى وجهه ورأيته وإنسان قائم يصبُّ على رأسه الماء، قال فأشار أبو أيوب بيديه على رأسه جميعا على جميع رأسه فأقبل بهما وأدبر

_ الثانية وفي رواية لمسلم (وقوله وقال ابن عباس بلا) يعني يغسل المحرم رأسه، وقد صرح بذلك أيضًا في الطريق الثانية وعند مسلم كذلك (1) أي وقال لي قل له يقرأ عليك ابن أخيك الخ كما يفهم من السياق (وقوله ابن أخيك) يعني أخوة الأسلام (2) بفتح القاف تثنية قرن وهما الخشبتان القائمتان على رأس البئر وشبههما من البناء، وتمد بينهما خشبة يجر عليها الحبل المستقى به وتعلق عليها البكرة (3) في رواية مسلم فوجدته يغتسل بني القرنين وهو يستتر بثوب، قال فسلمت عليه فقال من هذا؟ فقلت أنا عبد الله بن حنين أرسلني إليك عبد الله بن عباس أسألك كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغل رأسه وهو محرم، فوضع أبو ايوب رضي الله عنه يده على الثب فطأطأه حتى بدل لي رأسه- الحديث (4) أي ظهرت له وعرفني، وفي رواية للأمام أحمد " فلما انتسبت له وسألته ضم الثوب الخ" والمعنى فلما لمت عليه قال من هذا؟ فانتسبتله فقلت أنا عبد الله بن حنين، وهذا المعنى يستفاد من رواية مسلم المتقدمة (5) قال الحافظ لم اقف على اسمه (وقال النووى) فيه جواز الاستعانة في الطهارة ولكن الأول تركها إلا لحاجة (6) هكذا بالأصل "فأشار أبو أيوب بيديه على رأسه جميعًا على جميع رأسه" ومثله في رواية عند مسلم إلا أنه قال " فأمرّ أيوب بيديه" بدل قوله هنا فأشار، والمعنى أن ابا أيوب أمرّ بيديه كلتيهما على جميع رأسه (وفي رواية أخرى للبخارى ومسلم) " ثم قال لأنسان يصب اصبب. فصب على رأسه ثم حرك رأسه بيديه فأقبل بهما وأدبر، ثم قال هكذا رأسته صلى الله عليه وسلم يفعل"وإنما فعل ذلك أبو أيوب رضي الله تعالى عنه ليريه كيف يغسل المحرم رأسه، أنه المقصود بالسؤال، وكأن ابن عباس خص الرأس بالسؤال لأنها موضع الأشكال في هذه المسألة، لأنها محل الشعر الذي يخشى انتتافه بخلاف بقية البدن غالبًا

-[زوائد الباب في جواز الحجامة للمحرم والكحل لعذر]- فقال المسور لابن عبَّاس لا أماريك أبدًا (وعنه من طريقٍ ثانٍ) قال اختلف المسور ابن مخرمة وابن عبَّاس في المحرم يغسل رأسه فقال ابن عبَّاس يغسل، وقال المسور لا يغسل، فأرسلوني إلى أبى أيُّوب فسألته فصبَّ على رأسه الماء ثمَّ أقبل بيديه وأدبر بهما، ثمَّ قال هكذا رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فعل

_ (1) زاد في الأصل بعد هذا، قال الحجاج وروح "يعني في روايتيهما" فلما انتسبت له وسألته ضم الثوب إلى صدره حتى بدالي رأسه ووجه وإنسان قائم، وزاد ابن عييينة بعد قوله في رواية الشيخين؛ هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل "فرجعت إليهما فأخبرتهما فقال المسور لابن عباس لا أماريك أبدًا، أي لا أجادلك، واصل المراء استخراج ما عند الأنسان، يقرأ أمّرًا فلان فلانًا إذا استخرج ما عندهن قال ابن الأنباري، وأطلق ذلك في المجادلة لأن كلا من المتجادلين يستخرج ما عند الآخر من الحجة (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا مالك عن زيد بن أسلم عن إبراهيم ابن عبد الله بن حنين عن أبيه قال اختلف المسور بن مخرمة-الحديث" (3) أي كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغسل رأسه محرمًا كما في الطريق الأول (قال ابن دقيق العيد) هذا يشعر بأن ابن عباس كا عنده علم بأصل الغسل فإن السؤال عن كيفية الشيء إنما يكون بعد العلم بأصله وأن غسل البدن كان عنده متقرر الجواز إذ لم يسأل عنه، وإنما سأل عن كيفية غسل الرأس (تخريجه) (ق. لك. د. نس. جه. هق) (زوائد الباب) (عن عائشة رضي الله عنها) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجم وهو محرم؛ أورده الهيثمي وقال رواه البزار واسناه حسن (وعن نافع أن ابن عمر) رضي الله عنهما قال لا يحتجم المحرم إلا أن يكون مضطرًا اليه مما لابد منه (لك) (وعن نافع) قال كان ابن عمر يقول لا يكتحل المحرم بشيء فيه طيب ولا يتداوى به (وعنه أيضًا عن ابن عمر) أنه كان إذا رمد وهو محرم أقطر في عينيه اقطارًا، وأنه قال يكتحل المحرم بأى كحل إذا رمد ما لم يكتحل بطيب ومن غير رمد-ابن عمر القائل (وعن شميسة) قالت اشتكت "وفي لفظ اشتكيت" عيني وأنا محرمة فسألت عائشة أم المؤمنين عن الكحل فقالت اكتحلى بأى كحل شئت غير الأثمد أو قالت غير كل كحل أسود، أما إنه ليس بحرام ولكنه زينة ونحن نكرهه، وقالت

-[كلام العلماء في الحجامة للمحرم والتداوى بأى نوع كان إذا كان مريضا]- .....

_ إن شئت كحلتك بصبر فأبيت (وعن عكرمة عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال المحرم يشم الريحان. ويدخل الحمام. وينزع ضرسه. ويفقأ القرحة، وإذا انكسر ظفره أماط عنه الأذى (وقال الشافعى رحمه الله) أنبأ ابن أبي يحيى أن الزبير بن العوام أمر بوسخ في ظهره فحك وهو محرم (وعن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله) أنه قال في حك المحرم رأسه قال ببطن أنامله (وعن أبي مجاز) قال رأيت ابن عمر يحك رأسه وهو محرم ففطنت له فاذا هو يحك بأطراف أنامله (وعن علقمة بن أبي علقمة) عن أمه أنها سمعت عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم تُسأل عن المحرم أيحك جسده فقالت نعم فليحك وليشدد، وقالت عائشة رضي الله عنها لو ربطت يدي ولم أجد إلا أن أحك برجلى لحككت (لك) روى هذه الآثار جميعها البيهقى (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها الحجامة للمحرم) قال النووى أجمع العلماء على جوازها له في الرأس وغيره إذا كان له عذر في ذلك وإن قطع الشعر حينئذ، لكن عليه الفدية لقطع الشعر، فإن لم يقطع فلا فدية عليه، ودليل المسألة قوله تعالى {فمن كان منكم مريضًا أو به أذى من رأسه ففدية الآية} وحديث الحجامة محمول على أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له عذر في الحجامة في وسط الرأس لأنه لا ينفك عن قطع شعر، أما إذا أراد المحرم الحجامة لغير حاجة فتضمنت قطع شعر فهي حرام لتحريم قطع الشعر، وإن لم تتضمن ذلك بأن كانت في موضع لا شعر فيه فهي جائزة عندنا وعند الجمهور ولا فدية فيها (وعن ابن عمر ومالك) كراهتها، وعن الحسن البصري فيها الفدية، دليلنا أن إخراج الدم ليس حرامًا في الأحرام (وفي هذا الحديث) "يعني حديث الحجامة" بيان قاعدة من مسائل الأحرام وهي أن الحلق واللباس وقتل الصيد ونحو ذلك من المحرمات يباح للحاجة وعليه الفدية، كمن احتاج إلى حلق أو لباس لمرض أو حر أو برد أو قتل صيد للحاجة وغير ذلك والله أعلم اهـ (وقال الداودي) إذا أمكن مسك المحاجم بغير حلق لم يجز الحلق (واستدل بهذا الحديث) "أي حديث الحجامة" على جواز الفصد ورط الجرح والدمل وقطع العرق وقلع الضرس وغير ذلك من وجوه التداوي إذا لم يكن فيذلك ارتكاب ما نهى المحرم عنه من تناول الطيب وقطع الشعر ولا فدية عليه في شيء من ذلك اهـ (وفيه مشروعية التداوي) واستعمال الطب والتداوي بالحجامة وقد ورد إن أنفع ما تداويتم به الحجامة والقسط البحرى (قال في القاموس) القسط بالضم (يعني ضم القاف) عود هندي وعربي مدرّ للكبد جدًا والمغص والدود وحمى الرّبع شربا، وللزكام والنزلات والوباء بخورًا، وللبهق والكلف طلاء اهـ، وورد أن كان الشفاء في شيء ففي شرطة محجم، أو شربة عسل أو كي بنار؛ وأنهى أمتي عن الكي، رواهما الأمام أحمد وغيره وسيأتيان في كتاب الطب عن شاء الله (ومنها جواز الكحل للمحرم) بقصد التداوى لا لزينة (قال النووي)

-[مذاهب العلماء في الكحل للمحرم وغسله رأسه أو بدنه من الجنابة]- .....

_ (اتفق العلماء (على جواز تضميد العين وغيرها بالصبر ونحوه مما ليس بطيب ولا فدية في ذلك، فإن احتاج إلى مافيه طيب جاز له فعله وعليه الفدية (واتفق العلماء) على أن للمحرم أن يكتحل بكحل لا طيب فيه إذا اختاج إليه ولا فدية عليه فيخ، وأما الاكتحال للزينة فمكروه (عند الشافعى وآخرون، ومنعه جماعة منهم أحمد واسحاق، وفي مذهب مالك) قولان كالمذهبين، وفي إيجاب الفدية عندهم خلاف والله أعلم اهـ (ومنها جواز غسل المحرم رأسه) وتشريبه شعره بالماء ودلكه بيده إذا أمن تناثره، وهو مستفاد من حديث عبد الله بن حنين عن أبي أيوب، وهو الأخير من أحاديث الباب، وقد اتفق العلماء على غسل المحرم رأسه وجسده من الجنابة بل هو واجب عليه، وأما غسله تبردا فمذهب الجمهور جوازه بلا كراهة (واختلفوا في غسل المحرم رأسه) فذهب الأئمة أبو حنيفة والشافعي وأحمد واسحاق والثوري والأوزاعي إلى أنه لابأس بذلك، وردت الرخصة به عن عمر ابن الخطاب وابن عباس وجابر رضي الله عنهم وعليه الجمهور وحجتهم حديث الباب (وكان مالك) يكره ذلك للمحرم، وذكر أن عبد الله بن عمر كان لا يغسل رأسه الا من الاحتلام، ويجوز غسل الرأس بالسدر والخطمى عند الشافعية ورواية للحنابلة مع الكراهة بحيث لا ينتف شعرا ولا فدية عليه (وذهب الأئمة أبو حنيفة ومالك وأحمد) إلى التحريم ولزوم الفدية، قال صاحبا أبي حنيفة عليه صدقة، لأن الخطمى تستلذ رائحته وتزيل الشعث وتقتل الهوام فوجبت به الفدية كالورس (وفي حديث عبد الله بن حنين) عن أبي أيوب جملة فوائد (منها) مناظرة الصحابة في الأحكام ورجوعهم إلى النصوص عند الاختلاف وترك الاجتهاد والقياس عند وجود النص (ومنها قبول خبر الواحد) وأن قبوله كان مشهورًا عند الصحابة رضي الله عنهم (قال ابن عبد البر) لو كان معنى الاقتداء في قوله صلى الله عليه وسلم "أصحابي كالنجوم بأبهم اقتديتم اهتديتم" يراد به الفتوى لما احتاج ابن عباس رضي الله عنه إلى اقامة البينة على دعواه؛ بل كان يقول للمسور أنا نجم وأنت نجم فباينا اقتدى من بعدنا كفاه، ولكن معناه كما قال المزنى وغيره من أهل النظر أنه في النقل لأن جميعهم عدول (ومنها) الاعتراف للفاضل بفضله وانصاف الصحابة بعضهم من بعض (ومنها) أن الصحابة اذا اختلفوا في قضية لم تكن الحجة في قول أحد منهم الا بدليل يجب التسليم له من كتاب أو سنة كما أتى أبو أيوب بالسنة (ومنها) جواز السلام على المتطهر في وضوء وغسل بخلاف الجالس على الحدث ولابد من غض البصر (ومنها) جواز الاستعانة في الطهارة ولكن الأولى تركها إلا لحاجة (ومنها) ستر المغتسل بثوب ونحوه ع ند الغسل، وفيه غير ذلك والله أعلم

-[جواز تظلل المحرم بثوب ونحوه من الحر]- (3) باب تظلل المحرم من الحر او غيره (وما جاء فى تغطية الرأس للرجل والوجه للمرأة - وفى ضرب المحرم خادمه) (177) عن أمِّ الحصين رضى الله عنها قالت حججت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حجَّة الوداع فرأيت أسامة بن زيد وبلالًا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والآخر رافع ثوبه يستره من الحرِّ حتَّى رمى جمرة العقبة (178) عن أبى أمامة رضى الله عنه عمَّن رأى النَّبىَّ صلَّى الله عليه وسلَّم راح إلى منى يوم التَّروية وإلى جانبه بلال بيده عود عليه ثوب يظلِّل به رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم (179) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما في الرَّجل الَّذي وقصته ناقته

_ (177) عن أم الحصين (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد بن أبى أنيسة عن يحيى بن الحصين عن أم الحصين جدته حدثته قالت حججت مع النبي صلى الله عليه وسلم -الحديث" (غريبه) (1) هي الأحمسية صحابية شهدت حجة الوداع مع النبي صلى الله عليه وسلم روى عنها يحيى بن الحصين والعيزار بن حريث (تخريجه) (م. وغيره) (178) عن أبى أمامة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن عبد ربه ثنا الوليد أبو مسلم بن عثمان بن أبى العاتكة عن على بن يزيد عن القاسم عن أبى أمامة -الحديث" (غريبه) (2) قول أبى أمامة عمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم يفيد أن أبا أمامة روى هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة، وقد جاء هذا الحديث نفسه عند الطبراني في الكبير عن أبى أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير واسطة، فيحتمل أنه رواه مرتين مرة بواسطة ومرة عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير واسطة، ويحتمل أنه عنى نفسه بقوله عمن رأى النبي صلى الله عليه وسلم وابهم نفسه لغرض والله أعلم (تخريجه) (طب) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد هكذا، وقال الطبراني في الكبير عن أبى أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم راح من مكة إلى منى يوم التروية تقدم موكبه وإلى جانبه بلال معه ثوب معصوب على عود يستره من الشمس (قال الهيثمة) وفي الاسنادين جميعًا على بن يزيد وفيه كلام وقد وثق (179) (عن ابن عباس رضي الله عنهما) هذا طرف من حديث تقدم بطوله في

-[جواز ستر المرأة المحرمة وجهها لحاجة]- وهو محرم فمات أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال ولا تخمِّروا رأسه فإنَّه يبعث يوم القيامة ملبِّيًّا (180) عن عائشة رضى الله عنها قالت كان الرُّكبان يمرُّون بنا ونحن مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم محرمات فإذا حاذوا بنا أسدلت إحدانا جلبابها من رأسها على وجهها، فإذا جاوزنا كشفناه (181) عن أسماء بنت ابى بكر رضي الله عنهما قالت خرجنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حجَّاجًا حتَّى إذا كنَّا بالعرج نزل رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فجلست عائشة إلى جنب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وجلست إلى جنب أبى وكانت زمالة

_ الباب السابق صحيفة 199 رقم 169 وتقدم الكلام عليه، وإنما أتيت بهذا الطرف منه هنا للاستدلال به على عدم جواز تغطية رأس المحرم (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (180) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم قال أنا يزيد بن أبى زياد عن مجاهد عن عائشة _الحديث" (غريبه) (1) جاء في رواية عند مسلم والأمام أحمد ولا تخمروا وجهه ولا رأسه، والتخمير معناه التغطية (2) هم الجماعة من راكبى الأبل في السفر جون الدواب (3) هكذا بالأصل حاذوا بنا، ولفظ أبى داود وابن ماجه والبيهقى فإذا جاوزا بنا بالزاي مكان الذال، وفي التلخيص وغيره فاذا حاذونا، والمعنى أنهن كن يسترن وجوههن إذا مر عليهن الرجال بجلابيبهن جمع جلباب، وهي الملاءة التي تشتمل بها المرأة إذا خرجت لحاجة، فاذا ابعدوا عنهن كشفن وجوههن (تخريجه) (د. جه. هق) وأخرجه أيضًا ابن خزيمة وقال في القلب من يزيد بن أبى زياد، ولكن ورد من وجه آخر، ثم أخرج من طريق فاطمة بنت المنذر عن اسماء بنت أبى بكر وهي جدتاها فحوه وصححه الحاكم. (181) عن أسماء بنت أبي بكر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله بن إدريس قال ثنا ابن اسحاق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه أن أسماء بنت أبى بكر قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم -الحديث" (غريبه) (4) بفتح العين المهملة وسكون الراء قرية جامعة بين مكة والمدينة (5) بكسر الزاي أي

-[قصة أبي بكر رضي الله عنه مع غلامه الذي أضل البعير]- رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وزمالة أبى بكرٍ واحدة مع غلام أبى بكرٍ فجلس أبو بكر ينتظره أن يطلع عليه فطلع وليس معه بعير، فقال أين بعيرك؟ قال قد أضللته البارحة فقال أبو بكر بعير واحد تضلُّه؟ فطفق يضربه ورسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يتبسَّم ويقول انظروا إلى هذا المحرم وما يصنع

_ مركوبهما وأداتهما وما كان معهما في السفر واحد, الزاملة البعير الذي يحمل عليه الطعام والمتاع كأنها فاعلة من الزمل بسكون الميم أى الحمل (1) أى ضيعته أو وجدته ضالا أى ضائعًا، يقال أضللت الشيء إذا وجدته ضالَا كأحمدته وابخلته إذا وجدته محمودا أو بخيلًا (2) أى تضيعه (وقوله فطفق يضربه) أي أخذ يضربه، لأن فق بمعنى أخذ في الفعل وجعل يفعلن وهي من أفعال المقاربة (3) إنما تبسم صلى الله عليه وسلم لفعل أبي بكر ولم ينهه عنه لأن تأديب المحرم علامه غير محظور. لكن العفو أفضل، وقد علم صلى الله عليه وسلم أن ما حمل أبا بكر رضي الله عنه على ترك الأفضل إلا شدة الغيظ من الغلام لفقد بعيرهما فتبسم صلى الله عليه وسلم لذلك وذكره بقوله انظروا إلى هذا المحرم ومايصنع يريد أنه لا ينبغي للمحرم أن يفعل ذلك والله أعلم (4) زاد أبو داود من رواية ابن أبى رزمة فما ييد رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يقول انظروا إلى هذا المحرم مايصنع وبتبسم (تخريجه) (د. هق) ورجاله ثقات إلا أن محمد بن اسحاق عن وهو مدلس (زوائد الباب) (عن عبد الله بن عياش ابن ربيعة) قال صحبت عمر بن الخطاب رضي الله عنه في الحج فما رأيته مضطربًا فسطاطا حتى رجع، قال الشافعى وأظنه قال في حديقه أو غيره كان ينزل تحت الشجرة ويستظل بنطع أو بكساء والشيء (وعن عبد الله بن عامكر بن ربيعة) قال رأيت عثمان بن عفان رضي الله عنه بالعرج وهو محرم في يوم صائف قد غطى وجهه بقطيفة أرجوان (وعن القاسم بن محمد) قال أخبرني الفرافصة بن عمير أنه رأى عثمان بن عفان رضي الله عنه مغطيًا وجهه وهو محرم (وعن عبد الرحمن بن القاسم) عن أبيه أن عثمان وزيد بن ثابت ومروان بن الحكم كانوا يخمرون وجوههم وهم حرم (وعن أبى زبير) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال يغتسل المحرم ويغسل ثيابه ويغطى أنفه من الغبار وهو نائم (قال البيهقى) وخالفهم ابن عمر، روى هذه الآثار جميعها البيهقى (الأحكام) أحاديث الباب تشتمل على جملة أحكام (منها) جواز تظليل المحرم على رأسه بثوب أو نحوه سواء أكان راكبًا أو نازًلا واليه ذهب الأمامان (أبو حنيفة والشافعى والجمهور) محتجين بحديثي أم الحصين وأبي أمامة

-[مذاهب العلماء في تظلل المحرم من الحر - وتغطية رأسه ووجهه حياً كان أو ميتاً]- .....

_ المذكورين في الباب (وذهب الأمامان مالك وأحمد) إلى عدم الجواز إلآ إذا كان نازًلا، فإن استظل سائرا فعليه الفدية (وعن الأمام أحمد) رواية أخرى أنه لا فدية؛ وأجمعوا على أنه لو قعد تحت خيمة أو سقف جاز (وقد احتج للأمامين مالك وأحمد) ع لى منع التظلل بما رواه البيهقى بأسناد صحيح عن ابن عمر أنه أبصر رجًلا على بعيره وهو محرم قد استظل بينه وبين الشمس فقال اضح لمن أحرمت له (وبما أخرجه البيهقى أيضًا) بأسناد ضعيف عن جابر مرفوعًا ما من محرم يضحى للشمس حتى تغرب إلا غربت بذنوبه حتى يعود كما ولدته أمه" (وقوله اضح) بالضاد المعجمة وكذا يضحى، والمواد أبرز للشمس، وغاية مافيهما أنهما يدلان على الاستحباب (قال الشوكاني) ويجاب بأن قول ابن عمر لا حجة فيه، وبأن حديث جابر مع كونه ضعيفًا لا يدل على المطلوب وهو المنع من التظلل ووجوب الكشف لأن غاية مافيه أنه افضل على أنه يبعد منه صلى الله عليه وسلم أن يفعل المفضول ويدع الأفضل في مقام التبليغ اهـ (ومنها) أنه لا يجوز للمحرم تغطية رأسه المفضول ويدع الأفضل في مقام التبليغ اهـ (ومنها) أنه لا يجوز للمحرم تغطية رأسه عمًلا بقوله صلى الله عليه وسلم في حديث ابن عباس الثالث من أحاديث الباب "ولا تخمروا رأسه فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا" لأن التعليل بقوله فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًا يدل على إن العلة الأحرام (قال النووى) أما تخمير الرأس في حق المحرم الحي فجمع على تحريمه (وأما وجهه) فقال (مالك وأبو حنيفة) هو كرأسه (وقال الشافعى) والجمهور لا إحرام في وجهه بل له تغطيته، وانما يجب كشف الوجه في حق المرأة هذا حكم المحرم الحي (وأما الميت فمذهب الشافعى) وموافقيه أنه يحرم تغطية رأسه كما سبق، ولا يحرم تغطية وجهه، بل يبقى كما كان في الحياة، ويتأول هذا الحديث على أن النهى عن تغطية وجهه ليس لكونه وجها، انما هو صيانة للرأس فانهم لو غطوا وجهه لم يمن أن يغطوا رأسه، ولابد من تأويله، لأن مالكا وابا حنيفة وموافقيهما يقولون لا يمنع من ستر رأس الميت ووجهه، والشافعى وموافقوه يقولون يباح ستر الوجه فتعين تأويل الحديث اهـ (وقال الشوكاني) في المحرم الميت لايجوز تغطية رأسه عند الشافعى وأحمد واسحاق وموافقيهم وكذلك لايجوز أن يلبس المخيط لظاهر قوله فإنه يبعث يوم القيامة ملبيًان وخالف في ذلك مالك والأوزاعى وابو حنيفة فقالوا يجوز تغطيه رأسه والباسه المخيط، والحديث يرد عليهم "يعني رواية ولا تخمروا وجهه ولا رأسه" وأما تغطية وجه من مات محرما فيجوز عند من قال بتحريم تغطية رأسه، وتأولوا هذا الحديث على أن النهى عن تغطية وجهه ليس لكونه وجها انما ذلك صيانة للرأس فانهم لو غطوا وجهه لم يرمن أن يغطوا رأسه، وهذا تأويل لا يلجاء اليه ملجاء اهـ (ومن أحكام الباب) الرخصة للمرأة في ستر وجهها للحاجة كما فعلت عائشة ومن معها من النسوة وهن محرمات عند مرور الرجال عليهن (قال

-[جواز ستر وجه المرأة المحرمة لحاجة - وتأديب المحرم خادمه]- .....

_ ابن قدامة) اذا احتاجت إلى ستر وجهها لمرور الرجال قريبا منها فانها تسدل الثوب من فوق رأسها على وجهها، روى ذلك عن عثمان وعائشة، وبه قال عطاء (ومالك والثوري والشافعى) واسحاق ومحمد بن الحسن (قلت والأمام أحمد) قال ولا نعلم فيه خلافًا، وذلك لما روى عن عائشة رضي الله عنها قالت كان الركبان يمرون بنا فذكر حديث الباب، قال ولان بالمرأة حاجة إلى ستر وجهها فلم يحرم ستره على الأطلاق كالعورة، قال وذكر القاضي أن الثوب يكون متجافيًا عن وجهها بحيث لا يصيب البرة فإن أصابها ثم زال أو أزالته بسرعة فلا شيء عليها كما لو أطارت الريح الثوب عن عورة المصلي ثم عاد بسرعة لا تبطلن فإن لمك ترفعه مع القدرة افتدت لانها استدامت الستر، ولم ار هذا الشرط عن أحد ولا هو في الخبر مع أن الظاهر خلافه، فإن الثوب المسدول لايكاد يسلم من اصابة البشرة فلو كان هذا شرط البين، وانما منعت المرأة من البرقع والنقاب ونحوهما مما يعد لستر الوجه، فال أحمد انما لها أن تسدل على وجهها من فوق وليس لها أن ترفع الثوب من أسفل كأنه يقول إن النقاب من أسفل على وجهها (قال) ويجتمع في حق المحرمة وجوب تغطية الرأس وتحريم تغطية الوجه، ولا يمكن تغطية جميع الرأس إلا بجزء من الوجه، ولاكشف جميع الوجه إلا بكشف جزء من الرأس، فعند ذلك ستر الرأس كله أولى، لأنه آكد، إذ هو عورة لا يختص بتحريمه حالة الأحرام، وكشف الوجه بخلافه، وقد ابحنا ستر جملته للحاجة العارضة فستر جزء منه لستر العورة أولى اهـ (ومن أحكام الباب أيضًا) جواز تأديب المحرم علامه بضرب أو نحوه إن كان في العفو أو تأخير العقوبة فوات مصلحة أو ضرر، وإلا فالأفضل العفو أو تأخير العقوبة حتى تنتهي مدة الأحرام، لأنه يستحب للمحرم قلة الكلام إلا فيما ينفع، نعم إن التأديب من الأمور النافعة إلا أنه في العادة يكون مصحوبا بغضب، فصيانة للمؤدب عن الوقوع في السب والجدال استحب تأخيره لقوله تعالى {ولا جدال في الحج} وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم " من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت، وفي لفظ أو ليسكت" رواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم (وروى عن ابن عمر) رضي الله عنهما مرفوعًا من كثر كلامه كثر سقطه. ومن كثر سقطه كثرت ذنوبه. ومن كثرت ذنوبه كانت النار أولى به، رواه الطبراني في الأوسط، وهذا وارد في حق المحرم وغيره فيكون في حال الأحرام أشد وآكد لأنه حال عبادة واستشعار بطاعة فهو يشبه الاعتكاف (قال ابن قدامة المقدسى) رحمه الله في الشرح الكبير وقد احتج أحمد رحمه الله على ذلك بأن شريحًا رحمه الله كان إذا أحرم كأنه حبة صماء، فيستحب للمحرم أن يشتغل بالتلبية وذكر الله تعالى وقراءة القرآن وأمر بالمعروف أو نهي عن منكر أو تعليم جاهل أو يأمر بحاجته أو يسكت، فإن تكلم بما

-[جواز حلق رأس المحرم لعذر مع لزوم الفدية]- (4) باب حديث كعب بن عجرة رضى الله عنه (وتعدد طرقه فى الرخصة فى حلق رأس المحرم لعذر وبيان فديته) (182) عن عبد الرَّحمن بن أبى ليلى عن كعب بن عجرة رضى الله عنه قال كنَّا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالحديبية ونحن محرمون وقد حصرنا المشركون وكانت لى وفرة فجعلت الهوَّام تسَّاقط على وجهى، فمرَّ بى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم فقال أيؤذيك هوامُّ رأسك؟ قلت نعم، فأمره أن يحلق، قال ونزلت هذه الآية "فمن كان منكم مريضًا أو به أذيً من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك" (وعنه من طريقٍ ثانٍ بنحوه وفيه) فأمره رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يحلق رأسه وقال صم ثلاثة أيامٍ أو أطعم ستَّة مساكين مدَّين

_ لا إثم فيه أو أنشد شعرا لا يقبح فهو مباح ولا يكثر، فقد روى عن عمر رضي الله عنه أنهع كان على ناقة وهو محرم فدعل يقول كأن راكبها غصن بمروحة ... إذا تدلت به أو شارب ثمل الله أكبر الله أكبر ووهذا يدل على الأباحة، والفضيلة ماذكرناه أولا؛ اهـ والله سبحانه وتعالى أعلم (183) عن عبد الرحمن بن أبى ليلى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أخبرنا أبو بشر عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبى ليلى -الحديث" (غريبه) «1) تقدم ضبطها والكلام عليها غير مرة، وكان ذلك سنة ست من الهجرة وكانوا محرمين بعمرة مع النبي صلى الله عليه وسلم فصدهم المشركون عن دخول مكة (والوفرة) شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن (وقوله فجعلت الهوام) بتمديد الميم جكع هامة، وهي مايدل من الأحناش ونحوها، وهي هنا مايلازم جسد الأنسان إذا طال عهده بالتنظيف. وقد فسر في بعض طرق الحديث بالقمل (وقوله تساقط على وجهي) أي لكثرتها (2) أو للتخيير، والمراد بالنسك هنا ذبح شاة أو غيرها مما يجزى في الأضحية. وتسمى نسيكة، ويقال نسك ينسك، وينسك بضم السين وكسرها في المضارع. والضم أشهر (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت علي عبد الرحمن عن مالك عن عبد الكريم بن مالك الجزرى عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن كعب بن عجرة أنه كان مع رسول الله

-[كفارة من حلق رأسه وهو محرم لعذر]- مدَّين لكلِّ إنسانٍ أو انسك بشاةٍ أىَّ ذلك فعلت أجزأك (وعنه من طريقٍ ثالثٍ بنحوه وفيه) فأمرنى أن أحلق وهم بالحديبية ولم يتبيَّن لهم أنَّهم يحلقون بها وهم على طمعٍ أن يدخلوا مكَّة، فأنزل الله الفدية فأمرنى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن أطعم فرقًا بين ستَّة مساكين أو أصوم ثلاثة أيَّام أو أذبح شاةً (وعنه من طريقٍ رابعٍ بنحوه وفيه) قال فاحلقه واذبح شاةً أو صم ثلاثة أيَّام أو تصدَّق بثلاثة آصعٍ من تمرٍ بين ستَّة مساكين (ومن طريقٍ خامسٍ) عن عبد الله بن معقلٍ "المزنيِّ"

_ صلى الله عليه وسلم فأذاه القمل في رأسه فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يحلق -الحديث" 01) يعني أو غيرها مما يجزاء ضحية كما تقدم (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ابن ابى نجيح عن مجاهد عن عبد الرحمن بن ابى ليلى عن كعب ابن عجرة قال رآنى رول الله صلى الله عليه وسلم وقملى يتساقط على وجهى، فقال أتوذيك هوامك هذهظ قال قلت نعم، قال فأمرني أن أحلق-الحديث" (3) يريد أن النبي صلى الله عليه وسلم أمره بالحلق بسبب الذى الذي كان برأسه لا بسبب صدهم عن دخول مكة، لأنه لم يكن تبين لهم بعد وكانوا حينئذ يطمعون في دخول مكة (4) هو بفتح الراء واسكانها لغتان، وقد فسر في بعض الروايات بثلاثة آصع وهكذا هو، وقد سبق تفسيره ومقداره واضحًا في كتاب الطهارة وسيأتي لذلك مزيد (5) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا خالد عن أبى قلابة عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن كعب بن عجرة قال أتى عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية وأنا كثير الشعر، فقال كأن هو ام رأسك تؤذيك؟ فقلت اجل، قال فاحلقه واذبح شاة-الحديث (6) قال النووى معناه مقسومة على سنة مساكين، والآصع جمع صاع. وفي الصاع لغتان التذكير والتأنيث، وهو مكيال يسع خمسة أرطال وثلثا بالبغدادي، هذا مذهب مالك وأحمد وجماهير العلماء، وقال أبو حنيفة يسع ثمانية ارطال، وأجمعوا على أن الصاع أربعة امداد، وهذا الذي قدمناه من أن الآصع جمع صاع صحيح، وقد بت استعمال الآصع في هذا الحديث الصحيح من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك هو مشهور في كلام الصحابة والعلماء بعدهم وفي كتب اللغة وكتب النحو والتصريف، ولا خلاف في جوازه وصحته اهـ باختصار (7) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني

-[سبب نزول قوله تعالى (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك)]- قال قعدت إلى كعب بن عجرة وهو في المسجد (وفى لفظٍ يعنى مسجد الكوفة) فسألته عن هذه الآية {ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} قال فقال كعب نزلت فىَّ، كان بى أذًى من رأسى فحملت إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم والقمل يتناثر على وجهى، فقال ما كنت أرى أنَّ الجهد بلغ منك ما أرى، أيجد شاةً؟ فقلت لا. فنزلت هذه الآية {ففدية من صيام أو صدقةٍ أو نسك} قال صوم ثلاثة أيَّام أو إطعام ستَّة مساكين نصف صياع نصف صياع طعام لكلِّ مسكين، قال فنزلت فىَّ خاصَّة وهى لكم عامَّةً (وعنه من طريقٍ سادسٍ بنحوه وفيه) قال أتقدر على نسك؟ قلت لا؛ قال فصم ثلاثة أيَّام أو أطعم

_ أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عبد الرحمن بن الأصبهاني عن عبد الله بن معقل قال قعدت إلى كعب بن عجرة-الحديث" (1) أى من طعام، والمراد بالطعام هنا التمر كما صرح بذلك في الطريق التالية، فقال نصف صاع من تمر (قال الحافظ) ولبشر بن عمر عن شعبة نصف صاع حنطة، ورواية الحكم عن ابن أبى ليلى تقتضى أنه نصف صاع من زبيب فإنه قال يطعم فرقا من زبيب بين ستة مساكين (قال ابن حزم) لابد من ترجيح احدى هذه الروايات لأنها قصة واحدة في مقام واحد في حق رجل واحد (قال الحافظ) قلت المحفوظ عن شعبة أنه قال في الحديث نصف صاع من طعام، والاختلاف عليه في كونه تمراً أو حنطة لعله من تصرف الرواة، وأما الزبيب فلم اره إلا في رواية الحكم وقد أخرجها أبو داود، وفي اسنادها ابن اسحاق وهو حجة في المغازى لا في الأحكام إذا خالف، والمحفوظ رواية التمرن فقد وقع بها عند مسلم من طريق أبى قلابة ولم يختلف فيه على أبى قلابة، وكذا أخرجه الطبرى من طريق الشعبة عن كعب، وأحمد من طريق سليمان بن قرم عن ابن الأصبهاني، ومن طريق اشعث وداود عن الشعبة عن كعب، وكذا في حديث عبد الله بن عمرو عند الطبراني، وعرف بذلك قوة قول من قال لا فرق في ذلك بين التمر والحنطة وأن الواجب ثلاثة آصع لكل مسكين نصف صاع اهـ (2) يريد أن هذه الآية نزلت بببه خاصة وأما حكمها فهو عام لجميع المسلمين (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين بن محمد ثنا سليمان يعنى بن قرم عن عبد الرحمن بن الأصبهاني عن عبد الله بن معقل المزني قال سمعت كعب بن عجرة يقول في هذا المسجد يعني مسجد الكوفة فيّ نزلت هذه الآية خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهلينا بعمرة فوقع في رأسي ولحيتي وحاجبي وشاربي، فبلغ ذلك

-[كفارة المحرم إذا حلق رأسه لعذر صيام أو صدقة أو ذبح شاة]- ستَّة مساكين لكلِّ مسكين نصف صاع من تمر (ومن طريقٍ سابعٍ) عن أبى قلابة عن كعب بن عجرة قال قملت حتَّى ظننت أنَّ كلَّ شعرة من رأسي فيها القمل من أصلها على فرعها، فأمرنى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم حين رأى ذلك قال احلق. ونزلت الآية، قال أطعم ستَّة مساكين ثلاثة آصعٍ من تمرٍ (ومن طريقٍ ثامنٍ) عن يحيى بن جعدة بن كعب بن عجرة أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أمر كعبًا أن يحلق رأسه من القمل، قال صم ثلاثة أيَّام أو أطعم ستَّة مساكين مدَّين مدّّين أو اذبح

_ النبي صلى الله عليه وسلم فأرسل الىّ فدعاني فلما رآني قال لقد اصابك بلاء ونحن لا نشعر، ادع الحجام. فلما جاء أمره فحلقني، قال أتقدر على نسك- الحديث" وجاء عند الأمام أحمد من طريق الشعبى عن عبد الله بن معقل أيضًا عن كعب بن عجرة بنحو من ذلك إلا أنه قال أطعم المساكين ثلاثة آصع من تمر بين ستة مساكين، وله من طريق الشعبى أيضًا قال ثنا إسماعيل بن أبى عدى عن داود عن الشعبى عن كعب بن عجرة قال ابن عدى إن كعبًا أحرم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكراه وقالا آصع من تمر بين ستة مساكين (والظاهر) أن التثنية قفي قوله فذكراه ترجع إلى روايتي عبد الله بن معقل والشعبى عن كعب بن عجرة يعني أنهما ذكراه بنحو ما تقدم؛ وقالا ثلاثة آصع من تمر الخ (قال الحافظ) في روايتي أبى قلابة والشعبى عن كعب عند الأمام أحمد، الصواب أن بينهما واسطة، وهو ابن أبى ليلى على الصحيح اهـ (قلت) رواية ابى قلابة هي السابعة من طرق حديث الباب وهي الآتية بعد هذا (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنا خالد عن أبى قلابة عن كعب بن عجرة قال قلت -الحديث" (2) هو بفتح القاف وكسر الميم أي كثر قملى (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن ابى بكر أنا ابن جريج أخبرني عمرو دينار عن يحيى بن جعدة عن كعب بن عجرة -الحديث" (4) يعني شاة كما تقدم في بعض طرق الحديث (قال الحافظ) أصح الروايات أن الذي أمر به كعب وفعله في النسك إنما هو شاة، وروى سعيد بن منصور في سننه وعبد بن حميد " عن أبى هريرة أن كعبا ذبح لأذى كان أصابه" وهذا أصوب والله أعلم (تخريجه) (ق. لك. والأربعة. وغيرهم) واتفق الشيخان على إخراجه من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى

-[مذاهب العلماء في كفارة المحرم إذا حلق رأسه لعذر]- .....

_ عن كعب بن عجرة، ومن طريق عبد الله بن معقل عن كعب أيضًا (قال الحافظ) ونقل ابن عبد البر عن أحمد بن صالح المصري قال حديث كعب بن عجرة في الفدية سنة معمول بها لم يروها من الصحابة غيره، ولا رواها عنه إلا ابن أبى ليلى وابن معقل قال وهي سنة أخذها، أهل المدينة من أهل الكوفة (قال الزهرى) سالت عنها علماءنا كلهم حتى سعيد بن المسيب فلم يبينوا كم عدد المساكين (قال الحافظ) قلت فيما أطلقه ابن صالح نظر، فقد جاءت هذه السنة من رواية جماعة من الصحابة غير كعب منهم عبد الله بن عمرو بن العاصب عند الطبرى والطبراني. وأبو هريرة عن سعيد بن منصور وابن عمر عند الطبرى، وفضالة الأنصارى عمن لا يتهم من قومه عند الطبرى أيضًا، ورواه عن كعب بن عجرة غير المذكورين أبو وائل عند النسائى، ومحمد بن كعب القرظي عند ابن ماجه، ويحيى بن جعدة عند أحمد، وعطاء عند الطبرى، وجاء عن أبى قلابة والشعبى أيضًا عن كعب وروايتهما عند أحمد، لكن الصواب أنبينهما واسطة وهو ابن أبى ليلى على الصحيح؛ وقد أورد البخارى حديث كعب هذا في أربعة أبواب متوالية، وأورده أيضًا في المغازى والطب واكفارات الأيمان من طرق أخرى مدار الجميع على ابن ابى ليلى وابن معقل، فيتقيد اطلاق أحمد بن صالح بالصحة، فان بقية الطرق التي ذكرتها (يعنى غير طريقي ابن ابى ليلى وابن معقل) لا تخلوا من مقال إلا طريق أبى وائل يعنى عند النسائى اهـ ماذكره الحافظ (الأحكام) حديث الباب يتضمن كثيرا من الفوائد والأحكام، وهو أصل عظيم في هذه السنة أعنى سنة الفدية، رواه الأئمة أصحاب الأصول المعتبرة في أصولهم من طرق كثيرة، ورواه البخارى في صحيحه في جملة مواضع تقدم ذكرها، وأورد له مسلم ثمان طرق بروايات مختلفة في بعض الألفاظ متفقة في المعنى كما رواه الأمام أحمد كذلك، وزاد طرقا أخرى ذكرتها في الشرح (قال النووى رحمه الله) في الكلام على روايات مسلم هذه روايات الباب وكلها متفقة في المعنى ومقصودها أن من احتاج إلى حلق الرأس لضرر من قمل أو مرض أو نحوهما فله حلقه في الأحرام وعليه الفدية. قال الله تعالى {فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك} وبين النبي صلى الله عليه وسلم أن الصيام ثلاثة أيام، والصدقة ثلاثة آصع لستة مساكين لكل مسكين نصف صاع، والنسك شاة، وهي شاة تجزاء في الأضحية، ثم أن الآية الكريمة والأحاديث متفقة على أنه مخير بين هذه الأنواع الثلاثة، وهكذا الحكم عند العلماء أنه مخير بين الثلاثة، وأما قوله في رواية "هل عندك نسك قال فما أقدر عليه فأمره أن يصوم ثلاثة أيام، فليس المراد به أن الصوم لا يجزاء إلا لعادم الهدى. بل هو محمول على أنه سأل عن النسك، فان وجده أخبره بأنه مخير بينه وبين الصيام، والأطعام، وإن عدمه

-[اختلاف العلماء في نوع الكفارة وقدرها - وهل هي على الترتيب أو التخيير]- .....

_ فهو مخير بين الصيام والأطعام (واتفق العلماء) على القول بظاهر هذا الحديث إلا ما حكى (عن أبي حنيفة والثورى) أن نصف الصاع لكل مسكين إنما هو في الحنطة، فأم التمر والشعير وغيرهما فيجب صاع لكل مسكين، وهذا خلاف نصه صلى الله عليه وسلم ف يهذا الحديث ثلاثة آصع من تمر (وعن أحمد بن حنبل) رواية أنه لكل مسكين مد من حنظة أو نصف صاع من غيره (وعن الحسن البصرى) وبعض السلف أنه يجب إطعام عشرة مساكين أو صوم عشرة أيام، وهذا ضعيف منابذ للسنة مردود اهـ (وقال الحافظ) في قوله صلى الله عليه وسلم في الطريق السادسة "أتقدر على نسك؟ قلت لا، قال نعم ثلاثة أيام أو أطعم ستة مساكين" هذه الرواية تقتضى أن التخيير نما هو بين الأطعام والصيام لمن لم يجد النسك، قال ونحو هذه الرواية للطبراني من طريق عطاء عن كعب؛ ووافقهم أبو الزبير عن مجاهد عند الطبراني وزاد بعد قوله ما أجد هديا. قال فأطعم. قال ما أجد. قاتل صم، ولهذا قال أبو عوانة في صحيحه فيه دليل على أن من وجد نسكالا يصوم يعني ولا يطعم، لكن لا أعرف من قال بذلك من العلماء إلا مارواه الطبري وغيره عن سعيد بن جبير قال" النسك شاة فإن لم يجد قومت الشاة دراهم والدراهم طعامًا فتصدق به أو صام لكل نصف صاع يومًا" أخرجه من طريق الأعمش عنه، قال فذكرته لابراهيم فقال سمعت علقمة مثله، فحينئذ يحتاج إلى الجمع بين الروايتين، وقد جمع بينهما بأوجه (منها ماقال ابن عبد البر) إن فيه الإشارة إلى ترجيح الترتيب لا لأيجابه (ومنها ماقاله النووى) ليس المراد أن الصيام أو الأطعام لا يجزاء إلا لفاقد الهدى فذكر وقل النووى المتقدم، ومقتضاه التخيير بين الأنواع الثلاثة، ثم قال (ومنها ماقل غيرهما) "يعني غير النوى وابن عبد البر" يحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم لما أذن له في حلق رأسه بسبب الأذى أفتاه بأن يكفر بالذبح على سبيل الاجتهاد منه صلى الله عليه وسلم أو بوحى غير ملتوّ، فلما أعلمه أنه لا يجد نزلت الآية بالتخيير بين الذبح والأطعام والصيام فخيره حينئذ بين الصيام والأطعام لعلمه بأنه لا ذبح معه، فصام لكونه لم يكن معه مايطعمه ويوضح ذلك رواية مسلم (قلت والأمام أحمد أيضًا في الطريق الخامسة) في حديث عبد الله بن معقل المذكور حيث قال أتجد شاة؟ قلت لا، فنزلت هذه الآية ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) فقال صم ثلاثة أيام أو أطعم، وفي رواية عطاء الخراساني قال صم ثلاثة أيام أو أطعن ستة مساكين، قال وكان قد علم أنه ليس عندي ما أنسك به ونحوه، وفي رواية محمد بن كعب القرظى عن كعب وسياق الآية يشعر بتقديم الصيام على غيره وليس ذلك لكونه أفضل في هذا المقام من غيره، بل السر فيه أن الصحابة الذين خوطبوا شفاها بذلك كان أكثرهم يقدر على الصيام أكثر مما يقدر على الذبح والأطعام، وعرف من رواية

-[ما ذكره العلماء في حديث كعب من الفوائد غير ما تقدم]- .....

_ أبي الزبير أن كعبًا افتدة بالصيام، ووقع في رواية ابن اسحاق مايشعر بأنه افتدى بالذبح لأن لفظه "صم أو أطعم أو انسك شاة، قال فحلقت رأسى ونسكت" وروى الطبراني من طريق ضعيفة عن عطاء عن كعب في آخر هذا الحديث فقلت يا رسول الله خر لي، قال أطعم ستة مساكين (قال القاضي عياض) ومن تبعه تبعاً لأبى عمر كل من ذكر النسك في هذا الحديث مفسرًا فإنما ذكروا شاة، وهو أمر لا خلاف فيه بين العلماء اهـ، لكن يعكر على هذا ما نقله الحافظ من الخلاف، وبما روى أبو داود والطبراني وعبد بن حميد وسعيد بن منصور كلهم من طريق نافع أن كعبا افتدى ببقرة 0 قال الحافظ) فهذه الطرق كلها تدور على نافع وقد اختلف عليه في الواسطة الذي بينه وبين كعب، وقد عارضها ماهو أصح منها من أن الذي أمر به كعب وفعله في النسك إنما هو شاة، قال وروى سعيد بن منصور وعبد بن حميد من طريق المقبرى عن أبى هريرة أن كعب بن عجرة ذبح شاة لأذى كان أصابه، وهذا اصوب من الذي قبله، واعتمد ابن بطال على رواية نافع عن سليمان بن يسار فقال أخذ كعب بارفع الكفارات ولم يخالف النبي صلى الله عليه وسلم فيما امر به من ذبح الشاة بل وافق وزاد، ففيه أن من أفتى بأيسر الأشياء فله أن يأخذ بأرفعها كما فعل كعب (قال الحافظ) هو فرع ثبوت الحديث. ولم يثبت لما قدمته والله أعلم اهـ (وقد استدل بهذا الحديث أيضًا) على أن الفدية لايتعين لها مكان، وبه قال أكثر التابعين، وقال الحسن تتعين مكة، وقال مجاهد النسك بمكة ومنى، والأطعام بمكة، والصيام حيث شاء (وقريب منه قول الشافعى وابي حنيفة) الدم والأطعام لأهل الحرم، وألحق بعض أصحاب أبي حنيفة وأبو بكر بن الجهم من المالكية الأطعام بالصيام (واستدل به أيضًا) على أن الحج على التراخى لأن حديث كعب دل على أن نزول قوله تعالى {وأتموا الحج والعمرة لله} كان بالحديبية وهي سنة ست. وفيه بحث والله أعلم (وفي حديث الباب من الفوائد) أن السنة مبينة لمجمل الكتاب لأطلاق الفدية في القرآن وتقييدها بالسنة وتحريم حلق الرأس على المحرم والرخصة له في حلقها إذا أذاه القمل أو غيره من الأوجاع (وفيه) تلطف الكبير بأصحابه وعنايته بأحوالهم وتفقده لهم، وإذا رأى ببعض اتباعه ضرراً سال عنه وأرشده إلى المخرج منه (واستنبط من المالكية) ايجاب الفدية على من تعمد حلق رأسه بغير عذر فإن ايجابها على المعذور من التنبيه بالأدنى على الأعلى (قال الحافظ) لكن لا يلزم من ذلك التسوية بين المعذور وغيره، ومن ثم قال الشافعى والجمهور لا يتخير العامد بل يلزمه الدم، وخالف في ذلك أكثر المالكية، واحتج لهم القرطبى بقوله في حديث كعب أو اذبح نسكا، قال فهذا يدل على أنه ليس بهدى، قال فعلى هذا يجوز أن يذ 1 بحها حيث شار (قال الحافظ) لا دلالة

-[الدليل على عدم زواج المحرم وتزويجه]- (5) باب ما جاء فى نكاح المحرم وانكاحه وخطبته (183) عن أبان بن عثمان (بن عفَّان) عن أبيه رضى الله عنه عن النَّبىَّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا يخطب (184) ز عن نبيه بن وهب عن عمر بن عبيد الله بن معمر وكان يخطب بنت شيبة بن عثمان على ابنه فأرسل إلى أبان بن عثمان وهو على

_ فيه إذ لا يلزم من تسميتها نسكا أو نسيكة لا تسمى هديا أو لا تعطى حكم الهدي، وقد وقع تسميتها هديا عند البخاري حيث قال "أو تهدى شاة" وفي رواية مسلم ". واهد هديا" وفي رواية الطبري "هل لك هدي؟ قلت لا أجد" فظهر أن ذلك من تصرف الرواة، ويؤيده قوله في رواية مسلم "أو اذبح شاة" اهـ (وفيه من الفوائد أيضا) استحباب الجلوس في المسجد ومذاكرة العلم والاعتناء بسبب النزول لما يترتب عليه من معرفة الحكم وتفسير القرآن، وفيه غير ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم. (183) عن أبان بن عثمان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن سعيد عن مالك حدثني نافع عن نبيه بن وهب عن أبان بن عثمان عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (1) الأول بفتح الياء وكسر الكاف، أي لا يتزوج لنفسه، والثاني بضم الياء وكسر الكاف، أي لا يزوج امرأة بولاية ولا وكالة في مدة الأحرام (قال العسكري) ومن فتح الكاف من الثاني فقد صحف (وقوله لا يخطب) أي لا يخطب المرأة وهو طلب زواجها، وقيل لا يكون خطيبًا في النكاح بين يدي العقد والظاهر الأول (تخريجه) (م. والأربعة. وغيرهم) وليس للترمذي فيه ولا يخطب. (184) "ز" عن نبيه بن وهب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني محمد ابن أبي بكر المقدمي ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن نافع حدثني نبيه بن وهب- الحديث" (غريبه) (2) ذكر الزبير بن بكار أن هذه البنت تسمى أمة الحميد اهـ (وقوله على ابنه) أي على ابن عمر بن عبيد الله، واسمه طلحة كما صرح بذلك في رواية لمسلم من طريق مالك عن نافع عن نبيه بن وهب أن عمر بن عبد الله أراد أن يزوج طلحة بن عمر بنت شيبة بن جبير فأرسل إلى أبان بن عثمان- الحديث، وقد وقع في هذه الرواية لمسلم من طريق ملاك (شبيه بن جبير) وله في رواية أخرى من طريق أيوب عن نافع حدثني

-[الدليل على عدم زواج المحرم وتزويجه]- الموسم فقال ألا أراه أعرابيًّا؛ إنَّ المحرم لا ينكح ولا ينكح أخبرنى بذلك عثمان رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم وحدَّثنى نبيه عن أبيه بنحوه (185) خط عن عكرمة بن خالدٍ قال سألت عبد الله بن عمر رضى الله عنهما عن امرأة أراد أن يتزوَّجها وهو خارج من مكة فأراد أن يعتمر أو يحجَّ، فقال لا تتزوَّجها وأنت محرم، نهى رسول الله

_ نبيه بن وهب قال بعثني عمر بن عبيد الله بن معمر وكان يخطب بنت شيبة بن عثمان على ابنه فأرسلني إلى أبان بن عثمان- الحديث" فذكر في هذه الرواية أنها بنت شيبة بن عثمان كرواية الأمام أحمد (قال النووي) وكذا قال محمد بن راشد بن عثمان بن عمرو القرشي وزعم أبو داود في سننه أنه الصواب وأن مالكا وهم فيه، وقال الجمهور بل قول مالك هو الصواب، فإنها بنت شيبة بن جبير بن عثمان الحجي، كذا حكاه الدارقطني عن رواية الأكثرين (قال القاضي عياض) ولعل من قال شيبة بن عثمان نسبه إلى جده فلا يكون خطأ بل الروايتان صحيحتان، إحداهما حقيقة والأخرى مجاز اهـ (1) يعني وهو أمير على موسم الحج (2) بضم الهمزة أي أظنه أعرابيا لجهله بالأحكام، ووقع عند مسلم "ألا أراك عراقيا جافيًا" قال النووي هكذا وقع في جميع نسخ بلادنا "يعني نسخ مسلم عراقيا" وذكر القاضي أنه وقع في بعض الروايات "عراقيا" وفي بعضها "أعرابيا" قال وهو الصواب أي جاهلا بالسنة، والأعرابي هو ساكن البادية، قال وعراقيا هنا خطأ، إلا أن يكون قد عرف من مذهب أهل الكوفة حينئذ جواز نكاح المحرم، فيصح عراقيا أي آخذًا بمذهبهم في هذا جهلا بالسنة، والله أعلم اهـ (3) هو وهب بن عثمان العبدري أخي بني عبد الدار ابن قصي أي واحد منهم، ونبيه من صغار التابعين ومات قبل نافع الراوي عنه، ونافع هو القائل وحدثني نبيه عن أبيه الخ (تخريجه) (لك. م. والأربعة. وغيرهم). (185) "خط" عن عكرمة بن خالد (سنده) حدّثنا عبد الله قال وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده ثنا أسود بن عامر ثنا أيوب بن عتبة ثنا عكرمة ابن خالد- الحديث" (غريبه) (4) الظاهر أن جملة "وهو خارج من مكة" في موضع الحال من عبد الله بن عمر، والمعنى سألت عبد الله بن عمر وهو خارج من مكة عن امرأة الخ (وقوله فأراد أن يعتمر أو يحج) يعني أراد أن يحرم بحج أو عمرة ثم يتزوج

-[حجة القائلين بجواز نكاح المحرم]- صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم عنه (186) عن عكرمة عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّه كان لا يرى بأسًا أن يتزوَّج الرَّجل وهو محرم ويقول إنَّ نبيَّ الله صلَّى الله عليه وسلَّم تزوَّج ميمونة بنت الحارث بماءٍ يقال له سرف وهو محرم، فلمَّا قضي نبيُّ الله صلَّى الله عليه وسلَّم حجَّته أقبل حتَّى إذا كان بذلك الماء أعرس بها (وعنه من طريقٍ ثانٍ عن ابن عبَّاس أيضًا أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نكح ميمونة وهو محرم وبنى بها حلالًا بسرف وماتت بسرف (وعنه من طريقٍ ثالث) عن ابن عبَّاس أيضًا أنَّ النبَّيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم تزوَّج ميمونة بنت الحارث وهما محرمان (187) عن يزيد بن الأصمِّ عن ميمونة زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ رسول

_ بعد الإحرام (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وهو من الأحاديث التي وجدها عبد الله في كتاب أبيه بخط يده ولذلك رمزت له (خط) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه أيوب بن عتبة وهو ضعيف وقد وثق. (186) عن عكرمة عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن بكر ومحمد بن جعفر قالا ثنا سعيد بن أبي عروبة عن يعلى بن حكيم عن عكرمة- الحديث" (غريبه) (1) بفتح السين وكسر الراء ممنوع من الصرف اسم مكان بين مكة والمدينة على ستة أميال من مكة (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس- الحديث" (3) (سنه) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن عكرمة عن ابن عباس- الحديث" (تخريجه) أخرج الطريق الأول منه باختصار (ق. هق والأربعة) عن ابن عباس بلفظ "أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج مميمونة وهو محرم" وأخرج الطريق الثانية منه البخاري، وأخرج الطريق الثالثة منه النسائي. (187) عن يزيد بن الأصم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب ابن جرير قال ثنا أبي قال سمعت أبا فزارة يحدث عن يزيد بن الأصم عن ميمونة- الحديث" (غريبه) (4) هو ابن أخت ميمونة أم المؤمنين رضي الله عنها كوفي

-[حجة القائلين بأن النبى صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالا - وتاريخ زواجها ووفاتها]- الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم تزوَّجها حلالا وبنى بها حلالًا وماتت بسرف فدفنَّاها في الظلَّة التي بنى بها فيها، فنزلنا في قبرها أنا وابن عبَّاس (188) عن ابى رافعٍ رضى الله عنه مولى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تزوَّج ميمونة حلالًا وبنى بها حلالًا وكنت الرَّسول بينهما

_ ثقة نزل الرقة (وميمونة) هي أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم بنت الحارث بن حزن الهلالية أخت لبابة أم الفضل بن عباس، وكان اسمها برة فسماها النبي صلى الله عليه وسلم ميمونة، وتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذي القعدة سنة سبع لما اعتمره عمرة القضية، فيقال أرسل جعفر بن أبي طالب يخطبها فأذنت للعباس فزوجها منه، ويقال إن العباس وصفها له وقال قد تأيمت من أبي رهم ابن عبد العزي، فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم، قال ابن سعد كانت آخر امرأة تزوجها يعني ممن دخل بها، وذكب بسند له أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها في شوال سنة سبع، فإن ثبت صح أنه تزوجها وهو حلال لأنه إنما أحرم في ذي القعدة منها. أفاد الحافظ في الإصابة (1) أي قبل الأحرام بعمرة القضية (وبنى بها حلالا) أي دخل بها بعد انتهاء العمرة (قال في النهاية) الابتناء والبناء الدخول بالزوجة، والأصل فيه أن الرجل كان إذا تزوج امرأة بنى عليها قبة ليدخل بها فيها فيقال بنى الرجل على أهله (2) بضم الظاء وتشديد اللام كل ما أظل من الشمس، وهي التي زفت إليه ميمونة فيها وهذا من غرائب الصدف، وكانت وفاتها سنة إحدى وخمسين على الصحيح كما قال الحافظ (تخريجه) أخرجه الترمذي بلفظ حديث الباب وسنده وقال هذا حديث غريب، وروى غير واحد هذا الحديث عن يزيد الأصم مرسلا أن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال، ورواه مسلم وابن ماجه "ولفظهما تزوجها وهو حلال قال وكانت خالتي وخالة ابن عباس" ورواه أبو داود ولفظه "قالت تزوجني ونحن حلالان بسرف". (188) عن أبي رافع (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ويونس قالات ثنا حماد بن زيد قال ثنا مطر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن سليمان بن يسار عن أبي رافع- الحديث" (غريبه) (3) يعني الواسطة في أمر الزواج بينه وبين العباس وكيلها في الزواج (تخريجه) (هق. مذ) وقال هذا حديث حسن ولا نعلم أحدا أسنده غير حماد بن زيد عن مطر الوراق عن ربيعة، وروى مالك بن أنس عن ربيعة عن سليمان بن يسار أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال، ورواه مالك مرسلا، ورواه

-[زوائد الباب في عدم جواز نكاح المحرم وإنكاحه]- .....

_ أيضا سليمان بن بلال عن ربيعة مرسلا اهـ (زوائد الباب) (عن أبي الشعثاء) أن ابن عباس أخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم، زاد بن نمير فحدثت به الزهري، فقال أخبرني يزيد بن الأصم أنه نكحها حلال (م) (وعن ميمونة بن مهران) قال أتيت صفية بنت شيبة امرأة كبيرة فقلت لها أتزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم؟ قالت لا، ولقد تزوجها وهما حلالان (طب. نس) ورجال الكبير رجال الصحيح (وعن ابن عمر رضي اله عنهما) أن رسول الله صلى الله عليه سولم قال لا ينكح المحرم ولا ينكح ولا يخطب ولا يخطب عليه (قال الهيثمي) رواه الطبراني في الأوسط عن أحمد بن القاسم، فإن كان أحمد ابن القاسم بن عطية فهو ثقة، وإن كان غيره فلم أعرفه، وبقية رجاله لم يتكلم فيهم أحد (وعن عثمان بن عفان) رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (قال الهيثمي) هو في الصحيح وغيره خلا قوله ولا يخطب عليه، رواه الطبراني في الأوسط وأبو يعلى باختصار موقوفا على أبان بن عثمان، إلا أنه قال ولا خطب على نفسه ولا من سواه، ورجال أبي يعلى رجال الصحيح، وفي إسناد الطبراني من لم أعرفهم (وعن عائشة رضي الله عنها) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج وهو محرم واحتجم وهو محرم (قال الهيثمي) رواه البزار، وروى لها الطبراني في الأوسط أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم، ورجال البزار رجال الصحيح (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه قال تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ميمونة وهو محرم (طس) وفيه عبد الله بن محمد بن المغيرة وهو ضعيف (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهما حرامان (قال الهيثمي) هو في الصحيح خلا إحرام ميمونة، رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح (وعنه أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال (طب) وفيه عثمان بن مخلد الواسطي ذكره ابن أبي حاتم ولم يخرجه وبقية رجاله ثقات، وفي بعضهم كلام لا يضر، قاله الهيثمي (وعنه أيضا) في قوله تعالى {ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم} فهو لا حجر عليكم في الشراء والبيع قبل الأحرام وبعده، فأما الأحرام فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزوج أو يزوج أو ينحر حتى يفرغ من إحرامه، قال الهيثمي رواه الطبراني، وعلى بن طلحة لم يسمع من ابن عباس. بينهما مجاهد. وبقية رجاله ثقات وفي بعضهم كلام (وعن داود بن الحصين) عن أبي غطفان بن طريف المرّي أنه أخبره أن أبا طريفًا تزوج امرأة وهو محرم فرد عمر بن الخطاب رضى الله عنه نكاحه (لك. هق) (وعن الحسن) عن علي رضي الله عنهما قال من تزوج وهو محرم نزعنا منه امرأته (وعن جعفر بن محمد) عن أبيه أن عليا رضي الله عنه قال لا ينكح المحرم فإن نكح ودَّ نكاحه (وعن شوذب) مولى لزيد بن ثابت رضي الله عنه أنه تزوج

-[اختلاف المذاهب فى صحة نكاح المحرم والجواب عن حديث ابن عباس]- .....

_ وهو محرم ففرق بينهما زيد بن ثابت، روى هذه الآثار الأربعة البيهقي، ثم قال وروينا في ذلك عن عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما (وعن قدامة بن موسى) قال تزوجت وأنا محرم فسألت سعيد بن المسيب فقال يفرق بينهما "هق" (وعن سعيد بن المسيب) أن رجلا تزوج وهو محرم فأجمع أهل المدينة على أن يفرق بينهما "هق" (وعن مالك بن أنس) رحمه الله أنه بلغه أن سعيد بن المسيب وسالم بن عبد الله وسليمان بن يسار سئلوا عن نكاح المرحم فقالوا لا ينكح المحرم ولا ينكح (لك) (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على عدم جواز نكاح المحرم أو إنكاح غيره، وعلى عدم واز الخطبة أيضا إلا ما رواه ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو محرم فإنه يعارض أحاديث الباب، لكن قال سعيد بن المسيب وهم ابن عباس في تزويج ميمونة وهو محرم، رواه أبو داود وقد اختلف العلماء بسبب ذلك في نكاح المحرم (قال النووي رحمه الله) فقال (مالك والشافعي وأحمد) وجمهور العلماء من الصحابة فمن بعدهم لا يصح نكاح المحرم، واعتمدوا أحاديث الباب (وقال أبو حنيفة) والكوفيون يصح نكاحه لحديث قصة ميمونة وأجاب الجمهور عن حديث ميمونة بأجوبة، أصحها أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما تزوجها حلالا، هكذا رواه أكثر الصحابة (قال القاضي) وغيره ولم يرو أنه تزوجها محرما إلا ابن عباس وحده، وروت ميمونة وأبو رافع وغيرهما أنه تزوجها حلالا، وهم أعرف بالقضية لتعلقهم به، بخلاف ابن عباس لأنهم أضبط من ابن عباس وأكثر (الجواب الثاني) تأويل حديث ابن عباس على أنه تزوجها في الحرم وهو حلال، ويقال لمن هو في الحرم محرم وإن كان حلالا، وهي لغة شائعة معروفة، ومنه البيت المشهور *قتلوا ابن عفان الخليفة محرما* أي في حرم المدينة (والثالث) أنه تعارض القول والفعل، والصحيح حينئذ عند الأصوليين ترجيح القول لأنه يتعدى إلى الغير، والفعل وق يكون مقصورا عليه (والرابع) جواب جماعة من أصحابنا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان له أن يتزوج في حال الأحرام وهو مما خص به دون الأمة، وهو أصح الوجهين عند أصحابنا (والوجه الثاني) أنه حرام في حقه كغيره وليس من الخصائص، وأما قوله صلى الله عليه وسلم ولا ينكح- فمعناه لا يزوج امرأة بولاية ولا وكالة (قال العلماء) سببه أنه لما منع في مدة الأحرام من العقد لنفسه صار كالمرأة فلا يعقد لنفسه ولا لغيره؛ وظاهر هذا العموم أنه لا فرق بين أن يزوج بولاية خاصة كالأب والأخ والعم ونحوهم أو بولاية عامة وهو السلطان والقاضي ونائبه، وهذا هو الصحيح عندنا، وبه قال جمهور أصحابنا. وقال بعض أصحابنا يجوز أن يزوج المحرم بالولاية العامة لأنها يستفاد بها ما لا يستفاد بالخاصة ولهذا يجوز للمسلم تزويج الذمية بالولاية العامة دون الخاصة، واعلم أن النهي عن النكاح

-[كلام العلماء في حكم الزواج والخطبة والرجعة للمحرم والجمع بين حديث ابن عباس وأحاديث الباب]- .....

_ والأنكاح في حال الأحرام نهي تحريم، فلو عقد لم ينعقد سواء كان المحرم هو الزوج والزوجة، أو العاقد لهما بولاية أو ووكالة فالنكاح باطل في كل ذلك، حتى لو كان الزوجان والولي مسلمين ووكل الولي أو الزوج محرما في العقد لم ينعقد "وأما قوله صلى الله عليه وسلم ولا يخطب" فهو نهي تنزيه لي بحرام وكذلك يكره للمحرم أن يكون شاهدا في نكاح عقده المحلون (وقال بعض أصحابنا) لا ينعقد بشهادته لأن الشاهد ركن في عقد النكاح كالولي، والصحيح الذي عليه الجمهور انعقاده اهـ (قال الحافظ) في الإصابة وقد انتشر الاختلاف في هذا الحكم بين الفقهاء، ومنهم من جمع في هذا الحكم بين الفقهاء، ومنهم من جمع بأنه عقد عليهما وهو محرم وبنى بها بعد أن أحل من عمرته بالتنعيم وهو حلال في الحل، وذلك بين من سياق القصة عند ابن إسحاق، وقيل عقد له عليها قبل أن يحرم وانتشر أمر تزويجها بعد أن أحرم فاشتبه الأمر اهـ (قلت) وهذا الجمع وجيه، وعليه فيقال إن ابن عباس لم يعلم بالعقد إلا بعد انتشاره، والنبي صلى الله عليه وسلم محرم بسرف ففهم أن العقد لم يحصل إلا في المكان الذي يقال له سرف، ولهذا قال في روايته أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة بنت الحارث بماء يقال له سرف وهو محرم، وتقدم أن هذا الماء أقرب إلى مكة من المدينة وميقات أهل المدينة أقرب إلى المدينة من مكة، فثبت أنه كان محرما ما يسرف ولم يبلغ ابن عباس خير الزواج إلا بهذا المكان ففهم أنه حصل حينئذ، والظاهر أن ابن عباس رضي الله عنهما رجع عن ذلك، فقد روى الطبراني بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة وهو حلال وتقدم في الزوائد، وفي الحديث بعده في الزوائد عن ابن عباس أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يتزوج أو يزوج أو ينحر حتى يفرغ من إحرامه، رواه الطبراني أيضا والله أعلم (أما مراجعة المطلقة رجعيا) في العدة فغير محظورة على المحرم (قال الأمام مالك) رحمه الله في الموطأ في الرجل المحرم أنه يراجع امرأته إن شاء إن كانت في عدة منه، أي لأن الرجعة ليست بنكاح فلم تدخل في الحديث، فأما إن خرجت من عدتها فلا يعيدها لأنه نكاح فدخل فيه (قال أبو عمر) لا خلاف في ذلك بين أئمة الفتوى بالأمصار لأن المراجعة لا تحتاج إلى وليّ ولا صداق (قال الباحي) وعن أحمد منعه من الرجعة والله أعلم. (تتمة في حكم من جامع أو قبَّل أو لمس بشهوة وهو محرم) اعلم هداني الله وإياك لما يحب ويرضى أن غشيان النساء أو تقبيلهن أو لمسهن بشهوة أو التعريض لهن بذكر الجماع ونحوه كل ذلك حرام في حال الأحرام، والأصل في ذلك قول الله عز وجل "فمن فرض فيهن الحج فلا رفث ولا فسوق ولا جدال في الحج" وقد فسر الرفث بالجماع كما قال تعالى {أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم} روى الحافظ

-[تتمة في حكم جامع أو قبَّل أو لمس بشهوة وهو محرم]- .....

_ ابن كثير في تفسيره عن ابن عباس وابن عمر الرفث غشيان النساء، قال وكذا قال سعيد ابن جبير. وعكرمة. ومجاهد. وإبراهيم (يعني النخعي) وأبو العالية. وعطاء. ومكحول وعطاء الخراساني. وعطاء بن يسار. وعطية. والربيع. والزهري. والسدي. ومالك بن أنس. ومقابل بن حيان. وعبد الكريم بن مالك. والحسن. وقتادة. والضحاك. وغيرهم (وقال علي بن أبي طلحة) عن ابن عباس الرفث غشيان النساء والقبلة والغمز وأن تعرض لها بالفحش من الكلام ونحو ذلك (وفسر الفسوق) بأتيان معاصي الله في حرم الله، وهو مروي عن ابن عمر وابن عباس، وكذا قال عطاء. ومجاهد. وطاوس. وعكرمة. وسعيد ابن جبير. ومحمد بن كعب. والحسن. وقتادة. وإبراهيم النخعي. والزهري. والربيع ابن أنس. وعطاء بن ياسر. وعطاء الخراساني. ومقاتل بن حيان (وقال آخرون) الفسوق هاهنا السباب، قاله ابن عباس. وابن عمر. وابن الزبير. ومجاهد. والسدى. وإبراهيم النخعي. والحسن، وقد يتمسك لهؤلاء بما ثبت في الصحيح "سباب المسلم فسوق وقتاله كفر" (والجدال في الحج) المراء والمخاصمة، روى ابن جرير بسنده عن عبد الله بن مسعود في قوله تعالى "ولا جدال في الحج" قال أن تماري صاحبك حتى تغضبه (وعن التميمي) قال سألت ابن عباس عن الجدال، فقال المراء تماري صاحبك حتى تغضبه، وكذلك روى مقسم والضحاك عن ابن عباس، وكذا قال أبو العالية. وعطاء. ومجاهد. وسعيد بن جبير وعكرمة. وجابر بن زيد. وعطاء الخراساني. ومكحول. والسدى. ومقاتل بن حيان وعمرو بن دينار. والضحاك. والربيع بن أنس. وإبراهيم النخعي. وعطاء بن يسار والحسن. وقتادة. والزهري (وقال علي بن أبي طلحة) عن ابن عباس "ولا جدال في الحج" المراء والملاحاة حتى تغضب أخاك وصاحبك، فنهى اله عن ذلك (قلت) وهذا النهي للتحريم، وأشد هذه الأمور تحريما الجماع حال الأحرام لإجماع الأمة على تحريمه وأنه مفسد للحج (قال ابن المنذر) أجمع أهل العلم على أن الحج لا يفسد بأتيان شيء في حال الأحرام إلا الجماع اهـ (قلت) وقيل أن أذكر مذاهب الأئمة رحمهم الله في حكم من أفسد حجه بالجماع وماذا يفعل اذكر ما وقفت عليه في ذلك من الأخبار والآثار ليظهر للقارئ ما بنوا مذاهبهم عليه من الأدلة فأقول. روى البيهقي بسنده عن يزيد بن نعيم الأسلمي التابعي أن رجلا من جذام جامع امرأته وهما محرمان، فسأل الرجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهما اقضيا نسككما واهديا هديا ثم ارجعا حتى إذا جئتما المكان الذي أصبتما فيه ما أصبتما فتفرقا ولا يرى واحد منكما صاحبه وعليكما حجة أخرى، فتقبلان حتى إذا كنتما بالمكان الذي أصبتما فأحرما، وأتما نسككما واهديا (قال البيهقي) هذا منقطع (وفي الموطأ) قال مالك أنه بلغني أن عمر بن الخطاء وعليَّ بن أبي طالب

-[ما ورد من الأحاديث والآثار فيمن أفسد حجة بالجماع]- .....

_ وأبا هريرة رضي الله عنهم سئلوا عن رجل أصاب أهله وهو محرم بالحج فقالوا ينفدان لوجههما حتى يقضيا حجهما ثم عليهما الحج من قابل والهدى، وقال على فإذا أهلا بالحج من قابل تفرقا حتى يقضيا حجهما، هذا الأثر ذكره الأمام مالك بلاغا عنهم وأسنده البيهقي من حديث عطاء أن عمر بن الخطاب قال في محرم أصاب امرأته يعني وهي محرمة فقال يقضيان حجهما وعليهما الحج من قابل، وهو أيضا منقطع فإن عطاء لم يدرك عمر، وإنما ولد عطاء في آخر خلافة عثمان، ورواه سعيد بن منصور عن مجاهد عن عمر وهو منقطع وأخرجه ابن أبي شيبة أيضا عنه وعن علي وهو منقطع أيضا بين الحكم وبينه (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) أنه سئل عن رجل وقع على أهله وهي بمنى قبل أن يفيض فأمره أن ينحر بدئة، رواه الأمام مالك في الموطأ بإسناد صحيح (وعنه أيضا) في رجل وقع على امرأته وهو محرم فقال اقضيا نسككما وارجعا إلى بلدكما، فإذا كان عام قبل فأخرجا حاجين فإذا أحرمتما فتفرقا ولا تلتقيا حتى تقضيا نسككما واهديا هديا، رواه البيهقي بإٍناد صحيح (وفي رواية) ثم أهلا من حيث أهللتما أول مرة (وعن عمرو بن شعيب) عن أبيه أن رجلا أتى عبد الله بن عمرو وأنا معه يسأله عن محرم وقع بامرأته فأشار إلى عبد الله بن عمر فقال اذهب إلى ذلك فسله، قال شعيب فلم يعزم الرجل، فذهبت معه نسأل ابن عمر فقال بطل حجك، فقال الرجل فما أصنع قال اخرج مع الناس واصنع ما يصنعون، فإن أدركت قابل فحج واهد؛ فرجع إلى عبد الله بن عمرو وأنا معه فأخبره، فقال اذهب إلى ابن عباس فسله (قال شعيب) فذهبت معه إلى ابن عباس فسأله فقال له كما قال ابن عمر، فرجع إلى عبد الله بن عمرو وأنا معه فأخبره بما قال ابن عباس، ثم قال ما تقول أنت؟ فقال قولي ما قالا، رواه البيهقي بإسناد صحيح، ثم قال البيهقي هذا إسناد صحيح، قال وفيه دليل على صحة سماع شعيب ابن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص من جده عبد الله بن عمرو (وعن عكرمة) أن رجلا قال لابن عباس أصبت أهلي فقال ابن عباس أما حجكما هذا فقد بطل، فحجا عاما قابلا ثم أهلا من حيث أهللتما، وحيث وقعت عليها ففارقها فلا تراك ولا تراها حتى ترميا الجمرة واهد ناقة ولتهد ناقة، رواه البيهقي (وعن ابن عباس) إذا جامع فعلى كل واحد منهما بدنة، رواه ابن خزيمة والبيهقي بإسناد صحيح (وعنه أيضا) يجزئ عنهما جزور رواه ابن خزيمة والبيهقي بإسناد صحيح (وعنه أيضا) قال إن كنت أعانتك فعلى كل واحد منهما بدنة حسناء جملاء وإن كانت لم تعنك فعليك ناقة حسناء جملاء، رواه ابن خزيمة والبيهقي بإسناد صحيح (قال ابن قدامة الحنبلي في المغني) قال ابن المنذر قول ابن عباس أعلى شيء روى فيمن وطئ في حجه، وروى ذلك عن عمر رضي الله عنه، وبه قال

-[مذاهب الأئمة فيما يفعل من أفسد حجة بالجماع - وفى الوطء فيما دون الفرج]- .....

_ ابن المسيب. وعطاء. والنخمي. والثوري (والشافعي) وإسحاق. وأبو ثور وأصحاب الرأي ولا فرق بين ما قبل الوقوف وبعده (وقال أبو حنيفة) إن جامع قبل اوقوف فسد حجه، وإن جامع بعده لم يفسد لقول النبي صلى الله عليه وسل (الحج عرفة) ولأنه معنى يأمن به الفوات فأمن به الفساد كالتحليل (قال ابن قدامة) ولنا قول الصحابة الذين روينا، فإن قولهم مطلف فيمن واقع محرما، ولأنه جماع صادف إجراما تاما فأفسده كما قبل الوقوف وقوله صلى الله عليه وسلم (الحج عرفة) يعني معظمه أو أنه ركن متأكد فيه ولا يلزم من أمن الفوات أمن الفساد بدليل العمرة، إذا ثبت هذا فإنه يجب على المجامع بدنة، قال وإن كانت المرأة مكرهة على الجماع فلا هدي عليها ولا على الرجل أن يهدى عنها، نص عليه أحمد لأنه جماع يوجب الكفارة فلم تجب به حال الإكراه أكثر من كفارة واحدة كما في الصيام، وهذا قول إسحاق وأبي ثور وابن المنذر (وعن أحمد) رواية أخرى أن عليه أن يهدى عنها وهو قول (عطاء ومالك) لأن إفساد الحج وجد منه في حقهما فكان عليه لإفساد حجها هدي قياسًا على حجه، وعنه ما يدل على أن الهدي عليه، لأن فساد الحج ثبت بالنسبة إليها فكان الهدي عليها كما ول طاوعت، ويحتمل أنه أراد أن الهدى عليها يتحمله الزوج عنها فلا يكون رواية ثالثة، فأما حال المطاوعة فعلى كل واحد منهما بدنة، هذا قول ابن عباس. وسعيد بن المسيب. والنخعي. والضحاك (ومالك) والحكم. وحماد، لأن ابن عباس قال اهد ناقة ولتهد ناقة لأنها أحد المتجامعين من غير إكراه فلزمتها بدنة كالرجل (وعن أحمد) أنه قال أرجو أن يجزئهما هدي واحد، وروى ذلك عن عطاء (وهو مذهب الشافعي) لأنه جماع واحد فلم يوجب أكثر من بدنة كحالة الإكراه، والنائمة كالمركهة في هذا، وأما فساد الحج فلا فرق بين حال الإكراه والمطاوعة لا نعلم فيه خلافا. قال ولا فرق بين الوطء في القبل والدبر من آدمي أو بهيمة (وبه قال الشافعي) وأبو ثور ويتخرج في وطئ البهيمة أن الحج لا يفسد به (وهو قول مالك وأبي حنيفة) لأنه لا يوجب الحد فأشبه الوطء دون الفرج، وحكى أبو ثور عن أبي حنيفة أن اللواط والوطء في الدبر لا يفسد الحج لأنه لا يثبت به الإحصان بالوطء دون الفرج اهـ (وقد اختلف العلماء) في الوطء فيما دون الفرج، فقال النووي لم يفسد حجه عندنا، وعليه شاة في أصح القولين وبدنة في الآخر سواء أنزل أم لا، وكذا قال جمهور العلماء لا يفسد اهـ. وقال الخرقي من أئمة الحنابلة في مختصره، وإن وطئ دون الفرج فلم ينزل فعليه دم، وإن أنزل فعليه بدنة وقد فسد حجة (قال ابن قدامة) في شرحه أما إذا لم ينزل فإن حجه لا يفسد بذلك لا نعلم أحدًا قال بفساد حجه لأنها مباشرة دون الفرج عريت عن الأنزال فلم يفسد بها الحج كاللمس

-[مذاهب الأئمة في حكم الوطء فيما دون الفرج - وما يفعل من قبَّل أو لمس بشهوة]- .....

_ أو مباشرة لا توجب الاغتسال أشبهت اللمس وعليه شاة، وقال الحسن فيمن ضرب بيده على فرج جاريته عليه بدنة (وعن سعيد بن جبير) إذ نال منها ما دون الجماع ذبح بقرة (قال ابن قدامة) ولنا أنها ملامسة من غير إنزال فأشبهت لمس غير الفرج "فأما إن أنزل" فعليه بدنة، وبذلك قال الحسن. وسعيد بن جبير. والثوري. وأبو ثور (وقال الشافعي) وأصحاب الرأي وابن المنذر عليه شاة لأنها مباشرة دون الفرج فأشبه لو لم ينزل (قال ابن قدامة) ولنا أنه جماع أوجب الغسل فأوجب بدنة كالوطء في الفرج، وفي فساد حجه بذلك روايتان (إحداهما) يفسد اختارها الخرقي وأبو بكر وهو قول عطاء. والحسن. والقاسم ابن محمد (ومالك وإسحاق) لأنها عبادة يفسدها الوطء فأفسدها الأنزال عن مباشرة كالصيام (والثانية) لا يفسد الحج وهو قول (الشافعي وأصحاب الرأي وابن المنذر) وهي الصحيحة إن شاء الله، لأنه استمتاع لا يجب بنوعه الحد فلم يفسد الحج كما لو لم ينزل ولأنه لا نص فيه ولا إجماع ولا هو في معنى المنصوص عليه، لأن الوطء في الفرج يجب بنوعه الحد ويتعلق به إثنا عشر حكما ولا يفترق فيه الحال بين الأنزال وعدمه؛ والصيام يخالف الحج في المفسدات، ولذلك يفسد بتكرار النظر مع الأنزال والمذي وسائر محظوراته، والحج لا يفسد بشيء من محظوراته غير الجماع فافترقا؛ والمرأة كالرجل في هذا إذا كانت ذات شهوة، وإلا فلا شيء عليها كالرجل إذا لم يكن له شهوة اهـ "وأما إذا قبلها" بشهوة فهو كالوطء فيما دون الفرج من غير إنزال، فلا يفسد الحج وتجب شاة، وبه قال ابن المسيب وعطاء. وابن سيرين. والزهري. وقتادة. والأئمة (الشافعي ومالك والثوري وأحمد وإسحاق وأبو حنيفة وأبو ثور) وقال ابن المنذر روينا ذلك عن ابن عباس وروينا عنه أنه يفسد حجه (وعن عطاء) رواية أنه يستغفر الله تعالى ولا شيء عليه (وعن سعيد بن جبير) أربع روايات (إحداها) كقول ابن المسيب ومن وافقه (والثانية) عليه بقرة (والثالثة) يفسد حجه (والرابعة) لا شيء عليه بل يستغفر الله (ولو ردد النظر إلى زوجته حتى أمنى) لم يفسد حجه ولا فدية عليه عند الأئمة (أبي حنيفة والشافعي وأبي ثور) (وقال الحسن البصري ومالك) يفسد حجه وعليه الهدي، وقال عطاء عليه الحج من قابل وعن ابن عباس روايتان (إحداهما) عليه بدنة، والثانية دم، وقال سعيد بن جبير والإمام أحمد وإسحاق عليه دم (قال النووي) في شرح المهذب (وأما اللمس بغير شهوة) فليس بحرام بلا خلاف، وأما قول الغزالي في الوسيط والوجيز تحرم كل مباشرة تنقض الوضوء فغلطوه فيه، واتفقوا على أنه سهو وليس وجها، وسبب التغليظ أنه قال مباشرة تنقض الوضوء فتدخل فيه المباشرة بغير شهوة وليست محرمة بلا خلاف. والله سبحانه وتعالى أعلم.

-[حجة القائلين بمنع المحرم من أكل صيد البر مطلقا]- (6) باب تحريم صيد البر على المحرم واكله (189) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّ الصَّعب بن جثَّامة الأسدىَّ رضي الله عنه أهدى إلى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم رجل حمار وحش وهو محرم فردَّه وقال إنَّا محرمون (190) وعنه أيضًا عن الصَّعب بن جثامة رضى الله عنه قال مرَّ بى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وأنا بالأبواء أو بودَّان فأهديت له من لحم حمار وحشٍ وهو محرم فردَّه علىَّ، فلمَّا رأى في وجهى الكراهة قال إنَّه ليس بنا ردٌّ عليك

_ (189) عن ابن عباس رضي الله عنهما (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنبأنا يزيد بن أبي زياد عن مقسم عن ابن عباس أن الصعب بن جثامة- الحديث" (غريبه) (1) بفتح الصاد وسكون العين المهملتين بعدها موحدة؛ وأبوه جثامة بفتح الجيم وتنقيل المثلثة، وهو من بني ليث بن بكر بن عبد مناة كنانة؛ وكان ابن أخت أبي سفيان بن حرب، أمه زينب بنت حرب بن أمية، وكان النبي صلى الله عليه وسلم آخى بينه وبين عوف ابن مالك (2) وقع في رواية للشيخين والأمام أحمد وستأتي من حديث ابن عباس عن الصعب بن جثامة أيضا أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا وحشيا، ووقع في رواية لمسلم "رجل حمار وحشي" كما هنا، وسيأتي الكلام على اختلاف الروايات في القدر المهدي في الأحكام إن شاء الله تعالى (3) أي لم يقبل هديته لأنه لا يجوز للمحرم أكل لحم الصيد، وقد احتج به القائلون بمنع المحرم من أكل صيد البر مطلقا. وسيأتي ذكرهم في الأحكام (تخريجه) (م. نس. هق. وغيرهم) وهذا الحديث من مسند ابن عباس. (190) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة- الحدث" (غريبه) (4) بفتح الهمزة وسكون الموحدة جبل من أعمال الفرع بضم الفاء وسكون والراء بعدها مهملة، قيل سمي بالأبواء لوبائه، وقيل لأن السيول تتبوؤه أي تحله (وقوله أو بودَّان) شك من الراوي وهو بفتح الواو وتشديد الدال المهملة آخره نون موضع بقرب الجحفة (5) أي ليس من خصالنا رد الهدية على مهدبها ولم يمنعنا من قبولها إلا

-[حجة القائلين بمنع المحرم من أكل صيد البر مطلقا]- ولكنَّا حرم (وعن من طريقٍ ثانٍ) عن الصَّعب بن جثَّامة اللَّيثيَّ أنَّه أهدي إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو بالأبواء أو بودَّان حمارًا وحشيًّا فردَّه عليه رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم الحديث (وعن من طريقٍ ثالثٍ بنحوه وفيه) فأهديت له حمار وحش فردَّه علىَّ الحديث. وفى آخره قلت لابن شهاب الحمار عقير؟ قال لا أدرى (191) عن طاوس قال قدم زيد بن أرقم رضي الله عنه فقال له ابن عبَّاس رضى الله عنهما يستذكره كيف أخبرتنى عن لحم أهدى للنَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وهو حرام قال نعم، أهدي رجل عضوًا

_ أننا (حرم) بضم الحاء والراء أي محرمون، وليس هذا آخر الحديث عند الأمام أحمد، وبقيته (قال) وسمعته يقول لا حمى إلا لله ولرسوله، وسئل عن أهل الدار من المشركين بيتون فيصاب من نسائهم وذراربهم، فقال هم منهم، ثم يقول الزهري ثم نهى عن ذلك بعد اهـ (قلت) سيأتي ذلك في باب جواز تبيت الكفار ورميهم بالمنجنيق من كتاب الجهاد إن شاء الله (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن بن مهدي عن مالك بن أنس عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة- الحديث" (2) (سنه) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر قال أنا ابن جريج قال أخبرني ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس عن صعب بن جثامة أنه قال مر بي وأنا بالأبواء أو بودان فأهديت له حمار وحش- الحديث" (3) القائل قلت لابن شهاب هو ابن جريج (وقوله عقير) فعيل بمعنى مفعول أي مقتول من رمية الصائد أو أصابه عقر ولم يمت بعد (تخريجه) (ق. لك. نس. مذ. جه. هق) باختلاف في بعض الألفاظ. (191) عن طاوس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال أخبرني حسن بن مسلم عن طاوس قال قدم زيد بن أرقم- الحديث" (غريبه) (4) أي يتحقق ما سمعه منه سابقا (5) يعني وهو محرم

-[اختلاف عثمان وعلى رضي الله عنهما في المحرم إذا صيد له أيأكله أم لا؟]- من لحم صيد فردَّه وقال إنَّا لا نأكله إنَّا حرم (192) عن عائشة رضى الله عنها قالت أهدى للنَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وشيقة ظبيٍ وهو محرم فردَّها (وفي لفظٍ فلم يأكله) قال سفيان الوشيقة ما طبخ وقدِّد (193) عن عليِّ بن زيد ثنا عبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمىُّ قال كان أبى الحارث على أمرٍ من أمر مكَّة في زمن عثمان فأقبل عثمان رضى الله عنه إلى مكَّة فقال عبد الله بن الحارث فاستقبلت عثمان بالنُّزل بقديدٍ فاصطاد أهل الماء حجلًا فطبخناه بماءٍ وملح فجعلناه عراقًا للثَّريد فقدَّمناه إلى عثمان وأصحابه فأمسكوا فقال عثمان صيد لم أصطده ولم نأمر بصيده، اصطاده قوم حلٌّ فأطعمونا فما بأس، فقال عثمان من يقول فى هذا؟ فقالوا علىٌّ، فبعث إلى علىٍّ رضى الله عنه فجاء، قال عبد الله

_ (تخريجه) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي والبيهقي. (192) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عبد الكريم عن قيس بن مسلم الجدي عن الحسن بن محمد بن على عن عائشة- الحديث" (غريبه) (1) الوشيقة أن يؤخذ اللحم فيغلي قليلا ولا ينضج ويحمل في الأسفار وقيل هي القديد، وقد فسرنا سفيان في الحديث بذلك والظبي هو الغزال (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح. (193) عن علي بن زيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي هاشم ابن سليمان يعني ابن المغيرة عن علي بن زيد ثنا عبد الله بن الحارث بن نوفل- الحديث" (غريبه) (2) النزل بضمتين الموضع الذي ينزل فيه، وقديد بضم أوله مصغرا موضع بين مكة والمدينة (3) الحجل طير معروف، الواحدة حجلة وزان قصب وقصبة (وقوله فجعلناه عراقا للثريد) أي بدل لحم الجزور ونحوه وإن كان هذا قليلا (4) أي لأنهم مجرمون وهذا لحم صيد لا يجوز للمحرم أكله (5) أي قوم حلال ليسوا محرمين يريد أننا لم نصطده ولم نأمر بصيده فلا مانع من أكله، فكأنه قيل له إن هذا ممنوع على

-[اختلاف عثمان وعلي رضي الله عنهما في المحرم إذا صيد له صيد أيأكله أم لا]- ابن الحارث فكأني أنظر إلى عليٍّ حين جاء وهو يحثُّ الخبط عن كفَّيه فقال له عثمان صيد لم نصطده ولم نأمر بصيده، اصطاده قوم حلٌّ فأطعمونا فما بأس، قال فغضب على وقال أنشد الله رجلًا شهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين أتى بقائمة حمار وحشٍ (وفي لفظ بعجز حمار وحش وهو محرم) فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إنَا قوم حرم فأطعموه أهل الحلِّ قال فشهد اثنا عشر رجلًا من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، ثمَّ قال عليٌّ أشهد الله رجلًا شهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين أتى ببيض النَّعام (وفى لفظٍ بخمس بيضات نعام) فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إنَّا قوم حرم، أطعموه أهل الحلِّ، قال فشهد دونهم من العدَّة من الاثنى عشر قال فثنى عثمان وركه عن الطَّعام فدخل رحله (وفى لفظٍ فسطاطه) وأكل ذلك الطَّعام أهل الماء

_ المجرم فقال (من يقول في هذا) يعني من يقول بعدم الجواز (1) الحت معناه الحك والأزلة، والخبط بالتحريك اسم ما يتساقط من ورق الشجر بعد خبطه أي ضربه بالعصى وهو من علف الإبل، وللعرب طريقة في جعله علفا وهو أن يؤخذ الورق ويجفف ويطحن يوخلط بدقيق أو غيره ويعجن بالماء فتوجره الأبل، والمعنى أن عليا رضى الله عنه كان مشتغلا بعلف بعيره حينما جاءه الرسول ويده ملوثة بالخبط فأسرع في المجيء قبل أن يزيل ما عليها اهتماما بهذا الأمر ثم بعد مجيئه صار يحت الخبط عن كفيه، ولذا قال عبد الله ابن الحارث فكأني أنظر إلى على حين جاء وهو يحت الخبط عن كفيه يعني أنه متحقق ما حصل في هذه القصة كأنها وقعت الآن (2) بضم الشين المعجمة أي أسأل بالله وأقسم به (وقوله شهد رسول الله) أي كان حاضرا مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أتى بقائمة حمار وحش الخ (3) لابد من تقييد هذا الإطلاق بأن هذا الصيد صيد لأجل المحرم أو بأمره، أما إذا صاده الحلال لنفسه ثم أهدى منه شيئا للمحرم فلا بأس بقبوله وأكله كما يستفاد ذلك من حديث جابر الآتي بعد هذا؛ ويقال مثل ذلك في بيض النعام الآتي (4) يعني أنه شهد له على بيض النعام بعض الاثني عشر المتقدم ذكرهم (5) يريد أنه اقتنع بما سمعه من على رضى الله عنه وامتنع عن الطعام فأكله أهل الماء أي المقيمون بهذا المكان من أهل الحل (تخريجه) (عل. بز) بنحوه وفيه على بن زيد فيه كلام وقد وثق

-[حجة القائلين بجواز صيد البر للمحرم ما لم يصده أو يصد له]- (فصل منه في جواز أكل صيد البر إذا لم يصده أو يصد له) (194) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (وفى لفظٍ سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يقول) صيد البرِّ لكم حلال قال سعيد وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصد لكم (195) عن عبد الله بن أبى قتادة قال أحرم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عام

_ (194) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سعيد بن منصور وقتيبة بن سعيد قالا ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب عن جابر بن عبد الله- الحديث" (غريبه) (1) هذا اللفظ لقتيبة أحد الراويين اللذين روى عنهما الأمام أحمد هذا الحديث (2) يعني زاد سعيد بن منصور أحد الراويين اللذين روى عنهما الأمام أحمد في روايته (وأنتم حرم) أما قتيبة فقال في روايته "سيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم" بدون قوله "وأنتم حرم" (3) هذا الحديث صريح في التفرقة بين أن يصيده المحرم أو يصيده غيره له. وبين أن لا يصيده المحرم ولا يصاد له. بل يصيده الحلال لنفسه ويطعمه المحرم، ومقيد لبقية الأحاديث المطلقة كحديث الصعب بن جثامة وطلحة وأبي قتادة، ومخصص لعموم الآية المتقدمة والله تعالى أعلم (تخريجه) (الأربعة. وغيرهم) قال الحافظ في التلخيص رواه أصحاب السنن و (حب. ك. قط. هق) من حديث عمرو بن أبي عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب عن مولاه المطلب عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "سيد البر لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصاد لكم" وفي رواية للحاكم "لحم صيد البر لكم حلال وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصد لكم" وعمرو مختلف فيه وإن كان من رجال الصحيحين ومولاه (قال الترمذي) لا يعرف له سماع عن جابر، وقال في موضع آخر قال محمد لا أعرف له سماعا من أحد من الصحابة إلا قوله حدثني من شهد خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول لا نعرف له سماعا من أحد من الصحابة، وقد رواه الشافعي عن الدراوردي عن عمرو عن رجل من الأنصار عن جابر (قال الشافعي) إبراهيم بن محمد بن أبي يحيى أحفظ من الدراوردي ومعه سليمان بن بلال يعني أنهما قالا فيه عن المطلب (قال الشافعي) وهذا الحديث أحسن شيء في هذا الباب اهـ (قلت) وقول الترمذي قال محمد، يعني البخاري. (195) عن عبد الله بن أبي قتادة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[قصة خروج أبى قتادة وصيده حمار الوحش وعدم احرامه]- الحديبية ولم يحرم أبو قتادة قال وحدِّث رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنَّ عدوٌّا بغيقة فانطلق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فبينما أنا مع أصحابى فضحك بعضهم إلى بعض فنظرت فإذا أنا بحمار وحشٍ فاستعنتهم فأبوا أن يعينونى فحملت عليه

_ إسماعيل عن هشام الدستوائي ثنا يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة- الحديث" (غريبه) (1) هو الأنصاري الصحابي اسمه الحارث بن رعبي بكسر الراء وسكون الباء بعدها عين مهملة مكسورة، وإنما لم يحرم أبو قتادة، لأن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا قتادة ورفقته لكشف عدو لهم بجهة الساحل كما سيأتي في الطريق الثانية (2) أي في غيقة وهو بفتح الغين المعجمة بعدها ياء ساكنة ثم قاف مفتوحة ثم هاء (قال السكوني) هو ماء لبنى غفار بين مكة والمدينة، وقال يعقوب هو قليب لبنى ثعلبة يصب فيه ماء رضوى (بإضافة ماء إلى رضوى) ورضوى جبل متصل بالمدينة ويصب هو في البحر اهـ (قال الحافظ) وحاصل القصة أن النبي صلى الله عليه وسلم لما خرج في عمرة الحديبية، فبلغ الروحاء وهي من ذي الحليفة على أربعة وثلاثين ميلا أخبروه بأن عدوا من المشركين بوادي غيقة يخشى منهم أن يقصدوا غرتة، فجهز طائفة من أصحابه فيهم أبو قتادة إلى جهتهم ليأمن شرهم. فلما أمنوا ذلك لحق أبو قتادة وأصحابه بالنبي صلى الله عليه وسلم فأحرموا إلا هو فاستمر هو حلالا، لأنه إما لم يجاوز الميقات وإما لم يقصد العمرة، وبهذا يرتفع الأشكال الذي ذكره أبو بكر الأثرم، قال كنت أسمع أصحابنا يتعجبون من هذا الحديث ويقولون كيف جاز لأبي قتادة أن يجاوز الميقات وهو غير محرم لا يدرون ما وجهه، قال حتى وجدته في رواية من حديث أبي سعيد فيها خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحرمنا، فلما كنا بمكان كذا إذا نحن بأبي قتادة وكان النبي صلى الله عليه وسلم بعثه في وجه- الحديث، قال فأبو قتادة إنما جاز له ذلك لأنه لم يخرج يريد مكة (قال الحافظ) وهذه الرواية التي أشار إليها تقضي أن أبا قتادة لم يخرج مع النبي صلى الله عليه وسلم من المدينة وليس كذلك لما بيناه، ثم وجدت في صحيح ابن حبان والبزار من طريق عياض بن عبد الله عن أبي سعيد قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة على الصدقة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم محرمون حتى نزلوا بعسفان فهذا سبب آخر. ويحتمل جمعهما، والذي يظهر أن أبا قتادة إنما أخر الأحرام لأنه لم يتحقق أنه يدخل مكة فساغ له التأخير اهـ (3) قال العلماء وإنما ضحكوا تعجبا من عروض الصيد ولا قدرة لهم عليه لمنعهم منه والله أعلم (4) يريد أنه طلب منهم أن ينالوه سوطه ورمحه فأبوا كما سيأتي في بعض

-[حجة القائلين بجواز أكل المحرم من صيد البر اذا لم يصده أو يصد له]- فأثبتُّه فأكلنا من لحمه وخشينا أن نقتطع فانطلقت أطلب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فجعلت أرفِّع فرسى شاؤًا وأسير شاؤًا، ولقيت رجلًا من بنى غفارٍ فى جوف اللَّيل فقلت أين تركت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم؟ قال تركته وهو بتعهن وهو ممّا يلى السُّقيا، فأدركته فقلت يا رسول الله إنَّ أصحابك يقرئونك السَّلام ورجمة الله وقد خشوا أن يقتطعوا دونك فانتظرهم، قال فانتظرهم، قبلت وقد أصبت حمار وحشٍ وعندى منه فاضلة فقال للقوم كلوا وهم

_ طرق الحديث (وقوله فأثبته) أي أحكمت الطعن فيه (1) أي خشوا أن يقتطعهم العدو وهم نفر قليلون قبل الوصول إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه (2) بتشديد الفاء المكسورة أي أكلفه السير السريع (والشأو) بالشين المعجمة مهموز هو الطلق والغاية. ومعناه اركضه شديد وقتًا وأسوقه بسهولة وقتًا (3) قال النووي وتعهن المذكورة في هذا الحديث هي عين ماء هناك على ثلاثة أميال من السقيا، وهي بتاء مثناة فوق مكسورة ومفتوحة، ثم عين مهملة ساكنة ثم هاء مكسورة ثم نون (قال القاضي عياض) هي بكسر التاء وفتحها، قال وروايتنا عن الأكثرين بالكسر، قال وكذا قيدها البكري في معجمة، قال القاضي وبلغني عن أبي ذر الهروي أنه قال سمعت العرب نقولها بضم التاء وفتح العين وكسر الهاء وهذا ضعيف اهـ. قال النووي (السقيا) بضم السين المهملة وإسكان القاف وبعدها ياء مثناه من تحت. وهي مقصورة، وهي قرية جامعة بين مكة والمدينة من أعمال الفرع بضم الفاء وإسكان الراء وبالعين المهملة (4) قال النووي فيه استحباب إرسال السلام إلى الغائب سواء كان أفضل من المرسل أم لا لأنه إذا أرسله إلى ما هو أفضل فمن دونه أولى (قال أصحابنا) ويجب على الرسول تبليغه ويجب على المرسل إليه رد الجواب حين يبلغه على الفور (5) أي بقى عندي منه شيء، وهذا الشيء هو العضد كما صرح بذلك في الطريق الثانية، ونحوه مسلم والبخاري ولفظه "فرحنا وخبأت العضد معي فأدركنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألتاه عن ذلك فقال هل معكم منه شيء؟ فقلت نعم. فناولته العضد فأكلها وهو محرم" وهذا يدل على جواز أكل المحرم الصيد إذا لم يأمر بصيده أو أعان عليه، ويستفاد ذلك من حديث جابر المتقدم ومن رواية لمسلم وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم لما سألوه عن هذه الواقعة هل أشار إليه إنسان منكم أو أمره بشيء؟ قالوا لا يا رسول الله

-[حجة القائلين بجواز أكل المحرم لحم صيد البر ما لم يصده أو يصد له]- محرمون (ومن طريقٍ ثانٍ) عن عبد بن كعب بن مالك عن أبى قتادة الحارث بن ربعىٍّ رضى الله عنه قال بعثنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى سيف البحر فى بعض عمره إلى مكَّة ووعدنا أن نلقاه بقديد فخرجنا ومنَّا الحلال ومنَّا الحرام، قال فكنت حلالًا فذكر الحديث وقال فيه هذه العضد قد شويتها وأنضجتها وأطيبتها؛ قال فهاتها، قال فجئته بها قنهسها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وهو حارم حتَّى فرغ منها (ومن طريقٍ ثالثٍ) عن نافعٍ مولى أبى قتادة الأنصارىِّ عن أبى قتادة أنَّه كان مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حتَّى إذا كان ببعض طرق مكَّة تخلَّف مع أصحاب له محرمين وهو غير محرم فرأى حمارًا وحشيًا فاستوى على فرسه وسأل أصحابه أن يناولوه سوطه فأبوا فسألهم رمحه

_ قال فكلوا (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب حدثني أبي عن ابن إسحاق حدثني معبد بن كعب بن مالك عن أبي قتادة- الحديث" (2) أي ساحله (وقوله في بعض عمره) هي عمرة الحديبية كما صرح بذلك في الطريق الأولى، وكانت سنة ست من الهجرة (وقديد) تقدم ضبطه وهو مكان بين مكة والمدينة (3) يعني وقال في الحديث لما سألهم النبي صلى الله عليه وسلم (هل معكم من لحمه شيء) كما سيأتي في الطريق الرابعة من هذا الحديث، وكما تقدم في رواية البخاري أيضا (قال هذه العضد قد شويتها) الخ (4) يقال نهشت اللحم أخذته بمقدم الأسنان، وهو بالسين المهملة. ويصح بالشين المعجمة، نقله ابن فارس عن الأصمعي، وقال الأزهري قال الليث النهش بالشين المعجمة تناول من بعيد كنهش الحية وهو دون النهس، والنهس بالمهملة القبض على اللحم ونثره، وعكس ثعلب فقال النهص بالمهملة يكون بأطراف الأسنان، والنهش بالمعجمة بالأسنان وبالأضراس، وقال ابن القوطية كما قال الليث نهشته الحية بالشين المعجمة ونهمه الكلب والذئب والسبع بالمهملة، قاله في المصباح (وقوله وهو حرام) يعني وهو محرم (5) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن أبي النضر مولى عمر بن عبيد الله عن نافع مولى أبي قتادة- الحديث" (6) أي لأجل اكتشاف العدو كما تقدم

-[كلام العلماء في الجمع بين ما تعارض من حديثى أبى قتادة]- فأبوا فأخذه، ثمَّ شدَّ على الحمار فقتله فأكل بعض أصحاب النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم وأبى بعضهم، فلمَّا أدركوا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم سألوه عن ذلك، فقال إنَّما هى طعمة أطعمكموها الله عزَّ وجلَّ (ومن طريقٍ رابعٍ) عن عطاء بن يسار عن أبى قتادة بنحوه (وفيه) أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال هل معكم من لحمه م شاءٍ (196) عن عبد الله بن أبى قتادة عن أبيه رضى الله عنه قال خرجت مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم زمن الحديبية فأحرم أصحابى ولم أحرم فرأيت حمارًا فحملت عليه فاصطدته فذكرت شأنه لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وذكرت أنِّى لم أكن أحرمت وإنَّما اصطدته لك، فأمر النَّبىُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أصحابه فأكلوا ولم يأكل منه حين أخبرته أنِّي اصطدته له

_ (1) في رواية لمسلم "فسقط مني سوطي فقلت لأصحابي وكانوا محرمين ناولوني السوط فقالوا والله لا نعينك عليه بشيء" ويستفاد من إبائهم وعدم إعانتهم له أنهم كانوا قد علموا أنه يحرم على المحرم الأعانة على قتل الصيد (2) بضم الطاء أي طعام (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن أبي قتادة في الحمار الوحشي مثل ذلك "أي مثل الطريق الثالثة) إلا أن في حديث زيد بن أسلم (يعني هذا الطريق) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هل عندكم من لحمه شيء (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم). (196) عن عبد الله بن أبي قتادة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه- الحديث" (4) تقدم الكلام على عدم إحرام أبي قتادة في شرح الحديث السابق (5) هذا ينافي ما تقدم في الحديث السابق من أن النبي صلى الله عليه وسلم أكل منه، قال أبو بكر النيسابوري (قوله إني اصطدته لك وأنه لم يأكل منه) لا أعلم أحدا قاله في هذا الحديث غير معمر؛ وقال ابن خزيمة والدارقطني والجوزقي تفرد بهذه الزيادة معمر، قال ابن خزيمة إن كانت هذه الزيادة محفوظة احتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أكل من لحم ذلك الحمار قبل أن يعلمه أبو قتادة

-[جواز أكل المحرم لحم صيد البر إذا لم يصده أو يصد له]- (197) عن عمير بن سلمة الضَّمرىِّ رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم مرَّ بالعرج فإذا هو بحمار عقير فلم يلبث أن جاء رجل من بهزٍ فقال يا رسول الله هذه رميتى فشانكم بها، فأمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أبا بكرٍ رضى الله عنه فقسَّمه بين الرِّفاق ثمَّ سار حتَّى عقبة أثاية فإذا هو بظبيٍ فيه سهم وهو حاقف فى ظلِّ صخرةٍ، فأمر النبي صلَّى الله عليه وسلَّم رجلًا من

_ أنه اصطاده من أجله، فلما أعلمه امتنع اه (قال الحافظ) وفيه نظر لأنه لو كان حراما ما أقر النبى صلى الله عليه وسلم على الأكل منه إلى أن أعلمه أبو قتادة بأنه صاده لأجله، ويحتمل أن يكون ذلك لبيان الجواز، فان الذى يحرم على المحرم إنما هو الذى يعلم أنه صيد من أجله وأما إذا أتى بلحم لا يدرى ألحم صيد أو لا، فحمله على أصل الأباحة فأكل منه لم يكن ذلك حراما على الآكل، وعندى بعد ذلك فيه وقفة، فان الروايات المتقدمة ظاهرة فى أن الذى تأخر هو العضد، وأنه صلى الله عليه وسلم أكلها حتى تعرقها أى لم يبق منها إلا العظم، ووقع عند البخارى فى الهبة حتى نفدها أى فرغها، فأى شيء يبقى منها حينئذ حتى يأمر أصحابه بأكله، لكن رواية أبى محمد الآتية فى الصيد (يعنى عند البخاري) "أبقى معكم شئ منه؟ قلت نعم، قال كلوا فهو طعمة أطعمكموها الله" فأشعر بأنه بقى منها غير العضد والله تعالى أعلم اه (قلت) رواية أبقى معكم شئ الخ تقدمت قبل حديث (تخريجه) (جه، قط هق. خز) وسنده جيد (197) عن عمير بن سلمة الضمرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم قال أنا يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم قال أخبرنى عيسى بن طلحة بن عبيد الله عن عمير بن سلمة الضمرى - الحديث" (غريبه) (1) بفتح العين وسكون الراء وجيم قرية جامعة من عمل الفرع على أميال من المدينة (2) أى حمار وحش (وقوله عقير) فعيل بمعنى مفعول أى معقور يعنى متقولا بسهم الصائد، زاد فى الموطأ فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال دعوه فانه يوشك أن يأتى صاحبه (3) اسمه زيد بن كعب السلمى صحابى (4) بكسر الراء مصدر كالمرافقة، قاله فى المشارق (وقال الجوهري) جمع رفقة بضم الراء وكسرها القوم المترافقون فى السفر (5) بضم الهمزة وحكى كسرها ومثلثة موضع بطريق الجحفة إلى مكة (6) بمهملة فألف فقاف ففاء أى واقف منحن رأسه بين يديه إلى رجليه، وقيل الحاقف الذى لجأ إلى حقف وهو ما انعطف من الرمل

-[حجة القائلين بتحريم أكل صيد البر على المحرم مطلقاً]- أصحابه فقال قف هاهنا حتَّى يمرَّ الرِّفاق، لا يرميه أحد بشيءٍ (198) عن عبد الرَّحمن بن عثمان قال كنا مع طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه ونحن حرم فأهدي له طير وطلحة راقد، فمنّا من أكل ومنَّا من ورَّع فلم يأكل، فلمَّا استيقظ طلحه وفَّق من أكله وقال أكلناه مع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم (199) ز عن علىَّ رضى الله عنه قال أتى النَّبيُّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بلحم صيد وهو محرم فلم يأكله

_ وقال أبو عبيد حاقف يعنى قد انحنى وتثنى فى نومه (1) هكذا فى الأصل (لا يرميه أحد بشئ) وفى رواية النسائى والأمام مالك فى الموطأ (لا يريبه) بفتح الياء التحتية وكسر الراء فتحتية فموحدة من الريبة، لا من الرمى كما فى رواية الأمام أحمد، والمعنى على كل لا يمسه أحد ولا يحركه ولا يهيجه، زاد فى رواية الموطأ والنسائى حتى يجاوزه (تخريجه) (لك نس. هق) وصححه ابن خزيمة وغيره، قال الحافظ (198) عن عبد الرحمن بن عثمان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن بكر ثنا ابن جريج حدثنى محمد بن المنكدر عن معاذ بن عبد الرحمن بن عثمان التيمى عن أبيه عبد الرحمن بن عثمان قال كنا مع طلحة - الحديث" (غريبه) (2) هو ابن أخى طلحة بن عبيد الله (3) بفتح أوله وتشديد الفاء مفتوحة أى صوَّبه، ويحتمل أن يكون معناه دعا له بالتوفيق والله أعلم (تخريجه) (م. نس. هق) (199) "ز" عن على رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى عثمان بن أبى شيبة ثنا عمران بن محمد بن أبى ليلى عن أبيه عن عبد الكريم عن عبد الله ابن الحارث عن ابن عباس عن على - الحديث" (تخريجه) (جه) وفى إسناده عبد الكريم وهو أبو المخارق وهو ضعيف (زوائد الباب) (عن أبى هريرة) رضى الله عنه أنه أقبل من البحرين حتى إذا كان بالربذة وجد ركبا من أهل العراق محرمين فسألوه عن لحم صيد وجدوه عند أهل الربذة فأمرهم بأكله (قال أبو هريرة) ثم إنى شككت فيما أمرتهم به، فلما قدمت المدينة ذكرت ذلك لعمر بن الخطاب فقال عمر ماذا أمرتهم به

-[زوائد الباب فيما يجوز للمحرم أكله من صيد البر]- .....

_ فقال أمرتهم بأكله، فقال عمر بن الخطاب لو أمرتهم بغير ذلك لفعلت بك يتواعده (لك هق) عن عطاء بن يسار أن كعب الأحبار أقبل من الشام فى ركب حتى إذا كانوا ببعض الطريق وجدوا لحم صيد فأفتاهم كعب بأكله، قال فلما قدموا على عمر بن الخطاب بالمدينة ذكروا ذلك له. قال من أفتاكم بذلك؟ قالوا كعب، قال فأنى قد أمّرته عليكم حتى ترجعوا، ثم لما كان ببعض طريق مكة مرت بهم رجل من جراد فأفتاهم كعب أن يأخذوه فيأكلوه، فلما قدموا على عمر بن الخطاب ذكروا له ذلك فقال ما حملك على أن تفتيهم بذلك؟ قال هو من صيد البحر، قال وما يدريك؟ قال يا أمير المؤمنين والذى نفسى بيده إن هى إلا نثرة حوت ينثره فى كل عام مرتين (لك. هق) (عن أبى اسحاق) قال سمعت أبا الشعثاء يقول سألت ابن عمر عن لحم الصيد يهديه الحلال للحرام "يعنى للمحرم" قال كان عمر رضى الله عنه يأكله، قلت إنما أسألك عن نفسك أتأكله؟ قال كان عمر رضى الله عنه يأكله، قلت إنما أسألك عن نفسك أتأكله؟ قال كان عمر رضى الله عنه خيرا منى (هق) (وعن زبير ابن العوام) رضى الله عنه قال كنا نأكل لحم الصيد ونتزوده ونأكله ونحن محرمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذلك رواه ابراهيم بن طهمان عن أبى حنيفة بمعناه (هق) (وعن هشام بن عروة) عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت له يا ابن أختى إنما هى عشر ليال فان يختلج فى نفسك شيء فدعه، يعنى أكل لحم الصيد (هق) (وعنه أيضا) عن أبيه أن الزبير بن العوام كان يتزود صفيف الظباء وهو محرم (قال مالك) والصفيف القديد (لك) القديد كأمير ما صف من اللحم فى الشمس ليجف وعلى الجمر لينشوى (وعن عبد الله بن شماس) قال أتيت عائشة فسألتها عن لحم الصيد يهديه الحلال للحرام فقالت اختلف فيها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرهه بعضهم ولم ير بعضهم بأسا وليس به بأس (هق) (وعن مجاهد عن ابن عباس) قال إذا أحرم الرجل وعنده صيد فليتركه (وروينا) عن الحسن أنه قال يرسله فان ذبحه فعليه الجزاء (وأخبرنا) أبو سعيد ثنا أبو العباس ثنا الحسن ثنا أبو أسامة عن حماد بن زيد قال سئل عمرو بن دينار عن محرم ذبح صيدا، قال يأكله وعليه الجزاء. القاؤه فساد، قال حماد وكان أيوب يعجيه قول عمرو هذا (وروينا) عن الحسن البصرى أنه قال هو ميتة لا يأكله (وعن عطاء) لا يأكله الحلال، وعن عطاء إذا أصاب صيدا فعليه الفدية، وإذا أكله فعليه قيمة ما أكل (هق) (وعن البراء بن عازب) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم نزل مرّ الظهران فأهدى له عضو صيد فرده على الرسول وقال اقرأ عليه السلام، وقل له لولا أنا أحرم ما رددناه عليك (طس طص) وفيه حماد بن شعيب وهو ضعيف (وعن أبى سعيد الخدري) رضي الله عنه

-[مذاهب العلماء فيما يحل للمحرم من الصيد - وأدلة القائلين بالمنع مطلقا]- .....

_ قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا قتادة الأنصارى على الصدقة وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه محرمين حتى نزلوا عسفان فاذاهم بحمار وحش، وجاء أبو قتادة وهو حل ونكسوا رءوسهم كراهية أن يبدوا أبصارهم فيعلم، فرآه أبو قتادة فركب فرسه وأخذ الرمح فسقط منه الرمح، فقال ناولونيه، فقالوا نحن ما نعينك عليه فحمل عليه، فعقره فجعلوا يشوون منه، ثم قالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا وكان تقدمهم فلحقوه فسألوه فلم ير به بأسا، قال فأحسبه قال هل معكم منه شئ؟ شك عبيد الله، رواه البزار ورجاله ثقات (وعن على بن أبى طالب) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص فى لحم الصيد للمحرم (بز) وفيه عبد الكريم بن أبى المخارق وهو ضعيف (وعن أبى موسى) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لحم الصيد لكم حلال ما لم تصيدوه أو يصد لكم وأنتم حرم (طب) وفيه يوسف بن خالد الممتى وهو ضعيف (الأحكام) أحاديث الباب تدل بظاهرها على أمور ثلاثة؛ منها ما يدل على تحريم أكل الصيد مطلقا سواء صاده المحرم بنفسه أو صيد له باذنه أو بغير إذنه أو صاده الحلال لنفسه وأهداه للمحرم، وبذلك قال فريق من الناس مستدلين بالآية وهى قوله عز وجل {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} وبحديث الصعب بن جثامة (ومنها) ما يدل على جواز أكل لحم الصيد مطلقا للمحرم ما لم يصده بنفسه، وبه قال الكوفيون وجماعة من السلف مستدلين بحديث طلحة ونحوه من أحاديث الباب المطلقة (ومنها) ما يدل على الجواز بشرط أن لا يصيده بنفسه ولا يأمر به ولا يعين عليه ولا يصاد لأجله وحجتهم حديث جابر وحديث أبى قتادة الذى يليه، لهذا اختلفت أنظار العلماء بعد إجماعهم على تحريم الاصطياد على المحرم، واختلفوا فيما عدا ذلك (فذهبت طائفة) إلى أنه لا يحل للمحرم لحم الصيد أصلا سواء صاده بنفسه أو صاده غيره له أو صاده لنفسه وأهداه إياه فيحرم مطلقاً؛ حكاه القاضى عياض عن على وابن عمر وابن عباس رضى الله عنهم لقوله عز وجل {وحرم عليكم صيد البر ما دمتم حرما} قالوا المراد بالصيد المصيد، ولظاهر حديث الصعب ابن جثامة رضى الله عنه المذكور أول الباب، فإن النبى صلى الله عليه وسلم رده وعلل رده بأنه محرم ولم يقل لأنك صدته لنا، وقد جاء هذا الحديث من عدة طرق بألفاظ مختلفة فى صفة القدر المهدى بفتح الدال (منها) أن الصعب بن جثامة أهدى للنبى صلى الله عليه وسلم لحم حمار وحش فردَّه (ومنها) أهدى رجل حمار وحش (ومنها) عجز حمار وحش يقطر دما (ومنها) شق حمار وحش (ومنها) عضوا من لحم صيد (ومنها) حمار وحش وفى لفظ حمارا وحشيا وكل هذه الألفاظ فى الصحاح بعضها فى البخارى وبعضها عند الأمام أحمد وبعضها بل كلها عند مسلم، وقد اتفقت الروايات كلها على أن النبى صلى الله عليه وسلم رده عليه كما قال الحافظ، إلا ما رواه

-[اختلاف المذاهب فيما يجوز للمحرم أكله من صيد البر]- .....

_ ابن وهب والبيهقي من طريقه بأسناد حسن من طريق عمرو بن أمية أن الصعب أهدى للنبى صلى الله عليه وسلم عجز حمار وحش وهو بالجحفة فأكل منه وأكل القوم (قال البيهقي) إن كان هذا محفوظا حمل على أنه رد الحى وقبل اللحم (قال الحفاظ) وفى هذا الجمع نظر، فان الطرق كلها محفوظة، فلعله رده حيا لكونه صيد لأجله، ورد اللحم تارة لذلك وقبله أخرى بحيث لم يصده لأجله، وقد قال الشافعى فى الأم إن كان الصعب أهدى له حمارا حيا فليس للمحرم أن يذبح حمار وحش حيا، وإن كان أهدى له لحما فقد يحتمل أن يكون قد علم أنه صيد له اه (وقال القرطبي) يحتمل أن يكون الصعب أحضر الحمار مذبوحاً ثم قطع منه عضوا بحضرة النبى صلى الله عليه وسلم فقدمه له، فمن قال أهدى حمارا أراد بتمامه مذبوحا لا حياً، ومن قال لحم حمار أراد ما قدمه للنبى صلى الله عليه وسلم، ويحتمل أن يكون من قال حمارا أطلق وأراد بعضه مجازا، ويحتمل أنه أهداه له حيا، فلما رده عليه ذكاه وأتاه بعضو منه ظانا أنه إنما رده عليه لمعنى يختص بجملته فأعلمه بامتناعه أن حكم الجزء من الصيد حكم الكل والجمع مهما أمكن أولى من توهين بعض الروايات اه (وذهبت الأئمة مالك والشافعى وأحمد وداود) الى جواز أكل لحم الصيد للمحرم بشرط أن لا يصيده أو يصاد له بأذنه أو بغير إذنه، فان صاده حلال لنفسه ولم يقصد المحرم ثم أهدى من لحمه للمحرم أو باعه لم يحرم عليه، وحجتهم حديث جابر المذكور فى الباب بلفظ "صيد البر حلال لكم وأنتم حرم ما لم تصيدوه أو يصد لكم" وبما فى بعض طرق حديث أبى قتادة أن النبى صلى الله عليه وسلم، قال للقوم "كلوا وهم محرمون" وبقوله صلى الله عليه وسلم "هل معكم من لحمه" وفى بعض طرقه أيضا أن النبى صلى الله عليه وسلم أكل منه العضد؟؟؟؟ (وذهب جماعة) إلى أنه لا يحرم عليه ما صيد له بغير إعانة منه، حكاه ابن المنذر عن عمر ابن الخطاب وأبى هريرة ومجاهد وسعيد بن جبير، قال وروى ذلك عن الزبير بن العوام وبه قال أصحاب الرأى (وهو مذهب أبى حنيفة) وحجتهم حديث عمير بن سلمة الضمرى وحديث عبد الرحمن بن عثمان، وما جاء فى الزوائد من الأخبار والآثار المطلقة، وأجاب الشافعية وموافقوهم على الأحاديث المطلقة فى التحريم أو الجواز بأنه لابد من تقييدها بحديث جابر جمعاً بين الأحاديث؛ لأن حديث جابر صريح فى الفرق، وهو ظاهر فى الدلالة للشافعى وموافقيه، وردّ لما قاله أهل المذهبين الآخرين، ويحمل ما جاء مطلقا فى بعض طرق حديث أبى قتادة ونحوه على أنه لم يقصدهم باصطياده، ويحمل حديث الصعب على أنه قصدهم باصطياده، وتحمل الآية الكريمة على الاصطياد وعلى لحم ما صيد للمحرم للأحاديث المذكورة المبينة للمراد من الآية (وأما قولهم) فى حديث الصعب أنه صلى الله عليه وسلم علل حين ردّه بأنه محرم ولم يقل لأنك صدته لنا، فالجواب عنه أنه ليس فى هذه العبارة

-[كلام العلماء في جزاء كسر بيض الصيد للمحرم - وفى فوائد حديث أبى قتادة]- (7) باب جزاء الصيد (قول الله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} - الآية) (200) عن معاوية بن قرَّة عن رجلٍ من الأنصار أنَّ رجلًا أوطأ بعيره

_ ما يمنع أنه صاده للنبى صلى الله عليه وسلم، لأنه إنما يحرم الصيد على الأنسان إذا صيد له بشرط أنه محرم فبين الشرط الذى يحرم به "ويستفاد من حديث على رضى الله عنه" أن كل طير حرم على المحرم صيده يحرم عليه بيضه، وإذا كسره لزمه قيمته، وإلى ذلك ذهب الأمامان (الشافعى وأحمد وآخرون) قال النووى وبه قال العلماء كافة إلا المزنى وداود فقالا هو حلال ولا جزاء فيه، وقال مالك يضمنه بعشر ثمن أصله، وسيأتى الكلام على جزاء من أتلفه واختلاف المذاهب فى ذلك فى باب أحكام جزاء الصيد الآنى بعد هذا إن شاء الله تعالى والله أعلم (قال الحافظ) وفى حديث أبى قتادة من الفوائد أن تمنى المحرم أن يقع من الحلال الصيد ليأكل المحرم منه لا يقدح فى إحرامه، وأن الحلال إذا صاد لنفسه جاز للمحرم الأكل من صيده، وهذا يقوى من حمل الصيد فى قوله تعالى {وحرم عليكم صيد البر} على الاصطياد (وفيه) الاستيهاب من الأصدقاء وقبول الهدية من الصديق، وقال عياض عندى أن النبى صلى الله عليه وسلم طلب من أبى قتادة ذلك تطبيباً لقلب من أكل منه بيانا للجواز بالقول والفعل لأزالة الشبهة التى حصلت لهم (وفيه) امساك نصيب الرفيق الغائب ممن يتعين احترامه أو ترجى بركته أو يتوقع منه ظهور حكم تلك المسألة بخصوصها (وفيه) تفريق الأمام أصحابه للمصلحة واستعمال الطليعة فى الغزو وتبليغ السلام عن قرب وعن بعد، وليس فيه دلالة على جواز ترك السلام ممن بلغه، لأنه يحتمل أن يكون وقع وليس فى الخبر ما ينفيه (وفيه) أن عقر الصيد ذكاته، وجواز الاجتهاد فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم (قال ابن العربي) هو اجتهاد بالقرب من النبى صلى الله عليه وسلم لا فى حضرته (وفيه) العمل بما أدى اليه الاجتهاد ولو تضاد المجتهدان ولا يعاب واحد منهما على ذلك، وكأن الآكل تمسك بأصل الأباحة، والممتنع نظر الى الأمر الطارئ (وفيه) الرجوع الى النص عند تعارض الأدلة، وركض الفرس فى الاصطياد. وحمل الزاد فى السفر، والرفق بالأصحاب والرفقاء فى السير (وفيه) جواز سوق الفرس للحاجة والرفق مع ذلك لقوله "وأسير شأوا" ونزول المسافر وقت القائلة (وفيه) ذكر الحكم مع الحكمة لقوله "إنما هى طعمة أطعمكموها الله" (تكملة) لا يجوز للمحرم قتل الصيد إلا إذا صال عليه فقتله دفعا، فيجوز ولا ضمان عليه عند الجمهور والله أعلم اه (200) عن معاوية بن قرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا سعيد عن مطر عن معاوية بن قرة عن رجل من الأنصار - الحديث"

-[دليل الجمهور في أن على المحرم الجزاء في كسر بيض النعام]- أدحي نعامٍ وهو محرم فكسر بيضها، فانطلق إلى عليَّ رضى الله عنه فسأله عن ذلك، فقال له علىٌّ عليك بكلِّ بيضة جنين ناقة أو ضراب ناقة فانطلق إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فذكر ذلك له، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قد قال علىٌّ بما سمعت ولكن هلمَّ إلى الرُّخصة، عليك بكلِّ بيضةٍ صوم أو إطعام مسكين

_ (غريبه) (1) الأدحى بضم الهمزة وسكون الدال المهملة بعدها حاء مهملة مكسورة ثم ياء مشددة، الموضع الذى تبيض فيه النعامة وتفرَّخ، جمعه أداحى وهو أفعول من دحوت لأنها تدحوه برجلها أى تبسطه ثم تبيض فيه (2) الظاهر أن أو للشك من الراوى لأن المراد بضراب الناقة هو الجنين الناشئ من نزو الجمل عليها (3) يعنى أن عليا أفتاك بأن بكل بيضة جنين ناقة ولكن هلم الى الرخصة، أى أقبل الى ما أفتيك به وهو أيسر لك وأسهل عليك (فان قيل) كيف يفتى علىّ مع وجود النبى صلى الله عليه وسلم (فالجواب) أن ذلك ربما حصل فى جهة لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم موجودا بها فأفتاه علىٌّ بذلك اجتهادا منه، وذلك جائز فان أصاب فله أجران وإن أخطأ فله أجر، وقد فعل مثل ذلك كثير من الصحابة فى كثير من المسائل أقربها ما حصل لأصحاب أبى قتادة حيث امتنع بعضهم من أكل لحم الحمار الذى اصطاده وأكل بعضهم، وكلاهما مجتهد فى رأيه ولم يعب النبى صلى الله عليه وسلم على أحد منهم (4) هكذا فى المسند أصوم ولم يذكر مقدار هذا الصوم، وقد ثبت فى رواية ابن أبى شيبة والبيهقى صوم يوم، والظاهر أن لفظ يوم فى رواية الأمام أحمد سقط من الناسخ والله أعلم (تخريجه) (هق. ش) وسنده جيد. وقد رواه البيهقى من عدة طرق عن كثير من الصحابة منها حديث الباب بسنده ومتنه (ومنها) ما رواه البيهقى أيضا بسنده ثنا ابن جريج قال أحسن ما سمعت فى بيض النعامة حديث أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى كل بيض "هكذا فى نسخه البيهقي" صيام يوم أو إطعام مسكين (ومنها) بسنده عن عائشة أن النبى صلى الله عليه وسلم حكم فى بيض النعام كسره رجل محرم صيام يوم لكل بيضة، ثم قال رواه أبو قرة موسى بن طارق عن ابن جريج، ورواه أبو عاصم وهشام بن سليمان بن عبد العزيز بن أبى رواد عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن أبى الزناد عن رجل عن عائشة وهو الصحيح، قاله أبو داود السجستانى وغيره من الحفاظ (ومنها) بسنده

-[زوائد الباب في جزاء الصيد ومقداره]- .....

_ عن أبي موسى الأشعرى رضى الله عنه أنه قال فى بيضة النعامة يصيبها المحرم صوم يوم أو إطعام مسكين، وبأسناده قال أنا الشافعى عن سعيد بن بشير عن قتادة عن أبى عبيدة عن عبد الله بن مسعود بمثله (ومنها) ما رواه بسنده أيضا عن عكرمة عن ابن عباس عن كعب بن عجرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قضى فى بيض نعام أصابه محرم بقدر ثمنه، قال ورواه موسى ابن داود عن ابراهيم وقال بقيمته، قال وروى ذلك عن ابى المهزِّم عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم، وروى فى ذلك عن جماعة من الصحابة رضى الله عنهم أجمعين اه (زوائد الباب) (عن جابر بن عبد الله) رضى الله عنهما قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الضبع يصيبه المحرم كبشا وجعله من الصيد (حب. ك. هق. والأربعة) قال البيهقى وهو حديث جيد تقوم به الحجة (قال أبو عيسى الترمذي) سألت عنه البخارى فقال هو حديث صحيح (وعن محمد بن سيرين) أن رجلا جاء إلى عمر بن الخطاب، فقال إنى أجريت أنا وصاحب لى فرسين نستبق إلى ثغرة ثنية فأصبنا ظبياً ونحن محرمان، فماذا ترى؟ فقال عمر لرجل بجنبه تعال حتى نحكم أنا وأنت، قال فحكما عليه بعنز، فولى الرجل وهو يقول هذا أمير المؤمنين لا يستطيع أن يحكم فى ظبى حتى دعا رجلا فحكم معه، فسمع عمر قول الرجل فدعاه فسأله هل تقرأ سورة المائدة؟ فقال لا، فقال هل تعرف هذا الرجل الذى حكم معي؟ فقال لا فقال لو أخبرتنى أنك تقرأ سورة المائدة لأوجعتك ضربا، ثم قال إن الله عز وجل يقول ف كتابه "يحكم به ذوا عدل منكم هديا بالغ الكعبة" وهذا عبد الرحمن بن عوف (لك) (وعن أبى الزبير) أن عمر قضى فى الضبع بكبش، وفى الغزالى بعنز؛ وفى الأرنب بعناق، وفى اليربوع بجفرة (لك) والشافعى بسند صحيح عن عمر (وعن الأجلح بن عبد الله) عن أبى الزبير عن جابر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال فى الضبع إذا أصابه المحرم كبش، وفى الظبى شاة، وفى الأرنب عناق، وفى اليربوع جفرة، قال والجفرة والتى قد ارتعت، رواه الدارقطنى (قال ابن معين) الأجلح ثقة، وقال ابن عدى صدوق؛ وقال أبو حاتم لا يحتج بحديثه (العناق) بفتح العين وهى الأنثى من أولاد المعز خاصة ما لم تتم سنة (واليربوع) نوع من الفأر، والباء والواو زائدتان، كذا فى النهاية (والحفرة) هى التى بلغت أربعة أشهر وفصلت عن أمها (وعن أبى حريز) قال أصبت ظبيا وأنا محرم فأتيت عمر فسألته فقال ائت رجلين من اخوانك فليحكما عليك، فأتيت عبد الرحمن بن عوف وسعيداً فحكما تيسا أعفر (وعن طارق) قال خرجنا حجاجا فأوطأ رجل يقال له أربد ضبا ففرز ظهره فقدمنا على عمر فسأله أربد، فقال عمر احكم يا أربد، فقال أنت خير منى يا أمير المؤمنين وأعلم، فقال عمر إنما أمرتك أن تحكم فيه ولم آمرك أن تزكيني، فقال أربد أرى

-[زوائد الباب في جزاء الصيد ومقداره وتاريخ ميلاد عطاء الخراسانى ووفاة ابن عباس]- .....

_ فيه جديا قد جمع الماء والشجر، فقال عمر بذلك فيه، رواه الشافعى والبيهقى بأسناد صحيح (وعن على بن أبى طلحة) عن ابن عباس قال إن قتل نعامة فعليه بدنة من الأبل. رواه البيهقى وهو منقطع، لأن على بن أبى طلحة لم يدرك ابن عباس، سقط بينهما مجاهد أو غيره قاله النووى فى شرح المهذب (وعن ابن عباس رضى الله عنهما) فى بقرة الوحش بقرة وفى الأيّل بقرة، رواه الشافعى والبيهقى بأسناد صحيح (وعن عطاء الخراساني) أن عمر وعثمان وعليا وزيد بن ثابت وابن عباس ومعاوية رضى الله عنهم، قالوا فى النعامة يقتلها المحرم بدنة من الأبل، رواه الشافعى والبيهقى (قال الشافعي) هذا غير ثابت عند أهل العلم بالحديث، وهو قول الأكثرين ممن لقيت (قال البيهقي) وجه ضعفه أنه مرسل فان عطاء الخراسانى ولد سنة خمسين ولم يدرك عمر ولا عثمان ولا عليا ولا زيدا، وكان فى زمن معاوية صبيا، ولم يثبت له سماع من ابن عباس وإن كان يحتمل أنه سمع منه، فان ابن عباس توفى سنة ثمان وخمسين، إلا أن عطاء الخراسانى مع انقطاع حديثه عمن سمينا ممن تكلم فيه أهل العلم بالحديث (وروى الشافعى والبيهقي) بأسناد صحيح عن سريج قال لو كان معى حكم لحكمت فى الثعلب بجدى (وعن عثمان رضى الله عنه) أنه قضى فى أم حبين بحلان من الغنم رواه الشافعى والبيهقى بأسناد ضعيف فيه مطرف بن مازن، قال يحيى بن معين هو كذاب "أم حبين" بضم الحاء المهملة وفتح الباء الموحدة المخففة هى دويبة كالحرباء عظيمة البطن إذا مشت تطأطئ رأسها كثيرا وترفعه لعظم بطنها فهى تقع على رأسها وتقوم (والحلان) بضم الحاء المهملة وتشديد اللام ثم نون، ويقال حلام بالميم أيضا. قال فى النهاية جاء تفسيره فى الحديث أنه الجدي، وقيل إنه يقع على الجدى والحمل حين تضعه أمه اه (قلت) الحمل بفتح الحاء والميم هو الخروف، وقال الأزهرى هو الجدى (وروى الشافعي) عن سعيد عن اسرائيل عن أبى اسحاق عن الضحاك بن مزاحم عن ابن عباس أنه قال فى بقرة الوحش بقرة، وفى الأَّيل بقرة، رواه البيهقي، ثم قال وهو فيما أجاز لى أبو عبد الله الحافظ روايته عنه عن أبى العباس عن الربيع عن الشافعى "الأيل" بضم الهمزة وكسرها والياء فيهما مشددة مفتوحة، ذكر الأوعال وهو التيس الجبلي. والجمع الأياييل (وعن قبيصة بن جابر) قال كنت محرما فرأيت ظبياً فرميته فأصبت خششاءه "يعنى أصل قرنه" فركب ردعه (1) فوقع فى نفسى من ذلك شئ فأتيت عمر بن الخطاب أسأله فوجدت الى جنبه رجلا أبيض رفيق الوجه، فاذا هو عبد الرحمن بن عوف، فقال ترى شاة تكفيه؟ قال نعم. فأمرنى أن أذبح شاة. فلما قمنا من عنده قال صاحب لى إن أمير المؤمنين لم يحسن يفتيك حتى سأل الرجل، فسمع عمر بعض كلامه فعلاه بالدرة ضربا، ثم أقبل علىَّ ليضربنى فقلت يا أمير المؤمنين ----- (1) الردع العنق، أى سقط على رأسه فاندقت عنقه؛ وقيل غير ذلك

-[بقية زوائد الباب - وتفسير قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم الخ]- .....

_ لم أقل شيئا إنما هو قاله، فتركنى وقال أردت أن تقتل الحرام وتتعدى الفتيا، ثم قال إن فى الإنسان عشرة أخلاق تسعة حسنة وواحد سيء يفسدها ذلك السئ، ثم قال إياك وعثرة الشباب، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الكبير ورجاله ثقات اه (قلت) ورواه أيضا البيهقي؛ وصحح النووى إسناده (وعن مصعب المكي) قال أدركت أنس بن مالك وزيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة فسمعتهم يحدثون أن النبى صلى الله عليه وسلم قال أمر الله شجرة ليلة الغار فنبتت فى وجه النبى صلى الله عليه وسلم فسترته، وأمر العنكبوت فنسجت فى وجه النبى صلى الله عليه وسلم فسترته، وأمر الله حمامتين وحشيتين فوقعتا بفم الغار، فأقبل فتيان قريش من كل بطن بعصيهم وهراويهم وسيوفهم حتى إذا كانوا من النبى صلى الله عليه وسلم قدر أربعين ذراعا، فجعل بعضهم ينظر فى الغار فرأى حمامتين بفم الغار فرجع إلى أصحابه؛ فقالوا مالك؟ قال رأيت حماميتن بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد، فسمع النبى صلى الله عليه وسلم ما قال فعرف أن الله قد درأ عنه بهما فدعا لهن وسمّت عليهم وفرض جزاءهن وأقرّن فى الحرم، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الكبير، ومصعب المكى والذى عنه وهو عوين بن عمرو القيسى لم أجد من ترجمهما، وبقية رجاله ثقات "وقوله وسمت عليهن" بفتح السين المهملة وتشديد الميم مفتوحة أى دعا لهن بحسن الهيئة والمنظر بعد أن دعا لهن دعاء عاما (وعن عطاء) أن غلاما من قريش قتل حمامة من حمام مكة، فأمر ابن عباس أن يفدى عنه بشاة؛ رواه الأمام الشافعي، وأخرجه أيضا ابن أبى شيبة والبيهقى من طرق، وفى الباب عن جماعة من الصحابة منهم على عند الشافعي. وابن عمر عند ابن أبى شيبة، وعن عمر وعثمان عند الشافعى وابن أبى شيبة فهؤلاء قضى كل واحد منهم بشاة فى الحمامة، وقد روى مثل ذلك عن جماعة من التابعين كعاصم بن عمر، رواه عنه الشافعى والبيهقى وسعيد بن المسيب، رواه عنه البيهقي، وعن نافع بن الحارث رواه عنه الشافعي، وروى عن مالك أنه قال فى حمام الحرم الجزاء، وفى حمام الحل القيمة والله أعلم (الأحكام) حديث الباب مع ما ذكرنا فى الزوائد من الأخبار والآثار تدل على أن من قتل صيدا وهو محرم فعليه جزاؤه، والآية الكريمة التى أشرنا إليها فى ترجمة الباب أصل فى ذلك تفرع عنها ما ذكرنا من الأخبار والآثار وهى قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم، ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم، يحكم به ذوا عدل منكم هدياً بالغ الكعبة أو كفَّارة طعام مساكين، أو عدل ذلك صياماً ليذوق وبال أمره، عفا الله عمَّا سلف، ومن عاد فينتقم الله منه، والله عزيز ذو انتقام}

-[تفسير الآية ومذاهب الأئمة فيما يستفاد منها]- .....

_ وسنتكلم أولا على ما قاله السلف فى تفسير الآية مع ذكر العلماء فى ذلك والله الموفق قال الله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم} أى محرمون بحج أو عمرة، وهذا تحريم منه تعالى لقتل الصيد فى حال الأحرام ونهى عن تعاطيه فيه، وهذا إنما يتناول من حيث المعنى المأكول ولو ما تولد منه ومن غيره، فأما غير المأكول من حيوانات البر فالجمهور على تحريم قتلها، ولا يستثنى من ذلك إلا ما ثبت عند الأمام أحمد والشيخين وغيرهم. أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خمس فواسق يقتلن فى الحل والحرم، وسيأتى ذلك فى بابه بعد باب واحد ان شاء الله تعالى * قوله عز وجل {ومن قتله منكم متعمدا} اختلفوا فى هذا العمد فقال قوم هو العمد لقتل الصيد مع نسيان الأحرام، أما إذا قتله عمدا وهو ذاكر لأحرامه فلا حكم عليه وأمره إلى الله، لأنه أعظم من أن يكون له كفارة، هذا قول مجاهد والحسن (وقال آخرون) هو أن يعمد المحرم قتل الصيد ذاكراً لأحرامه فعليه الكفارة، والذى عليه الجمهور أن العامد والناسى سواء فى وجوب الجزاء عليه (قال الزهري) دل الكتاب على العامد وجرت السنة على الناسي، ومعنى هذا أن القرآن دل على وجوب الجزاء على المتعمد على تأثيمه بقوله "ليذوق وبال أمره عفا الله عما سلف ومن عاد فينتقم الله منه" وجاءت ألسنة من أحكام النبى صلى الله عليه وسلم وأحكام أصحابه بوجوب الجزاء فى الخطأ كما دل الكتاب عليه فى العمد، وأيضا فان قتل الصيد اتلاف. والأتلاف مضمون فى العمد وفى النسيان. لكن المتعمد مأثوم والمخطئ غير ملوم * قوله عز وجل {فجزاء مثل ما قتل من النعم} اختلفوا فى ذلك المثل. فذهب الأئمة (مالك والشافعى وأحمد) والجمهور إلى أن المراد مثل ما قتله المحرم إذا كان له مثل من الحيوان الأنسى (وذهب الأمام أبو حنيفة) إلى أن المراد به ما يقرب من الصيد المقتول شبها من حيث القيمة ولذلك أوجب القيمة سواء أكان الصيد المقتول مثليا أو غير مثلىّ، قال وهو مخير إن شاء تصدق بثمنه وإن شاء اشترى به هديا، والذى حكم به الصحابة فى المثل أولى بالاتباع، فانهم حكموا فى النعامة ببدنة. وفى بقرة الوحش ببقرة. وفى الغزالى بعنز، وهكذا مما تقدم فى الزوائد * قوله عز وجل {يحكم به ذوا عدل منكم} يعنى أنه يحكم بالجزاء فى المثل أو بالقيمة فى غير المثل رجلان عدلان، وينبغى أن يكونا فقيهين ينظران إلى أشبه الأشياء به من النعم فيحكمان به، واختلف العلماء فى القاتل هل يجوز أن يكون أحد الحكمين؟ على قولين (أحدهما) لا .. لأنه قد يتهم فى حكمه على نفسه، وهذا مذهب مالك (والثاني) نعم لعموم الآية. وهو مذهب الشافعى وأحمد (واختلفوا) هل تستأنف الحكومة فى كل ما يصيبه المحرم، فيجب أن يحكم فيه ذوا عدل وإن كان قد حكم فى مثله الصحابة؟

-[تفسير الآية ومذاهب الأئمة فيما يستفاد منها]- .....

_ أو يكتفى بأحكام الصحابة المتقدمة؟ على قولين، فقال الأمامان (الشافعى وأحمد) يتبع فى ذلك ما حكمت به الصحابة وجعلاه شرعا مقرراً لا يعدل عنه، وما لم يحكم فيه الصحابة يرجع فيه إلى عدلين، وقال الأمامان (مالك وأبو حنيفة) يجب الحكم فى كل فرد فرد، سواء وجد للصحابة فى مثله حكم أم لا، لقوله تعالى {يحكم به ذوا عدل منكم} قوله عز وجل {هديا بالغ الكعبة} أى واصلا إلى الكعبة، والمراد وصوله إلى الحرم بأن يذبح هناك ويفرق لحمه على مساكين الحرم، وهذا أمر متفق عليه فى هذه الصورة. قوله عز وجل {أو كفارة طعام مساكين أو عدل ذلك صياما} أى إذا لم يجد المحرم مثل ما قتل من النعم، أو لم يكن الصيد المقتول من ذوات الأمثال. أو قلنا بالتخيير فى هذا المقام بين الجزاء والأطعمة والصيام كما هو قول الأئمة (مالك وأبى حنيفة) وأبى يوسف ومحمد بن الحسن وأحد قولى الشافعى والمشهور عن أحمد رحمهم الله لظاهر "أو" بأنها للتخيير؛ والقول الآخر أنها على الترتيب، فصورة ذلك أن يعدل إلى القيمة فيقوِّم الصيد المقتول عند مالك وأبى حنيفة وأصحابه وحماد وابراهيم (وقال الشافعي) يقوِّم مثله من النعم لو كان موجوداً ثم يشترى به طعام فيتصدق به فيصرف لكل مسكين مدمنه عند الأمامين (الشافعى ومالك) وفقهاء الحجاز، واختاره ابن جرير (وقال الأمام أبو حنيفة) وأصحابه يطعم كل مسكين مدين وهو قول مجاهد (وقال الأمام أحمد) مدّ من حنطة أو مدان من غيره فان لم يجد أو قلنا بالتخيير صام عن إطعام كل مسكين يوما (وقال ابن جرير) وآخرون يصوم مكان كل صاع يوما كما فى جزاء المترفه بالحلق ونحوه، فان الشارع أمر كعب بن عجرة أن يقسم فرقا بين ستة أو يصوم ثلاثة أيام، والفرق ثلاثة آصع "واختلفوا فى مكان هذا الأطعام" فقال الشافعى مكانه الحرم. وهو قول عطاء، وقال مالك يطعم فى المكان الذى أصابه فيه الصيد أو أقرب الأماكن اليه (وقال أبو حنيفة) إن شاء أطعم فى الحرم وان شاء أطعم فى غيره قوله عز وجل {ليذوق وبال أمره} أى أوجبنا عليه الكفارة ليذوق عقوبة فعله الذى ارتكب فيه المخالفة {عفا الله عما سلف} أى فى زمان الجاهلية لمن أحسن فى الأسلام واتبع شرع الله ولم يرتكب المعصية. قوله عز وجل {ومن عاد فينتقم الله منه} أى ومن فعل ذلك بعد تحريمه فى الأسلام وبلوغ الحكم الشرعى اليه "فينتقم الله منه" قال ابن جريج قلت لعطاء ما "عفا الله عما سلف" قال عما كان فى الجاهلية، قال قلت وما "ومن عاد فينتقم الله منه" قال ومن عاد فى الأسلام فينتقم الله منه وعليه مع ذلك الكفارة، قال قلت فهل فى العود من حد تعلمه؟ قال لا، قال قلت فترى حقا على الأمام أن يعاقبه؟ قال لا، هو ذنب أذنبه فيما بينه وبين الله عز وجل ولكن يفتدى، ورواه ابن جرير، وقيل

-[مذاهب العلماء في مسائل من جزاء الصيد ذكرها النوووى في شرح المهذب]- .....

_ معناه فينتقم الله منه بالكفارة، قاله سعيد بن جبير وعطاء ثم الجمهور من السلف والخلف على أنه متى قتل المحرم الصيد وجب الجزاء، ولا فرق بين الأولى والثانية والثالثة وإن تكرر ما تكرر سواء الخطأ فى ذلك والعمد، وقال على بن أبى طلحة عن ابن عباس قال من قتل شيئا من الصيد خطأ وهو محرم يحكم عليه فيه كلما قتله، عمدا يحكم عليه فيه مرة واحدة، فان عاد يقال له ينتقم الله منك كما قال الله عز وجل، وبه قال شريح ومجاهد وسعيد بن جبير. والحسن البصري. وابراهيم النخعي. ذكره ابن جرير، وقال فى قوله عز وجل {والله عزيز ذو انتقام} يقول عز ذكره والله منيع فى سلطانه لا يقهره قاهر ولا يمنعه من الانتقام ممن انتقم منه ولا من عقوبة من أراد عقوبته مانع، لأن الخلق خلقه والأمر أمره له العزة والمنعة. وقوله {ذو انتقام} يعنى أنه ذو معاقبة لمن عصاه على معصيته إياه، نسأل الله العصمة من الزيغ والزلل والتوفيق لصالح العمل آمين. هذا وقد جمع الأمام النووى رحمه الله فى شرح المهذب أحكام الباب فى أربع عشرة مسألة وإن كان معظمها تقدم مثله فى تفسير الآية الكريمة. إلا أنه رحمه الله بين فيها مذاهب السلف أحسن بيان لم يسبق الى مثله فيما أعلم، لهذا آثرت نقلها هنا لسهولة تناولها وكثرة فوائدها. قال رحمه الله (فرع فى مذاهب العلماء فى مسائل من جزاء الصيد) (إحداهما) إذا قتل المحرم صيدا أو قتله الحلال فى الحرم، فان كان له مثل من النعم وجب فيه الجزاء بالأجماع، ومذهبنا أنه مخير بين ذبح المثل والأطعام بقيمته والصيام عن كل مد يوما (وبه قال مالك وأحمد) فى أصح الروايتين عنه وداود إلا أن مالكا قال يقوَّم الصيد ولا يقوَّم المثل (وقال أبو حنيفة) لا يلزمه المثل من النعم وإنما يلزمه قيمة الصيد وله صرف تلك القيمة فى المثل من النعم (وقال ابن المنذر) قال ابن عباس إن وجد المثل ذبحه وتصدق به، فان فقده قوَّمه دراهم والدراهم طعام وصام ولا يطعم، قال وإنما أريد بالطعام الصيام، ووافقه الحسن البصرى والنخعى وأبو عياض وزفر (وقال الثوري) يلزمه المثل. فان فقده فالأطعام. فان فقده صام، دليلنا قوله تعالى {ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم} إلى آخر الآية (واحتج المخالفون) بأن المتلف يجب مثله من جنسه أو قيمته وليست النعم واحدا منهما، فلم يضمن به كالصيد الذى لا مثل له من النعم؛ وكما لو أتلف الحلال صيدا مملوكا، وكضمان المحرم للصيد المملوك لمالكه (قال أصحابنا) هذا قياس منابذ لنص القرآن فلا يلتفت اليه، ثم ما ذكروه منتقض بالآدمى الحر فانه يضمن بالأبل ويضمن فى حق الله تعالى بما لا يضمن به فى حق الآدمي، فانه يضمن للآدمى بقصاص أو ابل، ويضمن لله تعالى بالكفارة وهى عتق والا فصيام، وبهذا يحصل

-[مذاهب العلماء في مسائل من جزاء الصيد ذكرها النووى في شرح المهذب]- .....

_ الجواب عن قياسهم (قال أصحابنا) والفرق بينه وبين صيد لا مثل له أنه لا يمكن فيه المثل فتعذر فوجب اعتبار القيمة بخلاف المثل (الثانية) إذا عدل عن مثل الصيد إلى الصيام فمذهبنا أنه يصوم عن كل مد يوما، وبه قال عطاء ومالك، وحكى ابن المنذر عن ابن عباس والحسن البصري. والثورى (وأبى حنيفة. وأحمد) واسحاق. وأبى ثور أنه يصوم عن كل مدين يوما، قال ابن المنذر وبه أقول، قال وقال سعيد بن جبير الصوم فى جزاء الصيد ثلاثة أيام إلى عشرة، وعن أبى عياض ان أكثر الصوم أحد وعشرون يوما، قال ومال أبو ثور إلى أن الجزاء فى هذا ككفارة الحلق، دليلنا أن الله تعالى قال {أو عدل ذلك صياما} وقد قابل سبحانه وتعالى صيام كل يوم بأطعام مسكين فى كفارة الظهار، وقد ثبت بالأدلة المعروفة أن إطعام كل مسكين هناك مد، فكذا هنا يكون كل يوم مقابل مد، واحتجوا بحديث كعب بن عجرة، فان النبى صلى الله عليه وسلم جعله مخيرا بين صوم ثلاثة أيام وإطعام ستة مساكين كل مسكين نصف صاع، فدل على أن اليوم مقابل بأكثر من مد (والجواب) أن حديث كعب إنما ورد فى فدية الحلق ولا يلزم طرده فى كل فدية ولو طرد لكان ينبغى أن يقابل كل صاع بصوم يوم، وهذا لا يقول به المخالفون ولا نحن ولا أحد والله أعلم (الثالثة) قال أصحابنا مذهبنا أن ما حكمت به الصحابة رضى الله عنهم فيه بمثل فهو مثله ولا يدخله بعدهم اجتهاد ولا حكم، وبه قال عطاء وأحمد واسحاق وداود (وأما أبو حنيفة) فجرى على أصله السابق أن الواجب القيمة (وقال مالك) يجب الحكم فى كل صيد وإن حكمت فيه الصحابة دليلنا أن الله تعالى قال {يحكم به ذوا عدل منكم} وقد حكما، فلا يجب تكرار الحكم (الرابعة) الواجب فى الصغير من الصيد المثلى صغير مثله من النعم، وبه قال ابن عمر وعطاء والثورى وأحمد وأبو ثور (وقال مالك) يجب فيه كبير لقوله تعالى {هديا بالغ الكعبة} والصغير لا يكون هديا وإنما يجزئ من الهدى ما يجزئ فى الأضحية، وبالقياس على قتل الآدمى فانه يقتل الكبير بالصغير، دليلنا قوله تعالى {فجزاء مثل ما قتل من النعم} ومثل الصغير صغير؛ ودليل آخر وهو ما قدمناه عن الصحابة رضى الله عنهم أنهم حكموا فى الأرنب بعناق، وفى اليربوع بجفرة. وفى أم حبين بحلان، فدل على أن الصغير يجزئ وأن الواجب يختلف باختلاف الصغير والكبير وقياساً على سائر المضمونات فانها تختلف مقادير الواجب فيها (والجواب عن الآية) التى احتج بها أنها مطلقة وهنا مقيدة بالمثل، وعن قياسهم على قتل الآدمى أن تلك الكفارة لا تختلف باختلاف أنواع الآدميين من حر وعبد ومسلم وذمى ولم تختلف فى قدرها بخلاف ما نحن فيه والله أعلم "وأما الصيد المعيب" فمذهبنا أنه يفديه بمعيب، وعن مالك يفديه بصحيح ودليلنا ما سبق فى الصغير (الخامسة) إذا اشترك

-[مذاهب العلماء في مسائل من جزاء الصيد ذكرها النووى في شرح المهذب]- .....

_ جماعة فى قتل صيد وهم محرمون لزمهم جزاء واحد عندنا، وبه قال عمر وعبد الرحمن بن عوف. وابن عمر. وعطاء. والزهري. وحماد (وأحمد. واسحاق) وأبو ثور وداود وقال الحسن. والشعبي. والنخعي. والثورى (ومالك وأبو حنيفة) يجب على كل واحد جزاء كامل ككفارة قتل الآدمي. دليلنا أن المقتول واحد فوجب ضمانه موزعاً كقتل الصيد واتلاف سائر الأموال (السادسة) إذا قتل القارن صيدا لزمه جزاء واحد وإذا تطيب أو لبس لزمه فدية واحدة. هذا مذهبنا (وبه قال مالك وأحمد) فى أظهر الروايتين عنه وابن المنذر وداود (وقال أبو حنيفة) يلزمه جزاءان وكفارتان، وسبقت المسألة مع دليلنا عليهم (السابعة) فى النعامة بدنة عندنا وعند العلماء كافة. منهم عمر. وعثمان وعلي. وزيد بن ثابت. وابن عباس. ومعاوية. وعطاء. ومجاهد. ومالك وآخرون. إلا النخعي، فحكى ابن المنذر عنه أن فى النعامة وشبهها ثمنها. دليلنا الآية (الثامنة) مذهبنا أن الثعلب صيد يؤكل ويحرم على المحرم قتله، فان قتله لزمه الجزاء وبه قال طاوس والحسن وقتادة ومالك وهو أحدى الروايتين عن عطاء (وقال عمرو بن دينار) والزهرى وابن المنذر لا يحل أكله ولا يحرم على المحرم ولا فدية فيه وهو عندهم من السباع (وقال أحمد) أمره مشتبه (التاسعة) مذهبنا أن فى الضب جديا نص عليه الشافعى والأصحاب، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه. وعن جابر وعطاء أن فيه شاة، وعن مجاهد حفنة من طعام (وعن مالك) قبضة من طعام فان شاء أطعم وإن شاء صام، وعن قتادة صاع من طعام (وعن أبى حنيفة) قيمته (العاشرة) مذهبنا أن فى الحمامة شاة سواء قتلها محرم أو قتلها حلال فى الحرم، وبه قال عثمان بن عفان. وابن عباس. وابن عمر. ونافع بن عبد الحارث وعطاء بن أبى رباح. وعروة بن الزبير. وقتادة. وأحمد. واسحاق. وأبو ثور (وقال مالك) فى حمامة الحرم شاة وحمامة الحل القيمة، وعن ابن عباس فى حمامة الحل ثمنها، وعن النخعى والزهرى وأبى حنيفة ثمنها، وعن قتادة درهم، دليلنا ما روى الشافعى والبيهقى بالأسناد الصحيح عن عثمان ونافع بن الحارث وابن عباس أنهم أوجبوا فى الحمامة شاة (الحادية عشرة) العصفور فيه قيمته عندنا، وبه قال أبو ثور وقال الأوزاعى مد طعام، وعن عطاء نصف درهم، وفى رواية عنه ثمنها عدلان (الثانية عشرة) ما دون الحمام من العصافير ونحوها من الطيور تجب فيه قيمته عندنا، وبه قال مالك وأبو حنيفة وأحمد والجمهور وهو الصحيح فى مذهب داود. وقال بعض أصحاب داود لا شيء فيه لقوله تعالى {فجزاء مثل ما قتل من النعم} فدل على أنه لا شيء فيما لا مثل له. واحتج أصحابنا بأن عمرو ابن عباس وغيرهما أوجبوا الجزاء فى الجرادة فالعصفور أولى. وروى البيهقي بإسناده

-[مذاهب العلماء في حكم بيض الصيد وجزاؤه - وما جاء في حكم صيد الحرم وجراؤه]- (8) باب جواز أكل صيد البحر مطلقا للمحرم وغيره وما جاء فى الجراد - وقول الله عز وجل {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة} (201) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال كنَّا مع النَّبىَّ صلَّى الله عليه وسلَّم في حجِّ

_ عن ابن عباس قال فى كل طير دون الحمام قيمته (الثالثة عشرة) كل صيد يحرم قتله تجب القيمة فى اتلاف بيضه سواء بيض الدواب والطيوب (وقال فى موضع) آخر وبه قال أحمد وآخرون، قال ثم هو مخير بين الطعام والصيام. وبه قال جماعة، وقال مالك يضمنه بعشر ثمن أصله. وقال المزنى وبعض أصحاب داود لا جزاء فى البيض (قال ابن المنذر) اختلفوا فى بيض الحمام فقال على وعطاء فى كل بيضتين درهم. وقال الزهرى والشافعى وأصحاب الرأى وأبو ثور فيه قيمته. وقال مالك يجب فيه عشر ما يجب فى أمه. قال واختلفوا فى بعض النعام فقال عمر بن الخطاب. وابن مسعود. وابن عباس. والشعبي. والنخعي. والزهرى والشافعي. وأبو ثور. وأصحاب الرأى يجب فيه القيمة. وقال أبو عبيدة وأبو موسى الأشعرى يجب فيه صيام يوم أو إطعام مسكين (قلت وهذا هو الذى حكم به النبى صلى الله عليه وسلم كما فى حديث الباب) قال وقال الحسن فيه جنين من الأبل (وقال مالك) فيه عشر ثمن البدنة كما فى جنين الحرة غرة عبد أو أمة قيمته عشر دية الأم (الرابعة عشرة) إذا قتل الصيد على وجه لا يفسق به فالأصح عندنا أنه يجوز أن يكون القاتل أحد الحكمين كما سبق وبه قال عمر بن الخطاب رضى الله عنه كما سبق عنه فى قصة أربد (قلت ذكر حديثه فى الزوائد) وبه قال اسحاق بن راهويه وابن المنذر، وقال النخعى ومالك لا يجوز. دليلنا فعل عمر مع عموم قول الله تعالى {يحكم به ذوا عدل} ولم يفرق بين القاتل وغيره اه ما ذكره النووى رحمه الله (تنبيه) يحرم صيد الحرم على الحلال والمحرم لما روى ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "إن الله تعالى حرم مكة لا يختلى خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها. فقال ابن عباس إلا الأذخر لصاغتنا. فقال إلا الأذخر" رواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم وسيأتى الكلام عليه فى فضائل مكة ان شاء الله تعالى، هذا وحكم صيد الحرم فى الجزاء حكم صيد الأحرام لأنه مثله فى التحريم فكان مثله فى الجزاء. فان قتل محرم صيدا فى الحرم لزمه جزاء واحد. لأن المقتول واحد فكان الجزاء واحداً كما لو قتله فى الحل. قاله صاحب المهذب والله أعلم (201) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو كامل

-[حجة القائلين بأن الجراد من صيد البحر]- أو عمرة فاستقبلنا رجل من جراد فجعلنا نضربهنَّ بعصيِّنا وبسياطنا ونقتلهنَّ وأسقط فى أيدينا فقلنا ما نصنع ونحن محرمون، فسألنا رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فقال لا بأس بصيد البحر

_ وعفان قالا ثنا حماد عن أبى المهزم وقال عفان أخبرنا أبو المهزم عن أبى هريرة - الحديث" (غريبه) (1) هو بكسر الراء وسكون الجيم الجراد الكثير (2) أى ندمنا على ضربه وقتله ونحن محرمون، تقول العرب فى كل نادم على أمر "قد سقط فى يده" (3) لفظ الترمذى "فقال صلى الله عليه وسلم كلوه فانه من صيد البحر" ولفظ أبى داود "فذكر ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فقال إنما هو من صيد البحر" قال على القارى قال العلماء إنما عده من صيد البحر لأنه يشبه صيد البحر من حيث أنه يحل ميتته، ولا يجوز للمحرم قتل الجراد ولزمه بقتله قيمته وفى الهداية أن الجراد من صيد البر، قال ابن همام عليه كثير من العلماء ويشكل عليه ما فى أبى داود والترمذى عن أبى هريرة قال (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة أو غزوة فاستقبلنا رجل من جراد فجعلنا نضربه بسياطنا وقسينا فقال صلى الله عليه وسلم كلوه فانه من صيد البحر) وعلى هذا لا يكون فيه شيء أصلا، لكن تظاهر عن عمر الزام الجزاء فيه، وفى الموطأ أنبأنا يحيى بن سعيد أن رجلا سأل عمر عن جرادة قتلها وهو محرم، فقال عمر لكعب تعال حتى تحكم، فقال كعب درهم، فقال عمر إنك لتجد الدراهم، لتمرة خير من جرادة. ورواه ابن أبى شيبة عنه بقصته وتبع عمر أصحاب المذاهب اه كلام ابن الهمام، قال ملا على القارى لو صح حديث أبى داود كان ينبغى أن يجمع بين الأحاديث بأن الجراد على نوعين بحرى وبرى فيعمل فى كل منهما بحكمه اه (قلت) حديث أبى داود المشار إليه سيأتى فى التخريج (تخريجه) (د. مذ. هق) لفظ الترمذى كلفظ حديث الباب. وقال الترمذى هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث أبى المهزم عن أبى هريرة وأبو المهزم اسمه يزيد ابن سفيان وقد تكلم فيه شعبة اه (قلت أبو المهزم بضم الميم وفتح الهاء وكسر الزاى مشددة) ورواية البيهقى كرواية أبى داود ولفظها عن أبى المهزم عن أبى هريرة قال أصبنا صرما "بكسر الصاد وسكون الراء قطعة من الجماعة الكبيرة" من جراد فكان رجل يضرب بسوطه وهو محرم، فقيل له إن هذا لا يصلح، فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال إنما هو من صيد البحر (قال البيهقي) رواه أبو داود عن مسدد، وبمعناه، رواه حماد بن سلمة عن أبى المهزم يزيد بن سفيان ضعيف (زوائد الباب) (عن أبى رافع) عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال الجراد من صيد البحر (د) وفى اسناده ميمون بن جابان

-[زوائد الباب فيما ورد في الجزاء وهل هو من صيد البر أو البحر؟]- .....

_ قال البيهقي غير معروف (قلت) بل هو معروف (قال الحافظ) فى التقريب ميمون بن جابان بجيم وموحدة البصرى أبو الحكم مقبول من السادسة (وقال صاحب الجوهر النقي) ميمون ابن جابان معروف روى عنه الحمادان والمبارك بن فضالة ووثقه العجلى، وقال المزى فى كتابه ثقة، وقال صاحب الميزان ذكره ابن حبان فى ثقاته اه ولأبى داود رواية أخرى عن ميمون بن جابان عن أبى رافع عن كعب قال الجراد من صيد البحر (وعن يوسف بن ماهك) أن عبد الله بن أبى عمار أخبره أنه أقبل مع معاذ بن جبل وكعب الأحبار فى أناس محرمين ببيت المقدس بعمرة حتى إذا كنا ببعض الطريق وكعب على نار يصطلى مرت به رجل من جراد فأخذ جرادتين فقتلهما ونسى إحرامه، ثم ذكر إحرامه فألقاهما، فلما قدمنا المدينة دخل القوم على عمر رضى الله عنه ودخلت معهم فقص كعب قصة الجرادتين على عمر فقال عمر رضى الله عنه من بذلك لعلك يا كعب؟ قال نعم، قال إن حمير تحب الجراد، ما جعلت فى نفسك؟ قال درهمين. قال بخ درهمان خير من مائة جرادة. اجعل ما جعلت فى نفسك (هق) وقال النووى اسناده صحيح أو حسن (وعن القاسم بن محمد) قال كنت جالسا عند ابن عباس رضى الله عنه فسأله رجل عن جرادة قتلها؛ فقال ابن عباس فيها قبضة من طعام ولتأخذن بقبضة جرادات، ولكن ولو، قال الشافعى قوله ولنأخذن بقبضة جرادات، أى إنما فيها القيمة وقوله ولو - يقول تحتاط فتخرج أكثر مما عليك بعد أن أعلمتك أنه أكثر مما عليك (وعن ابن جريج) قال سمعت عطاء يقول سئل ابن عباس عن صيد الجراد فى الحرم فقال لا ونهى عنه، قال إمَّا قلت له أو رجل من القوم. فان قومك يأخذونه وهم محتبون فى المسجد. فقال لا يعلمون، قال وأنبأ الشافعى أنبأ مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس مثله إلا أنه قال منحنون (قال الشافعي) ومسلم أصوبهما. وروى الحفاظ عن ابن جريج منحنون، رواهما البيهقى وصحح النووى إسنادهما (وروى ابن ماجه) من طريق هاشم بن القاسم حدثنا زياد بن عبد الله عن علام عن موسى بن محمد بن ابراهيم عن أبيه عن جابر وأنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا على الجراد قال اللهم أهلك كباره واقتل صغاره وأفسد بيضه واقطع دابره وخذ بأفواهه عن معايشنا وأرزاقنا إنك سميع الدعاء. فقال خالد يا رسول الله كيف تدعوا على جند من أجناد الله يقطع دابره؟ فقال ان الجراد نثرة الحوت فى البحر قال هاشم قال زياد فحدثنى من رأى الحوت ينثره، قال الحافظ ابن كثير تفرد به ابن ماجه (الأحكام) حديث الباب مع الزوائد تدل على جواز أكل صيد البحر للحلال والمحرم (قال ابن حزم فى المحلى) وصيد كل ما سكن الماء من البرك أو الأنهار أو البحر أو العيون والآبار حلال للمحرم صيده وأكله لقول الله تعالى {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة وحرم عليكم صيد البر

-[إجماع العلماء على جواز صيد البحر للمحرم وغيره وبيان ما هو صيد البحر واختلافهم في الجراد]- .....

_ ما دمتم حرما} وقال تعالى {وما يستوى البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن كل تأكلون لحما طريا} فسمى تعالى كل ماء عذب أو ملح بحرا وحتى لو لم تأت هذه الآية لكان صيد البر والبحر والنهر وكل ما ذكرنا حلالا بلا خلاف بنص القرآن، ثم حرم بالأحرام وفى الحرم صيد البر ولم يحرم صيد البحر، فكأن ما عدا صيد البر حلالا كما كان اذ لم يأت ما يحرمه والله التوفيق اه (وقال ابن قدامة فى المغني) ويحل للمحرم صيد البحر لقوله تعالى {أحل لكم صيد البحر وطعامه متاعا لكم وللسيارة} قال ابن عباس وابن عمر طعامه ما ألقاه، وعن ابن عباس طعامه ملحه. وعن سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير طعامه الملح وصيده ما اصطدنا، وأجمع أهل العلم على أن صيد البحر مباح للمحرم اصطياده وأكله وبيعه وشراؤه. وصيد البحر الحيوان الذى يعيش فى الماء ويبيض فيه ويفرخ فيه كالسمك والسلحفاة ونحو ذلك. وحكى عن عطاء فيما يعيش فى البر مثل السلحفاة والسرطان فأشبه طير الماء. قال ولنا أنه يبيض فى الماء ويفرخ فيه فأشبه السمك. فأما طير الماء كالبط ونحوه فهو من صيد البر فى قول عامة أهل العلم وفيه الجزاء وحكى عن عطاء أنه قال حيث يكون أكثر فهو صيده. وقول عامة أهل العلم أولى لأنه يبيض فى البر ويفرخ فيه فكان من صيد البر كسائر طيره. وانما اقامته فى البحر لطلب الرزق والمعيشة منه كالصياد فان كان جنس من الحيوان نوع منه فى البحر ونوع فى البر كالسلحفاة فلكل نوع حكم نفسه كالبقر منها الوحشى محرم والأهلى مباح اه (واختلف أهل العلم) فى الجراد هل هو من صيد البر أو من صيد البحر (فذهب قوم الى أنه من صيد) البحر عملا بحديث الباب وبحديثى أبى داود المذكورين فى الزوائد عن أبى هريرة وأبى رافع (وذهب آخرون) إلى أنه من صيد البر وفيه الجزاء مستدلين بما ذكرنا فى الزوائد من رواية البيهقى عن عمر وابن عباس أنهما حكما فيه بالجزاء ولم تصح عندهم أدلة المخالفين (قال النووي) رحمه الله فى شرح المهذب يجب الجزاء على المحرم بائتلاف الجراد عندنا. وبه قال عمر وعثمان وابن عباس وعطاء (وقال العبدري) وهو قول أهل العلم كافة الا أباس عيد الاصطخرى فقال لا جزاء فيه. وحكاه ابن المنذر عن كعب الأحبار وعروة بن الزبير قالوا هو من صيد البحر فلا جزاء فيه واحتج لهم بحديث أبى المهزم عن أبى هريرة. فذكر حديث أبى هريرة المذكور فى الزوائد، ثم قال رواه أبو داود والترمذى وغيرهما واتفقوا على تضعيفه لضعف أبى المهزم. قال وفى رواية لأبى داود عن ميمون بن جابان عن أبى رافع عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال الجراد من صيد البحر. قال أبو داود وأبو المهزم ضعيف والروايتان جميعاً وهم (قال البيهقي) وغيره ميمون بن جابان غير معروف (قلت بل هو معروف

-[إقامة الدليل على أن الجراد من صيد البر وفيه الجزاء]- (9) باب ما يجوز للمحرم قتل من الدواب فى الحرم وغيره (202) عن عروة بن الزُّبير أنَّ عائشة زوج النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم ورضى عنها قالت قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم خمس من

_ وتقدم الكلام عليه) قال واحتج الشافعى والأصحاب والبيهقى بما رواه الشافعى بأسناده الصحيح أو الحسن والبيهقى عن عبد الله بن أبى عمار أنه قال أقبلت مع معاذ بن جبل الحديث. ذكره النووى بطوله وتقدم فى الزوائد، وذكر أيضا حديث القاسم بن محمد وعطاء المذكورين فى الزوائد أيضا وصحيح اسنادهما، ثم قال والجواب عن حديث أبى هريرة فى الجراد أنه من صيد البحر انه حديث ضعيف كما سبق. ودعوى أنه بجرى لا تقبل بغير دليل، وقد دلت الأحاديث الصحيحة والأجماع أنه مأكول فوجب جزاؤه كغيره والله أعلم (202) عن عروة بن الزبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بشر ابن شعيب قال أخبرنى أبى عن الزهرى عما يقتل المحرم من الدواب قال الزهرى أخبرنى عروة بن الزبير أن عائشة - الحديث" (غريبه) (1) قال الحافظ التقييد بالخمس وإن كان مفهومه اختصاص المذكورات بذلك لكنه مفهوم عدد، وليس بحجة عند الأكثر، وعلى تقدير اعتباره، فيحتمل أن يكون قاله صلى الله عليه وسلم أولا ثم بين بعد ذلك أن غير الخمس يشترك معها فى الحكم، فقد ورد فى بعض طرق عائشة بلفظ أربع، وفى بعض طرقها بلفظ ست، فأما طريق أربع فأخرجها مسلم من طريق القاسم عنها فأسقط العقرب، وأما طريق ست فأخرجها أبو عوانة فى المستخرج من طريق المحاربى عن هشام عن أبيه عنها فأثبتها وزاد الحية، ويشهد لها طريق شيبان التى تقدمت عند مسلم وإن كانت خالية عن العدد، وأغرب عياض فقال وفى غير كتاب مسلم ذكر الأفعى فصارت سبعا، وتعقب بأن الأفعى داخلة فى مسمى الحية، والحديث الذى ذكرت فيه أخرجه أبو عوانة فى المستخرج من طريق ابن عون عن نافع فى آخر حديث الباب، قال قلت لنافع فالأفعى، قال ومن يشك فى الأفعى اه. وقد وقع فى حديث أبى سعيد عند أبى داود نحو رواية شيبان، وزاد السبع العادى فصارت سبعاً، وفى حديث أبى هريرة عند ابن خزيمة وابن المنذر زيادة ذكر الذئب والنمر على الخمس المشهورة فتصير بهذا الاعتبار تسعاً، لكن أفاد ابن خزيمة عن الذهلى أن ذكر الذئب والنمر من تفسير الراوى للكلب العقور، ووقع ذكر الذئب فى حديث مرسل أخرجه ابن أبى شيبة وسعيد بن منصور وأبو داود من طريق سعيد بن المسيب

-[ما يجوز للمحرم قتله من الدواب في الحل والحرم]- الدَّواب كلُّهنَّ فاسقٌ يقتلن فى الحرم الكلب العقور

_ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقتل المحرم الحية والذئب ورجاله ثقات، وأخرج أحمد من طريق حجاج ابن رطأة عن وبرة عن ابن عمر قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الذئب للمحرم وحجاج ضعيف، وخالفه مسعر عن وبرة فرواه موقوفا أخرجه ابن أبى شيبة، فهذا جميع ما وقفت عليه فى الأحاديث المرفوعة زيادة على الخمس المشهورة ولا يخلو شئ من ذلك عن مقال والله أعلم اه (قلت) جميع الطرق التى جمعها الحافظ من مختلف كتب السنة جاءت عند الأمام أحمد فى هذا الباب إلا النمر، وهذا مما يدل على أن الأمام أحمد جمع فى مسنده ما لم يجمع غيره من المحدثين رحمه الله وأجزل له المثوبة وحضرنا فى زمرة العاملين المخلصين آمين (1) بتشديد الباء الموحدة جمع دابة، وهى ما دب من الحيوان من غير فرق بين الطير وغيره، ومن أخرج الطير من الدواب فهذا الحديث من جملة ما يرد به عليه (وقوله كلهن فاسق يقتلن) قيل فاسق صفة لكل. وفى يقتلن ضمير راجع إلى معنى كل، ووقع فى رواية أخرى عند الأمام أحمد من طريق سعيد بن المسيب بلفظ "خمس فواسق" وفى رواية لمسلم من هذا الوجه كلها فواسق (قال النووي) تسمية هذه الخمس فواسق تسمية صحيحة جارية على وفق اللغة، فان أصل الفسق لغة - الخروج - ومنه فسقت الرطبة إذا خرجت عن قشرها، فوصفت بذلك لخروجها عن حكم غيرها من الحيوان فى تحريم قتله أو حل أكله أو خروجها بالأيذاء والأفساد (2) جاءت هذه الرواية هكذا "يقتلن فى الحرم" ولم يذكر الحل، ومثلها عند الشيخين فى رواية الاقتصار على الحرم أيضا (قال النووى رحمه الله) اختلفوا فى ضبط الحرم هنا؛ فضبطه جماعة من المحققين بفتح الحاء والراء أى الحرم المشهور وهو حرمة مكة، والثانى بضم الحاء والراء، ولم يذكر القاضى عياض فى المشارق غيره، قال وهو جمع حرام كما قال الله تعالى {وأنتم حرم} قال والمراد به المواضع المحرمة. والفتح أظهر والله أعلم اه (قلت) أما الحل فهو ما كان خارجا عن الحرم والمواضع المحرمة، فاذا جاز قتلها فى الحرم فجوازه فى الحل من باب أولى، على أنه قد صرح بلفظ الحل والحرم فى بعض طرق حديث عائشة عند الشيخين والأمام أحمد وستأتى، والمعنى أن هذه الخمس يقتلن المحرم فى الحل والحرم بدون جزاء عليه، وقد صرح بلفظ المحرم فى الطرق الآتية أيضا (3) اختلف فى المراد بالكلب العقور فروى سعيد بن منصور عن أبى هريرة بأسناد حسن كما قال الحافظ إنه الأسد، وعن زيد بن أسلم أنه قال وأى كلب أعقر من الحية، وقال زفر المراد به هنا الذئب خاصة، وقال فى الموطأ كل ما عقر الناس وعدا عليهم وأخافهم

-[ما يجوز للمحرم قتله من الدواب في الجل والحرم]- والعقرب - والغراب - والحديَّا - والفأرة - ومن

_ مثل الأسد والنمر والفهد والذئب فهو عقور، وكذا نقل أبو عبيد عن سفيان وهو قول الجمهور، وقال أبو حنيفة المراد به هنا الكلب خاصة، ولا يلتحق به فى هذا الحكم سوى الذئب، احتج الجمهور بقوله تعالى "وما علمتهم من الجوارح مكلبين" فاشنقها من اسم الكلب، وبقوله صلى الله عليه وسلم "اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فقتله الأسد" أخرجه الحاكم بأسناد حسن (قال الشوكاني) وغاية ما فى ذلك جواز الأطلاق، لأن اسم الكلب هنا متناول لكل ما يجوز اطلاقه عليه وهو محل النزاع (فان قيل) اللام فى الكلب تفيد العموم (قلنا) بعد تسليم ذلك لا يتم إلا إذا كان إطلاق الكلب على كل واحد منها حقيقة، وهو ممنوع وأنه لا يتبادر عند الأطلاق فى لفظ الكلب إلا الحيوان المعروف، والتبادر علامة الحقيقة، وعدمه علامة المجاز، والجمع بين الحقيقة والمجاز لا يجوز، نعم الحاق ما عفر من السباع بالكلب العقور بجامع العقر صحيح، وأما انه داخل تحت لفظ الكلب فلا اه (واختلف العلماء) فى غير العقور مما لم يؤمر باقتنائه، فصرح بتحريم قتله القاضيان حسين والماوردى وغيرهما، ووقع فى الأم للشافعى الجواز، وعلى كراهة قتله اقتصر الرافعى وتبعه فى الروضة وزاد أنها كراهة تيزيه (وذهب الجمهور) الى الحاق غير الخمس بها فى هذا الحكم إلا أنهم اختلفوا فى المعنى، فقيل لكونها مؤذية فيجوز قتل كل مؤذ. هذا قضية مذهب مالك، وقيل لكونها مما لا يؤكل، فعلى هذا كل ما يجوز قتله لا فدية على المحرم فيه، وهذا قضية مذهب الشافعى (وخالف الحنفية) فاقتصروا على الخمس إلا أنهم الحقوا بها الحية لثبوت الخبر، والذئب لمشاركته للكلب فى الكلبية، وألحقوا بذلك من ابتدأ بالعدوان والأذى من من غيرها (1) هذا اللفظ للذكر والأنثى، وقد يقال عقربة وعقرباء، وليس منها العقربان. بل هى دويبة طويلة كثيرة القوائم (قال صاحب المحكم) ويقال إن عينها فى ظهرها وأنها لا تضر ميتاً ولا نائماً حتى يتحرك، ويقال لدغته العقرب بالغين المعجمة ولسعته بالمهملتين، (قال ابن المنذر) لا نعلمهم اختلفوا فى جواز قتل العقرب (وقال نافع) لمَّا قيل له فالحية قال لا يختلف فيها، وفى رواية ومن يشك فيها (2) هذا الأطلاق مقيد بما فى الطريق الثانية بلفظ "الأبقع" وهو الذى فى ظهره أو بطنه بياض (قال الشوكاني) ولا عذر لمن قال يحمل المطلق على المقيد من هذا، وقد اعتذر ابن بطال وابن عبد البر عن قبول هذه الزيادة (أى زيادة الأبقع) بأنها لم تصح لأنها من رواية قتادة وهو مدلس، وتعقب ذلك الحافظ بأن شعبة لا يروى عن شيوخه المدلسين إلا ما هو مسموع لهم، وهذه الزيادة من رواية شعبة بل صرح النسائى بسماع قتادة، واعتذر ابن قدامة عن هذه الزيادة بأن الروايات المطلقة

-[كلام العلماء فى الغراب والحديا والفأرة وأنواعها]- طريق ثان) عن سعيد بن المسيِّب عن عائشة رضي الله عنها عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أنَّه قال خمس فواسق يقتلن في

_ أصح وهو اعتذار فاسد، لأن الترجيح فرع التعارض ولا تعارض بين مطلق ومقيد ولا بين مزيد وزيادة غير منافية اهـ (قال الحافظ) وقد اتفق العلماء على إخراج الغراب الصغير الذي يأكل الحب من ذلك، ويقال له غراب الزرع، وأفتوا بجواز أكله فبقى اعداه من الغربان ملحقا بالأبقع والله أعلم اهـ (قال ابن المنذر) أباح كل من يحفظ عنه العلم قتل الغراب في الأحرام إلا عطاء (قال الخطابي) لم يتابع أحد عطاء على هذا (وقوله والحديا) بضم الحاء المهملة وتشديد الياء التحتية مقصور، ومثله لمسلم في رواية هشام بن عروة عن ابيه أيضا، ووقع في الطريق الثانية بلفظ "الحدأ" بكسر أوله وفتح ثانيه بعدها همزة بغير مد، ووقع مثل ذلك في رواية للبخاري، وجاء في الطريق الثالثة بلفظ "الحدأة" بزيادة هاء بلفظ الواحدة وليست للتأنيث بل هى كالهاء في التمرة، وجاء مثل ذلك للبخاري أيضاً، وحكى الأزهري فيها حدوة بواو بدل الهمزة، ومن خواص الحدأة أنها تقف في الطيران، ويقال إنها لا تختطف إلا من جهة اليمين (وقوله والفأرة) بهمزة ساكنة ويجوز فيها التسهيل، ولم يختلف العلماء في جواز قتلها للمحرم إلا ما حكى عن إبراهيم النخعى فأنه قال فيها جزاء إذا قتلها المحرم، أخرجه ابن المنذر، وقال هذه خلاف السنة وخلاف قول جميع أهل العلم، ونقل ابن شاس عن المالكية خلافا في جواز قتل الصغير منها الذي لا يتمكن من الأذى، والفأر أنواع، منها الجزر بالجيم بوزن عمر، والخلد بضم المعجمة وسكون اللام، وفأره الأبل. وفأرة المسك. وفأرة الغيط. وحكمها في تحريم الأكل وجواز القتل سواء، أفاده الحافظ (قلت) وسيأتي اطلاق الفويسقة عليها من حديث أبي سعيد في هذا الباب وسبب تسميتها بذلك (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبه قال سمعت قتادة يحدث عن سعيد بن المسيب عن عائشة - الحديث" (2) بتنوين خمس جزم بذلك النووى، وقال غيره روى بالأضافة والتنوين، وقوله فواسق جمع فاسق (قال ابن العربي) أمر بالقتل وعلل بالفسق فيتعدى الحكم إلى كل ما وجدت فيه العلة، ونبه بالخمسة على خمسة أنواع من الفسق، فنبه بالغراب على ما يجانسه من سباع الطير وكذا بالحدأة. ويزيد الغراب بحل سفرة المسافر ونقب جرابه، وبالحية على كل ما يلسع والعق ب كذلك؛ والحية تلسع وتفترس، والعقرب تلدغ ولا تفترس، وبالفأرة على ما يجانسها من هوام المنزل المؤذية، وبالكلب العقور على كل مفترس؛ قال ومعنى فسقهن

كلام العلماء في الكلب الكِلب ومعنى ذلك

_ الحلِّ والحرم، الحيَّة والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحدأ وعنه من طريق ثالث) عن عائشة عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال خمس يقتلهنَّ المحرم الحيَّة والفأرة والغراب الأبقع والحدأة والكلب الكلب قال ابن جعفر يقتلن في الحلِّ والحرم (ومن طريق رابع) عن الحسن عن عائشة رضي الله عنها أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلَّ من قتل الدَّوابِّ والرَّجل محرم أن يقتل الحيَّة والعقرب والكلب العقور والغراب الأبقع والحديَّا والفأرة، ولدغ

-[ما جاء في لعن العقرب وسبب تسمية الفأرة بالقويسقة]- رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم عقرب فأمر بقتلها وهو محرم. (203) عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال خمس كلهُّن فاسقة يقتلهنَّ المحرم ويقتلن في الحرم الفأرة. والعقرب. والحيَّة. والكلب العقور. والغراب. (204) عن عبد الرحمن بن أبى نعم عن أبى سعيد الخدرىِّ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل المحرم الأفعي والعقرب والحداء والكلب العقور والفويسقة، قلت ما الفويسقة؟ قال الفأرة، قلت وما شأن الفأرة؟ قال إنَّ النبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم استيقظ

_ (1) في هذه الرواية التصريح بأنها الدغته صلى الله عليه وسلم وهو محرم. وقد جاء عند ابن ماجه عن عائشة رضي الله عنها "لدغت النبى صلى الله عليه وسلم عقرب وهو في الصلاة، فلما فرغ منها قال: لعن الله العقرب ما تدع مصليا ولا غيره، اقتلوها في الحل والحرم" وروى البيهقي في شعب الأيمان عن علي رضي الله عنه مرفوعا "لعن الله العقرب ما تدع نبيا ولا غير إلا لدغتهم (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه الشيخان والنسائي والترمذي والبيهقي وغيرهم. وأخرج الطريق الثانية والثالثة منه (م. نس. جه. هق) ولم أقف على من أخرج الطريق الرابعة بلفظ رواية الأمام أحمد (203) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عثمان بن محمد ثنا جرير عن ليث عن طاوس عن ابن عباس - الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلي وجعل بدل الحية الحدأة، والبراز والطبراني في الكبير والأوسط ببعضه. وفيه ليث بن أبي سليم وهو ثقة ولكنه مدلس (204) عن عبد الرحمن بن أبي نعم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا عثمان بن محمد وسمعته أنا من عثمان ثنا جرير عن يزيد بن أبى زياد عن عبد الرخحن ابن أبى نعم عن أبي سعيد الخدري - الحديث" (غريبة) (2) الأفعى ضرب من الحيات، والفويسقة تصغير فاسقة وهي الفأرة (قال الفراء) سميت بذلك لخروجها عن حجرها واغتيالها أموال الناس بالفساد (قلت) ذكر في الحديث سبب تسميتها بذلك

-[سبب تسمية الفأرة بالفويسقة - والغراب الذي يجوز قتله]- وقد أخذت الفتيلة فصعدت بها إلى السَّقف لتحرق عليه. (205) وعنه أيضًا عن أبى سعيد الخدرىَّ رضي الله عنه أنَّ النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم سئل ما يقتل المحرم؟ قال الحيَّة والعقرب والفويسقة، ويرمى الغراب ولا يقتله والكلب العقور

_ (1) زاد الطحاوي "لتحرق عليه البيت، فقام اليها وقتلها وأحل قتلها للحلال والمحرم" وروى أبو داود عن ابن عباس رضى الله عنهما قال جاءت فأرة فأخذت تجر الفتيلة فجاءت بها فألقتها بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم على الخمرة التي كان قاعدا عليها فاحترق منها موضع درهم، زاد الحاكم فقال صلى الله عليه وسلم فأطفئوا سرجكم فان الشيطان يدل مثل هذه على هذه فتحرقكم قال الحاكم صحيح الأسناد، وليس في الحيوان أفسد من الفأر لأنه لا يبقى على حقير ولا جليل إلا أهلكه وأتلفه (تخريجه) (د. جه. طح. ك) وفي إسناده يزيد بن أبى زياد مختلف فيه، وروى له مسلم مقرونا بغيره والله أعلم (205) وعنه أيضا عن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا هشيم أنا يزيد بن أبي زياد حدثنا عبد الرحمن من أبى نعم البحلى عن أبى سعيد الخدري - الحديث" (غريبة) (2) الحية بالضم مبتدأ والغراب والفويسقة معطوفان عليه، والخبر محذوف تقديره يقتلها المحرم، ويقال مثل ذلك في قوله "والكلب العقور الخ" ويجوز أن يكون الحية بالقمح مفعولا لفعل محذوف تقديره يقتل المحرم الحية، والعقرب والفويسقة معطوفان عليه، ويقال مثل ذلك في قوله والكلب العقور الخ والله أعلم (3) ثبت من روايات عائشة المتقدمة جواز قتل الغراب ولكنه مقيد بالأبقع، ولعل المراد هنا غراب الزرع فانه غير الأبقع، وحكى الخافظ عن صاحب الهداية أنه قال المراد بالغاب في الحديث (يعنى الذي يجوز قتله للمحرم في الحل والحرم) الغداق والأبقع لأنهما يأكلان الجيف، وأما غراب الزرع فلا (قال الحافظ) وكذا استثناء ابن قدامة، وما أظن فيه خلافا وعليه يجمل ما جاء في حديث أبى سعيد عند أبى داود إن صح حيث قال فيه ويرمى الغراب ولا يقتله، رواه ابن المنذر وغيره علي ومجاهد اهـ (قال القاضي عياض) لا يصح عن علي وهو مخالف للأحاديث الصحيحة، لكن يوافقه ما لأبي داود والترمذي وقال حسن وابن ماجه (قلت والأمام أحمد) عن أبى سعيد مرفوعا يرمى الغراب ولا يقتله (قال الخطابي) يشبه أن المراد به الغراب الصغير الذي يأكل الحب وهو الذي استثناه مالك

-[ما جاء في قتل الذئب والسبع العادى]- والحدأة، والسَّبع العادي. (206) عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ما يقتل المحرم، قال يقتل العقرب. والفويسقة. والحدأة والغراب. والكلب العقور. (702) عن وبرة سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الذِّئب للمحرم يعنى والفأرة والغراب والحداء، فقيل له فالحيَّة

_ من جملة الغربان وقال عطاء فيه الفدية ولم يتابعه أحد اهـ (1) هذا يشمل كل حيوان مفترس كالذئب والنمر والفهد والأسد ونحوه (تخريجه) (د. جه. هق. مذ) وقال هذا حديث حسن والعمل على هذه عند أهل العلم يقتل السبع العادي، وهو قول سفيان الثوري والشافعي (وقال الشافعي) كل سبع عدا على الناس أو على دوابهم فللمحرم قتله اهـ (206) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنا يحيي بن سعيد وعبيد الله بن عمر، وابن عون عن نافع عن ابن عمر - الحديث" (تخريجه) (ق. د. نس. جه. هق) (307) عن وبرة عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد أنا حجاج بن أرطااة عن وبرة - الحديث" (غريبة) (2) جاءت هذه الرواية بلفظ الأمر، ومثلها عند مسلم من حديث ابن عمر أيضا، وعند أبى عوانة ليقتل المحرم - وظاهر الأمر الوجوب، ويحتمل الندب والأباحة، وقد روى البزار من حديث أبى رافع أن النبي (صلى الله عليه وسلم أمر بقتل العقرب والفأرة والحية والحدأة. وهذا الأمر ورد بعد نهى المحرم عن القتل، وفي الأمر الوارد بعد النهى خلاف معروف في الأصول هل يفيد الوجوب أم لا؟ وفي لفظ لمسلم أذن. وفي لفظ لأبى داود قتلهن حلال للمحرم (3) وقع ذكر الذئب والنمر زيادة على الخمس المشهورة عند ابن خزيمة من حديث أبي هريرة، وجاء ذكر الذئب أيضا في حديث مرسل أخرجه ابن أبى شيبه وسعيد بن منصور وأبو داود من طريق سعيد بن المسيب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال "يقتل المحرم الحية والذئب" ورجاله ثقات، وقد ألحق الأمام أبو حنيفة الذئب بالكلب، قال لأنه برى فان قتل غيرهما فداه، غلا أن يصول عليه سبع غيرها فيقتله ولا فداء عليه

-[ردّ مذهب من قال بأن المحرم لا يقتل الحية ولا العقرب]- والعقرب؛ فقال قد كان يقال ذاك (208) عن زيد يعنى ابن جبير قال سمعت ابن عمر وسأله رجل عمَّا يقتل المحرم من الدَّوابِّ، فقال حدَّثتني إحدى النِّسوة أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقتل الحديَّا والغراب والكلب العقور والفأرة والعقرب.

_ وهذا قول الأوزاعى (1) ظاهر هذا أن ابن عمر رضي الله عنهما لم يسمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئا في قتل الحية والعقرب، وإنما سمعه من بعض الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ثبت في حديثه المتقدم في رواية نافع عنه ذكر العقرب وهو أصح من هذا، ورواه مسلم ومالك في الموطأ عن نافع عن ابن عمر أيضا وهو من مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة، أما الحية فقد ثبت ذكرها في رواية لمسلم من طريق زيد بن جبير قال سأل رجل ابن عمر ما يقتل الرجل من الدواب وهو محرم؟ فقال حدثنى احدى نسوة النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يأمر بقتل الكلب العقور والفأرة والعقرب والحديا والغراب والحية؛ قال وفي الصلاة (قال ابن المنذر) لا نعلمهم اختلفوا في جواز قتل العقرب، وقال نافع لما قيل له فالحية؟ قال لا يختلف فيها، وفي رواية ومن يشك فيها، وتعقبه ابن عبد البر بما أخرجه ابن أبى شيبة من طريق شعبة أنه سأل الحكم وحمادا فقالا لا يقتل المحرم اللحية ولا العقرب، قال ومن حجتهما أنهما من هوام الارض فليزم من أباح قتلهما مثل ذلك في سائر الهوام، وهذا اعتلال لا معنى له، نعم عند المالكية خلاف في قتل صغير الحية والعقرب التي لا تتمكن من الأذى (تخريجه ((هق. ش) وفي اسناده حجاج بن أرطاة، قال أبو حاتم إذا قال حدثنا فهو صالح لا يرتاب في حفظه وصدقه (قال ابن معين) صدوق مدلس وقال أيضا هو والنسائي ليس بالقوى، روى له مسلم مقرونا بغيره، مات سنة سبع وأربعين ومائه (وقال الحافظ) حجاج ضعيف وخالفه مسعر عن وبرة فرواه موقوفا أخرجه ابن أبى شيبة اهـ (208) عن زيد يعنى ابن جبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج بن النعمان قال ثنا أبو عوانة عن زيد يعنى ابن جبير - الحديث" (غريبة) (2) لفظ مسلم أخبرتنى احدى نسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي رواية أخرى له وللبخاري أيضا عن ابن عمر قال قالت حفصة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس من الدواب لا حرج على من قتلهن الحديث، فظهر بذلك أن إحدى النسوة المبهمة في حديث الباب هي إحدى نسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي حفصة بنت عمر زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقدم أن ابن عمر روى هذا الحديث أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم بغير واسطة (تخريجه) (ق. وغيرهما)

-[زوائد الباب فيما يجوز للمحرم قتله من الدواب]- .....

_ (زوائد الباب) (عن سالم يعنى ابن عمر) قال قال عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال حفصة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس من الدواب لا حرج على من قتلهن، الغراب والحدأة والفأرة والعقرب والكلب العقور (ق. هق) (وعن الأسود عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه قال بينما نحن مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار بمنى غذ نول عليه والمرسلات وإنه ليتلوها وإنى لأتلقاها من فيه وإن فاه لرطبة بها إذ وثبت علينا حية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اقتلوها، فابتدرناها فذهبت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وقيت شركم كما وقيتم شرها (خ. هق) رواه مسلم وابن خزيمة واللفظ له عن أبى كريب عن حفص بن غياث مختصرا ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر محرما بقتل حية في الحرم بمنى، وراه أيضا الأمام أحمد مطولا كرواية البخاري إلا أنه لم يذكر فيه الحرم ولا منى، ولهذا لم أذكره هنا وسيأتي في تفسير سورة المرسلات من كتاب التفسير ان شاء الله تعالى (وعن سفيان) قال أول ما رأيت الزهري انتهبت اليه وهو يحدث الناس سمعته يقول أخبرني سالم عن أبيه قال سئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه عن الحية يقتلها المحرم؟ قال هي عدوة فاقتلوها حيث وجدتموها (هق) (وعن سويد بن غفلة) قال أمرنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن نقتل الحية والعقرب والفأرة والزنبور ونحن محرمون (هق) (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خمس قتلهن حلال في الحرم، والعقرب والحدأة والفأرة والكلب العقور (د. هق) وفي إسناده محمد بن عجلان (قال الحافظ) في التقريب محمد بن عجلان المدنى صدوق إلا أنه أختلطت عليه أحاديث أبى هريرة، من الخامسة، مات سنة أربع وعشرين وله ثمانون سنة اهـ (قلت) له في صحيح مسلم متابعة (وعن أبى رافع) رضي الله عنه قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في صلاته غذ ضب شيئا في صلاته فاذا هي عقرب ضربها فقتلها وأمر بقتل العقرب والحية والفأرة والحدأة للمرم (بز) وفيه يوسف بن نافع ذكره ابن أبى حاتم ولم يجرحه ولم يوثقه، وذكره ابن حيان في الثقات (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوا الوزغ ولو في جوف الكعبة (طب) وفيه عمرو بن قيس المكى وهو ضعيف (وعن عبد الله بن محمد بن هارون الفرباني) قال سمعت الشافعي محمد بن إدريس بمكة يقول سلوني ما شئتم أجبكم من كتاب الله عز وجل ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فقلت له اصلحك الله ما تقول في المحرم يقتل زنبورا؟ قال نعم بسم الله الرحمن الرحيم قال تعالى "وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا" حدثنا سفيان بن مالك بن عبينه عن عبد الملك بن عمير عن ربعى عن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر. وحدثنا سفيان بن عبينة عن مسعر عن قيس بن مسلم عن

-[مذاهب العلماء فيما جوز قتله من الدواب]- .....

_ طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه أمر المحرم بقتل الزنبور (هق) (الأحكام) أحاديث اباب مع الزوائد تدل على جواز قتل المحرم ما ذكر فيها من الحيوان ولا جزاء عليه في ذلك، منها ست جاءت في الأحاديث الصحيحة المرفوعة وهي الحية والعقرب والغراب الأبقع والفأرة والكلب العقور والحدأة (قال النووى) رحمه الله فالمنصوص عليه الست، واتفق جماهير لعلماء على جواز قتلهن في الحل والحرم والأحرام، واتفقوا على أنه يجوز للمحرم أن يقتل ما في معناهن، ثم اختلفوا في المعنى فيهن وما يكون في معناهن (فقال الشافعي) المعنى في جواز قتلهن كونهن مما لا يؤكل، وكل ما لا يؤكل ولا ما هو متولد من مأكول وغيره فقتله جائز للمحرم ولا فدية عليه (وقال مالك) المعنى فيهن كونهن مؤذيات؛ فكل مؤذ يجوز للمحرم قتله وما لافلا، وأما تسمية هذه المذكورات فواسق فصحيحة جارية على وفق اللغة، وأصل الفسق في كلام العرب الخروج، وسمى الرجل الفاسق لخروجه عن أمر الله تعالى وطاعته، فسميت هذه فواسق لخروجها بالأيذاء والأفياد عن طريق معظم الدواب، وقيل لخروجها عن حكم الحيوان في تحريم قتله الحرم والأحرام، وقيل فيها أقوال أخر ضعيفة لا نعتنيها (وأما الغراب الأبقع) فهو الذي في ظهره وبطنه بياض، وحكى الساجى عن النخعى أنه لا يجوز للمحرم قتل الفأرة، وحكى غيره على ومجاهد أنه لا يقتل الغراب ولكن يرمي وليس بصحيح عن علي (واتفق العلماء) على جواز قتل الكلب العقور للمحرم والحلال في الحل والحرم (واختلفوا) في المراد به فقيل هذا الكلب المعروف خاصة، حكاه القاضي (عن الأوزاعى وأبى حنيفة والحسن بن صالح) وألحقوا به الذئب، جمل زفر معنى الكلب على الذئب وحده (وقال جمهور العلماء) ليس المراد بالكلب العقور تخصيص هذه الكلب المعروف؛ بل المراد هو كل عاد مفترس غالبا كالسبع والنمر والذئب والفهد ونحوها، وهذا قول زيد بن أسلم وسفيان الثورى وابن عبينة (والشافعى وأحمد) وغيرهم، وحكاه القاضي عياض عنهم وعن جمهور العلماء. ومعنى العقور والعافر الجارح اهـ (قلت) وإنما سموا كل عاد مفترس كلبا لاشتراكه في السبعية، قالوا ونظيره قوله صلى الله عليه وسلم في دعائه على عتبيه بن أبى لهب "اللهم سلط عليه كلبا من كلابك فافترسه الأسد" (تنبيه) وقع في سنن البيهقي وتفسير ابن كثير في تفسير قوله تعالى "أحل لكم الصيد البحر الخ الآية" لفظ عتبة بسكون التاء مكبرا بدل عتيبة بفتحها مصغرا وهو خطأ، والصواب عتيبة بالتصغير كما هنا، فقد حكى صاحب الجوهر النقى عن ابن الصلاح أنه قال في قوله عتبة وأما عتبة فانه بقى حتى أسلم يوم الفتح وهو مذكور في كتب الصحابة رضي الله عنهم اهـ (وفي الزوائد) ما يدل على جواز قتل المحرم الوزغ والزنبور ولو في جوف الكعبة، وقد

-[كلام العلماء فيمن وجب عليه قصاص وهل يقتص منه في الحرم؟]- .....

_ وردت أخبار صحيحة مرفوعة تدل على قتل الوزغ مطلقا ستأتى في بابها من كتاب القتل ان شاء الله تعالى (قال الأمام مالك رحمه الله) لا ارى قتل الوزغ، والأخبار بقتلها متواترة لكن مطلقا لا في الحرم، ولذلك توقف فيها الأمام مالك رحمه الله في الحرم (وقالت طائفة) لا يقتل من جنس الغراب غلا الأبقع، وتقدم الكلام عليه في الشرح بما لا يحتاج لزيادة (واختلفوا في الزنبور) فبعضهم شبهة بالعقرب. وبعضهم رأى أنه أضعف نكاية من العقرب، وبالجملة بكل واحد منها ما يشبهه إن كان له شله، ومن لم ير ذلك قصر النهى على المنطوق به والله أعلم (قال النووى) رحمه الله. وفي قتل هذه الأحاديث دلالة للشافعي وموافقية في أنه يجوز أن يقتل في الحرم كل من يجب عليه قتل بقصاص أو رجم بالزنا أو قتل في المحاربة أو غير ذلك، وأنه يجوز إقامة كل الحدود فيه سواء كان موجب القتل والحد جرى في الحرم أو خارجه ثم لجأ صاحبه إلى الحرم (وهذا مذهب مالك والشافعى) وآخرين (وقال أبو حنيفة) وطائفة ما ارتكبه من ذلك في الحرم يقام عليه فيه، وما فعله خارجه ثم لجأ اليه إن كان إتلاف نفس لم يقم عليه في الحرم، بل يضيق عليه ولا يكلم ولا يجالس ولا يبايع حتى يضطر إلى الخروج منه فيقام عليه خارجه، وما كان دون النفس يقام فيه (قال القاضي) وروى عن ابن عباس وعطاء والشعبي والحكم نحوه. لكنهم لم يفرقوا بين النفس ودونها. وحجتهم ظاهر قول الله تعالى "ومن دخله كان آمنا" وحجتنا عليهم هذه الأحاديث لمشاركة فاعل الجناية لهذه الدواب في اسم الفسق. بل فسقه أفحش لكونه مكلفاً، ولأن التضييق الذي ذكروه لا يبقى لصاحبه أمانا، فقد خالفوا ظاهر ما فسروا به الآية (قال القاضي) ومعنى الآية عندنا وعند أكثر المفسرين أنه إخبار عما كان قبل الأسلام وعطفه على ما قبله من الآيات، وقيل آمن من النار (وقالت طائفة) يخرج ويقام عليه الحد وهو قول ابن الزبير والحسن ومجاهد وحماد والله أعلم - وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم.

الفتح الرباني لترتيب مسند الأمام أحمد بن حنبل الشيباني (مع شرحه) بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني. (كلاهما تأليف) أحمد عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي (خادم السنة السنية بعطفة الرسام رقم 5 بالغورية بمصر) (الجزء الثاني عشر) وقد جعلنا الفتح الرباني في أعلى الصحيفة وبلوغ الأماني في أدناها مفصولا بينهما بجدول. (تنبيه) للحافظ ابن حجر العسقلاني كتاب اسماه (القول المسدد، في الذب عن مسند الأمام أحمد) أدرجناه جميعه ضمن الشرح موزعا على كل حديث ذب عنه الحافظ مع عزوه إليه

_ الطبعة الأولى ... الطبعة الثانية دار احياء التراث العربي

بسم الله الرحمن الرحيم (1) باب دخول مكة وما يتعلق به وفيه فصول (الفصل الأول في الغسل لدخول مكة) (209) عن نافع قال كان ابن عمر رضي الله عنهما إذا دخل أدنى الحرم (1)

_ عن نافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسماعيل عن أيوب عن نافع قال كان ابن عمر- الحديث- (غريبة) (1) أي أول موضع منه أي من

أمسك عن التلبية، فإذا انتهي إلى ذي طوى (1) بات فيه حتى يصبح ثم يصلي

_ حرم مكة لا مسجدها (أمسك عن التلبية) أي حتى يقضي طوافه بين الصفا والمروة ثم يعادوها، وهذا مذهب ابن عمر وخالفه الجمهور، وتقدم الكلام على ذلك في أحكام باب التلبية وصفتها صحيفة 189 من الجزء الحادي عشر، والدليل على ذلك ما رواه ابن خزيمة في صحيحه من طريق عطاء قال كان ابن عمر رضي الله عنه يدع التلبية إذا دخل الحرم ويراجعها بعد ما يقضي طوافه بين الصفا والمروة (1) بتثليث الطاء مع الصرف وعدمه، فمن صرفه جعله اسم واد ومكان وجعله نكرة، ومن لم يصرفه جعله بلدة وبقعة وجعله معرفة (قال النووي) هو موضع عند باب مكة بأسفلها في صوب طريق العمرة المعتادة ومسجد عائشة ويعرف اليوم بآبار الزاهد. يصرف ولا يصرف، وقال أيضا إنه مقصور منون وفي التوضيح هو ربض من أرباض مكة؛ وطاؤه مثلثة مع الصرف وعدمه والمد أيضاً اهـ

الغداة ويغتسل (1) ويحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله (2) ثم يدخل مكة ضح فيأتي البيت فيتسلم الحجر (3) ويقول باسم الله والله أكبر (4) ثم يرمل (5) ثلاثة أشواط، يمشي ما بين الركنين، فإذا أتى على الحجر

_ وقال السهيلي واد بمكة في أسفلها، وذو طواء ممدودا موضع بطريق الطائف وقيل واد اهـ وفي كتاب الأذواء ذو طوى موضع بظاهر مكة به بئار يستحب لمن يدخل مكة أن يغتسل منها (1) فيه استحباب الاغتسال بذي طوى لمن كان بطريقه إلى مكة بأن يأتي من طريق المدينة وإلا اغتسل من نحو تلك المسافة، قال الطبري ولو قيل يسن له التعريج إليها والاغتسال بها اقتداء وتبركا لم يبعد، قال الأذرعي وبه جزم الزعفراني (2) يحتمل عود الضمير إلى الفعل الأخير وهو الغسل المقصود بالترجمة، ويحتمل عودة إلى الجميع أعنى الأمساك عن التلبية والبيتوته بذي طوى والاغتسال، واستظهر الحافظ الأخير (3) بفتح الحاء المهملة والجيم يعني الحجر الأسود وهو في الركن الذي يلي باب البيت من جانب المشرق ويسمى الركن الأسود، ويقال له وللركن اليماني الركنان اليمانيان - واعلم أن للبيت أربعة أركان- هذان الركنان وآخران يقال لهما الركنان الشاميان لأنهما صوب الشام والمغرب. وربما قيل لهما المغربيان (فالركن الأول) من الأربعة له فضليتان كون الحجر الأسود فيه. وكونه على قواعد إبراهيم. أعني القواعد التي بنى إبراهيم عليه السلام البيت عليها (وللركن الثاني) وهو اليماني فضيلة واحدة، وهو كونه على قواعد إبراهيم، وليس للآخرين شيء منهما، فلذلك يقبّل الأول ويُستلم الثاني فقط بدون تقبيل، والاستلام معناه المسح باليد، والتقبيل بالفم. ولا يقبل الآخران ولا يستلمان، هذا على رأي الجمهور، واستحب بعضهم تقبيل الركن اليماني، وإنما نبهت على هذه الأركان هنا ليحفظها القارئ ويفهمها جيدا حتى إذا ذكرت مرة أخرى أو تعلق بها حكم كان على بصيرة منها والله الموفق (4) فيه استحباب التكبير عند استلام الحجر الأسود وتقبيله وإن لم يصرح بالتقبيل في هذا الحديث فسيأتي التصريح به في بابه (5) من باب قتل، والرمل هو إسراع المشي مع تقارب الخطا ولا يثب ولايعدو عدوا، قالوا والرمل الخبب وهو فوق سجية المشي ودون العدو، وذلك في الثلاثة الأشواط الأول ما عدا المسافة التي بين الركنين، يعني الأسود واليماني فإنه كان يمشى فيها مشيا اعتياديا بغير رمل، وكان المشي بين الركنين أول الأمر في عمرة القضاء سنة سبع من الهجرة حينما قال المشركون " أنه يقدم عليكم قوم قد وهنتهم الحمى" فأطلع الله نبيه على

استلمه وكبر (1) أربعة أطواف مشيا ثم يأتي المقام فيصلى ركعتين ثم يرجع إلى الحجر فيتسلمه، ثم يخرج إلى الصفا من الباب الأعظم فيقوم عليه فيكبر سبع مرار ثلاثا يكبر ثم يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. (210) عن نافع قال كان ابن عمر رضي الله عنهما يبيت بذي طوى فإذا أصبح اغتسل وأمر من معه أن يغتسلوا ويدخل من العليا (3) فإذا خرج

_ ذلك، فأمر أصحابه أن يرملوا وقعد المشركون ناحية الحجر ينظرون إليهم فرملوا ومشوا ما بين الركنين حيث لا يراهم المشركون لأنهم كانوا مما يلي الحجر من قبل قيقعان، فلما حج النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر رمل من الحجر إلى الحجر كما صرح بذلك في حديث جابر عند الإمام أحمد وسيأتي في باب ركعتي الطواف، وعند مسلم والإمام مالك من حديث جابر أيضا ولفظه " قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل من الحجر الأسود حتى انتهى إليه ثلاثة أشواط" وللشيخين والإمام أحمد وسيأتي في طواف القدوم عن نافع أن عبدالله بن عمر كان يرمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود ثلاثة أطواف ويمشي أربعة أطواف ويزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله، فوجب الأخذ به لأنه الآخر من فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) يعني في كل مرة (وقوله أربعة أطواف) هو مفعول لفعل سابق إما سقط من الناسخ وإما حذف للعلم به، تقديره ثم يمشي أربعة أطواف كما صرح بذلك في رواية أخرى والله أعلم (وقوله مشيا) أي اعتياديا في الأربعة الأشواط الباقية بدون رمل (2) أي في كل مرة من السبع، وبقية شرح الحديث ستأتي في أبوابها إن شاء الله تعالى (تخريجه) لم أقف عليه مطولا بهذا السياق لغير الإمام أحمد، وأخرجه الشيخان والإمامان وغيرهم مقطعا في جملة أبواب (210) عن نافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد عن عبد الله عن نافع الحديث " غريبة (3) أي من الثنية العليا كما صرح بذلك في حديثه التالي، والثنية كل عقبة في طريق أو جبل فإنها تسمى ثنية، وهذه الثنية المعروفة بالثنية العليا هي التي ينزل منها إلى باب المعلي مقبرة أهل مكة، وهي التي يقال لها الحجون بفتح المهملة وضم الجيم وكانت صعبة المرتقى فسهلهنا معاوية، ثم عبد الملك، ثم المهدي، على ما ذكره الأزرقي

خرج من السفلى (1) ويزعم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك. (الفصل الثاني من أين يدخل مكة وفي أي وقت) (211) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل مكة دخل من الثنية (2) العليا، وإذا خرج من الثنية السفلى (212) عن عائشة رضي الله عنهما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح من كداء (3) من أعلى مكة ودخل في العمرة من كدى (4) (وعنها من طريق ثان) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح من ثنية الإذخر (6)

_ ثم سهلها كلها سلطان مصر الملك المؤيد (1) أي من الثنية السفلى، وقد صرح بذلك أيضا في حديثه التالي، وهي عند باب الشبيكة بقرب شعب الشاميين وشعب ابن الزبير (وقوله ويزعم وإلخ) هو من اطلاق الزعم على القول الصحيح، وقد صرح في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله (تخريجه) (ق. د. هق. وغيرهم) (211) عن ابن عمر سنده حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا عبد الله عن نافع عن ابن عمر- الحديث (غريبة) (2) تقدم شرح الثنيتين العليا والسفلى في الحديث السابق (تخريجه) (ق. د. نس. جه. هق) (212) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أسامة قال أنا هشام عن أبيه عن عائشة - الحديث (غريبة) (3) بفتح الكاف والمد قال أبو عبيدة لا تصرف وهي الثنية العليا المتقدم ذكرها في الحديث السابق (4) بضم الكاف والقصر وهي الثنية السفلى المتقدم ذكرها في الحديث السابق أيضا (قال القاضي عياض) والقرطبي وغيرهما اختلق في ضبط كداء وكدى، والأكثر على أن العليا بالفتح والمد، والسفلى بالضم والقصر. وقيل بالعكس (قال النووي) وهو غلط، وستأتي الحكمة في مخالفة الطريق في الدخول والخروج في الأحكام إن شاء الله (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن ربيعة عن عبيد الله بن أبي زياد عن القاسم بن محمد عن عائشة - الحديث" (6) الأذخر بكسر الهمزة والخاء المعجمة بينها ذال معجمة ساكنة، حشيشة طيبة الرائحة تسقف بها البيوت فوق الخشب أضيفت إليها الثنية لكثرة نبات الأذخر بها وهذه الثنية هي العليا السالفة الذكر، وهي المسماة بكداء بالمد في الطريق الأولى (تخريجه)

(213) عن ابن عمر رضي الله عنهما صلى الله عليه وسلم دخل مكة نهارا (1) (الفصل الثالث في الدعاء عند دخول مكة) (214) وعنه أيضا قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إذا دخل مكة قال: اللهم لا تجعل منايانا بها (3) حتى تخرجنا منها

_ أخرج الطريق الأولى منه الشيخان وأبو داود والبيهقي، ولم أقف على الثانية لغير الإمام أحمد بلفظه (213) عن ابن عمر سنده حدثنا عبدالله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا العمري عن نافع عن ابن عمر - الحديث (غريبة) (1) قال الحافظ هو ظاهر في الدخول نهارا؛ قال وأما الدخول ليلا فلم يقع منه صلى الله عليه وسلم إلا في عمرة الجعرانة فإنه صلى الله عليه وسلم أحرم من الجعرانة ودخل مكة ليلا فقضى أمر العمرة ثم رجع ليلا فأصبح بالجعرانة كبائت كما رواه أصحاب السنن من حديث محرش (قلت والإمام أحمد وتقدم في عمرة الحديبية صحيفة 68 في الجزء الحادي عشر) قال وترجم عليه النسائي دخول مكة ليلا (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن وفي بعض نسخ الترمذي حسن صحيح. (214) وعنه أيضا سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه عن ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث ـــ (غريبة) (2) جمع منية بكسر النون وتشديد الياء التحتية مفتوحة، وهي الموت والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك عند دخول مكة في غير سنة حجة الوداع لما كان يرجو من الله من تتميم نصره وإظهار دين الإسلام على جميع الأديان، وقد استجاب الله دعاؤه فلم يمت إلا بعد أن تم له ذلك، ونزل في حجه الوداع قوله تعالى" اليوم أكملت لكم دينكم" الأية (تخريجه) لم أقف عليه وسنده جيد (زوائد الباب) عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يغتسل لدخول مكة (فع) (وعنه أيضا) أن ابن عمر كان لا يقدم مكة إلا بات بذي طوى حتى يصبح ويغتسل ثم يدخل مكة نهارا ويذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه فعله (ق) وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ترفع الأيدي في الدعاء لاستقبال البيت (ص. هق) وهو ضعيف باتفاق المحدثين لأنه من رواية عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي ليلى الإمام المشهور وهو ضعيف عند المحدثين، قاله النووي (ج) وعن مكحول قال النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخل مكة فرأى البيت رفع يديه وكبر وقال "اللهم أنت السلام ومنك السلام فحينا ربنا بالسلام، اللهم زد هذا البيت تشريفا وتعظيما".

_ ومهابة وزد من حجه أو اعتمره تكريما وتشريفا وتعظيما وبرا (هق) ورواه الإمام الشافعي في مسنده عن ابن جريج (قال النووي) هو مرسل معضل (وعن محمد بن سعيد بن المسيب) قال كان سعيد إذا حج فرأى الكعبة قال اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام (هق. فع) وعن سعيد بن المسيب قال سمعت من عمر رضي الله عنه كلمة ما بقى أحد من الناس سمعها غيري، سمعته يقول إذا رأى البيت " اللهم أنت السلام ومنك السلام حينا ربنا بالسلام" قال النووي ليس اسناده بقوي (هق) (وعن حذيفة) بن أسيد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا نظر إلى البيت قال " اللهم زد هذا البيت تشريفا وتكريما وبرا ومهابة" (طب. طس) وفيه عاصم بن سليمان الكوزي وهو متروك وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعني مسجد مكة) ودخلنا معه إلى المدينة من باب الحرورة وهو باب الخياطين (طس) وفيه مراون بن مراون قال السلماني فيه نظر وبقية رجاله رجال الصحيح (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على جملة أحكام منها استحباب الغسل لدخول مكة وأنه يكون بذي طوى إن كانت في طريقه وإلا اغتسل في غير طريقها كنحو مسافتها، وهو مستحب لكل محرم حتى الحائض والنفساء والصبي، وإلى ذلك ذهب الجمهور، وخالق المالكية في الحائض والنفساء، قالوا لأن استحباب الغسل لدخول مكة هو لأجل الطواف بالبيت لا للنظافة فلا تفعله الحائض ولا النفساء لأنهما ممنوعتان من الطواف. لأن الطهارة شرط فيه (قال ابن المنذر) الاغتسال عند دخول مكة مستحب عند جميع العلماء وليس في تركه عندهم فدية، وقال أكثرهم يجزئ منه الوضوء، وفي الموطأ أن ابن عمر كان لا يغسل رأسه وهو محرم إلا من احتلام، وظاهره أن غسله لدخول مكة كان لجسده دون رأسه وقالت الشافعية إن عجز عن الغسل تيمم (وقال ابن التين) لم يذكر أصحابنا الغسل لدخول مكة وإنما ذكروه للطواف، والغسل لدخول مكة هو في الحقيقة للطواف (ومن أحكام الباب أيضا) استحباب دخول مكة من الثنية العليا والخروج من السفلى كما في حديث ابن عمر، وبه قال جمهور العلماء (قال النووي في شرح المهذب) واعلم أن المذهب الصحيح المختار الذي عليه المحققون من أصحابنا أن الدخول من الثنية العليا مستحب لكل محرم داخل مكة سواء كانت في صوب طريقه أم لم تكن، ويعتدل إليها من لم تكن في طريقه، وقال الصيدلاني والقاضي حسين والفوراني وإمام الحرمين والبغوي والمتولي إنما يستحب الدخول منها لمن كانت في طريقه وأما من لم تكن في طريقه فقالوا لا يستحب له العدول إليها، قالوا وإنما دخل النبي الله صلى الله عليه وسلم اتفاقا لكونها كانت في طريقه، هذا كلام الصيدلاني وموافقيه، واختاره إمام الحرمين

_ ونقله الرافعي عن جمهور الأصحاب، وقال الشيخ أبو محمد الجويني ليست العليا على طريق المدينة بل عدل إليها النبي الله صلى الله عليه وسلم متعمدا لها، قال فيستحب الدخول منها لكل أحد، قال ووافق إمام الحرمين الجمهور في الحكم، ووافق أبا محمد في أن موضع الثنية كما ذكره، وهذا الذي قاله أبو محمد من كون الثنية ليست على نهج الطريق بل عدل إليها هو الصواب الذي يقضي به الحس والعيان، فالصحيح استحباب الدخول من الثنية العليا لكل محرم قصد مكة سواء كانت في طريقه أم لا، وهو ظاهر نص الشافعي في المختصر ومقتضى اطلاقه، فإنه قال ويدخل المحرم من ثنية كداء، ونقله صاحب البيان عن عامة الأصحاب اهـ (قال الطيبي) وإنما فعل الله صلى الله عليه وسلم هذه المخالفة في الطريق داخلا أو خارجا للفأل بتغير الحال إلى أكمل منه كما فعل في العيد ليشهد له الطريقان وليتبرك به أهلهما اهـ (قال الحافظ) وقيل الحكمة في ذلك المناسبة بجهة العلو عند الدخول لما فيه من تعظيم المكان، وعكسه الإشارة إلى فراقه وقيل لأن إبراهيم لما دخل مكة دخل منها، وقيل لأنه الله صلى الله عليه وسلم خرج منها مختفيا في الهجرة فأراد أن يدخلها ظاهرا عليا، وقيل لأن من جاء من تلك الجهة كان مستقبلا للبيت، ويحتمل أن يكون ذلك لكونه دخل منها يوم الفتح فاستمر على ذلك، والسبب في ذلك قول أبي سفيان بن حرب للعباس لا أسلم حتى أرى الخيل تطلع من كداء، فقلت ما هذا؟ قال شيء طلع بقلبي، وأن الله لا يطلع الخيل هناك أبدا، قال العباس فذكرت أبا سفيان لذلك لما دخل (وللبيهقي من حديث ابن عمر) قال قال النبي الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لأبي بكر كيف قال حسان فأنشده: عدمت بنيتي إن لم تروها ... تثير النقع مطلعها كداء فتبسم وقال ادخلوها من حيث قال حسان (تنبيه) حكى الحميدي عن ابي العباس العذري أن بمكة موضعا ثالثا يقال له كدى وهو بالضم والتصغير يخرج منه إلى جهة اليمين قال المحب الطبري حققه العذري عن أهل المعرفة بمكة، قال وقد بني عليها باب مكة الذي يدخل منه أهل اليمن. أفاده الحافظ ومن أحكام الباب أيضا استحباب دخول مكة نهارا لحديثي ابن عمر المذكورين في الباب وإليه ذهب ابن عمر رضي الله عنهما، وعطاء والنخعي واسحاق بن راهوية وابن المنذر وجمهور العلماء وللشافعية في ذلك أقوال (قال النووي) قال أصحابنا له دخول مكة ليلا ونهارا ولا كراهة في واحد منهما فقد تثبت الأحاديث فيها " يشير إلى حديثي ابن عمر في دخوله نهارا وإلى حديث محرش الكعبي الصحابي أن رسول الله الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة ليلا في عمرة الجعرانة، وقد أشرنا إليه في الشرح" قال وفي الفضيلة وجهان أصحهما دخولها نهارا أفضل، حكاه ابن الصباغ وغيره عن أبي اسحاق

_ المرزوي ورجحه البغوي وصاحب العدة وغيرهما (وقال القاضي أبو الطيب) والمارودي وابن الصباغ والعبدري هما سواء في الفضيلة لا ترجيح لأحدهما على الآخر، واحتج هؤلاء بأنه قد صح الأمران من فعل النبي الله صلى الله عليه وسلم ولم يرد عنه الله صلى الله عليه وسلم ترجيح لأحدهما ولانهي فكانا سواء، واحتج من رجح النهار بأنه الذي اختاره النبي الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وقال في آخرها " لتأخذوا عني مناسككم" فهذا ترجيح ظاهر للنهار، ولأنه أعون للداخل وأرفق به وأقرب إلى مراعاته للوظائف المشروعة له على أكمل وجوهها وأسلم له من التأذي والإيذاء والله أعلم اهـ ج ومن أحكام أحاديث الباب أيضا استحباب الدعاء عند رؤية البيت لحديث ابن عمر المذكور آخر الباب والآثار المذكورة في الزوائد، ولحديث أبي أمامة مرفوعا" تفتح أبواب السماء ويستجاب الدعاء في أربعة مواطن، عند التقاء الصفوف في سبيل الله، وعند نزول الغيث وعند إقامة الصلاة وعند رؤية الكعبة (طب) وهو ضعيف وإلى استحباب الدعاء عند رؤية البيت ذهب إليه كافة العلماء فيما أعلم وقد استحب جماعة من العلماء رفع اليدين عند هذا الدعاء لحديث ابن عمر المذكور في الزوائد، وسيق الكلام على ضغفه عقب ذكره، ولما رواه البيهقي عن مكحول والإمام الشافعي رحمه الله بعد أن أورد حديث ابن جريح ليس في رفع اليدين عند رؤية البيت شيء فلا أكرهه ولا استحبه (قال البيهقي) فكأنه لم يعتمد على الحديث لانقطاعه وقد ذهب (إلى استحباب رفع اليدين) عند الدعاء لرؤية البيت جمهور العلماء، حكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن عباس وسفيان الثوري وابن المبارك وأحمد واسحاق قال وبه أقول (قال النووي) وهو مذهبنا (قلت) وذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك إلى عدم الرفع، وقد يحتج لهما بحديث المهاجر المكي قال سئل جابر بن عبد الله عن الرجل الذي يرى البيت يرفع يديه فقال ما كنت أدري أحدا يفعل هذا إلا اليهود، قد حججنا مع رسول الله الله صلى الله عليه وسلم فلم يكن يفعله. رواه (د. نس) باسناد حسن، ورواه الترمذي عن المهاجر المكي أيضا قال سئل جابر بن عبد الله أيرفع الرجل يديه إذا رأى البيت فقال حججنا مع النبي الله صلى الله عليه وسلم فكنا نفعله هذا لفظ رواية الترمذي وإسناده حسن (قال النووي في شرح المهذب) قال أصحابنا رواية المثبت للرفع أولى، لأن معه زيادة علم (قال البيهقي) رواية غير جابر في اثبات الرفع أشهر عند أهل العلم من رواية المهاجر المكي. قال والقول في مثل هذا قول من رأى وأثبت، والله أعلم اهـ وقال الخطابي في معالم السنن قد اختلق الناس في هذا فكان ممن يرفع يديه إذا رأى البيت سفيان الثوري وابن المبارك وأحمد بن حنبل واسحاق بن راهوية، وضعف هؤلاء حديث جابر لأن مهاجرا

أبواب الطواف بالبيت وادابه وما يتعلق به (1) باب الطهارة والسترة للطواف (215) عن ابن عباس رضي الله عنهما رفعه إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال إن النفساء والحائض تغتسل (1) وتحرم وتقضي المناسك كلها (2) غير أن لا تطوف بالبيت (3) حتى تطهر

_ راويه عندهم مجهول، وذهبوا إلى حديث ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال " ترفع الأيدي في سبعة مواطن، افتتاح الصلاة، واستقبال البيت، وعلى الصفا والمروة، والموقفين، والجمرتين." وروى عن ابن عمر أنه كان يرفع اليدين عند رؤية البيت، وعن ابن عباس مثل ذلك والله أعلم اهـ قلت حديث ابن عباس الذي ذكره الخطابي أورده الهيثمي عن ابن عباس عن النبي بلفظ "لاترفع الأيدي إلا في سبعة مواطن حين تقوم الصلاة وحين يدخل المسجد الحرام فينظر إلى البيت، وحين يقوم على الصفا، وحين يقوم على المروة، وحين يقف مع الناس عشية عرفه، وبجمع المقامين حين يرى الجمرة" قال الهيثمي رواه الطبراني في الكبير والأوسط إلا أنه قال رفع الأيدي إذا رأيت البيت، وفيه وعند رمي الجمار، وإذا اقيمت الصلاة. وفي الإسناد الأول محمد بن أبي ليلى وهو سيء الحفظ وحديثه حسن إن شاء الله، وفي الثاني عطاء بن السائب وقد اختلط اهـ (216) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مروان ابن شجاع حدثني خصيف عن عكرمة ومجاهد وعطاء عن ابن عباس رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث- (غريبة) أي لأجل الإحرام وإن كان عليهما الدم وهذا الغسل مستحب عند الجمهور لإجل النظافة، وكذلك عند دخول مكة وتقدم الكلام عليه (2) كالسعي والوقوف بعرفة ومزدلفة ورمي الجمار ونحو ذلك (3) إنما منعتا من الطواف لأن الطهارة شرط في صحته عند الجمهور وقوله حتى تطهر بفتح التاء والطاء المهملة المشددة ويجوز فتح الطاء مع تشديد الهاء وهو على حذف إحدى التاءين وأصله تتطهر هكذا ضبطه الحافظ في حديث عائشة حيث قال لها النبي صلى الله عليه وسلم "افعلي كما يفعل الحاج غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري" والمراد بالطهارة هنا الغسل، ويؤيده ما وقع في رواية لمسلم "غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي" والحديث ظاهر في نهي الحائض عن الطواف حتى ينقطع دمها وتغتسل وهو قول الجمهور (تخريجه) (د. مذ) وقال حسن غريب

(216) عن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال الحائض تقضي المناسك كلها إلا الطواف بالبيت. (217) عن عبد الرحمن بن القاسم عن ابيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها وحاضت بسرف قبل أن تدخل مكة اقضي ما يقضى (1) الحاج (2) غير ألا تطوفي بالبيت (3) الحديث (218) عن زيد بن يثيع (4) عن أبي بكر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ببراءة لأهل مكة لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت

_ من هذا الوجه قلت وفي اسناده مروان بن شجاع وخصيف بن عبد الرحمن الجزري فيهما مقال ووثقهما جماعة (216) عن عائشة رضي الله عنها سنده حدثنا عبد الله أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن جابر عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة - الحديث- (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي اسناده جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي الكوفي أحد كبار علماء الشيعة، وثقه الثوري وغيره وقال النسائي متروك اهـ (قلت) وأخرجه باللفظ المذكور ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من حديث ابن عمر ويؤيده والذي قبله حديث عائشة رضي الله عنها الآتي (217) عن عبد الرحمن بن القاسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم - الحديث (غريبة) (2) أي افعلي ما يفعل الحاج إلا الطواف بالبيت (3) ليس هذا اخر الحديث وبقيته قالت فلما كنا بمنى أتيت بلحم بقر قلت ما هذا؟ قالوا ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أزواجه بالبقر تخريجه (ق. هق. وغيرهم) (218) عن زيد بن يثيع (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا وكيع قال قال اسرائيل قال أبو اسحاق عن زيد بن يثيع بضم التحتانية وقد تبدل همزة بعدها مثلثة ثم تحتانية ساكنة ثم مهملة الهمداني الكوفي ثقة مخضرم من الثانية (5) أي سورة براءة وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر اميرا على الحج سنة تسع ليقيم للناس حجهم وأهل الشرك على منازلهم من حجهم لم يصدوا بعد عن البيت ومنهم من له عهد

عريان (1) ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة (2) الحديث

_ مؤقت إلى أمد فأنزل الله عز وجل: " براءة من الله ورسوله إلى الذين عاهدتم من المشركين" إلى قوله: " واذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر أن الله برئ من المشركين ورسوله" إلى اخر القصة" ففي بعض الروايات أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر ليبلغها للمشركين في الحج ويقول لهم لا يحج بعد العام مشرك إلخ، وفي بعضها أنه بعث بها عليا وسيأتي تحقيق ذلك في تفسير سورة براءة من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى (1) ذكر ابن اسحاق سبب هذا الحديث فقال إن قريشا ابتدعت قبل الفيل أو بعده أن لا يطوف بالبيت أحد لمن يقدم عليهم من غيرهم أول ما يطوف إلا في ثياب أحدهم فإن لم يجد طاف عريانا فإن خالف وطاف بثيابة ألقاها إذا فرغ منها ثم لم ينتفع بها، فجاء الإسلام فهدم ذلك كله (2) ليس هذا آخر الحديث وإنما اقتصرت منه على ما يناسب الترجمة وهو وجوب ستر العورة في الطواف وسيأتي الحديث بتمامه في تفسير سورة براءة من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق. وغيرهما) (زوائد الباب) (عن عائشة رضي الله عنها) أن أول شيء بدأ به النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم يعني مكة أنه توضأ ثم طاف بالبيت (ق) وعن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الطواف حول البيت مثل الصلاة إلا أنكم تتكلمون فيه، فمن تكلم فلا يتكلمن إلا بخير (نس. مي. مذ) وذكر الترمذي جماعة وقفوه على ابن عباس واخرجه (هق. حب. ك) وصححه وقال قد روي موقوفا على ابن عباس (قال في السراج) المعنى أن الطواف كالصلاة من بعض الوجوه كالطهارة، لا أن أجره كأجر الصلاة وعن ابن طاوس عن ابيه عن ابن عباس قال الطواف من الصلاة فأقلوا فيه الكلام (هق) وصححه وعن أبي الزبير المكي أن أبا ماعز عبد الله بن سفيان أخبره أنه كان جالسا مع عبد الله بن عمر فجاءته امرأة تستفتيه فقالت إني أقبلت أريد أن أطوف بالبيت حتى إذا كنت عند باب المسجد أهرقت الدم فرجعت حتى إذا ذهب ذلك عني، ثم أقبلت حتى إذا كنت عند باب المسجد أهرقت الدم فرجعت حتى إذا ذهب ذلك عني حتى إذا كنت عند باب المسجد أهرقت الدم، فقال عبد الله بن عمر إنما ذلك ركضة من الشيطان، اغتسلي ثم استنفري بثوب ثم طوفي (هق) (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) قال: كانت المرأة تطوف بالبيت في الجاهلية وهي عريانة وعلى فرجها خرقة وهي تقول: اليوم يبدو بعضه أو كله ... فما بدا منه فلا أحله فنزلت هذه الأية " قل من حرم زينة الله" (نس. هق) وعنه من طريق ثان بنحوه وفيه

_ فنزلت " يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد" (م. هق) الأحكام أحاديث الباب مع الزوائد تدل على أن الطواف لا يصح من متنجس أو محدث حدثا أصغر أو أكبر ولا من الحائض والنفساء، وإلى ذلك ذهب الأئمة الثلاثة (مالك والشافعي وأحمد) وحكاه المارودي عن جمهور العلماء وحكاه ابن المنذر في طهارة الحدث عن عامة العلماء وانفرد الإمام أبو حنيفة فقال الطهارة من الحدث والنجس ليست بشرط للطواف فلو طاف وعليه نجاسة أو محدثا أو جنبا صح طوافه (واختلف أصحابه) في كون الطهارة واجبة مع اتفاقهم على أنها ليست بشرط فمن أوجبها منهم قال إن طاف محدثا لزمه شاة، وإن طاف جنبا لزمه بدنة قالوا ويعيده ما دام بمكة وعن الإمام أحمد روايتان إحداهما أنها شرط لصحة الطواف كما ذهب إليه الجمهور والثانية أن الطهارة ليست شرطا متى طاف للزيارة غير متطهر أعاد ما كان بمكة فإن خرج إلى بلده جبره بدم وقال داود الطهارة للطواف واجبه فإن طاف محدثا اجزأه إلا الحائض (وقال المنصوري) من أصحاب داود الطهارة شرط كمذهب الجمهور، واحتج أبو حنيفة وموافقوه بعموم قوله تعالى" وليطوفوا بالبيت العتيق" وهذا يتناول الطواف بلا طهارة قياسا على الوقوف وسائر أركان الحج (واحتج الجمهور) بحديث عائشة المذكور في الزوائد أن النبي صلى الله عليه وسلم أول شيء بدأ به حين قدم مكة أن توضأ ثم طاف بالبيت وثبت في صحيح مسلم والإمام أحمد وغيرهما من رواية جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في آخر حجته "لتأخذوا عني مناسككم" قال النووي قال أصحابنا ففي الحديث دليلان (احدهما أن طوافه صلى الله عليه وسلم بيان للطواف المجمل في القرآن (والثاني) قوله صلى الله عليه وسلم " لتأخذوا عني مناسككم " يقتضي وجوب كل ما فعله إلا ما قام عليه دليل على عدم وجوبه (وعن عائشة أيضا) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها حين حاضت وهي محرمة اصنعي ما يصنع الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تغتسلي، رواه البخاري ومسلم بهذا اللفظ، وفيه تصريح باشتراط الطهارة لأنه صلى الله عليه وسلم نهاها عن الطواف حتى تغتسل والنهي يقتضي الفساد في العبادات فإن قيل إنما نهاها لأن الحائض لا تدخل المسجد قلنا هذا فاسد لأنه صلى الله عليه وسلم قال حتى تغتسلي ولم يقلف حتى ينقطع دمك، وبحديث ابن عباس السابق "الطواف بالبيت صلاة" وقد سبق أنه موقوف على ابن عباس ويحصل منه الدلالة أيضا لأنه قول صحابي حجه أيضا عند أبي حنيفة وأجاب أصحابنا عن عموم الآية التي احتج بها أبو حنيفة بجوابين أحدهما أنها عامة فيجب تخصيصها بما ذكرنا والثاني أن الطواف بغير طهارة مكروه عند أبي حنيفة ولا يجوز حمل الآية على طواف مكروه لأن الله تعالى لا يأمر بالمكروه (والجواب) عن قياسهم على الوقوف وغيره أن الطهارة ليست واجبه في غير الطواف من أركان الحج فلم تكن شرطا بخلاف الطواف فإنهم سلموا

(2) باب طواف القدوم والرمل والاضطباع فيه (219) عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه (1) وقد وهنتهم حمى يثرب، قال فقال المشركون: إنه ثقدم (2) عليكم قوم قد وهنتهم الحمى، قال فأطلع الله النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك، فأمر أصحابه أن يرملوا (3) وقعد المشركون ناحية الحجر ينظرون

_ وجوبها فيه على الراجح عندهم والله أعلم اهـ (وفي حديث أبي بكر) الأخير من أحاديث الباب وحديث ابن عباس المذكور في الزوائد بلفظ كانت المرأة تطوف بالبيت وهي عاريانة إلخ دلالة على وجوب ستر العورة في الطواف وأنه يشترط لصحته، وإلى ذلك ذهب الأئمة (مالك، والشافعي، وأحمد) والجمهور وذهبت (الحنفية) إلى أنه ليس بشرط، فمن طاف عريانا عند الحنفية أعاد ما دام بمكة فإن خرج لزمه دم والله أعلم (وفي حديث أبي الزبير المكي المذكور في الزوائد) دلالة على صحة الطواف من المستحاضة باتفاق العلماء (تنبيه) اختلف العلماء في النية في طواف الحج أو العمرة، فذهب الأئمة (النووي وأبو حنيفة وجمهور الشافعية) وهو الصحيح عندهم، إلى أنه لا يفتقر شيء من أفعال الحج مطلقا إلى نية، لأن نية الحج تشملها كلها كما أن نية الصلاة تشمل جميع أفعالها ولا يحتاج إلى النية في ركوع أو غيره، ولأنه لو وقف بعرفة ناسيا أجزأه بالإجمعا (وذهب الأئمة أحمد واسحاق) وأبو ثور وابن القاسم المالكي وابن المنذر إلى أنه لا يصح إلا بالنية، لأنه عبادة تفتقر إلى البيت فافتقرت إلى النية كرعتي القيام، والظاهر الأول والله أعلم. (220) عن سعيد بن جبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن زيد ثنا ايوب عن سعيد بن جبير - الحديث (غريبة) (1) يعني إلى مكة في عمرة القضية سنة سبع من الهجرة (2) بفتح الدال مضارع قدم بكسرها (وقولهم وهنتهم) أي أضعفتهم (ويثرب) بفتح الموحدة غير منصرف اسم المدينة المنورة في الجاهلية (3) بضم الميم مضارع رمل بفتحها، وتقدم معنى الرمل وهو الإسراع في المشي ليرى المشركون قوتهم بهذا الفعل لانه أقطع في تكذيبهم وأبلغ في نكايتهم، ولذا قالوا هؤلاء الذين تزعمون أن الحمى وهنتهم، هؤلاء أقوى من كذا وكذا (وقوله ومشوا ما بين الركنين) يعني الأسود واليماني، وذلك في الثلاثة الأشواط الأول كما يستفاد من حديثه التالي، والمعنى أنهم كانوا يرملون الشوط كله إلا في الموضع الذي بين الركن اليماني

إليهم فرملوا ومشوا ما بين الركنين، قال: فقال المشركون: هؤلاء الذين تزعمون أن الحمى وهنتهم، هؤلاء أقوى من كذا وكذا (1) ذكروا قولهم قال ابن عباس فلم يمنعه أن يأمرهم (2) أن يرملوا الأشواط كلها إلا إبقاء عليهم (221) عن ابي الطفيل عن ابن عباس رضي الله عنهما قال رمل رسول الله صلى الله عليه وعلى صحبه وسلم ثلاثة أشواط بالبيت إذا انتهى إلى الركن اليماني مشي حتى يأتي الحجر ثم يرمل، ومشي أربعة أشواط، قال: قال ابن عباس وكانت سنة (3) (زاد في رواية) قال أبو الطفيل وأخبرني ابن عباس

_ والركن الأسود، لأن المشركين كانوا لا يرونهم في هذا الموضع، وقد جاء معنى ذلك في رواية لأبي داود من حديث ابن عباس أيضا قال" وكانوا إذا بلغوا الركن اليماني وتغيبوا مشوا ثم يطلعون يرملون (1) لم يصرح في هذه الرواية بما قالوا وجاء في رواية لأبي داود أنهم قالوا" هؤلاء أجلد منا" وله في أخرى " تقول قريش كأنهم الغزلان " (2) أي من أي يأمرهم فحذف الجار لعدم اللبس (وقوله أن يرملوا الأشواط كلها) أي أن يرملوا فحذف الجار كذلك، أولا حذف أصلا لأنه يقال أمرته بكذا وأمرته كذا، أي لم يمنعه عليه الصلاة والسلام أن يأمرهم بالرمل في الطوفات كلها إلا ابقاء عليهم (وفي رواية للبخاري) إلا الإبقاء عليهم بزيادة الألف واللام (قال القسطلاني) بكسر الهمزة وسكون الموحدة والقاف ممدودة مصدر أبقى عليه إذا رفق به وهو مرفوع فاعل لم يمنعه، لكن الإبقاء لا يناسب أن يكون هو الذي منعه من ذلك، إذا الأبقاء معناه الرفق كما في الصحاح فلابد من تأويله بارادة ونحوها، أي لم يمنعه من الأمر بالرمل في الأربعة الا ارادته صلى الله عليه وسلم الأبقاء عليهم فلم يأمرهم به وهم لا يفعلونه شيئا الا بأمره اهـ. والأشواط جمع شوط بفتح الشين وهو الجري مرة الى الغاية، والمراد به هنا الطوفة حول الكعبة (تخريجه) (ق. د. نس. وغيرهم) (220) عن أبي الطفيل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عاصم عن الجريري عن أبي الطفيل وعبد الله بن عثمان بن خثيم كلاهما عن ابن عباس - الحديث (غريبة) (3) يعني الرمل في الأشواط الأول، والمشي في الأربعة الباقية صار سنة وإن زال سببه، ولذلك صرح في الرواية الأخرى بأن النبي

أن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في حجة الوداع (221) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف سبعا وطاف سبعا (1) وإنما سعى حب أن يرى الناس (2) قوته (222) وعنه أيضا قال رمل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في حجته وفي عمره كلها وأبو بكر وعمر وعثمان والخلفاء (3) (223) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إذا طاف الطواف الأول (4) خب ثلاثا ومشي أربعا وكان

_ صلى الله عليه وسلم ذلك في حجه الوداع وقد زال سبب الرمل والله أعلم (وقوله زاد في رواية) هذه الزيادة جاءت في حديث طويل لأبي الطفيل عن ابن عباس سيأتي بتمامه في باب عمرة القضاء من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وسنده جيد (221) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس - الحديث (غريبة) (1) أي في الثلاثة الأشواط كما تقدم وهو المعبر عنه بالرمل (2) أي كفار قريش حيث نسبوه صلى الله عليه وسلم وهو وأصحابه للضعف وعدم القوة كما تقدم (تخريجه) (ق. م. هق.) بلفظ " إنما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورمل بالبيت ليُري المشركين قوته" وللإمام أحمد رواية أخرى كروايتهم أيضا (222) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس_ الحديث (غريبة) (3) فيه دلالة على مشروعية الرمل في طواف العمرة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث ابن عباس وسنده جيد، وذكره الحافظ في التلخيص وعزاه للأمام أحمد فقط وسكت عنه، وقال في فتح الباري نعم عند الحاكم من حديث أبي سعيد رمل رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجته وعمره كلها وأبو بكر وعمر والخلفاء (222) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن بحر ثنا عيسى بن يونس عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر _ الحديث" (غريبة) (4) يعني طواف القدوم (وقوله خب) أي رمل. لأن الرمل والخبب بمعنى واحد، وهو إسراع

يسعى ببطن المسيل (1) إذا طاف بين الصفا والمروة (224) عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان يرمل ثلاثا ويمشي أربعا ويزعم (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله وكان يمشي ما بين الركنين، قال (3) انما كان يمشي ما بينهما ليكون أيسر لاستلامه (4) (225) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم رمل من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود (5)

_ المشي مع تقارب الخطا (وقوله ثلاثا) أي في الطوفات الثلات الأول من السعي (وقوله ومشي أربعا) معناه أنه مشي في الطوفات الأربع الباقية من السبع مشيا اعتياديا بدون خبب (1) بطن المسيل أي المكان الذي يجتمع فيه السيل (قال النووي) وهو قدر معروف وهو من قبل وصوله إلى الميل الأخضر المعلق بفناء المسجد إلى أن يحاذي الميلين الأخضرين المتقابلين اللذين بفناء المسجد ودار العباس والله أعلم (تخريجه) (ق. هق. وغيرهم) (223) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر - الحديث (غريبة) (2) تقدم أن الزعم هنا هو اطلاق الزعم على القول الصحيح (3) القائل هو نافع اي لأنه لايتمكن الاستلام، وجعل ابن عباس في حديثه السابق أول الباب العلة فيه الإبقاء عليهم يعني الرفق بهم وهذا الرأي قاله نافع، فإن كان استند فيه إلى فهمه فلا يدفع احتمال أن يكون ابن عمر ووافق ابن عباس اتباعا لما كان من المشي بين الركنين لما عرف من مذهبه في الاتباع (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وسنده جيد، وأخرجه الشيخان وغيرهما إلى قوله ويمشي أربعا، وأخرجه النسائي لغير الإمام أحمد وسنده جيد، وأخرجه الشيخان وغيرهما إلى قوله ويمشي أربعا، وأخرجه النسائي إلى قوله " ويزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعله" (224) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نوح أنبأنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر - الحديث (غريبة) (3) فيه أن الرمل يشرع في جميع المطاف من الحجر الأسود إلى الحجر الأسود " يعني في الثلاث طوفات الأول ما تقدم من الأحاديث الأخرى" وهو يخالف حديث ابن عباس المذكور أول الباب، بل ويخالف حديث ابن عمر نفسه المذكور قبل هذا، لأنه يستفاد منهما ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يرمل في الثلاثة الأشواط الأول إلا المسافة التي بين الركنين فإنه كان يمشي

(226) عن يعلى بن أمية رضي الله عنه قال أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم طاف بالبيت وهو مضطبع (1) ببرد له حضرمي (227) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من جعرانة فاضطبعوا أرديتهم تحت آباطهم (وفي لفظ) (2) جعلوا أرديتهم وقذفوها على عواتقهم اليسرى (وعنه من طريق ثان) (2) أن رسول

_ فيها في كل مرة من الطوفات الثلاثة، وتقدم أن ذلك كان في عمرة القضية سنة سبع قبل فتح مكة وكان في المسلمين إذ ذاك ضعف في أبدانهم، وإنما رملوا اظهارا للقوة واحتاجوا إلى ذلك في غير ما بين الركنين اليمانيين، لأن المشركين كانوا جلوسا مما يلي الحجر وكانوا لا يرونهم بين هذين الركنين ويرونهم فيما سوى ذلك، فلما حج النبي صلى الله عليه وسلم حجة الوداع سنة عشر رمل من الحجر إلى الحجر فوجب الأخذ بهذا المتأخر لأنه ناسخ لذاك والله أعلم (تخريجه) (م. د. نس. جه. هق) (226) عن يعلي بن أمية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن ابن جريج عن ابن يعلي عن ابيه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم - الحديث" (غريبة) (1) الاضطباع افتعال من الضبع بإسكان الباء الموحدة وهو العضد، وهو أن يدخل إزاره تحت إبطه الأيمن ويرد طرفه على منكبه الأيسر ويكون منكبه الأيمن مكشوفا، كذا في شرح مسلم للنووي وشرح البخاري للحافظ، وهذه الهيئة ستأتي في حديث ابن عباس (والبرد) بضم الباء الموحدة وسكون الراء نوع من الثياب (وقوله حضرمي) أي منسوب إل حضر موت بلد باليمن (تخريجه) (د. جه. مي. مذ) وصححه ولفظه عن يعلي بن أمية أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم طاف بالبيت وعليه برد ورواه أبو داود وفيه " وهو مضطجع ببرد له أخضر" (227) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ويونس قالا ثنا حماد يعني ابن سلمة عن عبد الله بن عثمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - الحديث (غريبة) (2) هذا اللفظ ليونس أحد رجال السند في روايته (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الطفيل عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه

الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من جعرانة فرملوا بالبيت ثلاثا ومشوا أربعا (228) عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول فيما (1) الرملان الآن والكشف عن المناكب وقد أطأ (2) الله الإسلام ونفى الكفر وأهله، ومع ذلك لا ندع شيئا كنا نفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (2)

_ اعتمروا من جعرانة فرملوا بالبيت ثلاثا ومشوا أربعا (تخريجه) (د. طب) وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص، ورجاله رجال الصحيح، وقد صحح حديث الاضطباع النووي في شرح مسلم (228) عن زيد بن أسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الملك بن عمرو ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه - الحديث (غريبة) (1) باثبات الف ما الاستفهامية وهي لغة، والأكثر يحذفونها، والرملان بفتحتين مصدر رمل، والكشف عن المناكب هو الاضطباع، وتقدم تفسيره قبل حديث (2) بهمزتين مفتوحتين بينهما طاء مهملة مشددة مفتوحة (قال الخطابي) إنما هو وطأ الله، أي ثبته وأرساه والواو قد تبدل همزة (3) زاد الاسماعيلي في آخره ثم رمل، وحاصله أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد هم بترك الرمل في الطواف لأنه عرف سببه، وقد انقضى، فهم أن يتركه لفقد سببه، ثم رجع عن ذلك لاحتمال أن يكون له حكمه ما اطلّع عليها، فرأى أن الاتباع أولى، ويؤيد مشروعية الرمل على الاطلاق ما ثبت في حديث ابن عباس وتقدم في أحاديث الباب أنهم رملنا في حجة الوداع مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نفي الله في ذلك الوقت الكفر وأهله عن مكة، والرمل في حجة الوداع ثابت أيضا في حديث جابر الطويل عند مسلم والإمام أحمد وغيرهما وتقدم في باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم (قال الخطابي) وفيه دليل على أن النبي صلى الله عليه وسلم قد يسن الشيء لمعنى فيزول ذلك المعنى وتبقى السنة عل حالها، وممن كان يرى الرمل سنة مؤكدة ويرى على من تركه دما سفيان الثوري، وقال عامة أهل العلم ليس على تاركه شيء اهـ (تخريجه) (د. جه. بز. ك. هق) وسنده جيد (قال الحافظ) في التلخيص وأصله في صحيح البخاري بلفظ " ما لنا وللرمل، إنما كنا رأينا المشركين وقد أهلكهم الله، ثم قال شيء صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا نحب أن نتركه" وعزاه البيهقي إليه " يعني إلى البخاري" ومراده اصله (زوائد الباب) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما زوائد الباب وبيان أنواع الطواف

_ أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يرمل في السبع الذي أفاض فيه (د. جه. هق) (وعن نافع) أن عبد اله بن عمر رضي الله عنهما كان إذا أحرم من مكة لم يطف بالبيت ولا بين الصفا والمروة حتى يرجع من منى، وكان لا يسعى إذا طاف حول البيت إذا أحرم من مكة (قال الشافعي في القديم) في قوله لا يسعى يعني لا يرمل، قال ومن أحرم من مكة أو طاف قبل منة ثم طاف يوم النحر لم يرمل، إنما يرمل من كان ابتداء طوافه (هق) (وعن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما أنه قال ليس على النساء سعى " أي رمل " بالبيت ولا بين الصفا والمروة (عائشة رضي الله عنهما) قالت يا معشر النساء ليس عليكن رمل بالبيت لكن فينا اسوة، رواهما البيهقى (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال سئل رسول الله صلى عليه وسلم عام حج عن الرمل فقال إن الله قد كتب عليكم السعي فاسعوا (طس) وفيه الفضل بن صدقة وهو ضعيف (وعن سهل بن حنيف) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما اعتمر وكان في الطريق قالوا لو أنا نظرنا إلى بعير سمين فنحرناه فأكلناه حتى يروا قوتنا فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله ادع بأزواد القوم ثم ادع فيها فان الله سيبارك فيها، ففعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بشروا الناس أنه من قال لا إله الله وجبت له الجنة (طب) وفيه رشدين بن سعد وفيه كلام وقد وثق (وعن هلال بن زيد) قال رأيت أنس بن مالك في السعي حول البيت في الطوفات الثلاثة يمشى ما بين الركن اليماني إلى الركن الأسود في الحج والعمرة، ثم سمعت أنس بن مالك يقول هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع (طب) وفيه هلال ابن زيد بن بولي وهو ضعيف (وعن نافع عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال سعى النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشواط ومشى أربعة في الحج والعمرة (خ. نس. هق.) (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية طواف القدوم والرمل فيه والاضطباع. وغير ذلك سيأتي الكلام عليه (واعلم أن الطواف ثلاثة أنواع باجماع العلماء) (أحدهما) طواف القدوم على مكة (والثاني) طواف الإفاضة بعد رمي جمرة العقبة يوم النحر لمن كان محرما بحج (والثالث) طواف الوداع بعد التحلل من أعمال الحج كلها واردة المفر كأنه يودع البيت (واجمعوا) على أن الواجب منها الذي يفوت الحج بفواته هو طواف الإفاضة وأنه المعنىّ بقوله تعالى: " ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق" وأنه لا يجزئ عنه دم (وجمهورهم) على أنه لا يجزئ طواف القدوم على مكة عن طواف الإفاضة إذا نسي طواف الإفاضة كأنهم رأوا أن الواجب إنما هو طواف واحد (وجمهور العلماء) على أن طواف الوداع يجزئ عن طواف الإفاضة إن لم يكن طواف الإفاضة، لأنه

_ طواف بالبيت معمول في وقت طواف الوجوب الذي هو طواف الإفاضة بخلاف طواف القدوم الذي هو قبل وقت طواف الإفاضة (واجمعوا) على أن المكي ليس عليه إلا طواف الإفاضة كما أجمعوا على أنه ليس على المعتمر إلا طواف القدوم، وسيأتي الكلام على طواف القارن والمتمتع والمفرد في أبوابه، ونتكلم الآن على طواف القدوم لأنه المقصود بالترجمة فنقول (أما طواف القدوم) فقد اختلف في وجوبه فذهب الإمامان (مالك وأبو ثور) وبعض أصحاب الإمام الشافعي إلى أنه فرض لقوله تعالى " ليطوفوا بالبيت العتيق" ولفعله صلى الله عليه وسلم وقوله " خذوا عنى مناسككم " وذهب الأئمة (أبو حنيفة والشافعي وأحمد) إلى أنه سنة، قالوا لأنه ليس فيه إلا فعله صلى الله عليه وسلم وهو لا يدل على الوجوب، وأما الاستدلال على الوجوب بالآية فقال شارح البحر إنها لا تدل على طواف القدوم لأنها في طواف الزيارة (أي الإفاضة) اجماعا اهـ (قال الشوكاني) والحق الوجوب، لأن فعله صلى الله عليه وسلم مبين لمجمل واجب هو قوله تعالى" ولله على الناس حج البيت" وقوله صلى الله عليه وسلم " خذوا عني مناسككم " وقوله" حجوا كما رأيتموني أحج" وهذا الدليل يستلزم وجوب كل فعل فعله النبي صلى الله عليه وسلم في حجه إلا ما خصه دليل، فمن ادعى وجوب شيء من أفعاله في الحج فعليه الدليل على ذلك. وهذه كلية فعليك بملاحظتها في جميع الأبحاث التي ستمر بك اهـ (وفي أحاديث الباب) دلالة على مشروعية الرمل في الطواف الأول في الثلاثة الأشواط الأول وأنه سنة، والطواف الأول هو طواف القدوم (وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء) ومنهم الأئمة الأربعة (قال النووي) رحمه الله ولا يسن ذلك إلا في طواف العمرة وفي طواف واحد في الحج، واختلفوا في ذلك الطواف، وهما قولان للشافعي أصحهما أنه إنما يشرع في طواف يعقبه سعي ويتصور ذلك في طواف القدوم، ويتصور في طواف الإفاضة، ولا يتصور في طواف الوداع لأن شرط طواف الوداع أن يكون قد طاف للإفاضة فعلى هذا القول إذا طاف للقدوم وفي نيته أن يسعى بعده استحب الرمل فيه، وإن لم يكن هذا في نيته لم يرمل فيه بل يرمل في طواف الإفاضة (والقول الثاني) أنه يرمل في طواف القدوم سواء أراد السعي بعده أم لا والله أعلم (قال أصحابنا) فلو أخل بالرمل في الثلاث الأول من السبع لم يأت به في الأربع الأواخر، لأن السنة في الأربع الأخيرة المشي على العادة فلا يغيره، ولو لم يمكنه الرمل للزحمة أشار في هيئة مشية إلى صفة الرمل، أشار في هيئة مشية إلى صفة الرمل، ولو لم يمكنه الرمل بقرب الكعبة للزحمة وأمكنه إذا تباعد عنها فالأولى أن يتباعد ويرمل، لأن فضيلة الرمل هيئة للعبادة في نفسها والقرب من الكعبة هيئة في موضع العبادة لا في نفسها، فكان في تقديم ما تعلق بنفسها أولى والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضا) مشروعية المشي بين الركنين في الثلاثة الأشواط

(3) باب فضل الطواف والركن اليماني والحجر الأسود ومقام إبراهيم (229) عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله

_ الأول ولكن كان ذلك في أول الأمر ثم نسخ بأنه صلى الله عليه وسلم رمل مع أصحابه في حجة الوداع من الحجر إلى الحجر كما في أحاديث الباب، وتقدم الكلام عليه في الشرح (وفي أثرى ابن عمر وعائشة) المذكورين في الزوائد دلالة على أن النساء ليس عليهن رمل في الطواف بالبيت ولا بين الصفا والمروة (وحكى النووي اتفاق العلماء على ذلك) ولو تر ك الرجل الرمل حيث شرع له فهو تارك لسنة ولا شيء عليه عند الجمهور (وقال الحسن البصري) والثوري وعبد الملك بن الماجشون المالكي إذا ترك الرمل لزمه دم، وكان الإمام مالك يقول به ثم رجع (واجمعوا) على أنه لا رمل على من أحرم بالحج من مكة من غير أهلها وهم المتمتعون لأنهم قد رملوا في حين دخولهم حيث طافوا للقدوم " واختلفوا في أهل مكة " هل عليهم إذا حجوا رمل أم لا (فقال الإمام الشافعي) كل طواف قبل عرفة مما يوصل بينه وبين السعي فإنه يرمل فيه (وكان الإمام مالك) يستحب ذلك، وكان ابن عمر لا يرى عليهم رملا إذا طافوا بالبيت على ما روي عنه مالك (وفي أحاديث الباب أيضا) مشروعية الاضطباع في الطواف وتقدم معناه في الشرح، وهو أن يدخل إزاره تحت إبطه الأيمن ويرد طرفه على منكبه الأيسر فيكون منكبه الأيمن مكشوفا، وهذه الهيئة هي المذكورة في حديث ابن عباس المذكور في الباب، والحكمة في فعله أنه يعين على إسراع المشي (وقد ذهب إلى استحبابه الجمهور) سوى الإمام مالك فإنه قال الاضطباع لا يعرف ولا رأيت أحدا يفعله (وقال النووي) في شرح المهذب: اتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على استحباب الاضطباع في الطواف واتفقوا على أنه لا يسن في غير طواف الحج والعمرة وأنه يسن في طواف العمرة وفي طواف واحد في الحج وهو طواف القدوم أو الإفاضة، ولا يسن إلا في أحدهما، قال وحاصله أنه يسن في طواف فيه الرمل ولا يسن فيما لا يسن فيه الرمل، وهذا الاختلاف فيه اهـ (قال صاحب المهذب) ولا ترمل المرأة ولا تضطبع، لأن في الرمل تبين اعضاءها وفي الاضطباع ينكشف ما هو عورة منها اهـ (قال النووي) في شرحه واتفقت نصوص الشافعي والأصحاب على ذلك والله أعلم (229) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر والثوري عن عطاء بن السائب عن عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه عن ابن عمر

وسلم قال إن مسح الركمن اليماني والركم الأسود (1) يحط الخطايا حطا (2) (230) عن عبد الله بن عبيد بن عمير أنه سمع أباه يقول لابن عمر مالي لا أراك تستلم إلا هذين الركنين الحجر الأسود والركن اليماني؟ فقال ابن عمر: إن أفعل ذلك (3) فقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: إن استلامهما يحط الخطايا، قال وسمعته يقول من طاف أسبوعا (4) يحصيه وصلى ركعتين (5) كان له كعدل رقبةٍ (6) قال

_ الحديث (غريبة) (1) سمي هذا الركن بالأسود لكون الحجر الأسود فيه والمراد مسح الحجر الأسود بيده وتقبيلها إن لم يمكنه تقبيله وإلا فيمسحه بيده ويقبله بفمه، اما الركن اليماني فيمسحه بيده ولا يقبله كما ذهب إليه الجمهور، وتقدمت الإشارة إلى ذلك (2) أي يسقطها وهو كناية عن غفران الذنوب وأكد بالمصدر إفادة لتحقيق وقوع ذلك (تخريجه) (نس. حب) وفي إسناده بن السائب ثقة، ولكنه اختلط، وحسنه المناوي والسيوطي، ويؤيده الحديث الآتي بعده، ورواه البيهقي بسنده عن عبد الله بن عمير الليثي عن أبيه قال قلت لابن عمر: مالي رأيتك تزاحم على هذين الركنين؟ لم أر أحدا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزاحم عليهما غيرك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: مسحهما يحط الخطايا (230) عن عبد الله بن عبيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا عطاء بن السائب عن عبد الله بن عبيد بن عمير - الحديث (غريبة) (3) يعني أن أخص هذين الركنين بالاستلام فلا ألام على ذلك لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إلخ فإن شرطية والجواب مقدر ودليل الجواب قوله فقد سمعت إلخ (4) أي سبع مرات ومنه قيل أسبوع للأيام السبعة، ويقال له سبوع بلا ألف على لغة قليلة، وقيل هو جمع سُبع أو سَبع كبرد وبرود وضرب وضروب (وقوله يحصيه) أي يكمله عدا ويراعى ما يعتبر في الطواف من الشروط والآداب (5) هما ركعتي الطواف يصليهما عقب فراغه من الطواف خلف مقام إبراهيم، وقد جاء مصرحا به في حديث جابر الطويل وتقدم في باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم في الجزء الحادي عشر (6) العدل والعدل بالكسر والفتح في الحديث، وهما بمعنى المثل وقيل هو بالفتح ما ماثله من جنسه، وبالكسر ما ليس من جنسه

وسمعته يقول: ما رفع رجل قدما ولا وضعها (1) إلا كتب له عشر حسنات وحط عنه عشر سيئات، ورفع له عشر درجات (231) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يأتي هذا الحجر (2) يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق (3)

_ وقيل بالعكس (نه) والمعنى أن من طاف وصلى ركعتين بعد الطواف بالشروط المتقدمة كان له مثل اعتاق رقبة في الثواب، والكاف زائدة في قوله كعدل (1) يعني في الطواف (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد وهذا لفظه، والترمذي ولفظه " اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان مسحهم كفارة للخطايا" وسمعته يقول: " لا يضع قدما ولا يرفع أخرى إلا حط الله عنه بها خطيئة وكتب له بها حسنة" (رواه الحاكم) وقال صحيح الإسناد (وابن خزيمة) في صحيحه ولفظه " إن أفعل فاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مسحهما يحط الخطايا" وسمعته يقول: " من طاف بالبيت لم يرفع قدما ولم يضع قدما إلا كتب الله له حسنة وحط عنه خطيئة وكتب له درجة" وسمعته يقول: " من أحصى أسبوعا كان كعتق رقبة" (ورواه ابن حبان) في صحيحه مختصرا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال" مسح الحجر والركن اليماني يحط الخطايا حطا" (قال المنذري) رووه كلهم عن عطاء بن السائب عن عبدالله اهـ (قلت) يريد أن عطاأ مختلف فيه, بعضهم وثقه وبعضهم ضعفه لأنه اختلط في آخر أمره والله أعلم، ورواه الترمذي في أواخر الحج بلفظ حديث الباب، وقال هذا حديث حسن (231) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عاصم أخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس- الحديث (غريبة) يعني الحجر الأسود يبعثه الله يوم القيامة كما يبعث الخلائق (ولفظ الترمذي والله ليبعثنه يوم القيامة له عينان الخ (3) بحق متعلق باستلمه أي استلمه إيمانا واحتسابا، ويجوز أن يتعلق بيشهد، والحديث محمول على ظاهره، فإن الله تعالى قادر على إيجاد البصر والنطق في الجمادات، لأن الأجسام متشابهة في الحقيقة يقبل كل منها ما يقبل الآخر من الأعراض، هذا مذهب السلف والراسخين في العلم، وهو الذي أعتقده وأدين الله عليه، وذهب آخرون إلى تأويله بأن ذلك كناية عن تحقيق ثواب المستلم وأن سعيه لا يضيع، ولا أدري ما الذي ألجأهم إلى ذلك ألم يسمعوا قول الله تعالى في كتابه المبين" ولقد خلقنا

(232) وعنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الحجر الأسود من الجنة (1) وكان أشد بياضا من الثلج (2) حتى سودته خطايا أهل الشرك

_ الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين" من كان هذا خلقه وهذه قدرته أليس بقادر على خلق عينين ولسان للحجر؟ بلى قادر، اللهم ألهمنا الصواب وقنا شر الزيغ والزلل ووفقنا لصالح العمل آمين (تخريجه) (مذ. جه. هق. خز. حب) وصححاه وقال الترمذي حديث حسن ورواه الطبراني في الكبير ولفظه " يبعث الله الحجر الأسود والركن اليماني يوم القيامة ولهما عينان ولسانان وشفتان يشهدان لمن استلمهما بالوفاء (232) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حماد يعني ابن سلمة ثنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث (غريبة) (1) آوله بعض الشرح بإرادة المبالغة في تعظيم شأن الحجر وتفظيع أمر الخطايا والذنوب، والمعنى أن الحجر لما فيه من الشرف والكرامة واليمن والبركة شارك جواهر الجنة فكأنه نزل منها، وأقول لا ملجئ لهذا التأويل بل يحمل الحديث على ظاهره إذ لا مانع من ذلك عقلا ونقلا، لا سيما وقد جاء هذا الحديث عند الطبراني بلفظ يبعد التأويل وسيأتى في التخريج (قال الحافظ) واعترض بعض الملحدين على هذا الحديث فقال كيف سودته خطايا المشركين ولم تبيضه طاعات أهل التوحيد؟ (وأجيب) بما قال ابن قتيبة لو شاء الله لكان ذلك، وإنما أجرى العادة بأن السواد يصبغ ولا يُصبغ على العكس من البياض (وقال المحب الطبري) في بقائه أسود عبرة لمن له بصيرة فإن الخطايا إذا أثرت في الحجر الصلد فتأثيرها في القلب أشد، قال وروي عن ابن عباس إنما غيره بالسواد لئلا ينظر أهل الدنيا إل زينة الجنة، فإن ثبت هذا الجواب لكن قال الحافظ أخرجه الحميدي في فضائل مكة باسناد ضعيف (2) لفظ الترمذي أشد بياضا من اللبن فسودته خطايا بني آدم (تخريجه) (هق. خز. مذ) وقال حديث حسن صحيح، ورواه الطبراني في الأوسط والكبير باسناد حسن ولفظه قال: " الحجر الأسود من حجارة الجنة وما في الأرض من الجنة غيره، وكان أبيض كالمها لولا ما مسه من رجس الجاهلية، ما مسه ذو عاهة إلا برأ (وفي رواية) لابن خزيمة قال الحجر الأسود ياقوته بيضاء من يواقيت الجنة وإنما سودته خطايا المشركين، يبعث يوم القيامة مثل أُحد يشهد لمن استلمه

(223) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال الحجر الأسود من الجنة (234) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ولم: يأتي الركن (1) يوم القيامة أعظم من أبي قبيس (2) له لسان وشفتان (235) عن مسافع (3) بن شيبة سمعت عبد الله بن عمرو (يعني ابن

_ وقبله من أهل الدنيا " وقوله المها" مقصورا جمع مهاة وهي البلورة (233) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحي ابن سعيد عن شعبة ثنا قتادة عن أنس - الحديث (تخريجه) هكذا رواه الإمام أحمد موقوفا على أنس، ورواه البزار والبيهقي والطبراني في الأوسط مرفوعا، وفيه عمر بن ابراهيم العبدي وثقه ابن معين وغيره وفيه ضعف قاله الهيثمي (234) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا عبد الله بن المؤمل عن عطاء بن أبي رباح عن عبد اله بن عمرو بن العاص- الحديث (غريبة) (1) المراد بالركن الحجر الأسود (2) اسم جبل بمكة وهو أحد الأخشبين (قال الأزرقي) الأخشبان بمكة هما الجبلان، أحدهما أبو قبيس وهو الجبل المشرف على الصفا إلى السويد إلى الحندمة وكان يسعى في الجاهلية الأمين، لأن الحجر الأسود كان مستودعا فيه عام الطوفان، قال الأزرقي وبلغني عن بعض أهل العلم من أهل مكة أنه قا ل إنما سمي أباقيس لأن رجلا كان يقال له أبو قيس بنى فيه فما صعد فيه بالبناء سمي الجبل أبا قيس (قال مجاهد) أول جبل وضعه الله تعالى على الأرض حين مادت أبو قبيس، وأما الأخشب الآخر فهو الجبل الذي يقال له الأحمر، وكان يسمى في الجاهلية الأعرف وهو الجبل المشرف على قيقعان وعلى دور عبد الله بن الزبير اهـ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الأوسط وزاد " يشهد لم استلمه بالحق وهو يمين الله عز وجل يصافح بها خلقه" وفيه عبد الله بن المؤمل وثقه ابن حبان وقال يخطئ وفيه كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح (235) عن مسافع بن شيبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عفان ثنا رجاء أبو يحيى ثنا مسافع- الحديث (غريبة) (3) هو مسافع بن عبد الله

العاص) رضي الله عنهما يقول فأنشد بالله (1) ثلاثا ووضع إصبعيه في أذنيه لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الركن (2) والمقام (وفي لفظ إن الحجر والمقام) ياقوتتان من ياقوت الجنة طمس اله عز وجل نورهما (3) ولولا أن الله طمس نورهما لأضاءتا ما بين المشرق والمغرب (وفي لفظ ما بين السماء والأرض)

_ ابن شيبة، فشيبة جده وقد نسب إليه (قال الحافظ) في التقريب مسافع بن عبد الله ابن شيبة بن عثمان العبدري أبو سليمان الحجبي، وقد ينس لجده ثقة من الثالثة قيل قتل يوم الجمل ولا يصح ذلك بل تأخر إلى خلافة الوليد اهـ أي أقسم بالله تعالى وثلتّ القسم للتأكيد ووضع إصبعي في إذنيه تأكيد ثان، واللام في قوله لسمعت تأكيد ثالث، وكل هذه التأكيدات ليثبت أنه سمع الحديث بإذنيه من الرسول صلى الله عليه وسلم بدون واسطة (2) المراد بالركن هنا الحجر الأسود كما في اللفظ الآخر، وأما المقام فمقام إبراهيم، وهو الحجر الذي كان إبراهيم عليه السلام يقوم عليه لبناء الكعبة لما ارتفع الجدار أتاه اسماعيل عليه السلام به ليقوم فوقه ويناوله الحجارة فيضعها بيده لرفع الجدار وكلما كمل ناحية انتقل إلى الناحية الأخرى يطوف حول الكعبة وهو واقف عليه وهكذا حتى تم جدران الكعبة، وكانت آثار قدمية ظاهرة فيه، ولم يزل هذا معروفا تعرفه العرب في جاهليتها ولهذا قال أبو طالب في قصيدته المعروفة اللامية: وموطئ إبراهيم في الصخر رطبة ... على قدميه حافيا غير ناعل وقد أدرك المسلمون ذلك فيه أيضا كما قال عبد الله بن وهب أخبرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب أن أنس بن مالك حدثهم قال رأيت المقام فيه أصابعه عليه السلام واخمص قدميه غير أنه أذهبه مسح الناس بأيديهم وروي البيهقي بسنده عن عائشة رضي الله عنها أن المقام كان زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وزما أبي بكر رضى الله عنه ملتصقا بالبيت ثم أخره عمر بن الخطاب رضي الله عنه (قال الحافظ) ابن كثير اسناده صحيح قال ومكانه معروف اليوم إلى جانب الباب مما يلي الحجر يمنة الداخل من الباب في البقعة المستقلة هناك (3) أي أذهبه (قال القارئ) أي بمساس المشركين لهما ولعل الحكمة في طمسهما ليكون الإيمان غيبيا لا عينيا (تخريجه) (مذ. حب. ك. هق) قال الحافظ أخرجه أحمد والترمذي وصححه ابن حبان وفي اسناده رجاء أبو يحيي وهو ضعيف (قال الترمذي) حديث غريب ويروى عن عبد الله بن عمرو موقوفا، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه وقفة أشبه، والذي رفعه

_ ليس بقوي اهـ (زوائد الباب) (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما نزل الركن الأسود من السماء فوضع على أبي قبيس كأنه مهاة بيضاء (أي بلورة) فمكث أربعين سنة ثم وضع على قواعد إبراهيم (طب) ورجاله ثقات (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما قال قال النبي صلى الله عليه وسلم: لولا ما طبع الركن من أنجاس الجاهلية وأرجاسها وأيدي الظلمة وا للئمة لاستشفى به من كان به عاهة ولألفى اليوم كهيته يوم خلقه الله، وإنما غيره بالسواد لئلا ينظر أهل النار إلى زينة الجنة وليصرن إليها، وإنها لياقوتة من ياقوت الجنة، وضعه الله حين أنزل آدم في موضع الكعبة والأرض يومئذ طاهرة ولم يعمل فيها شيء من المعاصى وليس لها أهل ينجسونها، فوضع له صف من الملائكة على أطراف الحرم يحرسونه من سكان الأرض. وسكانها يومئذ الجن، لا ينبغي لهم أن ينظروا إليه لأنه شيء من الجنة، ومن نظر إلى شيء من الجنة دخلها، فليس ينبغي أن ينظر إليها إلا من وجبت له الجنة والملائكة يذودونهم عنه وهم وقوف على أطراف الحرم يقذفون بهم من كل جانب، ولذلك سمي الحرم لأنهم يحولون فيما بينهم وبينه (طب) وفيه من لم أعرفه ولا له ذكر (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث الله الحجر الأسود والركن اليماني يوم القيامة ولهما عينان ولسانان وشفتان ويشهدان لمن استلمهما بالوفاء (طب) من طريق بكر ابن محمد القرشي عن الحارث بن غسان وكلاهما لم أعرفه (وعن عائشة رضي الله عنها) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهدوا هذا الحجر خيرا فإنه يوم القيامة شافع مشفع له لسان وشفتان يشهد لمن استلمه (طس) وفيه الوليد بن عباد وهو مجهول وبقية رجاله ثقات، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا (وعن محمد بن المنكدر) عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من طاف بالبيت أسبوعا لا يلغو فيه كان كعدل رقبة يعتقها (طب) ورواته ثقات (عن حميد بن أبي سوية) قا ل سمعت ابن هشام يسأل عطاء بن أبي رباح عن الركن اليماني وهو يطوف بالبيت، فقال عطاء حدثني أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " وكل به سبعون ملكا فمن قال اللهم إني أسالك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قالوا آمين" فلما بلغ الركن الأسود قال يا أبا محمد ما بلغك في هذا الركن الأسود؟ فقال عطاء حدثني أبو هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " من فاوضه فإنما يفاوض يد الرحمن" قال له ابن هشام يا أبا محمد فالطواف؟ قال عطاء حدثني أبو هريرة رضى الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من طاف البيت سبعا ولا يتكلم إلا بسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله محيت عنه عشر سيئات وكتبت له عشر حسنات ورفع له بها عشر درجات، ومن

(4) باب استلام الركن الأسود واليماني وعدم استلام الركنين الآخرين (216) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستلم الركن اليماني والأسود كل طوفة ولا يستلم الركنين الآخرين اللذين يليان الحجر (1) (وعنه من طريق ثان) أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان لا يدع أن يستلم الحجر والركن اليماني في كل طوف

_ طاف فتكلم وهو في تلك الحال خاض في الرحمة برجليه كخائض الماء برجليه" أورده الحافظ المنذري وقال رواه ابن ماجه عن اسماعيل بن عياش حدثني حميد بن أبي سوية وحسنه بعض مشايخنا " وقوله وكل به" أي بالتأمين لمن دعا عنده " وقوله فاوضه " أي قابله بوجهه " وقوله فتكلم وهو في تلك الحال خاض في الرحمة برجليه" معنا هـ أنه إذا تكلم بكلام الدنيا كان في الرحمة برجليه فقط دون سائر جسده بخلاف من يذكر الله في تلك الحا لة فإنه يكون في الرحمة بتمام جسده والله أعلم (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يُنزل الله كل يوم على حجاج بيته الحرام عشرين ومائة رحمة. ستين للطائفين وأربعين للمصلين (هق) بإسناد حسن (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من طاف بالبيت خمسين مرة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه (مذ) وقال حديث غريب. سألت محمدا يعني البخاري عن هذا الحديث فقال إنما يروى عن ابن عباس من قوله (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على فضل الطواف لمن أتى به كاملا مراعيا شروطه وآدابه كالطهارة من الحدث والنجس في الثوب والبدن وستر العورة وأن يطوف داخل المسجد وأن يستكمل سبع طوفات وأن يبتدئ طوافه من الحجر الآسود مع استلامه وتقبيله واستلام الركن اليماني وعدم الكلام إلا بذكر الله تعالى من فعل ذلك كان له عند الله فضل عظيم وثواب جسيم (وفيها أيضا) دلالة على فضل الركن اليماني والحجر الأسود ومقام إبراهيم وأنهما ياقوتتان من الجنة وقد أتينا في الشرح بما فيه الكفاية والله الموفق. (231) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الفضل ابن دكين ثنا ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر - الحديث (غريبة) (1) يعني الركنين الشاميين لأنهما ليسا على قواعد إبراهيم (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي عن ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث (تخريجه) (د. نس. هق.) وفي اسناده عبد العزيز أبي رواد فيه مقال، قال

(237) عن سالم عن أبيه أنه قال لم أر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يمسح من البيت إلا الركنين اليمانيين. (238) عن ابن عباس رضي الله عنهما كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا يستلم إلا هذين الركنين اليماني والأسود. (239) عن يعلي بن أمية رضي الله عنه قال طفت مع عمر بن الخطاب

_ يحيى بن سليم الطائفي كان يرى الأرجاء (وقال يحيي القطان) هو ثقة لا يترك لرأي أخطأ فيه (وقال ابن المبارك) كان يتكلم ودموعه تسيل، ووثقه ابن معين وأبو حاتم (237) عن سالم عن أبيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ابن القاسم واسحاق بن عيسى قالا ثنا ليث بن سعد وقال هاشم ثنا ليث حدثني ابن شهاب عن سالم عن أبيه - الحديث (غريبة) (1) قال النووي اليمانيين بتخفيف الياء هذه هي اللغة الفصحى المشهورة، وحكى سيبويه والجوهري وغيرهما فيها لغة أخرى بالتشديد، فمن خفف قال هذه هي اللغة الفصحى المشهورة، وحكى سيبويه والجوهرى وغيرهما فيها لغة أخرى بالتشديد، فمن خفف قال هذه نسبة إلى اليمن فالألف عوض من إحدى ياءي فتبقى الياء الأخرى مخففة، ولو شددنا لكان جميعا بين العوض والمعوض وذلك ممتنع، ومن شدد قال الألف في اليماني زائدة وأصله اليمني فتبقى الياء مشددة وتكون الألف زائدة كما زيدت النون في صنعاني ورقباني ونظائر ذلك، قال والركنان اليمانيان هما الركن الأسود والركن اليماني وإنما قيل لهما اليمانيان للتغليب كما قيل في الأب والأم الأبوان. وفي الشمس والقمر والقمران وفي أبي بكر وعمر رضى الله عنهما العمران. وفي الماء والتمر الأسودان. ونظائره مشهورة (تخريجه) (ق. هق. والأربعة إلا الترمذي) (238) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا الثوري ثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الطفيل قال كنت مع معاوية وابن عباس وهما يطوفان حول البيت فكان ابن عباس يستلم الركنين وكان معاوية يستلم الأركان كلها، فقال ابن عباس كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستلم إلا هذين الركنين اليماني والأسود فقال معاوية ليس منها شيء مهجور (تخريجه) (خ. هق) ورواه أيضا مسلم مختصرا على المرفوع منه. (239) عن يعلي بن أمية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي عن ابن جريج حدثني سليمان بن عتيق عن عبد الله بن بابية عن يعلي بن أمية - الحديث "

رضي الله عنه فلما كنت عند الركن الذي يلي الباب مما يلي الحجر (1) أخذت بيده ليستلم، فقال أما طفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت بلى، قال فهل رأيته يستلمه؟ قلت لا، قال فانفذ عندك (2) فإن لك في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة (وعنه من طريق ثان) (3) قال طفت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستلم الركن، قال يعلى فكنت مما يلي البيت، فلما بلغت الركن الغربي الذي يلي الأسود جررت بيده ليستلم، فقال ما شأنك؟ فقلت ألا تستلم؟ قال ألم تطف مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؟ فقلت بلى، فقال افرأيته يستلم هذين الركنين الغربيين؟ قال فقلت لا، قال أفليس لك فيه أسوة حسنة؟ قال قلت بلى، قال فانفذ عنك (فصل منه في استلام الحجر الأسود وتقبيله وما يقال عند ذلك وما يفعل من زوحم) (240) عن الزبير بن عربي قال سمعت رجلا (4) سأل ابن عمر

_ (غريبة) (1) هو أحد الركنين الشاميين (2) في الطريق الثانية فانفذ عنك والمعنى واحد أي دعه وتجاوزه، يقال سر عنك وانفذ عنك أي امض عن مكان وجزه (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا روح ثنا ابن جريج أخبرني سليمان ابن عتيق عن عبد الله بن بابيه عن بعض بنى يعلي عن يعلي بن أمية قال طفت مع عمر- الحديث (تخريجه) (هق) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، ورواه من طريق آخر وفيه رجل لم يسم (قلت هي الطريق الثانية من حديث الباب) قال ورواه الطبراني في الأوسط (قلت) وللإمام أحمد وأبي يعلي عن يعلي ابن امية قال طفت مع عثمان فاستلمنا الركن فذكر نحو حديث الباب بإبدال عمر بعثمان فلعل القصة وقعت ليعلى بن أمية مرتين، مرة مع عمر ومرة مع عثمان رواه أبو يعلي باسنادين أحدهما رجاله رجال الصحيح وسند الإمام أحمد فيه راو لم يسم والله أعلم. (240) عن الزبير بن عربي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح وحسن ابن موسى قالا ثنا حماد بن زيد ثنا الزبير بن عربي قال سأل رجل ابن عمر وعن استلام الحجر قال حسن عن الزبير بن عربي قال سمعت رجلا سأل ابن عمر إلخ (غريبة) (4) جاء هذا

رضي الله عنهما عن الحجر، قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمه ويقبله، فقال رجل (1) أرأيت إن زاحمت، فقال ابن عمر: اجعل أرأيت باليمن (2) رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يستلمه ويقبله. (241) عن ابن عمر رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم الحجر الأسود فلا أدع استلامه في شدة ولا رخاء (3) (242) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه

_ الحديث في رواية أبي داود الطيالسي عن حماد حدثنا الزبير سألت ابن عمر الحديث- فالظاهر أن الرجل المبهم هنا هو الزبير بن عربي راوي الحديث وأبهم نفسه لغرض (وقوله عن الحجر) اي عن استلام الحجر وتقبيله (1) لفظ البخاري قال قلت أرأيت إن زحمت، أرأيت إن غلبت، فالرجل المبهم في رواية الإمام أحمد القائل أرأيت إن زحمت هو الزبير بن عربي من غير شك، ومعنى قوله أرأيت إن زحمت أي أخبرني ما أصنع إذا زحمت (قال الحافظ) وزحمت بضم الزاي بغير اشباع، وفي بعض الروايات بزيادة واو (2) هذا يشعر بأن الرجل يماني، وقد وقع في رواية أبي داود الطيالسي اجعل أرأيت عند ذلك الكواكب، وإنما قال له ذلك لأنه فهم منه معارضة الحديث بالرأي فأنكر عليه ذلك وأمره إذا سمع الحديث أن يأخذ به ويتقي الرأي، والظاهر أن ابن عمر لم ير الزحام عذرا في ترك الاستلام وقد روي سعيد بن منصور من طريق القاسم بن محمد قال: رأيت ابن عمر يزاحم على الركن حتى يدمى، ومن طريق أخرى أنه قيل له في ذلك، قال هوت الأفئدة إليه فأريد أن يكون فؤادي معهم، وروي الفاكهي من طرق عن ابن عباس كراهة المزاحمة وقال لا يؤذي ولا يؤذي أفاده الحافظ (تخريجه) (خ. نس. مذ) والطيالسي (241) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الحديث (غريبة) (3) يريد أنه كان حريصاعلى استلامه في الزحام وغيره (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم) (242) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله ثنا عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - الحديث

أكب على الركن (1) فقال إني لأعلم أنك حجر ولو لم أر حبيبي صلى الله عليه وسلم قبلك واستلمك ما استلمتك ولا قبلتك (2) "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" (3) (243) عن عابس بن ربيعة قال رأيت عمر رضي الله عنه نظر إلى الحجر (3) فقال أما والله لولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقبلك ما قبلتك ثم قبله (244) عن عمر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال له يا عمر إنك رجل قوي لا تزاحم على الحجر فتؤذي الضعيف (4)

_ (غريبة) (1) أي لزمه (2) جاء في رواية عند الشيخين " إني أعلم أنك حجر لا تضر ولاتنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك (قال الطبراني) إنما قال ذلك عمر رضي الله عنه لأن الناس كانوا حديثي عهد بعبادة الأصنام فخشي عمر أن يظن الجهال أن استلام الحجر من باب تعظيم الأحجار كما كانت العرب تفعل في الجاهلية، فأراد عمر أن يعلم الناس أن استلامه اتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا لأن الحجر ينفع ويضر بذاته كما كانت الجاهلية تعتقده في الأوثان اهـ (3) استدل عمر رضي الله عنه بالأية على أنه ما قبّله إلا تأسيا برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لأنه قبله (تخريجه) (ق. د. نس. هق) بألفاظ مختلفة. (243) عن عابس بن ربيعة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود ابن عامر قال ثنا زهير عن سليمان الأعمش ثنا إبراهيم عن عابس بن ربيعة - الحديث" (غريبة) (3) لفظ مسلم رأيت عمر رضي الله عنه يقبل الحجر ويقول إني لأقبلك وأعلم انك حجر، ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقبلك لم أقبلك (تخريجه) (ق. د. نس. مذ. هق) (244) عن عمر رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي يعفور العبدي قال سمعت شيخا بمكة في إمارة الحجاج يحدث عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا عمر - الحديث" (غريبة) (4) فيه دلالة على أنه لا يجوز لمن كان له فضل قوة أن يضايق الناس إذا اجتمعوا على الحجر لما يتسبب عن ذلك من أذية الضعفاء والإضرار بهم ولكنه يتسلمه خاليا أن تمكن.

إن وجدت خلوة فاستلمه وإلا فاستلمه فهلل وكبر (1)

_ وإلا اكتفى بالإشارة والتهليل والتكبير مستقبلا له، وتقدم أن الفاكهي روى من طرق عن ابن عباس كراهة المزاحمة وقال لا يؤذي ولا يؤذى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفيه راو لم يسم (زوائد الباب) (عن نافع) قال رأيت ابن عمر استلم الحجر بيده ثم قبل يده وقال ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله (ق. وغيرهما) (وعن سويد بن غفلة) قال رأيت عمر قبل الحجر والتزمه وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بك حفيا أي معتنيا (م. نس. هق) (وعن حنظلة) قال رأيت طاوسا يمر بالركن فان وجد عليه زحاما مر ولم يزاحم، وإن رآه خاليا قبله ثلاثا، ثم قال رأيت ابن عباس فعل مثل ذلك، وقال ابن عباس رأيت عمر بن الخطاب فعل مثل ذلك، ثم قال إنك حجر لا تنفع ولا تضر ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبلك ما قبلتك، ثم قال عمر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل ذلك (نس) (وعن عامر بن ربيعة) رضي الله عنه قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلم من الأركان إلا الركن اليماني والأسود (بز) وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف (وعن عبد الرحمن بن عوف) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف فعلت في استلام الركنين؟ قلت كل ذلك قد فعلت، استلمت وتركت فقال اصبت رواه البزار والطبراني في الصغير متصلا (ورواه البزار) أيضا والطبراني في الكبير مرسلا ورجال المرسل رجال الصحيح الصغير متصلا (ورواه البزار) أيضا والطبراني في الكبير مرسلا ورجال المرسل رجال الصحيح وشيخ البزار في المرفوع أحمد بن محمد بن سعيد الأنماطي ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما قال رأيت عمر بن الخطاب قبل الحجر وسجد عليه، ثم عاد فقبله وسجد عليه، ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، رواه أبو يعلي باسنادين وفي أحدهما جعفر بن محمد المخزومي وهو ثقة وفيه كلام، وبقية رجاله رجال الصحيح ورواه البزار، من الطريق الجيد (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الركن (يعني الأسود) ويضع خده عليه (عل) وفيه عبد الله بن مسلم بن هرمز وهو ضعيف (وعن سعد بن طارق) عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت فإذا ازدحم الناس على الحجر استلمه بمحجن بيده (طب) وفيه محمد بن عبد الرحمن بن قدامة قال البخاري فيه نظر وبقية رجاله ثقات (وعن زيد بن جبير) أن رجلا ذكر لابن عمر الحجر ومسحه يحال بيني وبينه فلا نستطيع أن نمسحه، فقال عبد الله كنا نقرعه بالعصى إذا لم نستطع مسحه (طب) بأسانيد وبعضها رجاله ثقات (وعن عبد الله بن عمرو) قال: طوفوا بهذا البيت واستلموا هذا الحجر فإنهما كانا حجرين أهبطا من الجنة فرفع أحدهما

_ وسيرفع الآخر، فإن لم يكن كما قلت فمن مر بقبري فليقل هذا قبر عبد الله بن عمرو الكذاب (وفي رواية) عن عبد الله بن عمرو أيضا قال نزل جبريل عليه السلام بهذا الحجر من الجنة فتمتعوا به فإنكم لا تزالون بخير مادام بين أظهركم فإنه يوشك أن يأتي فيرجع به من حيث جاء به، رواه كله الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح (وعن نافع) قال كان ابن عمر إذا استلم الحجر قال اللهم أيمانا بك وتصديقا بكتابك وسنة نبيك، ثم يصلى على النبي صلى الله عليه وسلم (طس) ورجاله رجال الصحيح (وعن على رضي الله عنه) أنه كأن إذا استلم الحجر قال اللهم أيمانا بك وتصديقا واتباع سنة نبيك صلى الله عليه وسلم (طس) وفيه الحارث وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما قال استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحجر واستلمه ثم وضع شفتيه عليه يبكي طويلا فالتفت فإذا عمر يبكي، فقال يا عمر ها هنا تسكب العبرات (ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه اهـ (قلت) وأقره الذهبي (وعن جابر ابن عبدالله) رضي الله عنهما قال دخلنا مكة عند ارتفاع الضحى فأتى النبي صلى الله عليه وسلم باب المسجد فأناخ راحلته ثم دخل المسجد فبدأ بالحجر فاستلمه وفاضت عيناه بالبكاء، ثم رمل ثلاثا ومشي أربعا حتى فرغ، فلما فرغ قبل الحجر ووضع يديه عليه ومسح بهما وجهه (ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه اهـ (قلت) واقره الذهبي (وعن جعفر بن عبد الله) وهو ابن الحكم قال رأيت محمد بن عباد بن جعفر قبل الحجر وسجد عليه، ثم قال رأيت خالك ابن عباس يقبله ويسجد عليه (وقال ابن عباس) رأيت عمر بن الخطاب قبله وسجد عليه، ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّل هكذا ففعلت (ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه اهـ (قلت) وأقره الذهبي (وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استلم الحجر فقبله واستلم الركن اليماني فقبل يده (هق) وقال فيه عمر بن قيس المكي ضعيف وقد روي في تقبيله خبر لا يثبت (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استلم الركن قبله ووضع خده الأيمن عليه (هق) وقال تفرد به عبد الله بن مسلم بن هرمز وهو ضعيف، قال والأخبار عن ابن عباس في تقبيل الحجر الأسود والسجود عليه إلا أن يكون أراد به الركن اليماني فإنه أيضا يسمى بذلك فيكون موافقا لغيره اهـ (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعيه استلام الركنين الأسود واليماني وعلى مشروعية تقبيل الحجر الأسود دون غيره، وقد اتفق العلماء على أن استلام الركنين المذكورين من سنن الطواف للرجال دون النساء، واختلفوا هل تستلم الأركان كلها أم لا فذهب الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة مذاهب الأئمة في أحكام استلام اليمانيين وتقبيل الحجر الأسود

.

_ إلى أنه إنما يُستلم الركنان فقط لأحاديث الباب، واحتج من رأى استلام جميعها بما روي عن جابر قال: كنا نرى إذا طفنا أن نستلم الأركان كلها. وسيأتي الكلام عليه في الباب التالي، وإنما خُص الركنان المذكوران بالاستلام دون غيرها لما تقدم أنهما على قواعد إبراهيم وخص الحجر الأسود بالتقبيل لما ثبت في فضله وأنه من الجنة (قال النووي) رحمه الله وقد أجمعت الأمة على استحباب استلام الركنين اليمانيين، واتفق الجمهور على أنه لا يمسح الركنين الآخرين اهـ. وذهب بعض أهل العلم إلى استحباب تقبيل الركن اليماني ووضع الخد عليه عملا بحديث ابن عباس المذكورين في الزوائد، رواه البيهقي ورواه أيضا البخاري في التاريخ والدراقنطي وهو ضعيف. والثابت عند الشيخين والأمام أحمد وغيرهم من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستلمه فقط، فإن صح حديث ابن عباس حمل على أنه أراد الأسود بقوله اليماني لأنه يقال اليماني أيضا، وقد أشار إلى ذلك البيهقي والله تعالى أعلم، (أما تقبيل الحر الأسود خاصة) فقد أجمع العلماء على أنه من سنن الطواف أيضا إن قدر، وإن لم يقدر على الدخول إليه قبل يده لحديث نافع المذكور في الزوائد قال " رأيت ابن عمر استلم الحجر بيده ثم قبل يده وقال ما تركته منذ رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله" رواه الشيخان وغيرهما (قال النووي) رحمه الله فيه استحباب تقبيل اليد بعدم استلام الحجر الأسود إذا عجز عن تقبيل الحجر، وهذا الحديث محمول على من عجز عن تقبيل الحجر وإلا فالقادر يقبل الحجر ولا يقتصر في اليد على الاستلام بها، وهذا الذي ذكرناه من استحباب تقبيل اليد بعد الاستلام للعاجز هو مذهبنا ومذهب الجمهور (وقال القاسم) بن محمد التابعي المشهور لا يستحب التقبيل (وبه قال مالك) في أحد قوليه والله أعلم اهـ (وفي حديثي ابن عمر وابن عباس) المذكورين في الزوائد مشروعية تقبيل الحجر والسجود عليه ووضع الخد (أما التقبيل والسجود) فقد جاء في حديث ابن عمر (وأما التقبيل ووضع الخد) فقد جاء في حديث ابن عباس عند الحاكم وغيره، وقد جاء معنى ذلك في حديث سويد بن غفلة عند مسلم والنسائي، قا ل رأيت عمر قبل الحجر والتزمه، وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بك حفيا (يعني معتنيا) فالسجود ووضع الخد من معاني الالتزام (قال النووي) في قوله والتزمه إشارة إلى استحباب السجود على الحجر الأسود بأن يضع جبهته عليه، فيستحب أن يستلمه ثم يقبله ثم يضع جبهته عليه. هذا مذهبنا ومذهب الجمهور، وحكاه ابن المنذر عن عمر بن الخطاب وابن عباس وطاوس والشافعي وأحمد قال (يعنى ابن المنذر) وبه أقول قال وقد روينا فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم (وانفرد مالك عن العلماء) فقال السجود عليه بدعة واعترف القاضي عياض المالكي بشذوذ مالك في هذه المسألة عن العلماء (وأما الركن اليماني)

.

_ فيستلمه ولا يقبله بل يقيد اليد بعد استلامه، هذا مذهبنا وبه قال جابر بن عبد الله وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة، وقال أبو حنيفة لا يستلمه. وقال مالك وأحمد يستلمه ولا يقبل اليد بعده (وعن مالك) رواية أنه يقبله. وعن أحمد رواية أنه يقبله. والله أعلم (وأما قول عمر رضي تعالى الله عنه) لقد علمت أنك حجر وإني لأعلم أنك حجر وأنك لاتضر ولا تنفع، فأراد به بيان الحث على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم في تقبيله. ونبه على أنه لولا الاقتداء به صلى الله عليه وسلم لما فعله، وإنما قال وإنك لا تضر ولا تنفع لئلا يغتر بعض قربى العهد بالإسلام الذين كانوا ألفوا عبادة الأحجار وتعظيمها رجاء نفعها وخوف الضرر بالتقصير في تعظيمها. وكان العهد قريبا بذلك، فخاف عمر رضي الله عنه أن يراه بعضهم يقبله ويعتني به، فيشتبه عليه، فبين أنه لا يضر ولا ينفع بذاته وإن كان امتثال ما شرع فيه ينفع بالجزاء والثواب فمعناه أنه لا قدرة له على نفع ولا ضرر وأنه حجر مخلوق كباقي المخلوقات التي لا تضر ولا تنفع، وأشاع عمر هذا في الموسم ليشهد له البلدان ويحفظ عنه أهل الموسم المختلفوا الأوطان والله أعلم اهـ (وقال المهلب) حديث عمر هذا يرد على من قال إن الحجر يمين الله في الأرض يصافح بها عباده (قلت الحجر يمين الله إلخ - جاء في حديث مرفوع عن جابر عند الخطيب وابن عساكر والطبراني ولكنه ضعيف) قال ومعاذ الله أن يكون لله جارحة، وإنما شرع تقبيله اختبارا ليعلم بالمشاهدة طاعة من يطيع وذلك شبيه بقصة إبليس حيث أمر بالسجو لآدم (وقال الخطابي) معنى أنه يمين الله في الأرض ان من صافحه في الأرض كان له عند الله عهد، وجرت العادة أن العهد يعقده الملك بالمصافحة لمن يريد موالاته والاختصاص به فخاطبهم بما يعهدونه (وقال المحب الطبري) معناه أن كل ملك إذا قدم ... عليه الوافد قبل يمينه، فلما كان الحاج أول ما يقدم يسن له تقبيله نزل منزلة يمين الله ولله المثل الإعلى (قال الحافظ) وفي قول عمر هذا التسليم للشارع في أمور الدين وحسن الاتباع فيما لا يكشف عن معانيها، وهو قاعدة عظيمة في اتباع النبي صلى الله عليه وسلم فيما يفعله ولو لم يعلم الحكمة (وفيه) دفع ما وقع لبعض الجهال من أن في الحجر الأسود خاصة ترجع إلى ذاته (وفيه) بيان السنن بالقول والفعل وأن الإمام إذا خشي على أحد من فعله فساد اعتقاد أن يبادر إلى بيان الأمر ويوضح ذلك اهـ (تتمة في عدم الاغترار بقول القائلين بجواز تقبيل قبره صلى الله عليه وسلم ومنبره وقبور الصالحين) ذكر بعض شراح البخاري عن بعض العلماء جواز تقبيل قبره صلى الله عليه وسلم ومنبره وقبور الصالحين وأيديهم لأجل التبرك بذلك قياسا على تقبيل الحجر الإسود، ولا أوافقهم على هذا، بل ما ورد فيه نص صريح عن الشارع قبلناه وعملنا بمقتضاه وما لا فلا، نعم ورد أن بعض الصحابة

_ قبل يد النبي صلى الله عليه وسلم وبعضهم قبل جبهته، وقبل بعض التابعين يد بعض الصحابة، وتقبيل اليد من كتاب الأدب إن شاء الله تعالى، وعلى هذا فيجوز تقبيل يد الصالحين والوالدين ومن ترجى بركتهم. أما تقبيل قبره صلى الله عليه وسلم ومنبره وقبور الصالحين فم يرد أن أحدا من الصحابة أو التابعين فعل ذلك، بل ورد النهي عنه فقد روى أبو داود بسند حسن من حديث أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم" لا تجعلوا بيوتكم قبوار ولا تجعلوا قبري عيدا وصلوا على فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم) ولهذا الحديث شواهد صادقة من أوجه مختلفة، منها عن على بن الحسين أنه رأى رجلا يجئ إلى فرجة كانت عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم فيدخل فيها فيدعو فنهاه وقال ألا أحدثكم حديثا سمعته من أبي عن جدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لاتتخذوا قبري عيدا ولا بيوتكم قبورا، فإن تسليمكم يبلغني أين كنتم، رواه الضياء في المختارة وأبو يعلى والقاضي اسماعيل (وقال سعيد بن منصور) في سننه حدثنا عبد العزيز بن محمد أخبرني سهل بن سهيل قال: رآني الحسن بن الحسن بن على بن أبي طالب عند القبر فناداني وهو في بيت فاطمة يتعشى فقال هلم إلى العشاء، فقلت لا أريده، فقال مالي رأيتك عند القبر فقلت سلمت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال إذا دخلت المسجد فسلم، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا تتخذوا قبري عيدا ولا تتخذوا بيوتكم مقابر وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم، لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، ما أنتم ومن بالأندلس إلا سواء، وفسر الحافظ ابن القيم العيد في قوله صلى الله عليه وسلم " لا تتخذوا قبري عيدا" بما يعتاد مجيئه وقصده من زمان ومكان مأخوذ من المعاودة والاعتياد، فإذا كان اسما للمكان فهو المكان الذي يقصد فيه الاجتماع والانتياب بالعبادة وبغيرها كما أن المسجد الحرام ومنى ومزدلفة وعرفة والمشاعر جعله الله تعالى عيدا للحنفاء ومثابة للناس كما جعل أيام العيد منها عيدا، وكان للمشركين أعياد زمانية ومكانية، فلما جاء الله بالإسلام أبطلها وعوض الحنفاء منها عيد الفطر وعيد النحر كما عوضهم عن أعياد المشركين المكانية بكعبة ومنى ومزدلفة وسائر المشاعر اهـ (وقال شيخ الإسلام) الحافظ بن تيمية رحمه الله معنى الحديث لا تعطلوا البيوت من الصلاة فيها والدعاء والقراءة فتكون بمنزلة القبور فأمر بتحري العبادة بالبيوت ونهى عن تحريها عند القبور عكس ما يفعله المشركون من النصارى ومن تشبه بهم من هذه الأمة، والعيد اسم لما يعود من الاجتماع العام على وجه معتاد عائد أما بعود السنة أو الأسبوع أو الشهر ونحو ذلك " وقوله وصلوا علي فإن صلاتكم تبلغني حيث كنتم" يشير إلى أن منا ينالنى منكم من الصلاة والسلام يحصل مع قربكم من قبري وبعدكم عنه فلا حاجه بكم إلى اتخاذه عيدا اهـ (وروى الشيخان والإمام أحمد عن

_ عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مرض موته" لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" تقول عائشة يحذرهم مثل الذي صنعوا (وفي رواية) قالت عائشة ولولا ذلك لأبرز قبره، ولكن كره أن يتخذ مسجدا، فهم دفنوه في حجرة عائشة بخلاف ما اعتادوه من الدفن في الصحراء لئلا يصلي أحد على قبره ويتخذ مسجدا فيتخذ قبره وثنا، وكان الصحابة والتابعون لما كانت الحجرة النبوية منفصلة عن المسجد إلى زمن الوليد بن عبد الملك لا يدخل أحد منهم عنده لا لصلاة هناك ولا لتمسح بالقبر ولا لدعاء هناك، بل كانوا يصلون في المسجد ويدعون فيهن وكان السلف من الصحابة والتابعين إذا سلموا عليه أو أرادوا الدعاء دعوا مستقبلي القبلة ولم يستقبلوا القبر، وأما وقت السلام عليه صلى الله عليه وسلم فقال أبو حنيفة: يستقبل القبلة أيضا ولا يستقبل القبر، وقال أكثر الأئمة بل يستقبل القبر عند السلام خاصة ولم يقل أحد من الأئمة إنه يستقبل عند الدعاء، واتفق الأئمة على أنه لا يتمسح بقبر النبي صلى الله عليه وسلم ولا يقبله وهذا كله محافظة على التوحيد، فإن من أصول الشرك بالله اتخاذ القبور مساجد كما قالت طائفة من السلف في قوله تعالى" وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا" قالوا هؤلاء كانوا قوما صالحين في قوم نوح، فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صورهم تماثيل ثم طال عليهم الأمد فعبدوها، وقد ذكر هذا المعنى في الصحيحين وعند الإمام أحمد عن عائشة رضي الله عنها أن أم حبيبة وأم سلمة ذكرتا كنيسة رأينها بالحبشة فيها تصاوير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور أولئك شرار الخلق عند الله عز وجل يوم القيامة، وذكر الإمام محمد بن جرير في تفسيره عن غير واحد من السلف، أنظر باب النهي عن اتخاذ قبور الأنبياء والصالحين مساجد للتبرك والتعظيم صحيفة 37 من كتاب المساجد في الجزء الثالث من كتابنا هذا واقرأ أحكامه وكلام المحقيقين في ذلك، وما جر المصائب على عوام الناس وغرس في أذهانهم أن الصالحين من أصحاب القبور ينفعون ويضرون حتى صاروا يشركونهم مع الله في الدعاء ويطلبون منهم قضاء الحوائج ودفع المصائب إلا تساهل معظم المتأخرين من العلماء، وذكر هذه البدع في كتبهم ولا أدري ما الذي الجأهم إلى ذلك وأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم تحذر منه، أكان هؤلاء أعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمر بن الخطاب رضي الله عنه حيث أمر بقطع الشجرة التي بويع تحتها النبي صلى الله عليه وسلم فقطعها لأن الناس كانوا يذهبون فيصلون تحتها تبركا، وما أمر عمر رضي الله عنه بقطعها إلا خوفا من الافتنان بها، وثبت عنه رضي الله عنه أنه رأى الناس في سفر يتبادرون إلى مكان، فسأل عن ذلك فقالوا قد صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم فقال عمر رضي الله عنه من عرضت له

(5) باب استلام الأركان كلها (245) عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه طاف مع معاوية رضي الله عنه بالبيت، فجعل معاوية يستلم الأركان كلها (1) فقال له ابن عباس لم تستلم هذين الركنين (2) ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يستلمهما؟ فقال معاوية ليس شيء من البيت مهجورا (3) فقال ابن عباس لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (4) فقال معاوية صدقت

_ الصلاة فليصل وإلا فليمض فإنما هلك أهل الكتاب لأنهم تتبعوا آثار أنبيائهم فاتخذوها كنائس وبيعا، وكره الإمام مالك رحمه الله تتبع الأماكن التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم في طريقه من المدينة إلى مكة سنة حجة الوداع والصلاة فيها تبركا بأثره الشريف إلا في مسجد قباء لأنه صلى الله عليه وسلم كان يأتيه راكبا وماشيا، مع أن الأماكن التي صلى فيها النبي صلى الله عليه وسلم لا شيء في الصلاة فيها اقتداء به صلى الله عليه وسلم وتبركا بأثره، وكان ابن عمر رضي الله عنهما يفعله، ولكن الإمام مالك رحمه الله بنى مذهبه على سد الذرائع فرأى أن التساهل في هذا وإن كان جائزا يجر إلى مفسدة بعد تقادم العهد كاعتقاد وجوب الصلاة في هذه الأماكن وربما جر إلى اعظم من ذلك، فالاحتياط سد هذا الباب وعدم التساهل فيه، فإن الراعي حول الحمى يوشك أن يقع فيه، انظر صحيفة 99 في آخر أحكام باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم في الجزء الحادي عشر من هذا الكتاب ففيه كلام في هذا المعنى، ولنقتصر على ذلك لأن الكلام في هذا الباب يطول، ومن أراد أن يريح نفسه فعليه باتباع ما صح فيه الدليل، والله يهدينا جميعا إلى سواء السبيل، وهو حسبنا ونعم الوكيل. (245) عن مجاهد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مروان بن شجاع حدثني خصيف عن مجاهد عن ابن عباس الحديث- (غريبة) (1) يعني الأربعة الأركان اليمانيين والشاميين (2) يريد الركنين الشامين (3) يعنى انها كلها أركان البيت فلا نستلم البعض ونترك البعض (4) يريد أننا لم نترك استلام الركنين هجرا للبيت ولكنا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك فقلنا مثله " لقد كان لكم في رسول الله اسوة حسنة" فرجع معاوية إلى قول ابن عباس حينما ظهر له الدليل وقال صدقت، وهكذا شأن المؤمن إذا ظهر له الحق وكان مخالفا لرأيه طرح رأيه واتبع الحق فضيلة (تخريجه) (ك. مذ) وقال حديث ابن عباس حديث حسن صحيح والعمل على هذا

(246) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة وحجاج قال (1) حدثني شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أبي الطفيل قال حجاج (2) في حديثه قال سمعت أبا الطفيل قال قدم معاوية وابن عباس فطاف ابن عباس فاستلم الأركان كلها فقال له معاوية إنما استلم رسول الله صلى الله عليه وسلم الركنين اليمانيين، قال ابن عباس ليس من أركانه شيء مهجور قال حجاج قال شعبة الناس يختلفون في هذا الحديث يقولون معاوية هو الذي

_ عند أكثر أهل العلم أن لا يستلم إلا الحجر الأسود والركن اليماني اهـ (قلت) ورواه البخارية تعليقا وروى مسلم الجزء المرفوع منه (246) حدثنا عبد الله (غريبة) (1) يعني محمد بن جعفر (2) حجاج أحد الراويين اللذين روى عنهما محمد بن جعفر هذا الحديث قال في روايته سمعت قتادة قال سمعت أبا الطفيل قال قدم معاوية إلخ أما شعبة الراوي الثاني فقال في روايته سمعت قتادة يحدث عن أبي الطفيل قال قدم معاوية إلخ، فرواية حجاج تفيد سماع قتادة من أبي الطفيل، ورواية شعبة تفيد التحديث، والفرق بين التحديث والسماع معروف لدى المحدثين، (3) هذه الرواية أعني بها رواية أبي الطفيل تخالف رواية مجاهد عن ابن عباس المتقدمة، ففي رواية مجاهد أن معاوية هو الذي استلم الأركان كلها وأن ابن عباس أنكر عليه ذلك، ولذا قال شعبة الناس يختلفون في هذا الحديث إلخ، (قال الحافظ) قال عبد الله بن أحمد في العلل سألت أبي عنه فقال قلبه شعبة، وقد كان شعبة يقول الناس يخالفونني في هذا ولكني سمعته من قتادة اهـ وصوب الحافظ رواية مجاهد المتقدمة عن ابن عباس، ورواه أيضا الإمام أحمد من طريق عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبي الطفيل نفسه بنحو رواية مجاهد عن ابن عباس عكس رواية قتادة عن أبي الطفيل هنا، وتقدم لفظه في الباب السابق في شرح حديث رقم 338 وهو يؤيد تصويب الحافظ، واستدل الحافظ لتصويبه بما رواه الإمام الشافعي من طريق محمد بن كعب القرظي أن ابن عباس كان يمسح الركن اليماني والحجر وكان ابن الزبير يمسح الأركان كلها ويقول ليس شيء من البيت مهجورا، فيقول ابن عباس "لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" وذكر الحافظ أيضا رواية مجاهد عن ابن عباس المذكورة

قال ليس من البيت شيء مهجور ولكنه حفظه من قتادة هكذا

_ أول الباب، ثم قال وبهذا يتبين ضعف من حملة على التعدد وأن اجتهاد كل منهما (يعنى معاوية وابن عباس) تغير إلى ما أنكره على الآخر، قال وإنما قلت ذلك لأن مخرج الحديثين واحد وهو قتادة عن أبي الطفيل، وقد جزم أحمد بان شعبة قلبه فسقط التجويز العقلي اهـ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ، وقد علمت أنه مقلوب ولا يؤخذ على ظاهره، والصواب رواية مجاهد عن ابن عباس والله أعلم (زوائد الباب) (عن عباد بن عبد الله بن الزبير أنه رأى أباه يستلم الأركان كلها وقال أنه ليس شيء منه مهجورا، وأخرج الإمام الشافعي نحوه من طري محمد بن كعب القرظي وتقدم آنفا (وعن هشام بن عروة بن الزبير) أن أباه كان إذا طاف بالبيت يستلم الأركان كلها (لك) وأخرجه سعيد بن منصور عن الدراوردي عن هشام بلفظ إذا بدأ استلم الأركان كلها وإذا ختم (الأحكام) حديثا الباب مع الآثار المذكورة في الزوائد تدل بظاهرها على جواز استلام الأركان كلها، وروى ابن المنذر وغيره استلام جميع الأركان أيضا عن جابر وأنس والحسن والحسين من الصحابة وعن سويد بن غفلة من التابعين، وروى الشيخان والإمام أحمد وسيأتي في محله أن عبيد بن جريج قال لابن عمر رأيتك تصنع أربعا لم أر أحدا من الصحابة يصنعها فذكرها منها " ورأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانين" وهذا يشعر بأن الذي رآهم عبيد كانوا لا يقتصرون في الاستلام على الركنين اليمانيين (وذهب الجمهور) إلى استحباب استلام الركنين اليمانيين فقط مستدلين بأحاديث الباب السابق، وهي ناطقة بأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يستلم إلا الركنين اليمانيين، والحكمة في ذلك ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من قول ابن عمر إنما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم استلام الركنين الشاميين، لأن البيت لم يتمم على قواعد ابراهيم (قال الحافظ) وعلى هذا المعنى حمل ابن التين تبعا لابن القصار استلام ابن الزبير لهما لأنه لما عمر الكعبة أتم البيت على قواعد إبراهيم اهـ. وتعقب ذلك بعض الشراح أن ابن الزبير طاف مع معاوية واستلم الكل ولم يقف على هذا الأثر، وإنما وقع ذلك لمعاوية مع ابن عباس، وأما ابن الزبير فقد أخرج الأزرقي في كتابه مكة فقال إن ابن الزبير لما فرغ من بناء البيت استلم الأركان الأربعة، فلم يزل البيت على بناء ابن الزبير إذا طاف الطائف استلم الأركان كلها وأن إبراهيم واسماعيل لما فرغا من بناء البيت طافا به سبعا يستلمان الأركان (قال الحافظ) وقال بعض أهل العلم اختصاص الركنين مبين بالسنة، ومستند التعميم القياس وأجاب الشافعي عن قول من قول من قال ليس شيء من البيت مهجورا بأنه لم ندع استلامها هجرا للبيت، وكيف يهجره وهو يطوف به، ولكنا جواز الطواف على بعيره ونحوه لعذر

(6) باب جواز الطواف على بعيره وغيره (واستلام الحجر بمحجن ونحوه لحاجة) (247) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال جاء النبي صلى الله عليه وسلم وكان قد اشتكى (1) فطاف بالبيت على بعير ومعه محجن (2) كلما مر عليه استلمه به، فلما فرغ من طوافه أناخ فصلى ركعتين (وعنه من طريق ثان (3) بنحوه وفيه قال) وأتى السقاية (4) فقال اسقوني فقالوا إن هذا يخوضه الناس (5) ولكنا نأتيك

_ نتبع السنة فعلا أو تركا ولو كان استلامهما هجرا لهما لكان ترك استلام ما بين الأركان هجرا لها ولا قائل به، ويؤخذ منه حفظ المراتب واعطاء كل ذي حق حقه وتنزيل كل أحد منزلته اهـ (247) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ابن محمد ثنا يزيد يعنى عطاء بن يزيد يعنى بن أبي زياد عن عكرمة عن ابن عباس - الحديث (غريبة) (1) أي مرض وهذا بيان لعله ركوبه صلى الله عليه وسلم وقيل إنما ركب صلى الله عليه وسلم لبيان الجواز (قال النووي) وجاء في سنن أبي داود أنه صلى الله عليه وسلم كان في طوافه هذا مريضا، وإلى هذا المعنى أشار البخاري وترجم عليه باب المريض يطوف راكبا فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم طاف راكبا لهذا كله (2) المحجن بكسر الميم واسكان الحاء وفتح الجيم وهو عصا معقفة يتناول بها الراكب ما سقط له ويحرك بطرفها بعيره للمشي، وفيه دلالة على جواز الطواف راكبا واستحباب الحجر وأنه إذا عجز عن استلامه بيده استلمه بعود ونحوه (وقوله فصلى ركعتين) يعني ركعتي الطواف بعد فراغه منه (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم حدثنا يزيد بن أبي زياد عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت وهو على بعيره واستلم الحجر بمحجن كان معه قال وأتى السقاية الحديث (4) أي المكان الذي يستقي منه الناس. والظاهر أنه زمزم كما جاء في حديث جابر الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم (5) أي بأيديهم ولكثرة ازدحام الناس عليه وسقوط الماء منهم على جوانب البئر وتسربه إليها وسقوطه فيها مرة أخرى تصير غير صافية ويكون فيها تعكيره فاختاروا أن يسقوه من الماء الذي في البيوت حيث يكون صافيا باردا، فأبى عليه الصلاة والسلام إلا أن يشرب مما يشرب منه الناس، وهذا يدل على تواضعه وكرم أخلاقه صلى الله عليه وسلم وكراهة التقذر والتكره لما يؤكل ويشرب والرضا بما تيسر وعدم الكلفة

به من البيت، فقال لا حاجة لي فيه، اسقوني مما يشرب منه الناس (248) عن ام سلمة رضي الله عنها أنها قدمت (1) وهي مريضة فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: " طوفي من وراء الناس (2) وأنت راكبة، قالت فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند الكعبة يقرأ بالطور، قا ل أبي وقرأته على عبد الرحمن (3) قالت فطفت ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حينئذ يصلى بجنب البيت (4) وهو يقرأ بالطور وكتاب مسطور (5) (249) عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عل يه وعلى آله وصحبه وسلم أنه طاف بالبيت على ناقة (وفي لفظ على راحلته) يستلم

_ (تخريجه) (د. هق) بدون قصة السقاية (قال المنذري) في اسناده يزيد بن أبي زياد ولا يحتج به (وقال البيهقي) في حديث يزيد بن أبي زياد لم يوافق عليها. وهي قوله " وهو يشتكى" اهـ. وقد أنكره الشافعي وقال لا أعلمه اشتكى في تلك الحجة (248) عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ع مالك عن أبي الأسود عن عروة عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة - الحديث (غريبة) (1) يعنى قدمت مكة في حجة الوداع (2) فيه دلالة على أن الطواف راكبا ليس من خصوصياته صلى الله عليه وسلم (قال النووي) رحمه الله، وإنما أمرها صلى الله عليه وسلم بالطواف من وراء الناس لشيئين (أحدهما) أن سنة النساء التباعد عن الرجال في الطواف (والثاني) أن قربها يخاف منه تأذ الناس بدابتها، وكذا إذا طاف الرجل راكبا، وإنما طافت في حال صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ليكون استر لها، وكانت هذه الصلاة صلاة الصبح والله أعلم اهـ (3) معنى هذا أن الرواية الأولى سمعها الإمام أحمد من عبد الرحمنن والروية الثانية قرأها عليه، والقائل قال أبي هو عبد الله بن الإمام أحمد رحمها ال له (4) أي متصلا إلى جدار الكعبة وفيه تنبيه على أن أصحابه صلى الله عليه وسلم كانوا متحلقين حولها (5) أي بهذه السورة في ركعة واحدة كما هي عادته صلى الله عليه وسلم ويحتمل أنه قرأها في ركعتين (تخريجه) (ق. د. نس. جه. هق) (249) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا مسعر بن كدام عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن أخيه عن ابن عباس

الحجر بمحجنه وبين الصفاوالمروة (1) (250) وعنه أيضا قال طاف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على بعيره فكلما اتى على الركن أشار إليه (2) وكبر (251) عن أبي الطفيل عامر بن واثلة رضى الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا غلام شاب يطوف بالبيت على راحلته يستلم الحجر بمحجنه (3) (252) عن قدامة بن عبد الله رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على ناقة يستلم الحجر بمحجنه

_ رضي الله عنهما - الحديث (غريبة) (1) يعنى وطاف أيضا بين الصفا والمروة راكبا (تخريجه) (ق. هق. وغيرهم) (250) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن أبي بكير ثنا إبراهيم بن طهمان حدثني خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس - الحديث (غريبة) (2) أي بالمحجن الذي في يده فإن لم يكن في يده شيء يشير إليه بيده، وفيه استحباب التكبير عند الركن الأسود في كل طوفة (تخريجه) (خ. نس. مذ. هق) (251) عن أبي الطفيل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا معروف المكي قال سمعت أبا الطفيل عامر بن واثلة - الحديث (غريبة) (3) زاد مسلم ويقبل المحجن، وفيه دلالة على أن الطائف إذا لم يتمكن من استلام الحجر بيده استلمه بعصا ونحوها، ثم يقبلها وهو مذهب الشافعي. وتقدم الكلام على ذلك (تخريجه) (م. هق) (252) عن قدامة بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا سريج بن يونس ومحرز بن عون بن ابي عون أبو الفضل قالا ثنا قران بن تمام الأسدي ثنا أيمن عن قدامة بن عبد الله - الحديث (تخريجه) (عل. طب) ورواه أيضا الطبراني في الاوسط إلا أنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت على ناقة يستلم الركن بمحجنه ورجاله موثقون وفي بعضهم كلام لا يضر. قاله الهيثمي اهـ (قلت) وللإمام أحمد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرف وليسألوه فإن الناس غشوه، وسيأتي هذا

.

_ الحديث في باب بالصفا عند الطواف بين الصفا والمروة لمناسبته هناك والله أعلم (زوائد الباب) (عن ابن عمر رضي الله عنهما) قال: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته يوم فتح مكة يستلم الأركان بمحجن كان معه (عل) وفيه موسى بن عبيده وهو ضعيف وقد وثق فيما رواه عن غير عبد الله بن دينار وهذا منها (وعن أبي رافع) رضي الله عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه (بز) وفيه اسحاق بن إبراهيم الحنيني وثقه ابن حبان وقا ل يخطئ وضعفه الناس (وعن عبد الله بن حنظلة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه (بز) وفيه اثنان لم أجد من ترجمتهما (وعن أبي مالك الأشجعي) عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه (بز) وفيه محمد بن عبد الرحمن عن أبى مالك الأشجعي ولم أعرف محمد بن عبد الرحمن (وعن عائشة رضي الله عنها) قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم على بعير يوم الفتح معه المحجن يستلم الركن به كراهة أن يُضرب الناس عنه (طس) ورجاله رجال الصحيح، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا (وعن عائشة رضي الله عنها قالت طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حول الكعبة على بعيره يستلم الركن كراهية أن يضُرب عنه الناس (م) قال النووي هكذا هو في معظم النسخ يضٌرب بالياء وفي بعضها يصرف بالصاد المهملة والفاء وكلاهما صحيح (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية الطواف راكبا لحاجة كمرض ونحوه أو كان إماما يعلّم الناس المناسك ويقتدي به، وقد جاء ذلك صريحا في حديث جابر الصحيح رواه أبو داود والنسائي وسيأتي في باب البدء بالصفا والمروة ولفظه عن جابر " طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس وليشرف وليسألوه فإن الناس غشوه" (أي ازدحموا عليه) ويستفاد منه أيضا أن ذلك كان في حجة الوداع، لكن جاء في رواية أبي يعلى من حديث ابن عمر المذكور في الزوائد قال " طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته يوم فتح مكة يستلم الأركان بمحجن كان معه" وهو يدل على أن ركوبه صلى الله عليه وسلم كان في فتح مكة (والجواب) عن ذلك أن حديث ابن عمر ضعيف فلا يقاوم حديث جابر الصحيح، وعلى فرض صحته فلا منافاة لجواز تكراره، ومما يدل على أن ركوبه صلى الله عليه وسلم كان لأجل استفادة الناس منه حديث عائشة عند مسلم وتقدم في الزوائد ولفظه عن عائشة قالت " طاف النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع حول الكعبة على بعيره يستلم الركن كراهية أن يُضرب عنه الناس (وفي لفظ أن يصرف بالصاد المهملة والفاء بدل يضرب) لكن حديث ابن عباس المذكور أول الباب، رواه أبو داود أيضا يدل على أن العلة هي كون النبي صلى الله عليه وسلم

.

_ كان مريضا (والجواب) عن ذلك أن حديث ابن عباس ضعيف، فإن صح دل على أن ركوبه صلى الله عليه وسلم كان لأجل العلتين والله أعلم (وحديث أم سلمة المذكور في الباب) صريح في أن من كان مريضا لا يمكنه الطواف ماشيا جاز له الطواف راكبا وهو يقتضى منع طواف الراكب في المطاف (قال الحافظ) لا دليل في طوافه صلى الله عليه وسلم راكبا على جواز الطواف راكبا بغير عذر وكلام الفقهاء يقتضى الجواز إلا أن المشي أولى والركوب مكروه تنزيها. قال والذي يترجح المنع لأن طوافه صلى الله عليه وسلم وكذا أم سلمة كان قبل أن يحوط المسجد فإذا حوط امتنع داخله إذا لا يؤمن التلويث فلا يجوز بعد التحويط بخلاف ما قبله فإنه كان لا يحرم التلويث كما في السعي اهـ (قال النووي) في شرح المهذب قال أصحابنا الأفضل أن يطوف ماشيا ولا يركب إلا لعذر مرض أو نحوه أو كان ممن يحتاج الناس إلى ظهوره ليسفتي ويقتدي بفعله فإن طاف بلا عذر جاز له بلا كراهية لكنه خالف الأولى كذا قاله جمهور أصحابنا وكذا نقله الرافعي عن الأصحاب (وقال إمام الحرمين) في القلب من إدخال البهيمة التي لا يؤمن تلويثها المسجد شيء، فإن أمكن الاستيثاق فذلك وإلا فإدخالها المسجد مكروه، هذا كلام الرافعي وجزم جماعة من أصحابنا بكراهة الطواف راكبا من غير عذر والمرأة والرجل في الركوب سواء فيما ذكرناه (قال الماوردي) وحكم طواف المحمول على أكتاف الرجال كالراكب فيما ذكرناه، قال وإذا كان معذورا فطوافه محمولا أولى منه راكبا صيانة للمسجد من الدابة، قال وركوب الإبل أيسر حالا من ركوب البغال والحمير اهـ (وقال ابن قدامة الحنبلي) في الشرح الكبير لا نعلم بين اهل العلم خلافا في صحة طواف الراكب إذا كان له عذر، فإن ابن عباس روى أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف في حجة الوداع على بعير يستلم الركن بمحجن، وعن أم سلمة قالت شكوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أشتكي فقال طوفي من وراء الناس وأنت راكبة متفق عليهما، وقال جابر طاف النبي على راحلته بالبيت وبين الصفا والمروة ليراه الناس وليشرف عليهم ليسألوه فإن الناس غشوه، والمحمول كالراكب فيما ذكرناه، قال فأما الطواف راكبا أو محمولا لغير عذر فمفهوم كلام الخرقي أنه لا يجزئ (وهو إحدى الروايات عن أحمد) لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال الطواف بالبيت صلاة، ولأنها عبادة تتعلق بالبيت فلم يجز فعلها راكبا بغير عذر كالصلاة (والثانية) يجزئه ويجبره بدم (وهو قول مالك) وبه قال (أبو حنيفة) إلا أ، هـ قال يعيد ما كان بمكة فإن رجع جبره بدم، لأنه ترك صفة واجبة في ركن الحج شبه ما لو وقف بعرفة نهارا ودفع قبل غروب الشمس (والثالثة) يجزئة ولا شيء عليه اختارها أبو بكر (يعنى الخرقي) وهي مذهب الشافعي وابن المنذر لأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف راكبا (قال ابن المنذر) لا قول لأحد مع فعل النبي صلى الله عليه وسلم ولأن الله تعالى أمر بالطواف

(7) باب الطائف يخرج في طوافه عن الحجر (ليكون طائفا بالبيت كله من وراء قواعد إبراهيم عليه الصلاة والسلام) (253) عن سالم بن عبد الله بن عمر أن عبد الله بن عمر أخبره أن عبد الرحمن بن محمد بن أبي بكر الصديق أخبره أن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم ترى (1) إلى قومك حين بنوا الكعبة اقتصروا (2) عن قواعد إبراهيم عليه السلام قالت قلت يا رسول الله أفلا تردها على قواعد إبراهيم؟

_ مطلقا فكيفما أنى به أجزأه ولا يجوز تقييد المطلق بغير دليل ولا خلاف في أن الطواف راجلا أفضل، لأن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم طافوا مشيا والنبي صلى الله عليه وسلم في غير حجة الوداع طاف مشيا (وفي قول أم سلمة) شكوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنى أشتكى فقال " طوفي من وراء الناس فإن ابن عباس روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كثر عليه الناس يقولون هذا محمد هذا محمد حتى خرج العواتق من البيوت، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُضرب الناس بين يديه، فلما كثروا عليه ركب، رواه مسلم (قلت وروى نحوه الإمام أحمد، وتقدم في باب ما رواه الطفيل عن ابن عباس في أسباب بعض أعمال الحج صحيفة 10 رقم 70 في الجزء الحادى عشر) قال وكذلك في حديث جابر فإن الناس غشوه، وروى عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف راكبا لشكاة، وبهذا يعتذر من منع الطواف راكبا عن طواف النبي صلى الله عليه وسلم والحديث الأول أثبت (يعنى حديث ابن عباس الأول) قال فعلى هذا يكون كثرة الناس وشدة الزحام عذرا، ويحتمل أن يكون النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قصد تعليم الناس مناسكهم فلم يتمكن منه إلا بالركوب والله تعالى أعلم اهـ (254) عن سالم بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن أبي العباس قال ثنا أبو أويس عن الزهري عن سالم بن عبد الله بن عمر - الحديث" (غريبة) (1) بفتح الراء وسكون الياء مجزوم بحذف النون أي ألم تعرفي (2) في روايتها الثانية استقصرت. وله في اخرى قصروا في البناء. وله أيضا قصرت بهم النفقة (قال النووي) قال العلماء هذه الروايات كلها بمعنى واحد، ومعنى استقصرت قصرت عن تمام بنائها واقتصرت

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا حدثان (قومك بالكفر، قال عبد الله بن عمر فوالله لئن كانت عائشة سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) ما أُرى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ترك الركنين اللذين يليان الحجر (3) إلا أن البيت لم يتمم على قواعد إبراهيم عليه السلام إرادة أن يستوعب الناس الطواف بالبيت كله من وراء قواعد إبراهيم عليه السلام (255) عن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أحب أن أدخل البيت فأصلى فيه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يدي فأدخلني في الحجر (4) فقال لي صلى

_ على هذا القدر النفقة بهم عن تمامها (1) الحدثان بكسر الحاء المهملة وبالثاء المثلثة بمعنى الحدوث (وقوله قومك) يعنى قريشا ومعناه قرب عهدهم بالكفر، وجواب لو محذوف تقديره لفعلت، وقد صرح به في الصحيحين، ومعناه لرددتها على قواعد إبراهيم (2) قال القاضي عياض ليس هذا اللفظ من ابن عمر على سبيل التضعيف لروايتها والتشكيك في صدقها وحفظها، فقد كانت من الحفظ والضبط بحيث لا يستراب في حديثها ولا فيما تنقله، ولكن كثيرا ما يقع في كلام العرب صورة التشكيك والتقرير، والمراد به اليقين كقوله تعالى " وإن أدري لعله فتنة لكم ومتاع إلى حين" وقوله تعالى " قل إن ضللت فإنما أضل على نفسي وإن أهتديت" الأية (وقوله ما أرى) بضم الهمزة أي ما أظن (3) أي يقربان من الحجر بكسر المهملة وسكون الجيم وهو معروف على صفة نصف الدائرة وقدرها تسع وثلاثون ذراعا، قاله الحافظ (وقوله إلا أن البيت) يعني الكعبة (لم يتمم) أي ما نقص منه وهو الركن الذي كان في الأصل (على قواعد إبراهيم) عليه السلام فالموجود الآن في جهة الحجر بعض الجدار الذي بنته قريش، فلذلك لم يستلمها النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو عبدالله الأبي وهذا الذي قاله ابن عمر من فقهه ومن تعليل العدم بالعدم، علل عدن الاستلام بعدم أنهما من البيت والله أعلم (تخريجه) (ق. نس. هق) (254) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا عبد العزيز بن محمد عن علقمة بن أبي علقمة عن أمة عن عائشة - الحديث (غريبة) (4) قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات حجر الكعبة زادها الله تعالى شرفا وهو بكسر الحاء وإسكان الجيم، هذا هو الصواب المعروف الذي

في الحجر إذ أردت دخول البيت فإنما هو قطعة من البيت (1) ولكن قومك استقصروا حين بنوا الكعبة فأخرجوه من البيت. (256) وعنها أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال لولا أن قومك حديثُ عهد (2) بشرك أو بجاهلية لهدمت

_ قاله العلماء من أصحاب الفنون، ورأيت بعض الفضلاء المصنفين في ألفاظ المهذب أنه يقال أيضا حجر بفتح الحاء كحجر الإنسان، سمى حجراً بفتح الحاء كحجر الإنسان، سمى حجراً لاستدارته، والحجر عرضة ملصقة بالكعبة منقوشة على صورة نصف دائرة وعليه جدار، وارتفاع الجدار من الأرض نحو ستة أذرع وعرضه نحو خمسة أشبار، وقيل خمسة وثلث، وللجدار طرفان ينتهي أحدهما إلى ركن البيت العراقي والآخر إلى الركن الشامي، وبين كل واحد من الطرفين وبين الركنين فتحة يدخل منها إلى الحجر، وتدويره الحجر تسع وثلاثون ذراعا وشبر. وطول الحجر من الشاذروان الملتصق بالكعبة إلى الجدار الملتصق بالكعبة إلى الجدار المقابل له من الحجر أربع وثلاثون قدما ونصف قدم، وما بين الفتحتين أربعون قدما إلا نصف قدم، وميزاب البيت يضرب في الحجر، وقد اختلفت الروايات وأقوال أصحابنا في أن الحجر كله من البيت أو ست أذرع فحسب أم سبع، وهذا الموضع لا يحتمل بسطها فأشرت إلى أصلها اهـ (قلت) وسيأتي توضيح ذلك في أحكام هذا الباب (1) هذا ظاهره أن الحجر كله من البيت، وكذا قوله في رواية عائشة عند البخاري قالت سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الجدار أمن البيت هو؟ قال نعم. وبذلك كان يفتى ابن عباس كما رواه عبد الرزاق عن أبيه عن مرثد بن شرحبيل قال سمعت ابن عباس يقول لو وليت من البيت ما ولى ابن الزبير لأدخلت الحجر كله في البيت فلم يطاف به إن لم يكن من البييت؟ (تخريجه) (د. نس. هق. مذ) وصححه (255) وعنها أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا عبد الرحمن ثنا سليم بن لحيان عن سعيد بن سيناء قال سمعت ابن الزبير يقول حدثتنى خالتي عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها لولا أن قومك - الحديث (غريبة) (2) هكذا جاء في جاء الروايات في هذا الحديث عند الإمام أحمد وغيره بإضافة حديث لعهد، قال المطرزي وهو لحن، إذ لا يجوز حذف الواو في مثل هذا، والصواب حديثو عهد بواو الجمع، كذا نقله الزركشي والحافظ والعيني واقروه، وأجاب صاحب المصابيح بأنه لا لحن فيه ولا خطأ والرواية صواب وتوجه بنحو ما قالوه في قوله تعالى " ولا تكونوا أول كافر به" حيث

الكعبة (1) فألزقتها بالأرض وجعلت لها بابين شرقيا (2) وبابا غربيا وزدت فيها من الحجر ستة أذرع (3) فإن قريشا اقتصرتها حين بنت الكعبة

_ قالوا إن التقدير أول فريق كافر به أو فوج كافر، يعنون أن مثل هذه الألفاظ مفردة بحسب اللفظ وجمع بحسب المعنى، فيجوز ذلك رعاية لفظة تارة ومعناه اخرى كيف شئت، فانقل هذا إلى الحديث تجده ظاهرا لا خفاء بصوابه (1) زاد البخاري فأدخلت فيه ما أخرج منه (وقوله فألزقتها بالأرض) معناه السقوط ببابها إلى الأرض بحيث يكون على وجه الأرض غير مرتفع عنها (2) أي مثل الموجود الآن (وبابا غريبا) أي يقابله من الناحية الأخرى ليدخل الناس من باب ويخرجون من الآخر لعدم الزحام (3) أي قيمة ما اقتصره قريش منها، وجاء في بعض الروايات كما قال الحافظ وسأشير إلى هذه الروايات في الأحكام إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق. وغيرهما) (زوائد الباب) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال ما طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء إلا وهو من البيت (عل) وإسناده حسن (وعن عائشة رضي الله عنها) ما أبالي صليت في الحجر أو في البيت (عل) ورجاله رجال الصحيح (وعن جابر) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أتى الحجر فاستلمه ثم مشي على يمينه فرمل ثلاثا ومشى أربعا (م. نس) وسيأتي شيء من أحاديث الباب في باب تجديد قريش بناء الكعبة قبل المبعث بخمس سنين من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الحجر (بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم) من البيت وهو ما أحيط بالبناء المقوس من جهة شمال الكعبة بين الركنين العراقي والشامي ويسمى الحطيم أيضا. وأن من طاف بالبيت لزمه إدخال الحجر فيه أي يطوف من وراء الحجر وأن ذلك شرط في صحة الطواف فمن لم يطف به كذلك لم يعتد بطوافه، وبه قال الأئمة (مالك والشافعي وأحمد وعطاء وأبو ثور وابن المنذر والجمهور) وهو قول ابن عباس وكان يحتج بقوله تعالى " وليطوفوا بالبيت العتيق" ثم يقول: طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجر (وخالف الإمام أبو حنيفة وأصحابه) فقالوا هو سنة، فإن كان بمكة قضى ما فاته, وإن رجع إلى بلده فعليه دم، وبنحوه قال الحسن (وا ختلف العلماء) في الحجر هل كله من البيت أو بعضه؟ وسبب اختلافهم ما ورد في هذا الباب من الروايات المطلقة التي تفيد أنه كله من البيت كقوله في حديث عائشة الثاني من أحاديث الباب " صلى في الحجر إذا أردت دخول البيت فإنما هو قطعة من البيت" ولها عند الشيخين" سألت النبي صلى الله عليه وسلم

.

_ عن الجدر (بفتح الجيم وسكون المهملة لغة في الجدار) أمن البيت هو؟ قال نعم. ولأبى داود الطيالسي في مسنده عن الأحوص شيخ مسدد وفيه " الجدر أو الحجر" بالشك (ولأبى عوانة) من طريق شيبان عن الأشعث " الحجر" بغير شك وتقدم في الشرح عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال لو وليت من البيت ما ولى ابن الزبير لأدخلت الحجر كله في البناء فلم يطاف به إذا لم يكن من البيت؟ ولأبي داود وأبى عوانة والإمام أحمد عن عائشة وسيأتى في (باب الصلاة في الحجر كالصلاة في الكعبة) وفيه أنها أرسلت إلى شيبة الحجي ليفتح لها الباب بالليل فقال ما فتحناه في جاهلية ولا إسلام بليل وهذه الروايات كلها مطلقة ولكنها مقيدة بروايات صحيحة أيضا (منها عند مسلم) من حديث عائشة " حتى أزيد فيه من الحجر" وله من وجه آخر عنها مرفوعا بلفظ " فإن بدا لقومك أن يبنوه بعدي فهلمي أريك ما تركوا منه فأراها قريبا من سبعة أذرع" (وله أيضا) عنها مرفوعا بلفظ " وزدت فيها من الحجر سبعة أذرع" وفي رواية للبخاري عن عروة " أن ذلك مقدار ستة أذرع" ولسفيان بن عينية في جامعه أن ابن الزبير زاد ستة أذرع وله أيضا أنه زاد ستة أذرع وشبرا، ووهذا ما ذكره الإمام الشافعي عن عدد لقيهم من أهل العلم من قريش كما أخرجه البيهقي في المعرفة عنه، وقد اجتمع من الروايات ما يدل على أن الزيادة فوق ستة أذرع إلى سبعة، وأما ما رواه مسلم عن عطاء عن عائشة مرفوعا بلفظ " لكنت أدخل فيها من الحجر خمسة أذرع، فقد قال الحافظ هي شاذة، والروايات السابقة أرجح لما فيها من الزيادة عن الثقات الحفاظ (قال الحافظ) ثم ظهر لي لرواية عطاء وجه، وهو أنه أريد بها ما عند الفرجة التي بين الركن والحجر فتجتمع مع الروايات الأخرى فإن الذي عدا الفرجة أربعة أذرع وشيء، ولهذا وقع عند الفاكهي من حديث أبى عمرو بن عدي بن الحمراء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعائشة في هذه القصة ولأدخلت فيها من الحجر أربعة أذرع، فيحمل هذا على الغاء الكسر، ورواية عطاء على جبره، وتحصّل الجمع بين الروايات كلها بذلك، أفاده الحافظ (وقال النووي) رحمه الله قال أصحابنا ست أذرع من الحجر مما يلى البيت محسوبة من البيت بلا خلاف، وفي الزائد خلاف فإن طاف في الحجر وبينه وبين البيت أكثر من ستة أذرع ففيه وجهان لأصحابنا (أحدهما) يجوز لظواهر هذه الأحاديث وهذا هو الذي رجحه جماعة من أصحابنا الخراسانيين (والثاني) لا يصح طوافه في شيء من الحجر ولا على جداره ولا يصح حتى يطوف خارجا من جميع الحجر، وهذا هو الصحيح وهو الذي نص عليه الشافعي وقطع به جماهير أصحابنا العراقيين (ورجحه جمهور الأصحاب، وبه قال جميع علماء المسلمين سوى أبى حنيفة) فإنه قال إن طاف في الحجر وبقى في مكة أعاده وإن رجع

(8) باب جواز الطواف بالبيت في أي وقت كان (ومن قال بكراهته في بعض الأوقات) (257) عن جبير بن مطعم رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال يا بنى عبد مناف (1) لا تمنعن أحدا طاف بهذا

_ من مكة بلا إعادة أراق دما وأجزأه طوافه (واحتج الجمهور) بأن النبي صلى الله عليه وسلم طاف من وراء الحجر وقال " لتأخذوا عني مناسككم" ثم أطبق المسلمون عليه من زمنه صلى الله عليه وسلم إلى الآن وسواء كان كله من البيت أم بعضه، فالطواف يكون من ورائه كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم اهـ (وفي حديث جابر) المذكور في الزوائد دلالة على مشروعية ابتداء الطواف من الحجر الأسود بعد استلامه باتفاق العلماءن وقد استدل به على مشروعية مشى الطائف بعد استلام الحجر على يمينه جاعلا البيت عن يساره، وقد ذهب إلى أن هذه الكيفية شرط لصحة الطواف الأئمة (مالك والشافعي وأحمد) ولو نكس الطواف، فجعل البيت عن يمينه لم يجزئه (وقال أبو حنيفة) يعيد ما كان بمكة فإن رجع جبره بدم، لأنه ترك هيئة فلم تُمنع الأجزاء كما لو ترك الرمل والاضطباع احتج الأولون بأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل البيت في الطواف على يساره وقال" لتأخذوا عني مناسككم" ولأنها عبادة متعلقة بالبيت فكان الترتيب فيها واجبا كالصلاة (وفي أحاديث الباب) غير ما تقدم دلالة لقواعد من الأحكام (منها) إذا تعارضت المصالح أو تعارضت مصلحة ومفسدة وتعذر الجمع بين فعل المصلحة وترك المفسدة بدئ بالأهم، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أخبر أن نقض الكعبة وردّها إلى ما كانت عليه من قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم مصلحة، ولكن تعارض مفسدة أعظم منه وهي خوف فتنة بعض من أسلم قريبا وذلك لما كانوا يعتقدونه من فضل الكعبة فيرون تغييرها عظيما فتركه النبي صلى الله عليه وسلم (ومنها) فكر ولي الأمر في مصالح رعيته واجتنابه ما يخاف منه تولد ضرر عليهم في دين أو دنيا إلا الأمور الشرعية كأخذ الزكاة وإقامة الحدود ونحو ذلك (ومنها) تألف قلوب الرعية وحسن حياطتهم وأن لا ينفروا ولا يتعرض لما يخاف تنفيرهم بسببه ما لم يكن فيه ترك أمر شرعي كما سبق والله أعلم. أفاده النووي. (256) عن جبير بن مطعم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى سفيان ثنا أبو الزبير عن عبد الله بن باباه عن جبير بن مطعم - الحديث (غريبة) (1) خصهم بالخطاب دون سائر قريش لعلمه ولاية الأمر والخلافة ستئول إليهم مع أنهم

البيت أو صلى أي ساعة من ليل أو نهار (1) (258) عن أبي الزبير قال سألت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن الطواف بالكعبة فقال كنا نطوف فنمسح الركن الفاتحة والخاتمة (2) ولم نكن نطوف بعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس ولا بعد العصر حتى تغرب وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تطلع الشمس على قرني الشيطان (3)

_ رؤساء مكة وفيهم كانت السدانة والحجابة واللواء والسقاية والرفادة. قاله الطيى (1) قال القارى أي صلاة الطواف أو مطلقا وهو قابل للتقييد بغير الأوقات المنهية إذا سبق النهي أو الصلاة بمعنى الدعاء اهـ (قلت) سيأتي الكلام على ذلك في الأحكام (تخريجه) (الأربعة. حب. بز. ك. وغيرهم) (257) عن أبي الزبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير - الحديث (غريبة) (2) يعنى اليماني والأسود (3) تقدم تفسيره في باب جامع أوقات النهي من أبواب الأوقات المنهي عن الصلاة فيها صحيفة 287 من الجزء الثاني (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وقيه ابن لهيعة وفيه كلام وقد حسنوا حديثه اهـ (قلت) حسنه الحافظ أيضا (زوائد الباب) (عن ابن عمر رضي الله عنهما) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أعرفنكم ما منعتم أحدا يطوف بهذا البيت ساعة من نهار أو ليل (طب) من طريق ابن محمد بن أبي ليلى عن عبد الكريم عن مجاهد فإن كان عبد الكرريم هو الجزري فرجاله ثقات وإن كان هو ابن أبي المخارق فالحديث ضعيف (وعن عمرو بن دينار) قال رأيت بن عمر طاف بعد العصر أسبوعا ثم صلى ركعتين ثم قال إنما تكره عند طلوع الشمس لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الشمس تطلع بين قرني شيطان (طب) ورجاله موثقون (وعن أبى شعبة) قال رأيت الحسن والحسين طافا بعد العصر وصليا ركعتين (طب) وأبو شعبة هذا هو البكري كما ذكره المزي ولم أجد من ترجمة (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طوافان يغفر لصاحبهما ذنوبه بالغة ما بلغت، طواف بعد صلاة الصبح يكون فراغه عند طلوع الشمس. وطواف بعد العصر يكون فراغه عند غروب الشمس، قالوا يا رسول الله إن كان قبل ذلك أو بعده قال يلحق به (طس) وفيه عبد الرحيم بن زيد العمي

.

_ وهو متروك، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يا بنى عبد مناف إن وليتم هذا الأمر فلا تمنعوا أحدا طاف بهذا البيت وصلى أي ساعة شاء من ليل أو نهار (طح) (وعن حميد بن عبد الرحمن بن عوف) أن عبد الرحمن بن عبد القارى أخبره أنه طاف بالبيت مع عمر بن الخطاب بعد صلاة الصبح فلما قضى عمر طوافه نظر فلم ير الشمس فركب حتى أناخ راحلته بذي طوى فصلى ركعتين (لك) (وعن أبى الزبير المكي) أنه قال لقد رأيت عبد الله بن عباس يطوف بعد صلاة الصبح ثم يدخل حجرته فلا أدري ما يصنع (لك) (وعنه أيضا) أنه قال لقد رأيت البيت يخلو بعد صلاة الصبح وبعد صلاة العصر ومايطوف به أحد (لك) (وعن عطاء) عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت إذا أردت الطواف بالبيت بعد صلاة الفجر أو العصر فطف وأخر الصلاة حتى تغيب الشمس وحتى تطلع فصل لكل أسبوع ركعتين (ش) وحسن الحافظ إسناده (الأحكام) حديثا الباب مع الزوائد منها ما يدل على جواز الطواف والصلاة بالمسجد الحرام في أي وقت من الأوقات شاء بدون استسناء وهي أحاديث ابن عمر وابن عباس وأنس بن مالك المذكورة في الزوائد، وحديث جبير بن مطعم الأول من حديثي الباب، وهو حديث صحيح رواه أصحاب السنن الأربعة وابن حبان والبزار والحاكم وغيرهم وحسنه الترمذي وصححه (وإليه ذهب جمهور العلماء) وحكاه ابن المنذر والحاكم وغيرهم وحسنه الترمذي وصححه (وإليه ذهب جمهور العلماء) وحكاه ابن المنذر عن ابن عمر وابن عباس والحسن والحسين ابني علي وابن الزبير رضي الله عنهما وطاوس وعطاء والقاسم بن محمد وعروة ومجاهد والشافعي وأحمد واسحاق وأبي ثور مستدلين بما ذكرناه من الأحاديث وبحديث أبى ذر أيضا رواه (هق. قط. عل. طس) والإمام أحمد ولفظه عن أبي ذر رضي الله عنه أنه أخذ بحلقة باب الكعبة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس ولا بعد صلاة الفجر حتى تطلع الشمس إلا بمكة، وتقدم هذا الحديث في باب النهي عن الصلاة عند طلوع الشمس إلخ في صحيفة 299 من الجزء الثاني، قال المظهر فيه دليل على أن صلاة التطوع في أوقات الكراهة غير مكروهة بمكة لشرفها لينال الناس من فضلها في جميع الأوقات اهـ (ومنها) ما يدل على عدم جواز الصلاة والطواف بعد صلاة العصر حتى تغرب الشمس وبعد صلاة الصبح حتى تطلع الشمس وهو حديث جابر الثاني من حديثي الباب، وفي إسناده ابن لهيعة تقدم الكلام عليه وحسنه الحافظ (وإليه ذهب جابر بن عبد الله) رواية (ومنها) ما يدل على عدم جواز الصلاة في الأوقات المنهى عن الصلاة فيها سواء في ذلك مكة وغيرها من البلدان، أما الطواف فجائز في جميع الأوقات بدون استسناء وإلى ذلك ذهب الأئمة (أبو حنيفة ومالك

(9) باب طواف المفرد والقارن والمتمتع وفيه فصول (الفصل الأول في طواف المفرد) (259) وعن وبرة (1) قال أتى رجل ابن عمر رضي الله عنهما فقال أيصلح أن أطوف بالبيت وأنا محرم (2) قال ما يمنعك من ذلك؟ قال إن فلانا ينهانا عن ذلك حتى يرجع الناس من الموقف ورأيته كأنه مالت (3) به

_ وسفيان الثوري) واحتجوا بأحاديث أوقات النهي وتقدمت في الباب المشار إليه سابقا وببعض الآثار المذكورة في الزوائد (منها) ما رواه الإمام مالك في الموطأ بسند صحيح أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه طاف بعد الصبح فنظر الشمس فلم يرها طلعت فركب حتى أناخ بذي طوى فصلى (قلت) إنما أناخ بذي طوى وهو مكان خارج مكة، لأن طوافه المذكور كان طواف الوداع، وقد عزم على الرجوع إلى المدينة والله أعلم (قال الخطابي) وذهب بعضهم إلى تخصيص ركعتي الطواف من بين الصلوات قالوا إذا كان الطواف بالبيت غير محظور في شيء من الأوقات وكان من سنة الطواف أن يصلى ركعتان بعده فقد عقل أن هذا النوع من الصلاة غير منهى عنه اهـ (وذهب ابن عمر رضي الله عنهما) إلى اختصاص الكراهة بحال طلوع الشمس وحال غروبها كما يستفاد من حديث عمرو بن دينار المذكور في الزوائد (وروى الطحاوي) من طريق مجاهد قال كان ابن عمر يطوف بعد العصر ويصلى ما كانت الشمس بيضاء حية نقية، فإذا اصفرت وتغيرت طاف طوافا واحدا حتى تصلى المغرب ثم يصلى ركعتين وفي الصبح نحو ذلك والله أعلم. (258) عن وبرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يحيى عن اسماعيل أخبرنى وبره- الحديث (غريبة) (1) قال الحافظ في التقريب بالموحدة المحركة ابن عبد الرحمن المسلمي بضم أوله وسكون المهملة بعدها لام، أبو خزيمة أو أبو العباس الكوفي ثقة من الرابعة، مات سنة عشرة " يعني ومائة" (2) يعنى بالحج مفردا (وقوله إن فلانا) هو ابن عباس رضي الله عنهما كما صرح به في الطريق الثانيةن وكان ابن عباس رضي الله عنهما يقول الطواف يوجب التحليل فمن أراد البقاء على إحرامه فعليه أن لا يطوف (والحاصل) أنه كان يرى الفسخ الذى أمر به النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة، وهذا مذهبه وخالفه الجمهور (3) أي فتنة كما صرح بذلك في رواية مسلم ولفظه " رأيناه قد فتنته الدنيا، فقال وأينا أو أيكم لم تفتنه الدنيا" قال النووي هكذا في كثير من الأصول

الدنيا وأنت أعجب إلينا منه، قال ابن عمر حج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت وعسى بين الصفا والمروة، وسنة الله تعالى ورسوله أحق أن تتبع من سنة ابن فلان إن كنت صادقا (1) (وعنه من طريق ثان) (2) قال قال رجل لابن عمر أطوف بالبيت وقد أحرمت بالحج؟ قال وما بأس ذلك؟ قال إن ابن عباس نهى عن ذلك. قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أحرم بالحج وطاف بالبيت وبين الصفا والمروة. (259) عن عبدالله بن بدر (3) أنه خرج في نفر من أصحابه حجابا حتى ورد مكة فدخلوا المسجد فاستلموا الحجر، ثم طفنا بالبيت أسبوعا (4) ثم صلينا خلف المقام ركعتين فإذا رجل ضخم في إزار ورداء يصوت (5) بنا عند الحوض، فقمنا إليه وسألت عنه، فقالوا ابن عباس رضي الله عنهما

_ "فتنته الدنيا" وفي كثير منها أو أكثرها " أفتنته الدنيا" وكذا نقله القاضي عياض عن رواية الأكثرين وهما لغتان صحيحتان " فتن وأفتن" والأولى أصح وأشهر وبها جاء القرآن، وأنكر الأصمعي أفتن. ومعنى قولهم فتنته الدينا لانه تولى البصرة, والولايات محل الخطر والفتنة، وأما ابن عمر فلم يتول شيئا، وأما قول ابن عمر وأينا لم تفتنه الدنيا فهذا من زهده وتواضعه وإنصافه اهـ (1) أي إن كنت صادقا فيما ادعيته على فلان من نهيه إياك عن الطواف وأنت محرم بالحج حتى يرجع الناس من الموقف فلا تتبعه، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فعل ما نهاك عنه، فلا تعدل عن فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وطريقته إلى قول فلان (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن فضيل عن بيان عن وبرة قال قال رجل- الحديث " (تخريجه) (م. وغيره) (259) عن عبدالله بن بدر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج ثنا ملازم بن عمرو، وحدثنى عبد الله بن بدر - الحديث" (غريبة) (3) هو السحيمى بمهملتين مصغرا اليمامى عن ابن عباس وطلق بن على، وعنه سبطة ملازم بن عمرو وعكرمة ابن عمار وثقه ابن معين وأبو زرعة (4) أي سبع طوفات (5) أي ينادينا بصوت مرتفع

فلما أتيناه قال من أنتم؟ قلنا أهل المشرق وثم أهل اليمامة، قال فحجاج أم عمار؟ (1) قلت بل حجاج، قال فإنكم قد نقضتم حجكم (2) قلت قد حججت مررا فكنت أفعل كذا، قال فانطلقنا مكاننا (3) حتى يأتي ابن عمر فقلت إننا قدمنا فقصصنا عليه قصتنا وأخبرناه، قال إنكم نقضتم حجكم (4) قال أُذكركم بالله (5) أخرجتم حجاجا؟ قلنا نعم، فقال والله لقد حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر كلهم فعل مثل ما فعلتم (الفصل الثاني في طواف القارن) (260) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرن بين حجته وعمرته أجزأه لهما طواف واحد (6)

_ (وقوله عند الحوض) لعله يريد زمزم أو حوضا بجوارها يشرب منه الناس (1) يريد هل أحرمتم بحج أو عمرة (2) تقدم أن مذهبه عدم طواف المحرم بالحج إلا بعد الوقوف (3) منصوب بنزع الخافض أي إلى مكاننا (4) أي وأخبرناه أن ابن عباس قال إنكم نقضتم حجكم (5) أي أقسم بالله أخرجتم محرمين بالحج؟ (تخريجه) (لم أقف عليه) لغير الأمام أحمد وسنده جيد (260) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أحمد بن عبد الملك الحراني أنا الدراوردى عن عبيد الله بن عمرعن نافع عن ابن عمر- الحديث" (غريبة) (6) معناه أنه لا يطوف للعمرة ثم يطوف للحج طوافا آخر بل يكفيه طواف الإفاضة للحج والعمرة معا. وهذا هو الطواف المفروض (تخريجه) (جه) وسنده جيد، وأخرجه الترمذي مرفوعا بلفظ " من أحرم بالحج والعمرة أجزأه طواف واحد وسعى واحد عنهما حتى يحل منهما جميعا" وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب صحيح تفرد به الراوردى على ذلك حتى يحل منهما جميعا وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب صحيح تفرد به الداروردى على ذلك اللفظ، وقد رواه غير واحد عن عبيد الله بن عمر ولم يرفعوه وهو أصح اهـ (قال النووي) في شرح المهذب ورواه البيهقي بإسناد صحيح مرفوعا (قلت) ورواه سعيد بن منصور مرفوعا بلفظ " من جمع بين الحج والعمرة كفاه لهما طواف واحد وسعى واحد" وأعله الطحاوي بأن الداوردي أخطأ فيه وأن الصواب أنه موقوف وتمسك

(261) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم (1) بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول (2) (261) وعنه أيضا قال قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفنا بالبيت وبين الصفا والمروة (3) فلما كان يوم النحر لم نقرب الصفا والمروة (4) (262) عن عائشة رضي الله عنها في حديث لها قالت فطاف الذين أهلّوا

_ في تخطئته بما رواه أيوب والليث وموسى بن عقبة وغير واحد عن نافع نحو سياق ما في البخاري من أن ذلك وقع لابن عمر وأنه قال إن النبي صلى الله عليه وسلم فعل ذلك لا أنه روى هذا اللفظ عن النبي صلى الله عليه وسلم (قال الحافظ) وهو تعليق مردود فالداوردى صدوق وليس ما رواه مخالفا لما رواه غيره، فلان مانع من أن يكون الحديثن عن نافع عن علي على الوجهين اهـ. والله أعلم. (261) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن ابن جريج أخبرنى أبو الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله رضى الله عنهما - الحديث " (غريبة) (1) زاد مسلم ولا أصحابه، وهذا اللفظ وإن لم يصرح به عند الإمام أحمد في هذا الحديث يستفاد معناه من حديثه التالي (2) يعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان معه من أصحابه قارنا لم يسعوا بين الصفا والمروة إلا مرة واحده هي التي كانت عقب طواف القدوم، أما من كان متمتعا فقد سعى سعيا لعمرته ثم سعيا آخر لحجة يوم النحر. قال النووي فيه دليل على أن السعي في الحج والعمرة لا يكرر بل يقتصر منه على مرة واحده ويكره تكراره لأنه بدعة اهـ (تخريجه) (م. والأربعة) (262) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج ثنا حماد يعنى ابن زيد عن الحجاج بن أرطأة عن عطاء عن جابر قال قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبة) (3) يعنى طواف القدوم (4) يريد أنهم طافوا بالبيت فقط طواف الإفاضة ولم يطوفوا بين الصفا والمروة اكتفاء بالطواف الأول كما في الحديث السابق (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وفي اسناده الحجاج بن أرطأه، قال أبو حاتم إذا قال حدثنا فهو صالح لا يرتاب في حفظه وصدقه (قال ابن معين) صدوق يدلس، وقال أيضا هو والنسائي ليس بالقوي، روى له مسلم مقرونا بغيره، مات سنة سبع وأربعين ومائة (خلاصة) (قلت) حسّن الحافظ الهيثمي حديثه وروى البخاري معناه (263) عن عائشة رضي الله عنها - هذا طرف من حديث تقدم بسنده في آخر باب

بالعمرة بالبيت وبين الصفا والمروة، ثم أحلوّا (1) ثم طافوا طوافا آخر بعد أن رجعوا من منى لحجهم، فأما الذين جمعوا الحج (2) فطافوا طوافا واحدا (الفصل الثالث في طواف المتمتع وهو الذى أهل بعمرة فقط) (264) عن عمرو بن دينار أنه سمع رجلا سأل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أيصيب الرجل امرأته قبل أن يطوف بالصفا والمروة (3) قال أما رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقدم فطاف بالبيت ثم ركع ركعتين ثم طاف بين الصفا والمروة، ثم تلا: " لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة" (4) (265) عن عائشة رضي الله عنه أن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أهلّوا بالعمرة طافوا بالبيت وبالصفا والمروة، ثم طافوا بعد أن رجعوا من منى لحجهم والذين قرنوا (5) طافوا طوافا واحدا

_ ما جاء فيمن تمتع بالعمرة إلى الحج صحيفة 167 رقم 135 في الجزء الحادى عشر (غريبة) (1) أي من عمرتهم بعد الحلق أو التقصير ثم أحرموا بالحج ثم طافوا إلخ (2) أي قرنوا الحج بالعمرة " فطافوا طوافا واحدا" أي لحجهم وعمرتهم (تخريجه) (ق. وغيرهم) (263) عن عمرو بن دينار (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا ابن جريج أخبرنى عمرو بن دينار - الحديث " (غريبة) (3) لفظ مسلم عن عمرو بن دينار قال سألنا ابن عمر عن رجل قدم بعمرة فطاف بالبيت ولم يطف بين الصفا والمروة أيأتى امرأته؟ وهذه الرواية أوضح من رواية الإمام أحمد (4) معناه لا يحل له ذلك لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتحلل من عمرته حتى طاف وسعى، فتجب متابعته صلى الله عليه وسلم والاقتداء به والمراد بعمرته صلى الله عليه وسلم ما كان منه قبل حجة الوداع، وقد تقدم أنه صلى الله عليه وسلم اعتمر ثلاث مرات قبل حجة الوداع: عمرة الحديبية، وعمرة القضية، وعمرة الجعرانة، أما في حجة الوداع فقد كان قارنا (تخريجه) (م. وغيره) (264) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن عن مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة - الحديث (غريبة) (5) أي قرنوا العمرة بالحج (تخريجه) (ق. وغيرها) (زوائد الباب)

.

_ (عن جابر وابن عمر وابن عباس) رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يطف هو وأصحابه لعمرتهم وحجتهم إلا طوافا واحدا أورده الهيثمي وقال رواه أبو يعلى وفيه ليث بن أبى سليم وهو ثقة لكنه مدلس (وأخرج عبد الرزاق) عن طاوس بإسناد صحيح أنه حلف ما طاف أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لحجته وعمرته إلا طوافا واحدا (وعن مجاهد عن عائشة) رضي الله عنها أنها حاضت بسرف فتطهرت بعرفة، فقال لها رسول الله يجزئ عنك طوافك بالصفا والمروة عن حجك وعمرتك، رواه مسلم. وجاء معناه عند الإمام أحمد في أحاديث تقدمت (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن المفرد وهو الذي أحرم بالحج مفردا يشرع له طواف القدوم والسعي بين الصفا والمروة قبل الوقوف بعرفة ثم يطوف بالبيت يوم النحر طواف الإفاضة وهو أحد أركان الحج، ثم يتحلل من حجه بدون سعى بين الصفا والمروة اكتفاء بالسعي الأول، كما يستفاد من حديث ابن عمر المذكور أول الباب، وبه قال ابن عمر (قال النووي) هذا الذى قاله ابن عمر هو اثبات طواف القدوم للحاج وهو مشروع قبل الوقوف بعرفات، وبهذا الذى قاله ابن عمر قال العلماء كافة سوى ابن عباس، وكلهم يقولون إنه سنة ليس بواجب إلا بعض أصحابنا ومن وافقه فيقولون واجب يجبر تركه بالدم، والمشهور أنه ليس بواجب ولا دم في تركه، فإن وقف بعرفات قبل طواف القدوم فات، فإن طاف بعد ذلك بنية طواف القدوم لم يقع عن طواف القدوم بل يقع عن طواف الإفاضة إن لم يكن طاف للإفاضة، فإن كان طاف للإفاضة وقع الثاني تطوعا عن القدوم، ولطواف القدوم اسماء، طواف القدوم والقادم والورود والوارد والتحية، وليس في العمرة طواف قدوم بل الطواف الذى يفعله فيها يقع ركنا لها، حتى لو نوى به طواف القدوم وقع ركنا ولغت نيته كما لوكان عليه حجة واجبة فنوى حجة تطوع فإنها تقع واجبة والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضا) دلالة على أن القارن " وهو الذى أحرم بحج وعمرة معا" يشرع له طواف القدوم أيضا والسعى بعده، ثم يطوف يوم النحر طواف الإفاضة ثم يتحلل من حجه بدون سعى بين الصفا والمروة كما تقدم في المفرد سواء بسواء (وفي قوله في حديث جابر) لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول وفي قوله في حديث الثاني: قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفنا بالبيت وبين الصفا والمروة فلما كان يوم النحر لم نقرب الصفا والمروة في هذا دلالة ظاهرة للشافعية وموافقيهم في أن القارن ليس عليه إلا طواف واحد للإفاضة وسعى واحد (وممن قال بهذا) ابن عمر وجابر ابن عبد الله وعائشة وطاوس وعطاء والحسن البصري ومجاهد ومالك وابن الماجشون وأحمد وإسحاق وداود وابن المنذر (وقالت طائفة) يلزمه طوافان

.

_ وسعيان، وممن قاله الشعبي والنخعي وجابر بن زيد وعبد الرحمن بن الأسود والثوري والحسن بن صالح وأبو حنيفة، واستدلوا على ذلك بما أخرجه عبد الرزاق والدارقطني وغيرهما عن علي رضي الله عنه أنه جمع بين الحج والعمرة وطاف لهما طوافين وسعى لهما سعيين ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الحافظ) وطرقه ضعيفة، وقال ابن المنذر لا يثبت هذا عن علي، وكذا روى نحوه من حديث ابن مسعود بإسناد ضعيف ومن حديث ابن عمر بإسناد فيه الحسن بن عمارة وهو متروك (قال ابن حزم) لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن أحد من الصحابة في ذلك شيء أصلا، وتعقبه الحافظ بأنه قد روى الطحاوي وغيره مرفوعا عن علي وابن مسعود ذلك بأسانيد لا بأس بها اهـ. فينبغي أن يصار إلى الجمع كما قال البيهقي إن ثبتت الرواية أنه طاف طوافين، فيحمل على طواف القدوم وطواف الإفاضة وأما السعي مرتين فلم يثبت اهـ على أنه يضعف ما روى عن على رضي الله عنه ما ذكره الحافظ في الفتح من أنه قد روى آل بيته عنه مثل الجماعة (قال جعفر بن محمد الصادق) عن ابيه أنه كان يحفظ عن علي للقارن طوافا واحدا خلاف ما يقول أهل العراق، ومما يضعف ما روى عنه من تكرار الطواف أن أمثل طرقة عنه رواية عبد الرحمن بن أذينة عنه، وقد ذكر فيها أنه يمنع من ابتدأ الإهلال بالحج بأن يدخل عليه عمرة وأن القارن يطوف طوافين ويسعى سعيين والذين احتجوا بحديثة لا يقولون بامتناع إدخال العمرة على الحج، فإن كان الطريق صحيحة عندهم لزمهم العمل بما دلت عليه وإلا فلا حجة فيها، ويضعف أيضا ما روى عن ابن عمر من تكرار الطواف أنه قد ثبت عنه في الصحيحين وغيرهما كما في أحاديث الباب من طرق كثيرة الاكتفاء بطواف واحد (وقد احتج أبو ثور) على الاكتفاء بطواف واحد للقارن بحجة نظرية فقال: قد أجزنا جميعا للحج والعمرة معا سفرا واحدا وإحراما واحدا وتلبية واحدة، فكذلك يجزئ عنهما طواف واحد وسعي واحد، حكى هذا عنه ابن المنذر (ومن جملة ما يحتج به) على أنه يكفى لهما طواف واحد حديث " دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة" وهو صحيح (وسيأتى بعد أبواب السعي) لأنها بعد دخولها فيه لا تحتاج إلى عمل آخر غير عمله، والسنة الصحيحة الصريحة أحق بالاتباع فلا يلتفت إلى ما خالفها والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضا) ما يدل على أن من تمتع بالعمرة إلى الحج لابد له من طواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة قبل الوقوف بعرفة لأنهما ركنا العمرة ثم يحرم بالحج وعليه حتما طواف بالبيت وسعي بين الصفا والمروة يوم النحر لأنهما ركنان من أركان الحج، وهذا مستفاد من حديث عائشة المذكور في الفصل الثالثت حيث قالت إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين أهلوا بالعمرة طافوا بالبيت وبالصفا والمروة ثم طافوا (أي بالبيت وبالصفا والمروة أيضا) بعد أن رجعوا من

(10) باب طواف أهل مكة وأمور جاءت في الطواف والكلام فيه (266) عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع الأودية وجاء بهدى فلم يكن له بُد (1) من أن يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة قبل أن يقف بعرفة، فأما أنتم يا أهل مكة فأخروا طوافكم حتى ترجعوا (2)

_ منى لحجهم والذين قرنوا طافوا طوافا واحدا (أما من أحرم بعمرة فقط) لا يريد غيرها فلا يجوز له التحلل من العمرة بعد الطواف وقبل السعي والحلق أو التقصير، لأن السعي ركن من أركان العمرة، وهذا مستفاد من حديث عمرو بن دينار عن ابن عمر المذكور في الفصل الثالث حيث قال ابن عمر للسائل " أما رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم فطاف بالبيت ثم ركع ركعتين ثم طاف بين الصفا والمروة ثم تلا لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (قال النووي) معناه لا يحل ذلك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتحلل من عمرته حتى طاف وسعى فتجب متابعته والاقتداء به، وهذا الحكم الذى قاله ابن عمر هو مذهب العلماء كافة وهو أن المعتمر لا يتحلل إلا بالطواف والسعى والحلق إلا ما حكاه القاضى عياض عن ابن عباس واسحاق ابن راهوية أنه يتحلل بعد الطواف وأن لم يسع، وهذا ضعيف مخالف للسنة اهـ (قلت) رحم الله الحافظ أبا بكر البيهقي فقد جمع ما ذكرناه من أحكام المفرد والقارن في ترجمة باب من كتابة السنن حيث قال (باب المفرد والقارن يكفيهما طواف واحد وسعي واحد بعد عرفه فإن كانا قد سعيا بعد طواف القدوم اقتصرا على الطواف بالبيت بعد عرفة وتحللا) (قلت) وحكم المتمتع يؤخذ من مفهوم هذه الترجمة وهو أنه يطوف طوافين ويسعى سعيين والله أعلم (266) عن عطاء عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج ثنا عبد الله بن المؤمل عن عطاء عن ابن عباس - الحديث (غريبة) (1) أي لا محيد من ذلك، وحمله بعضهم على الوجوب والجمهور على الاستحباب، وتقدم الخلاف في ذلك في أحكام باب طواف القدوم (2) أي من منى بعد الوقوف بعرفة لأنه ليس عليهم طواف إلا بعد الوقوف بعرفة بإجماع العلماء (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي اسناده عبد الله بن المؤمل ضعفه الجمهور، والظاهر والله أعلم أن ابن عباس

(267) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان يقود إنسانا بخزامة (1) في أنفه فقطعها النبي صلى الله عليه وسلم بيده فأمره أن يقوده بيده (2) (وعنه من طريق ثان) أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان قد ربط يده بإنسان أخر (4) بسير أو بخيط أو بشيء غير ذلك (5) فقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال قده (6) بيده

_ رضي الله عنهما قال: هذا الأثر حينما وجد أهل مكة يطوفون بالصفا والمروة قبل الوقوف اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فأفهمهم العلة التي لأجلها طاف النبي صلى الله عليه وسلم وسعى قبل الوقوف والله أعلم (267) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق قال أنا ابن جريج قال أخبرنى سليمان الأحول أن طاوسا أخبره عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف - الحديث" (غريبة) (1) بكسر الخاء المعجمة هي حلقة من شعر تجعل في أحد جانبي منخري البعير كانت بنو اسرائيل تخرم أنوفها وتخرق تراقبها ونحو ذلك من أنواع التعذيب فوضعه عن هذه الأمة (2) إنما منعه عن ذلك وأمره بالقود باليد لأن القود بالأزمة إنما يفعل بالبهائم وهو مثله (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق قال أنا ابن جريج قال أخبرنى سلمان الأحول أن طاوسا أخبره عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث " (4) قال الحافظ لم أقف عليه على تسمية هذين الرجلين صريحا إلا أن في الطبراني من طريق فاطمة بنت (مسلم حدثنى خليفة بن بشر عن أبيه أنه أسلم فرد عليه النبي صلى الله عليه وسلم ماله وولده ثم لقيه هو وابنه طلق بن بشر مقترنين بحبل، فقال ما هذا؟ فقال حلفت لئن رد الله علىّ رد الله ما لى وولدى لأحجن بيت الله مقرونا، فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الحبل فقطعه وقال لهما حجا، إن هذا من عمل الشيطان) فيمكن أن يكون بشر وابنه طلق صاحبى هذه القصة اهـ (وقوله بسير) بمهملة مفتوحة وياء ساكنة معروف وهو ما يقد من الجلد وهو الشراك والقد الشق طولا، يقال قددت السير أقده، أن أهل الجاهلية كانوا يعتقدون أنهم يتقربون بمثله إلى الله تعالى (5) كأن الرواى لم يضبط ما كان مربوطا به فلأجل ذلك شك فيه، وغير السير والخيط، نحو المنديل الذي يربط به والوتر أو غيرهما (6) بضم القاف أمر من قادة يقوده من القياد أو القود وهو الجر والسحب (تخريجه) (خ. د. نس) (زوائد الباب) (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال طاف

.

_ النبي صلى الله عليه وسلم في حجته بالبيت على ناقته الجدعاء وعبد الله بن أم مكتوم آخذ بخطامها يرتجز، أورده الهيثمي وقال هو في الصحيح خلا ذكر ابن أم مكتوم ورجزه، رواه الطبراني في الكبير ورجاله ثقات (وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة) قال رأيت عبد الرحمن بن عوف يطوف بالبيت وهو يحدو وعليه خفان، فقال له عمر ما أدرى أيهما أعجب، حداؤك حول البيت أو طوافك في خفيك! قال قد فعلت ذلك على عهد من هو خير منك رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يعب ذلك علىّ، رواه أبو يعلى وفيه عاصم بن عبد الله وهو ضعيف (وعن عامر بن ربيعه) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف بالبيت فانقطع شسع نعله فأخرج رجل شسعا من نعله، فذهب يشده في نعل النبي صلى الله عليه وسلم فانتزعها وقال هذه أثرة ولا أحب الأثرة، رواه أبو يعلى والطبراني والأوسط، وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف، أوردهما الهيثمي (الأحكام) أثر ابن عباس يدل على مشروعية طواف القدوم لمن أتى مكة يريد الحج وتقدم الكلام على ذلك في أحكام باب طواف القدوم صحيفة 21 من هذا الجزء أما أهل مكة فلا يشرع لهم إلا طواف الإفاضة بعد الوقوف بعرفة، وقد أجمع العلماء على ذلك كما أجمعوا على أنه ليس على المعتمر فقط إلا طواف القدوم (وحديث ابن عباس) الثانى من حديثي الباب يدل على أنه يجوز للطائف فعل ما خف من الأفعال وتغيير ما يراه الطائف من المنكر وفيه جواز الكلام في الأمور الواجبة والمستحبة والمباحة (قال ابن المنذر) أولى ما شغل المرء به نفسه في الطواف ذكر الله وقراءة القرآن، ولا يحرم الكلام المباح إلا أن الذكر أسلم، وحكى ابن التين خلافا في كراهة الكلام المباح (وعن مالك) تقييد الكراهة بالطواف الواجب (قال ابن المنذر) واختلفوا في القراءة فكان ابن المبارك يقول ليس شيء أفضل من قراءة القرآن، وفعله مجاهد (واستحبه الشافعي وأبو ثور) وقيده الكوفيون بالسر، روى عن عروة والحسن كراهته (وعن عطاء ومالك أنه محدث) وعن مالك لا بأس به إذا اخفاه ولم يكثر منه (قال ابن المنذر) من أباح القراءة في البوادى والطرق ومنعه في الطواف لا حجه له، ونقل ابن التين عن الداودى أن في هذا الحديث من نذر ما لا طاعة لله تعالى فيه لا يلزمه، وتعقبه بأنه ليس في هذا الحديث شيء من ذلك، وإنما ظاهر الحديث أنه كان ضرير البصر ولهذا قال له قده بيده اهـ. ولا يلزم من أمره له أن يقوده أنه كان ضريرا، بل يحتمل أن يكون بمعنى آخر غير ذلك، وأما ما أنكره من النذر فمتعقب بما في النسائي من طريق خالد بن الحارث عن ابن جريج في هذا الحديث أنه قال أنه نذر. ولهذا أخرجه البخاري في أبواب النذر. أفاده الحافظ (قلت) روى الإمام أحمد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك رجلين مقترنان يمشيان إلى البيت

(11) باب ما يقال من الذكر في الطواف وعند الاستلام (وما كان يقوله أهل الجاهلية في الطواف واستحباب ترك الكلام) (268) عن عبد الله بن السائب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقرأ بين الركنين اليماني والحجر (1) ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (2) (269) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتى البيت فيستلم الحجر ويقول بسم الله والله أكبر

_ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال القِران؟ قالا يارسول الله نذرنا أن نمشى إلى البيت مقترنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هذا نذرا فقطع قرانهما، وسيأتى ذلك في أبواب النذر إن شاء الله تعالى (وفي أحاديث الزوائد) دلالة على جواز الرجز للطائف والحداء والكلام بشرط أن يكون واجبا أو مستحبا أو مباحا على الأقل كما تقدم (وفيها أيضا) جواز الطواف في النعل والخف إذا كان ظاهرين، وإنما لم يقبل النبي صلى الله عليه وسلم الشسع من الرجل الذي أراد أن يعطيه إياه بدل شسعه الذي انقطع وقال هذه أثرة، يعني عطية تشبه الصدقة ولا يسمح للنبي قبولها وهذه من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته رضي الله عنهم والله أعلم. (268) عن عبد الله بن السائب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج قال أخبرنى يحيى بن عبيد عن أبيه عن عبد الله بن السائب - الحديث" (غريبة) (1) لفظ أبي داود سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما بين الركنين إلخ (2) في الأصل بعد قوله " وقنا عذاب النار" قال عبد الرزاق وابن بكر وروح في هذا الحديث أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فيما بين ركن بنى جمح والركن الأسود " ربنا آتنا إلخ" والمعنى أنهم رووا هذا الحديث عن عبد الله بن السائب بهذا اللفظ، وركن بنى جمح هو اليماني، ونسب إليهم لأن بيوتهم كانت إلى جهته، وبنو جمح بطن من قريش، وبالمسجد باب يسمى بباب بنى جمح لذلك (تخريجه) (د. نس. هق. حب) وصححه الحاكم وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (269) (عن ابن عمر) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه في الفصل الأول في الغسل لدخول مكة صحيفة 2 رقم 209 من هذا الجزء وهو حديث صحيح

(270) عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما جُعل الطواف بالبيت وبالصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله عز وجل (1) (271) عن طاوس عن رجل قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الطواف صلاة (3) فإذا طفتم فأقلوا الكلام. (272) عن سباع بن ثابت قال سمعت أهل الجاهلية يطوفون وهم

_ (270) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو نعيم قال ثنا سفيان عن عبيد الله بن أبى زياد قال سمعت القاسم قال: قالت عائشة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: - الحديث" (غريبة) (1) أي لأن يذكر الله عز وجل فيها، ففيه الحث على الذكر في هذه الأفعال وعدم الغفلة عنه، وإنما خصت هذه الأفعال بالذكر مع أن المقصود من جميع العبادات هو ذكر الله تعالى لأنها أفعال تعبدية لا تظهر فيها العبادة فشرعت فيها العبادة القولية لتكون شعارا لها والله أعلم (تخريجه) (د. مى. مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح. (271) عن طاوس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق وروح قالا ثنا ابن جريج قال أخبرني حسن بن مسلم عن طاوس - الحديث" وفي آخره قال عبد الله بن الإمام أحمد رحمها الله (قال أبى ولم يرفعه محمد بن بكر) (غريبة) (2) يعنى من الصحابة وجهاله الصحابي لا تضر، ولعل هذا الرجل هو ابن عمر رضي الله عنهما، فقد قال النووي في شرح المهذب ذكر الشافعي والبيهقي بإسنادهما الصحيح عن ابن عمر قال" أقلوا الكلام في الطواف إنما أنتم في صلاة" وهو موقوف على ابن عمر (3) أي كالصلاة في كثير من الأحكام (وقوله فأقلوا الكلام) أي فلا تكثروا فيه الكلام وإن كان جائزا، لأن مماثلته بالصلاة تقتضي أن لا يتكلم فيه أصلا كما لا يتكلم في الصلاة، فحين أباح الله تعالى فيه الكلام رحمة منه على العبد فعليه أن يشكر الله عز وجل ولا يكثر فيه الكلام، ولا يتكلم إلا بخير أو لضرورة والله أعلم (تخريجه) (نس) بلفظ حديث الباب، ثم رواه من طريق ثان عن طاوس قال قال عبد الله بن عمر " اقلوا الكلام في الطواف فإنما أنتم في صلاة" ورواه أيضا البيهقي والإمام الشافعي من حديث ابن عمر موقوفا عليه بسند صحيح (272) عن سباع بن ثابت (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان

يقولون: اليوم قرنا عينا (1) نقرع المروتينا

_ عن عبد الله بن أبى يزيد عن أبيه عن سباع بن ثابت- الحديث" (غريبة) (1) معناه اليوم قرت أعيننا أي بردت سرورا (نقرع المروتينا) أي بالطواف بالصفا والمروة لأن أقدامهم تقرعها بالمشي، وإنما قالوا المروتين تغليبا كما قيل في الشمس والقمر- القمران، وفي أبي بكر وعمر رضي الله عنهما- العمران (والمروتين) بفتح النون على لغة لضرورة الشعر. والألف للإطلاق والظاهر أنهم كانوا يقولون ذلك في الطواف بالبيت، ويحتمل أن يكون في السعي بين الصفا والمروة لأنه يقال له طواف أيضا، ويحتمل أن يكون في الموضعين والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (زوائد الباب) (عن أبى هريرة) رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: من طاف بالبيت سبعا ولا يتكلم إلا بسبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله محيت عنه عشر سيئات كتبت له عشر حسنات ورفع له به عشر درجات ومن طاف فتكلم وهو في تلك الحال خاض في الرحمة برجليه ورفع له بها عشر درجات، ومن طاف فتكلم وهو في تلك الحال خاض في الرحمة برجليه كخائض الماء برجليه) يعنى أن من تكلم بغير الذكر بكلام مباح في الطواف خاض في الرحمة برجليه فقط دون سائر جسده بخلاف من يذكر الله تعالى في تلك الحالة فإنه يكون في الرحمة بتمام جسده (وعن عطاء) وقد سأله ابن هشام عن الركن اليماني قال حدثنى أبو هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وكل به سبعون ملكا فمن قال اللهم إني أسألك العفو والعافية في الدنيا والآخرة ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار قالوا آمين. رواهما ابن ماجة بسند واحد (قال الحافظ) في التلخيص إسناده ضعيف (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو في الطواف: اللهم قنعني بما رزقتني وبارك في فيه واخلف على كل غائبة لي بخير (ك) وصحح إسناده وروى ابن أبى شيبه في مصنفه عن سعيد بن جبير قال كان من دعاء ابن عباس فذكره موقوفا عليه " ومعنى قوله واخلف على كل غائبة لي بخير " أي اجعل عوضا حاضرا كما غاب على وفات، أو لا أتمكن من إدراكه (وعن عبد الله بن السائب) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول في ابتداء طوافه: بسم الله والله أكبر اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك ووفاء بعهدك واتباعا لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، رواه ابن عساكر من طريق ابن ناجية بسند له ضعيف (قال الحافظ) لم أجده هكذا وقد ذكر صاحب المهذب من حديث جابر، وقد بيض له المنذري والنووي، ورواه الشافعي عن ابن نجيح قال أخبرت أن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله كيف نقول إذا استلمنا؟ قال: قولوا بسم الله والله أكبر إيمانا بالله وتصديقا لما جاء به محمد، قال في التلخيص وهو في الأم عن سعيد بن سالم عن

.

_ ابن جريج (وعن على رضي الله عنه) عند البيهقي والطبراني من طريق الحارث الأعور أنه كان إذا مر بالحجر الأسود فراى عليه زحاما استقبله وكبر ثم قال اللهم إيمانا بك وتصديقا بكتابك واتباعا لسنة نبيك (وروى البيهقي) عن أبى سعيد بن أبى عمرو ثنا أبو العباس الأصم أنبأنا الربيع قال قال الشافعي أحب كلما حاذى به يعنى بالحجر الأسود أن يكبر وأن يقول في رمله: اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا ويقول في الأطواف الأربعة: اللهم اغفر وارحم وتجاوز عما تعلم وأنت الأعز الأكرم، اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (وعن حبيب بن صهبان) أنه رأى عمر رضي الله عنه يطوف بالبيت وهو يقول " ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" ماله هجيرى غيرها (هق) " الهجيرى الدأب والعادة" (وعن ابن عباس) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الطواف بالبيت صلاة وكذلك رواه جرير بن عبد الحميد وموسى بن أعين وغيرهم عن عطاء ين السائب مرفوعا (قال) ورواه حماد بن سلمة وشجاع بن الوليد عن عطاء بن السائب موقوفا وكذلك رواه عبد الله بن طاوس عن طاوس عن ابن عباس موقوفا (وعن ابن طاوس) عن أبيه عن ابن عباس قال الطواف صلاة فأقلوا فيه من الكلام (هق) قال البيهقي وكذلك رواه إبراهيم بن ميسرة عن طاوس (وعن عطاء) قال طفت خلف ابن عمر وابن عباس رضى الله عنهما فما سمعت واحدا منهما متكلما حتى فرغ من طوافه (هق) (وعن ابن سعيد الخدري رضي الله عنه) قال من طاف بالبيت سبعا لا يتكلم فيه إلا تكبيرا أو تهليل كان عدل رقبة (هق) (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية الدعاء والذكر بما اشتملت عليه هذه الأحاديث في الطواف (وقد ذهب جمهور العلماء) إلى أنه سنة وأنه لادم على من ترك مسنونا، وعن الحسن البصري والثوري وابن الماجشون أنه يلزم (وفيها أيضا دلالة) على استحباب ترك الكلام في الطواف ولا يبطل به. لكن الأولى تركه إلا أن يكون كلاما في خير كأمر بمعروف أو نهي عن منكر أو تعليم جاهل أو جواب فتوى ونحو ذلك (قال النووي) قال أصحابنا وغيرهم ينبغي له أن يكون في طوافه خاشعا متخشعا حاضر القلب ملازم الأدب بظاهره وباطنه وفي هيئته وحركته ونظره فإن الطواف صلاة فيتأدب بآدابها ويستشعر بقلبه عظمة من يطوف ببيته، ويكره له الأكل والشرب في الطواف وكراهة الشرب أحف، ولا يبطل الطواف بواحد منهما ولابهما جميعا (قال الشافعي) لا بأس بشرب الماء في الطواف ولا اكرهه بمعنى المأثم، لكن أحب تركه لأن تركه أحسن في الأدب (قال الشافعي في الإملاء) روى عن ابن عباس أنه شرب وهو يطوف، قال وروى من

(12) باب ركعتي الطواف والقراءة فيهما واستلام الحجر بعدهما (273) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال استلم نبي الله صلى الله عليه وسلم الحجر الأسود ثم رمل ثلاثة ومشى أربعة حتى إذا فرغ عمد إلى مقام إبراهيم (1) فصلى خلفه ركعتين ثم قرأ واتخذوا (2) من مقام إبراهيم مصلى، فقرأ فيهما

_ وجه لا يثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب وهو يطوف (قال البيهقي) لعله أراد حديث ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب ماء في الطواف، وهو حديث غريب بهذا اللفظ والله أعلم (قال النووي) ويكره أن يشبك أصابعه أو يفرقع بها كما يكره ذلك في الصلاة، ويكره أن يطوف وهو يدافع البول أو الغائط أو الريح أو وهو شديد التوقان إلى الأكل وما في معنى ذلك كما تكره الصلاة في هذه الأحوال، قال ويلزمه أن يصون نظره عمن لا يحل النظر إليه من امرأة أو أمرد حسن الصورة، فإنه يحرم النظر إلى الأمرد والحسن بكل حال إلا لحاجة شرعية لا سيما في هذا الموطن الشريف، ويصون نظره وقلبه عن احتقار من يراه من الضعفاء وغيرهم كمن في بدنه نقص وكمن جهل شيئا من المناسك أو غلط فيه، وينبغي أن يعلم الصواب برفق، وقد جاءت أشياء كثيرة في تعجيل عقوبة من أساء الأدب في الطواف كمن نظر إلى امرأة ونحوها، وذكر الأزرقي من ذلك جملا في تاريخ مكة، وهذا الأمر مما يتأكد الاعتناء به لأنه في أشرف الأرض والله أعلم اهـ. ج (وفي أحاديث الباب أيضا) ذكر ما كان يقوله أهل الجاهلية في طوافهم من الكلام الذي لا يعود عليهم بفائدة ولا ثمرة ترجى، وقد أبدله الله في الإسلام بهذه الأذكار والدعوات التي فيها تعظيم الله عز وجل والاعتراف له بالعبودية، والتي يعود ثوابها على قائلها ويكون له عند الله منزلة عليه، فالحمد لله الذي هدانا لهذا الدين الحنيف دين الإسلام، وجعلنا من خدام سنة نبيه عليه الصلاة والسلام، وما كنا لنهتدى لولا أن هدانا الله. نسأل الله الإخلاص والتوفيق إلى أقوم طريق. (273) (عن جابر بن عبد الله) هذا طرف من حديث جابر الطويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم صحيفة 74 رقم 64 في الجزء الحادي عشر، وأتيت بهذا القدر منه هنا لمناسبة الترجمة (غريبة) (1) تقدم الكلام على مقام إبراهيم في شرح حديث رقم 235 صحيفة 28 من هذا الجزء، والمراد به الحجر الذي كان إبراهيم عليه السلام يقوم عليه لبناء الكعبة، ومكانه الآن إلى جانب الباب مما يلى الحجر يمنة الداخل من الباب في البقعة المستقلة هناك (2) في الروايات بكسر الخاء على الأمر وهي

بالتوحيد وقل يا أيها الكافرون (1) ثم استلم الحجر وخرج إلى الصفا الحديث (274) وعنه أيضا أن النبي صلى عليه وعلى آله وصحبه وسلم رمل ثلاثة أطواف من الحجر إلى الحجر وصلى ركعتين (2) ثم عاد إلى الحجر، ثم ذهب إلى زمزم فشرب منها وصب على رأسه ثم رجع فاستلم الركن ثم رجع إلى الصفا فقال ابدءوا بما بدأ الله عز وجل به (4)

_ إحدى القراءتين، والأخرى بالفتح على الخبر والأمرد ال على الوجوب (قال الحافظ) لكن انعقد الإجماع على جواز الصلاة إلى جميع جهات الكعبة فدل على عدم التخصيص، وهذا بناء على أن المراد بمقام إبراهيم الذي فيه أثر قدميه وهو موجود الآن، وقال مجاهد المراد بمقام إبراهيم الحرم كله والأول أصح (1) معناه أنه صلى الله عليه وسلم قرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بقل يا أيها الكافرون، وفي الثانية بعد الفاتحة بسورة التوحيد يعنى قل هو الله أحد (وللنسائي) من رواية جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر أيضا فصلى ركعتين فقرأ فاتحة الكتاب وقل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد، ثم عاد إلى الركن - الحديث " (وروى البيهقي) بإسناد صحيح على شرط مسلم عن جعفر بن محمد أيضا عن أبيه عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت فرمل من الحجر الأسود ثلاثا ثم صلى ركعتين قرأ فيهما قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد (وقوله ثم استلم الحجر) فيه دلالة للقائلين باستحباب استلام الحجر مرة أخرى بعد الطواف وصلاة ركعتين ثم يخرج من باب الصفا ليسعى وسيأتى ذكرهم مرة أخرى بعد الطواف وصلاة ركعتين ثم يخرج من باب الصفا ليسعى وسيأتى ذكرهم في الإحكام (تخريجه) (م. د. جه. وغيرهم) (274) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا موسى بن داود حدثنا سليمان بن بلال عن جعفر عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم رمل - الحديث (غريبة) (2) لفظ النسائي فصلى سجدتين وجعل المقام بينه وبين الكعبة ثم استلم الركن (3) الظاهر أنه الركن الأسود، وعلى هذا فيكون قد استلم الحجر الأسود مرتين بعد صلاة الركعتين، ولم أر هذه الرواية لغير الإمام أحمد، والذى رأيته في جميع الروايات أنه صلى الله عليه وسلم استلم الحجر بعد صلاة الركعتين مرة واحدة ثم شرع في السعي بين الصفا والمروة كما في رواية جابر الأولى المتفق عليها فالله أعلم (4) يريد البدء بالصفا لأن الله عز وجل بدأ به في قوله تعالى " إن الصفا والمروة من شعائر الله" فذكر الصفا أولا (تخريجه) (م. لك. نس. مذ" بدون قصة الشرب من زمزم والرجوع

وفي حديث ابن عمر (1) رضى الله عنهما قال (ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ثم سلم فأنصرف فأتى الصفا) الحديث (275) عن محمد بن عبد الله بن السائب أن عبد الله بن السائب كان يقود عبد الله بن عباس (2) رضي الله عنهما ويقيمه عند الشقة الثالثة مما يلى الباب مما يلى الحجر (3) فقلت يعنى القائل ابن عباس لعبد الله بن السائب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقوم ها هنا أو يصلى ها هنا (4) فيقوم ابن عباس فيصلى

_ إلى الحجر الأسود مرة ثانية وسند حديث الباب جيد (1) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب صفة حج النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم رقم 66 من الجزء الحادي عشر (275) عن محمد بن عبد الله بن السائب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن السائب بن عمر قال حدثنى محمد بن عبد الله بن السائب - الحديث" (غريبة) (2) أي في آخر حياته وكان قد كف بصره (3) يريد والله أعلم المكان الذي يصلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم ركعتي الطواف خلف مقام إبراهيم (4) اي ركعتي الطواف وإنما كان ابن عباس رضي الله عنهما يسأل ويتحرى عن المكان الذي صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم ليتأسى به ويصلى فيه (تخريجه) هذا الإثر لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده محمد ابن عبد الله بن السائب مجهول (زوائد الباب) (عن ابن عمر رضي الله عنهما) قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف بالبيت سبعا وصلى خلف المقام ركعتين وطاف بين الصفا والمروة، وقال لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة (خ. نس. جه) (وعن المطلب ابن إبى وداعة) قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم حين فرغ من سُبعه جاء حاشية المطاف فصلى ركعتين وليس بينه وبين الطوّافين أحد (نس. جه) (وقوله من سبعة) بضمتين أي من الطواف سبع مرات (وقوله وليس بينه وبين الطوافين " أي الطائفين" أحد ظاهره أنه لا حاجة إلى السترة في مكة وبه قيل ومن لا يقول به يحمله على أن الطائفين كانوا يمرون من وراء موضع السجود أو وراء ما يقع فيه نظر الخاشع والله أعلم ولفظ ابن ماجة " فصلى ركعتين في حاشية المطاف وليس بينه وبين الطواف أحد" ثم قال هذا بمكة خاصة (قلت) كأنه يرى عدم السترة بمكة كما ذهب إليه البعض (وفي البخاري) قيل للزهري إن عطاء يقول

أبواب الطواف بالصفا والمروة (1) باب وجوب الطواف بالصفا والمروة وقول الله عز وجل " إن الصفا والمروة من شعائر الله " الأية (276) عن عروة قال قلت لعائشة رضى الله عنها أرأيت قول الله

_ يجزئ المكتوبة من ركعتي الطواف فقال السنة أفضل، لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم أسبوعا إلا صلى (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية صلاة ركعتين لكل طائف بالبيت بعد فراغه من الطواف وقد اختلف العلماء في حكمها هل هما واجبتان أم سنتان؟ للشافعية في ذلك ثلاثة أقوال أصحها أنها سنة (وبه قالت المالكية والحنابلة) (والثانى) أنها واجبتان وبه (قالت الحنيفة) (والثالث) إن كان طوافا واجبا فواجبتان وإلا فسنتان، وعلى كل من القولين لو تركهما لم يبطل طوافه (قال النووي) والسنة أن يصليهما خلف المقام، فإن لم يفعل ففي الحجر وإلا في المسجد وإلا ففي مكة وسائر الحرم، ولو صلاهما في وطنه وغيره من أقاصى الأرض جاز وفاتته الفضيلة، ولا تفوت هذه الصلاة ما دام حيا، ولو أراد أن يطوف أطوافه استحب أن يصلى عقب كل طوافه ركعتيه، فلو أراد أن يطوف أطوافه بلا صلاة ثم يصلى بعد الأطوفه لكل صلاة ركعتيه، قال أصحابنا يجوز ذلك، وهو خلاف الأولى ولا يقال مكروه، وممن قال بهذا المسور بن محرمة وعائشة وطاوس وعطاء وسعيد بن جبير وأحمد واسحاق وأبو يوسف وكرهه ابن عمر والحسن البصري والزهري ومالك والثوري وأبو حنيفة وأبو ثور ومحمد بن الحسن وابن المنذر ونقله القاضى عن جمهور الفقهاء اهـ ج (وفي أحاديث الباب أيضا) دلالة على استحباب القراءة في الركعتين المذكورتين في الركعة الأولى بالفاتحة وقل يا أيها الكافرون وفي الثانية بالفاتحة وقل هو الله أحد، ولم يخالف في ذلك أحد فيما أعلم (وفيهما أيضا) استحباب استلام الحجر الأسود بعد فراغه من صلاة الركعتين (قال النووي) وفيه دلالة لما قاله الشافعي وغيره من العلماء أنه يستحب للطائف طواف القدوم إذا فرغ من الطواف وصلاته خلف المقام أن يعود إلى الحجر الأسود فيستلمه، ثم يخرج من باب الصفا ليسعى، قال واتفقوا على أن هذا الاستلام ليس بواجب وإنما هو سنة لو تركه لم يلزمه دم اهـ (وقد استدل) بقول الزهري المذكور في الزوائد لم يطف النبي صلى الله عليه وسلم أسبوعا إلا صلى ركعتين، على أنهما لا تجزئ المكتوبه عن ركعتي الطواف وتعقب بأن قوله " إلا صلى ركعتين" أعم من أن يكون ذلك نفلا أو فرضا لأن الصبح ركعتان والله سبحانه وتعالى أعلم (276) عن عروة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو كامل ثنا

عز وجل " إن الصفا (1) والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه (2) أن يطوف بهما" والله ما على أحد جناح أن لا يطوف بهم (3) قالت بئسما قلت يا ابن أختى إنها لو كانت كما أولتها عليه كانت فلا جناج عليه أن لا يطوف بهما (4) إنما أنزلت إن هذا الحي من الإنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلوا (5)

_ إبراهيم ثنا ابن شهاب عن عروة - الحديث (غريبة) (1) الصفا في الأصل جمع صفاة، وهي الصخرة والحجر الأملس (والمروة) في الأصل حجر أبيض براق، والمراد بهما هنا جبلا السعى اللذين يسعى من أحدهما إلى الآخر (وقوله من شعائر الله) أي المعالم التي ندب الله إليها وأمر بالقيام عليها. قال الأزهري (وقال الجوهري) الشعائر أعمال الحج وكل ما جعل على الطاعة لله (2) أي لا إثم عليه (وقوله أن يطوف) بشد الطاء المهملة، أصله يتطوف ابدلت التاء طاء لقرب مخرجه وادغمت التاء في الطاء (وقوله بهما) أي يسعى بينهما (3) إنما قال ذلك عروة لأنه فهم من مفهوم الآية أن السعي ليس بواجب لأنها دلت على رفع الجناج وهو الأثم من فاعله وذلك يدل على إباحته، ولو كان واجبا لما قيل فيه ذلك لأن رفع الإثم علامة الإباحة ويزاد المستحب بإثبات الأجر والوجوب بعقاب التارك، فقالت عائشة رضي الله عنها ردا عليه" بئسما قلت يا ابن أختى إلخ" (4) قال العلماء هذا من دقيق علمها وفهمها الثاقب وكبير معرفتها بدقائق الألفاظ، لأن الآية الكريمة إنما دل لفظها على رفع الجناج عمن يطوف بهما، وليس فيه دلالة على عدم وجوب السعي ولا على وجوبه فأخبرته عائشة رضي الله عنها أن الآية ليست فيها دلالة للوجوب ولا لعدمه وبينت السبب في نزولها والحكمة في نظمها وأنها نزلت في الأنصار حين تحرجوا من السعي بين الصفا والمروة في الإسلام وأنها لو كانت كما يقول عروة لكانت فلا جناح عليه أن لا يطوف بهما، وقد يكون الفعل واجبا ويعتقد الإنسان أنه يمنع إيقاعه على صفة مخصوصة وذلك كمن عليه صلاة الظهر وظن أنه لا يجوز فعلها عند غروب الشمس فسأل عن ذلك فيقال في جوابه لا جناح عليك إن صليتها في هذا الوقت فيكون جوابا صحيحا ولا يقتضي نفي وجوب صلاة الظهر (5) أي يحجوا (ومناة) بفتح الميم وتخفيف النون وبعد الألف تاء مثناة من فوق وهو اسم صنم كان في الجاهلية، وقال ابن الكلبي كانت صخرة نصبها عمرو بن لحي بجهة البحر فكانوا يعبدونها وقيل هي صخرة لهذيل بقديد، وسميت مناة لأن النسائك كانت تمنى بها أي تراق، وقال الحازمي هي على سبعة أميال

لمناة الطاغية (1) التى كانوا يعبدون عند المشُلّل (2) وكان من أهل لها يتحرج (3) أن يطوف بالصفا والمروة، فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فأنزل الله عز وجل " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما" (277) عن حبيبة إبى يجزئة (5) رضي الله عنها قالت دخلنا على دار أبى حسين في نسوة من قريش والنبي صلى الله عليه وسلم يطوف بين الصفا والمروة

_ من المدينة وإليها نسبوا زيد مناة (1) صفة لمناة (قال الزركشي) ولو روى بكسر الهاء بالإضافة لجاز، ويكون الطاغية صفة للفرقة الطاغية وهم الكفار (2) بضم الميم وفتح الشين المعجمة وتشديد اللام الأولى المفتوحة، اسم موضع قريب من قديد من جهة البحر، ويقال هو الجبل الذي يهبط منه إلى قديد من ناحية البحر (وقال البكري) هي ثنية مشرفة على قديد، وقال السفاقسي هي عند الجحفة والله أعلم (3) أي بتحرز من الحرج ويخاف الأثم (4) يعنى شرعه ولا يدل هذا القول على كونه فرضا أو واجبا أو مندوبا بل على ما هو أعم من ذلك والله أعلم (تخريجه) (م. لك. نس. وغيرهم) (277) عن حبيبة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس قال ثنا عبد الله بن المؤمل عن عمر بن عبد الرحمن قال ثنا عطاء عن حبيبة - الحديث" (غريبة) (5) هكذا بالأصل تجزئة بزاي ثم همزة ثم هاء والظاهر أنه تصحيف من الناسخ وصوابه تجراة براء ثم ألف غير مهموزة ثم هاء فقد جاء في تعجيل المنفعة للحافظ ابن حجر العسقلاني - حبيبة بنت أبى تجراة العبدرية، ويقال حبيبة بتحتانيتين وزن الأول، ويقال بالتصغير لها صحبة، روى عنها عطاء وصفية بنت شيبة، في إسناد حديثها اضطراب اهـ (وقال في الإصابة) حبيبة بنت أبى تجراة العبدرية ثم الشيبية، قال وقال أبو عمر قيل اسمها حبيبة وقيل بالتصغير، وقال غيره تجراة ضبطها الدراقنطي بفتح المثناة من فوق اهـ، وجاء هذا الحديث في مجمع الزوائد للحافظ الهيثمي بلفظ تجراة كما في الإصابة وتعجيل المنفعة وعزاه للإمام أحمد، وجاء عند البيهقي بلفظ تجرأة براء ثم ألف مهموزة، والظاهر

قالت وهو يسعى يدور به إزاره (1) من شدة السعي وهو يقول لأصحابه اسعوا إن الله كتب عليكم السعي (2) (وعنها من طريق ثان) (2) قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يطوف بين الصفا والمروة والناس بين يديه وهو وراءهم وهو يسعى حتى ارى ركبتيه من شدة السعي يدور به إزاره وهويقول اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي

_ أن الصواب تجراة كما جاء في تعجيل المنفعة والإصابة، ولأن الحافظ ظبطه في الفتح بكسر المثناة وسكون الجيم بعدها راء ثم الف ساكنة ثم هاء وهي إحدى نساء بنى عبد الدار لكن جاء في القاموس جبيبة بنت أبى تجزأة بضم التاء وسكون الجيم ثم زاي فهمزة مفتوحتين فالله أعلم بالصواب (1) في الطريق الثانية حتى أرى ركبتيه من شدة السعي بدوربه إزاره، فالضمير في قوله به يرجع إلى الركبتين أي تدور إزاره بركبتيه (2) احتج به القائلون بأن السعي فرض وسيأتى ذكرهم في الأحكام (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج ثنا عبد الله بن المؤمل عن عطاء بن أبى رباح عن صفية بنت شيبة عن حبيبة بنت أبى تجزئة قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (تخريجه) قال الحافظ في الإصابة رواه الشافعي عن عبدالله بن المؤمل وابن سعد والطحاوي عن معاذ بن هانئ ومحمد بن شخير عن أبى نعيم، وابن أبى خيثمة عن شريح بن النعمان كلهم، عن ابن المؤمل عن عمر بن عبد الرحمن بن محصن عن عطاء بن أبى رباح حدثتنيى صفية بنت شيبة عن امرأة يقال لها حبيبة بنت أبى تجراة قالت دخلنا دار الحسين فذكر الحديث، وقال في الفتح أخرجه الشافعي وأحم وغيرهما وفي إسناد هذا الحديث عبد الله بن المؤمل وفيه ضعف، ومن ثم قال ابن المنذر إن ثبت فهو حجة في الوجوب (قال الحافظ) له طريق أخرى في صحيح ابن خزيمة مختصرة وعند الطبراني عن ابن عباس كالأولى وإذا انضمت إلى الأولى قويت اهـ وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير " وقال ولقد رأيته من شدة السعي يدور الإزار حول بطنه وفخديه حتى رأيت بياض فخديه" وفيه عبدالله بن المؤمل وثقه ابن حبان وقال يخطئ وضعفه غيره اهـ (قلت) وللإمام أحمد حديث آخر عن صفية بنت شيبة أن امرأة أخبرتها أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة يقول كتب عليكم السعي فاسعوا (قال الهيثمي) فيه موسى بن عبيدة وهو ضعيف اهـ. ولعل المرأة المبهمة في حديث صفية هي حبيبة المذكورة في حديث الباب (قال الحافظ) واختلف على

.

_ صفية بنت شيبة في اسم الصحابية التى أخبرتها به، ويجوز أن تكون أخذته عن جماعة فقد وقع عند الدراقطنى عنها أخبرتنى نسوة من بنى عبد الدار فلا يضره الاختلاف، والعمدة في الوجوب لقوله صلى الله عليه وسلم " خذوا عنى مناسككم اهـ (زوائد الباب) (عن أنس بن مالك) رضى الله عنه أن الصفا والمروة كانتا من شعائر الجاهلية، فلما كان الإسلام أمسكنا عنهما فأنزل الله عز وجل " إن الصفا والمروة (هق) (وعن تملك) رضى الله عنها قالت نظرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا في غرفة لي بين الصفا والمروة وهو يقول إن الله عز وجل كتب عليكم السعي فاسعوا (طب) وفيه المثنى بن الصباح وقد وثقه ابن معين في رواية وضعفه جماعة (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله كتب عليكم السعي فاسعوا (طب) وفيه الفضل بن صدقة وهو متروك (وعنه أيضا) قال قالت الإنصار إن السعي بين الصفا والمروة من أمر الجاهلية فأنزل الله عز وجل " إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن جح البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما منفلة فمن ترك فلا بأس (طس) وفيه العباس بن الفضل الإنصاري وهو متروك، أورد الحافظ الهيثمي حديث تملك وما بعده، وتكلم عليه جرحا وتعديلا. (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية السعي بين الصفا والمروة (قال النووي) في شرح المهذب مذهبنا أنه ركن من أركان الحج والعمرة لا يتم واحد منهما إلا به ولا يجبر بدم ولا بقي منه خطوة لم يتم حجه ولم يتحلل من إحرامه (وبه قالت عائشة ومالك واسحاق وأبو ثور وداود وأحمد في روايه - وقال أبو حنيفة) هو واجب ليس بركن بل ينوب عنه (وقال أحمد) في رواية ليس هو بركن ولا دم في تركه والأصح عنه أنه واجب ليس بركن فيجبر بالدم (وقال ابن مسعود) وأبي بن كعب وابن عباس وابن الزبير وأنس وابن سيرين هو تطوع ليس بركن ولا واجب ولا دم في تركه (وحكى ابن المنذر) وعن الحسن وقتادة والثوري أنه يجب فيه الدم (وعن طاوس) أنه قال من ترك من السعي أربعة أشواط لزمه دم، وإن ترك دونها لزمه لكل شوط نصف صاع، وليس هو بركن (وهو مذهب أبى حنيفة) وعن عطاء رواية أنه تطوع لا شيء في تركه، ورواية فيه الدم (قال المنذر) إن ثبت بنت إبى تجراة الذى قدمناه أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "اسعوا فإن الله كتب عليكم السعي" فهو ركن، قال الشافعي وإلا فهو تطوع، قال

(2) باب البدء بالصفا في الطواف بالصفا والمروة (وحكم المشي والرمل فيه) (278) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله

_ وحديثهما رواه عبد الله بن المؤمل، وقد تكلموا فيه، واحتج القائلون بأنه تطوع بقوله تعالى" إن الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما"وفي الشواذ قراءة ابن مسعود" فلا جناح عليه أن يطوف بهما" ورفع الجناح في الطواف بهما يدل على أنه مباح لا واجب، واحتج أصحابنا بحديث صفية بنت شيبة من بنى عبد الدار أنهن سمعن من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استقبل الناس في السعي وقال" يا أيها الناس اسعوا فإن السعي قد كتب عليكم" رواه الدارقنطي والبيهقي بإسناد حسن (والجواب) عن الآية ما أجابت عائشة رضي الله عنها لما سألها عروة بن الزبير عن هذا فقالت إنما نزلت الآية هكذا لأن الأنصار كانوا يتحرجون من الطواف بين الصفا والمروة أي يخافون الحرج فيه، فسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأنزل الله تعالى الآية، رواه البخاري ومسلم اهـ (قلت) ٍ رواه الإمام أحمد أيضا وهو الأول من أحاديث الباب (قال الحافظ) العمدة في الوجوب قوله صلى الله عليه وسلم خذوا عنى مناسككم (قال الشوكاني) وأظهر من هذا في الدلالة على الوجوب حديث مسلم " ما أتم الله حج امرئ ولا عمرته لم يطف بين الصفا والمروة" (قال النووي) ولو سعى قبل الطواف لم يصح سعيه عندنا. وبه قال جمهور العلماء ونقل المارودى الإجماع فيه (وهو مذهب مالك وأبي حنيفة وأحمد) وحكى ابن المنذر عن عطاء وبعض أهل الحديث أنه يصح (وحكاه أصحابنا عن عطاء وداود) دليلنا أن النبي صلى الله عليه وسلم سعى بعد الطواف وقال صلى الله عليه وسلم: " لتأخذوا عني مناسككم" وأما حديث ابن شريك الصحابي رضي الله عنه قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجا فكان الناس يأتونه فمن قائل يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف أو أخرت شيئا أو قدمت شيئا فكان يقول " لا حرج إلا على رجل اقترض عرض رجل مسلم وهو ظالم فذلك الذى هلك وخرج" فرواه أبو داود بإسناد صحيح كل رجاله رجال الصحيحين إلا أسامة بن شريك الصحابي، وهذا الحديث محمول على ما حمله الخطابي وغيره، وهو أن قوله سعيت قبل أن أطوف أي بعد طواف القدوم وقيل طواف الإفاضة والله أعلم اهـ ج (قلت) وقوله اقترض عرض رجل مسلم أي قطعة بالغيبة. (278) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك ح وثنا اسحاق أنا مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه أن جابر

صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حين خرج من المسجد (1) وهو يريد الصفا (2) وهو يقول نبدأ (3) بما بدأ عز وجل وجل به (4) (279) وعنه أيضا أن رسول صلى الله عليه وسلم كان إذا نزل من الصفا مشى حتى إذا نصبت (5) قدماه في بطن الوادى سعى حتى يخرج منه (6)

_ ابن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبة) (1) يعنى بعد أن طاف وصلى ركعتين واستلم الحجر الأسود كما تقدم في باب ركعتي الطواف (2) يعنى بعد أن طاف وصلى ركعتين واستلم الحجر الأسود كما تقدم في باب ركعتي الطواف (2) في حديث الطويل عند مسلم والإمام أحمد وتقدم في باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم (قال وخرج إلى الصفا ثم قرأ" إن الصفا والمروة من شعائر الله" ثم قال نبدأ بما بدأ به الله به فرقا على الصفا - الحديث" (3) في رواية للنسائي فابدأ بما بدأ الله به بصيغة الأمر وصححه ابن حزم والنووي في شرح مسلم وله طرق عند الدراقطني، وفي رواية لمسلم بلفظ " ابدأ" بصيغة الخبر ورواه الإمام مالك وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان والنسائي أيضا نبدأ بالنون كما في حديث الباب (قال أبو الفتح القشيري) مخرج الحديث عندهم واحد، وقد اجتمع مالك وسفيان ويحيى بن سعيد القطان على رواية نبدأ بالنون التى للجمع (قال الحافظ) وهم أحفظ من الباقين (4) زاد مالك نبدأ بالصفا (قال الخطابي) فيه أنه اعتبر تقديم المبدوء به في التلاوة فقدمه، وأن الظاهر في حق الكلام أن المبدوء مقدم في الحكم على ما بعده وأن الساعي إذا بدأ بالمروة لم يعتد بذلك اهـ. وإلى ذلك ذهب الجمهور وسيأتى ذكر كثير منهم في الأحكام (تخريجه) (م. لك. نس. مذ. جه. هق. حب) (279) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك ح وثنا اسحاق أنا مالك عن جعفر عن أبيه عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى عليه وسلم - الحديث (غريبة) (5) قال القاضى عياض مجاز من قولهم صب الماء وانصب أي انحدر، ومنه إذا مشي كأنه ينحط من صبب. أي موضع منحدر (قوله في بطن الوادى سعى) أي مشى بقوة أي أسرع في المشي، وفى حديث جابر الطويل عند مسلم والإمام أحمد رمل بدل قوله سعى. وهما بمعنى واحد (6) أي من بطن الوادى فيمشى على العادة في السعى، وفيه مشروعية الإسراع ببطن الوادى وهو سنة ولا دم في تركه عند الجمهور (تخريجه) (لك. نس) وسنده جيد

(280) عن علي رضي الله عنه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يسعى بين الصفا والمروة في السعي كاشفا عن ثوبه (1) قد بلغ إلى ركبتيه (281) عن بديل بن ميسرة عن صفية بنت شيبة عن أم ولد شيبة (2) (ابن عثمان) أنها أبصرت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسعى بين الصفا والمروة (وفي رواية وقد انكشفت الثوب عن ركبتيه) يقول لا يقطع الأبطح (3) الأشداء (وعنه من طريق ثان) (4) عن المغيرة بن حكيم عن صفية بنت شيبة عن امرأة منهم (5) أنها رأت النبي صلى الله عليه وسلم من خوخة (6) وهو يسعى في بطن المسيل (7) وهو يقول لا يقطع الوادى الأشدا

_ (280) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أبى زياد العطواني ثنا زيد بن الحباب أخبرنى حرب أبو سفيان المنقرى ثنا محمد بن على أبو جعفر حدثنى عمى عن أبى أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبة) (1) إنما كشف صلى الله عليه وسلم عن ثوبه إلى ركبتيه لأنه أنشط للسعي، ولم يزد على الركبتين لأن ما فوقهما عورة إلى السرة. ولا يجوز ذلك للمرأة لأن جميع بدنها عورة إلا الوجه والكفين (تخريجه) (بز) قال الهيثمي ورجاله ثقات (281) عن بديل بن ميسرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح وأبو نعيم قالا ثنا هشام بن أبى عبد الله عن بديل بن ميسرة - الحديث (غريبة) (2) اسمها تملك العبدرية. قاله الحافظ في التقريب (3) أي مسيل الوادى، وقد صرح بنحو ذلك في الطريق الثانية (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان قال ثنا حماد بن زيد قال ثنا بديل بن ميسرة عن المغيرة بن حكيم - الحديث (5) صرح في الطريق الأولى بأنها أم ولد شيبة بن عثمان واسمها تملك كما تقدم (6) الخوخة باب صغير كالنافذة الكبيرة تكون بين بيتين ينصب عليها باب " نه" (7) أي بطن الوادي وهو ما انخفض منه (وقوله الأشدا) أي عدوا (تخريجه) (نس. جه. هق) وسنده جيد. وأورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح

(282) عن عبد الله بن المقدام قال رأيت ابن عمر رضى عنهما يمشى بين الصفا والمروة، فقلت له أبا عبد الرحمن مالك لا ترمل؟ فقال قد رمل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وترك (1) (283) عن كثير بن جهمان قال رأيت ابن عمر يمشى في الوادى بين الصفا والمروة ولا يسعى فقلت له، فقال إن أسع فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى، وإن أمش فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى وأنا شيخ كبير

_ (282) عن عبد الله بن المقدام (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد عن حجاج عن عبد الملك بن المغيرة الطائفي عن عبد الله بن المقدام - الحديث" (غريبة) (1) تركه النبي صلى الله عليه وسلم قليلا لبيان الجواز، وهذا يدل على أن الرمل في السعي لا شيء في تركه والإفضل فعله، وإنما تركه ابن عمر مع شدة محافظته على التأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في الأفضل فعله، وإنما تركه ابن عمر مع شدة محافظته على التأسى بالنبي صلى الله عليه وسلم في الأفضل لأن قوته لم تساعده حينئذ على الرمل لشيخوخته كما يستفاد من حديثه التالى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده حسن، ويؤيده الحديث التالي (283) عن كثير بن جمهان (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن أبيه عن عطاء عن كثير بن جمهان- الحديث" (تخريجه) (نس. مذ. جه. هق) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (زوائد الباب) (عن الزهري) قال سألوا ابن عمر رضى الله عنهما هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رمل بين الصفا والمروة فقال كان في جماعة من الناس فرملوا فلا أراهم رملوا إلا برمله (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما قال إنما سعى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الصفا والمروة لُيرى المشركين قوته، رواهما النسائى (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعيه البدء بالصفا في الطواف بالصفا والمروة (قال النووي) مذهبنا أن الترتيب في السعي شرط فيبدأ بالصفا، ولو بدأ بالمروة لم يعتد به، وبهذا (قال الحسن البصري والأوزاعي ومالك وأحمد وداود وجمهور العلماء) وحكاه ابن المنذر عن أبى حنيفة أيضا (والمشهور عن أبى حنيفة) أنه ليس بشرط فيصح الابتداء بالمروة وعن عطاء روايتان احداهما كمذهبنا، والثانية يجزئ الجاهل، دليلنا قوله صلى الله عليه وسلم " ابدءوا بما بدأ الله به" وهو حديث صحيح كما سبق والله أعلم اهـ ج (قلت) وروى عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه قال (قال الله تعالى: "إن الصفا والمروة من شعائر الله" فبدأ بالصفا وقال اتبعوا

(3) باب جواز الركوب في الطواف بالصفا والمروة لحاجة (284) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع على راحلته بالبيت وبالصفا والمروة ليراه الناس (1)

_ القرآن فما بدأ الله به فابدأوا) والذهاب من الصفا إلى المروة مرة، والعود منها إلى الصفا أخرى عند كافة الفقهاء، فيكون ابتداء السبع من الصفا وآخرها بالمروة، وقال ابن بنت الشافعي إن الذهاب والإياب يحسب مرة واحدة، وحكى عن ابن جرير الطبري وتابعه أبو بكر الصيرفي من الشافعية وحديث الباب يرد عليهم، وكذا عمل المسلمين على تعاقب الأزمان (قال ابن قدامة) في المغنى والسعي تبع للطواف لا يصح إلا أن يتقدمه طواف، فإن سعي قبله لم يصح وبذلك قال (مالك والشافعي وأصحاب الرأي) وقال عطاء يجزئه (وعن أحمد) يجزئه إن كان ناسيا وإن عمد لم يجزئه سعيه، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن التقديم والتأخير في حال الجهل والنسيان قال لا حرج، ووجه الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم لما سئل عن التقديم والتأخير في حال الجهل والنسيان قال لا حرج، ووجه الأول أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما سعى بعد طوافه وقد قال " لتأخذوا عني مناسككم" فعلى هذا إن سعى بعد طوافه ثم علم أنه طاف بغير طهارة لم يعتد بسعيه ذلك، ومتى سعى المفرد والقارن بعد طواف القدوم لم يلزمهما بعد ذلك سعى، وإن لم يسعيا معه سعيا مع طواف الزيارة، ولا يجب الموالاة بين الطواف والسعي (قال أحمد) لا بأس أن يؤخر السعي حتى يستريح أو إلى العشى (وكان عطاء والحسن) لا يريان بأسا لمن طاف بالبيت أول النهار أن يؤخر الصفا والمروة إلى العشى، وفعله القاسم وسعيد بن جبير، لأن الموالاة إذا لم تجب في نفس السعي ففيما بينه وبين الطواف أولى اهـ (وفي أحاديث الباب أيضا) مشروعية الرمل في بطن الوادى حتى يصعد ثم يمشى باقى المسافة إلى المروة على عادة مشية وهذا السعي مستحب في كل مرة من المرات السبع في هذا الموضع، والمشى مستحب فيما قبل الوادى وبعده، ولو مشى في الجميع أو سعى في الجميع أجزاءه وفاتته الفضيلة، لأن ابن عمر قال ان أسع فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يسعى وان امش فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشى وأنا شيخ كبير، ولأن ترك الرمل في الطواف بالبيت لا شيء فيه فبين الصفا والمروة أولى (وهذا مذهب الإمام الشافعي) وموافقيه (وعن الإمام مالك) فيمن ترك السعي الشديد في موضعه روايتان، إحداهما كما ذكر، والثانية تجب عليه إعادته والله أعلم. (248) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى ابن سعيد عن ابن جريج اخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول طاف رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبة) (1) فيه بيان العلة التى لأجلها طاف النبي صلى الله عليه وسلم راكبا

وليشرف وليسألوه فإن الناس غشوة (285) عن أبى الطفيل قال قلت لابن عباس حدثنى عن الركوب بين الصفا والمروة (1) فإن قومك يزعمون أنه سنة، فقال صدقوا وكذبوا قلت ما صدقوا وكذبوا ماذا؟ (2) قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة فخرجوا حتى خرجت العوائق (3) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يضرب عنده أحد (4) فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فطاف وهو راكب ولو نزل لكان المشى أحب إليه (5)

_ (وقوله وليشرف) أي ليطلع عليهم ويطلعو عليه (وليسألوه) عن أحكام المناسك ونحوها (فإن الناس غشوه) بتخفيف الشين، أي ازدحموا عليه وكثروا، ففي ذلك كله بيان للعلة التى ركب لأجلها في الطواف بالبيت وبالصفا والمروة (تخريجه) (م. د. نس. هق) (285) عن أبى الطفيل (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا الجريرى عن أبى الطفيل قال قلت لابن عباس - الحديث" (غريبة) (1) زاد مسلم أسنة هو فإن قومك (إلخ) (2) زاد في رواية للإمام أحمد تقدمت في باب ما رواه أبو الطفيل عن ابن عباس إلخ صحيفة 100 رقم 70 في الجزء الحادى عشر " فقال صدقوا، قد طاف بين الصفا والمروة على بعير، وكذبوا. ليست بسنة " (3) جمع عاتق وهي البكر البالغة أو المقاربة للبلوغ، وقيل التى تتزوج، سميت بذلك لأنها عتقت من استخدام أبويها وابتذالها في الخروج والتصرف التى تفعله الطفلة الصغيرة (4) أي كما يفعل بين يدي الملوك والعظماء لذلك ازدحموا عليه، فدفعا لما يحصل من ضرر الزحام ركب صلى الله عليه وسلم (5) معناه ولولا هذه العلة وهي شدة الزحام وما يخشى منه لنزل ولم يركب لأن المشي أحب إليه، فكيف يكون الركوب سنة؟ فهم قد كذبوا في قولهم هذا سنة (قال النووي) وهذا الذي قاله ابن عباس مجمع عليه، أجمعوا على أن الركوب في السعي بين الصفا والمروة جائز وأن المشي أفضل منه إلا لعذر (تخريجه) (م. د. هق. وغيرهم) (زوائد الباب) (عن أبى الطفيل) قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت على راحلته يستلم الركن بمحجنه ثم يقبله، زاد محمد بن رافع ثم خرج إلى الصفا والمروة فطاف سبعا على راحلته (د. هق) (الأحكام) حديث أبى الطفيل عن ابن عباس وحديث جابر يدلان على جواز الركوب في الطواف بين الصفا والمروة لعذر (قال ابن رسلان) في شرح السنن بعد أن ذكر حديث ابن عباس هذا

(4) (باب الوقوف على الصفا والمروة والذكر عند ذلك) (286) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان إذا وقف على الصفا (1) يكبر ثلاثا ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير. (2)

_ ما لفظه - وهذا ما قاله ابن عباس مجمع عليه اهـ. يعنى نفي كون الطواف بصفة الركوب سنة بل الطواف من الماشي أفضل، وتقدم كلام النووي أنهم أجمعوا على أن الركوب في السعي بين الصفا والمروة جائز وأن المشي أفضل منه لعذر، وقال في شرح المهذب الأفضل أن لا يركب في سعيه إلا لعذر كما سبق في الطواف لأنه أشبه بالتواضع، لكن سبق هناك خلاف في أن تسمية الطواف (يعنى بالبيت) راكبا مكروة، واتفقوا على أن السعي راكبا ليس بمكروه لكنه خلاف الأفضل، لأ سبب الكراهة هناك عند من أثبتها خوف تنجس المسجد بالدابة وصيانته من امتهانه بها، وهذا المعنى منتف في السعي، وهذا معنى قول صاحب الحاوي الركوب في السعي أخف من الركوب في الطواف ولو سعى به غيره محمولا جاز لكن الأولى سعيه بنفسه إن لم يكن صبيا صغيرا وله عذر كمرض ونحوه اهـ (قلت) وممن قال بأن الركوب بلا عذر خلاف الأولى ولا دام عليه أنس بن مالك رضى الله عنه وعطاء (قال ابن المنذر) وكره الركوب بلا عذر عائشة وعروة (وأحمد واسحاق) وقال أبو ثور لا يجزئه ويلزمه الإعادة وقال مجاهد لا يركب إلا لضرورة (وقال أبو حنيفة) إن كان بمكة أعاده ولا دام عليه وإن رجع إلى وطنه بلا إعادة لزمه دم اهـ (قال البيهقي) والذى روى عنه أنه صلى الله عليه وسلم طاف بين الصفا والمروة راكبا فإنما أراد والله أعلم في سعيه بعد طواف القدوم فأما بعد طواف الإفاضة فلم يحفظ عنه أنه طاف بينهما والله أعلم اهـ. وقد بسطت الكلام في الركوب في الطواف في أحكام باب جواز الطواف على بعير صحيفة 47 من هذا الجزء فارجع إليه إن شئت (268) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك ح وثنا اسحاق أنا مالك عن جعفر عن أبيه عن جابر بن عبد الله - الحديث (غريبة) (1) يعنى بعد فراغه من الطواف بالبيت وصلاة ركعتيه واستلام الحجر كما تقدم في بابه كان يبدأ بعد ذلك بالصفا فيقف عليه مستقبل القبلة كما يستفاد ذلك من حديثه الآتى بعد حديث ثم يكبر ثلاثا (2) إلى هنا آخر رواية اسحاق

يصنع ذلك ثلاث مرات ويدعوا (1) ويصنع على المروة مثل ذلك. (287) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصفا والمروة وكان عمر يأمر بالمقام عليهما من حيث يراها (2) (#) وعنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصفا ثم قرأ: " إن الصفا والمروة من شعائر الله" ثم قال نبدا بما بدا الله به، فرقى على الصفا حتى إذا نظر إلى البيت كبر قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، لا إله إلا الله أنجز وعده (3) وصدق عبده وغلب الأحزاب وحده، ثم دعا ثم رجع إلى هذا الكلام، ثم نزل حتى إذا انصبت قدماه في الواد رمل حتى إذا صعد مشى حتى أتى المروة فرقى عليها حتى نظر إلى البيت فقال عليها كما قال على الصفا.

_ عن مالك وزاد عبد الرحمن في روايته عن مالك يصنع ذلك ثلاث مرات إلخ (1) أي يدعوا ثلاث مرات أيضا كما هو المشهور عند الشافعية والجمهور، وقال جماعة من الشافعية يكرر الذكر ثلاثا والدعاء مرتين فقط وصوب النووي الأول (تخريجه) (م. د. نس. جه. هق) (287) عن ابن عمر رضي الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا أبو معاوية يعنى شيبان عن ليث عن مجاهد عن عبد الله بن عمر - الحديث" (غريبة) (2) يعنى الكعبة والله أعلم كما يستفاد ذلك من حديث جابر الآتى ففيه فرقى على الصفا حتى إذا نظر البيت كبر (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله من رجال الصحيحين (#) (وعنه أيضا) هذا طرف من حديث جابر الطويل تقدم بسنده وشرحه وتخريج في باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم صحيفة 74 رقم 64 في الجزء الحادى عشر، وهو حديث صحيح رواه مسلم وغيره فارجع إليه (زوائد الباب) (عن أبى هريرة) رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما فرغ من طوافه أتى الصفا فعلا عليه حتى نظر إلى البيت ورفع يديه فجعل يحمد الله ويدعو ما شاء الله أن يدعو (م. د. هق) (وعن وهب بن الأجدع)

.

_ أنه سمع عمر بن الخطاب رضى الله عنه بمكة وهو يخطب الناس قال إذا قدم الرجل منكم حاجا فليطف بالبيت سبعا وليصل عند المقام ركعتين ثم ليبدأ بالصفا فيستقبل القبلة فيكبر سبع تكبيرات بين كل تكبيرتين حمد الله وثناء عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم وسأل لنفسه، وعلى المروة مثل ذلك (هق) (وعن نافع) عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أنه كان إذا طاف بين الصفا والمروة بدأ بالصفا فرقى عليها حتى يبدو له البيت، قال وكان يكبر ثلاث تكبيرات ويقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهوعلى كل شيء قدير. ويصنع ذلك سبع مرات فذلك إحدى وعشرين من التكبير وسبع من التهليل، ثم يدعو فيما بين ذلك ويسأل الله، ثم يهبط حتى إذا كان ببطن المسيل سعى حتى يظهر منه، ثم يمشى حتى يأتى المروة فيرقى عليها فيصنع مثل ما صنع على الصفا، يصنع ذلك سبع مرات حتى يفرغ من سعيه (هق) (وعن نافع أيضا) أنه سمع عبد الله بن عمر وهو على الصفا يدعو يقول: اللهم إنك قلت ادعونى أستجب لكم وإنك لا تخلف الميعاد، وإنى أسألك كما هديتنى للإسلام أن لا تنزعه منى حتى تتوفاني وأنا مسلم (لك. هق) (وعنه أيضا) عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه كان يقول على الصفا اللهم أعصمنا بدينك وطواعيتك وطواعية رسولك وجنبنا حدودك، اللهم أجعلنا نحبك ونحب ملائكتك وأنبياءك ورسلك ونحب عبادك الصالحين، اللهم حببنا إليك وإلى ملائكتك وإلى أنبيائك ورسلك وإلى عبادك الصالحين المتقين (هق) (وعن ابن جريج) قال قلت لنافع هل من قول كان عبد الله بن عمر يلزمه؟ قال لا تسأل عن ذلك فإن ذلك ليس بواجب، فأبيت أن أدعه حتى يخبرنى، قال كان يطيل القيام حتى لولا الحياء منه لجلسنا فيكبر ثلاثا ثم يقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ثم يدعو طويلا يرفع صوته ويخفضه حتى إنه ليسأله أن يقضى عنه مغرمة فيما سأل، ثم يكبر ثلاثا ثم يقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. ثم يسأل طويلا كذلك حتى يفعل ذلك سبع مرات، يقول ذلك على الصفا والمروة في كل ما حج واعتمر (هق) وعن أبى الأسود) عن نافع ابن عمر أنه كان يقول عند الصفا اللهم أحينى على سنة نبيك صلى الله عليه وسلم، وتوفنى على ملته وأعذنى من مضلات الفتن (هق) (وعن علقمة والأسود) قالا قام عبد الله ابن مسعود على الصدع الذى في الصفا، فقال له رجل ها هنا يا أبا عبد الرحمن، فقال هذا والذي لا إله غيره مقام الذى أنزلت عليه سورة البقرة (هق) (وعن مسروق) قال جئت مسلّما على عائشة رضى الله عنها وصحبت عبد الله بن مسعود حتى دخل في الطواف فطاف ثلاثة رملا. وأربعة مشيا. ثم إنه صلى خلف المقام ركعتين، ثم إنه عاد إلى الحجر فاستلمه

(5) باب أمر المتمتع بالتحلل بعد السعي والحلق أو التقصير إلا من ساق هديا. (288) عن عائشة رضي الله عنها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع فمنا من أهل بحج ومنا من أهل بعمرة فأهدى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم

_ ثم خرج إلى الصفا على الشق الذى على الصفا فلبى، فقلت إني نهيت عن التلبية، فقال ولكنى آمرك بها، كانت التلبية استجابة استجابها إبراهيم فلما هبط إلى الوادى سعى فقال اللهم اغفر وارحم وأنت الأعز الأكرم (هق) وقال البيهقي هذا أصح الروايات في ذلك عن ابن مسعود (وعن أبى اسحاق) (قال سمعت ابن عمر يقول بين الصفا والمروة رب اغفر لي وارحم وأنت أو إنك الأعز الأكرم (هق) (الأحكام) في أحاديث الباب مع الزوائد دلالة على مشروعية الصعود على الصفا وكذلك المروة (وهو سنة عند جمهور العلماء) ليس بشرط ولا واجب، فلو تركه صح سعيه لكن فاتته الفضيلة (وقال أبو حفص بن الوكيل) من الشافعية لا يصح سعيه حتى يصعد على شيء من الصفا، وصحح النووي ما ذهب إليه الجمهور قال لكن يشترط أن لا يترك شيئا من المسافة بين الصفا والمروة، فليصق عقبه بدرج الصفا. وإذا وصل المروة ألصق أصابع رجلية بدرجه، وهكذا في المرات السبع يشترط في كل مرة أن يلصق عقبيه بما يبدأ منه وأصابعه بما ينتهى إليه، قال ويستحب أن يرقى على الصفا والمروة حتى يرى البيت إن أمكنه (ومنها) أنه يسن أن يقف على الصفا مستقبل الكعبة أهـ (قال ابن قدامة) في المغنى والمرأة لا يسن لها أن ترقى لئلا تزاحم الرجال وترك ذلك أستر لها، ولا ترمل في طواف ولا سعى، والحكم في وجوب استيعابها ما بينهما بالمشي كحكم الرجل اهـ (وفي أحاديث الباب أيضا مع الزوائد) مشروعية الإتيان بالذكر والدعاء المذكور فيها ويكرره كما ذكر، وهو مستحب عند كافة العلماء، وكل ما دعا به جائز والمأثور أفضل، وليس في الدعاء شيء مؤقت، وإنما هو بحسب ما يقدر عليه المرء ويحضره (وفي دعاء ابن عمر) رضي الله عنهما " وإنى أسالك كما هديتنى للإسلام أن لا تنزعه عنى حتى تتوفانى وأنا مسلم" إشارة إلى التأسى بإبراهيم عليه السلام في قوله " واجنبنى وبنى أن نعبد الإصنام" وبيوسف عليه السلام في قوله " وتوفنى مسلما وألحقنى بالصالحين" وبنبينا صلى الله عليه وسلم في قوله " وإذا أردت بالناس فتنة فأقبضنى إليك غير مفتون" قال إبراهيم النخغي لا يأمن الفتنة والاستدراج إلا مفتون، ولا نعمة أفضل من نعمة الإسلام، فبه تزكوا الأعمال اهـ. فسأل الله حسن الختام, والوفاة على ملة خير الأنام، سيدنا محمد عليه وعلى آله الصلاة والسلام (288) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا

من أهل بالعمرة ولم يهد فليحل (1) ومن أهل بعمرة فأهدى فلا يحل (2) ومن أهل بحج فليتم حجه (3) قالت عائشة رضي الله عنها وكنت ممن أهل بعمرة (وعنها من طريق ثان (4) بنحوه وفيه) ومن أهل بعمرة ثم طاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة وقصر أحل مما حرم منه حتى يستقبل حجا (289) عن نافع (5) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن حفصة أخبرته قالت أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحل في حجته التي حج

_ يعمر بن بشير قال ثنا عبد الله أنا يونس عن ابن شهاب عن عروة عن عائشة - الحديث" غريبة (1) أي بعد الطواف والسعي والحلق أو التقصير كما يستفاد من الطريق الثانية (2) معناه ومن أهل بعمرة وكان معه الهدي فليهل بالحج من عمرته ثم لا يحل حتى يحل منهما جميعا كما صرحت بذلك في حديث آخر عن عروة أيضا تقدم في أول باب جواز إدخال الحج على العمرة صحيفة 170 رقم 136 ورواه مسلم أيضا، والظاهر أن بعض الرواة اختصر حديث الباب من الحديث الذي أشرنا إليه، وكلا الحديثين وقع في مسلم أيضا كما هنا (قال النووي) ولابد من هذا التأويل لأن القضية واحدة والراوى واحد فيتعين الجمع بين الروايتين على ما ذكرنا والله أعلم (3) هذا بظاهره يقتضى أنه صلى الله عليه وسلم ما أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة، مع أن الصحيح الثابت برواية أربعة عشر من الصحابة رضي الله عنهم أنه صلى الله عليه وسلم أمر من لم يسق الهدي بفسخ الحج وجعله عمرة، فحينئذ لابد من حمل هذا الحديث على من ساق الهدي، والأمر بالفسخ لمن لم يسق الهدي فلا منافاة، قاله السندي في حاشية مسلم وهو وجيه (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد ابن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب قال كانت عائشة تقول خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أنواع، فمنا من أهل بحج وعمرة، ومنا من أهل بحج مفرد، ومنا من أهل بعمرة فمن كان أهل بحج وعمرة معا لم يحل من شيء مما حرم الله عز وجل عليه حتى يقضى حجه، ومن أهل بعمرة ثم طاف - الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) (289) عن ابن عمر رضى الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا كثير بن هشام قال ثنا جعفر يعنى ابن برقان ثنا نافع عن ابن عمر - الحديث " (5) جاء في رواية أخرى عن نافع بلفظ " أن ابن عمر أخبره" بدل عن ابن عمر (تخريجه) (م) بأطول من هذا

(290) عن حفصة بنة عمر زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضى عنها قالت لما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه أن يحللن بعمرة قلت فما يمنعك يا رسول الله أن تحل معنا؟ قال إنى قد أهديت ولبدت (1) فلا أحل حتى أنحر هديي (2) (291) وعنها أيضا قالت قلت يارسول الله ما شأن الناس حلوا ولم تحل من عمرتك؟ (3) قال إني قد قلدت هديي (4) ولبدت رأسى فلا أحل حتى أحل من الحج (5) (292) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه

_ (290) عن حفصة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى نافع عن عبد الله بن عمر عن حفصة - الحديث " (غريبة) (1) يعنى رأسى كما صرح بذلك في الحديث التالى، وتلبيد الشعر أن يجعل فيه شيء من صمغ عند الإحرام لئلا يشعث ويقمل ابقاء على الشعر، وإنما يلبد من يطول مكثه في الإحرام (2) في الأصل بعد قوله حتى أنحر هديي " وقال يعقوب في كتاب الحج أنحر هديي" (تخريجه) (ق. د. نس. جه. هق) (219) وعنها أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال حدثنى نافع عن ابن عمر عن حفصة قالت قلت يا رسول الله - الحديث" (غريبة) (3) هذا يشعر بظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم كان محرما بعمرة وليس كذلك، بل الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم كان قارنا، وتقدم ذلك واضحا بدلائله في أحكام باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم صحيفة 95 من الجزء الحادى عشر، وعلى هذا فقولنا من عمرتك أي العمرة المضمومة إلى الحج (4) تقليد الهدي هو أن يعلق بعنق البعير قطعة من جلد أو نعل ليعلم أنه هدى فيكف الناس عنه، وفى قوله صلى الله عليه وسلم " قلدت هديي ولبدت رأسى" استحباب التلبيد وتقليد الهدي وهم سنتان (5) يعنى بعد الوقوف بعرفة ورمي الجمار والحلق وطواف الإفاضة، وفيه دلالة على أن القارن لا يتحلل بالطواف الأول والسعي كالمتمتع، بل لابد له من الأفعال المذكورة قبل التحلل كما في الحاج المفرد والله أعلم (تخريجه) (ق. هق. وغيرهم) (292) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا مذهب العلماء في حكم المتمتع متى يحل من إحرامه وحكم القارن والمفرد

وعلى آله وصحبه وسلم لبّد رأسه وأهدى، فلما قدم مكة أمر نساءه أن يحللن (1) قلنا مالك أنت لا تحل؟ قال إنى قلّدت هديي ولبدت رأسى فلا أحل حتى أحل من حجتى وأحلق رأسي

_ فليح عن نافع عن ابن عمر - الحديث (غريبة) (1) ليس الأمر قاصرا على نسائه صلى الله عليه وسلم بل لكل من لم يكن معه هدي من الصحابة رضى الله عنهم رجالا ونساء (تخريجه) لم أقف عليه من مسند ابن عمر إلا عند الإمام أحمد وسنده جيد (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن القارن والمحرم بالحج وحده لا يجوز لهما التحلل من الإحرام إلا بعد الوقوف ورمي الجمار والفراغ من أفعال الحج كلها، وذلك باتفاق العلماء (وفي أحاديث الباب أيضا) مشروعية التلبيد للمحرم وتقليد الهدي، وهومتفق على استحبابه (وحديث عائشة) المذكور أول الباب يدل على أن المعتمر المتمتع إذا كان معه هدي لا يتحلل من عمرته حتى ينحر هديه يوم النحر (وإلى ذلك ذهب الإمامان أبو حنيفة وأحمد وآخرون) قالوا إن لم يكن معه هدي تحلل، فإن كان معه هدي لم يجز أن يتحلل بل يقيم على إحرام حتى يحرم بالحج ويتحلل منهما جميعا (واستدلوا أيضا بحديث حفصة) المذكور في الباب بلفظ " قلت يا رسول الله ما شأن الناس حلوا ولم تحل من عمرتك، قال إني قد قلدت هديي ولبدت رأسى فلا أحل حتى أحل من الحج" (وذهب الإمامان مالك والشافعي) وآخرون إلى أن المتمتع إذا فرغ من أفعال العمرة صار حلالا وحل له الطيب واللباس والنساء وكل محرمات الإحرام سواء أكان ساق الهدي أم لا، وأجابوا عن حديث عائشة بأنه مختصر من حديثها الآخر عند مسلم والإمام أحمد أيضا، وتقدم الكلام عليه في شرح حديث الباب فارجع إليه، وأجابوا عن حديث حفصة بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان مفرداأو قارنا كما سبق تحقيقه ولهذا قال " لو استقبلت من أمري ما استدبرت لما سقت الهدي ولجعلتها عمرة" فلا حجة لهم فيه، لكن حديث عائشة قوي في الدلالة للحنفية والحنابلة لاسيما وقد رواه البخاري بلفظ من أحرم بعمرة فأهدى فلا يحل حتى ينحر" وتأويله المالكية والشافعية أيضا على أن معناه ومن أحرم بعمرة فأهدى فأهل بالحج فلا يحل حتى ينحر هديه ولا يخفى ما فيه من التعسف والله أعلم (وفي الطريق الثانية) من حديث عائشة دلالة ذهب إليه الجمهور أن المعتمر لا يحل حتى يطوف ويسعى ويحلق أو يقصر (قال ابن بطال) لا أعلم خلافا بين أئمة الفتوى أن المعتمر لا يحل حتى يطوف ويسعى إلا ما شذ به ابن عباس فقال يحل من العمرة بالطواف، ووافقه ابن راهوية (ونقل القاضى عياض) عن بعض أهل العلم

(6) باب ما جاء في فسخ الحج إلى العمرة (293) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صبح أربع مضين من ذي الحجة كلنا (1) فأمرنا النبي صلى الله عليه وسلم فطفنا بالبيت وصلينا الركعتين وسعينا بين الصفا والمروة ثم أمرنا فقصرنا ثم قال احلوا (2) قلنا يا رسول الله حل ماذا؟ قال حل ما يحل للحلال من النساء والطيب، قال فغشيت النساء (3) وسطعت المجامر، قال خلف وبلغه أن بعضهم يقول ينطلق أحدنا إلى منى وذكره يقطر منيا (4) قال فخطبهم فحمد الله وأثنى عليه (وفي لفظ فقال قد بلغنى الذى قلتم وإنى لأتقاكم وأبركم) ثم قال إنى لو استقبلت من أمرى ما استدبرت (5) ما سقت الهدي ولو لم

_ إن بعض الناس ذهب إلى أن المعتمر إذا دخل الحرم حل وإن لم يطف ولم يسع وله أن يفعل كل ما حرم على المحرم ويكون الطواف والسعي في حقه كالرمي والمبيت في حق الحاج، وهذا من شذوذ المذاهب وغريبها، وغفل القطب الحلبي فقال فيمن استلم الركن في ابتداء الطواف وأحل حينئذ أنه لا يحصل له التحلل بالإجماع وقد علمت المخالف والله أعلم (293) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين بن محمد وخلف بن الوليد قالا ثنا الربيع يعنى ابن صبيح عن عطاء عن جابر بن عبد الله وإلا فقد ثبت من حديث عائشة عند الشيخين والإمام أحمد وتقدم في باب التخيير في الإحرام صحيفة 143 رقم 102 قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أنواع فمنا من أهل بحج وعمرة ومنا من أهل بحج مفرد، ومنا من أهل بعمرة (2) إلخ أمر صلى الله عليه وسلم بالحل من كان متمتعا أو مفردا ولم يكن معه هدي، أما القارن ومن كان معه هدي فقد بقي على إحرامه (3) اي وطئت وسطعت المجامر أي بالطيب (وقوله قال خلف) يعنى أحد الروايين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث (4) هو إشارة إلى قرب العهد بوطء النساء (5) أي لو علمت في قبل من أمرى ما علمته في دبر منه، والمعنى لو ظهر لي هذا الرأي الذي رأيته الآن لأمرتكم به في أول أمري وابتداء خروجي ولم أسق الهدي، وقد استدل به القائلون

أسق الهدي لأحللت، قال فخذوا عنى مناسككم (1) قال فقام القوم بحلهم حتى إذا كان يوم التروية (2) وأرادوا التوجه إلى منى أهلوا بالحج قال فكان الهدي على من وجد (3) والصيام على من لم يجد وأشرك بينهم في هديهم، الجزور بين سبعة (4) والبقرة بين سبعة وكان طوافهم بالبيت وسعيهم بين الصفا والمروة لحجهم وعمرتهم طوافا واحدا (5) وسعيا واحدا (294) عن البراء بن عازب رضى الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه قال فأحرمنا بالحج، فلما قدمنا مكة قال اجعلوا حجكم عمرة

_ بتفضيل التمتع على القران والأفراد، وتقدم الكلام على ذلك في أحكام باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم (1) أي أحكام حجكم وافعلوا كما أفعل (2) هو الثامن من ذي الحجة (وقوله أهلوا بالحج) أي أحرموا به وفيه دلالة لمذهب الشافعي وموافقيه أن من كان بمكة وأراد الإحرام بالحج استحب له أن يحرم يوم التروية ولا يقدمه عليه (3) أي وجد الهدي وتيسر له، والمراد به هدي التمتع (والصيام على من لم يجد) أي لم يجد الهدي إما لعدم وجود الهدي أو ثمنه أو نحو ذلك من الغلاء الفاحش (4) الجزور البعير ذكرا كان أو انثى إلا أن اللفظة مؤنثة، تقول هذه الجزور وأن اردت ذكرا والجمع جُزر وجزائر، وفيه دلالة لأجزاء كل واحدة من الجزور والبقرة عن سبعة أنفس وقيامها مقام سبع شياه، وفيه أيضا دلالة لجواز الاشتراك في الهدي والأضحية وسيأتى الكلام على ذلك في بابه إن شاء الله (5) يعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم ومن كان قارنا من أصحابه لم يطوفوا بالبيت يوم النحر طوافين طوافا للحج وطوافا للعمرة، بل اقتصروا على طواف واحد هو طواف الإفاضة للحج والعمرة (وقوله وسعيا واحدا) هو الذى حصل عقب طواف القدوم قبل الوقوف بعرفة، ويؤيد ذلك ما رواه مسلم والإمام أحمد وتقدم في باب طواف القارن صحيفة 60 رقم 261 عن جابر قال لم يطف النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بين الصفا والمروة إلا طوافا واحدا طوافه الأول (تخريجه) (ق. وغيرهما) (294) عن البراء بن عازب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو بكر ابن عياش ثنا أبو اسحاق عن البراء بن عازب الحديث (غريبة) (6) أي اجعلوا

قال فقال الناس يا رسول الله قد أحرمنا بالحج فكيف نجعلها عمرة؟ (1) قال انظروا ما آمركم به فأفعلوا، فردوا عليه القول فغضب (2) ثم انطلق حتى دخل على عائشة غضبان، فرأت الغضب في وجهه فقالت من أغضبك أغضبه الله؟ قال ومالي لا أغضب وأنا آمر بالأمر فلا أتبع (3) (295) عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لأربع مضين من ذي الحجة (4) فدخل على وهو غضبان فقلت من أغضبك يا رسول الله أدخله الله النار؟ فقال وما شعرت أنى أمرت الناس بأمر فإذاهم يترددون، قال الحكم كأنهم أحسب (5) ولو أني

_ إحرامكم بالحج عمرة وتحللوا بعمل العمرة، وهومعنى فسخ الحج إلى العمرة (1) هذا دليل ظاهر لمذهب الشافعي ومالك وموافقيها في ترجيح الأفراد وأن أكثرهم كانوا محرمين بالحج، ويتأول رواية من روى متمتعين أنه أراد في آخر الأمر صاروا متمتعين (2) أما غضبه صلى الله عليه وسلم فلانتهاك حرمة الشرع وترددهم في قبول حكمه كما جاء في حديث عائشة الآتى بعد هذا قال (فإذاهم يترددون) وقد قال الله تعالى: " فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما" فغضب صلى الله عليه سلم لما ذكرناه من انتهاك حرمة الشرع والحزن عليهم في نقض إيمانهم بتوقفهم (3) فيه دلالة لاستحباب الغضب عند انتهاك حرمة الدين، وفيه جواز الدعاء على المخالف لحكم الشرع لأن عائشة رضي الله عنها ما دعت على من أغضبه إلا لعلمها أنه صلى الله عليه وسلم لا يغضب إلا لله (تخريجه) (عل) قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح (295) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا محمد بن جعفر وروح قالا ثنا شعبة عن الحكم عن على بن حسين قال روح سمعت على بن حسين عن ذكوان مولى عائشة - الحديث" (غريبة) (4) زاد مسلم " أو خمس" يعنى أو خمس مضين من ذي الحجة وأو للشك من الراوي، وقد جاء في حديث جابر المتقدم " لأربع" من غير شك مع تعيين الوقت الذى قدموا فيه " فقال قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صبح أربع مضين من ذي الحجة (1) لفظ مسلم " وقال الحكم كأنهم يترددون أحسب"

استقبلت من أمري ما استدبرت ما سقت الهدى معى حتى أشتريه ثم أحل كما أحلوا قال روح يترددون فيه (2) قال كأنهم هابوا أحسب (296) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور في الأرض ويجعلون المحرم صفرا، ويقولو إذا برأ الدبر وعفا الأثر، وانسلخ صفر، حلت العمرة لمن اعتمر (3) فلما قدم النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وأصحابه لصبيحة (وفى رواية لصبح) رابعة مهلين بالحج فأمرهم أن يجعلوها عمرة (4) فتعاظم ذلك عندهم

_ (قلت) والحكم هذا هو أحد رواة هذا الحديث (قال القاضى عياض) كذا وقع هذا اللفظ وهو صحيح وإن كان فيه اشكال، قال وزاد اشكاله تغيير فيه وهو قوله قال الحكم كأنهم يترددون، وكذا رواه ابن أبى شيبة عن الحكم، ومعناه أن الحكم شك في لفظ النبي صلى الله عليه وسلم هذا مع ضبطه لمعناه، فشك هل قال يترددون أو نحوه من الكلام، ولهذا قال بعده أحسب أي أظن أن هذا لفظه، ويؤيده قول مسلم بعده في حديث غندر ولم يذكر الشك من الحكم في قوله يتردودن والله أعلم اهـ (2) روح أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث، يعنى أنه قال في روايته يترددون فيه فزاد لفظ فيه، ثم فسر هذا التردد بأنهم هابوا أن يحلوا من حجهم ويجعلوه عمرة أي حرصا على الاقتداء به لا أنهم خالفوا أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأبوا عليه ثم قال أحسب يعنى أظن ذلك والله أعلم (تخريجه) مسلم وغيره (296) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس - الحديث " (غريبة) (3) لم يذكر في هذه الرواية الذين كانوا يرون العمرة في أشهر الحج من أفجر الفجور ويقولون هذا القول، وقد جاء ذلك في رواية أخرى عند أبى داود وابن حبان والإمام أحمد وتقدم في باب جواز العمرة في جميع أشهر السنة صحيفة 54 رقم 48 من الجزء الحادى عشر عن ابن عباس قال ما أعمر رسول الله صلى عليه وسلم عائشة ليلة الحصبة إلا قطعا لأمر أهل الشرك فإنهم كانوا يقولون إذا أدبر الدبر إلخ. فعرف بهذا تعيين القائلين وهم أهل الشرك يعنى أهل الجاهلية وتقدم شرح هذه الألفاظ في الحديث المشار إليه فارجع إليه إن شئت (4) هو فسخ الحج

فقالوا يا رسول الله أي الحل (1) قال الحل كله (279) وعنه أيضا قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم لصبح رابعة مهلين بالحج فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدي، قال فلبست القمص وسطعت المجامر ونكحت النساء (298) عن مجاهد عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال هذه عمرة استمتعنا بها (2) فمن لم يكن

_ إلى العمرة، وهذا موضع الاستدلال من حديث الباب، وكأن هذا الحديث هو السبب في أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بفسخ الحج إلى العمرة لبيان جوازها في أشهر الحج ولإبطال عقيدة أهل الشرك (قال الكرماني) ماوجه تعلق انسلاخ صفر بالاعتمار في أشهر الحج الذى هو المقصود من الحديث، والمحرم وصفر ليسا من أشهر الحج (وأجاب) بقوله لما سموا المحرم صفرا وكان من جملة تصرفاتهم فعل السنة ثلاثة عشر شهرا صار صفر على هذا التقدير آخر السنة وآخر أشهر الحج، إذ لابرء في أقل من هذه المدة غالبا وأما ذكر انسلاخ صفر الذي من الأشهر الحرم بزعمهم فلأجل أنه لو وقع قتال في الطريق وفي مكة لقدروا على المقاتلة، فكأنه قال إذا انقضى شهر الحج وأثره والشهر الحرام جاز الاعتمار، أو يراد بالصفر المحرم ويكون إذا انسلخ صفر كالبيان والبدل لقوله إذا برأ الدبر، فإن الغالب أن البرء لا يحصل من أثر سفر الحج إلا في هذه المدة وهي ما بين أربعين إلى خمسين ونحوه اهـ (وقوله فتعاظم ذلك عندهم) أي لما كانوا يعتقدونه أولا (1) كأنهم كانوا يعرفون أن للحج تحللين فارادوا بيان ذلك، فبين لهم أنهم يتحللون الحل كله يعنى جميع ما يحرم على المحرم حتى الجماع، لأن العمرة ليس لها إلا تحلل واحد (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم) (297) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا أيوب عن رجل قال سمعت ابن عباس - الحديث " (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد، وفي إسناده راو لم يسم، ومعناه في الصحيحين (298) عن مجاهد عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا شعبة ومحمد قال حدثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد عن ابن عباس - الحديث " (غريبة) (2) احتج بهذا من قال إن حجه صلى الله عليه وسلم كان تمتعا وتأوله من ذهب

معه هدي فليحل الحل كله فقد دخلت العمرة في الحج (1) إلى يوم القيامة (299) عن عطاء عن ابن عباس رضي الله عنهما قال من قدم حاجا (2) وطاف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد انقضت حجته (3) وصارت عمرة كذلك سنة الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (300) عن كريب مولى ابن عباس عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما قال قلت يا ابا العباس ارأيت قولك ما حج رجل لم يسق الهدى معه ثم طاف بالبيت إلا حل بعمرة (4) وما طاف بها حاج قد ساق معه الهدي

_ إلى خلافه بأنه صلى الله عليه وسلم أراد من أصحابه كما يقول الرجل الرئيس في قومه فعلنا كذا وهو لم يباشر ذلك، وقد تقدم الكلام على حجه صلى الله عليه وسلم في أحكام باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم في الجزء الحادى العشر (1) قيل معناه سقط فعلها بالدخول في الحج وهو على قول من لا يرى العمرة واجبة، وأما من يرى أنها واجبة فقال النووي (قال أصحابنا) وغيرهم فيه تفسير أن (أحدهما) معناه دخلت أفعال العمرة في أفعال الحج إذا جمع بينهما بالقرآن (والثاني) معناه لا بأس بالعمرة في أشهر الحج (قال الترمذي) هكذا قال الشافعي وأحمد واسحاق اهـ (تخريجه) (م. د. نس) (299) عن عطاء عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله بن ميمون أبو عبد الرحمن الرقى قال أنا الحسن يعنى أبا المليح عن حبيب يعنى ابن أبى مرزوق عن عطاء عن ابن عباس - الحديث (غريبة) (2) يعنى محرما بالحج ولم يكن معه هدى أخذا من الأحاديث السابقة واللاحقة (3) مذهب ابن عباس رضى الله عنهما أن من كان محرما بحج مفرد وطاف بالبيت وبين الصفا والمروة فإن طوافه هذا يصيره إلى عمرة شاء أو أبى، وإليه ذهبت طائفة من أهل الظاهر وقال الإمام أحمد باستحبابة (تخريجه) هذا الأثر لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (300) عن كريب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقول ثنا أبى عن ابن اسحاق حدثنى محمد بن مسلم الزهري عن كريب - الحديث" (غريبة) (4) يعنى سواء أكان محرما بحج أو عمرة، فإن كان محرما بعمرة فالأمر ظاهر، وإن كان محرما بحج فطوافه بالبيت وبالصفا والمروة يفسخ حجه إلى عمرة، وتقدم أن هذا مذهب ابن عباس

إلا اجتمعت له عمرة وحجة (1) والناس لا يقولون هذا، فقال ويحك إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج ومن معه من أصحابه لا يذكرون إلا الحج، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يكن معه الهدي أن يطوف بالبيت ويحل بعمرة، فجعل الرجل منهم يقول يا رسول الله إنما هو الحج، فيقول رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم إنه ليس بالحج ولكنها عمرة (2) (301) عن قتادة عن أبى حسان قال قال رجل من بنى الهجيم يا أبا عباس ما هذه الفتيا التى تفشغت (3) بالناس أن من طاف بالبيت (4) فقد حل فقال سنة نبيكم صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم وإن رغمتم (زاد في رواية بعد قوله وإن رغمتم) قال همام (5) يعنى من لم يكن معه هدي (302) عن مجاهد قال قال عبد الله بن الزبير أفرادوا الحج ودعوا قول هذا (6) يعنى ابن عباس، فقال ابن عباس ألا تسأل أمك (7) عن هذا؟

_ ووافقه الإمام أحمد وبعض الظاهرية (وقوله وما طاف بها) أي بالكعبة وبالصفا والمروة (1) يعنى إن كان قارنا (2) أي صارت هذه الحجة عمرة بسبب الفسخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال هو في الصحيح باختصار، ورواه أحمد ورجاله ثقات (301) عن قتادة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا شعبة عن قتادة - الحديث" (غريبة) (3) بفاء ثم شين فغين معجمتان، أي فشت وانتشرت (4) يعنى وبالصفا والمروة ولم يكن معه هدي (5) هو أحد رواة هذا الحديث من طريق آخر فسر فتيا ابن عباس بأن المراد من لم يكن معه هدي (تخريجه) (م. وغيره) (302) عن مجاهد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن فضيل قال ثنا يزيد يعنى ابن أبى زياد عن مجاهد - الحديث" (غريبة) (6) معناه أحرموا بالحج مفردا لأنه كان ينهى عن العمرة في أشهر الحج سواء أكانت مفردة أم مقرونة بالحج ثم رجع عن ذلك بدليل ما روي عنه وتقدم في باب ما جاء في التمتع بالعمرة إلى الحج صحيفة 166 رقم 132 في الجزء الحادي عشر (7) يعنى أسماء بنت أبى بكر رضي الله عنهما

فأرسل إليها فقالت صدق ابن عباس، خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاجا فأمرنا فجعلناها عمرة فحل لنا الحلال حتى سطعت المجامر بين النساء والرجال (203) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال خرجنا نصرخ بالحج (1) فلما قدمنا مكة أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نجعلها عمرة وقال لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لجعلتها عمرة ولكنى سقت الهدي وقرنت الحج والعمرة (2) (304) عن ابن أبى سعيد (الخدري رضي الله عنه) قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نصرخ بالحج صراخا حتى إذا طفنا بالبيت قال اجعلوها عمرة إلا من كان معه الهدين قال فجعلناها عمرة فحللنا فلما كان يوم التروية صرخنا بالحج (3) وانطلقنا إلى منى (305) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وفي إسناده يزيد بن أبى زياد فيه كلام، ومعناه في صحيح مسلم (303) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أحمد ابن عبد الملك ثنا زهير ثنا حميد الطويل عن أنس - الحديث" (غريبة) (1) معناه أنهم كانوا محرمين بالحج رافعين أصواتهم بالتلبية به، وقد احتج به الجمهور على استحباب رفع الصوت بالتلبية وتقدم الكلام عليه في بابه (2) احتج به القائلون بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان قارنا وهو أرجح الأقوال والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث أنس لغير الإمام أحمد وسنده جيد، ومعناه في الصحيحين وغيرهما من حديث جابر وغيره (304) عن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن عدي عن داود عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدري - الحديث" (غريبة) (3) أي أحرمنا به (تخريجه) (م. وغيره) (305) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا خالد ثنا يزيد بن أبى زياد عن ابن عباس رضى الله عنهما - الحديث "

حجاجا فأمرهم فجعلوها عمرة، ثم قال لو استقبلت من أمرى ما استدبرت لفعلت كما فعلوا، ولكن دخلت العمرة في الحج إلى يوم القيامة (1) ثم أنشب أصابعه بعضها في بعض، فحل الناس إلا من كان معه هدي، وقدم على من اليمن (2) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بم أهللت؟ قال أهللت بما أهللت به قال فهل معك هدي؟ قال لا قال فأقم كما أنت (3) ولك ثلث هديي، قال وكان مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مائة بدنة (306) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نحسب إلا أننا حجاجا (4) فلما قدمنا مكة نودي فينا من كان منكم ليس معه هدي فليحلل، ومن كان معه هدي فليقم على إحرامه، قال فأحل الناس بعمرة إلا من كان ساق الهدي، قال وبقي النبي صلى الله عليه وعلى

_ (غريبه) (1) فسره الجمهور بجواز فعل العمرة في أشهر الحج إلى يوم القيامة وأن القصد إبطال زعم الجاهلية منع ذلك، وله تفاسير غير هذا ستأتي في الأحكام إن شاء الله تعالى (وقوله ثم أنشب أصابعه) أي شبك أصابعه كما صرح بذلك في رواية مسلم من حديث جابر، وإدخال الأصابع بعضها في بعض تستدعي إدخال أحد النسكين في الآخر (2) لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بعثه إليها (وقوله بم أهللت) أي يسأل النبي صلى الله عليه وسلم عليا عن إحرامه هل أحرم بحج مفرد أم بعمرة أو قرن الحج بالعمرة، فأجابه علي رضي الله عنه بأنه علق إحرامه بإحرام النبي صلى الله عليه وسلم وهذا جائز وتقدم الكلام عليه في بابه (3) أي لا تحل من أحرامك وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم ثلث الهدي الذي كان معه حيث قد علق إحرامه بإحرام النبي صلى الله عليه وسلم ليكون موافقا له (تخريجه) لم أقف عليه من حديث ابن عباس لغير الإمام أحمد وفي اسناده يزيد بن ابى زياد فيه كلام، وأخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه من حديث جابر وهو يعضده (306) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا قطن عن أبى الزبير عن جابر - الحديث (غريبة) (4) يعنى

آله وصحبه وسلم (1) ومعه مائة بدنة، وقدم على من اليمن (2) الحديث (207) وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه (308) عن جابر رضي الله عنه أن رسو الله صلى الله عليه وسلم أهل وأصحابه بالحج وليس مع أحد منهم يومئذ هدي إلا النبي وطلحة (3) وكان على قدم من اليمن ومعه الهدي، فقال أهللت بما أهل به رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه أن يجعلوها عمرة ويطوفوا ثم يقصروا ويحلوا إلا

_ محرمين بالحج (1) يعنى بقى على إحرامه لم يحل لأنه ساق الهدي (2) بقيته فقال له بأي شيء أهللت؟ قال قلت اللهم إني أهل بما أهل به نبيك صلى الله عليه وسلم قال فأعطاه نيفا على الثلاثين من البدن، قال ثم بقيا على إحرامهما حتى بلغ الهدي محله (تخريجه) (ق. وغيرهما) (307) وعن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله بن أحمد عن بكر بن عبد الله عن ابن عمر أنه قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وأصحابه ملبين وقال عفان ملهين بالحج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شاء أن يجعلها عمرة إلا من كان معه الهدي، قالوا يارسول الله أيروح أحدنا إلى منى وذكره يقطر منيا؟ قال نعم وسطعت المجامر، وقدم على بن ابي طالب من اليمن فقال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم بما أهللت؟ قال أهللت بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم. قال حميد فإن لك معنا هديا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بم أهللت؟ قال أهللت بما أهل به النبي صلى الله عليه وسلم. قال حميد فإن لك معنا هديا، قال حميد فحدثت به طاوسا فقال هكذا فعل القوم، قال عفان اجعلها عمرة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال هو في الصحيح باختصار. رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (قال الشوكاني) وهو من أحاديث الفسخ التى قام بها ابن القيم كلها صحاح وهو أحد الأحاديث التى قال أحمد بن حنبل أن عنده في الفسخ أحد عشر حديثا صحاح اهـ. (308) عن جابر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الوهاب الثقفي ثنا حبيب يعنى المعلم عن عطاء حدثنى جابر رضي الله عنه - الحديث" (غريبة) (3) ظاهره أن الهدي لم يكن مع أحد إلا النبي صلى الله عليه وسلم وطلحة فقط، وهو يخالف ما سيأتى في حديث عائشة رضي الله عنها حيث قالت " وكان الهدي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وذوي اليسارة" ويجمع بينهما بأن كلا منهما ذكر من اطلع عليه، وقد روي مسلم أيضا من طريق مسلم القري" بضم القاف وتشديد الراء" عن ابن عباس في هذا

من كان معه الهدي، فقالوا ننطلق إلى منى وذكر أحدنا يقطر (1) فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لو أنى استقبل من أمري ما أستدبر ما أهديت، ولولا أن معي الهدي لأحللت، وأن عائشة حاضت فنسكت المناسك كلها غير أنها لم تطف بالبيت، فلما طهرت طافت (2) قالت يا رسول الله أتنطلقون بحج وعمرة وأنطلق بالحج؟ (3) فأمر عبد الرحمن أن يخرج معها إلى التنعيم فاعتمرت بعد الحج في ذي الحجة، وأن سراقة بن مالك بن جعشم لقى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بالعقبة (4) وهو يرميها فقال ألكم هذه خاصة يا رسول الله؟ (5) قال لا، بل للأبد (6)

_ الحديث، وكان طلحة ممن ساق الهدي فلم يحل، وهذا شاهد لحديث جابر في ذكر طلحة في ذلك، وشاهد لحديث عائشة في أن طلحة لم ينفرد بذلك وداخل في قولها وذوي اليسار، ولمسلم أيضا من حديث أسماء بنت أبى بكر أن الزبير ممن كان معه الهدي (1) يعنى يقطر منيا كما صرح بذلك في الأحاديث المتقدمة، وإنما قالوا ذلك لأنه شق عليهم أن يحلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم محرم، ولم يعجبهم أن يرغبوا بأنفسهم عن نفسه ويتركوا الاقتداء به (قال الطيبي) ولعلهم إنما شق عليهم لأفضائهم إلى النساء قبل انقضاء المناسك (2) اتفقت الروايات كلها على أنها طافت طواف الإفاضة يوم النحر (3) أي لأنها لم تأت بعمرة مفردة مثل الذين أتوا بها فأرادت أن تكون مثلهم " وعبد الرحمن" هو ابن أبى بكر أخو عائشة رضي الله عنها (4) جملة حالية، أي والنبي صلى الله عليه وسلم كان بعقبة منى (وقوله وهو يرميها) جملة حالية أيضا أي والنبي صلى الله عليه وسلم يرمى جمرة العقبة (5) يعنى والله أعلم فسخ الحج إلى العمرة كما يدل على ذلك سياق الحديث (6) اي لهم ولمن بعدهم على توالى السنين، وذهب الجمهور إلى أن معناه جواز فعل العمرة في أشهر الحج أبطالا لما كان عليه أهل الجاهلية، وقيل معناه جواز القران، أي دخلت أفعال الحج في أفعال العمرة (قال الحافظ) والظاهر أن السؤال وقع عن الفسخ، والجواب وقع عما هو أعم من ذلك حتى يتناول التأويلات المذكورة، والله أعلم (تخريجه) (ق. د. وغيرهم)

(309) عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه كانت عائشة تقول خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نذكر إلا الحج، فلما قدمنا سرف طمثت (1) فدخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي، فقال ما يبكيك؟ قلت وددت أني لم أخرج العام (2) قال لعلك نفست (3) يعنى حضت، قالت نعم، قال إن هذا شيء كتبه الله على بنات آدم (4) فافعلي ما يفعل الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت حتى تطهري (5) فلما قدمنا مكة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه اجعلوها عمرة، فحل الناس إلا من كان معه هدي، وكان الهدي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وذوي اليسارة، قالت ثم راحوا مهلين بالحج فلما كان يوم النحر طهرت فأرسلنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأضت يعنى طفت، قالت فأتينا بلحم بقر فقلت ما هذا؟ قالواهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح عن نسائه البقر (6)

_ (309) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم بن القاسم قال ثنا عبد العزيز يعنى ابن عبد الله بن أبى سلمة عن عبد الرحمن بن القاسم - الحديث" (غريبة) (1) بفتح الطاء وكسر الميم أي حضت (2) إنما قالت ذلك عائشة رضي الله عنها لظنها أن الحيض يمنعها من الحج (3) بفتح النون وكسر الفاء أي حضت كما فسره الراوي، وأما الولادة فيقال فيه نفست بضم النون، قاله الطيبى (4) قال القاري فيه تسلية لها فإن البلية إذا عمت طابت (وقال النووي) معناه أنك لست مختصة به بل كل بنات آدم يكون منهن هذا كما يكون منهن ومن الرجال البول (5) هذا الاستسناء مختص بأحوال الحج لا بجميع أحوال المرأة، وأما السعي فكالطواف إذ لا يصبح إلا بعد الطواف واختلف في علة المنع من الطواغ فمن شرط الطهارة في الطواف قال لأنها غير طاهر، ومن لم يشترط قال لأن البيت في المسجد والحائض لا تدخل المسجد (6) في رواية عروة عن عائشة ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن اعتمر من نسائة بقرة، ذكره ابن عبد البر من حديث الأوزاعي عن الزهري عن عروة، وفي الصحيحين من حديث جابر ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نسائه بقرة يوم النحر (وفي رواية) بقرة في حجته (وفي رواية) ذبحها عن نسائه

قالت فلما كانت ليلة الحصبة (1) قلت يا رسول الهل يرجع الناس بحجة وعمرة وأرجع بحجة، فأمر عبد الرحمن بن أبى بكر فأردفنى على جمله، قالت فإني لأذكر وأنا جارية حديثة السن أنى أنعس فتضرب وجهي مؤخرة (2) الرحل حتى جاء بى التنعيم فأهللت بعمرة جزاء لعمرة الناس التى اعتمروا (3) (310) عن الحارث بن بلال عن أبيه (بلال بن الحارث رضى الله عنه) قال قلت يا رسول الله فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة؟ قال: بل لنا خاصة (4) " خط" (وعنه من طريق ثان) (5) عن أبيه رضى الله عنه قال يارسول الله أرأيت متعة الحج (6) لنا خاصة أم للناس عامة؟ فقال لا بل لنا خاصة

_ وعند الحاكم من حديث بن أبى كثير عن أبى سلمة عن أبى هريرة " ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن اعتمر من نسائه في حجة الوداع بقرة بينهن" وقال صحيح على شرط الشيخين وهذا الذي ذبحه النبي صلى الله عليه وسلم عن نسائه هو هدي التمتع، فليس فيه حجه على مالك في قوله لا ضحايا على أهل أمتى (1) هي الليلة التى تلى أيام التشريق، وسميت بذلك لنزوله صلى الله عليه وسلم بالمحصب في تلك الليلة بعد طوف الوداع وخروجه من مكة وهو الشعب الذي مخرجه إلى الأبطح بين مكة ومنى " والمحصب " أيضا موضع بمنى سميا بذلك للحصى الذي فيهما (2) بضم الميم وكسر الخاء المعجمة بينهما همزة ساكنة (والرحل) بفتح الراء مشددة وسكون الحاء المهملة هو للبعير كالسرج للفرس (3) أي تقوم مقام عمرة الناس وتكفيني عنها (تخريجه) (ق. وغيرهما) (310) عن الحارث بن بلال (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج بن النعمان قال ثنا عبد العزيز يعنى ابن محمد قال أخبرنى ابن ربيعة بن أبى عبد الرحمن عن الحارث بن بلال - الحديث " (غريبة) (4) استدل به القائلون بأن فسخ الحج إلى العمرة كان خاصا بسنة حج النبي صلى الله عليه وسلم وسيأتى ذكرهم في الأحكام (5) " خط" (سنده) حدثنا عبد الله قال وجدت في كتاب أبى بخط يده حدثنى قريش بن إبراهيم قال ثنا عبد العزيز ابن الدراوردي قال أخبرنى ربيعة بن أبى عبد الرحمن قال سمعت الحارث بن بلال بن الحارث يحدث عن أبيه - الحديث (6) المراد بقوله متعة الحج يعنى التى فعلها أصحاب

.

_ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهي فسخ الحج إلى العمرة بدليل ما تقدم في الطريق الأولى أنه قال يا رسول الله فسخ الحج لنا خاصة إلخ (تخريجه) (د. نس. جه) وأورده صاحب المنتقى وقال قال أحمد بن حنبل حديث بلال بن الحارث عندي ليس يثبت ولا أقول به ولا يعرف هذا الرجل يعنى الحارث بن بلال، وقال أرأيت لو عرف الحارث بن بلال إلا أن أحد عشر رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يرون ما يرون من الفسخ، أين يقع الحارث بن بلال منهم، قال ولا يصح حديث في أن الفسخ كان لهم خاصة، وهذا أبو موسى الأشعري يفى به في خلافة أبى بكر وشطرا من خلافة عمر اهـ (قال صاحب المنتقى) ويشهد لما قاله قوله في حديث جابر بل هي للأبد اهـ (وقال المنذري) إن الحارث يشبه المجهول. وقال الحافظ الحارث ابن بلال من ثقات التابعين (وقال ابن القيم) نحن نشهد بالله أن حديث بلال بن الحارث هذا لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو غلط عليه، قال ثم كيف يكون هذا ثابتا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عباس يفتى بخلافه ويناظر عليه طوال عمره بمشهد من الخاص والعام وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم متوافرو ولا يقول له رجل واحد منهم هذا كان مختصا بنا ليس لغيرنا اهـ (زوائد الباب) (وعن الربيع بن سبرة) عن أبيه رضى الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان قال له سراقة بن مالك المدلجي يا رسول الله اقض لنا قضاء قوم كأنما ولدوا اليوم، فقال إن الله عز وجل قد أدخل عليكم في حجكم عمرة فإذا قدمتم فمن تطوّف بالبيت وبين الصفا والمروة فقد حل إلا من كان معه هدي (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح (وعن سليم بن الأسود) أن أبا ذر كان يقول فيمن حج ثم فسخها بعمرة لم يكن ذلك إلا للركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (د) وهو موقوف على أبى ذر (وعن إبراهيم التيمي) عن أبيه عن أبى ذر قال كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة (م. نس. جه) وأورد الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ما يأتى (عن سهل بن حنيف) قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجاجا فأهللنا بالحج فلما قدمنا مكة فأمرنا أن نجعلها عمرة (طب) ورجاله موثقون (وعن معقل بن يسار) قال حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدنا عائشة تنزع ثيابها، فقال لها مالك؟ قالت أنبئت أنك قد أحللت وأحللت أهلك، قال أحل من ليس معه هدي، وأما نحن فلم نحل، إن معنا بدنا حتى نبلغ عرفات (طب) وفيه عبيد الله بن ابى حميد وهومتروك (وعن عبد الله ابن هلال المزني) صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليس لأحد بعدنا أن يحرم بالحج ثم يفسخ حجه بعمرة، رواه الطبراني في الكبير والبزار إلا أنه قال عبد الله بن عبد المزني، وفيه كثير بن عبد الله المزني وهو متروك اهـ ما أورده الحافظ الهيثمي (الأحكام) أحاديث

_ الباب تدل على مشروعية فسخ الحج إلى العمرة ومعناه أن من أحرم بالحج مفردا أو قارنا ولم يسق الهدي وطاف بالبيت وسعى بين الصفا والمروة قبل الوقوف بعرفة له أن يفسخ نيته بالحج وينوى عمرة مفردة، فيقصر ويحل من إحرامه ليصير متمتعا (قال النووي) رحمه الله وقد اختلف العلماء في هذا الفسخ هل هو خاص للصحابة تلك السنة خاصة أم باق لهم ولغيرهم إلى يوم القيامة؟ (فقال أحمد وطائفة من أهل الظاهر) ليس خاصا بل هو باق إلى يوم القيامة فيجوز لكل من أحرم بحج وليس معه هدي أن يقلب إحرامه عمرة ويتحلل بأعمالها (وقال مالك والشافعي وأبو حنيفة) وجماهير العلماء من السلف والخلف هو مختص بهم في تلك السنة لا يجوز بعدها، وإنما أمروا به تلك السنة ليخالفوا ما كانت عليه الجاهلية من تحريم العمرة في أشهر الحج، ومما يستدل به للجماهير حديث أبى ذر رضي الله عنه الذي ذكره مسلم قال " كانت المتعة في الحج لأصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة" يعنى فسخ الحج إلى العمرة (وفي كتاب النسائي) عن الحارث بن بلال عن أبيه قال قلت يا رسول الله فسخ الحج لنا خاصة أم للناس عامة فقال بل لنا خاصة، وأما الذى في حديث سراقة ألعامنا هذا أم للأبد فقال لأبد أبد " هكذا رواية مسلم" ورواية الإمام أحمد " لا بل للأبد" فمعناه جواز الاعتمار في أشهر الحج، قال فالحصل من مجموع طرق الأحاديث ان العمرة في أشهر الحج جائزة إلى يوم القيامة وكذلك القرآن، وأن فسخ الحج إلى العمرة مختص بتلك السنة اهـ كلام النووي (قلت) لكن عارض المجوزون للفسخ وهم الإمام أحمد ومجاهد والحسن وداود الظاهري وأهل الظاهر ما احتج به المانعون وهم الجمهور بأحاديث كثيرة صحيحة جاءت عن خمسة عشر من الصحابة، روى الإمام أحمد رحمه الله ثلاثة عشر حديثا منها في مسنده، أوردت منها في هذا الباب تسعة أحاديث عن تسعة من الصحابة وهم جابر، والبراء، وعائشة، وابن عباس، واسماء، وأنس، وأبو سعيد، وابن عمر، وسراقة رضي الله عنهم والعاشر عن حفصة وتقدم في الباب السابق والحادي عشر عن علي، والثاني عشر عن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، والثالث عشر عن أبى موسى رضي الله عنهم، وهذه تقدمت في أبواب متفرقة من أبواب الحج، وبقى حديثان من الخمسة عشر (أحدهما) عن الربيع بن سبرة (والثاني) عن سهل بن حنيف رضى الله عنهما ذكرتهما في الزوائد (قال الحافظ ابن القيم) رحمه الله في الهدى، وروى ذلك عن هؤلاء الصحابة طوائف من كبار التابعين حتى صار منقولا عنهم نقلا يرفع الشك ويوجب اليقين ولا يمكن أحد أن ينكره أو يقول لم يقع وهو مذهب أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ومذهب حبر الأمة وبحرها ابن عباس وأصحابه ومذهب أبى موسى الأشعري، ومذهب إمام أهل السنة والحديث أحمد بن حنبل وأهل الحديث معه، ومذهب

_ عبد الله بن حسان العنبري قاضى البصرة، ومذهب أهل الظاهر اهـ (قلت) فهذه الأحاديث الصحيحة تقضى بجواز فسخ الحج إلى العمرة وهي حجة قوية للإمام أحمد ومن وافقه، وعمدة الجمهور في الاستدلال حديث أبى ذر المذكور في الزوائد، وحديث بلال ابن الحارث المذكور آخر أحاديث الباب (أما حديث أبى ذر) فلا يصلح للاحتجاج به على أنها مختصة بتلك السنة وبذلك الركب، وغاية ما فيه أنه قول صحاب فيما هو مسرح للاجتهاد فلا يكون حجة على أحد على فرض أنه لم يعارضه غيره. فكيف إذا عارضه رأي غيره من الصحابة كابن عباس فقد روي عنه مسلم والإمام أحمد وتقدم في أحاديث الباب أنه كان يقول " ما حج رجل لم يسق الهدي معه ثم طاف بالبيت إلا حل بعمرة" الحديث (وأخرج عنه عبد الرزاق) أنه قال " من جاء مهلا بالحج فإن الطواف بالبيت يصيره إلى عمرة" واخرجه أيضا الإمام أحمد في أحاديث الباب بمعناه، وكأبى موسى فإنه كان يفتى بجواز فسخ الحج إلى العمرة كما تقدم في حديثه رقم 98 صحيفة 138 في أول (باب من أحرم مطلقا أو قال أحرمت بما أحرم به فلان) قال فما زلت أفتى الناس بالذي أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توفى، ثم زمن أبى بكر رضي الله عنه، ثم زمن عمر رضى الله عنه، على أن قول أبى ذر رضى الله عنه معارض بصريح السنة كما تقدم في جوابه صلى الله عليه وسلم لسراقة بقوله " بل للأبد " لما سأله عن متعتهم تلك بخصوصها مشيرا إليها بقوله ألكم هذه خاصة يا رسول الله؟ فليس في المقام متمسك بيد المانعين يعتد به ويصلح لنصبه في مقابلة هذه السنة المتواترة (قال ابن قدامة المقدسى) رحمه الله في الشرح الكبير ذكر أبو حفص في شرحه باسناده عن إبراهيم الخرقي، وقد سئل عن فسخ الحج إلى العمرة. فقال قال سلمة بن شبيب لأحمد بن حنبل يا أبا عبد الله كل شيئ منك حسن جميل إلا خلة واحدة، فقال وما هي؟ قال تقول بفسخ الحج، قال أحمد قد كنت أرى أن لك عقلا عندي ثمانية عشر حديثا صحاحا جيادا كلها في فسخ الحج. اتركها لقولك؟ وقد روى فسخ الحج إلى العمرة ابن عمر وابن عباس وجابر وعائشة رضي الله عنهم وأحاديثهم متفق عليها، ورواه غيرهم من وجوه صحاح، ثم ذكر حديث جابر الطويل المذكور في أحاديث الباب، ثم قال وحديث أبى ذر رواه مرقع الأسدي، فمن مرقع الأسدي؟ شاعر من أهل الكوفه لم يلق أبا ذر، فقيل له أفليس قد روى الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن إبى ذر قال كانت لنا متعة الحج خاصة أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفيقول هذا أحد؟ المتعة في كتاب الله، وقد أجمع الناس على أنها جائزة، قا ل الجوزجاني مرقع الأسدي ليس بالمشهور، ومثل هذه الأحاديث في ضعفها وجهالة رواتها لا تقبل إذا انفردت فكيف تقبل في رد حكم ثابت بالتواتر مع أن قول أبى ذر من رأيه وقد خالفه من هو أعلم منه

_ وقد شذ به عن الصحابة رضى الله عنهم فلا يكون حجة اهـ ما ذكره ابن قدامة (وأما حديث الحارث بن بلال عن أبيه) فقد نقول قول الإمام أحمد فيه عند تخريجه فهو غير صالح للتمسك به على انفراده فكيف إذا وقع معارضا لأحاديث خمسة عشر صحابيا كلها صحيحة، وقد أبعد من قال إنه منسوخة لأن دعوى النسخ لا تثبت إلا بنص صحيح متأخر عن هذه النصوص، وأما مجر الدعوى فأمر لا يعجز عنه أحد، وأما ما رواه البزار عن عمر رضي الله عنه أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحل لنا المتعة ثم حرمها علينا، فقال الحافظ ابن القيم إن هذا الحديث لا سند له ولا متن، أما سنده فمما لا تقوم به حجة عند أهل الحديث، وأما متنه فإن المراد بالمتعة فيه متعة النساء، ثم استدل على أن المراد ذلك بإجماع الأمة على أن متعة الحج غير محرمة، وبقول عمر لو حججت لتمتعت كما ذكره الأثرم في سننه، وبقول عمر لما سئل هل نهى عن متعة الحج فقال لا أبعد كتاب الله؟ أخرجه عنه عبد الرزاق وبقوله صلى الله عليه وسلم بل للأبد فإنه قطع لتوهم ورود النسخ عليها (واستدل على النسخ) بما أخرجه أبو داود أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أتى عمر بن الخطاب فشهد عنده أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن العمرة قبل الحج، وهو من رواية سعيد بن المسيب عن الرجل المذكور وهو لم يسمع من عمر، وقال أبو سليمان الخطابي في إسناد هذا الحديث مقال، وقد اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته وجوز ذلك إجماع أهل العلم ولم يذكر فيه خلافا اهـ (ومن جملة ما تمسك به المانعون) من الفسخ أنه إذا اختلف الصحابة ومن بعدهم في جواز الفسخ فالاحتياط يقتضى المنع منه صيانة للعبادة (وأجيب) بأن الاحتياط إنما يشرع إذا لم تتبين السنة، فإذا ثبتت فالاحتياط هو اتباعها وترك ما خالفها، فإن الاحتياط نوعان، احتياط للخروج من خلاف العلماء، واحتياط للخروج من خلاف السنة، ولا يخفى رجحان الثانى على الأول (قال الحافظ ابن القيم) في الهدى وأيضا فإن الاحتياط ممتنع فإن للناس في الفسخ ثلاثة أقوال على ثلاثة أنواع (أحدهما) أنه محرم (الثانى) أنه واجب وهو قول جماعة من السلف والخلف (الثالث) أنه مستحب فليس الاحتياط بالخروج من خلاف السنة اهـ (ومن متمسكاتهم أيضا) أن النبي صلى الله عليه وسلم أمرهم بالفسخ ليبين لهم جواز العمرة في أشهر الحج لمخالفته الجاهلية (وأجاب) الحافظ ابن القيم بأن النبي صلى الله عليه وسلم قد اعتمر قبل ذلك ثلاث عمر في أشهر الحج كما سلف، وبأن النبي صلى الله عليه سلم قد بين لهم جواز الاعتمار عند الميقات فقال من شاء أن يهل بعمرة فليفعل، الحديث في الصحيحين (قلت وعند الإمام أحمد أيضا وتقدم) قال فقد علموا جوازها بهذا القول قبل الأمر

.

_ بالفسخ، ولو سلم أن الأمر بالفسخ لتلك العلة لكان أفضل لأجلها فيحصل المطلوب لأن ما فعله صلى الله عليه وسلم في المناسك لمخالفة أهل الشرك مشروع إلى يوم القيامة، ولاسيما وقد قال صلى الله عليه وسلم إن عمرة الفسخ للأبد كما تقدم (ومن تمسكاتهم أيضا) ما روى عن عثمان رضى الله عنه في النهي عن التمتع بالعمرة، وحمله بعضهم على الفسخ قالوا ومثله لا يقال بالرأي (قلت) تقدم ذلك في حديث رقم 115 صحيفة 152 في باب ما جاء في القرآن من الجزء الحادي عشر على أن عثمان رضى الله عنه صرح في الحديث نفسه بقوله إني لم أنه عنها، إنما كان رأيا أشرت به فمن شاء أخذ به ومن شاء تركه (وأجاب القائلون بالفسخ) بأن هذا من مواطن الاجتهاد ومما للرأي فيه مدخل على أنه ثبت في الصحيحين وعند الإمام أحمد وتقدم عن عمران بن حصين أنه قال تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن فقال رجل برأيه ما شاء فهذا تصريح من عمران أن المنع من التمتع بالعمرة إلى الحج من بعض الصحابة إنما هو من محض الرأي فكما أن المنع من التمتع على العموم من قبل الرأي كذلك دعوى اختصاص التمتع بالفسخ بجماعة مخصوصة (وقد اختلف القائلون بالفسخ في حكمه) هل هو واجب أومستحب فذهب الإمام أحمد إلى أنه مستحب ومال فريق إلى الوجوب مستدلين بحديث البراء لأنه صرح فيه بغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على الصحابة حينما أمرهم بالفسخ وترددوا فيه، قالوا لأن الأمر لو كان أمر ندب لكان المأمور مخيرا بين فعله وتركه، ولما كان يغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند مخالفته لأنه لا يغضب إلا لانتهاك حرمة من حرمات الدين، لا لمجرد مخالفة ما أرشد على من جهة الندب ولا سيما وقد قالوا له قد أحرمنا بالحج فكيف نجعلها عمرة؟ فقال لهم انظروا ما آمركم به فافعلوا فإن ظاهر هذا أن ذلك أمر حتم، لأنه لو كان لبيان الأفضل أو لقصد الترخيص لبين لهم بعد هذه المراجعة أن ما أمرتكم به هو الأفضل، أو قال لهم إنى أردت الترخيص لكم والتخفيف عنكم أو نحو ذلك، والظاهر أن الوجوب رأي ابن عباس رضي الله عنهما لقوله فيما تقدم أن الطواف بالبيت يصيره إلى عمرة شاء أم أبى، ولقوله في بعض أحاديث الباب" سنة نبيكم وإن رغمتم" (قال الحافظ ابن القيم) رحمه الله بعد أن ذكر حديث البراء المشار إليه وغضبه صلى الله عليه وسلم لما لم يفعلوا ما أمرهم به من الفسخ ونحن نشهد الله علينا أنا لو أحرمنا بحج لرأينا فرضا علينا فسخة إلى عمرة تفاديا من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم واتباعا لأمرهم، فوالله ما فسخ هذا في حياته ولا بعده ولا صح حرف واحد يعارضه ولا خص به أصحابه دون من بعدهم بل أجرى على لسان سراقة أن سأله هل ذلك مختص بهم فأجاب أن ذلك كان لأبد الأبد، فما ندرى ما يقدم على هذه الأحاديث وهذا الأمر المؤكد الذي غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم على من خالفه اهـ (قال الشوكاني) رحمه

(7) باب متى يحرم المتمتع بالحج (ومتى يتوجه الناس إلى منى- ومقدار مكثهم بها- وأول صلاة صليت بها) (#) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال ألا فخذوا عنى مناسككم، قال فقام القوم بحلهم حتى إ ذا كان يوم التروية وأرادوا التوجيه إلى منى أهلوا بالحج (311) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال صلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بمنى يوم التروية (1) الظهر (312) عن نافع عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أنه كان يحب

_ الله وقد أطال ابن القيم في الهدى الكلام على الفسخ ورجح وجوبه وبين بطلان ما احتج به المانعون منه، فمن أحب الوقوف على جميع ذيول هذه المسألة فليراجعه، وإذا كان الموقع في مثل هذا المضيق هو افراد الحج فالحازم المتحرى لدينه الواقف عند مشتبهات الشريعة ينبغي له أن يجعل حجة من الابتداء تمتعا أو قرانا فرارا مما هو مظنة اليأس إلى ما لا بأس به، فإن وقع في ذلك فالسنة أحق بالاتباع، وإذا جاء نهر الله بظل نهر معقل اهـ والله أعلم (#) (وعن جابر بن عبد الله) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في أول باب ما جاء في فسخ الحج إلى العمرة، وإنما ذكرته هنا لما فيه من مناسبة ترجمة الباب، هذا وقع خطأ في الحديث المشار إليه في هذه الجملة وهي قوله" ألا فخذوا عنى مناسككم" حيث قد جاءت هناك " قال فخذوا عنى مناسككم " بلفظ قال بدل " ألا " وصوابه ألا كما هنا فصححه (311) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان بن داود الهاشمي أنا أبو زبيد عن الأعمش عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس - الحديث " (غريبة) (1) هو اليوم الثامن من ذي الحجة وتقدم سبب تسميته بذلك وهو أنهم كانوا يروون إبلهم فيه ويتروون من الماء، لأن تلك الأماكن لم يكن فيها إذ ذاك آبار ولا عيون، وأما الآن فقد كثر الماء واستغنواعن حمله (تخريجه) (د. مذ. جه. ك) قال المنذري وأخرجه الترمذي بنحوه وذكر أن شعبة قال لم يسمع الحكم من مقسم إلا خمسة أشياء وعدها، وليس هذا الحديث فيما عد شعبة، فعلى هذا يكون هذا منقطعا (312) عن نافع عن عبد الله بن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي

إذا استطاع أن يصلي الظهر بمنى من يومي التروية (1) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صلى الظهر بمنى (313) عن عبد العزيز بن رفيع قال سألت أنس بن مالك رضي الله عنه قلت أخبرنى بشئ عقلته عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أين صلى الظهر يوم التروية؟ قال بمنى، وأين صلى العصر يوم النفر؟ قال بالأبطح (2) قال ثم قال افعل كما يفعل أمراؤك (3) (314) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بمنى خمس صلوات (4)

_ ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق حدثنى نافع عن عبد الله بن عمر- الحديث" (غريبة) (1) جواب الشرط محذوف تقديره صلى، ثم علل ذلك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الظهر بمنى وكان ابن عمر رضي الله عنهما من أكثر الناس اقتداء برسول الله صلى الله عليه سلم لهذا كان ابن عمر يحب أن يفعل كفعله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) الحديث سنده جيد وأخرجه الإمام مالك في الموطأ لكن موقوفا على ابن عمر (313) عن عبد العزيز بن رفيع (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسحاق ثنا سفيان عن عبد العزيز بن رفيع- الحديث" (غريبة) (2) هو البطحاء التى بين مكة ومنى وهي ما انبطح من الوادي واتسع، وهي التى يقال لها المحصّب والمعرّس وحدها ما بين الجبلين إلى المقبرة (3) لما بين أنس رضى الله عنه للسائل المكان الذى صلى فيه النبي صلى الله عليه وسلم خشي عليه أن يحرص على ذلك وبعض الأمراء لا يواظبون على الصلاة بذلك المكان فينسب إلى المخالفة أو تفوته الصلاة مع الجماعة، فأمره أن يفعل أمراؤه فإن ما يفعلونه جائز واتباعهم حينئذ أفضل خوفا من حدوث فتنة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (314) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود ثنا أبو كدينة يحيى بن المهلب عن الأعمش عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس- الحديث" (غريبة) (4) يعنى أولها الظهر، كما يستفاد ذلك من الأحاديث السابقة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد

وعنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم صلى الظهر يوم التروية بمنى وصلى الغداة يوم عرفه بها (1)

_ (315) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله بن أحمد حدثنى أبى ثنا أسود ابن عامر ثنا أبو المحياة يحيى بن يعلى التيمي عن الأعمش عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الظهر- الحديث" (غريبة) (1) أي بمنى كما صرح بذلك في رواية لأبى داود وابن ماجه بلفظ " صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يوم التروية والفجر يوم عرفه بمنى" (تخريجه) (د. مذ. جه. ك) وهو من رواية الحكم عن مقسم وتقدم الكلام عليه في حديث ابن عباس الثاني من أحاديث الباب (زوائد الباب) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل يوم التروية بيوم منزلنا غدا إن شاء الله بالخيف الأيمن حيث استقسم المشركون (طب. طس) ورجاله ثقات (وعن عبد الله بن الزبير) قال من سنة الحاج أن يصلى يوم التروية الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح بمنى ثم يغدو فيقيل حيث كتب الله له ثم يروح إذا زالت الشمس فيخطب الناس ثم ينزل فيجمع بين الصلاتين الظهر والعصر ثم يقف بعرفة فيدفع إذا غابت الشمس ثم يصلى المغرب حيث قدر الله له (يعنى يصليها مع العشاء جمع تأخير بالمزدلفة) ثم يقف بالمزدلفة فإذا طلع الفجر صلى الصبح ثم يدفع إذا أصبح فإذا رمى الجمرة فقد حل له ما حرم عليه إلا النساء حتى يطوف بالبيت (طب) وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، قال عبد الملك بن شعيب بن الليث - ثقة مأمون، وضعفه الأئمة أحمد وغيره (وعن عبد الله بن عمرو) قال أفاض جبريل بإبراهيم عليهما السلام إلى منى فصلى به الظهر والمغرب والعشاء والصبح بمنى ثم غدا من منى إلى عرفات فصلى به الصلاتين، ثم وقف حتى غابت الشمس، ثم أتى به المزدلفة فنزل بها فبات بها، ثم قال فصلى كأعجل ما يصلى أحد من المسلمين، ثم دفع به إلى منى فرمى وذبح وحلق، ثم أوحى الله عزوجل إلى محمد صلى الله عليه وسلم أن اتبع ملة إبراهيم حنيفا وما كان من المشركين (طب) بأسانيد ورجال بعضها رجال الصحيح، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا (وعند مسلم) من حديث جابر الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم قال لما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس، وأمر بقية من شعر تضرب له بنمرة فسار رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفه فوجد القبة قد ضربت

_ له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادى فخطب الناس وقال إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا الحديث (الأحكام) حديث جابر المذكور أول أحاديث الباب يدل على أن من كان بمكة وأراد الإحرام بالحج يستحب له أن يحرم يوم التروية (وإلى ذلك ذهب ابن عمر والإمام الشافعي) وأصحابه وبعض أصحاب الإمام مالك وغيرهم (وقال آخرون) الأفضل أن يحرم من أول ذي الحجة ونقله القاضى عياض عن أكثر الصحابة والعلماء والخلاف في الاستحباب وكل منهما جائز بالإجماع (وفيه أيضا) أن السنة عدم تقدم أحد إلى منى قبل يوم التروية (وكره الإمام مالك ذلك) وقال بعض السلف لا بأس (قال النووي) ومذهبنا أنه خلاف السنة يعنى التقدم إلى منى قبل يوم التروية بل السنة أن يتوجه إلى منى يوم التروية كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه (وفي أحاديث الباب أيضا) استحباب أداء الصلوات الخمس بمنة ابتداء من صلاة الظهر، وبه قال جمهور العلماء منهم الأئمة (أبو حنيفة ومالك والشافعي وأحمد واسحاق وأبو ثور) قال ابن المنذر وقال ابن عباس إذا زاغت الشمس فليخرج إلى منى، قال وصلى ابن الزبير الظهر بمكة يوم التروية، وتأخرت عائشة يوم التروية حتى ذهب ثلث الليل، قال وأجمعوا على أن من ترك المبيت ليلة عرفة لا شيء عليه، قال وأجمعوا على أنه ينزل من منى حيث شاء والله أعلم اهـ (ويستفاد من حديث جابر) المذكور في الزوائد رواية مسلم جملة فوائد (منها) استحباب الركوب إلى منى لقوله وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى الظهر إلخ (قال النووي رحمه الله) الركوب في تلك المواطن أفضل من المشي كما أنه في جملة الطريق الطريق أفضل من المشي، هذا هو الصحيح في الصورتين أن الركوب أفضل، قال وللشافعي قول آخر ضعيف أن المشي أفضل، وقال بعض أصحابنا الأفضل في جملة الحج الركوب إلا في مواطن المناسك، وهي مكة ومنى ومزدلفة وعرفات والتردد بينهما اهـ (ومنها أيضا) استحباب عدم الخروج من منى حتى تطلع الشمس لقوله فيه " ثم مكث قليلا حتى طلعت الشمس" وهذا متفق عليه (ومنها) قوله في حديث جابر المذكور " ولاتشك قريش إلا أنه واقف عند المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية (قال النووي) معنى هذا أن قريشا كانت في الجاهلية تقف بالمشعر الحرام وهو جبل في المزدلفة يقال له قزح، وقيل أن المشعر الحرام كل المزدلفة وهو بفتح الميم على المشهور، وبه جاء القرآن وقيل بكسرها، وكان سائر العرب يتجاوزون المزدلفة ويقفون بعرفات فظنت قريش أن النبي صلى الله عليه وسلم يقف في المشعر الحرام على عاداتهم ولا يتجاوزه فتجاوزه النبي صلى الله عليه وسلم إلى عرفات، لأن الله تعالى أمره بذلك في قوله تعالى " ثم أفيضوا من

-[استحباب القيام من منى إلى عرفة بعد طلوع الشمس من يوم عرفة]- أبواب المسير من منى الى عرفة والوقوف بها والدفع منها (1) باب وقت المسير من منى والنزول بوادى نمرة ووقت القيام الى الموقف بعرفة (316) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال غدا رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من منى حين صلَّى الصُّبح فى صبيحة يوم عرفة حتَّى أتى عرفة فنزل بنمرة وهى منزل الإمام الَّذى كان ينزل به بعرفة حتَّى إذا كان عند صلاة الظُّهر راح رسول الله صلى الله عليه وسلم مهجِّرًا فجمع بين الظُّهر والعصر

_ حيث أفاض الناس)) أى سائر العرب غير قريش؛ وإنما كانت قريش تقف بالمزدلفة لأنها من الحرم، وكانوا يقولون نحن أهل حرم الله فلا نخرج منه اهـ (وفى حديث أنس) الرابع من أحاديث الباب متابعة أولى الأمر فى غير معصية الله والاحتراز عن مخالفة الجماعة لأن الخير فى الاتباع، رزقنا الله عز وجل اتباع سنة نبيه صلى الله عليه وسلم والاهتداء بهديه آمين (316) عن ابن عمر رضى الله عنهما (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب بن ابراهيم ثنا أبى عن ابن اسحاق حدثنى نافع عن ابن عمر- الحديث)) (غريبه) (1) بالغين المعجمة أى سار غدوة (2) ظاهره أنه توجه من منى حين صلى الصبح بها، ولكن تقدم فى حديث جابر المذكور فى زوائد الباب السابق رواية مسلم أنه كان بعد طلوع الشمس فهو مفسر لما هنا (وقوله حتى أتى عرفة) مجاز والمراد قارب عرفة بدليل فنزل بنمرة بفتح النون وكسر الميم، ونمرة موضع بجنب عرفات وليست من عرفات (قال ابن الحاج المالكى) وهذا الموضع يقال له الأراك اهـ، وقال الماوردى يستحب أن ينزل بنمرة حيث نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند الصخرة الساقطة بأصل الجبل على يمين الذاهب الى عرفات اهـ (وقوله وهو منزل الأمام) يعنى النبى صلى الله عليه وسلم ومن بعده الخلفاء الراشدين (3) أى بعد الزوال (وقوله مهجرًا) بتشديد الجيم المكسورة (قال الجوهرى) التهجير والتهجر السير فى الهاجرة، والهاجرة نصف النهار عند اشتداد الحر، والتوجه وقت الهاجرة فى ذلك اليوم سنة لما يلزم من تعجيل الصلاة ذلك اليوم، وقد أشار البخارى إلى هذا الحديث فى صحيحه فقال (باب التهجير بالرواح يوم عرفة) أى من نمرة (4) أى جمع تقديم ببطن عرنة، ورواية مسلم من حديث جابر ((حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصواء فرحلت له فأتى بطن الوادى فخطب الناس)) الحديث (والقصواء) بفتح القاف وبالمد، هو اسم

-[وقت القيام من وادى نمرة الى عرفة. واقتداء الأمراء وإن كانوا ظلمة بالصحابة رضى الله عنهم]- ثمَّ خطب النَّاس ثمَّ راح فوقف على الموقف من عرفة (317) عن سعيد بن حسَّان عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينزل بعرفة وادي نمرة، فلمَّا قتل الحجَّاج بن الزُّبير أرسل إلى ابن عمر أية ساعةٍ كان رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يروح فى هذا اليوم قال إذا كان ذاك رحنا فأرسل الحجَّاج رجلًا ينظر أىَّ

_ لبعض نوق النبى صلى الله عليه وسلم (قال ابن قتيبة) كانت للنبى صلى الله عليه وسلم نوق، القصواء. والجدعاء. والعضباء قال أبو عبيد العضباء اسم لناقة النبى صلى الله عليه وسلم، ولم تسم بذلك لشئ أصابها (وقوله فرحلت) قال النووى هو بتخفيف الحاء أى جعل عليها الرحل (وقوله بطن الوادى) هو وادى عرنة بضم العين وفتح الراء وبعدها نون وليست عرنة من أرض عرفات عند الشافعى والعلماء كافة إلا مالكًا فقال هى من عرفات (وقوله ثم خطب الناس) فيه استحباب الخطبة للأمام بالحجيج يوم عرفة فى هذا الموضع، وهو سنة باتفاق جماهير العلماء، وخالف فيها المالكية ومذهب الشافعى أن فى الحج أربع خطب مسنونة إحداها يوم السابع من ذى الحجة يخطب عند الكعبة بعد صلاة الظهر، والثانية هذه التى ببطن عرنة يوم عرفات، والثالثة يوم النحر، والرابعة يوم النفر الأول وهو اليوم الثانى من أيام التشريق اهـ (1) هو عند الصخرات المفترشات فى أسفل جبل الرحمة وهو الجبل الذى بوسط أرض عرفات، فهذا هو الموقف المستحب، وأما ما اشتهر بين العوام من الاعتناء بصعود الجبل وتوهمهم أنه لا يصح الوقوف الا فيه فغلط، بل الصواب جواز الوقوف فى كل جزء من أرض عرفات، وأن الفضيلة فى موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الصخرات، فان عجز فليقرب منه بحسب الأمكان. قاله النووى (تخريجه) (د. وغيره) وسنده جيد. (317) عن سعيد بن حسان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا نافع ابن عمر الجمحى عن سعيد بن حسان- الحديث)) (غريبه) (2) كان قتل ابن الزبير رضى الله عنهما فى جمادى الثانى سنة 73 هجرية بعد أن حاصر الحجاج مكة ورمى البيت الحرام بالمنجنيق (3) يعنى من وادى نمرة إلى الموقف بعرفات (4) يعنى إذا جاء الوقت الذى كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يروح فيه رحنا كأنه يقول له ارتقب الوقت الذى نروح فيه فهو الذى راح فى مثله رسول الله صلى الله عليه وسلم

-[مذاهب العلماء فى أحكام الباب. والجمع بين صلاتى الظهر والعصر بوادى عرنة]- ساعةٍ يروح، فلمَّا أراد ابن عمر أن يروح قال أزاغت الشَّمس؟ قالوا لم تزغ الشَّمس، قال أزاغت الشَّمس؟ قالوا لم تزغ، فلمَّا قالوا قد زاغت ارتحل

_ (1) أي تحولت ومالت عن كبد السماء إلى جهة المغرب، وهو وقت الزوال أى وقت الظهر (2) لفظ ابن ماجه فلما أراد ابن عمر أن يرتحل قال أزاغت الشمس؟ قالوا لم تزغ بعد فجلس. ثم قال أزاغت الشمس؟ قالوا لم تزغ بعد فجلس، ثم قال أزاغت الشمس؟ قالوا لم تزغ بعد فجلس، ثم قال أزاغت الشمس؟ قالوا نعم، فلما قالوا زاغت ارتحل (تخريجه) (د. جه) وسنده جيد (الأحكام) حديثا الباب يدلان على جملة أحكام (منها) مشروعية المسير من منى بعد طلوع الشمس يوم عرفة (ومنها) مشروعية النزول بوادى نمرة الى وقت الزوال (ومنها) القيام من وادى نمرة وقت الزوال والنزول ببطن الوادى المسمى بوادى عرنة بضم العين وفتح الراء وتقدم أنه ليس من عرفات عند جمهور العلماء وكل هذه الأمور متفق على استحبابها عند كافة العلماء (ومنها) الجمع بين صلاتى الظهر والعصر جمع تقديم بوادى عرنة (قال النووى) فى شرح المهذب مذهبنا أنه يؤذن للظهر ولا يؤذن للعصر إذا جمعهما فى وقت الظهر عند عرفات (وبه قال أبو حنيفة وأبو ثور وابن المنذر) ونقل الطحاوى الأجماع على هذا (لكن قال مالك) يؤذن لكل منهما ويقيم (وقال أحمد واسحاق) يقيم لكل منهما ولا يؤذن لواحدة منهما. دليلنا حديث جابر ((يعنى عند مسلم حيث جاء فيه ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ولم يصل بينهما شيئًا)) قال وأجمعت الأمة على أن للحاج أن يجمع بين الظهر والعصر إذا صلى مع الأمام، فلو فات بعضهم الصلاة مع الأمام جاز له أن يصليهما منفردًا جامعًا بينهما عندنا، وبه قال أحمد وجمهور العلماء (وقال أبو حنيفة) لا يجوز ووافقنا على أن الأمام لو حضر ولم يحضر معه للصلاة أحد جاز له الجمع، وعلى أن ألمأموم لو فاته الصلاتان بالمزدلفة مع الأمام جاز له أن يصليهما منفردًا جامعًا، فاحتج أصحابنا عليه بما وافق عليه. قال ومذهبنا أنه يسن الأسرار بالقراءة فى صلاتى الظهر والعصر بعرفات (ونقل ابن المنذر) إجماع العلماء عليه، قال وممن حفظ ذلك عنه طاوس. ومجاهد. والزهرى ومالك. والشافعى. وأحمد. واسحاق. وأبو ثور. وأبو حنيفة؛ هذا كلام ابن المنذر (ونقل أصحابنا) عن أبى حنيفة الجهر كالجمعة والله أعلم اهـ (وقال ابن المنذر) أجمع العلماء على أن الأمام يجمع بين الظهر والعصر بعرفة، وكذلك من صلى مع الأمام، وذكر أصحاب الشافعى أنه لا يجوز الجمع إلا لمن بينه وبين وطنه ستة عشر فرسخًا إلحاقًأ له بالقصر، قال وليس بصحيح، فان النبى صلى الله عليه وسلم جمع فجمع معه من حضره من المكبين وغيرهم ولم يأمرهم بترك الجمع

-[الجمع بين حديثى جابر وابن عمر فى خطبة عرفة هل كانت قبل الصلاة أو بعدها]- (2) باب ما جاء فى التلبية والتكبير فى المسير الى عرفة (318) عن محمَّد بن أبى بكرٍ الثقفىِّ أنَّه سأل أنس بن مالكٍ رضى الله عنه وهما غاديان إلى عرفة كيف كنتم تصنعون فى هذا اليوم يعنى يوم عرفة مع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم؟ قال كنَّا يهل

_ كما أمرهم بترك القصر فقال أتموا فانا سفر، ولو حرم الجمع بيَّنه لهم، إذ لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة، قال ولم يبلغنا عن أحد من المتقدمين خلاف فى الجمع بعرفة والمزدلفة بل وافق عليه من لا يرى الجمع فى غيره (وفى الحديث الأول من حديثى الباب) التصريح بأن الخطبة كانت بعد الصلاة وهو مخالف لحديث جابر عند مسلم حيث قد صرح فيه بأن النبى صلى الله عليه وسلم خطب أولًا فذكر نص الخطبة، قال ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر، ثم أقام فصلى العصر- الحديث، وعمل العلماء على حديث جابر (قال ابن حزم) رواية ابن عمر لا تخلوا عن وجهين لا ثالث لهما، إما أن يكون النبى صلى الله عليه وسلم خطب كما روى جابر ثم جمع بين الصلاتين ثم كلم صلى الله عليه وسلم ببعض ما يأمرهم ويعظمهم فيه، فسمى ذلك الكلام خطبة فيتفق الحديثان بذلك وهذا أحسن، فان لم يكن كذلك فحديث ابن عمر وهم والله أعلم اهـ (قلت) الظاهر الوجه الأول، لأن حديث ابن عمر سنده جيد وليس فيه إلا محمد بن اسحاق وهو ثقة وإن كان مدلسًا لكنه صرح فيه بالتحديث (وفي الحديث الثانى) من حديثى الباب مشروعية التعجيل بالذهاب من وادى عرنة بعد صلاتى الظهر والعصر الى الموقف بعرفة (قال النووى) فى شرح المهذب وهذا التعجيل مستحب بالأجماع لحديث سالم بن عبد الله بن عمر قال كتب عبد الملك بن مروان الى الحجاج أن يأتم بعبد الله بن عمر فى الحج، فلما كان يوم عرفة جاء ابن عمر وأنا معه حين زاغت الشمس فصاح عند فسطاطه أين هذا فخرج اليه فقال ابن عمر الرواح، فقال الآن؟ قال نعم. فسار بينى وبين أبى فقلت له إن كنت تريد أن تصيب السنة اليوم فاقصر الخطبة وعجل الوقوف، فقال ابن عمر صدق، رواه البخارى، وفى صحيح مسلم عن جابر أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى الظهر والعصر ثم أتى الموقف اهـ والله أعلم (318) عن محمد بن أبى بكر الثقفى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سلمة أنا مالك عن محمد بن أبى بكر الثقفى- الحديث)) (غريبه) (1) من غدا يغدوا غدوًا، والمعنى وهما سائران من منى متوجهان الى عرفة غدوة (2) أى من الذكر، ولمسلم من طريق موسى بن عقبة عن محمد بن أبى بكر قلت لأنس غداة عرفة ما تقول في

-[استحباب التلبية والتكبير فى المسير من منى الى عرفة]- المهلُّ منَّا فلا ينكر عليه ويكبِّر المكبِّر منَّا ولا ينكر عليه (319) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قد غدونا مع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم إلى عرفات منَّا المكبِّر ومنَّا الملبِّي (320) عن عبد الله بن أبى سلمة عن عبد الله بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما قل كنَّا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صبيحة عرفة منَّا المكبِّر ومنَّا المهلُّ، أما نحن نكبِّر، قال قلت العجب لكم كيف لم

_ التلبية في هذا اليوم (1) يعنى يرفع صوته بالتلبية لأن الأهلال معناه رفع الصوت بالتلبية وقد جاء فى رواية للبخارى ((كان يلبى الملبى لا ينكر عليه)) وقوله فلا ينكر عليه بضم الياء على البناء للمفعول، أى لا يعيب أحد عليه، وقد جاء فى رواية موسى بن عقبة عند مسلم لا يعيب أحدنا على صاحبه (تخريجه) (ق. نس. جه) (319) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنبأنا يحيى بن سعيد عن عبد الله بن أبى سلمة عن ابن عمر- الحديث)) (غريبه) (2) قال العلامة السندى فى حاشيته على النسائى الظاهر أنهم كانوا يجمعون بين التلبية والتكبير، فمرة يلبى هؤلاء ويكبر آخرون، ومرة بالعكس، فيصدق فى كل مرة أن البعض يكبر والبعض يلبى، والظاهر أنهم ما فعلوا ذلك إلا لأنهم وجدوا النبى صلى الله عليه وسلم فعل مثله، ثم رأيت أن الحافظ ابن حجر ذكر ما هو صريح فى ذلك، قال عند أحمد وابن أبي شيبة والطحاوى من طريق مجاهد عن معمر عن عبد الله (قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فما ترك التلبية حتى يرمى جمرة العقبة إلا أن يخالطها بتكبير) فالأقرب للعامل أن يأتى بالذكرين جميعًا لكن يكثر التلبية ويأتى بالتكبير فى أثنائها والله أعلم اهـ (قلت) الحديث الذى ذكره الحافظ وأشار اليه السندى تقدم فى الفصل الثالث من باب التلبية صحيفة 181 رقم 155 وقول السندى رحمه الله مرة يلبى هؤلاء ويكبر آخرون وبالعكس، ليس بلازم على هذا النظام، بل يجوز أن كل واحد منهم كان يجمع بين التلبية والتكبير بغير هذا النظام والله أعلم (تخريجه) (م. نس. هق) (320) عن عبد الله بن أبى سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد ثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبى سلمة عن عمر بن حسين عن عبد الله بن أبى سلمة- الحديث)) (غريبه) (3) القائل العجب لكم هو عبد الله بن أبي سلمة يخاطب

-[الدليل على أن الوقوف بعرفة أهم أركان الحج]- تسألوه كيف صنع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم (3) باب وجوب الوقوف بعرفة ووقته وكل عرفة موقف (321) عن عبد الرَّحمن بن يعمر الدِّيلىِّ رضى الله عنه فال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو واقفٌ بعرفة وأتاه ناسٌ من أهل نجدٍ فقالوا يا رسول الله كيف الحجُّ؟ فقال الحجُّ عرفة فمن جاء قبل صلاة الفجر من ليلة جمعٍ

_ عبد الله بن عبد الله بن عمر كيف لم يسألوا عبد الله بن عمر عما كان يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كان يكبر أم يلبى، وأراد عبد الله بن أبى سلمة بذلك الوقوف على الأفضل، لأن الحديث يدل على التخيير بين التكبير والتلبية من تقريره صلى الله عليه وسلم لهم على ذلك، فأراد أن يعرف ما كان يصنع هو ليعرف الأفضل من الأمرين، وتقدم فى باب التلبية فى الفصل الثالث منه صحيفة 181 رقم 155 عن ابن مسعود رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يخلط التلبية بالتكبير والله أعلم (تخريجه) (م. وغيره) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على استحباب التلبية والتكبير فى الذهاب من منى الى عرفات يوم عرفة وتكون التلبية أكثر من التكبير وإلى ذلك ذهب الجمهور، وفى أحاديث الباب رد على من قال بقطع التلبية بعد صبح يوم عرفة وبقية الأحكام تقدمت فى الشرح والله أعلم (321) عن عبد الرحمن بن يعمر الديلى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن بكير بن عطاء الليثى قال سمعت عبد الرحمن بن يعمر الديلى- الحديث)) (غريبه) (1) بفتح التحتانية وسكون العين المهملة وفتح الميم ويضم غير منصرف (قال الحافظ) صحابى نزل الكوفة، ويقال مات بخراسان (2) أى قالوا كيف حج من لم يدرك يوم عرفة؟ كما بوب عليه البخارى (3) أى الحج الصحيح حج من أدرك يوم عرفة، قاله الشوكانى، وقال الشيخ عز الدين بن عبد السلام- تقديره إدراك الحج وقوف عرفة (وقال القارى فى المرقاة) أى ملاك الحج ومعظم أركانه وقوف عرفة، لأنه يفوت بفواته (4) أى ليلة المبيت بالمزدلفة (قال الشوكانى) وظاهره أنه يكفى الوقوف فى جزء من أرض عرفة ولو فى لحظة لطيفة فى هذا الوقت، وبه قال الجمهور، وحكى النووى قولًا أنه لا يكفى الوقوف ليلًا ومن اقتصر عليه فقد فاته الحج، والأحاديث الصحيحة ترده

-[كلام العلماء فى تفسير أيام منى- وقوله فى الحديث فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه الخ]- فقد تمَّ حجُّه، وأيَّام منى ثلاثة أيامٍ، فمن تعجَّل فى يومين فلا إثم عليه، ومن تأخرَّ فلا إثم عليه، ثمَّ أردف رجلًا خلفه فصار ينادي بهنَّ (322) عن عروة بن مضرَّس بن أوس بن حارثة بن لامٍ رضي الله عنه أنَّه حجُ على عهد رسول الله صلَّى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فلم يدرك النَّاس إلَّا ليلًا وهو بجمعٍ فانطلق إلى عرفاتٍ فأفاض منها ثمَّ رجع

_ (1) مرفوع على الابتداء وخبره ثلاثة أيام، ويقال لها الأيام المعدودة. وأيام التشريق. وأيام رمى الجمار، وهى الثلاثة التى بعد يوم النحر، وليس يوم النحر منها لأجماع الناس على أنه لا يجوز النفر فى اليوم التالى ليوم النحر، ولو مان يوم النحر من الثلاث لجاز أن ينفر من شاء فى ثانيه (2) أى من أيام التشريق فنفر فى اليوم الثانى منها فلا إثم عليه فى تعجيله، ومن تأخر عن النفر فى اليوم الثانى من أيام التشريق إلى اليوم الثالث فلا إثم عليه فى تأخيره، وقيل المعنى من تأخر من الثالث إلى الرابع ولم ينفر مع العامة فلا إثم عليه، والتخيير هاهنا وقع بين الفاضل والأفضل لأن المتأخر أفضل (فان قيل) إنما يخاف الأثم المتعجل فما بال المتأخر الذى أتى بالأفضل الحق به (فالجواب) أن المراد من عمل بالرخصة وتعجل فلا إثم عليه فى العمل بالرخصة، ومن ترك الرخصة وتأخر فلا إثم عليه فى ترك الرخصة، وذهب بعضهم إلى أن المراد وضع الأثم عن المتعجل دون المتأخر. ولكن ذكرا معًا والمراد أحدهما أفاده الشوكانى (3) أى بهذه الكلمات (تخريجه) (حب. ك. هق. قط. والأربعة) وقال الترمذى قال ابن أبى عمر قال سفيان بن عيينة وهذا أجود حديث رواه سفيان الثورى اهـ (قال الحافظ السيوطى) يعنى أجود حديث رواه من حديث اهل الكوفة، وذلك لأن أهل الكوفة يكثر فيهم التدليس والاختلاف، وهذا الحديث سالم من ذلك، فان النورى سمعه من بكير وسمعه بكير من عبد الرحمن وسمعه عبد الرحمن من النبى صلى الله عليه وسلم ولم يختلف رواته فى اسناده وقام الأجماع على العمل به اهـ. ونقل ابن ماجه فى سننه عن شيخه محمد ابن يحيى ما أرى للنورى حديثًا أشرف منه اهـ (322) عن عروة بن مضرس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو نعيم قال ثنا زكريا عن الشعبى قال حدثنى عروة بن مضرس بن أوس بن حارثة- الحديث)) (غريبه) (4) بضم الميم وفتح الضاد المعجمة وتشديد الراء المكسورة ثم سين مهملة (وقوله ابن لام) هو بوزن حام (5) يعني المزدلفة

-[حجة القائلين بأن وقت الوقوف من فجر يوم عرفة إلى فجر يوم النحر]- فأتى جمعًا فقال يا رسول الله أتعبت نفسى وأنصبت راحلتى فهل لى من حجٍّ؟ فقال من صلًّى معنا صلاة الغداة بجمع ووقف معنا حتَّى نفيض وقد أفاض قبل ذلك من عرفاتٍ ليلًا أو نهارًا فقد تمَّ حجه وقضى تفثه (وعنه من طريقٍ ثانٍ) قال أتيت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وهو بجمعٍ فقلت يا رسول الله جئتك من جبلى طيَّئ أتعبت نفسى الحديث (*) ((ز)) على علىَّ بن أبى طالبٍ رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وقف بعرفة وهو مردفٌ أسامة بن زيدٍ

_ (1) أي أعييتها من التعب (2) يعنى صلاة الصبح صبيحة ليلة المزدلفة (3) تمسك به الأمام أحمد فقال وقت الوقوف لا يختص بما بعد الزوال، بل وقته ما بين طلوع الفجر يوم عرفة وطلوعه يوم العيد، لأن لفظ الليل والنهار مطلقان، وأجاب الجمهور عن الحديث بأن المراد بالنهار ما بعد الزوال بدليل أنه صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده لم يقفوا إلا بعد الزوال، ولم ينقل عن أحد أنه وقف قبله، فكأنهم جعلوا هذا الفعل مقيدًا لذلك المطلق ولا يخفى ما فيه (4) قيل المراد به أنه أتى بما عليه من المناسك، والمشهور أن التفث ما يصنعه المحرم عند حله من تقصير شعر أو حلقه وحلق العانة ونتف الأبط وغيره من خصال الفطرة، ويدخل فى ذلك نحر البدن وقضاء جميع المناسك لأنه لا يقضى التفث الا بعد ذلك، وأصل التفث الوسخ والقذر (5) تثنية جبل بالجيم، وهما جبل سلمى وجبل أجا. قاله المنذرى (وطيئ) بفتح الطاء وتشديد الياء بعدها همزة، وجاء فى بعض الروايات عند غير الأمام أحمد ((حبلى طيئ)) تثنية حبل بالحاء المهملة المفتوحة وسكون الباء الموحدة، وهو ما اجتمع فاستطال وارتفع من الرمل (قال العلماء) الرمل اذا كان كذلك يقال له حبل بالحاء المهملة. فاذا كان من حجر يقال له جبل بالجيم، ورواية الترمذى كرواية الأمام أحمد والله أعلم (تخريجه) (الأربعة وغيرهم) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح اهـ، وقال صاحب المنتقى هو حجة فى أن نهار عرفة كله وقت للوقوف والله أعلم (*) ((ز)) عن على رضى الله عنه- هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم صحيفة 84 رقم 65 وانما أثبته هنا لمناسبة ترجمة

-[كل عرفة موقف وبيان حدود عرفة]- فقال هذا الموقف وكل عرفة موقفٌ (323) عن جبير بن مطعمٍ رضى الله عنه عن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال كلُّ عرفاتٍ موقفٌ، وارفعوا عن بطن عرنة، وكلُّ مزدلفة موقفٌ وارفعوا عن محسِّرٍ، وكلُّ فجاج منًى منحرٌ، وكلُّ أيَّام التَّشريق ذبحٌ (324) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى حدَّثنا سفيان عن عمروٍ (يعني ابن دينارٍ) عن عمرو بن عبد الله بن صفوان عن يزيد بن شيبان قال أتانا ابن مربعٍ

_ الباب، أخرجه الترمذى بطوله وقال حديث حسن صحيح اهـ قلت وله شاهد من حديث جابر عند مسلم (غريبه) (1) يعنى الذى وقف فيه النبى صلى الله عليه وسلم ويقف فيه كل امام، وهو عند الصخرات (وقوله وكل عرفة موقف) يعنى يصح الوقوف فيها، ولعرفات أربعة حدود، حد الى جادة طريق المشرق (والثاني) الى حافات الجبل الذى وراء أرضها (والثالث) الى البساتين التى تلى قرنيها على يسار مستقبل الكعبة (والرابع) وادى عرنة ((بضم العين وبالنون وفتح الراء)) وليست هى ولا نمرة من عرفات ولا من الحرم والله أعلم (323) عن جبير بن مطعم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة قال ثنا سعيد بن عبد العزيز قال حدثنى سليمان بن موسى عن جبير بن مطعم- الحديث)) (غريبه) (2) أى تباعدوا (وعرنة) بضم العين المهملة وفتح الراء موضع بين منى وعرفة، وإنما أمرهم بالبعد عنها وعدم الوقوف فيها لأنها ليست من عرفة (3) أى كما أن عرفات كلها موقف فكذلك المزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر فانها ليست منها، ولذلك أمرهم بالتباعد عنها (ومخسر) بصيغة اسم الفاعل. واد بين منى ومزدلفة، سمى بذلك لأن فيل أبرهة أعيا فيه فتحسر أبرهة وأصحابه على إعيائه فيه (4) الفجاج بكسر الفاء جمع نج وهو الطريق الواسعة، والمراد أنها طريق من سائر الجهات (وقوله منحر) أى محل لنحر الهدايا، يعنى كل بقعة منها يصح النحر فيها. وهو متفق عليه. لكن الأفضل النحر فى المكان الذى نحر فيه النبى صلى الله عليه وسلم. كذا قال الأمام الشافعى، ومنحر النبى صلى الله عليه وسلم هو عند الجمرة الأولى التى تلى مسجد منى. كذا قال ابن التين، وحدُّ منى من وادى محسر الى العقبة (5) أى فلا يختص الذبح بيوم العيد (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار والطبرانى في الكبير إلا أنه قال وكل فجاج مكة منحر ورجاله موثقون (334) حدّثنا عبد الله (غريبه) (6) بكسر الميم وسكون الراء وفتح

-[صحة الوقوف على أى جزء من عرفة وإن بعد عن موقف الأمام]- الأنصاري رضي الله عنه ونحن فى مكان من الموقف بعيدٍ فقال إنَّى رسول الله إليكم، يقول كونوا على مشاعركم هذه فإنكم على إرثٍ من إرث إبراهيم، لمكانٍ تباعده عمره (325) عن سفيان عن عمر بن محمّد بن جبير بن مطعم عن أبيه قال أضللت بعيرًا لى بعرفة فذهبت أطلبه فإذا النَّبىُّ صلَّى الله عليه وعلى

_ الموحدة وقيل اسمه زيد. وقيل يزيد. وقيل عبد الله، والأول أكثر (1) يعنى بعرفة بعيدًا عن موقف النبى صلى الله عليه وسلم؛ ولفظ أبى داود ((أتانا ابن مربع ونحن بعرفة)) (2) أى مواضع نسككم ومواقفكم القديمة فانها جاءتكم من إرث ابراهيم، ولا تحقروا شأن موقفكم بسبب بعده عن موقف الأمام، والمشاعر جمع مشعر، سميت بذلك لأنها معالم العبادات (وقوله فانكم على إرث من إرث أبيكم ابراهيم) علة للأمر بالاستقرار والتثبت على الوقوف فى مواقفهم، علل ذلك بأن موقفهم موقف ابراهيم ورثوه منه ولم يخطئوا فى الوقوف فيه عن سنته فان عرفة كلها موقف، والواقف بأى جزء منها آت بسنته متبع لطريقته ولو بعدد موقفه عن موقف، النبى صلى الله عليه وسلم (3) الظاهر أن قوله (لمكان تباعده عمرو)) مدرج من قول عمرو بن دينار، ومعناه أن المكان الذى كان فيه يزيد بن شيبان ومن معه حينما جاءهم الرسول كان بعيدًا عن موقف الأمام، ولهذا قال عمرو يعنى ابن عبد الله. أى عده بعيدًا والله أعلم (تخريجه) (الأربعة) قال الترمذى حديث مربع حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث ابن عيينة عن عمرو بن دينار، وابن مربع اسمه يزيد بن مربع الأنصارى، وإنما يعرف له هذا الحديث الواحد (325) عن سفيان عن عمر بن محمد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن عمر بن محمد- الحديث)) (غريبه) (4) هذا الحديث رواه سفيان مرة أخرى فقال عن عمر عن محمد فأتى بلفظ عن بدل ابن فذكر الحديث (5) ظاهره أن ذلك كان بحجة الوداع كما ظنه السهيلى واستشكاله، وليس الأمر كذلك (قال القاضى عياض) كان ذلك فى حجة قبل الهجرة وكان جبير حينئذ كافرًا وأسلم يوم الفتح وقيل يوم خيبر، فتعجب من وقوف النبى صلى الله عليه وسلم بعرفات والله أعلم اهـ وكان مجئ جبير الى عرفة ليطلب بعيره

-[اختصاص قريش بالوقوف بالمزدلفة بدل عرفة فى زمن الجاهلية وقصة الحمس]- آله وصحبه وسلَّم واقفٌ، قلت إنَّ هذا من الحمس ما شأنه هاهنا

_ لا ليقف بها (1) الحمس بضم الحاء المهملة وبالميم الساكنة وسين مهملة، هم قريش ومن اخذ مأخذها من القبائل من التحمس وهو التشدد (وقوله ما شأنه هاهنا) معناه أن جبير بن مطعم يتعجب من وقوف النبى صلى الله عليه وسلم بعرفة وهو من الحمس وهم لا يقفون بعرفة، وإنما كانوا يقفون بالمزدلفة وكان سائر الناس يقف بعرفة، ويؤيد ذلك ما رواه ابن خزيمة وابن راهويه وابن اسحاق عن جبير بن مطعم قال كانت قريش إنما تدفع من المزدلفة وتقول نحن الحمس فلا نخرج من الحرم وقد تركوا الموقف بعرفة على جمل له ثم يصبح مع قومه بالمزدلفة فيقف معهم ويدفع إذا دفعوا توفيقًا من الله له (تخريجه) (ق. وغيرهما) (زوائد الباب روى مسلم فى صحيحه قال حدثنا أبو كريب حدثنا أسامة حدثنا هشام عن أبيه قال كانت العرب تطوف بالبيت عراة الا الحمس، والحمس قريش وما ولدت. كانوا يطوفون عراة الا أن تعطيهم الحمس ثيابًا، فيعطى الرجال الرجال والنساء النساء، وكانت الحمس لا يخرجون من المزدلفة وكان الناس كلهم يبلغون عرفات ((قال هشام)) فحدثنى أبى عن عائشة رضى الله عنها قالت الحمس هم الذين أنزل الله عز وجل فيهم {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} قالت كان الناس يفيضون من عرفات وكان الحمس يفيضون من المزدلفة يقولون لا نفيض الا من الحرم، فلما نزلت أفيضوا من حيث أفاض الناس رجعوا الى عرفات (وعند مسلم أيضًا) من حديث جابر الطويل فى صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم قال ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى الموقف فجعل بطن ناقته القصواء الى الصخرات وجعل حبل المشاة ((أى مجتمعهم)) بين يديه واستقبل القبلة فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال عرفة كلها موقف ومنى كلها منحر (بز) ورجاله ثقات (وعنه أيضًا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مزدلفة مشعر وارتفعوا عن وادى محسر، وكل عرفة موقف وارتفعوا عن بطن عرنة (طس) وفيه محمد بن جابر الجعفى وهو ضعيف وقد وثق (وعن مجاهد عن ابن عباس) لا أعلمه إلا قال قال النبى صلى الله عليه وسلم الحج عرفات (طس) وفيه خصيف وثقه ابن معين وغيره، وضعفه الأمام أحمد وغيره (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة احكام (منها) مشروعية الوقوف بعرفة وهو ركن من أركان الحج باجماع المسلمين بل هو أشهر أركانه لما ورد فى أحاديث الباب من قوله صلى الله عليه وسلم الحج عرفة وهو حديث صحيح (قال النووى) فى شرح المهذب رواه الأربعة وآخرون بأسانيد صحيحة (ومنها) أنه يجوز الوقوف في

-[مذاهب العلماء فى حكم الوقوف بعرفة ووقته وتحديد عرفة]- .....

_ أي جزء كان من أرض عرفات باجماع العلماء لقوله صلى الله عليه وسلم فى حديث على المذكور فى الباب وكل عرفة موقف وهو حديث صحيح رواه الأمام أحمد والترمذى وصححه، ومثله لمسلم من حديث جابر (قال النووى) قال الشافعى والأصحاب وغيرهم من العلماء وأفضلها موقف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند الصخرات الكبار المفترشة فى أسفل جبل الرحمة، وهو الجبل الذى بوسط أرض عرفات، ويقال له إلال بكسر الهمزة على وزن هلال؛ وذكر الجوهرى فى صحاحه أنه بفتح الهمزة والمشهور كسرها اهـ ج. فان عجز عن الوقوف بموقف رسول الله صلى الله عليه وسلم فليقرب منه بحسب الأمكان إن لم يترتب على ذلك ايذاء نفسه أو غيره وإلا حرم عليه ذلك (ومنها) أن يجمع فى الوقوف بعرفة بين الليل والنهار بحيث يبقى فى الوقوف حتى تغرب الشمس ويتحقق كمال غروبها ثم يفيض إلى مزدلفة (وهذا الجمع سنة عند الأئمة الثلاثة) (وقال الأمام مالك) بوجوبه (ومنها) أن وقت الوقوف ما بين طلوع فجر يوم عرفة وطلوع فجر يوم النحر (واليه ذهب الأمام أحمد) لقوله صلى الله عليه وسلم فى حديث عروة بن مضرس ((من صلى معنا الغداة بجميع ووقف معنا حتى نفيض وقد أفاض قبل ذلك من عرفات ليلًا أو نهارًا فقد تم حجه وقضى تفثه)) قال لأن لفظ الليل والنهار مطلقان (وذهب الأئمة الثلاثة) إلى أن وقت الوقوف ما بين زوال الشمس يوم عرفة وطلوع الفجر الثانى يوم النحر، وأجابوا عن الحديث بأن المراد بالنهار ما بعد الزوال بدليل أنه صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين بعده لم يقفوا إلا بعد الزوال ولم ينقل عن أحد أنه وقف قبله، فكأنهم جعلوا هذا الفعل مقيد لذلك المطلق، والظاهر ما ذهب اليه الأمام أحمد، ويكون الوقوف بعد الزوال أفضل اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم كما أن الصلاة فى أول الوقت أفضل لمواظبته صلى الله عليه وسلم على فعلها فى أول الوقت فمن وقف بعرفات فى جزء من هذا الزمان صح وقوفه، ومن فاته ذلك فاته الحج، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء (وقال الأمام مالك) رحمه الله لا يصح الوقوف فى النهار منفردًا بل لابد من الليل، فان اقتصر على الليل كفاه، وإن اقتصر على النهار لم يصح وقوفه (ومنها) مشروعية استقبال القبلة فى الوقوف ولو راكبًا لما جاء فى حديث جابر عند مسلم ((واستقبل القبلة فلم يزل واقفًا حتى غربت الشمس- الحديث)) هذا وقد بينت فى شرح حديث على المذكور فى الباب حدود عرفة وأن بطن عرنة ليست منها، فلو وقف بها لم يصح وقوفه عند جمهور العلماء، وحكى ابن المنذر (عن الأمام مالك) أنه يصح ويلزمه دم. وقد احتج الشافعية على المالكية بما رواه ابن ماجه عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ((عرفة كلها موقف وارتفعوا عن عرنة)) وضعفه النووى فى شرح المهذب ص 120 من الجزء الثامن بأن فيه من أجمع على تضعيفه ولا تقوم به حجة، ثم قال ورواه البيهقي من

-[كلام العلماء فيما لو صادف يوم عرفة يوم جمعة هل تصلى الجمعة أم لا؟]- (3) باب الوقوف على الدابة بعرفة والخطبة بها والدعاء (326) عن جبير بن مطعمٍ رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قبل أن ينزل عليه وإنَّه لواقفٌ على بعيرٍ له بعرفاتٍ مع النَّاس حتَّى يدفع معهم منها توفيقًا من الله له

_ رواية محمد بن المنكدر عن النبى صلى الله عليه وسلم باسناد صحيح لكنه مرسل. ورواه باسناد صحيح موقوفًا على ابن عباس، ورأى النووى الاحتجاج على المالكية بهذين الحديثين المرسل والموقوف، وكأنه رحمه الله لم يبلغه حديث جبير بن مطعم الرابع من أحاديث الباب رواه الأمام أحمد والبزار والطبرانى بسند جيد، ولو بلغه لم يلجأ الى الاحتجاج بالموقوف والمرسل، ولما احتاج الى الطالة فى توجيه ذلك رحمه الله (تنبيه) قال النووى فى شرح المهذب قال الشافعى والأصحاب لو وافق يوم عرفة يوم جمعة لم يصلوا الجمعة هناك، لأن من شرطها دار الأقامة وأن يصليها مستوطنون، قال ولم يصل النبى صلى الله عليه وسلم الجمعة بعرفات مع أنه ثبت فى الصحيحين من رواية عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن يوم عرفة الذى وقف فيه النبى صلى الله عليه وسلم كان يوم جمعة والله أعلم اهـ، قال صاحب رحمة الأمة وإذا وافق يوم عرفة يوم الجمعة لم تصل جمعة وذلك بمنى، وإنما يصلى الظهر ركعتين عند كافة الفقهاء (وقال أبو يوسف) يصلى الجمعة بعرفة، وقال القاضى عبد الوهاب وقد سأل أبو يوسف مالكًا عن هذه المسألة بحضرة الرشيد، فقال مالك سقاياتنا بالمدينة يعلمون أن لا جمعة بعرفة، وعلى هذا أهل الحرمين وهم أعرف من غيرهم بذلك والله أعلم (326) عن جبير بن مطعم رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب قال ثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو ابن حزم الأنصارى عن عثمان بن أبى سليمان بن جبير بن مطعم- الحديث)) (غريبه) (1) يعنى القرآن أو الوحى، يريد أن ذلك كان قبل البعثة وهو بمكة (2) معنى ذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم خالف عادة قريش وهو من أعرقهم نسبًا حيث كانوا يقفون بالمزدلفة ترفعًا عن الناس، وكان عامة الناس يقفون بعرفة، فوقف صلى الله عليه وسلم بعرفة مع العامة ودفع معهم قبل أن ينزل عليه ويأمره الله بذلك؛ وهذا من توفيق الله عز وجل له، فلما جاء الأسلام أمر الله قريشًا بالأفاضة من عرفة كما يفيض الناس فقال جل شأنه {ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس} وموضع الدلالة منه كونه رأى

-[استحباب الركوب على الراحلة فى موقف عرفات]- (327) عن الثَّريد بن سويدٍ رضى الله عنه قال أشهد لوقفت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفاتٍ، قال فما مسَّت قدماه الأرض حتَّى أتى جمعًا (328) عن سلمة بن نبيطٍ عن أبيه رضى الله عنه وكان قد حجَّ مع النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال رأيته يخطب يوم عرفة على بعيره (وفي لفظٍ) رأيت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يخطب عشيَّة عرفة على جملٍ أحمر (329) عن أبى مالكٍ الأشجعىَّ حدَّثنى نبيط بن شريطٍ رضي الله عنه قال إنِّى لرديف أبى فى حجَّة الوداع إذ تكلم النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقمت على عجز الراحلة فوضعت يدي على عاتق أبى فسمعته يقول أيُّ يومٍ

_ النبي صلى الله عليه وسلم واقفًا على البعير بعرفات وإن كان ذلك قبل البعثة إلا أنه يدل على توفيق الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم لما يقره الأسلام، وقد ثبت ركوبه صلى الله عليه وسلم بعرفة فى حجة الوداع كما سيأتى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد ورجاله كلهم ثقات (327) عن الشريد بن سويد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا زكريا بن اسحاق أنا ابراهيم بن ميسرة أنه سمع يعقوب بن عاصم بن عروة يقول سمعت الشريد يقول اشهد- الحديث)) (غريبه) (1) معناه أنه وقف مع النبى صلى الله عليه وسلم ورآه راكبًا بعرفات لم ينزل عن بعيره حتى أتى جمعًا يعنى المزدلفة، وأتى بلفظ الشهادة تأكيدًا لذلك (تخريجه) (د) وسنده جيد (328) عن سلمة بن نبيط (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا وكيع ثنا سلمة بن نبيط- الحديث)) (غريبه) (2) يعنى فى حجة الوداع (3) العشية ما بين الزوال الى المغرب (4) زاد النسائى قبل الصلاة يعنى قبل صلاتى الظهر والعصر جمعًا ببطن عرنة كما تقدم، وهو موافق لحديث جابر عند مسلم فى أن الخطبة كانت قبل الصلاة وعليه كافة العلماء (تخريجه) (نس. جه) وسنده جيد (329) عن أبى مالك الأشجعى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن زكريا بن أبى زائدة حدثنى أبو مالك الأشجعى- الحديث)) (غريبه) (5) قال الحافظ فى التقريب نبيط بالتصغير ابن شريط بفتح المعجمة الأشجعى الكوفى صحابى صغير يكنى أبا سلمة (6) يعنى راكبًا خلفه على الراحلة (7) إنما قام ليرى النبى صلى الله عليه وسلم ويسمع

-[نص خطبة يوم عرفة وكلام العلماء فى ذلك]- أحرم قالوا هذا اليوم، قال فأى بلدٍ أحرم؟ قالوا هذا البلد، قال فأى شهرٍ أحرم؟ قالوا هذا الشَّهر، قال فإنَّ دماءكم وأموالكم عليكم حرامٌ كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا، هل بلغت؟ قالوا نعم، قال اللَّهم أشهد. اللهمّ اشهد

_ كلامه؛ وفيه دلالة على حرص الصحابة رضى الله عنهم على سماع العلم وتحصيله من النبى صلى الله عليه وسلم حتى صغارهم (1) أى أعظم حرمة من سائر الأيام وهكذا يقال فى الباقى (2) زاد فى بعض الطرق وأعراضكم، والعرض بكسر العين موضع المدح والذم من الأنسان سواء أكان فى نفسه أو سلفه (قال الحافظ) هذا الكلام على حذف المضاف أى سفك دمائكم وأخذ أموالكم وثلب أعراضكم (3) أى متأكدة التحريم شديدته كحرمة يومكم هذا. يعنى يوم عرفة، فى شهركم هذا. يعنى ذا الحجة، فى بلدكم هذا. يعنى مكة (قال الحافظ) وفيه مشروعية ضرب المثل وإلحاق النظير بالنظير ليكون أوضح للسامع، وإنما شبه حرمة الدم والعرض والمال بحرمة اليوم والشهر والبلد لأن المخاطبين بذلك كانوا لا يرون تلك الأشياء ولا يرون هتك حرمتها ويعيبون على من فعل ذلك أشد العيب، وقال فى موضع آخر ومناط التشبيه فى قوله كحرمة يومكم وما بعده ظهوره عند السامعين لأن تحريم البلد والشهر واليوم كان ثابتًا فى نفوسهم مقررًا عندهم. بخلاف النفس والأموال والأعراض، فكانوا فى الجاهلية يستبيحونها. فطرأ الشرع عليهم بأن تحريم دم المسلم وماله وعرضه أعظم من تحريم البلد والشهر واليوم، فلا يرد كون المشبه به أخفض رتبة من الشبه لأن الخطاب إنما وقع بالنسبة لما اعتاده المخاطبون قبل تقرير الشرع اهـ (4) زاد فى رواية مسلم من حديث جابر ((ثلاث مرات)) يعنى أنه صلى الله عليه وسلم كرر لفظ اللهم اشهد ثلاث مرات. ومعناه اللهم اشهد على عبادك بأنهم قد أقروا أنى قد بلغت وكفى بك شهيدًا (فان قيل) ليس فى هذه الخطبة شئ من المناسك وكان مقتضى الظاهر أن يعلمهم المناسك بها (فالجواب) أنه صلى الله عليه وسلم اكتفى بفعله للمناسك لأنه أوضح من القول، على أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول لهم فى بعض الأحيان ما يلزم من القول كما تقدم فى الأحاديث، ثم اعتنى بهذه الخطبة وخصها بأهم الأحكام العامة التى يحتاج الناس اليها ولا يسعهم جهلها لأن اليوم يوم اجتماع، وإنما تنتهز مثل هذه الفرصة لمثل هذه التى يراد تبليغها الى جمهور الناس والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه من حديث نبيط بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وسنده جيد، وأخرجه (نس. جه) بلفظ الحديث المتقدم

-[الدعاء بعرفة ورفع اليدين عنه]- (330) عن سلمة بن نبيطٍ الأشجعىَّ أنَّ أباه قد أدرك النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم وكان ردفًا خلف أبيه فى حجَّة الوداع، قال فقلت يا أبت أرنى النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم، قال قم فخذ بواسطة الرَّحل قال فقمت فأخذت بواسطة الرَّحل فقال انظر إلى صاحب الجمل الأحمر الذي يومئ بيده فى يده القضيب (331) عن أبى سعيدٍ الخدرىَّ رضى الله عنه قال وقف رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بعرفة فجعل يدعوا هكذا، وجعل ظهر كفيه ممَّا يلى وجهه ورفعهما فوق ثندوته وأسفل من منكبيه

_ (330) عن سلمة بن نبيط (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ابن موسى ثنا رافع بن سلمة الأشجعى وسالم بن أبي الجعد عن أبيه قال حدثنى سلمة بن نبيط الأشجعى- الحديث)) (غريبه) (1) انما قال له خذ بواسطة الرحل لأنه كان فى مؤخرته لا يرى النبى صلى الله عليه وسلم فأمره بالانتقال الى واسطة الرحل ليتمكن من رؤية النبى صلى الله عليه وسلم وسماع كلامه، وفيه استحباب حث الأولاد على تعليم العلم وان كانوا صغارًا (2) معناه انظر الى راكب الجمل الأحمر الذى يتكلم ويشير الى الناس بقضيب فى يده فهو النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام احمد وأخرجه (د. نس. جه) بلفظ رأيت رسول صلى الله عليه وسلم يخطب يوم عرفة على جمل أحمر؛ زاد النسائى فى رواية ((قبل الصلاة)) وسنده جيد، وللأمام أحمد غير هذا الحديث فى خطبة عرفة سيأتى فى أبواب خطب النبى صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية، وقد اكتفيت بما هنا خوف الأطالة (331) عن أبى سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس ثنا حماد يعنى ابن سلمة عن بشر بن حرب قال سمعت أبا سعيد يقول وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم 0 الحديث)) (غريبه) (3) الظاهر أن هذه كيفية من كيفيات رفع اليدين فى الدعاء، وقد جاء فيه كيفيات متعددة نقدم الكلام عليها فى باب رفع اليدين عند الدعاء فى الاستسقاء صحيفة 246 فى الجزء السادس فارجع اليه ان شئت (4) الثندوة بضم أوله ويجوز الفتح ثم نون ساكنة ثم دال مهملة مضمومة، لحم الثدى أو أصله. كذا فى القاموس (4) تثنية منكب بوزن مسجد. مجتمع رأس الكتف والعضد مذكر. وناحية كل شيء، جمعه مناكب. ومنه قوله تعالى {فامشوا فى مناكبها} (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام

-[زوائد الباب- وخطبة يوم عرفة من حديث جابر]- (332) عن عمرو بن شعيبٍ عن أبيه عن جدِّه قال كان أكثر دعاء رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يوم عرفة لا إله إلَّا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد بيده الخير وهو على كلِّ شئٍ قديرٌ

_ أحمد، وفي إسناده بشر بن حرب (قال الحافظ) فى التقريب صدوق فيه لين (232) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا محمد بن أبى حميد أخبرنى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده- الحديث)) (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله موثقون (زوائد الباب) (عن جابر بن عبد الله) رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس ((يعنى يوم عرفة)) وقال إن دماءكم وأموالكم حرام عليكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا، ألا كل شئ من أمر الجاهلية تحت قدمىَّ موضوع، ودماء الجاهلية موضوعة، وإن أول دم أضع من دمائنا دم ابن ربيعة بن الحارث، كان مسترضعًا من بنى سعد فقتلته هذيل، وربا الجاهلية موضوع، وأول ربا أضع ربانًا. ربا عباس بن عبد المطلب فانه موضوع كله، فاتقوا الله فى النساء فانكم أخذتموهن. بأمان الله واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه، فان فعلن ذلك فاضربوهن ضربًا غير مبرح، ولهن عليكم رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله، وأنتم تسألون عنى فما أنتم قائلون؟ قالوا نشهد أنك قد بلغت وأديت ونصحت، فقال باصبعه السبابة يرفعها إلى السماء وينكتها إلى الناس. اللهم اشهد اللهم اشهد. ثلاث مرات، ثم أذن ثم أقام فصلى الظهر- الحديث، رواه مسلم من حديث جابر فى صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم (وقوله فقال بأصبعه السبابة) أى أشار بها الى السماء (وقوله ينكتها الى الناس) قال النووى هكذا ضطبناه ينكتها بعد الكاف تاء مثناة فوق (قال القاضى) كذا الرواية بالتاء المثناة فوق. قال وهو بعيد المعنى، قال قيل صوابه ينكبها بباء موحدة، قال ورويناه فى سنن أبى داود بالتاء المثناة من طريق ابن الأعرابى، وبالموحدة من طريق أبى بكر التمار، ومعناه يقلبها ويرددها الى الناس مشيرًا اليهم، ومنه نكب كنانته إذا قلبها؛ هذا كلام القاضى اهـ (وعن ابن عباس رضى الله عنهما) قال كان فيما دعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع اللهم انك تسمع كلامى وتعلم مكانى وتعلم سرى وعلانيتى، لا يخفى عليك شئ من أمرى، أنا البائس الفقير المستغيث المستجير المشفق المقر المعترف بذنبه، أسألك مسألة المسكين، أبتهل إليك ابتهال

-[زوائد الباب فى تجلى الله عز وجل على عباده يوم عرفة واستجابة دعائهم]- .....

_ المذنب الذليل. وأدعوك دعاء الخائف الضرير؛ من خضعت لك رقبته، وفاضت لك عيناه وذل جسده ورغم لك أنفه. اللهم لا تجعلنى بدعائك شقيًا، وكن بى رءوفًا رحيمًا يا خير المسئولين ويا خير المعطين. أورده الهيثمى وقال رواه والطبرانى في الكبير والصغير وزاد ((الوجل المشفق)) وفيه يحيى بن صالح الأيلى (قال العقيلى) روى عنه يحيى بن بكير مناكير. وبقية رجاله رجال الصحيح (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان عشية عرفة لم يبق أحد فى قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان إلا غفر له؛ قلت يا رسول الله أهل عرفة خاصة؟ قال بل للمسلمين عامة (طب) وفيه أبو داود الأعمى وهو ضعيف جدًا (وعن ربيعة بن عباد) عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفًا مع المشركين بعرفات ثم رأيته بعد ما بعث واقفًا فى موقفه ذلك فعلمت أن الله عز وجل وفقه لذلك (طب) وفيه عطاء ابن السائب وهو ثقة ولكن اختلط (وعن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من قام ليلة عرفة هذه العشر كلمات ألف مرة لم يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إلا قطيعة رحم أو مأثم، سبحان الذى فى السماء عرشه- سبحان الذى فى الأرض موطئه. سبحان الذى فى سبيه. سبحان الذى فى النار سلطانه. سبحان الذى فى الجنة رحمته. سبحان الذى فى القبور قضاؤه. سبحان الذى فى الهواء روحه. سبحان الذى رفع السماء. سبحان الذى وضع الأرض. سبحان الذى لا منجا منه إلا إليه (عل. طب) وفيه عزرة بن قيس ضعفه ابن معين (وعن عبادة بن الصامت) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة أيها الناس إن الله عز وجل تطول عليكم فى هذا اليوم فغفر لكم إلا التبعات فيما بينكم، ووهب مسيئكم لمحسنكم، وأعطى محسنكم ما سأل، فادفعوا باسم الله، فلما كان بجمع قال إن الله قد غفر لصالحيكم، وشفع صالحيكم فى طالحيكم، تنزل الرحمة فتعمهم، ثم تفرق المغفرة فى الأرض فتقع على كل تائب ممن حفظ لسانه ويده، وإبليس وجنوده على جبل عرفات ينظرون ما يصنع الله بهم، فاذا نزلت المغفرة دعا هو وجنوده بالويل، يقول كنت أستفزهم حقبًا من الدهر ثم جاءت المغفرة فغشيتهم، فيتفرقون وهم يدعون بالويل والثبور (طب) وفيه راو لم يسم وبقية رجاله رجال الصحيح (وعن أنس بن مالك رضى الله عنه) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله تطول على أهل عرفات يباهى بهم الملائكة، يقول يا ملائكتى انظروا إلى عبادى شعثًا غبرًا، أقبلوا يضربون إلى من كل فج عميق، فأشهدكم أنى قد أجبت دعاءهم. وشفعت رغبتهم. ووهبت مسيئهم لمحسنهم. وأعطيت محسنهم، جميع ما سألونى غير التبعات التى بينهم، فاذا أفاض القوم إلى جمع ووقفوا وعادوا فى الرغبة والطلب إلى الله. فيقول يا ملائكتى عبادى وقفوا فعادوا فى الرغبة والطلب، فأشهدكم أنى قد أجبت دعاءهم، وشفعت رغبتهم

-[أكثر ما دعا به الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يوم عرفة]- .....

_ ووهبت مسيئهم لمحسنهم، وأعطيت محسنهم جميع ما سألونى، وكفلت عنهم التبعات التى بينهم، (عل) وفيه صالح المرى وهو ضعيف، أورد هذه الحاديث الحافظ الهيثمى وتكلم عليها جرحًا وتعديلًا (وعن ابن عباس رضى الله عنهما) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو بعرفة يداه إلى صدره كاستطعام المسكين (هق) (وعن موسى بن عبيدة) عن أخيه عبد الله بن عبيدة عن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر دعائى ودعاء الأنبياء قبلى بعرفة لا إله الا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، اللهم اجعل فى قلبى نورًا. وفى سمعى نورًا. وفى بصرى نورًا، اللهم اشرح لى صدرى ويسر لى أمرى، واعوذ بك وسواس الصدر وشتات الأمر وفتنة القبر، اللهم إنى أعوذ بك من شر ما يلج فى النهار. وشر ما تهب به الرياح. ومن شر بوائق الدهر (هق) وقال تفرد به موسى بن عبيدة وهو ضعيف، ولم يدرك أخوه عليًا رضى الله عنه، قال (وروينا عن أبى شعبة) أنه قال رمقت ابن عمر وهو بعرفة لأسمع ما يدعو، قال فما زاد على أن قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير اهـ (وقال ابن قدامة) فى المغنى سئل سفيان بن عيينة عن أفضل الدعاء يوم عرفة فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له. له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير، فقيل له هذا ثناء، فقال أما سمعت قول الشاعر: أأذكر حاجتى أم قد كفانى ... حياؤك إن شيمتك الحياء إذا أثنى عليك المرء يومًا ... كفاه من تعرضه الثناء اهـ (وفى كتاب الترمذى) عن على رضى الله عنه قال أكثر ما دعا النبى صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فى الموقف اللهم لك الحمد كالذى نقول وخير مما نقول، اللهم لك صلاتى ونسكى ومحياى ومماتى واليك مآبى، لك رب قرآنى. اللهم انى أعوذ بك من عذاب القبر ووسوسة الصدر وشتات الأمر، اللهم إنى أعوذ بك من شر ما تجئ به الريح، أورده النووى فى شرح المهذب وضعف اسناده، قال لكن معناه صحيح، قال واحاديث الفضائل يعمل فيها بالضعيف؛ قال وروينا عن طلحة بن عبيد الله أحد العشرة رضى الله عنهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رئى الشيطان أصفر ولا أخضر ولا أدبر ولا أغيظ منه فى يوم عرفة، وما ذاك إلا أن الرحمة تنزل فيه فيتجاوز عن الذنوب العظام (وعن سالم بن عبد الله بن عمر) أنه رأى سائلًا يسأل الناس يوم عرفة فقال يا عاجز فى هذا اليوم يسأل غير الله تعالى (وعن الفضل بن عياض) رحمه الله أنه نظر الى بكاء الناس بعرفة فقال أرأيتم لو أن هؤلاء صاروا الى رجل فسألوه دانقًا أكان يردهم؟ قيل لا: قال والله للمغفرة عند الله أهون من أجابة رجل لهم بدانق وبالله التوفيق اهـ (وعن عائشة رضى الله عنها) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من

-[كلام العلماء في الخطبة يوم عرفة وهل الأفضل الركوب فى الموقف أو عدمه]- .....

_ يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبدًا من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهى بهم الملائكة فيقول ما أراد هؤلاء، رواه مسلم فى صحيحه (الأحكام) فى أحاديث الباب دلالة على مشروعية الركوب فى موقف عرفة (وذهب جمهور العلماء الى استحبابه) وأنه أفضل من الوقوف على القدم لمن تيسرت له الدابة اقتداء بالنبى صلى الله عليه وسلم ولأنه اعون على الدعاء وهو المهم فى هذا الموضع (وللشافعية فى ذلك ثلاثة أقوال) أصحها راكبًا أفضل لما ذكرنا وهو المنصوص فى القديم، ذكره صاحب المهذب وأصحاب الشافعى وبه قطع المحاملى والماوردى وآخرون وصححه الباقون (والثانى) ترك الركوب أفضل لأنه أشبه بالتواضع والخضوع (والثالث) هما سواء وهو نص الأمام الشافعى فى الأم لتعادل الفضيلتين (وللحنابلة تفصيل) بنحو هذا (قال ابن قدامة) فى المغنى والأفضل أن يقف راكبًا على بعيره كما فعل النبى صلى الله عليه وسلم فان ذلك أعون له على الدعاء (قال أحمد) حين سئل عن الوقوف راكبًا فقال النبى صلى الله عليه وسلم وقف على راحلته، وقيل الراجل أفضل لأنه أخف على الراحلة، ويحتمل التسوية بينهما اهـ (وفى أحاديث الباب أيضًا) دلالة على مشروعية الخطبة يوم عرفة وهى مستحبة عند جمهور العلماء (قال النووى) فى شرح المهذب مذهبنا أنه مستحب فى الحج أربع خطب، وهى يوم السابع بمكة من ذى الحجة، ويوم عرفة بمسجد ابراهيم، ويوم النحر بمنى، ويوم النفر الأول بمنى أيضًا، وبه قال داود (وقال مالك وأبو حنيفة) خطب الحج ثلاث، يوم السابع والتاسع، ويوم النفر الثانى، قالا ولا خطبة فى يوم النحر (وقال أحمد) ليس فى السابع خطبة (وقال زفر) خطب الحج ثلاث، يوم الثامن. ويوم عرفة. ويوم النحر. ولقد ذكرنا، دليلنا فى خطبة السابع وخطبة يوم عرفة اهـ (قلت) الدليل على الخطبة فى اليوم السابع من ذى الحجة ما رواه البيهقى عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان قبل التروية بيوم خطب الناس أخبرهم بمناسكهم (قال النووى) واسناده جيد قال قال أصحابنا وكل هذه الخطب الأربع أفراد وبعد صلاة الظهر الا التى بعرفات فانهما خطبتان وقبل صلاة الظهر وبعد الزوال، قال ويذكر لهم فى كل واحدة من هذه الخطب ما بين أيديهم من المناسك وأحكامها وما يتعلق بها الى الخطبة الأخرى انتهى (قلت) لم يذكر الأمام أحمد شيئًا فى مسنده عن خطبة اليوم السابع ولم يقل بها، والظاهر أنه لم يصح عنده هذا الحديث ولا غيره فيها، وذكر الهيثمى فى ذلك لابن الزبير رضى الله عنهما خطبة طويلة أعرضت عن ذكرها لطولها، ولأنها غير مرفوعة وفى سند حديثهما طعن (قال الهيثمى) بعد ايراده، رواه الطبرانى في الكبير وفيه سعيد بن المرزبان وقد وثق وفيه كلام كثير، وفيه غيره ممن لم أعرفه (وأما دليل خطبة يوم عرفة) فما ذكر في أحاديث الباب

-[آداب تتعلق بالذكر والدعاء ينبغى أن يحرص عليها الحاج يوم عرفة]- .....

_ وما رواه مسلم من حديث جابر ذكرته فى الزوائد (وفى أحاديث الباب أيضًا) مشروعية الذكر والدعاء بما ورد فيها مع رفع اليدين بالكيفية المتقدمة، وله أن يدعو بأى دعاء شاء والوارد أفضل (قال النووى) فى شرح المهذب السنة أن يكثر من الدعاء والتهليل والتلبية والاستغفار والتضرع وقراءة القرآن، فهذه وظيفة هذا اليوم ولا يقصر فى ذلك وهو معظم الحج ومطلوبه؛ وقد سبق فى الحديث الصحيح أن النبى صلى الله عليه وسلم ((قال الحج عرفة)) فينبغى أن لا يقصر فى الاهتمام بذلك واستفراغ الوسع فيه، ويكثر من هذا الذكر قائمًا وقاعدًا ويرفع يديه فى الدعاء ور يجاوز بهما رأسه، ويستحب أن يخفض صوته بالدعاء، ويكره الأفراط فى رفع الصوت لحديث أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه قال ((كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فكنا إذا أشرفنا على واد هللنا وكبرنا ورفعت آصواتنا فقال النبى صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس اربعوا على أنفسكم فانكم لا تدعون صمًا ولا غائبًا انه معكم. انه سميع قريب)) رواه البخارى ومسلم ((قلت والأمام أحمد أيضًا)) اربعوا بفتح الباء الموحدة، أى ارفقوا بأنفسكم، ويستحب أن يكثر التضرع والخشوع والتذلل والخضوع وإظهار الضعف والافتقار ويلح فى الدعاء ولا يستبطئ الأجابة، بل يكون قوى الرجاء للاجابة لحديث أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ((يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول قد دعوت ولم يستجب لى)) رواه البخارى ومسلم ((قلت والأمام أحمد أيضًا)) (وعن عبادة بن الصامت) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما على الأرض مسلم يدعو الله تعالى بدعوة إلا آتاه الله إياها أو صرف من السوء مثلها ما لم يدع باثم أو قطيعة رحم، فقال رجل من القوم إذا نكثر، قال الله أكثر، رواه الترمذى وقال حديث حسن صحيح، قال ويستحب أن يكرر كل دعاء ثلاثًا ويفتتح دعاءه بالتحميد والتمجيد لله تعالى والتسبيح والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويختمه بمثل ذلك، وليكن متطهرًا متباعدًا عن الحرام والشبه فى طعامه وشرابه ولباسه ومركوبه وغير ذلك مما معه فان هذه آداب لجميع الدعوات، ويكثر من التلبية رافعًا بها صوته، وينبغى أن يأتى بالأذكار المتقدمة كلها فتارة يهلل وتارة يكبر وتارة يسبح وتارة يقرأ القرآن وتارة يصلى على النبى صلى الله عليه وسلم وتارة يدعو وتارة يستغفر، ويدعو مفردًا وفى جماعة. وليدع لنفسه ولوالديه ومشايخه وأقاربه وأصحابه وأصدقائه وأحبابه وسائر من أحسن اليه وسائر المسلمين، وليحذر كل الحذر من التقصير فى شئ من هذا فان هذا اليوم لا يمكن تداركه بخلاف غيره، وينبغى أن يكرر الاستغفار والتلفظ بالتوبة من جميع المخالفات مع الندم بالقلب، وأن يكثر البكاء مع الذكر والدعاء، فهناك تسكب العبرات وتستقال العثرات وترتجى الطلبات، وإنه لمجمع عظيم وموقف جسيم يجتمع فيه خيار عباد الله الصالحين وأوليائه المخلصين والخواص من المقربين، وهو أعظم مجامع الدنيا، وقد قيل إذا وافق يوم عرفة يوم جمعة غفر لكم أهل الموقف اهـ والله أعلم

-[استحباب السكينة والوقار فى السير من عرفة إلى المزدلفة]- (4) باب وقت الدفع من عرفة الى مزدلفة والنزول بين عرفة وجمع (333) عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسامة بن زيدٍ رضى الله عنهما قال كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم عشيَّة عرفة، قال فلمَّا وقعت الشَّمس دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلمَّا سمع حطمة النَّاس خلفه قال رويدًا أيُّها النَّاس عليكم السَّكينة فإن البرَّ ليس بالإبضاع قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التحم عليه النَّاس أعنق وإذا وجد فرجة نصَّ (وفى لفظٍ والنَّص فوق العنق) حتى مرَّ بالشِّعب الَّذى يزعم كثيرٌ من النَّاس أنَّه صلَّى فيه (وفي لفظٍ

_ (333) عن هشام بن عروة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق حدثنى هشام بن عروة- الحديث)) (غريبه) (1) أى راكبًا خلفه على راحلته، وفيه الركوب حال الدفع من عرفة والارتداف على الدابة إذا كانت مطبقة (3) أى غربت وتحقق دخول الليل (3) أى ازدحامهم وسوقهم الأبل بشدة (4) أى امهلوا وتأنوا والزموا السكينة فى السير والمراد السير بالرفق وعدم المزاحمة (5) الأيضاع هو السير السريع، ويقال هو سير مثل الخبب، فبين صلى الله عليه وسلم أن تكلف الأسراع فى السير ليس من البر أى ليس مما يتقرب به الى الله، ومن هذا أخذ عمر بن عبد العزيز قوله لما خطب بعرفة ((ليس السابق من سبق بعيره وفرسه. ولكن السابق من غفر له)) وقال المهلب إنما نهاهم عن الأسراع إبقاء عليهم لئلا يحفوا بأنفسهم مع بعد المسافة (6) أى اجتمعوا والتصقوا به (وقوله أعنق) من العنق بفتح المهملة والنون، وهو السير الذى بين الأبطاء والأسراع، وفى المشارق أنه سير سهل فى سرعة (7) فى بعض الروايات فجوة. والمعنى واحد وهو المكان المتسع (وقوله نص) بفتح النون وتشديد المهملة أى أسرع (قال ابن عبد البر) فى هذا الحديث كيفية السير فى الدفع من عرفة إلى مزدلفة لأجل الاستعجال للصلاة لأن المغرب لا تصلى إلا مع العشاء بالمزدلفة فيجمع بين المصلحتين من الوقار والسكينة عند الزحمة، ومن الأسراع عند عدم الزحام (8) هذا اللفظ من كلام هشام بن عروة كما جاء فى الموطأ، قال مالك قال هشام بن عروة ((والنص فوق العنق)) أى أرفع منه فى السرعة (وقوله حتى مر بالشعب) بكسر الشين المعجمة وهو الطريق بين جبلين والمراد به هنا

-[بيان أن النزول بين عرفة ومزدلفة ليس من المناسك]- فأتى النَّقب الَّذى ينزل المراء والخلفاء) فنزل به فبال، ما يقول أهراق الماء كما يقولون، ثمَّ جئته بالإداوة فتوضَّأ، ثمَّ قال قلت الصَّلاة يا رسول الله قال فقال الصَّلاة أمامك، قال فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم وما صلَّى حتَّى أتى المزدلفة فنزل بها، فجمع بين الصَّلاتين المغرب والعشاء الآخرة

_ مكان قريب من المزدلفة كما صرح بذلك فى رواية البخارى، قال فلما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الشعب الأيسر الذى دون المزدلفة أناخ فبال- الحديث (1) بفتح النون مشددة وسكون القاف بمعنى الشعب وهو الطريق بين جبلين كما تقدم (2) جاء فى بعض طرقه فلما جاء الشعب الذى يصلى فيه الخلفاء الآن المغرب- الحديث. وظاهره أن الخلفاء كانوا يصلون المغرب عند الشعب المذكور قبل دخول وقت العشاء (قال الحافظ) وهو خلاف السنة فى الجمع بين الصلاتين بمزدلفة، قال ووقع عند مسلم من طريق محمد بن عقبة عن كريب لما أتى الشعب الذى ينزله الأمراء، وله من طريق ابراهيم بن عقبة عن كريب ((الشعب الذى ينيخ الناس فيه للمغرب)) والمراد بالخلفاء والأمراء فى هذا الحديث بنو أمية فلم يوافقهم ابن عمر على ذلك، وقد جاء عن عكرمة انكار ذلك (وروى الفاكهى) أيضًا من طريق ابن أبى نجيح سمعت عكرمة يقول اتخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم مبالًا واتخذتموه مصلى، وكأنه أنكر بذلك على من ترك الجمع بين الصلاتين لمخالفته السنة فى ذلك وكان جابر يقول لا صلاة الا بجمع، أخرجه ابن المنذر باسناد صحيح اهـ (3) المعنى أن عروة بن الزبير راوى الحديث عن أسامة يقول إن أسامة قال فبال بلفظ البول وما كنى عنه كما يقول الناس فى البول أهراق الماء (بفتح الهاء) قال النووى رحمه الله فيه أداء الرواية بحروفها، وفيه استعمال صريح الألفاظ التى قد تستبشع ولا يكنى عنها إذا دعته الحاجة الى التصريح بأن خيف ليس المعنى أو اشتباه الألفاظ أو غير ذلك (4) الأداوة بكسر الهمزة اناء صغير يستعمل للوضوء (5) القائل هو أسامة ((والصلاة)) منصوبة بفعل مقدر أى تذكر الصلاة أو صل، ويجوز الرفع على تقدير حضرت الصلاة مثلًا (وقوله الصلاة أمامك) بالرفع وأمامك بفتح الهمزة بالنصب على الظرفية، أى الصلاة ستصلى بين يديك، وأطلق الصلاة على مكانها أى المصلى بين يديك أو معنى أمامك لا تفوتها وستدركها، وفيه تذكير التابع بما ترك متبوعه بفعله أو يعتذر عنه أو يبين له وجه الصواب فيه (6) أى جمع تأخير فى وقت العشاء (تخريجه) (ق. وغيرهما)

-[كلام العلماء فى وضوء النبى صلى الله عليه وسلم عندما نزل بالشعب الذى بين عرفة ومزدلفة]- (334) عن إبراهيم بن عقبة أخبرنى كريب أنَّه سأل أسامة بن زيدٍ قال قلت أخبرنى كيف صنعتم عشيَّة ردفت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال جئنا الشَّعب الَّذى ينيخ فيه النَّاس للمغرب فأناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته ثمَّ بال ماءًا، وما قال أهراق الماء، ثمَّ دعا بالوضوء فتوضَّأ وضوء ليس بالبالغ جدًّا قال قلت يا رسول الله الصَّلاة، قال الصَّلاة أمامك، قال فركب حتَّى قدم المزدلفة فأقام المغرب ثمَّ أناخ النَّاس فى منازلهم ولم يحلوُّا حتَّى أقام العشاء فصلَّى

_ (334) عن إبراهيم بن عقبة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم ثنا زهير ابراهيم بن عقبة- الحديث)) (غريبه) (1) بفتح الواو أى الماء لذى يتوضأ به (2) أى وضوءًا خفيفًا كما صرح بذلك فى رواية عند الشيخين أى خففه بأن توضأ مرة مرة. أو خفف استعمال الماء بالنسبة إلى غالب عادته. وهو معنى قوله فى رواية مالك عند البخارى بلفظ فلم يسبغ الوضوء (قال القرطبى) اختلف الشراح فى قوله ولم يسبغ الوضوء هل المراد به أنه اقتصر على بعض الأعضاء فيكون وضوءًا لغويًا أو اقتصر على بعض العدد فيكون وضوءًا شرعيًا؟ قال وكلاهما محتمل. لكن يعضد من قال بالثانى قوله فى الرواية الأخرى وضوءًا خفيفًا لأنه لا يقال فى الناقص خفيف، ومن موضحات ذلك قول أسامة له الصلاة فانه يدل على أنه رآه يتوضأ وضوءه للصلاة، ولذلك قال أتصلى، كذا قال ابن بطال وفيه نظر. لأنه لا مانع أن يقول له ذلك لاحتمال أن مراده أتريد الصلاة فلم لم تتوضأ وضوءها، وجوابه بأن الصلاة أمامك معناه أن المغرب لا تصلى هنا فلا تحتاج الى وضوء الصلاة، وكأن أسامة ظن أنه صلى الله عليه وسلم نسى صلاة المغرب ورأى وقتها قد كاد أن يخرج أو خرج فأعلمه النبى صلى الله عليه وسلم أنها فى تل الليلة يشرع تأخيرها لتجمع بعد العشاء بالمزدلفة. ولم يكن أسامة يعرف تلك السنة قبل ذلك ((وفى رواية للشيخين)) أن النبى صلى الله عليه وسلم توضأ بعد ذلك فأسبغ الوضوء وذلك حينما نزل بالمزدلفة (قال الخطابى) إنما ترك اسباغه حين نزل الشعب ليكون مصطحبًا للطهارة فى طريقه، وتجوَّز فيه لنه لم يرد أن يصلى به؟ فلما نزل وأرادها أسبغته. أفاده الحافظ (3) لفظ البخارى والأمام أحمد فى رواية ((فجاء المزدلفة فتوضأ فأسبغ ثم أقيمت الصلاة فصلى المغرب ثم أناخ كل انسان بعيره فى منزله ثم أقيمت الصلاة فصلى ولم يصل بينهما)) وهذه الرواية تفيد أنه صلى الله عليه وسلم توضأ وضوءًا آخر غير وضوئه في الشعب، ونقدم

-[نزول ابن عمر رضى الله عنهما بالشعب الذى بين عرفة ومزدلفة تأسيًا بالنبى صلى الله عليه وسلم]- ثمَّ حلَّ النَّاس، قال فقلت كيف فعلتم حين أصبحتم؟ قال ردفه الفضل بن عبَّاسٍ وانطلقت أنا فى سبَّاق قريشٍ على رجلىَّ (335) عن أنس بن سيرين قال كنت مع ابن عمر بعرفاتٍ فلمَّا كان حين راح رحت معه حتَّى أتى الإمام فصلَّى معه الأولى والعصر، ثمَّ وقف معه وأنا وأصحابٌ لى حتَّى أفاض الإمام فأفضنا معه حتَّى انتهينا إلى المضيق دون المأزمين فأناخ وأنخنا ونحن نحسب أنَّه يريد أن يصلِّى، فقال غلامه الّذى يمسك راحلته إنه ليس يريد الصَّلاة. ولكنَّه ذكر أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم لمَّا انتهى إلى هذا المكان قضى حاجته؛ فهو يحبُّ أن يقضي حاجته

_ الكلام عليه آنفًا، وتتفق مع رواية الأمام أحمد فى أنهم لم يزيدوا بين الصلاتين على الأناخة، وكأنهم صنعوا ذلك رفقًا بالدواب أو للأمن من تشويشهم بها، وفيه اشعار بأنه خفف القراءة فى الصلاتين، وفيه أنه لا بأس بالعمل اليسير بين الصلاتين اللتين يجمع بينهما ولا يقطع ذلك الجمع (1) أى ركب خلف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فى النفر من مزدلفة إلى منى (2) أى الذين سبقوا إلى رمى الجمرة (وقوله على رجلىّ) أى كنت راجلًا حينئذ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (335) عن أنس بن سيرين (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هارون أنا عبد الملك عن أنس بن سيرين- الحديث)) (غريبه) (3) يعنى الظهر سميت أولى لاشتراكها مع العصر فى الوقت، ولذلك يقال لها مع العصر الظهران. كما يقال للمغرب والعشاء العشاءان، والمراد صلاهما مع الأمام بعرفة جمع تقديم (4) المضيق بكسر الضاد المعجمة ما ضاق من الأماكن، والمراد به هنا المكان الضيق بين المأزمين، والمأزمان بهزة ساكنة بعد الميم الأولى وبعدها زاى مكسورة. وهما مثنيان واحدهما مأزم. ويجوز تخفيف الهمزة بقلبها الفًا، وهما جبلان بين عرفات ومزدلفة بينهما طريق، وهو المعبر عنه هنا بالمضيق لكونه ضيقًا، هذا معناه عند الفقهاء والمحدثين، وأما أهل اللغة فقالوا المأزم الطريق الضيق بين الجبلين، وذكر الجوهرى قولًا آخر فقال المأزم أيضًا موضع الحرب، ومنه سمى الموضع الذى بين مزدلفة وعرفة مأزمين اهـ (5) أى لأن المعروف عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه كان أشد الصحابة اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فى كل أحواله حتى المباح منها رضى الله عنه (تخريجه) لم أقف

-[حديث ابن مسعود فى كيفية الأفاضة من عرفة والصلاة بمزدلفة والمبيت بها]- (336) عن عبد الرَّحمن بن يزيد قال حججنا مع ابن مسعودٍ رضى الله عنه فى خلافة عثمان رضى الله عنه، قال فلمَّا وقفنا بعرفة قال فلمَّا غابت الشَّمس قال ابن مسعودٍ لو أن أمير المؤمنين أفاض الآن كان قد أصاب قال فلا أدرى أكلمة ابن مسعودٍ كانت أسرع أو إفاضة عثمان قال فما وضع النَّاس ولم يزد ابن مسعودٍ على العنق حتَّى أتينا جمعًا فصلَّى بنا ابن مسعودٍ رضى الله عنه المغرب، ثمَّ دعا بعشائه ثمَّ تعشَّى ثمَّ أقام فصلَّى العشاء الآخرة، ثمَّ رقد حتَّى إذا طلع أوَّل الفجر قام فصلَّى الغداة، قال فقلت له ما كنت تصلَّى الصَّلاة هذه السَّاعة، قال وكان يسفر بالصَّلاة قال إنِّى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم وهذا المكان يصلَّى هذه السَّاعة

_ عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد ومعناه فى الصحيحين (336) عن عبد الرحمن بن يزيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا جرير بن حازم قال سمعت أبا اسحاق يحدث عن عبد الرحمن بن يزيد قال حججنا مع ابن مسعود- الحديث)) (غريبه) (1) يعنى أصاب السنة. يريد أن هذا الوقت هو الذى كان يفيض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحب أن يكون أمير المؤمنين عثمان متيقظًا لهذا (2) يعنى أن عثمان رضى الله عنه أفاض فى الوقت الذى تمنى ابن مسعود أن يفيض فيه. وذلك لحرصهم جميعًا على الاقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله وفعله رضى الله عنهم (3) معناه فما أسرعوا السير لأن النبى صلى الله عليه وسلم علمهم المناسك فى حجة الوداع (4) أى لم يزد عن السير الذى بين الابطاء والسرعة (5) ظاهره أنه يجوز الفصل بين الصلاتين المجموعتين بالعشاء بفتح العين المهملة ونحوه، وسيأتى الكلام على ذلك فى باب الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة (6) فى التعبير بأول الفجر اشارة الى أنه يستحب زيادة التغليس بصلاة الصبح يوم النحر أكثر من المعتاد بحيث يصلى عند أول ظهور الفجر (7) يعنى أن عادته كانت الأسفار بصلاة الصبح وذلك عند وضوح النهار جليًا لكل انسان إلا فى هذا اليوم، لأنه رأى النبى صلى الله عليه وسلم فعل ذلك فيه والله أعلم (تخريجه) (خ) باختلاف فى بعض الألفاظ، وأورده الهيثمى بلفظه وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح

-[وقت الإفاضة من عرفة يكون بعد مغيب الشمس وتحقق دخول الليل]- (337) عن عائشة رضي الله عنها قالت أدلج رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من البطحاء ليلة النَّفر إدلاجًا (338) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال لم ينزل رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بين عرفاتٍ وجمعٍ إلَّا ليهريق الماء (339) وعنه أيضًا أنَّ أسامة بن زيدٍ كان ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فدخل الشِّعب فنزل فأهراق الماء ثمَّ توضَّأ وركب ولم يصلِّ (340) عن الفضل بن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال لمَّا أفاض

_ (337) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو الجوّاب قال ثنا عمار بن رزيق عن سليمان الأعمش عن ابراهيم عن الأسود عن عائشة- الحديث (غريبه) (1) الأدلاج معناه السير فى أول الليل، والمراد أنه صلى الله عليه وسلم نفر من عرفة بعد تحقق دخول الليل (2) اسم الوادى الذى سار فيه النبى صلى الله عليه وسلم من عرفة إلى مزدلفة، ويقال له الأبطح أيضًا جمعه أباطح وبطاح وبطائح (وقوله ادلاجًا) مصدر مؤكد لقوله أدلج (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد (338) عن ابن عباس رضى الله عنهما (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين وأبو نعيم قالا ثنا اسرائيل عن عبد العزيز بن رفيع قال حدثنى من سمع ابن عباس يقول لم ننزل رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث)) (غريبه) (3) بضم الياء التحتية وفتح الهاء يعنى يبول (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وفى إسناده رجل لم يسم (339) وعنه أيضًا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل بن عمر ثنا ابن أبى ذئب عن شعبة عن ابن عباس أن أسامة بن زيد- الحديث)) (غريبه) (4) بفتح الهاء أى بال (وقوله ثم توضأ) أى وضوءًا ليس بالبالغ يعنى خفيفًا كما سبق (تخريجه) لم أقف عليه من مسند ابن عباس لغير الأمام أحمد وسنده جيد، وله شاهد عند الشيخين وغيرهما من حديث أسامة (340) عن الفضل بن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد ابن أبى حكيم العدنى حدثنى الحكم يعنى ابن أبان قال سمعت عكرمة يقول قال الفضل بن عباس لما أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث)) (غريبه) (5) يعني من عرفة إلى

-[استحباب التأني في السير من عرفة إلى مزدلفة وكراهة الأسراع فيه]- رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم وأنا معه (1) فبلغنا الشعب نزل فتوضأ ثم ركبنا حتى جئنا المزدلفة. (فصل منه في أمر النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالسكينة عند الأفاضة من عرفة) (*) "ز" عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع يسير العنق وجعل الناس يضربون يميناً وشمالاً وهو يلتفت ويقول السكينة أيها الناس حتى جاء المزدلفة وجمع بين الصلاتين، ثم وقف بالمزدلفة فوتف على قزح (2) وأردف الفضل بن العباس (3) وقال هذا الموقف وكل المزدلفة موقف (341) عن مقسمٍ عن ابن عباس رضي الله عنهما لما أفاض النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من عرفة تسارع قوم (4) فقال امتدوا (5) وسدوا

_ المزدلفة (1) أي مصاحب له، وربما يفهم من ذلك ومن قوله ثم ركبنا أنه كان رديف النبي صلى الله عليه وسلم، والمحفوظ أن الذي كان رديفة من الأفاضة من عرفة إلى مزدلفة أسامة بن زيد، أما الفضل فقد ردف النبي صلى الله عليه وسلم في الأفاضة من مزدلفة إلى منى كما في الحديث التالي (تخريجه) لم أقف عليه من مسند الفضل بن عباس لغير الإمام أحمد وسنده جيد، وله شاهد من حديث أسامة بن زيد رواه الشيخان وغيرهما. (*) "ز" عن علي رضي الله عنه، هذا ظرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم صحيفة 84 رقم 65 في الجزء الحادي عشر، وهو حديث صحيح رواه (د. جه. مذ) وصححه (غريبه) (2) تقدم أنه بضم القاف وفتح الزاي، وهو جبل معروف بالمزدلفة يقف عنده الأمام. وهو من قزح الشيء إذا ارتفع وهو ممنوع من الصرف للعلمية والعدل كعمر (3) أي بعد الأفاضة من الوقوف بالمشعر الحرام قبل طلوع الشمس إلى منى كما جاء صريحا في حديث جابر الطويل رواية مسلم حيث قال "فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن عباس - الحديث" (341) عن مقسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن المسعودي عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (4) أي أسرعوا في السير (5) أي انبسطوا حتى ملئوا الوادي يقال امتد الشيء أي انبسط (وقوله وسدوا).

-[كراهة الإسراع في السير من عرفة إلى مزدلفة]- ليس البر بإيضاع الخيل (1) ولا الركاب، قال ابن عباسٍ فما رأيت رافعةً يدها تعدو حتى أتينا جمعًا (2) (342) عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عرفة وردفه أسامة بن زيدٍ، فجالت به الناقة (3) وهو رافع يديه (4) لا تجاوز أن رأسه، فسار على هينته (5) حتى أتى جمعًا، ثم أفاض الغد (6) وردفه الفضل بن عباسٍ فما زال يلبي حتى رمى جمرة العقبة (7) (343) وعنه أيضًا عن الفضل (بن عباسٍ) رضي الله عنهم بنحوه وفيه

_ أي وسدوا الطريق (1) أي ليس التقرب إلى الله بحمل الخيل والركاب على سرعة السير، ومعنى الركاب المطي، وأحدها راحلة من غير لفظها (2) المعنى أن ابن عباس رضي الله عنهما ما رأى راحلة رافعة يدها تعدو أي تسرع في السير بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم حتى أتوا جمعًا يعني المزدلفة، وهذا من كمال أدب الصحابة رضي الله عنهم وانقيادهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (د. هق) وسنده جيد ومعناه في الصحيحين. (342) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي بن سعيد عن عبد الملك ثنا عطاء عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (3) أي دارت أو ذهبت وجاءت وهو واقف بعرفات قبل أن يفيض كما صرح بذلك في حديث الفضل بن عباس الآتى بعد هذا (4) يعني وهو يدعو، وفيه استحباب رفع اليدين عند الدعاء بعرفة بحيث لا يجاوز أن رأسه كما في الحديث (5) أي سيرا هينا بدون سرعة حتى أتى جمعًا يعني المزدلفة (6) منصوب بنزع الخافض أي من الغد بعد صلاة الصبح من يوم النحر، وفي حديث الفضل الآتي ثم أفاض من جمع يعني من المزدلفة (7) تقدم الكلام على حكم التلبية في هذه المواضع في الفصل الثالث من باب التلبية صحيفة 181 في الجزء الحادي عشر (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وسنده جيد، وأخرجه مسلم عن ابن عباس بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض من عرفة وأسامة ردفه، قال أسامة فما زال يسير على هينته حتى أتى جمعًا. (343) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعلى ومحمد أنا عبيد قالا ثنا عبد الملك عن عطاء عن عبد الله بن عباس عن الفضل قال أفاض رسول الله

-[زوائد الباب في الدفع من عرفة إلى مزدلفة]- فجالت به الناقة وهو واقف بعرفاتٍ قبل أن يفيض وهو رافع يديه لا تجاوزان رأسه (وفيه) ثم أفاض من جمعٍ والفضل ردفه، قال الفضل ما زال النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم يلبي حتى رمى الجمرة

_ صلى الله عليه وسلم من عرفات وأسامة بن زيد ردفه فجالت به الناقة وهو واقف بعرفات قبل أن يفيض وهو رافع يديه لا تجاوزان رأسه، فلما أفاض سار على هينته حتى أتى جمعا ثم أفاض من جمع والفضل ردفه، قال الفضل ما زال النبي صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى الجمرة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وفيه من لم أعرفه ويعضده الحديث الذي قبله (زوائد الباب) (عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما) قال دفع رسول الله صلى الله عليه وسلم "يعني من عرفة إلى مزدلفة" وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله ويقول بيده اليمنى أيها الناس السكينة السكينة؛ كلما أتى حبلا من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء 0 الحديث، هذا طرف من حديث جابر الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم رواية مسلم (قال النووي) قوله (وقد شنق للقصواء الزمام حتى إن رأسها ليصيب مورك رحله) معنى شنق يعني ضم وضيق وهو بتخفيف النون "ومورك الرحل" قال الجوهري قال أبو عبيد المورك والموركة يعني بفتح الميم وكسر الراء هو الموضع الذي يثني الراكب رجله عليه قدام واسطة الرحل إذا مل من الركوب وضبطه القاضي بفتح الراء، قال وهو قطعة أدم يتورك عليها الراكب تجعل في مقدم الرحل شبه المخدة الصغيرة وفي هذا استحباب الرفق في السير من الراكب بالمشاة وبأصحاب الدواب الضعيفة (وقوله ويقول بيده السكينة السكينة) مرتين منصوبا أي ألزموا السكينة وهي الرفق الطمأنينة؛ ففيه أن السكينة في الدفع من عرفات سنة، فإذا وجد فرجة يسرع (وقوله كلما أتى حبلاً من الحبال أرخى لها قليلا حتى تصعد حتى أتى المزدلفة) الحبال هنا بالحاء المهملة المكسورة جمع حبل وهو التل اللطيف من الرمل الضخم (وقوله حتى تصعد) بفتح التاء المثناة فوق وضمها، يقال صعد في الجبل وأصعد، ومنه قوله تعالى "إذ تصعدون" وأما المزدلفة فمعروفة سميت بذلك من التزلف والازدلاف وهو التقرب، لأن الحجاج إذا أفاضوا من عرفات ازدلفوا إليها أي مضوا إليها وتقربوا منها، وقيل سميت بذلك لمجيء الناس إليها في زلف من الليل أي ساعات، وتسمى جمعا بفتح الجيم وإسكان الميم سميت بذلك لاجتماع الناس فيها، وعلم أن المزدلفة كلها من الحرام أهـ (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما

-[زوائد الباب وكلام العلماء فيما يستفاد منه]- .....

_ أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فمنع النبي صلى الله عليه وسلم وراءه زجراً شديداً أو ضرباً وصوتا للأبل فأشار بسوطه إليهم، وقال أيها الناس عليكم بالسكينة فإن البر ليس بالإيضاع (خ) (وعن المسور بن مخرمة) رضي الله عنه قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال أما بعد فإن أهل الشرك والأوثان كانوا يدفعون في هذا الموضع إذا كانت الشمس على رءوس الجبال كأنها عمائم الرجال في وجوهها؛ وأنا ندفع بعد أن تغيب، وكانوا يدفعون من المشعر الحرام إذا كانت الشمس منبسطة (طب) ورجاله رجال الصحيح (وعن أبي بكر الصديق) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما غربت الشمس بعرفة أفاض، ومن المزدلفة قبل طلوع الشمس (طس) وفيه الواقدي ضعفه الجمهور، ويعضده ما قبله (وعن ميسرة الأشجعي عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما أنه حج معه حتى وقف بعرفات فقال له يا ميسرة أسند في الحبل (يعني أصعد) قال ففعلت، فلما أفاض الناس ذهبت لأدفع ناقتى فقال لي مه عنقا بين العنقين (أي لا تعجل في السير بل سر سيراً متوسطا بين السرعة والبطيء، فلما قطعت الجبل قلت أنزل يا أبا عبد الرحمن قال سر يا ميسرة، فلما دفعنا إلى جمع قام فأذن ثم أقام الصلاة فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء الآخرة. ثم أصبحنا ففعل كما فعل في المشعر الأول، ثم قال كان المشركون لا يفيضون من عرفات حتى تعمم الشمس في الجبال فتصير في رءوسها كعمائم الرجال في وجوههم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يفيض حتى تغرب الشمس، وكان المشركون لا يفيضون من جمع حتى يقولوا أشرق ثبير فلا يفيضون حتى تصير الشمس في رءوس الجبال كعمائم الرجال في وجوههم، وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفيض قبل أن تطلع الشمس (طس) وبعضه في الصحيح وفيه جعفر بن ميسرة الأشجعي وهو ضعيف (وعن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تدفعوا يوم عرفة حتى يدفع الأمام (طس) وفيه ابن لهيعة، قال الهيثمي حديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على جملة أحكام (منها) أنه يسن للأمام إذا غربت الشمس يوم عرفة وتحقق غروبها أن يفيض من عرفات ويفيض الناس معه، والمراد بالأمام هنا الوالي الذي إليه أمر الحج من قبل الأمام أو الأمام نفسه إن كان حاضرا بالحج، ولا ينبغي للناس أن يدفعوا حتى يدفع (قال الأمام أحمد رحمه الله) ما يعجبني أن يدفع إلا مع الأمام، وسئل عن رجل دفع قبل الأمام بعد غروب الشمس قال ما وجدت عن أحد أنه سهل فيه كلهم. يشدد فيه أهـ. ويستحب أن يكثر الذكر والتلبية لقوله تعالى "فإذا أفضتم من عرفات فاذكروا الله كذكركم آباءكم أو أشد ذكرا" (ومنها) أن السنة أن يسلك في ذهابه إلى المزدلفة طريق المأزمين وهو بين العلمين اللذين هما حد الحرم من تلك الناحية، لما ثبت في أحاديث الباب عند الأمام أحمد والشيخين وغيرهما (ومنها) أن السنة في السير إلى مزدلفة

-[النزول بالشعب الذي بين عرفة والمزدلفة ليس بسنة ولا من المناسك]- (5) باب الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة والمبيت بها (344) عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع (1) بين المغرب والعشاء بالمزدلفة (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يصلى المغرب والعشاء (3) بإقامةٍ.

_ أن يكون بسكينة ووقار على عادة سيره سواء أكان راكباً أم ماشيا، ويحترز عن إيذاء الناس في المزاحمة، فإن وجد فرجة فالسنة الأسراع فيها. وإلا فلا كما ثبت في حديث أسامة المذكور في الباب (قال ابن عبد البر) في هذا الحديث كيفية الدفع في السير من عرفة إلى مزدلفة لأجل الاستعجال للصلاة لأن المغرب لا تصلى إلا مع العشاء بالمزدلفة، فيجمع بين المصلحتين من الوقار والسكينة عند الزحمة. ومن الأسراع عند عدم الزحام أهـ. ولا بأس أن يتقدم الناس على الأمام أو يتأخروا عنه (وجاء في أحاديث الباب) أن النبي صلى الله عليه وسلم نزل بالشعب عند المضيق، وهذا النزول ليس بسنة ولا من المناسك كما قال الحافظ، وإنما كان لقضاء حاجته صلى الله عليه وسلم وكان ابن عمر رضي الله عنهما يفعله كما في حديث أنس بن سيرين الثالث من أحاديث الباب لما عرف من حاله أنه كان من أشد الصحابة تمسكا بإتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى في مثل هذا، وثبت في صحيح البخاري عن نافع قال كان عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يجمع بين المغرب والعشاء بجمع غير أنه يمر بالشعب الذي أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فيدخل فينتفض (بفاء وضاد معجمة) أي يستجمر ويتوضأ ولا يصلى حتى يصلى بجمع، وتقدم في الشرح أن عكرمة كان ينكر على من نزل هذا المكان لأجل صلاة المغرب فيه، لأن السنة تأخير صلاة المغرب ليجمعوا بينها وبين العشاء في المزدلفة في وقت العشاء كما في أحاديث الباب (ومنها غير ذلك) تقدم في الشرح والله أعلم (344) عن أبي أيوب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا شعبة عن عدى بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن أبي أيوب - الحديث" (غريبه) (1) زاد البخاري "في حجة الوداع" (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا شعبة ثنا عدى بن ثابت عن عبد الله بن يزيد الخطمي عن أبي أيوب - الحديث" (3) أي يجمعهما جمع تأخر بالمزدلفة كما هو صريح في الطريق الأولى (وقوله بإقامة) يعني بإقامة واحدة كما جاء صريحا في رواية عن أبي أيوب أيضا عند الطبراني من طريق جابر الجعفي عن عدى بلفظ "صلى بجمع المغرب ثلاثا والعشاء ركعتين بإقامة واحدة" قال الحافظ وفيه رد

-[من جمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة بأقامة واحدة]- (345) عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء بجمع، صلي المغرب ثلاثاً والعشاء ركعتين بإقامةٍ واحدةٍ (1) (346) عن عبد الله بن مالكٍ قال صليت مع ابن عمر بجمع فأقام فصلى المغرب ثلاثاً؛ ثم صلى العشاء ركعتين بإقامة واحدة، قال فسأله خالد ابن مالكٍ، فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل مثل هذا في هذا المكان (347) عن سعيد بن جبيرٍ قال كنا مع ابن عمر حيث أفاض من

_ على قول ابن حزم أن حديث أبي أيوب ليس فيه ذكر أذان ولا إقامة، لأن جابرا وإن كان ضعيفاً فقد تابعه محمد بن أبي ليلى عن عدى على ذكر الأقامة فيه عند الطبراني أيضا فيقوى كل واحد منهما بالآخر أهـ (قلت) وتابعه أيضا شعبة عن عدى كما ترى في سند حديث الباب (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (ق. نس. جه) وأخرج الطريق الثانية منه الطبراني وسندها جيد عند الإمام أحمد (345) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن سعيد عن ابن عمرو عن أبي إسحاق عن عبد الله بن مالك الأسدى عن ابن عمر - الحديث" (غريبه) (1) يعني للصلاة الأولى. ولم يقم للثانية اكتفاء بالأقامة الأولى، وقد ثبت في حديث جابر عند مسلم أنه أذن للأولى وأقام لكل واحدة. منهما ولفظه "أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما" (أي لم يصل نفلا) وسيأتى بعد حديثين في حديث عبد الله ابن مسعود أنه جمع فصلى الصلاتين كل صلاة وحدها بأذان وإقامة، وسيأتى الكلام عليه في شرحه (تخريجه) (خ. نس) (346) عن عبد الله بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا شعبة سمعت أبا إسحاق سمعت عبد الله بن مالك قال صليت مع ابن عمر بجمع - الحديث" (تخريجه) (م. هق) (347) عن سعيد بن جبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا إسماعيل بن أبي خالد عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير قال كنا مع ابن عمر - الحديث"

-[من جمع بين الصلاتين بالمزدلفة كل صلاة بأذان وإقامة]- عرفاتٍ إلى جمع فصلى بنا المغرب ومضي (1) ثم قال الصلاة، فصلي ركعتين ثم قال هكذا فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان كما فعلت (348) عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال كنت مع عبد الله بن مسعود بجمع (2) فصلي الصلاتين كل صلاةٍ وحدها بأذانٍ وإقامة والعشاء (3) بينهما. وصلي انفجر حين سطع الفجر (4) أو قال حين قال قائل طلع الفجر وقال قائل لم يطلع، ثم قال (5) إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن هاتين الصلاتين (6) تحولان عن وقتهما في هذا المكان

_ (غريبه) (1) أي مضى في الصلاة لم يفصل بين المغرب والعشاء بنفل ولا إقامة، بل نبههم لصلاة العشاء بقوله الصلاة فصلاها ركعتين مقصورة (تخريجه) (م. هق. وغيرهما) (348) عن أبي إسحاق (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يحيي بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال كنت مع عبد الله - الحديث" (غريبه) (2) بفتح الجيم وسكون الميم أي المزدلفة (وقوله فصلى الصلاتين) يعني المغرب والعشاء (3) بفتح العين المهملة والمراد به الطعام، يعني أنه تعشى بين الصلاتين (قال القاضي عياض) وإنما فعل ذلك لينبه على أنه يغتفر الفصل اليسير بينهما، والواو في قوله والعشاء للحال (4) يعني أول الفجر كما صرح بذلك في حديثه الآتى في هذا الباب أيضا "وأو" للشك من أبي إسحاق الراوي عن عبد الرحمن بن يزيد، يشك هل قال عبد الرحمن حين سطع الفجر. أو قال حين قال قائل طلع الفجر الخ، والمراد أنه صلى الفجر في ابتداء ظهوره. أي في الوقت الذي يشك في طلوعه ولا يدركه إلا القليل من الناس (5) القائل هو ابن مسعود رضي الله عنه (6) يعني المغرب والفجر (وقوله تحولان) بالمثناة الفوقية المضمومة مع فتح الواو مشددة (وقوله عن وقتهما) كذا بالأصل عن وقتهما بالأفراد، ووقع مثل ذلك في رواية للبخاري، والمراد عن وقتهما المستحب المعتاد، ومعنى ذلك أن وقت المغرب المعتاد بعد غروب الشمس، وقد أخر في هذا المكان إلى وقت العشاء، ووقت الفجر المعتاد بعد ظهور الفجر جليا لكل إنسان، وهنا حول بالتقديم عن الوقت الظاهر لكل أحد. ولهذا اختلف الناس، فمنهم من يقول طلع الفجر ومنهم، من يقول لم يطلع لكن النبي صلى الله عليه وسلم تحقق طلوعه إما بوحي أو بغيره، والمراد به المبالغة في التغليس على

-[استحباب التغليس بصلاة الصبح بالمزدلفة يوم النحر]- لا يقدم (1) الناس جمعًا حتى يعتموا (2) وصلاة الفجر هذه الساعة (3) (349) عن عبد الله بن مسعودٍ رضي الله عنه ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاًة قط إلا لميقاتها إلا صلاتين، صلاة المغرب والعشاء بجمعٍ (4) وصلى الفجر يومئذٍ قبل ميقاتها (5) وقال ابن نميرٍ العشاءين فإنه صلاهما بجمعٍ جميعًا (*) عن عبد الرحمن بن زيدي في قصة حجة مع عبد الله بن مسعودٍ قال فصلى بنا ابن مسعودٍ رضي الله عنه المغرب ثم دعا بعشائه ثم تعشى ثم

_ باقي الأيام ليتسع الوقت لما بين أيديهم من أعمال يوم النحر من المناسك (1) بسكون القاف وفتح الدال المهملة (وقوله جمعًا) يعني المزدلفة (2) بضم أوله وكسر ثالثه من الأعتام أي الدخول في العتمة وهو وقت العشاء الآخرة (3) بالنصب أي بعد طلوع الفجر قبل ظهوره للعامة، زاد البخاري ثم وقف "يعني ابن مسعود" حتى أسفر، ثم قال لو أن أمير المؤمنين أفاض الآن أصاب السنة، فلا أدري أقوله كان أسرع أم دفع عثمان رضي الله عنه، فلم يلزم يلبى حتى رمى جمرة العقبة يوم النحر اهـ (قلت) وقع مثل هذه الزيادة في حديث رواه الأمام أحمد من طريق أبي إسحاق أيضًا عن عبد الرحمن بن يزيد أن ابن مسعود صدر منه ذلك عند الدفع من عرفة، وتقدم في الباب السابق رقم 336 صحيفة 139 والظاهر أن الواقعة تعددت في الموضعين والله أعلم (تخريجه) (خ. نس). (349) عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية وابن نمير قالا ثنا الأعمش عن عمارة عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله- الحديث" (غريبة) (4) يريد أنه أخر المغرب عن وقتها إلى وقت إلى وقت العشاء وصلاهما معاً بجمع أي بالمزدلفة (5) أي قبل وقتها المعتاد فعلها فيه في الحضر، لا أنه أوقعها قبل طلوع الفجر كما يتبادر من ظاهر اللفظ، ووقتها المعتاد أنه كان صلى الله عليه وسلم إذا أتاه المؤذن بطلوع الفجر صلى ركعتي الفجر في بيته ثم خرج فصلى الصبح، وأما بمزدلفة فكان الناس مجتمعين والفجر نصب أعينهم فبادر بالصلاة أول ما بزغ حتى أن بعضهم كان لم يتبين له طلوعه (وقوله وقال ابن نمير) يعني في روايته "العشاءين" بدل قوله في الرواية الأخرى المغرب والعشاء، لأنه يطلق عليهما اسم العشاءين والله أعلم (تخريجه) (ق. د. نس. هق) (*) عن عبد الرحمن بن يزيد، هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه

-[استحباب المبيت بالمزدلفة ليلة النحر والتغليس بصلاة الصبح]- قام فصلى العشاء الآخرة، ثم رقد حتى إذا طلع أول الفجر قام فصلى الغداة، قال فقلت له ما كنت تصلي الصلاة هذه الساعة؟ قال وكان يسفر بالصلاة، قال إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم وهذا المكان يصلى هذه الساعة (350) عن أسامة بن زيدٍ رضي الله عنهما أنه قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بالمزدلفة (زاد في روايةٍ) ولم يصل بينهما شيئًا (1)

_ وتخريجه في الباب السابق صحيفة 139 رقم 336 وإنما ذكرته هنا لقوله "ثم رقد حتى إذا طلع أول الفجر قام فصلى الغداة" ففيه دلالة على مشروعية المبيت بمزدلفة، وباقي الكلام عليه تقدم في الذي قبله (350) عن أسامة بن زيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون ابن معروف ثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث أن محمد بن المنكدر حدثه أنه أخبره أنه حدثه من سمع أسامة بن زيد يقول جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (1) أي لم يصل نفلا بينهما (تخريجه) (ق. وغيرهما) بأطول من هذا وفي سند حديث الباب رجل لم يسم (زوائد الباب) (عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى المزدلفة فصلى بها المغرب والعشاء بأذان واحد وإقامتين ولم يسبح بينهما شيئًا، ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة- الحديث رواه مسلم من حديث جابر الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم (وعن ابن عمر رضي الله عنهما) قال جمع النبي صلى الله عليه وسلم بين المغرب والعشاء بجمع كل واحدة منهما بإقامة ولم يسبح بينهما ولا على إثر كل واحدة منهما (خ. نس) (وعنه أيضًا) أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بينهما بالمزدلفة وصلى كل واحدة منهما بإقامة ولم يتطوع قبل كل واحدة منهما ولا بعدها (هق) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها) مشروعية الجمع بين صلاتي المغرب والعشاء جمع تأخير بمزدلفة ليلة النحر، وهو ثابت بالأحاديث الصحيحة المشهورة في الصحيحين وغيرهما وهي المذكورة في الباب (وقد أجمع العلماء) على جواز الجمع بينهما بمزدلفة في وقت العشاء للمسافر، فلو جمع بينهما في وقت المغرب أو في غير المزدلفة جاز عند الشافعية، وبه قال عطاء وعروة بن الزبير والقاسم بن محمد وسعيد بن جبير (والأئمة مالك وأحمد وإسحاق) وأبو يوسف وأبو ثور

-[مذاهب الأئمة في الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة والأذان والإقامة لهما]- .....

_ وابن المنذر (وقال الأئمة سفيان الثوري وأبو حنيفة) ومحمد وداود وبعض أصحاب مالك لا يجوز أن يصليهما قبل المزدلفة ولا قبل وقت العشاء، والخلاف مبني على أن جمعهم بالنسك أم بالسفر؟ فعند الشافعية ومن وافقهم بالسفر، وعند الحنفية ومن وافقهم بالنسك، والله أعلم (واختلفوا أيضًا) في الأذان والإقامة إذا جمع بين المغرب والعشاء في المزدلفة، فذهبت الأئمة (الشافعي وأحمد) في رواية وأبو ثور وعبد الملك بن الماجشون المالكي والطحاوي الحنفي إلى أنه يؤذن للأولى ويقيم لكل واحدة عملًا بحديث جابر المذكور في الزوائد. رواه مسلم (وذهب الإمام مالك) إلى أنه يصليهما بأذانين وإقامتين يعني لكل واحدة منهما أذان وإقامة عملا بحديث ابن مسعود المذكور في الباب (وهو مذهب ابن مسعود) وقول للطحاوي من الحنفية (قال ابن المنذر) وروى هذا عن عمر (وقال عبد الله بن عمر) وابنه سالم والقاسم ابن محمد وإسحاق والإمامين الشافعي وأحمد في رواية يصليهما بإقامتين عملا بحديث ابن عمر المذكور في الزائد، رواه البخاري والنسائي (وقال ابن عمر أيضًا) في رواية صحيحة عنه وسفيان الثوري يصليهما بإقامة واحدة عملا بحديث ابن عمر المذكور في الباب، رواه مسلم والنسائي وابن ماجه (وذهبت الحنفية) إلى أنه يؤذن ويقيم للأولى فقط عملا بما أخرجه النسائي من رواية سعيد بن جبير عن ابن عمر، والظاهر ما ذهب إليه الأولون لأن حديث جابر مشتمل على زيادة الأذان، وهي زيادة غير منافية فينبغي قبولها (فإن قيل) إن حديث عبد الله بن مسعود مشتمل على زيادة الأذان أيضًا للصلاة الثانية فيقتضي المصير إليه (فالجواب) أن حديث ابن مسعود موقوف عليه، ولذا قال ابن حزم لم نجده مرويًا عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولو ثبت لقلت به اهـ. أما قول ابن مسعود في آخره كما في رواية البخاري "رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعله" فهو راجع لتحويل صلاتي المغرب والصبح عن وقتيهما في المزدلفة لا للأذان والإقامة كما جاء صريحاً في رواية الإمام أحمد في آخر هذا الحديث قال (يعني ابن مسعود) إني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا اليوم وهذا المكان يصلي هذه الساعة (ومنها أيضًا) مشروعية المبيت بمزدلفة ليلة النحر (وهو سنة عند جمهور العلماء) من السلف والخلف (وقال خمسة من أئمة التابعين) هو ركن لا يصح الحج إلا به كالوقوف بعرفة وهم علقمة والأسود والشعبي والنخعي والحسن البصري (وبه قال من الشافعية) ابن بنت الشافعي وأبو بكر بن خزيمة واحتجوا بقوله تعالى "فاذكروا الله عند المشعر الحرام" وبحديث مروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال "من فاته المبيت بالمزدلفة فقد فاته الحج" واحتج الجمهور بحديث عروة بن مضرس المتقدم في باب وجوب الوقوف الخ صحيفة 119 رقم 321 وهو حديث صحيح صححه الترمذي وغيره. وأجابوا عن الآية بأن المأمور به فيها إنما هو

-[مذاهب العلماء في صلاة النفل بين صلاتي المغرب والعشاء بالمزدلفة]- (أبواب الوقوف بالمشعر الحرام وما يكون بعده إلى أن يرمى جمرة العقبة) (1) (باب الوقوف بالمشعر الحرام وآدابه- ووقت الدفع منه إلى منى) (وسبب الأيضاع في السير- واستمرار التلبية من الإفاضة حتى يرمى جمرة العقبة) (351) عن علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله

_ الذكر وليس بركن بالإجماع "وأما الحديث" فالجواب عنه من وجهين (أحدهما) أنه ليس بثابت ولا معروف (والثاني) أنه لو صح لحمل على فوات كمال الحج لا فوات أصله (ومنها أيضًا) أنه جاء في حديث أسامة المذكورة في الباب وحديثي جابر وابن عمر المذكورين في الزوائد أن النبي صلى الله عليه وسلم جمع بين المغرب والعشاء ولم يسبح بينهما (أي يتنقل) زاد ابن عمر عند البخاري ولا على إثر كل واحدة منهما (وفي رواية) أخرى عن ابن عمر عند البيهقي أنه صلى الله عليه وسلم لم يتطوع قبل كل واحدة منهما ولا بعدها، وذكرته في الزوائد أيضًا (قال الحافظ) يستفاد من هذا أنه ترك النفل عقب المغرب وعقب العشاء، ولما لم يكن بين المغرب والعشاء مهلة صرح بأنه لم ينتقل بينهما بخلاف العشاء، فإنه يحتمل أن يكون المراد أنه لم ينتقل عقبها. لكنه تنفل بعد ذلك في أثناء الليل، ومن ثم قال الفقهاء تؤخر سنة العشاءين عنهما (ونقل ابن المنذر) الإجماع على ترك التطوع بين الصلاتين بالمزدلفة لأنهم اتفقوا على أن السنة الجمع بين المغرب والعشاء بالمزدلفة، ومن تنقل بينهما لم يصح أنه جمع بينهما، لكن يعكر على نقل الاتفاق ما في البخاري عن ابن مسعود أنه صلى المغرب بالمزدلفة وصلى بعدها ركعتين ثم دعا بعشائه فتعشى ثم أمر بالأذان والإقامة ثم صلى العشاء، واستدل به بعض العلماء على جواز التنفل بين الصلاتين لمن أراد الجمع بينهما ولا حجة فيه لأنه لم يرفعه، ويحتمل أن لا يكون قصد الجمع، وظاهر صنيعه يدل على ذلك لقوله إن المغرب تحول عن وقتها فرأى أن هذا وقت المغرب خاصة، ويحتمل أن يكون قصد الجمع وكان يرى أن العمل بين الصلاتين لا يقطعه إذا كان ناويًا للجمع، ويحتمل قوله تحول عن وقتها أي المعتاد أفاده الحافظ (وفي حديث ابن مسعود أيضًا) استحباب زيادة التغليس في صلاة الصبح يوم النحر زيادة عن المعتاد (وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء) ومعنى ذلك أنه صلى الله عليه وسلم كان في غير هذا اليوم يتأخر عن أول طلوع الفجر لحظة إلى أن يأتيه المؤذن، وفي هذا اليوم لم يتأخر لكثرة المناسك فيه فيحتاج إلى المبالغة في التبكير ليتسع الوقت لفعل المناسك (وفي أحاديث الباب أيضًا) أمور غير هذه تقدم الكلام عليها في خلال الشرح والله سبحانه وتعالى أعلم (351) عن علي بن أبي طالب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[حديث علي رضي الله عنه في مناسك الحج من الوقوف بعرفة إلى رمي الجمرة]- عليه وعلى آله وصحبه وسلم أتى جمعًا فصلى بهم الصلاتين المغرب، والعشاء ثم بات حتى أصبح (1) ثم أتى قزح فوقف على قزح فقال هذا الموقف وجمعٌ كلها موقفٌ، ثم سار حتى أتى محسرًا (2) فوقف عليه فقرع ناقته (3) فخبث حتى جاوز الوادي (4) ثم حبسها ثم أردف الفضل وسار حتى أتى الجمرة (5)

_ أبو أحمد محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أي ربيعة عن زيد بن علي عن أبيه عن عبيد الله بن أبي رافع عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفة فقال هذا الموقف وعرفة كلها موقف، وأفاض حين غابت الشمس ثم أردف أسامة فجعل يعنق على بعيره والناس يضربون يمينًا وشمالًا يلتفت إليهم ويقول السكينة أيها الناس ثم أتى جمعًا فصلى بهم- الحديث" (غريبه) (1) عند مسلم من حديث جابر حتى طلع الفجر، وصلى الفجر حين تبين له الصبح بأذان وإقامة، ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفًا حتى أسفر جدًا فدفع قبل أن تطلع الشمس وأردف الفضل بن عباس- الحديث" وقد بين حديث جابر أنه صلى الله عليه وسلم صلى الصبح قبل ذهابه إلى المشعر الحرام وهو المعبر عنه بقزح في حديث الباب، وقد تقدم ضبطه وتفسيره وأنه جبل معروف في المزدلفة وهو موقف النبي صلى الله عليه وسلم في المزدلفة ولا يشترط الوقوف على نفس الجبل بل لو وقف على أي جزء من مزدلفة أجزأه لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث "وجمع كله موقف" وأفاد حديث جابر أيضًا أنه يقف مستقبل القبلة يعني الكعبة يدعو الله تعالى ويهلل ويكبر ويلبى إلى قرب طلوع الشمس ثم يدفع إلى منى، وأفاد أيضًا استحباب الركوب في هذه الأمكنة (2) بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد السين المهملة وكسرها، وسيأتي عن ابن عباس أنه واد من منى وتقدم سبب تسميته بذلك وهو أن فيل أصحاب حسر فيه أي أعيا وكل ومنه قوله تعالى "ينقلب إليك البصر خاسئًا وهو حسير" (3) أي ضربها بمقرعة بكسر الميم وهو السوط (فخبت) من الخبب بالتحريك وهو ضرب من السرعة في السير (4) قيل الحكمة في ذلك أنه فعله لسعة الموضع، وقيل لأن الأودية مأوى الشياطين، وقيل لأنه كان موقفًا للنصارى فأحب الإسراع فيه مخالفة لهم، وقيل لأن رجلًا اصطاد فيه صيدا فنزلت نار فأحرقته فكان إسراعه لمكان العذاب كما أسرع في ديار ثمود قاله السيوطي (وقوله ثم حبسها) يعني ضيق عليها الزمام لتسير ببطيء كسيرها الأول (5) يعني جمرة العقبة، ورميها

-[بقية حديث على رضي الله عنه في مناسك الحج من الوقوف بعرفة إلى طواف الإفاضة]- فرماها ثم أتى المنحر فقال هذا المنحر ومنى كلها منحٌر- الحديث (1) (352) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال أخبرني الفضل بن عباسٍ وكان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أفاض من عرفة (2) قال فرأى الناس

_ من واجبات الحج وهو أحد أسباب التحلل وهي ثلاثة، رمى جمرة العقبة يوم النحر، فطواف الإفاضة مع سعيه إن لم يكن سعى، والثالث الحلق عند من يقول إنه نسك وهو الصحيح (وقوله ثم أتى المنحر) أي مكان نحر الهدايا وهو من منى، ولو نحر في أي جزء من منى أجزأه لقوله صلى الله عليه وسلم "ومنى كلها منحر" (1) الحديث له بقية وهي- قال واستفتته جارية شابة من خثعم فقالت إن أبي شيخ كبير قد أفند وقد أدركته فريضة الله في الحج فهل يجزئ عنه أن أؤدي عنه، قال نعم فأدى عن أبيك، قال وقد لوى عنق الفضل. فقال له العباس يا رسول الله لم لويت عنق ابن عمك؟ قال رأيت شاباً وشابة فلم آمن الشيطان عليهما، قال ثم جاء رجل فقال يا رسول الله حلق قبل أن أنحر، قال أنحر ولا حرج. ثم أتاه آخر فقال يا رسول الله إني أفضت قبل أن أحلق، قال أحلق أو قصر ولا حرج، ثم أتى البيت فطاف به، ثم أتى زمزم فقال يا بني عبد المطلب سقايتكم، ولولا أن يغلبكم الناس عليها لنزعت (تخريجه) رواه الترمذي مطولاً كما هنا وقال حديث علي حديث حسن صحيح اهـ (قلت) ورواه أبو داود مختصرًا، ورواه عبد الله بن الإمام أحمد مطولًا كما هنا، وتقدم بطوله في باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم صحيفة 84 رقم 65 في الجزء الحادي عشر (352) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبدة بن سليمان ثنا ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس- الحديث" (غريبه) (2) هكذا بالأصل من عرفة، والظاهر والله أعلم أنه خطأ وصوابه من جمع، لأن المحفوظ من رواية الشيخين والإمام أحمد وغيرهم، أن الذي ردف النبي صلى الله عليه وسلم من عرفة هو أسامة بن زيد، والذي ردفه من جمع هو الفضل بن العباس، لاسيما وقد ثبت في رواية أخرى للإمام أحمد من طريق ابن أبي ليلى أيضًا أن هذه الإفاضة كانت من جمع لا من عرفة، فقال حديثنا هشيم أنبأنا ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس عن الفضل بن عباس أنه كان ردف النبي صلى الله عليه وسلم حين أفاض من جمع قال فأفاض وعليه السكينة، قال ولبى حتى رمى جمرة العقبة وقال مرة أنبأنا ابن أبي ليلى عن عطاء عن ابن عباس أنبأ الفضل بن عباس قال شهدت الأفاضتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض وعليه السكينة وهو كاف بعيره، قال ولبى حتى رمى

-[سبب إسراع الناس في السير عند الإفاضة واستحباب التأني والسكينة]- يوضعون فأمر مناديه فنادى ليس البر بإيضاع الخيل والإبل فعليكم بالسكينة (353) عن عطاءٍ عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال إنما كان بدو الإيضاع من قبل أهل البادية (1) كانوا يقفون حافتي الناس حتى يعلقوا العصي (2) والجعاب، فإذا نفر واتقعقت (3) تلك فنفروا بالناس، قال ولقد رؤى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن ذفري (4) ناقته ليمس حاركها، وهو يقول بيده يا أيها الناس عليكم بالسكينة، يا أيها الناس عليكم بالسكينة (354) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى

_ جمرة العقبة مرارًا، فهذه الرواية تؤيد ما ذكرنا، فإن صح لفظ حديث الباب حمل على أن أسامة والفضل تناوبا الارتداف في الإفاضة من عرفة إلى مزدلفة والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد. ومعناه في الصحيحين وغيرهما (353) عن عطاء عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا حماد يعني ابن زيد عن كثير بن شنظير عن عطاء عن ابن عباس- الحديث" (غريبه) (1) يقول ابن عباس رضي الله عنهما إن سبب الأيضاع يعني سرعة الناس في السير عند الإفاضة كان من قبل الإعراب سكان البوادي (2) جمع عصًا (والجعاب) جمع جعبة بفتح الجيم وهي الكنانة التي تجعل فيها السهام (والقعاب) جمع قعب بفتح القاف وسكون العين المهملة وهو القدح الضخم الجافي كذا في القاموس، وفي المصباح إناء ضخم كالقصعة (3) القعقعة حركة الشيء الذي يسمع له صوت، والمعنى أن الإعراب كانوا يعلقون هذه الأشياء كلها ويحملونها معهم وهم على جانبي الطريق، فإذا نفر الناس أحدثت هذه الأشياء صوتًا يحمل الإبل على السرعة في السير (4) بكسر الدال مؤنثة وألفها للتأنيث أو للإلحاق، وذفرى البعير أصل أذنه، جمعه ذفريات وذفارى. وهما ذفريان (والحارك) أعلى الكاهل وعظم مشرف من جانبيه، والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الناس أسرعوا في السير جدًا ضيق لراحلته الزمام حتى كان أصل أذنيها يمس كتفها ليمنعها عن السرعة (وهو يقول بيده) أي يشير بها ويقول يا أيها الناس عليكم بالسكينة أي تأنوا ولا تعجلوا (تخريجه) (هق) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (354) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان

-[وقت الوقوف بالمشعر الحرام بعد صلاة الصبح- والإفاضة منه قبيل طلوع الشمس]- آله وصحبه وسلم وقف بجمعٍ فلما أضاء كل شيءٍ قبل أن تطلع الشمس أفاض (355) عن عمر بن ميمون قال صلى بنا عمر بجمعٍ الصبح ثم وقف وقال إن المشركين كانوا لا يفيضون حتى تطلع الشمس، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم خالفهم، ثم أفاض (1) قبل أن تطلع الشمس (وعنه من طريقٍ ثان) (2) قال قال عمر رضي الله عنه إن المشركين كانوا لا يفيضون من جمعٍ حتى تشرق الشمس على ثبيرٍ (3) قال عبد الرزاق وكانوا يقولون* أشرق (4) ثبير* كيما نغير (5)

_ ابن داود ثنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس- الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (355) عن عمرو بن ميمون (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت عمرو بن ميمون- الحديث" (غريبه) (1) الإفاضة الدفعة. قال الأصمعي، ومنه أفاض القوم في الحديث إذا دفعوا فيه، ويحتمل أن يكون فاعل أفاض عمر فيكون انتهاء حديثه ما قبل هذا، ويحتمل أن يكون فاعل أفاض النبي صلى الله عليه وسلم لعطفه على قوله خالفهم، وهذا هو المعتمد. قاله الحافظ (قلت) يرفع الاحتمال الأول ما صرح به في الطريق الثانية من قوله فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فدع قبل أن تطلع الشمس، فظهر أن المراد بقوله ثم أفاض يعني النبي صلى الله عليه وسلم (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان وعبد الرزاق أنبأنا سفيان عن أبي إسحاق عن عمرو ابن ميمون قال قال عمر رضي الله عنه، قال عبد الرزاق سمعت عمر رضي الله عنه أن المشركين الخ. ومعنى قوله قال عبد الرزاق سمعت عمر الخ. معناه أن عبد الرزاق قال في روايته إن عمرو بن ميمون قال سمعت عمر، فالذي سمع هو عمرو بن ميمون لا عبد الرزاق كما يتبادر إلى الفهم، لأن عبد الرزاق لم يدرك عمر (3) بفتح المثلثة وكسر الموحدة جبل معروف هناك وهو على يسار الذاهب إلى منى، وهو أعظم جبال مكة. عرف برجل من هذيل اسمه ثبير دفن فيه (وقوله قال عبد الرزاق) يعنى أحد الرواة (4) بفتح أوله فعل أمر من الإشراق، أي أدخل في الشروق (قال ابن التين) وضبطه بعضهم بكسر الهمزة كأنه ثلاثي من شرق وليس ببين، والمشهور أن المعنى لتطلع عليك الشمس، وقيل معناه أضئ يا جبل وليس ببين أيضًا. قاله الحافظ (5) قال الطبري معناه كما ندفع للنحر، وهو من قولهم أغار

-[حجة القائلين باستحباب التلبية حين الإفاضة من مزدلفة]- يعني فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم فدفع قبل أن تطلع الشمس (356) عن عبد الرحمن بن يزيد أن عبد الله (يعني ابن مسعودٍ) رضي الله عنه لي حين أفاض من جمعٍ فقيل أعرابٌي هذا؟ (1) فقال عبد الله أنسى الناس أم ضلوا؟ سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة يقول في هذا المكان لبيك اللهم لبيك (357) عن الفضل بن العباس (2) رضي الله عنهما قال كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم من جمعٍ إلى منى فبينا هو يسير إذ عرض له أعرابٌّي مردفًا ابنًة له جميلًة (3) وكان يسايره، قال فكنت أنظر إليها، فنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم

_ الفرس إذا أسرع في عدوه (قال ابن التين) وضبطه بعضهم بسكون الراء في ثبير وفي نغير لإرادة السجع (تخريجه) (خ. والأربعة) (356) عن عبد الرحمن بن يزيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنبأ حصين عن كثير بن مدرك الأشجعي عن عبد الرحمن بن يزيد- الحديث" (غريبه) (1) معناه أن القائل ينكر على ابن مسعود فعله وينسبه إلى الجهل، وبالضرورة لم ينكر على ابن مسعود إلا من جهله ذاتًا وعلمًا، فقال ابن مسعود رضي الله عنه "أنسى الناس" يعني أحكام المناسك بعد علمهم بها "أم ضلوا" أي جهلوها ولم تبلغهم؟ ثم قال سمعت الذي أنزلت عليه سورة البقرة الخ يعني النبي صلى الله عليه وسلم وإنما خص البقرة لأن معظم أحكام المناسك فيها، فكأنه قال هذا مقام من أنزلت عليه المناسك وأخذ عنه الشرع وبين الأحكام فاعتمدوه، وأراد بذلك الرد على من يقول بقطع التلبية من الوقوف بعرفات والله أعلم (تخريجه) (م. نس) (357) عن الفضل بن العباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا جرير عن أيوب عن الحكم بن عتيبة عن ابن عباس عن أخيه الفضل قال كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (2) هو أخو عبد الله بن عباس، وكان أكبر ولد العباس وبه كان يكنى. وكان الفضل وضيئًا أي جميلًا كما في بعض الروايات (3) أي أركبها خلفه على دابته، وكان الفضل راكبًا خلف النبي صلى الله عليه وسلم وكان الأعرابي

-[مذاهب العلماء في حكم الوقوف بالمشعر الحرام واستقبال الكعبة فيه]- فقلب وجهي عن وجهها (1) ثم أعدت النظر فقلب وجهي عن وجهها حتى فعل ذلك ثلاثًا وأنا لا أنتهي (2) فلم يزل يلبي حتى رمى جمرة العقبة (3)

_ يساير النبي صلى الله عليه وسلم أي يجاريه في السير ويسير معه (1) أي صرفه عن وجهها بيده كما جاء في بعض الروايات الصحيحة "فالتقى النبي صلى الله عليه وسلم والفضل ينظر إليها فأخلف بيده فأخذ بذقن الفضل فدفع وجهه عن النظر إليها" (2) جاء في رواية عن ابن عباس عند الإمام أحمد بنحو ما تقدم، وفيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أخي- هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له (وفي رواية) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت غلامًا حدثًا وجارية حدثة فخشيت أن يدخل بينهما الشيطان (3) فيه دلالة على استحباب استمرار التلبية حتى ترمي جمرة العقبة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (زوائد الباب) (عن جابر) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء حتى أتى المشعر الحرام فاستقبل القبلة فدعاه وكبره وهلله ووحده فلم يزل واقفاً حتى أسفر جدًا فدفع قبل أن تطلع الشمس. رواه مسلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها) مشروعية الوقوف بالمشعر الحرام بالمزدلفة، وللمزدلفة ثلاثة أسماء، مزدلفة. وجمع. والمشعر الحرام، وحدها من مأزمى عرفة إلى قرن محسر، وما على يمين ذلك وشماله من الشعاب، ففي أي موضع وقف منها أجزأه لقول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث على المذكور في أول الباب "وجمع كلها موقف" وليس وادي محسر من مزدلفة لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث جبير بن مطعم "وكل مزدلفة موقف وارفعوا عن محسر" وتقدم في باب وجوب الوقوف بعرفة (وقد اختلف) العلماء في حكم الوقوف بالمشعر الحرام (فذهب جماعة من أهل العلم) منهم مجاهد وقتادة والزهري والثوري على أن من لم يقف بالمشعر الحرام فقد ضيع نسكًا وعليه دم، وهو قول الأئمة (أبي حنيفة وأحمد وإسحاق وأبي ثور والشافعي في رواية) وروى عن عطاء والأوزاعي (وإليه ذهب المالكية) وهو المشهور عند الشافعية أنه لا دم عليه لأنه سنة لا واجب (وذهب ابن بنت الشافعي) وابن خزيمة إلى أن الوقوف به ركن لا يتم الحج إلا به، وأشار ابن المنذر إلى ترجيحه، وهو مروى عن علقمة والنخعي والشعبي، واحتج عليهم الطحاوي بأن الله عز وجل لم يذكر الوقوف وإنما قال "فاذكروا الله عند المشعر الحرام" وقد أجمعوا على أن من وقف بها بغير ذكر أن حجه تام، فإذا كان الذكر المذكور في القرآن ليس من تمام الحج فالموطن الذي يكون فيه الذكر أحرى أن لا يكون فرضًا (ومنها مشروعية استقبال القبلة) حال الوقوف والدعاء والذكر والتلبية، وإلى استحباب ذلك ذهب كافة العلماء لحديث جابر المذكور في الزوائد، ولقوله عز وجل "فاذكروا

-[كلام العلماء في آداب الوقوف بالمشعر الحرام- وما يقال فيه من الدعوات والأذكار]- .....

_ الله عند المشعر الحرام" ولم أقف على شيء مرفوع من الأدعية والأذكار خاصمًا بالوقوف بالمشعر الحرام إلا ما ورد في حديث جابر مجملًا من الدعاء والتهليل والتكبير، فيكفي أن يكثر من قول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر، ويلبي كثيرًا ويدعو بما شاء، والوارد من الأدعية والأذكار أفضل (قال النووي في شرح المهذب) واختار أصحابنا أن يقول فيه اللهم كما وقفتنا فيه وأريتنا إياه فوفقنا لذكرك كما هديتنا واغفر لنا وارحمنا كما وعدتنا بقولك، وقولك الحق "فإذا أفضتم من عرفات فذكروا الله عند المشعر الحرام واذكروه كما هداكم وإن كنتم من قبله لمن الضالين، ثم أفيضوا من حيث أفاض الناس واستغفروا الله إن الله غفور رحيم" ويكثر من قوله اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ويدعو بما أحب، ويختار الدعوات الجامعة والأمور المبهمة ويكرر دعواته اهـ (وفي حديث جابر المذكور وفي الزوائد) دلالة على أنه يستمر واقفًا بالمشعر الحرام بعد صلاة الصبح يدعو ويلبي ويذكر الله عز وجل حتى يسفر الصبح جدًا، ثم يدفع من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الشمس، وبذلك قال ابن مسعود وابن عمر وجماهير العلماء (قال ابن المنذر) وهو قول عامة العلماء غير مالك فإنه كان يرى أن يدفع منه قبل الأسفار اهـ (قلت) والمتعين ما ذهب إليه الجمهور لحديث جابر المذكور (وفي أحاديث الباب أيضًا) أن المشركين كانوا لا يفيضون من جمع حتى تشرق الشمس وكانوا يقولون* أشرق ثبير* كيما نغير* وقد وقفت في القاموس على من قال ذلك، وهو أبو سيارة عميلة بن خالد العدواني قال كان له حمار أسود أجاز الناس عليه من المزدلفة إلى منى أربعين سنة وكان يقول، أشرق ثبير. كما نغير، أي كي نسرع إلى النحر. فقيل أصح من عير أبي سيارة اهـ. فخالفهم النبي صلى الله عليه وسلم وأفاض بعد الأسفار قبل طلوع الشمس (وفي أحاديث الباب) الحث على السكينة والوقار والتأني في الدفع من مزدلفة إلى منى وأن سبب الأيضاع أي الإسراع كان من الأعراب، وتقدم الكلام على ذلك في الشرح (وفي أحاديث الباب أيضًا) دلالة على أنه يستحب أن يستديم التلبية حتى يشرع في رمى جمرة العقبة غداة يوم النحر، وإلى ذلك ذهب الأئمة (أبو حنيفة والشافعي) وسفيان الثوري وأبو ثور وجماهير العلماء من الصحابة والتابعين وفقهاء الأمصار ومن بعدهم (وقال الحسن البصري) يلبي حتى يصلي الصبح يوم عرفة ثم يقطع (وحكى عن علي وابن عمر وعائشة ومالك) وجمهور فقهاء المدينة أنه يلبي حتى تزول الشمس يوم عرفة ولا يلبي بعد الشروع في الوقوف (وقال الإمامان أحمد وإسحاق) وبعض السلف يلبي حتى يفرغ من رمي جمرة العقبة، ودليل الجمهور والإمام أحمد ومن وافقهم ما جاء في أحاديث الباب، ولا حجة للآخرين في مخالفتها. فيتعين إتباع الوارد والله أعلم (فائدة) قال النووي

(2) باب الأمر بالسكينة عند الدفع من مزدلفة إلى منى والإيضاع في وادي محسر (*) "ز" عن عليٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم جاء المزدلفة وجمع بين الصلاتين، ثم وقف بالمزدلفة فوقف على قزح وأردف الفضل بن عباسٍ وقل هذا الموقف وكل المزدلفة موقٌف، ثم دفع وجعل يسير العنق والناس يضربون (1) يمينًا وشمالًا وهو يلتفت ويقول السكينة السكينة أيها الناس حتى جاء محسرًا (2) فقرع راحلته فخبت

_ في شرح المهذب يستحب أن يغتسل بالمزدلفة نصف الليل للوقوف بالمشعر الحرام وللعبد ولما فيها من الاجتماع، فإن عجز عن الماء تيمم، قال وهذه الليلة ليلة عظيمة جامعة لأنواع من الفضل (منها) شرف الزمان والمكان، فإن المزدلفة من الحرم، وانضم إلى هذا جلالة أهل المجمع الحاضرين بها وهم وفد الله تعالى ومن لا يشقى بهم جليسهم، فينبغي أن يعنى الحاضر هناك بأحيائها بالعبادة من صلاة أو تلاوة وذكر ودعاء وتضرع، ويتأهب بعد نصف الليل للاغتسال أو الوضوء ويحصل حصاة الجمار وتهيئة متاعه والله الموفق. (*) "ز" عن علي رضي الله عنه، هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله في باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم صحيفة 84 رقم 65 وهو حديث صحيح رواه أبو داود والترمذي وصححه، وإنما ذكرت هذا الطرف منه هنا لما فيه من صفة سيرهم عند الدفع من مزدلفة وأمر النبي صلى الله عليه وسلم إياهم بالسكينة، وقد تقدم نحوه عن علي رضي الله عنه أيضًا في أول الباب السابق، ولكن ليس فيه ما ذكر، وهذا الحديث الذي نحن بصدد شرحه من زوائد عبد الله ابن الإمام أحمد علي مسند أبيه، وذاك من رواية الإمام أحمد فتنبه (غريبه) (1) أي يضربون الإبل كما صرح بذلك في رواية أبي داود، أي يحثونها على سرعة السير والنبي صلى الله عليه وسلم يلتفت إليهم ويقول السكينة (بالنصب) أي الزموا السكينة أيها الناس أي تأنوا في سيركم خوفًا من ضرر الزحام، ووقع في رواية أبي داود "لا يلتفت إليهم" بزيادة لا، ومعناه لا يشاركهم في سرعة السير، ورواية الترمذي كرواية الإمام أحمد بدون لا (قال المحب الطبري) قال بعضهم رواية الترمذي بإسقاط لا. أصح والله أعلم (2) تقدم ضبطه وسبب تسميته بذلك (وقد اختلف العلماء) في محسر فقيل هو واد بين مزدلفة ومنى، وقيل ما حسب منه في مزدلفة فهو منها، وما حسب منه في منى فهو منها وصوبه بعضهم، وتقدم

-[التعريف بوادي محسر واستحباب إسراع السير فيه خاصة]- حتى خرج ثم عاد لسيره الأول حتى رمى الجمرة- الحديث (358) عن الفضل بن العباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة وغداة جمعٍ للناس حين دفعنا (وفي لفظٍ حين دفعوا)

_ في غير حديث أن مزدلفة كلها موقف إلا بطن محسر، فيكون على هذا قد أطلق بطن محسر والمراد منه ما خرج من مزدلفة، وإطلاق اسم الكل على البعض جائز مجازًا شائعًا، وقال أبو جعفر الطحاوي ليس وادي محسر من منى ولا من المزدلفة، فالاستثناء في قوله إلا بطن محسر منقطع، وتبع الطحاوي في ذلك النووي في شرح المهذب فقال وادي محسر موضع فاصل بين منى ومزدلفة، ليس من واحدة منهما بل هو مسيل ما بينهما اهـ، ويعارض هذا ما ثبت في حديث الفضل بن عباس رضي الله تبارك وتعالى عنهما عند مسلم والإمام أحمد وسيأتي في الحديث التالي بعد هذا بلفظ "حتى إذا دخل محسرًا وهو من منى قال عليكم بحصى الحذف" ولفظ مسلم "حتى دخل محسرًا وهو من منى قال عليكم بحصى الحذف- الحديث" وعلى هذا فهو من منى والله أعلم (وقوله فقرع راحلته فخبت) أي ضربها بالسوط فأسرعت في وادي محسر (قال الأزرقي) وإنما شرع الإسراع فيه لأن العرب كانوا يقفون فيه ويذكرون مفاخر آبائهم فاستحب الشارع مخالفتهم اهـ (وقال النووي) في شرح المهذب قال أصحابنا واستحب الإسراع فيه للاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ولأن وادي محسر كان موقف النصارى فاستحبت مخالفتهم، واستدلوا بما رواه البيهقي بإسناده عن المسور بن مخرمة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان يوضع (يعني يسرع في وادي محسر) ويقول إليك تعدو قلقًا وضيتها مخالفًا دين النصارى دينها (قال البيهقي) يعني الأيضاع في وادي محسر، ومعنى هذا البيت أن ناقتي تعدو إليك يا رب مسرعة في طاعتكم قلقًا وضينها. وهو الحبل الذي كالحزام، وإنما صار قلقًا من كثرة السير والإقبال التام والإجهاد في طاعتك، والمراد صاحب الناقة "وقوله مخالفًا دين النصارى دينها" بنصب دين النصارى ورفع دينها، أي أني لا أفعل فعل النصارى ولا أعتقد اعتقادهم، (قال القاضي حسين) في تعلقيه يستحب للمار بوادي محسر أن يقول هذا الذي قاله عمر رضي الله عنه والله أعلم (تخريجه) (د. مذ. وصححه) (358) عن الفضل بن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن جريح أخبرني أبو الزبير أخبرني أبو معبد قال سمعت ابن عباس يخبر عن الفضل

-[الأمر بالسكينة في الدفع من مزدلفة إلى منى]- عليكم السكينة وهو كاٌف $$$ (1) حتى إذا دخل بني منى حين هبط محسرًا (وفي لفظٍ حتى إذا دخل محسرًا وهو من منى) (2) قال عليكم بحصى الحذف الذي يرمي به الجمرة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده كما يحذف الإنسان (3) (359) عن أبي الزبير عن جابرٍ رضي الله عنه قال أفاض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (4) وعليه السكينة وأمرهم بالسكينة وأمرهم أن يرموا (5) بمثل حصى الحذف، وأوضع (6) في وادي محسرٍ

_ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (1) أي يمنعها الإسراع (2) فيه أن وادي محسر من منى، ومن قال غير ذلك فعليه بالدليل (3) الحذف بخاء معجمة مفتوحة ثم ذال معجمة ساكنة بوزن الضرب، تقول حذفت الحصاة ونحوها حذفًا، من باب ضرب. رميتها بطرفي الإبهام والسبابة، وقولهم يأخذ حصى الحذف معناه حصى الرمى، والمراد الحصي الصغار، لكنه أطلق مجازًا، قاله في المصباح (وقال الأثرم) يكون أكبر من الحمص ودون البندق، وكان ابن عمر رضي الله عنهما برمي بمثل بعر الغنم اهـ (وقوله يشير بيده كما يحذف الإنسان) قال النووي المراد به الإيضاح وزيادة البيان لحصي الحذف وليس المراد أن الرمى يكون على هيئة الحذف وإن كان بعض أصحابنا قد قال باستحباب ذلك لكنه غلط، والصواب أنه لا يستحب كون الرمى على هيئة الحذف فقد ثبت حديث عبد الله بن المغفل عن النبي صلى الله وسلم في النهي عن الحذف. وإنما معنى هذه الإشارة ما قدمناه والله أعلم اهـ (تخريجه) (م. نس. هق) ولفظهم عن ابن عباس عن الفضل بن عباس وكان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال في عشية عرفة وغداة جمع للناس حين دفعوا عليكم السكينة وهو كاف ناقته حتى دخل محسرًا وهو منى، وقال عليكم بحصى الحذف الذي يرمى به الجمرة، وقال لم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبي حتى رمى الجمرة، وللإمام أحمد رواية بهذا اللفظ أيضًا. (359) عن أبي الزبير عن جابر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا الثوري عن أبي الزبير- الحديث" (غريبه) (4) يعني من مزدلفة إلى منى (5) يعني جمرة العقبة يوم النحر (6) أي أسرع في السير وتقدم الكلام على الحكمة في ذلك (تخريجه) (هق) وسنده جيد، قال النووي على شرط البخاري ومسلم اهـ زاد البيهقي وقال خذوا عني مناسككم لعلى لا أراكم بعد عامي هذا

-[زوائد الباب - وكلام العلماء فى الإسراع فى وادى محسر]- (360) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّ النَّبى صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال ارفعوا عن بطن محسِّر وعليكم بمثل حصى الخذف

_ (360) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن زياد يعنى ابن سعد عن أبى الزبير عن ابن معبد عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (1) أى تباعدوا عنها وظاهر السياق يدل على أن المراد به هنا عدم التقاط الحصى منها، ويؤيد ذلك أنه يسن الإسراع فى وادى محسر فلا يتأتى النقاط الحصى منها مع الإسراع والله أعلم (تخريجه) (هق) ورجال الأمام أحمد من رجال الصحيحين (زوائد الباب) (عن نافع أن عبد الله بن عمر) كان يحرك راحلته فى بطن محسر قدر رمية بحجر (لك. هق) (وعن علقمة عن أمه عن عائشة) رضى الله عنها أنها كانت إذا نفرت غداة المزدلفة فإذا جاءت بطن محسر قالت لى ازجرى الدابة وارفعيها، قالت فزجرتها يوما فوقعت الدابة على يديها وعليها الهودج ثم زجرتها الثانية فرفعها الله فلم يضرها شيئا، وكانت ترفع دابتها حتى تقطع بطن محسر وتدخل بطن منى (هق) قال وروينا فى ذلك عن عبد الله ابن مسعود وحسين بن على رضى الله تعالى عنهم، قال وكان ابن الزبير يوضع أشد الأيضاع أخذه عن عمر رضى الله عنه، يعنى الأيضاع فى وادى محسر اهـ (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أتى محسراً حرك راحلته وقال عليكم بحصى الخذف (طس) وفيه ابن لهيعة (قال الهيثمي) وهو حسن الحديث (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية التأنى والسكينة فى الدفع من مزدلفة إلى منى كما سبق فى سيره صلى الله عليه وسلم فى الدفع من عرفات إلى مزدلفة إلا فى وادى محسر فإنه يستحب الأسراع فيه، فان كان ماشيا أسرع، وإن كان راكبا حرك دابته، وذلك قدر رمية بحجر لما تقدم فى الزوائد عن نافع عن ابن عمر أنه كان يحرك راحلته فى بطن محسر قدر رمية بحجر، ويكون ملبيا فى طريقه لما تقدم فى الباب السابق من حديث الفضل بن العباس أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يزل يلبى حتى رمى جمرة العقبة، وما تقدم من التأنى فى الدفع من مزدلفة إلى منى والسرعة فى وادى محسر والتبية فى الطريق كل ذلك مستحب عند جمهور العلماء من السلف والخلف، وخالف قوم فى التلبية، تقدم ذكرهم فى أحكام الباب السابق، وحكى الرافعى وجها شاذا ضعيفا أنه لا يستحب الأسراع فى وادى محسر للماشي، وذهب بعضهم إلى عدم استحبابه مطلقا للراكب والماشى مستدلين بما تقدم فى الباب السابق من حديث الفضل بن العباس وفيه أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر مناديه فنادى ليس البر بايضاع الخيل والأبل فعليكم السكينة، ولقول ابن عباس في الحديث

-[رد حجة القائلين بعدم الأسراع فى وادى محسر]- (3) باب الرخصة فى تقديم وقت الدفع للضعفة من النساء وغيرهن قبل الزحام (361) عن ابن جريج قال أخبرنى عبد الله مولى أسماء عن أسماء رضى الله عنها أنها نزلت عند دار المزدلقة فقالت أى بنىَّ هل غاب القمر ليلة جمعٍ وهى تصلِّي؟ قلت لا، فصلَّت ساعةً ثمَّ قالت أى بنى هل غاب القمر؟ قال وقد غاب القمر قلت نعم قال فارتحلوا، فارتحلنا ثمًَّ مضينا بها حتَّى رمينا الجمرة، ثمَّ رجعت فصلَّت الصُّبح فى منزلها فقلت لها أي هنتاه

_ الذي بعده إنما كان بدء الأيضاع من قبل أهل البادية - الحديث، وأجاب النووى فى شرح المهذب عن هذين الحديثين من وجهين (أحدهما) أنه ليس فيهما تصريح بترك الأسراع فى وادى محسر فلا يعارضان باثبات الأسراع (والثاني) أنه لو صرح فيهما بترك الأسراع كانت رواية الأسراع أولى لوجهين (أحدهما) أنها إثبات وهو مقدم على النفى (والثاني) أنها أكثر رواة وأصح أسانيد فهى أولى والله أعلم اهـ (361) عن ابن جريج (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج - الحديث" (غريبه) (1) هو عبد الله بن كيسان مولى أسماء، كينته أبو عمر، وأسماء هى بنت أبى بكر الصديق رضى الله عنهما (2) أى عند منزل الناس بالمزدلفة، لأن كل مكان ينزل به الناس يقال له دار (وقولها أى بني) معناه يا بنى بضم الباء الموحدة مصغرا (3) إنما سألته عن مغيب القمر لأنها كانت عميت فى آخر عمرها وكانت هذه القصة فى حجة بعد حجة الوداع ليلة جمع. أى ليلة مبيتهم بالمزدلفة (4) إنما كررت السؤال عن مغيب القمر لأنه الوقت الذى أذن فيه النبى صلى الله عليه وسلم للضعفة من النساء وغيرهم بالدفع من مزدلفة إلى منى لرمى جمرة العقبة قبل الزحام وكانت تريد الدفع فى هذا الوقت، ولذلك لما قال لها نعم قالت فارتحلوا بكسر الحاء تعنى إلى منى لرمى جمرة العقبة، وكان ذلك فى أول الثلث الأخير من الليل لأن القمر فى الليلة العاشرة من الشهر يغيب فى ذلك الوقت تقريباً (5) أى بمنى (وقوله أى هنتاه) معناه يا هنتاه بفتح الهاء وسكون النون وقد تفتح، وإسكانها أشهر ثم بالتاء المثناة من فوق وقد تسكن الهاء التى فى آخرها وتضم، أى يا هذه يقال للمذكر إذا كنى عنه هن، وللمؤنث هنة، وزيدت الألف لمد الصوت والهاء لإظهار الألف

-[الرخصة في تقديم وقت الدفع للضعفة من النساء ونحوهن خشية الزحام]- لقد غلَّسنا قالت كلاَّ يا بنىَّ، إنَّ نبى الله صلى الله عليه وسلم أذن للظُّعن (362) عن الفضل بن العبَّاس رضى الله عنهما قال أمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ضعفة بنى هاشم أمرهم أن يتعجَّلوا من جمع بليل (363) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما أنا ممَّن قدَّم النَّبى صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة فى ضعفة أهله، وقال مرَّةً إنَّ النبَّى صلى الله عليه وسلم قدَّم ضعفة أهله

_ (1) بفتح الغين المعجمة وتشديد اللام وسكون السين المهملة أى تقدمنا على الوقت المشروع لرمى الجمار، وفى الموطأ للأمام مالك لقد جئنا منى بغلس "يعنى ظلمة الليل" وفى رواية داود العطار ولقد ارتحلنا بليل، وفى رواية أبى داود فقلت إنا رمينا الجمرة بغلس، (2) بضم الظاء المعجمة والعين المهملة ويجوز سكونها جمع ظعينة، وهى المرأة فى الهودج، وقيل هو الهودج كانت فيه امرأة أو لم تكن (وعن ابن السكيت) كل امرأة ظعينة سواء كانت فى هودج أو غيره، والمعنى أن نبى الله صلى الله عليه وسلم أذن للضعفة من النساء ونحوهن برمى الجمار فى هذا الوقت خوفا عليهن من الزحام (تخريجه) (ق. لك. د. هق. طب: طح) (362) عن الفضل بن العباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا شعبة أخبرنى مشاش عن عطاء بن أبى رباح عن ابن عباس عن الفضل بن عباس - الحديث" (غريبه) (3) الضعفة بفتح العين جمع ضعيف (قال ابن حزم) هم الصبيان والنساء فقط، وهذا الحديث يرد عليه لأنه أعم من ذلك، فيدخل فيه النساء والصبيان والمشايخ العاجزون وأصحاب الأمراض، لأن العلة خوف الزحام عليهم (4) أى فى ليل والباء تتعلق بقوله يتعجلوا وهذا التعجيل من منزلهم الذى نزلوا به بالمزدلقة (وقوله بليل) أعم من أن يكون فى أول الليل أو فى وسطه أو فى آخره، وبينته رواية أسماء فى الحديث السابق حيث جاء فيها إذا غاب القمر، وتقدم أن مغيب القمر تلك الليلة يقع عند أوائل الثلث الأخير، ومن ثم قيده الأمام الشافعى وأصحابه بالنصف الثاني، وروى البيهقى من حديث ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يأمر نساءه وثقله فى صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول الفجر بسواد وأن لا يرموا الجمرة إلا مصبحين (تخريجه) (نس) وسنده جيد (363) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس - الحديث" (تخريجه) (ق. هق. والأربعة)

-[جواز الإفاضة قبل الوقوف بالمشعر الحرام للضعفة]- (364) وعنه أيضاً قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الثَّقل من جمع بليل (365) عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها قالت كانت سودة رضى الله عنها امرأة ثبطةً ثقيلةً فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفيض من جمعٍ قبل أن تقف فأذن لها، قالت عائشة وددت أنِّى كنت استأذنته فأذن لى وكان القاسم يكره أن يفيض قبل أن يقف

_ (364) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس حدثنا حماد عن ابن زيد عن أيوب عن عكرمة عن عباس - الحديث" (غريبه) (1) هو بفتح الثاء المثلثة والقاف وهو المتاع ونحوه (تخريجه) (ق. هق. وغيرهم) (365) عن عبد الرحمن بن القاسم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز ثنا حماد بن سلمة قال أنا عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه - الحديث" (غريبه) (2) بسكون الموحدة بعد المثلثة المفتوحة، ويجوز كسر الموحدة، ومعناها بطيئة الحركة كأنها تثبط (وقوله ثقيلة) أى من عظم جسمها، ووقع فى رواية مسلم ما يشعر بأن تفسير الثبطة بالثقيلة من القاسم راوى الحديث ولفظه "وكانت امرأة ثبطة يقول القاسم والثبطة الثقيلة" ولأبى عوانة من طريق أبى عامر العقدى عن أفلح "وكانت امرأة ثبطة يعنى ثقيلة" ووقع عند البخارى من رواية محمد بن كثير "وكانت امرأة ثقيلة ثبطة" قال الحافظ وعلى هذا يكون قوله فى هذه الرواية "يعنى رواية البخاري" ثقيلة ثبطة من الادراج الواقع قبل ما أدرج عليه وأمثلته قليلة جدا، وسببه أن الراوى أدرج التفسير بعد الأصل وظن الراوى الآخر أن اللفظين ثابتان فى أصل المتن فقدم وأخر اهـ (3) انما ودت عائشة رضى الله عنها أن تكون استأذنت النبى صلى الله عليه وسلم كما استأذنته سودة لأنها رأت فى نفسها الضعف عن تحمل مشاق الزحام، والضعف أعم من أن يكون لثقل الجسم أو غيره كما تقدم فى حديث ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم قدم ضعفة أهله، ويحتمل أنها قالت ذلك لأنها شركتها فى الوصف لما ورد أنها قالت سابقت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبقته فلما ربيت اللحم سبقني؛ ويحتمل غير ذلك والله أعلم، وحاصل كلام عائشة أنها دامت على ما فعلت فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم وقد ثقل عليها الدفع مع الأمام، لكنها كانت تفعل ذلك لكونها فعلته مع النبى صلى الله عليه وسلم وأحبت أن تفعل ما فعلت معه صلى الله عليه وسلم فتمنت لذلك أنها لو استأذنت النبى صلى الله عليه وسلم في الدفع

-[زوائد الباب فى جواز تقديم الوقوف بالمزدلفة والأفاضة منها ورمى الجمار للضعفة]- (وعنه من طريقٍ ثانٍ) عن عائشة قالت إنَّما أذن رسول الله صلى الله عليه وسلم لسودة بنت زمعة فى الإفاضة قبل الصبح من جمعٍ لأنها كانت امرأةً ثبطة (366) عن ابن شوَّال أنَّه دخل على أمِّ حبيبة (زوج النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم ورضى عنها) فأخبرته أن النبى صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قدَّمها من جمعٍ بليلٍ (367) عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النَّبىَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أذن لضعفة النَّاس من المزدلفة بليلٍ

_ حتى دفعت قبله لكانت فعلت كذلك بعده أيضا فصار ذلك سببا للراحة فى حقها والله أعلم (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم قال أنا منصور عن عبد الرحمن ابن القاسم عن عائشة - الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) (366) عن ابن شوال (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحى بن سعيد عن ابن جريج قال أخبرنى عطاء عن ابن شوال أنه أخبره أنه دخل على أم حبيبة - الحديث" (تخريجه) (م. نس) (367) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر - الحديث" (غريبه) (2) هذا عام لجميع الضعفاء من الناس سواء أكانوا من بنى هاشم أو من أهله صلى الله عليه وسلم أو من عامة الناس رجالا أو نساء، وهذا الأذن فى تقديم الدفع قبل الأمام لأجل رمى جمرة العقبة قبل الزحام والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد ورجاله من رجال الصحيحين ومعناه فى الصحيحين وغيرهما (زوائد الباب) (عن ابن شهاب) أن سالم بن عبد الله أخبره أن عبد الله بن عمر كان يقدم ضعفه أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بالليل فيذكرون الله ما بدا لهم ثم يدفعون قبل أن يقف الأمام وقبل أن يدفع، فمنهم من يقدم منى لصلاة الفجر، ومنهم من يقدم بعد ذلك، فاذا قدموا رموا الجمرة، وكان ابن عمر يقول أرخص فى أولئك رسول الله صلى الله عليه وسلم (ق. هق) (عن أم سلمة رضى الله عنها) قالت قدمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن قدَّم مع ضعفة أهله ليلة المزدلفة، قالت فرميت الجمرة بليل ثم مضيت إلى مكة فصليت بها الصبح ثم رجعت إلى منى (طب) وفيه سليمان بن أبى داود قال ابن القطان لا يعرف (وعن إسماعيل بن عبد الملك بن أبى الصفراء) عن عطاء عن

-[بقية زوائد الباب وذكر مذاهب العلماء فى أحكامه]- .....

_ ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس ليلة المزدلفة اذهب بضعفائنا ونسائنا فليصلوا الصبح بمنى وليرموا جمرة العقبة قبل أن تصيبهم دفعة الناس، قال فكان عطاء يفعله بعد ما كبر وضعف (طح) (وعن عائشة رضى الله عنها) أن النبى صلى الله عليه وسلم أرسل أم سلمة رضى الله عنها يوم النحر فرمت قبل الفجر ثم أفاضت وكان ذلك اليوم الذى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم عندها (د) قال النووى فى شرح المهذب وإسناده صحيح على شرط مسلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز الأفاضة من مزدلفة إلى منى قبل طلوع الفجر وقبل الوقوف بالمشعر الحرام للنساء والضعفة من الرجال والصبيان، ولكن لا يجزئ فى أول الليل اجماعا، ويستفاد من حديث أسماء رضى الله عنها أن وقت الأفاضة لهؤلاء يبتدئ من أول ثلث الليل الأخير لأنها أمرتهم بالارتحال بعد مغيب القمر ومغيبه عادة فى الليلة العاشرة من الشهر يكون فى هذا الوقت، أما غير هؤلاء فالسنة فى حقهم أن يصلوا الصبح أولا ثم يقفوا بالمشعر الحرام ثم يدفعوا منه إلى منه بعد الأسفار جدا قبيل طلوع الشمس، ونقدم الكلام على ذلك قبل باب، ويستفاد منه أيضا جواز رمى جمرة العقبة للضعفة المذكورين قبل طلوع الشمس ففيه أنها رمت الجمرة ثم رجعت فصلت الصبح فى منزلها (وفى حديث عائشة) أن سودة استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تفيض من جمع قبل أن تقف بالمشعر الحرام فأذن لها (وقد اختلف العلماء فى ذلك) فذهب عطاء بن أبى رباح المكى وطاوس بن كيسان ومجاهد وابراهيم النخعى والشعبى وسعيد بن الجبير (والشافعي) إلى جواز الرمى قبل طلوع الشمس بعد طلوع الفجر للذين يتقدمون قبل الناس، وحكى القاضى عياض أن مذهب الشافعى رمى الجمرة (لهؤلاء) من نصف الليل محتجاً بحديث عائشة المذكور فى الزوائد أن أم سلمة رضى الله عنها رمت قبل الفجر (وذهبت المالكية) إلى أن الزمن يحل بطلوع الفجر (وذهب الثورى والنخعي) إلى أن جمرة العقبة لا ترمى إلا بعد طلوع الشمس وهو مذهب الأئمة (أبى حنيفة وأبى يوسف ومحمد وأحمد واسحاق) قالوا فان رموها قبل طلوع الشمس أجزأهم وقد أساءوا، وسيأتى بيان وقت رمى جمرة العقبة لغير الضعفة ومذاهب الأئمة فى ذلك بعد بابين ان شاء الله، وقد استدل بحديث أسماء وحديث عائشة فى قصة سودة على اسقاط الوقوف بالمشعر الحرام عن الضعفة ولا حجة فيهما لأنه مسكوت عن الوقوف فيهما، وبينت ذلك رواية ابن عمر المذكورة فى الزوائد حيث كان يقدم ضعفه أهله فيقفون عند المشعر الحرام بالمزدلفة بالليل فيذكرون الله ما بدا لهم، ثم يدفعون قبل أن يقف الأمام - الحديث؛ وقد تقدم الكلام على حكم الوقوف بمزدلقة ومذاهب الأئمة فيه فى أحكام باب الوقوف بالمشعر الحرام صحيفة 157، والله الموفق

-[سبب رمي الجمرات قصة الذبيح وأنه اسماعيل على التحقيق]- (أبواب رمى جمرة العقبة وما يتبع ذلك إلى آخر يوم النحر) (1) باب سبب مشروعية رمى الجمار وحكمها (وعدد صحى الرمى وصفته ومن أين يلتقطه) (368) عن ابن عباسٍ رضى الله عنهما قال إنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنَّ جبريل ذهب بإبراهيم إلى جمرة العقبة فعرض له الشَّيطان فرماه بسبع حصيات فساخ ثمَّ أتى الجمرة الوسطى فعرض له الشَّيطان فرماه بسبع حصياتٍ فساخ، ثمَّ أتى الجمرة القصوى فعرض له الشَّيطان فرماه بسبع حصياتٍ فساخ، فلمَّا أراد إبراهيم أن يذبح ابنه إسحاق قال لأبيه يا أبت أوثقنى لا أضطرب فينضح عليك من دمى إذا ذبحتني. فشدَّه، فلمَّا أخذ

_ (368) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس أنا حماد عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (1) أى غاص فى الأرض يقال ساخت الأرض به تسوخ وتسيخ (2) هى التى بين جمرة العقبة والجمرة القصوى (3) هى التى تلى مسجد الخيف، ويقال لها الأولى لأنها أولى الجمرات من جهة عرفات، والقصوى لأنها أبعد الجمرات من مكة (4) الصحيح الذى عليه جمهور العلماء المحققين وتؤيده الأدلة الصحيحة أن الذبيح اسماعيل، وهو الظاهر من القرآن، بل كأنه نص على أن الذبيح هو اسماعيل، فقد حكى الله عز وجل عن ابراهيم قصة الذبيح حيث قال "رب هب لى من الصالحين فبشرناه بغلام حليم. فلما بلغ معه السعى قال يا بنى إنى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى - الآية" ثم قال وبشرناه باسحاق نبيا من الصالحين، ومن المعلوم أن اسماعيل أول ولده باتفاق العلماء، وقد روى الأمام أحمد من حديث أبى الطفيل عن ابن عباس، وتقدم فى باب ما رواه أبو الطفيل عن ابن عباس فى أسباب بعض أعمال الحج صحيفة 100 رقم 70 فى الجزء الحادى عشر "قال قد تله للجبين" وفى لفظ "وثم تله للجبين وعلى اسماعيل قميص أبيض - الحديث" ففيه التصريح بأن الذبيح اسماعيل، وهذا الحديث أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير ورجاله ثقات، وسنفيض الكلام على ذلك فى كتاب التفسير، فى تفسير قوله تعالى "وناديناه أن يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا" فى سورة الصافات، والجواب عن حديث الباب أن فى إسناده عطاء بن السائب وقد اختلط

-[مقدار حصى الخذف ومن أين يلتقطه]- الشَّفرة فأراد أن يذبحه نودى من خلفه أن يا إبراهيم قد صدَّقت الرُّؤيا (369) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال قال لى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم غداة جمعٍ هلمَّ القط لي، فلقطت له حصياتٍ من حصى الخذف فلمَّا وضعهنَّ فى يده قال نعم بأمثال هؤلاء وإيَّاكم والغلوَّ فى الدِّين فإنَّما هلك من كان قبلكم بالغلوِّ فى الدِّين (370) عن سليمان بن عمرو بن الأحوص عن أمِّه قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمى جمرة العقبة من بطن الوادى يوم النَّحر وهو يقول يا أيُّها

_ فهو لا يقاوم حديث أبى الطفيل المشار اليه لا سيما وظاهر القرآن يعضده والله أعلم (1) الشفرة السكين العريضة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط (369) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنا عوف عن زياد بن حصين عن أبى العالية عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (2) قال ابن قدامة فى المغنى كان ذلك (يعنى التقاط الحصى) بمنى قال ولا خلاف فى أنه يجزئه أخذه من حيث كان، والتقاط الحصى أولى من تكسيره لهذا الخبر، ولأنه لا يؤمن فى التكسير أن يطير إلى وجهه شيء يؤذيه اهـ. وحصى الخذف تقدم تفسيره ومقداره وهو أكبر من الحمص ودون البندق (3) أى التشديد فيه ومجاوزة الحد، وقيل معناه البحث عن بواطن الأشياء والكشف عن عللها (وقوله فانما هلك) بتخفيف اللام متعد. بمعنى أهلك وقد جاء متعديا كما فى القاموس كما جاء لازما وهو الأكثر، ولفظ النسائى "وإنما أهلك من كان قبلكم الغلو فى الدين" (تخريجه) (نس. جه) وسنده على شرط مسلم. ورواه البيهقى من رواية ابن عباس عن أخيه الفضل بن العباس (قال النووي) فى شرح المهذب وسنده حسن أو صحيح وهو على شرط مسلم (370) عن سليمان بن عمرو بن الأحوص (سنده) حدّثنا عبد الله بن أحمد قال حدثنى أبى قال ثنا ابن فضيل عن يزيد عن سليمان بن عمرو بن الأحوص - الحديث" (غريبه) (4) هى أم جندب الأزدية رضى الله عنها صحابية لها حديث، قاله الحافظ

-[النهي عن الزحام فى رمى جمرة العقبة وبكم حصاة ترمى]- النَّاس لا يقتل بعضكم ولا يصب بعضكم (وفى لفظٍ لا تقتلوا أنفسكم) وإذا رميتم الجمرة فارموها بمثل حصى الخذف، فرمى بسبعٍ ولم يقف، وخلفه رجل بستره، قلت من هذا؟ قالوا الفضل ابن العبَّاس (371) عن ابن أبى نجيح قال سألت طاوساً عن رجلٍ رمى الجمرة بستِّ حصياتٍ، فقال ليطعم قبضةً من طعامٍ، قال فلقيت مجاهداً فسألته وذكرت له قول طاوس، فقال رحم الله أبا عبد الرحمن أما بلغه قول سعد بن مالك رضى الله عنه قال رمينا الجمار أو الجمرة فى حجتَّنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ جلسنا نتذاكر، فمنَّا من قال رميت بستٍّ، ومنَّا من قال رميت بسبعٍ، ومنا من قال رميت بثمانٍ، ومنا من قال رميت بتسعٍ، فلم يروا بذلك بأساً

_ في التقريب اهـ. وفى رواية أخرى للأمام أحمد وكانت بايعت النبى صلى الله عليه وسلم (1) هكذا بالأصل بحذف المفعول، لكن رواه الأمام أحمد أيضا من طريق عبد الرزاق أنا معمر عن يزيد، به قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو يرمى الجمرة من بطن الوادى وهو يقول "يا أيها الناس لا يقتل بعضكم بعضا، وإذا رميتم الجمرة فارموها بمثل حصى الخذف" فذكر المفعول فى هذه الرواية، والمعنى لا يقتل بعكم بعضا بسبب المزاحمة على رمى الجمار والرمى بالحجر الكبير، ولا يصب بعضكم بعضا بأذى لهذا السبب أيضا (2) القائل من هذا هى أم سليمان بن عمرو بن الأحوص رواية الحديث (تخريجه) (د. جه. هق) وفى اسناده يزيد بن أبى زياد وهو ضعيف، لكن يغنى عنه حديث جابر عند مسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى الجمرة يعنى يوم النحر فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف وهى من بطن الوادى ثم الصرف (371) عن ابن أبى نجيح (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا عبد الوارث ثنا ابن أبى نجيح - الحديث" (غريبه) (3) كنيته طاوس (4) هو المشهور بسعد بن أبى وقاص رضى الله عنه الصحابى الجليل أحد العشرة المبشرين بالجنة (5) يعنى أنه لا دم عليه ولا يبطل حجه، والظاهر أن الأمر مبنى على التسامح وقيام الأكثر مقام الأقل، والجمهور على خلافه فالواجب أن يرمى كل جمرة بسبع حصيات كما فعل النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (نس) وسنده جيد (زوائد الباب) (عن عبد الرحمن

-[زوائد الباب ومذاهب العلماء فى حكم رمى جمرة العقبة]- .....

_ ابن عثمان التيمي) رضى الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نرمى الجمار بمثل حصى الخذف فى حجة الوداع (طب) ورجاله رجال الصحيح (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما أن رجلا سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن رمى الجمار ما لنا فيه؟ فسمعته يقول تجد ذلك عند ربك أحوج ما تكون اليه (طب. طس) وفيه الحجاج بن أرطاة وفيه كلام (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رميت الجمار كان لك نورا يوم القيامة (بز) وفيه صالح مولى التوأمة وهو ضعيف (وعن أبى سعيد الخدري) رضى الله عنه قال قلما يا رسول الله هذه الجمار التى نرمى كل سنة فنحسب أنها تنقص، فقال ما يقبل منها رفع، ولولا ذلك رأيتموها مثل الجبال (طس) وفيه يزيد بن سنان التميمى وهو ضعيف، أوردها الهيثمى (وجاء فى حديث لجابر) بن عبد الله عند مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رمى الجمار تو، والسعى بين الصفا والمروة تو، والطواف تو، والتو بفتح التاء المثناة فوق (الوتر) والمراد به فى الجمار سبع سبع وفى الطواف سبع وفى السعى سبع (وعن أبى الطفيل) قال سألت ابن عباس عن الحصى الذى يرمى فى الجمار منذ قام الأسلام، فقال ما تقبل منهم رفع، وما لم يتقبل منهم ترك، ولولا ذلك لسد ما بين الجبلين (هق) قال وروينا عن سفيان الثورى عن ابن خثيم عن أبى الطفيل عن ابن عباس قال وكل به ملك ما تقبل منه رفع، وما لم يتقبل منه ترك (هق) (وعن سفيان الثوري) قال حدثنى سليمان العبسى عن ابن أبى نعم قال سألت أبا سعيد عن رمى الجمار فقال لى ما تقبل منه رفع، ولولا ذلك كان أطول من ثبير (هق) (وعن نافع عن ابن عمر) أنه كان يأخذ الحصى من جمع كراهة أن ينزل (قال الشافعي) ومن حيث أخذ أجزأه إلا أنى كرهه من المسجد لئلا يخرج حصى المسجد منه ومن الجيش (أى موضع قضاء الحاجة) لنجاسته ومن الجمرة لأنه حصى غير متقبل (هق ا) قال وقد روينا فى كتاب الصلاة عن أبى صالح عن أبى هريرة مرفوعا ان الحصى يناشد الذى يخرجه من لمسجداهـ (وعن قتادة) قال سمعت أب مجلز يقول سألت ابن عباس عن شيء من أمر الجمار فقال ما أدرى رماها رسول الله صلى الله عليه وسلم بست أو بسبع (نس) (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على جملة أحكام (منها) مشروعية رمى جمرة العقبة، وقد ذهب إلى أنه واجب ليس بركن الأئمة (أبو حنيفة ومالك والشافعى وأحمد وداود) قال العبدرى وقال عبد الملك ابن الماجشون من أصحاب مالك هو ركن، والركن يبطل الحج بتركه، والواجب يجبر بالدم، وحكى ابن جرير عن عائشة وغيرها أن الرمى إنما شرع حفظا للتكبيرة، فان تركه وكبر أجزأه، والصحيح ما ذهب إليه الأئمة الأربعة ومن وافقهم، لأن أفعاله صلى الله عليه وسلم بيان لمجمل واجب وهو قوله تعالى "ولله على الناس حج البيت" وقوله صلى الله عليه وسلم "خذوا عني مناسككم"

-[مذاهب العلماء فى عدد الحصى ونوعه ومن أين يلتقط وما يفعل من نقص عن سبع]- .....

_ (ومنها) بيان أصل مشروعية الرمى وهو قصة إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام المذكورة فى الحديث الأول من أحاديث الباب، ويستفاد من هذه القصة أن الذبيح اسحاق والصحيح الذى عليه جمهور العلماء أن الذبيح اسماعيل وتقدم الكلام على ذلك فى الشرح (ومنها) استحباب أخذ سبع حصيات من مزدلفة لرمى جمرة العقبة والاحتياط أن يزيد فربما سقط منه شيء، لحديث ابن عباس المذكور فى الباب "قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة جمع هلم القط لى الخ، ولأن السنة إذا أتى منى لا يعرج على غير الرمى فاستحب أن يأخذ الحصى حتى لا يشتغل عن الرمى (ولما رواه البيهقي) عن ابن عمر وتقدم فى الزوائد أنه كان يأخذ الحصى من جمع، وفعله سعيد بن جبير وقال كانوا يتزودون الحصى من جمع واستحبه الأمام الشافعى (وعن الأمام أحمد) قال خذ الحصى من حيث شئت وهو قول عطاء وابن المنذر (ومنها) أن يكون الحصى مثل حصى الخذف لما فى أحاديث الباب والزوائد أن النبى صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يرموا بمثل حصى الخذف، وحصى الخذف تقدم بيانه فى الشرح وهو فوق الحمص ودون البندق (ومنها) أن يكون من أى نوع من أنواع الحجارة (واليه ذهب الأئمة مالك والشافعى وأحمد) وقال الأمام أبو حنيفة يجوز بالطين والمدر وما كان من جنس الأرض ونحوه (قال الثوري) وروى عن سكينة بنت الحسين رضى الله عنهما أنها رمت الجمرة ورجل يناولها الحصى تكبر مع كل حصاة وسقطت حصاة فرمت بخاتمها، احتج الأولون بأن النبى صلى الله عليه وسلم رمى بالحصى وأمر بالرمى بمثل حصى الخذف فلا يتناول غير الحصى ويتناول جميع أنواعه فلا يجوز تخصيصه بغير دليل ولا الحاق غيره به لأنه موضع لا يدخل القياس فيه (ومنها) أن رمى الجمار له فضل عظيم عند الله عز وجل ينفع الله به صاحبه يوم القيامة فى وقت يكون العبد أحوج ما يكون إلى عمل صالح ترجح به حسناته (ومن فضائله أيضا) أن يكون نورا لصاحبه يوم القيامة كما فى حديثى ابن عمر وابن عباس المذكورين فى الزوائد (ومنها) أن رمى الجمار لابد أن يكون بسبع حصيات وإلى وجوب ذلك (ذهب جمهور العلماء):وذهب عطاء" إلى أنه إن رمى بخمس أجزأه، وقال مجاهد إن رمى بست فلا شيء عليه (وبه قال الأمام أحمد واسحاق) واحتج من قال ذلك بحديث سعد بن مالك رضى الله عنه المذكور آخر أحاديث الباب، وبما رواه أبو داود والنسائى من رواية أبى مجلز وذكر فى الزوائد قال سألت ابن عباس عن شيء من أمر الجمار فقال ما أدرى رماها رسول الله صلى الله عليه وسلم بست أو بسبع، والصحيح الذى عليه الجمهور أن الواجب سبع كما صح من حديث جابر الطويل عند مسلم فى صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم وحديث ابن عباس وغيره، وحديث ابن مسعود، وسيأتى فى باب رمى جمرة العقبة من

-[مذاهب العلماء فى جزاء من رمى بأقل من سبع حصيات]- (2) باب وقت رمي جمرة العقبة يوم النحر (372) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان ومسعر عن سلمة ابن كهيل عن الحسن العرنىِّ عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال قدَّمنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أغيلمة بنى عبد المطَّلب على حمرات لنا من جمعٍ، قال سفيان بليلٍ فجعل يلطخ أفخاذنا ويقول أبينىَّ

_ بطن الوادي، وأجيب عن حديث سعد بأنه ليس بمسند، وعن حديث ابن عباس أنه ورد على الشك من ابن عباس، وشك الشاك لا يقدح فى جزم الجازم، فان رماها بأقل من سبع حصيات (فذهب الجمهور) فيما حكاه القاضى عياض إلى أن عليه دما وهو قول (مالك والأوزاعي) (وذهب الشافعى وأبو ثور) إلى ان على تارك حصاة مداة من طعام وفى اثنتين مدين وفى ثلاث فأكثر دما (وللشافعى قول آخر) أن فى الحصاة ثلث دم. وله. قول آخر أن فى الحصاة درهما (وذهب أبو حنيفة وصاحباه) الى أنه إن ترك أكثر من نصف الجمرات الثلاث فعليه دم، وان ترك أقل من نصفها ففى كل حصاة نصف صاع (وعن طاوس) إن رمى ستا يطعم تمرة أو لقمة. والله سبحانه وتعالى أعلم (ومنها) أن السر فى عدم ازدياد الحصى بكثرة الرمى هو أن ما كان منها مقبولا وكل الله به ملائكة ترفعه، ولم يبق منها إلا ما كان غير مقبول وهو قليل، كما يستفاد ذلك من حديث أبى سعيد والآثار المروية عن ابن عباس فى الزوائد والله أعلم، نسأل الله تعالى أن يجعل أعمالنا مقبولة خالصة لوجهه الكريم، وأن يرزقنا الفوز بجنات النعيم آمين (372) حدّثنا عبد الله (غريبه) (1) بضم العين المهملة وفتح الراء، ويقال له البجلى الكوفى ثقة، احتج به مسلم واستشهد به البخارى غير أن حديثه عن ابن عباس منقطع، قال الأمام أحمد رحمه الله الحسن العرفى لم يسمع من ابن عباس شيئا اهـ (2) بدل من الضمير فى قدمنا (وقال الشوكاني) منصوب على الاختصاص أو على الندب، قال فى النهاية تصغير أغلمة بسكون الغين وكسر اللام جمع غلام، وهو جائز فى القياس، ولم يرد فى جمع الغلام أغلمة، وإنما ورد غلمة بكسر الغين المعجمة، والمراد بالأغيلمة الصبيان ولذلك صغرهم (3) بضم الحاء المهملة والميم جمع حمر جمع تصحيح، وحمر جمع لحمار، (4) بفتح الياء التحتية والطاء المهملة وبعدها حاء مهملة (قال أبو داود) اللطخ الضرب اللين، وقال صاحب النهاية هو الضرب الخفيف بالكف اهـ. وإنما فعل ذلك ملاطفة لهم (5) بضم الهمزة وفتح

-[وقت رمي جمرة العقبة بعد طلوع الشمس يوم النحر ويجوز تقديمه للضعفة]- لا ترموا الجمرة حتَّى تطلع الشَّمس وزاد سفيان، قال ابن عباس ما إخال أحدا يعقل يرمى حتَّى تطلع الشمس (383) عن شعبة عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّ النَّبى صلى الله عليه وسلَّم بعث به مع أهله إلى منىً يوم النحر فرموا الجمرة مع الفجر (374) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رمى

_ الباء الموحدة وسكون ياء التصغير وبعدها نون مكسورة ثم ياء النسب المشددة، كذا قال ابن رسلان فى شرح السنن، وقال أبو عبيد هو تصغير بنىّ جمع ابن مضافا إلى النفس (1) بكسر الهمزة وهو الأفصح أى أظن من باب ظننت وأخواتها، وبنو أسد تقول أخال بالفتح وهو القياس (تخريجه) (الأربعة) من طريق الحسن العرفى وهو منقطع كما علمت، لكن قال الحافظ وأخرجه الترمذى والطحاوى من طرق عن الحكم عن مقسم عنه (يعنى عن ابن عباس) قال وأخرجه أبو داود من طريق حبيب عن عطاء وهذه الطرق يقوى بعضها بعضا ومن ثم صححه الترمذى وابن حبان اهـ (373) عن شعبة عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى قال حدثناه حسين قال ثنا ابن أبى ذئب عن شعبة عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (2) فى الحديث السابق أن النبى صلى الله عليه وسلم نهاهم عن الرمى حتى تطلع الشمس، وفى هذا الحديث أنهم رموا الجمرة مع الفجر وكلا الحديثين يحتج به والمخرج واحد والقصة واحدة، وظاهر هذا التعارض، ولا مخلص منه إلا بحمل من رمى مع الفجر على ضعفه أهله صلى الله عليه وسلم من النساء لأن الزحام يؤذيهن، ويحمل من رمى بعد طلوع الشمس على اغيلمة بنى عبد المطلب، ومنهم ابن عباس أخر الرمى حتى يرمى معهم لأنهم أقدر من النساء على تحمل الزحام نوعا وإن كانوا صغار فالزحام لا يؤذيهم كما يؤذى النساء، وقد راعى ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فيهم، أما الأقوياء من الرجال فالأفضل لهم رمى جمرة العقبة ضحى لما ثبت فى حديث جابر الآتى بعد هذا أن النبى صلى الله عليه وسلم رمى فى ذلك الوقت، هذا ما ظهر لى والله أعلم (تخريجه) (طح. نس) وسنده جيد. وهو فى الصحيحين بلفظ "كنت فيمن قدّم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم فى ضعفة أهله من مزدلفة إلى منى (374) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا عفان حدثنا حماد يعنى ابن سلمة أنا ابن جريج عن أبى الزبير عن جابر - الحديث"

-[الوقت المستحب لرمى جمرة العقبة باتفاق العلماء يوم النحر ضحى]- جمرة العقبة يوم النحر ضحًى ورمى فى سائر أيام التشريق بعد ما زالت الشَّمس (وعنه من طريقٍ ثانٍ) رمى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم الجمرة الأولى يوم النَّحر ضحًى، ورماها بعد ذلك عند زوال الشمس (375) عن أبى الزُّبير أنَّه سمع جابر بن عبد الله رضى الله تعالى عنهما يقول ولا أدرى بكم رمى الجمرة (376) عن أمِّ سلمة رضى الله عنها أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أمرها أن توافى معه صلاة الصُّبح يوم النَّحر بمكَّة

_ (غريبه) (1) رمي جمرة العقبة فى هذا الوقت متفق على استحبابه عند كافة العلماء ولا يرمى فى هذا اليوم غيرها بالأجماع، وأما أيام التشريق الثلاثة فترمى فيها الجمرات الثلاث بعد زوال الشمس (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن إدريس أنا ابن جرير عن أبى الزبير عن جابر قال رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (تخريجه) (ق. هق. والأربعة) (375) عن أبى الزبير (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا ابن جريج أخبرنى أبو الزبير - الحديث" (غريبه) (3) تقدم فى الباب السابق وزوائده عن ابن عباس وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم رماها بسبع حصيات، بل ثبت عن جابر نفسه فى حديثه الطويل فى صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم عند مسلم أنه قال ثم سلك الطريق الوسطى التى تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التى عند الشجرة فرماها بسبع حصيات - الحديث" فيحمل على أنه لم يرد جمرة العقبة بقوله لا أدرى بل أراد غيرها من الجمار الأخرى والله أعلم، والجمرة الكبرى المذكورة فى حديث جابر هى جمرة العقبة وهى التى عند الشجرة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد (376) عن أم سلمة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية قال ثنا هشام ابن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبى سلمة عن أم سلمة - الحديث" (تخريجه) (طح. هق) وأعله صاحب الجوهر النقى بالاضطراب سندا ومتناً، قال وقد ذكر الطحاوى وابن بطال فى شرح البخارى ان أحمد بن حنبل ضعفه وقال لم يسنده غير معاوية وهو خطأ، وقال عروة مرسلا انه عليه السلام أمرها أن توافيه صلاة الصبح

-[من قال بجواز رمي جمرة العقبة قبل الفجر يوم النحر]- (377) حدّثنا عبد الله حدثَّنى أبى ثنا داود بن عمر وثنا نافع بن عمر ابن جميل الجمحى قال رأيت عطاءًا وابن أبى مليكة وعكرمة بن خالدٍ (رحمهم الله عزَّ وجلَّ) يرمون الجمرة قبل الفجر يوم النَّحر فقال له أبى يا أبا سليمان فى أى سنةٍ سمعت من نافع بن عمر؟ قال سنة تسعٍ وستِّين؛

_ يوم النحر بمكة، قال أحمد وهذا أيضا عجب، وما يصنع النبى صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمكة؟ ينكر ذلك اهـ (قلت) والظاهر أن هذا الحديث بهذا اللفظ خطأ، لأن الصحيح الثابت أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى الصبح يوم النحر بمزدلفة قبل الوقوف بالمشعر الحرام كما جاء فى حديث جابر الطويل فى صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم عند مسلم قال ثم اضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى طلع الفجر وصلى الفجر حتى تبين له الصبح بأذان وإقامة ثم ركب القصواء حتى أتى المشعر الحرام - الحديث" ويحتمل أن يكون فى الحديث تقديم وتأخير، وتقديره "أمرها يوم النحر أن توافى معه صلاة الصبح بمكة" يعنى فى اليوم الذى بعد يوم النحر، وقد رواه الطحاوى بهذا اللفظ فقال، حدثنا ربيع المؤذن قال ثنا أسد قال ثنا محمد بن خازم (يعنى أبا معاوية) عن هشام بن عروة عن زينب بنت أبى سلمة عن أم سلمة رضى الله عنها قالت أمرها رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر أن توافى معه صلاة الصبح بمكة (قال الطحاوي) ففى هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها بما أمرها به من هذا يوم النحر فذلك على صلاة الصبح فى اليوم الذى بعد يوم النحر، وقال فى موضع آخر فأشبه الأشياء عندنا والله أعلم أن يكون أمرها أن توافى صلاة الصبح بمكة فى غد يوم النحر فى وقت يكون فيه حلالا بمكة، وقد علم المسلمون وقت رمى جمرة العقبة فى يوم النحر بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم اهـ (377) حدّثنا عبد الله (غريبه) (1) يحتمل أنهم رموها فى هذا الوقت لعذر ككبر أو مرض أو نحو ذلك، ويؤيد هذا ما رواه الطحاوى بسنده عن عبد الملك ابن أبى الصف عن عطاء قال اخبرنى ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للعباس ليلة المزدلفة اذهب بضعفائنا ونسائنا فليصلوا وليرموا جمرة العقبة قبل أن يصبهم دفعة الناس قال فكان عطاء يفعله بعد ما كبر وضعف (قال الطحاوي) فذهب قوم إلى أن للضعفة أن يرموا جمرة العقبة بعد طلوع الفجر واحتجوا فى ذلك بهذا الحديث اهـ (2) القائل "فقال له أبى" هو عبد الله بن الأمام أحمد رحمهما الله (وقوله يا أبا سليمان) يعنى داود بن عمرو

-[زوائد الباب ومذاهب العلماء فى وقت رمى جمرة العقبة]- سنة وقعة الحسين (رضى الله تبارك وتعالى عنه)

_ لأن هذه كنيته، وإنما سأل الأمام أحمد رحمه الله داود بن عمرو هذا السؤال مبالغة فى التحرى فى رواية الحديث خشية أن يكون الحديث منقطعاً فسأله عن التاريخ ليعلم هل لحق داود بن عمرو نافع بن عمر أم لا، فرحم الله الأمام أحمد وجزاه عن الدين خيرا (1) الظاهر من قوله سنة وقعة الحسين، يعنى الوقعة التى قتل فيها، فان كان كذلك فهذا التاريخ خطأ، لأن الحسين رضى الله عنه استشهد سنة احدى وستين فى شهر المحرم فى يوم عاشوراء، أجمع على ذلك المؤرخون وأهل السير والله أعلم (تخريجه) لم أقف على هذا الأثر لغير الأمام أحمد ورجاله رجال الصحيح (زوائد الباب) (عن عائشة رضى الله عنها) قالت أرسل النبى صلى الله عليه وسلم بأم سلمة ليلة النحر فرمت الجمرة قبل الفجر ثم مضت فأفاضت ذلك اليوم. اليوم لذى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم تعنى عندها (د. هق) وإسناده صحيح على شرط مسلم (وقال البيهقي) إسناده صحيح لا غبار عليه (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يأمر نساءه، وثقله من صبيحة جمع أن يفيضوا مع أول الفجر بسواد وأن لا يرموا الجمرة إلا مصبحين (هق. كح) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية رمى جمرة العقبة بعد طلوع الشمس من يوم النحر وقت الضحى. وهذا مجمع عليه، وما ورد من الأحاديث الدالة على جواز الرمى قبل الفجر أو بعده وقبل طلوع الشمس فمحمول على ضعفة النساء خاصة ويجوز للصبيان وضعفة الرجال أن يرموا مع النساء؛ لكن الأفضل لهم التأخير حتى تطلع الشمس (وقد اختلف العلماء) فى وقت رمى جمرة العقبة (فذهب جماعة) إلى جواز الرمى بعد نصف ليلة النحر ويمتد هذا الوقت إلى ضحوة يومه (وذهب جماعة) إلى جوازه بعد طلوع الفجر وقبل طلوع الشمس، ويمتد إلى ضحوة يوم النحر أيضا (وذهب آخرون) إلى عدم الجواز إلا بعد طلوع الشمس (وأجمعوا) على استحباب هذا الوقت وأنه الأفضل (فمن ذهب) إلى جواز الرمى بعد نصف ليلة النحر من الأئمة (الشافعى وعطاء) وهو مذهب أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما وابن أبى مليكة وعكرمة بن خالد، واحتجوا بحديث أم سلمة المذكور فى الزوائد وبحديث أسماء المذكور قبل باب (وممن ذهب) إلى جوازه بعد الفجر وقبل طلوع الشمس الأئمة (مالك وأحمد وإسحاق وابن المنذر) واحتجوا بحديث ابن عباس الثانى من أحاديث الباب (وممن ذهب) إلى عدم الجواز إلا بعد طلوع الشمس الأئمة (أبو حنيفة وأبو يوسف ومحمد والثورى والنخمي) واحتجوا بحديث ابن عباس المذكور أول الباب، قالوا فان رموها قبل طلوع الشمس أجزأهم وقد أساءوا (قال

-[مذاهب العلماء فى وقت رمى جمرة العقبة ومتى ينتهى]- (3) باب رمي جمرة العقبة من بطن الوادى وكيفية الرمى وما يقال عنده (378) عن عبد الرَّحمن بن يزيد قال كنت مع عبد الله (يعنى ابن مسعود رضى الله عنه) حتى انتهى إلى جمرة العقبة فقال ناولنى أحجاراً قال فناولته سبعة أحجارٍ، فقال لى خد بزمام الناقة قال ثمَّ عاد إليها فرمى بها من بطن الوادى بسبع حصيات وهو راكب يكبِّر مع كلِّ حصاةٍ، وقال اللَّهمَّ اجعله حجًّا مبروراً وذنباً مغفوراً، ثمَّ قال ها هنا كان يقوم الَّذي أنزلت

_ العيني) في شرح البخارى قال الكاشانى من أصحابنا "يعنى الحنفية" أول وقته المستحب ما بعد طلوع الشمس وآخر وقته آخر النهار (كذا قال أبو حنيفة) وقال أبو يوسف يمتد إلى وقت الزوال، فاذا زالت الشمس يفوت الوقت ويكون فيما بعده قضاء، فان لم يرم حتى غربت الشمس يرمى قبل الفجر من اليوم الثانى ولا شيء عليه فى قول أصحابنا (وللشافعى قولان) فى قول إذا غربت الشمس فقد فات الوقت وعليه الفدية "وفى قول" لا يفوت إلا فى آخر أيام التشريق، فان أخر الرمى حتى طلع الفجر من اليوم الثانى رمى وعليه دم للتأخير فى قول أبى حنيفة، وفى قول أبى يوسف ومحمد لا شيء عليه (وبه قال الشافعي) (وقال مالك فى الموطأ) سمعت بعض أهل العلم يكره رمى الجمرة حتى يطلع الفجر من يوم النحر، ومن رمى فقد حل له النحر اهـ (387) عن عبد الرحمن بن يزيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا جرير عن ليث عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه (عبد الرحمن بن يزيد) - الحديث) (غريبه) (1) أى إلى مكان يقرب منها (قال الحافظ) جمرة العقبة هى الجمرة الكبرى وليست من منى. بل هى حد منى من جهة مكة وهى التى بايع النبى صلى الله عليه وسلم الأنصار عندها على الهجرة. والجمرة اسم لمجتمع الحصى سميت بذلك لاجتماع الناس بها، يقال تجمر بنو فلان إذا اجتمعوا، وقيل إن العرب تسمى الحصا الصغار جمارا فسميت تسمية الشيء بلازمه (2) أى إلى جمرة العقبة (وقوله فرمى بها من بطن الوادي) يعنى أنه وقف فى بطن الوادى فجعل مكة عن يساره ومنى عن يمينه كما فى حديثه الآتى بعد هذا (وقوله يكبر مع كل حصاة وقال اللهم الخ) لفظ البيهقى يكبر مع كل حصاة حتى إذا فرغ قال اللهم اجعله حجا مبرورا الخ (3) يشير إلى أن هذا المكان الذى قام فيه عبد الله بن مسعود هو الذى كان يقوم فيه الذي

-[استحباب رمي جمرة العقبة من بطن الوادى والتكبير مع كل حصاة]- عليه سورة البقرة (وعنه من طريق ثان) قال رأيت عبد الله استبطن الوادي، فجعل الجمرة عن حاجبه الأيمن واستقبل البيت ثمَّ رماها بسبع حصيات فذكر الحديث (379) وعنه أيضاً أنه حجَّ مع عبد الله فرمى الجمرة الكبرى بسبع حصياتٍ، وجعل البيت عن يساره، ومنىً عن يمينه، وقال هذا مقام الذَّى أنزلت عليه سورة البقرة (380) عن عبد الرَّحمن بن يزيد قال رمى عبد الله (يعنى ابن مسعود رضى الله عنه) جمرة العقبة من بطن الوادى بسبعٍ حصياتٍ يكبِّر مع كلِّ حصياتٍ، فقيل له إنَّ ناساً يرمونها من فوقها فقال

_ أنزلت عليه سورة البقرة يعنى النبى صلى الله عليه وسلم وخص سورة البقرة بالذكر لما فيها من أحكام المناسك (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن المسعودى حدثنى جامع ابن شداد قال سمعت عبد الرحمن بن يزيد قال رأيت عبد الله (يعنى ابن مسعود) استبطن الوادى فجعل الجمرة عن حاجبه الأيمن واستقبل البيت ثم رماها بسبع حصيات يكبر دبر كل حصاة، ثم قال هذا والذى لا إله غيره مقام الذى أنزلت عليه سورة البقرة (2) هذه الكيفية غير الكيفية الآتية فى الحديث التالى فلعله رأى النبى صلى الله عليه وسلم فعل ذلك فى بعض المرات، والكيفية الآتية أصح وأشهر لأنها من رواية الصحيحين (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه البيهقي، وأخرج الطريق الثانية منه ابن ماجه وسنده جيد (379) وعنه أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ومحمد ابن جعفر قالا ثنا شعبة قال روح ثنا الحكم عن ابراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد أنه حج مع عبد الله - الحديث" (غريبه) (3) هو ابن مسعود رضى الله عنه (وقوله الجمرة الكبرى) يعنى جمرة العقبة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (380) عن عبد الرحمن بن يزيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن إبراهيم عن عبد الرحمن بن يزيد - الحديث" (غريبه) (4) لفظ البخارى فقلت يا أبا عبد الرحمن إن ناسا يرمونها من فوقها، فبينت هذه الرواية أن القائل هو عبد الرحمن بن يزيد (5) يريد أن بعض الناس كان يرميها من أعلاها لا من

-[كراهة الزحام على رمى الجمرة ومقدار الحصى الذى يرمى به]- هذا والَّذي لا إله غيره مقام الذَّى أنزلت عليه سورة البقرة (381) عن سليمان بن عمرو بن الأحوص الأزدى قال حدَّثتنى أمِّى أنها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمى جمرة العقبة من بطن الوادى وخلفه إنسان يستره من النَّاس أن يصيبوه بالحجارة وهو يقول أيُّها النَّاس لا يقتل بعضكم بعضاً وإذا رميتم فارموا بمثل حصى الخذف - الحديث

_ المكان الذي رمى منه عبد الله بن مسعود، وقد روى ابن أبى شيبة فى ذلك عن عطاء أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعلو إذا رمى الجمرة (قال الحافظ) لكن يمكن الجمع بين هذا وبين حديث الباب بأن التى ترمى من بطن الوادى هى جمرة العقبة لكونها عند الوادى بخلاف الجمرتين الأخريين اهـ (1) حلف ابن مسعود من غير داع لذلك لأجل تأكيد كلامه، وذلك أنه لما سمع من عبد الرحمن بن يزيد ما نقل عن هؤلاء الذين يرمون جمرة العقبة من فوق الوادى على خلاف ما يفعله الشارع صعب عليه ذلك وكرهه منهم وأنكر عليهم غاية الانكار حتى الجأه ذلك إلى الحلف (وقوله مقام) بفتح الميم من مقام. اسم مكان من قام يقوم. أى هذا موضع قيام النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (381) عن سليمان بن عمرو بن الأحوص (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين بن محمد قال ثنا يزيد بن عطاء عن يزيد يعنى ابن أبى زياد عن سليمان بن عمرو ابن الأحوص - الحديث" (غريبه) (2) هى أم جندب الأزدية كما صرح بذلك فى بعض طرقه (3) هذا الإنسان المبهم هنا هو الفضل بن العباس رضى الله عنهما كما صرحت بذلك فى حديثهما المتقدم فى باب سبب مشروعية رمى الجمار الخ صحيفة 169 رقم 370 (4) أى من شدة الزحام أو من الأصابة بالحجارة (5) ليس هذا آخر الحديث عند الأمام أحمد وبقيته "ثم أقبل نأتته امراة بابن لها فقالت يا رسول الله إن ابنى هذا ذاهب العقل فادع الله له، قال لها ائتينى بماء فأتته بماء فى تور من حجارة فتفل فيه وغسل وجهه ثم دعا فيه، ثم قال اذهبى فاغسليه به واستشفى الله عز وجل، فقلت لها هبى لى منه قليلا لابنى هذا، فأخذت منه قليلاً بأصابعى فمسحت بها شقة ابنى فكان من أبر الناس، فسألت المرأة بعد ما فعل ابنها؟ قالت برئ أحسن برء، وسيأتى هذا الحديث بتمامه فى باب المعجزات من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (تخريجه) (د. جه. هق) وفى إسناده يزيد بن أبى زياد ضعيف ويعضده ما قبله (زوائد الباب) جاء فى حديث جابر الطويل فى صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم

-[زوائد الباب ومذاهب العلماء فى الكيفية المستحبة فى الوقوف للرمى]- .....

_ عند مسلم قال - ثم سلك الطريق الوسطى التى تخرج على الجمرة الكبرى حتى أتى الجمرة التى عند الشجرة فرماها بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة منها مثل حصى الخذف، رمى من بطن الوادى ثم انصرف إلى المنحر - الحديث) (وعن زيد بن أبى أسامة) يعنى بن أسلم قال رأيت سالم بن عبد الله يعنى ابن عمر استبطن الوادى ثم رمى الجمرة بسبع حصيات يكبر مع كل حصاة الله أكبر اللهم اجعله حجا مبروراً، وذنبا مغفورا وعملا مشكورا فسألته عما صنع فقال حدثنى أبى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يرمى الجمرة فى هذا المكان ويقول كلما رمى بحصاة مثل ما قلت (هق) وفى إسناده عبد الله بن حكيم بن الأزهر، قال البيهقى ضعيف والله أعلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية رمى جمرة العقبة من بطن الوادى وهو سنة عند جمهور العلماء (وقال الأمام مالك) لا باس أن يرميها من فوقها ثم رجع فقال لا يرميها إلا من أسفلها (وقال ابن بطال) رمى جمرة العقبة من أسفلها أو أعلاها أو وسطها كل ذلك واسع، والموضع الذى يختار بها بطن الوادى من أجل حديث ابن مسعود، وكان جابر بن عبد الله يرميها من بطن الوادى (وبه قال عطاء وسالم) وهو قول الأئمة (أبو حنيفة والثورى والشافعى وأحمد واسحاق) وقال الأمام مالك فرميها من أسفلها أحب إلى، وقد روى عن عمر رضى الله عنه أنه جاء والزحام عند الجمرة فصعد فرماها من فوقها (وفى أحاديث الباب) أيضا أنه لا يكره قول الرجل سورة البقرة وسورة آل عمران ونحو ذلك (وهو قول كافة العلماء) إلا ما حكى عن بعض التابعين كراهة ذلك، وأنه ينبغى أن يقال السورة التى يذكر فيها كذا، والأصح قول الجمهور لقوله صلى الله عليه وسلم "من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة فى ليلة كفتاه وغير ذلك من الأحاديث الصحيحة المرفوعة (وفى أحاديث الباب أيضا) روايتان عن ابن مسعود فى كيفية وقوف الرامى لجمرة العقبة أصحهما أن يقف تحتها فى بطن الوادى فيجعل مكة عن يساره وهو معنى قوله فى الحديث "وجعل البيت عن يساره" والبيت هو الكعبة. والكعبة فى مكة، ويجعل منى عن يمينه ويستقبل العقبة ثم يرمى (وبهذا قال جمهور العلماء) منهم ابن مسعود وجابر والقاسم بن محمد وسالم وعطاء ونافع وأبو حنيفة والثورى ومالك والشافعى وأحمد (وللشافعية وجه ثان) أنه يقف مستقبل الجمرة مستدبر الكعبة ومكة، وبه جزم الشيخ أبو حامد فى تعليقه والبندنيجى وصاحب البيان والرافعى وآخرون (ولهم وجه ثالث) أنه يقف مستقبل الكعبة وتكون الجمرة عن يمينه (قال النووي) والمذهب الأول لحديث عبد الرحمن بن يزيد أن عبد الله ابن مسعود انتهى إلى الجمرة الكبرى فجعل البيت عن يساره ومنى عن يمينه ورمى بسبع حصيات ثم قال هذا مقام الذى أنزلت عليه سورة البقرة (وفى أحاديث الباب أيضا)

-[مشروعية التكبير والدعاء مع رمى كل حصاة وما ورد فى ذلك من الألفاظ]- (4) باب استحباب الركوب لرمى جمرة العقبة والمشى لغيرها (382) عن نافعٍ قال كان ابن عمر رضى الله عنهما يرمى جمرة العقبة على دابَّته يوم النَّحر وكان لا يأتى سائرها بعد ذلك إلاَّ ماشياً ذاهباً وراجعاً وزعم أنَّ النَّبى صلى الله عليه وسلم كان لا يأتيها إلاَّ ماشياً ذاهباً وراجعاً (383) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّ النَّبى صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم رمى الجمرة جمرة العقبة يوم النَّحر راكباً

_ وجوب الرمي بسبع حصيات، وقد تقدم الكلام على ذلك (وفيها أيضا) مشروعية التكبير مع رمى كل حصاة (قال الحافظ) وقد أجمعوا على أن من تركه لا يلزمه شيء إلا الثورى فقال يطعم، وإن جبره بدم أحب إلى (وفى الحديث) أن مطلق التكبير يكفى ويقول اللهم اجعله حجا مبرورا وذنباً مغفورا كما فى الحديث الأول من أحاديث الباب (وفى رواية) للبيهقى تأخير قوله اللهم اجعله حجا مبرورا الخ حتى يفرغ من الرمى ثم يقولها (وفى رواية زيد) أبى أسامة عن سالم بن عبد الله بن عمر المذكورة فى الزوائد بيان التكبير وهو أن يقول مع كل حصاة الله أكبر اللهم اجعله حجا مبرورا وذنبا مغفورا وسعيا مشكورا، وقد روى عن ابن عمر وابن مسعود أنهما كانا يقولان نحو ذلك، وقال ابراهيم النخعى كانوا يحبون ذلك والله أعلم (وقال الماوردي) قال الشافعى يكبر مع كل حصاة فيقول الله أكبر الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد اهـ. والله أعلم (382) عن نافع (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا نوح بن ميمون أنا عبد الله يعنى ابن عمر العمرى عن نافع قال كان ابن عمر - الحديث" (غريبه) (1) يعنى بعد يوم النحر (2) لفظ أبى داود ويخبر أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك (3) أى كان لا يأتى الجمرات الثلاث بعد يوم النحر إلا ماشيا فى الذهاب والأياب (تخريجه) (د. هق) وفى إسناده عبد الله بن عمر بن حفص العمرى وفيه مقال، وقد أخرج له مسلم مقرونا بأخيه عبيد الله (383) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن زكريا ثنا حجاج عن الحكم عن أبى القاسم عن ابن عباس - الحديث" (تخريجه) (جه. مذ) وقال حديث ابن عباس حديث حسن والعمل على هذا عند بعض أهل العلم

-[مشروعية الركوب لرمى جمرة العقبة وقوله صلى الله عليه وسلم لتأخذوا مناسككم]- (384) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال رأيت النَّبى صلى الله عليه وسلم يرمى على راحلته يوم النَّحر يقول لتأخذوا مناسككم فإنِّى لا أدرى أن لا أحجَّ بعد حجَّتى هذه (وعنه من طريقٍ ثانٍ) قال (يعنى النَّبى صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم) لتأخذ أمتى مناسكها، وارموا بمثل حصى الخذف (385) عن قدامة بن عبد الله الكلابىِّ رضى الله عنه أنَّه رأى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم رمى الجمرة جمرة العقبة من بطن الوادى يوم النحر على ناقةٍ له صهباء لا ضرب ولا طرد ولا إليك إليك

_ (384) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن ابن جريج أخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابراً يقول رأيت النبى صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) قال النووى هذه اللام لام الأمر ومعناه خذوا مناسككم وهكذا وقع فى رواية مسلم وتقديره هذه الأمور التى أتيت بها فى حجتى من الأقوال والأفعال والهيئات هى أمور الحج وصفته وهى مناسككم فخذوها عنى واقبلوها واحفظوها واعملوا بها وعلموها الناس، وهذا الحديث أصل عظيم فى مناسك الحج وهو نحو قوله صلى الله عليه وسلم فى الصلاة "صلوا كما رأيتمونى أصلي" اهـ (2) لفظ مسلم لعلى لا أحج بعد حجتى هذه وفيه إشارة إلى توديعهم وإعلامهم بقرب وفاته صلى الله عليه وسلم وحثهم على الاعتناء بالأخذ عنه وانتهاز الفرصة من ملازمته وتعلم أمور الدين. وبهذا سميت حجة الوداع والله تعالى أعلم (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبى الزبير عن جابر قال لتأخذ أمتى - الحديث" (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (م. د. نس. هق) ولم أقف على من أخرج الطريق الثانية بهذا اللفظ (385) عن قدامة بن عبد الله (سنده) (حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله الزبيرى ثنا أيمن بن نابل ثنا قدامة بن عبد الله - الحديث" (غريبه) (4) الأصهب الذى فى شعره حمرة يعلوها سواد، وهو لون الناقة الصهباء (وقوله لا ضرب ولا طرد الخ) معناه أنه لا تضرب الناس أمامه ولا يطردون ليفسحوا له الطريق كما يفعل بين يدى الأمراء، ولا يقال لمن أمامه اليك اليك يعنى بعد وتنح، بل كان شأنه شأن الذين معه سواء بسواء، وفى هذا من التواضع والأخلاق الكريمة ما لا يخفى

-[زوائد الباب ومذاهب الأئمة فى حكم الركوب لرمى جمرة العقبة]- (386) عن أمِّ الحصين (الأحمسيَّة رضى الله عنها) قالت حججت مع النَّبى صلى الله عليه وسلم حجَّة الوداع فرأيت أسامة بن زيد وبلالا وأحدهما آخذ بخطام ناقة النَّبى صلى الله عليه وسلم والآخر رافع ثوبه يستره من الحرِّ حتَّى رمى جمرة العقبة

_ فسبحان من كمله وبالخلق العظيم جمله؛ وحسبنا مخاطبة الله عز وجل إياه بقوله "وإنك لعلى خلق عظيم" صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (فع. نس. مذ. جه. هق: مى) وقال الترمذى حديث قدامة بن عبد الله حديث حسن صحيح وإنما يعرف هذا الحديث من هذا الوجه وهو حديث حسن صحيح، وأيمن بن نابل هو ثقة عند أهل الحديث اهـ (386) عن أم الحصين (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن سلمة عن أبى عبد الرحمن عن زيد بن أبى أنيسة عن يحيى بن الحصين عن أم الحصين جدته حدثته قالت حججت مع النبى صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) فيه جواز رمى جمرة العقبة راكبا وفيه جواز تظليل المحرم على رأسه بثوب وغيره، وتقدم الكلام على ذلك فى أحكام باب تظلل المحرم من الحر صحيفة 216 فى الجزء الحادى عشر (تخريجه) (م. هق) وهذا الحديث من الأحاديث التى رواها مسلم عن الأمام أحمد بسند الأمام أحمد، قال مسلم واسم أبى عبد الرحيم (يعنى أحد رجال السند) خالد بن أبى يزيد وهو خال محمد بن سلمة روى عنه وكيع وحجاج الأعور اهـ (زوائد الباب) روى الترمذى فى جامعه قال حدثنا يوسف بن عيسى نا ابن نمير عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا رمى الجمار مشى اليه ذاهبا وراجعا، قال الترمذى هذا حديث حسن صحيح وقد رواه بعضهم عن عبيد الله ولم يرفعه والعمل على هذا عند أكثر أهل العلم، وقال بعضهم يركب يوم النحر ويمشى فى الأيام التى بعد يوم النحر، قال أبو عيسى (يعنى الترمذي) كأن من قال هذا إنما أراد اتباع النبى صلى الله عليه وسلم فى فعله، لأنه إنما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه ركب يوم النحر حيث ذهى يرمى الجمار، ولا يرمى يوم النحر إلا جمرة العقبة اهـ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية الركوب لرمى جمرة العقبة يوم النحر فقط والمشى لرمى الجمرات جميعها فى غير يوم النحر، وقد اختلف العلماء فى ذلك (قال النووى قال الشافعي) وموافقوه إنه يستحب لمن وصل منى راكبا أن يرمى جمرة العقبة يوم النحر راكبا، ولو رماها ماشيا جاز، وأما من وصلها ماشيا فيرميها ماشيا، وهذا فى يوم النحر، وأما اليومان الأولان من أيام التشريق فالسنة أن يرمى فيهما جميع الجمرات ماشيا، وفى اليوم الثالث يرمي راكباً

-[بقية مذاهب العلماء فى حكم الركوب والمشى لرمى جمرة العقبة]- (5) باب ما يحل للحاج وما يفعله بعد رمى جمرة العقبة (387) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال رمى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم جمرة العقبة ثمَّ ذبح ثمَّ حلق (388) عن الحسن العرنىِّ عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رميتم الجمرة فقد حلَّ لكم كلُّ شيءٍ إلاَّ النِّساء، قال فقال رجل والطِّيب؟ فقال ابن عباسٍ أمَّا أنا فقد رأيت رسول الله

_ وينفر هذا كله (مذهب مالك والشافعي) وغيرهما (وقال أحمد واسحاق) يستحب يوم النحر أن يرمى ماشيا (قال ابن المنذر) وكان ابن عمر وابن الزبير وسالم يرمون مشاة، (قال وأجمعوا) على أن الرمى يجزيه على أى حال رماه إذا وقع فى المرمى اهـ (قلت وذهبت الحنفية) إلى استحباب الركوب لرمى جمرة العقبة فى كل أيام الرمي، والقاعدة عندهم أن كل رمى بعده رمى ترميه ماشيا لتدعو بعده، وكل رمى ليس بعده رمى ترميه راكبا لتذهب عقبه بلا دعاء، وأجاب القائلون بأفضلية المشى لجميع الجمار حتى فى يوم النحر عن ركوبه صلى الله عليه وسلم لرمى جمرة العقبة بأنه كان لعذر الازدحام، وقد علمت أن الذى ثبت عنه صلى الله عليه وسلم الركوب لرمى جمرة العقبة يوم النحر والمشى بعد ذلك مطلقا، وهذا أولى بالاتباع والله أعلم (387) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أحمد بن الحجاج أنا ابن المبارك أنا الحجاج ابن أرطأة عن الحكم عن أبى القاسم عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (1) يستفاد منه أن السنة رمى جمرة العقبة أولا ثم ذبح الهدى ثم الحلاق. ولو قدم وأخر جاز، والأفضل الأول (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وفى اسناده الحجاج بن أرطاة، قال ابن معين صدوق يدلس، وقال أيضا هو والنسائى ليس بالقوى. روى له مسلم مقرونا بغيره، وقال أبو حاتم إذا قال حدثنا فهو صالح لا يرتاب فى حفظه وصدقه اهـ (388) عن الحسن العرفى عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع وعبد الرحمن قالا ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن الحسن العرفى - الحديث" (غريبه) (2) يعنى مما يحرم على المحرم فعله إلا الجماع (وقوله فقال رجل الخ) رواية عبد الرحمن أحد رجال السند "فقال رجل يا أبا العباس والطيب؟ "

-[ما يحل للمحرم فعله بعد رمى جمرة العقبة]- صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يضمِّخ رأسه بالمسك، فأطيب ذاك أم لا؟ (389) عن عائشة رضى الله عنها قالت طيَّبت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بيدى بذريرة لحجَّة الوداع للحلِّ والإحرام حيث أحرم وحيث رمى جمرة العقبة يوم النَّحر قبل أن يطوف بالبيت (390) وعنها رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رميتم وحلفتم فقد حلَّ لكم الطِّيب والثِّياب وكلُّ شيءٍ إلاَّ النِّساء (فصل منه فيما جاء فى النحر والحلاق والتقصير) (391) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا سفيان حدَّثنا هشام أبو عبد الله عن ابن سيرين عن أنس بن مالك قال لمَّا رمى النَّبى صلى الله عليه وسلم جمرة العقبة ونحر

_ (1) التضمخ التلطخ بالطيب وغيره والأكثار منه، والمعنى أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك بعد رمى جمرة العقبة (تخريجه) (د. نس. جه. هق) قال فى البدر المنير اسناده حسن كما قال المنذرى إلا أن يحيى بن معين وغيره قالوا يقال إن الحسن العرنى لم يسمع من ابن عباس والله أعلم (389) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا ابن جريج أخبرنى عمر بن عبد الله بن عروة أنه سمع عروة والقاسم يخبران عن عائشة قالت طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (2) الذريرة نوع من الطيب مجموع من أخلاط (وقولها للحل) أى لتحلله من محظورات الأحرام بعد رمى جمرة العقبة (وقولها والأحرام) أى عند إرادة الأحرام (تخريجه) (ق. لك. هق. والأربعة) (390) وعنها رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد قال أخبرنا الحجاج عن أبى بكر بن محمد بن عمرة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (3) يعنى ولبس الثياب وكل شيء من محرمات الأحرام إلا وطء النساء (تخريجه) (د. هق. قط) وفى اسناده الحجاج بن أرطاة فيه كلام ويؤيده حديث ابن عباس المتقدم (391) حدّثنا عبد الله (غريبه) (4) هو ابن حسان القردوسي بضم

-[كيفية الحلق عند التحلل - وقصة معمر بن عبد الله العدوى وأنه الذى حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم]- هديه حجم وأعطى الحجَّام، وقال سفيان مرَّةً وأعطى الحالق شقَّه الأيمن فحلقه فأعطاه أبا طلحة ثمَّ حلق الأيسر فأعطاه النَّاس (392) عن نافع أنَّ عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أخبره أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم حلق رأسه فى حجَّة الوداع (393) عن معمر بن عبد الله (العدوىِّ) رضى الله عنه قال كنت أرحِّل لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجَّة الوداع، قال فقال لى ليلةً من الليالى يا معمر لقد وجدت فى أنساعى اضطراباً، قال فقلت أما والذَّي بعثك

_ القاف (1) يعني فى رواية أخرى (2) فيه استحباب البداءة فى حلق الرأس بالشق الأيمن من رأس المحلوق (3) الظاهر والله أعلم أنه صلى الله عليه وسلم خص أبا طلحة وحده بأعطائه شعر الشق الأيمن، لأنه كان حريصا على ذلك ويحتمل أنه طلبه منه، وفيه مشروعية التبرك بشعر الصالحين ونحوه، وفيه دلالة على طهارة شعر الآدمي، وقد تقدم الكلام على ذلك فى كتاب الطهارة (تخريجه) (م. د. هق) بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى منى فأتى الجمرة فرماها ثم أتى منزله بمنى ونحر، ثم قال للحلاق خذ وأشار إلى جانبه الأيمن ثم الأيسر ثم جعل يعطيه الناس، وللأمام أحمد رواية أخرى بهذا اللفظ أيضا (392) عن نافع (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج حدثنى موسى بن عقبة عن نافع أن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما - الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) (393) عم معمر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب قال ثنا أبى عن ابن إسحاق قال حدثنى يزيد بن أبى حبيب المصرى عن عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن عقبة مولى معمر بن عبد الله بن نافع بن نضلة العدوى عن معمر بن عبد الله - الحديث" (غريبه) (4) أى أشد رحله على بعيره، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم خصه بذلك مدة سفره فى حجة الوداع (5) جمع نسع بكسر النون، سير ينسج عريضا على هيئة أعنة النعال تشد به الرحال. والقطعة منه نسعة؛ وسمى نسعا لطوله، والجمع نسع ونسع كعنب وأنساع ونسوع قال صاحب القاموس (قلت) وعبر عنه فى الحديث بلفظ الجمع، إما لأن الرحل يحتاج

-[قصة معمر بن عبد الله العدوى - وأنه هو الذى حلق النبى صلى الله عليه وسلم]- بالحقِّ لقد شددتها كما كنت أشدُّها ولكنَّه أرخاها من قد كان نفس علىَّ لمكانى منك لتستبدل بى غيري، قال فقال أما إنِّى غير فاعلٍ، قال فلمَّا نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم هديه بمنىً أمرنى أن أحلقه قال فأخذت الموسى فقمت على رأسه قال فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وجهى وقال لى يا معمر أمكنك رسول الله صلى الله عليه وسلم من شحمةٍ أذنه وفى يدك الموسى قال فقلت أما والله يا رسول الله إنَّ ذلك لمن نعمة الله علىَّ ومنِّه قال فقال أجل إذًا أقرُّ لك، قال ثمَّ حلقت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم (394) عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر قال سمعت عمر

_ إلى أكثر من نسع. فبعضها يشد على بطن البعير. وبعضها يجعل على صدره، وصرح فى النهاية بأنها تجعل على صدر البعير، وإما أن يكون صلى الله عليه وسلم أراد رحال أزواجه أيضا رضى الله عنهن لنسبتهن اليه والله أعلم (والاضطراب) معناه كثرة الحركة وعدم الاستقامة (1) بفتح النون وكسر الفاء، يقال نفست عليه الشيء نفاسة إذا لم تره له أهلا، والمعنى أن من حسدنى على منزلتى عندك هو الذى أرخاها بعد أن شددتها يريد بذلك الكيد لى لتستبدل بى غيري، فقال صلى الله عليه وسلم "أما انى غير فاعل" يعنى لست مستبدلاً بك غيرك (2) فيه أنه صلى الله عليه وسلم نحر الهدى أولا ثم حلق، وفيه أن الذى حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع هو معمر بن عبد الله العدوى رضى الله عنه (3) قال أهل اللغة الموسى يذكر ويؤنث (قال ابن قتيبة) قال الكسائى هو فعلى وقال غيره مفعل من أوسيت رأسه أى حلقته (قال الجوهري) والكسائى والفراء يقولان هى فعلى مؤنثة، وعبد الله بن سعد الأموى يقول مفعل مذكر، قال أبو عبد الله لم نسمع تذكيره إلا من الأموى (4) أى فما ترى فى ذلك (5) يريد أن من نعمة الله على ومنِّه أن خصنى بخدمتك يا رسول الله وسأقوم بها كما تحب، وقول النبى صلى الله عليه وسلم "أجل اذا أقر لك" معناه نعم حيث قد علمت أن هذا من نعم الله عليك ومنّه، فحينئذ أسكن لك وأطمئن حتى تقضى مهمتك والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير وفيه عبد الرحمن بن عقبة مولى معمر ذكره ابن أبى حاتم ولم يوثق ولم يجرح (394) عن سالم بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو اليمان

-[ما حكم من ضفر شعره أو لبده عند الأحرام - أيحلق عند التحلل أو يقصر]- رضي الله عنه يقول من ضفَّر فليحلق ولا تشبِّهَّوا بالتَّلبيد، وكان ابن عمر يقول لقد رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم ملبِّداً (395) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا إسماعيل أبو معمر ومحمَّد بن عبَّادٍ قال ثنا ابن عيينة عن هشام بن حجير عن طاوس قال قال معاوية لابن عبَّاسٍ (وفى لفظٍ عن طاوسٍ عن ابن عبَّاسٍ قال قال لى معاوية) أما علمت أنِّي قصَّرت

_ أخبرنا شعيب عن الزهرى أخبرنى سالم بن عبد الله - الحديث" (غريبه) (1) بالضاد والفاء يعنى من ضفر رأسه أى جعله ضفائر كل ضفيرة على حدة بثلاث طاقات فما فوقها، وضفر الشعر ادخال بعضه فى بعض (وقوله فليحلق) يعنى وجوبا فان قصر لم يجزه وعليه الحلق وهذا مذهب عمر رضى الله عنه (وقوله ولا تشبهوا) أى الضفر (بالتلبيد) لأنه أشد منه فيجوز التقصير عند عمر رضى الله عنه لمن لبد دون من ضفر، وتلبيد الشعر أن يجعل فيه شيء من صمغ عند الأحرام لئلا يشعث ويقمل ابقاءا على الشعر، وإنما يلبد من يطول مكثه فى الأحرام (قال ابن عبد البر) روى تشبهوا بضم التاء وفتحها وهو الصحيح أى لا تتشبهوا، ومعنى الضم لا تشبهوا علينا فتفعلوا ما لا يشبه التلبيد الذى سنة فاعله الحلق وجاء مثل قول عمر هذا عنه صلى الله عليه وسلم من وجه حسن (قلت) جاء هذا الحديث مرفوعا عند البيهقى من طريق عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لبد رأسه للأحرام فقد وجب عليه الحلاق (قال البيهقي) عبد الله بن نافع هذا ليس بالقوى والصحيح أنه من قول عمر وابن عمر رضى الله عنهما، قال وكذلك رواه سالم عن أبيه عن عمر (يعنى حديث الباب) والله أعلم بالصواب (3) قول ابن عمر رضى الله عنهما لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ملبدا جاء فى صحيح البخارى أيضا (تخريجه) (لك. هق) وسنده جيد وأخرج الجزء الأخير منه البخارى وتقدمت الأشارة إلى ذلك (395) حدّثنا عبد الله (غريبه) (4) أى أخذت من شعر رأسه وهو يشعر بأن ذلك كان فى نسك. إما فى حج أو عمرة، وقد ثبت فى أحاديث الباب المتقدمة أنه صلى الله عليه وسلم حلق فى حجته فتعين أن يكون فى عمرة، لاسيما وقد جاء فى الطريق الثانية بلفظ قصرت عن رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة ونحو ذلك عند مسلم، وهذا يحتمل أن يكون فى عمرة القضية أو الجعرانة، وسيأتى تحقيق ذلك في آخر الأحكام إن شاء الله تعالى

-[حديث معاوية فى تقصيره من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم تحقيق أن ذلك كان فى عمرة]- من رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم بمشقصٍ فقال ابن عبَّاس لا، قال ابن عبَّاد فى حديثه، قال ابن عباس وهذه حجَّة على معاوية (ومن طريقٍ ثانٍ) عن ابن عبَّاس عن معاوية قال قصَّرت عن رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة (396) عن مجاهدٍ وعطاءٍ عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما أنَّ معاوية (ابن أبى سفيان رضى الله عنه) أخبره أنَّه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قصَّر من شعره بمشقص، فقلنا لابن عبَّاس ما بلغنا هذا إلا عن معاوية، فقال ما كان معاوية على رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم متَّهما (فصل منه فيما ورد فى فضل الحلاق على التقصير) (397) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال حلق رجالٌ يوم

_ (1) المشقص بكسر الميم وسكون المعجمة وفتح القاف آخره صاد مهملة، قال القزاز هو نص عريض يرمى به الوحش، وقال صاحب المحكم هو الطويل من النصال وليس بعريض وكذا قال أبو عبيد والله أعلم. نقله الحافظ (2) معنى ذلك أن معاوية كان ينهى عن المتعة، وقد ثبت عنه فى الطريق الثانية أنه قصر عن رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة، ومعلوم أن التقصير أو الحلاق عند المروة لا يكون إلا فى عمرة، وقد ثبت بالأحاديث الصحيحة أن النبى صلى الله عليه وسلم حلق فى حجته بمنى فكيف ينهى معاوية بعد هذا عن المتعة فقوله حجة عليه، وقد جاء معنى ذلك فى رواية عند النسائي، قال يقول ابن عباس وهذه على معاوية أن ينهى الناس عن المتعة وقد تمتع رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عمرو بن محمد الناقد قال ثنا أبو أحمد الزبيرى ثنا سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن ابن عباس عن معاوية - الحديث" (4) استدل به على أن التقصير كان فى عمرة كما تقدم والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (396) عن مجاهد وعطاء (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عمرو مروان بن شجاع الجزرى قال ثنا خصيف عن مجاهد وعطاء - الحديث" (غريبه) (5) معناه أن ابن عباس رضى الله عنهما ينفى التهمة عن معاوية رضى الله عنه بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه صحابى والصحابة كلهم عدول رضى الله عنهم (تخريجه) أخرج الشق الأول منه مسلم إلى قوله بمشقص، ولم أقف على من أخرج الباقى (397) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد

-[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثا مرات وللمقصرين مرة واحدة]- الحديبية وقصَّر آخرون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله المحلِّقين، قالوا يا رسول الله والمقصِّرين قال يرحم الله المحلِّقين، قالوا يا رسول الله والمقصِّرين، قال يرحم الله المحلِّقين، قالوا يا رسول الله والمقصِّرين، قال والمقصِّرين قالوا فما بال المحلِّقين يا رسول الله ظاهرت لهم الرَّحمة؟ قال لم يشكُّوا قال فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعنه من طريقٍ ثانٍ) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللَّهمَّ اغفر للمحلِّقين فقال رجلٌ وللمقصِّرين، فقال اللَّهمَّ اغفر للمحلِّقين، فقال الرَّجل وللمقصِّرين؟ فقال فى الثَّالثة أو الرَّابعة وللمقصِّرين

_ قال محمد يعني ابن اسحاق حدثنى عبد الله بن أبى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (1) أى يوم عمرة الحديبية وكان فى ذى القعدة سنة ست من الهجرة (2) الواو فى قوله والمقصرين معطوفة على شيء محذوف تقديره قل والمقصرين، أو قل ويرحم الله المقصرين، وهذا يسمى العطف التلقينى كما فى قوله تعالى "إنى جاعلك للناس إماما قال ومن ذريتي" (3) فى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم والمقصرين إعطاء المعطوف حكم المعطوف عليه ولو تخلل بينهما السكوت لغير عذر (4) أى أعنتهم وأيدتهم بالدعاء لهم ثلاث مرات (5) قال العلامة السندى فى معنى قوله لم يشكوا أى ما عاملوا معاملة من يشك فى أن الاتباع أحسن، وأما من قصَّر فقد عامل معاملة الشاك فى ذلك حيث ترك فعله صلى الله عليه وسلم اهـ. وقيل سبب دعائه صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة توقف من توقف من الصحابة عن الأحلال فى عمرة الحديبية لما دخل عليهم من الحزن لكونهم منعوا من الوصول إلى البيت مع اقتدارهم فى أنفسهم على ذلك، فخالفهم النبى صلى الله عليه وسلم وصالح قريشا على أن يرجع من العام المقبل، فلما أمرهم بالأحلال توقفوا فأشارت أم سلمة أن يحل هو ففعل فحلق بعض وقصر بعض، فكان من بادر إلى الحلق أسرع إلى امتثال الأمر ممن قصر (6) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنا يزيد بن أبى زياد عن مقسم عن ابن عباس - الحديث" (7) لم أقف على اسم هذا الرجل فى شيء من طرق الحديث (8) أو للشك من الراوى وتقدم فى الطريق الأولى أنه قالها فى الرابعة بغير شك (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه ابن ماجه مختصرة وسندها جيد، وأخرج الطريق الثانية منه الطبرانى فى الأوسط وسندها عند الأمام أحمد جيد.

-[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاث مرات وللمقصرين مرة واحدة]- (398) عن أبي سعيدٍ الخدرى رضى الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حلقوا رؤوسهم عام الحديبية غير عثمان بن عفَّان وأبى قتادة رضى الله عنهما، فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلِّقين ثلاث مرارٍ وللمقصِّرين مرَّةً (399) عن يحيى بن الحصين قال سمعت جدتى تحدِّث أنَّها سمعت النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم بمنىً دعا للمحلِّقين ثلاث مرَّاتٍ، فقيل له والمقصِّرين؟ فقال

_ (398) عن أبي سعيد الخدرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح وعبد الصمد وأبو عامر قالوا حدثنا هشام بن أبى سعيد الخدرى - الحديث" (تخريجه) (ش. طح) وأبو داود الطيالسى وفى إسناده أبو إبراهيم الأنصارى جهله أبو حاتم وبقية رجاله ثقات (399) عن يحيى بن الحصين (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج ابن محمد قال حدثنى شعبة عن يحيى بن الحصين قال سمعت جدتى - الحديث" (غريبه) (1) هى أم الحصين الأحمسية صحابية جليلة شهدت حجة الوداع (2) فى الطريق الثانية قالت سمعت نبى الله صلى الله عليه وسلم بعرفات يخطب الخ. فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كرر هذه الجملة فى خطبته بعرفات ثم فى خطبته بمنى فسمعته فى الموضعين؛ وهو يدل قطعاً على أن هذا الدعاء كان فى حجة الوداع، وتقدم فى حديثى ابن عباس وأبى سعيد أنه كان فى عمرة الحديبية، وقد اختلف العلماء فى ذلك فقال أبو عمر بن عبد البر كونه فى الحديبية هو المحفوظ، وقال النووى الصحيح المشهور أنه كان فى حجة الوداع (وقال القاضى عياض) لا يبعد أن النبى صلى الله عليه وسلم قاله فى الموضعين، وما قاله القاضى عياض هو الصواب جمعا بين الأحاديث، وقال ابن دقيق العبد إنه الأقرب (قال الحافظ) بل هو المتعين لظاهر الروايات بذلك فى الموضعين اهـ (قلت) وتقدم سبب دعائه صلى الله عليه وسلم للمحلقين فى عمرة الحديبية ثلاث مرات وللمقصرين مرة فى شرح حديث ابن عباس، أما سبب دعائه صلى الله عليه وسلم للمحلقين فى حجة الوداع ثلاثاً وللمقصرين مرة فقد ذكره الخطابى فى معالم السنن بقوله كان أكثر من أحرم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصحابة ليس معهم هدى وكان صلى الله عليه وسلم قد ساق الهدى، ومن كان معه هدى فانه لا يحلق حتى ينحر هديه، فلما أمر من ليس معه هدى أن يحل وجدوا من ذلك في أنفسهم

-[سبب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاث مرار وللمقصرين مرة]- في الثَّالثة والمقصِّرين (ومن طريقٍ ثانٍ) قال سمعت جدتى تقول سمعت نبى الله صلى الله عليه وسلم بعرفات يخطب يقول غفر الله للمحلِّقين ثلاث مرارٍ، قالوا والمقصِّرين؟ فقال والمقصِّرين فى الرَّابعة (وعن من طريقٍ ثالثٍ) عن جدَّته قالت سمعت النَّبى صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وهو يقول يرحم الله المحلِّقين يرحم الله المحلِّقين، قالوا فى الثَّالثة والمقصِّرين قال والمقصِّرين (400) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم يرحم الله المحلِّقين، قالوا يا رسول الله والمقصِّرين؟ قال رحم الله المحلِّقين، قال فى الرابعة والمقصِّرين

_ وأحبوا أن يأذن لهم فى المقام على إحرامهم حتى يكملوا الحج، وكانت طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أولى بهم، فلما لم يكن لهم بد من الأحلال كان القصر فى نفوسهم أحب من الحلق فمالوا إلى القصر، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم أخرهم فى الدعاء وقدم عليهم من حلق وبادر إلى الطاعة، وقصر بمن تهيبه وحاد عنه، ثم جمعهم فى الدعوة وعمهم بالرحمة اهـ. ونقل الحافظ والعينى عن الخطابى أنه كانت عادة العرب اتخاذ الشعر على الرءوس وتوفيرها وتزيينها وكان الحلق فيهم قليلا ويرون ذلك نوعا من الشهرة وكان يشق عليهم الحلق فمالوا إلى التقصير فمنهم من حلق ومنهم من قصر لما يجد فى نفسه منه، فمن أجل ذلك سمح لهم بالدعاء بالرحمة وقصر بالآخرين إلى أن استعطف عليهم فعمهم بالدعاء بعد ذلك والله أعلم (1) يعنى عقب الثالثة فتكون الرابعة لتتفق مع الرواية الآتية بعدها (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا شعبة قال سمعت يحيى بن حصين قال سمعت جدتى تقول - الحديث" (3) هذا صريح فى أن النبى صلى الله عليه وسلم دعا للمحلقين ثلاث مرار وخصص المقصرين بالرابعة فقط وليس هذا آخر الحديث من هذا الطريق (وبقيته) قالت وسمعته يقول إن استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا، وسيأتى ذلك فى كتاب الخلافة والأمارة ان شاء الله تعالى (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع قال ثنا شعبة عن يحيى ابن الحصين عن جدته - الحديث" (تخريجه) (م. نس) (400) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرنى نافع عن ابن عمر - الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما)

-[فضل الحلاق على التقصير ودعاء النبى صلى الله عليه وسلم للمحلقين ثلاثاً وللمقصرين مرة]- (401) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم اللَّهم اغفر للمحلِّقين، قالوا يا رسول الله والمقصِّرين؟ قال اللهمَّ اغفر للمحلِّقين، قالوا يا رسول الله والمقصِّرين؟ قال اللَّهمَّ اغفر للمحلِّقين، قالوا والمقصِّرين، قال والمقصِّرين (402) عن يزيد بن أبى مريم عن أبيه مالك بن ربيعة رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول اللَّهمَّ اغفر للمحلِّقين اللَّهمَّ اغفر للمحلِّقين، قال يقول رجلٌ من القوم والمقصِّرين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الثَّالثة أو فى الرَّابعة والمقصِّرين، ثمَّ قال وأنا يومئذٍ محلوق الرَّأس فما يسرُّنى بحلق رأسى حمر النَّعم أو خطراً عظيماً

_ (401) عن أبي هريرة رضى الله عنه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن فضيل ثنا عمارة عن أبى زرعة عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (تخريجه) (ق. وغيرهما) (402) عن يزيد بن أبى مريم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريح بن النعمان حدثنى أوس بن عبيد الله أبو مقاتل السلولى قال حدثنى يزيد بن أبى مريم عن أبيه - الحديث" (غريبه) (1) هو والد يزيد وكنيته أبو مريم السلولى من الصحابة الذين سكنوا البصرة رضى الله عنهم (2) لم يعلم اسم هذا الرجل ولم أقف له على ذكر (3) يعنى ممن حلقوا رءوسهم فى ذلك اليوم (4) بسكون الميم كرائمها وهو مثل فى كل نفيس من الأبل ونحوها، ويقال أنه جمع أحمر، وإن أحمر من أسماء الحسن (وقوله أو خطرا عظيما) خطرا منصوب بفعل محذوف تقديره أو أصادف خطرا يعنى حظا ونصيبا، وعظيما صفة له، والمعنى أنه سر بدعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم للمحلقين سرورا لا يماثله سروره بامتلاك كرائم النعم أو بأصابة حظ وافر فى شيء عظيم له قدر ومزية لا نظير لها، وذلك لكونه كان ممن حلقوا. والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى في الأوسط وإسناده حسن

-[زوائد الباب فيما يحل للمحرم فعله بعد رمى جمرة العقبة]- (403) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا يحيى بن آدم وابن أبى بكير فالاثنا إسرائيل عن أبى إسحاق عن حبشى بن جنادة قال يحيى وكان ممَّن شهد حجَّة الوداع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللَّهم اغفر للمحلِّقين، قالوا يا رسول الله والمقصِّرين؟ قال اللَّهمَّ اغفر للمحلِّقين، قالوا يا رسول الله والمقصِّرين؟ قال فى الثَّالثة والمقصِّرين (404) عن ابن قارب عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللَّهمَّ اغفر للمحلِّقين قال رجلٌ والمقصِّرين؟ قال فى الرَّابعة والمقصِّرين يقلِّله سفيان بيده وقال فى تيك كأنَّه يوسِّع يده

_ (403) حدّثنا عبد الله (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير ورجال أحمد رجال الصحيح (404) عن ابن قارب عن أبيه (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن ابن قارب عن أبيه - الحديث" (غريبه) (1) هو قارب بن الأسود الثقفي، ويقال أبو عبد الله بن الأسود الطائفى له صحبة، ورواية ووفادة وقد قيل فى اسمه مارب بالميم، وله ذكر ف الترمذي. قال الحافظ فى تعجيل المنفعة، وقال فى الأصابة والحق أنه قارب (يعنى بالقاف" (2) سفيان هو الذى روى عنه الأمام أحمد هذا الحديث، يقول الأمام أحمد يقلله سفيان بيده يعنى يشير إلى أنه دعا للمقصرين مرة واحدة (وقال فى تيك) يعنى المحلقين (كأنه يوسع يده) أى يشير إلى أنه دعا لهم جملة مرات يعنى ثلاثاً كما يستفاد من قوله قال فى الرابعة والمقصرين (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير والبزار وإسناده صحيح (زوائد الباب) (عن نافع) عن ابن عمر قال خطب الناس عمر بن الخطاب رضى الله عنه بعرفة فحدثهم عن مناسك الحج فقال فيما يقول، إذا كان بالغداة إن شاء الله تعالى فدفعتم من جمع فمن رمى جمرة القصوى التى عند العقبة بسبع حصيات ثم انصرف فنحر هديا إن كان له ثم حلق أو قصَّر فقد حل له ما حرم عليه من شأن الحج إلا طيبا أو نساء، فلا يمس أحد طيبا ولا نساءا حتى يطوف بالبيت (هق) (وعن سالم عن ابن عمر) قال سمعت عمر رضى الله عنه يقول إذا رميتم الجمرة بسبع حصيات وذبحتم وحلقتم فقد حل لكم كل شيء إلا النساء والطيب، قال سالم

-[زوائد الباب - وحديث ليس على النساء الحلق إنما على النساء التقصير]- .....

_ وقالت عائشة رضى الله عنها حل له كل شيء إلا النساء، قال وقالت عائشة رضى الله عنها أنا طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى لحله، قال سالم وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع (هق) (قلت) وقول سالم "وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن تتبع" معناه أنه بعد الرمى والذبح والحلق لا يحرم عليه إلا النساء فقط ويجوز له الطيب، لأنه ثبت أن عائشة طيبت النبى صلى الله عليه وسلم عند تحلله من الأحرام بخلاف ما ذهب إليه عمر من تحريم الطيب أيضا والله أعلم (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رمى الجمرة بسبع حصيات الجمرة التى عند العقبة، ثم انصرف فنحر هديا، ثم حلق فقد حل له ما حرم عليه من شأن الحج، أورده الهيثمى وقال له أثر موقوف عليه وفيه إلا النساء، رواه البزار ورجاله ثقات رجال الصحيح (وعن عطاء) أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا رمى الجمرة وذبح وحلق فقد حل له كل شيء إلا النساء (عل) وفيه الحجاج بن أرطاة وفيه كلام وهو مرسل (وعن جابر) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا توضع النواصى إلا فى حج أو عمرة (بز. طس) وفيه محمد بن سليمان بن مشمول وهو ضعيف بهذا الحديث وغيره (وعن أم سلمة رضى الله عنها) قالت حلق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر معمر بن عبد الله العدوى (طس) وفيه محمد ابن اسحاق وهو ثقة ولكنه مدلس (وعن الأزرق بن قيس) قال كنت جالساً إلى ابن عمر فسأله رجل فقال أبا عبد الرحمن انى أحرمت وجمعت شعري، فقال أما سمعت عمر فى خلافته؟ قال ومن ضفر رأسه ولبده فليحلق، فقال يا أبا عبد الرحمن انى لم أضفره ولكنى جمعته فقال ابن عمر عنز وتيس وتيس وعنز (طب) ورجاله رجال الصحيح (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على النساء الحلق انما على النساء التقصير (د. قط. طب) وقد قوى اسناده البخارى فى التاريخ وأبو حاتم فى العلل وحسنه الحافظ وأعله ابن القطان ورد عليه ابن المواق فأصاب (وعن عثمان) رضى الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها (بز) وفيه ابن عطاء وهو ضعيف (وعن عائشة رضى الله عنها) أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن تحلق المرأة رأسها (بز) وفيه معلى بن عبد الرحمن متهم بالوضع وقد رمى بالرفض، قال الحافظ فى التقريب (وفى التهذيب) قال ابن عدى أرجو أن لا بأس به (قلت) يعضده والذى قبله حديث ابن عباس رضى الله عنهما المذكور قبلهما والله أعلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها) أن الحاج إذا رمى جمرة العقبة ثم نحر هديه ثم حلق أو قصر حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء فيبقى ما كان محرَّما عليه منهن من الوطء والقبلة واللمس بشهوة وعقد النكاح، ويحل له ما سواه (واليه ذهب جمهور العلماء) وهو قول ابن الزبير وعائشة وعلقمة وسالم وطاوس والنخعي

-[مذاهب العلماء فيما يجوز به التحلل - ومكان نحر الهدى - وهل الحلاق نسك أم لا]- .....

_ وعبد الله بن الحسين وخارجة بن زيد والشافعى وأبى ثور وأصحاب الرأى وهو الصحيح من مذهب الأمام أحمد (وروى عن ابن عباس والأمام أحمد) أنه يحل له كل شيء إلا الوطء فى الفرج لأنه أغلظ المحرمات ويفسد النسك بخلاف غيره (وقال عمر بن الخطاب رضى الله عنه والأمام مالك) يحل له كل شيء إلا النساء والطيب، وروى ذلك عن ابن عمر وعروة ابن الزبير وعباد بن عبد الله بن الزبير لأنه من دواعى الوطء فأشبه القبلة، واستدلوا بالأثرين المذكورين فى الزوائد عن عمر، وبما أخرجه الحاكم عن ابن الزبير أنه قال إذا رمى الجمرة الكبرى حل له كل شيء حرم عليه إلا النساء والطيب حتى يزور البيت، وقال إن ذلك من سنة الحج، وبما أخرجه النسائى عن ابن عمر أنه قال إذا رمى وحلق حل له كل شيء إلا النساء والطيب، وهذه الآثار لا تصلح لمعارضة أحاديث الباب، وعلى فرض أن ما رواه الحاكم منها مرفوع فهو لا يقاوم الأحاديث المذكورة فى الباب لاسيما وهى مثبتة لحل الطيب (ويستفاد من أحاديث الباب أيضا) استحباب ترتيب أفعال الحج المشروعة فى يوم النحر بعد وصوله منى وهى أربعة. رمى جمرة العقبة أولا. ثم الذبح ثم الحلق. ثم طواف الأفاضة. وكلها ذكرت فى أحاديث الباب إلا طواف الأفاضة فسيأتى فى باب مخصوص، فان خالف ما ذكرنا من الترتيب فقدم مؤخرا أو أخر مقدما جاز لما سيأتى بعد باب من الأحاديث الصحيحة (ومنها) استحباب نحر الهدى بمنى، ويجوز حيث شاء من بقاع الحرم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم كل منى منحر وكل فجاج مكة منحر، وإذا نحر الهدى فرقه على المساكين من أهل الحرم، وهو من كان فى الحرم فان أطلقها لهم جاز، وستأتى أحكام الهدى فى كتاب الهدايا والضحايا بعد كتاب الحج إن شاء الله تعالى (وقد اختلف العلماء) فى الحلق هل هو نسك يثاب عليه ويتعلق به التحلل، أو هو استباحة محظور وليس بنسك، وإنما هو شيء أبيح له بعد أن كان حراما كالطيب واللباس وعلى هذا لا ثواب فيه ولا تعلق له بالتحلل؟ فذهب الأئمة (أبو حنيفة ومالك وأحمد وجمهور العلماء) إلى أنه نسك واجب من واجبات الحج يجبر بالدم (وللشافعية فى ذلك قولان) (أحدهما) وهو الأصح عندهم أنه نسك ركن من أركان الحج يفسد الحج بتركه ولا يجبر بالدم (والثاني) أنه استباحة محظور وليس بنسك (قال النووي) فى شرح المهذب وظاهر كلام ابن المنذر والأصحاب أنه لم يقل بأنه ليس بنسك إلا الشافعى فى أحد قوليه، ولكن حكاه القاضى عياض عن عطاء وأبى ثور وأبى يوسف (ويستفاد من أحاديث الباب أيضا) أن الحلق أفضل من التقصير لتكريره صلى الله عليه وسلم الدعاء للمحلقين مرارا وللمقصرين مرة واحدة مع سؤالهم له ذلك، ولو اقتصر على التقصير أجزأ (وإلى ذلك ذهب كافة العلماء) إلا ما حكاه ابن المنذر عن الحسن البصري أنه

-[مذاهب العلماء فى مقدار الواجب حلقه من الرأس وحكم من ضفر شعره أو لبده]- .....

_ كان يقول يلزمه الحلق فى أول حجة ولا يجزئ التقصير وهذا باطل بالنصوص واجماع من سبقه ولا نظن صحة ذلك عنه والله أعلم، وظاهر صيغة المحلقين أنه يشرع حلق جميع الرأس لأنه الذى تقتضيه الصيغة إذ لا يقال لمن حلق بعض رأسه أنه حلقه الا مجازا، وقد قال بوجوب حلق جميع الرأس الأمامان (مالك وأحمد) واستحبه الحنفية والشافعية ويجزئ البعض عندهم، واختلفوا فى مقداره، فعن الحنفية الربع الا أن أبا يوسف قال النصف (وعن الأمام الشافعي) أقل ما يجب حلق ثلاث شعرات، وفى وجه لبعض أصحابه شعرة واحدة وهكذا الخلاف فى التقصير (قال النووي) ولو أخر الحلق إلى بعد أيام التشريق حلق ولا دم عليه سواء طال زمنه أم لا وسواء رجع إلى بلده أم لا، هذا مذهبنا، وبه قال عطاء وأبو ثور وأبو يوسف وأحمد وابن المنذر وغيرهم (وقال أبو حنيفة) إذا خرجت أيام التشريق لزمه الحلق ودم، وقال سفيان الثورى واسحاق ومحمد عليه الحلق ودم. دليلنا الأصل لا دم اهـ (وفى أحاديث ابن عباس وعثمان وعائشة) المذكورة فى الزوائد دلالة على أنه ليس على المرأة حلق، وحكى انب المنذر الأجماع على ذلك، قال وانما عليهن التقصير، قال ويكره لهن الحلق لأنه بدعة فى حقهن وفيه مثلة، قال واختلفوا فى قدر ما تقصره فقال ابن عمر (والشافعى وأحمد) واسحاق وأبو ثور تقصر من كل قرن مثل الأنملة (وقال قتادة) تقصر الثلث أو الربع (وقالت حفصة بنت سيرين) ان كانت عجوزا من القواعد أخذت نحو الربع وان كانت شابة فلتقلل (وقد قال مالك) تأخذ من جميع قرونها أقل جزء ولا يجوز من بعض القرون (وفى حديث أنس) الخامس من أحاديث الباب دلالة على أنه يستحب فى الحلق أن يبدأ بالشق الأيمن من رأس المحلوق وإن كان على يسار الحالق، والى ذلك ذهب الجمهور (وذهبت الحنفية) الى أنه يبدأ بالشق الأيسر ليكون على يمين الحالق وهذا مخالف لحديث أنس المذكور (وفى حديث عمر) الموقوف عليه المذكور فى الباب دلالة على أن من ضفر شعره أو لبده حلق، وأوجب الحلق عمر بن الخطاب وابنه عبد الله رضى الله عنهما، واليه ذهب الأئمة الثورى (ومالك وأحمد) واسحاق وأبو ثور وابن المنذر ونقله القاضى عياض عن جمهور العلماء (وذهبت الشافعية) الى أن من لبد راسه ولم ينذر حلقه لا يلزمه حلقه بل يجزئه التقصير كما لو لم يلبد (وبه قال ابن عباس وأبو حنيفة) "ويستحب لمن حلق" وقصر تقليم أظافره والأخذ من شاربه، لأن النبى صلى الله عليه وسلم فعله (قال ابن المنذر) ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حلق رأسه وقلم أظفاره وكان ابن عمر يأخذ من شاربه وأظفاره وكان عطاء وطاوس والشافعى يحبون لو أخذ من لحيته شيئا، ويستحب إذا حلق أن يبلغ العظم الذى عند مقطع الصدغ من الوجه، كان ابن عمر يقول للحالق

-[ما ورد في تقصير معاوية عن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى عمرة - وما يفعل من لا شعر برأسه]- .....

_ أبلغ العظمين. افصل الرأس من اللحية، وكان عطاء يقول من السنة إذا حلق رأسه أن يبلغ العظمين (قال ابن قدامة فى المغنى) والأصلع الذى لا شعر على رأسه يستحب أن يمر الموسى على رأسه، روى ذلك عن عمر؛ وبه قال مسروق وسعيد بن جبير والنخعى (ومالك والشافعي) وأبو ثور وأصحاب الرأى (قال ابن المنذر) أجمع كل من نحفظ عنه من أهل العلم أن الأصلع يمر الموسى على رأسه وليس ذلك واجبا (وقال أبو حنيفة) يجب لأن النبى صلى الله عليه وسلم قال "اذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم" لهذا لو كان ذا شعب وجب عليه ازالته وإمرار الموسى على رأسه، فإذا سقط أحدهما لتعذره وجب الآخر (قال ابن قدامة) ولنا أن الحلق محله الشعر فسقط بعدمه كما يسقط وجوب غسل العضو فى الوضوء بفقده، ولأنه إمرار لو فعله فى الأحرام لم يجب به دم، فلم يجب عند التحلل كأمراره على الشعر من غير حلق اهـ (فائدة) جاء فى أحاديث الباب أن معاوية رضى الله عنه قصر من رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم "وفى رواية" قال قصرت عن رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم عند المروة (قال النووي) رحمه الله هذا الحديث محمول على أنه قصر عن النبى صلى الله عليه وسلم فى عمرة الجعرانة، لأن النبى صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع كان قارنا، وثبت أنه صلى الله عليه وسلم حلق بمنى وفرق أبو طلحة رضى الله عنه شعره بين الناس. فلا يجوز حمل تقصير معاوية على حجة الوداع ولا يصح حمله أيضا على عمرة القضاء الواقعة سنة سبع من الهجرة، لأن معاوية لم يكن يومئذ مسلما إنما أسلم يوم الفتح سنة ثمان، هذا هو الصحيح المشهور، ولا يصح قول من حمله على حجة الوداع، وزعم أنه صلى الله عليه وسلم كان متمتعاً لأن هذا غلط فاحش، فقد تظاهرت الأحاديث الصحيحة السابقة فى مسلم وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم قيل له ما شأن الناس حلوا ولم تحل أنت، فقال إنى لبدت رأسى وقلدت هديى فلا أحل حتى أنحر الهدى "وفى رواية" حتى أحل من الحج والله أعلم اهـ (وقال الحافظ ابن القيم) فى الهدى الأحاديث الصحيحة المستفيضة تدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يحل من احرامه إلى يوم النحر كما أخبر عن نفسه بقوله فلا أحل حتى أنحر، وهو خبر لا يدخله الوهم بخلاف خبر غيره، ثم قال ولعل معاوية قصر عنه فى عمرة الجعرانة فنسى بعد ذلك وظن أنه كان فى حجته اهـ (وقال الحافظ) فى الفتح أخرج الحاكم فى الأكليل فى آخر قصة غزوة حنين أن الذى حلق رأسه صلى الله عليه وسلم فى عمرته التى اعتمرها فى الجعرانة أبو هند عبد بنى بياضة، فان ثبت هذا وثبت أن معاوية كان حينئذ معه أو كان بمكة فقصر عنه بالمروة أمكن الجمع بأن يكون معاوية قصر عنه أوَّلا وكان الحلاق غائبا فى بعض حاجته ثم حضر فأمره أن يكمل ازالة الشعر بالحلق لأنه أفضل ففعل، وان ثبت أن ذلك كان فى عمرة القضية وثبت أنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

-[الجمع بين حديثي ابن عمر وجابر بن عبد الله فى صلاة النبى صلى الله عليه وسلم الظهر بمكة ومنى]- (6) باب الإفاضة عن منى للطواف يوم النحر (وهو المسمى بطواف الأفاضة أو الزيارة وحكم من أمسى ولم يطف) (405) عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أفاض يوم النَّحر ثمَّ رجع فصلَّى الظُّهر بمنىً (406) عن ابن عبَّاسٍ وعائشة رضى الله عنهم قالا أفاض رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من منىً ليلاً (وعنهما رضي الله عنهما

_ حلق فيها جاء هذا الاحتمال بعينه وحصل التوفيق بين الأخبار كلها، وهذا مما فتح الله على به فى هذا الفتح، ولله الحمد ثم لله الحمد أبدا (405) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر - الحديث" (غريبه) (1) يعنى من منى إلى مكة لطواف الأفاضة، ويقال له أيضا طواف الزيارة وطواف الفرض والركن (قال النووي) وسماه بعض أصحابنا طواف الصدر وأنكره الجمهور، قالوا وإنما طواف الصدر طواف الوداع اهـ (وقوله ثم رجع) يعنى من مكة إلى منى بعد الطواف فصلى الظهر بمنى، وهذا يعارض ما ثبت عند مسلم من حديث جابر الطويل فى صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم حيث قال "ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر - الحديث" (قال النووي) رحمه الله ووجه الجمع بينهما أنه صلى الله عليه وسلم طاف للأفاضة قبل الزوال ثم صلى الظهر بمكة فى أول وقتها ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر مرة أخرى بأصحابه حين سألوه ذلك فيكون متنفلا بالظهر الثانية التى بمنى، وهذا كما ثبت فى الصحيحين فى صلاته صلى الله عليه وسلم ببطن نخل أحد أنواع صلاة الخوف فانه صلى الله عليه وسلم صلى بطائفة من أصحابه الصلاة بكمالها وسلم بهم ثم صلى بالطائفة الأخرى تلك الصلاة مرة أخرى فكانت له صلاتان ولهم صلاة اهـ. وذكر ابن المنذر نحوه (قال الشوكاني) ويمكن الجمع بأن يقال أنه صلى الله عليه وسلم صلى بمكة ثم رجع إلى منى فوجد أصحابه يصلون الظهر فدخل معهم متنفلا لأمره صلى الله عليه وسلم بذلك لمن وجد جماعة يصلون وقد صلى اهـ (تخريجه) (ق. هق. وغيرهم) (406) عن ابن عباس وعائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا نوح بن ميمون ثنا سفيان عن أبى الزبير عن ابن عباس وعائشة - الحديث" (غريبه) (2) هذا يعارض ما تقدم فى حديث ابن عمر من أنه صلى الله عليه وسلم أفاض نهارا وصلى الظهر بمنى

-[تأويل حديث ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم أخر طواف يوم النحر إلى الليل]- من طريقٍ ثانٍ) أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم زار البيت ليلاً (وعنهما من طريقٍ ثالثٍ) أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أخَّر طواف يوم النَّحر إلى اللَّيل (407) حدّثنا عبد الله حدَّثنى أبى ثنا محمَّد بن أبى عدىٍّ عن محمَّد بن إسحاق قال حدَّثنى أبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة عن أبيه وعن أمِّه زينب بنت أبى سلمة عن أمِّ سلمة رضى الله عنها يحدثانه ذلك جميعاً قالت، كانت ليلتى التى يصير إلى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم مساء يوم النَّحر قالت فصار إلي

_ وكذا ما جاء فى الطريق الثالثة من هذا الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر طواف يوم النحر الى الليل يعارض حديث ابن عمر أيضا، وأجاب عن ذلك النووى رحمه الله بأن قوله أخر طواف يوم النحر الى الليل، أى طواف نسائه، قال ولابد من هذا التأويل للجمع بين الأحاديث اهـ (قلت) وعلى هذا يحمل قوله فى الطريق الأولى أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى ليلا أى لأجل نسائه فقط ليكون معهن، وكذا قوله فى الطريق الثانية "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار البيت ليلا" أى لكونه كان مع نسائه فزار تطوعا بقصد الزيارة لا لطواف الأفاضة ثم رجع إلى منى فبات بها، لأنه ثبت بالأحاديث الصحيحة أنه صلى الله عليه وسلم أفاض نهارا والله أعلم (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن سفيان عن أبى الزبير عن عائشة وابن عباس - الحديث" (2) وفى رواية عند البيهقى وزار رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نسائه ليلا وهى تؤيد ما قلنا فى شرح الطريق الأولى (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن أبى الزبير عن عائشة وابن عباس - الحديث" (تخريجه) (د. مذ. هق) وقال الترمذى حديث حسن اهـ، وذكر البخارى الطريق الثالثة منه فى صحيحه تعليقا بصيغة الجزم فقال وقال أبو الزبير عن عائشة وابن عباس أخر النبى صلى الله عليه وسلم الطواف إلى الليل (قلت) أى طواف نسائه كما فسره النووى جمعا بين الأحاديث كما تقدم، قال البيهقى وقد سمع أبو الزبير بن عباس، وفى سماعه من عائشة نظر؛ قاله البخارى والله أعلم (407) حدّثنا عبد الله (غريبه) (4) يريد أن أم أبى عبيدة وأباه حدثاه جميعا عن أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم هذا الحديث (5) أى اتفق أن كانت ليلة نوبتى مساء يوم النحر أى مساء ليلة تلى يوم النحر وهى ليلة الحادى عشر من ذى الحجة، والمساء يطلق على ما بعد الزوال إلى أن يشتد الظلام، ولعل المراد به هنا أول الليل (وقولها فصار إلىَّ) أي دخل علي

-[ما ورد في أن من لم يطف يوم النحر حتى أمسى رجع محرما]- قالت فدخل علىَّ وهب بن زمعة ومعه رجلٌ من آل أبى أميَّة متقمِّصين قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوهبٍ هل أفضت بعد أبا عبد الله؟ قال لا والله يا رسول الله، قال انزع عنك القميص، قال فنزعه من رأسه ونزع صاحبه قميصه من رأسه، ثم قالوا ولم يا رسول الله؟ قال إنَّ هذا يوم رخَّص لكم إذا أنتم رميتم الجمرة أن تحلوُّا، يعنى من كلِّ ما حرمتم منه إلاَّ من النِّساء فإذا أنتم أمسيتم قبل أن تطوفوا بهذا البيت عدتم حرما كهيئتكم قبل أن ترموا الجمرة حتَّى تطوفوا به، قال محمدٌ قال أبو عبيدة وحدَّثتنى أمُّ قيسٍ ابنة محصنٍ وكانت جارةً لهم، قالت خرج من عندى عكاشة ابن محصنٍ فى نفر من بنى أسدٍ متقمِّصين عشيَّة يوم النَّحر، ثمَّ رجعوا إلي

_ رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذلك المساء (1) أى لابسى القميص (2) أى طفت طواف الأفاضة بعد رمى الجمار والحلاق (وقوله أبا عبد الله) يعنى يا أبا عبد الله. فهو منادى حذفت منه ياء النداء، وهو كنية وهب بن زمعة (3) أى من قبل رأسه (4) أى وهب وصاحبه، ويحتمل أنه كان معها أحد آخر لم يذكر فى الحديث أو أقامهما مقام الجماعة احتراما لهما (وفى رواية أبى داود) ثم قال يعنى وهبا. ولم يا رسول الله؟ أى لم أمرتنا بنزع القميص عنا؟ قال إن هذا يوم رخص لكم الخ الحديث. ومعنى ذلك أن هذا الترخيص لكم إنما هو بشرط أن تطوفوا طواف الأفاضة بعد رمى جمرة العقبة يوم النحر قبل أن تدخلوا فى مساء ذلك اليوم، وأما إذا فات هذا الشرط بأن أمسيتم يوم النحر قبل أن تطوفوا طواف الأفاضة فليس لكم هذا الترخيص وإن رميتم وذبحتم وحلقتم، بل ترجعون محرمين كما كنتم قبل الرمي، وهذا مخالف لما اتفق عليه جمهور العلماء وسيأتى الكلام عليه فى الأحكام (5) قوله "يعنى من كل ما حرمتم منه إلا من النساء" هذه الجملة من تفسير بعض الرواة، ومعناه من كل ما حرم عليكم فعله بسبب الأحرام والله أعلم (6) يعنى ابن اسحاق رحمه الله، وأبو عبيدة هو ابن عبد الله بن زمعة راوى الحديث الأول عن أبيه وأمه عن أم سلمة رضى الله عنها (7) صحابية مشهورة لها أحاديث وعكاشه أخوها، وهو من الصحابة السابقين الأولين شهد بدرا، ووقع ذكره فى السبعين ألفا الذين يدخلون الجنة بغير حساب حيث

-[ما ورد في أن من لم يطف يوم النحر حتى أمسى رجع محرما]- عشاءًا قمصهم على أيديهم يحملونها، قالت فقلت أى عكاشة مالكم خرجتم متقمصِّين ثمَّ رجعتم وقمصكم على أيديكم تحلمونها؟ فقال أخبرتنا أمُّ قيسٍ كان هذا يوماً قد رخَّص لنا فيه إذا نحن رمينا الجمرة حللنا من كلِّ ما حرمنا منه إلاَّ ما كان من النِّساء حتَّى نطوف بالبيت، فإذا أمسينا ولم نطف به صرنا حرما كهيئتنا قبل أن نرمى الجمرة حتَّى نطوف به ولم نطف فجعلنا قمصنا كما ترين

_ قال للنبي صلى الله عليه وسلم ادع الله أن يجعلنى منهم، قال أنت منهم، فقام آخر فقال سبقك بها عكاشة، رواه الشيخان والأمام أحمد، وقد ضرب بها المثل، يقال للسبق فى الأمر سبقك بها عكاشة (1) هكذا بالأصل "أخبرتنا أم قيس" وهذا لا معنى له، وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وعزاه للأمام أحمد وفيه "فقال خيرا يا أم قيس هذا يوم رخص لنا فيه - الحديث" وجاء كذلك فى رواية البيهقي، ومعناه مستقيم، والظاهر أن قوله فى حديث الباب أخبرتنا أم قيس وقع فيه تصحيف من الناسخ، والصواب خيرا يا أم قيس والله أعلم، ورواه الطحاوى عن أم قيس أيضا بلفظ "قالت دخل على عكاشة بن محصن وآخر فى منى مساء يوم الأضحى فنزعا ثيابهما وتركا الطيب فقلت مالكما، فقالا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا من لم يفض إلى البيت من عشية هذه فليدع الثياب والطيب" (تخريجه) أخرجه البيهقى بطوله، وأخرج الشطر الأول منه (د. هق. ك) وسنده جيد وسكت عنه، الحاكم وأقره الذهبي، وأخرج الشطر الثانى منه من قوله "قال محمد قال أبو عبيدة إلى آخر - الحديث" الطحاوي، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير ورجال أحمد ثقات (زوائد الباب) (عن عبد الله بن القاسم) عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم أذن لأصحابه فزاروا البيت ظهيرة وزار رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نسائه ليلا (وعنه أيضا) عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها قالت أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم من آخر يوم حين صلى الظهر ثم رجع إلى منى (وعن أبى سلمة) عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفضنا يوم النحر (وعن طاوس) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طاف طواف يوم النحر من الليل (وعن مسعر) عن جابر عن مجاهد مثله، أورد هذه الأحاديث البيهقى ثم قال وإلى هذا ذهب عروة بن الزبير أن النبى صلى الله عليه وسلم طاف على ناقته ليلا، قال وأصح هذه الروايات حديث نافع عن ابن عمر، وحديث جابر، وحديث أبى سلمة عن عائشة، والله أعلم اهـ (قلت) حديث نافع عن ابن عمر

-[إجماع العلماء على أن طواف الأفاضة ركن واختلافهم فى وقته]- .....

_ هو المذكور أول أحاديث الباب، وحديث جابر يعنى الطويل الذى رواه مسلم فى صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم، وتقدم المقصود منه فى شرح حديث ابن عمر، وحديث أبى سلمة عن عائشة تقدم فى الزوائد، وهى تدل على أنه صلى الله عليه وسلم طاف طواف الأفاضة يوم النحر نهارا قبل الزوال والله أعلم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الحاج إذا رمى جمرة العقبة يوم النحر ونحر هديه وحلق رأسه أو قصر أفاض من منى إلى مكة لطواف الأفاضة وهو ركن للحج لا يتم إلا به ولا نعلم فيه خلافا، ولأن الله عز وجل قال "وليطوَّفوا بالبيت العتيق" (قال ابن عبد البر) هو من فرائض الحج لا خلاف فى ذلك بين العلماء، وفيه عند جميعهم قال الله تعالى "وليطوَّفوا بالبيت العتيق" (وعن عائشة) رضى الله عنها قالت حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأفضنا يوم النحر فحاضت صفية فأراد النبى صلى الله عليه وسلم منها ما يريد الرجل من أهله، فقلت يا رسول الله إنها حائض، قال أحابستنا هي؟ قالوا يا رسول الله انها قد أفاضت يوم النحر. قال اخرجوا، رواه الشيخان، وفى رواية للأمام أحمد وستأتى فى باب حكم من حاضت بعد طواف الأفاضة عن عائشة رضى الله عنها قالت "حاضت صفية بعد ما أفاضت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحابستنا هي؟ قلت حاضت بعدما أفاضت، قال فلتنفر إذا أو قال فلا إذا" فدل على أن هذا الطواف لابد منه وأنه حابس لمن لم يأت به، ولأن الحج أحد النسكين فكان الطواف ركنا كالعمرة (ولهذا الطواف وقتان) وقت فضيلة ووقت إجزاء (فأما وقت الفضيلة) فيوم النحر بعد الرمى والنحر والحلق وقبل الزوال (واليه ذهب الجمهور) لحديث جابر عند مسلم فى صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم يوم النحر "فأفاض إلى البيت فصلى بمكة الظهر" وفى حديث عائشة الذى ذكرت فيه حيض صفية قالت "فأفضنا يوم النحر" وفى حديث ابن عمر المذكور أول أحاديث الباب "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفاض يوم النحر ثم رجع فصلى الظهر بمنى" وتقدم الجمع بينه وبين حديث جابر فى الشرح أول الباب، فان أخره إلى الليل فلا بأس كما يستفاد من حديث ابن عباس وعائشة الثانى من أحاديث الباب، رواه أبو داود والترمذى وقال حديث حسن (وأما وقت الجواز) ففيه خلاف بين العلماء (فذهب الأمام أبو حنيفة) إلى أن أول وقته طلوع الفجر الثانى من ليلة النحر، وآخره ثانى أيام التشريق فان أخره إلى اليوم الثالث لزمه دم (وذهب جمهور العلماء) إلى أن أول وقته من النصف الثانى ليلة النحر ولا آخر له، بل يبقى ما دام حيا ولا يلزمه بتأخيره دم (قال ابن المنذر) ولا أعلم خلافا بينهم فى أن من أخره وفعله فى أيام التشريق أجزأه ولا دم، فان أخره عن أيام التشريق فقد قال جمهور العلماء لا دم عليه، ممن قال ذلك عطاء وعمرو بن دينار وابن عيينة وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد وابن المنذر (والشافعى وأحمد) وهو رواية عن

-[كلام العلماء فى حديثى أم سلمة وعكاشة بن محصن وأنهما منسوخان والعمل على غيرهما]- .....

_ مالك (وقال الأمام أبو حنيفة) إن رجع الى وطنه قبل الطواف لزمه العود للطواف فيطوف وعليه دم للتأخير، وهو الرواية المشهورة (عن الأمام مالك) احتج الجمهور بأن الأصل عدم الدم حتى يرد الشرع به والله أعلم (وذهب جماعة) منهم طاوس ومجاهد وعروة إلى أنه صلى الله عليه وسلم لم يطف فى ذلك اليوم، وإنما أخره إلى الليل عملا بظهر حديث الباب المروى عن ابن عباس وعائشة، وهو الثانى من أحاديث الباب، وأجاب عنه الجمهور بأنه ليس على ظاهره، وتقدم ما قاله النووى فى تأويله، أو يحمل على ما رواه ابن حبان أنه صلى الله عليه وسلم رمى جمرة العقبة ونحر ثم تطيب للزيارة ثم أفاض وطاف بالبيت طواف الزيارة ثم رجع إلى منى فصلى الظهر بها والعصر والمغرب والعشاء ورقد رقدة بها، ثم ركب إلى البيت ثانيا وطاف به طوافا آخر بالليل (وروى البيهقي) أنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يزور البيت كل ليلة من ليالى منى (وفى حديث أم سلمة وعكاشة بن محصن) المذكورين آخر الباب دلالة على أن من تحلل التحلل الأول برمى جمرة العقبة والذبح والحلق أو التقصير ولم يطف طواف الأفاضة يوم النحر حتى أمسى رجع حراما كما كان قبل رمى الجمرة، وهو مخالف لما تقدم فى الباب السابق عن عائشة وابن عباس وغيرهما فى الزوائد من أن المحرم إذا رمى جمرة العقبة ثم ذبح وحلق حل له كل شيء إلا النساء، وقد استشكله النووى لمخالفته للأحاديث المذكورة مع قوله بأن اسناده صحيح، قال والجمهور على الاحتجاج بمحمد بن اسحاق إذا قال حدثنا وان عابوا عليه التدليس. والمدلس اذا قال حدثنا احتج به (قلت وقد قال محمد بن اسحاق فى هذا الحديث حدثنى ابو عبيدة الخ) قال النووى واذ ثبت أن الحديث صحيح فقد قال البيهقى لا أعلم احدا من الفقهاء قال به، هذا كلام البيهقى (قال النووي) قلت فيكون الحديث منسوخاً دلَّ الأجماع على نسخه فان الاجماع لا ينسخ ولا يُنسخ، لكنى دل على ناسخ والله أعلم اهـ ج. قال صاحب فتح الودود، شرح سنن أبى داود، ولعل من لا يقول به يحمله على التغليظ والتشديد فى تأخير الطواف عن يوم النحر والتأكيد فى اتيانه يوم النحر، وظاهر الحديث يأبى هذا الحمل والله أعلم اهـ، وأفضل أوقات طواف الأفاضة قبل الزوال من يوم النحر بعد فراغه من الأعمال الثلاثة، وهى الرمى والذبح والحلق كما يستفاد ذلك من حديث ابن عمر (قال النووي) فى شرح المهذب (قال أصحابنا) ويستحب أن يعود إلى منى قبل صلاة الظهر فيصلى الظهر بمنى (قال أصحابنا) ويكره تأخير الطواف عن يوم النحر وتأخيره عن أيام التشريق أشد كراهة وخروجه من مكة بلا طواف أشد كراهة، ومن لم يطف لا يحل له النساء وإن مضت عليه سنون (قال أصحابنا) ولو طاف للوداع ولم يكن طاف الأفاضة وقع عن طواف الأفاضة وأجزأه؛ قال فاذا طاف، فان لم يكن سعى بعد طواف القدوم لزمه السعى بعد طواف الإفاضة ولا يزال

-[استحباب الشرب من ماء زمزم والوضوء منه عقب طواف الأفاضة وما ورد فى فضله]- (7) باب جواز تقديم النحر والحلق والرمى والأفاضة بعضها على بعض (408) عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما أنَّ النَّبى صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم سأله رجلٌ فى حجَّة الوداع، فقال يا رسول الله حلقت قبل أن أذبح، قال فأومأ بيده وقال لا حرج، وقال رجلٌ يا رسول الله ذبحت

_ محرما حتى يسعى ولا يحصل التحلل الثانى بدونه، وإن كان سعى بعد طواف القدوم لم يعده بل تكره إعادته والله أعلم اهـ، فاذا فرغ من طواف الأفاضة حل له كل شيء، النساء وغيرهن (ويستحب) أن يشرب من ماء زمزم عقب طواف الأفاضة لما أحب، ويتضلع منه ويتوضأ منه أيضا لما ثبات فى حديث على رضى الله عنه، وتقدم بطوله فى باب صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم صحيفة 84 رقم 65 قال "ثم أفاض رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بسجل من ماء زمزم فشرب منه وتوضأ، ثم قال انزعوا يا بنى عبد المطلب فلولا أن تغلبوا عليها لنزعت - الحديث" وقد ورد فى فضل ماء زمزم أحاديث ستأتى جميعها فى أبواب فضل مكة من كتاب الفضائل إن شاء الله تعالى (منها) ما رواه جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماء زمزم لما شرب له (هق) (وعن أبى ذر) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها مباركة وإنها طعام طعم (يعنى زمزم) وهذا طرف من حديث طويل سيأتى فى مناقب أبى ذر من كتاب المناقب رواه أيضا (م. هق) (وعن محمد بن عبد الرحمن بن أبى بكر) قال كنت عند ابن عباس جالسا فجاء رجل فقال من أين جئت؟ قال من زمزم، قال فشربت منها كما ينبغي؟ قال فكيف؟ قال إذا شربت منها فاستقبل الكعبة واذكر اسم الله وتنفس ثلاثا من زمزم وتضلع منها، فاذا فرغت فاحمد الله تعالى فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال آية ما بيننا وبين المنافقين أنهم لا يتضلعون من زمزم (هق. جه) (قال ابن قدامة) فى المغنى ويقول عند الشرب، بسم الله اللهم اجعله لنا علما نافعا، ورزقا واسعاً، وريا وشبعا، وشفاء من كل داء، واغسل به قلبي، واملأه من حكمتك اهـ (408) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبا ثنا عفان ثنا وهيب ثنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (1) أى أشار بيده وقال لا حرج أى لا إثم ولا فدية (وفى لفظ للبخاري) رميت بعد ما أمسيت، فقال افعل ولا حرج؛ وهى تدل على أن هذه القصة كانت بعد الزوال لأن المساء إنما يطلق على ما بعد الزوال، وكأن السائل علم أن السنة للحاج أن يرمى جمرة العقبة أول ما يقدم ضحى

-[جواز تقديم أو تأخير الرمى والنحر والحلق والأفاضة بعضها على بعض]- قبل أن أرمي، قال فأومأ بيده وقال لا حرج، قال فما سئل يومئذٍ عن شيءٍ من التَّقديم والتَّأخير إلاَّ أومأ بيده وقال لا حرج (وعنه من طريقٍ ثانٍ) عن النَّبى صلى الله عليه وسلم سئل عن الذَّبح والرَّمى والحلق والتَّقديم والتَّأخير فقال لا حرج (وعنه من طريقٍ ثالثٍ) عن النَّبى صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم سئل عمَّن قدَّم من نسكه شيئاً قبل شيءٍ فجعل يقول لا حرج (409) "ز" عن على رضى الله عنه قال أتى النَّبى صلى الله عليه وسلم رجل فقال إنِّى رميت الجمرة وأفضت ولبست ولم أحلق، قال فلا حرج فاحلق، ثمَّ أتاه رجلٌ آخر فقال إنِّى رميت وحلقت ولبست ولم أنحر، فقال لا حرج فانحر (410) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واقفاً على راحلته بمنىً قال فأتاه رجلٌ فقال يا رسول الله إنِّى كنت أرى أنَّ الحلق قبل الذَّبح، فحلقت قبل أن أذبح، فقال اذبح

_ فلما أخرها إلى بعد الزوال سأل عن ذلك، وفيه دلالة على أن من رمى بعد دخول وقت المساء وهو الزوال صح رميه ولا حرج عليه فى ذلك (1) أى من تأخير بعض هذه الثلاثة على بعض أو تقديمه الا أومأ بيده وقال لا حرج (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن اسحاق أنا وهيب أنا ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس - الحديث" (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم - الحديث" (4) يعنى الرمى والنحر والحلق والأفاضة (تخريجه) (ق. د. نس. جه) (409) "ز" عن على رضى الله عنه، هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الجزء الحادى عشر صحيفة 84 رقم 65 فارجع اليه ان شئت (410) عن عبد الله بن عمرو (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد ابن جعفر ثنا معمر أنا ابن شهاب وعبد الرزاق قال أنا معمر عن ابن شهاب عن عيسى ابن طلحة عن عبد الله بن عمرو بن العاص - الحديث" (غريبه) (5) زاد فى رواية عند الجمرة (6) بضم الهمزة أى أظن كما صرح بذلك عبد الرزاق في روايته الآتية (وفي

-[جواز تقديم أو تأخير الرمى والنحر والحلق والأفاضة بعضها على بعض]- ولا حرج، قال ثم جاءه آخر فقال يا رسول الله إنِّى كنت أرى أنَّ الذَّبح قبل الرَّمى فذبحت قبل أن أرمي، قال فارم ولا حرج، قال فما سئل عن شيءٍ قدَّمه رجل قبل شيءٍ إلاَّ قال افعل ولا حرج، قال عبد الرَّزاق وجاءه آخر فقال يا رسول الله إنى كنت أظنُّ أنَّ الحلق قبل الرَّمى فحلقت قبل أن أرمي، قال ارم ولا حرج (411) عن جابر (بن عبد الله رضى الله عنهما) أنه قال نحر

_ رواية) لمسلم "لم أكن أشعر أن الرمى قبل النحر فنحرت قبل الرمي" (1) هذا يدل على أن السؤال وقع من جماعة كما فى حديث أسامة بن شريك عند الطحاوى وغيره "كان الأعراب يسألونه" ولفظ حديثه عند أبى داود قال "خرجت مع النبى صلى الله عليه وسلم حاجا فكان الناس يأتونه، فمن قائل يا رسول الله سعيت قبل أن أطوف أو قدمت شيئا فكان يقول لا حرج لا حرج، وقد تكرر هذا اللفظ وهو قوله "فأتاه رجل آخر" فى حديث على المذكور قبل هذا، وحديث جابر الآتى بعده، وتعليق سؤال بعضهم بعدم الشعور لا يستلزم سؤال غيره حتى يقال انه يختص الحكم بحالة عدم الشعور ولا يجوز اطراحها بالحاق العمد بها، ولهذا يعلم أن التعويل فى التخصيص على وصف عدم الشعور المذكور فى سؤال بعض السائلين غير مفيد للمطلوب، نعم اخبار ابن عمرو عن أعم العام وهو قوله "فما سئل عن شيء الخ" مخصص باخباره مرة أخرى عن أخص منه مطلقا، وهو قوله فى رواية عند مسلم "فما سمعته يومئذ يسأل عن أمر مما ينسى المرء أو يجهل من تقديم بعض الأمور قبل بعض وأشباهها الا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم افعلوا ولا حرج" ولكن عند من جوز التخصيص بمثل هذا المفهوم (2) أى فى روايته، قوله "وجاءه آخر فقال يا رسول الله انى كنت أظن الخ" (تخريجه) (ق. وغيرهما) وللأمام أحمد طريق أخرى عن سفيان عن الزهرى عن عيسى بن طلحة عن عبد الله بن عمرو ابن العاص قال قال رجل يا رسول الله حلقت قبل أن أرمي، قال ارم ولا حرج، وقال مرة قبل أن أذبح، فقال اذبح ولا حرج، قال ذبحت قبل أن أرمي، قال ارم ولا حرج رواه الشيخان أيضا (411) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان

-[مذاهب العلماء فى حكم من قدَّم شيئاً من مناسك يوم النحر على شيء أو أخره]- رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق وجلس للنَّاس فما سئل عن شيءٍ إلا قال لا حرج لا حرج. حتَّى جاء رجلٌ فقال حلقت قبل أن أنحر، قال لا حرج، ثمَّ جاء آخر فقال يا رسول الله حلقت قبل أن أرمي، قال لا حرج، قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم عرفة كلُّها موقف والمزدلفة كلُّها موقف، ومنىً كلها منحر، وكلُّ فجاج مكَّة طريق ومنحر

_ ابن عمر ثنا أسامة عن عطاء عن جابر - الحديث" (غريبه) (1) ظاهره أن هذا كان بمنى بعد الذبح والحلق قبل ذهابه صلى الله عليه وسلم إلى مكة لطواف الأفاضة، وظاهر قول السائل فى رواية ابن عباس عند البخارى "رميت بعد ما أمسيت" أن هذه القصة كانت بعد الزوال بعد مجيئه صلى الله عليه وسلم من مكة وصلاة الظهر، ولا مانع من أن ذلك كان فى موطنين أحدهما قبل الزوال. والثانى بعده والله أعلم (2) تقدم شرح هذه الجملة وما بعدها فى غير موضع (تخريجه) (هق) وابن جرير وفيه أسامة بن زيد بن أسلم العدوى سيء الحفظ (زوائد الباب) (عن سعيد بن أبى عروبة) عن مقاتل أنهم سألوا أنس بن مالك عن قوم حلقوا من قبل أن يذبحوا، قال أخطأتم السنة ولا شيء عليكم (هق) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز تقديم بعض الأمور المذكورة فيها على بعض، وقد أجمع العلماء على أنها مرتبة كالآتي، أولها رمى جمرة العقبة. ثم نحر الهدى أو ذبحه. ثم الحلق أو التقصير. ثم طواف الأفاضة، ولهم فيمن خالف هذا الترتيب أقوال ومذاهب (فذهب جمهورهم) من الفقهاء والمحدثين إلى الجواز وعدم وجوب الدم سواء فى ذلك العامد والناسى والجاهل، وهو قول عطاء وطاوس ومجاهد والشافعى واسحاق، قالوا لأن قوله صلى الله عليه وسلم "لا حرج" يقتضى رفع الأثم والفدية معا، ومعناه افعل ما بقى عليك وقد اجزأك ما فعلته ولا حرج عليك فى التقديم والتأخير، والمراد بنفى الحرج نفى الضيق، وايجاب أحدهما فيه ضيق. وأيضا لو كان الدم واجبا لبينه لأن تأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز، ولم يفرق النبى صلى الله عليه وسلم بين عالم وجاهل وناس (وذهب أبو حنيفة والنخعى وابن الماجشون) إلى وجوب الدم على من حلق قبل أن يذبح (قال أبو حنيفة) ان كان قارنا فدمان، وقال زفر إن كان قارنا فعليه ثلاثة دماء، دم للقران، ودمان لتقدم الحلاق، وقال أبو يوسف ومحمد لا شيء عليه واحتجا بقوله صلى الله عليه وسلم لا حرج (قال النووي) فى شرح المهذب (وقال مالك) إذا قدمه

-[عن جابر رضي الله عنه فى خطبة النبى صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمنى]- (8) باب ما جاء فى الخطبة يوم النحر بمنى (412) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النَّحر فقال أى يومٍ أعظم حرمةً؟ فقالوا يومنا هذا، قال فأى شهرٍ أعظم حرمة؟ قالوا شهرنا هذا قال أى بلدٍ أعظم حرمةً؟ قالوا بلدنا هذا قال فإنَّ دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا

_ يعني الحلق على الذبح فلا شيء عليه، وان قدمه على الرمى لزمه الدم (وقال أحمد) ان قدمه على الذبح أو الرمى جاهلا أو ناسيا فلا دم، وان تعمد ففى وجوب الدم روايتان عنه (وعن مالك) روايتان فيمن قدم طواف الأفاضة على الرمى (احداهما) يجزئه الطواف وعليه دم (والثانية) لا يجزئه، وقال سعيد بن جبير والحسن البصرى والنخعى وقتادة ورواية ضعيفة عن ابن عباس عليه الدم متى قدم شيئا على شيء من هذه اهـ (قلت) قال القرطبى لم يثبت عن ابن عباس إن قدم شيئا على شيء فعليه دم اهـ (وقال الحافظ) إن نسبة ذلك إلى النخعى وأصحاب الرأى فيها نظر، وقال انهم لا يقولون بذلك الا فى بعض المواضع اهـ والمراد بأصحاب الرأى فى قول الحافظ، هم الأمام أبو حنيفة وأصحابه، وقد قدمت ما ذهبوا اليه مفصلا محققا والحمد لله على التوفيق (412) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عبيد ثنا الأعمش عن أبى صالح عن جابر - الحديث" (غريبه) (1) أى يحرم فيه القتال أكثر من سائر الأيام، وكذا يقال فى الشهر والبلد "فقالوا يومنا هذا" يعنى اليوم العاشر من ذى الحجة (2) يعنى شهر ذى الحجة (3) أى مكة لوجود الكعبة بها وهى بيت الله قال تعالى "إن أول بيت وضع للناس للذى ببكة مباركا وهدى للعالمين" قيل وليست الحرمة خاصة بعين اليوم والبلد والشهر، وإنما المراد ما يقع فيه من القتال (قال البيضاوي) يريد بذلك تذكارهم تقريرها فى نفوسهم ليبنى عليها ما أراد تقريره حيث قال "فان دماءكم وأموالكم عليكم حرام الخ" (4) زاد فى حديث ابن عباس الآتى بعد هذا "وأعراضكم" والعرض بكسر العين موضع المدح والذم من الأنسان سواء أكان فى نفسه أم فى سلفه قال صاحب النهاية (5) المعنى أن انتهاك دمائكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام؛ وهذا أولى من قول من قال، فإن سفك دمائكم وأخذ أموالكم وثلب أعراضكم؛ لأن ذلك إنما

-[حديث ابن عباس رضى الله عنهما فى خطبة النبى صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمنى]- في بلدكم هذا فى شهركم هذا هل بلَّغت؟ قالوا نعم. قال اللَّهمَّ اشهد (413) عن عكرمة عن ابن عبَّاسٍ رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجَّة الوداع يا أيُّها النَّاس أى يومٍ هذا؟ قالوا هذا يومٌ حرامٌ قال أى بلدٍ هذا؟ قالوا بلدٌ حرام، قال فأى شهرٍ هذا؟ قالوا شهرٌ حرامٌ، قال إنَّ أموالكم ودماءكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا فى بلدكم هذا فى شهركم هذا، ثمَّ أعادها مراراً ثم رفع رأسه إلى السَّماء فقال اللَّهمَّ هل

_ يحرم إذا كان بغير حق فلابد من التصريح به فلفظ انتهاك أولى. لأن موضوعها لتناول الشيء بغير حق (1) إنما شبهها فى الحرمة بهذه الأشياء لأنهم كانوا لا يرون استباحتها وانتهاك حرمتها بحال (وقال ابن المنير) قد استقر فى القواعد أن الأحكام لا تتعلق إلا بأفعال المكلفين، فمعنى تحريم اليوم والبلد والشهر تحريم أفعال الاعتداء فيها على النفس والمال والعرض؛ فما معنى إذا تشبيه الشيء بنفسه؟ (وأجاب) بأن المراد أن هذه الأفعال فى غير هذا البلد. وهذا الشهر: وهذا اليوم مغلظة الحرمة عظيمة عند الله فلا يستسهل المعتدى كونه تعدى فى غير البلد الحرام والشهر الحرام، بل ينبغى له أن يخاف خوف من فعل ذلك فى البلد الحرام، وإن كان فعل العدوان فى البلد الحرام أغلظ فلا ينفى كون ذلك فى غيره غليظا أيضا، وتفاوت ما بينهما فى الغلظ لا ينفع المعتدى فى غير البلد الحرام، فان فرضناه تعدى فى البلد الحرام فلا يستسهل حرمة البلد. بل ينبغى أن يعتقد أن فعله أقبح الأفعال وأن عقوبته بحسب ذلك فيراعى الحالتين "وقوله صلى الله عليه وسلم هل بلغت" يعنى ما أمرتنى به يا الله، وإنما قال ذلك لأنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان التبليغ فرضا عليه، فأشهد الله تعالى على أداء ما أوجب عليه (2) أى أنى أديت ما أوجبته على من التبليغ (تخريجه) (عل) ورجاله رجال الصحيح (413) عن عكرمة عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير ثنا فضيل يعنى ابن غزوان عن عكرمة عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (3) لفظ البخارى حدثنا عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال يا أيها الناس - الحديث، فبينت هذه الرواية أن هذه الخطبة كانت يوم النحر (4) يعنى أعاد الألفاظ المتقدم ذكرها مراراً وأقله ثلاث مرات. وهي عادته صلى الله عليه وسلم

-[حديث عبد الرحمن بن معاذ فى خطبة النبى صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمنى]- بلَّغت مراراً قال يقول ابن عبَّاس والله إنَّها لوصيَّة إلى ربِّه عزَّ وجلَّ، ثمَّ قال ألا فليبلِّغ الشَّاهد الغائب، لا ترجعوا بعدى كفَّاراً يضرب بعضكم رقاب بعضٍ (414) عن عبد الرحمن بن معاذ عن رجل من أصحاب النَّبى صلى الله عليه وسلم قال خطب النَّبى صلى الله عليه وسلم النَّاس بمنىً ونزَّلهم منازلهم، وقال لينزل المهاجرون

_ (1) ثبت في رواية البخارى "اللهم هل بلغت اللهم هل بلغت" مرتين. أى بلغت ما أمرتنى به كما تقدم (2) كذا فى الأصل "إنها لوصية إلى ربه" وجاء فى البخارى بلفظ "انها لوصيته إلى أمته" بضمير يعود على النبى صلى الله عليه وسلم واللام مفتوحة فى الروايتين وهى للتأكيد (3) أى الحاضر ذلك المجلس يبلغ الغائب، وقول ابن عباس معترض بين قوله صلى الله عليه وسلم "هل بلغت" وبين قوله فليبلغ الشاهد الغائب (4) أى بعد فراقى من موقفى هذا أو بعد موتى وهو الأظهر، وفيه استعمال رجع كصار معنى وعملا (قال ابن مالك) وهو مما خفى على أكثر النحويين، أى لا تصيروا بعدى "كفارا" أى كالكفار أو لا يكفر بعضكم بعضا فتستحلوا القتال، أو لا تكن أفعالكم شبيهة بأفعال الكفار (وقوله يضرب) برفع الباء من يضرب على أنها جملة مستأنفة مبينة لقوله لا ترجعوا بعدى كفارا، ويجوز الجزم. قال أبو البقاء على تقدير شرط مضمر أى إن ترجعوا بعدي. والله أعلم (تخريجه) (خ. مذ. هق) (414) عن عبد الرحمن بن معاذ (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن حميد الأعرج عن محمد بن إبراهيم التيمى عن عبد الرحمن بن معاذ - الحديث" (غريبه) (5) هكذا بالأصل (عن عبد الرحمن بن معاذ عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم) وترجم له فى المسند بهذه العبارة (حديث رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم) ثم ذكره بهذا الأسناد، ثم عقبه بترجمة أخرى فقال (حديث عبد الرحمن بن معاذ وكان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم) ثم قال حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد قال حدثنى أبى قال ثنا حميد بن قيس عن محمد بن إبراهيم التيمى عن عبد الرحمن بن معاذ التيمى قال وكان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم، قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث. فثبت بهذا أن عبد الرحمن بن معاذ من الصحابة، وأنه روى هذا الحديث بدون واسطة بينه وبين النبى صلى الله عليه وسلم، ورواه النسائى كذلك بدون واسطة. ولابى داود روايتان كما هنا إحداهما بواسطة والأخرى من غير واسطة. والظاهر والله أعلم أن عبد الرحمن رواه مرتين. مرة بواسطة. ومرة بغير واسطة، ويحتمل أنه أراد عدم التصريح باسم نفسه لأمر ما. فقال عن رجل عن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يعنى نفسه والله أعلم (6) من التنزيل أي أجلس كل

-[حديث الهرماس بن زياد فى خطبة النبى صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمنى]- هاهنا وأشار إلى ميمنة القبلة، والأنصار هاهنا وأشار إلى ميسرة القبلة، ثمَّ لينزل النَّاس حولهم، قال وعلَّمهم مناسكهم ففتحت أسماع أهل منى حتَّى سمعوه فى منازلهم قال فسمعته يقول ارموا بمثل حصى الخذف (415) عن الهرماس بن زياد الباهلىِّ رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وأبى مردفى خلفه على حمار وأنا صغير فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بمنىً على ناقته العضباء (وعنه من

_ إنسان بالمكان اللائق به (1) فى رواية أخرى لأبى داود "ثم أمر المهاجرين فنزلوا فى مقدم المسجد" أى مسجد الخيف" ولعل المراد بالمقدم الجهة "وأمر الأنصار فنزلوا من وراء المسجد ثم نزل الناس بعد ذلك" فالمراد بقوله وأشار إلى ميمنة القبلة أى إلى مقدم مسجد منى "وأشار إلى ميسرة القبلة" أى إلى وراء مسجد منى كما يستفاد من الرواية الثانية لأبى داود (وقوله ثم لينزل الناس حولهم) أى جول المهاجرين والأنصار (2) فيه رد على من يقول ان هذه الخطبة لم يذكر فيها شيء من أعمال الحج (وقوله ففتحت أسماعنا) بضم الفاء الثانية وكسر الفوقية بعدها. أى اتسع سمع أسماعنا وقوى، من قولهم قارورة فتح بضم الفاء والتاء أى واسعة الرأس (قال الكسائي) ليس لها صمام ولا غلاف، وهكذا صارت أسماعهم لما سمعوا صوت النبى صلى الله عليه وسلم، وهذا من بركات صوته اذا سمعه المؤمن قوى سمعه واتسع مسلكه حتى صار يسمع الصوت من الأماكن البعيدة ويسمع الاصوات الخفية (3) ظاهره أنهم لم يذهبوا لسماع الخطبة بل وقفوا فى رحالهم وهم يسمعونها وليس كذلك. بل المراد أن كل من فى منى سمع الخطبة حتى من كان فى بيته لحاجة أو عذر منعه من الحضور لاستماعها، وهو اللائق بحال الصحابة رضى الله عنهم (تخريجه) (د. نس) وسكت عنه أبو داود والمنذرى ورجال اسناده ثقات (415) عن الهرماس بن زياد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز ثنا عكرمة بن عمار ثنا الهرماس بن زياد - الحديث (غريبه) (4) أى يوم النحر كما صرح بذلك فى الطريق الثانية (5) العضباء هى مقطوعة الأذن (قال الأصمعي) كل قطع فى الأذن جدع، فان جاوز الربع فهى عضباء (وقال أبو عبيد) إن العضباء التى قطع نصف أذنها فما فوق، وقال الخليل هى مشقوقة الأذن. قال الحربى الحديث يدل على أن

-[الدليل على أن المراد بيوم الحج الأكبر يوم النحر]- طريقٍ ثانٍ) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يوم النحر بمنىً (416) عن مرَّة الطَّيِّب قال حدَّثنى رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فى غرفتى هذه حسبت قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النَّحر على ناقةٍ له حمراء مخضرمة فقال هذا يوم النَّحر وهذا يوم الحجِّ الأكبر

_ العضباء اسم لها، وان كانت عضباء الأذن فقد جعل اسمها هذا (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن عكرمة بن عمارة قال حدثنى الهرماس ابن زياد الباهلى قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (تخريجه) (د. نس) وسكت عنه أبو داود والمنذرى ورجال اسناده ثقات، قال النووى إسناده صحيح على شرط مسلم (416) عن مرة الطيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع قال ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن مرة الطيب - الحديث" (غريبه) (2) هو ابن شراحيل الهمدانى بسكون الميم أبو اسماعيل الكوفى ثقة عابد، ويقال له أيضا مرة الخير وهو من رجال الكتب السنة أيضا، قال الحارث الغنوى سجد حتى أكل التراب جبهته، قال ابن سعد توفى بعد الجماجم (وفى التهذيب) توفى سنة ست وسبعين من الهجرة (3) أى ظننت (4) هى التى قطع طرف أذنها. وأصل الخضرمة أن يجعل الشيء بين بين، فاذا قطع بعض الأذن فهى بين الوافرة والناقصة، وقيل هى المنتوجة بين النجائب والعكاظيات. ومنه قيل لكل من أدرك الجاهلية والأسلام مخضرم لأنه أدرك الخضرميتن (نه) وقد جاء فى رواية الهرماس المتقدمة أنها العضباء. وفى بعض الروايات القصواء. وفى بعضها الجدعاء وفى بعضها الصلماء. فيحتمل أن يكون الجميع صفة ناقة واحدة. فسماها كل واحد منهم مما تخيل فيها. ويؤيد ذلك ما روى فى حديث علىّ حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم يبلغ أهل مكة سورة براءة. فرواه ابن عباس أنه ركب ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم القصواء. وفى رواية جابر العضباء. وفى رواية غيرهما الجدعاء. فهذا يصرح بأن الثلاثة صفة ناقة واحدة والله أعلم (5) إنما قيل الحج الأكبر للاحتراز من الحج الأصغر وهو العمرة (وفى رواية للبخاري) من حديث أبى هريرة ويوم الحج الأكبر يوم النحر. وإنما قيل الأكبر من أجل قول الناس الحج الأصغر. وذكر البخارى ومسلم أن حميد بن عبد الرحمن كان يقول يوم النحر يوم الحج الأكبر من أجل حديث أبى هريرة. وسيأتى كلام العلماء على ذلك فى الأحكام (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد (زوائد الباب) (عن

-[زوائد الباب فى جواز تقديم بعض المناسك على بعض - وفى وقت الخطبة يوم النحر]- .....

_ ابن عمر رضي الله عنهما) قال قال النبى صلى الله عليه وسلم بمنى أتدرون أى يوم هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم. فقال فان هذا يوم حرام، أفتدرون أى بلد هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال بلد حرام، أفتدرون أى شهر هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم. قال شهر حرام، قال فان الله حرم عليكم دماءكم وأموالكم وأعراضكم كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا (ق. د. نس جه) (وعن عيسى بن طلحة) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما حدثه أنه شهد النبى صلى الله عليه وسلم يخطب يوم النحر فقام اليه رجل فقال كنت أحسب أن كذا قبل كذا ثم قام آخر فقال كنت أحسب أن كذا قبل كذا، حلقت قبل أن أنحر. نحرت قبل أن أرمي. وأشباه ذلك، فقال النبى صلى الله عليه وسلم افعل ولا حرج لهن كلهن، فما سئل يومئذ عن شيء إلا قال افعل ولا حرج (ق. والأربعة) (وعن ابن عمر رضى الله عنهما) وقف النبى صلى الله عليه وسلم يوم النحر بين الجمرات فى الحجة التى حج بهذا وقال هذا يوم الحج الأكبر فطفق النبى صلى الله عليه وسلم يقول اللهم اشهد وودع الناس، فقالوا هذه حجة الوداع (خ. د. جه. طب) (وعن حميد بن عبد الرحمن) أن أبا هريرة قال بعثنى أبو بكر فيمن يؤذن يوم النحر بمنى أن لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان ويوم الحج الأكبر يوم النحر والحج الأكبر الحج (ق. وغيرهما) (وعن أبى أمامة رضى الله عنه) قال سمعت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى يوم النحر، رواه أبو داود بأسناد حسن، ورواه الترمذى لكن لفظه سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يخطب فى حجة الوداع وقال حديث حسن صحيح (وعن رافع بن عمرو المزني) رضى الله عنه قال رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى حين ارتفع الضحى على بغلة شهباء وعلى رضى الله عنه يعبر عنه والناس بين قائم وقاعد (د. هق) قال النووى فى شرح المهذب ورواه أبو داود بأسناد حسن والنسائى بأسناد صحيح اهـ. وقوله يعبر عنه من التعبير أى يبلغ حديثه من هو بعيد من النبى صلى الله عليه وسلم فهو رضى الله عنه وقف حيث يبلغه صوت النبى صلى الله عليه وسلم ويفهمه فيبلغه الناس كما سمع، وللأمام أحمد رحمه الله تعالى فى هذا الباب أحاديث كثيرة غير ما ذكر ستأتى جميعها فى باب خطب النبى صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله تعالى (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية الخطبة فى يوم النحر وهى ترد على زعم أن يوم النحر لا خطبة فيه للحاج وأن المذكور فى أحاديث الباب إنما هو من قبيل الوصايا العامة لا أنه خطبة من شعار الحج، ووجه الرد أن الرواة سموها خطبة كما سموا التى وقعت بعرفات خطبة، وقد اتفق على مشروعية الخطبة بعرفات ولا دليل لى ذلك إلا ما روى عنه صلى الله عليه وسلم أنه خطب بعرفات، والقائلون بعدم مشروعية الخطبة يوم النحر هم المالكية والحنفية، وقالوا خطب الحج ثلاث. سابع ذى الحجة. ويوم عرفة. وثاني

-[مذاهب العلماء فى مشروعية الخطبة يوم النحر ووقتها وعدد خطب الحج]- .....

_ يوم النحر، ووافقهم الشافعية إلا أنهم قالوا بدل ثانى النحر ثالثه، وزادوا خطبة رابعة وهى يوم النحر (قال الأمام الشافعي) وبالناس اليها حاجة ليعلموا أعمال ذلك اليوم من الرمى والذبح والحلق والطواف، واستدل بأحاديث الباب، وتعقبه الطحاوى بأن الخطبة المذكورة ليست من متعلقات الحج لأنه صلى الله عليه وسلم لم يذكر فيها شيئا من أعمال الحج، وإنما ذكر وصايا عامة كما تقدم، قال ولم ينقل أحد أنه علمهم فيها شيئا مما يتعلق بالحج يوم النحر فعرفنا أنها لم تقصد لأجل الحج (وقال ابن القصار) إنما فعل ذلك من أجل تبليغ ما ذكره لكثرة الجمع الذى اجتمع من أقاصى الدنيا فظن الذى رآه أنه خطب، قال وأما ما ذكره الشافعى أنه بالناس حاجة إلى تعليمهم أسباب التحلل المذكور فليس بمتعين، لأن الأمام يمكنه أن يعلمهم إياه بمكة أو يوم عرفة اهـ (وأجيب) بأنه صلى الله عليه وسلم نبه فى الخطبة المذكورة على تعظيم يوم النحر وعلى تعظيم عشر ذى الحجة وعلى تعظيم البلد الحرام. وقد جزم الصحابة المذكورون بتسميتها خطبة كما تقدم فلا نلتفت إلى تأويل غيرهم، وما ذكره من امكان تعليم ما ذكر يوم عرفة يعكر عليه كونه يرى مشروعية الخطبة إلى يوم النحر وكان يمكن أن يعلموا يوم التروية جميع ما يأتى بعده من أعمال الحج، لكن لما كان فى كل يوم أعمال ليست فى غيره شرع تجديد التعليم بحسب تجدد الأسباب، وقد بين الزهرى وهو عالم أهل زمانه أن الخطبة ثانى يوم النحر نقلت من خطبة يوم النحر وأن ذلك من عمل الأمراء يعنى بنى أمية كما أخرج ذلك ابن أبى شيبة عن الزهرى وإن كان مرسلا لكنه معتضد بما سبق، وظهر به أن السنة الخطبة يوم النحر لا ثانيه، وأما قول الطحاوى إنه لم يعلمهم شيئا من أسباب التحلل فيرده ما عند البخارى من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وذكر فى الزوائد أنه شهد النبى صلى الله عليه وسلم يخطب يوم النحر وذكر فيه السؤال عن تقديم بعض المناسك، وثبت أيضا فى بعض طرق أحاديث الباب أنه صلى الله عليه وسلم قال للناس حينئذ خذوا عنى مناسككم فكأنه وعظهم بما وعظهم به وأحال فى تعلمهم على تلقى ذلك من أفعاله. أفاده الحافظ (وفى حديث رافع بن عمرو المزنى المذكور فى الزوائد) دلالة على أن هذه الخطبة كانت وقت الضحى من يوم النحر (يعنى قبل طواف الأفاضة) ومشى على ذلك الحافظ ابن القيم فى الهدى، ولكن ذهب القائلون بمشروعية الخطبة فى هذا اليوم إلى أنها كانت بعد الظهر يوم النحر بمنى بعد طواف الأفاضة. ولم أقف لهم على دليل فى ذلك من الأحاديث فالله أعلم (قال النووي) وخطب الحج المشروعة عندنا أربع، أولها بمكة عند الكعبة فى اليوم السابع من ذى الحجة. والثانية بنمرة يوم عرفة. والثالثة بمنى يوم النحر. والرابعة بمنى فى الثانى من أيام التشريق وكلها خطبة فردة وبعد صلاة الظهر إلا التى بنمرة فانها خطبتان وقبل صلاة الظهر وبعد

-[كلام العلماء فى يوم الحج الأكبر متى هو؟]- (أبواب المبيت بمنى ليالى منى - ورمى الجمار فى أيامها وغير ذلك) (1) باب وقت رمى الجمار فى غير يوم النحر وآدابه (417) عن عائشة رضى الله عنها قالت أفاض رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم من آخر يومه حين صلَّى الظُّهر ثمَّ رجع إلى منًى فمكث بها ليالى أيَّام التشريق يرمى الجمرة إذا زالت الشَّمس

_ الزوال اهـ "وفى بعض أحاديث الباب والزوائد" دلالة على أن يوم النحر هو يوم الحج الأكبر (قال النووي) فى شرح المهذب (اختلف العلماء فى يوم الحج الأكبر) متى هو؟ فقيل يوم عرفة (والصحيح الذى قاله الشافعى وأصحابنا وجماهير العلماء) وتظاهرت عليه الأحاديث أنه يوم النحر، وإنما قيل الحج الأكبر للاحتراز من الحج الأصغر وهو العمرة، هكذا ثبت فى الحديث الصحيح، واستدل النووى بحديث حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبى هريرة المذكور فى الزوائد؛ ثم قال رواه البخارى ومسلم فى صحيحهما، وقال حميد إن الله أمر بهذا الأذان يوم الحج الأكبر فأذنوا به يوم النحر، فدل على أنهم علموا أنه يوم الحج الأكبر المأمور بالأذان فيه فى قوله تعالى "وأذان من الله ورسوله إلى الناس يوم الحج الأكبر - الآية" ولأن معظم المناسك تفعل فيه (ومن قال يوم عرفة) احتج بالحديث السابق "الحج عرفة" ولكن حديث أبى هريرة يرده، ونقل القاضى عياض (أن مذهب مالك) أنه يوم النحر، وأن مذهب الشافعى أنه يوم عرفة. وليس كما قال، بل مذهب الشافعى وأصحابه أنه يوم النحر كما سبق والله أعلم اهـ (417) عن عائشة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن بحر قال ثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن اسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة - الحديث" (غريبه) (1) أى من آخر يوم النحر، وتقدم فى باب الأفاضة من منى للطواف يوم النحر روايتها مع ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخر طواف يوم النحر إلى الليل وليس على ظاهره بل هو مأوّل، وتقدم تأويله فى الباب المشار إليه، والصحيح أنه صلى الله عليه وسلم طاف طواف الأفاضة يوم النحر قبل الظهر، ثم رجع إلى منى فصلى بها الظهر كما ثبت ذلك فى حديث ابن عمر؛ وهو حديث صحيح متفق على صحته، رواه الشيخان والأمام أحمد وغيرهم، وتقدم فى الباب المشار إليه أيضا (2) استدل به على أن وقت رمي الجمرات في غير

-[آداب رمي الجمار ووقتها فى غير يوم النحر]- كلَّ جمرةٍ بسبع حصيات يكبِّر مع كلِّ حصاةٍ ويقف عند الأولى وعند الثَّانية فيطيل القيام ويتضرَّع ويرمى الثَّالثة لا يقف عندها (418) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال رمى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم الجمار عند زوال الشَّمس أو بعد زوال الشَّمس

_ يوم النحر بعد الزوال باتفاق الجمهور (1) حكى الماوردى عن الأمام الشافعى أن صفته. الله أكبر. الله أكبر. الله أكبر. لا إله إلا الله والله أكبر. الله أكبر ولله الحمد (2) هى التى تلى مسجد الخيف بفتح الخاء المعجمة وإسكان المثناة تحت (قال أهل اللغة) الخيف ما انحدر عن غلظ الجبل وارتفع عن مسيل الماء، وبه يسمى مجسد الخيف، وهو مسجد عظيم واسع جدا فيه عشرون بابا، وذكر الأزرقى جملا تتعلق به. وهذه الجمرة هى أولاهن من جهة عرفات وأبعدهن من مكة، وهى فى نفس الطريق الجادة، فيأتيها من أسفل منها فيصعد اليها ويعلوها حتى يكون ما عن يساره أقل ما عن يمينه؛ ويستقبل الكعبة ثم يرمى الجمرة بسبع حصيات واحدة واحدة يكبر عقب كل حصاة كما سبق فى رمى جمرة العقبة يوم النحر؛ ثم يتقدم عنها وينحرف قليلا ويجعلها فى قفاه ويقف فى موضع لا يصيبه المتطاير من الحصى الذى يرمى فيستقبل القبلة ويحمد الله تعالى ويكبر ويهلل ويسبح ويدعو مع حضور القلب وخضوع الجوارح، ويمكث كذلك قدر سورة البقرة (لما روى البيهقي) بسنده عن وبرة قال "قام ابن عمر حين رمى الجمرة عن يسارها نحو ما لو شئت قرأت سورة البقرة" (قال وروينا) عن أبى مجلز فى حزر قيام ابن عمر، قال وكان قدر قراءة سورة يوسف (وعن ابن عباس) أنه كان يقوم بقدر قراءة سورة من المئين (3) هى الوسطى ويصنع فيها كما صنع فى الأولى ويقف للدعاء كما وقف فى الأولى إلا أنه لا يتقدم عن يساره بخلاف ما فعل فى الأولى لأنه لا يمكنه ذلك فيها بل يتركها عن يمينه ويقف فى بطن المسيل منقطعا عن أن يصيبه الحصى (4) هى جمرة العقبة التى رماها يوم النحر فيرميها من بطن الوادى ولا يقف عندها للذكر والدعاء (تخريجه) (د. حب. ك. هق) وفيه محمد بن اسحاق ثقة ولكنه مدلس. والمدلس إذا قال عن لا يحتج بروايته ويؤيده، قبل ويغنى عنه حديث سالم عن ابن عمر، وسيأتى عن الزهرى (418) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى صنا نصر من باب ثنا الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس - الحديث" (تخريجه) (مذ. جه) وحسنه الترمذى وأخرج نحوه مسلم فى صحيحه من حديث جابر

-[آداب رمي الجمار والتكبير عند كل حصاة]- (419) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وقف عند الجمرة الثَّانية أطول ممَّا وقف عند الجمرة الأولى، ثمَّ أتى جمرة العقبة فرماها ولم يقف عندها (420) عن الزُّهرى قال بلغنا أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رمى الجمرة الأولى الَّتى تلى المسجد رماها بسبع حصيات يكبِّر مع كلِّ حصاةٍ، ثمَّ ينصرف ذات اليسار إلى بطن الوادى فيقف ويستقبل القبلة رافعاً يديه يدعوا. وكان يطيل الوقوف، ثمَّ يرمى الثَّانية بسبع حصيات يكبِّر مع كلِّ حصاةٍ، ثمَّ ينصرف ذات اليسار إلى بطن الوادى فيقف ويستقبل القبلة رافعاً يديه يدعوا، ثمَّ يمضى حتَّى يأتى الجمرة التَّى عند العقبة فيرميها بسبع حصياتٍ يكبِّر عند كلِّ حصاة ثمَّ ينصرف ولا يقف، قال الزُّهرى سمعت سالماً يحدِّث عن ابن عمر عن النَّبى صلى الله عليه وسلم بمثل هذا، وكان ابن عمر يفعل مثل هذا

_ (419) عن عمرو بن شعيب (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا حجاج عن عمرو بن شعيب - الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وفى اسناده الحجاج بن أرطأة فيه كلام (420) عن الزهرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عثمان بن عمر أنا يونس عن الزهرى - الحديث" (غريبه) (1) هو الأمام الثقة محمد بن مسلم الزهري، ويقال له ابن شهاب أيضا عالم المدينة ثم الشام (وقوله بلغنا) هكذا رواية الأمام أحمد، ولفظ رواية البخارى عن الزهرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رمى الخ بهذا اللفظ (2) هو ابن عبد الله بن عمر، وقد رواه الأسماعيلى بنحو هذا، وقال فى آخره قال الزهرى سمعت سالما يحدث بهذا عن أبيه عن النبى صلى الله عليه وسلم (3) لفظ البخارى وكان ابن عمر يفعله أى يفعل هذا على رواية الأسماعيلي، أو يفعل مثل هذا على رواية الأمام أحمد (تخريجه) (خ. هق) وفى هذا الحديث تقديم المتن على بعض السند فانه ساق السند؛ من أوله إلى أن قال عن الزهرى قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم بعد أن ذكر المتن كله ساق تتمة السند

-[كلام العلماء فى الحديث إذا تقدم متنه على سنده هل يعدّ موصولا أم لا؟]- (421) عن عائشة رضى الله عنها قالت قلت يا رسول الله ألا نبنى لك بمنىً بيتاً أو بناءًا يظلُّك من الشَّمس، فقال لا إنَّما هو مناخ لمن سبق إليه

_ فقال قال الزهري الخ، وقد صرح جماعة بجواز ذلك منهم الأمام أحمد، ولا يمنع التقديم فى ذلك الوصل، بل يحكم باتصاله (قال الحافظ) ولا اختلاف بين أهل الحديث أن الأسناد بمثل هذا السياق موصول، وغايته أنه من تقديم المتن على بعض السند، وإنما اختلفوا فى جواز ذلك، وأغرب الكرمانى فقال هذا الحديث من مراسيل الزهرى ولا يصير بما ذكره آخرا مسندا لأنه قال يحدث بمثله لا بنفسه، كذا قال، وليس مراد المحدث بقوله فى هذا بمثله إلا نفسه، وهو كما لو ساق المتن بأسناد ثم عقبه بأسناد آخر ولم يعد المتن بل قال بمثله، ولا نزاع بين أهل الحديث فى الحكم بوصل مثل هذا، وكذا عند أكثرهم لو قال بمعناه خلافا لمن يمنع الرواية بالمعنى، وقد أخرج الحديث المذكور الأسماعيلى عن ابن ناجية عن محمد بن المثنى وغيره عن عثمان بن عمر. وقال فى آخره (قال الزهري) سمعت سالما يحدث بهذا عن أبيه عن النبى صلى الله عليه وسلم فعرف أن المراد بقوله مثله نفسه، وإذا تكلم المرء فى غير فنه أتى بهذه العجائب اهـ (قلت) وللبخارى رواية أخرى بتقديم السند جميعه على المتن من طريق ابن شهاب يعنى الزهرى أيضا عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أنه كان يرمى الجمرة الدنيا بسبع حصيات، فذكر الحديث وفى آخره قال ويقول (يعنى ابن عمر) هكذا رأيت النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يفعله (421) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى قال ثنا اسرائيل وزيد بن الحباب قال أخبرنى اسرائيل المعنى عن ابراهيم بن مهاجر بن يوسف بن ماهك عن أمه عن عائشة - الحديث" (غريبه) (1) جاء فى رواية ابن ماجه بيتا، وفى رواية الترمذى بناء، وفى رواية أبى داود بيتا أو بناء كما هنا (2) أى لا تبنوا لى بناء بمنى لأنه ليس مختصا بأحد، دون آخر من الناس، إنما هو موضع العبادة من الرمى والذبح والحلق ونحوها يشترك فيه الناس، فلو بنى فيها لأدى الى كثرة الأبنية تأسيا به صلى الله عليه وسلم فتضيق على الناس. وكذلك حكم الشوارع ومواضع الأسواق، وعند الأمام أبى حنيفة أرض الحرم موقوفة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة قهرا وجعل أرض الحرم موقوفة فلا يجوز أن يتملكها أحد. كذا فى المرقاة) (3) بضم الميم أى موضع لأناخة الأبل (وقوله لمن سبق اليه) معناه أن الاختصاص فيه بالسبق لا بالبناء والله أعلم (تخريجه) (د. مذ. جه. ك. مي) وحسنه الترمذي، وقال الحاكم هذا حديث

-[زوائد الباب وأحكامه]- .....

_ صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى (زوائد الباب) (عن وبرة) قال سألت ابن عمر رضى الله عنهما متى أرمى الجمار؟ قال إذا رمى إمامك فارمه، فأعدت عليه المسألة قال كنا نتحين فاذا زالت الشمس رمينا (خ. د) وقوله نتحين أى نراقب الوقت المطلوب وهو زوال الشمس، ولفظ أبى داود كنا نتحين زوال الشمس (وعن عمر ابن الخطاب) رضى الله عنه قال لا ترمى الجمرة حتى يميل النهار (هق) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها مشروعية المبيت بمنى ليالى الرمي) وإلى وجوبه ذهب جمهور العلماء، قالوا لأنه من جملة مناسك الحج، وروى الأثرم عن ابن عمر قال لا يبيتن أحد من الحجاج إلى بمنى، وكان يبعث رجالا لا يدعون أحدا يبيت وراء العقبة، ولأن النبى صلى الله عليه وسلم فعله نسكا وقال "خذوا عنى مناسككم" وهو قول عروة وابراهيم ومجاهد وعطاء، وروى ذلك عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه، وهو قول الأمامان (مالك والشافعي) وقول للأمام أحمد فى رواية، ومن أدلتهم على ذلك حديث عاصم بن عدى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يتركوا المبيت بمنى، وحديث ابن عمر فى إذنه صلى الله عليه وسلم للعباس بذلك وسيأتيان فى الباب التالي، والتعبير بالرخصة يقتضى أن مقابلها عزيمة وأن الأذن وقع للعلة المذكورة، وإذا لم توجد أو ما فى معناها لم يحصل (واختلفوا فى وجوب الدم لتركه) فقيل يجب على كل ليلة دم، روى ذلك عن المالكية وقيل صدقة بدرهم وقيل اطعام (وقال الشافعية) يجب على الثلاث دم (وهو رواية عن الأمام أحمد) لقول ابن عباس رضى الله عنهما "من ترك من نسكه شيئا فليهرق دما" (وذهب جماعة إلى أنه سنة) ليس بواجب ولا دم فى تركه روى ذلك عن الحسن (واليه ذهب الأمام أبو حنيفة) ورواية عن الأمام أحمد لما روى ابن عباس إذا رميت الجمرة (يعنى جمرة العقبة) فبت حيث شئت، ولأنه قد حل من حجه فلم يجب عليه المبيت بموضع معين كليلة الحصبة (ومنها ما يدل) على أنه لا يجزء رمى الجمار فى غير يوم الأضحى قبل زوال الشمس بل وقته بعد زوالها، وإلى هذا ذهب (جمهور العلماء) وخالف فى ذلك عطاء وطاوس فقالا يجوز الرمى قبل الزوال مطلقا (ورخص الحنفية) فى الرمى يوم النفر قبل الزوال (وقال اسحاق) إن رمى قبل الزوال أعاد إلا فى اليوم الثالث فيجزئه، والأحاديث المذكورة فى الباب ترد على الجميع (ومنها) مشروعية القيام والتكبير عند رمى كل حصاة والقيام عند الجمرتين وتركه عند جمرة العقبة ومشروعية الدعاء عندهما (قال ابن قدامة فى المغنى) لا نعلم لما تضمنه حديث ابن عمر هذا "أى الرابع من أحاديث الباب" مخالفاً إلا ما روى عن مالك من تركه رفع اليدين عند الدعاء (ومنها) عدم جواز البناء فى أرض الحرم لأى انسان مهما كان لأنها موقوفة

-[بيان كيفية جمع الرمى لمن رخص لهم بذلك]- (2) باب الرخصة لرعاء الابل فى جمع رمى يومين فى يوم (وفى المبيت بمكة أيام منى لذوى الحاجات بها) (422) عن أبى البدَّاح بن عاصم بن عدىٍّ عن أبيه (رضى الله عنه) قال أرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الإبل فى البيتوتة أن يرموا يوم النَّحر ثمَّ يجمعوا رمى يومين بعد النَّحر فيرمونه فى أحدهما قال مالك ظننت أنَّه فى الآخر منهما ثمَّ يرمون يوم النَّفر (وعنه من طريقٍ ثانٍ) أنَّ النَّبىَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أرخص للرِّعاء أن يتعاقبوا فيرموا

_ للعبادة ولمصالح المسلمين عامة (ومنها غير ذلك) تقدم فى أبواب رمى جمرة العقبة والله الموقف (422) عن ابى البداح (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا مالك عن عبد الله بن أبى بكر عن أبيه عن أبى البداح - الحديث" (غريبه) (1) قال الطيبى رحمه الله الصحيح أن أبا البداح صحابى يروى عن أبيه (2) بكسر الراء والمد. جمع راع أى لرعاتها (وقوله فى البيتوتة) أى خارجين عن منى كما صرح بذلك فى الموطأ للأمام مالك (3) يعنى جمرة العقبة (4) معناه أنهم يجمعون رمى اليوم التالى ليوم النحر مع اليوم الذى يليه وهو يوم النفر الأول جمع تقديم. فيرمون فى اليوم التالى ليوم النحر ولا يرمون فى يوم النفر الأول. أو جمع تأخير فيرمون فى يوم النفر الأول ولا يرمون فى اليوم التالى ليوم النحر، واختار هذا الأخير الأمام مالك، ولذا قال قال مالك ظننت أنه فى الآخر منهما، وفسره الأمام مالك فى الموطأ بعبارة أوضح فقال (تفسير الحديث الذى أرخص فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لرعاء الأبل فى تأخير رمى الجمار فيما نرى والله أعلم أنهم يرمون يوم النحر. فإذا مضى اليوم الذى يلى يوم النحر رموا من الغد وذلك يوم النفر الأول فيرمون لليوم الذى مضى. ثم يرمون ليومهم ذلك لأنه لا يقضى أحد شيئاً حتى يجب عليه، فإذا وجب عليه ومضى كان القضاء بعد ذلك، فان بدا لهم النفر فقد فرغوا، وان أقاموا إلى الغد رموا مع الناس يوم النفر الأخير ونفروا) اهـ، وإنما رخص للرعاء لأن عليهم رعى الأبل وحفظها لتشاغل الناس بنسكهم عنها، ولا يمكنهم الجمع بين رعيها وبين الرمى والمبيت، فيجوز لهم ترك المبيت للعذر والرمى على الصفة المذكورة (5) يعنى يوم النفر الأخير (6) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن بكر أنا روح ثنا ابن جريج

-[الرخصة في المبيت بمكة أيام منى لمن له حاجة بها وحكم من تعجل فى النفر]- يوم النَّحر ثمَّ يدعوا يوماً وليلةً ثمَّ يرموا الغد (423) عن عبد الله (يعنى ابن عمر رضى الله عنهما) أنّ العبَّاس رضى الله عنه استأذن رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فى أن يبيت بمكَّة أيَّام منىً من أجل السِّقاية فرخَّص له

_ أخبرني محمد بن أبى بكر بن محمد بن عمرو عن أبيه عن أبى البداح عن عاصم بن عدى أن النبى صلى الله عليه وسلم أرخص للرعاء - الحديث" (1) أى لا يبيتون بمنى ليلة اليوم التالى ليوم النحر ولا يرمون فيه، وهذه الرواية تؤيد اختيار الأمام مالك (تخريجه) أخرجه الأمامان والأربعة وابن حبان والحاكم وصححه الترمذي، وفى رواية لأبى داود والنسائى عن أبى البداح أيضا عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص للرعاء أن يرموا يوما ويدعوا يوما (423) عن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرنى نافع قال لا أعلمه إلا عن عبد الله - الحديث" (غريبه) (2) لفظ البخارى "ليالى منى" وهو المراد هنا وهى ليلة الحادى عشر والثانى عشر والثالث عشر (3) يعنى سقابة الحاج (قال عطاء) سقاية الحاج زمزم، وقال الأزرقى كان عبد مناف يتحمل الماء فى الروايا والقرب إلى مكة ويسكبه فى حياض من أدم بفناء الكعبة للحاج. ثم فعله ابنه هاشم بعده. ثم عبد المطلب، فلما حفر زمزم كان يشترى الزبيب فينبذه فى ماء زمزم ويسقى الناس (وقال ابن اسحاق) ولى السقاية من بعد عبد المطلب ولده العباس وهو يومئذ من أحدث اخوته سنا. فلم تزل بيده حتى قام الأسلام وهى بيده وأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم معه، فهى اليوم إلى بنى العباس (تخريجه) (ق. وغيرهما) وللشيخين والأمام أحمد أيضا عن ابن عباس رضى الله عنهما قال استأذن العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيت بمكة ليالى منى من أجل سقايته فأذن له (تنبيه) يجوز للحاج التعجيل فى النفر من منى بدون عذر فى اليوم الثانى ما لم تغرب الشمس، ولا يجوز بعد الغروب، وبه قال الأئمة (مالك والشافعى وأحمد والجمهور) وقال الأمام أبو حنيفة له التعجيل ما لم يطلع فجر اليوم الثالث، احتج الجمهور بقوله تعالى "فمن تعجل فى يومين فلا إثم عليه" واليوم اسم للنهار دون الليل (الأحكام) حدينا الباب يدلان على جواز التخلف عن المبيت بمنى فى ليالى الرمى لأجل السقاية ورعاء الأبل ولكل عذر يشابه الأعذار التى رخص لأهلها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء، وقيل يختص الحكم بالعباس وسقايته

-[كلام العلماء فيمن يرخص لهم فى المبيت بمكة للحاجة]- (3) باب قصر الصلاة بمنى وعدم جواز صيامها أيامها (424) عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال صلَّيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنىً ركعتين، ومع أبى بكر رضى الله عنه ركعتين، ومع عمر رضى الله عنه ركعتين فقليت حظِّى من أربعٍ. ركعتان متقبَّلتان

_ حتى لو عملت سقاية لغيره لم يرخص لصاحبها فى المبيت لأجلها (قال الحافظ) وهو جمود، وقيل يدخل معه آله، وقيل قومه وهم بنو هاشم، والصحيح ما ذهب إليه الجمهور، والعلة فى ذلك اعداد الماء للشاربين، وهل يختص ذلك بالماء أو يلتحق به ما فى معناه من الأكل والشرب وغيره؟ (قال الحافظ) محل احتمال. قال وجزم الشافعية بالحاق من له مال يخاف ضياعه أو أمر يخاف فوته أو مريض يتعاهده بأهل السقاية كما جزم الجمهور بالحاق الرعاء خاصة، وهو (قول أحمد) واختاره ابن المنذر أعنى الاختصاص بأهل السقاية ورعاء الأبل، والمعروف عن أحمد اختصاص العباس بذلك وعليه اقتصر صاحب المغنى اهـ. وتقدم الكلام على من تخلف لغير عذر وما يلزمه فى الباب السابق والله أعلم (424) عن عبد الله بن مسعود (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ومحمد بن جعفر قالا ثنا شعبة عن سليمان قال سمعت عمارة بن عمير يحدث قال ابن جعفر أو ابراهيم شعبة شك عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله بن مسعود - الحديث" "وقوله فى السند قال ابن جعفر أو ابراهيم شعبة شك" معناه أن محمد بن جعفر أحد الراويين اللذين روى عنهما الأمام أحمد هذا الحديث قال فى روايته حدثنا شعبة عن سليمان (يعنى الاعمش) قال سمعت عمارة بن عمير أو ابراهيم "يعنى النخعي" يحدث عن عبد الرحمن بن يزيد الخ، قال ابن جعفر الشك من شعبة "يعنى فى قوله أو ابراهيم (غريبه) (1) فى رواية أبى داود (زاد "يعنى مسددا" عن حفص ومع عثمان صدرا من امارته ثم أتمها) وقوله ثم أتمها يعنى عثمان وأتمها معه ابن مسعود، وقد جاء سبب الأتمام فى رواية لأبى داود من طريق معم رعن الزهرى أن عثمان إنما صلى بمنى أربعا لانه أجمع على الاقامة بعد الحج "وله فى أخرى" من طريق ابراهيم قال ان عثمان صلى أربعاً لأنه اتخذها وطنا "وله فى أخرى" من طريق يونس عن الزهرى قال لما اتخذ عثمان الأموال بالطائف وأراد أن يقيم بها صلى أربعاً، قال ثم أخذ به الأئمة بعده (2) معناه ليت عثمان صلى ركعتين بدل الأربع كما كان النبى صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم فى صدر خلافته يفعلون، ومقصوده كراهة مخالفة ما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه لأن الخير في اتباعهم وهو

-[مشروعية قصر الصلاة بمنى وكراهة صيام أيامها وكلام العلماء فى ذلك]- (425) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال صلَّيت مع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بمنىُ ركعتين، ومع أبى بكرٍ ركعتين ومع عمر ركعتين، ومع عثمان ركعتين صدراً من إمارته (426) عن ابن كعب بن مالك عن أبيه كعب بن مالكٍ رضى الله عنه أنَّه حدَّثه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وأوس بن الحدثان فى أيَّام التَّشريق فناديا أنه لا يدخل الجنَّة إلاَّ مؤمن وأيَّام التَّشريق أيَّام أكل وشربٍ

_ أفضل، وإنما تبع عثمان كراهة مخالفة الأمام، ولأنه يرى جواز الأتمام. ولهذا كان يصلى وراءه متما. ولو كان القصر عنده واجبا لما استجاز تركه وراء أحد (تخريجه) (ق. د. نس) (425) عن أنس بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس ابن محمد ثنا ليث يعنى ابن سعد عن بكير بن عبد الله عن محمد بن عبد الله بن أبى سليم عن أنس بن مالك - الحديث" (غريبه) (1) زاد مسلم من حديث ابن عمر ثم أن عثمان صلى بعد أربعا، فكان ابن عمر إذا صلى مع الأمام صلى أربعا، وإذا صلاها وحده صلى ركعتين (تخريجه) (نس) وسنده جيد، وروى نحوه الشيخان عن ابن عمر (426) عن ابن كعب بن مالك (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن سابق قال أنا ابراهيم بن طهمان عن أبى الزبير عن ابن كعب بن مالك - الحديث" (تخريجه) (م. وغيره) وفى الباب أحاديث كثيرة عن كثير من الصحابة تقدمت فى باب النهى عن صوم أيام التشريق صحيفة 142 من كتاب الصيام فى الجزء العاشر، وفى باب مسافة القصر من كتاب الصلاة صحيفة 100 فى الجزء الخامس (الأحكام) فى أحاديث الباب مشروعية قصر الصلاة بعرفة ومزدلفة ومنى للحاج من غير أهل مكة وما قرب منها ولا يجوز لأهل مكة ومن كان دون مسافة القصر (قال النووي) هذا مذهب الشافعى وأبى حنيفة والأكثرين (وقال مالك) يقصر أهل مكة ومنى ومزدلفة وعرفات، فعليه القصر عنده فى تلك المواضع النسك، وعند الجمهور علته السفر والله أعلم اهـ (وفيها أيضا) النهى عن صيام أيام منى وتقدم الكلام على ذلك فى أحكام باب النهى عن صوم أيام التشريق المشار اليه آنفاً والله الموفق

-[حديث أبي نضرة فى خطبة النبى صلى الله عليه وسلم أوسط أيام التشريق بمنى]- (4) باب ما جاء فى الخطبة اوسط أيام التشريق (427) عن أبى نضرة حدَّثنى من سمع خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط أيَّام التشَّريق فقال يا أيُّها النَّاس إنَّ ربَّكم واحد وإنَّ أباكم واحدٌ ألا لا فضل لعربى على أعجمى ولا لعجمى على عربيٍّ. ولا لأحمر على أسود. ولا أسود على أحمر إلا بالتَّقوى، أبلَّغت؟ قالوا بلَّغ رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثمَّ قال أى يومٍ هذا؟ قالوا يوم حرام، ثمَّ قال أى شهرٍ هذا؟ قالوا شهرٌ حرامٌ، ثمَّ قال أى بلدٍ هذا؟ قالوا بلدٌ حرامٌ، قال فإنَّ الله قد حرَّم بينكم دماءكم وأموالكم قال ولا أدرى قال وأعراضكم أم لا كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا

_ (427) عن أبي نضرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل ثنا سعيد الجريرى عن أبى نضرة - الحديث" (غريبه) (1) هو اليوم الثانى من أيام التشريق والثانى عشر من ذى الحجة (2) قال الشوكانى هذه مقدمة لنفى فضل البعض على البعض بالحسب والنسب كما كان فى زمن الجاهلية، لأنه إذا كان الرب واحد وأبو الكل واحد لم يبق لدعوى الفضل بغير التقوى موجب، وفى هذا الحديث حصر الفضل فى التقوى ونفيه عن غيرها وأنه لا فضل لعربى على أعجمى ولا لأسود على أحمر إلا بها، ولكنه قد ثبت فى الصحيح أن الناس معادن كمعادن الذهب خيارهم فى الجاهلية خيارهم فى الأسلام إذا فقهوا، ففيه اثبات الخيار فى الجاهلية ولا تقوى هناك وجعلهم الخيار فى الاسلام بشرط الفقه فى الدين، وليس مجرد الفقه فى الدين سببا لكونهم خيارا فى الاسلام وإلا لما كان لاعتبار كونهم خياراً فى الجاهلية معنى ولكان كل فقيه فى الدين من الخيار وإن لم يكن من الخيار فى الجاهلية، وليس أيضا سبب كونهم خيارا فى الأسلام مجرد التقوى. وإلا لما كان لذكر كونهم خيارا فى الجاهلية معنى ولكان كل متق من الخيار من غير نظر إلى كونه من خيار الجاهلية، فلا شك أن هذا الحديث يدل على أن لشرافة الأنساب وكرم النجار مدخلا فى كون أهلها خيارا، وخيار القوم أفاضلهم وإن لم يكن لذلك مدخل باعتبار أمر الدين والجزاء الأخروي، فينبغى أن يحمل حديث الباب على الفضل الأخروى اهـ (3) سأل صلى الله عليه وسلم عن اليوم وهو عالم به لتكون الخطبة أوقع فى قلوبهم وأثبت (4) يشك الراوى هل قال دماءكم وأموالكم وأعراضكم أم اقتصر على قوله دماءكم وأولادكم فقط، وقد ثبت لفظ وأعراضكم

-[حجة القائلين بأن النبى صلى الله عليه وسلم خطب بمنى فى أوسط أيام التشريق]- في بلدكم هذا، أبلَّغت؟ قالوا بلَّغ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليبلِّغ الشَّاهد الغائب (428) عن بشر بن سحيم رضى الله عنه أن النَّبى صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم خطب فى أيام التَّشريق (وفى لفظٍ فى أيَّام الحجِّ) فقال لا يدخل الجنة إلاَّ نفسٌ مسلمةٌ، وإنَّ هذه الأيَّام أيَّام أكلٍ وشربٍ (429) عن ابن أبى نجيح عن أبيه عن رجلٍ من بنى بكر قال خطب النَّبى صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم النَّاس بمنىً على راحلته ونحن عند يديها، قال إبراهيم ولا أحسبه إلا قال عند الجمرة

_ في الروايات الصحيحة، وتقدم الكلام على ذلك فى خطبة يوم النحر (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وأورده الهيثمي. وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (428) عن بشر بن سجم (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع قال أنا سفيان وعبد الرحمن عن سفيان عن حبيب بن أبى ثابت قال وقال نافع بن جبير بن مطعم عن بشر بن سحيم - الحديث، وله طريق آخر عند الأمام أحمد أيضا قال حدثنا بهز ثنا شعبة قال أخبرنى حبيب بن أبى ثابت أنه سمع نافع بن جبير يحدث عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يقال له بشر بن سحيم أن النبى صلى الله عليه وسلم خطب فقال إنه لا يدخل الجنة إلا مؤمن وان هذه الأيام أيام أكل وشرب (غريبه) (1) هذا اللفظ لعبد الرحمن أحد الراويين اللذين روى عنهما الأمام أحمد هذا الحديث (تخريجه) (نس. جه) وسنده جيد (429) عن ابن أبى نجيح (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى ثنا ابراهيم يعنى ابن نافع عن ابن أبى نجيح عن أبيه - الحديث" (غريبه) (2) لفظ أبى داود عن رجلين من بنى بكر قالا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بين أوسط أيام التشريق ونحن عند راحلته، ففى رواية أبى داود بيان اليوم الذى وقعت فيه الخطبة لقوله "بين أوسط أيام التشريق" أى فى أوسط أيام التشريق وهو اليوم الثانى منها، وأيام التشريق ثلاثة بعد يوم النحر. فأوسطها يوافق اليوم الثانى عشر من ذى الحجة كما تقدم (3) هو ابن نافع أحد رجال السند (وقوله ولا أحسبه) يعنى ولا أظن ابن أبى نجيح إلا قال عند الجمرة، وفى ذلك بيان الموضع الذى وقعت فيه الخطبة والله أعلم (تخريجه) (د. هق) وسكت عنه أبو داود والمنذرى والحافظ فى التلخيص، ورجاله رجال الصحيح (زوائد الباب)

-[زوائد الباب وأحكامه]- (5) باب نزول المحصب اذا نفر من منى (430) عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغد يوم النَّحر وهو بمنىً نحن نازلون غداً بخيف بنى كنانة حيث تقاسموا

_ (عن سرَّاء بنت نبهان) وكانت ربة بيت فى الجاهلية قالت خطب النبى صلى الله عليه وسلم يوم الرءوس فقال أى يوم هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، قال أليس أوسط أيام التشريق؟ (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري، ورواه البيهقى مطولا، وأورده المنذرى مطولا كرواية البيهقى وعزاه للطبرانى فى الأوسط وقال رجاله ثقات (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما قال أنزلت هذه السورة "إذا جاء نصر الله والفتح" على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وسط أيام التشريق وعرف أنه الوداع فأمر براحلته القصواء فرحلت له فركب فوقف بالعقبة واجتمع الناس وقال يا أيها الناس فذكر الحديث فى خطبته (هق) باسناد ضعيف "وفى الباب" غير ما ذكرنا للأمام أحمد، سيأتى فى باب خطب النبى صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية الخطبة فى أوسط أيام التشريق وأنها من الخطب المستحبة فى الحج وتقدم الكلام على ذلك واختلاف المذاهب فيه فى أحكام باب ما جاء فى الخطبة يوم النحر فارجع اليه والله المستعان (430) عن أبى هريرة (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الوليد ثنا الأوزاعى ثنا الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة - الحديث" (غريبه) (1) أصله من الغدو مثل فلس، لكن حذفت اللام وجعلت الدال حرف اعراب، وهو أول النهار من كل يوم، فلما قال يوم النحر تبين أن المراد بذلك غداة يوم النحر (2) هذا يفيد أنه صلى الله عليه وسلم يريد النزول فى اليوم التالى ليوم النحر، لأن معنى قولك سأفعل كذا غدا أنك تريد اليوم الذى يأتى بعد يومك على أثره، وليس هذا مرادا هنا وان كان معنى اللفظ يعطى ذلك. لأنهم توسعوا فيه حتى أطلق على البعيد المترقب، قال عبد المطلب جد النبى صلى الله عليه وسلم فى قصيدة له فى قصة أصحاب الفيل * لا يغلبن صليبهم * ومحالهم غدوا محالك * ولم يرد عبد المطلب الغد بعينه وإنما أراد القريب من الزمان، والمراد بالنزول هنا النزول بعد رمى الجمار فى اليوم الثالث من أيام التشريق أثناء رجوعه إلى مكة (وقوله بخيف بنى كنانة) الخيف بفتح الخاء وسكون الياء التحتية فى آخره فاء. وهو ما انحدر من الجبل وارتفع عن المسيل، وقال الزهرى الخيف الوادى (3) أى تحالفوا على الكفر. وسيأتى تفسير ذلك فى الحديث (وقوله يعنى بذلك المحصب) تفسير للخيف يريد أن خيف بنى كنانة هو المحصب، والمحصب بمهملتين وموحدة

-[حجة القائلين بأن نزول المحصب ليس بسنة]- على الكفر يعنى بذلك المحصَّب وذلك أنَّ قريشاً وكنانة تحالفت على بنى هاشم وبنى المطَّلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم حتى يسلموا إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (431) عن عائشة رضى الله عنها فى قصَّة عمرتها بعد الحجِّ أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعبد الرَّحمن أخرج بأختك فلتعتمر فطف بها البيت والصَّفا والمروة ثمَّ لتقض، ثمَّ ائتنى قبل أن أبرح ليلة الحصبة، قالت فإنَّما أقام رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم بالحصبة من أجلى (وفى لفظٍ) قالت ثمَّ ارتحل حتى نزل الحصبة قالت والله ما نزلها إلاَّ من أجلي

_ على وزن محمد هو اسم لمكان متسع بين جبلين، وهو إلى منى أقرب من مكة، سمى بذلك لكثرة ما به من جر السيول، ويسمى بالأبطح والبطحاء أيضا، وتقدم أنه خيف بنى كنانة (1) ما بعد قوله المحصب الخ الحديث من قول الزهرى أدرج فى الخبر كما قال الحافظ (2) أى ليقتلوه وكان ذلك قبل الهجرة حينما أظهر النبى صلى الله عليه وسلم الدعوة إلى الاسلام فاشتد عداء قريش له صلى الله عليه وسلم وتآمروا على قتله، وستأتى القصة فى ذلك فى كتاب السيرة النبوية ان شاء الله تعالى (تخريجه) (ق. د. نس) (431) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زكريا بن عدى قال أنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عروة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يحرم غسل رأسه بخطمى وأشنان ودهنه بشيء من زيت غير كثير، قالت وحججنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حجة فاعمر نساءه وتركني. فوجدت فى نفسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعمر نساءه وتركني. فقلت يا رسول الله أعمرت نساءك وتركتني. فقال بعد الرحمن اخرج بأختك - الحديث" (غريبه) (3) أى لأنه صلى الله عليه وسلم كان ينتظرها بهذا المكان ريثما تؤدى العمرة، وقد جاء ذلك واضحا فى رواية لمسلم قالت. ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم المحصب فدعا عبد الرحمن بن أبى بكر فقال اخرج بأختك من الحرم فلتهل بعمرة ثم لتطف بالبيت فأنى انتظركما ها هنا، قالت فخرجنا فأهللت ثم طفت بالبيت وبالصفا والمروة فجئنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى منزله (تعنى المحصب) من جوف الليل فقال هل فرغت؟ قلت نعم. فآذن فى أصحابه بالرحيل فخرج فمر بالبيت فطاف به قبل صلاة الصبح ثم خرج إلى المدينة (تخريجه) (ق. وغيرهما)

-[حجة القائلين بأن نزول المحصب ليس بسنة]- (432) وعنها أيضاً قالت إنَّ نزول الأبطح ليس بسنَّةٍ، إنَّما نزله رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لأنَّه كان أسمح لخروجه (433) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال ليس المحصَّب بشيءٍ إنَّما هو منزلٌ نزله رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم (434) عن عطاءٍ عن ابن عبَّاس أنه كان لا يرى أن ينزل الأبطح ويقول إنَّما قام رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم على عائشة (435) عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم صلَّى الظُّهر والعصر والمغرب والعشاء أى بالمحصَّب ثمَّ هجع هجعةً ثمَّ دخل فطاف بالبيت

_ (432) وعنها أيضا (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبدة بن سليمان قال ثنا هشام عن أبيه عن عائشة - الحديث" (غريبه) (1) تعنى المحصب (2) أى أسهل لتوجهه إلى المدينة ليستوى فى ذلك البطيء والمعتدل ويكون مبيتهم وقيامهم فى السحر ورحيلهم بأجمعهم إلى المدينة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (433) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (3) يعنى ليس بشيء من أمر المناسك الذى يلزم فعله قاله ابن المنذر، لكن لما نزله النبى صلى الله عليه وسلم كان النزول به مستحبا اتباعا له لتقريره على ذلك، وقد فعله الخلفاء بعده كما سيأتى فى حديث ابن عمر الآتى بعد ثلاثة أحاديث (تخريجه) (ق. وغيرهما) (434) عن عطاء (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا الحجاج ابن أرطاة عن عطاء - الحديث (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد وفى اسناده الحجاج بن أرطاة فيه كلام، لكن يعضده ما قبله (435) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج ثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع وبكر بن عبد الله عن ابن عمر - الحديث" (غريبه) (4) أى نام نومة خفيفة فى أول الليل ثم توجه إلى مكة فدخل المسجد فطاف طواف الوداع بالكعبة (تخريجه) (م. لك. هق)

-[حجة القائلين باستحباب نزول المحصب - ومذاهب الأئمة فى ذلك]- (436) عن بكر بن عبد الله أنَّ ابن عمر كان يهجع هجعة بالبطحاء وذكر أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم فعل ذلك (437) عن ابن عمر رضى الله عنهما أنَّ النَّبى صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم وأبا بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم نزلوا المحصَّب

_ (436) عن بكر بن عبد الله (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا حماد عن حميد عن بكر بن عبد الله - الحديث" (غريبه) (1) البطحاء هى المحصب لأنها من أسمائه كما تقدم (تخريجه) (خ. د. هق) من طريق نافع عن ابن عمر بأطول من هذا (437) عن ابن عمر (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا نوح بن ميمون أنا عبد الله عن نافع عن ابن عمر - الحديث" (تخريجه) (م. د. هق. وغيرهم) (زوائد الباب) (عن سليمان بن يسار) قال قال أبو رافع لم يأمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنزل الأبطح حين خرج من منى. ولكنى جئت فضربت فيه قبته فجاء فمنزل (م. د. مذ) (ورواه البيهقي) من طريق سفيان قال ثنا صالح بن كيسان أنه سمع سليمان بن يسار يحدث عن أبى رافع قال لم يأمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنزل بمن معى بالأبطح. ولكن أنا ضربت قبة ثم جاء فنزل، قال سفيان كان عمرو بن دينار يحدث بهذا الحديث عن صالح بن كيسان. فلما قدم علينا صالح قال عمرو واذهبوا اليه فسلوه عن هذا الحديث (وروى مسلم) من طريق صخر بن جويرية عن نافع أن ابن عمر كان يرى التحصيب سنة. وكان يصلى الظهر يوم النفر بالحصبة، قال نافع قد حصَّب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم والخلفاء بعده (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن النبى صلى الله عليه وسلم نزل بالأبطح يوم النفر وهو المحصب، وأن أبا بكر وعمر وابن عمر والخلفاء رضى الله عنهم كانوا يفعلونه، وأن عائشة وابن عباس رضى الله عنهما كانا لا ينزلان به ويقولان هو منزل اتفاقى لا مقصود (وكانت أسماء وعروة بن الزبير) رضى الله عنهما لا يحصبان، حكاه ابن عبد البر فى الاستذكار عنهما، وكذلك سعيد بن جبير، فقيل لابراهيم إن سعيد بن جبير لا يفعله، فقال قد كان يفعله ثم بدا له (وذهب الأئمة الأربعة) وجمهور العلماء إلى استحبابه اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدين وغيرهم (قال القاضى عياض) النزول بالمحصب مستحب عند جميع العلماء، قال وهو عند الحجازيين أوكد منه عند الكوفيين، قال وأجمعوا على أنه ليس بواجب اهـ (قال النووي) ويستحب أن يصلى به الظهر والعصر والمغرب والعشاء ويبيت به بعض الليل أو كله اقتداء برسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم

-[كلام العلماء فى المدة التى يمكنها الحاج بمكة بعد قضاء نسكه]- (6) باب كم يمكث المهاجر بمكة بعد قضاء نسكه؟ (438) عن السَّائب بن يزيد عن العلاء بن الحضرمى إن شاء الله أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يمكث المهاجر بمكَّة بعد قضاء نسكه ثلاثاً

_ (438) عن السائب بن يزيد (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان ابن عيينة حدثنى عبد الرحمن بن حميد عن عبد الرحمن بن عوف عن السائب بن يزيد - الحديث" (غريبه) (1) اسمه عبد الله بن عماد وكان حليف بنى أمية. وكان العلاء صحابياً جليلاً، ولاَّه النبى صلى الله عليه وسلم البحرين. وكان مجاب الدعوة. ومات فى خلافة عمر رضى الله عنهما (وقوله إن شاء الله) ذكرها الراوى تبركاً أو لأنه يشك فى كون هذا الحديث عن العلاء أو عن غيره من الصحابة أو يشك فى رفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم والظاهر الأول، لأنه جاء عند الشيخين وأصحاب السنن عن السائب بن يزيد عن العلاء بن الحضرمى مرفوعا إلى النبى صلى الله عليه وسلم بدون شك والله أعلم (2) بضم الكاف من باب نصر أى يقيم (3) أى بعد رجوعه من منى (قال النووي) وهذا كله قبل طواف الوداع، قال وفى هذا دلالة لأصح الوجهين عند أصحابنا أن طواف الوداع ليس من مناسك الحج بل هو عبادة مستقلة أمر بها من أراد الخروج من مكة لا أنه نسك من مناسك الحج، ولهذا لا يؤمر به المكى ومن يقيم بها، وموضع الدلالة قوله صلى الله عليه وسلم بعد قضاء نسكه، والمراد قبل طواف الوداع كما ذكرنا فان طواف الوداع لا إقامة بعده، ومتى أقام بعده خرج عن كونه طواف وداع فسماه قبله قاضيا لمناسكه والله أعلم، قال (ومعنى الحديث) أن الذين هاجروا من مكة قبل الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم عليهم استيطان مكة والإقامة بها، ثم أبيح لهم إذا وصلوها بحج أو عمرة أو غيرها أن يقيموا بعد فراغهم ثلاثة أيام ولا يزيدوا على الثلاثة، واستدل أصحابنا وغيرهم بهذا الحديث على أن إقامة ثلاثة ليس لها حكم الأقامة. بل صاحبها فى حكم المسافر، قالوا فاذا نوى المسافر الأقامة فى بلد ثلاثة أيام غير يوم الدخول ويوم الخروج جاز له الترخص برخص السفر من القصر والفطر وغيرهما من رخصة ولا يصير له حكم المقيم (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (الأحكام) حديث الباب قال القاضى عياض فيه حجة لمن منع المهاجر قبل الفتح من المقام بمكة بعد الفتح، قال (وهو قول الجمهور) وأجاز لهم جماعة بعد الفتح مع الاتفاق على وجوب الهجرة عليهم قبل الفتح ووجوب سكنى المدينة لنصرة النبى صلى الله عليه وسلم ومواساتهم له بأنفسهم، وأما غير المهاجرين ومن آمن بعد ذلك فيجوز له سكنى أى بلد أراد سواء مكة وغيرها بالاتفاق؛ هذا كلام القاضى (قال الحافظ) ويستثنى من ذلك

-[كلام العلماء فى المراد بالمهاجر فى هذا الباب]- (7) باب مشروعية طواف الوداع وسقوطه عن الحائض والدعاء عند الملتزم (439) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما قال كان النَّاس ينصرفون فى كلِّ وجهٍ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفر أحد حتَّى يكون آخر عهده بالبيت (440) عن الوليد بن عبد الرَّحمن عن الحارث بن عبد الله بن أوس الثَّقفى رضى الله عنه قال سألت عمر بن الخطَّاب رضى الله عنه عن المرأة تطوف بالبيت ثمَّ تحيض، قال ليكن آخر عهدها الطَّواف بالبيت قلت كذلك أفتانى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر رضى الله عنه أربت عن يديك سألتني

_ من أذن له النبى صلى الله عليه وسلم بالأفاضة فى غير المدينة (وقال القرطبي) المراد بهذا الحديث من هاجر من مكة إلى المدينة لنصر النبى صلى الله عليه وسلم ولا يعنى به من هاجر من غيرها. لأنه خرج جوابا عن سؤالهم لمَّا تحرجوا من الأقامة بمكة إذ كانوا قد تركوها لله تعالى. فأجابهم بذلك وأعلمهم أن إقامة الثلاث ليس بأقامة، قال والخلاف الذى أشار اليه عياض كان فيمن مضى، وهل ينبنى عليه خلاف فيمن فر بدينه من موضع يخاف أن يفتن فيه فى دينه، فهل له أن يرجع اليه بعد انقضاء تلك الفتنة؟ يمكن أن يقال إن كان تركها لله كما فعله المهاجرون فليس له أن يرجع لشيء من ذلك، وإن كان تركها فرارا بدينه ليسلم له ولم يقصد إلى تركها لذاتها فله الرجوع إلى ذلك اهـ. (439) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله أبى ثنا سفيان عن سليمان عن طاوس عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (1) أى فى كل طريق بعد انقضاء أيام منى، منهم من يطوف ومنهم من لم يطف (2) أى النفر الأول وهو الذى يكون فى اليوم الثانى لمن تعجل. أو النفر الثانى وهو فى اليوم الثالث لمن تأخر. أو لا يخرجن أحد من مكة، والمراد به الآفاقى (3) أى الطواف به (تخريجه) (م. د. جه. هق) (440) عن الوليد بن عبد الرحمن (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز وعفان قالا ثنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن الوليد بن عبد الرحمن - الحديث" (غريبه) (4) يعنى طواف الأفاضة (5) يريد طواف الوداع؛ وهذا رأى عمر وخالفه الجمهور لما سيأتى فى حديث ابن عباس الآتى بعده من أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف إن كانت قد طافت فى الأفاضة (6) بكسر الراء أي سقطت

-[سقوط طواف الوداع عن الحائض]- عن شيءٍ سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم لكى ما أخالف (ومن طريقٍ ثانٍ) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجَّ البيت أو اعتمر فليكن آخر عهده الطَّواف بالبيت، فقال له عمر بن الخطَّاب خررت من يديك سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمَّ لم تحدِّثنى (وفى لفظٍ) فلم تخبرنا به (441) عن ابن عبَّاس رضى الله عنهما أنَّ النَّبى صلى الله عليه وسلم رخَّص للحائض أن تصدر قبل أن تطوف إن كانت قد طافت فى الإفاضة (442) عن عبد الرَّحمن بن صفوان رضى الله عنه قال رأيت رسول الله

_ من أجل مكروه يصيب يديك من قطع أو وجع، والظاهر أنه دعاء عليه لكن ليس المقصود حقيقته، وإنما المقصود نسبة الخطأ اليه (قال صاحب النهاية) أى سقطت آرابك من اليدين خاصة (1) الميم زائدة بعد كي، والمعنى أنه لا ينبغى أن تسألنى عن شيء سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنك ما سألتنى عن ذلك إلا لكى أخالف رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا لا يكون (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج بن النعمان قال أنا عباد بن الحجاج عن عبد الملك بن المغيرة الطائفى عن عبد الرحمن بن البيلمانى عن عمرو بن أوس عن الحارث ابن أوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" "وقوله فى السند الحارث بن أوس" هو ابن عبد الله بن أوس المتقدم ذكره فى الطريق الأولى وينسب إلى جده أحيانا كما فى هذه الطريق (3) أى سقطت من أجل مكروه يصيب يديك كما تقدم فى قوله أربت فى الطريق الأولى، وقيل هو كناية عن الخجل. يقال خررت عن يدى أى خجلت. وسياق الحديث يدل عليه والله أعلم (تخريجه) (د. نس. مذ) قال المنذرى الأسناد الذى أخرجه أبو داود والنسائى حسن، وأخرجه الترمذى باسناد ضعيف وقال غريب اهـ (قلت) وسند الأمام أحمد فى الطريق الأولى جيد (441) عن ابن عباس (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا زكريا ثنا عمرو بن دينار أن ابن عباس كان يذكر أن النبى صلى الله عليه وسلم رخص للحائض - الحديث" (غريبه) (4) يعنى طواف الوداع إن كانت طافت طواف الأفاضة (تخريجه) (هق) وسنده جيد ومعناه فى الصحيحين (442) عن عبد الرحمن بن صفوان (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي

-[استحباب الوقوف بالملتزم والدعاء عنده]- صلى الله عليه وسلم ملتزماً بالبيت ما بين الحجر والباب ورأيت النَّاس ملتزمين البيت مع رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم

_ ثنا أحمد بن الحجاج ثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبى زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن ابن صفوان - الحديث" (غريبه) (1) يعنى ما بين الحجر الأسود وباب الكعبة، قال الأزرقى وذرعه أربعة أذرع اهـ. وهذا المكان يسمى الملتزم بضم الميم وإسكان اللام وفتح التاء والزاى لما روى الطبرانى عن مجاهد عن ابن عباس أنه قال الملتزم ما بين الركن والباب، يعنى الركن الذى فيه الحجر الأسود وباب الكعبة، قال النووى وهذا متفق عليه، قال وسمى الملتزم لأن الناس يلتزمونه فى الدعاء، ويقال له المدعى والمتعوذ بفتح الواو؛ قال وهو من المواضع التى يستجاب فيها الدعاء هناك اهـ (قلت) ويسمى الحطيم ايضا فقد جاء بهذا اللفظ عند أبى داود وفى رواية أخرى للأمام أحمد سنذكرها بعد التخريج، وروى الأزرقى فى كتاب مكة عن ابن جريج قال الحطيم ما بين الركن الأسود والمقام وزمزم والحجر، سمى حطيما لأن الناس يزدحمون على الدعاء فيه ويحطم بعضهم بعضا، والدعاء فيه مستجاب، وقل من حلف هناك آثما إلا عجلت له العقوبة، وروى أشياء كثيرة فى ناس كثيرين عجلت عقوباتهم باليمين الكاذبة فيه وبالدعاء عليهم بظلمهم اهـ (تخريجه) (د) مطولا وفى اسناده يزيد بن أبى زياد، قال ابن معين ضعيف الحديث لا يحتج بحديثه، وقال أبو داود لا أعلم أحدا ترك حديثه وغيره أحب إلى منه، كذا فى التهذيب (وفى الخلاصة) قال الحافظ الذهبى هو صدوق رديء الحفظ، قال مطين مات سنة 137 روى له مسلم مقرونا اهـ (قلت) ورواه أيضا الأمام أحمد مطولا كرواية أبى داود، ولفظه عند الأمام أحمد قال حدثنا أحمد بن الحجاج أنا جرير عن يزيد بن أبى زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن ابن صفوان قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قلت لألبسن ثيابى وكان دارى على الطريق فلأنظرن ما يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت فوافقت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة وأصحابه قد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم وسطهم (زوائد الباب) (عن ابن عباس) رضى الله عنهما قال أُمر الناس أن يكون آخر عهدهم بالبيت إلا أنه خفف عن المرأة الحائض (ق) (وعن ابن عمر) رضى الله عنهما قال سمعت عمر بن الخطاب رضى الله عنه بمنى يقول يا أيها الناس إن النفر غداة فلا ينفرن أحد حتى يطوف بالبيت، فان آخر النسك الطواف (عل) وفيه ابن اسحاق وهو ثقة لكنه مدلس وبقية رجاله رجال صحيح (وعن أنس) أن أم سليم

-[مذاهب الأئمة فى حكم طواف الوداع]- .....

_ حاضت بعد ما أفاضت فأمرها النبى صلى الله عليه وسلم أن تنفر (طس) ورجاله رجال الصحيح (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم للحائض أن تنفر إذا أفاضت، زاد أبو عمرو فى حديثه، قال وسمعت ابن عمر يقول أول أمره إنها لا تنفر، قال ثم سمعته يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لهم (خ) (وعن عمرو بن شعيب) عن أبيه قال كنت مع عبد الله بن عمرو (يعنى ابن العاص) فلما جئنا دبر الكعبة قلت ألا تتعوذ؟ قال نعوذ بالله من النار، ثم مضى حتى استلم الحجر وأقام بين الركن والباب فوضع صدره ووجهه وذراعيه وكفيه هكذا وبسطهما بسطا، ثم قال هكذا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعله (د. جه. هق) وفى اسناده المثنى بن الصباح ضعيف (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما أنه كان يلتزم ما بين الركن والباب وكان يقول "ما بين الركن والباب يدعى الملتزم، لا يلتزم ما بينهما أحد يسأل الله عز وجل شيئا إلا أعطاه اياه" (هق) موقوفا على ابن عباس بأسناد ضعيف، أوردهما النووى فى شرح المهذب، وحكى اتفاق العلماء على التسامح فى الأحاديث الضعيفة فى فضائل الأعمال ونحوها مما ليس من الأحكام والله أعلم اهـ (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية طواف الوداع (وقد ذهب جمهور العلماء إلى وجوبه) على غير الحائض وسقوطه عنها ولا يلزمها دم بتركه (وذهب الأمامان مالك وداود) إلى أنه سنة لا شيء فى تركه وهو قول ضعيف للشافعية (قال الحافظ) ورأيت لابن المنذر فى الأوسط أنه واجب للأمر به إلا أنه لا يجب بتركه شيء اهـ (قال الشوكاني) وقد اجتمع فى طواف الوداع أمره صلى الله عليه وسلم به. ونهيه عن تركه. وفعله الذى هو بيان للمجمل الواجب. ولا شك أن ذلك يفيد الوجوب اهـ (وقال ابن المنذر) قال عامة الفقهاء بالأمصار ليس على الحائض التى أفاضت طواف وداع (وقال وروينا عن عمر بن الخطاب وابن عمر وزيد بن ثابت) أنهم أمروها بالمقام إذا كانت حائضاً لطواف الوداع فكانهم أوجبوه عليها كما يجب عليها طواف الأفاضة، إذ لو حاضت قبله لم يسقط عنها، قال وقد ثبت رجوع ابن عمر وزيد بن ثابت عن ذلك ويبقى عمر فخالفناه لثبوت حديث عائشة (قلت يعنى الذى رواه الشيخان والأمام أحمد وسيأتى فى باب حكم من حاضت بعد الأفاضة عن عائشة قالت حاضت صفية بنت حيى بعد ما أفاضت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحابستنا هي؟ قلت يا رسول الله إنها قد أفاضت وطافت بالبيت ثم حاضت بعد الأفاضة، قال فلتنفر إذا) قال وروى ابن أبى شيبة من طريق القاسم بن محمد كان الصحابة يقولون إذا أفاضت قبل أن تحيض فقد فرغت الا عمر، وقد روى أحمد وأبو داود والنسائى والطحاوى عن عمر أنه قال ليكن آخر عهدها بالبيت، وفى رواية "كذلك حدثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم" واستدل الطحاوي بحديث

-[المواضع التى يستجاب فيها الدعاء - والدعاء المختار عند الملتزم]- .....

_ عائشة على نسخ حديث عمر فى حق الحائض، وكذلك استدل على نسخه بحديث أم سليم عند أبى داود الطيالسى أنها قالت حضت بعد ما طفت بالبيت فأمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أنفر اهـ (قلت) والحق مع الجمهور، ولعل عمر رضى الله عنه لم يبلغه حديث الرخصة وإلا لكان أول الناس عملاً به رضى الله عنه (وفى حديث عبد الرحمن بن صفوان) آخر أحاديث الباب وحديثى عمرو بن شعيب وابن عباس المذكورين فى الزوائد دلالة على استحباب الوقوف بالملتزم عقب طواف الوداع والدعاء عنده بما أحب من خيرى الدنيا والآخرة لأنه من المواضع التى يستجاب الدعاء فيها، ويأتى بآداب الدعاء من الحمد لله تعالى والثناء عليه ورفع اليدين والصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وسلم (قال القاضي) أبو الطيب فى تعليقه (قال الشافعي) فى مختصر كتاب الحج إذا طاف للوداع استحب له أن يأتى الملتزم فيلصق بطنه وصدره بحائط البيت ويبسط يديه على الجدار فيجعل اليمنى مما يلى الباب واليسرى مما يلى الحجر الأسود ويدعو بما أحب من أمر الدنيا والآخرة اهـ، فان كان حائضا استحب أن تدعو على باب المسجد وتمضي، وليكن آخر عهده بالبيت طواف الوداع فصلاة ركعتيه فالشرب من ماء زمزم فالوقوف بالملتزم فالرحيل (فائدة) ذكر الحسن البصرى رحمه الله فى رسالته المشهورة إلى أهل مكة أن الدعاء يستجاب فى خمسة عشر موضعا. فى الطواف وعند الملتزم. وتحت الميزاب. وفى البيت. وعند زمزم. وعلى الصفا. والمروة. وفى المسعى. وخلف المقام. وفى عرفات. وفى المزدلفة. وفى منى. وعند الجمرات الثلاث. وقد اختار الأمام الشافعى رحمه الله دعاءا يقال عند الملتزم ذكره فى الأملاء وفى مختصر الحج واتفق أصحابه على استحبابه، واختاره الحنابلة أيضا، وذكره ابن قدامة فى المغنى. وصاحب المهذب. والنووى فى الأذكار (ولفظه كما فى المغني) اللهم هذا بيتك وأنا عبدك وابن عبدك حملتنى على ما سخرت لى من خلقك. وسيرتنى فى بلادك حتى بلغتنى بنعمتك إلى بيتك. وأعنتنى على أداء نسكي. فان كنت رضيت عنى فازدد عنى رضا ولا فمن الآن قبل أن تنآى عن بيتى دارى فهذا أوان انصرافى إن اذنت لى غير مستبدل بك ولا ببيتك. ولا راغب عنك ولا عن بيتك، اللهم فأصحبنى العافية فى بدنى والصحة فى جسمى والعصمة فى دينى وأحسن منقلبي، وارزقنى طاعتك أبدا ما أبقيتني، واجمع لى بين خيرى الدنيا والآخرة، انك على كل شيء قدير وصلى الله على سيدنا محمد النبى الأمى وعلى آله وصحبه وسلم

بسم الله الرحمن الرحيم باب الفوات والاحصار (وقول الله عز وجل -فان احصرتم فما استيسر من الهدى) (443) عن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الانصارى رضي الله عنه

_ الإحصار هو المنع والحبس عن الوجه الذى يقصده يقال أحصره المرض او السلطان اذ 1 منعه عن مقصده فهو محصر والحصر الحبس يقال حصره اذا حبسه فهو محصور وقال القاضى اسماعيل الظاهر ان الاحصار بالمرض والحصر بالعدو ومنه فلما حصر رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال تعلى (فان احصرتم) وقال الكسائى يقال من العدو حصر فهو محصور ومن المرض أحصر فهو محصر وحكى عن الفراء أنه أجاز كل واحد منهما مكان الآخر وأنكره المبرد والزجاج وقالاهما مختلفان المعنى ولا يقال فى المرض حصره ولا فى العدو أحصرهو انما هذا كقولهم حبسه اذا جعله فى الحبس وأحبسه أى عرضه للحبس وقتله أى أوقع به القتل وأقتله أى عرضه للقتل وكذلك حصره حبسه وأحصره عرضه للحصر أفاده العينى وقوله (فما استيسر من الهدى) أى فليذبح ما قدر عليه من الهدى وأقله شاة (443) عن عكرمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحى بن سعيد ثنا

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كسر (1) أو عرج فقد حل وعليه حجة

_ حجاج يعني الصواف عن يحى بن أبى كثير عن عكرمة عن الحجاج بن عمرو الأنصارى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول -واسماعيل قال أخبرنى الحجاج بن ابى عثمان قال ثنا يحى أبى كثير أن عكرمة مولى ابن عباس حدثه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم -الحديث (وقوله واسماعيل قال أخبرنى) هذا طريق ثان للحديث والمعنى أن الامام أحمد رحمه الله بعد أن ساق السند الأول قال وحدثنا اسماعيل قال أخبرنى الخ (غريبه) (1) بضم الكاف وكسر السين (وقوله أو عرج) بفتح المهملة والراء أى أصابه شئ فى رجله وليس

أخرى قال فذكرت ذلك لابن عباس وابى هريرة فقالا صدق فصل منه فى تحلل المحصر عن العمرة بالنحر ثم الحلق حيث أحصر من حل أو أحرم وأنه لا قضاء عليه (444) عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمرا (2) فحال كفار قريش بينه ويبن البيت فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية (3) فصالحهم على أن يعتمروا العام المقبل ولا يحما السلاح عليهم قال سريج (4) لا يحمل سلاحا الا سيوفا ولا يقيم بها الا ما أحبوا فاعتمر من العام المقبل فدخلها كما كان صالحهم فلما ان أقام ثلاثا أمروه أن يخرج فخرج (445) عن المسور بن مخرمة رضى الله عنهما ومروان بن الحكم

_ بخلقة فإذا كان خلقة قيل عرج بكسر الراء كفرح أو يثلث كما فى القاموس وفى رواية أبى داود زيادة أو مرض (وقوله فقد حل) أى من احرامه بسبب الكسر أو العرج سواء أكان محرما بحج أو عمرة أو بهما معا وللعلماء فى ذلك كلام سيأتى فى الاحكام (1) فى رواية اسماعيل المذكور فى السند (فحدثت بذاك ابن عباس) بدل قوله فذكرت ذلك لابن عباس (تخريجه) (الاربعة ... هق ... خز ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط البخارى ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى وسكت عنه ابو داود والمنذرى وحسنه الترمذى (444) عن عبد الله بن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس وسريج قالا ثنا فليح عن نافع عن ابن عمر -الحديث (غريبه) (29 يعنى عمرة الحديبية سنة ست من الهجرة (3) احتج به القائلون بأن النحر والحلاق حصلا فى الحل لا فى الحرم (4) هو أحد رجال السند يعنى أنه قال فى روايته ولا يحمل سلاحا بدل قوله ولا يحمل السلاح (تخريجه) (خ هق) (445) عن المسور بن مخرمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا

قالا قلد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الهدى وأشعره (1) بذى الحليفة وأحرم منها بالعمرة وحلق بالحديبية فى عمرته وأمر أصحابه بذلك ونحر بالحديبية قبل أن يحلق (2) وأمر أصحابه بذلك

_ عبد الرزاق أنا معمر عن الزهرى عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة -الحديث (غريبه) (1) سيأتى شرحه فى تقليد الهدى واشعاره فى كتاب الهدايا والضحايا ان شاء الله تعالى (2) فيه دلالة على ان المحصر يقدم النحر على الحلق ولا يعارض هذا ما وقع فى روايه للبخارى ان النبى صلى الله عليه وسلم حلق وجامع نساءه ونحر هديه لأن العطف باواو انما هو لمطلق الجمع ولا يدل على الترتيب فان قدم الحلق على النحر فروى ابن ابى شيبة عن علقمة ان عليه دما وعن ابن عباس مثله والظاهر عدم وجوب الدم لعدم الدليل قاله الشوكانى (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام أحمد وسنده جيد ومعناه فى الصحيحين ومسند الامام أحمد من حديث طويل جدا عن المسور ومروان ايضا سيأتى بطوله فى غزوة الحديبية من كتاب الغزوات وله ايضا من حديث ابن عمر لما أراد الحج والعمرة حين مجئ لقتال ابن الزبير فقيل لا يضرك ان لا تحج هذا العام فانا ان يكون بين الناس قتال وان يحال بينك وبين البيت قال ان حيل بينى وبينه فعلت كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حين حالت كفار قريش بينه وبين البيت -الحديث تقدم بطوله فى باب جواز ادخال الحج على العمرة رقم 137 صحيفة 170 الجزء الحادى عشر (زوائد الباب) (عن ابن عمر رضى الله عنهما) أنه قال المحصر بمرض لا يحل حتى بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة فاذا اضطر الى لبس شئ من الثياب التى لابد منها او الدواء صنع ذلك وافتدى (لك) (وعن رجل من أهل البصرة) أنه قال خرجت الى مكة حتى اذا كنت ببعض الطريق كسرت فخدى فارسلت الى مكة وبها عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر فلم يرحص لى أحد أن أحل فأقمت على ذلك الماء سبعة اشهر حتى أحللت بعمرة (لك) ورواه ابن جرير وسمى الرجل يزيد بن عبد الله ين الشخير (وعن سليمان بن يسار) أن سعيد بن حرابه المخزومى صرع ببعض طريق مكة وهو محرم فسأل على الماء الذى كان عليه العلماء فوجد عبد الله بن عمر وعبد الله بن الزبير ومروان بن الحكم فذكر لهم الذى عرض له فكلهم أمره ان يتداوى بما لابد منه ويفتدى فاذا صح اعتمر فحل من احرامه ثم عليه حج قابل ويهدى ما استيسر من الهدى (قال مالك 9 وعلى هذا الامر عندنا فيمن احصر بغير عدو وقد أمر عمر بن الخطاب أبا ايوب الانصارى وهبار بن الاسود حين فاتهما الحج وأتيا يوم النحر ان يحلا بعمرة ثم يرجعا حلالا ثم

.

_ يحجان عاماً قابلا ويهديان فمن لم يجد فصيلم ثلاثة ايام فى الحج وسبعة اذا رجع الى أهله (قال مالك) وكل من حبس عن الحج بعدما يحرم اما بمرض او بغيره او بخطأ فى العدد أو خفى عليه الهلال فهو محصر عليه ما على المحصر (لك) (وعن ابن عمر رضى الله عنهما) أنه كان يقول أليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ان حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم يحل من كل شئ حتى يحج عاما قابلا فيهدى أو يصوم ان لم يجد هديا (خ ... نس) وقوله طاف بالبيت أى ان امكنه ذلك (وعن ابن عباس رضى الله عنهما) قال لا حصر الا من حبسه عدو فيحل بعمرة وليس عليه حج ولا عمرة (فع) وصحح الحافظ اسناده (الأحكام) الأصل فى أحكام هذا الباب قول الله عز وجل (فان احصرتم فما استيسر من الهدى) وقد اختلف العلماء فى هذة الآية اختلافا كثيرا بل هى مسألة اختلاف بين الصحابة أيضا (فقال كثير منهم) الاحصار من كل حابس حبس الحاج من عدو ومرض وغير ذلك حتى أفتى ابن مسعود رجل لدغ أنه محصر أخرجه ابن جرير باسناد صحيح عنه (وقال النخعى ومجاهد والحسن وعطاء وقتادة وعروة بن الزبير) الاحصار كل مانع يمنعه عن الوصول الى البيت الحرام والمضى فى احرامه من عدو او مرض او كسر او جرح او خوف او ذهاب نفقة او ضلال راحلة يبيح له التحلل (واليه ذهب سفيان الثورى واهل العراق) واحتجوا بحديث الحجاج بن عمرو الانصارى المذكور اول احاديث الباب (وبما رواه البخارى عن عطاء) انه قال فى قوله تعالى (فان احصرتم فما استيسر من الهدى) قال الاحصار من كل شئ يحبسه (قال الحافظ) وروى ابن المنذر من طريق على بن طلحة عن ابن عباس نحوه (ولفظه فان احصرتم قال من أحرم بحج او عمرة ثم حبس عن البيت بمرض يجهده او عدو يحبسه فعليه ذبح ما استيسر من الهدى فان كانت حجة الاسلام فعليه قضاؤها وان كانت حجة بعد الفريضة فلا قضاء عليه ... أه (وذهب آخرون) الى انه لا حصر الا بالعدو اى لا بياح له التحلل الا بحبس العدو وهو قول ابن عباس وتقدم فى الزوائد بلفظ (لا حصر الا من حبسه عدو فيحل بعمرة وليس عليه حج ولا عمرة) وروى معناه عن ابن عمر وعبد الله بن الزبير وهو قول سعيد بن المسيب وسعيد بن جبير واليه ذهب الائمة (مالك والشافعى واحمد واسحاق) وفى المسألة قول ثالث حكاه ابن جرير وغيره وهو انه لا حصر بعد النبى صلى الله عليه وسلم (وعن ابن عمر) المحرم لا يحل حتى يطوف وتقدم فى الزوائد ايضا رواه مالك فى الموطأ (وأخرج ابن جرير) عن عائشة باسناد صحيح قالت لا أعلم المحرم يحل بشئ دون اليبت (وعن ابن عباس) باسناد ضعيف قال لا احصار اليوم وروى ذلك عن عبد الله بن الزبير (وسبب اختلافهم فى ذلك) اختلافهم في تفسير

الإحصار، فالمشهور عند أكثر أهل اللغة منهم الأخفش والكسائى والفراء وأبوعبيدة وأبو عبيد وابن السكيت وثعلب وابن قتيبة وغيرهم أن الاحصار انما يكون بالمرض واما بالعدو فهو الحصر وبهذا قطع النحاس وأثبت بعضهم أن أحصر وحصر بمعنى واحد يقال فى جميع ما يمنع الانسان من التصرف قال تعالى (للفقراء الذين أحصروا فى سبيل الله لا يستطيعون ضربا فى الأرض) وانما كانوا لا يستطيعون من منع العدو اياهم (واما الشافعى ومن وافقه فحجتهم انه لا احصار الا بالعدو اتفاق اهل النقل على ان الآيات نزلت فى قصة الحديبية حين صد النبى صلى الله عليه وسلم عن اليبت فسمى الله صد العدو احصارا واحتجوا بقوله تعالى بعد ذلك (فمن كان منكم مريضا او به اذى من رأسه) قالوا فلو كان المحصر هو المحصر بمرض لما كان ذكر المرض بعد ذلك فائدة واحتجوا ايضا بقوله عز وجل (فاذا أمنتم فمن تمتع بالعمرة الى الحج) وتمسك آخرون بعموم قوله تعالى (فان أحصرتم) وأجابوا عن قوله جل شأنه (فمن كان منكم مريضا) بأنه تعالى انما ذكر المرض بعد ذلك لأن الرمض صنفان صنف محصر وصنف غير محصر وقالوا معنى قوله تعالى (فاذا امنتم) معناه من المرض وفى حديثى عبد الله بن عمر والمسور بن مخرمة المذكورين فى الباب دلالة على أن من أحصره العدو أى منعه عن المضى الى نسكه جاز له التحلل بأن ينوى ذلك وينحر هديا ويحلق رأسه أو يقصر والتحلل باحصار العدو مجمع عليه فى الجملة حكاه ابن المنذر عن كل من يحفظ عنه من أهل العلم (وبه قالت الأئمة الأربعة) وان اختلفوا فى تفاصيل وتفاريع (منها) أنه يشترط فى جواز التحلل ضيق الوقت بحيث ييأس من اتمام نسكه ان لم يتحلل او لا يشترط ذلك با له التحلل مع اتساع الوقت؟ (لم يشترط الشافعية والحنابلة) ذلك وهو لاذى يدل عليه فعله صلى الله عليه وسلم فى الحديبية فان احرامه صلى الله عليه وسلم انما كان بعمرة وهى لا يخشى فواتها وانكان مفردا او قارنا فكذلك لأنه أحد النسكين أشبه العمرة وهى لا تفوت وجميع الزمان وقت لها فاذا جاز التحلل منها ونحر هديها من غير خشية فواتها فالحج الذى يخشى فواته أولى (وقالت المالكية) متى رجى زوال الحص لم يتحلل حتى يبقى بينه وبين الحج من الزمان ما لايدرك فيه الحج لو زال حصره فيحل حينئذ عند ابن القاسم وابن الماجشون وقال أشهب لا يحل الى يوم النحر ولا يقطع التلبية حتى يروح الناس الى عرقة و (منها) ان الشافعية والحنابلة لم يفرقوا فى جواز التحلل بين ان يكون الاحصار قبل الوقوف بعرفة او بعده وخص الحنفية والمالكية ذلك بما اذا كان فبل الوقوف (ومنها) أنهم اختلفوا فى انه هل يجب على المحصر ارقة دم ام لا؟ فقال جمهور العلماء بوجوبه وبه قال أشهب من المالكية وقال مالك لا يجب وتابعه ابن القاسم صاحبه (ومنها) أن

...

_ القائلين بوجوب الدم اختلفوا فى محل اراقته قفالت الشافعية والحنابلة يريقه من حثث أحصر ولو كان من الحل لأنه صلى الله عليه وسلم كذلك فعل فى الحديبية ودل على الاراقة فى الحل قوله تعالى (والهدى معكوفا أن يبلغ محله) فدل على أن الكفار منعوهم من ايصاله الى محله وهو الحرم ذكر هذا الاستدلال الامام الشافعى وفى البخارى (قال مالك وغيره) ينحر هديه ويحلق فى أى موضع كان ولا قضاء عليه لأن النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالحديبية نحروا وحلقوا وحلوا من كل شئ قبل الطواف وقبل ان يصل الهدى الى البيت ثم لم يذكروا ان النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أمر أحدا أن يقضوا شيئا ولا يعودا له والحديبية خارج الحرم أه (وفصل ابن عباس) فقال ان معه هدى وهو محصر نحره ان كان لا يستطيع ان يبعث به وان استطاع ان يبعث به لم يحل حتى يبلغ الهدى محله ذكره البخارى فى صحيحه وهو وجيه واعتمده الحافظ وقال عطاء وابن اسحاق بل نحر بالحرم وخالفهما غيرهما من أهل المغازى وغيرهم (وقالت الحنفية) لا يجوز ذبحه الا فى الحرم فيرسله مع انسان ويواعده على يوم بعينه فاذا جاء ذلك اليوم تحلل ثم قال الامام ابوحنيفة يجوز ذبحه قبل يوم النحر وقال صاحباه يختص ذبحه فى الاحصار عن الحج بيوم النحر (ومنها) انهم اختلفوا هل يجب عليه القضاء ام لا (فاوجب الحنفية) القضاء بل زادوا فقالوا ان على المحصر عن الحج جحة وعمرة وعلى القارن حجة وعمرتين (ولم توجب الشافعية والمالكية) القضاء وعن الامام احمد روايتان قالوا فان كان حج فرض قبى وجوبه على حاله وبالغ ابن الماجشون وأبعد قفال يسقط عنه ورأى ذلك بمنزلة اتمام النسك على وجهه واحتج الموجبون للقضاء بحديث الحجاج بن عمرو الانصارى المذكور اول الباب وهو نص فى محل النزاع وبحديث ابن عمر أنه كان يقول أليس حسبكم سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ان حبس أحدكم عن الحج طاف بالبيت وبالصفا والمروة ثم يحل من كل شئ حتى يحج عاما قابلا فيهدى او يصوم ان لم يجد هديا رواه البخارى فى صحيحه والنسائى وبما تقدم فى الزوائد من الآثار (وقال الذين لم يوجبوا القضاء) لم يذكر الله تعالى القضاء ولو كان واجبا لذكره وهذا ضعيف لأن عدم الذكر لا يستلزم العدم قالوا ثانيا قول ابن عباس انما البدل على من نقض حجه بالتلذذ فأما منحبسه عدو او غير ذلك فانه يحل ولا يرجع (خ) وهو يدل على عدم الوجوب (ويجاب) بان قول الصحابى ليس بحجة اذا انفرد فكيف اذا عارض المرفوع ويمكن ان يقال ان المراد بقوله فى حديث الحجاج بن عمرو (وعليه حجة أخرى) تأدية الحج المفروض فأما التطوع بالحج والعمرة اذا أحصر فلا شئ عليه غير هدى الاحصار وهذا مذهب الامامين (مالك والشافعى) وأصح الروايتن عند الامام أحمد وقوله في حديث

(2) باب حكم من حاضت بعد طواف الافاضة (446) عن قتادة عن عكرمة أنه كان بين ابن عباس وزيد بن ثابت رضى الله عنهما فى المرأة تحيض بعدما تطوف بالبيت يوم النحر مقاولة (1) فى ذلك قفال زيد لا تنفر حتى يكون آخر عهدها بالبيت (2) وقال ابن عباس اذا طافت يوم النحر (3) وحلت لزوجها نفرت ان شاءت ولا تنظر فقالت الأنصار (4) يا ابن عباس انك ان خالفت زيدا لم نتابعك قفال ابن عباس سلوا ام سليم (5) فسألوها فأخبرت بان صفية بنت حيي بن أخطب أصابها ذلك قفالت عائشة الخيبة لك حبستينا فذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم قأمرها أن تنفر وأخبرت ام سليم أنها لقيت ذلك فأمرها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن تنفر

_ ابن عمر الذى مر آنفا (ثم يحل من كل شئ حتى يحج عاما قابلا) يدل على ان القضاء على الفور والله سبحانه وتعالى أعلم (446) عن قتادة عن عكرمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر وروح المعنى قالا ثنا سعيد عن قتادة عن عكرمة -الحديث (غريبه) (1) اى خلاف فى ذلك (2) الجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر كان وتقديره طواف الوداع بالبيت (3) يعنى طواف الافاضة الذى هو أحد أركان الحج بالاتفاق (4) أى بعضهم (5) هى بنت ملحان بن خالد الانصارية والدة أنس بن مالك رضى الله عنهما اختلف فى اسمها فقيل سهلة او رمثة او رميثة او مليكة وهى العميصاء او الرميصاء اشتهرت بكنيتها وكانت من الصحابيات الفاضلات ماتت فى خلافة عثمان وانما خصها بالسؤال لأنها أنصارية وكانت حاضت بعد طواف الافاضة فأمرها النبى صلى الله عليه وسلم أن تنفر وتترك طواف الوداع وحصل مثا ذلك لصفية زوج النبى صلى الله عليه وسلم وحضرت ام سليم قصتها (تخريجه) (ق) مختصرا ورواه ابو داود الطيالسى بنحو حديث الباب وسنده جيد

(447) عن طاوس قال كنت مع ابن عباس قفال له زيد بن ثابت أنت تفتى الحائض أن تصدر قبل أن يكون آخر عهدها بالبيت؟ قال نعم قال فلا تفت بذلك قال اما لا (1) فاسأل فلانة الأنصارية (2) هل أمرها النبى صلى الله عليه وسلم بذلك؟ فرجع زيد الى ابن عباس يضحك فقال ما أراك الا قد صدقت (448) عن عائشة رضى الله عنها قالت لما أراد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن ينفر رأى صفية على باب خبائها كئية او حزينة وحاضت فقال النبى صلى الله عليه وسلم عقرى أو حلقي (3) إنك

_ (447) عن طاوس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يحي عن ابن جريج حدثنى الحسين عن مسلم عن طاوس -الحديث (غريبه) (1) القائل اما لا هو ابن عباس رضى الله عنهما وقد ضبطها النووى رحمه الله بكسر الهمزة وفتح اللام وبالامالة الخفيفة وقال هذا هو الصواب المشهور وقال القاضى عياض ضبطه الطبرى والاصيلى امالى بكسر اللام قال والمعروف من كلام العرب فتحها الاان تكون على لغة من يميل قال المازرى قال ابن الأنبارى قولهم افعل هذا اما لا فمعناه افعله ان كنت لا تفعل غيره فدخلت ما زائدة لأن كما قال تعالى (فاما ترين من الشر أحدا) فاكتفوابلا عن الفعل كما تقول العرب ان زارك فزره والا فلا هذا ما ذكره القاضى (وقال صاحب النهاية) أصل ان وما فأدغمت النون فى الميم وما زائدة فى اللفظ لا حكم لها وقد أمالت العرب لا امالة خفيفة والعوام يشبعون امالتها فتصير الفها ياء وهو خطأ ومعناه ان لم تفعل هذا فليكن هذا انتهى (2) هى ام سليم كام صرح بذلك فى الحديث السابق (تخريجه) (م هق) (448) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم عن ابراهيم عن الأسود عن عائشة -الحديث (غريبه) (3) فى رواية لمسلم عقرى حلقى بدون او التى للشك (قال النووى) فكهذا يرويه المحدثون بالألف التى هى ألف التأنيث ويكتبونه بالياء (يعنى التحتية) ولا ينونونه وهكذا نقله جماعة لا يحصون عن أئمة اللغة وغيرهم من رواية المحدثين وهو صحيح

لحابستنا أكنت أفضت يوم النحر؟ (2) قالت نعم قال فاتفرى اذا (3) (وعنها من طريق ثان) (_4) قالت لما افاض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارادمن صفية بعض ما يريد الرجل من اهله (5) فقيل انها حائض فقال عقرى احابستنا هى؟ قالوا انها طافت يوم النحر فنفر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعنها من طريق ثالث) (6) قالت حاضت صفية بعد ما افاضت فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقال احابستنا هى؟ قلت حاضت بعد

_ * فصيح (قال الأزهري) فى تهذيب اللغة قال ابو عبيد معنى عقرى عقرها الله تعالى وحلقى حلقها الله قال يعنى عقلا الله جسدها واصابها بوجع فى حلقها (قال ابو عبيد) اصحاب الحديث يروونه عقرى حلقى وانما هو عقرا حلقا قال وهذا على مذهب العرب فى الدعاء على الشى من ارادة وقوعه (وقال شمر) قلت لابى عبيد لم لا تجيز عقرى؟ قال لان فعلى تجئ نعتا ولم تجئ فى الدعاء فقلت روى ابن شميل عن العرب مطبرى وعقرى اخف منها فلم ينكره هذا آخر ما ذكره الازهرى (وقال صاحب المحكم) يقال للمرأة عقرى حلقى معناه عقرها الله وحلقها قال فعقرى ها هنا مصدر كدعوى وقيل معناه اى تعقر قومها وتحلقهم بشؤمها وقيل العقرى الحائض وقيل عقرى حلقى اى عقرها الله وحلقها هذا آخر كلام صاحب المحكم وقيل معناه جعلها الله عاقرا لاتلد وحلقى مشئومة على اهلها (قال النووى) وعلى كل قول فهى كلمة اصلها ما ذكرناه ثم اتسعت العرب فيها فصارت تطلقها ولا تريد حقيقة ما وضعت له اولا ونظيره تربت يداه وقاتله الله ما اشجعه وما اشعره والله اعلم اه (1) اى مانعتنا عن الخروج من مكة الى حتى تطهر وتطوف (2) يعنى طواف الافاضة (3) اى اخرجى ولا طواف عليك وهو حجة القائلين بسقوط طواف الوداع عن الحائض (4) سنده حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا محمد بن مصعب قال حدثنا ثنا الاوزاعى عن يحى بن ابى كثير عن محمد بن ابراهيمعن ابى سلمة عن عائشة -الحديث وفى آخره قال ابن مصعب ما سمعته يذكر -يعنى الاوزاعى -محمد بن ابراهيمالا هذة المرة (5) تعنى الجماع وفيه حسن ادب عائشة فى العبارة (6) (سنده) حدثنا عبدالله حدثنى ابى ثنا سفيان عن الزهرى عن عروة

ما أفاضت قال فلتنفر إذا أو (1) قال فلا إذا

_ عن عائشة -الحديث (1) او للشك من الراوى يعنى انه يشك هل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاتنفر اذا ومعنى قوله فلا اذا يعنى فلا حبس علينا اذا لانها فعلت الفرض وهو طواف الافاضة يوم النحر (تخريجه) (ق. هق. وغيرهم) (زوائد الباب) (عن ابى هريرة) رضى الله عنه ان النبى صلى الله عليه وسلم اخبر ان صفية حاضت قال لا اراها الا حابستنا قالوا انها قد افاضت يوم النحر قال فلتنفر (بز) وفيه محمد بن عمرو فيه كلام وقد وثق وبقية رجاله رجال الصحيح (وعن انس رضى الله عنه) ان ام سليم حاضت بعد ما افاضت فامرها النبى صلى الله عليه وسلم ان تنفر (طس) ورجاله رجال الصحيح (وعن عكرمة) ان زيد بن ثابت قال يعنى فى الحائض تقيم حتى تطهر ويكون آخر عهدها بالبيت فقال ابن عباس انى لأعلم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للنساء ولكنى احببت ان اقول بما كتاب الله ثم تلا هذة الآية "ثم ليقضوا تفثهم وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق " قفد قضت التفث ووفت بالنذر وطافت بالبيت فما بقى (الاحكام) يستفاد من احاديث الباب ان طواف الافاضة ركن وان الطهارة شرط لصحة الطواف وان طواف الوداع لا يجب على الحائض ولا تنحبس لأجله اذا كانت طافت طواف الافاضة (ويستفاد من احاديث الباب ايضا) انها اذا لم تكن طافت طواف الافاضة تحتبس لأجله (ويستفاد منها ايضا) ان امير الحجاج يلزمه ان يؤخر الرحيل لأجل من تحيض ممن لم تطف بالافاضة (قال الحافظ) وتعقب باحتمال ان تكون ارادته صلى الله عليه وسلم تأخير الرحيل اكراما لصفية كما احتبس الناس على عقد عائشة واما الحديث الذى اخرجه البزار من حديث جابر واخرجه البيهقى من طريق ابى هريرة مرفوعا "اميران ولسا باميرين من تبع جنازة فليس لهم ان ينصرف حتى تدفن او يأذن اهلها والمرأة تحج او تعتمر مع قوم فتحبض قبل طواف الركن فليس لهم ان ينصرفوا حتى تطهر او تأذن لهم "فلادلالة فبه على الوجوب ان كان صحيحا فان فى اسناد كل منهما ضعفا شديدا اه (وقال النووى) فى شرح المهذب قال اصحابنا اذا حاضت الحاجة قبل طواف الافاضة ونفر الحجاج بعد قضاء مناسكهم وقبل طهرها وارادت ان تقيم الى ان تطهر وكانت مستأجرة جملا لم بلزم الجمال انتظارها بل له النفر بجمله مع الناس ولها ان تركب فى موضعها مثلها هذا مذهبنا لا خلاف فيه بيسن اصحابنا وممن صرح به المارودى والشيح ابو نصر وصاحب البيان

(3) باب ما جاء فى دخول الكعبة واختلاف الصحابة فى الصلاة فيها عن عمرو بن دينار ان ابن عباس كان يخبر ان الفضل بن عباس اخبره انه دخل مع النبى صلى الله عليه وسلم وان النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل فى البيت حين دخله ولكنه لما خرج فنزل ركع ركعتين عند باب البيت (450) وعنه ايضا ان ابن عمر حدث عن بلال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فى البيت قال وكان ابن عباس يقول لم يصل فيه ولكنه كبر فى نواحيه (1)

_ * وآخرون (وحكى اصحابنا عن مالك) انه يلزم ان ينتظرها اكثر مدة الحيض وزيادة ثلاثة ايام واستدل اصحابنا بقوله صلى الله عليه وسلم "لا ضرر ولا ضرار "وهو حديث سحن من رواية ابى سعيد الخدرى وبالقياس على ما لو مرضت فانه لا يلزمه انتظارها بالاجماع (قال القاضى عياض المالكى) موضع الخلاف بين الشافعى ومالك فى هذة المسألة اذا كان الطريق آمنا ومعها محرم لها فان لم يكن آمنا او لم يكن معها محرم لم ينتظرها بالاتفاق لانه لا يمكنه السير بها وحده قال ولا يحبس لها الرفقة الا ان يكون كاليوم واليومين والله اعلم اه (449) عن عمرو بن دينار (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عبد الرزاق ثنا ابن جريج اخبرنى عمرو بن دينار _الحديث (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (450) وعنه ايضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عفان ثنا حماد ابن زيد ثنا عمرو بن دينار ان ابن عمر _الحديث (غريبه) (1) انما نفى ابن عباس رضى الله عنهما الصلاة فى البيت لأن اخاه الفضل اخبره بذلك كما تقدم فى الحديث السابق ولما روى مسلم عن ابن عباس ايضا قال اخبرنى اسامة بن زيد لن النبى صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا فى نواحبه ولم يصل فيه وقد ثبت عند الامام احمد ان الفضل دخل البيت مع النبى صلى الله عليه وسلم وثبت دخول بلال واسامة معه صلى الله عليه وسلم عند الشيخين والامام احمد ايضا (قال النووى) رحمه الله اجمع اهل الحديث على الاخذ برواية بلال لأنه مثبت فمعه زيادة علم فوجب ترجيحه (تخريجه) (مذ) وقال حديث بلال حسن صحيح (قلت) واخرجه الشيخان والامام احمد ابضا مطولا وسيأتى فى باب غزوة الفتح الاكبر فتح مكة من كتاب الغزوات إن شاء الله تعالى.

(451) عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى البيت (1) (452) عن عائشة رضى الله عنها قالت خرج النبى صلى الله عليه وسلم من عندى وهو قرير العين طيب النفس (2) ثم رجع وهو حزين فقلت يا رسول الله انك خرجت من عندى وانت قرير العين طيب النفس ورجعت وانت حزين فقال انى دخلت الكعبة ووددت انى لو لم اكن فعلت (3) انى أخلف أن أكون أتعبت أمتى من بعدى (وعنها من طريق ثان) (4) قالت دخل على النبى صلى الله عليه وسلم

_ * (451) عن أسامة بن زيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا هاشم بن القاسم ثنا المعمودى ثنا محمد بن على ابو جعفر عن اسامة بن زيد -الحديث (غريبه) (1) اختلف الرواة على اسامة بن زيد فبعضهم روى عنه الاثبات كما فى هذا الحديث وز بعضهم روى عنه النفى كما ثابت فى عند مسلم والنسائى عن اسامة بن زيد قال "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة فسبح فى نواحيها وكبر ولم يصل ثم خرج فصلى خلف المقام ركعتين " وسيأتى الكلام على ذلك فى الاحكام (تخريجه) (حب) فى صحيحه من طريق ابى الشعثاء عن ابن عمر اخبرنى اسامة بن زيد ان النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى الكعبة بين الساريتين ومكثت معه عمرا لم أسأله كم صلى قال الزيلعى فى تخريجه بعد ذكره هذا سند صحيح أه (قلت) وفى اسناده عند الامام المسعودى صدوق اختلط قبل موته وضابطه ان من سمع منه ببغداد فبعد الاختلاط من السابعة مات سنة ستين وقيل سنة خمس وستين أه (452) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا وكيع ثنا اسماعيل ابن عبد الملك عن ابن مليكة عن عائشة -الحديث (غريبه) (2) هوكناية عن السرور والفرح (وقولها وهو حزين) اى مغموم (3) رواية ابى داود "فقال انى دخلت الكعبة ولو استقبلت من امرى ما استدبرت ما دخلتها انى أخاف أن أكون قد شققت على أمتى " ومعنى قوله صلى الله عليه وسلم لو استقبلت من امرى الخ اى لو علمت فى اول الامر ما علمت غى آخره وانما تأسف صلى الله عليه وسلم على دخوله وعزم على عدم الدخول فى المستقبل اشفاقا على امته من التنافس فى الدخول والازدحام الذى ربما ادى الى ضرر او حرمان بعض الناس من الدخول فيرجع الى بلده غير مسرور كما سيأتى فى الطريق الثانية والله اعلم (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن

يوماً فقال لقد صنعت اليوم شيئا وددت أنى لم أفعله دخلت البيت فأخشى أن يجى الرجل من افق من الآفاق فلا يستطيع دخوله فيرجع وفى نفسه منه شى (453) عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت يا رسول الله كل أهلك قد دخل البيت غيرى فقال ارسلى الى شيبة (1) فيفتح لك الباب فارسلت اليه فقال شيبة ما استطعنا فتحه فى جاهلية ولا اسلام بليل فقال النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى الحجرفان قومك استقصروا عن بناء البيت حين بنوه (2) (وفى لفظ) (3) صلى فى الحجر اذا أردت دخول البيت فانما هو قطعة من البيت

_ * جابر عن عرفجة عن عائشة قالت دخل على النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (د. مذ. جه. هق.) وصححه الترمذى واخرجه ايضا (خز. ك) وصححاه (453) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن عائشة -الحديث " (غريبه) (1) هو ابن عثمان وهو الاوقص بن ابى طلحة الحجبى ابو عثمان (قال البخارى) وغير واحد له صحبة أسلم يوم الفتح وكان ابوه ممن قتل كافرا بأحد وبنته صفية بنت شيبة لها صحبة أه وروى ابن سعد أن النبى صلى الله عليه وسلم دعا شيبة بن عثمان فاعطاه مفتاح الكعبة فقال دونك هذا فأنت امين الله على بيته وقال مصعب الزبيرى دفع اليه والى عثمان بن طلحة (يعنى والده) وقال خذوها يا بنى ابى طلحة خالدة تالدة لا يأخذها منكم الا ظالم (2) يعنى انهم لم يبنوه على قواعد ابراهيم بل تركوا منه جزأ هو الحجر فمن صلى فى الحجر فكأنما صلى فى الكعبة كما يدل عليه اللفظ الآخر (3) هذا اللفظ ت 9 قدم فى رواية اخرى للا مام احمد فى باب الطائف يخرج فى طوافه عن الحجر رقم 254 صحيفة 50 من الجزء الثانى عشر (تخريجه) لم اقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام احمد وسنده جيد (تنبيه) للامام احمد رحمه الله احاديث كثيرة فى دخول الكعبة والصلاة فيها فى دخول الكعبة والصلاة فيها ستأتى ان شاء الله تعالى (زوائد الباب) (عن عبد الرحمن بن صفوان) قال رأيت رسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه فدخلت بين رجلين منهم فقلت كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين صلى بالبيت قال صلى ركعتين بين الاسطوانتين عن يمين البيت

(طب) ورجاله رجال الصحيح (وعن ام شيبة) وكانت قد بايعت النبى صلى الله عليه وسلم ان النبى صلى الله عليه وسلم دعا شيبة ففتح البيت فلما دخله ركع وقرع جبينه (طب) ورجاله رجال الصحيح (الاحكام) احاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية دخول الكعبة والصلاة فيها وأن الحجر "بكسر الحاء المهملة " جزء منها (اما دخول الكعية) فقد اتفق العلماء على انه صلى الله عليه وسلم دخلها يوم فتح مكة واختلفوا فى دخوله حجة الوداع (فذهب جمع من العلماء) منهم الحافظ ابن القيم الى انه صلى الله عليه وسلم لم يدخلها فى حجة الوداع لأن الاحاديث الصحيحة التى رواها الشيخان والامام احمد وستأتى فى باب فتح مكة من كتاب الغزوات مصرحة بان دخوله صلى الله عليه وسلم كان فى دخوله فى فتح مكة (وذهب آخرون) الى انه صلىلله عليه وسلم دخلها عام حجة الوداع مستدلين بحديث عائشة بانه يحتمل ان يكون صلى الله عليه وسلم قال ذلك لعائشة بالمدينة بعد رجوعه من غزوة الفتح وهو بعيد (ويستفادمن حديث عائشة) المذكور ان دخول الكعبة ليس من مناسك الحج لقوله صلى الله عليه وسلم (وددت لو لم أكن فعلت) ولقوله فى رواية ابى داود (لو استقبلت من امرى ما استدبرت ما دخلتها) وحكى القرطبى عن بعض العلماء ان دخولها من المناسك (وذهب جماعة) من اهل العلم الى ان دخولها مستحب مستدلين بما رواه ابن خزيمة والبيهقى من حديث ابن عباس "من دخل البيت دخل فى جنة وخرج مغفورا له "وفى اسناده عبد الله بن المؤمل ضعيف ومحل استحبابه مالم يؤذ احدا بدخوله (واما الصلاة فيها) فقدثبت عند الشيخين والامام احمد ان اسامة وبلالا دخلا مع النبى صلى الله عليه وسلم الكعبة وقد اختلف الرواة على اسامة فبعضهم روى عنه نفى صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة كما عند مسلم والنسائى وبعضهم روى عنه اثباتها كما فى حديثه المذكور فى الباب اما بلال فلم يختلف عليه احد وكلهم رووا عنه ان النبى صلى اللهعليه وسلم صلى فى الكعبة فتترجح رواية بلال انه مثبت وغيره انه ناف والمثبت مقدم على النافى ومن جهة انه لم يختلف عليه فى الاثبات (قال النووى) رحمه الله واجمع اهل العلم على الاخذ براوية بلال لانه مثبت فمعه زيادة علم فواجب ترجيحه والمراد بالصلاة المعهودة ذات الركوع والسجود ولهذا قال ابن عمر ونسيت ان اسأله كم صلى واما نفى اسامة فسببه انهم لما دخلوا الكعبة اغلقوا الباب واشتغلوا بالدعاء فرأى أسامة النبى صلى الله عليه وسلم يدعو ثم اشتغل أسامةبالدعاء فى ناحية من نواحى البيت والنبى صلى الله عايه وسلم فى ناحية اخرى وبلال قريب منه ثم صلى النبى صلى الله عليه وسلم فرآه بلال لقربه ولم يره أسامة لبعده واشتغاله بالدعاء وجاز له نفيها عملا بظنه.

وأما بلال فحققها فاخبر بها والله أعلم (واختلف العلماء فى الصلاة فى الكعبة) اذاصلى متوجها الى جدار منها او الى الباب وهو مردود (فقال الشافعى والثورى وابو حنيفة واحمد والجمهور) تصح فيها صلاة النفل وصلاة الفرض (وقال مالك) تصح فيها صلاة النفل المطلق ولا يصح فيها الفرض ولا الوتر ولا ركعتا الطواف ولا ركعتا الفجر (وقال محمدبن جرير واصبع المالكى وبعض اهل الظاهر) لا تصح فبها صلاة ابدا لا فريضة ولا نافلة وحكاه القاضى عن ابن عباس ايضا (ودليل الجمهور) حديث بلال واذا صحت النافلة صحت الفريضة لأنهما فى الموضع سواء فى الاستقبال فى حال النزول وانما يختلفان فى الاستقبال فى حال السير فى السفر والله أعلم (وقد استدل بحديث عائشة) الاخير من احاديث البا ب على ان الصلاة فى الحجر كالصلاة فى الكعبة وتقدم الكلام على ذلك فى احكام باب الطائف يخرج فى طوافه عن الحجر صحيفة 52 من الجزء الثانى عشر والله الموفق (تتمة فى حكم زيارة قبر النبى صلى الله عليه وسلم وآدابها) (1) اعلم ارشدنى الله واياك انه لم يأت فى مسند الامام احمد رحمه الله ولا فى الكتب الستة فيما اعلم حديث صريح فى الحث على زيارة فبر النبى صلى الله عليه وسلم بخصوصه نعم جاء فى غير هذة الكتب احاديث ناطقة بالحث على زيارة قبره عليه الصلاة والسلام ولكنها ضعيفة كما قاله المحققون وذكر العلامة الشوكانى فى كتاب نيل الاوطار نبذة صالحة اورد فيها ما قاله العلماء فى الزيارة وحكمها معززا كل قول بدليله وما قاله المحققون فيه آثرت نقلها هنا وقد اقتصر على ذكر اقوا العلماء ولم يبد رأيه كما هى عادته (قال رحمه الله) اختلفت اقوال العلماء فى زيارة قبر النبى صلى الله عليه وسلم فذهب الجمهور الى انها مندوبة (وذهب بعض المالكية) وبعض الظاهرية الى انها واجبة (وقالت الحنفية) انها قريبة من الواجبات (_وذهب ابن تيمية) الحنبلى حفيد المصنف "يعنى حفيد ابن تيمية الكبير مصنف المنتقى الذى شرحه الشوكانى "المعروف بشيخ الاسلام الى انها غير مشروعة وتبعه على ذلك بعض الحنابلة وروى ذلك عن مالك والقاضى عياض كما سيأتى (احتج القائلون بانها مندوبة) بقوله تعالى "ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول "الاية ووجه الاستدلال بها ان النبى صلى الله عليه وسلم حى فى قبره بعد موته كما فى حديث الانبياء أحياء فى قبورهم وقد صححه البيهقى والف فى ذلك جزأ (2) قال الأستاذ ابو منصور البغدادى قال المتكلمون

_ (1) انظر تتمة أخرى تقدمت فى آخر باب استلام الركن الاسود واليمانى صحيفة 38 فى الجزء الثانى عشر (2) انظر الفصل الذى فى صحيفة 9 من الجزء السادس فى الحث على الاكثار من الصلاة علىلنبى صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة من ابواب صلاة الجمعة واقرأه متنا وشرحا مع الاحكام المذكورة في آخره

المحققون من أصحابنا ان نبينا صلى الله عليه وسلم حى بعد وفاته أه ويؤيد ذلك ما تبت ان الشهداء احياء يرزقون فى قبورهم والنبى صلى الله عليه وسلم منهم واذا ثبت انه حى فى قبره كان المجئ اليه بعد الموت كالمجئ اليه قبله لكنه ورد ان الانبياء لا يتركون فى قبورهم فوق ثلاث وروى فوق اربعين فان صح ذلك قدح فى الاستدلال بالآية ويعارض القول بدوام حياتهم فى قبورهم ما سيأتى من انه صلى الله عليه وسلم ترد اليه روحه عند التسليم عليه نعم حديث من زارنى بعد موتى فكأنما زارنى فى حياتى الذى سيأتى ان شاء الله تعالى ان صح فهو الحجة فى المقام (واستدلوا ثانيا) بقوله تعالى (ومن يخرج من بيته مهاجرا الى الله ورسوله-الآية) والهجرة اليه فى حياته الوصول الى حضرته كذلك الوصول بعد موته ولكنه لا يخفى ان الوصول الى حضرته فى حياته فيه فوائد لا توجد فى الوصول الى حضرته بعد موته (منها النظر الى ذاته الشريفة وتعلم الاحكام الشرعية منه والجهاد بين يديه وغير ذلك (واستدلوا ثالثا) بالاحاديث الواردة فى ذلك (منها) الأحاديث الواردة فى مشروعية زيارة القبور على العموم والنبى صلى الله عليه وسلم داخل فى ذلك دخولا أوليا وقد تقدم ذكرها فى الجنائز وكذلك الاحاديث الثابتة من فعله صلى الله عليه وسلم فى زيارتها (ومنها) احاديث خاصة بزيارة قبره الشريف (اخرج الدارقطنى) عن رجل من آل حاطب عن حاطب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "من زارنى بعد موتى فكأنما زارنى فى حياتى " وفى اسناده الرجل المجهول (وعن ابن عمر) عند الدارقطنى ايضا قال قال صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه ورواه ابو يعلى فى مسنده وابن عدى فى كامله وفى اسناده حفص بن ابى داود (وعن عائشة) عند الطبرانى فى الاوسط عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله قال (الحافظ) وفى طريقه من لا يعرف (وعن ابن عباس) عند العقيلى مثله وفى اسناده فضالة بن سعد المازنى وهو ضعيف (وعن ابن عمر) حديث آخر عند الدارقطنى بلقظ "من زار قبرى وجبت له شفاعتى " وفى اسناده موسى بن هلال العبدى قال ابو حاتم مجهول اى العدالة ورواه ابن خزيمة فى صحيحه من طريقه وقال ان صح الخبر فان فى القلب من اسناده (واخرجه ايضا البيهقى) وقال العقيلى لا يصح حديث موسى ولا يتابع عليه ولا يصح فى هذا الباب شى وقال احمد لا بأس به وايضا تابعهة عليه مسلمة بن سالم كما رواه الطبرانى من طريقه وموسى بن هلال المذكور رواه عن عبيد الله بن عمر عن نافع وهو ثقة من رجال الصحيح وجزم الضياء المقدسى والبيهقى وابن عدى وابن عساكر بان موسى رواه عن عبد الله بن عمر وهو ضعيف ولكنه قد وثقه ابن عدى وقال ابن معين لا بأس به وروى مسلم له مقرونا بآخر وقد صحح هذا الحديث لبن السكن وعبد الحق وتقىلدين السبكى (وعن ابن عمر) غند ابن عدى والدارقطنى وابن حبان في

ترجمة النعمان بلفظ "من حج ولم بزرنى فقد جفانى "وفى اسناده النعمان بن شبل وهو ضعيف جدا ووثقه عمران بن موسى وقال الدارقطنى الطعن فى هذا الحديث على ابن النعمان لا عليه (ورواه ايضا البزار) وفى اسناده ابراهيم الغفارى وهو ضغيف (ورواه البيهقى عن) عمر اقل واسناده مجهول (وعن انس) عند ابن ابى الدنيا بلفظ "من زارنى فى المدينة محتسبا كنت له شفيعا وشهيدا يوم القيامة " وفى اسناده سليمان بن زيد الكعبى ضعفه ابن حبان والدارقطنى وذكره ابن حبان فى الثقات (وعن عمر) عند باى داود الطيالسى بنحوه وفى اسناده مجهول (وعن عبد الله بن مسعود) عند ابى الفتح الازدى بلفظ "من حج الاسلام وزار قبرى وغزا غزوة وصلى فى بيت المقدس لم يسأله الله فيما افترض عليه " (وعن ابى هريرة بنحو حديث حاطب المتقدم (وعن ابن عباس) عند العقيلى بنحوه (وعنه فى مسند الفردوس) بلفظ " من حج الى مكة ثم قصد مسجدى كتبت له حجتان مبرورتان) وعن (على بن ابى طالب) عليه السلام عند ابن عساكر " من زار قبر رسو ل الله صلى الله عليه وسلم كان فى جواره " وفى اسناده عبد الملك بن هارون بن عتبرة وفيه مقال (قال الحافظ) واصح ما ورد فى ذلك ما رواه احمدو ابو داود عن ابى هريرة مرفوعا "ما من احد يسلم على الا رد الله على روحى حتى ارد عليه السلام" (1) وبهذا الحديث صدر البيهقى الباب ولكن ليس فيه ما يدل على اعتبار كون المسلم عليه على قبره بل ظاهره اعم من ذلك (وقال الحافظ) اكثر متون هذه الاحاديث موضوعة (وقد رويت زيارته عن جماعة من الصحابة منهم بلا ل عند ابن عساكر بسند جيد وابن عمر عند مالك فى الموطأ وابو ايوب عند احمد (2) وانس ذكره عياض فى الشفاء وعم عند البزار وعلى عليه السلام عند الدارقطنى وغير هؤلاء ولكنه لم ينقل عن احد منهم انه شد الرحال لذلك الا عن بلال لانه روى عنه انه رأى النبى صلى الله عليه وسلم وهو بداريا يقول له ما هذة الجفوة يا بلال أما آن لك أن تزورني؟

_ *سيأتي هذا الحديث في كتاب الاذكار فى باب الامر بالصلاة والسلام على النبى صلى الله عليه وسلم ولن الملائكة تبلغه ذلك وجاء فى سنن ابى داود فى باب زيارة القبور فى آخر كتاب الحج واورده الحافظ السيوطى فى الجامع الصغير وعزاه لابى داود فقط وكذلك النووى فى شرح المهذب وصححه (2) يشيرما رواه الامام احمد بسنده عن داود بن ابى صالح قال اقبل مروان يوما فوجد رجلا واضعا وجهه على القبر فقال اتدرى ما تصنع فأقبل عليه فاذا هو ابو ايوب فقال نعم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تبكوا على الدين اذا وليه اهله ولكن ابكوا عليه اذا وليه غير اهله وهذا الحديث سيأتى فى باب ما جاء فى الأئمة المضلين وامارة السفهاء من كتاب الخلافة والامارة إن شاء الله تعالى

روى ذلك ابن عساكر (واستدل القائلون بالوجوب) بحديث (من حج فلم يزرنى فقد جفانى) وقد تقدم قالوا والجفاء للنبى صلى الله عليه وسلم محرم فتجب الزيارة لئلا يقع فى المحرم (واجاب عن ذلك الجمهور) بان الجفاء يقال على ترك المندوب كما فى ترك البر والصلة وعلى غلظ الطبع كما فى حديث (من بدا فقد جفا) وايضا الحديث على انفراده مما لا تقوم به الحجة لما سلف (واحتج من قال انها غير مشروعة) بحديث (لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد) وهو فى الصحيح وقد تقدم وحديث (لا تتخذوا قبرى عيدا) رواه عبد الرزاق (قال النووى) فى شرح مسلم اختلف العلماء فى شد الرحل لغير هذة الثلاثة كالذهاب الى قبور الصالحين والى المواضع الفاضلة فذهب الشيخ ابو محمد الجوينى الى حرمته واشار عياض الى اختياره والصحيح عند اصحابنا انه لا يحرم ولا يكره قالوا والمراد ان الفضيلة الثابتة انما هى شد الرحل الى هذة الثلاثة خاصة اه (وقد اجاب الجمهور) عن حديث شد الرحل ان القصر فيه اضافى باعتبار المساجد لا حقيقى قالوا والدليل على ذلك انه قد ثبت باسناد حسن فى بعض الفاظ الحديث (ولا ينبغى للمطى أن يشد رحالها الى مسجد تبتغى الصلاة فيه غير مسجدى هذا والمسجد الحرام والمسجد الأقصى) فالزيارة وغيرها خارجة عن النهى (واجابوا ثانيا) بالاجماع على جواز شد الرحال للتجارة وسائر مطالب الدنيا وعلى وجوبه الى عرفة للوقوف والى منى للمناسك التى فيها والى مزدلفة والى الجهاد والهحرة من دار الكفر وعلى استحبابه لطلب العلم (واجابوا عن حديث لا تتخذوا قبرى عيدا) بانه يدل على الحث على كثرة الزيارة لا منعها وانه لا يهمل حتى لا يزار الا فى بعض الاوقات كالعيدين وي} يده قوله ولا تجعلوا بيوتكم فبورا اى لا تتركوا الصلاة فيها كذا قال الحافظ المنذرى (وقال السبكى) معناه انه لا تتخذوا لها وقتا مخصوصا لا تكون الزيارة الا فيه او لا تتخذوه كالعيد فى الوقوف عليه واظهار الزينة والاجتماع للهو وغيره كما يفعل فى الاعياد بل لا يؤتى الا للزيارة والدعاء والسلام والصلاة ثم ينصرف عنه (1) واجيب عما روى عن مالك من القول بكراهة زيارة قبره صلى الله عليه وسلم بأنه انما قال بكراهة زيارة قبره صلى الله عليه وسلم قطعا للزريعة وقيل انما كره اطلاق لفظ الزيارة لأن الزيارة من شاء فعلها ومن شاء تركها وزيارة قبره صلى الله عليه وسلم من السنن الواجبة كذا قال عبد الحق (واحتج ابضا من قال بالمشروعية) بأنه لم يزل درب المسلمين القاصدين للحج فى جمبع الأزمان على تباين الديار واختلاف المذاهب الوصول الى المدينة الشريفة بقصد زيارته ويعدون ذلك من افضل الاعمال ولم ينقل أن أحدًا أنكر

_ (1) تفسير السبكي احسن لأنه يناسب سياق الحديث وتقدم تفسيره ايضا للحافظين ابن تيمية وابن القيم صحيفة 39 فى آخر باب استلام الحجرالاسود واليمانى فى الجزء الثاني عشر

ذلك عليهم إجماعاً، هذا ما نقله الشوكاني رحمه الله تعالى. (قلت) اذا علمت هذا فالذى اميل اليه وينشرح له صدرى ما ذهب اليه الجمهور من ان زيارة قبره صلى الله عليه وسلم مشروعة ومستحبة لما ثبت عنه صلى الله عليه وسلم فى زيارة القبور قولا وفعلا فقد كان صلى الله عليه وسلم يزور القبور ويحث على زيارتها (ففى حديث ابى هريرة) أنه صلى الله عليه وسلم اتى المقبرة فسلم على اهلها فقال سلام عليكم دار قوم مؤمنين وانا بكم لاحقون اللهم لا تحرمنا اجرهم ولا تفتنا بعدهم رواه الامام احمد وتقدم هو والذى قبله فى باب ما يقال عند زيارة القبور صحيفة 172 فى الجزء الثامن واحاديث زيارته صلى الله عليه وسلم للقبور كثيرة مشهورة (وفى حديث بريدة) عند الامام احمد ومسلم (كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها) (ولمسلم من حديث ابى هريرة) مرفوعا (زوروا القبور فانها تذكر الموت) وفى حديث ابى سعيد مرفوعا (ونهيتكم عن زيارة القبور فان زرتموها فلا تقولوا هجرا) رواه الامامان الشافعى واحمد ورواه ايضا الحاكم وصححه واقره الذهبى (وعن انس) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (كنت نهيتكم عن زيارة القبور ثم بدا لى انها ترق القلب وتدمع العين وتذكر الآخرة فزوروها ولا تقولوا هجرا) رواه الامام احمد وابو داود والنسائى والحاكم (وفى حديث على) مرفوعا (انى كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فانها تذكركم الآخرة) رواه عبدالله بن الامام احمد فى زوائده على مسند ابيه وابو يعلى (وفى هذا الباب احاديث كثيرة) انظر ابواب زيارة القبور صحيفة 157 فى الجزء الثامن من الفتح الربانى فهذة الاحاديث تفيد مشروعية زيارة القبور واستحبابها على العموم وقبر النبى صلى الله عليه وسلم داخل فى هذا العموم بل هو اولى هذا اذا قطعنا النظر عما ورد فى زيارة قبره الشريف من الاحاديث الكثيرة لضعفها على انها لكثرة طرقها يشد بعضها بعضا فتنتهض للاستدلال ولاسيما وفى بعضها ما يصلح للاستدلال به منفردا اما حديث (لا تشد الرحال الا الى ثلاثة مساجد الخ) فالقصر فيه اضافى باعتبار المساجد لا حقيقى كما قال الجمهور بدليل اجماعهم على جواز الرحال للتجارة وسائر مطالب الدنيا وعلى وجوبه الى عرفة للوقوف والى منى ومزدلفة للمناسك والى الجهاد والهجرة من دار الكفر وعلى استحبابه لطلب العلم اما قوله صلى الله عليه وسلم (لا تتخذوا قبرى عيدا) فمعناه لا تتخذوه كالعيد فى العكوف عليه وتحرى الصلاة عنده وجعل يوم معين تجتمعون فيه للزيارة والصلاة كما يفعل النصارى من تعظيم قبور انبيائهم واتخاذها مساجد والخروج عن حد الشريعة ولعل هذا هو الذى حمل المانعين على المنع سدا للذريعة ولكن اذا سلمت الزيارة من هذة المفاسد كانت مستحبة يثاب فاعلها وتقدم لنا في عدة

مواضع من هذا الكتاب التحذيرمن هذة المفاسد والانكار عليها وذكر اقوال العلماء المحققين فيها جزاهم الله خيرا. انظر باب النهى عن اتخاذ قبور الانبياء والصالحين مساجد للتبرك والتعظيم صحيفة 73 من الجزء الثالث واقرأ احكامه ثم انظر أحكام باب تسوية القبور صحيفة 75 من الجزء الثامن واقرأها الى آخرها كذلك انظر أحكام باب ما يقال عند زيارة القبور صحيفة 178 من الجزء الثامن ايضا واقرأ كلام الحافظ ابن القيم وغيره فى ذلك وكذلك ارجع الى تتمة فى آخر باب استلام الحجر الاسود واليمانى صحيفة 38 فى الجزء الثانى عشر واقرأها جميعها وغير ذلك كثير وسيأتى فى الفصل الثانى من هذة التتمة شى من ذلك فصل فى آداب الزيارة وما يفعل من يريدها (قال النووى رحمه الله) فى شرح المهذب اعلم ان زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم من اهم القربات وانجح المساعى فاذا انصرف الحجاج والمعتمرون من مكة استحب لهم استحبابا متأكدا ان يتوجهوا الى المدينة لزيارته صلى الله عليه وسلم وينوى الزائر مع الزيارة التقرب بزيارة مسجده وشد الرحل اليه والصلاة فيه ... واذا توجه قليكثر الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم فى طريقه فاذا وقع بصره على اشجار المدينة وحرمها وما يعرف بها زاد من الصلاة والتسليم عليه صلى الله عليه وسلم وسأل الله تعالى ان ينفعه بهذة الزيارة وان يقبلها منه ويستحب ان يغتسل قبل دخوله ويلبس انظف ثيابه ويستحضر فى قلبه شرف المدينة وانها افضل الارض بعد مكة عند بعض العلماء وعند بعضهم أشرفها مطلقاو ان الذى شرفت به صلى الله عليه وسلم خير الخلائق وليكن من اول قدومه الى ان يرجع مستشعرا لتعظيمه ممتلئ القلب من هيبته كأنه يراه فاذا وصل باب مسجده صلى الله عليه وسلم فليقل الذكر المستحب فى دخول كل مسجد (يعنى يقول "اللهم افتح لنا ابواب رحمتك ") واذا خرج فليقل "اللهم انى أسألك من فضلك " رواه (م. د. نس. جه) والامام احمد وتقدم فى باب ما يقال عند دخول المسجد صحيفة 51 فى الجزء الثالث) قال ويقدم رجاه اليمنى فى الدخول واليسرى فى الخروج كما فى سائر المساجد فاذا دخل قصد الروضة الكربمة وصلى ما بين القبر والمنبر فيصلى تحية المسجد بجنب المنبر وفى الاحياء للغزالى أنه يستحب أن يجعل عمود المنبر حذاء منكبه الايمن ويستقبل السارية التى الى جانبها الصندوق وتكون الدائرة التى فى قبلة المسجد بين عينيه فذلك موفق رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد وسع المسجد بعده صلى الله عليه وسلم وفى كتاب المدينة أن ذرع ما بين المنبر ومقام النبى صلى الله عليه وسلم الذى يصلى فيه حتى توفى أربعة عشر ذراعا وشبرا وأن ما بين القبر والمنبر ثلاث وخمسون ذراعا وشبرا فاذا أتى القبر الشريف فلا يهجم ولا يلتصق به ولا يمد يده عليه بل يقف بعيدا عنه نحو اربعة اذرع ناظرا الى اسفل ما يستقبله من جدار القبر غاض.

الطرف في مقام الهيبة والاجلال فارغ القلب من علائق الدنيا ثم يسلم ولا يرفع صوته بل يقصد فيقول السلام عليك يا رسول الله (وفى شرح المغنى) لابن قدامة المقدسى الحنبلى رحمه الله أنه يستحب لمن أتى القبر للزيارة أن يولى ظهره للقبلة ويستقبل وسطه ويقول السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته السلام عليك يا نبى الله وخيرته من خلقه أشهد أن لا اله الا الله وحده لا شريك له واشهد أن محمدا محمدا عبده ورسوله أشهد أنك قد بلغت رسالات ربك ونصحت لأمتك ودعوت الى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وعبدت الله حتى أتاك اليقين فصلى الله عليك كثيرا كما يحب ربنا ويرضى اللهم اجز عنا نبينا أفضل ما جزيت أحدا من النبيين والمرسلين وابعثه المقام المحمود الذى وهدته يغبطه به الاولون والآخرون اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وآل ابراهيم انك حميد مجيد وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وآل ابراهيم انك حميد مجيد اللهم انك قلت وقولك الحق "ولو أنهم اذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله توابا رحيما" وقد اتيتك مستغفرا من ذنوبى مستشفعا بك الى ربى فأسألك يارب أن توجب لى المغفرة كما أوجبتها لمن أتاه فى حياته اللهم اجعله أول الشافعين وانجح السائلين وأكرم الآخرين والأولين برحمتك يا أرحم الراحمين ثم يدعو لوالديه ولاخوانه وللمسلمين أجمعين ثم يتقدم قليلا ويقول السلام عليك يا أبا بكر الصديق السلام عليك يا عمر الفاروق السلام عليكما يا صاحبى رسول الله صلى الله عليه وسلم وضجيعيه ووزيريه ورحمة الله وبركاته اللهم اجزهما عن نبيهما وعن الاسلام خيرا سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار اللهم لا تجعله آخر العهد من قبر نبيك ومن حرم مسجدك يا أرحم الراحمين. أه (وفى شرح المهذب للنووى) بنحو ذلك وأطول (قال النووى) ومن طال عليه هذا كله اقتصر على بعضه وأقله السلام عليك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء عن ابن عمر وغيره من السلف الاقتصار جدا (فعن ابن عمر) أنه كان اذا قدم من سفر دخل المسجد ثم أتى القبر فقال السلام عليك يا رسول الله السلام عليك يا أبا بكر السلام عليك يا أبتاه. رواه البيهقى (وعن مالك) يقول السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته وان كان قد أوصى بالسلام عليه قال السلام عليك يا رسول الله من فلان بن فلان أو فلان بن فلان يسلم عليك يا رسول الله أو نحو هذة العبارة والله أعلم (فصل منه فيما لا يجوز فعله للزائر) قال بان قدامة فى المغنى ولا يستحب التمسح بحائط قبر النبى صلى الله عليه وسلم ولا تقبيله قال احمد ما أعرف هذا قال الاثرم رأيت أهل العلم من أهل المدينة لا يمسون قبر النبى صلى الله عليه وسلم يقومون من ناحية فيسلمون قال أبو عبد الله وهكذا كان ابن عمر يفعل قال أما المنبر.

فقد جاء فيه يعنى ما رواه ابراهيم بن عبد الرحمن بن عبد القارى أنه نظر الى ابن عمر وهو يضع يده على مقعد النبى صلى الله عليه وسلم من المنبر ثم يضعها على وجهه أه (وقال النووى فى شرح المهذب) لا يجوز أن يطاف بقبره صلى الله عليه وسلم ويكره الصاق الظهر والبطن بجدار القبر قاله أبو عبيد الله الحليمى وغيره قالوا ويكره مسحه باليد وتقبيله بل الادب أن يبعد منه كما يبعد منه لو حضره فى حياته صلى الله عليه وسلم هذا هو الصواب الذى قاله العلماء واطبقوا عليه ولا يغتر بمخالفة كثيرين من العوام وفعلهم ذلك فان الاقتداء والعمل انما يكون بالاحاديث الصحيحة واقوال العلماء ولا يلتفت الى محدثات العوام وغيرهم وجهالاتهم وقد ثبت فى الصحيحين (قلت وعند الامام أحمد ايضا) عن عائشة رضى الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "من أحدث فى ديننا ما ليس منه فهو رد "وفى رواية لمسلم "من عمل عملا ليس عليه عملنا فهو رد " (وعن أبى هريرة) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تتخذوا قبرى عيدا وصلوا على فان صلاتكم تبلغنى حيثما كنتم "رواه ابو داود باسناد صحيح (قلت والامام وسيأتى فى باب الامر بالصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم من كتاب الاذكار) وقال الفضيل بن عياض رحمه الله ما معناه اتبع ططريق الهدى ولا يضرك قلة السالكين واياك وطرق الضلالة ولا تغتر بكثرة الهالكين ومن خطر بباله أن المسح باليد ونحوه أبلغ فى البركة فهو من جهالته وغفلته لأن البركة انما هى فيما وافق الشرع وكيف يبتغى الفضل فى مخالفة الصواب (فصل فيما يستحب فعله بالمدينة) وينبغى له مدة اقامته بالمدينة أن يصلى الصلوات كلها فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وينبغى له أن ينوى الاعتكاف فيه كما فى سائر المساجد ويستحب أن يخرج كل يوم الى البقيع خصوصا يوم الجمعة ويكون ذلك بعد السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا وصله دعا بما فى كتاب الجنازة فى زيارة القبور ومنه "السلام عليكم دار قوم مؤمنين وانا ان شاء الله بكم لاحقون. اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد اللهم اغفر لنا ولهم " ويزور القبور الظاهرة فى البقيع كقبر ابراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعثمان والعباس والحسن بن على وعلى بن الحسين ومحمد بن على وجعفر بن محمد وغيرهم رضى الله عنهم ويختم بقبر صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى الله عنها (_ويستحب ايضا) أن يزور فبور الشهداء بأحد وأفضله يوم الخميس ويبدأبالحمزة رضى الله عنه (ويستحب ايضا) استحبابا مؤكدا أن يأتى مسجد قباء وهو فى يوم السبت آكد ناويا التقرب بزيارته والصلاة فيه لحديث ابن عمر قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتى مسجد قباء راكبا وماشيا فيصلى فيه ركعتين " وفى رواية أنهصلى الله عليه وسلم صلى فيه ركعتين رواه البخارى (قال) ويستحب أن يزور المشاهد التى بالمدينة والآبار التى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم.

(4) باب ما يقول ويفعل الحاج عند قدومه (واستحباب السلام عليه ومصافحته وطلب الدعاء منه) (454) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اذا قفل (1) من حج او غزوة فعلا فدفدا من الارض او شرفا (2) قال الله أكبر الله أكبر لا اله الا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير آيبون (3) تائبون ساجدون

_ * يتوضأ منها أو يغتسل فيتوضأ منها ويشرب ويستحب أن يصوم بالمدينة ما أمكنه وأن يتصدق على جيران رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم المقيمون بالمدينة من أهلها والقرباء ما أمكنه ويخص أقاربه صلى الله عليه وسلم بمزيد الهدايا لحديث زيد بن أرقم "اذكركم الله فى أهل بيتى اذكركم الله فى أهل بيتى "رواه مسلم والامام احمد (وعن ابن عمر) عن أبى بكر الصديق رضى الله عنه موقوفا عليه "ارقبوا محمدا صلى الله عليه وسلم فى أهل بيته " رواه البخارى فاذا أراد السفر من المدينة والرجوع الى وطنه أو غيره استحب له أن يودع المسجد بركعتين ويدعو بما أحب ويأتى القبر ويعيد السلام والدعاء المذكورين فى ابتداء الزيارة ويقول اللهم لا تجعل هذا آخر العهد بحرم رسولك وسهل لى العود الى الحرمين سبيلا سهلة والعفو والعافية فى الآخرة والدنيا وردنا اليه سالمين غانمين وينصرف تلقاء وجهه لا قهقرى الى خلف أفاده النووى فى شرح المهذب وفقنا الله لحج بيته الحرام وزيارة قبر نبيه عليه الصلاة والسلام (454) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر -الحديث (غريبه) (1) اى رجع (وقوله فعلا) الفاء للعطف وعلا فعل ماض (وفدفدا) بتكرار الفاء المفتوحة والدال المهملة المكان الذى فيه ارتفاع وغلظ. قاله الحافظ السيوطى وصاحب النهاية وجمعه فدافد على وزن مساجد (2) بفتح الشين المعجمة والراء. المكان المرتفع كما فى القاموس وغيره وفى رواية لمسلم "كلن اذا أوفى على ثنية أو فدفد كبر " (3) بهمزة ممدودة بعدها ياء تحتية مكسورة اسم فاعل من آب يئوب اذا رجع وهو وما بعده خبر لمبتدأ محذوف تقديره نحن آيبون اى راجعون من سفرنا الى اوطاننا (تائبون) اى من المعصية الى الطاعة (عابدون) لله عز وجل (سائحون) جمع سائح من ساح الماء يسيح اذا جرى على وجه الارض اى سائرون لمطلوبن ودائرون لمحبوبنا قاله القارى فى المرقاة (لربنا حامدون) اى لا لغيره فإنه هو.

عابدون لربنا حامدون صدق الله وعده (1) ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده (455) عن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أقبل من حجته (2) قافلا فى تلك البطحاء قال ثم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فأناخ على باب مسجده ثم دخله فركع فيه ركعتين ثم انصرف الى بيته قال نافع فكان غبد الله بن عمر كذلك يصنع (456) عن حبيب بن ابى ثابت قال خرجت مع ابى ناتقى الحجاج قبل أن يتدنسوا (3) (457) عن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه

_ * المنعم علينا أي فى اظهار الدين (ونصر عبده) محمدا صلى الله عليه وسلم على أعدائه (وهزم الاحزاب وحده) اىمن غير قتال من الآدميين والمراد بالأحزاب الذين اجتمعوا يوم الخندق وتحزبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل الله عليهم ريحا وجنودا كما قال فى كتابه العزيز وهذا هو المشهور أن المراد بالأحزاب أحزاب يوم الخندق (قال القاضى عياض) ويحتمل أن المراد أحزاب الكفر فى جميع الأيام والمواطن والله أعلم (تخريجه) (ق. د. نس. مذ) (455) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يعقوب ثنا ابى عن ابن اسحاق حدثنى نافع عن ابن عمر -الحدبث (غريبه) (2) يعنى حجة الوداع (وقوله قافلا) اى راجعا من مكة الى المدينة (تخريجه) أخرجه ابو داودفى كتاب الجهادو سنده جيد (456) عن حبيب بن ابى ثابت (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا وكيغ عن اسماعيل بن عبد الملك عن حبيب بن ابى ثابت -الحديث (غريبه) المعنى انهم كانوا يتلقون الحجاج قبل دخول بيوتهم للسلام عليهم وطلب الدعاء منهم كما يستفاد من الحديث الثلنى لأن اللهعز وجل طهرهم من ذنوبهم وغفر لهم فيكون دعاؤهم مقبولا لأنهم قد يلمون بالذنب بعد دخولهم بيوتهم وهذا معنى قوله قبل أن يتدنسوا اى قبل ان يصيبهم وسخ الذنوب (تخريجه) لم أقف على هذا الأثر لغير الامام احمد وسنده لا بأس به (457) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا

وعلى آله وصحبه وسلم اذا لقيت الحاج فسلم عليه وصافحه ومره ان يستغفر لك (1) قبل ان يدخل بيته فانه مغفور له (2)

_ * محمد بن الحارث الحارثى ثنا محمد بن عبد الرحمن بن البيليمانى عن ابيه عن عبد الله بن عمر -الحدبث (غريبه) (1) اى يطلب لك من الله المغفرة (2) اى اذا كان حجه مبرورا خالصالوجه الله تعالى وتقدم فى الكلام على الحكمة فى ملاقاة الحاج قبل دخوله بيته وهى خشية تدنسه يشئ من الذنوب وهذا لا ينافى طلب الدعاء منه بعد دخوله بيته ان لم يتمكن من ملاقاته قبل دخوله والله أعلم (تخريجه) (هق) واورده النووى فى الاذكار وقال قال الحاكم هو صحيح على شرط مسلم (زوائد الباب) (عن عائشة) رضى الله عنها قالت أقبلنا من مكة فى حج او عمرة واسيد بن خضير يسير بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقينا غلمان من الانصار كانو يلتقون اهليهم اذا قدموا (هق. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبى (وعن ابى اسحق) قال سمعت البراء بن عازب يقول كلنت الانصار اذا حجوا فجاءو لا يدخلون من ابواب بيوتهم ولكن من ظهورها فجاء رجل من الانصار فدخل من قبل بابه فكأنه عير بذلك فنزلت هذة الآية "وليس البر بأن تأتوا البيوت من ظهورها ولكن البر من اتقى. وأتوا البيوت من أبوابها " (ق. هق) (وعن جابر بن عبد الله) رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة نحر جزورا أو بقرة (خ. هق) (الاحكام) أحاديث الباب تدل على أن المسافر يستحب له اذا أراد الرجوع الى بلده ان يقول الذكر المذكورفى اول احاديث الباب فاذا وصل الى بلده يستحب له ان يصلى ركعتين فى المسجد قبل دخول بيته كما كان يفعل النبى صلى الله عليه وسلم واكن ابن عمر رضى الله عنهما يفعل ذلك اقتداءبرسول الله صلى الله عليه وسلم وفيها انه يستحب ملاقاة الحجاج قبل دخول بيوتهم والسلام عليهم ومصافحتهم باليدو طلب الدعاء منهم (وفيها ايضا) استحباب اتيان البيوت من ابوابها لا من ظهورها وفيها انه للحاج بعد قدومه ان ينحر بدنة او بقرة او ما يقدر عليه ويطعم اصحابه وجيرانه ومن يعرفه من الفقراء والله الموفق (تنبيه) الى هنا انتهى كتاب الحج وكنا قد وعدنا فى آخر ابواب المساجد اننا سنذكر فضل المساجد الثلاثة ومسجد قباء فى آخر كتاب الحج لمناسبته ذلك ولكننا رأينا الآن ان نجعلها فى كتاب الفضائل لأنه كتاب جامع شامل فيه ابواب تختص بفضائل مكة والمدينة والشام وغيرها من البلدان وكل بقعة منها رود لها فضل وعلى هذا فيسأتى ذكر كل مسجد من هذة المساجد وفضائله فى فضائل بلدهان شاء الله تعالى والله الهادي إلى سواء السبيل

(11) كتاب الهدايا والضحايا (1) باب ما جاء فى اشعار البدن وتقليد الهدى كله عن ابن عباس رضى الله عنهما ان النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صلى الظهر (1) بذى الحليفة ثم دعى ببدنته أو أتى ببدنته (2) فأشعر صفحة سنامها الايمن (3) ثم سلت الدم عنها وقلدها بنعلين (4) ثم أتى راحلته فلما قعد عليها واستوت به على البيداء أهل بالحج (2) وعنه ايضا أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أهدى

_ * (1) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عفان ثنا شعبة قال قتادة أخبرنى قال سمعت أبا حسان يحدث عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم -الحديث (غريبه) (1) اى ركعتين لكونه مسافرا وذلك فى حجة الوداع (2) البدنة واحدة الابل سميت به لعظمها وسمنها وتقع على الجمل والناقة وقد تطلق على البقرة والمراد هنا واحدة الابل (3) اشعار البدن هو ان يشق احد جنبى سنام البدنه حتى يسيل دمها ويجعل ذلك لها علامة تعرف بها انها هدى (نه) قال الحافظ وفائدة الاشعار الاعلام بانها صارت هديا ليتبعها من يحتاج الى ذلك وحتى لو اختاطت بغيرها تميزت او ضلت عرفت او عطبت عرفها المساكين بالعلامة فأكلوها مع ما فى ذلك من تعظيم شعائر الشرع وحث الغير عليه وصفحة السنام جانبه ويستحب ان يكون الاشعار فى الجانب الايمن من السنام كما فى الحديث (وقوله ثم سلت الدم عنها) اى مسحه واماطه عنها بيدهكما فى رواية ابى داود (4) اى علقهما وجعلهما فى رقبة الهدى (قال العينى) التقليد هو تعليق نعل او جلد ليكون علامة الهدى أ. هـ (قال الحافظ) قيل الحكمة فى تقليد النعل ان فيه اشارة الى السفر والجد فيه فعلى هذا يتعين والله اعلم (وقال ابن المنير) فى الحاشية الحكمة فيه ان العرب تعتد النعل مركوبة لكونها تقى عن صاحبها وتحمل عنه وعر الطريق وقد كنى بعض الشعراء عنها بالناقة فكأن الذى أهدى خرج عن مركوبه لله تعالى حيوانا او غبره كما خرج حين أحرم عن ملبوسه ومن ثم استحب تقليد نعلين لا واحدة وهذا هو الاصل فى نذر المشى حافيا الى مكة (تخريجه) (م. د. نس) (2) وعنه ايضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا وكيع ثنا سفيان.

* في بدنه جملا كان لابى جهل برته (1) فضة (3) عن عائشة رضى الله عنها قالت أهدى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مرة غنما الى البيت فقلدها (2) (4) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال أهدى رسول الله صلى

_ * عن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس -الحديث (غريبه) (1) البرة بضم الباء الموحدة وفتح الراء مخففة واصلها بروة كغرفة وهى تجعل فى أنف البغير يشد بها الزمام وقد تكون من شعر وانما جعلها ابو جهل من فضة اظهارا للفخر والعظمة وقد هذا الجمل للنبى صلى الله عليه وسلم فى غنائم بدر فجعله فى هديه عام الحديبية ليغيظ به المشركين كما سيأتى (تخريجه) (د. جه. هق) وسنده عند الامام احمد وابن ماجه رحمهما الله جيد ورواه ابو داود هكذا حدثنا النفيلى نا محمد بن سلمة ثنا محمد بن اسحاق ح وثنا محمد بن المنهال نا يزيد بن زريع عن ابن اسحاق المعنى اقل قال عبد الله يعنى ابن ابى نجيح حدثنى مجاهد عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدى يوم الحديبية فى هدايا رسول الله صلى الله عليه وسلم جملا كان لأبى جهل فى رأسه برة فضة قال ابن منهال برة من ذهب زاد النفيلى يغيظ بذلك المشركين هذا سند ابى داود ولفظه عنده (اقل البيهقى) من طريق جرير بن حازم عن ابن ابى نجيح عن مجاهد عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم أهدى فى هديه بعيرا كان لأبى جهل فى أنفه برة من فضة وقال هذا اسناد صحيح الا انهم يرون ان جرير بن حازم أخذه من محمد بن اسحاق ثم دلسه فان بين فيه سماع جرير من ابى نجيح صار الحديث صحيحا والله أعلم (3) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا ابو معاوية ثنا الاعمش عن ابراهيم عن الاسود عن عائشة -الحديث (غريبه) (2) معناه أنه صلى الله عليه وسلم كان يبعث بهديه قبل حجة الوداع مع من يحج وهو صلى الله عليه وسلم مقيم بالمدينة لا يحج وأنه بعث مرة غنما (وفى قولها مرة) اشعار بأنه صلى الله عليه وسلم كان يهدى بالبدن لكونها أفضل وأهدى مرة بالغنم لبيان الجواز وقد ثبت هديه بالبدن فى حديث آخر سيأتى فى الباب التالى (تخريجه) (ق والاربعة وغيرهم) (4) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان

* الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى البيت غنما

_ * ابن داود الهاشمي أنا عبثر بن القاسم ابو زبيد عن الاعمش عن ابى سفيان عن جابر -الحديث (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه احمد والبزار ورجاله ثقات (زوائد الباب) (عن نافع ان ابن عمر) كان اذا اهدى هديا من المدينة قلده واشعره بذى الحليفة يقلده قبل اتدن يشعرهو ذلك فى مكان واحد وهو موجه للقبلة يقلده بنعلين ويشعره من الشق الايسر ثم يساق معه حتى يوقف به مع الناس بعرفة ثم يدفع به معهم اذا دفعوا فاذا قدم منى غداة النحر نحره قبل ان يحلق او يقصر وكان هو ينحر هديه بيده يصفهن قياما ويوجههن الى القبلة ثم يأكل ويطعم رواه الامام مالك فى المؤطأ عن نافع (قال النووى) وهو صحيح بالاجماع (وفى المؤطأ ايضا) عن نافع ان عبد الله بن عمر رضى الله عنهما كان اذا طعن فى سنام هديه وهو يشعره قال بسم الله والله أكبر (وفيه ايضا) عن نافع ان عبد الله بن عمر كان يقول الهدى ما قلد واشعر ووقف به بعرفة (قال النووى) وراوه البيهقى ايضا وغيره وسنده صحيح قال وروى (البيهقى) باسناده الصحيح عن عائشة لا هدى الا ما قلد واشعر ووقف به فى عرفة (وباسناده الصحيح عنها) قالت انما تشعر البدنة ليعلم انها بدنة (وروى الامام الشافعى) أنا مسلم عن ابن جريج عن نافع عن ابن أنه كان لا يبالى فى اى الشقين أشعر فى الايسر او فى الايمن (قال الشافعى) فى غبر هذة الروايه الاشعار فى الصفحة اليمنى وكذلك أشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر حديث ابن عباس أعنى المذكور اول الباب (هق) وروى البيقهى ايضا بسنده عن ابراهيم قال ارسل الاسود له الى عائشة رضى الله عنها فسألها عن بدن بعث بها أيقف بها الى عرفات؟ فقالت ما شئتم لن شئتم فافعلوا وان شئتم فلا تفعلوا (الاحكام) احاديث الباب تدل غلى مشروعية اشعار الهدى وتقليده (قال النووى) فى شرح المهذب مذهبنا استحباب الاشعار والتقليد فى الابل والبقر وبه قال جماهير العلماء من السلف والخلف (وهو مذهب مالك واحمد وابى يوسف ومحمد وداود) قال الخطابى قال جميع الاشعار سنة ولم ينكره احد غير ابى حنيفة وقال ابو حنيفة الاشعار بدعة ونقل العبدرى عنه قوله أنه حرام لأنه تعذيب للحيوان ومثلة وقدنهى الشرع عنهما أه واجاب الخطابى انه ليس من المثلة بل هو باب آخر كالكى وشق أذن الحيوان فيصير علامة وغير ذلك من الوسم وكالختان والحجامة أه على انه لو كان من المثلة لكان فيه من أحاديث الباب مخصصا له من عموم النهى عنها وقد روى الترمذى عن النخعى انه قال بكراهة الاشعار وبهذا يتعفب على الخطابي.

(1) باب أن من بعث بهدى لم يحرم عليه شئ مما يحرم على الحاج (5) عن مسروق قال سألت عائئشة رضى الله عنها عن الرجل يبعث بهديه هل يمسك عما يمسك عنه المحرم؟ قال فسمعت صوت (وفى رواية تصفيق) يدها من وراء الحجاب ثم قالت قد كنت افتل قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يرسل بهن ولا يحرم منه شئ (زاد فى رواية) فما يحرم عليه شئ مما يحرم على الرجل من اهله حتى يرجع الناس (عن الاسود) عن عائشة رضى الله عنها قالت كنت افتل قلائد هدي

_ * وابن حزم فى جزمهما بأنه لم يقل احد بالكراهة غير ابى حنيفة (وفى احاديث الباب ايضا) دلالة على لن الاشغار يكون فى الصفحة اليمنى ولاى هذا ذهب الائمة (الشافعى وابو ثور واحمد فى رواية) وذهب الائمة (مالك ويوسف واحمد) فى رواية انها تشعر فى صفحتها اليسرى واحتجوا بان ابن عمر فعله كما رواه مالك فى الموطأ وتقدم فى الزوائد واحتج الاولون بحديث ابن عباس المذكور اول احاديث الباب واجابوا بان فعل النبى صلى الله عليه وسلم اولى من قول ابن عمر وفعله بلا خلاف ولأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعجبه التيمن فى شأنه كله (وفى حديثى جابر وعائشة المذكورين فى الباب) دلالة على جواز ان الهدى من الغنم وانها تقلد ولاى ذلك ذهب جمهور العلماء وخالف فى ذلك الحنفية فقالوا ان الهدى لا يجزئ من الغنم وقالت المالكية ان الغنم لا تقلد والحديثان مع ما فى الباب التالى من الاحاديث ترد عليهما (تنبيه) اتفق من قال بالاشعار بالحاق البقر فى ذلك بالابل الا سعيد ابن جبير واتفقوا على ان الغنم لا تشعر لضعفها ولكون صوفها يستر موضع الاشعار واما ما نقل عن الامام مالك فلكونها ليست من ذوات الاسنمة لأنه لا يشعر عنده الا ذوات الاسنمة من البقر والابل والله أعلم (5) عن مسروق (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن اسماعيل قال سمعت الشعبى يحدث عن مسروق قال سألت عائشة -الحديث غربيه (1) اى ولم يرد الحج (2) يعنى يجتنب لبس المخيط واتيان النساء والطيب ونحو ذلك (3) اى مما يحرم على المحرم (4) يعنى المحرم (تخربجه) (م. وغيره) (6) عن الاسود عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو داود

رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدع حاجة له الى امرأة (1) حتى يرجع الحاج (7) عن عائشة رضى الله عنها قالت كنت افتل قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بيدى ثم لا يعتزل شيئا (2) ولا يتركه وانا لا نعلم الحرام (3) يحله الا الطواف بالبيت (8) غن مسروق عن عائشة رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يبعث بالبدن من المدينة الى مكة وافتل قلائد البدن بيدى ثم يأتى ما يأتى الحلال قبل ان تبلغ البدن مكة (9) عن الاسود عن عائشة رضى الله عنها قالت كأنى انظر إلى أفتل (4)

_ * سليمان بن داود قال ثنا زهير قال ثنا باو اسحاق عن الاسود عن عائشة -الحديث (غريبه) (1) اى من نسائه (وفى لفظ) وما يدع حاجة ان كانت له الى امرأة الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (7) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا محمد بن مصعب قال ثنا الاوزاعى عن عبد الرحمن بن القاسم غن ابيه عن عائشة -الحديث (غريبه) (2) اى مما حرم على المحرم (3) المراد بالحرام هنا المحرم والمعنى انا لا نعلم المحرم (بضم الميم وكسر الراء) يحله شئ من احرامه حلالا خارجا عن الاحرام بالكلية حتى فى حق النساء (الا الطواف بالبيت) يعنى الطواف المفروض الذى هو ركن سواء أكان محرما بحج ام عمرة والنبى صلى الله عليه وسلم لم يحصل منه شئ من ذلك ولم الى البيت فكيف يكون حكمه كحكم المحرم؟ (تخريجه) (ق) بدون قولها انا لا نعلم الخ واخرجه النسائى والبيهقى بهذة الزيادة (8) عن مسروق عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا ابن ابى عدى عن عامر عن مسروق الحديث (تخريجه) (ق والاربعة وغيرهم) (9) عن الاسود عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يونس قال ثنا حماد يعنى ابن زيد قال ثنا منصور عن ابراهيم عن الاسود الحديث (غريبه) (4) هذة مبالغة فى انها فعلت ذلد حقبقة من غير شك كأنها فعلته الساعة

قلائد هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغنم ثم لا يمسك عن شئ (1) (10) عن القاسم بن محمد عن عائشة رضى الله عنها ان النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يبعث بالهدى ثم لا يصنع ما يصنع المحرم (2) (فصل فيمن روى من يعارض ذلك) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فقد (3) قميصه من جيبه حتى اخرجه من رجليه فنظر القوم لاى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انى امرت ببدنى التى بعثت بها ان تقلد اليوم وتشعر اليوم على ماء كذا وكذا فلبست قميصى ونسيت فلم أكن أخرج فميصى من رأسى (4) وكان قد بعث ببدنه من المدينة وأقام بالمدينة

_ * (1) أي مما حرم على المحرم فعله بل كان يفعله (تخريجه) (ق والابعة وغيرهم) (10) عن القاسم بن محمد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا قال ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوى قال ثنا ايوب عن القاسم بن محمد -الحديث (غريبه) (1) المراد انه لا يجتنب ما يجتنه المحرم من لبس المخيط والطيب وملامسة النساء ونحو ذلك فقد كان يفعل ذلك كله (تخريجه) (ق والاربعة وغيرهم) (11) عن جابر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى حدثنا على بن بحر ثنا حاتم بن اسماعيل قراءة علينا من كتابه عن عبد الرحمن عن عبد الملك بن جابر بن عبد الله -الحديث (غريبه) (3) القد القطع طولا كالشق (وقوله فنظر القوم الخ) اى نظر تعجب واستغراب لعدم معرفتهم السبب فأدرك النبى صلى الله عليه وسلم منهم فأخبرهم بسببه (4) يستفاد منه ان من بعث بهديه وهو مقيم صار حكمه كحكم المحرم يحرم عليه ما يحرم على المحرم من لبس المخيط ونحوه والجمهور على خلاف هذا الحديث وسيأتى الكلام عليه فى الاحكام (تخريجه) (طح) واورده الهيثمى وقال رواه احمد والبزار باختصار ورجال احمد ثقات اهـ وللامام احمد حيث آخر من طريق عطاء بن يسار عن نفر من بنى سلمة قالوا كان النبى صلى الله عليه وسلم جالسا فشق ثوبه فقال انى واعدت هديا يشعر اليوم قال الهيثمي ورجاله

رجال الصحيح (زوائد الباب) (عن جابر بن عبد الله) رضى الله عنهما انهم كانوا اذا كانوا حاضرين مع النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة بعث بالهدى اى بعث احدهم بالهدى فمن شاء احرم ومن شاء نرك (نس) (وعن عمرة بنت عبد الرحمن) ان ابن زياد كتب الى عائشة ان عبد الله بن عباس قال من اهدى هديا حرم عليه ما يحرم على الحاج حتى ينحر الهدى وقد بعثت بهدى فاكتبى الى بأمرك قالت عمرة قالت عائشة ليس كما ابن عباس انا فتلت قلائد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدى ثم قلدها رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده ثم بعث بها مع ابى فلم يحرم على رسول الله صلى الله عليه وسلم شئ أحله الله له حتى نحر الهدى (ق نس هق) (الاحكام () فى روايات عائشة المذكورة اول الباب دلالة على استحباب ارسال الهدى لمن لم يرد الحج ويستحب ان يقلده ويشعره من بلده بخلاف من يخرج بهديه يريد الحج او العمرة فانه يشعره ويقلده حين يحرم من الميقات (وفيها) ان من قلد هديه واشعره وبعث به وهو مقيم لا يصير محرما بذلك وانما يصير محرما بنية الاحرام والتوجه لأداء النسك (والى ذلك ذهب جمهور العلماء وفقهاء الامصار) وهو قول ابن مسعود وعائشة وانس وابن الزبير وآخرين وحجتهم ما روى عن عائشة فى هذا الباب (وقال عمر وعلى) وفيس بن سعد وابن عمر وابن عباس رضى الله عنهم والنخعى وعطاء وابن سيرين وآخرون من ارسل الهدى واقام حرم عليه ما يحرم على المحرم حكاه ابن المنذر (قلت) وحجتهم حديث جابر المذكور آخر أحاديث الباب وما فى الزوائد عن عطاء وجابر وهو يعارض ما روى عن عائشة ويمكن الجمع بين ما روى عن عائشة وحديث جابر بأن الاحرام بسبب ارسال الهدى جائز من شاء فعله ومنشاء تركه كما يدل ذلك رواية النسائى عن جابر المذكورة فى الزوائد وان النبى صلى الله عليه وسلم فعل ذلك مرة لبيان الجواز ثم تركه والترك افضل لانه كان اكثر احواله صلى الله عليه وسلم ولان روايات عائشة متفق على صحتها وقد ثبت وقد ثبت فيها ان النبى صلى الله عليه وسلم ارسل الهدى مع ابيها ولم يحرم عليه شئ احله الله له رواه الشيخان وهو مذكور فى الزوائد وكان ذلك سنة تسع من الهجرة وهى آخر سنة ارسل فيها الهدى لانه صلى الله عليه وسلم حج فى السنة التى تليها اعنى سنة عشر هذا ما ظهر لى والله أعلم (قال الحافظ) وقد ذهب (سعيد بن المسيب) الى انه لا يجتنب شيئا مما يجتنبه المحرم الا الجماع ليلة جمع رواه بان ابى شيبة عنه باسناد صحيح عنه أهـ (قلت) وجاء غن الزهرى ما يدل على ان الامر استقر على خلاف ما قال ابن عباس ففى البيهقى من طريق ابى اليمان عن شعيب قال قال الزهرى اول من كشف العمى عن الناي وبين السنة فى ذلك عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم (قال الزهرى) فاخبرنى عروة بن الزبير وعمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة أن

(3) باب عدم جواز ابدال الهدى المعين فان لم يوجد وكان من الابل يبدل بسبع شياه (12) عن سالم عن ابيه (عبد الله بن عمر رضى الله عنهما) قال أهدى عمر بن الخطاب رضى الله عنه بختية (1) اعطى بها ثلاثمائة دينار فأتى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقال يا رسول الله اهديت بختية لى اعطيت بها ثلاثمائة دينار فانحرها واشترى بثمنها بدنا؟ قال لا ولكن انحرها اياها (13) عن ابن عباس رضى الله عنهما ان النبى صلى الله عليه وسلم اتاه رجل فقال إن

_ * عائشة رضي الله عنها قالت ان كنت افتل قلائد الهدى هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث هديه وهو مقيم بالمدينة ثم لا يجتنب شيئا حتى ينحر هديه فما بلغ الناس قول عائشة هذا اخذوا بقولها وتركوا فتوى ابن عباس وروى فى هذا المعنى مسروق والاسود عن عائشة أه والله أعلم (12) عن سالم عن ابيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنامحمد بن سلمة عن ابى عبد الرحيم عن الجهم بن الجارود عن سالم عن ابيه -الحديث (غريبه) (1) بضم الباء الموحدة وسكون الخاء المعجمة ثم ياء مثناة (قال فى القاموس) هى الابل الخراسانية وقال فى النهاية البختية هى الانثى من الجمال البخت والذكر بختى وهى جمال طوال الاعناق أه وفى بعض نسخ ابى داود بختيا بالتذكير وفى بعضها نجيبا بفتح النون وكسر الجيم ثم باء موحدة (قال فى النهاية) النجيب الفاضل من كل حيوان ثم قال وقد تكرر فى الحديث ذكر النجيب من الابل مفردا ومجموعا وهو القوى منها الخفيف السريع أه (2) جمع بدنه يريد انه يمكنه شراء جماعة من الابل بثمنها فتكون افضل فى نظره من الواحدة لكثرة الانتفاع بها والصحابة رضى الله عنهم كانوا يسارعون الى فعل الافضل فقال له النبى صلى الله عليه وسلم لا اى لا تبعها ولكن انحرها وقوله اياها للتأكيد لانه هى التى تعينت للهدى فلا يجزئ غيرها وكأنه صلى الله عليه وسلم رأى انه اذا أجاز ابدالها بالأفضل ربما جر ذلك الى ابدالها بالأدنى فقصر الحكم على التعيين والله أعلم (تخريجه) (د هق حب خز) والبخارى فى تاريخه وسنده جيد الا ان المنذرى قال قال البخارى لا يعرف لجهم سماع من سالم (13) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا روح ثنا ابن جريج قال قال عطاء الخراسانى عن ابن عباس ان النبى صلى الله عليه وسلم -الحديث (غريبه)

على بدنة (1) وانا موسر بها (2) ولا أجدهل فأشتريها؟ فأمره النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ان يبتاع (3) سبع شياه فيذبحهن

_ (1) أي واجبة بنذر او جزاء صيد او كفارة وطء (2) اىنا من جهة المال قادر على ثمنها ان وجدتها ولكنى لم اجدها وقوله فاشتريها بالنصب جواب النفى (3) اى يشترى سبع شياه فيذبحهن بدلها (تخريجه) (جه) قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجة ورجاله رجال الصحيح الا أن عطاء الخراسانى لم يسمع من ابن عباس قاله الامام أحمد لكن قال قال شيخنا ابو زرعة روايته عن ابن عباس فى صحيح البخارى اى فهذا يدل على السماع أه (قلت) ويشهد لصحته ما رواه الشيخان والامام أحمد من حديث جابر وسيأتى فى الباب التالى قال (ساق رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية سبعين بدنة قال نحر البدنة عن سبعة) واورده الحافظ فى التلخيص وسكت عنه واورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله ثقات (الاحكام) حديث ابن عمر يدل على انه لا يجوز بيع الهدى المعين لابداله بمثله أو افضل منه (والى ذلك ذهب جمهور العلماء) (قال الشوكانى وقد جوزت الهادوية ذلك وأجاب صاحب عن حديث الباب بأنه حكاية فعل لا يعلم وجهها فيحتمل أنه صلى الله عليه وسلم رأى نجيبته أفضل ولا يخفى أن رد السنن الفعلية بمثل هذا يستلزم رد أكثر أفعاله صلى الله عليه وسلم ويستلزم رد ما لا يعلم وجهه من أقواله صلى الله عليه وسلم فيفضى ذلك الى رد أكثر السنة وذلك باطل مخالف لأكثر الآيات القرآنية القاضية باتباع الرسول والتأسى به والاخذ بما أتى لأنها لم تفرق بين ما علم وجهه وما جهل فمن ادعى اعتبار العلم فعليه الدليل (ثم قال) ثم ان صح ما ادعاه صاحب ضوء النهار من الاجماع على جواز ابدال الأدون بأفضل كان حجة عند من يرى حجية الاجماع على جواز مجرد الابدال بالأفضل ولكنه ينبغى ان يبحث عن صحة ذلك (فان الشافعى وبعض الحنفية) قد احتجوا بالحديث على المنع من مطلق التصرف ولو كان للابدال بأفضل كما حكاه صاحب البحر أه (وفى حديث ابن عباس) دليل على ان من وجبت عليه بدنة معينة ولم يجدها جاز له شراء سبع شياه يذبحهن بدلها ولم اقف على كلام للفقهاء لهذة المسألة الاعند الحنابلة (قال الخرقى) فى مختصره) (ومن وجبت عليه بدنة فذبح سبعا من الغنم أجزأه) قال بان قدامة فى شرحه المغنى ظاهر هذا أن سبعا من الغنم يجزئ عن البدنة مع القدرة عليها سواء كانت البدنة واجبة بنذر او جزاء صيد او كفارة وطء وقال بان عقيل انما يجزئ ذلك عنها عند عدمها فى ظاهر كلام احمد لأن ذلد بدل عنها فلا يصار اليه مع وجودها كسائر الابدال فأما مع عدمها فيجوز لما روى ابن عباس

(4) باب الاشتراك فى الهدى وان البدنة من الابل والبقرتجزئ عن سبعة (14) عن جابر رضى الله عنه قال حججنا مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فنحرنا البعير عن سبعة والبقرة عن سبعة وعنه ايضا قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن نشترك فى الابل كل سبعة منا فى بدنة (16) عن ابى سفيان عن جابر رضى الله عنه قال ساق رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية سبعين بدنة قال فنحر االبدنة عن سبعة (1) (ومن

_ * فذكر حديث الباب وقال رواه ابن ماجة قال ابن قدامة ولنا ان الشاة معدولة بسبع بدنة وهى اطيب لحما فاذا عدل عن الادنى الى الاعلى جاز كما لو ذبح بدنة مكان شاة أه (قلت) والظاهر الموافق لحديث الباب ما استظهره ابن عقيل من كلام الامام احمد تمشيا مع الدليل والله أعلم (واستدل بحديث الباب) من قال عدل البدنة سبع شياه (وهو قول الجمهور) وادعى الطحاوى وابن رشد أنه اجماع وسيأتى الخلاف فى ذلك فى أحكام الباب التالى ان شاء الله نعالى والله الموفق (14) عن جابر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا وكيع ثنا عزرة بن ثابت عن ابى الزبير عن جابر -الحديث (تخريجه) (م هق) وعنه ايضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يحى بن آدم وابو النضر قالا ثنا زهير ثنا ابى الزبير عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج معنا النساء والولدان فما قدمنا بالبيت وبالصفا والمروة فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من يكن معه هدى فليحلل قلنا اى حل قال الحل كله قال فأتينا النساء ولبسنا الثياب ومسسنا الطيب فلما كان يوم التروية اهللنا بالحج وكفانا الطواف الاول بين الصفا والمروة وأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك فى الابل -الحديث وتقدم نحوه فى مواضع متعددة من كتاب الحج (تخربجه) (م هق وغيرهما) (16) عن ابى سفيان عن جابر -الحديث (غريبه) (1) ان قيل هذا يقتضى ان الناس كانوا تسعين وأربعمائة وقد ثبت عند الشيخين والإمام أحمد

طريق ثان) (1) عن ابى الزبير عن جابلا قال نحرنا بالحدبيية مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة (17) عن عطاء عن جابر رضى الله عنه قال كنا (2) نتمتع مع النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فنذبح البقرة عن سبعة نشترك فيها (18) عن المغيرة بن حذف عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال شرك او أشرك رسول الله صلى الله عليه وو على آله وصحبه وسلم فى حجته بين المسلمين فى البقرة عن سبعة

_ * من حديث جابر ايضا وسياتى فى باب بيعة الرضولن من كتاب الغزوات انهم كانوا الفا وأربعمائة (قلت) ليس المراد استيعاب العدد جميعه بالسبعين بدنة لاحتمال ان بعضهم اهدى بقرا وبعضهم اهدى غنما ويؤيد ذلك ما جاء فى الطريق الثانية انهم نحروا البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة فكأنهم نحروا السبعين عن بعضهم ونحروا البقر عن باقيهم عن كل سبعة واحدة والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يحى ابن عن عبد الملك عن عطاء عن جابر -الحديث (غريبه) (2) فى قوله كنا نتمتع دليل للفظ الصحيح عند الاصوليين ان لفظ كان لا يقتضى التكرار لأن احرامهم بالتمتع من العمرة الى الحج مع النبى صلى الله عليه وسلم انما وجد مرة واحدة وهى حجة الواع قاله النووى (تخريجه) رواه مسلم والنسائى (18) عن المغيرة بن حذف (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يحى بن آدم ثنا ابو اسرائيل ثنا الحكم بن عتيبة عن المغيرة بن حذف العبسى عن على وحذيفة بن اليمان وعائشة رضى الله عنهم وعنه الحكم بن عتيبة وزهير بن ابى ثابت وغيرهما قال ابن معين مشهور (قال الحافظ) وذكره ابن خلفون فى الثقات أه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد واورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله ثقات

(19) عن مجالد بن سعيد حدثنى الشعبى قال سألت ابن عمر قلت الجزور والبقرة (1) تجزئ عن سبعة؟ قال يا شعبى ولها سبعة أنفس؟ (2) قال قلت ان أصحاب محمد (3) صلى الله عليه وسلم يزعمون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم سن الجزور والبقرة عن سبعة قال فقال ابن عمر لرجل أكذاك يا فلان (4) قال نعم قال ما شعرت بهذا (20) عن سلمة بن كهيل عن حجية قال سأل رجل عليا رضى الله عنه عن البقرة فقال عن سبعةفقال مكسورة القرن (5) فقال لا يضرك قال العرجاء؟ قال فاذا بلغت المنسك (6) فاذبح أمرنا رسول الله صلى الله عليه

_ (19) عن مجالد بن سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يونس بن محمد ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا مجالد بن سعيد -الحديث (غربيه) الجزور من الابل خاصة يقع على الذكر والانثى والجمع جزر مثل رسل ويجمع ايضا على جزرات ثم جزائر ولفظ الجزور انثى يقال رعت الجزور قال ابن الانبارى وزاد الصفانى وقيل الجزور الناقة التى تنحر وجزرت الجزور وغيرها من باب قتل نحرتها والفاعل جزار والحرفة الجزارة بالكسر والمجزر موضع الجزر مثل جعفر ور بما دخلته فقيل مجزرة كذلك فى المصباح (2) يعنى سبعة أرواح يريد ابن عمر انها نفس واحدة تجزئ عن شخص واحد فيما يعلم (3) الظاهر والله أعلم انه يريد جابر بن عبد الله رضى الله عنهما لانه ثبت فى بعض الروايات عند الامام من طريق الشعبى حدثنى جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سن الجزور والبقرة عن سبعة (4) لم يسم الرجل الذى سأله ابن عمر وانما سأله ليستظر به على قول الشعبى فلما قال نعم لم يعارض ابن عمر وقال ما شعرت بهذا يعنى ما علمت وعدم علمه لا ينافى علم غيره فقد علمه الصحابة جابر وحذيفة وعلى وعائشة رضى الله عنهم أجمعين (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (20) عن سلمة بن كهيل (سنده)) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا وكيع ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل -الحديث (غريبه) (5) اى ما حكمها فقال لا يضرك يعنى لا يعبها ذلك وبه قال الامامان أبو حنيفة والشافعى والجمهور (6) المنسك بفتح

وعلى آله وصحبه وسلم أن نستشرف (1) العين والأذن (21) عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نحر عن أزواجه بقرة (2) فى حجة الوداع (22) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال نحر النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن عائشة رضى الله عنها بقرة فى حجته

_ * الميم مع فتح السين وكسرها موضع الذبح يريد والله أعلم اذا كان عرجها خفبفا غير بين بحيث يمكنها المشى الى موضع الذبح فلا يعد عيبا بخلاف البين عرجها فانهم أجمعوا على عدم اجزائها وسيأتى الكلام على ذلك فى باب ما لا يضحى به لعيبه من أبواب الأضحية لأن كل ما كان ما عيبا فى الأضحية فهو عيب فى الهدى وكل ما يجزئ فى الأضحية يجزئ فى الهدى (1) اى نشرف عليهما ونتأملهما كى لا يقع فيهما نقص أو عيب (تخريجه) أخرجه الترمذى بلفظ حديث الباب الا انه زاد بعد قوله عن سبعة (قلت فان ولدت قال فاذبح ولدها معها) وقال الترمذى حديث حسن صحيح أه وأخرجه ايضا الحاكم وصححه وأقره الذهبى (21) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عثمان ثنا يونس عن الزهرى وجدت فى موضع عن عروة وموضع آخر عن عمرة كلاهما قاله عثمان عن عائشة -الحديث (غريبه) (2) لفظ ابى داود وابن ماجة بقرة واحدة وهو يفيد أنه صلى الله عليه وسلم أشركهن جميعا فى البقرة وهن تسع والبقرة لا تجزئ الا عن سبع باتفاق العلماء وهذا مشكل وقد جاء حل هذا الاشكال فى روايه لأبى داود وابن ماجه من طريق الوليد بن مسلم عن الوزاعى عن يحي ابن ابى كثير عن ابى سلمة عن ابى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح عمن اعتمر من نسائه بقرة بينهن فيحمل حديث الباب عمن اعتمرن من نسائه وكن سبعا ويؤيد ذلك انه صلى الله عليه وسلم ذبح بقرة عن عائشة كما سيأتى لأنها لم تكن ممن اعتمرن والله أعلم (تخريجه) (م د. نس. جه ... . هق) (22) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا محمد بن بكر وروح قالا أنا ابن جريج أخبرنى أبو الزبير انه سمع جابرا يقول نحر النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم -الحديث (تخريجه) (م)

(23) عن عكرمة مولى ابن عباس زعم ان ابن عباس رضى الله عنهما أخبره أن النبى صلى الله عليه وسلم قسم غنما يوم النحر فى أصحابه وقال اذبحوها لعمرتكم فانها تجزئ عنكم فأصاب سعد بن ابى وقاص رضى الله عنه تيس (1)

_ * (23) عن عكرمة مولى ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج قال أخبرنى عكرمة مولى ابن عباس -الحديث (غريبه) (1) التيس الذكر من المعز اذا اتى عليه الحول وقبل الحول جدى والجمع تيوس مثل فلس وفلوس وفيه ان لفظ الغنم يشمل المعز ايضا لأنه اسم جنس يطلق على على الضأن والمعز وقد تجمع على أغنام وفيه أن التيس من المعز يجزئ ويصح الاهداء به والواحد من الغنم سواء أكان ضأنا أم معزا لا يجزئ الا عن شخص واحد فى الهدى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (زوائد الباب) (عن عبد الله بن مسعود) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزور والبقرة عن سبعة (طص طس) وفيه حفص بن جميع وهو ضعيف وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الحديبية شرك بين سبعة من أصحابه فى البدنة (طس) وفيه معاويه بن يحى الصدفى وهو ضعيف (وعن أبى الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال اشتركنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى الحج والعمرة كل سبعة فى بدنة قفال رجل أيشترك فى البدنة ما يشترك فى الجزور؟ قال ما هى الامن البدن (وعنه ايضا) انه سمع جابر بن عبد الله يحدث عن حجة النبى صلى الله عليه وسلم قال فأمرنا اذا احللنا ان نهدى ويجتمع النفر منا فى الهدية وذلك حين أمرهم أن يحلوا من حجهم فى هذا الحديث رواهما مسلم فى صحيحه (الاحكام) أحاديث الباب تدل على جواز الاشتراك فى الهدى اذا كان من الابل او البقر وللعلماء خلاف فى ذلك (فذهب الامامان الشافعى واحمد) والجمهور الى جواز الاشتراك فى الهدى سواء أكان تطوعا وسواء أكانوا متقربين او بعضهم يريد القربة وبعضهم يريد اللحم واستدلو اباحاديث الباب (وقال داود وبعض المالكية) يجوز الاشتراك فى هدى التطوع دون الواجب وهو مردود بحديث عطاء عن جابر المذكور فى الباب لأنه صريح فى جواز الاشتراك فى دم التمتع وهو واجبلقوله تعالى " فمن تمتع بالعمرة الى الحج فما استيسر من الهدى " (وذهب الإمام مالك) إلى عدم جواز الاشتراك في الهدي مطلقاً وأحاديث الباب تخالفه

(5) باب ما جاء في ركوب البدن المهداة (24) عن محمد بن عبيد الله عن أبيه عن عمه قال قال على رضى الله عنه وسئل يركب الرجل هديه؟ فقال لا بأس كان النبى صلى الله عليه وسلم يمر بالرجال يمشون فيأمرهم يركبون هديه (1) وهدى النبى صلى الله عليه وسلم قال ولا تتبعون شيئا

_ - وروي عن ابن عمر نحو ذلك ولكنه روى عنه الامام احمد ما يدل على الرجوع ولعل الامام مالك رحمه الله لم يبلغه ذلك (وذهب الامام ابوحنيفة) الى جوازه ان كانوا متقربين سواء أكان هدى تطوع او واجب وليس فيهم من يريد اللحم وأجاب الاولون عن ذلك بأن الجزء المجزى لا ينتقص بارادة الشريك غير القربة فجاز كما لو اختلفت جهات القرب فأراد بعضهم المتعة والآخرون القران بل يجوز أن يقتسموا اللحم لأن القسمة افراز حق وليست بيعا (واجمعوا) على ان الشاة لا يجوز الاشتراك فيها وفى هذة الاحاديث ان البدنة تجزئ عن سبعة والبقرة عن سبعة وتقوم كل واحدة مقام سبع شياة حتى لو كان على المحرم سبعة دماء لغير جزاء الصيد وذبح عنها بدنة او بقرة أجزأه عن الجميع ولكن حكى الترمذى عن اسحاق بن راهويه أن البدنة من الابل تجزئ عن عشرة وهى احدى الروايتين عن سعيد بن المسيب واليه ذهب ابن خزيمة واحتجوا بحديث ابن عباس رضى الله عنهما "قال كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر فحضر النحر فذبحنا البقرة عن سبعة والبعير عن عشرة "وحجة فيه لأنه فى الاضحية وسسأتى ذها الحديث والكلام والخلاف فبه فى باب التضحية فى البعير عن عشرة وبالبقرة عن سبعة الخ لانه محله وفى أحاديث الباب ايضا دلالة على ان الواحد من الغنم سواء أكان من الضأن ام المعز يصح الاهداء به ولكنه لا يجزئ الا عن شخص واحد وسيأتى ذكر السن الذى يجزئ فى الهدى وذكر عيوبه فى أبواب الاضحية لأن ما جاز فى الاضحية جاز فى الهدى وما لا فلا والله سبحانه وتعالى أعلم - (24) عن محمد بن عبيد الله (سنده)) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا أسود بن عامر أنبأنا اسرائيل عن محمد بن عبيد الله -الحديث (غريبه) (1) معناه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يأمرهم بركوب هدي على وهدي النبي صلى الله عليه وسلم (وقوله قال ولا تتبعون شيئاً إلخ) القائل هو علي رضي الله عنه، ومعناه أنه يحثهم على اتباع سنة النبي صلى الله عليه وسلم قولاً

أفضل من سنة نبيكم صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (25) عن ابى هريرة رضى الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلا (1) يسوق بدنة قال اركبها ويحك (2) قال انها بدنه قال اركبها ويحك قال انها بدنة قال اركبها ويحك (3) (وعنه من طريق ثان (4) بنحوه) وزاد قال ابوهريرة فلقد رأيته يساير (5) النبى صلى الله عليه وسلم وفى عنقها نعل (26) وعن أنس بن مالك رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم بنحوه بدون الزيادة

_ وفعلا فانها أفضل ما يتبع (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد واورده الهيثمى وفيه محمد بن عبيد الله بن ابى رابع وثقه ابن حبان وضعفه جماعة (25) عن ابى هريرة (سنده)) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا ربعى ثنا عبد الرحمن ثنا ابو الزناد عن الاعرج عن ابى هريرة -الحديث (غريبه) (1) الحافظ لم أقف على اسمه بعد طول البحث (وقوله يسوق بدنه) زاد مسلم مقلدة (2) ويح كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع فى هلكة لا يستحقها فكأن النبى صلى الله عليه وسلم لما رأى ما حل بالرجل من شدة التعب والجهد وخشى عليه الهلاك من المشى قال له ذلك (وقول الرجل انها بدنه) اراد انها بدنه مهداة الى البيت الحرام ولو مراده الاخبار عن كونها بدنة لم يكن الجواب مفيدا لأن كونها من الابل معلوم فالظاهر ان الرجل ظن انه خفى على النبى صلى الله عليه وسلم كونها هديا ولم يفهم ان النبى صلى الله عليه وسلم يعلم ذلك مع انها كانت مقلدة كما فى رواية مسلم واصرح منه فى الرواية الثانية عند الامام احمد والبخارى وهو فوله وفى عنقها نعل (3) زاد ابو يعلى من رواية الحسن فركبها (4) (سنده)) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن يحى بن ابى كثير عن عكرمة عن ابى هريرة قال مر النبى صلى الله عليه وسلم برجل يسوق بدنة قال النبى صلى الله عليه وسلم اركبها قال انها بدنة قال اركبها قال ابو هريرة فاقد رأيته الخ (5) أى يسير معه راكبا (تخريجه) (ق لك د نس ص هق) (26) وعن انس بن مالك رضى الله عنه (سنده)) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا هشيم قال وانا حميد عن ثابت عن أنس وأظننى قد سمعت من أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يسوق بدنة فقال اركبها قال انها بدنة فقلا اركبها قال انها بدنة قال اركبها مرتين أو ثلاثا (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم والنسائي والبيهقي

(27) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما وقد سئل عن ركوب الهدى قفال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول اركبها باللمعروف (1) اذا ألجئت اليها حتى تجد ظهرًا

_ (27) عن جابر بن عبد الله (سنده)) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يحى بن سعيد عن ابن جريج أخبرنى الزبير سمع جابر بن عبد الله يسئل عن ركوب الهدى -الحديث (غريبه) (1) أى بوجه لا يلحقها ضرر اذا اضطررت الى ركوبها (حتى تجد ظهرا) اى مركوبا آخر (تخريجه) (م د نس هق) (الاحكام) احلديث الباب تدل على جواز ركوب الهدى مطلقا من غير فرق ين ما منه واجبا أو تطوعا لتركه النبى صلى الله عليه وسلم للاستفصال (وبه قال عروة بن الزبير) ونسبه ابن المنذر الى الامامين (أحمد واسحق) وبه قال أهل الظاهر وجزم به النووى وجماعة من أصحاب الامام الشافعى كالقفال والمارودى وحكى اين عبد البر عن الائمة (الشافعى ومالك وابى حنيفة) وأكثر الفقهاء كراهة ركوبه لغير حاجة وحكاه الترمذى ابضا عن الائمة (أحمد واسحق والشافعى) وقيد الجواز بعض الحنفية للاضطرار ونقله ابن ابى شيبة عن الشعبى وحكى ابن المنذر (عن الامام الشافعى) أنه يركب اذا اضطر ركوبا غير فادح وحكى ابن العربى (عن الامام مالك) أنه يركب للضرورة فاذا استراح نزل يعنى اذا انتهت ضرورته والدليل على اعتبار الضرورة ما فى حديث جابر المذكور فى الباب من قوله صلى الله عليه وسلم اركبها بالمعروف اذا ألجئت اليها ونقل ابن العربى عن الامام ابى حنيفة أنه لا يجوز ركوب الهدى مطلقا ولكن نقل عنه الطحاوى الجواز مع الحاجة ويضمن ما نقص منها بالركوب والطحاوى أقعد بمعرفة مذهب امامه وقد وافق الشافعى ابا حنيفة على ضمان النفص فى الهدى الواجب ونقل ابن عبد البر عن بعض أهل الظاهر وجوب الركوب تمسكا بظاهر الامر ولمخالفة ما كانوا عليه فى الجاهلية من البحيرة والسائبة ورده بأن الذين ساقوا الهدى فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم كانوا كثيرا ولم يأمر أحدا منهم بذلك أه وتعقبه الحافظ بحديث على رضى الله عنه المذكور فى الباب قال وله شاهد مرسل عند سعيد بن منصور باسناد صحيح رواه ابو داود فى المراسيل عن عطاء قال كان النبى صلى الله عليه وسلم يأمر بالهدية اذا احتاج اليها سيدها أن يحمل عليها أو يركبها غير منهكها (واختلف) من أجاز الركوب هل يحمل عليها متاعه فمنعه الامام مالك وأجازه الجمهور وهل يحمل عليها غيره اجازه الجمهور ايضا على التفصيل المتقدم

(6) باب ما جاء فى الهدى يعطب قبل المحل (28) عن موسى بن سلمة قال حججت انا وسنان بن سلمة ومع سنان فأزحفت عليه (1) فعيى بشأتها فقلت لئن قدمت مكة لأستحفين (3) عن هذا قال فلما قدمنا مكة قلت انطلق بنا الى ابن عباس فدخلنا عليه وكانت غنده جارية وكان لى حاجتان ولصاحبى حاجة قفال الا اخليك؟ (4) قلت لا فقلت كانت معى بدنة فأزحفت علينا قفلت لئن قدمت مكة لأستحفين عن هذا قلا ابن عباس بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبدن مع فلان وأمره (5)

_ * ونقل عياض الاجماع على أنه لا يؤجرها (واختلفوا ايضا) فى اللبن اذا احتلب منه شيئا (فعند العترة والشافعية والحنفية يتصدق به) فان أكله تصدق بثمنه (وقال الامام مالك) لا يشرب من لبنه وان شرب لم يغرم أفاده الشوكانى ملخصا من فتح البارى والله أعلم (28) عن موسى بن سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا أبو التياح عن موسى بن سلمة -الحديث (غريبه) (1) قال النووى هو بفتح الهمزةو اسكان الزاى وفتح الحاء المهملة هذا رواية المحدثين لا خلاف ينهم فيه (قال الخطابى) كذا يقول المحدثون قال وصوابه والاجود فأزحفت بضم الهمزة يقال زحف البعير اذا قام وأزحفه اذا السير بالالف فيهما وكذا قال الجوهرى وغيره يقال زحف البعير وأزحف لغتان وأزحفه السير وأزحف الرجل وقف بعيره فحصل أن انكار الخطابى ليس بمقبول بل الجميع جائز (ومعنى أزحف وقف من الكلال والاعياء) (2) ذكر صاحب المشارق والمطالع أنه روى على ثلاثة أوجه (أحدهما) وهىلا رواية الجمهور فعيي بيائين من الاعياء وهو العجز ومعناه عجز عن معرفة حكمها لو عطبت عليه فى الطريق كيف يعمل و (الوجه الثانى) فعى بياء واحدة مشددة وهى لغة بمعنى الاولى (والوجه الثالث) فعنى بضم العين وكسر النون من العناية بالشئ والاهتمام به (3) بالحاء المهملة وبالفاء أى لأسألن سؤالا بليغا عن ذلك يقال أحفى فى المسأة اذا ألح فيها وأكثر منها (4) القائل ألا أخليك هو ابن عباس رضى الله عنهما لموسى بن سلمة أى ألا أجلعك خاليا معى تذكر حاجتك على انفراد؟ (5) بتشديد الميم أى جعله أميرا فيها لينحرها بمكة بأمر النبى صلى الله عليه وسلم وجاء عند مسلم بلفظ "بعث رسول

فيها بأمره فلما قفا (1) رجع فقلا يا رسول الله ما أصنع بما أزحف على منها؟ قال انحرها واصبغ (2) نعلها فى دمها واضربه على صفحتها ولا تأكل منها أنت ولا أحد من رفقتك (3)

_ الله صلى الله عليه وسلم بست عشرة بدنة مع رجل وأمره فيها الخ ولم يذكر اسم الرجل ايضا وذكره صاحب المرقاة انه ناجية الاسلمى وسيأتى الكلام عليه بعد حديث ابن عباس الآتى (1) بتشديد الفاء اى ذهب موليا وكأنه من القفا اى أعطاه قفاه وظهره (2) بضم الموحدة ويجوز فتحها وكسرها اى اغمس (نعلها) بالافراد وكذلك عند ابى داود ورواية مسلم وفى رواية اخرى له (نعليها) بالتثنية والمراد النعل المعلقة بعنقها واحدة كانت او اثنتين فان كانتا اثنتين كما هى السنة فليجعل كل واحدة منهما على صفحة من صفحتى سنامها ليعلم من مر به انه هدى فيأكله من يستحق من الفقراء (3) بضم الراء وسكون الفاء (وفى القاموس) الرفقة مثلثة اى رفقائك فى السفر (قال الطيي) سواء كان فقيرا او غنيا وانما منعوا ذلك قطعا لأطماعهم لئلا ينحرها أحد ويتعلل بالعطب أه (وقال النووى) وفى المراد بالرفقة وجهان لاصحابنا (احدهما) انهم الذين يخالطون المهدى وغيره دون باقى القافلة (والثانى) وهو الاصح وهو الذى يقتضيه ظاهر الحديث وظاهر نص الشافعى وكلام جمهور اصحابنا ان المراد بالرفقة جميع القافلة لأن السبب الذى منعت به الرفقة هو خوف تعطيبهم اياه وهذا موجود فى جميع القافلة (فان قيل) ان لم تجوزوا لأهل القافلة أكله وترك فى البرية كلن طعمة للسباع وهذا اضاعة مال (قلنا ليس فيه اضاعة بل العادة الغالبة ان سكان البوادى وغيرهم يتبعون منازل الحج لالتقاط ساقطة ونحوه وقد تأتى قافلة فى اثر قافلة والله أعلم ... انتهى (تخريجه) (م ... د ... نس) مختصرا الى قوله ولا احد من رفقتك واختصرت انا ايضا رواية الامام احمد كذلك (وبقيته عند الامام احمد) قال قفلت له أكون فى هذة المغازى فأغنم فأعتق عن أمى أفيجزئ عنها أن أعتق؟ فقال ابن عباس امرت امراة سلمان بن عبد الله الجهنى ان يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن امها لم تحجج ايجزئ ايجزئ عنها ان تحج عنها؟ قال نعم قال فلتحجج عن أمها وسأله عن ماء البحر فقال ماء البحر طهور هذا آخر الحديث عند الامام احمد وهذة الزيادة تشتمل على مسألتين (الاولى) مسألة العتق عن الميت (والثانية) مسألة طهور ماء البحر وقد تقدم الكلام عن الاولى منهما فى باب ما جاء

(29) عن ابن عباس رضى الله عنهما ان رسول الله عليه وسلم بعث بثمان عشرة (1) بدنة فأمره فيها بأمره قانطلق ثم رجع اليه فقال أريت ان أزحف علينا منه شئ فقال انحرها ثم اصبغ نعلها فى دمها ثم اجعلها على صفحتها ولا تأكل منها أنت ولا رفقتك (2) (30) عن هشام بن عروة عن ابيه عن ناجية الخزاعى (1) وكان صاحب

_ في وصول القرب المهداة الى الميت صحيفة 97 فى الجزء الثامن وفى باب وجوب الحج على الشيخ الكبير الخ صحيفة 23 فى الجزء الحادى عشر (والثانية) تقدم الكلام عليها فى باب طهارة ماء البحر صحيفة 203 فى الجزء الاول (وقوله وسأله عن ماء البحر الخ) القائل وسأله هو موسى بن سلمة راوى الحديث والسائل هو أخوه سنان بن سلمة صاحب البدنة وهذا السؤال هو حاجة أخيه التى ابهمها فى قوله فى حديث الباب (وكان لى حاجتان ولصاحبى حاجة) اما حاجتاه فأحدهما السؤال عن البدنة التى عطبت (والثانية) السؤال عن العتق عن الميت والله أعلم (29) عن ابن عباس رضى الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا اسماعيل أنبأنا ابو التياح عن موسى بن سلمة عن ابن عباس -الحديث (غريبه) (1) تقدم فى شرح الحديث السابق انه جاء عند مسلم بلفظ بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بست عشرة بدنةو جاء هذا الحديث بلفظ ثمان عشرة بدنة كرواية الامام احمد (قال النووى) يجوز انهما قضيتان ويجوز ان يكون قضية واحدة والمراد ثمان عشرة وليس فى قوله ست عشرة نفى الزيادة لأنه مفهوم عدد ولا عمل عليه أه (2) اى من رفقائك فأهل زائد والاضافة بيانية وفى آخر هذا الحديث بعد قوله رفقتك قال عبد الله يعنى ابن الامام احمد قال ابى ولم يسمع اسماعيل بن علية من ابى التياح الا هذا الحديث (تخريجه) (م د نس هق) (30) عن هشام بن عروة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا وكيع ثنا هشام بن عروة -الحديث (غريبه) (1) هكذا عند الامام احمد والترمذى وابن ماجة عن ناجية الخزاعى وعند ابى داود والبيهقى غن ناجية الاسلمى وكلهم يروونه عن هشام بن عروة عن ابيه عن ناجية ورواه الامام مالك فى الموطأ عن هشام بن عروة عن ابيه ان صاحب هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من الهدي

بدن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال قلت (وفى لفظ يا رسول الله) كيف أصنع بما عطب (2) من البدن قال انحره (3) واغمس نعله فى دمه واضرب صفحته وخل بين الناس وبينه فيأكلوه (31) عن شهر بن حوسب قال حدثنى الانصارى صاحب بدن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (4) فذكر نحو الحديث المتقدم ولا تأكل منها انت ولا أحد من أهل رفقتك

_ الحديث قال الحافظ فى الاصابة بعد ذكر طرقه ولم يسم أحدا منهم والد ناجية لكن قال بعضهم الخزاعى وبعضهم الاسلمى ولا يبعد التعدد وقد ثبت من حديث ابن عباس ان ذؤيبا الخزاعى حدثه انه كان مع البدن ايضا (قلت حديث ذؤيب سيأتى بعد حديث) قال وأخرج ابن ابى شيبة عن عروة ان النبى صلى الله عليه وسلم بعث ناجية الخزاعى عينا فى فتح مكة وقد ابو الفتح الازدى وابو صالح المؤذن بان عروة تفرد بالرواية عن ناجية الخزاعى فهذا يدل على انه غير الاسلمى أه والله أعلم (2) بكسر الطاء أى عيي وعجز عن السير وقف فى الطريق وقيل اى قرب من العطب وهو الهلاك وفى القاموس عطب كنصر _لآن _وكفرح. هلك والمعنى على الثانى (3) ذكر الضمير باعتبار لفظ ما أى انحر ما عطب (تخربجه) (لك خز طح هق والاربعة) وقال الترمذى حديث ناجية حديث حسن صحيح (قلت) ورواه الامام احمد من طريق أخرى فقال حدثنا ابو معاوية ثنا هشام الخ وفيه قلت يا رسول الله كيف أصنع بما عطب من الابل او البدن قال انحرها ثم الق نعلها فى دمها ثم خل عنها وعن الناس فليأكلوها (31) عغن شهر بن حوسب (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا ابو النضر ثنا معاوية يعنى شيبان عن ليث عن شهر -الحديث (غريبه) (4) هو ناجية المتقدم ذكره فى الحديث السابق حدث شهرا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه قال رجعت فقلت نعم يا رسول الله ما تأمرنى بما عطب منها قال انحرها ثم اصبغ نعلها فى دمها ثم ضعها على صفتها او على جنبها ولا تأكل منها الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا لغير الامام احمد واورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه ليث بن ابى سليم وهو ثقة لكنه مدلس

(32) عن ابن عباس رضى الله عنهما ان ذؤيبا ابا قبيصة رضى الله عنه حدثه ان نبى الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث معه بالبدن (وفى لفظ بعث معه ببدنتين) فيقول ان عطب منها شئ فخشيت _ (1) عليها فانحرها واغمس نعلها فى دمها واضرب صفحتها ولا تأكل منهت أنت ولا أحد من رفقتك (33) عن عمرو بن خارجة النمالى رضى الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الهدى يعطب فقال النبى صلى الله عليه وسلم انحر واصبغ نعله فى دمه واضرب به على صفحته أو على جنبه ولا تأكلن منه شيئا أنت ولا أهل رفقتك

_ (32) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة غن سنان بن سلمة عن ابن عباس -الحديث (غريبه) (1) عند مسلم فخشيت عليه موتا فانحرها الخ (تخريجه) (م جه ... هق) وللامام احمد طريق أخرى قال "حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة عن سنان بن سلمة عن ابن عباس ان ذؤيبا أخبره ان النبى صلى الله عليه وسلم بعث معه ببدنتين وأمره ان عرض لهما شئ او عطبتا ان ينحرهما ثم يغمس نعالهما فى دمائهما ثم يضرب بنعل كل واحد منهما صفحتها ويخليهما للناس ولا يأكل منها هو ولا أحد من أصحابه قال عبد الرزاق وكان يقول مرسل يعنى معمرا عن قتادة ثم كتبته له من كتاب سعيد فأعطيته فنظر فرآه فقال نعم ولكنى أهلب اذا لم انظر فى الكتاب "وأخرج هذة الطريق البيهقى ايضا (وفى الباب) للامام احمد ايضا عن سنان بن سلمة الهذلى عن ابيه وكان قد صحب النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه بعث ببدنتين مع رجل قفال ان عرض لهما فانحرهما واغمس النعل فى دمائهما ثم اضرب به صفحتى كل واحدة منهما ولا تأكل منها أنت ولا أحد من أهل رفقتك ودعهما لمن بعدكم (ورواه ايضا الطبرانى فى الكبير وفيه عبد الكريم بن ابى المخارق وهو ضعيف وأحاديث الباب تعضده والظاهر والله أعلم أن الرجل المبهم فى هذة الرواية هو ذؤيب أبو قبيصة (33) عن عمرو بن خارجة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا حسين بن محمد ثنا شريك عن ليث عن شهر بن حوسب عن عمرو بن خارجة -الحديث (تخريجه) (طب) وفى اسناده ليث بن ابى سليم وهو ثقة ولكنه مدلس وأحاديث

-[مذاهب العلماء فيمن عطب معه الهدى قبل بلوغ محله كيف يفعل]- (7) باب نحر الأبل قائمة مقيدة وأكل المهدى من هديه (والتصديق بجلده وجلاله وعدم إعطاء شيء منه للجازر في أجرته) (34) عن زياد بن جبيرٍ قال كنت مع ابن عمر رضي الله عنهما بمنى

_ الباب تعضده (زائد الباب) عن أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل عن الرجل يكون معه الهدى تطوعًا فيعطب قبل أن يبلغ، قال ينحرها ثم يلطخ نعلها بدمها ثم يضرب به جنبها، فإن أكل منها وجب عليه قضاؤها (طس) مرفوعًا وموقوفًا باختصار عن المرفوع، وفي إسناد الجميع محمد بن أبي ليلى وهو سيء الحفظ (وروى الإمام مالك في الموطأ) عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب أنه قال من ساق بدنة تطوعًا فعطبت فنحرها ثم خلى بينها وبين الناس يأكلونها فليس عليه شيء، وإن أكل منها أو أمر بأكلها غرمها، ورواه البيهقي أيضًا كذلك (وروى البيهقي والأمام مالك) أيضًا عن ثور بن زيد الديلي عن عبد الله بن عباس مثل ذلك (وعن مالك) عن ابن شهاب أنه قال من أهدى بدنة جزاء أو نذرا أو هدى تمتع فأصيب في الطريق فعليه البدل (وعن مالك) عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال من أهدى بدنة ثم ضلت أو ماتت فإنها إن كانت نذرًا أبدلها وإن كانت تطوعًا فإن شاء أبدلها وإن شاء تركها رواهما الأمام مالك في الموطأ (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن الهدى أن عطب قبل بلوغه المحل جاز نحره وتركه للناس يأكلونه غير الرفقة وقد أجزأ عنه، وإنما نهى عن أكل الرفقة قطعًا للذريعة وهي أن يتوصل بعضهم إلى نحره قبل أوانه، والظاهر عدم الفرق بين هدى التطوع والفرض (لكن خصصه الأئمة الأربعة والجمهور) بهدى التطوع، ولعل الوجه في ذلك أن الهدى الذي هو السبب هو هدى النبي صلى الله عليه وسلم الذي بعث به وهو هدى تطوع. ويؤيده حديث أبي قتادة عن النبي صلى الله عليه وسلم المذكور في الزوائد وفيه التصريح بهدى التطوع، فإن أكل منه قالوا يغرم بقدر ما أكل، وهو قول ابن عباس وسعيد بن المسيب كما في الزوائد، رواه عنهما الأمام مالك والبيهقي (قال القاضي عياض رحمه الله) ما عطب من هدى التطوع لا يأكل منه صاحبه ولا سائقه ولا رفقته لنص الحديث (وبه قال مالك والجمهور) وقالوا لا بدل عليه، لأنه موضع بيان ولم يبين ذلك صلى الله عليه وسلم بخلاف الهدى الواجب إذا عطب قبل محله فيأكل منه صاحبه والأغنياء، لأن صاحبه يضمنه لتعلقه بذمته، وأجاز الجمهور بيعه. ومنعه مالك، فإن بلغ الهدى محله لم يأكل من جزاء وفدية ونذر مساكين وأكل مما سوى ذلك على مشهور المذهب، وبه قال فقهاء الأمصار وجماعة من السلف اهـ والله أعلم. (34) عن زياد بن جبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم

-[استحباب نحر الأبل قائمة مقيدة وجواز أكل المهدى تطوعًا من هديه]- فمر برجل وهو ينحر بدنة وهي باركة فقال ابعثها قيامًا مقيدةً سنة محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (35) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في صفة حج رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكانت جماعة الهدى الذي أتى به علىُّ رضي الله عنه من اليمن والذي أتى به النبي صلى الله عليه وسلم مائةً، فنحر رسول الله بيده ثلاثةً وستين، ثم أعطى عليًا فنحر ما غبر (4) وأشركه في هديه، ثم أمر من كل بدنةٍ ببضعةٍ فجعلت في قدرٍ فأكلا من لحمها وشربا من مرقها. (36) عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها وحاضت بسرف قبل أن تدخل مكة قال لها أقضى ما يقضي الحاج غير أن لا تطوفي بالبيت، قالت فلما كنا بمنى أتيت بلحم بقرٍ، قلت

_ أنا يونس أخبرني زياد بن جبير - الحديث" (غريبه) (1) لفظ البخاري قد أناخ بدنته ينحرها (قلت) وهذا الرجل لم يعرف ولم يسمه أحد من أصحاب الأصول (2) أي أثرها، يقال بعثت الناقة أثرتها (وقوله قيامًا) مصدر بمعنى قائمة وهي حال مقدرة (وقوله مقيدة) أي معقولة الرجل قائمة على ما بقى من قوائمها، ولأبى داود من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا ينحرون البدنة معقولة اليسرى قائمة على ما بقى من قوائمها (3) بنصب سنة بعامل مضمر كالاختصاص والتقدير متبعًا سنة محمد صلى الله عليه وسلم (قال الحافظ) ويجوز الرفع، ويدل عليه رواية الحربي في المناسك بلفظ فقال انحرها قائمة فإنها سنة محمد صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق. د. نس. هق) (35) عن جابر بن عبد الله هذا طرف من حديثه الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم رقم 64 صحيفة 74 من الجزء الحادي عشر (غريبة) (4) أى ما بقى وفيه استحباب تعجيل ذبح الهدايا وإن كانت كثيرة في يوم النحر ولا يؤخر عضها إلى أيام التشريق (5) البضعة بفتح الباء الموحدة لا غير هي القطعة من اللحم (تخريجه) (م. د. جه) (36) عن عبد الرحمن بن القاسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[التصديق بلحوم الهدى وجلوده وجلاله]- ما هذا؟ قالوا ضحى (1) النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن أزواجه بالبقر (37) ز عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث معه بهديه فأمره أن يتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها (2)

_ سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم- الحديث" (غريبه) (1) رواية البخارى نحر بدل ضحى، وفي رواية لمسلم ضحى كما هنا، وله في أخرى أهدى بدل ضحى (قال الحافظ) والظاهر أن التصرف من الرواة لأنه ثبت في الحديث ذكر النحر فجعله بعضهم على الأضحية فإن رواية أبي هريرة صريحة في أن ذلك كان عمن اعتمر عن نسائه (قلت) يعني ما رواه أبو داود عن أبي هريرة قال ذبح رسول الله صلى الله عليه وسلم عمن اعتمر عن نسائه في حجة الوداع بقرة بينهن (قال الحافظ) فقويت رواية من رواه بلفظ أهدى، وتبين أنه هدى التمتع (تخريجه) (ق. نس) (37) "ز" عن عبد الرحمن بن أبي ليلى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبو بكر الباهلي محمد بن عمرو بن العباس ثنا عبد الوهاب يعني الثقفي ثنا أيوب عن عبد الكريم وابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى- الحديث" (غريبه) (2) بكسر الجيم وتشديد اللام المفتوحة جمع جل بضم الجيم وتخفيف اللام، وهو ما يطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه، ويجمع أيضًا على جلال بكسر الجيم، وكان ابن عمر لا يشق من الجلال إلا موضع السنام فإذا نحرها نزع جلالها مخافة أن يفسدها الدم ثم يتصدق بها رواه البخاري تعليقًا، ووصل بعضه الأمام مالك في الموطأ (وعن نافع) أن عبد الله بن عمر كان يجلل بدنه القباطي والحلل ثم يبعث بها إلى الكعبة فيكسوها إياها (وعن مالك) أنه سأل عبد الله بن دينار ما كان ابن عمر يصنع بجلال بدنه حين كسيت الكعبت هذه الكسوة؟ قال كان يتصدق بها (لك) قال المهلب ليس التصدق بجلال البدن فرضًا، وإنما صنع ذلك ابن عمر لأنه أراد أن لا يرجع في شيء أهل به لله ولا في شيء أضيف إليه اهـ. وفائدة شق الجل من موضع السنام ليظهر الأشعار لئلا يستتر ما تحتها، وروى ابن المنذر من طريق أسامة ابن زيد عن نافع أن ابن عمر كان يجلل بدنه الأنماط والبرود والحبر حتى يخرج من المدينة ثم ينزععها فيطويها حتى تكون يوم عرفة فيلبسها إياها حتى ينحرها ثم يتصدق بها، قال نافع وربما دفعها إلى بنى شيبة (تخريجه) (ق. هق. وغيرهم)

-[استحباب نحر الهدى بيد المهدى. فإن نحره جازر فلا يعطى من الهدى شيئًا في نظير أجرته]- (38) عن علي رضي الله عنه قال لما نحر رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنه نحر بيده ثلاثين (1) وأمرني فنحرت سائرها، وقال أقسم لحومها بين الناس وجلودها وجلالها، ولا تعطين جازرًا منها شيئًا (39) وعنه رضى الله عنه قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن أقوم على بدنه وأن أتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها، وأن لا أعطي الجازر منها، قال نحن نعطيه من عندنا (40) عن قتادة بن النعمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قام (وفي لفظ

_ (38) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن عبيد ثنا محمد بن إسحاق عن عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن على- الحديث" (غريبه) (1) هذا يخالف ما تقدم في حديث جابر من أن النبي صلى الله عليه وسلم نحر بيده وستين ثم أعطى عليًا فنحر ما غبر أي ما بقى، وحديث جابر أصح فقد رواه مسلم أيضًا، وحديث الباب لم يخرج في أحد الصحيحين، وفي إسناده محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، والمدلس إذا عنعن لا يحتج بحديثه (قال الحافظ) والجمع بين حديث جابر ورواية ابن إسحاق أنه صلى الله عليه وسلم نحر ثلاثين. ثم أمر عليًا أن ينحر فنحر سبعًا وثلاثين مثلًا. ثم نحر النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثًا وثلاثين، فإن ساغ هذا الجمع وإلا فما كان في الصحيح أصح "يعني حديث جابر" (2) المراد أن يقسمها على المساكين إلا ما أمر به من أخذ بضعة من كل بدنة كما تقدم في حديث جابر (وقوله ولا يعطين جازرًا الخ) معناه لا يعطى الجازر من الهدى شيئًا مطلقًا في نظير أجرته، وإنما تؤخذ الأجرة من عند صاحب الهدى كما صرح بذلك في الحديث التالي بقوله "نحن نعطيه من عندنا" (تخريجه) (د) مختصرًا إلى قوله فنحرت سائرها (39) وعنه رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا معاذ أنبأنا زهير بن معاوية أبو خيثمة عن عبد الكريم الجزرى عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن على رضي الله عنه قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (غريبه) (3) أى عند نحرها للاحتفاظ بها، ويحتمل أن يريد ما هو أعم من ذلك، أى على مصالحها من علفها ورعيها وسقها وغير ذلك (تخريجه (ق. د. نس. جه. هق) (40) عن قتادة بن النعمان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج

-[جواز أكل المهدى من لحم هديه والزود منه للسفر]- في حجة الوداع) فقال إني كنت أمرتكم أن لا تأكلوا الأضاحى فوق ثلاثة أيام لتسعكم (1)، وإني أحله لكم، فكلوا منه ما شئتم، ولا تبيعوا لحوم الهدى والأضاحي، فكلوا وتصدقوا واستمتعوا بجلودها ولا تبيعوها، وإن أطعمتم من لحمها فكلوا إن شئتم (2) (41) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال كنا نتزود من وشيق (3) الحج حتى يكاد يحول عليه الحول (42) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال كنا نتزود لحوم الهدي

_ قال حدثني ابن جريح قال قال سليمان بن موسى أخبرني زبيد أن أبا سعيد الخدرى أتى أهله فوجد قصعة من قديد الأضحى "يعنى من اللحم المقدد" فأبى أن يأكله فأتى قتادة بن النعمان فأخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فقام إني كنت أمرتكم- الحديث" (غريبه) (1) أي ليكفي لحومها كلكم من ضحى ومن لم يضح، وسبب ذلك أنه جاءهم في ذلك العام ناس من البادية أفحمتهم السنة وأقدمتهم المجاعة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بعدم الادخار فوق ثلاث ليواسوهم ويتصدقوا عليهم، فلما مضى العام المذكور، وجاء الله بالسعة نسخ بقوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم فالآن فكلوا واتجروا وادخروا) ومعنى قوله واتجروا أي تصدقوا، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم "من يتجر على هذا فيصلى معه" أي يشتري بعمله الثواب والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وأورده الهيثمي وقال في الصحيح طرف يسير منه، رواه أحمد وهو مرسل صحيح الأسناد (41) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزد ابن أبي حكيم حدثني الحكم يعني ابن أبان قال سمعت عكرمة يقول حدثني أبو سعيد الخدري- الحديث" (غريبه) (3) قال صاحب النهاية الوشيقة أن يؤخذ اللحم فيغلى قليلًا ولا ينضج ويحمل في الأسفار، وقيل هي القديد، وقد وشقت اللحم واتشقته. قال وتجمع على وشيق ووشائق اهـ. والمعنى أنهم كانوا يحملون معهم لحم هدى الحج في الأسفار مقددًا أو مغليًا لئلا يفسد ويأكلون منه طوال العام (تخريجه لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد (42) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان

-[زوائد الباب وأحكامه]- على عهد رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى المدينة (1) (وعنه من طريق ثانٍ) (2) أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم القديد (3) بالمدينة من قديد الأضحى

_ عن عمرو عن عطاء عن جابر - الحديث- (غريبه) (1) معناه أنهم كانوا يتزودون لحوم الهدى من مكة فيأكلون منه في سفرهم إلى المدينة فإن بقى منهم شيء أكلوه بالمدينة في الحضر أيضًا كما يستفاد من الطريق الثانية (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب أنا حسين بن واقد عن أبى الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضى الله عنهما يقول أكلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (3) القديد اللحم المملوح المجفف في الشمس فعيل بمعنى مفعول (وقوله من قديد الأضحى) أي قديد هدى يوم الأضحى (تخريجه) (م) وغيره (زوائد الباب) (عن ابن جريح) عن أبى الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كانوا ينحرون البدن معقولة اليسرى قائمة على ما بقى من قوائمها (د) قال النووى إسناده على شرط مسلم اهـ، ورواه ابن جريح أيضًا عن عبد الرحمن بن سابط أن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره مرسلًا (ش) (وعن سفيان بن عيينة) في تفسيره عن عبيد الله ابن أبى يزيد عن ابن عباس رضى الله عنهما في تفسير قوله تعالى "فاذكروا اسم الله عليها صواف" قال قيامًا؛ وجزم به البخارى في صحيحه عن ابن عباس تعليقًا، وأخرجه سعيد بن منصور عن ابن عبينة (وأخرجه عبد بن حميد) عن أبى نعيم عنه، وقوله صواف بالتشديد جمع صافة أى مصطفة في قيامها، ووقع فى مستدرك الحاكم من وجه آخر عن ابن عباس فى قوله تعالى صواف (صوافن) أى قيامًا على ثلاثة قوائم معقولة، وهى قراءة ابن مسعود صوافن بكسر الفاء بعدها نون جمع صافنة، وهى التى رفعت إحدى يديها بالعقل لئلا تضطرب (وعن علقمة) أن عبد الله بن مسعود بعث معه بهدى فقال كل أنت وأصحابك ثلثًا. وتصدق بثلث. وابعث إلى أخى عتبة بثلث. قلت لسفيان تطوع؟ قال نعم (طب. هق) ورجاله رجال الصحيح (وروى ابن حزم) فى المحلى من طريق وكيع عن ابن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال الضحايا والهدايا ثلث لأهلك. وثلث لك. وثلث للمساكين، وعن معمر عن عاصم عن أبى مجاز أن ابن عمر أمر أن يدفع له من ضحيته بضعة ويتصدق بسائرها (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة أحكام (منها) أنه يستحب نحر الأبل وهى قائمة معقولة اليد اليسرى وإليه ذهب الأئمة (مالك والشافعى وأحمد) والجمهور مستدلين بحديث ابن عمر المذكور أول أحاديث الباب، وبحديث جابر المذكور أول أحاديث الزوائد، أما البقر والغنم فيستحب

-[اختلاف العلماء فيما يؤكل منه من أنواع الهدايا وما لا يجوز بيعه منه]- .....

_ أن تذبح مضجعة على جنبها الأيسر وتترك رجلها اليمنى وتشد قوائمها الثلاث، وقال الأمامان (أبو حنيفة والثوري) يستوى نحر الأبل قائمة وباركة في الفضيلة (وحكى القاضي عياض) عن طاوس أن نحرها باركة أفضل وهذا مخالف للسنة والله أعلم (ومنها) جواز أكل المهدى من هديه إذا بلغ الهدى محله والتزود منه للسفر وادخاره، وهو جائز باتفاق العلماء إذا كان هدى تطوع، واختلفوا فيما عدا ذلك (فروى عن ابن عمر) رضي الله عنهما أنه قال يؤكل من كل شيء إلا من جزاء صيد ونذر (وعن على رضى الله عنه) لا يؤكل من جزاء الصيد ولا من النذر ولا مما جعل للمساكين (وعن معمر عن قتادة عن الحسن) يؤكل من الهدى كله إلا من جزاء الصيد، لكن حكى ابن المنذر عنه أنه لا بأس أن يؤكل من جزاء الصيد وغيره (وقال الأوزاعي) يؤكل من الهدى خمسة، النذر والمتعة والتطوع والوصية والمحصر إلا الكفارات كلها (وقال الإمام أبو حنيفة) لا يؤكل من شيء من الهدى إلا التطوع إذا بلغ محله ودم المتعة والقران، وبناه على مذهبه في أن دم المتعة والقران دم نسك لا جبران (وكذا قال الإمام أحمد) لا يؤكل من شيء من الهدايا إلا من دم التمتع والقران ودم التطوع (وقال الإمام مالك) يؤكل من الهدايا كلها إلا جزاء الصيد ونسك الأذى والمنذور وهدى التطوع إذا عطب قبل محله (وقال الإمام الشافعي) لا يجوز الأكل من الواجب إذا كان جبرانًا أو منذورًا (وكذا قال داود الظاهري) لا يجوز الأكل من الواجب والله أعلم (ومنها) أنه يستحب أن يتصدق بالثلث من هدى التطوع، ويهدى بالثلث. ويأكل الثلث، وهو يقول ابن مسعود كما روى عنه في الزوائد، وله أن يأكل جزءًا يسيرًا ويتصدق بالباقي، وهو قول ابن عمر كما روى عنه في الزوائد أيضًا (قال الشوكاني رحمه الله) والظاهر أنه يجوز الأكل من الهدى من غير فرق بين ما كان منه تطوعًا وما كان فرضًا لعموم قوله تعالى "فكلوا منها" ولم يفصل، والتمسك بالقياس على الزكاة في عدم جواز الأكل من الهدى الواجب لا ينتهض لتخصيص هذا العموم لأن شرع الزكاة لمواساة الفقراء، فصرفها إلى المالك إخراج لها عن موضوعها، وليس شرع الدماء كذلك، لأنها إما لجبر نقص أو لمجرد التبرع فلا قياس مع الفارق فلا تخصيص اهـ (ومنها) أنه لا يجوز بيع شيء من لحم الهدى وكذلك جلده وجلاله وقد بين الشارع وجوه الانتفاع في الهدى من الأكل والتصدق والاستمتاع بالجلود وقد بين الشارع وجوه الانتفاع في الهدى من الأكل والتصدق والاستمتاع بالجلود والتصديق بالجلال (وقال القرطبي) فيه دلالة على أن جلود الهدى وجلالها لا تباع لعطفها على اللحوم وإعطائها حكمة، وقد اتفقوا على أن لحمها لا يباع فكذلك الجلود والجلال اهـ (وقال النووي) في شرح المهذب مذهبنا أنه لا يجوز بيع جلد الهدى والأضحية ولا غيره من أجزائها لا بما ينتفع به في البيت ولا بغيره (وبه قال عطاء والنخعي ومالك وأحمد وإسحاق)

-[اختلاف المذاهب في بيع جلد الضحية وإعطاء الجازر منها]- (8) باب ما جاء في الأضحية والحث عليها وفضلها وحكمها (43) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال قلت أو قالوا يا رسول الله ما هذه الأضاحي؟ (1) قال سنة أبيكم إبراهيم، قالوا ما لنا منها؟ قال بكل شعرةٍ حسنةٌ، قالوا يا رسول الله فالصوف؟ قال بكل شعرةٍ من الصوف حسنةٌ

_ هكذا حكاه عنهم ابن المنذر؛ ثم حكى (عن ابن عمر وأحمد وإسحاق) أنه لا بأس أن يبيع جلد هديه ويتصدق بثمنه، قال ورخص في بيعه أبو ثور (وقال النخعي والأوزاعي) لا بأس أن يشتري به الغربال والمنخل والفأس والميزان ونحوها قال (وكان الحسن وعبد الله بن عمير) لا يريان بأسًا أن يعطي الجزار جلدها. وهذا غلط منابذ للسنة (وحكى أصحابنا عن أبي حنيفة) أنه يجوز بيع الأضحية قبل ذبها وبيع ما شاء منها بعد ذبحها ويتصدق بثمنه، قالوا وإن باع جلدها بآلة البيت جاز الانتفاع بها، دليلنا حديث على رضي الله عنه والله أعلم اهـ، وروى (عن ابن حزيمة والبغوي) أنه يجوز إعطاء الجازر منها إذا كان فقيرًا بقصد الصدقة بعد توفير أجرته من غيرها، وقال غيرهما إعطاء الجازر على سبيل الأجرة ممنوع لكونه معاوضة، وأما إعطاؤه صدقة أو هدية أو زيادة على حقه فالقياس الجواز (قال الحافظ) ولكن إطلاق الشارع ذلك قد يفهم منه منع الصدقة لئلا تقع مسامحة في الأجرة لأجل ما يأخذ فيرجع إلى المعاوضة اهـ والله أعلم. (43) عن زيد بن أرقم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا سلام بن مسكين عن عائذ الله المجاشعي عن أبي داود عن زيد بن أرقم - الحديث" (غريبه) (1) هي جمع أضحية، قال الجوهري قال الأصمعي فيها أربع لغات أضحية وإضحية بضم الهمزة وكسرها مع تشديد الياء وتخفيفها وجمعها أضاحي، واللغة الثالثة ضحية وجمعها ضحايا، والرابعة أضحاة بفتح الهمزة والجمع أضحى كأرطاة وأرطى، وبها سمى يوم الأضحى، قال القاضي وقيل سميت بذلك لأنها تفعل في الضحى وهو ارتفاع النهار (قال النووي) وفي الأضحى لغتان التذكير لغة قيس والتأنيث لغة تميم (تخريجه) (جه) وأورده المنذري وقال أشار إليه الترمذي، ورواه ابن ماجه والحاكم وغيرهما كلهم عن عائذ الله عن أبي داود، قال وقال الحاكم صحيح الإسناد، قال المنذري بل واهية، عائذ الله هو المجاشعي، وأبو داود هو نفيع بن الحارث الأعمى. وكلاهما ساقط

-[الحث على الضحية وزجر من وجد سعة ولم يضح]- (44) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عدي عن ابن عون عن أبي رملة قال حدثناه مخنف بن سليم رضي الله عنه قال ونحن مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقفٌ بعرفاتٍ فقال يا أيها الناس إن على كل أهل بيت أو (1) على كل أهل بيتٍ في كل عامٍ أضحاةٌ وعتيرةٌ (2) قال تدرون ما العتيرة؟ قال ابن عون فلا أدرى ما ردوا، قال هذه التي يقول الناس الرجبية (3) (45) عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من وجد سعة (4) فلم يضح فلا يقر بن مصلانا (5)

_ (44) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) أو للشك من الراوى هل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن على كل أهل بيت. أو قال على كل أهل بيت بدون إن، وهو يفيد أن الأضحية الواحدة تكفى عن أهل البيت وإن تعددوا، وسيأتي الكلام على ذلك في بابه إن شاء الله تعالى (2) العتيرة بفتح العين المهملة هي شاة تذبح في رجب كان يتقرب بها أهل الجاهلية والمسلمون في صدر الإسلام، وهي منسوخة كما صرح بذلك أبو داود عقب هذا الحديث (قال الخطابى) قلت العتيرة تفسيرها في الحديث أنها شاة تذبح في رجب، وهذا الذي يشبه معنى الحديث، ويليق بحكم التدين، فأما العتيرة التي كان يعترها أهل الجاهلية، فهي الذبيحة تذبح للصنم فيصب دمها على رأسه، والعتر بمعنى الذبح اهـ. وفي شرح السنة كان ابن سيرين يذبح العتيرة في رجب (قال القارى) ولعله ما بلغه النسخ اهـ (3) أي التي يسمونها الرجبية لأنها كانت تفعل في رجب (تخريجه) (د. نس. مذ) وغيرهم وقال الترمذي حديث حسن (قال الخطابى) هذا الحديث ضعيف لأن أبا رملة مجهول (45) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو عبد الرحمن ثنا عبد الله بن عياش عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبى هريرة - الحديث" (غريبه) (4) أى في المال والحال، قيل هي أن يكون مالكًا لنصاب الزكاة (5) ليس المراد أن صحة الصلاة تتوقف على الأضحية، بل هو زجر له وطرد عن مجالس الأخيار؛ وإعلام بأنه ليس مع جماعة المسلمين ولا على طريقهم الكاملة (تخريجه) (جه. ش. عل. قط. ك) وصححه وأقر الذهبي تصحيحه (قال الحافظ) في بلوغ المرام

-[زوائد الباب في فضل الضحية وحجة القائلين بأنها سنة لا واجبة]- (46) عن ابن عباس رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال كتب على النحر (1) ولم يكتب عليكم، وأمرت بركعتي الضحى ولم تؤمروا بها

_ لكن رجح الأئمة غيره وقفه، وقال في الفتح رجاله ثقات، لكن اختلف في رفعه ووقفه، والموقوف أشبه بالصواب اهـ (قلت) وفي إسناده عبد الله بن عياش مختلف فيه والله أعلم (46) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس- الحديث" (غريبه) (1) أى نحر الضحية يوم الأضحى أوجبه الله على واستحبه لكم "وقوله وأمرت بركعتى الضحى" أي أمر إيجاب "ولم تؤمروا بها" أي أمر إيجاب بل أمر ندب (تخريجه) (طب. عل. بز. ك) وفي إسناد الإمام أحمد جابر الجعفي وهو ضعيف، وفي إسناد البزار وابن عدى والحاكم- ابن جنان الكلبي، وقد صرح الحافظ بأن الحديث ضعيف من جميع طرقه والله أعلم (زوائد الباب) (عن عائشة رضى الله عنها) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما عمل آدمي من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إهراق الدم. وإنها لتأتي يوم القيامة بقرونها وأشعارها وأظلافها. وإن الدم ليقع من الله بمكان قبل أن يقع من الأرض "وفي رواية على الأرض" فطيبوا بها نفسًا، أورده المنذري وقال رواه (جه. مذ) وقال حديث حسن غريب والحاكم وقال صحيح الإسناد (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنفقت الورق في شيء أفضل من نحيرة في يوم النحر (قط. طب) وفيه إبراهيم بن يزيد الخوزي ضعيف (وعن أبي سعيد) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا فاطمة قومي إلى أضحيتك فاسهديها فإن لك بكل قطرة تقطر من دمها أن يغفر لك ما سلف من ذنوبك، قالت يا رسول الله لنا خاصة أهل البيت. أولنا وللمسلمين؟ قال بل لنا وللمسلمين (ز) وفيه عطية بن قيسر وفيه كلام وقد وثق (وعن عمران بن حصين نحوه) وزاد فيه "وقولى إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين، قال عمران يا رسول الله هذا لك ولأهل بيتك خاصة فأهل ذلك أنتم. أو للمسلمين عامة؟ قال بل للمسلمين عامة" (طب: طس) وفيه أبو حمزة الثمالى وهو ضعيف (وعن على رضى الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا أيها الناس ضحوا واحتسبوا بدمائها، فإن الدم إن وقع في الأرض فإنه يقع في حرز الله عز وجل (طس) وفيه عمرو بن الحصين العقيلي وهو متروك الحديث (وعن ابن عباس رضى الله عنهما) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم أضحى ما عمل آدمي في هذا اليوم أفضل من دم مهراق إلا أن يكون رحمًا توصل (طب) وفيه يحيى بن الحسن الخشني وهو ضعيف وقد وثقه جماعة،

-[أحكام الباب وفضل الضحية واختلاف المذاهب في حكمها هل هي واجبة أم سنة؟]- .....

_ أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحًا وتعديلًا (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية الضحية ولم يخالف أحد في ذلك. وأنها أحب الأعمال إلى الله يوم النحر. وأنها تأتي يوم القيامة على الصفة التي ذبحت عليها ويقع دمها بمكان من القبول قبل أن يقع على الأرض. وأنها سنة إبراهيم عليه الصلاة والسلام لقوله تعالى "وفديناه بذبح عظيم" وأن للمضحى بكل شعرة من شعرات أضحيته حسنة وأنه يكره لمن كان ذا سعة تركها. وأن الدراهم لم تنفق في عمل صالح أفضل من الأضحية ولكن إذا وقعت لقصد التسنن وتجردت عن المقاصد الفاسدة وكانت على الوجه المطابق للحكمة في شرعها (وقد اختلف العلماء في حكمها) فذهب جمهور الصحابة والتابعين والأئمة إلى أنها سنة مؤكدة في حق الموسر ولا تجب عليه، وممن قال بذلك من الصحابة أبو بكر الصديق وعمر وبلال وأبو مسعود البدري رضي الله عنهم، ومن التابعين سعيد بن المسيب وعطاء وعلقمة والأسود، ومن الأئمة (مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف) وإسحاق وأبو ثور والمزني وداود وابن المنذر (وقال ربيعة والليث بن سعد وأبو حنيفة والأوزاعي) إنها واجبة على الموسر إلا الحاج بمنى (وقال محمد بن الحسن) هي واجبة على المقيم بالأمصار، والمشهور عن أبي حنيفة أنه إنما يوجبها على مقيم يملك نصابًا (واحتج من أوجبها) بأحاديث الباب وبقوله تعالى "فصل لربك وانحر" والأمر للوجوب (وأجيب) بأن المراد تخصيص المراد بالنحر له لا للأصنام، فالأمر متوجه إلى ذلك لأنه القيد الذي يتوجه إليه الكلام، ولا شك في وجوب تخصيص الله بالصلاة والنحر (واحتجوا أيضًا) بحديث جندب بن عبد الله بن سفيان عند الشيخين والإمام أحمد وسيأتي في باب وقت الذبح "قال صلى الله النبي صلى الله عليه وسلم يوم النحر ثم خطب ثم ذبح وقال من ذبح قبل أن يصلى فيذبح أخرى مكانها، ومن لم يذبح فليذبح باسم الله، وموضع الدلالة أنه أمر، والأمر للوجدب (واحتجوا أيضًا) بحديث على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نسخ الأضحى كل ذبح. وصوم رمضان كل صوم. والغسل من الجنابة كل غسل. والزكاة كل صدقة (قط. هق) وقالا هو ضعيف واتفق الحفاظ على ضعفه (واحتج الأولون) بحديث أم سلمة عند مسلم والإمام أحمد وسيأتي في الباب التالي عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر فأراد رجل أن يضحى فلا يمس من شعره ولا من بشره (وفي لفظ لمسلم) إذا رأيتم هلال ذي الحجة وأراد أحدكم أن يضحى فليمسك من شعره وأظفاره (قال الإمام الشافعي) رحمه الله هذا دليل أن التضحية ليست واجبة لقوله صلى الله عليه وسلم "وأراد" فجعله مفوضًا إلى إرادته، ولو كانت واجبة لقال فلا يمس من شعره حتى يضحى اهـ (واستدلوا أيضًا) بحديث ابن عباس المذكور آخر أحاديث الباب ولكنه

-[بقية حجج القائلين بعدم وجوب الضحية]- (8) باب ما جاء في أضاحى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه وأهل بيته وفقراء أمته (وفيه صفة الضحية وذبحها بالمصلى والتسمية والتكبير ومباشرة الذبح بيد المضحى) (47) عن أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا ضحى اشترى كبشين سمينين أقرنين (1) أملحين (وفي لفظ موجبين خصبين) فإذا صلى وخطب الناس أتى بأحدهما وهو قائمٌ في مصلاه فذبحه بنفسه بالمدية ثم يقول اللهم إن هذا عن أمتي جميعًا ممن شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ، ثم يؤتى بالآخر فيذبحه بنفسه ويقول هذا هو محمد وآل محمد، فيطعمها جميعًا المساكين ويأكل هو وأهله منهما، فمكثنا

_ ضعيف (قال النووي في شرح المهذب) وصح عن أبى بكر وعمر رضى الله عنهما أنهما كانا لا يضحيان مخافة أن يعتقد الناس وجوبها، ورواه البيهقي بأسانيد أيضًا عن ابن عباس وأبى مسعود البدري (قال أصحابنا) ولأن التضحية لو كانت واجبة لم تسقط بفوات إلى غير بدل كالجمعة وسائر الواجبات، ووافقنا الحنفية على أنها إذا فاتت لا يجب قضاؤها (وأما الجواب) عن دلائلهم فما كان منها ضعيفًا لا حجة فيه، وما كان صحيحًا فمحمول على الاستحباب جمعًا بين الأدلة والله أعلم اهـ. (47) عن أبى رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو عامر قال ثنا زهير عن عبد الله بنمحمد عن على بن حسين عن أبى رافع - الحديث" (غريبه) (1) أي لكل واحد منهما قرنان حسنان قاله النووي (وقوله أملحين) الأملح هو الأبيض الخالص، قاله ابن الأعرابي (وقال الأصمعي) هو الأبيض المشوب بشيء من السواد، (وقال أبو حاتم) هو الذي يخالط بياضه حمرة (وقال الكسائي) هو الذي فيه بياض وسواد والبياض أكثر (وقال الخطابي) هو الأبيض الذي في خلل صوفه طبقات سود (وقوله موجبين) بفتح الميم وسكون الواو بعدها جيم مكسورة ثم ياءان تحتيتان أولاهما مشددة مفتوحة، والثانية ساكنة وأصله موجوءين كما في بعض الروايات حذفت منه الهمزة للتخفيف. ويكون من وجبته وجبًا فهو موحى (نه) (وقوله خصبين) تفسير لموجبيين يقال خصيت الفحل أخصيه خصاء الكسر والمد إذا سللت خصيبه تثنية خصبة وهي البيضة

-[ما يقول المضحي عند ذبح الضحية]- سنين ليس رجلٌ من بنى هاشم يضحى (1)، قد كفاه الله المؤنة (2) برسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والغرم (3) (48) عن جابر بن عبد الله الأنصاري رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبح يوم العيد كبشين ثم قال حين وجههما (4) إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض حنيفًا (5) مسلمًا وما أنا من المشركين، إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين (6) بسم الله. الله أكبر. اللهم منك ولك عن محمد وأمته (7) (49) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله

_ والرجل خصى والجمع خصيان وخصية (1) أي ممن لم يجد سعة ولولا ذلك لضحى، ويقال مثل ذلك في فقراء الأمة المحمدية اكتفاء بتضحية رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم، وظاهره أنه يكتب لهم مثل ثواب من ضحى مادام المانع لهم قلة ذات اليد. والله أعلم (2) بضم الميم وسكون الهمزة - معناه الثقل قال الشاعر * أميرنا مؤنثة خفيفة* والجمع مؤن كغرفة وغرف، وفيها لغة ثانية بفتح الميم وضم الهمزة كفعولة والجمع مئونات على لفظها، وفيها لغة ثالثة بضم الميم بعدها واو، والجمع مون كسورة وسور (3) الغرم بضم الغين المعجمة وسكون الراء معناه الخسارة (تخريجه) (طب. بز) وسكت عنه الحافظ في التلخيص وقال الهيثمي إسناد أحمد والبزار حسن (48) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يعقوب حدثني أبى عن ابن إسحاق حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري عن خالد بن أبى عمران عن أبى عياش عن جابر بن عبد الله - الحديث) (غريبه) (4) أي إلى القبلة للذبح وفيه استحباب تلاوة هذه الآية عند توجيه الذبيحة للذبح (5) لفظ أبي داود "إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض على ملة إبراهيم حنيفًا وما أنا من المشركين" (ولفظ ابن ماجه) كلفظ الإمام أحمد إلا أنه لم يذكر لفظ (مسلمًا) بعد قوله حنيفًا (6) لفظ أبي داود "وأنا من المسلمين" (7) زاد أبو داود "ثم ذبح" (تخريجه) (د. هق) وفي إسناده أبو عياش. قال الحافظ في التلخيص لا يعرف (49) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم

-[التسمية والتكبير عند الذبح وتضحية النبي صلى الله عليه وسلم عمن لم يضح من أمته]- عليه وعلى آله وصحبه وسلم يضحي بكبشين أقرنين أملحين وكان يسمي ويكبر، ولقد رأيته يذبحهما بيده واضعًا على صفاحهما (1) قدمه (50) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشٍ أقرن وقال هذا عني وعمن لم يضح من أمتي (51) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عيد الأضحى فلما انصرف أتى بكبشٍ

_ أنا شعبة عن قتادة ثنا أنس بن مالك - الحديث" (غريبه) (1) الصفاح جمع صفحة وصفحة كل شيء جانبه (وقيل) الذابح لا يضع رجله إلا على صفحته. فلم قال على صفاحهما؟ (وأجيب لعله على مذهب من قال إن أقل الجمع اثنان كقوله تعالى "فقد صغت قلوبكما" فكأنه قال صفحتيهما، وإضافة المثنى إلى المثنى تفيد التوزيع، فكان معناه وضع رجله على صفحة كل منهما أي على جانب عنق الأضحية الأيمن، وإنما فعل ذلك ليكون أثبت له وأمكن لئلا تضطرب الذبيحة برأسها فتمنعه عن إكمال الذبح أو تؤذيه، وليس ذلك من تعذيبها المنهى عنه (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (50) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا سعيد بن منصور ثنا عبد العزيز بن محمد قال أخبرني ربيح بن عبد الرحمن بن أبى سعيد عن أبيه عن أبى سعيد الخدري- الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد، وروى نحو لفظه الطبراني في الأوسط والبزار من حديث أبي رافع وسنده حسن، ورواه الأربعة عن أبي سعيد بلفظ ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش أقرن فحيل يأكل في سواد ويمشى في سواد وينظر في سواد (وقوله فحيل) بفتح الفاء وكسر الحاء المهملة أي كامل الخلقة لم يقطع انثياه، ولا اختلاف بين هذه الرواية وبين ما تقدم في حديث أبى رافع أنه صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين خصيين لتعدد الوقائع وكل منهما فيه صفة مرغوبة، فالذي قطع منه انثياه يكون أسمن وأطيب لحمًا؛ والفحيل أتم خلقه "وقوله يأكل في سواد" سيأتي شرحه في شرح حديث عائشة الآتي في هذا الباب (51) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا إبراهيم ابن أبى العباس ثنا عبد الرحمن بن أبى الزناد عن عمرو بن أبي عمرو أخبرني مولاي

-[الذبح بالمصلى وما يستحب التضحية به من الضأن]- فذبحه فقال بسم الله والله أكبر، اللهم إن هذا عني وعمن لم يضح من أمتي (52) عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بكبش أقرن طأ في سوادٍ وينظر في سوادٍ ويبرك في سوادٍ (1) فأتى به ليضحى به، ثم قال يا عائشة هلمي إلى المدية ثم قال استحديها بحجر ففعلت، ثم أخذها وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه وقال بسم الله (4) اللهم تقبل من محمدٍ وآل محمدٍ ومن أمة محمدٍ، ثم ضحى به صلى الله عليه وسلم (53) عن نافعٍ عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كان يذبح أضحيته بالمصلى (5) يوم النحر وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله

_ المطلب بن عبد الله بن حنطب أن جابر عبد الله قال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم- الحديث" (تخريجه) (د. مذ) وقال هذا حديث غريب من هذا الوجه وقال المطلب بن حنطب يقال إنه لم يسمع من جابر، وقال أبو حاتم الرازي يشبه أن يكون أدركه (52) عن عائشة رضى الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هارون ثنا عبد الله بن وهب قال وقال حيوة أخبرنى أبو صخر عن ابن قسيط عن عروة ابن الزبير عن عائشة- الحديث" (غريبه) (1) معناه أن قوائمه سود وما حول عينيه كذلك وبطنه كذلك وباقيه أبيض وهو أجمل (قال الخطابى) تريد أن أظلافه ومواضع البروك منه وما أحاط بملاحظ عينيه من وجهه أسود وسائر بدنه أبيض (2) أى هاتيها، والمدية بضم الميم وكسرها وفتحها وهي السكين (3) لفظ مسلم اشحذيها بشين معجمة ثم حاء مهملة مفتوحة ذال معجمة ومعناهما واحد، أي حدديها. وهذا موافق لحديث الأمر بإحسان القتلة والذبح وإحداد الشفرة، وفيه استحباب إحسان الذبح وكراهة التعذيب كأن يذبح بما في حده ضعف (4) أي عند ابتداء الذبح (تخريجه) (م. د. وغيرهم) (53) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الله ابن عمر وسمعته أنا من عبد الله بن محمد ثنا أبو أسامة عن أسامة عن نافع عن ابن عمر - الحديث" (غريبه) (5) أي مكان صلاة العيد وهو الجبانة، والحكمة في لك أن يكون بمرأى من الفقراء فيصيبون من لحم الأضحة (تخريجه) (د. نس. جه)

-[استحباب ذبح المضحى أضحيته بيده وجواز الاستعانة على ذلك بالغير]- (54) عن ابن عمر رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان ينحر يوم الأضحى بالمدينة قال وكان إذا لم ينحر ذبح (1) (55) وعنه أيضًا قال أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة عشر سنين يضحى (56) عن أبى الخير أن رجلًا من الأنصار حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أضجع أضحيته ليذبحها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل أعنى على ضحيتي فأعانه

_ وفي إسناده أسامة بن زيد بن أسلم العدوى ضعفه الأمام أحمد وابن معين من قبل حفظه، لكن روى البخارى معناه في صحيحه من طريقين، أحدهما موقوف على ابن عمر، والثاني مرفوع (ولفظ الأول) من طريق عبيد الله عن نافع قال "كان عبد الله ينحر في المنحر" قال عبيد الله يعنى منحر النبى صلى الله عليه وسلم (ولفظ الثاني) من طريق كثير بن فرقد عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما أخبره قال "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يذبح وينحر بالمصلى" وهو يؤيد حديث الباب (54) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا ابن جريح قال بلغني عن نافع عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم كان ينحر - الحديث" (غريبه) (1) معناه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا لم يجد البعير ذبح الشاة (تخريجه) (نس. وغيره) وسنده جيد (55) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن زكريا حدثنا حجاج عن نافع عن ابن عمر قال أقام رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (تخريجه) (مذ) وحسنه (56) عن أبى الخير (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم ثناليث ثنا يزيد بن أبى حبيب عن أبي الخير - الحديث" (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (زوائد الباب) (عن أبى طلحة) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين فقال عند ذبح الأول عن محمد وآل محمد، وقال عند ذبح الثاني عمن آمن بى وصدقني من أمتى (عل. طب. طس) من رواية إسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن جده ولم يدركه ورجاله رجال الصحيح (وعن أبى هريرة) رضى الله عنه قال ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أقرنين أملحين أحدهما عنه وعن أهل بيته؛ والآخر عنه وعمن لم يضح من أمته، أورده الهيثمي وقال رواه ابن ماجه على الشك عن أبى هريرة أو عن عائشة، وراه الطبرانى في الأوسط والكبير

-[زوائد الباب - ومذاهب العلماء في أفضل الضحايا]- .....

_ وهذا لفظه وإسناده حسن (قلت) وروى الأمام أحمد نحوه من مسند عائشة عن أبى هريرة عن عائشة وفيه زيادة أملحين موجوءين وسيأتى في باب التضحية بالخصى (وعن حذيفة) وهو ابن أسيد قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرب كبشين أملحين فيذبح أحدهما فيقول اللهم هذا عن محمد وآل محمد، وقرب الآخر وقال اللهم هذا عن أمتي لمن شهد لك بالتوحيد وشهد لي بالبلاغ (طب) وفي يحيى بن نصر بن حاجب وثقه ابن عدى وضعفه جماعة (وعن النعمان ابن أبى فاطمة) رضى الله عنه أنه اشترى كبشًا أعين أقرن وأن النبي صلى الله عليه وسلم رآه فقال كأن هذا الكبش الذي ذبح إبراهيم، فعمد رجل من الأنصار فاشترى للنبي صلى الله عليه وسلم منهذه الصفة فأخذه النبي صلى الله عليه وسلم فضحى به (طب) ورجاله ثقات (وروى ابن ماجه) من طريق يونس ابن ميسرة بن حلبس قال خرجت مع أبى سعيد الزرقي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى شراء الضحايا، قال يونس فأشار أبو سعيد إلى كبش أدغم ليس بالمرتفع ولا المتضع في جسمه، فقال لي اشتر لي هذا كأنه شبههه بكبش رسول الله صلى الله عليه وسلم. غسناده صحيح قاله البوصيري في زوائد ابن ماجه، وقوله أدغم هو الذي يكون فيه أدنى سواد خصوصًا في أذنيه وتحت حنكه قال الحافظ السيوطي (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جملة مسائل (الأولى) أن المسلم الفقير الذي لا يمكنه التضحية لا يحرم من ثواب الضحية لأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عنه (الثانية) أنه يجوز للرجل أن يضحى عن نفسه وأهل بيته وأن يشركهم معه في الثواب (قال النووي) وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور (وكرهه الثوري وأبو حنيفة وأصحابه) وزعم الطحاوى أن هذا الحديث منسوخ أو مخصوص "يعنى الحديث القائل بأن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى عن أهل بيته وأمته" وغلطه العلماء في ذلك، فإن النسخ والتخصيص لا يثبتان بمجرد الدعوى (الثالثة) يجوز للرجل أن يضحى بعدد من الحيوان، ومن ذبح واحدة أجزأت عنه، ومن ضحى بالضأن فالأفضل له أن يضحى بكبشين أقرنين أملحين سمينين على الصفة المذكورة في أحاديث الباب (وقد اختلف العلماء في أفضل ما يضحى به من النعم) فذهب الأئمة (أبو حنفة والشافعي وأحمد وداود) إلى أن الأفضل التضحية بالبدنة ثم البقرة ثم الضأن ثم المعز (وقال الأمام مالك) أفضلها الغنم ثم البقر ثم الأبل، قال والضأن أفضل من المعز وفحول كل نوع أفضل من خصيانه، وخصيانه أفضل من إناثه، وإناثه أفضل من فحول النوع الذي يليه وعلى هذا الترتيب، واحتج بأحاديث الباب المذكور فيها الضأن، وقال أشهب من أصحاب الأمام مالك الأبل أفضل من البقر (احتج الأولون) بحديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من اغتسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة، ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة، ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب

-[مذاهب العلماء في ذبح الضحية بالمصلى وكونه بيد المضحى]- .....

_ كبشًا اقرن، رواه الشيخان والأمام أحمد وتقدم ف باب فضل التبكير إلى الجمعة ص 57 في الجزء السادس (قال النووي في شرح المهذب) وفيه دلالة لنا على مالك فيما خالف فيه. ولأن مالكًا وافقنا في الهدى أن البدنة فيه أفضل من البقرة فقس عليه، وأجاب عن الأحاديث المصرحة بأنه صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين بأن ذلك لبيان الجواز أو لأنه لم يتيسر حينئذ بدنة ولا بقرة اهـ (قال الحافظ) قد أخرج البيهقي من حديث ابن عمر، كان النبي صلى الله عليه وسلم يضحى بالمدينة بالجزور أحيانًا وبالكبش إذا لم يجد جزورًا، فلو كان ثابتًا لكان نصًا في موضع النزاع لكن في سنده عبد الله بن نافع وفيه مقال اهـ (قلت) يؤيده ما في الباب عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينحر يوم الأضحى بالمدينة، قال وكان إذا لم ينحر ذبح، وأخرجه النسائي أيضًا وسنده جيد، وظاهر معناه أنه إذا لم يجد البعير ذبح الشاه والله أعلم؛ وفي البخاري عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يذبح وينحر بالمصلى، وسيأتي في باب التضحية بالبعير عن عشرة الخ عن ابن عباس "قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فحضر النحر فذبحنا البقرة عن سبعة، والبعير عن عشرة" فثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بالأبل والبقر والغنم (الرابعة) يستحب للأمام أن ينحر أو يذبح بالمصلى (قال ابن بطال) هو سنة للأمام خاصة عند مالك، قال مالك فيما رواه ابن وهب إنما يفعل ذلك لئلا يذبح أحد قبله زاد المهلب وليذبحوا بعده على يقين وليتعلموا منه صفة الذبح اهـ (قال النووي) في شرح المهذب الأفضل (يعني لغير الأمام) أن يضحى في داره بمشهد أهله، هكذا قاله أصحابنا وذكر الماوردي أنه يختار للأمام أن يضحى للمسلمين كافة من بيت المال ببدنة في المصلى فإن لم يتيسر فشاة. وأنه ينحرها بنفسه. وإن ضحى من ماله ضحى حيث شاء، هذا كلامه اهـ (قلت) وثبت في أحاديث الباب عن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يذبح أضحيته بالمصلى يوم النحر وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله (الخامسة) يستحب للمضحى أن يتولى ذبح أضحيته بنفسه ولا يوكل في ذبحها إلا لعذر، وحينئذ يستحب أن يشهد ذبحها؛ وثبت في صحيح البخاري تعليقًا أن أبا موسى أمر بناته أن يضحين بأيديهن (قال الحافظ) وصله الحاكم في المستدرك ووقع لنا بعلو في خبرين كلاهما من طريق المسيب بن رافع أن أبا موسى كان يأمر بناته أن يذبحن نسائكهن بأيديهن وسنده صحيح اهـ، وإن استناب فيها معلمًا جاز بلا خلاف، وإن استناب كتابيًا كره كراهة تنزيه وأجزاء ووقعت التضحية عن الموكل (قال النووي) هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا مالكًا في إحدى الروايتين عنه فإنه لم يجوزها، ويجوز أن يستنيب صيبًا أو امرأة حائضًا، لكن يكره توكيل الصبي، وفي كراهة توكيل الحائض وجهان (قال أصحابنا) الحائض أولى بالاستبنانة من الصبي، والصبي أولى

-[كلام العلماء في آداب الذبح والاستعانة عليه بالغير وما يقال عنده]- .....

_ من الكتابي (قال أصحابنا) والأفضل لمن وكل أن يوكل مسلمًا فقيهًا بباب الذبائح والضحايا لأنه أعرف بشروطها وسننها والله أعلم اهـ، وحكى الشوكانى عن الهادوية اشتراط أن يكون الذابح مسلمًا فلا تحل عندهم ذبيحة الكافر ولا يجوز توكيله بالذبح (السادسة) يستحب إضجاع الغنم في الذبح وأنها لا تذبح قائمة ولا باركة بل مضجعة، لأنه أرفق بها، وبهذا جاءت الأحاديث وأجمع عليه المسلمون كما قال النووي (واتفق العلماء) على أن اضجاعها يكون على جانبها الأيسر، حكى ذلك النووي أيضًا لأنه أسهل على الذابح في أخذ السكين باليمين وإمساك رأسها باليسار (ويستحب) أن يشحذ السكين لتكون أسرع في الذبح وعدم تعذيب الحيوان، ثم يسمى الله تعالى عند ابتداء الذبح وهذا مجمع عليه، لكن هل هو شرط أم مستحب؟ فيه خلاف بين العلماء سيأتي في كتاب الصيد والذبائح عند ذكر التسمية، ويستحب التكبير مع التسمية، فيقول بسم الله والله أكبر، ويستحب أيضًا أن يقول بعد التسمية والتكبير "إني وجهت وجهي للذي فطر السموات والأرض- إلى قوله وأنا أول المسلمين" ويستحب أيضًا أن يقول اللهم منك ولك (أواليك كما في بعض الروايات) اللهم تقبل منى (واستحبه الشافعية) والحسن وجماعة وكرهه الأمام أبو حنيفة، وكره الأمام مالك الهم منك وإليك وقال هي بدعة. قال النووي (السابعة) يجوز للرجل أن يستعين في ذبح أضحيته بالغير كما في حديث أبي الخير الأخير من أحاديث الباب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعان برجل في ذبح أضحيته بالغير كما في حديث أبى الخير الأخير من أحاديث الباب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعان برجل في ذبح أضحيته، وفي صحيح البخارى تعليقًا، وأعان رجل ابن عمر في بدنته أي عند نحرها (قال الحافظ) وهذا وصله عبد الرزاق عن ابن عيينة عن عمرو بن دينار قال رأيت ابن عمر ينحر بدنة بمنى وهي باركة معقولة ورجل يمسك بحبل في رأسها وابن عمر يطعن (فائدتان) (الأولى) قال صاحب المهذب والمستحب أن يوجه الذبيحة لى القبلة لما روت عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم قال "ضحوا وطيبوا أنفسكم فإنه ما من مسلم يستقبل بذبيحته القبلة إلا كان دمها وقرنها وصوفها حسنات في ميزانه يوم القيامة" ولأنه قربة لابد فيها من جهة فكانت جهة القبلة أولى اهـ، وحديث عائشة المذكور رواه البيهقي وقال إسناده ضعيف (الثانية) قال النووي في شرح المهذب يستحب مع التسمية على الذبيحة أن يصلى على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عند الذبح نص عليه الشافعي في الأم، وبه قطع المصنف (يعني صاحب المهذب) في التنبيه وجماهير الأصحاب، هذا مذهبنا. ونقل القاضي عياض رحمه الله عن مالك وسائر العلماء كراهتها، قالوا ولا يذكر عند الذبح إلا الله وحده اهـ (قلت) وهذا هو الذي اختاره لثبوته في أحاديث الباب والله الموفق للصواب

-[حجة القائلين بأن الأضحية سنة لا واجبة]- (9) باب ما يجتنبه في العشر من أراد التضحية وما يقوم مقام الضحية للفقير (57) عن أم سلمة (زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضى عنها) عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا دخلت العشر فأراد رجلٌ أن يضحى فلا يمس من شعره ولا من بشره (1) (وعنها من طريقٍ ثانٍ) (2) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد أن يضحى (3) فلا يقلم أظفاره ولا يحلق شيئًا من شعره في العشر الأول من ذي الحجة (وعنها من طريق ثالث) (4) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنه قال من أراد أن ينحر في هلال (5) ذي الحجة فلا يأخذن من شعره وأظفاره (58) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أن رسول الله

_ (57) عن أم سلمة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا سفيان بن عيينة عن عبد الرحمن بن حميد سمع سعيد بن المسيب عن أم سلمة - الحديث" (غريبه) (1) أي فلا يزيل شيئًا من شعور بدنه بحلق أو تقصير أو نتف أو بأى نوع من أنواع الإزالة (ولا من بشره) كظفر ونحوه من أجزاء البدن (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن قال ثنا ابن لهيعة قال حدثنى سعيد بن أبى هلال عن عمرو بن مسلم الجندي أنه قال أخبرن ابن المسيب أن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "قال أبو عبد الرحمن قال أبى وقال محمد بن عمرو يعني ابن علقمة عن عمرو بن مسلم بن عمار بن أكيمة أنه قال إن كان قاله كذا قال أبى في الحديث من أراد أن يضحى - الحديث" (3) احتج به القائلون بأن الأضحية سنة لا واجبة، لأن قوله صلى الله عليه وسلم من أراد مشعر بأن التضحية موكولة لأرادة الإنسان لا واجبة عليه، وهي أظهر الحجج وأقواها في هذه المسألة والله أعلم (4) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن مالك بن أنس عن عمر أو عمرو بن مسلم عن سعيد بن المسيب عن أم سلمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال- الحديث" (5) أي في شهر ذي الحجة يوم النحر، لأنه قد يطلق الهلال ويراد به الشهر (تخريجه) (م. والأبعة) وجميع طرقه عند مسلم أيضًا. (58) عن عبد الله بن عمرو بن العاص، هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه

-[من لم يقدر على الضحية فليأخذ من شعره ويقلم أظفاره ويقص شاربه الخ]- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال لرجل أمرت (1) بيوم الأضحى جعله الله عيدًا لهذه الأمة، فقال الرجل أرأيت إن لم أجد إلا منيحة أنثى (2) أفأضحي بها؟ قال لا، ولكن تأخذ من شعرك، وتقلم (3) أظفارك، وتقص شاربك، وتحلق عانتك فذلك تمام (4) أضحيتك عند الله

_ وسنده في تفسير سورة الزلزلة من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى (غريبه) (1) ظاهر السياق يفيد أنه على بناء المفعول للخطاب، أو بناء الفاعل المتكلم أي أمرتك أو أمرت الناس، ويحتمل أنه على بناء المفعول للمتكلم، والمعنى أمرت بالتضحية في يوم الأضحى حال كونه عيدًا أو يوم الأضحى إن اتخذه عيدًا أو يوم الأضحى أن اتخذه عيدًا، والمعنى الأول أقرب إلى قول الرجل (2) أصل المنيحة ما يعطيه الرجل غيره من ناقة أو شاه ليشرب لبنها ثم يردها عليه، ثم يقع على كل شاة لأن من شأنها أن يمنح بها. وهو المراد هنا ما أعطاه غيره ليشرب اللبن، ومنعه لأنه ملك الغير، وربما كان الرجل لا يفهم أن المنحة ترد وكان ذلك سببًا لقوله صلى الله عليه وسلم في غير هذا الحديث "المنحة مردودة" وسيأتي في كتاب الوديعة والعارية (3) من باب ضرب وتشديد اللام هنا أنسب للكثرة وكأنه صلى الله عليه وسلم أرشده إلى فعل هذه الأمور ليشارك المسلمين في العيد والسرور وإزالة الوسخ فذاك يكفيه إذا لم يجد الأضحية (4) أي هو ما يتم به أضحيتك بمعنى أنه يكتب لك به أضحية تامة، لا بمعنى أن لك أضحية ناقصة إن لم تفعل ذلك وإن فعلته تصير تامة والله أعلم (تخريجه) (د. نس. قط) وسنده جيد، والحاكم وقال صحيح الأسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي (الأحكام) حديث أم سلمة بجميع طرقة يدل على مشروعية عدم أخذ شيء من الشعر أو جزء من أجزاء البدن كالطفر ونحوه في عشر ذي الحجة لمن يريد التضحية، وهل هو واجب أو مستحب؟ اختلف العلماء في ذلك (فذهب الأئمة أحمد وإسحاق) وسعيد بن المسيب وربيعة وبعض أصحاب الإمام الشافعي إلى أنه يحرم عليه أخذ شيء من شعره وأظفاره حتى يضحى في وقت الأضحية (وقال الإمام الشافعي) وأصحابه هو مكروه كراهة تنزيه وليس بحرام (وقال الإمام أبو حنيفة) لا يكره (وقال الإمام مالك) في رواية لا يكره، وفي رواية يكره، وفي رواية يحرم في التطوع دون الواجب، (احتج الأولون) بحديث الباب لأن النهى ظاهر في ذلك (واحتج الأمام الشافعي) ومن وافقه بالحديث المتقدم في باب من بعث يهدى الخ صحيفة 31 من هذا الجزء ولفظه عن

-[كلام العلماء فيما يتركه من أراد التضحية من أخذ شيء من شعره وقلم ظفره]- (10) باب السن الذي يجزئ في الأضحية (59) عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تذبحوا إلا مسنة (1) إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعةً (2) من الضأن

_ عائشة رضي الله عنها قالت "كنت أقتل قلائد هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم يرسل بهن ثم لا يحرم منه شيء" ورواه الشيخان أيضًا وفيه "ولا يحرم عليه شيء أحله الله حتى ينحر هديه" (قال الإمام الشافعي) البعث بالهدى أكثر من إرادة التضحية فدل على أنه لا يحرم ذلك، وحمل أحاديث النهى على كراهة التنزيه (قال الشوكاني) ولا يخفى أن حديث الباب أخص منه مطلقًا، فيبنى العام على الخاص ويكون الظاهر مع قال بالتحريم، ولكن على من أراد التضحية اهـ (قال النوويى) قال أصحابنا والمراد بالنهى عن أخذ الظفر والشعر النهى عن إزالة الظفر بقلم أو كسر أو غيره، والمنع من إزالة الشعر بحلق أو تقصير أو نتف أو إحراق أو أخذ بنورة أو غير ذلك، وسواء شعر الأبط والشارب والعانة والرأس وغير ذلك من شعور بدنه، قال إبراهيم المروزي وغيره من أصحابنا حكم أجزاء البدن كلها حكم الشعر والظفر ودليله الرواية السابقة "يعني الطريق الأولى من حديث الباب" فلا يمس من شعره وبشره شيئًا (قال أصحابنا) والحكمة في النهي أن يبقى كامل الأجزاء ليعتق من النار، وقيل التشبه بالمحرم (قال أصحابنا) هذا غلط لأنه لا يعتزل النساء ولا يترك الطيب واللباس وغير ذلك مما يتركه المحرم اهـ والله أعلم (والحديث الثاني من أحاديث الباب) فيه دلالة على أن الفقير الذي لا يقدر على التضحية يستحب له أن يأخذ من شعره وأن يقلم أظفاره ويقص شاربه ويحلق عانته فذلك يكفيه عن الضحية، وله أن يفعل ذلك في العشر بدون حرج ليشارك الناس يوم العيد في زينتهم وسرورهم ونظافتهم، والله الموفق (59) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا زهير عن أبي الزبير عن جابر - الحديث" (غريبه) (1) قال العلماء المسنة هي الثنية من كل شيء من الأبل والبقر والغنم فما فوقها؛ وقال صاحبها المختار والمصباح الثنى الذي يلقى ثنيتيه يكون من ذوات الظلف والحافر في السنة الثالثة؛ ومن ذوات الخف في السنة السادسة وهو بعد الجذع، والجمع ثناء بالكسر والمد، وثُنيان مثل رغيف ورغفان (2) قال النووى الجذع من الضأن ماله سنة تامة، هذا هو الأصح عند أصحابنا وهو الأشهر عند أهل اللغة وغيرهم، وقيل ماله ستة أشهر، وقيل سبعة، وقيل ثمانية، وقيل ابن عشرة

-[حجة القائلين بتفضيل العنان في الضحية عن غيره]- (60) عن أبي كباش قال جلبت غبًا جذعانًا (1) إلى المدينة فكسدت على فلقيت أبا هريرة رضى الله عنه فسألته فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نعم أو نعمت الأضحية الجذع من الضأن فانتهبها الناس (2) (61) عن بعجة بن عبد الله عن عقبة بن عامرٍ رضي الله عنه

_ حكاه القاضي وهو غريب، وقيل إن كان متوالدًا من بين شابين فستة أشهر، وإن كان من هرمين فثمانية أشهر اهـ (قلت) والجذع من الإبل ما دخل في السنة الخامسة، ومن البقر والمعز ما دخل في السنة الثانية، وقيل البقر في الثالثة، واقتصر عليه صاحب القاموس والله أعلم، وفي هذا الحديث التصريح بأنه لا يجوز الجذع ولا يجزئ إلا إذا عسر على المضحى وجود المسنة فيضحى بجذعة من الضأن، لكن الجمهور يجوزون الجذع من الضأن سواء وجد غيره أم لا، أخذًا من حديث أبى هريرة وما بعده من أحاديث الباب فإنها مصرحة بالجواز مطلقًا فيحمل حديث جابر على الاستحباب والأفضل جمعًا بين الأحاديث، والمعنى يستحب لكم أن لا تذبحوا إلا مسنة، فإن عجزتم فجذعة ضأن، والله تعالى أعلم (تخريجه) (م. د. نس. جه) (60) عن أبى كباش (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع ثنا سفيان قال حدثنى عثمان بن واقد يعنى العمرى عن كدام بن عبد الرحمن السلمى عن أبى كباش - الحديث" (غريبه) (1) بضم الجيم جمع جذع، وقوله فكمدت أي بارت ولم يقبل الناس على شرائها لفهمهم أن الجذعة من الضأن لا تجزئ ضحية (2) أي أقبلوا على شرائها لما علموا من أبى هريرة أنها تجزئ حتى لم يبق منها شيء (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب، قال وقد روى هذا عن أبى هريرة موقوفًا، وقال في علله الكبير سألت محمد بن إسماعيل (يعني البخاري) عن هذا الحديث فقال رواه عثمان بن واقد فرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورواه غيره فوقفه على أبى هريرة، وسألته عن اسم أبى كباش فلم يعرفه اهـ، ويشهد له حديث عبادة بن الصامت عند أبى داود وابن ماجه والحاكم والبيهقي مرفوعًا بلفظ "خير الضحية الكبش الأقرن" وأخرجه أيضًا الترمذي وزاد "وخير الكفن الحلة" (61) عن بعجة بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن هشام الدستوائي قال ثنا يحيى عن بعجة بن عبد الله - الحديث"

-[الترخيص لبعض الصحابة بجواز التضحية بالجذع من المعز]- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم ضحايا بين أصحابه فأصاب عقبة بن عامر جذعة (1) فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنها فقال ضح بها (ومن طريقٍ ثانٍ) (2) عن أبي الخير عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطاه غنمًا فقسمها على أصحابه (3) ضحايا فبقى عتودٌ (4) منها فذكره لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ضح به (5) (62) عن زيد بن خالد الجهنى رضى الله عنه قال قسم رسول الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم غنمًا للضحايا فأعطانى عتودًا جذعًا من المعز، قال فجئته به، فقلت يا رسول الله إنه جذعٌ، قال ضح به فضحيت به (5)

_ (غريبه) (1) الظاهر أن هذه الجذعة كانت من المعز لا من الضأن كما سيأتى في الطريق الثاني (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج ثنا ليث بن سعد حدثنى يزيد بن أبى حبيب عن أبى الخير- الحديث (3) يحتمل أن يكون الضمير للنبى صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يكون لعقبة، وعلى كل يحتمل أن تكون الغنم ملكًا للنبي صلى الله عليه وسلم وأمره بقسمتها بينهم تبرعًا، ويحتمل أن تكون من الفئ، وإليه جنح القرطبي حيث قال في الحديث إن الإمام ينبغي له أن يفرق الضحايا على من لم يقدر عليها من بيت مال المسلمين، وقال ابن بطال إن كان قسمها بين الأغنياء فهى من الفئ، وإن كان خص بها الفقراء فهي من الزكاة والله أعلم (4) قال أهل اللغة العتود من أولاد المعز خاصة وهو ما رعى وقوى (قال الجوهرى) وغيره هو ما بلغ سنة، وجمعه اعتدة وعد أن بإدغام التاء في الدال والأصل عتدان (5) الظاهر أن التضحية بالعتود كانت رخصة لعقبة بن عامر كما كان مثلها رخصة لأبى بردة بن تيار المذكور في حديث البراء بن عازب، وسيأتى في باب وقت الذبح، ويؤيد ذلك ما جاء في هذا الحديث عن البيهقي "فقال ضح بها أنت ولا رخصة لأحد فيها بعدك" (قال النووى) وسنده صحيح (تخريجه) (ق. وغيرهما) (62) عن زيد بن خالد الجهني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن محمد بن إسحاق حدثني عمارة بن عبد الله بن طعمة عن سعيد بن المسيب عن زيد بن خالد الجهنى- الحديث" (غريبه) (6) تضحية زيد بن خالد الجهنى وعقبة بن عامر بالجذعة من المعز كانت رخصة لهما. قال البيقهي والله أعلم (تخريجه) (هق) قال النووى وهذا الحديث رواه أبو داود بإسناد جيد حسن، وليس في رواية

-[حجة القائلين بأن الجذعة من الضأن تجزئ مع وجود الثنية]- (63) عن عاصم بن كليب عن أبيه عن رجل (1) من مزينة أو جهينة قال كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان قبل الأضحى بيومٍ أو بيومين أعطوا جذعين وأخذوا ثنيًا (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إن الجذعة تجزئ مما تجزئ منه الثنية (64) عن محمد بن أبى يحيى قال حدثتني أمى عن أم بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ضحوا بالجذع من الضأن فإنه جائزٌ

_ أبي داود من المعز ولكنه معلوم من قوله عتود اهـ، أى لأنه لا يكون إلا من المعز كما تقدم (63) عن عاصم بن كليب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عاصم بن كليب - الحديث" (غريبه) (1) هذا الرجل صحابى واسمه مجاشع من بني سلم كما صرح بذلك في رواية أبى داود (2) معناه أن الرجل منهم كان يشترى الثنية بجذعين لفهمه أن الجذعة من الضأن لا تجزئ في الضحية، فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم أنها تجزئ مما تجزئ منه الثنية، وهو حجة لما ذهب إليه الجمهور من أن الجذعة تجزئ مع وجود الثنية (تخريجه) (د. نس. جه) وسنده جيد (ولفظه عند أبي داود وابن ماجه) عن عاصم بن كليب عن أبيه قال كنا مع رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له مجاشع من بني سليم فعزت الغنم فأمر مناديًا فنادى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إن الجذع يوفى مما يوفى منه الثنى، قال أبو داود وهو مجاشع بن مسعود (ولفظه عند النسائي) عن عاصم بن كليب عن أبيه قال كنا في سفر فحضر الاضحى فجعل الرجل منا يشترى المسنة بالجذعتين والثلاثة، فقال لنا رجل من مزينة كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فحضر هذا اليوم فجعل الرجل يطلب المسنة بالجعتين والثلاثة. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الجذع يوفى مما يوفى منه الثنى (64) عن محمد بن أبى يحيى (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى ابن سعيد عن محمد بن يحيى - الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبرانى في الكبير ورجاله ثقات اهـ، وأرده الحافظ في الإصابة في ترجمة أم بلال بنت هلال وعدها من الصحابة، وقال أخرجه مسدد وأحمد، قال وأخرجه ابن السكن من رواية يحيى القطان وقال في سياقه عن أم بلال امرأة من أسلم، وقال ابن منده تابعه حاتم بن إسماعيل والقاسم بن الحكم عن محمد بن أبى يحيى ثم قال هو وابن السكن، ورواه أبو ضمرة

-[زوائد الباب وأحكامه - وحجة القائلين بجواز الجذع من الضأن]- (65) عن أم بلال ابنة هلال عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال يجوز الجذع من الضأن ضحيةً

_ عن محمد بن أبي يحيى فقال عن أمه عن أم بلال عن أبيها (قال الحافظ) قلت أخرجه ابن ماجه من رواية عن محمد بن أبى يحيى كذلك، وذكرها كذلك العجلى في ثقات التابعين اهـ (65) عن أم بلال (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن بحر ثنا أبو ضمرة قال ثنا محمد بن أبى يحيى مولى الأسلميين عن أمه قالت أخبرتني أم بلال ابنة هلال- الحديث" (تخريجه) (جه. هق) وابن جرير الطبرى وأشار إليه الترمذي وسنده جيد (زوائد الباب) (عن عقبة بن عامر رضى الله عنه) قال ضحينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجذع من الضأن (ش) (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث بغنم إلى سعد بن أبى وقاص يقسمها بين أصحابه وكانوا يتمتعون فبقى منها تيس فضحى به سعد بن أبى وقاص في تمتعه (طب) ورجاله رجال الصحيح (وعن محمد بن سيرين) أن عمران بن حصين قال أضحى بجذع أحب إلى من أضحى بهرم الله أحق بالفتى أو الكريم (طب) ورجاله رجال الصحيح (وعن أبى هريرة) رضى الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوسًا فجاءه رجل فدخل بجذع من الغنم سمين سيد، وجذع من الضأن مهزول خسيس، فقال يا رسول الله هذا جذع من الضأن مهزول خسيس وهذا جذع من المعز سمين سيد وهو خيرهما أفأضحى به؟ قال ضح به فإن لله الخير (عل) من رواية حنش العبدى ولم أجد من ترجمه السيد من المعز هو المسن وقيل الجليل وإن لم يكن مسنًا (ته) أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي عدا حديث عقبة بن عامر (الأحكام) حديث جابر المذكور أول الباب يدل على أنه لا يجزئ في الأضحية من الإبل والبقر والمعز إلا الثنى فما فوق "وتقدم تفسير الثنى في الشرح" ولا من الضأن إلا الجذع فما فوق "وتقدم تفسير الجذع في الشرح أيضًا" (وإلى ذلك ذهب كافة العلماء) إلا ما حكاه العبدرى وجماعة من الشافعية عن الزهرى أنه قال لا يجزئ الجذع من الضأن (وعن الأوزاعي) أنه يجزئ الجذع من الإبل والبقر والمعز والضأن، وحكى صاحب البيان عن ابن عمر كالزهرى وعن عطاء كالأوزاعي هكذا نقل هؤلاء، ونقل القاضي عياض الاجتماع على أنه يجزئ الجذع من الضأن وأنه لا يجزئ جذع المعز، احتج الجمهور لإجزاء جذع الضأن بالأحاديث التي جاءت في الباب عن جابر وأبى هريرة وعاصم بن كليب وأم بلال، وبحديث عقبة بن عامر المذكور في الزوائد، وفي حديث جابر التصريح بأنه لا يجوز الجذع من غير الضأن في حال من الأحوال فهو

-[أقوال العلماء في السن التي تجزئ في الأضحية]- .....

_ حجة على الزهري في قوله لا يجزئ الجذع من الضأن، وحجة على الأوزاعي في قوله بتعميم الأجزاء بالجذع من كل نوع (فإن قيل) ثبت في أحاديث الباب عن عقبة بن عامر وزيد بن خالد الجهني الأجزاء بالجذع من المعز، ومثل ذلك في الزوائد من حديث ابن عباس وعمران بن حصين وأبي هريرة وهي حجة للأوزاعي لأنه إذا ثبت الأجزاء بجذع المعز فجذع غيره أولى بالأجزاء (قلت) الجواب كما قال الحافظ أن ذلك كان في ابتداء الأمر ثم تقرر الشرع بأن الجذع من المعز وغيره لا يجزئ إلا جذع الضأن كما في حديث جابر، واختص أبو بردة بن نيار وعقبة بن عامر بالرخصة ومنع الغير منها، فقد روى البيهقي عن عقبة بن عامر قال أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم غنمًا أقسمها ضحايا بين اصحابي فبقي عتود منها، فقال ضح به أنت ولا رخصة لأحد فيها بعدك، وتقدم تفسير العتود في الشرح وهو ما بلغ سنة من المعز، قال النووي سنده صحيح (قلت) ورواه أيضًا الشيخان والإمام أحمد "في أحاديث الباب" بدون قوله ولا رخصة لأحد فيها بعدك، وقد صحح النووي إسناده، فالزيادة مقبولة، وحديث أبي بردة بن نيار رواه أيضًا الشيخان والإمام أحمد وسيأتي في باب وقت الذبح وفيه أنه ضحى بعناق جذعة، والعناق هي الأنثى من المعز مالم يتم سنة، وأن النبي صلى الله عليه وسلم، قال تجزئ عنه ولا تجزئ عن أحد بعده (فإن قيل) إن في كل من هذين الحديثين صيغة عموم فأيهما تقدم على الآخر اقتضى انتفاء الوقوع للثاني فما الجواب؟ (قلت) أجاب عن ذلك الحافظ رحمه الله بأن أقرب ما يقال فيه أن ذلك صدر لكل منهما في وقت واحد أو تكون خصوصية للثاني، قال ولا مانع من ذلك لأنه لم يقع في السياق استمرار المنع لغيره ضريحًا، قال ولم يثبت الأجزاء لأحد ونفيه عن الغير إلا لأبي بردة وعقبة، وإن تعذر الجمع فحديث أبي بردة أصح مخرجًا، والله أعلم قال واختلف القائلون بأجزاء الجذع من الضأن وهم الجمهور في سنة على آراء (أحدها) أنه ما أكمل سنة ودخل في الثانية وهو الأصح عند الشافعية (قلت والمالكية أيضًا) وهو الأشهر عند أهل اللغة (ثانيها) نصف سنة وهو قول الحنفية والحنابلة (ثالثها) سبعة أشهر، وحكاه صاحب الهداية من الح نفية عن الزعفران (رابعها) ستة أو سبعة حكاه الترمذي عن وكيع (خامسها) التفرقة بين ما تولد بين شابين فيكون له نصف سنة، او بين هرمين فيكون ابن ثمانية (قلت للمالكية قول بأن ابن ثمانية أشهر مطلقًا بغير تفرقة) (سادسها) ابن عشر (قلت هو قول آخر للمالكية) (سابعها) لا يجزئ حتى يكون عظيمًا، حكان ابن العربي وقال أنه مذهب باطل كذا قال، أفاده الحافظ (تنبيه) نقل جماعة من العلماء الإجماع على التضحية لا تصح إلا ببهيمة الأنعام، الإبل بجميع

-[النهي عن التضحية بما فيه عيب]- (11) باب ما لا يضحى به لعيبه ولا يكره وما يستحب (66) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همامٌ ثنا قتادة ثنا رجلٌ من بني سدوس يقال له جري بن كليبٍ عن علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن غضباء (1) الأذن والقرن، قال فسألت سعيد (2) بن المسيب، فقال النصف فما فوق ذلك (3). (67) عن عليٍ رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن نستشرف العين والأذن وأن لا نضحي بعوراء (4) ولا مقابلةً ولا مدابرةً ولا شرقاء ولا خرقاء (زاد في رواية ولا جدعاء) قال زهيرٌ قلت لأبي إسحاق أذكر عضباء قال لا، قلت ما المقابلة قال يقطع ظرف

_ أنواعها، والبقر ومثله الجاموس، والغنم وهي الضأن والمعز، ولا يجزئ شيء من الحيوان غير ذلك، وحكى ابن المنذر عن الحسن بن صالح أنه يجوز أن يضحي ببقر الوحش عن سبعة. وبالظبي عن واحد. وبه قال داود في بقرة الوحش والله أعلم. (66) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) بعين مهملة ثم ضاد معجمة فباء موحدة أي مقطوعة الأذن والمكسورة والقرن (قال في النهاية) واستعمال العضب في القرن أكثر منه في الأذن (2) القائل فسألت سعيدًا هو قتادة كما صرح بذلك في رواية لأبي داود (3) أي ما قطع النصف من أذنه أو قرنه أو أكثر من ذلك (تخريجه) (الأربعة. وغيرهم) وصححه الترمذي وسكت عنه أبو داود والمنذري، لكن ابن ماجه لم يذكر قول قتادة إلى آخره (67) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن أبو موسى ثنا زهير ثنا أبو إسحاق عن شريح بن النعمان قال أبو إسحاق وكان رجل صدق عن علي رضي الله عنه - الحديث" (غريبه) (4) أي ننظر ونتأمل في سلامتها من آفة تكون بهما، وقيل إن ذلك مأخوذ من الشرف بضم الشين وهو خيار المال أي امرنا أن نتخيرها (5) هي التي ذهب بصر إحدى عينيها بأي حال من الأحوال سواء بقيت الحدقة أو فقدت لفوات المقصود وهو كمال النظر (ولا مقابلة) بفتح الموحدة (قال في القاموس) هي شاة قطعت أذنها من قدام وتركت معلقة، ومثله في النهاية إلا أنه لم يقيد

-[النهي عن التضحية بالشرقاء والخرقاء والجدعاء والمقابلة والمدابرة]- الأذن، قلت ما المدابرة؟ قال يقطع مؤخر الأذن، قلت ما الشرقاء؟ قال تشق الأذن، قلت من الخرقاء؟ قال تخرق أذنها للسمة (1) (68) عن يزيد ذي مصرٍ قال أتيت عتبة بن عبد السلمى رضي الله عنه فقلت يا أبا الوليد إني خرجت ألتمس الضحايا فلم أجد شيئًا يعجبني غير ثرماء (2)

_ بقدام (ولا مدابرة) بفتح المواحدة أيضًا هي التي قطعت أذنها من جانب (وفي القاموس) ما لفظه وهو مقابل ومدابر محض من أبويه، وأصله من الإقبالة والإدبارة وهو شق في الأذن ثم يفتل ذلك، فإن أقبل به فهو إقبالة وإن أدبر به فإدبارة والجلدة المعلقة من الأذن هي الإقبالة والإدبارة كأنها زنمة، والشاة مقابلة ومدابرة وقد دابرتها وقابلتها اهـ (ولا شرقاء) هي مشقوقة الأذن طولًا كما في القاموس (ولا خرقاء) قال في النهاية الخرقاء التي في أذنها خرق مستدير (ولا جدعاء) الجدع بسكون الدال المهملة قطع الأنف والأذن والشفة وهو بالأنف أخص فإذا أطلق غلب عليه، يقال رجل أجدع ومجدوع إذا كان مقطوع الأنف "نه" (1) من الوسم وهو العلامة، والمعنى أنهم كانوا يخرقون أذنها ليكون علامة تعرف بها (تخريجه) (هق. بز. ك. حب. والأربعة) وصححه الترمذي (68) عن يزيد ذي مصر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن بحر قال حدثنا عيسى بن يونس قال ثنا ثور بن يزيد حدثني أبو حميد الرعيني قال أخبرني يزيد ذي مصر قال أتيت عتبة بن عبد السلمي فقلت يا أبا الوليد إني خرجت التمس الضحايا فلم أجد شيئًا يعجبني غير ثرماء فما تقول، قال ألا جئتني بها؟ قلت سبحان الله تجوز عنك ولا تجوز عني؟ قال نعم إنك تشك ولا أشك. إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المصفرة والمستأصلة قرنها من أصله، والنجقاء التي تنجق عينها؛ والمشيبعة التي لا تتبع الغنم عجفًا وضعفًا وعجزًا، والكسراء التي لا تنفي، قال أبي وحدثني أحمد بن جناب حدثنا عيسى بن يونس فذكر نحوه (تنبيه) هذا الحديث رواه أبو داود والبخاري في تا ريخه، وقد جاء في أصل المسند محرفًا وفيه سقط وخلط أدركته بمجرد قراءته، فرجعت إلى أصح نسخة من نسخ أبي داود وصححته عليها ثم أثبته في المتن صحيحًا، وذكرته كأصله مخرفا في الشرح محافظة على الاصل، وسأشير إلى مواضع الخطأ منه في خلال شرحه والله الموفق (غريبه) (1) بالثاء المثلثة. والثرم هو سقوط الثنية من الأسنان، وقيل الثنية والرباعية، وقيل هو

-[النهي عن التضحية بالمصفرة والمستأصلة والنجقاء والمشيعة والكسراء]- فكرهتها فما تقول، قال افلا جئتني بها؟ قلت سبحان الله. تجوز عنك ولا تجوز عني؟ قال نعم. إنك تشك ولا أشك، إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المصفرة (1) والمستأصلة والبخقاء (2) والمشيعة والكسراء، فالمصفرة التي تستأصل أذنها حتى يبدو صماخها، والمستأصلة التي استؤصل قرنها من أصله، والبخقاء التب تبخق عينها، والمشيعة التي لا تتبع الغنم عجفًا وضعفًا وعجزًا، والكسراء التي لا تنقي (3) (69) عن سليمان بن عبد الرحمن قال سمعت عبيد بن فيروزٍ مولى

_ أن تنقلع السن من أصلها مطلقًا، وإنما هي عنها لنقصان أكلها (له) (وقوله فكرهتها) هذا اللفظ سقط من الأصل (1) بالصاد المهملة الساكنة ثم فاء مفتوحة ثم راء مخففة ويجوز فتح الصاد وتشديد الفاء للتكثير وهي المستأصلة الأذن، سميت بذلك لأن صماخها صفرًا من الأذن أي خلوًا، يقال صفر الأناء إذا خلا وأصفرته إذا أخليته، وقيل هي المهزولة لخلوها من السمن (وقوله والمستأصلة) جاء في الأصل "والمستأصلة قرنها من أصلها" ولا معنى له في هذا الموضع، لأنه موضع عد الأنواع لا موضع تفسيرها على أن فيه خطأ أيضًا، ومعنى المستأصلة هي التي استؤصل قرنها من أصله كما فسرت في الحديث (2) جاء في الأصل بنون ثم جيم بدل الباء المهملة والخاء وهو تحريف مخل، وصوابه بموحدة وخاء معجمة ثم قاف وهي التي تبخق عينها أي يذهب بصرها والعين صحيحة الصورة قائمة في موضعها (والمشيعة) بتشديد الياء التحتية ويجوز كسرها (قال في النهاية) إن كسرت الياء فلأنها أبدًا تشيع الغنم أي تمشي وراءها، وإن فتحت فلأنها تحتاج إلى من يشيعها أي يسوقها لتأخرها عن الغنم لعجفها وضعفها (والكسراء) سقطت هذه الكلمة من الاصل، ولابد من ذكرها لوجودها في تفسير الراوي للحديث، ومعناها المكسورة الرجل التي لا تقدر على المشي (3) بضم التاء الفوقية وكسر القاف بينهما نون ساكنة أي التي لا نقي لها بكسر النون وهو الشحم أي لا شحم لها بسبب ما اعتراها من الضعف والهزال (تخريجه) (د. ك) وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وسكت عنه الذهبي وكذلك أبو داود والمنذري، وأخرجه البخاري في تاريخه (69) عن سليمان بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-[حديث البراء بن عازب رضي الله عنه في عيوب الأضحية]- بني شيبان أنه سال البراء (بن عازبٍ) رضي الله عنه عن الأضاحي ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وما كره، فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قام فينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ويدي أقصر من يده (1) فقال أربعٌ لا تجزئ، العوراء البين عورها، والمريضة البين مرضها، والعرجاء البين ظلعها، والكسير التي لا تنقى، قال قلت فإني أكره أن يكون في القرن نقصٌ أو قال في الأذن نقصٌ أو في السن نقصٌ، قال ما كرهت فدعه ولا تحرمه على أحدٍ (2) (70) عن أبي سعيدٍ الخدري رضي الله عنه قال اشتريت كبشًا أضحي به فعدا الذئب فأخذ الإلية فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فقال ضح به

_ عفان ثنا شعبة أخبرني سليمان بن عبد الرحمن - الحديث" (غريبه) (1) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير بيده عندما ذكر الحديث، ولما سئل البراء ويدي أقصر من يده "يعني النبي صلى الله عليه وسلم" تأدبًا، وقد جاء ذلك صريحًا في الموطأ عن عبيد بن فيروز عن البراء بن عازب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل ماذا ماذا يتقي من الضحايا، فأشار بيده وقال أربعًا وكان البراء بن عازب يشير بيده ويقول يدي أقصر من يد رسو لالله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (2) بفتح الظاء المعجمة وإسكان اللام أي عرجها، وهي التي لا تلحق الغنم في مشيها (وقوله والكسير الخ) جاء في رواية للنسائي والترمذي العجفاء بدل الكسير، وكذلك في الموطأ أيضًا، أي الضعيفة (التي لا تنقى) أي لا شحم لها، وفي رواية قاسم بن أصبغ والكسيرة التي لا تنقى يزيد التي لا تقوم ولا تنهج من الهزال (3) المراد لا تقل إنها لا تجوز عن أحد وإلا فلا يتصور التحريم والله أعلم (تخر يجه) (لك. والأربعة. وغيرهم) بأسانيد حسنة. قاله النووي في شرح المهذب، وقال قال أحمد بن حنبل ما أحسنه من حديث، وقال الترمذي حديث حسن صحيح. (70) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن جابر عن محمد بن قرظة عن أبي سعيد الخدري - الحديث" (غريبه) (4) بفتح الهمزة وسكون اللام، قال في مختار ولا تقل إليه بالكسر ولا لية، وتثنيتها أليان اهـ (قلت) وجمعها أليات بفتح الهمزة، والفرق بين مثناة وجمعه أن آخر المثنى نون

-[الصفة المستحبة في الضحايا - وزوائد الباب]- (71) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الجذع من الضأن خيرٌ من السيد (1) من المعز، قال داود السيد الجليل (72) وعنه أيضًا قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم دم عفراء (2) أحب إلي من دم سوداوين

_ وآخر الجمع تاء فوقية، وهو طرف الشاة، وفيه دلالة على أن ذهاب الألية ليس عيبًا في الضحية (تخريجه) (جه. هق) وفي إسناده جابر الجعفي فيه كلام. قال في الخلاصة جابر بن يزيد بن الحارث الجعفي الكوفي أحد كبار علماء الشيعة عن عامر بن وائلة والشعبي، وعنه شعبة والسفيانان وخلق، وثقه الثوري وغيره، وقال النسائي متروك، له في (د) فرد حديث، مات سنة ثمان وعشرين ومائة اهـ (قلت) وفي إسناده أيضًا محمد بن قرظة بفتحات، قال في الخلاصة مجهول وثقه ابن حبان والله أعلم (71) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب قال ثنا عبد الله قال أنا داود بن قيس قال حدثني أبو ثقال المري عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (1) السيد من المعز هو المسن، وقيل الجليل وإن لم يكن مسنا، وبهذا الأخير فسره داود بن قيس أحد رجال والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده أبو ثفال بكسر الثاء المثلثة بعدها فاء، المري بضم الميم ثم راء، قال البخاري فيه نظر. وقال الحافظ في التقريب مشهور بكنيته مقبول من الخامسة (72) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد العزيز بن محمد عن أبي ثفال المري عن رباح بن عبد الرحمن عنه أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (2) العُفرة بياض ليس بالناصع بل كلون عفر الأرض وهو وجهها (نه) والعفراء على ما في القاموس البيضاء، قال أيضًا والأعفر من الظباء ما يعلو بياضه حمرة، أو الذي في سراته حمرة وأقرابه بيض، أو الأبيض ليس بالشدي البياض اهـ. وفيه استحباب التضحية بالأعفر من الحيوان وأنه أفضل من أسودين والله أعلم (تخريجه) (هق. ك) وسكت عنه الحاكم والذهبي، وفي إسناده أبو ثفال المري المتقدم ذكره في الحديث السابق (زوائد الباب) (عن أبي مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجوز من البدن العوراء والعجفاء ولا الجرباء ولا المصطلمة أطباؤها (طب) وفيه علي بن عاصم بن صهيب وفيه ضعف وقد وثق، والأطباء بسكون الطاء المهملة جمع طبي بالضم والكسر وهو الضرع

-[ما أجمع عليه العلماء من عيوب الضحايا وما اختلفوا فيه]- .....

_ ومعناه المقطوعة ضروعها، ويقال له في ذوات الخف والظلف خِلف وضرع، وقد يقال لموضع الأخلاف من الخيل والسباع أطباء أيضًا (وعن حذيفة رضي الله عنه) قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستشرف العين والأذن (بز. طس) وفيه محمد بن كثير القرشي الملائي وثقه ابن معين وضعفه جماعة (وعن كبيرة بنت أبي سفيان) رضي الله عنها وكانت قد أدركت ال جاهلية وكانت من المبايعات، قالت قلت يا رسول الله إني قد أودت أربع بنين لي في الجاهلية قال اعتقي أربع رقبات، فأعتقت أبا سعيد وابناه ميسرة وجبيرًا وأم ميسرة قالت وقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم دم عفراء أزكى عند الله من دم سوداوين (طب) وفيه محمد بن سليمان بن مسمول وهو ضعيف (وعن أبي أمامة بن سهيل) رضي الله عنه قال كنا نسمن الأضحية بالمدينة وكان المسلمون يسمنون (خ) (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية سلامة الأضحية من العيوب المذكورة وعلى أن الجدع من الضأن أفضل من المسن من المعز، وأن العفراء أفضل من السوداء، والسمينة خير من الهذيلة، وللعلماء في عيوب الأضحية مذاهب (قال النووي) في شرح المهذب أجمعوا على أن العمياء لا تجزئ، وكذلك العوراء البين عورها، والعرجاء البين عرجها، والمريضة البين مرضها والعجفاء (واختلفوا) في ذاهبة القرن ومكسورته، فمذهبنا يعني (مذهب الشافعي) أنها تجزئ (قال مالك) إن كانت مكسورة القرن وهو يدمي لم تجزه وإلا فتجزئة (وقال أحمد) إن ذهب أكثر من نصف قرنها لم تجزه سواء دميت أم لا، وإن كان دون النصف أجزأته، وأما مقطوعة الأذن فمذهبنا أنها لا تجزئ سواء قطع كلها أو بعضها، وبه قال (مالك وداود - وقال أحمد) إن قطع أكثر من النصف لم تجزه وإلا فتجزئه (وقال أبو حنيفة) إن قطع أكثر من الثلث لم تجزه، وقال أبو يوسف ومحمد إن بقي أكثر من نصف أذنها أجزأت (وأما مقطوعة بعض الألية) فلا تجزئ عندنا (وبه قال مالك وأحمد) (وقال أبو حنيفة) في رواية إن بقي الثلث أجزأت، وفي رواية إن بقي أكثرها أجزأت، وقال داود تجزئ بكل حال، وأما إذا أضجعها ليذبحها فعالجها فاعورت حال الذبح فلا تجزئ (وقال أبو حنيفة وأحمد) تجزئ والله أعلم، قال (وأجمع العلماء) على استحباب السمن في الأضحية والطيّب منها (واختلفوا في استحباب تسمينها) فمذهبنا ومذهب الجمهور استحبابه (وقال بعض المالكية) يكره لئلا يتشبه باليهود، وهذا قول باطل، وقد ثبت في صحيح البخاري عن أبي أمامة الصحابي رضي الله عنه قال كنا نسمن الأضحية وكان المسمون يسمنون (قال) وافضلها البيضاء. ثم الصفراء. ثم الغبراء. وهي التي لا يصفو بياضها ثم البقاء. وهي التي بعضها أبيض وبعضها أسود. ثم السوداء اهـ (قلت) ويصح التضحية

-[معنى الخصي والموجوء عند أهل اللغة]- (12) باب التضحية بالخصى (73) عن أبي هريرة أن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ضحى اشتري كبشين عظيمين سمينين أقرنين املحين موجوءين (1) قال فيذبح أحدهما عن أمته ممن أقر بالتوحيد وشهد له بالبلاغ، ويذبح الآخر عن محمدٍ وآل محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (74) عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال ضحى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بكبشين جذعين خصيين (75) عن أبي رافع (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه) قال ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبشين أملحين موجيين (2) خصيين فقال أحدهما عمن شهد

_ بالذكر والأنثى بالإجماع، والأفضل ما كان على صفة ما ضحى به النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم (73) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن يوسف قال أنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي سلمة عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (1) الوجاء أن ترض انثيا الفحل رضا شديدًا أي تدق دقًا شديدًا يذهب شهوة الجماع؛ وقد وجئ وجاء فهو موجوء، وقيل هو أن توجأ العروق والخصيتان بحالهما وفسره في رواية أبي رافع بقوله خصيين، يقال خصيت الفحل أخصيه خصاء بالكسر والمد إذا سللت خصييه، والرجل خصيّ والجمع خصيان وخصية (وقال الجوهري) وغيره الموجوء منزوع الانثيين، وقيل هو المشقوق عرق الانثيين والخصيتان بحالهما (تخريجه) (جه. هق. ك) وفي إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل فيه مقال، وسكن عنه الحاكم والذهبي (74) عن أبي الدرداء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا أبو شهاب عن الحجاج عن يعلي بن نعمان عن بلال بن أبي الدرداء عن أبيه - الحديث" (تخريجه) (طب) وفي إسناده الحجاج بن أرطأة فيه مقال (75) عن أبي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ثنا شريك عن عبد الله بن محمد عن علي بن حسين عن أبي رافع - الحديث" (غريبه) (2) تقدم شرحه وتفسيره في حديث رقم 47 صحيفة 61 من هذا الجزء

-[مذاهب العلماء في حكم التضحية بالخصي]- بالتوحيد وله بالبلاغ، والآخر عنه وعن أهل بيته، قال فكأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قد كفانا (13) باب التضحية بالبعير عن عشرة (وبالبقرة عن سبعة - وبالشاة لأهل البيت الواحد) (76) عن أبي عباس رضي الله عنهما قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفرٍ فحضر النحر فذبحنا البقرة عن سبعةٍ والبعير عن عشرةٍ

_ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده حسن (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز التضحية بالخصي، وبه قال جمهور العلماء (منهم الأئمة الأربعة) وكرهه بعض أهل العلم النقص العضو، ولكن ليس هذا عيبًا، لأن الخصاء يفيد اللحم طيبًا، وينفي عنه الزهومة وسوء الرائحة (قال النووي في شرح المهذب) يجزئ الموجوء والخصي، كذا قطع به الأصحاب وهو الصواب، وشذا ابن كج فحكى في الخصي قولين وجعل المنع هو قول الجديد (يعني مذهب الإمام الشافعي) وهذا ضعيف منابذ للحديث الصحيح اهـ (وقال ابن العربي) حديث أبي سعيد، يعني الذي أخرجه الأربعة وصححه الترمذي عن أبي سعيد قال "ضحى رسول الله صلى الله عليه وسلم بكبش أقرن فحيل يأكل في سواد ويمشي في سواد وينظر في سواد" يرد رواية موجوءين، لأن معنى قوله فحيل أي كامل الخلقة لم تقطع أنثياه، وتعقب باحتمال أن يكون ذلك وقع في وقيتن (قال الشوكاني) وذهبت الهادوية إلى استحباب التضحية بالموجوء والظاهر أنه لا مقتضى لاستحباب ذلك؛ لأنه قد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم التضحية بالفحيل في حديث أبي سعيد فيكون الكل سواء اهـ (وفي أحاديث الباب أيضًا) استحباب التضحية بالسمين من الأنعام الأعظيم منها، وتقدم الكلام على هذه المسألة في أحكام الباب السابق والله الموفق (76) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا الحسن بن يحيى ثنا الفضل بن موسى عن حسين بن واقد عن علياء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس - الحديث" (غريبه) (2) استدل به على مشروعية التضحية في السفر، واستدل بقوله "فذبحنا البقرة عن سبعة والبعير عن عشرة" على جواز الاشتراك في الضحية إن كانت من الإبل أو البقر (تخريجه) (نس. مذ. جه. ش) وحسنه الترمذي

-[حجة القائلين بأن الشاة تجزئ عن أهل البيت الواحد]- (77) عن أبي عقيل زهرة بن معبدٍ التيمي عن جده عبد الله بن هشام رضي الله عنه وكان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وذهبت به أمه زينب ابنة حميدٍ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله بايعه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هو صغيرٌ، فمسح رأسه ودعا له، وكان يضحي بالشاة الواحدة عن جميع أهله (*) عن مخنف بن سليمٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو واقفٌ بعرفاتٍ يا أيها الناس إن على كل أهل بيتٍ أو على كل أهل بيتٍ في كل عامٍ احضاةٌ وعتيرةٌ (وفي حديث أبي رافع (1)) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين أملحين موجيين خصيين، فقال أحدهما عمن شهد بالتوحيد وله بالبلاغ، والآخر عنه وعن أهل بيته (1) صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (78) عن أبي الأشد السلمي عن أبيه عن جده (2) قال كنت سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأمرنا نجمع لكل واحدٍ منا درهمًا فاشترينا

_ (77) عن أبي عقيل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن يزيد ثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب حدثني أبو عقيل زهرة بن معبد التيمي - الحديث" (تخريجه) أورده الهثيمي وقال هو في الصحيح وغيره، خلا ذكر الأضخية، رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح (*) عن مخنف بن سليم الخ، هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الأضحية والحث عليها الخ رقم 44 صحيفة 58، وإنما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة (1) حديث أبي رافع تقدم في الباب السابق، وموضع الدلالة منه قوله "والآخر عنه وعن أهل بيته" ففيه أنه صلى الله عليه وسلم صحى عن نفسه وأهل بيته بكبش واحد (78) عن أبي الأشد السلمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن أبي العباس قال ثنا بقية قال حدثني عقمان بن زفر الجهني قال حدثني أبو الأشد السلمي - الحديث" (غريبه) (3) اختلف في اسمه، فقيل هو أبو المعلى نقله أبو موسى المديني عن ال عسكري، وقيل هو عمرو بن عبسة، أفاده الحافظ في تعجيل المنفعة

-[زوائد الباب واختلاف العلماء في إجزاء الشاة عن الرجل وأهل بيته]- أضحيةً بسبع الدراهم، فقلنا يا رسول الله لقد أغلينا بها (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الضحايا أغلاها وأسمنها، وأمر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فأخذ رجلٌ برجلٍ، ورجلٌ برجلٍ، ورجلٌ بيدٍ ورجلٌ بيدٍ ورجلٌ بقرنٍ (2) ورجلٌ بقرنٍ، وذبحها السابع وكبرنا عليها جميعًا

_ (1) أي تغالينا ثمنها (2) الظاهر أن هذه الأضحية كانت من البقر، لأن الكبش لا يجزئ عن سبعة، والبعير لا قرون له؛ والبقرة هي التي تجزئ عن سبعة ولها قرون فتعين أن تكون من البقر والله أعلم (تخريجه) (ك) وسكت عنه وقال الذهبي عثمان يعني ابن زفرثقة، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد، وأبو الأشد لم أجد من وثقه ولا جرحه وكذلك أبوه، وقيل أن جده عمرو بن عبسة اهـ (زوائد الباب) (عن عطاء بن يسار) قال سالت أبا أيوب الأنصاري كيف كانت الضحايا فيكم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحي بالشاة عنه وعن أهل بيته فيأكلون ويطعمون حتى تباهى الناس فصار كما ترى (لك. جه. مذ) وصححه (وعن الشعبي) عن أبي سريجة قال حملني أهلي على الجفاء بعد ما علمت من السنة، كان أهل البيت يضحون بالشاة والشاتين والآن يبخلنا جيراننا (جه) وإسناده صحيح (وعن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجزور في الأضحى عن عشرة (طب) وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط (وعن الحسن بن علي) رضي الله عنهما قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نلبس أجود ما نجد، وأن نتطيب بأجود ما نجد، وأن نضحي بأسمن ما ن جد، البقرة عن سبعة والجزور عن عشرة، وأن نظهر التكبير وعلينا السكينة والوقار (طب) أورده الهيثمي وقال فيه عبد الله بن صالح، قال عبد الملك بن شعيب بن الليث ثقة مأمون وضعفه أحمد وجماعة (قلت) ورواه الحاكم في المستدرك وقال لولا جهالة إسحاق بن بزرج لحكمت للحديث بالصحة وأقره الذهبي على ذلك (الأحكام) في أحاديث الباب مع الزوائد ما يدل على أن الشاة الواحدة تجزئ عن الرجل وأهل بيته، وإلى ذلك ذهب الإمامان (أحمد وإسحاق) محتجين بما جاء في ذلك من أحاديث الباب (وذهب الإمامان أبو حنيفة ومالك) إلى أن الشاة لا تجزئ إلى عن نفس واحدة (وذهبت الشافعية) كما قال الرافعي إلى أن الشاة الواحدة لا يضحى بها إلا عن واحد أيضًا، لكن إذا ضحى بها واحد من أهل بيت تأتي الشعار والسنة لجميعهم، قال وعلى هذا أحمل ما روي "أن النبي صلى الله عليه وسلم ضحى بكبشين

-[اختلاف العلماء في إجزاء البعير عن عشرة في الضحية]- .....

_ قال اللهم تقبل من محمد وآل محمد" قال وكما أن الفرق ينقسم إلى فرض عين وفرض كفاية فقد ذكر الأصحاب أن التضحية كذلك وأن التضحية مسنونة لكل أهل بيت اهـ اكلام الرافعي (قال الشوكاني) وقال الهادي والقاسم تجزئ الشاة عن ثلاثة، وقيل تجزئ عن واحد فقط، وبه قال من سلف. وقد زعم النووي أنه متفق عليه وهو غلط، وقد وافقه على دعوى الإجماع ابن رشد، وكذلك زعم المهدي في البحر أنه لا قائل بأن الشاة تجزئ عن أكثر من ثلاثة وهو أيضًا غلط، والحق أنها تجزئ عن أهل البيت وإن كانوا مائة نفس أو أكثر كما قضت بذلك السنة، ولعل متمسك من قال إنها تجزئ عن واحد فقط القياس على الهدي. وهو فاسد الاعتبار، وأما من قال إنها تجزئ عن ثلاثة فقط فقد استدل لهم صاحب البحر بقوله صلى الله عليه وسلم عن محمد وآل محمد، ثم قال ولا قائل بأكثر من الثلاثة فاقتصر عليهم اهـ. ولا يخفاك أن الحديث حجة عليه لا له وأن نفي القائل بأكثر من الثلاثة ممنوع والسند ما سلف (وفي أحاديث الباب أيضًا) دلالة على أن البعير يجزئ في الضحية عن عشرة والبقرة عن سبعة. وغلى ذلك ذهب (إسحاق بن راهويه والعترة وابن خزيمة) مستدلين بحديث ابن عباس المذكور في الباب وبحديثي ابن مسعود والحسن بن علي المذكورين في الزوائد. واختاره الشوكاني وقال هذا هو الحق. يعني أن البعير يجزئ عن عشرة في الأضحية (وذهب الجمهور) إلى أن البعير يجزئ عن سبعة فقط كالبقرة (قال النووي في شرح المهذب يجوز أن يشترك سبعة في بدنة أو بقرة للتضحية سواء كانوا كلهم أهل بيت واحد أو متفرقي، أو بعضهم يريد اللحم فيجزئ عن المتقرب، وسواء كان أضحية منذورة أو تطوعًا، هذا مذهبنا (وبه قال أحمد وداود وجماهير العلماء) إلا أن داود جوزه في التطوع دون الواجب، وبه قال بعض اصحاب مالك (وقال أبو حنيفة) إن كانوا كلهم متقربين جاز (وقال مالك) لا يجوز الاشتراك مطلقًا كما لا يجوز في الشاة الواحدة، واحتج أصحابنا بحديث جابر قال "نحرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة" رواه مسلم (وعنه أيضًا) قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مهلين بالحج، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نشترك في الإبل والبقر كل سبعة منا في بدنة، رواه مسلم اهـ (قلت) حديث جابر الذي استدل به النووي وعزاه لمسلم رواه الإمام أحمد أيضًا من طرق متعددة، ونقدم في باب الاشتراك في الهدي صحيفة 37 من هذا الجزء. وقد جمع الشوكاني بين حديثي جابر وابن عباس بأن حديث جابر محمول على الهدى، وحديث ابن عباس محمول على الأضحية وقال هذا هو الحق (قلت) وهو جمع حسن، وكأن حديث ابن عباس لم يصح عند الجمهور، أما البقرة فتجزئ عن سبعة فقط باتفاق العلماء في الهدي والأضحية والله أعلم

-[من ذبح بعد الصلاة فقد أصاب السنة - ومن ذبح قبلها فلا نسك له]- (13) باب وقت الذبح (79) عن زبيدٍ قال سمعت الشعبي يحدث عن البراء (بن عازبٍ) رضي الله عنه وحدثنا عنه ساريةٍ في المسجد (1) قال ولو كنت ثم لأخبرتكم بموضعها، قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال إن أول ما نبدأ به في يومنا هذا أن نصلي ثم نرجع فننحر، فمن فعل ذلك (2) فقد أصاب سنتنا، ومن ذبح قبل ذلك (3) فإنما هو لحمٌ قدمه لأهله ليس من النسك في شيءٍ، قال وذبح خالي أبو بردة بن نيازٍ رضي الله عنه قال يا رسول الله ذبحت (4) وعندي جذعةٌ خيرٌ من مسنةٍ، قال اجعلها مكانها ولم تجزئ أو توفِّ عن أحد بعدك (5) (80) عن الأسود بن قيس قال سمعت جندبًا تحدث أنه شهد

_ (79) عن زبيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا شعبة قال زبيد أخبرني منصور ودواد وابن عون ومجالد عن الشعبي، وهذا حديث زبيد قال سمعت الشعبي يحدث عن البراء - الحديث" (غريبه) (1) القائل وحدثنا عند سارية في المسجد الخ هو الشعبي (والمعنى) يقول الشعبي حدثنا البراء بن عازب بهذا الحديث عند سارية في المسجد، والظاهر أنه مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة. قال الشعبي (ولو كنت ثم) يعني هناك بالمسجد، لأخبرتكم بموضع السارية المذكورة، والظاهر أنه لم يكن بالمدينة حين حدث زبيدًا والله أعلم، وزبيد بالتصغير هو الإيامي بكسر الهمزة وتخفيف الياء (2) أي نحر أضحيته إن كانت من الإبل أو ذبحها إن كانت من البقر أو الغنم بعد الصلاة فقد أصاب السنة وحصل له ثواب الضحية (3) يعني قبل صلاة الإمام (وقوله فإنما هو لحم الخ) معناه أنه لا يثاب عليها ثواب الضحية، بل هي لحم له ينتفع به (4) أي قبل الصلاة (وعندي جذعة) يعني من المعز، لأنه تقدم أن الجذعة من الضأن تجزئ ويؤيد أنها من المعز ما سيأتي في أحاديث الباب أنه قال يا رسول الله إن عندنا عناقا جذعة هي أحب إلى من مسنة، وتقدم أن العناق هي الأنثى من اولاد المعز ما لم تتم سنة (5) يستفاد منه أن الجذعة من المعز لا تجزئ ضحية، وإنما أجزأت أبا بردة لأنها كانت خصوصية له (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم) (80) عن الأسود بن قيس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان

-[قصة أبي بردة بن نيار رضي الله عنه مع امرأته حين ذبحت ضحيته قبل الصلاة]- رسول الله صلى الله عليه وسلم صلي (1) ثم خطب فقال من كان ذبح قبل أن يصلي (2) فليُعد مكانها أخرى، وقال مرةً أخرى فليذبح، باسم الله (3) (81) عن بشر بن يسارٍ مولى بني حارثة عن أبي بردة بن نيارٍ رضي الله عنه قال شهدت العيد (4) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فخالفت امرأتي حيث غدوت إلى الصلاة إلى أضحيتي فذبحتها وصنعت منها طعامًا، قال فلما صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وانصرفت إليها جاءتني بطعامٍ قد فرغ منه فقلت أنى هذا (5)

_ ثنا شعبة أخبرني الأسود بن قيس قال سمعت جندبًا - الحديث" (غريبه) (1) يعني صلاة عيد النحر، ولفظ مسلم "شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى يوم أضحى ثم خطب" الحديث وفيه أن الخطبة للعيد تكون بعد الصلاة وهو إجماع الناس اليوم (2) جاء في لفظ آخر للإمام أحمد ومسلم "قبل أن نصلي" بالنون بدل الياء، وفي لفظ آخر للإمام أحمد "قبل صلاتنا" وقوله (وقال في مرة أخرى فليذبح) معناه أنه قال في رواية ثانية فليذبح مكانها أخرى بدل قوله فليعد (وفي رواية أخرى) لمسلم والإمام أحمد أيضًا "فليذبح على اسم الله" قال النووي رحمه الله قال الكتَّاب من أهل العربية إذا قيل باسم الله تعين كتبة بالألف وإنما تحذف الألف إذا كتب بسم الله الرحمن الرحيم بكمالها، قال والمعنى أي قائلًا باسم الله هذا هو الصحيح في معناه (وقال القاضي عياض) يحتمل أربعة أوجه (أحدها) أن يكون معناه فليذبح لله والباء بمعنى اللام (والثاني) معناه فليذبح بسنة الله (والثالث) بتسمية الله على ذبيحته إظهارًا للإسلام ومخالفة لمن يذبح لغيره وقمعًا للشيطان (والرابع) تبركًا باسمه وتيمنًا بذكره كما يقال سر على بركة الله وسر باسم الله، وكره بعض العلماء أن يقال افعل كذا على اسم الله، قال لأن اسمه سبحانه على كل شيء (قال القاضي) هذا ليس بشيء: قال وهذا الحديث يرد على هذا القائل اهـ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (81) عن بشير بن يسار (سنده) حدثنا عبد الله ح دثني أبي ثنا يعقوب بن إبراهيم قال ثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني بشير بن يسار مولى بني حارثة - الحديث" (غريبه) (4) أي عيد الأضحى (وقوله فخالفت امرأتي الخ) أي أتت إلى أضحيتي بعد ذهابي إلى المسجد فذبحتها قبل الصلاة كقوله صلى الله عليه وسلم فيمن يخلفوا عن الجمعة، ثم أخالف إلى رجال فأحرق عليهم بيوتهم أي آتيهم (5) أي من أين لك هذا

-[بقية قصة أبي بردة رضي الله عنه مع امرأته]- قالت أضحيتك ذبحناها وصنعنا لك منها طعامًا لتغدى (1) إذا جئت، قال فقلت لها والله لقد خشيت أن يكون هذا ألا ينبغي (2) قال فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال ليست بشيءٍ (3) من ذبح قبل أن نفرغ من نسكنا فليس بشيءٍ فضح (4) قال فالتمست مسنةً فلم أجدها، قال فجئته فقلت والله يا رسول الله للقد التمست مسنةً فما وجدتها، قال فالتمس جذعًا من الضأن فضحِّ به، قال فرخص له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في الجذع من الضأن (5) فضحى به حيث لم يجد المسنة (82) عن البراء (6) عن خاله أبي بردة أنه قال يا رسول الله إنا عجلنا شاة لحمٍ (7) لنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل الصلاة؟ قلت نعم، قال تلك شاة لحمٍ (8) قال يا رسول الله إن عندنا عناقًا جذعةً (9) هي أحب إلي من

_ (1) أصله لتتغدى بتاءين حذفت إحداهما تخفيفًا (2) أي ما فعلتيه من ذبح الأضحية لا يصح فعله قبل الصلاة (3) أي لا تعد ضحية وإنما هو لحم قدمه لأهله كما سبق (وقوله من ذبح قبل أن نفرغ من نسكنا فليس بشيء) يفيد أن ذبح الأضحية لا يصح إلا بعد ذبح الإمام، وقد صرح بذلك في حديث جابر الآتي بعد حديث (4) أي اذبح مكانها أخرى كما تقدم في الحديث السابق (5) في هذا الحديث أنه ضحى بجذع من الضأن، وفي حديث الآتي بعد هذا أنه ضحى بجذع من المعز، ويجمع بينهما بتعدد الواقعة. وفي هذا أنه لا يضحي بالجذعة من الضأن إلا إذا لم يجد المسنة، وحمله الجمهور على الاستحباب (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد، ورجاله ثقات (82) عن البراء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج وحجين قالا ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء عن خاله - الحديث" (غريبه) (6) هو ابن عازب الصحابي، وخاله أبو بردة اسمه هانئ بن نيار صحابي أيضًا رضي الله عنهما (7) في رواية عند مسلم والنسائي (إني عجلت نسيكتي لأطعم أهلي وجيراني وأهل داري" يريد أنه عجل ذبحها قبل الصلاة لذلك (وقوله شاة لحم) أي شاة سمينة ذات لحم (8) يريد أنها وقعت شاة لحم له ولأهل بيته ولم تقع نسكًا (9) جذعة صفة لعناقا ولا يقال

-[حجة المالكية في أن الضحية لا تجزئ إذا ذبحت قبل ذبح الإمام]- مسنةٍ (1) قال تجزئ عنه ولا تجزئ عن أحدٍ بعده (83) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال صلى النبي صلى الله عليه وسلم بنا يوم النحر بالمدينة فتقدم رجالٌ فنحروا وظنوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نحر، فأمر من كان قد نحر قبله أن يعيد بنحرٍ آخر، ولا ينحروا حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم (4) (84) وعنه أيضًا أن رجلًا ذبح قبل أن يصلي النبي صلى الله عليه وسلم عتودًا جذعًا

_ عناقة، لأنه موضوع للأنثى من ولد المعز ما لم يتم سنة فلا حاجة إلى التاء الفارقة بين المذكر والمؤنث (وفي لفظ) فقال يا رسول الله عندي عتاق لبن (وفي لفظ) وعندي جذعة من معز (وفي لفظ) إن عندنا ماعزًا جذعة، وكل هذه الألفاظ في المسند من قصة أبي بردة (وفي لفظ لمسلم) من قصة أبي بردة أيضًا فقال يا رسول الله إن عندي جذعة معز، فقال ضح بها ولا تصلح لغيرك (1) المسنة هي الثنية وهي أكبر من الجذعة بسنة، فكانت هذه الجذعة أجود بطيب لحمها وسمنها. قاله النووي (وقوله تجزئ) في الأصل بهمزة في آخره وعليه فتكون التاء مضمومة ويجوز فتح التاء وسكون الجيم بلا همز أي تقضي قاله الجوهري، قال بنو تميم يقولون أجزات عنك شاة بالهمز، فعلى هذا يجوز بضم التاء وبهما قرئ "لا تجزئ نفس" (وفي لفظ) ولا تجزئ جذعة عن أحد بعدك وهي خير نسيكتيك، ومعناه أنك ذبحت صورة نسيكتين وهما هذه والتي قبل الصلاة وهذه أفضل، لأن هذه حصلت بها التضحية، والأولى وقعت شاة لحم، لكن له فيها ثواب لا لكونها ضحية، بل لكونه قصد بها الخير وأخرجها في طاعة الله، فلهذا دخلهما أفعل التفضيل، فقال هذه خير النسيكتين، فإن هذه الصيغة تتضمن أن في الأولى خيرًا ايضًا (وفي لفظ آخر) ولن تجزئ أو توفي عن أحد بعدك يشك الراوي، ومعنى توفي أي تكمل الثواب (وفي لفظ) ولن تفي بغير واو ولا شك، يقال وفي إذا أنجز فهو بمعنى ت جزي بفتح أوله، وكل هذه الألفاظ في المسند أيضًا (تخريجه) (ق. د. نس. وغيرهم) (83) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول صلى النبي صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (4) هذا صريح في أن من نحر قبل الإمام لا تجزئ عنه ولا تكون ضحية، وسيأتي الكلام على ذلك في الأحكام (تخريجه) (م. وغيره) (84) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد

-[الترخيص لأبي بردة بن نيار في التضحية بالجذعة من المعز]- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجزئ عن أحدٍ بعدك (1) ونهى أن يذبحوا حتى يصلوا (85) عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر من كان ذبح قبل الصلاة فليعد، فقام رجلٌ (2) فقاليا رسول الله هذا يومٌ يشتهي فيه اللحم وذكر هنةً (3) من جيرانه فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقه، قال وعندي جذعةٌ هي أحب إليَّ من شاتي لحمٍ (4) قال فرخص له فلا أدري بلغت رخصته من سواه أم لا (5) قال ثم انكفأ رسول الله

_ ابن سلمة أنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله - الحديث" (غريبه) (1) الظاهر أن هذه قصة أخرى غير قصة أبي بردة لأنها تغايرها من ثلاثة أوجه (أحدها) أن هذا الرجل ضحى بعتود جذع من المعز وهو لا يصلح ضحية مطلقًا (الثاني) أنه ذبحه قبل الصلاة وكل ما ذبح قبل الصلاة لا يجزئ وإن كان مسنًا (الثالث) أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمره بذبح غيره كما أمر أبا بردة، فالذي يظهر أن الرجل كان يجهل سن الضحية ووقتها فذبح جذعًا من المعز قبل الصلاة وكان فقيرًا لا يملك غيره، وقد علم النبي صلى الله عليه وسلم منه ذلك فرخص له فيها دون غيره، وهذا لا ينافي الترخيص لأبي بردة في الجذع من المعز دون غيره، لأن القصة مختلفة والله أعلم (تخريجه) (طح. حب) وصححه، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلي ورجالهما رجال الصحيح (85) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن محمد عن أنس - الحديث" (غريبه) (2) الظاهر أن هذا الرجل هو أبو بردة بن نيار رضي الله عنه لأن سياق القصة واحد (3) بفتحتين تأنيث هن ويكون كناية عن كل اسم جنس، وهذا معنى قول من قال يعبر بها عن كل شيء، والمراد هنا لاحاجة، أي فذكر أنهم فقراء محتاجون إلى اللحم (4) أي أطيب لحمًا وأنفع لسمنها ونفاستها، وفيه إشارة إلى أن المقصود في الضحايا طيب اللحم لا كثرته، فشاة نفيسة أفضل من شاتين غير سمينتين بقيمتها بخلاف العقيقة فكثير العدد فيها أفضل (5) هذا الشك بالنسبة إلى علم أنس رضي الله عنه؛ وقد صرح النبي صلى الله عليه وسلم في حديث البراء المتقدم بأنها تجزئ عنه ولا تجزئ عن أحد بعده (وقوله ثم انكفأ الخ) انكفأ مهموز أي مال وانعطف، وفيه أجزاء الذكر في الأضحية وأن الأفضل أن يذبحها بنفسه وهما مجمع عليهما؛ وفيه جواز التضحية

-[كلام العلماء في تفسير قوله "هذا يومٌ الطعام فيه كريه"]- صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى كبشين فذبحهما وقام الناس إلى غنيمةٍ (1) فتوزعوها أو قال فتجزعوها، هكذا قال أيوب (86) عن أبي زيدٍ الأنصاري رضي الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بين أظهر ديارنا فوجدنا قتارًا (2) فقال من هذا الذي ذبح؟ قال فخرج إليه رجلٌ منا (3) فقال يا رسول الهل كان هذا يومٌ الطعام فيه كريه (4) فذبحت لآكل وأطعم جيراني، قال فأعد

_ بحيوانين. قاله النووي (1) بضم الغين المعجمة الغنم (وقوله فتوزعوها أو قال فتجزعوها) هما بمعنى، وهذا شك من أيوب أحد رجال السند، والمعنى أنهم قاموا إلى قطعة من أحد الكبشين فاقتسموها، وأصله من الجزع القطع؛ وجاء في بعض الروايات "ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما وإلى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا" والجزيعة القطعة من الغنم تصغير جذعة بالكسر وهو القليل من الشيء، يقال جزع له جزعة من المال. أي قطع له منه قطعة. هكذا ضبطه الجوهري مصغرًا (نه) (تخريجه) (م. نس. وغيرهما) (86) عن أبي زيد الأنصاري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الوارث ثنا خالد عن أبي قلابة عن عمرو بن بُجدان عن أبي زيد الأنصاري - الحديث" (غريبه) (2) بقاف مضمومة ومثناة فوقية مخففة وراء مهملة، وهو ريح القدر والشواء ونحو هذا، ففي القاموس (قتار) كهمام ريح البخور والشواء، فالإضافة من إضافة العام إلى الخاص، ويحتمل أن يراد بالقتار اللحم مجازًا (3) الظاهر أن هذا الرجل هو أبو بردة بن نيار لأنه من الأنصار، قاله الحافظ (4) في رواية أخرى للإمام أحمد ومسلم "مكروه" بدل كريه (قال القاضي عياض) كذا رويناه في مسلم مكروه بالكاف والهاء من طريق السنجري والفارسي، وكذا ذكره الترمذي، قال ورويناه في مسلم من طريق العذرى مقروم بالقاف والميم، قال وصوب بعضهم هذه الرواية وقال معناه يشتهى فيه اللحم، يقال قرمت إلى اللحم وقرمته إذا اشتهيته، قال وهي بمعنى قوله في غير مسلم عرفت أنه يوم أكل وشرب، فتعجلت وأكلت وأطعمت أهلي وجيراني، وكما جاء في الرواية الأخرى "إن هذا يوم يشتهى فيه اللحم" كذا رواه البخاري (قلت والإمام أحمد) من حديث أنس (قال القاضي) وأما رواية مكروه فقال بعض شيوخنا صوابه اللحم فيه مكروه بفتح

-[السنة ذبح الأضحية قبل الصلاة - وكل أيام التشريق ذبح]- قال لا. والذي لا إله إلا هو ما عندي إلا جذعٌ من الضأن أو حملٌ (1) قالها ثلاث مراتٍ، قال فاذبحها ولا تجزئ جذعةٌ عن أحدٍ بعدك (87) عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أبي ذبح ضحيته قبل أن يصلي، فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قل لأبيك يصلي ثم يذبح (88) عن جبيرٍ بن مطعمٍ رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال كل أيام التشريق ذبحٌ

_ الحاء أي ترك الذبح والتضحية وبقاء أهله فيه بلا لحم حتى يشتهوه مكروه، واللحم بفتح الحاء اشتهاء اللحم (قال القاضي) وقال لي الأستاذ أبي عبد الله بن سليمان معناه ذبح ما لا يجزئ في الأضحية مما هو لحم مكروه لمخالفة السنة، هذا آخر ما ذكره القاضي (وقال الحافظ ابو موسى الأصبهاني) معناه هذا يوم طلب اللحم فيه مكروه شاق، وهذا حسن. أفاده النووي والله أعلم (1) أو للشك من الراوي، والحمل بفتحتين ولد الضائنة في السنة الأولى، والجمع حملان بضم الحاء المهملة، وتقدم تفسير الجذع، وهذا اللفظ غير محفوظ، والمحفوظ في الرواية الثابتة في الصحيحين وعند الإمام أحمد أيضًا، جذعة من المعز لا الضأن؛ والمحفوظ أحق أن يتبع (تخريجه) (جه) وفي إسناده عمرو بن بجدان بضم الموحدة (قال الحافظ) في التقريب تفرد عنه أبو قلابة من الثانية لا يعرف حالة، وقال صاحب الخلاصة روي عنه أبو قلابة فقط ووثقه ابن حبان (87) عن عبد الله بن عمرو بن العاص (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثني حي بن عبد الله المعافري أن ابا عبد الرحمن الحبلى حدثه عن عبد الله بن عمرو أن رجلًا أتى النبي صلى الله عليه وسلم - الحدي" (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وفيه حي بن عبد الله المعافري وثقه ابن معين. وغيره، وضعفه أحمد وغيره. وبقية رجال الطبراني رجال الصحيح (88) عن جبير بن مطعم، هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب وجوب الوقوف بعرفة رقم 323 صحيفة 122 من الجزء اللثاني عشر ورجاله موثقون وأخرجه ابن حبان في صحيحه والبيهقي (وقال ابن القيم) في الهدي إن حديث جبير بن مطعم

-[زوائد الباب - ومذاهب العلماء في وقت ذبح الأضحية]- .....

_ منقطع لا يثبت وصله، ويجاب عنه بأن ابن حبان وصله وذكره في صحيحه كما سلف، وأورده الهيثمي عن جبير بن مطعم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل عرفات موقف وارفعوا عن عرفات، وكل مزدلفة موقف وارفعوا عن محسر، وكل فجاج مني منحر وكل أيام التشريف ذبح وقال رواه أحمد، وروى الطبراني في الأوسط عنه "أيام التشريق كلها ذبح" قال ورجال أحمد وغيره ثقات اهـ (قلت) لو كان في هذا الحديث انقطاع لأشار إليه الهثيمي والله أعلم (زوائد الباب) (عن أبي جحيفة) أن رجلًا ذبح قبل أن يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجزئ عنك، فقال يا رسول الله إن عندي جذعة فقال تجزئ عنك ولا تجزئ بعدك (عل. طب) ورجال الجميع ثقات (وعن أبي هريرة) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في يوم أضحى من كان ذبح أحسبه، قال قبل الصلاة فليعد ذبيحته (بز) وفيه بكر بن سليمان البصري وثقه الذهبي وروى عنه ج ماعة وبقية رجاله موثوقون (وعن سهل بن حثمة) أن ابا بردة بن نيار ذبح ذبحية بسحر، فلما انصرف ذكر ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال من ذبح قبل الصلاة فليست تلك الأضحية إنما الأضحية ما ذبح بعد الصلاة. اذهب فضح، فقال يا رسول الله ما عندي إلا جذع من المعز، فقال اذهب فضح بها وليست فيها رخصة لأحد بعدك (طس) قال الذهبي حديثه منكر وذكر له حديثًا غير هذا والله أعلم، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي (الأحكام) في أحاديث الباب بيان وقت ذبح الأضحية وأيامه وأوله وآخره، وما يفعل من خالف الوقت المشروع، وقد ذهب العلماء في ذلك إلى مذاهب شتى (قال ابن المنذر أجمعوا) أنها لا تجوز قبل طلوع الفجر يوم النحر اهـ واختلفوا فيما بعد ذلك (فقال الشافعي) وداود وابن المنذر وآخرون يدخل وقتها إذا طلعت الشمس ومضى قدر صلاة العيد وخطبتين، فإن ذبح بعد هذا الوقت أجزأه سواء صلى الإمام أم لا، وسواء صلى الضحى أم لا، وسواء كان من أهل الأمصار أو من أهل القرى والبوادي والمسافرين، وسواء ذبح الإمام أضحيته أم لا (وقال عطاء وأبو حنيفة) يدخل وقتها في حق أهل القرى والبوادي إذا طلع الفجر الثاني، ولا يدخل في حق أهل الأمصار حتى يصلي الإمام ويخطب، فإن ذبح قبل ذلك لم يجزه (وقال مالك) لا يجوز ذبحها إلا بعد صلاة الإمام وخطبته وذبحه (وقال أحمد) لا يجوز قبل صلاة الإمام ويجوز بعدها قبل ذبح الإمام وسواء عنده أهل الأمصار والقرى، ونحوه الحسن والأوزاعي وإسحاق بن راهويه (قال الثوري) لا يجوز بعد صلاة الإمام قبل خطبته وفي أثنائها (وقال ربيعة) فيمن لا إمام له إن ذبح قبل طلوع الشمس لا يجزئه وبعد طلوعها بجزيه (وسبب اختلافهم) اختلاف الأحاديث الواردة في الباب، وذلك أنه جاء

-[مذاهب العلماء في الذبح بعد الصلاة - وهل المراد صلاة المضحي أو صلاة الإمام]- .....

_ في حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للسائل قل لأبيك يصلي ثم يذبح جوابًا لقوله "إن أبي ذبح قبل أن يصلي" وفي حديث جندب أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان ذبح قبل أن يصلي فليعد (وفي رواية) قبل أن نصلي الأولى بالياء التحتية والثانية بالنون، رواهما الإمام أحمد ومسلم، ورواية النون موافقة لرواية أخرى عند الإمام أحمد بلفظ "قبل صلاتنا" وهذه صريحة في أن المراد صلاة النبي صلى الله عليه وسلم ويكون المراد بقوله في حديث أنس المذكور في الباب "من كان ذبح قبل الصلاة" الصلاة المعهودة وهي صلاة النبي صلى الله عليه وسلم وصلاة الأئمة بعد انقضاء عصر النبوة؛ ويؤيد هذا ما جاء في حديث جابر المذكور في الباب، ورواه أيضًا الطحاوي وأبو يعلي وابن حبان وصححه "أن رجلًا ذبح قبل أن يصلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهى أن يذبح أحد قبل الصلاة" لكن جاء في الباب حديث آخر لجابر أيضًا فيه "أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر من كان قد نحر قبله أن يعيد بنحر آخر ولا ينحر حتى ينحر النبي صلى الله عليه وسلم" ورواه مسلم كذلك، وظاهره أن الاعتبار بنحر الإمام وأنه لا يدخل وقت التضحية إلا بعد نحره، ومن فعل قبل ذلك أعاد كما هو صريح الحديث (وقد سلك الإمام مالك) رحمه الله في هذا مسلك الاحتياط، فجمع بين هذه الأحاديث، وذهب إلى أن وقت النحر يكون لمجموع صلاة الإمام ونحره وهو أحسن المذاهب في هذا الباب لا يرد عليه أي اعتراض (قال الشوكاني) رحمه الله وقد تأول أحاديث الباب من لم يعتبر صلاة الإمام وذبحه. بأن المراد بها الزجر عن التعجيل الذي يؤدي إلى فعلها قبل وقتها، وبأنه لم يكن في عصره صلى الله عليه وسلم من يصلي قبل صلاته، فالتعليق بصلاته في هذه الأحاديث ليس المراد به إلا التعليق بصلاة المضحي نفسه، لكنها لما كانت تقع صلاتهم مع النبي صلى الله عليه وسلم غير متقدمة ولا متأخرة وقع التعليق بصلاته صلى الله عليه وسلم بخلاف العصر الذي بعده عصره فإنها تصلي صلاة العيد في المصر الواحد جماعات متعددة، ولا يخفى بعد هذا فإنه لم يثبت أن أهل المدينة ومن حولهم كانوا لا يصلون العيد إلا مع النبي صلى الله عليه وسلم، ولا يصلح للتمسك لمن جوز الذبح من طلوع الشمس أو من طلوع الفجر ما ورد من أن يوم النحر يوم ذبح، لأنه كالعام، وأحاديث الباب خاصة فيبنى العام على الخاص اهـ والله أعلم (وفي حديث جبير ابن مطعم) رضي الله عنه المذكور اخر أحاديث الباب دلالة على أن أيام التشريق كلها أيام ذبح وهي يوم النحر وثلاثة أيام بعده، وقد تقدم الخلاف فيها في آخر أبواب العيدين في الجزء السادس، وكذلك روى الحافظ ابن القيم في الهدي عن علي رضي الله عنه أنه قال أيام النحر يوم الأضحى وثلاثة أيام بعده (قال النووي) رحمه الله (وأما آخر وقت التضحية) فقال الشافعي تجوز في يوم النحر وأيام التشريق الثلاثة بعده، وممن قال بهذا

-[مذاهب العلماء في وقت ذبح الأضحية واختلافهم في التضحية بجذع المعز]- .....

_ علي بن أبي طالب وجبير بن مطعم وابن عباس وعطاء والحسن البصري وعمر بن عبد العزيز وسليمان بن موسى الأسدي فقيه أهل الشام ومكحول وداود الظاهري وغيرهم (وقال أبو حنيفة ومالك وأحمد) تختص بيوم النحر ويومين بعده، وروي هذا عن عمر بن الخطاب وعلي وابن عمر وأنس، رضي الله عنهم اهـ (قلت) وحكى الحافظ ابن القسم عن الإمام أحمد أنه قال وهو قول غير واحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورواه الأثرم عن ابن عباس (وقال سعيد بن جبير وجابر بن زيد) إن وقته يوم النحر فقط لأهل الأمصار، ولأهل القرى أيام التشريق (وقال ابن سيرين) إن وقته يوم النحر خاصة لأهل الأمصار وغيرهم (وحكى القاضي عياض) عن بعض العلماء أنها تجوز في جميع ذي الحجة، فهذه خمسة مذاهب، أرجحها الأول لأحاديث الباب والزوائد، وهي يقوي بعضها بعضًا، واختلفوا في جواز التضحية في ليالي أيام الذبح (فذهب الأئمة أبو حنيفة والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور) والجمهور إلى جوازه مع الكراهية (وقال الإمام مالك) في المشهور عنه وعامة أصحابه (ورواية عن الإمام أحمد) لا تجزيه في الليل بل تكون شاة لحم لا ضحية (قال الشوكاني) ولا يخفى أن القول بعدم الإجزاء وبالكراهة يحتاج إلى دليل، ومجرد ذكر الأيام في حديث الباب "يعني حديث جبير بن مطعم" وإن دل على إخراج الليالي بمفهوم اللقب، لكن التعبير بالأيام عن مجموع الأيام والليالي وبالعكس مشهور متداول بين أهل اللغة لا يكاد يتبادر غيره عند الإطلاق، وأما ما أخرجه الطبراني عن ابن عباس أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الذبح ليلًا، ففي إسناده سليمان بن سلمة الجبائري وهو متروك، وذكره عبد الحق من حديث عطاء بن يسار مرسلًا وفيه مبشر بن عبيد وهو أيضًا متورك، وفي البيهقي عن الحسن نهى عن جذاذ الليل وحصاده والأضحى بالليل. وهو وإن كانت الصيغة مقتضية للرفع مرسل اهـ (وقد ذهب جماعة من العلماء) إلى جواز التضحية بجذع المعز مستدلين على ذلك بما جاء في أحاديث الباب عن البراء بن عازب وأبي زيد الأنصاري وجابر بن عبد الله وبما جاء في الزوائد عن أبي جحيفة وسهل بن حثمة (وحكاه العبدري عن الأوزاعي) وحكاه صاحب البيان عن عطاء بن أبي براح، وحكاه ابن حزم عن عقبة بن عامر وزيد بن خالد وابن عمر وأم سلمة، وحكاه الرافعي وجهًا عند الشافعية. لكن قال النووي هو شاذ ضعيف بل غلط اهـ (قلت) ومنعه الجمهور، وأجابوا عن الأحاديث المذكورة بأنها خاصة بالرخصة لأبي بردة وفيها التصريح بأنها لا تجزئ عن أحد بعده، فهي حجة للمانعين لا عليهم (فإن قيل) ثبت هذا التصريح والترخيص لغير أبي بردة كعقبة بن عامر وسعد بن أبي وقاص وغيرهما (فالجواب) أن الأصل منع إجزاء الجذع من المعز وغيره إلا

-[ما جاء في النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث]- (15) باب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث ونسخ ذلك (89) عن علي بن أبي طالبٍ رضي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبقى من نسككم (1) عندكم شيءٌ بعد ثلاثٍ (90) عن عبد الله بن عطاء بن إبراهيم مولى الزبير عن أمه وجدته أم عطاء قالتا والله لكأننا ننظر إلى الزبير بن العوام رضي الله عنه حين أتانا على بغلةٍ له بيضاء، فقال يا أم عطاءٍ إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد نهى المسلمين أن يأكلوه من لحوم نسكهم (2) فوق ثلاثٍ، قالت فقلت بأبي

_ جذع الضأن، لما ثبت في حديث جابر عند مسلم والإمام أحمد وغيرهما، وتقدم في باب السن الذي يجزئ في الأضحية بلفظ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا تذبحوا إلا مسنة إلا أن تعسر عليكم فتذبحوا جذعة من الضأن" ولم يقل من المعز إلا لمن صح الرخيص له فيه، ويحمل قوله ولن تجزي عن أحد بعدك اي من غير من رخص له في ذلك جمعًا بين الأحاديث والله أعلم (89) عن علي بن أبي طالب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد بن عبد الله بن قارظ عن أبي عبيدة مولى عبد الرحمن بن أزهر قال رأيت عليًا رضي الله عنه وعثمان يصليان يوم الفطر والأضحى ثم ينصرفان يذكّران الناس، قال وسمعتهما يقولان إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن صيام هذين اليومين، قال وسمعت عليًا رضي الله عنه يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) النسك هي الأضاحي (وقوله بعد ثلاث) أي ثلاث ليال كما صرح بذلك في رواية لمسلم (قال القاضي عياض) يحتمل أن يكون ابتداء الثلاث من يوم ذبح الأضحية وإن ذبحت بعد يوم النحر، ويحتمل أن يكون من يوم النحر وإن تأخر الذبح عنه، قال وهذا أظهر ورجح الحافظ ابن القيم الأول، وهذا الخلاف لا يتعلق به فائدة عند من قال بالنسخ إلا باعتبار ما سلف من الاحتجاج بذلك على أن يوم الرابع ليس من أيام الذبح (تخريجه) (ق. نس. وغيرهما) (90) عن عبد الله بن عطاء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن محمد بن إسحاق حدثني عبد الله بن عطاء بن إبراهيم مولى الزبير - الحديث" (غريبه) (2) أي ضحاياهم (وقولوها بأبي) معناه أفديك بأبي

-[ما جاء في النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث]- أنت فكيف نصنع بما أهدي لنا؟ فقال أما ما أهدي لكنَّ فشأنكن به (1) (91) عن نافعٍ عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا يأكل أحدكم من أضحيته فوق ثلاث أيامٍ، وكان عبد الله إذا غابت الشمس من اليوم الثالث (2) لا يأكل من لحم هديه (فصل في نسخ النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث) (92) ز عن عليٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن زيادة القبور (3) وعن الأوعية (4) وأن تحبس لحوم الأضاحي بعد ثلاثٍ، ثم قال إني كنت هيتكم عن زيادة القبور فزوروها فإنها تذكركم الآخرة،

_ (1) يعني فكلوه أنى شئتم لأن النهي لا يتناول المهدي إليه، وإنما يتناول المهدى لأجل إطعام الفقراء (تخريجه) (عل. طب) وأورده الهثيمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير، وعبد الله بن عطاء وثقه أبو حاتم وضعفه ابن معين، وبقية رجاله ثقات (91) عن نافع عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن جريج أخبرني نافع عن ابن عمر - الحديث" (غريبه) (2) يعني من أيام التشريق (وقوله لا يأكل من لحم هديه) الظاهر أن المراد بالهدي هنا الضحية بدليل قوله في أول الحديث لا يأكل أحدكم من أضحيته، وجاء هذا الحديث عند البخاري عن سالم عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما بلفظ "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا من الأضاحي ثلاثًا، وكان عبد الله يأكل بالزيت حين ينفر من منى من أجل رحوم الهدي" قال الحافظ يحتمل أن يكون ابن عمر كان يسوي بني لحم الهدي ولحم الأضحية في الحكم، ويحتمل أن يكون أطلق على لحم الأضحية لحم الهدي لمناسبة أنه كان بمنى والله أعلم (تخريجه) أخرجه مسلم بلفظه. والبخاري بمعناه. والنسائي الجزء المرفوع منه (92) "ز" عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا يزيد أنبأنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن ربيعة بن النابغة عن أبيه عن علي - الحديث" (غريبه) (3) تقدم الكلام على شرحه في الباب الأول من أبواب زيارة القبول صحيفة في 57 في الجزء الثامن (4) يعني وعن الانتباذ في الأوعية المتخذة من الدُّبَّاء والحنتم

-[جواز أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث وادخارها ونسخ النهي عن ذلك]- ونهيتكم عن الأوعية فاشربوا فيها واجتنبوا كل ما أسكر، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي أن تحبسوها بعد ثلاثٍ فاحبسوها ما بدا لكم (1) (93) عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نهيتكم عن لحوم الأضاحي أن تأكلوها فوق ثلاث ليالٍ ثم بدا لي أن الناس يتحفون (2)

_ والنقير والمزفت، وتقدم شرح ذلك في الحديث الرابع عشر من كتاب الأيمان صحيفة 71 من الجزء الأول وسيأتي لذلك مزيد في كتاب الأشربة إن شاء الله تعالى (1) هذا الحديث مما صرح فيه بالناسخ والمنسوخ جميعًا (قال العلماء) يعرف نسخ الحديث تارة بنص كهذا. وتارة بإخبار الصحابي، ككان آخر الأمرين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ترك الوضوء مما مست النار، وتارة بالتاريخ إذا تعذر الجمع، وتارة بالإجماع كترك قتل شارب الخمر في المرة الرابعة، والإجماع لا ينسخ. لكن يدل على وجود ناسخ، وهذه الأوامر ناسخة للنهي المتقدم، وسيأتي الكلام على حكم لحوم الأضاحي في الأحكام (تخريجه) (عل) وأورده الهثيمي وقال في الصحيح طرف منه. ورواه أبو يعلي وأحمد وفيه ربيعة بن النابغة (قال البخاري) لم يصح حديثه عن علي في الأضاحي اهـ (قلت) له شاهد من حديث عبد الله بن بريدة. رواه مسلم والإمام أحمد تقدم في الباب الأول من أبواب زيارة القبول المشار إليه آنفًا وهو يعضده (93) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني يحيى بن الحارث الجابر عن عبد الوارث مولى أنس بن مالك، وعمرو بن عامر عن أنس بن مالك، قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيارة القبور، وعن لحوم الأضاحي بعد ثلاث، وعن النبيذ في الدباء والنقير والحنتم والمزفت، قال ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك ألا إني قد نهيتكم عن ثلاث ثم بدا لي فيهن، نهيتكم عن زيارة القبور ثم بدا لي أنها ترق القلب وتدمع العين وتذكر الآخرة، فزوروها ولا تقولوا هجرا، ونهيتكم عن لحوم الأضاحي - الحديث" (غريبه) (2) التحفة ما أتحفت به الضيف من البر واللطف وكذا التحفة بفتح الحاء والجمع تحف (وقوله ويخبئون) بفتح أوله وثالثه أي يسترون ويحفظون (قال في المصباح) خبأت الشيء خبئًا مهموز من باب نفع سترته، ومنه الخابية وترك الهمز تخفيفًا لكثرة الاستعمال، وربما همزة على الأصل وخبأته حفظته، والتشديد

-[جواز أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاث وسبب النهي عنه ونسخه بعد ذلك]- ضيفهم ويخبئون لغائبهم فامسكوا ما شئتم (1). (94) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال إذا ضحَّى أحدكم فليأكل من أضحيته. (95) عن عائشة رضي الله عنها قالت دفَّت (2) دافَّة من أهل البادية حضرة (3) الأضحى فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم كلوا وادَّخروا لثلاثٍ، فلمَّا كان بعد ذلك قالوا يا رسول الله كان الناس ينتفعون من أضاحيهم يجملون (4) منها الودك ويتَّخذون منها الأسقية، قال وما ذاك؟ قالوا الذي نهيت عنه من إمساك لحوم الأضاحي

_ تكثير ومبالغة والخبء بالفتح اسم لما خبئ اهـ (1) ليس هذا آخر الحديث (وبقيته) ونهيتكم عن النبيذ في هذه الأوعية فاشربوا بما شئتم ولا تشربوا مسكرًا، فمن شاء أو كاسقاءه على إثمٍ، وهذا الحديث تقدم بعضه في الباب الأول من زيارة القبور وسيأتي في كتاب الأشربة (تخريجه) (د. نس. ك) وفي إسناده يحيى بن الحارث الجابر، قال الذهبي الجابر ضعيفٌ. (94) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامرٍ قال ثنا الحسن يعني ابن صالحٍ عن ابن أبي ليلى عن عطاءٍ عن أبي هريرة - الحديث". (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمدٌ ورجاله رجال الصحيح، اهـ (قلت) وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للإمام أحمد فقط ورمز له بعلامة الصحة. (95) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن مالكٍ قال حدثني عبد الله بن أبي بكرٍ عن عمرة عن عائشة -الحديث" (غريبه) (2) دف بفتح الدال المهملة وتشديد الفاء أي جاء (قال أهل اللغة) الدافة قوم يسيرون جماعةً سيرًا ليس بالشديد. يقال هم يدفون دفيفًا، والبادية والبدو بمعنى. وهو ضد الحضر؛ والمراد الأعراب الذين يسكنون البادية (3) بفتح الحاء وضمها وكسرها والضاد ساكنةٌ فيها كلها. وحكي فتحها وهو ضعيفٌ، وإنما تفتح إذا حذفت الهاء، يقال بحضرة فلانٍ. كذا قال النووي (4) بفتح الياء التحتية مع كسر الميم وضمها ويقال بضم الياء مع كسر الميم، يقال جملت الدهن أجمله بكسر الميم، وأجمله بضمها جملًا، وأجملته أجمله إجمالًا أي أذبته وهو بالجيم (والودك) بفتح الداء المهملة هو دسم اللحم

-[حديث عائشة في سبب النهي عن أكل لحوم الأضاحي فوق ثلاثٍ]- قال إنَّما نهيت عنه للدافَّة التي دفَّت، فكلوا وتصدقوا وادخروا (1) (96) عن عابس بن ربيعة قال قلت لعائشة رضي الله عنها هل كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حرَّم لحوم الأضاحي حتى بعد ثلاثٍ؟ قالت لا، ولكن لم يكن يضحَّي منهنَّ (2) إلا قليلٌ ففعل، وذلك ليطعم من ضحَّى من لم يضحِّ، ولقد رأيتنا نخبأ (3) الكراع من أضاحينا، ثم نأكلها بعد عشر (4) (وعنه من طريق ثان) (5) عن عائشة رضي الله عنها قال سألناها أكان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نهى أن تؤكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثٍ، فقالت ما قاله إلا في عامٍ جاع الناس فيه فأراد أن يطعم الغنيُّ الفقير، وقد كنا نرفع الكراع فنأكلها

_ (1) هذا تصريحٌ بزوال النهي عن ادخارها فوق ثلاثٍ، وفي الأمر بالصدقة منها والأمر بالأكل، وسيأتي الكلام على مقدار ما يؤكل وما يتصدق به في الأحكام (تخريجه) رواه الشيخان في صحيحيهما (وغيرهما). (96) عن عابس بن ربيعة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسنٌ قال ثنا زهيرٌ قال ثنا أبو إسحاق عن عابس بن ربيعة- الحديث" (غريبه) (2) هكذا في الأصل (منهن) بنون النسوة، والظاهر أن صوابه (منهم) بميم الجمع للذكور، والمعنى أنه لم يضح من الناس إلا قليلٌ في ذاك العام لما أصابهم من المجاعة فيه كما يستفاد ذلك من الطريق الثانية (وقولها ففعل) أي فنهى عن ادخار اللحم بعد ثلاثٍ ليطعم من ضحى من لم يضح (3) بفتح أوله وسكون ثانيه أي ندخر الكراع بضم الكاف، قال الإمام أبو منصور الأزهري رحمه الله تعالى، قال الليث الكراع من الإنسان ما دون الركبة. ومن الدواب ما بين كعوبها، ويقال هذه كراع وهو الوظيف، قال وكراع كل شيء طرفه وكراع الأرض ناحيتها اهـ (وقال في المصباح) الكراع وزن غراب من الغنم والبقر بمنزلة الوظيف من الفرس وهو مستدق الساعد، والكراع أنثى والجمع أكرعٌ مثل أفلس ثم تجمع على كارعٍ اهـ (4) أي بعد عشر ليالٍ؛ وفي الطريق الثانية بعد خمس عشرة (وفي لفظ للنسائي) كنا نخبأ الكراع لرسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم شهرًا ثم يأكله وذلك بعد سنة النهي (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال أنا سفيان عن عبد الرحمن بن عابسٍ عن

-[الأمر بأكل لحوم الأضاحي وادخارها ونسخ النهي عن ذلك]- بعد خمس عشرة، قلت فما اضطرَّكم إلى ذلك؟ فضحكت (1) وقالت ما شبع آل محمَّد صلَّى الله عليه وسلَّم من خبزٍ مأدومٍ ثلاث ليال حتى لحق بالله عزَّ وجلَّ. (97) عن يزيد بن أبي يزيد الأنصاريِّ عن امرأته أنَّها سألت عائشة رضي الله عنها عن لحوم الأضاحي، فقالت عائشة رضي الله عنها قدم علينا عليٌّ من سفرٍ فقدَّمنا إليه منه، فقال لا آكله حتى أسأل عنه رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (2) قالت فسأله عليٌّ رضي الله عنه فقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم كلوه من ذي الحجَّة إلى ذي الحجَّة. (98) عن سليمان بن أبي سليمان عن أمِّه أمِّ سليمان وكلاهما كان ثقةً قالت دخلت على عائشة زوج النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم فسألتها عن لحوم الأضاحي

_ أبيه عابس بن ربيعة عن عائشة رضي الله عنها قال سألناها - الحديث (1) إنما ضحكت رضي الله عنها تعجبًا من قول السائل فما اضطركم إلى ذلك. لأنه سألها بعد وفاة النبي صلَّى الله عليه وسلَّم والناس في رغدٍ من العيش؛ وقد غفل عما كان عليه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وأصحابه من ضيق المعيشة في أول أمره، نعم قد وسع الله عليه بعد الفتوحات وأقبلت عليه الدنيا، ولكنه صلَّى الله عليه وسلَّم لم يقبل عليها بل زهد فيها وبقي على ما كان عليه حتى توفاه الله عز وجل. ولذلك قالت عائشة رضي الله عنها "ما شبع آل محمدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم من خبزٍ مأدومٍ إلخ" (تخريجه) (نس. مذ) وقال هذا حديثٌ حسنٌ صحيحٌ. (97) عن يزيد بن أبي يزيد الأنصاري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاجٍ ثنا ليثٍ حدثني الحارث بن يعقوب الأنصاري عن يزيد بن أبي يزيد الأنصاري - الحديث" (غريبه) (2) إنما لم يأكله عليٌّ رضي الله عنه لأنه كان يعلم النهي عن ذلك من النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ولم يعلم بالرخصة فتوقف عن الأكل حتى يسأل النبي صلَّى الله عليه وسلَّم (3) معناه ادخروا وكلوا منه طول العام إن شئتم من ذي الحجة إلى ذي الحجة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد. (98) عن سليمان بن أبي سليمان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال حدثني أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني يزيدٌ بن أبي حبيبٍ عن سليمان بن

-[قصة أبي سعيدٍ من زوجته وامتناعه عن أكل لحم الضحية بعد ثلاث]- فقالت قد كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عنها ثم رخَّص فيها، قدم عليُّ بن أبي طالبٍ رضي الله عنه من سفرٍ فأتته فاطمة بلحمٍ من ضحاياها، فقال أولم ينه عنها رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقالت إنَّه قد رخَّص فيها، قالت فدخل عليٌّ على رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فسأله عن ذلك، فقال كلها من ذي الحجِّة إلى ذي الحجِّة. (99) عن أبي سعيدٍ الخدريِّ رضي الله عنه قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قد نهانا عن أن نأكل لحوم نسكنا فوق ثلاثٍ، قال فخرجت في سفرٍ ثم قدمت على أهلي، وذلك بعد الأضحى بأيَّامٍ، قال فأتتني صاحبتي (1) بسلقٍ قد جعلت فيه قديدًا، فقلت لها أنَّى ذلك (2) هذا القديد؟ فقالت من ضحايانا، قال فقلت لها أولم ينهنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن أن نأكلها فوق ثلاث، قال فقالت إنه رخَّص للنَّاس بعد ذلك، قال فلم أصدِّقها حتى بعثت إلى أخي قتادة بن النُّعمان وكان بدريًّا (3) أسأله عن ذلك، قال فبعث إليَّ أن كل طعامك فقد صدقت

_ أبي سليمان - الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمي وقال حديث عائشة في الصحيح خاليًا عن حديث فاطمة، ولذلك ذكره الإمام أحمد في مسند فاطمة، رواه أحمد والطبراني في الأوسط وقال لم ترو أم سليمان غير هذا الحديث اهـ (قال الهيثمي) وثقت كما نقل في المسند وبقية رجال أحمد ثقاتٌ اهـ (قلت) وقول الهيثمي وثقت كما نقل في المسند. يشير إلى قوله في الحديث، وكلاهما كان ثقةً، وقد جاء هذا الحديث عند الإمام أحمد في مسند فاطمة بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كما قال الهيثمي. (99) عن أبي سعيد الخدري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال ثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني محمدٌ بن عليٍ بن حسين بن جعفر وأبو إسحاق بن يسار عن عبد الله بن خبار مولى بني عدي بن النجار عن أبي سعيدٍ الخدري -الحديث" (غريبه) (1) يعني زوجته (وقوله بسلق) بكسر السين المهملة وسكون اللام بنت معروف يؤكل مطبوخًا (والقديد) تقدم تفسيره قريبًا وهو اللحم المجفف في الشمس من لحوم الضحايا (2) أي من أين لك هذا (3) يعني ممن حضروا غزوة بدر

-[حجة القائلين بمشروعية الأضحية للمسافر والحاج وجواز التزود منها]- قد أرخص رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم للمسلمين في ذلك. (100) عن عبد الله (يعني ابن مسعودٍ رضي الله عنه) عن النبيٍّ صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أنه قال إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها (1) ونهيتكم أن تحبسوا لحوم الأضاحي فوق ثلاثٍ فاحبسوا، ونهيتكم عن الظّروف (2) فانتبذوا فيها واجتنبوا كل مسكرٍ. (101) عن ثوبان (مولى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ورضي عنه) قال ذبح رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم أضحيةً (2) ثم قال يا ثوبان أصلح لحم هذه الشاة (4) قال فما زلت أطعمه منها حتى قدم المدينة (5)

_ وهو أخو أبي سعيدٍ لأمه (تخريجه) (طب: صح) وسنده جيدٌ، وأورده الهيثمي وقال حديث أبي سعيدٍ في الصحيح وإنما أخرجته لحديث امرأته، رواه أحمد ورجاله ثقاتٌ اهـ (قلت) يريد الحافظ الهيثمي أن قصة امرأة أبي سعيدٍ ليست في أحد الصحيحين لهذا أخرجه في كتابه، لأنه التزم في كتابه، أن يأتي بما زاد عن الكتب الستة من الكتب التي ذكرها في مقدمة كتابه وسيأتي لفظه عند البخاري ومسلم في الزوائد. (100) عن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا حماد بن زيدٍ ثنا فرقدٍ السبخي قال ثنا جابر بن يزيد أنه سمع مسروقًا يحدث عن عبد الله -الحديث" (غريبه) (1) تقدم الكلام على زيارة القبور كما أشرنا إلى ذلك في شرح حديث عليٍّ أول الباب (2) يعني الأوعية المنهي عن الانتباذ فيها، وسيأتي الكلام عليها في كتاب الأشربة إن شاء الله تعالى (تخريجه) (عل) وفيه فرقد بن يعقوب السبخي (قال الحافظ) في التقريب بفتح المهملة والموحدة وبخاءٍ معجمةٍ أبو يعقوب البصري صدوقٌ عابدٌ لكنه لين الحديث كثير الخطأ من الخامسة. مات سنة إحدى وثلاثين. (101) عن ثوبان مولى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهديٍّ عن معاوية يعني ابن صالحٍ عن أبي الزاهرية عن جبيرٍ عن عن ثوبان -الحديث" (غريبه) (3) كان ذلك في حجة الوداع كما في رواية عند مسلم (4) معناه أنه يقدده أو يغليه لئلا يفسد بمرور الزمن (5) فيه أن الضحية تشرع للمسافر، وله أن يدخر منها ويتزود، وبه قال الجمهور، وقال النخعي وأبو حنيفة لا ضحية على المسافر، وقال مالك لا تشرع للمسافر بمنى ومكة (تخريجه) (م. وغيره).

-[جواز الأكل من لحوم الأضاحي فوق ثلاثٍ وادخاره والتزود منه ونسخ النهي عن ذلك]- (102) عن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم نهيتكم عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثٍ فكلوا وتزوَّدوا وادَّخروا. (103) عن ابن جريجٍ أخبرني عطاءٌ أنه سمع جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول كنا لا نأكل من لحوم البدن إلا ثلاث مني (1) فرخص لنا رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم قال كلوا وتزوَّدوا، قال فأكلنا وتزودنا، قلت لعطاءٍ حتى جئنا المدينة؟ (2) قال لا.

_ (102) عن عبد الله بن بريدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمرٍ عن عطاءٍ الخراساني حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إني كنت نهيتكم عن زيارة القبور فزوروها فإنها تذكر الآخرة ونهيتكم عن نبيذ الجر فانتبذوا في كل وعاءٍ واجتنبوا كل مسكر، ونهيتكم عن أكل لحوم الأضاحي- الحديث" (تخريجه) (م. مذ). (103) عن ابن جريج (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيدٍ عن ابن جريجٍ- الحديث" (غريبه) (1) يعني أيام التشريق وهي الثلاثة الأيام بعد يوم النحر (2) معناه أن ابن جريجٍ قال لعطاء سمعت جابرًا يقول حتى جئنا المدينة، يعني بعد قوله "فأكلنا وتزودنا" قال. لا (وفي لفظ للبخاري) قال ابن جريج قلت لعطاء أقال حتى جئنا المدينة؟ قال لا (قلت) لكن ثبت في رواية أخرى من طريق عمرو بن دينارٍ عن عطاءٍ عند البخاري والإمام أحمد، وتقدم في باب نحر الإبل قائمة الخ رقم 42 صحيفةٌ من هذا الجزء عن جابرٍ قال "كنا نتزود لحوم الهدي على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إلى المدينة" ولفظ البخاري "كنا نتزود لحوم الأضاحي على عهد النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلى المدينة" وقال غير مرةٍ لحوم الهدي (وقوله- وقال غير مرةٍ) القائل هو سفيان بن عيينة راوي الحديث عن عمر بن دينارٍ عن عطاءٍ (قال ابن المديني) قال سفيان مرة لحوم الأضاحي ومرارًا يقول لحوم الهدي اهـ، ففي هذا الحديث أثبت عطاءٌ عن جابرٍ التزود إلى المدينة، ونفاه في حديث الباب، ولا منافاة بينهما لاحتمال أن عطاءًا نسي التزود في رواية ابن جريجٍ عنه فنفاه، وتذكره في رواية عمرو بن دينارٍ فأثبته والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) وفي (الحديث) احتمال أن يكون اللحم الذي حصل منه التزود لحم هديٍ أو ضحيةٍ، ولكلٍ من هذين الاحتمالين أحاديث تعضده، ولا مانع من

-[زوائد الباب ومذاهب العلماء في أحكامه]- .....

_ كونه صلَّى الله عليه وسلَّم أهدى وضحى وتزود من لحمي الهدى والضحية، فإن كان لحم هديٍ فهو من هدي التطوع الذي يهدى إلى البيت وإن كان لحم ضحيةٍ فهو دليلٌ لمن قال بمشروعية الضحية للحاج، وعلى كل حال فهو يفيد جواز الأكل من هدي التطوع والضحية وادخاره والتزود منه والله أعلم (زوائد الباب) (عن يحيى بن سعيدٍ) عن القاسم أن ابن خبابٍ أخبره أنه سمع أبا سعيدٍ يحدث أنه كان غائبًا فقدم، فقُدِّم إليه لحمٌ قالوا هذا من لحم ضحايانا، فقال أخروه لا أذوقه؛ قال ثم قمت فخرجت حتى آتي أخي قتادة وكان أخاه لأمه وكان بدريًا فذكرت ذلك له فقال إنه قد حدث بعدك أمر (خ) (وعن أبي سعيدٍ الخدري) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يا أهل المدينة لا تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاثٍ (وفي لفظٍ) ثلاثة أيامٍ فشكوا إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن لهم عيالًا وحشمًا وخدمًا، فقال كلوا وأطعموا واحبسوا أو ادخروا (م) (وعن سلَّمة بن الأكوع) رضي الله عنه أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال من ضحى منكم فلا يصبحن في بيته بعد ثالثة شيئًا، فلما كان في العام المقبل قالوا يا رسول الله نفعل كما فعلنا عام أول؟ فقال لا. إن ذاك عام كان الناس فيه بجهد فأردت أن يفشوا فيهم (ق) ومعنى يفشوا فيهم أي يشيع لحم الأضاحي في الناس وينتفع به المحتاجون (والجهد) بفتح الجيم المشقة والفاقة (وعن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أنه نهى عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثٍ، وعن النبيذ في الجر، وعن زيادة القبور؛ فلما كان بعد ذلك قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي بعد ثلاثٍ فكلوا ما شئتم، ونهيتكم عن النبيذ في الجر فاشربوا، وكل مسكرٍ حرامٌ، ونهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا ما أسخط الله عز وجل (طس. طعس) وفيه يزيد بن جابرٍ الأزدي والد عبد الرحمن الحافظ، قال الهيثمي ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقاتٌ (وعن إبراهيم ابن ميسرة) قال سمعت أنس بن مالك يقول إنا لنذبح ما شاء الله من ضحايانا ثم نتزود بقيتها إلى البصرة (فع) (الأحكام) أحاديث الباب منها ما يدل على منع الادخار من لحوم الأضاحي فوق ثلاثة أيامٍ وهو حديث عليٍّ وفيه "بعد ثلاثٍ" وحديث الزبير وفيه "فوق ثلاثٍ" والمراد بالثلاث فيهما الليالي كما صرح بذلك في حديث عليٍّ عند مسلم، وحديث ابن عمر وفيه "فوق ثلاثة أيامٍ" والظاهر أن رواية الليالي توجب إلغاء اليوم الذي ضحى فيه من العدد وتعتبر ليلته وما بعدها، ورواية الأيام تقتضي اعتبار الأيام دون الليالي، لكن يستفاد من مجموع الروايات إرادة الأيام بلياليها، وبهذا يصير الجمع بينها والله أعلم، وتقدم كلام القاضي عياض في شرح حديث عليٍّ باحتمال أن يكون ابتداء الثلاثة من يوم ذبح الأضحية وإن ذبحت بعد يوم النحر؛ واحتمال أن يكون من يوم النحر وإن تأخر الذبح عنه واستظهر الأخير (وحكى النووي) عن عليٍّ وابن عمر رضي الله عنهما أنهما قالا يحرم الإمساك للحوم

-[مذاهب العلماء في جواز أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثٍ وعدمه]- .....

_ الأضاحي بعد ثلاثٍ وأن حكم التحريم باقٍ، وحكاه الحازمي في الاعتبار عن عليٍّ أيضًا والزبير وعبد الله بن واقدٍ بن عبد الله بن عمرو بن حزمٍ عملًا بالأحاديث المشار إليها المذكورة في الباب قبل الفصل، لكن جاءت أحاديث كثيرة صحيحة في الفصل المذكور في الباب تدل على جواز الأكل والادخار فوق ثلاثٍ، بل بجوازه طول العام ونسخ النهي المتقدم، ولعلهم لم يعلموا بالناسخ، ومن علم حجة على من لم يعلم (وقد أجمع على جواز الأكل والادخار) بعد الثلاث من بعد عصر المخالفين وهو مذهب جمهور الصحابة وجميع التابعين والأئمة الأربعة وعلماء الأمصار والمحدثين عملًا بالأحاديث المذكورة في الفصل المشار إليه من أحاديث الباب والزوائد، ففيها الصريح بنسخ النهي وإباحة الأكل بعد الثلاث بلا قيدٍ ولا شرطٍ (وقال بعضهم) ليس هو نسخًا بل كان التحريم لعلةٍ، فلما زالت زال، لحديث سلمة (يعن ابن الأكوع المذكور في الزوائد" وعائشة (وقيل) كان النهي الأول للكراهة لا للتحريم، قال هؤلاء والكراهة باقية إلى اليوم ولكن لا يحرم؛ قالوا ولو وقع مثل تلك العلة اليوم فدفت دافةٌ واساهم الناس، وحملوا على هذا المذهب عليٌ وابن عمر، والصحيح نسخ النهي مطلقًا وأنه لم يبق تحريم ولا كراهة فيباح اليوم الادخار فوق ثلاثٍ والأكل إلى متى شاء لصريح حديث بريدة وغيره والله أعلم (وفي أحاديث الباب أيضًا) الأمر بالصدقة والأكل من الضحايا (وقد حمل الجمهور) الأمر بالصدقة على الاستحباب في أضحية التطوع (وحمله الشافعية) على الوجوب بما يقع عليه اسم الصدقة منها، ويستحب أن يكون بمعظمها، قالوا وأدنى الكمال أن يأكل الثلث ويتصدق بالثلث ويهدي بالثلث، وفيه قول أنه يأكل النصف ويتصدق بالنصف وهذا الخلاف في قدر أدنى الكمال في الاستحباب، أما الأجزاء فيجزئه الصدقة بما يقع عليه الاسم كما ذكرنا، ولهم وجه أنه لا تجب الصدقة بشيء منها (وأما الأكل منها فيستحب ولا يجب) (قال النووي) وهو مذهب العلماء كافةً إلا ما حكي عن بعض السلف أنه أوجب الأكل منها وهو قول أبي الطيب بن سلَّمة من أصحابنا، حكاه عنه الماوردي لظاهر الأحاديث في الأمر بالأكل مع قوله تعالى {فكلوا منها} (وحمل الجمهور هذا الأمر على الندب) أو الإباحة لا سيما وقد ورد بعد الحظر كقوله تعالى {وإذا حللتم فاصطادوا} (ويستفاد من حديث الزبير بن العوام) الثاني من أحاديث الباب أن النهي لا يتناول الأكل من أضحية الغير والادخار فوق ثلاث، كالمهدى إليه والمتصدق عليه، فالمهدى إليه له ادخاره فوق ثلاث لأن القصد مواساة أصحاب الأضاحي وقد حصلت، وأما الفقير فإنه لا حجر عليه في التصرف فيه، وقد يستغنى عند مدة الثلاث بغيره ويحتاج إليه بعد الثلاث والله أعلم (فائدة) النهي عن أكل لحوم الأضاحي وادخارها فوق ثلاث كان في سنةٍ واحدةٍ. سنة تسعٍ من الهجرة، والرخصة فيه كانت في حجة الوداع سنة عشرٍ، والدليل على ذلك ما جاء في حديث

-[تاريخ النهي عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاثٍ وتاريخ نسخه]- (16) باب ما جاء في التضحية عن الميِّت بوصيِّة منه (ومن أذن في انتهاب أضحيةٍ - وما جاء في النَّهي عن الانتهاب) (104) ز عن حنش (1) قال رأيت عليًّا رضي الله عنه يضحِّي بكبشين فقلت له ما هذا؟ فقال أوصاني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن أضحِّي عنه. (105) ز وعنه أيضًا عن عليٍّ رضي الله عنه قال أمرني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن أضحِّي عنه بكبشين فأنا أحب أن أفعله، وقال محمَّد بن عبيدٍ

_ قتادة بن النعمان، وتقدم في باب نحر الإبل قائمة الخ رقم 40 صحيفة 53 من هذا الجزء أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قام في حجة الوداع، فقال إني كنت أمرتكم أن تأكلوا الأضاحي فوق ثلاثة أيام لتسعكم وإني أحله لكم، فكلوا منه ما شئتم الحديث، ففيه بيان وقت الرخصة وهو سنة حجة الوادع (ويستفاد من حديث سلَّمة بن الأكوع) رضي الله عنه المذكور في زوائد هذا الباب أن النهي كان في العام السابق لعام الرخصة، وثبت في حديث قتادة المتقدم أن الرخصة كانت في حجة الوداع أي سنة عشر، فيكون النهي سنة تسع والله أعلم. (104) "ز" عن حنش (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عثمان بن أبي شيبة ثنا شريكٍ عن أبي الحسناء عن الحكم عن حنش- الحديث (غريبه) (1) بفتح أوله والنون (قال في الخلاصة) هو ابن المعتمر أو ابن ربيعة بن المعتمر الكناني أبو المعتمر الكوفي عن عليٍّ وأبي ذر، وعنه الحكم وسماك بن حربٍ، قال أبو داود ثقة. قال النسائي ليس بالقوي، وقال البخاري يتكلمون فيه (تخريجه) (د. مذ) ولفظ أبي داود كلفظ حديث الباب وسنده. وزاد في آخره "فأنا أضحي عنه" وهذا الحديث من زوائد عبد الله ابن الإمام أحمد على مسند أبيه، ورواه أيضًا الإمام أحمد في مسنده من طريق شريكٍ عن أبي الحسناء عن الحكم عن حنش عن عليٍّ رضي الله عنه "قال أمرني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن أضحي عنه فأنا أضحي عنه" ورواه الترمذي من هذا الطريق أيضًا عن حنش عن علي أنه كان يضحي بكبشين أحدهما عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم والآخر عن نفسه، فقيل له فقال أمرني به يعني النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فلا أدعه أبدًا، وفي إسناد الجميع أبو الحسناء مجهول (قال الترمذي) هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث شريك ثم قال قال محمد (يعني البخاري) قال علي بن المديني وقد رواه غير شريك. قلت له أبو الحسناء باسمه فلم يعرفه، قال مسلم اسمه الحسن اهـ (105) "ز" وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبو بكرٍ بن أبي شيبة ومحمد

-[حجة القائلين بجواز التضحية عن الميت]- المحاربيُّ (1) في حديثه ضحَّى عنه بكبشين واحدٍ عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم والآخر عنه فقيل له، فقال إنَّه أمرني فلا أدعه أبدًا. (106) عن عبد الله بن قرط (2) رضي الله عنه أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال أعظم الأيام عند الله يوم النَّحر، ثم يوم النَّفر (3) وقرَّب إلى رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم خمس بدنات أو ستٍّ ينحرهنَّ فطفقن (4) يزدلفن إليه أيتهنَّ يبدأ بها، فلمَّا وجبت (5) جنوبها قال كلمة خفية لم أفهمها

_ ابن عبيد المحاربي قال ثنا شريك عن أبي الحسن عن الحكم عن حنشٍ عن عليٍّ رضي الله عنه قال أمرني رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم - الحديث" (غريبه) (1) هو أحد الراويين اللذين روى عنهما عبد الله بن الإمام أحمد هذا الحديث (تخريجه) (د، مذ) بألفاظ مقاربة وفي إسناده أبو الحسن تقدم الكلام عليه. (106) عن عبد الله بن قرطٍ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن سعيد عن ثور قال حدثني راشد بن سعد عن عبد الله بن نجىٍ عن عبد الله بن قرطٍ - الحديث" (غريب) (2) بضم القاف وسكون الراء بعدها طاءٌ مهملةٌ صحابيٌ جليلٌ، غير اسمه النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وسماه عبد الله، وسيأتي حديثه في باب من سماهم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من كتاب العقيقة (3) أي يوم النفر الأول وهو أوسط أيام التشريق، سمي بذلك لأنه يجوز فيه النفر لمن تعجل بعد رمي الجمار فيه. قال تعالى {فمن تعجل في يومين فلا إثم عليه} ويسمى أيضًا يوم القر كما جاء في بعض الروايات، سمي بذلك لأن الناس يقرون فيه بمنى، وقد فرغوا من طواف الإفاضة والنحر ورمي جمرة العقبة، ومعنى قروا استقروا، والمعنى أنه يلي يوم النحر في الفضل، وسيأتي الكلام على فضل يوم النحر في الأحكام (4) طفق معناه أخذ في الفعل وجعل يفعل، وهي من أفعال المقاربة، والمعنى فأخذن يزدلفن أي يقتربن، وأصل الدال تاءٌ ثم أبدلت منها، ومنه المزدلفة لاقترابها إلى عرفات. ومنه قوله تعالى {وأزلفت الجنة للمتقين} (وقوله أيتهن يبدأ بها) معناه أن كل واحدة منهن كانت تسابق الأخرى لتصل إليه قبلها فينحرها أولًا لتحوز من بركته بوضع يده الشريفة عليها وإن كان في ذلك إزهاق نفسها لأنه ستكون في سبيل الله؛ وهذا من عظيم معجزاته صلَّى الله عليه وسلَّم (5) أي سقطت إلى الأرض جنوبها والوجوب السقوط، والمراد تحقيق موتها

-[كلام العلماء في جواز النهبة والنهي عنها]- فسألت بعض من يليني ما قال، قالوا قال من شاء اقتطع (1). (107) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال نحر رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم جزورًا (2) فانتهبها النَّاس، فنادى مناديه إن الله ورسوله ينهيانكم عن النُّهبة (3) فجاء النَّاس بما أخذوا فقسَّمه بينهم.

_ وخروج روحها (1) أي من شاء أن يقتطع من لحمها فليقتطع، وهذا موضع الدلالة من الحديث على جواز انتهاب الهدي والأضحية، وليس في الحديث إشارة إلى أن هذه البدن كانت هديًا أو أضحية، وما جاز في الهدي جاز في الأضحية والله أعلم (تخريجه) (د. نس حب) في صحيحه وسكت عنه أبو داود والمنذري. (107) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الأسود ابن عامر حدثني أبو بكر عن هشام عن الحسن عن أبي هريرة -الحديث" (غريبه) (2) لم يبين في الحديث سبب نحر هذه الجزور، والظاهر أنها كانت أضحيةً، والله أعلم (وقوله فانتهبها الناس) أي أخذ كل واحد منهم ما قدر عليه، فمنهم من أخذ قليلًا ومنهم من أخذ كثيرًا على حسب قوته وطمع نفسه، فكأن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم شعر بذلك فنهاهم عنه (3) النهبة بضم النون مثال غرفةٍ، والنهبى بزيادة ألف التأنيث اسم للمنهوب، وتتعدى بالهمزة إلى ثان، فيقال أنهبت زيدًا المال، ويقال أيضًا أنهبت المال إنهابًا إذا جعلته نهبًا يغار عليه، وهذا زمان النهب أي الانتهاب، وهو الغلبة على المال والقهر، ومعناه أخذ المرء ما ليس له جهارًا، ونهب مال الغير غير جائز إلا إذا أذن فيه جاز (قال الحافظ) ومحله في المنهوب المشاع، كالطعام يقدم للقوم فلكل منهم أن يأخذ مما يليه، ولا يجذب من غيره إلا برضاه، وبنحو ذلك فسره النخعي وغيره، وكره مالكٌ وجماعةٌ النهب في نثار العرس لأنه إما أن يحمل على أن صاحبه أذن للحاضرين في أخذه، فظاهره يقتضي التسوية، والنهب يقتضي خلافها، وإما أن يحمل على أنه علق التمليك على ما يحصل لكل أحد، ففي صحته اختلاف فلذلك كرهه اهـ (قلت) والظاهر أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم نهى عن النهبى لما يترتب عليها من عدم التسوية، ولذلك قال في الحديث (فجاء الناس بما أخذوا فقسمه بينهم، وظاهر هذا الحديث ينافي حديث عبد الله بن قرطٍ المتقدم، وسيأتي الجمع بينهما في الأحكام، والله الموفق (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده من لم أعرفه، وله شواهد كثيرة تعضده (قال العلماء) إن أحاديث النهي عن النهي ثابتة عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم من طريق

كتاب العقيقة وسنة الولادة

-[كلام العلماء في جواز التضحية عن الميت وعدمه -وكلامهم في فضل يوم النحر]- (12) كتاب العقيقة وسنَّة الولادة (وما يتعلَّق بذلك - وما جاء في الفرع والعتيرة (*)) (1) باب حقيقة العقيقة والفرع والعتيرة (1) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدِّه (رضي الله عنه) قال سئل

_ جماعة من الصحابة في الصحيح وغيره (الأحكام) حديث حنش إن صح يدل على جواز التضحية عن الميت بوصية منه، وبهذا قال ابن الملك (قال الترمذي) وقد رخص بعض أهل العلم أن يضحى عن الميت، ولم ير بعضهم أن يضحى عنه، وقال عبد الله بن المبارك أحب إلي أن يتصدق عنه ولا يضحى عنه، وإن ضحى فلا يأكل منها شيئًا ويتصدق بها كلها اهـ "وحديث عبد الله بن قرطٍ" فيه دلالة على أن يوم النحر أفضل أيام السنة ولكن يعارضه حديث "خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة" وقد تقدم في الباب الأول من أبواب الجمعة من حديث أبي هريرة رقم 1507 صحيفة 5 من الجزء السادس، وحديث جابر عند ابن حبان قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم "ما من يوم أفضل عند الله من يوم عرفة ينزل الله تعالى إلى سماء الدنيا فيباهي بأهل الأرض أهل السماء فلم ير يوم أكثر عتقًا من النار من يوم عرفة (وقد ذهبت الشافعية) إلى أنه أفضل من يوم النحر (وقد جمع الحافظ العراقي) بين هذه الأحاديث فقال المراد بتفضيل الجمعة بالنسبة إلى أيام الجمعة وتفضيل يوم عرفة أو يوم النحر بالنسبة إلى أيام السنة، وصرح بأن حديث أفضلية يوم الجمعة أصح اهـ والله أعلم (وفي حديث بعد الله بن قرطٍ أيضًا) دلالة على جواز انتهاب الهدي والأضحية، لكن يعارضه حديث أبي هريرة الذي بعده، ويمكن الجمع بينهما بحمل حديث الجواز على المنتهب القنوع الذي يرضى بشيء لا يترتب عليه حرمان وغيره، وحمل حديث النهي عن من لم يراع ذلك والله أعلم (1) عن عمرو بن شعيب (سند) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق

-[كلام العلماء في معنى العقيقة والفرع والعتيرة]- رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن العقيقة فقال إن الله لا يحبُّ العقوق، وكأنَّه كره الاسم (1) قالوا يا رسول الله إنما نسألك عن أحدنا يولد له؟ قال من أحبَّ منكم أن ينسك عن ولده فليفعل عن الغلام شاتان مكافأتان (2) وعن الجارية شاة

_ أنا داود بن قيس عن عمرو بن شعيب -الحديث" (غريبه) (1) قال في النهاية ليس فيه توهين لأمر العقيقة ولا إسقاط لها، وإنما كره الاسم وأحب أن تسمى بأحسن منه كالنسيكة والذبيحة جريًا على عادته في تغيير الاسم القبيح اهـ (قال التوربشتي) هذا الكلام وهو أنه كره الاسم غير سديد أدرج في الحديث من قول بعض الرواة ولا يدرى من هو، وبالجملة فقد صدر عن ظن يحتمل الخطأ والصواب، والظاهر أنه ها هنا خطأ، لأنه صلَّى الله عليه وسلَّم ذكر العقيقة في عدة أحاديث، ولو كان يكره الاسم لعدل عنه إلى غيره، ومن سننه تغيير الاسم إذا كرهه، والأوجه أن يقال يحتمل أن السائل ظن أن اشتراك العقيقة مع العقوق في الاشتقاق مما يوهن أمرها فأعلم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أن الذي كرهه الله تعالى من هذا الباب هو العقوق لا العقيقة، ويحتمل أن العقوق ها هنا مستعار للوالد بترك العقيقة أي لا يجب أن يترك الوالد حق الولد الذي هو العقيقة كما لا يحب أن يترك الولد حق الوالد الذي هو حقيقة العقوق، ولا يخفى أن المخاطب ما فهم هذا المعنى من الجواب، ولذلك أعاد السؤال فقال إنما نسألك إلخ، فالوجه أن يقال إنه أطلق الاسم أولًا، ثم كرهه إما بالتفات منه صلَّى الله عليه وسلَّم إلى ذلك أو بوحيٍ أو إلهامٍ منه تعالى إليه والله أعلم (2) بفتح الفاء بعد همزة مفتوحة، كذا في رواية الإمام أحمد والنسائي أي مساويتان

-[حجة القائلين بمشروعية الفرع والعتيرة وعدم نسخهما]- قال وسئل عن الفرع، قال والفرع حقٌّ (1) وإن تتركه حتى يكون شغزيًّا (2) أو شغزوبًا ابن مخاضٍ أو ابن لبونٍ فتحمل عليه في سبيل الله أو تعطيه أرملةً (3) خير من أن تذبحه يلصق لحمه بوبره (4) وتكفأ إناءك وتوله (5) ناقتك، قال وسئل عن العتيرة فقال العتيرة حقٌّ (6) قال بعض القوم لعمرو بن شعيبٍ ما العتيرة؟ قال كانوا يذبحون في رجبٍ شاةً فيطبخون ويأكلون ويطعمون

_ في السن بمعنى أن لا ينزل سنهما عن سن أدنى ما يجزئ في الأضحية كما نقل الترمذي عن أهل العلم أنهم قالوا لا يجزئ في العقيقة من الشاة إلا ما يجزئ في الأضحية، وقيل معناه مساويتان أو متقاربتان وهو بكسر الفاء عند أبي داود (قال الخطابي) والمحدثون يفتحون الفاء، وأراه أولى لأنه يريد شاتين قد سوى بينهما، وأما بالكسر فمعناه مساويتان فيحتاج إلى شيء آخر يساويانه، وأما لو قيل متكافئتان لكان الكسر أولى (1) قال الإمام الشافعي رحمه الله معناه أنه ليس بباطل ولكنه كلام عربي خرج على جواب السائل ولا يخالفه "لا فرع" إذ معناه لا يجب اهـ (قلت) والفرع تقدم تفسيره وهو أول نتاج البهيمة من الإبل كانوا يذبحونه صغيرًا رضيعًا، فأرشدهم النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلى تركه حتى يكون ابن مخاض، وهو ما دخل في السنة الثانية وحملت أمه. أو مضت مدى تساوي ذلك وإن لم تحمل، أو ابن لبونٍ. وهو ما دخل في السنة الثالثة وصارت أمه لبونًا بوضع الحمل ليكون صالحًا للذبح أو الحمل عليه في سبيل الله (2) أوله شين معجمةٌ مضمومةٌ ثم غينٌ معجمةٌ ساكنةٌ فزايٌ مضمومةٌ ثم باءٌ موحدةٌ مشددةٌ (قال في النهاية) هكذا رواه أبو داود في السنن، قال الحربي الذي عندي أنه زخزبا وهو الذي اشتد لحمه وغلظ (قال الخطابي) ويحتمل أن تكون الزاي أبدلت شينًا والخاء غينًا فصحفت، وهذا من غرائب الإبدال اهـ. وذكره أيضًا صاحب النهاية في حرف الزاي بلفظ زخزبا. وقال الزخزب الذي قد غلظ جسمه واشتد لحمه (3) بفتح الميم هي المرأة التي مات زوجها لأنها في الغالب تكون فقيرة (4) أي لكونه صغيرًا غير سمين، والوبر للإبل كالصوف للضأن والشعر للمعز، قال تعالى {ومن أصوافها وأوبارها أثاثًا ومتاعًا إلى حين} يعني صوف الضأن ووبر الإبل وشعر المعز (وقوله وتكفأ إناءك) أي تقلب محلبك حيث لا تحصل منها على لبنٍ، يريد أنك إذا ذبحته حين يولد يذهب اللبن فصار كأنك كفأت إناءك أي المحلب الذي يحلب فيه اللبن (5) بتشديد اللام أي تفجع ناقتك، أصله من الوله وهو ذهاب العقل من فقدان الولد (6) أي جائزة وتقدم الكلام عليها في شرح الترجمة (تخريجه) (د. نس) وسنده جيد. ورواه أيضًا الحاكم وصححه وأقره الذهبي

-[حجة القائلين بمشروعية الفرع والعتيرة وعدم نسخهما]- (2) حدَّثنا عبد الله حدَّثني أبي ثنا إسماعيل عن خالد الحذَّاء عن أبي المليح ابن أسامة عن نبيشة الهذلي رضي الله عنه قال قالوا يا رسول الله إنا كنا نعتبر عتيرةً (1) في الجاهلية (وفي لفظٍ في رجب) فما تأمرنا؟ قال اذبحوا لله (2) عزَّ وجلَّ في أيِّ شهر ما كان وبروا الله تبارك وتعالى وأطعموا، قالوا يا رسول الله إنا كنا نفرع في الجاهلية فرعًا فما تأمرنا؟ قال في كل سائمة (3) فرع تغذوه ماشيتك حتى إذا استحمل ذبحته فتصدقت بلحمه، قال خالد (4) أراه، قال على ابن السَّبيل فإن ذلك هو خير (الحديث) (5) وفي آخره قال خالد قلت لأبي قلابة كم السائمة (6) قال مائة.

_ (2) حدثنا عبد الله (غريبه) (1) أي نذبح ذبيحة في رجل زمن الجاهلية وكانوا يتحرون السؤال عما تعودوا فعله في الجاهلية خشية أن يكون الإسلام أبطله (2) أي اذبحوا إن شئتم واقصدوا بذلك وجه الله تعالى في أي شهر كان فرجب وغيره سواء (وبروا الله تبارك وتعالى) أي أطيعوه (وأطعموا) أي الفقراء والمساكين (3) السائمة هي الماشية التي ترعى بنفسها. وسيأتي في آخر الحديث نصاب ما يفرع منه (وقوله تغذوه ماشيتك) أي ترضعه من لبنها (حتى إذا استحمل) بالحاء المهملة أي قوي للحمل عليه، وفي رواية لأبي داود بالجيم المعجمة أي صار جملًا (4) يعني الحذاء أحد رجال السند، قال أراه بضم الهمزة أي يظن أن أب المليح أو أبا قلابة قال فتصدقت بلحمه على ابن السبيل إلخ وإنما قلنا أبا المليح أو أبا قلابة لأن خالدًا روى هذا الحديث مرة عن أبي قلابة عن أبي المليح، ومرة عن أبي المليح بدون واسطة كما في حديث الباب، وفي رواية لأبي داود والإمام أحمد عن أبي قلابة عن أبي المليح، وفيها قال خالد أحسبه قال على ابن السبيل إلخ (5) أشرت بقولي (الحديث) إلى أن للحديث بقية لكنها لا تعلق لها بهذا الباب. ولذلك حذفتها من المتن لا سيما وقد تقدم مثلها في حديث أبي قتادة رقم 40 صحفية 53 في باب نحر الإبل قائمة من هذا الجزء ولم تذكر هذه البقية في رواية أبي داود، ونصها عند الإمام أحمد قال وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم "إنا كنا نهيناكم أن تأكلوا لحومها "وفي لفظ" إني كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث كي تسعكم فقد جاء الله بالسعة فكلوا وادخلوا وانحروا، ألا وإن هذه الأيام (يعني أيام التشريق) أيام أكل وشرب وذكر الله تعالى" قال خالد قلت لأبي قلابة كم السائمة قال مائة (6) يعني التي أمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بذبح فرع منها (تخريجه) (د. نس. جه. هق) قال النووي

-[دليل القائلين بمشروعية العتيرة]- (فصل منه فيما جاء في الفرع والعتيرة من أمر ونهي) (3) عن حبيب بن مخنف (1) قال انتهيت إلى النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم يوم عرفة وهو يقول هل تعرفونها (2) قال فما أدري ما رجعوا عليه، قال فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم على كل بيتٍ أن يذبحوا شاةً في كل رجبٍ وكل أضحى شاةً. (4) وعن مخنف بن سليم بنحوه وفيه فقال يا أيها الناس إن على أهل كل بيت في كل عام أضحية وعتيرة، أتدرون ما العتيرة؟ هي التي يسميها الناس الرجبيَّة (3). (5) عن أبي رزين رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله إنا كنا نذبح في

_ في شرح المهذب بأسانيد صحيحة. وقال ابن المنذر هو حديث صحيح (قلت) وأخرجه أيضًا الحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي. (3) عن حبيب بن مخنف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني عبد الكريم عن حبيب بن مخنف -الحديث" (غريبه) (1) هكذا في الأصل عن حبيب بن مخنف، قال انتهيت إلى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلخ، لكن قال الحافظ في الإصابة الصحيح ما رواه عبد الرزاق وغيره عن ابن جريج عن عبد الكريم عن حبيب ابن مخنف عن أبيه وهو مخنف بن سليم، وقال في تعجيل المنفعة حبيب بن مخنف بن سليم ابن الحارث الأزدى حجازى له صحبة ورواية في مسند البصريين، وعنه عبد الكريم بن أبي المخارق كذا وقع في المسند، والصواب عن حبيب بن مخنف عن أبيه (قال الحافظ) قاله أبو نعيم وغيره، وقال ابن القطان في هذا إنه مجهول والصحبة لأبيه اهـ (2) يعني العتيرة كما يستفاد ذلك من سياق الحديث التالي (وقوله فما أدري ما رجعوا عليه) يريد أنه لم يسمع جوابهم عن هذا السؤال (تخريجه) أخرجه عبد الرزاق وغيره وفي إسناده عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف. (4) وعن مخنف بن سليم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاذ بن معاذ ثنا ابن عون قال أنبأني أبو رملة عن مخنف بن سليم، قال روح الغامدي قال ونحن وقوف مع النبي - صلى الله عليه وسلم - بعرفة فقال يا أيها الناس - الحديث" (غريبه) (3) أي لأنها تفعل في رجل (تخريجه) (الأربعة) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب وفي إسناده أبو رملة واسمه عامر (قال الخطابي) هو مجهول والحديث ضعيف المخرج. (5) عن أبي رزينٍ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا يحيى

-[بيان نصاب الفرع واختلاف الأحاديث فيه]- رجب ذبائح فنأكل منها ونطعم منها من جاءنا، قال فقال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لا بأس بذلك، فقال وكيع (1) لا أدعها أبدًا. (6) عن عائشة رضي الله عنها أمرنا رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم في فرعة من الغنم من الخمسة واحدة (2). (7) عن يحيى بن زرارة السهميِّ قال حدَّثني أبي عن جدِّي الحارث بن عمرو أنه لقي رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في حجَّة الوداع فقلت بأبي (3) أنت يا رسول الله

_ ابن حماد قال أنا أبو عوانة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس أبي مصعب العقيلي عن عمه أبي رزين وهو لقيط بن عامر بن المنتفق قال أخبرني أبو رزين أنه قال - الحديث" (غريبه) (1) هو ابن عدس راوي الحديث عن عمه أبي رزين، وتقدم في السند أن اسم عمه لقيط بن عامر بن المنتفق رضي الله عنه (تخريجه) (د. نس، هق) وصححه ابن حبان بلفظ "أنه قال يا رسول الله إنا كنا نذبح في الجاهلية ذبائح في رجب فنأكل منها ونطعم، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لا بأس بذلك. (6) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان قال ثنا وهيب ثنا عبد الله بن عثمان عن يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر عن عمتها عائشة - الحديث" (غريبه) (2) هكذا في المسند من الخمسة واحدة، ونحوه عند الحاكم، ولفظه "عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أمر في الفرع في كل خمسة واحدة" ولفظه عند أبي داود عن عائشة قالت "أمرنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم من كل خمسين شاةً شاة" ولفظ البيهقي "أمرنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالفرعة في كل خمسين واحدةً" وكلهم رووه من طريق يوسف بن ماهك عن حفصة بنت عبد الرحمن عن عائشة والله تعالى أعلم (تخريجه) (د. هق. ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي وصححه النووي أيضًا، وأورده الهيثمي عن عائشة أيضًا بلفظ سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يأمر بالفرعة من الغنم من خمسةٍ واحدةً. وقال رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح. (7) عن يحيى بن زرارة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا يحيى بن زرارة - الحديث، وقال عفان مرة حدثني يحيى بن زرارة السهمي قال حدثني أبي عن جده الحاري - الحديث (غريبه) (3) معناه أفديك بأبي

-[حجة القائلين بنسخ الفرع والعتيرة]- استغفر لي، قال غفر الله لكم، قال وهو على ناقته العضباء، قال فاستدرت له من الشقِّ الآخر أرجو أن يخصَّني دون القوم فقلت استغفر لي، قال غفر الله لكم، قال رجل يا رسول الله الفرائع والعتائر (1) قال من شاء فرع، ومن شاء لم يفرع، ومن شاء عتر، ومن شاء لم يعتر، في الغنم أضحية، ثم قال ألا إن دمائكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا. (8) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم لا عتيرة في الإسلام ولا فرع (2). (9) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لا فرع ولا عتيرة، والفرع أول النتائج كان ينتج لهم فيذبحونه (3) (زاد في رواية) والعتيرة ذبيحة في رجب

_ (1) يعني ما حكمها فقال من شاء فرع إلخ وهو صريح في الإباحة والتخيير (تخريجه) (نس. ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد فإن الحارث بن عمرو السهمي صحابيٌ مشهورٌ وولده بالبصرة مشهورون، وقد حدث عبد الرحمن بن مهديٍ وابن قتيبة وغيرهم عن يحيى ابن زرارة (قلت) وأقره الذهبي. (8) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم قال إن لم أكن سمعته منه يعني الزهري فحدثني سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة -الحديث" (غريبه) (2) استدل به المانعون من الفرع والعتيرة وأجاب عن ذلك الإمام الشافعي بأن معناه لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة، فالمراد به نفي الوجوب ولا ينافي الاستحباب أخذًا من الأحاديث الأخرى والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد بهذا اللفظ وسنده جيد، ورواه أبو داود والنسائي بدون قوله في الإسلام، وللإمام أحمد أيضًا قال حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه نهى عن الفرع والعتيرة قال محمد (يعني ابن جعفر) وقد سمعته أنا من معمر، وفي رواية للنسائي مثله أعني بلفظ النهي. (9) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة - الحديث (غريبه) (3) زاد البخاري لطواغيتهم (تخريجه) (ق. د. جه. ك. وغيرهم) (زوائد الباب)

-[زوائد الباب وأحكامه]- .....

_ (عن أبي هريرة رضي الله عنه) قال في الفرعة هي حق ولا تذبحها وهي غرة من الغراة تلصق في يدك، ولكن أمكنها من اللبن حتى إذا كانت من خيار المال فاذبحها، أخرجه الحاكم من قول أبي هريرة وقال هذا حديث صحيح الإسناد (قلت) وأقره الذهبي (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال لا فرع ولا عتيرة (جه) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناد حديث ابن عمر صحيح ورجاله ثقات "وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد" (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال استأذنت قريش رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم في العتيرة فقالوا يا رسول الله نعتر في رجل؟ فقال لهم رسول الله أعتر كعتر الجاهلية؟ ولكن من أحب منكم أن يذبح لله ويتصدق فليفعل، وكان عترهم أنهم كانوا يذبحون ثم يعمدون إلى دماء ذبائحهم فيمسحون بها رؤوس نصبهم (طب) وفيه إسماعيل بن إبراهيم بن أبي حبيبة، وثقه ابن معين وضعفه الناس (وعن ابن العشراء) عن أبيه أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم سئل عن العتيرة فحسنها (طب) وفيه عبد الرحمن بن قيسٍ الضبي (قال الهيثمي) ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات (قلت) وأبو العشراء لا يعرف، وعزا الحافظ هذا الحديث لأبي داود ولم أجده في هذا الباب عنده (وعن يزيد بن عبد الله المزني) عن أبيه أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال في الإبل فرع. وفي الغنم فرع. ويعق عن الغلام ولا يمس رأسه بأذى (طب. طس) ورجاله ثقات (وعن أنس) قال قال رجل يا رسول الله إنا كنا نعتر في الجاهلية فما تأمرنا؟ قال اذبحوا في أي شهر ما كان وبروا الله وأطعموا (طس) من رواية معاوية بن واهبٍ عن عمه (قال الهيثمي) وكلاهما لا أعرفه (وعن ابن عمر رضي الله عنهما) أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم سئل عنها يوم عرفة قال هي حق يعني العتيرة (طس) انتهى ما أورده الهيثمي ولم يتكلم على هذا الأخير بجرح ولا تعديل (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية العقيقة والفرع والعتيرة، أما العقيقة فسيأتي الكلام عليها في أحكام الباب التالي؛ وأما الفرع والعتيرة (فمن أحاديث الباب) ما يشعر بوجوبهما وهو حديث عمرو بن شعيب ونبيشة وحبيب بن مخنف، ومخنف ابن سليم وعائشة "ومن الزوائد" حديث سمرة وأنس وابن عمر وأبي هريرة وزيد بن عبد الله (ومن أحاديث الباب) ما يدل على مجرد الجواز، وهو حديث أبي رزين والحارث بن عمرو "ومن الزوائد" حديث ابن عباس وأبي العشراء، فهذه الأحاديث الدالة على الجواز تكون قرينة صارفة للأحاديث المقتضية للوجوب إلى الندب، لكن جاء في أحاديث الباب والزوائد أيضًا ما يدل على نفي الفرع والعتيرة، وهو حديث أبي هريرة وابن عمر بلفظ "لا فرع ولا عتيرة" وهو يفيد النهي بل جاء عن أبي هريرة عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه نهى عن الفرع والعتيرة رواه الإمام أحمد والنسائي وتقدم في الشرح، لهذا اختلفت أنظار العلماء (فذهب قوم إلى استحبابهما) عملًا بأحاديث الباب، وحملوا ما ورد في نفيهما على نفي الوجوب، وما ورد في

-[مذاهب العلماء في حكم الفرع والعتيرة]- (2) باب الأمر بالعقيقة للغلام والجارية (10) عن عائشة رضي الله عنها قالت أمرنا رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن

_ النهي عنهما على النهي عن فعلهما بكيفية فعل الجاهلية، وإلى ذلك (ذهب الإمام الشافعي) وأصحابه وجزم أبو عبيد بأن العتيرة تستحب (وفي شرح السنة) كان ابن سيرين يذبح العتيرة في رجل (وقال وكيع بن عدس) لا أدعها أبدًا كما في حديث أبي رزين المذكور في الباب (قال العيني) وفي الآثار للطحاوي وكان ابن عمر يعتر اهـ (وذهب آخرون) منهم الحازمي إلى أن أحاديث الجواز منسوخةٌ بحديثي أبي هريرة وابن عمر بلفظ "لا فرع ولا عتيرة" وحكى القاضي عياض أن جماهير العلماء على ذلك، ولكن لا يخفى أن النسخ لا يصار إليه إلا إذا علم التاريخ وثبت تأخر النهي ولم يمكن الجمع، وهنا لم يثبت تأخر النهي، والجمع ممكن بحمل أحاديث الباب على الندب، وحمل حديثي أبي هريرة وابن عمر على عدم الوجوب، وقد ذكر ذلك جماعة منهم الإمام الشافعي والبيهقي وغيرهما، فيكون المراد بقوله "لا فرع ولا عتيرة" أي لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة، ولا يعكر على ذلك رواية النهي لأنه وإن كان أصل معناه التحريم، لكن إذا وجدت قرينةٌ تخرجه عن ذلك أخرجته، وقد وجدت هنا (قال النووي) قال الشافعي رحمه الله. الفرع شيء كان أهل الجاهلية يطلبون به البركة فيما يأتي بعده، فسألوا النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عنه، فقال فرعوا إن شئتم أي اذبحوا إن شئتم، وكانوا يسألونه عما كانوا يصنعونه في الجاهلية خوفًا أن يكره في الإسلام فأعلمهم أنه لا كراهة عليهم فيه، وأمرهم استحبابًا أن يغذوه ثم يحمل عليه في سبيل الله (قال الشافعي) وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم "الفرع حق" معناه ليس بباطل وهو كلام عربي خارج على جواب السائل، قال وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم "لا فرع ولا عتيرة" أي لا فرع واجب ولا عتيرة واجبة، قال والحديث الآخر يدل على هذا المعنى فإنه أباح له الذبح واختار له أن يعطيه أرملة أو يحمل عليه في سبيل الله قال وقوله صلَّى الله عليه وسلَّم في العتيرة "اذبحوا لله في أي شهر كان" أي اذبحوا إن شئتم واجعلوا الذبح لله في أي شهر كان لا أنها في رجل دون غيره من الشهور، والصحيح عند أصحابنا وهو نص الشافعي استحباب الفرع والعتيرة، وأجابوا عن حديث "لا فرع ولا عتيرة" بثلاثة أوجه (أحدها) جواب الشافعي السابق أن المراد نفي الوجوب (والثاني) أن المراد نفي ما كانوا يذبحونه لأصنامهم (والثالث) أنهما ليسا كالأضحية في الاستحباب أو في ثواب إراقة الدم فأما تفرقة اللحم على المساكين فبر وصدقة، وقد نص الشافعي في سنن حرملة أنها إن تيسرت كل شهر كان حسنًا اهـ. والله أعلم. (10) عن عائشة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد

-[حجة القائلين بأنه يعق عن الغلام بشاتين وعن الجارية بشاة]- نعقَّ (1) عن الجارية شاة وعن الغلام شاتين (2) وأمرنا بالفرع من كل خمس شياه شاةً. (11) عن أم كرز الكعبيَّة رضي الله عنها أنها سألت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم عن العقيقة، فقال عن الغلام شاتان مكافأتان (3) وعن الجارية شاة، قلت لعطاء ما المكافأتان؟ قال المثلان (4). (12) عن أسماء بنت زيد رضي الله عنها عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال العقيقة عن الغلام شاتان مكافأتان، وعن الجارية شاةٌ. (13) عن سباع بن ثابت سمعت من أم كرز الكعبية رضي الله عنها

_ ابن سلَّمة أنا عبد الله بن عثمان عن يوسف بن مالك عن حفصة بنت عبد الرحمن عن عائشة - الحديث (غريبه) (1) تقدم معنى العقيقة والعق في شرح ترجمة الباب الأول والمراد هنا الذبح أي أمرنا أن نذبح عن الجارية إلخ (2) احتج به الشافعية ومن وافقهم على القائلين بأنه يعق عن الغلام بشاة واحدة كالجارية، وسيأتي الكلام على ذلك في الإحكام (تخريجه) (جه. مذ) وقال حديث عائشة حديث حسن صحيح اهـ. وأخرجه أيضًا (حب. هق). (11) عن أم كرز الكعبية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج عن ابن جريج وعبد الرزاق قال أنا ابن جريج قال أخبرني عطاء عن حبيبة بنت ميسرة ابن خثيم عن أم كرزٍ - الحديث" (غريبه) (3) تقدم ضبطه وتفسيره في شرح الحديث الأولى من الباب السابق، وفسره هنا عطاء راوي الحديث بقوله المثلان يريد والله أعلم المماثلة في السن (وقوله قلت لعطاء) القائل هو ابن جريج راوي الحديث عن عطاءٍ (4) في الأصل بعد هذه الكلمة قال حجاج في حديثه والضأن أحب إلي من المعز وذكرانها أحب إلي من إناثها، قال ونحب أن يجعله سوادها منه، كذا بالأصل ولا معنى للجملة الأخيرة (تخريجه) أخرجه الأربعة وغيرهم من عدة طرق مختصرًا؛ وصححه الترمذي. (12) عن أسماء بنت يزيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم ابن خارجة قال حدثني إسماعيل بن عياش عن ثابت بن العجلان عن مجاهد عن أسماء - الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجاله محتج بهم. (13) عن سباع بن ثابتٍ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان

-[حجة القائلين بأن العقيقة لا تكون إلا عن الغلام فقط ورد هذا المذهب]- التي تحدث عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قالت سمعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم بالحديبية وذهبت أطلب من اللَّحم (1) يقول عن الغلام شاتان، وعن الجارية شاة لا يضرُّكم ذكرانًا كنَّ (2) أو إناثًا، قالت وسمعت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وسلَّم يقول أقروا الطير على مكناتها (3). (14) عن عبد الله بن بريدة قال سمعت أبي (4) يقول إن رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم عقَّ عن الحسن والحسين (5) رضي الله عنهما. (15) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب بن عطاء عن ابن عون وسعيدٍ عن محمد بن سيرين عن سلمان بن عامر (الضبي) رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال مع الغلام عقيقته (6) فأهريقوا عنه الدم وأميطوا عنه الأذى، قال

_ ثنا عبيد الله بن أبي يزيد عن أبيه عن سباع بن ثابت - الحديث" (غريبه) (1) الظاهر أنها ذهبت تطلب من لحم الهدي في عمرة الحديبية والله أعلم (2) الضمير في قوله "كن" للشياه التي يعق بها عن المولودين، وقوله ذكرانًا كن أو إناثًا فاعل يضركم، أي لا يضركم كون شياه العقيقة ذكرانًا أو إناثًا (3) بكسر الكاف بمعنى الأمكنة، يقال الناس على مكناتهم وسكناتهم أي على أمكنتهم ومساكنهم، ومعناه أن الرجل في الجاهلية كان إذا أراد حاجة أتى طيرًا ساقطًا أو في وكره فنفَّره، فإن طار ذات اليمين مضى لحاجته، وإن طار ذات الشمال رجع، فنهوا عن ذلك، أي لا تزجروها وأقروها على مواضعها التي جعلها الله لها فإنها لا تضر ولا تنفع (نه) وقال الزمخشري يروي مكناتها جمع مُكُن، ومكن جمع مكان كصعدات في صعد. وحمرات في حمر (تخريجه) أخرجه الأربعة وصححه الترمذي وأخرجه أيضًا (حب. قط. ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي. (14) عن عبد الله بن بريدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيدٍ ابن الحباب حدثني حسين بن واقد حدثني عبد الله بن بريدة - الحديث" (غريبه) (4) يعني أباه بريدة الأسلَّمي الصحابي رضي الله عنه (5) أي ذبح عنهما، وقد جاء بيان ما ذبح عند أبي داود من حديث ابن عباس أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا، وعند النسائي بكبشين كبشين، زاد ابن حبان والحاكم والبيهقي من حديث عائشة يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى (تخريجه) (نس) وسنده جيد (15) حدثنا عبد الله (غريبه) (6) معنى كون العقيقة مع الغلام أنه سبب

-[زوائد الباب- وكلام العلماء في تفسير الأذى من قوله صلَّى الله عليه وسلَّم "وأميطوا عنه الأذى"]- وكان ابن سيرين يقول إن لم يكن إماطة الأذى حلق الرأس (1) فلا أدري ما هو

_ لها، وقد تمسك بمفهومه الحسن وقتادة، فقالا يعق عن الصبي ولا يعق عن الجارية، وخالفهم الجمهور، فقالوا يعق عن الجارية أيضًا، وحجتهم ما تقدم في أحاديث الباب (وقوله فأهريقوا عنه الدم) رواية البخاري (دمًا) بالتنكير وهو كناية عن ذبح العقيقة، يقال أهرقت الماء أهرقه إهراقًا، ويقال أيضًا هراق الماء يهريقه هراقةً أي صبه، وأصله أراق يريق إراقةً فالهاء في هراق بدل من همزة أراق، وقد أبهم ما يهراق في هذا الحديث. وبين في أحاديث عائشة وأسماء بنت يزيد وأم كرزٍ المتقدمة في الباب، وهو شاتان عن الغلام وشاة عن الجارية (وقوله أميطوا عنه الأذى) أي أزيلوا عنه الأذى، وقد اختلف في المراد بذلك فقيل هو الشعر أو الدم أو الختان (وقال الخطابي) قال محمد بن سيرين لما سمعنا هذا الحديث طلبنا من يعرف معنى إماطة الأذى فلم نجد، وقيل المراد بالأذى هو شعره الذي علق به دم الرحم فيماط عنه بالحلق، وقيل إنهم كانوا يلطخون رأس الصبي بدم العقيقة وهو أذى فنهى عن ذلك (1) وافق الأصمعي ابن سيرين على ذلك. فقد جزم الأصمعي بأنه حلق الرأس، وأخرجه أبو داود عن الحسن كذلك وهو وجيه، لأن حلق الرأس يذهب بالشعر وما علق به من دم الرحم كما تقدم، لكن قال الحافظ لا يتعين ذلك في حلق الرأس فقد وقع في حديث ابن عباس عند الطبراني "ويماط عند الأذى ويحلق رأسه" فعطفه عليه، فالأولى حمل الأذى على ما هو أعم من حلق الرأس، ويؤيد ذلك أن في بعض طرق حديث عمرو ابن شعيب ويماط عنه أقذاره، رواه أبو الشيخ اهـ (تخريجه) (خ. والأربعة) (زوائد الباب) (عن عبد الله بن بريدة عن أبيه) بريدة الأسلَّمي رضي الله عنه قال كنا في الجاهلية إذا ولد لنا غلام ذحبنا عنه شاة وحلقنا رأسه ولطخنا رأسه بدمها، فلما كان الإسلام كنا إذا ولد لنا غلام ذبحنا عنه شاة وحلقنا رأسه ولطخنا رأسه بزعفران (د. ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (وعن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم عق عن الحسن والحسين عن كل واحد منهما كبشين اثنين مثلين متكافئين (ك) وسكت عنه، وفي إسناده سوار أبو حمزة ضعفه الذهبي (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عق عن الحسن والحسين كبشًا كبشًا، رواه أبو دواد، ورواه أيضًا النسائي وقال بكبشين كبشين، وصححه النووي وعبد الحق وابن دقيق العيد (وعن عائشة رضي الله عنها) قالت عق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الحسن والحسين يوم السابع وسماهما وأمر أن يماط عن رؤوسهما الأذى (حب. هق. ك) وقال

-[زوائد الباب ومذاهب العلماء في حكم العقيقة]- .....

_ هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه بهذه السياقة (قلت) وأقره الذهبي (وعن أبي هريرة رضي الله عنه) رفعه إن اليهود تعق عن الغلام كبشًا ولا تعق عن الجارية فعقوا عن الغلام كبشين وعن الجارية كبشًا (بز. وأبو الشيخ) وأورده الهيثمي وقال رواه البزار من رواية أبي حفص الشاعر عن أبيه ولم أجد من ترجمهما، وأورد الهيثمي أيضًا في مجمع الزوائد ما سيأتي (عن أم سلَّمة) رضي الله عنها عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم في العقيقة قال من ولد له فأحب أن ينسك عنه فليفعل (طس) وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف (وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما) أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عق عن الحسن والحسين (عل) ورجاله ثقاتٌ (وعن أنسٍ رضي الله عنه) أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عق عن الحسن والحسين بكبشين (عل) والبزار باختصار ورجاله ثقاتٌ (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال مع الغلام عقيقته فأهريقوا عنه دمًا وأميطوا عنه الأذى (بز) ورجاله رجال الصحيح (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال للغلام عقيقتان وللجارية عقيقة (بز. طب) وفيه عمران بن عيينة وثقه ابن معين وابن حبان وفيه ضعف (وعن بريدة) رضي الله عنه عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال كل غلام مرتهن بعقيقته (طص) وفيه صالح بن حبان وهو ضعيف (وعن قتادة) أن أنس بن مالك رضي الله عنه كان يعق عن بنيه الجزور (طب) ورجاله رجال الصحيح (وعن عليٍ رضي الله عنه) أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عق عن الحسن والحسين (طب) وفي راو لم يسم (الأحكام) أحاديث الباب تدل على مشروعية العقيقة، وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء (واختلفوا في حكمها) فذهب الأئمة (مالك والشافعي وأبو ثور) وجمهور العلماء إلى أنها مستحبة، وهو الصحيح المشهور من مذهب الإمام أحمد (وذهب جماعةٌ إلى أنها واجبةٌ) وهو قول بريدة بن الحصيب والحسن البصري وأبي الزناد وداود الظاهري، ورواية عن الإمام أحمد (وذهب الإمام أبو حنيفة رحمه الله) إلى أنها ليست بفرض ولا سنة، ونقل صاحب التوضيح عنه وعن الكوفيين أنها بدعة (قال العيني) هذا افتراء فلا يجوز نسبته إلى أبي حنيفة وحاشاه أن يقول مثل هذا، وإنما قال ليست بسنة ثابتة وإما ليست بسنة مؤكدة اهـ، وقال محمد بن الحسن هي تطوع كان المسلمون يفعلونها فنسخها ذبح الأضحى، فمن شاء فعل ومن شاء لم يفعل (قال ابن عبد البر) ولا وجه له (وقال الإمام الشافعي) رحمه الله أفرط في العقيقة رجلان، رجلٌ قال إنها واجبة ورجلٌ قال إنها بدعة (وقال ابن المنذر) الدليل على مشروعيتها الأخبار الثابتة عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعن الصحابة والتابعين، قال وهو أمر معمول به في الحجاز قديمًا وحديثًا، قال وذكر مالك في الموطأ أنه الأمر الذي لا اختلاف فيه عندهم، قال وقال يحيى الأنصاري التابعي أدركت الناس وما يدعون العقيقة عن الغلام والجارية

-[مذاهب العلماء في قدر العقيقة وسنها وما تجوز به]- .....

_ (قال ابن المنذر) وممن كان يرى العقيقة ابن عمر وابن عباس وفاطمة بنت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعائشة وبريدة الأسلَّمي والقاسم بن محمد وعروة بن الزبير وعطاء والزهري وأبو الزناد ومالك والشافعي وأحمد وإسحاق وأبو ثور وآخرون من أهل العلم يكثر عددهم، قال وانتشر عمل ذلك في عامة بلدان المسلمين متبعين في ذلك ما سنه لهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، قال وإذا كان كذلك لم يضر السنة من خالفها وعدل عنها اهـ. هذا ما يختص بحكم العقيقة (أما ما يختص بقدرها) فقد اختلف العلماء فيه أيضًا (فذهب الأئمة الشافعي وأحمد وإسحاق) وأبو ثور وداود وجمهور العلماء إلى أنه يعق عن الغلام شاتين وعن الجارية شاة، وهو قول ابن عباس وعائشة رضي الله عنهم (قال ابن المنذر) وكان ابن عمر يعق عن الغلام والجارية شاةً شاةً (وبه قال أبو جعفر ومالك) وقال الحسن وقتادة لا عقيقة عن الجارية، وأحاديث الباب ترد عليهما (واختلفوا أيضًا فيما تجوز به العقيقة) فذهب الأئمة الثلاثة (مالك والشافعي وأحمد والجمهور) إلى تخصيصها ببهيمة الأنعام كالأضحية، وهي الإبل والبقر والغنم وسواه في ذلك الذكور والإناث لقوله صلَّى الله عليه وسلَّم في حديث أم كرزٍ "لا يضركم ذكرانًا كن أم إناثًا" وبه قال أنس بن مالك رضي الله عنه لإطلاق ذلك في بعض أحاديث الباب حديث سلَّمان بن عامر "أريقوا عنه دمًا" إلا أن الشافعية جوزوا أن تكون البدنة عن سبعة والبقرة عن سبعة، وقالوا لو أراد بعضهم العقيقة وبعضهم غيرها جاز كما في الأضحية، وخالفهم في ذلك المالكية والحنابلة فقالوا لا تجزئ البدنة ولا البقرة إلا عن واحد (وخص آخرون العقيقة بالغنم فقط) لظاهر الأحاديث التي فيها عن الغلام شاتان وعن الجارية شاةٌ، لأن لفظ شاة لا يقع إلى على الغنم وهي الضأن والمعز (وإليه ذهب إسحاق بن شعبان من المالكية وابن حزم) وحكاه ابن المنذر عن حفصة بنت عبد الرحمن بن أبي بكر (واختلفوا أيضًا في سنن العقيقة) فذهب الأئمة الثلاثة (مالك والشافعي وأحمد) وجمهور العلماء إلى أن العقيقة لا يجزئ فيها اقل من جذعة الضأن والثنى من المعز كالضحايا والهدايا لأنه ذبح مسنون إما وجوبًا أو استحبابًا يجري مجرى الهدي والأضحية في الصدقة والهدية فاعتبر فيه المن الذي يجزئ فيهما (قال الإمام مالك) رحمه الله العقيقة "بمنزلة النسك والضحايا لا يجوز فيها عوراء ولا عجفاء ولا مكسورة ولا مريضة ولا يباع من لحمها شيء ولا جلدها ولا يكسر عظمها ويأكل أهلها منها ويتصدقون (وذهب ابن حزم) إلى أن الجذعة لا تجزئ في العقيقة أصلًا ولا يجزئ ما دونها مما لا يقع عليه اسم شاة، قال ويجزئ الذكر والأنثى من كل ذلك، ويجزئ المعيب سواء كان مما يجوز في الأضاحي أولًا، والسالم أفضل اهـ (وتوسع آخرون في العقيقة) فقالوا يجزئ فيها العصفور، حكاه ابن حزم عن م حمد بن إبراهيم التيمي. والله سبحانه وتعالى أعلم.

-[استحباب حلاقة رأس المولود والتصدق بوزن شعره من فضة]- (3) باب وقت العقيقة وتسمية المولود وحلق رأسه والتصدُّق بوزن شعره من فضَّة (16) عن أبي رافعٍ (مولى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ورضي عنه) قال لما ولدت فاطمة حسنًا قالت ألا أعقُّ عن ابني بدمٍ؟ (1) قال لا، ولكن احلقي رأسه وتصدَّقي بوزن شعره من فضَّة على المساكين والأوفاض، وكان الأوفاض ناسًا من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم محتاجين في المسجد أو في الصفة، وقال أبو النضر (2) من الورق على الأوفاض يعني أهل الصفة أو على المساكين، ففعلت ذلك قالت فلما ولدت حسنًا فعلت مثل ذلك (وعنه من طريق ثان) (3) أن الحسن بن عليٍّ لما ولد أرادت أمُّه فاطمة أن تعقَّ عنه بكبشين فقال لا تعقِّي عنه (4)

_ (16) عن أبي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن النمير قال أنا شريك وأبو النضر قال ثنا شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن علي بن حسين عن أبي رافع - الحديث" (غريبه) (1) هكذا في الأصل "قالت ألا أعق عن ابني بدم" وذكره الحافظ في الفتح مستشهدًا به؛ وعزاه للإمام أحمد بلفظ "قالت يا رسول الله" فإما أن تكون كلمة "يا رسول الله" سقطت من الناسخ أو لم تذكر في الرواية للعلم بها من السياق والله أعلم، ومعنى قوله صلَّى الله عليه وسلَّم لا، أنه لم يوافق على العقيقة وإنما أمرها بحلق رأسه والتصدق بزنة شعره من فضة، وهذا ينافي ما تقدم من أمره صلَّى الله عليه وسلَّم بالعقيقة والحث عليها، وقد جمع الحافظ العراقي في شرح الترمذي بين هذا وبين ما تقدم من الأمر بالعقيقة باحتمال أنه صلَّى الله عليه وسلَّم كان عق عنه ثم استأذنته فاطمة أن تعق هي عنه أيضًا فمنعها اهـ (قال الحافظ) ويحتمل أن يكون منعها لضيق ما عندهم حينئذٍ فأرشدها إلى نوع من الصدقة أخف، ثم تيسر له عن قرب ما عق به عنه اهـ (2) يعني أحد الراويين اللذين روى عنهما ابن نميرٍ هذا الحديث أنه قال في روايته وتصدقي بوزن شعره من الورق بدل قوله من فضة والمعنى واحد، فإن الورق هو الفضة "وأو" للشك يعني أنه يشك هل قال على الأوفاض أو على المساكين، وقد جمعتهما الرواية السابقة (3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زكريا بن عدي قال أخبرني عبيد الله يعني ابن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل قال فسألت علي بن الحسين فحدثني عن أبي رافع مولى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن الحسن بن عليٍّ لما ولد - الحديث (4) جاء في مجمع الزوائد وعزاه للإمام أحمد والطبراني في الكبير بلفظ "فقال

-[استحباب حلق رأس المولود وتسميته في اليوم السابع]- ولكن احلقي شعر رأسه، ثم تصدَّقي بوزنه من الورق في سبيل الله، ثم ولد حسينٌ بعد ذلك، فصنعت مثل ذلك. (17) عن سمرة (بن جندب رضي الله عنه) أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم قال كل غلام رهين بعقيقته (1) تذبح عنه يوم السَّابع ويحلق رأسه ويسمَّى (2). (18) وعنه رضي الله عنه أن النبي صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم

_ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم لا تعقي عنه" والظاهر أن لفظ (رسول الله) سقط من الناسخ، والله أعلم وفي هذا نهي صريح عن العقيقة ويقال فيه ما قيل في الطريق الأولى (وقوله من الورق) يعني الفضة كما تقدم (تخريجه) أورده الهيثمي بطريقيه وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وهو حديث حسن اهـ (قلت) في إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل فيه لينٌ، وله شواهد تعضده ستأتي في الزوائد، ولعل الحافظ الهيثمي حسنه لذلك والله أعلم. (17) عن سمرة بن جندبٍ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاقٍ ثنا سعيدٍ عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب - الحديث (غريبه) (1) قال الخطابي اختلف الناس في معنى هذا، وأجود ما قيل فيه ما ذهب إليه أحمد بن حنبل قال هذا في الشفاعة، يريد أنه إذا لم يعق عنه فمات طفلًا لم يشفع في أبويه، وقيل معناه أن العقيقة لازمة لا بد منها، فشبه المولود في لزومها وعدم انفكاكه منها بالرهن في يد المرتهن، وهذا يقوي قول من قال بالوجوب، وقيل المعنى أنه مرهون بأذى شعره، ولذلك جاء فأميطوا عنه الأذى اهـ (قال الحافظ) والذي نقل عن أحمد قاله عطاء الخراساني وأسنده عنه البيهقي، وأخرج ابن حزم عن بريدة الأسلَّمي قال إن الناس يعرضون يوم القيامة على العقيقة كما يعرضون على الصلوات الخمس، وهذا لو ثبت لكان قولًا آخر يتمسك به من قال بوجوب العقيقة (قال ابن حزم) ومثله عن فاطمة بنت الحسين (وقوله تذبح عنه يوم السابع) تمسك به من قال إن العقيقة مؤقتة باليوم السابع وسيأتي الكلام عليه في الأحكام (2) فيه دلالة على استحباب التسمية في اليوم السابع، وحمل ذلك بعضهم على التسمية عند الذبح وفيه بعد، لأنه لو كان كذلك لقال ويسمى عليها (تخريجه) (هق. ك) وصححه الذهبي وعبد الحق، ورواه أيضًا الأربعة وصححه الترمذي، وهو من رواية الحسن عن سمرة، والحسن مدلس. لكنه روى البخاري في صحيحه أن الحسن سمع حديث العقيقة من سمرة فانتفى التدليس. (18) وعنه رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان

-[كلام العلماء في تفسير لفظ "ويدمى" بدل ويسمى]- قال كل غلام مرتهن بعقيقةٍ تذبح يوم سابعه، ويحلق رأسه ويدمَّى (1) وعنه من طريق ثان) (2) عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مثله (3) إلا أنه قال ويسمَّى، قال همَّام في حديثه وراجعناه ويدمَّى (4) قال همَّام فكان قتادة يصف الدَّم فيقول إذا ذبح العقيقة تؤخذ صوفة فتستقبل أوداج (5) الذَّبيحة، ثمَّ توضع على يافوخ (6)

_ ثنا همام ثنا قتادة عن الحسن عن سمرة أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال كل غلام - الحديث" (1) هكذا في هذه الرواية "ويدمى" بالدال المهملة بدل السين المهملة في قوله "ويسمى" في الحديث السابق، وجاء ويدمى أيضًا بالدال المهملة في رواية لأبي داود (قال الحافظ) وقد اختلف فيها أصحاب قتادة فقال أكثرهم يسمى بالسين، وقال همام عن قتادة يدمى بالدال (قال أبو داود) خولف همام وهو وهم منه ولا يؤخذ به، قال ويسمى أصح، ثم ذكره من رواية غير قتادة بلفظ ويسمى، واستشكل ما قاله أبو داود بما في بقية رواية همام عنده أنهم سألوا قتادة عن الدم كيف يصنع به؟ فقال إذا ذبحت العقيقة أخذت منها صوفة واستقبلت به أوداجها ثم توضع على يافوخ الصبي حتى يسيل على رأسه مثل الخيط ثم يغسل رأسه بعد ويحلق، فيبعد مع هذا الضبط أن يقال إن همامًا وهم عن قتادة في قوله ويدمى، إلا أن يقال إن أصل الحديث ويسمى وأن قتادة ذكر الدم حاكيًا عما كان أهل الجاهلية يصنعونه، ومن ثم قال ابن عبد البر لا يحتمل همام في هذا الذي انفرد به فإن كان حفظه فهو منسوخ اهـ (قلت) وقال ابن حزم في المحلى في قول أبي داود "وهو وهم من همام" قال بل وهم أبو داود، لأن همامًا ثبت وبين أنهم سألوا قتادة عن صفة التدمية المذكورة فوصفها لهم اهـ (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبان العطار ثنا قتادة عن الحسن عن سمرة عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مثله (3) يعني مثل الطريق الأولى، وهذا اختصار من الأصل لا من صنعي (4) الظاهر أن قوله ويدمى مقول القول وكلمة وراجعناه معترضه بين القول ومقوله، والمعنى قال همام في حديثه ويدمي، وراجعناه في هذا القول فقال كان قتادة يصف الدم إلخ، وإنما ذكر همام قول قتادة ليبرهن لهم أنه سمعه من قتادة بلفظ "ويدمى" وأنه ليس واهمًا فيما سمع لأن قتادة كان يصف الدم إلخ، ومع هذا فلم يسلَّم من نسبة الوهم إليه والله أعلم (5) جمع ودج بالتحريك وهي ما أحاط بالعنق من العروق التي يقطعها الذابح، وقيل الودجان عرقان غليظان عن جانبي ثُغرة النحر (6) هو حيث التقى عظم مقدم الرأس ومؤخره، ذكره في القاموس

-[زوائد الباب]- الصَّبي حتى إذا سال (1) غُسل رأسه، ثمَّ حلق بعد.

_ في باب الخاء فصل الهمزة (1) رواية أبي داود حتى يسيل على رأسه مثل الخيط ثم يغسل رأسه إلخ (تخريجه) (د) ودرجته كالذي قبله (زوائد الباب) (عن عائشة رضي الله عنها) قالت عق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الحسن والحسين شاتين شاتين يوم السابع وأمر أن يماط عن رأسه الأذى وقال اذبحوا على اسمه وقولوا باسم الله، الله أكبر. اللهم منك ولك، هذه عقيقة فلان، قالت وكانوا في الجاهلية تؤخذ قطنة فتجعل على دم العقيقة ثم توضع على رأسه، فأمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يجعل موضع الدم خلوقًا، أورده الهيثمي وقال رواه أبو يعلى والبزار باختصار ورجاله رجال الصحيح خلا شيخ أبي يعلى إسحاق فإني لم أعرفه (قلت) وروى نحو حديث عائشة أبو الشيخ وزاد "ونهى أن يمس رأس المولود بدم" (وعن ابن عمر رضي الله عنهما) عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال إذا كان يوم سابعه فأهريقوا عنه دمًا، وأميطوا عنه الأذى وسموه (طب. طس) ورجاله ثقات (وعن بريدة) أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال العقيقة لسبع أو أربع عشرة أو إحدى وعشرين (طس. طص) وفيه إسماعيل ابن مسلم المكي وهو ضعيف لكثيرة غلطه ووهمه (وعن ابن عباس) قال سبعة من السنة في الصبي يوم السابع، يسمى ويختن ويماط عنه الأذى وتثقب أذنه ويعق عنه ويحلق رأسه ويلطخ بدم عقيقته ويتصدق بوزن شعره ذهبًا أو فضةً (طس) ورجاله ثقات (قلت) ضعفه الحافظ، وقال الشوكاني في إسناده رواد ابن الجراح وهو ضعيف، وبقية رجاله ثقات وفي لفظه ما ينكر، وهو ثقب الأذن والتلطيخ بدم العقيقة اهـ (وعن عليٍّ بن أبي طالبٍ) رضي الله عنه قال أما حسن وحسين ومحسن فإنما أسماهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم وعق عنهم وحلق رءوسهم وتصدق بوزنها وأمر بهم فسروا وختنوا (طب) وفيه عطية العوفي وهو ضعيف وقد وثق، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحًا وتعديلًا (وعن عليٍّ رضي الله عنه) قال عق رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عن الحسن بشاة وقال يا فاطمة احلقي رأسه وتصدقي بزنة شعره فضة فوزنته فكان وزنه درهمًا أو بعض درهم (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب وإسناده ليس بمتثل، أبو جعفر محمد بن عليٍّ لم يدرك علي بن أبي طالب اهـ. والظاهر أن الترمذي حسنه لتعدد طرقه لأنه روى من عدة طرق يعضد بعضها بعضًا (وعن يزيد بن عبد الله المزني) أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال يعق عن الغلام ولا يمس رأسه بدم (جه) قال الحافظ وهذا مرسل فإن يزيد لا صحبة له، وقد أخرجه البزار من هذا الوجه فقال عن يزيد بن عبد الله المزني عن أبيه عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم. ومع ذلك فقالوا إنه مرسل (وعن أم كرزٍ وأبي كرزٍ)

-[مذاهب العلماء في وقت ذبح العقيقة وتسمية المولود]- .....

_ قالا نذرت امرأة من آل عبد الرحمن بن أبي بكر إن ولدت امرأة عبد الرحمن نحرنا جزورًا فقالت عائشة رضي الله عنها لا. بل السنة أفضل، عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية شاةً تقطع جُدولًا لا يكسر لها عظم، فيأكل ويطعم ويتصدق. وليكن ذاك يوم السابع، فإن لم يكن ففي أربعة عشر. فإن لم يكن ففي إحدى وعشرين (ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (وقوله جدولًا) بضم الجيم والدال المهملة جمع جدل بفتح الجيم وكسرها وهو العضو، والمعنى تقطع عضوًا عضوًا من المفاصل بدون كسر العظم (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على جملة مسائل (الأولى) جاء في حديث سمرة بيان وقت ذبح العقيقة وهو يوم السابع، ومثل ذلك في حديث عائشة وابن عمر وجابر المذكورة في الزوائد، وهل ذلك للتعيين أو للاختيار؟ اختلف العلماء في ذلك (فذهب الإمام مالك) إلى التعيين وقال إنها تفوت بعده وتسقط إذا مات قبله، وحكى عنه ابن وهب أنه قال إن فات السابع الأول فالثاني، ونقل الترمذي عن أهل العلم أنهم يستحبون أن تذبح العقيقة في السابع، فإن لم يكن ففي الرابع عشر، فإن لم يكن فيوم أحد وعشرين (قلت وهو مذهب الحنابلة) وحكاه ابن المنذر عن عائشة وإسحاق وحجتهم في ذلك حديث أم كرزٍ وأبي كرزٍ المذكور في الزوائد وهو حديث صحيح رواه الحاكم (وروى فحوه) عن بريدة وهو مذكور في الزوائد أيضًا لكنه ضعيف (وذهبت الشافعية) إلى أن ذكر السابع للاختيار لا للتعيين، ونقل الرافعي أنه يدخل وقتها بالولادة، فلو ذبحها قبل فراغ السبعة أو بعد السابع أجزأت ولا تفوت بعد السابع ما لم يبلغ، قاله الإمام الشافعي، وبه قال محمد بن سيرين وعائشة وعطاء وإسحاق وجمهور العلماء، وعن الحسن البصري أنه قال إذا لم يعق عنك فعق عن نفسك وإن كنت رجلًا (المسألة الثانية) اختلف العلماء في أنه هل يحسب يوم الولادة من السبعة أم لا، قال ابن عبد البر (نص مالك) على أن أول السبعة اليوم الذي يلي يوم الولادة إلا إن ولد قبل طلوع الفجر، وكذا نقله البويطي (عن الإمام الشافعي) ونقل الرافعي وجهين ورجح الحسبان، واختلف ترجيح النووي، ورجح الأسنوي أن يوم الولادة لا يحسب وقال إن الفتوى عليه وتبعه الحافظ العراقي فقال في شرح الترمذي إنه الصحيح اهـ (وذهبت الحنابلة وابن حزم) إلى أنه يحسب منها (قال ابن حزم) ما نعلم لمالك سلفًا في أن لا يعد يوم الولادة اهـ (قلت) وللمالكية قول إنه يحسب منها والله أعلم (المسألة الثالثة) في أحاديث الباب والزوائد دلالة على أن تسمية المولود تكون في اليوم السابع، وإلى استحباب ذلك ذهبت الأئمة (مالك والشافعي وأحمد والحسن البصري) وغيرهم وعند الشافعية قول أنه لا بأس بتسمية المولود قبل السابع (وقال محمد بن سيرين وقتادة والأوزاعي) إذا ولد وقد تم خلقه سماه في الوقت إن شاء، وقال ابن المنذر تسميته يوم السابع حسن

-[مذاهب العلماء في إماطة الأذى عن رأس المولود والتصدق بزنة شعره فضة]- .....

_ ومتى شاء سماه (وقال ابن حزم) يسمى يوم ولادته، فإن أخرت تسميته إلى السابع فحسن (قال الحافظ) ويدل على أن التسمية لا تختص بالسابع حديث أبي أسيد أنه أتى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بابنه حين ولد فسماه المنذر، رواه البخاري في النكاح وما أخرجه مسلم من حديث ثابت عن أنس رفعه قال (يعني النبي صلَّى الله عليه وسلَّم) ولد لي الليلة غلام فسميته باسم أبي إبراهيم ثم دفعه إلى أم سيف - الحديث (قلت) جمع البخاري رحمه الله في صحيحه بين ما ورد في التسمية حين الولادة وما ورد فيها في اليوم السابع في ترجمة الباب الأول من كتاب العقيقة فقال "باب تسمية المولود غداة يولد لمن لم يعق عنه وتحنيكه" ومعناه أنه يجوز تسميته حين يولد وبعده إلا أن ينوي العقيقة عنه يوم سابعه، فالسنة تأخيرها إلى السابع (المسألة الرابعة) جاء في حديث ابن عمر المذكور في الزوائد وحديث سلَّمان بن عامر الضبي المذكور في الباب السابق الأمر بإماطة الأذى عن رأس المولود وسبق تفسيره في الشرح على أقوال (منها) حلق شعر الرأس لما أصابه من دم الرحم، وفسره البيهقي باحتمال أن يكون المراد به حلق الرأس والنهي عن أن يمس رأسه بدم العقيقة، وقد جاء النهي عن أن يمس رأسه بدم في حديث يزيد بن عبد الله المزني وفي حديث عائشة قالت (فأمر رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أن يجعل موضع الدم خلوقًا (1) لكن يعكر على هذا ما جاء في حديث سمرة بن جندب المذكور في الباب بلفظ "ويدمَّى" بالدال المهملة بدل ويسمى بالسين المهملة كما في رواية أخرى، وتقدم كلام العلماء في ذلك في الشرح وأن أبا داود حكم على هذه الرواية بالوهم، وقال ابن المنذر تكمل في حديث سمرة الذي فيه ويدمى اهـ. لكن انتصر ابن حزم لهذه الرواية وثبتها وقال لا بأس أن يمس بشيء من دم العقيقة، وحكاه ابن المنذر عن الحسن وقتادة؛ وحجتهم الرواية المذكورة وما جاء في حديث ابن عباس المذكور في الزوائد بلفظ "سبعة من السنة في الصبي يوم السابع" فذكر منها "ويحلق رأسه ويلطخ بعقيقته" لكن ضعفوه وأنكر التدمية جمهور العلماء، وممن كرهه الأئمة (مالك والشافعي وأحمد وإسحاق) والزهري وابن المنذر وقال فإذا كان النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قد أمر بإماطة الأذى عنه "يعني المولود" والدم أذى وهو من أكبر الأذى فغير جائز أن ينجس رأس الصبي (المسألة الخامسة) ثبت في حديث أبي رافع من أحاديث الباب أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أمر فاطمة بحلق رأس الحسن والتصدق بزنة شعره فضة وروى نحوه الإمام مالك والبيهقي وغيرهما مرسلًا من حديث محمد بن علي بن الحسين، وإلى التصدق بزنة شعر المولود فضة (ذهبت الحنابلة -وذهبت الشافعية) إلى التصدق بزنته ذهبًا فإن لم يتيسر ففضة (قال النووي) في شرح المهذب روى هذا الحديث من طرق كثيرة

-[مذاهب العلماء في عدم كسر عظام العقيقة وكيفية طبخها وتوزيعها وغير ذلك]- .....

_ ذكرها البيهقي كلها متفقة على التصدق بزنته فضة ليس في شيء منها ذكر الذهب خلاف ما قاله أصحابنا (قلت) جاء ذكر الذهب في حديث ابن عباس المذكور في الزوائد -وفي ويتصدق بوزن شعره ذهبًا لكنهم ضعفوه، ولذلك تردد الإمام مالك في أنه هل يتصدق بزنة شعره ذهبًا؟ فكرهه مرة وأجازه أخرى، كذا في الجواهر لابن شاس، وقال ابن الحاجب من المالكية في كراهة التسدق بزنة شعر المولود ذهبًا أو فضة قولان (المسألة السادسة) ثبت في حديث عائشة المذكور في الزوائد ورواه الحاكم وصححه وأقره الذهبي النهي عن كسر عظام العقيقة، والحكمة فيه التفاءل بسلامة أعضاء المولود (وبهذا قالت الحنابلة) وحكاه ابن المنذر عن عائشة وعطاء بن أبي رباح (وذهب الإمام مالك) إلى أنه لا بأس بكسر العظم، وحكاه ابن المنذر عن الزهري وقال بن ابن حزم الظاهري (وقالت الشافعية) إن كسر العظم خلاف الأولى فقط، واختلفوا في كراهته على وجهين أحصهما أنه لا يكره وعلله النووي وابن حزم بأنه لم يثبت فيه حديث يعول عليه وكأنهما لم يصح عندهما حديث عائشة المذكور وقد صححه الحاكم والذهبي (وفي حديث عائشة أيضًا) فيأكل ويطعم ويتصدق وليكن ذاك يوم السابع (وعن جعفر) بن محمد عن أبيه أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال في العقيقة التي عقتها فاطمة عن الحسن رضي الله عنهما أن يبعثوا منها إلى القابلة برجل وكلوا وأطعموا ولا تكسروا لها عظامًا، رواه أبو داود في المراسيل وابن أبي شيبة قال ابن حزم هذا مرسلٌ ولا حجة في مرسلٍ، ويلزم من قال بالمرسل أن يقول بهذا لا سيما مع قول أم المؤمنين وعطاءٍ وغيرهما اهـ (قلت) ذهب جمهور العلماء منهم الأئمة الثلاثة (مالك والشافعي وأحمد) إلى استحباب طبخ العقيقة جميعها والتصدق منها على الفقراء والمساكين، والإهداء إلى الجيران بالبعث إلى الجميع في بيوتهم مطبوخًا، ويكره الإرسال إليهم بشيء من لحمها نيئًا، ويجوز لأصحابها الأكل منها بل يستحب، ونقل الرافعي أنه يستحب أن تعطى القابلة رجل العقيقة "قلت الرجل من أصل الفخذ إلى القدم" (قال النووي) ويستحب أن تطبخ بحلو تفاءلًا بحلاوة أخلاق المولود، وقد ثبت في الصحيح أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم كان يحب الحلوى والعسل، وعلى هذا لو طبخ بحامضٍ، ففي كراهته وجهان حكاهما الرافعي، والصحيح أنه لا يكره لأنه ليس فيه نهي (قال أصحابنا) والتصدق بلحمها ومرقها على المساكين بالبعث إليه أفضل من الدعاء إليها، ولو دعا إليها قومًا جاز ولو فرق بعضها ودعا ناسًا إلى بعضها جاز اهـ (قال صاحب المهذب) ويستحب أن يأكل منها ويتصدق ويهدي اهـ (تنبيه) قال النووي في شرح المهذب لو مات المولود قبل السابع استحبت العقيقة عندنا، وقال الحسن البصري ومالك لا تستحب، قال ومذهبنا أنه لا يعق عن اليتيم من ماله (وقال مالك) يعق عنه منه، قال ومذهب أصحابنا استحباب تسمية السقط، وبه قال ابن سيرين

-[كيفية تحنيك المولود وبأي شيء يكون]- (4) باب التأذين في أذني المولود حين يولد وتحنيكه بعد ذلك (19) عن أبي رافعٍ (مولى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ورضي عنه) قال رأيت رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أذَّن في أذني الحسن (1) حين ولدته فاطمة بالصَّلاة. (20) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال انطلقت بعبد الله بن أبي طلحة (2) إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم حين ولد فأتيت النبي صلَّى الله عليه وسلَّم وهو في عباءة (3) يهنأ بعيرًا له، فقال لي أمعك تمر؟ قلت نعم، فتناول تمرات فألقاهنَّ في فيه فلاكهنَّ (4)

_ وقتادة والأوزاعي (وقال مالك) لايسمى ما لم يستهل صارخًا والله أعلم. (19) عن أبي رافع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى وعبد الرحمن عن سفيان عن عاصم بن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه قال رأيت رسول الله - الحديث" (غريبه) (1) جاء في حديث الحسن بن علي رضي الله عنهما مرفوعًا بلفظ من ولد له مولود فأذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى لم تضره أم الصبيان (قلت) في التلخيص وأم الصبيان هي التابعة من الجن (عل) وابن السني، أورده الحافظ في التلخيص ولم يتكلم عليه، ولعل المراد بقوله أذن في أذني الحسن أنه أذن في أذنه اليمنى وأقام في اليسرى وأطلق بفظ الأذان على الإقامة لأنها تعلم بالدخول في الصلاة كما أن الأذان إعلام بدخول الوقت، وقد جاء إطلاق الأذان على الإقامة في قوله صلَّى الله عليه وسلَّم بين كل أذانين صلاة، وتقدم في باب ما جاء في الركعتين قبل المغرب رقم 971 صحفيةة 218 في الجزء الرابع (تخريجه) (د. مذ. ك. هق) وصححه الترمذي. (20) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل وعفان قالا ثنا حماد ثنا ثابت عن أنس - الحديث" (غريبه) (2) اسم أبي طلحة زيد بن سهل وهو زوج أم سليم والدة أنس بن مالك رضي الله عنهم (3) العباءة معروفة وهي ممدودة، يقال فيها عباية بالياء وجمع العباءة العباء (وقوله يهنأ) بهمز آخره أي يطليه بالقطران، وهو الهناء بكسر الهاء والمد يقال هنأت البعير أهنؤه (4) أي مضغهن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم حتى صرن مائعًا يبتلع (قال أهل اللغة) اللوك مختص بمضع الشيء الصلب (وقوله ثم حنكه) التحنيك وضع شيء من التمر بعد مضغه جيدًا داخل فم الصبي وتدليك حنكه به من الداخل حتى ينزل إلى جوفه منه شيء. وقيس بالتمر الحلو، وفي معنى التمر الرطب، والحكمة فيه التفاؤل بالإيمان، لأن التمر من الشجرة التي شبهها النبي صلَّى الله عليه وسلَّم بالإيمان؛ لا سيما

-[كيفية تحنيك المولود واستحباب أن يكون بالتمر]- ثم حنَّكه، ففغر (1) الصبيُّ فاه فأوجره (2) فجعل الصبي يتلمظ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبت الأنصار إلا حبَّ التَّمر (3) وسمَّاه عبد الله. (21) عن عائشة رضي الله عنها قالت أتيت النَّبيَّ صلَّى الله عليه وعلى آله وسلَّم بابن الزُّبير فحنَّكه بتمرة، فقال هذا عبد الله وأنت أم عبد الله (4) (22) عن أبي موسى (5) (الأشعريِّ رضي الله عنه) قال ولد لي غلام

_ إذا كان المحنك من العلماء والصالحين، لأنه يصل إلى جوف المولود من ريقه فيتبرك به (1) بفتح الفاء والغين المعجمة أي فتحه (2) أي مج النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ما بقي في فمه من التمر في فم الصبي، وكأنه صلَّى الله عليه وسلَّم حنكه أولًا بجزء مما مضغه ليفتح الصبي فاه، فلما حصل ذلك مج الباقي في فمه (والوجور) بفتح الواو وزان رسول، الدواء يصب في الحلق. وأوجرت المريض إيجارًا فعلت به ذلك (وقوله فجعل الصبي يتلمظ) أي يحرك لسانه ليتتبع ما في فيه من آثار التمر، والتلمظ واللمظ فعل ذلك باللسان يقصد به فاعله تنقية الفم من بقايا الطعام، وكذلك ما على الشفتين وأكثر مما يفعل ذلك في شيء يستطيبه، ويقال تلمظ يتلمظ تلمظًا، ولمظ يلمظ بضم الميم لمظًا بإسكانها، ويقال لذلك الشيء الباقي في الفم لماظة بضم اللام (3) معناه امتنعت الأنصار من الإفراط في حب شيء إلى التمر، وهذه مبالغة في شدة حبهم للتمر حتى صغارهم (تخريجه) (خ. ق. د. وغيرهم). (21) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد، قال عبد الله وسمعته أنا من عبد الله بن م حمد قال ثنا حفص عن هشام بن عروة عن عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير عن عائشة - الحديث" (غريبه) (4) كناها النبي صلَّى الله عليه وسلَّم باسم هذا المولود لما جاءت به ليحنكه تطييبًا لخاطرها لأنها لم تلد، ولأنه ابن أختها أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم أجمعين (تخريجه) (د) بمعناه وسنده صحيح، وأخرجه الشيخان والإمام أحمد مطولًا من حديث أسماء، وسيأتي في أبواب خلافة عبد الله بن الزبير من كتاب الخلافة والأمارة إن شاء الله تعالى. (22) عن أبي موسى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا من عبد الله بن محمدٍ ثنا أبو أسامة عن يزيد بن أبي بردة عن أبي بردة عن أبي موسى (الأشعري) - الحديث" (غريبه) (5) اسمه عبد الله بن قيس الأشعري

-[زوائد الباب وكلام العلماء في التأذين في أذن المولود حين يولد والحكمة في ذلك]- فأتيت به النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فسماه إبراهيم وحنَّكه بتمرة (1).

_ (وفي قوله فأتيت به النبي صلَّى الله عليه وسلَّم إلخ) إشعار بأنه أسرع بإحضاره إليه صلَّى الله عليه وسلَّم وأن تحنيكه كان بعد تسميته، ففيه أنه لا ينتظر بتسميته يوم السابع، وتقدم الكلام على ذلك في الباب السابق (1) زاد البخاري ودعا له بالبركة ودفعه إليَّ وكان أكبر ولد أبي موسى (تخريجه) (ق. وغيرهما) (زوائد الباب) (عن ابن عباس رضي الله عنهما) أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أذن في أذن الحسن بن عليٍّ رضي الله عنهما يوم ولد وأقام في أذنه اليسرى (هق) في شعب الإيمان وضعفه (وعن أبي رافع) أن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم أذن في أذن الحسن والحسن حين ولدا وأمر به، أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير وفيه حماد بن شعيب وهو ضعيف جدًا (وقال الخلال) أخبرني محمد بن علي قال سمعت أم ولد أحمد بن حنبل تقول لما أخذني الطلق كان مولاي نائمًا فقلت له يا مولاي هو ذا أموت؟ قال يفرج الله، فما هو إلا أن قال يفرج الله حتى ولدت سعيدًا، فلما ولدته قال هاتوا ذلك التمر لتمر كان عندنا من تمر مكة؛ فقال لأم علي امضغي هذا التمر وحنكيه ففعلت (وعن عائشة رضي الله عنها) كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم يؤتى بالصبيان فيدعو لهم ويحنكهم "زاد في رواية فيدعو لهم بالبركة) أورده النووي في الأذكار وعزاه لأبي داود وصححه (قلت) رواه مسلم بدون الزيادة (الأحكام) حديث أبي رافع مع ما جاء في الزوائد عن ابن عباس وغيره يدل على مشروعية الأذان في أذن المولود اليمنى حين يولد والإقامة في أذنه اليسرى (وإلى ذلك ذهب الجمهور) قال الترمذي وعليه العمل اهـ وحكى عن الحسن البصري، وحكى ابن المنذر عن عمر ابن عبد العزيز أنه كان إذا ولد له ولد أذن في أذنه اليمنى وأقام في أذنه اليسرى؛ ذكره القاري في شرح السنة (قال الحافظ) لم أره عند مسندًا اهـ (وقال النووي) في الأذكار، قال جماعة من أصحابنا يستحب أن يؤذن في أذنه اليمنى "يعني المولود" ويقيم في أذنه اليسرى (قال الحافظ ابن القيم) في كتابه تحفة الودود في أحكام المولود وسر التأذين والله أعلم أن يكون أول ما يقرع سمع الإنسان كلماته المنتظمة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الإسلام فكان ذلك كالتلقين له بشعار الإسلام عند دخول في الدنيا كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها، وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثره وإن لم يشعر مع ما في ذلك من فائدة أخرى وهو هروب الشيطان من كلمات الأذان وهو كان يرصده حتى يولد فيقارنه للمحنة التي قدرها الله وشاءها فيسمع شيطانه ما يضعفه ويغيظه أول أوقالت تعلقه به، وفي معنى آخر وهو أن تكون دعوته إلى الله وإلى دينه الإسلام وإلى عبادته سابقة دعوة الشيطان

-[حكم تحنيك المولود واستحبابه من الصالحين واستحباب التسمية بأسماء الأنبياء]- (أبواب الأسماء والكنى والألقاب) (1) باب أحبُّ الأسماء إلى الله عزَّ وجلَّ وإلى رسوله صلَّى الله عليه وسلَّم (23) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان أحبُّ الأسماء إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم عبد الله وعبد الرَّحمن (1) (وعنه من طريق ثان) (2) عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال إن من أحسن أسمائكم عبد الله وعبد الرَّحمن.

_ كما كانت فطرة الله التي فطر الناس عليها سابقة على تغيير الشيطان لها ونقله عنها، ولغير ذلك من الحكم والله أعلم اهـ (وحديث أنس وما بعده) مع ما في الزوائد من هذا الباب تدل على مشروعية تحنيك المولود بتمر، فإن تعذر فما في معناه كرطب وعجوة ونحو ذلك من الحلو (قال النووي) وهو سنة بالإجماع، ويستحب أن يحنكه صالح من رجل أو امرأة (وفيه) التبرك بآثار الصالحين وريقهم (ويستفاد من حديث أنس) جواز لبس العباءة والتواضع وتعاطي الكبير أشغاله لنفسه وأنه لا ينقص ذلك مروءته (وفيه) استحباب التسمية بعبد الله وفيه جواز تسمية المولود يوم ولادته (وفيه) استحباب تفويض التسمية إلى صالح فيختار له اسمًا يرتضيه (وفي حديث أبي موسى) استحباب التسمية بأسماء الأنبياء، وإليه ذهب جمهور العلماء والله أعلم. (23) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب ابن عطاء أنا عبد الله عن نافع عن ابن عمر - الحديث" (غريبه) (1) جاء عند مسلم بلفظ "إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن، وفيه استحباب التسمية بهذين الاسمين وتفضيلهما على سائر ما يسمى به (قال القرطبي) يلحق بهذين الاسمين ما كان مثلهما عبد الرحيم وعبد الملك وعبد الصمد، وإنما كانت أحب إلى الله لأنها تضمنت ما هو وصف واجب لله تعالى وما هو وصف للإثبات وواجب له وهو العبودية (وقيل) الحكمة في الاختصار على الإسمين وهما لفظة الله ولفظ الرحمن لأنه لم يقع في القرآن إضافة عبد إلى اسم من أسماء الله تعالى غيرهما قال تعالى "وأنه لما قام عبد الله يدعوه" وقال في آية أخرى "وعباد الرحمن" ويؤيده قوله تعالى "قد ادعوا الله أو ادعوا الرحمن". (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا العمري عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال إن من أحسن أسمائكم (تخريجه) (م. د. جه. وغيرهما) ولفظ أبي داود وابن ماجه عن ابن عمر مرفوعًا أحب الأسماء إلى الله تعالى عبد الله وعبد الرحمن

-[أحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن]- (24) عن أبي وهب الجشميِّ رضي الله عنه وكانت له صحبة قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم تسمَّوا بأسماء الأنبياء، وأحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرَّحمن، وأصدقها (1) حارث وهمَّام، وأقبحها حرب ومرة (2). (25) عن خيثمة بن عبد الرحمن بن سبرة (3) أن أباه عبد الرَّحمن ذهب مع جدِّه رضي الله عنهما إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم فقال له رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ما اسم ابنك؟ قال عزيزٌ، فقال النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لا تسمه عزيزًا، ولكن سمِّه عبد الرَّحمن ثم قال إن خير الأسماء (وفي لفظ إن من خير أسمائكم) عبد الله وعبد الرَّحمن والحارث. (26) عن سبرة بن أبي سبرة عن أبيه أنه أتى النبي صلَّى الله عليه وسلَّم قال ما ولدك؟ قال فلان وفلان وعبد العزَّى، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم هو عبد الرَّحمن، إن أحقَّ

_ (24) عن أبي وهب الجشمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن سعيد ثنا محمد بن مهاجر يعني أخا عمرو بن مهاجر قال حدثني عقيل بن شبيب عن أبي وهب الجشمي - الحديث (غريبه) (1) أي أطبقها للمسمى لأن الحارث هو الكاسب، والهمام بالتشديد مبالغة في الهم ولا يخلو الإنسان عن كسب وهم بل هموم (2) أي لما في الحرب من المكاره، وفي مرة من المرارة والبشاعة، وكان صلَّى الله عليه وسلَّم يحب الفأل الحسن والاسم الحسن (تخريجه) (د. نس) والبخاري في الأدب المفرد وسنده جيد. (25) عن خيثمة بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا وكيع عن أبي إسحاق عن خيثمة بن عبد الرحمن - الحديث" (غريبه) (3) هكذا في الأصل ابن سبرة، لكن ذكره الحافظ في الإصابة "ابن أبي سبرة" قال واسم أبي سبرة يزيد بن مالك بن عبد الله بن سلَّمة بن عمرو الجعفي، ووالد خيثمة عداده في أهل الكوفة، وقال ابن حبان يقال له صحبة، وقد أخرج أحمد وابن حبان في صحيحه من طريق أبي إسحاق عن خيثمة بن عبد الرحمن عن أبيه فذكر الحديث (تخريجه) (حب. طب) في صحيحه، ورجاله رجال الصحيح. (26) عن سبرة بن أبي سبرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج بن النعمان ثنا زياد أو عباد عن الحجاج عن عمير بن سعيد عن سبرة بن أبي سبرة

-[الحث على تحسين الأسماء - وما جاء في أسماء بعض الملائكة]- أسمائكم أو من خير أسمائكم إن سمَّيتم عبد الله وعبد الرَّحمن والحارث. (فصل في الحثِّ على تحسين الاسم وما جاء في أسماء بعض الملائكة) (27) عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فحسِّنوا أسماءكم. (28) عن محمَّد بن عمرو بن عطاء قال قال عليٌّ بن حسين اسم جبريل عليه السلام عبد الله، واسم ميكائيل عبيد الله.

_ - الحديث" (تخريجه) (طب) وأخرجه أيضًا ابن مندهٍ، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه الحجاج بن أرطاة وفيه ضعف، وبقية رجال رجال الصحيح. (27) عن أبي الدرداء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا هشيم أنا داود بن عمرو عن عبد الله بن أبي زكريا الخزاعي عن أبي الدرداء - الحديث" (غريبه) (1) قال صاحب اللمعات جاء في بعض الروايات أنه يدعى الناس قوم القيامة بأسماء أمهاتهم، فقيل الحكمة في ستر حال أولاد الزنا لئلا يفتضحوا لعدم الآباء لهم، وقيل ذلك لرعاية حال عسيى بن مريم لأنه لا أب له، وقيل غير ذلك، فإن ثبتت هذه الرواية حمل الاباء على التغليب كما في الأبوين، أن يحمل أنهم يدعون تارة بالآباء وأخرى بالأمهات، أو البعض بالآباء والبعض بالأمهات، وفي بعض المواطن بهم، وفي بعضها بهن والله أعلم اهـ (تخريجه) (د) قال النووي في شرح المهذب رواه أبو داود بإسناد جيد وهو من رواية عبد الله بن زيد بن إياس بن أبي زكريا عن أبي الدرداء، والأشهر أنه سمع أبا الدرداء، وقال البيهقي وطائفة لم يسمعه فيكون مرسلًا اهـ (قلت قال أبو داود) ابن أبي زكريا لم يدرك أبا الدرداء. (28) عن محمد بن عمرو (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمدٍ بن سلَّمة عن محمدٍ بن إسحاق عن محمدٍ بن عمرو بن عطاء - الحديث" (تخريجه) هذا الأثر لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي سنده محمدٌ بن إسحاق مدلسٌ وقد عنعن (زوائد الباب) (عن أنس رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن (عل) وفيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيفٌ (وعن أبي زهير) الثقفي قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا سميتم فعبدوا (طب) وفي أبو أمية بن يعلى وهو ضعيف جدًا (وعن ابن مسعود) رضي الله عنه مرفوعًا أحب الأسماء إلى الله ما تعبد له (طب

-[زوائد الباب ومذاهب العلماء في تسمية السقط وأن الأب أحق بتسمية ولده]- .....

_ طس) وهو ضعيف (وعن أبي هريرة رضي الله عنه) مرفوعًا حق الولد على والده أن يحسن اسمه، ويزوجه إذا أدرك. ويعلمه الكتاب، رواه أبو نعيم في الحلية وابن عساكر في مسند الفردوس (وعن عائشة) رضي الله عنها مرفوعًا حق الولد على والده أن يحسن اسمه. ويحسن موضعه. ويحسن أدبه، رواه البيهقي في شعب الإيمان، وقوله ويحسن موضعه أي يتخير له أمًا صالحةً، ويؤيده حديث "تخيروا لنطفكم" رواه (جه. هق. وصححه) (وعن عبد الله بن الشخير) قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا سأل عن اسم الرجل وكان حسنًا عرف ذلك في وجهه. وإن كان غير ذلك كرهه، فإذا نزل بالقرية سأل عن اسمها، فإن اكن اسمها حسنًا سر بذلك، وإن كان غير ذلك رؤي ذلك في وجهه (طب. طس) ورجاله رجال الصحيح غير سعيد بن بشير وهو ثقة وفيه ضعف (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم إذا أبردتم إليَّ بريدًا فابعثوه حسن الوجه حسن الاسم (بز. طس) وفي إسناده عند الطبراني عمر بن راشد فيه كلام، وطرق البزار ضعيفة (الأحكام) أحادث الباب تدل على أن أحب الأسماء إلى الله ورسوله عبد الله وعبد الرحمن وتقدمت الحكمة في ذلك في الشرح؛ ويليهما في الفضل ما في معناهما كعبد الرحيم ونحوه، قال أبو محمد ابن حزم، اتفقوا على استحسان الأسماء المضافةإلى الله كعبد الله وعبد الرحمن وما أشبه ذلك (وقد اختلف العلماء في أحب الأسماء إلى الله) فقال الجمهور أحبها إليه عبد الله وعبد الرحمن (وقال سعيد بن المسيب) أحب الأسماء إلى الله أسماء الأنبياء، والحديث الصحيح يدل على أن أحب الأسماء إليه عبد الله وعبد الرحمن اهـ (وفي حديث أبي الدرداء) أن الأب مطالب بتحسين اسم ابنه لأنه يدعى يوم القيامة باسمه واسم أبيه، وهو يدل على أن التسمية حق للأب لا للأم (قال الحافظ ابن القيم) هذا مما لا نزاع فيه بين الناس وأن الأبوين إذا تنازعا في تسمية الولد فهي للأب (قلت وأحاديث الباب مع الزوائد تدل على هذا) قال وهذا كما أنه يدعى لأبيه لا لأمه فيقال فلان بن فلان قال الله تعالى "ادعوهم لآبائهم هو أقسم عند الله" والولد يتبع أمه. في الحرية والرق، ويتبع أباه في النسب، والتسمية تعريف للنسب والمنسوب، ويتبع في الدين خير أبويه دينًا، فالتعريف كالتعليم والعقيقة، وذلك إلى الأب لا إلى الأم، وقال النبي صلَّى الله عليه وسلَّم ولد لي الليلة مولود فسميته باسم أبي إبراهيم، وتسمية الرجل ابنه كتسميته غلامه اهـ (فائدة) قال النووي في شرح المهذب (مذهب أصحابنا) استحباب تسمية السقط، وبه قال ابن سيرين وقتادة والأوزاعي (وقال مالك) لا يسمى ما لم يستهل صارخًا اهـ (وقال في الأذكار) يستحب تسميته فإن لم يعلم أذكر هو أو أنثى سمي باسم يصلح للذكر والأنثى كأسماء وهند وهنيدة وخارجة وطلحة وعميرة وزرعة ونحو ذلك (قال الإمام البغوي) يستحب تسمية السقط لحديث ورد فيه

-[من قال بتسمية المولود بعد موته إذا لم يسم قبله والدليل على تسمية السقط]- (2) باب ما جاء في التسمية بمحمَّد وكراهة الجمع بين اسمه صلَّى الله عليه وسلَّم وكنيته (29) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم قال لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي (1) فإني أنا أبو القاسم، الله عز وجل يعطي وأنا أقسم (2). (30) عن أنس بن مالك (رض) أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم كان بالبقيع فنادى رجل يا أبا القاسم فالتفت إليه (3) فقال لم أعنك، قال تسمَّوا باسمي ولا تكنَّوا بكنيتي

_ وكذا قال غيره من أصحابه (قال أصحابنا) ولو مات المولود قبل تسميته استحب تسميته اهـ (قلت) الحديث الذي أشار إليه البغوي رحمه الله ذكره الحافظ السيوطي في الجامع الصغير عن أبي هريرة بلفظ "سموا أسقاطكم فإنها من أفراطكم" وعزاه لابن عساكر ورمز له بعلامة الحسن، وذكر حديثًا آخر عن أنس بفظ "سموا السقط يثقل الله به ميزانكم فإنه يأتي يوم القيامة يقول أي رب أضاعوني فلم يسموني" وعزاه لميسرة في مشيخته ورمز له بعلامة الحسن أيضًا والله أعلم. (29) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن عجلان قال سمعت أبي عن أبي هريرة عن النبي صلَّى الله عليه وسلَّم - الحديث" (غريبه) (1) معناه لا تسموا محمدًا أبا القاسم بل سموا محمدًا فقط ولا تكنوا بكنيتي، وهذا المعنى مستفاد من حديث أنس الآتي بعد؛ وإنما أذن لهم بالتسمية باسمه صلَّى الله عليه وسلَّم لأنه لا يوجب الالتباس فإنهم منهيون عن دعائه صلَّى الله عليه وسلَّم باسمه لقوله تعالى "لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا" ونهاهم عن التكني بكنيته؛ لأن الكنية من باب التعظيم والتوقير بخلاف الاسم المجرد فنهاهم عن ذلك لئلا يقع الالتباس حين مناداة بعض الناس (2) بين لهم صلَّى الله عليه وسلَّم أن العلة في النهي ليست لكون اسم ابنه القاسم فقط. بل لمعنى آخر لا ينطبق عليهم، وهو أن الله عز وجل يعطي وهو يقسم بينهم بما أمره ربه من القسمة الأزلية في الأمور الدينية والدنيوية فقسمته صلَّى الله عليه وسلَّم ليست كقسمة الملوك الذين يعطون من شاءوا ويحرمون من شاءوا (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث أبي هريرة لغير الإمام أحمد وسنده جيد، وروى نحوه الشيخان من حديث جابر، وروى نحوه الإمام أحمد أيضًا من حديث عبد الرحمن بن أبي عمرة عن عمه ورجاله رجال الصحيح. (30) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن حميد عن أنس - الحديث" (غريبه) (3) يعني النبي صلَّى الله عليه وسلَّم فقال الرجل

-[جواز التسمية باسم النبي صلى الله عليه وسلم والنهي عن التكني بكنيته]- (31) عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن رجلًا من الأنصار ولد له غلام فأراد أن يسميه محمدًا، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال أحسنت الأنصار تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي (زاد في رواية) فإني أنا أبو القاسم أقسم بينكم (32) وعنه أيضًا قال ولد لرجلٍ منا غلام فأسماه القاسم فقلنا لا نكنيك أبا القاسم ولا ننعمك عينًا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال أسم ابنك عبد الرحمن (33) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسموا بي (وفي لفظٍ باسمي) ولا تكنوا بكنيتي أنا أبو القاسم (34) وعنه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم

_ لم أعنك، يعني لم أقصدك بقولي يا أبا القاسم، إنما دعوت هذا. لرجل آخر كنيته أبو القاسم فكان هذا سبب النهي (تخريجه) (ق. طح. وغيرهم) (31) عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن سالم بن أبي الجعد، قال حجاج في حديثه قال سمعت سالمًا عنجابر بن عبد الله - الحديث" (غريبه) (1) أي لأن الرجل منهم، وقد اختار اسمه صلى الله عليه وسلم لابنه وجاء يستشيره، وهذا يدل على محبة الأنصار للنبي صلى الله عليه وسلم وحسن أدبهم رضي الله عنهم (تخريجه) (ق. طح. وغيرهم) (32) وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن ابن المنكدر سمع جابر بن عبد الله يقول ولد لرجل منا غلام - الحديث" (غريبه) (2) هو من الأنعام بكسر الهمزة، أي لا ننعم عليك بذلك فتقر به عينك (3) يستفاد منه كراهة التكنية بكنية النبي صلى الله عليه وسلم لتقريره صلى الله عليه وسلم إنكار الأنصار على الرجل، واختار لابنه اسما من أحب الأسماء إلى الله تطيبيًا لخاطره (تخريجه) (ق. طح. وغيرهما) (33) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا داود بن قيس عن موسى بن يسار عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (34) وعنه رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي ابن آدم ثنا شريك عن سلم بن عبد الرحمن النخعي عن أبي زرعة عن أبي هريرة عن النبي

-[النهي عن الجمع بين اسمه صلى الله عليه وسلم وكنيته وقصة عمر في نهيه عن التسمية بمحمد]- قال من تسمى باسمي فلا يتكنى بكنيتي، ومن أكتني بكنيتي فلا يتسمي باسمي (35) وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (36) عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال نظر عمر إلى عبد الحميد أو ابن عبد الحميد شك أبو عوانة وكان اسمه محمدًا ورجل يقول له يا محمد فعل الله بك وفعل وفعل، قال وجعل يسبه، قال فقال أمير المؤمنين عند ذلك يا ابن زيدٍ أدن مني، قال لا أرى محمدًا يسب بك، لا والله لا تدعي محمدًا ما دمت حيًا، فسماه عبد الرحمن، ثم أرسل إلى بنى طلحة ليغير أهلهم أسماءهم وهم يومئذٍ سبعة وسيدهم وأكبرهم محمد، قال فقال محمد بن طلحة أنشدك الله يا أمير المؤمنين، فو الله إن سماني محمدًا يعني إلا محمد

_ صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) يستفاد منه كراهة الجمع بين اسمه صلى الله عليه وسلم وكنيته وجواز أفراد كلا منهما عن الآخر (تخريجه) لم أقف عليه من حديث أبي هريرة لغير الأمام أحمد، وروى مثله أبو داود ومن حديث جابر بن عبد الله، ورواه البزار من حديث أبي حميد (35) وعن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل يعني ابن عطية ثنا هشام (ح) وعبد الصمد ثنا هشام ح وكثير بن هشام ثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تسمى باسمي فلا يتكنى بتكنيتي ومن تكنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي (تخريجه) (طح. د. مذ) وحسنه، وصححه ابن حبان (36) عن عبد الرحمن بن أبي ليلي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبو عوانة حدثنا هلال بن أبي حميد عن عبد الرحمن بن أبي ليلي - الحديث" (غريبه) (2) أحد رجال السند واسمه وضاح بتشديد المعجمة ثم حاء مهملة ابن عبد الله اليشكري بالمعجمة الواسطي البزار مشهور بكنيته ثقة ثبت أخرج له الستة (وقوله وكان اسمه محمدا) يعني وعبد الحميد أيضا فيكون له اسمان، أو اسمه محمد بن عبد الحميد على الشك من أبي عوانة (3) ينادي محمدا الذي سبق ذكره، فإن كان له اسمان كما تقدم فيكون زيد أباه، وإن كان محمد بن عبد الحميد فيكون زيد جده ونسبه عمر رضي الله عنه إلى جده، وله نظائر عند العرب في نسبة الابن إلى الجد، وقد حكى النووي في شرح مسلم أن اسمه محمد ابن زيد بن الخطاب والله أعلم (4) أي استحلفك بالله (وقوله ان سماني) إن بمعنى ما

-[حجة القائلين بالرخصة في الجمع بين اسمه صلى الله عليه وسلم وكنيته]- صلى الله عليه وسلم فقال عمر قوموا لا سبيل لي إلى شيءٍ سماه محمد صلى الله عليه وسلم (فصل منه في الترخيص في ذلك) (37) عن ابن الحنفية قال قال علي رضي الله عنه يا رسول الله أرأيت إن ولد لي بعدك ولد أسميه باسمك وأكنيه بكنيتك؟ قال نعم. فكانت رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم لعليٍ (38) عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحل

_ يعني ما سماني محمدًا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) أي لا يجوز لي أن أغير شيئًا وضعه النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني وأحمد ورجال أحمد رجال الصحيح (37) عن ابن الحنفية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا قطن عن المنذر عن ابن الحنفية - الحديث" (غريبه) (2) هو محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي أبو محمد الإمام المعروف بابن الحنفية، أمه خولة بنت جعفر الحنفية نسب إليها - كذا في الخلاصة (وقال في التهذيب) كانت من سبى اليمامة الذين سباهم أبو بكر. وقيل كانت أمة لبني حنفية ولم تكن من أنفسهم أهـ، روى عن أبيه وعثمان وغيرهما، وعنه بنوه إبراهيم وعبد الله والحسن وعمر وبن دينار وخلق، قال إبراهيم بن الجنيد لا نعلم أحدًا أسند عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم أكثر ولا أصح مما أسند محمد بن الحنفية، قال أبو نعيم مات سنة ثمانين (3) قال الحافظ روينا هذه الرخصة في أمالي الجوهري وأخرجها ابن عساكر في الترجمة النبوية من طريقة وسندها قوي. قال الطبري في إباحة ذلك لعلي ثم تكنية على ولده أبا القاسم إشارة إلى أن النهي عن ذلك كان على الكراهة لا على التحريم، قال ويؤيد ذلك أنه لو كان على التحريم لأنكره الصحابة ولما مكنوه أن يكنى ولده "يعني محمد بن الحنفية" أبا القاسم أصلا، فدل على أنهم إنما فهموا من النهي التنزيه، وتعقب بأنه لم ينحصر الأمر فيما قال، فلعلهم علموا الرخصة له دون غيره كما في بعض طرقه أو فهموا تخصيص النبي صلى الله عليه وسلم بزمانه وهذا أقوى، لأن بعض الصحابة سمى ابنه محمدًا وكناه أبا القاسم وهو طلحة ابن عبيد الله أهـ (تخريجه) (د. طح) وسنده جيد (38) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا محمد بن عمران الحجبي قال سمعت صفية بنت شيبة عن عائشة - الحديث"

-[زوائد الباب]- اسمي وحرم كنيتي أو ما جرم كنيتي وأحل اسمي

_ (غريبه) (1) أو للشك من الراوي في تقديم إحدى الجملتين على الأخرى، وقد قال صلى الله عليه وسلم هذه الجملة جوابا لسؤال سألته عنه امرأة كما جاء في سنن أبي داود، قال حدثنا النفيلي ثنا محمد بن عمران الحجبي عن جدته صفية بنت شيبة عن عائشة رضي الله عنها قالت جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني قد ولدت غلاما فسميته محمدا وكنيته أبا القاسم فذكر لي أنك تكره ذلك، فقال ما الذي أحل اسمي وحرم كنيتي أو ما الذي حرم كنيتي وأحل اسمي (تخريجه) (د) وظاهره جواز الجمع بين اسمه صلى الله عليه وسمل وكنيته لغيره في حياته صلى الله عليه وسلم وهو يعارض الأحاديث المتقدمة (قال الحافظ) ذكر الطبراني في الأوسط أن محمد بن عمران الحجبي تفرد به عن صفية بنت شيبة عنها ومحمد المذكور مجهول، وعلى تقدير أن يكون محفوظا فلا دلالة فيه على الجواز مطلقًا لاحتمال أن يكون قبل النهي أهـ (زوائد الباب) (عن ابن عباس رضي الله عنهما) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي (طب) بأسنادين ورجال أحدهما ثقات (وعن محمد بن فضالة يعني الظفري) رضي الله عنه قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن أسبوعين فأتى بي إليه فمسح على رأسي وقال سموه باسمي ولا تكنوه بكنيتي، وحج بي معه حجة الوداع وأنا ابن عشر سنين، فلقد عمر محمد حتى شاب رأسه وما شاب موضع يد رسول الله صلى الله عليه وسلم (طب) وفيه يعقوب بن محمد الزهري وثقه ابن حبان وغيره. وضعفه جماعة. وبقية رجاله ثقات (وعن أبي غزية الأنصاري) قال قال رسول الله لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي (طب) وفيه يزيد بن ربيعة الرجي متروك (وعن أنس) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمونهم محمدا وتلعنونهم؟ (عل. بز) وفيه الحكم من عطية وثقه ابن معين وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح (وعن أبي رافع) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا سميتم محمدا فلا تضربوه ولا تحرموه (بز) عن شيخه غسان بن عبيد وثقه ابن حبان وغيره وفيه ضعف (وعن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولد له ثلاثة فلم يسم أحدهم محمدا فقد جهل (طب) وفيه مصعب بن سعيد وهو ضعيف (وعن عيسى بن طلحة) قال حدثني ظئر محمد بن طلحة قال لما ولد محمد بن طلحة أتيت به النبي صلى الله عليه وسلم قال ما سميتموه؟ قلنا محمدا، قال هذا وكنيته أبو القاسم (طب) وفيه إبراهيم بن عثمان أبو شيبة وهو متروك، قال الطبراني محمد بن طلحة بن عبيد الله ولد في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسماه محمدا وكناه أبا القاسم، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا (وعن البراء بن عازب) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهي أن يجمع

-[اختلاف المذاهب في التكنى بكنية النبي صلى الله عليه وسلم والجمع بين اسمه وكنيته]- .....

_ بين اسمه وكنيته (طح) (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية التسمية باسم النبي صلى الله عليه وسلم واستحباب ذلك في حياته وبعد موته وإكرام من يتسمى بذلك، وعلى عدم جواز التكني بكنيته صلى الله عليه وسلم أو الجمع بين اسمه وكنيته في حياته (وقد اختلف العلماء في ذلك على مذاهب شتى) بعد اتفاق الجمهور على جواز التسمي باسمه صلى الله عليه وسلم (المذهب الأول) لا يحل التكني بأبي القاسم لأحد أصلا سواء أكان اسمه محمدا أو أحمد أو لم يكن (وإلى ذلك ذهب الإمام الشافعي والظاهرية) عملا بظاهر قوله صلى الله عليه وسلم "تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي" (المذهب الثاني) أن هذا النهي محمول على الكراهة لا على التحريم فيكره التكني بأبي القاسم وإن لم يكن اسمه محمدا (وإلى ذلك ذهب) محمد بن سيرين وابن جرير وآخرون والإمام أحمد في رواية وقالوا ويتعين حمل النهي على الكراهة جمعًا بينه وبين أحاديث الأذن في ذلك (المذهب الثالث) أن هذا النهي منسوخ فإن هذا الحكم كان في أول الأمر ثم نسخ، واحتجوا بحديث عائشة المذكور آخر أحاديث الباب، وإلى ذلك ذهب جماعة من العلماء لم يسمهم الشراح (قلت) دعوى النسخ غير قوية لأمرين (أحدهما) أن حديث عائشة الذي احتجوا به متكلم فيه، وتقدم الكلام عليه في تخريجه (والثاني) على فرض صحته لا يصلح ناسخا لاحتمال أن يكون قبل النهي كما قال الحافظ (المذهب الرابع) جواز التكني بأبي القاسم لمن اسمه محمد ولغيره، ويجعل النهي عن ذلك خاصا بحياته صلى الله عليه وسلم لأجل السبب الذي ورد النهي لأجله في حديث أنس الثاني من أحاديث الباب وهو دعاء غيره بكنيته صلى الله عليه وسلم فظن أنه يدعوه (وإليه ذهب الأمام مالك) رحمه الله (قال القاضي عياض) رحمه الله، وبه قال جمهور السلف وفقهاء الأمصار وجمهور العلماء، قالوا وقد اشتهر أن جماعة تكنوا بأبي القاسم في العصر الأول وفيما بعد إلى اليوم مع كثرة فاعل ذلك وعدم الإنكار أهـ (قلت) واحتجوا أيضا بحديث محمد بن الحنفية المذكور قبل الحديث الأخير من أحاديث الباب (المذهب الخامس) لا يجوز الجمع بين الاسم والكنية ويجوز أفراد كل واحد منهما (وإلى ذلك ذهب جماعة من السلف والأمام أحمد في رواية) واحتجوا بحديث جابر المذكور في الباب بلفظ "من تسمى باسمي فلا يتكنى بكنيتي، ومن اكتنى بكنيتي فلا يتسمى باسمي" (المذهب السادس) أنه ينهي عن التكنى بأبي القاسم مطلقا، وينهي عن التسمية بالقاسم لئلا يكنى أبوه بأبي القاسم، وقد غير مروان بن الحكم اسم ابنه عبد الملك حين بلغه حديث جابر الرابع من أحاديث الباب فسماه عبد الملك وكان سماه أولا القاسم وفعله بعض الأنصار أيضا، وحجتهم حديث جابر المذكور (المذهب السابع) أن التسمية بمحمد ممنوعة مطلقا سواء أكان له كنية أم لا، واحتج أصحاب هذا المذهب بحديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تسمونهم محمدا وتلعنونهم، وتقدم في الزوائد

-[كلام العلماء في حكم التسمى بأسماء الأنبياء]- (3) باب من سماهم النبي صلى الله عليه وسلم وغير أسماءهم لمصلحة (39) عن علي رضي الله عنه قال لما ولد الحسن سميته حربًا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني ما سميتموه؟ قال قلت حربًا قال بل هو حسن، فلما ولد الحسين سميته حربًا، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني ما سميتموه؟ قال قلت حربا، قال بل هو حسين، فلما ولد الثالث سميته

_ وكتب عمر إلى الكوفة لا تسموا أحدا باسم نبي، وأمر جماعة بالمدينة بتغيير أسماء أبنائهم محمد حتى ذكر له جماعة أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن لهم في ذلك وسماهم به فتركهم، وقد جاءت هذه القصة في حديث عبد الرحمن بن أبي ليلي المذكور في الباب (قال القاضي عياض) رحمه الله والأشبه أن فعل عمر هذا إعظام لاسم النبي صلى الله عليه وسلم لئلا ينتهك الاسم كما سبق في الحديث تسمونهم محمدا ثم تلعنونهم أهـ. هكذا ذكره القاضي عياض بثم بدل الواو، وقد ذكرته بالواو كالأصل المنقول منه (وفي نظري) أن أعدل المذاهب المذهب الرابع، وقال ابن أبي جمرة رحمه الله الأولى الأخذ بالمذهب الأول فإنه أبرأ للذمة وأعظم للحرمة والله تعالى أعلم (فائدة) قال الحافظ ابن القيم في كتابه (تحفة الودود بأحكام المولود) اختلف في كراهة التسمي بأسماء الأنبياء على قولين (أحدهما) أنه لا يكره، وهذا قول الأكثرين وهو الصواب (والثاني) يكره، قال أبو بكر بن أبي شيبه في باب ما يكره من الأسماء حدثنا الفضل بن دكين عن أبي خلدة عن أبي العالية "تفعلون شرا من ذلك تسمون أولادكم بأسماء أنبيائكم ثم تلعنونهم" وأصرح من ذلك ما حكاه أبو القاسم السهيلي في الروض، فقال وكان من مذهب عمر بن الخطاب رضي الله عنه كراهة التسمي بأسماء الأنبياء (قلت) وصاحب هذا القول قصد صيانة أسمائهم عن الابتذال وما يعرض له من سوء الخطاب عند الغضب وغيره، وقد قال سعيد بن المسيب أحب الأسماء إلى الله أسماء الأنبياء، وفي تاريخ ابن أبي خيثمة أن طلحة كان له عشرة من الولد كل منهم اسمه اسم نبي، وكان للزبير عشرة كلهم يسمى باسم شهيد، فقال له طلحة أنا أسميهم بأسماء الأنبياء وأنت تسميهم بأسماء الشهداء، فقال الزبير فإني أطمع أن يكون بنى شهداء ولا تطمع أن يكون بنوك أنبياء أهـ، والله أعلم (39) عن علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يحيي بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي - الحديث" (غريبه) (1) زاد البزار والطبراني في روايتهما عنه وكنت أحب أن أكتنى بأبي

-[تسمية النبي صلى الله عليه وسلم أولاد بنته فاطمة رضي الله عنها بالحسن والحسين والمحسن]- حربًا، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال أروني ابني ما سميتموه؟ قال قلت حربًا، قال بل هو محسن، ثم قال سميتهم بأسماء ولد هارون، شبر وشبير ومشبر (40) عن خيثمة بن عبد الرحمن عن أبيه قال كان اسم أبي في الجاهلية عزيزًا، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم عبد الرحمن (41) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كان اسم جويرية برة فكأن

_ حرب (قلت) وذلك لأنه رضي الله عنه كان يحب الحرب والجهاد في سبيل الله، وقد اشتهر بالفروسية وأنه كان أشد الناس بأسا في الحرب على الكفار رضي الله عنه (1) ضبطهم صاحب القاموس هكذا شبر بفتح أوله وتشديد الباء الموحدة مفتوحة، وشبير بفتح أوله وكسر الباء الموحدة مشددة، ومشبر بضم أوله وفتح ثانيه كمحدث أولاد هارون عليه السلام، قيل وبأسمائهم سمى النبي صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين والمحسن أهـ (قلت) وضبط شارح القاموس شبير بالتصغير ثم قال وفي التكملة مثل أمير أهـ. زاد عاصم وكسكيت أهـ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار إلا أنه قال سميتهم بأسماء ولد هارون جبر وجبير ومجبر، والطبراني ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح غير هانئ بن هانئ وهو ثقة أهـ (قلت) ولعل الجيم التي جاءت بدل الشين المعجمة في الكلمات الثلاث عند البزار جاءت على لغة تبدل الجيم شينا والله أعلم، وللأمام أحمد رواية أخرى قال حدثنا زكريا بن عدى أنبأنا عبد الله ابن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن علي عن علي رضي الله عنه قال لما ولد الحسن سماه حمزة، فلما ولدا الحسين سماه بعمه جعفر، قال فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أمرت أن أغير اسم هذين، فقلت الله ورسوله أعلم، فسماهما حسنا وحسينا ورواه (عل طب. بز) بنحوه وفي إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل مختلف فيه، وهو يخالف الحديث المذكور في المتن عن علي أيضا، ويتعذر الجمع بينهما، لأن مخرجهما واحد، وما ذكر في المتن أصح (40) عن خبثمة بن عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع حدثني يونس بن أبي إسحاق عن خيثمة بن عبد الرحمن عن أبيه - الحديث" (تخريجه) (طب. ش) ورجاله رجال الصحيح، وفي رواية أخرى للطبراني عن خيثمة بن عبد الرحمن عن أبيه أتيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال لي ما اسمك؟ قلت عبد العزة قال بل أنت عبد الرحمن (وللبزار) ما اسمك؟ قلت عزيز قال الله العزيز (41) عن ابن عباس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن عن كريب عن ابن عباس الخ (غريبه) (1) هي بنت

-[ذكر من غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماءهم لمعنى في ذلك]- النبي صلى الله عليه وسلم كره ذلك، فسماها جويرية كراهة أن يقال خرج من عند برة الحديث (1) (42) عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير اسم عاصية (2) قال أنت جميلة (3) (43) عن أبي هريرة كان اسم زينب برة فسماها النبي صلى الله عليه وسلم زينب (4) (44) عن رجلٍ من جهينة قال سمعه النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول يا حرام فقال يا حلال

_ الحارث بن أبي ضرار الخزاعية من بني المصطلق، وقعت في سي غزوة المريسيع فزوجها النبي صلى الله عليه وسلم وكان اسمها برة، فسماها النبي صلى الله عليه وسلم جويرية للعلة المذكورة في الحديث، وهي إحدى أمهات المؤمنين؛ ماتت سنة خمسين على الصحيح رضي الله عنها (1) الحديث له بقية وسيأتي بتمامه في باب فضل أنواع شتى من التسبيح من كتاب الأذكار (تخريجه) (م) وغيره (42) عن ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر - الحديث" (غريبه) (2) هي بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما كما صرح بذلك في رواية لمسلم عن ابن عمر أن ابنة لعمر كان يقال لها عاصية فسماها رسول الله صلى الله عليه وسلم جميلة، وكانت العرب تسمى بالعاص والعاصية ذهابا إلى معنى التكبر والتعظم عن الذل والانقياد والعجز، فلما جاء الإسلام نهي عنه (3) هو قريب التضاد من معنى العاصية مع أنه لا يلزم أن يكون التغيير إلى الضد، بل من القبيح إلى الحسن (تخريجه) (م. د. جه) (43) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يحيي عن شعبة قال حدثني عطاء بن أبي ميمونة عن أبي رافع عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (4) هي بنت أم سلمة وأبي سلمة رضي الله عنهم كما جاء عند مسلم من حديث محمد بن عمرو بن عطاء قال حدثتني زينب بنت أم سلمة قالت كان اسمي برة فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب، قالت ودخلت عليه زينب بنت جحش واسمها برة فسماها زينب "ولمسلم أيضا في رواية أخرى عنه" قال سميت ابنتي برة فقال لي زينب بنت أبي سلمة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا الاسم، سميت برة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزكوا أنفسكم، الله أعلم بأهل البر منكم، فقالوا بم نسميها، قال سموها زينب (قلت) وإنما كره صلى الله عليه وسلم التسمية ببرة لأن فيها تزكية للمسمى كما يستفاد ذلك من الحديث. (44) عن رجل من جهينة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي ابن آدم قال ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن رجل من جهينة - الحديث" (تخريجه) لم

-[ذكر من غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماءهم لمصلحة تقتضيه]- (45) عن مسلم بن عبد الله الأزدي قال جاء عبد الله بن قرطٍ الأزدي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أنت عبد الله بن قرطٍ (1) (46) عن ليلى امرأة بشير بن الخصاصية عن بشيرٍ قال وكان قد أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال واسمه زحم، فسماه النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بشيرًا (47) عن ابن المسيب عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم فال لجده (2) جد سعيدٍ ما اسمك؟ قال حزن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أنت سهل، فقال لا أغير اسمًا

_ أقف عليه لغير الأمام أحمد. وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (45) عن مسلم بن عبد الله الأزدي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن بكر بن زرعة الخولاني عن مسلم بن عبد الله الأزدي - الحديث" (غريبه) (1) هكذا بالأصل الذي نقلنا منه، وأورده الهيثمي عن مسلم بن عبد الله الأزدي أيضا قال جاء عبد الله بن قرط الأزدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما اسمك؟ قال شيطان بن قرط، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أنت عبد الله بن قرط وعزاه للأمام أحمد بهذا اللفظ وهو مستقيم المعنى، وذكر الهيثمي أيضا مثل عن عبد الله ابن قرط أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له ما اسمك؟ قال شيطان بن قرط، قال أنت عبد الله ابن قرط، وعزاه للطبراني وقال رجاله ثقات أهـ ولعل الجملة الناقصة من حديث الباب سقطت من الناسخ في بعض النسخ، لأن المعنى غير مستقيم بدونها والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي باللفظ المذكور وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (46) عن ليلى امرأة بشير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيي ابن أبي بكير ثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط الشيباني عن أبيه عن ليلى امرأة بشير - الحديث" (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (47) عن ابن المسيب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب - الحديث" (غريبه) (2) اسم حزن بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي، وكان من المهاجرين ومن أشراف قريش في الجابلة، وهو وابنه المسيب صحابيان (وقوله جد سعيد) يعني ابن المسيب، والحزن ما غلظ من الأرض وهو ضد السهل واستعمل في الخلق، يقال في فلان حزونة أي في خلقه غلظة وقساوة

-[ذكر من غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماءهم لمعنى في ذلك]- سمانيه أبي (1) قال ابن المسيب فما زالت فينا حزونة بعد (2) (48) عن عبد الله بن سلامٍ رضي الله عنه قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس اسمي عبد الله بن سلامٍ (3) فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن سلامٍ (49) عن عائشة رضي الله عنها قالت سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلًا يقول لرجلٍ ما اسمك؟ فقال شهاب (4) فقال أنت هشام

_ (1) عند أبي داود بدل قوله "لا أغير اسما سمانيه أبي" قال لا، السهل يوطأ ويمتهن (قال الحافظ) ويجمع بأنه قال كلا من الكلامين فنقل بعض الرواة ما لم ينقله الآخر (2) لفظ أبي داود قال سعيد فظننت أنه سيصيبنا بعده حزونة (قال الداودي) في معنى قول ابن المسيب فما زالت فينا الحزونة يريد الصعوبة في أخلاقهم إلا أن سعيدا أفضى به ذلك إلى الغضب في الله، وقال غيره يشير إلى الشدة التي بقيت في أخلاقهم، فقد ذكر أهل النسب أن في ولده سوء خلق معروف فيهم لا يكاد يعدم منهم (تخريجه) (خ. د. حب) وأبو نعيم وغيرهم (48) عن عبد الله بن سلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله ابن محمد ثنا يحيي بن يعلي أبو محياة التميمي عن عبد الملك بن عمير حدثني ابن أخي عبد الله ابن سلام عن عبد الله بن سلام - الحديث" (غريبه) (3) جاء عند الطبراني عن عبد الله بن سلام أيضا بلفظ "قال كان اسمي في الجاهلية غيلان فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله (تخريجه) (جه. طب) وفي يحيي بن يعلي ضعف. (49) عن عائشة رضي الله عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود قال أنا عمران عن قتادة عن زرارة عن سعد بن هشام عن عائشة - الحديث" (غريبه) (4) الشهاب معناه الشعلة من النار. والنار يعذب بها، فكرهه النبي صلى الله عليه وسلم لذلك (تخريجه) (ك) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وأورده الهيثمي عن هشام بن عامر أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما اسمك؟ قال شهاب قال بل أنت هشام، وقال رواه الطبراني وفيه علي بن زيد وهو حسن الحديث وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح (زوائد الباب) (عن عتبة بن عبد السلمي) رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أتاه رجل وله اسم لا يحب حوله، ولقد أتيناه وإنا لسبعة نفر من بني سليم أكبرنا العرباض بن سارية فبايعناه جميعًا معا (طب) ورجاله ثقات. وفي بعضهم خلاف (وعن رائطة بنت مسلم عن أبيها) قال شهدت مع النبي صلى الله عليه وسلم حنينا فقال ما اسمك

-[زوائد الباب فيمن غير النبي صلى الله عليه وسلم أسماءهم لمصلحة تقتضيه]- .....

_ قلت غراب، قال أنت مسلم (طب. عل) والبزار بنحوه، ورائطة لم يضعفها أحد ولم يوثقها، وبقية رجال أبي يعلى ثقات، ورواه أيضا الحكام في المستدرك، وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (وعن سعيد بن يربوع) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أينا أكبر؟ قال أنت أكبر وأخير مني وأنا أقدم، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم سعيدا؛ وقال الصرم قد ذهب، يعني كان اسمه الصرم، رواه الطبراني بأسانيد والبزار باختصار ورجاله ثقات (وعن عبد الرحمن بن عون) كان اسمي عبد عمرو فسماني رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن (بز) قال الهيثمي وفيه يعقوب بن محمد الزهري وهو ضعيف (قلت) أورده الحاكم في المستدك من طريق آخر ليس فيه يعقوب المذكور؛ وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (وعن عتبة بن عبد) أنه قال أتاني أناس يزيدون أن يغيروا أسماءهم، قال فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاني وأنا غلام حدث، فقال ما اسمك؟ فقلت عتلة بن عبد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم بل أنت عتبة بن عبد، أرني سيفك فسله ثم نظر إليه فإذا هو سيف فيه دقة وضعف، فقال لا تضرب بهذا ولكن اطعن به طعنا (طب) من طرق ورجال بعضها ثقات (وعنه أيضا) أنه بايع النبي صلى الله عليه وسلم قال له ما اسمك؟ قال شيبة قال أنت عتبة بن عبد (طب) ورجاله ثقات (وعن علي بن جهم البلوي) عن أبيه قال وافينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة فسألنا من نحن؟ فقلنا نحن بنو عبد مناف، قال أنتم بنو عبد الله (طب) وفيه يعقوب بن محمد الزهري وهو متروك (وعن الحكم بن سعيد ابن العاص) أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسلم عليه، فقال له ما اسمك؟ قال الحكم قال أنت عبد الله قال أنا عبد الله يا رسول الله (طب) ورجاله ثقات إن شاء الله (وعن قيوم ويكني أبا عبيد) قال كنت مع أبي راشد الأزدي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين وفد عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي راشد ما اسمك؟ قال عبد العزى أبو معاوية، قال لا ولكنك عبد الرحمن أبو راشد؛ قال فمن هذا معك قال مولاي، قال ما اسمه قال قيوم، قال لا ولكنه عبد القيوم أبو عبيد (طب) قال الهيثمي وفيه جماعة لم أعرفهم (وعن أسامة بن أخدري) "بوزن أشعري" أن رجلا من بني شقرة يقال له أصرم كان في النفر الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فأتاه بعبد له حبشى اشتراه بتلك البلاد، فقال له يا رسول الله اشتريت هذا فأحب أن تسميه وتدعو له بالبركة، قال ما اسمك أنت؟ قلت أصرم، قال أنت زرعة، قال فما تريده قال أريده راعيا قال هو عاصم وقبض النبي صلى الله عليه وسلم كفه (طب) ورجاله ثقات، قال الهيثمي رواه أبو داود باختصار قصة الغلام الحبشي (وعن مسعود بن الضحاك) أن النبي صلى الله عليه وسلم سماه مطاعا، قال له أنت مطاع في قومك، وقال له امعن إلى أصحابك وحمله على فرس أبلق وأعطاه الراية وقال من دخل تحت رايتك هذه فقد أمن العذاب (طب) قال الهيثمي وفيه جماعة لم أعرفهم (وعن

-[بقية الزوائد - وكلام العلماء في جواز تغيير الأسماء لمصلحة]- .....

_ أبي بكر بن أبي مريم عن أبيه عن جده) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ولدت لي الليلة جارية، فقال النبي صلى الله عليه وسلم والليلة أنزلت على سورة مريم، سمها مريم. فكانت تسمى مريم (طب) وفيه سليمان الخبائري وهو متروك (وعن سهل بن سعد) قال كان رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه أسود، فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم أبيض (طس) وإسناده حسن (وعن أبي جحيفة) قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأتى بثوب من القصار وعليه مكتوب شيطان، فأمر به فنحى وقال أعوذ بالله من الشيطان (طب) مرفوعا وموقوفا ورجالهما رجال الصحيح إلا أن الطبراني صحيح الوقف على الرفع (وعن عائشة) رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بأرض يقال لها عذرة فسماها خضرة (عل. طس) ورجال أبي يعلى رجال الصحيح (وعنها) قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا سمع اسما قبيحا غيره، فمر على قرية يقال لها عفرة فسماها خضرة، أورد هذه الأحاديث الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا (وعن عصام بن بشير) حدثني أبي قال أوفدني قومي بنو الحارث بن كعب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فلما أتيته قال لي مرحبا ما اسمك؟ قلت كثير، قال بل أنت بشير، رواه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، قال أبو داود وغير النبي صلى الله عليه وسلم اسم العاص وعزيز وعتلة وشيطان والحكم وغراب وحباب وشهاب، فسماه هشاما وسمى حربا سلما. وسمى المضطجع المنبعث. وأرضا تسمى عفرة سماها خضرة. وشعب الضلالة سماه شعب الهدى. وبنو الزينة سماهم نبي الرشدة. وسمى بني مغوية بني رشدة، قال أبو داود تركت أسما نيدها للاختصار أهـ. وغير النبي صلى الله عليه وسلم اسم المدينة وكان اسمها يثرب، فسماها طيبة كما في الصحيحين وغيرهما (الأحكام) أحاديث الباب مع الزوائد تدل على مشروعية تغيير الاسم باسم آخر لمصلحة تقتضيه، وفيها استحباب تخير الأسماء الحسنة في كل شيء (قال الحافظ ابن القيم) في تحفة الودود وتخير الأسماء من توفيق الله للعبد وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم من تمنى أن يحسن أمنيته، وقال إن أحدكم لا يدري ما يكتب له من أمنيته أي ما يقدر له منها، وتكون أمنيته سبب حصول ما تمناه أو بعضها، وقد بلغك أو رأيت أخبار كثير من المتمنين أصابتهم أمانيهم أو بعضها، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يتمثل بهذا البيت احذر لسانك أن تقول فتبتلى ... إن البلاد موكل بالمنطق ولما نزل الحسين وأصحابه بكر بلاء سأل عن اسمها فقيل كربلاء، فقال كرب وبلاء، ولما وقفت حليمة السعدية على عبد المطلب تسأله إرضاع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها من أنت؟ قالت امرأة من بني سعد؛ قال فما اسمك؟ قالت حليمة، فقال بخ بخ سعد وحلم هاتان خلتان

-[الدليل على جواز تكنية الصغير]- (4) باب ما جاء في الكنية واللقب ومن كناهم النبي صلى الله عليه وسلم (50) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل علينا (وفي رواية يخالطنا) (1) وكان لي أخ صغير (2) (وفي لفظٍ كان النبي صلى الله عليه وسلم يضاحكه) وكان له نغر (3) يلعب به فمات نغره الذي كان يلعب به، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم ذات يومٍ فرآه حزينًا، فقال ما شأن

_ فيهما غناء الدهر، قال ومن تأمل السنة وجد معاني الأسماء مرتبطة بها حتى كأن معانيها مأخوذة منها وكأن الأسماء مشتقة من معانيها، فتأمل قوله صلى الله عليه وسلم أسلم سالمها الله، وغفار غفر الله لها، وعصية عصت الله، وقوله لما جاء سهيل بن عمرو يوم الصلح سهل الله أمركم، وقوله لبريدة لما سأله عن اسمه فقال بريدة؛ فقال يا أبا بكر برد أمرنا، قال ممن أنت؟ قال من أسلم، فقال لأبي بكر سلمنا، ثم قال ممن؟ قال من سهم، قال خرج سهمك، ذكره أبو عمر في استذكاره حتى أنه كان يعتبر ذلك في التأويل، قال رأيت كأنا في دار عقبة بن رافع فاتينا برطب من رطب ابن طاب فأولته العافية لنا في الدنيا والرفعة وأن ديننا قد طاب أهـ والله أعلم (50) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد ثنا ثابت عن أنس - الحديث" (غريبه) (1) سبب دخول النبي صلى الله عليه وسلم بيت أنس ومخالطتهم، ذكره ابن سعد بسنده عن أنس بن مالك رضي الله عنه أنه حدثهم لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل بيتًا غير بيت أم سليم إلا على أزواجه، فقيل له، فقال إني أرحمها، قتل أخوها وأبوها معي أهـ أم سليم هي والدة أنس بن مالك وزوج أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنهم (قال الحافظ) والجواب عن دخول بيت أم حرام وأختها (يعني أم سليم والدة أنس) أنهما كانا في دار واحدة وكانت تغزو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولها قصص مشهورة أهـ. وستأتي قصصها في باب مناقبها من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى، وذكر النووي في كتاب تهذيب الأسماء واللغات أن أم سليم وأختها أم حرام كانتا خالتين للنبي صلى الله عليه وسلم من جهة الرضاع، فإن صح هذا كان أولى الأسباب وأوجهها والله أعلم (2) في رواية للشيخين والأمام أحمد "فطيم" بمعنى مفطوم أي انتهى إرضاعه وهو ابن أبي طلحة أخو أنس لأمه (3) بضم النون وفتح الغين المعجمة (قال القاضي عياض) هو طائر معروف يشبه العصفور، وقيل هي فراخ العصافير، وقيل هي نوع من الحمر

-[جواز تكنية الصغير وملاعبته والتطلف به]- أبي عميرٍ (1) حزينًا؟ فقالوا مات نغره الذي كان يلعب به يا رسول الله فقال أبا عميرٍ، (2) ما فعل النغير، أبا عميرٍ، ما فعل النغير (51) عن عمار بن ياسرٍ أنه كان مع عليٍ رضي الله عنهما في غزوة العشيرة، قال فاضطجعنا في صورٍ (3) من النخل في دقعاء من التراب فنمنا فوالله ما أهبنا (4) إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء

_ بضم المهملة وتشديد الميم ثم راه، قال والراجح أن النغر طائر أحمر المنقار أهـ، وهذا الذي رجحه القاضي جزم به الجوهري والله أعلم (1) بضم العين المهملة وفتح الميم كنية الصغير ابن أبي طلحة أخي أنس المتقدم ذكره، كناه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وكان اسمه عبد الله فيما جزم به الحاكم أبو أحمد، وقيل اسمه حفص كما عند ابن الجوزي في الكنايات على عهد النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم (2) القائل هو النبي صلى الله عليه وسلم وأبا عمير منادى حذف منه ياء النداء، والنغير تصغير نغر بضم النون وفتح الغين المعجمة يقصد النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ممازحة الغلام ومضاحكته ليصرف عنه الحزن الذي اعتراه؛ وفي ذلك من العطف والتواضع وكرم الأخلاق ما لا يخفي، وكررها النبي صلى الله عليه وسلم ليزداد انشراح الغلام (تخريجه) (ق. وغيرهما) (51) عن عمار بن ياسر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن بحر ثنا عيسى بن يونس ثنا محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن محمد بن خثيم المحاربي عن محمد بن كعب القرظي عن محمد بن خثيم أبي يزيد عن عمار بن ياسر قال كنت أنا وعلى رفيقين في غزوة ذات العشيرة، فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام بها رأينا ناسا من نبى مدلج يعملون؟ في عين لهم في نخل، فقال لي علي يا أبا اليقظان هل لك أن نأتي هؤلاء فننظر كيف يعملون؟ فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة ثم غشينا النوم، فانطلقت أنا وعلي فاضطجعنا في صور من النخل - الحديث" (غريبه) (3) بفتح الصاد المهملة وسكون الواو الجماعة من النخل ولا واحد له من لفظه. ويجمع على صيران (نه) والمراد أنهم ناموا في ظل جماعة النخل المذكورة (وقوله في دقعاء من التراب) الدقعاء بوزن الحمراء هي التراب، ومن للبيان، والمراد أن الأرض التي ناموا فيها كانت كثيرة التراب (4) أي ما أيقظنا من نومنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقال هب من نومه بتشديد الباء الموحدة إذا استيقظ منه

-[جواز تكنية الرجل بأكثر من كنية]- فيومئذٍ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعليٍ يا أبا ترابٍ (1) لما يرى عليه من التراب الحديث (52) عن أنس بن مالكٍ رضي الله عنه قال كناني رسول الله صلى الله

_ (1) ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم كناه أبا تراب من ذاك الوقت، ويعارضه ما ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث سهل بن سعد قال "جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم بيت فاطمة فلم يجد عليا فقال لها أين ابن عمك؟ قالت كان بيني وبينه شيء فغاضبني فخرج فلم يقل عندي، فقال صلى الله عليه وسلم لإنسان انظر أين هو، فجاء فقال يا رسول الله هو في المسجد راقد، فجاء صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع قد سقط رداؤه عن شقه وأصابه تراب، فجعل صلى الله عليه وسلم يمسحه عنه ويقول قم أبا تراب، وفي رواية أجلس أبا تراب مرتين؛ قال سهل وما كان له اسم أحب إليه منه، وفي رواية وإن كان ليفرح أن يدعى بها، وما سماه أبا تراب إلا النبي صلى الله عليه وسلم أهـ" وبناء علي بفاطمة رضي الله عنها كان بعد رجوعه من غزوة بدر، وغزوة بدر كانت بعد غزوة العشيرة، وقد جمع السهيلي بينهما باحتمال أن يكون كناه بها مرة في هذه الغزوة (يعني غزوة العشيرة) ومرة بعدها في المسجد حينما غاضب فاطمة، ومال الحافظ إلى هذا الجمع (فإن قيل) روي الطبراني عن ابن عباس. وابن عساكر عن جابر أنه صلى الله عليه وسلم لما آخى بين أصحابه ولم يؤاخ بين علي وبين أحد غضب، فذهب إلى المسجد فذكر نحو حديث سهل بن سعد وهو معارض له ولحديث الباب أيضا لاسيما وقد قال الحافظ يمتنع الجمع بينهما، لأن المؤاخاة كانت أول ما قدم المدينة ودخول علي على فاطمة بعد ذلك بمدة وما في الصحيح أصح (قلت) إن صح ما رواه الطبراني وابن عساكر فالجمع ممكن بمثل ما جمعوا به بين حديثي عمار وسهل بن سعد، فيكون كناه ثلاث مرات. أولها يوم المؤاخاة في المسجد. وثانيها في هذه الغزوة أي غزوة العشيرة كما في حديث الباب، وثالثها بعد غزوة بدر في المسجد لما غاضب الزهراء، وإنما يمتنع الجمع لو قال في رواية الصحيحين أنه أول يوم كناه فيه ولم يثبت ذلك والله أعلم (تخريجه) رواه ابن إسحاق في سيرته وأشار إليه ابن سعد في طبقاته وسنده جيد، والحديث له بقية عند الأمام أحمد وسيأتي إن شاء الله تعالى بتمامه في غزوة العشيرة من أبواب الغزوات في كتاب السيرة النبوية. وفي مناقب علي رضي الله عنه من كتاب مناقب الصحابة رضي الله عنهم (2) عن أنس بن مالك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا شريك عن جابر عن أبي نضرة أو خيثمة عن أنس بن مالك رضي الله عنه - الحديث"

-[جواز التكني بأسماء البقل والحيوان وتكنية المرأة التي لم تلد]- عليه وعلى آله وصحبه وسلم ببقلةٍ (1) كنت أجتنيها (53) عن حمزة بن صهيبٍ أن صهيبا كان يكنى أبا يحيي، فقال له عمر يا صهيب مالك تكنى أبا يحيي وليس لك ولد؟ فقال صهيب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم كناني أبا يحيي (54) عن هشامٍ عن أبيه (21) أن عائشة رضي الله عنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم يا رسول الله كل نسائك لها كنية غيري، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم اكتنى أنت أم عبد الله (وفي لفظ قال فتكنى بابنك عبد الله) (3) فكان يقال لها أم عبد الله حتى ماتت ولم تلد قط (55) عن أبي جبيرة بن الضحاك الأنصاري عن عمومةٍ له قدم

_ (غريبه) (1) اسم هذه البقلة حمزة وهي بقلة في طعمها حريفية وحموضة، يقال لها بالفارسية (تره تيزك) كذا في اللمعات للدهلوي فكناه النبي صلى الله عليه وسلم بأبي حمزة باسم هذه البقلة (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه أهـ وصححه البغوي في المصابيح (53) عن حمزة بن صهيب، هذا مختصر من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وتخريجه في مناقب صهيب من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى، وقد اختصرت منه ما يناسب الترجمة، ورواه أبو يعلي والطحاوي والحاكم وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (54) عن هشام عن أبيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن هشام عن أبيه - الحديث" (غريبه) (2) هو عروة بن الزبير وأمه أسماء بنت أبي بكر أخت عائشة رضي الله عنهم (3) يريد عبد الله بن الزبير وهو ابن أختها أسماء كناها النبي صلى الله عليه وسلم به جبرا لخاطرها لأنها لم يكن لها أولاد ولم تلد قط كما في الحديث، وما يقال من أنها سقطت سقطا فسموه عبد الله لا يعول عليه (تخريجه) (د. ك) وقال صحيح الأسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (55) عن أبي جبيرة بن الضحاك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حفص بن غياث ثنا داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي جبيرة بن الضحاك - الحديث"

-[تعريف الاسم والكنية واللقب - وزوائد الباب وأحكامه]- النبي صلى الله عليه وسلم وليس أحد منا إلا له لقب أو لقبان (1) قال فكان إذا دعا رجلًا بلقبه قلنا يا رسول الله إن هذا يكره هذا، قال فنزلت "ولا تنابزوا بالألقاب"

_ (غريبه) (1) اللقب هو أحد الأمور التي يدعى بها الإنسان وهي ثلاثة، اسم وكنية ولقب، فالاسم ما ليس كنية ولا لقبا كمحمد وإبراهيم وعبد الرحمن، والكنية ما صدرت بأب أو أم كأبي القاسم وأم عبد الله مثلا، واللقب ما أشعر بمدح أو ذم كزين العابدين وأنف الناقة مثلا، وغالب استعمال اللقب في الذم، ولهذا قال الله تعالى "ولا تنابزوا بالألقاب" أي لا يدعو بعضكم بعضا بالألقاب التي يسوء الشخص سماعها (تخريجه) (د. مذ ك) وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبي (زوائد الباب) (عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناه أباه عبد الرحمن ولم يولد له (طب) ورجاله رجال الصحيح (وعن حمزة بن عمر الأسلمي) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كناه أبا صالح (طب) وفيه يعقوب بن محمد الزهري وثقه ابن حبان وضعفه جمهور الأئمة (وعن أبي الورد) قال رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآني رجلا أحمر، فقال أنت أبو الورد (طب) وفيه جنادة بن المغلس وثقه ابن نمير ونسبه غير واحد إلى الكذب، أورد هذه الأحاديث الثلاثة الحافظ الهيثمي وتكلم عليها جرحا وتعديلا (وفي سنن أبي داود) حدثنا الربيع بن نافع عن يزيد يعني ابن المقدام بن شريح عن أببيه عن جده شريح عن أبيه هانئ أنه لما وفد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع قومه سمعهم يكنونه بأبي الحكم، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله هو الحكم وإليه الحكم فلم تكنى أبا الحكم؟ فقال إن قومي إذا اختلفوا في شيء أتوني فحكمت بينهم فرضي كلا الفريقين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أحسن هذا. فما لك من الولد؟ قال لي شريح ومسلم وعبد الله، قال فمن أكبرهم؟ قلت شريح، قال فأنت أبو شريح، قال أبو داود شريح هذا هو الذي كسر السلسلة وهو ممن دخل تستر، قال أبو دارد وبلغني أن شريحًا كسر باب تستر وذلك أنه دخل من سرب (الأحكام) أحاديث الباب تدل على جواز الكنية للصغير والكبير سواء أكان له أولاد أم لم يولد له أو كان له كنية أخرى أم لا، ومثل الرجل في ذلك المرأة، ويجوز تكنية الرجل الذي له أولاد بغير أولاده، ولم يكن لأبي بكر ولد اسمه بكر ولا لعمر ابن اسمه حفص، وقد كنى بأبي حفص، ومثله أبو ذر وأبو سلمة وغير ذلك كثير، ويجوز للمرأة أن تكني باسم ولد غيرها إن لم يكن لها ولد كما كنى النبي صلى الله عليه وسلم عائشة بأم عبد الله، ولا يلزم من جواز التكنية أن يكون له ولد ولا أن يتكنى باسم ذلك الولد، والكنية نوع تكبير وتفخيم للمكنى وإكرام به (قال العلماء) كانوا يكنون

-[ذكر ما في حديث أنس من الفوائد - وكلام العلماء في حكم صيد المدينة]- .....

_ الصبي تفاؤلا بأنه سيعيش حتى يولد له وللأمن من التلقيب، لأن الغالب أن من يذكر شخصا فيعظمه أن لا يذكره باسمه الخاص به، فإذا كانت له كنية أمن من تلقيبه، ولهذا قال قائلهم بادروا أبناءكم بالكنى قبل أن تغلب عليها الألقاب، وقالوا الكنية للعرب كاللقب للعجم، ومن ثم كره للشخص أن يكنى نفسه إلا أن قصد التعريف (وفي حديث أنس الأول من أحاديث الباب) من الفوائد جواز مما زحة الصغير ومؤانسته والتلطف به (وفيه) ترك التكبر والترفع، وأنه صلى الله عليه وسلم كان أكثر الناس تواضعا وأعظمهم أخلاقا (وفيه) استحباب السؤال عن حال الصديق صغيرًا كان أو كبيرًا (وفيه) جواز تكنية الصغير وأن أسماء الأعلام لا يقصد معانيها، وأن إطلاقها على المسمى لا يستلزم الكذب لأن الصبي لم يكن أبًا وقد دعى أبا عمير (وفيه) جواز السجع في الكلام إذا لم يكن متكلفًا وأن ذلك لا يمتنع من النبي صلى الله عليه وسلم كما امتنع منه إنشاء الشعر (وفيه) استحباب مسح رأس الصغير للملاطفة (وفيه) دعاء الشخص بتصغير اسمه عند عدم الإيذاء (وفيه) إكرام أقارب الخادم وإظهار المحبة لهم وزيارة من تربطهم بالإنسان صلة نسب أو صداقة أو رضاع، لأن أم سليم كانت من محارم النبي صلى الله عليه وسلم كما تقدم، وفيه الترخيص للصبي بأمساك الطير ونحوه ليلتهي به مع المحافظة عليه وإكرامه وإطعامه وعدم تعذيبه، أما تعذيبه بأي نوع فلم يبح قط، واستدل بأمساك طير أبي عمير بعض المالكية والخطابي من الشافعية على أن صيد المدينة لا يحرم، وتعقب باحتمال أنه صيد في الحل ثم أدخل الحرم، فلذلك أبيح إمساكه، وبهذا أجاب الأمام مالك رحمه الله في المدونة، ونقله ابن المنذر عن الإمام أحمد رحمه الله والكوفيين ولا يلزم منه أن حرم المدينة لا يحرم صيده، وأجاب ابن التين بأن ذلك كان قبل تحريم صيد حرم المدينة، وعكسه بعض الحنفية فقال قصة أبي عمير تدل على نسخ الخبر الدال على تحريم صيد المدينة وكلا القولين متعقب أهـ (وفيه) جواز مواجهة من لا يميز بالخطاب إذا فهمه وكان في ذلك فائدة ولو بالتأنيس له أو لذويه كما يقال للصغير الذي لا يفهم أصلا إذا كان ظاهر الوعك كيف أنت، والمراد سؤال كافله أو حامله، وفيه غير ذلك كثير أعرضنا عن ذكره خوف الأطالة (ويستفاد من حديث عمار بن ياسر) الثاني من أحاديث الباب جواز تكنيه الشخص بأكثر من كنية، فقد ثبت في حديث عبد المطلب بن ربيعة عند مسلم والأمام أحمد من قصة طويلة أن عليا رضي الله عنه قال أنا أبو حسن، وتقدم هذا الحديث رقم 120 صحيفة 77 في باب تحريم الصدقة على بني هاشم من كتاب الزكاة في الجزء التاسع (وفيه) أعني حديث عمار جواز التلقيب بلفظ الكنية وبما يشتق من حال الشخص وأن اللقب إذا صدر من الكبير في حق الصغير تلقاه بالقبول ولو لم يكن لفظه لفظ مدح

-[كلام العلماء في الكنية واللقب وما يكره من ذلك]- (5) باب ما يحرم من الأسماء وما يكره منها (56) عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أخنع (1) اسم عند الله يوم القيامة رجل تسمى (2) بملك الأملاك، قال عبد الله قال أبي سألت أبا عمرو الشيباني (3) عن أخنع اسمٍ عند الله، فقال أو ضع اسمٍ عند الله

_ فقد ثبت في حديث سهل بن سعد أن لفظ أبي تراب كان أحب أسماء علي رضي الله عنه إليه وأن من حمل ذلك على التنقيص لا يلتفت إليه وهو كما كان أهل الشام ينتقصون ابن الزبير رضي الله عنهما بزعمهم حيث يقولون له ابن ذات النطاقين فيقول * تلك شكاة ظاهر عنك عارها * (وفي قول أنس رضي الله عنه) كناني رسول الله صلى الله عليه وسلم ببقلة كنت أجتنيها جواز التكني بأسماء البقل ويجوز بأسماء الحيوان كأبي هريرة (وفي حديث صهيب) جواز تكنية الرجل وإن لم يولد له وكذلك المرأة كما في حديث عائشة الذي بعده (وفي حديث أبي جبيرة ابن الضحاك) النهي عن الدعاء بالألفاب كما قال تعالى "ولا تنابزوا بالألقاب" أي لا يدعو بعضكم بعضا بما يكره (قال الحافظ ابن القيم) ولا خلاف في كراهة تلقيب الإنسان بما يكرهه، سواء كان فيه ذم أو لم يكن؛ إلا إذا عرف بذلك واشتهر كالأعمش والأشتر والأصم والأعرج، فقد أطرد استعماله على السنة أهل الحديث قديما وحديثا، وسهل فيه الإمام أحمد رحمه الله (قال أبو داود) في مسائله سمعت أحمد رحمه الله سئل عن الرجل يكون له اللقب لا يعرف إلا به ولا يكرهه. قال أليس يقال سليمان الأعرج وحميد الطويل؟ كأنه لا يرى فيه بأسا (قال أبو داود وسألت) أحمد عنه مرة أخرى فرخص فيه (قال الحافظ ابن القيم) كان أحمد يكره أن يقول الأعمش، قال الفضل يزعمون أنه كان يقول سليمان أهـ. والله أعلم (56) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة - الحديث" (غريبه) (1) أي أوضع كما فسره أبو عمرو (قال القاضي عياض) معناه أنه أشد الأسماء صغارا وبنحو ذلك فسره أبو عبيد، والخانع الذليل وخنع الرجل ذل (قال ابن بطال) وإذا كان الاسم أذل الأسماء كان من تسمى به أشد ذلا، وقد فسر الخليل أخنع بأفجر، قال الخنع الفجرو، يقال أخنع الرجل إلى المرأة إذا دعاها للفجور (2) أي سمى نفسه أو سمى بذلك فرضى به واستمر عليه (وقوله بملك الأملاك) بكسر اللام من ملك، والأملاك جمع ملك بالكسر؛ وبالفتح جمع مليك (3) قال النووي هو إسحاق بن مرار بكسر الميم على وزن قتال، وقيل مراد

-[ما يحرم التسمي به وما يكره]- (57) وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أغيظ رجلٍ على الله يوم القيامة وأخبثه وأغيظه (1) عليه رجل كان يسمى ملك الأملاك، لا ملك إلا الله عز وجل (58) عن أبي الزبير عن جابرٍ رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن عشت إن شاء الله زجرت (2) أن يسمى ببركة ويسارٍ ونافعٍ

_ بفتحها وتشديد الراء كعمار، وقيل بفتحها وتخفيف الراء كغزال وهو أبو عمرو اللغوي النحوي المشهور، وليس بأبي عمرو الشيباني، ذاك تابعي توفى قبل ولادة أحمد أهـ (قلت) وأبو عمرو اللغوي الذي أشار إليه النووي يقال له الشيباني أيضا كما صرح به الأمام أحمد (تخريجه) (ق. د. مذ) (57) وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (غريبه) (1) هكذا وقع في مسند الأمام أحمد وجميع نسخ مسلم أيضا بتكرير أغيظ (قال القاضي عياض) ليس تكريره وجه الكلام، قال وفيه وهم من بعض الرواة بتكريرة أو تغييره، قال وقال بعض الشيوخ لعل أحدهما أغنط بالنون والطاء المهملة أي أشده عليه، والغنط شدة الكرب، قال الماوردي أغيظ هنا مصروف عن ظاهره والله سبحانه وتعالى لا يوصف بالغيظ فيتأول هنا الغيظ على الغضب أهـ (قلت) ويؤيده رواية اشتد غضب الله على من زعم أنه ملك الأملاك (طب) قال الحافظ ووقع في شرح شيخنا ابن الملقن أن في بعض الروايات "أفحش الأسماء" ولم أرها، وإنما ذكر ذلك بعض الشراح في تفسير أخنى أهـ (قلت) وقع لفظ أخنى عند البخاري من رواية شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة وهو من الخنا بفتح المعجمة وتخفيف النون مقصورة، وهو الفحش في القول، ويحتمل أن يكون من قولهم أخنى عليه الدهر أي أهلكه، ومعنى قوله في حديث الباب (وأخبثه) أي أكذب الأسماء وقيل أقبح، والله سبحانه وتعالى أعلم (تخريجه) رواه مسلم بسنده ولفظه (58) عن أبي الزبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير - الحديث" (غريبه) (2) أي نهيت كما صرح بذلك في رواية أبي داود ولفظه "إن عشت إن شاء الله أنهى أمتي أن يسموا نافعا وأفلح وبركة" ولفظه عند مسلم "أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن ينهي عن أن يسمى بيعلى وببركة وبأفلح وبيسار

-[ما يكره من الأسماء]- قال جابر (1) لا أدري ذكر نافعًا أم لا، إنه يقال له ها هنا بركة؟ فيقال لا (2) ويقال ها هنا يسار؟ فيقال لا، قال فقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم ولم يزجر عن ذلك، فأراد عمر رضي الله عنه أن يزجر عنه ثم تركه (3) (59) عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب الكلام إلى الله تبارك وتعالى أربع، لا إله إلا الله، والله أكبر، وسبحان الله، والحمد لله، لا يضرك بأيهن بدأت (4) لا تسمين غلامك يسارًا ولا رباحًا ولا نجيحًا ولا أفلح فإنك تقول أثم (5) هو فلا يكون، فيقول لا، إنما هن

_ وبنافع وبنحو ذلك" ثم رأيته سكت بعد عنه فلم يقل شيئا، ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينه عنه، ثم أراد عمر أن ينهي عن ذلك، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن ينهي عن ذلك نهي تحريم، ولكنه لم ينه عنه رحمة بأمته لعموم البلوى وإيقاع الحرج، وإنما قلت نهي تحريم لأنه ثبت في حديث سمرة بن جندب الآنى بعد هذا أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن ذلك، فيحمل النهي في حديث سمرة على التنزيه وإرادة النهي في حديث جابر على التحريم جمعا بين الحديثين والله أعلم (1) لفظ أبي داود "قال الأعمش ولا أدري ذكر نافعا أم لا" فجعل الأعمش بدل جابر والأعمش أحد رجال السند عند أبي داود، والمعنى أن أحدهما يشك هل ذكر نافع في الحديث أم لا، وقد ذكر في رواية مسلم بغير شك (2) هذه الجملة وما بعدها علة لإرادة النهي عن التسمية بهذه الأسماء، وهي قوله "إنه يقال له هاهنا بركة، فيقال لا الخ" يعني فتشمئز القلوب من ذلك ويتطير به وتدخل في باب المنطق المكروه، وتقدم في الحديث في باب من سماهم النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يكره أن يقال خرج من عند برة (3) إنما تركه عمر لأنه ثبت عنده أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يمنعه على وجه التحريم (تخريجه) (م. د) ورواه ابن ماجه عن عمر بن الخطاب وأشار إليه الترمذي (59) عن سمرة بن جندب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى اثنا زهير عن منصور عن هلال بن يساف عن ربيع عن عميلة عن سمرة ابن جندب - الحدث" (غريبه) (4) سيأتي الكلام على هذا الذكر في كتاب الأذكار أن شاء الله تعالى (5) بفتح الثاء المثلثة ظرف مكان، ومعناه أهنا يسار؟ فيقول المخاطب لا إن لم يكن موجودا، فكره لبشاعة الجواب، وربما أوقع بعض الناس في شيء

-[مذاهب العلماء فيما يحرم من الأسماء]- أربع لا تزيدن على (1) (وعنه من طريقٍ ثانٍ) (2) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسمى رقيقك أربعة أسماءٍ، أفلح ويسارًا ونافعًا (3) ورباحًا

_ من الطيرة وهي مذمومة، وهذه هي علة الكراهة (1) هذه الجملة وهي قوله "إنما هي أربع لا تزيدن على" ليست من كلام النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما هي من كلام الراوي، ومعناه - الذي سمعته أربع كلمات، وكذا روايتهن لكم، فلا تزيدوا علي في الرواية ولا تنقلوا عني غير الأربع. وليس في ذلك منع القياس على الأربع وأن يلحق بها ما في معناها كمبارك ومفلح وخير وسرور ونعمة وما أشبه ذلك، وتقدم في رواية مسلم في شرح الحديث السابق أنه قال وبنحو ذلك (2) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معتمر بن سليمان قال سمعت الركين يحدث عن أبيه عن سمرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم - الحديث" (3) لم يذكر نافعا في الطريق الأولى وذكر نجيحا، وفي هذه الطريق لم يذكر نجيحًا وذكر نافعا، وكلا الطريقين رواهما مسلم كما هنا (تخريجه) (م. د. مذ. جه) (الأحكام) استدل بحديث أبي هريرة المذكور أول الباب على تحريم التسمي بملك الأملاك لورود الوعيد الشديد، ويلتحق به ما في معناه مثل خالق الخلق وأحكم الحاكمين وسلطان السلاطين وأمير الأمراء، وقيل يلتحق به من تسمى بشيء من أسماء الله الخاصة كالرحمن والقدوس والجبار (قال الحافظ ابن القيم) قال بعض العلماء وفي معنى ذلك كراهية التسمية بقاضي القضاة وحاكم الحكام، فإن حاكم الحكام في الحقيقة هو الله، وقد كان جماعة من أهل الدين والفضل يتورعون عن إطلاق لفظ قاضي القضاة وحاكم الحكام قياسا على ما يبغضه الله ورسوله من التسمية بملك الأملاك، وهذا محض القياس (قال الحافظ ابن القيم) قلت وكذلك تحريم التسمية بسيد الناس وسيد الكل كما يحرم تسييد ولد آدم، فإن هذا ليس لأحد إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم وحده فهو سيد ولد آدم، فلا يحل لأحد أن يطلق ذلك على غيره، قال وقال أبو محمد بن حزم اتفقوا على تحريم كل اسم معبد بغير الله، كعبد العزى وعبد هبل وعبد عمرو وعبد الكعبة وما أشبه ذلك أهـ، قال (فإن قيل) كيف يتفقون على تحريم الاسم المعبد بغير الله، وقد صح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال تعس عبد الدينار. تعس عبد الدرهم. تعس عبد الخميصة تعس عبد القطيفة، وصح أنه قال أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب، ودخل عليه رجل وهو جالس فقال أيكم ابن عبد المطلب، فقالوا هذا وأشاروا إليه صلى الله عليه وسلم (فالجواب) أما قوله تعس عبد الدينار فلم يرد به الاسم، وإنما أراد به الوصف والدعاء على من تعبد قلبه

-[مذاهب العلماء فيما يكره من الأسماء - وحكم التسمي بأسماء الملائكة]- .....

_ للدينار والدرهم فرضى بعبوديتهما عن عبودية ربه تبارك وتعالى. وأما قوله صلى الله عليه وسلم أنا ابن عبد المطلب. فهذا ليس من باب إنشاء التسمية بذلك وإنما هو من باب الأخبار بالاسم الذي عرف به المسمى دون غيره؛ والأخبار بمثل ذلك على وجه تعريف المسمى لا يحرم، ولا وجه لتخصيص أبي محمد رحمه الله ذلك بعبد المطلب خاصة فقد كان الصحابة رضي الله عنهم يسمون بنى عبد شمس وبنى عبد الدار بأسمائهم ولا ينكر عليهم النبي صلى الله عليه وسلم. فباب الأخبار أوسع من باب الأنشاء فيتجوز فيه ما لا يتجوز في الأنشاء أهـ (واستدل بحديث سمرة بن جندب) على كراهة التسمي بأفلح ويسار ونافع ورباح ونجيح ونحو ذلك (قال النووي) قال أصحابنا يكره التسمية بهذه الأسماء المذكورة في الحديث وما في معناها، ولا تختص الكراهة بها وحدها، وهي كراهة تنزيه لا تحريم. والعلة في الكراهة ما بينه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله فإنك تقول أئم هو؟ فيقول لا. فكره لبشاعة الجواب. وربما أوقع بعض الناس في شيء من الطيرة أهـ (قال القاضي عياض) وقد كره بعض العلماء التسمي بأسماء الملائكة وهو قول الحارث بن مسكين (قال وكره مالك) رحمه الله التسمي بجبريل وياسين وأباح ذلك غيره أهـ (قلت) والظاهر أن الأمام مالك رحمه الله إنما كره ذلك لحديث فيه رواه البخاري في تاريخه وفيه - وتسموا بأسماء الأنبياء ولا تسموا بأسماء الملائكة. قال رجل وباسمك؟ قال وباسمي ولا تكنوا بكنيتي (قال البيهقي - قال البخاري) في غير هذه الرواية في إسناده نظر أهـ (قلت) وروى عبد الرزاق في الجامع عن معمر قال قلت لحماد بن أبي سليمان كيف تقول في رجل تسمي بجبريل وميكائيل فقال لا بأس به أهـ (قال الحافظ ابن القيم) في تحفة الودود وقد كان صلى الله عليه وسلم يشتد عليه الاسم القبيح ويكرهه جدا من الأشخاص والأماكن والقبائل والجبال. حتى أنه مر في مسير له بين جبلين فقال ما اسمهما؟ فقيل ناضح ومخز فعدل عنهما ولم يمر بينهما، وكان صلى الله عليه وسلم شديد الاعتناء بذلك. قال وتأمل ما رواه الأمام مالك في الموطأ عن يحيي بن سعيد أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لرجل ما اسمك؟ فقال جمرة، فقال ابن من؟ فقال ابن شهاب. قال ممن؟ قال من الحرقة. قال أين مسكنك؟ قال بحرة النار. قال بأيها؟ قال بذات لظي، قال عمر أدرك أهلك فقد احترقوا، قال فكان كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه، قال وقد استشكل هذا من ليس يفهمه، وليس بحمد الله مشكلا، فإن مسبب الأسباب جعل هذه المناسبات مقتضيات هذا الأثر، وجعل اجتماعها على هذا الوجه الخاص موجبا له وأخر اقتضاءها لأثرها إلى أن يتكلم به من ضرب الحق على لسانه ومن كان الملك ينطق على لسانه فحينئذ كمل اجتماعها وتمت فرتب عليه الأثر، ومن كان له في الباب فقه نفس انتفع به غاية الانتفاع، فإن البلاء موكل بالمنطق (قال أبو عمر) وقد

-[فائدة في تهنئة المولود له]- .....

_ قال النبي صلى الله عليه وسلم "البلاء موكل بالقول" ومن البلاء الحاصل بالقول قول الشيخ البائس الذي عاده رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأي عليه حمى. فقال لا بأس طهور إن شاء الله، قال بل هي حمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنعم إذا، وقد رأينا من هذا عبرا فينا وفي غيرنا، والذي رأيناه كقطرات في بحر أهـ (فائدة) قال النووي في الأذكار يستحب تهنئة المولود له (قال أصحابنا) ويستحب أن يهنأ بما جاء عن الحسين رضي الله عنه أنه علم إنسانًا التهنئة فقال قل بارك الله لك في الموهوب لك وشكرت الواهب وبلغ أشده ورزقت بره. ويستحب أن يرد على المهنئ فيقول بارك الله لك. وبارك عليك. وجزاك الله خيرا. أو رزقك الله مثله وأجزل لك الثواب. ونحو هذا انتهى والله سبحانه وتعالى ولي التوفيق، وهو الهادي إلى أقوم طريق، وصلى الله على سيدنا محمد خير الأنام * وآله وصحبه أئمة الهدى ومصابيح الظلام

-1 - الفتح الرباني الترتيب مسند الإمام أحمد ابن حنبل الشيباني مع مختصر الشرح بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني كلاهما تأليف أفقر العباد وأحوجهم إلى الله أحمد عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي خادم السنة السنية بعطف الرسام رقم 5 شارع المعز لدين الله (الغورية سابقا) بمصر الجزء الرابع عشر وقد جعلنا الفتح الرباني في أعلى الصحيفة وبلوغ الأماني في أدناه مفصولا بينهما بجدول "تنبيه" للحافظ ابن حجر العسقلاني في كتاب أسماء (القول المسدد، في الذب عن مسند الإمام أحمد) أدرجناه جميعه ضمن الشرح موزعا على كل حديث ذب عنه الحافظ مع عزوه إليه دار إحياء التراث العربي الطبعة الأولى - الثانية

-2 - بسم الله رحمن الرحيم الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الذي أيده الله بنصره في أحرج الأوقات، وعلى آله وصحبه الذين جاهدوا وصبروا حتى انتشر الدين والعلم في معظم الآفاق والجهات، وسلم تسليما كثيرا، (أما بعد) فقد أراد الله عز وجل وله الحمد والمنة أن

_ بسم الله الرحمن الرحيم (بيان من المؤلف على من سبق اشتراكهم في الفتح الرباني مع شرحه بلوغ الأماني) الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وآله وصحبه ومن تبع هداه (أما بعد) فهذا شرح لطيف مختصر من شرحي الكبير المسمى (بلوغ الأماني. من أسرار الفتح الرباني) ذكرت فيه مالا بد للطالب منه، مبتدئا بسند الحديث: ثم شرح غريبة مع ضبط ما خفي من ألفاظه، وتوضيح ما استغلق من معانيه، ثم تخرجه مع بيان درجته من القوة والضعف، تاركا ذكر الأحكام والزوائد (أما الأحكام) فيمكن للقارئ معرفتها من الحديث إن كان عالما، فإن كان مبتدئا فليرجع إلى كتابي (القول الحسن شرح بدائع المنن) فقد ذكرت فيه ما يستفاد من أحاديث بدائع المنن من الأحكام، مع ذكر مذاهب الأئمة الأربعة وغيرهم من الصحابة والتابعين، ففيه تبصرة للمبتدئ وتذكرة للمنتهي، وقد تم طبعه والحمد لله في جزءين كبيرين وأصبح ميسورا لكل طالب، وهو كالمفتاح للفتح الرباني، لأن نظام ترتيبهما واحد نفع الله بهما المسلمين (وأما الزوائد) فلا حاجة إليها لأن مسند الإمام أحمد رحمه الله تعالى جمع بين دفتيه كل ما في الكتب الستة أن لم يكن باللفظ فبالمعنى كما قال بعض السلف، ويزيد عنها مثلها تقريبا، وكل ما فيه جاء في كتابي الفتح الرباني فلا ضرورة للزوائد (هذا) وما دعاني إلى اختصار الشرح المذكور إلا الضرورة القصوى لجملة أسباب (منها) أنا كنا نأمل أن يتحسن الحال بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية ويرجع كل شيء إلى ما كان عليه كما حصل في الحرب العالمية الأولى، ولكن خاب الأمل، فقد استمر الغلاء بنسبة خمسة أضعاف ما كان عليه قبل الحرب وهذه أل نسبة، بل زاد في بعض الأشياء إلى ستة أضعاف وهكذا إلى عشرة، ومن ذلك ورق الطبع، كذلك زادت أجرة العمال بنسبة الغلاء (ومنها) طول الكتاب وأنه لو طبع مع شرحه الكبير كما سبق في الأجزاء التي طبعت لمبلغ أربعين جزءا، وكان في ظني أنه لا يزيد عن ثلاثين جزءا، ولكن الخبراء بفن الطباعة قد روه بأربعين جزءا على الأقل، ويؤيد تقديرهم هذا أننا طبعنا ثلاثة عشر جزءا وصلنا فيها إلى نهاية الحج فقط. وهذا القدر لا يزيد عن ربع الكتاب، إذا كان كذلك فأين المال الذي يكفي للإنفاق على طبعه مع

-3 - بيان الأسباب التي دعت إلى الشرح ----- استأنف الطبع في إتمام كتابي (الفتح الرباني) بعد هذه الفترة الطويلة التي قاسي الناس فيها أهوالا وشدة من الغلاء وسوء الحال من أيام الحرب العالمية الثانية إلى الآن: لم نره شدة مثلها من قبل حتى ضعف الأمل في استئناف طبعه: خصوصا بعد ما انتهيت من طبع كتابي بدائع المنن في ترتيب مسند الشافعي والسنن مع شرحه القول الحسن، فقد تحملت في طبعه مشاق لا يعلمها إلا الله عز وجل بالنسبة لغلاء الورق يوما بعد يوم، ولا زال الغلاء مستمرا إلى الآن: ولا يعلم نهاية.

_ الغلاء المستمر؟ بل أين العمر الذي يتسع لذلك حتى النهاية وأنا في نهاية الحلقة السابعة من عمري، لا مال ولا آمال، فكان هذا من دواعي الاختصار (ومنها) أني لما وجدت الغلاء مستمرا تركت التفكير في طبعه ووصيت ولدي حسن البنا غفر الله له بإتمام طبع الكتاب بعد وفاتي إذا لم يتيسر لي إتمام طبعه في حياتي، وكنت مطمئنا بهذه الوصية لعلمي أنه خير من ينفذها لما جبل عليه من حب الخير ونشر العلم: خصوصا وأنه يعلم مقدار ما قاسيته في تأليف الكتاب. فكان جوابه، سيطبع في حياتك إن شاء الله تعالى لا في حياتي، ولم أدر ما خبأه لي القدر، فقد فوجئت باستشهاد في سبيل دعوة الإسلام، فإنا لله وإنا إليه راجعون، إن لله ما أخذ، وله ما له ما أعطى، وكل شيء عنده بأجل مسمى، لقد استشهد حسن البنا في سبيل الدعوة إلى الله والرجوع إلى أحكام الله، فعم المصاب لم يكن مصابي أنا وحدي بل مصاب العالم الإسلامي أجمع، لأن الكل يعرف من هو أحسن البنا، تغمدك الله يا ولدي برحمته، وأسكنك فسيح جنته، مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين، وجزاك عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، وألحقنا بك على الإيمان آمين (عند ذلك) يئست من طبع الكتاب على يد غيري، ولا طاقة لي بذلك، فاشتد كربي وضاق صدري، وحينئذ تذكرت شيئا آخر، وهو مناشدة قادة العلماء وعلى رأسهم فضيلة الأستاذ الأكبر شيخ الجامع الأزهر وقتئذ الشيخ مأمون الشناوي غفر الله لي وله: فكتبت إليه خطابا مسجلا بالبريد بشراء شيء من النسخ المطبوعة وتوزيعها على مكتبات المعاهد الدينية بالقاهرة ومدن القطر المصري، ونشر الدعاية لهذا الكتاب في المحيط الأزهري بين العلماء والطلبة، وإرسال شيء منه إلى الأقطار الإسلامية مع البعثات الأزهرية، وبذلك يحصل التعاون الذي ينبغي لكل مسلم فعله، التعاون على البر والتقوى الذي أمر الله به في كتابه، لو حصل ذلك لانتفع الناس بالكتاب وانتفعت بإنفاق ثمنه على طبع سائره، ولكن ويا للأسف جعلت أنتظر الجواب أكثر من سنة فلم يستجب لي حتى لحق بربه رحمه الله. فكان هذا من أسباب الاختصار (وفي الوقت) الذي كتبت فيه إلى شيخ الأزهر كتبت خطابا موجها مسجلا أيضا لحضرة وزير مالية الحكومة العربية السعودية أثناء تشريفه مصر منذ عامين تقريبا بشأن شراء مائتي نسخة مما تم طبعه من الجزء الأول لغاية الثالث عشر: وأن يخاطب بذلك جلالة الملك عبد العزيز آل سعود لما عرف عن جلالته من حب الخير ونشر كتب العلم خصوصا كتب السنة، وجعلت أنتظر الجواب فلم يصلني جواب للآن: فكان هذا أيضا من أسباب الاختصار (ومنها) أن بعض العلماء الصالحين.

- 4 - بيان الأسباب التي دعت إلى اختصار الشرح ----- ذلك إلا الله تعالى، ورغما عن ذلك كله فقد أراد الله عز وجل أن يظهر الجزء الرابع عشر من الفتح الرباني ونستأنف طبعه في هذه الأوقات العصيبة، الأمر الذي لم يكن في الحسبان، ولكن إرادة الله عز وجل فوق كل إرادة (إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون) سبحانك ربي لا أحصي ثناء عليك فلك الحمد ولك الشكر كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانك، أنت العليم بدقائق الأمور، وما تخفي الصدور، أسالك أن تيسر لي طبع جميع الكتاب، وأن تنفع به

_ المتواضعين المحبين للسنة المغرمين بالكتاب. الذين ليسو من ذوي الهيئات ولا من أرباب التشريفات الحوا علي في طبع ما بقي من الكتاب فأخبرتهم بكل ما تقدم، فاقترحوا علي أن أطبع الفتح الرباني مجردا عن الشرح. قالوا بذلك يتوفر ثلاثة أرباعه النفقة. وتكون قد خدمت مسند الإمام أحمد الذي هو أجمع كتاب في أصول السنة المعتبرة بطبع ترتيبه لينتفع به أهل العلم وغيرهم، ولو لم يطبع إلا هذا الترتيب الذي لم يسبق له مثيل لكان في ذلك أعظم خدمة للناس، وبغير هذه الطريقة لا يمكن طبعه فتكون قد أضعت المتن والشرح معا، وما لا يدرك كله لا يترك كله، فارتاح ضميري لهذا الاقتراح إلا انه عز عليا أن اترك الشرح الذي بذلت فيه مجهودا أكثر من مجهودي في ترتيب المسند. ولكن الله عز وجل ألهمني حلا وسطا، وهو أني أختصر الشرح بالصفة المتقدمة وانشرح صدري لذلك: ففيه توفير أكثر من نصف النفقة وعدم ضياع كل مجهودي في الشرح وانتهى الأمر على الاختصار. (ومن ثم) أخذت أعمل في اختصار الشرح ولم أفكر في طبعه الآن ولم يخطر ذلك على بال، وبينما أنا مجد في عملي إذ حظر لدي أحد الأصدقاء المخلصين: والعلماء الصوفيين الداعيين إلى الله عز وجل اشترى نسخة من بدائع المنن، ثم قال لي لماذا طبعت بدائع المنن ولم تطبع الجزء الرابع عشر والخامس عشر من الفتح الرباني بدله؟ فقلت مهلا يا أخي فإني ما طبعت بدائع المنن إلا وجعله وسيلة للإنفاق على طبع الفتح الرباني ثم ذكرت له كل ما تقدم وما شرعت فيه من الاختصار، فوافق عليه وبدت علائم الأسف على وجهه ثم انصرف، وبع يومين حضر معه رجلين صالحين أحدهما تاجر والثاني مهندس وأخبرني أنه اتفق معهما وآخرين على مساعدتي بإعطائي شيئا من المال قرضة أستعين به على طبع الكتاب: ثم دفعه إلي فعلا بالمجلس وقال أن هذا المبلغ لا يرد إلا بعد طبع الكتاب وتوزيعه: فشكرت لهم هذا الصنيع ودعوت الله أن يبارك لهم في مالهم وأولادهم وأن يكثر من أمثالهم: فكان هذا المال سببا في شراء الورق، أما أجرة الطبع فستكون إن شاء الله تعالى مما يباع من بدائع المنن ومن المطبوع من الفتح الرباني: وقد عودني الله عز وجل الإعانة في مآزق فله الحمد والمنة: وقد أرسلت الأصول إلى المطبعة وشرع العمال في جمع الملزمة الأولى نسأل الله عز وجل الإعانة على التمام وحسن الختام. 21 جمادى الثانية سنة 1370 هـ ... المؤلف

-5 - اعتذار المؤلف عن ضبط المنن بالشكل الكامل وبيان رموز تختص بالشرح ----- المسلمين إلى يوم المآب، وإليكم أيها الإخوان هذا الجزء الرابع عشر مفتتحا بكتاب الجهاد كما وعدنا في نهاية الجزء الثالث عشر وإن لم يكن مضبوطا بالشكل الكامل كسابقه: فإن نفقة الشكل وحده تضاعف أجرة الطبع، ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها، وقد رأينا معظم الكتب عارية عن الشكل في مصر والهند وغيرهما، على أني لم أترك الشكل الضروري لبعض الألفاظ: فقد أثبت بعضه بالحركات في المتن وبعضه بالحروف في الشرح، وما توفيقي إلا بالله عليه توكلت وإليه أنيب

_ "رموز واصطلاحات تختص بالشرح" (خ) للبخاري في صحيحه (م) لمسلم (ق) لهما (د) لأبي داود (مذ) لترمذي (نس) للنسائي (جه) لابن ماجه (الأربعة) لأصحاب السنن الأربعة أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه (ك) للحاكم في المستدرك (حب) لابن حبان في صحيحه (خز) لابن خزيمة في صحيحه (بز) للبرزاني في مسنده (طب) للطبراني في معجمه الكبير (طس) له في الأوسط (طص) له في الصغير صلى الله عليه وسلم لسعيد بن منصور في سننه (ش) لابن أبي شيبة في مصنف (عب) لعبد الرازق في الجامع (عل) لأبي يعلى في مسنده (قط) للدار قطني في سننه (حل) لأبي نعيم في الحلية (هق) للبيهقي في السنن الكبرى (لك) للإمام مالك في الموطأ (فع) للإمام الشافعي في مسنده وسننه فإن اتفق مالك والشافعي على إخراج حديث قلت أخرجه الإمامان (مي) للدارمي في مسنده (طح) للطحاوي في معاني الآثار. وهؤلاء هم أصحاب الأصول والتخريج رحمهم الله (أما الشرح) وأصحاب كتب الرجال والغريب ونحوهم فإليك ما يختص بهم (نه) للحافظ ابن الأثير في كتابة النهاية في غريب الحديث (خلاصة) للحافظ الخزروجي في كتابه خلاصة تذهيب الكمال في أسماء لرجال: ثم إذا قلت قال الحافظ وأطلقت: فمرادي به الحافظ بن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح البخاري (وإذا قلت) قال النووي، فالمراد به شرح مسلم، وإذا قلت قال المنذر: فالمراد به الحافظ كي الدين عبد العظيم بن عبد القوى صاحب كتاب الترغيب والترهيب ومختصر أبي داود (وإذا قلت) أل الهيثمي، فالمراد به الحافظ علي ابن أبي بكر بن سليمان الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد (وإذا قلت) ل الشوكاني، فالمراد في كتابه نيل الأوطار، (وإذا أشرت إلى الشرح الكبير) فالمراد به شرحي بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني (وإذا قلت بدائع المنن) فالمراد به كتابي بدائع المنن في جمع وترتيب سند الشافعي والسنن (وإذا قلت القول الحسن) فالمراد به شرحي على بدائع المنن والله الموفق.

كتاب الجهاد

-6 - الترغيب في الجهاد في سبيل الله وبيان فضله ----- "كتاب الجهاد" (أبواب فضل الجهاد والرباط والمجاهدين) (باب فضل الجهاد والترغيب فيه) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل؟ قال الإيمان بالله، قال ثم ماذا؟ قال الجهاد في سبيل الله، قال ثم ماذا؟ قال حج مبرور (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال إيمان بالله تعالى: وجهاد في سبيله (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لولا أن أشق على المؤمنين (وفي لفظ على أمتي) ما قعدت خلف سريته تغزو في سبيل الله، ولكن لا أجد سعة فأحملهم، ولا يجدون سعة فيتبعوني، ولا تطيب أنفسهم أن يقعدوا بعدي (وعنه أيضا) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله علمني عملا يعدل الجهاد؟ قال لا أجده، قال هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدا فتقوم لا تفتر، وتصوم لا تفطر؟ قال لا أستطيع، قال: قال أبو هريرة إن فرس المجاهد يستن في طوله فيكتب له حسنات وعنه أيضا قال قالوا يا رسول الله أخبرنا بعمل يعدل الجهاد في سبيل الله؟ قال لا تطيقونه مرتين أو ثلاثا، قال قالوا أخبرنا فلعلنا نطيقه؟ قال مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صيام ولا صلاة حتى يرجع المجاهد إلى أهله (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكل نبي رهبانية، ورهبانية هذه الأمة الجهاد في

_ باب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرازق أنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة قال سأل رجل الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبي مراوح عن أبي ذر الخ (تخريجه) (ق نس جه) عن أبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث: منها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق لك نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام ثنا محمد بن جحادة أن أبا حصين حدثه أن ذكر أن حدثه أن أبا هريرة حدثه قال جاء رجل الخ (غريبه) أي يجري ويمرح بنشاط (في طوله) بكسر الطاء المهملة وفتح الواو وهو الحبل الذي يشد به الدابة ويمسك طرفه ويرسل في المرعى (تخريجه) (خ نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية قال ثنا سهيلا عن أبيه عن أبي هريرة قال قلوا يا رسول الله الخ (غريبة) بفتح أوله وضم التاء يبينهما فاء ساكنة من باب قعد أي لا ينقطع ولا تنكسر حدته (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معمر ثنا عبد الله أنا سفيان عن زيد

-7 - وجوب الجهاد في سبيل الله وبيان فضله ----- سبيل الله عز وجل (عن أيوب الأنصاري) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوة في سبيل الله أو روحة خير مما طلعت عليه الشمس وغربت (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال غدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها (عن جابر ابن عبد الله) رضي الله عنهما قالوا يا رسول الله أي الجهاد أفضل؟ قال من عقر جواده وأهريق دمه (عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قفلة كغزوة (عن عائشة) رضي الله عنها أن مكاتبا لها دخل عليها ببقية مكاتبه فقالت له أنت غير داخل على غير مرتك هذه فعليك بالجهاد في سبيل الله: فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما خالط قلب امرئ مسلم رهج في سبيل الله إلا حرام الله عليه النار (باب وجوب الجهاد والحث عليه) (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل، ثم قرأ (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر) (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جاهدوا المشركين

_ العمي عن أبي إياس عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) (عل والديلمي) قال الهيثمي وفي إسناده زيد العمي وثقه أحمد وغيره، وضعفه أبو زراعة وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا بن سعيد يعني ابن أبي أيوب حدثني شر حبيل بن شريك المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلى قال سمعت أبا أيوب الأنصاري يقول الخ (تخريجه) (م نس د) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن الحارث ثنا الضحاك بن عثمان عن أبي الحكم بن مينا عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (ق نس وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن أبي سعيد عن جابر الخ (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق حدثني ليث بن سعد حدثني حبوة ابن شريح عن ابن شفي الأصبحي عن أبيه عن عبد الله ابن عمرو الخ (غريبه) القفلة هي المرة من القفول وهو الرجوع من السفر، والمراد هنا الرجوع من سفر الغزو كالذهاب إليه في الثواب (تخريجه) (د ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبي اليمان قال ثنا إسماعيل بن عياش عن الأوزاعي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة الخ (غريبة) الرهج بفتحتين الغبار أو المراد غبار القتال في سبيل الله (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجال أحمد ثقات (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان ح وعبد الرحمن ثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر الخ (تخريجه) (م نس مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد

-8 - الحث على الجهاد وأنه عمود الإسلام وذروة سنامه ----- بأموالهم وأنفسهم وألسنتهم (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية: وإن استنفرتم فانفروا (عن معاذ ابن جبل) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجهاد عموما الإسلام وذروة سنامه (عن أبي إسحاق) قال قلت للبراء بن عازب رضي الله عنه الرجل يحمل على المشركين أهو ممن ألقى بيده إلى التهلكة؟ قال لا، لأن الله عز وجل بعث رسوله صلى الله عليه وسلم فقال (فقاتل في سبيل الله لا تكلف إلا نفسك) إنما ذاك في النفقة (عن عمرو بن مرداس) قال أتيت الشام إتية فإذا رجل غليظ الشفتين أو قال ضخم الشفتين الأنف إذا به بين يديه سلاح: فسألوه وهو يقول يا أيها الناس خذوا من هذا السلاح واستصلحوه وجاهدوا في سبيل الله عز وجل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت من هذا؟ قالوا بلال رضي الله عنه (عن عائشة أم المؤمنين) رضي الله عنها قالت يا رسول الله ألا نخرج نجاهد معكم؟ قال لا، جهادكن الحج المبرور، وهو لكن جهاد (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... عليكم بالجهاد في سبيل الله تبارك وتعالى فإنه باب من أبواب الجنة (باب ما جاء في فضل الرباط والحرس في سبيل الله تعالى) (عن مصعب بن ثابت) بن عبد الله بن الزبير رضي الله

_ أنا حماد عن عبد الحميد عن أنس (تخريجه) (د نس حب) وصححه النسائي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زياد بن عبد الله قال ثنا منصور عن مجاهد عن ابن عباس الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا أبو بكر حدثني عطية بن قيس عن معاذ ابن جبل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وأخرجه الحاكم مطولا وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ رأس الأمر الإسلام، وأما عموده فالصلاة، وأما ذروة سنامه فالجهاد وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان ابن داود الهاشمي قال أنا أبو بكر عن أبي إسحاق الخ (غريبة) يعني الإلقاء باليد إلى التهلكة هو ترك النفقة في الجهاد في سبيل الله وفي سبل الخير لقوله تعالى (وأنفقوا في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة (تخريجه) (مذك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن الجريري عن أبي الورد بن ثمامة عن عمرو بن مرداس الخ (تخريجه) رواه البخاري في تاريخه وابن حبان وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا حسين ثنا يزيد يعني ابن عطاء عن حبيب يعني ابن أبي عمرة عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين الخ (تخريجه) (خ نس جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية (يعني ابن عمرو) ثنا أبو إسحاق عن عبد الرحمن ابن عياش عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبي أمامة عن عبادة بن الصامت الخ (تخريجه) (طب طس ك) وصححه الحاكم واقره الذهبي (باب) (سنده)

-9 - فضل الرباط في سبيل الله عز وجل وهو الحرس ----- عنهما قال: قال عثمان بن عفان رضي الله عن وهو يخطب على منبره إني محدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يمنعني أن أحدثكم إلا الضن عليكم، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حرس ليلة في سبيل الله تعالى أفضل من ألف ليلة يقام ليلها ويصام نهارها (عن أبي صالح) مولى عثمان بن عفان قال سمعت عثمان رضي الله عنه بمنى يقول يا أيها الناس إني أحدثكم حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رباط يوم في سبيل الله تعالى أفضل من ألف فيما سواه فليرابط امرؤ كيف شاء هل بلغت؟ قالوا نعم قال اللهم اشهد (عن عبد الله ابن عمرو) بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رباط يوم خير من صيام شهر وقيامه (عن ابن أبي زكريا الخزاعي) عن سلمان الخير (يعني الفارسي) رضي الله عنه أنه سمعه وهو يحدث شر حبيل بن السمط وهو مرابط على الساحل يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من رابط يوما أو ليلة كان له صيام كصيام شهر للقاعد، ومن مات مرابطا في سبيل الله أجرى الله أجره الذي كان يعمل أجر صلاته وصيامه ونفقته، ووقي من فتان القبر وأمن من الفزع الأكبر (وعنه من طريق ثان) عن سلمان أيضا أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ... يقول رباط يوم وليلة في سبيل الله كصيام شهر وقيامه (زاد في رواية صائما لا يفطر، وقائما لا يفتر) وإن مات جرى عليه أجر المرابط حتى يبعث ويؤمن الفتان (فضالة بن عبيد) رضي الله عنه

_ حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا كهمس عن مصعب بن ثابت الخ (غريبة) الضن بكسر الضاد المعجمة مشددة أي البخل، والمعنى أن عثمان رضي الله عنه كان يبخل بتبليغ هذا الحديث لأصحابه خشية فراقهم، ولكن لما كان تبليغ العلم مطلوبا شرعا آثر تبليغ ما سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كان فيه مفارقة الأصحاب (تخريجه) (مذ جه طب هق ك) وصححه وأقره الذهبي، وقال الحافظ إسناده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا ابن الهيعة ثنا زهرة بن معبد عن أبي صالح الخ (غريبة) الرباط بكسر ففتح مخففا: ملازمة المكان الذي بين المسلمين والكفار لحراسة المسلمين (تخريجه) (نس مذ ك) وصححه وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ابن لهيعة ثنا يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن عبد الله بن عمرو الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث عبد الله بنم عمرو وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا ابن أبي جعفر عن أبان بن صالح عن ابن أبي زكريا الخزاعي الخ (غريبة) أي يكون أجره مستمرا إلى يوم القيامة كما يستفاد من الطريق الثانية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية ثنا أبو إسحاق عن زائدة عن محمد بن إسحاق عن جميل بن أبي ميمونة عن أبي زكريا الخزاعي عن سلمان أيضا أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ... (تخريجه) (م نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا ابن مالك ابن المبارك عن حيوة

-10 - فضل الرباط في سبيل الله عز وجل وهو الحرس ----- عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مات على مرتبة من هذه المراتب بعث عليها يوم القيامة (قال حيوة) يقول رباط أو حج أو نحو ذلك (عن إسحاق بن عبد الله) عن أم الدرداء ترفع الحديث قالي من رابط في شيء من سواحل المسلمين ثلاث أيام أجزأت عنه رباط سنة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... من مات مرابطا وقي فتنة القبر وأمن من الفزع الأكبر وغدق عليه ريح برزقه من الجنة وكتب له أجر الرابط إلى يوم القيامة (عن سهل بن معاذ) عن أبيه رضي الله عبه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال من حرس من وراء المسلمين في سبيل الله تبارك وتعالى متطوعا لا يأخذه سلطان لم ير النار بعينه إلا تحلة القسم: فإن الله تبارك وتعالى يقول (وإن منكم إلا واردها) (عن فضالة بن عبيد) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل ميت يختم على عمله إلا الذي مات مرابطا في سبيل الله فإنه ينمو عمله إلى يوم القيامة ويأمن فتنة القبر، قال وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول.

_ ابن شريح قال أخبرني أبو هانئ الخولاني أن عمرو بن مالك الجني أخبره أنه سمع فضالة بن عبيد يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) معناه إن كان مرابطا بعث مرابطا، وإن كان حاجا بعث محرما ملبيا (تخريجه) ولفظه عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل الميت يختم على عمله إلا المرابط فإنه ينمو له عمله إلى يوم القيامة ويؤمن من فتان القبر، قال المنذري وأخرجه الترمذي وقال حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن عيسى قال ثنا إسماعيل ابن عياش عن محمد بن عمرو بن طلحة الدؤلى عن إسحاق بن عبد الله الخ (غريبة) معناه أن الله عز وجل يضاعف له فيها الحسنات إلى مائة وعشرين ضعفا، فيكون اليوم الواحد كثواب مائة وعشرين يوما، وذلك بإخلاص النية وصدق العزيمة (تخريجه) أورده الهيثمي، وقال رواه أحمد والطبراني من رواية إسماعيل بن عياش عن المدنيين وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود قال ثنا ابن لهيعة عن موسى بن وردان عن أبي هريرة الخ (غريبة) معناه أنه يرزق في الجنة كالشهداء (تخريجه) (جه حب) وقال البوصيري في زوائد ابن ماجة إسناده صحيح (قلت) ليس في إسناده عند ابن ماجة ابن لهيعة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا ذبان وثنا يحيى بن غيلان ثنا رشيدين عن سهل بن معاذ عن أبيه رضي الله عنه الخ (غريبة) أي لا يكرهه على ذلك سلطان أو أمير بل خرج طائعا مختارا ابتغاء مرضاة الله تعالى (تخريجه) رواه الإمام أحمد هما بإسنادين أحدهما فيه ابن لهيعة والثاني فيه رشيدين وكلاهما متكلم فيه: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني وفي أحد إسنادي أحمد ابن لهيعة وهو أحسن حالا من رشيدين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم ثنا ابن المبارك عن حيوة بن شريح قال أخبرني أبو هاني الخولاني أن عمرو بن مالك الجني أخبره أنه سمع فضالة بن عبيد رضي الله عنه

-11 - فضل المرابط في سبيل الله عز وجل ----- المجاهد من جاهد عن نفسه لله أو قال في الله عز وجل (وعن عقبة بن عامر) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن أبي ريحانة) رضي الله عنه قال كنا في غزوة فأتينا ذات ليلة إلى شرف فبتنا عليه فأصابنا برد شديد حتى رأيت من يحفر في الأرض حفرة يدخل فيها ويلقى عليه الحجفة يعني الترس، فلما رأى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناس نادى من يحرسنا الليلة وادعوا له بدعاء يكون فيه فضل؟ فقال رجل من الأنصار أنا يا رسول الله، فقال أدنه، فدنا فقال من أنت فتسمى له الأنصاري ففتح رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدعاء فأكثر منه، قال أبو ريحانة فلما سمعت ما دعى به رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أنا رجل آخر، فقال أدنه، فدنوت، فقال من أنت؟ فقلت أنا أبو ريحانة، فدعا هو دون ما دعا للأنصاري، ثم قال حرمت النار على عين دمعت أو بكت من خشية الله، وحرمت النار على عين سهرت في سبيل الله، أو قال حرمت النار على عين أخرى ثالثة لم يسمعها محمد بن سيرين (باب ما جاء في فضل المجاهدين في سبيل الله) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ... خرج عليهم وهم جلوس فقال ألا أحدثكم بخير الناس منزلة؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال رجل ممسك برأس فرسه في سبيل الله حتى يموت أو يقتل، أفأ خبركم بالذي يليه؟ قالوا نعم يا رسول الله، قال امرؤ معتزلة في شعب يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويعتزل شرور الناس، أفأ خبركم بشر الناس منزلة؟ قالوا نعم، قال الذي يسأل بالله ولا يعطى به (وعنه أيضا) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... يوم خطب الناس بتبوك، ما في

_ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الخ (تخريجه) (د مذ) وقال حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن يزيد ثنا ابن لهيعة ثنا مشرح (بوزن منبر) قال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكر نحو الحديث المتقدم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن اهـ (فائدة) قال الحافظ ابن كثير إذا قال ابن لهيعة في حديثه حدثنا فحديثه حسن، وقد قال في هذا الحديث حدثنا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد ابن الحباب قال حدثني عبد الرحمن بن شريح قال سمعت محمد بت سمير الرعيني يقول سمعت أبا عامرا التجيني: قال أبي وقال غيره الجني يعني غير زيد أبو علي الجني يقول سمعت أبا ريحانة يقول كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ... الخ (قلت) ومعنى قوله قال أبي الخ. أن غير زيد بن الحباب روى هذا الحديث فقال في رواته سمعت أبا علي للجني يدل أبي عامر التجيني (غريبة) أي مكان مرتفع وهو أحد رجال السند (تخريجه) (طب طس ك) وصححه الحاكم: وقال الهيثمي رجال أحمد ثقات. باب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن ذؤيب عن عطاء بن يسار مرسلا (سنده)

-12 - مباهاة الله عز وجل ملائكته بالمجاهدين في سبيل الله ----- الناس مثل رجل آخذ برأس فرسه يجاهد في سبيل الله عز وجل ويجتنب شرور الناس، ومثل آخر باد في نعمة يقري ضيفه ويعطي حقه (عن مالك ابن يخامر) أن معاذ ابن جبل رضي الله عنه حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قاتل في سبيل الله من رجل مسلم فواق ناقة وجبت له الجنة (وفي لفظ) وفواق ناقة قدر ما تدر لبنها لمن حلبها، ومن سأل الله القتل من عند نفسه صادقا ثم مات أو قتل فله أجر شهيد، ومن جرح جرحا في سبيل الله أو نكب نكبة فإنها تجيء يوم القيامة كأغذ ما كانت: لونها كالزعفران وريحها كالمسك، ومن جرح جرحا في سبيل الله فعليه طابع الشهداء (عن ابن مسعود) رضي الله عنه عن النبي قال عجب ربنا عز وجل من رجلين، رجل ثار عن وطائه ولحافه بين أهله وحيه إلى صلاته، فيقول ربنا يا ملائكتي انظروا إلى عبدي ثار من فراشه ووطائه ومن بين حيه وأهله إلى صلاته رغبة فيها عندي وشفقة مما عندي، ورجل غزا في سبيل الله عز وجل فانهزموا فعلم ما عليه من القرار وماله من الرجوع، فرجع حتى أهريق دمه رغبة فيما عنيد وشفقة مما عندي، فيقول الله عز وجل لملائكته انظروا إلى عبدي رجع رغبة فيما عندي ورهبة مما عندي حتى أهريق دمه (عن النعمان ابن البشير) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم نهاره القائم ليله حتى يرجع متى يرجع (عن عمروا بن عبسة) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن حبيب ابن شهاب حدثني أبي قال سمعت ابن عباس يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن جريج قال سليمان بن موسى ثنا مالك ابن يخامر الخ (غريبة) النكبة المصيبة والجمع نكبات مثل سجدة وسجدات، والمراد هنا ما يصيب الإنسان من الحوادث التي فيها جراح من غير العدو كوقوعه من على دابته، أو وقوع سلاح عليه أو نحو ذلك معناه أكثر دما بفتح الباء الموحدة الخاتم يختم به على الشيء يعني ليعلم أنه شهيد (تخريجه) (د مذ) وقال حديث حسن صحيح: وأخرجه أيضا الحاكم وقال صحيح على شرطهما (قلت) وأقره الذهبي (سنده) وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح عفان قالا ثنا حماد بن سلمة قال عفان أنا عطاء بن السائب عن مرة الهمداني عن ابن مسعود الخ (غريبة) أي خوفا من شدة العقاب (تخريجه) (د ك) وحسنه الحافظ السيوطي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن علي عن زائدة عن سماك عن النعمان بن بشير الخ (تخريجه) (بز طب) وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع ثنا جرير عن سليم يعني ابن عامر أن شرحبيل بن السمط قال لعمرو بن

- 13 - من اغبرت قدماه في سبيل الله فهما حرام على النار ----- يقول من رمى بسهم في سبيل الله، فبلغ فأصاب أو أخطأ كان كمن أعتق رقبة من ولد إسماعيل (عن شرحبيل بن السمط) أنه قال لكعب بن مرة رضي الله عنه يا كعب بن مرة حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم واحذر، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ارموا أهل صنع من بلغ العدو بسهم رفعه الله به درجة، قال فقال عبد الرحمن ابن أبي النحام يا رسول الله وما الدرجة؟ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنها ليست بعتبة أمك، ولكنها بين الدرجتين مائة عام (عن ابن عمر) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يحكى عن ربه تبارك وتعالى. قال أيما عبد من عبادي خرج مجاهدا في سبيل الله ابتغاء مرضاتي ضمنت له أن أرجعه بما أصاب من أجر وغنيمة، وإن قبضته أن غفر له وأرحمه وأدخله الجنة (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنها قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. من اغبرت قدماه في سبيل الله فهما حرام من النار (عن عمرو بن عبسة) السلمى رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قاتل في سبيل الله عز وجل فواق ناقة حرم الله على وجهه النار (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال: قال رسول الله

_ عبسة حدثنا حديثا ليس فيه ترديد ولا نسيان قال عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أعتق رقبة مسلمة كانت فكاكه من النار عضوا بعضو، ومن شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة: ومن رمى بسهم في سبيل الله الخ (تخريجه) (ك والأربعة) وقال الترمذي حسن صحيح، وصححه أيضا الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عمرو ابن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن شرحبيل بن السمط الخ (غريبة) بضم الصاد المهملة وفتحها أي يا أهل الصناعة لأنهم كانوا يتقنون صنعة السيوف والسهام وكانوا يحسنون الرمي فخاطبهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك تشجيعا لهم معناه ليس ارتفاع الدرجة العالية من الدرجة السافلة مثل ارتفاع درجة بيتكم (تخريجه) (نس حب) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبيس ثنا روح ثنا حماد ابن سلمة عن يونس عن الحسن عن ابن عمر الخ (تخريجه) (ص مذ) وقال حسن صحيح غريب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن الربيع ثنا ابن مبارك عن عتبة بن أبي الحكم عن حصين عن أبي المصبح عن جابر بن عبد الله الخ (تخريجه) (حب عل) وسنده جيد وله شاهد من حديث أبي عبس عند (خ مذ نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن ابن عبسة الخ (غريبة) بضم الفاء وفتحها أي قدر ما تدر لبنها لمن حلبها (تخريجه) لم أقف عليه الإمام أحمد وفيه عبد العزيز بن عبد العزيز بن عبيد الله ضعيف ولكن حسنة الحافظ السيوطي والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا محمد بن طلحة عن حميد عن أنس الخ

-14 - ما أعده الله للمجاهدين في فضل الكرامة ----- صلى الله عليه وسلم لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها، ولقاب قوس أحدكم أو موضع قده يعني سوطه من الجنة خير من الدنيا وما فيها، ولو طلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحا ولطاب ما بينهما ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها (عن سهل بن سعد الساعدي) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رجلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم مر بشعب فيه عين عذبة قال فأعجبته يعني طيب الشعب فقال لو أقمت هاهنا وخلوت: ثم قال لا حتى أسال النبي صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال مقام أحدكم يعني في سبيل الله خير من عبادة أحدكم في أهله ستين سنة، أما تحبون أن يغفر الله لكم وتدخلون الجنة؟ جاهدوا في سبيل الله، من قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة (وعنه أيضا) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يلج النار أحد بكى من خشية الله عز وجل حتى يعود اللبن في الضرع، ولا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري امرئ أبدا (وفي لفظ) ف منخري مسلم أبدا (عن أبي صالح) عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجتمع في النار من قتل كافرا ثم سدد بعده (ومن طريق ثاني) عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي (قال لا يجتمع الكافر وقاتله من المسلمين في النار أبدا (عب أبي بكر بن عبد الله بن قيس) قال سمعت أبي "يعني أبنا موسى الأشعري" وهو العدو يقول

_ (غريبه) ألقاب وألقيب بمعنى القدر يقال بيني وبينه قاب رمح وقاب قوس أي مقدارهما لفظ البخاري لأضاءت ما بينهما ولملأته ريحا أي ذكية طيبة أي خمارها التي تغطى به رأسها (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عصام بن خالد وأبو النضر قالا ثنا العطاف ابن خالد عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول غدوة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، وروحة في سبيل الله خير من الدنيا وما فيها، وموضع سوط في الجنة خير من الدنيا وما فيها، (تخريجه) (خ مذ حه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا هشم بن سعد عن سعيد بن أبي هلال عن أبي ذباب عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وحسنه الترمذي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد وأبو عبد الرحمن قال يزيد أنا المسعودي عن محمد مولى آل طلحة عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (نس مذ ك هق) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب صحيح (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا حماد عن سهيل عن أبي صالح عن أبيه الخ (غريبة) أي لازم الاستقامة وطاعة الله عز وجل بعد قتله إلى أن مات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا حفص بن ميسرة عن العلاء عن أبيه الخ (تخريجه) (م نس هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني

-15 - أبواب الجنة تحت ضلال السيوف ----- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أن أبواب الجنة تحت ضلال السيوف، قال فقام رجل من القوم رث الهيئة، فقال يا أبا موسى أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم. قال فرجع إلى أصحابه، فقال أقرأ عليكم السلام ثم كسر جفن سيفه فألقاه ثم مشى بسيفه فضرب به حتى قتل (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجمع الله في جوف رجل غبار في سبيل الله ودخان نار جهنم، ومن اغبرت قدماه في سبيل الله حرم الله سائر جسده على النار، ومن صام يوما في سبيل الله باعد الله عنه النار مسيرة ألف سنة للراكب المستعجل، ومن جرح جراحة في سبيل الله ختم له بخاتم الشهداء وله نور يوم القيامة: لونها مثل لون الزعفران وريحها مثل ريح المسك، يعرفه بها الأولون والآخرون: يقولون فلان عليه طابع الشهداء، ومن قاتل في سبيل الله فواق ناقة وجبت له الجنة (عن أبي المصبح الأوزاعي) حدثهم قال بينهما نسير في درب قلمية إذ نادى الأمير مالك بن عبد الله الخثعمي رجلا يقود فرسه في عراض الجبل يا أبا عبد الله ألا تركب؟ قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من اغبرت قدماه في سبيل الله عز وجل ساعة من نهار فهما حرام على النار (عن مالك بن عبد الله الخثعمي) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اغبرت قدماه في سبيل الله حرمه الله على النار (عن سهل عن أبيه) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أمر أصحابه

_ أبي ثنا بهز ثنا جعفر بن سليمان ثنا أبو عمران الجوني عن أبي بكر بن عبد الله بن قيس الخ (غريبة) بفتح الجيم وإسكان الفاء وبالنون يعني غمد سيفه الذي يوضع فيه: وإنما فعل ذلك لأنه عزم على الاستماتة في القتال وعدم الرجوع ورغبة في الجنة، ولذلك ودع أصحابه رضي الله عنه (تخريجه) (م مذ ك) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد قال ثنا أبو يعقوب يعني إسحاق بن عثمان الكلابي قال سمعت خالد بن دريك يحدث عن أبي الدرداء الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن خالد بن ديريك لم يدرك أبا الدرداء (قلت) وكذلك قال المنذري إلا أنه قال وقيل سمع منه والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم ثنا ابن جابر أن أبن المصبح الأوزاعي حدثهم قال بينما نسير الخ (غريبة) المصبح بضم الميم وفتح الصاد المهملة وكسر الموحدة مشددة (وقوله الأوزاعي) هكذا بالأصل وجاء في الترغيب والترهيب للمندزي المقراني بكسر الميم وسكون القاف بدل الأوزاعي وكذلك جاء في التقريب والله أعلم هو جابر بن عبد الله كما صرح بذلك في رواية ابن جبان (تخريجه) (طب عل حب) ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا محمد بن عبد الله الشعبي عن ليث بن المتوكل عن مالك بن عبد الله الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني

-16 - المبالغة في فضل المجاهدين في سبيل الله عز وجل ----- بالغزو وأن رجلا تخلف وقال لأهله أتخلف حتى أصلي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ثم أسلم عليه وأودعه فيدعو لي بدعوة تكون شافعة يوم القيامة، فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم أقبل الرجل مسلما عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدري بكم سبقك أصحابك؟ قال نعم سبقوني بغدوتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لقد سبقوك بأبعد ما بين المشرقين والمغربين في الفضيلة (وعنه أيضا عن أبيه) عن النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة أتته فقالت يا رسول الله انطلق زوجي غازيا وكنت أقتدي بصلاته إذا صلى وبفعله كله، فأخبرني بعمل يبلغني عمله حتى يرجه، فقال لها أتستطيعين أن تقومي ولا تقعدي؟ وتصومي ولا تفطري؟ وتذكري الله تبارك وتعالى ولا تفتري حتى يرجع؟ قالت ما أطيق هذا يا رسول الله، فقال والذي نفسي بيده لو طوقتيه ما بلغت العشر من عمله حتى يرجع (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن رواحة في سرية فوافق ذلك يوم الجمعة: فقال فقدم أصحابه وقال أتخلف فأصلي مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ألحقهم، قال فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟ قال أردت أن أصلي معك الجمعة، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أنفقت ما في الأرض ما أدركت غدوتهم (عن جبير ابن النفير) أن سلمة بن النفيل أخبرهم أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني سئمت الخيل وألقيت السلاح ووضعت الحرب أوزارها. قلت لأقاتل، فقال النبي صلى الله عليه وسلم الآن جاء القتال، لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الناس: يزيغ الله قلوب أقوام فيقاتلونهم ويرزقهم الله منهم حتى يأتي أمر الله عز وجل وهم على ذلك، ألا إن عقر دار المؤمنين الشام، والخيل معقود بنواصيها الخير.

_ أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا ذبان ثنا سهل عن أبيه يعني معاذ بن أنس الجهني (غريبة) يعني مشرق الشتاء ومشرق الصيف والمغربين كذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ذبان بن فايد وثقه أبو حاتم وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن غيلان ثنا رشيدين عن ذبان عن سهل عن أبيه الخ (غريبة) بضم التاء الفوقية أي لا تنقطعي عن الذكر (تخريجه) (طب) وأورده المنذري وقال رواه أحمد من رواية رشيدين بن سعد وهو ثقة عنده ولا بأس بحديثه في المتابعات والرقائق اهـ (قلت) وفيه ذبان بن فايد وثقه أبو حاتم وضعفه جماعة كما قال الهيثمي لكن لهذا الحديث في الصحيحين وغيرهما شواهد تعضده وقد تقدمت (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي نافع قال ثنا إسماعيل بن عياش عن إبراهيم ابن سليمان عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن نفير الخ (تخريجه) (نس) وسنده جيد

- 17 - رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في فضل المجاهدين في البحر ----- إلى يوم القيامة (باب فضل المجاهدين في البحر) (عن أنس بن مالك) عن أم حرام رضي الله عنهما أنها قالت، بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلا في بيتي إذا استيقظ وهو يضحك، فقلت بأبي وأمي أنت ما يضحكك؟ فقال عرض على ناس من أمتي يركبون ظهر هذا البحر كالملوك على الأسرة فقلت ادع الله أن يجعلني منهم، قال اللهم اجعلها منهم، ثم نام أيضا فاستيقظ وهو يضحك، فقلت بأبي وأمي ما يضحكك؟ قال عرض على الناس من أمتي يركبون هذا البحر كالملوك على الأسرة، فقلت ادع الله أن يجعلني منهم، فقال أنت من الأولين فغزت مع عبادة بن الصامت رضي الله عنه وكان زوجها فوقصتها بغلة شبهاء فوقعت فماتت (عن عبد الله) بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري قال سمعت أنس بن مالك يقول اتكأ رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ابنة ملحان قال فرفع رأسه فضحك، فقالت مم ضحكت يا رسول الله؟ فقال من أناس من أمتي يركبون هذا البحر الأخضر غزاة في سبيل الله: مثلهم كمثل الملول على الأسرة، قالت ادع الله يا رسول الله أن يجعلني منهم، فقال الله اجعلها منهم، فنكحت عبادة بن الصامت قال فركبت في البحر مع ابنها قرظة حتى هي قفلت ركبت دابة لها بالساحل.

_ ورجاله كلهم ثقات ولهم شواهد كثير عند الشيخين وغيرهما تعضده (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح قال ثنا حماد يعني ابن سلمة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن أنس بن مالك الخ (غريبة) بفتح الحاء المهملة هي بنت ملحان بكسر الميم وسكون اللام أخت أم سليم كما صرح بذلك في رواية أبي داود وهي خالة أنس بن مالك أي نائما في بيتها وقت القيلولة لأنها كانت محرما له كما ذكره النووي وغيره أي البحر الأخضر كما صرح بذلك في رواية أنس من مسنده وستأتي بعد هذا (وهو بحر الإسكندرية) قال الحافظ موقع التشبيه أنهم فيما هم فيه من النعيم الذي أثيبوا به على جهادهم مثل ملوك الدنيا على أسرتهم: والتشبيه بالمحسوسات أبلغ في نفس السامع اهـ زاد في رواية عند البخاري ولست من الآخرين، وفيه دلالة على أن رؤياه الثانية غير الأولى وأنه عرض فيها غير الأولين تزوجها عبادة بعد قصة الرؤيا وقبل الغزو كما يستفاد من رواية مسلم (فتزوجها عبادة بن الصامت بعد فغزا في البحر فحملها معه، فلما جاءت قربت لها بغلة فركبتها فصرعتها فاندلقت عنقها) وهذا معنى قوله قنا فوقصتها لأن الوقص بفتح الواو وكسر العنق (تخريجه) (ق لك. د وغيرهم) وهذا الحديث جاء عند الإمام أحمد في مسند أم حرام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري الخ (غريبة) هي أم حرام المذكورة في الحديث السابق، وهذا الحديث من مسند أنس: والذي قبله من مسند أم حرام أي رجعت من الغزو (وقوله بالساحل) أي ساحل الشام، ويؤيد ذلك ما جاء في رواية

-18 - رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم في فضل المجاهدين في البحر ----- فوقصت بها فسقطت فماتت (عن زيد بن أسلم) عن عطاء بن يسار أن امرأة حدثته قالت نام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهو يضحك، فقلت تضحك مني يا رسول الله؟ قال لا ولكن من قوم من أمتي يخرجون غزاة في البحر مثلهم مثل الملوك على الأسرة، فقالت ثم نام استيقظ أيضا يضحك فقلت تضحك يا رسول الله مني قال لا: ولكن من قوم يخرجون غزاة في البحر فيرجعون قليلة غنائمهم مغفورا لهم: قالت ادع الله أن يجعلني منهم فدعا لها: قال فأخبرني عطاء بن يسار قال فرأيتها في غزاة غزاها المنذر بن الزبير إلى أرض الروم معنا فماتت بأرض الروم (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت بعض نسائه إذ وضع رأسه فنام فضحك في منامه، فلما استيقظ قالت له امرأة من نسائه لقد ضحكت في منامك، فما أحكك؟ قال أعجب من ناس من أمتي يركبون هذا البحر حول العدو يجاهدون في سبيل الله فذكر لهم خيرا كثيرا

_ البخاري من طريق الليث بلفظ، فخرجت مع زوجها عبادة غازيا ما ركب المسلمون البحر مع معاوية، فلما انصرفوا من غزوهم قافلين نزلوا الشام فقربت إليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت، فهو صريح في أن أم حرام ماتت بساحل الشام، وحكى الحافظ عن هشام بن عمار قال رأيت قبرها بساحل حمص (تخريجه) (خ وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار الخ (غريبة) لم يصرح باسم المرأة في هذه الرواية والظاهر أنها غير إم حرام التي مر ذكرها، وأن هذه قصة أخرى غير تلك، لأن عطاه ذكرانها حدثته (قال الحافظ) وهو يصغر عن إدراك إم حرام وعن أن يغزو في سنة ثمان وعشرين بل وفي سنة ثلاث وثلاثين، لأن مولده على ما جزم به عمرو بن علي وغيره كان في سنة تسع عشرة، وعلى هذا فقد تعددت القصة اهـ (قلت) جاء في سنن أبي داود عن عطاء بن يسار عن أخت سليم الرميصاء قالت نام النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث: وقد صرح فيه باسمها وأنها الرميصاء أخت أم سليم، قال الحافظ لعلها أختها أم عبد الله بنت ملحان، فيحتمل أن تكون هي صاحبة القصة التي ذكرها عطاء بن يسار، وتكون تأخرت حتى أدركها عطاء والله أعلم ثبت في حديث أم حرام عند الشيخين أن أمير الغزوة كان معاوية، وفي هذه القصة أن أميرها كان المنذر بن الزبير وهذا أيضا دليل على تعدد القصة تقدم أن أم حرام ماتت بساحل الشام ودفنت هناك بساحل حمص وهذه ماتت بأرض الروم قاله الحافظ، وعلى هذا فقد تعددت القصة لأم حرام ولأختها أم عبد الله فلعل إحداهما دفنت بساحل قبرص والأخرى بساحل حمص والله أعلم (تخريجه) (مذ نس) بألفاظ مختلفة وقال الترمذي حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي إسحاق حدثني محمد بن ثابت العبدي عن جبلة بن عطية عن إسحاق بن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس الخ (غريبة) أي أجرا عظيما وثوابا جزيلا وهذه قصة ثالثة وقعت في بيت بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم غير قصة أم حرام وقصة أختها الرميصاء، لا مانع من تعدد القصة على هذا النحو لأهمية الغزو في البحر والله أعلم

-19 - يثاب المجاهد على قدر نيته ----- (باب إخلاص النية في الجهاد، وما جاء في أخذ الأجرة عليه) (عن عبد الله بن عتيك) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوا من خرج من بيته مجاهدا في سبيل الله عز وجل ثم قال بأصابعه هؤلاء الثلاث، الوسطى والسبابة والإبهام فجمعهن، وقال وأين المجاهدون فخر عن دابته ومات فقد وقع أجره على الله تعالى، أو لدغته دابة فمات فقد وقع أجره على الله تعالى أو مات حتف أنفه فقد وقع أجره على الله عز وجل، والله أنها لكلمة ما سمعتها من أحد من العرب قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم (فمات فقد وقع أجره على الله تعالى) ومن مات قعصا فقد استوجب المآب (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الغزو غزوان، فأما من ابتغى وجه الله وأطاع الإمام وأنفق الكريمة وياسر الشريك واجتنب الفساد فإن نومه ونبهه أجر كله، وأما من غزا فخرا ورياء وسمعة وعصى الإمام وأفسد

_ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي وعزاه للإمام أحمد فقط وقال فيه محمد بن ثابت العبدي وثقه ابن معين في رواية وكذلك النسائي وبقية رجاله ثقات (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد بن إسحاق عن محمد بن إبراهيم بن الحارث عن محمد بن عبد الله بن عتيك أحد بني سلمة عن أبيه عبد الله بن عتيك الخ (غريبة) القول هنا بمعنى الفعل أي أشار بأصابعه الخ، والظاهر والله أعلم أن معنى الإشارة بالثلاثة الأصابع النفس والسلاح والفرس القائل وأين المجاهدون هو الرجل الذي خرج من بيته مجاهدا يعني أنه يستفهم عن مكان المجاهدين ليلتحق بهم فخر عن دابته قبل الوصول إليهم فمات فهذا يكتب له ثواب المجاهد لنيته وإخلاصه الحتف بفتح الحاء المهملة وسكون المثناة من فوق الهلاك، والمراد به هنا الموت على فراشه من غير قتل بل كان مع المجاهدين فمات كذلك لعله يعني قوله صلى الله عليه وسلم (أو مات حتف أنفه) هذه الجملة التي بين دائرتين وهي قوله (فمات فقد وقع أجره على الله) جاءت في الأصل في هذا الموضع في الحديث ولا معنى لها فيه، والظاهر أنها كررت من الناسخ: ويؤيد ما ذكرنا أن الحافظ ابن كثير أتى بهذا الحديث نفسه في تفسيره عاريا منها، وكذلك الحاكم في المستدرك والله أعلم القعص بتقديم القاف على العين أن يضرب الإنسان فيموت: يقال قعصته إذا قتلته قتلا سريعا (وقوله فقد استوجب المآب) معناه حسن المرجع بعد الموت، وفي بعض الروايات فقد استوجب الجنة (تخريجه) (طب) والبخاري في التاريخ والحاكم وصححه وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا حيوة بن شريح ويزيد ابن عبد ربه قالا ثنا بقية وهو ابن الوليد حدثني بجيرة بن سعد عن خالد بن معدان عن أبي بحيرة عن معاذ بن جبل الخ (غريبة) أي الناقة العزيزة عليه المختارة عنده وقيل نفسه (وياسر الشريك) أي أخذ باليسر والسهولة مع الرفيق نفعا بالمعونة أي بأن لم يتجاوز الحد المشروع في نحو قتل ونهب وتخريب نبهه بضه النون وسكون الباء الموحدة وفتح الهاء الأولى أي يقظته وانتباهه من نومه

-20 - حكم من أخذ الأجرة على الجهاد ----- في الأرض فإنه لم يرجع بالكفاف (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من غزا في سبيل الله وهو لا ينوي في غزاته إلا عقالا فله ما نوى (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله رأيت الرجل يقاتل شجاعة ويقاتل حمية ويقاتل رياء فأي ذلك في سبيل الله؟ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قاتل لتكون كلمة الله هي العليا فهو في سبيل الله عز وجل (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رجلا قال يا رسول الرجل يريد الجهاد في سبيل الله وهو يبتغي عرض الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أجر له، ثم عاد الثالثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أجر له (عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي عنهما قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من غازية تغزو في سبيل الله فيصيبون غنيمة إلا تعجلوا ثلثي أجرهم من الأخرى ويبقى لهم الثلث فإن لم يصيبوا غنيمة تم لهم أجرهم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال شهدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر فقال لرجل يعني يدعي الإسلام هذا من أهل النار، فلما حضر القاتل قاتل الرجل قتالا شديدا فأصابته جراحة: فقيل يا رسول الله أن الرجل الذي قد قلت له إنه من أهل النار فإنه

_ المراد بالكفاف هنا الثواب أي لم يرجع بخير أو بثواب يغنيه يوم القيامة (تخريجه) (د مذ هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن جبلة بن عطية عن يحيى بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن جده عبادة بن الصامت الخ (غريبة) بكسر العين المهملة هو ما يربط به ركبة البعير، والمعنى أن من غزا الأجل شيء من الغنيمة ولو تافها كعقال البعير فليس له إلا ما نوى (تخريجه) (نس ك حب) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شقيق عن أبي موسى الخ (تخريجه) (ق والأربعة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن القاسم بن عياش عن بكيرة بن عبد الله بن الأشج عن ابن مكرزعن أبي هريرة الخ (تخريجه) (د حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يزيد أنا ابن أبي ذئب عن القاسم بن عياش عن بكيرة بن عبد الله بن الأشج عن ابن مكرز عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (د حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة وابن العاص يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي من الآخرة أي يستوفوه كاملا في الآخرة (تخريجه) (م د نس جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن عباس ابن المسيب عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي لأنه منافق غير مؤمن وقد أعلمه الله عز وجل

-21 - إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر ----- قاتل اليوم قتالا شديدا وقد مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إلى النار: فكاد بعض الناس أن يرتاب: فبينما هم على ذلك إذ قيل فإنه لم يمت ولكن به جراح شديدة، فلما كان من الليل لم يصبر على الجراح فقتل نفسه، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقال الله أكبر أشهد أن لا أني عبد الله ورسوله ثم أمر بلالا فنادى في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، إن الله يؤيد هذا الذين بالرجل الفاجر (عن سهل بن سعد) الساعدي رضي الله عنه قال كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل في بعض مغازيه فأبلى بلاء حسنا، فعجب المسلمون من بلائه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما إنه من أهل النار قلنا في سبيل الله مع رسول الله، الله ورسوله أعلم، قال فخرج الرجل فلما اشتد به الجراح وضع ذبابة سيفه بين ثدييه ثم اتكأ عليه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له الرجل الذي قلت له ما قلت قد رأيته يتضرب والسيف والسيف بين أضعافه: فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الرجل ليعمل بعمل أهل الجنة حتى يبدو للناس وإنه لمن أهل النار، وإنه ليعمل بعمل أهل النار فيما يبدو للناس وإنه لمن أهل الجنة (زاد في رواية) وإنما الأعمال بالخواتيم (عن يعلى بن أمية) رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعثني في سرايا فبعثني ذات يوم في سرية وكان رجل يركب ثقلي فقلت له ارحل فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد بعثني في سرية: فقال ما أنا بخارج معك: قلت ولم؟ قال حتى تجعل لي ثلاثة دنانير، فلما رجعت من غزاتي ذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال له ليس من غزاة هذه ومن دنياه

_ بحال الرجل عن طريق الوحي (وما ينطق عن الهوى) إنما كبر صلى الله عليه وسلم ونشهد شكرا لله على إظهار صدقة ودفع الريبة عن بعض الناس الفاجر له معان كثيرة والمراد هنا الكافر، والمعنى أن الله عز وجل يقوي الدين ويشيد أركانه ويرفع شأنه بمؤازرة الرجل الكافر ومظاهرته لأهل الدين ورجال اليقين وليس منهم في شيء والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا عبد الرحمن يعني ابن عبد الله بن دينار عن أبي حازم عن سهل بن سعد الخ (غريبة) أي يضرب ويتحرك (وقوله والسيف بين أضعافه) أي عظامه وهو جمع ضعف بالكسر، قال في القاموس أضعاف الكتاب أي أثناء سطوره وحواشيه، ومن الجسد أعضاؤه أو عظامه، الواحدة ضعف بالكسر اهـ (تخريجه) (ق وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الهيثم بن خارجة قال ثنا بشير ابن طلحة أبو نصر الحضرمي أو الخشنى عن خالد بن دريك عن يعلى بن أمية الخ (غريبة) بضم أوله ثم راء مفتوحة بعدها كاف مشددة مكسورة قال في القاموس ركبه تركيبا وضع على بعض فتركب وتراكب (والثقل) محركة متاع المسافر وحشمه وكل شيء نفيس مصون اهـ ومعناه أن رجلا كان يعاونني في وضع أمتعتي وتحميلها على البعير بفتح الحاء المهملة يقال رحل البعير شد على ظهره

-22 - من جاهد لأجل حطام الدنيا فحظه ما أخذ منها ----- ومن آخرته إلا ثلاثة الدنانير (عن أيوب) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنها ستفتح عليكم الأمصار، وسيضربون عليكم بعوثا ينكر الرجل منكم البعث فيتخلص من قومه ويعرض نفسه على القبائل، يقول من أكفيه بعث كذا وكذا: ألا وذلك الأجير إلى آخر قطرة من دمه (عن رويفع بن ثابت) أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وكان أحدنا يأخذ الناقة على النصف مما يغنم حتى أن لأحدنا القدح وللآخر النصل والريش (عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للغازي أجره: وللجاعل أجره وأجر الغازي (باب فضل إعانة المجاهد وتجهيزه وخلفه في أهله والنفقة في سبيل الله عز وجل) (عن زيد بن خالد الجهني) رضي الله عنه قال: قال رسول

_ الرحل وبابه قطع، ومعناه أنه يأمره بالخروج وشد الرحل على البعير يعني أنه لا ثواب له عند الله في الآخرة ولا شيء له في الدنيا من الغنيمة إلا ثلاثة الدنانير التي اختارها لنفسه (تخريجه) (د) وسنده جد وسكت عنه أبو داود والمنذري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن عبد ربه ثنا محمد بن حرب حدثني أبو سلمة عن يحيى بن جابر قال سمعت ابن أخي أيوب الأنصاري يذكر عن أبي أيوب الخ (غريبة) معنى الحديث إذا بلغ الإسلام في كل ناحية يحتاج الإمام وامراؤه أن يرسلوا إلى ناحية بعثا أي طائفة من كل قبيلة لجهاد الكفار في تلك الناحية حتى لا يغلبوا على من فيها من المسلمين (وقوله ينكر الرجل منكم البعث) أي لا يرضى بالخروج معه ويتخلص من قومه بأي حيلة ثم يذهب يعرض نفسه على غير قومه ممن طلبوا إلى الغزو ليكون عوضا عن أحدهم بالأجرة، فإن من فعل ذلك كان خروجه للدنيا لا دين: ولهذا قال وذلك الأجير إلى آخر قطرة من دمه، أي لا يكون في سبيل الله من دمه شيء بل في سبيل ما أخذه من الأجر والله أعلم (تخريجه) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق من كتابه قال أنا ابن لهيعة عن عياش بن عباس عن شييم بن بيتان عن أبي سالم عن شيبان بن أمية عن رويفع بن ثابت الخ (غريبة) معناه أن الرجلين كانا يقتسمان السهم فيقع لأحدهما نصله وللآخر قدحه بكسر فسكون أي خشبة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام وبقية رجاله ثقات (ينده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا ليث حدثني حيوة يعني ابن شريح عن ابن شفي الأصبحي عن أبيه عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبة) معنى الحديث أن للغازي أجره الذي شرط له الجاعل أي المستأجر من المال أو نحوه وليس له اجر المجاهد في سبيل الله، ولا يخفى أن الجهاد بالنفس أفضل امن أمكنه ذلك والله اعلم (تخريجه) وسكت عنه أبو داود والمنذري وصححه الحافظ السيوطي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك عن عطاء

-23 - من جهز غازيا أو خلفه في أهله له مثل أجره ----- الله صلى الله عليه وسلم من جهز غازيا أو خلفه في أهله كتب له مثل أجره إلا أنه لا يقص من أجر الغازي شيء (عن بسعر بن سعيد) حدثني ابن خالد الجهني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جهز غازيا فقد غزا، ومن خلف غازيا في أهله بخير فقد غزا (معاذ بن جيل) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جهز غازيا أو خلفه في أهله بخير فإنه معنا (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم ينفق من كل مال له زوجين في سبيل الله عز وجل إلا استقبلته حجبة الجنة كلهم يدعوه إلى ما عنده، قلت وكيف ذاك؟ قال إن كانت رجالا فرجلين وإن كانت إبلا فبعيرين، وإن كانت بقرا فبقرتين (عن عمر بن الخطاب) رصي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أظل رأس غاز أظله الله يوم القيامة، ومن جهز غازيا حتى يستقل كان له مثل أجره حتى يموت: قال: قال يونس أو يرجع، ومن بنى مسجدا يذكر فيه اسم الله تعالى بنى الله له بيتا في الجنة (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن فتى من الأنصار (وفي لفظ من أسلم) قال يا رسول الله إني أريد الجهاد وليس لي مال أتجهز به، فقال اذهب إلى فلان الأنصاري فإنه قد كان تجهز ومرض فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام ويقول لك ادفع إلى ما تجهزت به، فقال له ذلك، فقال يا فلانة ادفعي إليه ما جهزتني ولا تحبسي

_ عن زيد بن خالد الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من فطر صائما كتب له مثل أجره إلا أنه لا ينقص من أجر الصائم شيء ومن جهز غازيا الخ (تخريجه) (نس جه حب خز) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد حمد حرب ثنا يحيى حدثني أبو سلمة حدثني يسر بن سعيد الخ (تخريجه) (ق، والثلاثة، وغيرهم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن مصعب ثنا أبو بكر ابن أبي مريم عن يحيى بن جابر عن رجل عن معاذ بن جبل الخ (تخريجه) (طب) وفيه أبو بكر بن أبي مريم ضعيف، وفيه أيضا رجل لم يسم ويؤيده ما قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن يونس عن الحسن عن صعصعة بن معاوية قال أتيت أبا ذر قلت ما مالك؟ قال مالي عملي، قلت حدثني، قال نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة من أولادهما لم يبلغوا الحنث إلا غفر الله لهما، قلت حدثني قال نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم ينفق من كل مال له الخ (تخريجه) (نس حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال في الصحيحين من حديث أبي هريرة نحوه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سلمة الخزاعي أنبأنا ليث ويونس ثنا ليث عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن الوليد بن أبي الوليد عن عثمان بن عبد الله يعني ابن سراقة عن عمر بن الخطاب الخ (غريبة) معناه أن يونس زاد في رواته بعد قوله أو يموت زاد (أو يرجع) (تخريجه) (جه عل بز هق حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله

-24 - فضل الصدقة في سبيل الله وإعانة المجاهدين ----- عنه شيئا فإنك والله إن حبست عنه شيئا لا يبارك الله لك فيه (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى بني لحيان ليخرج من كل رجلين رجل، ثم قال للقاعد أيكم خلف الخارج في أهله وماله بخير كان له مث 3 ل نصف أجر الخارج (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم لو كان أحد عندي ذهبا لسرني أن أنفقه في سبيل الله وأن لا يأتي عليه ثلاثة وعندي منه دينار ولا درهم إلا شيء أرصده في دين يكون على (عن أبي مسعود الأنصاري) رضي الله عنه أن رجلا تصدق بناقة مخطومة في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتأتين يوم القيامة بسبعمائة ناقة مخطومة (عن أبي الدرداء) عن ابن الحنظلية رضي الله عنهما قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المنفق على الخيل في سبيل الله كباسط يديه بالصدقة لا يقبضها (عن جابر بن عبد الله) الأنصاري رضي الله عنهما حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أراد الغزو فقال يا معشر المهاجرين والأنصار إن من إخوانكم قوما ليس

_ حدثني أبي ثنا روح وعفان المعنى قالا ثنا حماد عن ثابت عن أنس بن الخ (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف ثنا ابن وهب قال أخبرني عمرو عن يزيد بن أبي الحبيب عن يزيد بن أبي سعيد مولى المهري عن أبيه عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) (م. د. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد بن اسحاق عن موسى ابن يسار عن أبي هريرة الخ (غريبة) بضم الهزة وكسر الصاد المهملة أي أعده وأحفظه الأداء دين لأنه مقدم على الصدقة: وما بقى بعد الدين ونفقته الخاصة ينفقه في سبيل الله، هذا ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة أصحابه رضي الله عنهم (تخريجه) (خ) ومسلم بمعناه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان قال سمعت أبا عمرو الشيباني عن أبي مسعود الخ (غريبة) أي فيها خطام وهو الحبل الذي يقاد به البعير، وأما الذي يجعل في الأنف دقيقا فهو الزمام، ووصفها بطونها مخطومة لأن الإبل لا يوضع فيها الخطام إلا إذا قويت واشتدت وصارت صالحة لحل الأثقال وغيرها (تخريجه (م. د وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك ابن عمرو وأبو عامر قال ثنا هشام بن سعد قال ثنا قيس بن بشر التغلبي قال أخبرني أبي وكان جليسا لأبي الدرداء قال كان بدمشق رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له ابن الحنظلية وكان رجلا متوحد أقلما يجالس الناس: إنما هو في صلاته فإذا فرغ فإنما يسبح ويكبر حتى يأتي أهله: فمر بنا يوما ونحن عند أبي الدرداء فقال له أبو الدرداء: كلمة تنفعنا ولا تضرك، فذكر بهذا السند أحاديث ستأتي في مواضعها (منها) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المنفق على الخبل الخ (تخريجه) (د) وابن سعد في الطبقات وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيدة ثنا الأسود بن قيس عن نبيح العنزي عن جابر الخ (غريبه)

-25 - فضل نساء المجاهدين على القاعدين- ووعيد من خان المجاهد في أهله ----- لهم مال ولا عشيرة فليضم أحدكم إليه الرجلين أو الثلاثة فما لأحد من ظهر جملة إلا عقبة كعقبة أحدهم، قال فضممت اثنين أو ثلاثة إلي وما لي إلا عقبة كعقبة أحدهم (عن رويفع بن ثابت) الأنصاري رضي الله عنه أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وكان أحدنا يأخذ الناقة على النصف مما يغنم حتى إن لأحدنا القدح وللآخر النصل والريش (باب في حرمة نساء المجاهدين ووعيد من خان المجاهد في أهله) (عن ابن بريدة) عن أبيه رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فضل نساء المجاهدين على القاعدين في الحرمة كفضل أمهاتهم وما من قاعد يخلف مجاهدا في أهله فخبب في أهله (وفي لفظ فيخون فيها) إلا وقف له يوم القيامة فقيل له إن هذا خانك في أهلك فخذ من عمله ما شئت: قال فما ظنكم (باب وعيد من ترك الجهاد في سبيل الله عز) (عن ابن عمر) رضي الله عنه قال سمعت

_ العقبة بضم العين المهملة وسكون القاف ركوب جماعة مركبا واحدا على التعاقب واحدا بعد واحد سواء في ذلك المالك للجمل وغيره، وذلك لقلة الظهر، وفي هذا إعانة للمجاهد الفقير الذي لا يملك ظهرا: وهذا موضع الدلالة من الحديث ومناسبته للترجمة (تخريجه) (د ك) وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن اسحاق في كتابه قال أنا ابن لهيعة عن عياش بن عباس عن شييم بن بيتان عن أبي سالم عن شيبان بن أمية عن رويفع بن ثابت الخ (غريبة) المعنى أن المجاهد الذي لا يملك ظهرا كان يأخذ الناقة أو البعير من مالكه على أن يعطيه نصف نصيبه من الغنيمة القدح بكسر القاف وسكون الدال المهملة خشب السهم، ويقال للسهم أول ما يقطع قطع بكسر القاف: ثم ينحت ويبري فيسمى قدحا، ثم براش ويركب نصله فيسمى سهما (والنصل) بفتح فسكون حديدة السهم والربح والسيف ما لم يكن له مقبض والريش بكسر الراء من السهم يركب في النصل: يقال راش السهم بريشه ريشا إذا ركب عليه الريش وريشت السهم الزقت عليه الريش فهو مريش كبيع: والمعنى أنه كان يقتسم الرجلان السهم فيقع لأحدهما نصله وريشه وللآخر قدحه (تخريجه) (د نس هق) قال في المرقاة سنده حسن (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية عن ليث عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه الخ (غريبة) قال النووي هذا في شيئين (أحدهما) تحريم التعرض لهن بريبة من نظر محرم وخلوة وحديث محرم وغير ذلك (والثاني) في برهن والإحسان إليهن وقضاء حوائجهن التي لا يترتب عليها مفسدة، ولا يتوصل بها إلى ريبة ونحوها اهـ أي يفسد المرأة على زوجها بخيانة ونحوها معناه أن الملائكة توقف الخائن عن المرور على الصراط بأمر الله عز وجل ثم تقول للمجاهد إن هذا خانك الخ في رواية للنسائي فقال ما ظنكم؟ ترون بدع له من حسناته شيئا (تخريجه) (م د نس) (باب (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا الأسود بن عامر أنا أبو بكر عن الأعمش

-26 - وعيد من ترك الجهاد في سبيل الله - وحكم من تخلف عنه العذر ----- رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا يعني ضن الناس بالدينار والدرهم، وتبايعوا بالعينة واتبعوا أذناب البقر وتركوا الجهاد في سبيل الله أنزل الله بهم بلاء فلم يرفعه عنهم حتى يراجعوا دينهم بغزو دينهم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من مات ولم يغزو لم يحدث نفسه بغزو مات على شعبه نفاق (وعنه أيضا) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لثوبان كيف أنت يا ثوبان إذا تداعت عليكم الأمم كتداعيكم على قصعة الطعام تصيبون منه؟ قال ثوبان بأبي وأمي يا رسول الله أمن قلة بنا؟ قال لا، أنتم يومئذ كثير، ولكم يلقى في قلوبكم الوهن، قالوا وما الوهن يا رسول الله؟ قال حبكم الدنيا وكراهيتكم للقتال (باب في حكم من تخلف عن القتال لعذر) (عن أنس) رضي الله عنه قال لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فدنا من المدينة قال إن بالمدينة لقوما ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا إلا كانوا معكم فيه، قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال وهم بالمدينة حبسهم العذر

_ عن عطاء بن أبي ابن عمر الخ (غريبة) بفتح الضاد المعجمة والنون المشددة أي بخلوا بالدينار والدرهم فلم ينفقوها في وجوه الخير بكسر العين المهملة ثم ياء تحتية ساكنة ثم نون، قال الجوهري العينة بالكسر السلف اهـ قال الرافعي وبيع العينة أن بيع شيئا من غيره بثمن مؤجل ويسلمه إلى المشتري ثم يشتريه قبل قبض الثمن بثمن نقد أقل من ذلك القدر اهـ هو كناية عن أشغلهم بالزرع وإهمالهم أمر الجهاد في سبيل الله أي حتى يرجعوا عن ارتكاب هذه الخصال المذمومة (تخريجه) (د طب) ورجال الإمام أحمد ثقات وصححه ابن القطان أيضا، وللحديث شواهد وطرق مختلفة تعضده والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم حدثنا ابن مبارك عن وهيب أخبرني عمر بن محمد بن المنكدر عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (م د ك) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو جعفر المدائي أنا عبد الصمد بن حبيب الأزدي عن أبيه بن عبد الله عن شبيل بن عوف عن أبي هريرة الخ (غريبة) تداعي الأسهم اجتماعها ودعاء بعضها بعضا حتى تصير العرب بين الأمم كقصعة بين الأكلة محاطا بها من كل جانب: وقد تحقق ذلك الآن ووقع المسلمون فيما حذرهم منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فصاروا غنيمة للأجانب أعني الكفار، فكل جولة أخذت نصيبها منهم تسخرهم كيف شاءت: وذلك بسبب حبهم الدنيا وتركهم للقتال والاستعداد له فلا حول ولا قوة إلا بالله (تخريجه) (د) وفي إسناده من لا يعرف (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي ثنا حميد عن أنس الخ (غريبة) أي في ثوابه، وفي رواية لابن حبان وأبي عوانة من حديث جابر إلا شركوكم في الأجر بدل قوله إلا كانوا معكم جاء في رواية لمسلم من حديث جابر بلفظ حبسهم المرض، وكأنه محمول على الأغلب وقد يكون عذر المرض مثله (تخريجه) (خ د) و (م حب) وأبو عوانة من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما

-27 - فضل الشهداء في سبيل الله وما أعده الله عز وجل لهم من الكرامة ----- (أبوب فضل الشهادة والشهداء) (باب فضل الشهادة في سبيل الله عز وجل) (عن أنس ابن مالك) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يؤتى بالرجل من أهل الجنة يوم القيامة فيقول الله عز وجل يا ابن آدم كيف وجدت منزلك؟ فيقول يا رب خير منزل، فيقول سل وثمنه، فيقول ما أسأل وأتمنى إلا أن تردني إلى الدنيا فاقتل في سبيلك عشر مرات لما يرى من فضل الشهادة (عن عبد الرحمن ابن أبي عميرة) الأزدي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من الناس نفس مسلم يقبضها الله عز وجل تحب أن تعود إليكم وأن لها الدنيا وما فيها غير الشهيد (وقال ابن أبي عميرة) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن أقتل في سبيل الله أحب إلى من أن يكون لي المدر والوبر (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من أحد يدخل الجنة يحب أن يخرج منها وأن له ما على الأرض من شيء غير الشهيد يحب أن يخرج فيقتل لما يرى من الكرامة أو معناه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انتدب الله عز وجل لمن خرج في سبيل الله لا يخرج إلا جهادا في سبيلي وإيمانا بي وتصديقا برسولي فهو على ضامن أن أدخله الجنة أو أرجعه إلى مسكنه الذي خرج منه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة، والذي نفس محمد بيده ما من كلم يكلم في سبيل الله إلا جاء يوم القيامة كهيئته يوم كلم لونه لون دم وريحه

_ (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن يعني ابن مهدي عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس الخ (تخريجه) (نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيوة بن شريح قال ثنا بقية قال حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الخ (غريبة) لفظ اللساني أحب إلى من أن يكون لي أهل الوبر والمدر وأهل الوبر هم سكان البوادي من الأعراب الذين لا يأوون إلى جدار: لأن بيوتهم من وبر الإبل، وأهل المدر أهل القرى والأمصار، والمدر محركا هو الطين الصلب المتحجر: والمراد والله أعلم أن يكون لي هؤلاء عبيدا فأعتقهم أو ملك ما يمتلكون (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد بإسناد حسن والنسائي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عمرو بن الهشيم أبو قطن ثنا شعبة عن قتادة عن أنس الخ (غريبة) يعني أو معنى لفظ الكرامة كالفضل مثلا، وإنما قال ذلك الراوي لأنه يشك هل سمعه بلفظ الكرامة أو بلفظ آخر فيه معنى الكرامة (تخريجه) (ق مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة الخ (غريبة معناه تكفل كما جاء في رواية للبخاري بفتح الهمزة من رجع وأن مصدرية والأصل بان أرجعه أي يرجعه إلى بلده الكلم بفتح الكاف وسكون ألام الجرح ويقال رجل كليم أي جريح) (وقوله يكلم) بضم أوله مبني للمفعول أي يجرح (تخريجه) (ق لك. والثلاثة وغيرهم)

- 28 - أرواح الشهداء في طير خضر تأكل من ثمر الجنة ----- ريح مسك، والذي نفس محمد بيده لولا أن أشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو في سبيل الله أبدا، ولكنني لا أجد سعة فيتبعوني، ولا تطيب أنفسهم فيختلفون بعدي، والذي نفس محمد بيده لوددت أن أغزو في سبيل الله فأقتل ثم أغزوا فأقتل (عن جابر ابن عبد الله) رضي الله عنه قال: قال رجل يوم أحد لرسول الله صلى الله عليه وسلم إن قتلت فأين أنا؟ قال الجنة؟ فألقى تمرات كن في يده، فقاتل حتى قتل (وقال غير عمرو) وتخلى من طعام الدنيا (باب ما جاء في فضل الشهداء) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهداء على بارق نهر باب الجنة في قبة خضراء يخرج عليهم رزقهم من الجنة بكرة وعشيا (عن ابن كعب بن مالك) عن أبيه رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم يعني أن أرواح الشهداء في طير خضر تعلق من ثمر الجنة، وقرئ على سفيان نسمة تعلق في ثمرة أو شجرة الجنة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الهند فإن استشهدت كنت من خير الشهداء وإن رجعت فأنا أبو هريرة المحررة

_ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو سمعت جابرا يقول قال رجل يوم أحد الخ (غريبة) هذه الجملة وهي قوله (وتخلى عن طعام الدنيا) ليست عند مسلم ولا النسائي (تخريجه) (م نس وغيرهما) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحاق قال حدثني الحارث بن فضيل الأنصاري عن محمود بن لبيد الأنصاري عن ابن عباس الخ (غريبة) أي جانب نهر، قال العلماء هذا في شهداء عليهم ذنوب منعتهم من دخول الجنة مع السابقين، فلا ينافي ما ورد من أن أرواح الشهداء في أجواف طيور تسرح في الجنة لأن ذاك في حق من ذنوب عليهم (تخريجه) (طب طس حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي: وقال الهيثمي رجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو عن الزهري عن ابن كعب ابن مالك الخ (غريبة) بضم اللام من باب قتل أي تأكل وهو في الأصل للإبل إذا أكلت العضاة يقال علقت تعلق علوقا فنقل الطير (نه) (تخريجه) (لك نس مذ جه) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم عن سيار عن جبر بن عبيدة عن أبي هريرة الخ (غريبة) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم وعد المؤمنين بغزوهم الهند بعد وفاته، وفي رواية النسائي قال أبو هريرة فغن أدركتها أنفق فيها ومالي، فإن أقتل كنت من أفضل الشهداء: وإنما قال ذلك لأنه واثق من نفسه أنه يجاهد امتثالا لأمر الله ولإعلاء كلمة الله، ومن كانت هذه نيته كان من أفضل الشهداء هكذا في الأصل المحررة بزيادة هاء في آخره، وفي النهاية المحرر أي المعتق اهـ قلت وعند النسائي بغير هاء: فإن صح لفظ الهاء فيكون معناه المعتقة رقبته من النار والله أعلم (تخريجه) (نس) وسنده جيد

-29 - تخفيف ألم القتل على الشهيد ورضا الله عز وجل عنه ----- (وعنه أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما يجد الشهيد من مس القتل إلا كما يجد أحدكم مس القرصة (وعنه أيضا) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل كلم يكلمه المسلم في سبيل الله تكون يوم القيامة كهيئتها إذا طعنت تتفجر دما اللون لون الدم والعرف عرف المسك قال الإمام احمد يعني العرف الريح (وعنه أيضا) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك الله لرجلين يقتل أحدهما الآخر كلاهما يدخل الجنة، قالوا كيف يا رسول الله؟ قال يقتل هذا فيلج الجنة: ثم يتوب الله على الآخر فيهديه إلى الإسلام ثم يجاهد في سبيل الله فيستشهد (طلحة بن عبيد الله) قال خرجنا مع رسول الله قبور إخواننا (عن البراء بن عازب)

_ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا صفوان أنا ابن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (نس جه حب مى مذ) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كل كلم الخ (تخريجه) (ق. وغيرها) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بالسند المتقدم عن أبي هريرة قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه يضحك الله الخ (غريبة) الضحك من الله عز وجل هنا معناه الرضا عن هذين الرجلين: وليس كالضحك الذي يعتري البشر عندما يستخفهم الفرح والطرب: فهذا غير جائز على الله تعالى تنزه الله عن ذلك (تخريجه) (ق نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن عبد الله حدثني محمد بن معن الغفاري أخبرني داود بن خالد بن دينار أنه مر هو ورجل يقال له أبو يوسف من بني تيم على ربيعة بن أبي عبد الرحمن قال: قال له أبو يوسف إنا لنجد عند غيرك من الحديث مالا نجده عندك، فقال أما إن عندي حديثا كثيرا ولكن ربيعة بن الهدير قال وكان يلزم طلحة بن عبيد الله إنه لم يسمع طلحة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا قط غير حديث واحد، قال ربيعة بن أبي عبد الرحمن قلت له وما هو؟ قال: قال لي طلحة خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بإضافة حرة إلى واقم والحرة بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء مفتوحة الأرض ذات الحجارة والسود وأرض بظاهر المدينة بها حجارة سود (وواقم) بكسر القاف أطام بضم أوله وثانية من آطام المدينة وإليه ينسب الحرة (وآطام المدينة) ابنيتها المرتفعة كالحصون (نه) بتخفيف الياء التحتية أي بحيث ينعطف الوادي وهو منحناه أيضا ومحانى الوادي معاطفه يعني الذين ماتوا بغير جهاد أي الذين ماتوا مجاهدين في سبيل الله ولذلك خصهم النبي صلى الله عليه وسلم بالأخوة لما لهم من الفضل والكرامة عند الله (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح (سنده)

-30 - ما أعده الله عز وجل للشهداء في الجنة ----- رضي الله عنه قال جاء رجل على النبي صلى الله عليه وسلم من الأنصار مقنع في الحديد فقال يا رسول الله أسلم أو أقاتل؟ فقال لا بل أسلم ثم قاتل، فاسلم ثم قاتل فقتل: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا عمل قليلا وأجر كثيرا (عن نعيم بن هماز الغطفاني) رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الشهداء أفضل؟ قال الذين إن يلقوا في الصف لا يلفتون وجوههم حتى يقتلوا، أولائك ينطلقون في الغرف العلي من الجنة ويضحك إليهم ربهم، وإذا ضحك ربك إلى عبد في الدنيا فلا حساب عليه (عن المقدام بن معد يكرب) الكندي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن للشهيد عند الله ست خصال، أن يغفر له في أول دفعة من دمه، ويرى مقعده من الجنة، ويحلى حلة الإيمان، ويزوج من الحور العين، ويجار من عذاب القبر، ويأمن من الفزع الأكبر (وفي لفظ يوم الفزع الأكبر) ويوضع على رأسه تاج الوقار، الياقوتة منه خير من الدنيا وما فيها ويزوج اثنين وسبعين زوجة من الحور العين، ويشفع في سبعين إنسانا من أقاربه (عن قيس الجذامي رجل كانت له صحبة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم يعطى الشهيد ست خصال عند أول قطرة من دمه: يكفر عنه كل خطيئة، ويرى مقعده من الجنة، ويزوج من الحور العين، ويؤمن من الفزع الأكبر، ومن عذاب القبر، ويحلى حلة الإيمان (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما على الأرض من نفس تموت ولها عند الله تبارك وتعالى

_ حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق قال سمعت البراء يقول جاء رجل الخ (غريبه) جاء هذا الرجل النبي صلى الله عليه وسلم كافرا قبل أن يسلم (وقوله مقنع في الحديد) بفتح القاف والنون المشددة أي مغشى بالحديد معطى وجهه يريد القتال مع النبي صلى الله عليه وسلم والإسلام (تخريجه) (ق) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع ثنا إسماعيل بن عياش عن بجير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن نعيم بن همار الخ (غريبة) تقدم أن ضحك الله عز وجل لعبده كناية عن الرضا عنه والإحسان إليه، وأما الضحك بالمعنى المعروف فغنه من صفات الخلق والله عز وجل منزه عن ذلك (تخريجه) (طب عل) وقال الهيثمي رجال أحمد وأبو يعلى ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى والحكم بن نافع قالا ثنا إسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معد يكرب الخ (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذي حديث حسن صحيح غريب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن يحيى الدمشقي قال ثنا ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن كثير بن مرة عن قيس الجذامي الخ (تخريجه) أخرجه ابن سعد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر وروح وعبد الرزاق قالوا أنا ابن جريج قال وقال سليمان بن موسى أيضا ثنا بن مرة أن عبادة بن الصامت حدثهم أن

-31 - يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين ----- خير تحب أن ترجع غليكم إلا المقتول (وفي لفظ القتيل) في سبيل الله فإنه يحب أن يرجع فيقتل مرة أخرى (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال ذكر الشهيد عند النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تجف الأرض من دم الشهيد حتى يبتدره زوجتان كأنهما ظئران أظلتا أو أضلتا فصيليهما ببراح من الأرض: يبد كل واحدة منهما حلة خير من الدنيا وما فيها (باب ما جاء فيمن استشهد في سبيل الله عز وجل وعليه دين) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس فذكر الأيمان بالله والجهاد في سبيل الله من أفضل الأعمال عند الله، قال فقام رجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت أن قتلت في سبيل الله وأنا صابر محتسب مقبل غير مدبر كفر الله عني خطاياي؟ قال نعم، قال كيف قلت؟ قال فرد عليه القول كما قال، قال نعم، قال فكيف قلت؟ قال فرد عليه القول أيضا يا رسول الله أرأيت إن قتلت في سبيل الله صارا محتسبا مقبلا غير مدبر كفر الله عني الخطايا؟ قاتل نعم إلا الدين قال فإن جبريل عليه السلام سار بي بذلك (عن عبد الله بن أبي قتادة) أن أباه كان يحدث أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت عن قلت في سبيل الله مقبلا غير مدبر كفر الله خطاياي؟ فقال رسول الله (ص إن قلت في سبيل الله مقبلا غير مدبر كفر الله عنك خطاياك إلا الدين: كذلك

_ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما على الأرض الخ (تخريجه) (نس) ورجاله من رجال الصحيحين وأخرجه أيضا (طب) بزيادة لما يرى من ثواب الله له (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي محمد بن عدى عن هلال بن أبي شهر بن حوشب عن أبي هريرة الخ (غريبة) الظئر بكسر الظاء المرضعة غير ولدها، ويقع على الذكر والأنثى (وقوله أظلتا أو أضلتا أو الشك من الراوي يشك هل اللفظ أظلنا بالظاء المعجمة أو بالضاد المعجمة فعلى الأول معناه أن زوجتيه من الحور العين يبتدرانه ويجنوان عليه ويظلانه كما تحنو الناقة المرضع على فصيلها أي ولدها (وعلى الثاني) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم شبه بدارهما إليه باللهفة والحثو والشوق كبدار الناقة المرضع إلى فصيلها الذي أضلته أي غاب عنها، ويؤيد الأخير قوله ببراح من الأرض (والبراح) بفتح الموحدة وبالحاء المهملة هي الأرض المتسعة لا زرع فيها ولا شجر (تخريجه) (جه) وفي إسناد هلال بن أبي زينب مجهول (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر ثنا عبد الحميد بن جعفر الأنصاري أخبرني عياض بن عبد الله بن أبي سرح عن أبي هريرة الخ (غريبة) لعل الجواب منه صلى الله عليه وسلم بقوله نعم في المرة الأولى والثانية من غير استثناء كان بالاجتهاد: ثم لمل أخبره جبريل بما أخبر استعاد النبي صلى الله عليه وسلم من السائل سؤال ثم أخبره بأن استثناء الدين ليس هو من جهته، وإنما هو بأمر الله عز وجل على لسان جبريل عليه السلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا يحيى بن سعيد أن سعيد بن أبي سعيد المقبري أخبره أن عبد الله

-32 - أنواع الشهداء ودرجاتهم باعتبار نياتهم ----- قال جبريل عليه السلام (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وفيه فلما ولي دعاه فقال إلا أن يكون عليك دين ليس له عندك وفاء (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يغفر للشهيد كل ذنب إلا الدين (باب أنواع الشهداء في سبيل الله ودرجاتهم باعتبار نسيانهم) (عن عتبة بن عبد السلمى) رضي الله عنه وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القتلى ثلاثة رجل مؤمن قاتل بنفسه وماله في سبيل الله حتى إذا لقى العدو قاتلهم حتى يقتل فذلك الشهيد المفتخر في خيمة الله تحت عرشه لا يفضله النبيون إلا بدرجة النبوة، ورجل مؤمن قرف على نفسه من الذنوب والخطايا جاهد بنفسه وماله في سبيل الله حتى إذا لقي العدو قاتل حتى يقتل محيت ذنوبه وخطاياه، إن السيف محاء الخطايا وأدخل من أي أبواب الجنة شاء فان قاتل لها ثمانية أبواب ولجهنم سبعة أبواب وبعضها أفضل من بعض، ورجل منافق جاهد بنفسه وماله حتى إذا لقي العدو قاتل في سبيل الله حتى يقتل فإن ذلك في النار السيف لا يمحو النفاق (عن أبي يزيد الخولاني) أنه سمع فضالة بن عبيد يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الشهداء ثلاثة، رجل مؤمن جيد الإيمان لقي العدو فصدق الله حتى

_ ابن أبي قتادة أخبره أن أباه كان يحدث أن رجلا الخ (تخريجه) (م فع نس مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زكريا بن عدي حدثنا عبيد الله عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله قال: جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أرأيت إن جاهدت في سبيل الله بنفسي ومالي حتى أقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر أأدخل الجنة؟ قال نعم، فلما ولي دعا الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده من لا أعرفه وبعضده ما قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن غيلان حدثني المفضل حدثني عياش بن عباس عن عبد الله بن يزيد أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمر الخ (تخريجه) (م. وغيره) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو قال ثنا أبو إسحاق يعني الفزاري عن صفوان يعني بن عمرو عن أبي المقنى عن عتبة بن عبد السلمى الخ (غريبه) هكذا بالأصل المفتخر من الفخر، وجاء عند الدارمي الممتحن بيمين، وكذلك جاء في النهاية ويقال محنت الفضة إذا صفيتها وخلصتها بالنار، والظاهر أن لفظ المفتخر هنا رفع فيه تصحيف من الناسخ فإن كان صحيحا فمعناه المفتخر يوم القيامة بما أعطاه الله من الكرامة وعلو الدرجة، والأول أقرب والله أعلم بقاف وراء مفتوحتين بعدهما فاء يقال قرف الذنب إذا عمله وقارف الذنب وغيره إذا دانا هو لاصقه وقرفه بكذا أي أضافه أليه واتهمه به، والمعنى أن عليه ذنوبا ارتكبها (تخريجه) (مي طب حب هق) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا ابن لهيعة

-33 - أنواع الشهداء ودرجاتهم باعتبار نياتهم ----- قتل فذلك الذي يرفع عليه أعناقهم يوم القيامة ورفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه حتى وقعت قلنسوته أو قلنسوة عمر ورجل مؤمن جيد الأيمان لقي العدو فكأنما يضرب جلده بشوك الطلح أتاه سهم غرب فقتله هو في الدرجة الثانية، ورجل مؤمن خلط عملا صالحا وآخر سيئا لقي العدو فصدق الله حتى قتل فذلك في الدرجة الثالثة (وعنه من طريق ثان) قال سمعت فضالة بن عبيد يقول سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الشهداء أربعة (فذكر الثلاثة المتقدمة ثم قال) والرابع مؤمن أسرف على نفسه إسرافا كثيرا لقي العدو فصدق الله حتى قتل، فذلك في الدرجة الرابعة (عن إبراهيم بن عبيد) بن رفاعة أن أبا محمد أخبره وكان من أصحاب ابن مسعود رضي الله تبارك وتعالى عنه حدثه عن رسول الله صلى الله وعلى آله وصحبه وسلم أنمه ذكر عنده الشهداء: فقال إن أكثر شهداء أمتي أصحاب الفرش، ورب قتيل بين الصفين الله أعلم بنيته

_ قال سمعت عطاء بن دينار عن أبي يزيد الخولاني الخ (غريبة) القلنسوة بفتحتين فسكون فضم أي طاقيته أي جبان ليس عنده جرأة على القتال والطلح بفتح فسكون شجر عظيم له شوك أي بينما هو في حالة الفزع والخوف من العدو أتاه سهم غريب بتنوين سهم وغرب: وبالإضافة أيضا وبسكون الراء وفتحها في كليهما: وهو الذي لا يدري رامية ولا من أين جاء لم يصف إيمانه في هذه الدرجة بالجودة لأجل العمل السيئ الذي ارتكبه: وهو الذي جعله في الدرجة الثالثة، ولكنه في منزلة الشهداء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق أنبأنا ابن لهيعة عن عطاء بن دينار عن أبي يزيد الخولاني قال سمعت فضالة بن عبيد الخ (غريبة) أي مرتكب للخطايا ليس له عمل صالح فهو شهيد تكفر الشهادة عنه كل سيئة إلا الدين: وتقدم الكلام عليه، وإنما نال تلك الدرجة لصدق نيته (تخريجه) (هق مذ) وقال هذا الحديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عطاء بن دينار قال سمعت محمدا (يعني البخاري) يقول قد روى سعيد بن أبي أيوب هذا ليس به بأس اهـ (قلت) خولان بفتح الخاء وسكون الواو اسم قبيلة باليمن، منها أبو يزيد الخولاني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة عن خالد بن أبي يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن إبراهيم ابن عبيد بن رفاعة الخ (غريبة) بضمتين جمع فراش أي الذين يألفون النوم على الفراش، يعني فهم وإن تبسطوا بالنوم والراحة لكنهم اشتغلوا بجهاد النفس والشيطان الذي هو الجهاد الأكبر عن مجاهدة الكفار الذي هو الجهاد الأصغر: فهؤلاء شهداء أيضا وإن ماتوا على فرشهم، وهذا محمول على عدم تعين الجهاد عليهم في النفير العام معناه إن كان لا علاء كلمة الله وجل فهو شهيد، وإن كان رياء أو لغنيمة ونحو ذلك فله ما نوى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه

-34 - فضل القراء الذين استشهدوا في سرية بئر معونة ----- (عن ابن مسعود) رضي الله عنه قال إياكم أن تقولوا مات فلان شهيد أو قتل فلان شهيد، فإن الرجل يقاتل ليغنم، ويقاتل ليذكر، ويقاتل ليرى مكانه، فإن كنتم شاهدين لا محالة فاشهدوا للرهط الذين بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فقتلوا فقالوا اللهم بلغ نبينا صلى الله عليه وسلم عنا أنا قد لقيناك فرضينا عنك ورضيت عنا (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه قال تقولون لمن قتل في مغازيكم أو مات قتل فلان شهيدا ومات فلان شهيدا ولعله يكون قد أوقر عجز دابته أودف راحلته ذهبا وفضة يبتغي التجارة، فلا تقولوا إذا كم ولكن قولوا كما قال النبي أو كما قال محمد صلى الله عليه وسلم من قتل أو مات في سبيل الله فهو في الجنة (باب جامع الشهداء وأنواعهم غير المجاهدين في سبيل الله عز وجل) (عن سعيد بن زيد) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل دون ماله فهو شهيد، ومن قتل دون أهله فهو شهيد، ومن قتل دون دينه فهو شهيد، ومن قتل دون دمه فهو شهيد

_ أحمد هكذا (يعني عن ابراهيم عن عبيد بن رفاعة أن أبا محمد الخ) قال ولم أره ذكر ابن مسعود: وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف، والظاهر أنه مرسل ورجاله ثقات اهـ سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حماد أنا عطاء بن السائب عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) هم جماعة من القراء قتلوا في سرية بئر معونة، وسيأتي تفصيل خبرهم في تلك السرية من أبواب الغزوات، وجاء ذكرهم أيضا في حديث أنس عند الشيخين والإمام أحمد: وتقدم في الباب الأول من أبواب القنوت صحيفة 296 في الجزء الثالث فارجع إليه (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وسنده جيد، وأخرج الشيخان وغيرهما منه قصة الرهط هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وتخريجه في أبواب الصداق من كتاب النكاح إن شاء الله تعالى (غريبة) من الوقر بكسر الواو وهو الحمل، يقال أوقر دابته وقرا بالكسر أي حملها حملا (وقوله أودف راحلته) أو للشك من الزاوي ودف بفتح الدال المهملة وراحلته مضاف إليه: ودف كل شيء جانبه، والمراد هنا عجز رحل دابته أو جانبه وغرضه بذلك التجارة لا الجهاد، فهذا لا يقال له شهيد إذا قتل أو مات والله أعلم (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود الهاشمي ثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بنم ياسر بن طلحة بن عبد الله بن عوف عن سعيد بن يزيد الخ (غريبة) أي بسبب المدافعة عن ماله سواء كان حيوانا أو إنسانا (فهو شهيد) أي في حكم الآخرة لا الدنيا أي ثواب كثواب شهيد مع ما بين الثوابين من التفاوت، وذلك لأنه محق في القتال ومظلوم بأخذ ماله بغير حق (فائدة) شهيد الآخرة هو كل من ذكر في هذا الباب، وشهيد الدنيا والآخرة هو من قتل في حرب الكفار لسبب من أسباب القتال، والفرق بينهما أن شهيد الحرب لا تجري عليه أحكام الدنيا فلا يغسل ولا يصلي عليه بعكس شهيد الآخرة أي بسبب الدفع عن بضع حليلته أو قريبته أو جارته أو نحو ذلك أي في نصرة دين الله والذب عنه أي في الدفع عن نفسه

-35 - ذكر أنواع الشهداء غير المجاهدين في سبيل الله عز وجل ----- (عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أريد ماله بغير حق فقتل دونه فهو شهيد (عن سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نعم الميتة أن يموت الرجل دون حقه (عن سعد بن ابراهيم) أنه سمه رجلا من بني مخزوم يحدث عن عمه أن معاوية أراد أن يأخذ أرضا لعبد الله بنم عمرو يقال لها الوهط فأمر مواليه فلبسوا آلتهم وأرادوا القتال، قال فأتيته فقلت ماذا؟ فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يظلم بمظلمة فيقتل إلا قتل شهيدا (عن حميد بن عبد الرحمن) الحميري أن رجلا يقال له حممة كان من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خرج إلى أصبهان غازيا في خلافة عمر رضي الله عنه، فقال اللهم إن حممة يزعم أنه يحب لقاءك: فإن حممة صادقا فاعزم له صدقة، وإن كان كاذبا فاعزم عليه وإن كره، اللهم لا ترد حممة من سفره هذا، قال فأخذه الموت (وف لفظ البطن) فمات بأصبهان، قال فقام أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فقال يا أيها الناس إنا والله ما سمعنا فيما سمعناه من نبيكم صلى الله عليه وسلم وما بلغ علمنا إلا أن حممة شهيد

_ إن كان مظلوما غير مرتكب لثأر، وعليه أن يستعمل الحكمة في الدفع في كل هذه الأمور (تخريجه) (حب ك والثلاثة) وصححه الترمذي، وأخرج الشيخان منه من قتل دون ماله فهو شهيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن الحسن عن خاله ابراهيم بن محمد بن طلحة عن عبد الله بن عمرو الخ (تخريجه) (الثلاثة) وصححه الترمذي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا حسن عن ابراهيم بن المهاجر عن أبي بكر يعني ابن حفص فذكر قصة قال سعد إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورحاله رجال الصحيح إلا أن أبا بكر بن حفص لم يسمع من سعد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم الخ (غريبة) أصل الوهط الموضع المطمئن من الأرض جمعه وهاط، وبه سميت ارض عبد الله بن عمرو بن العاص وكانت بالطائف، وقيل الوهط قرية بالطائف كانت أرض عبد الله بن عمرو بها وكان فيها كرم له: ولا بد أن يكون معاوية له شبهة في أخذها: وكان عبد الله يرى أنها ملكة وأن معاوية يريد اغتصابها: ولذلك أمر عبد الله، مواليه فلبسوا آلة الحرب لقتال معاوية لأنه يرى جواز مقاتلة المغتصب: ولذلك استدل بالحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي سنده من لم يسم، ويؤيده حديثه المذكور قبل الحديث السابق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عوانة ثنا داود بن عبد الله الأودي ذلك أي لأنه مات بمرض البطن وغازيا في سبيل الله. (تخريجه) (د ش) وسنده جيد

- 36 - ذكر أنواع الشهداء غير المجاهدين في سبيل الله عز وجل ----- (عن أبي إسحاق) قال مات لرجل صالح فأخرج بجنازته فلما رجعنا تلقانا خالد بن عرفطة وسليمان بن صرد رضي الله عنهما وكلاهما له صحبة: فقالا سبقتمونا بهذا الرجل الصالح فذكروا أنه كان به بطن وأنهم خشوا عليه الحر، قال فنظر أحدهما إلى صاحبه فقال أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، من قتله بطنه لم يعذب في قبره (عن حفصة) قالت سألت أنس ابن مالك رضي الله عنه بما مات ابن أبي عمرة؟ فقالوا بالطاعون، فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاعون شهادة لكل مسلم (عن عرباض بن سارية) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يختصم الشهداء والمتوفون على فرشهم إلى ربنا عز وجل في الذين يتوفون من الطاعون، فيقول الشهداء: إخواننا قتلوا كما قتلنا، ويقول المتوفون على فرشهم إخواننا ماتوا على فرشهم كما متنا على فرشنا: فيقول الرب عز وجل انظروا إلى جراحهم، فان أشبهت جراحهم جراح المقتولين فإنهم منهم ومعهم، فإذا جراحهم قد أشبهت جراحهم (عن عتبة بن عبد السلمى) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن عقبة بن عامر) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الميت من ذات الجنب شهيد (عن محمد بن زياد) الألهاني قال ذكر عند أبي عتبة

_ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قران (بضم القاف وتشديد الراء يعني بن تمام الأسدي) ثنا سعيد الشيباني أبو سنان عن أبي إسحاق الخ (غريبة) أي مات بمرض بطنه كالاستسقاء والإسهال ونحو ذلك زاد في زاوية أخرى من طريق ثان للإمام أحمد أيضا (قال بلى) يعني نعم، قال العلماء وإذا لم يعذب في قبره في غيره: لأنه أول منازل الآخرة، فإن كان سهلا فما بعده أسهل وإلا فعكسه تخرجه (نس حب مذ) وقال هذا حديث حسن الغريب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا ثابت عاصم عن حفصة (يعني بنت سيرين الخ) (تخرجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيوة بن شريح يعني ابن يزيد الحضرمي ويزيد عبد ربه قالا ثنا بقية قال حدثني بحيرة بن سعيد عن خالد بن معدان عن ابن أبي بلال عن عرباض بن سارية الخ (تخرجه) (نس) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع ثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن عتبة بن عبد السلمى الخ حديث العرباض المتقدم أتم وأكمل إلا إنه زاد في حديث عتبة، فيقال انظروا فإن كانت جراحهم كجراح الشهداء تسيل دما كريح المسك فهم شهداء فيجدونهم كذلك (تخريجه) (طب) بإسناد لا باس به ويؤيده الذي قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا وهب بن عبد الله عن عبد الرحمن بن شماسة عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) قال في الفردوس ذات الجنب الدبيلة قرحة قبيحة تثقب البطن (تخرجه) (طب) وسنده حسن لأن ابن الهيعة قال حدثنا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أو اليمان قال ثنا إسماعيل بن عياش عن محمد

-37 - الطاعون والغرق والحرق والبطن والنفساء شهادة ----- الخولاني الشهداء فذكروا المبطنون والمطعون والنفيساء، فغضب أبو عتبة وقال حدثنا أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم أنه قال أن شهداء الله تعالى في الأرض أمناء الله في الأرض في خلقه قتلوا أو ماتوا (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه قال أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا مريض في ناس من الأنصار يعودني، فقال هل تدرون ما الشهيد؟ فسكتوا فقال هل تدرون ما الشهيد؟ فسكتوا، قال هل تدرون ما الشهيد؟ فقلت لامرأتي أسنديني فأسندتني فقلت من أسلم ثم هاجر ثم قتل في سبيل الله فهو شهيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شهداء أمتي إذا لقليل القتل في سبيل الله شهادة والبطن شهادة، والغرق شهادة، والنفساء شهادة، (عن راشد بن جيش) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على عبادة بن الصامت يعوده في مرضه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتعلمون من الشهيد من أمتي فأرم القوم فقال عبادة ساندوني فأسندوه فقال يا رسول الله الصابر المحتسب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شهداء أمتي إذا لقليل، القتل في سبيل الله عز وجل شهادة، والطاعون شهادة والغرق شهادة والبطن شهادة، والغرق شهادة والبطن شهادة والنفساء يجرها ولدها بسرره، إلى الجنة قال وزاد أبو العوام سادن، بيت المقدس والحرق والسيل.

_ ابن زياد الألهاني الخ (غريبة) يستفاد منه أن من اتصف بالأمانة في أي شيء ائتمن عليه يكون من شهداء الآخرة وإن ماتت على فراشه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا المعافى مغيرة بن زياد عن عبادة بن نسي عن الأسود بن ثعلبة عن عبادة الصامت الخ (غريبة) يعني إذا اقتصرت الشهادة على من قتل في سبيل الله فالشهداء قليلون: ثم ذكر صلى الله عليه وسلم الشهداء فقال القتل في سبيل الله شهادة الخ، أي المرأة التي تموت بسبب الولادة (تخرجه) (بز طب) وفيه المغيرة بن زيادة، قال الهيثمي وثقة جماعة وضعفه آخرون، وبقية رجاله ثقات (سند) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال حدثنا محمد بن بكر قال ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن مسلم بن يسار عن أبي الأشعث الصنعاني عن راشد بن جيش الخ، (غريبة) براء مفتوحة بعدها مشددة مفتوحة أيضا أي سكتوا ولم يجيبوا أرم فهو مرم ويروي فأزم بالزاي المفتوحة وتخفيف المم وهو بمعناه لأن الأزم الإمساك عن الطعام والكلام (نه) أي الصابر على الجهاد المحتسب فيه كما يستفاد من حديثه المتقدم بفتح السين المهملة بعدها راء مفتوحة هو حبل السرة الذي تقطعه القابلة من موضوع السرة فما بقى مع المولود بعد القطع له السرة بضم السين المهملة: وما زاد عن ذلك يقال له سرر بفتح أوله وثانية، ويقال له أيضا السر بضم السين المهملة (وقوله وزاد فيها) أي في رواية أخرى من هذا الحديث (أبو العوام) لم يذكر أبو العوام هذا في سند حديث الباب، ولعله روي هذه الزيادة من طريق أخرى أي خادم بيت المقدس ومتولي فتح أبوابه وإغلاقها بفتح الحاء المهملة وكسر الراء الذي

-38 - المطعون والخار عن دابته والمجنوب شهداء ----- (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن رواحه رضي الله عنه فما تحوز له عن فراشه، فقال من شهداء أمتي؟ قالوا قتل المسلم شهادة، قال أن شهداء أمتي إذا لقليل، قتل المسلم شهادة: والطاعون شهادة، والبطن، والغرق والمرأة يقتلها ولدها جمعاء (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما تعدون الشهيد فيكم؟ قالوا الذي يقاتل في سبيل الله حتى يقتل، قال أن الشهيد في أمتي إذا لقليل، القتيل في سبيل الله شهيد، والطعين في سبيل الله شهيد، والغريق في سبيل الله شهيد، والخار عن دابته في سبيل الله شهيد، والمجنوب في سبيل الله شهيد، قال محمد المجنوب صاحب الجنب (زاد في رواية) والبطن شهادة والنفساء شهادة (وعن صفوان ابن أمية) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الطاعون شهادة، والغرق شهادة، والنفساء شهادة

_ يموت بحرق النار (والسيل) بفتح السين المهملة المشددة بعدها ياء تحتية ساكنة وهو المطر الغزير الذي يسيل على الأرض ويجري، والمراد الذي يغرق في ماء السيل (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال حدثني أبو بكر بن حفص ابن المصبح أو أبي المصبح عن ابن السمط عن عبادة بن الصامت الخ (غريبة) أي ما تنحى ولا تحول قال في النهاية وإنما لم تمنح له عن صدر فراشه لأن السنة في ترك ذلك أهـ (قلت) الظاهر أنه لم يتنح عن فراشه للنبي صلى الله عليه وسلم لشدة مرضه فقد جاء في رواية الطبراني ما يؤيد عن ذلك، ولم يمت ابن رواحه في هذا المرض: فقد ثبت أنه استشهد في سرية مؤتة وسيأتي تفصيل ذلك في محله إن شاء الله تعالى هكذا جاء في هذه الرواية جمعاء وسيأتي في حديث جابر بن عتيك (والمرأة تموت بجمع شهيد) وكذلك في كل الروايات وفي كتب اللغة قال في النهاية المرأة تموت بجمع أي تموت وفي بطنها ولد: وقيل التي تموت بكرا، والجمع بالضم المجموع كالذخر بمعنى المذخور وكسر الكسائي الجيم، والمعنى أنها ماتت مع شيء مجموع فيها غير منفصل عنها من حمل أو بكارة (ومنه الحديث الآخر) إنما امرأة ماتت بجمع لم تطمث دخلت الجنة، وهذا يريد به البكر اهـ (تخريجه) (طب) وأورده الهيثمي وقال رواه الطبراني وأحمد بنحوه ورجالها ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد يعني ابن إسحاق عن أبي مالك بن ثعلبة بن أبي مالك القرضي عن عمر بن الحاكم بن ثوبان عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي الذي مات بالطاعون (وقوله في سبيل الله) هذا القيد ليس بلازم لأنه ورد مطلقا بدون قيد من رواية أبي هريرة أيضا وغيره عند الشيخين وغيرهما: وكذا يقال فيما بعده أي الذي وقع عن دابته فمات أي الذي مات بمرض الجنب وتقدم تفسيره ومحمد هو ابن إسحاق أحد رجال السند (تخريجه) (م جه) ما عدا الخار عن دابته وصاحب الجنب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يزيد بن

-39 - أنواع الشهداء وأن النبي صلى الله عليه وسلم مات شهيدا ----- (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد في سبيل الله عز وجل (عن جابر بن عتيك) أن عبد الله بن ثابت لما مات قالت ابنته والله إن كنت لأرجوا أن تكون شهيدا، أما إنك قد كنت قضيت جهازك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله أوقع أجره على قدر نيته، وما تعدون الشهادة؟ قالوا قتل في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهادة سبع سوى القتل في سبيل الله، المطعون شهيد، والغرق شهيد، وصاحب ذات الجنب شهيد، والمبطون شهيد، وصاحب الحريق شهيد، والذي يموت تحت الهدم شهيد، والمرأة تموت بجمع شهيدة (باب في أن النبي صلى الله عليه وسلم مات شهيدا) (عن عبد الله) قال لأن أحلف تسعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل قتلا أحب إلى من أن أحلف واحدة أنه صلى الله عليه وسلم لم يقتل: وذلك بأن الله جعله نبيا واتخذه شهيدا، قال الأعمش فذكرت ذلك لإبراهيم يعني النخعي فقال كانوا يرون أن اليهود سموه صلى الله عليه وسلم وأبا بكر رضي الله عنه

_ هارون قال أخبرنا سليمان يعني التيمي عن أبي عثمان يعني النهدي عن عامر يعني ابن مالك صفوان ابن أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الطاعون شهادة والغرق شهادة والبطن شهادة والنفساء شهادة (تخريجه) (نس) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا مالك بن أنس عن سمى مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي من مات من وقوع نحو الحائط والصخرة أو في بئر يحفرها أي الذي يموت تحت شيء من ذلك (تخريجه) (ق لك مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا مالك عن عبد الله بن عبد الله ابن جابر بن عتيك عن عتيك بن الحارث بن عتيك فهو جد عبد الله بن عبد الله أبو أمه أنه أخبره أن جابر بن عتيك أخبره أن عبد الله بن ثابت الخ بكسر الجيم وفتحها ما تحتاج إليه في سفرك للغزو والخطاب لأبيها تقدم في حديث أبي هريرة أن الشهداء خمسة ولا منافاة لاحتمال أنه صلى الله عليه وسلم أعلم بالأقل ثم علم زيادة على ذلك فذكرها في وقت آخر ولم يقصد الحصر في شيء من ذلك: لأنه ورد أكثر من سبعة تقدم تفسيره وضبطه في شرح حديث عبادة بن الصامت (تخريجه) (لك دنس ك حب هق) وقال النووي هو صحيح بلا خلاف وان كان البخاري ومسلم لم يخرجاه (باب) هو ابن مسعود (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عبد الرازق أنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن أبي الأحوص عن عبد الله الخ (غريبة) يعني مقتولا بالسم الذي وضعته له اليهودية في الطعام في غزوة خيبر، وسيأتي تفصيل ذلك في الغزوة المذكورة في أبواب الغزوات إن شاء الله تعالى لعله يعني قصة الشاة المتقدمة فقد روى البيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكل مع أصحابه فلما ظهر له أن الطعام مسموم احتجم على الكاهل وأمر أصحابه فاحتجموا ومات بعضهم، فيحتمل أن أبا بكر رضي الله عنه كان ممن أكلوا ثم احتجموا عاشوا، ويحتمل أن اليهود سموه في قصة أخرى

-40 - حكم من أراد الجهاد وله أبوان ----- (عن عبد الرحمن) بن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه أن أم مبشر وكانت قد صلت إلى القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي قبض فيه فقالت بأبي وأمي يا رسول الله ما تتهم بنفسك فإني لا أتهم غيره هذا أوان قطع أبهري (باب من أراد الجهاد وله أبوان) (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال هاجر رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم هجرت الشرك ولكنه الجهاد، هل باليمين أبواك؟ قال نعم، قال أدنى لك؟ قال لا، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجع إلى أبويك فاستأذنهما فإن فعلا وإلا فبرهما (عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله عنهما قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت هذه الشجرة إذ أقبل رجل من هذا الشعب فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا رسول الله إني قد أردت الجهاد معك ابتغى بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال هل من أبويك أحد حي؟ قال نعم يا رسول الله كلاهما، قال فارجع أبرر أبويك (وفي لفظ ففيهما فجاهد) قال فولى راجعا من حيث جاء (عن معاوية بن جاهمة) جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله

_ والله أعلم (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهبي وعقب هذا الحديث بأثر مسند إلى الشعبي قال والله لقد سم رسول الله وسم أبو بكر الصديق وقتل عمر بن الخطاط صبرا وقتل عثمان بن عفان صبرا وقتل علي بن أبي طالب صبرا وسم الحسن بن علي وقتل الحسين بن علي صبرا رضي الله عنهم فما نرجو بعدهم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن خالد ثنا رباح (يعني ابن زيد) ثنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله الخ (غريبة) أي ما الذي تظنه في سبب مرضك تعني الطعام المسموم الذي أكله ابنها مع النبي صلى الله عليه وسلم كما صرح بذلك في رواية أبي داود (وأنا لا أتهم غيره) فيه تقرير لما فهمته أم البشر وأنه صلى الله عليه وسلم مات بسبب السم قال أهل اللغة الأبهر بفتح الهمزة وسكون الموحدة وفتح الهاء هو عرق مستبطن القلب، قيل وهو النياط الذي علق به القلب فإذا انقطع مات صاحبه وقيل غير ذلك (تخريجه) (د ك) وسنده جيد ويؤيد ما رواه البخاري عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه، يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلته بخيبر فهذا أوان وجدت انقطاع أبهري من ذلك السم (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخ (تخريجه) (د) وصححه ابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن ناعم مولى أم سلمة عن عبد الله بن عمرو قال حججت معه حتى إذا كنا ببعض طرق مكة رأيته تيمم فنظر حتى إذا استبانت جلس تحتها ثم قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت هذه الشجرة الخ (تخريجه) (خ والثلاثة) (سنده) حدثنا عبد الله

- 41 - لا يجوز الاستعانة بالمشركين في الجهاد ----- أردت الغزو وجئتك أستشيرك، فقال هل لك من أم؟ قال نعم، فقال ألزمها فأن الجنة عند رجليها ثم الثانية ثم الثالثة في مقاعد شتى كمثل هذا القول (باب ما جاء في الاستعانة بالمشركين في الجهاد) (عن خبيب بن عبد الرحمن) عن أبيه عن جده قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يريد غزوا أنا ورجل من قومي ولم نسلم فقلنا أنا نستحي أن يشهد قومنا مشهدا لا نشهده معهم، قال أو أسلمتما؟ قلنا لا، قال فلا نستعين بالمشركين على المشركين، قال فأسلمنا وشهدنا معه فقتلت رجلا وشحك هذا الوشاح فأقول لا عدمت رجلا عجل أباك إلى النار (عن عروة عن عائشة) رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى بدر فتبعه رجل من المشركين فلحقه عند الجمرة، فقال إني أردت أن أتبعك وأصيب معك، قال تؤمن بالله عز وجل ورسوله قال لا، قال ارجع فإن نستعين بمشرك، قال ثم لحقه عند الشجرة ففرح بذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان له قوة وجلة فقال جئت لأتبعك وأصيب معك قال تؤمن بالله ورسوله؟! قال لا، قال ارجع فلن أستعين بمشرك، قال ثم لحقه حين ظهر على البيداء فقال له مثل ذلك، قال

_ حدثني أبي ثنا روح قال أنا ابن جريج قال أخبرني محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه طلحة بن عبد الله عن معاوية بن جاهمة الخ (غريبة) يريد والله أعلم أن نثيبه من الجنة لا يصل إليه إلا برضاها بحيث كأنه لها وهي قاعدة عليه فلا يصل إليه من جهتها (وقوله ثم الثانية ثم الثالثة في مقاعد شتى الخ) يريد انه كرر على النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول في مواضع متعددة كما جاء مبينا في رواية ابن ماجة: ففيها أنه أتاه من جانب فذكر له قصته، ثم أتاه من الجانب الآخر، ثم أتاه من أمامه وفي كل مرة يقول مثل القول الأول (تخريجه) (نس جه هق) وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنه المستلم بن سعيد عن عباد ثنا خبيب بن عبد الرحمن الخ (غريبة) هو خبيب بن يساف أو إساف وكان أوسيا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع رجل من الأوس يريدان مساعدته في غزوة بدر لأنه صلى الله عليه وسلم كان معه جماعة من الأوس في هذه الغزوة مسلمين فأراد مجاملة قومها المسلمين وإن كانا مشركين، فلم يقبل منهما النبي صلى الله عليه وسلم إلا إذا أسلما ذكر الواقدي أن الذي ضربه هو أمية بن خلف ويقال إنه هو الذي قتل أمية أي ضربك هذه الضربة في موضع الوشاح وهو ما بين العاتق والكشح (تخريجه) (هق طب) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا مالك عن فضيل بن أبي عبد الله عن عبد الله بن دينار الأسلمي عن عروة عن عائشة الخ (غريبة) الظاهر أن الرجل هو خبيب بن يساف المذكور في الحديث السابق (تخريجه) (م. وغيره)

-42 - مشاورة الإمام رؤساء الجيش ونصحه لهم ----- تؤمن بالله ورسوله؟ قال نعم، قال فخرج به (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تستضيئوا بنار المشركين ولا تنقشوا خواتيمكم عربيا (عن ذي مخبر) رضي الله عنه رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول سيصالحكم الروم صلحا آمنا ثم تغزون أنتم وهم غزوا فتنصرون وتسلمون وتغنمون الحديث (باب ما جاء في مشاورة الإمام رؤساء الجيش ونصحه ورفقه بهم وأخذهم بما عليهم) (عن أنس ابن مالك) رضي الله عنه قال: قال لما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بدر خرج فاستشار الناس فأشار عليه أبو بكر رضي الله عنه، ثم استشارهم فأشار عليه عمر رضي الله عنه فسكت، فقال رجل من الأنصار إنما يريدكن، فقالوا يا رسول الله والله لا نكون كما قالت بنو إسرائيل لموسى (اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هنا قاعدون) ولكن والله لو ضربت أكباد الإبل حتى تبلغ برك الغمام لكنا معك (عن الحسن) قاتل مرض معقل بن يسار مرضا ثقل فيه فأتاه ابن زياد يعوده فقال أبيس محدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من استرعى رعيته فلم يحطم بنصحه لم يجد ريح الجنة، وريحها يوجد من مسيرة مائة عام، قال ابن زياد ألا كنت حدثني بهذا

_ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا العوام ثنا الأزهر بن راشد عن أنس الخ (غريبة) الظاهر انه صلى الله عليه وسلم نهى عن الاستضاءة بنار المشركين لئلا يمتنوا على المسلمين بذلك وقد شرفهم الله وأعزهم بالإسلام، فلا ينبغي أن يكون للمشركين عليهم منة وفضل (وقوله ولا تنقشوا خواتيمكم عربيا) أي على خواتيمكم كما جاء في بعض الروايات، قال في القاموس أي لا تنقشوا محمد مثل ما كان ينقش على خاتمه وهو (محمد رسول الله) لأنه كان علامة له في ذلك الوقت يختم به كتبه (تخريجه) (نس) وفي إسناده أزهر بن راشد ضعيف وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن خالد بن معدان عن ذي مخبر الخ (مخبر بوزن منبر) (غريبة) ليس هذا آخر الحديث، وهذا طرف منه أتيت به لمناسبة الترجمة: وسيأتي بتمامه في باب المعاهدة والصلح (تخريجه) (د جه) وسكت عنه أبو داود أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس الخ بفتح الموحدة وكسرها وسكون الراء (والغماد) بغين معجمة مكسورة ويجوز ضمها موضع من وراء مكة بخمس ليال من ناحية الساحل وقيل بثمان، وقيل موضع في أقاصي هجر، وقيل مدينة بالحبشة، وقيل الرواية هنا أقصى معمور الأرض كما هو أحد معانيه في القاموس لأنه أتم امتثال أمره وإتباعه. صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هوذة بن خليفة ثنا عوف عن الحسن الخ (الحسن) هو ابن أبي الحسن البصري (غريبة) هو عبد الله بن زياد

-43 - وعيد من لم يعدل بين رعيته ووجوب طاعته الجيش لأميرهم ----- قبل الآن، قال والآن لولا الذي أنت عليه لم أحدثك به (وفي لفظ) لا يسترعي الله تبارك وتعالى عبدا رعية فيموت يوم يموت وهو لها غاش إلا حرم الله عليه الجنة (وفي لفظ) من رواية أبي الأسود عن معقل أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما راع استرعى رعية فغشها فهو في النار (وفي لفظ) عن بنت معقل عن أبيها قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس من والى أمة قلت أو كثرت لا يعدل فيها إلا كبه الله على وجهه في النار (عن سهل بن معاذ) الجهني عن أبيه رضي الله عنه قال نزلنا على حصن سمان بأرض الروم مع عبد الله بن عبد الملك فضيق الناس المنازل وقطعوا الطريق فقال معاذ أيها الناس أنا غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة كذا وكذا فضيق الناس الطريق، فبعث النبي صلى الله عليه وسلم مناديا فنادى من ضيق منزلا أو قطع طريقا فلا جهاد له (باب لزوم طاعة الجيش لأميرهم ما لم يأمر بمعصية وكراهة تفرقهم عند النزول) (عن عتبة بن عبد) رضي الله عنه قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقتال فرمى رجل من أصحابه بسهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوجب هذا: وقالوا حين أمرهم بالقتال إذا يا رسول الله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل اذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن اذهب أنت وربك فقاتلا إنا معكما من المقاتلين (عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) قال: قال

_ أمير البصرة في زمن معاوية ويزيد أي لولا الذي أنت عليه من ظلم الناس وسفك دمائهم وخشي الموت في هذا المرض فأكون قد كتمت علما علمته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا ذلك لم أحدثك به، ويؤيد ذلك ما جاء في رواية الإسماعيلي من الوجه الذي أخرجه مسلم بلفظ (لولا أني ميت ما حدثتك) فكأنه كان يخشى بطشه، فلما نزل به الموت أراد أن يكف بعض شره عن المسلمين والله أعلم غش الراعي للرعية هو عدم نصحهم، ونصحهم توجيههم إلى ما فيه الخير لهم من أمور الدنيا والآخرة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع ثنا إسماعيل ابن عياش عن أسيد بن عبد الرحمن الخثعمي عن فروة بن مجاهد اللخمي عن سهل بن معاذ الخ (غريبة) الراد والله أعلم بتضييق المنازل وقطع الطريق: هو عدم النظام في النزول والسير والتزاحم في ذلك، لأنه يضايق الضعفاء ويفوت بعض المصالح أي فلا جهاد له كاملا أو لا أجر له في جهاده وفيه مبالغة في الزجر والتنفير من ذلك (تخريجه) (د مذ) وفي إسناده إسماعيل ابن عياش فيه مقال: وسهل بن معاذ ضعيف كما قال المنذري والله أعلم (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عصام بن خالد ثنا أبو عبد الله الحسن بن أيوب حدثني عبد الله بن ناسج الحضرمي قال حدثني عتبة بن عبد الله الخ (غريبة) أي فعلا يوجب له الجنة (تخريجه) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وإسنادهما حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق

-44 - وجوب طاعة الأمير إلا في معصية الله عز وجل ----- رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسيرة له إنا مدجلون فلا بد لجن مصعب ولا مضعف فأدلج رجل على ناقة صعبة فسقط فاندلقت فخذه فمات فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصلاة عليه ثم أمر مناديا ينادي في الناس، إن الجنة لا تحل لعاص ثلاث مرات (عن أبي ثعلبة الخشنى) رضي الله عنه قال كان الناس إذا نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا فعسكر تفرقوا عنه في الشعاب والأودية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما ذلكم الشيطان، قال فكانوا بعد ذلك إذا نزلوا منزلا انضم بعضهم إلى بعض حتى أنك لتقول لو بسطت عليهم كساء لعمهم أو نحو ذلك (عن على رضي الله عنه قال) بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار، قال فلما خرجوا قال وجد عليهم في شيء فقال أليس قد أمركم، رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني؟ قال قلوا بلى، قال فقال اجمعوا حطبا ثم عاد بنار فأضرمها فيه ثم قال عزمت عليكم لتدخلنها قال فهم القوم أن يدخلوها: فال فقال لهم شاب منهم إنما فررتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار فلا تعجلوا حتى تلقوا النبي صلى الله عليه وسلم فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوا: قال فرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه، فقال لهم لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا إنما الطاعة في المعروف

_ ابن عيسى وأبو اليمان، وهذا حديث إسحاق قالا ثنا إسماعيل بن عياش عن راشد بن داود الأملوكي عن أبلي أسماء الرحي عن ثوبان الخ (غريبة) من أدلج إدلاجا مثل أكرم إكراما سار الليل كله فهو مدلج، فإن خرج آخر الليل فقد أدلج بالتشديد (وقوله مصعب ولا مضعف) بضم الميم وكسر العين فيهما المصعب هو من كان بعيره صعبا غير منقاد ولا ذلول، يقال أصعب الرجل فهو مصعب والمضعف من كانت دابته الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه لكونه مات لمخالفة أمر النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن بحر قال ثنا الوليد بن مسلم ثنا عبد الله يعني ابن (العلاء بن زبير) أنه سمع مسلم بن مشكم (بوزن منبر) يقول ثنا أبو ثعلبة الخشني (بضم الخاء وفتح المعجمة) الخ (غريبة) لفظ (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) سقط من الأصل وهو ثابت عند الحاكم وأبي داود فأثبته هنا، لأن الكلام لا يستقيم بدونه (تخريجه) (د ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي الخ (غريبة) جاء في بعض الروايات عند غير الإمام أحمد زيادة (وأمرهم أن يسمعوا له ويطيعوا فعصوه في شيء) قيل إنه لم يقصد النار حقيقة، وإنما أشار بذلك إلى أن طاعة الأمير واجبة، ومن ترك الواجب دخل النار، فإذا شق عليكم دخول هذه النار فكيف بالنار الكبرى، وكان في قصده أنه لو رأى منهم الجد في دخولها لمنعم قال الداودي يرد تلك النار لأنهم يموتون بتحريقها فلا يخرجون منها أحياء، قال وليس المراد بالنار نار جهنم ولا أنهم يخلدون فيها، لأنه قد يثبت في حديث الشفاعة أنه يخرج من النار من كان في قلبه مثقال حبة من

-45 - وجوب طاعة الجيش لأميرهم إلا في معصية الله عز وجل ----- (وفي لفظ) فقال (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) للذين أرادوا أن يدخلوها لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة: وقال الآخرين قولا حسنا، وقال لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف (وفي لفظ) لا طاعة لبشر في معصية الله (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علقمة بن مجزز رضي الله عنه على بعث أنا فيهم حتى انتهينا إلى رأس غزاتنا أو كنا ببعض أذن لطائفة من الجيش وأمر عليهم عبد الله بن حذافة بن قيس السهمي وكان من أصحاب بدر، وكانت فيه دعابة يعني مزاحا، وكنت ممن رجع معه فنزلنا ببعض الطريق، قال وأوقد القوم نارا ليصنعوا عليها صنيعا لهم أو يصطلحون، قال فقال لهم أليس لي عليكم السمع والطاعة؟ قالوا بلى، قال أعزم عليكم بحقي وطاعتي لما توثبتم في هذه النار، فقام ناس فتحجزوا حتى إذا ظن أنهم واثبون قال احبسوا أنفسكم، فإنما كنت أضحك معكم فكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم بعد أن قدموا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم من أمركم منهم بمعصية فلا تطيعوه (عن بشير بن عاصم الليثي) عن عقبة بن مالك رضي الله عنه وكان من رهطه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فسلحت رجلا سيفا، قال فلما رجع قال ما رأيت مثل مالا منا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أعجزتم إذ بعثت رجلا فلم يمض لأمري أن تجعلوا مكانه من يمضي لأمري

_ إيمان أي فيما يقره الشرع (تخريجه) (ق د نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد بن عمرو عن عمرو بن الحكم بن ثوبان أن أبا سعيد قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) هو بجيم وزايين الأولى مشددة مكسورة بفتح الهمزة وتشديد الميم مفتوحة من التأمير أي كطعام ونحوه (وقوله أو يصطلحون) أي يتقون البرد بالنار يقال احتجز الرجل بازاره شده في وسطه، وإنما فعلوا ذلك استعدادا للوثوب في النار هذا تقييد لما أطلق في الأحاديث المطلقة القاضية بطاعة أولى الأمر على العموم: القاضية بالصبر على ما يقع من الأمير مما يكره والوعيد على مفارقة الجماعة (تخريجه) (جه ك بز حب) وصححاه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا سليمان بن المغيرة القيسي قال حدثنا حميد بن هلال قال حدثني بشير بن عاصم الليثي عن عقبة بن مالك الخ أي من قومه والمعنى أن عقبة بن مالك كان من قوم بشير بن عاصم بفتح اللام مشددة وسكون الحاء المهملة وضم تاء الفاعل كذا جاء مضبوطا في النهاية، قال في حديث عقبة بن مالك بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سيرية فسلحت رجلا منهم سيفا أي جعلته سلاحه: والسلاح ما أعددته للحرب من آلة الحديد مما يقاتل به: والسيف وجده يسمى سلاحا يقال سلحته (بفتح اللام مخففة) أسلحته بفتح اللام أيضا إذا عطيته سلاحا وإن شدد فللتكثير، وتسلح إذا لبس السلاح اهـ جاء عند الحاكم فلما رجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لامنا (من اللوم) وقال أعجزتم الخ: وفي هذا الحديث غموض يحتاج إلى بيان ولم قف على من شرحه، وهذا الحديث بنصه في سنن أبي داود ولم يتعرض له الخطابي ولا المنذري

-46 - الدعوة إلى الإسلام قبل القتال ووصية الإمام لأمير الجيش ----- (باب الدعوة إلى الإسلام قبل القتال ووصية الإمام لأمير الجيش) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال ما قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم قوما حتى يدعوهم (عن سهل بن سعد الساعدي) رصي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله، قال فبات الناس يدوكون ليلتهم أيهم يعطاها، فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله يشتكي عينيه، قال فأرسلوا إليه فأتى به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال علي يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا فقال أنفذ على رأسك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فو الله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم (عن بريدة الأسلمي) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث أميرا على سرية أو جيش أوصاه في خاصة نفسه بتقوى الله ومن معه من المسلمين خيرا وقال اغزوا باسم الله، في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله (وفي لفظ) اغزوا ولا تغلوا ولا تغدوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليدا، فإذا لقيت عدوك من المشركين فادعهم إلى إحدى ثلاث خصال أو خلال، فأيتهن ما أجابوك إليها فاقبل منهم وكف عنهم، ادعهم إلى الإسلام فإن هم

_ ولا ابن القيم بكلمة، فالله أعلم بمراد رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (د ك) وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي باب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حفص بن غياث ثنا حجاج بن أرطاة عن ابن أبي نجيح عن أبيه عن ابن عباس الخ (غريبة) يعني يعدوهم إلى الاسلام (تخريجه) (ك) وأورده الهيثمي وقال أخرجه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم أخبرني سهل بن سعد الخ (غريبة) أي يخوضون وزنا ومعنى ويموجون فيمن يدفعها اليه، يقال وقع الناس في دوكة بفتح الدال المهملة وضمها أي في خوض واختلاط فيه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم ومنقبة لعلي رضي الله عنه المراد من المثلية المذكروة أن يتصفوا بوصف الاسلام في النطق بالشهادتين بضم الفاء أي امض سالما، والساحة الناحية وقضاء بين دور الحي أي خير لك من ملك جماعة من الإبل الحمر وكانت من أنفس أموال العرب (تخريجه) (ق مذ وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان بن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه (بريده الأسلمي) الخ (غريبه) بضم الغين المعجمة أي لا تخونوا في الغنيمة (ولا تمثلوا) أي لا تقطعوا الأنف والأذن ونحو ذلك بقصد التشويه (ولا تغدروا) بكسر الدال وضمها وهو ضد

-47 - الدعوة إلى الإسلام قبل القتال ووصية الإمام لأمير الجيش ----- أجابوك فاقبل منهم، ثم ادعهم إلى التحول من دارهم إلى دار المهاجرين وأعلمهم إن هم فعلوا ذلك أن لهم ما للمهاجرين وأن عليهم ما على المهاجرين، فإن أبوا واختاروا دارهم فاعلموا أنهم يكونون كالأعراب المسلمين يجري عليهم حكم الله الذي يجري على المؤمنين، ولا يكون لهم في الفيء والغنيمة نصيب إلا أن يجاهدوا مع المسلمين، فإن هم أبوا فادعهم إلى إعطاء الجزية: فإن أجابوا فأقبل منهم وكف عنهم، فإن أبوا فاستعن الله ثم قاتلهم (وعنه من طريق ثان بنحوه) وزاد وإذا حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تجعل لهم ذمة الله وذمة نبيك فلا تجعل لهم ذمة الله ولا ذمة نبيه ولكن أجعل لهم ذمتك أبيك وذمم أصحابك، فإنكم إن تخفروا ذممكم وذمم آبائكم أهون من أن تخفروا ذمة الله وذمة رسوله، وان حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري حكم الله فيهم أم لا، قال عبد الرحمن هذا أو نحوه (عن أبي البختري) قال حاصر سليمان الفارسي قصرا من قصور فارس فقال له أصحابه يا أبا عبد الله ألا تنهد إليهم؟ قال لا حتى أدعوهم كما كان يدعوهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأتاهم فكلمهم، قال أنا رجل فارسي وأنا منكم والعرب يطيعوني فاختاروا إحدى ثلاث: أما أن تسلموا وإما أن تعطوا الجزية عن يد وأنتم صاغرون، وإما إن ننابذكم فنقاتلكم، قالوا لا نسلم ولا نعطي الجزية ولكنا ننابذكم، فرجع سليمان إلى أصحابه فقالوا ألا تنهد إليهم؟ قال لا، فدعاهم ثلاثة أيام فلم يقبلوا فقاتلهم ففتحها (وعنه من طريق ثان) أن سلمان الفارسي حاصر قصرا من قصور

_ الوفاء (ولا تقتلوا وليدا) يعني صبيا لم يبلغ الحلم فيه ترغيب الكفار بعد إجابتهم وإسلامهم إلى الهجرة إلى ديار المسلمين لأن الوقوف بالبادية ربما كان سببا لعدم معرفة الشريعة لقلة من فيها من أهل العلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه بنحو الحديث المتقدم وزاد وإذا حاصرت أهل حصن الخ الذمة هنا معناها عقد الصلح والمهادنة: وإنما نهى عن ذلك لئلا ينقض الذمة من لا يعرف حقها، وينتهك حرمتها بعض من لا تمييز له من الجيش فيكون ذلك أشد، لأن نقض ذمة الله ورسوله اشد من نقض ذمة أمير الجيش أو ذمة جميع الجيش وإن كان نقض الكل محرما بضم التاء الفوقية وبعدها خاء معجمة ثم فاء مكسورة وراء يقال اخفرت الرجل إذا انقضت عهده: وخفرت بمعنى أمنته وحميته عبد الرحمن هو الذي روى عنه الامام أحمد هذا الطريق من حيث الباب، وروى الطريق الأولى عن وكيع وما عداهما سند الطريقين وأحد (تخريجه) (م مذ جه) وللبزار مثله من حديث ابن عباس (سنده حدثنا عبد الله أبي ثنا على ابن عاصم عن عطاء بن السائب عن أبي البختري الخ (غريبة) هو بمعنى تنهض وزنا ومعنى، قال في النهاية نهد القوم إلى عدوهم أي إذا صمدوا له وشرعوا في قتاله: ومنه حديث ابن عمر أنه دخل المسجد فنهد الناس يسألونه أي نهضوا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد

-48 - تخيير الكفار بين الإسلام أو القتال أو دفع الجزية ----- فارس فقال لأصحابه دهوني حتى أفعل ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إني امرؤ منكم، وإن الله رزقني الإسلام وقد ترون طاعة العرب، فإن أنتم أسلمتم وهاجرتم إلينا فأنتم بمنزلتنا يجري عليكم ما يجري علينا، وإن أنتم أسلمتم وأقمتم في دياركم فأنت بمنزلة الأعراب يجري لكم ما يجري لهم، ويجري عليكم ما جرى عليهم، فان أبيتم وأقررتم بالجزية فلكم ما لأهل الجزية وعليكم ما على أهل الجزية، عرض عليهم ذلك ثلاثة أيام ثم قال لأصحابه أنهدوا إليهم ففتحها (عن ابن عون) قال كتبت إلى نافع أساله ما أقعد ابن عمر عن الغزو أو عن القوم إذا غزوا؟ وبما يدعون العدو قبل أن يقاتلوهم؟ وهل يحمل الرجل إذا كان في الكتيبة بغير إذن إمامه؟ فكتب إلي إن ابن عمر كان يغزو وولده ويحمل على الظهر، وكان يقول إن أفضل العمل بعد الصلاة الجهاد في سبيل الله تعالى، وما أقعد ابن عمر عن الغزو إلا وصايات لعمر وصبيان صغار وضعية كثيرة، وقد أغار رسول الله) ص* على بني المصطلق وهم غارون يسقون على نعمهم فقتل مقاتلهم وثبي سباياهم وأصحاب جويرية بنت الحارث، قال فحدثني بهذا الحديث ابن عمر وكان في ذلك الجيش، وإنما كانوا يدعون أول الإسلام. وأما الرجل فلا يحمل على الكتيبة إلا بإذن إمامه (باب جواز الخداع في الحرب بالتورية والكتمان وإرسال الجواسيس ونحو ذلك) (ز علي رضي الله عنه) قال إن الله عز وجل سمى الحرب على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم خدعة (زاد في رواية زحموية) على لسان نبيكم صلى الله عليه وسلم

_ عن عطاء بن السائب عن أبي البختري عن سلمان الفارسي حاصر قصر الخ يعني بمنزلة المهاجرين (وقوله يجري عليكم ما يجري علينا) يعني من اخذ نصيبنا في الفيء والغنيمة ونحو ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد رحمه الله وسند الطريق الأولى حسن وسند الطريق الثانية صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا ابن عون قال كتبت إلى نافع الخ (غريبة) قال في المصباح الضيعة العقار والجمع ضياع مثل كلبة وكلاب، والضيعة الحرفة والصناعة، ومنه كل رجل وضيعته اهـ (قلت) هذا محمول على ما إذا لم يتعين الجهاد، وإلا فلا يتركه ابن عمر ولا يوصى بتركه عمر رضي الله عنهما بضم الميم وسكون المهملة وفتح الطاء وكسر اللام بعدها قاف وهو بطن شهير من خزاعة (وقوله وهم غازون) بغين معجمة وتشديد الراء جمع غار بالتشديد أي غافلون، والمراد بذلك الأخذ على غرة أي غفلة أي أخذها في السبي (تخريجه) (ق د. وغيرهم). (باب) (ز سنده) حدثنا عبد الله حدثني محمد بن جعفر الوركاني وإسماعيل بن موسى السدي وحدثنا زكريا بن يحيى زحموية قالوا أنبأنا شريك عن أبي إسحاق عن سعيد بن ذي حدان عن علي الخ (غريبة) فيه لغات، وقد روى بهن جميعا، وأفصحها فتح الخاء المعجمة مع سكون الدال المهملة، أي تنقضي بخدعة، والخدع إظهار أمر وإضمار خلافه وذلك سائغ في الحروب لأنه من

-49 - جواز الخداع في الحرب وعدم تسرب الأخبار للعدو ----- (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمى الحرب خدعة (عن أنس ابن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحرب خدعة (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنه تعالى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرب خدعة (عن كعب بن مالك) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورى بغيرها حتى كان غزوة تبوك فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد استقبل سفرا بعيدا ومفازا واستقبل غزوا عدو كثير فحلا للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة عدوهم وأخبرهم بوجهه الذي الذي يريد (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال اشتد الأمر يوم الخندق

_ المستثنى الجائز المخصوص من المحرم غلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فليس بالجائز (تخريجه) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الامام أحمد علي مسند أبيه، ولذا رمزت له بحرف زاي في أوله كما أشرت إلى ذلك في المقدمة: ولم أقف عليه لغير عبد الله بن الامام أحمد: وهو ضعيف ويؤيده ما بعده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا ابن مبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان ثنا صفوان ابن عمرو عن عمرو بن جابر عن أنس الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفي إسناده عمرو ابن جابر قال في التقريب ضعيف شيعي (قلت) يؤيده ما قبله وما بعده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج عن ابن جرير أخبرني أبو الزبير عن جابر الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب بن زياد قال ثنا عبد الله قال أنا يونس عن الزهري قال أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب أن عبد الله بن كعب قال سمعت كعب بن مالك يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بتشديد الراء أي سترها وكني عنها بغيرها، ويستعمل في إظهار شيء مع إرادة غيره تبوك اسم موضع من بادية الشام قريب من مدين الذي بعث الله إليهم شعيبا والمشهور في تبوك منع الصرف للعلمية والتأنيث، وكانت هذه الغزوة في رجب سنة تسع من الهجرة بفتح الميم والفاء والزاي: البرية التي بين المدينة وتبوك، سميت مفازا تفاؤلا بالفوز وإلا فهي مهلكة كما قالوا للديغ سليم قال الزركشي والحافظ والدماميني وغيرهم بالجيم وتشديد اللام، زاد الحافظ قال ويجوز تحفيظها: ومعناه أظهر للمسلمين أمرهم أي ليكونوا على أهبة يلاقون بها عدوهم ويستعدون لذلك، والأهبة العدة، والجمع أهب مثل غرفة وغرف، ومعنى الحديث أنه صلى الله عليه وسلم كان يورى في غالب غزواته إلا غزوة تبوك فإنه أخبرهم بها ليستعدوا لها، فإنها كانت بعيدة الشقة وعرة المسالك في زمن حر شديد والعدو أكثر عددا منهم لهذا لم يكتم خبرها عنهم (تخريجه) (ق. د وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد قال هشام وحدثت به وهب بن كيسان فقال أشهد على جابر بن عبد الله رضي الله عنهما حدثني قال اشتد الأمر يوم الخندق الخ

-50 - إرسال الجواسيس لمعرفة أخبار العدو وترتيب السرايا والجيوش ----- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا رجل يأتينا بخبر بني قريظة؟ فانطلق الزبير فجاء بخبرهم، ثم اشتد الأمر أيضا فذكر ثلاث مرات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لكل نبي حواريا وإن الزبير حواري (عن ثابت عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيسة عينا لا أدري ما استثنى بعض نسائه فحدثه الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم فقال إن لنا طلبة فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا، فجعل رجال يستأذنونه في ظهر لهم في علو المدينة قال لا إلا من كان ظهره حاضرا، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى سبقوا المشركين إلى بدر (باب ترتيب السرايا والجيوش واتخاذ الرايات وألوانها) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الصحابة أربعة، وخير السرايا أربعمائة، وخير الجيوش أربعة آلاف، ولا يغلب اثنا عشر ألفا من قلة (عن الحارث بن حسان) البكري رضي الله عنه قال قدمنا المدينة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم على

_ (غريبه) الظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم انتدب من يأتي بني قريظة وفي كل مرة يجيبه الزبير كما يدل على ذلك رواية مسلم حواري الرجل صفوته وخاصته وناصره ومعينه في الشدائد (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا سليمان عن ثابت عن أنس الخ (غريبة) بضم الموحدة وفتح المهملة بعدها ياء ساكنة ثم سين مهملة مفتوحة، هو ابن عمرو ويقال ابن بشر (وقوله عينا) يعني جاسوسا يعني غير أنس الخ القائل لا أدري هو ثابت يشك هل استثنى أنس بعض نساء النبي صلى الله عليه وسلم في قوله وما في البيت أحد غيري وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم أم لا يريد أن بسيسة حدث النبي صلى الله عليه وسلم بما فعلت غير أبي الحديث وسيأتي بثمامة في باب غزوة بدر من أبواب الغزوات إن شاء الله تعالى (تخريجه) (م د: وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب بن جرير ثنا أبي قال سمعت يونس يحدث عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس الخ (غريبة) المراد بالصحابة هنا صحابة السفر وهم الجماعة يصطحب بعضهم بعضا في السفر السرايا جمع سرية بوزن عطية وهي القطعة من الجيش تنفصل عنه ثم تعود إليه، وقيل هي قطعة من الخيل زهاء أربعمائة: كذا قال إبراهيم الحربي، وسميت سرية لأنها تسري ليلا على خفية ظاهرة إن هذا الجيش خير من غيره من الجيوش سواء كان أقل منه أم أكثر، ولكن الأكثر إذا بلغ إلى اثني عشر ألفا لم من قلة: وليس بخير من أربعة آلاف وإن كانت تغلب من قلة كما يدل على ذلك مفهوم العدد (تخريجه) (د مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وحسنه الترمذي: وذكر أنه في أكثر الروايات عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا (سنده) حدثنا عبد الله

-51 - اتخاذ الرايات في الحرب وما جاء في تشييع الغازي واستقباله ----- المنبر وبلال قائم بين يديه متقاعدا بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا رايات سود وسألت ما هذه الرايات؟ فقالوا عمرو بن العاص قدم منن غزاة (وعنه في رواية أخرى) قال دخلت المسجد فإذا هو غاص بالناس وإذا راية سوداء تخفق، فقلت ما شأن الناس اليوم؟ قالوا هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يبعث عمرو بن العاص وجها (عن يونس بن عبيد) مولى محمد بن القاسم قال بعثني محمد بن القاسم إلى البراءة بن عازب رضي الله عنه أسأله عن راية رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانت؟ قال كانت سوداء مربعة من نمرة (باب تشجيع الغازي واستقباله ووصية الإمام له) (عن سهل بن معاذ) بن أنس الجهي عن أبيه رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لأن أشيع مجاهدا في سبيل الله فأكفه على راحلة غدوة أروحة أحب إلى الدنيا وما فيها (عن السائب بن يزيد) رضي الله عنه قال خرجت مع الصبيان إلى ثنية الوداع نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك، وقال سفيان مرة أذكر مقدم النبي صلى الله عليه وسلم لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك (عن صفوان بن عسال) المرادي رضي الله عنه قال بعثنا

_ حدثني أبي ثنا أبو بكر بن عياش قال ثنا عاصم بن أبي الفزر عن الحارث بن حسان البكري الخ الراية ما يعقد في الرمح ويترك حتى تصفقه الرياح يحملها رئيس الجيش جاءت هذه الرواية الأولى أنهم قالوا إن عمرو بن العاص قدم من غزاة، وفي هذه الرواية أنهم قالوا إن النبي صلى الله عليه وسلم يريد أن يبعث عمرو ابن العاص وجها، وظاهرا هذا التعارض، ويمكن الجمع بينهما بأن عمر أقدم من غزاة ثم أراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يبعثه إلى غزاة أخرى فسمع حسان الرواية الأولى من بعض الناس، والرواية الثانية من آخرين والله أعلم (تخريجه) (نس مذ جه) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبلي ثنا يحيى بن زكريا ثنا أبو يعقوب الثقفي حدثني يونس بن عبيد مولى محمد بن القاسم الخ (غريبة) بفتح النون والراء ميم مكسورة هي ثوب حبرة بكسر الحاء المهملة وفتح الموحدة والراء قال قي القاموس النمرة بالضم النكتة من أي لون كان والأنمرة ما فيه نمرة بيضاء وأخرى سوداء والنمرة الحبرة وشملة فيها خطوط بيض وسود أو بردة من صوف يلبسها الأعراب اهـ (تخريجه) (د مذ جه) وسنده حسن (باب) حدثنا عبد الله حدثني أبي حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل بن معاذ الخ (غريبة) بكسر الفاء أي الخدمة وأعينه في حوائجه بفتح الغين المعجمة أي في الذهاب أو الإياب (تخريجه) (جه ك) وفي إسناده ابن لهيعة وشيخه زبان بن فايد وكلاهما فيه كلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن السائب بن زيد الخ (غريبة) سفيان هو ابن عيينة أحد رجال السند: يعني أنه قال في رواية أخرى أذكر مقدم النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (د مذ) وصححه: وللبخاري نحوه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر قال

-52 - تشييع الغازي ووصية الإمام لقائد الجيش ----- رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فقال سيروا باسم الله في سبيل الله تقاتلون أعداء الله ولا تغلوا ولا تقاتلوا وليدا: وللمسافر ثلاثة أيام ولياليهن يمسح على خفيه إذا أدخل رجليه على طهور، وللمقيم يوم وليلة (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال مشى معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بقيع الغرقد ثم وجههم وقال انطلقوا على اسم الله، وقال اللهم أعنهم يعني النفر الذين وجههم إلى كعب بن الأشرف (وعنه أيضا) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيوشه قال اخرجوا بسم الله تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعاطى السيف مسلولا

_ أنا زهير عن أبي روق الهمداني أن أبا الغريف حدثهم قال: قال صفوان بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بضم المعجمة وتقدم الكلام عليها في شرح حديث بريدة في باب الدعوة إلى الإسلام قبل القتال: وما يختص بالمسح على الخفين تقدم الكلام عليه في أبواب المسح على الخفين في الجزء الثاني (تخريجه) (جه) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) البقيع من الأرض المكان المتسع ولا يسمى بقيعا إلا وفيه شجر أو أصولها، وبقيع الغرقد موضع بظهر المدينة فيه قبور أهلها كان به شجر الغرقد فذهب وبقى اسمه (نه) يعني إلى قتل كعب بن الأشرف اليهودي وسيأتي الكلام على قصته في الباب الأول من حوادث السنة الثالثة بعد الهجرة إن شاء الله تعالى (تخريجه) (بز طب) ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ألبي ثنا أبو القاسم بن أبي الزناد قال أخبرني ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أصحاب الصوامع هم الرهبان الذين يتعبدون فيها، والصوامع جمع صومعة: وهي مكان العبادة مثل المسجد عند المسلمين (تخريجه) (عل بز طب طس) وعند الطبراني في الأوسط قال (ولا تقتلوا وليدا ولا امرأة ولا شيخا) قال الهيثمي وفي رجال البزاز إبراهيم بن إسماعيل بن أبي حبيبة وثقة الإمام أحمد وضعفه الجمهور، وبقية رجال البزار رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قاتل أحدكم فليجتنب الوجه (تخريجه) (ق وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن حماد بن سلمة عن أبي الزبير عن جابر الخ (غريبة) إنما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن تعاطي السيف مسلولا يعني خارجا عن غمده لئلا يصيب إنسانا عند تناوله، والسنة أن يناوله داخل غمده (غربة) (ق د مذ ك)

-53 - استصحاب النساء في الغزو لمصلحة المرضى والجرحى ----- (باب استصحاب النساء في الغزو لمصلحة المرضى والجرحى والخدمة لا الجهاد) (عن حشرج بن زياد) الأشجي عن جدته أم أبيه رضي الله عنهما أنها قالت خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزاة خيبر وأنا سادسة ست نسوة، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم أن معه نساءا فأرسل إلينا (وفي لفظ فدعانا قالت فرأينا في وجه الغضب) فقال ما أخرجكن؟ وبأمر من خرجتن؟ فقلنا خرجنا نتناول السهام ونسقي الناس السويق ومعنا ما داوى به ونغزل الشعر ونعين به في سبيل الله، قال قمن فانصرفن، قالت فلما فتح الله عليه خيبر أخرج لنا سهام كسهام الرجل والقتلى إلى المدينة (عن أم عطية) رضي الله عنها قالت غزوت مع رسول الله (ص سبع غزوات أداوي المرضى وأقوم على جراحاتهم فاخلفهم في رحالهم أصنع لهم الطعام (عن محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن سحيم عن أمية بنت أبي الصلت عن امرأة من بني غفار وقد سماها لي قالت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسوة من بني غفار فقلنا له يا رسول الله قد أردنا أن نخرج معك إلى وجهك إلى وجهك هذا وهو يسير إلى خيبر فنداوي الجرحى ونعين المسلمين بما استطعنا، فقال على بركة الله، قالت فخرجنا معه وكنت جارية حديثة فأردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم على حقيبة رحله قالت فوالله لنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ وصححه الحافظ) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عبد الرحمن بن عبد الوارث ثنا رافع بن سلمة الأشجعي حدثني حشرج بن زياد الأشجي عن جدته الخ: وجدته هذه هي أم زياد الأشجية من الصحابيات (غريبة) السويق بكسر الواو: شراب يصنع من الحنطة والشعير المراد بالسهام هنا الرضخ وهو العطية من الغنيمة كما يستفاد من الحديث الآتي بعد حديثين، لا أنه جعل نصيب المرأة كنصيب الرجل كما يتبادر من ظاهر اللفظ (تخريجه) (د نس) وسكت عنه أبو داود، وفي إسناده رجل مجهول وهو حشرج، قاله الحافظ في التخليص، وقال الخطابي إسناده ضعيف لا تقوم به حجة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بشر بن المفضل عن خالد بن ذكران عن الربيع بنت معوذ الخ، الربيع بفتح الباء الموحدة بعدها ياء تحتية مشددة مكسورة (ومعوذ) بتشديد الواو مكسورة وبعدها ذال معجمة (تخريجه) (خ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق قال ثنا هشام عن حفصة عن أم عطية الخ (تخريجه) (م جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن محمد بن إسحاق الخ (غريبة) الظاهر والله أعلم أن هذه المرأة هي أم زياد الأشجعية جدة حشرج بن زياد التي ذكر حديثها أول الباب تعني حديثة السن مراهقة الحقيبة التي تجعل في مؤخر القتب، والمراد أنه صلى الله عليه وسلم أردفها خلفه على

-54 - استصحاب النساء في الغزو لمصلحة المرضى والجرحى ----- إلى الصبح فأناخ ونزلت عن حقيبة رحله وإذا بها فكانت أول حيضتها، قالت فتقبضت إلى الناقة واستحييت، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بي ورأى الدم قال مالك لعلك نفست؟ قالت نعم، قال فأصلحي من نفسك وخذي إناءا من ماء فاطرحي فيه ملحا ثم اغسلي ما أصاب الحقيبة من الدم ثم عودي لمركبك، قالت فلما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر رضخ لنا من الفيء وأخذ هذه القلادة التي ترين في عنقي فأعطانيها وجعلها بيده في عنقي، فو الله لا تفارقني أبدا قال وكانت في عنقها حتى ماتت، ثم أوصت أن تدفن معها، فكانت لا تظهر من حيضة إلا جعلت في طهورها ملحا وأوصت أن يجعل في غسلها حين ماتت (عن حميد) يعني ابن هلال قال كان رجل من الطفاوة طريقه علينا فأتى على الحي فحدثهم، قال قدمت المدينة في عيرها فبعنا بياعتنا ثم قلت لأنطلقن إلى هذا الرجل فلآتين من بعدي بخبره، قال فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو يريني بيتنا: قال إن امرأة كانت فيه فخرجت في سرية من المسلمين وتركت اثني عشر عنزا لها وصيصتها كانت تنسج بها، قال ففقدت عنزا من غنمها وصيصتها فقالت يا رب إنك قد ضمنت لمن خرج في سبيلك أن تحفظ عليه: وإني قد فقدت عنزا من غنمي وصيصتي وإني أنشدك عنزي وصيصتي، قال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر مناشدتها لربها تبارك وتعالى، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبحت عنزها ومثلها، وهاتيك فاتها فاسألها إن شأت، قال قلت بل أصدقك (باب الأوقات التي يستحب فيها الخروج إلى الغزو والنهوض إلى القتال وترتيب الصفوف وشعار المسلمين) (عن كعب بن مالك) رضي الله عنه قال لقمان كان رسول

_ مؤخرة الرحل أي وثبت فزعا مما رأت، قال في القاموس تقبض منه اشمأز وإليه وثب بفتح أوله وكسر ثانيه أي حضت الرضخ العطية القليلة، وقد احتج به القائلون بأن المرأة لا يسهم لها وهم الجمهور بفتح الطاء أي الماء الذي تطهر به (تخريجه) لم أقف على من أخرجه بهذا السياق غير الإمام أحمد وفي إسناده محمد بن سحيم لم أقف على من ترجمه، وأمية بنت أبي الصلت، قال الحافظ في التقريب لا يعرف حالها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا سليمان يعني ابن المغيرة عن حميد الخ (غريبة) بضم الطاء المهملة مشددة بعدها فاء، قال القاموس حي من قيس عيلان العنز بسكون النون أنثى المعز (والصيصة) هنا معناها الصنارة التي يغزل بها وينسج (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر قال ثنا يونس عن الزهري عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك أن كعب بن مالك قال: لقمان كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ وعناه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد سفرا تحرى الخروج إليه يوم الخميس، وقلما كان يخرج إلى سفر في غيره، وكونه

-55 - الأوقات التي يستحب فيها الخروج إلى الغزو ----- الله صلى الله عليه وسلم يخرج إذا أراد سفر إلا يوم الخميس (وعنه أيضا) أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج يوم الخميس في غزوة تبوك (ز عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم بارك لأمتي في بكورها (عن عمارة بن حديد) البجلي عن صخر الغامدي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اللهم بارك لأمتي في بكورها، قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية بعثها أول النهار، كان صخر رجلا تاجرا، وكان لا يبعث غلمانه إلا من أول النهار فكثر ماله حتى كان لا يدري أين يضع ماله (عن عبد الله بن أبي أوفى) رضي الله عنه قال كان الني صلى الله عليه وسلم يحب أن ينهض إلى عدوه عند زوال الشمس (عن نعقل بن يسار) رضي الله عنه أن عمر رضي الله عنه استعمل النعمان بن مقرن فذكر الحديث قال النعمان ولكني

_ صلى الله عليه وسلم كان يحب الخروج يوم الخميس لا يستلزم المواظبة عليه لقيام مانع كما يشير إلى ذلك التعبير بقوله قلما (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن كعب بن مالك عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) زاد البخاري وكان يحب أن يخرج يوم الخميس (تخريجه) (ق. وغيرهما) ز (سنده) حدثنا عبد الله ثنا روح بن عبد المؤمن ثنا عبد الواحد بن زياد وحدثني عمرو الناقد ثنا محمد بن فضيل عن عبد الرحمن ابن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي بن أبي طالب الخ (غريبة) معناه العمل في أول النهار، وهذا لا يمنع جواز العمل في غير وقت البكور، وإنما خص البكور بالبركة لأنه وقت النشاط (تخريجه) لم أقف عليه من حديث على الغير عبد الله بن الإمام أحمد، وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق بن سعد الواسطي ضعفه الإمام أحمد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يعلى ابن عطاء عن عمارة بن حديد الخ (تخريجه) (د مذ جه) وفي إسناده عمارة بن حديد البجلي بفتح الموحدة والجيم وثقه ابن حبان وقال أبو حاتم مجهول، وقال الحافظ حديث (بورك لأمتي في بكورها) أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان وقال ابن حبان من حديث صخر الغامدي بالغين المعجمة، وقد اعتنى بعض الحفاظ بجمع طرقه فبلغ عدد من جاء عنه من الصحابة نحو العشرين نفسا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن موسى بن عقبة عن أبي النضر عن عبيد الله بن معمر عن عبد الله بن أبي أوفى الخ (تخريجه) أورده الهشيمي وقال رواه أحمد والطبراني من طريق إسماعيل بن عياش عن موسى بن عقبة وهي ضعيفة (سنده) حدثنا عبد الله ثنا عبد الرحمن وبهز قالا ثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران الجوني قال بهز قال أنا عمران الجوني عن علقمة بن عبد الله المزني عن معقل (بوزن مسجد) بن يسار الخ (غريبة) هكذا في الأصل بلفظ (وذكر الحديث) وليس من اختصاري ولم يتقدمه في الأصل حديث في هذا المعنى، ولعل عمر رضي الله عنه ذكر للنعمان حديث البكور فقال

-56 - ترتيب الصفوف في الحرب واتخاذ الشعار وقتال الرجل تحت لواء قومه ----- شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان إذا لم يقاتل أول النهار أخر القتال حتى نزول الشمس وتهب الرياح وينزل النصر (وعن أبي أيوب الأنصاري) رضي الله عنه قال صففنا يوم بدر فبدرت منا بادرة أمام الصف، فنظر إليهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال معي معي (عن عقبة بن المغيرة) معك؟ قال قاتل تحت لواء قومك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحب للرجل أن يقاتل تحت راية قومه (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستلقون العدو إذا وإن شعاركم هم لا ينصرون (عن سلمة بن الأكوع) رضي الله عنه قال كان شعارنا ليلة بيتنا فيها هو ازن مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه أمره علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ النعمان ولكني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د) ورواه البخاري بزيادة (انتظر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلوات) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب أن أسلم أبا عمران حدثهم أنه سمع أبا أيوب يقول صففنا يوم بدر الخ (غريبة) أي تقدم بعض القوم أمام الصف (وقوله معي معي) أي لا تتقدموا عن الصف وكونوا معي (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، والصحيح أن أبا أيوب لم يشهد بدرا والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أب ثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية قال حدثنا عقبة بن المغيرة الخ (غريبة) بفتح القاف وسكون الراء أي قرن حيوان اصطحبه معه بسرج دابته ليبول فيه إذا لم يمكنه النزول عن الدابة لمانع كما يستفاد ذلك من رواية الحاكم وستأتي (تخريجه) (عل بز طب ك) ولفظه عند الحاكم من طريق عقبة بن المغيرة الشيباني قال حدثني إسحاق الشيباني عن أبيه عن مخارق بن سلم، قال كنت أساير عمارا يوم الجمل ومعه قرن مستمطة بسرجه يبول فيه إذا بال، فلما حضر القتال قال يا مخارق ائت راية رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحب أن يقاتل الرجل تحت راية قومه، قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا أجلح عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب الخ (غريبة) الشعار هو العلامة في الحرب يقال نادوا بشعارهم أو جعلوا لأنفسهم شعارا، والمراد أنهم جعلوا العلامة بينهم لمعرفة بعضهم في ظلمة الليل هو التكلم بلفظ الشعار عند هجوم العدو عليهم واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون شعارهم لفظ (هم لا ينصرون) لما فيه من التفاؤل بعدم انتصار الخصم مع حصول الغرض بالشعار والله أعلم () (تخريجه) (نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال كان شعارنا الخ

-57 - استحباب الخيلاء في الحرب ----- أمت أمت وقلت بيدي ليلة إذ سبعة أهل أبيات (باب استحباب الخيلاء في الحرب والنهي عن تمني لقاء العدو والاغتراء بكثرة الجند) (عن محمد بن إبراهيم) أن ابن جابر ابن عتيك حدثه عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من الغيرة ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله ومن الخيلاء ما يحب الله، ومنها ما يبغض الله، فالغيرة التي يحب الله الغيرة في الريبة والغيرة التي يبغض الله الغيرة في غيبة ريبة، والخيلاء التي يحب الله، اختيار العبد بنفسه لله عند القتال واختياله بالصدفة، والخبلاء التي يبغض الله، الخيلاء في المفخر والكبر أو كالذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن قيس بن بشر التغلبي) قال أخبرني أبي وكان جليسا لأبي الدرداء رضي الله عنه قال كان بدمشق رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له ابن الحنظلية، وكان رجلا متوحدا فلما قلما يجالس الناس، إنما هو في صلاة، ف'فإذا فرغ فغنما يسبح ويكبر حتى يأتي أهله: فمر بنا يوما ونحن عند أبي الدرداء، فقال له أبو الدرداء كلمة تنفعنا ولا تضرك، قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لرجل إلى جنبه لو رأيتنا حين التقينا نحن والعدو فحمل فلان فطعن فقال خذها وأنا الغلام الغفاري، كيف ترى في قوله؟ قال ما أراه الأبطل أجره، فسمع ذلك آخر فقال ما أرى بذلك بأسا، فتنازعا حتى سمع النبي صلى الله عليه وسلم فقال سبحان، لا بأس أن يحمد ويؤجر (وفي لفظ بل

_ (غريبه) أمر بالموت وفيه التفاؤل بموت الخصم (تخريجه) (د نس جه ك) وسكت عنه أبو داود والمنذري، وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (سنده) حدثنا حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا الحجاج بن أبي عثمان ثنا يحيى بن أبي كثير عن محمد بن إبراهيم الخ (غريبة) مثال ذلك أن يغتار الرجل على محارمه إذا رأى منتهم فعلا محرما، فإن، فإن الغيرة ونحوه ما يحب الله، وفي الحديث الصحيح (ما أحد أغير من الله، من أجل ذلك حرم الزنا) مثال ذلك أن يغتار الرجل على أمه أن ينكحها زوجها وكذلك سائر محارمه، فإن هذا مما يبغضه الله تعالى، لأن ما أحله الله تعالى يجب علينا الرضا به، فإن لم نرض به كان ذلك من آثار حمية الجاهلية على ما شرعه الله لنا اختيال الرجل بنفسه عند القتال من الخيلاء الذي يحبه الله، لما في ذلك من الترهيب لأعداء الله (وقوله واختياله بالصدقة) أي مما يحبه الله فأنه ربما كان من أحباب الاحتكثار منها والترغيب فيها متى حسنت منه النية وأمن الرياء مثال ذلك أن يذكر ماله من الحسب والنسب وكثرة المال والجاه والشجاعة والكرم لمجرد الافتخار ثم يحصل منه الاختيار عند ذلك (تخريجه) (د نس) وسكت عنه أبو داود والمنذري وصححه الحاكم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمرو أبو عامر قال ثنا هشام بن سعد قال ثنا قيس بن بشر الخ (غريبة) أي يجب الوحدة والعزلة أي قل لنا كلمة

-58 - النهي عن تمني لقاء العدو وعدم الاغترار بكثرة الجنود ----- يحمد ويؤجر) قال فرأيت أبا الدرداء سر بذلك وجعل يرفع رأسه إليه ويقول آنت سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقول نعم، فما زال يعيد عليه حتى إني لأقول ليبركن على ركبتيه (عن أبيس حيان) قال سمعت شيخا بالمدينة يحدث أنم عبد الله بن أبي أوفي رضي الله عنه كتب إلى عبيد الله إذا أراد أن يغزو الحرورية فقلت لكاتبه وكان لي صديقا أنسخه لي ففعل، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لا تمنوا لقاء العدو وسلوا الله عز وجل العافية، فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف قال فنظر إذا زالت الشمس نهد إلى عدوه ثم قال اللهم منزل الكتاب، ومجري السحاب، وهازم الأحزاب، اهزمهم وانصرنا عليهم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال تمنوا لقاء العدو، فإذا لقيتموهم فاصبروا (وفي لفظ) فإنكم لا تدرون ما يكون في ذلك (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) عن صهيب رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى همس شيئا لا أفهمه ولا يخبرنا به قال أفطنتم لي؟ قلنا نعم، قال إني ذكرت نبيا من الأنبياء أعطى جنودا من قومه فقال من يكافئ هؤلاء؟ ومن يقوم لهؤلاء أو غيرها من الكلام فأوحى إليه أن أختر لقومك إحدى ثلاث، إما أن نسلط عليهم عدوا من غيرهم، أو الجوع، أو الموت، فاستشار قومه في ذلك، فقالوا أنت نبي الله نكل ذلك إليك خرلنا، فقال إلى الصلاة وكانوا إذا فزعوا فزعوا إلى الصلاة فصلى

_ فكلمة مفعول لفعل محذوف للحديث بقية عن معنى الباب ستأتي في مواضعها، وسيأتي الحديث بطوله في باب مناقب سهل بن الحنظلية من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح (عن أبي حيان) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هو ابن إبراهيم ثنا أبو حيان قال سمعت شيخا الخ (غريبة) هكذا بالأصل (كتب إلى عبيد الله) وهو خطأ وصوابه كتب إلى عمر بن عبيد الله كما في البخاري وغيره يعني الخوارج نسبة إلى حوراء الذين قاتلهم علي رضي الله عنه هو من المجاز البليغ لأن ظل الشيء لما كان ملازما له وكان ثواب الجهاد الجنة كان في ظلال السيوف المشهورة فوق الرءوس في الجهاد تحتها الجنة، أي ملازمها استحقاق ذلك، ومثله (الجنة تحت أقدام الأمهات) أي نهض وبرز (تخريجه) (ق د ك) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الخ (غريبة) معناه أنه أعجبه كثرتهم وفهم أنه لا يقدر أحد على مقاومتهم بكسر الزاي فيهما فالأولى بمعنى الخوف، والثانية بمعنى الالتجاء، والمعنى وكانوا إذا خافوا

-59 - النهي عن الإغارة على من عنده شعار الإسلام ----- ما شاء الله، ثم قال أي رب أما عدو من غيرهم فلا، أو الجوع فلا، ولكن الموت، فسلط عليهم الموت فمات منهم سبعون ألفا، فهمسي الذي ترون، أني أقول اللهم بك أقاتل وبك أصاول ولا حول ولا قوة إلا بالله (باب الكف وقت الإغارة عمن عنده شعار الإسلام) (عن أنس ابن مالك) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يغير عند طلوع الفجر فيستمع، فإذا سمع أذانا أمسك وإلا أغار، قال فتسمع ذات يوم فسمع رجلا يقول الله أكبر. الله أكبر، فقال على الفطرة، فقال أشهد أن لا إله إلا الله، فقال خرجت من النار (عن عصام المزني) رضي الله عنه وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا بعث السرية يقول (وفي لفظ قال ابن عصام عن أبيه بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فقال) إذا رأيتم مسجدا أو سمعتم مناديا فلا تقتلوا أحدا (باب الكف عن المحارب إذا عرف بالإسلام ووعيد قاتله وعذر من خطأ في قتله لعدم فهم كلامه) (عن أبي العلا) قال حدثني رجل من الحي أن عمران ابن حصين رضي الله عنه حدثه أن عبيسا أو ابن عبيس في ناس من بني جشم أتوه فقال له أحدهم ألا تقاتل حتى لا تكون فتنة؟ قال لعلي قد قاتلت حتى لم تكن فتنة، قال ألا أحدثكم ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أراه ينفعكم فأنصتوا، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغزوا بني فلان مع فلان قال فصفت الرجال وكانت النساء من وراء الرجال، ثم لما رجعوا قال رجل يا نبي الله

_ من شيء التجئوا إلى الصلاة، وهذا معمول به في شرعنا قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة) أي بمعونتك أسطو على الأعداء وأقرهم، والصلاة الحملة والوثبة (تخريجه) (م مذ مي) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس الخ يعني دين الإسلام، وفيه أن التكبير من الأمور المختصة بأهل الإسلام، وأنه يصح الاستدلال به على 'سلام أهل قرية سمع منهم ذلك هذا نظير قوله صلى الله عليه وسلم من قال لا اله إلا الله دخل الجنة، وهي مطلقة مقيدة بعدم المانع جمعا بين الأدلة، وتقدم الكلام على ذلك في باب نعيم الموحدين وثوابهم من كتاب التوحيد في الجزء الأول (تخريجه) (م مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان قال ذكره عبد الملك بن نوفل بن مساحق قال سفيان وجده بدري عن رجل من مزينة يقال له ابن عصام عن أبيه وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (جه مي مذ) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب، وهو من رواية ابن عصام عن أبيه، قيل اسمه عبد الله، وقيل اسمه عبد الرحمن اهـ قال الحافظ في التقريب لا يعرف حاله قيل اسمه عبد الرحمن اهـ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عارم ثنا معتمر ابن سليمان عن أبيه قال وحدثني السميط للشيباني عن أبي العلاء الخ (غريبة) أي آتوا عمران ابن حصين الظاهر أنه قال لهم ذلك لكونه يعلم أو يظن أنهم لا يقاتلون كفارا أي يخدمن المقاتلين بتضميد جرح أو مناولة نبل أو صنع طعام أو نحو ذلك

-60 - التشديد في قتل العدو إذا اعترف بالإسلام ----- استغفر لي غفر الله لك، قال هل أحدثت؟ قال لما هزم القوم وجدت رجلا بين القوم والنساء فقال إني مسلم أو قال أسلمت فقتلته، قال تعوذ بذلك حين غشيه الرمح، قال هل شققت عن قلبه تنظر إليه؟ فقال لا والله ما فعلت، فلم يستغفر له أو كما قال، أو قال في حديثه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اغزوا بني فلان مع فلان فانطلق رجل من لحمى معهم فلما رجع إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم قال يا نبي الله استغفر لي غفر الله لك، قال وهل أحدثت؟ قال لما هزم القوم أدركت رجلين بين القوم والنساء فقالا أسلمنا فقتلتهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عما أقاتل الناس إلا على الإسلام؟ والله لا أستغفر لك أو كما قال، فمات بعد فدفنته عشيرته فأصبح قد نبذته الأرض، ثم دفنوه وحرسوه ثانية فنبذته الأرض ثالثة، فلما رأوا ذلك ألقوه أو كما قال (عن حميد بن هلال) قال جمع بيني وبين بشر بن عاصم صبحا فبرز رجل من أهل الماء فحمل عليه رجل من المسلمين، فقال أني مسلم فقتله، فلما قدموا أخبروا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فقام رسوا الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فما بال المسلم يقتل الرجل وهو يقول إني مسلم، فقال الرجل إنما قالها متعوذا فصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه ومد يده اليمنى (وفي لفظ فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم تعرف المساءة في وجهه) وقال أبي الله علي من قتل

_ يعني هل أذنبت ذنبا يوجب الاستغفار؟ أي لأنه لم يقل إني مسلم إلا خوفا من القتل الظاهر أن النبي لم يستغفر له لأنه علم بطريق الوحي سوء نيته أي من أقاربي في هذه الرواية قال أدركت رجلين وفي الرواية الأولى قال رجلا، والظاهر أن هذا من اختلاف الرواة والله أعلم أي بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم إنما نبذته الأرض لغضب الله عز وجل عليه وليعتبر به غيره (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده رجل لم يسم فلا يحتج به، (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا حماد يعني ابن سلمة عن يونس بن عبيد عن حميد بن هلال الخ (غريبة) أي أتوا يقال غشيه أغشاه من باب تعب أتيته والاسم الغشيان بالكسر يعني ما أراد بها الإسلام وإنما أراد بها التحصن من القتل (وقوله فصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وجهه، وفي الرواية الأخرى فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) معناه أنه صلى الله عليه وسلم صرف عنه وجهه من فعله، ثم أقبل عليه غاضبا مشيرا بيده اليمنى إليه قائلا أبى الله من قتل مسلما وكرر هذه الجملة ثلاث مرات للتأكيد، والظاهر والله أعلم أن قوله أبى الله على من قتل مسلما يعني أن يغفر له: فقد جاء عن أبي الدرداء قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (كل ذنب عسى الله أن يغفره الرجل يموت مشركا أو يقتل مؤمنا متعمدا رواه (د حب- ك)) وقال

-61 - النهي عن قتل رسول العدو ----- مسلما ثلاث مرات (عن سالم بن عبد الله) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد ابن الوليد إلى بني أحسبه قال جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون صبأنا وجعل خالد بهم أسرا وقتلا، قال ودفع إلى كل رجل منا أسيرا حتى إذا أصبح يوما أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، قال ابن عمر فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل أحد من أصحابي أسيره، قال فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له صنيع خالد، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين (باب النهي عن قتل رسول العدو وعدم جواز قتل المشرك غدرا أو أخذ ماله) (عن أبي وائل) عن ابن معين السعدي قال خرجت أسقي فرسا في السحر فمررت بمسجد بني حنيفة وهم يقولون إن مسيلمة رسول الله، فأتيت عبد الله (يعني ابن مسعود رضي الله عنه) فأخبرته فبعث الشرطة فجاءوا بهم، فاستتابهم فتابوا فخلى سبيلهم وضرب عنق عبد الله بن النواحة، فقالوا آخذت قوما في أمر واحد فقتلت بعضهم وتركت بعضهم؟ قال أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقدم عليه هذا وابن أثال بن حجر فقال أتشهد أني رسول الله؟ فقالا نشهد أن مسيلمة رسول الله، فقال النبي صلى الله عليه وسلم آمنت بالله ورسوله ولو كنت قاتلا وفدا لقتلتكما قال فلذلك قتله (وعنه من طريق ثان) قال: قال عبد الله حيث قتل ابن النواحة هذا وابن أثال كانا أتيا النبي صلى الله عليه وسلم رسولين لمسيلمة الكذاب، فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشهدان أني رسول الله؟ قالا نشهد أن مسيلمة رسول الله، فقال لو كنت قاتلا

_ صحيح الإسناد (تخريجه) (نس حب) والبغوي وسنده صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله الخ (غريبة) أي ظنه، وقد جاء في رواية البخاري بني جزيمة بالتحقيق بدون ظن أي دخلنا في دين الصابئة، وكان أهل الجاهلية سيمون من أسلم صابئا وكأنهم قالوا أسلمنا، والصابئي في الأصل الخارج من دين إلى دين كما في القاموس أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على خالد عدم التثبت في أمرهم وأنه لم يتئد حتى يقف على المراد من قولهم: وفهم خالد أن ذلك وقع منهم على سبيل الأنفة ولم ينقادوا إلى دخولهم في دين الله عز وجل ففعل ما فعل، ولذلك تبرأ النبي صلى الله عليه وسلم من فعله ولم يتبرأ منه، وهكذا ينبغي أن يقال لمن فعل ما يخالف الشرع ولاسيما إذا كان خطأ، وقد عذر النبي صلى الله عليه وسلم خالدا في اجتهاده ولذا لم يقتض منه (تخريجه) (خ. وغيره) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود الهاشمي أنبأن أبو بكر بن عياض ثنا عاصم عن أبي وائل الخ (غريبة) على وزن غرفة هم الجند والجمع شرط مثل غرف ورطب بضم الهمزة ولم يصرح باسمه في الطريقين وسيأتي ذكرا بن أثال في باب سرية محمد بن مسلمة قبل نجد من أبواب الغزوات مصرحا باسمه بلفظ (ثمامة بن أثال) وترجمة الحافظ في الإصابة بأنه ثمامة بن أثال بن النعمان وجاء في هذا الحديث (ابن أثال بن جحر فيكون هذا غير ذلك والله أعلم) (سنده) حدثنا عبد الله

-62 - النهي عن قتل المشرك غدرا ماله ----- رسولا لضربت أعناقكما، قال فجرت سنة أن لا يقتل الرسول، فأما ابن أثال فكفاه الله عز وجل وأما هذا فلم يزل ذلك فيه حتى أمكن الله منه الآن (عن الحارثة بن مضرب) قال: قال عبد الله (يعني ابن مسعود) لابن النواحة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لولا أنك رسول لقتلتك، فأما اليوم فلست برسول يا خرشة قم فاضرب عنقه، قال فقام إليه فضرب عنقه (عن نعيم بن مسعود) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين قرأ كتاب مسيلمة الكذاب قال للرسولين فما تقولان أنتما، قالا نقول كما قال، فقال رسول الله (ص لولا أن الرسل لا تقتل لضربت أعناقكما (عن عروة عن أبيه) عن المغيرة بن شعبة أنه صحب قوما من المشركين فوجد منهم غفلة فقتلهم وأخذ أموالهم، فجاء بها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأبى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقبلها (باب جواز تبييت الكفار وإن أدى إلى قتل ذراريهم تبعا) (ز عن ابن عباس) رضي الله عنه أن الصعب بن جثامة قال: قلت يا رسول الله الدر من دور المشركين نصبها للغارة فنصيب الولدان تحت بطون الخيل ولا نشعر فقال إنهم منهم

_ حدثني أبي ثنا يزيد أنبأنا المسعودي حدثني عاصم عن أبي وائل قال: قال عبد الله الخ إن كان ثمامة ابن أثال بن النعمان فإنه أسلم وحسن إسلامه، وإن كان غيره فيحتمل أنه أسلم أو قتل أو مات، وهذا معنى قوله فكففناه الله (تخريجه) أخرجه الطريق الأولى منه (د نس. ك) باختصار، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار وأبو يعلى مطولا وإسنادهم حسن (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب الخ (ومضرب) بضم الميم وفتح المعجمة وتشديد الراء مكسورة (تخريجه) (د نس) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي قال ثنا سلمة بن الفضل الأنصاري قال ثنا محمد بن إسحاق قال حدثني سعد ابن طارق الأشجيعي وهو أبو مالك عن سلمة بن نعيم بن مسعود الأشجعي عن أبيه نعيم بن مسعود الخ (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا هشام عن عروة عن أبيه الخ (غريبة) يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم لم يقبل ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم (من قتل قتيلا فله سلبه) ويحتمل أن هؤلاء المشركين ليسوا محاربين ولا أصحاب عهد ففي قتلهم على هذه الصورة شبه غدر، فلم يقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المغيرة أموالهم زجرا له عن حصول مثل ذلك مرة أخرى والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (باب) (ز سنده) حدثنا عبد الله حدثني داود بن عمرو أبو سليمان الضبي قال ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن عبيد الله بن عتبة عن ابن عباس الخ (غريبة) يعني القرية أو المحل (وقوله نصبها للغارة) أي نغير عليها ليلا أي من المشركين في جواز القتل في تلك الحالة، وليس المراد إباحة قتلهم بطريق ليقصد إليهم، بل المراد إذا

-63 - جواز تبييت الكفار وإن أدى إلى قتل ذراريهم تبعا ----- (عن سلمة بن الأكوع) رضي الله عنه قال بيتنا هو ازن مع أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان أكمره علينا النبي صلى الله عليه وسلم (عن ابن عباس) رضي الله عنهما عن الصعب ابن جثامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قيل له لو أن خيلا أغارت من الليل فأصابت من أبناء المشركين؟ قال هم من آباءهم (عن المهلب بن أبي صفرة) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أراهم الليلة إلا سيبيتونكم، فان فعلوا فشعاركم حم لا ينصرون (عن الصعب بن جثامة) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا حمى إلا لله ولرسوله، وسئل عن أهل الدار من المشركين يبيتون فيصاب من نسائهم وذراريهم، فقال هم منهم، ثم يقول الزهري ثم نهى عن ذلك بعد (باب الكف عن قصد النساء والصبيان والرهبان والشيخ الفاني بالقتل)

_ لم يمكن الوصول إلى المشركين إلا بوطئ الذرية فإذا أصيبوا لاختلاطهم بهم جاز قتلهم، وأما قصدهم بالقتل فقد نهى عنه، وبذلك يجمع بين هذا الحديث وأمثاله وبين أحاديث النهي الآتية (تخريجه) (ق وجه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة عن أبيه سلمة بن الأكوع الخ (غريبة) تبييت العدو وهو أن يقصد في الليل من غير أن يشعر فيؤخذ بغتة وهو البيات يعني الإغارة بالليل (تخريجه) (دم د نس جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال أنا ابن جرير قال أخبرني عمرو بن دينار أن ابن شهاب أخبره عن عبيد الله حدثني أبي قال ثنا أسود بن عامر قال ثنا شريك عن أبي إسحاق عن المهلب الخ (غريبة) هذا الرجل هو البراء بن عازب كما صرح بذلك في رواية للحاكم يريد أبا سفيان وقومه كما جاء صريحا في رواية للحاكم الشعار في الأصل العلامة التي تنصب ليعرف الرجل بها رفقة، والمراد أنهم جعلوا هذا اللفظ علامة بينهم ليعرف بعضهم بعضا في ظلمة الليل عند هجوم العدو عليهم (تخريجه) (نس مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا شفيان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن الصعب بن جثامة قال مربي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بالأبواء أو بودان، فأهديت له من لحم حمار وحش وهو محرم فرده على، فلما رأى في وجهي الكراهة قال إنه ليس بنا رد عليك ولكنا حرم، وسمعته يقول لا حمى إلا لله ولرسوله الحديث، وهذا الجزء من الحديث تقدم في باب تحريم صيد البر على المحرم في الجزء الحادي عشر (غريبة) لفظ أبي داود وقال الزهري ثم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل النساء والصبيان، وكأن الزهري أشار بذلك إلى نسخ حديث الصعب اهـ (قلت) تقدم الجمع بين حديث الصعب وأحاديث النهي في شرح الحديث الأول من

-64 - النهي عن قصد قتل النساء والصبيان والإجراء والخدم ----- (عن ابن عمر رضي الله عنهما) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في بعض مغازيه امرأة مقتولة فنهى عن قتل النمساء والصبيان (عن رباح بن الربيع) أخي حنظلة الكاتب رضي الله عنه أنه أخبره أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها وعلى مقدمته خالد بن الوليد رضي الله عنه، فمر رباح وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة مقتولة مما أصابت المقدمة، فوقفوا ينظرون إليها ويتعجبون من خلقها حتى لحقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته، فانفرجوا عنها، فوقف عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما كانت هذه لتقاتل، فقال لأحدهم الحق خالدا فقل له لا تقتلون ذرية ولا عسيفا (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رجلا أخذ امرأة فنازعته قائم سيفه فقتلها، فمر عليها النبي صلى الله عليه وسلم فأخبر بأمرها فنهى عن قتل النساء (عن أيوب) قال سمعت رجلا منا يحدث عن أبيه، قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية كنت فيها، فنهانا أن نقتل العسفاء ووالو صفاء (عن الأسود بن سريع) رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزوت معه فأصبحت ظهر ظهرا فقتل الناس يومئذ حتى قتلوا الولدان، وقال مرة الذرية، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ما بال أقوام جاوزهم القتل اليوم حتى قتلوا الذرية فقال رجل يا رسول الله إنما هم أولاد المشركين، فقال ألا إن خياركم أبناء المشركين ثم قال ألا لا تقتلوا ذرية ألا

_ أحاديث الباب (تخريجه) (ق مذ جه) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا عبد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (ق د مذ جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قال ثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن أبي الزناد قال حدثنا المرقع بن صيفي عن جده رباح بن الربيع الخ (غريبة) أي أنها ما قاتلت حتى تقتل، ومفهومه أن المرأة إذا قاتلت تقتل: وفيه خلاف عند الأئمة العسيف هو الأجير، والظاهر أنه الأجير على حفظ الدواب ونحو ذلك لا الأجير على القتال، وقيل هو الشيخ الفاني، وقيل العبد والله أعلم (تخريجه) (د نس جه حب هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا منه أبو خالد الأحمر عن حجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس الخ (غريبة) يعني وسباها كما في بعض الروايات (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال النبي صلى الله عليه وسلم مر بامرأة يوم الخندق مقتولة فقال من قتل هذه قال أنا يا رسول الله: قال نازعتني سيفي فسكت، وفي إسنادهما الحجاج بن ارطاة مدلس (سنده) عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أيوب قال سمعت رجلا الخ (غريبة) العسفاء الأجراء والو صفاء العبيد والإماء (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسمى حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل قال أنا يونس عن الحسن عن الأسود ابن سريع الخ (غريبة) معناه أن خيار الصحابة رضي الله تبارك وتعالى عنهم من أبناء المشركين

-65 - الأمر بقتل شيوخ المشركين والنهي عن قتل صبيانهم ورهبانهم في الحرب ----- لا تقتلوا ذرية، قال كل نسمة تولد على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها فأبواها يهودانها أو ينصرانها (وعنه من طريق ثان) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية يوم حنين فقاتلوا المشركين فأفضى بهم القتل إلى الذرية، فلما جاءوا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حملكم على قتل الذرية؟ قالوا يا رسول الله إنما كانوا أولاد المشركين، قال وهل خياركم إلا أولاد المشركين، والذي نفس محمد بيده ما من نسمة تولد إلا على الفطرة حتى يعرب عنها لسانها (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث جيوشه قال اخرجوا باسم الله، تقاتلون في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا ولا تغلوا ولا تمثلوا ولا تقتلوا الولدان ولا أصحاب الصوامع (عن سمرة بن جندب) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوا شيوخ المشركين واستجيبوا شرخهم، قال عبد الله سألت أبي عن تفسير هذا الحديث (اقتلوا شيوخ المشركين) قال يقول الشيخ لا يكاد أن يسلم والشاب أي كأنه أقرب إلى الإسلام

_ أي فطرة الله التي فطر الناس عليها: أي الخلقة التي خلقهم عليها من الاستعداد بقبول الدين: وقوله حتى يعرب بضم الياء التحتية من أعرب: والأعراب معناه الإبانة والتوضيح وذلك إلى سن التمييز: فإنه حينئذ يعلمه أبواه دين اليهودية أو النصرانية أي جعلهما الله سببا لما قضاه من دخوله في غير دين الإسلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يونس ثنا أبان عن قتادة عن الحسن عن الأسود بن سريع الخ أظهر في هذه الرواية أن الواقعة كانت في غزوة حنين (تخريجه) (عل طب طس هق) ورجاله رجال الصحيح (سند) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو القاسم بن أبي الزناد قال أخبرني ابن أبي حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) تقدم الشكر ذلك في باب الدعوة إلى الإسلام قبل القتل من حديث بريدة أصحاب الصوامع هم من انقطعوا للعبادة من الكفار كالرهبان والصوامع جمع صومعة، وهي مكان العبادة كالمسجد للمسلمين (تخريجه) (عل طب طس بز) إلا أن الطبراني قال في الأوسط ولا تفتلوا وليدا ولا امرأة ولا شيخا: قال الهيثمي وفي رجال البزار إبراهيم ابن إسماعيل بن أبي حبيبة وثقه أحمد وضعفه الجمهور، وبقية رجال البزار رجال الصحيح اهـ (قلت) ابن أبي حبيبة في رجال الإمام أحمد أيضا: لكن حديث بريدة المشار إليه أيضا يعضده، ويعضده أيضا حديث صفوان بن عسال الآتي في الباب التالي والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية ثنا الحجاج عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب الخ (غريبة) جمع شيخ وهرم من بلغ سن الأربعين أي رجال الأقوياء أهل النجدة والبأس: لا الهرمى الذين لا قوة ولا رأى أي واستبقوا شرخهم بفتح الشين والخاء المعجمتين بينهما راء ساكنة مصدر يقع على الواحد والاثنين والجمع، وقيل هو جمع شارخ كشارب أي الأطفال المراهقين الذين لم يبلغوا الحلم (وقوله

-66 - النهي عن المثلة والحرق وقطع الشجر إلا لحاجة ومصلحة ----- من الشيخ قال الشرخ الشباب (باب النهي عن المثلة والحرق وقطع الشجر وهدم العمران إلا لحاجة ومصلحة) (عن ثوبان) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قتل صغيرا أو كبيرا أو أحرق نخلا أو قطع شجرة مثمرة أو ذبح شاة لإرهابها لم يرجع كفافا (عن عمران بن حصين) رضي الله عنه قال ما قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا إلا أمرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة، قال: قال ألا وإن من المثلة أن ينذر الرجل أن يخرم أنفه (عن المغيرة بن شعبة) رشي الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المثلة (عن ابن عمر) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع نخل بني النصير وحرق (عن أسامة بن زيد) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان وجهه وجهة فقبض النبي صلى الله عليه وسلم فسأله أبو بكر رضي الله عنه ما الذي عهد إليك؟ قال عهد إلى أن أغير على أبني صباحا ثم أحرق

_ قال عبد الله) يعني ابن الإمام أحمد رحمهما الله معنى كلام الإمام أحمد رحمه الله أن الشيخ لا يرجى منه الإسلام بخلاف الشاب الصغير فإنه أقرب إلى الإسلام من الشيخ (تخريجه) (د مذ) حديث حسن صحيح غريب (باب) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق من كتابة ثنا ابن لهيعة ثنا شيخ عن ثوبان الخ (غريبة) المراد بالصغير هنا من لم يبلغ الحلم: والكبير الشيخ الفاني كما يستفاد من أحاديث الباب السابق أي لأجل أهابها أي جلدها لا للانتفاع بلحمها (وقوله لم يسترجع كفاف) أي لم يرجع لا ثواب له ولا عقاب عليه، بل يرجع مثقلا بالذنوب لما ارتكبه من المخالفة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي سنده راو لم يسم وابن لهيعة تكلم فيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن عبد الله الأنصاري ثنا صالح بن رستم الخزاز حدثني كثير بن شنظير عن الحسن عن عمران بن حصين الخ (غريبة) المثلة بضم الميم تشويه الخلقة بقطع بعض الأعضاء: يقال مثلت بالقتيل مثله من بابي ضرب وقتل إذا قطعت أنفه أو أذنه أو مذاكيره أو شيئا من أطرافه، والاسم المثلة: ومنه الحديث (نهي أن يمثل بالدواب) أي تنصب فترمي أو تقطع أطرافها وهي حية معناه وإن من المثلة التي يتناولها النهي أن ينذر الرجل أن يخرم أنف نفسه، فإذا فعل ذلك فالنذر باطل ولا يصح الوفاء به (تخريجه) (ك) وسنده لا بأس به (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع حدثني سلمة بن نوفل عن رجل من ولد المغيرة ابن شعبة الخ (تخريجه) (طب) وفي إسناده رجل لم يسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر الخ (غربية) بتشديد الراء أي لأنه رأى في ذلك مصلحة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن المثنى حدثني صالح بن الأخضر حدثني الزهري عن عروة عن أسامة الخ (غريبة) بضم الهمزة وسكون الموحدة مقصورة اسم قرية، قال ابن

-67 - إرسال النبي صلى الله عليه وسلم بعض الصحابة إلى خثعم وأبنى وتحريق معبودهم بالنار ----- (وعنه من طريق ثان) قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قرية يقال لها أبنى فقال ائتها صباحا ثم حرق (عن قيس بن أبي حازم) قال: قال لي جرير بن عبد الله رضي الله عنه قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تريحني من ذي الخلصة؟ وكان بيتا في خثعم يسمى كعبة اليمانية فنفرت إليه في سبعين ومائة فارس من أحمس قال فأتاها فحرقها بالنار، وبعث جرير بشريا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والذي بعثني بالحق ما أتيتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب فبرك رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس ورجالها خمس مرات (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعث فقال إن وجدتم فلانا وفلانا لرجلين من قريش فاحرقوهما بالنار، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أردنا الخروج كنت أمرتكم أن تحرقوا فلانا وفلانا بالنار إن النار لا يعذب بها إلا الله عز وجل فإن وجدتموهما فاقتلوهما (عن حمزة بن عمرو) الأسلمي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه ورهطا معه إلى رجل من عذرة فقال إن

_ قدامة في المغني هي قرية من أرض الكرك في أطراف الشام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع حدثني صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عروة بن الزبير عن أسامة بن زيد قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د جه) وسكت عنه أبو داود والمنذري: فهو صالح للاحتجاج به (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا إسماعيل عن قيس الخ (غريبة) بفتح المعجمة والآم المهملة: قال في القاموس وذو الخصلة محركة وبضمتين: بيت كان يدعى الكعبة اليمانية لخثعم كان فيه صنم اسمه الخلصة على وزن: أحمد قال الحافظ هم رهط ينسبون إلى أحمس بن الغوث من أنمار اهـ وفي البخاري بعد قوله ابن أحمس: قال وكانوا أصحاب خيل: قال وكنت لا أثبت على الخيل فضرب في صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري وقال اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا فانطلق إليه فكسرها وحرقها بالجيم الموحدة وهو كناية عن نزع زينتها وذهاب بهجتها: أو أنها صارت سوداء كالجمل الأجرب المطلي بالقطران لما أصابها من التحريق (وقوله فبرك الخ) بتشديد الراء أي دعا لهم ولخيلهم بالبركة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثني هاشم ابن القاسم ثنا ليث يعني ابن سعد حدثني بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن أبي هريرة الخ (غريبة) هما هبار بن الأسود ونافع بن عبد قيس: أما هبار فقد أسلم بعد الفتح وحسن إسلامه وأما الآخر فلم يعثر له على خبر هذا خبر بمعنى النهي الصريح في الحديث التالي أو الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم عدل عن التحريق إلى القتل بوحي أو اجتهاد والله أعلم (تخريجه) (خ د مذ مى) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج قال أخبرني زياد يعني ابن سعد أن أبا الزناد قال أخبرني حنظلة بن علي عن حمزة بن عمرو صاحب النبي صلى الله عليه وسلم حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بضم العين ولم أقف على اسم هذا الرجل ولا على قصته (تخريجه) (د ص)

-68 - النهي عن قتل أحد بالنار أو تعذيبه بها وتحريم الفرار من الزحف ----- قدرتهم على فلان فأرقوه بالنار، فانطلقوا حتى تواروا منه ناداهم أو أرسل في أثرهم فردوهم ثم قال إن أنتم قدرتم عليه فاقتلوه ولا تحرقوه بالنار فإنما يعذب بالنار رب النار (باب تحريم الفرار من الزحف إلا المتحيز إلى فئة وإن بعدت) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس ليس لهن كفارة الشرك بالله عز وجل وقتل النفس بغير حق بهت نؤمن أن الفرار يوم الزحف أو يمين صابرة يقتطع بها ما لا بغير حق (عن أيوب) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جاء يعبد الله لا يشرك به شيئا ويقيم الصلاة ويأتي الزكاة ويصوم رمضان ويجتنب الكبائر فإن له الجنة، وسألوه ما الكبائر؟ قال الاشرك بالله وقتل النفس المسلمة وفرار يوم الزحف (عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما قال كنت في سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا زكريا بن عدي أنا بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن أبي المتوكل عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي ليس لها كفارة توجب المغفرة لمرتكبها من غير جنسها كصيام أو صدقة أو عتق، وهذا لا ينافي أن لها كفارة أخرى (فكفارة الشرك بالله) يعني الكفر: التوبة والندم والرجوع إلى الايمان: وخص الشرك بالذكر لغلبته إذ ذاك (وكفارة قتل النفس) يعني عمدا بغير حق: التوبة والندم وبذل نفسه بإقامة الحد عليه (أما بهت المؤمن) فهو بفتح الباء الموحدة وسكون الهاء: ومعناه قوله عليه مالم يفعله وافتراء الكذب عليه: وكفارة ذلك التوبة والندم والتحلل من صاحبه (وأما الفرار يوم الزحف) وهو المقصود من ترجمة الباب، وهو الهرب من القتال عند زحف العدو حبا في الحياة وكراهة في الموت: فكفارته التوبة والندم والرجوع إلى القتال أي لازمة حابسة، أي ألزم بها وحبس عليها وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم: فإن حلفها قاصدا أخذ مال غيره بغير حق فكفارتها التوبة والندم ورد المال إلى صاحبه والتحلل منه، وبغير ما ذكر لا تنفع كفارة لهذه الخصال، وهذا يدل على التشديد في أمرها وأنها من الكبائر (تخريجه) أخرجه أبو الشيخ في التوبيخ والديلمي في مسند الفردوس وفي إسناده بقية بن الوليد في كلام (سنده) حدثنا عبد الله حدقني أبي ثنا المقرئ ثنا حيوة بن شريح ثنا بقية حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان ثنا أبورهم السمعي أن أبا أيوب حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) الكبائر جمع كبيرة وهي الفعلة القبيحة من الذنوب المنهى عنها شرعا لعظم أمرها، كالإشراك بالله الخ، وليست الكبائر محصورة في هذه الثلاث بل كثيرة جدا: فمنها الزنا وشرب الخمر والربا وعقوق الوالدين والغيبة والنميمة وغير ذلك كثير نجانا الله منها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده بقية بن الوليد المذكور في الذي قبله وله شواهد صحيحة تؤيده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا زهير ثنا يزيد ين أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى

-69 - الرخصة في الفرار من الزحف لمصلحة واستحباب الإقامة بوضع النصر ثلاثا ----- فحاص الناس حيصة وكنت فيمن حاص، فقلنا كيف نصنع وقد فردنا من الزحف وبنا بالغضب، ثم قلنا لو دخلنا المدينة فبتنا، ثم قلنا لو عرضنا أنفسنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن كانت لنا توبة وإلا ذهبنا، فأتيناه قبل صلاة الغداة فخرج فقال من القوم؟ قال فقلنا نحن الفرارون، قال لا بل أنتم العكارون: أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين (وفي لفظ أنا فئة كل مسلم) قال فأتيناه حتى قبلنا يده (باب استحباب الإقامة بموضع النصر ثلاثا) (عن أبي طلحة) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قاتل قوما فهزمهم أقام بالعرصة ثلاثا وفي لفظ لما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل بدر أقام بالعرصة ثلاثا (وعنه من طريق ثان) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا غلب قوما أحب أن يقيم بعرصتهم ثلاثا (وفي لفظ ثلاث ليال) (أبواب قسم الغنائم والفيء) (باب حل الغنيمة من خصوصياته صلى الله عليه وسلم وأمته وذكر أحكام تتعلق بالغنيمة قبل قسمتها) (في حديث جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال

_ عن عبد الله بن عمر الخ (غريبة) أي جال الناس جولة يطلبون الفرار من العدو، والمحيص الهرب: يقال حاص الرجل إذا حاد عن طريقه أو انصرف عن جهته إلى جهة أخرى، والظاهر أن ابن عمرو ومن معه لم يقصدوا الفرار نهائيا بل اتقاءا لفتك العدو بهم قم يعودون: ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم لهم (بل أنتم العكارون) قال الخطابي يريد أنتم العائدون إلى القتال والعاطفون عليه: يقال عكرت على الشيء (بفتح الكاف) إذا عطفت عليه وانصرفت إليه بعد الذهاب عنه أي ملجؤهم وناصرهم يمهد بذلك عذرهم وهو تأويل قوله تعالى (أو متحيزا إلى فئة) والله أعلم فيه جواز تقبيل يد الفاضل الذي ترجى بركته (تخريجه) (فع د مذ جه) وحسنه الترمذي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب بن عطاء قال أخبرنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك عن أبي طلحة الخ (غريبة) العرصة بفتح المهملة وسكون الراء بعدها صاد مهملة مفتوحة وهي البقعة الواسعة بغير بناء من دار أو غيرها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاذ بن معاذ قال ثنا سعيد ابن أبي عروبة عن قتادة عن أنس بن مالك عن أبي طلحة الخ قيل الحكمة في ذلك إظهار تأثير الغلبة وتنفيذ الأحكام وقلة الاحتفال بالعدو: وكأنه يقول من كانت فيه قوة منكم فليرجع إلينا (تخريجه) (ق د مذ) الغنائم جمع غنيمة وهو ما أصيب من أموال أهل الحرب وأوجف عليه المسلمون بالخيل والركاب، والفيء هو ما حصل للمسلمين من أموال الكفار من غير حرب ولإجهاد، واصل الفيء الرجوع، يقال فاء يفيء فيئه كأنه كان في الأصل لهم فرجع إليهم (باب) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في أول باب اشتراط دخول الوقت للتيمم في الجزء الثاني، وإنما ذكرت منه هنا ما يناسب الترجمة وهو قوله (وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي) ومعناه أنه صلى الله عليه وسلم أحل له التصرف في الغنيمة وقسمتها بمعرفة بخلاف الأمم فإنهم كانوا على

-70 - حل الغنيمة للمحاربين من خصوصيات النبي صلى الله عليه وسلم وأمته ----- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد قبلي (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تحل الغنائم لقوم سود الرءوس قبلكم، كانت تنزل النار من السماء فتأكلها لأن يوم بدر أسرع الناس في الغنائم فأنزل الله عز وجل لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم: فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا (عن أبي لبيد) قال غزونا مع عبد الرحمن بن سمرة رضي الله عنه كابل قال فأصاب الناس غنيمة فانتهبوها فأمر عبد الرحمن بن سمرة مناديا ينادي فنادى فاجتمع الناس فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من انتهب فليس منا ردوها فردوها فقسم بينهم بالسوية (عن عبادة بن الصامت) أنه أخبر معاوية رضي الله عنهما حين سأله عن الرجل الذي سأل النبي صلى الله عليه وسلم عقالا قبل أن يقسم فقال النبي صلى الله عليه وسلم اتركه حتى يقسم، وقال عتاب حتى نقسم ثم إن شئت أعطيناك عقالا وان شئت أعطيناك مرارا (عن حنش الصنعاني) قال غزوت مع رويفع بن ثابت

_ ضربين: منهم من لم يؤذن له الجهاد فلم يكن له مغانم، ومنهم من أذن فيه لكن كانوا إذا غنموا شيئا لم يحل لهم أكله وجاءت نار فأحرقته إلا الذرية (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) يعني بني آدم هذا تعليل لحل الغنائم للأمة المحمدية، فكأنه قال وأحلت لكم لأن يوم بدر الخ المعنى لولا حكم من الله سبق أن يعذب أحدا على العمل بالاجتهاد (لمسكم) أي لنا لكم وأصابكم (فيما أخذتم) من غنائم الحرب وفدية الأسرى (عذاب عظيم) ثم أحل لهم الغنائم ومنها الفداء بقوله عز وجل (فكلوا مما غنمتم حلالا طيبا) (تخريجه) (مذ) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبلي ثنا عفان ثنا جرير بن حازم ثنا يعلى بن حكيم عن أبي لبيد الخ (غريبة) بفتح الكاف وضم الموحدة: قال في القاموس كابل كامل من ثاغور طخاراسان من النهي بوزن بشرى: وهو أخذ مالا يجوز أخذه قهرا جهرا: والمعنى أنهم أخذوا من الغنيمة قبل أن تقسم أي ليس على سنتنا وطريقتنا (تخريجه) (د) في باب النهي وسنده جيد وسكت عنه أبو داود والمنذري (سنده) حدثنا عبيد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا ابن مبارك عن حيوة، وعتاب قال ثنا عبد الله أنا حيوة عن عمرو بن مالك المعافري أن رجلا من قومه أخبره أنه حضر ذلك عام المضيق أن عبادة بن الصامت رضي عنه أخبر معاوية الخ (غريبة) أي شيئا من الغنيمة ولو قليلا قبل أن تقسم، ومنه قول أبي بكر رضي الله عنه في مانعي الصدقة والله لو منعوني عقالا أي شيئا قليلا هو أحد رجال السند (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وفي إسناده رجل لم يسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن

-71 - النهي عن أخذ شيء من غنيمة حتى تقسم وعن إتيان الحبال من السبايا ----- الأنصاري رضي الله عنه قرية من قرى المغرب يقال لها جربة فقام فينا خطيبا فقال يا أيها الناس إني لا أقول فيكم إلا كما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، قام فينا يوم حنين فقال لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماؤه زرع غيره يعني إتيان الحبالى من السبايا، وأن يصيب امرأة ثيبا من السبى حتى يستبرأها يعني إذا استراها، وأن يبيع مغنما حتى يقسم وأن يركب دابة من فيء المسلمين حتى إذا أعجفها ردها فيه، وأن يلبس ثوبا من فيء المسلمين حتى إذا أخلقه رده فيه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الغنائم حتى تقسم: وعن بيع الثمرة حتى تحرز من كل عام، وإن يصلي الرجل حتى يحتزم (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) عن أبيه قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح خيبر فلما انهزموا وقعنا في رحالهم فأخذ الناس ما وجدوا من خرثى فلم يكن أسرع من أن فارت القدور

_ أبي مرزوق مولى تجيب عن حنش الصنعاني الخ (غريبة) بفتح الجيم وسكون الراء، قال في القاموس والجربة بالفتح قرية بالمغرب فسر في الحديث بإتيان الحبالي الحبالى من السبايا، يعني لا يطأ أمة ابن لهما وهذا غير جائز، ولأنه أيضا يوجب الشك في الجنين هل هو من السابي أو ممن كان قبله معناه أنه يحرم بيع شيء من الغنيمة قبل قسمتها لأن بيعه قبل القسمة من الغلول المحرم أي أهزلها أي صار خلقا لا يصلح للبس (تخريجه) (د حب مى طح) وحسن الحافظ إسناده وقال في بلوغ المرام رواته ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا شعبة عن زيد بن عمير عن مولى لقريش عن أبي هريرة الخ (غريبة) معناه حتى ينجوا من العاهة كما صرح بذلك في بعض الروايات وذلك بأن تنضج ويظهر صلاحها أي يشد ثوبه عليه بحزام، وإنما أمر بذلك لأنهم كانوا قلما يتسرولون، ومن لم يكن عليه سراويل وكان عليه إزار وكان جيبه واسعا ولم يشد وسطه ربما انكشفت عورته فتبطل صلاته (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث أبي هريرة وفي إسناده راو لم يسم وله شواهد تعضده، وفيه أنه لا يجوز بيع شيء من الغنيمة قبل القسمة لأنها حق مشترك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زكريا بن عدي ثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنوسة عن قيس بن مسلم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الخ (غريبة) بضم الخاء المعجمة وسكون الراء وكسر المثلثة: قال: في القاموس الخرثي بالضم أثاث البيت أو أردأ المتاع والغنائم اهـ والظاهر أنهم أخذوا مع ذلك شيئا من الغنم فطبخوه كما يدل على ذلك سياق الحديث وهو قوله (فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدور فأكفتت) ويؤيده ما رواه الامام أحمد أيضا بسنده رجاله رجال الصحيح عن رجل من بني ليث قال أسرني أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فكنت معهم فأصابوا غنما فانتبهوها فطبخوها، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن النهي أو النهبة لا تصلح فأكفئوا القدور: وسيأتي في باب تحريم الغلول والنهي

-72 - سبب نزول قوله تعالى (يسألونك عن الأنفال) ----- قال فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالقدور فأكفئت وقسم بيننا فجعل لكل عشرة شاة (عن عبد الله ابن مغفل) رضي الله عنه قال كنا محاصرين قصر خيبر فألقى إلينا رجل جرابا فيه شحم فذهبت آخذه فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم فاستحييت (وعنه من طريق ثان) قال دلي جراب من شحم خيبر قال فالتزمته قلت لا أعطي أحدا منه شيئا: قال فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبسم قال بهز إلى (باب سبب نزول قول الله عز وجل يسألونك عن الأنفال الآية وتقسيم الغنيمة على السواء بين كل عامل عمل في الموقعة قدر جهده) (عن أبي أمامة الباهلي) قال سألت عبادة بن الصامت رضي الله عنه الأنفال؟ فقال فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النقل وساءت فيه أخلاقنا فانتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن بواء يقول على السواء

_ ومعنى كفئ القدور كبها وافرغ ما فيها قال القرطبي المأمور بأكفائه إنما هو المرق عقوبة الذين تعجلوا، وأما نفس اللحم فلم يتلف بل يحمل على أنه جمع ورد إلى المغانم لأجل النهي عن إضاعة المال اهـ (قلت) وعلى قول القرطبي يحمل قوله في هذا الحديث (وقسم بيننا الخ) أنه صلى الله عليه وسلم قسم بينهم اللحم المطبوخ بعد رده إلى المغانم: فكان لكل عشرة شاة والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط باختصار النهبة وإكفاء القدور، وكذلك أبو يعلى: ورجال أحمد رجال الصحيح (قلت) ورواه أيضا الحاكم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي (سنده) حثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا شعبة عن حميد بن هلال عن عبد الله بن مغفل الخ (غريبة) الجراب بكسر الجيم معروف وهو وعاء من جلد، والجمع جرب مثل كتاب وكتب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يحيى بن سعيد وبهز قالا ثنا سليمان بن المغيرة قال ثنا حميد بن هلال قال ثنا عبد الله بن مغفل الخ أي اعتنقه وضمه إلى صدره أي لما رآه من حرصه على أخذه (وقوله قال بهز) بفتح الموحدة وسكون الهاء أحد الراوين اللذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث معناه أن بهزازاد في رواته لفظ إلى بعد قوله يبتسم: وهذا موضع الدلالة من الحديث حيث إبتسم إليه النبي صلى الله عليه وسلم ولم ينكر فعله، وجاء في رواية أبي داود (هو لك) وكأنه صلى الله عليه وسلم عرف شدة حاجته إليه فسوغ له الاستئثار به والله أعلم (باب) الأنفال جمع نفل بالتحريك، قال في القاموس النفل محركة الغنيمة والنهبة والجمع أنفال ونفال اهـ والنفل بالسكون الزيادة على الواجب وهو التطوع وولد الولد نافلة لأنه زيادة على الولد والغنيمة نافلة: لأنها زيادة فيما أحل الله لهذه الأمة مما كان محرما على غيرها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن عبد الرحمن عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبي أمامة الخ (غريبة) أي لأن بعضهم أراد أن يختص بالعطية دون غيره كما يستفاد من حديث الذي بعده بفتح الموحدة والواو بعدها همزة ممدودة وهو السواء

-73 - سبب نزول قوله تعالى (يسألونك عن الأنفال- الآية) ----- (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدرا فالتقى الناس فهزم الله تبارك وتعالى العدو، فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون فأكبت طائفة على العسكر يحوونه ويجمعونه، وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منه غرة حتى إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض: قال الذين جمعوا الغنائم نحن حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب، وقال الذين خرجوا في طلب العدو لستم بأحق بها منا، نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم، وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم لستم بأحق بها منا، نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وخفنا أن يصيب العدو منه غرة واشتغلنا به فنزلت (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم) فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على فواق بين المسلمين، قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أغار في أرض العدو نفل الربع، وإذا أقبل راجعا وكل الناس نفل الثلث، وكان يكره الأنفال ويقول ليرد قوى المؤمنين على ضعيفهم

_ كما فسره الراوي والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم سوى بينهم في القسمة ولم يخص أحدا بشيء دون الآخر (تخريجه) رواه محمد بن إسحاق في سيرته، وزاد فكان ذلك تقوى الله وطاعته ورسوله وصلاح ذات البين يريد قوله تعالى (فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن عبد الرحمن بن عياش ابن أبي ربيعة عن سليمان بن موسى عن أبي سلام عن أبي أمامة عن عبادة بن الصامت الخ (غريبة) أي يجمعونه، فقوله بعده ويجمعونه عطف مرادف بكسر الغين المعجمة أي غفلة (قوله وفاء الناس الخ) أي رجعوا بضم الفاء وفتحها أي قسمها بسرعة في قدر فواق ناقة، والفواق ما بين حلبتي الناقة، وقيل أراد التفضيل في الغنيمة كأنه جعل بعضهم أفوق من بعض على قدر غنائمهم وبلائهم، قال القرطبي رحمه الله وكان هذا قبل أن ينزل (واعلموا أنما غنمتم من شيء فأن الله خمسة) الآية يعني أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا أغار على العدو وانفردت سرية من جملة الجيش بالإيقاع بطائفة من العدو: فما غنموا كان لهم فيه الربع بعد إخراج الخمس، ويشركهم سائر المعسكر في ثلاثة أرباعه معناه أنهم إذا قفلوا من الغزوة راجعين فارتد جماعة منهم إلى العدو فأوقعوا به كان لهم مما غنموا الثلث، وإنما كان لهم الثلث في هذه المرة لما لحقهم من الكلال والتعب كما يستفاد من لفظ الحديث (وقوله وكان يكره الأنفال) أي التطلع إليها والاستئثار بها، والأفضل أن يرد قوى المؤمنين أي الذي له نفل على الضعيف يعني الذي لا نفل له (تخريجه) (مذ جه حب) وقال الترمذي هذا حديث صحيح اهـ (قلت) وأورده الهيثمي وقال رجال أحمد ثقات (قلت) ورواه أيضا الحاكم في المستدرك وصححه وأقره الذهبي

-74 - بيان أن خمس الغنيمة لله ولرسوله ----- (عن سعد بن مالك) رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله الرجل يكون حامية القوم يكون سهمه وسهم غيره سواء؟ قال ثكلتك أمك ابن أم سعد وهل ترزقون وتنصرون إلا بضعفائكم (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أبغوني ضعفاءكم فإنكم إنما ترزقون وتنصرون بضعفائكم (باب فرض خمس الغنيمة لله ولرسوله وما جاء في تقسيمه) (عن المقدام بن معد يكرب) الكندي أنه جلس مع عبادة بن الصامت وأبي الدرداء ولحارث بن معاوية الكندي رضي الله عنه فتذاكروا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أبو الدرداء لعبادة ياعبادة كلمات رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة كذا في شأن الأخماس، فقال عبادة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى بهم في غزوتهم إلى بعير من المقسم فلما سلم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فتناول وبرة بين أنملته فقال إن هذه من غنائمكم، وإنه ليس لي فيها إلا نصيبي معكم إلا الخمس والخمس مردود عليكم فأدوا الخيط والمخيط وأكبر من ذلك وأصغر الحديث

_ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا محمد بن راشد عن مكحول عن سعد بن مالك الخ (غريبة) بالحاء المهملة: قال في القاموس والحامية الرجل يحمي أصحابه، والجماعة أيضا حامية وهو على حامية القوم أي آخر من يحميهم في مضيهم اهـ بكسر الكاف أي فقدتك: والثكل بضم المثلثة فقد الولد وامرأة ثاكل وثكلى ورجل ثاكل وثكلان كأنه دعا عليه بالموت، وليس معناه مراد هنا لأنه من الألفاظ التي تجري على السنة العرب ولا يراد بها الدعاء، كقوله تربت يداك، وقاتلك الله، ونحو ذلك قال ابن بطال تأويل الحديث أن الضعفاء اشد إخلاصا في الدعاء وأكثر خشوعا في العبادة لخلاء قلوبهم عن التعليق بزخرف الدنيا (تخريجه) (نس وأبو نعيم في الحلية) وصححه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن إسحاق ثنا ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد ابن جابر حدثني زيد بن أرطاة عن جبير بن نفير عن أي الدرداء الخ (غريبة) أي اطلبوا إلى ضعفائكم جاء في رواية للنسائي بلفظ (إنما تنصر هذه الأمة بضعفائها بدعوتهم وصلاتهم وإخلاصهم (تخريجه) (د نس مذ ك) وصححه الترمذي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن عثمان أبو زكريا البصري الحربي ثنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن عبد الله عن أبي سلام عن المقدام بن معد يكرب الخ (غريبة) أي من الغنيمة قبل أن تقسم أي شعرة من البعير ليس هذا مستثنى من المستثنى السابق، وإنما هو بيان له، فكأنه قال لا نصيبي معكم وهو الخمس (وقوله مردود عليكم) يعني على ذي قرباه واليتامى والمساكين وابن السبيل الخيط معلوم والخيط بوزن منبر الإبرة ليس هذا آخر الحديث: وبقيته لا تغلوا فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة، وجاهدوا الناس في الله تبارك وتعالى القريب والبعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم

-75 - كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع بخمس ----- (عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال رأيت المغانم تجزء خمسة أجزاء يسهم عليها فما كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فهو له يتخير (عن أبي الزبير) قال سئل جابر بن عبد الله رضي الله عنهما كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع بالخمس؟ قال كان يحمل الرجل منه في سبيل الله ثم الرجل ثم الرجل (عن جبير بن مطعم) رضي الله عنه قال لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم القربى من خيبر بين بني هاشم وبني المطلب جئت أنا وعثمان بن عفان فقلت يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم لا ينكر فضلهم لمكانك الذي وصفك الله عز وجل، به منهم، أرأيت إخواننا من بني المطلب أعطيتهم وترتنا، وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة قال إنهم لم يفارقوني في جاهلية ولا إسلام، وإنما هم بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد قال ثم شبك بين أصابعه (وعنه من طريق ثان) أنه جاء وعثمان بن عفان

_ وأقيموا حدود الله في الحضر والسفر، وجاهدوا في سبيل الله فإن الجهاد باب من أبواب الجنة عظيم ينجي الله تبارك وتعالى به الغم والهم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه أبو بكر بن أبي مريم ضعيف اهـ (قلت) له شواهد صحيحة تعضده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا عبد الله بن أبي جعفر عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) أي يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم خمسا ويقسم الأربعة الأخماس على المجاهدين أي يعطي من يشاء ويمنع من يشاء (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد ثنا الحجاج ثنا أبو الزبير قال سئل جابر الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن جبير ابن مطعم الخ (غريبة) أي لأن عثمان من بني عبد شمس، وجبير بن مطعم من بني نوفل: وعبد شمس ونوفل وهاشم والمطلب وسواء، الجميع بنو عبد مناف، فهذا معنى قولهما وإنما نحن وهم منك بمنزلة واحدة أي في الانتساب إلى عبد مناف، وجاء في الطريق الثانية وقرابتنا مثل قرابتهم بين النبي صلى الله عليه وسلم العلة في كونه اختص بني هاشم وبني المطلب بالعطية لأنهم أيدوه ونصروه في الجاهلية والإسلام أما بنو عبد شمس ونوفل فقد انحازوا عن بني هاشم وحاربوهم، وذكر الزبير بن بكار في النسب أنه كان يقال لهاشم والمطلب البدران، ولعبد شمس ونوفل الأبهران، وهذا يدل على أن بين هاشم والمطلب ائتلافا سري في أولادهما من بعدهما، ولهذا لما كتبت قريش الصحيفة بينهم وبين بني هاشم وحصروهم في الشعب دخل بنو عبد المطلب مع بني هاشم. ولم يدخل بنو نوفل وبنو شمس والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثني عبد الله بن المبارك عن يونس بن زيد

-76 - تعيين أقارب النبي صلى الله عليه وسلم الذين لهم سهم في الخمس ----- رضي الله عنهما يكلمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قسم من خمس حنين بين بني هاشم وبني المطلب فقالا يا رسول الله قسمت لإخواننا بني المطلب بن عبد مناف ولم تعطنا شيئا وقرابتنا مثل قرابتهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أرى هاشما والمطلب شيئا واحدا، قال جبير ولم يقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم لبني عبد شمس ولا لبني نوفل من ذلك الخمس كما قسم لبني هاشم وبني المطلب (وعنه أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقسم لعبد شمس ولا لبني نوفل من الخمس شيئا كما كان يقسم لبني هاشم وبني المطلب، أن أبا بكر كان يقسم الخمس نحو قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غير أنه لم يكن يعطي قربى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيهم وكان عمر رضي الله عنه يعطيهم وعثمان من بعده منه (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) قال سمعت أمير المؤمنين عليا رضي الله عنه يقول اجتمعت أنا وفاطمة والعباس وزيد بن حارثة رضي الله عنهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال العباس يا رسول الله كبر سني ورق عظمي وكثرت مؤنتي، فإن رأيت يا رسول الله أن تأمر لي بكذا وكذا وسيقا من الطعام فافعل: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعل ذلك. ثم قال زيد بن حارثة يا رسول الله كنت أعطيتني أرضا كانت معيشتي منها ثم قبضتها فإن رأيت أن تردها على فافعل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعل ذلك، قال فقلت أنا يا رسول الله إن رأيت أن تنوليني هذا الحق الذي جعله الله لنا في كتابه من هذا الخمس فأقسمه في حياتك كيلا ينازعنيه أحد بعدك

_ عن الزهري قال أخبرني سعيد بن المسيب قال حدثني جبير بن مطعم أنه جاء وعثمان الخ ذكر في هذه الطريق أنهما جاءا يكلمان رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قسم من خمس حنين، وفي الطريق الأولى أنهما جاءا يكلمانه لما قسم سهم القربى من خيبر، والظاهر أنهما واقعتان (تخريجه) (خ د ني) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر قال ثنا يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب قال ثنا جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ الظاهر أن أبا بكر رضي الله عنه كان يعطي بعضهم أكثر من بعض على حسب الحاجة معناه أن عمر وعثمان رضي الله عنهما كانا يعطيانهم لأكله كما يستفاد من قوله (منه) ويؤيده ما سيأتي في حديث ابن عباس حيث قال (وكان عمر عرض علينا منه شيئا رأيناه دون حقنا فرددناه عليه أبينا أن نقبله) والظاهر أن بعضهم رده كابن عباس وبعضهم قبله وسيأتي شرحه هناك والله أعلم (تخريجه) (د) سنده جيد، وأورد البخاري الشطر الأول منه وقال الحافظ في قوله (وأن أبا بكر) مدرجة من كلام الزهري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا هاشم بن البريد عن حسين بن ميمون عن عبد الله بن عبد الله قاضي الري عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الخ الوسق بفتح الواو وسكون المهملة وهو ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم والصاع أربعة أمداد: وقيل إن أصل المد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفيه طعاما القائل

-77 - كيف كان يقسم الخمس بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ----- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعل ذلك، فولانية عمر رضي الله عنه فقسمته في حياته حتى كانت آخر سنة من سنى عمر رضي الله عنه فإنه أتاه مال كثير (عن يزيد بن هرمز) إن نجدة الحروري حين خرج من فتنة ابن الزبير أرسل إلى ابن عباس يسأله عن سهم ذي القربى لمن تراه؟ قال هو لنا لقربى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم، وقد كان عمر عرض علينا منه شيئا رأيناه دون حقنا فرددناه عليه وأبينا أنم نقبله وكان الذي عرض عليهم أن يعين ناكحهم وأن يقضي عن غارمهم وأن يعطى فقيرهم وأبى أن يزيدهم على ذلك

_ (فقلت أنا) هو علي رضي الله عنه هذا ينافي ما تقدم في الحديث السابق من أن أبا بكر رضي الله عنه هو الذي كان يقسم ثم عمر من بعده، ولا منافاة لاحتمال أن القسمة نسبت إليهما لأمرهما عليا بذلك: ونسبت إلى على لأنه كان يقسم بنفسه حسب أمرها والله أعلم (تخريجه) أخرجه الحاكم من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى أيضا قال (سمعت عليا يقول ولأني رسول الله ص خمس الخمس فوضعته مواضعه حياة رسول الله ص أبي بكر وعمر رضي الله عنهما) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (سنده) حثنا عبد الله حدثنا عثمان بن عمر حدثنا عن الزهري عن يزيد بن هرمز الخ (غريبه) حر وراء بالمد والقصر، موضع قريب من الكوفة نسب إليه طائفة من الخوارج، كان أول مجتمعهم وتحكيمهم فيها، وهم أحد الخوارج الذين بقاتلهم علي رضي الله عنه جاء في البداية والنهاية للحافظ ابن كثير ما ملخصه أن جماعة من الخوارج التقوا حول ابن الزبير رضي الله عنه، فسألوه عن ذلك فأطنب في مدحه بما يعرفه فيه، فساءهم ذلك وتفرقوا وقصدوا بلاد العراق وخسران، وهناك نشروا مبادئهم ومذاهبهم الفاسدة، فالظاهر أن نجدة كتب إلى ابن العباس في ذلك الحين والله اعلم قال العلامة السندى في حاشيته على النسائي لعله مبنى على أن عمر رضي الله عنه رآهم مصارف فيجوز الصرف إلى بعض كما في الزكاة عند الجمهور، وهو مذهب مالك ها هنا. والمختار من مذهب الحنفية الخيار للأمام، إن شاء قسم بينهم بما يرى، وإن شاء أعطى بعضا دون بعض حسب ما تقتضيه المصلحة، وابن العباس رآهم مستحقين لخمس الخمس كما يقول الشافعي ها هنا وفي الزكاة، فقال ابن العباس بناء على ذلك أنه عرض دون حقهم والله أعلم أي يمده بالصداق ونحو ذلك من لوازم النكاح، والظاهر أن عمر رضي الله عنه رأى أنهم غير محتاجين إذا ذاك إلا لهذا المقدار فأنى عليهم غيره مراعيا في ذلك المصلحة، لاسيما وقد ورد أن الصحابة رضي الله عنهم أجتمع ريهم على جعل سهم النبي ص وسهم ذي القربى في الخيل والعدة في سبيل الله فكان في ذلك خلافة أبي بكر وعمر: رواه

-78 - تقسيم أربعة أخماس الغنيمة على المحاربين وما جاء في الصف ----- (باب ما جاء في الصفى الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم) (عن يزيد بن عبد الله بن الشخير) قال كنا بهذا المربد بالبصرة قال فجاء أعرابي معه قطعة أديم أو قطعة جراب هذا الكتاب كتبه النبي ص، قال أبو العلاء فأخذته فقرأته على القوم فإذا فيه، بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لبني زهير ابن أقيش إنكم إن أقمتم الصلاة وأديتم الزكاة وأعطيتم من المغانم الخمس وسهم النبي صلى الله عليه وسلم والصفى فأنتم آمنون بأمان الله وأمان رسوله، قال قلنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال سمعته يقول صوم شهر الصبر وثلاثة أيام من كل شهر يذهبن وحر الصدر (باب تقسيم أربعة أخماس الغنيمة وما يعطى الفارس والراجل، ومن يرضخ له منها كالمرأة والمملوك) (عن أبي عمرة عن أبيه) رضي الله عنه قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربعة نفر ومعنا فرس فأعطى كل إنسان منا سهما وأعطى الفرس سهمين (عن المنذر بن الزبير) عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الزبير سهما وأمه سهما وفرسه سهمين

_ النسائي والحاكم وسكت عنه الحاكم والذهبي (تخريجه) (م د نس) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا قرة عن يزيد بن عبد الله بن الشخير الخ (غريبة) بوزن منبر الموضع الذي تحبس فيه الإبل والغنم، والذي يجعل فيه التمر ليجف يعني قطعة جلد لفظ أبي داود إنكم إن شهدتم أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقمتم الصلاة الخ بفتح الصاد المهملة وكسر الفاء بعدها ياء تحتية مشددة هو ما كان يأخذه النبي صلى الله عليه وسلم ويختاره لنفسه من الغنيمة قبل أن تقسم، ويقال له أيضا الصفية والجمع الصفايا: ويؤيد هذا التفسير ما روى عن عامر الشعبي قال (كان للنبي (ص سهم يدعى الصيفي إن شاء أمة وإن شاء فرسا يختاره قبل الخمس) رواه أبو داود مرسلا (وعن عائشة) رضي الله عنها قالت كانت صفية من الصفي (د وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح، وأخرجه أيضا ابن حبان والحاكم وصححه هذا لجملة المختصة بالصيام تقدم شرحها في شرح حديث رقم 22 صحيفة 224 في باب فضل صيام رمضان من كتاب الصيام في الجزء التاسع (تخريجه) (د نس حب) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح (باب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن المقرى ثنا المسعودي قال حدثني أبو عمرة عن أبيه الخ (غريبة) هذا الحديث رواه أبو عمرة عن أبيه واسم أبيه عمرو بن محصن ذكره صاحب المنتقى (تخريجه) (د) وفي إسناده المسعودي وهو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة بن عبد الله بن مسعود: فيه مقال وقد استشهد به البخاري، ورواه أبو داود أيضا من طريق أخرى عن رجل من آل أبي عمرة عن أبي عمرة وزاد (فكان للفارس ثلاثة أسهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب ثنا عبد الله ثنا بلج (بوزن عمرو) ابن محمد عن المنذر بن الزبير الخ (غريبة) هي بنت عبد المطلب رضي الله

-79 - ما يعطى للفارس والراجل ومن يرضخ له من الغنيمة ----- (عن ابن عمر رضي الله عنهما) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل يوم خيبر للفرس سهمين وللرجل سهما وقال أبو معاوية أسهم للرجل ولفرسه ثلاثة أسهم، سهما له وسهمين لفرسه (عن مجمع بن جارية) الأنصاري رضي الله عنه قال قسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل معهم فيها أحد إلا من شهد الحديبية، فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهما وكان الجيش ألفا وخمسمائة، فيهم ثلاثمائة فارس، فأعطى الفارس سهمين وأعطى الراجل سهما (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي المرأة والمملوك من الغنائم ما يصيب الجيش (وفي رواية) دون ما يصيب الجيش (عن فضالة بن عبيد) رضي الله عنه أنهم كانوا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة

_ عنها، وظاهره أن المرأة يسهم لها كما يسهم للرجل ليس كذلك، فإن ما أخذته صيفية كان سهم ذوي القربى كما دل على ذلك رواية النسائي من حديث المنذر بن الزبير أيضا عن أبيه قال (ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر للزبير أربعة أسهم، سهم للزبير وسهم لذي القربى لصفية أم الزبير، رضي الله عنهما وسهمين للفرس) (تخريجه) (فع نس) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي من كتابه ثنا هشيم بن بشير عن عبد الله، وأبو معاوية أنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (ق د فع) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أب ثنا إسحاق بن عيسى قال ثنا مجمع بن يعقوب قال سمعت أبي يقول عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن عمه مجمع (بوزن مبشر) بن جارية الخ (غريبة) ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى الفارس سهمين سهم له وسهم لفرسه، وأعطى الراجل سهما، وهذا يخالف ما قبله خصوصا حديث ابن عمر المتفق على صحته وسيأتي الكلام على ذلك (تخريجه) أخرجه أبو داود، وقال حديث أبي معاوية أصح والعمل عليه (يعني حديث ابن عمر الذي قبله) قال وارى الوهم في حديث مجمع أنه قال ثلاثمائة فارس، وإنما كانوا مائتي فارس، وقال الإمام الشافعي مجمع بن يعقوب (يعني أد رجال الحديث) شيخ لا يعرف وقال البيهقي والذي رواه مجمع بن يعقوب بإسناده في عدد الجيش وعدد الفرسان قد خولف فيه، ففي رواية جابر وأهل المغازي أنهم كانوا ألفا وأربعمائة وهم أهل الحديبية، وفي رواية ابن عباس وصالح ابن كيسان ويسير بن يسار أن الخيل مئتا فارس، وكان للفرس سهمان وولصاحبه سهم ولكل راجل سهم اهـ (قلت) وعلى فرض صحته فيمكن تأويله بأن المراد أسهم للفارس بسبب فرسه سهمين غير سهمه المختص به كما أشار إلى ذلك الحافظ والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا أبو النضر عن ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن ابن عباس الخ (غريبة) ظاهر هذه للرواية أنه كان يعطيهم مثل ما يعطي أفراد الجيش المحارب، وهي مخالفة لكل الروايات، والصحيح: والظاهر والله أعمل أن لفظ (دون) سقط من الرواية الأولى (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده صحيح وسيأتي حديث ابن عباس الذي كتبه إلى نجدة الحروري أخرجه (م د مذ) (سنده)

-80 - بيان أن من قتل قتيلا فله سلبه ومن يرضخ من الغنيمة ----- قال وفينا مملوكين فلا يقسم لهم (وعن امرأة من بني غفار) قالت لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر رضخ لنا من الفيء الحديث (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) وقد كتبت إليه نجدة الحروري يسأله عن خمس خصال منها هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يغزوا بالنساء معه فكتب إليه ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كان يغزو بالنساء معه فيداوين المرضى ولم يكن يضرب لهن بسهم ولكنه كان يحذيهن من الغنيمة (عن عمير مولى آبي اللحم) قال شهدت خيبر مع سادتي فكلموا في رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر بي فقلدت سيفا فإذا أنا أجره فأخبرني أني مملوك فأمر لي بشيء من خرثى المتاع (باب أن السلب للقاتل وأنه غير مخموس) (عن أبي قتادة) رضي الله عنه قال رأيت رجلان يقتتلان مسلم ومشرك، وإذا رجل من المشركين يريد أن يعين صاحبه المشرك على المسلم فأتيته فضربت يده فقطعتهما واعتنقني بيده الأخرى، فوالله ما أرسلني حتى وجدت ريح الموت، فلولا أن الدم نزفه لقتلني فسقط فضربته فقتلته وأجهضني عنه القتال ومر به رجل من أهل مكة فسلبه فلما فرغنا ووضعت الحرب أوزارها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلا فسلبه له، قال قلت يا رسول الله قد قتلت قتيلا وأسلب فأجهضني عنه القتال فلا أدري من

_ حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال أنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن رجل عن فضاله بن عبيد الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم الرضخ العطية وهذا جزء من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب استصحاب النساء في الغزو لمصلحة تقدم الكلام على نجدة الحروري في شرح آخر حديث من باب فرض خمس الغنيمة وهذا طرف من حديث طويل سيأتي تاما بسنده وتخريجه في آخر باب مناقب ابن عباس من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى قال في القاموس الحذوة بالكسر العطية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا بشر بن المفضل عن محمد بن زيد حدثني عمير مولى آبي اللحم الخ (غريبة) آبي اللحم اسم فاعل من أبي يابي فهو آبي قال أبو داود قال أبو عبيد كان حرم اللحم على نفسه فسمى آبي اللحم أي لعدم معرفته بفنون القتال ومسك السيف لأنهم ملوك والمماليك لا شأن لهم بالقتال بضم المعجمة وكسر المثلثة بينهما راء ساكنة، قال في النهاية الخرثي أثاث البيت ومتاعه ومنه حديث عمير مولى آبي اللحم فأمر لي بشيء من خرثي المتاع اهـ (تخريجه) (د مذ جه ك) وصححه الترمذي والحاكم (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي بكر أنه حدثه عن أبي قتادة قال أبي وحدثني ابن إسحاق عن يحيى ابن سعيد عن نافع الأقرع أبي محمد مولى بني غفار عن أبي قتادة، قال: قال أبو قتادة رأيت رجلان الخ (غريبة) أي منعه عن أخذ سلبه اشتغاله بقتال غيره أي أخذ سلبه مبنى للمجهول أي أخذ سلبه لاشتغالي بالقتال

-81 - من قتل أكثر من واحد فله سلب الجميع ----- استلبه فقال رجل من أهل مكة صدق يا رسول الله، أنا سلبته فأرضه عني من سلبه، قال فقال أبو بكر تعمد إلى أسد من أسد الله يقاتل عن الله عز وجل تقاسمه سلبه، أردد عليه سلب قتيله: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق فأردد عليه سلب قتيله، قال أبو قتادة أخذته منه فاشتريت بثمنه مخرفا بالمدينة وإنه لأول مال اعتقدته (عن أنس ابن مالك) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين من تفرد بدم رجل فقتله فله سلبه، قال فجاء أبو طلحة بسلب أحد وعشرين رجلا (وعنه من طريق ثان) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين من قتل كافرا فله سلبه، قال فقتل أبو طلحة عشرين (عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير) عن أبيه جبير عن عوف بن مالك الأشجعي قال غزونا غزوة إلى طرف الشام فأمشر علينا خالدا ابن الوليد، قال فانضم إلينا رجل من أمداد حمير فأوى إلى رحلنا ليس معه شيء إلا سيف ليس معه سلاح غيره؟ فنحر رجل من المسلمين جزورا فلم يحتل حتى أخذ من جلده كهيئة

_ أي بأن يأخذ شيئا من سلبه ويترك لي شيئا، يدل على ذلك قول أبي بكر رضي الله عنه على سبيل الإنكار (تقاسمه سلبه) بفتح الميم والراء، قال النووى وهذا هو المشهور، والمراد بالحرف هنا البستان، وقيل السكة من النخل تكون صفين يحرف من أيها شاء أي يجتني، يقال اخترف الثمر إذا جناه وقيل غير ذلك اهـ هكذا بالأصل وهو غير ظاهر المعنى فيحتمل أنه محرف عن اقتنيه، لأنه ورد عند الشيخين بلفظ، فإنه لأول مال تأثله في الإسلام، ومعناه اقتنيه وتأصله، وأثلة الشيء أصله والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة ثنا أيوب الإفريقي عن إسحاق بن عبيد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك الخ (غريبة) هو أبو طلحة الأنصاري زوج أم سليم والدة أنس بن مالك رضي الله عنهم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن حماد يعني ابن سلمة ثنا إسحاق بن عبد الله عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ في الطريق الأولى قال جاء أبو طلحة بسلب أحد وعشرين رجلا، وفي هذه قال فقتل أبو طلحة عشرين، وظاهره التنافي، ولا منافاة لاحتمال أن أنسا لم يطلع إلا على قتل عشرين فقط والواقع أن أبا طلحة قتل أحد وعشرين وآتى بسلبهم فأخبر أنس بما رأى والله أعلم (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال ثنا صفوان قال حدثني عبد الرحمن بن جبير الخ (غريبة) هذه الغزوة هي غزوة مؤتة كما صرح بذلك في رواية عند مسلم وكانت سنة ثمان من الهجرة، ومؤتة بضم الميم وسكون الهمزة قرية معروفة في طرف الشام عند الكرك قاله النووي في رواية لمسلم مددى من اليمن، قال في النهاية الأمداد جمع مدد وهم الأعوان والأنصار الذين كانوا يمددون المسلمين في الجهاد، ومددي

-82 - من قتل قتيلا فله سلبه مهما عظم السلب ----- المجن حتى بسطه على الأرض ثم وقد عليه حتى جف فجعل له ممسكا كهيئة الترس فقضي أن لقينا عدونا فيهم أخلاط من الروم والعرب من قضاعة فقاتلونا قتالا شديدا: وفي القوم رجل من الروم على فرس له أشقر وسرج مذهب ومنطقه ملطخة ذهبا وسيف مثل فجعل يحمل على القوم ويغرى بهم فلم يزل ذلك المددى يحتال لذلك الرومي حتى مر به فاستقفاه فضرب عرقوب فرسه بالسيف فوقع، ثم أتبعه ضربا بالسيف حتى قتله، فلما فتح الله الفتح أقبل يسأل للسلب وقد شهد له الناس بأنه قاتله فأعطاه خالد بعض سلبه وأمسك سائره، فلما رجع إلى رحل عوف ذكره فقال أما تعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالسلب للقاتل؟ قال بلى،، قال فما يمنعك أن تدفع إليه سلب قتيله؟ قال خالد استكثرته له، قال عوف لئن رأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لأذكرن ذلك له، فلما قدم المدينة بعثه عوف فاستعدي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فدعا خالدا وعوف قاعدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يمنعك يا خالد أن تدفع إلى هذا سلب قتيله؟ قال استكثرته له يا رسول الله، فقال ادفعه إليه: قال فمر بعوف فجر عوف بردائه وقال هل أنجزت لك ما ذكرت لك من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستغضب فقال لا تعطه يا خالد، هل أنتم

_ منسوب إليه اهـ بكسر الميم وفتح الجيم وهو الفرس الذي ينقى به المحارب: والميم فيه زائدة لأنه من الجنة بضم الجيم أي السترة لأنه يوارى حامله أي يستره، والمعنى أن هذا الحميري لم يكن معه سلاح سوى السيف فاحتال حتى عمل لنفسه مجنا من جلد البعير يتقى به ضربات العدو أي مقبضا والمقبض وزان مسجد وفتح الباء لغة هو حيث يقبض باليد (قوله فقضى) بضم القاف مبني للمفعول أي قضى الله عز وجل الشقرة من الألوان حمرة تعلوا بياضا في الأسنان، وحمرة صافية في الخيل قاله ابن فارس المنطقة بكسر الميم ما يسميه الناس حياصة، والمنطق بدون هاء هو ما يشد به الوسط فوق الثياب يغري بالغين المعجمة مبني للمجهول من الإغراء أي يولع بهم أي تتبع أثره أي ذكر لعوف ما حصل بينه وبين خالدا لم يعطه السلب جميعه أي اشتكى خالدا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه النصرة، يقال استعديت الأمير على الظالم طلبت منه النصرة فأعداني عليه أي أعانني ونصرني يعني مر خالد بعوف كما صرح بذلك في رواية مسلم فجر عوف برداء خالد وقال هل أنجزت لك الخ يريد التعريض بخالد والتهكم عليه أي أغضبه كلام عوف فقال لا تعطه يا خالد: وهذا الحديث قد يتشكل من حيث أن القاتل قد استحق السلب فكيف يمنعه إياه؟ وأجاب النووي رحمه الله عن ذلك بوجهين (أحدهما) لعله أعطاه بعد ذلك للقاتل، وإنما أخره تعزيزا له ولعرف بن مالك لكونهما أطلقا ألسنتهما في خالد رضي الله عنه وانتهاكا حرمة الوالي ومن والاه (الوجه الثاني) لعله استقطاب قلب صاحبه فتركه صاحبه باختياره وجعله للمسلمين، وكان المقصود بذلك استطابة قلب خالد رضي الله عنه للمصلحة

-83 - جواز قتل الجاسوس وأخذ من قتله جميع سلبه ----- تاركي وأمراتي؟ إنما مثلكم ومثلهم كمثل رجل اشترى إبلا وغنما فعداها ثم تخير سقيها فأوردها حوضا فشرعت فيه فشربت صفوة الماء وتركت كدره، فصفوه لكم وكدره عليهم (عن إياس بن سلمة) بن الأكوع عن أبيه رضي الله عنه قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هوازن وغطفان فبينما نحن كذلك إذ جاء رجل على جمل أحمر فانتزع شيئا من حقب البعير فقيد به البعير ثم جاء يمشي حتى قعد معنا يتغذى، قال فنظر في القوم فإذا ظهرهم فيه قلة وأكثرهم مشاة، فلما نظر إلى القوم خرج يعدوا قال فأتى بعيره فقعد عليه قال فخرج يركضه وهو طليعة للطفار فاتبعه رجل منا أسلم على ناقة له ورقاء، قال إياس قال أبي فأتبعه اعدوا على رجل قال ورأس الناقة عند ورك الحمار قال ولحقنه فكنت عند ورك الناقة وتقدمت حتى عند ورك الجمل ثم تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل فقلت له الخ، فلما وضع الجمل ركبته إلى الأرض اخترطت سيفي فضربت رأسه فنذر ثم جئت براحلته أقودها فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس، قال من قتل هذا الرجل؟ قالوا سلمة بن الأكوع: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له سلبه أجمع (عن أبي قتادة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أقام البينة على قتيل فله سلبه (وعنه أيضا) أنه قتل رجلا من الكفار فنفله رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه ودرعه فباعه بخمس أواق

_ في إكرام الأمراء اهـ المعنى أن الرعية يأخذون صفوة الأمور فتصلهم أعطياتهم بغير نكد، وتبتلى الولاة بمقاسات الأمور وجمع الأموال من وجوهها وصرفها في وجوهها وحفظ الرعية والشفقة عليهم والذب عنهم وإنصاف بعضهم من بعض، فإذا قصر الولاة في شيء من ذلك توجه عليهم اللوم والعتاب دون الناس (تخريجه) (م د) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز بن أسد قال ثنا عكرمة بن عماد قال ثنا إياس بن سلمة الخ (غريبة بفتح الحاء المهملة، والقاف حبل يشد به رحل البعير إلى بطنه كي لا يتقدم إلى كاهله وهو غير الحزام، والشيء الذي انتزعه فقيد به البعير هو عقال من جلد كما يدل على ذلك رواية مسلم أي مسرعا إلى بعيره أي يضربه برجله ليسرع في المسير (وقوله وهو طليعة) أي جاسوس أي في لونها سواد كالغبرة أي سقط (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم ثنا يحيى بن سعيد عن عمرو بن كثير بن أفلح عن أبي محمد الجليس كان لأبي قتادة قال ثنا أبو قتادة الخ (غريبة) مفهومه أنه إذا لم يقم البينة لم تقبل دعواه، وفيه خلاف بين العلماء انظر صحيفة 115 116 في الجزء الثاني من القول الحسن شرح بدائع المنن (تخريجه) (ق) من حديث طويل (بلفظ من قتل قتيلا عليه بينة فله سلبه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن أبي جعفر عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي قتادة الأنصاري أنه قتل رجلا من الكفار الخ (غريبة) جمع أوقية بضم الهمزة وتشديد الياء التحتية اسم لأربعين درهما من الفضة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد

-84 - جواز تنفيل بعض الجيش زيادة عن استحقاقه في الغنيمة لشدة بأسه ----- (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم مر على أبي قتادة وهو عند رجل قد قتله فقال دعوة وسلبه (عن عوف بن مالك) الأشجعي وخالد بن الوليد رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم بخمس السلب (باب جواز تنفيل بعض الجيش لبأسه أو تحمله مكروها دونهم) (عن سلمة ابن الأكوع) رضي الله عنه وذكر قصة إغارة عبد الرحمن الفزاري على سرح رسول الله صلى الله عليه وسلم واستنقاذه منه قال فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير فرساننا اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة فأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم الراجل والفارس جميعا (عن سعيد بن مالك) رضي الله عنه قال يا رسول الله قد شفاني الله من المشركين فهب لي هذا السيف، قال أن هذا السيف ليس لك ولا لي ضعه، قلت فوضعته ثم رجعت قلت عسى أن يعطى هذا السيف اليوم من لم يبل بلائي قال فإذا رجل يدعوني من ورائي، قال قلت قد أنزل الله في شيئا؟ قال كنت سألتني السيف وليس هو لي وأنه قد وهب لي فهو لك، قال وأنزلت هذه الآية (يسئلونك عن الأنفال قل الأنفال)

_ وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عتاب قال أنا عبد الله أنا سفيان عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح غير عتاب بن زياد وهو ثقة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال ثنا صفوان بن عمرو قال حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الخ (تخريجه) (د حب طب) وأورده الحافظ في التخليص وقال هو ثابت في صحيح مسلم في حديث طويل فيه قصة لعوف بن مالك مع خالد بن الوليد (باب) هذه طرف من حديث طويل رواه (ق د) وغيرهما سيأتي بتمامه في غزوة ذي قرد (بفتحتين) من أبواب الغزوات إن شاء الله تعالى (غريبة) السرح بوزن السرج: قال في القاموس السرح المال السائم اهـ وفسرها ابن سعد بأنها كانت عشرين لقحة رسول الله صلى الله عليه وسلم ترعى وكان الراعي لها ابن أبي ذر وامرأته: فأغار المشركون فقتلوا الرجل وأسروا المرأة: وكان من سلمة ما سيأتي في الغزوة المشار إليها، واللقحة بكسر اللام وبالفتح أيضا مع سكون القاف الناقة الحلوب أي تخليصه من عبد الرحمن المذكور وإرجاعه إلى مكانه، والذي خلصه هو سلمة ابن الأكوع رضي الله عنه هذا موضع الدلالة من الحديث حيث نفله رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم الفارس أيضا مع أنه راجلا لأن النبي صلى الله عليه وسلم رآه يستحق ذلك لما قاسى في هذه القصة من الأهوال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر أنبأنا أبو بكر عن عاصم بن أبي النجود عن مصعب بن سعد عن سعد بن مالك (ابن أبي وقاص) الخ (غريبة) كان هذا السيف لسعيد بن العاص فقتله سعد بن أبي وقاص يوم بدر وأتى بسيفه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وطلب منه أن يهبه له الخ ما جاء في هذا الحديث (تخريجه) (مذ نس) ومسلم مطولا بنحوه و (دك) وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي

-85 - جواز تنفيل بعض الجيش إذا استقل بمعركة دونه ----- لله والرسول) (باب تنفيل سيرية الجيش عليه واشتراكهما في الغنيمة) (عن حبيب بن مسلمة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل الربع بعد الخمس في بدأته، ـ ونفل الثلث بعد الخمس في رجعته (وعنه من طريق ثان) قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم نفل الربع بعد الخمس في البدأة والثلث في الرجعة، قال أبو عبد الرحمن سمعت أبي يقول: ليس في الشام رجل أصح حديثا من سعيد بن عبد العزيز يعني التنوخي (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم نفل في البداءة الربع وفي الرجعة الثلث (وعنه أيضا) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أغار في أرض العدو نفل الربع: وإذا أقبل راجعا وكل الناس نفل الثلث، وكان يكره الأنفال ويقول ليرد قوى المؤمنين على ضعيفهم (عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال بعثنا نبي الله صلى الله عليه وسلم في سرية بلغت سهماننا

_ (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن خالد وهو خالد وهو الخياط عن معوية يعني ابن صالح عن العلاء بن الحارث عن مكحول عن زياد بن جارية عن حبيب بن مسلمة الخ (غريبة) قال الخطابي البدأة إنما هي ابتداء سفر الغزو إذا نهضت سرية من جملة العسكر فأوقعت بطائفة العدو فما غنموا كان لهم منه الربع، ويشركهم سائر العسكر في ثلاثة أرباعه، فإن قفلوا من الغزاة ثم رجعوا فأوقعوا بالعدو ثانية كان لهم مما غنموا الثلث، لأن نهوضهم بعد القفل أشق والخطر فيه أعظم اهـ (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا أبو المغيرة ثنا سعيد بن عبد العزيز ثنا سليمان بن موسى عن زياد ابن جارية عن حبيب بم مسلمة قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) يعني عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله لأن كنية أبو عبد الرحمن هو أحد رجال الطريق الثانية من هذا الحديث (تخريجه) (د جه) وصححه ابن الجارود وابن حبان والحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة عن سليمان بن موسى عن مكحول عن أبي سلام الأعرج عن أبي أمامه عن عبادة بن الصامت الخ (تخريجه (جه مذ) وقال حديث عبادة حديث حسن هذا طرف من حديث حسن هذا طرف من حديث طويل تقدم تاما بسنده وشرحه وتخريجه في باب سبب نزول قول الله عز وجل (يسألونك عن الأنفال الآية) صحيفة 73 رقم 232 (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) جاء في رواية لمسلم فأصبنا إبلا وغنما، وجاء عند أبي داود بلفظ بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في جيش قبل نجد وانبعثت سرية من الجيش فكان سهمان الجيش اثني عشر بعيرا، ونفل أهل السرية بعير ابعيرا فكانت سهمانهم ثلاثة عشر ثلاثة عشر، ومعناه أنه بلغ نصيب كل واحد من رجال الجيش اثني عشر بعيرا، وكل واحد من رجال السرية ثلاثة عشر بعيرا بعد الخمس: كما صرح بذلك وفي بعض الروايات

-86 - تعريف الفيء ولمن يصرف ----- اثني عشر بعيرا ونقلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعيرا بعيرا (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ينفل في مغازيه (باب مصرف الفيء) (عن عوف بن مالك الأشجعي) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه فيء قسمه من يومه فأعطى الأهل حظين، وأعطى العزب حظا واحدا، فدعينا وكنت أدعي قبل عمار بن ياسر، فدعيت فأعطاني حظين وكان لي أهل، ثم دعا بعمار بن ياسر فأعطى حظا واحدا فبقية قطعة سلسة من ذهب، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يرفعها بطرف عصاه فتسقط، ثم رفعها وهو يقول كيف أنته يوم يكثر لكم من هذا (عن عمر ابن الخطاب) رضي الله عنه قال كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله مما لم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا ركاب فكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خالصة وكان ينفق على أهله منها نفقة سنة (وفي لفظ قوت سنة) وما بقي

_ والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع أبو اليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن أبي بردة بن أبي موسى الأشعري عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) معناه أنه صلى الله عليه وسلم كان ينفل من يستحق النفل على قدر بلائه وتعبه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وفيه عبد العزيز بن عبيد الله الحمصي وهو ضعيف اهـ (قلت) يؤيده أحاديث الباب والله أعلم. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال ثنا صفوان قال ثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الأشجعي الخ (غريبة) الفيء هو ما أصابه المسلمون من أموال الكفار بغير ايجاف خيل ولا ركاب بأن صالحوهم على مال يؤدونه وكذلك الجزية وما أخذ من أموالهم إذا دخلوا دار الإسلام للتجارة أو يموت أحد منهم في دار الإسلام ولا وارث له فهذا كله فيء، ومال الفيء كان خالصا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في مدة حياته أي المتزوج (وقوله حظين) يعني نصيبين نصيبا له لزوجته (والعزب) بفتح العين المهملة والزاي وهو من لا زوج له وإنما أعطاه حظا واحدا لكونه فردا الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك يحذرهم من الفتنة بالدنيا والاغترار بزينتها (تخريجه) (د) بدون ذكر السلسلة أعني إلى قوله فأعطى حظا واحدا وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي سفيان عن عمرو ومعمر عن الزهري عن مالك بن أو ابن الحدثان عن عمر بن الخطاب الخ (غريبة) بكسر الجيم أي مما لم يسرع المسلمون المسير إله ولم يقاتلوا عليه الأعداء بخيل ولا ركاب (بكسر الراء) وهي الإبل التي تحمل القوم، وإنما خرجوا إليه من المدينة مشاة لم يركب إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقطعوا إليها شقة ولا نالوا مشقة أي يتصرف فيها بما يراه لنفسه ولمن ذكرهم الله عز وجل معه وهم ذو القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل

-87 - تقسيم عمر رضي الله عنه للفيء بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم ----- جعله في الكراع والسلاح عدة في سبيل الله عز وجل (عن أنس بن أوس) بن الحدثان قال كان عمر يحلف على إيمان ثلاث يقول والله ما أحد أحق بهذا المال من أحد وما أنا على منازلنا من كتاب الله تعالى وقسمنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فالرجل وبلائه في الإسلام، والرجل وقدمه في الإسلام، والرجل وغنائه في الإسلام، والرجل وحاجته، والله لئن بقيت لهم ليأتين الراعي بجبل صنعاء حظه من هذا المال وهو يرعى مكانه (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه أنه قال يوم الجابية وهو يخطب الناس: أن الله عز وجل جعلني خازنا لهذا المال وقاسمه له، ثم قال بل الله يقسمه وأنا بادئ بأهل النبي صلى الله عليه وسلم، ثم أشرفهم ففرض عنها لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف إلا جورية وصفية وميمونة، فقالت عائشة رضي الله عنها إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعدل بيننا فعدل بينهن عمر، ثم قال إني بادئ بأصحابي المهاجرين الأولين فإنا أخرجنا من ديارنا ظلما وعدوانا، ثم أشرفهم، ففرض لأصحاب

_ وتقسيم ذلك موكول إليه الكراع بضم الكاف والمراد به هنا جماعة الخيل (تخريجه) (ق. والأربعة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن ميسر (بوزن محمد) أبو سعد الصاغاني ثنا محمد بن إسحاق عن محمد بن عمر بن عطاء عن مالك بن أوس الخ (غريبة) يعني مال الفيء وتقدم تفسيره في شرح الحديث الأول من الباب معناه أن الرجل يأخذه على قدر ما فعاله الممدوحة في الإسلام (والرجل وقدمه) أي يأخذ على قدر تقدمه وسبقه في الإسلام وهكذا يريد أنه لا بد أن يأخذ كل ذي حق حقه وان كان بعيدا بجبل صنعاء باليمين (تخريجه) (د) وفي إسناده محمد بن ميسر ضعيف ومحمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ابن إسحاق ثنا عبد الله يعني ابن مبارك قال أنا سعيد بن يزيد وهو أبو شجاع قال سمعت الحارث بن يزيد الحضرمي يحدث عن علي ابن رباح عن باشر بن سمرة اليزني قال سمعت عمر بن الخطاب يقول في يوم الجابية الخ (الجابية) قرية معروفة بجنب نوى على ثلاثة أميال منها من جانب الشمال، وإلى هذه القرية ينسب باب الجابية أحد أبواب دمشق (غريبة) يشير إلى مال جاء من جزية أهل البحرين وكان النبي صلى الله عليه وسلم صالحهم على ذلك وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي كما سيأتي في باب الجزية من حديث عمر ابن عوف وتقدم في تعريف الفيء أول الباب أن الجزية من الفيء أيضا جاء في رواية للبزار (اثني عشر ألفا لكل امرأة إلا صفية وجويرية ففرض لكل واحدة ستة آلاف فا بين أن يأخذنها، فقال إنما فرضت لهن بالهجرة، فقلن ما فرضت لهن بالهجرة إنما فرضت لهن لمكانهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولنا مثل مكانهن، فأبصر فجعلهن سواء

-88 - قصة جابر بن عبد الله مع أبي بكر رضي الله عنهم في طلب نصيبه من الفئ ----- بدر خمسة آلاف، ولمن كان شهد بدرا من الأنصار أربعة آلاف، ولمن شهد أحدا ثلاثة آلاف، قال ومن أسرع في الهجرة أسرع بع العطاء، ومن أبطأ في الهجرة أبطأ به العطاء: فلا يلومن رجل إلا مناخ راحلته (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو جاء مال البحرين لقد أعطيتك هكذا وهكذا وهكذا، قال فلما جاء مال البحرين بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر رضي الله عنه من كان له عند رسول الله صلى الله عليه وسلم دين أو عدة فليأتنا، قال فجئت، فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو قد جاء مال البحرين لأعطيتك هكذا وهكذا ثلاثا قال فخذ، قال فأخذت، قال بعض من سمعه فوجدتها خمسمائة فأخذت، ثم أتيته فلم يعطني ثم أتيته فلم يعطني، ثم أتيته الثالثة فلم يعطني، فقلت إما أن تعطيني وإما أن تبخل عني، قال أقلت تبخل عني؟ وأي داء أدواء من البخل؟ ما سألتني مرة إلا وقد أردت أن أعطيك (عن عروة عن عائشة) رضي الله عنها أنم رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بظبية

_ يعني لمن شهد بدرا من المهاجرين بضم الميم موضع الإناخة وهو كناية عن تأخره في شد راحلته وإناختها للهجرة: وللحديث بقية وسيأتي بتمامه في باب خطب عمر من أبواب خلافته رضي الله عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان قال سمع ابن المكندر جابرا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو جاء مال البحرين الخ (غريبة) في رواية للبزار ثلاث مرات ملء كفيه فبينت ما أبهم هنا الظاهر أن هذه الجملة وهي قوله (قال بعض من سمعه فوجدتها خمسمائة) من قول سفيان الراوي عن ابن المكندر، ومعناه أنه روى هذا الحديث مرة أخرى عن غيره ولذلك قال: قال بعض من سمعه يعني من سمع هذا الحديث من جابر غير ابن المكندر (فوجدتها خمسمائة) أما ابن مكندر فلم يقل في حديثه هذه الجملة والله أعلم معناه أن جابرا أتى أبا بكر رضي الله عنهما بعد هذه الواقعة ثلاث مرات كلما أتاه مال من الفيء يطلب حقه منه، فكان أبو بطر رضي الله عنه يعده ثم يجده غيره أجوج منه فلا يعطيه، فقال جابرا بعد المرة الثالثة (إما أن تعطيني أو تبخل عني) أي تمنع عني فلا تعدني بالعطاء أي أنصفني بالبخل يا جابر وأي مرض أشد من مرض البخل؟ ثم ذكر له أنه ما من مرة سأله إلا وهو يريد إعطاءه ولكنه كان يعطي من هو أشد حاجة منه، لاسيما وأمر الفيء موكول للإمام يعطي من يشاء ويمنع من يشاء مراعيا في ذلك المصلحة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمرو أنا ابن أبي ذئب عن القاسم بن عباس عن عبد الله بن دينار الأسلمي عن عروة عن عائشة الخ (غريبة) بفتح المعجمة والمراد هنا جراب صغير غليه شعر، وقليل هي شبه الخريطة والكيس (والخرز) بفتحتين الذي ينظم الواحدة خرزة وهو ما يجعله النساء عقودا في أعناقهن

-89 - طريقة أبي بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم في تقسيم الفيء وذكر منقبة للأنصار ----- فيها خرز، فقسم للحرة والأمة (وفي لفظ فقسم بين الحرة والأمة سواء) قالت عائشة وكان أبي يقسم للحر والعبد (باب ما جاء في إعطاء المؤلفة قلوبهم) (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن ناسا من الأنصار قالوا يوم حنين حين أفاء الله على رسوله أموال هوازن فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي رجالا من قريش المائة من الإبل كل رجل، فقالوا يغفر الله لرسول الله، يعطى قريشا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم، قال أنس فحدث رسول الله صلى الله عله وسلم بمقاتلتهم فأرسل إلى الأنصار فجمعهم في قبة من آدم ولم يدع أحدا غيرهم، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال ما حديث بلغني عنكم؟ فقالت الأنصار أما ذوو رأينا فلم يقولوا شيئا، وأما ناس حديثه؟ أسنانهم فقالوا كذا وكذا اللذي قالوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أني لأعطي رجالا حدثاء عهد بكفر أتألفهم أو قال استأ لفهم، أفلا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رحالكم؟ فوا لله لما تنقبون به خير مما ينقلبون به، قالوا أجل يا رسول الله قد رضينا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستجدون بعدي أثرة شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فإني فرطكم على الحوض، قال أنس رضي الله عنه فلم نصبر (حدثنا عفان) ثنا جرير بن حازم قال سمعت الحسن ثنا عمرو بن تغلب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه شيء فأعطاه ناسا وترك ناسا، وقال جرير أعطى رجالا وترك رجالا، قال فبلغه عن الذين ترك أنهم عتبوا وقالوا، قال فصعد المنبر

_ قال الخطابي المشهور عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه انه سوى بين الناس ولم يفضل بالسابقة وأعطى الأحرار والعبيد، وعن عمر رضي الله عنه أنه فضل بالسابقة والقدم وأسقط العبيد، ثم رد على بن أبي طالب رضي الله عنه الأمر إلى التسوية بعد: ومال الشافعي إلى التسوية وشبه بقسم الميراث اهـ (تخريجه) (د) وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال الزهري قال أخبرني أنس بن مالك أن ناسا الخ (غريبه) بفتح أوله وثانيه وبضمهما أيضا وهو القياس مثل بريد وبرد، وهو الجلد المدبوغ أي العقلاني المحنكون بفتحات أي الاستثمار بالمشترك أي يستأثر عليكم ويفضل عليكم غيركم بغير حق الفرط بفتحتين التقدم في طلب الماء يهيئ الدلال يقال فرط يفرط كضرب يضرب أي متقدمكم إلى الحوض: ومنه يقال للطفل اللهم اجعله فرطا أي أجرا متقدما (تخريجه) (ق. وغيرهما) هذا الحديث رواه البخاري في صحيحه أيضا في الجمعة عن محمد بن معمر، وفي الخمس عن محمد بن إسماعيل، وفي التوحيد عن أبي النعمان، وتقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في المؤلفة قلوبهم من كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 60 رقم 102 فرجع إليه إن شئت

-90 - ما جاء في إعطاء المؤلفة قلوبهم ومنقبة لعمر بن تغلب ----- فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال إني أعطي ناسا: وأعطي رجالا وأدع رجالا، قال عفان. قال ذي وذي: والذي أدع أحد إلى من الذي أعطى: أعطى أناسا لما في قلوبهم من الجزع والهلع، وأكل قوما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير ومنهم عمرو بن تغلب، قال وكنت جالسا تلقاء وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم (باب مايهدى للأمير والعامل أيأخذ من مباحات دار الحرب (عن أبي حميد الساعدي) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هدايا العمال غلول (من عاصم بن كليب) قال حدثني أبو الجورية قال أصبت جرة حمراء فيها دنانير في إمارة معاوية رضي الله في أرض الروم، قال وعلينا رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني سليم يقال له معن ابن يزبد: قال فأتيت بها فقسمها بين المسلمين فأعطاني مثل ما أعطى رجلا منهم، ثم قال لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيته يفعله، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا نفل إلا بعد الخمس إذا لأعطيتك، قال ثم أخذ يعرض على نصيبه فأبيت عليه قلت ما أنا بأحق به منك (باب تحريم الغلول والتشديد فيه وتحريق رحل الغال وما جاء في النهي) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا نبي مع الأنبياء فقال لقومه لا يبتغي رجل ملك بضع امرأة

_ (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى ابن سعيد عن عروة بن الزبير عن أبي حميد الساعدي الخ (غريبة) المراد بالعمال كل من تولى عملا كعمال الزكاة وأمراء الجيش ونحو ذلك (وقوله غلول) بضم المعجمة واللام أي خيانة (تخريجه) (طب) وفي إسناده إسماعيل بن عياش عن أهل الحجاز ضعيف في الحجازيين، لكن يشهد له ما رواه (ق د حم) من حديث أبي حميد أيضا وتقدم في باب الغلول في الصدقة من كتاب الزكاة صحيفة 125 رقم 85 في الجزء التاسع (سنده) حدثنا أبي ثنا عفان قال أبو عوانة قال ثنا عاصم بن كليب الخ (غريبة) اسمه حطان بكسر أوله وتشديد المهملة (بن خفاف) بضم أوله وفتح الفاء مخففة: قال في الخلاصة وثقة أحمد تقدم الكلام على ذلك في شرح حديث عبادة بن الصامت في باب تنفيل سرية الجيش عليه الخ (تخريجه) (د) وفي إسناده عاصم بن كليب فيه خلاف: وقد أخرجه الطحاوي وصححه من حديث معن ابن يزيد قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا نفل إلا بعد الخمس (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام ابن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) لم يصرح باسم ذلك النبي والظاهر أنه يوشع بن نون عليه وعلى نبينا عليه الصلاة والسلام لأنه ورد أن الشمس حبست ليوشع ولنبينا صلى الله عليه وسلم البضع بضم الموحدة فرج المرأة

-91 - تحريم الغلول وقصة نبي من الأنبياء في ذلك ----- وهو يريد أن يبني بها ولم يبن، ولا أحد قد بنا بنيانا ولما يرفع سقفها، ولا أحد قد اشترى غنما أو خلفات وهو ينتظر ولادها فغزا فدنا من القرية حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك: فقال للشمس أنت مأمورة وأنا مأمور، اللهم احبسها علي شيئا فحبست عليه حتى فتح الله عليه، فجمعوا ما غنموا فأقبلت النار لتأكله فأبت أن تطعم، فقال فيكم غلول فليبا من كل قبيلة رجل، فبايعوه فلصقت يد رجل بيده فقال فيكم الغلول فلتبا يعني قبيلتك، فبايعته قبيلته، قال فلصق يد رجلين أو ثلاثة بيده فقال فيكم الغلول، أنتم غللتم، فأخرجوا له مثل رأس بقرة من ذهب قال فوضعوه في المال وهو بالصعيد فأقبلت النار فأكلته، فلم تحل الغنائم لأحد من قبلنا: ذلك لأن الله عز وجل رأى ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا (وعنه أيضا) قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فذكر الغلول فعظمه وعظم أمره ثم الألفين يجيء أحدكم

_ والمعنى أنه ملك بالعقد عليها وينتظر الدخول يعني أنه أتم البنيان وينتظر رفع السقف بكسر اللام جمع خلفه بكسر اللام أيضا وهي الحامل من الإبل بكسر الواو أي وضع حملها وإنما لم يقبل معه هؤلاء لأن الجهاد منآهم الأمور التي لا يزاولها إلا فارغ البال، وهؤلاء مشغولون بما يضعف عزمهم ويفوت كمال بذل وسعهم فيه معناه أنها مأمورة بالسير وهو مأمور بفتح القرية في بقية هذا اليوم فلو بقيت على سيرها لم يتسع الوقت لفتح القرية: لذلك دعا الله عز وجل أن يحبسها فاستجاب الله دعاءه وحبسها قال النووي رحمه الله هذه كانت عادة الأنبياء عليهم السلام في الغنائم أن يجمعوها فتجيء نار من السماء فتأكلها فيكون ذلك علامة لقبولها وعدم الغلول، فلما جاءت في هذه المرة وأبت أن تأكلها علم أن قسم غلولا، فلما ردوه جاءت فأكلتها، وكذلك كان أمر قربانهم إذا تقبل جاءت نار من السماء فأكلته يعني على وجه الأرض معناه انه صلى الله عليه وسلم لما قام بالدعوة لم يتبعه أولا إلا فقراء الناس ومن لا جاه لهم، فأحل لهم الغنائم ليتقوا بها على أعدائهم الذين أكثر منهم عددا وعدة، وقد تم لهم ذلك فقويت شوكة الإسلام ودخل الناس في دين الله أفواجا وبقى هذا الحكم إلى يوم القيامة فضلا من الله عز وجل ورحمة بهذه الأمة فله الحمد والمنة (تخريجه) (م) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أبو حيان عن أبي زرعة بن عمرو بن جبير عن أبي هريرة الخ (غريبة) هكذا بالأصل ألفين بلام القسم وضم الهمزة وكسر الفاء أي لأجدن، وجاء عند الشيخين (لا ألفين) بلفظ النفي المؤكد، قال الحافظ والمراد به النهي، قال وكذا عند الحموي والمستملي، لكن روى بفتح الهمزة والقاف من اللقا وكذا لبعض رواه مسلم والمعنى قريب، قال ومنهم من حذف الألف على أن على أن اللام للقسم وفي توجيه تكلف، والمعروف أنه بلفظ النفي المراد به النهي وهو وان كان من نهي المرء نفسه فليس المراد ظاهره، وإنما المراد من يخاطبه عن ذلك وهو أبلغ اهـ قال النووي وعناه لا تعملوا عملا أجدكم

-92 - التغليظ في الغلول ووعيد من غل ----- يوم القيامة على رقبته بعير له رغاء فيقول يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك لألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته شاة لها ثغاء فيقول يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لألفين أحدكم يجيء يوم القيامة على رقبته فرس له حمحمة فيقول يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لألفين يجيء أحدكم يوم القيامة على رقبته نفس لها صياح فيقول يا رسول الله أغثني. فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لألفين يجيء أحدكم يوم القيامة على رقبته رقاع تخفق يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك، لألفين يجيء أحدكم يوم القيامة على رقبته صامت فيقول يا رسول الله أغثني، فأقول لا أملك لك شيئا قد أبلغتك (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه قال لما كان يوم خيبر أقبل نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا فلان شهيد فلان شهيد حتى مروا على رجل، فقالوا فلان شهيد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلا إني رأيته في النار في بردة غلها أو عباءة

_ بسببه على هذه الصفحة الرغاء بضم الراء بالغين المعجمة والمد هو صوت الإبل وذوات الخف بضم المثلثة وبالغين المعجمة والمد هو صوت الغنم بحاءين منهملتين مفتوحتين بينهما ميم ساكنة ثم ميم مفتوحة قبل الهاء وهو صوت الفرس عند العلف وهو دون الصهيل أي من بني آدم والظاهر أنه أراد بالنفس ما يغله من الرقيق من امرأة أوصى بكسر الراء جمع رقعة وهي ما تكتب فيه الحقوق (وتخفق) بكسر الفاء أي تتحرك وتضطرب إذا حركتها وقيل معناه تلمع والمراد بها الثياب قاله ابن الجوزي الصامت الذهب والفضة يريد أنها ليس لها صوت كغيرها، وإنما كان كذلك لأن مجيئهما على رقبته ظاهرين للناس فيه دلالة على أنه غلهما من الغنيمة، وهكذا كل من غل شيئا لا بد أن يأتنى به يوم القيامة محمولا على رقبته ليفتضح على رءوس الأشهاد معنى قوله صلى الله عليه وسلم لكل واحد ممن تقدم ذكرهم في هذا الحديث (لا أملك لك شيئا) أي من المغفرة لأن الشفاعة أمرها إلى الله (وقوله قد بلغتك) أي فليس لك عذر بعد الإبلاغ وكأنه صلى الله عليه وسلم ابرز هذا الوعيد في مقام الزجر والتغليظ، وإلا فهو في القيامة صاحب الشفاعة في مذنبي الأمة قاله الحافظ (تخريجه) (أخرجه الشيخان. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا عكرمة يعني ابن عمار حدثني سماك الحنفي أبو زميل قال حدثني عبد الله حدثني بن عباس حدثني عمر بن الخطاب الحديث (غريبة) قوله صلى الله عليه وسلم كلا هو رد لقولهم في هذا الحديث إنه شهيد فقال صلى الله عليه وسلم كلا إني رأيته في النار في بردة غلها (والبردة) بضم الباء كساء مخطط وهي الشملة والنمرة وقال أبو عبيد هو كساء أسود فيه صور وجمعها برد بفتح الراء (والعبادة) معروفة وهي، ويقال فيها أيضا عناية بالياء قاله ابن السكيت وغيره رحمهم الله تعالى

-93 - التغليظ في الغلول ووعيد من غل ----- ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابن الخطاب اذهب فناد في الناس أنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون، قال فخرجت فناديت ألا إنه لا يدخل الجنة إلا المؤمنون (عن صالح بن محمد بن زائدة) عن سالم بن عبد الله أنه كان مع سلمة بن عبد الملك في أرض الروم فوجد في متاع رجل غلول فسأله سالم بن عبد الله فقال حدثني عبد الله عن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من وجدتم في متاعه غلولا فأحرقوه قال وأحبسه قال واضربوه، قال فأخرج متاعه في السوق قال فوجد فيه مصحفا فسأله سالما فقال بعه وتصدق بثمنه (عن سالم بن أبي الجعد) عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما وكان على رحل وقال مرة على ثقل النبي صلى الله عليه وسلم رجل يقال كركرة فمات فقال هو في النار فنظروا فإذا عليه عباءة قد غلها (وقال مرة) أو كساء قد كلا إني رأيت عليه عباءة غلها يوم كذا وكذا (عن عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يقسم غنيمة أمر بلالا رضي الله عنه فنادى ثلاثا

_ معناه أنه لا يحكم بدخول الجنة لأول وهلة إلا للمؤمنين المخلصين في إيمانهم (تخريجه) (م لك مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا عبد العزيز بن محمد ثنا صالح بن محمد ابن زائدة عن سالم بن عبد الله الخ (غريبة) أي أحرقوا متاعه كما صرح بذلك في رواية لأبي داود، وقد أخذ بظاهره طائفة من العلماء، منهم الإمام أحمد، وحمله الجمهور على التغليط لأنه لم يثبت أنه صلى الله عليه وسلم أمر بفتح متاع أحد ممن وجد الغلول منهم في وقته (تخريجه) (د مذ ك هق) وقال الترمذي غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وقال الدارقطني أنكروا هذا الحديث على صالح بن محمد قال وهذا حديث لم يتابع عليه ولا أصل لهذا الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والمحفوظ أن سالما أمر بذلك وصحح أبو داود وقفه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سفيان عن عمرو عن سالم ابن أبي الجعد الخ (غريبة) بمثلثه وقاف مفتوحتين العيال وما ثقل من الأمتعة اختلف في ضبطه فذكر القاضي عياض أنه يقال بفتح الكافين وبكسرهما، وقال النووي وإنما اختلف في كافه الأولى، وأما الثانية فمكسورة اتفاقا اهـ قال الواقدي أنه كان أسود يمسك دابة رسول الله صلى الله عليه وسلم عند القتال أي يعذب على معصية أن لم يعف الله عنه (تخريجه) (خ. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا الحكم بن عطية ثنا أبو الخميس عن أنس الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى وفيه أبو المخيسر وهو مجهول (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب بن زياد ثنا عبد الله يعني ابن مبارك أنا عبد الله بن شوذب قال حدثني أبي قال حدثني عامر بن عبد الواحد عن عبد الله بن بريدة عن عبد الله بن عمر الخ (غريبة) يعني من كان

-94 - التحذير من الغلول وأنه عار وشنار على صاحبه يوم القيامة ----- فأتى رجل بزمام من شعر إلى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن قسم الغنيمة فقال يا رسول الله هذه من غنيمة كنت أصبتها، قال أما سمعت بلالا ينادي ثلاثا؟ قال نعم، قال فما منعك أن تأتني به فاعتل له فقال النبي صلى الله عليه وسلم أني لن أقبله حتى أنت الذي توافيني به يوم القيامة (عن زيد بن خالد الجهني) رضي الله عنه أن رجلا من المسلمين توفى بخيبر وأنه ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال صلوا على صاحبكم، قال فتغيرت وجوه القوم لذلك، فلما رأى الذي بهم قال أن صاحبكم غل في سبيل الله ففتشنا متاعه فوجدنا فيه خرزا من خرز اليهود ما يساوي درهمين (عن العرباض بن سارية) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأخذ الوبرة من قصة من فيء الله عز وجل فيقول مالي من هذا الأمثل ما لأحدكم إلا الخمس وهو مردود فيكم فأدوا الخيط والمخيط فما فوقها وإياكم والغلول فإنه عار وشنار على صاحبه يوم القيامة

_ عنده شيء من الغنائم فليأت به النبي صلى الله عليه وسلم ليضعه في الغنيمة قبل أن تقسم قال أهل اللغة الزمام في الأصل الخيط الذي يشد في البرة يعني الحلقة التي تكون في أنف البعير ثم يشد إليه المقصود ثم سمى به المقصود نفسه وهو المراد هنا أي فاعتذر إليه كما صرح بذلك في رواية أبي داود، والظاهر أن الرجل لم يصدق في اعتذاره ولذلك لم يقبله النبي صلى الله عليه وسلم وعلم سوء نية الرجل فتركه وما غل حتى يؤتى به يوم القيامة (تخريجه) (أخرجه أبو داود وابن حبان والحاكم) وسكت عنه أبو داود والمنذري، وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وأظنهما لم يخرجاه (قلت) وأقره الذهب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى ويزيد قال ثنا يحيى بن سعيد بن محمد بن يحيى عن ابن أبي عمرة أنه سمع أنه سمع زيد بن خالد الجهني، قال يزيد أن أبا عمرة مولى زيد بن خالد الجهني أنه سمع زيد خالد الجهني يحدث أن رجلا من المسلمين الخ (غريب) أي لعدم صلاة النبي صلى الله عليه وسلم عليه لا ولعدم علمهم بحقيقية الحال الخرز بفتحتين هو ما يثقب من الجواهر وغيرها ويجعله النساء عقودا في أعناقهن، والظاهر أن هذا الخرز كان زهيد القيمة لقوله في الحديث ما يساوي درهمين، وفي هذا تعظيم أمر الغلول وأنه لا فرق بين قليله وكثيرة (تخريجه) (لك فع د نس جه) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عاصم ثنا وهب أبو خالد قال حدثتني أمك حبيبة بنت العرباض عن أبيها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأخذ الوبرة الخ (غريبة) القصة بضم القاف الخصلة من الشعر، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يأخذ الوبرة بفتح الواو والموحدة أي الشعرة من خصلة الشعر (من فيء الله) يعني إبل الغنيمة أي فإنه لي أعمل فيه برأيي (وهو مردود فيكم) أي باجتهادي (وقوله فادوا الخيط والمخيط) الخيط واحد الخيوط المعروفة (والمخيط) بوزن منبر يعني الإبرة ومن باب إلى ما فوقهما أي احذروا الغلول (فإنه عار) أي شين أو سبة في الدنيا بفتح الشين المعجمة والنون الخفيفة وفي بعض الروايات (نار وشنار) قال ابن عبد البر

-95 - النهي عن الغلول والأمر بالجهاد والحث على إقامة حدود الله ----- (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تغلوا فإن الغلول نار وعار على أصحابه في الدنيا والآخرة، وجاهدوا الناس في الله تبارك وتعالى القريب والعيد، ولا تبالوا في الله لومة لائم، وأقيموا حدودو الله في الحضر والسفر وجاهدوا فيس سبيل الله فإن الجهاد باب من أبواب الجنة عظيم ينجي الله تبارك وتعالى به من الهم والغم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إياكم والخيل المنفلة فإنها إن تلق تفر، وإن تغنم تغلل (عن سماك بن حرب) قال سمعت رجلا من بني ليث قال أسرني فارس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكنت معه فأصابوا غنما فانتهبوها فطبخوها قال فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أن النهي أو النهبة لا تصلح فأكفئوا القدور (أبواب المن والفدا في حق الأسرى وأحكام

_ الشنار لفظة جامعة لمعنى النار والعار يريد أو الغلول شين وعار ومنقصة في الدنيا ونار في الآخرة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد و (بز طب) وفيه أم حبيبة بنت العرباض لم أجد من وثقها ولا جرحها هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في أول باب فرض الخمس فارجع إليه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق أنبأنا ابن لهيعة حدثنا زيد بن أبي حبيب بن عقبة عن أبي الورد قال إسحاق المديني عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي إياكم وأصحاب الخيل الخ فمعناه التحذير من أصحاب الخيل لا من نفس الخيل، وأورده هذا الحديث صاحب النهاية من رواية أبي الدرداء بلفظ (إياكم والخيل المنفلة التي إن لقيت فرت وإن غمت غلت) ثم قال كأنه من النفل الغنيمة أي الذين قصدهم من الغزو الغنيمة والمال دون غيره أو من النفل وهم المطوعة المتبرعون بالغزو الذين لا اسم لهم في الديوان فلا يقاتلون قتال من له سهم، هكذا جاء في كتاب أبي موسى من حديث أبي الدرداء والذي جاء في مسند أحمد من رواية أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إياكم والخيل المنفلة فإنها إن تلق تفر وإن تغنم تغلل ولعلها حديثان اهـ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده بن لهيعة قال الهيثمي حديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقاة وعزاه للإمام أحمد فقط (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سماك بن حرب الخ (غريبة) أي قبل قسمتها أو للشك من الراوي يشك هل قال النبي كحبلى أو النهبة كغرفة وكلا اللفظين جاءت به الأحاديث، وهو اسم للمندوب من الغنيمة أو غيرها: لكن المراد هنا الغنيمة (وقوله لا تصلح) معناه لا تحل كما صرح بذلك في رواية أخرى لأن الناهب إنما يأخذ على قدر قوته لا على قدر استحقاقه فيؤدي إلى أن يأخذ بعضهم فوق حظه ويبخس بعضهم حظه، وإنما لهم سهام معلومة للفرس سهمان وللراجل سهم، فإذا انتهبوا الغنيمة بطلت الغنيمة وفاتت التسوية هو الكناية عن إراقة ما فيها، وتقدم الكلام على ذلك في شرح حديث ابن ليلى في خرباب حل الغنيمة من خصوصياته صلى الله عليه وسلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي قال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح

-96 - إسلام هوازن والمن على وفدهم بأسراهم ----- تتعلق بهم (باب في المن على وفود هوازن بأسراهم) (عن عروة بن الزبير) أن مروان والمسور بن مخرمة أخبراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوا أن يرد إليهم أموالهم وسبيهم: فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معي من ترون، وأحب الحديث إلى أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبي وإما المال، وقد كنت إستأنيت بكم وكان أنظرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشرة ليلة حين قفل من الطائف فلما تبين لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا فإنا نختار سبينا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله ثم قال أما بعد فإنا إخوانكم قد جاءوا تائبين وإني قد رأيت أن أرد إليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل، ومن أحب منكم أنم يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله عز وجل علينا فليفعل، فقال الناس قد طيبنا ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن فارجعوا حتى يرفع إلينا عرفائكم أمركم فجمع الناس فكلمهم عرفائهم ثم رجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذنوا هذا الذي بلغني عن سبي هوازن (عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما قالا أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم جارية من سبي هوازن فوهبها لي فبعثت بها إلى أخواله من بني جمح ليصلحوا لي منها حتى أطوف بالبيت ثم آتيهم وأنا أريد أن أصيبها إذا رجعت إليها

_ (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا يعقوب ابن أخي ابن شهاب عن عمه قال وزعنا عروة بن الزبير أن مروان والمسور بن مخرمة أخبراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) هم الذين حاربوا النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين ونصره الله عليهم بعد هزيمة المسلمين وسيأتي تفصيل ذلك في أبواب الغزوات إنشاء الله تعالى بكسر همزة إما ونصب السبي والمال من الأناة أي انتظرت مجيئكم وأخرت قسمة السبي فأبطأتم علي البضع بكسر الموحدة هو من ثلاث إلى تسع، فإذا أضيفت إليه العشرة المذكورة كانت مدة الانتظار ما بين ثلاث عشر ليلة إلى تسع عشرة ليلة (وقوله قفل) أي رجع بضم أوله وفتح المهملة وكسر التحتية المشددة أي يعطى عن طيب نفس بلا عوض أي نصيبه (وقوله يفيء) بضم أوله من أفاء ومعناه من أول ما يرجع الله إلينا من مال الكفار من خراج أو غنيمة أو غير ذلك، ولم يرد الفيء الاصطلاحي وحده فيه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من شدة الورع حيث لم يقنع بظاهر الحال حتى يتحقق رضا جميعهم جمع عريف وهو الرئيس الذي يدور عليهم أمر الرعية ويتعرف أحوالهم، والمقصود هنا أن رئيس كل قبيلة يعبر عن قبيلته هذه الجملة من كلام ابن شهاب وهو الزهري أحد رجال السند (تخريجه) (ق د نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني نافع مولى عبد الله بن عمر عن

-97 - قصة أسر العباس عم النبي صلى الله عليه وسلم وفديته ----- قال فخرجت من المسجد حين فرغت، فإذا الناس يشتدون، فقلت ما شأنكم؟ قالوا رد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبنائنا ونساءنا، قال قلت تلك صاحبتكم في بني جمح فاذهبوا فخذوها، فذهبوا فأخذوها (باب في أسر العباس رضي الله عنه وفديته وفيه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم) (عن ابن عباس) رضي عنهما قال كان الذي أسر العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه أبا اليسر بن عمرو وهو كعب بن عمرو أحد بني سلمة رضي الله عنه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أسرته يا أبا اليسر، قال لقد أعانني عليه رجل ما رأيته قبل ولا بعد: هيئته كذا هيئته كذا، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أعانك عليه ملك كريم، وقال للعباس يا عباس؟ افد نفسك وابن أخيك عقيل بن أبي طالب ونوفل بن الحارث وحليفك عتبة بن جحدم أحد بني الحارث ابن فهر، قال فأبى وقال إني قد كنت مسلما قبل ذلك وإنما إستكرهوني، قال الله أعلم بشأنك إن يك ما تدعي حقا فالله يجزيك بذلك، وأما ظاهر أمرك فقد كان علينا فاقد نفسك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ منه عشرين أوقية ذهب، فقال يا رسول الله احسبها لي من فدائي، قال لا ذاك شيء أعطاناه الله منك، قال فإنه ليس لي مال، قال فأين المال الذي وضعته بمكة حيث خرجت عند أم الفضل وليس معكما أحد غيركما فقلت إن أصبت في سفري هذا فالفضل كذا ولقثم كذا ولعبد الله كذا، قال فو الذي بعثك بالحق ما علم بهذا أحد من الناس غيري وغيرها: وإني لأعلم أنك رسول الله (عن أبي إسحاق) عن البراء بن عازب أو غيره، قال جاء

_ عبد الله بن عمر الخ (غريبة) أي يعدون ويهرولون (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحد وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا يزيد قال: قال محمد يعني ابن إسحاق حدثني من سمع عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) إنما سأل النبي صلى الله عليه وسلم أبا اليسر كيفية أسر العباس لأن العباس كان قويا مهيبا وأبا اليسر كان ضعيفا صغير الجسم ذميم الخلق، وقد جاء توضيح ذلك في حديث رواه (طب بز) من حيث أبي اليسر أنه قيل للعباس وكان جسيما كطيف أسرك أبو اليسر وهو ذميم (أي قيح المنظر صغير الجسم) ولو شئت لجعلته في كفك؟ فقال ما هو إلا أن لقيته فظهر في عيني أعظم من الخندمة (بوزن المرحمة) (جبل من جبال مكة) الظاهر أنها أخذت منه في الغنيمة، ولذا أجابه الني صلى الله عليه وسلم بقوله ذاك شيء أعطاناه الله منك في هذا معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث أطلعه الله عز وجل على هذه القصة التي لم يعلم بها أحد إلا الله عز وجل (تخريجه) رواه ابن إسحاق في سيرته وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات: وهو من مراسيل الصحابة: لأن ابن عباس لم يشهد ذلك بل كان صغيرا مع أمه بمكة فكأنه رواه عن أبيه أو غيره (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا بهز ثنا شعبة ثنا أبوأ حمد ثنا سفيان عن أبي اسحاء عن البراء بن عازب الخ (غريبه)

-98 - تاريخ إسلام العباس رصي الله عنه وفدية أبي وداعة صبيرة ----- رجل من الأنصار بالعباس قد أسره، فقال العباس يا رسول الله ليس هذا أسرني، أسرني رجل من القوم أنزع من هيئته كذا وكذا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل لقد آزرك الله بملك كريم (باب فيمن افتدى أباه بأربعة آلاف درهم) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال: قال محمد يعني ابن إسحاق فحدثني حسين بن عبد الله بن عباس عن عكرمة قال: قال أبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت غلاما للعباس بن عبد المطلب وكان الإسلام قد دخلنا فأسلمت وأسلت أم الفضل وكان العباس قد أسلم ولكنه كان يهاب قومه وكان يكتم إسلامه، وكان أبو لهب عدو الله قد تخلف عن بدر وبعث مكانه العاص بن هشام بن المغيرة، وكذلك كانوا صنعوا لم يتخلف رجل إلا بعث مكانه رجلا فلما جاءنا الرجل الخبر كتبه الله وأخزاه ووجدنا في أنفسنا قوة فذكر الحديث ومن هذا الموضع في كتاب يعقوب مرسل ليس فيه إسناد، وقال فيه أخو بني سالم بن عوف قال وكان في أسارى (بضم الهمزة) أبو وداعة بن صبيرة السهمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن له بمكة أبنا كيسا تاجرا إذا مال لكأنكم به قد جائني في فداء أبيه وقد قالت قريش لا تعجلوا بفداء أساراكم لا يتأرب عليكم محمد وأصحابه: فقال المطلب بن أبي وداعة صدقته فافعلوا، وأقبل من الليل فقدم المدينة وأخذ أباه بأربعة آلاف درهم فانطلق به وقدم مكرز بن حفص ابن الأحنف في فداء سهيل بن عمرو وكان الذي أسره مالك بن الدخشن أخو بني مالك بن عوف

_ هو أبو اليسر المتقدم ذكره في الحديث السابق الأنزع بوزن أحمد الذي ينحسر شعر مقدم رأسه مما فوق الجبين والنزعتان (بفتحات) عن جانبي الرأس مما لا شعر عليه بمد الهمزة أي أعانك ونصرك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله رجال الصحيح (باب) يعني في أول الأمر ثم أتى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعتقه كان إسلامهم ذلك قبل غزوة بدر يعني خبر انتصار النبي صلى الله عليه وسلم على كفار قريش في غزوة بدر (وقوله كبته) أي خيب ظنه وأذله بالحزن على قتل من قتل وأسر ومن أسر من المشركين يعني قوله الآتي (وكان في أسارى أبو وداعة الخ) الظاهر والله أعلم أن الإمام أحمد رحمه الله روى هذا الحديث مرة أخرى عن شيخه يعقوب بن إبراهيم بن سعد من كتابه مسند إلى قوله (وجدنا في أنفسنا قوة) ثم ذكر يعقوب بقيته مرسلة بدون ذكر الصحابي وجاء في رواته (أخو بني سالم بن عوف) بدل قوله في آخره حديث الباب (أخو بني مالك بن عوف) والله أعلم هو المطلب بن أبي وداعة كما سيأتي في الحديث (وقوله كيسا) بفتح الكاف والسكون التحتية أي عاقلا فطنا أي يتشدد ويتعدى في طلب الفدية إنما قال ذلك مجاراة لهم فقط ولكنه عزم على فداء أبيه ولذلك انسل من الليل أي خرج إلى المدينة ليلا مختفيا بوزن منبر وقيل بفتح الميم بالدال المهملة المضمومة ثم خاء معجمة ساكنة ثم شين معجمة مضمومة ثم نون، ويقال بالميم بدل النون ويقال الدخيشن والدخيشم بالميم مصغرا فيهما شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

-99 - قصة رعية السحيمي الذي رقع دلوه بكتاب النبي صلى الله عله وسلم ----- (باب قصة رعية السحيمي وأسر ولده وأخذ ماله والمن عليه بعد إسلامه برد ولده إليه) حدثنا محمد بن بكي ثنا إسرائيل ثنا إسحاق عن الشعبي (عن رعية السحيمي) رضي الله عنه قال كتب إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في أديم أحمر فأخذ كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقع به دلوه، فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فلم يدعوا له رائحة ولا سارحة ولا أهلا ولا مالا إلا أخذوه، وانفلت عريانا على فرس له ليس عليه قشرة حتى ينتهي إلى ابنته وهي متزوجة في بني هلال وقد أسلمت وأسلم أهلها وكان مجلس القوم بفناء بيتها فدار حتى دخل عليها من وراء البيت قال فلما رأته ألقت عليه ثوبا، قالت مالك؟ قال كل الشر نزل بأبيك، ما ترك له رائحة ولا سارحة ولا أهل ولا مال إلا وقد أخذ، قالت دعيت إلى الإسلام؟ قال أين بعلك؟ قالت في الإبل، قال فأتاه فقال مالك؟ قال كل الشر نزل به ما تركت له رائحة ولا سارحة ولا أهل ولا مال إلا وقد أخذ، وأنا أريد محمدا أبا دره قبل أن يقسم أهلي ومالي، قال فخذ راحلتي برحلها قال لا حاجة لي فيها، قال فأخذ قعودا الراعي وزوده إداوة من ماء قال وعليه ثوب إذا غطى به وجهة خرجت أسته وإذا غطى أسته وإذا خرج وجهه وهو يكره أن يعرف حتى انتهى إلى المدينة فعقل راحلته، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان بحذائه حيث يصلي، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الفجر قال يا رسول الله أبسط يديك فلأبايعك، فبسطها فلما أراد أن يضرب عليها قبضها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ففعل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ثلاثا قبضها إليه ويفعله قال من أنت؟ قال رعية السحيمي، قال فتناول رسول الله صلى الله عليه وسلم عضده ثم رفعه ثم قال يا معشر المسلمين هذا رعية السحيمي الذي كتبت إليه فأخذ كتابي فرقع به دلوه، فأخذ يتضرع إليه،، قلت يا رسول الله أهلي

_ وهو الذي أرسله النبي صلى الله عليه وسلم ليحرق مسجد الضرار هو ومعن بن عدي فأحرقاه رضي الله عنهما (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي بلفظه كما هنا، وقال رواه أحمد هكذا باختصار وبعضه مرسل ورجال غير المرسل ثقات (باب) (غريبة) بكسر أوله كإبرة ويقال بضم أوله على وزن رقية بتشديد الياء (والسحيمي) بضم السين وفتح المهملتين الأديم الجلد المدبوغ أي كتب إليه في ذلك الأديم يدعوه إلى الإسلام فلم يحفل به بل أخذ الكتاب فرقع به دلوه يعني من المواشي القشر بكسر القاف اللباس، والمعنى أنه انفلت عريانا ليس عليه لباس بكسر الفاء وهو المتسع أمام الدار ويجمع الفناء على أفنية أي لم يدخل من الباب خجلا أن يراه الناس على تلك الحالة الأست العجز ويراد به حلقه الدبر إنما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك لأنه أغضبه بما فعل بكتابه فأراد صلى الله عليه وسلم أن يظهر للناس ما آل إليه أمره وكيف

-100 - أسر أبي العاص زوج زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وفديته ----- ومالي قال أما مالك فقد قسم، وأما أهلك فقد قدرت عليه منهم، فخرج فإذا ابنه قد عرف الراحلة وهو قائم عندها، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هذا ابني، فقال يا بلال اخرج معه فسله أبوك هذا؟ فإن قال نعم فادفعه إليه، فخرج بلال إليه فقال أبوك هذا؟ قال نعم، فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما رأيت أحدا استعبر إلى صاحبه فقال ذاك جفاء الأعراب (ومن طريق ثان) عن أبي عمرو الشيباني بنحوه مختصرا في آخره قال سفيان يرون أنه أسلم قبل أن يغار عليه (باب فداء أبي العاص زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم) (عن عائشة زوج النبي) صلى الله عليه وسلم قالت لما بعث أهل مكة في فداء أسراهم، بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في فداء أبي العاص بن الربيع بمال وبعثت فيه بقلادة لها كانت لخديجة أدخلتها بها على أبي العاص حين بنى عليها، قالت فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم رق لها رقة شديدة وقال إن رأيتم

_ انتقم الله منه أي ما رأيت أحدا منهما بكى عند رؤية صاحبه كما يحصل عادة في مثل هذا الموقف فقال النبي صلى الله عليه وسلم (ذاك جفاء الأعراب) يعني سكان البوادي غلاظ الطباع ليس عندهم رقة أهل الحضر (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا معاوية بن عمر ثنا أبو إسحاق عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي عمرو الشيباني قال جاء رعية السحيمي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أغير على ولدي ومالي فذكر نحو ما تقدم في الحديث السابق هكذا قال سفيان أحد رجال السند فإن صح هذا القول فتكون الإرادة حصلت قبل علمهم بإسلامه والله أعلم (تخريجه) رواه ابن أبي شيبة في مصنفه: قال الحافظ في الإصابة قال ابن السكن روى حديثه يعني حديث رعية السحيمي بإسناد صالح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني يحيى بن عبادة بن عبد العزي بن عبد شمس ابن أمية ختن رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج ابنته زينب رضي الله عنها، قال ابن هشام وكان الذي أسره خراش بكسر أوله ابن الصمة بكسر الصاد وفته الميم المشددتين أحد بني حدرام، قال ابن إسحاق وكان أبوا العاص من رجال مكة المعدودين مالا وأمانة وتجارة، وكانت أمه هالة بنت خويلد أخت خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت خديجة هي التي سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يزوجه بابنتها زينب وكان لا يخالفها، وذلك قبل الوحي، وكان صلى الله عليه وسلم قد زوج ابنته رقية أو أم كلثوم من عتبة بن أبي لهب: فلما جاء الوحي قال أبو لهب اشغلوا محمدا بنفسه: وأمر ابنه عتبة فطلق ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الدخول فتزوجها عثمان بن عفان رضي الله عنه: ومشوا إلى أبي العاص فقالوا فارق صاحبتك ونحن نزوجك بأي امرأة، من قريش شئت، قال لا والله إذا لا أفارق صاحبتي وما أحب أن لي بامرأة من قريش: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يثني عليه في صهره فيما بلغني اهـ قال الحافظ ابن كثير في تاريخه: الحديث بذلك في الثناء عليه في صهره ثابت في الصحيح أي لأنها ذكرته بخديجة أولى أزواجه وأم أولاده التي كان

-101 - من افتدى بتعليم أولاد الأنصار الكتابة ----- أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذي لها فافعلوا، فقالوا نعم يا رسول الله، فأطلقوه وردوه عليها الذي لها (باب في فداء جلين من المسلمين برجل من المشركين ومن افتدى بتعليم أولاد الأنصار الكتابة وكراهة قبول الفدية على تسليم جثث العدو) (عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم فدى رجلين من المسلمين برجل من المشركين من بني عقيل (عن ابن عباس) رضي الله عنهما: قال كان ناس من الأسرى يوم بدر لم يكن لهم غلام يبكي إلى والده، فقال ما شأنك؟ قال ضربني معلمي، قال الخبيث يطلب بذحل بدر، والله لا تأتيه أبدا (وعنه أيضا) قال قتل المسلمون يوم الخندق رجلا من المشركين فأعطوا بحيفة مالا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادفعوا إليهم جيفتهم فإنه خبيث الجيفة خبيث الدية فلم يقبل منهم شيئا (وعنه من طريق ثان) قال أصيب يوم

_ يحبها حبا شديدا ذكر ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترط على أبي العاص أن يخلي سبيل زينب يعني أن تهاجر إلى المدينة فوفى أبو العاص بذلك (قلت) بقيت زينب على ذمة أبلي العاص إلى أن حرم الله المسلمات على المشركين عام الحديبية سنة ست من الهجرة: ثم أسلم بعد ذلك أبو العاص فردها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم بنكاحه الأول، وسيأتي تفصيل ذلك في كتاب السيرة النبوية في أبواب الغزوات إن شاء الله تعالى (تخريجه) أخرجه ابن إسحاق في سيرته وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا اسماعيل أنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين الخ (غريبة) لهذا الرجل قصة ستأتي في باب أن الأسير إذا أسلم لم يزل ملك المسلمين عنه (وعقيل) بضم العين المهملة كذا في المشارق (تخريجه) (مذ. هب) وصححه الترمذي: وأخرجه أيضا مسلم مطولا كما سيأتي في الباب المشار إليه آنفا والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عاصم قال: قال داود ثنا عكرمة عن ابن عباس الخ (غربية) الذحل بفتح الذال المعجمة والحاء المهملة وبجمع على أذحال كسبب وأسباب، ويسكن فيجمع على ذحول كفلس وفلوس، ومناه الحقد، وطلب بذحلح أي بثأره (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده على بن عاصم فيه كلام لكن وثقه الإمام أحمد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا نصر بن باب قال ثنا الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن العباس أنه قال قتل المسلمون الخ (غريبة) قيل هو عمرو بن عبد ود على ما ذكره ابن إسحاق حكاية عن البيهقي، وقيل هو نوفل بن عبد الله المخزومي علة ما ذكره موسى بن عقبة وابن جرير (قلت) يحتمل أن المشركين طلبوا جثة الرجلين أحدهما تلو الآخر لأنهما من صناديدهم والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد وسمهته أنا منه ثنا علي بن مسهر

-102 - قصة فداء أسرى بدر وما نزل من القرآن بسببه ----- الخندق رجل من المشركين وطلبوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن يجنوه فقال لا ولا كرامة لكم، قالوا فإنا نجعل لك على ذلك جعلا قال وذلك أخبث وأخبث (باب في فداء أسرى بدر وما نزل من القرآن لسببه) (عن ابن عباس) حدثني عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لما كان يوم بدر، قال نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة، فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبلة، ثم مد يديه وعليه رداؤه وإزاره، ثم قال اللهم أين ما وعدتني، اللهم أنجز ما وعدتني اللهم إن تهلك هذه العصابة من أهل الإسلام فلا تعبد في الأرض أبدا، قال، قال فما زال يستغيث ربه عز وجل ويدعوه حتى سقط رداؤه، فأتاه أبو بكر رضي الله عنه فأخذ رداءه فرداه ثم التزمه من ورائه، ثم يا نبي الله كفاك مناشدة ربك فإنه سينجز لك ما وعك، وأنزل الله عز وجل (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) فلما كان يومئذ والتقوا فهزم الله عز وجل المشركين فقتل منهم سبعون رجلا، وأسر منهم سبعون رجلا، فاستشار رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعليا وعمر رضي الله عنهم

_ عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال أصيب يوم الخندق الخ أي يدفنوه ويستروه وقد جاء في الحديث (ولى دفن رسول الله صلى الله عليه وسلم وإجنانه على والعباس) أي دفنه وستره، ويقال للقبر الجنن (بالتحريك) ويجمع على أجنانه (نه) (تخريجه) (هق مذ) وفي الطريق الأولى الحجاج بن أرطاة وفي الثانية ابن أبي ليلى اختلف فيهما (باب) (سنده) عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نوح قراد أنبأنا عكرمة بن عمار ثنا سماك الحنفي أبو زميل حدثني ابن عباس حدثني عمر الخ (غريبة) قال في النهاية كل ما زاد على عقد فهو نيف بالتشديد وقد يخفف حتى يبلغ العقد الثاني اهـ يعني ما زاد على العشرة يقال له نيف حتى يبلغ العشرين: وما زاد على العشرين يقال له نيف حتى يبلغ الثلاثين: وهكذا وجاء في رواية لمسلم أنهم كانوا ثلاثمائة وتسعة عشر رجلا يعني قوله تعالى (واد يعدكم الله إحدى الطائفتين) وهي إما العير وإما الجيش، والعير قد ذهبت فكان على ثقة من حصول الأخرى، ولكن سأل تعجيل ذلك من غير أذى يلحق المسلمين (وقوله إن تهلك) قال النووي ضبطوه بفتح التاء وضمها فعلى الفتح. العصابة بالرفع فاعل، وعلى الضم بالنصب مفعول والعصابة الجماعة اهـ أي طلبك من ربك أي تطلبون منه الغوث بالنصر عليهم (وقوله ممدكم) أي مرسل إليكم مددا لكم (مردفين أي متتابعين بعضهم في إثر بعض، وفي سورة آل عمران (بثلاثة آلاف من الملائكة منزلين) ثم قال (بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فورهم هذا يمددكم ربكم بخمسة لآلاف من الملائكة مسومين) أي معلمين من التسويم وهو إظهار سيما الشيء، قال الربيع بن أنس البكري أو الحنفي أمد الله المسلمين بألف يعني أولا وهو الذي في سورة الأنفال، ثم صاروا ثلاثة آلاف، ثم لما صبروا واتقوا صاروا خمسة آلاف كما قال الله تعالى (بلى إن تصبروا وتتقوا ويأتوكم من فوركم هذا يمددكم ربكم بخمسة آلاف الآية

-103 - استشارة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في أسرى بدر ----- فقال أبو بكر يا نبي الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان فإني أرى أن تأخذ منهم الفدية، فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا على الكفار، وعسى الله أن يهديهم فيكونون لنا عضدا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ترى؟ يا بن الخطاب؟ قال قلت والله ما أرى ما رأى أبو بكر: ولكني أرى أن تملكني من فلان قريبا لعمر فاضرب عنقه، وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه، وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه، حتى يعلم الله أن ليست في قلوبنا هوادة للمشركين، هؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم فهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت فخذ منهم الفداء، فلما آن كان من الغد قال عمر رضي الله عنه غدوت إلى النبي صلى الله عليه وسلم إذا هو قاعد وأبو بكر رضي الله عنه وهما يبكيان فقلت يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك؟ فإن وجدت بكاء بكيت وإن لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم الذي عرض على أصحابك من الفداء لقد عرض على عذابكم أدنى من هذه الشجرة لشجرة قريبة وأنزل الله عز وجل (ما كان للنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض - إلى قوله- لولا كتابا من الله سبق لمسكم فيما أخذتم) من الفداء ثم أحل لهم الغنائم، فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا فيما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون وفر أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه وأنزل الله تعالى (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثلها) الآية يأخذكم الفداء (عن علي بن أبي طالب) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر من استطعتم أن تأسروا من بني عبد المطلب فإنهم خرجوا كرها (عن محمد بن جبير

_ لفظ مسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم أبكى للذي عرض على أصحابك من أخذ الفداء أي يبالغ في قتل المشركين وأسرهم قال ابن عباس لولا قضاء من الله سبق في اللوح المحفوظ بأنه يحل لكم الغنائم (لمسكم) أي لنا لكم وأصابكم (فيما أخذتم) من الفداء (عذاب عظيم) لفظ عذاب عظيم ليس موجودا في الحديث وربما حذف للعلم به أي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين قبلوا الفداء في الأسرى يدر هي ما أصيب منهم يوم أحد من قتل سبعين من المسلمين (قد أصبتم مثليها) يعنى يوم بدر فإنهم قتلوا من المشركين سبعين قتيلا وأسروا سبعين أسيرا وبقيت الآية (قلتم أنى هذا) أي من أين جرى علينا هذا القتل والهزيمة ونحن مسلمون ورسول الله فينا (قل هو من عند أنفسكم) أي باختياركم أخذ الفداء (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا إسرائيل عن حارثة بن مضرب عن علي الخ (غريبة) لم يذكر جواب الشرط وتقديره فأسروا أو فافعلوا يعني الأسر ولا تقتلواهم فإنهم خرجوا لقتالنا مكرهين لا تختارين (تخريجه)

-104 - لا يجوز قتل الأسير إلا إذا احتلم أو أنبت ----- ابن مطعم) عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو كان المطعم بن عدي حيا فكلمني في هؤلاء النتنين أطلقتهم يعني أسارى بدر (باب النهي عن قتل الأسير ما لم يحتلم أو ينبت، وعن قتل أسير غيره، وعن التفريق بين الوالدة وولدها وعن وطئ الحبالى من الأسرى: وعن قتل الأسير صبرا) (عن عطية القرظي) رضي الله عنه قال عرضنا على النبي صلى الله عليه وسلم يوم قريضة فكان من أنت قتل ولم ينبت خلي سبيله، فكن ممن لم ينبت فخلى سبيلي (عن كثير ابن السائب) قال حدثني ابنا قريظة أنهم عرضوا على النبي صلى الله عليه وسلم زمن قريظة فمن كان منهم محتلما أو نبتت عانته قتل ومن لا ترك (عن سمرة بن جندب) رضي الله عنه تبارك وتعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتعاطى أحدكم أسير أخيه فيقتله

_ لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن محمد بن جبير الخ (غريبة) جمع نتن بفتح فكسر والمراد بهم أسارى بدر وصفهم بالنتن لما هم عليه من الشرك كما وصفهم الله عز وجل بالنجس (وقوله أطلقتم) أي لتركتكم له كما صرح بذلك في رواية البخاري، ومعناه لتركتكم له بغير فداء، وإنما قال ذلك صلى الله عليه وسلم لأن المطعم ابن عدي كان له يد عند النبي صلى الله عليه وسلم وهو أنه صلى الله عليه وسلم دخل في جواره لما رجع من الطائف فأراد أنم يكافئه بها، وقد ذكر ابن إسحاق القصة في ذلك مبسوطة وكذلك الفاكهي بإسناد حسن مرسل، وفيه أن المطعم أمر أولاده الأربعة فلبسوا السلاح وقام كل واحد منهم عند ركن من الكعبة فبلغ ذلك قريشا فقالوا له أنت الرجل لا تخفر ذمتك، وقيل أن اليد كانت له أنه كان من أشد من سعي في نقض الصحيفة التي كتبتها في قطيعة بني هاشم ومن معهم من المسلمين حين حصروهم في الشعب (تخريجه) (خ د. وغيرهم) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير قال سمعت عطية القرظي يقول عرضنا الخ (غريبة) أراد شعر العانة فجعله علامة للبلوغ وليس ذلك حدا عند أكثر أهل العلم إلا في أهل الشرك لأنهم لا يوقفوا على بلوغهم من جهة السن ولا يمكن الرجوع إلى قولهم للتهمة في دفع القتل وأداء الجزية، وقال الإمام أحمد الإنبات حد معتبر تقام به الحدود على من أنبت من المسلمين، ويحكى مثله عن الإمام مالك رحمهما الله (تخريجه) (فع حب بز مي ك مذ) وقال الترمذي حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد ابن سلمة عن أبي حفص الخطمي عن محمد بن كعب القرظي عن كثير بن السائب الخ (غريبة) أحدهما عطية القرظي راوي الحديث الأول والثاني لم أقف على اسمه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده أبو حفص الخطمي ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أن بقية ابن الوليد عن إسحاق ابن ثعلبة عن مكحول عن سمرة بن جندب الخ (غريبة) نما نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك لأنه افتيات على حق الغير، ولأنه ربما كان في إبقائه مصلحة

-105 - النهي عن التفريق بين المرأة وولدها من السبيي ----- (عن أبي عبد الرحمن الحبلى) قال كنا في البحر وعلينا عبد الرحمن بن قيس الفرازي ومعنا أبو أيوب الأنصاري فمر بصاحب المقاسم وقد أقام السبى فإذا امرأة تبكي، فقال ما شان هذه؟ قالوا فرقوا بينها وبين ولدها قال فاخذ بيد ولدها حتى وضعه في يدها، فانطلق صاحب المقاسم إلى عبد الله ابن قيس فاخبره فأرسل إلى أبي أيوب فقال ما حملك على ما صنعت؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من فرق بين والدة وولدها فرق الله بين وبين الأحبة يوم القيامة (عن عبد الله) (يعني ابن مسعود) رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالسبي فيعطي أهل البيت جميعا كراهية أن يفرق بينهم (عن رويفع بن ثابت) الأنصاري رضي الله عنه قال قام فينا (يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم) يوم حنين فقال لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماؤه زرع غيره (وفي لفظ ولد غيره) يعني إتيان الحبالى من السبايا، وإن يصيب امرأة ثيبا حتى يستبرئها يعني إذا اشتراها وأن يبيع مغنما حتى يقسم الحديث

_ لصاحبه، ولأن القتل وعدمه من خلق الإمام (تخريجه) رواه سعيد بن منصور في سننه وفي إسناده بقية بن الوليد تكلم فيه بعضهم، وإسحاق بن ثعلبة، قال أبو حاتم مجهول، وقال ابن عدي روى عن مكحول عن سمرة أحاديث مسندة لا يرويها غيره، وأحاديث كلها غير محفوظة، قال الحافظ له عند أحمد منها حديثان ولم يسمع مكحول من سمرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا عبد الله بن لهيعة ثنا حيى بن عبد الله المعفاري عن أبي عبد الرحمن الحبلى الخ (قلت) الحبلى بضم الحاء المهملة والباء الموجدة ويجوز فتحها عند سيبوويه (غريبة) الظاهر إن ذلك كان في إحدى غزوات بلاد الرم زمن معاوية، لأنهم غزوها في زمنه غير مرة، وتوفي أبو أيوب الأنصاري في إحداها بعد ذلك ودفن بالقسطنطينية وعلى قبره مزار معناه أن أبا أيوب رضي الله عنه مر بمن وكل إليه قسمة المغانم (وقد أقام السبي) أي قسمه وقومه يعني في القسمة بمعنى أنها صارت لغير من صار إليه ابنها أي بما يزيل الملك بنحو هبة أو بيع نحو ذلك هذا يفيد حرمة التفريق بين الوالدة وولدها مطلقا: وللعلماء كلام في ذلك ذكرته في الشرح الكبير (تخريجه) (مذ ك مى) وقال الترمذي حسن غريب (قلت) وفي إسناده حيى بن عبد الله تكلم فيه بعضهم، وصحح حديثه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن جابر عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله الخ (غريبة) أي يضعهم في بيت واحد، هذا فيمن كان بينهم قرابة بحيث يصعب عليهم الفراق (تخريجه) (جه) وفي إسناده جابر الجعفي ضعيف هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من أبواب قسم الغنائم والفيء (غريبة) هو كناية عن وطئ الحامل، والمراد بالماء هنا المنى: وبالزرع ولد الغير كما في اللفظ الآخر يقال للإنسان ثيب إذا تزوج، ويستوي في الثيب الذكر والأنثى (وقوله حتى يستبرئها)

-106 - النهي عن وطئ الأمة حتى تستبرأ بحيضه وعن وطء الحبالى** السبايا حتى يضعن ----- (وعنه أيضا) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إن توطأ الأمة حتى تحيض وعن الحبالى حتى يضعن ما في بطونهن (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من وطئ حبلى (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى امرأة مجحا على باب فساط أو طرف فسطاط فقال صلى الله عليه وسلم هل صاحبها يلم بها؟ قالوا نعم، قال لقد هممت أن ألعنه لعنة تدخل معه قبره، كيف يورثه وهو لا يحل له وكيف يستخدمه وهو

_ يعني بحيضة إذا لم تكن حاملا كما يستفاد ذلك من الحديث التالي، فإن كانت حاملا فلا يطؤها حتى تضع ومفهومه أن البكر لا تستبرأ، وهو كذلك عند جمهور العلماء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق أنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن حنش الصناعي عن رويفع بن ثابت، قال ثنا يحيى بن إسحاق أنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن حنش الصناعي عن رويفع بن ثابت، قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) معناه أنه لا يطأ أمة ثيبا سباها أو اشتراها حتى يستبرئها بحيضة، فإن كانت حاملا فلا يطؤها حتى تضع، فإن وطئها وهي حامل حرم الله بالإجماع (تخريجه) أخرجه هو والذي قبله (د مذ مى طب هق) وحسنه الترمذي: وأخرجه أيضا ابن حبان وصححه والبزار وحسنه وفيه اختلاف في الألفاظ عند بعضهم والمعنى واحد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أب ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا منه ثنا أبو خالد الأحمر عن حجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس الخ (غريبة) أي ليس من أهل سنتنا أو طريقتنا الإسلامية (وقوله من وطئ حبلى) وهو عام في كل حبلى من الغير سواء أكانت من السبايا أم من الحرائر، وليس المراد هنا النهي عن وطئ حليلته الحبلى كما قد يتوهم، فأنها خرجت من هذا العموم بأدلة أخرى (تخريجه) (طب) وحسنه الحافظ السيوطي، وقال الهيثمي فيه الحجاج بن أرطاة مدلس وبقية رجاله الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن شعبة بن يزيد بن خمير عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن أبي الدرداء الخ (غريبة) المجح بميم مضمومة ثم جيم مكسورة ثم حاء مهملة، هي الحامل التي قربت ولادتها بضم الفاء وكسرها وسكون السين المهملة وفيه لغات، وهو نحو بيت الشعر بفتح العين المهلة كالخيمة ونحوها أي يطؤها وهي حامل؟ وكانت من السبايا معناه قد تضع حملها لستة أشهر حيث يحتمل يكون الولد له ويتوارثان، وعلى تقدير كونه من غير السابي لا يتوارثان هو ولا السابي لعدم القرابة، بل له استخدامه لأنه مملوكه، فتقدير الحديث أنه قد يستلحقه ويجعله ابنا له ويورثه مع أنه لا يحل توريثه لكونه ليس منه ولا يحل توارثه ومزاحمته لباقي الورثة، وقد يستخدمه استخدام العبيد ويجعله عبدا يتملكه، مع أنه لا يحل له ذلك لكونه منه إذا وضعته لمدة محتملة كونه من كل واحد منهما، فيجب عليه الامتناع من وطئها خوفا من هذا المحظور، فهذا هو الظاهر في معنى الحديث قاله النووي (تخريجه) (م د مى)

-107 - النهي عن قتل صبرا وعن قتل الأسير إذا أسلم ----- لا يحل له (عن عبيد بن تعلى) قال غزونا مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأتى بأربعة إعلاج من العدو فأمر بهم فقتلوا صبرا بالنيل فبلغ ذلك أبا أيوب رضي الله عنه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتل الصبر (باب الأسير يدعى الإسلام قبل الأسر وله شاهد وفضل من يسلم من الأسرى) (عن أبي عبيدة) عن عبد الله (يعني ابن مسعود) رضي الله عنه قال لما كان يوم بدر (يعني وجئ بالأسارى) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينفلتن منهم أحد إلا بفداء أو ضربة عنق. قال عبد الله فقلت يا رسول الله إلا سهيل بن بيضاء فإني قد سمعته يذكر الإسلام، قال فسكت قال فما رأيتني في يوم أخوف أن تقع على حجارة من السماء في ذلك اليوم حتى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سهيل بن بيضاء (عن أبي هريرة)

_ وأخرجه أيضا أبو داود الطيالسي في مسنده جاء في الأصل عن أبي يعلى وهو تصحيف وصوابه عن عبيد بن تعلى بكسر التاء المثناة وسكون العين المهملة بعدها لام مكسورة وهو عبيد بن تعلى الطائي الفلسطيني، وقد وقع التصحيف كثيرا في هذا الاسم: انظر خلاصة تذهيب الكمال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير عن عبيد بن تعلى الخ (غريبة الظاهر أن هذه الغزوة كانت إلى بلاد الروم أعني القسطنطينية وكانت سنة أربع وأربعين وكان عبد الرحمن بن خالد أميرا على الجيش: ثبت ذلك في كتب المغازى الشهيرة جمع علج بكسر العين المهملة وسكون، اللام وهو الرجل القوي الضخم والرجل من كفار العجم جمعه اعلاج وعلوج القتل صبرا هو أن يمسك من ذوات الروح شيئ حيا ثم يرمى بشيء حتى يموت، وكل من أن النبي (ص قتل بعض الأسرى بالسيف كأسارى بني قريظة وبعض أسارى بدر كعقبة بن أبي معيط والنضر بن أنس وغير ذلك، زاد أبو داود فبلغ ذلك عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأعتق أربع رقاب (تخريجه) وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة الخ (غريبة) أي قال عبد الله بن مسعود فما رأيتني في يوم أخوف الخ، وإنما خاف ابن مسعود من سكوته صلى الله عليه وسلم لأنه ظن أن سكوته كان من أجل غضبه عليه لكونه تكلم فيما لا يعنيه: ولذلك لم يطمئن إلا بعد موافقة النبي صلى الله عليه وسلم على رأيه ليس هذا آخر الحديث وهو مختصر من حديث طويل سيأتي بتمامه في تفسير سورة الأنفال من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى: وإنما ذكرت هذا الجزء منه لمناسبة الترجمة (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه اهـ يعني أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود راوي الحديث (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد عن محمد بن زياد وعفان ثنا حماد أنا محمد ابن زياد قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه يقول سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)

-108 - معنى قوله صلى الله عليه وسلم عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل ----- رضي الله عنه قال سمعت أبا القاسم (ص يقول عجب ربنا من قوم يقادون إلى الجنة في السلاسل (عن أبي أمامة) رضي الله عنه قال استضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فقيل له يا رسول الله ما أضحكك؟ قال قوم يساقون إلى الجنة مقرنين في السلاسل (عن العباس بن سهل) بن سعد الساعدي عن أبيه رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم بالخندق فأخذ الكرزين فحفر به فصادف حجزا فضحك، قيل ما يضحك يا رسول الله؟ قال ضحكت من ناس يؤتى بهم من قبل المشرق في النكول يساقون إلى الجنة (باب أن الأسير إذا أسلم لم يزل ملك المسلمين عنه وجواز استرقاق العرب)

_ التعجب المعروف عند البشر معناه استعظام الشيء لمعظم موقعه وخفاء سببه وذلك مستحيل على الله عز وجل فإذا أطلق عليه جل شأنه فالمراد أنه رضي منهم ذلك واستحسن فعلهم وعظم شأنهم ظاهره أنهم يجرون إليها كرها وهم مقيدون بالسلاسل، وليس كذلك، قال القاضي عياض معناه أن الله عز وجل عظم شأن قوم يؤخذون عنوة في السلاسل فيدخلون في الإسلام قهرا فيصيرون من أهل الجنة، وقيل أراد بالسلاسل ما يرادون به من به قتل الأنفس وسبي الأزواج والأولاد وخراب الديار وجميع ما يلحقهم إلى الدخول في الدين الذي هو سبب دخول الجنة فأقيم السبب مقام المسبب (تخريجه) (خ د) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا الأعمش عن حسين الخراساني عن أبي غالب عن أبي أمامة الخ (غريبة) بضم المثناة وسكون المعجمة وكسر المهملة أي أضحكه شيء لا نعلمه عبر هنا بقوله يساقون وفي حديث أبي هريرة بلفظ يقادون والقود غير السوق، قال الخليل القود أن يكون الرجل أمام الدابة آخذ بقيادها، والسوق أن يكون خلفها اهـ (قلت) وعلى هذا يلزم التنافي بين العبارتين، ويجمع بينهما باحتمال الأمرين معا أو بعضهم يقادون وبعضهم يساقون والله أعلم (تخريجه) أورد الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني واحد إسنادي أحمد رجاله الصحيح اهـ (قلت) هو ماذكرته هنا، والإسناد الآخر فيه شيخ لم يسم ولذلك لم أذكره اكتفاءا بأصح الطريقين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا العباس بن الفضيل يعني ابن سليمان ثنا محمد بن أبي يحيى عن العباس بن سهل (غريبة) أي حينما كانوا يحفرون الخندق حوالي المدينة في غزوة الأحزاب، ويقال لها غزوة الخندق أيضا (وقوله فأخذ الكرزين) بكسر الكاف والزاي بينهما راء ساكنة أي الفأس والجمع كرازين يعني أسارى جمع نكل بكسر النون وسكون الكاف وهو القيد، فمعنى النكول القيود، ويجمع أيضا على أنكال كحمل وأحمال (تخريجه) أورده الهيثم وقال رواه أحمد والطبراني، إلا أنه قال يؤتى بهم إلى الجنة في كبول الحديد، وفي رواية عنده يساقون إلى الجنة وهم كارهون، ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن أبي يحي الأسلمي وهو ثقة (باب)

-109 - قصة أسير بني عقيل ومفاداته برجلين من أسرى المسلمين ----- (عن عمران بن حصين) رضي الله عنه قال كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني عقيل وأصيب معه العضباء فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الوثائق، فقال يا محمد يا محمد، قال ما شأنك فقال بم أخذتني، بم أخذت سابقة الحاج أعظاما لذلك؟ فقال أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف، ثم انصرف عنه فقال يا محمد يا محمد وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رفيقا فأتاه فقال ما شأنك؟ قال إني مسلم، قال لو قلتها وأنت تملك أمرك أفلحت كل الفلاح ثم انصرف عنه فناداه يا محمد يا محمد، فأتاه فقال ما شأنك؟ فقال إني جائع فأطعمني وظمآن فأسقني، قال هذه حاجتك قال ففدى بالرجل (عن عروة بن الزبير) عن عائشة رضي الله عنها قالت لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا بني الملصق وقعت جويرية بنت الحارث في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أولا بن عم له وكاتبه على نفسها وكانت امرأة حلوة ملاحة لات يراها أحد إلا أخذت بنفسه فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه في كتابتها قالت فوالله ما هو إلا أن رأيتها على باب حجرتي فكرهتها

_ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسماعيل عن أيوب عن قلابة عن أبي المهلب عن عمران ابن حصين الخ (غريبة) بضم العين المهملة وفتح القاف بخلاف عقيل الهاشمي فإنه بفتح المهملة وكسر القاف اسم ناقته أي أسرت معه، ثم صارت بعد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني الناقة وكانت من النوق العظيمة التي تسبق قافلة الحجاج (وقوله إعظاما لذلك) الظاهر إنه من كلام الراوي يريد أن الرجل قال بم أخذتني بم أخذت سابقة الحاج إعظاما لهذا الأمر وإكبارا له الجريرة الجناية: قال في النهاية ومعنى ذلك أن ثقيفا لما نقضوا الموادعة التي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليهم بنو عقيل صاروا مثلهم في نقض العهد قال النووي معناه لو قلت كلمة الإسلام لكنت فزت بالإسلام وبالسلامة من الأسر ومن اغتنام مالك، وأما إذا أسلمت بعد الأسر فيسقط الخيار في قتلك ويبقى الخيار بين الاسترقاق والمن والفداء أي من الطعام والشراب حاضرة يؤتى إليك بها الساعة (وقوله ففدى بالرجلين) هكذا في رواية مسلم أيضا، وفي رواية أبي داود ففودي الرجل بعد بالرجلين أي المسلمين اللذين أسرتهما ثقيف، وليس هذا آخر الحديث، وسيأتي بتمامه في باب لا وفاء لنذر في معصية الله من أبواب النذر (تخريجه (م د. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال ثنا أبي عن إسحاق قال حدثنا محمد بن جعفر بن الزبير عن عائشة الخ (غريبة) بكسر اللام ويقال لها غزوة المريسيع بضم الميم وفتح الراء وسكون الياء التحتية وكسر السين المهملة وكانت سنة خمس على الصحيح من الأقوال بضم الميم وفتح الراء وسكون الياء التحتية الجمال وهذا البناء للمبالغة في الملاحة إنما كرهتها عائشة غيرة منها لأنها توقعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

-110 - قصة أسر جويرية بنت الحارث وزواج النبي صلى الله عليه وسلم بها ----- وعرفت أنه سيرى منها ما رأيت، فدخلت عليه فقالت يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له، فكاتبته على نفسي فجئتك على كتابتي قال فهل لك من خير من ذلك؟ قالت ما هو يا رسول الله؟ قال اقضي كتابتك وأتزوجك، قالت نعم يا رسول الله، قال قد فعلت قالت وخرج الخبر إلى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية بنت الحارث، فقال الناس أصاهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا ما بأيديهم، قالت فلقدا أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها (عن أبي رافع) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان مستندا إلى ابن العباس وعنده ابن عمر وسعيد بن زيد رضي الله عنهم فقال اعلموا أني لم أقل في الكلالة شيئا ولم استخلف من بعدي أحدا: وأنه من أدرك وفاتى من سبي العرب فهو حر من مال الله عز وجل الحديث (باب ما يفعله بالجاسوس إذا كان مسلما أو حربيا أو ذميا) (عن علي رضي الله عنه) قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم والزبير والمقداد فقال انطلقوا

_ إذا رآها تزوجها وقد حصل ما توقته روى الواقدي أنه كاتبها على تسع أوراق من الذهب بالضم على أنه خبر لمبتدأ محذوف، أي هم أصهار الخ وبالنصب بتقدير أرسلوا أو أعتقوا أصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم أي اعتقوا ما بأيديهم من السبي إكراما لجويرية لأنها صارت من أمهات المؤمنين بالإضافة أي مائة طائفة كل واحدة منهن أهل بيت من بني المصطلق، وروى أنهم كانوا أكثر من سمعمائة (تخريجه) (د ك هق) وسنده جيد وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنان حماد بن سلمة عن علي رضي الله عنه في ميراثه ولم يقل فيه شيئا أي ما يمتلكه عمر من الرقيق الذين هم من سبي العرب: قال ذلك رضي الله عنه بعد ما طعن وهو على فراش الموت وهذا موضع الدلالة من الحديث حيث قد أثبت رقهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه على بن زيد وحديثه حسن وفيه ضعف (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو قال أخبرني حسين بن محمد بن علي أخبرني عبيد الله بن أبي رافع، وقال مرة أن عبيد الله بن أبي رافع أخبره أنه سمع عليا رضي الله عنه يقول بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) سبب بعثهم ذكره محمد بن إسحاق في السيرة قال حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير وغيره من علما ثنا قال لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى مكة (يعني لغزوة الفتح) كتب حاطب بن أبي بلتعة كتابا إلى قريش يخبرهم بالذي أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر في المسير إليهم ثم أعطاه امرأة زعم محمد بن جعفر أنها من مزينة وزعم

-111 - قصة حاطب بن أبي بلتعة وإرساله كتابا إلى كفار قريش يحذرهم من المسلمين ----- حتى تأتوا روضة خاخ فإن بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها فانطلقنا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فإذا نحن بالظيعة، فقلنا أخرجي الكتاب، قالت ما معي من كتاب، قلنا لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، قال فأخرجت الكتاب من عقاصها فأخذنا الكتاب فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فيه من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حاطب ما هذا؟ قال لا تعجل علي إني كنت أمرء ملصقا في قريش ولم أكن من أنفسها وكان من كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة فأحببت إذ فاتني ذلك النسب فيهم أن أتخذ فيهم يدا يحمون بها قرابتي، وما فعلت ذلك كفرا ولا ارتدادا عن ديني ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قد صدقكم، فقال عمر رضي الله عنه دعني أضرب عنق هذا المنافق فقال إنه قد شهد بدرا: وما يدريك لعل الله قد اطلع على أهل

_ غيره أنها سارة مولاة لبني عبد المطلب وجعل لها جعلا على أن تبلغه لقريش فجعلته في رأسها ثم فتلت عليه قرونها ثم خرجت به، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث علي بن أبي طالب والزبير بن العوام فقال أدركا امرأة قد كتبت معها حاطب كتابا إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له من أمرهم، فخرجنا حتى أدركاها فذكر نحو حديث الباب ذكر ياقوت مائة وثلاثين روضة في بلاد العرب منها روضة خاخ، وهو موضع بين مكة والمدينة وهو بخاءين معجمتين بينهما ألف (وقوله ظعينة) بفتح الظاء المعجمة وكسر العين المهملة: وهي في الأصل المرأة ما دامت في الهودج: ثم جعلت المرأة المسافرة ظعينة سواء سافرت أم أقامت أصله تتعادى أي تجري حذفت إحدى التائية تخفيفا (وفي رواية أخرى للإمام أحمد أيضا) قال فانطلقنا على أفراسنا حتى أدركناها حيث قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسيير على بعير لها: قال وكان كتب إلى أهل مكة بمسير رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا لها أين الكتاب الذي معك؟ قالت ما معي كتاب، فأنخنا بها بعير ها فابتغينا في رحلها فلم نجد فيه شيئا|، فقال صاحباي ما نرى معها كتابا، فقلت لقد علمتما ما كذب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم حلفت والذي أحلف به لئن لم تخرجي الكتاب لأجر دنك فأهوت إلى حجرتها وهي محتجزة بكساء فأخرجت الصحيفة الحديث هو بكسر العين المهملة جمع عقيصة، وهي الشعر المضفور، وهذا ينافي ما في الرواية الأخرى للإمام أمد المتقدمة آنفا بلفظ فأهوت إلى حجرتها فأخرجت الصحيفة، ويقال في الجمع بينهما إن عقيصتها طويلة بحيث تصل إلى حجرتها فربطته في عقيصتها وغرزته بحجرتها والله أعلم (الحجزة) بضم الحاء المهملة موضع شد الإزار أي بالحلف فقد (ولم أكن من أنفسها) بضم الفاء أي لم أكن من نفس قريش وأقربائهم إنما قال ذلك عمر مع تصديق رسول الله صلى الله عليه وسلم لحاطب فيما اعتذر به لما كان عند عمر من القوة في الدين وبغض من ينسب إلى النفاق وظن أن من خالف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما أمر به استحق القتل لكنه لم يجزم بذلك، ولهذا استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قتله وأطلق عليه منافقا لكونه

-112 - جواز قتل جاسوس العدو وإعطاء سلبه لقاتله ----- بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم (وفي لفظ) فقد وجبت لكم الجنة: فاغر ورقت عينا عمر رضي الله عنه وقال الله ورسوله أعلم (عن إياس بن سلمة) بن الأكوع عن أبيه رضي الله عنه قال نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا فجاء عين المشركين ورسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يتصبحون فدعوه إلى طعامهم، فلما فرغ الرجل على راحلته وذهب مسرعا لينذر أصحابه قال فأدركته فأنخت راحلته وضربت عنقه فغنمني رسول الله صلى الله عليه وسلم سلبه (عن حارثة بن مضرب عن فرات بن حيان) أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله وكان عينا لأبي سفيان وحليفا فمر بحلقه الأنصار فقال إني مسلم، قالوا يا رسول الله أنه يزعم أنه مسلم فقال أن منكم رجالا نكلهم إلى إيمانهم منهم فرات بن حيان (باب أن الكافر إذا خرج إلينا مسلما فهو حر) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتق من جاءه من العبيد قبل مواليهم إذا أسلموا، وقد أعتق يوم الطائف رجلين (وعنه من طريق ثان) قال

_ أبطن خلاف ما أظهره وعذر حاطب ما ذكره فإنه صنع ذلك متأولا أن لا ضرر أرشد إلى علة ترك قتله بأنه شهد بدرا الخ (تخريجه) (ق. والثلاثة. وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن يزيد قال ثنا عكرمة بن عمار قال ثنا إياس بن سلمة بن الأكوع الخ (غريبة) كان ذلك في غزوة هوازن وغطفان كما صرح بذلك في حديث له تقدم في باب السلب للقاتل (وقوله فجاء عين المشركين) بإضافة عين إلى المشركين لأنه منهم أي جاسوس، وسمى الجاسوس عينا لأن عمله بعينه أو لشدة اهتمامه بالرؤية واستغراقه فيها كأن جميع بدنه صار عينا الاصطباح هنا أكل الصبوح وهو الغذاء، وفي حديثه السابق المشار إليه ثم جاء يمشي حتى قعد معنا يتغذى قال فنظر في القوم فإذا ظهرهم فيه قلة وأكثرهم مشاة في رواية البخاري فقال النبي صلى الله عليه وسلم اطلبوه واقتلوه (تخريجه) (خ د وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عبد الله ثنا بشر بن السري، قال أبو عبد الرحمن وحدثني أبو خيثمة ثنا بشر بن السري ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن حارثة بن مضرب الخ (غريبة) كان ذلك في غزوة الخندق فلما شعر به النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله فقال إني مسلم: ثم أسلم وحسن إسلامه وهاجر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ولم يزل يغزو معه إلى أن قبض النبي صلى الله عليه وسلم فنزل الكوفة وأقام بها رضي الله عنه يعني بعد أن أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله كما في حديث الباب إنما قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن علم صدق نية الرجل وإخلاصه بطريق الإلهام أو الوحي، وفي ذلك منقبة لفرات بن حيان رضي الله عنه (تخريجه) (د) وسنده عند الإمام أحمد جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس الخ (غريبة) لم يسمعها وقد صرح في الطريق الثانية بأن أحدهما أبو بكرة وسيأتي الكلام عليه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا

-113 - إذا التجأ عبد المحارب إلى المسلمين فهو حر- وإذا أسلم الحربي قبل القدرة عليه أحرز أمواله ----- حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف فخرج إليه عبدان فأعتقهما أحدهما أبو بكرة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتق العبيد إذا خرجوا إليه (وعنه من طريق ثالث) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف من خرج إلينا من العبيد فهو حر، فخرج عبيد من العبيد فيهم أبو بكرة فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (عنه من طريق رابع) قال أعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف من خرج إليه من عبيد المشركين (باب أن الحربي إذا أسلم قبل القدرة عليه أحرز أمواله وحكم الأرضين المغنومة) (عن صخر بن عيلة) رضي الله عنه أن قوما من بني سليم فروا عن أرضهم فأخذتها فأسلموا فخاصموني فيها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فردها عليهم وقال إذا أسلم الرجل فهو أحق بأرضه (عن سليمان بن بريدة) عن أبيه بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم ما أسلموا عليه من أرضهم ورقيقهم وماشيتهم وليس عليهم فيه إلا الصدفة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما قرية

_ عبد القدوس بن بكر بن خنيس ثنا الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ اسمه نفيع بن الحارث وكان مولى الحارث بن كلدة الثقفي فتدلى من حصن الطائف ببكرة فكنى أبا بكرة لذلك، أخرج لذلك الطبراني بسنده لا بأس به من حديث أبي بكرة قاله الحافظ أي إذا خرجوا إليه مسلمين (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا نصر بن باب عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ جاء في صحيح البخاري أن أبا بكرة نزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثالثة ثلاثة وعشرين من الطائف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا حجاج الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال أعتق الخ (تخريجه) (طب ش) وفي جميع طرقة عند الإمام أحمد الحجاج ابن أرطاة وهو ثقة لكنه مدلس، ورجال الطبراني رجال الصحيح (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا أبن بن عبد الله البجلي حدثني عمومتي عن جدهم صخر بن عيلة الخ (عيلة) بفتح المهملة وسكون التحتية، ويقال أن عيلة اسم أمه: واسم أبيه عبد الله ابن ربيعة بن عمرو بن عامر بن أسلم بن أحمس البجلي الأحمسي قاله الحافظ في الإصابة (تخريجه) (د) بمعناه وقال فيه (فقال يا صخر إن القوم إذا أسلموا أحرزو أموالهم ودمائهم) وفي سنده عند الإمام أحمد من لم يسم: وسنده عند أبي داود جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك ثنا موسى بن أعين عن ليث عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة الخ (غريبة) يعني أهل الذمة كما سيأتي تفسير ذلك في رواية البزار والطبراني (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط إلا أنهما قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في أهل الذمة (لهم ما أسلموا عليه) وفيه ليث بن سليم وقد وثق ولكنه مدلس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

-114 - بيان حكم الأرضين المغنومة وتقسيمها ----- أتيتموها فأقمتم فيها فسهمكم فيها، وأيما قرية عصت الله ورسوله فإن خمسها لله ورسوله ثم هي لكم (عن زيد بن أسلم) عن أبيه قال سمعت عمر رضي الله عنه يقول لئن عشت إلى هذا العام المقبل لا يفتح للناس قرية إلا قسمتها بينهم كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر (عن بشير بن يسار) عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أدركهم يذكرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ظهر على خيبر وصارت لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ضعف عن عملها فدفعوها إلى اليهود ويقومون عليها وينفقون عليها على أن لهم نصف ما خرج منها: فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ستة وثلاثين سهما، جمع كل سهم مائة سهم، فجعل نصف ذلك كله للمسلمين وكان في ذلك النصف سهام المسلمين وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معها، وجعل النصف الآخر لمن ينزل عليه من الوفود والأمور ونوئب الناس (عن سفيان بن وهب) الخولاني قال لما افتتحنا مصر بغير عهد قام الزبير بن العوام رضي الله عنه فقال يا عمرو بن العاص أقسمها

_ فذكر أحاديث، منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما قرية الخ (غريبة) معناه إذا أتيتم قرية من قرى الكفار فدخلتموها بغير حرب بل صالحتم أهلها على مال (فسهمكم فبها) يعني ما أخذتم منهم يكون فيئا مصرفه جميع المسلمين (وأيما قرية عصت الله ورسوله) فحاربتموها وأخذتم من أهلها مالا (فإن خمسة لله ورسوله) ويقسم الباقي بينكم قسمة الغنيمة، وهذا معنى قوله ثم هي لكم (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو قال ثنا هشام يعني ابن سعد عن زيد بن أسلم الخ (غريبة) سيأتي بيان قسمة خيبر في الحديث التالي وهو قوله فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ستة وثلاثين سهما الخ (تخريجه) (خ. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل قال حدثنا يحيى بن سعيد عن بشيرا بن يسار الخ (بشير) بضم أوله وفتح المعجمة (غريبة) أي غلب أهل خيبر وقهرهم ونصره الله عليهم يستفاد من هذا أن نصف خيبر فتح عنوة، والنصف الآخر فتح صلحا، فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الخمس، وجعل خراح النصف الآخر الذي فتح صلحا وقفا على مصالح المسلمين الخاصة والعامة، ويؤيد ذلك ما تقدم في حديث أبي هريرة، ويردون البلاد: واحدهم وافد، وكذلك الذين يقصدون الأمراء لزيارة واسترفاء وانتجاع وغير ذلك (نه) (والنوائب) جمع نائبة وهي ما ينوب الإنسان أي ينزل به من المهمات والحوادث (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عتاب ثنا عبد الله قال أخبرنا عبد الله بن عقبة وهو عبد الله بن لهيعة بن عقبة حدثني يزيد بن أبي حبيب عمن سمع عبد الله بن المغيرة بن أبي بردة يقول سمعت سفيان بن وهب الخولاني يقول لما افتتحنا مصر الخ

-115 - تحريم الدم بالأمان وإنه لا يقتل مؤمن بكافر ----- فقال عمرو لا أقسمها فقال الزبير والله لتقسمنها كما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر، قال عمرو والله لا أقسمها حتى أكتب إلى أمير المؤمنين، فكتب إلى عمر رضي الله عنه، فكتب إليه عمر أن أقرها حتى يغزو منها حبل الحبلة (أبواب الأمان والصلح والمهادنة) (باب تحريم الدم بالأمان وصحته من الواحد ذكرا كان أم أنثى) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم فتح مكة من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبي سفيان فهو آمن (عن علي رضي الله عنه) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم هم يد على من سواهم ألا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذمة المسلمين واحدة يسعى

_ (غريبه) الزبير كان يرى أنها فتحت عنوة فتقسم، وعمرو كان يرى أنها فتحت صلحا فلا تقسم وأن ذلك خاص بأمير المؤمنين وكتب إليه في ذلك حبل الحبلة بفتح الموحدة فيهما، والحبلة جمع حابل ككتبة وكاتب، وهي المرأة الحبلى، والمراد حتى يغزو ولد الجنين الذي في بطن أمه، أي ولد الولد (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم، وفيه أيضا ابن لهيعة فيه كلام (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الله بن رباح عن أبي هريرة الخ (غريبة) إنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك إظهارا لشرف أبي سفيان بعد إسلامه: زاد مسلم (ومن ألقى السلاح فهو آمن) (تخريجه) (م. د وغيرهما) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في الفصل الثاني من مناقب عللا رضي الله عنه في أبواب منقبه من كتاب الخلافة والإمارة إن شاء الله تعالى (غريبة) أب تتساوى في القصاض والديات، والكفؤ النظير والمساوي، ومنه الكفاءة في النكاح، والمراد أنه لا فرق بين الشريف والوضيع في الدم بخلاف ما كان عليه أهل الجاهلية من المفاضلة وعدم المساواة الذمة معناها العهد والأمان والضمان والحرمة والحق، وسمى المعاهد ذميا لدخوله في عهد المسلمين وأمانهم، والمعنى إذا أعطى المسلم أمانا أو عهدا للكافر المحارب جاز ذلك على جميع المسلمين: وظاهره سواء أكان المعطي (بكسر الطاء المهملة) رجلا أو امرأة حرا أو عبدا لإطلاق لفظ المؤمن، وفي رواية (المسلمون) بدل (المؤمنون) وقد أجاز عمر أمان عبد على جميع الجيش، وأجارت أم هاني، رجلين من أهل مكة فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم قد أجرنا من أجرت وسيأتي أي هم مجتمعون على أعدائهم لا يسعهم التخاذل بل يعاون بعضهم بعضا هو الرجل المحارب الذي أعطاه المسلمون عهدا بالأمان لا يجوز قتله في مدة الأمان إلا إذا نقض العهد (تخريجه) (ق د نس مذ ك) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معوية قال ثنا زائدة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال من تولى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا، والمدينة حرام فمن

-116 - صحة الأمان من الواحد سواء كان ذكرا أو أنثى ----- بها أدناهم، فمن أخفر مسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا (لا يزيد بن عبد الله) بن الشخير أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب لبني زهير بن أقيس بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم لبني زهير بن أقيش إنكم آمنون بأمان الله وأمان رسوله الحديث (عن أبي أمامه) رضي الله عنه قال أجار رجل من المسلمين رجلا وعلى الجيش أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، فقال خالد بن الوليد وعمرو بن العاص رضي الله عنهما لا تجره وقال أبو عبيدة يجيره، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يجير على المسلمين أحدهم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجير على أمتي أدناهم (عن أبي مرة) مولى فأخته أم هاني بنت أبي طالب رضي الله عنها قالت لما كان يوم فتح مكة أجرت رجلين من إحمائي فأدخلتهما بيتا وأغلقت عليهما بابا فجاء أين أمي علي بن أبي طالب فتفلت عليهما بالسيف، قالت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فلم أجده ووجدت فاطمة، فكانت

_ أحدث بها أو آوى محدثا فعلية لعنه الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا، وذمة المسلمين واحدة الخ (غريبة) العدل الفدية وقيل الفريضة (والصرف) التوبة وقيل النافلة (تخريجه) (م. وغيره) هذا مختصر من حديث طويل تقدم سنده وشرحه في باب ما جاء في الصفى الذي كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم رقم 242 صحيفة 78 (غريبة) لفظ أبي داود أنكم إن شهدتم أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله وأقمتم الصلاة الخ (تخريجه) (د نس) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن عمر ثنا إسرائيل عن الحجاج بن أرطاة عن الوليد بن أبي مالك عن القاسم عن أبي أمامه الحديث (تخريجه) (ش) وفي إسناده الحجاج بن أرطاة فيه كلام، ويؤيده حديث أبي هريرة الآتي بعده، وروى نحوه الإمام أحمد أيضا عن أبي أمامه من مسنده (أي مسند أبي أمامه) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يجير على المسلمين بعضهم ورواه الطبراني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الخزاعي قال ثنا سليمان بن بدال عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (د ك عل) ولفظ أبي يعلى يجير على المسلمين أدناه وسنده جيد وصححه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا وكيع قال ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي مرة الخ (غريبة) لم تصرح هنا باسم أحد منهما، وفي البخاري قال أبو العباس بن سريج هما جعدة بن هبيرة ورجل آخر من بني مخزوم، وكانا فيمن قاتل خالد بن الوليد ولم يقبلا الأمان فأجارتهما أم هانئ وكانا من أحمائها (أي أقارب زوجها) إنما نسبته إلى أمها مع أنه شقيقها تأكيدا لحرمة القرابة والمشاركة في البطن كما قال هارون لموسى (يا بن آدم لا تأخذ بلحيتي) أي تعرض لهما بالسيف ولم يقبل جواري لهما

-117 - الوفاء بالعهد والتشديد في الغدر ----- أشد من زوجها، قالت فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وعليه أثر الغبار فأخبرته فقال يا أم هانئ قد أجرنا من أجرت وأمنا من أمنت (باب الوفاء بالعهد وعدم الغدر بمن عنده أمان) (عن حذيفة بن اليمان) رضي الله عنه قال ما منعني أن أشهد بدرا إلا أني خرجت أنا وأبى حسيل فأخذنا كفار قريش فقالوا إنكم تريدون محمدا؟ قلنا ما نريد إلا المدينة فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصر فن إلى المدينة ولا نقاتل معه فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر فقال انصرفنا ففي بعهدهم ونستعين الله عليهم (عن سليم ابن عامر) قال كان معاوية رضي الله عنه يسير بأرض الروم وكان بينهم وبينه أمد فأراد أن يدنو منهم فإذا انقضى الأمد غزاهم، فإذا شيخ على دابة يقول الله أكبر الله أكبر وفاء لا غدر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان بينه وبين قوم عهد فلا يحلن عقدة ولا يشدها حتى ينقضى أمدها أو ينبذ إليهم على سواء، فبلغ ذلك معاوية فرجع، وإذا الشيخ عمرو بن عبسة رضي الله تبارك وتعالى عنه

_ أي غبار السفر (تخريجه) (ق والأربعة) وله طرق كثيرة والألفاظ مختلفة (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا من عبد الله بن أبي شيبة ثنا أبو أسامة عن الوليد بن جميع ثنا أبو الطفيل ثنا حذيفة بن اليمان الخ (غريبة) حسيل بحاء مضمومة ثم سين مفتوحة مهملتين ثم ياء تحتية ثم لام، ويقال له أيضا حسل بكسر الحاء وإسكان السين وهو والد حد ضيفة، واليمان لقب لحسيل أفاده النووي إنما قالا ذلك تقية والحقيقة أنهما كان يريدان النبي صلى الله عليه وسلم، وفيه جواز الكذب في الحرب أي ولا نقاتل مع النبي صلى الله عليه وسلم ضد المشركين في غزوة بدر إنما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالانصراف لئلا يشيع عنه وعن أصحابه نقض العهد وإن كان في مثل هذه القضية لا يلزمهم الوفاء لأنه يترتب عليه ترك الجهاد في سبيل الله (تخريجه) (م وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن أبي الفيض عن سليم بن عامر الخ (غريبة) أي عهد إلى وقت مهود (وقوله فأراد أن يدنو منهم) معناه أنه أراد أن يكون قريبا من بلادهم في مدة العهد قبل انقضائه حتى إذا انقض عليهم وغزاهم بدون مشقة ولا كلفة كبيرة أي ليكن منكم وفاء لا غدر يريد أنه لا يجوز السير إليهم قبل انقضاء المدة لأن ذلك يعد غدرا إلا إذا عليم منهم الخيانة فله حينئذ أن يسير أليهم على غفلة منهم استعار عقدة الحبل لما يقع بين المسلمين من المعاهدة ونهي عن حلها أي نقضها وشدها أي تأكيدها بشيء لم يقع التصالح عليه بل الواجب الوفاء بها على الصفقة التي كان وقوعها عليها بلا زيادة ولا نقصان النبذ في أصل اللغة الطرح أي أطرح عهدهم (ومعنى على سواء) أي أعلمهم أنك قد فسخت العهد بينك وبينهم حتى تكون أنت وهم في العلم بنقض العهد سواء (تخريجه) (د نس مذ حب) وقال الترمذي

-118 - لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له ----- (عن عمرو بن الحارث) أن بكير بن عبد الله حدثه عن الحسن بن علي بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع قال بعثتني قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال فلما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقع في قلبي الإسلام فقلت يا رسول الله لا أرجع إليهم، قال إني لا أخيس بالعهد ولا أحبس البرد، ارجع إليهم فإن كان في قلبك الذي فيه الآن فارجع، قال بكير وأخبرني الحسن أنم أبا رافع كان قبطيا (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال، ما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له (عن أبلي بكرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل نفسا معاهدة بغير حلها حرم الله عليه الجنة أن يجد ريحها

_ هذا حديث حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الجبار بن محمد الخطابي ثنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث الخ (غريبة) الظاهر أن قريشا بعثته برسالة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليأتيهم بجوابها كما يدل على ذلك سياق الحديث بالخاء المعجمة والسين المهملة بينهما مثناة تحتية لا انقض العهد يقال خاس بعهده أو بوعده إذا أخلفه، قال الطيبي المراد بالعهد هنا العادة الجارية المتعارفة بين الناس من أن الرسل لا يتعرض لهم بمكروه (وقوله ولا احبس) بالحاء المهملة بعدها موحدة (والبرد) بضم الموحدة والراء جمع بريد وهو الرسول، وإنما لم يحبسه صلى الله عليه وسلم لاقتضاء الرسالة جوابا على وفق مدعاهم بلسان من استأمنوه إنما أمره صلى الله عليه وسلم بالرجوع لأنه كما حمل تبليغ الجواب لزمه القيام بكلا الأمرين فيصير برفض بعض ما لزمه موسوما بسمة الغدر، وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم أبعد الناس عن قبول ذلك يعني الإسلام فارجع، وزاد أبو داود بعد قوله فارجع (قال فذهبت ثم أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأسلمت) (تخريجه) (د نس) وصححه ابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا أبو هلال ثنا قتادة عن أنس بن مالك الخ (غريبة) جملة القول في هذا الحديث إن الأمانة والعهد يرجعان إلى طاعة الله عز وجل في أداء حقوقه وحقوق عباده كأنه لا إيمان ولا دين لمن لا يفي بعهد ميثاقه ولا يؤدي أمانته بعد حملها، وهي التكاليف من أمر ونهي والله أعلم (تخريجه) (حب) قال البيهقي سنده قوي، وأخرجه أيضا أبو يعلى والبغوي والبيهقي في الشعب عن أنس أيضا قال قلما خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا قال ذلك، قال العلائى فيه أبو هلال اسمه محمد بن سليم الراسي وثقه الجمهور وتكلم فيه البخاري والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا وكيع ثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن الحكم بن الأعرج عن الأشعث بن ثرملة عن أبي بكرة الخ (غريبة) أي بغير حق شرعي يوجب القتل قبل انتهاء مدة المعاهدة (وقوله حرم الله عليه الجنة) أي ما دام ملطخا بذنبه ذلك فإذا طهر بالنار صار إلى الجنة (تخريجه) (د نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وأخرج نحوه الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص: وسيأتي في باب تحريم قتل المعاهد من كتاب

-119 - لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده ----- (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته وهو مسند ظهره إلى الكعبة لا يقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده (عن ابن عمر) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند حجرة عائشة يقول ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة ولا غدرة أعظم من غدرة إمام عامة (وعن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به (عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لكل غادر لواء ويقال هذه غدرة فلان (باب موادعة المشركين ومصالحتهم بالمال وعيره) (عن عمر ابن الخطاب) رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى من

_ القتل والجنايات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا خليفة بن خياط عن عمرو ابن شعيب الخ (تخريجه) (د مذ جه) وسنده جيد، وأخرج البخاري نحوه من حديث على رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن زيد عن بشر بن حرب سمعت ابن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) الغادر هو تارك الوفاء وناقص العهد ينصب الله له يركز لأجل فضحه وكشف عيبه لواء أي علما قائما بقدر غدره (قال النووي) كانت العرب تنصب الألوية في الأسواق الحفلة لغدرة الغادر لتشهيره بذلك فيه تحريم الغدر مطلقا والتغليظ فيه إذا كان من صاحب الولاية العامة لأن غدرة يتعدى ضرره إلى خلق كثير: قال النووي والمشهوران هذا الحديث وارد في ذم الإمام الغادر (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا المستمر ثنا أبو نضرة عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل غادر لواء يوم القيامة يرفع له بقدر غدرته، إلا ولا غادر أعظم من غدرة أمير عامة (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الوليد ثنا شعبة عن ثابت عن أنس الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) وروى الإمام أحمد ومسلم مثله عن أبي سعيد بزيادة (عند أسته) بعد قوله (يعرف به) والمراد بالأست هنا العجز أو حلقة الدبر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود أنا شعبة عن الأعمش سمع أبا وائل يحدث عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) أي زيادة على فضيحته بنصب اللواء، يقال هذه غدرة فلان باسمه ليعرفه الناس وينتبهوا إليه مبالغة في فضيحته نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) أخرجه أبو داود الطياليسي في مسنده وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج حدثني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) الإجلاء الإخراج عن المال والوطن على وجه الإزعاج والكراهة، وإنما أجلاهم عمر رضي الله عنه من أرض الحجاز لما وجد

-120 - إخراج اليهود من جزيرة العرب- وما جاء في الشروط مع الكفار ----- أرض الحجاز وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها، وكانت الأرض حين ظهر عليها لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم والمسلمين فأراد إخراج اليهود منها، فسألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم بها على أن يكفوه عملها ولهم نصف الثمر، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نقركم بها على ذلك ما شئنا فقروا بها حتى أجلاهم عمر إلى تيماء وأريحا (باب فيما يجوز من الشروط مع الكفار ومدة المهادنة وغير ذلك) (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه قال لما صالح رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الحديبية كتب علي رضي الله عنه كتابا بينهم وقال فكتب محمد رسول الله، فقال المشركون لا تكتب محمد رسول الله، ولو كنت رسول الله لم نقاتلك، قال فقال لعلي امحه، فقال ما أنا بالذي أمحاه فمحاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، قال وصالحهم على أن يدخل هو وأصحابه ثلاثة أيام ولا يدخلوها إلا بجلبان السيوف: فسألت ما جلبان السيوف؟ قال القراب بما فيه (وعنه طريق ثان) قال وادع رسول الله

_ منهم من الغدر وسوء النية، فمن غدرهم أنهم ألقوا ابن عمر رضي الله عنهما من فوق بيت ففدعوا يديه، (الفدع) بالتحريك زيغ بين القدم وبين عظم الساق وكذلك في اليد (يعني زيغا في الكف بينها وبين الساعد) أن تزول المفاصل عن أماكنها، ورجل أفدع بين الفدع (نه) في رواية أخرى نقركم ما أقركم بفتح التاء وسكون الياء التحتية ممدودا بلدة صغيرة في أطراف الشام بين الشام ووادي القرى على طريق حاج الشام ودمشق (وأريحا) بالفتح ثم الكسر وياء تحتية ساكنة ثم حاء مهملة مقصورا، هي مدينة الجبار ينفي الغور من أرض الأردن بالشام، بينها وبين بيت المقدس يوم للفارس في جبال صعبة المسلك (تخريجه) (ق وغيرهما) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن الراء بن عازب الخ (غريبة) هكذا في الأصل (ما أنا بالذي أمحاه) ومثله عند مسلم (قال النووي) هكذا هو في جميع النسخ بالذي أمحاه وهي لغة في أمحوه، وهذا الذي فعله علي من باب الأدب المستحب لأنه لم يفهم من النبي صلى الله عليه وسلم تحتيم محو على بنفسه ولهذا لم ينكر عليه، ولو حتم محوه بنفسه لم يجز لعلى تركه ولما أقره النبي صلى الله عليه وسلم على المخالفة يعني مكة من العام المقبل كما صرح بذلك في الطريق الثانية بضم الجيم وسكون اللام (وقوله فسألت ما جلبان السيوف) القائل هو شعبة أحد رجال السند والمسئول أبو إسحاق شيخه، وقد فسر أبو إسحاق الجلبان بالقراب بكسر القاف وهو شبه الجراب يطرح فيه الراكب سيفه بغمده وسوطه، وقد يطرح فيه زاده من تمر وغيره (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل ثنا سفيان عن أبي إسحاق الجلبان بالقراب بكسر القاف وهو شبه الجراب يطرح فيه الراكب سيفه بغمده وسوطه، وقد يطرح فيه زاده من تمر وغيره (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن البراء ابن عازب قال وادع الخ (غريبة) الموادعة معناها المسالمة على ترك الحرب والأذى، يقال توادع الفريقان إذا أعطى كل واحد منهما الآخر عهدا أن لا يغزوه، وحقيقة الموادعة

-221 - ذكر شيء من صلح الحديبية ----- صلى الله عليه وسلم المشركين يوم الحديبية على ثلاث، من أتاهم من عند النبي صلى الله عليه وسلم لن يردوه، ومن أتى إلينا منهم ردوه إليهم، وعلى أن يجيء النبي صلى الله عليه وسلم من العام المقبل وأصحابه فيدخلون مكة معتمرين فلا يقيمون إلا ثلاثا ولا يدخلون إلا بجلبان السلاح السيف والقوس ونحوه (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن قريشا صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم فيهم سهيل بن عمرو فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي أكتب بسم الله الرحمن الرحيم، فقال سهيل أما بسم الله الرحمن الرحيم فلا ندري ما بسم الله الرحمن الرحيم، ولكن أكتب ما نعرفه باسمك اللهم، فقال أكتب من محمد رسول الله، قالوا لو علمنا أنك رسول الله لا تبعناك ولكن أكتب باسمك واسم أبيه، فقال النبي أكتب من محمد بن عبد الله واشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن من جاء منكم لم نرده عليكم/ ومن جاء منا رددتموه علينا، فقال يا رسول الله أنكتب هذا؟ قال نعم إنه من ذهب منا إليكم فأبعده الله (عن ذي مخمر) رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول سيصالحكم الروم صلحا آمنا ثم تغزون أنتم وهم عدوا فتنصرون وتسلمون

_ المتاركة أي أن يدع كل واحد من الفريقين ما هو فيه إنما قبل النبي صلى الله عليه وسلم هذه الشروط التي ظاهرها غبن المسلمين لأن الله عز وجل أطلعه أن فيها مصلحة وإن الله ناصره لا محالة، ولذلك لما عارض عمر كما في حديث المسور ومروان (وسيأتي إن شاء الله تعالى في صلح الحديبية) قال له النبي صلى الله عليه وسلم يا ابن الخطاب إني رسول الله ولن يضيعني الله عز وجل (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد عن ثابت عن أنس بن مالك الخ (غريبة) قال العلماء وافقهم النبي صلى الله عليه وسلم في ترك كتابة بسم الله الرحمن الرحيم وأنه كتب باسمك اللهم، وكذا وافقهم في محمد بن عبد الله وترك كتابة رسول الله، وكذا وافقهم في رد من جاء منهم ألينا دون من ذهب منا إليهم، وإنما وافقهم في هذه الأمور المصلحة الحاصلة بالصلح، علم ذلك صلى الله عليه وسلم بطريق الوحي كما تقدم، وجاء في حديث طويل عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم عن الإمام أحمد أيضا وسيأتي بطوله في صلح الحديبية أن سهيل بن عمرة قال أكتب هذا ما أصطلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو وعلي وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض، على أنه من أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير إذن وليه رده إليهم، ومن أتى قريشا ممن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يرده عليه الخ بين النبي صلى الله عليه وسلم الحكمة في ذلك فقال من ذهب منا إليهم فأبعده الله أي لأنه لا خير فيه، زاد مسلم (ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجا ومخرجا: ثم كان كما قال صلى الله عليه وسلم فجعل الله الذين جاءوا للنبي صلى الله عليه وسلم وردهم إليهم فرجا ومخرجا، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) بوزن منبر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن خالد بن معدان عن ذي مخمر الخ (غريبة) أي ذا أمكن فالصيغة للنسبة، أو جعل آمنا على النسبة المجازية (وقوله ثم تغزون أنتم

-122 - الدليل على أخذ الجزية من المجوس ----- وتغنمون ثم تنصرفون حتى تنزلوا بمرج ذي تلول فيرفع رجل من النصرانية صليبا فيقول غلب الصليب فيغضب رجل من المسلمين فيقوم إليه فيدقه فعند ذلك تغدر الروم ويجتمعون للملحمة وقال روح مرة وتسلمون وتغنمون وتقيمون ثم تنصرفون (باب أخذ الجزية من الكفار) وقوله عز وجل (قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر إلى قوله حتى يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون) (عن بجالة التميمي) قال لم يرد عمر أن يأخذ الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر (عن عبد الرحمن بن عوف) رضي الله عنه قال لما خرج المجوسي من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته فأخبرني أن النبي صلى الله عليه وسلم خيره بين الجزية

_ وهم عدوا: أي عدوا آخرين بالمشاركة والاجتماع بسبب الصلح الذي بينكم وبينهم، أو أنتم تغزون عدوكم وهم يغزون عدوهم بالانفراد والأول أظهر والله أعلم بفتح الميم وسكون الراء آخره جيم الموضع الذي ترعى فيه الدواب (والتلول) بوزن الغلول كل ما اجتمع على الأرض من تراب أو رمل عبر بالصليب عن دين النصارى قصدا لإبطال الصلح أو لمجرد الإ'فتخار وإيقاع المسلمين في الغيظ أي يضربه فيهشمه، قال في القاموس دقه كسره أو ضربه فهشمه فاندلق هو موضع القتال ويطلق على القتال والفتنة أيضا (وقوله وقال روح) بفتح الراء وسكون الواو هو أحد مشايخ الإمام أحمد الذي روى عنه هذا الحديث، يعني أنه أنه قال في مرة أخرى وتقيمون الخ بزيادة تقيمون التي تقيمون التي لم يذكرها في الرواية الأولى والله أعلم (تخريجه) (د جه) وسنده جيد (باب) الجزية من جزأت الشيء إذا قسمته ثم سهلت الهمزة، وقيل من الجزاء أي لأنها جزاء تركهم ببلاد الاسلام أو من الإجزاء لأنها تكفي من توضع عليه في عصمة دمه بقية الآية) ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتو الكتاب حتى يعطوا الجزية عن يد) أي حال كونهم منقادين أو بأيديهم لا يوكلون بها (وهم صاغرون) أي أذلاء منقادون لحكم الاسلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن جرير أخبرني عمرو بن دينار عن بجالة التميمي الخ (غريبة) إنما لم يرد عمر أخذها من المجوس عملا بظاهر الآية لأنها تختص بأهل الكتاب ولم يكن بلغه عن النبي شيء في غيرهم، فلما بلغه من عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر أمر بأخذها من المجوس قال في القاموس هجر محركة بلد باليمين بينه وبين عثر يوم وليلة مذكر مصروف وقد يؤنث ويمنع، واسم لجميع البحرين، وقرية كانت قرب المدينة ينسب إليها التلال، وتنسب إلى هجر اليمين (تخريجه) (خ د مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا المغيرة ثنا سعيد بن عبد العزيز حدثني سليمان بن موسى بن موسى عن عبد الرحمن بن عوف الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده

-123 - تؤخذ الجزية من المجوس كما تؤخذ من أهل الكتاب ----- والقتل فاختار الجزية (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال مرض أبو طالب فأتته قريش وأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده وعنده رأسه مقعد رجل فقام أبو جهل فقعد فيه، فقالوا إن ابن أخيك يقع في آلهتنا، قال ما شأن قومك يشكونك؟ قال يا عم أريدهم على كلمة واحدة تدين لهم بها العرب وتؤدي العجم إليهم الجزية: قال كما هي؟ قال لا إله إلا الله فقاموا فقالوا أجعل الآلهة إلها واحدا، قال ونزل (ص والقرآن ذي الذكر) فقرأ حتى بلغ (أن هذا الشيء عجاب) (عن عروة بن الزبير) أن المسور بن مخرمة أخبره أن عمرو بن عوف وهو حليف بني عامر بن لئي وكان شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا عبيدة ابن الراح إلى البحرين يأتي بجزيتها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين وأمر عليهم العلاء بن الحضرمي، فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين فسمعت الأنصار بقدومه فوافت صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم فقال أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء وجاء بشيء قالوا أجل يا رسول الله قال أبشروا وأملوا ما يسركم، فوالله ما الفقر أخشى عليكم، ولكني أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها كما تنافسوها وتلهيكم

_ الهيثمي وقال رواه أحمد، وسليمان بن موسى لم يدرك عبد الرحمن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن سفيان حدثني سليمان يعني الأعمش عن يحيى بن عمارة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) أي مع محمد رسول الله كما يستفاد من روايات أخرى أي كيف يحملنا محمد على ترك الآلهة المتعددة إلى إله واحد، وكيف يسمع الخلق كلهم أنه واحد، وهذا من فرط جهلهم وتكبرهم وعنادهم جاء في الأصل بعد قوله أن هذا لشيء عجاب) قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) قال أبي وثنا أبو أسامة ثنا الأعمش ثنا عباد فذكر نحوه، وقال أبي قال الأشجعي يحيى بن عباد اهـ يعني بدل قوله في السند يحيى بن عمارة (قال في التقريب) يحيى بن عمارة ويقال ابن عباد اهـ (تخريجه) (نس مذ ك) وصححه الترمذي والحاكم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال ثنا أبي صالح قال ابن شهاب أخبرني عروة ابن الزبير أن المسور بن مخرمة الخ (غريبة) هذا موضع الدلالة من الحديث حيث كان أهل البحرين إذ ذاك مجوسا، وقد استدل به على أن الجزية تؤخذ من المجوس كما تؤخذ من أهل الكتاب أي سألوه بالإشارة قال الأخفش (أجل) في المعنى مثل نعم، لكن نعم يحسن أن تقال جواب الاستفهام، وأجل أحسن من نعم في التصديق من التأميل وهو أمر معناه الإخبار بحصول المقصود، وفيه البشرى من الإمام لأتباعه وتوسيع أملهم منه بحذف الإحدى التاءين تخفيفا وأصله فتتنافسوها من التنافس وهو الرغبة في الشيء والانفراد به

-124 - أخذ الجزية من أهل الكتاب وليس على مسلم جزية ----- كما ألهتهم (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصلح قبلتان في أرض، وليس على مسلم جزية (عن أبي أمية) رجل من بني تغلب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ليس على المسلمين عشور إنما العشور على اليهود والنصارى (أبواب السبق والرمي) (باب مشروعية السبق وآدابه وما يجوز المسابقة عليه بعوض) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا سبق إلا في خف او حافر (عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال سبق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الخيل فأرسل ما ضمر منها من

_ وهو من الشيء النفيس الجيد في نوعه رواية الشيخين (وتهلكهم كما أهلكتهم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس الخ (غريبة) أي لا يستقيم دينان بأرض واحدة على سبيل المعادلة، فعلى المسلم أن لا يقيم بين أظهر الكفار وإن لا يجلب لنفسه الصغار بقبول الجزية لهم، والذي يخالف الإسلام إنما يمكن من الإقامة في بلاد الإسلام بقبول الجزية، فيكون قبلته موضوعة لا مرفوعة معادلة قال أبو داود عقب إخراج هذا الحديث: حدثنا محمد بن كثير قال سئل سفيان عن تفسير هذا (يعني قوله وليس على المسلم جزية) فقال إذا أسلم فلا جزية اهـ (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده موثقون، قال المنذري وأخرجه الترمذي وذكر أنه روى عن أبي ظبيان عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا اهـ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير عن عطاء بن السائب عن حرب بن هلال الثقفي عن أبي أمية الخ (غريبة) هي جمع عشر وهو واحد من عشرة، أي ليس عليهم غير الجزية (تخريجه) قال البخاري في التاريخ؟ اضطرب الرواة فيه (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أبرنا محمد بن عمر عن الحكم مولى الليثين عن أبي هريرة الخ (غريبة) بفتحتين ويروي بسكون الموحدة: قال في النهاية السبق بفتح الباء ما يجعل من المال هنا على المسابقة وبالسكون مصدر سبقت أسبق سبقا، وقال الخطابي الرواية الصحيحة بفتح الباء اهـ أي إلا في ذي خف كالإبل والفيل أو ذي حافر كالخيل والحمير زاد أبو داود (أو نصل) يعني الرمي بالسهام ونحوها والمعنى لا يحل أخذ المال بالمسابقة إلا في هذه الثلاثة وهي الإبل والخيل والسهام، وقد الحق بها الفقهاء ما كان بمعناها (تخريجه) (حب. والأربعة) وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) بضم الضاد المعجمة وكسر الميم المشددة، قال الحافظ السيوطي الإضمار أن تعلف الفرس حتى تسمن وتقوى ثم يقلل علفها بقدر القوت وتدخل بيتا وتغشى بالجلال حتى تحمي وتعرق فإذا جف عرقها خف لحمها

-125 - تضمير الخيل للسباق وما يجوز المسابقة عليه بعوض ----- الحيفاء أو الحفياء إلى ثنية الوداع، وأرسل ما لم يضمر منها من ثنية الوداع إلى مسجد بني زريق، قال عبد الله فكنت فارسا يومئذ فسبقت الناس طفف بي الفرس مسجد بني زريق (وعنه أيضا) قال سبق النبي صلى الله عليه وسلم بين الخيل وأعطى السابق (وعنه من طريق ثان) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبق الخيل وفضل القرح في الغاية (عن أبي لبيد) لمازة بن زبار قال أرسلت الخيل زمن الحجاج فقلنا لو أتينا الرهان قال فأتيناه

_ وقويت على الجري اهـ قيل يفعل ذلك أربعين يوما، والجلال جمع جل وهو الفرس كالثوب للإنسان يلبسه إياه ليقيه البرد أو للشك من الراوي والحيفاء بحاء مهملة وفاء ساكنة، وبالمد والقصر مكان خارج المدينة، قال اللحازمي في المؤتلف ويقال فيها أيضا الحيفاء بتقديم الياء على الفاء والمشهور المعروف في كتب الحديث وغيرها الحيفاء اه وفي صحيح البخاري قال سفيان (يعني الثوري) بين الحفياء إلى ثنية الوداع خمسة أميال أو ستة، ومن ثنية الوداع إلى المسجد بني زريق ميل (والثنية) بفتح المثلثة وكسر النون وتشديد التحتية أعلى الجبل أو الطريق فيه (والوداع) بفتح الواو، والمراد هنا مكان خارج المدينة سمي بذلك لأن الخارج من المدينة يمشي معه المودعون إليه بتقديم الزاي المضمومة على الراء، أخره قاف مصغرا، قبيلة من الأنصار وأضيف إليهم لصلاتهم فيه، فالإضافة تعريف لا ملك بطاء مهملة مفتوحة ثم فاءين أولاهما مشددة، أي وثب إلى المسجد وكان جداره قصيرا، وهذا بعد مجاوزته لغاية وهي المسجد (تخريجه) (ق. والأربعة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قراد أنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال سبق النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بفتح السين المهملة وتشديد الموحدة بعدها قاف أي أمر أو أباح المسابقة أي أعطاه جعلا في نظير سبقه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عتاب أنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ أي جعل شيئا مرهونا يعطيه للسابق كما تقدم في الطريق الأولى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد باسنا دين رجال أحدهما ثقات اهـ (قلت) هو هذا، وأخرجه أيضا ابن أبي عاصم في حديث نافع عن ابن عمر وقوى إسناده الحافظ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عقبة أبو مسعود المجلد ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) بضم القاف وتشديد الراء مفتوحة جمع قارح، وهو الذي دخل في السنة الخامسة من الخيل (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري وصححه ابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا سعيد ابن زيد ثنا الزبير بن خريث ثنا أبو لبيد لمازة بن زبان الخ (لمازة) بكسر اللام وتخفيف الميم وبالزاي (ابن زبار) بفتح الزاي وتثقيل الموحدة وآخره راء الأزدي الجهضمي أبو لبيد البصري صدوق روى عن عمر وعلى وعنه الزبير بن الخريت ويعلى بن حكيم وغيرهما وثقه ابن سعد وابن حبان (غريبة) أي مكان السبق

-126 - جواز أخذ الرهان على السياق المشروع ----- ثم قلنا لو أتينا إلى أنس بن مالك رضي الله عنه فسألناه هل كنتم تراهنون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأتياه فسألناه فقال نعم، لقد راهن على فرس له يقال له سبحة فسبق الناس فهش لذلك وأعجبه (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن العضباء كانت لا تسبق فجاء أعرابي على قعود له فسابقها فسبقها الأعرابي فكأن ذلك اشتد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن حقا على الله عز وجل أن لا يرفع شيئا من هذه الدنيال إلا وضعه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أدخل فرسا بين فرسين وهو لا يأمن أن يسبق فلا بأس به، ومن أدخل فرسا بين فرسين قد أمن أن يسبق فهو قمار (عن ابن عمر) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا جلب

_ جاء في رواية الدارمي أكان رسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يراهن؟ قال نعم: الحديث بفتح المهملة وسكون الموحدة بعدها حاء مهملة، هو من قولهم فرس سباح إذا كان حسن مد اليدين في الجري (وقوله فهش) بهاء ثم شين معجمه أي تبتسم وارتاح لذلكـ، يقال هش الرجل هشاشة إذا تبسم وارتاح من بابي تعب وضرب (تخريجه) (مى قط هق) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد قال أنا ثابت عن أنس الخ (غريبة) هو اسم ناقة كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو علم لها منقول من قولهم ناقة عضباء أي مشقوقة الأذن ولم تكن مشقوقة الأذن، وقيل كانت مشقوقة والأول أكثر، وقال الزمخشري هو منقول من قولهم ناقة عضباء وهي القصيرة اليد بفتح القاف وهو ما استحق الركوب من الإبل: وقال الجوهري هو البكر حتى يركب وأقل ذلك أن يكون ابن سنتين إلى أن يدخل في السادسة يسمى جملا فيه التزهيد في الدنيا للإشارة إلى أن كل شيء منها لا يرتفع إلا اتضع: وفيه حسن خلق النبي صلى الله عليه وسلم وتواضعه: وفيه جواز المسابقة على الإبل كالخيل (تخريجه) (خ نس وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا سفيان بن حسين عن الزهري عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة الخ (غريبة) معناه أن أدخل فرسا بين فرسين يريد المسابقة معهما وكانت هذه المسابقة على رهان أي جعل من صاحبي الفرسين المذكورين ويحتمل أن يكون سابقا أو مسبوقا (فلا بأس به) أي لا بأس بالدخول وأخذ الرهان إن سبق فرسه أي إذا علم أن فرسه سابق غير مسبوق لمزية يعرفها فيه (فهو قمار) أي لا يجوز له أخذ الرهان لأنه قمار (تخريجه) (د جه ك هق) وصححه الحاكم وابن حزم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قراد أبو نوح أنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) الجلب محرك جمع جلبة وهي الأصوات وأجلب عليه صاح به واستحثه والمراد به في سباق الخيل أن يأتي برجل يجلب على فرسه أي

-127 - ما جاء في المسابقة على الأقدام ----- ولا جنب ولا شغار في الإسلام (عن عمران بن حصين) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا جلب ولا جنب ولا شغار (باب ما جاء في المسابقة على الأقدام) (عن عبد الله بن الحارث) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصف عبد الله وعبيد الله من بني العباس ثم يقول من سبق إلى فله كذا وكذا قال فيستبقون إليه فيقعون على ظهره وصدره فيقبلهم (عن عائشة) رضي الله عنها قالت سابقني النبي صلى الله عليه وسلم فسبقه فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم سابقني فسبقني فقال هذه بتلك (عن سلمة بن الأكوع) رضي الله عنه في قصة رجوعهم من غزوة ذي قرد إلى المدينة قال فلما كان بيننا وبينها (يعني المدينة) قريبا من ضحوة وفي القوم رجل من الأنصار كان لا يسبق جعل ينادي هل من مسابق ألا رجل يسابق إلى المدينة؟ فأعاد ذلك مرارا وأنا وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم مردفي، قلت له أما تكرم كريما ولا تهاب شريفا قال لا، ألا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت يا رسول الله بأبي أنت

_ يصيح به ويزجره حثا له على الجري حتى يسبق (ولا جنب) محرك أيضا وهو في السباق أن يجنب فرسا إلى فرسه الضي يسابق عليه فإذا فتر المركوب تحول إليه بشين مكسورة وغين معجمتين هو نكاح معروف في الجاهلية كان الرجل يزوج ابنته على أن يزوجه الآخر ابنته وليس بينهما صداق، وسيأتي الكلام عليه في بابه في كتابه في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى (تخريجه) لم أقف عليه من حديث ابن عمر لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات، يشهد له حديث عمران بن حصين الآتي بعده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي قزعة عن الحسن عن عمران بن حصين الخ (تخريجه) أخرجه الثلاثة وابن حبان وصححه (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث الخ (غريبة) يعني ابني عمه العباس وهما صغيران يريد بذلك ملاطفتهما وتشجيعهما على الجري فيه استحباب ملاطفة الصغير وتقبيله لا سيما إذا كان من الأقارب (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه يزيد بن أبي زياد وفيه لين، وقال أبو داود لا أعلم أحدا ترك حديثه وغيره أحب إلى منه، وروى له مسلم مقرونا والبخاري تعليقا وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبة) كان ذلك في ابتداء أمرها وهي صغيره قبل أن يغشاها اللحم فيه ملاطفة الزوجة وحسن معاشرتها وجواز مسابقتها بقصد المزح والملاعبة وإدخال السرور عليها، وهذا من مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (د نس جه) وصححه الحافظ العراقي هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في باب غزوة ذي قرد من كتاب السيرة النبوية وهو حديث صحيح رواه مسلم وغيره (غريبة) بفتح القاف والراء وبالدال المهملة وهو ماء

-128 - الحث على الرمي بالسهام والتدريب على آلات الحرب ----- وأمي خلتى فلا سابق الرجل؟ قال إن شئت، قلت اذهب إليك، فظفر عن راحلته وثنيت رجلي فطفرت عن الناقة ثم إني ربطت عليها شرفا أو شرفين يعني استبقيت نفسي ثم إني عدت حتى ألحقه فاصك بين كتفيه بيدي قلت سبقتك والله أو كلمة نحوها، قال فضحك وقال أنا أظن حتى قدمنا المدينة (باب الرمي بالسهام وفضله والحث عليه واللعب بالحراب ونحو ذلك) (عن سلمة بن الاكوع) رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم من أسلم وهم يتناضلون في السوق فقال ارموا يا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا، ارموا وأنا مع بني فلان لأحد الفريقين فأمسكوا أيديهم فقال ارموا: قالوا يا رسول الله كيف نرمي وأنت مع بني فلان قال ارموا وأنا معكم كلكم (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال مر النبي صلى الله عليه وسلم ينفر يرمون فقال رميا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا (عن عقبة بن عامر) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ستفتح عليكم أرضون ويكفيكم الله عز وجل

_ على نحو يوم من المدينة مما يلي بلاد غطفان بفتحات إليك اسم فعل أمر بعنى تنح والمعنى إذهب إلى المسابقة وتنح عن راحلته (وقوله فطفر) بفتح الطاء المهملة والفاء أي وثب وقفز حبست نفسي عن الجري الشديد (والشرف) بفتح الشين المعجمة والراء ما ارتفع من الأرض (وقوله استبقيت نفسي) بفتح الفاء أي لئلا ينقطع من شدة الجري حتى هنا للتعليل بمعنى كي والحق منصوب بأن مضمرة بعدها (وقوله فاصك) مضارع بمعنى الماضي أي فصككته بين كتفيه أي أظن ذلك حذف مفعول للعلم به والله سبحانه وتعالى أعلم (تخريجه) (م وغيره) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن زيد بن أبي عبيد قال حدثني سلمة بن الأكوع الخ (غريبة) بالضاد المعجمة أي يترامون والتناضل الترامي للسبق (وقوله في السوق) بضم السين المهملة وهو معروف، وقيل اسم موضع ذكره الطيبي يعني إسماعيل ابن إبراهيم عليهما الصلاة والسلام لأنهم من العرب، فقد روى ابن سعد بسنده عن علي بن رياح قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل العرب من ولد إسماعيل بكسر اللام، ووقع في رواية عروة عروة عند البخاري وأنا مع جماعتكم، والمراد بالمعية معية القصد (تخريجه) (خ قط) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن الأعمش عن زياد بن حصين عن أبي العالية عن ابن عباس الخ (تخريجه) لم أقف عليه الإمام أحمد ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف وسريج قالا ثنا ابن وهب أخبرني عمر بن الحارث عن أبي علي عن عقبة بن عامر الخ (غريبة) هكذا جاء عند الإمام أحمد ومسلم ستفتح عليكم أرضون، ولكن جاء في المشكاة

-129 - القوة لمواجهة العدو هي الاستعداد لآلات الحرب والتدريب عليها ----- فلا يعجز أحدكم أن يلهو بسهمه (وعنه أيضا) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر (وأعدوا لهم ما |استطعتم من قوة) ألا إن القوة الرمي، ألا إن القوة الرمي (عن عبه الله بن الأزرق) عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل يدخل الثلاثة بالسهم الواحد الجنة، صانعة يحتسب في صنعته الخير، والممد به، والرامي به، وقال ارموا واركبوا، وإن ترموا أحب إلى من أن تركبوا وإن كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا رمية الرجل بقوسه، وتأديبه فرسه، وملاعبته امرأته، فإنهن من الحق ومن نسي الرمي بعد ما علمه فقد كفر الذي علمه (زاد في رواية) قال فتوفى عقبة وله بضع

_ بلفظ (ستفتح عليكم الروم) بدل أرضون وعزاه لمسلم، والمعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم يحثهم على الرمي والتدريب عليه لأن أهل ذاك المن كان غالب حربهم بالرمي (وقوله ويكفيكم الله) يعني شرهم وينصركم عليهم بكسر الجيم على المشهور وبفتحها في لغة، والمعنى فلا يعجز أحدكم من الشغل بالسهم بل ينبغي أن يهتموا بشأنه بأن يتعلموا ويتمرنوا على ذلك (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هارون بن معروف وسريج قال ثنا ابن وهب قال سريج عن عمرو بن الحارث عن أبي علي ثمامة بن شفي أنه سمع عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخ (غريبة) كرر هذه الجملة ثلاث مرات للتأكيد والترغيب في تعلمه وإعداد آلاته، قال القرطبي إثما فسر القوة بالرمي وإن كانت القوة تظهر بإعداد غيره من آلات الحرب لكون الرمي أشد نكاية في العدو وأسهل مؤنة (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا هشام عن يحيى بن كثير قال ثنا أبو سلام عن عبد الله الأزرق عن عقبة بن عامر الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي يصنعه بدون أجرة إن كان غنيا عنها فإن كان غنيا عنها: فإن كان فقيرا وصنعه بأجرة يتعفف بها عن سؤال الناس: أو يعول بها قرابته مع صلاح النية فهو ملحق بالمحتسب بضم الميم الأولى وكسر الثانية وتشديد المهملة أي الذي يعطيه للمجاهد ويجهزه به من ماله إمدادا له وتقوية ويؤيد ذلك ما جاء في رواية أخرى للإمام أحمد والبيهقي بلفظ (والذي يجهز به في سبيل الله) بدل قوله هنا والممد به أي أجمعوا بين الرمي والركوب أو تعلموا بالرمي والركوب بتأديب الفرس وتمرين ركوبه، لأن في الرمي نكاية العدو في كل موطن يقوم فيه القتال، بخلاف الخيل فإنها لا تقاتل إلا في المواطن التي يمكن فيها الجولان أي لا خير فيه أي وإن كانت على صورة اللهو فهي طاعات مقربة إلى الله عز وجل مع ما يترتب على ذلك من النفع الديني معناه على صورة اللهو فهي طاعات مقربة إلى الله عز وجل مع ما يترتب على ذلك من النفع الديني معناه أن علم الرمي نعمة أنعم الله بها على عبده، فإذا نسيه بعد ما علمه فقد كفر هذه النعمة أي جحدها، وهو تعليل لجواب الشرط المقدر وتقديره فليس منا كما في رواية، أو فقد عصى لأنها نعمة كفرها، وأصل الكفر تغطية الشيء تغطية تستهلكه

-130 - وجوب اتخاذ مصانع لآلات الحرب كل زمن بما يليق به لقوله تعالى (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) ----- وستون أو بضع وسبعون قوسا مع كل قوس قرن ونبل وأوصى بهن في سبيل الله (عن خالد ابن زيد) قال كان عقبة بن عامر يأتيني فيقول أخرج بنا نرمي فأبطأت عليه ذات يوم أو تثاقلت فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل يدخل بالسهم الواحد ثلاث الجنة، فذكر نحو الحديث المتقدم، وفي آخره ومن علمه الله الرمي فتركه رغبة عنه فنعمة كفرها (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال بيننا الحبشة يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بحرابهم دخل عمر فأهوى إلى الحصباء يحصبهم بها فقال له النبي صلى الله عليه وسلم دعهم يا عمر

_ القرن بالتحريك جعبة من جلود تشقق ويجعل فيها الشاب أي السهام العربية وهي النبل (بفتح النون) (تخريجه) (مي ك. والأربعة) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق ابن عيسى قال ثنا يحي حمزة عن عبد الرحمن بن يزيد أن أبا سلام حدثه قال حدثني خالد بن زيد الخ (غريبة) أي كراهة فيه (وقوله فنعمة كفرها) تقدم الكلام عليه في الحديث السابق (تخريجه) (حب. والأربعة) وفي إسناده عند الإمام أحمد وعند بعضهم أيضا خالد بن زيد فيه مقال وبقية رجاله ثقات، ويعضده ما قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي في المسجد كما صرح بذلك في رواية للبخاري، وإنما جاز ذلك فيه لأنه من منافع الدين أو كان ذلك في ابتداء الأمر الحصباء بالمد صغار الحصى، والمعنى أن عمر رضي الله عنه رماهم بالحصباء لعدم علمه بالحكمة فظنه أنه من اللهو الباطل (تخريجه) (ق. وغيرهما) وفي أحاديث هذا الباب دلالة على مشروعية الرمي بالسهام واللعب بالحراب وفضل ذلك والحث عليه والاعتناء بتعلمه والتدريب عليه وعدم إهماله، وأن من أهمل ذلك أو تعلمه وتركه كان على غير هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعد عاصيا، ومثل الرمي استعمال سائر أنواع السلاح وصنعها، وكذا المسابقة بالخيل كما تقدم في بابه، والمراد بهذا كله التمرن على القتال في سبيل الله والتدريب عليه والاستعداد له ورياضة الأعضاء بذلك، لأن الله عز وجل يقول (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) وقد فسر النبي صلى الله عليه وسلم القوة بالرمي فقال صلى الله عليه وسلم (إلا أن القوة الرمي) قالها ثلاثا للتأكيد وشدة الاعتناء بشأنه، وإن كان المراد بالرمي في زمنه صلى الله عليه وسلم الرمي بالسهام لكن يدخل في معناه ما استحدث الآن: من الرمي بالبنادق والمدافع والقنابل ونحوها وكل ما يحدث من آلات القتال في كل زمان ومكان: لأن الآية تدل على وجوب صنع الآلات الحربية مطلقا في كل زمان: ففي زماننا هذا يكون الاستعداد بصنع المدافع والدبابات والطائرات والسفن الحربية المدرعة والغواصات: وتدل |أيضا على وجوب تعلم العلوم والفنون والصناعات التي يتوقف عليها ذلك: وما أصابنا التأخر والانحطاط إلا بإهمال هذه المهمات ومخالفة بارئ الأرض والسماوات: فلعلنا نتعظ بما يفعله الأجانب من التفنن في صنع آلات الحرب والمسابقة في ذلك فنفيق من سبتنا، ونستيقظ من نومنا، ونعمل بكتابنا وسنة رسولنا

-131 - مدح الخيل وفضل اقتناءها للجهاد في سبيل الله عز وجل ----- (أبواب ما جاء الخيل وفضل اقتناءها للجهاد وما يستحب ويكره منها وغير ذلك) (باب في مدح الخيل وفضل اقتناءها للجهاد في سبيل الله عز وجل) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخيل فقال الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: وهي لرجل أجر، وهي لرجل ستر، وهي رجل وزر، فأما الذي هي له أجر، الذي يتخذها ويحبسها في سبيل الله فما غيبت في بطونها فهو له أجر: وإن استنت منه شرفا أو شرفين كان له في كل خطوة خطاها أجر، ولو عرض له نهر فسقاها منه كان له بكل قطرة غيبته في بطونها أجر، حتى ذكر الأجر في أروائها وأبوابها الحديث (وعنه أيضا) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احتبس فرسا في سبيل الله إيمانا بالله وتصديقا لموعده كان شبعا وريه وبوله وروثه حسنات في ميزانه يوم القيامة (عن أسماء بنت يزيد) رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخيل في نواصيها الخير معقود أبدا إلى يوم القيامة، فمن ربطها عدة في سبيل الله وأنفق عليها احتسابا في سبيل الله فإن شبعها وجوعها وريها وظمأها وأرواثها وأبو لها فلاح في موازينه يوم القيامة، ومن ربطها رياء أو سمعة وفرحا ومرحا فإن شبعها وجوعها وريها وظمأها

_ صلى الله عليه وسلم ونستعد للمستقبل، والله نسأل أن يوفق ولاة أمورنا لما فيه الخير للإسلام والمسلمين آمين (باب) هذا طرف من حديث طويل تقدم بتمامه وسنده وشرحه في باب افتراض الزكاة صحيفة 193 رقم 12 من كتاب الزكاة في الجزء الثامن (غريبة) يعني من العلف والماء معنى استنت أي جرت والشرف بفتح الشين المعجمة والراء هو العالي من الأرض جاء في رواية لمسلم (وكتب له عدد أروائها وأبوا لها حسنات) (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا إبراهيم ثنا ابن مبارك عن طلحة عن أبي سعيد سمعت سعيد المقبري يحدق أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) لفظ الرفس يطلق على الذكر والأنثى من الخيل واحتباسه وقفة للجهاد (وقوله إيمانا بالله) أي ابتغاء مرضاة الله وامتثالا لأمره حيث قال (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل الآية) أي بالموعود به في قوله تعالى (وما تنفقوا بشيء في سبيل الله يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) أي ثواب ذلك لا أن الأرواث بعينها توزن، قال الحافظ وفيه أن المرء يؤجر بنيته كما يؤجر العامل وأنه لا بأس بذكر الشيء المستقذر بلفظه للحاجة لذلك (تخريجه) (خ نس. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا النضر ثنا عبد الحميد حدثني شهر بم حوشب قال حدثني أسماء بنت يزيد الخ (غريب) أي أعدها للجهاد، وأصله من الربط، ومنه الرباط وهو حبس الرجل نفسه في الثغر وإعداده الأهبة لذلك أي عدد جزئيات هذه الأشياء حسنات في موازينه نصب للتعليل أي لأجل الرياء والسمعة وهو إظهار الطاعة ليقال إنه ربطها في سبيل الله وباطنه بخلاف ذلك (وفرحا) أي مما يقال عنه، والمرح مثل الفرح وزنا ومعنى (وقوله فإن شبعها وجوعها الخ) أي عدد جزئيات هذه الأشياء

-132 - قوله صلى الله عليه وسلم الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة ----- وأرواثها وأبوالها خسران في موازينه يوم القيامة (عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة (عن ابن سعيد الخدري) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل معقود في نواصيها الخير والنيل إلى يوم القيامة، وأهلها معانون عليها فامسحوا بنواصيها وادعوا لها بالبركة وقلدوها، ولا تقلدواها بالأوتار، وقال علي ولا تقلدواها الأوتار (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البركة في نواصي الخيل (عن جرير بن عبد الله) رضي الله عنه قال رأيت رسول

_ سيئات في موازينه يوم القيامة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده شهر بن حوشب تكلم فيه، لكن حسنه المنذري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) معناه أن الخير ملازم لها كأنه معقود فيها: والمراد بالناصية الشعر المسترسل من مقدم الفرس: وقد يكنى بالناصية عن جميع ذات الفرس: يقال فلان مبارك الناصية أي ذاته (تخريجه) (ق لك فع نس جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن هشام ثنا شيبان عن خراش عن عطية عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخيل معقود بنواصيها الخير إلى يوم القيامة (تخريجه) (بز) وفيه عطية العوفي ضعيف لكن بعضده يعضده ما قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن إسحاق وعلي بن إسحاق قالا حدثنا ابن المبارك عن عتبة، وقال علي أنبأنا عتبة بن أبي حكيم حدثني حصين بن حرملة عن أبي مصبح عن جابر الخ (غريبة) بتشديد النون مفتوحة وسكون التحتية هو بلوغ المقصود، يقال نال من عدوه من باب قهم نيلا بلغ منه مقصوده ونال مطلوبه أي قلدوها طلب العدو والدفاع عن المسلمين (ولا تقلدوها بالأوتار) يدفع عنها العين والأذى فتكون كالعودة لها، فناداهم وأعلمهم أنها لا تدفع ضررا ولا تصرف حذا، وقال بعضهم إنما نهى عن تقليدها الأوتار لئلا تختنق بها عند شدة الركض يعني ابن إسحاق أحد الراوين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث، قال في روايته ولا تقلدوها الأوتار، بدون باء، وقال غيره بالأوتار بالباء الموحدة (تخريجه) (طس) قال الهيثمي ورواه أحمد أتم منه ورجاله ثقات (قلت) وصححه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال سمعت أبا التياح يزيد بن حميد يحدث أنه سمع أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي النمو والزيادة (في نواصي الخيل) أي تنزل في نواصيها كما جاء مصرحا بذلك في بعض الروايات، وذلك لأنها بها يحصل الجهاد الذي فيه إعلاء كلمة الله وسعادة الدارين، وقد يراد بالبركة هنا ما يكون من نسلها والكسب عليها والمغانم والأجور (تخريجه) (ق نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم

-133 - قوله صلى الله عليه وسلم ارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وإعجازها ----- الله صلى الله عليه وسلم يفتل عرف فرس بإصبعيه وهو يقول الخيل المعقود بنواصيها الخير، الأجر والمغنم إلى يوم القيامة (عن معقل بن يسار) رضي الله عنه قال لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخيل: ثم قال اللهم اغفرا لا، بل النساء (باب في الصفات الممدوحة والمذمومة منها) (عن عيسى بن علي) عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يمن الخيل في شقرها (عن أبي وهب) الجشمي رضي الله عنه وكانت له صحبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها وأعجازها أو قال وأكفاها وقلدوها، ولا تقلدوها الأوتار، وعليكم بكل كميت أغر

_ أنا يونس عن عمرو بن سعيد عن أبي زرعة بن عمرو عن جرير بن عبه الله الخ (غريبة) عرف الدابة بضم العين المهملة هو الشعر النابت في محدب رقبتها أي أعلاها، وهو الفرس والبغل والحمار، ويكون الثواب في الآخرة، والمغنم ما يغنمه المجاهد عن عدوه في الدنيا (تخريجه) (م نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قالا ثنا أبو هلال ثنا قتادة عن رجل هو الحسن أن شاء الله عن معقل بن يسار الخ (غريبة) بفتح العين المعجمة، مصدر غفر من باب ضرب، وغفر أنا والقائل (اللهم غفرا) معقل بن يسار، لأنه لما أخبر أنه لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخيل تذكر أن النساء كانت أحب إليه منها فاستغفر الله من هذا الخطأ وتداركه بقوله لا: بل النساء، يعني كانت أحب إليه من الخيل، وقد جاء معنى ذلك صريحا في حديث أنس عند النسائي بلفظ (لم يكن شيء أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد النساء من الخيل) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ثنا شيبان عن عيسى بن علي الخ (يعني ابن عبد لله بن عباس الهاشمي) الخ (غريبة معناه أن بركة الخيل في شقرها، والشقرة من الألوان حمرة تعلوا بياضا في الإنسان، وحمرة صافية ي الخيل يحمر معها العرف والذنب فإن أسود فهو الكميت (تخريجه) (د مذ) وحسنه الترمذي والحافظ السيوطي وصححه وغيرهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن سعيد ثنا محمد بن مهاجر يعني أخا عمرو بن مهاجر قال حدثني عقيل بن شبيب عن أبي وهب الجشمي وكانت له صحبة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسمو بأسماء الأنبياء: وأحب الأسماء إلى الله عز وجل عبد الله وعبد الرحمن: وأصدقها حارث وهمام وأقبحها حرب ومرة: وارتبطوا الخيل وامسحوا بنواصيها الخ: وهذا الجزء الأول من الحديث تقدم في باب أحب الأسماء إلى الله رقم 24 صحيفة 137 من كتاب العقيقة في الجزء الثالث عشر (غريبة) بالتصغير هو الذي لونه بين السواد والحمرة، وقيل الكميت كالأشقر أحمر الذيل والناصية والعرف، والكميت أسودها: ويقال الكميت أشد الخيل جلودا وأصلها حوافر (والأغر)

-134 - الصفات الممدوحة من الخيل ----- محجل أو أشقر أغر محجل، أو أدهم أغر محجل (وعنه من طريق ثان) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر معناه، قال محمد ولا أدري بالكميت بدأ أو بالأدهم، قال وسألوه لم فضل الأشقر؟ قال لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث سرية فكان أول من جاء بالفتح صاحب الأشقر (عن أبي قتادة) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: خير الخيل الأدهم الأقرح الأرثم محجل الثلاث مطلق اليمين، فإن لم يكن أدهم فكميت على هذه الشية (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره الشكال من الخيل (باب في استحباب تكثير نسلها وفضل ذلك والنهي عن اختصاصها وكراهة إنزاء الحمر عليها) (عن أبي عامر الهوزني) عن أبي كبشة الأنماري (بفتح الهمزة) أنه أتاه، فقال

_ هو ما كان له غرة في جبهته بيضاء فوق الدرهم (وقوله محجل) بتقديم المهملة على الجيم وهو الذي في قوائمه بياض (وقوله أو أدهم) يعني السواد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا محمد بن المهاجر ثنا عقيل بن شبيب عن أبي وهب الجشمي (في الأصل عن أبي وهب الكلاعي وهو اختصار وصوابه الجشمي كما في الطريق الأولى وأيده الحافظ) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ هذا اختصار من الأصل (وقوله قال محمد) يعني ابن المهاجر راوي الحديث عن عقيل بن شبيب يشك هل ذكر عقيل الكميت أولا أو الأدهم المسئول عقيل بن شبيب، والقائل وسألوه محمد بن المهاجر، والسائل مبهم، وقد صرح في رواية أبي داود بأن السائل محمد بن مهاجر (تخريجه) (د نس) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة قال حسن في حديثه ثنا يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح عن أبي قتادة الخ (غريبة) تقدم أنه شديد السواد (والأقرح) هو الذي في جبهته قرحة، وهي بياض يسير في وسطها (والأرثم) هو الذي في شفته العليا بياض من التحجيل بتقديم المهملة على الجيم: قال في النهاية هو الذي يرتفع البياض في قوائمه إلى موضع القيد ويجاوز الأرساغ ولا يجاوز الركبتين لأنها موضع الاحجال وهي الخلاخيل والقيود، ولا يكون التحجيل باليد واليدين ما لم يكن معهما رجل أو رجلان أي غير محجلها أي على هذه الصفة وهذا اللون من الخيل (تخريجه) (جه مذ) وقال هذا حديث حسن غريب صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال حدثني سلم بن عبد الرحمن عن أبي زرعة عن أبي هريرة الخ (غريبة) هو أن يكون الفرس في رجله اليمنى بياض وفي يده اليسرى أو يده اليمنى ورجله اليسرى كما صرح بذلك في رواية لمسلم وأبي داود، قال القاضي عياض قال العلماء وكره لأنه على صورة المشكول وقيل يحتمل أن يكون قد جرب ذلك الجنس فلم تكن فيه نجابة (تخريجه) (م. د) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن عبد ربه قال ثنا محمد بن حرب قال ثنا الزبيدي

-135 - استحباب تكثير نسل الخيل والنهي عن اختصائها وكراهة انزاء الحمر عليها ----- أطرقني من فرسك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أطرق فعقب له الفرس كان له كأجر سبعين حمل عليها في سبيل الله (عن علي) رضي الله عنه قال، أهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بغل أو بغلة، فقلت ما هذا؟ قال بغل أو بغلة، قلت ومن أي شيء هو؟ قال يحمل الحمار على الفرس فيخرج منهما هذا، قلت أفلا نحمل فلانا على فلانة؟ قال لا، إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون (عن دحية الكلبي) رضي الله عنه قال: قلت يا رسول الله، ألا أحمل لك حمارا على فرس فينتج لك بغلا فتركبها؟ قال إنما يفعل ذلك الذين لا يعلمون (عن علي) رضي الله عنه قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننزي حمارا على فرس (عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن إخصاء الخيل

_ عن راشد بن سعد عن أبي عامر الهموزني الخ (قلت) الهوزني بفتح الهاء والزاي بينهما وأو ساكنة (غريبة) إطراق الفحل إعارته للضرائب، واستعارته لذلك، فمعنى أطرقني من فرسك أي أعرني فرسك للضرائب، ومن زائدة أو للإشارة إلى أن المطلوب بعض الرفس وهو ماءه والله أعلم معناه من أعار فرسه مسلما للضرائب فعقب له الفرس أي نتج له هذا الضراب فرسا كما صرح في ذلك في رواية الطبراني كان له الخ: وإنما كان له هذا الأجر لأن الفرس الناتج سيعقب أفراسا كثيرة وهو السبب في ذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن عثمان بن أبي زرعة عن سالم بن أبي الجعد عن علي ابن علقمة عن علي بن أبي طالب الخ (غريبة) أي أفلا نحمل الحمار المسمى بكذا على الفرس المسماة بكذا وكان يسمون الدواب أي الذين لا يعلمون ما هو الأولى والأنسب بالحكمة لأن في ذلك تعطيل منافع الخيل وهي أفضل من البغال: إذ عليها يجاهد العدو وبها تحرر الغنائم ولحمها يؤكل وليس كذلك البغال (تخريجه) (د نس) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا عمر من آل حذيفة عن الشعبي عن دحية الكلبي الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الأوسط إلا أنه قال عن الشعبي أنم دحية (مرسل) وهو عند أحمد عن الشعبي عن دحية ورجال أحمد رجال أحمد رجال الصحيح خلا عمر بن حسيل من آل حذيفة ووثقة ابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عثمان الثقفي عن سالم بن أبي الجعد عن علي الخ (غريبة) أي نحمله عليها للنسل: يقال نزوت على الشيء النزو نزوا إذا وثبت عليه وقد يكون في الأجسام والمعاني (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع حدثنا عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر الخ (غريبة) يقال خصيت الفحل أخصيه خصاءا بالكسر والمد إذا سللت خصيبة تثنية

-136 - فضل إكرام الخيل والإنفاق عليها وتضميرها ----- والبهائم، وقال ابن عمر فيها نماء الخلق (باب فيما جاء في إكرامها وعلفها وتضميرها وكراهة جزما طال من شعرها) (عن شر حبيل بن مسلم الخولاني) أن روح بن زنباع زار تميما الدراري رضي الله عنه فوجده ينقى شعيرا لفرسه قال وحوله أهله، فقال له روح أما كان في هؤلاء من يكفيك؟ قال تميم بلى، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من امرئ ينقى لفرسه شعيرا ثم يعلفه عليه إلا كتب الله له بكل حبة حسنة (عن أبي الدرداء) عن سهيل بن الحنظلية رضي الله عنهما قال: قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المنفق على الخيل في سبيل الله كباسط يديه بالصدقة لا يقبضها (عن ابن عمر) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يضمر الخيل (عن عتبة بن عبد السلمى) رضي الله عنه، قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جزأ عراف الخيل ونتف أذ 1 نابها، وجز نواصيها، وقال أما أذنابها فإنها مذابها، وأما أعرافها فإنها

_ خصية وهي البيضة والرجل خصي والجمع خصيان أي في وجودها على الفطرة زيادة النسل وهو مطلوب، وفي الاخصاء تقليلة وهو مذموم (تخريجهع) لم أقف عليه لغير الامام أحمد، وفيه عبد الله بن نافع وهو ضعيف (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال ثنا إسماعيل بن عياش قال حدثني شر حبيل بن مسلم الخولاني الخ (تخريجه) أخرجه البيهقي في شعب الإيمان، وفي إسناده إسماعيل بن عياش وشر حبيل بن مسلم فيهما خلاف، بعضهم وثقهما ضعفهما، ورواه أيضا ابن ماجة من طريق آخر عن تميم أيضا، وفي إسناده محمد بن عقبة عن أبيه عن جده وهم مجهولون والجد لم يسم والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمر وأبو عامر قال ثنا هشام بن سعد قال ثنا قيس بن بشير التغلبي قال أخبرني أبي وكان جليسا لأبي الدرداء عن أبي الدرداء فذكر أحاديث منها هذا لا الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام أنا ابن أبي ليلى عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) أراد بالإضمار هنا التضمير وهو أن يعلف الفرس حتى يسمن، ثم يقلل علفه ويدخله بيتا كنا ويجلل ليعرق ويجف عرقه فيخف لحمه فيقوى على الجري، وقد تقدم نحو هذا في الباب الأول من أبواب السبق (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد وصححه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن الحارث حدثني ثور بن يزيد عن رجل من بني سليم عن عتبة ابن عبد السلمى الخ (غريبة) أي عن قطع أعراف الخيل، والأعراف جمع عرف بضم العين المهملة وسكون الراء وهو الشعر النابت فوق عنق الفرس جمع ذنب بفتحتين أي إزالة شعر ذنبها (والنواصي) جمع ناصية وهو الشعر المسترسل من مقدم الرأس أي الذي تحمي وتدفع به عن

-137 - بيان أن الخيل تقتني لثلاثة أمور ----- إدفاؤها، وأما نواصيها فإن الخير معقود فيها (زاد في رواية) ونواصيها معقود بها الخير إلى يوم القيامة (باب قوله صلى الله عليه وسلم الخيل ثلاثة) (عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الخيل ثلاثة، ففرس للرحمن، وفرس للإنسان، وفرس للشيطان، فأما فرس الرحمن فالذي يربط في سبيل الله فعلفه وروثه وبوله وذكر ما شاء الله، وأما فرس الشيطان فالذي يقامر أو يراهن عليه، وأما فرس الإنسان فالفرس يرتبطها الإنسان يلتمس بطنها فهي تستر من فقر (عن أبي عمرو الشيباني) عن رجل من الأنصار عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: الخيل ثلاثة فرس يربطه الرجل في سبيل الله عز وجل فثمنه أجر وركوبه أجر وعاريته أجر وعلفه أجر، وفرس يغالق عليه الرجل ويراهن: فثمنه وزر وعلفه وزر، وفرس البطنة فعسى أن يكون سدادا من الفقر إن شاء الله تعالى (باب ما جاء في دعاء الخيل) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج وهاشم قلا ثنا ليث حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي شماسه أن معاوية بن حديج مر على أبي ذر رضي الله عنه وهو قائم على فرس له، فسأله ما تعالج من

_ نفسها الذباب ونحوه جمع دفئ بكسر المهملة وسكون الفاء بعدها همزة، والمعنى أن وجود أعرافها سبب في إدفاءها ودفع البرد عنها (تخريجه) (د) وفي إسناده رجل لم يسم، وفي الرواية الثانية إنقطاع ورواه كذلك أبو داود (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحجاج أنبأنا شريك عن الركين بن الربيع عن القاسم بن حسان عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) يعني يكون مقدار روثه وبوله حسنات في ميزانه يوم القيامة كما تقدم في حديث أبي هريرة في الباب الأول وتقدم شرحه هناك أي على الرسوم أهل الجاهلية وطرائقهم وذلك أن يتواضعا بينهما جعلا يستحقه السابق منهما، كذا ذكره الزمخشري أي يطلب ما في بطنها يعني النتاج (وقوله فهي تستر من فقر) أي تحول بينه وبين الفقر بانتفاعه بثمن نتاجها كما يحول الستر بين الشيء وبين الناظرين (تخريجه) لم أقف عليع لغي الامام أحمد وأورده المنذري، وقال رواه أحمد بإسناد حسن (قلت) ووثق الحافظ الهيثمي رواته والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو قال ثنا زائدة قال ثنا الركين بن الربيع بن عميلة عن أبي عمرو الشيباني الخ (غريبة) الظاهر أن هذا الرجل عن عبد الله بن مسعود راوي الحديث السابق لتوافق الحديثين في السياق سندا ومتنا والله أعلم أي يراهن عليه والمغالق جمع مغلق بوزن منبر وهي سهام الميسر (وقوله ويراهن) عطف تفسير كأنه كره الرهان في الخيل إذا كان على رسم الجاهلية (نه) أي التي تتخذ لما ينتج من بطنها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده المنذري والهيثمي، وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (باب) (غريبة) أوله حاء مهملة مضمومة مصغرا

-138 - دعاء الخيل وما تقوله بلسان الحال وما جاء في الإبل ----- فرسك هذا؟ فقال إني أظن أن هذا الفرس قد استجيب له دعوته، قال وما دعاء البهيمة من البهائم؟ قال والذي نفسي بيده، ما من فرس إلا يدعو كل سحر فيقول اللهم أنت خولتني عبدا من عبادك وجعلت رزقي بيده فاجعلني أحب إليه من أهله وماله وولده، قال أبي ووافقه عمرو بن الحارث عن أبي شماسه (ومن طريق ثان) قال حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن سعيد عن عبد الحميد بن جعفر حدثني يزيد بن أبي حبيب عن سويد بن قيس عن معاوية بن حديج عن أبي ذر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس من فرس عربي إلا يؤذن له مع كل فجر يدعو بدعوتين يقول، اللهم خولتني من خولتني من بني آدم فاجعلني من أحب أهله وماله إليه أو أحب أهله وماله إليه، قال أبو عبد الرحمن قال أبي خالفه عمرو بن الحارث، فقال عن يزيد عن عبد الرحمن بن شماسة وقال الليث عن أبي شماسة أيضا (باب ما جاء في الإبل) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نعم الإبل الثلاثون يحمل على نجيبها وتعار أداتها وتمنح

_ من التخويل بمعنى التمليك القائل قال أبي هو عبد الله بن الامام أحمد رحمهما الله تعالى يريد أن عمرو ابن الحارث وافق يزيد بن أبي حبيب في قوله عن أبي شماسة، وأبو شماسة غير معروف، والمعروف عبد الرحمن ابن شماسة كما سيأتي في آخر الطريق الثانية أو للشك من الراوي يشك هل قال من أحب الخ؟ أو قال أحب بدون من كنية عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله تعالى (وقوله خلفه عمرو بن الحارث) يعني أن عمرو بن الحارث خالف ابن جعفر، فقال في روايته عن يزيد عن عبد الرحمن بن شماسة، وقال الليث في روايته (يعني الطريق الأولى) عن أبي شماسة، هذا معنى كلامه (تخريجه) لم أقف على سياق الطريق الأولى لغير الإمام أحمد وهي موقوفة على أبي ذر، وأخرج الطريق الثانية النسائي مرفوعة كل رواها الإمام أحمد سندا ومتنا عدا ما حكاه عبد الله بن الإمام أحمد عن أبيه في آخر الحديث من الخلاف وسنده جيد، ومع هذا فرواية عمرو بن الحارث التي أشار إليها الإمام أحمد لم تذكر في المسند ولا عند النسائي والله أعلم (باب) (سنده) حدثنا عبيد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن محمد بن شريك قال ثنا عظاء عن أبي هريرة الخ (غريبة) الظاهر أن هذا العدد لا مفهوم له وإنما خصه النبي صلى الله عليه وسلم بالمدح لتوفر الخصال الآتية فيه، فإن من ملك هذا العدد من الإبل لا يبخل بمنح بعضها ولا بإعارة فحلها ودلوها كما في رواية، ولا يجعل شيء منها للحمل عليه في سبيل الله كما صرح بذلك في رواية أخرى عند الإمام أحمد ومسلم، وهذا مما يدل على فضل الإبل واقتنائها (وقوله وتعار أداتها) أي أداة شربها كالدلو ونحوه (وفي رواية لمسلم والإمام أحمد أيضا) (وإعارة دلوها)

كتاب العتق

-139 - فضل الإبل والنهي عن تقليدها الأوتار ----- غزيرتها وحلبها يوم وردها في أعطانها (عن أبي بشير الأنصاري) رضي الله عنه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارة فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم رسولا لا يبقين في رقبة بعير قلادة من وتر ولا قلادة إلا قطعت، قال إسماعيل قال وأحسبه قال والناس في صيامهم (كتاب العتق) (باب فضل العتق والحث عليه) (عن أبي نجيح السلمي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيما رجل مسلم أعتق رجلا فإن الله عز وجل جاعل وفاء كل عظم من عظامه عظما من عظام محرره من النار، وأيما امرأة مسلمة أعتقت امرأة مسلمة فإن مسلمة فإن الله عز وجل جاعل وفاء كل عظم من عظامها عظما محررها من النار (وعنه من طريق ثان قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

_ وإعارة فحلها) وتقدمت في باب وجوب الزكاة في الجزء الثامن أي تعار ذات اللبن منها الرجل فقير ينتفع بلبنها ووبرها زمانا ثم يردها (وقوله وحلبها) بفتح الحاء المهملة والام يقال حلبت الناقة والشاة احلبها بفتح اللام (وقوله يوم وردها) يعني يوم ورودها على الماء للشرب، ففيه رفق بالماشية وبالمساكين الذين يحضرون إلى موضع الحلب ليواسوا (وقوله في إعطانها) جمع عطن كسبب وأسباب والعطن للإبل المناخ والمبرك ولا يكون إلا حول الماء (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ والسياق لغير الإمام أحمد: ومعناه عند الشيخين وغيرهما وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح إسماعيل عن مالك عن عبد الله بن أبي بكر عن عباد بن تميم أن أبا بشير الأنصاري أخبره أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بضم أوله وفتح القاف مبنى للمجهول، والقلادة ما يوضع حول العنق (وقوله من وتر) أي من وتر القوس ونحوه (وقوله ولا قلادة) الخ هو من عطف العام على الخاص وبهذا جزم المهلب إسماعيل هو أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث (وقوله أحسبه) أي أظنه، قيل إنما نهاهم لأنهم كانوا يعتقدون أن تقليدها بالأوتار يدفع عنها العين فأعلمهم أنها لا تدفع ضررا ولا تصرف قدرا، وقيل إنما أمرهم بقطعها لأنهم كانوا يعقلون فيها الأجراس والله أعلم (تخريجه) (ق د نس) (باب) اسمه عمرو بن عبسة وهذه كنيته (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح قال هشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي نجيح السلمي قال حاصرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم حصن الطائف فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من بلغ بسهم فله درجة في الجنة، قال فبلغت يومئذ ستة عشر سهما، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل فهو عدل محرر، ومن شاب شيبة في سبيل الله كانت له نورا يوم القيامة، وأيما رجل مسلم أعتق رجلا مسلما الخ (غريبة) معناه لأن الله عز وجل ضمن لمن أعتق رقيقا مسلما أن يخلص ويعتق بكل عظم من عظام الرقيق ما يقابله من عظام معتقة من النار، ومثل ذلك يقال في المرأة التي اعتقلت امرأة مسلمة (سنده) حدثنا

-140 - فضل العتق وقوله صلى الله عليه وسلم من أعتق مسلمة كانت فكاكه من النار ----- من أعتق رقبة مسلمة كانت فكاكه من النار عضوا بعضو (عن سعيد بن مرجانة) أنه قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق رقبة مؤمنة أعتق رقبة مؤمنة أتعق الله بكل إرب منها إربا منه النار، حتى أنه ليعتق باليد اليد وبالرجل الرجل وبالفرج الفرج، قال فقال على بن الحسين أنت سمعت هذا من أبي هريرة؟ قال سعيد نعم، قال علي بن الحسين لغلام له أفره (أي أنشط) غلمانه أدع لي مطرفا، فلما قام بين يديه قال اذهب فأنت حر لوجه الله تعالى (عن الغريف الديلمي) قال أتينا واثلة بن الأسقع الليثي رضي الله عنه فقلنا حدثنا بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتينا النبي صلى الله عليه وسلم في صاحب لنا قد أوجب فقال أعتقوا عنه يعتق الله عز وجل بكل عضو عضوا منه من النار (وعنه من طريق ثان) بنحوه وفيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فليعتق رقبة يفد الله بكل عضو منها عضوا منه النار (عن حكيم بن

_ عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع ثنا جرير عن سليم يعني ابن عامر أن شر حبيل بن السمط قال لعمرو ابن عبسة حدثنا حديثا ليس فيه ترديد ولا نسيان، قال عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ بفتح الفاء وكسرها لغة أي كانت خلاصة من النار ليس هذا آخر الحديث (وبقيته) ومن شاب سيبة ولد إسماعيل (تخريجه) (د نس) وسنده جيد، وللإمام أحمد مثل الطريق الثانية عن عقبة بن عامر الجهني، ورواه أيضا أبو يعلى والطبراني ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن إبراهيم قال ثنا عبد الله يعني ابن سعيد بن أبي هند عن إسماعيل بن أبي حكيم مولى آل الزبير عن سعيد بن مرجانة الخ (غريبة) سعيد هو ابن عبد الله (ومرجانة) بفتح الميم أمه طالب رضي الله عنهم (وقوله ادع لي مطرفا) بضم أوله وفتح ثانية وتشديد الراء مكسورة يعني العبد الذي أعطاه به عبد الله بن جعفر عشرة آلاف درهم فلم يبعده إياه بل أعتقه عندما سمع الحديث من سعيد بن مرجانة (تخريجه) (ق نس مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن إسحاق قال ثنا حمزة بن ربيعة عن إبراهيم بن أبي عيلة عن الغريف الديلمي الخ (الغريف بغين معجمة مفتوحة وآخره فاء هو ابن عياش بتحتانية ومعجمه) (غريبة) معناه فعل فعلا استحق به النار، ويقال هذا اللفظ أيضا لمن فعل فعلا استحق به الجنة أتي من العتق بفتح التاء (عضوا منه) أي من المعتق بكسر التاء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عارم بن الفضل قال ثنا عبد الله بن المبارك عن إبراهيم بن أبي عيلة عن الغريف بن عياش عن وائل بن الأسقع قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم نفر من بني سليم فقالوا أن صاحبا لنا قد أوجب قال فليعتق رقبة الخ (تخريجه) (د نس ك) وقال صحيح على شرط الشيخين (قلت) وأقره الذهبي، وللإمام أحمد أيضا عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أعتق

-141 - أفضل رقبة يعتقها الرجل أعزها لديه وأغلاها ثمنها ----- حزام) رضي الله عنه قال أعتقت في الجاهلية أربعين محررا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسلمت على ما سبق لك من خير (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال إيمان بالله تعالى وجهاد في سبيل، قلت يا رسول الله فأي الرقاب أفضل؟ قال أنفسها عند أهلها وأغلاها ثمنا، قلت فإن لم أجد؟ قال تعين صانعا أو تصنع لأخرق، وقال فإن لم أستطع، قال كف أذاك عن الناس فإنها صدقة تصدق بها عن نفسك (عن سعيد مولى أبي بكر) رضي الله عنهما وكان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه خدمته، فقال يا أبا بكر أعتق سعدا، فقال يا رسول الله ما لنا ما هن غيره، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتتك الرجال، قال أبو داود يعني السبي

_ رقبة أعتق الله بكل عضو منها عضوا منه من النار ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرئ على سفيان سمعت هشاما عن أبيه عن حكيم بن حزام الخ (غريبة) المحرر الذي جعل من العبيد حرا فاعتق، يقال حر العبد يحر حرارا قال القاضي عياض معناه ببركة ما سبق لك من خير هداك الله تعالى إلى الإسلام، وأن من ظهر منه خير في أول أمره فهو دليل على سعادة آخره وحسن عاقبته (تخريجه) (ق. وغيرهما) وتقدم نحوه بأطول من هذا في باب كون الإسلام يجب ما قبله من كتاب الإيمان في الجزء الأول (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبي مراوح عن أبي ذر الخ (غريبة) أي أحسنها وأكرمها من الصنعة والمراد بها هنا ما به معاش الرجل، فيدخل فيه الحرفة والتجارة ونحوهما أي صانعا لم يتم كسبه لعياله (وقله أو تصنع لا خرق) الأخرق الأحمق ومن لا يحسن العمل والتصرف في الأمور وهو المراد هنا لمقابلته بالصانع؟ أصلها تتصدق حذفت إحدى التاءين تخفيفا (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعلى ثنا محمد يعني ابن إسحاق عن بكير بن كانوا محتاجين إلى الجارية، وفيه أن صلة الرحم أفضل من العتق (تخريجه) (ق. والثلاثة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود ثنا سليمان بن داود ثنا عامر الخزاز عن الحسن عن سعيد مولى أبي بكر الخ (غريبة) بكسر الهاء أي خادم هو سليمان أبو داود الطيالسي صاحب المسند المشهور بمسند الطيالسي: رتبه أبو داود على مسانيد الصحابة كمسند الإمام أحمد وهو أحد مشايخ الإمام أحمد قد وفقني الله تعالى لترتيبه على أبوا الفقه كما رتبت مسند الإمام أحمد وأسميته (منحه المعبود، في ترتيب

-142 - فضل عتق الرقبة المسلمة لا سيما إذا كانت من أصل عربي ----- (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: مكن أعتق رقبة مؤمنة فهي فداؤه من النار (عن مالك بن عمرو القشري) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أعتق رقبة مسلمة فهي فدائه من النار قاتل عفان مكان كل عظم من عظام محرره بعظم من عظامه، ومن أدرك أحد والديه ثم لم يغفر له فأبعده الله: ومن ضم يتيما من بين أبوين مسلمين قال عفان إلى طعامه وشرابه حتى يغنيه الله وجبت له الجنة (عن ابن معقل عن عائشة) رضي الله عنها أنها كان عليها رقبة من ولد إسماعيل فجاء سبي من اليمن من خولان فأرادت أن تعتق منهم (قالت) فنهاني الني صلى الله عليه وسلم ثم جاء سبي

_ مسند الطيالسي أبي داود) فلله الحمد على هذا التوفيق فقول أبي داود (يعني السبى) معناه أتتك رجال السبى فخذ منها بدله وأعتق هذا لأنه من أفضل من أفضل العبيد وهكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة يعتقون أفضل عبيدهم تقربا إلى الله عز وجل ورغبة في كثرة الثواب، ولهذا لما سأل أبو ذر النبي صلى الله عليه وسلم أي الرقاب أفضل قال أنفسها وأغلاها ثمنا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال روى ابن ماجة طرفا منه: ورواه أحمد وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه أيضا الحاكم وصححه وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن قيس عن معاذ بن جبل الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة قال عفان في حديثه أنا علي بن زيد عن زرارة بن أوفى عن مالك بن عمر الخ (غريبة) هو أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث أي بسبب عقوقه وإساءته (فأبعده الله) يعني عن رحمته نعوذ بالله من ذلك: وفي هذا غاية التغليظ والتشنيع على من عق والديه أي حتى يكبر ويمكنه التكسب والاستغناء عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وحسنه المنذري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو محمد بن عبد الله بن الزبير قال ثنا مسعر عن عبيد بن حنين بن حسن عن ابن معقل الخ (غريبة) معناه أنها نذرت أن تعتق رقبة من العرب الذين هم من ذرية إسماعيل عليه السلام إنما نهاها النبي صلى الله عليه وسلم عن العتق من هذا السبي على ما يظهر لأمرين (الأول) أن هذا السبي لم يكن من ولد إسماعيل الذي عينته عائشة في نذرها (الثاني) أن العتق من ولد إسماعيل أفضل من غيرهم لما فيه من تحريرهم فأحب صلى الله عليه وسلم أن تفعل الأفضل ولذلك لما جاء سبي مضر وهو من ولد إسماعيل بقينا أمرها بالعتق منه كما في آخر الحديث والله أعلم (تخريجه) (طب ك) وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (قال الحافظ) وفيه الرد على من نسب جميع اليمن إلى بني إسماعيل لتفرقته صلى الله عليه وسلم بين خولان وهم من اليمن وبين بني العنبر وهم من

-143 - قصة الجارية العجمية التي أعتقها سيدها ----- من مضر من بني العنبر فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تعتق منهم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجارية سوداء أعجمية فقال يا رسول الله إن علي عتق رقبة مؤمنة فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أين الله؟ فأشارت إلى السماء بإصبعها السبابة، فقال لها من أنا؟ فأشارت بإصبعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى السماء، أي أنت رسول الله فقال أعتقها (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تبارك وتعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم مثل الذي يعتق عند الموت كمثل الذي يهدى إذا شبع

_ مضر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا المسعودي عن عون عن أخيه عبيد الله ابن عبد الله عتبة عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي لا تفهم اللغة العربية تعني في السماء كما صرح بذلك في بعض الروايات، قال ابن عبد البر هو على حد قوله تعالى (أأمنتم من في السماء) (إليه يصعد الكلم الطيب) وقال الباجي لعلها تريد وصفه بالعلة، وبذلك يوصف من كان شأنه العلو يقال مكان فلان في السماء يعني علو حاله وشرفه ورفعته اهـ (قلت) وقدم كثر كلام بعض العلماء في تأويل هذا الحديث وأمثاله من الأحاديث والآيات فأخرجوها عن ظاهرها وتكفلوا تأويلها، ومذهبي في ذلك وأمثاله السلف الصالح رحمهم الله تعالى، نؤمن به كما جاء من غير تأويل، ونكل حقيقة علمه إلى الله عز وجل المنزه عن التشبيه والتمثيل (تخريجه) (د ك) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط إلا أنه قال من ربك فأشارت برأسها إلى السماء فقالت الله اهـ (قلت) ورجاله كلهم ثقات إلا أن المسعودي واسمه عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة اختلط في آخر عمره، قال أبو حاتم تغير قبل موته بسنة أو سنتين اهـ (قلت) ولهذا الحديث طريق أخرى عند الإمام احمد قال حدثنا معمر عن الزهري عن عبيد الله عن رجل من الأنصار أنه جاء بأمة سوداء وقال يا رسول الله إن علي رقبة مؤمنة، فإن كنت ترى هذه مؤمنة اعتقها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتشهدين أنلا إله إلا الله؟ قالت نعم، قال أتشهدين أني رسول الله؟ قالت نعم، قال أتؤمنين بالبعث بعد الموت؟ قالت نعم، قال أعتقها (قال الشوكاني) وهذا إسناد رجاله أئمة وجهالة الصحابي لا تضر كما تقرر في الأصول (قلت) وروى نحوه (م حم د نس. والإمامان) من حديث معاوية بن الحكم السلمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان وعبد الرحمن عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي حبيبة الطائي عن أبي الدرداء الخ (غريبة) جاء عند البيهقي مثل الذي يتصدق عند موته أو يعتق الخ ومعنى عند الموت أي عند تحقق نزول الموت به كإصابة في مقتل أو مرض شديد لا يرجى شفاءه أو قارب الاحتضار سبه تأخير الصدفة أو العتق عن أوانه ثم تداركه بمن تفرد بالأكل واستأثر لنفسه ثم إذا شبع يؤثر به غيره، وإنما يحمد إذا كان عن إيثار لغيره على نفسه قال تعالى

-144 - ما جاء في عتق ولد الزنا ----- (عن ميمونة بنت سعد) مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ولد الزنا قال لا خير فيه، نعلان أجاهد بهما في سبيل الله أحب إلي من اعتق ولد زنا (باب ما جاء في الإحسان إلى الموالى والوصية بهم والنهي عن ضربهم) (عن أبي بكر الصديق) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة خب ولا بخيل ولا منان ولا سيء الملكة، وأول من يدخل الجنة المملوك إذا أطاع

_ (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) ولأن أفضل بذل المال إنما يكون عند الطمع في الدنيا والحرص على المال، والرقيق يعتبر من مال الإنسان، فإذا تصدق به أو أعتق في هذه الحالة يكون مؤثرا لآخرته على دنياه صادرا فعله عن قلب سليم ونية صالحة، وعبر بقوله يهدي ولم يقل يتصدق إشارة إلى نقص ثوابه، لأن الهدية عادة تكون لغير المحتاج، أما الصدقة فلا تكون إلا للمحتاج فثوابها أعظم (تخريجه) (د مذ نس هق ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وقال الحافظ إسناده حسن وصححه ابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن وأبو نعيم قالا ثنا إسرائيل عن زيد بن جبير عن أبي يزيد الضني عن ميمونة بنت سعد الخ (غريبة) إنما ذمة النبي (ص لأنه خلق من ماء الزاني والزانية وهو ماء خبيث، وقد روى (العرق دساس) رواه البيهقي عن ابن عباس في حديث أوله (الناس معادن والعرق دساس) فلا يؤمن أن يؤثر ذلك الخبثفيه ويذهب في عروقه فيحمله على الشر ويدعوه إلى الخبث، وقد قال تعالى في قصة مريم (ما كان أبوك أمرأ سوء وما كانت أمك بغيا) لعل ذلك لأن الغالب عليه الشر عادة كما تقدم فالإحسان إليه قليل الأجر كالإحسان إلى غير أهله (تخريجه) (جه) وفي إسناده أبو الضني بكسر الضاد وتشديد النون قال البخاري مجهول وقال الذهبي لا يعرف وخبره لا يصح (قلت) له شاهد من حديث أبي هريرة موقوفا عليه بلفظ (لأن أمتع بسوط في سبيل الله عز وجل أحب إلى من أن أعتق ولد زنية) (د ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا يزيد بن هارون أخبرنا صدقة بن موسى عن فرقد السبخي عن مرة الطيب عن أبي بكر الصديق الخ (غريبة) أي مع السابقين من غير عذاب أولا يدخلها حتى يعاقب بما إحترمحه، وكذا يقال فيما بعده (وقوله خب) بمعجمة مفتوحة وباء موحدة: وهو الخداع المكار الخبيث الذي يفسد بين المسلمين بالخدع وقد تكسر خاؤه، وأما المصدر فبالكسر كذا في النهاية المنان هو الذي يمن بفتح الميم واللام أي سوء الصنيع إلى مماليكه (وقال الطيبي) مراده أن سوء الملكة يدل على سوء الخلق وهو شؤم، والشؤم يورث الخذلان والعذاب بالنيران (تخريجه) (مذ عل) وأورده المنذري وقال رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد حسن (قلت) وفي إسناده فرقد السبخي لين الحديث ووثقه ابن معين وتكلم

-145 - الإحسان إلى الموالى ووعيد من أساء إليهم بغير حق ----- الله وأطاع سيده (وعنه أيضا) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة سيء الملكة فقال رجل يا رسول الله أليس أخبرتنا أن هذه الأمة أكثر الأمم مملوكين وأيتاما؟ قال بلب، فأكرموهم كرامة أولادكم وأطعموهم مما تأكلون، قالوا فما ينفعنا في الدنيا يا رسول الله؟ قال فرس صالح ترتبطه عليه في سبيل الله، ومملوك يكفيك فإذا صلى فهو أخوك: فإذا صلى فهو أخوك (عن عبد الله) يعني ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء خادم أحدكم بطعامه فليبدأ به فليطعمه أو ليجلسه معه فإنه ولي حره ودخانه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أصلح خادم أحدكم له طعاما فكفاه حره وبرده فليجلس معه فإن أبى فليتناوله أكلة في يده (وعنه من طريق ثان بنحوه وفيه كان الطعام مشفوها قليلا فليضع في يده أكلة أو أكلتين

_ فيه غير واحد (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا إسحاق بن سليمان قال سمعت المغيرة ابن مسلم أبا سلمة عن فرقد السبخي عن مرة الطيب عن أبي بكر الخ (غريبة) أي يكفيك ما تحتاج إليه أنت وفرسك (وقوله فإذا صلى فهو أخوك) يعني في الدين فينبغي إكرامه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال روى الترمذي وغيره طرفا منه، رواه أحمد وأبو يعلى وفيه فرقد السبخي وهو ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عمار بن محمد عن الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله الخ (غريبة) الخادم يطلق على الذكر والأنثى: وهو أعلم من الحر والعبد هذا الأمر محمول على الندب ويؤيده ما سيأتي في الحديث التالي أي مشقة حره ودخانه عند الطبخ (تخريجه) لم أقف عليه من حديث ابن مسعود لغير الإمام أحمد وفي إسناده إبراهيم الهجري بفتح الهاء والجيم لين الحديث (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي فإن أبي المخدوم أن يجلس الخادم ليأكل معه (فليتناوله أكلة) بضم الهمزة أي لقمة، والعلة في إعطائه اللقمة أنه ولى علاجه وتحمل مشقة حره ودخانه عند الطبخ، وإن لم يطبخ فقد تعلقت به نفسه بشم رائحته ونظره إليه: وهذا يؤيد ما تقدم من أن الأمر بإجلاسه معه للندب، قال الشافعي بعد أن ذكر الحديث:: هذا عندنا على وجهين (الأول) أن إجلاسه معه أفضل، فإن لم يفعل فليس بواجب (الثاني) أم يكون الخيار إلى السيد بين أن يجلسه أو يناوله ويكون اختيارا غير حتم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا داود ابن قيس عن موسى بن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صنع لأحدكم خادمه طعامه ثم جاء به قد ولى حره ودخانه فليقعده معه فليأكل، فإن كان الطعام الخ بالشين المعجمة والفاء، المشفوه القليل، وأصله الماء الذي كثرت عليه الشفاه حتى قل، وقيل أراد فإن كان مكثورا عليه أي

-146 - الوصية بإطعام الموالي وكسوتهم وعدم تكليفهم مالا يطيقون ----- (عن أبي الزبير) أنه سأل جابرا عن خادم الرجل إذا كفاه المشقة والحر؟ فقال أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم أن ندعوه، فإن كره أحدنا أن يطعم معه فليطعمه أكلة في يده (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال للملوك طعامه وكسوته ولا يكلف من العمل مالا يطيق (عن عبد الرحمن بن يزيد) عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع أرقاءكم أرقاءكم أطعموهم مما تأكلون، وأكسوهم مما تلبسون، فإن جاءوا بذنب لا تريدون أن تغفروه فبيعوا عباد الله ولا تعذبوهم (عن أبي ذر) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إخزانكم جعلهم الله لكم قنية تحت أيدكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه وليلبسه من لباسه ولا يكلفه ما يغلبه فإن كلفه ما يغلبه فليلعنه عليه (وعنه من طريق ثان) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لامكم من خدمكم

_ كثرت أكلته (نه) (تخريجه) (ق فع د مذ جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا موسى حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الصغير بنحوه وإسناده حسن اهـ (قلت) وحسنه أيضا الحافظ حدثنا عبد اللع حدثني أبي ثنا هارون عن ابن وهب ثنا عمر وأن بكيرا حدثه عن العجلان مولى فاطمة عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (م هق الإمامان) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن قال ثنا سفيان عن عاصم يعني ابن عبيد الله عن عبد الرحمن بن يزيد الخ (غريبة) بالنصب أي الزموا الوصية بهم والإحسان إليهم وكرره لمزيد التأكيد ظاهره أنه يجب على السيد إطعام مملوكه مما يأكل وكسوته مما يلبس وهو محمول على الندب: والقرينة الصارفة إليه الإجماع على أنه لا يجب على السيد ذلك، حكاه ابن المنذر، وقال الواجب عند جميع أهل العلم إطعام الخادم من غالب القوت الذي يأكل منه مثله تلك البلد وكذلك الإدام والكسوة: وللسيد؟ أن يستأثر لا بالنفيس من ذلكم وإن كان الأفضل المشاركة أي كتقصير في الخدمة أو الخيانة في البيت أو نحو ذلك أي لا تعذبوهم بالضرب ونحوه (تخريجه) (طب) وفيه عاصم بن عبيد الله وهو ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن واصل عن المعرور عن أبي ذر الخ (غريبة) منصوب بفعل محذوف أي احفظوا إخوانكم، وفي تخصيص الإخوان بالذكر إشعار بعلة المواساة وأن ذلك مندوب لأنه وارد على منهج التعطف والتلطف ومعاملتهم بالشفقة والمسامحة وغير ذلك من ضروب الإحسان وهو غير واجب (وقوله جعلهم الله لكم قنية) بكسر القاف وتضم أي ملكا (تحت أيديكم) أي قرتكم فاليد الحسية كناية عن اليد الحكمية أي ما يشق عليه ولا يطيقه أي فليساعده بنفسه أو بغيره ومثل المملوك الخادم والأجير والدابة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الوليد ثنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن مورق العجلي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ

-147 - النهي عن ضرب المملوك وتعذيبه بغير ذنب وعن قول المملوك لسيده ربى ----- فأطعموهم مما تأكلون وأكسوهم مما تلبسون، ومن لا يلائمكم من خدمكم فبيعوا ولا تعذبوا خلق الله عز وجل (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقل أحدكم اسق ربك أطعم ربك وضيء ربك ولا يقل أحدكم ربي وليقل سيدي ومولاي ولا يقل أحدكم عبدي وأمتي وليقل فتاتي وغلامي (وعنه من طريق ثان) عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يقولون أحدكم عبدي وأمتي كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله، ولكن ليقل غلامي وجاريتي وفتاي (حدثنا عبد الله) حدثني أبي ثنا حسن بن موسى وعفان قالا ثنا حماد بمن سلمة قال عفان أنا أبو غالب عن أبي أمامه رضي الله عنه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل من خيبر ومعه غلامان وهب أحدهما لعلي بن أبي طالب وقال لا تضربه فإني قد نهيت عن ضرب أهل الصلاة وقد رأيته يصلي، قال عفان في حديثه أنا أبو غالب عن أبي أمامه أن النبي صلى الله عليه وسلم أقبل من خيبر ومعه غلامان فقال علي يا رسول أخذ منا، فقال خذ أيهما شئت، قال

_ أي وافق طباعكم وأعجبكم سيره وخدمته (تخريجه) (ق د مذ جه) ولهذا الحديث سبب رواه الإمام أحمد من طريق آخر فقال ثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة عن واصل الأحدب عن المعرور بن السويد، قال حجاج سمعت المعرور قال رأيت أبا ذر وعليه حلة: قال الحجاج بالربذة وعلى غلامه مثله، قال حجاج مرة أخرى فسألته عن ذلك فذكر له، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إنك امرؤ فيك جاهلية، إخوانكم خولكم (أي خدمكم) جعلهم الله تحت أيديكم فذكر نحو الطريق الأولى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقل أحدكم الخ (غريبة) بهمزة وصل ويجوز قطعها مكسورة ويجوز فتحها، تثبت في الابتداء وتسقط في الدرج: ويستعمل ثلاثيا باعيا ورباعيا: أمر من سقاه يسقيه: وفيه نهى الرجل أن يقول لمملوك غيره اسق ربك أطعم ربك: وفيه نهى المملوك نفسه أن يخاطب سيده أو يخبر عنه بلفظ ربى، وفيه أيضا نهى السيد أن يخاطب مملوكه أيخبر عنه بلفظ عبدي: والسبب في النهي عن ذلك أن حقيقة معنى هذه الألفاظ لا تكون إلا لله عز وجل كما أشار إلى ذلك في الطريق الثانية بقوله كلكم عبيد الله وكل نسائكم إماء الله (سنده) حدثنا عبد الله حثني أبي ثنا عبد الرحمن قال حدثني زهير عن العلاء عن أبيه عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق د وغيرهم) (غريبة) في الأصل أبو طالب وهو خطأ وصوابه أبو غالب: قال الحافظ في التقريب أبو غالب صاحب أبي أمامه بصري نزل أصبهان قيل اسمه حزور: وقيل سعيد بن الحزور: وقيل نافع صدوق ويخطيء من الخامسة اهـ هذا يؤيد ما قلنا من أمن الصواب أبو غالب معناه

-148 - جواز ضرب المملوك وتأديبه بقدر ذنبه: فإن زاد أقتص الله منه يوم القيامة ----- خر لي قال خذ هذا ولا تضربه فإني قد رأيته يصلي مقبلنا من خيبر وإني قد نهيت، وأعطى أبا ذر غلاما وقال استوص به معروفا فأعتقه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل الغلام؟ قال يا رسول الله أمرتني أن أستوصي به معروفا فأعتقته ... (باب جواز ضرب المملوك على قدر ذنبه والتشديد فيما زاد على ذلك) (عن عائشة) رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا من أصحاب جلس بين يديه، فقاليا رسول الله إن لي مملوكين يكذبونني ويخونونني ويعصونني وأضربهم وأسهم فكيف أنا منهم؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بحسب ما خانوك وعصوك وكذبوك، وعقابك إياهم إن كان دون ذ 1 نوبهم كان فضلا عليهم، وإن كان عقابك إياهم بقدر ذنوبهم كان كفافا لا لك ولا عليك، وإن كان عقابك إياهم فوق ذنوبهم اقتص لهم منك الفضل الذي بقى قبلك، فجعل الرجل يبكي بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويهتف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ماله يقرأ كتاب الله (ونضع الموازين القسط ليوم القيامة فلا تظلم نفس شيئا، وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين) فقال الرجل يا رسول الله ما أجد شيئا خيرا من فراق هؤلاء يعني عبيده، إني أشهدكم أنهم أحرارا كلهم (عن أبي مسعود) رضي الله

_ أعطني خادما أو هب لنا خادما (وقوله خرلى) بكسر الخاء المعجمة أي إخترلى بضم الميم وفتح الباء الموحدة اسم زمان من أقبل يقبل أي وقت قدومنا من خيبر هكذا بالأصل بدون ذكر المنهى عنه، ولعله حذف للعلم به مما قبله وهو قوله (نهيت عن ضرب أهل الصلاة) بصيغى الماضي والمعنى أن أبا ذر رضي الله عنه لم يجد معروفا يسديه إليه أفضل من العتق فأعتقه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ومدار الحديث علي أبي غالب وهو ثقة وقد ضعف اهـ (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نوح قراد قال أنا ليث بن سعد عن مالك بن أنس عن الزهري عن عروة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن بعض شيوخه إن زيادا مولى عبد الله بن عباد بن أبي ربيعة حدثهم عمن حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) معناه أضربهم على قدر ما خانوك الخ أي يصيح ويدعوا (تخريجه) (مذ) وسنده الأول عند الإمام أحمد في غاية الجودة وأورده الحافظ المنذري وقال رواه أحمد والترمذي، وقال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن غزوان، وقد روى أحمد بن حنبل هذا الحديث عن عبد الرحمن بن غزوان اهـ قال الحافظ المنذري وإسناد أحمد والترمذي متصلان ورواتهما ثقات، عبد الرحمن بن غزوان هو المعبر عنه في سند حديث الباب بأبي نوح قراد فأبو نوح كنيته وقراد لقيه وعبد الرحمن بن غزوان هو المعبر عنه في سند حديث الباب بأبي نوح قراد فأبو نوح كنيته وقراد لقيه وعبد الرحمن اسمه كما يستفاد من التقريب (سنده)

-149 - من لطم مملوكه بغير ذنب فكفارته عتقه ----- عنه قال بينا أنا أضرب مملوكا لي إذا برجل ينادي من خلفي: اعلم يا أبا مسعود اعلم يا أبا مسعود، فالتفت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال والله لله أقدر عليه منك على هذا، قال فحلفت لا أضرب مملوكا لي أبدا (وعنه من طريق ثان) أنه كان يضرب غلاما، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم والله لله أقدر عليك منك عليه، رضي الله عنهما أنه دعا غلاما له فأعتقه، فقال مالي من أجره مثل هذا: لشيء رفعه من الأرض، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من لطم غلامه فكفارته عتقه (عن معاوية بن الحكم السلمي) رضي الله عنه في حديث له قال كانت لي جارية ترعى غنما في قبل أحد والجوانية فأطلعتها (وفي لفظ فأطلعت عليها) ذات يوم، فإذا الذئب قد ذهب بشاة من غنمها وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون لكني صككتها صكة، فأتيت النبي فعظم ذلك علي، قلت يا رسول الله أفلا أعتقها؟ قال ائتني بها، فأتيته بها، فقال لها أين الله؟ فقالت في السماء قال من أنا؟ قالت أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أعتقها فإنها مؤمنة

_ حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي مسعود الخ (غريبة) أبو مسعود اسمه عقبة بن عمرو الأنصاري البدري رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي مسعود الخ لفظ مسلم قلت يا رسول الله هو حر لوجه الله فقال أما لو لم تفعل للضحتك النار أو لمستك النار (تخريجه) (م. والثلاثة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن فراي عن أبي صالح عن زادان عن ابن عمر الخ معناه أنه ليس له في إعتاقه أجر المعتق تبرعا، وغنما عتقه كفارة لضربه لأنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من لطم غلامه الخ في رواية لمسلم (من ضرب غلاما له حدا لم يأته أو لطمه فإن كفارته أن يعتقه) وهذه الرواية تبين أن المراد بحديث الباب من ضربه بلا ذنب ولا على سبيل التعليم والأدب (تخريجه) (م د) (غريبة) يضم السين المهملة مشددة وفتح اللام تقدم الحديث المشار إليه بسنده في باب النهي عن الكلام في الصلاة رقم 800 صحيفة 73 من الجزء الرابع، وهذا طرف منه لم يذكر هناك بفتح القاف والموحدة وهو الكلأ في الواضع من الأرض، والمعنى أنها ترعى غنما في الكلأ النابت فيس جبل أحد (والجوانية) بفتح الجيم وتشديد الواو بعد الألف نون مكسورة ثم ياء مشددة، قال النووي هكذا ضبطناه، قال والجوانية بقرب أحد موضع في شمال المدينة أي أغضب وهو بمد الهمزة وفتح السين المهملة (وقوله فصككتها) أي لطمتها، واللطم الضرب على الوجه بباطن الراحة، وقيل اللطم ضرب الخد ببسط اليد بتشديد الظاء المعجمة مفتوحة يريد أنه أغلظ عليه في اللوم تقدم الكلام عليه في شرح حديث أبي هريرة في آخر باب فضل العتق والحث عليه (تخريجه) (م فع د وغيرهما)

-150 - تحريم الضرب على الوجه لما له من الحرمة ----- وقال مرة هي مؤمنة فأعتقها (عن معاوية بن سويد بن مقرن) قال لطمت مولى لنا، ثم جئت وأبي في الظهر فصليت معه، فلما سلم أخذ بيدي، فقال اقتد منه فعفا، ثم أنشأ يحدث: قال كنا ولد مقرن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعة ليس لنا الأخادم واحدة فلطمها أحدنا، فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال أعتقوها، فقالوا ليس لنا خادم غيرها، قال فليستخدموها فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها (ومن طريق ثان) عن محمد بن المنكدر قال سمعت أبا شعبة يحدث عن سويد بن مقرن أن رجلا لطم جارية لآل سويد بن مقرن، فقال له سويد أما علمت أن الصورة محرمة؟ لقد رأيتني سابع سبعة مع إخوتي وما لنا إلا خادم واحد فلطمه أحدنا، فأمرنا النبي صلى الله عليه وعلى لآله وصحبه وسلم أن نعتقه (باب عقاب من مثل بعبده أو رماه بالزنا وهو برئ) (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن عبد الله بن عمرو (بن العاص) رضي الله عنهما زنباعا أبا روح وجد غلاما له مع جارية له، فجدع أنفه وجبه، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال

_ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا سفيان عن سلمة عن معاوية بن سويد الخ (غريبة) يعني في صلاة الظهر فصليت معه، وعند مسلم فصليت خلف أبي أمر من القود وهو القصاص، أي اقتص منه كما صرح بذلك في رواية أبي داود، وجاء هذا اللفظ في الأصل اتئذ منه بتاء مثناة ثم همزة ثم ذال معجمة ولا معنى له وهو تحريف من الناسخ، قال النووي وليس القصاص واجبا في اللطمة ونحوها، وإنما واجبه التعزير لكنه تبرع فأمكنه من القصاص فيها، وهو محمول على تطييب نفس المولى المضروب، وفيه الرفق بالموالى واستعمال التواضع لم يقل واحد بالتذكير لأن لفظ خادم بلا هاء يطلق على الجارية كما يطلق على الرجل والخادم في الواقع كانت أنثى ولا يقال خادمة بالهاء إلا في لغة شاذة قليلة رواية أبي داود فليعتقوها بدل فليخلوا سبيلها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن المنكدر الخ يعني صورة الوجه وقوله محرمة أي لها حرمة فلا يجوز لطمها فإن كان ولا بد فليضرب على غير الوجه قال العلماء العتق هنا ليس على الوجوب عند أهل العلم وإنما هو على الترغيب ورجاء كفارة اللطم له، ويدل على ذلك أنه صلى الله عليه وسلم لما أمر بالعتق في الطريق الأولى قالوا ليس لنا خادم غيرها قال فليستخدموها فإذا استغنوا عنها فليخلوا سبيلها، فلو كان واجيبا الأمر بعتقها في الحال والله أعلم (تخريجه) (م د مذ) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أخبرني معمر أن ابن جريج أخبره عن عمرو بن شعيب عن أبيه الخ (غريبة) بكسر أوله وسكون ثانيه هو ابن روح الجذامي أسم هذا الغلام سندر (بوزن منبر) كما صرح بح به في الطريق الثانية وكنيته أبو الأسود ورزق ولدان

-151 - عقاب من مثل بمملوكه رماه بالزنا وهو بريء ----- من فعل هذا بك؟ قال زنباع، فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال ما حملك على هذا؟ فقال كان من أمره كذا وكذا، فقال صلى الله عليه وسلم للعبد اذهب فأنت حر، فقال يا رسول الله فمولى من أنا؟ قال مولى الله ورسوله، فأوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين، قال فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء على أبي بكر رضي الله عنه، فقال وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم تجري عليك النفقة وعلة عيالك: فأجراها عليه حتى قبض أبو بكر، فلما استخلف عمر رضي الله عنه جاءه، فقال وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم أين تريد؟ قال مصر، فكتب عمر إلى صاحب مصر أن يعطيه أرضا يأكلها (وعنه من طريق ثان) عن أبيه عن جده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مثل به أو حرق بالنار فهو حر وهو مولى الله ورسوله، قال فأتى برجل قد خصني يقال له سندر فأعتقه، ثم أتى أبا بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فصنع إليه خيرا، ثم أتى عمر بعد أبي بكر فصنع إليه خيرا، ثم أراد أن يخرج إلى مصر، فكتب له عمر إلى عمرو بنم العاص أن أصنع به خيرا أو احفظ وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال حدثنا أبو القاسم نبي التوبة صلى الله عليه وسلم قال من قذف مملوكه وهو بريء مما قال له يقام عليه يعني الحد يوم القيامة إلا أن يكون كما قال (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من زنى

_ قبيل الحصاء أحدهما عبد الله والثاني مسروح، قال البخاري في التاريخ سندر أبو الأسود له صحبة، وذكر سعيد بن عفير عن سماك بن نعيم عن عثمان بن يزيد الجريري أنه أدرك مسروح بن سندر الذي جدعه زنباع، وعمر سندر إلى زمان عبد الملك بن مروان كذا في الإصابة هكذا في الأصل (يأكلها) أي يأكل منها وفي رواية بن منده ثم أتى عمر فقال إن شأت أن تقيم عندي أجريت عليك مالا، فنظر أي المواضع أحب إليك فأكتب لك فأكتب لك، فاختار مصر، فلما قدم على عمرو أقطعه أرضا واسعة ودارا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معمر بن سليمان الرقي ثنا الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عمن جده الخ (تخريجه) أورد الهيثمي الطريق الثانية منه وقال رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات، وفيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس ولكنه ثقة (قلت) الحجاج لم يأت في سنده الطريق الأولى وسندها جيد ورواه أيضا ابن منده كما في الإصابة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بن سعيد عن فضيل بن غزوان قال ثنا ابن أبي نعم قال حدثني أبو هريرة قال حدثنا أبو القاسم الخ (غريبة) قال القاضي عياض سمى بذلك لأنه صلى الله عليه وسلم بعث بقبول التوبة بالقول والاعتقاد وكانت توبة من قبلنا بقتل أنفسهم، قال ويحتمل أن يكون المراد بالتوبة الإيمان والرجوع عن الكفر إلى الإسلام: واصل التوبة الرجوع أي رماه بالزنا (تخريجه) (ق. والثلاثة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ليث بن سعد عن عبيد الله بن أبي جعفر عن الحمصي عن أبي طالب عن أبي ذر الخ (غريبة) بتشديد النون أي رماها بالزنا لا لأنه زنى بها في الواقع وإلا

-152 - استحباب العفو عن المملوك وثوابه إذا أطاع الله وأطاع سيده ----- أمة لم يرها تزنى جلده الله يوم القيامة بسوط من نار (باب في العفو عن المملوك إذا استحق العقوبة) (عن عبد الله بن عمر) بن الخطاب رضي الله عنهما أن رجلا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال يا رسول الله إن لي خادما يسيء ويظلم، أفأ ضربه؟ قال تعفو عنه كل يوم سبعين مرة (وعنه من طريق ثان) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله كم يعفى عن المملوك؟ قال فصمت عنه، ثم أعاد فصمت عنه، ثم أعاد فقال يعفى عنه كل يوم سبعين مرة (باب ثواب العبد إذا أطاع الله تعالى وأطاع سيده ووعيده إذا خالف) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا العبد أدى حق الله وحق مواليه كان له أجران، قال فحدثتها كعبا، قال كعب ليس عليه حساب ولا على مؤمن مزهد (وعنه أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: للعبد المصلح المملوك أجران، والذين نفس أبي هريرة لولا الجهاد في سبيل الله والحج وبر أمي لأحببت

_ لم يكن لقوله لم يرها تزني فائدة أي في الموقف على رءوس الأشهاد أو في جهنم بأيدي الزبانية جزاءا وفاقا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وحسنه الحافظ السيوطي وفي إسناده عبيد الله بن أبي جعفر ثقة، لكن حكى الذهبي عن الإمام أحمد أنه قال ليس بالقوى (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد ثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب ثنا أبو هانيء عن عباس الحجري عن عبد الله بن عمر الخ (غريبة) هذا العفو ليس بواجب بل هو على سبيل الاستحباب ومن مكارم الأخلاق، ومن أراد أن يعفو الله عنه فليعف عمن ظلمه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى يعني ابن داود ثنا ابن لهيعة عن حميد بن هاني عن عباس ابن جليد الحجري عن ابن عمر قال جاء رجل الخ (تخريجه) (د مذ) وقال حسن غريب وقال المنذري هو حديث فيه نظر: وقال الهيثمي رواه أبو يعلى ورجاله ثقات (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) المزهد بضم الميم وإسكان الزاي ومعناه قليل المال، والمراد بهذا الكلام أن العبد إذا أدى حق الله تعالى وحق مواليه فليس عليه حساب لكثرة أجره وعدم معصيته، وهذا الذي قاله كعب يحتمل أنه حسابا يسيرا وينقلب إلى أهله مسرورا قاله النووي (تخريجه) (ق د) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر قال ثنا يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة الخ (غريبة) المصلح هو الناصح لسيده القائم بعبادة ربه المتوجهة عليه كما تقدم فيه أن المملوك لا جهاد عليه ولا حج لأنه غير مستطيع (وقوله وبر أمي) يريد القيام بمصلحتها في النفقة والمؤن والخدمة ونحو ذلك مما لا يمكن فعله من الرقيق (زاد مسلم) قال وبلغنا أن أبا هريرة لم يكن يحج حتى ماتت أمه

-153 - مضاعفة الأجر للملوك إذا أطاع الله وأطاع سيده وعقابه إذا عصى الله ----- أن أموت وأنا مملوك (وعنه أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، إذا أطاع العبد ربه وسيده فله أجران، فلما أعتق أبو رافع بكى، فقيل له ما يبكيك؟ قال العبد إذا أحسن عبادة ربه تبارك وتعالى ونصح لسيده كان له أجره مرتين (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت له أمة فعلمها ف؟ ألأحسن تعليمها وأدبها فأحسن تأديبها وأعتقها فتزوجها فله أجران، وعبد أدى حق الله وحق مواليه، ورجل من أهل الكتاب آمن بما جاء به عيسى وما جاء به محمد صلى الله عليه وسلم فله أجران (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعما للعبد أن يتوفاه الله يحسن عبادة ربه وطاعة سيده نعما له ونعما له (وعنه من طريق ثان) عن النبي صلى الله عليه وسلم نعم ما للمملوك أن يتوفى يحسن عبادة الله وصحابة سيده نعما له (باب وعيد العبد إذا نقص من صلاته أو تولى غير مواليه أو سرق أو أبق) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أنه ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم أن العبد المملوك ليحاسب بصلاته، فإن نقصت منها شيئا، فيقول يا رب سلطت على مليكا شغلني

_ لصحبتها، قال النووي والمراد به حج التطوع لأن برها فرض فقدم على التطوع، ومذهبنا مذهبه مالك أن للأب والأم منع الولد من حجة التطوع دون حجة الفرض (تخريجه) (ق مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد أنا ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أطاع العبد ربه الخ (غريبة) يعني أجر طاعة سيده، وهذا لا يقتضي تفضيل الإمام أحمد ورجاله من رجال الصحيحين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله ومحمد بي عبيد قال ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (ق. د) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن صالح الثوري عن الشعبي عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري الخ (غريبة) يعني فله أجران وإن لم تذكر هذه الجملة ولكنها تؤخذ من سياق الحديث (تخريجه) (ق. والثلاثة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن همام عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر النون والعين المهملة وتشديد الميم المفتوحة، أي نعم ما للعبد أدمغت الميم في الميم أي له مسرة وقرة عين جزاء إحسان عبادة ربه وطاعة سيده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث، منها نعم ما للملوك الخ (تخريجه) (م مذ) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر قال ثنا المبارك عن الحسن

-154 - عقاب المملوك إذا سرق ووعيده إذا تولى غير مواليه أو أبق ----- عن صلاتي، فيقول قد رأيتك تسرق من ماله لنفسك فهلا سرقت لنفسك من عملك أو عمله قال فيتخذ اللع عليه الحجة (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من تولى غير مواليه فقد خلع ربقة الإيمان من عنقه (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال من تولى قوما بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا (وعنه أيضا) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سرق عبد أحدكم فليبعه ولو بنش (وعنه من طريق ثان) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أبق العبد والمرة إذا سرق فبعه ولو بنش، والنش نصف أوقية

_ عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي من وقت عملك الخاص بنفسك كوقت الأكل والخلاء والنوم ونحو ذلك (أو عمله) يعني الوقت الذي تعمل له فيه فتترك شيئا منه خلسة لأداء الصلاة، فإن ذلك جائز إذا لم يصرح السيد بذلك ثم تعوضه له في وقت آخر إن أمكن (تخريجه) لم أقف عليه لغي الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا يعقوب ابن محمد بن طحلاء ثنا خالد بن أبي حيبان عن جابر الخ (غريبة) أي اتخذ غيرهم وليا يرثه ويعقل عنه أي أهمل حدود الله وأوامره ونواهيه وتركها بالكلية، وأصل الربقة عروة في حبل تجعل في عنق الدابة تمسك به فأستعير للإيمان: أي ما يشد به على نفسه عن عرى الإيمان (تخريجه) أخرجه أيضا الضياء المقدسي وصححه الحافظ السيوطي، قال الهيثمي فيه خالد بن حين (بالياء التحتية) وثقه أبو زرعة وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وأخرجه مسلم بمعناه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية قال ثنا زائدة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) العدل الفدية وقيل الفريضة، والصرف التوبة، وقيل النافلة أوليس هذا آخر الحديث وتقدم بتمامه في باب تحريم الدم بالأمان من كتاب الجهاد رقم 322 صحيفة 115 من هذا الجزء (تخريجه) (م. وغيره) وقد جاء هذا الحديث عند الإمام أحمد موقوفا على أبي هريرة وهو مرفوع عند مسلم وجاء مرفوعا عند الإمام أحمد والشيخين والثلاثة من حديث علي رضي الله عنه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن سعيد ثنا أو عوانة عن عمر بن؟ أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) جاء في رواية (إذا سرق المملوك) بدل عبد أحدكم، وعلى كل حال فالمراد به العبد القن الذي ليس فيه شائبة حرية: وسواء كان المسروق قليلا أو كثيرا النش بفتح النون بعدها شين معجمة، وهو نصف أوقية كما في الطريق الثانية، وهو عشرون درهما باعتبار أن الأوقية كانت أربعين درهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أبق العبد الخ (غريبة) يقال آبق العبد بفتح الباء الموحدة يأبق بكسرها وفتحها أباقا إذا هرب وتأبق إذا استتر وقيل احتبس (تخريجه)

-155 - من عتق عبد بشرط- وعتق العبد إذا ملكه ذو رحم محرم له ----- (عن جرير بن عبد الله) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أبق العبد فلحق بالعدو فمات فهو كافر (أبواب أحكام العتق) (باب من أعتق عبدا أزو شرط عليه خدمة: وحكم من ملك ذا رحم محرم أو أعتق ما لم يملك) (عن سفينة أبي عبد الرحمن) قال أعتقني أم سلمة رضي الله عنهما واشترطت على أن أخدم النبي صلى الله عليه وسلم ما عاش (عن سمرة بن جندب) رضي الله عنه رفعه قال من ملك ذا رحم فهو حر (وعنه بالسند الأول) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ملك ذا رحم محرم فهو عتيق (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده عن

_ (د نس) وحسنه الحافظ السيوطي، قال المناوي ولعله لتقوية بتعدد طرقه وإلا ففيه عمر بن أبي سلمة قال النسائي غير قوي، وفي المنار سنده ضعيف اهـ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مكي ابن إبراهيم ثنا داود يعني ابن يزيد الأودي عن عامر عن جرير الخ (غريبة) قيل إذ ذلك كفر في حق المستحل، وقيل المراد كفر النعمة وحق الإسلام، وقيل إنه فعل كفعل الكفار، وقيل إنه كافر حقيقة والله أعلم (تخريجه) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا حماد بن سلمة ثنا سعيد بن جمهان عن سفينة أبي عبد الرحمن الخ (تخريجه) (نس جه) وأخرجه أيضا (د ك) بزيادة فقلت لو لم تشترطي على ما فارقت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عشت فأعتقني واشترطت علي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا حماد بمن سلمة عن قتادة عن الحسن عن سمرة رفعه الخ (غريبة) قيده في الرواية الثانية بأن يكون محرما وأصل الرحم موضع تكوين الولد استعمل للقرابة، ويقع على كل من بينك وبينه نسب، ويطلق في الفرائض على الأقارب من جهة النساء بفتح الميم وسكون الحاء المهملة وفتح الراء المخففة وكسر الميم الأخيرة، وكان القياس أن يكون بالنصب لأنه صفة ذا لا نعت زحم، ولعله من باب جر كقوله (جحر ضب خرب) بكسر الباب الموحدة، والمحرم هو من لا يحل نكاحه من الأقارب (وقوله فهو عتيق) فعيل بعنى مفعول أي معتوق، ومعناه أنه يعتق عليه بسبب ملكه (تخريجه) (د مذ جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وصححه أيضا الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن يوسف ثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) بفتح أوله أي لا يكافئ ولد والده بما له من الحقوق عليه إلا أن يشتريه فيعتقه، وظاهره أنه لا يعتق بمجرد الشراء بل لا بد من العتق، وبه قالت الظاهرية وخلفهم الجمهور فقالوا أنه يعتق بنفس الشراء محتجين بحديث سمرة المتقدم وتحقيق المقام مذكور في شرحنا الكبير بلوغ الأماني (تخريجه) (م والأربعة وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله

-156 - إذا كان العبد بين اثنين فأعتق أحدهما نصيبه فإن كان موسرا غرم حق شريكه وعتق العبد ----- النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على رجل طلاق فيما لا يملك ولا عتاق فيما لا يملك، ولا بيع فيما لا يملك (باب حكم من أعتق شركا له في عبد أو كان يملك عبدا فأعتق بعضه) (عن ابن عمر) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أعتق شركا له في عبد فكان له ما يبلغ ثمن العبد فإنه يقوم قيمة عدل فيعطى شركاءه حقهم وعتق عليه العبد إلا فقد أعتق ما أعتق (وعنه من طريق ثان) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق نصيبا له في إنسان أو مملوك كلف عتق بقيته فإن لم يكن له مال يعتقه به فقد جاز ما عتق (عن سالم عن أبيه) يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم إذا كان العبد بين إثنين فأعتق أحدهما نصيبه فإن كان موسرا قوم عليه قيمة لا وكس ولا شطط ثم يعتق

_ حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر وعبد الله بن بكر قلا قال ثنا سعيد عن مطر عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبة) أي لا يقع عليه طلاق قبل نكاح لأن الطلاق فرع ملك المتعة، وكذلك لا يصح منع عتاق قبل ملك الرقبة: ولا ينعقد البيع قبل ملك السلعة: والعلماء في ذلك خلاف ذكرته في الشرح الكبير المشار إليه آنفا (تخريجه) (د مذ جه بز هق) وقال البيهقي هو أصح شيء في هذا الباب وأشهر: وقال الترمذي حديث حسن وهو أحسن شيء روى في هذا الباب (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا إسحاق بن عيسى أنبأنا مالك عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) بكسر المعجمة وسكون الراء أي نصيبا له في عبد سواء كان قليلا أو كثيرا أي فكان للذي أعتق مال يبلغ ثمن العبد أي قيمة بقية وهو ما يسع نصيب الشريك، وقد جاء صريحا في رواية النسائي بلفظ (وله مال يبلغ قيمة انصباء شركائه فإنه يضمن لشركائه أنصباءهم ويعتق العبد) (وقوله فإنه يقوم) بضم أوله وتشديد الواو المفتوحة مبنى للمفعول أي يقوم الباقي قيمة عدل بأن لا يزاد على قيمته ولا ينقص عنها بفتح أوله وثانيه ولا يبنى للمفعول إلا إذا كان بهمزة التعدية فيقال أعتق أي وإن لم يكن له مال بأن كان معسرا (فقد أعتق ما أعتق) بالبناء للمفعول في الأول وللفاعل في الثاني يعني فقد صار الجزء الذي أعتقه حرا والباقي رقيقا للشكاء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي أنا يزيد أنا يحيى بن سعيد عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعتق نصيبا الخ (غريبة) أو للشك من الراوي يشك هل قال في إنسان أو قال في مملوك يعني ويدفع للشركاء قيمة نصيبهم فيه كما تقدم وبذلك يكون المملوك حرا (تخريجه) (ق قط هق. والأربعة) (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمرو عن سالم عن أبيه الخ، أبو سالم هو عبد الله بن عمر رضي الله عنهما (غريبة) بفتح الواو وسكون الكاف بعدها سين مهملة أي لا نقص (والشطط) بشين معجمة ثم طاء مهملة مكررة وهو الجور بالزيادة على القيمة

-157 - من أعتق نصيبه في عبد وكان معسرا سعى العبد في تخليص نفسه بما أعتق به ----- (عن أبي هريرة) رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان له شقص في مملوك فأعتق نصفه فعليه خلاصه إن كان له مال، فإن لم يكن له مال استسعى العبد في ثمنه رقبته غير مشقوق (وعنه من طريق ثان مرفوعا) عن أعتق شقصا له في عبد فخلاصه في ماله إن كان له مال، فإن لم يكن له مال استسعى العبد غير مشقوق عليه (وعنه أيضا) أن رجلا أعتق شقصا من مملوك فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم عتقه وغرمه بقية ثمنه (عن أبي المليح عن أبيه) أن رجلا من هذيل أعتق شقيصا له من مملوك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو حر كله،: ليس لله تبارك وتعالى شريك (حدثنا عبد الله) حدثني أبي حدثنا عبد الرازق حدثنا معمر بن حوشب حدثني إسماعيل بن أمية عن أبيه عن جده قال كان لهم غلام يقال له طهران أو ذكوان فأعتق جده، فجاء العبد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال

_ من قولهم شطنى فلان إذا شق عليك وظلمك حقك (تخريجه) (خ. وغيره) (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا سعيد عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك (بفتح النون وكسر الهاء) عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر الشين المعجمة وسكون القاف وفي بعض الروايات شقيص (بفتح الشين وكسر القاف) والشقص مثل النصف والنصيف وهو القليل من كل شيء، وقيل هو النصيب قليلا أو كثيرا أي نصف المملوك على تقدير أن له النصف فيه أي فعليه خلاص من الرق بأن يدفع قيمة النصف الباقي لشريكه أن كان من ذوي اليسار ليتم حرية المملوك قال العلماء معنى الاستسعاء في هذا الحديث أن العبد يكلف الاكتساب والكلب حتى تحصل قيمة نصيب الشريك الآخر، فإذا دفعها إليه عتق، هكذا فسره جمهور القائلين بالاستعساء، وقال بعضهم هو أن يخدم الذي لم يعتق بقدر ماله فيه الرق، فإن كان له النصف مثلا خدمة نصف اليوم وهو حر في بقيته: وإن كان له الثلث خدمة ثلث اليوم وهكذا، وعلى هذا تتفق الأحاديث والله أعلم أي لا يكلف ما يشق عليه من جهة سيده المذكور فلا يكلفه من الخدمة فوق حصته (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن ناهيك عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أعتق شقصا الخ (تخريجه) (ق د مذ جه وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن النضر بن أنس عن بشير عن نهيك عن أبي هريرة أن رجلا أعتق شقصا الخ (غريبة) الظاهر أن هذا الرجل كان موسرا ولذا ألزمه النبي صلى الله عليه وسلم بقيمة نصيب شريكه في المملوك (تخريجه) (د) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا همام بن يحيى عن قتادة عن أبي المليح عن أبيه الخ (تخريجه) (د نس) ورجاله رجال الصحيح (غريبة) أبوه أمية

-158 - من قال لعبده أنت حر بعد موتي فاحتاج فله بيعه وسد حاجته ----- النبي صلى الله عليه وسلم تعتق في عتقك وترق في رقك قال وكان يخدم سيده حتى مات، قال عبد الرازق وكان معمر يعني ابن حوشب رجلا صالحا (عن سعيد بن المسيب) قال حفظنا عن ثلاثين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من أعتق شقصا له في مملوك ضمن بقيته (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أنه من أعتق شركا له في مملوك فعليه جواز عتقه إن كان له مال (باب ما جاء في التدابير وجواز بيع المدبر لحاجة) (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما أن رجلا من الأنصار يقال له مذكور (وفي لفظ أبو مذكور) أعتق غلاما له غلاما له يقال له يعقوب عن دبر لم يكن له مال غيره، فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال من يشتريه من يشتريه؟ فاشتراه نعيم بن عبد الله النحام (زاد في رواية ختن عمر بن الخطاب) بثمانمائة درهم فدفعهما إليه، وقال إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه، وإن كان

_ المذكور وجده عمرو بن سعيد بن العاص معناه أنك تصير حرا بمقدار ما فيك من الحرية: وتصير رقيقا تخدم سيدك الذي لم يعتقك بمقدار ما فيك من الرق يحتمل أنه كان يخدم سيده على الجوام متبرعا بالمقدار الذي فيه من الحرية لسيده، ويحتمل أنه كان يخدمه بمقدار ما فيه من الرق حتى مات (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وهو مرسل لأن عمرو بن سعيد لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم كما حققه الحافظ في الإصابة، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد زهز مرسل ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال ثنا حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن سعيد ابن المسيب الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه الحجاج بن أرطاة وهو ثقة ولكنه مدلس وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) تعضده أحاديث الباب هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وتخريجه في باب جامع في قضايا حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الأرضية والأحكام ومعناه يستفاد مما تقدم والله أعلم (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن أبي الزبير عن جابر الخ (غريبة) المحفوظ في معظم الروايات أبو مذكرو هو يعقوب القبطي كما يستفاد من الطريق الثنية (وقوله عن دبر) بضم الدال المهملة والباء الموحدة هو العتق في دبر الحياة كأن يقول السيد لعبد أنت حر بعد موتي أو إذا مت فأنت حر: وسمي السيد مدبر بصيغة أي الفاعل لأنه دبر أمر دنياه باستخدام ذلك المدبر واسترقاقه: ودبر أمر آخرته بإعتاقه وتحصيل أجر العتق بضم النون مصغرا والنحام بفتح النون وتشديد الحاء المهملة المفتوحة صفة له ووصف بالنحام لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال دخلت الجنة فسمعت نحمة نعيم فيها، والنحمة السلعة ختن الرجل بالتحريك أبو زوجته والأختان من قبل المرأة، والإحماء من قبل الرجل، والصهر يجمعهما أي لا مال له ولا كسب يقع موقعا من كفايته كان هنا تامة بمعنى وجد وفضلا مفعول (وقوله

-159 - قصة عائشة رضي الله عنها مع جاريتها التي علقت على موتها ----- فضلا فعلى عياله، وإن كان فضلا فعلى ذوي قرابته أو قال على ذوي رحمه وإن كان فضلا فها هنا وها هنا (وعنه من طريق ثان) بنحوه وفيه، فقال عمرو قال جابر غلام قبطي ومات عام الأول زاد فيها أبو الزبير يقال له يعقوب (وعنه أيضا) أن رجلا دبر عبدا له وعليه دين فباعه النبي صلى الله عليه وسلم في دين مولاه (وعنه من طريق ثان) أن النبي صلى الله عليه وسلم باع المدبر (عن عمرة) قالت اشتكت عائشة فطال شكواها، فقدم إنسان المدينة يتطبب فذهب بنو أخيها يسألونه عن وجعها، فقال والله إنكم تنعتون نعت امرأة مطبوبة، قال هذه امرأة مسحورة سحرتها جارية لها، قالت نعم أردت أن تموتي فأعتق، قال وكانت مدبرة قالت بيعوها في أشد العرب ملكة واجعلوا ثمنها في مثلها

_ فعلى عياله) أي الذين يعولوهم وتلزمه نفقتهم أو للشك من الراوي والمراد الجميع من أصوله وفروعه وذوي رحمه، يقدم الأقرب فالأقرب والأحوج هو كناية عن الإنفاق في وجوه الخير المعبر عنه في رواية باليمين والشمال (قال النووي) إن الابتداء في النفقة على هذا الترتيب، وأن الحقوق إذا تزاحمت قدم الآكد فالآكد وأن الأفضل في صدقة التطوع في تنويعها في جهات البر والمصلحة اهـ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جرير أنا عمرو بن دينار أنه سمع جابر بن عبد الله يقول اعتق رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما له ليس له مال غيره على دبر منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يبتاعه مني؟ فقال نعيم بن عبد الله أنا أبتاعه، فقال عمرو قال جابر غلام قبطي الخ هو ابن دينار أحد رجال السند يعني في إمارة ابن الزبير كما صرح بذلك في رواية عند مسلم أي في روايته، وأبو الزبير لم يذكر في رجال هذه الرواية وإنما ذكر في سند الطريق الأولى وتقدمت زيادته فيها (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود ثنا شريك عن سلمة بن كهيل عن عطاء عن جابر أن رجلا دبر عبد الله الخ (غريبة) زاد النسائي وكان محتاجا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم باع المدبر فسره العلماء بالمدبر الذي على سيده دين أو باعه لحاجة ضرورية كالنفقة ونحوها كما يستفاد ذلك من الطريق الأولى (تخريجه) (خ جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا يحيى عن ابن أخي عمرة ولا أدري هذا أو غيره عن عمرة الخ (غريبة) أي مرضت أي يعاني الطب ولا يعرفه معرفة جيدة أي تصفوه صفة امرأة مطبوبة أي مسحورة، كني بالطب عن السحر تفاؤلا بالبر كما كنوا بالسليم عن اللديغ هذا جواب عن سؤال لم يذكر في الحديث، وكأن عائشة سألتها هل قول الطبيب صحيح؟ فقالت نعم أردت أن تموتي فأعتق، وإنما فعلت ذلك لأن عائشة رضي الله عنها دبرت عتقها بعد موتها فاستعجلت الجارية وأرادت أن تقتلها لتعتق، فكان الإحسان إليها سببا في إساءتها لسيدتها، وهذا لا يصدر إلا من النفس

-160 - تفسير قوله صلى الله عليه وسلم أيما عبد كاتب على مائة دينار فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد ----- (باب ما جاء في المكاتب) (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما عبد كوتب على مائة أوقية فأداها إلا عشر أوقيات فهو رقيق (وعنه من طريق ثان) أيما عبد كاتب على مائة أوقية فأداها إلا عشرة أواق فهو عبد، وأيما عبد كاتب على مائة دينار فأداها إلا عشرة دنانير فهو عبد (عن أم سلمة) زوج النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان لأحداكن مكاتب فكان عنده ما يؤدي فليتحجب منه (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المكاتب يودي ما أعتق منه بحساب الحر وما أرق منه

_ الخبيثة ولذلك أمرت عائشة بيعها في أشد العرب ملكة (بفتحات) أي للأعراب الذين لا يحسنون إلى المماليك (تخريجه) (هق والأمامان) مالك في الموطأ والشافعي في مسنده: وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح (باب) أي هذا باب ما ورد من الأحاديث في حكم المكاتب بفتح التاء المثناة من فوق: وهو المملوك الذي كاتبه سيده على مال يؤديه إليه منجما أي مقسطا فإذا صار حرا والاسم الكتابة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا حجاج عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) أي مملوك فيشمل الأمة أيضا (وكوتب) مبنى للمفعول أي كاتبه سيده على مائة أوقية مثلا، والأوقية الهمزة بضم الهمزة وتشديد الياء التحتية اسم لأربعين درهما في ذلك الزمن أي مملوك لسيده حتى يؤدي ما بقي عليه من الكتابة ولو كان الباقي درهما كما صرح بذلك رواية لأبي داود من حديث عمرو بن شعيب مرفوعا بلفظ (المكاتب عبد ما بقي عليه من مكاتبته درهم) وهذا مذهب الجمهور ونقل عن علي رضي الله عنه أنه يعتق منه بقدر ما أدى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا عباس الجزري ثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما عبد الحديث، وفي آخره بعد قوله فهو عبد هذه الجملة (كذا قال عبد الصمد عباس الجزري كان في النسخة عباس الجويري فأصلحه أبي كما قال عبد الصمد الجزري) اهـ (قلت) هو في سنن أبي داود والمستدرك للحاكم عباس الجريري والله أعلم (تخريجه) (د مذ جه ك) وصحح إسناده الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا سفيان بن عيينه عن الزهري عن نسبهان عن أم سلمة الخ (غريبة) ظاهر الأمر الوجوب، معناه إذا كان معه المكاتب من المال ما في بما عليه من مال الكتابة فيجب على مولاته أن تحتجب منه وإن لم يكن قد سلمها المال المذكور وهو يقتضي أن يصير حرا أيضا: لكن قيل إنه محمول على الندب (انظر أحكام المكاتب في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 135 - 136 في الجزء الثاني) (تخريجه) (فع د مذ جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبان العطار ثنا يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) بضم أوله

-161 - كلام العلماء في حكم المكاتب- وما جاء في أم الولد ----- بحساب العبد (عن علي) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يودي المكاتب بقدر ما أدى (باب ما جاء في أم الولد) (عن ابن عباس) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما امرأة ولدت من سيدها فهي متعلقة عن دبر منه أو قال من بعده وربما قالهما جميعا (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: كنا نبيع سرارينا أمهات أولادنا والنبي صلى الله عليه وسلم فينا حي لا يرى بذلك بأسا (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال كنا نبيع أمهات الأولاد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن الخطاب بن

_ وتخفيف الدال المهملة مفتوحة بلفظ المجهول من ودى يدى دية، أي يؤدي الجاني عليه من ديته أو أرشه لما كان منه حرا بحساب دية الحر وأرشه، ولما كان منه عبدا بحساب دية العبد وأرشه (قال الخطابي) أجمع عامة الفقهاء على أن المكاتب عبد ما بقي عليه درهم في جنايته والجناية عليه، ولم يذهب إلى هذا الحديث من العلماء فيما بلغنا إلا إبراهيم النخعي، وقد روى في ذلك أيضا شيء عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه، وإذا صح الحديث وجب القول به إذا لم يكن منسوخا أو معارضا بما هو أولى منه والله أعلم (تخريجه) (د نس مذ) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله ثقات: رواه النسائي مرسلا ومسندا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا أيوب عن عكرمة عن علي الخ (تخريجه) (هق) وسنده جيد وقال أبو داود رواه وهيب عن أيوب عن عكرمة عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم وأرسله حماد بن زيد وإسماعيل عن أيوب عن عكرمة عن النبي صلى الله عليه وسلم وجعله إسماعيل ابن علية من قول عكرمة (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا شريك عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) أي وطئها فحملت ثم وضعت وادعاه سواء أكان ذكرا أم أنثى وهي التي يقال لها أم ولد أي في دبر حياته يعني بعد موته أو للشك من الراوي أي من بعد حياته أي وربما قال عن دبر منه بعده فيكون قوله من بعده تفسيرا لقوله منه والله أعلم (تخريجه) (جه ك هق) وله طرق وفي إسناده الحسين بن عبد الله الهاشمي ضعيف جدا، وقد رجح جماعة وقفه على عمر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير عن جابر أنه سمعه يقول كنا نبيع سرارينا الخ (غريبة) رواية ابن ماجة لا نرى بالنون بدل الياء التحتية، ورواه ابن أبي شيبة بالياء كرواية الإمام أحمد وهذا الحديث والذي بعده يعارضان حديث ابن عباس الذي قبلهما، ويجمع بين ذلك بأن جواز بيع أمهات الأولاد كان في العصر الأول ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك في آخر حياته ولم يشتهر ذلك إلا بعد وفاه كما يستفاد ذلك من حديث آخر عن جابر قال (كنا نبيع سرارينا أمهات أولادنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر، فلما كان عمر نهانا فانتهينا) رواه (د جه هق حب) (تخريجه) () فع جه ش هق سنده صحيح ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر

-162 - خلاف الصحابة في بيع أم الولد هل يجوز أم لا؟ وكلام العلماء في ذلك ----- صالح عن أمه) قالت حدثتني سلامة بنت معقل قالت كنت للحباب بن عمرو ولي منه غلام، فقالت امرأة الآن تبايعن في دينه فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صاحب تركة الحباب بن عمرة؟ فقالوا أخوه أبو اليسر كعب بن عمرو فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال لا تبيعوها وأعتقوها، فإذا سمعتم برقيق قد جائني فاتوني أعوضكم ففعلوا فاختلفوا فيما بينهم بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال قوم أم الولد مملوكة لولا ذلك لم يعوضهم رسول الله صلى الله عليه وسلم منها، وقال بعضهم هي حرة قد أعتقها رسول الله صلى الله عليه وسلم ففي كان الاختلاف (باب ما جاء في ولاة المعتق ولمن يكون) (عن عروة عن عائشة) رضي الله عنها أن بريرة جاءت تستعينها في كتابتها ولم تكن قضت من كتابتها شيئا، فقالت لها عائشة ارجعي إلى أهلك فإن أحبوا أن أقضي عنك كتبتك ويكون ولاؤك لي فعلت فذكرت ذلك بريرة لأهلها فأبوا وقالوا إن شاءت إن تحتسب عليك فلتفعل وليكن

_ ثنا شعبة عن زيد أبي الحواري قال سمعت أبا الصديق يحدث عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده زيد أبو الحواري بفتح المهملة العمي بفتح العين المهملة البصري قاضى هراة ضعفه أبو حاتم والنسائي وابن عدي، وقال الإمام أحمد والدر قطني صالح، ومعناه كالذي قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي إسحاق بن إبراهيم الرازي قال ثنا سلمة بن الفضل قال حدثني محمد بن إسحاق عن الخطاب بن صالح عن أمه الحديث (غريبة) لفظ أبي داود قالت قدم بي عمي في الجاهلية فباعى من الحباب بن عمرو أخي أبي اليسر بن عمرو فولدت له عبد الرحمن بن الحباب ثم هلك فقالت امرأته الآن والله تباعين في دينه الخ لفظ أبي داود قالت فأعتقوني وقدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم رقيق فعوضهم مني غلاما، (وقولها ففي كان الاختلاف) تعني اختلاف الصحابة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم انظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 139 في الجزء الثاني (تخريجه) (د هق طب) قال المنذري في إسناده محمد بن إسحاق (يعني أنه ثقة لكنه مدلس وقد عنعن) وقال الخطابي إسناده ليس بذاك وذكر البيهقي أنه أحسن شيء روى فيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا بعد أن ذكر أحاديث في أسانيدها مقال (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى قال حدثني ليث قال حدثني ابن شهاب عن عروة عن عائشة الخ (غريبة) بفتح الباء الموحدة وبراءين بينهما تحتية بوزن جميلة وكانت لناس من الأنصار كما وقع عند أبي نعيم، وقيل لناس من بني هلال قاله ابن عبد البر المراد بالأهل هنا السادة والأهل في الأصل الآل، وفي الشرع من تلزمك نفقته ظاهر أن عائشة رضي الله عنها طلبت أن يكون الولاء لها إذا بذلت جميع مال الكتابة ولم يقع ذلك إذ لو قع لكان اللوم على عائشة بطلبها ولاء من أعتقه غيرها، وقد رواه أبو أسامة بلفظ يزيل الإشكال

-163 - ما جاء في ولاء المعتق ولمن يكون؟ ----- لنا ولاؤك، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إبتاعي فأعتقني فإنما الولاء لمن أعتق، قالت ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما بال أناس يشترطون شروطا ليست في كتاب الله عز وجل، من اشترط شرطا ليس في كتاب الله عز وجل فليس له وأن شرط مائة مرة، شرط الله عز وجل أحق وأوثق (وعنه أيضا عن عائشة) رضي الله عنها أن بريرة أتتها تستعينها وكانت مكاتبة، فقالت لها عائشة أيبيعك أهلك؟ فأتت أهلها فذكرت ذلك لهم، فقالوا لا إلا أن تشترط لنا ولاؤها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اشتريها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق (عن ابن عمر) رضي الله عنهما أن عائشة أرادت أن تشتري بريرة فأبى أهلها أن يبيعوها إلا أن يكون لهم ولاءها، فذكرت ذلك عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتريها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعطى الثمن.

_ فقال (أن أعدها لهم عدة واحدة وأعتقك ويكون ولاؤك لي فعلت) وكذلك وقع عند الإمامين من تشتريها شراء صحيحا ثم تعتقها، إذ العتق فرع ثبوت الملك، ويؤيده قول النبي صلى الله عليه وسلم (إبتاعي فأعتقي) (والمراد بالولاء هنا) ولاء العتق، وهو ميراث يستحقه المرء بسبب عتق شخص في ملكه، يعني إذا مات المعتق (بفتح التاء الفوقية) ورثه معتقة، وكانت العرب تبيع الولاء وتهبه فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عنه بقوله (الولاء لحمه النسب لا يباع ولا يوهب) (ك هق) عن ابن عمر والطبراني عن عبد الله بن أبي أوفى وصححه الحافظ السيوطي، وحيث أنه كالنسب فلا يزول بالإزالة أي ما شأنهم وقوله (يشترطون شروطا ليست في كتاب الله) أي ليست في حكمه ولا على موجب قضاء كتابه لأن كتاب الله تعالى أمر بإطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم وأعلم أن سنته بيان له: وقد جعل الرسول صلى الله عليه وسلم الولاء مائة مرة توكيدا فالشرط باطل، وإنما حمل ذلك على التوكيد لأن الدليل قد دل على بطلان جميع الشروط التي ليست في كتاب الله فلا حاجة إلى تقييدها بالمائة فإنها لو زاد عليها كان الحكم كذلك أي أحق وأوثق بالعمل به، يريد صلى الله عليه وسلم ما أظهره وبينه بقوله (إنما الولاء لمن أعتق) (تخريجه) (ق والإمامان وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (غريبة) هذه الرواية تبين أن المراد بقولها في الرواية السابقة (أن أقضي عنك كتبك) شراءها بقيمة كتابها ثم تعتقها (تخريجه) (ق. وغيرهما) ولم يذكر البخاري لفظ فأعتقيها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد عن همام عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (ق والإمامان وأبو داود والنسائي) لكن قال مسلم فيه عن عائشة جعله من مسندها

كتاب اليمين والنذر

-164 - النهي عن الحلف بغي الله عز وجل ----- (كتاب اليمين والنذر) (باب في أن اليمين لا تكون إلا بالله عز وجل والنهي عن الحلف بالآباء) (عن ابن عمر) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان حالفا فلا يحلف إلا بالله عز وجل وكانت قريش تحلف بآبائها فقال لا تحلفوا بآبائكم (عن سعد بن عبيدة) قال كنت مع ابن عمر في حلقة فسمع رجلا في حلقة أخرى وهو يقول لا وأبي، فرماه ابن عمر بالحصى وقال إنها كانت يمين عمر فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عنها وقال أنها شرك (وعنه من طريق ثان) بنحوه وفيه فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم وقال من حلف بشيء دون الله تعالى فقد أشرك، وقال الآخر وهو شرك (عن عمر رضي الله عنه) أنه قال لا وأبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه من حلف بشيء دون الله فقد أشرك (عن سالم عن أبيه) أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع عمر وهو يقول وأبي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم فإذا حلف

_ (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيد بن أبي قرة ثنا سليمان يعني ابن بلال عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر الخ (غريبة) أي من كان مريدا للحلف فلا يحلف إلا بالله عز وجل، أي بأسمائه وصفاته وماعدا ذلك يكره الحلف به سواء في ذلك النبي صلى الله عليه وسلم والكعبة والملائكة ونحو ذلك وجه النهي أن الحلف يقتضي تعظيم المحلوف به، والعظمة مختصة بالله تعالى حقيقة فلا يضاهي به غيره، وأما الله عز وجل فله أن يحلف بما شاء من مخلوقاته تنبيها على شرفه وأنشد في هذا المعنى: (ويقبح من سواك الشيء عندي وتفعله فيحسن منك ذاكا) (تخريجه) (ق نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة الخ (غريبة) معناه أن من حلف بأبيه أو بشيء دون اسم الله عز وجل أو صفة من صفاته فقد أشرك كما صرح بذلك في الطريق الثانية (قال الحافظ) والتعبير بقوله فقد كفر أو أشرك للمبالغة في الزجر والتغليظ في ذلك، وقد تمسك به من قال بتحريم ذلك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن أبيه والأعمش ومنصور عن سعد بنم عبيدة عن ابن عمر قال كان عمر يحلف وأبي فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم الخ معناه أن بعض الرواة قال فقد أشرك وبعضهم قال وهو شرك (تخريجه) (د ك حب مذ) وقال هذا حديث حسن ولفظه مختلف والمعنى واحد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا إسرائيل ثنا سعيد بن مسروق عن سعد ابن عبيدة عن ابن عمر عن عمر الخ (غريبة) هو اسم فعل أمر بمعنى انكفف (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه (يعني عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما الخ

-165 - النهي عن الحلف بالآباء والطواغيت ----- أحدكم فليحلف بالله أو ليصمت قال عمر فما حلفت بها بعد ذاكرا ولا آثرا (عن عمر رضي الله عنه بنحوه) وفيه: قال عمر فو الله ما حلفت بها منذ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها ولا تكلمت بها ذاكرا ولا آثرا (وعنه أيضا) قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة فحلفت لا وأبي فهتف بي رجل من خلفي فقال لا تحلفوا بآبائكم فإذا هو النبي صلى الله عليه وسلم (عن عبد الرحمن بن سمرة) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تحلفوا بآبائكم ولا بالطواغيت وقال يريد والطواغي (باب ما جاء في الحلف بالكعب) (عن سعد بن عبيده) قال كنت جالسا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فجئت سعيد بن المسيب وتركت عنده

_ (غريبه) بضم الميم أي يسكت عن الحلف بغير الله وظاهره أن اليمين بالله عز وجل مباحة، لأن أقل مراتب الأمر الإباحة، وإليه ذهب الأكثر وهو الصحيح نقلا، لأن النبي صلى الله عليه وسلم حلف كثيرا وأمره الله به حيث قال (قل إي وربي إنه لحق) ونظرا لأنه تعظيم لله تعالى (بمد الهمزة وكسر المثلثة أي حاكيا عن غيري أي ما حلفت بأبي عامدا ولا حاكيا من غيري، واستشكل بأن الحاكي لا يسمى حالفا، وأجيب بأن العامل محذوف أي ولا ذكرتها آثرا عن غيري، أو ضمن حلفت معنى تكلمت، أو معناه يرجع إلى التفاخر بالآباء فكأنه قال ما حلفت بآبائي بن شعيب بن أبيس حمزة قال حدثني أبي عن الزهري قال أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر أخبره أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل ينهاكم أن تحلفوا بآبائكم قال عمر فو الله الخ (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله الزبيري ثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس عن عمر رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي صاح (تخريجه) (ش) سنده عن الإمام أحمد جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا هشام عن ابن عون عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة الخ (غريبة) هو جمع طاغوت وهو الصنم، ويطلق على الشيطان أيضا، ويكون الطاغوت واحدا وجمعا ومذكرا ومؤنثا قال تعالى (والذين اجتنبوا الطاغوت أن يعبدوها) وقال تعالى (يريدون أن يتحاكموا إلى الطاغوت) معناه أن يزيد بن هارون أحد الرواة قال في روايته (والطواغي) والطواغي هي الأصنام كما قال أهل اللغة واحدها طاغية، ومنه هذه طاغية دوس أي صنمهم ومعبودهم سمى باسم المصدر لطغيان الكفار بعبادته لأنه سبب طغيانهم وكفرهم، وعلى هذا فقوله (والطواغي) عطف تفسير على الطواغيت لأنه معناه والله أعلم (تخريجه) (م نس جه) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن منصور عن سعد بن عبيدة قال كنت جاسا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الخ (غريبة) يعني عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما

-166 - النهي عن الحلف بالكعبة وأن المشيئة لا تكون إلا الله عز وجل ----- رجلا من كنده فجاء الكندي مروعا (أي خائفا) فقلت ما وراءك؟ قال جاء رجل إلى عبد الله بن عمر آنفا فقال أحلف بالكعبة؟ فقال احلف برب الكعبة، فإن عمر كان يحلف بأبيه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا تحلف بابيك فإنه من حلف بغير الله فقد أشرك (عن قتيلة بنت صيفي) الجهنية رضي الله عنها قالت أتى حبر من الأحبار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد نعم القوم أنتم لولا أنكم تشركون قال سبحان الله وما ذاك قال تقولون إذا حلفتم والكعبة قالت فأمهل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا ثم قالت إنه قد قال فمن قال ما شاء الله فليفصل

_ لفظ الترمذي فقد كفر أو أشرك، وفي بعض نسخ الترمذي فقد كفر وأشرك بواو العطف (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن وتفسير هذا الحديث عند بعض أهل العلم أن قوله فقد كفر أو أشرك على التغليظ اهـ (قلت) في إسناده عند الإمام أحمد رجل لم يسم، وإنما حسنه الترمذي لأنه رواه عن سعد عن عبيدة عن ابن عمر وقد ثبت سماع سعد بن عبيدة من ابن عمر من طريق وكيع عن الأعمش، وتقدم في الحديث الثاني من الباب السابق، ورواه أيضا الحاكم في المستدرك عن عبيدة عن ابن عمر وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا يحيى المسعودي قال حدثني معبد بن خالد عن عبد الله بن يسار عن قتيلة بنت صيفي الخ (قتيلة) بضم القاف ثم تاء مثناة فوق مفتوحة ثم ياء تحتية ساكنة صحابية، قال أبو عمر كانت من المهاجرات الأول، وروى عنها عبد الله بن يسار (غريبة) بفتح الحاء المهملة وكسرها هو العالم جمعه أحبار، وكان يقال لابن عباس الحبر لعلمه وسعته، والمراد هنا عالم من علماء اليهود جاء في رواية النسائي (إن يهوديا أتي النبي صلى الله عليه وسلم) فقال يا محمد إنكم تنددون "أي تجعلون لله أندادا " وإنكم تشركون تقولون ما شاء الله وشئت) (وقوله هنا لولا أنكم تشركون) أي تجعلون لله شركاء فقال النبي صلى الله عليه وسلم (سبحان الله) أي أنزه الله عن أن يكون له شريك، فمعنى سبحانه التقديس والتنزيه، وتكون أيضا بمعنى التعجب فكأنه يتعجب من قول اليهودي إنهم يشركون بالله أي تقسمون بها مع أن القسم لا يكون إلا باسم من أسماء الله أو بصفة من صفاته، فكأنهم لما أقسموا بالكعبة جعلوا لله شريكا فيما هو مختص به أي آخر الجواب عن اليهودي شيئا من الزمن (ثم قالت) يعني (إنه قد قال) تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم (فمن حلف فليحلف برب الكعبة) يعني يقول ورب الكعبة لا يقول والكعبة أي مماثلا بفتح التاء المثناة من فوق يعني أنهم يشركون النبي صلى الله عليه وسلم في مشيئته فيقولون ما شاء الله وشاء محمد، وقد جاء ذلك صريحا في حديث حذيفة بن اليمان

-167 - كلام العلماء في حكم من حلف باللات والعزى ومن قال لصاحبه تعال أقامرك ----- بينهما ثم شئت (باب من حلف باللات والعزى ومن قال لصاحبه تعال أقامرك) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف فقال في حلفه واللات فليقل لا إله إلا الله ومن قال لصاحبه تعال أقامرك فليتصدق بشيء (عن مصعب بن سعد) عن أبيه رضي الله عنه قال حلفت باللات والعزى فقال أصحابي قد قلت هجرا فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت إن العهد كان قريبا وإني حلفت باللات والعزى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا إله إلا الله وحده ثلاثا ثم انفث عن يسارك ثلاثا

_ وتقدم في الباب الأول رقم 38 من الجزء الأول في كتاب التوحيد فارجع إليه أي يفصل بينهما بلفظ ثم، فيقول ما شاء الله ثم شئت (تخريجه) (نس طب) وابن سعد وصححه النسائي وأخرجه أيضا (ك) في المستدرك وصححه وأقره الذهبي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة الخ (غريبة) هو اسم صنم اتخذوه إلاها يعبدونه اشتقوا له إسما من أسماء الله تعالى فقالوا من الله اللات يعنون مؤنثة منه تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وحكى عن ابن عباس ومجاهد والربيع بن أبي أنس أنهم قرءوا اللات بتشديد التاء وفسروه بأنه كان رجلا يلث للحجيج في الجاهلية السويق فلما مات عكفوا على قبره فعبدوا إنما أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يقول لا اله إلا الله لأنه تعاطى تعظيم صورة الأصنام حين حلف بها: فقوله لا اله إلا الله ينافي تعظيم الأصنام: وفيه رجوع إلى الله عز وجل واعتراف له بالوحدانية، وللعلماء كلام منهما أن يغلب على صاحبه في فعل أو قول ليأخذ مالا جعلاه للغالب: وهذا حرام بالإجماع، إلا أنه استثنى منه سباق الخيل بالكيفية التي تقدمت في بابه (وقوله بشيء) (تخريجه) (ق نس. وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن مصعب بن سعد عن أبيه الخ (مصعب) أبوه سعد بن أبي أبي وقاص الصحابي أحد العشرة المبشرين بالجنة (غريبة) أي بلا قصد بل على طريق جري العادة بينهم لأنهم كانوا قريبي عهد بالجاهلية بدليل قوله إن العهد كان قريبا، واللات تقد الكلام عليه (والعزى) مشتقة من العزيز قال بن جرير كانت شجرة عليها بناء وأستار بنخلة، وهي بين مكة والطائف كانت قريش يعظمونها كما قال أبو سفيان يوم أحد. لنا العزي ولا العزى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا الله مولانا ولا مولا لكم بضم فسكون هو القبيح من الكلام زاد النسائي لا شريك له، وإنما أمره بذلك استدراكا لما فاته من تعظيم الله تعالى في محله ونفيا من تعظيم الأصنام صورة، وأما من قصد الحلف بالأصنام تعظيما لها فهو كافر نعوذ بالله من ذلك أي إتفل كما صرح بذلك في رواية

-168 - حكم من حلف بملة سوى الإسلام ----- وتعوذ ولا تعد (باب من حلف بملة سوى الإسلام ومن قال أنه برئ من الإسلام) (عن ثابت بن الضحاك) الأنصاري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف بملة سوى الإسلام كاذبا فهو كما قال (عن ابن بريدة عن أبيه) قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم من حلف أنه بريئ من الإسلام فإن كان كاذبا فهو كما قال وإن كان صادقا فلن يرجع إلى الإسلام سالما (باب من حلف باسم من أسماء الله عز وجل أو صفة من صفاته) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أنه سمع رسول اله صلى الله عليه وسلم قال والله إني لأستغفر الله وأتوب إليه في اليوم أكثر من سبعين مرة (عن ابن عمر رضي الله عنهما) قال كانت

_ النسائي ولفظه (وتعوذ بالله من الشيطان الرجيم ثلاث مرات واتفل عن يسارك ثلاث مرات ولا تعدله) (تخريجه) (نس جه) وسنده حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا هشام ويزيد قال أنا هشام قال حدثني يحيى عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعن المؤمن كقتله: ومن قتل نفسه بشيء في الدنيا عذب به في الآخرة، وليس على رجل مسلم نذر فيما لا يملك، ومن رمى مؤمنا بكفر فهو كقتله، ومن حلف بملة سوى الإسلام الخ (غريبة) الملة بكسر الميم وتشديد اللام الدين والشريعة، وهي نظرة في سياق الشرط فتعم جميع الملل من أهل الكتاب كاليهودية والنصرانية ونحوهم زاد مسلم وابن ماجة متعمدا: وظاهره أنه في اليمين على الماضي إذ الكذب حال اليمين يظهر فيه: ويمكن أن يقال كاذبا حال المقدرة: أي مقدار كذبه فينطبق على اليمين في المستقبل (فهو كما قال) ظاهره أنه يصير كافرا بضعفه في دينه وخروجه عن الكمال فيه (قال القاضي عياض) يستفاد من ذلك أن الحالف متعمدا إن كان مطمئن القلب بالإيمان وهو كاذب في التعظيم لها احتمل (تخريجه) (ق نس مذ جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب من كتابه حدثني حسين (بن واقد) حدثني ابن بريدة عن أبيه الخ (غريبة) قال الحافظ يحتمل أن يكون المراد بهذا الكلام التهديد والمبالغة في الوعيد لا الحكم كأنه قال فهو مستحق مثل عقاب ما قال، ونظيره (من ترك الصلاة فقد كفر) أي استوجب عقوبة من كفر، وقال ابن المنذر ليس على إطلاقه في نسبته إلى الكفر بل المراد أنه كاذب كذب المعظم لتلك الجهة أي فيما علق عليه البراءة (فلن يرجع إلى الإسلام سالما) أي من اللوم لأنه بقوله هذا خرج عن الحد الكمال والله أعلم (تخريجه) (نس جه) وصححه النسائي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا ليث عن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبة) هذا موضع الدلالة من الحديث حيث أقسم صلى الله عليه وسلم باسم الله، وفيه استحباب كثرة الاستغفار والتوبة كل يوم وإن لم يذنب (تخريجه) (خ وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع

-169 - كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم ----- يمين النبي صلى الله عليه وسلم التي يحلف عليها: لا ومقلب القلوب (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال كنا مع رسول اله صلى الله عليه وسلم في المسجد، فلما قمنا معه، فجاء أعرابي فقال أعطني يا محمد، قال فقال لا وأستغفر الله، فجذبه فخدشه قال فهموا به، قال دعوه، قال ثم أعطاه، قال وكانت يمينه أن يقول لا وأستغفر الله (وفي حديث عبد الله بن مسعود) قال: قام فينا رسول اله صلى الله عليه وسلم فقال والذي لا اله إلا غيره لا يحل دم رجل مسلم الحديث (وعن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول اله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لا يسمع بي أحد من هذه

_ ثنا سفيان عن موسى قال وكيع نرى أنه ابن عقبة عن سالم عن ابن عمر الخ (غريبة) المراد باليمين المحلوف به: وقوله عليها بمعنى بها لا نفي الكلام السابق، ومقلب القلوب هو المقيم به، والمراد بتقلب القلوب تقلب أحوالها لا ذواتها، وفيه جواز تسمية الله عز وجل بما ثبت من صفاته على وجه يليق به، قال القاضي أبو بكر بن العربي في الحديث جواز تسمية الله عز وجل بما ثبت من صفاته على وجه يليق به، قال القاضي أبو بكر بن العربي في الحديث جواز الحلف بأفعال الله تعالى إذا وصف بها ولم يدرك اسمه تعالى والله أعلم، قال الراغب تقليب القلوب والأبصار صرفها عن رأي إلى رأي، قال ويعبر بالقلب عن المعاني التي تختص به من الروح والعلم والشجاعة (تخريجه) (خ والأربعة وغيرهم) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب القرشي عن أبيه أنه سمع أبا هريرة يقول كنا مع رسول اله صلى الله عليه وسلم في المسجد الخ (غريبة) قال الطبي الوجه في معناه أن يقال أن الواو في قوله واستغفر الله للعطف وهو يقتضي معطوفا عليه محذوفا والقرينة لفظ- لا- لأنها لا يخلوا إما أن تكون توطئة للقسم كما في لا أقسم، أورد للكلام السابق وإنشاء، وعلى كلا التقديرين المعنى لا أقسم بالله وأستغفر الله، ويؤيده ما قال المظهر من قوله إذا حلف رسول اله صلى الله عليه وسلم يمين اللغو كان يقول وأستغفر الله عقبة تداركا لما جرى على لسانه من غير قصد وإن كان الأمر على خلاف ذلك، وذلك وإن لم يكن يمينا لكنه مشابه من حيث أنه أكد الكلام فلذلك سماه يمينا والله أعلم (تخريجه) (د جه) وسنده جيد سيأتي حديث عبد الله بن مسعود بطوله وسنده وسرحه في باب ما يبيح دم المسلم من كتاب القتل والجنايات وهو حديث صحيح رواه (م. والثلاثة) هذا موضع الدلالة من الحديث حديث أبي هريرة تقدم بتمامه وسنده وشرحه في باب الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الأيمان رقم 71 صحيفة 101 من الجزء الأول وهو حديث صحيح أخرجه مسلم وغيره هذا موضع الدلالة من الحديث، والواو فيه للقسم والذي مبتدأ، وهو صفة لموصوف لم يذكر: تقديره والله الذي (وقوله نفس محمد) مبتدأ ثاني (بيده) من المتشابه المفوض علمه إلى الله عز وجل على طريقة السلف وهي أسلم

-170 - الحلف بعزة الله عز وجل وصفاته ----- الأمة الحديث (وعنه أيضا) من حديث طويل في قصة آخر رجل يخرج من النار، قال ويبقى رجل يقبل بوجهه إلى النار، فيقول أي رب قد قشبني ريحها وأحرقني ذكاؤها فاصرف وجهي عن النار، فلا يزال يدعو حتى يقول فلعلى إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره، فيقول لا، وعزتك لا أسألك غيره الحديث (وجاء في حديث الإفك) أن النبي صلى الله عليه وسلم قام فاستعذر من عبد الله بن أبي، فقام أسيد بن حضير، فقال لسعد بن عبادة رضي الله عنهما لعمر الله لنقتلنه الحديث (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أسامة على قوم فطعن الناس في إمارته، فقال أن تطعنوا في إمارته فقد طعنتم في إمارة أبيه وإيم الله إن كان لخليقا للإمارة الحديث (باب) الاستثناء في اليمين والتورية والرجوع إلى النية) (حدثنا عبد الله) حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن نافع (عن ابن عمر)

_ سيأتي هذا الحديث بطوله وسنده وشرحه في باب صفة النار من كتاب القيامة إن شاء الله تعالى، وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما (غريبة) أي سمني وكل مسموم وقشيب ومقشب: والمراد هنا الريح الكريهة التي يتأذى منها الذكاء شدة وهج النار يقال ذكيت النار (بالتشديد) إذا أتمت إشعالها ورفعتها، وذكت النار (بالتخفيف) أي اشتعلت هذا موضع الدلالة من الحديث ومعنى العزة القدرة والعظمة وهي صفة من صفات الذات، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم ذلك مقررا له دليل على جواز الحلف به والله أعلم سيأتي حديث الإفك بتمامه وسنده وشرحه في غزوة بني المصطلق من أبواب الغزوات، وفي مناقب عائشة من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى، وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما هذا موضع الدلالة من الحديث وهو بفتح العين وسكون الميم العمر (بضم العين) قال في النهاية ولا يقال في القسم إلا بالفتح، وقال الراغب العمر بالضم والفتح واحد عمرك. وقال أبو القاسم الزجاجي العمر الحياة: فمنت قال لعمر الله فكأنه قال أحلف ببقاء الله واللام للتوكيد والخبر محذوف أي ما أقسم به، ومن ثم قالت المالكية والحنفية تنعقد بها اليمين لأنم بقاء الله تعالى ممن صفة ذاته اهـ (قلت) وللأئمة خلاف في ذلك ذكرته في الشرح الكبير حديث ابن عمر سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب مناقب أسامة بن زيد من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (غريبة) هذا موضع الدلالة من الحديث لأن هذه الكلمة من الألفاظ القسم وفيها لغات كثيرة وتفتح همزتها وتكسر، وهمزتها وصل وقد تنقطع، وأهل الكوفة من النحاة يزعمون أنها جمع يمين، وغيرهم يقول هي اسم موضوع للقسم، وحكى أبو عبيدة أن أصلحا يمين الله، وتجمع على أيمن، فيقال وأيمن الله، ومن ذهب إلى ذلك إلى جعل همزتها همزة قطه، وذهب المبرد إلى أنها عوض من واو القسم وأن معنى قوله واسم الله، والله لأفعلن، ونقل عن ابن عباس أن يمين الله من أسماء الله

-171 - الاستثناء في اليمين ومن قال إن شاء الله لم يحنث ----- رضي الله عنهما قال أيوب لا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف فاستثنى فهو بالخيار إنشاء أن يمضي على يمينه، وإن شاء أن يرجع غير حنث أو قال غير حرج (وعنه من طريق ثنا) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا حلف الرجل فقال إن شاء الله فهو بالخيار إن شاء فليمض وإن شاء فليترك (عن ابن عمر) رضي اله عنه عنهما يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فقال إن شاء الله فقد استثنى (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف فقال إن شاء الله لم يحنث (عن سويد بن حنظلة) رضي الله عنه قال خرجنا نريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا وائل بن جحر، فأخذه عدو له فتحرج الناس أن يحلفوا

_ ومنه قول امرئ القيس، فقلت يمين الله أبرح قاعدا. ولو قطعوا رأسي لديك وأوصالي. ومن ثم قالت المالكية والحنفية إنه يمين: وعند الشافعية أن نوى اليمين انعقدت: وإن نوى غير اليمين لم تنعقد يمينا: وإن أطلق فوجهان لا تنعقد إلا أن نوى، وعن الإمام أحمد روايتان أصحهما الانعقاد والله سبحانه وتعالى أعلم (غريبة) هو ابن أبي تميمة ثقة ثبت حجة قاله الحافظ في التقريب (وقوله لا أعلمه إلا عن النبي صلى الله عليه وسلم) يريد أن هذا الحديث مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعني بقوله إن شاء الله كما صرح بذلك في الطريق الثانية بكسر المهملة وسكون النون أي من غير حنث في يمينه سواء فعل المحلوف عليه أو لم يفعل (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان وهيب ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د مذ نس جه) وحسنه الترمذي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د فع نس مذ جه) وحسنه الترمذي وقد اختلف في رفعه ووقفه ورواه الحاكم أيضا في المستدرك من طريق كثير بن فرقد عن نافع عن ابن عمر مرفوعا وقال هذا حديث صحيح ولم يخرجاه هكذا (قلت) وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة الخ: وقال في آخره بعد قوله لم يحنث (قال عبد الرزاق وهو اختصره يعني معمرا) اهـ (قلت) سيأتي الحديث بطوله غير مختصر في ذكر نبي الله سليمان بن داود من كتاب أحاديث الأنبياء إن شاء الله تعالى (غريبة) أي سواء فعل المحلوف عليه أو تركه، وفيه دلالة على أن التقييد بمشيئة الله تعالى مانع من انعقاد اليمين أو يحل انعقادها: وللعلماء كلام في ذلك ذكرته في الشرح الكبير (أنظر القول الحسن شرح بدائع المنن ص 142 جزء ثان) (تخريجه) (خ وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا إسرائيل بن يونس ابن أبي إسحاق قال ثنا إبراهيم بن عبد الأعلى عن جدته عن أبيها سويد بن حنظله الخ (غريبة) الحرج معناه الإثم والضيق، يقال تحرج فلان إذا فعلا يحرج به (من الحرج) وهو الإثم والفسق.

-172 - التورية في اليمين والتغليظ في الإيمان الكاذبة ----- وحلفت أنه أخي فخلى عنه فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فقال أنت كنت أبرهم وأصدقهم صدقت صدقت، المسلم أخو المسلم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينك على ما يصدقك به صاحبك (وفي لفظ) (بما يصدقك به صاحبك) (باب التغليظ في اليمين الفاجرة وتعظيمها على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم) (عن عبد الله بن مسعود) رصي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين يقتطع بها مال مسلم لقي الله وهو عليه غضبان، وقرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مصداقه من كتاب الله (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا أو لائك لأخلاق لهم في الآخرة)

_ والمعنى إنهم امتنعوا عن الحلف خوفا من الوقوع في الإثم يعني أخوة الإسلام ويشترك في ذلك الحر والعبد، ويبر الحالف إن هذا المسلم أخوه ولا سيما إذا كان في ذلك قربة: وهي منع الإيذاء عن أخيه المسلم في حديث الباب، ولهذا استحسن النبي صلى الله عليه وسلم منه ذلك وقال أنت كنت أبرهم وأصدقهم ولذا قيل إن المعاريض المندوحة، قال الجوهري المعاريض هي خلاف التصريح: وهي التورية بالشيء عن الشيء، والمندوحة السعة (تخريجه) (د جه) ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أنا هشيم بن بشير أنا عبد الله بن صالح ذكوان عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة أي حلفك وهو مبتدأ خبره قوله (على ما يصدقك به صاحبك) أي خصمك ومدعيك ومحاورك كذا في المرقاة، لكن جاء في رواية مسلم عن أبي هريرة أيضا مرفوعا (اليمين علة نية المستحلف) وهو يفيد أن الاعتبار بقصد المحلف من غير فرق بين أن يكون المحلف هو الحاكم أو الغريم: وبين أن يكون المحلف ظالما أو مظلوما صادقا أو كاذبا، وقيل هو مقيد بصدق المحلف فيما ادعاه، أما لو كان كاذبا كان الاعتبار بنية الحالف (وقال ابن الملك) في شرحه يعني من استحلف غيره على شيء ونوى الحالف في حلفه غير ذلك الشيء سواء كان متبرعا في يمينه أو بقضاء يعتبر فيه نية المستحلف لا نية الحالف وتوريته، وهذا إذا استحلفه القاضي بالله، وأما إذا استحلفه بالطلاق فيعتبر فيه نية الحالف لأن القاضي ليس له إلزام الحالف بالطلاق اهـ (تخريجه) (م د مذ جه قط) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن جامع عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) يفتعل من القطع كأنه قطعة عن صاحبه أو أخذ قطعة من ماله بسبب الحلف المذكور (وقوله مال مسلم) قيد اتفاقي لا احترازي فالذمي كذلك حكمه حكم المسلم في ذلك أي يعامله معاملة المغضوب عليهم مصداق الشيء ما يصدقه أي يستبدلون (بعهد الله) إليهم في الإيمان بالنبي صلى الله عليه وسلم وأداء الأمانة (وإيمانهم) حلفهم به تعالى كاذبين أي متاعا من متاع الدنيا الزائل سواء كان قليلا أو كثيرا، وعبر بالقليل لأنه مهما كثر فهو قليل بالنسبة لمتاع الآخرة أي

-173 - التغليظ في الإيمان الكاذبة ووعيد من حلف كاذبا ----- ولا يكلمهم الله (وعنه من طريق ثان وزاد) قال فخرج الأشعث بن قيس يقرؤها قال في أنزلت هذه الآية، إن رجلا ادعى ركيالي فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال شاهداك أو يمينه فقلت أما إنه إن حلف حلف فاجرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم من حلف على يمينه فقلت أما إنه إن حلف حلف فاجرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين صبرا يستحق بها مالا لقي الله وهو عليه غضبان (عن عدي بن عميرة) الكندي قال خاصم رجل من كندة يقال له امرؤ القيس بن عابس رجلا من حضر موت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض، فقضى على الحضرمي بالبنية فلم تكن له بينة، فقضى على امرئ القيس باليمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين كاذبة ليقتطع بها مال أخيه لقي الله وهو عليه غضبان، قال رجاء وتلا رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) فقال امرؤ القيس ماذا لمن تركها يا رسول الله؟ قال الجنة، قال فاشهد أني قد تركتها له كلها (عن أبي موسى) الأشعري رضي الله عنه قال اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه

_ لا نصيب لهم من الكرامة في الآخرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زياد بن عبد الله بن الطفيل البكائي ثنا منصور عن شقيق عن عبد الله بن مسعود قال من حلف على يمين صبرا يستحق بها مالا وهو فيها فاجر لقى الله وهو عليه غضبان، وإن تصديقها لفي القرآن (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) إلى آخر الآية قال فخرج الأشعث بن قيس الخ بفتح الراء وكسر الكاف وتشديد الياء التحتية، ويقال ركية بالتأنيث وهي البئر: والمعنى أن الرجل إدعى البئر له قال النووي معناه لك ما يشهد به شاهداك أو يمينك أي كاذبا يمين الصبر هي التي ألزم بها الحالف عند حاكم ونحوه وأصل الصبر هو الحبس والإمساك (تخريجه) (ق. فع والأربعة وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن جرير بن حازم قال ثنا عدي بن عدي قال أخبرني رجاء بن حيوة والعرس ابن عمرة عن أبيه عدى الخ (قلت) الضمير في قوله عن أبيه عدى يرجع إلى عدى بن عميرة الصحابي والدي (عدي) بن عدي، والمعنى أنهما حدثنا عدي بن عدي عن أبيه عدي بن عميرة (غريبة) هو ابن حيوه أحد رجال السند في رواية أخرى فنزلت (ظعن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) إلى آخرها (تخريجه) (نس قط) ورجاله كلهم ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عبد الله أبي ثنا حسين بن علي عن جعفر بن رقان عن ثابت بن الحجاج عن أبي موسى الأشعري قال اختصم رجلان إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أرض أحدهما من أهل حضر موت قال فجعل يحلف أحدهما، قال فضج الآخر وقال أنه إذا يذهب بأرضي، فقال (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) إن هو اقتطعها بيمينه ظلما كان ممن لا ينظر الله عز وجل إليه يوم القيامة ولا يزكيه وله عذاب أليم، قال وورع الآخر فردها (تخريجه) (بز

-174 - وعيد من حلف عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم كاذبا ----- (عن أبي هريرة) رضي عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اليمين الكاذبة منفقة للسلعة ممحقة للكسب (وفي لفظ للبركة) (عن عمران بن حصين) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين كاذبة مصبورة متعمدا فليتبوأ بوجهه مقعده من النار (عن أبي سود) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول: اليمين الفاجرة يقتطع بها الرجل مال المسلم تعتقم الرحم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال أشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد أو أمة يحلف عند هذا المنبر على آثمة ولو على سواك رطب إلا وجبت له نار

_ عل طب طس) وحسن الهيثمي إسناده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن العلاء، وابن جعفر ثنا شعبة قال سمعت العلاء عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) بفتح الميم والفاء بينهما نون ساكنة من نفق البيع إذا راج ضد كسد (للسلعة) بكسر السين المهملة المتاع وما يتجر به (وقوله ممحقة) بفتح الميم والحاء المهملة بينهما ميم ساكنة من المحق أي مذهبة للكسب أي البركة كما صرح بذلك في اللفظ الآخر: وهو لابن جعفر أحد رجال السند، وجاء كذلك في رواية الشيخين (تخريجه) (ق د نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا هشام عن محمد عن عمران بن حصين الخ (غريبة) أي ألزم بها وحبس عليها من جهة الحاكم، وقيل لها مصبورة وإن كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور كأنه إنما صبر من أجلها، أي حبس فوصفت بالصبر وأضيفت إليه مجازا أي فلينزل خارا بوجهه منزله من النار، يقال بوأه الله منزلا أي أسكنه إياه وتبوأت منزلا أي اتخذته، والمباءة المنزل (نه) (تخريجه) (د طب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يحيى ابن آدم ثنا ابن المبارك عن معمر عن شيخ من بني تميم عن أبي سود (بضم السين المهملة وسكون الواو) التميمي الخ، ولم يقع لأبي سود في مسند الإمام أحمد إلا هذا الحديث (غريبة) أي الكاذبة يريد أنها تقطع الصلة والمعروف بين الناس: ويجوز أن يحمل على ظاهره (نه) (تخريجه) (طب) وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات: وأخرجه أيضا البغوي وابن منده وابن السكن عن معمر بإسناده الإمام أحمد، قاله الحافظ في الإصابة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحسن بن يزيد بن فروخ الضمري من أهل المدينة قال سمعت أبا سلمة يقول سمعت أبا هريرة يقول أشهد الخ (غريبة) يعني منبر النبي صلى الله عليه وسلم وإنما خص المنبر لزيادة حرمته ولأنه في أشرف بقعة من الأرض فقد ورد (مابين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي) رواه (ق. والإمام أحمد) (وقوله آثمة) أي كاذبة والمراد إثم صاحبها بكذبة ذكر السواك الرطب مبالغة في أن اليمين الكاذبة توجب لصاحبها النار ولو كانت على شيء تافه (تخريجه) (ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وقال

-175 - قصة الرجل الذي حلف كاذبا وغفر الله له ----- (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحلف أحد على منبري كاذبا (زاد في رواية يستحق بها مسلم) إلا تبوأ مقعده من النار (باب من حلف كاذبا وغفر الله له) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأل النبي صلى الله عليه وسلم المدعي البينة فلم يكن له بينة، فاستحلف المطلوب فحلف بالله الذي لا اله إلا هو، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك قد فعلت (وفي لفظ قد حلفت) ولكن غفر الله لك بإخلاصك قول لا اله إلا الله (وعنه من طريق ثان) قال اختصم إلى الني صلى الله عليه وسلم رجلان، فوقت اليمين على أحدهما، فحلف بالله الذي لا اله إلا هو ماله عنده شيء، قال فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال كاذب، إن له عنده حقه، فأمره أن يعطيه حقه، وكفارة يمينه معرفة أن لا إله إلا الله أو شهادته (عن ابن عمر رضي الله عنهما) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (بابا الأمر بإبرار المقسم والرخصة في ترك للعذر ومن كذب بصره وصدق الحالف) (عن مجاهد) قال كان رجل من المهاجرين

_ الهيثمي رجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق حدثني مالك عن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص قال سمعت عبد الله بن نسطاس يحدث عن جابر بن عبد الله الخ (تخريجه) (دك) والإمامان وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي يحيى عن ابن عباس الخ (غريبة) يريد أنه ما فعل المخلوف عليه، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قد فعلت (وفي لفظ قد حلفت) يعني كاذبا وقد علم ذلك بالوحي كما في الطريق الثانية معناه أن الله عز وجل غفر لهذا الرجل ذنب الحلف به كاذبا لأنه علم منه الإخلاص في التوحيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن عطاء بن السائب عن أبي يحيى الأعرج عن ابن عباس قال اختصم الخ أي المدعى عليه لأن المدعى عجز عن الإتيان بالبينة هذا يفيد أنه صلى الله عليه وسلم ألزمه بالدعوى وبطلان يمينه بمقتضى الوحي ويدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان أحيانا يقضي بالوحي أيضا أو للشك من الراوي قال أبو داود ويراه من هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لم يأمره بالكفارة (تخريجه) (د نس هق) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان حدثنا حماد يعني ابن سلمة قال أخبرنا ثابت عن عبد الله بن عمران رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل فعلت كذا وكذا؟ قال لا والذي لا اله إلا هو ما فعلت، قال فقال له جبريل عليه السلام قد فعل، ولكن غفر له بقول لا اله إلا الله، قال حماد لم يسمع هذا من ابن عمر. بينهما رجل. يعني ثابتا (تخريجه) (هق) وهو ضعيف لانقطاعه كما صرح بذلك حماد في آخر الحديث، قال البيهقي وروى من وجه آخر مرسلا (باب) (سنده) عبد الله

-176 - الأمر بإبرار القسم ----- يقال له عبد الرحمن بن صفوان، وكان له بلاء في الإسلام حسن، وكان صديقا للعباس، فلما كان يوم فتح مكة جاء بأبيه إلى رسل الله صلى الله عيه وسلم فقال يا رسول الله بايعه على الهجرة فأبى وقال إنها لا هجرة فانطلق إلى العباس وهو في السقاية، فقال يا أبا الفضل أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي يبايعه على الهجرة فأبى، قال فقام العباس معه وما عليه رداء، قال فقال يا رسول الله قد غرفت ما بيني وبين فلان وأتاك بأبيه لتبايعه على الهجرة فأبيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها لا هجرة: فقال العباس أقسمت عليك أن لتبايعنه، قال فبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم يده قال، فقال له هات أبررت قسم عمي ولا هجرة (عن عائشة رضي الله عنها) قالت أهدت إليها امرأة تمرا في طبق فأكلت بعضا وبقى بعض، فقالت أقسمت عليك إلا أكلت بقيته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبريها فإن الإثم على المحنث (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع قال فذكر ما أمرهم من عيادة المريض وإتباع الجنائز وتشميت العاطس ورد السلام وإبرار المقسم الحديث (عن ابن عباس) رضي الله عنهما في حديث رؤيا أعبرها (أي فسرها) أبو بكر رضي الله عنه

_ حدثني أبي ثنا جرير عن يزيد بن أبي زياد عن مجاهد الخ (غريبة) يعني على الهجرة من مكة إلى المدينة: وهذا يشعر بأن أباه لم يهاجر معه ولم يسلم إلا حين فتح مكة يعني بعد فتح مكة كما صرح بذلك في بعض الروايات لصيرورتها إسلام: أوالي المدينة من أي موضع كان لظهور عزة الإسلام، وكانت الهجرة قبل ذلك واجبة على كل مسلم، فلما فتحت مكة انتفى وجوب الهجرة إلى المدينة، وأما الهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام ونحوها فهي واجبة على الدوام أي في مكان سقاية الحاج يسقي الناس معناه لم ينتظر أن يلبس رداءه لشدة اهتمامه بأمر صاحبه أي بايعه إبرارا لقسم عمه العباس ولكن لم يأذن له بالهجرة، وفيه أن قول القائل أقسمت أقسمت عليك قسم في حقه والله أعلم (تخريجه) (جه خز) وأبو نعيم وابن نعيم وابن السكن كلهم من طريق يزيد بن أبي زياد وفيه كلام: أخرج له مسلم في المتابعات وضعفه الجمهور (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب قال ثنا معوية بن صالح قال أخبرني أبو الزاهرية عن عائشة الخ (غريبة) بضم الميم وكسر النون بينهما حاء مهلمة ساكنة اسم فاعل، أي أبريها في قسمها بأكل ما حلفت عليه فإن الإثم على المتسبب في الحنث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح هذا طرف من حديث سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب السباعيات من كتاب الأدب والحكم والمواعظ (غريبة) هذا موضع الدلالة من الحديث ومعنى إبرار المقسم أن يفعل ما أراد الحالف ليصير بذلك بارا إذا لم يكن فيه محظور شرعا وإلا فلا (تخريجه) (ق: وغيرهما) هذا طرف من حديث طويل

-177 - الرخصة في ترك إبرار المقسم- ومن كذب بصره وصدق الحالف ----- أمام النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قال بعد تعبيرها أصبت يا رسول؟ قال أصبت وأخطأت قال أقسمت يا رسول الله لتخبرني فقال لا تقسم (وعنه أيضا) أن أبا بكر رضي الله عنه أقسم على النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لا تقسم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى عيسى بن مريم عليه السلام رجلا يسرق، فقال له عيسى سرقت؟ قال كلا والذي لا إله إلا هو، قال عيسى آمنت بالله وكذبت عيني (باب من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه) (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكن عن يمينه (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فرأى خيرا منها

_ سيأتي بسنده وطوله وشرحه في الباب الخامس من كتاب تعبير الرؤيا إن شاء الله تعالى (غريبة) لفظ البخاري فأخبرني يا رسول اله بأبي أنت وأمي أصبت أم أخطأت؟ فقال أصبت بعضا وأخطأت بعضا، قال فوا لله لتحدثني بالذين أخطأت، قال لا تقسم، وسيأتي إيضاح ذلك في شرح الحديث في الباب المشار إليه آنفا لأن المراد هنا ما يناسب الترجمة فقط، وهوان أبا بكر رضي الله عنه أقسم ولم يبر النبي صلى الله عليه وسلم قسمه مع أنه صلى الله عليه وسلم حض على إبرار القسم، وقد جمع العلماء بين ذلك بأن البر وعدمه يوران مع المصلحة وجودا وعما أي لا تحلف (تخريجه) (ق د مي) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن عبيه الله عن ابن عباس أن أبا بكر الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد ويعضده ما قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث (منها) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي آمنت بأنه بأنه عظيم ينبغي تصديق من حلف به (وكذبت عيني) أي فإن العين قد تخطئ فيمكن تصديق الحالف بتخطئتها، فمقتضى تعظيمه تعالى أن يصدق الحالف به تخطئة البصر (جه) ورجاله من رجال الصحيحين (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن موسى، قال عبد الله وسمعته أنا من الحكم بن موسى ثنا مسلم بن خالد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن عمر والخ (غريبة) سمى المحلوف عليه يمينا لتلبسه باليمين كأن يحلف أن لا يكلم والده مثلا أو ولده فإن فيه قطع الرحم يعني كلام والده أو ولده مثلا أي الذي يكون فعله خيرا من المضي في اليمين المذكرة (وليكفر عن يمينه) أي يؤد الكفارة وفيهع ندب الحنث إذا كان خيرا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير، وفيه مسلم ابن خالد الزنجي وثقة ابن حبان وغيره وضعفه أحمد وغيره (سنده) حدثنا عبد الله حدثني

-178 - من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليأت الذي هو خير وليكفر عن يمينه ----- فكفارتها تركها (وعن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن أبي الأحوص) عن أبيه (مالك بن نضلة رضي الله عنه) أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم إلا ما تدعو قال إلى الله والرحم، قلت يأتني الرجل من بنى عمى فأحلف أن لا أعطيه شيئا، ثم أعطيه ثم أعطيه، قال فكفر عن يمينك وائت الذي هو خير، أرأيت لو كان لك عبدان أحدهما يطيعك ولا يخونك ولا يكذبك، ولا يكذبك، والآخر يخونك ويكذبك، قال قلت لا بل الذي لا يخونني ولا يكذبني ويصدقني الحديث أحب إلى، قال كذا كم أنتم عند ربكم عز وجل (عن عبد الرحمن بن سمرة) رضي الله عنه قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن بن سمرة إذا آليت على يمين فرأيت غيرها منها فأت الذي هو خير وكفر عن يمينك

_ أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أدراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) يستفاد منه أن كفارتها ترك العمل بمقتضاها إذا كان الترك خيرا، قال أبو داود والأحاديث كلها عن النبي صلى الله عليه وسلم (وليكفر عن يمينه) إلا ما لا يعبأ به (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث أبي سعيد وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام، لكن أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا خليفة بن خياط حدثني عمرو بن شعيب عن أبه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فتركها كفارتها (تخريجه) (د جه) رواه أبو داود مطولا وسنده عند الامام أحمد وأبي داود جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي سفيان بن عيينة مرتين قال ثنا أبو الزعراء عمرو بن عمرو عن عمه أبي الأحوص عن أبيه فذكر حديثا سيأتي قي باب النهي عن قتل الحيوان والإنسان صبرا الخ من كتاب القتل والجنايات: وفيه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم إلى ما تدعو إلى آخره (غريبة) أي إلى توحيد الله عز وجل وعبادته وصلة الرحم لفظ النسائي قال قلت يا رسول الله أرأيت ابن عم لي أتيته أسأله فلا يعطيني ولا يصلني ثم يحتاج إلى فيأتيني فيسألني وقد حلفت أن لا أعطيه ولا أصله الخ، وهذا واضح المعنى يعني أيهما أحب إليك، والظاهر أن هذه الجملة أو نحوها سقط من النسخ أو حذفت للعلم بها ب\مما بعدها والله أعلم (تخريجه) (نس جه) مختصرا ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم ثنا منصور عن يونس عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة الخ (وله حديث آخر من طريق عفان وأسود سيأتي في باب النهي عن طلب الإمارة من كتاب الخلافة والإمارة لتعلقه بها) وزاد عبد الله لبن الامام أحمد في آخره: فقال: قال أبي اتفق عفان وأسود في حديثهما فقال (فكفر عن يمينك ثم أئت الذي هو خير) وقال وأبو الأشهب عن الحسن في هذا الحديث فبدأ بالكفارة (قلت) وهو صريح في تقديم الكفارة على الحنث واللائمة خلاف في ذلك ذكرته في الشرح الكبير (غريبة) بمد الهمزة أي حلفت وقد صرح بذلك في رواية أبي داود (وقوله على يمين) أي محلوف عليه (تخريجه)

-179 - قصة أبي موسى الأشعري مع الرجل الذي لم يأكل الدجاج ----- (عن عدي بن حاتم الطائي) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فليأت هو خير وليكفر عن يمينه (وعنه من طريق ثان بنحوه، وفيه وليترك يمينه بدل وليكفر عن يمينه (عن تميم بن طرقة) قال سمعت عدي بن حاتم وأتاه رجل يسأله مائة درهم، فقال تسألني مائة درهم وأنا ابن حاتم؟ والله لأعطيك، ثم قال لولا أي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حلف على يمين ثم رأي غيرها خيرا منها فليأت الذي هو خير (عن زهدم الجرمي) قال كنا عند أبي موسى فقدم في طعامه لحم دجاج، وفي القوم رجل من بني تيم الله أحمر كأنه مولى فلم يدن، قال له أبو موسى ادن فإني قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل منه، قال إني رأيته يأكل شيئا فقدرته فحلفت أن لا أطعمه أبدا، فقال ادن أخبرك عن ذلك، إني أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين نستحمله وهو يقسم نعما من نعم الصدقة، قال أيوب أحسبه قال وهو غضبان، فقال لا والله

_ (ق. د نس وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت عبد الله بن عمرو مولى الحسن بن علي يحدث عن عدي بن حتم الطائي الخ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا شعبة أخبرني عبد العزيز بن رفيع قال سمعت تميم بن طرفة الطائي يحدث عن عدي بن حاتم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين فرأى غيرهما خيرا منها فليأت الذي هو خير وليترك يمينه (غريبة) ظاهر هذه الرواية أن ترك اليمين وإتيان الذي هو خير هو الكفارة وليس كذلك، بل المراد بالترك الحنث أي فليحنث بها ثم ليكفر أخذا من الطريق الأولى الموافقة لجميع الروايات والله أعلم (تخريجه) (م نس) بطريقيه، وأخرج الطريق الأولى (جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة ثنا سماك عن تميم ابن طرفة الخ (غريبة) معناه كيف تسألني مائة درهم فقط وأنا ابن حاتم يعني حاتم الطائي الجواد المشهور بالكرم، فكأنه استقل ما سأله ولذلك غضب وحلف أن لا يعطيه جواب لولا محذوف في هذه الرواية وكذلك في رواية عند مسلم: وتقديره ما أعطيتك ثم أعطاه (زاد في رواية لمسلم) ولك أربعمائة في عطائي (تخريجه) (م نس جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عبد الله بن قيس اسم قبيلة ويقال لها أيضا تيم اللات قال الداودي يعني أنه من سبي الروم (وقوله قلم يدن) أي ليقرب من الطعام ليأكل منه أي من جنس الدجاج بكسر الذال المعجمة أي كرهته، وحكى الحافظ رواية يأكل قذرا: يعني أنه رأى الدجاج بكسر الذال المعجمة أي كرهته، وحكى الحافظ رواية يأكل قذرا: يعني أن رأى الدجاج يأكل قذرا الرهط من الرجال ما دون العشرة وقيل إلى الأربعين، والرهط عشيرة الرجل وأهله (وقوله نستحمله) أي نطلب منه ما يحملنا وأثقالنا لغزوة العسرة يعني تبوك بفتح النون والعين فيهما (وقوله قال أيوب) هو

-180 - قصة الأشعريين مع النبي صلى الله عليه وسلم حين حلف لا يحملهم ثم حملهم ----- ما أحملكم وما عندي ما أحملكم، فانطلقنا فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بنهب إبل، فقال أين هؤلاء الأشعريون، فأمر لنا بخمس ذود غر الذري فاندفعنا فقلت لأصحابي أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نستحمله فحلف أن لا يحملنا، ثم أرسل إلينا فحملنا فقلت نسى رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه: والله لئن تغفلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمينه لا نفلح أبدا، ارجعوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنذكره بيمينه، فرجعنا إليه فقلنا يا رسول الله أتيناك نستحملك فحلفت أن لا تحملنا ثم حملتنا، فعرفنا، أو ظننا أنك نسيت يمينك، فقال صلى الله عليه وسلم انطلقوا فإنما حملكم الله عز وجل وإني والله إن شاء الله لا أحلف على يمين فأرى غيرهما خيرا منها إلا أتيت الذي هو خير وتحللتها (وعنه من طريق ثان) (بنحوه وفيه) إلا أتيت الذي هو خير وكفرت عن يميني، أو قال إني كفرت عن يميني وأتيت الذي هو خير (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن أبا موسى استحمل النبي صلى الله عليه وسلم فوافق منه شغلا فقال والله لا أحملكم فذكر نحوه مختصرا (عن أبي هريرة)

_ السختياني أحد رجال السند أحسبه قال أي أظن القاسم التميمي قال وهو أي النبي صلى الله عليه وسلم بفتح النون وسكون الهاء بعدها موحدة أي غنيمة، وأصله ما يؤخذ اختطافا بحسب السبق إليه على غير تسوية بين الآخذين الذي بفتح الذال المعجمة وسكون الواو من الإبل ما بين الثلاث إلى العشرة فهو كما قال النووي من إضافة الشيء إلى نفسه، والمراد خمس إبل من الذوذ لا خمس أذواذ (وقوله غر الذري) صفة لذود أي بيض الأسنمة والذري بضم الذال وكسرها وفتح الراء المخففة جمع بكسر الذال وضمها، وذروة كل شيء أعلاه، والمراد هنا الأسنمة أي سرنا مسرعين والدفع السير بسرعة بسكون اللام أي أخذنا منه ما أعطانا في حالة غفلته عن يمينه من غير أن نذكره بها لا نفلح الخ بسكون اللام والجزم قال المازري معناه أن الله أعطاني ما حملتكم عليه ولولا ذلك لم يكن عندي ما حملنكم عليه فيه بيان صيغة الاستثناء بالمشيئة أي حلالا بالكفارة عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد حدثني عجلان ابن جرير عن أبي بردة بن؟ أبي موسى عن أبيه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من الأشعريين نستحمله فذكر نحو الطريق الأولى بدون قصة الدجاج (تخريجه) (ق د نس جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن حميد عن أنس أن أبا موسى استحمل النبي صلى الله عليه وسلم فوافق منه شغلا قال والله لا أحملكم فلما قف دعاه فقال حلفت لا تحملنا قال وأنا أحلف لا حملتكم فحملهم، ورواه الامام أحمد أيضا بلفظ آخر قال حدثنا يحيى بن سعيد ثنا حماد عن حميد قال سمعت إنسا أن أبا موسى قال استحملنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلف لا يحملنا تم حملنا، قلت يا رسول الله إنك حلفت لا تحملنا، قال وأنا أحلف لا حملتكم (يعني إنما حملكم الله عز وجل) كما في حديث أبي موسى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح (سنده)

-181 - لا يمين في قطيعة رحم ولا نذر إلا فيما ابتغى به وجه الله عز وجل ----- رضي الله عنه أن رسول الله قال من حلف على يمين فرأى خيرا منها فليكفر عن يمينه وليفعل الذي هو خير (وعنه أيضا) قال: قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم إذا استلجج أحدكم باليمين في أهله فإنه آثم له عند الله من الكفارة التي أمر بها (وعنه من طريق ثان) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والله لأن يلج أحدكم بيمينه في أهله آثم له عند الله من أن يعطي كفارته التي فرض الله عز وجل (باب اليمين في قطيعة الرحم ومالا يملك) (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذر إلا فيما ابتغى به وجه الله عز وجل، ولا يمين في قطيعة رحم (وعنه أيضا عن أبيه عن جده) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذر لابن آدم

_ حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أسامة الخزاعي قال أنا مالك عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (م مذ) (تنبيه) لم يأت في المسند ولا في كثير من الكتب السنة بيان كفارة اليمين إكتفاء بما في كتاب الله عز وجل، وقد بينت ذلك في كتابي القول الحسن شرح بدائع المنن مع ذكر مذاهب الأئمة الأربعة في ذلك صحيفة 144 - 145 - في الجزء الثاني فارجع إليه والله الموفق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن همام قال سمعت أبا هريرة يقول قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) من اللجاج وهو اللغة الإصرار على الشيء بهمزة ممدودة وثاء مثلثة مفتوحة أي أكثر إثما مما يتوهم أن عليه إثما في الحنث مع أنه لا إثم عليه فقال صلى الله عليه وسلم الإثم عليه اللجاج أكثر لو ثبت الإثم المعنى أن الرجل إذا حلف يمينا تتعلق بأهله ويتضررون بعدم حنثه كالحلف على أن لا يكلمهم ولا يصل إليهم ويكون الحنث ليس بمعصية، فينبغي له أن يخنث فيفعل ذلك الشيء ويكفر عن يمينه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن همام بن منيه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ بفتح اللام وهو لام القسم (ويلج) بفتح الياء التحتية واللام وتشديد الجيم من اللجام وتقدم تفسيره أي على تقدير الحنث، يعني أن من حلف على شيء يرى أن غيره خير منه يجب عليه أي يحنث ويكفر لأن الإثم أكثر في الإقامة على ذلك الحلف: قاله ابن مالك (تخريجه) (ق. والإمامان وغيرهما) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) مفهومه أنه لا نذر في معصية وهو كذلك بل ورد بهذا اللفظ، وسيأتي في أبواب النذر ومعناه أنه لا يصح الوفاء به بالاتفاق وهل يكفر عنه أم لا؟ فيه خلاف في المذاهب ذكرته في الشرح الكبير في أبواب النذر، ويقال مثل ذلك في قوله (ولا يمين في قطيعة رحم) أي لا يجوز الوفاء بها ولا العمل بمقتضاها وفيه خلاف أيضا في الكفارة وعدمها (تخريجه) (د هق) وسنده حسن

-182 - من نذر أن يطيع الله عز وجل فليطعه ولا وفاء لنذر في معصية ----- فيما لا يملك، ولا عتق لابن آدم فيما لا يملك، ولا طلاق له فيما لا يملك، ولا يمين فيما لا يملك (أبواب النذر) (باب النذر في طاعة الله عز وجل وجوب الوفاء به سواء في الجاهلية والإسلام) (هن عائشة رضي الله عنها) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من نذر أن يطيع الله عز وجل فليطعه ومن نذر أن يعصه (عن علي رضي الله عنه) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني قد نذرت أن أنحر ناقتي وكيت وكيت قال أما ناقتك فأنحرها وأما كيت وكيت فمن الشيطان (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف في المسجد الحرام ليلة، فقال له فأوف بنذرك

_ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا عامر الأحول عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نذر لابن آدم الخ (غريبة) أي لا يجب إلزام هذا اليمين إنما عليه الكفارة عند الجمهور (تخريجه) (د نس هق ك) بألفاظ مختلفة وسنده عند الإمام أحمد حسن (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن مالك عن طلحة بن عبد الملك عن القاسم عن عائشة الخ (غريبة) معنى الحديث أن من نذر طاعة الله عز وجل وجب عليه الوفاء بنذره، فإن كانت الطاعة مستحبة في الأصل صارت واجبة بالنذر، ومن نذر معصية حرم عليه الوفاء به، لأن النذر مفهومه الشرعي ايجاب قربة، وذا إنما يتحقق في الطاعة، والحديث صريح في الأمر بالوفاء بالنذر إذا كان في طاعة، وفي النهي عن الوفاء إذا كان في معصية، وهل يجب في الثاني كفرة يمين أولا؟ فيه خلاف عند الأئمة (تخريجه) (خ طح. والأربعة) زاد الطحاوي وليكفر عن يمينه، قال ابن القطان عندي شك في رفع الزيادة (قلت) سيأتي في الباب التالي من حديث عائشة مرفوعا (لا نذر في معصية الله وكفارته كفارة يمين) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا إسرائيل عن جابر عن محمد بن علي عن أبيه عن علي الخ (غريبة) هو كناية عن الأمر نحو كذا وكذا الظاهر أن رجلا خلط في نذره فنذر طاعة وهي ذبح الناقة لله عز وجل، ونذر معصية أو شيئا لا ينبغي ذكره فعبر عنه بكيت وكيت: ولذلك نسبه للشيطان والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف وقد وثقه شعبة والثوري (سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله حدثني نافع عن عمر رضي الله عنه الخ (غريبة) أي الحال التي كنت عليها قبل الإسلام من الجهل بالله ورسوله وشرائع الدين وغير ذلك تمسك به من قال بصحة نذر الكافر: ومن منع وهو الصحيح يحمل الحديث على أنه (ص لم يأمره بالاعتكاف إلا تشبيها بما نذر لا عين

-183 - ما جاء فيمن نذر طاعة الجاهلية ----- (عن عمرو بن شعيب) عن ابنة كردم عن أبيها أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني نذرت أن أنحر ثلاثة من إبلي، فقال إن كان على جمع من جمع الجاهلية أو على عيد من أعياد الجاهلية أو على وثن فلا، وإن كان على غير ذلك فاقض نذرك، قال يا رسول الله إن على أم هذه الجارية مشيا أفأمشي (وفي رواية أفأمشي) عنها؟ قال نعم (عن عبد الله بن يزيد ابن مقسم) قال حدثني عمتي سارة بنت مقسم عن ميمونة بنت كردم إن أباها قال للنبي صلى الله عليه وسلم إني نذرت أن أذبح عددا من الغنم قال لا أعلمه إلا قال خمسين شاة على رأس بوانة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل عليها من هذه الأوثان شيء؟ قال لا، قال فأوف لله بما نذرت له، قالت فجمعها أبي فجعل يذبحها وانفلتت منه شاة فطليها وهو يقول اللهم أوف بنذري حتى أخذها فذبحها (عن كردم بن سفيان) رضي الله عنه أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نذر الجاهلية، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ألوثن أو لنصب؟ قال لا ولكن لله تبارك

_ ما نذر، وتسميته بالنذر من مجاز التشبيه أو من مجاز الحذف، قال أبو الحسن القابسي لم يأمره الشارع على جعة الإيجاب، وإنما هو على جهة الرأي، وقيل أراد صلى الله عليه وسلم أن يعلمه أن الوفاء بالنذر من آكد الأمور فغلظ أمره بأن أمر عمر بالوفاء (تخريجه) (ق فع طح هق) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر الحنفي قال ثنا ابن جعفر عن عمرو بن شعيب عن ابنة كردم الخ (وكردم) بوزن جعفر واسم بنته ميمونة كما صرح بذلك في الحديث التالي وهي من صغار الصحابة (غريبة) الجمع هنا اسم لجماعة الناس ويجمع على جموع، والمعنى إن كان المراد بنحر الإبل توزيعها على الناس الذين كانوا يجتمعون في الجاهلية أيام فراغهم للهو واللعب أو أيام أعيادهم أو تقربا لصنم فلا وفاء لذلك: لأنهم ما كانوا يجتمعون إلا على الميسر وشرب الخمر ونحوه، وإن كان على غير ذلك مما لم يحرمه الإسلام فاقض نذرك لم يذكر المشي إلى أين ولعله إلى قربة من القرب التي أقرها الإسلام كالمشي إلى البيت الحرام أو إلى مسجد قباء ونحو ذلك والله أعلم يعني أفتمشي الجارية عن أمها (تخريجه) (دج) بمعناه ورجاله ثقات هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده طوله في باب تزويج من لم تولد من كتاب النكاح إن شاء الله تعالى (غريبة) في الحديث السابق أنه نذر إبلا، وفي هذا أنه نذر غنما: ويجمع بينهما بأنه تكرر نذره، فمرة نذر إبلا ومرة نذر غنما والله أعلم بضم الموحدة هي هضبة من وراء ينبع قريبة من ساحل البحر، وقيل إنها بفتح الباء (تخريجه) (د جه) وفي إسناده سارة بنت مقسم قال الحافظ في التقريب لا تعرف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد حدثني أبو الحويرث حفص عن ولد عثمان بن أبي العاص قال حدثني عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلى بن كعب عن ميمونة بنت كردم عن أبيها كردم بن سفيان الخ (غريبة) الوثن كل من ماله جثة معمولة من جواهر الأرض أو من الخشب والحجارة كصورة

-184 - قصة الجارية التي نذرت أن تضرب عند النبي صلى الله عليه وسلم بالدف فرحا بنصره ----- وتعالى، قال فأوف لله تبارك وتعالى ما جعلت له، انحر على بوانة وأوف بنذرك (عن عبد الله ابن بريدة) عن أبيه أن أمة سوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع من بعض مغازيه، فقالت إني كنت نذرت إن ردك الله صالحا أن أضرب عندك بالدف، قال إن كنت فعلت فافعلي، وأن لم تفعلي فلا تفعلي: فضربت فدخل أبو بكر وهي تضرب ودخل غيره وهي تضرب، ثم دخل عمر قال فجعلت دفها خلفها وهي مقنعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان ليفرق منك يا عمر أنا جالس هاهنا ودخل هؤلاء، فلما أن دخلت فعلت ما فعلت (باب لا وفاء لنذر في معصية ولا فيما لا يملك ابن آدم) (عن عمران بن حصين) رضي الله عنه قال كانت العضباء لرجل من بني عقيل وكانت من سوابق الحاج فأسر الرجل وأخذت العضباء معه الحديث (وفيه) حبس رسول الله

_ الآدمي تعمل وتنصب وتعبد، والنصب بضمتين حجر ينصب ويعبد من دون الله (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده من لا يعرف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد ابن الحباب ثنا حسين (يعني ابن واقد) حدثني عبد الله بن بريدة الخ (غريبة) الدف بضم المهملة نوعان دف الملاهي مدور جلده من رق أبيض ناعم في عرضه سلاسل يسمى الطار له صوت يطرب لحلاوة نغمته، وهذا لا إشكال في تحريمه وهو الذي يستعمله الناس في أفراحهم، وأما دف العرب فهو على شكل الغربال خلا أنه لا خروق فيه ولا سلاسل، وطوله إلى أربعة أشبار، وهو المراد هنا لأنه المعهود حينئذ الفرق بالتحريك الخوف والفزع من باب تعب أي يخاف منه ويفزع (تخريجه) (د هق) ورجاله ثقات، قال البيهقي رحمه الله يشبه أن يكون صلى الله عليه وسلم ورجوعه سالما، لا لأنه يجب بالنذر والله أعلم (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن زيد ثنا أيوب عن أبي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين الخ، وفي آخر الحديث (قال وهيب يعني ابن خالد وكانت ثقيف حلفاء لبني عقيل، وزاد حماد بن سلمة فيه وكانت العضباء داجنا) أي تألف الناس ولا تنفر منهم ويألفونها (لا تمنع من حوض ولا نبت، قال عفان مجرسة) بضم الميم وفتح الجيم وتشديد الراء مفتوحة أي مجربة مدربة في الركوب والسير، والمجرس من الناس الذي قد جرب الأمور وخبرها (معودة) بفتح الميم وضم المهملة أي مسنة، وفي القاموس المعود المسن من الإبل والشاء (غريبة) الحديث له بقية وهي: قال فمز به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في وثاق ورسول الله صلى الله عليه وسلم على حمار عليه قطيفة فقال يا محمد تأخذوني وتأخذوا سابقة الحاج (يعني الناقة كانت تسبق قوافل الحج) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذك بحيرة حفائك ثقيف، قال وقد كانت ثقيف أسروا رجلين من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وقال فيما قال وإني مسلم، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قلتها وأنت تملك أمرك أفحت كل الفلاح، قال ومضى رسول الله

- 185 - قصة المرأة التي نذرت أن تنحر ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ----- صلى الله عليه وسلم العضباء لرحله قال ثم إن المشركين أغاروا على سرح المدينة فذهبوا بها وكانت العضباء فيه، قال وأسروا إمرة من المسلمين، قال فكانوا إذا نزلوا أراحوا إبلهم بأفنيتهم قال فقامت المرأة ذات ليلة بعد ما نوموا، فجعلت كلما أتت على بعير رغا حتى أتت على العضباء فأتت على ناقة ذلول مجرسة فركبتها ثم وجهتها قبل المدينة قال ونذرت إن الله عز وجل أنجاها عليها لتنحرهنها، قال فلما قدمت المدينة عرفت الناقة فقيل ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم بنذرها أو أتته فأخبرته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بئسها جزتها أو بئسها جزيتها في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم (حدثنا عبد الله) حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا يونس قال نبئت أن المسور بن مخرمة جاء إلى الحسن فقال إن غلاما لي آبق فنذرت إن أنا عايناته أن أقطع يده فقد جاء فهو الآن بالجسر، قال فقال الحسن لا تقطع يده، وحدثته أن رجلا قال لعمران بن حصين رضي الله عنه إن عبدا لي آبق وإني نذرت إن أنا عاينته أن أقطع يده، قال فلا تقطع يده فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤم فينا أو قال يقوم فينا فيأمرنا بالصدقة وينهانا

_ صلى الله عليه وسلم قال فقال يا محمد إني جائع فأطعمني وإني ظمآن فأسقني، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه حاجته: ثم فدى بالرجلين وحبس رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء اله. وتقدم شرح قصة هذا الرجل في شرح حديث رقم 3.8 قي باب إن الأسير إذا أسلم لم يزل ملك المسلمين عنه من كتاب الجهاد أي اختارها لنفسه وأعدها لرحيله السرح والسارح والسارحة سواء الماشية قيل امرأة أبي ذر قاله أبو داود في آخر الحديث أي ينيخزها أمام بيوتها لترتاح بفتح النون والواو المشذدة مبالغة في نانمو (نه) أي صوت ذلك البعير يقال رغا يرغو رغاءا أي سهلة الانقياد (مجرسة) تقدم ضبطه وتفسيره أي بئس نذرها الذي نذرته، وهو إن الله تبارك وتعالى أنجاها الخ ظاهره يدل على أن من نذر معصية كشرب الخمر ونحو ذلك فنذره باطل لا ينعقد ولا يلزمه كفاره يمين ولا غيرها، وفي ذلك خلاف بين الأئمة (وقوله ولا فيها لا يملك ابن آدم) قال العلماء هو محمول على ماذا أضاف النذر إلى معين لا يملكه: كقوله إن شفي الله مريضي فله أن أعتق عبد فلان أو أتصدق بثوبه أو بداره أو نحو ذلك، فأما إذا التزم في الذمة شيئا لا يملكه فيصح نذره، مثال قال أن شفى الله مريضي فله عتق رقبة: وهو في ذلك الجال لا يملك رقبة ولا قيمتها فيصح نذره. وإن شفى المريض ثبت العتق في ذمته قاله النووي (تخريجه) (م فع د مذ) مطولا كما هنا وأخرجه (نس جه) مختصرا بدون قصة المرأة (حدثنا عبد الله) (غريبة) هو الحسن بن أبي الحسن البصري المشهور أي هرب وكان مملوكا له أو للشك من الراوي والظاهر يقوم فينا يعني خطيبا كما

-186 - قوله صلى الله عليه وسلم لا نذر فيما لا تملكون- ولا نذر في معصية لله عز وجل ----- عن المثلة (عن هياج بن عمران البرجمي) أن غلاما لا بيه أبق فجعل لله تبارك وتعالى عليه إن قدر عليه أن يقطع يده، قال فقدر عليه، قال فبعثني إلى عمران بن حصين رضي الله عنه، قال فقال إقرئ أباك السلام وأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يحث في خطبته على الصدقة وينهى عن المثلة: فليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه، قال وبعثني إلى سمرة فقال أقرئ أباك السلام وأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان سحث في خطبته على الصدقة بينها وينهى هن المثلة فليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه (عن عمرو بن شعيب) عن أبي عن جده عن النبي (ص قال لا طلاق فيما لا تملكون ولا نذر فيما لا تكون، ولا نذر في معصية الله عز وجل (عن عائشة رضي الله عنها) أن النبي (ص قال لا نذر في معصية الله عز وجل

_ يستفاد ذلك من الحديث التالي (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده لم يسم، وهذا الحديث من رواية الأكابر عن الأصاغر لأن المسور من الصحابة والحسن من التابعين وحديث النهي عن المثلة ثابت في الصحيحين وغيرهما من عدة طرق عن جمع من الصحابة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وعفان المعنى قال ثنا همام عن قتادة عن الحسن فقال عفان إن الحسن حدثهم عن هياج بن عمران البرجمي الخ (قلت) هكذا جاء في المسند (عن هياج بن عمران البرجمي) والظاهر إن هذه النسبة خطأ لأن البرجمي (بضم الموحدة والجيم بينها راء ساكنة) هو هياج بن بسطام التميمي أبو خالد الهروي كما في التقريب وغيره من كتب الرجال: يروى عن حميد الطويل وخالد الحذاء وعنه داود بن المحبر كذا في الخلاصة وهو ضعيف، وأما راوي حديث الباب فهو هياج بن عمران بن الفصيل (بفتح الفاء وكسر الصاد المهملة) البصري، قال في الخلاصة روى عن سمرة بن جندب، وروى عنه الحسن البصري وثقه ابن سعد بكسر الراء يقال ""أقرئ فلانا السلام وأقرأ عليه السلام كأنه حين يبلغه سلامه يحمله على أن يقرأ السلام ويرده أي عن نذره وإنما عبر عنه باليمين لاستوائهما في الكفارة، وسيأتي في الباب التالي عن عقبة بن عامر مرفوعا (إنما النذر يمين كفارتها كفارة يمين) والظاهر أن قوله فليكفر عن يمينه ويتجاوز عن غلامه مدرجة من قول الصحابي في المرتين والله أعلم يعني ابن جندب الصحابي رضي الله عنه: فهذا الحديث مروى بهذا اللفظ عن إثنين من الصحابة عمران بن حصين وسمرة بن جندب رضي الله عنهما (تخريجه) (د) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) أي لا ينعقد ولا يصح قبل النكاح: وفي المسألة خلاف سيأتي في بابه إن شاء الله تعالى وتقدم شرح بقية الحديث في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه) (يز هق والأربعة) وقال الترمذي حديث حسن وهو أحسن شيء في هذا الباب وكذلك قال البيهقي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان (يعني ابن عمر) قال ثنا يونس عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ تقدم شرحه في شرح الحديث

-187 - حديث لا نذر في معصية وكفارة يمين وكلام العلماء فيه ----- وكفارته كفارة يمين (حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ومحمد بن بكر قالا ثنا ابن جريج، وقال سليمان بن موسى قال جابر قال النبي (ص لا وفاء لنذر في معصية الله عز وجل (وبالسند المتقدم قالا أخبرنا ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا بن عبد الله رضي الله عنهما يقول لا وفاء لنذر في معصية الله عز وجل ولم يرفعاه (عن ثابت ابن الضحاك) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على رجل نذر فيما لا يملك (عن عمران بن حصين)

_ الأول من أحاديث الباب (تخريجه لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من طريق الزهري عن عروة عن عائشة، وأخرجه (قط هق طح والأربعة ورواية أخرى للإمام أحمد من طريق الزهري من أبي سلمة عن عائشة، وأعله الحفاظ بأن الزهري لم يسمع هذا الحديث من أبي سلمة وإنما سمعه من سليمان ابن أرقم وسليمان متروك، وأورده الحافظ في التلخيص من عدة طرق عن عائشة وغيرها من الصحابة لكنها لم تخل من قال، قال وله طريق آخر لرواه أبو داود من حديث كريب عن ابن عباس وإسناده حسن، فيه طلحة ابن يحيى وهو مختلف فيه، وقال أبو داود موقوفا يعني وهو أصح، ومن الغريب أن الحافظ لم يأت برواية الإمام أحمد من طريق الزهري عن عروة عن عائشة: والزهري سماعة من عروة في الصحيحين وغيرهما: وهذه الرواية من أصح الروايات: فكأن الحافظ لم يطع عليها، وقال النووي في الروضة (حديث لا نذر في معصية وكفارته كفارة يمين) ضعيف باتفاق المحدثين: قال الحافظ قد صححه الطحاوي وأبو علي بن السكن فأين الاتفاق اهـ (قلت) وكأن النووي رحمه الله لم يطلع أيضا على رواية الإمام أحمد التي هي من أصح الروايات والكمال لله وحده، قال الخطابي لو صح هذا الحديث لكان القول به واجبا (قلت) صح الحديث واحتج به الإمام أحمد وإسحاق والله أعلم (حدثنا عبد الله) (غريبة) هو الأموي أبو أيوب الدمشقي الأشدق الفقيه روى عن جابر مرسلا، وعنه ابن جريج الأوزاعي وغيرهما وثقه دحمو ابن معين: وقال ابن عدي تفرد بأحاديث وهو عندي ثبت صدوق، وقال النسائي ليس بالقوى وقال أبو حاتم محله الصدق في حديثه بعض الإضطراب (خلاصة) معناه أن عبد الرازاق ومحمد بن بكر لم يرفعا الرواية الثانية إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل أوقفها علة جابر كما هو ظاهر الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، والرواية الأولى مرفوعة، لكن قيل أن سليمان بن موسى لم يسمع من جابر، والرواية الثانية موقوفة ورجالها رجال الصحيح، ومع هذا فالحديث له شواهد من أحاديث الباب تعضده والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حرب ثنا يحيى قال حدثني أبو قلابة قال حدثني ثابت بن الضحاك الأنصاري وكان ممن بايع تحت الشجرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من حلف على يمين بملة سوى الإسلام كاذبا فهو فهو كما قال، ومن قتل نفسه بشيء عذب يوم القيامة، وليس على رجل نذر فيما لا يملك (تخريجه) (ق وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد الله بن المثنى ثنا صالح بن

-188 - لا يجب وفاء النذر فيه مثلة (بضم الميم وفتح اللام) ----- رضي الله عنه قال ما قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا إلا أرنا بالصدقة ونهانا عن المثلة قال وقال ألا إن المثلة أن ينذر الرجل أن يخرم أنفه، ألا وإن من المثلة أن ينذر الرجل يحج ماشيا فليلهد هديا وليركب (باب من نذر نذرا مباحا؟ أو غير مشروع أو لا يطيقه وكفارة ذلك) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما قال جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أختي نذرت أن تحج ماشية، قال إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا، لتخرج راكبة ولتكفر عن يبمينها (وعنه أيضا) أن عقبة بن عامر رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أخته نذرت أن تمشي إلى البيت وشكى إليه ضعفها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الله غني عن نذر أختك فلتركب ولتهد بدنة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أدرك شيخا يمشي

_ رستم أبو عامر الخزار حدثني كثير بن شنظير عن الحسن عن عمران بن حصين الخ (غريبة) المثلة بضم الميم وسكون المثلثة كخرم أنف الرجل أو قطعه أو قطع أذن أو يد أو رجل، بل كان ما يشوه الإنسان أو يلحق يبه ضررا يقال له مثلة: ولذلك نهى الشارع عن فعله معناه أن من نذر أن يحج ماشيا ولم يطق ذلك فليركب وعليه دم لأنه أدخل نقصا في الواجب لعدم وفائه بما يلزمه، وهو أرجه القولين عن الشافعية: وبه قال جماعة: والقول الثاني لا دم عليه بل يستحب قاله النووي (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهبي (باب) (سنده) حدثني عبد الله حثني أبي ثنا أبو كامل ثنا شريك عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن كريب عن ابن عباس الخ (غريبة) سمى النذر يمينا لكونه عقدة لله تعالى بالتزام شيء، والحالف عقد يمينه بالله تعالى ملتزما لشيء فأشبهه أحدهما الآخر من هذه الجهة، وإصلاح من هذا ما رواه الإمام أحمد وغيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه مرفوعا وسيأتي بلفظ (إنما النذر يمين كفارتها كفارة يمين) ويستفاد منه أن ما يصح كفارة لليمين يصح كفارة للنذر، وعلى هذا فمعنى قوله (ولتكفر عن يمينها) أي نذرها بما يصح كفارة لليمين والله أعلم (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز أنا همام ثنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) في رواية لأبي داود (فأمرها النبي صلى الله عليه وسلم أن تركب وتهدي هديا) وظاهر رواية أبي داود أن البقرة تجزيء وكذلك الشاة لأن الهدي يجوز بأحدهما وإنما خص البدنة هنا بالذكر لكونها أفضل من غيرها، والهدى مطلقا أفضل من الصدقة والصوم لأن المشي غالبا كما يكون إلا في حج أو عمرة، وأفضل القربات بمكة إراقة الدم إحسانا لفقراء الحرم والموسم (تخريجه) (ق وغيرهم) إلا أن الشيخين لم يذكرا فيه الهدى، قال القرطبي زيادة الأمر بالهدى رواتها ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سليمان أنبأنا إسماعيل أخبرني عمرو عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة

189 - حكم من نذر أن يحج ماشيا وكلام في ذلك ----- بين أبنيه متوكئا عليها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما شأن هذا الشيخ؟ فقال ابناه يا رسول الله كان عليه نذر، فقال اركب أيها الشيخ فإن الله عز وجل غني عنك وعن نذرك (وعن أنس ابن مالك) رضي الله عنه بنحوه، وفيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل لغني أن يعذب هذا نفسه (عن عقبة بن عامر) رضي الله عنه أنه قال إن أختي نذرت أن تمشي إلى بيت الله عز وجل فأمرتني أن أستفتي لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستفتيت النبي صلى الله عله وسلم فقال لتمش ولتركب قال وكان أبو الخير لا يفارق عقبة (وعنه أيضا) أن أخته نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة فسأل النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الله لا يصنع بشقاء أختك شيئا، مرها فلتختمر ولتركب ولتصم ثلاثة أيام (وعنه من)

_ الخ (غريبه) قال نووي هذا محمول على العاجز عن المشي فله الركوب وعليه دم (تخريجه) (م جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن عدي عن حميد عن أنس بن مالك قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يهادي بين أبنية قال ما هذا؟ قالوا نذر أنم يمشي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل الخ (غريبة) زاد في رواية للنسائي من حديث أنس (وأمره أن يركب) وتقدم في حديث أبي هريرة (فقال اركب أيها الشيخ) وراية للنسائي من حديث أنس (ذر أن يمشي إلا بيت أبي هريرة) (تخريجه) (ق. والثلاثة) وهذا الحديث من ثلاثيات الإمام أحمد، أي ليس بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة رجال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق وابن بكر قالا أنا ابن جريج أخبرني سعيد بن أبي، أيوب أن يزيد بن أبي حبيب أخبره أن أبا الخير حدثه عن عقبة بن عامر الجهني أنه قال إن أختي نذرت الخ (غريبو) تقدم في حديث أبي هريرة وأنس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الناذر أن يركب جزما، وهنا أمر أخت عقبة أن تمشي وأن تركب لأن الناذر في حديثي أبي هريرة وأنس كان شيخا ظاهرا العجز، وأنت وأخت عقبة لم توصف بالعجز فكأنه أمرها أن تمشي إن قدرت وتركب إن عجزت يريد أن أبا الخير راوي الحديث عن عقبة كان ملازما له لا يفارقه: وهذا يستدعي صحة النقل وسماع أبي الخير عن عقبة، والقائل ذلك هو يزيد بن أبي حبيب راوي الحديث عن أبي الخير، وفي تذكرة الحفاظ للذهبي أن أبا الخير كان مفتي أهل مصر في زمانه (تخريجه (ق وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا وكيع قال ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن زحر عن أبي سعيد الرعي عن عبد الله بن مالك اليحصي عن عقبة بن عامر أن أخته الخ (غريبة) أي غير ساترة رأسها بالخمار وهو ما يلف على رأس المرأة ورقبتها لسترهما قال الخطابي إنما أمره إياها بالاختمار فلأن النذر لم ينعقد فيه لأن ذلك معصية والنساء مأمورات بالاختمار والاستتار، وأما نذرها المشي حافية فالمشي قد يصح فيه النذر وعلى صاحبه أن يمشي ما قدر عليه، فإذا عجز ركب وأهدى هديا، وقد يحتمل أن تكون أخت عقبة كانت

-190 - من نذر أن يحج حافيا أو مقرونا برجل ----- طريق ثان) أن أخته نضرت في ابن لها لتحجن حافية بغير خمار فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تحج راكبة مختمرة ولتصم (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أدرك رجلين وهما مقترنان يمشيان إلى البيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال القران قلا يا رسول الله نذرنا أن نمشي إلى البيت مقترنين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هذا نذرا فقطع قرانهما، قال سريج في حديثه إنما النذر ما ابتغى به وجه الله عز وجل (عن رجل من أهل البادية) عن أبيه عن جده أنه حج مع ذي قرابة له مقترنا به فرآه النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا قال

_ عاجزة عن المشي بل قد روى ذلك من رواية ابن عباس وقد ذكر أبو داود اهـ وتقدم في الحديث الثاني من أحاديث الباب أنه صلى الله عليه وسلم قال (فلتركب ولتهد بدنه) وفي رواية أبي داود (ولتهد هديا فكيف الجمع بينهما وبين رواية الصيام؟ جمع الخطابي بين ذلك بقوله (فأما قوله فلتصم ثلاثة أيام) فإن الصيام بدل من الهدي، خيرت فيه كما خير قاتل الصيد أن يفديه بمثله إذا كان له مثل، وإن شاء قومه وأخرجه إلى المساكين، وإن شاء صام بدل كل مدمن الطعام يوما وذلك قوله سبحانه وتعالى (أو عدل ذلك صياما) اهـ قال السندي في حاشية ابن ماجة (وأما الأمر بالصوم) فمن على أن كفارة النذر بمعصية كفارة اليمين وقيل عجزت عن الهدي فأمرها بالصوم والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا بكر بن سوادة عن أبي سعيد جعل القتباني عن أبي تميم الجيشاني عن عقبة بن عامر أن أخته نذرت في ابن لها الخ (وقوله لا ي ابن لها) يشبه أن يكون ابنها مرض فنذرت أن شفا الله ابني لأحجن حافية الخ أو نحو ذلك والله أعلم (تخريجه) (الأربعة وغيرهم) وقال الترمذي حسن صحيح، قال المنذري وفي إسناده عبيد الله بن زحر وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة اهـ (قلت وفي إسناد الطريق الثانية ابن لهيعة، قال الحافظ ابن كثير إذا قال حدثنا فحديثه حسن (قلت) قد قال حدثنا فهو حسن والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحسين بن محمد وسريج قالا حدثنا ابن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) أي ربط أحدهما نفسه بالآخرة كما يدل على ذلك حديث ابن عباس عند البخاري والإمام أحمد وتقدم في باب طواف أهل مكة من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر صحيفة 65 أن النبي صلى الله عليه وسلم مر وهو يطوف بالكعبة بإنسان ربط يده بإنسان يسير أو بخيط أو بشيء غير ذلك فقطعه النبي صلى الله عليه وسلم بيده ثم قال قده بيده، وقد ذكرت للحافظ كل هناك فارجع إليه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وقال الحافظ رواه أحمد والفاكهي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وإسناده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا ابن عون ثنا رجل من أهل البادية الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم ويعضده الحديث الذي قبله

-191 - من نذر أن يقف في الشمس ولا يقعد ولا يتكلم ----- إنه نذر فأمر بالقرآن أن يقطع (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى أعرابي قائما في الشمس وهو يخطب فقال ما شأنك؟ فقال نذرت يا رسول الله أن لا أزال في الشمس حتى تفرغ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس هذا نذرا، إنما النذر ما ابتغي به وجه الله عز وجل (عن ابن طاوس) عن أبيه عن أب إسرائيل رضي الله عنه قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد وأبو إسرائيل يصلي، فقيل للنبي صلى الله عليه وسلم هودا يا رسول الله لا يقعد ولا يكلم الناس ولا يستظل وهو يريد الصيام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليقعد وليكلم الناس وليستظل وليصم (باب قوله صلى الله عليه وسلم لا نذر في غضب وكفارته كفارة يمين) (عن محمد بن الزبير) حدثني أبي أن رجلا حدثه أنه سأل عمران بن حصين رضي الله عنه عن رجل نذر أن لا يشهد الصلاة في مسجد فقال عمران سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا نذر في غضب وكفارته كفارة يمين (عن عقبة ابن عامر) رضي الله عنه قال سمعت

_ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج بن النعمان ثنا ابن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) يعني حتى تفرغ من خطبتك كما صرح بذلك في رواية الطبراني (وقوله ليس هذا نذرا) أي ليس فعلك هذا محبوبا عند الشارع حتى تجعله نذرا، بل هو أقرب إلى معصية منه إلى الطاعة، لأن فيه إيذاء للنفس: لا سيما وقد صرح في رواية الطبراني بأن هذا اليوم كان شديد الحر يعني أن النذر الذي يلزم شرعا ما كان بفعل شيء يتقرب به إلى الله عز وجل (تخريجه) (هق طب) وقال الحافظ في التلخيص رواه أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بهذا وفيه قصة الرجل الذي نذر أن يقوم في الشمس: ورواه أبو داود بلفظ لا نذر إلا فيما ابتغى به وجه الله: ورواه البيهقي من وجه آخر برواية أحمد في قصة أخرى اهـ (قلت) وسكت عنه الحافظ وسنده حديث الباب جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا ابن جرير ومحمد ابن بكر قال أخبرني ابن جرير قال أخبرني ابن طاوس عن أبيه الخ (غريبة) إنما أقره النبي صلى الله عليه وسلم على الصيام فقط لأهله قربة بخلاف البرواقي، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم علم منه أن الصوم لا يشق عليه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال أحمد رجال الصحيح اهـ (أنظر حديث رقم 1220 في كتاب بدائع المنن) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الوارث ثنا محمد بن الزبير الخ (غريبة) هكذا عند الإمام أحمد (في مسجد) وجاء في رواية النسائي (في مسجد قومه) والظاهر أن لفظ قومه سقط نمن الناسخ في رواية الإمام أحمد معناه لا وفاء لنذر يحمل عليه الغضب من العزم على ترك فعل الخير أو العزم على فعل المعصية (تخريجه) (نس ك هق) وفي إسناده رجل لم يسم وفيه أيضا محمد بن الزبير قال النسائي ضعيف لا يقوم بمثله حجة وقد اختلف عليه فيه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد

-192 - حديث لا نذر في غضب وكفار ة يمين- وحكم من نذر الصدقة بكل ماله ----- رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما النذر يمين كفارته كفارة اليمين (وعنه من طريق ثان) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كفارة النذر كفارة اليمين (باب ما يذكر فيمن نذر الصدقة بماله كله) (عن كعب بن مالك) رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله إن من توبتي أن انخلع من مالي صدقة إلى الله تعالى وإلى رسوله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك بعض مالك فهو خير لك، قال فقلت إني أمسك سهمي الذي بخيبر (عن الحسين بن السائب) بن أبي لبابة بن عبد المنذر رضي الله عنه لمل تاب الله عليه

_ مولى بني هاشم قال ثنا بن لهيعة قال ثنا كعب بن علقمة قال سمعت عبد الرحمن بن الرحمن بن شماسة يقول أتينا أبا الخير فقال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) تقدم الكلام على تسمية النذر يمين في شرح الحديث الأول من الباب السابق فارجع إليه (سنده) حدثا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر بن عياش قال حدثني محمد مولى المغيرة بن شعبة قال حدثني كعب بن علقمة عن أبي الخير مرثد بن عبد الله عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ زاد الترمذي وابن ماجة (إذا لم يسمى) أي لم يعينه الناذر بأن قال إني نذرت نذرا أو على نذر ولم يعين أنه صوم مثلا أو غيره، وكفارة اليمين بسطت الكلام عليها في كتابي (القول الحسن شرح بدائع المنن) صحيفة 144 - 145 في الجزء الثاني مع ذكر مذاهب الأئمة فيها فارجع إليه (تخريجه) لم أقف على من أخرج الطريق الأولى بلفظ رواية الإمام أحمد وأخرج الطريق الثانية بلفظها (م د نس) ورواه (مذ جه) بلفظ (كفارة النذر إذا لم يسم كفارة يمين) فزاد لفظ (إذا لم يسم) وصححها الترمذي والله أعلم باب هذا طرف من حديث طويل جدا سيأتي بسنده وطوله في تفسير سورة التوبة من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى، وإنما ذكرت هذا الطرف منه هنا لمناسبة الترجمة وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (غريبة) بنون وخاء معجمة أي أعرى من مالي كما يعري الإنسان إذا خلع ثوبه، وجاء في رواية أبي داود (قلت يا رسول الله إن من توبتي إلى الله أن أخرج من مالي كله إلى خيبر) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب من تصدق بعشر ماله الخ صحيفة 183 رقم 233 من كتاب الزكاة في الجزء التاسع فارجع إليه ففيه كلام نفيس ويستفاد من حديثي الباب أن من نذر الصدقة بماله كله يجزئه التصدق بثل ماله وحديثا الباب وإن لم يكن فيهما تصريح بالنذر فإنهما يطابقان الترجمة من حيث أن كعب بن مالك جعل من توبته انخلاعه من ماله صدقة إلى الله ورسوله وفي الانخلاع معنى الالتزام، والنذر معناه في الشرع التزام المكلف شيئا لم يكن عليه منجزا أو معلقا (وقد اختلف العلماء) فيمن نذر أن يتصدق بجميع ماله فقالت الحنفية يتصدق بجميع أمواله الزكوية استحبابا، ولهم قول آخر أنه يتصدق بجميع ما يملكه، وبه قالت الشافعية، وقالت المالكية يتصدق

-193 - ما جاء في أن النذر لا يرد شيئا من القدر ----- قال يا رسول الله إن من توبتي أن أهجر دار قومي واساكنك، وأن أنخلع من مالي صدقة لله ولرسوله، فقال رسول لله صلى الله عليه وسلم يجزيء عنك الثلث (باب النهي النذر وأنه لا يرد شيئا من القدر) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال الله عز وجل لا يأتي النذر على ابن آدم بشيء لم أقدره عليه ولكنه شيء استخرج به من البخيل يؤتيني عليه مالا يؤتيني على البخل (وعنه أيضا) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهي عن النذر وقال أنه لا يقدم شيئا ولكنه يستخرج به من البخيل (وعنه من طريق ثان) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تنذروا

_ بثلث جميع أمواله الزكوية وغيرها، وعن الإمام أحمد روايتان إحداهما يتصدق بجميع أمواله، والأخرى يرجع في ذلك إلى ما يراه من مال والله أعلم (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبة) معناه أن النذر لا يفيد ابن آدم ولا يدرك بسببه شيئا لم يقدره الله عز وجل المعنى أن البخيل لا تطاوعه نفسه بإدراج شيء من يده إلا في مقابلة عوض يستوفي أولا فليلتزمه في مقابلة ما سيحصل له ويعقله على جلب نفع أو دفع ضر، وذلك لا يسوق إليه خيرا لم يقدر له، ولا يرد عنه شرا قضى عليه، ولكن النذر قد يوافق القدر فيخرج من البخيل ما لو لاه لم يكن يريد أن يخرجه أي يعطيني على ذلك الأمر الذي سببه نذر كالشفاء مثلا ما لا يعطيني عليه من قبل النذر (وفي رواية ابن ماجة) فييسر عليه ما لم يكن ييسر عليه من قبل ذلك (وفي رواية مسلم) فيخرج بذلك من البخيل ما لم يكن البخيل يريد أن يخرجه وهي أوضح الروايات (تخريجه) (ق. نس مذ. جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن شعبة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي ولا يؤخره كما في رواية للبخاري من حديث ابن عمر، ومعناه لا يقدم شيئا من القدر الله تعالى ومشيئته ولا يؤخره، قال القاضي عياض عادة الناس تعليق النذر على حصول المنافع ودفع المضار فنهى عنه، فإن ذلك فعل البخلاء: إذا السخي إذا أراد أن يتقرب إلى الله عز وجل استعجل فيه وأتى بالمال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن الزهري عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تنذروا الخ (غريبة) بفتح أوله وضم الذال وكسرها من بابي ضرب وقتل (فإن النذر لا يرد) أي لا يدفع شيئا من القدر، قال ابن الملك هذا التعليل يدل على أن النذر المنهى عنه ما يقصد به تحصيل غرض أو دفع مكروه على ظن أن النذر يرد من القدر شيئا، وليس مطلق النذر منهيا عنه، إذ لو كان كذلك لما لزم الوفاء به، وقد أجمعوا على لزومه لأن غير البخيل يعطي باختياره بلا واسطة النذر، والبخيل إنما يعطي بواسطة النذر الموجب عليه اهـ (تخريجه) (ق نس مذ جه وغيرهم)

-194 - ما يفعل من نذر صوم يوم معين فصادف يوم العيد ----- فإن النذر لا يرد شيئا من القدر، وإنما يستخرج به من البخيل (عن ابن عمر) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (باب من نذر صوم يوم معين فصادف يوم عيد) (عن زياد بن جبير) قال رأيت رجلا جاء إلى ابن عمر فسأله فقال أنه نذر أن يصوم كل يوم الأربعاء: فأتى ذلك على يوم أضحى أو نحر فقال ابن عمر أمر الله بوفاء النذر ونهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم النحر (باب أن من نذر الصلاة في المسجد الأقصى أجزأه أن يصلي في مسجد مكة أو المدينة) (عن عمر بن عبد الرحمن بن عوف) وعن رجال من ال، صار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا من الأنصار جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح والنبي صلى الله عليه وسلم في مجلس قريب من المقام فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال يا نبي الله إني نذرت لئن فتح الله للنبي صلى الله عليه وسلم والمؤمنين مكة لأصلين في بيت المقدس، وأني وجدت رجلا من أهل الشام هاهنا في قريش مقبلا معي ومدبرا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم هاهنا فصل، فقال الرجل قوله هذا ثلاث مرات، كل ذلك يقول النبي صلى الله عليه وسلم

_ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن منصور عن عبد الله بن مرة عن ابن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النذر وقال أنه لا يرد من القدر شيئا إنما يستخرج به من البخيل (تخريجه) (ق د نس جه) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشم أنا يونس عن زياد بن جبير الخ (غريبة) يريد أنه صادف يوم عيد الأضحى، وأو للشك من الراوي يشك في اللفظ هل قال يوم الأضحى أو قال يوم نحر، والمعنى واحد إذ يوم الأضحى هو يوم النحر والمراد بهما يوم العيد هذا الجواب يشعر بالتوقف عن الجزم في المسألة، قال العلماء توقف ابن عمر عن الجزم بجوابه لتعارض الأدلة عنده وهذا من تورعه، ويحتمل أنه يشير للسائل بأن الاحتياط لك القضاء، فتجمع بين أمر الله عز وجل وهو قوله تعالى (وليوفوا نذورهم) فيصوم يوما مكان يوم النذر، وبين أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أمره بترك صوم يومي العيدين فيترك صوم يوم العيد (قال النووي رحمه الله) أجمع العلماء على تحريم صوم هذين اليومين (يعني عيد الفطر وعيد الأضحى) بكل حال سواء صامهما عن نذر أو تطوع أو كفارة أو غير ذلك، أو نذر صومهما متعمدا لعينهما، قال الشافعي والجمهور لا ينعقد نذره ولا يلزمه قضاؤهما، وقال أبو حنيفة ينعقد ويلزمه قضاؤهما، قال فإن صامهما أجزأه وخالف الناس كلهم اهـ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني يوسف بن الحكم ابن أبي سنان أن حفص بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف وعمرو بن حنة أخبراه عن عمر بن عبد الرحمن ابن عوف الخ (غريبة) يعني مقام إبراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام لعله يريد بذلك مرافقته في السفر فيسهل عليه يعني في المسجد الحرام وإنما أمره النبي صلى الله عليه وسلم بذلك لما ثبت أن

-195 - من نذر الصلاة في المسجد الأقصى أجزأه أن يصلي بمسجد مكة أو المدينة ----- هاهنا فصل، ثم قال الرابعة مقالته هذه فقال النبي صلى الله عليه وسلم اذهب فصل فيه، فو الذي بعث محمدا بالحق لو صليت هاهنا لقضى عنك كل صلاة في بيت المقدس (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد) عن ابن عباس أنه قال إن امرأة اشتكت شكوى فقالت لئن شفاني الله لأخرجن فلأصلين في بيت المقدس فبرأت فتجهزت تريدا الخروج، فجاءت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تسلم عليها فأخبرتها ذلك، فقالت فكلي ما صنعت وصلى في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة (باب قضاء المنذورات عن الميت) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن امرأة ركبت البحر فنذرت إن الله تعالى أنجاها أن تصوم شهرا: فأنجاها الله عز وجل فلم تصم حتى ماتت فجاءت قرابة لها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك فقال صومي (وعنه أيضا) أن سعد بن عبادة رضي الله عنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن نذر كان على أمه توفيت قبل أن تقضيه فقال اقضه عنها

_ الصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه رواه الإمام أحمد وأبو داود وسيأتي من حديث جابر في فضل المساجد الثلاثة من كتاب الفضائل وصححه الحافظ إسناده أي لما تقدم من فضل الصلاة في مسجد مكة (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال حدثنا ليث يعني ابن سعد قال ثنا نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد الخ (غريبة) أي مرضت مرضا ما أي كلي الزاد الذي صنعتيه لأجل السفر ولا تسافري أي في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وقد استدلت ميمونة رضي الله عنها بهذا الحديث لتمنعها من السفر إلى بيت المقدس وتكبد المشقة فإن الصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أفضل من الصلاة في بيت المقدس يعني المسجد الحرام لما تقدم من أن الصلاة فيه بمائة ألف صلاة فيما سواه (تخريجه) (م. وغيره) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) في بعض الروايات عن ابن عباس أيضا جاءت امرأة فقالت إن أختي ماتت فذكرت الحديث أي صومي عنها (تخريجه) (نس) وسنده جيد وروى نحوه الشيخان والإمام أحمد بلفظ آخر وتقدم في الجزء العاشر رقم 182 صحيفة 136 في باب قضاء الصوم عن الميت فارجع إليه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا الزهري

كتاب الأذكار والدعوات

-196 - ما جاء في قضاء المنذورات عن الميت- ومقدمة كتاب الأذكار ----- (عن سعد بن عبادة) رضي الله عنه أنه أتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أمي ماتت وعليها نذر أفيجزئ عنها أن أعتق عنها؟ قال أعتق عن أمك (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن امرأة نذرت أن تحج فماتت فأتى أخوها النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك، فقال أرأيت لو كان على أختك دين أكنت قاضية؟ قال نعم، قال فاقضوا لله عز وجل فهو أحق بالوفاء كتاب الأذكار والدعوات

_ عن عبيد الله عن ابن عباس أن سعد بن عبادة الخ (قلت) ولم يعين في الحديث النذر المذكور فقيل كان صياما، وقيل كان عتقا وقيل صدقة، وقيل نذرا مطلقا أو معينا عند سعد والله أعلم (تخريجه) (ق لك د نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا سليمان بن كثير أبو داود عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن سعد بن عبادة الخ (غريبة) الظاهر أن نذر أم سعد كان عتقا لقوله أفيجزيء عنها أن أعتق عنها فيكون هذا الحديث مبينا لما أبهم في الحديث مبينا لما أبهم في الحديث الذي قبله (قال الحافظ) ويستحمل أن تكون نذرت نذرا مطلقا غير معين فيكون في الحديث حجة لمن أفتى في النذر المطلق بكفارة يمين، والعتق أعلى كفارات الأيمان فلذلك أمره أن يعتق عنها اهـ والله أعلم (تخريجه) (نس لك) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي بشر قال سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس الخ (غريبة) لم تسم هذه المرأة في رواية البخاري (فأتى رجل) قال القسطلاني هو عقبة بن عامر الجهني اهـ، فعلم من ذلك أن المرأة المذكورة هي أخت عقبة بن عامر استدل به على أن حق الله عز وجل مقدم على دين الآدمي وهو أحد أقوال الشافعية، وقيل بالعكس وقيل هما سواء، والجمهور على أنه إذا اجتمع حق الله عز وجل وحق العباد يقدم حق العباد، وأجابوا عن هذا الحديث بأن إذا كنت تراعي حق الناس فلأن تراعي حق الله كان أولى، ولا دخل فيه للتقديم والتأخير إذ ليس معناه أحق بالتقديم والله أعلم (تخريجه) (خ وغيره) (كتاب الأذكار والدعوات والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) المراد بالذكر هنا الإتيان بالألفاظ التي ورد الترغيب في قولها والإكثار منها مثل الباقيات الصالحات، وهي سبحان الله، والحمد لله ولا اله إلا الله، والله أكبر وما يتلحق بها من الحوقلة والبسملة والحسبلة والاستغفار ونحو ذلك والدعاء بخيري الدنيا والآخرة، ويطلق ذكر الله أيضا ويراد به المواظبة على العمل بما أوجبه أو ندب إليه: كتلاوة القرآن وقراءة الحديث ومدارسة العلم والتنقل بالصلاة، ثم الذكر يقع تارة باللسان ويؤجر عليه الناطق، ولا يشترط استحضاره لمعناه، ولكن يشترط أن لا يقصد به غير معناه، وإن إنضاف إلى النطق الذكر بالقلب فهو أكمل، فإن إنضاف إلى ذلك استحضار معنى الذكر وما اشتمل عليه من تعظيم الله تعالى ونفي النقائض عنه ازداد كمالا، فإن وقع ذلك في عمل صالح مهما فرض من صلاة أو جهاد أو غيرهما ازداد كمالا، فإن صحح التوبة وأخلص لله تعالى في ذلك فهو أبلغ الكمال قاله الحافظ (وقال

-197 - ما جاء في فضل الذكر مطلقا- وشرح حديث كل أمر ذي بال الخ ----- (باب ما جاء في فضل الذكر مطلقا والاجتماع عليه) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل كلام أو أمر ذي بال لا يفتتح بذكر الله عز وجل فهو أبتر أو قال أقطع (عن معاذ بن جبل) رضي

_ النووي في الأذكار أعلم أن فضيلة الذكر منحصرة في التسبيح والتهليل والتحميد والتكبير ونحوها بل كل عامل لله تعالى بطاعة فهو ذاكر لله تعالى، كذا قال سعيد بن جبير وغيره من العلماء، وقال عطاء رحمه الله مجالس الذكر هي مجالس الحلال والحرام كيف تشتري وتبيع وتصلي وتصوم وتنكح وتطلق وتحج وأشباه هذا اهـ (تنبيه) اعلم هداني الله وإياك لطاعته أن ما جاء في هذا الكتاب (أعني كتاب الأذكار والدعوات) ليس كل ما جاء في مسند الإمام أحمد رحمه الله تعالى من الأذكار، فقد جاء فيه أذكار كثيرة وضعتها في كتب أخرى لتعلقها بها كأذكار الوضوء والصلاة والزكاة والصيام والحج ونحو ذلك ليسهل تناولها على الطالب، وما ليس له تعلق بكتب مخصوصة جعلته مستقلا في هذا الكتاب مرتبا على الأبواب لتسييره على الطلاب فتنبه لذلك والله الموفق (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى ابن آدم ثنا ابن المبارك عن الأوزاعي عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبة) أو للشك من الراوي يشك هل قال كل كلام أو كل أمر والمشهور في الرواية الأخيرة، وهو أعم من الكلام لأنه قد يكون فعلا، ولذا جاء بلفظ (كل أمر) في أكثر الروايات، قال ابن البنكي رجمه الله والحق أن بينهما عموم وخصوص من وجه، فالكلام قد يكون أمرا وقد يكون نهيا وقد يكون خبرا: والأمر قد يكون فعلا وقد يكون قولا اهـ (وقوله ذي بال) أي حال شريف محترم ومهتم به شرعا كما يفيده التوين المشعر بالتعظيم (والبال أيضا القلب كأن الأمر ملك قلب صاحبه لاشتغاله به جاء في أكثر الروايات (لا يبدأ) ولم أقف على رواية (لا يفتتح) لغير الإمام أحمد (وقوله بذكر الله) هكذا في المسند، وعند أبي داود وابن ماجة البيهقي (بالحمد لله) ولأبي داود والرهاوي في الأربعين (بسم الله الرحمن الرحيم) وعنه البغوي (بحمد الله) وأعم الجميع رواية الإمام أحمد (بذر الله) فهي شاملة لكل ما ورد في هذا الباب لأنه لا يخرج عن ذكر الله عز وجل أو للشك من الراوي، وأبتر، وأقطع بمعنى واحد (وفي رواية فهو أجذم) ومعنى الجميع أي ناقص غير معتد به شرعا وقليل البركة (تخريجه) (د هق قط حب) بألفاظ مختلفة وكلهم رووه عن أبي هريرة: وفي إسناد الجميع قره بن عبد الرحمن فيه كلام، وأخرج له مسلم مقرونا بغيره: وصححه بعض الحفاظ وحسنه بعضهم، وبعضهم ضعفه، وألف فيه السخاوي جزءا وقال النجم رواه عبد القادر الرهاوي بلفظ (كل أمر ذي بال لا يبتدأ به بحمد الله والصلاة على فهو أقطع أبتر ممحوق من كل بركة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجين بن المثنى ثنا عبد العزيز يعني ابن أبلي سلمة عن زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة أنه بلغه عن

-198 - هل الذكر أفضل أم الجهاد؟ وكلام العلماء في ذلك ----- الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عمل آدمي عملا قط أنجى له من عذاب الله من ذكر الله، وقال معاذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم، وخير لكم من تعاطي الذهب والفضة، ومن أن تلقوا عدوكم غدا فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا بلى يا رسول الله، قال ذكر الله عز وجل (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا |أنبئكم بخير أعمالكم فذكر مثله (حدثنا عبد الله) حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد هو يشك يعني الأعمش قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله وملائكة سياحين في الأرض فضلا عن كتاب الناس، فإذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى

_ معاذ بن جبل أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي أكثرها ثوابا عند الله عز وجل يستفاد من هذا الحديث أن الذكر أفضل الأعمال وخيرها على العموم، وقد استشكل بعض أهل العلم تفضيل الذكر على الجهاد مع ورود الأدلة الصحيصة أنه أفضل الأعمال، وقد أجاب العلماء بأجوبة كثيرة، أظهرها أن ما ورد من الأحاديث المشتملة على تفضيل بعض الأعمال على بعض آخر، وما ورد منها مما يدل على تفضيل البعض المفضل عليه باختلاف الأشخاص والأحوال، فمن كان مطيقا للجهاد وقوي الأثر فيه لأفضل أعماله الجهاد، ومن كان كثير المال فأفضل أعماله الجهاد، ومن كان كثير المال فأفضل أعماله الصدقة، ومن كان غير متصف بأحد الصفحتين المذكورتين فأفضل أعماله الذكر والصلاة ونحو ذلك، وتقدم مثل هذا الجمع في غير موضع فتدبر (تخريجه) (ك) أخرج الحاكم الجزء الأول منه موقوفا على معاذ، والجزء الثاني مرفوعا عن أبي الدرداء بسند واحد عن زياد بن أبي زياد وأبي بحرية عن أبي الدرداء، وأبو بحرية اسمه عبد الله بن قيس سمع من أبي الدرداء، وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وقال المنذري رواه أحمد من حديث معاذ بإسناد جيد إلا أن فيه انقطاعا وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش لم يدرك معاذا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحي بن سعيد عن عبد الله بن سعيد عن زياد بن أبي زياد عن أبي بحرية عن أبي الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بخير أعمالكم قال مكى وأزكاها عند مليككم وأرفعها في درجاتكم وخير لكم من إعطاء الذهب والورق، وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم، قالوا وذاك ما هو يا رسول الله؟ قال ذكر الله عز وجل (تخريجه) (مذ جه ك طب) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وحسنه المنذري والهيثمي وهو يؤيد حديث معاذ المتقدم (حدثنا عبد الله الخ) (غريبة) معناه أن الأعمش يشك هل قال أبو صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد، ورواية الشيخين عن أبي صالح عن أبي هريرة بغير الشك أي يسيرون في الأرض ويطوفون بها فقد جاء عند مسلم بلفظ (ملائكة سيارة) وعند البخاري

-199 - فضل الاجتماع على الذكر والتفاف الملائكة حول المجتمعين وما أعد الله لهم من الثواب العظيم ----- بغيتكم فيجيئون فيحفون بهم إلى السماء الدنيا فيقول الله أي شيء تركتم عبادي يصنعون؟ فيقولون تركناهم يحمدونك ويمجدونك ويذكرونك، فيقول هل رأوني؟ فيقولون لا، فيقول فكيف لو رأوني؟ فيقولون لو رأوك لكانوا أشد تحميدا وتمجيدا وذكرا، فيقول فأي شيء يطلبون؟ فيقولون الجنة، فيقول وهل رأوها؟ فيقولون لا، فيقول فكيف لو رأوها؟ فيقولون لو رأوها كانوا اشد عليها حرصا وأشد لها طلبا، قال فيقول ومن أي شيء يتعوذون؟ فيقولون من النار فيقول وهل رأوها؟ فيقولون لا فيقول فكيف لو رأوها؟ فيقولون لو رأوها كانوا اِد منها هربا وأشد منها خوفا، قال فيقول إني أشهدكم أني قد غفرت لهم، قال فيقولون فإن فيهم فلانا الخطاء لم يردهم إنما جاء لحاجة، فيقول هم القوم لا يشقى بهم جليسهم (عن أنس بنم مالك) رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي، وإن ذكرتني في ملاء ذكرته

_ (ملائكة يطوفون في الطريق) (وقوله فضلا عن كتاب الناس) قال القاضي عياض بفتح الفاء وإسكان الضاد هكذا الرواية عند جمهور شيوخنا في البخاري ومسلم، قال العلماء معناه أنهم ملائكة زائدون على الحفظة وغيرهم من المرتبين مع الخلائق فهؤلاء السيارة لا وظيفة لهم، وإنما مقصود حلق الذكر اهـ (وقوله عن كتاب الناس) بضم الكاف وتشديد التاء الفوقية يعني كتبة أعمال الناس من الملائكة، وهذا التصريح يفيد أن السياحيين غير الكتبة ويؤيد ما قاله العلماء (وقوله هلموا) أي أقبلوا وتعالوا إلى حاجتكم بفتح الياء التحتية وضم الحاء المهملة أي يطوفون بهم ويدورون حولهم بعضهم فوق بعض من مجلس الذكر إلى السماء الدنيا، ويؤيد هذا ما في رواية مسلم (وحف بعضهم بعضا فوق بعض من مجلس الذكر إلى السماء الدنيا، فإذا تفرقوا عرجوا وصعدوا إلى السماء، قال فيسألهم الله تعالى الخ) إن قيل كيف يسأل الله عز وجل ملائكته عن حال الذاكرين وهو أعلم بهم منهم (يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور) (فالجواب) أن المراد بهذا السؤال وما بعده من الأسئلة إظهار شرف الذاكرين في عالم الملائكة زاد مسلم فأعيتهم ما سألوا وأجرتهم مما استجاروا يعني كثير الخطأ والذنوب (وقوله لم يردهم) أي لم يأت إليهم لأجل الذكر معهم إنما جاء لحاجة فجلس معهم تعريف الخبر يدل على الكمال أي هم القوم كل القوم الكاملون فيما هم فيه من السعادة فيكون قوله (لا يشقى بهم جليسهم) استئنافا فالبيان الموجب، وفي هذه العبارة مبالغة في نفي الشقاء عن جليس الذاكرين، فلو قيل يسعد بهم جليسهم لكان ذلك في غاية الفضل، لكن التصريح بنفي الشقاء أبلغ في الحصول المراد (تخريجه) (ق مذ حب طب بز) بألفاظ متقاربة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة عن أنس بن ما تلك الخ (غريبة) تطلق النفس في اللغة على معان، منها الدم ومنها نفس الحيوان وهذان مستحيلان على الله عز وجل، وقد ورد في كتابه جل شأنه إطلاق النفس عليه التي

-200 - قول الله تعالى في الحديث القدسي يا ابن آدم إن ذكرتني في نفسك ذكرتك في نفسي الخ ----- في ملاء من الملائكة أو في ملاء خير منهم وإن دنوت مني شبرا دنوت منك ذراعا، وإن دنوت مني ذراعا دنوت منك باعا، وإن أتيتني تمشي أتيتك أهرول، قال قتادة فالله تعالى؟ أسرع بالمغفرة (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل أنا مع عبدي حين يذكرني (وفي لفظ أنا عند حسن ظنه عبدي بي وأنا معه حيث يذكرني) فإن ذكرني في نفسه ذكرته في نفسي الحديث (عن عائشة رضي الله عنها) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يذكر الله عز وجل

_ من معانيها الذات والله تعالى له ذات حقيقية، وهو المراد بقوله في الحديث (في نفسي) ومنها الغيب، وهو أحد الأقوال في قوله عز وجل (تعلم ما في نفسي ولا أعلم ما في نفسك) قال ابن عباس تعلم ما في غيبي ولا أعلم ما في غيبك، والمراد بذكر الله تعالى لعبده في نفسه إثباته بما لا يطلع عليه أحد من خلقه وعبر عن ذلك بالذكر مشاكلة، فهو كقوله تعالى (فاذكروني أذكركم) الآية والمراد بذكر العبد ربه في نفسه الذكر الشفاهي على جهة السر دون الجهر والله أعلم بفتح الميم واللام مهموز أي في جماعة جهرا هم الملأ الأعلى لا يلزم من ذلك تفضيل الملائكة على بني آدم لاحتمال أن يكون المراد بالملأ الذين هم خير من ملأ الذاكرين الأنبياء والشهداء فلم ينحصر ذلك في الملائكة بكسر الشين المعجمة أي مقدار شبر (وقوله دنوت منك ذراعا) بكسر الذال المعجمة أي بقدر ذراع أي بقدر باع وهو طول ذراعي الإنسان وعضديه وعرض صدره قال النووي وهذا الحديث من أحاديث الصفات ويستحيل إرادة ظاهره، قال ومعناه من تقرب إلى بطاعتي تقربت إليه برحمتي والتوفيق والإعانة، وإن زاد زادت، فإن أتاني يمشي أتيته هرولة، أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود، والمراد أن جزاءه يكون تضعيفه على حسب تقربه والله أعلم (تخريجه) (خ. والطيالسي) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية وابن نمير قالا حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) قال العلماء هي معنية خصوصية أي معه بالرحمة والتوفيق والهداية والرعاية والإعانة فهي غير المعية المعلومة من قوله تعالى (وهو معكم أينما كنتم) فإن معناها المعية بالعلم والإحاطة هذا اللفظ لابن نمير (بضم النون وفتح الميم مصغرا) اسمه عبد الله: وهو أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث، يعني أنه زاد في روايته (أنا عند ظن عبدي بي) وقد جاءت هذه الزيادة عند الشيخين أيضا، ومعناه إرجاء وتأميل العفو، وتقدم الكلام على ذلك مستوفى في باب حسن الظن بالله في الجزء السابع صحيفة 39 من كتاب الجنائز فارجع إليه الحديث بقيته= وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملاء هم خير منهم، وإن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا، وإن اقترب إلى ذراعا اقتربت إليه باعا فإن أتاني يمشي أتيته هرولة، وتقدم شرحه في الحديث السابق (تخريجه) (ق مذ) (سنده) حدثنا

-201 - فضل الذكر في المساجد وثواب الذاكرين ----- على كل أحيانه (عن الأغر أبي مسلم) قال أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد أنهما شهدا لي على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال وأنا أشهد عليهما ما قعد قوم يذكرون الله عز وجل إلا حفت بهم الملائكة وتنزلت عليهم السكينة وتغشتهم الرحمة وذكرهم الله فيمن عنده (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة، وذكرهم الله عز وجل فيمن عنده، ومن أبطأ بع عمله لم يسرع به نسبه (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أي العباد أفضل؟ قال الذاكرون الله كثيرا، قال قلت يا رسول الله ومن الغازي؟ قال لو ضرب بسيفه في الكفار والمشركين حتى ينكسر ويختضب دما لكان الذاكرون الله أفضل منه درجة

_ عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن الوليد ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن أبيه عن خالد بن سلمة المخزومي عن البهي عن عروة عن عائشة اله (غريبة) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يذكر الله تعالى بقلبه ولسانه بالذكر الثابت عنه تسبيح وتهليل وتكبير وغير ذلك (على كل أحيانه) أي في كل أوقاته متطهرا ومحدثا وجنبا وقائما وقاعدا ومضطجعا وراكبا وماشيا ومسافر ومقيما، فكأن ذكر الله عز وجل يجري مع أنفاسه إلا في حالة الجماع وقضاء الحاجة فيكره الذكر حينئذ باللسان كما ذهب إليه الجمهور، ويستثني من ذلك أيضا تلاوة القرآن للجنب، لحديث علي رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بجعبته عن القرآن شيء ليس الجنابة) رواه الأربعة والإمام أحمد وتقدم في باب حجة من قال الجنب لا يقرأ القرآن رقم 435 صحيفة 120 من كتاب الطهارة في الجزء الثاني وتقدم الكلام عليه هناك (تخريجه) (م د مذ جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأغر أبي مسلم الخ (غريبة) جملة (وأنا أشهد عليهما) معترضة بين القول ومقولة، ولم تأت هذه الجملة في رواية مسلم أي بأي ذكر كان من تسبيح أو تهليل أو تكبير أو تلاوة قرآن أو مدارسة علم أو نحو ذلك (وقوله إلا حفت بهم الملائكة) أي أحاطت بهم أي الطمأنينة والوقار (وتخشتهم الرحمة) أي عمتهم (وذكرهم الله) مباهاة وافتخارا (فيمن عنده) من الملائكة (تخريجه) (م مذ جه) (عن أبي هريرة) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله في باب الترغيب في إعانة المسلم وتفريج كربه الخ في قسم الترغيب إن شاء الله تعالى معناه أن من قصر في الأعمال الصالحة اتكالا على أنه ابن الحسين مثلا لا يلحقه نسبة إلى الحسين بدرجة العاملين، فقد وعد الله عز وجل الطائع بالجنة وغن كان عبدا حبشيا: وأوعد العاصي بالنار وإن كان شريفا قرشيا (إن أكرمكم عند الله أتقاكم (تخريجه) (م. وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخ (غريبة) تقدم الكلام على معنى هذا

-202 - فضل الاجتماع على الذكر وتبديل سيئات الذاكرين حسنات ----- (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يبيت على ذكر الله طاهرا فيتعار من الليل فيسأل الله عز وجل خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من قوم اجتمعوا يذكرون الله لا يريدون بذلك إلا وجهه إلا ناداهم مناد من السماء أن قوموا مغفورا لكم قد بدلت سيئاتكم حسنات (عن سهل بن معاذ) بن أني الجهني عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يفضل الذكر على النفقة في سبيل الله تعالى بسبعمائة ألف ضعف (وفي لفظ بسبعمائة ضعف) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جلس قوم مجلسا فلم يذكروا الله فيه إلا كان عليهم ترة، وما من

_ التفضيل في شرح حديث معاذ الثاني من أحاديث الباب (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث دراج اهـ (قلت) يعني دراج السهمي فيه كلام وضعفه الدارقطني (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح وحسن بن موسى قالا ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن شهر بن حوشب عن أبي ظبية عن معاذ ابن جبل الخ (غريبة) ظاهر قوله يبيت إن ذا خاص بنوم الليل (وقوله على ذكر الله) يعني أي ذكر كان من قراءة وتسبيح ونحوه (وقوله طاهرا) يفيد اشتراط الطهر من الحديثين والخبث، أي متوضئا، فقد روى البيهقي أن الأرواح يعرج بها في منامها فتؤمر بالسجود عند العرش، فمن بات طاهرا سجد عند العرش: ومن كان ليس بطاهر سجد بعيدا عنه وفيه ندب الوضوء للنوم بفتح التاء المثناة بعدها عين مهملة مفتوحة وبعد الألف راء مشددة مفتوحة: ومعناه يستيقظ من النوم، وأصل التعار السهر والتقلب على الفراش ليلا مع كلام، كذا في القاموس (وقوله من الليل) يفيد أي وقت كان جاء في الأصل بعد هذه الجملة- قال حسن في حديثه قال ثابت البناني فقدم علينا هاهنا فحدث بهذا الحديث عن معاذ قال أبو سلمة أظنه أعنى أبا ظبية اهـ وعند أبي داود قال ثابت البناني قدم علينا أبو ظبية فحدثنا بهذا الحديث عن معاذ بن جبل (تخريجه) (د نس جه) وسكت عنه أبو داود والمنذري وحسنه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر أنا ميمون المرئي (بفتح الميم والراء وكسر الهمزة) ثنا ميمون بن سياه (بكسر المهملة بعدها باء تحتية) عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) (عل بز طس) وفي إسناده ميمون المرئي: قال الهيثمي وثقه جماعة وفيه ضعف وبقية رجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا لهيعة عن خير بن نعيم الحضرمي عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني الخ (تخريجه) (طب) وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن ابن أبي ذئب قال ثنا سعيد عن إسحاق عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر التاء الفوقية وفتح الراء مخففة هي النقص، وقيل التبعة، والتاء عوض عن الواو كعدة

-203 - فضل الإكثار من الذكر وقوله صلى الله عليه وسلم أكثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون ----- رجل يمشي طريقا فلم يذكر الله عز وجل إلا كان عليه ترة، وما من رجل أوى إلى فراشه فلم يذكر الله إلا كان عليه ترة (عن عبد الله بن بسر) رضي الله عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيان فقال أحدهما من خير الرجال يا محمد؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم من طال عمره وحسن عمله، وقال الآخر إن شرائع الإسلام قد كثرت علينا فباب نتمسك به جامع، قال لا يزال لسانك رطبا من ذكر الله عز وجل (عن سهل بن معاذ) بن أنس الجهني عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلا سأله فقال أي الجهاد أفضل أجرا؟ قال أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكرا، قال فأي الصائمين أعظم أجرا؟ قال أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكرا، ثم ذكر لنا الصلاة والزكاة والحج والصدقة كل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أكثرهم لله تبارك وتعالى ذكرا فقال أبو بكر رضي الله عنه يا أبا حفص ذهب الذاكرون بكل خير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل (عن أب سعيد الخدري) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أثروا ذكر الله حتى يقولوا مجنون

_ جاء في الأصل بعد هذه الجملة قال أبي ثنا روح قال ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن إسحاق مولى عبد الله بن الحارث ولم يقل إذا أوى إلى فراشه (تخريجه) (د نس حب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي عياش ثنا حسان بن نوح عن عمرو بن قيس عن عبد الله بن بسر (بضم الموحدة وسكون المهملة) الخ (غريبة) يريد أن شعب الإسلام وخصاله الفاضلة الدالة على صدق إسلام فاعلها تعددت وبلغت حد الكثرة التي عجزنا عن العمل بجميعها وتحيرنا في اختيار الأفضل منها لجهلنا بذلك: فدلنا على باب جامع من الشرائع يكون عمله قليلا وأجره كثيرا نتمسك بع ونواظب عليه معناه داوم على الذكر باللسان والجنان في سائر الأحوال حتى أنه لا يزال لسانك رطبا الخ، وهذا يختلف بإختلاف الناس وأحوالهم وقوة إيمانهم وطاقتهم، وهو يفيد الحث على كثرة الذكر وعدم الغفلة عنه قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا) الآية (تخريجه) (مذ جه ك حب ش) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل بن معاذ الخ (غريبة) معناه أي المجاهدين أفضل كما يدل على ذلك سياق الحديث أي نعم، وقد استدل بهذا على أن أفضل عباد الله أكثرهم له ذكرا وأن كل عمل يصحبه الذكر يكون أفضل من غيره العاري عن الذكر (تخريجه) (د طب) وفيه ابن لهيعة وزبان (بفتح الزاي وتشديد الموحدة) ابن فايد كلام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخ (غريبة) أي حتى يقول الغافلون عن الذكر: أو حتى يقول الذين لا رغبة لهم في الذكر، أو المنافقون، ويدخل المنافقون في هذا دخولا أوليا، وقد استدل بهذا الحديث على جواز الجهر

-204 - بيان أن حلق الذكر رياض الجنة ----- (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال:/ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبق المفردون، قالوا ومن المفردون؟ قال الذين يهترون في ذكر الله (باب ما جاء في فضل حلق الذكر ومجالسه في المساجد) (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا وما رياض الجنة؟ قال حلق الذكر

_ بالذكر، ويؤيده حديث (من ذكرني في ملأ) وتقدم في الباب السابق، ويمكن أن يكون سبب نسبتهم الجنون إليه ما يرونه من إدامة واشتغاله بطاعة الله عز وجل، وكثيرا ما يرى من لا شغل له بالطاعات أو من هو مشتغل بمعاصي الله يظهر السخرية بأهل الطاعات والاستهزاء بهم، لأنه قد طبع على قلبه وصار في عداد المخذولين، وقد حصل مثل ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاستهزأ به الكفار ونسبوه إلى الجنون: فأبره الله مما قالوا ونصره عليهم أذاهم وكف أذاهم عنه قال تعالى (إن كفيناك المستهزئين) الآية (تخريجه) حب عل طب ك هب) وصححه الحاكم وسكت عنه الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى وفي إسناده دراج ضعفه جمع وبقية رجال أحمد ثقات اهـ (قلت) صححه الحافظ في أماليه، وصححه السيوطي في الجامع الصغير، وذلك لأنه دراجا غير متفق على ضعفه فقد وثقه جماعة من الحفاظ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا علي يعني ابن المبارك عن يحيى يعني ابن أبي كثير عن ابن يعقوب قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بتشديد الراء وتخفيفها مكسورة، قال النووي والمشهور الذي قاله الجمهور التشديد اهـ وعناه المنفردون المعتزلون عن الناس بذكر الله وعبادته بضم أوله وسكون ثانية وفتح التاء المثناة فوق ومعناه الذين يولعون بذكر الله ولا يتحدثون بغير، قاله جمع من العلماء، وجاء في رواية لمسلم قالوا وما المفردون؟ قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات (تخريجه) (مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي ورواه مسلم من حديث أبي هريرة أيضا (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا محمد حدثني أبي عن أنس بن مالك الخ (غريبة) جمع روضة وهو الموضع المشتمل على النبات المعجب (بضم الميم وكسر الجيم) بالزهور الرتع هو الأكل والشرب في خصب وسعة، وأراد برياض الجنة ذكر الله عز وجل وشبه الخوض فيه بالرتع بكسر الحاء المهملة وفتح اللام جمع حلقه كقصعة وقصع، وهي الجماعة من الناس مستعدون كحلقة الباب وغيره (ومعنى الحديث) إذا مررتم بحلق الذكر فادخلوا فيها لتنالوا الأجر العظيم والفوز بجنات النعيم، ففيه الحث على الذكر ومشاركة أهله فيه، وإطلاق الذكر هنا يشمل ما يذكر بالله عز وجل من قراءة قرآن ومدارسة علم وتسبيح وتهليل ونحو ذلك، ولا سيما وقد فسرت رياض الجنة في حديث ابن عباس بمجالس العلم رواه الطبراني، وفسرت في حديث أبي هريرة بالمساجد رواه الترمذي، وفسرت في حديث

-205 - فضل حلق الذكر في المساجد ومباهات الله عز وجل بهم الملائكة ----- (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال خرج معاوية على حلقة في المسجد، فقال ما أجلسكم؟ قالوا جلسنا نذكر الله عز وجل، قال آلله ما أجلسكم إلا ذاك؟ قالوا آلله ما أجلسنا إلا ذاك، قال أما إني لم أستحلفكم تهمة لكم وما كان أحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على حلقة من أصحابه، فقال ما أجلسكم؟ قالوا نذكر الله عز وجل ونحمده على ما هدانا للإسلام ومن علينا بك، قال آلله ما أجلسكم إلا ذلك؟ قالوا آلله ما أجلسنا إلا ذلك، قال أما إني أستحلفكم تهمة لكم، وإنه أتاني جبريل عليه السلام فأخبرني أن الله عز وجل يباهي بكم الملائكة (وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول الرب عز وجل يوم القيامة سيعلم أهل الجمع من أهمل الكرم، فقيل ومن أهل الكرم يا رسول الله؟ قال مجالس الذكر في المساجد

_ الباب بحلق الذكر، ولا مانع من إرادة الكل وأنه إنما ذكر في كل حديث بعضا، لأنه خرج جوابا عن سؤال معين، فرأى أن الأولى بحال السائل هنا حلق الذكر، وثم مجالس العلم والله أعلم (تخريجه) (مذ) البيهقي في شعب الإيمان، وقال الترمذي حسن غريب، وقال المناوي شواهده ترتقي إلى الصحة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن بحر قال حدثني مرحوم بن عبد العزيز قال حدثني أبو نعامة السعدي عن أبي عثمان النهدي عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) بالمد والجر وما هذه نافية، قال السيد جمال الدين قيل الصواب بالجر لقول المحقق الشريف في حاشيته همزة الاستفهام وقعت بدلا عن حرف القسم ويجب الجر معها اهـ قال النووي هي بفتح الهاء وإسكانها (يعني مع ضم التاء الفوقية) من الوهم والتاء بدل من الواو، واتهمته به إذا ظننت به ذلك (وقوله وما كان لأحد بمنزلتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ) يريد أنه كان له منزلة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم لكونه كان محرما لأم حبيبة أخته إحدى أمهات المؤمنين، ولكونه كان من كتبة الوحي، وما كان أحد بهذه المنزلة أقل حديثا منه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أصل البهاء الحسن والجمال وفلان يباهي بماله أي يفخر، والمعنى أن الله عز وجل يظهر فضل الذاكرين لملائكته ويريهم حسن عملهم ويثني عليهم عندهم (تخريجه) (م نس مذ) (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا سريج ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول الرب عز وجل الخ (غريبة) جاء في رواية سيعلم أهل الجمع اليوم الخ، والمراد بأهل الخلائق المجتمعون يوم القيامة (وقوله من أهل الكرم) يعني أهل الكرامة الذين يكرمهم الله عز وجل في ذلك اليوم على رؤوس الملأ ويخصهم بمزيد نعمه وإحسانه يعني أصحاب مجالس الذكر في المساجد وخص المساجد بالذكر لكونها محل العبادة: والذكر من أفضل العبادات فهو فيها أفضل منه في غيرها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد بإسنا دين وأحدهما حسن وأبو يعلى كذلك اهـ (قلت)

-206 - استحباب الذكر في الخفاء إذا خاف على نفسه الرياء أو التشويش على مصل ----- (باب ما جاء في الذكر الخفي) (عن سعد بن مالك) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير الذكر الخفي، وخير الرزق ما يكفي (عن أبي موسى الأشعري) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيها الناس أربعوا على أنفسكم فإنكم ما تدعون أصم ولا غائبا إنما تدعون سميعا بصيرا، إن الذين تدعون أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته، يا عبد الله بن قيس ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله

_ الإسناد الحسن الذي أشار إليه الحافظ الهيثمي هو ما ذكرناه، والثاني فيه ابن لهيعة بدل عمرو بن الحارث ورواه أيضا (حب هق) (باب) (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا وكيع أسامة بن زيد عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن سعد بن مالك الخ، (غريبة) فيه أن الإسرار بالذكر أفضل من الجهر به، ولكن تقدم ما يفيد الجهر بالذكر كحديث (أكثر واذكر الله حتى يقولوا مجنون) وحديث (وإن ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ خير منهم) وقد جمع العلماء بين أحاديث السر والجهر وبأن ذلك يختلف باختلاف الأشخاص والأحوال، فقد يكون الجهر أفضل إذا أمن الرياء وكان في الجهر تذكير للغافلين: وقد يكون الإسرار أفضل إذا خشي الرياء أو التشويش على نحو مصل والله أعلم أي ما يقنع به ويرضى على الوجه المطلوب شرعا، وإلا فلا يملأ عين ابن آدم إلا التراب (تخريجه) (عل) وفي إسناده ابن أبي لبيبة (بفتح اللام وكسر الموحدة الأولى وفتح الثانية) وثقه ابن حبان وضعفه ابن معين وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفي أبو محمد ثنا خالد الحذاء عن أبي عثمان النهدي عن أبي موسى الأشعري الخ (غريبة) الشرف بفتح الشين المعجمة والراء العلو والمكان العالي (وقوله ولا نعلوا شرفا) معناه أنهم كانوا يجهرون بالتكبير في أثناء صعودهم إلى المكان المرتفع وعند استوائهم عليه وعند هبوطهم إلى المكان المنخفض بهمزة وصل وبفتح الموحدة معناه ارفقوا بأنفسكم واخفضوا أصواتكم فإن رفع الصوت إنما يفعله الإنسان لبعد من يخاطبه ليسمعه، وأنتم تدعون الله تعالى وهو سميع بصير أقرب إليكم من حبل الوريد، وهو معكم بالعلم والإحاطة أينما كنتم، وهذا يدل عل خفض الصوت بالذكر إذا لم تدع حاجة إلى رفعه: وتقدمت الاشارة إلى ذلك في شرح الحديث السابق قال العلماء معنى الكنز هنا أنه ثواب مدخر في الجنة وهو ثواب نفيس كما أن الكنز أنفس أموالكم معناه لا حول عن معصية الله إلا بعصمته ولا قوة على طاعته إلا بمعونته، قال النووي حكى هذا عن ابن مسعود (قلت) جاء عند البزار بسند حسن عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم لا حول عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة على طاعة الله إلا بعون الله: وقال أهل اللغة الحول الحركة والحيلة، أي لا حركة ولا استطاعة ولا حيلة إلا بمشيئة الله تعالى (تخريجه) (ق. وغيرهما)

-207 - فضل أسماء الله الحسنى وأن من أحصاها دخل الجنة ----- (باب ما جاء فضل أسماء الله الحسنى) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن تسعة وتسعين اسما مائة غير واحد من أحصاها دخل الجنة أنه وتر يحب الوتر (وعنه من طريق ثان) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل تسعة وتسعين اسما مائة إلا واحدا من أحصاها كلها دخل الجنة

_ (باب) قال القرطبي في تفسيره سمى الله سبحانه أسماءه الحسنى لأنها حسنة في الأسماع والقلوب فإنها تدل على توحيده وكرمه وجوده ورحمته وأفضاله، والحسنى مؤنث الأحسن كالكبرى تأنيث الأكبر اهـ باختصار حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد (يعني ابن هارون) أنا محمد (يعني ابن سيرين) عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبة) اسما بالنصب على التمييز (مائة) بدل من تسعة وتسعين (وغير) منصوب على الاستثناء (قال العلماء) والحكمة في قوله مائة غير واحد بعد قوله تسعة وتسعين أن يتقرر ذلك في نفس السامع جمعا بين جهتي الإجمال والتفصيل أو دفعا للتصحيف الخطي لاشتباه تسعة بسبعة وسبعين جاء في رواية البخاري بلفظ (لا يحفظها أحد عن ظهر قلبه إلا دخل الجنة) وهذا اللفظ مفسر لما جاء هنا بلفظ (أحصاها) والحفظ يستلزم التكرار أي تكرار مجموعها، وقيل معنى أحصاها الاعتبار بمعانيها والعمل بها (وقوله دخل الجنة) أي كان جزاءه دخول الجنة، وذكر الجزاء بلفظ الماضي تحقيقا لوقوعه وتنبيها على أنه وإن لم يقع فهو في حكم الواقع لأنه كائن لا محالة بكسر الواو وفتحها أي فرد، ومعناه في حق الله عز وجل أنه الواحد الأحد الذي لا نظير له في ذاته (وقوله يحب الوتر) أي من شيء: أو كل وتر شرعه وأثاب عليه لأنه أدعى إلى معاني التوحيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن هشام ويزيد يعني ابن هارون قال أنا هشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (ق) وأخرج الطريق الثانية (ق مذ جه) (هذا) ولم يأت في مسند الامام أحمد ولا عند البخاري ومسلم وأبي داود والنسائي حديث فيه تعيين الأسماء التسعة والتسعين مسرودة مفصلة وذلك لأن ما ورد مفصلا فيه اختلاف واضطراب، حتى قال بعض العلماء إن تعيين الأسماء مدرج من بعض الرواة (قال الداودي) لم يئبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عين الأسماء المذكورة (وقال أبو الحسن القابسي) أسماء الله تعالى وصفاته لا تعلم إلا بالتوفيق من الكتاب أو السنة أو الإجماع، ولا يدخل فيها القياس (يعني أن كل اسم ورد في هذه الأصول وجب إطلاقه في صفة تعالى، وما لم يرد فيها لا يجوز إطلاقه في وصفه وإن صح معناه) قال ولم يقع في الكتاب ذكر عدد معين، وثبت في السنة أنها تسعة وتسعون: فأخرج بعض الناس من الكتاب تسعة وتسعين اسما والله أعلم بما أخرج من ذلك، لأن بعضها ليست أسماء يعني صريحة اهـ (واختلف العلماء) في هذا العدد هل المراد به حصر الأسماء الحسنى في التسعة والتسعين أو أنها أكثر من ذلك ولكن اختصت هذه بأن من أحصاها دخل الجنة؟ فذهب الجمهور إلى الثاني

-208 - كلام العلماء في عدد أسماء الله الحسنى وأصح ما ورد في ذلك ----- (أبواب ما جاء في فضل صيغ مخصوصة) (باب فضل لا إله إلا الله) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الإيمان أربعة وستون بابا

_ ونقل النووي اتفاق العلماء عليه، فقال ليس في الحديث حصر أسماء الله تعالى وليس معناه أنه ليس معناه أنه ليس له اسم غير هذه التسعة والتسعين، وإنما مقصود الحديث أن هذه الأسماء اهـ (قلت) ويؤيد ذلك ما جاء عند الإمام أحمد من حديث ابن مسعود وسيأتي في الدعوات (أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك) وعند الإمام مالك عن كعب الأحبار في دعاء وأسألك بأسمائك الحسنى ما علمت منها وما لم أعلم (وممن ذكر هذه الأسماء) من المحدثين في كتبهم (مذ جه حب خز ك) والبيهقي في شعب الإيمان وأصحها ما رواه الترمذي، قال حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوز جاني حدثني صفوان بن صالح حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن لله تسعة وتسعين اسما من أحصاها دخل الجنة هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس) فذكرها، ثم قال آخر الحديث هذا حديث غريب حدثنا به غير واحد عن صفوان بن صالح ولا نعرفه إلا من حديث صفوان ابن صالح وهو ثقة عند أهل الحديث، وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا نعلم ذكر الأسماء في شيء من الروايات له إسناد صحيح إلا هذا الحديث، وقد روى آدم بن أبي إياس هذا الحديث بإسناد غير هذا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فيه الأسماء وليس له إسناد صحيح اهـ (قلت) يشير الترمذي رحمه الله تعالى إلى أن أوجود الأحاديث التي ذكرت فيها الأسماء هو الذي أثبته في كتابه بسنده المذكور (قال الحافظ) رواية الوليد عن شعيب (يعني سند الترمذي) هي أقرب الطرق إلى الصحة وعليها عول غالب من شرح الأسماء الحسنى اهـ (قلت) وحسنه النووي في الأذكار، أما قول الترمذي ولا نعرفه إلا من حديث صفوان بن صالح فلا يقدح فيه بعد قوله وهو ثقة عند أهل الحديث، ومع هذا فقد قال الحافظ لم ينفرد به صفوان، فقد أخرجه البيهقي من طريق موسى بن أيوب النصيبي وهو ثقة عن الوليد أيضا اهـ والله أعلم (باب) (عن أبي هريرة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة حدثنا بكر بن مضر عن عمارة بن غزرية عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي ثمراته وفروعه فأطلق الإيمان: وهو الإقرار والتصديق على هذه الأبواب مجازا لكونها من حقوقه ولوازمه (وقوله أربعة وستون بابا) هكذا جاء في هذه الرواية عند الإمام أحمد والترمذي، وجاء في رواية للبخاري (بضع وستون شعبة) بدل (أربعة وستون بابا) ومعناها في الروايتين الخصال (والبضع) بفتح الموحدة وكسرها من ثلاث إلى تسع على الأصح، والشعبة بضم الشين المعجمة الخصلة، وأصلها الطائفة من الشيء والغصن من الشجرة، قال الكرماني شبه الإيمان بشجرة

-209 - أصل الإيمان وأفضل شعبة قول لا إله إلا الله ----- أرفعها وأعلاها قول لا اله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال قالت يا رسول الله أوصى، قال إذا عملت سيئة فأتبعها حسنة تمحها، قال قلت يا رسول الله أمن الحسنات لا اله إلا الله؟ قال هي أفضل الحسنات (عن عثمان بن عفان) رضي الله عنه قال تمنيت أن أكون سألت النبي صلى الله عليه وسلم ماذا ينجينا مما يلقى الشيطان في أنفسنا، فقال أبو بكر رضي الله عنه قد سألته عن ذلك، فقال ينجيكم من ذلك أن تقولوا

_ ذات أغصان وشعب كما شبه حديث (بني الإسلام على خمس) بخباء ذي أعمدة وأطناب اهـ والمراد التكثير لا حصر على حد قوله تعالى (أن تستغفر لهم سبعين مرة) أي أو أكثر من ذلك أي أفضل هذه الأبواب وهي المعبر عنها بالشعب في بعض الروايات، وهي الخصال كما تقدم: أفضلها هذا الذكر، فوضع القول موضع الذكر لا موضع الشهادة فإنها من أصله لا من شعبه، والتصديق القلبي خارج عنهما إجماعا، قال القاضي عياض وقد نبه صلى الله عليه وسلم على أن أفضلها التوحيد المتعين على كل أحد والذي لا يصح شيء من الشعب إلا بعد صحته (وأدناها) ما يتوقع ضرره بالمسلمين من إماطة الأذى عن طريقهم، وبقي بين هذين الطريقين أعداد لو تكلف المجتهد تحصيلها بغلبة الظن وشدة التتبع لأمكنه، وقد فعل ذلك بعض من تقدم، وفي الحكم (بضم الحاء المهملة وسكون الكاف) بأن ذلك مراد النبي صلى الله عليه وسلم صعوبة، ثم إنه لا يلزم معرفة أعيانها ولا يقدح جهل ذلك في الإيمان، إذ أصول الإيمان وفزوعه معلومة محققة، والإيمان بأنها هذا العدد واجب في الجملة اهـ والله أعلم (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شمر بن عطية عن أشياخه عن أبي ذر الخ (غريبة) أي فإنها تمحها، قال القاضي عياض صغائر الذنوب مكفرات بما يتبعها من الحسنات وكذا ما خفي من الكبائر لعموم قوله تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات) وقوله صلى الله عليه وسلم (أتبع السيئة الحسنة تمحها) أما ما ظهر منها وتحقق عند الحاكم فلا يسقط إلا بالتوبة اهـ (قلت) التوبة الصحيحة تكفر الذنب مطلقا سواء كان كبيرا أو صغيرا ظاهرا أو خافيا إلا إذا كان فيه حد وبلغ الإمام فلا بد من إقامة الحد عليه، أو كان حقا لآدمي فلا بد من إرضائه متى أمكن ذلك والله أعلم يعني أمن الحسنات محوا للسيئات (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، قال الهيثمي ورجاله ثقات إلا أن شمر بن عطية حدث به عن أشياخه عن أبي ذر ولم يسم أحدا منهم (عن عثمان بن عفان) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عبد العزيز بن محمد وسعيد ابن سلمة بن أبي الحسام عن عمرو عن أبي الحويرث عن محمد بن جبير بن مطعم أن عثمان رضي الله عنه قال تمنيت أن أكون الخ (غريبة) يعني من الوساوس والأمور المذمومة شرعا

-210 - من لقن عند الموت لا اله إلا الله دخل الجنة ----- ما أمرت به عمي أن يقوله فلم يقله (وعنه أيضا) قال توفى الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم قبل أن نسأله عن نجاة هذا الأمر، قال أبو بكر قد سألته عن ذلك، قال فقمت إليه فقلت له بأبي أنت وأمي أنت أحق بها، قال أبو بكر قلت يا رسول الله ما نجاة هذا الأمر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل مني الكلمة التي عرضت على عمي فردها على فهي له نجاة (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقنوا موتاكم لا اله إلا الله (عن زادان أبي عمر) قال حدثني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من لقن عند الموت لا اله إلا الله دخل الجنة (عن أبي الأسود الديلي) عن أبي ذر رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه ثوب أبيض فإذا هو نائم، ثم أتيته أحدثه فإذا هو نائم، ثم أتيته وقد استيقظ فجلست

_ يريد كلمة لا اله إلا الله، فقد ثبت عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم من حديث أبي هريرة وسيأتي في تفسير سورة القصص من كتاب تفسير القرآن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعمه (يعني أبا طالب عند احتضاره) قل لا اله الله أشهد لك بها يوم القيامة، قال: لولا أن تعيرني قريش يقولون أنتما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك، فأزل الله عز وجل (إنك لا تهدي من أحببت) فهذه الرواية مفسرة بما أبهم هنا والأحاديث يفسر بعضها بعضا هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في باب تأثير وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على أصحابه من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى يعني نجاة بني آدم من وساوس الشيطان وما يلقيه في أنفسهم من أنواع الشر ويؤيد ذلك بل يفسره قوله في الطريق ألأولى (مذ ينجينا مما يلقي الشيطان في أنفسنا الخ) يعني لا إله إلا الله كما تقدم، في هذا الحديث والذي قبله دلالة على أن كلمة لا إله غلا اله أعظم الحسنات محوا للسيئات: وأنها تحفظ قائلها من وساوس الشيطان وتضمن له حسن الخاتمة إذا قالها عند الموت (تخريجه) (طس عل بز) وسنده جيد وروى نحوه الشيخان والإمام أحمد أيضا من حديث أبي هيريرة هذا الحديث أعني حديث أبي سعيد وحديث زاد ذالك والذي بعده تقدما في باب ما جاء في المحتضر وتلقينه كلمة التوحيد من كتاب الجنائز من الجزء السابع وتقدم الكلام عليها سندا وشرحا وتخريجا، وإنما أثبتهما هنا للاستدلال بهما على فضل كلمة التوحيد أنها تنفه قائلها في الصحة وعند الموت (ومنعى قوله موتاكم) أي من حضره الموت وقرب منه، وسمى ميتا باعتبار متا يؤول عليه مجازا فهو من قبيل قوله صلى الله عليه وسلم (من قتل قتيلا فله سلبه) الديلي بكسر المهملة ويقال الدؤلي بالضم بعدها همزة مفتوحة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنى عبد الصمد حدثني أبي ثنى حسين عن ابن بريدة أن يحيى بن يعمر (بوزن جعفر) حدثه أن أبا الأسود الديلي حدثه أن أبا ذر قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) قال الكرماني فائدة ذكر الثوب والنوم تقرير التثبت والاتقان فيما يرويه في آذان السامعين ليتمكن في

-211 - ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة ----- إليه، فقال ما من عبد قال لا إله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة، قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق، قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق ثلاثا، ثم قال في الرابعة على رغم أنف رأبي ذر، قال فخرج أبو ذر بجر ردائه وهو يقول وإن رغم أنف أبي ذر، قال فكان أبو ذر يحدث بهذا بعد ويقول وإن رغم أنف أبي ذر (عن تميم الداري) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال لا اله إلا الله واحدا أحدا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا، ولم يكن له كفوا أحد عشر مرات كتب له أربعون ألف حسنة (عن عبد الله بن عمرو) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة دعا ابنيه، فقال إني قاصر عليكما الوصية، آمركما باثنين وأنها كما عن اثنتين، أنها كما عن الشرك والكبر، آمركما بلا اله إلا الله: فإن السماوات والأرض وما فيهما لو وضعت في كفة الميزان ووضعت لا اله إلا الله في الكفة الأخرى كانت أرجح

_ قلوبهم يعني موحدا لا يشرك بالله شيئا كما في رواية أخرى أي لأن الكبيرة عند أهل السنة لا تسلب اسم الإيمان ولا تحبط الطاعة ولا تخلد صاحبها في النار بل عاقبته أن يدخل الجنة، وفيه رد على المبتدعة من الخوارج ومن المعتزلة الذين يدعون وجوب خلود من مات مرتكبا للكبائر من غير توبة هو من رغم إذا لصق بالرغام وهو التراب، ويستعمل مجازا بمعنى كره أو ذل إطلاقا لاسم السبب على المسبب، وتكرير النبي صلى الله عليه وسلم لانكاره استعظامه وتحجيره واسعا فإن رحمة الله تعالى واسعة (قال العلماء) ظاهر الحديث أن من مات مسلما دخل الجنة قبل النار أو بعدها، وهذا في حقوق الله تعالى باتفاق أهل السنة، أما حقوق العباد فلا بد من ردها عند الأكثر أو أن الله تعالى يرضى صاحب الحق بما شاء، وان من مات مصرا على الذنب من غير توبة فمذهب أهل السنة انه في مشيئة الله إن شاء عفا عنه لا يسئل عما يفعل اهـ (تخريجه) (ق مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى يعني الطباع قال حدثني ليث بن سعد قال حدثني الخليل بن مرة عن الأزهر بن عبد الله عن تميم الداري الخ (غريبة) الصمد هو السيد الذي انتهى إليه أي بقصد (تخريجه) (مذ) وفيه الخليل بن مرة ضعيف هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده في باب تحريم لبس الحرير على الرجال من كتاب اللباس وقد اقتصرت على هذا الجزء منه هنا لمناسبة الترجمة (غريبة) أي بقول لا اله إلا الله مع اعتقاد معناها وهو أنه عز وجل واحد في ذاته وصفاته وأفعاله لا شريك له في ملكه ولا رب سواه بكسر الكاف لاستدارتها وكل شيء مستدير كفة بالكسر كما أن كل شيء مستطيل كفة بالضم أي لعظم قدرها وعلو شأنها وكثرة ثوابها

-212 - لو أن السماوات والأرض كانتا حلقة فوضعت لا اله الله لقصمتها ----- ولو أن السماوات والأرض كانتا حلقة فوضعت لا إله إلا الله عليها لقصمتها، وآمركما بسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء، وبها يرزق كل شيء (عن ثابت حدثنا رجل من الشام وكان يتبع عبد الله بن عمرو بن العاص ويسمع، قال كنت معه فلقي نوفا، فقال نوف ذكر لنا أن الله تعالى قال لملائكته ادعوا لي عبادي، قالوا يا رب كيف والسماوات السبع دونهم والعرش فوق ذلك؟ قال إنهم؟ إذا قالوا لا إله إلا الله استجابوا (وعنه أيضا) عن أبي أيوب أن نوفا وعبد الله بن عمرو ابن العاص: اجتمعا فقال نوف لو أن السموات والأرض وما فيهما وضع في كفة الميزان ووضعت لا إله إلا الله في الكفة

_ الأولى بالفاء والثانية بالقاف، قال في النهاية القصم بالقاف كسر الشيء وإبانته، وبالفاء كسره من غير إبانة اهـ (قلت فقوله أو للشك من الراوي، والمعنى أن السماوات والأرض لو جعلتها حائلا بين كلمة التوحيد وبين العرش لكسرتهما حتى تخلص إلى الله عز وجل، ويؤيد ذلك ما سيأتي في الحديث التالي بلفظ (ولو أن السماوات والأرض وما فيهن كن طبقا من حديد فقال رجل لا اله إلا الله لخرقتهن حتى تنتهي إلى الله وبحمده) وببركته يرزق الله كل شيء، ـ ومصداق ذلك في قوله تعالى (وإن من شيء إلا يسبح بحمده الآية) (تخريجه) (ش هق بز ك) وصححه الحاكم ورجاله البزار ثقات: وقال الهيثمي ورجال أحمد ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا سليمان يعني ابن المغيرة عن ثابت حدثنا رجل من الشام الخ (غريبة) هو أبو أيوب الآتي ذكره في الحديث التالي وسيأتي الكلام عليه بفتح النون وسكون الواو ابن فضالة بفتح الفاء الحميري البكالي بكسر الموحدة وتخفيف الكاف الشامي ابن امرأة كعب الأحبار: روى عن علي وثوبان: وروى عنه سعيد ابن جبير وأبو إسحاق وغيرهم له ذكر في الصحيحين (خلاصة) ليس هذا آخر الحديث وله بقية لا تعلق لها بالباب، وهي كما جاء في الأصل بعد قوله (استجابوا) قال يقول له عبد الله بن عمرو صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يسرع كأني أنظر إلى رفعه إزاره ليكون أحب له في المشي، فانتهى إلينا فقال ألا أبشروا: ها ذاك ربكم أمر باب السماء الوسطى أو قال بباب السماء ففتح ففاخر بكم الملائكة قال انظروا إلى عبادي أدوا حقا من حقي ثم هم ينتظرون أداء حق آخر يؤدونه (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وفي سنده انقطاع لأن نوفا قال ذكر لنا ولم يصرح باسم من روى عنه، لكن يؤيده الحديث الذي قبله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان يعني ابن سلمة عن ثابت عن أيوب الخ (غريبة) قال الذهبي في ميزان الاعتدال أبو أيوب الأزدي المراغي اسمه بن مالك وقيل حبيب بن مالك عن عبد الله بن عمرو، وعنه قتادة وثابت وثقه النسائي

-213 - من كان آخر كلامه لا اله إلا الله وجبت له الجنة ----- الأخرى لرجحت بهن، ولو أن السماوات والأرض وما فيهن كن طبقا من حديد، فقال رجل لا اله إلا الله لخرقتهن حتى تنتهي إلى الله عز وجل (عن كثير بن مرة) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال، قال لنا معاذ في مرضه قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كنت أكتمكوه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان آخر كلامه لا اله إلا الله وجبت له الجنة (باب الأصل في الاجتماع على الذكر بقول لا اله إلا الله) (عن يعلى بن شداد) قال حدثني أبي شداد بن أوس وعبادة بن الصامت حاضر يصدقه قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال هل فيكم غريب؟ يعني أهل الكتاب، فقلنا لا يا رسول الله فأمر بغلق الباب وقال ارفعوا أيديكم وقولوا لا اله إلا الله، فرفعنا أيدنا ساعة، ثم وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال الحمد لله الذي بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها الجنة وإنك

_ ليس هذا آخر الحديث وبقيته كما في الأصل بعد قوله (حتى تنتهي إلى الله عز وجل) فقال عبد الله بن عمرو صلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المغرب فذكر حديثا تقدم رقم 33 في باب انتظار الصلاة صحيفة 208 في الجزء الثاني (تخريجه) (جه) وقال البوصري في زوائد ابن ماجة هذا إسناد صحيح ورجاله ثقات وأورد هي المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه ابن ماجة عن أبي أيوب عنه (يعني عن عبد الحميد يعني ابن جعفر ثنا صالح يعني ابن أبي غريب عن كثير بن مرة الخ (غريبة) إنما كتمه مدة حياته خوفا من اتكال الناس على ذلك، وأخبر بذلك عند موته خشية كتمان العلم، وقد جاء معنى ذلك عند البخاري من حديث معاذ مرفوعا (ما من حد يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقا من قلبه إلا حرم الله على النار، قال يا رسول الله أفلا أخبر به الناس فيستبشروا؟ قال إذا يتكلوا، وأخبر بها معاذ عند موته تأثما) أي خوفا من الإثم بالكتمان العلم أي مع الاعتراف للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة كما يستفاد من رواية البخاري المذكرة آنفا (وقوله وجبت له الجنة) أي وجب له دخول الجنة وصار حتما لا بد منه (قال القاضي عياض) يجوز في حديث من كان آخر كلامه لا اله إلا الله دخل الجنة أن يكون خصوصا لمن كان هذا آخر نطقه وخاتمة لفظه وإن كان قبل مخلطا (أي له أعمال صالحة وأعمال سيئة) فيكون سببا لرحمة الله تعالى إياه ونجاته رأسا من النار وتحريم عليها وفضل الله واسع (تخريجه) (د ك) وقال الصحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي، وقال التاج السبكي حديث صحيح وأخرجه الشيخان بلفظ آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع أبو اليمان قال ثنا إسماعيل بن عياش عن راشد ين داود عن يعلى بن شداد الخ (غريبة) أي من اليهود أو النصارى يعني كلمة التوحيد وهي (لا اله إلا الله) (وقوله وأمرتني بها) أي يقولها وتبليغ الناس أن يقولوها أيضا (ووعدتني عليها الجنة) أي لكل من يقولها مخلصا وفيه دلالة على استحباب رفع اليد عند قول

-214 - قوله صلى الله عليه وسلم أسعد الناس بشفاعتي من قال لا اله إلا الله خالصة من قبل نفسه ----- لا تخلف الميعاد، ثم قال أبشروا فإن الله عز وجل قد غفر لكم (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جددوا إيمانكم، قيل يا رسول الله وكيف نجدد إيماننا؟ قال أكثروا من قوله لا اله إلا الله (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم من أسعد الناس بشفاعة يوم القيامة؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا اله إلا الله خالصة من قبل نفسه

_ لا إله إلا الله وجواز قولها جماعة، والظاهر أن هذا أصل اجتماع الناس على الذكر بقول لا اله إلا الله والله أعلم (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد بإسناد حسن والطبراني وغيره وأورده الهيثمي أيضا وقال رواه أحمد وفيه راشد بن داود وقد وثقه غير واحد وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات اهـ قلت رواه الحاكم في المستدرك وقال الذهبي راشد ضعفه الدارقطني وغيره ووثقه دحيم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود يعني الطياليسي ثنا صدقة بن موسى السلمي الدقيقي ثنا محمد بن واسع عن شتير بن نهار عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال ربكم عز وجل لو أن عبادي أطاعوني لأسقيتهم المطر بالليل وأطلعت عليهم الشمسي بالنهار، ولما أسمعتهم صوت الرعد: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن حسن الظن بالله عز وجل من حسن عبادة الله، وقال الله صلى الله عليه وسلم جددوا إيمانكم الخ (غريبة) معناه أن المداومة على قول لا إله إلا الله والإكثار منها تجدد الإيمان في القلب، وتملؤه نورا وتزيد يقينا وتفتح له أسرارا يدركها أهل البصائر ولا ينكرها الأكل ملحد جائر (تخريجه) (طب هق ك) وأورده المنذري وقال إسناد أحمد حسن اهـ وكذلك الهيثمي وقال رجال أحمد ثقات وكذلك قال البيهقي، وفيه دلالة على أن هذه الكلمة الشريفة لما كانت محصلة للإسلام ابتداء تكون مجددة له ومحصلة لمثل الثواب السابق، وكلما أكثر من ذكرها ازداد قوة في الإيمان وكثرة في الثواب وفضل الله واسع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان أنبأنا إسماعيل أخبرني عمرو عن سعيد عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي أحظاهم وأولادهم بضم اللام وفتحها على حد قراءتي (وحسبوا أن لا تكون) بالرفع والنصب لوقوع أن بعد الظن، واللام في لقد جواب القسم المحذوف: أي والله لقد ظننت أو للتأكيد برفع أول صفة لأحد أو بدل منه أي أقدم منك، من الإقدام وهو الجرأة أو بالنصب على الحال، أي لغا يسألني أحد سابقا لك، ولا يضر كونه نكرة لأنها في سياق النفي كقولهم ما كان أحد مثلك أي مع قوله محمد الله صلى الله عليه وسلم واكتفى بالجزء الأول عن كلمتي الشهادة لأنه صار شعارا لمجموعها (وقوله خالصة) يعني كلمة لا اله إلا الله وقيد القول بالإخلاص ليخرج المنافق فإنه يقول بلسانه ولا يعتقد بقلبه: والإخلاص في التوحيد تصفيته من التشريك في الألوهية وموطنه القلب لا وعاء له سواه، ولذلك جاء في رواية البخاري خالصا من قلبه يعني القول (وقوله من قبل نفسه)

-215 - فضل لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد الخ ----- (باب ما جاء في قول لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد الخ) (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائتي مرة في يوم لم يسبقه أحد كان قبله ولا يدركه أحد بعده إلا بأفضل من علمه (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من منح منحة ورق أو منحة لبن أو هدى زقاقا فهو كعتاق نسمة، ومن قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير فهو كعتاق نسمة الحديث (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال كان أكثر دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة لا اله إلا الله وحده لا شريك له، الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير

_ أي لا يحمله على قول لا اله إلا الله رياء أو نحوه، ولما كان كل أحد يحصل له سعد بشفاعته صلى الله عليه وسلم فإنه يشفع في بعض الكفار بتخفيف العذاب كما صح في حق أبي طالب، ويشفع في بعض المؤمنين بالخروج من النار بعد دخولها: وفي بعضهم بعدم دخولها بعد أن استوجبوا دخولها، وفي بعضهم بدخول الجنة بغير حساب، وفي بعضهم برفع الدرجات فيها: لما كان كذلك صرح بأن أسعدهم بها المؤمن المخلص في إيمانه والله أعلم (تخريجه) (خ) في كتاب الإيمان (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني وداود بن أبي هند عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) معناه لم يأت أحد تقدمه أو تأخر عنه بأفضل من عمله أي أكثر في العدد، ويحتمل أن يكون المراد بالأكثرية الزيادة من أعمال الخير سواء كانت من التهليل أو من غيره أو منه ومن غيره واستظهره النووي، (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال كل يوم، ورجال أحمد ثقات، وفي رجال الطبراني من لم أعرفه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا محمد ابن طلحة عن طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب الخ (غريبة) المنحة بكسر الميم وسكون النون العطية: والورق بكسر الراء الفضة، ومنحة الورق قرض الدراهم، ومنحة اللبن أن يعطيه ناقة أو شاة ينتفع بلبنها ويردها الزقاق بضم الزاي الطريق يريد من دل الضال أو الأعمى على طريقة (وقوله فهو كعتاق نسمة) بفتح النون والمهملة أي كان كأجر من أعتق رقبة مملوكة الحديث له بقية تقدمت في باب الحث على تسوية الصفوف ورصها الخ رقم 1462 صحيفة 310 من أبواب الجماعة في الجزء الخامس (تخريجه) (م ش) ورواه الترمذي باختصار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا محمد بن أبي حميد أخبرني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبة) عبر عن هذه الصيغة بالدعاء لكونها بمنزلته في ابتغاء المنفعة، فإن الداعي يطلب من الله عز وجل منفعة تعود عليه: والذاكر يبتغي ثواب الذكر وهو أعظم منفعة تعود على الإنسان، وإنما كان صلى الله عليه وسلم يكثر الدعاء بهذه الصيغة قي يوم عرفة لأنه يوم يتجلى الله فيه على عباده ويباهي بهم الملائكة

-216 من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له دخل الجنة ----- (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال، من قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير مائتي مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتب له مائة حسنة وحيت عنه مائة سيئة وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا أحد عمل أكثر نمن ذلك (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال لا اله إلا الله وحده لا شريك له دخل الجنة قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق، قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق، قلت وإن زنى وإن سرق؟ قال وإن زنى وإن سرق، على رغم أنف أبي الدرداء، قال فخرجت لأنادي بها في الناس، قال فلقيني عمر، فقال ارجع فإن الناس إن علموا بهذه اتكلوا

_ وخص هذه الصيغة لأنها جمعت من أنواع الثناء على الله عز وجل وتوحيده والاعتراف له بالقدرة والعظمة ما لم يكن في غيرها والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده محمد بن أبي أحمد ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن سمي مولى أبي بكر بن عبد الرحمن عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر العين المهملة وفتحها بمعنى المثل: أي كان أجره مثل أجر من أعتق عشر رقاب (تقدم شرح هذه الجملة في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا حسن قال ثنا ابن لهيعة عن واهب بن عبد الله أن أبا الدرداء قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) لفظ في حديث أبي ذر المتقدم في الباب السابق (ما من عبد قال لا اله إلا الله ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة) فحديث أبي ذر مقيد بالموت على ذلك وحديث الباب مطلق: فيحمل المطلق على المقيد، ويكون المراد أن مكن مات على ذلك وكان آخر كلامه، وإنما قلت وكان آخر كلامه أخذا من حديث معاذ المتقدم فغي الباب السابق أيضا (بلفظ من كان آخر كلامه لا اله إلا الله وجبت له الجنة، والأحاديث يفسر بعضها بعضا، وتقدم الكلام في شرح حديث أبي ذر في الباب السابق بما لا يعني عن شرح بقية حديث الباب لأنه بمعناه (تخريجه) (طب هق) وابن أبي الدرداء هذا غير حديث أبي ذر وإن كان فيه بعض معناه اهـ (قال الحافظ) وهما قصتان متقاربان وإن اشتركا في المعنى الأخير وهو سؤال الصحابي بقوله وإن زنى وإن سرق، واشتركا أيضا في قوله وإن رغم، (وفي الباب) عند الإمام أحمد أيضا قال حدثنا حجاج ثنا شيبان ثنا منصور عن سالم بن أبي الجعد عن سلمة بن نعيم قال وكان من أصحاب النبي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من لقي الله لا يشرك به شيئا دخل الجنة وإن زنى وإن سرق) وسنده جيد وأخرجه البخاري والإمام أحمد

-217 - فضل سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر والحوقلة ----- عليها، فرحت فأخبرته صلى الله عليه وسلم فقال صدق عمر (عن مصعب بن سعد) عن أبيه (يعني سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه) قال إن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم قال علمني كلاما أقوله؟ قال قل لا اله إلا الله وحده لا شريك له، الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا، والحمد لله رب العالمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم خمسا، قال هؤلاء لربي فمالي؟ قال قل اللهم اغفر لي وارزقني واهدني وعافني (باب فضل سبحان الله والحمد لله الخ وأنها الباقيات الصالحات) (خط عن أم هانئ) بنت أبي طالب رضي الله عنهما قالت مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إني قد كبرت وضعفت أو كما قالت، فمرني بعمل أعمله وأنا جالسة، قال سبحي الله مائة تسبيحة فإنها تعدل لك مائة رقبة تعتقينها من ولد إسماعيل، واحمدي الله مائة تحميدة تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملينها عليها في سبيل الله عز وجل، وكبري الله مائة تكبيرة فإنها تعدل لك مائة بدنه مقلدة متقلبة، وهللي الله مائة تهليلة

_ بهذا اللفظ من حديث أنس ما عدا (وإن زنى وإن سرق) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن موسى الجهني حدثني مصعب بن سعد الخ (غريبة) أي هذا يختص بتوحيد الله وتعظيمه والثناء عليه، فماذا يختص بنفسي (قال قل اللهم اغفر لي الخ) دله صلى الله عليه وسلم على دعاء يشمل له مصالح الدنيا والآخرة، ومعناه اغفر لي ذنوبي السابقة وارزقني ما أستعين به على طلاعتك، واهدني إلى سبيل الموصل إليك، وعافني من الأمراض الحسية والمعنوية التي تعيقني عن هذا السبيل زاد مسلم وارحمني (تخريجه) (م وغيره) (باب) خط (سنده) حدثنا عبد الله قال وجدت في كتاب أبي بخط يده ثنا سعيد بن سلايمان قال ثنا موسى بن خلف قال حدثنا عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أم هانئ الخ (غريبة) أي قولي سبحان الله، ومعناه أنزه الله عز وجل عما لا يليق به من الشريك والولد والصاحبة والنقائص مطلقا وسمات الحدوث مطلقا أي من ذرية إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما وعلى نبينا الصلاة السلام، وخص بني إسماعيل بالذكر لأنهم أشرف العرب أي قولي الحمد لله مائة مرة: ومعنى الحمد الثناء على الله عز وجل بجميل صفاته جاء في بعض الروايات يحمل عليها، والمعنى أن من قال الحمد لله مائة كان له مثل ثواب من تصدق بمائة فرس مسرجة ملجمة لحمل المجاهدين في سبيل الله عز وجل أي قولي الله أكبر: ومعنى التكبير التعظيم أي أكبر من كل كبير وأعظم من كل عظيم البدنة بالتحريك تقع على الذكر والأنثى من الإبل وسميت بدنة لعظم بدنها وسمنها: والمراد هنا الهدى الذي يهدي إلى مكة زمن الحج: وأفضلها ما كان من الإبل، وتقليدها هو أن يعلق بعنقها قطعة من الجلد أو نعل ليعلم أنها هدى فلا يتعرض لها بسوء (وقوله متقلبة) أي مقبولة لأن صاحبها أهداها إلى بيت الله خالصة لوجه الله تعالى لا يقصد رياء ولا سمعة أي

-118 - سبحان الله والحمد لله الخ تكفر الذنوب عن قائلها ولو كانت مثل زبد البحر ----- قال ابن خلف أحسبه قال تملأ ما بين السماء والأرض، ولا يرفع يومئذ لأحد عمل إلا أن يأتي بمثل ما أتيت به (عن عاصم بن أبي النجود) عن جرى قال التقى رجلان من بني سليم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما لصاحبه سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول سبحان الله نصف الميزان، والحمد لله يملؤه، والله أكبر يملأ ما بين السماء والأرض، والصوم نصف الصبر، والوضوء نصف الإيمان (عن عبد الله بن عمرو) (يعني ابن العاص رضي الله عنهما) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما على الأرض رجل يقول لا اله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم إلا كفرت عنه ذنوبه ولو

_ قولي لا إله إلا الله وهي كلمة التوحيد هو موسى بن خلف العمى بفتح المهملة وتشديد الميم مكسورة أحد رجال السند: يظن أن عاصم بن بهدلة قال في حديثه وهللي الله مائة تهليلة تملأ ما بين السماء والأرض ومعناه لو قدر ثواب التهليل جسما لملأ ما بين السماء والأرض (تخريجه) (نس جه هق طب طس) بالفاظ مختلفة وسنده عند الجميع حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا حماد ابن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن جري (بضم الجيم وفتح الراء) ابن كليب النهدي الخ (وله طريق أخرى عند الإمام أحمد) قال حدثنا معاذ أنا شعبة أنا أبو إسحاق الهداني عن جري النهدي عن رجل من بني سليم فذكره (غريبة) معناه أن من ذكر الله عز وجل بلفظ سبحان الله ملأ ثوابه إحدى كفى الميزان يوم القيامة، وظاهره إن قال ذلك ولو مرة (والحمد لله يملأه) بأن تأخذ الكفة الأخرى، وقد يراد تفضيل الحمد على التسبيح وأن ثوابه ضعف ثواب التسبيح أي لو قدر تجسم ثواب التكبير لملأ ما بين السماء والأرض أي لأن جماع العبادات فعل وترك، والصوم يقمع الشهوة فيسهل الترك وهو شرط الصبر: فهما صبران صبر عن أشياء وصبر على أشياء: والصوم معين على أحدهما: فهو نصف الصبر ذكره الحليمي جاء في الطريق الثانية (والطهور) بدل الوضوء وهو أعم فيشمل الوضوء والغسل ونحوهما: ومعنا كونه نصف الإيمان أن الإيمان يطهر الباطن والطهور يطهر الظاهر: وقيل غير ذلك والله أعلم (تخريجه) (هق مذ) وقال حديث حسن وصححه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن بكر قال حاتم بن أبي صغيرة (بكسر الغين المعجمة) عن أبي بلج (بفتح أوله وسكون اللام) عن عمر بن ميمون عن عبد الله بن الأعمال أخذا من حديث مسلم وغيره (عن أبي هريرة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات ما بينهن إذا اجتنبت الكبائر: فقيد التفكير باجتناب الكبائر لأن الكبيرة لا يكفرها إلا التوبة أو عفو الله عز وجل والله أعلم (تخريجه) (نس مذ

-219 - الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا تفتح لها أبواب السماء ----- كانت أكثر من زبد البحر (عن أبي الزبير) أخبرنا عون بن عبد الله أنه سمع عبد الله ابن عمر يقول كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل أكبر كبيرا، والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال عون ما تركتها منذ سمعتها من ابن عمر (عن ابن أبي أوفى) رضي الله تعالى عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني لا أستطيع أخذ شيء من القرآن فعلمني ما يجزئني، قال قل سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، قال يا رسول الله عز وجل، فما لي؟ قال قل اللهم اغفر لي وارحمني وعافني واهدني وارقني، ثم أدبر وهو ممسك كفيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما ها فقد ملأ يديه من الخير (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال استكثروا من الباقيات الصالحات، قيل وما هي يا رسول الله؟ قال الملة قيل وما هي يا رسول الله؟ قال الملة، قيل وما هي يا رسول الله؟ قال الملة، قيل وما هي يا رسول الله؟

_ ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير أخبرنا عون بن عبد الله الخ البكرة أول النهار والأصيل آخره (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده ابن لهيعة وقد قال حدثنا فالحديث إن لم يكن صحيحا فهو على الأقل حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن يزيد أبي خالد الدالاني عن إبراهيم السكسكي (بفتح المهملتين بينهما كاف ساكنة) عن ابن أبي أوفى الخ، وجاء في آخر الحديث قال مسعر فسمعت هذا الحديث من إبراهيم السكسكي عن ابن أوفى عن النبي صلى الله عليه وسلم وتبتني فيه غيري اهـ، والمعنى أن مسعرا ثبت عنده هذا الحديث حينما رأى غيره رواه عن إبراهيم السكسكي عن ابن أبي أوفي كما رواه هو (ومسعر) بوزن منبر هو ابن كدام بكسر الكاف أخرج له الستة ولم يذكر في سند هذا الحديث (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه ابن أبي الدنيا عن الحجاج ابن أرطاة عن إبراهيم السكسكي عنه، ورواه البيهقي مختصرا وزاد ولا حول ولا قوة إلا بالله: وإسناده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) أي استكثروا من قول الباقيات عند الله لقائلها بمعنى أنها مدخرة ومحفوظة عنده ليثاب عليها قائلها: ولذلك وصلها بقوله الصالحات يعني الدين، وسمى التكبير والتهليل الخ ملة لأنه جمع أصل الدين وهو توحيد الله عز وجل وتعظيمه وتنزيهه والله أعلم (تخريجه) (حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى

-220 - سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر هن الباقيات الصالحات ----- قال التكبير والتهليل والتسبيح والتحميد ولا حول ولا قوة إلا بالله (وعن النعمان بن بشير رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث له ألا وإن سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر هن الباقيات الصالحات (عن أبي سعيد الخدري) وأبي هريرة رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله اصطفى من الكلام أربعا، سبحان الله والحمد لله والله أكبر فمن قال سبحان الله كتب له عشرون حسنة وحطت عنه عشرون سيئة، ومن قال الله أكبر فمثل ذلك، ومن قال لا اله إلا الله فمثل ذلك، ومن قال الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه كتب له أو كتبت له ثلاثون حسنة وحط أو حطت عنه ثلاثون سيئة (عن أبي صالح) عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أفضل الكلام سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ غصنا فنفضه فلم ينتفض، ثم نفضه فلم ينتفض، ثم نفضه فانتفض فقال، رسول الله صلى الله عليه وسلم إن سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر

_ إلا أنه قال وما هن بدل وما هي وإسنادهما حسن سيأتي حديث النعمان بن بشير المشار إليه بسنده وشرحه وتخريجه في باب إمارة السفهاء من كتاب الخلافة والإمارة لأنه يختص بها، وفي آخره ألا وإن سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر الخ الحديث، وقد ذكرت هذا الجزء منه هنا لمناسبة الباب. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا إسرائيل عن أبي سنان عن أبي صالح الحنفي عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة الخ (غريبة) أي اختار لملائكته أو لعبادة كما في رواية عند مسلم يعني من عن نفسه زيادة عن الأربع المتقدمة بدون سبب يحمله على ذلك، لأن الحمد لا يقع غالبا إلا بعد سبب كأكل أو شرب أو حدوث نعمة فكأنه وقع في مقابلة ما أسدى إليه، فلما حمد الله لا في مقابلة شيء زاد في الثواب والله أعلم (تخريجه) (ك) والضياء المقدسي، وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم (قيلت وأقره الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار ورجالها رجال الصحيح، أخرجه أيضا من حيثهما ابن أبي الدنيا والبيهقي وزاد في آخره، ومن أكثر ذكر الله فقد برئ من النفاق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا الأعمش عن أبي صالح الخ (غريبة) أي كلام الآدميين قاله النووي، وقال القاضي عياض المراد كلام البشر، لأن الثلاث الأول وإن وجدت في القرآن لكن الرابعة لم توجد فيه، ولا يفضل ما ليس فيه على ما فيه ولأنه روى في خبر أفضل الذكر بعد كتاب الله تعالى سبحان الله الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي، وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد حدثني أبي حدثنا سنان ثنا أنس بن مالك الخ (غريبة) نفض من باب نصر: والنفض كما في الصحاح وغيره تحريك الثوب ونحوه ليزول عنه الغبار، ونفض الورق من

- 221 - من قال سبحان الله الخ فله بكل واحد عشر حسنات ومن زاد زاده الله ----- تنفض الخطايا كما تنفض الشجرة ورقها (عن حميض بنت ياسر) عن جدتها يسرية وكانت من المهاجرات، قالت قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يا نساء المؤمنات عليكن بالتهليل والتسبيح والتقديس ولا تغفلن فتنسين الرحمة، وأعقدن بالأنامل فإنهم مسئولات مستنطقات (عن أيوب بن سلمان) رجل من أهل صنعاء قال كنا بمكة فجلسنا إلى عطاء الخراساني على جنب جدار المسجد فلم نسأله ولم يحدثنا: قال ثم جلسنا إلى ابن عمر مثل مجلسكم هذا فلم نسأله ولم يحدثنا، قال فقال مل لكم لا تتكلمون ولا تذكرون الله، قولوا الله أكبر والحمد لله وسبحان الله وبحمده، بواحدة عشرا، وبعشرة مائة من زاد الله ومن سكت

_ الشجر حركة ليسقط أي تسقط الذنوب، والمراد بها الصغائر كما تقدم، واستعمال النفض هنا مجاز (تخريجه) أورده المنذري، وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، والترمذي وقال حديث غريب ولا نعرف للأعمش سماعا من أنس إلا أنه رآه ونظر إليه اهـ قال المنذري لم يروه أحمد من طريق الأعمش اهـ (قلت) وهو كما قال المنذري رحمه الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر قال ثنا هانئ بن عثمان الجهني عن أمه حميضة بنت ياسر الخ (غريبة) أي بقول لا اله إلا الله (والتسبيح) يعني سبحان الله (والتقديس) أي قول سبوح قدوس رب الملائكة والروح، قالوا والفرق بين التسبيح والتقديس أن التسبيح للأسماء والتقديس للآلاء، وكلاهما يؤدي إلى العظمة بضم التاء المثناة فوق وسكون النون وفتح السين المهملة أي لا تتركن الذكر فتحرمن من الرحمة الأنامل رءوس الأصابع/ والمراد الأصابع كلها من باب إطلاق الجزء وإرادة الكل، والمعنى أعددن عدد مرات التسبيح بالأصابع (وقوله فإنهن مسئولات) يعني يوم القيامة عن عمل صاحبها (مستنطقات) للشهادة عليه قال تعالى (يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجلهم بما كانوا يعملون) فأما المؤمن فتنطق عليه بخيره وتسكت عن شره تسترا من الله، والكافر بالعكس فإن خيره لغير الله وذو هباء قال تعالى (وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباءا منثورا) (تخريجه) (د مذ ش ك) وسكت عنه الحاكم وصححه الذهبي والحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن الحسن بن أقيش أخبرني النعمان بن الزبير عن أيوب بن سليمان الخ (غريبة) الجار والمجرور متعلق بمحذوف جواب الأمر تقديره يكتب الله لكم، وهو إما أن يكون حذف للعلم به أو سقط من الناسخ هكذا بالأصل (ومن سكت غفر له) وجاء هذا الحديث عند الترمذي ولفظه عن ابن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم لأصحابه قولوا سبحان الله وبحمده مائة مرة، من قالها مرة كتبت له عشرا: ومن قالها عشرا كتبت له مائة ومن قالها مائة كتبت له ألفا، ومن زاده الله، ومن استغفر غفر الله له اهـ: ففي رواية الترمذي (ومن استغفر) بدل (ومن سكت) وهي أظهر وأوفق بالسياق، فالمعول على رواية الترمذي لجملة أمور (أولا) أن الحديث مرفوع عند الترمذي وموقوف عند الإمام أحمد: (ثانيا) أن

-222 - أفضل الكلام ما اصطفاه الله لعباده- سبحان الله وبحمده ----- غفر له الحديث (عن سمرة بن جندب) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الكلام بعد القرآن أربع، وهي من القرآن لا يضرك بأيهن بدأت، سبحان الله والحمد لله ولا اله إلا الله والله أكبر (باب ما جاء في أنواع شتى من التسبيح) (قر عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قال سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الكلام أفضل؟ قال ما اصطفاه الله عز وجل لعباده، سبحان الله وبحمده (عن أبي الدرداء) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يدع رجل منكم أن يعمل الله ألف حسنة حين يصبح، يقول سبحان الله وبحمده مائة مرة فإنها ألف حسنة فإنه لا يعمل إن شاء الله مثل ذلك يومه من الذنوب ويكون ما من عمل من خير سوى

_ رواية الإمام أحمد فيها حذف بعد قوله وبحمده، ورواية الترمذي كاملة مستقيمة المعنى (ثالثا) أن رواية الترمذي فيها زيادة (ومن قالها مرة كتبت له ألفا) ولم تأت هذه الزيادة في رواية الإمام أحمد والله أعلم (وفي قوله في حديث الباب من زاد زاده الله) دلالة على التضعيف غير مختص بهذا العدد المنصوص، بل هو ثابت في كل عدد وإن زاد، كما تدل عليه الأدلة القاضية بأن الحسنة بعشر أمثالها، (وليس قوله ومن سكت غفر له) آخر الحديث بل له بقية طويلة فيها خصال متعددة خارجة عن ترجمة الباب ستأتي بتهامها في باب الخماسيات من أبواب الترهيب من خصال من المعاصي معدودة في كتاب الكبائر إن شاء الله تعالى (تخريجه) (نس مذ) والطيالسي وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن هلال بن يساف عن سمرة بن جندب الخ (غريبة) معناه أن التسبيح والتحميد والتهليل ثابت في القرآن بهذا اللفظ والتكبير بمعناه، وهذه مزية منضمة إلى مزية كونها أفضل الكلام بعد القرآن والله أعلم (تخريجه) (م نس جه) ولم يأت في مسلم وهي من القرآن وذكرها النسائي (باب) قر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن سمي مولى أبي بكر عن أبي صالح السمان عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي غفرت ذنوبه الصغائر، وزيد البحر ما يقذفه البحر من الرغوة على الشاطئ (تخريجه) (م مذ نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا أبو مسعود الحريري عن أبي عبد الله الجسري عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر الخ (غريبة جاء عند الترمذي بلفظ (سبحان الله وبحمده سبحان ربي وبحمده) (تخريجه) (م نس مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبي مرير الغساني قال ثنا أبو الأحوص حكيم بن عمير وحبيب بن عبيد عن أبي الدرداء الخ (غريبة) أي باعتبار أن الحسنة بعشر أمثالها معناه أنه ببركة هذا التسبيح لا يقع منه ذنوب في هذا

-223 - من سبح مائة تسبيحة كتب له ألف حسنة ومحي عنه ألف سيئة ----- ذلك وافرا (عن سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال أيعجز أحدكم أن يكسب في اليوم ألف حسنة؟ قال ومن يطيق ذلك؟ قال يسبح مائة تسبيحة فيكتب له ألفي حسنة وتمحى عنه ألف سيئة (عن سهل عن أبيه) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من قال سبحان الله العظيم نبت له غرس في الجنة (عن جويرية بنت الحارث) زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوة وأنا أسبح، ثم انطلق لحاجته ثم رجع قريبا من نصف النهار فقال ما زلت قاعدة؟ قلت نعم، قال ألا أعلمك كلمات لو عدلن بهن عدلتهن أو لو وزن بهن وزنتهن، يعني بجميع ما سبحت سبحان الله عدد خلقه ثلاث مرات، سبحان الله زنة عرشه ثلاث مرات، سبحان الله رضا

_ اليوم تساوي سيئاتها الحسنات (ويكون ما عمل من خير) أي سوى الذكر كثواب الوضوء مثلا والصلاة والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ونحو ذلك وافرا أي مدخرا زائدا على حسنات الذكر (تخريجه) (طب ك) وفي إسناده ابن أبي مريم ضعيف ضعفه الهيثمي والذهبي و|إن كان الحاكم صححه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي عبد الله مولى جهينة قال سمعت ابن سعد يحدث عن سعد رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) لفظ مسلم فسأله سائل من جلسائه كيف يكسب أحدنا ألفى حسنة؟ قال يسبح الخ يعني يقول سبحان الله وبحمده مائة مرة كما صرح بذلك في الحديث السابق (تخريجه) (م وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل عن أبيه الخ (سهل) هو ابن معاذ وأبوه معاذ بن أنس الجهني (غريبة) أطلق الغرس في هذا الحديث ولم يقيده بنوع من الشجر، وقد جاء مقيدا في حديث ابن عمر عند ابن أبي شيبة وابن حبان في صحيحه والبزار ولفظه (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال سبحان الله وبحمده غرست له نخلة في الجنة) وصححه ابن حبان، فينبغي أن يحمل المطلق على المقيد فيكون المغروس هنا في الجنة هو النخلة والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه من حديث سهل عن أبيه لغير الإمام أحمد وأخرج نحوه (ش بز حب) من حديث ابن عمر، إلا قال غرست له نخلة في الجنة وصححه ابن حبان وجوده إسناده البزار (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حجاج ثنا شعبة عن محمد بن عبد الرحمن مولى أبي طلحة قال سمعت كريبا مولى ابن عباس يحدث عن ابن عباس عن جويرية الخ (غريبة) الغدوة بالضم ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس يعني قبيل الظهر لفظ مسلم ما زالت على الحال التي فارقت عليها، يعني دائبة على التسبيح كما يستفاد ذلك من الحديث التالي معناه لو وزن لرجحن بما قلت كما في الحديث التالي، وفسر في هذا الحديث (بجميع ما سبحت) أي مقدار وزن عرشه سبحانه مع عظم قدره وكون السماوات والأرض بالنسبة

-224 - قصة جويرية في التسبيح وفضل سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم ----- نفسه ثلاث مرات سبحان الله مداد كلماته، ثلاث مرات (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج بعد ما صلى، فجاء جويرية فقالت ما زلت بعدك يا رسول الله دائبة قال فقال لها قلت بعدك كلمات لو وزن لرجحن بما قلت، سبحان الله عدد ما خلق الله، سبحان الله رضاء نفسنه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله عدد كلماته (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمتان خفيفتان على اللسان ثقيلتان في الميزان حبيبتان إلى الرحمن، سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم (عن النعمان ابن بشير) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين من جلال الله

_ إليه كحلقة في فلاة كما جاء في بعض الأحاديث بكسر الميم قيل معناه مثلها في العدد، وقيل مثلها في أنها لا تنفذ، وقيل مثلها في الثواب والله أعلم (تخريجه) (م د مذ نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي أسود بن عامر ثنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن عن كريب عن ابن عباس قال كان اسم جويرية برة فكأن النبي صلى الله عليه وسلم كره فسماها جويرية كراهة أن يقال خرج من عند برة من دأب في العمل إذا جد فيه وتعب، والمعنى ما زالت مستمرة على التسبيح حتى تعبت يريد أنها لو قالت هذه الكلمات الأربع كل كلمة ثلاث مرات كما يستفاد من الحديث الذي قبله ثوابها أكثر من ثواب ما أجهدت نفسها فيه من التسبيح في هذه المدة الطويلة، ويستفاد منه أن يقال أن من قال سبحان الله عدد كذا وزنة كذا كتبت له ذلك القدر وفضل الله واسع، ولا يتجه هاهنا أن يقال إن مشقة من قال هكذا أخف من مشقة من كرر لفظ الذكر حتى يبلغ إلى مثل ذلك العدد، فإن هذا باب منحه رسول الله صلى الله عليه وسلم لعباد الله وأرشدهم ودلهم عليه تخفيفا عليهم وتكثيرا لأجورهم من دون تعب ولا نصب فلله الحمد، وقد جاء ما يقوي هذا في كثير من الأحاديث والله أعلم (تخريجه) (م وغيره) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي لا كلفة في النطق بهما على النطاق لخفة حروفهما، وذلك أنه ليس فيهما حرف من حروف الاستعلاء ولا من حروف الإطباق غير الظاء، ولا من حروف الشدة غير الباء والدال يعني أن ثوبهما جسيم ولهما في ميزان الحسنات أثر عظيم (وقوله حبيبتان إلى الرحمن) تثنية حبيبة وهي المحبوبة، والمراد أن قائلها محبوب لله، ومحبة الله للعبد إرادة إيصال الخير له والتكريم، وخص الرحمن من الأسماء الحسنى للتنبيه على سعة رحمة الله حيث يجازي على العمل القليل بالثواب الجزيل، ولما فيها من التنزيه والتحميد والتطعيم (تخريجه) (ق مذ نس جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا موسى يعني ابن أسلم الطحان عن عون بن عبد الله عن أبيه أو عن أخيه عن النعمان بن بشير الخ (غريبة) جاء في رواية أخرى للإمام أحمد بلفظ (إن الذين يذكرون من

-225 - فضل سبحان الله العظيم وبحمده ----- من تسبيحه وتكبيه وتهليله يتعاطفن حول العرش لهن دوى كدوى النحل يذكرن يصاحبهن ألا يحب أحدكم أن يزال له عند الله شيء يذكر به (عن قبيصة بن المخارق) رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي يا قبيصة ما جاء بك؟ قلت كبرت سني ورق عظمي فأتيتك لتعلمني ما ينفعني الله عز وجل به، قال يا قبيصة ما مررت بحجر ولا شجر ولا مدر إلا أستغفر لك، يا قبيصة إذا صليت الفجر فقل ثلاثا سبحان الله العظيم وبحمده تعافى من العمي والجذام والفالج، يا قبيصة قل اللهم إني أسألك مما عندك واقض على من فضلك وانشر على رحمتك وأنزل على من بركاتك

_ جلال الله وتسبيحه وتحميده الخ) وجاء في رواية ابن ماجة بلفظ (إن مما تذكرون من جلال الله التسبيح والتهليل والتحميد ينعطفن حول العرش الخ) فالتسبيح فيها بالنصب اسم إن والجار والمجرور خبر مقدم (ومن جلال الله) أي تعظيمه بيان للموصول المجرور وجملة (ينعطفن: أي يملن ويدرون) استئناف لبيان حال التسبيح وغيره، وهذا مبني على تشكيل الأعمال والمعاني بأشكال، وقد وردت أحاديث كثيرة تؤيد ذلك قاله السندي بفتح الدال المهملة وكسر الواو وتشديد الياء التحتية هو ما يظهر من الصوت ويسمع عند شدته وبعده في الهواء شبيها بصوت النحل (يذكرون) جاء في الأصل يذكرون وهو مخطأ، وعند ابن ماجة تذكر بصاحبها، أما يحب أحدكم أن يكون له، أو لا يزال له من يذكر به) وهو من التذكير لا من الذكر وهذه الرواية أظهر، والمعنى أن التسبيح والتحميد والتكبير والتهليل من تعظيم الله عز وجل وأنها (تذكر بتشديد الكاف) بصاحبها أي يكون منها هذا الدوي حول العرش لأجل التذكير في المقام الأعلى بقائلها ولهذا قال في آخر الحديث (ألا يحب أحدكم أن يزال له عند الله شيء يذكر به) وفي هذا حض على الذكر بهذه الألفاظ، وتقدم فضل الذكر بها فلا نطيل بإعادته (تخريجه) (جه ك) وصححه الحاكم وفي زوائد ابن ماجة للبوصري إسناده صحيح ورجال ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون عن الحسن عن أبي كريمة حدثني رجل من أهل البصرة عن قبيصة بن المخارق الخ (غريبة) المدر جمع مدرة كقصب وقصبة، وهو التراب المتلبد، قال الأزهري المدر قطع الطين وقيل هو الطين المتماسك الذيل يخالطه رمل: والعرب تسمى القرية مدرة بالتحريك لأن بنيانها غالبا من المدر وإنما قال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأنه جاء من بلد بعيد لطلب العلم: وفيه دلالة على فضل طلب العلم ويؤيده ما تقدم في باب الرحلة في طلب العلم رقم 13 صحيفة 149 في الجزء الأول من حديث أبي الدرداء وغيره الفالج بكسر اللام مرض يحدث في أحدا شقي البدن طولا يبطل إحساسه وحركته وربما كان في الشقين ويحدث بغنه، وهو الذي يقال له الشلل نعوذ بالله منه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات، ويؤيده ما جاء في باب الرحلة في طلب العلم من حديث أبي الدرداء وغيره المشار إليه، وفيه من سلك طريقا يطلب فيه علما سلك الله به طريقا إلى الجنة

-226 - فضائل صيغ الحمد وأنواعه ----- (باب ما جاء في التحميد وفضله) (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا في الحلقة إذ جاء رجل فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم والقوم، فقال الرجل السلام عليكم رحمة الله، فرد النبي صلى الله عليه وسلم عليه: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته فلما جلس الرجل قال الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه كما يحب ربنا يحمد وينبغي له، فقال النبي صلى الله عليه وسلم كيف قلت؟ فرد عليه كما قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لقد ابتدرها عشرة أملاك كلهم حريص على أن يكتبها فما دروا كيف يكتبونها حتى رفعوها إلى ذي العزة، فقال اكتبوها كما قال عبدي (عن حذيفة بن اليمان) رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال بينما أنا أصلي إذ سمعت متكلما يقول، اللهم لك الحمد كله. ولك الملك كله. بيدك الخير كله. إليك يرجع الأمر كله. علانيته وسره. فأهل أن تحمد إنك على كل شيء قدير، اللهم اغفر لي ما مضى من ذنبي. واعصمني فيما بقي من عمري. وارزقني عملا زاكيا ترضى به عني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذاك ملك أتاك يعلمك تحميد ربك (عن سالم) أن أبا أمامه رضي الله عنه حدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال، من قال الحمد للبه عدد ما خلق، والحمد لله ملء ما خلق، والحمد لله عدد ما في

_ (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ثنا خلف بن خليفة حدثني حفص بن عمر عن أنس الخ (غريبة) فيه استحباب لفظ وبركاته في رد السلام فإن اقتصر على مثل ما قال المسلم جاز، والأفضل الزيادة لقوله تعالى (وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها) أي خالصا لوجهه (مباركا فيه) يعني كثيرا ثوابه يعني أعاد ما قال للنبي صلى الله عليه وسلم أي استبق إلى كتابتها عشرة أملاك أي عجزوا عن كتابتها لعظم قدرها وكثرة ثوابها أي لأنه سبحانه هو الذي يقدر ثوابها ويكافئ عليها (تخريجه) (نس حب) ووثق رواته المنذري والهيثمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام ثنا الحجاج ابن فرافصة حدثني رجل عن حذيفة بن اليمان الخ (غريبة) معناه أن جميع الخير حسيا كان أو معنويا في تصرفك لأن الكل عندك كالشيء المقبوض عليه يجري بقضائك لا يدرك من غيرك أي ناميا زائدا ثوابه يعني أن المتكلم بهذا الكلام ليس من البشر وإنما هو ملك أرسله الله عز وجل ليعلم حذيفة كيف يحمد الله عز وجل، وفيه منقبة عظيمة لحذيفة رضي الله عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن عبد الملك ثنا أبو عوانة عن حصين عن سالم الخ (غريبة) ملء بالنصب على الأشهر صفة لمصدر محذوف تقديره أحمد الله حمدا ملء ما خلق يعني من الأماكن والأجرام، والمعنى أحمد حمدا لو جسم لملأ هذه الأجرام

-227 - فضائل صيغ الحمد وأنواعه ----- السماوات والأرض، والحمد لله ملء ما في السماوات والأرض، والحمد لله عدد ما أحصى كتبه، والحمد لله ملء ما أحصى كتابه، والحمد لله عدد كل شيء، والحمد لله ملء كل شيء وسبحان الله مثلها فأعظم ذلك (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كان يلقلى الرجل فيقول يا فلان كيف أنت؟ فيقول بخير أحمد الله، فيقول له النبي صلى الله عليه وسلم جعلك الله بخير فلقيه النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال كيف أنت يا فلان؟ فقال بخير؟ إن شكرت، قال فسكت عنه فقال يا نبي الله إنك كنت تسألني فتقول جعلك بخير وإنك اليوم سكت عني، فقال له إني كنت أسألك فتقول بخير أحمد الله فأقول جعلك الله بخير، وإنك اليوم قلت إن شكرت فشككت فسكت عنك (باب ما جاء في قول لا حول ولا قوة إلا بالله وفضلها) (عن قيس بن سعد بن عبادة) رضي الله عنهما أن أباه دفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخدمه قال فأتى على النبي صلى الله عليه وسلم وقد صليت ركعتين، فقال ألا أدلك على باب من أبواب الجنة؟

_ المذكورة وهذا تمثيل وتقريب لأن الكلام لا يقدر بالمكاييل، وإنما المراد منه تكثير العدد حتى لو قدر أن تكون تلك الكلمات أجساما تملأ الأماكن لبلغت من كثرتها ما يملأ ما ذكر في الحديث يعني ومن قال سبحان الله مثل ما قال في الحمد كأن يقول سبحان الله عدد ما خلق وسبحان الله ملء ما خلق وهكذا إلى آخر الحديث (فأعظم ذلك) أي ذكر له أجرا عظيما وثوابا جسيما (تخريجه) (نس خز حب ك) وحسنه الحافظ المنذري وصححه الحاكم وأقره الذهبي، ورواه ابن أبي الدنيا مطولا مرمل ثنا حماد يعني ابن سلمة ثنا إسحاق بن عبد الله عن؟ أنس ابن مالك الخ (غريبة) دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بخير لما وجد عنده من الشكر على النعمة وحمد المنعم عز وجل يعني لم يدع له النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرة لعدم إتيانه بحمد الله كعادته ولما رآه عنده من عدم اليقين يستفاد منه أن حمد الله عز وجل مطلوب من العبد في جميع أحواله مرغب فيه في السراء والضراء لأنه لا يأتي إلا بخير يؤيد ذلك ما جاء عن سعد بن أبي وقاص مرفوعا (عجبت من قضاء الله عز وجل للمؤمن إن إصابة خير حمد ربه وشكر، وإن أصابته مصيبة حمد ربه وصبر، المؤمن يؤجر في كل شيء حتى اللقمة يرفعها إلى في امرأته) رواه الإمام أحمد وأبو داود الطيالسي: وسيأتي في الباب الأول من كتاب الصبر وفي هذا المعنى في الباب المشار إليه أحاديث كثيرة من غير واحد من الصحابة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام |أحمد وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب ابن جرير ثنا أبي قال سمعت منصور بن زاذان يحدث عن ميمون بن أبي قيس بن سعد اله (غريبة) لما نضمت كلمة (لا حول ولا قوة إلا بالله) براءة النفس من حولها وقوتها إلى حول الله وقوته كانت موصلة إلى الجنة، والباب ما يتوصل به إلى مقصود، فشبهت بأحد أبواب الجنة لأنه

-228 - لا حول ولا قوة إلا بالله كنز من كنوز الجنة ----- قلت بلى، قال لا حول ولا قوة إلا بالله (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة (وفي لفظ ألا أعلمك كلمة من كنوز الجنة؟) قال وما هو؟ قال لا حول ولا قوة إلا بالله (عن أبي ذر) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ لا حول ولا قوة إلا بالله (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أكثروا من قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنها كنز من كنوز الجنة (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة، قال وما هو؟ قال لا حول ولا قوة إلا بالله (عن أبي هريرة) فقال يا أبا هريرة هلك المكثرون إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا ثلاث

_ لا يتوصل إليها إلا به معناه لا تحول للعبد عن معصية الله إلا بعصمة الله، ولا قوة له على طاعة الله إلا بتوفيق الله فهي كما قال النووي كلمة استسلام وتفويض، يضير إلى أن العبد لا يملك لنفسه شيئا وأنه لا قدرة له على دفع ضرر ولا قوة له على جلب خير إلا بقدرة الله تعالى وإرادته (تخريجه) (مذ ك) وقال الترمذي حديث حسن صحيح غريب (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد عن ثابت البناني وعلي ابن زيد والجريري عن أبي عثمان النهدي عن أبي موسى الأشعري الخ (غريبة) قال الخطابي معنى الكنز في هذا الحديث الأجر الذي يحرزه قائلا والثواب الذي يدخر له الجنة (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا عمار بن محمد عن الأعمش عن مجاهد عن الرحمن بن أبي ليلى عن أبي ذر صحيح ورجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى يزيد عن عبد الملك عن أبيه عن سعيد عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أخرجه ابن عدي وفيه ضعف، إلا أنه روى بهذا اللفظ من حديث أبي أيوب أخرجه (عل طب حب) بسند صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبي رزين عن معاذ الخ (غريبة) تقدم شرحه في شرح الحديث أول من أحاديث الباب (تخريجه) (طب) إلا أنه قال ألا أدلك على مكنز من كنوز الجنة بدل باب ورجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن أبي إسحاق عن كميل بن زياد عن أبي هريرة الخ (غريبة) يعني أصحاب الأموال الكثيرة القول هنا بمعنى الفعل يعني إلا من فعل هكذا وهكذا وهكذا وأشار بيده كمن يقبض شيئا ثم رمى به عن يمينه ثم فعل مثل ذلك عن يساره ثم بين يديه، يريد إلا من أدى زكاة ماله وتصدق على القريب والبعيد وأنفق ماله في سبل الخير

-229 - فضل لا حول ولا قوة إلا بالله على الناس وحق الناس على الله ----- مرات حثى بكفه عن يمينه وعن يساره وبين يديه وقليل كماهم، ثم مشى ساعة فقال يا أبا هريرة ألا أدلك على كنز من كنوز الجنة؟ فقلت بلى يا رسول الله، قال قل لا حول ولا قوة إلا بالله ولا ملجأ من الله إلا إليه، ثم مشى ساعة فقال يا أب هريرة هل تدري ما حق الناس على الله وما حق الله على الناس؟ فقلت الله ورسوله أعلم، قال فإن حق الله على الناس أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا، فإذا فعلوا ذلك فحق عليه أن لا يعذبهم (عن أبي بلج) عن عمرو بن ميمون قال: قال أبو هريرة رضي الله عنه قال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم يا أبا هريرة أدلك على كلمة كنز من كنوز الجنة تحت العرش؟ قال قلت نعم فداك أبي وأمي، قال أن تقول لا حول ولا قوة إلا بالله قال أبو بلج وأحسب أنه قال فإن الله عز وجل يقول أسلم عبدي واستسلم قال فقلت لعمرو قال أبو بلج قال عمرو قلت لأبي هريرة لا حول ولا قوة إلا بالله؟ فقال لا إنها في سورة الكهف (ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله) (عن أيوب الأنصاري) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به مر على إبراهيم (عليه الصلاة السلام) فقال من معك يا جبريل؟ قال هذا محمد، فقال إبراهيم مر أمتك فليكثروا من غراسة الجنة فإن تربتها

_ وهذا الصنف قليل في الناس أي لا اعتصام ولا استناد بغير الله ولا عدول عنه إلى غيره، وإنما الاعتصام والالتجاء إليه وحده جل شأنه معناه أنه محقق وقوع ما وعدهم به لا محالة وهو الذي أوجب ذلك على نفسه لعباده تفضلا منه ورحمة بهم قال تعالى (كتب ربكم على نفسه الرحمة) (تخريجه) (بز) ورجاله رجال الصحيح بلج بفتح الموحدة وسكون اللام (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بكر بن عيسى ثنا أبو عوانة عن أبي بلج الخ (غريبة) معناه أن أبا بلج يظن أن عمرو بن ميمون قال في روايته بعد قوله لا حول ولا قوة إلا بالله يظن أنه قال هذه الحماة وهي قوله (فإن الله عز وجل يقول أيلم عبدي واستسلم) وجعلها من الحديث المرفوع (وقوله قال فقلت لعمرو الخ) هكذا جاء بالأصل وهو غير ظاهر، وأورد الهيثمي هذا الحديث في مجمع الزوائد وعزاه للإمام أحمد وفيه بعد قوله أسلم عبدي واستسلم (قال عمرو قلت لأبي هريرة الخ) ومعناه ظاهر وهو أن عمرا سأل أبا هريرة عن اللفظ الذي أمرو النبي صلى الله عليه وسلم يقوله وهو (لا قوة إلا بالله) هل يقصد بذلك النبي صلى الله عليه وسلم (لا حول ولا قوة إلا بالله) فقال أبو هريرة لا أنها في سورة الكهف يعني (لا قوة إلا بالله) بدون لا حول والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والزار إلا أنه قال ألا أدلكم على كلمة من كنز الجنة من تحت العرش) ورجالهما رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة أخبرني أبو صخر أن عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر أخبره عن سالم بن عبد الله أخبرني أبو أيوب الأنصاري الخ (غريبة) أي من

-230 - فضل الاستغفار وأنه سيدفع كيد الشيطان ----- طيبة وأرضها واسعة، قال وما غراس الجنة؟ قال لا حول ولا قوة إلا بالله (باب ما جاء في الاستغفار وفضله) (خط عن ابن عباس) رضي عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكثر من الاستغفار جعل الله له من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا ورزقه من حيث لا يحتسب (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن إبليس قال لربه بعزتك وجلالك لا أبرح أغوى بني آدم ما دامت الأرواح فيهم، قال الله (عز وجل) فبعزتي وجلالي لا أبرح اغفر لهم ما استغفروني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة

_ قول لا حول ولا قوة إلا بالله فإنه يغرس له بكل مرة شجرة في الجنة كما ورد في بعض الأحاديث (وقوله فإن تربتها طيبة وأرضها طيبة واسعة) يعني أن تربها طيب خصب وأرضها واسعة تسع كثير من الشجر مهما كثر، ففيه الحث على الإكثار من قول لا حول ولا قوة إلا بالله (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجال الصحيح غير عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله ابن عمر بن الخطاب وهو ثقة لم يتكلم فيه أحد ووثقه ابن حبان (باب) خط (سنده) حدثنا عبد الله قال وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثنا مهدي بن جعفر الرملي ثنا الوليد يعني ابن مسلم عن الحكم بن مصعب عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن جده عبد الله بن عباس الخ (غريبة) في رواية للبيهقي من لزم الاستغفار الخ قال تعالى (استغفروا ربكم أنه كان غفار يرسل السماء عليكم مدرارا الآية) وهو من أعظم خصال التقوى قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) (تخريجه) (د جه هق ك) والنسائي والليلة زفي إسناده الحكم بن مصعب قال الحافظ في التقريب مجهول اهـ قال الحافظ العراقي وضعفه أبو حاتم وقال الصدر المناوي فيه الحكم بن مصعب لا يحتج به (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سلمة أنا ليث عن زيد بن الهاد عن عمرو عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) أي لا يزال أضل عبادك المكلفين الأدميين يعني لأجتهدن في إغوائهم بأي طريق ممكن مدة حياتهم أي لا أبرح أغفر لهم مدة طلبهم منى الغفران لذنبهم مع الندم على ما كان منهم والإقلاع والخروج من المظالم والعزم على عدم العودة، وفي الحديث إشعار بتوهين كيد الشيطان ووعد كريم من الرحمن بالغفران (تخريجه) (عل ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وقال الهيثمي أحمد إسنادي أحمد صحيح وكذا أحدا إسنادي أبي يعلى اهـ (قلت) وهي التي أثبتها هنا: وللإمام أحمد عن طريق أخرى في إسنادها ابن لهيعة ودراج بن سمعان وكلاهما فيه كلام أعرضت عنها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال معمر عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبة) المراد بقوله أكثر من سبعين مرة التكثير لا التحديد لأن لفظ أكثر مبهم ويحمل أن يفسر بحديث ابن عمر الآتي بعده وظاهر حديث

-231 - فضل الاستغفار وأنه يجلو صدأ القلب ----- وأتوب إليه (عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته استغفر مائة مرة ثم يقول اللهم اغفر لي وارحمني وتب علي إنك أنت التواب الرحيم أو أنك أنت تواب غفور (عن الأغر المزني) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم إنه ليغان على قلبي وإني لاستغفر الله كل يوم مائة مرة (عن فضالة بن عبيد) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: العبد آمن من عذاب الله عز وجل ما استغفر الله عز وجل (عن عائشة رضي الله عنها) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر في آخر أمره من قول سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه، قالت يا رسول الله مالي أراك تكثر من قول سبحان الله وبحمده، أستغفر الله وأتوب إليه؟ قال إن ربي عز وجل

_ الباب أنه يطلب المغفرة ويعزم على التوبة، ويحتمل أن يكون المراد قول هذا اللفظ بعينه وهو (أستغفر الله وأتوب إليه) وإنما كان صلى الله عليه وسلم يقول ذلك تصفية للقلب وإزالة للغاشية، وهو وإن لم يكن له ذنب لكنه يجب أن يكون دائم الحضور فإذا التفتت نفسه إلى ما هو صورة حظ بشري كأكل وشرب ونحو ذلك مما قد يخل بكمال الحضور عده ذنبا واستغفر الله منه إظهارا للعبودية وافتقار الكرم الربوبية وتعليما منه لأمته، نسأل الله أن يطهرنا من الذنوب وأن يستر مالنا من العيوب (تخريجه) (خ نس مذ جه طس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك زهير ثنا أبو إسحاق عن مجاهد عن ابن عمر الخ (غريبة) فيه أنه ينبغي الأخذ بالأكثر من العدد وهو رواية المائة ثم يقول اللهم اغفر لي وارحمني الخ (تخريجه) (حب والأربعة) وصححه ابن حبان والترمذي وله ألفاظ عندهم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا حماد بن زيد عن ثابت البناني عن أبي بردة عن الأغر المزني الخ (غريبة) بالغين المعجمة مبني للمجهول والغين هو الغيم الذي يكون في السماء كما قال أبو عبيد وغيره من أئمة اللغة، والمراد هنا ما يغشى القلب ويغطيه، وقيل هو غشاء رقيق دون الران، والران المذكور في قوله تعالى (كلا بل ران على قلوبهم) هو فوق الغين لأنه الطبع والتغطية، والمراد هنا مات يعرض من غفلات القلوب عن مداومة الذكر والسهو الذي لا يخلو منه البشر وقد قال صلى الله عليه وسلم فيما صح عنه (إنما أنا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فإذا نسيت فذكروني) وإنما أستغفر منه صلى الله عليه وسلم وإن لم يكن ذنبا لعلو مرتبته وارتفاع منزلته حتى كأنه لا ينبغي له أن يغفل عن ذكر الله عز وجل في وقت من الأوقات، فإن عرض له وقتا ما عرض بشري يشغله من أمور الأمة والملة ومصالحها عد ذلك ذنبا وتقصيرا فيفزع إلى الاستغفار (تخريجه) (م د نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا رشيد قال حدثني معاوية سعيد التيجي عمن حدثه عن فضالة بن عبيد الخ (تخريجه) لم وأقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي عن داود وربعي بن إبراهيم

-232 - أصل التثليث في صيغ الأذكار والاستغفار والدعوات ----- كان أخبرني أني سأرى علامة في أمتي، وأمرني إذا رأيتها |أن أسبح بحمده وأستغفره إنه كان توابا فقد رأيتها (إذا جاء نصر الله والفتح ورأت الناس يدخلون في دين الله أفراجا، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) (باب في أصل التثليث في صيغ الأذكار والاستغفار والدعوات) (عن ابن مسعود) رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يدعو ثلاثا ويستغفر ثلاثا (أبواب الأذكار المؤقتة) (باب ما يقال في الصباح والمساء وعند إرادة النوم) عن أبي بكر رضي الله عنه قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت وإذا أخذت مضجعي من الليل، اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة

_ قال ثنا داود عن الشعبي عن مسروق قال: قالت عائشة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) هي علامة قرب أجله ومفارقة الدنيا إلى الرفيق الأعلى، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره: المراد بالفتح هنا فتح مكة قولاً واحداً فإن أحياء العرب كانت تتلوم بإسلامها فتح مكة يقولون إن ظهر على قومه فهو نبي، فلما فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجاً، فلم تمض سنتان حتى استوقت جزيرة العرب إيمانا ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهر للإسلام ولله الحمد والمنة قال ابن عباس لما نزلت هذه السورة علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه نعيت إليه نفسه، قال الحسن أنه اعلم أنه قد اقترب أجله فأمر بالتسبيح والتوبة ليختم له بالزيادة في العمل الصالح، قال قتادة ومقاتل عاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه السورة سبعين يوماً والله أعلم (تخريجه) (م. وغيره) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يحيى بن آدم ثنا إسرائيل وأبو أحمد ثنا إسرائيل عن أبي اسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله قال: قال أبو أحمد عن ابن مسعود إلخ (غريبة). بفتح الواو (وقوله ثلاثاً) تنبيه على الأقل بدليل ورود الأكثر، وكلما أكثر كلما ازداد الثواب، أما في الدعاء فلحديث عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال: (إن الله يحب الملحين في الدعاء) رواه ابن عدي والبيهقي في الشعب، وأما في الاستغفار فلقوله صلى الله عليه وسلم: (إني لأستغفر الله في اليوم أكثر من سبعين مرة) وتقدم في الباب السابق، وخص الثلاث هنا بالذكر للتأكيد ولكونها وتراً وقد ورد (إن الله وتر يحب الوتر) رواه (مذ جه) والإمام أحمد وتقدم في الباب الأول من أبواب الوتر في الجزء الرابع صحيفة 273 (تخريجه) وسنده جيد وحسنه الحافظ السيوطي (باب) (تنبيه) الصباح من طلوع الفجر، والمساء من غروب الشمس (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا هاشم بن القاسم ثنا شيبان عن ليث عن مجاهد قال: قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه: أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بفتح الميم والجيم بينهما ضاد ساكنة أي إذا أردت النوم بفتح الراء أي خالقهما ومبدعهما ومخترعهما على غير مثال سبق أي ما غاب عن العباد من الأسرار والأمور المخبئات: وما ظهر لهم من الآيات والمعجزات

-233 - فضائل أذكار تقال في الصبح والمساء ----- أنت رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وان محمداً عبدك ورسولك أعوذ من شر نفسي ومن شر الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءاً أو أجره إلى مسلم. (عن أبي راشد الحُبراني) قال أتيت عبد الله بن عمرو فقلت له حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى بين يدي صحيفة فقال هذا ما كتب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرت فيها فإذا فيها أن أبا بكر الصديق رضي الله تعالى عنه قال: يا رسول الله علمني ما أقول إذا أصبحت وإذا أمسيت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا بكر قل اللهم فاطر السماوات والأرض فذكر نحو الحديث المتقدم. (عن أبي أيوب الأنصاري) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال إذا صلى الصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كن كعدل أربع رقاب وكتب له بهن عشر

_ أي مالكه وقاهره أي شر هواها المخالف للهدى، قال تعالى: ومن أضل بمن اتبع هواه بغير هدى من الله) (وشر الشيطان) أي وسوسته وإغوائه وإضلاله، ثم يحتمل أن يكون جنس الشياطين أو رئيسهم وهو إبليس (وشركه) يروى بكسر الشين المعجمة وكسر الراء وهو ما يدعو إليه من الإشراك بالله عز وجل ويوسوس، وبفتح الشين والراء أي ما يفتن به الناس من حبائله، والشرك بالتحريك حبالة الصائد والواحد شركة يقال قرف الذنب واقترفه إذا عمله، وقارف الذنب وغيره إذا داناه ولاصقه، معناه أنه يستعيذ من ارتكاب الذنب أو التسبب فيه لمسلم غيره والله أعلم (تخريجه) (د مذ نس حب ك) وصححه الحافظ والنووي وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. اهـ (قلت) واقره الذهبي، الحبراني بضم الحاء المهملة وسكون الموحدة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن الوليد ثنا ابن عباس عن محمد بن زياد الألهاني عن أبي راشد الخ (غريبة) فيه دلالة على جواز كتابة الحديث، انظر صحيفة 172 في الجزء الأول من كتاب العلم بقيته بعد قوله فاطر السماوات والأرض (عالم الغيب والشهادة لا إله إلا أنت رب كل شيء ومليكه، أعوذ بك من شر نفسي ومن الشيطان وشركه وأن أقترف على نفسي سوءاً أو أجره إلى مسلم. اهـ: وهذا الحديث من مسند عبد الله بن عمرو، والحديث الذي قبله من مسند أبي بكر الصديق رضي الله عنهما (تخريجه) (طب) وحسنَّ الهيثمي رواية الإمام أحمد وصحح رواية الطبراني، (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي ثنا سلمة بن الفضل حدثني محمد بن إسحاق عن يزيد بن يزيد بن جابر عن القاسم بن مخيمرة عن عبد الله بن يعيش عن أبي أيوب الأنصاري الخ (غريبة)، في رواية للشيخين كان كمن أعتق أربعة من ولد إسماعيل، وهذا آخر الحديث عندهما وهو مطلق عندهما غير مقيد بوقت (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني

-234 - مما يقال في الصباح والمساء لا إله إلا الله وحده لا شريك له الخ وثواب قائلها ----- حسنات، ومحي عنه بهن عشر سيئات، ورفع له بهن عشر درجات، وكن لها حرسا من الشيطان حتى يمسي، وإذا قالها بعد المغرب فمثل ذلك. (عن أبي داود) عن أبي محمد الحضرمي عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال: لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة نزل عليّ فقال لي: يا أبا أيوب ألا أعلمك؟ قال: قلت بلى يا رسول الله، قال: ما من عبد يقول حين يصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك إلا كتب له بها عشر حسنات ومحي عنه عشر سيئات وإلا كنَّ له عند الله عدل عشر رقاب محررين، وإلا كان في جُنة من الشيطان حتى يمسي ولا قالها حين يمسي إلا كذلك، قال: فقلت لأبي محمد أنت سمعتها من أبي أيوب قال: آلله لسمعته من أبي أيوب يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (وعن أبي أيوب أيضاً) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من قال حين يصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات كتب الله له بكل واحدة قالها عشر حسنات، وحط الله عنه بها عشر سيئات، ورفعه الله بها عشر درجات، وكنَّ له كعشر رقاب، وكنَّ له مسلحة من أول النهار إلى آخره، ولم يعمل يومئذ عمل يقهرهن، فإن قال حين يمسي فمثل ذلك

_ باختصار، وفي إسناد أحمد محمد بن اسحاق وهو مدلس، وفي إسناد الطبراني بحمد بن أبي ليلى وهو ثقة سيء الحفظ وبقية رجالهما ثقات اهـ (قلت) وأخرجه أيضاً النسائي وابن حبان وصححه، وليس فيه عتق الرقاب، وأخرجه الشيخان والنسائي والترمذي إلى قوله أربع رقاب كما تقدم، فيؤخذ من مجموع هذه الروايات تصحيح حديث الباب: ولاسيما وله شاهد من حديث البراء بن عازب: وتقدم في باب ما جاء في قول لا إله إلا الله وحده لا شريك له إلخ صحيفة 215 رقم 36 والله أعلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو جعفر المدائني أنا عبدا بن العوام عن سعيد بن إياس عن أبي الورد إلخ (غريبة). بفتح العين المهملة وكسرها ومعناه المثل (وقوله محررين) أي صاروا أحراراً بسبب العتق. (بضم الجيم أي وقاية من الشيطان أي من وسوسته وضرره بالإنسان. القائل فقلت هو أبو الورد سأل أبا محمد الحضرمي أنت سمعتها من أبي أيوب؟ وغرضه بذلك التوثق من الحديث فأقسم له أنه سمعه من أبي أيوب عن النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (طب) وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان حدثنا إسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن خالد بن معدان عن أبي رُهم السمعي عن أبي أيوب الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم (غريبة). زاد في هذه الرواية لفظ (يحيي ويميت) وجاءت من عدة طرق عن غير واحد من الصحابة وبعضها ضعيف وبعضها حسن. المسلحة بفتح الميم وسكون المهملة القوم الذين يحفظون الثغور من العدو وسموا مسلحة لأنهم يكونون ذوي سلاح، والمعنى أنها تكون سلاحاً له يحفظه الله بها من كل أذى يصيبه في ذلك اليوم. أي يغلبهن يعني يفوقهن في الفضل إلا من عمل أفضل من عمله كما في بعض الروايات

-235 - من قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق حفظ من لدغ كل ذي سم ----- (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير، من قالها حين يصبح كتب له مائة حسنة ومحي عنه بها مائة سيئة، وكانت له عدل رقبة وحفظ بها يومئذ حتى يمسي، ومن قالها مثل ذلك حين يمسي كان له مثل ذلك. (عن أبي سهيل) عن أبيه عن أبي عياش الزُرَقِيّ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين أصبح لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، كان له كعدل رقبة من ولد إسماعيل وكتب له بها عشر حسنات وحُط عنه بها عشر سيئات ورفعت له بها عشر درجات، وكان في حرز من الشيطان حتى يمسي، وإذا أمسى مثل ذلك حتى يصبح، قال فرأى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم، فقال يا رسول الله إن أبا عياش يروي عنك كذا وكذا، قال صدق أبو عياش. (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: من قال إذا أمسى ثلاث مرات أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم تضره حمة تلك الليلة؛ قال فكان أهلنا قد تعلموها فكانوا يقولونها فلدغت

_ والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث أبي أيوب لغير الإمام أحمد، وله شاهد عند الترمذي من حديث أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال في دبر صلاة الفجر وهو ثاني رجليه لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير عشر مرات إلخ لا يخرج عن معناه (وقال الترمذي) هذا حديث حسن غريب صحيح، وروى نحوه الطبراني عن ابن عمر، والبزار عن أبي المنذر الجهني وفيهما ضعف، والترمذي عن عمارة بن شبيب وقال لا نعرف لعمارة سماعاً عن النبي صلى الله عليه وسلم وكلها فيها (يحيي ويميت) ولم يرد هذا اللفظ في الصحيحين والله أعلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مكي بن إبراهيم ثنا عبد الله يعني ابن سعد عن سميّ عن أبي صالح عن أبي هريرة إلخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى قال ثنا حماد بن سلمة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (غريبة). قال الهروي وغيره الكلمات هي القرآن، والتامات قيل هي الكاملات، والمعنى أنه لا يدخلها نقص ولا عيب كما يدخل في كلام الناس، وقيل هي النافعات الكافيات الشافيات من كل ما يتعوذ منه. الحمة بضم الحاء المهملة وتخفيف الميم مفتوحة هو السم، وقيل لدغة كل ذي سم، وقيل غير ذلك، وظاهره أن الله تعالى يحفظه ولم يصبه بشيء من ذلك، ويحتم أنه إذا أصيب لم تضره الإصابة، ويؤيد ذلك

-236 - من قال اللهم أنمت ربي لا اله إلا أنت خلقتني الخ ثم مات من يومه دخل الجنة ----- جارية منهم فلم تجد لها وجعا. (وعنه أيضاً) أن رجلاً من أسلم قال لما نمت هذه الليلة لدغتني عقرب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما لو قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات م نشر ما خلق لم يضرك. (عن سهيل بن أبي صالح) عن أبيه عن رجل من أسلم أنه لدغ، فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو أنك قلت حين أمسيت أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك: قال سهيل فكان أبي إذا لدغ أحد منا يقول: قالها؟ فإن قالوا نعم: قال كأنه يرى أنها لا تضره. (عن ابن بريدة) عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: م نقال حين يصبح أو حين يمسي اللهم أن تربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت فمات من يومه أو من ليلته دخل الجنة. (عن شداد بن أوس) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيد الاستغفار اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت

_ قوله (فلدغت جارية منهم فلم تجد لها وجعاً) (تخريجه) (م. والأربعة) بألفاظ مختلفة. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا اسحاق أنبأنا مالك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (تخريجه) (م. وغيره). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن رجل من أسلم إلخ (غريبة). معناه أن أباه كان يفهم من الحديث أن من قالها لا يلدغ، فإن لدغ وقد قالها فلا تضره (تخريجه) (م. والأربعة) من حديث أبي هريرة المتقدم ولم أقف عليه لغير الإمام أحمد عن رجل من أسلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا زهير ثنا الوليد بن ثعلبة الطائي عن ابن بريدة عن أبيه (يعني بريدة الأسلمي) إلخ (غريبة). أي سواء قالها في الصباح أو في المساء، فإن قالها في الصباح تحصل على جزائها في اليوم كله، وإن قالها في المساء تحصل على جزائها في الليل كله. أي مقيم على ميثاقك الذي أخذت بقولك (ألست بربكم) أو على ما عاهدتني وأمرتني به في كتابك من الإيمان بك وبنبيك وكتابك (وقوله ووعدك) أي مصدق ومؤمن بوعدك الذي لا يخلف، الذي وعدت به أهل الإيمان وراجٍ رحمتك بمقتضاه (ومعنى ما استطعت) أي قدر استطاعتي، فما مصدرية، وفيه اعتراف بالعجز والقصور: أي لا أقدر أن أقوم بعهدك حق القيام به ولكن أجتهد قدر طاقتي. بهمزة في آخره أي أعترف لك، وقد جاء في رواية شداد بن أوس الآتية بعد هذا (أبوء لك) في الموضعين بزيادة لك. أي دخولاً أولياً إن مات على الإيمان، وقيل هو بشارة بحسن الخاتمة لا أحرمنا الله منها (تخريجه) (نس د جه) وسنده جيد: ويؤيده حديث شداد بن أوس الآتي بعده. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي ثنا حسين يعني المعلم عن عبد الله بن بريدة عن بشير بن كعب عن شداد بن أوس إلخ (غريبة). إنما كان سيد الاستغفار لما فيه من المزايا التي لا توجد في غير

-237 - من قال رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا الخ في الصباح والمساء أرضاه الله ----- (فذكر الحديث المتقدم ثم قال) من قالها بعدما يصبح موقنا بها فمات من يومه كان من أهل الجنة، ومن قالها بعدما يمسي موقنا بها فمات من ليلته كان من أهل الجنة. 93 - (عن أبي سلام) قال كنا قعوداً في مسجد حمص إذ مر رجل فقالوا هذا خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنهضت فسألته فقلت حدثنا بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتداوله الرجال فيما بينكما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من عبد مسلم يقول حين يمسي أو يصبح (وفي لفظ حين يصبح وحين يمسي) رضيت بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد نبيا إلا كان حقا على الله عز وجل أن يرضيه يوم القيامة (وعنه من طريق ثان بمثله) إلا أنه قال يقول ثلاث مرات

_ ففيه الإقرار لله وحده بالألوهية بقوله اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت (وبقية الحديث) خلقتني وأنا عبدك وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت أعوذ بك من شر ما صنعت أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء لك بذنبي فاغفر لي فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت) وفيه الاعتراف بأن الله عز وجل هو الخالق: وفيه الاعتراف على نفسه بالعبودية والإقرار بالعهد الذي أخذه الله عليه والرجاء بما وعده به والاستغفار م نشر ما جنى على نفسه، وإضافة النعم إلى موجدها وهو الله عز وجل وإضافة الذنب إلى نفسه ورغبته في المغفرة: واعترافه بأنه لا يقدر على ذلك إلا الله عز وجل، وفي ذلك إشارة إلى الجمع بين الشريعة والحقيقة لأن تكاليف الشريعة لا تحصل إلا إذا كان عون من الله وتوفيق منه جل شأنه فسأله التوفيق بمنه وكرمه. أي مخلصاً بقلبه مصدقاً بثوابها. أي مع السابقين إن شاء الله تعالى: والعبرة بالإخلاص في العمل وحسن النية (تخريجه) (خ مذ نس طب وغيرهم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت أبا عقيل يحدث عن سابق بن ناجية عن أبي سلام الخ (أبو سلام) بتشديد اللام اسمه ممطور من التابعين (غريبة). أي لم يكن بينك وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم واسطة في سماعه. قال النووي وقع في رواية أبي داود وغيره (وبمحمد رسولا) وفي رواية الترمذي (نبيا) فيستحب أن يجمع الإنسان بينهما فيقول رسولاً نبياً، ولو اقتصر على أحدهما كان عاملاً بالحديث اهـ (قلت) ويصح أن نقول نبياً ورسولاً بواو العطف لأن المراد إثبات الوصفين له صلى الله عليه وسلم عملاً بقضية الخبرين (وقوله حقاً على الله) أي واجباً على الله وجوب تفضل ورحمة وهو الذي أوجب ذلك على نفسه حيث قال جل شأنه (كتب ربكم على نفسه الرحمة) والمعنى أن الله عز وجل يحقق لهذا العبد ما وعده وهو إعطاؤه من واسع فضله. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا شعبة قال أبو عقيل أخبرني قال سمع سابق بن ناجية رجلاً من أهل الشام يحدث عن أبي سلام البراد رجل من أهل دمشق قال كنا قعوداً في مسجد حمص فذكره (تخريجه) (ش طب ك والأربعة) وأورده الهيثمي وقال رجال أحمد والطبراني ثقات اهـ وقال الحاكم هذا حديث صحيح

-238 - فضل من قال أصبحنا على فطرة الإسلام الخ والتعوذ من عذاب القبر ----- إذا أصبح وثلاث إذا أمسى. (عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي) عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أصبح وإذا أمسى أصبحنا على فطرة الإسلام وعلى كلمة الإخلاص، وعلى دين نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملة أبينا إبراهيم حنيفاً مسلماً وما كان من المشركين (ز). (وعن أبيّ بن كعب) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد بعد قوله من المشركين (وإذا أمسينا مثل ذلك). (عن عبد الله بن القاسم) قال حدثتني جارة للنبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند طلوع الفجر: اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر ومن فتنة القبر (ز). (عن عثمان) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال بسم الله

_ الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن سلمة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه الخ (غريبة). أي دين الإسلام، وكلمة الإخلاص هي لا إله إلا الله. قال الأزهري معنى الحنيفية في الإسلام الميل إليه والإقامة على عقده، وقال ابن سِيدة في محكمه: الحنيف المسلم الذي يتحنف عن الأديان أي يميل إلى الحق: قال وقيل هو المخلص (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه أيضاً ابن السني وصححه النووي. ز (سنده) حدثنا عبد الله حدثني إبراهيم بن إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل حدثني أبي عن أبيه عن سلمة عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزي عن أبيه عن أبيّ بن كعب الخ (غريبة). إلا أنه يقول في المساء أمسينا وفي الصباح أصبحنا (تخريجه) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه، وأورده الهيثمي وقال رواه عبد الله وفيه إسماعيل بن يحيى بن سلمة بن كهيل وهو متروك اهـ (قلت) يؤيده ما قبله. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن يعني المقري ثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب حدثني عيسى الخراساني عن عبد الله بن القاسم (غريبة). جاء في الأصل في آخر هذا الحديث بعد قوله من فتنة القبر ما نصه قال أبو عيسى فقلت لعبد الله أرأيت إن جمعهما إنسان؟ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال اهـ (قلت) معناه أن أبا عيسى الخراساني راوي الحديث عن عبد الله بن القاسم سأله عما إذا جمعهما إنسان يريد بذلك والله أعلم اختصارهما بأن يقول (اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وفتنته) فقال عبد الله بن القاسم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال، يعني أننا نقول مثل ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تختصر والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات. (ز) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني محمد بن إسحاق المسيبي ثنا أنس بن عياض عن أبي مودود عن محمد بن كعب عن أبان بن عثمان الخ (أبان) بفتح الهمزة وتخفيف الموحدة يصرف ولا يصرف والأول أشهر لكونه على وزن فعال وعلى الثاني يجعل على وزن أفعل، (وعثمان) هو ابن عفان والدأبان (غريبة). لفظ ابن ماجة ما من عبد يقول في صباح كل يوم ومساء كل ليلة بسم الله الخ

-239 - أذكار شتى تقال في الصبا وفي المساء وبيان فضلها ----- الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم لم تفجأه فاجئة بلاء حتى الليل، ومن قالها حين يمسي لم تفجأه فاجئة بلاء حتى يصبح إن شاء الله. (عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أمسى قال أمسينا وأمسى الملك لله والحمد لله ولا إله إلا الله وحده لا شريك له. (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أصبح اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك المصير. (عن عبد الله بن عمر) رضي الله عنهما قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يدع هؤلاء الدعوات حين يصبح وحين يمسي، اللهم إني أسألك العافية في الدنيا والآخرة اللهم إني أسألك العفو والعافية في ديني ودنياي وأهلي ومالي، اللهم استر عوراتي وآمن روعاتي.

_ يعني إن قال ذلك في الصباح يحفظه الله من كل ضرر مفاجئ حتى تغرب الشمس، ومن قالها في المساء يحفظه الله كذلك حتى يطلع الفجر. زاد أبو داود قال فأصاب أبا عثمان الفالج (بكسر اللام) فجعل الرجل الذي سمع منه الحديث ينظر إليه، فقال له مالك تنظر إلي؟ فوالله ما كذبت على عثمان: ولا كذب عثمان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن اليوم الذي أصابني فيه ما أصابني، غضبت فنسيت أن أقولها (تخريجه) (ش حب ك والأربعة) وصححه ابن حبان والحاكم، وقال الترمذي حسن غريب صحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن حدثنا عبد الواحد بن زياد عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم بن سويد عن عبد الرحمن بن يزيد عن ابن مسعود الخ (غريبة). زاد مسلم في روايته بعد قوله لا شريك له (قال الحسن) فحدثني الزبيد أنه حفظ عن إبراهيم في هذا له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، اللهم إني أسألك خير هذه الليلة وأعوذ بك من شر هذه الليلة وشر ما بعدها، اللهم إني أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر، اللهم إني أعوذ بك من عذاب في النار وعذاب في القبر - (زاد في رواية أخرى) وإذا أصبح قال ذلك أيضاً أصبحنا وأصبح الملك لله اهـ (تخريجه) (م د). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن حدثنا حماد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة). زاد أبو داود والترمذي - وإذا أمسى قال اللهم بك أمسينا وبك أصبحنا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور - فأفادت هذه الزيادة أن هذه الكلمات تقال في الصباح وفي المساء، وأن لفظ المصير في الصباح، ولفظ النشور في المساء (وتقديم بك على ما أصبحنا وما بعده) يفيد الاختصاص، والباء للاستعانة (تخريجه) (حب. والأربعة) وأبو عوانة في صحيحه: وابن السني في عمل اليوم والليلة، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وصححه ابن حبان والنووي. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عُمارة بن مسلم الفزاري حدثني جبير بن أبي سليمان بن جبير بن مُطعِم سمعت عبد الله بن عمر يقول لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة). هكذا بالجمع عند الإمام أحمد وابن أبي شيبة، جمع روعة والروعة الفزع، وعند الباقين، اللهم استر

-240 - من قال سبحان الله العظيم وبحمده في الصباح وفي المساء لم يأت أحد بأفضل مما جاء به ----- اللهم احفظني من بين يدي ومن خلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي، وأعوذ بعظمتك أن أغتال قال يعني الخسف. (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يُصبح وحين يُمسي سبحان الله وبحمده مائة مرة لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد عليه. (عن أبي أُمامة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأن أقعد أذكر الله وأكبره وأحمده وأسبحه وأهله حتى تطلع الشمس أحب إلى من أن أعتق رقبتين أو أكثر (وفي لفظ أربع رقاب) من ولد إسماعيل، ومن بعد العصر حتى تغرب الشمس أحب إلي من أن أعتق أربع رقاب من ولد إسماعيل. (عن سهيل عن أبيه) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ألا أخبركم لما سمى الله تعالى إبراهيم خليله الذي وفىّ؟ لأنه كان يقول كلما أصبح وأمسى (فسبحان الله حين تمسون وحين

_ عورتي وأمن روعتي بالإفراد فيهما، والعورة كل ما يستحيا منه إذا شهر، والروعة الفزع كما تقدم. بضم الهمزة أي أهلك من حيث لا أشعر يريد به الخسف، وقد فسره بذلك الراوي في آخر الحديث وهو وكيع شيخ الإمام أحمد كما صرح بذلك في رواية أبي داود (تخريجه) (د نس جه ش حب ك) وصححه ابن حبان والحاكم، وقال النووي رويناه بالأسانيد الصحيحة. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد قال حدثنا إسماعيل بن زكريا عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (م نس مذ) ورواه أبو داود بلفظ (سبحان الله العظيم وبحمده) ورواه الحاكم بلفظ (م نقال إذا أصبح مائة مرة وإذا أمسى مائة مرة سبحان الله العظيم وبحمده غفرت ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر) وقال الحكم صحيح على شرط مسلم: ورواه أيضاً (حب) في صحيحه بلفظ رواية الحاكم وكلهم رووه عن أبي هريرة. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا علي بن يزيد عن أبي طالب الضبعي عن أبي أمامة الخ (غريبة). يعني من صلاة الصبح حتى تطلع الشمس كما صرح بذلك في رواية أخرى. أي من بعد صلاة العصر كما صرح بذلك في رواية له أخرى (تخريجه) (طب) وحسن إسناده الحافظ الهيثمي، ورواه أبو داود من حديث أنس وحسن إسناده العراقي والسيوطي. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زيان بن فايد عن سهيل عن أبيه (يعني معاذ بن أنس الجهيني) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة). جاء في تفسير قوله عز وجل (وإبراهيم الذي وفى) أقوال (منها) أنه بلغ ما أمر به أي وفى لله بالبلاغ (ومنه) وفى طاعة الله وأدى رسالته إلى خلفه (ومنها) ما جاء في هذا الحديث والله أعلم (تخريجه) رواه ابن أبي حاتم وابن جرير في تفسيريهما وأورده الهيثمي وقال رواه الطبراني وفيه ضعفاء وثقوا ولم يعزه للإمام أحمد فكأنه غفل عن ذلك، ورواية الإمام أحمد ليس فيها إلا ضعيف واحد وهو زيان بن فايد أما ابن لهيعة فقد قال الحافظ ابن كثير إذا قال حدثنا فحديثه وقد قال حدثنا

-241 - فضل قراءة أواخر الحشر وصيغ أخرى في الصباح والمساء ----- تصبحون حتى يختم الآية. (عن معقل بن يسار) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ الثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي، وإن مات في ذلك اليوم مات شهيداً ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة. (عن عبد الرحمن بن أبي بكرة) أنه قال لأبيه: يا أبت إني أسمعك تدعو كل غداة اللهم عافني في بدني، اللهم عافني في سمعي، اللهم عافني في بصري، لا إله إلا أنت تعيدها ثلاثاً حين تصبح وثلاثاً حين تمسي، وتقول اللهم إني أعوذ بك من الكفر والفقر وأعوذ بك من عذاب القبر لا إله إلا أنت تعيدها حين تصبح ثلاثاً وثلاثاً حين تمسي، قال نعم يا بني، إني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهن فأحب أن أستن بسنته، قال وقال النبي صلى الله عليه وسلم دعوات المكروب اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين أصلح لي شأني كل لا إله إلا أنت

_ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا خالد يعني ابن طهمان أبو العلاء الخفاف حدثني نافع بن أبي نافع عن معقل بن يسار الخ (تخريجه) (مذ) قال الشوكاني في تحفة الذاكرين أخرجه الترمذي وقال بعد إخراجه حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأخرجه أيضاً الدارمي وابن السني، قال النووي بإسناد ضعيف اهـ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا عبد الجليل حدثني جعفر بن ميمون حدثني عبد الرحمن بن أبي بكرة الخ (غريبة). يعني من الآلام والأسقام. خص السمع والبصر بالذكر بعد ذكر البدن مع أنه مشتمل عليهما لأن العين هي التي تنظر آيات الله المثبتة في الآفاق، والسمع يدرك الآيات المنزلة: فهما جامعان لدرك الآيات العقلية والنقلية، وغليه سر قوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر، اللهم أمتعنا بأسماعنا وأبصارنا. يريد أنه لا يدفع المرض ولا يشفي السقيم إلا أنت يا الله. استعاذ صلى الله عليه وسلم من الكفر مع استحالته من المعصوم لغرض الاقتداء به في أصل الدعاء، وقرن الفقر بالكفر لأنه قد يجر غليه. يعني أنه لا يستعاذ من جميع المخاوف والشدائد إلا بك أنت. أي من أصابه هم وكرب. من طرف طرفة إذا أطبق أحد جفنيه على الآخر. الشأن يطلق على الأمر والحال واخطب (بسكون الطاء المهملة) وجمعه شئون: والمراد هنا إصلاح حاله وما يحتاج إليه من أمره في حياته وبعد موته (تخريجه) (د) والنسائي في اليوم والليلة وقال فيه جعفر بن ميمون ليس بالقوي اهـ (قلت) وأخرجه الحاكم م حديث مسلم بن أبي بكرة قال سمعني أبي وأنا أقول اللهم إني أعوذ بك من الهم والكسل وعذاب القبر، فقال يا بني ممن سمعت هذا؟ قلت سمعتك تقولهن، قال الزمهن فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقولهن وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وأخرج الجزء المختص بالمكروب منه (حب طب) وحسن إسناده

(أبواب آداب النوم وأذكاره) (باب ما جاء في الوضوء قبل النوم وغلق الباب وإطفاء السراج وغير ذلك) 108 - (عن عائشة) رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يرقد توضأ وضوءه للصلاة. 109 - (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه. 110 - (عن سالم بن عبد الله) عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تتركوا النار في بيوتكم حين تنامون. 111 - (عن ابن عمر) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبيتن النار في بيوتكم فإنها عدو. 112 - (عن أبي أمامة) رضي الله تبارك وتعالى عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أجيفوا أبوابكم

_ الحافظ الهيثمي والله أعلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا همام قال ثنا عفان قال ثنا يحيى بن أبي كثير أن أبا سلمة حدثه أن عائشة حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبة). أي وضوءاً كاملاً كوضوئه للصلاة، والحكمة في ذلك أنه ربما بغته الموت فيكون على طهارة وهيئة كاملة، وللوضوء قبل النوم أيضاً أصدق الرؤيا وأبعد من تلعب الشيطان به، وحمله الأئمة على الاستحباب (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد، نعم رواه (د نس جه) عن عائشة أيضاً بلفظ (كان إذا أراد أن ينام وهو جنب توضأ وضوء الصلاة). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل وهاشم قالا ثنا زهير ثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (غريبة). بفتح الغين المعجمة والميم بعدها راء أي ريح لحم أو دسمه. أي إيذاء من بعض الحشرات (فلا يلومن إلا نفسه* أي لتعرضه لما يؤذيه من الهوام، وذلك لأن الهوام وذوات السموم ربما تقصده وهو نائم لريح الطعام فتؤذيه (تخريجه) (د مذ ك) والبخاري في التاريخ، قال الحافظ وسنده صحيح على شرط مسلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا معمر أنا الزهري عن سالم بن عبد الله عن أبيه (يعني عبد الله بن عمر) إلخ (غريبة). لعله أراد بالنار ناراً بخصوصها وهي ما يخاف منه الانتشار، قال النووي هذا عام يشمل السراج وغيره، وأما القنديل المعلق فإن خيف منه شمله الأمر بالإطفاء وإلا فلا لانتفاء العلة (تخريجه) (ق د مذ جه). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا يزيد عن عبد الله بن الهاد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر إلخ (غريبة). جعل النار عدوا لبني آدم بجامع الضرر في كل، فكما أن العدو لا يؤمن ضرره فكذلك النار (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات، وابن لهيعة قال حدثنا فحديثه حسن ويؤيده ما قبله. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النصر ثنا الفرج ثنا نعمان قال سمعت أبا أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبة). بفتح الهمزة وكسر الجيم أي ردوا وأغلقوا، يقال جفأت الباب غلقته قاله الفراء، والمعنى أغلقوا أبوابكم مع ذكر الله تعالى كما في رواية عند أبي داود وغيره

وأكفئوا آنيتكم وأوكثوا أسقيتكم وأطفئوا سُرُجكم فإنه لم يؤذن لهم بالنسور عليكم. 113 - _عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه قال: احترق بيت بالمدينة على أهله فحُدث النبي صلى الله عليه وسلم بشأنهم، فقال إنما هذه النار عدو لكم، فإذا نمتم فأطفئوها عنكم. 114 - (عن جابر) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أغلقوا الأبواب وأوكثوا الأسقية وخمروا الإناء وأطفئوا السرج فإن الشيطان لا يفتح غَلَقاً ويحُل وكاءً ولا يكشف إناءً فإن الفويسقة تضرم على أهل البيت. (باب هيئة اضطجاع للنوم وما يفعل من أراد ذلك والنهي عن ضجعة أهل النار وغير ذلك)

_ قال القاضي عياض رويناه بقطع الألف المفتوحة وكسر الفاء رباعي، ووصلها وفتح الفاء وهما فصيحتان والمعنى اقلبوا آنيتكم ولا تتركوها للعق الشيطان ولحس الهوام، قال الزمخشري كفأ الإناء قلبه على فمه. بكسر الكاف ثم همزة أي اربطوا أسقيتكم جمع سقاء ظرف الماء من جلد، يعني شدوا فم القربة بنحو خيط واذكروا اسم الله تعالى. أمر من الإطفاء (وقوله سرجكم) بضم المهملة والراء جمع سراج ككتب وكتاب أي اذهبوا نورها، والمعنى أطفئوا النار من بيوتكم عند النوم وتقدمت العلة في ذلك. يعني الشياطين ولم يُذكروا استهجاناً لذكرهم ومبالغة في تحقيرهم وذمهم (وقوله بالنسور عليكم) يقال تسورت الحائط وسورته أي علوته، والمعنى أن الله عز وجل لم يأذن لهم أن يأتوكم من أعلى الجدار ولم يجعل لهم قدرة على ذلك إذا ذكر اسم الله تعالى عند كل ما ذكر لخبر أبي داود وغيره واذكروا اسم الله فإن الشيطان لا يفتح باباً مغلقاً (تخريجه) (عل) وقال الهيثمي رجاله ثقات. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا من عبد الله بن محمد ثنا أبو أسامة عن يزيد بن أبي بُردة عن أبي بردة عن أبي موسى الحديث (تخريجه) (ق. وغيرهما). (سنده (حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن حدثنا زهير عن أبي الزبير عن جابر إلخ (غريبة). أي غطوه. بالتحريك جمعه أغلاق مثل سبب وأسباب وهو ما يمنع الداخل من الخروج والخارج من الدخول فلا يفتح إلا بالمفتاح (وقوله لا يحل) بضم المهملة (وكاء) بكسر الواو هو رباط السقاء. زاد مسلم فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرُض على إنائه عوداً ويذكر اسم الله فليفعل، يعرض بضم الراء أي يضعه عليه بعرضه، ويراد به أن التخمير يحصل بذلك وإن لم يوجد غيره. بضم الفاء وفتح الواو تصغير فاسقة والمراد بها الفأرة لخروجها من جحرها على الناس وإفسادها (وقوله تضرم) من الإضرام إيقاد النار وإشعالها يقال أضرم النار وضرمها واستضرمها إذا أوقدها كذا في القاموس، ولفظ البخاري فإن الفويسقة ربما جرت الفتيلة فأحرقت أهل البيت (تخريجه) (ق مذ. وغيرهم) وفي الباب أيضاً حديث عبد الله بن سرجس وتقدم في الجزء الأول رقم 99 ص 257. (باب) هيئة

115 - (عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا نام وضع يمينه تحت خده وقال اللهم قني عذابك يوم تجمع عبادك. 116 - (عن حذيفة بن اليمان) رضي الله عنه قال: كان يعني النبي صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده وقال: رب يعني قني عذابك يوم تجمع أو تبعث عبادك. 117 - (عن حفصة) زوج النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً مثله وفيه يوم تبعث عبادك ثلاثاً. 118 - (عن أبي اسحاق) عن أبي عبيدة ورجل عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن ينام توسد يمينه ويقول: اللهم قني عذابك يوم تجمع عبادك، قال: فقال أبو اسحاق وقال الآخر يوم تبعث عبادك. 119 - (عن يعيش بن طهفة الغِفاري) عن أبيه قال ضفت رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ الاضطجاع للنوم والنهي عن ضجعة أهل النار وغير ذلك. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجين بن المثنى ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله إلخ (غريبة). أي إذا أراد النوم أو المراد اضطجع لينام. يستحب أن يقول ذلك ثلاث مرات كما سيأتي في حديث حفصة (تخريجه) (جه) ورجاله ثقات. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عبد الملك عن ربعي عن حذيفة إلخ (غريبة). بقصر الهمزة أي أتى إلى فراشه لأجل النوم. أو للشك من الراوي يشك هل قال تبعث أو تجمع وتقدم في رواية ابن مسعود (تجمع) بغير شك وسيأتي في حديث حفصة (تبعث) بغير شك فأي الروايتين قال جاز له ذلك (تخريجه) (بن مذ) وقال الترمذي حسن صحيح اهـ (قلت) وصححه أيضاً الحافظ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا حماد بن سلمة عن عاصم بن أبي النجود عن سواء الخزاعي عن حفصة ابنة عمر زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أوى إلى فراشه وضع يده اليمنى تحت خده وقال: رب قني عذابك يوم تبعث عبادك ثلاثاً (تخريجه) (د مذ بن ش) وقال الترمذي حسن صحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن أبي اسحاق إلخ (غريبة). لم أقف على اسم هذا الرجل. معناه أن أبا إسحاق روى عن أبي عبيدة يوم تجمع عبادك وروى عن الرجل الآخر يوم تبعث عبادك (تخريجه) (د مذ) والنسائي في اليوم والليلة ورجاله رجال الصحيح. طهفة بطاء مهملة ثم هاء ثم فاء بوزن طلحة، وقيل بكسر الطاء والغفاري بكسر الغين المعجمة وتخفيف الفاء نسبة إلى غفار بن مليك بن ضمرة وهو ابن قيس الغفاري من أهل الصفة وقد اختلف في اسمه على أقوال: منها طهفة كما في هذه الرواية، ومنها طخفة بالخاء المعجمة بدل الهاء ورجحها البخاري وستأتي في الطريق الثانية للإمام أحمد وكذلك عند (د نس حب). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن يعيش بن طهفة الغفاري إلخ (غريبة). أي نزلت برسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفاً يقال ضفت الرجل إذا

فيمن تضيفه من المساكين فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في الليل يتعاهد ضيفه فرآني منبطحاً على بطني فركضني برجله وقال لا تضطجع هذه الضجعة فإنها ضجعة يبغضها الله عز وجل (وعنه من طريق ثان) قال أخبرني أنه ضاف رسول الله صلى الله عليه وسلم مع نفر قال فبتنا عنده فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل يطلع فرآه منبطحاً على وجهه فركضه برجله فأيقظه وقال هذه ضجعة أهل النار. 120 - (عن إبراهيم بن ميسرة) أنه سمع عمرو بن الشديد يقول بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على رجل وهو راقد على وجهه فقال هذا أبغض الرقاد إلى الله عز وجل. 121 - (عن أبي هريرة) رضي الله عنه مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل مضطجع

_ نزلت به في ضيافته وأضفته إذا أنزلته، وتضيفته إذا نزلت به وتضيفني إذا أنزلني. أي فيمن نزل به من الأضياف المساكين يعني أهل الصفة وكان طهفة أو طخفة منهم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد أن أطعمهم وسقاهم لبناً إن شئتم بتم وإن شئتم انطلقتم إلى المسجد، قال طخفة لا بل ننطلق إلى المسجد فذهبوا إلى المسجد ليناموا، فانبطح طخفة على بطنه ونام، وقد جاء هذا في المعنى في حديث طويل لطخفة سيأتي بطوله في باب اشتراك المسلمين وتعاونهم في قِري الأضياف إذا كثروا من باب الضيافة في كتاب البر والصلة. أي مستلقياً على بطني في المسجد (فركضني) أي ضربني برجله. الضجعة بكسر الضاد المعجمة وسكون الجيم. أي لأنها ضجعة أهل النار كما صرح بذلك في الطريق الثانية قال تعالى (يوم يسحبون في النار على وجوههم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا زهير يعني ابن محمد عن محمد بن عمرو بن حلحلة عن نعيم بن عبد الله عن ابن طخفة الغفاري قال أخبرني أبي إلخ. أي نزل به في ضيافته، ومنه حديث عائشة رضي الله عنها (ضافها ضيف فأمرت له بملحفة) الحديث تقدم في الجزء الأول في باب ما جاء في المني صحيفة (251) رقم 88 (تخريجه) (د نس جه) وسكت عنه أبو داود والمنذري وسنده جيد. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا زكريا ثنا إبراهيم بن ميسرة إلخ (وله طريق أخرى) عند الإمام أحمد أيضاً قال حدثني مكي بن إبراهيم ثنا ابن جريج قال أخبرني إبراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد بن سويد الثقفي الصحابي لأن أغلب رواية عمرو كانت عن والده المذكور والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وهو مرسل ورجاله رجال الصحيح، وأورد الطريق الثانية الحافظ الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وهو مرسل أيضاً. (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمر ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة إلخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وهو حسن الحديث

على بطنه فقال إن هذه الضجعة لا يحبها الله عز وجل. 122 - (عن ابن عمر) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوحدة أن يبيت الرجل وحده أو يسافر وحده. (باب ما يقرأ من القرآن عند النوم) 123 - (عن شداد بن أوس) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من رجل يأوي إلى فراشه فيقرأ سورة من كتاب الله عز وجل إلا بعث الله عز وجل ملكاً يحفظه من كل شيء يؤذيه حتى يهُبَّ متى هب. 124 - (عن عائشة رضي الله عنها) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتى إلى فراشه في كل ليلة جمع كفيه ثم نفث فيهما وقرأ فيهما قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم مسح بهما ما استطاع من جسده يبدأ بهما على رأسه ووجهه وما أقبل من جسده يفعل ذلك ثلاث مرات. 125 - (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينام حتى يقرأ ألم تنزيل السجدة وتبارك الذي بيده الملك. 126 - (عن العرباض بن سارية) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ وبقية رجاله رجال الصحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبيدة الحداد عن عاصم بن محمد عن أبيه عن ابن عمر إلخ (غريبة). الوحدة بفتح الواو الانفراد. أي منفرداً ليس معه أحد، ومثل الرجل المرأة بل هي أولى بذلك، وإنما نهي عن الانفراد لما فيه من الوحشة أو هجوم عدو أو لص أو مرض، فوجود الرفيق معه يدفع عنه طمع العدو واللص ويسعفه في المرض ومثل ذلك المسافر بل هو أشد احتياجاً إلى ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون ثنا أبو مسعود الجريري عن أبي علاء بن الشخير عن الحنظلي عن شداد بن أوس إلخ (غريبة). بضم الهاء من الهبّ وبابه نصر وزاد في رواية (من نومه) أي يستيقظ من نومه متى استيقظ (تخريجه) (مذ) وابن السني وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. (سنده (حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن غيلان قال ثنا الفضل قال حدثني عقيل بن خالد الإيلي عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة الحديث (غريبة). من النفث وهو إخراج الريح من الفم مع شيء من الريق (وقوله وقرأ فيهما) جاء في رواية البخاري (فقرأ فيهما) بالفاء التي تفيد التعقيب. أي يبدأ بالمسح بيديه على رأسه إلخ، قال في شرح المشكاة قوله يبدأ بيان لجملة مسح بهما ما استطاع من جسده. أي ثم ينتهي إلى ما أدبر من جسده قاله في شرح المشكاة (تخريجه) (خ. وعيره). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا حسن بن صالح عن ليث عن أبي الزبير عن جابر إلى (تخريجه) (مذ) ورجاله من رجال الصحيحين. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن عبد ربه ثنا بقية بن الوليد قال حدثني نجير بن سعد عن خالد بن سعدان عن ابن أبي بلال عن عرباض بن سارية أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ

كان يقرأ المسبحات قبل أن يرقد وقال إن فيهن آية أفضل من ألف آية. (باب ما يقال من الأذكار غير القرآنية عند النوم) 127 - (عن أبي هريرة) رضي الله عنه كان يقول يعني النبي صلى الله عليه وسلم إذا وضع جبينه يقول باسمك ربي وضعت جنبي فإن أمسكت نفسي فارحمها وإن أرسلتها فاحفظها بما تحفظ به عبادك الصالحين. 128 - (وعنه أيضاً) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا أوى إلى فراشه: اللهم رب السموات السبع رب الأرض ورب كل شيء فالق الحب والنوى، منزل التوراة والإنجيل والقرآن، أعوذ بك من شر كل ذي شر أنت آخذ بناصيته، أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت

_ (غريبه). بكسر الموحدة وهي السور التي افتتحت بلفظ التسبيح، قال النسائي قال معاوية يعني ابن صالح إن بعض أهل العلم كانوا يجعلون المسبحات ستا سورة الحديد، والحشر، والحواريين (يعني الصف) وسورة الجمعة، والتغابن وسبح اسم ربك الأعلى اهـ. أبهم الآية هنا كما أبهم ساعة الإجابة في يوم الجمعة وليلة القدر في العشر الأواخر من رمضان محافظة على قراءة الكل كما حوفظ بذينك على؛ ياء جميع يوم الجمعة والعشر الأواخر، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره الآية المشار إليها في الحديث هي والله أعلم قوله تعالى (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم) والظاهر أنه رحمه الله قال ذلك عن توقيف ولأنه لا دخل للاجتهاد في مثل هذا والله أعلم (تخريجه) (د نس مذ) وقال حديث حسن وحسنه أيضاً الحافظ. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا ابن عجلان وقرئ على سفيان عن سعيد عن أبي هريرة إلخ (غريبة). هذه الجملة وهي قوله (يعني النبي صلى الله عليه وسلم إذا وضع جنبه يقول) من تفسير سفيان أحد رجال السند. أي قبضت روحي في نومي فارحمها وفي رواية البخاري فاغفر لها. أي رددت الحياة لي وأيقظتني من النوم فاحفظها إشارة إلى قوله تعالى (الله يتوفى الأنفس حين موتها) وذكر الرحمة والمغفرة عند الموت والحفظ عند الإيقاظ لمناسبته له (تخريجه) (ق. وغيرهم) باختلاف في بعض الألفاظ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبة). تقدم أنه بقصر الهمزة ومعناه الاضطجاع للنوم. أي الذي يشق حب الطعام ونوى التمر ونحوهما للإنبات، والتخصيص لفضلهما أو لكثرة وجودهما في بلاد العرب. لم يذكر الزبور لأنه ليس فيه أحكام إنما هو مواعظ. معناه أعوذ بك من شر كل دابة مؤذية وفي قوله (أنت آخذ بناصيته) دلالة على أن قدرة الله عز وجل فوق قدرة كل مخلوق، وأن بطشه فوق كل ذي بطش. أي أنت القديم الذي لا ابتداء له (وأنت الآخر) أي الباقي بعد فناء خلقه لا انتهاء

الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء اقض عني الدين وأغنني من الفقر. 129 - (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال حين يأوي إلى فراشه، استغفر الله الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه ثلاث مرات غفر الله ذنوبه وإن كانت مثل زبد البحر، وإن كانت مثل رمل عالج، وإن كانت مثل عدد ورق الشجر. 130 - (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أوى إلى فراشه قال الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وكفانا وآوانا، وكم ممن لا كافي له ولا مؤوي. 131 - (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر

_ له ولا انقضاء لوجوده (وأنت الظاهر) أي الذي ظهر فوق كل شيء وعلا عليه. أي فليس فوق ظهورك شيء من الأشياء الظاهرة، وقيل ليس فوقك شيء أي لا يقهرك شيء (وأنت الباطن) يعني الذي حجب أبصار الخلائق عن إدراكه (فليس دونك شيء) أي لا يحجبه شيء عن إدراك مخلوقاته، قال القرطبي تضمن هذا الدعاء من أسمائه تعالى ما تضمنه قوله تعالى (هو الأول والآخر والظاهر والباطن) (تخريجه) (م. والأربعة وغيرهم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري إلخ (غريبة).هكذا الرواية عند الإمام أحمد والترمذي (استغفر الله الذي إلخ) وقد اشتهر على ألسنة الناس استغفر الله العظيم الذي إلخ، ولم أقف على أصل هذه الزيادة فليحرر. أي المتعلقة بحق الله عز وجل أو الذنوب مطلقاً إن قصد بذلك التوبة وعدم العود والعجز عن إرضاء أصحاب الحقوق فلا يبعد أن الله عز وجل يقبل توبته ويرضي خصومه من عنده وفضل الله واسع. بوزن نافع، قال: في مرآة الزمان عالج موضع بالشام رمله كثير. زاد الترمذي وإن كانت عدد أيام الدنيا (تخريجه) (مذ) وقال حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عطية عن أبي سعيد اهـ (قلت) الوصافي (بفتح الواو وتشديد المهملة وبعد الألف فاء) وشيخه ضعيفان. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس إلخ (غريبة).أي دفع عنا شر المؤذيات، أو كفى مهماتنا وقضى حاجاتنا فهو تعميم بعد تخصيص (وقوله وآوانا) بالمد على الأفصح لأنه متعد، ومعناه رزقنا مساكن وهيأ لنا المأوى (وقال النووي) معنى أوانا هنا أي جمعنا اهـ (وقوله كم ممن) جاء عند مسلم فكم بالفاء التي تفيد التعليل. بضم الميم وكسر الواو بينهما همزة ساكنة بصيغة الفاعل ولفظ له مقدر، والمعنى فكم من شخص لا يكفيهم الله شر الأشرار، بل تركهم وشرهم حتى غلب عليهم أعداؤهم ولا يهيئ لهم مأوى، بل تركهم يهيمون في البوادي ويتأذون بالحر والبرد كذا في المرقاة (تخريجه) (م د مذ نس). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي

رجلاً من الأنصار أن يقول إذا أخذ مضجعه اللهم أسلمت نفسي إليك، ووجهت وجهي إليك، وفوضت أمري إليك، وألجأت ظهري إليك، رغبة ورهبة إليك، لا ملجأ ولا منجا منك إلا إليك، آمنت بكتابك الذي أنزلت، وبنبيك الذي أرسلت، فإن مات مات على الفطرة. (وعنه من طريق ثان) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أويت إلى فراشك فتوضأ ونم على شقك الأيمن وقل اللهم أسلمت وجهي إليك فذكر الحديث المتقدم بلفظه إلا أنه قال فإن مت مت على الفطرة (وعن من طريق ثالث) مثل ما تقدم فذكره بإسناده ومعناه وقال وتوضأ وضوءك للصلاة وقال اجعلهن آخر ما تتكلم به، قال فرددتها على النبي صلى الله عليه وسلم فلما بلغت آمنت بكتابك الذي أنزلت، فقلت وبرسولك؟ قال: لا، وبنبيك الذي أرسلت (زاد في رواية أخرى) فإن مت من ليلتك مت على الفطرة، وإن أصبحت أصبحت وقد أصبت خيراً كثيراً. (وعنه من طريق رابع) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا اضطجع الرجل فتوسد

_ ثنا عفان ثنا شعبة عن أبي إسحاق قال سمعت البراء بن عازب إلخ (غريبة). أي استسلمت وجعلت نفسي منقادة لك طائعة لحكمك، قال العلماء الوجه والنفس هنا بمعنى الذات كلها: يقال سلم وأسلم واستسلم بمعنى. أي أسندته إلى حفظ لما علمت أنه لا سند يتقوى به إلا سواك ولا ينفع إلا حماك. أي طمعاً في ثوابك وخوفاً من عقابك (وقوله لا ملجأ ولا منجا إلخ) قال الحافظ ملجأ مهموز ومنجا مقصور، وقد يهمز منجا للازدواج، وقد يعكس أيضاً لذلك، ويجوز التنوين مع القصر اهـ والمعنى لا مهرب ولا ملاذ ولا مخلص من عقوبتك إلا برحمتك، وهذا معنى ما ورد أعوذ بك منك، أي أعوذ بمظاهر صفات جمالك ومعاني إكرامك من غاية صفات جلالك ومهاوي انتقامك. أي الأحلام. أي الإسلام. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبي يحيى بن آدم ثنا فضيل يعني ابن عياض عن منصور عن سعد عن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم إلخ. أي وضوءك للصلاة كما سيأتي في الطريق الثالثة. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن إسحاق أنا عبد الله بن مبارك أنا سفيان عن منصور عن سعد عن عبيدة فذكر بإسناده ومعناه إلخ. بتشديد المهملة الأولى مفتوحة وسكون الثانية أي كررها وأعادها للاستذكار أما النبي صلى الله عليه وسلم. جاء عند مسلم (قل آمنت بنبيك الذي أرسلت) وفي رده عليه الصلاة والسلام توجيهات للعلماء أوجبها إما أنه ذكر ودعاء فينبغي أن يقتصر على اللفظ الوارد بحروفه ويجوز أن يتعلق الجزاء بتلك الحروف، وإما أنه أوحي إليه صلى الله عليه وسلم بهذه الألفاظ ولا يجوز تغييرها وتبديلها والله أعلم. أي جعل الله لك ثواباً كثيراً باهتمامك بهذا الذكر ومتابعتك أمر الله ورسول الله صلى الله عليه وسلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عاصم أنا حصين ابن عبد الرحمن عن سعد بن عبيدة عن البراء بن عازب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا اضطجع الرجل إلخ

يمينه ثم قال اللهم إليك أسلمت نفسي (فذكر مثل ما تقدم وفيه) ومات على ذلك بني له بيت في الجنة أو بوِّئ له بيت في الجنة. 132 - (عن أبي إسحاق) عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا نام وضع يده على خده ثم قال اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك. 133 - (عن الوليد بن الوليد) أنه قال: يا رسول إني أجد وحشة، قال: فإذا أخذت مضجعك فقل أعوذ بكلمات الله التامات من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وأن يحضرون فإنه لا يضرك وبالتحري أن لا يقربك. 134 - (عن أب يعبد الرحمن الحبلي) قال أخرج لنا عبد الله بن عمرو بن العاص قرطاساً وقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا، يقول اللهم فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت رب كل شيء، وإله كل شيء، أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمداً عبدك ورسولك والملائكة يشهدون، أعوذ بك من الشيطان وشركه وأعوذ بك أن أقترف على نفسي إثماً أو أجره على مسلم، قال أبو عبد الرحمن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمه عبد الله بن عمرو أن يقول ذلك حين يريد أن ينام. 135 - (عن علي رضي الله عنه) أن فاطمة رضي الله عنها شكت إلى النبي أثر العجين في يديها فأتى النبي صلى الله عليه وسلم

_ يعني الطريق الأولى. بني بضم أوله وكذلك بوِّئ الآتي وكلاهما مبني للمفعول أي أعد الله له بيتاً في الجنة وأسكنه فيه، وأو للشك من الراوي والله أعلم (تخريجه) (ق. والأربعة، وغيرهم) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد. حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو داود الجعفري عن سفيان عن أبي إسحاق إلخ (تخريجه) (د نس مذ) وسنده جيد. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن الوليد بن الوليد إلخ (غريبة). بفتحات قال في النهاية أما همزه يعني الشيطان فالموتة (بضم الميم) قال والموتة الجنون، قال والهمز النخس والغمز: وكل شيء دفعته فقد غمزته اهـ (قلت) والمراد نزغاتهم بما يوسوسون. بفتح الحاء وكسر الراء أي الأجدر والأخلق والأولى أن لا يقربك شيطان (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن محمد بن يحيى بن حبان لم يسمع من الوليد بن الوليد. الحبلي بضم المهملة والموحدة اسمه عبد الله بن يزيد المعافري من التابعين التقاة مات سنة مائة بإفريقية. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا حيي (بضم أوله ويائين من تحت الأولى مفتوحة) أن أنا عبد الرحمن الحبلي حدثه قال أخرج لنا عبد الله ابن عمرو إلخ (غريبة). أي اكتسب ذنباً أو أدانيه وألاصقه. هو الحبلي راوي الحديث عن عبد الله بن عمرو (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده حسن اهـ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى ثنا علي رضي الله عنه إلخ (غريبة). عند البخاري وأبي داود

بسبى فأتته تسأله خادماً فلم تجده فرجعت، قال فأتانا وقد أخذنا مضاجعنا قال فذهبت لأقوم فقال مكانكما فجاء حتى جلس حتى وجدت برد قدميه: فقال أل أدلكما على ما هو خير لكما من خادم؟ إذا أخذتما مضجعكما سبحتما الله ثلاثاً وثلاثين وحمدتماه ثلاثاً وثلاثين وكبرتماه أربعاً وثلاثين. (وعنه أيضاً في حديث طويل) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهما تسبحان في دبر كل صلاة عشراً، وتحمدان عشراً وتكبران عشراً، وإذا أويتما إلى فراشكما فسبحا ثلاثاً وثلاثين إلخ. 136 - (عن ابن أعبد) قال: قال لي علي رضي الله عنه ألا أخبرك عني وعن فاطمة رضي الله عنها؟ كانت ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت من أكرم أهله عليه وكانت زوجتي، فجرّت بالرحى حتى أثر الرحى بيدها، وأسقت القرية بنحرها، وقيمت البيت حتى أغبرت ثيابها، وأوقدت تحت القدر حتى دنست ثيابها فأصابها من ذلك ضرر، فقُدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم سبي أو خدم، قال: فقلت لها انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأليه خادماً يقيك حر ما أنت فيه، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت عنده خدماً أو خداماً ولما تسأله فذكر الحديث

_ شكت ما تلقى في يدها من الرحى أي بسبب طحنها الشعير للخبز بنفسها وهو سبب آخر من أسباب الشكوى، وبقي أسباب أخرى سيأتي ذكرها في الحديث التالي. جاء عند البخاري وأبي داود (فذكرت ذلك لعائشة فلما جاء أخبرته، قال فجاءنا وقد أخذنا مضاجعنا) إلخ. أي جاء النبي صلى الله عليه وسلم حال كوننا مضطجعين (فذهبت لأقوم) يعني أنا وفاطمة وفي رواية أبي داود (فذهبنا لنقوم) فقال مكانكما أي اثبتا على ما أنتما عليه من الاضطجاع. لفظ أبي داود فجاء فقعد بيننا حتى وجدت برد قدميه على صدري، وفيه غاية التلطف على ابنته وصهره، وإذا جاءت الألفة رفعت الكلفة. أي خير لكما عند الله وأكثر ثواباً، وفي هذا تحريض على الصبر على مشقة الدنيا، وقد أحب النبي صلى الله عليه وسلم لابنته ما أحب لنفسه من إيثار الفقر وتحمل شدته بالصبر عليه تعظيماً لأجرها، لأن الذكر أكثر نفعاً لها في الآخرة من الخادم، والخادم يطلق على الذكر والأنثى. خصص التكبير بالزيادة إيماء إلى المبالغة في إثبات العظمة والكبرياء (تخريجه) (ق د نس. وغيرهم). سيأتي هذا الحديث بسنده وطوله وشرحه وتخريجه في باب زواج علي بفاطمة رضي الله عنهما في حوادث السنة الثانية من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني العباس بن الوليد النرسي ثنا عبد الواحد بز زياد ثنا سعيد الجريري عن أبي الورد عن ابن أعبد قال: قال لي علي بن أبي طالب رضي الله عنه: يا ابن أعبد، هل تدري ما حق الطعام؟ قال: قلت وما حقه يا ابن أبي طالب؟ قال: تقول بسم الله اللهم بارك فيما رزقتنا، قال: وتدري ما شكره إذا فرغت؟ قال: قلت وما شكره؟ قال: تقول الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا، ثم قال: ألا أخبرك عني وعن فاطمة إلخ (غريبة). أي كنسته، والقمامة الكناسة، والمِقَمّة المِكنَسة. أو للشك من الراوي يشك هل قال خدماً أو خداماً وكلاهما جمع

فقال ألا أدلك على ما هو خير لك من خادم؟ إذا أويت إلى فراشك سبحي الله ثلاثاً وثلاثين، واحمدي ثلاثاً وثلاثين، وكبري أربعاً وثلاثين، قال فأخرجت رأسها وقال رضيت عن الله ورسوله مرتين. 137 - (عن عبد الله بن الحارث) عن عبد الله بن عمر أنه أمر رجلا إذا أخذ مضجعه قال اللهم إنك خلقت نفسي وأنت توفاها، لك مماتها ومحياها، إن أحييتها فاحفظها، وإن أمتها فاغفر لها، اللهم أسألك العافية: فقال له رجل سمعت هذا من عمر؟ فقال من خير من عمر، من رسول الله صلى الله عليه وسلم. 138 - (وعن ابن عمر أيضاً) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا تبوأ مضجعه الحمد لله الذي كفاني وآواني وأطعمني وسقاني، والذي من علي وأفضل، والذي أعطاني فأجزل، الحمد لله على كل حال، اللهم رب كل شيء، وملك كل شيء، وإله كل شيء، ولك كل شيء أعوذ بك من النار. (باب ما يقال عند النوم خشية الفزع فيه والأرق والوحشة) 139 - (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلك يعلمنا كلمات يقولهن عند النوم من الفزع بسم الله، أعوذ بكلمات الله التامة من غضبه وعقابه وشر عباده ومن همزات الشياطين وإن يحضرون، قال فكان عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) يعلمها

_ خادم (وقوله لم تسأله) أي لأنها لم تجده كما مر في الحديث السابق (وقوله فذكر الحديث) هكذا بالأصل، ولعله يشير إلى ذهاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى علي وفاطمة بمنزلهما وما جرى بينه وبينهما كما في الحديث السابق. أي من تحت الغطاء (وقولها رضيت عن الله ورسوله) أي رضيت بما رضي به الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وكررت ذلك مرتين تأكيداً للرضا والامتثال رضي الله عنها (تخريجه) (د. وغيره) وسنده حسن. (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبي محمد بن جعفر ثنا شعبة عن خالد ثنا عبد الله بن الحارث إلخ (غريبة). أي بيدك حياتها وموتها. في الحديث ذكر الموت والحياة والدعاء للنفس على تقدير الحياة بالحفظ وعلى تقدير الموت بالمغفرة، وذلك أن النوم شبيه بالموت لأن الله تعالى يتوفي فيه نفس النائم كما قال تعالى في كتابه العزيز (الله يتوفى الأنفس حين موتها) فناسبه ذكر المجيء بهذا الدعاء على التقديرين (تخريجه) (م نس). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا أبي حسين يعني المعلم عن ابن بريدة حدثني ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبة). أي دفع عني كل شر مؤذ من خلقه (وآواني) بمد الهمزة أي ردني إلى مأوى وهو المنزل الذي أسكن فيه يقيني الحر والبرد وأحرز فيه متاعي وأحجب به عيالي (تخريجه) (نس د) وأخرجه أيضاً أب عوانة وابن حبان في صحيحهما وسنده جيد. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد بن إسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إلخ (غريبة). الفزع بالتحريك الخوف، وبابه تعب والمراد هنا أن من ينتبه من نومه فزعاً خائفاً فليقل بسم الله إلى آخره ----- (*) جاء في الأصل عن أبي بريدة أبي بدل ابن، وهو خطأ وصوابه ما ذكرنا واسمه عبد الله بن بريدة بن الخصيب

من بلغ من ولده أن يقولها عند نومه، ومن كان منهم صغيراً لا يعقل أن يحفظها كتبها له فعلقها في عنقه. (باب ما يقول ويفعل من قام من الليل لحاجة وما يقال عند الانتباه من النوم أثناء الليل وعند التيقظ منه في آخره) 140 - (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى أحدكم فراشه (وفي لفظ إذا قام أحدكم من الليل ثم رجع إلى فراشه) فلينزع داخلة إزاره ثم لينفض بها فراشه فإنه لا يدري ما حدث عليه بعده، ثم ليضطجع على جنبه الأيمن ثم ليقل باسمك ربي وضعت جنبي وبك أرفعه، إن أمسكت نفسي فارحمها، وإن أرسلتها فاحفظها بما حفظت به عبادك الصالحين. 141 - (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من تعار من الليل فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، سبحان الله والحمد لله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله، ثم قال رب اغفر لي أو قال ثم دعا استُجيب له: فإن عزم فتوضأ تُقبُلت صلاته. 142 - (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال يعقد الشيطان

_ (1) استدل بهذا الحديث القائلون بجواز تعليق التمائم إذا كانت من ذكر الله للتبرك، وذهب آخرون إلى المنع وقالوا إن فعل هذا صحابي لا يحتج به، وسيأتي الكلام على ذلك في أبواب الرقى والتمائم من كتاب الطب إن شاء الله تعالى (تخريجه) (د نس مذ) وقال حديث حسن غريب اهـ وأخرجه أيضاً الحاكم وقال صحيح الإسناد (قلت) سقط هذا الحديث من تلخيص المستدرك المذهبي. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد الأموي قال ثنا عبيد الله بن عمرو بن حفص بن عاصم عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (غريبة). بكسر الزاي وفي رواية لمسلم (فليحل داخلة إزاره) والمراد بداخلة الإزار طرفه الذي يلي الجسد، قال الإمام مالك رحمه الله داخلة الإزار ما يلي الجسد منه (قال النووي) والمعنى أنه يستحب أن ينفض فراشه قبل أن يدخل فيه لئلا يحصل في يده مكروه وإن كان هناك. يعني بعد مفارقة فراشه من وجود شيء كهوام أو تراب أو نحو ذلك وهذه عند غيره، وهو قوله (وإذا استيقظ فليقل الحمد لله الذي عافاني في جسدي ورد إلي روحي) (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي حدثني عمير بن هانئ العفسي حدثني جنادة بن أبي أمية قال حدثني عبادة بن الصامت إلخ (غريبة). بفتح التاء الفوقية وتشديد الراء، قال أكثر أهل اللغة التعار اليقظة مع صوت، وقال ابن التين ظاهر الحديث أن معنى تعارّ استيقظ لأنه قال (من تعار فقال) فعطف القول على التعار اهـ (تخريجه) (خ والأربعة). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج

على قافية (1) رأس أحدكم ثلاث عقد بكل عقدة يضرب عليك ليلا طويلا فارقد، وقال مرة يضرب عليه بكل عقدة ليلا طويلا، وقال إذا استيقظ فذك الله عز وجل انحلت عقدة، فإذا توضأ انحلت عقدتان، فإذا صلى انحلت العقد وأصبح طيب النفس نشيطاً، وإلا أصبح خبيث النفس كسلان. 143 - (عن جابر) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من ذكر ولا أنثى إلا وعلى رأسه جرير معقود ثلاث عقد حين يرقد، فإذا استيقظ فذكر الله تعالى انحلت عقدة، فإذا قام فتوضأ انحلت عقدة، فإذا قام إلى الصلاة انحلت عقده كلها. 144 - (عن البراء بن عازب) رضي الله عنه أن النبي كان إذا استيقظ قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور، قال شعبة هذا أو نحو هذا المعنى، وإذا قام قال اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت

_ عن أبي هريرة إلخ (غريبة). أي مؤخر عنقه وقافية كل شيء مؤخره، وفي النهاية القافية القفا وقيل مؤخر الرأس، وقيل وسطه، وظاهر قوله أحدكم التعميم في المخاطبين ومن في معناهم، ويمكن أن يخص منه من ورد في حقه أنه معصوم من الشيطان كالأنبياء، ومن تناوله قوله تعالى (إن عبادي ليس لك عليهم سلطان) وكمن قرأ آية الكرسي عند نومه: فقد ثبت أنه يحفظ من الشيطان حتى يصبح؛ قاله الحافظ. بكل عقدة متعلق بيضرب أي يضرب بكل عقدة كما جاء في الرواية الثانية (وقوله ليلا طويلا) هكذا بالأصل ليلا طويلا بالنصب: وكذا عند مسلم أيضاً، قال النووي هكذا هو في معظم نسخ بلادنا بصحيح مسلم: وكذا نقله القاضي من وراية الأكثرين (عليك ليلا طويلا) بالنصب على الإغراء ورواه بعضهم (عليك ليل طويل) بالرفع أي بقي عليك ليل طويل، واختلف العلماء في هذه العقد فقيل يحتمل أن يكون فعلا يفعله الشيطان كفعل النفاثات في العقد، وقيل هو مجاز كنيّ به عن تثبيط الشيطان عن قيام الليل والله أعلم. في رواية البخاري (يضرب على كل عقدة) أي يضرب بيده على العقدة تأكيداً أو إحكاماً لها قائلاً ذلك، وقيل معنى يضرب يحجب الحس عن النائم حتى لا يستيقظ ومنه قوله تعالى (فضربنا على آذانهم) أي حجبنا الحس أن يلج في آذانهم فينتبهوا والله أعلم. انحلال هذه العقد إنما حصل ببركة الذكر (أيّ ذكر) والوضوء والصلاة، وفيه الحث على ذكر الله عز وجل عند الاستيقاظ والتحريض على الوضوء حينئذ وعلى الصلاة (تخريجه) (ق. وغيرهما). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر إلخ (غريبة). الجرير بالجيم بوزن حرير حبل من أدّم أي جلد نحو الزمام، ويطلق على غيره من الحبال (وقوله معقود ثلاث عقد) أي يعقدها الشيطان كما تقدم في الحديث السابق (تخريجه) (خز حب) وسنده جيد. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج أنا شعبة عن عبد الله بن أبي السفر قال سمعت أبا بكر بن أبي موسى يحدث عن البراء أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا استيقظ إلخ (غريبة). جعل النوم موتاً لكونه شبيهاً به من حيث عدم الإحساس وفقد الإدراك (وإليه النشور) أي البعث

145 - (عن أبي ذر رضي الله عنه) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه من الليل قال باسمك اللهم نموت ونحيا، وإذا استيقظ قال الحمد لله الذي أحيانا بعد ما أماتنا وإليه النشور. 146 - (عن حذيفة بن اليمان) رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم قَمِناً أن يقول إذا أخذ مضجعه من الليل وضع يده اليمنى تحت خده ثم يقول اللهم باسمك أحيا وباسمك أموت، فإذا استيقظ من الليل قال الحمد لله الذي أحياني بعد ما أماتني وإليه النشور. (أبواب الأذكار تقال في أحوال شتى) (باب ما يقال لدخول المنزل والخروج منه وفي السوق وعند انفضاض المجلس) 147 - (عن أبي الزبير) أنه سأل جابراً أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا دخل الرجل بيته فليذكر اسم الله حين يدخل وحين يطعم قال الشيطان لا مبيت لكم ولا عشاء ها هنا، وإذا دخل فلم يذكر اسم الله عند دخوله قال أدركتم المبيت، وإن لم يذكر اسم الله عند مطعمه قال أدركتم المبيت والعشاء؟ قال نعم. 148 (عن أم سلمة) رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا خرج من بيته قال بسم الله توكلت على الله، اللهم إني أعوذ بك من أن نزل أو نضل أو نَظلِم أو نُظلَم أو نَجهل أو يُجهل علينا

_ يوم القيامة بعد الموت الحقيقي (تخريجه) (م. وغيره). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا شيبان ثنا منصور عن ربعي عن خرشة بن الحر عن أبي ذر إلخ (غريبة). أي بإرادتك وقدرتك (تخريجه) (ج وغيره). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا شريك بن عبد الملك بن عمير عن ربعي عن حراش عن حذيفة بن اليمان إلخ (غريبة). أي خليقاً وجديراً بالذكر أن يقول إلخ (تخريجه) (خ د نس مذ). (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا موسى ثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير أنه سأل جابراً (يعني ابن عبد الله) أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا دخل الرجل بيته يسلم، والمؤمن يأكل في معي واحد؟ قال: نعم، قال وسألت جابراً أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا دخل الرجل بيته إلخ (غريبة). أي كان يقول بسم الله أو نحوه من أسماء الله عز وجل. يعني لإخوانه وأعوانه ورفقته، قال النووي في الخبر استحباب ذكر الله تعالى عند دخول البيت وعند الطعام (تخريجه) (م د نس جه حب). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا سفيان عن منصور عن الشعبي عن أم سلمة إلخ (غريبة). بفتح أوله وكسر ثانيه أي من زلة القدم كناية عن وقوع الذنب من غير قصد (أو نضل) من الضلالة وهي عدم الاهتداء إلى الصراط المستقيم (أو نظلم) بفتح أوله وكسر اللام بينهما ظاء معجمة ساكنة أي نعتدي على الناس بغير حق (أو نظلم) بضم أوله وفتح اللام أي يفعل بنا ذلك (أو نجهل) أوه نون مفتوحة أي نفعل فعل الجهال من الإضرار أو الإيذاء (أو يجهل علينا) بضم الياء التحتية أي يفعل الناس بنا ذلك

149 - (عن عثمان بن عفان) رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يخرج من بيته يريد سفراً أو غيره فقال حين يخرج بسم الله آمنت بالله اعتصمت بالله توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله إلا رزق خير ذلك المخرج وصرف عنه شر ذلك المخرج. 150 - (عن عمر) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من قال في سوق لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، بيده الخير يحيي ويميت وهو على كل شيء قدير كتب الله له بها ألف ألف حسنة ومحي عنه بها ألف ألف سيئة وبني له بيتاً في الجنة. 151 - (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كفارة المجالس أن يقول العبد سبحانك اللهم وبحمدك أستغفرك وأتوب إليك

_ (تخريجه) (الأربعة وغيرهم) وقال الترمذي حسن صحيح. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا أبو جعفر الرازي عن عبد العزيز بن عمر عن صالح بن كيسان عن رجل عن عثمان بن عفان إلخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث عثمان، وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا حماد بن زيد عن عمرو بن دينار مولى أبي الزبير عن سالم عن أبيه عن عمر إلخ (غريبة). في رواية لصاحب المصابيح في شرح السنة بلفظ (من قال في سوق جامع يباع فيه) فزاد لفظ جامع يباع فيه، قال وهذه الرواية طلب ذلك وهو الأقرب، لأن حكمة ترتب هذا الثواب العظيم على هذا الذكر اليسير أنه ذاكر لله تعالى في الغافلين فهو بمنزلة المجاهد مع الغازين، وظاهر الحديث حصول الثواب لقائل هذا الذكر سراً أو جهراً، والأفضل الجهر به لأنه فيه تذكير للقائلين حتى يقولوا مثل قوله، ففيه القول والنفع المتعدي لاسيما وقد ورد في بعض الروايات تقييده بالجهر، قال بعض العلماء وإنما خص السوق بالذكر لأنه مكان الاشتغال عن الله تعالى وعن ذكره بالتجارة والبيع والشراء: فمن ذكر الله تعالى فيه دخل في زمرة من قيل فيهم (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله) وورد أن الأسواق محل الشياطين فيستحب طردهم منها بذكر الله عز وجل. جاء عند الترمذي بعد قوله له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير في رواية الترمذي (ورفع له ألف ألف درجة) بدل وبني له بيتاً في الجنة (تخريجه) (مذ) وقال حديث غريب، وأورده المنذري وقال إسناده حسن متصل ورواته ثقات أثبات، قال ورواه أيضاً ابن ماجه وابن أبي الدنيا والحاكم وصححه: كلهم من رواية عمرو بن الزبير قهرمان آل الزبير عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن جده، ورواه الحاكم أيضاً من حديث ابن عمر مرفوعاً وقال صحيح الإسناد كذا قال: وفي إسناده مرزوق بن المرزبان قال أبو حاتم ليس بالقوي ووثقه غيره اهـ. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم حدثنا إسماعيل ابن عياش عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة إلخ (غريبة). يعني إذا حصل فيها غيبة أو نميمة أو هذيان وضجة (وقوله أن يقول العبد) يعني قبيل انصرافه من المجلس سبحانك اللهم إلخ

(باب ما يقول من استجد ثوباً) 152 - (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوباً سماه باسمه قميصاً أو عمامة ثم يقول اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له. (باب ما يقال عند نزول المطر وسماع الرعد والصواعق ورؤية الهلال) 153 - (عن عائشة) رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئاً من أفق من آفاق السماء ترك عمله وإن كان في صلاته ثم يقول اللهم إني أعوذ بك من شر ما فيه، فإن كشف الله حمد الله، وإن مطرت قال اللهم صيباً نافعاً (وعنها من طريق ثان) أن رسول الله

_ فببركة هذا الذكر يغفر الله له ما كان في مجلسه، ولفظه عند الترمذي (عن أبي هريرة) قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من جلس في مجلس فكثر فيه لغطه فقال قبل أن يقوم من مجلسه ذلك سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في مجلسه ذلك (تخريجه) (د حب والثلاثة) وقال الترمذي حسن صحيح غريب من هذا الوجه اهـ (قلت) وله شواهد منها عن عائشة وأبي برزة وغيرهما. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن الوليد قال ثنا ابن مبارك عن أبي سعيد الجريري عن أبي سعيد الخدري إلخ (غريبة). معناه أن يقول اللهم لك الحمد أنت كسوتني هذا القميص أو هذه العمامة أو نحو ذلك، ثم يقول أسألك من خيره إلخ. زاد أبو داود في هذا الحديث قال أبو نضرة فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لبس أحدهم ثوباً جديداً قيل له تُبِلى ويُخلف الله (تخريجه) (د نس مذ ك حب) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وابن حبان. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن المقدام ابن شريح عن أبيه عن عائشة إلخ (غريبة). أي سحاباً لم يتكامل اجتماعه مقبلاً من أفق من الآفاق كما صرح بذلك في رواية ابن ماجه، والأفق بضمتين الناحية من الأرض ومن السماء (ترك عمله) أي لاهتمامه بأمر ذلك السحاب خوفاً من أن يكون رسول عذاب كما أرسل إلى قوم هود قال تعالى (فلما رأوه عارضاًً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض مطرنا، بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم، تدمر كل شيء بأمر ربها فأصبحوا لا يُرى إلا مساكنهم). أي وإن كان العمل صلاة، ومعنى تركها والله أعلم عدم الإتيان بغيرها بعد فراغه منها، فإن كانت فرضاً أتمها ولا يتنفل بعدها، وإن كانت نفلاً سلم من ركعتين ولم يأت بنفل آخر حتى يطمئن. يعني إن أزال الله السحاب حمد الله لأنه لم يحصل منه ضرر (وإن مطرت قال اللهم صيباً نافعاً) الصيب بفتح أوله وتشديد التحتية مكسورة، هو ما سال من المطر من صاب إذا نزل قاله ابن عباس (وقوله نافعاً) صفة للصيب ليخرج بذلك الصيب الضار وجاء في بعض الروايات (اللهم سيباً) بالسين المهملة المفتوحة وسكون التحتية من سبب إذا جرى أي مطراً جارياً على وجه الأرض من كثرته. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد عن عبد ربه

صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى المطر قال اللهم اجعله صيباً هنيئاً. 154 - (عن سالم عن أبيه) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك. 155 - (عن بلال بن يحيى) بن طلحة بن عبيد الله عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى الهلال قال اللهم أهِله علينا باليُمن والإيمان والسلامة والإسلام ربي وربك الله. 156 - (عن عبادة بن الصامت) رضي الله عنه قال كان رسول الله

_ قال ثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن نافع عن القاسم بن محمد عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ. أي من غير تعب: وكل أمر يأتيك من غير تعب فهو هنيء (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (نس فع جه) لكن بلفظ سيباً بالسين المهملة بدل صيباً وتقدم ضبطها وتفسيرها، وعند الشافعي بلفظ اللهم سقياً نافعاً: وأخرج الطريق الثانية منه البخاري إلا أنه قال صيباً نافعاً بدل هنيئاً، وللإمام أحمد مثله وتقدم في آخر أبواب الاستسقاء وظاهره أن يقول ذلك مرة واحدة، لكن جاء عند ابن أبي شيبة بلفظ (اللهم سيباً نافعاً مرتين أو ثلاثاً، فأفاد أنه لا بد من التكرار: وينبغي أن يقوله ثلاثاً عملاً بالأكثر والله أعلم. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا الحجاج حدثني أبو مطر عن سالم عن أبيه إلخ (غريبة). 'نما دعا النبي بذلك لأن الرعد والصواعق قد تكون عذاباً لأهل الأرض، فقد روي عن عبد الله بن الزبير أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ويقول إن هذا الوعيد شديد لأهل الأرض رواه (لك) والبخاري في كتاب الأدب ولقوله تعالى (ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء إلخ الآية) قال الحافظ بن كثير أي يرسلها نقمة ينتقم بها ممن يشاء ولهذا تكثر في آخر الزمان اهـ، وقال البغوي قال محمد بن علي الباقر الصاعقة تصيب المسلم وغير المسلم ولا تصيب الذاكر. معناه وعافانا من البلايا والخطايا المقتضية للعذاب والغضب قبل وقوع ما ينتظر: والمراد بالدعاء بأن لا يقع شيء من ذلك (تخريجه) (مذ ك) والبخاري في الأدب وحسنه الحافظ العراقي وصححه الحاكم وأقره الذهبي. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا سليمان بن سفيان المدائني حدثني بلال بن يحيى إلخ (غريبة). بفتح الهمزة وكسر الهاء وتشديد اللام مفتوحة دعاء بصيغة الأمر من الإهلال ويقال أهِل الهلال واستهل إذا رؤى: وأهله الله أطلعه؛ وأصل الإهلال رفع الصوت لأنهم كانوا إذا رأوا الهلال رفعوا أصواتهم بالتكبير، ومنه الإهلال بالإحرام رفع الصوت بالتلبية. قال الحكيم الترمذي اليًمن السعادة، والإيمان الطمأنينة بالله كأنه يسأل دوامهما، والسلامة والإسلام أن يدوم الإسلام ويسلم له شهره فإن لله تعالى في كل شهر حكمة وقضاءً وشأناً في الملكوت اهـ وفي قوله (ربي وربك الله) الرد على من كان يسجد للقمرين من دون الله من أهل الجاهلية (تخريجه) (مي مذ) وقال حديث حسن غريب وأخرجه أيضاً (حب) في صحيحه وزاد بعد قوله والإسلام قوله (والتوفيق لما تحب وترضى) وحسّن الحافظ حديث الباب. (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو بكر

صلى الله عليه وسلم إذا رأى الهلال قال الله أكبر الحمد لله، لا حول ولا قوة إلا بالله، اللهم إني أسألك خير هذا الشهر، وأعوذ بك من شر القدر ومن سوء الحشر. (باب ما يقال عند صياح الديكة ونُهاق الحمار ونِباح الكلاب) 157 - (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا سمعتم صياح الديكة من الليل فإنما رأت ملكاً سلوا الله من فضله، وإذا سمعتم نُهاق الحمار فلعله رأى شيطاناً فتعوذوا بالله من الشيطان. 158 - (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي لفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول): إذا سمعتم نباح الكلاب ونهاق الحمير من الليل فتعوذوا بالله، فإنها ترى ما لا ترون؛ وأفلوا الخروج إذا هدأت الرجل فإن الله سبحانه وتعالى يبُث في ليله من خلقه ما شاء،

_ ابن أبي شيبة ثنا محمد بن بشير ثنا عبد العزيز بن عمر حدثني من لا أتهم من أهل الشام عن عبادة بن الصامت إلخ (غريبة). بفتح القاف والدال المهملة وهو ما يقدره الله عز وجل على عباده (وقوله من سوء الحشر) بفتح الحاء المهملة وسكون الشين المعجمة وهو اجتماع الناس في مكان واحد يوم القيامة، وفي بعض الروايات (ومن سوء يوم المحشر) أي موضع الحشر بمعنى المحشور أي المجموع فيه الناس، ولا شر ولا خير أعظم من يوم المحشر، كيف وهو يوم الفزع الأكبر (تخريجه) (طب) وقال الحافظ العراقي رواه عنه (يعني عن عبادة بن الصامت) أيضاً أن ابن أبي شيبة وأحمد في مسنديهما وفيه من لم يسم، بل قال الراوي حدثني من لا أتهم اهـ وقال الحافظ غريب ورجاله موثقون إلا من لم يسم. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا ليث عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة إلخ (غريبة). الديكة (كنية) جمع ديك وهو ذكر الدجاج. قال القاضي عياض كأن السبب فيه رجاء تأمين الملائكة على دعائه واستغفارهم له وشهادتهم له بالإخلاص اهـ، قال القاضي عياض وفائدة الأمر بالتعوذ لما يخشى من شر الشيطان الرجيم (تخريجه) (ق د مذ. وغيرهم). (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي عن محمد بن إسحاق ح ويزيد قال أنا محمد بن إسحاق المعني عن محمد بن إبراهيم عن عطاء بن يسار عن جابر بن عبد الله إلخ (غريبة). نباح الكلاب بضم النون وكسرها صياحها (ونهاق الحمير) بضم النون أي صوته، والحمير بفتح الحاء المهملة جمع حمار بكسرها. خصه بالليل لأن انتشار الشياطين والجن فيه أكثر، وكثرة فسادهم فيه أظهر؛ فهو بذلك أجدر وإن كان النهار كذلك في طلب التعوذ. معناه أن الكلاب والحمير بل وسائر البهائم ترى من الجن والشياطين ما لا يراه بنو آدم (وقوله وأفلوا الخروج) يعني من المنازل (إذا هدأت) بالتحريك أي سكنت في القاموس هدأ كمنع سكن (والرجل) بكسر فسكون أي سكن الخلق عن المشي بأرجلهم في الطريق. أي يغرق وينشر في ليله من خلقه ما شاء من إنس وجن وشياطين وهوام وغيرها، فمن أكثر الخروج

وأجيفوا الأبواب واذكروا اسم الله عليها فإن الشيطان لا يفتح باباً أجيف وذكر اسم الله عليه وأوكثوا الأسقية (وفي رواية القِرَب) وغطوا الجرار وأكفئوا الآنية. (أبواب أذكار تقال لما يهم الإنسان من عوارض وآفات) (باب ما يقال لدفع كيد الشياطين وتمردهم على الإنسان وعبثهم به) 159 - (عن أبي التياح) قال سأل رجل عبد الرحمن بن خَنْبِش كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين كادته الشياطين؟ قال جاءت الشياطين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأودية وتحدرت عليه من الجبال وفيهم شيطان معه شعلة من نار يريد أن يحرق بها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فرعب: قال جعفر أحسبه قال جعل يتأخر، قال وجاء جبريل عليه السلام، فقال يا محمد قل: قال فما أقول؟ قال قل أعوذ بكلمات الله التامات التي لا يجاوزهن بر ولا فاجر من شر ما خلق وذرأ وبرأ ومن شر ما ينزل من

_ حين ذاك لغير غرض شرعي أوشك أن يحصل له أذى لمخالفته للمشروع. أي أغلقوها (وقوله أجيف) بضم الهمزة يعني أغلق، ومعناه أنهم لم يؤذن لهم في ذلك من قِبَل خالقهم. جمع قربة وهو وعاء الماء من جلد، أي اربطوا فمها لئلا يدب عليها شيء أو تتنجس (تخريجه) (د حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، ورواه أيضاً البخاري في الأدب المفرد، وقال البغوي حديث حسن. (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا جعفر بن سليمان ثنا أبو النياح إلخ (غريبة). الرجل المبهم هنا هو أبو النياح نفسه راوي الحديث عن عبد الرحمن المذكور كما صرح بذلك في الطريق الثانية حيث قال: قلت لعبد الرحمن بن خنبش إلخ، وخنبش (بوزن جعفر) ضبطه الحافظ في الإصابة بمعجمة ثم نون ثم موحدة التميمي قال ابن حبان له صحبة. الظاهر أن ذلك كان في الليلة التي جاءوا فيها بعد استماع جن نصيبين للقرآن، قال ابن عباس وكانوا سبعة من جن نصيبين فجعلهم رسول الله صلى الله عليه وسلم رسلاً إلى قومهم وقد جاء ذلك في كتاب الله عز وجل قال تعالى (وإذا صرفنا إليك نفراً من الجن يستمعون القرآن - إلى قوله - ويُجِركُم من عذاب أليم) قال ابن عباس فاستجاب لهم من قومهم سبعون رجلاً من الجن فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافوه بالبطحاء فقرأ عليهم القرآن وأمرهم ونهاهم، ذكره البغوي (قلت) فيحتمل أن هذا العفريت حضر معهم وكان من شياطينهم ليكيد للنبي صلى الله عليه وسلم كما كان يفعل المنافقون من الإنس فحفظه الله منه، فقد روى البيهقي في الأسماء والصفات من طريق داود بن عبد الرحمن عن يحيى بن سعيد قال: سمعت رجلاً من أهل الشام يحدث عن ابن مسعود قال: لما كان ليلة الجن أقبل عفريت في يده شعلة فذكره اهـ. قيل هي صفاته تعالى القائمة بذاته، وقيل العلم لأنه أعم الصفات، وقيل القرآن، وقيل جميع ما أنزله الله عز وجل على أنبيائه لأن الجمع المضاف إلى المعارف يعم (والتامات) يعني الكاملة فلا يدخلها نقص ولا عيب، وقيل النافعة

-261 - ما يقال لدفع ضرر كل شيء- وما يقول من خاف رجلا أو قوما ----- السماء (1) ومن شر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض ومن شر ما يخرج منها ومن شر فتن الليل والنهار ومن شر كل طارق إلا طارقا يطرق بخير يا رحمن، فطفئت نار الشياطين وهزمهم الله عز وجل (عنه من طريق ثان) قال قلت لعبد الرحمن بن خنبش التميمي وكان كبيرا أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم، قلت كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة كادته الشياطين؟ فقال إن الشياطين تحدرت تلك الليلة على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأودية فذكر نحو الحديث المتقدم (باب ما يقال لدفع ضرر كل شيء -وما يقول من خاف رجلا أو قوما) (عن أبان بن عثمان) عن أبيه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم لم يضره شيء (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا

_ (وقوله التي لا يجاوزهن الخ) أي لا يتعداهن (بر) بفتح الموحدة أي التقى (ولا فاجر) أي مائل عن الحق، والمعنى لا ينتهي علم أحد إلى ما يزيد عليها، وهذا يشمل كل شيء خلقه الله (وذرأ) يقال ذرأ الله الخلق يذرؤهم إذا خلقهم، وكأن الذرء مختص يخلف الذرية (وبرأ) أي خلق الخلق لا عن مثال سبق، ولهذه اللفظة من الاختصاص بخلق الحيوان ما ليس لها بغيره من المخلوقات، وقلما تستعمل فيس غير الحيوان، فيقال برأ الله النسمة وخلق السموات والأرض (نه) أي من العقوبات كالصواعق (ومن شر ما يعرج فيها) مما يوجب وهو الأعمال السيئة أي ومن شر ما خلق في الأرض على ظهرها (ومن شر ما يخرج منها) أي ما خلقه في بطنها من الهوام ونحوها أي الواقعة فيهما وهو من الإضافة إلى الظرف الطارق ما جاءك ليلا، ويؤيده ما جاء في بعض الروايات (ومن طوارق الليل) أي حوادثه التي تأتي ليلا، وإطلاقه على الآتي بالنهار على سبيل الإتباع (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سيار بن حاتم أبو سلمة العنزي قال ثنا جعفر يعني ابن سليمان قال ثنا أبو التياح قال قلت لعبد الرحمن الخ (تخريجه) قال الحافظ في الإصابة أخرجه أبو زراعة الرازي فيمن اسمه عبد الرحمن، وأحمد من طريقي عفان وسيار بن حاتم اهـ باختصار (قلت) وأخرجه أيضا (بز ش) وسنده جيد (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبيدة بن أبي قرة ثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن أبان بن عثمان عن أبيه الخ (غريبة) هو عثمان بن عفان رضي الله عنه زاد في رواية عند الأربعة وعبد الله بن الإمام أحمد وتقدمت في باب ما يقال في الصباح والمساء لفظ (ثلاث مرات) وهنا أطلق فيحمل المطلق على المقيد، لا سيما وكلما تكرر الذكر كان أفضل أي من وقت قوله ذلك الذكر إلى آخر النهار إن كان قاله نهارا، ومن وقت قوله إلى آخر الليل إن كان قاله ليلا، أخذا من الرواية المشار إليها فقد صرح فيها بأن من قاله ثلاث مرات نهارا لم تفجأه فاجئه بلاء حتى الليل: ومن قاله حين يمسي لم تفجأه فاجئه بلاء حتى يصبح إن شاء الله (تخريجه) (حب ك والأربعة) وقال الترمذي حسن غريب صحيح، وصححه ابن حبان والحاكم (سنده) حدثنا عبد الله

- 262 - ما يقال لتفريج الهم والكرب والغم ----- خاف من رجل أو من قوم قال اللهم إني أجعلك (وفي لفظ أنا جاعلك) في نحورهم ونعوذ بك من شرورهم (باب ما يقال لتفريج الهم والكرب والغم- وما يقول من غلبه أمر) (عن أسماء بنت عميس) رضي الله عنها قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم كلمات أقولها عند الكرب: الله ربي لا أشرك به شيئا (عن أبي بكرة) رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم دعوات المكروب اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين أصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت (عن علي) رضي الله عنه قال علمني (وفي لفظ لقنني) رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل بي كرب (زاد في رواية أو شدة) أن أقول لا اله إلا الله الحليم الكريم (وفي لفظ الحكيم بدل الحليم) سبحان الله وتبارك الله رب العرش العظيم والحمد لله رب العالمين (عن عبد الله) (يعني ابن مسعود رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أصاب أحد قط هم وحزن فقال اللهم إني عبدتك أبن عبدك ابن أمتك ناصيتي بيدك ماض فيا حكمك عدل

_ حدثني أبي ثنا سليمان بن داود قال أنا عمران عن قتادة عن أبي بردة عن أي موسى الخ (غريبة) أي نجعلك حائلا بيننا ودافعا عنا: فهو كناية عن الاستعانة بالله في دفعهم إذ لا حول ولبا قوة إلا به سبحانه، وأصله جعلت فلانا في نحر العدو أي مقابلته ليحول بيني وبينه ويدفعه عني، وخص النحر لأن العدو يستقبل به عند التصاق القتال (وقوله ونعوذ بك من شرورهم) هو كالعطف التفسيري (تخريجه) (د نس ك حب هق) وصححه النووي (باب) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عبد العزيز قال ثنا هلال مولانا عن ابن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن جعفر عن أمه أسماء بنت عميس الخ (غريبة) ظاهره أنه يكتفي بهذا الدعاء مرة واحدة، وقد رواه (د نس) بتكرير لفظ الجلالة مرتين، ورواه أنه يقال مرتين ويكرر لفظ الجلالة مرتين في كل مرة: ورواه الطبراني أنه يقال ثلاثا ويكرر لفظ الجلالة في كل مرة مرتين. فينبغي العمل بهذه الرواية عملا بالأكثر وهو الأفضل (تخريجه) (د نس حب طب) وسنده جيد هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما يقال في الصباح والمساء رقم 107 صحيفة 241 فارجع إليه حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا أسامة بن زيد عن محمد بن كعب القرظي عن عبد الله بن شداد بن الهاد عن عبد الله بن جعفر عن علي الخ (غريبة) ما ذكر في هذا الحديث هو ذكر لا دعاء: ولعل المراد أنه يستفتح به الدعاء فيقوله ابتداء ثم يدعو بعد ذلك، ويؤيده ما جاء في بعض روايات هذا الحديث عند البخاري بعد قوله والحمد لله رب العالمين اللهم إني أعوذ بك من شر عبادك الله ونعم الوكيل (وفي لفظ حسبي) فينبغي تقديم هذا الذكر ثم تعقيبه بالاستعاذة من شر عباد الله ثم يختم بقوله حسبنا الله ونعمة الوكيل (تخريجه) (خ نس ش حب ك) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنبأنا فضيل بن مرزوق ثنا أبو سلمة

-163 - ما يقوله إذا أحزنه أمر وضاق به صدره ----- في قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك سميت به نفسك أو علمته أحدا من خلقك أو أنزلته في كتابك أو استأثرت به في علم الغيب عندك: أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله همه وحزنه وأبدله مكانه فرحا، قال فقيل يا رسول الله ألا نتعلمها؟ فقال بلى، ينبغي لمن سمعها أن يتعلمها (عن عبد الله بن جعفر) رضي الله عنهما أنه زوج ابنته من الحجاج بن يوسف، فقال لها إذا دخل بك فقولي لا اله إلا الله الحليم الكريم، سبحان الله رب العرش العظيم، الحمد لله رب العالمين، وزعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أحزنه أمر قال هذا، قال حماد فظننت أنه قال فلم يصل إليها (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال قلنا يوم الخندق لرسول الله صلى الله عليه وسلم هل من شيء تقوله فقد بلغت القلوب الحناجر؟ قال نعم، اللهم استر عوراتنا وأمن روعاتنا، قال فضرب الله عز وجل

_ الجهني عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله الخ (غريبة) يستفاد منه أن لله عز وجل أسماء غير التسعة والتسعين المتقدم ذكرها، والاستئثار الانفراد بالشيء، أي انفردت بعلمه عندك لا يعلمه إلا أنت أي أسألك أن تجعل القرآن كالربيع الذي يرتع فيه الحيوان، وكذلك القرآن ربيع القلوب، والمراد أن يجعل قلبه مرتاحا إلى القرآن مائلا إليه راغبا في تلاوته وتدبره منورا لبصيرته والنور مادة الحياة وبه معاش العباد، وسأله أيضا أن يجعله جلاء حزنه وذهاب همه أي شفاء لذلك ليكون بمنزلة الدواء الذي يستأصل الداء ويعيد البدن إلى اعتداله وأن يجعله لحزنه كالجلاء الذي يجلو المطبوع والأصدية فيه الحث على تعلم هذا الدعاء والعمل به وقت الحزن والهم والغم وان من فعل ذلك أذهب الله عنه ما يجد وأبدله مكان الهم والغم فرحا (تخريجه) (بز حب ك) وصححه الحاكم وابن حبان، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد و (عل طب بز) ورجال أحمد وأبو يعلى رجال الصحيح غير أبي سلمة الجهني وقد وثقه ابن حبان حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد عن حماد بن سلمة عن ابن أبي رافع عن عبد الله ابن جعفر الخ (غريبة) هو الحجاج ابن يوسف الثقفي الوالي الظالم الذي اشتهر بظلمه وسفكه للدماء، سيأتي ذكره في خلافة عبد الله بن الزبير من كتاب الخلافة والإمارة إن شاء الله تعالى إنما أمرها بذلك لأن زواجها بالحجاج أحزنها ولم يكن على مرادها لما اشتهر عنه من الظلم وسفك الدماء، وإنما زوجها أبوها به خوفا من الفتك به (قال حماد) أحد رجال السند (فظننت أنه) يعني ابن أبي رافع (قال فلم يصل إليها) يعني الحجاج ولم يقربها ببركة هذا الذكر والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا الزبير بن عبد الله حدثني ربيح بن أبي سعيد عن أبيه قال قلنا يوم الخندق الخ (غريبة) أي زالت عن أماكنها حتى بلغت الحلوق من شدة الخوف والفزع، والحناجر جمع حنجرة وهي جوف الحلقوم، وهذا على التمثيل عبر به عن شدة الخوف، قال

-164 - ما يقال لطلب المغفرة ووفاء الدين ----- وجوه أعدائه بالريح فهزمهم الله عز وجل بالريح (عن عوف بن مالك الأشجعي) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بين رجلين، فقال المقضى عليه لما أدبر حسبي الله ونعمة الوكيل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يلوم على العجز ولكن عليك بالكيس فإذا غلبك أمر فقل حسبي الله نعم الوكيل (باب ما يقال لطلب المغفرة- ووفاء الدين) (عن علي) رضي الله عنه قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أعلمك كلمات إذا قلتن غفر لك مع أنك غفور لك، لا إله إلا الله الحليم الكريم، لا اله إلا الله العلي العظيم، سبحان الله رب السموات السبع ورب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين (ز) (عن أبي وائل)

_ الفراء معناه أنهم جبنوا، وسبيل الجبان إذا اشتد به خوفه أن تنتفخ رئته: فإذا انتفخت الرئة رفعت القبل إلى الحنجرة (قوله روعاتنا) جمع روعة وهي المرة الواحدة من الروع والفزع نزل في ذلك قوله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا وجنودا لم تروها الآيات) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار وإسناد البزار متصل ورجاله ثقات وكذلك رجال أحمد إلا أن في نسختي من المسند عن ربيح بن أبي سعيد عن أبيه وهو في البزار عن أبيه عن جده (قلت) وهو كذلك في نسخة المسند التي بين أيدينا كنسخة الحافظ الهيثمي، وربيح بموحدة ومهملة مصغرا ابن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري المدني يقال (اسمه سعيد وربيح لقب) مقبول قاله الحافظ في التقريب حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيوة بن شريح وإبراهيم ابن أبي العباس قالا ثنا بقية قال حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن سيف (يعني الشامي) عن عوف بن مالك الخ يشير بذلك إلى أن خصمه أخذ ماله باطلا، والظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى لخصمه بيمينه فقد ترجم له أبو داود (باب الرجل يحلف على حقه) أي لا يرضى عن العجز، وهو التساهل في عواقب الأمور وعدم الأخذ بالحزم بفتح الكاف وسكون التحتية ضد العجز وهو التيقظ في عواقب الأمور والحذر من الوقوع في المكروه معناه كان ينبغي لك أن تتيقظ في معاملتك وتتدبر فيما يعود عليك بالمصلحة بالنظر إلى الأسباب واستعمال الفكر، فإذا غلبك الخصم بعد ذلك قلت حسبي الله وأما قولك حسبي الله بلا تيقظ كما فعلت فهو من الضعف فلا ينبغي ذلك (تخريجه) (دنس) وسنده حسن (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا علي بن صالح عن أبي إسحاق عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة عن علي الخ (غريبة) فيه منقبة عظيمة للإمام علي رضي الله عنه حيث بشره النبي صلى الله عليه وسلم بأنه مغفور له (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد بهذا السياق، وتقدم هذا الذكر في الباب السابق في تفريج الكرب والشدة: ويحتمل أنه صالح لطلب المغفرة أيضا وتقدم تخريجه هناك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبو عبد الرحمن عبد الله

-265 - الحث على الدعاء وما جاء في فضله وأنه ينتفع مما نزل ومما لم ينزل ----- قال أتى عليا رضي الله عنه رجل، فقال يا أمير المؤمنين عجزت عن مكاتبتي فأعني، فقال علي رضي الله عنه ألا أعلمك كلمات علمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان عليك مثل جبل صير دنانير لأداه الله عنك؟ قلت بلى، قال قل اللهم أكفني بحلالك عن حرامك وأعنني بفضلك عمن سواك (أبواب الدعاء وما جاء وما جاء فيه) (باب الحث على الدعاء وما جاء في فضله وآدابه وأنه ينفع لا محالة (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لن ينفع حذر من قدر ولكن الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل فعليكم بالدعاء عباد الله (عن ثوبان) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه ولا يرد القدر إلا الدعاء، ولا يزيد في العمر إلا البر

_ ابن عمر حدثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن إسحاق القرشي عن سيار أبي الحكم عن أبي وائل الخ (غريبة) بكسر الصاد بعدها ياء تحتية ثم راء: جبل بطيء بهمزة وصل وكسر الفاء من كفى كفاية، أي قني واحفظني بالحلال عن الوقوع في الحرام (تخريجه) (مذ ك) وقال الترمذي حسن غريب اهـ (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق القرشي بعضهم وثقه وبعضهم ضعفه والله أعلم (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم ابن موسى قال عبد الله قال عبد الله قال وثناه الحكم بن موسى ثنا ابن عياش ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين عن شهر بن حوشب عن معاذ الخ (غريبة) أي لا يجدي إذ لا مفر من قضائه تعالى فهو واقع على كل حال (والحذر) بالتحريك الاستعداد والتأهب للشيء (والقدر) بالتحريك أيضا القضاء الذي يقدره الله تعالى على العبد أي مما نزل بالفعل ومما هو في علم الله. وذلك بأن يلطف الله به ويذخره له في الآخرة: أو يصرف عنه من السوء مثله كما سيأتي في حديث أبي سعيد أي ألزموه يا عباد الله (تخريجه) (عل طب) وحسنه الحافظ السيوطي، لكن أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وشهر بن حوشب لم يسمع من معاذ، ورواية إسماعيل بن عياش عن أهل الحجاز ضعيفة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن عيسى عن عبد الله بن أبي الجعد عن ثوبان الخ (غريبة) أي يحرم بعض ثواب الآخرة أو بعض نعم الدنيا من نحو صحة ومال بمعنى محق البركة منه (وقوله بالذنب يصيبه) أي بشؤم كسبه الذنب ولو بأن تسقط منزلته من القلوب ويستولي عليه أعداؤه، ولا يقدح فيه ما يرى من أن الكفرة والفسقة أعظم مالا وصحة من العلماء والصالحين، لأن الكلام في مسلم يريد الله رفع درجته في الآخرة فيعفيه من ذنوبه في الدنيا: فاللام في الرجل للعهد، والمعهود بعض الجنس من المسلمين، ويحتمل أن يكون الحرمان بالنسبة إلى الرزق المعنوي والروحاني: وقد يكون من الرزق الظاهر المحسوس والله أعلم معنى رد القدر هنا تهوينه وتيسير

-266 - الدعاء ينفع صاحبه ما لم يدع بائم أو قطيعة رحم ----- (ز) (عن عبادة الصامت) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما على ظهر الأرض من رجل مسلم يدعو الله عز وجلب دعوة إلا أتاه الله إياه، أو كف عنه السوء مثلها، منا لم يدع بإثم أو قطيعة رحم (عن أبي سعيد الخدري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يدعو بدعوة ليس فيها اثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله بها إحدى ثلاث، إما أن تجعل له دعوته، وإما أن يدخرها له في الآخرة، وإما أن يصرف عنه السوء مثلها، قالوا إذا نكثر، قال الله أكثر ثم قرأ (ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين)

_ الأمر فيه حتى يكون النازل كأنه لم ينزل، وفي الحديث المتقدم (الدعاء ينفع مما نزل ومما لم ينزل) أما نفعة مما نزل فصبره عليه ورضاه به (ومما لم ينزل) فهو أن يصرفه عنه أو يخفف عنه أعباء ذلك إذا نزل به، فينبغي للإنسان أن يكثر من الدعاء (وقوله لا يزيد في العمر إلا البر) البر هو كل عمل صالح يرضى الله تعالى، والمراد بالزيادة هنا البركة والمعنى أن من وفق للإكثار من الأعمال الصالحة يزيد الله تعالى في أجره حتى يكون أكثر من أجر من هو أطول منع عمرا، وإلا فالعمر مقدر في علم الله ع وجل لا زيادة فيه ولا نقص (تخريجه) (نس جه حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله ثنا إسحاق بن منصور الكوسج أنا محمد بن يوسف ثنا ابن ثوبان عن أبيه عن مكحول عن جبير بن نفير عن عبادة بن الصامت الخ (غريبة) مثال الإثم أن يقول اللهم يسر لي قتل فلان أو زنا بفلانة أو نحو ذلك (أو قطيعة رحم) كأن يقول اللهم باعد بيني وبين أبي مثلا وإن كان هذا من الإثم أيضا فهو تخصيص بعد تعميم (تخريجه) أورده النووي في الأذكار بزيادة (فقال رجل من القوم إذا نكثر فقال الله أكثر) وعزاه للترمذي وقال قال الترمذي حديث حسن صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا علي عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخ (غريبة) أي نكثر من الدعاء لعظم فوائده (وقوله الله أكثر) يعني أكثر إجابة (تخريجه) (عل بز طس ك) وقال الهيثمي ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار رجال الصحيح غير على بن على الرفاعي وهو ثقة (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن الأعمش ومنصور عن ذر عن يسيع الكندي عن النعمان بن بشير الخ (غريبة) قال الطيبي أتى بضمير الفصل والخبر المعرف باللام ليدل على الحصر وأن العبادة ليست غير الدعاء، وقال غيره المعنى هو من أعظم العبادة فهو كخبر (الحج عرفة) أي ركنة الأكبر، وذلك لدلالته على أن فاعله يقبل بوجهه إلى الله معرضا عما سواه: ولأنه مأمور به وفعل المأمور بع عبادة: وسماه عبادة ليخضع الداعي ويظهر ذلته ومسكنته وافتقاره: إذ العبادة ذل وخضوع ومسكنة أي صاغرين وأتى بالآية ليستدل بها على أن الدعاء يسمى عبادة لأنه عز وجل

-267 - ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء- من لم يدع الله غضب عليه ----- (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يدع الله غضب عليه (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم ينصب وجهه الله عز وجل في مسألة إلا أعطاه إياها إما أن يعجلها له، وإما أن يدخرها له (عن سلمان الفارسي)

_ أمر فيها بالدعاء ثم قال (إن الذين يستكبرون عن عبادتي) فأفاد ذلك أن الدعاء عبادة وأن ترك دعاء الرب سبحانه وتعالى من الاستكبار، وتجنب ذلك واجب لا شك فيه، ومما يؤيد ذلك قوله عز وجل (أمن يجيب المضطر إذا دعاء ويكشف السوء) فإن هذا الاستفهام هو للتقريع والتوبيخ لمن ترك دعاء ربه (تخريجه) (ش حب ك) والبخاري في الأدب، وقال الترمذي حسن صحيح اهـ (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سليمان بن داود حدثنا عمران عن قتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن أبي الحسن عن أبي هريرة الخ (غريبة) قيل وجه ذلك أنه يدل على قدرة الله تعالى وعجز الداعي: قال الشوكاني في تحفة الذاكرين والأولى أن يقال أن الدعاء لما كان هو العبادة بل كان مخ العبادة (قلت يثير إلى حديث أنس عند الترمذي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدعاء مخ العبادة لما كان كذلك) كان أكرم على الله من هذه الحيثية، لأن العبادة هي التي خلق الله سبحانه الخلق لها كما قال تعالى (وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون) (تخريجه) (مذ جه طب ك) والبخاري في الأدب وصححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا أبو يلج (بوزن عمرو) المدني سمعه من أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يدع الله غضب عليه (غريبة) فيه دلالة على انم الدعاء من العبد لربه من أهم الواجبات لأن تجنب ما يغضب الله منه لا خلاف في وجوبه: وقد انضم إلى هذا الأوامر القرآنية، ومنها قوله تعالى (ادعوني استجب لكم) الآية وفي قوله (إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين) دلالة على أن ترك الدعاء من الاستكبار: وتجنب ذلك واجب لا شم فيه، وأقره الذهبي، وأخرجه أيضا الترمذي بلفظ (من لم يسأل الله يغضب عليه) والمعنى واحد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهوب عن عمه عبيد الله بن عبد الله بن وهب عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر المهملة من باب ضرب أي يقيم وجهه ويرفعه زاد الترمذي (وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر ما دعا) وفيه دلالة على أن دعاء المسلم لا يهمل بل يعطى ما سأل إما معجلا وإما مؤجلا وإما أن يكفر عنه من ذنوبه بقدر إخلاصه في الدعاء تفضلا من الله عز وجل (تخريجه) (خ) في الأدب: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات وفي بعضهم خلاف، وأورده المنذري وقال رواه أحمد بإسناد لا بأس به اهـ (قلت) له شواهد كثيرة تؤيده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا سليمان التيمي عن أبي

-268 - كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الجوامع من الدعاء ----- رضي الله عنه قال إن الله عز وجل ليستحيي أن يبسط العبد إليه يديه يسأله فيهما خيرا فيردهما خائبتين (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله عز وجل أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا تمنى أحدكم فلينظر ما الذي يتمنى، فإنه لا يدري ما الذي يكتب له من أمنيته (عن عائشة) رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الجوامع من الدعاء

_ عثمان (النهدي) عن سلمان الفارسي الخ (غريبة) من الحياء لا من الحياة، واطلاق الحياء على الله تعالى مجاز، |إذ هو تغير وانكسار يعتري الإنسان من خوف ما يعاب ويذم بسببه، وهو محال على الله عز وجل، والمراد هنا لازمة وهو الإحسان إلى السائل، وبسط اليد عند السؤال مدها ورفعها كما جاء في بعض الروايات أي من غير فائدة تعود على السائل، بل لا بد من فائدة تعود عليه إذا كان مخلصا، إما استجابة دعائه، وإما بصرف السوء عنه، وإما أن يدخره له في الأخيرة (تخريجه) (ك) بسند حديث الباب ولفظه: وقال هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين (قلت) وأقرها الذهبي وهو موقوف على سلمان: وللإمام أحمد رواية أخرى من طريق جعفر بن ميمون عن أبي عثمان (النهدي) عن سلمان الفارسي مرفوعا عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله، ومن طريق جعفر بن ميمون رواه (د مذ جه ك) بألفاظ متقاربة، وجعفر بن ميمون مختلف فيه، فبعضهم وثقه وبعضهم ضعفه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا شعبة ثنا قتادة عن أنس الخ (غريبة) قال القرطبي في المفهم قيل معنى ظن عبدي بي ظن الإجابة عند الدعاء. وظن القبول عند التوبة. وظن المغفرة عند الاستغفار. وظن المجازاة عند فعل العبادة بشرودها تمسكا بصادق وعده (وقوله وأنا معه) أي بعلمي حسب ما قصد من دعائه أو ذكره لي: وهو كقوله عز وجل (إنني معكما أسمع وأرى) (تخريجه) (عل) قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح (قلت) وأخرجه (ق مذ نس جه) عن أبي هريرة ولفظ مسلم كحديث الباب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان حدثنا أبو عوانة حدثنا عمر ابن أبلي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي إذا اشتهى حصول أمر مرغوب فيه، والتمني إرادة تتعلق بالمستقبل فإن كان في خير فمحبوب وإلا فمذموم أي ما لا يقدر له منها فليحسن أمنيته ويدعو بما يراه خيرا: لأن في الأوقات ساعات لا يوافقها سؤال سائل ألا وقع المطلوب على الأثر: فالحذر من تمنى المذموم ثم الحذر (تخريجه) (خ) في الأدب والبيهقي في شعب الايمان وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن الأسود بن شيبان عن أبي نوفل قال سألت عائشة أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسامح عنده الشعر؟ فقالت كان أبغض الحديث إليه: وقال عن عائشة كان يعجبه الخ (غريبة) أي يحب الدعاء بالكلمات التي تجمع خيري الدنيا والآخرة، وتجمع الأغراض الصالحة، وقيل هي ما كان لفظها

-269 - من سنن الدعاء استقبال القبلة ورفع اليدين ----- ويدع ما بين ذلك (باب استقبال القبلة ورفع اليدين في الدعاء وما يستفتح به ومسح الوجه باليدين عند الفراغ من الدعاء) (عن ابن جريج) أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد أن عبد الرحمن بن طارق بن علقمة اخبره عن عمه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا جاء مكانا من دار يعلى نسيه عبيد الله استقبل البيت فدعا، قال روح عن أبيه، وقال بكر عن أمه (وعنه من طريق ثان) قال أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد أن عبد الرحمن بن طارق بن علقمة أخبره عن أمه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل مكانا من دار يعلى نسيه عبيد الله استقبل البيت فدعا، قال وكنت أنا وعبد الله بن كثير إذا جئنا ذلك الموضع استقبل البيت فدعا (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمد يديه حتى لأرى بياض إبطيه

_ قليلا ومعناها كثيرا كقوله تعالى (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة) (وقوله ويدع ما بين ذلك) أي يترك غير الجوامع من الدعاء، ولفظ أبي داود (ويدع ما سوى ذلك) (تخريجه) (دك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن جرير الخ (غريبة) الذي عليه المحققون واعتمده أكثر المحدثين أنه عن أمه كما في أكثر الروايات وسيأتي ذلك هو ابن أمية الصحابي رضي الله عنه (وقوله نسيه عبيد الله) يعني نسي المكان الذي وقف فيه النبي صلى الله عليه وسلم مستقبلا للبيت روح وبكر لم يذكرا في سند الحديث ولعلهما قالا ذلك في رواية أخرى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن الحجاج ثنا عبد الله ابن علقمة ثنا عبد الله وعلي بن إسحاق أنا عبد الله بن المبارك أنا ابن جرير أخبرني عبيد الله بن أبي يزيد الخ هذا هو الصوب كما تقدم أنه عن أمه، وهذه الرواية هي المفوظة عند أكثر المحدثين يعني عبد الله بن كثير اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم وفيه استحباب استقبال القبلة عند الدعاء، ويؤيد ذلك ما رواه مسلم وغيره عن جابر (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى الموقف بعرفة واستقبل القبلة ولم يزل يدعو حتى غربت الشمس) وروى النسائي من حديث أسامة بن زيد (كنت ردفة يعني النبي صلى الله عليه وسلم بعرفات فرفع يديع يدعو) ورجاله ثقات (تخريجه) قال الحافظ في الإصابة رواه البخاري في تاريخه والبغوي والطبري من طريق أبي عاصم، ورواه (د نس عب) من طريق ابن جرير فقالوا جميعا عن أمه: قال ورواه الطبراني وابن شاهين من طريق ابن جريج إلا أنه قال عن أبيه، قال رواه البرساني عن ابن جريج فقال عن عمه، قال فهذا اضطراب يعل الحديث لكن يقوي أنه عن أمه لا عن أبيه ولا عن عمه أن في آخر الحديث عند أبي نعيم (فنخرج معه يدعو ونحن مسلمات) والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن سليمان يعني التيمي عن بركة عن بشير بن نهيك عن أبي هريرة الخ (غريبة) يفيد المبالغة في رفع اليدين عند الدعاء، فإن قيل كيف يرى بياض إبطيه وهو لابس ثيابه؟ (قلت) يحتمل أنه في هذا الوقت لم يكن على النصف الأعلى منه ثوب غير الرداء (وقوله

-270 - كيفية رفع اليدين عند الدعاء- واختلاف الصحابة في ذلك ----- قال سليمان يعني في الاستسقاء (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وافقا بعرفة يدعو هكذا ورفع يديه حيال ثندونتيه وجعل كفيه مما يلي الأرض (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا دعا جعل ظاهر كفيه مما يلي وجهه وباطنها مما يلي الأرض (عن قتادة) أن أنسا حدثهم قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرفع يديه في شيء من دعائه (وفي لفظ الدعاء) إلا في الاستسقاء فإنه كان يرفع يديه حتى يرى بياض إبطيه (عن خلاد بن السائب) الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا سأل جعل باطن طفيه إليه (وفي لفظ إلى وجهه) وإذا استعاذ جعل ظاهرهما إليه

_ قال سليمان الخ) يعني أحد رجال السند يقول أن رفع اليدين والمبالغة فيه كان في دعاء الاستسقاء وقد تقدم كلام في ذلك في باب رفع اليدين عند الدعاء في الاستسقاء في الجزء السادس (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه البزار عن شيخه محمد بن يزيد ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) لم يعزه الحافظ الهيثمي للإمام أحمد مع أن رجاله كلهم ثقات وليس فيهم محمد بن يزيد، فيحتمل أنه غفل عن ذلك والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حماد عن بشر بن حرب عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) تثنية ندوة بضم أوله ويجوز الفتح ثم نون ساكنة ثم دال مهملة مضمومة وهما للرجل كالثديين للمرأة فمن ضم الثاء همز ومن فتحها لم يهمز، أراد أنه لم يرفعها زيادة عن صدره (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي اسناده بشر بن حرب، قال الحافظ في التقريب صدوق لين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنبأنا حماد بن لسمة عن ثابت البناني عن أنس الخ | (تخريجه) (د) إلا أنه قيده بالاستسقاء كما سيأتي في الحديث التالي وسنده حديث الباب صحيح هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب رفع اليدين عند الدعاء في الاستسقاء في الجزء السادس، وظاهره يوهم أنه صلى الله عليه وسلم لم يرفع يديه في شيء من دعائه إلا في الاستسقاء وليس كذلك، بل ثبت رفع يديه صلى الله عليه وسلم في الدعاء في مواطن كثيرة غير الاستسقاء وهي كثيرة جدا، وفي أحاديث الباب شيء منها (قال النووي) ويتأول هذا الحديث على أنه لم يرفع الرفع البليغ بحيث بياض إبطيه إلا في الاستسقاء: أو أن المراد لم أره رفع وقد رآه غيره: فيقدم المثبتون في مواضع كثيرة وهم جماعات على واحد لم يحضر ذلك: ولا بد من تأويله لما ذكرناه والله أعلم اهـ (قلت) وتقدم الكلام على ذلك مما فيه الكفاية في أحكام باب رفع اليدين المشار إليه في الجزء السادس فارجع إليه والله الموفق وهذا الحديث أخرجه (م د. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق ثنا ابن لهيعة عن حبان (بفتح المهملة) ابن واسع عن خلاد بن السائب الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وهو مرسل لأنم خلاد بن السائب ليس بصحابي وإنما الصحابي أبوه السائب بن خلاد وقد جاء هذا الحديث في الأصل في مسند السائب بن خلاد

-271 - استفتاح الدعاء بسبحان ربي الأعلى الوهاب ----- (عن عطاء) قال قال أسامة بن زيد رضي الله عنهما كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرفات فرفع يديه يدعو فمالت به ناقته فسقط خطامها قال فتناول الخطام بإحدى يديه وهو رافع يده الأخرى (عن سهل بن سعد) رضي الله عنهما قال ما رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم شاهرا يديه قط على منبر ولا غيره، ما كان يدعو إلا يضع يديه حذو منكبيه ويشير بإصبعه إشارة (عن سلمة بن الأكوع) رضي الله عنه قال ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستفتح دعاء إلا استفتحه بسبحان ربي الأعلى العلي الوهاب (عن السائب بن يزيد عن أبيه) أن

_ الصحابي، وغالب ما فيه من الأحاديث مروى عن خلاد بن السائب عن أبيه إلا هذا الحديث فلم يصرح بذكر أبيه فيه فهو مرسل لذلك، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد مرسلا وإسناده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا عبد الملك ثنا عطاء الخ (غريبة) الخطام تقدم تفسيره غير مرة وهو الحبل الذي يقاد به البعير (تخريجه) (نس) وجوه الحافظ اسناده، ويستفاد منه تأكيد رفع اليدين عند الدعاء في غير الاستسقاء أيضا، ويؤيده حديث عائشة قالت (كان رسول الله) صلى الله عليه وسلم يرفع يديه يدعو حتى إني لأسأله مما يرفعهما) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد بثلاثة أسانيد ورجالها كلها رجال الصحيح (قلت) ومعنى قولها (إني لأسأم له) أي أمل وأضجر إشفاقا عليه من رفع يديه مع طول الدعاء (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ربعي بن إبراهيم ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن عبد الرحمن بن معاوية عن أبي ذبابة عن سهل بن سعد الخ (غريبة) أي مبالغا رفعها وهذا باعتبار ما رأى: وإلا قد ثبت وصح عن غيره من الصحابة أنه صلى الله عليه وسلم رفع يديه في الاستسقاء حتى ظهر بياض إبطيه يحتمل أن يكون ذلك في الدعاء عند التشهد الأخير في الصلاة: ويحتمل أن يكون عند الدعاء في الخطبة على المنبر لأنه ورد في كل منهما ما يؤيده وتقدم في بابه والله أعلم (تخريجه) (د نق) وفي إسناده عبد الرحمن بن إسحاق وعبد الرحمن بن معاوية وفيهما مقال (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد قال ثنا عمر بن راشد اليمامي قال ثنا إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه قال ما سمعت الخ (غريبة) ليس هذا آخر حديث (وبقيته) وقال سلمت بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمن بايعه تحت الشجرة ثم مررت به بعد ذلك ومعه قوم فقال بايع يا سلمة، فقلت قد فعلت، قال وأيضا بايعته الثانية (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الإمام أحمد والطبراني بنحوه، وفيهى عمر بن راشد اليمامي وثقه غير واحد وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وأخرجه أيضا الحاكم وصححه وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن حفص بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص عن السائب بن يزيد الخ (وفي آخر هذا الحديث بعد قوله مسح وجهه بيديه) قال عبد الله وقد خالفوا قتيبة في إسناد هذا الحديث وأبي حسب قتيبة وهم فيه، يقولون عن خلاد بن السائب عن أبيه اهـ ومعناه أن عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله يقول قد خالف المحدثون

-272 - تأكيد حضور القلب عند الدعاء واستحباب تعميمه ----- النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا فرفع يديه مسح وجهه بيديه (باب تأكيد حضور القلب عند الدعاء واستحباب تعميمه بالدعاء لغير والبدء بنفسه) (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن القلوب أوعية وبعضها أوعى من بعض، فإذا سألتم الله عز وجل أيها الناس فاسألوه وأنتم موقنون بالإجابة فإن الله لا يستجيب لعبد دعاء عن ظهر قلب (وعنه أيضا) أن رجلا قال اللهم اغفر لي ولمحمد وحدنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد حجبتها عن ناس كثيرين (ز) (عن ابن عباس) عن أبي بن كعب رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا ذكر الأنبياء (وفي لفظ إذا دعا لأحد) بدأ بنفسه فقال

_ قتيبة في إسناد هذا الحديث، وأبي يظن أن قتيبة وهم أي غلط فيه لأنهم يقولون عن خلاد بن السائب عن أبيه، وقتيبة يقول في روايته عن السائب بن يزيد عن أبيه، وقد روى هذا الحديث أبو داود في سننه بسنده ولفظه كما هنا ولم يتعقبه بشيء وكذلك المنذري (تخريجه) (د) بسند حديث الباب ولفظه وفي إسناده ابن لهيعة وحفص بن هاشم فيهما كلام، وله شاهد عند الترمذي من حديث عمر قال (كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رفع يديه في الدعاء لم يحطهما حتى يمسح بهما وجهه) والحكمة في ذلك التفاؤل والتيمن بأن كفيه ملأتا خيرا فأفاض منه على وجهه فيتأكد ذلك للداعي ذكره الحليمي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبي بكر بن عمرو عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبة) أي كالأوعية تحفظ ما فيها، وبعض القلوب أوعى أي أحفظ للأمور تعقلا وفيهما من البعض الآخر أي كونوا على حالة تستحقون بها الرجاء، وذلك باستجماع شرائط الدعاء وآدابه كاستحضار القلب والتوجه إلى الله عز وجل والخضوع والتضرع واعتقاد أن الله يجيب دعائكم، لأن الكريم لا يخيب راجيه، لا سيما وقد قال في كتابه العزيز (ادعوني أستجب لكم) أي معرضا عن الله تعالى وعما يسأله فهذا لا يستجيب الله دعاءه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده المنذري، وقال رواه أحمد بإسناد حسن وكذلك قال الهيثمي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو أن رجلا قال الخ (غريبة) الظاهر أن هذا الرجل هو الذي بال في المسجد وله قصة تقدمت في الجزء الأول صحيفة 248 رقم 47 في باب تطهير الأرض من نجاسة البول فارجع إليه أي جعلت حائلا بين الناس وبين رحمة الله تعالى، وهذا ليس في إمكان مخلوق لأن الله تعالى يقول (ورحمتي وسعت كل شيء) وإنما قال ذلك الأعرابي لجهله وكونه كان حديث عهد الإسلام، فالمطلوب أن يدعو الإنسان لنفسه ولإخوانه من المسلمين ليزداد ثوابه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني محمد ابن عبد الرحيم أبو يحيى البزار ثنا أبو الوليد هشام بن عبد الملك قال قيس ثنا عن أبي إسحاق عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) يعني إذا دعا لأحد بخير بدأ بنفسه ثم ثنى بغيره ثم عمم

-273 - استحباب دعاء الإنسان لأخيه المسلم بظهر الغيب ----- رحمة الله علينا وعلى هود صالح (عن طلحة بن عبيد الله بن كريز) قال سمعت أم الدرداء قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه يستجاب للمرء بظهر الغيب لأخيه فما دعا لأخيه بدعوة إلا قال الملك ولك بمثل (عن أبي الزبير) عن صفوان بن عبد الله وكانت تحبه أم الدرداء فأتاهم فوجد أم الدرداء، فقالت له أتريد الحج العام فقال نعم، قالت

_ اقتداء بأبيه إبراهيم صلى الله عليه وسلم حيث قال (ربنا اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب) فتتأكد المحافظة على ذلك وعدم الغفلة عنه، وإذا كان لا أحد أعظم من الوالدين ولا أكبر حقا على المؤمن منهما. ومع ذلك قدم الدعاء لنفسه عليهما في القرآن في غير موضع، فيكون على غيرهما أولى (تخريجه) (حب ك) وأبو داود والنسائي والترمذي وقال حسن صحيح (قلت) وصححه أيضا الحاكم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا فضيل يعني ابن غزوان قال سمعت طلحة بن عبيد الله بن كريز (بوزن كريم) الخ (غريبة) لفظ مسلم عن طلحة أيضا قال (حدثتني أم الدرداء قالت حدثني سيدي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من دعا لأخيه بظهر الغيب قال الملك الموكل به آمين ولك بمثل) فزاد في روايته قالت (حدثني سيدي) قال النووي تعتني زوجها أبا الدرداء ففيه جواز تسمية المرأة زوجها سيدها وتوقيره، قال وأم الدرداء هذه هي الصغرى التابعية واسمها هجيمة (بوزن بثينة) وقيل جهيمة (بتقديم الجيم على الهاء) اهـ (قلت) لكن قولها في رواية الإمام أحمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم اله يعين أنها الكبرى الصحابية واسمها خيرة، ويجمع بين الحديثين بأن طلحة سمع الحديث من كلتيهما، فالصغرى روته عن النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة زوجها أبي الدرداء، والكبرى روته بدون واسطة، هذا ما ظهر لي والله أعلم أي في غيبة المدعو له وفي سره لأنه أبلغ في الإخلاص أي ولك مثل ما دعوت له به، فالباء زائدة، قال النووي هو بكسر الميم وإسكان الثاء، هذه الرواية المشهورة، قال القاضي (يعني عياضا) ورويناه بفتحها أيضا، يقال هو مثله ومثيله بزيادة الياء أي عديلة سواء، وفي هذا فضل الدعاء لأخيه المسلم بظهر الغيب، ولو دعا الجماعة من المسلمين حصلت هذه الفضيلة، ولو دعا الجملة المسلمين فالظاهر حصولها أيضا، وكان بعض السلف إذا أراد أن يدعو لنفسه يدعو لأخيه المسلم بتلك الدعوة لأنها تستجاب ويحصل له مثلها (تخريجه) (م د) ورواية أبي داود كرواية مسلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ابن هارون أنا عبد الملك عن أبي الزبير الخ هكذا جاء في المسند (وكانت تحبه أم الدرداء) بموحدة بعد الحاء المهملة من المحبة لكن جاء في صحيح مسلم بلفظ (وكانت تحته الدرداء) بتاء مثناة بعد الحاء بدل الموحدة، ومعنى رواية مسلم أن صفوان كان زوجها للدرداء، ومعنى رواية الإمام أحمد أن أم الدرداء كانت تحب صفوان زوج بنتها الدرداء كما هي عادة النساء، هذا لم يكن في رواية الإمام أحمد تصحيف من الناسخ، والافرواية مسلم أظهر والله أعلم جاء عند مسلم قال قدمت الشام فأتيت أبا الدرداء في منزله فلم أجده ووجدت

-274 - كراهة الدعاء بقوله اللهم اغفر لي إن شئت بل يعزم المسألة ----- فادع لنا بخير، فان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إن دعوة المرء المسلم مستجابة لأخيه بظهر الغيب، عند رأسه ملك موكل به، كلما دعا ل؟ أخيه بخير قال آمين ولك مثل، قال فخرجت إلى السوق فلقيت أبا الدرداء فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثل هذا (باب النهي عن قول الداعي اللهم اغفر لي إن شئت وعن استبطاء الإجابة وكراهة السجع في الدعاء) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دعا أحدكم فلا يقولن اللهم إن شئت ولكن ليعظم رغبته فإن الله عز وجل لا يتعاظم عليه شيء أعطاه (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقولن أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت اللهم ارحمني إن شئت، ولكن ليعزم المسألة فإنه لا مكره له (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال العبد بخير ما لم يستعجل، قالوا يا رسول الله

_ أم الدرداء فقالت أتريد الحج الخ (تخريجه) (م جه) (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة قال سمعت العلاء يحدث عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) أي اللهم اغفر لي وارحمني ان شئت كما صرح بذلك في الحديث التالي، وقد حمل ابن عبد البر هذا النهي على التحريم فقال لا يجوز لأحد أن يقول اللهم أعطني إن شئت وغير ذلك، وحمله النووي على كراهة التنزيه، وقيل سبب النهي عن قوله ذلك أن فيه صورة الاستغناء عن المطلوب والمطلوب منه، وقال ابن بطال في الحديث إنه ينبغي للداعي أن يجتهد في الدعاء ويكون على رجاء الإجابة ولا يقنط من الرحمة فإنه يدعو كريما، وقد قال ابن عيينة لا يمنعن أحدا ما لم يعلم في نفسه يعني التقصير، فإن الله عز وجل قد أجاب دعاء شر خلقه وهو إبليس (قال رب فانظرني يوم يبعثون، قال فإنك من المنظرين) معناه أنه يبالغ في تكرار الدعاء والإلحاح، ويحتمل أنه يراد به الأمر بطلب الشيء العظيم الكثير، ويؤيد ذلك ما جاء بعده من التعليل بقوله (فإن الله عز وجل لا يتعاظم عليه شيء أعطاه) يعني مهما عظم وتعدد (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) قال الداودي معنى قوله ليعزم المسألة أن يجتهد ويلح ولا يقل إن شئتن كالمستثنى ولكن دعاء البائس الفقير، قال الحافظ وكأنه أشار بقوله كالمستثنى إلى أنه إذا قالها على سبيل التبرك لا يكره وهو جيد (تخريجه) (ق د مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا عبد العزيز عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا أحدكم فليعزم في الدعاء ولا يقل اللهم إن شئت فأعطني فغن الله عز وجل لا مستكره له (تخريجه) (ق. والنسائي في اليوم والليلة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا أبو هلال ثنا قتادة عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) معناه لا يزال العبد يستجاب دعاؤه (ما لم يستعجل) أي ما لم يستبطئ الإجابة ويسأم الدعاء

-275 - كراهة استبطاء الإجابة- وقصة عائشة مع القاص ----- كيف يستعجل؟ قال يقول دعوت ربي فلم يستجب لي (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه يستجاب لأحدكم ما لم يعجل فيقول قد دعوت ربي فلم يستجب لي (عن الشعبي) قال قالت عائشة رضي الله عنها لابن أبي السائب قاص أهل المدينة ثلاثا لتبايعني عليهم أو لأنا جزنك، فقال ما هن؟ بل أنا أبايعك يا أم المؤمنين، قالت اجتنب السجع من الدعاء فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا لا يفعلون ذلك وقال إسماعيل مرة فقالت إني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم لا يفعلون ذاك، وقص على الناس في كل جمعة مرة، فإن أبيت فثلثين، فإن أبيت فثلثا، فلا تمل الناس هذا الكتاب

_ فلا يستجاب له حينئذ بفتح الياء التحتية وكسر الجيم من الاستجابة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه و (بز طس) وفيه أبو هلال الراسي وهو ثقة وفيه خلاف وبقية رجال أحمد وأبي يعلى رجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن أبي العباس قال ثنا أويس قال قال الزهري أن أبا عبيد مولى عبد الرحمن بن عوف أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي يستجاب دعاء كل واحد منكم إذا المفرد المضاف يفيد العموم على الأصح (وقوله فيقول) بالنصب لا غير وهو وما بعده بيان لقوله ما لم يعجل (تخريجه) (ق د مذ جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل قال ثنا داود عن الشعبي الخ (غريبة) اسمه الوليد بن سليمان القرشي ثقة من السادسة كذا في التقريب (وقوله قاص أهل المدينة) القاص هو الذي يعظ الناس ويقص عليهم أخبار الأمم السالفة والقاص أيضا الذي يأتي بالقصة على وجهها كأنه يتتبع معانيها وألفاظها بالنصب مفعول لفعل محذوف تقديره اذكر ثلثا (لتبايعني) بنون التوكيد الثقيلة (عليهن) أي على الطاعة فيما آمرك بشأنهن هو موالاة الكلام على روى واحد، ومنه سجعت الحمامة إذا رددت صوتها قاله ابن دريد، وقال الأزهري هو الكلام المقفى من غير مراعاة وزن، والمعنى لا تقصد إلى السجع في الدعاء ولا تشغل فكرك به لما فيه من التكلف المانع للخشوع المطلوب في الدعاء إن قيل ثبت في الأحاديث الصحيحة (اللهم منزل الكتاب، سريع الحساب، اهزم الأحزاب) (وجاء أيضا) لا اله إلا الله وحده، صدق وعده، ونصر عبده، وأعز جنده (وأجيب) بأن المكروه ما يقصد ويتكلف فيه كما ذكرنا، وأما ما ورد على سبيل الاتفاق فلا بأس به هو ابن إبراهيم بن مقسم الأسدي القرشي ابن علية وهي أمه، قال الإمام أحمد إليه المنتهى في التثبيت، وقال ابن معين كان ثقة مأمونا ورعا تقيا اهـ وهو أحد رجال السند يعني أنه قال مرة في روايته فقالت إني هدت رسول الله صلى الله وعلى آله وصحبه وسلم الخ بضم أوله وكسر الميم وتشديد اللام المفتوحة من الإملال وهي السآمة والناس نصب على المفعولية

-276 - كراهة الاعتداء في الدعاء وهو تجاوز الحد وطلب ما يستحيل شرعا ----- ولا الفينك تأتي القوم وهو في حديثهم فتقطع عليهم حديثهم ولكن اتركهم فإذا جرءوك عليه وامروك به فحدثهم (باب كراهة الاعتداء في الدعاء) (عن أبي النعامة) إن عبد الله بن نغفل رضي الله عنه سمع ابنه يقول اللهم أني أسلك القصر الأبيض عن يمين الجنة إذا دخلتها (وفي لفظ اللهم إني أسألك الفردوس وكذا) فقال يا بني سل الله تبارك وتعالى الجنة وعذ به من النار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يكون قوم (وفي لفظ يكون في هذه الأمة قوم) يعتدون في الدعاء والطهور (عن مولى لسعد بن أبي وقاص) (10)

_ وهو كالبيان الحكمة الأمر بعدم الإكثار (والكتاب) مفعول ثان أو بنزع الخافض وهو القرآن كما صرح به عند البخاري، أي لا تملهم عن القرآن، وقد ثبت في حديث ابن مسعود عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم (وكان النبي صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة كراهة السآمة علينا) بضم الهمزة وسكون اللام وكسر الفاء وفتح التحتية وتشديد النون المؤكدة أي لا أصادفنك ولا أجدنك في رواية البخاري من حديث ابن عباس، ولكن أنصت بهمزة قطع مفتوحة وكسر الصاد أي اسكت مع الاصفاء (فإذا جرءوك) أي التمسوا منك أن تقص عليهم وتحدثهم ويكون قوله (وأمروك) عطف مرادف (تخريجه) (بز طب) وسنده جيد: و (خ) من حديث ابن عباس (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن الجريري، وقال عفان في حديثه أنا جرير عن أبي نعامة الخ (غريبة) هو الدار الكبيرة المشيدة سمي بذلك لقصر النساء وحبسهم فيه أي عن يمين الداخل ففي الكلام حذف هو وسط الجنة وأعلاها بضم المهملة وسكون المعجمة أي التجيء إليه تعالى وتحصن به من عذاب النار، يقال عذت بفلان واستعذت به أي لجأت إليه، قال التوربيشتي إنما أنكر عبد الله على ابنه هذا الدعاء لأنه طمع في مالا يبلغه عملا حيث سأل منازل الأنبياء، وجعله من الاعتداء في الدعاء لما فيه من التجاوز عن حد الأدب نظر الداعي لنفسه بعين الكمال هذا تعليل المحذوف فكأنه قال له تسأل شيئا معينا من أمور الآخرة لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ الاعتداء في كل شيء هو تجوز الحد فيه، ويكون الاعتداء في الدعاء أيضا بطلب ما يستحيل شرعا، وقد قال العلماء إنه لا يجوز أن يدعو الإنسان بتحول الجبل الفلاني ذهبا أو يحيي الله له الموتى، وقيل الاعتداء في الدعاء أن يدعو بإثم أو قطيعة رحم وهو وجيه (والاعتداء في الطهور) بضم الطاء المهملة بمعنى الفعل يكون يتجاوز الحد بالزيادة في الغسل والمسح على العدد المشروع، ويحتمل أن يكون بفتح الطاء بمعنى الماء، ويكون الاعتداء فيه بإراقة الكثير منه والإسراف فيه كما يفعل الموسوسون، والوسوسة من الشيطان (تخريجه) (د جه ك هق حب) وصححه الحاكم والنووي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن المهدي ثنا شعبة عن زياد بن مخراق قال سمعت

-277 - استجابة الدعاء من ثلث الليل الأول إلى طلوع الفجر كل ليلة ----- أن سعدًا رضي الله عنه سمع ابنا له يدعو وهو يقول اللهم إني أسألك الجنة ونعيمها وإستبرقها ونحوا من هذا، وأعوذ بك من النار وسلاسلها وأغلالها فقال لقد سألت الله خيرا كثيرا وتعوذت بالله من شر كثير، وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه سيكون قوم يعتدون في الدعاء وقرأ هذه الآية (ادعوا ربكم تضرعا وخفية إنه لا يحب المعتدين) وإن حسبك أن تقول اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل (باب ما جاء في أوقات يستجاب فيها الدعاء) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل ربنا تبارك اسمه كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر إلى سماء الدنيا فيقول من يدعوني ف؟ أستجيب له؟ من يستغفرني فاغفر له؟ حتى يطلع الفجر، فلذك كانوا يفضلون صلاة آخر الليل على صلاة أوله (وعنه من طريق ثان) فذكر مثله وفيه، من ذا الذي يسترزقني فأرزقه، من ذا الذي يستكشف الضر فأكشفه عنه حتى ينفجر الفجر (عن رفاعة الجهني) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مضى نصف الليل أو قال ثلثا الليل ينزل الله عز وجل إلى سماء الدنيا فيقول

_ أبا عباية عن مولى لسعد بن أبي وقاص الخ (غريبة) ما غلظ من الديباج جمع غل بضم المعجمة وهو طوق من حديد يجعل من العنق أي يتجاوزون الحد فيه: ولعل سعدا أنكر على ابنه حيث سأل نعيم الجنة وإستبرقها بعد سؤال الجنة، وحيث استعاذ من سلاسل النار وأغلالها بعد استعاذته من النار فهو من قبيل تحصيل الحاصل فيكون من الاعتداء في الدعاء والله سبحانه وتعالى أعلم أي كافية أن تقول الخ (تخريجه) (د) وسنده جيد، إلا أن مولى سعد لم يعرف من هو (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا ليث ثنا إبراهيم ثنا ابن شهاب عن الأغر وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة الخ (غريبة) هذا الحديث من أحاديث الصفات، نؤمن به كما جاء ونكل علمه إلى الله عز وجل مع تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل يزيد أنا هشام وعبد الوهاب أنا هشام عن يحيى بن أبي جعفر أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم قال حدثنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمونة عن عطاء بن يسار عن رفاعة الجهني فذكر حديثا طويلا تقدم بطوله في الجزء الأول رقم 30 صحيفة 50 من كتاب الإيمان، وهذا الطرف الأخير منه (غريبة) جاء في هذه الرواية إذا مضى نصف الليل، وله ولا بي سعيد في رواية أخرى عند مسلم مرفوعا إن الله يمهل حتى إذا مضى ثلث الليل الأول نزل إلى سماء الدنيا الحديث، وقد جمع النووي بين هذه

-278 - من الدعوات المستجابة دعوة ذي النون والدعاء بيا ذا الجلال والإكرام ----- لا أسأل عن عبادي أحدا غيري، ومن ذا يستغفر فأغفر له؟ من ذا الذي يدعوني فأستجيب له؟ من ذا الذي يسألني فأعطيه حتى ينفجر الفجر (عن نافع بن جبير) عن أبيه رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ينزل الله عز وجل في كل ليلة إلى السماء الدنيا فيقول: هل من سائل فأعطيه؟ هل من مستغفر فأغفر له؟ حتى يطلع الفجر (باب دعوات يستجاب بها الدعاء، ومنها دعوة ذي النون: والدعاء بيا ذا الجلال والإكرام) (عن سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دعوة ذي النون إذ هو في بطن الحوت (لا اله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين) فإنه لم يدع بها مسلم ربه في شيء قط إلا استجاب له (عن معاذ ابن جبل) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي على رجل وهو يقول يا ذا الجلال

_ الروايات باحتمال أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم أعلم بأحد الأمرين في وقت فأخبر به، ثم أعلم بالآخر في وقت آخر فأعلم به: وكل من الرواة أخبر بما سمع (تخريجه) (طب حب) والبغوي والبارودي وابن قانع. ورواه ابن ماجة مختصرا كما هنا، وأورده الهيثمي بطوله، وقال رواه أحمد وعند ابن ماجة بعضه ورجاله موثقون (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر قال ثنا حماد بن سلمة عن عمرو بن دينار عن نافع بن جبير عن أبيه الخ (قلت) أبوه هو جبير بن مطعم رضي الله عنه (تخريجه) (بز عل طب) ورجاله رجال الصحيح هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله في باب ذكر نبي الله يونس من كتاب أحاديث الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (غريبة) أي صاحب النون وهو يونس بن متى عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، والنون اسم الحوت والمراد هنا الحوت الذي ابتلعه بأمر الله عز وجل عقوبة له وصحت الإضافة إليه هذه النسبة، وستأتي قصته مفصلة في الباب المشار إليه آنفا إن شاء الله تعالى شرط الاستجابة أن يستحضر ذنبه ويرجع إلى الله عز وجل خاضعا ذليلا كما حصل من نبي الله يونس عليه السلام، وإلا فمجرد ذكر الألفاظ بدون التجاء إلى الله وخضوع لا ينفعه (تخريجه) أورده الهيثمي بطوله وقال رواه أحمد وأبو يعلى والبوار ورجال أحمد وأبي يعلى وأحد إسنادي البزار رجال الصحيح غير إبراهيم بن محمد بن سعد بن أبي وقاص وهو وثقه وعند الترمذي طرق منه اهـ (قلت) ورواه أيضا الحاكم وصححه وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم ثنا الجريري عن أبي الورد عن اللجلاج حدثني معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجل وهو يصلى وهو يقول في دعائه اللهم إني أسألك الصبر، قال سألت البلاء فسل الله العافية، قال وأتى على رجل وهو يقول اللهم إني أسألك تمام نعمتك، فقال ابن آدم هل تدري ما تمام النعمة؟ قال يا رسول الله قد دعوت بها أرجو بها الخير، قال فإن تمام النعمة فوز (أي نجاة) من النار ودخول الجنة، وأتى على رجل وهو يقول يا ذا الجلال والإكرام الخ

-279 - الدعوات التي فيها اسم الله الأعظم سبحانه جل شأنه ----- والإكرام فقال قد استجيب لك فسل (عن ربيعة بن عامر) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ألظوا بيا ذا الجلال والإكرام (باب ما جاء في اسم الله الأعظم) (عن أنس بم مالك) رضي الله عنه قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأبي عياش زيد بن صامت الزرقي رضي الله عنه وهو يصلي وهو يقول: اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا اله إلا أنت يا منان يا بديع السماوات والأرض يا ذا الجلال والإكرام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد دعا الله باسمه الأعظم الذي إذا دعى به أجاب وإذا سئل به أعطى (وعنه أيضا) قال كنت جالسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحلقة ورجل قائم يصلي، فلما ركع وسجد جلس وتشهد، ثم دعا فقال اللهم إني أسألك بأن لك الحمد لا اله إلا أنت (زاد في رواية وحدك لا شريك لك) حنان بديع السماوات والأرض ذا الجلال والإكرام ياحي ياقيوم إني قيوم إني أسألك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتدرون بما دعا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال والذي نفسي بيده لقد دعا الله باسمه العظيم (وفي رواية باسمه الأعظم) الذي إذا دعى به أجاب، وإذا سئل به أعطى: (عن عبد الله بن بريدة) عن أبيه رضي الله عنه قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقول اللهم

_ (غريبه) (1) يعني قد سمع نداءك فسل الله ما شئت (تخريجه) (مذ) وقال حديث حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم ابن إسحاق ثنا عبد الله بن المبارك عن يحيى بن حسان من أهل البيت المقدس وكان شيخا كبيرا حسن الفهم عن ربيعة بن عامر الخ (غريبة) بفتح الهمزة وكسر اللام وبظاء معجمة مشددة، أي الزمو هذه الدعوة وأكثروا منها، قال الزمخشري ألظ وألب وألح أخوات في معنى اللزوم والدوام (تخريجه) (نس مذ ك) وقال الترمذي حسن غريب (قلت) وقال الحاكم صحيح وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن إبراهيم الرازي ثنا سلمة بن الفضل قال حدثني محمد بن إسحاق عن عبد العزيز بن مسلم بن عاصم عن إبراهيم ابن عبيد بن رفاعة عن أنس بن مالك الخ (غريبة) المنان كثير العطاء من المنة بمعنى النعمة (والبديع) أي المبدع من الإبداع أي أي مبدعهما على غير مثال سبق (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الصغير ورجال أحمد ثقات إلا أن ابن إسحاق مدلس وإن كان ثقة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد وعفان قالا ثنا خلف بن خليفة ثنا حفص بن عمر عن أنس قال كنت جالسا الخ هو أبو عياش زيد بن صامت الزرقي المصرح به في الحديث السابق منادي منصوب حذف منه باء النداء: ومثله ذا الجلال والإكرام، وقد ثبتت الياء التحتية فيهما في الحديث السابق جاء عند الحاكم أسألك الجنة وأعوذ بك من النار (تخريجه) (د نس جه هب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن مالك بن مغول ثنا يحيى عن عبد الله بن بريدة عن أبيه الخ (قلت) أبوه هو بريدة الأسلمي

-280 - ما جاء في أدعية كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم ----- إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا اله إلا أنت الأحد الصمد الذي لم يلد ولمخ يولد ولم يكن له كفوا أحد، فقال قد سأل باسم الله الأعظم الذي إذا سئل به أعطى وإذا دعى به أجاب (وفي لفظ) فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده، أو الذي نفس محمد بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم (عن أسماء بنت يزيد) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هاتين الآيتين الله لا اله إلا هو الحي القيوم، وألم الله لا اله إلا هو الحي القيوم إن فيهما اسم الله الأعظم (باب ما جاء في أدعية كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وإسرافي وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا اله إلا أنت) (عن عبد الله بن مسعود) رضي الله عنه أن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان يقول الهم إني أسألك الهدى والتقى والعفة والغنى

_ الصحابي رضي الله عنه (وقوله رجلا) الظاهر أن هذا الرجل هو أبو موسى الأشعري لورود حديث بشير إلى هذا سيأتي في مناقب أبي موسى من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى والله أعلم (تخريجه) (د مذ جه حب ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وقال الحافظ أبو الحسن المقدسي إسناده لا مطعن فيه ولم يرد في هذا الباب حديث أجود إسنادا منه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر أنا عبيد الله بن أبي زياد قال ثنا شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد الخ (تخريجه) (د مذ جه) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا المسعودي عن علقمة بن مرثد عن أبي الربيع عن أبي هريرة الخ | (غريبة) أستغفر النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك مع أنه الطاهر المعصوم لأنه صلى الله عليه وسلم كان دائما في الترقي فإذا ارتقى إلى درجة استغفر مما قبلها، أو امتثالا لأمر الله عز وجل (وأستغفره إنه كان توابا) وإلا فالأنبياء صلوات الله عليهم أعرف بربهم وهم أشد خوفا لله تعالى ممن دونهم، وخوفهم خوف إكبار وإجلال، فهم لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يأمرون (والإسراف) مجاوزة الحد في كل شيء، قال الكرماني يحتمل أن يتعلق بالإسراف فقط، ويحتمل أن يتعلق بجميع ما ذكر وقع في رواية لمسلم والإمام أحمد من حديث علي وتقدم في باب الأدعية الواردة عقب الصلاة صحيفة 56 رقم 777 في الجزء الرابع أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول هذا الدعاء عقب السلام من الصلاة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) أي الهداية إلى الصراط المستقيم (والتقى) الخوف من الله والحذر من مخالفته (والعفة) الصيانة والتنزه كما لا يباح والكف عنه (والغنى) أي غنى النفس والاستغناء عن الناس وعما في أيديهم (قال الطيبي) أطلق الهدى والتقى ليتناول كل ما ينبغي

-281 - من أدعيته صلى الله عليه وسلم اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي ----- (وعنه أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم أحسنت خلقي فأحسن خلقي (عن ابن عمر) رضي الله عنهما أنا كنا لنعد لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في المجلس يقول رب اغفر لي وتب على انك أنت التواب الغفور مائة مرة (عن أبي صرمة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أسألك غناي مولاي (عن زيد بن أبي القموص) عن وفد عبد القيس رضي الله عنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم اجعلنا في عبادك المنتخبين الغر المحجلين

_ أن يهدي إليه من أمر المعاش والمعاد ومكارم الأخلاق، وكلما يجب أن يتقي منه من شر ومعصية وخلق ديني (تخريجه) (م مذ جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محاضر ابو المورع ثنا عاصم عن عوسجة بن الرماح عن عبد الله بن أبي الهذيل عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بفتح المعجمة وسكون اللام يعني صورتي وكان (ص من أحسن الناس صورة (فأحسن خلقي) بضم المعجمة واللام، وفيه إشارة إلى قول عائشة رضي الله عنها (كان خلقه القرآن) وقد مدح الله عز وجل خلقه صلى الله عليه وسلم في كتابه العزيز أبلغ مدح وأكده بقوله عز وجل (وإنك لعلى خلق عظيم) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى وقال (فحسن خلقي) ورجالها رجال الصحيح غير عوسجة بن الرماح وهو ثقة اهـ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن النمير عن مالك يعني ابن مغول عن محمد بن سوقة عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (مذ نس جه حب) وقال الترمذي حسن صحيح غريب ولفظه (إنك أنت التواب الرحيم) وصححه أيضا حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد قال أنا يحيى بن سعيد أن محمد بن يحيى بن حبان أخبره أن عمه أبا صرمة كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) قال الزمخشري هو كل ولي كالأب والأخ وابن الاخ والغم وابنه والعصبة كلهم، وعد في القاموس من معانيه التي يمكن أرادتها هنا الصاحب والقريب والجار والحليف والناصر والمنعم عليه والمحب والتابع والصهر، والمراد بالغنى الذي سأله غنى النفس لا غنى المال (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وإسناد أحمد رجاله رجال الصحيح، وكذا إسناد الطبراني غير لؤلؤة مولاة الأنصار وهي ثقة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا محمد بن عبد الله العمري ثنا أبو سهل عوف بن أبي جميلة عن زيد بن أبي القموص الخ (وقوله عن وفد عبد القيس) الوفد الجماعة المختارة للتقدم في لقي العظماء: وتقدم الكلام على وفد عبد القيس مستوفي في باب من وفد على النبي صلى الله عليه وسلم من العرب للسؤال عن الإيمان والإسلام في كتاب الإيمان في الجزء الأول صحيفة 70 رقم 14 فارجع إليه المنتخبون من الناس المختارون، والانتخاب الاختيار والانتقاء (والغر المحجلون) وهم بيض مواضع الوضوء من الأيدي والوجه والأقدام، استعار أثر الوضوء في الوجه واليدين والرجلين للإنسان من

-282 - ومنها اللهم اغفر لي ذنبي وخطئي وعمدي ----- المتقبلين، قال فقالوا يا رسول الله ما عباد الله المنتخبون؟ قال عباد الله الصالحون، قالوا فما العز المحجلون؟ قال الذين يبيض منهم مواضع الطهور، قالوا فما الوفد المتقبلون؟ قال وفد يفدون من هذه الأمة مع بينهم إلى ربهم تبارك وتعالى (عن أبي يعلى) عن عثمان بن أبي العاص وامرأة من قيس رضي الله عنهما أنهما سمعا النبي صلى الله عليه وسلم قال احدهما سمعته يقول اللهم اغفر لي ذنبي وخطئي وعمدي وقال الآخر سمعته يقول اللهم أستهديتك لأرشد أمري وأعوذ بك من شر نفسي (عن أبي السليل) عن عجوز من بني نمير أنها رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي بالأبطح تجاه البيت قبل الهجرة قالت فسمعته يقول اللهم اغفر لي ذنبي خطئي وجهلي (عن محمد بن كعب القرظي) قال قال معاوية على المنبر اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد من يرد الله به خيرا

_ البياض الذي يكون في وجه الفرس ويديه ورجليه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد من لم أعرفهم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح وعبد الصمد قالا ثنا حماد قال روح قال أنا الجريري عن أبي العلاء الخ عن علي رضي الله عنه أنه صلى الله عليه وسلم عد ترك الأولى ذنبا وإلا فالمعصوم لا يتعمد اقتراف ذنب وقد عصمه الله، وقيل كان قبل النبوة، وقيل هو تعليم لأمته أي أطلب منك الهداية (لأرشد أمري) أي أفضله وأحسنه، والمراد التوفيق لصالح الأعمال (تخريجه) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني إلا أنه (يعني الطبراني) قال وامرأة من قريش ورجالها رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال أنا شعبة عن سعد الجريري عن أبي السليل الخ (غريبة) يعني أبطح مكة وهو مسيل واديها ويجمع على البطاح والأباطح أي ما وقع سهوا وما لم أعلمه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا السليل ضريب بن نفير (بالتصغير فيهما) لم يسمع من الصحابة فيما قيل اهـ (قلت) جاء هذا الحديث عند الشيخين والإمام أحمد من حديث طويل لأني موسى الأشعري سيأتي بعد حديثين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا أسامة بن زيد عن محمد بن كعب القرظي الخ (غريبة) يعني منبر مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة لقوله في آخر الحديث سمعت هؤلاء الكلمات من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المنبر اشتهر على الألسنة زيادة (ولا راد لما قضيت) قال الحافظ وهي في مسند عبد ين حميد من رواية معمر عن عبد الملك بن عمير لكن حذف قوله (ولا معطى لما منعت) الجد مضبوط في جميع الروايات بفتح الجيم (قال النووي) وهو الصحيح المشهور الذي عليه الجمهور أنه بالفتح، وهو الحظ في الدنيا بالمال أو الولد أو العظمة أو السلطان، والمعنى لا ينجيه حظه منك وإنما ينجيه فضلك ورحمتك اهـ (قلت) جاء في حديث المغيرة بن شعبة عند الشيخين والإمام أحمد تقدم وتقدم في الجزء الرابع في باب جامع لأذكار

-283 - ومنها اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا على من خزي الدنيا وعذاب الآخرة ----- يفقهه (1) في الدين سمعت هؤلاء الكلمات من رسول الله صلى الله عليه وسلم على هذا المنبر (عن بسر بن أرطاة القرشي) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو اللهم أحسن عاقبتنا في الأمور كلها وأجرنا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو بهؤلاء الدعوات اللهم اغفر لي خطاياي وجهلي وإسرافي في أمري، وما أنت أعلم به مني، اللهم اغفر لي جدي وهزلي وخطئي وعمدي، كل ذلك عندي (عن عبد الله بن عمرو) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو يقول اللهم اغفر ثنا ذنوبنا وظلمنا وهزلنا وجدنا وعمدنا وكل ذلك عندنا (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم إني أسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وأن تغفر لي وترحمني، وإذا أردت فتنة في قوم فتوفى غير مفتون، وأسألك حبك وحب

_ وتعوذات عقب الصلاة صحيفة 65 رقم 789 أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول هذا الذكر عقب السلام من الصلاة الفقه في الأصل الفهم فقوله يفقه أي يفهمه علوم الدين وأسرار الشريعة مع العمل بما يعمل، وفيه شرف العلم وفضل العلماء وأن التفقه في الدين مع العمل علامة على حسن الخاتمة (تخريجه) (لك) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هيثم بن خارجة ثنا محمد بن أيوب ابن ميسرة بن حليس قال سمعت أبي يحدث عن بسر بن أرطاة الخ (بسر) بضم الباء الموحدة وسكون السين المهملة، وفي آخر الحديث قال عبد الله يعني بن الإمام أحمد وسمعته أنا من هيثم ومعناه أن عبد الله روى هذا الحديث مرتين مرة عن أبيه عن هيثم ومرة عن هيثم بغير واسطة أبيه (تخريجه) (طب) وزاد (من كان ذلك دعاؤه مات قبل أن يصيبه ابلاء) قال الهيثمي ورجال أحمد وأحد أسانيد الطبراني ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد قال ثنا شريك عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن موسى الخ (غريبة) هما متضادان (وخطئ وعمدي) هما متقابلان (كل ذلك عندي) أيمكن أي أنا متصف بهذه الأمور فاغفرها لي، قاله تواضعا أو أراد ما وقع سهوا أو ما قبل النبوة أو محض تعليم لامته (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو الخ (تخريجه) (طب) وقال الهيثمي رواه أحمد والطبراني وإسنادهما حسن هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله في باب الترغيب في خصال مجتمعة من كتاب الترغيب في صالح الأعمال إن شاء الله تعالى (غريبة) أي المأثورات من أفعال الخير والمعنى أطلب منك يا الله الأقدار على فعلها والتوفيق لذلك (وترك المنكرات) أي المنهيات (وحب المساكين) قال الباجي هو من فعل القلب ومع ذلك فيختص بالتواضع، وفيه إن فعل الثلاثة إنما هو بفضل الله وتوفيقه أي بلايا ومحن، والفتنة لغة: الاختبار والامتحان، وتستعمل عرفا لكشف ما يكره قاله القاضي عياض، وتطلق على القتل والإحراق والنميمة

-284 - ومنها اللهم اغفر لي ذنبي ووسع لي في داري وبارك لي في رزقي ----- من يحبك وحب عمل يقربني إلى حبك، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها الحق فادرسوها وتعلموها (عن ابن القعقاع) عن رجل جعل يرصد نبي الله صلى الله عليه وسلم فكان يقول في دعائه اللهم اغفر لي ذنبي ووسع لي في داري وبارك لي فما رزقتني، ثم رصده الثانية فكان يقول مثل ذلك (عن عائشة رضي الله عنها) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم اجعلني من الذين إذا أحسنوا استبشروا وإذا أساؤوا استغفروا (عن ابن بريدة) قال حدثت عن الأشعري أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أستغفرك لما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت إنك أنت المقدم وأنت المؤخر وأنت على كل شيء قدير (عن أم سلمة) رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول رب اغفر لي وارحمني وأهدني للطريق الأقوم

_ وغير ذلك، وفيه إشارة إلى طلب العافية واستدامة السلامة إلى حسن الخاتمة يعني أن هذه الكلمات كلمات حق (فادرسوها) أي تعهدوها بالقراءة والحفظ وادعوا الله بها، وفيه الحث على حفظ هذه الدعوات والدعاء بها (تخريجه) (لك) في الموطأ بلاغا إلى قوله غير مفتون، قال ابن عبد البر رواه طائفة عن مالك عن يحيى بن سعيد أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم إني أسألك الخ: منهم عبد الله ابن يوسف النيسي قال هو حديث صحيح عب الرحمن بن عائش وابن عباس وثوبان وأبي أمامه الباهلي اهـ (قلت) ورواه الحاكم من حديث معاذ أيضا ومن حديث عبد الرحمن بن عائش وصححهما وأقرهما الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد ابن جعفر ثنا شعيبة عن أبي مسعود عن ابن القعقاع الخ (غريبة) أي يترقبه عند الدعاء أي محل سكني في الدنيا لأن ضيق مرافق الدار يضيق الصدر ويشتت الأمتعة ويجلب الهم ويشغل البال، أو المراد القبر إذ هو الدار الحقيقية، وعلى الأول فالمراد التوسعة بما يقتضيه الحال لا الترفه والتبسط في الدنيا والمراد قدر الكفاية لا أزيد ولا أنقص إذ الزيادة سرف والنقص تقتير البركة في الرزق كونه محفوفا بالنماء والزيادة في الخير والرضا بما قسم منه وعدم التلفت إلى غيره (تخريجه) (مذ طب) وزاد فسئل النبي صلى الله عليه وسلم عنهن فقال وهل تركن من شيء؟ قال النووي في الأذكار إسناده صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ثنا حماد بن سلمة عن علي بن يزيد عن أبي عثمان النهدي عن عائشة الخ (تخريجه) (جه هق) وفيه على بن يزيد بن جدعان مختلف فيه وبقية رجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد حدثني أبي ثنا حسين عن ابن بريدة الخ وتقدم شرحه في حديث أبي هريرة السابق أول الباب (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى قال ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن أم سلمة الخ (غريبة) يعني الطريق المستقيم طريق الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء

-285 - ومنها اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت وإليك أنبت الخ ----- (وفي لفظ) رب اغفر وارحم واهدني السبيل الأقوم (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله | صلى الله عليه وسلم كان يدعو رب أعني ولا تعن على وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي واهدني ويسر الهدي إلي، وانصرني ولا تنصر علي، وامكر لي ولا تمكر علي واهدني ويسر الهدى إلي، وانصرني على من بغى علي، رب اجعلني لك شكارا لك أذكار، لك رهابا لك مطواعا إليك مختبا، لك أواها منيبا رب تقبل توبتي واغسل حوبتي وأجب دعوتي وثبت حجتي وأهد قلبي وسدد لساني واسلل سخيمة قلبي (وعنه أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم لك أسلمت وبك آمنت وعليك توكلت، وإليك أنبت وبك خاصمت، أعوذ بعزتك لا إله إلا أنت أن تضلني أنت الحي

_ والصالحين (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه وأبو يعلى باسنا دين حسنين (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى قال أملاه على سفيان إلى شعبة قال سمعت عمرو بن مرة حدثني عبد الله ابن الحارث المعلم حدثني طليق ينم قيس الحنفي أخو أبي صالح عن ابن عباس الخ (غريبة) أي على طاعتك وعلى أعدائي (ولا تعن على) أحدا منهم بضم الكاف فيهما والمراد ألحق عذابك بأعدائي لا بي: والمكر في الأصل الخداع وإظهار خلاف ما في الباطن وهو محال على الله تعالى، والمراد لازمه من العذاب والانتقام، وقيل هو استدراج العبد بالطاعة فيتوهم أنها مقبولة وهي مردودة بما وقع فيها من الرياء والسمعة جاء هو وما بعده على صيغة المبالغة، ومعناه الكثرة أي كثير الشكر وهو الاعتراف بالنعمة للمنعم، وقدم الجار والمجرور على عامله للاهتمام وقصد التخصيص أي كثير الخوف من عذابك أي كثير الطاعة (وقوله مخبتا لك) من الاختبارات وهو الخشوع والتواضع، وقيل من الخبث بفتح فسكون وهو الاطمئنان قال تعالى (وأخبتوا إلى ربهم) اطمأنوا إلى ذكر هـ وسكنت نفوسهم لأمره يعنه كثير التأوه والبكاء ومنه قوله تعالى (لأواه حليم) (وقوله منيبا) من الإنابة وهو الرجوع إلى طاعة الله عز وجل أي أزل خطيئتي وإثمي فالحوبة الإثم أي قولي وإيماني في الدنيا وعند جواب الملكين (وسدد لساني) أي أنطقه بصواب القول أي أخرج الحقد والحسد من قلبي فالسخيمة بفتح المهملة وكسر المعجمة الحقد والحسد، وسلها إخراجها وتنقية القلب منها من سل السيف إذا أخرجه من الغمد (تخريجه) (د نس جه مذ) وقال حسن صحيح وأخرجه أيضا (حب ك) وصححاه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا انقدت وبك صدقت قال النووي في إشارة إلى الفرق بين الإسلام والإيمان أي رجعت وأقبلت بهمتي (وبك خاصمت) أي بك احتج وأدفع وأخاصم (أعوذ بعزتك) أي بقوة سلطانك كلمة تضلني متعلقة أعوذ أي أعوذ بعزتك من أن تضلني وكلمة (لا اله إلا أنت) لتأكيد العزة (تخريجه) (ق وغيرهما)

-286 - ومنها اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ونفس لا تشبع ودعاء لا يسمع الخ ----- الذي لا تموت والجن والإنس يموتون (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال دعوات سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أتركها ما عشت حيا، سمعته يقول اللهم اجعلني أظم شكرك وأكثر ذكرك وأتبع نصيحتك وأحفظ وصيتك (عن يحيى بن حسان) عن رجل من بني كنافة قال صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح فسمعته يقول اللهم لا تخزني يوم القيامة، قال ابن المبارك، يحيى بن حسان من أهل بيت المقدس وكان شيخا كبيرا حسنت الفهم (عن عبد الله بن أبي أوفى) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول اللهم طهرني بالثلج والبرد والماء البارد اللهم طهر قلبي من الخطايا كما طهرت الثوب الأبيض من الدنس، وباعد بيني وبين ذنوبي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع، نفس لا تشبع، ودعاء لا يسمع، وعلم لا ينفع، اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع، اللهم إني أسألك عيشة نقية وميتة سوية ومردا غير مخزي (باب ما جاء في أدعية كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر

_ (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم أبو النضر قال ثنا الفرج يعني ابن فضالة ثنا أبو سعيد المدني عن أبي هريرة الخ (غريبة) المراد بالوصية المذكورة قوله تعالى (ولقد وصينا الذين أتو الكتاب من قبلكم وإياكم أن إتقو الله) فغنها للأولين والآخرين، وهي التقوى والتسليم لله العظيم في جميع الأمور، والرضا بالمقدور على ممر الدهور (تخريجه) (مذ) وقال هذا الحديث غريب (قلت) في سنده الفرج بن فضالة وهو ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن إسحاق الطالقاني ثنا ابن مبارك عن يحيى بن حسان الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا ليث عن مدرك من حديث عبد الله بن أبي أوفى الخ (غريبة) معناه طهرني المن الذنوب والخطايا، ووقع في رواية البخاري من حديث عائشة بلفظ (اللهم اغسل عني خطاياي بماء الثلج والبرد) (البرد) بفتحتين ماء متجمد ينزل من السماء يشبه الحصى ويسمى حب الغمام وحب المزن (وقوله والماء البارد) لعله يريد ماء الثلج بعد ذوبانه بدليل قوله في رواية البخاري (بماء الثلج) قال الحافظ وحكمة العدول عن الماء الحار إلى الثلج والبرد مع أن الحار في العادة أبلغ في إزالة الوسخ، الإشارة إلى أن الثلج والبرد ما آن طاهران لم تمسهما الأيدي ولم يمتهنهما الاستعمال، فكان ذكرهما آكد في هذا المقام الدنس بفتحتين الوسخ وهذه الجملة مؤكدة للجملة قبلها ومجاز عن إزالة الذنوب ومحو أثرها، وخص الثوب الأبيض لأن ظهور الدنس فيه أظهر من ظهوره في غيره: وخص القلب بالذكر في هذه الجملة لأن محل الإيمان وملك الأعضاء واستقامتها باستقامته أي مشرق الشمس ومغربها: والغرض إبعاد الذنوب عنه والحيلولة بينه وبينها بالكلية ذكر الأربع إجمالا بعد ذكرها تفصيلا للتوكيد، ولا يقال إن هذا سجع في الدعاء وهو مكروه: لأنه صدر منه صلى الله عليه وسلم بغير قصد، ولذلك جاء في غاية الانسجام أي زكية

-287 - ومنها ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار ----- الدعاء بها (منها) ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا) (عن قتادة أنه سأل أنسا) أي دعوة كان أكثر ما يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال كان أكثر دعوة يدعو بها رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها، وإذا أراد أن يدعو بدعاء دعا بها فيه (عن أنس ابن مالك) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عاد رجلا من المسلمين قد صار مثل الفرخ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل كنت تدعو بشيء أو تسأله إياه؟ قال نعم كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجله لي في الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله لا تطيقه ولا تستطيعه فهلا قلت (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)؟ قال فدعا الله

_ راضية مرضية (وميتة) بكسر الميم وسكون التحتية وهي حالة الموت (سوية) بفتح فكسر ثم تحتية مفتوحة مشددة أي معتدلة فلا أرذل العمر ولا أقاسي مشاق الهرم (ومراد غير مخزي) بإثبات الياء التحتية مشددة وضم الميم وبالزاي المكسورة أي مرتجعا إلى الآخرة غير مذل ولا يوقع في بلاء (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد: ورواه الترمذي مختصرا إلى قوله من الدنس وقال حديث حسن صحيح غريب: وروى الشيخان طرفه الأول إلى قوله بين المشرق والمغرب من حديث عائشة، وروى ما بعد هذه الجملة إلى قوله اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع (مذ نس) من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص (د نس جه ك) من حديث أبي هريرة، وروى الباقي منه (بز طب ك) وقال على شرط مسلم، قال الهيثمي إسناد الطبراني جيد اهـ، ورواه مسلم من حديث زيد بن أرقم بدون قوله اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع، وأبدلها بقوله (ومن دعوة لا يستجاب لها) والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ثنا عبد العزيز قال سأل قتادة أنسا (يعني ابن مالك) الخ (غريبة) الحسنة تشمل كل مطلوب دنيوي، وأما الحسنة في الآخرة فأعلى ذلك دخول الجنة وتوابعه من الأمن ومن الفزع الأكبر وتيسير الحساب وغير ذلك من الأمور الأخروي (وأما النجاة من النار) فهو يقتضي تيسير أسباب في الدنيا من اجتناب المحارم والآثام وترك الشبهات والحرام يعني إذا أراد أن يختصر في الدعاء دعا بها، وإن أراد أن يدعو بدعوات طويلة دعا بها ضمن دعواته لحرصه عليها (تخريجه) (ق. وغيرهما) ابن أبي عدي عن حميد وعبد الله بن بكر السهمي ثنا حميد عن ثابت ابن أنس الخ (غريبة) أي مريضا أضعفه المرض حتى صار ضعيفا مثل الفرخ وهو ولد الطير عند خروجه من البيضة يعني فاستجاب الله دعاءه وابتلاه بالمرض (تخريجه) قال النووي في هذا الحديث النهي عن الدعاء بتعجيل العقوبة وفيه فضل الدعاء باللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة الخ، وفيه كراهة تمنى البلاء لئلا يتضجر منه فيحرم

-288 - ومنها مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ----- عز وجل فشفاه الله عز وجل (ومنها مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) (عن شهر بن حوشب) قال سمعت أم سلمة رضي الله عنها تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر في دعائه يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، قالت قلت يا رسول الله أو إن القلوب لتتقلب؟ قال نعم، ما من خلق الله من بني آدم من بشر إلا وقلبه بين إصبعيه من أصابع الله فإن شاء الله عز وجل أقامه وإن شاء أزاغه فنسأل الله ربنا أن لا يزيغ قلوبنا بعد إذ هدانا، ونسأله أن يهب لنا من لدنه رحمة أنه هو الوهاب، قالت قلت يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي، قال بلى- قولي اللهم رب محمد النبي اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتنا (عن النواس بن سمعان الكلابي) رضي الله عنه قال سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع رب العالمين إن شاء أن يقيمه أقامه، وإن شاء أن يزيغه أزاغه، وكان يقول يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على دينك، والميزان بين الرحمن عز وجل يخفضه ويرفعه (عن عائشة رضي الله عنها) قالت دعوات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ من الثواب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا عبد الحميد قال حدثني شهر بن حوشب الخ (غريبة) قال الراغب تقلب الشيء تغييره من حال إلى حال، والتقليب التصرف: وتقليب الله القلوب والبصائر صرفها من رأى إلى رأى اهـ (وقال البيضاوي) في نسبه تقلب القلوب إلى الله عز وجل إشعار بأنه يتولى قلوب عباده ولا يكلها إلى أحد من خلقه، وفي دعائه صلى الله عليه وسلم (يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك) إشارة إلى شمول ذلك للعباد حتى الأنبياء ورفع توهم من يتوهم من يتوهم إنهم يستثنون من ذلك، وخص نفسه بالذكر إعلاما بأن نفسه الزكية إذا كانت مفتقرة إن تلجأ إلى الله سبحانه فافتقار غيرها ممن هو دونه أحق بذلك هذا ونحوه من المتشابه الذي نؤمن به كما جاء من غير تشبيه ولا تمثيل ونكل علمه إلى الله عز وجل وقد تقدم نحوه في غير موضع أي إقامة على الهدى ودين الحق، وإن شاء أزاغه يعني أضله وصرفه عن الحق إلى الباطل قال تعالى (قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله) فيه استحباب الدعاء بهذه الآية وهي قوله تعالى (ربنا لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا- إلى قوله إنك أنت الوهاب) وقد ورد ما يؤيد ذلك (تخريجه) رواه ابن جرير وابن مردودية، وروى الترمذي الطرف الأول منه إلى قوله ثبت قلبي على دينك، وقال حديث حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم قال سمعت يعني ابن جابر يقول حدثني بسر بن عبد الله الحضرمي أنه سمع أبا إدريس الخولاني يقول سمعت النواس بن سمعان الكلابي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) تقدم شرحه في الحديث السابق (وقوله والميزان بيد الرحمن الخ) تقدم الكلام عليه مطولا في كتاب التوحيد في الجزء الأول في باب عظمة الله تعالى صحيفة 40 فارجع إليه (تخريجه) (جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس قال ثنا حماد يعني ابن يزيد

-289 - ومنها يا مصرف القلوب ثبت قلبي على طاعتك ----- يكثر يدعو بها، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، قالت فقلت يا رسول الله إنك تكثر تدعو بهذا الدعاء؟ فقال إن قلب الآدمي بين إصبعين من أصابع الله عز وجل، فإذا شاء أزاغه، وإذا شاء أقامه (عن أنس بن مال) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك، فقال له أصحابه وأهله يا رسول الله أتخاف علينا وقد آمنا بك وبما جئت به؟ قال إن القلوب بيد الله عز وجل يقلبها (عن عبد الله بن عمرو) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن عز وجل كقلب واحد يصرفه كيف يشاء، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم مصرف القلوب أصرف قلوبنا إلى طاعتك (عن عائشة رضي الله عنها) أنها قالت ما رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه إلى السماء إلا قال يا مصرف القلوب ثبت قلبي على طاعتك، (عن أبي موسى الأشعري) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما سمي القلب من تقلبه، إنما مثل القلب كمثل ريشة معلقة في أصل شجرة يقلبها الريح ظهرا لبطن (ومنها اللهم اغفر لي ما أخطأت وما تعمدت الخ)

_ عن المعلى بن زياد وهشام ويونس عن الحسن أن عائشة قالت دعوات الخ (تخريجه) (نس) قال العراقي وسنده جيد (قلت) وأصله ثابت في الصحيحين وغيرهما من طرق كثيرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد ثنا سليمان بن مهران عن أبي سفيان عن أنس ابن مالك الخ (تخريجه) (مذ جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وروى نحوه (عل) من حديث جابر، وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة أخبرنا أبو هانئ أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلى أنه سمع عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) أنه سمع رسول الله (الخ) (غريبة) معناه أنه يتصرف في جميع قلوبهم كتصرف في قلب رجل واحد لا يشغله قلب عن قلب، وفيه دلالة على كامل قدرته وأنه لا يقدر على ذلك غيره سبحانه ما أعظمه (تخريجه) (م) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة ثنا حاتم بن إسماعيل عن مسلم بن محمد بن زائدة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفي إسناده مسلم بن محمد بن زائدة (قال الحافظ) في تعجيل المنفعة شيخ الحاتم بن إسماعيل كذا وقع في رواية، وإنما هو صالح بن محمد بن زائدة الليثي وهو في تهذيب اهـ (قلت) صالح محمد الذي أشار إليه الحافظ تكلم فيه بعضهم، وقال الامام أحمد لا بأس به (خلاصة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عاصم الأحول عن أبي كبشة قال سمعنا أبا موسى يقول على المنبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي لكثرة تقلبه وعدم ثبوته على حالة واحدة شبه القلب بالريشة لسرعة تقلبها بالقليل من الريح لا سيما إذا كانت معلقة ووصفها بالتعليق لأنه أبلغ في كثرة تقلب المعلق بالريح من الملقى على الأرض قال المظهر ظهرا

-290 - أدعية جامعة كان يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه (منها) دعاء سلمان الفارسي ----- (عن عمران بن حصين) رضي الله عنه قال كان عامة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لي ما أخطأت وما تعمدت، وما أسررت وما أعلنت، وما جهلت وما تعمدت (باب أدعية جامعة كان يعلمها النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أوصى سلمان الخير قال إن نبي الله صلى الله عليه وسلم يريد أن يمنحك كلمات تسألهن الرحمن ترغب إليه فيهن وتدعو بهن بالليل والنهار قال، اللهم إني أسألك صحة إيمان وإيمانا في خلق حسن ونجاحا يتبعه فلاح يعني ورحمة منك وعافية ومغفرة منك ورضوانا (عن عبد الله بن عباس) عن أبيه العباس رضي الله عنهما أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أنا عمك قد كبرت سني واقترب

_ بدل بعض من الضمير في يقلبها، واللام في بطن بمعنى إلى، ويجوز أن يكون ظهرا لبطن مفعولا مطلقا أي يقلبها تقليبا مختصا، وأن يكون حال أي يقلبها مختلفة، ولهذا الاختلاف سمى القلب قلبا اهـ (تخريجه) (جه هق طب) قال الحافظ العراقي وسنده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ثنا معاذ حدثني أبي عن عون وهو العقيلي عن مطرف عن عمران ابن حصين الخ (غريبة) المراد بالتعميم هنا الكثرة أو باعتبار ما علم عمران وإلا فدعاؤه صلى الله عليه وسلم بغير هذا الدعاء لا يحصى كرر العمد مرتين لأن عقابه أشد، والمراد تعليم الأمة لأن الله عز وجل عصمه من ذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني بنحوه ورجالهم رجال الصحيح غير عون العقيلي وهو ثقة (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا سعيد ثنا عبد الله بن الوليد عن ابن حجيرة عن أبي هريرة الخ (غريبة) يعني سلمان الفارسي، ويقال له سلمان الخير أيضا رضي الله عنه يعني قوة اليقين في الإيمان أي وأسألك إيمانا يصحبه حسن خلق (بضم اللام) (وقوله ونجاحا) أي حصولا للمطلوب يتبعه فلاح أي فوز بغية الدنيا والآخرة بالنصب مفعول لفعل محذوف، أي وأسألك رحمة منك وعافية من البلايا والمصائب (ومغفرة منك) أي سترا للعيوب (ورضوانا) منك فإنه فوز بغية الدنيا والآخرة جاء في المسند بعد قوله ورضوانا قال (يعني عبد الرحمن بن الإمام أحمد) قال أبي وهن مرفوعة في الكتاب (يتبعه فلاح ورحمة منك وعافية ومغفرة منك ورضوانا) يريد والله أعلم أن هذه الجملة وهي قوله (يتبعه فلاح الخ) مرفوعة يعني من كلام النبي صلى الله عليه وسلم لا من كلام الراوي والله أعلم (تخريجه) (طس ك) وصححه الحاكم. وسكت عنه الذهبي. وقال الهيثمي رجاله رجال ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن بكر ثنا حاتم يعني ابن أبي صغيرة حدثني بعض بني المطلب قال قدم علينا على بن عبد الله بن عباس في بعض تلك المواسم قال فسمعته يقول: حدثني أبي عبد الله بن عباس

-291 - ومنها دعاء العباس وأبي بكر رضي الله عنهما ----- أجلي فعلمني شيئا ينفعني الله به، قال يا عباس أنت عمي ولا أغنى عنك من الله شيئا، ولكن سل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة قالها ثلاثا، ثم أتاه عند قرن الحول فقال له مثل ذلك (عن رفاعة بن رافع) قال سمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فبكى أبو بكر حين ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سرى عنه ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هذا القيظ عام الأول سلوا الله العفو والعافية واليقين في الآخرة والأولى (عن الحسن) أن أبا بكر رضي الله عنه خطب الناس فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس إن الناس لم يعطوا في الدنيا خيرا من اليقين والمعافاة فسلوهما الله عز وجل

_ عن أبيه العباس الخ (غريبة) أي تنجيك قرابتي من عذاب الله أن كنت مقصرا في حقوقه ولكن سل ربك العفو والعافية، ومعنى محو الذنب، ومعنى العافية السلامة من الأسقام والبلاء وضعف الإيمان وما يترتب عليه من ارتكاب الذنوب، قال بعض العارفين أكثروا من سؤال العافية فإن المبتلى وإن اشتد بلائه لا يأمن ما هو أشد منه (وقوله في الدنيا والآخرة) يتضمن إزالة الشرور الماضية والآتية، وهذا منه جوامع الكلم، إذ ليس شيء يعمل للآخرة يتقبل إلا اليقين، وليس شيء من أمر الدنيا يهنأ به صاحبه إلا مع الأمن والصحة وفراغ القلب فجمع أمر الآخرة كله في كلمة وأمر الدنيا كله في كلمة أي عند آخر الحول وأول الثاني، والمراد بحول السنة (تخريجه) (طب) بأطول من هذا واختلاف في بعض الألفاظ وبأسانيد متعددة، قال الهيثمي ورجال بعضها رجال الصحيح غير يزيد بن أبي زياد (يعني عند الطبراني) وهو حسن الحديث اهـ (قلت) ورواه (مذ ك) وصححاه لكن في إسناده عند الإمام أحمد من لم يسم (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو عامر قالا ثنا زهير يعني ابن محمد عن عبد الله يعني ابن محمد بن عقيل عن معاذ بن رفاعة الأنصاري عن أبيه (يعني رفاعة بن رافع) الخ (غريبة) يعني غلبه البكاء عند قوله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه كان في ذاك الوقت لم يمض على وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا عام واحد بدليل قوله (في هذا القيظ عام الأول) يعني من العام الماضي، والقيظ زمن شدة الحر بضم المهملة وكسر الراء مشددة أي ذهب عنه ما يجد من البكاء تقدم تفسير العفو والعافية في شرح الحديث السابق، والمراد باليقين هنا الإيمان الكامل فإن ذلك أصل جميع النعم (وقوله في الآخرة والأولى) يعني الدنيا والآخرة (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذي حسن غريب، ورواه النسائي من طرق أحد أسانيدها صحيح قاله المنذري (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم عن يونس عن الحسن (يعني البصري) أن أبا بكر رضي الله عنه خطب الناس الخ (غريبة) تقدم معنى اليقين وهو الإيمان الكامل (والمعافاة) مفاعلة من العافية ومعناه يعافيك الله عن الناس بصرف أذاهم عنك وأذاك عنهم، وقيل مفاعله من العفو يعني عفوك عنهم وعقوهم عنك والمآل واحد (فسلوهما

-292 - ومنها دعاء أنس وأبي وموسى زيد بن ثابت رضي الله عنهم ----- (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ثم أتاه من الغد فقال يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال قال تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة، ثم أتاه اليوم الثالث فقال يا رسول الله أي الدعاء أفضل؟ قال تسأل ربك العفو والعافية في الدنيا والآخرة فإنك إذا أعطيتهما في الدنيا ثم أعطيتهما في الآخرة فقد أفلحت (عن أي موسى) أن عليا رضي الله عنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم سل الله تعالى الهدى والسداد، واذكر بالهدى هدايتك الطريق، واذكر بالسداد تسديدك السهم (عن زيد بن ثابت) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم علمه دعاء وأمره أن يتعاهد به أهله كل يوم قال، قل كل يوم حين تصبح لبيك اللهم لبيك وسعديك والخير في يديك ومنك وبك واليك، اللهم ما قلت من قول أو نذرت

_ الله عز وجل) أي لأنهما قد جمعا بين عافيتي الدنيا والآخرة والدين (تخريجه) (مذ جه) وحسنه الترمذي ولكن ليس من طريق الحسن فإن لم يدرك أبا بكر رضي الله عنه فحديثه عند الإمام أحمد ضعيف لانقطاعه ولكن تعضده الأحاديث الأخرى والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا زياد بن عبد الله بن علاثة ثنا سلمة بن وردان المدني قال سمعت أنس بن مالك قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي فزت وظفرت وإنما لم يأمره صلى الله عليه وسلم بغير هذا الدعاء بعد إلحاح الرجل ثلاث مرات في ثلاث أيام لأنه متضمن للعفو عن الماضي والآتي فالعافية في الحال والعفو في الاستقبال، فهو طلب دوام العافية واستمرارها لهذا سمي أفضل الدعاء، وهو من جوامع الكلم كما تقدم (تخريجه) (جه مذ) وقال هذا حديث حسن غريب إسنادا اهـ (قلت) وصححه الحافظ السيوطي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف ثنا خالد عن عاصم بن كليب عن أبي بردة عن أبي موسى (يعني الأشعري) أن عليا الخ (غريبة) الهدى بضم الهاء وفتح الدال المهملة معناه الرشاد إلى الطريق المستقيم ويذكر ويؤنث (والسداد) بفتح السين المهملة أصله الاستقامة والقصد في الأمور، ومعنى اذكر بالهدى هدايتك الطريق لا يضل عنه، ومسدد السهم يحرص على تقويمه ولا يستقيم رميه حتى يقومه، وكذا الداعي ينبغي أن يحرص على تسديد علمه وتقويمه ولزومه السنة والجماعة، ففي استحضاره هداية الطريق وتسديد السهم حال الدعاء تنبيه له (تخريجه) (م د نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا ضمرة بن حبيب بن صهيب عن أبي الدرداء عن زيد بن ثابت الخ (غريبة) تقدم الكلام مبسوطا في معنى لبيك وسعديك في باب التلبية من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر صحيفة 174 والمراد بالتلبية هنا الإخبار بالملازمة على الطاعة والعبادة أي عبادة كانت، (ومعنى سعديك) أي مساعدة لطاعتك بعد مساعدة (والخير في يديك)

-293 - دعاء زيد بن ثابت رضي الله عنه ----- من نذر أو حلفت من حلف فمشيئتك بين يديه، ما شئت كان، وما لم تشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا بك إنك على كل شيء قدير، اللهم وما صليت من صلاة فعلى من صليت، وما لعنت من لعنة فعلى من لعنت إنك أنت وليي في الدنيا والآخرة توفني مسلما وألحقني بالصالحين أسألك الله الرضا بالقضاء وبرد العيش بعد الممات ولذة نظر إلى وجهك وشوقا إلى لقائك من غير ضراء مضرة ولا فتنة مضلة أعوذ بك اللهم أن أظلم أو أظلم أو أعتدي أو يعتدى علي أو أكتسب خطيئة محبطة أو ذنبا لا يغفر، الله فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة ذا الجلال والإكرام فإني أعهد إليك في هذه الحياة الدنيا وأشهدك وكفى بك أني أشهد أن لا اله إلا أنت وحدك لا شريك لك، لك الملك والحمد، وأنت على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبدك ورسولك، وأشهد أن وعدك حق ولقاءك حق والجنة حق والساعة آتية لا ريب فيها، وأنت تبعث من في القبور، وأشهد أنك إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضيعة وعورة وذنب وخطيئة

_ رواية مسلم بيديك بالباء الموحدة بدل الفاء: والمعنى واحد وهو أن الخير كله بيد الله عز وجل، ومنه وبتوفيقه وإليه يرجع الفضل في ذلك كله، وهذا معنى قوله (ومنك وبك وإليك) (والتاء مضمومة) في قوله ما قلت ونذرت وحلفت لأنها تاء المتكلم جاء في بعض الروايات (فمشيئتك بين ذلك كله) روى برفع مشيئتك على الابتداء، ومعناه الاعتذار بسابق الأقدار العائقة عن الوفاء بما ألزم به نفسه (وروى بنصب مشيئتك) على تقدير أقدم مشيئتك في ذلك وأنوى الاستثناء فيه طرحا للحنث متى عند وقوع الحلف، وقد جاءت الأحاديث بأن تقييد اليمين ونحوها بالمشيئة يقتضي عدم لزومها، فهذا القول يقتضي أن جميع ما يقوله الذاكر بهذا الذكر من الأقوال في حلف ونذر وغيرهما مقيد بالمشيئة الربانية الواو المتكلم أيضا، ومعنى الصلاة هنا الدعاء (وقوله فعلى من صليت) بفتح التاء لأنها ضمير المخاطب وهو الله عز وجل، والصلاة من الله الرحمة وكذا قوله (وما لعنت) من لعن بضم التاء أيضا (فعلى من لعنت) بفتحها في بعض الروايات الرضا بعد القضاء، قيل وهي أبلغ من الرضا بالقضاء فإنه قد يكون عزما فإذا وقع القضاء تنحل العزيمة، وإذا حصل الرضا بالقضاء بعد القضاء كان حالا وليس المراد الرضا بالذنوب التي قضاها الله تعالى، بل الرضا بما قضى به من مصائب الدنيا أو ما يبتلي العبد به (وقوله وبرد العيش) أي الراحة الدائمة بعد الموت في البرزخ وفي القيامة، وأصل البرد في الكلام السهولة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم (الصوم في الشتاء الغنيمة الباردة) رواه (عل طب هق) والإمام أحمد أيضا من حديث عامر بن مسعود هكذا بالأصل (ولذة النظر) وفي المستدرك (ولذة النظر) بالألف واللام أي إلى ضياع وتلف، والضيعة في الأصل المرة من الضياع وهو المراد هنا: ولها معان غير هذا، والمراد بالعورة هنا العيب والخلل، وكل عيب وخلل في شيء يقال له عورة، والمعنى إن تكلني إلى نفسي تكلني إلى ضياع وتلف وعيب وخلل (تخريجه) (طب. ك

-294 - ومنها دعاء حذيفة وشداد بن أوس رضي الله عنهما ----- وإني لا أثق إلا برحمتك فاغفر لي ذنبي كله إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت، وتب على إنك أنت التواب الرحيم (عن الحجاج بن فرافصة) حدثني رجل عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال بينما أنا أصلي إذ سمعت متكلما يقول اللهم لك الحمد كله، ولك الملك كله، بيدك الخير كله، إليك يرجع الأمر كله، علانيته وسره فأهل أن تحمد إنك على كل شيء قدير، اللهم اغفر لي جميع ما مضى منن ذنبي واعصمني فيما بقي من عمري، وارزقني عملا زاكيا ترضى به عني قال سمعت رسول الله (ص يقول إذا كنز الناس الذهب والفضة فاكنزوا هؤلاء الكلمات اللهم إني أسألك الثبات في الأمر والعزيمة على الرشد، وأسألك شكر نعمتك، وأسألك حسن عبادتك، وأسألك قلبن سليما، وأسألك لسانا صادقا وأسألك من خير ما تعلم وأستغفرك لما

_ وابن السني) وصححه الحاكم، وتعقيبه الذهبي فقال أبو بكر ضعيف فأين الصحة، وأبو بكر الذي أشار إليه الذهبي ابن أبي مريم المذكور في سند الحديث، وأورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وأحد أسانيدى الطبراني رجاله وثقوا، وفي بقية الأسانيد أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا همام ثنا الحجاج بن فرافضة الخ (غريبة) أي مباركا متقبلا يعني أن الثناء والدعاء الذي سمعته ليس من بشر، بل من ملك أرسله الله إليك ليعلمك تحميد ربك، وفي هذا منقبة جليلة لحذيفة بن اليمان رضي الله عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا روح قال ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية قال كان شداد بن أوس رضي الله عنه في سفر فنزل منزلا فقال لغلامه ائتنا بالسفرة نعبث بها: فأنكرت عليه: فقال ما تكلمت بكلمة منذ أسلمت إلا وأنا أخطمها وأزمها إلا كلمتي هذه فلا تحفظوها على واحفظوا متى ما أقول لكم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) معناه إذا حرص الناس طلاب الدنيا على حفظ الذهب والفضة لرفع قيمتها ولكونهما من أعظم متع الدنياـ، فاحرصوا انتم على حفظ هذه الكلمات فإنها أرفع قيمة من الذهب والفضة ومن أعظم متاع الآخرة مع ملاحظة أن متاع الدنيا قليل والآخرة خير لمن اتقى الثبات في الأمر الدوام على الدين والاستقامة بدليل ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم ثبت قلي على دينك أراد الثبات عند الاحتضار أو السؤال بدليل أنه صلى الله عليه وسلم كان دفن الميت قال (سلوا له التثبت فإنه الآن يسئل) ولا مانع من إرادة الكل (والعزيمة) عقد القلب على إمضاء الأمر (والرشد) حسن التصرف في الأمر بما يرضي الله عز وجل أي مخلصا خاليا من العقائد الفاسدة والميل إلى الرياء واللذات والشهوات أي ما تعلمه أنت ولا أعلمه أنا، وهذا سؤال جامع للاستعاذة من كل شر وطلب كل خير: وختم هذا الدعاء الذي هو من جوامع الكلم بالاستغفار الذي عليه بقوله (وأستغفرك لما تعلم) أي أطلب منك أن

-295 - ومنها دعاء عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما ----- تعلم إنك علام الغيوب (عن أم كلثوم) بنت أبي بكر عن عائشة رضي الله عنهم أن أبا بكر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أن يكلمه وعائشة تصلي: فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك بالكوامل أو كلمة أخرى (وفي لفظ عليك بالجوامع الكوامل) فلما انصرفت عائشة سألته ما علمت منه وما لم أعلم، وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم، وأسألك من الخير ما سألك عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأستعيذك مما إستعاذك منه عبدك ورسولك محمد صلى الله عليه وسلم، وأسألك ما قضيت لي من أمر أن تجعل عاقبته رشدا (وفي لفظ) وأسألك أن تجعل كل قضاء تقضيه لي خيرا (عن أم سلمة) رضي الله عنها قالت قلت يا رسول الله ألا تعلمني دعوة أدعو بها لنفسي؟ قال بلى، قولي اللهم رب محمد النبي اغفر لي ذنبي وأذهب غيظ قلبي وأجرني من مضلات الفتن ما أحييتنا (عن عمران بن حصين أو غيره) أن حصينا أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد لعبد (بفتح أوله وثانيه) المطلب كان خيرا لقومه منك، كان

_ تغفر لي ما عملته مني من تقصير وإن لم أحط به علما (تخريجه) (نس مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن جبر بن حبيب عن أم كلثوم الخ (غريبة) أو للشك من الراوي يشك هل قال عليك بالكوامل أو قال كلمة أخرى بمعناها، وقد جاء في اللفظ الآخر (عليك بالجوامع الكوامل) وهي التي جمعت معاني كثيرة في لفظ مختصر وجيز الآجل على وزن فاعل هو خير الآخرة، والعاجل هو خير الدنيا معناه ما قضيته لي في علمك سواء وقع منه شيء أو لم يقع: وسواء علمته بضم المثناة أو لم أعلم، وكذلك يقال في الاستعاذة من الشر قال الحليمى هذا من جوامع الكلم التي استحب الشارع الدعاء به، لأنه إذا دعا بهذا فقد سأل الله من كل خير وتعوذ به من كل شر، ولو اقتصر الداعي على طلب حسنة بعينها أو دفع سيئة بعينها كان قد قصر في النظر لنفسه أي خيرا كما في اللفظ الآخر هذا اللفظ رواه الإمام أحمد عن عفان قال ثنا حماد بسند حديث الباب (تخريجه) (جه ك) والبخاري في الأدب وصححه الحاكم وأقره الذهبي هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب الأدعية التي كان صلى الله عليه وسلم يكثر الدعاء بها رقم 225 وإنما ذكرنه هنا لمناسبة ترجمة الباب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسين ثنا شيبان عن منصور عن ربعي بن حراش عن عمران بن حصين أو غيره الخ (وقد جاء هذا الحديث) عند الحاكم بلفظ (عن عمران بن حصين عن أبيه) أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يسلم الخ: وهو يفيد أن حصينا والد عمران كان إذ ذاك كافرا لم يسلم، وقد أرسله كفار قريش ليخاصم النبي

-296 - ومنها دعاء حصين والد عمران وقصة إسلامه ----- يطعمهم الكبد والسنام وأنت تنحرهم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن يقول له، فقال له تأمرني أن أقول؟ قال قل اللهم قني شر نفسي وأعزم لي أرشد أمري، قال فانطلق فأسلم الرجل ثم جاء فقال إني أتيتك فقلت لي قل اللهم قني شر نفسي وأعزم لي على أرشد أمري فما أقول الآن؟ قال قل اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت وما أطأت وما عمدت وما علمت وما جهلت (عن أبي مالك الأشجعي) قال حدثني أبي طارق بن أشيم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلم من أسلم يقول اللهم اغفر وارحمني وارزقني، وهو يقول هؤلاء يجمعن لك خير الدنيا والآخرة (وعنه أيضا) قال حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أتاه الإنسان يقول كيف يا رسول الله أقول حين أسأل ربي؟ قال قل اللهم اغفر لي وارحمني وأهدني وارزقني وقبض أصابعه الأربع إلا الإبهام فإن هؤلاء يجمعن لك دنياك وآخرتك

_ صلى الله عليه وسلم في أمرهم وكان عمران إذ ذاك مسلما (غريبة) معناه أن عبد المطلب كان يكرمهم وينحر لهم الإبل ويطعمهم أعظم شيء منها وأنت تنحرهم بدل أن تنحرهم بدل أن تنحر لهم، أي تكيدهم وتعظيهم، يريد حصين أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأخذهم بالشدة وعدم التلطف بهم، وهذا على زعم حصين، وما كانت الشدة من خلق النبي صلى الله عليه وسلم وما كان يعاملهم إلا بكل لطف ولين: يعلم ذلك من تتبع سيرته صلى الله عليه وسلم يعني من الترغيب في الإسلام وإظهار مزاياه، والظاهر أن حصينا ركن إلى الإسلام وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يعلمه دعاء يزداد به انشراحا للإسلام، فقال له قل اللهم قني شر نفسي الخ أي قو عزيمتي على ما فيه الخير لي (وقوله فانطلق) أي ذهب وحبب الله إليه الإسلام ببركة الدعاء فأسلم ورجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني أتيتك فقلت لي قل اللهم قني شر نفسي الخ (فما أقول الآن) يعني بعد إسلامي (تخريجه) (نس مذ خز ك) وصححه الحافظ في الإصابة، وصححه أيضا الحاكم وأقره الذهبي: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ ويستفاد منه أن الدعاء الأول كان قبل أن يسلم والدعاء الثاني كان بعد إسلامه وأن عمرا كان مسلما صحابيا قبل إسلام أبيه رضي الله عنهما (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد يعني ابن زياد ثنا أبو مالك الأشجعي الخ (غريبة) لفظ مسلم كان الرجل إذا أسلم علمه النبي صلى الله عليه وسلم الصلاة: ثم أمره أن يدعو بهؤلاء الكلمات اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وعافني وارزقني: ففي رواية مسلم زيادة (إهدني وعافني) فينبغي للداعي العمل بهذه الرواية لما فيها من زيادة: وجاء في الحديث التالي للإمام أحمد زيادة أهدني أما خير الآخرة ففي قوله اغفر لي وارحمني، أما خير الدنيا ففي كقوله ارزقني وأهدني كما في الحديث التالي وعافني كما في رواية مسلم (تخريجه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال حدثنا يزيد (يعني ابن هارون) قال أنا أبو مالك الأشجعي قال حدثني أبي أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) يعني بعدها أربعا يقبض أصابعه الأربع إلا الإبهام

-297 - الدعاء بياذا الجلال والإكرام والتعوذ من النار وسؤال الجنة ----- (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى رجل وهو يصلي وهو يقول اللهم إني أسألك تمام نعمتك، فقال ابن آدم هل تدري ما تمام نعمتك؟ قال يا رسول الله دعوة دعوة بها أرجو بها الخير، قال فإن تمام النعمة فوز من النار ودخول الجنة، وأتى على رجل وهو يقول يا ذا الجلال والإكرام، فقال قد استجيب لك فسل (عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله (ص ما استجار عبد من النار ثلاث مرارا إلا قالت النار اللهم أجره مني ولا يسأل الجنة ثلاث مرار إلا قالت الجنة الله أدخله إياي (عن عون بن عبد الله) بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أن رسول الله (ص قال من قال اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة إني أعهد إليك فيس هذه الحياة الدنيا إني أشهد أن لا اله إلا أنت وحدك لا شريك لك وأن محمدا عبدك ورسولك فإنك إن تكلني إلى نفسي تقربني من الشر وتباعدني من الخير، وإني لا أثق إلا برحمتك فاجعل لي عندك عهدا نوفينيه يوم القيامة إنك لا تخلف الميعاد، إلا قال الله لملائكته يوم القيامة إن عبدي قد عهد إلي عهدا فأوفوه إياه فيدخله الله الجنة، قال سهيل فأخبرت القاسم بن عبد الرحمن أن عونا أخبر بكذا وكذا، قال ما في أهلنا جارية إلا وهي تقول هذا في خدرها

_ فإنه لم يقبضها (تخريجه) (م جه) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم ثنا الجريري عن أبي الورد عن اللجلاج حدثني معاذ الخ (تخريجه) (مذ) وقال حديث حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قران ابن تمام عن يونس عن أبي إسحاق عن بريدة (بالتصغير) ابن أبي مريم عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) (نس جه حب ك) ورجاله ثقات أثبات: ورواه البزار من حديث أبي هريرة مرفوعا بلفظ (ما استعاذ عبد النار سبعا الخ وقد جاء في حديث الباب ثلاثا بدل سبعا فينبغي العمل بالأكثر عددا على سبيل الاحتياط في التعوذ والسؤال والله أعلم) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا سهيل ابن أبي صالح وعبد الله بن عثمان بن خيثم عن عون بن عبد الله الخ (غريبة) أي خالقها على غير مثال سبق أي ما غاب وما شوهد أي إن تتركني إلى نفسي بدون عنايتك وتوفيقك لا يمكنني فعل الخير ولا دفع الشر عن نفسي هو ابن أبي صالح راوي الحديث عن عون بن عبد الله يعني ابن عبد الله ابن مسعود الخدر بكسر الخاء المعجمة الستر، ويطلق الخدر على البيت إذا كان فيه امرأة: ويستفاد منه أن هذا الدعاء كان مشهورا في بيت عبد الله بن مسعود حتى إن ربات الخدور يعرفنه ويقلنه: وما ذلك إلا لأن عبد الله بن مسعود سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وعلمهن إياه والله أعلم

-298 - دعاء الأعمى الذي توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في رد بصره ----- (باب دعاء الأعمى الذي توسل بالنبي صلى الله عليه وسلم في رد بصره) (عن عثمان بن حنيف) رضي الله عنه أن رجلا ضريرا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله ادع الله أن يعافيني، فقال إن شئت أخرت ذلك فهو أفضل لآخرتك وإن شئت دعوت لك، قال لا بل ادع الله لي، فأمره أن يتوضأ وأن يصلي ركعتين وأن يدعو بهذا الدعاء، اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضى وتشفعني فيه وتشفعه في (وعنه من طريق ثان) أن

_ (تخريجه) لم أقف عليه من حديث ابن مسعود بهذا السياق لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه |أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن عون بن عبد الله لم يسمع من ابن مسعود اهـ (قلت) جاء نحو هذا الحديث في دعاء زيد بن ثابت رقم 249 رواه الإمام أحمد و (طب ك) ورجاله عند الإمام أحمد وبعض طرق الطبراني ثقات (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح قال ثنا شعبة عن أبي جعفر المدني قال سمعت عمارة بن خزيمة يحدث عن عثمان بن حنيف الخ (غريبة) لفظ الترمذي (إن شئت دعوت وإن شئت صبرت) ولفظ أخرت في حديث الباب يحتمل الخطاب والتكلم فيجوز فيه النصب والرفع، بخلاف لفظ دعوت فإنه للمتكلم بقرينة قوله بل ادع الله لي، ومعناه إن شئت أخرت جزاءه إلى الآخرة وهو أفضل: وإن شئت دعوت الله لك (قال الطيبي) أسند النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء إلى نفسه، وكذا طلب الرجل أن يدعو هو صلى الله عليه وسلم ثم أمره صلى الله عليه وسلم أن يدعو هو أي الرجل كأنه صلى الله عليه وسلم لم يرض منه اختياره الدعاء لما قال الصبر خير لك لكن في جعله شفيعا له ووسيلة في استجابة الدعاء ما يفهم أنه صلى الله عليه وسلم شريك فيه اهـ أي المبعوث رحمة العالمين أي استشفع بك إلى ربي قال الطيبي الباء في بك للاستعانة (وقوله إني أتوجه بك) بعد قوله (أتوجه إليك) فيه معنى قوله تعالى (من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه) جاء في رواية ابن ماجة بلفظ (لتقضي لي) أي ليقضيها لي ربي بشفاعة، سأل الله أولا أن لنبيه أن يشفع له، ثم أقبل على النبي صلى الله عليه وسلم ملتمسا شفاعة له، ثم كر مقبلا على ربه أن يقبل شفاعته هكذا وقع لفظ (وتشفعني فيه) في هذا المكان من هذا الحديث عند الإمام أحمد، وهو من قول النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء كذلك في المستدرك للحاكم، ولم يقع هذا اللفظ في رواية الترمذي وابن ماجة، وعندهما بعد قوله (لتقضي) اللهم فشفعه في، ووافقهما الإمام أحمد في رواية أخرى ستأتي (وقوله وتشفعه في) هو من كلام الرجل وهو آخر الحديث عند الجميع، لكن زاد الإمام أحمد في هذه الرواية بعد قوله (وتشفعه في) قال فكان يقول هذا مرارا: ثم قال بعد أحسب أن فيها أن تشفعني فيه: قال ففعل الرجل فبرأ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل قال ثنا حماد يعني ابن سلمة قال ثنا أبو جعفر الخطمي (كبكرى) عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عثمان بن حنيف أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم الخ

-299 - كلام العلماء في تخريج حديث التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وتصحيحه ----- رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم قد ذهب بصره فذكر الحديث (وعنه أيضا) أن رجلا ضرير البصر أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادع الله أن يعافيني: قال إن شئت دعوت لك وإن شئت أخرت ذلك فهو خير، فقال ادعه، فأمره أن يتوضأ فيحسن وضوءه فيصلي ركعتين ويدعو بهذا الدعاء، اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني توجهت بك إلى ربي في حاجتي هذه فتقضي لي اللهم شفعه في

_ (1) جاء هذا الطريق في مسند عقب الحديث السابق مختصرا إلى قوله فذكر الحديث يعني الحديث السابق (وتخريجه) (مذ جه ك) وصححه الحاكم وأره الذهبي، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث أبي جعفر وهو غير الخطمي اهـ (قلت) كلهم رووه من طريق أبي جعفر المديني إلا الإمام أحمد فقد رواه عن أبي جعفر الخطمي في هذه الطريق الثانية فقط: وفي سائر الروايات عن أبي جعفر المديني والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر أنا شعبة عن أبي جعفر قال سمعت عمارة بن خزيمة يحدث عن عثمان بن حنيف أن رجلا ضرير البصر الخ (غريبة) لفظ الترمذي (وإن شئت صبرت فهو خير لك) يعني الصبر لأن الله عز وجل يقول في الحديث القدسي (من أذهبت حبيبته يعني عينيه فصبر واحتسب لم أرض له بثواب دون الجنة) رواه الإمام أحمد وغيره من حديث أبي هريرة بصيغة المجهول أي فتقضى لي حاجتي بشفاعتك (اللهم شفعه في) بتشديد الفاء والياء أي أقبل شفاعته في حاجتي (تخريجه) (مذ جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وفي آخره عند ابن ماجة قال أبو إسحاق هذا حديث صحيح: وتقدم قول الترمذي فيه في تخريج الحديث السابق (قال في تحفة الأحوذي شرح الترمذي) وأخرجه النسائي وزادي في آخره فرجع وقد كشف الله عن بصره، قال وأخرجه أيضا ابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين وزاد فيه (فدعا بهذا الدعاء فقام وقد أبصر) وأخرجه الطبراني وذكر في أول قصته (وهي) أن رجلا كان يختلف إلى عثمان رصي الله عنه في حاجة له. وكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمان ابن حنيف فشكى ذلك إليه، فقال له عثمان بن حنيف ائت الميضأة فتوضأ ثم ائت المسجد فصل فيه ركعتين: ثم قل اللهم إني أسألك وأتوجه ورح إلى حتى أروح معك: فانطلق الرجل فصنع ما قال له، ثم أتى باب عثمان فجاء البواب حتى أخذ بيده فأدخله على عثمان فأجلسه معه على الطنفسة وقال ما حاجتك؟ فذكر حاجته فقضاها، ثم قال ما ذكرت حاجتك حتى كانت هذه الساعة، وقال ما كانت لك من حاجة فائتنا، ثم إن الرجل خرج من عنده فلقى عثمان بن حنيف فقال له فقال له جزاك الله خيرا ما كان ينظر في حاجتي ولا يلتفت إليها حتى كلمته في، فقال عثمان بن حنيف والله ما كلمته ولكن شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل ضرير (فذكر حديث الباب) ثم قال الطبراني بعد ذكر طرقه

-300 - التعوذ من البخل والجبن ومن همز الشيطان ونفثه ونفخه ----- (باب ما جاء في التعوذ وصيغه وفضله) (عن سعد بن أبي وقاص) رضي الله عنه أنه كان يأمر بهؤلاء الخمس ويخبر بهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، اللهم إني أعوذ بك من البخل، وأعوذ بك من الجبن، وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا، وأعوذ بك من عذاب القبر (عن عبد الله ابن مسعود) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يتعوذ من الشيطان من همزه ونفثه ونفخه قال وهمزة الموتة، ونفثه الشعر، ونفخه الكبرياء (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الكلمات، اللهم إني أعوذ بك من غلبة الدين، وغلبة العدو وشماتة الأعداء (وعنه أيضا) أن النبي صلى الله عليه وسلم

_ والحديث صحيح كذا في الترغيب اهـ (قلت) يستفاد منه أن التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم يجوز في حياته وبعد موته: وللعلماء خلاف طويل في ذلك جمعة العلامة الشوكاني في رسالة له أسماها (الدر النضيد في إخلاص كلمة التوحيد) فارجع إليها والله الموفق (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر شعبى عن عبد الملك بن عمير عن سعد بن أبي وقاص الخ (غريبة) البخل ضد الكرم والجبن ضد الشجاعة، والشجاعة قوة القلب والإقدام على الأمور المهمة كالحرب ونحوها والجبن بعكسه بضم الهمزة وفتح الراء والدال المهملة المشددة وأرذل العمر أخسة يعني الهرم والخرف فسرها الراوي عند البخاري بفتنة الدجال، وهو لفظ عام يشمل كل فتنة في الدنيا: وعذاب القبر من فتنة الآخرة نسأل الله النجاة من ذلك كله (تخريجه) (ق نس مذ) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الجواب ثنا عمار بن رزيق عن عطاء بن السائب عن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) قال وهمزة الخ من كلام النبي صلى الله عليه وسلم بديل ما جاء في حديث جبير بن مطعم وتقدم في باب دعاء الافتتاح والتعوذ من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 178 رقم 507 قلت يا رسول الله ما همزه ونفثه ونفخه؟ قال أما همزة فالموتة الخ بضم الميم وسكون الواو وفتح المثناة من فوق الجنون: وفسرت في بعض روايات الحديث بالصرع: وهو نوع من الجنون يعتري الإنسان فإذا أفاق عاد إليه عقله أصل النفث قذف النفس (بفتح الفاء) مه شيء من الريق وهو شبيه بالنفخ وأقل من التفل: وكأن الشعر من نفث الشيطان لأنه كالشيء ينفثه الإنسان من فيه، وذمه لأن الشيطان يحمل الشعراء على المدح والتعظيم والتحقير في غير موضعها فسر النفخ بالكبر لأن الشيطان ينفخ في الشخص بالوسوسة فيعتقد عظم نفسه وحقارة غيره (تخريجه) (جه) وسنده جيد وله شاهد عند (د جه حب ك) من حديث جبير بن مطعم الذي أشرنا إليه وصححه الحاكم وابن حبان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثني حي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو الخ (تخريجه) (نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده)

-301 التعوذ من علم لا ينفع وقلب لا يخشع ونفس لا تشبع ومن العجز والكسل ----- قال اللهم إني أعوذ بك من نفس لا تشبع. وقلب لا يخشع. ومن علم لا ينفع. ومن دعاء لا يسمع اللهم إني أعوذ بك من هؤلاء الأربع (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع. وعمل لا يرفع. وقلب لا يخشع. وعلم لا ينفع (عن عبد الله بن الحارث) عن زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أعوذ بك من العجز والكسل والهرم والجبن والبخل وعذاب القبر اللهم آت نفسي تقواها وزكها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من قلب لا يخشع ونفس لا تشبع وعلم لا ينفع دعوة لا يستجاب لها، قال فقال زيد بن أرقم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا هن ونحن نعلمكموهن (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أعوذ بك من الكسل والهرم والغرم والمأثم

_ حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا يزيد بن عطاء عن أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل حدثني شيخ قال دخلت مسجدا بالشام فصليت ركعتين ثن جلست، فأتى شيخ يصلي إلى السارية فلما انصرف ثاب الناس إليه فسألت من هذا؟ يريد أن يمنعني أحدثكم وإن نبيكم صلى الله عليه وسلم قال اللهم إني أعوذ بك الخ (وله طريق أخرى عند الإمام أحمد) قال حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي سنان عن عبد الله ابن عمرو قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يتعوذ من علم لا ينفع. ودعاء لا يسمع. وقلب لا يخشع. ونفس لا تشبع. (تخريجه) (نس مذ) وقال هذا حديث صحيح غريبة من هذا الوجه اهـ (قلت) وتقدم نحوه من حديث عبد الله بن أبي أوفى في باب ما جاء في أدعية كان يدعو بها النبي صلى الله عليه وسلم رقم 232 صحيفة 286 (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وثنا أبو كامل قال ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن أنس الخ (تخريجه) (حب طب ك) وسنده جيد وله شواهد كثيرة: منها حديث زيد بن أرقم الآتي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عاصم الأحول عن عبد الله بن الحارث الخ (غريبة) هو الفتور عن الشيء مع القدرة على عمله إيثارا لراحة البدن على التعب (والهرم) بفتح الهاء والراء من باب تعب هو الزيادة في كبر السن المؤدية إلى ضعف الأعضاء تقدم الكلام على عذاب القبر وأحواله في الجزء الثامن في أبواب عذاب القبر صحيفة 106 من كتاب الجنائز وأطلنا الكلام فيه بما لم تظفر بمثله في كتاب آخر فارجع إليه قال الطيبي ينبغي أن تفسر التقوى بما يقابل الفجور كما في آية (فألهمها فجورها وتقواها) هي الاحتراز عن متابعة الهوى والفواحش (وقوله وزكها) أي طهرها من كل خلق ذميم أي من قساوة القلب وتعلق النفس بالآمال البعيدة والحرص والطمع والشره (تخريجه) (م نس) وعبد بن حميد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا ليث عن يزيد يعني ابن الهاد عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) هو الدين

-302 التعوذ من فتنة المحيا والممات وعذاب النار وعذاب القبر ----- وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من عذاب القبر، وأعوذ بك من عذاب النار (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أعوذ بك من عذاب العجز والكسل والجبن والهرم والبخل وعذاب القبر، وأعوذ بك من فتنة المحيا والممات (عن ابن عباس) رضي الله عنهما أن رسول الله كان يعلمهم الدعاء كما يعلمهم السورة من القرآن، يقول قولوا (وفي لفظ كان يعلمهم هذا الدعاء) اللهم إني أعوذ بك من فتنة المحيا والممات (عن أبي هريرة) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم إني أعوذ بك من الفقر والقلة والذلة وأعوذ بك من أن أظلم أو أظلم (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إني أعوذ بك أن أموت غما أو هما أو أن أموت غرقا أو أن يتخبطني الشيطان

_ فيما لا يحل أو فيما يحل لكن يعجز عن أدائه (والمأثم) أي ما يأثم به الإنسان أو ما فيه إثم أو ما يوجب الإثم أو الإثم نفسه وضعا للمصدر موضع الاسم: والمغرم والمأثم كلاهما بفتح أوله وثالثه وسكون ثانية سيأتي الكلام على الدجال وأحواله وفتنته في باب أخبار النبي صلى الله عليه وسلم بخروج الدجال من كتاب الفتن إن شاء الله تعالى (تخريجه) (نس) وسنده جيد وله شواهد صحيحة عن أنس وعائشة وأبي هريرة (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل ابن إبراهيم ثنا سليمان التيمي ثنا أنس ابن مالك الخ (غريبة) أي مما يعرض للإنسان في مدة حياته من الافتتان بالدنيا وشهواتها وزخرفها ونحو ذلك (وفتنة الممات) قيل هي فتنة القبر كسؤال الملكين، والمراد من شر ذلك وإلا فأصل السؤال واقع لا محالة (تخريجه) (خ والثلاثة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرأت على عبد الرحمن بن مالك عن أبي الزبير المكي عن طاوس اليماني عن عبد الله بن عباس الخ (تخريجه) (نس) وسنده جيد وله شواهد كثيرة تعضده (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا حماد عن إسحاق بن عبد الله عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة الخ (غريبة) الفقر معلوم وهو الاحتياج إلى الغير (والقلة) بكسر القاف قلة المال التي يخاف منها قلة الصبر على الإقلال وتسلط الشيطان بذكر تنعم الأغنياء: أو المراد القلة في أبواب البر وخصال الخير، أو قلة العدد والمدد أو الكل (والذال) بكسر الذال المعجمة المشددة يقال ذليل والجمع أذلاء وأذلة ويتعدى بالهمز فيقال أذلة الله بالبناء للفاعل أي أجور أو اعتدى (أو ظلم) بالبناء للمفعول أي يجور على أحد أو يتعدى على، والظلم وضع الشيء في غير محله (تخريجه) (د نس جه ك) وسكت عنه أبو داود والمنذري، وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود ثنا إسرائيل عن إبراهيم بن إسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ (غريبة) الغم هو الحزن محركاً يقال

-303 التعوذ من البرص والجنون والجذام ومن الشقاء وشماتة الأعداء ----- عند الموت أو أن أموت لديغا (وعن أنس بن مالك) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم إني أعوذ بك من البرص والجنون والجذام ومن سيء الأسقام (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعيذ من هؤلاء الثلاثة درك الشقاء وشماتة الأعداء وسوء القضاء قال سفيان زدت أنا واحدة

_ غمه الشيء غما من باب قتل غطاء، ومنه قيل للحزن غم لأنه يغطى السرور والحلم وهو غمه أي حيرة ولبس (والهم) هو الحزن الذي يذيب الإنسان، يقال أهمني المرض بمعنى إذا بنى وهو أقصى درجات الغم والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم استعاذ منهما خشية اشتغال صاحبها عن الاستعداد للموت للموت كالنطق بالشهادتين والوصية ونحو ذلك والله أعلم (والغرق) بفتحات مصدر غرق من باب تعب: وجاء غارق وغريق أي مات غريقا، استعاذ منه صلى الله عليه وسلم مع ما فيه من قبل الشهادة لأنه يعد فجأة: وقد استعاذ صلى الله عليه وسلم من موت الفجأة لأنه لا يمكنه توبة ولا وصية أي يصرعني ويلعب بي ويفسد ديني أو عقلي عند الموت بنزغاته التي تزل بها الأقدام، وكل هذا تعليم للأمة فإنه صلى الله عليه وسلم معافى من هذه الأمور فعيل بمعنى مفعول: واللدغ بدال مهملة وغين معجمه يستعمل في ذوات السم كحية وعقرب: وبذال معجمه وعين مهملة يستعمل في الإحراق بنار كالكي (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه إبراهيم بن إسحاق ولم أجد من وثقه، وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) قال الحافظ في التقريب إبراهيم بن إسحاق صدوق يغرب (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وحسن بن موسى قالا ثنا حماد ثنا قتادة عن أنس الخ (غريبة) البرص بفتحتين علة تحدث في الأعضاء بياضا رديئا (والجنون) زوال العقل (والجذام) علة تسقط الشعر وتفتت اللحم وتجري الصديد مننه يعني الأمراض الفاحشة الرديئة المؤدية إلى فرار الحبيب وقلة الأنيس لكونها معدية أو منفرة، ولم يستعذ صلى الله عليه وسلم من سائر الأسقام لأن منها ما إذا تحامل الإنسان فيه على نفسه بالصبر خفت مؤنته كحمى وصداع ورمد ونحو ذلك، واعلم أن الأمراض المنفرة لا تجوز على الأنبياء، بل يشترط في النبي سلامته من كل منفر وإنما ذكرها تعليما للأمة كيف تدعو (تخريجه) (د نس) وسنده صحيح (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن سمي عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) بفتح الراء وسكونها (والشقاء) بفتح المعجمة بمعنى الشقاوة نقيض السعادة: ودرك الشقاء اسم من الإدراك لما يلحق الإنسان من تبعه الشقاوة (قال الحافظ) هو الهلاك، وقيل هو واحد درجات جهنم، ومعناه من موضع أهل الشقاوة وهي جهنم أو من موضع يحصل لنا فيه شقاوة هي فرح العدو بلبية تنزل بمن بعاديه (وسوء القضاء) المراد به المقضى لأن قضاء الله كله حسن لا سوء فيه، وهذا عام في أمر الدارين أي ما ينشأ عنه سوء في الدين والدنيا والبدن والمال والخاتمة أو للشك من سفيان أحد رجال السند يشك هل قال سوء القضاء أو جهد القضاء: والظاهر أن سفيان كان يجمع بينهما في الذكر احتياطاً

-304 - التعوذ من الغم والهدم والتردي والغرق والحريق ----- لا أدري أيتهن هي (عن أبيس اليسر السلمي) رصي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدعو فيقول، اللهم إني أعوذ بك من الهدم والتردي والهرم (زاد في رواية وأعوذ بك من الغم) والغرق والحريق وأعوذ بك أن يتخبطني الشيطان عند الموت وأن أقتل في سبيلك مدبرا وأن أموت لديغا (عن شتير بن شكل) عن أبيه قال (وفي لفظ أتيت النبي صلى الله عليه وسلم) قلت يا رسول الله علمني دعاء أنتفع به، قال قل اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي وبصري وقلبي ومنيي (عن أبي موسى الأشعري) قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل، فقال له من شاء الله أن يقول

_ ولذلك قال زدت أنا واحدة يعني خصلة لا يدري أيتهن هي، ولكن جاء هذا الحديث عند الشيخين أن الخصال أربعة ما ذكر هنا: والرابعة جهد البلاء فينبغي المصير إلى رواية الشيخين لأن فيها زيادة (وجهد البلاء) بفتح الجيم على الأفصح وتضم أي مشقته إلى الغاية وشدته إلى النهاية، وفسره ابن عمر بقلة المال وكثرة العيال (تخريجه) (ق نس) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي ابن بحر قال ثنا أبو ضمرة قال حدثني عبد الله بن سعيد عن جده أبي هند عن صيفي عن أبي اليسر السلمي الخ (أبو اليسر) بقتحتين (والسلمي) بفتحتين أيضا اسمه كعب بن عمرو بن عباد السلمي الأنصاري صحابي بدري بسكون الدال المهملة أي سقوط البناء ووقوعه على الشيء (والتردي) أي السقوط من مكان عال كالجبل والسطح أو الوقوع في مكان سفلي كالبئر (والهرم) تقدم شرحه جاءت هذه الزيادة عند الحاكم أيضا، وهي كقوله في حديث أبي هريرة السابق (اللهم إني أعوذ بك أن أموت غما) وتقدم الكلام عليه وعلى الغرق في رواية والحرق بدل الحريق وهو الالتهاب بالنار، وتخبط الشيطان تقدم شرحه في شرح حديث أبي هريرة قبل حديثين وكذلك الموت لديغا استعاذ من أن يموت في سبيل الله مدبرا لأن ذلك من الفرار من الزحف وهو كبائر الذنوب (تخريجه) (د نس ك) ورجاله ثقات وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال حدثني سعد بن أوس عن بلال بن يحيى شيخ لهم عن شتير بن شكل عن أبيه الخ (غريبة) شتير أوله شين معجمه مضمومة ثم تاء مثناة مصغرا (ابن شكل) بفتح المعجمة والكاف عن أبيه شكل بمن حميد صحابي ليس له في السند سوى هذا الحديث هو أن يغلب عليه حتى يقع في الزنا أو مقدماته (تخريجه) (د مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن نمير ثنا عبد الملك يعني ابن أبي سليمان العزرمي عن أبي علي رجل من بني كاهل قال خطبنا أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فقال أيها الناس اتقوا هذا الشرك فإنه أخفى من دبيب النمل فقال إليه عبد الله بن حزن وقيس بن المضارب فقالا والله لتخرجن مما قلت أو لتأتين عمر، مأذون لنا أو غير مأذون: قال بل أخرج مما قلت، خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) الشرك نوعان أحدهما نوعان أحدهما أحبر وهو الكفر والعياذ بالله

-305 - التعوذ من الشرك الأكبر والأصغر- ومن الطمع ----- وكيف نتقيه وهو أخفى من دبيب النمل يا رسول الله؟ قال قولوا اللهم أنا نعوذ بك من أن نشرك بك شيئا نعلمه ونستغفرك لما لا نعلم (عن معاذ بن جبل) رضي الله عنه قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم استعيذوا بالله من طمع يهدي إلى طبع، ومن طمع يهدي إلى غير مطمع ومن طمع حيث لا مطمع (عن فروة بن نوفل) قال سألت عائشة رضي الله عنها قلت أخبريني بشيء كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو به (وفي لفظ عن دعاء النبي صلى الله عليه وسلم) لعلي أدعو الله به فينفعني الله به: قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول، اللهم إني أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر ما لم أعمل (وفي لفظ قالت كان يقول اللهم إني أعوذ بك من شر

_ تعالى، والثاني أصغر وهو الرياء، والظاهر أن المراد هنا الثاني لأنه صلى الله عليه وسلم يخاطب الصحابة وهم مؤمنون بالله عز وجل، ولكنه خشي عليهم الرياء فحذرهم منه لخفائه على كثير من الناس وأمرهم بالتعوذ منه، وقد يراد التعوذ من الشرك الأصغر والأكبر معا أي شركا أصغر أو أكبر وهما الكفر أو الرياء كما تقدم أي نطلب منك المغفرة لما لا نعلم من الذنوب التي صدرت منا جهلا (تخريجه) (طب عل) باسناد جيد إلا أن أبا يعلى قال فيه كل يوم ثلاث مرات فينبغي العمل بذلك (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر ثنا عبد الله بن عامر الأسلمي عن الوليد بن عبد الرحمن عن جبير بن نفير عن معاذ بن جبل الخ (غريبة) الطمع بالتحريك الحرص الشديد، وقوله يهدي بفتح أوله أي يدل ويقرب أو يجر إلى طبع بالتحريك أيضا، وهو بالباء الموحدة بدل الميم في سابقه: ومعناه العيب وأصله الدنس ولو معنويا كالعيب والعار، وأصله من صيغ العموم: والمعنى تعوذوا بالله من طمع يسوقكم إلى شين في الدين وإزدراء بالمروءة: واحذروا التهافت على جمع الحطام وتجنبوا الحرص والتكالب على الدنيا أي إلى تأميل ما يبعد حصوله والتعلق به أي ومن طمع في شيء حيث لا مطمع فيه بالكلية لتعذره حسا أو شرعا، وهذه الثالثة أحط مراتب الزيادة في مطمع وأقبحها، فإن حيث من صيغ العموم في الأحوال والأمكنة والأزمنة، وقال يحيى بن كثير لا يعجبك حلم امريء حتى يغضب ولا أمانته حتى يطمع (تخريجه) (طب ك) وقال الحاكم مستقيم الإسناد وأقره الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رواه (طب بز) وأحمد وفيه عبد الله بن عامر الأسلمي ضعيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين قال ثنا شيبان عن منصور عن هلال بن يساف عن فروة بن نوفل الخ (غريبة) بتقديم الميم على اللام من العمل أي من شر يحتاج إلى العفو بتقديم الميم على اللام أيضا أي بأن ما ينسب إليه إفتراءا ولم يعلمه، وقد استعاذ (في بعض الروايات وتقدمت) من شر الأمور التي يعلمها ومن شر الأمور التي لا يعلمها: وهذا تعليم لأمته ليقتدوا به: وإلا فجميع ألعماله صلى الله عليه وسلم سابقها ولا حقها كلها خير لا شر فيها

-306 - التعوذ من عذاب النار وفتنة الغنى والفقر ----- ما عملته نفسي) (عن عائشة رضي الله عنها) قالت فزعت ذات ليلة وفقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم فمددت يدي فوقعت على قدمي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما منتصبان وهو ساجد وهو يقول أعوذ برضاك من سخطك، وأعوذ بمعافاتك من عقوبتك، وأعوذ بك منك، لا احصي ثناء عليك أنت كما أثنيت على نفسك (عن علي رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول في آخر وتره اللهم إني أعوذ برضاك من سخطك (فذكر مثل حديث عائشة حرفا بحرف) (عن عائشة رضي الله عنها) أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يدعو بهؤلاء الدعوات اللهم فإني أعوذ بك من فتنة النار وعذاب النار، وفتنة القبر وعذاب القبر، ومن شر فتنة الغنى ومن شر فتنة الفقر، وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال، اللهم اغسل خطاياي بماء الثلج والبرد، ونق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس وباعد بيني

_ وجميع ما يعلمه سابقه ولا حقه هو ميسر لخيره ومعصوم من شره (تخريجه) (م د نس جه ش) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا عبيد الله عن محمد بن يحيى عن عبد الرحمن الأعرج عن عائشة الخ (غريبة) بكسر الزاي من باب تعب أي خافت ذات ليلة لكونها لم تجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في الفراش بفتح الخاء المعجمة من باب تعب، والسخط بالضم اسم منه وهو الغضب، والمعنى أعوذ بما يرضيك عما يغضبك استعاذ بمعافاته بعد استعاذته برضاه لأنه يحتمل أن يرضى عنه من جهة حقوقه ويعاقبه على حقوق غيره (وأعوذ بك منك) أي برحمتك من عقابك يعني قوله تعالى (فلله الحمد رب السماوات ورب الأرض ورب العالمين) وهذا اعتراف بالعجز والتقصير عن أداء ما أوجب الله عليه تعالى وأن الله عز وجل هو المثنى والمثنى عليه وأن الكل منه وإليه (كل شيء هالك إلا وجهه) (تخريجه) (م والأربعة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وأبو كامل قالا ثنا حماد قال بهز قال أنبأنا هشام بن عمرو الفزاري عن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام المخزومي عن علي الخ (غريبة) بينت هذه الرواية أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك في آخر الوتر (تخريجه) (الأربعة وغيرهم) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير عن هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبة) قال الطيبي قوله فتنة النار أي فتنة تؤدي إلى عذاب النار وإلى عذاب القبر لئلا يتكرر إذا فسر بالعذاب أي البطر والطغيان والتفاخر وصرف المال في المعاصي أي كحسد الأغنياء والطمع في مالهم والتذلل لهم بما يدنس العرض ويثلم الدين ويوجب عدم الرضا بما قسم سمي مسيحا لكون إحدى عينية ممسوحة فعيل بمعنى مفعول أو لمسحة الأرض وقطعها في أمد قليل فهو معنى فاعل، ووصف بالدجال احترازا عن عيسى عليه السلام من الدجل وهو الخلط أو التغطية أو الكذب: وإنما استعاذ منه مع كونه لا يدرك نشرا لخبره بين أمته جيلا بعد جيل لئلا يلتبس كفره على مدركه، وبقية الحديث تقدم شرحه أحاديث تقدمت

-307 - التعوذ من البخل والجبن وأرذل العمر ----- وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب، اللهم فإني أعوذ بك من الكسل والهرم والمأثم والمغرم (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من البخل والجبن وعذاب القبر وأرذل العمر وفتنة الصدر، قال وكيع فتنة الصدر أن يموت الرجل وذكر وكيع الفتنة لم يتب منها (وعنه من طريق ثان) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من خمس من البخل والجبن وفتنة الصدر وعذاب القبر وسوء العمل (باب وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتخذوا قبري عيدا، ولا تجعلوا بيوتكم قبورا وحيثما فصلوا على فإن صلاتكم تبلغني (وعنه أيضا) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال صلوا على فإنها زكاة لكم

_ في هذا الباب والله أعلم (تخريجه) (ق. ك والأربعة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب الخ (غريبة) أي قساوة القلب وحب الدنيا وأمثال ذلك، وقيل ما ينطوي عليه من الحقد والعقائد الباطلة والأخلاق السيئة وغيرها معناه كأن يرتكب شيئا من الخصال المتقدمة ثم يموت قبل أن يتوب منها (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ هكذا في الأصل (وسوء العمل) والظاهر أنه خطأ من الناسخ لأنه جاء في هذا الحديث نفسه عند أبي داود بلفظ (وأرذل العمر) وكذلك عند ابن ماجة لأن أرذل العمر وسوء العمر معناهما واحد لا سيما والراوي واحد: ولم يذكر النسائي هذه الخصلة في حديث عمر، وذكرها في حديث ابن مسعود بلفظ (وسوء العمر أيضا وهي تؤيد رواية أبي داود والله أعلم) (تخريجه) (د نس جه حب) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح (باب) أنظر باب ما جاء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب التشهد الأخير صحيفة 19 في الجزء الرابع وأقرأ الأحكام في آخره: وسيأتي مزيد بحث في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومعناها في تفسير قوله تعالى في سورة الأحزاب (إن الله وملائكته يصلون على النبي الآية) من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج قال ثنا عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ أنظر شرح هذا الحديث والكلام عليه بما يشفي الغليل في الجزء الثاني عشر في آخر باب استلام الركن ال|أسود من كتاب الحج صحيفة 39 (تخريجه) (د ص) والضياء المقدسي وسنده حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسين ابن محمد حدثنا شريك عن ليث عن كعب عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) أي طهارة لكم من الذنوب لأن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم مشتملة على ذكر الله عز وجل وتعظيم رسوله صلى الله عليه وسلم والتقرب

-308 - ما جاء في حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند ذكره وذم تاركها ----- واسألوا الله لي الوسيلة فإنها درجة في أعلى الجنة لا ينالها إلا رجل وأرجو أن أكون أنا هو (باب ذم تارك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم) (عن أبي هريرة) رض ي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرغم أنف رجل ذكرت عنده

_ إلى الله عز وجل بامتثال أمره لقوله (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه الآية) وقال ابن عبد السلام ليست صلاتنا عليه صلى الله عليه وسلم شفاعة له فإن مثلنا لا يشفع له، لكن الله أمرنا بمكافأة من أحسن إلينا، وفائدة الصلاة ترجع إلى المصلى عليه (فائدة) قال البارزي في الخصائص من خواصه صلى الله عليه وسلم أنه ليس في القرآن ولا غيره صلاة من الله على غيره فهي خصيصة تختصه الله بها دون سائر الأنبياء أي المنزلة العلية كما فسرها بقوله فإنها درجة في أعلى الجنة (وفي لفظ أعلى درجة الجنة) قال القاضي عياض وأصل الوسيلة ما يتقرب به إلى غيره قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وابتغوا إليه الوسيلة) أي بفعل الطاعات، ومن وسل إلى كذا تقرب إليه قال لبيد: أرى الناس لا يدرون قد أمرهم ألا كل ذي لب إلى الله واسل: وإنما سميت وسيلة لأنها منزلة يكون الواصل إليها قريبا من الله، فتكون كالوصلة التي يتوسل بالوصول إليها والحصول فيها إلى الزلفى منه تعالى والانخراط في الملأ الأعلى، ولأنها منزلة سنية ومرتبة علية يتوسل الناس بمن اختص بها ونزل فيها إلى الله تعالى شفيعا مشفعا يخلصهم من أليم عذابه عبر صلى الله عليه وسلم بالرجاء مع أنه صاحبها وأهلها ولا تكون لأحد غيره تأدبا مع الله عز وجل وتواضعا منه قال ابن القيم هكذا الرواية (أن أكون أنا هو) ووجهه أن الجملة خبر عن اسم كان المستتر فيها، ولا يكون فصلا ولا توكيدا بل مبتدءا (تخريجه) (مذ) في المناقب من حديث كعب عن أبي هريرة وقال غريب، إسناده ليس بالقوي وكعب غير معروف اهـ ورواه أيضا البزار بنحوه (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ربعي بن إبراهيم قال أبي وهو أخو إسماعيل بن إبراهيم يعني ابن علية قال أب وكان يفضل على أخيه عن عبد الرحمن بن إسحاق عن سعيد عن أبي سعيد عن أبي هريرة الخ (غريبة) بكسر الغين المعجمة أي لصق أنفه بالرغام أي التراب، هذا أصله ثم استعمل في الذل والهوان له (وقوله أنف رجل) إنسان سواء كان ذكرا أو أنثى، وذكر الرجل وصف طردي بالبناء المفعول ذكر إسمي عنده والمعنى خاب وخسر من قدر أن ينطق بأرع كلمات توجب لنفسه عشر صلوات من الله ورفع عشر درجات وحط عشر خطيئات فلم يفعل، لأن الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم عبارة عن تعظيمه، فمن عظمه عظمة الله، ومن لم يعظمه أهانه الله وحقر شأنه (والفاء) في قوله (فلم يصل على) للتعقيب فهي تفيد ذم التراخي عن تعقيب الصلاة عليه بذكره صلى الله عليه وسلم. وليس هذا آخر الحديث، وبقيته، ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان فانسلخ قبل أن يغفر له: ورغم أنف رجل أدرك أبواه عند الكبر فلم يدخلاه الجنة، قال ربعي لا أعلمه إلا قد قال أو أحدهما (يعني أحد أبويه) (تخريجه) (مذ ك) وقال الترمذي حسن غريب من هذا الوجه (قلت) وسكت عنه الحاكم

-309 - ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ----- فلم يصل على (عن عبد الله بن علي بن حسين) عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال البخيل من ذكرت عنده ثم لم يصل على (باب ما جاء في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ومضاعفة أجر فاعلها (عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والسرور يرى في وجهه، فقالوا يا رسول الله إنا لنرى السرور في وجهك، فقال إنه أتاني ملك فقال يا محمد أما يرضيك أن ربك عز وجل يقول إنه لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا ولا يسلم عليك أحد من أمتك إلا سلمت عليه عشرا قال بلى (ومن طريق طلحة أيضا) (نحوه وفيه) من صلى عليك من أمتك صلاة كتب الله عز وجل له بها عشر حسنات ومحا عنه عشر سيئات ورفع له عشر درجات ورد عليه مثلها

_ والذهبي وقال الحافظ له شواهد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمرو وأبو سعيد قالا ثنا سليمان بن بلال عن عمارة بن غزية عن عبد الله بن علي بن الحسين الخ (غريبة) هكذا في الأصل (عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم) والظاهر أنه خطأ والصواب عن أبيه عن جده ويؤيد ذلك أن هذا الحديث نفسه جاء عند الترمذي والحاكم من طريق سليمان بن بلال بهذا السند عن أبيه عن جده، وأبوه هو علي زين العابدين: وجده هو الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، والظاهر أن لفظ جده سقط من الناسخ والله أعلم معناه البخيل الكامل في البخل من ذكر إسمي بمسمع منه (ثم لم يصل على) يعني أنه بخل على نفسه حين حرمها صلاة الله عليه عشرا إذا هو صلى واحدة، ومنع أن يكتال له الثواب بالمكيال الأوفى، وفهو كمن أبغض الجود حتى لا يحب أن يجاد عليه، وهو يؤذن ب؟ أن من تكاسل عن الطاعة يسمى بخيلا، قال الفاكهي وهذا أقبح بخل وأشنع شح لم يبق بعده إلا الشح بكلمة الشهادة، وهو يقوى القول بوجوب الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم كلما ذكر (تخريجه) (مذ نس حب ك) وهو حديث صحيح صححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا حماد يعني ابن سلمة عن ثابت عن سليمان مولى الحسن بن علي عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه الخ (وله طريق ثان) عند الإمام أحمد قال حدثنا عفان قال ثنا حماد ثنا ثابت قال قدم علينا سليمان مولى الحسن ابن علي زمن الحجاج فحدثنا عن عبد الله بن أبي طلحة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم والبشر يرى في وجهه فذكره (غريبة) مصداق ذلك قوله تعالى (من جاء بالحسنة فله عشر أمثالها) (وقوله قال بلى) أي نعم يرضى ذلك واغتبط به (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج قال ثنا أبو معشر عن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنه قال أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما طيب النفس يرى في وجهه البشر فذكر نحو الحديث المتقدم وفيه الخ أي أزال يقال محوته محوا ومحيته محيا أزلته، وذلك بأن يمحوها من صحف الحفظة وأفكارهم أي رتبا عاليا في الجنة والدرجات الطبقات من المراتب (وقوله ورد عليه مثلها) أي رحمه وضاعف أجره (تخريجه)

-310 - مضاعفة أجر من صلى وسلم على النبي صلى الله عليه وسلم ----- (عن أنس بن مالك) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى على صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات وحط عنه عشر خطيئات (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى على واحدة صلى الله عليه عشرا (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة صلى الله عليه وملائكته بها سبعين صلاة فليقل عبد من ذلك أو ليكثر (وفي حديث عبد الرحمن بن عوف) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له إن جبريل عليه السلام قال لي ألا أبشرك أن الله عز وجل يقول لك من صلى عليك صليت عليه، ومن سلم عليك سلمت عليه (زاد في رواية) فسجدت لله عز وجل شكرا (عن عامر بن ربيعة)

_ (نس حب ك مي) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن فضيل ثنا يونس بن عمرو يعني ابن أبي إسحاق عن بريد بن أبي مريم عن أنس بن مالك الخ (غريبة) زاد في رواية ورفع له عشر درجات (تخريجه) (نس حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ابن زهير، وأبو عامر ثنا زهير عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (م. والثلاثة) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ربعي ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) هذه الجملة مفسرة لقوله في الحديث السابق صلى الله عليه عشرا أي كتب الله عز وجل لع عشر حسنات (زاد النسائي) من حديث أنس وحط عنه بها عشر سيئات، ورفعه بها عشر درجات (تخريجه) (مذ) وسنده جيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق حدثنا ابن لهيعة عن عبد الرحمن بن مريح (بالمهملة والتصغير) الخولاني سمعت أبا القيس مولى عمرو بن العاص سمعت عبد الله بن عمرو يقول من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) في الأحاديث المتقدمة إن من صلى مرة صلى الله عليه بها عشرا: وفي هذا سبعين صلاة، ولا منافاة لأنه يمكن الجمع بينه وبين ما تقدم بأنه صلى الله عليه وسلم كان يعلم بهذا الثواب شيئا فكلما علم بشيء قاله والله أعلم بكسر اللام والثاء المعجمة وضم الياء التحتية وسكون الكاف، وليس هذا آخر الحديث وسيأتي بطوله في الباب الأول من كتاب فضائل القرآن وتفسيره إن شاء الله تعالى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد بهذا اللفظ، وأورده الهيثمي والمنذري وقالا رواه أحمد باسناد حسن (قلت) هو موقوف على عبد الله بن عمرو، ولكن له حكم الرفع لأن مثله لا يقال من قبل الرأي لا سيما وقد رواه (م د مذ) مرفوعا عن عبد الله بن عمرو أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من صلى على صلاة صلى الله عليه بها عشرا) فففيه تأييد لرقفعه حديث الباب والله أعلم هذا طرف من حديث طويل تقدكم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في سجدة الشكر في الجزء الرابع صحيفة 144 رقم 921 فارجع إليه والله الموفق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال أنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة

-311 - من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم وجبت له الشفاعة- ومن سلم عليه في الحجرة رد عليه ----- رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول من صلى على صلاة لم تزل الملائكة تصلي عليه ما صلى على فليقل عبد من ذلك أو ليكثر (عن رويفع بن ثابت الأنصاري) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صلى على محمد وقال اللهم أنزله المقعد المقرب عندك يوم القيامة وجبت له شفاعتي (عن عبد الله) (يعني ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله ملائكة في الأرض سياحين يبلغوني من أمتي السلام (عن أبي هريرة) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من أحد يسلم على إلا رد الله عز وجل

_ عن عاصم بن عبيد الله قال سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يحدث عن أبيه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد وأبو بكر بن أبي شيبة وابن ماجة كلهم عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر عن أبيه، وعاصم وإن كان واهي الحديث فقد مشله بعضهم صحح له الترمذي، وهذا الحديث حسن في المتابعات والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة قال ثنا بكر بن سوادة عن زياد بن نعيم عن وفاء الحضرمي عن رويفع بن ثابت الخ (غريبة) معناه أرفع درجة في الجنة، وفي الحديث الجمع بين الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم وسؤال الله عز وجل أن ينزله المقعد المقرب عنده يوم القيامة، فمن وقع منه ذلك استحق الشفاعة المحمدية وكانت واجبة له (تخريجه) (بز طب طس) قال المنذري وبعض أسانيدهم حسن (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن النمير أنبأنا سفيان عن عبد الله بن السائب عن زاذان قال قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) بفتح السين المهملة وتشديد التحتية من السياحة وهو السير: يقال ساح في الأرض يسيح سياحة إذا ذهب فيها، وأصله من السيح وهو الماء الجاري المنبسط قال العلماء الاقتصار في هذا الحديث على السلام لا ينافي إبلاغ الصلاة إليه فحكمهما وواحد، وفي هذا غاية التعظيم للمصطفى صلى الله عليه وسلم وإجلال منزلته حيث سخر الله عز وجل الملائكة الكرام لتبليغ السلام إليه صلى الله عليه وسلم ممن بعد قطره وتناءت داره، وقد ثبت في بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد عليهم السلام حين يبلغه، أما من كان حاضرا بالحجرة الشريفة فإنه صلى الله عليه وسلم يسمعه بدون واسطة ويرد عليه كما يستفاد من حديث أبي هريرة الآتي (تخريجه) (نس حب ك) وصححه الحاكم وابن حبان وأرقه الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رجاله رجال الصحيح، وقال الحافظ العراقي الحديث متفق عليه دون قوله سياحين والله أعلم (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن يزيد ثنا حيوة ثنا أبو صخر أن يزيد بن عبد الله بن قسيط أخبره عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) ذكر الشيخ الموفق ابن قدامة في هذا الحديث زيادة (عند قبري) بعد قوله على، وفيه تأييد لما تقدم من أن من سلم حاضرا بالحجرة سمعه صلى الله عليه وسلم ورد عليه: ويزيده تأييدا حديث أبي هريرة مرفوعا (من صلى علي

-312 - من صلى على النبي صلى الله عليه وسلم كفاه الله ما أهمه من دنياه وآخرته ----- إلى روحي حتى أرد عليه السلام (عن أبي بن كعب) رضي الله عنه قال قال رجل يا رسول الله أرأيت إن جعلت صلاتي كلها عليك؟ قال إذا يكفيك الله تبارك وتعالى ما أهمك من دنياك وآخرتك

_ عند قبري سمعته: ومن صلى على نائيا أبلغته، رواه والبيهقي في شعب الإيمان وله شواهد تعضده وهو يؤيد ما تقدم من أن الصلاة في السماع والتبليغ حكمها حكم السلام امراد برد الروح النطق لأنه صلى الله عليه وسلم حي في قبره وروحه لا تفارقه، لما صح أن الأنبياء أحياء قبورهم كذا قال ابن الملقن وغيره (وقال الحافظ) الأحسن أن يؤول الفكر كما قالوه في خبر (يغان على فلبي) وقال الطيبي معناه أنها تكون روحه القدسية في الحضرة الإلهية، فإن بلغه السلام من أحد من الأمة رد إليه روحه في تلك الحالة إلى رد سلام من يسلم عليه، وفي المقام أجوبة كثيرة اقتصرنا على أحسنها، وقد أودع الحافظ السيوطي ما قيل في ذلك في جزء والله أعلم (تخريجه) (د) وقال النووي في الأذكار إسناده صحيح وكذا قال في الرياض، وقال الحافظ رواته ثقات (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بنم عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه قال قال رجل يا رسول الله الخ (غريبة) المراد بالصلاة هنا الدعاء ومن جملته الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس المراد الصلاة ذات الركوع والسجود في هاتين الخصلتين جماع خيري الدنيا والآخرة فإن من كفاه الله همه سلم من محن الدنيا وفتنها، لأن كل محنة لا بد لها نمن تأثير الهم وإن كانت يسيرة، ومن غفر الله ذنبه سلم من محن الآخرة لأنه لا يوبق العبد فيها أي يهلكه إلا ذنوبه نسأل الله التوفيق والهداية إلى أقوم طريق (تخريجه) (نس مذ حب طب ك) وقال الترمذي حسن صحيح وصححه الحاكم أيضا وأقره الذهبي

كتاب البيوع والكسب والمعاش وما يتعلق بالتجارة

بسم الله الرحمن الرحيم النوع الثاني من قسم الفقه المعاملات 15 - كتاب البيوع والكسب والمعاش وما يتعلق بالتجارة (أبواب الكسب) (باب ما جاء في الحث علي الكسب وعدم التقاعد والترغيب في الحلال منه والتنفير من الحرام) (عن الزبير بن العوام) (1) قال قال رسول الله لأن يحمل الرجل حبلا فيحتطب

_ (1) (سنده) قد ثنا حفص بن غياث عن هشام عن أبيه عن الزبير بن العوام الخ (غريبه)

-[الحث على الكسب الحلال وعدم التقاعد وذم السؤال]- به ثم يجئ فيضعه في السوق فيبعه ثم يستغنى به (1) فينفقه على نفسه خيرٌ له من أن يسأل الناس أعطوه أو منعوه * (عن ابى هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيباً، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال} يا أيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحاً إنى بما تعملون عليم {وقال} يا أيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم {ثم ذكر الرجل (3) يطيل السفر (4) أشعث أغبر ثم يمد يديه إلى السماء (5) يارب يارب ومطعمه حرام ومشربه حرام وملبسه حرام وغذى (6) بالحرام فأنى يستجاب لذلك (7) (عن ابن مسعود) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكسب عبد مالاً من حرام فينفق نه فيبارك له فيه، ولا يتصدق به فيقبل منه، ولا يتركه خلف ظهره إلا كان زاده إلى النار (9)، إن الله عز وجل لا يمحو السيئ

_ 1 - أي ثم يستغني به عن سؤال الناس ويحتمل أن يصير غنيا ذا ثروة بسبب الكسب ومن فوائد الكسب الاستغناء والتصدق كما في رواية مسلم (فيتصدق به ويستغني عن الناس) (وقوله خير) مرفوع لأنه خبر لمبتداء محذوف أي هو خير له من أن يسأل الناس والمعني إن لم يجد إلا الاحتطاب من الحرف فهو مع ما فيه من امتهان المرء نفسه ومن المشقة خير له من المسألة للناس فأفعل التفضيل ليس على بابه بل هو كقوله تعالي (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا الآية) لأنه لا خير في السؤال أصلا سواء قوبل بالقبول او الرد ففي القبول ثقل المنة إلي إراقة ماء الوجه بذل السؤال وفي المنع اقتران الذل بالخيبة والحرمان (تخريجه) (ق وغيرهما). 2 - (سنده) قد ثنا أبو النضر ثنا الفضل بن مرزوق عن عدي بن ثابت عن ابي حازم عن ابي هريرة الخ (غريبه). 3 - هذه الجملة وهي قوله (ثم ذكر الرجل) من كلام الراوي والضمير فيه للنبي صلي الله عليه وسلم (والرجل) بالرفع مبتدأ مذكور علي وجه الحكاية من لفظ رسول الله صلي الله عليه وسلم ويجوز أن ينصب علي انه مفعول ذكر. 4 - اي يسافر إلي مكان بعيد (قال النووي) معناه والله أعلم انه يطيل السفر في وجوه الطاعات كحج وزيارة مستحبة وصلة رحم وغير ذلك (وقوله أشعث أغبر) اي حال كونه ذا وسخ وغبار. 5 - اي يرفعهما اليها داعيا قائلا يارب يارب. 6 - بضم المعجمة وتخفيف الذال المعجمة المكسورة. 7 - اي من اين يستجاب لمن هذه صفته قال ابن الملك هذا استبعاد لاستجابة الدعاء لا بيان لاستحالته (تخريجه) (م مذ). 8 - هذا طرف من حديث تقدم بسنده تاما في باب خصال الإيمان وآياته رقم 30 صحيفة 84 من كتاب الإيمان في الجزء الأول (غريبه). 9 - الأفعال المذكورة في الحديث كلها مرفوعة بالعطف ثم التقسيم المذكور حاصر

-[التنفير من الكسب الحرام ووعيد فاعله]- بالسيئ، ولكن يمحو السيئ بالحسن، إن الخبيث لا يمحو الخبيث (1) * (عن أبى هريرة) (2) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ليأتين على الناس زمان لا يبالى المرء بما أخذ من لمال بحلال أو حرام (3) * (عن ابن عمر رضى الله عنهما) (4) قال من اشترى ثوباً بعشرة دراهم وفيها درهم حرام لم يقبل الله له صلاة (5) ما دام عليه، قال ثم أدخل إصبعيه في أذنيه وقال صمتاً إن لم يكن النبى صلى الله عليه وسلم سمعته يقوله (6) * (عن عامر) (7) قال سمعت النعمان بن بشير يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأومأ (8) بإصبعيه إلى أذنيه إن الحلال بين والحرام بين، وأن بين الحلال والحرام مشتبهات (9) لا يدرى كثير من الناس أمن الحلال هى أم من الحرام، فمن تركها

_ لأن المال اما أن ينفق على الفقراء او علي النفس او يدخر فجزاء الأول القبول وترتب الثواب وفي الثاني التعيش والبركة في العيش والادخار إن كان مع أداء الحق فهو داخل في القسم الأول أو لم يكن معه ففيه الوزر فقط ولذا جاء بالحصر في قوله (إلا كان زاده إلي النار) وأيضا أن في التصدق وأن كان من الحرام مدحا ولو عند الخلق وفي الانفاق وان كان على النفس منفعه ولو في العاجل بخلاف الادخار فليس فيه الا الوزر (1) معناه أن التصدق والانفاق من الحرام سيء فلا يمحو الاثم الذي حصل من كسب الحرام وفيه دفع لتوهم كون التصدق حسنا وكون الانفاق مباركا مطلقا (تخريجه) اورده الحافظ المنذري وقال رواه أحمد وغيره عن طريق أبان بن اسحاق عن الصباح بن محمد وقد حسنها بعضهم اه (قلت) رواه أيضا (هق بز طب طس) مختصرا ومطولا بألفاظ نحوه وفيه قيس بن الربيع وفيه كلام وقد وثقه شعبه والثوري وأورده الهيثمي وقال رواه احمد واسناده بعضهم مستور (2) (سنده) قد ثنا يحي عن ابن أبي ذئب قال ثنا سعيد عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) وجه الذم من جهة التسوية بين الأمرين وإلا فأخذ المال من الحلال غير مذموم من حيث هو وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم فقد وقع ما أخبر به وهو كثير في زماننا هذا نسأل الله السلامة (تخريجه) (خ نس مي) (4) (سنده) قد ثنا أسود بن عامر ثنا بقية بن الوليد الجمصي عن عثمان بن زفر عن هاشم عن ابن عمر الخ (غريبه) (5) أي لم يكتب له صلاة مقبولة مع كونها مجزئة مسقطة للقضاء كالصلاة بمحل مغصوب (وقوله مادام عليه) فيه استبعاد للقبول لاتصافه بقبيح المخالفة وليس إحالة لإمكانه مع ذلك تفضلا وأخذ الامام احمد بظاهره فذهب إلي أن الصلاة لاتصح في المغصوب (6) هكذا بالأصل (إن لم يكن النبي صلي الله عليه وسلم سمعته يقوله) والمعنى أن ابن عمر يقول أصم الله أذني إن لم أكن سمعت النبي صلي الله عليه والسلم يقول هذا الحديث وإنما قال ذلك وأدخل إصبعيه في أذنيه مبالغة في كونه سمع الحديث بنفسه من النبي صلي الله عليه وسلم (تخريجه) (هب) وعبد بن حميد وتمام والخطيب وابن عساكر والديلى وفي إسناده هاشم لا يعرف وبقية بن الوليد مدلس فالحديث ضعيف (7) (سنده) قد ثنا يحي أبن سعيد عن مجالد ثنا عامر الخ وله طريق آخر قال عامر سمعت النعمان بن بشير يخطب يقول سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول (مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكي منه شئ تداعي له سائر الجسد بالسهر والحمى) وسمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول (إن الحلال بين) الخ (غريبه) (8) أي أشار النعمان بأصبعيه إلي أذنيه ليؤكد أنه سمع الحديث بأذنيه من النبي صلي الله عليه وسلم (9) أي لكونها

-[لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت]- استبرأ (1) لدينه وعرضه، ومن واقعها (2) يوشك أن يواقع الحرام، فمن رعى إلى جنب حمىً (3) يوشك أن يرتفع فيه، ولكل ملك حمى، وإن حمى الله محارمه (4) (زاد في رواية) ألا وإن في الإنسان مضغة (5) إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهى القلب (6) * (عن جابر بن عبد الله) (7) رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت (8)، النار أولى به (9) * (عن سعد بن أبى وقاص) (10) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيكون قوم يأكلون بألسنتهم (11) كما تأكل

_ غير واضحة الحل والحرمة كمعاملة من في ماله حرام غير معين فالورع تركه وأنه حل (ا) بالهمزة وقد يخفف أي طلب البراءة لدينه من الذم الشرعي (وعرضه) أي بصونه عن الوقيعة فيه بترك الورع الذي أمر به (2) أي فعل الأمور المشتبهة ولم يتورع عن تركها (يوشك) أي يقرب (أن يواقع الحرام) أي يفعله ويقع فيه (3) الحمى هو الشئ المحمي أي المحظور الذي يحظره صاحبه عن الناس ويتوعد من قرب منه بأشد العقوبة (والرتع) معناه أكل الماشية في المرعى وأصله إقامتها فيه وبسطها في الأكل شبه المكلف بالراعى والنفس البهيمية بالأنعام والمشتبهات بما حول الحمى والمحارم أي ما حرمه الله بالحمى نفسه وتناول الشبهات بالرتع حوله ووجه التشبيه وقوع العقاب على كل لعدم اتقاء ذلك فمن أكثر من الشبهات وتعرض لمقدماتها وقع في الحرام أو كاد فينبغي للمرء اجتناب ما اشتبه عليه لأنه إن كان في الواقع حراما فقد برئ من تبعته ووقي قلبه من الحرام فإن له أثرا فيه وإن كان حلالا فيؤجر على تركه بهذا القصد الجميل ومن ترخص لنفسه ندم ومن الفضائل حرم (4) أي ما حرمه الله عز وجل من خصال المعاصي (5) أي قطعة لحم بقدر ما يمضغ لكنها وإن صغرت حجمها عظمت قدرا ومن ثم كانت (إذا صلحت) أي انشرحت بالهداية (صلح الجسد كله) أي استعملت الجوارح في في الطاعات (6) القلب في الأصل مصدر وسمي به هذا العضو الذي هو أشرف الأعضاء لسرعة الخواطر فيه وترددها عليه وعلق صلاح الأعضاء بصلاح القلب لأنه أميرها والمسيطر عليها فإذا صلح بحلول الهداية فيه صلحت الرعية وحكم العكس بالعكس (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (7) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده في باب ما جاء في الأئمة المضلين الخ من كتاب الخلافة والإمارة (غريبة) (8) بضم السين المهملة بعدها حاء مهملة ساكنة هو الحرام وقيل هو الخبيث من المكاسب (9) أي لتطهره من ذلك باحراقها إياه (تخريجه) (مى حب هب) وقال المنذرى بعض أسانيده حسن (10) (سنده) قد ثنا يعلى ويحيي بن سعيد حدثني رجل كنت اسميه فنسيت اسمه عن عمر بن سعد قال كانت لي إلي أبي سعد (يعني أباه سعد بن أبي وقاس) قال وحدثنا أبو حيان عن مجمع قال كان لعمر بن سعد إلي أبيه حاجة فقدم بين يدي حاجته كلاما مما يحدث الناس يوصلون لم يكن يسمعه فلما فرغ قال يابني قد فرغت من كلامك؟ قال نعم قال ما كنت من حاجتك أبعد ولا كنت فيك أزهد مني منذ سمعت كلامك هذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيكون قوم الخ (غريبه) (11) أي يتخذون ألسنتهم ذريعة إلي مأكلهم كما تأخذ البقر بألسنتها ووجه الشبه بينهما أنهم لا يميزون بين الحق والباطل والحلال والحرام كما لاتميز البقر في رعيها بيم رطب ويابس وحلو ومر

-[فضل الكسب بالتجارة وعمل الرجل بيده]- البقرة من الأرض * (عن أبى بكر بن أبى مريم) (1) قال كانت لمقدام بن معد يكرب جارية تبيع اللبن ويقبض المقدام الثمن، فقيل له سبحان الله (2) تبيع اللبن وتقبض الثمن، فقال نعم، وما بأس بذلك؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليأتين على الناس زمان لا ينفع فيه إلا الدينار والدرهم (باب أفضل الكسب البيع وعمل الرجل بيده ومنه كسب ولده) * (عن جُميع بن عُمير) (3) عن خاله قال سئل النبى صلى الله عليه وسلم عن أفضل الكسب فقال بيع مبرور (4)، وعمل الرجل بيده * (عن رافع بن خديج) (5) قال قيل يا رسول الله أي الكسب أطيب؟ قال عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور * (عن المقدام بن معد يكرب) (6) رضى الله عنه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم باسطاً يديه يقول ما أكل أحد منكم طعاماً في الدنيا خيراً له (وفى لفظ أحب إلى الله) من أن يأكل من عمل يديه (7) * (عن عائشة رضى الله عنها) (8) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال إن أطيب

_ بل تلف الكل (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) من عادة طرق وفيه راو لم يسم وأحسنها ما رواه أحمد بن زيد بن اسلم عن سعد الا أن زيدا لم يسمع من سعد اهـ (قلت) رواية الامام أحمد عن زيد ستأتي في باب الأحاديث المصدرة بقوله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة من كتاب الفتن وعلامات الساعة لمناسبة الباب هناك (1) (سنده) قد ثنا أبو اليمان قال ثنا أبو بكر بن أبي مريم الخ (غريبة) (2) أي تعجبا وتنزيها والمعني يتعجب القائل من كون الجارية تبيع اللبن والمقدام يقبض الثمن لأن هذا لايليق بمثله فرد عليه المقدام بأنه لا بأس بذلك لأن الله تعالى أحل البيع وحث على الكسب الحلال ولو في جهة وضيعة ضئيلة ليستغنى به عن الحرام مهما عظم ثم ذكر الحديث ومعناه أنه لا ينفع الناس إلا الكسب إذ لو تركوه لوقعوا في الحرام كالسرقة والنفاق وإعانة الظالم في مقابلة شئ من المال فبيع اللبن على هذه الصفة خير من ذلك والله أعلم (تخريجه) (طب) وفي إسناده أبو بكر بن ابى مريم ضعيف باب (3) (سنده) قد ثنا أسود بن عامر قال ثنا شريك عن وائل عن جميع بن عمير الخ جميع بضم أوله مصغرا وخاله هو أبو بردة بن نيار كما صرح بذلك عند الطبراني (غريبه) (4) قال ابن الجوزى البيع المبرور الذي لا شبهة فيه ولا خيانة (وعمل الرجل بيده) كالزراعة والصناعة (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير باختصار وقال عن خاله أبي بردة بن نيار والبزار كأحمد إلا انه قال عن جميع بن عمير عن عمه وجميع وثقه أبو حاتم وقال البخاري فيه نظر اهـ ورواه الحاكم بسنده عن سعيد بن عمير عن عمه وصححه قال ابن معين عم سعيد هو البراء ورواه البيهقى عن سعيد بن عمير مرسلا وقال هذا هو المحفوظ وأخطاء من قال عمه والله أعلم (5) (سنده) قد ثنا يزيد ثنا المسعودي عن وائل أبي بكر عن عباية بن رفاعة بن رافع بن خديج عن جده رافع بن خديج الخ وخديج بفتح أوله وكسر المهملة (تخريجه) (فع بز طب طس) قال الهيثمي فيه المسعودي وهو ثقة ولكنه اختلظ وبقية رجال أحمد رجال الصحيح (6) (سنده) قد ثنا الحكم بن نافع قال ثنا إسماعيل بن عياش بن بحرير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معد يكرب الخ (غريبه) (7) زاد البخاري وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده (تخريجه) (خ جه) (8) (سنده) قد ثنا إسحاق ثنا سيفان عن منصور ويحيي عن سيفان قال حدثني منصور عن إبراهيم عن عمارة بن عمير عن

-[جواز أكل الرجل من كسب ولده وأن ولده من كسبه]- ما أكل الرجل من كسبه، وإن ولده من كسبه (1) (وعنها من طريق ثان) (2) عن النبى صلى الله عليه وسلم إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من كسب أولادكم * (عن عمرو بن شعيب) (3) عن أبيه عن جده قال أتى أعرابى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أبى يريد أن يجتاح مالى، قال أنت ومالك لوالدك (4)، إن أطيب ما أكلتم من كسبكم، وإن أموال أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئاً (باب ما جاء في عطاء السلطان وكسب عمال الصدقة) * (عن عبد الله بن السعدى) (5) أنه قدم على عمر بن الخطاب رضى الله عنه في خلافته فقال له عمر الم أحدَّث أنك تلى من أعمال الناس أعمالاً فإذا أعطيت السُمالة (6) كرهتها؟ قال فقلت يلى، فقال عمر فما تريد إلى ذلك؟ قال قلت إن لى أفراساً (7) وأعبداً وأنا بخير وأريد أن تكون عمالتى صدقة على المسلمين، فقال عمر فلا تفعل فإنى قد كنت أردت الذي أردت فكان النبى صلى الله عليه وسلم يعطينى العطاء فأقول أعطه أفقر إليه منى، قال فقال النبى صلى الله عليه وسلم خذه فتموله (8) وتصدق به، فما جاءك من هذا المال وأنت غير مشرف (9) لا سائل فخذه ومالاً فلا تتبعه (10) نفسك * (عن أبى الدرداء) (11) قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أموال السلاطين، فقال ما آتاك الله منها من غير مسألة ولا إشراف فكله

_ عمته عن عائشة الخ (غريبه) (1) معناه أن كسب الولد من كسب أبيه فللرجل أن يأكل من كسب ولده كما يأكل من كسب نفسه لأن ولد الرجل بعضه وحكم بعضه حكم نفسه ولذا كانت نفقة الأصل الفقير واجبة على فرعه (2) (سنده) قد ثنا سيفان عن الأعمش عن إبراهيم عن عمارة عن عمة له عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أخرجه الأربعة والبخاري في التاريخ وحسنه الترمذي وصححه أبو حاتم وأبو زرعة (3) (سنده) قد ثنا يحيي ثنا عبد الله بن الأخنس حدثني عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (4) أي لأن والده هو السبب في وجوده ولماله عليه حق التربية والتكوين حتى صار رجلا ذا كسب ومال فلا يجوز أن يضن على والده بما يكفيه من ماله حسب حاله وحال والده (تخريجه) (فع جه) وأخرجه (حب) من حديث عائشة وتقدم نحوه للإمام احمد قال في المقاصد والحديث قوى ورواه (جه طس طح) عن جابر أن رجلا قال يا رسول الله إن لي مالا وولدا وإن أبي يريد أن يجتاح مالي فذكره والحديث له طرق كثيرة غير ذلك (باب) (5) (سنده) قد ثنا أبو اليمان قال اخبرني شعيب عن الزهرى قال أخبرنا السائب ابن يزيد بن أخت نمر أن حويطب بن عبد العزى أخبره أن عبد الله بن السعدي أخبره أنه قدم على عمر الخ (غريبه) (6) قال في النهاية بضم العين المهملة هي ما يأخذه العامل من الأجرة (7) جمع فرس والفرس يقع على الذكر والأنثى (وقوله أعبدا) جمع عبد وله جموع كثيرة أشهرها أعبد وعبيد (8) أي اجعله لك مالا هذا على تقدير الاحتياج اليه (وقوله وتصدق به) أي على تقدير الاستغناء عنه (9) أي غير متتطلع اليه ولا طامع فيه (10) من الاتباع بالتخفيف أي فلا تجعل نفسك تابعة له ولا توصل المشقة اليها في طلبه (تخريجه) (ق. والأربعة) (11) (سنده) قد ثنا أبو معاوية ثنا هشام بن حسان القردوسى (بضم القاف وضم المهملة) عن قيس بن سعد عن رجل حدثه عن

-[جواز أخذ عامل الصدقة ما يحتاج إليه للضرورة ووعيد من كتم شيئاً من ذلك]- وتمؤ له، قال (1) وقال الحسن لا بأس بها ما لم يرحل إليها ويشرف لها (عن رافع بن خديج) (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول العامل في الصدقة بالحق لوجه الله عز وجل كالغازى في سبيل الله عز وجل حتى يرجع إلى أهله * (عن عائذ بن عمرو) (3) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من عرض له شئ من هذا الرزق من غير مسألة ولا إشراف فليوسع به في رزقه (4)، فإن كان عنه غنياً فليوجهه إلى من هو أحوج إليه منه (وعنه من طريق ثان) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من آتاه الله تبارك وتعالى رزقاً من غير مسألة فليقبله، قال عبد الله (6) سألت أبى ما الإشراف؟ قال تقول في نفسك سيبعث إلىّ فلان سيصلنى فلان (عن عقبة بن عامر) (7) قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعياً فاستأذنته أن نأكل من الصدقة فأذن لنا (عن المستورد بن شداد) (8) قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول من ولى لنا عملاً وليس له منزل فليختر منزلاً أو ليست له زوجة فليتزوج، أو ليس له خادم فليتخذ خادماً، أو ليس له دابة فليتخذ دابة، ومن أصاب شيئاً سوى ذلك فهو غالُّ أو سارق * (عن عدى بن عميرة) (9) الكندى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس من عمل منكم لنا على عمل فكتمنا (10) منه مخيطاً فما فوقه فهو غل (11) يأتى به يوم

_ أبي الدرداء الخ (غريبه) (1) قال يعني بعض رواة الحديث (وقال الحسن) الظاهر أنه يريد الحسن البصري والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم (2) خديج بفتح أوله وكسر ثانيه هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب العاملين على الزكاة رقم 99 صحيفة 58 من كتاب الزكاة في الجزء التاسع وإنما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة (3) (سنده) قد ثنا حسن بن موسي ثنا أبو الاشهب عن عامر الاحول قال قال عائذ بن عمرو عن النبي صلي الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) يعني إن كان فقيرا (5) (سنده) قد ثنا وكيع ثنا أبو الاشهب عن عامر الاحول عن عائذ بن عمرو قال أبو الاشهب اراه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) عبد الله هو أبن الامام أحمد رحمهما الله (تخريجه) (طب) قال الهيثمي ورجال رجال الصحيح (7) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه في باب العاملين على الزكاة رقم 97 صحيفة 57 من كتاب الزكاة في الجزء التاسع وهو يفيد جواز أكل السعاة مما يجمعونه من مال الزكاة بقدر الحاجة فقط (8) (حديث المستورد بن شداد) تقدم في الباب المشار اليه رقم 95 صحيفة 56 بسنده وشرحه وتخريجه في الجزء التاسع وفيه أنه يجوز للعامل الذي يعمل في شئ من مصالح المسلمين العامة أخذ ما يحتاج اليه من مال المسلمين لنحو زوجة أو خادم أو مسكن أو دابة بشرط الاحتياج إلي ذلك وهل يحسب ذلك أجره أم لا؟ فيه خلاف تقدم في الباب المشار اليه (9) (سنده) قد ثنا يحي بن سعيد عن اسماعيل بن خالد قال حدثني قيس عن عدى بن عميرة الخ (عميرة بوزن عشيرة) (غريبه) (10) بفتحات أي أخفى عنا (مخيطا) بكسر الميم وسكون المعجمة والمخيط والخياط الإبرة وما يخيط به (وقوله فما فوقه) أي فوق الإبرة في القيمة (11) بضم المعجمة أي غلول كما في رواية مسلم والغلول الخيانة في المغنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة وكل من خان في شئ خفية فقد غل قال تعالى (ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة)

-[تبعة عمال الصدقة وتنحى بنى هاشم وبنى المطلب عن العمل فيها]- القيامة، قال فقام رجل من الأنصار أسود، قال مجالد هو سعد بن عبادة كأنى أنظر إليه قال يا رسول الله أقبل عنى عملك (وفى لفظ لا حاجة لى في عملك) (1) فقال وما ذاك؟ قال سمعتك تقول كذا وكذا، قال وأنا أقول ذلك الآن، من استعملناه على عمل فليجئ بقليله وكثيره (2) فما أوتى منه أخذ وما نُهى عنه انتهى * (عن عبد الله بن عمرو) (3) قال جاء حمزة بن عبد المطلب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اجعلنى على شئ أعيش به (4)، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حمزة نفس تحييها أحب إليك أم نفس تميتها؟ (5) قال بل نفس أحييها، قال عليك بنفسك (باب ما جاء في الكسب بالزراعة وفضلها) * (عن سويد بن هبيرة) (6) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال خير مال المر مُهرة (7) مأمورة أو سكة مأبورة (8) * (عن أنس بن مالك) (9)

_ (1) إنما قال ذلك سعد لشدة ورعه وخوفه من أن يتلوث بشئ في عمله يعاقب عليه (2) يعني لا يتصرف في شئ منه بغير إذن الامام فإن أطاه الامام شيئا أخذه وإلا فلا (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وغيرهم وذكر عبد الله ابن الامام احمد رحمهما الله تعالى أن أباه حدثه بهذا الحديث مرتين (3) (سنده) قد ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا حيي (بضم أوله وياءين من تحت الأولي مفتوحة) ابن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي (بضم المهملة والموحدة) عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبة) (4) الظاهر من السياق أن حمزة رضي الله عنه كان يريد أن يجعله النبي صلى الله عليه وسلم عاملا على الصدقة ليأخذ منها أجرا يستعين به على معاشه (5) معناه أيسرك أن تكون سببا في إحياء نفس أم في إماتتها وإنما سأله النبي صلي الله عليه وسلم هذا السؤال توطئة لما يترتب عليه من قوله صلى الله عليه وسلم (عليك بنفسك) أي أحيها باجتناب العمل في الصدقة والأخذ منها ففي عملك فيها وأخذك منها إماتة لنفسك وفي اجتناب ذلك إحياؤها وإنما كره النبي صلى الله عليه وسلم لحمزة العمل في الصدقة لما يستلزم الأخذ منها وهو محرم على بني هاشم وبني المطلب لقوله صلى الله عليه وسلم (إن هذه الصدقة إنما هي أوساخ الناس وأنها لا تحل لمحمد ولا لال محمد) وحمزة من آل بيته صلى الله عليه وسلم ونقدم الكلام على ذلك في باب تحريم الصدقة على بني هاشم من كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 73 (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفي اسناده ابن لهيمة فيه كلام لكنه قال حدثنا فهو حسن كما قال الحافظ ابن كثير * باب (6) (سنده) قد ثنا روح بن عبادة قال ثنا أبو نعامة المدرى عن مسلم بن بديل عن اياس بن زهير عن سويد بن هبيرة الخ (غريبه) (7) قال في القاموس المهر بالضم ولد الفرس والأنثى مهرة اهـ (وقوله مأمورة) أي كثيرة النسل قال في النهاية خير المال مهرة مأمورة هي الكثيرة النسل والنتاج يقال أمرهم الله (بفتح الميم) فأمروا (بكسرها) أي كثروا وفيه لغتان أمرها فهي مأمورة وآمرها فهي مؤمرة (وقوله أوسكة) بكسر السين المهملة أي طريقة مصطفة من النخل ومنه قيل للأزقه سكك لاصطفاف الدور فيها (مأبورة) أي ملقحة) يقال أبرت النخل وأبرتها (بالتخفيف والتشديد) فهي مأبورة ومؤبرة والأسم الإبار وقيل السكة سكة الحرث والمأبورة المصلحة له (بضم الميم وفتح اللام بينهما ساكنة) أراد خير المال نتاج أو زرع (نه) (8) جاء في الأصل بعد قوله سكة مأبورة وقال روح في بيته وقيل له إنك قلت لنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم اهـ (تخريجه) (طب) وقال الهيثمى رجال أحمد ثقات (9) (سنده)

-[فضل الكسب بالزراعة وثواب الزراع]- قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يزرع زرعاً أو يغرس غرساً فيأكل منه طير أو إنسان أو بهيمة إلا كان له به صدقة * (عن جابر بن عبد الله) (1) قال حدثنى أم مبشر امرأة زيد ابن حارثة قالت دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في حائط (2) فقال لك هذا؟ فقلت نعم، فقال من غرسه مسلم أو كافر؟ (3) قلت مسلم، قال ما من مسلم يزرع أو يغرس غرساً فيأكل منه طائر أو إنسان أو سبع (زاد في رواية أو دابة) أو شئ إلا كان له صدقة * (عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم) (4) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول باذنى (5) هاتين من نصب شجرة فصبر على حفظها والقيام عليها حتى تثمر كان له في كل شئ يصاب (6) من ثمرتها صدقة عند الله عز وجل * (عن أبى أيوب الأنصارى) (7) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من رجل يغرس غرساً إلا كتب الله عز وجل له من الأجر قدر ما يخرج من ثمر ذلك الغرس (8) * (عن أبى الدرداء) (9) أن رجلاً

_ حدثنا يونس حدثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس الخ (تخريجه) (ق مذ) (1) (سنده) قد ثنا ابن نمير قال ثنا الأعمش عن أبي سفيان قال سمعت جابرا قال حدثتني أم مبشر الخ وجاء في الأصل في أخر هذا الحديث قال أبي ولم يكن في النسخة سمعت جابرا فقال ابن نمير سمعت عامرا (غريبه) (2) الحائط ها هنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجدار (3) إنما استفهم النبي صلي الله عليه وسلم عن الغارس هل هو مسلم أو كافر لأن الكافر لا يثاب على عمل صالح في الآخرة (تخريجه) (م. وغيره) (4) (سنده) قد ثنا عبد الرزاق انا داود بن قيس الصنعاني قال حدثني عبد الله بن وهب عن أبيه قال حدثني فج (بفتح الفاء بعدها نون مشددة مفتوحة ثم جيم) قال كنت أعمل في الدينباذ (بفتح أوله وكسره وسكون ثانيه وبعد النون باء موحدة وأخره ذال معجمة قرية من قري مرو قاله ياقوت في معجمه) وأعالج فيه فقدم يعلى بن أمية أميرا على اليمن ومعه رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فجاءني رجل ممن قدم معه وأنا في الزرع اصرف الماء في الزرع ومعه في كمه جوز فجلس على ساقية من الماء وهو يكسر من ذلك الجوز ويأكل ثم أشار إلى فنج فقال يافارسي هلم قال قد نوت منه فقال الرجل لفنج أتضمن لي فرس هذا الجوز على هذا الماء؟ فقال له فنج ما ينفعني ذلك فقال الرجل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ وفي آخره فقال فنج أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم قال فنج فأنا اضمنها قال فمها جوز الدينباذ (غريبه) (5) الجار والمجرور متعلق بسمعت ولفظ يقول معترض بين الجار والمجرور ومتعلقه والتقدير سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بأذني هاتين يقول من نصب شجرة الخ ومعنى نصب أي غرس (6) أي يؤكل (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه فنج ذكره أبن أبي حاتم ولم يوثقه ولم يجرحه وبقية رجاله ثقات اهـ (7) (سنده) قد ثنا سعيد بن منصور يعني الخراساني ثنا عبد الله بن عبد العزيز الليثي قال سمعت ابن شهاب يقول أشهد على عطاء بن يزيد الليثي أنه حدثه عن أبي أيوب الأنصاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) هذا الحديث يفيد أن أجر الغارس يستمر مادام الغرس مأكولا منه ولو مات غارسه أو انتقل ملكه لغيره وهو من الصدقة الجارية التي تنفع صاحبها بعد الموت (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيا عبد الله بن عبد العزيز الليثي وثقه مالك وسعيد بن منصور وضعفه جماعة وبقية رجاله رجال الصحيح (9) (سنده) قد ثنا على بن بحر قال ثنا بقية قال ثنا ثابت بن عجلان قال حدثني القاسم

-[فضل رعي الغنم وبركتها]- مربه وهو يغرس غرسا بدمشق فقاله أتفعل هذا وأنت صاحب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم؟ (1) فقال لا تعجل علىّ سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول من غرس غرسا لم يأكل منه آدمي ولا خلق من خلق الله عز وجل إلا كان له صدقة. (عن خلاد بن السائب) (2) عن أبيه قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من زرع زرعا فأكل منه الطير أو العافية (3) كان له به صدقة. (باب ما جاء في اتخاذ الغنم وبركتها ورعيها). (عن أم هاني) (4) بنت أبي طالب قال لها النبي صلَّى الله عليه وسلم اتخذي غنما (5) يا أم هاني فإنها تروح بخير وتغدو بخير (6) (عن وهب بن كيسان) (7) قال مر أبي على أبي هريرة فقال أين تريد (8) قال غنيمة لي قال نعم امسح رغامها (9) وأطب مراحها وصل في جانب مراحها (10) فإنها من دواب الجنة وائتنس بها فإني سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول إنها أرض المطر قال يعني المدينة (11).

_ مولى بني يزيد عن أبي الدرداء الخ (غريبه) (1) إنما اعترض الرجل على أبي الدرداء لما بلغه من الأخبار في ذم الدنيا وعمارتها، وعمل أبي الدرداء في نظره يخالف ذلك مع أنه من أصحاب رسول الله صلَّى الله عليه وسلم وهم أولى الناس باتباعه وأشدهم تمسكا بأقواله وأفعاله، وقد أخطأ الرجل في نظره فان الغرس ليس من عمارة الدنيا المذمومة بل بالعكس كما دل عليه الحديث، وإنما المذموم من ذلك كل ما ألهى عن الآخرة وغرس الأمل في النفس كالتطاول في البنيان ونحو ذلك (تخريجه) (طب) وقال الهيثمي رجاله موثقون وفيهم كلام لا يضر اهـ (قلت) وحسنه الحافظ السيوطي. (2) (سنده) حدّثنا وكيع قال ثنا أسامة بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن خلاد بن السائب الخ (غريبه) (3) العافية هنا والعافي كل طالب رزق من إنسان أو بهيمة أو طائر وجمعها العوافي، وقد تقع العافية على الجماعة، يقال عفوته واعتفيته أي أتيته اطلب معروفه (تخريجه) (طب* (وحسنه الحافظ الهيثمي) باب (4) (سنده) حدّثنا إبراهيم بن خالد قال حدثني رباح عن معمر عن أبي عثمان الجحشي عن موسى أو فلان بن عبد الرحمن بن أبي ربيعة عن أم هاني الخ (غريبه) أم هاني بنون مكسورة وهمزة اسمها فأخته أو هند بنت أبي طالب أخت على لها صحبة ورواية، أسلمت يوم الفتح وهرب زوجها هبيرة بن عمرو والمخزومي إلى نجران (5) الغنم محركة، الشاة لا واحد لها من لفظها الواحدة شاة اسم مؤنث للجنس يقع على الذكر والانثى (6) أي تمسي بخير وتصبح بخير وهو ما تنتجه من اللبن (وفي لفظ فإنها بركة) أي خير ونماء لسرعة نتاجها وكثرته لأنها تنتج في العام مرتين وتلد الواحد والاثنين ويؤكل منها ما شاء الله ويمتلئ منها وجه الأرض (تخريجه) (جه طب هق. وابن جرير) ورجاله ثقات (7) (سنده) حدّثنا يحيى ثنا ابن عجلان حدثني وهب بن كيسان قال مر أبي الخ (غريبه) (8) يعني فقال له أبو هريرة أين تريد (قال غنيمة) بالنصب مفعول لفعل محذوف أي أريد غنيمة لي بالتصغير يعني غنما قليلة خارج المدينة، قال أبو هريرة نعم أي صدقت: فنعم هنا تصديق للخبر (9) بفتح الراء فسر في بعض الروايات بالمخاط وهو ما يسيل من الانف، ويحتمل أن يون أراد مسح التراب عنها رعاية لها واصلاحا لشأنها لان الأصل في الرغام التراب (وقوله واطب مراحها) بضم الميم مكان راحتها ونومها أي نظفه (10) أي لتكون متصلا بها خوفا عليها من السباع (11) فيه تبرير وتعليل لخروج

-[ما من نبي إلا رعى الغنم]- (عن أبي سعيد الخدري) (1) عن النبي صلَّى الله عليه وسلم يوشك (2) أن يكون خير مال الرجل المسلم غنمٌ يتبع بها شعف (3) الجبال ومواقع القطر (4) يفر بدينه من الفتن (5) (عن جابر ابن عبد الله) (6) قال كنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم تجتني الكباث (7) فقال عليكم بالأسود منه فأنه أطيب قال قلنا وكنت ترعى الغنم يا رسول الله؟ قال نعم (8) وهل من نبي إلا قد رعاها (عن أبي سعيد الخدري) (9) قال افتخر أهل الابل والغنم عند النبي صلَّى الله عليه وسلم فقال النبي صلَّى الله عليه وسلم الفخر (10) والخيلاء في أهل الابل (11) والسكينة والوقار في اهل الغنم، وقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بعث موسى عليه السلام وهو يرعى غنما على أهله وبعثت أنا وأنا أرعى غنما لأهلي بجياد (12).

_ كيسان عن المدينة بغنمه لأن المدينة قليلة المطر لا ينبت بها كلأ ولا مرعى تصلح للغنم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم) والطبراني باختصار ورجال أحمد رجال الصحيح (1) (سنده) حدّثنا سفيان عن ابن أبي صعصعة من الأنصار عن ابيه عن أبي سعيد الخ (غريبه) (2) بكسر المعجمة وهي من أفعال المقاربة أي يقرب (وقوله أن يكون خير) بنصب خير خبر كان مقدما (ورفع غنم) اسمها مؤخرا ولا يضر كونه نكرة لأنه موصوف بجملة يتبع (وقوله يتبع بتشديد التاء الفوقية افتعال من اتبع اتباعا، ويجوز اسكانها من تبع بكسر الموحدة يتبع بفتحها (3) بشين معجمة فمهملة مفتوحتين جمع شعفة بالتحري، وهو بالنصب مفعول يتبع، ومعناه رءوس الجبال (4) أي مواضع نزول المطر أي بطون الأودية والصحاري، وإنما خص الغنم بالذكر دون غيرها من الأموال لكونها أبعد من الشوائب المحرمة والشبهات المكروهة ولما فيها من السكينة والبركة وقد رعاها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام (5) أي يهرب بسبب دينه أو مع دينه من الفتن طلبا للسلامة لا لقصد دنيوي، فالعزلة عن الفتنة ممدوحة إلا لقادر على إزالتها فتجب الخلطة عينا أو كفاية بحسب الحال والإمكان (تخريجه) (خ نس)، (6) (سنده) حدّثنا عثمان بن عمر ثنا يونس عن أبي سلمة عن جابر الخ (غريبه) (7) بالتحري آخره مثلثة هو النضيج من ثمر الأراك وهو الأسود كما بينه النبي صلَّى الله عليه وسلم (8) زاد البخاري من حديث أبي هريرة كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام احمد وسنده جيد ورواية البخاري تعضده، (9) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا حجاج بن أرطاة عن عطية بن سعد عن أبي سعيد الخ (غريبه) (10) الفخر بالخاء المعجمة معروف ومنه الاعجاب بالنفس (والخيلاء) بضم المعجمة وفتح التحتانية والمد الكبر واحتقار الغير (11) أي الذين تثر عندهم الابل ويتمولونها، قال الخطابي إنما ذمهم لاشتغالهم بمعالجة ما هم فيه على أمر دينهم وذلك يقضي إلى قسوة القلب (والسكينة) أي السكون (والوقار) والتواضع (في أهل الغنم) لأنهم غالبا دون أهل الابل في التوسع والكثرة وهما من أسباب الفخر والخيلاء، وعلى هذا فاتخاذ الغنم أولى من اتخاذ الابل، لان الابل تكسب خلقا مذموما والغنم تكسب خلقا محمودا (12) اسم موضع بأسفل مكة معروف من شعابها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) وفيه الحجاج بن أوطاة وهو مدلس اهـ (قلت) له شاهد من حديث أبي هريرة عند البخاري يعضده

-[النهي عن كسب الحجام والاماء وعسب الفحل]- (باب ما جاء في كسب الحجام والإماء والقصّاب والصائغ وغير ذلك) (عن رافع ابن رفاعة) (1) قال نهانا نبي الله صلَّى الله عليه وسلم عن كسب الحجام (2) وأمرنا أن نطعمه نواضحنا (3) ونهانا عن كسب الاماء (4) إلا ما عملت بيدها وقال هكذا (5) بأصابعه نحو الخبز والغزل والنفش (عن أبي هريرة) (6) قال نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن كسب الإماء (وعنه أيضا) (7) قال نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب (8) وكسب الحجام وكسب المومسة (9) وعن كسب عسب (10) الفحل

_ (باب)، (1) (سنده) حدّثنا هاشم بن القاسم ثنا عكرمة يعني ابن عمار قال حدثني طارق ابن عبد الرحمن القرشي قال جاء رافع ابن رفاعة إلى مجلس الأنصار فقال لقد نهانا نبي الله صلَّى الله عليه وسلم عن شيء كان ير ان ينافي معايشنا فقال نهانا عن كراء الأرض قال من كانت له أرض فليزرعها أو ليزرعها أخاه أو ليدعها، ونهانا عن كسب الحجام الخ (قلت) ما يختص بكراء الأرض في هذا الحديث سيأتي الكلام عليه في باب كراهة كراء الأرض من كتاب المساقاة والمزارعة (غريبه) (2) أي تنزيها لا تحريما كما ذهب إليه الجمهور لأنه صلَّى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجرته فلولا حله ما فعله، انظر مذاهب الأئمة في ذلك في القول الحسن شرع بدائع المتن في الجزء الثاني صحيفة 147 (3) جمع ناضح وهو اسم للبعير والبقرة التي يحصل عليها الماء من البئر أو النهر ليسقي الزرع (4) المنهي عنه من كسب الاماء هو الكسب بفروجهن لا ما تعمله بيدها ذلك جائز، وقد كان العرب في الجاهلية يضربون الضرائب على الإماء ويجبروهن على الزنا لتحصيل تلك الضرائب، فلما جاء الإسلام نهى عن ذلك ونزل قوله تعالى (ولا تكرهوا فتياتكم على البغاء) وهذا مجمع على تحريمه (5) وقال هكذا أي أشار بأصابعه (نحو الخبز) بفتح الخاء المعجمة وسكون الموحدة بعدها زاي يعني عجن العجين وخبزه (والغزل) غزل الصوف والقطن والكتان والشعر (والنفش) بفتح النون وسكون الفاء بعدها شين معجمة أي نفش الصوف والشعر وندف القطن ونحو ذلك، وفي رواية النقش بالقاف وهو التطريز (تخريجه) (د) قال المنذري قال الحافظ أبو القاسم في الاشراف عقيب هذا الحديث رافع هذا غير معروف، وقال غيره هو مجهول اهـ (قلت) رافع هذا ترجمة الحافظ في الإصابة فقال رافع بن رفاعة الانصاري روي حديثه أحمد وأبو داود من طريق عكرمة ابن عمار عن طارق بن عبد الرحمن قال جاء رافع بن رفاعة فذكر الحديث كما هنا، وقال في التقريب رافع بن رفاعة صحابي له حديث في كسب الامة ويقال إنه تابعي وحديثه مرسل، وقيل هو رافع بن خديج والله أعلم، (6) (سنده) حدّثنا يحيى بن زكريا ثنا شعبة عن محمد بن جحادة عن أبي حازم عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (خ د). (7) (سنده) حدّثنا عبد الصمد ثنا القاسم بن الفضل حدثني أبو معاوية المهري قال قال لي أبو هريرة يا مهري نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب الخ (غريبه) (8) استدل به القائلون بتحريم بيع الكلب مطلقا وهم الجمهور، انظر الخلاف في ذلك في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 148 في الجزء الثاني (9) هي المرأة الفاجرة الزانية وهذا مجمع على تحريمه (10) بفتح العين المهملة واسكان السين المهملة أيضا وفي آخره موحدة، ويقال له العصيب أيضا، والفحل الذكر من كل حيوان فرسا كان أو جملا أو غير ذلك، واختلف فيه فقيل هو ماء الفحل، وقيل اجرة الجماع، ويؤيد الأول حديث جابر عند مسلم والنسائي ان النبي صلَّى الله عليه وسلم نهى عن بيع ضراب الفحل، وللعلماء خلاف في ذلك انظره في القول الحسن في الجزء الثاني صحيفة 149 (تخريجه)

-[قوله صلَّى الله عليه وسلم ثمن الكلب خبيث ومهر البغي خبيث وكسب الحجام خبيث]- (رافع بن خديج) (1) أن نبي الله صلَّى الله عليه وسلم قال شر الكسب ثمن الكلب وكسب الحجام ومهر البغي (2) (وعنه أيضا) (3) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ثمن الكلب خبيث، ومهر البغي خبيث (4) (عن يحيى بن أبي سليم) (5) قال سمعت عباية بن رفاعة ابن رافع بن خديج يحدث أن جده حين مات ترك جارية وناضحا وغلاما حجاما وأرضا فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في الجارية فنهى عن كسبها قال شعبة مخافة أن تبغي، وقال ما أصاب الحجام فاعلفه الناضح، وقال في الأرض ازرعها أو ذرها (6) (عن جابر بن عبد الله) (7) أن النبي صلَّى الله عليه وسلم سئل عن كسب الحجام فقال اعلفه ناضحك (عن عمر بن الخطاب) (8) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول قد أعطيت خالتي (9) غلاما وأنا أرجو أن يبارك الله لها فيه وقد

_ (دنس) وسكت عنه أبو داود والمنذري وله شواهد كثيرة تعضده (1) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد ثنا محمد بن يوسف قال سمعت السائب بن يزيد بن أخت النمر (بفتح النون مشددة وكسر الميم) عن رافع ابن خديج الخ (غريبه) (2) بفتح الموحدة وكسر المعجمة وتشديد الياء التحتية فعيل بمعنى فاعلة أو مفعوله وهي الزانية، وأصل البغي الطلب غير أنه أثر ما يستعمل في طلب الفساد والزنا، والمراد بمهر البغي ما تكتسبه الأمة بالفجور لا بالصنائع الجائزة كما تقدم، وسماه مهرا لكونه على صورته (قال النووي) وهو حرام بإجماع المسلمين اهـ فقوله شر الكسب ظاهر في تحريم ثمن الكلب ومهر البغي أما كسب الحجام فمكروه تنزيها لقيام الدليل على ذلك (تخريجه) (م نس وغيرهما) (3) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن ابن إبراهيم عن عبد الله بن قارظ عن السائب ابن يزيد عن رافع بن خديج الخ (غريبه) (4) قال الخطابي قد يجمع الكلام بين القرائن في اللفظ ويفرق بينهما في المعنى، ويعرف ذلك من الأغراض والمقاصد، فأما مهر البغي وثمن الكلب فيريد بالخبيث فيهما الحرام لأن اللب نجس والزنا حرام وبذل العوض عليه وأخذه حرام، وأما كسب الحجام فيريد بالخبيث فيه الكراهة لأن الحجامة مباحة، وقد يون الكلام في الفصل الواحد بعضه على الوجوب وبعضه على الندب وبعضه على الحقيقة وبعضه على المجاز ويفرق بينها بدلائل الأحوال واعتبار معانيها (تخريجه) (م د مذ) (5) (سنه) حدّثنا أبو النضر قال ثنا شعبة عن يحيى بن أبي سليم الخ (غريبه) (6) أي اتركها لغيرك يزرعها وينتفع بها إن لم تقدر على زرعها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواء احمد وهو مرسل صحيح الإسناد (7) (سنده) حدّثنا سفيان بن عيينة عن أبي الزبير عن جابر الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم وأبو يعلى) ورجال احمد رجال الصحيح (8) (سنده) حدّثنا محمد بن يزيد ثنا محمد بن إسحاق قال ثنا العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن رجل من قريش من بني سهم عن رجل منهم يقال له ماجدة قال عارمت غلاما بمكة (أي خاصمته) فعض أذني فقطع منها أو عضضت أذنه فقطعت منها، فلما قدم علينا أبو بكر رضي الله حاجا رفعنا اليه فقال انطلقوا بهما إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فان كان الجارح بلغ أن يقتص منه فليقتص، قال فلما انتهى بنا الى عمر رضي الله عنه نظر إلينا فقال نعم قد بلغ هذا أن يقتص منه، ادعو إليّ حجاما فلما ذكر الحجام قال أما اني قد سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول قد أعطيت خالتي غلاما الخ (غريبه) (9)

-[ما جاء في كسب القصاب (أي الجزار) والصائغ والصباغ]- نهيتها أن تجعله حجّاما أو قصّابا (1) أو صائغا (عن أبي هريرة) (2) أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال إن أكذب الناس الصّواغون (3) والصّباغون (وعنه أيضا) (4) عن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال أكذب الناس الصناع (5) (وعن حرام بن ساعدة) بن محيّصة (6) بن مسعود قال كان له غلام حجام يقال له أبو طيبة يكسب كسبا كثيرا فلما نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن كسب الحجام استرخص (7) رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فيه فأبى، فلم يزل يكلمه فيه ويذكر له الحاجة حتى قال له ليلق كسبه في بطن ناضح (-8) (وفي لفظ) اعلفه ناضحك وأطعمه رقيقك (9) (وفي لفظ) فزجره رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فقال أفلا أطعمه يتامى لي؟ قال لا قال أفلا أتصدق به؟ قال لا فرخص له أن يعلفه ناضحه (عن محمد بن سهل) (10) بن أبي حثمة عن محيصة بن مسعود الأنصاري أنه كان له غلام حجام يقال له نافع أبو طيبه (11) فانطلق إلى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يسأله (12) عن خراجه فقال

_ هي فاختة بنت عمرو كما صرح بذلك في حديث جابر عند الطبراني (1) إنما كره ان تجعله حجاما او قصابا لأجل النجاسة التي يباشرانها مع تعذر الاحتراز ولأن في كسب الحجام خسة (وقوله أو صائغا) بالغين المعجمة هو صانع الحلي سيأتي الكلام عليه في شرح الحديث التالي (تخريجه) (د) وفي إسناده ماجدة السهمي، قال الحافظ في التقريب أبو ماجدة أو ابن ماجدة قبل اسمه علىّ مجهول من الثالثة وروايته عن عمر مرسلة والله أعلم اهـ (قلت) وروي نحوه (طب) عن جابر بإسناد ضعيف، (2) (سنده) حدّثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا فرقد عن أبي العلاء عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) معناه ان من أكثر الناس كذبا الصواغون يعني صناعة الحلي، والصباغون أي صباغوا الثياب لأنهم يمطلون بالمواعيد الكاذبة ولكثرة الغش في صنعة الصائغ (تخريجه) (جه) قال ابن الجوزي حديث لا يصح اهـ (قلت) في إسناده فرقد السبخي بوزن الذهبي وآخره خاء معجمة وثقه ابن معين وضعفه الجمهور (4) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق قال قال معمر وزادني غير همام عن أبي هريرة عن النبي صلَّى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) يضم الصاد المهملة وتشديد النون جمع صانع أي لما تقدم من ذبهم ومطلهم بالمواعيد (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد من حديث أبي هريرة وسنده جيد، وله شاهد عند الديلي من حديث أبي سعيد وفي سنده ضعف (6) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون ثنا محمد بن إسحاق عن الزهري عن حرام بن ساعدة بن محيصة الخ (محيصة بضم الميم وفتح المهملة وتشديد التحتانية) زاد في رواية أخرى عن أبيه عن جده، وجده هو محيصة بن مسعود وهذا هو الصواب (غريبه) (7) أي طلب من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أن يرخص له في الانتفاع بكسب غلام الحجام (8) معناه اعلفه ناضحك كما في اللفظ الآخر (9) زاد في هذا اللفظ وأطعمه رقيقك وهو كذلك عند الشافعي، وإنما قال وأطعمه رقيقك لخسته فلا يليق بالحر أن يأكل منه (تخريجه) (د مذ) وقال حسن صحيح وأخرجه أيضا (جه. والامامان) قال الحافظ ورجاله ثقات اهـ وأورده أيضا الهيثمي وقال اخرج حديث محيصة المذكور أهل السنن الثلاث باختصار و (طس) ورجال احمد رجال الصحيح (10) (سنده) حدّثنا حجاج بن محمد ثنا ليث حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي عفير الانصاري عن محمد بن سهل بن أبي حثمة الخ (غريبه) (11) صرح في هذه الرواية باسم الغلام وهو نافع أبو طيبة (12) السائل هو محيصة بن مسعود والخراج ما يتعاطاه من الأجرة على عمله (وفي لفظ) استأذن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في

-[الكسب من الربا ولعن أكله وموكله]- لا تقربه، فردَّه على رسول الله صلَّى الله عليه وسلم (1)، فقال اعلف به الناضح واجعله في كرشه (عن عون ابن ابي جحيفة) (2) عن أبيه أنه اشترى غلاما حجاما فأمر بمحاجمه (3) فكسرت، فقلت له اتكسرها؟ (4) قال نعم، إن سول الله صلَّى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم (5) وثمن الكلب وكسب البغي ولعن آكل الربا وموكله (6) والواشمة والمستوشمة (7) ولعن المصور (8) (عن على رضى الله عنه) (9) قال احتجم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فأمرني أن أعطي الحجام أجره (10) (باب ما جاء في كسب العشارين وأصحاب المس والعرفاء ونحوهم) (عن على بن زيد) (11) عن الحسن قال مر عثمان بن أبي العاص على كلاب بن أمية وهو جالس على مجلس العاشر (12) بالبصرة فقال ما يجلسك ها هنا؟ قال استعملني هذا على هذا المكان يعني زيادا (13) فقال له عثمان ألا أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم؟ قال بلى، قال عثمان سمعت رسول الله

_ إجارة الحجام (1) هذا يفيد أن محيصة رد الخراج على رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لما قال له لا تقربه، فقال له النبي صلَّى الله عليه وسلم اعلف به الناضح الخ (تخريجه) (د مذ) وغيرهم بألفاظ مختلفة والمعنى واحد، وقال الترمذي حديث حسن (2) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة الخ (غريبه) (3) بفتح الميم الأولى وسر الثانية جمع محجم بكسر الميم، الآلة التي يحجم بها الحجام (4) معناه لم تكسرها؟ وعند البخاري فسألته عن ذلك، أي سالت أبي عن سبب كسر المحاجم، فقال إن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الدم الخ وكأن أبا جحيفة فهم أن النهي عن ذلك للتحريم فأراد حسم المادة، وكأنه فهم أيضا أن الغلام لا يطيع النهي ولا يترك التكسب بذلك، ولذلك كسر محاجمه والله أعلم (5) أي عن أجرة الحجامة وأطلق عليه الثمن تجوزا (6) أي الآخذ والمعطي لأنه يعين على أكل الحرام فهو شريك في الإثم كما أنه شريك في الفعل (7) الواشمة التي تغرز الجلد بالإبر ثم تحشوه بالكحل والنيلة فيرزق أثره أو يخضر (والمستوشمة) أي المفعول بها ذلك، والرجل كالمرأة في ذلك بل أشد، وإنما عبر التأنيث باعتبار الغالب وإنما نهى عن ذلك لأنه من عمل الجاهلية، وفيه تغيير لخلق الله عز وجل (8) أي الذي يصور الحيوان لا الشجر فان الفتنة فيه أعظم، وسيأتي الكلام عليه في بابه إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق وغيرهما) (9) (سنده) حدّثنا أبو النضر هاشم وأبو داود قالا ثنا ورقاء عن عبد الأعلى الثعلبي عن أبي جميلة عن على الخ (غريبه) (10) زاد في الحديث ابن عباس عند (ق حم) وسيأتي في باب أجرة الحجام من كتاب الإجارة إن شاء الله تعالى (قال ابن عباس) وأعطاه أجره، ولو كان حراما ما أعطاه (وفي لفظ) ولو كان سحتا لم يعطه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم (تخريجه) (جه) وفي إسناده عبد الأعلى بن عامر قد تركه ابن مهدي والقطان وضعفه الامام احمد وابن معين وغيرهما، لكن يعضده حديث ابن عباس عند (ق حم) وتقدمت الإشارة إليه آنفا والله الموفق. (باب)، (11) (سنده) يزيد قال انا حماد بن زيد قال ثنا على بن زيد عن الحسن الخ. (غريبه) (12) أي في المكان الذي يجلس فيه العشار، والعشار هو الذي يأخذ من أموال الناس ضريبة باسم العشر على عادة الجاهلية، وهذا الذي ورد فيه الذم، أما الساعي الذي يأخذ الصدقة وعشر أهل الذمة الذين صولحوا عليه فهو محتسب مالم يتعد (13) هو ابن سمية مولاة الحارث بن

-[ما جاء في كسب الساحر والعشار وصاحب المكس]- صلَّى الله عليه وسلم يقول كان لداود نبي الله عليه السلام من الليل ساعة يوقظ فيها أهله فيقول يا آل داود قوموا فصلوا فان هذه ساعة يستجيب الله فيها الدعاء إلا لساحر أو عشار، فركب كلاب بن أمية سفينة فأتي زيادا فاستعفاه (1) فأعفاه (عن أبي الخير) (2) قال عرض مسلة بن مخلد وكان أميرا على مصر على رويفع بن ثابت رضى الله عنه أن يوليه العشور، فقال إني سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول صاحب المكس (3) في النار (عن حرب بن الهلال) (4) الثقفي عن أبي أمية رجل من بني تغلب أنه سمع النبي صلَّى الله عليه وسلم يقول ليس على المسلمين عشور (5) إنما العشور على اليهود والنصارى (6) (ومن طريق ثان) (7) عن حرب بن عبيد الله الثقفي عن خاله قال أتيت النبي صلَّى الله عليه وسلم فذكر

_ كلدة بفتح الكاف واللام، ويقال له زياد بن ابيه، ويقال له زياد بن أبي سفيان صخر بن حرب واستحلقه معاوية بن أبي سفيان وقال أنت أخي وابن أبي، كنيته أبو المغيرة، قيل ولد عام هجرة النبي صلَّى الله عليه وسلم إلى المدينة، وقيل يوم بدر، وليست له صحبة ولا رواية، وكان من دهاة العرب والخطباء الفصحا. (10) أي طلب منه الإقالة من مهنة العشار بعد ما سمع الحديث من عثمان بن أبي العاص وفهم منه أنها لا ترضي الله عز وجل فأقاله (تخريجه) (طب طس) وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح إلا أن فيه على بن زيد وفيه كلام وقد وثق اهـ (قلت) ورواه الامام احمد في موضع آخر من مسنده فقال حدثنا عبد الصمد وعفان المعني قالا ثنا حماد بن سلمة ثنا على بن زيد عن السحن ان ابن عامر استعمل كلاب بن أمية على الآيلة وعثمان بن أبي العاص في أرضه فأتاه عثمان فقال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، قال عبد الصم في حديثه يقول إن في الليل ساعة تفتح فيها أبواب السماء ينادي مناد هل من سائل فأعطيه؟ هل من داع فاستجيب له، هل من مستغفر فاغفر له، قالا جميعا وإن داود خرج ذات ليلة فقال لا يسأل الله عز وجل أحد شيئا إلا أعطاه إلا أن يون ساحرا أو عشارا فدعا كلاب يقرقور (يعني سفينة) فركب فيه وانحدر إلى ابن عامر فقال دونك عملك، قال لم؟ قال حدثنا عثمان بكذا وكذا، (2) (سنده) حدّثنا قتيبة ابن سعيد قال ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ابي الخير الخ (غريبه) (3) المكس هو الضريبة التي يأخذها الماكس وهو العشار بالمعنى المتقدم في الحديث السابق، وقيل المكس النقصان، والماكس من العمال من ينقص من حقوق المساكين ولا يعطيها بتمامها قاله البيهقي (قلت) وإنما كان في النار لظلمه الناس واخذ أموالهم بدون حق شرعي، فان استحل ذلك كان في النار خالدا فيها أبدا لأنه كافر، وإلا فيعذب فيها مع عصاة المؤمنين ما شاء الله ثم يخرج ويدخل الجنة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني في الكبير بنحوه إلا أنه قال صاحب المكس في النار يعني العاشر وفيه ابن لهيعة وفيه كلام اهـ (4) (سنده) حدّثنا جرير عن عطاء بن السائب عن حرب بن هلال الثقفي عن أي أمية الخ. (غريبه) (5) أي غير ما فرضه الله عليهم في الصدقات فلا يؤخذ من المسلم ضريبة ولا شيء يقرر عليه في ماله لأنه يصير كالجزية (6) أي إذا صولحوا على العشر وقت العقد أو على أن يدخلوا بلادنا للتجارة ويؤدوا العشور أو نحوه لزمتهم، وإلا فلا شيء بعد الجزية، وتخصيص اليهود والنصارى ليس لإخراج غيرهم بل للأسعار بأن غيرهم من باب أولى كالوثنية ونحوهم (7) (سنده) حدّثنا أبو نعيم حدثنا سفيان عن عطاء عن حرب بن عبيد الله الثقفي الخ (قلت) جاء في الطريق الأولى عن حرب بن هلال،

-[حديث ليس على أهل الإسلام عشور - وذم العاشر وصاحب المكس]- له أشياء (1) فسأله فقال أعشَّرها؟ فقال إنما العشور على اليهود والنصارى، وليس على أهل الإسلام عشور (ومن طريق ثالث) (2) عن رجل من بر بن وائل عن خاله قال قلت يا رسول الله أعشر قومي؟ قال إنما العشور على اليهود والنصارى وليس على أهل الإسلام عشور (عن عقبة بن عامر الجهني) (2) قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة صاحب مكس يعني العشار (4) (عن مالك بن عتاهية) (5) قال سمعت النبي صلَّى الله عليه وسلم يقول إذا لقيتم عاشرا فاقتلوه (6) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا قتيبة بن سعيد بهذا الحديث وقصّر عن بعض

_ وفي هذه الطريق عن حرب بن عبيد الله وهو مشكل (قال الحافظ) في تعجيل المنفعة حرب بن هلال الثقفي عن أبي أمية التغلبي، وعنه عطاء بن السائب، وقد فرق ابن حبان في الثقات بين حرب بن هلال وحرب بن عبيد الله، والصواب أنهما واحد اهـ (قلت) وبهذا يزول الإشكال لا سيما وهو الذي ذكره أبو داود في سننه والله أعلم (1) جاء عند أبي داود مصحا بهذه الأشياء في حديثه قال أتيت النبي صلَّى الله عليه وسلم فأسلمت وعلمني الإسلام وعلمني كيف آخذ الصدقة من قومي ممن أسلم، ثم رجعت اليه فقلت يا رسول الله كل ما علمتني قد حفظته إلا الصدقة، أفأعشرهم؟ قال لا، إنما العشور على النصارى واليهود اهـ فظهر من هذا الحديث أن الأشياء المبهمة هنا هي أن النبي صلَّى الله عليه وسلم علمه كيف يأخذ الصدقة من قومه والله أعلم (2) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن عن سفيان عن عطاء يعني ابن السائب عن رجل من بكر بن وائل الخ (وقوله) عن رجل من بر بن وائل: هذا الرجل هو حرب بن عبيد الله الثقفي كما صرح بذلك في الطريق الثانية (وقوله عن عماله) هو أبو أمية التغلبي المصرح به في الطريق الأولى (تخريجه) (د) قال الهيثمي فيه عطاء بن السائب اختلط وبقية رجاله ثقات اهـ وقال المنذري أخرجه البخاري في التاريخ الكبير وساق اضطراب الرواة فيه وقال لا يتابع عليه، وقد فرض النبي صلَّى الله عليه وسلم العشور فيما أخرجت الأرض في خمسة أوساق اهـ (3) (سنده) حدّثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة التجيبي عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) (4) تقدم تعريف العشاري شرح الحديث الأول من احاديث الباب، (وفيه) أن المكس من أعظم الذنوب وذلك لكثرة مطالبات الناس ومظلماتهم وصرفها في غير وجهها (تخريجه) (د ك) وصححه الحاكم والحافظ السيوطي (قلت) في إسناده محمد بن إسحاق ثقة ولكنه مدلس وقد عنعن (5) (سنده) حدّثنا موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن عبد الرحمن بن حسان عن مخيس بن ظبيان عن رجل من بني جذام عن مالك بن عتاهية الخ (غريبه) (6) أي أن وجدتم من يأخذ العشر على ما كان يأخذه أهل الجاهلية مقيما على دينه فاقتلوه لفره ولاستحلاله لذلك إن كان مسلما وأخذه مستحلا وتاركا فرض الله وهو ربع العشر، فأما من يعشرهم على ما فرض الله تعالى فحسن جميل، قد عشَّر جماعة من الصحابة للنبي صلَّى الله عليه وسلم وللخلفاء بعده فيجوز أنه يسمى آخذ ذلك عاشرا لإضافة ما يأخذه إلى العشر كربع العشر ونصف العشر، كيف وهو يأخذ العشر جميعه وهو زكاة ما سقته السماء، وعشر أموال أهل الذمة في التجارات، يقال عشرت مله بفتح الشين المعجمة أعشره بضمها عشرا بضم أوله وسكون المعجمة فانا عاشر، وعشَّرته

-[ذم الإمارة والجباية والعرافة]- الإسناد (1) وقال يعني بذلك الصدقة يأخذها على غير حقها (عن سعيد بن زيد) (2) قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول يا معشر العرب احمدوا الله الذي رفع عنكم العشور (3) (عن المقدام بن معد يكرب) (4) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أفلحت يا قديم (5) ان لم تكن أميرا (6) ولا جابيا ولا عريفا (أبواب الكسب بالتجارة) (باب ما جاء في الصدق والأمانة في البيع والشراء وفضل ذلك) (عن أبي هريرة) (6) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم اشترى رجل من

_ فانا معشِّر وعشَّار إذا أخذت عشره، وما ورد في الحديث من عقوبة العشار فمحمول على التأويل المذكور، قاله صاحب النهاية (1) يريد أنه لم يذكر مخيسا ولا عبد الرحمن بن حسان (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني في الكبير إلا أنه قال الصدقة يأخذها على غير حقها وفيه رجل لم يسم اهـ (قلت) وهذا الحديث أورده ابن الجوزي في الموضوعات من طريق أخرى غير طريق الامام احمد وقال انه موضوع فيه مجاهيل، وقد رواه قتيبة عن ابن لهيعة فلم يذكر مخيسا ولا عبد الرحمن بن حسان، وابن لهيعة ذاهب الحديث اهـ قال العلامة الشيخ محمد صبغة الله المدراسي في ذيل القول المسدد في الذب عن المسند للإمام احمد تعقبه الجلال في النكت بانه أخرجه احمد في مسنده والبخاري في تاريخه والطبراني بسند رجاله معروفون، وفيه ابن لهيعة وهو من رجال مسلم في المتابعات وفيه كلام كثير والصواب أنه حسن الحديث اهـ من ذيل القول المسدد، وكلام الجلال في النكت يفيد أن الحديث ليس له علة، وعلته عندي أن في اسناده عند الإمام احمد رجل لم يسم، وكلام الحافظ الهيثمي يفيد أن هذه العلة عند الطبراني أيضا وهي لا تقتضي جعل الحديث في الموضوعات بل تفيد السيف فقط، وكم من حديث جهل بعض رجاله عند قوم وجاء صحيحا من طرق أخرى عند آخرين والله أعلم (2) (سنده) حدّثنا الفضل ابن دكين ثنا إسرائيل عن إبراهيم بن مهاجر حدثني من سمع عمرو بن حريث يحدث عن سعيدين بن زيد الخ (غريبه) (3) والله أعلم ما كانت تأخذه ملوكهم ورؤساء قبائلهم منهم من الضرائب والعشور ونحو ذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل بز) وفيه رجل لم يسم وبقية رجاله موثقون (4) (سنده) حدّثنا احمد بن عبد الملك الحراني ثنا محمد بن حرب الأبرش ثنا سليمان بن سليم ابن صالح بن يحيى بن المقدام عن جده المقدام بن معد يكرب الخ (غريبه) (5) بضم القاف وفتح المهملة تصغير مقدام وهو تصغير ترخيم (6) لفظ أبي داود (إن مت ولم تكن أميرا) أي والحال أنك لست أميرا على قوم، فان خطب الولاية شيد وعاقبتها في الآخرة وخيمة بالنسبة لمن لم يثق بأمانة نفسه، أما المقسطون فعلى منابر من نور يوم القيامة (وقوله ولا جابيا) الجابي هو العامل الذي يجمع أموال الدولة كالزكاة والجزية والخراج ونحو ذلك (وقوله ولا عريفا) بفتح المهملة وكسر الراء، العريف هو القيم بأمور القبيلة والجماعة من الناس يلي أمورهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم، وانما كره صلَّى الله عليه وسلم له هذه الأمور لما فيهما من المسؤولية والفتنة إذا لم يقم بحقها (تخريجه) (د) وفي إسناده صالح بن يحيى قال البخاري فيه نظر، وقال الذهبي قال موسى بن هارون صالح لا يعرف ولا أبوه ولا جده، لكن قال المنذري عقب تخريجه، الحديث فيه كلام لا يقدح والله أعلم (باب ما جاء في الصدق والأمانة في البيع والشراء الخ) (7) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق بم همام ثنا معمر عن همام بن منيه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة

-[فضل الصدق والأمانة في البيع والشراء]- رجل (1) عقار العفو جد الرجل الذي اشترى العقار في عقاره جرة (2) فيها ذهب فقال الذي اشترى العقار خذ ذهبك مني، إنما اشتريت منك الأرض ولم ابتع منك الذهب، فقال الذي باع الأرض إنما بعتك الأرض وما فيها، قال فتحا كما الى رجل (3) فقال الذي تحاكما اليه ألكما ولدٌ، قال أحد عمالي غلام، وقال الآخر لي جارية، قال أنكح الغلام الجارية وأنفقوا (4) على أنفسهما منه وتصدَّقا (عن عروة بن أبي الجعد) (5) قال عرض النبي صلَّى الله عليه وسلم جلب (6) فأعطاني دينار أفقال أي عروة أنت الجلب فاشتر لنا شاة، قال فأتيت الجلب فساومت صاحبه فاشتريت منه شاتين بدينار فجئت أوقهما أو قال أقودهما فلقيني رجل فساومني فأبيعه شاة بدينار، فجئت بالدينار وجئت بالشاة فقلت يا رسول الله هذا ديناركم وهذه شاتكم، قال وصنعت كيف؟ فحدثته الحديث فقال اللهم بارك له في صفقة يمينه، فلقد رأيتني أقف بكناسة (7) الكوفة فأربح أربعين ألفا قبل أن أصل إلى أهلي، وكان يشتري الجواري ويبيع (باب ذم الكذب والحلف لترويج السلعة وذم الأسواق) (عن أبي هريرة) (8) يبلغ به النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (9) اليمين الكاذبة منفقة (10) للسلعة ممحقة للكسب

_ فذكر أحاديث، منها قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم اشترى رجل الخ (غريبه) (1) أي من بني إسرائيل كما يدل عليه سياق القصة (والعقار) بفتح العين المهملة هو أصل المال الأرض وما يتصل بها، وعقر الشيء أصله ومنه عقر الأرض بفتح العين وضمها، وقيل العقار المنزل والضيعة، وخصه بعضهم بالنخل (2) هي آنية من الفخار الذي يصنع من الدر أي الطين (3) قيل هو داوود النبي صلَّى الله عليه وسلم كما في المبتدأ لو هب بن منبه، وفي المبتدأ لإسحاق بن بشير أن ذلك وقع في زمن ذي القرنين من بعض قضائه، قال الحافظ وصنيع البخاري يقتضي ترجيح ما وقع عند وهب لكونه أورده في ذكر بني إسرائيل (وقوله ألكما ولد) بفتح الواو والمراد الجنس والمعنى ألكلَّ منكما ولد (4) بواو الجماعة يعني أنتما ومن تستعينان به كالوكيل (وقوله على أنفسهما منه) أي على الزوجين من الذهب (وتصدقا) بألف التثنية أي منه بأنفسكما بغير واسطة لما فيه من الفضل (تخريجه) (ق وغيرهما)، (5) (سنده) حدّثنا عفان ثنا سعيد بن زيد ثنا الزبير بن الخرِّيت ع نأبي لبيد قال كان عروة بن أبي الجعد البارقي نازلا بين أظهرنا فحدث عنه أبو لبيد لمازة بن زَّبار عن عروة بن أبي الجعد الخ (وله طريق أخرى) عند الامام أحمد أيضا قال حدثنا سفيان عن شبيب انه سمع الحي يخبرون عن عروة البارقي أن رسول صلَّى الله عليه وسلم بعث معه بدينار يشتري له أضحية، قال مرة أو شاة فاشترى له اثنتين فباع واحدة بدينار وأتاه بالأخرى فدعا له بالبركة في بيعه، فكان لو اشترى التراب لربح فيه (غريبه) (6) الجلب فعل بمعنى مفعول، وهو ما تجلبه من بلد إلى بلد للبيع من كل شيء (7) بضم الكاف اسم موضع بالكوفة، والكناسة أيضا القمامة كذا في القاموس (قلت) ولعل هذا الموضع كان معدا لرمي الكناسة فيه فسمي المحل باسم الحال ثم اتخذ بعد سوقا للبيع والشراء وبقي الاسم الأصلي والله أعلم (تخريجه) (خ د مذ جه) (باب)، (8) (سنده) حدّثنا سفيان عن العلا بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلَّى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) أي يرفعه إلى النبي صلَّى الله عليه وسلم، ولفظ البخاري سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول الخ وهذا غاية الرفع (10) بفتح الميم والفاء بينهما نون ساكنة مفعلة من النفاق (بفتح النون) وهو الرواج ضد الكساد (والسلعة)

-[ذم الحلف والكذب في البيع والشراء - وما جاء في السماسرة]- (عن عبد الرحمن بن شبل) (1) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم إن التجار (2) هم الفجار، قال قيل يا رسول الله أوليس قد أحل الله البيع؟ قال بلى ولكنهم يحدثون فيكذبون، ويحلفون ويأتون (عن أبي قتادة) (3) قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول إياكم (4) وكثرة الحلف في البيع فانه ينفق (5) ثم يمحق (عن قيس بن أبي غرزة) (6) قال كنا نسمي السماسرة (7) على عهد رسول الله صلَّى الله عليه وسلم (وفي لفظ كنا نبيع الرقيق في السوق) (وفي لفظ آخر كنا نبتاع الأوساق (8) بالمدينة) فأتانا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم بالبقيع (9) فقال يا معشر التجار فسمانا باسم أحسن من اسمنا (وفي لفظ أحسن مما سمينا به أنفسنا) فقال إن البيع يحضره الحلف والكذب فشوبوه (10) بالصدقة (وفي لفظ) إن هذه السوق يخالطها اللغو (11) وحلفٌ فشوبوها بصقة، (عن بعض أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلم) (1) قال أراد رسول الله

_ بكسر السين المهملة المتاع (وقول ممحقة) بالمهملة والقاف بوزن منفقة المتقدم ضبطه، والمعنى أن اليمين الكاذبة سبب لنفاق البضاعة ورواجها ولكنها ماحية للبركة، فالأموال المكتسبة من البيوع المشفوعة بالإيمان الكاذبة وإن كانت نامية في بادئ النظر فأمر البركة فيها في حين العدم (تخريجه) (ق د نس)، (1) (سنده) حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم عن هشام يعني الدستواتي قال حدثني يحيى بن أبي نمير عن أبي راشد الحبراني قال قال عب الرحمن بن شبل قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) التجار بضم الفوقية وتشدي الجيم جمع تاجر (والفجار) على وزنه جمع فاجر من الفجور إلا من اتقى الله وبرّ وصدق فهو مع النبيين والصديقين والشهداء كما في رواية عند (مذ جه) وحسنها الترمذي) (تخريجه) (طب هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، (3) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنا محمد بن إسحاق عن معبد بن كعب بن مالك عن أبي قتادة الخ (غريبه) (4) أي احذروا كثرة الحلف في البيع ولو صادقا فان الكثرة مظنة الوقوع في الكذب كالراعي حول يوشك أن يقع فيه، وأما اليمين الكاذبة فحرام وإن كانت قليلة (5) تعليل لما قبله، أي يروج البيع ثم يمحق (بفتح أوله) أي يذهب بركته بأي وجه كان من تلف أو صرف فيما لا ينفع ونحو ذلك (تخريجه) (م س جه هق)، (6) (سنده) حدّثنا سفيان ابن عيينة عن جامع بن راشد وعاصم عن أبي وائل عن قيس بن أبي غرزة الخ (غرزة) بفتحات (غريبه) (7) بفتح السين المهملة الأولى وكسر الثانية جمع سمسار بوزن مسمار، وهو القيم أمر البيع والحافظ له قال الخطابي هو اسم أعجمي، وكان فيمن يعالج البيع ناس من العجم فتلقوا هذا الاسم منهم فغيره النبي صلَّى الله عليه وسلم بالتجار الذي هو من الأسماء العربية اهـ أي فهو أحسن من تسميتهم بالسماسرة، ولهذا قال فسمانا باسم أحسن من اسمنا ما سيأتي (8) جمع وسق بفتح الواو وسكون المهملة يعني من التمر والشعير ونحو ذلك والوسق ستون صاعا، وفي الرواية السابقة كنا نبيع الرقيق في السوق، والمعنى أن عضهم كان يبيع الرقيق وبعضهم كان يبيع التمر والشعير وغيره لأن السوق تجمع كل ذلك (9) قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات هو بقيع الغرقد مدفن اهل المدينة ولم يكن في ذلك الوت كثرت فيه القبور (10) بضم الشين المعجمة امر من الشوب بمعنى الخلط، أمرهم بذلك ليكون كفارة لما يجري بينهم من الكذب وغيره والمراد بالصدقة صدقة غير معينة حسب تضاعيف الآثام (11) قال في النهاية لغى إذا تكلم بالمطرح من القول وما لا يعني، وألغى إذا أسقط اهـ والمعنى أنه يكثر فيها الكلام الساقط والإيمان الكاذبة (تخريجه) (د جه هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، (12) (سنده) يزيد بن هارون قال أنا العوام

-[النهي عن الغش والخداع في البيع والشراء، وشر بقاع الأرض أسواقها]- صلَّى الله عليه وسلم أن ينهى عن بيع (1) فقالوا يا رسول الله إنها معايشنا، قال فقال لا خلابة (2) إذاً، وكنا نسمّي السماسرة فذكر الحديث (عن تابي هريرة) (3) قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول يقول رب يمين لا تصعد (4) إلى الله بهذه البقعة فرأيت النخاسين (5) بعده (عن محمد بن جبير) أين مطعيم (6) عن أبيه رضي الله عنه أن رجلا أتى النبي صلَّى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي البلدان شر (7) قال فقال لا أدري، فلما أتاه جبريل عليه السلام قال يا جبريل أي البلاد شر؟ قال لا أدري حتى أسأل ربي عز وجل، فانطلق جبريل عليه السلام ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم جاء فقال يا محمد إنك سألتني أي البلدان شر فقلت لا أدري، وإني سألت ربي عز وجل أي البلدان شر فقال أسواقها (8) (باب ما جاء في التساهل والتسامح في البيع والإقالة وحسن التقاضي وفضل ذلك) (عن عطاء بن فرُّوخ (9) مولى القرشيين أن عثمان اشترى من رجل ارضا فأبطأ عليه فلقيه فقال له ما منعك من قبض مالك؟ قال إنك غبتني (10) فما ألقى من الناس أحدا إلا وهو يلومني، قال أو ذلك

_ ابن حوشب قال حدثني إبراهيم مولى صخير عن أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلم الخ (قلت) الظاهر أن هذا الصحابي المبهم هو قيس بن أبي غررة ذكره كما يستفاد من سياق الحديث، ولأنه جاء عند الإمام احمد في مستند قيس المذكور (غريبه) (1) أي من أنواع البيوع التي يشوبها خداع (2) أي لا خداع والمعنى فان كان ولابد من البيع فاجتنبوا الخداع فيه والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح، (3) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن عن سفيان عن عاصم عن عبيد مولى ابي رهم عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) أي لا تقبل عند الله لكونها يمينا كاذبة ولم يبين البقعة المشار اليها، وربما كانت من ضواحي المدينة ثم اتخذت سوقا بعد ذلك (5) جمع نخاس وهو بياع الدواب والرقيق والاسم النخاسة بالكسر والفتح، قال في القاموس والمعنى أن هذه البقعة التي أشار إليها النبي صلَّى الله عليه وسلم صارت سوقا للبيع والشراء بعد وفاته صلَّى الله عليه وسلم، وهذا من دلائل النبوة حيث أخبر صلَّى الله عليه وسلم أن هذه البقعة تصير مكانا للأيمان الكاذبة فصارت سوق، ومن شأن الأسواق كثرة الأيمان الفاجرة فيها والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (6) (سنده) حدّثنا أبو عامر قال ثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن جبير بن مطعم الخ (7) جاء عند البزار بلفظ (أي البلدان احب الى الله واي البلدان ابغض إلى الله) والمراد بالسؤال أي بقعة من البلدان (8) جاء عند البزار (إن احب البقاع الى الله المساجد وابغض البقاع الى الله الأسواق) اهـ وإنما كانت المساجد أحي البقاع إلى الله عز وجل لأنها مكان الصلاة والعبادة وذكر الله وتعمرها الملائكة، أما الأسواق فكانت أبغض البقاع إلى الله لما يكثر فيها من الكذب والغش والخداع والأيمان الاذبة ولأنها مساكن الشياطين تلهيهم عن ذكر الله وإقام الصلاة وتغويهم على الكذب والايمان الفاجرة نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل طب) هكذا وذكر الهيثمي زيادة البزار ثم قال ورجال احمد وابن يعلى والبزار رجال الصحيح خلا عبد الله بن محمد بن عقيل وهو حسن الحديث وفيه كلاب باب، (9) (سنده) حدّثنا إسماعيل ثنا إبراهيم ثنا يونس يعني ابن عبيد الله حدثني عطاء بن فروخ مولى القرشيين الخ (غريبه) (10) أي

-[فضل التسامح والتساهل في البيع والاقالة وحسن التقاضي]- يمنعك؟ قال نعم، قال فاختر بين أرضك ومالك، ثم قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أدخل الله (1) عز وجل الجنة رجلا كان سهلا (2) مشتريا وبائعا وقاضيا ومقتضيا، (من جابر بن عبد الله) (3) قال كنا مع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم في سفر فاشترى مني بعيرا فجعل لي ظهره (4) حتى أقدم المدينة فيما قدمت أتيته بالبعير فدفعته إليه وأمر لي بالثمن ثم انصرفت فاذا رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قد لحقني، قال قلت قد بدا له (5) قال قلما أتيته دفع الى البعير وقال هو لك (6) فمررت برجل من اليهود فأخبرته قال فجعل يعجب (7) قال فقال اشتري منك البعير ودفع اليك الثمن ووهب له؟ قال قلت نعم، (وعنه أيضا) (8) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم غفر الله لرجل كان من قبلكم (9) سهلا إذا باع سهلا إذا اشترى سهلا إذا قضى (10) سهلا إذا اقتضى، (عن عائشة رضى الله عنها) (11) قالت دخلت امرأة على النبي صلَّى الله عليه وسلم فقالت أي بأبي وأمي اني ابتعت أنا وابني من فلان ثمر ماله (وفي لفظ من ثمرة أرضه) فأحصيناه (17) وحشدناه، لا والذي أكرمك بما أكرمك به ما أصبنا منه شيئا إلا شيئا نأكله في بطوننا أو سكينا رجاء البركة (12) فنقصنا عليه فجئنا نستوضعه ما نقصناه

_ غلبتني في هذه الصفقة، أي اخذت ارض بأنقص من قيمتها (1) بصيغة الماضي دعاء وقد يجعل خبرا، وعبر عنه بالماضي إشعارا بتحقيق الوقوع (وقوله رجلا) أي ومثله المرأة وإنما خص الرجل بالذكر تغليبا (2) أي لينا حال كونه مشتريا وبائعا (وقاضيا) أي مؤديا ما عليه (ومقتضيا) أي طالبا ماله ليأخذه (تخريجه) (نس جه هق) وسنده جيد ورمز له الحافظ السيوطي بالصحة، (3) (سنده) حدّثنا هيثم أنا معيار عن أبي هريرة عن جابر الخ (غريبه) (4) معناه ان النبي صلَّى الله عليه وسلم تركه له يستخدمه لركوبه وحمل امتعته حتى يصل الى المدينة (5) أي ظن جابر ان النبي صلَّى الله عليه وسلم قد بدا له شيء بخصوص هذه الصفقة (6) أي هو لك هبة وذلك بعد أن استوفى جابر ثمنه (7) أنما تعجب اليهودي من كون النبي صلَّى الله عليه وسلم وهب الجمل لجابر بعد أن وفاه ثمنه لأن اليهود احرص الناس على الدنيا ولا يصدقون أن أحدا يفعل ذل، ولم يدر انه صلَّى الله عليه وسلم بعث بالحنيفية السمحة وانه نبراس الهدى وقدوة الأنام، او يدرى ولكنه دهش لحصول هذا التسامح والتساهل من النبي صلَّى الله عليه وسلم حقدا وحسدا نعوذ بالله من اليهود ومن شرورهم (تخريجه) (ق وغيرهما) بألفاظ مختلفة من طرق متعددة وبعضها فيه طول، (8) (سنده) حدّثنا عبد الوهاب بن عطاء انا إسرائيل بن يونس عن زيد بن عطاء بن السائب عن محمد بن المنكدر عن جابر بن هبه الله قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) أي من الأمم السابقة (10) أي اعطى الذي عليه بسهولة بغير مطل (وقوله سهلا إذا اقتضى) أي طلب قضاء حقه بسهولة وعدم الحاف (تخريجه) (مذ هق) وحسنه البخاري، (11) (سنده) حدّثنا الحم بن موسى ثنا عبد الرحمن ابن أبي الرجال قال أبي يذكره عن أمه عمرة عن عائشة الخ (غريبه) (12) أي احصيناه بكيل ونحوه (وحشدناه) أي جمعناه (13) تقسم هذه المرأة بالله الذي أرم النبي صلَّى الله عليه وسلم بالنبوة وفضَّله على الخلق انها ما اخذت منه الا ما يؤخذ من الثمر عادة للأكل والصدقة بقصد التبرك (وقوله فنقصنا عليه) هكذا في الأصل بهذا اللفظ وهو غير ظاهر وأظنه وقع فيه تحريف من الناسخ والذي يظهر من سياق الحديث أن هذه المرأة اشترت هي وابنها الثمر في رؤوس النخل ثم بعد جمعه واحصائه ظهر لهما

-[قصة الأعرابي الذي ابتاع النبي صلَّى الله عليه وسلم منه جملا وفيها دلالة على عظم خلقه صلَّى الله عليه وسلم وانصافه]- فحلف بالله لا يضع شيئا، قالت فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم تألىّ (1) لا أصنع خيرا (وفي لفظ تالى أن لا يفعل خيرا) ثلاث مرار، قالت فبلغ ذلك صاحب التمر فجاءه (2)، فقال أي بأبي وأمي إن شئت وضعت ما نقصوا وإن شئت من رأس المال ما شئت فوضع ما نقصوا قال أبو عبد الرحمن (عبد الله بن الامام احمد) وسمعته أنا من الحكم، (وعنها أيضا) (3) قالت ابتاع رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من رجل من الاعراب جزورا (4) أو جزائر بوسق من تمر الذخيرة (5) وتمر الذخيرة العجوة فرجع به رسول الله صلَّى الله عليه وسلم إلى بيته والتمس له التمر فلم يجده فخرج اليه رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، فقال يا عبد الله أنا قد ابتعنا منك جزوراً أو جزائر بوسق من تمر الذخيرة فالتمسناه فلم نجده، قالت فقال الأعرابي واغدراه (6) قالت فنهمه (7) الناس وقالوا قاتلك الله أيغدر رسول الله صلَّى الله عليه وسلم؟ قالت فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم دعوه فان لصاحب الحق مقالا (8) ثم عاد له رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فقال يا عبد الله انا قد ابتعنا منك جزائر ونحن نظن أن عندنا ما سمينا لك فالتمسناه فلم نجده فقال الأعرابي واغدراه، فنهمه الناس وقالوا قاتل الله أيغر رسو الله صلَّى الله عليه وسلم؟ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم دعوه فان لصاحب الحق مقالا، فردد ذلك رسول الله صلَّى الله عليه وسلم مرتين أو ثلاثا، فلما رآه لا يفقه عنه (9) قال لرجل من أصحابه اذهب الى خويلة بنت الحكيم بن امية فقل لها رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول لك ان كان عندك وسق من تمر الذخيرة فاسلفيناه حتى نؤديه إلى إن شاء الله، فذهب اليها الرجل ثم رجع الرجل فقال قالت نعم هو عندي يا رسول الله

_ النقص على غير العادة لكونه أصيب بجائحة أو نحوها فجاءا يستوضعان البائع مقدار النقص فحلف بالله لا يضع لهما شيئا (1) من الالية بفتح الهمزة وكسر اللام وتشديد الياء المثناة وهي المين، والتألي المبالغة في اليمين، والمعنى ان هذا الرجل حلف وبالغ في يمينه انه لا يفعل خيرا وكرر صلَّى الله عليه وسلم هذا اللفظ ثلاث مرات تأكيدا للإنكار عليه (2) أي فجاء صاحب التمر تائبا نادما على فرط منه فقال يا رسول الله افديك بأبي وأمي ان شئت وضعت لهم من الثمن بقدر النقص، وان شئت اكثر من ذلك بان اضع لهم من رأس المال الباقي بعد وضع مقدار النقص فعلت ما شئت يا سول الله فلم يكلفه النبي صلَّى الله عليه وسلم الا بوضع مقدار النقص وهذا هو عين العدل للطرفين (تخريجه) (حب) قال الهيثمي رواه احمد ورجاله ثقات وفي عبد الرحمن ابن ابي الرجال كلام وهو ثقة اهـ (قلت) ورواه (فع هق) عن عمرة مرسلا، (3) (سنده) حدّثنا يعقوب قال حدثني ابى عن ابن إسحاق قال حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (4) الجزور بعير ذكرا كان أو انثى والجزائر جمع جزور، والمعنى ان الراوي يشك في كونه بعيرا أو اكثر (والوسق) بفتح الواو وسكون المهملة ستون صاعا وتقدم تحريره في كتاب الزكاة وغيره (5) هو نوع من التمر معروف عند اهل الحجاز، وفسره الراوي بالعجوة (6) الغدر هو نقض العهد وعدم الوفاء، وقد فهم الاعرابي ان النبي صلَّى الله عليه وسلم غدر به ولم يرد أن يوفيه حقه، ولذلك اتى بصيغة الندبة، وهى نداء المتفجع عليه أو المتوجع منه (7) بفتح الهاء أي زجروه وصاحوا به، يقال نهم الإبل اذا زجرها لتمضي (8) يريد بالمقال صولة الطلب وقوة الحجة ولكن مع رعاية الأدب المشروع، وهذا من كمال خلقه وجمال شيمه وانصافه وقوة صبره على جفاة الأعراب مع القدرة على الانتقام (9) أي لا يفهم ولا يعرف للامه صلَّى الله عليه وسلم معنى لفرط جهله به

-[فضل إنظار المعسر والتجاوز عنه]- فابعث من يقبضه، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم للرجل اذهب فأوفه الذي له، قال فذهب به فأوفاه الذي له، قالت فمر الأعرابي برسول الله صلَّى الله عليه وسلم وهو جالس في أصحابه فقال جزاك الله خيرا فقد اوفيت وأطيبت (1) قالت فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم أولئك خيار عبدا الله عند الله يوم القيامة الموفون المطيبون (2)، (عن حذيفة) (3) أن رجلا أتى (4) الله به عز وجل فقال ماذا عملت في الدنيا؟ فقال الرجل ما عملت من مثقال ذرة من خير أرجوك بها، فقالها له ثلاثا وقال (5) في الثالثة أي رب كنت اعطيتني فضلا من مال في الدنيا فكنت ابايع الناس وكان من خلقي أتجاوز عنه (6) وكنت أيسر على الموسر وانظر المعسر، فقال عز وجل نحن أولى بذلك منك، تجاوزوا عن عبدي فغفر له؛ فقال أبو مسعود (7) هكذا سمعت من في رسول الله صلَّى الله عليه وسلم (وعنه أيضا) (8) قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول ان رجلا ممن كان قبلكم أتاه ملك الموت ليقبض نفسه فقال له هل عملت من خير؟ فقال ما أعلم. قيل له انظر. قال ما أعلم شيئا غير أني كنت ابايع الناس وأجازفهم (9) فأنظر المعسر وأتجاوز عن المعسر فأدخله الله عز وجل الجنة، (عن أبي هريرة) (9) عن النبي صلَّى الله عليه وسلم انه قال إن رجلا لم يعمل خيرا قط

_ (1) أي أعطيتني حقي تاما طيبا برضاء وطيب قبل (2) أي الذين يدفعون ما عليهم تاما بسماح نفس وطيب قلب من غير كراهة ولا غضب (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والبزار وإسناد احمد صحيح، (3) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون قال ثنا أبو مالك عن ربعي بن خراش عن حذيفة يعني ابن اليمان أن رجلا الخ (غريبه) (4) بضم أوله مبني للمفعول (5) وقال أي الرجل (6) أي اتجاوز عن المال للفقير المعدم الذي لا يمكنه السداد، أي اتساهل في استيفاء حقي (وأنظر المعسر) بضم الهمزة وكسر المعجمة أي ترك طلبه حتى يتيسر، قال تعالى {وان كان ذو عسرة فنظرة الى ميسرة} (7) يعني البدري الأنصاري الصحابي واسمه عقبة بن عمرو، وكان حاضرا بمجلس حذيفة ولهذا جاءت هذه الرواية في مسند أبي مسعود المذكور، وجاء مثل هذه الرواية لمسلم وله رواية أخرى بلفظ (فقال عقبة بن عامر الجهني أبو مسعود الأنصاري هكذا سمعناه من في رسول الله صلَّى الله عليه وسلم، قال النووي قال الحافظ هذا الحديث انما هو محفوظ لابي مسعود عقبة بن عمرو الانصاري البدري وحده وليس لعقبة بن عامر فيه رواية، قال الدارقطني والوهم في هذا الإسناد من أبي خالد الأحمر (يعني عن مسلم) قال وصوابه عقبة بن عمر وأبو مسعود الأنصاري اهـ، (تخريجه ق. وغيرهما)، (8) (سنده) حدّثنا عفان ثنا أبو عوانه ثنا عبد الملك بن عمير عن ربعي قال قال عقبة بن عمرو لحذيفة ألا تحثنا ما سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول فذكر احاديث (منها) قال وسمعته (يعنى النبي صلَّى الله عليه وسلم) يقول ان رجلا ممن كان قبلكم (يعني من الأمم السابقة) الخ (غريبه) (9) الجزف والجزاف المجهول القدر مكيلا كان أو موزونا، وللعلماء كلام في هذا البيع، انظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 157 في الجزء الثاني (وقوله فانظر المعسر) أي الذي يمكنه السداد (وأتجاوز عن المعسر) أي الذي لا يمكنه السداد وقد جاء هكذا في الأصل بلفظ المعسر في الصورتين (تخريجه) (ق. وغيرهما)، (9) (سنده)

-[كراهية بيع الدار والعقار الا اذ استبدل ذلك بمثله]- فكان يداين الناس فيقول لرسوله خذ ما تيسر وأترك ما عسر وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا، فلما هلك قال الله عز وجل له هل عملت خيرا قط؟ قال لا، إلا أنه كان لي غلام وكنت أداين النماس فاذا بعثته يتقاضى قلت له خذ ما تيسر واترك ما عسر ويتجاوز لعل الله عز وجل يتجاوز عنا. قال الله عز وجل قد تجاوزت عنك (باب من باع دارًا أو عقار افلم يجعل ثمنها في مثلها)، (عن رجل من الحي) (1) أن يعلي بن سهيل مر بعمران بن حسين رضى الله عنه فقال له يا يعلي ألم أنبأ أنك بعت دارك بمائة ألف؟ قال بلى بعتها بمائة ألف قال فاني سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول من باع عقرة (2) مال سلط الله عز وجل عليها تالفا يتلفها (3) (عن سعيد بن حريث) (4) أخ لعمرو بن حريث قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من باع دارًا أو عقارًا (5) فلم يجعل ثمنها في مثله كان قمنا (6) ان لا يبارك له فيه، (عن سعيد بن زيد) (7) أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قال لا يبارك في ثمن ارض ولا دار لا يجعل في أرض ولا دار (أبواب ما لا يجوز بيعه) (باب ما جاء في بيع الخمر والنجاسة وما لا نفع فيه)، (عن عطاء بن أبي رباح) (8) قال سمعت جابر بن عبد الله وهو بمكة وهو يقول إن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قال عام الفتح (9) ان الله عز وجل

_ حدّثنا يونس ثنا ليث عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) باب، (1) (سنده) حدّثنا عبد الصمد ثنا محمد بن أبي المليح الهدلي عن رجل من الحي الخ (غريبه) (2) العقر والعقرة بالضم أصل كل شيء، وقيل هو بالفتح ومنه خير المال العقر، قيل أراد أصل مال له نماء، والمراد بالمال هنا الدار كما يدل على ذلك سياق الحديث ولأن الدار من مال الرجل كالضيعة والأرض كل ذلك يطلق عليه اسم المال (3) لما كانت الدار كثيرة المنافع قليلة الآفة لا يسرقها سارق ولا يصيبها ما يصيب المنقولات كره الشارع بيعها لأن مصير ثمنها الى التلف الا اذا اشترى به غيرها فلا كراهة كما سيأتي (تخريجه) لم أقف عليه من حديث عمران بن حصين لغير الامام احمد وفي اسناده رجل لم يسم (4) (سنده) حدّثنا وكيع حدثني إسماعيل بن إبراهيم يعني ابن مهاجر عن عبد الله بن عبد الملك بن عمير عن سعيد بن حريث الخ (غريبه) (5) العقار بالفتح الضيعة والنخل والأرض، وضيعة الرجل ما يكون منه معاشه كالصنعه والتجارة والزراعة وغير ذلك (6) بكسر الميم وفتحا فمن فتحها جعله مصدرا، ومن كسرها جعله وصفا وهو الأقرب، ومعناه جديرا وخليقا ان لا يبارك له فيه، وانا انتفت منه البركة لما تقدم في شرح الحديث السابق، فان جعل في مثله انتفى البركة (تخريجه) (جه طب) وفي اسناده إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر ضعيف، (7) (سنده) حّثنا ابوس عيد ثنا قيس بن الربيع ثنا عبد الملك بن عمير قال قدمت المدينة فقاسمت اخي فقال سعيد ابن زيد إن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم قال الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد، وأورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه قيس بن الربيع وثقة شعبة والثوري وغيرهما وقد ضعفه ابن معين واحمد وغيرهما باب، (8) (سنده) حدّثنا حجاج ثنا ليث حدثني يزيد بن أبي حبيب أنه قال قال عطاء بن أبي رباح سمعت جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (9) يعني فتح مكة وكان سنة ثمانين من الهجرة

-[تحريم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام]- ورسوله حرم (1) بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام (2)، فقيل له عند ذلك يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فانه يدهن بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس؟ قال لا هو حرام (3) ثم قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عند ذلك قاتل (4) الله اليهود، إن الله عز وجل لما حرم عليها الشحوم (5) جملوها ثم باعوها وأكلوا أثمانها، (وعن عمرو بن شعيب) (6) عن أبيه عن جده قال سمعت النبي صلَّى الله عليه وسلم عام الفتح وهو بمكة يقول ان الله ورسوله حرم بيع الخمر فذكر مثله (عن عائشة رضي الله عنها) (7) قالت لما نزلت الآيات من آخر البقرة في الربا (8) خرج رسول الله إلى المسجد وحرم التجارة في الخمر (9)، (عن ابن عباس) (10) قال كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلم مستقبلا الحجر (11) قال فنظر إلى السماء فضحك ثم قال لعن الله اليهود (12) حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، وإن الله عز وجل إذا حرم على قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه (13)

_ (1) بإفراد حرم وكذا هو في الصحيحين، وكأن الأصل حرما ولكنه أفرد للحذف في أحدهما، أو لأنهما في التحريم واحدة لأن أمر النبي صلَّى الله عليه وسلم ناشئ عن أمر الله عز وجل، ولأبي داود (ان الله حرم) ليس فيها ذكر الرسول صلَّى الله عليه وسلم (2) اما الخمر فلما فيها من المفاسد وضياع العقل فيتعدى الى كل مسكر (وأما الميتة والخنزير) فلنجاستها فيتعدى الى كل نجاسة (وقال النووي) قال أصحابنا العلة ف منع بيع الميتة والخمر والخنزير النجاسة فيتعدى الى كل نجاسة، والعلة في الأصنام كونها ليس فيها منفعة مباحة فان كانت بحيث اذا سرت ينتفع برضاضتها ففي صحة بيعها خلاف مشهور لأصحابنا، منهم من منعه لظاهر النهي وإطلاقه، ومنهم من جوَّزه اعتمادا على الانتفاع، وتأول الحديث على ما لم ينتفع برضاضته او على كراهة التنزيه في الأصنام خاصة، وأما الميتة والخمر والخنزير فأجمع المسلمون على تحريم بيع كل واحد منها والله أعلم اهـ (3) معناه لا تبيعها فإن بيعها حرام، قال النووي الضمير في قوله هو يعود على البيع لا الى الانتفاع، هذا هو الصحيح عند الشافعي وأصحابه اهـ (قلت) وللأئمة خلاف في أحكام هذا الحديث ذكرته في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 150 في الجزء الثاني فارجع اليه (4) قال الهروي معناه قتلهم، وقال البيضاوي في سورة التوبة (قاتلهم الله) دعاء عليهم بالهلاك، فان من قاتله الله هلك، وفسره البخاري من رواية أبي ذر باللعنة، وهو قول ابن عباس (5) أي شحوم البقر والغنم قال تعالى {ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما} (جملوها) بفتح الجيم والميم أي اذابوها واحتالوا بذلك في تحليلها، وذلك لأن الشحم المذاب لا يطلق عليه لفظ الشحم في عرف العرب بل يقولون انه الودك (بفتح الواو والمهملة) والمعنى أن بيع الخمر مثل بيع اليهود الشحم المذاب، وكل ما حرم تناوله حرم بيعه (تخريجه) (ق. والأربعة) (6) (سنده) حدّثنا عتاب ثنا عبد الله أنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طس) ورجال احمد ثقات واسناد الطبراني حسن، (7) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة الخ (غريبه) (8) تريد قوله تعالى الذين يأكلون الربا الآيات (9) في رواية البخاري فقرأهن على الناس ثم حرم تجارة الخمر اهـ وهو من تحريم الوسائل المفضية الى المحرمات (تخريجه) (ق دنس جه) (10) (سنده) حدّثنا على بن عاصم انا الحذاء عن بركة أبي الوليد أنا ابن عباس الخ (11) بفتح الحاء المهملة والجيم يعني الحجر الأسود (12) زاد أبو داود ثلاثا يعني انه قال لعن الله اليهود ثلاث مرات (13) فيه دلالة على إبطال الحيل والوسائل الى المحرم، وأن كل

-[تحريم بيع الخمر وشحوم الميتة]- (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلَّى الله عليه وسلم نحوه (عن عبد الواحد البناني) (2) قال كنت مع ابن عمر فجاء رجل فقال يا أبا عبد الرحمن إني اشتري هذه الحيطان (3) تكون فيها الأعناب فلا نستطيع أن نبيعها كلها عنبا حتى نعصره، قال فعن ثمن الخمر تسألني؟ (4) سأحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلَّى الله عليه وسلم كنا جلوسا مع النبي صلَّى الله عليه وسلم إذ رفع رأسه إلى السماء ثم أكب (5) ونكت في الأرض وقال الويل لبني إسرائيل فقال له عمر يا نبي الله لقد أفزعنا قولك لبني إسرائيل، فقال ليس عليم من ذلك بأس، إنهم حرّمت عليهم الشحوم فتواطئوه (6) فيبيعونه فيأكلون ثمنه وكذلك ثمن الخمر عليكم حرام، (عن عروة بن المغيرة الثقفي) (7) عن أبيه قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم من باع الخمر فليشقص (8) الخنازير يعني يقصبها (عن ابن عباس) (9) ذكر لعمر رضي الله عنه أن أن سمرة (10) (وقال مرة بلغ عمر أن سمرة) باع خمرا (11) قال قاتل الله سمرة، إن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم

_ ما حرمه الله على العباد فبيعه حرام لتحريم ثمنه، فلا يخرج من هذه الكلية الا ما خصه ليل، والتنصيص على تحريم بيع الميتة في حديث جابر المتقدم أول الباب لعموم قوله صلَّى الله عليه وسلم (انما حرم أكلها) يعني الميتة وهذا الحيث رواه (ق. حم. والأربعة) وتقدم في باب تطهير إهاب الميتة بالدباغ في الجزء الأول صحيفة 233 في كتاب الطهارة (تخريجه) (هق) وسنده جيد، (1) (سنده) حدّثنا اسود بن عامر ثنا إسرائيل عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة بنحو الحديث المتقدم الى قوله واكلوا اثمانها (تخريجه) (م) الا انه قال قاتل بدل قوله لعن (2) (سنده) حدّثنا عبد الصمد حدثني ابي ثنا عبد العزيز بن صهيب عن عبد الواحد البناني (بضم الموحدة وتخفيف النون) الخ (غريبه) (3) جمع حائط والمراد به هنا البستان من النخيل والاعناب إذا كان عليه حائط وهو الجدار (4) استفهام انسكاري والظاهر أن الرجل كان يريد أن يخمر العصير ثم يبيعه خمرًا او يبيعه لمن يتخذه خمرا ولذلك انكر عليه ابن عمر هذا السؤال (5) أي طأطأ راسه ونكت في الأرض أي أثر فيها بإصبعه أو بطرف قضيب، فعل المفكر المهموم وقال الويل لبني إسرائيل، والويل الحزن والهلاك والمشقة من العذاب (6) معناه لما حرمت عليهم الشحوم احتالوا فتواطئوه أي هيئوها واتفقوا على اذابتها وهو بمعنى قوله في حديث جابر المذكور اول الباب (ان الله عز وجل لما حرم عليهم الشحوم جملوها أي اذابوها واحتالوا بذلك في تحليل بيعها وتقدم الكلام على ذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجاله رجال الصحيح خلا عبد الواحد وقد وثقه ابن حبان، (7) (سنده حدّثنا وكيع ثنا طعمة بن عمرو الجعفري عن عمرو بن بيان الثعلبي عن عروة بن المغيرة الخ (غريبه) (8) بضم الياء التحتية وفتح الشين المعجمة وكسر القاف المشددة أي فليقطعها قطعا ويفصلها أعضاءاً كما تفصل الشاة اذا بيع لحمها، وهذا لفظ أمر معناه النهي، وتقديره من باع الخمر فليكن للخنازير قصابا، والمعنى من استحل بيع الخمر فليستحل بيع الخنزير (وقوله يقصبها؟) يعني يقطعها (تخريجه) (د هق) وصححه الحافظ السيوطي وسكت عنه أبو داود والمنذري (9) (سنده) حدّثنا سفيان عن عمرو عن طاوس عن ابن عباس الخ (غريبه) (10) بفتح السين المهملة وضم الميم هو ابن جندب الصحابي رضي الله عنه (11) اختلف في كيفية بيع سمرة الخمر على أقوال (قال الخطابي) لا يظن بسمرة انه باع عين الخمر بعد

-[تحريم بيع الخمر وشربها وبيع شحوم الميتة]- قال لعن الله اليهود حرمت عليهم الشحوم فجملوها فباعوه (عن نافع بن كيسان) (1) ان أباه أخبره انه كان يتجر بالخمر في زمن النبي صلَّى الله عليه وسلم وأنه أقبل من الشام ومعه خمر في الزقاق (2) يريد بها التجارة فأتى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني جئتك بشراب جيد، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يا كيسان إنها قد حرمت بعدك (3)، قال أفأبيعها يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم إنها قد حرمت وحرم ثمنها، فانطلق كيسان الى الزقاق فاخذ بأرجلها ثم أهراقها (4) (عن عبد الرحمن ابن وعلة) (5) قال سألت ابن عباس عن بيع الخمرة فقال كان رسول الله صلَّى الله عليه وسلم صديق من ثقيف أو من دوس فلقيه بمكة عام الفتح برواية (6) خمر يديها اليه، فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يا أبا فلان أما علمت ان الله حرمها؟ فأقبل الرجل على غلامه فقال اذهب فبعها؛ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يا أبا فلان بماذا أمرته؟ قال أمرته أن يبيعها، قال ان الذي حرم شربها حرم بيعها، فامر بها فأفرغت في البطحاء (7) (عن عبد الرحمن بن غنم) (8) الأشعري ان الاري (9) كان يهدي رسول الله صلَّى الله عليه وسلم كل عام رواية من خمر فلما كان عام حرمت فجاء برواية فلما نظر اليه نبي الله صلَّى الله عليه وسلم ضحك قال هل شعرت أنها قد حرمت بعدك؟ قال يا رسول الله أفلا أبيعها فأنتفع بثمنها؟ فقال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لعن الله اليهود، انطلقوا إلى ما حرّم، عليهم من شحوم البقر والغنم فأذابوه فجعلوه ثمنا له وفي لفظ (فأذابوه وجعلوه) إهالة (10) فباعوا به ما يأكلون وإن الخمر حرام

_ أن شاع تحريمها، وإنما باع العصير، (وقيل) إنه خلل الخمر وباعها وان عمر يعتقد أن ذلك لا يحلها كما هو قول أكثر العلماء، واعتقد سمرة الجواز كما تأوله غيره انه يحل التخليل ولا ينحصر الحل في تخليلها بنفسها (وقال الإسماعيلي)، يحتمل أن سمرة علم تحريمها ولم يعلم تحريم بيعها ولذلك اقتصر عمر على ذمه دون عقوبته فقال قاتل الله سمرة وتقدم معنى قاتل، لكن يحتمل أن عمر رضي الله عنه لم يرد به الدعاء وإنما هي كلمة يقولها العرب عند إرادة الزجر فقالها عمر تغليظا (تخريجه) (ق فع نس جه هق) (1) (سنده) حدّثنا قتيبة ابن لهيعة عن سليمان بن عبد الرحمن عن نافع بن كيسان الخ (غريبه) (2) بكسر الزاي جمع زق بكسرها وهو السقاء أو جلد يجز ولا ينتف للشراب وغيره وكبش مزقوق سلخ من رأسه إلى رجله، قاله في القاموس، والمراد انه إناء من جلد الغنم كالقربة يوضع فيه الخمر وغيره (3) أي بعدما فارقتنا (4) أي صبها على الأرض (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب طس) وفيه نافع بن كيسان وهو مستور (5) (سنده) حدّثنا يعلى ثنا محمد بن إسحاق عن القعقاع بن حيم عن عبد الرحمن بن وعلة الخ (غريبه) (6) سميت راوية لأنها تروي صاحبها ومن معه (7) يعني بطحاء مكة وهو مسيل واديها (تخريجه) (م نس هق) (8) (سنده) حدّثنا روح ثنا عبد الحميد بن بهرام قال سمعت شهر بن حوشب قال حدثني عبد الرحمن بن غنم (بوزن عمرو) الخ (غريبه) (9) هو تميم الداري كما صرح بذلك في رواية الطبراني فطائن الراوي حذف لفظ تميم في رواية الامام احمد (10) بكسر الهمزة يقال لكل شيء من الأدهان مما يؤتدم به إهالة، وقيل هو ما أذيب

-[النهي عن بيع الكلب إلا المعلم - وما جاء في بيع الهر وثمنه]- وثمنها حرام، وإن الخمر حرام وثمنها حرام وإن الخمر حرام وثمنها حرام (باب النهي عن ثمن الكلب والسنور الجريمة ومهر البغي وحلوان الكاهن وبيع المغنيات) (عن ابن عباس) (1) قال نهي رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن مهر البغي وثمن الكلب وثمن الخمر (وعنه أيضا) (2) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم ثمن الكلب خبيث (3) قال فاذا جاءك يطلب ثمن الكلب فاملأ كفيه ترابا (4) (عن جابر بن عبد الله) (5) قال نهي رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب إلا الكلب إلا الكلب المعلم (6) (وعنه أيضا) (7) ان النبي صلَّى الله عليه وسلم نهي عن ثمن الكلب ونهى عن ثمن السنور (8) (وعنه أيضا) (9) ان رسول الله صلَّى الله عليه وسلم نهي عن ثمن السنور وهو القط (10) (وعنه أيضا) (11) ان النبي صلَّى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الهر

_ من الإلية والشحم، وقيل الدسم الجامد (تخريجه) (عل طب) قال الهيثمي وفيه شهر (يعني ابن حوشب) وحديثه حسن وفيه كلام، ورواه الطبراني في الكبير عن عبد الرحمن بن غنم عن تميم الداري انه كان يهدي فذكر نحوه باختصار إلا أنه قال إنه حرام شراؤها وثمنها، وإسناده متصل حسن (باب) (1) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا إسرائيل عن عبد الكريم الجزري عن قيس بن حبتر (بوزن جعفر) عن ابن عباس الخ، وتقدم شرحه في باب ما جاء في كسب الحجام والإماء الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام احمد وسند جيد. (2) (سنده) حدّثنا عبد الجبار بن محمد يعني الخطابي ثنا عبيد الله يعني بن عمرو عن عبد الكريم عن قيس بن حبتر عن ابن عباس قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) المراد بالخبيث هنا الحرام، وإذا كان الثمن حراما فلا يصح البيع لا سيما وقد ورد النهي عنه (4) هو كناية عن منعه من الثمن لأن معنى التراب ها هنا الحرمان والخيبة كما يقال ليس في كفه إلا التراب وكقوله صلَّى الله عليه وسلم (وللعاهر الحجر) يريد الخيبة إذ لاحظ له في الولد (تخريجه) (د) وست عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص ورجاله ثقات (5) (سنده) حدّثنا عباد بن العوام عن الحسن بن أبي جعفر عن أبي الزبير عن جابر الخ (غريبه) (6) استثني في هذا الحديث من النهي الكلب المعلم (بفتح المهملة وتشديد اللام مفتوحه) أي المعلم للصيد وباقي الروايات مطلقة فينبغي حمل المطلق على المقيد، ويكون المحرم ما عدا كلب الصيد إن صلح هذا المقيد للاحتجاج به، أنظر القول الحسن صحيفة 148 في الجزء الثاني (تخريجه) (نس هق قط) قال الحافظ ورجال اسناده ثقات إلا أنه طعن في صحته، وله شاهد عند الترمذي من حديث أبي هريرة لكنه ضعيف (7) (سنده) حدّثنا إسحاق بن عيسى ثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر، وعن خير بن نعيم عن عطاء عن جابر أن النبي صلَّى الله عليه وسلم نهى عن ثمن الكلب (غريبه) (8) بكسر المهملة وفتح النون المشددة وسكون الواو بعدها راء وهو الهر يعني القط كما في الحديث التالي (تخريجه) (م هق) عن أبي الزبير بلفظ (سألت جابرا عن ثمن الكلب والسنور قال زجر النبي صلَّى الله عليه وسلم عن ذلك) (9) (سنده) حدّثنا موسى حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر الخ (غريبه) (10) بكسر القاف الهر والأنثى قطة والجمع قطاط وقطط بسر القاف في الجميع، والقط أيضا الكتاب والجمع قطوط مثل حمل وحمول (تخريجه) قال عبد الله بن الامام احمد حدثني أبي ويحيى بن معين قالا ثنا عبد الرزاق ثنا عمر بن زيد الصنعاني انه سمع أبا الزبير المكي عن جابر أن النبي صلَّى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (هق. والأربعة) وقال الترمذي غريب وقال النسائي هذا

-[النهي عن مهر البغي وحلوان الكاهن وبيع المغنيات والجريسة وأكلها]- (عن أبي مسعود) (1) عقبة بن عمرو قال نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ومهر البغي (2) وحلوان الكاهن (عن جابر) (3) عن النبي صلَّى الله عليه وسلم أنه نهى عن ثمن الكلب وقال طعمة (4) جاهلية (عن أبي امامة) (5) قال قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلم لا يحل بيع المغنيات (6) ولا شراؤهن ولا تجارة فيهن وأكل أثمانهن حرام (7) (عن أبي هريرة) (8) أن النبي صلَّى الله عليه وسلم قال ثمن الجريسة (9) حرام وأكلها

_ حديث منكر اهـ وفي إسناده عمر بن زيد الصنعاني ضعيف، وقال النووي الحديث صحيح رواه مسلم وغيره اهـ (قلت) لم يروه مسلم من طريق عمر بن زيد المذكور، بل رواه من طريق معقل بن عبد الله الجزري عن أبي الزبير قال سألت جابرا عن ثمن الكلب والسنور قال زجر النبي صلَّى الله عليه وسلم عن ذلك، وهو يؤيد هذا الحديث والاثنين قبله، وهي تفيد أن ثمن السنور حرام كثمن الكلب وفي ذلك خلاف عند العلماء فذهب جماعة إلى تحريم بيعه، منهم أبو هريرة وطاوس ومجاهد وجابر بن زيد حكى ذلك عنهم ابن المنذر، وذهب الجمهور ومنهم الأئمة الأربعة إلى جواز بيعه إن كان مما ينتفع به، وحملوا النهي على ما إذا كان لا ينتفع به أو على التنزيه قال النووي. (1) (سنده) حّثنا هاشم بن القاسم قال ثنا الليث يعني ابن سع قال حدثني ابن شهاب ان أبا بكر بن عبد الرحمن بن هشام أخبره أنه سمع أبا مسعود عقبة بن عمرو الخ (غريبه) (2) تقم الكلام على ثمن الكلب ومهر البغي في باب ما جاء في كسب الحجام الخ، أما حلوان الكاهن فبضم الحاء المهملة مصدر حلوته إذا أعطيته، قال الحافظ وأصله من الحلاوة، شبه بالشيء الحلو من حيث انه يؤخذ سهلا بلا كلفة ولا مشقة والحلوان أيضا الرشوة والحلوان أيضا ما يأخذه الرجل من مهر ابنته لنفسه (والكاهن) قال الخطابي هو الذي يدعي مطالعة علم الغيب ويخبر الناس عن الكوائن اهـ قال الحافظ حلوان الاهن حرام بالإجماع لما فيه من أخذ العوض على أمر باطل، وفي معناه التنجيم والضرب بالحصى وغير ذلك مما يتعاناه العرافون من استطلاع الغيب (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم). (3) (سنده) حدّثنا حسين بن محمد حدثنا أبو أويس حدثنا شرحبيل (بضم المعجمة وفتح الراء وسكون المهملة) عن جابر الخ (غريبه) (4) الطعمة بالكسر والضم وجه المكسب، يقال هو طيب الطعمة وخبيث الطعمة، والمراد أنه من عمل أهل الجاهلية وهو خبيث نهى الشرع عنه (تخريجه) لم أقف عليه من حديث جابر لغير الامام احمد وأورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله ثقات، قال وهو في الصحيح خلا قوله طعمة جاهلية (5) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا خالد الصفار سمعه من عبيد الله بن زحر (بوزن عمرو) عن على بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الخ (غريبه) (6) أي الجواري التي عاتهن الغناء (7) أي ثمن العين وهو ما يتقاضاه عن البيع، وكذا ما يتقاضاه من كسبهن بالغناء لأنه جاء عن ابن ماجه بزيادة النهي عن كسبهن، وحديث الباب ان صح يفيد أن كل ذلك حرام لقوله في أوله لا يحل والله أعلم (تخريجه) (مذ جه هق) وفي إسناده على بن يزيد الا لهاني ضعيف (8) (سنده) حدّثنا يحيى بن يزيد عن ابيه عن جبير بن ابي صالح وكان يقال له ابن نفيلة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (9) بفتح الجيم وكسر الراء ما يسرق من الغنم بالليل قاله في القاموس (وقوله حرام) أي إذا باعها السارق فالثمن الذي يقبضه حرام لا يبار له فيه (واكلها حرام) أي إن اكلها السارق ولم يبعها، وكما يحرم اكلها على السارق يحرم شراؤها وكذلك أكلها على المشتري ان علم أنها مسروقة والا فلا، ومثل الجريسة غيرها

-[النهي عن بيع فضل الماء وبيع الولاء وهبته]- حرام (باب النهي عن بيع الولاء وفضل الماء وعسب الفحل). (عن ابن عمر) (1) قال نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن بيع الولاء وهبته (2) (عن أبي هريرة) (3) قال سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول لا تبيعوا فضل الماء (4) ولا تمنعوا الكلأ (5) فيهزل المال ويجوع العيال (عن إياس بن عبد) (6) من أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلم قال لا تبيعوا أفضل الماء فإن النبي صلَّى الله عليه وسلم نهى عن بيع الماء والناس يبيعون ماء الفرات (7) فنهاهم. (عن أبي الزبير) (8) عن جابر بن عبد الله فيما أحسب (9) أن النبي صلَّى الله عليه وسلم نهى عن بيع الماء (عن ابن عمر رضي الله عنهما) (10) أن النبي

_ من الماشية، وخص الجريسة بالذر لكونها أيسر على السارق من غيرها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام احمد، وفي إسناده يزيد بن عبد الملك النوفلي، قال الحافظ في التقريب ضعيف (باب) (1) (سنده) حدّثنا سفيان حدثني عبد الله بن دينار سمع ابن عمر يقول نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أي ولاء العتق هو اذا مات المعتق ورثه معتقه او ورثة معتقه وكانت العرب تبيعه وتهبه في حال حياة المعتق فنهى عنه لأنه حق كالنسب، فكما لا يجوز نقل النسب لا يجوز نقله الى غير المعتق، والنهي للتحريم عند الأربعة والجمهور فيبطلان لما ذكر (تخريجه) (ق فع، والأربعة وغيرهم) (3) (سنده) حّثنا هارون ثنا ابن وهب قال سمعت حيوة يقول حدثني حميد بن هلال الخولاني عن أبي سعيد مولى غفار قال سمعت أبا هررة يقول سمعت رسول الله صلَّى الله عليه وسلم يقول الخ (غريبه) (4) المراد به ما زاد عن الحاجة، ويؤيد ذلك مارواه الامام احمد أيضا وسيأتي في كتاب المساقاة من حديث أبي هريرة (ولا يمنع فضل المساء بعد أن يستغنى عنه) قال الحافظ وهو محمول عند الجمهور على ماء البئر المحفورة في الأرض المملوكة، وكذلك في الموات اذا كان القصد الملك (5) بفتح الكاف واللام بعدها همزة مقصورة وهو النبات رطب ويابس، والمراد بالكلاء هنا هو الذي يكون في في المواضع المباحة كالأودية والجبال والأراضي التي لا مالك لها، وأما ما كان قد أحرز بعد قطعه فقيل لا حرج في منعه بالإجماع (وقوله فيهزل المال) المراد بالمال هنا الماشية والمعنى لا تمنعوا الكلاء فبسبب منعه تهزل أي تضعف الماشية وبسبب ضعف الماشية يجوع العيال لأنهم يتزودون من البانها ولحومها (تخريجه) (حب) وحكى الحافظ عنه تصحيحه، وقال الهيثمي واه احمد ورجاله ثقات قال وهو في الصحيح باختصار (6) (سنده) حدّثنا روح ابن جريج قال اخبرني عمرو بن دينار أبو المنهال أخبره ان إياس بن عبد من أصحاب النبي صلَّى الله عليه وسلم الخ (7) الفرات نهر عظيم مشهور يخرج من حدو الروم ثم يمر بأطراف الشام ثم بالكوفة ثم بالحلة ثم يلتقي مع دجلة في البطائح ويصيران نهرا واحدا ثم يصب عند عبادان في بحر فارس، والفرات الماء العذب، والمعنى والله أعلم ان إياسا رضي الله عنه رأي الناس يجلبون الماء من نهر الفرات بغير اجرة ولا مشقة فيأخذون ما يكفيهم ويبيعون الزائد عن حاجتهم فنهاهم عن ذلك واحتج بأن النبي صلَّى الله عليه وسلم نهى عن بيع الماء أي الزائد عن حاجة الانسان ومواشيه (تخريجه) (ك، والأربعة) وصححه الحام وأقره الذهبي، وصححه الترمذي، وقال القشيري على شرط الشيخين (8) (سنده) حدّثنا يونس وعفان قالا ثنا حماد قال عفان في حديثه أنا أبو الزبير عن جابر فيما أحسب الخ (غريبه) (9) أي فيما أظن، والقائل ذلك هو عفان احد الرجال السند (تخريجه) (م جه) (10) (سنده) حدّثنا إسماعيل ثنا على بن الحكم عن نافع عن ابن عمر الخ

-[النهي عن بيع عسب الفحل وحبل الحبلة]- صلَّى الله عليه وسلم نهى عن بيع عسب (1) الفحل (عن أنس بن مالك) (2) رضي الله عنه أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم نهى أن يبيع الرجل فحلة فرسه (3) (باب النهي عن بيوع الغرر) (4). (عن ابن عمر رضي الله عنهما) (5) أن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم نهى عن بيع حبل الحبلة (6) (وعنه أيضا) (7) قال كان أهل الجاهلية يبيعون لحم الجزور (8) بحبل حبلة: وحبل حبلة تنتج الناقة ما في بطنها ثم تحمل التي تنتجه (9) فنهاهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن ذلك. (وعنه أيضا) (10) قال نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، وقال إن اهل الجاهلية كانوا يبتاعون ذل البيع، يبتاع الرجل بالشارف (11) حبل الحبلة فنهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن ذلك (حدثنا اسود ثنا أيوب) (12) بن عتبة عن يحيى ابن أبي كثير عن عطاء عن ابن عباس رضى الله تبارك وتعالى عنهما قال نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن

_ (غريبه) (1) بفتح أوله وسكون المهملة، والفحل الذكر من كل حيوان أي نهى عن بذله ثمنا أو أجرة على ضرابه، وتقدم الكلام عليه في باب ما جاء في كسب الحجام الخ (تخريجه) (خ. والثلاثة ك) (2) (سنده) حدّثنا حسن حدثنا ابن لهيعة ثنا يزيد بن أبي حبيب وعقيل بن خالد عن ابن شهاب عن أنس الخ (غريبه) (3) الفرس يطلق على الذكر والانثى من الخيل، والمراد الني عن بيع ضراب ذكور الخيل، ومثل الخيل غيرها كما تقدم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد وإن كان فيه ابن لهيعة لكنه قال حدثنا فحديثه حسن ويؤيده ما قبله (باب) (4) الغرر بفتح الغين المعجمة والراء هو ما كان له ظاهر يغر المشتري وباطن مجهول، وقال الأزهري بيع الغرر ما ان على غير عهدة ولائقة، وتدخل فيه البيوع التي لا يحيط بكنهها المتبايعان من كل مجهول (5) (سنده) حدّثنا إسحاق بن عيسى أنبأنا مالك عن نافع ابن عمر الخ (غريبه) (6) حبل الحبلة بفتح الباء الموحدة فيهما وسيأتي تفسيره في الحديث التالي (تخريجه) (م نس مذ هق) (7) (سنده) حدّثنا يحيى عن عبيد الله اخبرني نافع عن عبد الله بن عمر قال كان اهل الجاهلية الخ (غريبه) (8) بفتح الجيم وضم الزاي هو البعير ذكرا كان أو أنثى وتقدم تفسيره غير مرة (وقوله بحبل حبلة) هكذا رواية الامام احمد بإضافة حبل الى حبلة بغير لام التعريف في الثانية، وجاء عند الشيخين بلفظ كان أهل الجاهلية يتبايعون لحمد الجزور إلى حبل، الحبلة وحبل الحبلة أن تنتج الناقة الخ (وقوله تنتج الناقة) بضم التاء الأولى وفتح الثانية أي تلد أنثى والناقة فاعل، قال الحافظ وهذا الفعل وقع في لغة العرب على صيغة الفعل المسند الى المفعول وهو حرف نادر اهـ (9) أي ثم تعيش المولودة حتى تكبر ثم تحمل، وهذا من تفسير ابن عمر كما جزم به ابن عبد البر، وقد ذهب الى هذا التفسير مالك والشافعي وغيرهما، وهو ان يبيع لحم الجزور بثمن مؤجل الى أن يلد ولد ولد الناقة، وهذا الحديث يقضي ببطلان البيع لأن النهي يستلزم ذلك وعلة النهي جهالة الاجل، وهذا البيع باطل باتفاق العلماء (تخريجه) (ق. والإمامان. والثلاثة) (10) (سنده) حدّثنا يعلي ومحمد قالا ثنا محمد يعني ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر قال نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) (الشارف الناقة المسنة وقوله فنهى الخ) هذه الجملة زادها محمد بن عبيد أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث في روايته كما صرح بذلك في الأصل (تخريجه) (خ) الا أنه قال الجزور بدل الشارف والمعنى واحد (12) حدّثنا أسود ثنا أيوب الخ

-[النهي عن بيوع الغرر وهي بيع كل مجهول، وعن بيع المضطرين]- بيع الغرر قال أيوب وفسر يحيى (1) بيع الغرر، قال ان من الغرر ضربة الغائص (2)، وبيع الغرر العبد الآبق (3) وبيع البعير الشارد (4)، وبيع الغرر ما في بطون الأنعام (5)، وبيع الغرر تراب المعادن (6) وبيع الغرر ما في ضروع الأنعام إلا بكيل (عن أبي سعيد (7) قال نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن شراء ما في بطون الانعام حتى تضع، وعن بيع ما في ضروعها إلا بكيل، وعن شراء العبد وهو آبق، وعن شراء المغانم حتى تقسم (8)، وعن شراء الصدقات حتى تقبض (9) وعن ضربة الغائص (وعن على رضي الله عنه) (10) قال نهى رسول الله صلَّى الله عليه وسلم عن بيع المضطرين (11) وعن بيع الغرر وعن بيع الثمرة قبل أن تدرك (12) (عن عبد الله بن مسعود) (13) قال

_ (غريبه) (1) (وفسر يحيى) يعني ابن أبي كثير أحد رجال السند (2) هو ان يول من اعتاد الغوص في البحر لغيره ما أخرجته في هذه الغوصة من سمك او صدف أو لؤلؤ أو نحو ذلك فهو لك بكذا من الثمن فان هذا لا يصح لما فيه من الغرر والجهالة (3) أي الهارب (4) هو كالعبد الآبق في الحكم والمعنى (5) استدل به على عدم صحة بيع الحمل وهو مجمع عليه، والعلة الغرر وعدم القدرة على التسليم (6) أي لما فيه من الجهالة أيضا، وذل اللبن في ضروع الأنعام إلا بكيل ليعلم مقداره، والعلة فيه الجهالة وعدم القدرة على التسليم (تخريجه) اخرج ابن ماجه الجزء المرفوع منه، وانفرد الامام أحمد بتفسير يحيى بن كثير، وفي إسناده أيوب بن عتبة ضعيف، قال ابن عدي ومع ضعفه يكتب حديثه (7) (سنده) حدّثنا أبو سعيد ثنا جهضم يعني اليمامي ثنا محمد بن إبراهيم عن محمد بن زيد عن شهر ابن حوشب عن أبي سعي الخ (غريبه) (8) مقتضى النهي عدم صحة بيعها قبل القسمة لأنه لا ملك على ما هو الأظهر من قولي الشافعي وغيره لأحد من الفاتحين قبلها، فيكون ذلك من اكل أموال الناس بالباطل (9) فيه دلالة على أنه لا يجوز للتصدق عله بيع الصدقة قبل قبضها لأنه لا يملكها إلا به (تخريجه) (مذ جه بز قط هق) وقد ضعف الحافظ إسناده، وقال البيهقي بعد قوله (عن ضربة الغائص) ما لفظه (وهذه المناهي وإن في هذا الحديث بإسناد غير قوي فهي داخلة في بيع الغرر الذي نهى عنه في الحديث الثابت عن رسول الله صلَّى الله عليه وسلم اهـ (10) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في باب خطب على رضى اله عنه من أبواب خلافته (غريبه) (11) قال في النهاية هذا يكون من وجهين، أحدهما أن يضطر إلى العقد في طريق الإكراه عليه، وهذا بيع فاسد لا ينعقد (والثاني) أن يضطر إلى البيع لدين ركبه أو مؤنة ترهقه فيبيع ما في يده بالوكس للضرورة، وهذا سبيله في حق الدين والمروءة أن لا يبايع على هذا الوجه ولكن يعار أو يقرض إلى الميسرة او يشتري السلعة بقيمتها فان عقد البيع مع الضرورة على هذا الوجه صحيح مه كراهة اهل العلم له، ومعنى البيع هنا الشراء او المبالغة او قبول البيع (12) بكسر الراء أي قبل بدو صلاحها وبعد الأمان من العاهة وذلك يكون بانعقاد الحب ونضج الثمرة في النخل بكونها تصفر او تحمر (تخريجه) (د) وفي اسناه رجل لم يسم (13) (سنده) حدّثنا محمد بن السماك عن يزيد بن أبي زياد عن المسيب بن رافع عن عبد الله بن مسعود الخ

-[النهي عن بيع السمك في الماء وعن بيع الحصى وعن بيع الملامسة والمنابذة]- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تشتروا السمك في الماء فإنه غرر (1) (عن أبي هريرة) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحصى (3) وبيع الغرر (باب النهي عن بيع الملامسة والمنابذة) (عن أبي سعيد الخدري) (4) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الملامسة يمس الثوب (وفي لفظ لمس الثوب) لا ينظر إليه، وعن المنابذة وهو طرح الرجل الثوب (زاد في رواية إلى الرجل) بالبيع قبل أن يقلبه وينظر اليه، (5) (وعنه أيضا) (6) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين وعن بيعتين (فذكر الشطر الأول من الحديث (7) ثم قال) وأما البيعتان فالمنابذة والملامسة، والمنابذة أن يقول إذا نبذت هذا الثوب فقد وجب البيع: والملامسة أن يمسه بيده ولا يلبسه ولا يقلبه إذا مسه وجب البيع (وعن أبي هريرة) (8) بنحوه وفيه، وأما البيعتان

_ (غريبه) (1) أي فإن بيعه في الماء باطل لعدم العلم به والقدرة على تسليمه، والغرر استتار عاقبة الشيء وتردده بين أمرين (تخريجه) (هق قط) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد مرفوعا وموقوفا وكذا الطبراني، ورجال الموقوف رجال الصحيح أهـ قلت وصحح البيهقي والدارقطني وقفه (2) (سنده) حدّثنا يحيي بن سعيد بن عبيد الله عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) اختلف في تفسيره، فقيل هو أن يشترط الخيار إلى أن يرمي الحصاة، يقول البائع للمشتري في العقد إذا نبذت اليك الحصاة فقد وجب البيع، والخلل فيه اثبات الخيار وشرطه إلى أجل مجهول، وقيل هو أن يحمل نفس الرمي بيعا، وقيل هو أن يقول بعتك من هذه الأثواب ما وقعت عليه هذه الحصاة ويرمي الحصاة، والخلل فيه جهالة المعقود عليه (تخريجه) (م. والاربعة) (باب) (4) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق انا ابن جريح حدثني ابن شهاب عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أنه سمع أبا سعيد الخدري يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم لكن جاء عند النسائي من طريق حفص بن عاسم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهي عن بيعتين، وأما البيعتان فالمنابذة والملامسة وزعم أن الملامسة وزعم أن الملامسة أن يقول الرجل للرجل ابيعك ثوبي بثوبك ولا ينظر واحد منهما إلى ثوب الآخر ولكن يلمسه لمسا، وأما المنابذة أن يقول أنتبذ ما معي وننتبذ ما معك ليشتري أحدهما من الآخر ولا يدري كل واحد منهما كم مع الآخر ونحوا من هذا الوصف، فهذه الرواية تفيد أن التفسير المذكور من كلام الراوي وهو الأقرب لأنه يبعد أن يعبر الصحابي عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ (وزعم) وكذا يقال في الأحاديث الآتية بهذا المعني والله أعلم (تخريجه) (ق فع د نس) (6) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي سعيد الخدري قال نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين الخ (غريبه) (7) يعني الخاص باللبستين وتقدم في حديث رقم 836 في باب كراهة الصلاة بالاشتمال والسدل في الجزء الرابع صحيفة 96 وتقدم الكلام عليه هناك (تخريجه) (ق فع د نس جه هق) مختصرا ومطولا بألفاظ مختلفة والمعنى واحد (8) (سنده) حدّثنا سليمان بن داود الهاشمي قال أنبأنا أبو زبيد عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي صالح عن أبي هريرة قال نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبستين عن بيعتين فأما اللبستان فإنه يلتحف في ثوبه ويخرج شقه أو يجتبي بثوب واحد فيفضي بفرجه إلى السماء، وأما البيعتان

-[كلام العلماء في تفسير المزابنة والمحاقلة وبيع القصيل]- فالملامسة ألق أليّ (1) وألق إليك وألق الحجر (باب النهي عن بيع المزابنة والمحاقلة وعن بيع كل رطب بيابسه) (عن أبي هريره) (2) قال نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة (3) وهو اشتراء الزرع وهو في سنبله بالحنطة (4)، ونهي عن المزابنة وهو شراء الثمار (5) بالتمر (عن أبي سعيد الخدري) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة والمحاقلة، والمزابنة اشتراء الثمرة في رءوس النخل، والمحاقلة استكراه الأرض بالحنطة (7) (وفي لفظ) والمزابنة اشتراء الثمرة في رءوس النخل كيلا. (عن أب عباس) (8) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المحاقلة والمزابنة وكان عكرمة يكره بيع القصيل (9) (عن عبد الله بن عمر) (10) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول لا تبايعوا الثمرة (11) حتى يبدو صلاحها نهى البائع والمشتري، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ فالملامسة الخ (غريبه) (1) أي الق ما معك والق اليك ما معي ويشتريان على ذلك، ولا يعلم واحد منهما مقدار ما مع الآخر (وقوله وألق الحجر) أي المعبر بالحصاة في بعض الروايات، ومعناه أنه إذا ألقي الحجر وجب البيع (تخريجه) (ق والامامان وغيرهم بهذا المعنى) (باب) (2) (سنده) حدّثنا أسود ثنا شريك عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) قال في القاموس والمحاقلة بيع الزرع قبل بدو صلاحه، أو بيعه في سنبله بالحنطة، أو المزارعة بالثلث أو الربع أو أقل أو أكثر، أو اكتراه الأرض بالحنطة أهـ (قلت) وهذا التفسير يشمل كل ما جاء في الأحاديث في تفسير المحاقلة، وجاء في النهاية مثل ما جاء في القاموس وزاد في النهاية وإنما نهى عنها لأنها من المكيل ولا يجوز فيه إذا كانا من جنس واحد إلا مثلا بمثل يدا بيد وهذا مجهول لا يدري أيهما أكثر (4) بكسر الحاء المهملة قال في الصباح الحنطة والقمح والبر (بضم الموحدة) والطعام واحد أهـ (قلت) ومعنى الحديث أنه لا يجوز اشتراء الزرع أي الحنطة في سنبلها بحنطة صافية يابسة لجهل التماثل (5) الثمار جمع ثمرة بالمثلثة وهو الطرب في رءوس النخل لا يجوز شراءه بالتمر بالمثناة الفوقية المقطوع اليابس لجهل التماثل أيضا كما يستفاد ذلك من الحديث التالي (قال الشافعي) رحمه الله وتفسير المحاقلة والمزابنة في الأحاديث يحتمل أن يكون عن النبي صلى الله عليه وسلم وأن يكون من رواية من وراه (تخريجه) (م فع هق) (6) (سنده) حدّثنا محمد بن ادريس الخدري الخ (غريبه) (7) فسرت المحاقلة في هذا الحديث باستكراه الأرض بالحنطة وهو أحد معانيها، وزاد مالك من حديث أبي سعيد أيضا (واشتراه الزرع بالحنطة) كما تقدم في حديث أبي هريرة وتقدم شرح باقي الحديث (تخريجه) (ق. والامامان. هق) (8) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا الشيباني عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (9) القصيل بالقاف بوزن القتيل قال في المصباح هو الشعير يجز أخضر لعلف الدواب وفسره الفقهاء بالزرع الأخضر مطلقا كالقمح والذرة والشعير ونحو ذلك، فقال جمهورهم لا يجوز بيعه وهو اخضر إلا بشرط القطع، أنظر القول الحسن صحيفة 168 و 169 في الجزء الثاني (تخريجه) (طب) قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح (10) (سنده) حدّثنا يونس ثنا ليث عن نافع عن عبد الله بن عمر الخ (غريبه) (11) الثمرة بالمثلثة محركة وهي أعم من ثمرات النخيل والأعناب فتشمل ثمرة الزرع أيضا كالقمح والشعير ونحوهما، ثم فصل بعد التعميم فقال

-[النهي عن بيع كل رطب بيابسه]- عن المزابنة أن يبيع ثمرة حائطه ان كانت خلا (1) بتمر كيلا: وان كانت كرما (2) أن يبيعه بزبيب كيلا، وان كانت زرعا أن يبيعه بكيل معلوم نهى عن ذلك كله (وعنه من طريق ثان) (3) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة، والمزابنة الثمر بالتمر كيلا، والعنب بالزبيب كيلا، والحنطة بالزرع كيلا. (عن أبي عياش) (4) قال سئل سعد (5) عن بيع سلت بشعير (6) أو شيء من هذا، فقال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن تمر (7) برطب فقال تنقص الرطبة إذا يبست (8)؟ قالوا نعم، قال فلا إذا (9). (عن سعد أبي وقاص) (10) رضي الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطرب بالتمر فقال اليس ينقص الرطب إذا يبس؟ قالوا بلى فكرهه.

_ ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة الخ (وقوله حتى يبدو) بفتح الواو غير مهموز أي يظهر، البدو هو الظهور (وصلاحها) حفظها من العاهة كما جاء في رواية المسلم من طريق شعبة، قيل لابن عمر ما صلاحه قال تذهب عاهته، وهو تفسير ابن عمر لأن العاهة لا تصيبه بعد بدو صلاحه (ولمسلم أيضا والامام احمد) من طريق أيوب عن نافع عن ابن عمر وسيأتي بعد أبواب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع النخل حين يزهو (أي يحمر أو يصفر) وعن السنبل حتى يبيض ويأمن العاهة نهى البائع والمشتري أهـ (وعن أنس) عند الإمام احمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمرة حتى تزهو وعن بيع العنب حتى يسود وعن بيع الحب حتى يشتد، وسيأتي في باب النهي عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها (1) أي إن كانت ثمرة نخل وهو الرطب على رءوس النخل لا يجوز بيعه بتمر يابس كيلا أي بكذا وسقا من تمر (2) الكرم بسكون الراء شجر العنب والمراد العنب نفسه ويقال فيه ما قيل في رطب النخل، وكذلك لا يجوز بيع الزرع في سنبله بحنطة صافية كيلا (3) (سنده) حدّثنا يحيي عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزابنة الخ (تخريجه) (ق. والامامان. هق. والأربعة) (4) (سنده) حدّثنا سفيان بن إسماعيل بن أمية عن عبد الله بن يزيد عن أبي عياش الخ (قلت) أبو عياش اسمه زيد بن عياش وكنيته أبو عياش في الخلاصة والتقريب وغيرهما من كتب الرجال (غريبه) (5) هو ابن أبي وقاص من الصحابة المهاجرين الأولين وأحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنهم (6) سيأتي في الطريق الثانية بلفظ (سئل سعد عن البيضاء بالسلت) قال ابن عبد البر العرب تطلق البيضاء على الشعير والسمراء على البر أهـ (والسلت) بضم المهملة وسكون اللام ضرب من الشعير ليس له قشر ويكون في الغور والحجاز قاله الجوهري (وفي القاموس) البيضاء هو الحنطة والرطب من السلت، وعلى هذا فيكون معنى قوله (سئل سعد عن بيع سلت) أي شعير يابس (بشعير) أي رطب فأجابهم بقوله سئل النبي صلى الله عليه وسلم الخ (7) بالتاء المتناه أي تمر يابس برطب في رءوس النخل كما ذهب اليه الجمهور (8) الاستفهام هنا ليس المراد به حقيقته أعني طلب الفهم لأنه صلى الله عليه وسلم كان عالما بأنه ينقص إذا يبس، بل المراد تنبيه السامع بأن هذا الوصف الذي وقع عنه الاستفهام هو علة النهي (9) أي فلا يجوز بيع الثمر بالرطب لأن الرطب ينقص إذا جف، وكذلك لا يجوز بيع العنب بالزبيب ولا بيع الجب اليابس برطبه وهذا أليق بمعنى الحديث بدليل أنه شبهه بالرطب مع التمر، ولو اختلف الجنس لم يصح التشبيه، وإليه ذهب جمهور العلماء (تخريجه) (د مذ والامامان) وسنده جيد (10) (سنده) حدّثنا ابن نمير ثنا مالك

-[كلام العلماء في معنى المخابرة والمعاومة والثنيا والعرايا]- (عن ابن عمر) (1) أرسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة (2) والمزابنة أن يباع ما في رءوس النخل (3) بتمر بكيل مسمى ان زاد فلى، وأن نقص فعلى، قال ابن عمر حدثني زيد بن ثابت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في بيع العرايا بخرصها. (عن إسماعيل الشيباني) (4) بعت ما في رءوس نخلي مائة وستي ان زاد فلهم (5) وأن نقص فلهم، فسألت ابن عمر فقال نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورخص في العرايا. (عن جابر بن عبد الله) (6) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المحاقلة والمزابنة (7) والمخابرة والمعاومة (8) والثعليا ورخص في العرايا (باب الرخصة في العرايا (9) والنهي عن

_ ابن أنس حدثني عبد الله بن يزيد مولى الأسود بن سفيان عن أبي عياش عن سعد بن أبي وقاص (تخريجه) (ك قط خز هق. والأربعة) وصححه الحاكم والترمذي وابن خزيمة وابن حبان وابن المديني (1) (سنده) حدّثنا إسماعيل ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) تقدم الكلام على تفسير المزابنة، وفي هذا الحديث زياد إيضاح في تفسيرها أيضا (3) أي من الرطب المخروص الذي لا يعلم مقداره إذا صار تمرا الا بالخرص وهو الظن والخزر بأن يقول الخارص هذا الرطب الذي على النخل إذا يبس يصير ثلاثة أو سق أو وسقين أو وسقا مثلا (وقوله بتمر بكيل مسمى) معناه أن يباع وسق من الثمر (بالمثلثة) المخروص بوسق من التمر (بالمثناة) (وقوله إن زاد الخ) حال بتقدير القول من البائع الذي يفهم من قوله (يباع) أن يبيع قائلا إن زاد أي التمر المخروص على ذلك الكيل المسمى فلى، أي فالزائد لى، وان نقص فعلى أي أكمله لك أيها المشتري، وانما نهى عن ذلك لما فيه من الغرر ومظنة الربا لعدم علم التساوي في المقدار، ويستثنى من ذلك بيع العرايا كما سيأتي بيان ذلك وتفسيره في الباب التالي (تخريجه) (ق نس جه هق) واخرج الإمامان منه حديث زيد بن ثابت. (4) (سنده) حدّثنا سفيان عن عمرو عن إسماعيل الشيباني الخ (غريبه) (5) هكذا في هذه الرواية (أن زاد فلهم وان نقص فلهم) ورواه الشافعي بلفظ (ان زاد فلهم وان نقص فعليهم) والمعنى واحد والمحفوظ من حديث ان عمر المتقدم (ان زاد فلى وإذا نقص فعلى) والظاهر ان هذه صورة أخرى غير المتقدمة في حديث ابن عمر، وهي أخري بعدم الجواز فإنها قمار (تخريجه) (فع) ورجاله ثقات. (6) (سنده) حدّثنا إسماعيل ثنا أيوب عن أبي الزبير عن جابر الخ (غريبه) (7) المحاقلة والمزابنة تقدم تفسيرهما (والمخابرة) فسرها الشافعي وأصحابه بأنها العمل على الأرض ببعض ما يخرج منها والبذر من العامل وقيل أن المساقاة والمزارعة والمخابرة بمعنى واحد، وسيأتي شرح ذلك في باب المساقاة والمزارعة ان شاء الله تعالى (8) المعاومة هي بيع الشجر أعواما كثيرة وهي مشتقة من العام كالمشاهرة من الشهر، وقيل هي أكثراه الأرض سنين، وكذلك بيع السنين هو أن يبيع ثمر النخل لأكثر من سنة في عقد واحد وذلك لأنه بيع غرر ولكونه بيع مالم يوجد (وقوله والثنيا) بضم المثلثة وسكون النون، والمراد بها الاستثناء في البيع نحو أن يبيع الرجل شيئا ويستثني بعضه، فإن كان الذي استثناه معلوما نحو أن يستثني واحدة من الأشجار مثلا صح بالاتفاق، وان كان مجهولا نحو أن يستثني شيئا غير معلوم لم يصح البيع (تخريجه) (م نس مذ) (باب) (9) العرايا جمع عرية (بوزن عطيه) وهى عطية ثمر النخل دون الرقبة كانت العرب في الجدب تتطوع بذلك على من لا ثمر له كما يتطوع صاحب الشاة أو الإبل بالمنيحة، وهي

-[قوله صلَّى الله عليه وسلم لا تباع ثمرة حتى يبدو صلاحها - وما جاء في العرية]- الاستثناء في البيع غلا أن يكون معلوما) (عن سالم عن ابن عمر) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تباع ثمرة بتمر (2) ولا تباع ثمرة حتى يبدو صلاحها، قال فلقي زيد بن ثابت عبد الله بن عمر فقال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في العرايا، قال سفيان العرايا نخل كانت توهب للمساكين فلا يستطيعون أن ينتظروا بها فيبيعونها بما شاؤا من تمر (3) (عن سهل بن أبي حثمة) (4) قال نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر بالتمر ورخص في العرايا أن تشتري بخرصها (5) يأكلها أهلها رطبا (6) (عن زيد بن ثابت) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في العرية أن تؤخذ (وفي لفظ أن تباع) بمثل خرصها تمرا (وفي لفظ لمثل خرصها كيلا) يأكلها أهلها (8) رطبا (زاد في رواية) ولم يرخص في غير ذلك (عن رجل من أصحاب النبي) (9) صلى الله عليه وسلم قال نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر بالتمر ورخص

_ عطية اللبن دون الرقبة، ويقال عريت النخلة بفتح العين وكسر الراء تعري إذا أفردت عن حكم اخواتها بأن أعطاها المالك فقيرا. (1) (سنده) حدّثنا محمد بن يزيد أنبأنا سفيان بن حسين عن الزهري عن سالم عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) الأول بالمثلثة وفتح الميم والثاني بالمثناة الفوقية وسكون الميم، والراد بالثمرة الرطب على النخلة إلا في العربة فإنه يجوز بيعه بالتمر (3) هذا تفسير سفيان في العرية، ومعناه أن يهب صاحب النخل لرجل من المساكين ثمر نخلة أو أكثر بعد بد وصلاحه لينتفع به تمرا فلا يستطيع الموهوب له انتظار صيرورة الرطب تمرا ولا يحب أكلها رطبا لاحتياجه إلى التمر فيبيع ذلك الرطب بخرصه من الواهب أو من غيره بتمر يأخذه معجلا، وللعرايا تفاسير أخرى كثيرة ذكرتها كلها في الشرح الكبير وسيأتي بعضها (تخريجه) (ق هق). (4) (سنده) حدّثنا سفيان عن يحيي بن سعيد عن بشير بن يسار عن سهيل بن أبي حثمة (بوزن حفصة) الحديث، وآخره قال سفيان قال لي يحيي بن سعيد وما عالم أهل مكة بالعرايا؟ قال أخبرهم عطاء سمعه من جابر (غريبه) (5) الخرص تقدم تفسيره في الباب السابق وهو الظن والتخمين بأن يقول الخارص هذا الرطب الذي على النخل إذا يبس يصير ثلاثة أو سق أو وسقين مثلا بالكيل (6) فسر ذلك الامام مالك بأن يهب الرجل للرجل ثمر نخلة ن نخله أو نخلات ثم يتأذى الواهب بدخول الموهوب له في حائطه فرخص للواهب أن يشتري رطبها من الموهوب له بتمر يابس، واحتج في قصر العرية على ما ذكره بهذا الحديث لقوله فيه (يأكلها أهلها رطبا) قال الحافظ والظاهر أن أهلها الذي أعراها، ويحتمل أن يراد بالأهل من تصير اليه بالشراء، والأحسن في الجواب أن حديث سهل دل على صورة من صور العرية وليس فيه التعرض لكون غيرها ليس عرية، وحكي عن الشافعي تقييدها بالمساكين على ما في حديث سفيان بن حسين (يعني الحديث المتقدم) قال وهو اختيار المزني أهـ (تخريجه) (ق فع هق وغيرهم). (7) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنا يحيي بن سعيد عن نافع عن ابن عمر قال أخبرني زيد بن ثابت الخ (غريبه) (8) ذهب يحيي بن سعيد إلى أن المراد بقوله يأكلها أهلها أي المشترون الذين صاروا ملاكا وهذه صورة ثالثة من صور العرايا (تخريجه) (ق د هق. والإمامان) (9) (سنده) حدّثنا يزيد أنا يحيي بن بشير بن يسار أخبره عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ

-[كلام العلماء في معنى العرية وأحكامها]- في العرية، قال والعرية النخلة والنخلتان (1) يشتريهما الرجل بخرصهما من التمر فيضمنهما (2) فرخص في ذلك (عن بشير بن يسار) (3) مولي بن حارثة أن رافع بن خديج وسهل بن أبي حثمة حدثاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة (4)، الثمر بالتمر إلا أصحاب العرايا فإنه قد أذن لهم (عن جابر بن عبد الله) (5) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم جين أذن لأصحاب المرايا أن يبيعوها بخرصها يقول الوسق (6) والواسقين والثلاثة والأربعة (عن أبي هريرة) (7) أن النبي صلى الله عليه وسلم رخص في العرايا أن تباع بخرصها في خمسة أو سق أو فيما دون خمسة (8) (أبواب بيع الأصول

_ (غريبه) (1) المراد الثمر لا النخل يعنى ثمر النخلة والنخلتين كما يدل على ذلك تفسير يحيي بن سعد عن مسلم بلفظ (قال يحي العرية أن يشتري الرجل ثمر النخلات لطعام أهله رطبا بخرصها تمرا) وهذه الصورة كالتي قبلها (2) أي يقوم بحفظهما لاهله لأكلها رطبا (تخريجه) (م هق. وغيرهما). (عن بشير بن يسار) (3) (سنده) حدّثنا أبو أسامة قال ثنا الوليد بن كثير قال ثنا بشير بن يسار الخ (غريبه) (4) تقدم تفسير المزابنة في الباب السابق وتقدم تفسير العرايا وبعض صورها في هذا الباب (فائدة) قال النووي بشير كله بفتح الموحدة وكسر الشين المعجمة إلا اثنين فبالضم وفتح الشين وهما بشير بن كعب وبشير بن كعب وبشير بن يشار (تخريجه) (ق مذ هق) وزاد فيه الترمذي بعد قوله فإنه قد أذن لهم قال وعن بيع العنب بالزبيب وعن كل ثمر بخرصه. (5) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني محمد بن يحي بن حبان عن عمه واسع بن حبان عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (6) بسكون المهملة وفتح القاف مفعول لفعل محذوف أي بيعوا الوسق والوسقين الخ، وتقدم تفسير الوسق غير مرة وهو ستون صاعا وهو يفيد أنه لا يجوز مجاوزه الأربعة الأوسق، وإلى ذلك ذهب جماعة من أهل العلم، حكاه الماوردي عن ابن المنذر، وحكاه ابن عبد البر عن قوم وترجم عليه، ابن حبان فقال: الاحتياط لا يزيد على أربعة أو أقل أهـ قال الحفظ وهذا الذي قاله يتعين المصير إليه، واما جعله حدا لا يجوز تجاوزه فليس بالواضح اهـ (قلت) وإنما قال ذلك الحافظ لما سيأتي في حديث أبي هريرة من الزيادة وسيأتي الكلام عليه (تخريجه) (فع هق) وصححه ابن خزيمة وابن حبان والحاكم. (7) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن عن مالك عن داود بن الحصين عن أبي سفيان عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) أو للشك من داود بن الحصين يشك هل قال شيخه أوب سفيان خمسة، أوسق أو فيما دون خمسة أوسق، وهو يفيد مجاوزه الأربعة المتقدمة في حديث جابر إلى خمس أو ما دون الخمس، وذهب إلى ما دون الخمس الشافعية والحنابلة وأهل الظاهر قالوا لأن الأصل التحريم وبيع العرايا رخصة فيؤخذ بما يتحقق فيه الجواز ويلقى ما وقع فيه الشك، قال النووي وتأولها مالك وأبو حنيفة على غير هذا (يعني، أنهما قالا لا يجوز الخمس) قال وظواهر الأحاديث ترد تأويلها، (وقال صحاب النهاية) قيل أنه لما نهي عن المزابنة وهو بيع الثمر في رؤوس النخل بالتمر رخص في جمله المزابنة في العرايا، وهو أن من لا نخل له من ذوي الحاجة يدرك الرطب ولا نقد بيده يشتري به الطرب لعياله ولا نخل له يطعمهم منه ويكون قد فضل له من قولته تمر فيجيء إلى صاحب النخل فيقول له بمعنى ثمر نخلة أو نخلتين بخرصها من التمر فيعطيه ذلك الفاضل من التمر بثمن تلك النخلات ليصيب من رطبها مع الناس فرخص فيه إذا كانت دون خمسة أوسق اهـ (تخريجه) (ق هق. والإمامان

-[ما جاء فيمن باع نخلا مؤبرا - والنهي عن بع الثمرة قبل بدو صلاحها]- والثمار) (باب من باع نخلا مؤبّرا) (عن سالم عن أبيه) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من باع عبدا وله مال فماله للبائع إلا أن يشترط المبتاع (2)، ومن باع نخلا (3) مؤبرا فالثمرة للبائع (4) إلا أن يشترط المبتاع (ز عن عبادة بن الصامت) (5) أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى أن ثمر النخل لمن أبّرها الا أن يشترط المبتاع، وقضى أن مال المملوك لمن باعه ألا أن يشترط المبتاع (باب النهي عن بيع الثمرة قبل بدو صلاحها) (عن ابن عباس) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يباع الثمر حتى يطعم (7) (عن أبي البختري الطائي) (8) قال سألت ابن عباس عن بيع النخل فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل حتى يأكل منه أو يؤكل منه (9) وحتى يوزن قال فقلت ما يوزن؟ فقال رجل عنده حتى يحرز (10) (عن ابن عمرو) (11) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ وغيرهم (1) (سنده) حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه (يعني عبد الله بن عمر) الخ (غريبه) (2) أي المشتري بقرينة الإشارة إلى البائع بقوله (من باع) وظاهره أنه يجوز له ان يشترط بعضها أو كلها، وقال ابن القاسم لا يجوز اشتراط بعضها (3) النخل اسم جنس يذكر ويؤنث والجمع نخيل (وقوله مؤبرا) أي مشققا وملقحا، ومعناه شق طلع النخلة الأنثى ليذر فيها شيء من طلع النخلة الذكر (4) أي الثمرة التي توجد بسبب هذا التلقيح للبائع (وقوله إلا ان يشترط المبتاع) أي المشتري كما تقدم (تخريجه) _جه هق) ورجاله رجال الصحيح. (5) (ز سنده) حدّثنا عبد الله ثنا أبو كامل الجحدري ثنا الفضل بن سليمان ثنا موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيي بن الوليد بن عبادة بن الصامت فذكر أحاديث (منها) وقضى (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) أن تمر النخل لمن أبَّرها الخ (تخريجه) (جه) وفي اسناده نظر لأنه من رواية إسحاق بن يحيي بن الوليد بن عبادة بن الصمت عن عبادة ولم يدركه. قاله البخاري وغيره لكن يؤيده حديث ابن عمر السابق، انظر أحكام هذه الباب في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 174 في الجزء الثاني (باب) (6) (سنده) حدّثنا روح ثنا زكريا بن إسحاق حدثنا عمرو بن دينار أن ابن عباس كان يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) جاء في الأصل (ثنا زكريا بن إسحاق بن عمرو بن دينار) وهو خطأ من الناسخ وصوابه ما ذكرنا (غريبه) (7) بضم أوله مع كسر العين وفتحها، قال في النهاية أطعمت الشجرة، إذا أثمرت وأطعمت الثمرة إذا أدركت أي صارت ذات طعم وشيئا يؤكل منها، وروي حتى تطعم (بضم أوله أي تؤكل ولا تؤكل الا إذا أدركت اهـ (قلت) أدراكه في الملون بانقلاب لونه إلى احمر أو أصفر أو أسود، وفي السنبل حتى يبيض كما سيأتي في أحاديث الباب (تخريجه) (هق) وسنده جيد، وأورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير من طرق ورجال بعضها ثقات. (8) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي البختري الخ (قلت) البختري بوزن العنبري (غريبه) (9) أو للسك من الراوي يشك هل قال حتى يأكل منه (بالبناء للفاعل) أو حتى يؤكل منه بالبناء للمفعول (10) بتقديم الزاي على الراء مبنيا للمفعول من الحرز بسكون الزاي وهو تقدير ما على النخلة من ثمر بالظن ويقال له الخرص وتقدم تفسيره والحرز من علامات بدو صلاح الثمر للأكل (تخريجه) (ق هق. وغيرهم) (11) (سنده) حدّثنا إسماعيل ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ

-[النهي عن بيع الثمرة قبل بُدوّ صلاحها]- نهى عن بيع النخل حتى يزهو (1) وعن السنبل حتى يبيض (2) ويأمن العاهة نهي البائع والمشتري (وعنه أيضًا) (4) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع الثمرة حتى يبدو صلاحها، قال قالوا يا رسول الله ما صلاحها؟ قال إذا ذهبت عاهتها (5) وخلص طيبها* (عن عثمان بن عبد الله (6) بن سراقة قال سألت ابن عمر عن بيع الثمار فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمار حتى تذهب العاهة، فقلت ومتى ذاك؟ قال حتى تطلع الثريا (7) * (عن علي رضي الله عنه) (8) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة قبل أن تدرك (9) * (عن حميد) (10) قال سئل أنس عن بيع الثمر فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى تزهو، قيل لأنس ما تزهو؟ قال تحمر (11) * (ز عن سليم بن حيان) (12) عن سعيد بن ميناء عن جابر بن عبد الله قال نهى

_ (غريبه) (1) قال ابن العربي يقال زها النخل يزهو إذا ظهرت ثمرته، وأزهى يُزهي إذا احمر أو اصفر (2) معناه يشتد حبه بدو صلاحه (وقوله ويأمن العاهة) هي الآفة تصيب الزرع البائع فلئلا يأكل مال أخيه بالباطل، وأما المشتري فلئلا يضيع ماله ويساعد البائع على الباطل (تخريجه) (م. والثلاثة) (4) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا حجاج عن عطية العوفي عن ابن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) يعني إذا ذهب الوقت الذي تصاب فيه الثمرة بالعاهدة (وخلص) أي تميز وظهر طيبها من رديئها (تخريجه) لم أقف عليه من حديث ابن عمر بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وفي إسناده عطية العوفي (بفتح العين وسكون الواو)، وجاء من حديث أبي سعيد عند (بز طس) وثق، وفي إسناده الطبراني جابر الجعفي وهو ضعيف وقد وثق هـ (6) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الله ثنا ابن أبي ذئب عن عثمان بن عبد الله الخ (غريبه) (7) أي مع الفجر، قال الحافظ روى أبو داود من طريق عطاء عن أبي هريرة مرفوعًا قال إذا طلع النجم صباحًا رفعت العاهة عن كل بلد (وفي رواية أبي حنيفة) عن عطاء رفعت العاهة عن الثمار، والنجم هو الثريا وطلوعها صباحًا يقع في أول فصل الصيف وذلك عند اشتداد الحر في بلاد الحجاز وابتداء نضج الثمار، فالمعتبر في الحقيقة النضج، وطلوع النجم علامة له، وفي رواية للبخاري من طريق خارجة بن زيد أن زيد بن ثابت لم يكن يبيع ثمار أرضه حتى تطلع الثريا فيتبين الأصفر من الأحمر (تخريجه) (م. وغيره) * (8) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في باب خطب علي رضي الله عنه من كتاب الخلافة والإمارة إن شاء الله تعالى (غريبه) (9) إدراك الثمرة إن كانت من القمح أو الشعير ونحوهما باشتداد الحب، وإن كانت من الخيل بك ونها تحمر أو تصفر (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد، وفي إسناده رجل مجهول وأحاديث الباب تعضده* (10) (سنده) حدثنا يحيى عن حميد الخ (غريبه) (11) جاء في الموطأ للإمام مالك بلفظ (قيل له يا رسول الله وما تزهى فقال حين تحمر وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت إذا منع الله الثمرة فيم يأخذ أحدكم مال أخيه) وهذه الرواية تفيد رفع تفسير الزهو إلى النبي صلى الله عليه وسلم (وكذلك الجملة التي بعده وأنهما من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الحافظ وليس فيه ما يمنع أن يكون التفسير مرفوعًا لأن مع الذي رفعه زيادة علم على ما عند الذي وقفه (تخريجه) (ق. لك. فع. وغيرهم) * (ز سنده)

-[ما جاء في الخرص وبيع السنين ووضع الجوائح]- رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمرة حتى تشقح (1)، قال قلت لسعيد ما تشقح؟ قال تحمار وتصفار ويؤكل منها* (عن عائشة رضي الله عنها) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تبيعوا ثماركم حتى يبدو صلاحها وتنجو من العاهة* (عن أبي هريرة) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تباع ثمرة حتى يبدو صلاحها* (عن أنس بن مالك) (4) قال نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع النخل (5) حتى يزهو والحب حتى يفرك (6) وعن الثمار حتى تُطعم، (وعنه أيضًا) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمرة حتى تزهو وعن بيع العنب حتى يسود (8) وعن بيع الحب حتى يشتد (9) (باب ما جاء في الخرص وبيع السنين ووضع الجوائح (10)) * (عن جابر بن عبد الله) (11) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الخرص (12) وقال أرأيتم إن هلك الثمر أيحب أحدكم أن

_ حدثنا عبد الله حدثني بهز ثنا سليم بن حيان الخ (غريبه) (1) بضم أوله وفتح المعجمة وكسر القاف مشددة يقال أشقحت البسرة وشقحت إشقاحًا وتشقيحًا إذا احمر أو اصفر، والاسم الشقح بضم المعجمة وسكون القاف بعدها مهملة (تخريجه) (ق د هق) * (2) (سنده) حدثنا الحكم ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال عن أبيه عن عمرة عن عائشة الخ (تخريجه) (لك) وأورد الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات* (3) (سنده) حدثنا يعلي ثنا فضيل يعني ابن عزوان عن ابن أبي نعم عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (م نس جه) * (4) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن شيخ لنا عن أنس الخ (غريبه) (5) أي ثمر النخل وليس المراد بيع النخل نفسه لأن بيع عين النخل لا يحتاج أن يفيد بالزهو فإن الزهو صفة الثمر لا صفة عين النخل (6) أي يشتد حبه ويمكن انفصاله (وقوله وعن الثمار الخ) أي ثمار جميع الأشجار المثمرة فيشمل ثمار النخل وغيرها (تخريجه) (هق) وفي إسناده عند الإمام أحمد رجل لم يسم لكن رواه البيهقي من طريق سفيان أيضًا عن أبان عن أنس وروى معناه الشيخان وغيرهما* (7) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا حميد عن أنس الخ (غريبه) (8) زاد مالك في الموطأ فإنه إذا أسود ينجو من الآفة والعاهة اهـ (قلت) والسواد أيضًا علامة على نضجه، وهذا في النوع الأسود، أما الأبيض فبظهور الحلاوة فيه (9) اشتداد الحب قوّته وصلابته (تخريجه) (د مذ جه حب ك) وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم وسكت عنه أبو داود وأقر المنذري تحسين الترمذي والله أعلم (انظر أحكام هذا الباب) في القول الحسن في صحيفة 168 في الجزء الثاني (10) الجوائح جمع جائحة، وهي الآفة التي تصيب الثمار فتهلكها، يقال جاحهم الدهر واجتاحهم بتقديم الجيم على الحاء فيهما إذا أصابهم بمكروه عظيم، ولا خلاف أن البرد والقحط والعطش جائحة، وكذلك كل ما كان آفة سماوية، أما ما كان من الآدميين كالسرقة ففيه خلاف، منهم من لم يره جائحة لقوله في حديث أنس عند مسلم (إذا منع الله الثمرة، فيم تستحل مال أخيك) ومنهم من قال إنه جائحة تشبيهًا الآفة السماوية والله أعلم (11) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا أبو الزبير عن جابر الخ (غريبه) (12) أي ينهى عن خرص الثمر على رءوس النخل قبل بدو صلاحه، وتقدم معنى الخرص وهو تقدير ما على رءوس النخل من الثمر بالظن والتخمين (وقوله أرأيتم إن هلك الثمر الخ) من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ويؤيده ما جاء عند مسلم عن جابر أيضًا (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو بعت من أخيك ثمرًا فأصابه جائحة فلا يحل لك

-[النهي عن بيع العينة (تكسر العين) وكلام العلماء في ذلك]- يأكل مال أخله بالباطل؟ (وعنه أيضًا) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع السنين (2) ووضع الجوائح (عن أبي الزبير) (3) عن جابر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تباع النخل (4) السنتين والثلاث (باب النهي عن بيع العينة وبيعتين في بيعة وبيع العربون) (عن ابن عمر) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لئن تركتم الجهاد (6) وأخذتم بأذناب البقر (7) وتبايعتم بالعينة (8) ليلزمكم الله مذلة في رقابكم لا تنفك عنكم حتى تتوبوا إلى الله وترجعوا على ما كنتم عليه (9)

_ أن تأخذ منه شيئًا، بم تأخذ مال أخيك بغير حق) وهو ظاهر في تحريم أخذ ثمن الثمر إذا أصابته جائحة (تخريجه) (م د نس جه) * (1) (سنده) حدثنا سفيان عن حميد الأعرض عن سليمان بن عتيق مكي عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) جاء في رواية لمسلم والنسائي بلفظ (نهى عن بيع الثمر سنين) ومعناه أن يبيع ثمر النخلة لأكثر من سنة في عقد واحد قبل أن تظهر ثماره، وهذا غير جائز لأنه يبيع غرر لكونه يبيع ما لم يوجد وهو باطل بالإجماع، نقل الإجماع فيه المنذري وغيره (وقوله ووضع الجوائح) وضع فعل ماض، ومعناه أمر بوضع الجوائح كما في رواية للبيهقي وذلك بأن يتنازل البائع للمشتري عن ثمن ما أصيب بسبب الجائحة (تخريجه) (د فع هق) وروى مسلم النهي عن بيع السنين في حديث مستقل، ووضع الجوائح في حديث آخره* (3) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا حجاج عن أبي الزبير الخ (غريبه) (4) هو على حذف مضاف تقديره ثمرة النخل، ويؤيد ذلك ما تقدم في رواية مسلم والنسائي عن جابر بلفظ نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الثمر سنين انظر أحكام هذا الباب في القول الحسن صحيفة 172 - 173 في الجزء الثاني (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد، وفي إسناده الحجاج بن أرطاة ثقة ولكنه مدلس، وحسن إسناده الهيثمي ورواه مسلم والنسائي بمعناه (باب) (5) (سنده) حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي غنيمة (بوزن زكية) أنبأنا أبو حباب عن شهر بن حوشب عن ابن عمر الخ (غريبه) (6) أي جهاد الكفار المعتدين المستعمرين خوفًا من الموت (7) هو كناية عن الحرث والزرع أي شغلهم الحرث والزرع عن الجهاد في سبيل الله، وليس ذلك خاصًا بأصحاب الحرث والزرع، بل التاجر كذلك إذا شغلته تجارته وربحها عن الجهاد وكذلك الأمراء والحكام إذا شغلهم حب الإمارة والجاه وزخارف الدنيا عن الجهاد، بل هؤلاء أشد لأن طلب الجهاد متعين عليهم أولًا (8) بكسر العين المهملة وسكون المثناة تحت ونون، فسر الفقهاء العينة بأن يبيع الرجل سلعة لرجل آخر إلى أجل ثم يشتريها منه بثمن حال نقدًا بالمجلس بأقل من الثمن ال ذي باعها به ليبقى الكثير في ذمته ويسلما من الربا، وقيل لهذا البيع عينة لأن مشرتي السلعة إلى أجل يأخذ بدلها عينًا أي نقدًا حاضرًا معجلًا ليصل به إلى مقصوده مع بقاء الثمن الكثير في ذمته، وذلك حرام باتفاق العلماء إن اشترط المشتري على البائع أن يشتريها منه بثمن معلوم لأنه حيلة على تحليل الربا، فإن لم يكن بينهما شرط فأجازها الشافعية لوقوع العقد سالمًا من المفسدات، ومنعها الأئمة الثلاثة والجمهور. فلو باع ها المشتري من غير بائعها في المجلس فهي عينة أيضًا لكنها جائزة بالاتفاق إذا خلت من التواطؤ على الحيلة (9) المعنى إذا اتصفتم بهذه الخصال فإن الله عز وجل يبتليكم بالضعف والاستهانة ويلازمكم ذلك لا يزيله ولا يكشفه عنكم حتى تتوبوا إلى الله عز وجل وترجعوا على ما كنتم عليه من طاعة الله والاشتغال بأمور دينكم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد، ورواه (د جه هق) بلفظ

-[النهي عن بيعتين في بيعة وعن بيع وسلف وتفسير ذلك]- (حدثنا حسن) وأبو النضر وأسود بن عامر قالوا حدثنا شريك عن سماك عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صفقتين (1) في صفة واحدة، قال أسود قال شريك قال سماك الرجل يبيع البيع فيقول هو بنساء (2) بكذا وبكذا وهو بنقد بكذا وكذا (عن عمرو بن شعيب) (3) عن أبيه عن جده قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة، وعن بيع وسلف (4)، وعن ربح مالم يضمن (5) وعن بيع ما ليس عندك (6) (وعنه أيضًا) (7) عن أبيه عن جده قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع العربان (8)

_ آخر والمعنى واحد ورواه أيضًا الإمام أحمد بلفظ آخر من طريق عطاء بن أبي براح وتقدم في صحيفة 25 رقم 83 في كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر وصححه ابن القطان، وللحديث طرق وشواهد كثيرة تعضده* (حدثنا حسن الخ) (غريبه) (1) أي بيعتين في بيعة كما صرح بذلك في بعض الروايات (2) بفتح النون أي لأجل بكذا وكذا يعني بعشرين مثلًا (وهو بنقد) أي حال بعشرة مثلًا، وهذا تفسير سماك أحد رجال السند، ووافقه على مثل ذلك الشافعي فقال بأن يقول بعتك بألف نقدًا أو ألفين إلى سنة فخذ أيهما شئت أنت أو شئت أنا، وتمسك به من قال يحرم بيع الشيء بأكثر من سعر يومه لأجل النساء وقد ذهب إلى ذلك زين العابدين علي بن الحسين والناصر والهادوية والإمام يحيى، ونقل ابن الرفعة عن القاضي أن المسألة مفروضة على أنه قَبِل على الإبهام، أما لو قال قبلت بألف نقدًا أو بألفين بالنسيئة صح ذلك (قال الشوكاني) وبه قالت الشافعية والحنفية وزيد بن علي والمؤيد بالله والجمهور أنه يجوز لعموم الأدلة القاضية بجوازه قال وهو الظاهر اهـ قال الخطابي وحكى عن طاوس أنه قال لا بأس أن يقول له هذا الثوب نقدًا بعشرة وغلى شهر بخمسة عشر فيذهب به أحدهما (تخريجه) (بز طب طس) وأورده الحافظ في التلخيص وسكت عنه، وقال الهيثمي رجال أحمد ثقات* (3) (سنده) حدثنا أبو بكر الحنفي ثنا الضحاك بن عثمان عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (4) مثاله أن يقول بعتك هذا العبد بألف على أن تسلفني ألفًا في متاع أو على أن تقرضني ألفًا لأنه يقرضه فيحابيه في الثمن فيدخل في الجهالة، لأن كل قرض جر منفعة فهو ربا، ولأن في العقد شرطًا ولا يصح (5) معناه ما لم يقبض لأن السلعة قبل قبضها ليست في ضمان المشتري، إذا تلفت تلفت من مال البائع لذلك كانت منفعتها للبائع كلبن ماشية وركوب دابة وكسب رقيق ونحو ذلك (6) استدل به على تحريم بيع ما ليس في ملك الإنسان ولا داخلًا تحت مقدرته، وقد استثنى من ذلك السلم فتكون أدلة جوازه مخصصة لهذا العموم (تخريجه) أخرجه الأربعة وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح اهـ (قلت) وأخرجه أيضًا (خزك) وصححاه، وفي الباب أيضًا عن أبي هريرة عند (حم مذ نس) بلفظ نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيعتين في بيعة وصححه الترمذي* (7) (سنده) حدثنا اسحاق بن عيسى أخبرني مالك أخبرني الثقة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبه) (8) بوزن شعبان ويقال فيه عربون بضم أوله، قال أبو داود وقال مالك وذلك فيما نرى، والله أعلم أن يشتري الرجل العبد أو يتكارى الدابة ثم يقول أعطيك دينارًا على أني إن تركت السلعة أو الكراء فما أعطيتك لك اهـ وبمثل ذلك فسره عبد الرزاق عن زيد بن أسلم، والمراد أنه إذا لم يختر الساعة أو اكتراء الدابة كان الدينار أو نحوه للمالك بغير شيء، وإن اختارهما أعطاه بقية

-[النهي عن بيع سلعة من رجل ثم من آخر، وعن بيع مالًا يملك]- (باب) فيمن باع سلعة من رجل ثم من آخر وفي النهي عن بيع مالا يملكه فيشتريه ويسلمه) (عن عقبة بن عامر) (1) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أنكح الوليان فهو للأول منهما (2)، وإذا باع الرجل بينما من رجلين فهو للأول منهما (3) (عن سمرة بن جندب) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما امرأة زوجها وليان فهي للأول منهما، ومن باع بيعًا من رجلين فهو للأول منهما (عن حكيم بن حزام) (5) قال قلت يا رسول الله يأتيني الرجل يسألني البيع ليس عندي ما أبيعه، ثم أبيعه من السوق فقال لا تبع ما ليس عندك (6) (باب نهي المشتري عن بيع ما اشتراه قبل قبضه) (عن جابر بن عبد الله) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ابتعتم (8) طعامًا فلا تبيعوه حتى تقبضوه (9) (عن حكيم بن حزام) (10) قال قلت يا رسول الله إني اشتري بيوعًا فما يحل لي منها وما يحرم علىّ؟ قال اشتريت بيعًا تبعه حتى تقبضه (عن ابن عمر) (11) قال قدم رجل من أهل الشام بزيت فساومته فيمن ساومه من التجار حتى ابتعته منه حتى قال (12) فقام إلى رجل فربحني

_ القيمة أو الكراء (تخريجه) (لك د نس) وسنده عند الإمام أحمد جيد وعند غيره فيه ضعف وله عدة طرق يؤيد بعضها بعضًا (باب) * (1) (سنده) حدثنا سويد بن عمرو الكلبي ويونس قالا ثنا أبان قال ثنا قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) (2) سيأتي شرح ذلك في بابه من كتاب النكاح (3) فيه دلالة على أن من باع شيئًا من رجل ثم باعه من آخر لم يكن للبيع الآخر حكم بل هو باطل لأنه باع غير ما يملك إذ قد صار في ملك المشتري الأول، فإن وقعا معًا أو جهل السبق بطلًا معًا (تخريجه) (فع نس) وسنده جيد * (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب الخ (تخريجه) (الأربعة) إلا أن ابن ماجه لم يذكر الشطر الأول منه وحسنه الترمذي وأبو زرعة وأبو حاتم، ورواه أيضًا (ك) وصححه وأقره الذهبي * (5) (سنده) حدثنا هشيم بن بشير أنا يونس عن يوسف بن ماهك عن حكيم بن حزام الخ (6) أي ما ليس في ملكك وقدرتك، والظاهر أنه يصدق على العبد المغصوب الذي لا يقدر على انتزاعه ممن هو في يده، وعلى الآبق الذي لا يعرف مكانه والطير المنفلت الذي لا يعتاد رجوعك ونحو ذلك (تخريجه) (حب. والأربعة) وقال الترمذي حسن صحيح، وقد روى من غير وجه عن حكيم اهـ (باب) * (7) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب أنا حسين بن واقد عن أبي الزبير قال سمعت جابرًا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) يعني إذا اشتريتم طعامًا، وقيد الطعام اتفاقي لأن النهي عام في كل منقول عند أبي حنيفة وفي العقار أيضًا عند الشافعي وجعل مالك وأحمد القيد للاحتراز (9) أي حتى تتسلموه من البائع لاحتمال وجود مانع يمنع من تسليمه (تخريجه) (م. وغيره) (10) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد ثنا هشام يعني الدستوائي حدثني يحيى بن أبي كثير عن رجل أن يوسف بن ماهك أخبره أن عبد الله بن عصمة أخبره أن حكيم بن حزام أخبره قال قلت يا رسول الله الخ (تخريجه) (طب) وفي إسناده رجل لم يسم، ورواه النسائي والشافعي بغير هذا اللفظ والمعنى واحد وسنده جيد وبعضده أحاديث الباب (11) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني أبو الزناد عن عبيد بن حنين (بنونين مصغرًا) عن عبد الله ابن عمر الخ (غريبه) (12) لفظ (حتى قال) من كلام الراوي يقول حتى قال يعني ابن عمر فقام إلي

-[النهي عن بيع الصكاك وعن بيع الطعام قبل حيازته]- فيه حتى أرضاني قال فأخذت بيده لأضرب عليها (1) فأخذ رجل بذراعي من خلفي فالتفت فإذا زيد بن ثابت فقال لأتبعه حيث ابتعته (2) حتى تحوزه إلى رحلك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عن ذلك (3) فأمسكت يدي (عن سليمان بن يسار) (4) إن صكاك (5) التجار خرجت فاستأذن التجار مروان في بيعها فأذن لهم، فدخل أبو هريرة عليه فقال له أذنت في بيع الربا وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشتري الطعام ثم يباع حتى يستوفى، قال سليمان فرأيت مروان بعث الحرث فجعلوا ينتزعون الصكاك من أيدي من لا يتحرج (6) منهم (عن ابن عمر) (7) قال كنا نبتاع الطعام (8) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبعث علينا من يأمرنا بنقله من المكان الذي ابتعناه فيه (9) إلى مكان سواه قبل أن نبيعه (وعنه أيضًا) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ابتاع طعامًا (زاد في رواية بكيل أو وزن) فلا يبعه حتى يستوفيه (11) (عن سالم عن أبيه) (12) أنهم كانوا يضربون على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (13) إذا اشتروا طعامًا جزافا (14) أن يبيعوه في مكانه حتى

_ رجل الخ (1) أي إشارة إلى تنفيذ البيع وكان من عادة العرب أن يضرب البائع على يد المشتري، إشارة إلى الإيجاب (2) أي لا تبعه وهو في حوزة من باعك إياه حتى تحوزه إلى رحلك (3) يعني نهى عن بيع السلعة حتى تقبض (وقوله فأمسكت يدي) يعني عن البيع (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات (4) (سنده) حدثنا أبو بكر الحنفي ثنا الضحاك بن عثمان حدثني بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار الخ (غريبه) (5) الصكاك (بكسر الصاد) جمع صك (بفتحها) وهو الورقة المكتوبة بدين، ويجمع أيضًا على صكوك (بضم الصاد)، وذلك أن الأمراء كانوا يكتبون للناس بأرزاقهم وأعطيتهم كتبًا فيبيعون ما فيها قبل أن يقبضوها تعجلًا ويعطون على الاثم وهو المراد هنا ومعنى قوله (ما لا يتحرك) أي من لا يهتم بالخروج على الاثم وهم ضعفاء الإيمان (تخريجه) (م. وغيره) (7) (سنده) حدثنا إسحاق أنا مالك عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (8) أي نشتريه ونريد أن نبيعه قبل تسلمه من البائع (9) (أي الذي اشتريناه فيه فينقله يخرج من حيازة البائع إلى حيازة المشتري وحينئذ يجوز للمشتري بيعه لأنه قبضه وتسلمه (تخريجه) (م والإمامان وغيرهم) (10) (سنده) حدثنا إسحاق بن عيسى أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) أي حتى يقبضه وافيًا كاملًا كيلًا أو وزنًا (تخريجه) (ق. والإمامان. وغيرهم) (12) (سنده) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه (يعني عبد الله بن عمر) أنهم كانوا يضربون الخ (غريبه) (13) إنما كان يضرب من تمرد وخالف أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه دلالة على أن ولي الأمر يعزر من تعاطى بيعًا فاسدًا ويعزره بالضرب وغيره مما يراه من العقوبات البدنية (14) الجزاف بكسير الجيم وضمها وفتحها ثلاث لغات، الكسر أفصح وأشهر، وهو البيع بلا كيل ولا وزن ولا تقدير، قال في النهاية الجزاف المجهول القدر مكيلًا كان أو موزونًا اهـ (وقوله أن يبيعوه الخ) أي كراهة أن يبيعوه في مكان أو لئلا يبيعوه فيه، ففيه حذف لا، كما في وقله تعالى (يبين الله لكم أن تضلوا) (تخريجه) (ق وغيرهما)

-[الأمر بكيل المبيع ووزنه إذ اشتراه بكيل أو وزن]- يؤووه إلى رحالهم* (عن نافع عن عبد الله بن عمر) (1) قال كانوا يتبايعون الطعام جزافًا أعلى السوق (2) فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه حتى ينقلوه* (عن طاوس) (3) عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع الرجل طعامًا حتى يستوفيه، قال فقلت له كيف ذلك (4)؟ قال ذلك دراهم بدراهم والطعام مرجأ (وعنه من طريق ثان) (5) قال سمعت ابن عباس قال أما الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباع حتى يقبض فالطعام، وقال ابن عباس برأيه ولا أحسب كل شيء إلا مثله (6) (باب الأمر بالكيل والوزن والنهي عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان) (عن عثمان بن عفان) (7) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له يا عثمان إذا اشتريت فاكتل وإذا بعت فكل (8)

_ (1) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد حدثني عبيد الله أخبرني نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما الخ (غريبه) (2) أي نهاية السوق داخل البلد (وقوله حتى ينقلوه) يعني إلى منازلهم (تخريجه) (ق د نس) وفي أحاديث ابن عمر المذكورة في هذا الباب دلالة على أنه لا يجوز لمن اشترى طعامًا أن يبيعه حتى يقبضه من غير فرق بين الجزاف وغيره من المكيل والموزون، وإلى هذا ذهب الجمهور، وحكى الحافظ عن مالك في المشهور عنه الفرق بين الجزاف وغيره فأجاز بيع الجزاف قبل قبضه، وبه قال الأوزاعي وإسحاق (3) (سنده) حدثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس رضي الله عنهما الخ (غريبه) (4) أي ما العلة في النهي عن بيع الطعام قبل قبضه؟ (قال ذلك دراهم بدراهم والطعام مرجأ) أي مؤخر فالطعام مبتدأ ومرجأ بضم الميم وسكون الراء خبره والجملة حال، يريد أنه إذا باعه المشتري قبل القبض وتأخر المبيع في يد البائع فكأنه باع دراهم بدراهم متفاضلة وهذا لا يجوز لأنه ربا، وقال ابن التين قول ابن عباس دراهم بدراهم تأوله علماء السلف، وهو أن يشتري منه طعامًا بمائة إلى أجل ويبيعه منه (أو من غيره) قبل قبضه بمائة وعشرين وهو غير جائز، لأنه في التقدير بيع دراهم بدراهم والطعام مؤجل غائب، وقيل معناه أن يبيعه من آخر ويحيله به والله أعلم (5) (سنده) حدثنا سفيان عن عمرو عن طاوس قال سمعت ابن عباس قال أما النهي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) معناه أن ابن عباس يرى أن غير الطعام مثله في تحريم بيعه قبل قبضه، وإنما خص الطعام بالذكر في الحديث للاهتمام به لكونه قوتًا محتاجًا إليه، وإلى قول ابن عباس ذهب الشافعي فقال لا يصح بيع المبيع قبل قبضه سواء كان طعامًا أو عقارًا أو منقولًا أو نقدًا أو غيره وللعلماء خلاف في ذلك، انظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 158 في الجزء الثاني (7) (سنده) حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عبد الله بن لهيعة ثنا موسى بن وردان قال سمعت سعيد بن المسيب يقول سمعت عثمان بن عفان يخطب على المنبر وهو يقول كنت أتباع التمر من بطن من اليهود يقال لهم بنو قينقاع فأبيعه بربح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عثمان إذا اشتريت الخ (غريبه) (8) فيه الأمر بكيل المبيع عند الشراء وعند البيع ويؤيده حديث جابر عند (جه هق قط) بلفظ (نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الطعام حتى يجري فيه الصاعان صاع البائع وصاع المشتري) وفسره العلماء بما إذا كان الشراء مكايلة، أما إذا كان جزافًا فلا يعتبر الكيل المذكور عند بيع المشترى إياه (تخريجه) (عب هق) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده حسن، قال ورواه ابن ماجه باختصار اهـ (قلت) ورواه

-[التسامح في البيع والشراء وقوله صلى الله عليه وسلم كيلو طعامكم يبارك لكم فيه]- (عن سويد بن قيس) (1) قال جلبت أنا ومخرمة العبدي ثيابًا من هجر (2) قال فأتانا ر سول الله صلى الله عليه وسلم فساومنا في سراويل (3) وعندنا وزان يزنون بالأجرة فقال للوزان زن وأرجح (4) (عن مالك أبو صفوان) (5) بن عميرة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رِجل (6) سراويل الهجرة فأرجح لي (عن المقدام بن معد يكرب) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيلوا طعامكم (8) يبارك لكم فيه (عن أبي أيوب الأنصاري) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (باب النهي عن تلقي الركبان وأن تبيع حاضر لباد) * (عن ابن عمر) (10) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن يتلقى الركبان (11) أو يبيع حاضر (12) لباد*

_ (فع ش هق) عن الحسن مرسلًا، قال البيهقي روي موصولًا من أوجه إذا ضم بعضها إلى بعض قوى (1) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن سماك عن سويد بن قيس الخ (غريبه) (2) هجر بفتحتين اسم بلد معروف بالبحرين وهو مذكر مصروف (3) بوزن مصابيح غير مصروف على الأرجح، وهو اسم ثوب يستعمل الآن بدل الإزار عند العرب (4) أي زن لهم الثمن وزدهم شيئًا وهذا من تسامحه صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (جه هق) وسنده جيد (5) (سنده) حدثنا حجاج ثنا شعبة عن سماك عن مالك أبي صفوان الخ (غريبه) (6) بكسر أوله وسكون ثانيه، قال في النهاية هذا كما يقال اشتري زوج خف وزوج نعل، وإنما هما زوجان يريد رجلي سراويل، لأن السراويل من لباس الرجلين، وبعضهم يسمى السراويل رِجلًا (تخريجه) (جه هق) وسنده جيد* (7) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بم مهدي عن انب المبارك عن ثوبان عن خالد بن معدان عن المقدام بن معد يكرب الخ (غريبه) (8) أي عند البيع وخروجه من مخزنه (وقوله يبارك لكم فيه) بالجزم جواب الأمر أن يحصل فيه البركة وهي الخير والنمو بنفي الجهالة عنه وبامتثال أمر النبي صلى الله عليه وسلم (قال ابن الجوزي) وغيره وهذه البركة يحتمل كونها للتسمية عليه وكونها لما بورك في مد أهل المدينة بدعوته صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (خ جه هق) * (9) (سنده) حدثنا حيوة بن شريح ثنا بقية حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معد يكرب عن أبي أيوب الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كيلوا طعامكم يبارك لكم فيه (تخريجه) (جه) وهذا الحديث روايه صحابي عن صحابي وهو من مسند أبي أيوب والذي قبله من مسند المقدام بن معد يكرب (باب) (10) (سنده) حدثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن مسلم الخياط عن ابن عمر الخ (غريبه) (11) الركبان جمع راكب، والمراد قافلة التجار الذين يجلبون الأرزاق والبضائع، وذكر الركبان خرج مخرج الغالب في أن من يجلب الطعام يكونون عددًا ركبانًا، ولا مفهوم له بل لو كان الجالب عددًا مشاة أو واحدًا راكبًا أو ماشياَ يختلف الحكم، ونهى عن تلقيهم قبل دخولهم البلد أو السوق لأن من تلقاهم يكذب في سعر البلد ويشتري بأقل من ثمن المثل ويخبرهم بكثرة المؤنة عليهم في الدخول، أو يخبرهم بكساد ما معهم ليغبنهم وهو تعزيز محرم (12) الحاضر ساكن الحضر أي البلد، والباد ساكن البادية ويلحق به القروي أي ساكن القرية، ومعناه أن يجيء البدوي أو القروي بطعام أو غيره إلى بلد ليبيعه بسعر يومه ويرجع فيتوكل البلدي عنه ليبيعه بالسعر الغالي على التدريج، قال في المرقاة وهو حرام عند الشافعي ومكروه عند أبي حنيفة، وغنما نهى عنه لأن فيه سد باب المرافق على ذوي البياعات اهـ (وليس هذا آخر

-[النهي عن تلقي السلع حتى تدخل الأسواق وعن بيع الحاضر للباد]- (وعنه أيضًا) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن تلقي السلع (2) حتى يهبط بها (وفي لفظ حتى تدخل) الأسواق (3) * (عنه نافع عن ابن عمر) (4) قال حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبعث عليهم إذا ابتاعوا من الركبان الأطعمة من يمنعهم أن يتبايعوها (5) حتى يؤووها إلى رحالهم* (عن أبي هريرة) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستام (7) الرجل على سوم أخيه ولا يبع حاضر لباد، دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض (8) ولا تشترط امرأة طلاق أختها (9) (عن جابر بن عبد الله) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض* (عن ط لحة بن عبيد الله) (11) من حديث طويل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يبيع حاضر لباد*

_ الحديث) وبقيته ولا يخطب أحكم على خطبة أخيه حتى ينكح أو يدع، ولا صلاة بعد العصر حتى تغيب الشمس، ولا بعد الصبح حتى ترتفع الشمس أو تضحى: وتقدم الكلام على ذلك في باب النهي عن الصلاة بعد صلاتي الصبح والعصر صحيفة 290 في الجزء الثاني وسيأتي الكلام في الخطبة على الخطبة في بابه من كتاب النكاح إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق. وغيرهما) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد* (1) (سنده) حدثنا عبد الرحمن ثنا مالك عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) بكسر المهملة وفتح اللام جمع سلعة كسِدرة وسِدَر وهي البضائع (3) في هذا الحديث بيان محل النهي وهو ما كان قبل دخول السوق خوفًا من التعزير به في السعر، فإذا دخل السوق فلا محل للنهي (وليس هذا آخر الحديث) وبقيته (ونهى عن النجش وقال لا يبيع بعضكم على بيع بعض، وكان إذا عجِل به السير جمع بين المغرب والعشاء) وتقدم الكلام على ذلك في بابه صفحة 122 في الجزء الخامس، وسيأتي شرح بقية الحديث في الباب التالي (تخريجه) (ق د نس جه) * (4) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحق حدثني نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (5) معناه أن يبيعوها كما صرح بذلك في رواية البخاري (تخريجه) (خ هق) وقال البيهقي في هذا دلالة على صحة الابتياع من الركبان، وإنما منعوا من بيعه بعد القبض حتى ينقلوه إلى سوق الطعام لئلا يغالوا هناك على من يُقدّر أنه في ذلك الموقع أرخص والله أعلم (6) (سنده) حدثنا أسود بن عامر أنا أبو بكر عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غيره) (7) سيأتي تفسير السوم في الباب التالي (8) أي ارتكوهم ليبيعوا متاعهم رخيصًا (9) معناه أن يخطب الرجل امرأة وله زوجة أخرى فتشترط المخطوبة أن يطلق زوجته لتنفرد به (وقوله أختها) يعني في الإسلام (تخريجه) (ق والاربعة وغيرهم) (10) (سنده) حدثنا سفيان بن عيينة ثنا أبو الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م. والأربعة وغيرهم) (11) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحق ثنا سالم بن أبي أمية أبو النضر قال جلس إليَّ شيخ من بني تميم في مسجد البصرة ومعه صحيفة له في يده قال وفي زمان الحجاج، فقال لي يا عبد الله أترى هذا الكتاب مغنيًا عن شيئًا عند هذا السلطان؟ قال فقلت وما هذا الكتاب؟ قال هذا كتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم كتبه لنا أن لا يتعدى علينا في صدقاتنا، قال فقلت لا والله ما أظن أن يغني عنك شيئًا، وكيف كان شأن هذا الكتاب؟ قال قدمت المدينة مع أبي وأنا غلام شاب بإبل لنا نبيعها وكان أبي صديقًا لطلحة بن عبيد الله التميمي فنزلنا عليه فقال له أبي اخرج معي فبع لي إبلي هذه، فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم

-[إذا وقع البيع قبل دخول السوق فصاحب السلعة بالخيار عند دخولها]- (عن سمرة بن جندب) (1) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تتلقى الأجبال (2) حتى تبلغ الأسواق أو يبيع حاضر لباد (3) * (عن أبي هريرة) (4) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتلقى الجلب فإن ابتاع مبتاع (5) فصاحب السلعة بالخيار إذا وردت السوق* (عن طاوس عن ابن عباس) (6) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتلقى الركبان وأن يبيع حاضر لباد، وقال قلت لابن عباس ما قوله حاضر لباد؟ قال لا يكون سمسارًا (7) (باب النهي عن بيع النجش (8) وعن بيع الرجل على بيع أخيه إلا في المزايدة) * (عن أبي هريرة) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع حاضر لباد أو يتناجشوا (10)

_ قد نهى أن يبيع حاضر لباد ولكن سأخرج معك فاجلس وتعرضُ إبلك فإذا رضيت من رجل وفاء وصدقا فمن سارمك أمرتك ببيعه، قال فخرجنا إلى السوق فوقفنا ظهرنا وجلس طلحة قريبًا فساومنا الرجال حتى إذا أعطانا رجل ما نرضى قال له أبي أبايعه؟ قال نعم رضيت لكم وفاءه فبايعوه، فبايعناه فلما قبضنا مالنا وفرغنا من حاجتنا قال أبي لطلحة خذ لنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابًا أن لا يُتعدى علينا في صدقاتنا، قال فقال هذا لكم ولكل مسلم، قال على ذلك إني أحب أن يكون عندي من رسول الله صلى الله عليه وسلم كتاب، فخرج حتى جاء بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن هذا الرجل من أهل البادية صديق لنا وقد أحب أن تكتب له كتابًا لا يُتعدى عليه في صدقته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا له ولكل مسلم، قال يا رسول الله إني قد أحب أن يكون عندي منك كتاب على ذلك: قال فكتب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الكتاب اهـ وقد جاء هذا الحديث آخر مسند طلحة بن عبيد الله، وقد أثبته في الشرح بتمامه محافظة على ما في الأصل وأثبت منه الجزء الخاص بترجمة الباب في المتن مراعاة للاختصار والله الموفق (تخريجه) (د هق) باختصار القصة وسنده جيد* (1) (سنده) حدثنا علي بن عبد الله ثنا معاذ حدثني أبي عن مطر عن الحسن عن سمرة الخ (غريبه) (2) جمع جلب والمراد السلع المجلوبة إلى البلد للبيع (3) يتناوله النهي أيضًا والمعنى ونهى أن يبيع حاضر لباد (تخريجه) أو رده الهيثمي وقال رواه (حم طب طس بز) ورجال أحمد رجال الصحيح* (4) (سنده) حدثنا أحمد بن عبد الملك قال ثنا عبيدي الله ابن عمرو عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة الخ (غريبه) (5) معناه أن الرجل إذا تلقى السلعة فاشتراها فالبيع جائز غير أن لصاحب السلعة بعد أن يقدم السوق الخيار، قال في المرقاة والحديث دليل لصحة البيع إذا الفاسد لا خيار فيه (تخريجه) (م. د هق) * (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس الخ (غريبه) (7) السمسار هو متولي البيع والشراء لغيره بأن يدخل بين البائع والمشتري متوسطًا لا مضاء البيع بالأجرة وهو غير الدلال الذي ينادي في الأسواق بطلب المزيد في بيع المزايدة (تخريجه) (ق د نس جه هق) (باب) (8) النجش بسكون الجيم هو أن يمدح السلعة لينفقها ويروجها أو يزيد في ثمنها وهو لا يريد شراءها ليقع غيره فيها (9) سنده (سنده) حدثنا سفيان ثنا الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة الخ (غريبه) (10) تقدم الكلام على تفسير النجش، وبيع الحاضر تقدم الكلام عليه في الباب السابق، وليس هذا آخر الحديث (وبقيته) أو يخطب الرجل على خطبة أخيه أو يبيع على بيع أخيه، ولا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ ما في صفحتها أو إناثها ولتنكح فإنما رزقها على الله اهـ وسيأتي شرح البيع على البيع والخطبة

-[النهي عن بيع النجش وعن بيع الرجل على بيع أخيه وحكم بيع المزايدة]- * (وعنه أيضًا) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تبايعوا بالحصاة (2) ولا تناجشوا ولا تبايعوا بالملامسة (عن أبي سعيد الخدري) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسمل نهى عن استئجار الأخير حتى يبين أجره، وعن النجش واللمس (4) وإلقاء الحجر (عن ابن عمر) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يبع أحدكم على بيع أخيه (6) ولا يخطب على خطبة أخيه إلا أن يأذن له (7) (عن عبد الرحمن بن شماسة التجيبي) (8) قال سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول وهو على منبر مصر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل لامرئ يبيع على بيع أخيه حتى يذره (9) (عن زيد بن أسلم) (10) قال سمعت رجلًا سأل عبد الله بن عمر عن بيع المزايدة فقال ابن عمر نهى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن يبيع أحدكم على بيع أخيه إلا الغنائم والمواريث (11)

_ على الخطبة في حديث ابن عمر الآتي بعد حديثين وسيأتي الحديث بتمامه في باب الشروط في النكاح إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق وغيرهما). (1) (سنده) حدثنا روح بن عبادة قال ثنا شعبة قال ثنا يسار عن الشعبي عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) بيع الحصاة تقدم شرحه في آخر بيع الغرر، وبيع الملامسة تقدم شرحه أيضًا في بابه عقب بيع الغرر: وليس هذا آخر الحديث (وبقيته) ومن اشترى منكم مُحَفلة فكرهها فيردها وليرد معها صاعًا من طعام، وسيأتي شرح المحفلة والكلام عليها في باب ما جاء في المصرّاة (تخريجه) (م، والأربعة وغيرهم). (3) (سنده) حدثنا سريج عن حماد بن إبراهيم عن أبي سعيد الخ (غريبه) (4) اللمس هو بيع الملامسة: وإلقاء الحجر هو بيع الحصاة وتقدم شرحهما كما أشرنا إلى ذلك في شرح الحديث السابق وسيأتي الكلام على استئجار الأجير في أول أبواب الإجارة إن شاء الله تعالى (تخريجه) (هق عب) وأخرجه أيضًا إسحاق في مسنده وأبو داود في المراسيل والنسائي في المزارعة غير مرفوع: وأورده الهيثمي وقال رجال أحمد رجال الصحيح إلا أن إبراهيم النخعي لم يسمع من أبي سعيد فيما أحسب. (5) (سنده) حدثنا يحيى عن عبيد الله حدثني نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (6) صورة هذا البيع أن يقول لمن اشترى سلعة في زمن الخيار افسخ لأبيعك سلعة عندي بأنقص أو يقول للبائع افسخ لأشتري منك بأزيد، وهو مجمع على تحريمه، وظاهر التقييد بأخيه أن يختص ذلك بالمسلم، وبه قال الأوزاعي وأبو عبيد من الشافعية محتجين بما رواه مسلم عن أبي هريرة مرفوعًا بلفظ (لا يسوم المسلم على سوم المسلم) وقال الجمهور لا فرق بين المسلم والذمي، وذكر الأخر خرج مخرج الغالب فلا مفهوم له (7) الظاهر أنه استثناء من الحكمين كما هو قاعدة الشافعي، وسيأتي الكلام في الخطبة على الخطبة في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى، انظر أحكام هذا الباب في القول الحسن صحيفة 155 في الجزء الثاني (تخريجه) (ق نس جز قط والإمامان) * (8) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني يزيد بن أبي حبيب المصري عن عبد الرحمن بن شماسة التجيبي الخ (غريبه) (9) أي حتى يتركه المشتري من تلقاء نفسه (تخريجه) (م هق) * (10) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا عبيد الله بن أبي جعفر عن زيد بن أسلم الخ (غريبه) (11) ظاهره أن بيع المزايدة لا يجوز إلا في الغنائم والمواريث، قال الحافظ وكأنه خرج على الغالب فيما يعتاد فيه البيع مزايدة وهي الغنائم والمواريث

-[بيع الرقيق وكراهة التفريق بين ذوي المحارم بالبيع]- (عن أبي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستام (2) الرجل على سوم أخيه (3) (عن أنس بن مالك) (4) أن النبي صلى الله عليه وسلم باع قدحًا (5) وحِلسا فيمن يزيد (عن سمرة بن جندب) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه أو يبتاع على بيع أخيه (باب بيع الرقيق وكراهة التفريق بين ذوي المحارم) (عن أبي أيوب الأنصاري) (7) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من فرق بين الولد ووالده (8) في البيع فرق الله عز وجل بينه وبين أحبته يوم القيامة

_ ويلتحق بهما غيرهما للاشتراك في الحكم، وقد أخذ بظاهره الأوزاعي وإسحاق فخصا الجواز ببيع المغانم والمواريث، وعن إبراهيم النخعي أنه كره بيع من يزيد (تخريجه) (خز قط وابن الجارود) وأورده الهيثمي وقال هو في الصحي خلا قوله إلا الغنائم والمواريث رواه (حم طس) وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (1) (سنده) حدثنا أسود بن عامر أنا أبو بكر عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تناجشو ولا تدابروا ولا تنافسوا ولا تحامدوا ولا تباغضوا ولا يستام الرجل الخ (غريبه) (2) المساومة المجاذبة بين البائع والمشتري على السلعة وفصل ثمنها، والمنهي عنه أن يتساوم المبتياعان في السلعة ويتقارب الانعقاد فيجيء رجل آخر يريد أن يشتري تلك السلعة ويخرجها من يد المشتري الأول بزيادة على ما استقر الأمر عليه بين المتساومين ورضيا به قبل الانعقاد، فذلك ممنوع عند المقاربة لما فيه من الإفساد: ومباح في أول العرض والمساومة (نه) (3) ليس هذا آخر الحديث وسيأتي بتمامه في باب الثمانيات من أبواب الترهيب في خصال معدودة في قسم الترهيب (تخريجه) (ق وغيرهما) بألفاظ مختلف* (4) حدثنا معتمر قال سمعت الأخضر بن عجلان عن أبي بكر الحنفي عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (5) القدح بفتحتين إناء يصلح للأكل والشرب منه (والحلس) بكسر الحاء مهملة وسكون اللام كساء رقيق يكون تحت برذعة البعير قاله الجوهري، والحلس أيضًا البساط ومنه حديث كن حِلس بيتك حتى يأتيك يد خاطئة أو ميتة قاضية (نه) وقضيته أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم صدقة فقال ليس لي إلا حلس وقدح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعهما وكل ثمنهما ثم إذا لم يكن لك شيء فسل الصدقة فباعهما صلى الله علهي وسلم كذا في المرقاة (وفي قوله فيمن يزيد) دلالة على جواز بيع المزايدة على الصفة التي فعلها النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (الثلاثة) وغيرهم وحسنه الترمذي وقال لا نعرفه إلا من حديث الأخضر بن عجلان عن أبي بكر الحنفي اهـ (قلت) الأخضر بن عجلان قال ابن معين صالح وقال الحافظ في التقريب حسن صدوق اهـ (قلت) ورواه أيضًا الإمام أحمد من طريق ثان أطول من هذا عن أنس أيضًا وتقدم بطوله وسنده وشرحه في باب ما جاء في الفقير والمسكين من كتاب الزكاة في الجزء التاسع رقم 93 صحيفة 52 (فارجع إليه ففيه كلام نفيس والله الموفق* (6) (سنده) حدثنا سليمان أبو داود الطيالسي ثنا عمران عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب الخ (تخريجه) أخرجه أبو داود الطيالسي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه عمران بن داود القطان وثقه أبو حاتم وابن حبان وضعفه أبو داود وغيره وبقية رجاله رجال الصحيح (باب) (7) (سنده) حدثنا يحيى ثنا رشدين حدثني حيى بن عبد الله رجل من يحصب عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن أبي أيوب الأنصاري الخ (غريبه) (8) جاء في المستدرك للحاكم بلفظ (من فرّق بين والدة وولدها) والكل صحيح، والمعنى أن من فرق بين الولد وأحد والديه بما يزيل الملك بنحو هبة أو بيع قبل بلوغ الولد سواء كان

-[قصة الأعرابي مع النبي صلى الله عليه وسلم في بيع فرسه]- (عن علي رضي الله عنه) (1) قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع غلامين أخوين فبعتهما ففرقت بينهما فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أدركهما فأرجعهما ولا تبعهما إلا جمعًا (باب البيع بغير إشهاد وفيه منقبة عظيمة لخزيمة بن ثابت رضي الله عنه) * (حدثنا أبو اليمان) ثنا شعيب عن الزهري حدثني عمارة بن خزيمة الأنصاري أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاع فرسًا من أعرابي (2) فاستتبعه النبي صلى الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه، فأسرع النبي صلى الله عليه وسلم المشي وأبطأ الأعرابي، فطفق (3) رجال يعترضون الأعرابي فيساومون (4) بالفرس لا يشعرون (5) أن النبي صلى الله عليه وسلم ابتاعه حتى زاد بعضهم الأعرابي في السوم على ثمن الفرس الذي ابتاعه به النبي صلى الله عليه وسلم فنادى الأعرابي فقال إن كنت مبتاعًا هذا الفرس فابتعه وإلا بعته فقام النبي صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الأعرابي فقال أوليس قد ابتعته منك؟ قال الأعرابي لا والله ما بعتك (6) فقال النبي صلى الله عليه وسلم بلى قد ابتعته منك فطفق الناس يلوذون بالنبي صلى الله عليه وسلم والأعرابي وهما يتراجعان، فطفق الأعرابي يقول لهلم (7) شهيدًا يشهد أني بايعتك، فمن جاء من

_ ذكرًا أم أنثى فرق الله بينه وبين أحبته يوم القيامة جزاءًا وفاقا (تخريجه) (مذ ك قط) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي. (1) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة يعني ابن أبي عروبة عن الحكم بن عتبة عن عبد الرحمخن بن أبي ليلى عن علي بن أبي طالب الخ (تخريجه) (د ك) وقال هذا حديث غريب صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه اهـ قلت وأقره الذهبي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، قال ولعليَّ عند أبي داود أن النبي صلى الله علهي وسلم وبهمهما له وأنه باع أحدهما اهـ (قلت) وقد وثق الحافظ رجال حديث علي عند الإمام أحمد قال وقد صححه ابن خزيمة وابن الجارود وابن حبان والحاكم والطبراني وابن القطان (باب) (حدثنا أبو اليمان) (غريبه) (2) قيل في هذا الأعرابي أنه سواء ابن الحارث المحاربي كما صرح بذلك في رواية للحاكم في المستدرك، (وقوله فاستتبعه) السين للطلب أي أمره أن يتبعه إلى مكانه، وفيه جواز شراء السلعة وإن لم يكن الثمن حاضرًا، وجواز تأجيل البائع بالثمن إلى أن يأتي إلى منزله (3) بكسر الفاء على اللغة المشهورة وبفتحها على اللغة القليلة، أي أخذ رجال يعترضون الأعرابي الخ (4) تقدم معنى المساومة في الباب السابق، والباء في قوله (بالفرس) زائدة في المفعول لأن المساومة تتعدى بنفسها تقول، سميت الشيء (5) أي لا يعلمون باستقرار البيع، والنهي عن السوم بعد استقرار البيع إنما يتعلق بمن علم، لأن العلم شرط التكليف (6) قيل إنما أنكر هذا الرجل البيع وحلف على ذلك لأن بعض المنافقين كان حاضرًا فأمره بذلك وأعلمه أن البيع لم يقع صحيحًا وأنه لا إثم عليه في الحلف على أنه باعه فاعتقد صحة كلامه لأنه لم يظهر له نفاقه ولو علمه لما اغتر به، وهذا وإن كان هو اللائق بحال من كان صحابيًا ولكن لا مانع من أن يقع مثل ذلك من الذين لم يدخل حب الإيمان في قلوبهم، وغير مستنكر أن يوجد في زمان الزمان من يؤثر العاجلة فإنه قد كان بهذه المئابة جماعة منهم كما قال تعالى (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة) والله أعلم (7) بضم اللام وبناء آخره على الفتح لأنه اسم فعل وشهيدًا منصوب به وهو فعيل

-[منقبة لخزيمة بن ثابت الأنصاري- وما جاء في اشتراط منفعة المبيع]- المسلمين قال للأعرابي ويلك، النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن ليقول إلا حقًا، حتى جاء خزيمة فاستمع لمراجعة النبي صلى الله عليه وسلم ومراجعة الأعرابي، فطفق الأعرابي يقول هلم شهيدًا يشهد أني بايعتك، قال خزيمة أنا أشهد أنك قد بايعته، فأقبل النبي صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال بم تشهد (1)، فقال بتصديقك يا رسول الله، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة بشهادة رجلين (أبواب الشروط في البيع) (باب) اشتراط منفعة المبيع وما في معناه) * (عن جابر بن عبد الله) (2) قال كنت أسير على جمل لي فأعيا (3) فأردت أن أسيبه (4) قال فلحقني رسول الله صلى الله عليه وسلم فضربه برجله ودعا له فسار سيرًا لم يسر مثله (5) وقال بعنيه بوقية (6) فكرهت أن أبيعه (7)، قال بعنيه فبعته منه واشترطت حُملانه (8) إلى أهلي، فلما قدمنا أتيته بالجمل فقال ظننت حين ما كستك (9) أن اذهب بحملك، خذ جملك وثمنه همًا لك (10) * (خط وعنه أيضًا) (11) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من باع عبدًا وله مال (12) فله ماله وعليه دينه إلا أن يشترط المبتاع (13) (باب صحة العقد مع الشرط الفاسد)

_ بمعنى فاعل أي هلم شاهدًا (1) أي بأي شيء تشهد على ذلك ولم تك حاضرًا؟ فقال بتصديقك) أي لعلمي أنك لا تقول إلا حقًا وقد أوجب الله علينا تصديقك في كل ما جئت به (تخريجه) (د نس ك) وسكت عنه أبو داود والمنذري ورجاله ثقات، وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب اشتراط منفعة المبيع الخ) * (2) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن زكريا حدثني عامر عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (3) الإعياء التعب والعجز عن السير (4) معناه أردت أن أتركه حتى يقوى (5) فيه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم (6) بفتح الواو وكسر القاف قال النووي وهي لغة صحيحة ويقال أوقية (بضم الهمزة) وهي أشهر قال وفيه أنه لا باس بطلب البيع من مالك السلعة وإن لم يعرضها للبيع (7) في رواية لمسلم) فاستحييت ولم يكن لنا ناصح (8) بضم الحاء المهملة أي الحمل عليه (وفي رواية لمسلم) فبعته إياه على أن لي فقار ظهره حتى أبلغ المدينة (9) قال أهل اللغة المماسكة هي المكالمة في النقص من الثمن وأصلها النقص والمراد هنا الإشارة إلى ما وقع بينهما من المساومة عند البيع ومعنى قوله (أن اذهب بجملك) أي أتملكه بالشراء فلا يرد عليك وأنت محتاج إليه (10) فيه دلالة ظاهرة على كرم النبي صلى الله عليه وسلم وسخائه وعطفه على الفقير لأن جابرًا في ذاك الوقت كان فقيرًا لا يملك سوى جمله (تخريجه) (ق. وغيرهما) مطولًا ومختصرًا وله طرق كثيرة سيأتي بعضها بأطول من هذا في مناقب جابر من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (11) (خط: سنده) حدثنا عبد الله قال وجدت في كتاب أبي أنا الحكم بن موسى قال عبد الله وحدثناه الحكم بن موسى ثنا يحيى بن حمزة عن أبي وهب عن سليمان بن موسى أن نافعًا حدثه عن عبد الله بن عمر (ح) وعطاء بن أبي رباح عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (12) إضافة المال إلى العبد إضافة مجازية عند غالب العلماء كإضافة الجُلّ إلى الفرس لأن العبد لا يملك، ولذلك أضيف المال إلى البائع في قوله (وله ماله) أي فللبائع مال العبد، وقيل المال للعبد لكن للسيد حق النزع منه (13) المبتاع هو المشتري كما صرح بذلك في رواية للبيهقي (تخريجه) (هق) وأورده الهيثمي وقال هو في الصحيح من حديث ابن عمر مختصرًا: ثم قال رواه أحمد وفيه سليمان بن موسى الدمشقي وهو ثقة وفيه كلام اهـ (قلت) هذا الحديث وجده عبد الله بن الإمام أحمد في المسند بخط أبيه ولم يسمعه منه، وسمعه من الحكم بن موسى من طريقين أحدهما عن نافع عن ابن عمر: والثاني عن عطاء بن أبي رباح عن جابر كما يستفاد من السند والله أعلم * (باب)

-[صحة العقد مع الشرط الفاسد والنهي عن الخداع في البيع]- (فيه حديث عائشة) (1) حينما اشترت بريرة لتعتقها واشترط أهلها أن يكون ولاؤها لهم فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم اشتريها فأعتقيها فإنما الولاء لمن اعتق (باب شرط السلامة من الغبن والخداع في البيع) * (عن نافع عن ابن عمر) (2) قال كان رجل من الأنصار (3) (وفي لفظ من قريش) لا يزال يغبن (4) في البيوع وكان في لسانه لوثة (5) فشكا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يلقى من الغبن، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنت بايعت فقل لا خلابة (6)، قال يقول ابن عمر فوالله لكأني أسمعه يبايع ويقول لا خلابة يلجلج بلسانه * (عن أنس بن مالك) (7) أن رجلًا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبتاع وفي عُقدته (8) يعني عقله ضعف فأتى أهله النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا نبي الله أحجر على فلان فنه يبتاع وفي عقدته ضعف فدعاه نبي الله صلى الله عليه وسلم فنهاه عن البيع، فقال يا نبي الله إني لا أصبر عن البيع، فقال صلى الله عليه وسلم إن كنت غير تارك البيع فقل هوها (9) ولا خلابة ولاها لا خلابة * (حدثنا عبد الوهاب) (10) بن عبد المجيد الثقفي عن أيوب عن محمد فذكر قصة فيها قال فلما قدم خُير عبد الله بين ثلاثين ألفًا وبين آنية من فضة قال فاختار الآنية، قال فقدم

_ (1) (حديث عائشة المشار إليه) تقدم من طريقين بسنده وشرحه وتخريجه في آخر كتاب العتق في باب ولاء المعتق ولمن يكون في الجزء 14 رقم 65 صحيفة 162 فارجع إليه (باب) * (2) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (3) صحح النووي أنه منقذ (بكسر القاف) ابن عمرو الصحابي الأنصاري (4) أن يخدع والخديعة إرادة المكروه بالشخص من حيث لا يعلم، وذلك غير جائز، ولذلك نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن مثله (5) بضم اللام وفتح المثلثة أي ضعف في رأيه وتلجلج في كلامه (6) بكسر المعجمة وتخفيف اللام أي لا خديعة: ولا لنفي الجنس أي لا خديعة في لدين، لأن الدين النصيحة (زاد الحميدي في مسنده) بسند جيد عن ابن عمر أيضًا بعد قوله لا خلابة (ثم أنت بالخيار ثلاثًا) (تخريجه) (ق. وغيرهما) * (7) (سنده) حدثنا عبد الوهاب أنا سعيد عن قتادة عن أنس الخ (غريبه) (8) العقدة فسرها الراوي بالعقل، وفي التلخيص العقدة الرأي وقيل هي العقدة في اللسان كما يشعر بذلك حديث ابن عمر السابق: وعن ابن عمر عند مسلم أنه كان يقول لا خيابة بإبدال اللام ياءًا تحتية، ويدل على ذلك قوله تعالى (واحلل عقدة من لساني) ولا مانع من كونه كان في عقله ضعف وفي لسانه عقدة (9) هكذا جاء في الأصل (فقل هوها ولا خلابة ولاها لا خلابة) ولم أجده بهذا اللفظ في غير مسند الإمام أحمد، وقد جاء عند الترمذي بلفظ (قل هاء وهاء ولا خلابة) بالمد مهموز، وجاء عند أبي داود بلفظ (قل ها وها ولا خلابة) بالقصر بغير همز (قال النووي) وفيه لغتان المد والقصر، والمد أفصح وأشهر، وأصله هاك فأبدلت الكاف من المد، ومعناه خذ هذا ويقول صاحبه مثله اهـ وفي النهاية هو أن يقول كل واحد من البيعين فيعطيه ما في يده، وقيل معناه هاك وهات أي خذ وأعط اهـ (قلت) ولعل ما جاء في المسند قد دخله تحريف من الناسخ والله أعلم. انظر أحكام هذا البيع في كتابي القول الحسن صحيفة 160 في الجزء الثاني (10) (حدثنا عبد الوهاب الخ) هذا الحديث وجدته في مسند أبي بكرة فنقلته كما في الأصل بنصه وحروفه وفيه اقتضاب وإبهام يظهر في قوله (فذكر قصة فيها قال فلما خُير عبد الله الخ) فإنه لم يذكر القصة ولم يبين من القادم ولا من هو

-[ما جاء في خيار المجلس وأن الكذب والغش في البيع يمحقان البركة والصدق فيهما يزيد بركتهما]- تجار من دارين فباعهم إياها العشرة ثلاث عشرة ثم لقي أبا بكرة رضى الله عنه فقال ألم تر كيف خدعتهم، قال كيف؟ فذكر له ذلك، قال عزمت عليك أو أقسمت عليك لتردنها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا (باب إثبات خيار المجلس) (عن حكيم بن حزام) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان (2) بالخيار ما لم يتفرقا (3)، فإن صدقا وبينا رزقًا بركة بيعهما (4) وإن كذبا وكتما محق بركة بيعهما * (عن أبي برزة) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البيعان بالخيار ما لم يتفرقا * (عن نافع عن ابن عمر) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار حتى يتفرقا (7) أو يكون بيع خيار (8) وربما قال نافع أو يقول أحدهما للآخر أختر (9) (وعنه من طريق ثان) (10) عن ابن عمر أيضًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا تبايع الرجلان فكل

_ عبد الله وقد ذكرته في هذا الباب لمناسبة الترجمة حيث قال فيه (ألم ترك كيف خدعتهم) والظاهر والله أعلم أنه خدعهم في زيادة الثمن أو الوزن على غير الحقيقة، وتقدم معنى الخديعة، وهي إرادة المكروه بالشخص من حيث لا يعلم، (أما دارين) المذكورة في الحديث فهي بكسر الراء بلدة بالبحرين والنسبة إليها داري وقال محمد بن حبيب هي الدار و؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بينها وبين غزة أربعة فراسخ فتكون غير التي بالبحرين والله أعلم كذا في معجم البلدان (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفيه جهالة وانقطاع * (باب) (1) (سنده) حدثنا إسماعيل ثنا سعيد يعني ابن أبي عروبة عن قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث الهاشمي عن حكيم بن حزام رضى الله عنه الخ (غريبه) (2) بتشديد الياء التحتية أي المتبايعان يعني البائع والمشتري، والبيع هو البائع أطلق على المشتري على سبيل التغليب، أو لأن كل واحد من اللفظين يطلق على الآخر (3) أي بأبدانهما عن محلهما الذي تبايعا فيه فيثبت لهما خيار المجلس، والمعنى أن الخيار ممتد مدة عدم تفرقهما ما لم يشترطا شيئًا آخر، وهذه إحدى صور الخيار، وله صور أخرى ستأتي في الأحاديث الآتية (فإن صدقا وبينا) أي صدق البائع في إخبار المشتري وبين العيب إن كان في السلعة وصدق المشتري في قدر الثمن وبين العيب إن كان في الثمن، والمراد الصدق والبيان في كل ما كتمه غش وخيانة (4) أي أعطاهما الله الزيادة والنمو في بيعهما وهو البركة للمشتري في السلعة، وللبائع في الثمن (وإن كذبا وكتما) ما يجب إظهاره (حق بركة بيعهما) أي ذهب واضمحل (تخريجه) (ق فع. والثلاثة وغيرهم) * (5) (سنده) حدثنا أبو كامل ثنا حماد بن زيد عن جميل بن مرة عن أبي الوضيء قال كنا في سفر ومعنا أب وبرزة فقال أبو برزة إن رسول الله صلى الله عليه وسله الخ (تخريجه) (فع دجه هق) وسنده جيد (6) حدثنا إسماعيل ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (7) هذه صورة من ثلاث وتقدم الكلام عليها في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (8) هذه صورة ثانية ومعناها أن يشترطا الخيار ثلاثة أيام أو دونها فلا ينقضي الخيار فيه بالمفارقة بل يبقى حتى تنقضى المدة المشروطة، وقيل المراد أنهما بالخيار ما لم يتفرقا إلا أن يتخايرا ولو قبل التفرق وإلا أن يكون البيع بشرط الخيار ولو بعد التفرق (9) هذه صورة ثالثة ومعناها أن يقول أحدهما للآخر في المجلس بعد إمضاء البيع اختر أي إمضاء البيع أو فسخه فإن اختار إمضاءه انقطع خيارهما وإن لم يتفرقا (10) (سنده) حدثنا هاشم حدثنا ليث حدثني نافع

-[وجوب تبيين العيب في المبيع وعدم الغش ووعيد من غش]- واحد منهما بالخيار ما لم يتفرقا فكانا جميعًا (1)، أو يخير أحدهما الآخر (2)، فإن خير أحدهما الآخر فتبايعا على ذلك وجب البيع (3) وإن تفرقا بعد أن تبايعا ولم يترك واحد منهما البيع فقد وجب البيع * (عن عمرو بن شعيب) (4) عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال البائع والمبتاع بالخيار حتى يتفرقا (5) إلا أن يكون صفقة خيار (6) ولا يحل له أن يفارقه خشية أن يستقبله (7) * (عن أبي هريرة) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البيعان بالخيار من بيعهما ما لم يتفرقا أو يكون بيعهما في خيار* (وعنه أيضًا) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتفرق (10) المتبايعان عن بيع إلا عن تراض (أبواب أحكام العيوب) (باب وجوب تبيين العيب وعدم الغش ووعيد من غش) * (عن يزيد بن أبي مالك) (11) قال حدثنا أبو سباع قال اشتريت ناقة من دار واثلة بن الأسقع فلما خرجت بها أدركنا واثلة وهو يجر رداءه فقال يا عبد الله اشتريت؟ قلت نعم، قال هل بين لك ما فيها؟ قلت وما فيها؟ إنها لسمينة ظاهرة الصحة، قال أردت بها سفرًا أم أردت بها لحمًا؟ قلت بل أردت عليها الحج،

_ عن عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (1) جمل فكانا جميعًا تأكيد لقوله ما لم يتفرقا، والجملة حالية من الضمير في يتفرقا، أي وقد كانا جميعًا يعني في مكان واحد، وهذا كما قال الخطابي أوضح شيء في ثبوت خيار المجلس وهو مبطل لكل تأويل مخالف لظاهر الحديث (2) أي فيشترط الخيار مدة معينة فلا ينقضي الخيار بالتفرق بل يبقى حتى تمضي المدة حكاه ابن عبد البر عن أبي ثور (3) أي على ما اشترطا: أي وليس لأحدهما خيار (تخريجه) (ق فع نس جه) * (4) (سنده) حدثنا حماد بن مسعدة عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبه) (5) زاد في رواية عند البيهقي لفظ (من مكانهما) يعد قوله حتى يتفرقا وهو يدل صريحًا على تفرق الأبدان (6) قال الطيبي الإضافة في صفقة خيار للبيان فإن الصفقة يجوز أن تكون للبيع أو للعهد اهـ (قلت) سميت صفقة لأن المتعاهدين يضع أحدهما يده في يد الآخر كما يفعل المتبايعان، وهي المرة من التصفيق باليدين، فقلوه في الحديث (صفقة خيار) أخرجت صفقة المعاهد فالإضافة للبيان كما قال الطيبي (وقوله ولا يحل له الخ) حمله العلماء على الكراهة لا على التحريم لأنه لا يليق بالمروءة وحسن معاشرة المسلم، لا أن اختيار الفسخ حرام (7) أثبت في أول الحديث الخيار ومده إلى غاية التفرق، ومن المعلوم أن من له الخيار لا يحتاج إلى الاستقالة فتمين حملها على الفسخ (هق قط والثلاثة) وحسنه الترمذي * (8) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا أيوب يعني ابن عتبة ثنا أبو كثير السحيمي عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أخرجه أبو داود الطيالسي وسنده جيد (9) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا يحيى يعني ابن أيوب من ولد جرير قال سمعت أبا زرعة يذكر عن أبي هريرة قال قال رسول الله الخ (غريبه) (10) قال في المرقاة حمل العلماء النهي على الكراهة، وأيضًا فيه دلالة على ثبوت خيار المجلس لهما وإلا فلا معنى لهذا القول حينئذ اهـ (قلت) ويدل ظاهره على عدم جواز بيع المكره لعدم التراضي والله أعلم (تخريجه) (د هق) وأشار إليه الترمذي ورجال ثقات، وسكت عنه أبو داود والمنذري: أنظر أحكام هذا الباب في القول الحسن صحيفة 161 في الجزء الثاني (باب) * (11) (سنده) حدثنا أبو النضر قال ثنا

-[قصة الرجل الذي كان يغش في الطعام وقوله صلى الله عليه وسلم ليس منا من غش]- قال فإن بخفها نقبًا (1)، قال فقال صاحبها أصلحك الله أي (2) هذا تفسد على؟ قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل لأحد يبيع شيئًا إلا يبين ما فيه (3)، ولا يحل لمن يعلم ذلك إلا يبينه (4) (عن عقبة بن عامر) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلم أخو المسلم لا يحل لامرئ مسلم أن يغيب (6) ما بسلعته عن أخيه إن علم بها تركها * (عن أبي هريرة) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر برجل يبيع طعامًا فسأله كيفي يبيع؟ فأخبره فأوحى إليه أدخل يدك فيه، فأدخل يده فإذا هو مبلول فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا (8) من غش* (عن أي بردة بن نيار) (9) قال انطلقت مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى بقيع (10) المصلى فأدخل يده في طعام ثم أخرجها فإذا هو مغشوش (11) أو مختلف فقال ليس منا من غشنا* (عن ابن عمر) (12) قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بطعام وقد حسنه صاحبه (13) فأدخل يده فيه فإذا طعام رديء فقال بع هذا على حده وهذ على حدة (14) فمن غشنا فليس منا (عن أبي هريرة) (15) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن رجلًا (16) حمل معه خمرًا في

_ أبو جعفر يعني الرازي عن يزيد بن أبي مالك الخ (غريبه) (1) بفتح القاف رقة الأخفاف من كثرة المشي وبابه تعب (2) أي هنا للاستفهام بمعنى ما (يريد ما هذا) وقد جاء عند البيهقي بلفظ (ما تريد إلى هذا؟ تفسد على الخ) (3) أي من العيوب التي تخفى على المشترى (4) فيه أن من يعلم عيبًا في سلعة يجب عليه أن ينبه المشتري لذلك بقصد النصيحة سواء كان هو البائع أم غيره وإلا حرم عليه الكتمان (تخريجه) (جه هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (5) (سنده) حدثنا يحيى بن إسحاق ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي شماسة عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) (6) أي يكتم ويستر ما بسلعته من أشياء تعيبها بحيث لو علم بها المشتري ترك السلعة، وهذا حرام باتفاق العلماء (تخريجه) (جه هق ك قط طب) قال الحافظ وإسناده حسن (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي. (7) (سنده) حدثنا سفيان عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) معناه ليس ممن اهتدى بهديى وعمل بسنتي كما يقول الرجل لولده إذا لم يرض فعله لست مني، قال النووي وهو يدل على تحريم الغش وهو مجمع عليه (تخريجه) (م مذ جه هق ك) * (9) (سنده) حدثنا حجاج ثنا شريك عن عبد الله بن عيسى عن جمُيع بن عُمير ولم يشك عن خاله أبي بردة بن نيار الخ (غريبه) (10) البقيع من الأرض المكان المتسع، ولا يسمى بقيعًا إلا وفيه شجر، وأضيف إلى المصلى لأن الظاهر أنهم كانوا يصلون فيه العيدين والجنازة (11) أي بنحو بلل كما تقدم (أو مختلف) في الصفة كوجود الرديء فيه والجيد فيستر الرديء ويظهر الجيد (تخريجه) (بز طب طس) وفيه جميع بن عمير، قال الهيثمي وثقه أبو حاتم وضعفه البخاري وغيره * (12) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد ثنا أبو معشر عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (13) كأن أظهر الجيد وأخفى الرديء (14) معناه أن يفصل الردئ من الجيد ويبيع كل واحد منهما منفردًا ليظهر للمشتري قيمته فلا يكون غشًا (تخريجه) (بز طس) وفيه أبو معشر، قال الهيثمي وهو صدوق وقد ضعفه جماعة * (15) (سنده) حدثنا بهز ثنا حماد ابن سلمة أنا إسحق بن عبد الله عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبه) (16) زاد البيهقي (ممن كان

-[قصة الفرد مع صاحبه الذي كان يغش في المبيع]- سفينة يبيعه ومعه قرد، قال فكان الرجل إذا باع الخمر شابه (1) بالماء ثم باعه، قال فأخذ القرد الكيس فصعد به فوق الدقل (2) قال فجعل يطرح دينارًا في البحر ودينارًا في السفينة حتى قسمه (عن عبد الله بن عمرو) (3) بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أخاف على أمتي إلا اللبن (4) فإن الشيطان بين الرغوة والصريح (باب ما جاء في المصراة) * (عن أبي هريرة) (5) يبلغ به قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلقوا (6) البيع ولا تصُروا (7) الغنم والإبل للبيع، فمن ابتاعها بعد ذلك (8) فهو بخير النظرين إن شاء أمسكها وإن شاء ردها بصاع تمر

_ قبلكم) يعني من الأمم السالفة (1) الشوب الخلط أي خلطه بالماء على سبيل الغش، وقد جاء في رواية للبيهقي أنه جعل في كل زق نصفًا ماء ثم باعه على أنه خمر خالص (2) الدقل بوزن الجمل هو خشبة يمد عليها شراع السفينة وتسميها البحرية الصاري، وجاء في رواية للبيهقي قال فألهم الله القرد صرة الدنانير فأخذها فصعد الدقل ففتح الصرة وصاحبها ينظر إليه فأخذ دينارًا فرمى به في البحر ودينارًا في السفينة حتى قسمها نصفين اهـ (تخريجه) (طب هق) وقال المنذري لا أعلم في رواته مجروحًا، قال وروى عن الحسن مرسلًا* (3) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا يحيى بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحلبي عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبه) (4) معناه إلا الغش في اللبن: وخص اللبن بالغش دون غيره مع أن الغش في كل مذموم لأن الغش في اللبن لا يظهر إلا بالتدقيق والتأمل الكثير بخلافه في غيره من الأشياء الأخرى فإنه يظهر فيه بأقل تأمل (وقوله فإن الشيطان الخ) تعليل لتخصيص اللبن بالذكر، والمراد يكون الشيطان بين الرغوة والصريح ما ينشأ عن وسوسته للناس من الغش بخلط اللبن بالماء فيكون مختبئًا بين الرغوة وهي ما يعلو اللبن عند حلبه، ويقال له الزبد بفتح الموحدة، والصريح اللبن الخالص (ويحتمل معنى آخر) وهو أن المراد بالشيطان ما يكون بين اللبن والرغوة قبل إليه من الميكروبات والجراثيم الضارة بالصحة، واستعير لها اسم الشيطان مجازًا بجامع الضرر في كل، وعلى هذا فيكو الخوف على الأمة من جهة الضرر بالصحة كما اكتشفه الأطباء في هذا العصر لا من جهة الغش والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد وإن كان فيه ابن لهيعة لأنه قال حدثنا، فحديثه حسن (باب) * (5) (سنده) حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبه) (6) بفتح الفوقية واللام وتشديد القاف مفتوحة، وًاله تتلقوا حذفت إحدى التاءين تخفيفًا (والبيع) بمعنى المبيع من السلع، والمعنى لا تلقوا السلع من جالبيها قبل دخولها السوق لأن من تلقاهم يكذب في سعر البلد ويشتري بأقل من ثمن المثل وفي ذلك خدعة للبائع (7) بفتح أوله وضم الصاد المهملة والراء المشددة من الصر وهو ربط أخلاف الماشية (قال الإمام الشافعي) رحمه الله النصرية هي ربط أخلاف الشاه أو الناقة وترك حلبها حتى يجتمع لبنها فيكثر فظن المشتري أن ذلك عادتها فيزيد في ثمنها لما يرى من كثرة لبنها اهـ وإنما اقتصر على ذكر الإبل والغنم دون البقر لأن غالب مواشيهم كانت من الإبل والغنم والحكم واحد خلافًا لداود (8) أي بعد النصرية، وقيل بعد العلم بهذا النهي (وقوله فهو يخير النظرين) يعني أنه مخير بين أمرين (أحدهما) إن شاء أمسكها ثلاثة أيام كما جاء في رواية لمسلم (ولفظه) من ابتاع شاه مصراه فهو بالخيار ثلاثة أيام إن شاء أمسكها وإن شاء ردها ورد معها صاعًا من تمر اهـ (والثاني) أن يردها مع صاع من تمر

-[من ابتاع شاة مصراة فهو بالخيار ثلاثة أيام إن شاء أمسكها وإن شاء ردها معها صاعًا من تمر]- لا سمراء (1) (وعنه من طريق ثان) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اشترى لقحة (3) مصراة أو شاة مصراة فحلبها فهو بأحد النظرين بالخيار إلى أن يحوزها أو يردّها وإناءًا من طعام (4) (عن رجل من أصحاب النبي) (5) صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يُتلقى جلب ولا بيع حاضر لباد (6) ومن اشترى شاة مصراة أو ناقة فهو بآخر النظرين إذا هو حلب إن ردّها رد معها صاعًا من طعام قال الحكم أو صاعًا من تمر (7) (عن أبي عثمان) (8) عن ابن مسعود من اشترى محفلة وربما قال شاة محفلة (9) فليردها وليرد معها صاعًا (10)، ونهي النبي صلى الله عليه وسلم عن تلقي البيوع (11) (عن عبد الله بن مسعود) (12) قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الصادق المصدوق قال بيع المحفلات (13) خلابة ولا تحل الخلابة لمسلم (باب ما جاء في عهدة الرقيق وأن الكسب الحادث لا يمنع

_ (1) السمراء هي الحنطة يعني القمح: وجاء في رواية عند مسلم وأبي داود (إن شاء ردها وصاعًا من طعام لا سمراء) واستفاد من ذلك أن المراد بالطعام هو التمر وإنما عبر التمر بالطعام لأنه كان غالب قوتهم (2) (سنده) حدثنا عبد الواحد عن عوف عن خلاس بن عمرو ومحمد بن سيرين عن أبي هريرة الخ (3) بكسر اللام وبفتحها لغة والجمع لقح مثل سدرة وسدر، أو مثل قصعة وقصع وهي الناقة الحلوب (4) المراد بالإناء هنا الصاع وبالطعام التمر (تخريجه) (ق فع د) وغيرهم (5) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم قال سمعت ابن أبي ليلى يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) تقدم الكلام على الجلب وبيع الحاضر للباد في بابه (7) أو للشك من الحكم أحد رجال السند يشك هل قال صاعًا من طعام أو صاعًا من تمر، والمعنى واحد، وتقدم أن المراد بالطعام هو التمر لأنه كان غالب قوتهم إذ ذاك، ويستفاد من هذا الحديث أن الخيار في الرد وعدمه يكون بعد حلبها لقوله (إذا هو حلب) وفي رواية مسلم (بعد أن يحلبها) والجمهور على أنه إن علم بالتصرية ثبت له الخيار على الفور ولو لم يحلب، لكن لما كانت التصرية لا يعلم غالبها إلا بعد الحلب جعل قيدًا في ثبوت الخيار (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله ورجال الصحيح كما قال الحافظ * (8) (سنده) حدثنا يحيى عن التيمي عن أبي عثمان الخ (غريبه) (9) رواية البخاري (من اشترى شاة محفلة) بغير تردد وهو بضم الميم وفتح الحاء المهملة والفاء المشددة من التحفيل وهو التجميع. قال أبو عبيد سميت بذلك لكون اللبن يكثر في ضرعها وكل شيء كثرته فقد حفلته، تقول ضرع حافل أي عظيم، واحتفل القوم إذا كثر جمعهم: ومنه سمي المحفل (10) أي من تمر كما تقدم في الروايات الأخرى (11) تقدم الكلام في النهي عن تلقي البيوع في بابه (تخريجه) (خ هق) وهو موقوف على ابن مسعود ويؤيده الأحاديث المرفوعة المتقدمة، قال الحافظ حديث المحفلة موقوف على ابن مسعود وحديث النهي عن التلقي مرفوع اهـ (12) (سنده) حدثنا وكيع ثنا المسعودي عن جابر عن أبي إسحاق عن مسروق عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه) (13) أي المجموعات اللبن في ضروعها لإيهام كثرة لبنها (وقوله خلابة) بكسر المعجمة أي غش وخداع (ولا تحل الخلابة لمسلم) أي لا يحل لمسلم أن يفعل ذلك (تخريجه) (جه) وفي إسناده جابر الجعفي ضعيف: انظر مذاهب الأئمة في حكم

-[قوله صلى الله عليه وسلم الغلة بالضمان وما جاء في عهدة الرقيق وبيان ذلك]- الرد بالعيب) * (عن عائشة رضى الله عنها) (1) أن رجلًا ابتاع غلامًا استغله (2) ثم وجد أو رأى به عيبًا فرده بالعيب فقال البائع غلة عبدي (3) فقال النبي صلى الله عليه وسلم الغلة بالضمان (4) (وفي لفظ) الخراج بالضمان (عن قتادة عن الحسن) (5) عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عهدة الرقيق أربع ليال (6)، قال قتادة وأهل المدينة يقولون ثلاث ليال (7) (عن يونس عن الحسن) (8) عن عقبة بن عامر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عهدة بعد أربع (9) (باب ما جاء في الاحتكار (10) وذم فاعله والتشديد في ذلك) * (عن ابن عمر) (11) عن النبي صلى الله عليه وسلم من احتكر طعامًا أربعين ليلة (12) فقد برئ من الله تعالى (13) وبرئ الله تعالى

_ المصراة في القول الحسن صحيفة 159 في الجزء الثاني (باب) (1) (سنده) حدثنا إسحاق ابن عيسى قال حدثني مسلم عن هشام عن عروة عن أبيه عن عائشة (غريبه) (2) أي انتفع بخد منه أو بأجرة خدمته للغير ونحو ذلك (3) أي طلب من المشتري قيمة ما انتفع به من عمل العبد (4) في الرواية الأخرى (الخراج بالضمان) والخراج والغلة معناهما واحد وهو الدخل والمنفعة بما يحصل من زرع وثمر ونتاج وإجارة ولبن وصوف ونحو ذلك (وقوله بالضمان) أي بسبب الضمان فالباء للبينة، يريد أن المشتري يملك الخراج الحاصل من المبيع بسبب ضمانه لأصل المبيع، فمن كان ضمان المبيع عليه كان خراجه له: وكما أن المبيع لو تلف أو نقص في يد المشتري فهو في عهدته وقد تلف على ملكه ليس على بائعه فالمغنم لمن عليه الغرم (تخريجه) (فع ك. والأربعة) مطولًا ومختصرًا، ورواه أيضًا أبو داود الطيالسي وصححه الترمذي وابن حبان وابن الجارود وابن القطان (5) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا هشام عن قتادة عن الحسن الخ (غريبه) (6) في رواية أبي داود ثلاثة أيام ومثله عند ابن ماجه من حديث سمرة بن جندب، قال الخطابي معنى عهدة الرقيق أن يشتري العبد أو الجارية ولا يشترط البائع البراءة من العيب، فما أصاب المشتري من عيب في الأيام الثلاثة لم يرد إلا ببينة وهكذا فسره قتادة فيما ذكره أبو داود عنه (7) يريد بأهل المدينة كابن المسيب والزهري وبه أخذ مالك قال الزهري والقضاة منذ أدركنا يقضون بها: قال الإمام مالك ما أصاب العبد أو الوليدة في الأيام الثلاثة من حين يشتريان حتى تنتهي الثلاثة فهو البائع أي ضمانه عليه فللمشتري رده (تخريجه) (د) وضعفه الإمام أحمد وقال لا يثبت في العهدة حديث، وقالوا لم يسمع الحسن من عقبة بن عامر شيئًا والحديث مشكوك فيه، فمرة قال عن سمرة، ومرة قال عن عقبة، ومرة قال أربع ليال، ومرة قال ثلاثة أيام (8) (سنده) حدثنا هشيم أخبرني يونس عن الحسن الخ (غريبه) (9) أي لا ضمان على البائع بعد مضي أربع ليال من حين العقد، وللعلماء خلاف في ذلك، انظر القول الحسن صحيفة 164 في الجزء الثاني (تخريجه) (جه) وهو من رواية الحسن عن عقبة وتقدم الكلام عليه في الذي قبله (باب) (10) قال في المصباح أحتكر الطعام إذا حبسه إرادة الغلاء والاسم الحكرة بضم المهملة وسكون الكاف (11) (سنده) حدثنا يزيد ثنا أصبغ بن زيد ثنا أبو بشر عن أبي الزاهرية عن كثير بن مرة الحضرمي عن ابن عمر الخ (غريبه) (12) قال الطيبي لم يرد بأربعين التحديد، بل مراده أن يجعل الاحتكار حرفة يقصد بها نفع نفسه وضرر غيره بدليل قوله في الخبر (يعني الآتي بعد هذا) يريد أن يغلي على المسلمين الخ (13) معناه أنه أضاع ماله عند الله

-[كلام الحافظ ابن حجر العسقلاني في الذب عن حديث ابن عمر في الاحتكار]- منه (1) وأيما أهل عرصة (2) أصبح فيهم امرؤ جائع فقد برئت منهم ذمة (3) الله تعالى

_ عز وجل من الرحمة والمغفرة (1) أي صار لا كرامة له عند الله ولا حرمة، وناهيك بعذاب من اتصف بذلك (2) العرصة بوزن رحمة، قال في القاموس كل بقعةٍ بين الدور واسعة ليس فيها بناء اهـ وفي المصباح عرصة الدار ساحتها وهي البقعة التي ليس فيها بناء والجمع عرصات مثل سجدة وسجدات، وفي التهذيب سميت ساحة الدار عرصة لأن الصبيان يعترصون فيها أي يلعبون ويمرحون، وعلى هذا فيكون معنى أهل عرصة أي بيت أو قرية الخ (3) الذمة والذمام العهد والأمان والضمان والحرمة والحق، والمعنى أن لكل واحدٍ عند الله عهدًا بالحفظ والكلاءة فإذا خالف ما أمر به أو فعل ما حرم عليه خذلته ذمة الله فيصير لا عهد له عند الله ولا حرمة، وهؤلاء قد ارتكبوا ما يغضب الله عز وجل وهو التسبب في جوع الجار الفقير الذي بين أظهرهم وعدم بره فاستحقوا المقت والإهانة من الله عز وجل نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (ك عل بز طس) وهذا الحديث مما طعن فيه الحافظ العراقي وأورده ابن الجوزي في الموضوعات وذب عنه الحافظ بن حجر في كتابه (القول المسدد في الذب عن المسند للإمام أحمد) وقد أتيت بجميع ما قاله الحافظ العراقي والحافظ بن حجر في شرحي الكبير (بلوغ الأماني) وإليك تلخيص ما ذب به الحافظ بن حجر عن هذا الحديث (قال رحمه الله) إسناد أحمد خير من إسناد من رووا هذا الحديث غيره فإنه (يعني عند أحمد) من رواية يزيد بن هارون الثقة عن أصبغ بن زيد، وكذا أخرجه أبو يعلى في مسنده عن أبي خثيمة عن يزيد بن هارون، ووهم ابن عدي فزعم أن يزيد تفرد بالرواية عنه (يعني عن أصبغ) وليس كذلك، فقد روى عنه نحو من عشرة لم أر لأحدٍ من المتقدمين فيه كلامًاإلا لمحمد بن سعد، وأما الجمهور فوثقوه، منهم غير من ذكره شيخنا أبو داود والدارقطني وغيرهما، ثم ان للمتن شواهد تدل على صحته فذكر له جملة شواهد منها (حديث معمر بن عبد الله العدوي) الآتي بعد حديثٍ رواه (م دمذ) ومنها حديث عمر الذي يليه، قال الحافظ رواه ابن ماجه ورواته ثقات، هذا ما يتعلق بالاحتكار قال (وأما ما يتعلق بوعيد من بات بجوارهم جائع) فله شواهد أيضًا (منها) ما رواه (طب بز) بإسناد حسن من حديث أنسٍ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما آمن بي من بات شبعانًا وجاره جائع إلى جنبه وهو يعلم، وذكر له شواهد غير هذا (فان قيل) إنما حكم عليه بالوضع لما في ظاهر المتن من الوعيد الموجب للبراءة ممن فعل ذلك وهو لا يكفر بفعل ذلك (فالجواب) أن هذا من الأحاديث الواردة في معرض الزجر والتنفير ظاهرها غير مراد، وقد وردت عدة أحاديث في الصحاح تشتمل على البراءة، وعلى نفي الإيمان وعلى غير ذلك من الوعيد الشديد في حق من ارتكب أمورًا ليس فيها ما يخرج عن الإسلام كحديث أبي موسى الأشعري في الصحيح في البراءة ممن حلق وسلق، وحديث أبي هريرة لا يزني الزاني وهو مؤمن إلى غير ذلك، وقال ولا يجوز الإقدام على الحكم بالوضع قبل التأمل والتدبر والله الموفق (تنبيه) (قال الحافظ) أبو بشر (يعني المذكور في سند الحديث) جعفر بن أبي وحشية من رجال الشيخين، وأبو الزاهرية اسمه حدير بن كريب من رجال مسلم ورواية أبي بشر عنه من رواية الأقران لأن كلًا منهما من صغار التابعين، وكثير بن مرة تابعي ثقة باتفاقٍ من رجال الأربعة في الإسناد ثلاثة من التابعين والله أعلم اهـ ملخص كلام الحافظ في القول المسدد جزاه الله خيرًا، وعلى هذا فالحديث صحيح

-[التغليظ في احتكار قوت المسلمين ووعيد فاعله]- (عن أبي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من احتكر حكرةً (2) يريد أن يغلي بها على المسلمين فهو خاطئ (3) (عن سعيد بن المسيب) (4) عن معمر بن عبد الله العدوي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحتكر إلا خاطئ، وكان سعيد بن المسيب يحتكر الزيت (5) (عن أبي يحيى) (6) رجل من أهل مكة عن فروخ (7) مولى عثمان أن عمر رضي الله عنه وهو يومئذٍ أمير المؤمنين خرج إلى المسجد فرأى طعامًا منثورًا فقال ما هذا الطعام؟ فقالوا طعام جلب إلينا، قال بارك الله فيه وفيمن جلبه، قيل يا أمير المؤمنين فانه قد احتكر، قال ومن احتكره؟ قالوا فروخ مولى عثمان وفلان مولى عمر: فأرسل اليهما فدعاهما فقال ما حملكما على احتكار طعام المسلمين؟ قالا يأمير المؤمنين نشتري بأموالنا ونبيع، فقال عمر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من احتكر على المسلمين طعامهم (8) ضربه الله بالإفلاس أو بجذام، فقال فروخ عند ذلك يا أمير المؤمنين أعاهد الله وأعاهدك أن لا أعود في طعامٍ أبدًا، وأما مولى عمر فقال إنما نشتري بأموالنا ونبيع، قال أبو يحيى فلقد رأيت مولى عمر مجذومًا (باب ما جاء في التسعير) (عن أنسٍ بن مالك) (9) قال غلا السعر (10) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله لو سعرت (11) فقال إن الله هو الخالق القابض الباسط الرازق المسعر (12) وإني أن ألقى الله ولا

_ لا مطعن فيه (1) (سنده) حدثنا شريح حدثنا أبو معشر عن محمد بن عمرو بن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) بوزن غرفة وهي حبس السلع عن البيع، وظاهر هذا الحديث والذي بعده أن الاحتكار محرم من غير فرقٍ بين قوت الآدمي والدواب وبين غيره، وإلى ذلك ذهب جماعة من العلماء، وذهب آخرون إلى تحريم القوت فقط، وذهب فريق إلى أن الاحتكار المحرم هو ما اضر بالمسلمين في حوائجهم الضرورية سواء كان في مأكلٍ أو ملبسٍ أو نحو ذلك (3) بالهمز أي عاصٍ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه أبو معشر وهو ضعيف وقد وثق (4) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد الأموي (يعني ابن أبان) عن يحيى بن سعيد (يعني ابن قيس الأنصاري) عن سعيد ين المسيب الخ (غريبه) (5) أي لأنه كان يحمل الحديث على احتكار القوت عند الحاجة إليه وكذا حمله الشافعي (تخريجه) (م د مذ) (6) (سنده) حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا الهيثم بن رافع الطاطري (بطائين مفتوحتين) بصري حدثني أبو يحيى رجل من أهل مكة الخ (غريبه) (7) بفتح الفاء وضم الراء المشددة غير منصرف لأنه اسم أعجمي (8) احتج به القائلون بجواز احتكار غير الطعام (تخريجه) (جه) مقتصرًا على المرفوع منه، قال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده صحيح ورجاله موثقون (باب) (9) (سنده) حدثنا سريج ويونس بن محمد قالا ثنا حماد بن سلمة عن قتادة وثابت البناني عن أنسِ بن مالك الخ (غريبه) (10) السعر بكسر السين المهملة الذي يقوم عليه الثمن (11) بالتشديد من التسعير أي عين لنا السعر: والتسعير أن يأمر السلطان أو نائبه أو كل من ولى من أمور المسلمين شيئًا أهل السوق أن لا يبيعوا سلعهم إلا بسعر كذا فيمنعوا من الزيادة عليه أو النقصان للمصلحة (12) فيه دلالة على ان المسعر من أسماء الله تعالى وكذا الرازق وأنها لا تنحصر في التسعة والتسعين المعروفة ومعناه أنه

-[ما جاء في التسعير ونبذة من ترجمة عبيد الله بن زياد]- يطلبني أحد بمظلمةٍ (1) ظلمتها اياه في دمٍ ولا مال (عن أبي سعيدٍ الخدري) (2) قال غلا السعر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا له لو قومت لنا سعرنا، فقال إن الله هو المقوم أو المسعر إني لأرجو أن أفارقكم وليس أحد منكم يطلبني بمظلمةٍ في مالٍ ولا نفس (عن أبي هريرة) (3) أن رجلًا قال سعر يا رسول الله، قال إنما يرفع الله ويخفض، إني لأرجو أن ألقى الله عز وجل وليس لأحدٍ عندي مظلمة، قال آخر سعر فقال ادعوا الله عز وجل (عن الحسن) (4) (يعني البصري) قال ثقل معقل (5) بن يسار فدخل إليه عبيد الله بن زياد يعوده فقال هل تعلم يا معقل أني سفكت دمًا؟ قال ما علمت. (6) قال هل تعلم أني دخلت في شيءٍ من أسعار المسلمين؟ قال ما علمت، قال أجلسوني؛ ثم قال اسمع يا عبيد الله حتى أحدثك شيئًا لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ تعالى هو الذي يرخص الأشياء ويغليها، أي فمن سعر فقد نازعه فيما له تعالى، وليس لأحدٍ أن ينازعه جل شأنه (1) بكسر اللام ما تطلب من عند الظالم مما أخذه منك وقد تفتح اللام وتضم، والأفصح الأشهر كسرها، وفيه نهي عن التسعير: ووجه النهي التصرف في أموال الناس بغير إذنهم فيكون ظلمًا: وربما يؤدي إلى القحط، والمراد أنه لا يكف الناس بالتسعير ولكن يؤمرون بالإنصاف والشفقة على الخلق والنصيحة لهم، ويؤاخذ المحتكر منهم بما يردعه من انواع العقوبات (تخريجه) (د جه مي بز عل) وصححه الترمذي، قال الحافظ واسناده على شرط مسلم، وصححه أيضًا ابن حبان (2) (سنده) حدثنا علي بن عاصم ثنا الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيدٍ الخدري الخ (تخريجه) (جه بز طب) ورجاله رجال الصحيح وحسنه الحافظ (3) (سنده) حدثنا سليمان أنا اسماعيل اخبرني العلاء عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (دطس) ورجاله رجال الصحيح (4) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا زيد يعني ابن مرة أبو المعلي عن الحسن الخ (غريبه) (5) بوزن مسجد بن يسار بياء ثم سين مهملة من مشهوري الصحابة شهد بيعة الرضوان ونزل البصرة وبها توفي في آخر خلافة معاوية سنة ستين من الهجرة وقيل في أول خلافة يزيد بن معاوية بعد الستين والله أعلم (6) الظاهر ان معقل بن يسار شهد لعبيد الله بن زياد هذه الشهادة قبل أن يظهر فسقه وينتشر وقد ثبت في التاريخ أنه كان ظالمًا سفاكًا للدماء خصوصًا دماء أهل البيت رضي الله عنهم (فمن ذلك) أمره بقتل مسلم بن عقيل بن جعفر أخي الإمام علي رضي الله عنه والتنكيل به وهو يهلل ويكبر ويستغفر ويقول اللهم احكم بيننا وبين قومٍ غرونا وخذلونا ثم ضربت عنقه وألقي برأسه إلى أسفل القصر وأتبع رأسه بجسده ثم أمر بقتل جميع أنصاره وحز رءوسهم وإرسالها على يزيد بن معاوية بالشام (ومن ذلك) أمره بقتل الإمام الحسين بن علي رضي الله عنهما وقتل شيعته وأهل بيته ومنع الماء عنهم والتمثيل بهم، وقد سلط الله عليه ابراهيم بن الأشتر النخعي فقتله في يوم عاشوراء سنة سبعٍ وستين في مثل اليوم الذي قتل فيه الحسين وحز رأسه وبعث به إلى المختار بالكوفة مع البشارة بالنصر والظفر، وقتل قتلة الحسين ومن عاون على قتله وانتقم الله منهم شر انتقام: ثم يعث المختار برءوسهم إلى ابن الزبير فنصبت في مكة والمدينة وأراح الله منهم العباد والبلاد (روى الترمذي) بسنده عن عميرة بن عمير قال لما جيء برأس عبيد الله (يعني ابن زياد) وأصحابه فنصبت في المسجد في الرحبة فانتهيت إليها وهم يقولون قد جاءت قد جاءت، فإذا حية قد جاءت تخلل الرءوس حتى دخلت في منخري عبيد الله بن زياد فمكثت هنيهةً ثم

-[ما جاء في اختلاف المتبايعين في ثمن المبيع]- مرة ولا مرتين، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من دخل في شيءٍ من أسعار المسلمين ليغليه عليهم فان حقًا على الله تبارك وتعالى أن يقعده بعظم (1) من النار يوم القيامة، قال أنت سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم غير مرةٍ أو مرتين (باب ما جاء في اختلاف المتبايعين) (قر عن عبد الله بن مسعود) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اختلف البيعان (3) (وفي لفظ والسلعة كما هي) (4) وليس بينهما بينة فالقول ما يقول صاحب السلعة (5) أو يترادان (قر عن عبد الملك بن عبيد) (6) قال حضرت أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود وأتاه رجلان يتبايعان سلعة، فقال هذا (7) أخذت بكذا وكذا، وقال هذا بعت بكذا وكذا، فقال أبو عبيدة أتي عبد الله بن مسعود في مثل هذا فقال حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي في مثل هذا فأمر بالبائع أن يستحلف (8) ثم يخير المبتاع إن شاء أخذ وإن شاء ترك (ومن طريقٍ ثان) قال عبد الله بن الإمام احمد قرأت على أبي قال أخبرت عن هشام بن يوسف في البيعين في حديث ابن جريح عن اسماعيل بن أمية عن

_ خرجت فذهبت حتى تغيبت ثم قالوا قد جاءت ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثًا، قال الترمذي وهذا حديث حسن صحيح اهـ (هذا) وقد أطلت الكلام على ذلك في الشرح الكبير (بلوغ الأماني) وكتب التاريخ مشحونة بذلك فارجع إليها (1) بضم العين المهملة وسكون الظاء المعجمة، وعظم الشيء أكبره والمراد أن يكون بمكانٍ عظيمٍ من النار يعني أشد لهبًا وإحراقًا نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير والأوسط إلا أنه قال (كان حقًا على الله أن يقذفه في معظمٍ من النار) وفي زيد بن مرة أبو المعلي ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله رجال الصحيح (باب) (2) (قر سنده) قال عبد الله بن الإمام أحمد قرأت على أبي ثنا وكيع عن المسعودي عن القاسم عن عبيد الله بن مسعود الخ (غريبه) (3) أي البائع والمشتري كما تقدم في الخيار: ولم يذكر الأمر الذي كان فيه الاختلاف، وحذف المتعلق مشعر بالتعميم في مثل هذا المقام على ما تقرر في علم المعاني فيعم الاختلاف في المبيع والثمن وفي كل أمرٍ يرجع إليهما وفي سائر الشروط المعتبرة، والتصريح بالاختلاف في الثمن كما وقع في الحديث التالي لا ينافي هذا العموم المستفاد من الحذف (4) قال الخطابي هذا اللفظ (يعني قوله والسلمة كما هي) وفي بعض الروايات (والسلعة قائمة) لا يصح من طريق النقل مع احتمال أن يكون ذكره من التغليب لأن أكبر ما يعرض من النزاع حال قيام السلعة كقوله تعالى {وربائبكم اللاتي في حجوركم من نسائكم اللاتي دخلتم بهن} فذكره الحجور ليس بشرطٍ يتغير به الحكم ولكنه غالب الحال ولم يفرق أكثر الفقهاء في البيوع الفاسدة بين القائم والتالف اهـ (5) يعني البائع بعد استحلافه كما سيأتي في الحديث التالي (وقوله ويترادان السلعة) أي يتفقان على أن يرد المشتري السلعة والبائع الثمن وحينئذٍ فلا احتجاج إلى بينةٍ ولا يمين (تخريجه) (د ني جه) من طرقٍ بعضها صحيح وبعضها فيه ضعف (6) (قر سنده) قال عبد الله بن الإمام أحمد قرأت على ابي من هاهنا فأقر به وقال حدثني محمد بن ادريس الشافعي أنا سعيد بن سالم يعني القداح أنا ابن جريح أن اسماعيل بن أمية أخبره عن عبد الملك بن عبيد الله انه قال حضرت أبا عبيدة الخ (غريبه) (7) يعني المشتري قال أخذت بعشره مثلًا (وقال هذا) يعني البائع بعت بعشرين مثلًا (8) أي طلب من البائع اليمين لأنه لم يكن هناك بينة كما يستفاد من الحديث فإن حلف يخير المشتري بين أخذ السلعة

-[قصة عبد الله بن مسعود مع الأشعث بن قيس واختلافهما في ثمن المبيع]- عبد الملك بن عبيد (1) وقال أبي قال حجاج الأعور عبد الملك بن عبيدة، قال وحدثنا هيثم قال أخبرنا ابن أبي ليلى عن القاسم بن عبد الرحمن عن ابن مسعود وليس فيه عن أبيه (قر عن ابن مسعود) (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا اختلف البيعان فالقول ما قال البائع: والمبتاع بالخيار (قر عن القاسم) (3) قال اختلف عبد الله (4) والأشعث فقال ذا بعشرة وقال ذا بعشرين، قال اجعل بيني وبينك رجلًا (5) قال أنت بيني وبين نفسك فقال (6) أقضي بما قضى به رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اختلف البيعان ولم يكن بينة فالقول قول البائع أو يترادان البيع (7)

_ بما ادعى البائع وبين تركها (1) هكذا جاء في هذه الطريق (عبد الملك بن عبيد)، وقال حجاج عبد الملك ابن عبيدة، وجاء في الطريق الأولى (عبد الملك بن عمير) وكأنه أراد أن يبين في هذه الطريق اختلاف الرواة عن ابن جريح في اسم شيخه. وإليك ما ذكره أصحاب كتب الرجال في ترجمته (قال الخزرجي في الخلاصة) عبد الملك بن عبيد عن أبي عبيدة بن عبد الله، وعنه اسماعيل بن أمية (وقال الحافظ في التقريب) عبد الملك بن عبيد أو ابن عبيدة مجهول من الخامسة اهـ (أما عبد الملك بن عمير) فقد قال فيه الحافظ في التقريب ثقة فقيه تغير حفظه وبما دلس اهـ (وقال الخزرجي في الخلاصة) (عبد الملك بن عمير) الفرسي بفتح الفاء والمهملة اللخمي أبو عمر الكوفي القبطي عن جرير وجندب البجليين وأم عطية وخلق: وعنه شهر بن حوشب وسليمان التيمي والسفيانان، قيل مات سنة ست وثلاثين ومائة وقد جاوز المائة اهـ (وفي التهذيب) قال عرف بذلك (يعني بالفرسي) لفرسٍ كان له يسمى قبطيًا، قال وقال أحمد مضطرب الحديث جدًا مع روايته: ما أرى له خمسمائة حديث وقد غلط في كثيرٍ منها اهـ وعلى هذا فالظاهر أن عبد الملك المذكور في سند الطريقين هو ابن عبيد كما في التقريب والخلاصة: أو ابن عبيدة كما في الطريق الثانية وأشار إلى ذلك الحافظ في التقريب بقوله أو بن عبيدة والله أعلم (تخريجه) (نس) وإسناد الطريق الأولى ضعيف لانقطاعه لأن أبا عبيدة لم يدرك أباه عبد الله بن مسعود، وكذلك الطريق الثانية فيها مبهم ومنقطعة أيضًا لأن القاسم بن عبد الرحمن لم يدرك جده عبد الله بن مسعود: وللحديث طرق أخرى تعضده وستأتي (2) (قر سنده) قال عبد الله ابن الإمام أحمد قرأت على ابي ثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان قال حدثني عون بن عبيد الله عن ابن مسعودٍ الخ (تخريجه) (فع مذ جه) وفيه انقطاع ابن عجلان قال حدثني عون بن عبيد الله عن ابن مسعود، ونقل الحافظ عن الشافعي الجزم بأن طرق هذا الحديث عن ابن مسعود ليس فيها شيء موصول، وقال الخطابي هذا حديث قد اصطلح الفقهاء على قبوله، وذلك يدل على أن له أصلًا وإن كان في إسناده مقال كما اصطلحوا على قبول (لا وصية لوارث) واسناده فيه ما فيه (3) (قر سنده) قال عبد الله بن الامام أحمد قرأت على ابي ثنا عمر بن سعد أبو داود ثنا سفيان عن معن عن القاسم الخ (القاسم) هو ابن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود (غريبه) (4) هو ابن مسعود وكان هو البائع (والأشعث) يعني ابن قيس هو المشتري، فقال الأشعث اشتريت بعشرة، وقال ابن مسعود بعت بعشرين (5) القائل اجعل بيني وبينك رجلًا (هو ابن مسعود) والقائل (أنت بيني وبين نفسك) هو الأشعث (6) فقال يعني ابن مسعود أقضي الخ (7) أي: يتفاسخان العقد (تخريجه) (د جه) من طريق محمد بن أبي ليلى عن

-[ما جاء في الربا ولعن آكله ومؤكله وشاهديه وكاتبه]- (أبواب الربا) * (باب ما جاء في التشديد فيه) * (عن علي رضي الله عنه) (1) قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) آكل الربا ومؤكله (3) وشاهديه وكاتبه (4) والمواشمة والمستوشمة للحسن ومانع الصدقة والمحلل والمحلل له، وكان ينهى عن النوح * (عن جابر بن عبد الله) (5) قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه * (وعن ابن مسعود) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله بلفظه وحروفه (عن أبي هريرة) (7) ن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يأتي على

_ القاسم عن أبيه عن ابن مسعودٍ، ومحمد بن أبي ليلى لا يحتج به لسوء حفظه، وعبد الرحمن لم يسمع من أبيه، وحديث الباب سنده منقطع عند الإمام أحمد، وأحسن ما ورد في ذلك رواية الحاكم وأبي داود والبيهقي من طريق أبي العميس (ولفظه) قال أخبرني عبد الرحمن بن قيس بن محمد بن الأشعث بن قيس عن أبيه عن جده قال اشترى الأشعث رقيقًا من رقيق الخمس من عبد الله (يعني ابن مسعود) بعشرين ألفًا فأرسل عبد الله إليه في ثمنهم فقال إنما أخذتهم بعشرة آلاف إلخ كحديث الباب، قال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (وقال البيهقي) هذا إسناد حسن موصول وقد روي من أوجه بأسانيد مراسيل إذا جمع بينها صار الحديث بذلك قويًا اهـ (باب) * (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنبأنا سفيان عن جابر عن الشعبي عن الحارث عن علي إلخ (غريبه) (2) أصل اللعن من الله عز وجل الطرد والإبعاد من رحمته، ومن الخلق السب والدعاء. والويل لمن سبه النبي صلى الله عليه وسلم ودعا عليه بالطرد والإبعاد من رحمة الله عز وجل (والربا) بالقصر: ومده لغةٌ شاذةٌ وألفه بدل من واو، ويكتب بها وبالواو، (وآكل الربا) هو آخذه وإن لم يأكل، وإنما عبر عنه بالأكل لأن الأكل أعظم المنافع ولأن الربا شائع في المطعومات (وهو في اللغة) الزيادة قال تعالى (فإذا أنزلنا عليها الماء اهتزت وربت) أي زادت وعلت (وفي الشرع) عقد على عوض مخصوص غير معلوم التماثل في معيار الشرع حالة العقد أو مع تأخير في البدلين أو أحدهما، وهو ثلاثة أنواع (ربا الفضل) وهو البيع مع زيادة أحد العوضين على الآخر، (وربا اليد) وهو البيع مع تأخير قبضهما أو قبض أحدهما (وربا النسَّاء) وهو البيع لأجل: وسيأتي تفصيل ذلك وكل منها حرام (3) موكله بهمز ويبدل أي معطيه لمن يأخذه وإن لم يأكل منه نظرًا إلى أن الأكل هو الأغلب (4) استحق هؤلاء اللعن من حيث رضاهم به وإعانتهم عليه: وهذا إذا كانوا يعلمون به كما جاء في بعض الروايات والتقييد بالعلم (والواشمة والمستوشمة) سيأتي الكلام عليهما في باب ما يكره التزين به للنساء في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى (ومانع الصدقة) أي الزكاة تقدم الكلام عليه في كتاب الزكاة في الجزء الثامن في باب افتراض الزكاة إلخ صحيفة 288 (والمحلل والمحلل له) سيأتي الكلام على ذلك في كتاب النكاح إن شاء الله تعالى (وكان ينهى عن النوح) النهي عن النوح تقدم الكلام عليه في كتاب الجنائز في الجزء السابع صحيفة 105 (تخريجه) (نس) وفي إسناده الحارث الأعور ضعيف وله شواهد صحيحة تؤيده * (5) (سنده) حدثنا هشيم عن أبي الزبير عن جابر إلخ (تخريجه) (م نس) * (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنبأنا إسرائيل عن سماك عن عبد الله عن ابن مسعود إلخ (تخريجه) (دمذجه حب) وصححه الترمذي (7) (سنده) حدثنا هشيم عن عباد بن راشد عن سعيد بن أبي خيرة قال ثنا الحسن

-[قوله صلى الله عليه وسلم الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل]- الناس زمان يأكلون فيه الربا، قال قيل له الناس كلهم؟ قال من لم يأكله منهم ناله من غباره (1) * (عن ابن مسعود) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الربا وإن كثر فإن عاقبته تصير إلى قل (3) * (حدثنا حسين بن محمد) (4) ثنا جرير يعني ابن أبي حازم عن أيوب عن ابن أبي مليكة عن عبد الله ابن حنظلة غسيل الملائكة (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم درهم ربا يأكله الرجل (6) وهو يعلم أشد من ستة وثلاثين زنية (7) (حدثنا وكيع) ثنا سفيان عن عبد العزيز بن رفيع عن ابن أبي مليكة

_ منذ نحو من أربعين أو خمسين سنة عن أبي هريرة إلخ (غريبه) (1) أي أثره ولو بغير قصد، وقد وقع ما أخبر له صلى الله عليه وسلم فقد انتشر الربا في زماننا هذا انتشارًا مريعًا حتى عم الجميع نسأل الله السلامة: وفيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (د نس جه هق ك) قال الحاكم قد اختلف أئمتنا في سماع الحسن من أبي هريرة، فإن صح سماعه منه فهذا حديث صحيح اهـ (قلت) قال الذهبي سماع الحسن من أبي هريرة بهذا صحيح (2) (سنده) حدثنا حجاج ثنا شريك عن الركين بن الربيع عن أبيه عن ابن مسعود إلخ (غريبه) (3) بضم القاف يعني أن الربا وإن كان زيادة في المال عاجلًا، يؤول إلى نقص ومحق آجلًا بما يفتح على المرابي من المغارم والمهالك، قال تعالى {يمحق الله الربا} (تخريجه) (جه بز ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وحسنه الحافظ * (4) (حدثنا حسين إلخ) (غريبه) (5) قال المنذري حنظلة والد عبد الله لقب بغسيل الملائكة لأنه كان يوم أحد جنبًا وقد غسل أحد شقي رأسه فلما سمع الهيعة (يعني الصوت المفزع من العدو) والمراد اشتباك المسلمين مع الكفار في الحرب خرج فاستشهد: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأيت الملائكة تغسله اهـ وسيأتي الكلام عليه في ترجمته من كتاب المناقب إن شاء الله تعالى (6) يعني الإنسان سواء كان ذكرًا أم أنثى وذكر الرجل غالبي (وقوله وهو يعلم) أي والحال أنه يعلم أنه ربا أو يعلم الحكم، فمن نشأ بعيدًا عن العلماء ولم يقصر فهو معذور (7) قال الطيبي رحمه الله إنما كن أشد من الزنا لأن من أكل الربا فقد حاول مخالفة الله ورسوله ومحاربتهما بعقله الزائغ قال تعالى {فأذنوا بحرب من الله ورسوله} أي بحرب عظيم فتحريمه محض تعبد ولذلك رد قولهم {إنما البيع مثل الربا} بقوله عز وجل (وأحل الله البيع وحرم الربا) وأما قبح الزنا فظاهر شرعًا وعقلًا وله روادع وزواجر سوى الشرع فآكل الربا يهتك حرمة الله، والزاني يخرق جلباب الحياء اهـ وهذا وعيد شديد لم يقع مثله على كبيرة إلا قليلًا نسأل الله السلامة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح اهـ (قلت) وصححه أيضًا الحافظ السيوطي ووثق رجاله الحافظ العراقي، (ومع هذا) فقد أورده ابن الجوزي في الموضوعات وذب عنه الحافظ بن حجر العسقلاني رحمه الله في كتابه القول المسدد في الذب عن المسند بعد أن ذكره بسنده كما هنا (قال رحمه الله) أورده ابن الجوزي في الموضوعات من طريق المسند ومن طريق أخرى وأعل طريق المسند بحسين بن محمد فقال هو المروزي قال أبو حاتم رأيته ولم أسمع منه: وسئل أبو حاتم عن حديث يرويه حسين فقال خطأ، فقيل له الوهم ممن؟ قال ينبغي أن يكون من حسين (قال الحافظ) حسين احتاج به الشيخان ولم يترك أبو حاتم السماع منه باختيار أبي حاتم فقد نقل ابنه عنه أنه قال أتيته مرات بعد فراغه من تفسر شيبان وسألته أن يعيد علي بعض المجلس فقال تكرير ولم أسمع منه شيئًا، وقال معاوية بن صالح قال لي أحمد بن حنبل اكتبوا عنه ووثقه العجلي وابن سعد والنسائي وابن قانع ومحمد بن مسعود العجمي وآخرون، ثم لو كان كل من وهم

-[قوله صلى الله عليه وسلم ما من قوم يظهر فيهم الربا إلا أخذوا بالسنة وما جاء في الرشوة]- عن حنظلة بن الراهب عن كعب قال لأن أزني ثلاثًا وثلاثين زنية أحب إلي من أن آكل درهم ربا يعلم الله أني أكلته حين أكلته ربا (1) * (عن عمرو بنن العاص) (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من قوم يظهر فيهم الربا (3) إلا أخذوا بالسنة، وما من قوم يظهر فيهم الرشا إلى أخذوا بالرعب * (عن سمرة بن جندب) (4) قال قال نبي الله صلى الله عليه وسلم رأيت ليلة أسري بي رجلًا يسبح في نهر ويلقم الحجارة (5) فسألت ما هذا؟ فقيل لي آكل الربا (باب الأصناف التي يوجد فيها الربا) * (عن عمر بن الخطاب) (6) رضي الله عنه

_ في حديث سرى في جميع حديثه حتى يحكم على أحاديثه كلها بالوهم لم يسلم أحد، ثم لو كان ذلك كذلك لم يلزم منه الحكم على حديثه بالوضع ولا سيما مع كونه لم ينفرد بل توبع، وقد وجدت للحديث شواهد (فذكر الحافظ له شواهد تعضده ثم قال) قال ابن الجوزي إنما يعرف هذا من كلام كعب (فذكر ابن الجوزي حديث كعب الآتي بعد هذا) قال وأورد العقيلي من طريق بن جريج حدثني ابن أبي مليكه أنه سمع عبد الله بن حنظلة بن الراهب يحدث عن كعب الأحبار فذكر مثل السياق المرفوع، ونقل عن الدارقطني أن هذا أصح من المرفوع (قال الحافظ) ولا يلزم من كونه أصح أن يكون مقابله موضوعًا فإن ابن جريج وإن كان أحفظ من جرير بن حازم وأعلم بحديث ابن أبي مليكة منه لكن قد تابع جرير الليث بن أبي مسلم ولا مانع من أن يكون الحديث عند عبد الله بن حنظلة مرفوعًا وموقوفًا والله أعلم: انتهى كلام الحافظ باختصار * (غريبه) (1) أي قاصدًا عالمًا أنه ربًا، ومفهومه أنه إذا أكله بدون قصد ولا علم فلا شيء عليه والله أعلم (تخريجه) أورده الحافظ المنذري وجود إسناده، وهو من كلام كعب الأحبار، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد عن حنظلة بن الراهب عن كعب الأحبار، وذكر الحسين أن حنظلة هذا غسيل الملائكة فإن كان كذلك فقد قتل بأحد فكيف يروي عن كعب وإن كان غيره فلم أعرفه، والظاهر أنه ابنه عبد الله بن حنظلة وسقط من الأصل عبد الله والله أعلم ورجاله رجال الصحيح إلى حنظلة اهـ (قلت) والظاهر ما استظهره الحافظ الهيثمي رحمه الله* (2) (سنده) * حدثنا موسى ابن داود قال أنا ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان عن محمد بن راشد المرادي عن عمرو بن العاص إلخ (غريبه) (3) أي يفشوا بينهم ويصير متعارفًا غير منكر (إلا أخذوا بالسنة) أي الجدب والقحط (وقوله وما من قوم يظهر فيهم الرشاء إلخ) الرشاء بكسر الراء المشددة جمع رشوة مثل سدرة وسدر والرشوة بالكسر ما يعطيه الشخص للحاكم وغيره ليحكم له أو يحمله على ما يريد (قال في النهاية) والراشي من يعطي الذي يعينه على الباطل، والمرتشي الآخذ، والمرايش الذي يسعى بينهما يستزيد لهذا ويستنقص لهذا، فأما ما يعطى توصلًا إلى أخ حق أو دفع ظلم فغير داخل فيه، روي أن ابن مسعود أخذ (بضم الهمزة) بأرض الحبشة في شيء فأعطى دينارين حتى خلى سبيله، وروى عن جماعة من أئمة التابعين قالوا لا بأس أن يصانع الرجل عن نفسه وماله إذا خاف الظلم اهـ (وقوله إلا أخذوا بالرعب) أي يبتليهم الله بما يخيفهم كالوباء والطاعون والعشو الظالم ونحو ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده لا بأس به (4) (سنده) حدثنا عبد الوهاب ثنا عوف عن أبي رجال عن سمرة بن جندب إلخ (غريبه) (5) أي يرمى بالحجارة في فيه فيلتقمها (تخريجه) (خ) بأطول من هذا وسيأتي نحوه مطولًا في الباب الأول من أبواب الكبائر في قسم الترهيب إن شاء الله تعالى (باب) (6) (سنده)

-[قوله صلى الله عليه وسلم الذهب بالورق ربا الاهاء الاهاء]- سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الذهب (1) بالورق ربا الاهاء وهاء، (2) والبر بالبر ربا الاهاء وهاء والشعير بالشعير ربا والتمر بالتمر ربا الاهاء وهاء (عن أبي هريرة) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحنطة بالحنطة (4) والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح كيلًا بكيل وزنا بوزن فمن زاده (5) أو استزاد فقد أربى إلا ما اختلفت ألوانه (6) (وعن أبي سعيد الخدري) (7) مرفوعًا الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر فذكره نحوه (8) وزاد في آخره الآخذ والمعطى فيه سواء (9) (عن أبي هريرة) (10) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الذهب بالذهب والفضة بالفضة والورق

_ حدثنا سفيان عن الزهري سمع مالك بن أوس بن الحدثان سمع عمر بن الخطاب يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال سفيان مرة سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخ (غريبه) (1) قال العلماء يدخل في الذهب جميع أنواعه من مصنوع ومنقوش وجيد ورديء وصحيح ومكسر وحلي وتبر وخالص ومغشوش وقد نقل النووي وغيره الإجماع على ذلك (والورق) بفتح الواو وكسر الراء الفضة، والمراد هنا جميع أنواع الفضة مضروبة وغير مضروبة (2) بالمد فيهما وفتح الهمزة والمعنى خذ وهات، وقال ابن مالك هاء اسم فعل بمعنى خذ، وقال الخليل هاء كلمة تستعمل عند المناولة، والمقصود من قوله هاء وهاء أن يقول كل واحد من المتعاقدين لصاحبه هاء فينقابضان في المجلس، ويستفاد منه أنه لا يجوز التفرق قبل التقابض إذا باعه بغير جنسه مما يشاركه في علة الربا كالذهب بالفضة والعلة فيهما كونهما جنس الأثمان (والحنطة بالشعير) والعلة فيهما كونهما مطعومين وأحرى بعدم جواز التفرق قبل القبض لو كانا من جنس واحد حكى النووي الاجتماع على ذلك (وقوله والبر بالبر الخ) البر بضم الموحدة القمح وهي الحنطة أي بيع أحدهما بالآخر (ربا) بالتنوين (إلا) مقولا عنده من المتعاقدين (هاء) من أحدهما (وهاء) من الآخر أي خذ وهكذا يقال في الباقي (قال النووي) رحمه الله هذا دليل ظاهر في أن البر والشعير صنفان وهو مذهب الشافعي وأبي حنيفة والثوري وفقهاء المحدثين وآخرين (تخريجه) (ق لك. والأربعة. وغيرهم) (3) (سنده) حدثنا محمد بن فضيل ثنا أبي عن أبي حازم عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) الحنطة بوزن نعمة هي القمح المعبر عنه بالبر في الحديث السابق ولم يذكر الذهب بالذهب والفضة بالفضة، وسيأتي ذكر ذلك في حديثه الآتي بعد حديث (5) فمن زاد أي في الدفع (أو استزاد) أي طلب الزيادة (فقد أربى) أي أتى بالربا فصار عاصيًا، يريد أن الربا لا يتوقف على أخذ الزيادة فقط بل يتحقق بإعطائهما أيضًا فكل من المعطى والآخذ عاصيًا كما سيأتي مصرحًا بذلك في الحديث التالي (6) أي أجناسه فله أن يبيع كيف شاء، إذا كان يدًا بيد كما سيأتي في حديث عبادة بن الصامت (تخريجه) (م نس هق. وغيرهم) (7) (سنده) حدثنا روح ثنا سليمان بن علي ثنا أبو المتوكل الناجي ثنا أبو سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال له رجل من القوم أما بينك وبين النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي سعيد؟ قال لا والله ما بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم غير أبي سعيد قال الذهب بالذهب الخ (غريبه) (8) أي نحو الحديث $$$ لا يختلف عنه في المعنى (9) يعني في الإثم وهذا ما تبعث الإشارة إليه (تخريجه) (ق نس هق وغيرهم) (10) (سنده) حدثنا يحيى قال ثنا فضيل بن غزوان قال حدثني ابن أبي نعم عن أبي هريرة الخ (وله طريق أخوي) عند الإمام أحمد قال حدثنا محمد بن إدريس أنا مالك عن موسى بن أبي تميم عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم لأفضل بينهما (غريبه)

-[نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذهب بالذهب والفضة بالفضة الخ]- بالورق (1) مثلًا بمثل يدًا بيد من زاد أو ازداد فقد أربى (عن عطاء بن يسار) (2) أن معاوية اشترى سقاية من فضة (3) بأقل من ثمنها أو أكثر قال فقال أبو الدرداء نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن مثل هذا الامثلا بمثل (4) (عن عبادة بن الصامت) (5) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذهب بالذهب والفضة بالفضة والتمر بالتمر والبر بالبر والشعير بالشعير والملح بالملح إلا سواء بسواء مثلًا بمثل فمن زاد أو ازداد فقد أربى (زاد في رواية فإذا اختلفت فيه الأوصاف (6) فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدًا بيد (عن نافع) (7) قال قال ابن عمر لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا مثلًا بمثل، ولا نشفوا (8) بعضها على بعض، ولا تبيعوا شيئًا غائبًا منها بناجز (9) فإني عليكم الرماء (10) والرماء الربا، قال فحدث رجل ابن عمر هذا الحديث عن أبي سعيد الخدري

_ (1) الورق بكسر الراء الدراهم المضروبة كما في القاموس وغيره من كتب اللغة، والفضة اسم جنس يشمل المضروب: منها وغير المضروب فذكر الورق بعد الفضة للإشارة إلى أنه لا يجوز التفاضل بينها سواء كانت مضروبة أو غير مضروبة، ومثلها في ذلك الذهب أيضًا، وجاء في الطريق الثانية النص على المضروبة وهو قوله (الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم الخ) وسيأتي النص على غير المضروبة في قصة معاوية وأبي الدرداء في الحديث التالي (تبنيه) قال النووي قال العلماء إذا بيع الذهب بذهب أو الفضة بفضة سميت مراطلة، وإذا بيعت الفضة بذهب سمى صرفًا لصرفه عن مقتضى البياعات من جواز التفاضل والتفرق قبل القبض والتأجيل، وقيل من صريفهما وهو تصويتهما في الميزان اهـ (تخريجه) (م لك فع نرهق) (2) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن مالك عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار الخ (غريبه) (3) السقاية إناء يشرب فيه سواء كان من ذهب أو فضة أو جلد، وقال ابن حبيب هي كأس كبيرة يشرب بها ويكال بها اهـ وجاء في الموطأ ومسند الشافعي هذا الحديث نفسه عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار أن معاوية بن أبي سفيان باع سقاية من ذهب أو ورق بأكثر من وزنها (4) أي وزنًا بوزن (زاد مالك والشافعي فقال له معاوية ما أرى بهذا بأسًا، فقال أبو الدرداء، من يعذرني من معاوية أخبره عن رسول الله ويخبرني عن رأيه: لا أساكنك بأرض (وإلى هنا انتهى الحديث في مسند الشافعي) زاد مالك في الموطأ ثم قدم أبو الدرداء على عمر بن الخطاب فذكر ذلك له فكتب عمر بن الخطاب إلى معاوية أن لا يبيع ذلك إلا مثلًا بمثل وزنًا بوزن (تخريجه) (لك فع هق) وسنده جيد (5) (سنده) حدثنا إسماعيل بن إبراهيم عن خالد عن أبي قلاية عن أبي الأشعث قال كان أناس يبيعون الفضة من المغانم إلى العطاء فقال عبادة بن الصامت نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) أي الأجناس كالذهب بالفضة والبر بالشعير والتمر بالملح فله أن يبيعه كيف شاء ولو متفاضلًا إلا أنه يشترط التقابض في الحال لقوله (إذا كان يدًا بيد)، وجاء بيان ذلك صريحًا في رواية أخرى للإمام أحمد في حديث عبادة أيضًا قال (وأمرنا أن نبيع الذهب بالفضة والبر بالشعير والشعير بالبر يدًا بيد كيف شئنا) وفيه أن البر والشعير جنسان خلافًا لمن قال إنهما جنس واحد (تخريجه) (م فع د نس جه هق) (7) (سنده) حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا أيوب عن نافع الخ (غريبه) (8) بضم أوله وكسر ثانيه أي لا تزيدوا ولا تنقصوا (9) المراد بالناجز الحاضر وبالغائب المؤجل (10) قال في النهاية الرماء بالفتح والمد

-[إنكار معاوية على عبادة بن الصامت حديث (الذهب بالذهب الخ) وانتصار عبادة عليه]- يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فما تم مقالته حتى دخل به على أبي سعيد وأنا معه، فقال إن هذا حدثني عنك حديثًا يزعم إنك تحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أفسمعته؟ فقال بصر عيني وسمع أذني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا الورق بالورق إلا مثلًا بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض، ولا تبيعوا منها غائبًا بناجزه (عن حكيم بن جابر) (1) عن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الذهب بالذهب والفضة بالفضة مثلًا بمثل حتى خص الملح، فقال معاوية إن هذا لا يقول شيئًا لعبادة، (2) فقال عبادة لا أبالي أن لا أكون بأرض يكون فيها معاوية أشهد أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك (عن عبد الرحمن بن أبي بكرة) (3) قال قال لنا أبو بكرة نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك (عن عبد الرحمن بن أبي بكرة) (3) قال قال لنا أبو بكرة نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبتاع الفضة بالفضة والذهب بالذهب إلا سواءًا، وأمرنا أن نبتاع الفضة في الذهب والذهب في الفضة كيف شئنا (4) فقال له ثابت ابن عبيد الله يدًا بيد؟ قال هذا سمعت (عن ابن عمر) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبيعوا

_ الزيادة على ما يحل ويروى الأرماء، يقال أرمى على الشيء إرماء إذا زاد عليه كما يقال أربى اهـ وقد فسر في الحديث بالرباء: وهذا الجزء من الحديث موقوف على ابن عمر، وسيأتي معناه مرفوعًا عن ابن عمر بعد حديثين (تخريجه) أخرج الجزء المرفوع منه عن أبي سعيد (ق لك فع. وغيرهم). (1) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل يعني ابن أبي خالد ثنا حكيم بن جابر الخ (غريبه) (2) معناه أن معاوية ينكر على عبادة قوله ولذلك قال إن هذا يعني عبادة لا يقول شيئًا يعني سمعناه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعدم سماع معاوية هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينافى سماع غيره من الصحابة ومن حفظ حجه على من لم يحفظ، ولهذا الحديث قصة جاءت مطولة عند مسلم من طريق أبي الأشعث قال غزونا غزاة وعلى الناس معاوية فغنمنا غنائم كثيرة: فكان فيما غنمناه آنية من فضة فأمر معاوية رجلًا أن يبيعها في أعطيات الناس، فتسارع الناس في ذلك: فبلغ عبادة بن الصامت فقام فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواءًا بسواء عينًا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى، فرد الناس ما أخذوا فبلغ ذلك معاوية فقام خطيبًا فقال إلا ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث، قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعها منه، فقام عبادة بن الصامت فأعاد القصة ثم قال ليحدثن بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كره معاوية أو قال وإن زعم ما أبالي أن لا أصحبه في جنده ليلة سوداء، قال حماد هذا أو نحوه اهـ: وروى الإمام أحمد ما يشير إلى هذه القصة باختصار من طريق أبى الأشعث أيضًا وتقدم قبل الحديث السابق (تخريجه) (م فع د نس جه هق) مطولًا ومختصرًا (3) (سنده) حدثنا إسماعيل ثنا يحيى بن أبي إسحق ثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة الخ (غريبه) (4) قال النووي يعني سواءًا ومتفاضلًا وشرطه أن يكون حالًا ويتقابضا في المجلس اهـ (قلت) وهذا الشرط مأخوذ من حديث عبادة المتقدم حيث قيده بقوله (إذا كان يدًا بيد) فلابد في بيع الربويات ببعض من التقابض ولاسيما في العرف، وهو بيع الدراهم بالذهب وعكسه فإنه متفق على اشتراطه (تخريجه) (ق. وغيرهما). (5) (سنده) حدثنا حسين بن محمد ثنا يعنى ابن خيفة عن أبى جناب عن أبيه عن ابن عمر الخ (غريبه)

-[إتفاق العلماء على جواز بيع الحيوان بجماعة من جلسه إذا كان يدًا بيد]- الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين ولا الصاع بالصاعين فإني أخاف عليكم الرماء (1) والرماء هو الربا، فقام إليه رجل فقال يا رسول أرأيت الرجل يبيع الفرس بالأفراس (2) والنجيبة بالإبل قال لا بأس إذا كان يدًا بيد (3) (عن شر حبيل) (4) أن ابن عمر وأبا هريرة. وأبا سعيد حدثوا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الذهب بالذهب مثلًا بمثل والفضة بالفضة مثلًا بمثل عينا بعين من زاد أو ازداد فقد أربى قال شر حبيل إن لم أكن سمعته فأدخلني الله النار. (باب ما جاء في الصرف وهو بيع الورق بالذهب نسيئة يعني دينًا) (5). (عن أبي المنهال) (6) قال سألت البراء بن عازب وزيد بن أرقم عن الصرف (7) فهذا يقول سل هذا فإنه خير مني وأعلم، وهذا يقول سل هذا فهو خير مني وأعلم، قال فسألتهما فكلاهما يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الورق بالذهب دينًا (8). (وعنه أيضًا) (9) أن زيد بن أرقم والبراء

_ (1) تقدم تفسير الرماء وضبطه قبل حديثين (2) الأفراس جمع فرس، والفرس بالتحريك يقع على الذكر والأنثى من الخيل فيقال هو الفرس وهي الفرس: ويقع على التركي والعربي (وقوله النجيبة بالإبل) النجيب الفاضل من كل حيوان والنفيس في نوعه (3) المعنى إنه يجوز بيع الحيوان الفاضل بجماعة من نوعه إذا كان يدًا بيد، وهذا مما لا خلاف فيه، وإنما الخلاف في بيع الحيوان بالحيوان نسيئة وسيأتي الكلام عليه في بابه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير بنحوه وفيه أبو جناب وهو ثقة ولكنه مدلس اهـ (قلت) ورواه (م لك هق) من حديث عثمان بن عفان مقتصرًا على قوله (لا تبيعوا الدينار بالدينارين ولا الدرهم بالدرهمين والله أعلم. (4) (سنده) حدثنا معمر عن عاصم عن شرحبيل الخ (قلت) شرحبيل بضم المعجمة وفتح الراء وسكون المهملة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال حديث أبي هريرة وأبي سعيد في الصحيح ثم قال رواه أحمد (يعني حديث الباب) قال وشرحبيل بن سعد وثقه ابن حبان وضعفه جمهور الأئمة اهـ (تنبيه) يستفاد من أحاديث الباب إن الأصناف التي يوجد فيها الربا ستة: وهي الذهب والفضة والبر والشعير والتمر والملح: فقال أهل الظاهر لا ربا في غير هذه الستة بناء على أصلهم في نفي القياس، وقال جميع العلماء سواهم لا يختص بالستة بل يتعدى إلى ما في معناها وهو ما يشاركها في العلة (باب) (5) (فائدة) قال الحافظ البيع كله إما بالنقد أو بالعرض. حالًا أو مؤجلًا، فهي أربعة أقسام، فبيع النقد إما بمثله (يعني ذهبًا بذهب أو فضة بفضة) وهو المراطلة، أو بنقد غيره (يعني ذهبًا بفضة) وهو الصرف، وبيع العرض (يعني كالثياب والأمتعة ونحوها) بنقد يسمى النقد ثمنًا والعرض عوضًا: وبيع العرض بالعرض يسمى مقايضة: والحلو في جميع ذلك جائز، وأما التأجيل فإن كان النقد بالنقد مؤخرًا فلا يجوز، وإن كان بالعرض جاز، وإن كان العرض مؤخرًا فهو السلم، وإن كانا مؤخرين فهو بيع الدين بالدين وليس بجائز إلا في الحوالة عند من يقول إنها بيع والله أعلم (6) (سنده) حدثنا عفان ثنا شعبة أخبرني حبيب بن أبي ثابت قال سمعت أبا المنهال قال سألت البراء الخ (أبو المنهال) اسمه يسار بن سلامة الرياحي بالتحتية والمهملة البصري (غريبه) (7) أي بيع الدراهم بالذهب أو عكسه (8) زاد في الأصل بعد هذه الجملة (قال وسألت هذا فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الورق بالذهب دينًا) وهي عين الجملة المذكورة في الحديث، وليست هذه الجملة الزائدة عند الشيخين (تخريجه) (ق. وغيرهما) (9) (سنده) حدثنا يحيى بن أبي بكير ثنا إبراهيم بن نافع قال سمعت عمرو بن دينار يذكر عن

-[النهي عن بيع الذهب بالفضة نسيئة وجوازه إذا كان يدًا بيد]- ابن عازب كانا شريكين فاشتريا فضة (1) بنقد ونسيئة فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهما أن ما كان بنقد فأجيزوه وما كان نسيئة فردوه (2). (عن أبي صالح ذكوان) (3) عن أبي هريرة وأبي سعيد وجابر أو اثنين من هؤلاء الثلاثة رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الصرف (4) (عن أبي قلابة) (5) قال قدم هشام بن عامر البصرة فوجدهم يتبايعون الذهب (6) $$$ فقام فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الذهب بالورق نسيئة وأخبرنا أو قال إن ذلك هو الربا (عن مالك بن أوس بن الحدث ثان) (7) قال صرفت عند طلحة بن عبيد الله ورقا بذهب فقال أنظرني حتى يأتينا $$$ من الغابة (8) قال فسمعها عمر بن الخطاب فقال لا والله لا تفارقه حتى تستوفى منه صرفه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الذهب بالورق ربا الأهاء (9) وهاء (عن ابن عمر) (10) قال سألت النبي صلى الله عليه وسلم اشترى الذهب بالفضة أو الفضة بالذهب؟ قال إذا أخذت واحدًا منهما بالآخر فلا يفارقك صاحبك وبينك وبينه لبس (11) (وعنه أيضًا) (12) قال كنت أبيع الإبل بالبقيع (13) فأبيع بالدنانير وآخذ الدراهم، وأبيع بالدراهم وآخذ الدنانير أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يريد أن يدخل حجرته (وفي لفظ فوجدته خارجًا من بيت حفصة) فأخذت بثوبه فسألته فقال إذا أخذت واحدًا منها بالآخر فلا يفارقنك وبينك وبينه

_ أبي المنهال أن زيد بن أرقم والبراء بن عازب الخ (غريبه) (1) يعني مقابضة يدًا بيد (وقوله ونسيئه) يعني واشتريا بعضها نسيئة إلى أجل (2) جاء في رواية أخرى للإمام أحمد والبخاري (إن كان يدًا بيد فلا بأس، وإن كان نسيئًا فلا يصلح) والمعنى واحد: والمراد أن ما وقع لكم فيه التقابض فهو صحيح فأمضوه: وما لم يقع لكم فيه التقابض فليس بصحيح فاتركوه، ولا يلزم من ذلك أن يكونا جميعًا في عقد واحد قاله الحافظ (تخريجه) (ق نس هق) (3) (سنده) حدثنا يحيى عن أشعث عن محمد عن أبي صالح ذكوان الخ (غريبه) (4) الصرف المنهي عنه هنا هو النسيئة. وأما إن كان يدًا بيد فلا بأس به كما تقدم في الحديث السابق (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) ورجاله رجال الصحيح. (5) (سنده) حدثنا حسن بن موسى قال ثنا حماد يعني ابن زيد عن أيوب عن أبي قلابة الخ (غريبه) (6) يعني بالفضة (وقوله في أعطياتهم) أي نسيئة إلى وقت صرف الصدقات أو الغنائم ونحوها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) ورجال أحمد رجال الصحيح. (7) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهري أخبرني مالك بن أوس بن الحدثان الخ (غريبه) (8) بالغين المعجمة موضع قريب من المدينة به أموال لأهلها، وكان لطلحة بها مال ونخل، وإنما قال ذلك لظنه جوازه كسائر البيوع وما كان بلغه حكم المسألة (9) أي إلا حال الحضور والتقابض فكنى عن التقابض بقوله هاء وهاء وتقدم ضبطه ومعناه في الباب السابق (تخريجه) (ق نس هق. والإمامان). (10) (سنده). حدثنا حسين بن محمد قال ثنا إسرائيل عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عمر الخ (غريبه) (11) أي خلط بسبب أن يبقى بينكما شيء (تخريجه) (د نس جه هق) ورجاله رجال الصحيح. (12) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا إسرائيل عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عمر قال كنت أبيع الإبل الخ (غريبه) (13) هو بالياء الموحدة بعدها قاف يعني بقيع الغرقد قبل أن يتخذ مقبرة. وجاء في بعض

-[حجة من قال بجواز التفاضل في الجنس إذا كان يدًا بيد]- بيع (1) (وفي لفظ) فقال لا بأس أن تأخذها بسعر يومها (2) ما لم تفترقا وبينكما شيء. (باب حجة من رأى جواز التفاضل في الجنس إذا كان يدًا بيد) (عن ابن عباس) (3) عن أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ربا فيما كان يدًا بيد، قال يعني إنما الربا في النساء (4) (وفي لفظ) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الربا في النسيئة. (عن سعيد بن المسيب) (5) حدثني أسامة بن زيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا ربا إلا في النسيئة (6). (عن يحيى بن قيس) (7) المازني قال سألت عطاء عن الدينار بالدينار وبينهما فضل والدرهم بالدرهم؟ قال كان ابن عباس يحله. فقال ابن الزبير إن ابن عباس يحدث بما لم يسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فبلغ ابن عباس فقال غني لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أسامة بن زيد حدثني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس الربا إلا في النسيئة والنقرة) (8) (عن أبي صالح) (9) قال سمعت أبا سعيد يقول الذهب بالذهب وزنًا بوزن (10) قال فلقيت ابن عباس فقلت أرأيت ما تقول، أشيئًا وجدته في كتاب الله أو سمعته

_ الروايات بالنون وهو موضع قريب من المدينة (1) أي شيء من ثمن البيع غير مقبوض (2) أي لا بأس أن تأخذ بدل الدنانير الدراهم وبالعكس بشرط التقابض في المجلس. والتقييد بسعر اليوم على طريق الاستحباب (وقوله وبينكما شيء) حال أي لا بأس ما لم تفترقا والحال أنه بقى بينكما شيء غير مقبوض كذا في فتح الودود (تخريجه) (نس مذ جه هق) وقال الترمذي لا نعرفه مرفوعًا إلا من حديث سماك ابن حرب، وذكر أنه روى عن ابن عمر موقوفًا: قاله المنذري في مختصر أبي داود والله أعلم (باب). (3) (سنده) حدثنا يحيى بن إسحاق وعفان قالا ثنا وهيب ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس الخ (غريبه) (4) بفتح النون المشددة وبالمهملة والمد أي التأخير يقال أنسأه نساء ونسيئة وظاهره أن التفاضل يجوز في الربويات ولو اتحد الجنس إذا كان يدًا بيد. وأن ربا الفضل لا يحرم إلا في النسيئة. وهذا يخالف الأحاديث المتقدمة التي ذهب إليها جمهور العلماء: وسيأتي أن ابن عباس رجع عن ذلك (تخريجه) (م. وغيره). (5) حدثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن إسحاق حدثني عبيد الله بن علي بن أبى رافع عن سعيد بن المسيب الخ (غريبه) (6) هذا الحديث حكى النووي إجماع المسلمين على ترك العمل به، قال وهذا يدل على نسخه، وتأوله بعض العلماء على أنه محمول على الأجناس المختلفة فإنه لا ربا فيها من حيث التفاضل، بل يجز تفاضلها يدًا بيد (وقال الشافعي) إنه مجمل وحديث عبادة بن الصامت وأبي عبيد وغيرهما مبين: فوجب العمل بالمبين وتنزيل المجمل عليه والله أعلم (تخريجه) (ق وغيرهما) (7) (سنده) حدثنا محمد بن بكر أنا يحيى بن قيس المازني الخ (غريبه) (8) بضم النون وسكون القاف: قال في القاموس القطعة المذابة من الذهب والفضة، وعلى هذا فمعناه والله أعلم أن ربا الفضل لا يجوز في الذهب والفضة ولو كان يدًا بيد إذا اتحد الجنس، وبه قال جميع العلماء (تخريجه) لم أقف على هذه القصة لغير الإمام أحمد: وروى المرفوع منه الشيخان والشافعي وغيرهما بدون لفظ النقرة والله أعلم. (9) (سنده) حدثنا سفيان بن عيينة ثنا عمرو يعني ابن دينار عن أبي صالح الخ (أبو صالح) هو السمان اسمه ذكوان بفتح المعجمة المدني من الثقات وهو المذكور في الحديث التالي (غريبه) (10) زاد عند مسلم من زاد أو ازداد فقد أربى، فقلت له إن ابن عباس يقول غير هذا، فقال (لقد لقيت

-[رجوع ابن عباس عن قوله بجواز التفاضل في الجنس الواحد إذا كان يدًا بيد]- من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال ليس بشيء وجدته في كتاب الله أو سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن أخبرني أسامة بن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الربا في النسيئة (عن ذكوان) قال أرسلني أبو سعيد الخدري إلى ابن عباس قال قل له في الصرف أسمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم نسمع أو قرأت في كتاب الله عز وجل ما لم نقرأ؟ قال بكل لا أقول، (2) ولكن سمعت أسامة ابن زيد يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ربا إلا في الدين أو قال في النسيئة (عن سليمان بن علي الربعي) (3) حدثنا أبو الجوزاء غير مرة قال سألت ابن عباس عن الصرف يدًا بيد؟ فقال لا بأس بذلك اثنين بواحد أكثر من ذلك وأقل، (5) قال ثم حججت مرة أخرى والشيخ حي (6) فأتيته فسألته عن الصرف فقال وزنا بوزن: قال فقلت إنك قد أفتيتني اثنين بواحد فلم أزل أفتى به منذ أفتيتني، فقال إن ذلك كان عن رأيي (7) وهذا أبو سعيد الخدري يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فتركت رأيي إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب حكم من باع ذهبًا وغيره بذهب) (عن فضالة بن عبيد) (8) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بقلادة (9) فيها ذهب وخرز تباع وهي من الغنائم (10) فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بالذهب الذي في القلادة فنزع وحده (11) ثم قال الذهب بالذهب وزنًا بوزن (وعنه أيضًا) (12) قال اشتريت قلادة يوم خيبر باثني عشر دينارًا

_ ابن عباس الخ) وعلى هذا فالقائل لقيت ابن عباس هو أبو سعيد كما يستفاد ذلك من رواية مسلم (تخريجه) (ق نس هق. وغيرهم) (1) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن دينار عن ذكوان الخ (غريبه) (2) يعني ما سمعت فيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا ولا قرأته في كتاب الله عز وجل ولكن سمعت أسامة الخ (تخريجه) (ق نس هق) (3) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون أنا سليمان بن علي الربعي الخ (الربعى) بفتح الراء والموحدة وثقه ابن معين (غريبه) (4) اسمه أوس بن عبد الله الربعى وثقه أبو حاتم (5) معناه أنه كان يرى جواز الصرف متفاضلًا مع اتحاد الجنس كدرهم بدرهمين إذا كان يدًا بيد معتمدًا على حديث أسامة كما تقدم في الحديث السابق (6) يعني ابن عباس رضي الله عنهما (7) ظاهر قوله إن ذلك كان عن رأيي يخالف ما تقدم من احتجاجه بحديث أسامة إلا أن يقال إن اعتقاده بظاهر حديث أسامة وعدم الالتفات إلى تأويل الجمهور له كان رأيًا، ثم رجع عن ذلك إلى تأويل ذلك الحديث حين بلغه حديث أبي سعيد والله أعلم (تخريجه) (جه) والحازمى وسنده جيد (باب) (8) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة وابن لهيعة قالا أنا أبو هانئ بن هانئ عن علي بن رباح عن فضالة بن عبيد الخ (غريبه) (9) القلادة من حلي النساء تعلقها المرأة في عنقها: والخرز الجوهر وما ينظم، وقد صرح بالجوهر في رواية عند مسلم ستأتي في آخر الباب (10) قال الأبي في شرح مسلم كان بيعها بعد القسم وبعد أن صارت في ملك من صارت له (11) أي ميل من الخرز ليعرف مقدار الذهب الذي في القلادة فلا يباع بذهب أكثر منه أو أقل بل وزنًا بوزن كما صرح بذلك في آخر الحديث، والحكمة في ذلك اتحاد العلة، وهي تحريم بيع الجنس بجنسه متفاضلًا (تخريجه) (م د نس مذ) (12) (سنده) حدثنا هاشم ويونس قالا ثنا ليث بن سعد قال هاشم ثنا سعيد بن يزيد أبو شجاع، وقال يونس عن سعيد بن سويد أبي شجاع الحميري عن خالد

-[حكم من باع ذهبًا وغيره بذهب- والنهي عن كسر الدراهم والدنانير وجعلها سبائك]- فيها ذهب وخرز ففصلتها (1) فوجدت فيها أكثر من اثنى عشر دينارًا فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لا تباع حتى تفصل (وعنه أيضًا) (2) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح خيبر فباع اليهود الأوقية الذهب بالدينارين والثلاثة، (3) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا وزنًا بوزن (باب النهي عن كسر الدراهم والدنانير التي يتعامل بها إلا من بأس) (عن علقمة بن عبد الله) (4) عن أبيه (5) قال نهي نبي الله صلى الله عليه وسلم أن تكسر سكة (6) المسلمين الجائزة بينهم (7) إلا من بأس (باب بيع الطعام مثلًا بمثل) (عن معمر ابن عبد الله العدوى) (8) أنه أرسل غلامًا له بصاع من قمح فقال له بعه ثم اشتر به شعيرًا، فذهب الغلام فأخذ صاعًا وزيادة بعض صاع (9) فلما جاء معمرًا (10) أخبره بذلك، فقال له معمر أفعلت؟ انطلق فرده ولا تأخذ إلا مثلًا بمثل، فإني كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الطعام بالطعام مثلًا بمثل، وكان طعامنا يومئذ الشعير، قيل فإنه ليس مثله، (11) قال إني أخاف أن يضارع (12)

_ ابن أبي عمران قال يونس المعافري عن حنش الصنعاتي عن فضالة بن عبيد الأنصاري قال اشتريت قلادة الخ (غريبه) (1) بتشديد الصاد المهملة أي ميزت ذهبها من خرزها (تخريجه) (م د نس. ذهق) (2) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا ليث بن سعد عن عبد الله بن أبي جعفر عن الجلاح (بضم الجيم وتخفيف اللام) أبى كثير قال حدثني حنش الصنعاتي عن فضالة بن عبيد قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) قال النووي يحتمل أن مراده كانوا يتبايعون الأوقية من ذهب وخرز وغيره بدينارين أو ثلاثة، وإلا فالأوقية وزن أربعين درهمًا، ومعلوم أن أحدًا لا يبتاع هذا القدر من ذهب خالص بدينارين أو ثلاثة، وهذا سبب مبايعة الصحابة على هذا الوجه ظنوا جوازه لاختلاط الذهب بغيره فبين النبي صلى الله عليه وسلم أنه حرام حتى يميز ويباع الذهب بوزنه ذهبًا (تخريجه) (م هق وغيرهما) (باب) (4) (سنده) حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت محمد بن فضاء يحدث عن أبيه عن علقمة بن عبد الله الخ (غريبه) (5) هو عبد الله بن مغفل (بمعجمة وفاء ثقيلة) بن عبيد بن نهم (بفتح النون وسكون الهاء) أبو عبد الرحمن المزني صحابي جليل بايع تحت الشجرة ونزل البصرة مات سنة سبع وخمسين وقيل بعد ذلك (6) بكسر العين المهملة أراد بها الدراهم والدنانير المضروبة فيسمى كل واحد منها سكة لأنه طبع بالحديدة المنقوشة واسمها السكة (7) أي النافعة في معاملتهم (وقوله إلا من رأس) أي إلا من أمر يقتضى كسرها كأن تكون زيوفًا أوشك في صحة نقدها (تخريجه) (د جه ك) وزاد الحاكم نهى أن تكسر الدراهم فتجعل فضة أو تكسر الدنانير فتجعل ذهبًا، وسكت عنه الحاكم والذهبي: قال الحافظ العراقي ضعيف ضعفه ابن حبان، وقال لصاحب المهذب فيه محمد بن فضاء ضعيف (باب) (8) (سنده) حدثنا حسن قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا أبو النضر أن بسر بن سعيد حدثه عن معمر بن عبد الله العدوى الخ (غريبه) (9) أي من شعير بدل صاع القمح (10) بالنصب على المفعولية أي فلما جاء الغلام معمرًا (كقوله تعالى (فلما جاء سليمان قال أتمدونن بمال) (11) أي ليس من جنسه والممنوع التفاضل في الطعام إذا كان من جنس واحد وتقدم قوله صلى الله عليه وسلم (إذا اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم) (12) معنى يضارع يشابه ويشارك أي أخاف أن يكون في معنى المماثل فيكون

-[لا يجوز بيع الطعام بجلسه متفاضلًا وإن كان يدًا بيد]- (عن أبي دهمانة) (1) قال كنت جالسًا عند عب الله بن عمر فقال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيف فقال لبلال ائتنا بطعام فذهب بلال فأبدل صاعين من تمر بصاع من تمر جيد وكان تمرهم دونا (2) فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم التمر (3) فقال النبي صلى الله عليه وسلم من أين هذا التمر؟ فأخبره أنه أبدل صاعًا بصاعين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رد علينا تمرنا (4) (عن أبي سعيد الخدري) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بتمر ريان (6) وكان تمر نبي الله صلى الله عليه وسلم تمرًا بعلا (7) فيه يبس فقال أنى لكم هذا التمر؟ فقالوا هذا تمر ابتعنا صاعًا بصاعين من تمرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يصلح ذلك (وفي لفظ أربيتم) (8) ولكن بع ثمرك ثم ابتع حاجتك (9) (وعنه أيضًا) (10) قال كنا نرزق تمر الجمع (11) قال يزيد تمرًا من تمر الجمع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنبيع الصاعين بالصاع فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لا صاعي تمر بصاع، ولا صاعي حنطة بصاع ولا درهمين بدرهم، قال يزيد لا صاعًا (12) تمر بصاع ولا صاعًا حنطة بصاع (وعنه أيضًا) (13) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم بينهم طعامًا (14) مختلفا بعضه أفضل من بعض، قال فذهبنا نتزايد (15) بيننا، فمنعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن

_ له حكمه في تحريم الربا وهذا من شدة ورعه: ووافقه مالك في ذلك والجمهور على خلافه (تخريجه) (م هق وغيرهما). (1) (سنده) حدثنا ابن نمير ثنا فضيل يعني ابن غزوان حدثني أبو دهمانة الخ (غريبه) (2) أي رديئًا (3) يعني الذي أتى به بلال (4) يستفاد منه أنه لا يجوز التفاضل بين طعامين ربوبين من جنس واحد لكون أحدهما جيدًا والآخر رديئًا ولولا ذلك لما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بلالًا برده (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل طب) ورجال أحمد ثقات اهـ (قلت) وروى نحوه أيضًا مسلم والإمام أحمد من حديث أبى سعيد وسيأتي بعد هذا (5) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن سعيد بن المسيب عن أبى سعيد الخ (غريبه) (6) هو الذي يسقى كثيرًا بماء الأنهار (7) أي لا يسقى ولكن يشرب بعروقه من رطوبة الأرض (8) أي فعلتم الربا لأن الثمر كله جنس واحد جيده ورديئة لا يجوز التفاضل بينه (9) معناه أن من أراد تحصيل الجيد ينبغي له أن يبيع رديئه بنقد ثم يشتري به الجيد حيث كان (تخريجه) (م فع نس. والطيالسى) (10) (سنده) حدثنا عبد الملك ابن عمرو ثنا هشام ويزيد أنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (11) أي كنا نعطاه في أعطياتنا (وتمر الجمع) جاء مفسرًا في رواية مسلم بقوله (وهو الخلط من التمر) أي أنه مختلط من أنواع متفرقة وليس مرغوبًا فيه (وقوله قال يزيد) هو أحد الروايين اللذين روى عنهما عبد الملك بن عمرو هذا الحديث، ومعناه أنه قال في روايته (كنا نرزق تمرًا من تمر الجمع) بدل قوله (كنا نرزق تمر الجمع) (12) بألف التثنية ومعنى الحديث أنه لا يجوز المفاضلة بين شيئين من جنس واحد من الربويات وإن كانت يدًا بيد، ويستفاد منه بطلان العقد في الربا (تخريجه) (فع م نس جه) (13) (سنده) حدثنا ابن إسحاق حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط أن أبا سلمة ومحمد بن عبد الرحمن بن ثوبان أخبراه أنهما سمعا أبا سعيد الخدري يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قسم بينهم الخ (غريبه) (14) أي ربويًا مختلفًا: بعضه جيد وبعضه رديء (15) أي يطلب كل منا من يشتري الرديء بزيادة في مقابلة الجيد

-[جواز التفاضل في غير المكيل والموزون وقصة زواج النبي صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي]- نتبايعه إلا كيلا بكيل لا زيادة فيه (1) (باب ما جاء في التفاضل والنسيئة في غير المكيل والموزون وبيع اللحم بالحيوان) (عن جابر بن عبد الله) (2) الأنصاري قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة اثنين بواحد (3) ولا باس به يدا بيد. (زعن جابر ابن سمرة) (4) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئة. (وعن سمرة بن جندب) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن أنس بن مالك) (6) أن صفية رضي الله عنها (7) وقعت في سهم دحية الكلى فقيل يا رسول الله قد وقعت في سهم دحية جارية جميلة فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس (8) (عن عمر بن الحريش) (9) قال سألت عبد الله بن عمرو بن العاص

_ كأن يأخذ صاعين من الرديء بصاع من الجيد مثلًا (1) أي فإن تعذر بيعه كذلك فليبع الرديء بقيمته ثم يشتري الجيد بقيمته كما تقدم في الأحاديث السابقة والله أعلم (تخريجه) (م فع. وغيرهما) (باب) (2) (سنده) حدثنا نصر بن باب عن حجاج عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (3) ظاهر هذا الإطلاق تحريم بيع الحيوان بالحيوان نسيئة متفاضلًا سواء اتحد الجنس أو اختلف: وللعلماء خلاف في ذلك، انظر القول الحسن شرح بدائع $$$ صحيفة 185 في الجزء الثاني (تخريجه) (جه مذ) وحسنه (4) (وسنده) حدثنا أبو إبراهيم الترجماني هو إسماعيل بن إبراهيم ثنا أبو عمرو المقري عن سماك عن جابر بن سمرة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن أحمد (يعني في زوائده على المسند ولذلك رمزت له بحرف زاي في أوله) قال وفيه أبو عمرو والمقري فإن كان هو الدوري فقد وثق والحديث صحيح، وإن كان غيره فلم أعرفه اهـ (قلت) وعلى كل حال فالذي قبله يؤيده (5) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن أبي عروبة وابن جعفر ثنا سعيد عن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن بيع الحيوان بالحيوان نسيئه: قال يحيى ثم نسى الحسن فقال إذا اختلف الصنفان فلا بأس (تخريجه) (هق. والأربعة) وقال الترميذي حديث سمرة حديث حسن صحيح، وسماع الحسن من سمرة صحيح، هكذا قال علي بن المديني وغيره اهـ (قال الحافظ) وحديث سمرة صححه ابن الجارود ورجاله ثقات إلا أنه اختلف في سماع الحسن عن سمرة، وقال الشافعي لم يثبت، هو غير ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم اهـ (قلت) وفي الاستذكار قال الترمذي قلت للبخاري في قولهم لم يسمع الحسن من سمرة إلا حديث العقيقة، قال سمع منه أحاديث كثيرة وجعل روايته عنه سماعًا وصححها (6) (سنده) حدثنا يزيد ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (7) هي إحدى أمهات المؤمنين من سلالة هارون بن عمران عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام، وأبوها حيي بن أخطب اليهودي سيد بني قريظة والنضير، وقد جاء في بعض طرق هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم لما جمع بني خيبر جاء دحية فقال أعطى جارية منه: فقال اذهب فخذ جارية فأخذ صفية، فقيل يا رسول الله إنها سيدة قريظة والنضير ما تصلح إلا لك: فاشتراها النبي صلى الله عليه وسلم منه بسبعة أرؤس ثم أعتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها: وسيأتي نحو هذا في الباب الأول من غزو خيبر من حديث طويل لأنس أيضًا (8) ليس هذا آخر الحديث وإنما ذكرت منه هذا الجزء لمناسبة الترجمة وسيأتي بتمامه في باب زواج النبي صلى الله عليه وسلم بصفية من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق د نس جه هق) وهو يدل على أن ربا الفضل لا يجرى في العبيد إذا كان يدًا بيد وذاك باتفاق العلماء (9) (سنده)

-[ما جاء في السلم وتعريفه وأحكامه]- فقلت إنا بأرض ليس فيها دينار ولا درهم، وإنما نبايع بالإبل والغنم إلى أجل فما ترى في ذلك؟ قال على الخبير سقطت، جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشًا بإبل الصدقة حتى نفدت (1) وبقى ناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتر لنا إبلا (2) بقلائص من إبل الصدقة إذا جاءت (3) حتى نؤديها إليهم، فاشتريت البعير بالاثنين والثلاث قلائص (4) حتى فرغت فأدى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من إبل الصدقة (كتاب السلم (5)) (عن ابن عباس) (6) قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يسلفون في التمر (7) السنتين والثلاث، فقال من سلف (8) فليسلف في كيل معلوم (9)

_ حدثنا حسين يعني ابن محمد ثنا جرير يعني ابن حازم عن محمد يعني ابن إسحاق عن أبي سفيان عن مسلم ابن جرير عن عمر بن الحريش الخ (الحريش) بوزن العريش قال في الخلاصة هو أبو محمد الزبيدي بضم الزاي وعنه أبو سفيان شيخ مسلم بن جبير اهـ (قلت) وعلى هذا فما جاء في السند من قوله عن أبي سفيان عن مسلم بن جبير خطأ، وصوابه عن مسلم بن جبير عن أبي سفيان: ويؤيد ذلك ما جاء في سنن أبي داود وغيره (1) بكسر الفاء من باب تعب أي لم يبق منها شيء وبقى ناس بدون تجهيز (2) أي قوية تقوى على الحمل ومهام القتال (والقلائص) جمع قلوص بفتح أوله، والقلوس الأنثى الشابة من الإبل أول ما تركب وهي بمنزلة الجارية من النسا لا تقوى على الحمل الكثير وعناء السفر (2) يستفاد من قوله (إذا جاءت) أن القلائص كانت غير موجودة وقت الشراء، وقد استدل به القائلون بجواز بيع الإبل متفاضلة نسيئة وهم الشافعية وآخرون، وشرط المالكية اختلاف الجنس: ومنع من ذلك الحنفية والحنابلة مطلقًا سواء اتحد الجنس أو اختلف إلا إذا كان يدًا بيد (4) أي لأن القلائض أقل قيمة من الإبل التي اشتراها (تخريجه) (هن قط طح) وفيه محمد بن إسحاق ثقة لكنه مدلس وقد عنعن، وقوى الحافظ إسناده، وقال الخطابي في إسناده مقال، ولعله يعني من أجل محمد بن إسحاق، ولكن قد رواه البيهقي في سننه من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده وليس فيه محمد بن إسحاق والله أعلم (كتاب السلم) (5) السلم كالسلف وزنًا ومعنى، وحكى الحافظ عن الماوردي أن السلف لغة أهل العراق والسلم لغة أهل الحجاز (قال النووي) وذكروا في حد السلم عبارات أحسنها أنه عقد على موصوف في الذمة ببدل يعطى عاجلًا بمجلس البيع، سمى سلمًا لتسليم رأس المال في المجلس، وسلفًا لتقديم رأس المال، قال وأجمع المسلمون على جواز السلم اهـ (قلت) انظر مذاهب الأئمة في أحكام السلم في القول الحسن شرح بدائع المتن صحيفة 186 و 187 في الجزء الثاني (6) (سنده) حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن عبد الله ابن كثير عن أبي المهال عن ابن عباس الخ (غريبه) (7) بالشدة وسكون الميم ومثله رواية (دنس جه) وجاء في البخاري بالمثلثة وفتح الميم وهو أعمل (8) بتشديد اللام يقال سلف واسلب وسلم وأسلم (9) احترز بالكيل عن السلم في الأعيان (وبقوله معلوم) عن المجهول من المكيل والموزون: وقد كانوا في المدينة حين قدم النبي صلى الله عليه وسلم يسلمون في ثمار نحيل بأعيانها فنهاهم عن ذلك لما فيه من الغرر، وقد تصاب تلك النخيل بعاهة فلا تثمر شيئًا (وقوله ووزن معلوم) الواو بمعنى أو، والمراد اعتبار الكيل فيما يكال كالقمح والشعير، والوزن فيما يوزن كعنب ورطب ورمان، وكذا العد فيما يعد كالحيوان، والدرع

-[جواز السلم في المكيل والموزون والمعدود والثياب]- ووزن معلوم إلى أجل معلوم (1) (عن محمد بن أبي المجالد) (2) مولى بني هاشم قال أرسلني ابن شداد وأبو بردة فقالا انطلق إلى ابن أبي أوفى فقل له إن عبد الله بن شداد وأبا بردة يقرآنك السلام ويقولان هل كنتم تسلفون في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في البر والشعير والزبيب؟ قال نعم كنا نصيب غنائم في عهد رسول صلى الله عليه وسلم فنسلفها في البر والشعير والتمر والزبيب، فقلت عند من كان له زرع أو عند من ليس له زرع؟ فقال ما كنا نسألهم عن ذلك (3)، قال وقالا لي انطلق إلى عبد الرحمن ابن أبزى (4) فاسأله، قال فانطلق فسأله فقال له مثل ما قال ابن أبي أوفى، قال وكذا حدثاه (5) أبو معاوية عن زائدة عن الشيباني قال والزيت (عن ابن عمر) (6) قال ابتاع رجل من رجل نخلًا (7) فلم يخرج تلك السنة شيئًا فاجتمعا فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم بم تستحل دراهمه؟ أردد إليه دراهمه ولا تسلمن في نخل حتى يبدو صلاحه (8)، فسألت مسروقًا ما صلاحه؟ فقال يحمار أو يصفار (عن أبي سعيد الخدري) (9) قال لا يصح السلف في القمح والشعير والسلت (10) حتى يفرك، ولا في العنب والزيتون وأشباه ذلك حتى يمجج (11) ولا ذهبا عينا بورق دينا (12)، ولا ورقا دينا بذهب

_ فيما يذرع كالثوب، قال النووي معناه إن أسلم كيلا أو وزنًا فليكن معلومًا (1) قال النووي ليس ذكر الأجل في الحديث لاشتراط الأجل، بل معناه إن كان أجل فليكن معلومًا كما أن الكيل ليس بشرط بل يجوز السلم في الثياب بالذرع (تخريجه) (ق فع هق. والأربعة) (2) (سنده) حدثنا هشيم أنبأنا الشيباني عن محمد بن بي المجالد الخ (غريبه) (3) جاء عند ابن ماجه بلفظ (كنا نسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد أبي بكر وعمر في الحنطة والشعير والزبيب والتمر عند قوم ما عندهم (وفي لفظ ما نراه عندهم) وفيه دلالة على أنه لا يشترط في المسلم فيه أن يكون عند المسلم إليه (4) بالموحدة والزاي على وزن أعطى من صغار الصحابة ولأبيه أبزى صحبة (5) القائل وكذا حدثناه الخ هو الإمام أحمد يريد أنه روى الحديث أيضًا من طريق أي معاوية عن زائدة عن الشيباني الخ فزاد فيه (والزيت) (تخريجه) (خ دنس جه هق) (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن أبي إسحق عن النجراني عن ابن عمر الخ (غريبه) (7) المراد بالبيع $$$ السلم لما ثبت في رواية أخرى للإمام أحمد من حديث ابن عمر أيضًا بلفظ (أسلم رجل في نحل لرجل فقال لم يحمل نخلة فأراد أن يأخذ دراهمه فلم يعطه فأتى به رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث، وروى ابن ماجه عن ابن عمر أيضًا أن رجلًا أسلم في حديقة نخل فذكر معناه (8) أي يظهر نضج ثمره (وقوله فسألت مسروقًا الخ) مسروق هو ابن الأجدع الهمداني الإمام القدوة روى عن أبي بكر وعمر وعلي ومعاذ وطائفة: والسائل هو النجراني أو أبو إسحق والغالب أنه أبو إسحق لأنه كان معاصرًا له وعارفًا بأحواله والله أعلم (تخريجه) (د جه) وفي إسناده النجراني وهو غير معروف وبقية رجاله ثقات (9) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا ابن هبيرة عن حنش بن عبيد الله عن أبي سعيد الخ (غريبه) (10) السلت بضم المهملة وسكون اللام ضرب من الشعير وتقدم الكلام عليه في باب النهي عن بيع المزامنة والمحافلة الخ رقم 116 صحيفة 37، وليس المراد الحصر في هذه الأصناف الثلاثة بل وكل ما يشبهها من أصناف الحبوب (وقوله حتى يفرك) أي ييبس حبه (11) أي حتى يبلغ ويطيب ويصير حلوًا، يقال $$$ العنب يمجج إذا طاب وصار حلوًا (نه) (12) أي لا يصلح أن تسلف ذهبًا قبضًا في ورق

-[ما جاء في القرض وفضله - وقصة سليم بن أدبان مع علقمة بن قيس]- عينا (1) (قال عبد الله بن الإمام أحمد) قال أبي ليس مرفوعا (2) * (عن ابن عباس) (3) 275 عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في السلف في حبل الحبلة ربا (4) (كتاب القرض والدين) (باب ما جاء في فضل القرض والتيسير على المعسر) * (عن عطا بن السائب) (5) عن ابن أذنان 276 قال أسلفت علقمة (6) الفي درهم فلما خرج عطاؤه قلت له أقض (7) قال أخرني إلى قابل، فأتيت عليه فأخذتها (8) قال فاتيته بعد قال برحت بي (9) وقد منعتني؟ قلت نعم هو عملك (10). قال وما شأني؟ قلت إنك حدثتني عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن السلف يجري مجرى شطر الصدقة (11)

_ أي فضة نسيئة (1) الظاهر العكس يعني ولا ذهبا دينا بورق عينا وإلا كانت هذه الصورة بمعنى الصورة الأولى إلا أن يقال المراد بالصورة الثانية الحوالة وهي أن يقبض ذهبا من رجل ويحيله على مدينة ليقبض ورقا بعد انقضاء الأجل والله أعلم (2) معناه أن هذا الحديث موقوف على أبي سعيد وليس مرفوعا إلى النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد موقوفا وفيه ابن لهيعة وحديثة حسن وفيه كلام * (3) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (4) بفتح الموحدة فيهما أي في قوله حبل الحبلة، ومعنى السلف فيه هو أن يسلم المشترى الثمن إلى رجل عنده ناقة حبلى ويقول إذا ولدت هذه الناقة ثم ولدت التي في بطنها فقد اشتريت منك ولدها بهذا الثمن، فهذه المعاملة شبهة بالربا لكونه حراما كالربا من حيث أنه بيع ما ليس عند البائع وهو لا يقدر على تسليمه ففيه غرر: وعبر بالربا عن الحرام وكأنه اسم عام يقع على كل محرم في الشرع (تخريجه) (نس) وصححه الحافظ السيوطي (باب) * (5) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد أخبرنا عطاء بن السائب عن ابن أذنان الخ (قلت) هكذا جاء في المسند (ابن اذنان) بذال معجمة بعدها نون وكذلك عند ابن ماجه: لكن ذكره الحافظ في تعجيل المنفعة بدال مهملة بعد هاء باموحدة وإليك ما ذكره الحافظ قال (ابن ادبان) قال أسلفت علقمة ألفى درهم وعنه عطاء بن السائب قلت اسمه سليم ويقال عبد الرحمن ذكره البخاري في حرف السين فقال سليم بن أدبان ثم أخرج من رواية شعبة عن الحكم ابن عتيبة وأبي اسحق عن سليم بن أدبان كان له على علقمة ألف فذكر القصة وذكر له الحافظ جملة طرق، منها عن قبيس عن رومي قال كان سليم أو سليمان بن أدبان يقرض علقمة إلى عطائة فذكر القصة: قال الحافظ والراجح من هذا أن اسمه سليم ومن سماه سليمان فقد صحف قال وقد ذكره ابن حبان في الطبقة الثالثة من الثقات، فقال سليم بن أدبان النخعي يروى عن علقمة روى عنه الحكم وأبو اسحق أهـ (غريبه) (6) هو ابن قبس النخعي الكرفي أحد الأعلام روى عن الخلفاء الأربعة وابن مسعود وغيرهم من الصحابة، قال ابن المديني أعلم الناس بابن مسعود علقمة والأسود (7) أي أعطني ما اقترضته مني (8) أي لم يقبل سنه التأخير وأخذها (9) القائل برحت بي الخ، هو علقمة، ومعناه أنك ما زلت ملازما لي ولم تفارقني حتى أخذت الألفى درهم ومنعتني من تأخيرها (10) أي أنها السبب في ذلك (11) معناه أنك قد حدثتني عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ثواب السلف نصف ثواب الصدقة فقد أسلفتك مرة، وما أخذت المال منك رغبة فيه أو احتياجا إليه ولكن لأسلفك مرة أخرى راجيا ثواب الصدقة فخذه الآن مرة ثانية ليتحقق لي ما رجوت والله أعلم (تخريجه) (جه حب بن)

-[ما جاء في حسن القضاء والتقاضي ودعاه المدين للدائن وفيه قصة]- 277 قال نعم فهو ذاك قال فخذ الآن * (عن ابن عمر) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال 278 من أراد أن تستجاب دعوته وأن نكشف كربته فليفرج عن معسر * (عن مسلمة بن مخلد) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ستر مسلما (3) في الدنيا ستره الله عز وجل في الدنيا والآخرة، ومن نجى مكروبا فك الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن كان في حاجة أخيه كان الله عز وجل في حاجته (باب ما جاء في حسن القضاء والتقاضي واستحباب دعاء المدين للدائن وتوفيته 279 بأكثر مما أخذ منه) * (عن إبراهيم بن إسماعيل) (4) بن عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي عن أبيه عن جده (5) أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف منه حين غزا حنينا ثلاثين أو أربعين ألفا فلما انصرف 280 قضاه إياه ثم قال بارك الله لك في أهلك ومالك، إنما جزاء السلف الوفاء والحمد * (عن أبي هريرة) (6) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر أن رجلا من بني إسرائيل سأل بعض بني إسرائيل أن يسلفه ألف دينار قال ائتني بشهداء أشهدهم، قال كفى بالله شهيداً قال ائتني بكفيل؛ قال كفى بالله كفيلا؛ قال صدقت فدفعها إليه إلى أجل مسمى فخرج في البحر (7) فقضى حاجته ثم التمس مركبا (8) يقدم عليه للأجل الذي كان أجله فلم يجد مركبا (9) فأخذ خشبة فنقرها وأدخل فيها

_ والبخاري في التاريخ وسنده جيد * (1) (سنده) حدثنا ثنا محمد بن عبيد عن يوسف بن صهيب عن زيد العمي عن ابن عمر الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) إلا أنه قال من يسر على معسر ورجال أحمد ثقات * (2) (سنده) حدثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج عن ابن المتكدر عن أبي أيوب عن مسلمة بن مخلد الخ (غريبه) (3) الستر عليه أن يستر زلاته والمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس معروفا بالفساد فيزل أحدهم الزلة في معصية الله فينبغي الستر عليه وعدم فضيحته ونسحه باجتناب المعصية والإنكار عليه: فإن لم يقبل وتمادي أو كان من أهل الفساد المدمنين عليه وجب تبليغ الإمام لردعه عن ذلك لاسيما إذا كان في المعصية حد من حدود الله لأن الستر على هذا يطعمه في الفساد والإيذاء (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (وفي آخره) قال عبد الله بن الإمام أحمد قرأت على أبي هذه الحديث ثنا عباد بن عباد وابن أبي عدى عن ابن عون عن مكحول أن عقبة (يعني ابن عامر) أتى مسلمة بن مخلد بمصر وكان بينه وبين البواب شيء فسمع صوته فأذن له: فقال إني لم آتك زائر أو لكني جئتك لحاجة أتذكر يوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من علم من أخيه سيئة فسترها ستره الله عز وجل بها يوم القيامة؟ فقال نعم فقال لهذا جئت، قال ابن أبي عدى في حديثه ركب عقبة بن عامر إلى مسلمة بن مخلد وهو أمير على مصر أهـ وروى مثل ذلك أبو نعيم ورواه الشيخان من حديث ابن عمر (باب) (4) (سنده) حدثنا وكيع ثنا إبرايهم بن إسماعيل الخ (غريبه) (5) هو عبد الله بن أبي ربيعه المخزومي صاحبي مات ليالي قتل عثمان (تخريجه) (نس جه) وابن السني وسنده جيد: وفيه وجوب الوفاء بالدين الموسر واستحباب الدعاء للدائن (6) (سنده) حدثنا يونس بن محمد حدثنا ليث يعني ابن سعد عن جعفر بن ربيعة عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبي هريرة الخ (غريبه) (7) جاء عند البخاري فركب الرجل البحر بالمال يتجر فيه فقدر الله أن حل الأجل وارتج البحر بينهما (8) بفتح الكاف أي سفينة (وقوله يقدم عليه) بفتح المهملة وهو جملة حالية، والضمير في قوله عليه إلى الذي أسلفه (9) زاد في رواية عند البخاري

-[قصة الرجل الذي استدان ألف دينار وأرسلها للدائن في خشبة رمي بها في البحر فوصلته]- ألف دينار وصحيفة معها إلى صاحبها (1) ثم زجج موضعها ثم أتى بها البحر، ثم قال اللهم أنك قد علمت أني استلفت من فلان ألف دينار فسألني كفيلاً قلت كفى بالله كفيلا فرضى بك، وسألني شهيدا، فقلت كفى بالله شهيدًا فرضى بك، وأنى جهدت أن أجد مركبا أبعث إليه بالذي له فلم أجد مركبا وأنى أستودعكها فرمى بها في البحر حتى ولجت فيه (2) ثم انصرف ينظر وهو في ذلك يطلب مركبا يخرج إلى بلده (3)، فخرج الرجل الذي كان أسلفه ينظر لعل مركبا يجيء بماله فإذا بالخشبة التي فيها المال فأخذها لأهله حطبا (4) فلما كسرها وجد المال والصحيفة (5) ثم قدم الذي كان تسلف منه فأتاه بألف دينار وقال والله ما زلت جاهدًا في طلب مركب لآتيك بمالك فما وجدت مركبا قبل الذي أتيت فيه، قال هل كنت بعثت إلى بشيء؟ قال ألم أخبرك أني لم أجد مركبا قبل هذا الذي جئت فيه، قال فإن الله قد أدى عنك الذي بعثت به في الخشية فانصرف ف بألفك راشدًا (6) * (عن العرباض بن سارية) (7) قال بعت من النبي صلى الله عليه وسلم بكراً (8) فأتيته أتقاضاه فقلت 281 يا رسول الله أفضى ثمن بكري، فقال أجل، لا أقضيكها إلا نجيبة (9)، قال فقضاني فأحسن قضائي قال وجاء أعرابي فقال يا رسول الله أقضنى بكرى فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم جملا قد أسن فقال يا رسول الله هذا خير من بكري؛ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن خير القوم خيرهم قضاء (10) (عن جابر بن عبد الله) (11) قال كان لي على النبي صلى الله عليه وسلم دين فقضاني وزادني 282

_ وغدا رب المال إلى الساحل يسأل عنه فيقول اللهم أخلفني وإنما أعطيت لك (وقوله فأخذ خشبة) يعني الذي استسلف (1) يعني إلى الدائن وفي رواية للبخاري وكتب إليه صحيفة من فلان إلى فلان إني دفعت مالك إلى وكيل توكل بي (وقوله ثم زجج) بزاي وجيمين قال القاضي عياض سمرها بمسامير كالزج (وفي النهاية) أي سوى موضع النقر وأصلحه من تزجيج الحواجب وهو حذف زوائد الشعر، ويحتمل أن يكون مأخوذا من الزج (بضم الزاي) النصل: وهو أن يكون النقر في طرف الخشبة فترك فيه زجا ليمسكه ويحفظ ما في جوفه أهـ (2) بفتح اللام من باب وعد أي دخلت في البحر (3) أي بلد أسلفه (4) نصب على أنه مفعول لفعل محذوف تقديره فأخذها لأجل أهله يجعلها حطبا للايقاد (5) زاد البخاري فقرأها وعرف (6) زاد البخاري قال أبو هريرة ولقد رأيتنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر مراؤنا ولغطنا أيهما آمن (تخريجه) (خ) في باب الكفالة في القرض والديون معلقا: قال الحافظ ورواه البخاري موصولا في باب ما يستخرج من البحر من كتاب الزكاة: قال وله طريق أخرى علقها البخاري في كتاب الاستئذان من طريق عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة ووصلها في الأدب المفرد وابن حبان في صحيحه من هذا الوجه أهـ * (7) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا معاوية بن صالح عن سعيد بن هانئ قال سمعت العرباض بن سارية قال بعث من النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) البكر بفتح الموحدة الفتى من الإبل بمنزلة الغلام من الناس والأنثى بكرة جمعه بكارة بالكسر (9) النجيب الفاضل من كل حيوان وقد نجب بضم الجيم ينجب بضمها أيضا نجابة إذا كان فاضلا نفيسا في نوعه (10) أي الذين يؤدون الدين إلى أصحابه على أحسن وجه (تخريجه) (نس جه بن) وسنده جيد * (11) (سنده) حدثنا وكيع ثنا مسعد عن محارب بن دثار عن جابر بن عبد الله

-[جواز رد القرض بزيادة تبرعا بغير شرط]- 283 (عن أبي رافع) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا (2) فأتته إبل من إبل الصدقة، فقال أعطوه فقالوا لا نجد له إلا رباعيا (3) خيارًا، قال أعطوه فإن خيار الناس أحسنهم قضاءا * (عن 284 أبي هريرة) (4) أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم يتقاضاه (وفي لفظ يتقاضي النبي صلى الله عليه وسلم بعيرا) فاغلظ له (5) قال فهم به أصحابه (6) فقال دعوه فإن لصاحب الحق مقالا (7) قال اشتروا له بعيرا فأعطوه إياه، (وفي لفظ التمسوا له مثل سن بعيره) قالوا لا نجد إلا سنا أفضل من سنة، قال فاشتروه فأعطوه إياه (8) فإن من خيركم أحسنكم قضاءا (9) (زاد في رواية) قال الاعرابي 285 أوفيتني أوفاك الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم أن خيركم خيركم قضاءا * (عن عبد الله بن عمرو) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل رجل الجنة بسماحته قاضيا (11) ومقتضيا (باب التحذير 286 من الدين وجوازه للحاجة وما جاء في استدانة النبي صلى الله عليه وسلم) * (عن عقبة بن عامر) (12) الجهني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم يقول لأصحابه لا تخيفوا أنفسكم أو قال الأنفس؛ فقيل له يا رسول الله وما نخيف أنفسنا؟ قال الدين (13)

_ الخ (تخريجه) (م د هق) * (1) (سنده) حدثنا يحيي بن سعيد عن مالك قال حدثني زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي رافع الخ (غريبه) (2) أي أخذه سلفا يعني استقرضه كما في بعض الروايات والبكر تقدم معناه في شرح حديث العرباض بن سارية (3) بفتح الراء وتخفيف الموحدة والياء التحتية، وهو من الإبل ما أتى عليه ست سنوات ودخل في السابعة حين طلعت رباعيته، والرباعية بوزن الثمانية السن التي بين الثنية والناب (وقوله خيارا) عبارة المشكاة (إلا جميلا خياراً) قال في المرقاة يقال جمل وناقة خيارة أي مختارة (تخريجه) (م لك مي خز طح طب هق. والأربعة) * (4) (سنده) حدثنا عفان ثنا شعبة قال أنبأني سلمة بن كهيل قال سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن بمنى يحدث عن أبي هريرة الخ (غريبه) (5) أي عنفه ولم يرفق به في طلب حقه، ولعل هذا المتقاضي كان من جفاة العرب. أو ممن لم يتمكن الإيمان في قلبه (6) يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أي قصدوا أن يزجروه ويؤذوه بقول أو فعل لكن لم يفعلوا تأدبا معه صلى الله عليه وسلم (7) يريد صلى الله عليه وسلم بذلك صوله الطلب وقوة الحجة ولكن مع رعاية الأدب المشروع وهذا من كمال خلقه صلى الله عليه وسلم وانصافه وقوة صبره على جفاء الأعراب مع قدرته على الانتقام (8) أي أعطوه الأفضل وليس هو من قرض جر منفعة إلى القرض، لأن ذاك ما كان مشروطا في العقد، وأما هذا فمن كرمه صلى الله عليه وسلم وجوده (9) معناه فإن خيركم معاملة أحسنكم قضاء لدينه برده أمثل منه (تخريجه) (ق نس مذ جه) * (10) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثني أبي ثنا حبيب يعني المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبه) (11) أي مؤديا ما عليه بسماحة نفس بدون أن يتعب الدائن (ومقتضيا) أي طالبا ماله ليأخذه بدون تعنيف المدين والإغلاظ له في القول (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد ورواته ثقات مشهورون، (باب) * (12) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة أخبرني بكر بن عمرو وأن شعيب بن زرعة أخبره قال حدثني عقبة بن عامر الخ (غريبه) (13) بفتح الدال المهملة والمعنى لا تخفوا أنفسكم بالدين بعد أمنها من الغرماء، وإنما كان الدين جالبا للخوف لشغل القلب بهمه وقضائه والتذلل للغريم

-[للتحذير من الدين إلا لضرورة قاهرة]- (وعنه من طريق ثان) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تخيفوا أنفسكم بعد أمنها، قالوا وما ذاك يا رسول الله؟ قال الدين (عن ابن عمر) (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مات وعليه دين (3) فليس 287 بالدينار ولا بالدرهم ولكنها الحسنات والسيئات * (عن أبي سعيد الخدري) (4) قال سمعت رسول 288 الله صلى الله عليه وسلم يقول أعوذ بالله من الكفر والدين (5) فقال رجل يا رسول الله أيعدل الدين بالكفر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم (6) * (خط) (عن أنس بن مالك) (7) قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى 289 حليق النصراني (8) ليبعث إليه بأثواب إلى الميسرة، فقلت بعثني رسول الله إليك لتبعث إليه بأثواب إلى

_ عند لقائه وتحمل منته إلى تأخير أدائه، وربما يعد بالوفاء فيخلف، أو يحدث الغريم بسببه فيكذب، أو يحلف فيحنث، أو يموت فيرتهن (1) (سنده) حدثنا يحيي بن غيلان ثنا رشدين ثنا بكر بن عمرو المعافري ثنا شعيب بن زرعة المعافري حدثه أنه سمع عقبة بن عامر يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (طب عل) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد باسنادين رجال أحدهما ثقات أهـ (قلت) وقد أتيت بالإسنادين كليهما وأصحهما الأول لأن في الثاني شدين بن سعد فيه كلام * (2) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وتخريجه في الباب الرابع من أبواب الترهيب من خصال من المعاصي معدودة في قسم الترهيب إن شاء الله تعالى (3) يعني ولا ينوي قضاءه أو لم يترك له وفاء (فليس بالدينار ولا بالدرهم) معناه أنه لا يمكنه قضاؤه بالدينار ولا بالدرهم حيث لا دينار ولا درهم هناك ولكنه يدفع لغريمه من حسناته، فإذا لم تكف تحمل من سيئات غريمه بقدر ما يكفي نعوذ بالله من ذلك أما إذا استدان لحاجة ناويا السداد ولم يمكنه لكونه فقيرا ومات على ذلك فالله تعالى يرضى غرماءه ويوفى عنه، وقد جاء معنى ذلك في حديث عبد الرحمن بن أبي بكر وسيأتي في باب من استدان لكارثة أو حاجة الخ، وفي حديث لابن عمر أيضا رواه الطبراني في الكبير بسند حسن مرفوعا بلفظ (الدين دينان فمن مات وهو ينوي قضاءه فأنا وليه، ومن مات ولا ينوي قضاءه فذاك الذي يؤخذ من حسناته ليس يومئذ دينار ولا درهم) * (4) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقري ثنا حيوة وابن لهيعة قالا انبأنا سالم بن غيلان التجيبي أنه سمع أبا دراج أبا السمح يقول إنه سمع أبا الهيثم يقول إنه سمع أبا سعيد الخدري يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) المراد بالاستعاذة من الدين الاستعاذة من الاحتياج إليه لما ف ذلك من ذل النفس وامتنان الغريم وربما جر إلى معصية، واستعاذته صلى الله عليه وسلم من الدين تعليم لأمته وإظهار للعبودية والافتقار إلى الله عز وجل (6) هذا محمول على من استحله أو المراد المبالغة في التشنيع على الدين لأنه ربما جر صاحبه إلى الكفر بالسخط وعدم الرضا بقضاء الله عز وجل (تخريجه) (نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي: وفي إسناده دراج أبو السمح قيل اسمه عبد الرحمن ودراج لغب: وثقه ابن معين وضعفه الدارقطني، قال أبو داود حديثه مستقيم إلا عن أبي الهيثم والله أعلم * (7) (خط سنده) حدثنا محمد بن يزد ثنا أبو سلمة صاحب الطعام قال أخبرني جابر بن يزيد وليس بجابر الجعفي عن الربيع بن أنس عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (8) جاء في المسند (حليق) بالحاء المهملة (النصراني) بالنون، وجاء في تعجيل المنفعة (خليق) بالخاء المعجمة بدل الحاء المهملة (المصراني) بالميم بدل النون والظاهر أنه وقع تحريف من الناسخ في عبارة المسند

-[عداوة اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم وقصته مع بعضهم في الدين]- الميسرة (1)؛ فقال وما الميسرة؟ ومتى الميسرة؟ والله ما لمحمد ثاغية (2) ولا زاغية: فرجعت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم (3) فلما رآني قال كذب عدو الله أنا خير من يبايع، لأن يلبس أحدكم ثوبا من 290 وقاع (4) شتى خير له من أن يأخذ بأمانته (5) أو في أمانته ما ليس عنده (6) * (عن عكرمة عن عائشة) (7) قالت كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبان عمانيان (8) أو قطريان فقالت له عائشة إن هذين ثوبان غليظان ترشح فيهما (9) فيثقلان عليك وإن فلانا جاءه بن (10) فابعث إليه يبيعك ثوبين إلى الميسرة، قال قد عرفت ما يريد محمد: إنما يريد أن يذهب بثوبي أي لا يعطيني دراهمي فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال شعبة (11) أراه قال قد كذب، لقد عرفو أني أتقاهم لله عز وجل أو قال أصدقهم حديثا وآداهم (12) للأمانة (باب التشديد على المدين إذا لم يرد الوفاء أو تهاون 291 فيه وعدم صلاة الفاضل على من مات وعليه دين) * (عن أبي هريرة) (13) أن رسول الله

_ والصواب ما ذكره الحافظ في تعجيل المنفعة، ويؤيد ذلك ما سيأتي في التخريج أن الرجل كان يهوديا والله أعلم (1) معناه أن يكون الثمن دينا على النبي صلى الله عليه وسلم إلى الميسرة (2) الثغاء بضم المثلثة صياح الغم (والرغاء) بضم الراء صوت الإبل: يريد بذلك أنه صلى الله عليه وسلم فقير لا يملك شاة ولا بعيرا فلأي شيء أعطيه ولم يدر عدو الله أن الصدق شيمته والوفاء حليته صلى الله عليه وسلم (3) يعني فأخبرته بما قال الرجل كما صرح بذلك في رواية عند الطبراني في الأوسط قال (فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته) وسيأتي في التخريج (4) بكسر الراء جمع رقعة بضمها وهي خرقة تجعل مكان القطع من الثوب (وقوله شتى) أي متفرقة (5) أي خير له من أن يظن الناس فيه الأمانة أي القدرة على الوفاء فيأخذ منهم بسبب أمانته نحو ثوب بالاستدانة مع أنه ليس عنده ما يرجو منه الوفاء، فإنه قد يموت ولا يجد ما يوفي به دينه فيصير رهينا به في قبره (6) جاء في آخر هذا الحديث في المسند قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الإمام أحمد) وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد، ولأنس في الطبراني الأوسط والبزار بنحو الطبراني إلا أنه قال هو الذي لا زرع له ولا ضرع، قال بعث بي رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يهودي أستسلف إلى الميسرة فقال أي ميسرة له؟ هو الذي لا أصل له ولا فرع، فرجعت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال كذب عدو الله أما لو أعطانا لأدينا إليه، وفيه راو يقال له جابر بن زيد وليس بالجعفي ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات أهـ * (7) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمارة يعني ابن أبي حفصة عن عكرمة عن عائشة الخ (غريبه) (8) نسبة إلى عمان بضم المهملة وتخفيف الميم آخره نون، قال ياقوت في معجمه اسم كورة عربية على ساحل بحر اليمن والهند شرقي هجر تشتمل على بلدان كثيرة ذات نخل وزروع أهـ باختصار (وقوله أو قطريان) بكسر القاف وسكون الطاء المهملة نسبة إلى قطر بفتحتين، قال الأزهري في أعراض البحرين قرية قال لها قطر وأحسب الثياب القطرية نسبت لها فكسروا القاف للشبه وخففوا أهـ (وقال صاحب النهاية) ف الثوب القطري هو ضرب من البرود فه حمرة ولها أعلام، فيها بعض الخشونة، وقيل هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين (9) أي يجلبان العرق لغلظهما (10) البز بالفتح نوع من الثياب: وقيل الثياب خاصة من أمتعة البيت، وقيل أمتعة التاجر من الثياب (11) هو أحد رجال السند (وقوله أراه) بضم الهمزة أي أظنه (12) بمد الهمزة أصله وأداهم بهمزتين تحركت أولاهما وسكنت الثانية فأبدلت بالمد تخفيفا (تخريجه) (نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) * 13) (سنده) حدثنا أبو سلمة ثنا عبد العزيز عن ثور

-[التشديد على المدين إذا لم يرد الوفاء وعدم صلاة الفاضل عليه]- صلى الله عليه وسلم قال من أخذ من أموال الناس يريد أداءها (1) أداها الله عنه، ومن أخذها يريد اتلافها (2) أتلفه الله عز وجل (عن محمد بن عبد الله بن جحش) (3) أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال 292 مالي يا رسول الله أن قتلت في سبيل الله؟ قال الجنة، قال فلما ولى قال إلا الدين (4) سارني به جبريل عليه السلام آنفا * (وعنه أيضا عن أبيه) (5) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر 293 مثله (6) * (عن سلمة بن الأكوع) (7) قال كنت جالسا مع النبي صلى الله عليه وسلم فأتى بجنازة فقال هل 294 ترك من دين؟ قالوا لا، قال هل ترك من شيء؟ قالوا لا، قال فصلى عليه، ثم أتى بأخرى فقال هل ترك من دين؟ قالوا لا، قال هل ترك من شيء؟ قالوا نعم ثلاثة دنانير قال فقال بأصابعه (8) ثلاث كيات، قال ثم أتى بالثالثة فقال هل ترك من دين؟ قال نعم، قال هل ترك من شيء؟ قالوا لا (9) قال فصلوا على صاحبكم، فقال رجل من الأنصار (زاد في رواية يقال له أبو قتادة) على دينه يا رسول الله قال فصلى عليه (10) * (عن أبي موسى الأشعري) (11) عن النبي صلى الله عليه وسلم 295

_ ابن يزيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة الخ (غريبه) (1) أي سواء كانت تلك الأموال من جهة القرض أو من جهة معاملة من وجوه المعاملات (وقوله أداها الله عنه) أي يسر الله له ذلك بإعانته وتوسيع رزقه حتى يؤدي ما عليه (2) أي إضاعتها على أصحابها ولو بالتصدق بها وعدم ردها (أتلفه الله عز وجل) يعني أتلف أمواله في الدنيا بكثرة المحن والمغارم والمصائب ومحق البركة: وعبر بأتلفه لأن إتلاف المال كإتلاف النفس أو في الآخرة بالعذاب، وهذا وعيد شديد يشمل من أخذ دينا وتصدق به ولا جد وفاءا لأن الصدقة تطوع ووفاء الدين واجب (تخريجه) (خ جه هق. وغيرهم) * (3) (سنده) حدثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمرو ثنا أبو كثير مولى الليثيين عن محمد بن عبد الله بن جحش الخ (غريبه) (4) معناه أن من قتل في سبيل الله عز وجل له الجنة وإن كان مذنبا إلا الدين يعني وما في معناه من حقوق الآدميين فإن الجهاد لا يكفرها: واستثناؤه صلى الله عليه وسلم الدين بعد أن أجاب السائل بأن له الجنة محمول على أنه أوحى إليه بذلك في الحال، ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم سارني به جبريل آنفا * (5) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد ثنا عباد بن عباد ثنا محمد بن عمرو عن أبي كثير مولى الهدليين عن محمد بن عبد الله ابن جحش عن أبيه الخ (غريبه) (6) أي يمثل الحديث السابق بلفظه ومعناه (تخريجه) هذا الحديث والذي قبله لم أقف عليهما لغير الإمام أحمد، والحديث السابق من رواية محمد بن عبد الله بن جحش عن النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة لأنه صحابي صغير، وهذا الحديث من روايته عن أبيه عبد الله بن جحش وهو من كبار الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي كلا الحديثين أبو كثير مستور وبقية رجالهما ثقات، وتقدم أحاديث بهذا المعنى عن أبي هريرة وقتادة وجابر بن عبد الله وعبد الله بن عمرو في الجزء الرابع عشر من كتاب الجهاد صحيفة 31 و 32 (7) (سنده) حدثنا حماد بن مسعدة عن يزيد يعني ابن أبي عبيد عن سلمة ابن الأكوع الخ (غريبه) (8) أي أشار بأصابعه أن هذا الميت يكوي ثلاث كيات بسبب إدخاره لهذه الدنانير، وكأنه ذكر ذلك لكونه من أهل الصفة فلم يعجبه أن يدخر: والظاهر أن هذا الرجل لم يكن له ورثة (9) جاء في رواية للبخاري قال فهل عليه دين؟ قالوا ثلاثة دنانير، قال صلوا على صاحبكم، قيل إنه صلى الله عليه وسلم إنما امتنع من الصلاة عليه لارتهان ذمته بالدين والتنفير منه والزجر عن المماطلة (10) فيه أنه لو لم يبرأ بضمان أبي قتادة لما صلى عليه (تخريجه) (خ نس مذ هق) * (11) (سنده) حدثنا عبد الله

-[الدين يمنع صاحبه من دخول الجنة حتى يقضى عنه]- قال إن أعظم الذنوب (1) عند الله عز وجل أن يلقاه (2) عبد بها بعد الكبائر التي نهي عنها (3) 296 أن يموت الرجل وعليه دين لا يدع له قضاءا (4) * (عن صهيب بن سنان) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إيما رجل (6) أدان من رجل دينا والله يعلم منه أنه لا يريد أداءه إليه فغره (7) بالله 297 واستحل ماله بالباطل لقى الله عز وجل يوم يلقاه وهو سارق (8) * (عن محمد بن عبد الله بن جحش) (9) قال كنا جلوسًا بفناء (10) المسجد حيث توضع الجنائز ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين ظهرينا (11) فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره قبل السماء فنظر ثم طأطأ بصره ووضع يده على جبهته ثم قال سبحان الله سبحان الله ماذا نزل من التشديد، قال فسكتنا يومنا وليلتنا فلم نرها خيرًا (12) حتى أصبحنا قال محمد (13) فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما التشديد الذي نزل؟ قال في الدين؛ والذي نفس محمد بيده لو أن رجلا قتل في سبيل الله ثم عاش ثم قتل في سبيل الله ثم عاش وعله دين ما دخل الجنة حتى يقضى دينه (باب في أن نفس الميت محبوسة عن الجنة بدينه) *

_ ابن يزيد ثنا سعيد بن أبي أيوب قال سمعت رجلا من قريش يقال له أبو عبد الله كان يجالس جعفر بن ربيعة قال سمعت أبا برده الأشعري يحدث عن أبيه (يعني أبا موسى الأشعري) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) أي من أعظمها كقولهم فلأن أعقل الناس أي من أعقلهم (2) قال الطبي أن يلقاه خبر إن؛ وأن يموت بدل منه، لأنك إذا قلت إن أعظم الذنوب عند الله موت رجل وعليه دين استقام، ولأن لقاء العبد ربه إنما هو بعد الموت: وإنما جعله هنا دون الكبائر لأن الاستدانه لغير معصية غير معصية، والقائم بعدم وفائه سبب عارض في تصنييع حق الآدميين، وأما الكبائر فمهية لذاتها (3) أي التي نهي عنها في الكتاب والسنة (4) هذا محمول على ما إذا قصر في الوفاء أو استدان لمعصية والله أعلم (تخريجه) (د هق) وسكت عنه أبو داود والمدري وحسنه الحافظ السيوطي * (5) (سنده) حدثنا هشيم نا عبد الحمد بن جعفر عن الحسن بن محمد الأنصاري قال حدثني رجل عن التمر بن قاسط قال سمعت صهيب بن سنان يحدث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إيما رجل أصدق امرأة صداقًا والله يعلم أنه لا يريد أداءه فغرها بالله واستحل فرجها بالباطل لقي الله يوم القيامة وهو زان، وأيما رجل أدان من رجل دينا الخ (غريبه) (6) ذكر الرجل غالبي والمراد إنسان سواء كان ذكر أو أنثى (وقوله أدان) بتشدد المهملة، فإن في النهاية يقال دان واستدان ودان مشددا إذا أخد الدين واقترض، فإذا أعطى الدين قيل أدان مخففا (7) أي يخدعة كأن أقسم له بالله (8) أي يحشر في زمرة السارقين ويجازى بجزائهم (تخريجه) جه طب عل) وفي إسناده عند الإمام أحمد رجل لم يسم: وإسناده عند ابن ماجه متصل لا بأس به إلا أن فيه يوسف بن محمد بن صيفي: قال البخاري فيه نظر، وقال الحافظ في التقريب مقبول * (9) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن زهر عن العلاء عن أبي كثير مولى محمد ابن عبد الله بن جحش قال أخبرني محمد بن عبد الله بن جحش الخ (غريبه) (10) بكسر الفاء وهو المتسع امام المسجد ويجمع؟؟؟ على؟؟ (11) أي أظهرنا ومعناه أن ظهرا منهم قدامه وظهرا منهم وراءه فهو مكشوف من جانبيه، ومن جوانبه إذا قيل بين أظهرهم ثم كثر حتى استعمل في الإقامة بين الصوم مطلقا (12) أي فلم نر حالة السكوت خيرا له (13) هو أبي عبد الله بن جحش راوي الحديث

-[قوله صلى الله عليه وسلم نفس المؤمن معلقة ما كان عليه دين]- (عن سمرة بن جندب) (1) قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في جنازة فقال أها هنا من بني فلان أحد؟ قالها 298 ثلاثا، فقام رجل، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما منعك في المرتين الأوليين أن تكون أجبتني؟ أما أني لم أنوه بك إلا لخير، إن فلانا لرجل مهم مات، إنه مأسور (وفي لفظ إنه محبوس عن الجنة) بدينه قال قال لقد رأيت أهله ومن يتحزن له (2) قضوا عنه حتى ما جاء أحد يطلبه بشيء (وعنه أيضا) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم على اليد ما أخذت حتى تؤديه (4) (وفي لفظ حتى تؤدي) 299 (عن أبي هريرة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نفس المؤمن معلقة ما كان عليه دين (6) 300 (عن سعد بن الأطول) (7) قال مات أخي وترك ثلاثمائة دينار وترك صغارا فأردت أن أنفق 301 عليهم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم إن أخاك محبوس بدينه فاذهب فاقض عنه، قال فذهبت فقضيت عنه: ثم جئت فقلت يا رسول الله قد قضيت عنه ولم يبق إلا امرأة تدعى دينارين وليست لها بينة قال أعطها فإنها صادقة (8).

_ (تخريجه) (نس طس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي * (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا الثوري حدثني أبي عن الشعبي عن سمعان بن مشنج عن سمرة بن جندب الخ (غريبه) (2) أي يحزن لمصيبته ويهمه أمره (تخريجه) أورده الحافظ المنذري وقال رواه (د نس ك) إلا أنه قال إن صاحبكم حبس على باب الجنة بدين كان عليه (زاد في رواية) فإن شئتم فافدوه وإن شئتم فأسلموه إلى عذاب الله، فقال رجل على دنه فقضاه، قال الحاكم صحيح على شرط الشيخين أهـ قال الذهبي وعلته أبو الأحوص وغيره عن سعيد بن مسروق عن الشعبي عن سمعان بن مشنج عن سمرة بهذا أهـ وقال الحافظ المنذري رووه كلهم عن الشعبي عن سمعان وهو ابن مشنج (بضم أوله وفتح ثانيه مع تشديد النون) عن سمرة وقال البخاري في تاريخه الكبير لا نعلم لسمعان سماعا من سمرة ولا للشعبي سماعا من سمعان والله أعلم * (3) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ومحمد بن بشر قالا ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) أي من غر نقص عين ولا صفة، قال الطيبي ما موصولة مبتدأ وعلى اليد خبره والراجع محذوف أي ما أخذت اليد ضمان على صاحبه، والإسناد إلى اليد على المبالغة لأنها هي المتصرفة فمن أخذ مال غيره بغصب أو غيره لزمه رده (تخريجه) (ك والأربعة وغيرهم) وكلهم رووه من حديث الحسن عن سمرة وفي سماع الحسن منه خلاف، وزاد فيه أكثرهم ثم نسى الحسن فقال هو أمين ولا ضمان عليه: قال الترمذي حديث حسن * (5) (سنده) حدثنا أبو داود الحفري عن سفيان عن سعد بن إبراهيم عن ابن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (6) المعنى أن روح المؤمن محبوسة عن دخول الجنة مدة دوام الدين عليه حتى يقضي عنه كما صرح بذلك في رواية أخرى، وفي رواية زيادة (تشكو إلى ربها الوحدة) (تخريجه) (جه هق حب ك) وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين (وفي رواية أخرى) للامام أحمد والترمذي عن أبي هريرة أيضا مرفوعا بلفظ (نفس المؤمن مغلقة بدينه حتى يقضى عنه) وحسنه الترمذي * (7) (سنده) حدثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن سلمة عن عبد الملك أبو جعفر عن أبي نضرة عن سعد بن الأطول الخ (غريبه) (8) قال العلماء هذا إما أن يكون معاويا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بغير وحي فأمره بالإعطاء لأنه يجوز للحاكم أن يحكم بعلمه، وإما أن يكون بوحي فيكون من خواصه صلى الله عليه وسلم ذكره الطيبي (تخريجه) (جه عل) قال

-[نسخ ترك الصلاة على من مات وعليه دين وتقديم الدين على الوصية]- 302 (باب نسخ ترك الصلاة على من مات وعليه دين) * (عن جابر بن عبد الله) (1) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلى على رجل عليه دين فأتى بميت فسأل هل عليه دين؟ قالوا نعم ديناران قال صلوا على صاحبكم، فقال أبو قتادة هما علي يا رسول الله: فصلى عليه، فلما فتح الله عز وجل على 303 رسوله قال أنا أولى بكل مؤمن من نفسه، فمن ترك دينا فعلى (2)، ومن ترك مالا فلورثته * (عن أبي هريرة) (3) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شهد جنازة سأل على صاحبكم دين؟ فإن قالوا نعم قال هل له وفاء؟ (4) فإن قالوا نعم صلى عليه، وإن قالوا لا، قال صلوا على صاحبكم؛ فلما فتح الله عز وجل عليه الفتوح (5) قال أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم، فمن ترك دينا فعلي (6)، ومن ترك مالا فلورثته (باب تقديم الدين على الوصية واستحقاق الورثة وإن كانوا صغارا) 304 (عن علي رضي الله عنه) (7) قال إنكم تقرءون من بعد وصية يوصى (8) بها أو دين وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بالدين قبل الوصية (9) وأن أعيان بني الأم يتوارثون دون بني العلات (10) يرث الرجل أخاه لأبيه وأمه (11) دون أخيه لأبيه (باب ما يجوز بيعه في الدين واستحباب

_ البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح، وعبد الملك أبو جعفر ذكره ابن حبان في الثقات وباقي رجال الإسناد صحيح، لهم في أحد الصحيحين، قال وليس لسعد هذا في الكتب الستة سوى هذا الحديث الواحد أهـ (قلت) وكذلك في المسند ليس له إلا هذا الحديث * (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر الخ (غريبه) (2) قال ابن بطال هذا ناسخ لترك الصلاة على من مات وعليه دين: وقد حكى الحازمي إجماع الأمة على ذلك (تخريجه) (د نس هق حب قط ك) ورجاله من رجال الصحيحين * (3) (سنده) حدثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) أي ما يوفي به دينه، وفي رواية البخاري هل ترك لدينه فضلا أي قدراً زائداً على مؤنة تجهيزه، وفي رواية لمسلم قضاءاً بدل (فضلا) (5) يعني وجاءته الغنائم والجزية وغير ذلك (6) أي فعلى قضاؤه كما في رواية البخاري أي مما أفاء الله عليه من الغنائم والصدقات (تخريجه) (ق د مذ. وغيرهم) (باب) (7) (سنده) حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن الحارث عن علي الخ (غريبه) (8) قرئ بالبناء للفاعل وبالبناء للمفعول (9) معناه ليس المراد بتقديم ذكر الوصية في الآية الترتيب، وإنما قدمها عن الدين للاهتمام بها وكثرة وقوعها لأن الشارع حث عليها، وأما الدين فقل أن يوجد فلذلك أخره في الذكر فقط (قال البغوي) في تفسيره ومعنى الآية الجمع لا الترتيب وبيان أن الميراث مؤخر عن الدين والوصية جميعا معناه من بعد وصية إن كانت أو دين إن كان: والأرث مؤخر عن كل واحد منهما أهـ (10) بفتح العين المهملة هم الأولاد الذين أمهاتهم مختلفة وأبوهم واحد، ومعناه يتوارث الإخوة للأب والأم وهم الأعيان دون الإخوة للأب إذا اجتمعوا معهم (11) هذه الجملة وهي قوله (يرث الرجل أخاه لأبيه وأمه) بيان لقوله أعيان بني الأم (وقوله دون أخيه لأبيه) بيان لبني العلات (تخريجه) (مذ جه هق ك) وقال الترمذي لا نعرف إلا من حديث الحارث الأعور، وقد تكلم فيه بعض أهل العلم أهـ ويستفاد من هذا

-[جواز بيع المدبر في الدين والحكم بالحق ولو ليهودي على مسلم]- وضع بعض الدين عن المعسر) * (عن جابر بن عبد الله) (1) أن رجلا مات وترك مدبرا (2) 305 ودينا فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبيعوه في دينه فباعوه بثمانمائة (3) * (عن عبد الله بن محمد 306 ابن أبي يحيي) (4) عن أبيه عن ابن أبي حدرد الأسلمي (5) أنه كان ليهودي عليه أربعة دراهم فاستعدى عليه (6). فقال يا محمد إن لي على هذا أربعة دراهم وقد غلبني عليها (7)، فقال أعطه حقه، قال والذي بعثك بالحق ما أقدر عليها، قال أعطه حقه، قال والذي نفسي بيده ما أقدر عليها قد أخبرته أنك تبعثنا إلى خيبر فأرجو أن تغنمنا شيئا فأرجع فأقضيه، قال أعطه حقه، قال وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا قال ثلاثاً لم يراجع، فخرج به ابن أبي حدرد إلى السوق وعلى رأسه (8) عصابة وهو مزر ببرد فنزع العمامة عن رأسه فاتزر بها ونزع البردة فقال اشتر مني هذه البردة، فباعها منه بأربعة الدراهم، فمرت عجوز فقالت مالك يا صاحب رسول الله؟ فأخبرها فقالت دونك هذا يبرد عليها طرحته عليه * (عن عبد الله بن كعب بن مالك) (9) أن أباه أخبره أنه تقاضي ابن أبي 307 حدرد دينا كان له عليه (10) في عهد النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد فارتفعت أصواتهما حتى سمعهما رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في بيته فخرج إليهما حتى كشف سجف (11) حجرته فنادى يا كعب بن مالك،

_ الحديث وحديث سعد بن الأطول المذكور قبل باب تقديم الدين على الوصية وعلى استحقاق الورثة وإن كانوا صغارا (قال الحافظ بن كثير) أجمع العلماء من السلف والخلف على أن الدين مقدم على الوصية: وذلك عند إمعان النظر يفهم من الآية الكريمة أهـ * (1) (سنده) حدثنا الفضل بن دكين ثنا شريك عن سلمة يعني ابن كهيل عن عطاء وأبي الزبير عن جابر الخ (غريبه) (2) بفتح الموحدة مشددة بصيغه اسم المفعول أي ترك عبدا مدبرا: والتدبير معناه العتق في دبر الحياة كأن يقول السيد لعبده أنت حر بعد موتى، أو إذا مت فأنت حر: وتقدم الكلام عليه في الجزء الرابع عشر صحيفة 158 (3) يعني درهما كما صرح بذلك في بعض الروايات (تخريجه) (مذ) من طريق سفيان بن عينية عن عمرو ابن دينار عن جابر فذكره ولم يذكر لفظ الدين ولا الثمن وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، وقد روى من غير وجه عن جابر بن عبد الله، والعمل على هذا الحديث عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم، لم يروا بأسا ببيع المدبر، وهو قول الشافعي وأحمد واسحق * (4) (سنده) حدثنا إبراهيم بن إسحاق ثنا هاشم بن إسماعيل المدني قال حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي يحيي الخ (غريبه) (5) هكذا جاء في المسند عن ابن أبي حدرد الأسلمي أنه كان ليهودي عليه أربعة دراهم الخ، لكن جاء في مجمع الزوائد للهيثمي والإصابة للحافظ ابن حجر بلفظ (عن أبي حدرد الأسلمي أنه كان ليهودي الخ) وكلاهما عزاه للأمام أحمد، وجاء هذا الحديث في المسند تحت ترجمة (حديث أبي حدرد الأسلمي رضي الله عنه) ثم ساق الحديث عن ابن أبي حدرد فالله أعلم من صاحب القصة منهما فإن الحافظ عدهما من الصحابة وذكر لابن أبي حدرد أحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم (6) أي استعان عليه بأن شكاه للنبي صلى الله عليه وسلم (7) أي منعني إياها (8) أي على رأس ابن أبي حدرد (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه ((حم طس طص) ورجاله ثقات إلا أن محمد بن أبي يحي لم أجد له رواية عن الصحابة فيكون مرسلا صحيحا * (9) (سنده) حدثنا عثمان بن عمر قال أنا يونس عن الزهري عن عبد الله بن كعب ابن مالك الخ (غريبه) (10) أي طالبه بالدين الذي له عليه وأراد قضاءه (11) بكسر المهملة وفتحها

-[جواز وضع بعض الدين عن المعسر وإعانة الله لمن استدان لحاجة يريد الوفاء]- فقال لبيك يا رسول الله، وأشار إليه أن ضع من دينك الشطر (1) قال قد فعلت يا رسول الله 308 قال قم فاقضه * (عن أبي سعيد الخدري) (2) قال أصيب رجل (3) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه. قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقوا عليه. قال فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه. فقال النبي صلى الله عليه وسلم خذوا ما وجدتم (4) وليس لكم إلا ذلك (باب 309 من استدان لكارثة أو حاجة ضرورية ناويا الوفاء ولم يجد وفي الله عنه) * (عن عبد الرحمن ابن أبي بكر) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يدعو الله بصاحب الدين يوم القيامة حتى يوقف بين يديه، فيقال يا ابن آدم فيم أخذت هذا الدين؟ وفيم ضيعت حقوق الناس؟ فيقول يا رب أنك تعلم أني أخذته فلم آكل ولم أشرب ولم ألبس ولم أضيع. ولكن أتى على يدي إما حرق وإما سرق وإما وضيعة (6) فيقول الله عز وجل صدق عبدي أنا أحق من قضى عنك اليوم. فيدعوا الله بشيء 310 فيضعه في كفه ميزانه فترجح حسناته على سيئاته فيدخل الجنة بفضل رحمته * (عن محمد بن علي) (7) قال كانت عائشة رضي الله عنها تداين. فقيل لها مالك وللدين؟ قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد كانت له نية في أداء دينه إلا كان له من الله عز وجل عون (8) فأنا التمس ذلك العون 311 (عن عائشة رضي الله عنها) (9) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حمل من أمتي دينا ثم جهد 312 في قضائه (10) فمات ولم يقضه فأنا وليه (11) * (وعنها أيضا) (12) قالت سمعت أبا القاسم

_ وإسكان الجيم لغتان والأول أصح، وهو الستر، وقيل أحد طرفي الستر، وقال الداودي السجف الباب، وقيل لا يسمي سجفا إلا أن يكون مشقوق الوسط كالمصراعين (1) يعني النصف (تخريجه) (م د نس جه) * (2) (سنده) حدثنا أبو كامل ثنا ليث بن سعد عن بكير عن عبد الله بن الأشج عن عياض بن عبد الله بن سعد عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (3) أي أصابه خسارة بسبب آفة أصابت ثمارا اشتراها فكثر دينه (4) أي ما تصدق به عليه (تخريجه) (م. والأربعة) (باب) * (5) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا صدقة ثنا أبو عمران حدثني قيس بن زيد بن قاضي المصريين عن عبد الرحمن بن أبي بكر الخ (غريبه) (6) الوضيعة هي البيع بأقل عما اشترى به (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (حم بز طب) واحد أسانيدهم حسن أهـ وقال الحافظ الهيثمي في إسناده صدقة الدقيقي وثقه مسلم بن إبراهيم وضعفه جماعة أهـ * (7) (سنده) حدثنا حدثنا مؤمل ثنا القاسم يعني ابن الفضل ثنا محمد بن علي الخ (غريبه) (8) زاد الطبراني في الأوسط (وسبب الله له رزقا) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طس) ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أن محمد بن علي بن الحسين لم يسمع من عائشة * (9) (سنده) حدثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب ثنا عبد الله بن يزيد قال حدثني عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمة عن عائشة الخ (غريبه) (10) أي جد في قضائه وبالغ في ذلك (11) أي يتولى النبي صلى الله عليه وسلم السداد عنه من ماله في حياته صلى الله عليه وسلم، وبعد موته يتولاه الإمام من بيت مال المسلمين (قال القرطبي) التزامه صلى الله عليه وسلم بدين الموتى يحتمل أن يكون تبرعا على مقتضى كرم أخلاقه لا أنه أمر واجب عليه، قال وقال بعض أهل العلم بحب على الإمام أن يقضي من بيت المال دين الفقراء اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم فإنه قد صرح بوجوب ذلك عليه حيث قال (فعلي قضاؤه) يعني كما في بعض الروايات) وكما أنه على الإمام أن يسد رمقه ويراعى مصلحته الدنيوية فالأخروية أولى اهـ (12)

-[قوله صلى الله عليه وسلم ما من أحد يستدين دينا يعلم الله أنه يريد أداءه إلا أداه]- صلى الله عليه وسلم يقول من كان عليه دين همه قضاؤه أو هم بقضائه لم يزل معه من الله حارس (1) * (عن ميمونة 313 زوج النبي) (2) صلى الله عليه وسلم أنها استدانت دينا فقيل لها تستدينين وليس عندك وفاؤه؟ قالت إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من أحد يستدين دينا يعلم الله أنه يريد أداءه إلا أداه (3) * (عن انس بن مالك) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك مالا فلأهله؛ ومن ترك دينا 314 فعلى الله عز وجل وعلى رسوله * (عن أبي هريرة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا أولى الناس 315 بأنفسهم (6)؛ من ترك مالا فلموا لي عصبته (7). ومن ترك ضياعا (8) أو كلا فأنا وليه فلا دعي (9) له

_ (سنده) حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال حدثتني ورقاء أن عائشة قالت سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم (غريبه) (1) الظاهر أن المراد بالحارس هنا المعين كما يستفاد من حديثها الأول (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد، وروائه محتج بهم في الصحيح إلا أن فيه انقطاعا، ورواه الطبراني بإسناد متصل فيه نظر، وقال فيه (كان له من الله عون وسبب له رزقا * (2) (سنده) حدثنا يحيي بن أبي بكير قال ثنا جعفر بن زياد عن منصور قال حسبته عن سالم عن ميمونة الخ (غريبه) (3) معناه أنه متى حسنت منه النية وكان مخلصا فالله عز وجل يغنيه حتى يؤدي ما عليه والله أعلم (تخريجه) (هق) وفي إسناده من لم أعرفه وبقية رجاله ثقات * (4) (سنده) حدثنا عبد الله بن يزيد ثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب قال حدثني الضحاك بن شرحبيل عن أعين البصري عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد من حديث أنس وسنده جيد * (5) (سنده) حدثنا أسود بن عامر ومحمد بن سابق قالا حدثنا إسرائيل عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبه) (6) رواية البخاري (أنا أولى بالمؤمنين من أنفسهم) وقد نص كتاب الله على ذلك فقال عز من قائل (النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم) وفسره ابن عباس وعطاء بأنه إذا دعاهم النبي صلى الله عليه وسلم إلى شيء ودعتهم أنفسهم إلى شيء كانت طاعة النبي صلى الله عليه وسلم أولى بهم من طاعة أنفسهم، وقيل لأن النبي صلى الله عليه وسلم يدعوهم إلى ما فيه نجاتهم، وأنفسهم تدعوهم إلى ما فيه هلاكهم، وقيل غير ذلك (7) لفظ البخاري (فما له لموالي العصبة) والإضافة فيه للبيان نحو شجر الأراك أي الموالي الذين هم العصبة (فإن قيل) قد يكون لأصحاب الفروض (فالجواب) أن أصحاب الفروض مقدمون على العصبة فإذا كان للأبعد فبالطريق الأولى يون للأقرب (قال الداودي) والمراد بالعصبة هنا الورثة لا من يرث بالتعصيب لأن العاصب في الاصطلاح من ليس له سهم مقدر في المجمع على توريثهم، ويرث كل المال إذا انفرد، ويرث ما فضل بعد الفروض (وقيل) المراد من العصبة هنا قرابة الرجل وهو من يلتقي بالميت في أب ولو علا (8) بفتح المعجمة مصدر من ضاع الشيء يضيع ضيعة وضياعا أي هلك، قيل فهو على تقدير محذوف أي ذا ضياع (وقال الطيبي) الضياع اسم ما هو في معرض أن يضيع إن لم يتعهد كالذرية الصغار والزمن الذين لا يقومون بكل أنفسهم ومن يدخل في معناهم، وروى الضياع بالكسر على أنه جمع ضائع كجياع في جمع جائع (وقوله أو كلا) بفتح الكاف وتشديد اللام وهو الثقل بكسر المثلثة وسكون القاف قال تعالى (وهو كل على مولاه) وجمعه كلول وهو يشمل الدين والعيال (9) بلفظ أمر الغائب المجهول، والأصل في لام الأمر أن تكون مكسورة كقوله تعالى (وليوفوا نذورهم وليطوفوا بالبيت العتيق)

-[قوله من أنظر معسرا أو وضع له وقاه الله من قيح جهنم]- باب فضل من أنظر معسرا أو وضع عنه 316 (ز) (عن عثمان ابن عفان) (1) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول 317 أظل الله في ظله (2) يوم لا ظل إلا ظله من أنظر معسرا (3) أو ترك لغارم (4) * (عن ابن عباس) (5) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد وهو يقول بيده هكذا فأوما (6) أبو عبد الرحمن بيده إلى الأرض من أنظر معسرا أو وضع له (7) وقاه الله من قيح (8) جهنم، ألا أن عمل الجنة حزن (9) بربوة ثلاثا، إلا أن عمل النار سهل (10) بشهوة، والسعيد من وقي الفتن (11)، وما من جرعة أحب إلى من جرعة غيظ يكظمها (12) عبد، ما كظمها عبد لله إلا

_ قرئ بكسر اللام وإسكانها، وإتيان الألف بعد عين لأدعى جائز على قول من قال (ألم يأتيك والأنباء تنمى) وفي رواية لابن كثير أنه قرأ (إنه من يتقي ويصبر) بإثبات الياء التحتية وإسكان الراء وهي لغة أيضا، وحاصل معنى الحديث أنه صلى الله عليه وسلم أولى بالمؤمنين من أنفسهم يعني بالأولوية النصرة أي أنا أتولى أمورهم بعد وفاتهم فأنصرهم فوق ما كان منهم لو عاشوا فإن تركوا شيئا من المال فأذب المستأكل من الظلمة من أن يحوم حوله فيخلص لورثتهم، وإن لم يتركوا وتركوا ضياعا وكلا من الأولاد فأنا كافلهم وإلى ملجؤهم ومأواهم، وإن تركوا دينا فعلى أداؤه (تخريجه) (ق نس جه) (باب) * (1) (ز سنده) قال عبد الله بن الإمام أحمد حدثني أبو يحيي البزار محمد بن عبد الرحيم ثنا الحسن بن بشر بن سلم الكوفي ثنا العباس بن الفضل الأنصاري عن هشام بن زياد القرشي عن أبيه عن محجن مولى عثمان عن عثمان بن عفان الخ (غريبه) (2) أي ظل العرش على أرجح الأقوال وأضافته إلى الله عز وجل إضافة تشريف وقد جاء صريحا بأنه ظل العرش في حديث أبي هريرة وأبي اليسر (بفتحتين) الآتيين في آخر هذا الباب (3) أي أمهل مديونا فقيرا إلى ميسرته (4) الغارم الذي يلتزم ما ضمنه وتكفل به ويؤديه، ومن استدان لغير معصية وليس عنده ما يفي بالدين، والمراد بالترك هنا ترك كل الدين إن عجز عنه أو بعضه إن عجز عن البعض قال تعالى (وإن كان ذو عسرة فنظرة إلى ميسرة. وأن تصدقوا خير لكم إن كنتم تعلمون) (تخريجه) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد علي مسند أبيه ولم أقف على من أخرجه غيره: وفي إسناده العباس بن الفضل الأنصاري نزيل الموصل وقاضيها في زمن الرشيد متروك واتهمه أبو زرعة، وقال ابن حبان حديثه عن البصريين أرجأ من حديثه عن الكوفيين أهـ (قلت) يؤيده حديثا أبي هريرة وأبي زرعة الآتيين (6) (سنده) حدثنا عبد الله بن يزيد ثنا نوح بن جعونة السلمي خراساني عن مقاتل بن حيان عن عطاء عن ابن عباس الخ (غريبه) (6) أي أشار، وأبو عبد الرحمن كنية عبد الله بن يزيد شيخ الإمام أحمد (7) أي ترك له كل الدين أو بعضه كما تقدم (8) الفيح سطوع الحر وشدته وفور أنه (9) بفتح المهملة وسكون الزاي هو ما غلظ من الأرض وخشن منها (والربوة) المكان المرتفع، والمعنى أن العمل الموصل إلى الجنة كتجرع الصبر على المصائب وإسباغ الطهر في الشتاء ونحو ذلك شاق على النفس كما يشق على الزارع حرث الأرض الغليظة الصلبة المرتفعة (10) أي سهل على النفس لأنه يلائمها وتشتهيه كالزنا وشرب الخمر ونحو ذلك، وفي معناه قوله صلى الله عليه وسلم (حفت الجنة بالمكاره. وحفت النار بالشهوات رواه (ق حم) (11) الفتن جمع فتنة والمراد هنا المحنة والابتلاء في الدين (12) شبه جرع غيظه ورده إلى باطنه بتجرع

-[فضل من أنظر معسرا وما أعده الله له من الثواب العظيم]- ملأ الله جوفه إيمانا (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن رجلا لم يعمل خيرا قط 318 فكان يداين الناس فيقول لرسوله خذ ما تيسر واترك ما عسر، وتجاوز لعل الله يتجاوز عنا، فلما هلك قال الله عز وجل له هل عملت خيرا قط؟ قال لا، إلا أنه كان لي غلام وكنت أداين الناس فإذا بعثته يتقاضي قلت له خذ ما تيسر واترك ما عسر وتجاوز لعل الله عز وجل يتجاوز عنا، قال الله عز وجل قد تجاوزت عنك * (عن أبي مسعود البدري) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه * (عن 319 حذيفة بن اليمان) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وزاد فأدخله الله عز وجل الجنة * (عن عمران 320 ابن حصين) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له على رجل حق فمن أخره كان له بكل يوم صدقه * (عن بريدة الأسلمي) (5) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أنظر معسرا فله 321 بكل يوم مثله صدقة، قال ثم سمعته يقول من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة، قلت سمعتك يا رسول الله تقول من أنظر معسرا فله بكل يوم مثله صدقة، ثم سمعتك تقول من أنظر معسرا فله بكل يوم مثليه صدقة، قال له بكل يوم صدقة قبل أن يحل الدين، فإذا حل الدين فأنظره فله بكل يوم مثليه صدقة * (عن محمد بن كعب القرظي) (6) أن أبا قتادة كان له على رجل دين وكان 322 يأتيه يتقاضاه فيختبئ منه فجاء ذات يوم فخرج صبي فسأله عنه فقال نعم هو في البيت يأكل

_ الماء وهي أحب جرعة يتجرعها العبد وأعظمها ثواباً وأرفعها درجة كحبس نفسه من التشفي، ولا يحصل هذا الحب إلا بكونه قادرًا على الانتقام (وقوله يكظمها عبد) أي يحبس غيظه لله بنية سلامة دينه ونيل ثوابه (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وسنده جيد * (1) (سنده) حدثنا يونس ثنا ليث عن ابن عجلان عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (ق هق وغيرهم) * (2) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شقيق عن أبي مسعود البدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حوسب رجل ممن كان قبلكم فلم يوجد له من الخير شيء إلا أنه كان رجلا موسرا وكان يخالط الناس فكان يقول لغلمانه تجاوزوا عن المعسر، قال فقال الله عز وجل لملائكته نحن أحق بذلك منه تجاوزوا عنه (تخريجه) (م هق. وغيرهما) * (3) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في التساهل والتسامح في البيع الخ من هذا الجزء صحيفة 25 رقم 70 * (4) (سنده) حدثنا أسود بن عامر ثنا أبو بكر عن الأعمش عن أبي داود عن عمران بن حصين الخ (تخريجه) (طب) عن عمران بن حصين أيضا ولفظه (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان للرجل على رجل حق فأخره إلى أجله كان له صدقة، فإن أخره بعد أجله كان له بكل يوم صدقة، وفي إسناده أبو داود الأعمى اسمه نفيع بن الحارث مشهور بكنيته كوفي ويقال له نافع، قال الحافظ في التقريب متروك وقد كذبه ابن معين أهـ (قلت) لكن يؤيده حديث بريدة الآتي بعده * (5) (سنده) حدثنا عفان ثنا عبد الوارث ثنا محمد بن جحادة عن سليمان بن بريدة عن أبيه بريدة الأسلمي الخ (تخريجه) (جه ك) وأورده الهيثمي وقال روى ابن ماجه طرفا منه ورواه أحمد ورجاله رجال الصحيح * (6) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد

-[قوله صلى الله عليه وسلم من أحب أن يظله الله عز وجل في ظله فلينظر المعسر أو ليضع عنه]- خزيرة (1) فناداه يا فلان أخرج فقد أخبرت أنك هاهنا فخرج إليه، فقال ما يغيبك عني؟ قال إني معسر وليس عندي، قال آلله (2) إنك معسر؟ قال نعم، فبكى أبو قتادة ثم قال سمعت رسول الله 323 صلى الله عليه وسلم يقول من نفس (3) عن غريمه أو محا عنه كان في ظل العرش يوم القيامة * (عن ابن عمر) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أراد أن تستجاب دعوته وتنكشف كربته فليفرج عن معسر 324 (عن أبي هريرة) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أنظر معسراً أو وضع له أظله الله في ظل 325 عرشه يوم القيامة* (عن أبي اليسر) (6) صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن يظله الله عز وجل في ظله (زاد في رواية يوم لا ظل إلا ظله) فلينظر المعسر 326 أو ليضع عنه (كتاب الرهن) (7) (باب جواز الرهن في الحضر) * (عن ابن عباس) (8) قال قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند رجل (9) عن يهود على ثلاثين صاعا من

_ يعني ابن سلمة أنا أبو جعفر الخطمي عن محمد بن كعب القرظي الخ (غريبه) (1) الخزيرة بالخاء المعجمة بعدها زاي لحم يقطع صغار ويصب عليه ماء كثير فإذا نضج ذر عليه الدقيق، فإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة، وقيل هي حسًا من دقيق ودسم، وقيل إذا كان من دقيق فهو حريرة (بحاء مهملة ثم راءين أولاهما مكسورة والثانية مفتوحة) وإذا كان من يخالة فهو خزيرة (بخاء ثم زاي) (2) لفظ الجلالة قسم سؤال أي أبالله وباء القسم تضمر كثيرا مع لفظ الجلالة، قال في الروض وإذا حذف حرف القسم الأصلي أعني الباء فالمختار النصب بفعل القسم ويختص لفظ الله بجواز الجر مع حذف الجار بلا عوض، وقد يعوض من الجار فيها همزة الاستفهام أي قطع همزة الله في الدرج أهـ (3) أي أخر مطالبة الدين عن مديون معسر بعد حلول الأجل إلى مدة أخرى يجد فيها مالا (وقوله أو محا عنه) أي تجاوز عنه وتركه لله عز وجل (تخريجه) (م هق) ورواه الطبراني في الأوسط عن أبي قتادة وجابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سره أن ينجيه الله من كرب يوم القيامة وأن يظله تحت عرشه فلينظر معسراً، قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح * (4) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد عن يوسف بن صهيب عن زيد العمي عن ابن عمر الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلي الموصلي إلا أنه قال من يسر على معسر ورجال أحمد ثقات * (5) (سنده) حدثنا إسحاق بن سليمان ثنا داود بن قيس عن زيد بن أسلم عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات * (6) (سنده) حدثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن عبد الرحمن ابن معاوية عن حنظلة بن قيس الزرقي عن أبي اليسر الخ (تخريجه) (م جه ك عب) وغيرهم (كتاب الرهن) (7) الرهن في اللغة الثبوت والدوام، يقال ماء راهن أي راكد ونعمة راهنة، أي ثابتة دائمة، وقيل هو من الحبس قال تعالى (كل امرئ بما كسب رهين) وقال عز وجل (كل نفس بما كسبت رهينة) والرهن في الشرع المال الذي يجعل وثيقة بالدين ليستوفى من ثمنه إن تعذر استيفاؤه ممن هو عليه ويطلق أيضا على العين المرهونة تسمية للمفعول به باسم المصدر، وأما الرهن بضمين فالجمع، ويجمع أيضا على رهان بكسر الراء ككتب وكتاب وقرئ بهما (باب) * (8) (سنده) حدثنا يزيد أنا هشان عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (9) هو أبو الشحم اليهودي كما صرح بذلك

-[ما جاء في الرهن وقوله صلى الله عليه وسلم الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا الخ]- شعير أخذها رزقا لعياله * (عن عائشة رضي الله عنها) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت توفى رسول 327 الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة بثلاثين صاعا من شعير * (وعنها أيضا) (2) قالت اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم من يهودي طعاما (3) نسيئة فأعطاه درعا له (4) رهنا * (عن أسماء بنت يزيد) (5) أن 328 رسول الله صلى الله عليه وسلم توفي يوم توفي ودرعه مرهونة عند رجل من اليهود بوسق (6) من شعير (عن أنس بن مالك) (7) قال لقد رهن (يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم) درعا عند يهودي بالمدينة 329 أخذ منه طعاما فما وجد ما يفتكها به (8) (زاد في رواية حتى مات) (باب الظهر يركب بنفقته إذا كان مرهونا) * (عن أبي هريرة) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر يركب (10) 330 بنفقته إذا كان مرهونا، ويشرب لبن الدر (11) إذا كان مرهونا وعلى الذي يشرب ويركب نفقته (وعنه من طريق ثان) (12) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كانت الدابة مرهونة فعلى المرتهن علفها (13) ولبن الدر يشرب: وعلى الذي يشرب ويركب نفقته (كتاب الحوالة والضمان)

_ في مسند الشافعي (تخريجه) (نس فع مذ جه هق) وصححه الترمذي: وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا يزيد قال أنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) * (2) (إسناده) حدثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت الخ (غريبه) (3) أي من شعير كما تقدم في الحديث السابق (وقوله نسيئة) يعني إلى أجل (4) أي من جديد كما صرح بذلك في رواية للبخاري (تخريجه) (ق. وغيرهما) * (5) (سنده) حدثنا هاشم قال حدثني عبد الحميد قال حدثني شهر بن حوشب قال حدثني أسماء بنت يزيد الخ (غريبه) (6) الوسق بسكون المهملة ستون صاعا: وتقدم في حديثي عائشة وابن عباس أنها كانت مرهونة بثلاثين صاعا، وفي رواية عند النسائي والترمذي بعشرين صاعا، وهذه الروايات يعارض بعضها بعضا، ويمكن الجمع بينها بأنه صلى الله عليه وسلم رهنها أول الأمر بعشرين ثم استزاده عشرة فكانت ثلاثين ثم استزاده ثلاثين أخرى فكانت وسقا، فرواه كل راو بما علم والله أعلم (تخريجه) (جه) وسند حسن * (7) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله في باب معيشته صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (عربية) (8) أي ما يدفعه في الدين ويفك المرهون لأنه صلى الله عليه وسلم لم يدخر شيئا من حطام الدنيا، روى ابن سعد عن جابر أن أبا بكر قضى عدات النبي صلى الله عليه وسلم (أي ما وعد به) وأن عليا قضى ديونه، وروى إسحاق ابن راهوية في مسنده عن الشعبي مرسلا أن أبا بكر أفتك الدرع وسلمها لعلي بن أبي طالب، وأما من ذكر أنه صلى الله عليه وسلم افتكها قبل موته فمعارض بأحاديث الباب والله أعلم (تخريجه) (خ نس جه هق) انظر أحكام كتاب الرهن في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 189 - 190 في الجزء الثاني (باب) (9) (سنده) حدثنا يحيي عن زكريا قال حدثني عامر عن أبي هريرة الخ (غريبه) (10) أي ظهر الدابة المرهونة (يركب) بضم أوله مبني للمفعول (بنفقته) أي بمقابلة نفقته (11) بفتح المهملة وتشديد الراء وهو مصدر بمعنى الدارة أي ذات الضرع (12) (سنده) حدثنا هشام عن زكريا عن الشعبي عن أبي هريرة الخ (13) لم يبين في الطريق الأولى من الذي يركب ويشرب اللبن وصرح في هذه الرواية بأنه المرتهن فهي مفسرة لما قبلها، والأحاديث يفسر بعضها بعضا

-[ما جاء في الحوالة وضمان دين الميت الملفس]- 331 (باب وجوب قبول الحوالة (1) على المليء وتحريم مطل الغنى) * (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مطل (3) الغني ظلم، وإذا اتبع (4) أحدكم على مليئ فليتبع (وفي 332 لفظ) ومن أحيل على مليئ فليحتل * (عن ابن عمر) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مطل الغنى ظلم، وإذا أحلت على مليئ فاتبعه ولا بعتين في واحدة (6) * (باب ضمان دين الميت 333 المفلس) * (عن عبد الله بن أبي قتادة) (7) عن أبيه قال توفى رجل منا (8) فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم ليصلى عليه فقال هل ترك من شيء؟ قالوا لا والله ما ترك من شيء، قال فهل ترك عليه دين؟ قالوا نعم ثمانية عشر درهما قال فهل ترك لها من قضاء؟ قالوا لا والله ما ترك لها من شيء، قال فصلوا أنتم عليه، قال أبو قتادة يا رسول الله أرأيت إن قضيت عنه اتصلي عليه؟ قال إن قضيت عنه بالوفاء صليت عليه، قال فذهب أبو قتادة فقضى عنه فقال وفيت مما عليه؟ قال نعم، فدعا به رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى عليه (9)

_ ومعناه أن المنفعة تكون للمرتهن في مقابلة النفقة (تخريجه) (خ د مذ. وغيرهم) (باب) (1) الحوالة بفتح الحاء المهملة وكسرها مشتقة من التحول والانتقال، قال ثعلب تقول أحلت فلانا على فلان بالدين إحالة، قال ابن طريف معناه اتبعته على غريم ليأخذه، وقال ابن در ستويه يعني أزال عن نفسه الدين إلى غيره وحوله تحويلا: وهي عند الفقهاء نقل دين من ذمة إلى ذمة * (2) (سنده) حدثنا إسحاق قال أخبرني مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) المطل المدافعة، والمراد هنا تأخير ما استحق أداؤه بغير عذر وإضافة إلى الغنى من إضافة المصدر للفاعل عند الجمهور، والمعنى أنه يحرم على الغنى القادر أن يمطل بالدين بعد استحقاقه بخلاف العاجز (4) بإسكان التاء الفوقية على البناء للمجهول، قال النووي هذا هو المشهور في الرواية واللغة، وقال القرطبي أما أتبع فبضم الهمزة وسكون التاء مبنيا لما لم يسم فاعله وأما فليتبع فالأكثر على التخفيف أهـ (يعني مع فتح الياه التحتية) ومعنى قوله (اتبع فليتبع) أي إذا أحيل فليحتل كما جاء في اللفظ الآخر (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) * (5) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان ثنا هشيم أنا يونس بن عبيد عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (6) تقدم تفسير البيعتين في بيعة في باب النهي عن بيع العينة وبيعتين في بيعة صحيفة 45 رقم 146 من هذا الجزء (تخريجه) (جه) ورجاله ثقات، وأورده الهيثمي وقال رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا الحسن بن عرفة وهو ثقة أهـ (قلت) وحديثا الباب يدلان على أنه يجب على من أحيل بحقه على مليئ أن يحتال وإلى ذلك ذهب أهل الظاهر وأكثر الحنابلة وحمله الجمهور على الاستحباب، قال الحافظ ووهم من نقل فيه الإجماع والله أعلم * (باب) (7) (سنده) حدثنا عفان ثنا أبو عوانة عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن عبد الله بن أبي قتادة الخ (غريبه) (8) أي من الأنصار (9) جاء في حديث سلمة بن الأكوع وتقدم في باب التشديد على المدين أن أبا قتادة قال علي دينه يا رسول الله، قال فصلى عليه، وظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على الميت بمجرد قول أبي قتادة وهو يخالف ماهنا، ويجمع بينهما بأن أبا قتادة بعد أن قال للنبي صلى الله عليه وسلم على دينه ذهب إلى الغريم وضمن له ما على الميت وإن لم يدفعه بالفعل، وبهذا الضمان برئ الميت من الدين فصلى عليه النبي صلى الله عليه وسلم ويؤيد هذا التأويل سياق حديث جابر الآتي في الباب التالي والله أعلم (تخريجه) (نس مذ جه حب) وصححه

-[ما جاء في الضمان وأن ضمان المبيع على البائع وملازمة المليء وعقوبته بالحبس]- (باب في أن المضمون عنه إنما يبرؤ بأداء الضامن لا بمجرد ضمانه) * (عن جابر بن عبد الله) (1) قال توفى رجل فغسلناه وحنطناه ثم أتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى عليه، فقلنا تصلى عليه فخطا خُطى ثم قال أعليه دين؟ قلنا ديناران (2) فانصرف فتحملها أبو قتادة فأتيناه (3) فقال أبو قتادة الديناران علىّ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحقّ الغريم وبرئ الميت؟ (4) قال: نعم فصلى عليه؛ ثم قال بعد ذلك بيوم ما فعل الديناران؟ (5) فقال إنما مات أمس: قال فعاد إليه من الغد فقال قد قضيتهما؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن بردت عليه جلده (6) (باب في أن ضمان المبيع على البائع إذا وجد من يستحقه) (عن سمرة بن جندب) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سرق من الرجل متاع أو ضاع له متاع فوجده بيد رجل بعينه (8) فهو أحق به ويرجع المشترى على البائع بالثمن (9) (كتاب التفليس (10) والحجر) (باب ملازمة المليئ وعقوبته بالحبس وإطلاق المعسر) (عن عمرو بن الشريد) (11) عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

_ الترمذي} باب {* (1)} سنده {حدثنا عبد الصمد وأبو سعيد المعني قالا ثنا زائدة عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر الخ} غريبه {(2) في حديث أبي قتادة في الباب السابق بلفظ (قالوا نعم ثمانية عشر درهما) ولا معارضة في ذلك فإنها قصة أخرى (وقوله فانصرف) يعني النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصل عليه (3) الضمير يرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم (4) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم يستفهم من أبي قتادة بقوله أحق الغريم في ضمانك ويطلب منك وبرئ الميت من الدينارين؟ قال نعم (5) يعني هل دفعتهما لرب الدين أم لا؟ فقال إنما مات أمس يريد أن الزمن قريب لم يتمكن فيه من دفعهما (6) أي نجا من العذاب بسبب الدين , هذا وقد جاء في المسند بعد قوله (بردت عليه جلده) فقال معاوية بن عمرو فغسلناه وقال فقلنا نصلي عليه يعني بالنون بدل التاء المثناة في قوله (تصلي عليه) المذكور في الحديث ولم يسبق لمعاوية بن عمرو ذكر في سند الحديث والله أعلم} تخريجه {أورده صاحب المنتقى وقال رواه أحمد: ثم قال وإنما أراد بقوله (والميت منهما برئ) دخوله في الضمان متبرعا لا ينوي رجوعا بمال أهـ قال الشوكاني الحديث أخرجه أيضا (د نس قط) وصححه ابن حبان والحاكم أهـ} باب {(7)} سنده {حدثنا أبو معاوية عن حجاج عن سعيد بن زيد بن عقبة عن أبيه عن سمرة بن جندب الخ} غريبه {(8) أي وجد عين المتاع الضائع أو المسروق أو المغصوب عند رجل أو امرأة فهو أحق به من كل أحد إذا ثبت أنه ملكه بالبينة أو صدَّقه من في يده العين (9) أي يرجع المشتري بالثمن الذي دفعه من ابتاع تلك العين منه} تخريجه {(د نس جه. وغيرهم) وفي إسناده الحجاج بن أرطاة فيه كلام} كتاب التفليس والحجر {(10) التفليس مصدر فلسته بتشديد اللام مفتوحة أي نسبته إلى الإفلاس , والمفلس شرعا من يزيد دينه على موجوده , سمي مفلسا لأنه صار لا يملك إلا أدنى الأموال وهي الفلوس , أو سمي بذلك لأنه يمنع التصرف إلا الشيء التافه كالفلوس لأنهم يتعاملون بها في الأشياء الحقيرة} والحجر {بفتح المهملة وسكون الجيم لغة المنع , وفي الشرع المنع من التصرف في المال لأسباب منها: إحاطة الديون برجل ضاق ماله عن وفائها} باب {(11)} سنده {حدثنا وكيع ثنا وبر (بفتح الواو وسكون الموحدة بوزن عمرو) بن دليلة (بالتصغير) شيخ من أهل الطائف عن محمد

-[ما جاء في التفليس وكلام العلماء في حبس المليء وإطلاق المعسر]- لي (1) الواجد ظلم يُحل (2) عرضه وعقوبته، قال وكيع (3) عرضه شكايته وعقوبته حبسه * (عن أبى سعيد الخدرى) (4) قال أصيب رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار إبتاعها فكثر ديته، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقوا عليه، قال فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال النبى صلى الله عليه وسلم خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك (باب من وجد سعلته عند رجل ابتاعها منه وقد أفلس) * (عن أبى هريرة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجد عين ماله (وفى لفظ متاعه) عند رجل (6) قد أفلس فهو أحق به ممن سواه (وعنه من طريق ثان) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل أفلس فوجد رجل عنده ماله (8) ولم يكن اقتضى (9) من

_ ابن ميمون بن مسيكة وأثنى عليه خيرا عن عمرو بن الشريد الخ} غريبه {(1) اللي بفتح اللام وتشديد الياء التحتية أي مطل الواجد بالجيم وهو الموسر القادر على الأداء الذي يجد ما يؤدي به من الوُجد بالضم بمعنى القدرة (2) بضم أوله وكسر ثانيه أي يجوز وصفه بكونه ظالماً , قال النووي قال العلماء يحل عرضه بأن يقول ظلمني مطلني (3) هو شيح الإمام أحمد الذي روي عنه هذا الحديث يقول (عرضه شكايته) ومعناه قول الدائن ظلمني مطلني كما تقدم (وعقوبته حبسه): وروى البخاري والبيهقي عن سفيان مثل التفسير الذي رواه الإمام أحمد عن وكيع} تخريجه {(د نس جه هق حب ك) وصححه ابن حبان وحسنه الحافظ: وفي الحديث دلالة على أن المعسر لا حبس عليه لأنه أنما أباح حبسه إذا كان واجدا والمعدم غير واجد فلا حبس عليه , قال الخطابي وقد اختلف الناس في هذا فكان شريح يرى حبس المليئ والمعدم: وإلى هذا ذهب أصحاب الرأي , وقال مالك لا حبس على معسر وإنما حظه الإنظار , ومذهب الشافعي أن من كان ظاهر حاله العسر فلا يحبس , ومن كان ظاهر حاله اليسر حبس إذا امتنع من أداء الحق أهـ (4) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما يجوز بيعه في الدين من كتاب القرض والدين صحيفة 94 رقم 308 وإنما أثبته هنا لمناسبة الترجمة ولأنه يستفاد منه أن المفلس إذا كان له من المال دون ما عليه من الدين كان الواجب عليه لغرمائه تسليم المال ولا يجب عليه لهم شيء غير ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم (خذوا ما وجدتم وليس لكم إلا ذلك)} باب {* (5)} سنده {حدثنا هشيم ثنا يحيى بن سعيد عن أبي بكر بن محمد يعني ابن عمرو بن حزم عن عمر بن عبد العزيز عن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام عن أبي هريرة الخ (6) أي عند رجل ابتاع هذا المتاع ولم يدفع من ثمنه شيئا أو أخذه عارية أو وديعة ثم أفلس أي صار لا يملك شيئا يفي بثمن المتاع وكان المتاع باقيا بعينه فصاحبه أحق به من سائر الغرماء (7)} سنده {حدثنا يحيى بن آدم ثنا أبو إدريس عن هشام عن الحسن عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل الخ (8) أي متاعه (9) أي لم يقبض البائع من ثمن المتاع شيئا فهو له} تخريجه {(ق فع. والأربعة) وقد جاء تفسير هذا الحديث واضحا عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل باع متاعا فأفلس الذي ابتاعه ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئا فوجد متاعه بعينه فهو أحق به وإن مات المشتري فصاحب المتاع أسوة الغرماء رواه (لك د) وهو مرسل ويؤيده حديث الباب: وما جاء عن مسلم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في الرجل

-[ما جاء في الحجر (بسكون الجيم) وكلام العلماء فيمن يحجر عليه]- ماله شيئاً فهو له * (عن سمرة بن جندب) (1) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من وجد متاعه عند مفلس بعينه فهو أحق به (باب الحجر على السفهاء وذكر من يحجر عليه) (وقول الله عز وجل} ولا تؤتوا السفهاء (2) أموالكم التي جعل الله لكم قياما (3) وارزقوهم فيها (4) واكسوهم وقولوا لهم قولاً معروفا {(عن أنس بن مالك) (5) أن رجلاً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبتاع وكان في عقدته يعنى عقله ضعف فأتى أهله النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا يا نبى الله أحجر على فلان فإنه يبتاع وفى عقدته ضعف، فدعاه نبى الله صلى الله عليه وسلم فنهاه عن البيع فقال يا نبى الله إنى لا أصبر عن البيع فقال صلى الله عليه وسلم إن كنت غير تارك البيع فقال هوها ولا خلابة ولاها لا خلابة

_ الذي يعدم إذا وجد عنده المتاع ولم يفرقه لصاحبه الذي باعه * (1)} سنده {حدثنا عبد الصمد ثنا عمر بن إبراهيم ثنا قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب الخ} تخريجه {(د) وحسن الحافظ إسناده وهو من رواية الحسن البصري عن سمرة , وفي سماعه منه خلاف: ولكنه يشهد لصحته حديث أبي هريرة السابق , انظر مذاهب الأئمة في باب التفليس في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 191 في الجزء الثاني} باب {(2) السفهاء جمع سفيه والسفيه هو الذي يضيع ماله ويفسده بسوء تدبيره , وقال الضحاك عن ابن عباس المراد بالسفهاء النساء والصبيان , وقال سعيد بن جبير هم اليتامى , وقال الطبري الصواب عندنا أنها عامة في كل سفيه , وقال صاحب الكشاف السفهاء المبذرون أموالهم الذين ينفقونها فيما لا ينبغي ولا قدرة لهم بإصلاحها وتثميرها والصرف فيها والخطاب للأولياء , وأضاف الأمر إليهم لأنهم قوامها ومدبروها , (3) أي قوام عيشكم الذي تعيشون به , قال الضحاك به يقام الحج والجهاد وأعمال البر وبه فكاك الرقاب من النار (4) أي أطعموهم (واكسوهم) لمن يجب عليكم رزقه ومؤنته (وقولوا لهم قولا معروفا) أي عدة جميلة كقوله إذا ربحت أعطيتك وإن غنمت فلك فيه حظ: وقيل هو الدعاء , وقيل قولا لينا تطيب به أنفسهم , قال الحافظ ابن كثير في تفسيره ينهي سبحانه وتعالى عن تمكين السفهاء من التصرف في الأموال التي جعلها الله للناس قياما أي تقوم بها معايشهم من التجارات وغيرها , ومن هاهنا يؤخذ الحجر على السفهاء , وهم أقسام فتارة يكون الحجر للصغير فإن الصغير مسلوب العبارة , وتارة يكون الحجر للجنون , وتارة لسوء التصرف لنقص العقل أو الدين وتارة للفلس وهو ما إذا أحاطت الديون برجل وضاق ماله عن وفائها فإذا سأل الغرماء الحاكم الحجر عليه حجر عليه * (5) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب شرط السلامة من الغبن والخداع في البيع رقم 9 صحيفة 56 من كتاب البيوع في هذا الجزء , وإنما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة: وقد استدل به الأئمة مالك والشافعي وأحمد وأبو يوسف ومحمد والأوزاعي وأبو ثور على حجر السفيه الذي لا يحسن التصرف ووجه ذلك أنه لما طلب أهل الرجل إلى النبي صلي الله عليه وسلم الحجر عليه دعاه فنهاه عن البيع وهذا هو الحجر أي المنع , واحتجوا أيضا بقوله تعالى (ولا تؤتوا السفهاء أموالكم الآية) وذهب أبو حنيفة إلى عدم الحجر بسبب السفه , وبه وقال زفر وهو مذهب إبراهيم النخعي واحتجوا بقوله صلى الله عليه وسلم للرجل في حديث ابن عمر رضي الله عنهما إذا بايعت فقل لا خلابة فإنه صلى الله عليه وسلم وقف على أنه كان يغبن في البيوع فلم يمنعه من التصرف ولا حجر عليه بسبب ضعف عقله: ومن ها هنا قال أبو حنيفة إن ضعيف العقل لا يحجر عليه

-[ماجاء في إثبات الرشد وعلامات البلوغ وكلام العلماء في ذلك]- (باب إثبات الرشد وعلامات البلوغ) وقول الله عز وجل} وابتلوا اليتامى حتى إذا بلغوا النكاح فإن آنستم منهم رشدا فادفعوا إليهم أموالهم {(1) (عن يزيد بن هرمز) (2) قال كتب نجدة إلى ابن عباس بسأله عن خمس خلال فذكر الحديث (3) وفيه (ومتى ينقض يتم اليتيم؟ فأجابه ابن عباس وكتبت تسألنى عن يتم اليتيم متى ينقض، ولعمرى (4) أن الرجل تنبت لحيته وهو ضعيف الأخذ لنفسه فإذا كان يأخذ لنفسه من صالح ما يأخذ الناس فقد ذهب اليتم (5) الحديث (وعنه من طريق ثان) (6) عن ابن عباس بنحوه وفيه وعن اليتيم (7) متى ينقض يتمه؟ قال إذا احتلم أو أنس منه خير (8) (عن قتادة عن الحسن) (9) أن عمر بن الخطاب أراد أن يرجم مجنونة فقال له علىّ رضى الله عنه مالك ذلك (10)، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رفع القلم عن ثلاثة (11) عن النائم حتى يستيقظ، وعن الطفل حتى يحتلم (12) وعن المجنون حتى يبرأ أو يعقل (13)

_ لأنه لما قال له إنه لا يصبر عن البيع أذن له فيه بالصفة التي ذكرها , فهذا دل على عدم الحجر والله أعلم} باب {(1) هذه الآية نزلت في ثابت بن رفاعة وفي عمه , وذلك أن رفاعة توفي وترك ابنه ثابتا وهو صغير فجاء عمه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال إن ابن أخي يقيم في حَجري فما يحل لي ماله؟ ومتى أدفع إليه المال؟ فأنزل الله تعالى (وابتلوا اليتامى) أي اختبروهم في عقولهم وأديانهم وحفظهم أموالهم (حتى إذا بلغوا النكاح) أي مبلغ الرجال والنساء (فإن آنستم) أي أبصرتم (منهم رشداً) قال المفسرون يعني عقلا وصلاحا في الدين وحفظاً للمال وعلما بما يصلحه (فادفعوا إليهم أموالهم) أمر بدفع المال إليهم بعد البلوغ وإيناس الرشد والفاسق لا يكون رشيداً (2)} سنده {حدثنا محمد بن ميمون الزعفراني قال حدثني جعفر عن أبيه يزيد بن هرمز الخ (هرمز) بضم الهاء والميم بينهما راء ساكنة غير معروف (ونجدة) بوزن حمزة هو ابن عامر الحروري (3) سيأتي الحديث بتمامه وطرقه في مناقب ابن عباس في كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (4) بفتح المهملة وضمها وهو قسم بحياته , ومعناه بالفتح والضم واحد وهو البقاء إلا أنهم خصوا القسم بالمفتوح إيثاراً للأحق لكثرة دور الحلف على ألسنتهم ولذا حذفوا الخبر وتقديره لعمري قسمي (5) معناه أن اليتيم لا ينقضي عنه اليتم ويكون رشيدا إلا إذا كان يحسن التصرف في كل شيء ولا يكفي في رشده نبات لحيته أو احتلامه بدون حسن التصرف (6)} سنده {حدثنا عبد الوهاب بن عطاء أنا جرير بن حازم عن قيس بن سعد عن يزيد بن هرمز عن ابن عباس الخ (7) أي وسألت عن اليتيم متى ينقضي يتمه قال يعني ابن عباس إذا احتلم الخ (8) أي علم خيره في الدين وحسن التصرف في الأموال فإذا كان كذلك يصير رشيدا} تخريجه {(م فع د نس هق) * (9)} سنده {حدثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن الخ} غريبه {(10) أي لا رأى لك في ذلك ثم قال علي رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخ , وهو في معنى التعليل لقوله ليس لك ذلك لأني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ: والظاهر أن هذه المجنونة كانت قد زنت بعد إحصان وأن عمر رضي الله عنه لم يبلغه هذا الحديث ولذلك أمر برجمها أخذا بحديث رجم الزاني المحصن مطلقا فلما بلغه الحديث خلى سبيلها (11) وهو كناية عن عدم التكليف إذ التكليف يلزم منه الكتابة فعبر بالكتابة عنه , وعبر بلفظ الرفع إشعارا بأن التكليف لازم لبني آدم إلا لثلاثة وأن صفة الرفع لا تنفك عن غيرهم (12) في رواية حتى يبلغ قال السبكي فالتمسك برواية حتى يحتلم أولى لبيانها وصحة سندها , قال وقوله حتى يبلغ مطلق والاحتلام مقيد فحمل عليه لأن الاحتلام بلوغ قطعا وعدم بلوغ الخمسة عشر ليس ببلوغ قطعا (13) أو للشك من الراوي يشك هل قال حتى يبرأ أو قال

-[من علامات البلوغ إنبات العانة والحيض وحد البلوغ بالسن]- فأدرأ عنها عمر رضى الله عنه (1) (عن عطية القرظىّ) (2) قال عرضت على النبى صلى الله عليه وسلم يوم قريظة فشكوا في (3) فأمر النبى صلى الله عليه وسلم أن ينظروا إلىّ هل أنبتّ (4) بعد فنظروا فلم يجدونى أنبتّ فخلى عنى وألحقنى بالنبى (عن نافع ابن عمر) (5) أن النبى صلى الله عليه وسلم عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة فلم يجزن (6)، ثم عرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة فأجازه (7) * (عن محمد يعنى ابن سيرين) (8) أن عائشة نزلت على صفية (9) أم طلحة الطلحات فرأت بنات لها يصلين بغير خمرة (10) قد حضن قال فقالت عائشة لا تصلينّ جارية منهن إلا في خمار، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل علىّ وكانت في حجرى (11) جارية (12) فألقى علىّ حقوه (13) فقال شقيه

_ حتى يعقل والمعنى واحد , (1) أي لهذا دفع عنها عمر الحد ولحديث (ادرءوا الحدود بالشبهات) أي ادفعوا} تخريجه {(ك قط حب خز بر. والأربعة) وقال الترمذي حديث على حديث حسن غريب من هذا الوجه وقد روى من غير وجه عن علي أهـ (قلت) تقدم بعض طرقه للإمام أحمد في الجزء الثاني صحيفة 238 في باب أمر الصبيان بالصلاة , وصحح الحاكم حديث الباب وأقره الذهبي , وروى الإمام أحمد و (د نس جه ك) حديث رفع القلم أيضا عن عائشة وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي وتقدم الباب المشار إليه * (2)} سنده {حدثنا هشيم بن بشر أنا عبد الملك بن عمير عن عطية القرظي} غريبه {(3) أي شكوا في أمر بلوغه (4) أي أنبت شعر العانة لأنه علامة البلوغ في الظاهر فاعتمدوا عليها ولا يعتمد على قول الكافر في هذه الحالة لاتهامه , قال العلماء والمراد بالإنبات المذكور في الحديث هو إنبات الشعر الأسود المتجعد في العانة لا إنبات مطلق الشعر فإنه موجود في الأطفال , وفيه جواز النظر إلى العورة للحاجة} تخريجه {(حب ك. والأربعة) وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم وقال على شرط الصحيحين , قال الحافظ وهو كما قال إلا أنهما لم يخرجا لعطية , وماله إلا هذا الحديث الواحد وقد أخرج نحو حديث عطية الشيخان من حديث أبي سعيد بلفظ فكان يكشف عن مؤتزر المراهقين , فمن أنبت منهم قتل , ومن لم ينبت جعل في الذراري * (5)} سنده {حدثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر الخ} غريبه {(6) أي لأنه لم يبلغ مبلغ الرجال (7) إنما أجازه عند بلوغه خمس عشرة سنة لأنه صار مكلفا يجب عليه الجهاد} تخريجه {(ق هق. والأربعة وغيرهم) * (8)} سنده {حدثنا عفان ثنا حماد بن زيد قال ثنا أيوب عن محمد الخ} غريبه {(9) هي بنت الحارث بن سلحة العبدرية نزلت عليها عائشة في قصر عبد الله بن خلف بالبصرة عقب وقعة الجمل , وكُنيت بأم طلحة مضافا إلى الطلحات لأنه كان في أجداده جماعة يسمى كل منهم بطلحة (10) الخمرة بكسر الخاء المعجمة لغة في الخمار وهو ما تستر المرأة به رأسها ورقبتها (11) بكسر الحاء المهملة وفتحها , قال في القاموس نشأ في حِجره وحَجره أي في حفظه وستره (12) أي شابة وكانت مولاة لها (13) بفتح الحاء المهملة أي إزاره لأن الحقو في الأصل موضع شد الإزار ثم توسعوا فيه حتى سموا الإزار حَقوا تسمية للحال باسم المحل (وقوله شقيه) أي اقطعيه قطعتين فأعطي جاريتك هذه نصف الإزار وأعطي الشابة التي عند أم سلمة النصف الآخر فإني لا أظنهما إلا قد بلغتا سن الحيض} تخريجه {(د جه) ورجاله من رجال الصحيحين , وقد استدل بهذا الحديث على أن الحيض من علامات البلوغ وكذا الحمل

-[علامات البلوغ تنحصر في خمسة أشياء وكلام العلماء في ذلك وفضل إصلاح ذات البين]- بين هذه وبين الفتاة التي في حجر أم سلمة فإنى لا أراها إلا قد حاضت، أو لا أراهما إلا قد حاضتا (كتاب الصلح وأحكام الجوار) (باب الترغيب في إصلاح ذات البيت) (1) وقول الله عز وجل} لا خير فى كثير من نجواهم (2) إلا من يصدقه أو معروف أو إصلاح بين الناس، ومن يفعل ذلك ابتغاء مرضات الله فسوف نؤتيه أجراً عظيما {* (عن أبى الدرداء) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ألا أخبركم بأفضل (4) من درجة الصلاة والصيام والصدقة؟ قالوا بلى، قال إصلاح ذات البين (5)، وفساد ذات البين هي الحالقة (6)

_ من باب أولى وأن الفتاة إذا حاضت وجب عليها الستر (قال العلماء) علامات البلوغ تنحصر في خمسة أشياء الاحتلام والسن , والإنبات والحيض والحمل , وهذان الأخيران يختصان بالنساء , واتفق العلماء على أن الاحتلام من علامات البلوغ للرجال والنساء , وعلى أن الحمل والحيض كذلك للنساء , واختلفوا في الإنبات والسن: فذهبت الشافعية إلى أن الإنبات علامة بلوغ الكافر واعتبروا أن خمس عشرة سنة في الذكور والإناث ووافقهم الإمام أحمد في أظهر روايتيه وأبو يوسف ومحمد صاحبا أبي حنيفة وابن وهب وابن الماجشون المالكيين والأوزاعي محتجين بحديث ابن عمر المذكور في الباب , وقد عمل بذلك عمر بن عبد العزيز رحمه الله تعالى وأقره عليه رواية نافع وحالف آخرون لا نطيل الكلام بذكرهم والله أعلم} باب {(1) أي إصلاح الفساد بين القوم والمراد إسكان الثائرة , والصلح في اللغة اسم بمعنى المصالحة وهي المسالمة خلاف المخاصمة أي قطع النزاع , وفي الشرع الصلح عقد يقطع النزاع من بين المدعي والمدَّعى عليه ويقطع الخصومة (قال الحافظ) والصلح أقسام: صلح المسلم مع الكافر , والصلح بين الزوجين , والصلح بين الفئة الباغية والعادلة , والصلح في الجراح كالعفو على مال , والصلح لقطع الخصومة إذا وقعت المزاحمة إنا في الأملاك أو المشتركات كالشوارع , وهذا الأخير هو الذي يتكلم فيه أصحاب الفروع (2) قال مجاهد الآية عامة في حق جميع الناس (والنجوى) هي الأسرار في التدبير , وقيل النجوى ما ينفرد بتدبيره قوم سرا كان أو جهرا , فمعنى الآية لا خير في كثير مما يدبرونه بينهم (إلا من أمر بصدقة) أي إلا في نجوى من أمر بصدقة الخ , فالنجوى يكون متصلا ويجوز أن يكون الاستثناء منقطعا بمعنى لكن من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس فإن في نجواه خيرا , وقال الداودي معناه لا ينبغي أن يكون أكثر نجواهم إلا في هذه الخلال (أو معروف) المعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله عز وجل والتقرب إليه والإحسان إلى الناس , وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه وأعمال البر كلها معروف: وهو من الصفات الغالبة أي أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكروه (أو إصلاح بين الناس) أي إصلاح ذات البين (ومن يفعل ذلك) أي هذه الأشياء التي ذكرها (ابتغاء مرضاة الله) أي مخلصا في ذلك محتسبا ثواب ذلك عند الله عز وجل (فسوف نؤتيه أجرا عظيما) أي ثوابا جزيلا كبيرا واسعا * (3)} سنده {حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمر بن مرة عن سالم ابن أبي الجعد عن أم الدرداء عن أبي الدرداء الخ} غريبه {(4) أي بدرجة هي أفضل من درجة الصلاة الخ , الظاهر أن المراد بالصلاة والصيام والصدقة النوافل منها لا الفرائض (5) أي إصلاح أحوال البين وإزالة ما بين الخصمين من العداوة والبغضاء , أو هو إصلاح الفساد والفتنة التي بين القوم , وإنما كان إصلاح ذات البين أفضل من الصلاة والصيام والصدقة لما فيه من عموم المنافع الدينية والدنيوية من التعاون والتناصر والألفة والاجتماع على الخير , ولكثرة ما يندفع به من الشر والعداوة والبغضاء (6) أي

-[جواز الصلح بين الخصمين بإعطاء كل ذى حق حقه أو بتنازل أحدهما للآخر عن حقه أو بعضه]- (عن أبي هريرة) (1) عن النبى صلى الله عليه وسلم صال الصلح جائز بين المسلمين (2) (باب جواز الصلح (3) عن المعلوم والمجهول والتحلل منهما) * (عن أم سلمة رضى الله عنها) (4) قالت جاء رجلان من الأنصار يختصمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواريث بينهما قد درست (5) ليس بينهما بينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم تختصمون إلى وإنما أنا بشر (6)، ولعل بعضكم الحن (7) بحجته أو قد قال لحجته من بعض فإنى أقضى بينكم على نحو ما أسمع (8) فمن قضيت له من حق أخيه شيئاً فلا يأخذه (9) فإنما أقطع له قطعة من النار (10) يأتى بها إسطاما (11) في عنقه يوم القيامة فبكى الرجلان وقال كل

_ الخصلة التي من شأنها أن تحلق أي تهلك وتستأصل الدين كمنا يستأصل الموسي الشعر , والمراد المزيلة للخصال المحمودة من الدين نعوذ بالله من ذلك} تخريجه {(د مذ) وصححه: وقال الحافظ سنده صحيح وأخرجه البخاري في الأدب المفرد من هذا الوجه * (1)} سنده {حدثنا الخزاعي قال ثنا سليمان ابن بلال عن كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة الخ} غريبه {(2) ظاهر هذه العبارة العموم فيشمل كل صلح إلا ما استثنى في رواية أبي داود بقوله (إلا صلحا أحل حراما , ورحم حلالا) (وقوله بين المسلمين) خرج مخرج الغالب لأن الصلح جائز بين الكفار وبين المسلم والكافر , ووجه التخصيص أن المخاطب بالأحكام في الغالب هم المسلمون لأنهم هم المنقادون لها} تخريجه {(د هن ك) قال المنذري في إسناده كثير بن زيد أبو محمد الأسلمي مولاهم المدني , قال ابن معين ثقة وقال مرة ليس بشيء وقال مرة ليس بذاك القوي وتكلم فيه عن غيره إ هـ (قلت) وفي الخلاصة قال أبو زرعة صدوق وفيه لين} باب {(3) الصلح معناه التوفيق بين طرفين متخاصمين بإعطاء كل ذي حق حقه أو بتنازل أحدهما للآخر عن حقه كله أو بعضه بشرط أن يكون برضا الطرفين وتسامحهما وهو جائز عن المعلوم والمجهول والتحلل منهما} فائدة {أحكام الصلح تنحصر في أربع صور (الأولى) صلح عن معلوم بمعلوم وهو صحيح إجماعا (الثانية) صلح عن مجهول بمجهول وهو فاسد إجماعا (الثالثة والرابعة) صلح عن معلوم بمجهول وعن مجهول بمعلوم وفيهما خلاف ذكرته في الشرح الكبير * (4)} سنده {حدثنا وكيع قال ثنا أسامة بن زيد عن عبد الله بن رافع عن أم سلمة رضي الله عنها الخ} غريبه {(5) بفتحات أي عفا أثرها وتركت (6) أي لا أعلم الغيب وبواطن الأمور كما هو مقتضى الحالة البشرية وأنه إنما يحكم بالظاهر والله يتولى السرائر , ولو شاء الله لأطلعه على باطن الأمور حتى يحكم باليقين لكن أمر الله أمته بالإقتداء به فأجرى أحكامه على الظاهر لتطييب نفوسهم (7) أي أفصح وأبين كلاهما وأقدر على الحجة فيزين كلامه بحيث أظنه صادقا في دعواه وهو في الحقيقة مبطل (8) أي من الخصم القوي الحجة سواء كان ذلك بسبب فصاحة أو بشهادة الشهود (قال الحافظ) وفي رواية عبد الله بن رافع أني إنما اقضي بينكم برأيي فيما لم ينزل علىَّ فيه (9) يعني إذا كان في الحقيقة غير محق (10) أي الذي قضيت له بسحب الظاهر إذا كان في الباطن لا يستحقه فهو عليه حرام يؤول به إلى النار (وقوله قطعة من النار) تمثيل يفهم منه شدة التعذيب على من تعاطاه فهو من مجاز التشبيه كقوله تعالى (إنما يأكلون في بطونهم نارا) (11) بكسر الهمزة وسكون المهملة (قال في النهاية) فإنما أقطع له سطاما من النار ويروى إسطاما من النار وهما الحديدة التي تحرك بها النار وتُسعر أي أقطع له ما يُسعر به النار على نفسه ويشعلها أهـ (قلت)

-[الحث على رد المظالم لأهلها في الدنيا قبل أن تؤخذ من حسنات الظالم في الآخرة]- واحد منهما حقى لأخى (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إذ قلتما (2) فاذهبا فاقتسما ثم توخيا (3) الحق ثم إستهما (4) ثم ليُحلل كل واحد منكما صاحبه * (عن أبى هريرة) (5) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من كانت عنده يعنى مظلمة (6) لأخيه في ماله أو عرضه (7) فليأته فليستحلها (8) منه قبل أن يؤخذ أو تؤخذ (9) وليس عنده دينار ولا درهم: فإن كانت له حسنات أخذ من حسناته فأعطيها هذا وإلا أخذ من سيئاته هذا فألقى عليه (باب الصلح عن دم العمد بأكثر من الدية وأقل) * (عن عمرو بن شعيب) (10) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قتل متعمداً دُفع إلى أولياء القتيل فإن شاءوا قتلوا: وإن شاءوا أخذوا الدية وهى ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة وذلك عقد العمد، وما صالحاو ليه فهو لهم وذلك تشديد العقل

_ والمعنى أنه يأتي يوم القيامة حاملا للحديدة التي يسعر بها النار على نفسه مع أثقاله والله أعلم (1) استدل به على صحة هبة المجهول وهبة المدعي قبل ثبوته وهبة الشريك لشريكه (2) لفظ أبي داود أما إذا فعلتما ما فعلتما فاقتسما , قال في شرح السنة أما بتخفيف الميم يحتما أن يكون بمعنى حقا وإذا للتعليل (3) بفتح الواو والخاء المعجمة (قال في النهاية) أي اقصدا الحق فيما تصنعان من القسمة يقال توخيت الشيء أتوخاه توخيا إذا قصدت إليه وتعمدت فعله (4) قال الخطابي معناه اقترعا , والاستهام الاقتراع , ومنه قوله تعالى (فساهم فكان من المدحضين) أهـ والمعنى ليأخذ كل واحد منكما ما تخرجه القرعة في القسمة ليتميز سهم كل واحد منكما عن الآخر (وقوله ثم ليحلل) يوزن محسن أي ليسأل كل واحد منكما صاحبه أن يجعله في حل من قِبله بإبراء ذمته والله أعلم} تخريجه {(ق لك فع د جه هق) * (5)} سنده {حدثنا يحيى عن مالك قال حدثني سعيد والحجاج قال أنا ابن أبي ذئب عن سعيد المعني عن أبي هريرة الخ} غريبه {(6) قال الحافظ المظلمة لأحد عن عرضه أو شيء) يعني من الأشياء وهو من عطف العام على الخاص فيدخل فيه المال بأصنافه والجراحات حتى اللطمة ونحوها (8) المراد بالاستحلال طلاب الظالم من المظلوم أن يجعله في حل وليطلبه ببراءة ذمته من حقه , وقال الخطابي معناه يستوهبه ويقطع دعواه عنه لأن ما حرم الله من الغيبة لا يمكن تحليله , وجاء رجل إلى ابن سيرين فقال اجعلني في حل فقد اغتبتك , فقال إني لا أحل ما حرم الله ولكن ما كان من قِبلنا فأنت في حل (9) أو للشك من الراوي والمعنى قبل أن يؤخذ منه بدل مظلمته يوم القيامة وليس عنده دينار ولا درهم , وكأنه قيل فما يؤخذ منه بدل مظلمته حيث لا دينار ولا درهم؟ فقال (فإن كانت له حسنات) يعني إن كان للظالم عمل صالح (أخذ من حسناته) أي من ثواب عمله الصالح فأعطي للمظلوم بقدر ما ظلم (وإلا) يعني وإن لم تكن له حسنات أو له ولكنت لا تفي بحق المظلوم أخذ من سيئات المظلوم (فألقي عليه) أي على الظالم عقوبة سيئات المظلوم} تخريجه {(خ مذ هق. وغيرهم) وقد أخرج هذا الحديث مسلم من وجه آخر ينحوه} باب {(10) سيأتي هذا الحديث بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء فيمن قتل عمدا من أبواب الدية في كتاب القتل والجنايات إن شاء الله تعالى: وإنما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة وللاستدلال بقوله فيه (وما صالحوا عليه

-[الإحسان إلى الجار ومراعاة مصلحته بالمعروف]- (باب ما جاء في وضع الخشب في جدار الجار وأن كره) (عن ابن عباس) (1) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع (2) أحدكم أخاه مرفقه (3) أن يضعه على جدّاره (عن أبى هريرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمنعن رجل جاره أن يغرز خشبته أو (5) قال خشبة في جداره * (وعنه أيضاً) (6) عن النبى صلى الله عليه وسلم إذا استأذن أحدكم (7) (وفى لفظ من سأله جاره) أن يغرز خشبة في جداره فلا يمنعه، فلما حدثهم أبو هريرة طأطئوا رءوسهم (8) فقال ما لى أراكم معرضين، والله لأرمين بها (9) بين أكتافكم (عن عكرمة بن سلمة بن ربيعة) (10) أن أخوين من بنى المغيرة أعتق أحدهما (11) أن لا يغرز خشباً في جداره فليقا مجمع بن يزيد الأنصارى ورجالاً كثيراً (12) فقالوا

_ فهو لهم فإنه يدل على جواز الصلح في الدماء بأكثر من الدية وأقل} باب {* (1)} سنده {حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عكرمة عن ابن عباس الخ} غريبه {(2) بالجزم على أن لا ناهية , وبالرفع خبر بمعنى النهي , وفي رواية للإمام أحمد من حديث أبي هريرة الآتي بعد هذا لا يمنعن بنون التوكيد وهي تؤكد رواية الجزم (3) بفتح الميم وكسر الفاء وبفتحها وكسر الميم ما ارتفق به أي انتفع ويهما قرئ (ويهيئ لكم من أمركم مرفقا) والمراد هنا الخشية التي ينتفع بوضعها على جدار جاره كما يستفاد من الروايات الآتية} تخريجه {(جه هق) وفي إسناده ابن لهيعة فيه كلام ولكن يؤيده ما بعده * (4)} سنده {حدثنا إسماعيل ثنا أيوب عن عكرمة عن أبي هريرة الخ} غريبه {(5) أو للشك من الراوي (وفي رواية) خشبه بالهاء بصيغ الجمع , وقال المزني عن الشافعي عن مالك خشبه بلا تنوين , وقال عن يونس بن عبد الأعلى عن ابن وهب عن مالك خشبة بالتنوين , قال ابن عبد البر والمعنى واحد لأن المراد بالواحدة الجنس , قال الحافظ وهذا الذي يتعين للجمع بين الروايتين وإلا فقد يختلف المعنى لأن أمر الخشبة الواحدة أخف في مسامحة الجار بخلاف الخشب الكثير} تخريجه {(ق. الأربعة وغيرهم) * (6)} سنده {حدثنا سفيان عن الزهري عن الأعرج عن أبي هريرة وقرئ عليه عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ} غريبه {(7) صرح في هذه الرواية باستئذان صاحب الجدار , ولذا شرطه الشافعية على أشهر القولين في الجديد (8) هو كناية عن التوقف والإعراض عن العمل بقوله , ولذلك قال لهم مالي أراكم معرضين عن العمل بهذه السنة أو المقالة فأنكر عليهم ما رآه من إعراضهم واستثقالهم ما سمعوا منه (9) أي لأشيعن هذه المقالة فيكم ولأقرعنكم بها كما يضرب الإنسان بالشيء بين كتفيه ليستيقظ من غفلته (وقوله بين أكتافكم) قال ابن عبد البر رويناه في الموطأ بالمثناة وبالنون والأكتاف بالنون جمع كتف بفتحها وهو الجانب , قال الخطابي معناه إن لم تقبلوا هذا الحكم وتعملوا به راضين لأجعلنها أي الخشبة على رقابكم كارهين , قال أراد بذلك المبالغة , وبهذا التأويل جزم إمام الحرمين تبعا لغيره , وقال إن ذلك وقع من أبي هريرة حين كان يلي إمرة المدينة وقد وقع عند ابن عبد البر من وجه آخر لأرمين بها بين أعينكم وإن كرهتم , وهذا يرجع التأويل المتقدم والله أعلم} تخريجه {(ق لك فع مذ جه) انظر أحكام هذا الباب في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 194 في الجزء الثاني (10)} سنده {حدثنا حجاج قال ابن جريج اخبرني عمرو بن دينار عن هشام بن يحيى أخبره أن عكرمة بن سلمة بن ربيعة أخبره أن أخوين من بني المغيرة الخ} غريبه {(11) أي حلف بالعتق أن لا يغرز أخاه خشبا في جداره (12) يعني

-[ما جاء في الطريق إذا اختلفوا فيه كم تجعل]- نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع جار جاره أن يغرز خشباً في جداره فقال الحالف أي أخى قد علمت أنك مضىّ لك علىّ (1) وقد حلفت فاجعل أسطواناً دون جدارى، ففعل الآخر فغرز في الأسطوان خشبة (2) فقال لى عمرو فأنا نظرت إلى ذلك (3) (باب ما جاء في الطريق إذا اختلفوا فيه كم تجعل) * (عن ابن عباس) (4) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال إذا اختلفتم في الطريق (5) فدعوا سبع أذرع (6) ثم ابنو، ومن سأله جاره أن يدعم (7) على حائطه فليدعه (8) * (وعنه ايضاً) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ضرر (10) ولا ضرار، وللرجل أن

_ من الصحابة رضي الله عنهم (1) معناه أني قد علمت الآن من هؤلاء الصحابة أن لك الحق في غرز خشبتك في جداري ولكني حلفت فإبرارا لقسمي اجعل اسطوانا أي عمودا من البناء ملاصقا لجداري لتغرز فيه خشبتك (2) في قوله خشبة بالإفراد تفسير لقوله خشبا بالجمع فيما تقدم وأن المراد به الجنس لا الجمع (3) معناه يقول عمرو بن دينار أحد رجال السند ابن جريج أنا نظرت إلى ذلك يعني إلى الخشبة مغروزة في الأسطوانة} تخريجه {(جه هق) وسكت عنه الحافظ في التلخيص: وفي إسناده عكرمة بن سلمة بن ربيعة قال الحافظ في التقريب مجهول (قلت) يؤيده ما قبله} باب {* (4)} سنده {حدثنا أسود ثنا شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ} غريبه {(5) أي إذا تنازعتم أيها المالكون للأرض وأردتم البناء فيها , قال ابن جرير أو قسمتها ولا ضرر على أحد منهم فيها أي في قدر عرض الطريق التي يجعلونها بينهم للمرور فيها , فإذا أراد البعض جعلها أقل من سبعة أذرع وبعضهم سبعة أو أكثر مع اجتماع الكل على طلب فرض الطريق (فدعوا) أي اتركوا (سبع أذرع) هكذا رواية الإمام أحمد في هذا الحديث (سبع) بغير تاء ومثله عند مسلم وفي أكثر الروايات (سبعة) بالتاء , قال النووي وهما صحيحان فالذراع يذكر ويؤنث والتأنيث أفصح (وقوله أذرع) جمع ذراع وهو ذراع البنا المعروف , وقيل بذراع اليد المعتدلة واستظهره الحافظ , والحكمة في جعلها سبعة أذرع أن في هذا القدر كفاية لمدخل الأحمال والأثقال ومخرجها ومدخل الركبان والرحال ونحو ذلك ودونها لا يكفي , قال الإمام الطبري وتبعه الخطابي هذا إذا بقي بعده لكل واحد من الشركاء فيه ما ينتفع بن بدون مضرة وإلا جعل على حسب الحال الدافع للضرر , أما الطريق المختص فلا تحديد فيه فلمالكه جعله كيف شاء , وأما الطريق المسلوك فيبقى على حاله لأن يد المسلمين عليه , وأما في الفيافي فيكون أكثر من سبعة لممر الجيوش وسرح الأنعام والتقاء الصفوف (7) بفتح أوله من باب نفع دعامة بكسر الدال المهملة , قال في القاموس الدَّعمة والدعامة والدعام بكسرهن من عماد البيت والخشب المنصوب للتعريش جمع دُعم ودعائم أهـ والظاهر أنها الخشبة التي تحمل السقف (8) أي فليتركه يضعها ولا يمنعه كما يستفاد من الروايات الأخرى} تخريجه {(جه هق عب) وسنده جيد * (9)} سنده {حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ضرر الخ} غريبه {(10) بفتحتين (ولا ضرار) بكسر أوله والضرر خلاف النفع والضرار من الاثنين , والمعنى ليس لأحد أن يضر صاحبه بوجه , ولا لاثنين أن يضر كل منهما بصاحبه بل يعفو , فالضرر فعل واحد والضرار فعل اثنين أو الضرر ابتداء الفعل والضرار الجزاء عليه , والأول إلحاق مفسدة بالغير مطلقا , والثاني إلحاقها به على وجه المقابلة أي كل منهما يقصد

(كتاب الشركة والقراض)

-[جواز إخراج ميزاب المطر إلى الشارع - وقصة عمر مع العباس بشأن ميزابه]- يجعل جشبة في حائط جاره، والطريق الميتاء (1) سبعة أذرع * (عن ابى هريرة) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا اختلفوا في الطريق رفع (3) من بينهم سبعة أذرع * (ز) (عن عبادة ابن الصامت) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في الرّحبة (5) تكون بين الطريق ثم يريد أهلها البنيان فيها فقضى أن يترك للطريق فيها سبع أذرع، قال وكانت تلك الطريق تسمى الميتاء (6) (باب جواز إخراج ميازيب المطر إلى الشارع بشرط كيف الضرر عن المارّة) * (عن عبيد الله بن عباس) (7) بن عبد المطلب أخى عبد الله رضى الله عنهم قال كان للعباس ميزاب (8) على طريق عمر بن الخطاب رضى الله عنه فلبس عمر ثيابه يوم الجمعة وقد كان ذبح للعباس فرخان فلما وافى الميزاب صب ماء بدم الفرخين فأصاب عمر، وفيه دم الفرخين، فأمر عمر بقلعه (9) ثم رجع عمر فطرح ثيابه وليس ثياباً غير ثيابه ثم جاء فصلى بالناس فأتاه العباس فقال والله إنه للموضع الذي وضعه النبى صلى الله عليه وسلم فقال عمر للعباس وأنا أعزم عليك لما صعدت على ظهرى حتى تضعه في الموضع الذي وضعه النبى صلى الله عليه وسلم ففعل ذلك العباس (كتاب الشركة والقراض) (10)

_ ضرر صاحبه بغير جهة الاعتداء بالمثل , وفيه تحريم سائر أنواع الضرر إلا بدليل (1) بميم مكسورة وتحتانية ساكنة وبعدها تاء مثناة ومد , بوزن مفعال من الإتيان والميم زائدة , قال أبو عمر والشيباني الميتاء أعظم الطرق وهي التي يكثر مرور الناس فيها: وقال غيره هي الطريق الواسعة , وقيل العامرة} تخريجه {(جه هق طب عب) وله عدة طرق يقوي بعضها بعضا وما فيه من جعل الطريق سبعة أذرع ثابت في الصحيحين والموطأ ومسند الشافعي * (2)} سنده {حدثنا هشين أنا خالد عن يوسف أو عن أبيه عبد الله بن الحارث عن أبي هريرة الخ} غريبه {(3) أي ترك من بين الشركاء للطريق سبعة أذرع} تخريجه {(ق لك فع د مذ جه هق) * (ز) (4) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وتخريجه في باب جامع قضايا حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب القضاء والشهادات} غريبه {(5) الرحبة بسكون الحاء المهملة المكان الواسع (6) تقدم تفسيره قبل حديث والله أعلم} باب {* (7)} سنده {حدثنا أسباط بن محمد ثنا هشام بن سعد عن عبيد الله بن عباس الخ} غريبه {(8) الميزاب معروف وهو ما يوضع على سطوح المنازل لتصريف ماء المطر إلى الشارع (9) أي فقلع كما يستفاد من السياق} تخريجه {(هق) من أوجه أخر ضعيفة ومنقطعة ولفظ أحدها (والله ما وضعه حيث كان إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده) وسنده عند الإمام أخنج جيد , وأورده الحاكم في المستدرك وفي إسناده عبد الرحمن بن زيد بن أسلم وهو ضعيف: قال الحاكم ولم يحتج الشيخان بعبد الرحمن أهـ ورواه أبو داود في المراسيل من حديث أبي هارون المدني قال كان في دار العباس ميزاب فذكره , وهو يدل على إخراج الميازيب إلى الطريق إذا أمن ضررها وإلا منعت لأحاديث المنع من الضرر: وفيه انقياد الصحابة لما فعله النبي صلى الله عليه وسلم والتبرك بآثاره رضي الله عنهم} كتاب الشركة والقراض {(10) القراض بكسر للقاف ويقال له المضاربة أيضا على لغة أهل العراق , ولغة أهل الحجاز القراض: وكان في الجاهلية فأقر في الإسلام وعمل به النبي صلى الله عليه وسلم لخديجة قبل البعثة ونقلته الكافة عن الكافة كما نقلت الدية

-[ما جاء في الشركة والقراض والوكالة وكلام العلماء في ذلك]- * (عن أبي المنهال) (1) أن زيد بن أرقم والبراء بن عازب كانا شريكين فاشتريا فضة بنقد ونسيئة فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأمرهما أن ما كان بنقد فأجيزوه وما كان بنسيئة فردوه (عن رويفع بن ثابت الأنصارى) (2) أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وكان أحدنا يأخذ الناقة على النصف مما يغنم حتى إنّ لأحدنا القدح (وفى لفظ حتى إن أحدنا ليطير له القدح) وللآخر النصل والريش (كتاب الوكالة) (3) (باب ما يجوز التوكيل فيه) * (عن أبى موسى الأشعرى) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الخازن الأمين الذي يعطى ما أمر به كاملاً موّفراً طيبة به نفسه حتى يدفعه إلى الذي أمر له به أحد المتصدقين (عن عبد الله بن أبى أوفى) (5) قال كان الرجل إذا أتى صلى الله عليه وسلم بصدقة ماله قال اللهم صل عليه فأتيته بصدقة مال أبى فقال اللهم صل على آل أبى أوفى (ز) (عن عبد الرحمن بن أبى ليلى) (6) عن على رضى الله عنه أن النبي

_ ولا خلاف في جوازه , قال في المختار قارضه قراضا دفع إليه مالا ليتجر فيه ويكون الربح بينهما على ما شرطا والوضيعة على المال (أي نفقات السفر والنقل) (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الصرف وهو بيع الورق بالذهب نسيئة اله وإنما ذكرته هنا لأنه يدل على جواز الشركة في الدراهم والدنانير وهو إجماع كما قال ابن بطال لكن لا بد أن يكون نقد لكل منهما مثل نقد صاحبه ثم يخلط ذلك حق لا يتميز ثم يتصرف جميعا إلا أن يقيم أحدهما الآخر مقام نفسه ذكره الحافظ في الفتح في باب الاشتراك في الذهب والفضة (2) حديث رويفع بن ثابت تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب فضل إعانة المجاهد الخ ص 25 رقم 81 من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر , وإنما ذكرته هنا لكونه يدل على أن تكون الغنيمة شركة بينهما , هذا وفي القراض آثار عن الصحابة جاء بعضها في بدائع المنن وذكرت البعض الآخر في شرحه القول الحسن 195 و 196 في الجزء الثاني فارجع إليه , قال ابن حزم في مراتب الإجماع كل أبواب الفقه فلها أصل من الكتاب والسنة حاشا القراض فما وجدنا له أصلا فيهما البتة ولكنه إجماع صحيح مجرد , والذي يقطع به أنه كان في عصر النبي صلى الله عليه وسلم فعلم به وأقره ولولا ذلك لما جاز أهـ والله أعلم (3) الوكالة بفتح الواو وقد تكسره التفويض واحفظ , تقول وكلت فلانا إذا استحفظه ووكلت الأمر إليه بالتخفيف إذا فوضته إليه , وهي في الشرع إقامة الشخص غيره مقام نفسه مطلقا أو مقيدا , وقد استدل على جواز الوكالة من القرآن الكريم بقوله تعالى (فابعثوا أحدكم بورقكم هذه إلى المدينة) , وقوله تعالى (اجعلني على خزائن الأرض) وقد استدل على جوازه بأحاديث كثيرة , منها ما سيذكر في هذا الباب وما بعده من الأبواب} باب {* (4) حديث أبي موسى تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب العاملين على الصدقة من كتاب الزكاة صحيفة 57 رقم 96 في الجزء التاسع وذكرته هنا للاستدلال به على جواز التوكيل في الصدقة لقوله فيه (الذي يعطي ما أمر به كاملا) وفيه منقبة عظيمة للخازن الأمين (5) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب المبادرة إلى إخراج الزكاة صحيفة 23 رقم 74 من كتاب الزكاة في الجزء التاسع أيضا وذكرته هنا للاستدلال على جواز توكيل صاحب الصدقة من يوصلها إلى الإمام. (ز) (6) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ذبح الإبل قائمة مقيدة

-[جواز التوكيل في البيع والشراء والصدقة]- صلى الله عليه وسلم بعث معه بهديه فأمره أن يتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها (باب من وكل في شراء شئ فاشترى بالثمن أكثر منه وتصرف في الزيادة) (حدّثنا سفيان) عن شبيب أنه سمع الحى يخبرون عن عروة بن أبى الجعد البارقى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه بدينار يشترى له أضحية: وقال مرة أو شاة فاشترى له اثنتين فباع واحدة بدينار وأتاه بالأخرى (1) فدعا له بالبركة في بيعه فكان لو اشترى التراب لربح فيه (باب من وكل في التصدق بماله فدفعه إلى ولد الموكل) (عن أبى الجويرية) (2) أن معن بن يزيد حدثه قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنا وأبى (3) وجدى وخطب علىّ (4) فأنكحنى وخاصمت إليه (5) فكان أبي

_ صحيفة 52 رقم 73 من كتاب الهدي لرجل أن يتصدق بلحومها وجلودها وأجلتها بكسر الجيم وتشديد اللام المفتوحة جمع جل بضم الجيم وهو ما يطرح على ظهر البعير من كساء ونحوه (وفي الباب) أحاديث كثيرة تدل على جواز الوكالة (منها) حديث أبي رافع أن النبي صلى الله عليه وسلم استسلف من رجل بكرا فأتته إبل من إبل الصدقة فقال أعطوه الخ , وتقدم في باب حسن القضاء والتقاضي من كتاب القرض والدين في هذا الجزء ص 86 رقم 283 (ومنها) قول النبي صلى الله عليه وسلم اغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها: وسيأتي في أبواب حد الزنا من كتاب الحدود (ومنها) حديث عقبة بن عامر أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطاه غنما فقسمها بين أصحابه وتقدم في باب السن الذي يجزئ في الأضحية ص 16 رقم 49 من كتاب البيوع والكسب في هذا الجزء (ومنها) غير ذلك كثير لا نطيل بذكره في هذا المختصر والله أعلم , قال في رحمة الأمة الوكالة من العقود الجائزة في الجملة بالإجماع وكل ما جازت النيابة فيه من الحقوق جازت الوكالة فيه كالبيع والشراء والإجازة وقضاء الديون والخصومة في المطالبة بالحقوق والتزويج والطلاق وغير ذلك} باب {*} حدثنا سفيان الخ {} غريبه {(1) يعني مع الدينار كما يستفاد من رواية أخرى عند الإمام أحمد أيضا وستأتي في مناقب عروة من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى وفيها فجئت بالدينار وجئت بالشاة فقلت يا رسول الله هذا ديناركم وهذه شاتكم الحديث} تخريجه {(خ فع د مذ جه قط)} باب {(2)} سنده {حدثنا مصعب بن المقدام ومجمد بن سابق قالا ثنا إسرائيل عن أي الجويرية الخ} غريبه {(3) هو يزيد بن الأخنس السلمي بضم المهملة الصحابي (وقوله وجدي) هو الأخنس بن حبيب السلمي صحابي رضي الله عنهم (4) من الخطبة بكسر الخاء المعجمة أي طلب النبي صلى الله عليه وسلم من ولي المرأة أن يزوجها مني (وقوله فأنكحني) أي طلب لي النكاح فأجبته (5) هكذا في مسند الإمام أحمد في هذه الرواية (وخصمت إليه فكان أبي الخ) ومثله عند البخاري , قال الزركشي والبرماوي كأنه سقط هنا من البخاري ما ثبت في غريه وهو (فأفلجني) بالجيم يعني حكم لي أي أظفر بي بمرادي (وغلبني على خصمي) يقال فلج الرجل على خصمه إذا ظفر به أهـ (قلت) ثبت لفظ فأفلجني عند الإمام أحمد عن طريق أخرى قال ثنا هشام بن عبد الملك وسريج بن النعمان قال ثنا أبو عوانة عن

-[كلام العلماء في معنى المساقاة والمزارعة]- يزيد (1) خرج بدنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد (2) فأخذتها فأتيته بها فقال والله ما إياك أردت بها (3) فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لك ما نويت يا يزد (4) ولك يا معن ما أخذت (5) (كتاب المساقاة (6) والمزارعة وكراء الأرض) (باب ما جاء في المساقاة والمزارعة) * (عن ابن عمر) (7) أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أجلى اليهود والنصارى من أرض الحجاز وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها وكانت الأرض حين ظهر عليها لله تعالى ولرسوله وللمسلمين، فأراد إخراج اليهود منها فسألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرّهم بها على أن يكفوا عملها (8) ولهم نصف

_ أبي الجويرية ح وحدثنا عفان قال ثنا أبو عوانة قال ثنا أبو الجويرية عن معن بن يزيد قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبي وجدي وخاصمت إليه فأفلجني وخطب علي فانكحني أهـ ومقصود معن من ذلك بيان أنواع علاقاته بالنبي صلى الله عليه وسلم من المبايعة وغيرها من الخطبة عليه وانكاحه وعرض الخصومة عليه (1) بالرفع عطف بيان لقوله أبي (2) فيه حذف تقديره وأذم له أن يتصدق بها على من يحتاج من إليها إذنا مطلقا من غير تعيين ناس , فجئت فأخذتها يعني من الرجل باختيار منه لا بطريق الغصب (فأتيته بها) أي أتيت أبي بالصدقة (3) أي بأخذها على الخصوص بل أردت عموم الفقراء أي من غير حجر على الوكيل أن يعطي الولد وقد كان الولد فقيرا (وقوله فخاصمته) يعني خاصم أباه وهذه المخاصمة تفسير لقوله في أول الحديث وخاصمت إليه أي رفعت أمري معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) أي من أجر الصدقة لأنك نويت الصدقة على محتاج (5) أي لأنه يحتاج إليها وإنما أمضاها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه دخل في عموم الفقراء المأذون للوكيل في الصرف إليهم} تخريجه {(خ هق) (6) المساقاة مفاعلة من السقي لأنه معظم عملها وأصل منفعتها وأكثرها مؤنة خصوصا بالحجاز لأنهم يسقون من الآبار , والبعل يجوز مساقاته ولا سقي فيه , لأن ما فيه من المؤن يقوم مقام السقي والمفاعلة للواحد نحو عافاك الله أو لوحظ العقد وهو منهما (قال العلماء) وصورة المساقاة أن يعقد على النخل أو الكرم أو جميع الشجر الذي يثمر لمن يتعهده بجزء معلوم مما يخرج منه , وبذلك قال الجمهور: وخصها داود بالنخل , وقالت المالكية تجوز في الزرع والشجر ولا تجوز في البقول عند الجميع , وروي عن ابن دينار أنه أجازها فيها (والمزارعة) أن يعقد على أرض لمن يزرعها بجزء معلوم مما يخرج منها , وفي القاموس المزارعة المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها ويكون البذر من مالكها أهـ قالت الشافعية فإن كانت البذور من العامل فهي مخابرة , وفي القاموس المخابرة أن يزرع على النصف ونحوه أهـ وقيل إن المساقاة والمزارعة والمخابرة بمعنى واحد , وإلى ذلك يشير كلام الإمام الشافعي , فإنه قال في الأم في باب المزارعة , وإذا دفع رجل إلى رجل أرضا بيضاء على أن يزرعها المدفوع إليه فما خرج منها من شيء فله منه جزء من الأجزاء فهذه المحاملة والمخابرة والمزارعة التي نهى عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم أهـ وإلى نحو ذلك يشير كلام البخاري وهو وجه للشافية} باب {* (7)} سنده {حدثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج حدثني موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر الخ} غريبه {(8) يكفوا بوزن يعفوا وفي رواية مسلم (على أن يعتملوها من أموالهم) قال النووي بيان لوظيفة عامل المساقاة وهو أنه عليه

-[حينما ظهر النبي صلى الله عليه وسلم على أرض خيبر أقرهم على زرعها ولهم النصف مما يخرج منها]- الثمر (1) فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نقركم بها على ذلك ما شئنا (2)، فقروا بها حتى أجلاهم عمر إلى تيماء وأريحاء (3) (عن بشير بن يسار) (4) عن رجال من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أدركهم يذكرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ظهر على خيبر وصارت خيبر لرسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ضعف عن عملها فدفعوها إلى اليهود يقومون عليها وينفقون عليها على أن لهم نصف ما خرج منها الحديث (5) (عن ابن عباس) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع خيبر أرضها ونخلها مقاسمة على النصف * (عن ابن عمر) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر (8) ما خرج من زرع أو ثمر الحديث (9) (أبواب ما جاء في كراء الأرض) (باب النهى عن كراء الأرض مطلقاً) * (عن رافع بن خديج) (10) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تستأجر الأرض بالدراهم

_ كل ما يحتاج إليه في إصلاح الثمر واستزادته مما يتكرر كل سنة كالسقي وتنقية الأنهار وإصلاح منابت الشجر وتلقيحه وتنحية الحشيش والضبان عنه وحفظ الثمرة وجذاذها ونحو ذلك , وأما ما يقصد به حفظ الأصل ولا يتكرر كل سنة كبناء الحيطان وحفر الأنهار فعلى المالك والله أعلم (1) فيه بيان الجزء المساقى عليه من نصف أو ربع أو غيرهما من الأجزاء المعلومة فلا يجوز على مجهول كقوله على أنًّ لك بعض الثمر , واتفق المجوزون للمساقاة على جوازها بما اتفق المتعاقدان عليه من قليل أو كثير (2) قال العلماء هو عائد إلى مدة العهد والمراد إنما نمكنكم من المقام في خيبر ما شئنا ثم نخرجكم إذا شئنا لأنه صلى الله عليه وسلم كان عازما على إخراج الكفار من جزيرة العرب كما أمر بع في آخر عمره وكما دل عليه هذا الحديث وغيره (وقوله فقروت بها) أي استقروا زمن النبي صلى الله عليه وسلم وخلافه الصديق وصدرا من خلافة عمر إلى أن أجلاهم عمر رضي الله عنه (3) هما ممدودتان وتيماء بوزن حمراء وهما قريتان معروفتان: الأولى بجزيرة العرب والثانية بالشام , قال النووي وفي هذا دليل على أن مراد النبي صلى الله عليه وسلم بإخراج اليهود والنصارى من جزيرة العرب إخراجهم من بعضها وهو الحجاز خاصة , لأن تيماء من جزيرة العربي لكنها ليست من الحجاز} تخريجه {(ق وغيرهما) * (4)} سنده {حدثنا محمد بن فضيل قال حدثتا يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار الخ} غريبه {(5) الحديث له بقية وسيأتي بتمامه في تقسيم خيبر من غزوة خيبر في كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى} تخريجه {(م د نس) * (6)} سنده {حدثنا سريج بن النعمان ثنا هشيم عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم ابن عباس الخ} تخريجه {(جه) وسنده جيد (7)} سنده {حدثنا ابن نمير ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ} غريبه {(8) الشطر هنا بمعنى النصف كم في الحديث السابق وقد يأتي بمعنى النمو والقصد ومنه قوله تعالى (فول وجهك شطر المسجد الحرام) أي نحوه (9) الحديث له بقية وسيأتي بتمامه في باب ما جاء في الإقطاعات والحمى الخ من كتاب إحياء الموات} تخريجه {(ق والأربعة. وغيرهم)} باب {* (10)} سنده {حدثنا وكيع قال ثنا شريك عن أبي حصين عن مجاهد عن رافع بن خديج الخ} تخريجه {(مذ) بنحوه من طريق مجاهد عن رافع أيضا بأطول من هذا: واحتج به القائلون بعدم كراء الأرض مطلقا سواء كان بما يخرج منها أو بذهب أو فضة وهم الظاهرية وطاوس والحسن وخالفهم الجمهور , وأجابوا عن هذا الحديث بأنه ضعيف وأعله النسائي بأن مجاهدا لم يسمع من رافع , وأجابوا أيضا بما رواه (م حم)

-[حجة من منع كراء الأرض مطلقاً]- المنقودة أو بالثلث والربع * (عن أبى النجاشى) (1) مولى رافع بن خديج قال سالت رافعاً عن كراء الأرض فقلت إن لى أرضا أكريها (2)؛ فقال رافع لا تكرها بشئ، فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كانت له أرض فليزرعها (3)، فإن لم يزرعها فليزرعها (4) أخاه، فإن لم يفعل فليدعها (5)، فقلت له أرأيت أن تركته وأرضى فإن زرعها ثم بعث إلىّ من التبن (6)؟ قال لا تأخذ منها شيئاً ولا تبنا، قلت إنى لم أشارطه إنما أهدى إلىّ شيئاً، قال لا تأخذه منه شيئاً * (عن أبى الزبير عن جابر) (7) قال كناب نخابر (8) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنصيب من القصرى (9) ومن كذا، فقال من كانت له أرض فليزرعها أو ليحرثها (10) أخاه وإلا فليدعها (عن مجاهد) (11) عن ابن رافع بن خديج عن أبيه قال جاءنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر كان يرفق (12) بنا وطاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أرفق (13)، نهانا أن نزرع أرضاً يملك أحدنا رقبتها (14) أو منحة رجل

_ وسيأتي عن رافع بن خديج نفسه قال كنا أكثر الأنصار حقلا قال كنا نكري الأرض على أن لنا هذه ولهم هذه فربما أخرجت هذه ولم تخرج هذه فنهانا عن ذلك وأما الورف فلم ينهنا , وهذا للفظ مسلك وفي رواية (حم لك فع) فأما بالذهب والفضة فلا بأس به (1)} سنده {حدثنا هاشم بن القاسم قال ثنا عكرمة عن أبي النجاشي الخ} غريبه {(2) بضم الهمزة من الكراء بالمد (3) بفتح الياء التحتية والراء أي يزرعها بنفسه (4) بضم الياء التحتية وكسر الراء أي يجعلها مزرعة لأخيه المسلم , ومعناه يعيرها إياه بلا عوض (5) أي فليتركها بغير زراعة , وليس في إضاعة بعين المال أو المنفعة المنهي عنهما لأن الأرض إذا تركت بغير زرع لم تتعطل منفعتهما فإنها قد تنبت من الحطب والحشيش وسائر الكلاء ما ينفع في الرعي وغيره , وعلى تقدير أن لا يحصل ذلك فقد يكون في تأخير الزرع عن الأرض إصلاح لها فتخلفا في السنة التي تليها ما لعله فات في سنة الترك , وفيه دلالة على المنع من كراء الأرض مطلقا لقوله (فإن لم يفعل فليدعها) ولكن ينبغي أن يحمل هذا المطلق على المقيد بشرط فيه غرر كما سيأتي أو يكون الأمر للندب فقط (6) معناه إن خليت الأرض بينه وبين أرضي ليزرعها بدون كراء فزرعها ثم بعث إلىَّ الخ (قال لا تأخذ منها) أي ممن زرع أرضك , وليس فيه حجة وإنما قاله تورعا} تخريجه {أخرج مسلم البيهقي المرفوع منه * (7)} سنده {حدثنا حسن ثنا زهير عن أبي الزبير الخ} غريبه {(8) من المخابرة وهي أن يزرع على النصف ونحوه والمخابرة قيل مشتقة من الخبار بفتح الخاء المعجمة وتخفيف الموحدة وهي الأرض الرخوة, وقيل هي مشتقة من خيبر لأن أول هذه المعاملة كانت فيها (9) بوزن القبطي وهو ما بقي من الحب في السنبل بعد الدياس , ويقال له القصارة بضم القاف , وهذا الاسم أشهر من القصري قاله النووي (1) بضم التحتية وكسر الراء أي يجعلها مزرعة لأخيره بلا عوض وذلك بأن يعيره إياها} تخريجه {(م هق وغيرهما) (11)} سنده {حدثنا وكيع ثنا عمر بن ذر عن مجاهد الخ} غريبه {(12) بوزن يضرب أي ذا رفق والرفق لين الجانب والمراد كنا نرى فيه مصلحتنا: يقال منه يفق بضم الفاء في الماضي وسكرها في المضارع (1) أي أصلح وأنفع (14) أي تكون ملكا له أو عارية من أحد الناس

-[النهي عن كراء الأرض مطلقاً]- (عن أسيد بن ظهير) (1) بن أخى رافع بن خديج قال كان أحدنا إذا استغنى عن أرضه أعطا بالثلث والربع والنصف ويشترط ثلاث جداول (2) والقصارة وما سقى الربيع (3) وكان العيش إذ ذاك شديداً (4) وكان يُعمل فيها بالحديد وما شاء الله ويصيب منها منفعة فأتانا رافع ابن خديج فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهاكم عن أمر كان لكم نافعاً، وطاعة الله وطاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم أنفع لكم، أن النبى صلى الله عليه وسلم ينهاكم عن الحقل (5) ويقول من استغنى عن أرضه فليمنحها أخاه (6) أو ليدع، وينهاكم عن المزابنة، والمزابنة أن يكون الرجل له المال العظم من النخل (7) فيأتيه الرجل فيقول قد أخذته بكذا وسقاً من تمر (عن رافع بن خديج) (8) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحقل، قال الحكم (9) والحقل الثلث والربع (عن جابر بن عبد الله) (10) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من كانت له أرض فليزرعها فإن لم يستطع أن يزرعها وعجز عنها فليمنحها أخاه المسلم

_ بلا عوض} تخريجه {(د) وسنده جيد ومعناه في الصحيحين * (1)} سنده {حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا سفيان عن منصور عن مجاهد عن أسيد بن ظهير (وقوله والقصارة) بضم القاف فقال في نهاية القصارة بالضم ما يبقى من الحب في السنبل مما لا يتخلص بعد ما يداس , وأهل الشام يسمونه القصري بوزن القبطي أهـ (3) هو الساقية الصغيرة وجمعه أربعاء كنبي وأنبياء وربعان كصبي وصبيان (4) يريد أن المعيشة كانت ضيقة في ذاك الوقت (وقوله يعمل فيها) أي في الأرض (بالحديد) يعني آلات الزراعة كالفؤرس ونحوها , ومعنى هذه الألفاظ أنهم كانوا يدفعون الأرض إلى من يزرعها على أن يكون لمالك الأرض ما اشترطه والباقي للعامل فنهوا عن ذلك لما فيه من الغرر فربما هلك دون ذاك وعكسه (5) بفتح الحاء المهملة وإسكان القاف من المحاقلة ولها معان , والمراد هنا المزارعة على نصيب معلوم كالثلث والربع ونحوهما , وقد فسرها الحكم بذلك في الحديث التالي , ويطلق أيضا على الأرض التي تزرع , وقد بين البخاري المحاقل التي نهى عنها صلى الله عليه وسلم في رواية لرافع أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قله (ما تصنعون بمحاقلكم؟ قلت نؤاجرها على الربع وعلى الأوسق من التمر والشعير , قال لا تفعلوا ازرعوها أو أمسكوها: قال رافع قلت سمعا وطاعة) (6*) أي يجعلها منحة له , والمنحة العارية أن يعيره إياها بلا عوض (وقوله أو ليدع) بكسر اللام وفتح المهملة وسكون للعين أي يتركها بغير زراعة كما تقدم في شرح الحديث الثاني من أحاديث الباب (7) يعني الثمر الكثير على رءوس النخل رطبا فيبيعه بيابس وهو غير جائز لما فيه من الغرر} تخريجه {(جه هق) وأخرجه أيضا (د نس) بدون كلام أسيد بن ظهير ورجال إسناده رجال الصحيح * (8)} سنده {حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم عن مجاهد عن رافع بن خديج الخ} غريبه {(9) هو أحد رجال السند فسر الحقل المنهي عنه بكراء الأرض بالثلث أو الربع مما يخرج منها , وليس على إطلاقه بل ينبغي أن يقيد هو وأمثاله من أحاديث النهي المطلقة بما في الحديث السابق من الشروط المقتضية للجواز والله أعلم} تخريجه {(د نس جه هق) ورجاله من رجال الصحيحين (10) حدثنا إسحاق بن يوسف

-[النهي عن كراء الأرض مطلقاً]- ولا يؤاجرها (وعنه من طريق ثان) (1) قال كانت لرجال فضول أرضين فكانوا يؤاجرونها على الثلث والربع والنصف (2) فقال النبى صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض فليزرعها أو ليمنحها أخاه فإن أبى فليمسك أرضه (3) (وعنه من طريق ثالث) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له فضل أرض أو ماء فليزرعها أو ليزرعها أخاه ولا تبيعوها: فسألت سعيداً ما: لا تبيعوها الكراء؟ (5) قال نعم * (عن نافع عن ابن عمر) (6) قال قد علمت أن الأرض كانت تكرى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما على الأربعاء (7) وشئ من التبن لا أدرى كم هو، وأن ابن عمر كان يكرى أرضه في عهد أبى بكر وعهد عمر وعهد عثمان وصدر إمارة معاوية حتى إذا كان في آخرها بلغة أن رافعاً يحدث في ذلك بنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه وأنا معه فسأله فقال نعم نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء المزارع: فتركها ابن عمر فكان لا يكريها (8) فكان إذا سئل يقول زعم ابن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء المزارع * (عن سالم بن عبد الله) (9) أن عبد الله بن عمر قال يا ابن خديج ماذا تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في كراء الأرض؟ قال رافع لقد سمعت عمّيىّ (10) وكانا قد شهدا بدراً يحدثنا أهل الدار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن كراء الأرض * (عن رافع ابن خديج) (11) قال كنا نحاقل بالأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكريها بالثلث والربع والطعام المسمى (12)، فجاء ذات يوم رجل من عمومتى (13) فقال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أمر

_ أن عبد الملك عن عطاء عن جابر بن عبد الله الخ (1)} سنده {حدثنا أبو المغيرة ومحمد بن مصعب قالا حدثنا الأوزاعي حدثني عطاء وقال مصعب بن أبي رباح عن جابر قال كانت لرجال فضول الخ} غريب {(2) قال الحافظ الواو في الموضعين (يعني من قوله النصف والربع) بمعنى أو , أشار إليه التيمي أهـ (3) أي لا يمتحها ولا يكريها وتقدم توجيه ذلك في شرح الحديث الثاني من أحاديث الباب (4)} سنده {حدثنا عفان حدثنا سعيد بن ميناء عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (5) معناه أن سليم بن حيان سأل سعيدا ما يريد النبي صلى الله عليه وسلم بقوله (لا تبيعوها أيريد الكراء؟ قال سعيد نعم)} تخريجه {(ق هق: وغيرهم) (6)} سنده {حدثنا إسماعيل أنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ} غريبه {(7) جمع ربيع بفتح الراء وكسر الموحدة وتقدم شرحه في حديث أسيد بن ظهير والمراد ما ينبت على حافة النهر (وقوله وشيء من التبن الخ) يعني مجهول المقدار (وفي رواية فأما شيء معلوم مضمون لا بأس به) وهذا يفيد أن الكراء بالمجهول لا يصخ لما فيه من الغرر (8) لم يترك ابن عمر كراء أرضه لكونه يرى أن ذلك غير جائز , وإنما تركه تورعا} تخريجه {(ق فع هق وغيرهما) * (11)} سنده {حدثنا إسماعيل ثنا أيوب عن يعلي بن حكيم عن سليمان بن يسار عن رافع بن خديج الخ} غريبه {(12) هذا تفسير لقوله كنا نحاقل , والمراد بالطعام كل حب يقتات , وقد صرح في بعض الروايات بأنه التمر والشعير (13) هو ظهير

-[حجة من منع كراء الأرض ببعض ما يخرج منها وأجازه بالذهب والفضة]- كان لنا نافعاً وطاعة الله ورسوله أنفع لنا، نهانا أن نحاقل بالأرض فنكريها بالثلث والربع والطعام المسمى، وأمر رب الأرض أن يزرعها أو يُزرِعها وكره كراءها وما سوى ذلك (1) (عن ثابت ابن الحجاج) (2) قال قال زيد بن ثابت نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المخابرة، قلت وما المخابرة؟ قال يؤجر الأرض بنصف أو بثلث أو بربع (زاد في رواية) أو بأشباه هذا. (عن ابن عمر رضى الله عنهما) (3) قال كنا نخابر ولا نرى بذلك بأساً حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه فتركناه (باب حجة من منع كراء الأرض ببعض ما يخرج منها إلا بالذهب والفضة). (عن حنظلة بن قيس) (4) عن رافع بن خديج قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كراء المزارع، قال قلت بالذهب والفضة؟ قال لا: إنما نهى عنه ببعض ما يخرج منها، فأما بالذهب والفضة فلا بأس به (5) (حدّثنا عفان قال ثنا شعبة قال الحكم أخبرنى عن مجاهد (6) عن رافع ابن خديج قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحقل، قلت وما الحقل (7)؟ قال الثلث والربع، فلما سمع ذلك إبراهيم (8) كره الثلث والربع ولم ير بأساً بالأرض البيضاء (9) يأخذها بالدراهم. (عن ابن طاوس) (10) عن أبيه عن ابن عباس قال لأن يمنح أحدكم أخاه أرضه خير له من أن يأخذ عليها كذا وكذا لشئ معلوم، قال قال ابن عباس وهو الحقل (11) بلسان الأنصار المحاقلة (عن حنظلة الزرقى) (12) عن رافع بن خديج أن الناس كانوا يكرون المزارع في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم بالماذيانات (13) وما سقى الربيع وشئ من التبن، فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم كراء المزارع

_ ابن رافع عم رافع بن خديج (1) يعن وكره ما سوى زرعها أو إزراعها} تخريجه {(م د هق) (2)} سنده {حدثنا كثير بن جعفر ثنا ثابت بن الحجاج الخ} تخريجه {(د هق) وسنده جيد (3)} سنده {حدثنا سفيان قال سمع عمرو ابن عمر قال كنا نخابر الخ} تخريجه {(م هق. وغيرهما)} باب {(4)} سنده {حدثنا يحيى بن سعيد عن مالك بن أنس قال حدثني ربيعة عن حنظلة ابن قيس الخ} غريبه {(5) يحتمل أنه قال ذلك اجتهادا أو علم ذلك بالنص على جوازه , وقد روى أبو داود والنسائي بإسناد صحيح عن ابن المسيب عن رافع قال (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن المحاقلة والمزابنة , وقال إنما يزرع ثلاثة , رجل له أرض , ورجل منح أرضا , ورجل أكرى أرضا بذهب أو فضة) وهذا يرجح ما قاله مرفوع , لكن بين النسائي من وجه آخر أن المرفوع منه منهي عن المحاقلة والمزابنة وأن بقيته مدرج من كلام بن المسيب والله أعلم} تخريجه {(ق لك فع هق)} حدثنا عفان الخ {} غريبه {(6) معناه أن شعبة قال أخبرني الحكم عن مجاهد (7) السائل شعبة والمسئول الحكم (8) لم يتقدم لإبراهيم هذا ذكر في السند ولعله إبراهيم النخعي والله أعلم (9) أي التي لا زرع فيها} تخريجه {(د نس هق جه) ورجاله رجال الصحيح (10)} سنده {حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن ابن طاوس الخ} غريبه {(11* تقدم تفسير الحقل في الحديث السابق وهو الثلث أو الربع , والمعنى أن إكراء الأرض بشيء معين هو الحقل المعبر عنه في لسان الأنصار بالمحاقلة} تخريجه {(ق جه هق) * (12)} سنده {حدثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا عبد العزيز بن محمد عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة الزرقي الخ} غريبه {(13) قال النووي بذال معجمة مكسورة ثم ياء مثناة تحت ثم ألف ثم مثناة فوق هذا هو

-[حجة من رأى جواز كراء الأرض بكل شئ معلوم وحمل النهى على الكراهة]- بهذا ونهى عنها، وقال رافع ولا بأس بكرائها بالدراهم والدنانير (وعنه من طريق ثان) (1) عن رافع بن خديخ أنه قال حدثنى عمى (2) أنهم كانوا يكرون الأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بما ينبت على الأربعاء وشئ من الزرع يستثليه (3) صاحب الزرع فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك، فقلت لرافع كيف كراؤها؟ ابا الدينار والدرهم؟ فقال رافع ليس بها بأس بالدينار والدرهم (عن سعد بن أبى وقاص) (4) أن أصحاب المزارع في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يكرون مزارعهم بما يكون على السواقى من الزرع وما سعد بالماء (5) مما حول النبت فجاءوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختصموا في بعض ذلك فنهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكروا بذلك، وقال أكروا بالذهب والفضة. (باب حجة من رأى الجواز بالجميع وحمل النهى على كراهة التنزيه) (عن عمرو بن دينار) (6) قال سمعت ابن عمر يقول كنا نخابر ولا نرى بذلك بأساً حتى زعم رافع بن خديج أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه، قال عمرو ذكرته لطاوس فقال طاوس قال ابن عباس إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمنح أحدكم أخاه الأرض خير له (7) من أن يأخذ لها خراجاً معلوماً. (عن معاذ بن جبل) (8) قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إلى قرى عربية فأمرنى أن آخذ حظّ الأرض (9)، قال سفيان حظ الأرض الثلث والربع.

_ المشهور , وحكى القاضي عياض عن بعض الرواة فتح الذال في غير صحيح مسلم وهي مسايل المياه , وسيل ما ينبت على حافتي مسيل الماء: وقيل ما ينبت حول السواقي , وهي لفظة معربة ليست عربية (1)} سنده {حدثنا يونس قال ثنا ليث عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن حنظلة بن قيس عن رافع بن خديج الخ (2) هو ظهير بن رافع (3) هو من الاستثناء كأنه يشير إلى استثناء الثلث والربع كذا قال الحافظ} تخريجه {(م د نس هق. وغيره) ولفظ مسلم عن حنظلة بن قيس الأنصاري قال سألت رافع بن خديج عن كراء الأرض بالذهب والورق فقال لا بأس به إنما كان الناس يؤاجرون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم على الماذيانات وأقبال الجداول وأشياء من الزرع فيهلك هذا ويسلم هذا فلم يكن للناس كراء إلا هذا فلذلك زجر عنه فأما شيء معلوم مضمون فلا بأس به * (4)} سنده {حدثنا يعقوب قال سمعت أبي يحدث عن محمد بن عكرمة عن محمد بن عبد الرحمن بن لبيبة عن سعيد بن المسيب عن سعد بن أبي وقاص الخ} غريبه {(5) بفتح السين وكسر العين المهملتين , قيل معناه ما جاء من الماء سيحا لا يحتاج إلى ساقية , وقيل معناه ما جاء من الماء من غير طلب , وقال الأزهري والسهيد الهر مأخوذ من هذا , وسواعد النهر التي تنصب إليه مأخوذة من هذا (وفي رواية ما صعد) بالصاد بدل السين أي ما ارتفع من النبت بالماء دون ما سفل منه , والمراد أقوى الزرع وأحسنه} تخريجه {(خ د جه هق)} باب {(6)} سنده {حدثنا وكيع ثنا سفيان بن عمرو بن دينار الخ} غريبه {(7) هذا موضع الدلالة من الحديث ومعناه أن إعارة الأرض بدون عوض للمحتاج إليها أفضل من أخذ الكراء وهذا يفيد أن ابن عباس لم يبلغه النهي , أو بلغه وحمله على كراهة التنزيه والله أعلم} تخريجه {(م نس هق) * (8)} سنده {حدثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن جابر عن عبد الرحمن بن الأسود عن محمد بن زيد عن معاذ الخ} غريبه {(9) يعني نصيبها والظاهر أن هذه الأرض كانت لبيت مال المسلمين

-[حجة من رأى جواز كراء الأرض بكل شئ معلوم وحمل النهى على الكراهة]- (حدّثنا محمد بن جعفر) (1) ثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة عن طاوس وعطاء ومجاهد عن رافع بن خديج قال إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهانا عن أمر كان لنا نافعاً وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خير لنا مما نهانا عنه، قال من كانت له أرض فليزرعها أو ليذرها (2) أو ليمنحها، قال فذكرت ذلك لطاوس وكان يرى أن ابن عباس من أعلمهم (3)، قال قال ابن عباس إنما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له أرض أن يمنحها أخاه خير له (4)، قال شعبة وكان عبد الملك بجمع هؤلاء. طاوساً وعطاءاً ومجاهداً (5)، وكان الذي يحدّث عنه مجاهد قال شعبة كأنه صاحب الحديث * (عن عروة بن الزبير) (6) قال قال زيد بن ثابت يغفر الله لرافع بن خديج أنا والله أعلم بالحديث منه، إنما أتى رجلان قد اقتتلا (7) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كان هذا شأنكم فلا تكروا (8) المزارع، قال فسمع رافع قوله (9) لا تكروا المزارع (كتاب الإجارة (10) (باب مشروعية الإجارة وقول الله عز وجل فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن (11) (وبيان أجرة العامل

_ وكانت تعطى مزارعة لبعض الناس فبعث النبي صلى الله عليه وسلم معاذا لجباية نصيب الأرض وهو الثلث أو الربع كما فسره سفيان والله أعلم} تخريجه {أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وقال قال الأشجعي يعني الثلث والربع: وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف وقد وثقه شعبة وسفيان أهـ (قلت) وروى نحوه ابن ماجه بسنده عن مجاهد عن طاوس أن معاذ بن جبل أكري ألأرض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعثمان وعمر على الثلث والربع فهو يعمل به إلى يومك هذا , قال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله موثقون لأن أحمد بن ثابت قال فيه ابن حبان في الثقات مستقيم الأمر , قال البوصيري وباقي رجال الإسناد محتج يهم في الصحيح والله أعلم (1)} حدثنا محمد بن جعفر {} غريبه {(2) أي يتركها بدون زرع وتقدم الكلام على ذلك (وقوله أو ليمنحها) أي يعيرها إلى أحد المسلمين الفقراء (3) يريد أن طاوسا كان يريد أن ابن عباس من أعلم الصحابة وهو كذلك (4) يعني أن منحها أفضل من كرائها , وتقدم الكلام على ذلك في شرح حديث عمرو بن دينار أول الباب (5) أي يجمعهم في الرواية لكن يخص رواية مجاهد بالذكر كأنه الراوي للحديث وحده والله أعلم} تخريجه {(م هق. وغيرهما) (6)} سنده {حدثنا إسماعيل ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار عن الوليد بن أبي الوليد عن عروة بن الزبير الخ} غريبه {(7) أي تشاجرا وتضاربا (8) معناه إن كان الكراء يؤدي إلى التنازع والخصام فلا تكروا , مفهومه أنه إذا لم يؤد إلى ذلك فلا نهي (9) أي قول النبي صلى الله عليه وسلم (لا تركوا الزراع ولم يعلم أنه علق على الشرط السابق وهو صورة النزاع والجبال فتعميم رافع غير صحيح , وهل هذا الخبر لما بلغ رافعا رجع عن التعميم لما ثبت عنه في أحاديث الباب السابق أنه قال لا بأس بكرائها بالدراهم والدنانير؟} تخريجه {(جه هق) وفي إسناده الوليد بن أبي الوليد فيه لين , أنظر أحكام هذا الباب والاثنين قبله ومذاهب الأئمة في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 199 - و 200 في الجزء الثاني منه تجد ما يسرك (10) الإجارة بكسر الهمزة على المشهور وحكي ضمها (وهي لغة) الإنابة قال آجرته بالمد وغير المد إذا أثبته (واصطلاحا) تمليك منفعة بعوض (11) أي إذا وضعن حملهن وهن طوالق فقد بن بانقضاء عدتهن , ولها حينئذ أن ترضع الولد , ولها أن تمتنع منه , ولكن بعد

-[الدليل على مشروعية الإجارة من الكتاب والسنة]- وصفة العمل) وقوله تعالى} قالت إحداهما (1) يا أبت استأجره (2) إن خير من استأجرت القوى الأمين {* (عن أبى سعيد الخدرى (3) أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن استئجار الأجير حتى يبين له أجره (4) وعن النجش واللمس وإلقاء الحجر (5) (عن عوف بن مالك الأشجعى) (6) قال غزونا وعلينا عمرو بن العاص (7) فأصابتنا مخمصة فمروا على قوم قد نحروا جزورا، فقلت أعالجها لكم (8) على أن تطعمونى منها شيئاً؟ فعالجتها ثم أخذت الذي أعطونى (9) فأتيت به عمر بن الخطاب فأبى أن يأكله، ثم أتيت به ابا عبيدة بن الجراح فقال مثل ما قال عمر بن الخطاب فأبى أن يأكل (10) ثم إنى بعثت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك في فتح مكة فقال أنت صاحب الجزور؟ فقلت نعم يا رسول الله لم يزدنى على ذلك (11) (عن علي رضي الله تبارك

_ أن تغذيه باللبأ , وهو باكورة اللبن الذي لا قوام له للمولود غالبا إلا به , فإن أرضعت استحقت أجر مثلها ولها أن تعاقد أباه أو وليه على ما يتفقان عليه من أجرة , ولهذا قال تعالى (فإن أرضعن لكم فآتوهن أجورهن) وفيه مشروعية الإجارة (1) أي إحدى ابنتي الرجل الذي استأجر موسى عليه السلام , قيل هو نبي الله شعيب وقيل غيره: ولم يرد تعيينه من طريق صحيح تقوم به حجة , قيل وهذه البنت هي التي أرسلها ألوها لاستدعاء موسى عليه السلام , وهي التي صارت زوجا له بعدُ (2) أي لرعية هذه الغنم قال عمر وابن عباس وشريح القاضي وأبو مالك وقتادة ومحمد بن إسحاق وغير واحد لما قالت (إن خير من استأجرت القوي الأمين) قال لها أبوها وما علمك بذلك؟ قالت إنه رفع الصخرة التي لا يطيق حملها إلا عشرة رجال , وإني لما جئت معه تقدمت أمامه فقال لي كوني من ورائي فإذا اختلف عليَّ الطريق فاحدفي لي بحصاة أعلم بها كيف الطريق لأهتدي إليه * (3)} سنده {حدثنا أبو كامل ثنا حماد عن إبراهيم عن أبي سعيد الخدري الخ} غريبه {(4) استدل به القائلون بوجوب تعيين قدر الأجرة وهم الشافعية وأبو يوسف ومحمد , وقال الإمامان مالك أحمد وابن شبرمة لا يجب للعرف واستحسان المسلمين (5) تقدم الكلام على النجش واللمس وإلقاء الحجر في البيوع المنهي عنها كل في بابه وإلقاء الحجر هو بيع الصحابة , وتقدم الكلام عليه في باب النهي عن بيوع الغرر} تخريجه {أورده الهيثمي وقال رواه أحمد , قال وقد رواه النسائي موقوفا ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أن إبراهيم النخعي وأبو داود في المراسيل والنسائي في الزراعة غير مرفوع ولفظ بعضهم (من استأجر أجيرا فليتم له أجرته) * (6)} سنده {حدثنا إبراهيم بن إسحاق وعلي بن إسحاق قالا ثنا ابن مبارك قال أنا سعيد بن أبي أيوب قال ثنا يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط عن مالك بن هرم عن عور بن مالك الأشجعي الخ} غريبه {(7) زاد في رواية عند البيهقي وفينا عمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح (وقوله فأصابتنا مخمصة) المخمصة الجوع والمجاعة (8) عند البيهقي فقلت إن شئتم كفيتم نحرها وعملها الخ (9) زاد عند البيهقي فصنعته (يعني سوَّاه للأكل) ثم أتيت عمر بن الخطاب فسألني من أين هو فأخبرته: فقال أسمعك قد تعجلت أجرك وأبى أن يأكله (10) زاد عند البيهقي فلما رأيت ذلك تركتها (وقوله ثم إني بعثت الخ) بضم أوله مبني للمجهول معناه أنهم أرسلوه بعد هذه الغزوة برسالة إلى النبي صلة الله عليه وسلم في فتح مكة (11) يريد

-[وعيد من استأجر إنساناً ولم يوفه أجره]- وتعالى عنه) (1) قال جعت مرة بالمدينة جوعاً شديداً فخرجت أطلب العمل في عوالى المدينة فإذا أنا بامرأة قد جمعت مدرا (2) فظننتها تريد بله فأتيتها كل ذنوب (3) على تمرة فمددت ستة عشر ذنوباً حتى مجلت (4) يداى ثم أتيت الماء فأصبت منه (5) ثم أتيتها فقلت بكفّىّ هكذا بين يديها (6) وبسط إسماعيل (يعنى ابن إبراهيم أحد الرواة) يديه وجمعها فعدّت لى ست عشرة تمرة فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فأخبرته فأكل معى منها (وفى لفظ) ثم أتيت الماء فاستعذبت يعنى شربت ثم أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فأطعمته بعضه وأكلت أنا بعضه. (باب متى يستحق الأجير أجره - ووعيد من لم يوفّ حقه) * (عن أبى هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل ثلاثة (8) أنا خصمهم يوم القيامة ومن كنتب خصمه خصمته (9) رجل أعطى بى ثم غدر ورجل باع حرافاً كل ثمنه (10)، ورجل استأجر أجيراً فاستوفى منه ولم يوفه أجره (11) *

_ أن النبي صلى الله عليه وسلم أقره على أخذ الأجرة على العمر في الجزور ولم يقل شيئا بشأنها , وربما احتج بذلك القائلون بجواز الإجارة مع جهالة الأجرة لتقرير النبي صلى الله عليه وسلم له على ذلك وفيه نظر , وحجة القائلين بعدم الجواز أقوى والله أعلم وتقدم ذكرهم} تخريجه {(هق) وسنده عند الإمام أحمد جيد ورجاله رجال الصحيح إلا مالك بن هرم ولم أجد من ترجمة , وله عند البيهقي إسناد أن أحدهما فيه ابن لهيعة والثاني بسند الإمام أحمد *} سنده {حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أنبأنا أيوب عن مجاهد قال قال علي رضي الله عنه الخ} غريبه {(2) أي طينا متماسكا (وقوله فظننتها تريد بله) بتشديد اللام أي بالماء ليلين فتطين به شيئا (3) الذنوب بفتح الذال المعجمة هو الدلو مطلقا أو التي فيها ماء , والمراد هنا الدلو الممتلئة ماءا (وقوله فمددت الخ) بالميم والدال المهملة من المد وهو مد الحبل على رأس البئر بالدلو ثم جذبه لإخراجه , والمراد أنه ملأ ستة عشر ذنوبا (4) بفتح أوله وكسر الجيم أي غلظت وتنفطت وبفتحها غلظت فقط , والمجلة جلدة رقيقة يجتمع فيها ماء من أثر العمل (5) يعني شربت كما في الرواية الثانية (6) يريد أنه بسط كفيه لتضع له فيها التمر الذي استحقه أجرة عمله (7) فيه دلالة على جواز الإجارة معاددة يعني أن يفعل الأجير عددا معلوما من العمل بعدد معلوم من الأجرة وإن لم يبين في الابتداء مقدار جميع العمل والأجرة ولم أقف على مخالف لذلك , وفيه بيان ما كان عليه الصحابة رضي الله عنهم من الحاجة وشدة الفاقة والصبر على الجوع وبدل النفس وإتعابها في تحصيل القوام من العيش للتعفف عن السؤال} تخريجه {(جه) وجوّد الحافظ إسناد الإمام أحمد وصحح ابن السكن إسناد ابن ماجه} باب {* (7) {سنده} حدثنا إسحاق حدثنا يحيى بن سليم سمعت إسماعيل بن أمية يحدث عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ {غريبه} (8) ذكر الثلاثة ليس للتقييد فإنه خصم كل ظالم لكنه أراد التغليظ عليهم لقبح فعلهم (9) بكسر الصاد أي غلبته لأن الله عز وجل لا يغلبه غالب (وقوله رجل أعطى بي) المفعول محذوف أي أعطى أمانا باسمي أو بذكري أو بما شرعته من الدين كأن يقول أقسم بالله أو عليَّ عهد الله أو ذمته (ثم غدر) أي نقض العهد الذي عاهد عليه ولم يف به (10) يعني انتفع به على أي وجه كان: وخص الأكل لأنه أخص المنافع , وذلك لأن من باع حرا فهو غاصب لعبد الله الذي ليس لأحد غير الله عليه سبيل فالمغصوب منه وهو الله عز وجل خصم الغاصب (11) هو في معنى من باع حرا وأكل ثمنه لأنه استوفى

-[متى يستحق الأجير أجره - وما جاء في أجرة الحجام]- (وعنه أيضاً) (1) في حديث له عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه يغفر لأمته في آخر ليلة من رمضان، قيل يا رسول الله أهى ليلة القدر؟ قال لا ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله (باب ما جاء في أجرة الحجام) (عن ابن عباس) (2) قال احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأخدعين (3) وبين الكتفين حجمه عبد لبنى بياضة (4) وكان أجرة مداً ونصفاً (5) فكلم أهله حتى وضعوا عنه نصف مد، قال ابن عباس وأعطاه أجره (6) ولو كان حراماً (وفى لفظ سجتا) ما أعطاه (7) ((ز) عن على رضى الله عنه) (8) احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال للحجام حين فرغ كم خراجك؟ قال صاعان (9) فوضع عنه صاعاً وأمرنى فأعطيته صاعاً (عن أنس بن مالك) (10) قال حجم أبو طيبة يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطاه صاعاً من طعام وكلم أهله فخففوا عنه (وعنه أيضاً) (11) قال احتجم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وكان لا يظلم أحداً (12)

_ نفقته بغير عوض فكأنه أكلها ولأنه استخدمه بغير أجرة فكأنه استعبده {تخريجه} (خ جه هق) (1) هذا طرف من حديث تقدم بتمامه وسنده وشرحه في الجزء التاسع في باب فضل شهر رمضان والعمل فيه صحيفة 229 رقم 26 من كتاب الصيام , وإنما ذكرته هنا لمنسابة الترجمة: وموضع الدلالة منه قوله (ولكن العامل إنما يوفى أجره إذا قضى عمله) فهو يدل على أن الأجرة تستحق بانتهاء العمل {باب} (2) {سنده} حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس الخ {غريبه} (3) هما عرقان في جانبي العنق (4) اسمه نافع وقيل غير ذلك , وبنو بياضة هم جماعة من الأنصار (5) المراد بالأجر هنا الضريبة بفتح المعجمة فعيلة بمعنى مفعولة ما يقدره السيد على عبده في كل يوم: جمعها ضرائب , ويقال لها خراج وغلة بالغين المعجمة وأجر , وقد وقع جميع ذلك في الأحاديث (وقوله فكلم أهله) يعني ساداته فوضعوا عنه من ضريبته نصف يد (6) يعني أجرة الحجامة (7) يشير إلى حديث رافع بن خديج حيث قال فيه (وكسب الحجام خبيث رواه (حم م د مذ) وتقدم في باب ما جاء في كسب الحجام صحيفة 14 رقم 29 من كتاب البيوع والكسب في هذا الجزء: وتقدم الكلام عليه هناك , انظر مذاهب الأئمة في حكم كسب الحجام في الجزء الثاني من القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 201 {تخريجه} (ق فع. وغيرهم) * (8) (ز) {سنده} (قال عبد الله بن الإمام أحمد) حدثنا أبو بكر ابن أبي شيبة ثنا وكيع وثنا عبد الرحمن قال وثنا سفيان بن وكيع ثنا أبي عن أبي جناب عن أبي جميلة الطهوري قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (9) تقدم في الحديث السابق أن ضريبة الحجام كانت مدا ونصفا فكلم النبي صلى الله عليه وسلم أهله فوضعوا عنه نصف مد , وفي هذا الحديث أن خراجه يعني ضريبته صاعان , ومعلوم أن الصاع أربعة مداد , وهذا ينافي ما تقدم , ويجمع بينهما باحتمال أن هذا الحجام غير ذاك , والضرائب تختل فباختلاف القوة وكثرة العمل والله أعلم {تخريجه} لم أقف عليه لغير عبد الله بن الإمام أحمد , وأورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن أحمد وفيه أبو جناب الكلبي وهو مدلس وقد وثقه جماعة (1) {سنده} حدثنا معمر عن حميد عن أنس الخ {تخريجه} (ق. وغيرهما) (11) {سنده} حدثنا وكيع عن مسعر عن عمرو بن عامر قال سمعت أنسا يقول احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (12) فيه إثبات إعطائه صلى الله عليه وسلم أجرة الحجام بطريق الاستنباط

-[الزجر عن قراءة القرآن للتعيش به والاستكثار من الدنيا]- (باب ما جاء في الأجرة على القرب) * (عن عبد الرحمن بن شبل) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أقرءوا القرآن ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به (2) ولا تجفوا عنه، ولا تغلوا فيه (عن عمران بن حصين) (3) أنه مرَّ برجل وهو يقرأ على قوم فلما فرغ سأل، فقال عمران إنا لله وإنا إليه راجعون، إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قرأ القرآن فليسأل الله تبارك وتعالى (4) به فإنه سيجئ قوم يقرءون القرآن يسالون الناس به (5) (عن عبادة بن الصامت) (6) قال علمت ناساً من أهل الصفة الكتابة والقرآن فأهدى إلىّ رجل منهم قوساً فقلت ليس لى بمال وأرمى عنها في سبيل الله تبارك وتعالى، فسالت النبى صلى الله عليه وسلم فقال إن سرك أن تطوق بها طوقاً من نار فاقبلها (7)

_ بخلاف الحديث الذي قبله ففيه الجزم بذلك على طريق التنصيص {تخريجه} (خ) وفي الباب أحاديث غير هذه تقدمت بسندها وشرحها وتخريجها في هذا الجزء في باب ما جاء في كسب الحجام من كتاب البيوع صحيفة 14 لأنها تناسب الباب هناك: وهذه تناسب الباب هنا {باب} * (1) {سنده} حدثنا وكيع عن الدستوائي يعني هشام عن يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد (يعني الحراني) عن عبد الرحمن ابن شبل الخ {غريبه} (2) أي لا تجعلوه سببا لمعايشكم والإكثار من الدنيا , (ولا تجفوا عنه) أي لا تبعدوا عن تلاوته (ولا تغلوا فيه) أي لا تتجاوزوا حده من حيث لفظه أو معناه بأن تتأولوه بباطل أو المراد لا تبذلوا جهودكم في قراءته وتتركوا غيره من العبادات فالجفاء عنه التقصير والغلوّ التعمق فيه وكلاهما شنيع: وقد أمر الله بالتوسط في الأمور فقال (ولم يسرفوا ولم يقتروا) {تخريجه} (عل طب طس) وقال الهيثمي رجاله ثقات , وقال الحافظ سنده قوي (3) {سنده} حدثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن الأعمش عن خيثمة أو عن رجل عن عمران بن حصين الخ {غريبه} (4) أي بأن يدعو بعد ختمه بالأدعية المأثورة أو أنه كلما قرأ آية رحمة سألها أو آية إذا تعوذ منه ونحو ذلك , قال النووي يندب الدعاء عقب ختمه وفي أمور الآخرة آكد (5) فيه الزجر عن سؤال الناس بالقرآن والتعيش بذلك {تخريجه} (مذ) في فضائل القرآن وقال هذا حديث حسن ورمز لحسنه الحافظ السيوطي ورواه ابن حبان في صحيحه عن أبيّ أنه مر على قاصّ يقرأ ثم يسأل فاسترجع ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث * (6) {سنده} حدثنا وكيع ثنا مغير بن زياد عن عبادة بن نسيّ هن الأسود بن ثعلبة عن عبادة بن الصمت الخ {غريبه} (7) فيه وعيد شديد لمن يأخذ على تعليم القرآن أجرا , وقيه عدم جواز قبول الهدية من المتعلم للمعلم {تخريجه} (د جه) قال المنذري وفي إسناده المغيرة بن زياد أبو هاشم الموصلي وقد وثقه وكيع ويحيى بن معين وتكلم فيه جماعة , وقال الإمام أحمد ضعيف الحديث حدث بأحاديث مناكير وكل حديث رفعه فهو منكر , وقال أبو زرعة الرازي لا يحتج بحديثه أهـ (قال الخطابي) اختلف الناس في معنى هذا الحديث وتأويله , فذهب قوم من العلماء إلى ظاهره فرارا أن أخذ الأجرة والعرض على تعليم القرآن غير مباح , وإليه ذهب الزهري وأبو حنيفة وإسحاق بن راهويه , وقالت طائفة لا بأس به ما لم يشترط وهو قول الحسن البصري وابن سيرين والشعبي , وأباح ذلك آخرون وهو مذهب عطاء ومالك والشافعي وأبي ثور واحتجوا بحديث سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي خطب المرأة فلم يجد لها مهرا زوجتكها على ما معك من القرآن رواه (حم د. وغيرهما) وسيأتي في أبواب الصداق من

-[ما جاء في أخذ الأجرة على الأذان وقراءة القرآن وتعليمه]- (عن عثمان بن أبى العاص) (1) قال قلت يا رسول الله أجعلنى إمام قومى، قال أنت إمامهم واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذناً لا يأخذ على أذانه أجراً (عن أنس بن مالك) (2) قال بينما نحن نقرأ فينا العربى والعجمى والأسود والأبيض إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنتم في خير (3) تقرءون كتاب الله وفيكم رسول الله، وسيأتى على الناس زمان يثقفونه كما يثقفون القدح يتعجلون أجورهم (5) ولا يتأجلونها (عن أبى سعيد الخدرى) (6) قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية (7) ثلاثين راكباً قال فنزلنا بقوم من العرب قال فسألناهم أن يضيفونا فأبوا قال فلدغ (8) سيدهم قال فأتونا فقالوا فيكم أحد يرقى من العقرب؟ قال فقلت نعم، أنا ولكن لا أفعل حتى تعطونا شيئاً قالوا فإنا نعطيكم ثلاثين شاة، قال فقرأت عليها الحمد لله سبع مرات قال فبرأ (وفى لفظ قال فجعل

_ كتاب النكاح: وتأولوا حديث عبادة عن أنه أمر كان تبره به ونوى الاحتساب فيه ولم يكن قصده وقت التعليم إلى طلب عوض ونفع , فحذره النبي صلى الله عليه وسلم إبطال أجره وتوعده عليه: وكان سبيل عبادة في هذا سبيل من رد ضالة الرجل أو استخرج له متاعا قد غرق في بحر تبرعا وحسبة فليس له أن يأخذ عليه عوضا , ولو أنه طلب لذلك أجرة قبل أن يفعله حسبة كان ذلك جائزا , وأهل الصفة قوم فقراء كانوا يعيشون بصدقة الناس فأخذ الرجل المال ودفعه إليهم مستحب , وقال بعض العلماء أخذ الأجرة على تعليم القرآن له حالات , فإذا كان في المسلمين غيره ممن يقوم به حلّ له أخذ الأجرة عليه لأن فرض ذلك لا يتعين عليه , وإذا كان في حال أو موضع لا يقوم به غيره لم يحل له أخذ الأجرة وعلى هذا تأويل اختلاف الأخبار فيه أهـ * (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب النهي عن أخذا الأجرة على الأذان في الجزء الثالث صحيفة 27 رقم 226 وموضع الدلالة منه قوله (واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أحرا) فهو يفيد النهي عن أخذ الأجرة على الأذان لأنه من القرب بضم القاف وفتح الراء وإلى ذلك ذهب أبو حنيفة وأحمد وقال مالك وأكثر أصحاب الشافعي يجوز , أنظر تفصيل ذلك في أحكام الباب المشار إليه * (2) {سنده} حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا بكر بن سوادة عن وفاء الخولاني عن أنس الخ {غريبه} (3) أي في خير مجلس لأنكم تقرءون كتبا الله لله تعبدا أو في خير زمن يقرئ فيه كتاب الله لله وفيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) أي يزينونه بالتجويد وحسن القراءة (كما يثقفون القدح) بكسب القاف يعني الرمح أي كما يقوّمون الرمح ويسوّونه , وقد جاء في حديث آخر (يحقر أحدكم قراءته مع قراءتهم) (5) أي يطلبون أجورهم على القراءة من الناس ولا يتأجلونها إلى يوم القيامة ليوفيهم الله أجورهم ويزيدهم من فضله فهم قد أحرموا أنفسهم من هذا الفضل العظيم بسبب تعجلهم بأخذ الأجرة على القراءة من الناس {تخريجه} لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث أنس وفي إسناده بن لهيعة قال الهيثمي حديثه حسن وفيه كلام أهـ (قلت) حديثه حسن إذا قال حدثنا وفيه كلام إذا اععنعن وهنا وقال حدثنا فهو حسن * (6) {سنده} حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن جعفر ابن إياس عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخ {غريبه} (7) بفتح أوله وكسر ثانيه بوزن عطية , هي طائفة من الجيش يبغ أقصاها أربعمائة تبعث إلى العدو (8) اللدغ بالدال المهملة والغين المعجمة اللسع , وأما اللذع بالذال المعجمة والعين المهملة فهو الإحراق الخفيف , واللدغ المذكور في الحديث هو ضرب نحو

-[جواز الرقية بالقرآن وأخذ الأجرة عليها وعلى كل نفع مباح]- يقرأ أم القرآن ويجمع بزاقه (1) ويتفل فبرأ الرجل فأتوهم بالشاء، قال فلما قبضنا الغنم قال عرض في أنفسنا منها (2)، قال فكففنا حتى أتينا النبى صلى الله عليه وسلم (وفى لفظ فقال أصحابى لم يعهد إلينا النبى صلى الله عليه وسلم في هذا بشئ (3) لا نأخذ منه شيئاً حتى نأتى النبى صلى الله عليه وسلم) قال فذكرنا ذلك له فقال أما علمت أنها رقية (4) اقسموها واضربوا لى معكم بسهم (5) (وفى لفظ فقال كل وأطعمنا معك وما يدريك أنها رقية (6)؟ قال قلت ألقى في روعى (7) (باب ما يجوز الاستئجار عليه من النفع المباح) (عن رافع بن رفاعة) (8) قال نهانا نبى الله صلى الله عليه وسلم عن كسب الإماء إلا ما عملت بيدها وقال هكذا بأصابعه نحو الخبز والغزل والنفش (عن جابر بن عبد الله) (9) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نجتنى الكباث (10) فقال عليكم بالأسود منه فإنه أطيب، قال قلنا وكنت ترعى الغنم يا رسول الله؟ قال نعم، وهل من نبى إلا قد رعاها (11) (عن أبي سعيد الخدري) (12)

_ حية أو عقرب , وأكثر ما يستعمل في العقرب (1) أي ريقه أو يتفل وهو نفخ معه قليل بزاق , قال ابن أبي جمرة مجحل التفل في الرقبة يكون بعد القراءة لنحصل على بركة القراءة في الجوارح الذي يمر عليها الريق (2) أي شككنا في حلها وارتبنا في ذلك (فكففنا) أي امتنعنا عن التصرف فيها بنحو ذبح أو بيع حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم (3) أي لم نعلم عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا في حكم الريقة وأخذ الأجرة عليها , وفي رواية للبخاري من حديث ابن عباس فكرهوا ذلك وقالوا أخذت على كاب الله أجرا حتى قدموا المدينة فقالوا يا رسول الله أخذ على كتاب الله أجرا: فقال رسول الله إن أحق ما أخذتم عليه أجرا كتاب الله (4) بضم الراء وسكون القاف وفيه تقرير لما فعله وأن الفاتحة رقية (5) أي اجعلوا لي معكم نصيبا والأمر بالقسمة من باب مكارم الأخلاق وإلا فالجميع للراقي , وإنما قال اضربولي الخ تطييبا لقلوبهم ومبالغة في أنه حلال لا شبهة فيه (6) أي ما الذي أعلمك أنها رقية؟ (7) أي خطر بقلبي ذلك من غير أن يخبرني أحد: وهو ظاهر في أنه لم يكن عنده علم متقدم بمشروعية الرقي الفاتحة {تخريجه} (ق د مذ جه قط) وفيه دلالة على جواز الرقية بشيء من كتاب الله تعالى , وفيه أيضا جواز أخذا الراقي الأجرة لا سيما إذا كان محتاجا وفيه غير ذلك {باب} (8) هذا طرف من حديث طويل تقدم بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء منه للاستدلال به على جواز استئجار ما فيه نفع مباح (9) {سنده} حدثنا عثمان بن عمر ثنا يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن جابر الخ {غريبه} (10) بفتح الكاف وهو النضيج من ثمر الأراك (11) لفظ البخاري من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بعث الله نبيا إلا رعى الغنم , فقال أصحابه وأنت فقال نعم كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة , وكذلك رواه ابن ماجه إلا أنه قال كنت أرعاها لأهل مكة بالقراريط ,قال سويد بن سعيد يعني كل شاة بقيراط أهـ وقال السندي في حاشيته على ابن ماجه القيراط جزء من أجزاء الدينار وهو نصف عشره في أكثر البلاد , وأهل الشم يجعلونه جزءا من أربعة وعشرين أهـ (قلت) وكذلك عندنا بالقطر المصري {تخريجه} لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث جابر وسنده جيد ويعضده حديث أبي هريرة عند البخاري وابن ماجه (12) {سنده} حدثنا

-[جواز أخذ الأجرة على رعى الغنم - وما جاء في العارية والترغيب فيها]- قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بعث موسى عليه السلام وهو يرعى غنماً على أهل وبعثت وأنا أرعى غنماً لأهلى بحياد (1) (عن سويد بن قيس) (2) قال جلبت أنا ومخزمة العبدىّ ثياباً من هجر (3) قال فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فساومنا في سراويل (4) وعندنا وزانون يزنون بالأجر (5) فقال للوزان زن وأرجح (6) كتاب الوديعة (7) والعارية) (باب ما جاء في جواز العارية والترغيب فيها) (عن أنس بن مالك) (8) قال كان فزع (9) بالمدينة فاستعار رسول الله صلى الله عليه وسلم فرساً لنا (10) يقال له مندوب قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما وجدنا من فزع وإن وجدناه (11) لبحراً قال حجاج يعنى الفرس (عن جابر بن عبد الله) (12) قال قال رجل يا رسول الله ما حق الإبل قال حلبها على الماء وإعارة دلوها وإعارة فحلها ومنيحتها وحمل عليها في سبيل الله

_ عفان ثنا حماد بن سلمة أنا حجاج بن أرطاة عن عطية بن سعد عن أبي سعيد الخدري قال افتخر أهل الإبل والغنم عند النبي صلى الله عليه وسلم , فقال النبي صلى الله عليه وسلم الفخر والخيلاء في أهل الإبل , والسكينة والوقار في أهل الغنم , وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث موسى الخ {غريبه} (1) هو اسم موضع بأسفل مكة معروف من شعابها {تخريجه} أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) وفيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس أهـ (قلت) يعضده حديث أبي هريرة عند البخاري وابن ماجه وتقدم لفظه في شرح الحديث السابق (2) {سنده} حدثنا وكيع ثنا سفيان عن سماك عن سويد بن قيس الخ {غريبه} (3) بفتح الهاء والجيم وهي مدينة قرب البحرين بينها وبينها عشر مواحل (4) هذا اللفظ معرّب جاء على لفظ الجمع وهو واحد أشبه بما لا ينصرف وهو اسم لما يلبس موضع الإزار من السرة إلى الساق (5) أي بالأجرة وهذا موضع الدلالة من الحديث , وفيه دلالة على جواز الاستئجار على الوزن لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر الوزان أن يزن ثمن السراويل (6) بفتح الهمزة وكسر الجيم أي أعطه راجحا {تخريجه} (الأربعة. وغيرهم) وصححه الترمذي وسكت عنه أبو داود والمنذري * (7* الوديعة فعيلة بمعنى مفعولة يقال أودعت فلانا ما لا دفعته إليه ليكون عنده وديعة وجمعها ودائع لصاحبها عند الطلب , قال تعالى (إن الله يأمركم أن تؤدوا الأمانات إلى أهلها) (والعارية) إعطاء الرجل شيئا ينتفع به زمنا ثم يرده إلى صاحبه: وقد اتفق الأئمة على أنها قربة مندوب إليها * {باب} (8) {سنده} حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك الخ {غريبه} (9) أي خوف فاستغاث أهل المدينة يقال فزعت إليه فأفزعني أي استغثت إليه فأغاثني (10) أي لأبي طلحة الأنصاري كما صرح بذلك في بعض الروايات , وإنما قال أنس فرسا لنا لأن أبا طلحة كان زوج أم أنس وكان أنس في حجره (11) الضمير يرجع إلى الفرس كما قال الحجاج أحد رجال السند , ومعنى البحر هنا الفرس الواسع الجري , ومنه سمي البحر بحرا لسعته: وتبحر فل ان في العلم إذا اتسع فيه , زاد في رواية للبخاري (فكان بعد ذلك لا يجارى) {تخريجه} (خ. وغيره) وفيه دلالة على مشروعية العارية وجوازها لقوله (فاستعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا) * (12) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب افتراض الزكاة في الجزء الثامن رقم 14

-[ما جاء في ضمان الوديعة والعارية وكلام العلماء في ذلك]- (باب ما جاء في ضمان الوديعة والعارية) * (عن سمرة بن جندب) (1) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال على اليد ما أخذت (2) حتى تؤديه ثم نسى الحسن قال لا يضمن (3) * (عن ابن عمر) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن لقمان (5) الحكيم كان يقول إن الله عز وجل إذا استُودع شيئاً حفظه (6) * (عن صفوان بن أمية) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعار منه يوم حنين أدرعاً فقال أغصبا (8) يا محمد، قال لا بل عارية مضمونه، (9) قال فضاع بعضها فعرض عليه رسول الله

_ صحيفة 198 من كتاب الزكاة وأتيا بهذا الطريق منه هنا للاستدلال به على جواز العارية وأنه مرغب فيها , لقوله وإعارة دلوها وإعارة فحلها ومنيحتها: أي إعطاؤها لرجل فقير ينتفع بلبنها ووبرها زمنا ثم يردها لصاحبها وهو حديث صحيح رواه مسلم وغيره * (1) {سنده} حدثنا يحيى بن سعيد ثنا ابن أبي عروبة عن قتادة عن الحسن عن سمرة الخ {غريبه} (2) قال الطيبي ما موصولة مبتدأ وعلى اليد خبره والراجح محذوف , أي ما أخذته اليد ضمان على صاحبه , والإسناد إلى اليد على المبالغة لأنها هي المتصرفة فمن أخذ مال غيره لزمه رده , وبه استدل من قال بأن الوديع والمستعير ضامنان: وفي ذلك خلاف بين العلماء , أنظره في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة رقم 203 في الجزء الثاني (وقوله حتى تؤديه) أي حتى ترده إلى مالكه (3) لفظ الترمذي قال قتادة ثم نسى الحسن فقال هو أمينك لا ضمان عليه , ومعناه أن قتادة راوي الحديث عن الحسن البصري يقول إن الحسن البصري نسى الحديث فقال لا يضمن المستعير مع أن الحديث يفيد الضمان , ولكن لا يلزم من قول الحسن عدم ضمان المستعير لكونه نسي الحديث {تخريجه} (د مذ جه هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي: وسماع الحسن من سمرة فيه خلاف مشهور وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح * (4) {سنده} حدثنا علي بن إسحاق أنا ابن المبارك أنا سفيان أخبرني نهشل بن مجمع الضبي قال وكان مريضا عن فزعه عن ابن عمر الخ {غريبه} (5) لقمان هو الذي ذكره الله عز وجل في القرآن بقوله تعالى (ولقد آتينا لقمان الحكمة أن أشكر لله) وقد اختلف السلف فيه هل كان نبيا أو عبدا صالحا من غير نبوة؟ انظر تفسير ابن كثير أو غيره في الكلام على هذه الآية موضع الدلالة من هذا الحديث حفظ الوديعة وردّها إلى صاحبها عند طلبها , وذلك لأن العبد الطائع لمولاه ملزم أن يتصف بصفات سيده وأن يسير على منهجه ليكون محبوبا عنده حائزا لرضاه فإذا كان الله عز وجل مع عظمته وكبريائه واحتياج الخلق جميعا إليه إذا استودع شيئا حفظه لصاحبه الذي هو أحد عبيده فواجب على العبد أن يحفظ وديعة من أئتمنه ليكون حائزا لرضا الله عز وجل {تخريجه} لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد * (7) {سنده} حدثنا يزيد بن هارون قال أنا شريك عن عبد الرحمن بن رفيع عن أمية عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (8) بالنصب مفعول لفعل محذوف هو مدخول الهمزة أي أتأخذها غصبا ولا تردّها علىّ؟ فأجاب صلى الله عليه وسلم بقوله بل عرية مضمونة (9) جاء عند أبي داود في رواية أخرى مرسلة فأعاره ما بين الثلاثين على الأربعين درعا وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينا فلما هزم المشركون جمعت دروع صفوان ففقد منها أدرعا فقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لصفوان أنا قد فقدنا من أدراعك أدرعا فها نغرم لك؟ قال لا يا رسول الله لأن في قلبي اليوم ما لم يكن يومئذ , قال أبو داود وكان أعاره قبل أن يسلم ثم أسلم {تخريجه} (د نس

-[قوله صلى الله عليه وسلم العارية مؤداة والمنحة مردة والدين مقضى والزعيم غارم]- صلى الله عليه وسلم أن يضمها له فقال أنا اليوم يا رسول الله في الإسلام أرغب * (عن صفوان بن يعلى بن أمية عن أبيه) (1) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال إذا أتتك رسلى فأعطهم أو قال فادفع إليهم ثلاثين درعاً وثلاثين بعيراً أو أقل من ذلك، فقال له العارية مؤداة يا رسول الله؟ (2) قال فقال النبى صلى الله عليه وسلم نعم * (عن ابى أمامة الباهلى) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع العارية (4) مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضى (5) والزعيم غارم * (عن عبد الله بن عمرو) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربع إذا كن فلا عليك ما فاتك من الدنيا، (منها) حفظ أمانة * (عن عبادة بن الصامت) (7) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال أضمنوا لى ستاً من أنفسكم أضمن لكم الجنة (منها) وأدوا إذا أئتمنتم (كتاب إحياء الموات واشتراك الناس في الماء وما جاء في الإقطاعات والحمى) (باب فضل من أحيا أرضاً ميتة) (عن جابر بن عبد الله) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحيا أرضاً ميتة (9) فله فيها يعنى أجراً، (10)

_ هق ك) وسكت عنه أبو داود والمنذري وأورد له الحاكم شاهدا من حديث ابن عباس ولفظه (بل عارية مؤداه) * (1) {سنده} حدثنا بهز بن أسد ثنا همام عن قتادة عن عطاء عن صفوان بن يعلي بن أمية عن أبيه (يعني يعلي بن أمية) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (2) أي واجب على المستعير أداؤها وإيصالها إلى المعير , وينطبق هذا على القولين أعني القول بوجوب الضمان فيهما مطلقا , والقول بعدم وجوب الضمان إن تلفت / لكن على الأول تؤدى عينا حال القيام وقيمته عند التلف {تخريجه} (د نس هق) وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التلخيص , وقال ابن حزم إنه أحسن ما ورد في هذا الباب * (3) {سنده} حدثنا أبو المغيرة ثنا إسماعيل بن عياش ثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني قال سمعت أبا أمامة الباهلي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (4) العارية والمنحة تقدم تفسيرهما في الباب السابق (5) أي يجب قضاؤه (والزعيم) أي الكفيل (غارم) قال في النهاية الغارم الذي يلتزم ما ضمنه وتكفل به ويؤديه والغرم أداء شيء لازم {تخريجه} (د مذ جه هق) وقال الترمذي حديث أبي أمامة حديث حسن أهـ (قلت) وصححه ابن حبان (6) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في الباب الرابع من كتاب الأدب والمواعظ والحكم إن شاء الله تعالى: وذكرت هذا الطرف منه للاستدلال له على وجوب حفظ الأمانة (7) هذا طرف من حديث طويل ذكر بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار إليه آنفا وذكرت هذا الطرف منه للاستدلال به على وجوب أداء الأمانة عند الطلب {باب} (8) {سنده} حدثنا عباد بن عباد المهلبي عن هشام بن عروة عن وهب بن كيسان عن جابر الخ {غريبه} (9) بتشديد الياء التحتية: قال الحافظ العراقي ولا يقال بالتخفيف لأنه إذا خفف تحذف منه تاء التأنيث أهـ والأرض الميتة هي التي لم تعمر شبهت عمارتها بالحياة وتعطيلها بالموت , والإحياء أن يعمد إنسان إلى أرض لم يتقدم ملك عليها لأحد فيحييها بالسقي أو الزرع أو الغرس أو البناء فتصير بذلك ملكه كما يستفاد من أحاديث الباب (10) يفيد أن الله عز وجل يثيبه على هذا العمل زيادة عما ينتفع به من الأرض لأن في إحيائها منفعة للناس والدواب

-[ما جاء في إحياء الموات وكلام العلماء في ذلك]- وما أكلت العوافي (1) منها فهو له صدقة * (وعنه أيضاً) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحاط حائطاً على أرض فهى له (3) * (عن سمرة بن جندب) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحاط حائطاً على أرض فهى له * (عن عائشة رضى الله عنها) (5) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمّر (6) أرضاً ليست لأحد فهو أحق بها * (عن العلاء بن الحارث) (7) عن مكحول رفعه قال أيما شجرة أظلت على قوم فصاحبه (8) بالخيار من قطع ما أظل (9) أو أكل ثمرها (باب ما جاء في الرجل يحيى الأرض بغرس شجر أو حفر بئر فماذا يكون حرمها؟) * (عن أبى هريرة) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حريم البئر أربعون ذراعاً (11) من حواليها كلها لأعطان الإبل والغنم، (12) وابن السبيل أول شارب، (13) ولا يمنع فضل ما، (14) ليمنع به

_ والطيور وغيرها (1) جمع عافية , والعافي كل طالب رزق من إنسان أو طائر , {تخريجه} (نس هق حب) ورجاله ثقات , وذكره ابن حبان في صحيحه في النوع الأول من القسم الأول ثم قال وفي هذا الخبر دليل على أن الذمي إذا أحيا أرضا ميتة فهي له , وقال الترمذي حديث حسن صحيح (2) {سنده} حدثنا محمد بن بشر ثنا سعيد بن أبي عروبة ثنا قتادة عن سليمان بن قيس البشكري عن جابر بن عبد الله الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحاط الخ {غريبه} (3) فيه أن التحويط على الأرض كاف في تملكها , وإلى ذلك ذهب الإمام أحمد في أشهر الروايات عنه لكن بشرط أن يكون الحائط منيعا مما تجرى العادة بمثله أو ما يسمى حائطا في اللغة , وأكثر العلماء على أن التملك إنما هو بالإحياء , والتحجير ليس هو من الإحياء في شيء {تخريجه} (مذ هق نس) بلفظ من أحيا أرضا ميتة فهي له , وقال الترمذي حديث حسن صحيح * (4) {سنده} حدثنا عبد الوهاب الخفاف ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب الخ {تخريجه} (طب د هق) وصححه ابن الجارود وهو من رواية الحسن عن سمرة وفي سماعه منه خلاف (5) {سنده} حدثنا موسى بن داود قال أنا لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن عائشة الخ {غريبه} (6) بفتح العين المهملة وتخفيف الميم , ووقع في البخاري (مَن أعمر) بزيادة الهمزة في أوله وخُطئ راويها , وقيل قد سمع فيه الرباعي: يقال أعمر الله بك منزلك {تخريجه} (خ هق) * (7) {سنده} حدثنا هشيم قال حدثنا عبد الله بن ميمون الأشعري عن العلاء بن الحارث الخ {غريبه} (8) تذكير الضمير في صاحبه باعتبار المذكور أو بتأويل لفظ الشجر (9) عند ابن عساكر (ما أظل منها وأكل ثمرها) وهذا محمول على الشجر المغروس في أرض مباحة أو مملوكة بإذن صاحبها فإن للغارس الحق في أكل ثمره وقطع ما أظل منه لأنه ملكه , أما إذا كان في أرض مغصوبة فله حكم آخر سيأتي في كتاب الغصب {تخريجه} أخرجه أيضا ابن عساكر وهو مرسل وفي بعض رجاله كلام {باب} * (10) {سنده} حدثنا هشيم قال أنا عوف عن رجل حدثه عن أبي هريرة الخ {غريبه} (11) معناه أن من حفر بئرا في أرض موات فحريمها الذي يحرم الانتفاع به على غير من له الاختصاص بها أربعون ذراعا من جميع نواحيها (12) أي لأجل أعطان الإبل والغنم التي تخصه , والأعطان جمع عطن بفتحان وهو مبرك الإبل ومراح الغنم حول الماء (13) معناه أن ابن السبيل يقدم في الشرب عن غيره (14) قال الحافظ هو محمول عند الجمهور على ماء البئر المحفورة في الأرض

-[قوله صلى الله عليه وسلم المسلمون شركاء في ثلاث: في الماء والكلأ والنار وشرح ذلك]- الكلأ (1) * (ز) (عن عبادة بن الصامت) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في النخلة أو النخلتين أو الثلاث فيختلفون (3) في حقوق ذلك، فقضى أن لكل نخلة من أولئك مبلغ جريدتها حيز لها (4) (باب المسلمون شركاء في ثلاث والنهى عن منع فضل الماء والكلأ وشرب الأرض العليا قبل السفلى إذا اختلفوا) * (عن أبى خراش) (5) عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلون شركاء في ثلاث، (6) في الماء والكلأ والنار * (عن سليمان بن موسى) (7) أن عبد الله بن عمرو (بن العاص) كتب إلى عامل له على أرض له أن لا تمنع فضل مائك فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من منع فضل الماء ليمنع به الكلأ (8) منعه الله يوم القيامة فضله (9)

_ المملوكة وكذلك في الموات إذا كان لقصد التملك , والصحيح عند الشافعية ونص عليه في القديم وحرملة أن الحافر يملك ماءها , وماء البئر المحفورة في الموات لقصد الارتفاق لا التملك فإن الحافر لا يملك ماءها , بل يكون أحق بها إلى أن يرتحل , وفي الصورتين يجب عليه بذل ما يفضل عن حاجته , والمراد حاجة نفسه وعياله وزرعه وماشيته , هذا هو الصحيح عند الشافعية (1) بفتح الكاف واللام بعدها همزة مقصورة وهو النبات رطبه ويابسه , والمعنى أن يكون حول البئر كلأ ليس عنده ماء غيره ولا يمكن أصحاب المواشي رعيه إلا إذا مكنوا من سقي بهائمهم من تلك البئر لئلا يتضرروا بالعطش بعد الرعي فيستلزم منعهم من الرعي , وإلى هذا التفسير ذهب الجمهور {تخريجه} أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه رجل لم يسم وبقية رجاله رجال الصحيح * (ز) (2) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله وتخريجه في باب جامع قضايا حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الأقضية والأحكام إن شاء الله تعالى {غريبه} (3) جاء عند ابن ماجه البيهقي بلفظ (قضى في النخلة والنخلتين والثلاثة للرجل في النخل فيختلفون الخ) ومعناه أن الرجل يكون له نخلة أو نخلتين أو ثلاث بين ظهراني نخيل لغيره في أرض موات أو مملوكة وكانت النخلة أو النخلتان أو الثلاث عرّية من صاحب الأرض فيختلفان في حريمها (4) أي حريم لها ولفظ ابن ماجه (فقضى أنل كل نخلة من أولئك من الأسفل مبلغ جريدها حريم لها) والمعنى أن تقطع جريدة من النخلة فتذرع بها الأرض من كل جانب من أسفل النخلة , فما بلغت الجريدة يكون حريما النخلة أي لشربها والتقاط ثمرها وغير ذلك {باب} * (5) {سنده} حدثنا وكيع ثنا ثور الشامي عن حريز بن عثمان عن أبي خراش الخ {غريبه} (6) أي ثلاث خصال هي الماء والكلأ والنار (أما الماء) فالمراد به ماء السماء والعيون والأنهار التي لا مالك لها (وأما الكلأ) فتقدم ضبطه وهو النبات رطبه ويابسه: والمراد هنا الذي ينبت في الأرض الموات فلا يختص به أحد (وأما النار) فالمراد بها الحطب الذي يحتطبه الناس من الشجر المباح فيوقدونه , والحجارة التي توري النار ويقدح بها إذا كانت مواتا أو هو على ظاهره , قال البيضاوي المراد بالاشتراك في النار أن يمنع الاستصباح منها والاستضاءة بضوئها , لكن للموقد أن يمنع أخذ جذوة منها لأنه ينقصها ويؤدي إلى إطفائها {تخريجه} (د ش) وحسنه الحافظ السيوطي وجهالة الصحابي لا تضر , قال الحافظ في بلوغ المرام رواه (حم د) ورجاله ثقات * (7) {سنده} حدثنا أبو النضر ثنا محمد يعني ابن راشد عن سليمان بن موسى الخ {غريبه} (8) تقدم شرح هذه الجملة في الباب السابق (9) فيه زجر شديد لمن منع فضل الماء والكلأ لأن منعه

-[النهي عن منع فضل الماء والرعى وسقى الأرض العليا قبل السفلى]- (عن أبي هريرة) (1) يرفعه إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يُمنع فضل ماء بعد أن يستغنى عنه ولا فضل مرعى (2) * (وعنه أيضاً) (3) يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم لا يمنع فضل الماء ليمنع به الكلأ (4) * (عن عائشة رضى الله عنها) (5) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يمنع نقع (6) ماء ولا رهو (7) بئر (ز) (عن عبادة بن الصامت) (8) قال إن من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم (فذكر أحكاماً متنوعة منها) وقضى بين أهل المدينة في النخل (9) لا يمنع نقع بئر، وقضى بين أهل البادية أن لا يمنع فضل ماء ليمنع فضل الكلأ (10) (وقضى) في شرب النخل من السبيل أن الأعلى يشرب قبل الأسفل ويترك الماء إلى الكعبين (11) ثم يرسل الماء إلى الأسفل الذي يليه وكذلك (12) حتى

_ من فضل الله يوم القيامة بدل على غضب الله عليه نعوذ بالله من ذلك {تخريجه} لم أقف عليه لغير الإمام أحمد , وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه محمد بن راشد الخزاعي وهو ثقة وقد ضعفه بعضهم (1) حدثنا يزيد أنا المسعودي عن عمران بن عمير قال شكوت إلى عبيد الله بن عبد الله قوما منعوني ماء فقال سمعت أبا هريرة قال المسعودي ولا أعلم إلا قد رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (2) معناه أنع لا يجوز منع ما زاد على الحاجة من ماء أو كلأ {تخريجه} لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده عمران بن عمير فيه كلام * (3) {سنده} حدثنا سفيان أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (4) جاء في الأصل بعد قوله ليمنع به الكلأ , قال سفيان يكون حول بئرك الكلأ فتمنعهم فضل مائك فلا يعودون أن يُدعوا أهـ (قلت) يدعوا بضم أوله وفتح المهملة وتشديد العين المهملة مضمومة , ومعناه فلا يعودون خشية أن يطردوا ويدفعوا بعنف {تخريجه} (ق. وغيرهما) * (5) {سنده} حدثنا حسين قال ثنا أبو أويس قال ثنا أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عمرة عن عائشة الخ {غريبه} (6) بفتح النون وسكون القاف فسره صاحب النهاية بفضل ماء البئر لأنه قال لأنه ينقع به العطش أي يروي , وشرب حتى نقع أي روى , قال وقيل النقع الماء الناقع وهو المجتمع (7) بفتح الراء وسكون الهاء أراد مجتمعة , سمي رهوا باسم الموضع الذي هو فيه لانخفاضه , والرهوة الموضع الذي يسيل إليه مياه القوم (نه) {تخريجه} (جه هق) وسنده عند الإمام أحمد جيد , وله طرق عند البيهقي منها الجيد ومنها الضعيف: وفي سنده عند ابن ماجه عبد الله بن إسماعيل وهو ابن أبي خالد الكوفي مجهول (8) (ز) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وتخريجه في باب جامع في قضايا حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الأقضية الأحكام {غريبه} (9) أي في النخل الذي يسقى من الآبار بالمدينة , (وقوله نقع بئر) تقدم أن نقع البئر ما بقى فيها من الماء بعد حاجة صاحبها فلا يجوز منعه عن جاره المحتاج لسقي نخله (10) فيه إشارة إلى أنه لا يجوز منع الكلأ النابت في الموات عن مواشي ألب البادية لأنه يلزم من منع الماء منع المواشي عن الرعي فإنها إذا أكلت احتاجت إلى الشرب فيتعين عدم منع الماء عن أهل البادية ومواشيهم (11) معناه أن الأرض العليا تستحق الشرب من ماء المطر الذي يسيل في الأودية قبل الأرض السفلى: ولصاحب العليا أن يمسك الماء حتى يبلغ إلى الكعبين ثم يرسله إلى السفلى بعد ذلك (12) أي يمسك الأعلى الماء عن الأسفل حتى يتم سقي البساتين أو يفنى الماء , وهو يفيد أن الماء إذا لم يستوف البساتين كلها ليس لصاحب الأسفل النزاع من الأعلى

-[قصة الزبير بن العوام مع الأنصارى في سقي أرضهما]- تنقصى الحوائط أو يفنى الماء * (عن عبد الله بن الزبير) (1) قال خاصم رجل من الأنصار الزبير إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في شراج (2) الحرة التي يسقون بها (3) النخل، فقال الأنصارى للزبير سرّح الماء، فأبى فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسق (4) يا زبير ثم أرسل إلى جارك فغضب الأنصارى فقال يا رسول الله أن (5) كان ابن عمتك فتلون وجهه (6) ثم قال احبس الماء حتى يبلغ إلى الجدر، (7) قال الزبير والله أنى لأحسب هذه الآية نزلت في ذلك} فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم - إلى قوله ويسلموا (8) تسليما {(أبواب ما جاء في القطائع (9) والحمى)

_ في أخذ الماء ما لم يبلغ للأعلى إلى الكعبين * (1) {سنده} حدثنا هاشم بن القاسم قال ثنا ليث ابن سعد قال وحدثني ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عبد الله بن الزبير الخ {غريبه} (2) بكسر الشين المعجمة آخره جيم جمع شرج بفتح أوله وسكون الراء بوزن بحر وبحار وهي بحاري الماء الذي يسيل من الحرة بفتح المهملة والراء المشددة موضع معروف بالمدينة , وإنما أضيفت الشراج إلى الحرة لكونها فيها (3) أي التي يسقون بمائها نخلهما وذلك أن الماء كان يمر بأرض الزبير قبل أرض الأنصاري فيحبسه لإكمال سقي أرضه ثم يرسله إلى أرض جاره فلم يقبل ذلك الأنصاري وقال له تسرح الماء بضم أوله وفتح السين وكسر الراء المشددة بعدها حاء أي أطلق الماء عند مروره ولا تحبسه فأبى الزبير (4) بهمزة وصل ويجوز القطع أي اسق يا زبير شيئا يسيرا دون حقك (ثم أرسل) بهمزة قطع مفتوحة يعني أرسل الماء (إلى جارك) (5) بفتح الهمزة وهي للتعليل مقدرة باللام أي حكمت له بالتقديم والترجيح لأجل أنه ابن عمتك يعني صفية بنت عبد المطلب (6) أي تغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم من الغضب لانتهاك حرمات النبوة وقبيح كاتم هذا الرجل ولم يعاقبه النبي صلى الله عليه وسلم لما اتصف به صلى الله عليه وسلم من الحلم وكرم الخلق (7) بفتح الجيم وسكون المهملة: قال القرطبي هو أن يصل الماء إلى أصول النخل أهـ قال في شرح السنة قوله صلى الله عليه وسلم في الأول (اسق يا زبير ثم أرسل الماء إلى جارك) كان أمرا للزبير بالمعروف وأخذا بالمسامحة وحسن الجوار لترك بعض حقه دون أن يكون حكما منه , فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم الأنصاري يجهل موضع حقه أمر الزبير باستيفاء تمام حقه (8) سيأتي الكلام على تفسيره إن شاء الله تعالى {تخريجه} (ق. وغيرهما) (9) القطائع جمع قطيعة كسفينة يقال أقطع الإمام الجند البلد إقطاعا بكسر الهمزة جعل لهم غلتها رزقا , واستقطعته سألته الإقطاع , قال العلماء والمراد بالإقطاع جعل بعض الأراضي الموات مختصة ببعض الأشخاص سواء كان ذلك معدنا أو أرضا فيصير ذلك البعض أولى به من غيره ولكن بشرط أن يكون من الموات التي لا يختص بها أحد , وهذا أمر متفق عليه (وقال الحافظ) حكى عياض أن الإقطاع تسويغ الإمام من مال الله شيئا لمن يراه أهلا لذلك , وأكثر ما يستعمل في الأرض وهو أن يخرج منها لمن يراه أهلا لحيازته إما بأن يُملكه إياه فيعمره وإما بأن يجعل له غلته مدة أهـ قال السبكي والذي يظهر للمقطع بذلك اختصاص كاختصاص المتحجر ولكنه لا يملك الرقبة بذلك وبهذا جزم الطبري , وحكى الحافظ عن ابن التين أنه إنما يسمى إقطاعا إذا كان من أرض أو عقار وإنما يقطع من الفيء ولا يقطع من حق مسلم ولا معاهد {والحمى} أصل الحمى عند العرب أن الرئيس منهم كان إذا نزل منزلا مخصبا

-[جواز إقطاع الأرض غير المملوكة لمن احتاج إليها]- (باب إقطاع الأراضي) * (عن ابن عمر) (1) أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اقطع الزبير حضر (2) فرسه بأرض يقال لها ثريرٌ (3) فأجرى الفرس حتى قام (4) ثم رمى بسوطه فقال أعطوه حيث بلغ السوط * (عن عروة بن الزبير) (5) أن عبد الرحمن بن عوف قال أقطعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا فذهب الزبير إلى آل عمر فاشترى نصيبه فأتى عثمان بن عفان فقال إن عبد الرحمن بن عوف زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه وعمر ابن الخطاب أرض كذا وكذا وأنى اشتريت نصيب آل عمر، فقال عثمان عبد الرحمن جائز الشهادة له وعليه (6) * (عن أنس بن مالك) (7) أن النبى صلى الله عليه وسلم دعا الأنصار ليقطع لهم البحرين (8)

_ استعوى كلبا على مكان عال فإلى حيث انتهى صوته حماه من كل جانب فلا يرعى فيه غيره: ويرعى هو مع غيره فيما سواه (والحمى) هو المكان المحمي وهو خلاف المباح: ومعناه أن يمنع من الإحياء في ذلك الموات ليتوفر فيه الكلأ وترعاه مواشي مخصوصة ويمنع غيرها , هذا كان دأب العرب في الجاهلية , أما في الإسلام فيجوز للإمام أن يحمي بعض أراضي الموات من الرعي ليتوفر فيه الكلأ لخيل الجهاد وإبل الصدقة ونحوها لما فيه مصلحة للمسلمين ولا يضر بأحد منهم على معنى ما أباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الوجه الذي حماه: لا على ما كان يحميه العرب في الجاهلية , ولذا جاء في الحديث (لا حمى إلا لله ولرسوله) (خ فع حم) وسيأتي في الباب التالي * {باب} (1) {سنده} حدثنا حماد بن خالد الخياط عن عبد الله يعني العمري عن نافع عن ابن عمر الخ {غريبه} (2) بضم الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة أي أعطاه من أرض المدينة كما جاء في رواية قدر عدوِ فرسه أي جريه (3) بضم المثلثة وفتح الراء وسكون الياء التحتية موضع بأرض المدينة كما تقدم (4) أي حتى انتهى عدوه ووقف (ثم رمى بسوطه) أي ثم رمى الزبير بسطوه إلى الأرض أي جعل مكان السوط حدا لآخر عدو الفرس , ولذلك قال صلى الله عليه وسلم أعطوه حث بلغ السوط {تخريجه} (د هق) وفي إسناده عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب وفيه مقال وهو أخو عبيد الله بن عمر العمري (5) {ينده} حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا هشام بن عروة عن عروة الخ {غريبه} (6) فيه منقبة لعبد الرحمن بن عوف لأن عثمان زكاه وقبل شهادته لنفسه في أن النبي صلى الله عليه وسلم أقطعه أرض كذا وكذا: أو على نفسه في كونه اعترف أن عمر كان شريكا له في هذا الأرض , وبمقتضى هذه الشهادة ثبت للزبير ما اشتراه من آل عمر رضي الله عنهم أجمعين , وموضع الدلالة من الحديث قوله (أقطعني رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا) {تخريجه} لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله من رجال الصحيحين (7) {سنده} حدثنا سفيان عن يحيى قيل لسفيان يعني سمع من أنس يقول دعا النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار الخ {غريبه} (8) على صيغة التثنية للبحر , وهي من ناحية نجد على شط بحر فارس بين عمان والبصرة وهي ديار القرامطة ولها قري كثيرة , وفي رواية للبخاري عن أنس أيضا بلفظ (دعى النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار ليكتب لهم بالبحرين) وله في أخرى (أن يقطع لهم من البحرين , قال العيني والظاهر أن معناه ليكتب لهم طائفة بالبحرين ويحتمل أن يكتب لهم البحرين كللها , ويؤيد هذا ما رواه في مناقب الأنصار من رواية سفيان عن يحيى (إلى أن يقطع لهم البحرين) أهـ قال الخطابي يحتمل أنه أراد الموات منها ليتملكوه بالإحياء , ويحتمل

-[كلام العلماء في الأرض التي يجوز إقطاعها للمحتاج]- فقالوا لا حتى نقطع لإخواننا المهاجرين مثلنا، فقال إنكم ستلقون بعدى أثرة (1) فاصبروا حتى تلقونى * (عن كلثوم عن زينب) (2) أن النبى صلى الله عليه وسلم ورّث النساء خططهن (3) (وعنها من طريق ثان) (4) قالت كانت زينب (5) تَفلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (6) وعنده امرأة عثمان بن مظعون

_ أنه أراد العامر منها لكن في حقه من الخمس لأنه كان ترك أرضها فلم يقسمها , وتعقب بأنها فتحت صلحا وضربت على أهلها الجزية , فيحتمل أن يكون المراد أنه أراد أن يخصهم بتناول جزيتها , وبه جزم إسماعيل القاضي , ووجهه ابن بطال بأن أرض الصلح لا تقسم فلا تملك , قال الحافظ والذي يظهر لي أنه صلى الله عليه وسلم أراد أن يخص الأنصار بما يحصل من البحرين أما الناجز يوم عرض ذلك عليهم فهو الجزية لأنهم كانوا سخوا عليها , وأما بعد ذلك إذا وقعت الفتوح فخرج الأرض أيضا , وقد وقع منه صلى الله عليه وسلم ذلك في عدة أراض بعد فتحها وقبل فتحها (منها) إقطاعه تميما الداري بيت إبراهيم فلما فتحت في عهد عمر نجز ذلك لتميم واستمر في أيدي ذريته من ابنته رقية وبيدهم كتاب من النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وقصته مشهورة ذكرها ابن سعيد وأبو عبيد في كتاب الأموال وغيرها أهـ (1) بفتح الهمزة والمثلثة على المشهور وأشار صلى الله عليه وسلم بذالك إلى ما وقع من استئثار الملوك من قريش على الأنصار بالأموال والتفضيل بالعطاء وغير ذلك فأراد أن يخصهم بشيء ينفعهم في ذلك الوقت الذي يهضم حقهم فيه , وهذا من أعلام نبوته صلى الله عليه وسلم , وفيه منقبة للأنصار , وما كانوا فيه من الإيثار على أنفسهم كما وصفهم الله عز وجل في كتابه العزيز فقال (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) {تخريجه} (خ هق. وغيرهما) * (2) {سنده} حدثنا أسود بن عامر قال ثنا شريك عن الأعمش عن جامع بن شداد عن كلثوم عن زينب الخ (كلثوم) بضم الكاف وسكون اللام هي بنت عمرو القرشية كذا في الخلاصة بواو بعد المثلثة , وفي التهذيب والكامل والتقريب (كلثم) بدون واو قال الحافظ في التقريب ويقال أم كلثوم القرشية لا يعرف حالها أهـ (وقوله عن زينب) هكذا جاءت غير منسوبة عند الإمام أحمد وغيره: وسيأتي الكلام عليها في الطريق الثانية (3) قال في النهاية الخطط جمع خطة بالكسر وهي الأرض يختطها الإنسان لنفسه بأن يعلم عليها علامة ويخط عليها خطا ليًُعلم أنه قد اختارها وبها سميت خطط الكوفة والبصرة: ومعنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى نساء منهم أم عبد خططا يسكنها بالمدينة شبه القطائع لا حظ للرجال فيها أهـ (4) {سنده} حدثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا الأعمش عن جامع بن شداد عن كلثوم قالت كانت زينب الخ {غريبه} (5) هي زينب المذكورة في الطريق الأولى وقد اختلف العلماء في تعيينها فقال بعضهم هي زينب امرأة عبد الله بن مسعود وجاز لها أن تفلي النبي صلى الله عليه وسلم لأن هذه القصة كانت في السنة الثانية من الهجرة قبل نزول آية الحجاب وقبل اشتراط المحرمية في التفيلة وغيرها بدليل أن امرأة عثمان بن مظعون كانت مع من جئن يشتكين منازلهن , قال الحافظ في الإصابة وكانت وفاة بن مظعون بعد شهوده بدرا في السنة الثانية , قال وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين وأول من دفع بالبقيع منهم أهـ (قلت) ويؤيد أنها زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وتعقب بأنها لم تكن في ذاك الوقت زوجا للنبي صلى الله عليه وسلم ولا محرما له وإنما تزوجها صلى الله عليه وسلم في السنة الخامسة من الهجرة كما ثبت ذلك عند المحدثين والمفسرين وأصحاب السير الصحيحة: وفيها نزلت آية الحجاب والله أعلم (6) بفتح التاء المثناة بعدها فاء ساكنه من

-[إقطاع النبي صلى الله عليه وسلم الدور لأرامل المهاجرين بالمدينة]- ونساء من المهاجرات يشتكين منازلهن وأنهن يخرجن منه ويضيّق عليهم فيه (1) فتكلمت زينب (2) وتركت رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك لست تكلمين بعينك، تكلمى واعملى عملك، فأمر رسول الله أن يُورّث من المهاجرين النساء (3) فمات عبد الله (بن مسعود) فورثته امرأته داراً بالمدينة * (عن علقمة بن وائل) (4) عن أبيه (وائل بن حجر) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه أرضاً قال فارسل معى معاوية أن أعطها إياه أو قال إعلمها غياه، (5) قال فقال لى معاوية أردفنى خلفك (6) فقلت لا تكون من أرداف الملوك، (7) قال فقال أعطنى نعلك، (8) فقلت انتعل ظل الناقة (9) قال فلما استخلف معاوية أتيته فأقعدنى معه على السرير فذكرني

_ باب رمى أي تطلب في رأسه القمل (1) ذكر الضمير باعتبار المنزل , وفي رواية أبي داود (يشتكين منازلهن أنها تضيق عليهن ويخرجن منها) قال في فتح الودود إنها تضيق عليهن إذا مات زوج واحدة فالدار يأخذها الورثة وتخرج المرأة وهي غريبة في الغربة (يعني المدينة لأنها ليست وطنهن الأصلي) فلا تجد مكانا آخر فنتعب لذلك (2) في رواية الطبراني فقالت زينب فجعلت أشكو ضيق المسكن , فقال (أي النبي صلى الله عليه وسلم) هذا كما صنعت امرأة عثمان بن مظعون لم يسعها ما نزلت , وهذه الرواية تؤيد ما تقدم (3) رواية أبي داود (فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن توّرث دور المهاجرين النساء , فمات عبد الله الخ والمعنى أن نساء المهاجرين يرثن الدور بعد موت أزواجهن لا يشاركهن فيها احد من الورثة (قال الخطابي) أما توريثه صلى الله عليه وسلم الدور نساء المهاجرين خصوصا فيشبه أن يكون ذلك على معنى القسمة بين الورثة وإنما خصصهن بالدور لأنهن بالمدينة غرائب لا عشيرة لهم فحاز لهن الدور لما رأى من المصلحة في ذلك {تخريجه} لم أقف على من أخرج الطريق الأولى منه غير الإمام أحمد وسندها جيد , وأخرج الطريق الثانية (د هق) وفي إسنادهما عبد الواحد بن زياد العبدي , قال في التقريب ثقة في حديثه عن الأعمش وحده مقال أهـ (قلت) تابعه شريك عن الأعمش كما في الطريق الأولى وإن لم يكن فيها ذكر القصة ففيها معنى الحديث المرفوع وعلى هذا فسنده جيد والله أعلم (4) {سنده} حدثنا حجاج قال أنا شعبة عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل الخ {غريبه} (5) أو للشك من الراوي ومعناه أن يعلم عليها علامة ويخط عليها خطا ليعلم أنه قد احتازها وتسلمها (6) أي أركبني خلفك على الدابة (7) قال في النهاية أرداف الملوك هم الذين يخلفونهم في القيام بأمر المملكة بمنزلة الوزراء في الإسلام وأحدهم ردف , والاسم الرادفة أهـ , والمعنى أنك أحقر من ذلك , وإنما قال ذلك , لأنه كان من ملوك حمير ومعاوية في ذاك الوقت كان فقيرا لا يملك شيئا (8) إنما طلب معاوية من وائل نعله ليتقي به حرارة الأرض حيث أنه لم يقبل إردافه خلفه , فلا أقل من أن يعطيه نعله , فقال له وائل (انتعل ظل الناقة) (9) يريد أن ظل الناقة يقيك حرارة الأرض , وفي هذا القول غاية الاحتقار والاستهزاء بمعاوية أن ظل الناقة لا يقي شيئا من حرارة الأرض ما دامت سائرة: والظاهر أن الذي حمل وائلا على ذلك كونه حديث العهد بالإسلام لم يمض عليه زمن يدرس فيه أدب الدين الإسلامي وتعاليمه , وكان قيه بقية من عظمة ملوك الجاهلية فكيف يطلب منه معاوية أن يردف خلفه أو يعطيه نعله: لهذا احتقره وسخر منه , ولو علم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يردف خادمه من خلفه في السفر وكانوا يتبادلون النعال كذلك

-[بيان ما أعطاه عمر رضى الله عنه لنساء النبى صلى الله عليه وسلم في خلافته]- الحديث (1) فقال سماك (أحد الرواة) فقال وددت أنى كنت حملته بين يدىّ * (عن ابن عمر) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عامل أهل خيبر بشطر ما خرج من زرع أو ثمر (3) فكان يعطى أزواجه كل عام مائة وسق (4) ثمانين وسقاً من تمر وعشرين وسقاً من شعير فلما قام عمر بن الخطاب (5) قسم خيبر فخير أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أن يقطع (6) لهن من الأرض أن يضمن لهن (7) الوسوق كل عام فاختلفوا فمنهن من اختار (8) أن يقطع لها الأرض ومنهن اختار الوسوق وكانت حفصة وعائشة ممن اختار الوسوق * (باب إقطاع المعادن) (عن كثير بن عبد الله) (9) بن عمرو بن عوف المزنى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحارث معادن القبلية (10) جلسيها وغوريها (11) وحيث يصلح للزرع من قُدس (12) ولم يعطه حق

_ لما احتقر معاوية (1) يعني حديث قصة الناقة: وفيه دلالة لما كان عليه معاوية من الحلم والكياسة وحسن السياسة , ولذا ندم وائل على ما حصل منه , وقال ودِدت أني كنت حملته بين يديّ {تخريجه} (د مذ هق حب طب) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح * (2) {سنده} حدثنا ابن نمير ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ {غريبه} (3) في رواية للبخاري بشطر ما يخرج منها من ثمر أو زرع أي بنصف ما يخرج منها (وقوله من زرع) إشارة إلى المزارعة (وقوله أو ثمر) بالثاء المثلثة إشارة إلى المساقاة وتقدم الكلام على ذلك في بابه (4) الوسق بفتح الواو وسكون المهملة ستون صاعا بصاع النبي صلى الله عليه وسلم وقوله ثمانين , وعشرين , بنصبهما على تقدير أعني ثمانين وسقا من تمر , وعشرين معطوف عليه ووسقا في الموضعين منصوب على التمييز (5) أي لما قام عمر بأمر الخلافة (6) بضم الياء التحتية من الإقطاع بكسر الهمزة يقال أقطع السلطان فلانا أرض كذا إذا أعطاه وجعله قطيعة له (7) جاء بدل هذا اللفظ في رواية للبخاري (أو يمضي لهن) أي أو يجري لهن قسمتهن على ما كان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كان من التمر والشعير (8) جاء هذا اللفظ مذكرا باعتبار لفظ من {تخريجه} (خ) وفيه تخيير عمر رضي الله عنه أزواج النبي صلى الله عليه وسلم بين أن يقطع لهن من الأرض وبين إجرائهن على ما كن عليه في عهد النبي صلى الله عليه وسلم من غير أن يملكهن , لأن الأرض لم تكن موروثة عنه صلى الله عليه وسلم فإذا توفين عادت الأرض والنخل على أصلها وقفا مسبلا , وكان عمر يعطيهن ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم قال (ما تركت بعد نفقة نسائي فهو صدقة) قال ابن التين وقيل إن عمر كان يعطيهن سوى هذه الأوسق اثنى عشر ألفا لكل واحدة منهن وما يجري عليهن في سائر السنة والله أعلم {باب} (9) {سنده} حدثنا حسين ثنا أبو أويس ثنا كثير بن عبد الله الخ {غريبه} (10) بالتحريك بوزن ذهبية منسوب إلى قبل بفتح القاف والموحدة وهي ناحية من ساحل البحر بينها وبين المدينة خمسة أيام: قال في القاموس والقبل محركة نشز من الأرض يستقبلك أو رأس كل أكمة أو جبل أو مجتمع رمل والمحجة الواضحة (وقوله جليسها) بفتح الجيم وسكون اللام وكسر المهملة بعدها ياء النسب مشددة مكسورة , والجلس كل مرتفع من الأرض: ويطلق على أرض نجد كما في القاموس (11) بوزن جليسها نسبة إلى غور , قال في القاموس إن الغور يطلق على ما بين ذات عرق إلى البحر , وكل ما انحدر مغربا عن تهامة , وموضع منخفض بين القدس وحوران مسيرة ثلاثة أيام في عرض فرسخين , وموضع في ديار بني سليم وماء لبني العدوية أهـ والمراد بما هنا المواضع المرتفعة والمنخفضة من معادن القبلية والله أعلم (12) بضم القاف وسكون الدال المهملة بعدها سين مهملة , قال

-[ما جاء في حمى بعض الأرض لخيل الجهاد ومواشى الفقراء]- مسلم 01)، وكتب له النبى صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أعطى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث المزنى أعطاه معادن القبلية جلبها وغوريها وحيث يصلح للزرع من قدس ولم يعطه حق مسلم (عن عكرمة عن ابن عباس) (2) عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله (باب الحمى لدواب بيت المال) (عن ابن عمر) (3) أن النبى صلى الله عليه وسلم حمى النقيع (4) لخيله (وله طريق ثان (5) عند الإمام أحمد أيضاً) قال حدّثنا حماد بن خالد عن عبد الله (6) عن نافع عن ابن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم حمى النقيع للخيل قال حماد فقلت له (وفى لفظ فقلت له يا أبا عبد الرحمن (7) (يعنى العمرى) لخيله؟ قال لا، لخيل المسلمين * (عن الصعب بن جثامة الليثى) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حمى

_ في القاموس هو جبل عظيم بنجد أهـ وفي النهاية هو الموضع المرتفع الذي يصلح للزرع (1) أي لم يعطه شيئا مملوكا لأحد من المسلمين {تخريجه} (د هق) وفي إسناده كثير بن عبد الله , قال الحافظ في التقريب ضعيف , ومنهم من كذبه أهـ (قلت) جاء هذا الحديث في مسند ابن عباس وليس منه * (2) {سنده} حدثنا حسين ثنا أبو أويس قال حدثني ثور بن زيد مولى بني الديل بن بكر بن كنان عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله , هكذا جاء هذا الحديث في المسند مختصرا حديث كثير بن عبد الله وليس من اختصاري {تخريجه} (د هق) وقد جاء عندهما مختصرا عقب حديث كثير بن عبد الله كما صنع الغمام أحمد وفي إسناده عند الجميع أبو أويس عبد الله بن عبد الله أخرج له مسلم في الشواهد وضعفه غير واحد قال أبو عمر هو غريب من حديث ابن عباس لبس يرويه عن أبي أويس غير ثور أهـ (قلت) وللبيهقي في رواية أخرى من هذا الطريق عن عكرمة عن ابن عباس بلفظ (أعطى النبي صلى الله عليه وسلم بلال بن الحارث المزني معادن القبلية جليسها وغوريها وحيث يصلح الزرع {باب} * (3) {سنده} حدثنا فراد أنا عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر الخ {غريبه} (4) بفتح النون وكسر القاف بعدها ياء تحتية ساكنة ثم عين مهملة وهو موضع على عشرين فرسخا من المدينة , وقدره ميل في ثمانية أميال كما ذكره ابن وهب في موطئه , وهو في الأصل كل موضع يستنقع فيه الماء أي يجتمع فإذا نضب الماء نبت فيه الكلأ , قال ياقوت , وهو غير نقيع الخضمات الذي كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه حماه (وقوله لخيله) ظاهره أن النبي صلى الله عليه وسلم حماه لخيله نفسه وليس مرادا , وإنما المراد خيل المسلمين كما صرح بذلك في الطريق الثانية , ومعناه الخيل الذي يعود نفعها على المسلمين كالخيل التي ترصد للجهاد والإبل التي يحمل عليها في سبيل الله وإبل الزكاة ومواشي الضعفاء من الناس الذين ليس لهم أرض يرعون فيها ويخشى على مواشيهم الهلاك وإنما خص الخيل بالذكر تغليبا وأضافها إلى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه الراعي الأكبر المسئول عن مصالح المسلمين (5) ذكرت هذا الطريق بسنده في المتن لارتباط كلام المتن ببعض رجال السند (6) هو عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب أبو عبد الرحمن العمري (7) السائل حماد بن خالد والمسئول عبد الله بن عمر ابن حفص المذكور في السند وكنيته أبو عبد الرحمن {تخريجه} لم أقف على من اخرج الطريق الأولى منه بهذا اللفظ , وأخرج الطريق الثانية (هق حب) وفي إسناد الطريقين عبد الله بن عمر بن حفص العمري , قال الهيثمي ثقة وقد ضعفه جماعة * (8) {سنده} حدثنا مصعب هو الزبيري قال حدثني عبد العزيز بن محمد عن عبد الرحمن بن الحارث عبد الله بن عيَّاش المخزومي عن ابن شهاب عن عبيد الله

-[ما جاء في الغصب ووعيد فاعله]- النقيع وقال لا حمى إلا لله ولرسوله (1) (كتاب الغصب) (باب النهى عن جده وهزله ووعيد من اغتصب مال أخيه) * (عن عبد الله بن السائب) (2) عن أبيه عن جده (3) أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يأخذنّ أحدكم متاع صاحبه (4) جاداً ولا لاعباً (5) وإذا وجد (وفى لفظ وإذا أخذ) (6) أحدكم عصا صاحبه فليرددها عليه * (عن عمرو بن يثربىّ الضمرىّ) (7) قال شهدت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى فكان فيما خطب به أن قال ولا يحل لامرئ من مال أخيه إلا ما طابت به نفسه، قال فلما سمعت ذلك قلت يا رسول الله أرأيت لو لقيت غنم ابن عمى فأخذت منها شاة فاجتزرتها (8) هل علىّ في ذلك شئ؟ قال أن لقيتها نعجة تحمل شقرة (9) وزناداً فلا تمسها (ز) (وعنه من طريق ثان) (10) بمثله وفيه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له إن لقيتها نعجة

_ ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس عن الصعب عن جثامة الخ {غريبه} (1) أي لا حمى لأحد يخص نفسه به يرعى فيه ماشيته دون سائر الناس إلا لله عز وجل ولرسوله ومن قام مقامه وهو الخليفة خاصة إذا احتيج إلى ذلك لمصلحة المسلمين كما فعل أبو بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم , وإنما يحمي الإمام ما ليس بمملوك كبطون الأودية والجبال والموات على معنى ما أباحه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الوجه الذي حماه , وتقدم الكلام على أصل الحمى ومعناه في أول الباب الأول في الشرح فارجع إليه {تخريجه} (د هق) وسنده حسن , وأخرجه (خ د نس هق) وفي رواية أخرى ليس فيها لفظ (حمى النقيع) {باب} * (2) {سنده} حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن ابن أبي ذئب عن عبد الله ابن السائب الخ {غريبه} (3) هو يزيد بن السائب كما ترجم له بذلك في المسند , وقيل هو يزيد بن سعيد الكندي واختاره الترمذي والله أعلم (4) المتاع على ما في القاموس المنفعة والسلعة وما تمتعت به من الحوائج والجمع أمتعة (5) أي لاعبا في الحال جادا في المآل , ومعناه أن يأخذه على وجه الهزل وسبيل المزاح ثم يحبسه عنه ولا يرده فيصير ذلك جدا (6) معناه على اللفظ الأول إذا وجدها لقطة , وعلى اللفظ الثاني إذا أخذها على سبيل المزاح: وعلى كلا اللفظين يجب عليه ردها لصاحبها {تخريجه} (د مذ) وقال غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن أبي ذئب , وسكت عنه أبو داود والمنذري وقال البيهقي إسناده حسن (7) {سنده} حدثنا أبو عامر ثنا عبد الملك يعني ابن حسن الحارثي (ويقال له أيضا الجاري) ثنا عبد الرحمن بن أبي سعيد قال سمعت عمارة بن جارية الضمري يحدث عن عمرو بن يثربي الضمري الخ {غريبه} (8) أي ذبحتها (9) الشفرة بفتح الشين المعجمة بعدها فاء ساكنة المدية وهي السكين العريضة , والجمع شفار مثل كلبة وكلاب وشفرات مثل سجدة وسجدات {والزناد} بكسر الزاي جمع زند بفتحها كسهم وسهام وهو الذي يقدح به النار وهو الأعلى , وهو مذكر: والسفلى زندة بالهاء , والمعنى إن وجدتها معها آلة الذبح والنار بحيث لا تتكلف لذبحها ولا لشيها شيئا فلا تأخذها ولا تمسها مبالغة في عدم جواز أخذها (10) (ز) {سنده} قال عبد الله بن الإمام أحمد ثنا محمد بن عباد المكي ثنا حاتم بن إسماعيل عن عبد الملك بن حسن الجاري عن عمارة بن جارية عن عمرو بن يثربي قال

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا يحل لامرئ أن يأخذ مال أخيه بغير حقه]- تحمل شفرة وزناداً بخيت (1) الجيش فلا تهجها (2)، قال يعنى بخبت الجيش أرضاً بين مكة والجار (3) ليس بها أنيس (عن عبد الله) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اقتطع (5) مال امرئ مسلم بغير حق لقى الله عز وجل وهو عليه غضبان (6) * (عن أبى حميد الساعدى) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرئ أن يأخذ مال أخيه بغير حقه، وذلك لما حرم الله مال المسلم على المسلم (8)، قال عبد الله (9) قال أبى وقال عبيد بن أبى قرة ثنا سليمان حدثنى سهيل حدثنى عبد الرحمن بن سعد (10) عن أبى حميد الساعدى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يحل للرجل أن يأخذ عصا (11) أخيه بغير طيب نفس وذلك لشدة ما حرم رسول الله (12) صلى الله عليه وسلم مال المسلم على

_ خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثل الطريق الأولى (1) الخبت بخاء معجمة مفتوحة ثم موحدة ساكنة بعدها تاء مثناة هو الأرض الواسعة (والجميش) بجيم مفتوحة ثم ميم مكسورة بعدها ياء ساكنة ثم شين معجمة , علم لأرض بين مكة والجار صحراء لا نبات فيها كأنها جمشت أي حلقت (بالحاء المهملة) وأضيف إليه الخبت من إضافة العام إلى الخاص (2) بفتح التاء الفوقية بعدها هاء مكسورة أي فلا تزعجها وتنفر ما بأخذ شيء منها (3) هذا تفسير الراوي (والجار) بتخفيف الراء مدينة على ساحل البحر الأحمر بينها وبين مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم وليلة , وإنما خص هذا المكان بالذكر لكونه موحشا قاحلا لا نبات به ولا أنيس , فإذا سلكه الإنسان طال عليه وفنى واحتاج إلى مال أخيه المسلم , والمعنى إذا عرضت لك هذه الحالة فلا تتعرض لنعم أخيك بوجه ولا سبب وإن كان ذلك سهلا متيسر الوجود آلة الذبح والنار والله أعلم {تخريجه} (طب طس هق) والطريق الأولى من مسند الإمام أحمد , والطريق الثانية من زوائد ابنه عبد الله على المسند ولذا رمزت لها بحرف زاي , وأورد الطريقين الهيثمي وقال رواه أحمد وابنه من زياداته أيضا والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد ثقات * (4) {سنده} حدثنا أسود ابن عامر قال ابن عامر قال أنا أبو بكر عن عامر عن أبي وائل عن عبد الله (يعني ابن مسعود الخ) {غريبه} (5) افتعل من القطع وهو أن يأخذ مال غيره لنفسه متملكا (وقوله بغير حق) مخصص لهذا العموم ومخرج ما كان بحق كأخذ الزكاة كرها والشفعة وإطعام المضطر والغريب المعسر والزوجة وقضاء الدين وكثير من الحقوق المالية (6) قال العلماء الغضب والإعراض والسخط من الله تعالى هو إرادته إبعاد ذلك المغضوب عليه من رحمته وتعذيبه وإنكار فعله وذمه نعوذ بالله من ذلك {تخريجه} (ق د مذ جه) (7) {سنده} حدثنا أبو سعيد موسى بن هاشم ثنا سليمان بن بلال عن سهيل بن أبي صالح عن عبد الرحمن بن سعد عن أبي حميد الخ {غريبه} (8) لعله يريد قوله تعالى (ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل) ولا شك أن من أكل مال مسلم بغير حف فهو آكل له بالباطل (9) هو ابن الإمام أحمد رحمهما الله يريد أن أباه روى الحديث من طريقين: فرواه باللفظ الأول من طريق أبي سعيد مولى بني هاشم عن سليمان بن بلال الخ ورواه باللفظ الثاني من طريق عبيد بن أبي قرة عن سليمان بن بلال عن سهيل بن بلال به (10) يعني سعد بن مالك وهو أبو سعيد الخدري المشهور بكنيته (11) خص العصا بالذكر لكونها من الشيء الحقير الذي يتساهل فيه ومع ذلك فقد حظر الشارع أخذها بغير طيب نفس وعلل التحريم بقوله (وذلك لشدة ما حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ) والمعنى أنه يحرم أخذ مال المسلم بغير طيب نفس منه سواء كان المال جليلا أو حقيرا (12) إسناد التحريم إلى الرسول صلى الله عليه وسلم جائز لأنه

-[وعيد من اغتصب لبنا من ضرع ماشية غيره]- المسلم (عن أبى سعيد الخدرى) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لأحد يؤمن بالله واليوم الآخر أن يحل صرار (2) ناقة بغير إذن أهلها فإنه خاتمهم عليها (3)، فإذا كنتم بقفر (4) فرأيتم الوطب أو الراوية أو السقاء من اللبن فنادوا أصحاب الإبل ثلاثاً فإن سقاكم (5) فاشربوا وإلا فلا، وإن كنتم مرملين (6) ولم يكن معكم طعام فليمسكه رجلان منكم ثم اشربوا. (عن ابن عمر) (7) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ألا لا تحلبن ماشية امرئ إلا بإذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته (8) فيكسر بابها ثم ينتشل (9) ما فيها فإن ما في ضروع (10) مواشيهم طعام أحدهم ألا فلا تجلبن ماشية امرئ إلا بإذنه أو قال بأمره (عن أبى هريرة) (11) قال كنا في سقر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرملنا وأنفضنا (12) فأتينا على إبل مصرورة بلحاء (13) الشجر وابتدرها القوم ليحلبوها

_ المبلغ عن الله عز وجل , قال تعالى (وما ينطق عن الهوى) {تخريجه} أخرج اللفظ الثاني منه (هق حب) وأورده الهيثمي باللفظين الأول والثاني وقال رواه (حم بز) وجال الجميع رجال الصحيح * (1) {سنده} حدثنا حجاج وأبو النضر قال ثنا شريك عن عبد الله بن عاصم بن علوان قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (2) بوزن خيار وهو رباط الضرع وكان من عادة العرب أن تصر ضروع الحلوبات وحلبت فهي مصرورة ومصررة (نه) (3) أي بمنزلة الخاتم على الشيء لا يجوز فضه إلا بإذن صاحبه (4) أي مكان من الأرض خال من الماء (فرأيتم الوطب) بفتح الواو وسكون المهملة هو الزق الذي يكون فيه السمن واللبن , وهو جلد الجذع فما فوقه: وجمعه أو طاب ووطاب (نه) (أو الرواية) قال في القاموس هي المزادة فيها الماء: والبعير والبغل والحمار يستقى عليه أهـ والمراد هنا المزادة وهي إناء كبير من جلد يجعل فيه الماء واللبن أيضا (والسقاء) أصغر من المزادة وهو ظرف الماء من الجلد أيضا يوضع فيه اللبن أو الماء للشرب منه (5) أي بطيب نفس منه فاشربوا , وإن لم يأذن لكم فلا تشربوا (6) أي نفذ زادكم وأصله من الرمل بسكون الميم كأنهم لصقوا بالرمل كما قيل للفقير الترب وخشيتم ضررا فاشربوا مقدار ما يدفع عنكم الضرر قهرا عنه إن أبي بحيث يمسكه اثنان ويشرب الباقي لأن اللبن يقوم مقام الطعام عند فقده والله أعلم {تخريجه} أورده الهيثمي وقال روى ابن ماجه بعضه بغير سياقه , ورواه أحمد ورجاله ثقات * (7) {سنده} حدثنا إسماعيل ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ {غريبه} (8) المشربة بفتح الميم , وفي الراء لغتان الضم والفتح , وهي كالغرفة يخزن فيها الطعام وغيره , والاستفهام للإنكار , والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم شبه اللبن في الضرع بالطعام المخزون المحفوظ في الخزانة في أنه لا يحل أخذه بغير إذن صاحبه (9) بالثاء المثلثة مبني للمفعول أي ينتثر كله ويرمي وفي بعض الروايات فينتقل بالقاف بدل الثاء أي يحول من مكان إلى مكان آخر (10) جمع ضرع بفتح أوله كفلس وفلوس وهو لذات الظلف كالثدي للمرأة {تخريجه} (لك فع ق جه هق) (11) {سنده} حدثنا خلف قال ثنا عباد بن عباد قال ثنا الحجاج بن أرطاة عن الطهور (بضم المهملة وفتح الهاء) ذهيل عن أبي هريرة الخ {غريبه} (12) هو بمعنى أرملنا أي فنى زادهم كأنهم نفضوا مزاودهم لخلوها (13) اللحاء بالكسر والمد , والقصر لغة: ما على العود من قشره: ولحوت العود لحوا من باب قال , ولحيته لحيا من باب نفع أي

-[وعيد من اغتصب أو سرق شيئاً من الأرض ولو قيد شبر]- فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذه عسى أن يكون فيها قوت أهل بيت من المسلمين، أتحبون لو أنهم أتوا على ما في أزوادكم (1) فأخذوه، ثم قال إن كنتم لابد فاعلين فاشربوا (2) ولا تحملوا. (باب من اغتصب أو سرق شيئاً من الأرض ولو قيد شبر أو ذراع) (عن أبى مالك الأشعرى) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعظم الغلول (4) عند الله عز وجل يوم القيامة ذراع (5) من أرض يكون بين الرجلين أو بين الشريكين فيقتسمان فيسرق أحدهما من صاحبه ذراعاً من أرض فيطوقه (6) من سبع أرضين (وفى لفظ) إذا فعل ذلك طُوّفه من سبع أرضين (عن أبى مالك الأشجعى) (7) عن النبى صلى الله عليه وسلم (8) قال أعظم الغلول عند الله عز وجل ذراع

_ قشرته , والمعنى أنهم أتوا على إبل مربوطة ضروعها بقشر الشجر (1) أي مزاودكم جمع مزود كمنبر وهو وعاء يعمل من أدم لحفظ زاد المسائر (وقوله فأخذوه) أي أخذوا ما فيه من الزاد , والذي نعرفه أن أزواد جمع زاد لا مزود , ولعله لغة فيه والله أعلم (2) أي بقدر الحاجة فقط ولا تحملوا شيئا معكم {تخريجه} أورده الهيثمي وقال رواه ابن ماجه باختصار وفيه الحجاج بن أرطاة وهو ثقة ولكنه مدلس وفيه كلام أهـ (قلت) وفيه أيضا ذهيل الطهوري (بضم الطاء المهملة وفتح الهاء) قال الحافظ في التقريب مجهول {باب} (3) {سنده} حدثنا وكيع عن شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عطاء بن يسار عن أبي مالك الأشعري الخ {غريبه} (4) الغلول بضم المعجمة الخيانة وكل من خان شيئا في خفاء فقد غل , ومنه الخيانة في الغنيمة , وخص يوم القيامة بالذكر لأنه يوم وقوع الجزاء وكشف الغطاء (5) عبر بالذراع على سبيل التمثيل لا التحديد والمراد ذراعه أو أقل أو أكثر كما يفيده حديث (من ظلم قيد شبر من الأرض) وسيأتي في هذا الباب (6) يضم الياء التحتية على البناء للمفعول (وقوله من سبع أرضين) بفتح الراء ويجوز إسكانها , قال الخطابي له وجهان (أحدهما) أنه يكلف نقل ما ظلم منها (يعني حفر ترابها وحمله) في القيامة إلى المحشر ويكون كالطوق في عنقه لا أنه طوق حقيقة (قلت) ويرشد إلى ذلك حديث يعلي بن أمية الآتي (الوجه الثاني) معناه أنه يعاقب بالخسف إلى سبع أرضين أي فتكون كل أرض في تلك الحالة طوقا في عنقه أهـ , قال الحافظ ويحتمل أن يكون المراد بقوله يطوقه يكلف أن يجعله طوقا ولا يستطيع ذلك فيعذب به كما جاء في حق من كذب في منامه كلف أن يعقد شعيرة ويحتمل أن يكون التطويق تطويق الإثم , والمراد به أن الظلم المذكور لازم له في عنقه لزوم الإثم , ومنه قوله تعالى (ألزمناه طائره في عنقه) ويحتمل أن تتنوع هذه الصفات لصاحب هذه المعصية أو تنقسم بين من تلبس بها فيكون بعضهم معذبا ببعض وبعضهم بالبعض الآخر بحسب قوة المفسدة وضعفها , هذا جملة ما ذكره الحافظ من الوجوه في تفسير المسألة والله أعلم {تخريجه} (ش طب) وحسنه الهيثمي والمنذري * (7) {سنده} حدثنا عبد الملك بن عمرو قال ثنا زهير يعني بن محمد عن عبد الله يعني ابن محمد بن عقيل بن عطاء بن يسار عن أبي مالك الأشجعي الخ {غريبه} (8) هكذا في المسند عن أبي مالك الأشجعي عن النبي صلى الله عليه وسلم وترجم له في المسند بهذا اللفظ (حديث أبي مالك الأشجعي عن النبي صلى الله عليه وسلم) وأبو مالك الأشجعي تابعي وعلى هذا فيكون الحديث مرسلا , قال المناوي في فيض القدير قال ابن حجر (يعني العسقلاني) سقط الصحابي أو هو الأشعري فليحرر , كذا رأيته بخطه ثم قال

-[قوله صلى الله عليه وسلم من أخذ شيئاً من الأرض ظلماً خسف به إلى سبع أرضين]- من الأرض تجدون الرجلين جارين في الأرض أو في الدار فيقتطع (1) أحدهما من حظ صاحبه ذراعاً فإذا اقتطعه طوقه من سبع أرضين إلى يوم القيامة (عن ابن مسعود) (2) قال قلت يا رسول الله أي الظلم أعظم؟ قال ذراع من الأرض ينتقصه من حق أخيه (3) فليست حصاة من الأرض أخذها إلا طوقها يوم القيامة إلى قعر الأرض ولا يعلم قعرها إلا الذي خلقها. (عن ابن عمر) (4) عن النبى صلى الله عليه وسلم من أخذ شيئاً من الأرض ظلماً خسف (5) به إلى سبع أرضين (عن يعلى بن مرة الثقيفي) (6) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذنا أرضاً بغير حقها (7) كلف أن يحمل ترابها إلى المحشر (وعنه من طريق ثان) (8* قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيما رجل ظلم شبراً من الأرض كلفه الله عز وجل أن يحفره حتى يبلغ آخر سبع أرضين ثم يطوقه إلى يوم القيامة حتى يقضى بين الناس (عن الأشعث بن قيس) (9) أن رجلاً

_ إسناده حسن أهـ قال المناوي والظاهر من احتمالية الأول: فإن أحمد خرّجه عن أبي مالك الأشعري ثم خرّجه بالإسناد نفسه عن أبي مالك الأشجعي فلعله سقط الصحابي سهوا (1) فيه استعارة لأنه شبه من أخذ من ملك غيره ووصله إلى ملك نفسه بمن اقتطع قطعة من شيء يجري فيه القطع الحقيقي {تخريجه} (ش طب) وحسنه الهيثمي والحافظ * (2) {سنده} حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عبد الله بن لهيعة ثنا عبد الله بن أبي جعفر عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن ابن مسعود الخ {غريبه} (3) أي في الإسلام وإن لم يكن من النسب , وذكر الأخ للغالب فالذمي كذلك , وشمل الحق ملك الرقبة وملك المنفعة (وقوله فليست حصاة من الأرض الخ) فيه إشارة إلى أن ما فوق ذلك أعظم في الإثم وابلغ في الجرم والعقوبة , والقصد بذكر الحصاة وغيرها مزيد من الزجر والتنفير من الغصب ولو لشيء قليل جدا وأنه من الكبائر {تخريجه} أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وإسناد أحمد حسن * (4) {سنده} حدثنا عارم ثنا عبد الله بن المبارك ثنا موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (5) بضم أوله مبني للمغول وتقدم تأويله والكلام عليه في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب {تخريجه} (خ. وغيره) * (6) {سنده} حدثنا إسماعيل بن محمد وهو أبو إبراهيم المعقب ثنا مروان يعني الفزاري ثنا أبو يعقوب عن أبي ثابت قال سمعت يعلي بن مرة الثقفي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {غريبه} (7) يعني اغتصبها ظلما بدون مسوغ شرعي كلف نقل ما ظلم به إلى أرض المحشر قال المناوي في قيض القدير وهو استعارة لأن ترابها لا يعود إلى المحشر لفنائها واضمحلالها بالتبديل , والحشر يقع على أرض بيضاء عفراء كما ورد في بعض الأخبار , وهذا إنشاء معنى دعاء عليه أو إخبار والله أعلم (8) {سنده} حدثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ثنا حسين ابن علي عن زائدة عن الربيع بن عبد الله عن أيمن بن نابل عن يعلي بن مرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ {تخريجه} أورده الهيثمي بطريقيه وقال في الطريق الأولى منه رواه (حم طب) وقال في الطريق الثانية رواه (حم طب) والصغير بنحوه بأسانيد رجال بعضها رحال الصحيح , وقال ثم يطوقه يوم القيامة (9) {سنده} حدثنا عبد الله بن نمير ثنا الحارث بن سلمان ثنا كمردوس عن

-[قصة أروى بنت أويس مع سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل]- من كِندة (1) ورجلاً من حضرموت (2) اختصما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في أرض باليمن فقال الحضرمى يا رسول الله أرضى اغتصبها هذا وأبوه، فقال الكندى يا رسول الله أرضى ورثتها من أبى فقال الخضرمى يا رسول الله استحلفه أنه ما يعلم أنها أرضى وأرض والدى والذى اغتصبها أبوه فتهيأ الكندى لليمن: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لا يقتطع عبد أو رجل بيمينه مالاً إلا لقى الله يوم القيامة وهو أجذم (3) فقال الكندى هى أرضه وأرض والده (عن أبى سلمة بن عبد الرحمن) (4) أنه دخل على عائشة وهو يخاصم في أرض (5) فقالت عائشة يا أبا سلمة اجتنب الأرض (6) فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ظلم قيد (7) شبر من الأرض طُوّقه يوم القيامة من سبع أرضين (فصل منه في قصة أروى بنت أويس مع سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل رضى الله عنه) * (عن طلحة بن عبد الله بن عوف) (8) قال أتتنى أروى بنت أويس في نفر من قريش فيهم عبد الرحمن بن عمرو بن سهل فقالت إن سعيد بن زيد قد انتقص من أرضى إلى أرضه ما ليس له وقد أحببت أن تأتوه فتكلموه: قال فركبنا إليه وهو في أرضه بالعقيق فلما رآنا قال قد عرفت الذي جاء بكم، وسأحدثكم ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ من الأرض ما ليس له طوّفه إلى السابعة من الأرض يوم القيامة، ومن قتل دون ماله (9) فهو شهيد (وفى لفظ) ومن ظلم من الأرض شبرا طوقه من سبع أرضين (وفى لفظ) إلى سبع أرضين * (عن أبى سلمة) (10) قال قال لنا مروان انطلقوا فأصلحوا بين هذين، سعيد بن زيد وأروى بنت أويس (11)، فأتينا سعيد بن زيد فقال أترون أنى قد استنقصت من حقها شيئاً؟ أشهد لسمعت

_ الأشعث بن قيس الخ {غريبه} (1) هو امرئ القيس بن عابس الصحابي وهو غير امرئ القيس بن حجر الشاعر المشهور صاحب المعلقة (2) هو ربيعة بنن عبدان (بكسر أوله وسكون الموحدة) وسيأتي التصريح باسمه واسم خصمه في أبواب الدعاوى والبينات (3) فيه تشديد ووعيد شديد لمن اغتصب مال الغير بيمينه , وفيه منقبة للرجل الكندي حيث رجح عن دعواه خوفا من الله عز وجل , وفيه دلالة على أنها إذا طلبت يمكن العلم وجبت , وعلى أن يستحب للقاضي أن يعظ من رام الحلف {تخريجه} (طس) ورجاله عند الإمام أحمد كلهم ثقات (4) {سنده} حدثنا يونس ثنا أبان عن يحيى عن أبي سلمة بن عبد الرحمن الخ {غريبه} (5) في رواية لمسلم وكان بينه وبين قومه خصومة في أرض (6) أي فلا تغتصب منها شيئا (7) بكسر القاف وسكون الياء التحتية وفتح المهملة أي قدر شبر {تخريجه} (ق هق) ولمسلم والإمام أحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اقتطع شبرا من الأرض بغير حقه طوقه الله يوم القيامة من سبع أرضين * (فصل) (8) {سنده} حدثنا يزيد (يعني ابن هارون) أنبأنا محمد ابن إسحاق عن الزهري عن طلحة بن عبد الله بن عوف الخ {غريبه} (9) يعني وهو يدافع المغتصب عن ماله {تخريجه} (عل خز) بلفظ حديث الباب وأخرجه أيضا (ق هق) مختصرا ومطولا بألفاظ متقاربة (10) {سنده} حدثنا يزيد أخبرنا ابن أبي ذئب عن الحارث ابن عبد الرحمن عن أبي سلمة الخ (أبو سلمة) هو ابن عبد الرحمن بن عوف {غريبه} (11) هذا السياق يدل على أن أروى خاصمت

-[منقبة لسعيد بن زيد وقصة المرأة التي أخذت شاة وطبختها بغير إذن أهلها]- رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ (وفى لفظ من سرق) شبراً من الأرض بغير حقه طُوّفه من سبع أرضين، ومن تولى قوماً بغير إذنهم (1) فعليه لعنة الله، ومن اقتطع مال أخيه بيمينه فلا بارك الله له فيه (باب من أخذ شاة فذبحها وشواها أو طبخها بغير إذن أهلها) * (عن عاصم ابن كليب) (2) عن أبيه أن رجلاً من الأنصار أخبره قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فلما رجعنا لقينا داعى امرأة من قريش فقال يا رسول الله إن فلانة تدعوك ومن معك إلى طعام فانصرف فانصرفنا معه فجلسنا مجالس الغلمان من آبائهم بين أيديهم (3) ثم جيء بالطعام فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ووضع القوم أيديهم ففطن له القوم (4) وهو يلوك لقمة لا يجيزها (5) فرفعوا أيديهم وغفلوا عنا ثم ذكروا فأخذوا بأيدينا فجعل الرجل يضرب اللقمة بيده حتى تسقط ثم أمسكوا بأيدينا (6) ينظرون ما ينصع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلفظها فألقاها فقال أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها: فقامت المرأة فقالت يا رسول الله إنه كان في نفسى أن أجمعك ومن معك على طعام

_ سعيد بن زيد إلى مروان بن أحكم وكان إذ ذاك واليا على المدينة كما في بعض الروايات وكان عنده أبو سلمة وآخرون فقال لهم مروان انطلقوا فأصلحوا بين هذين , وقد جاء ما يؤيد هذا التأويل في صحيح مسلم من حديث هشام بن عروة عن أبيه أن أروى بنت أويس ادعت على سعيد بن زيد أنه أخذ شيئا من أرضها فخاصمته إلى مروان بن الحكم فقال سعيدا ما كنت آخذ من أرضها شيئا بعد الذي سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم , قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ شبرا من الأرض ظلما طوقه إلى سبع أرضين: فقال له مروان فما لك بينة بعد هذا (ولمسلم أيضا) وفي رواية أخرى من طريق عمرو بن محمد أن أباه حدثه عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أن أروى خاصمته في بعض داره فقال دعوها وإياها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ شبرا من الأرض بغير حقه طوقه في سبع أرضين يوم القيامة , اللهم إن كانت كاذبة فاعم بصرها واجعل قبرها في دارها , قال فرأيتها عمياء تلتمس الجُدر تقول أصابتني دعوة سعيد بن زيد فبينما هي تمشي في الدار مرت على بئر في الدار فوقعت فيها فكانت قبرها (1) أي انتسب إليهم كذبا بقرابة أو مصاهرة أو مخالفة أو عتق أو نحو ذلك لكونهم من ذوي الجاه والشرف واليسار ليعتز بهم في الدنيا (وقوله بغير إذنهم) لا مفهوم له وإنما ذكر تأكيدا للتحريم (فعليه لعنة الله) دعاء عليه بالطرد من رحمة الله عز وجل , وهو إخبار بأنه استحق ذلك بفعله هذا {تخريجه} (ق حب ك هق) {باب} (2) {سنده} حدثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو إسحاق عن زائدة عن عاصم بن كليب الخ {غريبه} (3) معناه أن الصحابي راوي الحديث كان إذ ذاك غلاما وكان معه غلامان مثله مع أبائهم إلى هذا الطعام وجلسوا بين أيديهم , ولهذا قال فجلسنا مجالس الغلمان من آبائهم بين أيديهم (4) يعني الكبار من الصحابة , وعند أبي داود فنظر آباؤنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوك لقمة في فمه , أي يمضغها , واللوك إدارة الشيء في الفم (5) أي لا يمكنه ابتلاعها (6) معناه أن الصحابة رضي الله عنهم لما رأوا النبي صلى الله عليه وسلم لا يقدر على ابتلاعها رفعوا أيديهم عن الطعام وغفلوا عن منع الغلمان عنه , ثم تذكروا ذلك فأمسكوا بأيديهم وجعل الرجل منهم يضرب اللقمة التي بيد الغلام حتى تسقط

-[رد المغصوب بعينه إن كان باقياً - وقيمته إن كان من ذوات القيم]- فأرسلت إلى البقيع (1) فلم أجد شاة تباع وكان عامر بن أبى وقاص ابتاع شاة أمس من البقيع فأرسلت إليه أن ابتُغِي لى شاة في البقيع فلم توجد فذُكِر لى أنك اشتريت شاة فأرسل بها إلىّ فلم يجده الرسول ووجد أهله فدفعوها إلى رسولى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أطعموها الأسارى (2) * (عن جابر بن عبد الله) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه مروا بامرأة (4) فذبحت لهم شاة واتخذت لهم طعاماً فلما رجع (5) قالت يا رسول الله إنا اتخذنا لكم طعاماً فادخلوا فكلوا، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكانوا لا يبدون حتى يبتدئ النبى صلى الله عليه وسلم فأخذ النبى صلى الله عليه وسلم لقمة فلم يستطع أن يسيغها، فقال النبى صلى الله عليه وسلم هذه شاة ذبحت بغير إذن أهلها، فقالت المرأة يا نبى الله إنا لا نحتشم (6) من آل سعد بن معاذ ولا يحتشمون منا (7) نأخذ منهم ويأخذون منا. (باب رد المغصوب بعينه إن كان باقياً، وقيمته إن كان من ذوات القيم أورد مثله إن كان من ذوات الأمثال إذا أتلفه الغاصب أو تلف في يده) * (عن سمرة بن جندب) (8) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال على اليد ما أخذت حتى تؤديه ثم نسى الحسن قال لا يضمن (عن عائشة) (9) رضى الله عنها قالت ما رأيت صانعة طعام مثل صفية (10) أهدت إلى النبى صلى الله عليه وسلم إناءاً فيه طعام

_ ثم أمسكوا بأيدي الصغار خشية أن تمتد إلى الطعام (1) اسم مكان متسع كانت فيه سوق أهل المدينة وهو غير بقيع الغرقد (2) أي لأنها في حكم المغصوب وما كان كذلك فالأول أن يتصدق به ولا يأكله وإن كانت المرأة ضامنة المثل: لكن الرجل كان غائبا فرأى من المصلحة أن يطعمها أن يطعمها الأسارى ثم تضمن لصاحبها والله أعلم {تخريجه} (د هق قط) وزاد البيهقي والدارقطني بعد قوله صلى الله عليه وسلم أجد لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها (فقالت يا رسول الله أخي وأنا من أعز الناس عليه ولو كان خيرا منهما لم يغبر عليّ) أي لم يطالبني (وعليّ أن أرضيه بأفضل منها فأبى أن يأكل منها وأمر بالطعام للأسارى) وسنده حسن وجهالة الصحابي لا تضر (3) {سنده} حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد عن حميد عن أبي المتوكل عن جابر الخ {غريبه} (4) الظاهر أن أنهم مروا بها وهم يشيعون الجنازة المذكورة في الحديث السابق (5) أي مع أصحابه من دفن الميت دعتهم بنفسها إلى الطعام: لكن في الحديث السابق أن رسولها هو الذي دعاهم ولا منافاة لأنه يجوز أنها أرسلت إليهم وقت مرورهم بالجنازة أولا ثم دعتهم بنفسها عند رجوعهم والله أعلم (6) أي لا تستحي والحشمة الاستحياء وهو يتحشم المحارم أي يتوقاها (7) ظاهر هذا السياق أن الشاة كانت لآل سعد بن معاذ , وظاهر سياق الحديث السابق أنها كانت لعامر ابن أبي وقاص , ويمكن الجمع بين الروايتين باحتمال أن امرأة عامر كانت من آل سعد بن معاذ والله أعلم {تخريجه} أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح , قال وروى النسائي بعضه {باب} (8) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الثاني من كتاب الوديعة والعارية وإنما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة فارجع إليه هناك (9) {سنده} حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن فليت (بالتصغير) حدثني جسرة عن عائشة الخ {غريبه} (10) تعني بنت حيي زوج النبي صلى الله عليه وسلم: والمعنى أنها تمدح صفية وتعجب من حسن صنعها الطعام: وفيه الاعتراف بمزايا

-[ماذا يستحق من زرع في أرض قوم بغير إذنهم؟]- (وهو عندي) (1) فما ملكت نفسى أن كسرته (2) (قالت فنظر إلىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفت الغضب في وجهه فقلت أعوذ برسول الله أن بلغني اليوم) (3) فقلت يا رسول الله ما كفارته؟ فقال إناء بإناء وطعام بطعام (باب من زرع في أرض قوم بغير إذنهم ومن أخذ شيئاً من الثمر أو الزرع بغير إذن أهله) * (عن رافع بن خديج) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من زرع في أرض قوم بغير إذنهم فليس له من الزرع شئ (5) وترد عليه نفقته (6) * (ز. عن عبادة بن الصامت) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أنه ليس لعرق ظالم (8) حق * (عن عمير مولى آبى اللحم) (9) قال أقبلت مع سادتى نريد الهجرة حتى أن دنونا من المدينة قال فدخلوا

_ الغير وإن كان منافسا له (1) لفظ (وهو عندي) زائد من رواية لها ستأتي الإشارة إليها ولذا جعلته بين قوسين (2) تريد أن شدة الغيرة تغلبت عليها (3) هذه الجملة التي بين قوسين جاءت في حديث آخر لعائشة أيضا سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب معاشرته صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مع زوجاته من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى {تخريجه} (د نس هق) وحسن الحافظ إسناده * (4) {سنده} حدثنا أسود بن عامر والخزاعي قال ثنا شريك عن أبي إسحاق عن عطاء عن رافع ابن خديج الخ {غريبه} (5) يعني ما حصل من الزرع يكون لصاحب الأرض ولا يكون لصاحب البذر إلا بذره (وترد عليه نفقته) أي على الغاصب ما أنفقه على الزرع من المؤنة في الحرث والسقي وقيمة البذر وغير ذلك (6) جاء في الأصل بعد قوله نفقته (قال الخزاعي ما أنفقه وليس له من الزرع شيء) والخزاعي هو أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث , والمعنى أنه قال في روايته (ما أنفقه) بدل (نفقته) والمعنى واحد والخلاف في اللفظ فقط {تخريجه} (د مذ جه هق طب طل عل ش) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث أبي إسحاق إلا من هذا الوجه من حديث شريك بن عبد الله , قال وسألت محمد بن إسماعيل (يعني البخاري) عن هذا الحديث فقال هو حديث حسن * (ز) (7) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وتخريجه في باب جامع في أقضية حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الأقضية والأحكام إن شاء الله تعالى {غريبه} (8) رواية الأكثر بتنوين عرق , وظالم نعت له , قال في النهاية هو أن يجئ الرجل إلى أرض قد أحياها رجل قبله فيغرس فيها غرسا غصبا ليستوجب به الأرض: والرواية لعرق بالتنوين وهو على حذف المضاف أي لذي عرق ظالم فجعل العرق نفسه ظالما والحق لصاحبه , أو يكون الظالم من صفة صاحب اعرق , وإن روى عرق ظالم فجعل العرق نفسه ظالما والحق لصاحبه , أو يكون الظالم من صفة صاحب العرق , وإن روى عرق بالإضافة فيكون الظالم صاحب العرق والحق للعرق وهو أحد عروق الشجرة أهـ (قلت) بالغ الخطابي فغلط رواية الإضافة , وقال ربيعة العرق الظالم يكون ظاهرا أو يكون باطنا فالباطن ما احتفره الرجل من الآبار واستخرجه من المعادن , والظاهر ما بناه أو غرسه , وقال غيره العرق الظالم من غرس أو زرع أو بنى أو حفر في أرض غيره بغير حق ولا شبهة والله أعلم * (9) {سنده} حدثنا ربعي بن إبراهيم ثنا عبد الرحمن يعني ابن إسحاق حدثني أبي عن عمه , وعن أبي بكر بن زيد بن المهاجر أنهما سمعا عميرا مولى آبى اللحم قال أقبلت مع سادتي الخ (قلت (آبى اللحم) بمد الهمزة مختلف في اسمه , ولقب بذل لأنه كان لا يأكل مما ذبح للأصنام غفاري صحابي , وعنه مولاه عمير استشهد يوم

-[ما حكم من قطع عذقاً أو أكثر من نخل غيره أو رمى النخل ليأكل من ثمره؟]- المدينة وخلفوني في ظهرهم، قال فأصابنى مجاعة شديدة قال فمر بى بعض من يخرج إلى المدينة فقالوا لى لو دخلت المدينة فأصبت من ثمر حوائطها (1) فدخلت حائطاً فقطعت منه قنوين (2) فأتانى صاحب الحائط فأتى بى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبره وعلىّ ثوبان فقال لى أيهما أفضل؟ فأشرت له إلى أحدهما فقال خذه وأعطى صاحب الحائط الآخر وخلى سبيلى (3) * (حدّثنا معتمر) (4) قال سمعت ابن أبى الحكم الغفارى يقول حدثتنى جدتى عن عم أبى رافع بن عمرو الغفارى قال كنت وأنا غلام أرمى نخلاً للأنصار فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فقيل إن هاهنا غلاماً يرمى نخلنا فأتى بى إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا غلام لم ترمى النخل؟ قال قلت آكل قال فلا ترمى النخل وكل ما يسقط في أسافلها (5) ثم مسح رأسى وقال اللهم أشبع بطنه (باب ما جاء في جناية البهائم) (ز) (عن عبادة بن الصامت) (6) قال إن من قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المعدن (7) جبار والبتر (8)

_ حنين سنة ثمان {غريبه} (1) جمع حائط المراد هنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجدار (2) تثنية قنو بكسر القاف وهو العذق بما فيه من الرطب وجمعه أقناه (3) الظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم ما أخذ منه الثوب وأعطاه لصاحب الحائط إلا لكونه أخذ أكثر من كفايته , لأنه مهما اشتد به الجوع لا يأكل أكثر من قنو واحد: فالثوب في نظر القنو الثاني الزائد عن حاجته والله أعلم {تخريجه} (طب) وفي إسناده أبو بكر بن المهاجر: ذكره ابن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا , وبقية رجاله ثقات (4) {حدثنا معتمر الخ} هذا السند بلفظه عند أبي داود من طريق معتمر بن سليمان أيضا وكذلك عند ابن ماجه إلا أن عنده حدثتني جدتي عن عم أبيها رافع بن عمرة الغفاري الخ وفيه إبهام عند الجميع: لكن رواه الترمذي من غير هذا الطريق بدون إبهام فقال , حدثنا أبو عمار الحسين بن حريث الخزاعي ثنا الفضل ابن موسى عن صالح بن أبي جبير عن أبيه عن رافع بن عمرو قال كنت أرمي نخل الأنصار فأخذوني فذهبوا بي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رافع لم ترمي نخلهم؟ قال قلت يا رسول الله الجوع , قال لا ترم وكل ما وقع , أشبعك الله وأرواك , {غريبه} (5) أذن له النبي بالأكل مما سقط ولم يأذن له بالرمي لأن العادة جارية بمسامحة الساقط لا سيما للصغار المائلين إلى الثمار , وقال المظهر إنما أجاز له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأكل مما سقط للاضطرار , وإلا لم يجز له أن يأكل مما سقط أيضا لأنه مال الغير {تخريجه} (د مذ جه) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب صحيح {باب} * (ز) (6) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله وتخريجه في باب جامع في قضايا حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الأقضية والأحكام {غريبه} (7) بفتح الميم وكسر الدال المهملة يطلق على المنبت أي المكان الذي يستخرج منه جواهر الأرض كالماس والذهب والفضة والحديد والنحاس ونحو ذلك , وعلى الشيء المستخرج والمراد هنا الأول (وقوله جبار) بضم الجيم وتخفيف الموحدة أي هدر لا يغرم كما فسر في الحديث والمعنى أنه إذا استأجر إنسانا لاستخراج معدن من الأرض فانهارت عليه فلا ضمان عليه (8) البئر بهمزة ويبدل (جبار) أي هدر كما تقدم وهو على حذف مضاف أي تلف البئر جبار ومعنى

-[ما جاء في جنابة البهائم ومن الضامن لما أفسدته]- جبار والعجماء (2) وجُرحها جُبار، والعجماء البهيمة من الأنعام وغيرها (2) والجبار هو الهدر الذي لا يغرم * (عن البراء بن عازب) (3) أنه كانت له ناقة ضارية (4) فدخلت حائطاً فأفسدت فيه (5) فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن حفظ الحوائط بالبهار على أهلها، وأن حفظ الماشية بالليل على أهلها وأن ما أصابت الماشية بالليل فهو على أهلها (6) * (عن حرام بن محيِّصة) (7) عن أبيه أن ناقة للبراء دخلت حائطاً فأفسدت فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل الأموال حفظها بالنهار وعلى أهل المواشى حفظها بالليل (باب دفع الصائل وإن أدى إلى قتله وأن المصول عليه يقتل شهيداً) * (عن قهيد بن مطرف) (8) الغفارى قال سأل سائل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن عدا علىّ عاد (9) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره (10) وأمّره بتذكيره ثلاث مرات (وفي لفظ

_ ذلك أن يحفرها إنسان في ملكه أو في موات فيتردى فيها إنسان أو تنهار على من استأجره لحفرها فيخلك فلا ضمان عليه: أما إذا حفرها في الجادة أي الطريق أو في ملك غيره فسيق فيها حيوان أو إنسان فتردى وجب الضمان (1) العجماء البهيمة من الأنعام كما فسرت في الحديث وهي الإبل والبقر والغنم وسميت عجماء لأنها لا تتكلم وكل ما لا يقدر على الكلام فهو أعجم (وقوله وجرحها جبار) ليس الحكم مختصا بالجرح بل هو مثال نبه به على غيره فالمراد أنها إذا انفلتت وصدمت إنسانا فأتلفته أو أتلفت مالا فلا غرم على المالك إذا حصل ذلك نهارا ولم يكن معها قائد ولا سائق , فإن كان معها أحد فهو ضامن , أما إذا حصل ليلا فصاحبها ضامن ولو لم يكن معها أحد لأنه قصر في ربطها , إذ العادة أن تربط الدواب ليلا وتسرح نهارا (2) أي كالخيل والبغال والحمير , وهذا الحديث له شاهد من حديث أبي هريرة رواه الشيخان والإمام أحمد والأربعة وتقدم في باب ما جاء في الركاز والمعدن رم 68 صحيفة 25 من كتاب الزكاة في الجزء التاسع فارجع إليه إن شئت * (3) {سنده} حدثنا محمد بن مصعب ثنا الأوزاعي عن الزهري عن حرام بن محيصة عن البراء بن عازب الخ {غريبه} (4) بوزن جارية المواشي الضارية هي المعتادة لرعي زروع الناس (والحائط) تقدم تفسيره مرارا وهو البستان من النخيل والزرع إذا كان عليه حائط وهو الجدار (5) أي أتلفت شيئا من النخيل أو الزرع الذي فيه (6) المعنى أنه إذا حصل تلف من الماشية بالنهار فالتقصير منن صاحب الحائط فلا ضمان , وإن حصل تلف منها بالليل فالتقصير من صاحبها فعليه الضمان وبه قال الجمهور {تخريجه} (د جه) وسنده جيد * (7) {سنده} حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن حرام بن محيصة عن أبيه الخ (حرام) بفتح الحاء والراء المهملتين هو ابن سعد وينسب إلى جده (محيصة) بضم الميم وفتح الحاء المهملة وتشديد الياء التحتية مكسورة , قال البغوي في الإكمال وابن الأثير في جامع الأصول حرام بن سعد بن محيصة تابعي روى عن أبيه والبراء بن عازب وعنه الزهري وقال ابن سعد ثقة توفي سنة ثلاث عشرة ومائة {تخريجه} (د نس جه قط حب هق) والإمامان وصححه ابن حبان: قال الشافعي أخذنا به لثبوته واتصاله ومعرفة رجاله * {باب} (8) {سنده} حدثنا يعقوب ثنا عبد العزيز بن المطلب المخزومي عن أخيه الحكم بن المطلب عن أبيه عن قهيد الخ (قهيد) يضم القاف وفتح الهاء مصغرا (ومطرف) بضم أوله وفتح ثانيه ثم راء مشددة مكسورة {غريبه} (9) العادي الظالم وقد عدا يعدو عليه عدوانا , وأصله من تجاوز الحد في الشيء , والمعنى يريد أخذ مالي أو قتلي أو هتك بيتي (10) أي ذكره بأن هذا التعدي حرام وخوّفه من عقاب الله (وفي اللفظ)

-[ما جاء في دفع المعتدى بالتى هى احسن فان لم يرجع فليقاتل وان أدى الى قتله]- فأمره أن ينهاه ثلاث مرات) فان أبى فقاتله فان قتلك فانك فى الجنة (1) وإن قتلته فانه فى النار (2) (عن أبى هريرة) (3) قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن عدى (4) على مالى؟ قال قال فانشد الله (5)، قال فان أبوا علىّ؟ قال أنشد الله، قال فان أبوا علىّ؟ قال فانشد الله قال فان أبوا علىّ؟ قال فقاتل (6) فان قتلت ففى الجنة، وإن قتلت ففى النار. {عن قابوس بن المخارق} (7) عن أبيه قال أتى رجل النبى صلى الله عليه وسلم فقال أن أتأنى رجل يأخذ مالى؟ قال تذكره باللع تعالى، قال أرأيت أن ذكرته بالله فلم ينته (قال تستعين عليه بالسلطان، قال أرأيت ان كان السلطان منى نائيًا قال تستعين عليه بالمسلمين، قال أرأيت ان لم يحضرنى أحد من المسلمين وعجل علىّ؟ قال فقاتل حتى تحوز مالك أو تقتل فتكون فى شهداء الآخرة (8). (من زيد بن على بن الحسين) (9) عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل دون (10) ماله فهو شهيد (عن ابن عباس) (11) عن النبى صلى الله عليه وسلم من قتل دون مظلمة فهو شهيد (كتاب الشفعة).

_ الآخر) فأمره أن ينهاه يعنى عن هذا الفعل الذميم الذى يعاقب الله فاعله عقابًا صارمًا (1) أى لأنه مات مظلومًا ولحديث (مر قتل دون ماله فهو شهيد) وسيأتى (2) أى لأنه تعدى حدود الله وظلم وعصى الله عز وجل والله تعالى يقول {ومن يعص الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها} (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه (حم طب بز) ورجالهم ثقات. (3) (سنده) حدّثنا يونس ثنا ليث عن يزيد يعنى ابن الهاد عن عمرو بن قهيد بن مطرف الغفارى عن أبى هريرة الخ (غريبه) (4) مبنى للمفعول أى إن تعدى قوم على مالى (5) أى أقسم عليهم بالله أن يكفوا عنك ويتركوك (6) أمره النبى صلى الله عليه وسلم بالمقاتلة بعد ان يناشدهم الله ثلاثًا، وفيه ان الدفاع عن المال واجب (وقوله فان قتلت) بضم اوله وكسر ثانيه (وان قتلت) بفتح أوله وثانيه (تخريجه) (م. وغيره). (7) (سنده) حدّثنا حسين بن محمد ثنا سليمان بن قرم عن سماك عن قابوس بن المخارق الخ (غريبه) (8) شهداء الآخرة هم الذين لهم حكم الشهداء فى ثوب الآخرة دون أحكام الدنيا كالمطعون والمبطون ومن قتل دون ماله، وتقدم تفصيل ذلك فى باب جامع الشهداء ص 34 من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر فارجع إليه (تخريجه) (نس) واسحاق بن راهويه فى مسنده وابن قانع فى معجم الصحابة وسنده جيدء (9) (سنده) حدّثنا أبو يوسف المؤدب يعقوب جارنا ثنا ابراهيم بن سعد عن عبد العزيز بن المطلب عن عبد الرحمن بن الحارث عن زيد على بن الحسين الخ (غريبه) (10) قال القرطبى دون فى أصلها ظرف مكان بمعنى تحت وتستعمل للخلفية على المجاز، ووجهه أن الذى يقاتل عن ماله غالبًا إنما يجعله خلفه أو تحته ثم يقاتل اهـ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله ثقات اهـ (قلت) وروى الشخيان مثله عن أبى هريرة. (11) (سنده) حدّثنا موسى بن داود قال ثنا ابراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن عباس الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام احمد وقال الهيثمى رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وله شاهد من حديث بن مقرن أورده الحافظ السيوطى فى الجامع الصغير وعزاه للنسائى والضياء المقدسى ورمز له بالصحة، وفى الباب عند الإمام احمد أحاديث أخرى عن عبد الله بن عمرو وسعد بن أبى وقاص وسعيد بن زيد وغيرهم من الصحابة تقدمت فى باب جامع الشهداء وأنواعهم ص 34

-[ما جاء في الشفعة وفى أى شيء تكون ولمن تكون]- (باب الأمر بالشفعة) (1). (عن جابر بن عبد الله) (2) عن النبى صلى الله عليه وسلم أيكم كانت له أرض أو نخل فلا يبيعها (3) حتى يعرضها على شريكه (وعنه من طريق ثان) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان بينه وبين أخيه مزارعة (5) فأراد أن يبيعها فليعرضها على صاحبه فهو أحق بها بالثمن (6) (وعنه أيضًا) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان شريكًا فى ربعة (8) أو نخل فليس له أن يبيع حتى يؤذن (9) شريكه فان رضى أخذ وان كره ترك. (باب فى اى شئ تكون الشفعة ولمن تكون). (عن جابر بن عبد الله) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة فى كل شرك (11) ربعة (12) أو حائط، لا يصلح له أن يبيع حتى يؤذن شريكه (13) فان باع فهو أحق به حتى يؤذنه. (ز) (عن عبادة بن الصامت) (14) قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة بين

_ في الجزء الرابع عشر من كتاب الجهاد (باب) (1) معنى الشفعة فى الشرع انتقال حصة الشريك إلى شريك كانت انتقلت إلى أجنبى بمثل العوض المسمى، ولم يختلف العلماء فى مشروعيتها إلا ما نقل عن أبى بكر الأصم من إنكارها قاله الحافظ. (2) (سنده) حدّثنا سفيان عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (3) هكذا فى الأصل بثبوت الياء التحتية بعد الموحدة على أن لا نافية ولكنها فى معنى النهى، وحمل الجمهور هذا النهى على الكراهة أى يكره بيعه قبل إعلامه شريكه (تخريجه) (جه) وقال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه اسناده صحيح ورجاله ثقات (4) (سنده) حدّثنا الحجاج بن ارطاة عن أبى الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (5) قال فة القاموس المزارعة المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها ويكون البذر من مالكها اهـ وفيه الأمر بعرض المبيع على الشريك قبل بيعه للغير وأن الشفعة تكون فى الزرع أيضًا. وحمل الجمهور الأمر على الندب وخالف آخرون، انظر مذاهب الأئمة فى حكم الشفعة فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 211 و 212 فى الجزء الثانى (6) اى يمثل الثمن الذى يبيعه الأجنبى (تخريجه) (م د ش هق). (7) (سنده) حدّثنا يحيى بن بكير زهير ثنا ابو الزبير عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان شريكًا الخ (غريبه) (8) تأنيث ربع وكلاهما بفتح الراء وسكون الموحدة وهو المنزل الذى يرتبعون فيه اى يقيمون فيه أيام الربيع ثم سمى به الدار والمسكن (9) أى يعلمه بالبيع (تخريجه) (م وغيره) (باب) (10) (سنده) حدّثنا اسماعيل عن ابن جريج عن ابى الزبير عن جابر الخ (غريبه) (11) بكسر المعجمة وسكون الراء من أشركته فى البيع إذا جعلته شريكًا لك (12) بدل من شرك وتقدم ضبطه وتفسيره فى شرح الحديث السابق (والحائط) ها هنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجدار، وهو المعبر عنه فى الحديث السابق بقوله أو نخل (13) أى لا يباح له أن يبيع حصته حتى يؤذن شريكه اى يعلمه ارادة بيعها، قال ابن الملك وفى ذكر الشريك مطلقًا دلالة على ثبوت الشفعة للذمى على المسلم وهو مذهب الجمهور، وقال احمد لا تثبت والحديث حجة عليه اهـ (تخريجه) (م د ش هق). (ز) (14) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بسنده وطوله وشرحه فى باب جامع فى قضايا حكم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كتاب الأقضية والأحكام (تخريجه) (طب) وهو من رواية اسحق عن عبادة ولم يدركه قال الشوكاني

-[قوله صلى الله عليه وسلم جار الدار احق بالدار من غيره]- الشركاء في الأرضين والدور (عن سمرة بن جندب) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جار الدار أحق بالدار من غيره (عن جابر بن عبد الله) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الجار احق بشفعة جاره (3) ينتظر بها وإن كان غائبًا إن كان طريقهما واحدًا (4) (عن الشريد بن سويد الثقفى) (5) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال جار الدار أحق بالدار من غيره (عن الحكم عمن سمع عليًا واين مسعود) (6) يقولان قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجوار (عن عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد) (7) قال قلت يا رسول الله أرض ليس لأحد فيها شرك (8) ولا قسم إلا الجوار، قال الجار أحق بسقبه (9)

_ ويشهد لصحته الأحاديث الواردة فى ثبوت الشفعة فيما هو اعم من الأرض والدار اهـ (قلت) واورده صاحب المنتقى وقال ويحتج بعمومه من أثبتها للشريك فيما تضره القسمة. (1) (سنده) حدّثنا بهز وعفان قالا ثنا همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة الخ (تخريجه) (د هق طب مذ) وقال الترمذى حديث سمرة حسن صحيح اهـ وقد استدل به القائلون بثبوت الشفعة للجار، وأجاب عنه القائلون بعدم الشفعة بالجوار بان المراد بالجار هو الشريك: انظر القول الحسن شرح بدائع المنن ص 211 و 212 فى الجزء الثانى. (2) (سنده) حدّثنا هشيم أنا عبد الملك عن عطاء عن جابر الخ (غريبه) (3) قال البغوى فى شرح السنة هذه اللفظة تستعمل فيمن لا يكون غيره أحق منه والشريك بهذه الصفة أحق من غيره وليس غيره أحق منه اهـ (وقوله ينتظر بها) مبنى للمفعول (وإن كان غائبًا) وفيه دلالة على أن شفعة الغائب لا تبطل وإن تراخى (قال الشوكانى) وظاهره أنه لا يجب عليه السير متى بلغه الطلب أو البعث برسول كما قال مالك، وعنده الهادوية أنه يجب عليه ذلك إذا كان مسافة غيبته ثلاثة أيام فما دونها، وإن كانت المسافة فوق ذلك لم يجب (4) أى طريق الجارين أو الدرين، وفى هذا القيد دلالة على أن الجواز بمجرده لا تثبت به الشفعة بل لابد معه من اتحاد الطريق، ويؤيد هذا الاعتبار قوله فى حديث جابر الآتى فى الباب التالى (فإذا وقعت الحدود وصرّفت الطرق فلا شفعة (تخريجه) (د مذ جه هق مى) وقال الترمذى هذا حديث حسن غريب (قلت) ورجاله ثقات. (5) (سنده) حدّثنا عفان ثنا همام أنا قتادة عن عمرو بن شعيب عن الشريد بن سويد الخ (تخريجه) أخرجه ابن سعد فى الطبقات وسنده جيد. (6) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن منصور عن الحكم عمن سمع عليًا وابن مسعود الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفيه إبهام وإجمال: لأنه لم يسم الرجال الذى سمع من على وابن مسعود، قال البغوى ليس فى هذا الحديث ذكر الشفعة فيحتمل أن يكون المراد به الشفعة، ويحتمل أن يكون أحق بالبر والمعونة اهـ (قلت) ومع هذا فالحديث ضعيف لا يحتج به وفى الباب ما يغنى عنه والله اعلم (7) (سنده) حدّثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب حدثنى عمرو بن الشريد عن أبيه الشريد بن سويد الخ (غريبه) (8) بكسر أوله وسكون ثانيه وكذا (ولا قسم) اى نصيب (9) بفتح السين المهملة والقاف بعدها باء موحدة ويقال، بالصاد بدل السين المهملة، ويجوز فتح القاف وإسكانها وهو القرب والمجاورة، ومعناه الجار أحق بالدار الساقية اى القريبة (ما كان) اى مدة كونه جارًا، ومن لا يقول بشفعة الجار حمل الجار على الشريك فإنه يسمى جارًا، أو يحمل الباء على السببية أى أحق بالبر والمعونة بسبب قرب جاره، قال الحافظ السيوطى سئل الأصمعى عنه فقال لا أفسر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن العرب تزعم ان السقيب اللزيق (تخريجه) (د نس جه طل هق قط

-[قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فى كل ما لم يقسم وكلام العلماء فى ذلك]- ما كان (عن أبى رافع) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجار أحق بصقبه أو بسبقه (2) (باب متى سقط الشفعة). (عن جابر بن عبد الله) (3) قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشفعة فى كل ما لم يقسم (4) فاذا وقعت الحدود (5) وصرّفت الطرق بلا شفعة (كتاب اللقطة) (باب جامع لآداب اللقطة (6) وأحكامها). (عن خالد بن زيد الجهنى) (7) عن أبيه زيد بن خالد أنه سأل النبى صلى الله عليه وسلم أو أن رجلًا (8) سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن ضالة راعى (9)

_ حب) وسنده جيد. (1) (سنده) حدّثنا سفيان عن ابراهيم بن ميسرة عن عمرو بن الشريد عن أبى رافع الخ (غريبه) (2) أو للشك من الراوى يشك هل قال بصقبه بالصاد المهملة أو بسبقه بالسين المهملة بدل الصاد وكلا الأمرين جائز ومعناهما واحد وهو القرب، وتقدم الكلام على ذلك فى الحديث السابق (تخريجه) (خ) مطولًا وفيه قصة ولفظه- عن عمرو بن الشريد- قال وقفت على سعد بن أبى وقاص فجاء المسور بن مخرمة فوضع يده على إحدى منكبى إذ جاء أبو رافع مولى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا سعد ابتع منى بيتىّ فى دارك فقال سعد والله ما ابتاعهما، فقال المسور والله لتبتاعنهيا، فقال سعد والله لا أزيدك على أربعة آلاف منجمة أو مقطعة، قال أبو رافع لقد أعطيت بها خمسمائة دينار ولولا أنى سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول الجار أحق بسبقه ما أعطيتكها باربعة آلاف وأنا أعطى بها خمسمائة دينار فأعطاه إياها (باب). (3) (سنده) حدّثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا معمر عن الزهرى عن أبى سلمة عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (4) ظاهر هذا العموم ثبوت الشفعة فى جميع الأشياء وأنه لا فرق بين الحيوان والجماد والمنقول وغيره، وقد ذهب إلى ذلك جماعة من العلماء ذكرتهم فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 211 فى الجزء الثانى فارجع إليه (5) أى حصلت قسمة الحدود فى البيع وانضحت بالقسمة مواضعها (وصرفت) بضم الصاد وتخفيف الراء المكسورة وقيل بتشديدها أى بينت مصارفها وشوارعها بأن تعددت وحصل لكل نصيب طريق مخصوص وقد استدل به من قال إن الشفعة لا تثبت إلا بالجلطة لا بالجوار (تخريجه) (خ د مذ جه وغيرهم) (باب) (6) اللقطة بضم اللام وفتح القاف ويجوز إسكانها، والمشهور عند المحدثين فتحها، قال الأزهرى وهو الذى سمع من العرب وأجمع عليه أهل اللغة والحديث، ويقال لقاطة بضم اللام، وهى فى اللغة، الشئ الملقوط، وشرعًا ما وجد من حق ضائع محترم غير محرز ولا ممتنع بقوته ولا يعرف الواجد مستحقه. (7) (سنده) حدّثنا عبد الرازق قال ثنا معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبى طالب عن خالد بن زيد الجهنى الخ (غريبه) (8) أو للشك من بعض الرواة هل المسائل زيد أو رجل آخر، وفى الطريق الثانية، جاء اعرابى، وهذه الرواية ترجح أن السائل غير زيد، ورجح الحافظ أنه سويد والد عقبة بن سويد الجهنى لما فى معجم البغوى بسند جيد أنه قال (سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن اللقطة) قال وهو أولى ما فسر به المبهم الذى فى الصحيح لكونه من رهط زيد بن خالد (9) هكذا هذه الرواية عند الإمام أحمد بزيادة لفظ راعى واضافة إليه فى الموضعين وباقى الروايات عنده وعند غيره بدون لفظ راعى وإنما بلفظ ضالة الغنم، ضالة الإبل كما سيأتى وكلاهما صحيح المعنى (فائدة) قال الأزهرى وغيره لا يقع اسم الضالة إلا على الحيوان، يقال ضل الإنسان والبعير وغيرهما من الحيوان

-[ما جاء في اللقطة وضالة الابل والغنم ونحوها]- الغنم؟ قال هي لك أو للذئب (1)، قال يا رسول الله ما تقول فى ضالة راعى الإبل؟ قال ومالك ولها (2)، معها سقاؤها وحذاؤها (3) وتأكل من أطراف الشجر (4)، قال يا رسول ما تقول فى الورق (5) إذا وجدتها؟ قال اعلم وعاءها (6) ووكاءها وعددها (7) ثم عرفها سنة، فان جاء صاحبها فادفعها إليه وإلا فهى لك أو استمتع بها أو نحو هذا (8) (وعنه من طريق ثان) (9) قال جاء إعرابى إلى النبى صلى الله عليه وسلم بلقطة فقال عرفها سنة فذكر نحو ما تقدم (10) (وعنه من طريق ثالث) (11) سئل النبى صلى الله عليه وعلى وآله وصحبه وسلم وعن ضالة الإبل فغضب واحمرت وجنتاه (12) وقال مالك ولها، معها الحذاء والسقاء، ترد الماء وتأكل الشجر حتى تجيئ ربّها، وسئل عن ضالة الغنم فقال خذها فإنما هى لك أو لأخيك (13) أو للذئب،

_ وهي الضوال، وأما الأمتعة وما سوى الحيوان فيقال لها لقطة ولا يقال ضالة (1) معناه الاذن فى أخذها لأنه إن لم يأخذها أخذها الذئب ولا سبيل إلى تركها للذئب فإنه إضاعة مال (2) استفهام إنكارى ومعناه النهى عن أخذها لأنها لا يخشى عليها الضياع ولا الجوع ولا العطش (معها سقاؤها) بكسر المهملة والمد جوفها، ومعناه أنها تقوى على ورود المياه وتشرب فى اليوم الواحد وتملأ كرشها بحيث يكفيها الأيام، أو المراد بالسقاء العنق أى ترد الماء وتشرب من غير ساق يسقيها (3) بكسر المهملة وبالذال المعجمة ممدودة أخفافها لأنها تقوى بها على السير وقطع البلاد الشاسعة (4) أى لا يخشى عليها الجوع لأنها إذا لم تجد كلأ أمكنها الأكل من أطراف الشجر بسهولة لعلوها وطول عنقها، والمراد النهى عن التعرض لها لأن الأخذ إنما هو للحفظ على صاحبها والابل لا تحتاج إلى حفظ لأنها محفوظة بما خلق الله فيها من القوة والمنعة وما يسر لها من الأكل والشرب (5) بكسر الراء الفضة: وفى بعض الروايات بلفظ اللقطة بدل الورق وفى بعضها الذهب والفضة كما فى رواية لمسلم وهو كالمثال وإلا فلا فرق بين ما ذكر وبين الجوهر واللؤلؤ وغير ذلك مما يستمتع به غير الحيوان فى تسميته لقطة واعطائه حكمها (6) بكسر الواو أى الكيس الذى يحفظ النفقة جلدًا كان أو غيره (والوكاء) بكسر الواو وبالهمزة ممدودًا الخيط الذى يشد به الصرة والكيس ونحوهما (7) أى عدد ما فيها من القطع، وفى وجوب هذه المعرفة وندبها قولان أظهرهما الوجوب لظاهر الأمر (وقوله ثم عرفها الخ) بكسر الراء الثقيلة أى اذكرها للناس سنة بمظان طلبها كأبواب المساجد والأسواق ونحوهما بقول من ضاعت له نفقة ونحو ذلك من العبارات ولا يذكر شيئًا من الصفات (8) معناه إن جاءها صاحبها فادفعها إليه وإلا فيجوز لك أن تتملكها بعد التعريف المتقدم (9) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن عن سفيان عن ربيعة بن أبى عبد الرحمن قال حدثنى يزيد مولى المنبعث عن زيد بن خالد الجهنى قال جاء أعرابى إلى النبى صلى الله عليه وسلم الخ (10) أى نحو ما تقدم فى الحديث السابق (11) (سنده) حدّثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن يزيد مولى المنبعث قال يحيى أخبرنى ربيعة أنه قال عن زيد بن خالد فسألت ربيعة فقال أخبرنيه عن زيد بن خالد سئل النبى صلى الله عليه وسلم الخ (12) الوجنة من الانسان ما ارتفع من لحكم خده، وإنما غضب صلى الله عليه وسلم لكونه كره السؤال عن أخذها مع عدم ظهور الحاجة اليه، ومال للغير لا يباح أخذه إلا لحاجة (13) يعنى لأخيك فى الدين: والمراد به ملتقط آخر، فلا معنى لتركها لآخر لا يعرف حاله يلتقطها أو للذئب

-[ما جاء في لقطة الذهب والفضة وما جاء فى معناهما من الأشعة]- وسئل عن اللقطة، (1) فقال اعرف عفاصها (2) ووكاءها ثم عرفها سنة فإن اعرفت (3) وإلا فاخلطها بمالك. (عن عمرو بن شعيب) (4) عن أبيه عن جده قال سمعت رجلًا من مزينه يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يا رسول الله جئت أسألك عن الضالة من الابل؟ قال معها حذاؤها وسقاؤها تأكل الشجر وترد الماء فدعها حتى يأتيها باغيها، قال الضالة من الغنم؟ قال لك أو لأخيك أو للذئب تجمعها حتى يأتيها باغسها، قال الجريسة (5) التى توجد فى مراتعها، قال فيها ثمنها مرتين وضرب نكالٍ، وما أخذ من عطنه ففيه القطع إذا بلغ ثمن المجن قال يا رسول الله فالثمار؟ وما أخذ منها فى أكمامها، قال من أخذ بفمه ولم يتخذ وخبنة فليس عليه شئ، ومن احتمل عليه ثمنه مرتين وضربًا ونكالًا، وما أخذ من أجرانه ففيه القطع إذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن، قال يا رسول الله واللقطة نجدها فى سبيل العامر؟ (6) قال عرفها حولًا فإن وجد باغيها (7) فأدها إليه وإلا فهى لك، (8) قال ما يؤخذ فى الخرب (9) العادىّ قال فيه وفى الركاز (10) الخمس (باب ما جاء لقطة الذهب والفضة وما جاء فى معناهما من الأمتعة) (عن سلمة بن كهيل) (11) قال سمعت سويد بن غفلة قال غزوت مع زيد بن صوحان وسلمان بن ربيعة فوجدت سوطًا فأخذته فقالا لى أطرحه فقلت لا ولكن أعرسفه فإن وجدت من يعرفه وإلا استمتعت به فأبيا

_ يأكلها، والتعبير بالذئب ليس بقيد فالمراد جنس ما يأكل الشاة ويفترسها من السباع، وفى هذه الرواية التصريح بأخذ ضالة الغنم (1) عبر عن الحيوان بالضالة فقال ضالة الابل وضالة الغنم: ومن الأمتعة باللقطه وهذا التعبير يؤيد ما تقدم عن الأزهرى (2) بكسر العين المهملة الكيس الذى يحفظ النفقة جلدًا كان أو غيره (3) مبنى للمجهول أى عرفها صاحبها أو عرف هو: فان لم يعرف لها صاحب بعد التعريف فللملتقط أن يستمع بها وتكون وديعة عنده، فان جاء صاحبها أخذها (تخريجه) (ق لك فع هق. والأربعة) (4) (سنده) حدّثنا يعلى ثنا محمد بن اسحاق عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (5) هذه الجملة وما بعدها إلى قوله- قال يا رسول الله واللقطة نجدها- ستأتى ويأتى شرحها فى الباب الثانى من أبواب القطع فى السرقة من كتاب الحدود ان شاء الله تعالى (6) أى الطريق العامة المسماة بالجادة، وهى الطريق المسلوكة يأتيها عامة الناس (7) أى طالبها وهو صاحبها (وقوله فأدها اليه) أى بعد التحقق من كونها له بمعرفة عددها وصفاتها كما تقدم فى الروايات السابقة (8) أى بعد التعريف حولًا، وهذه الرواية تدل على أن التعريف حول فقط وبه قال الجمهور (9) بفتح المعجمة وكسر الراء ضد العامر والعادىّ بتشديد الياء التحتية أى القديم منسوب الى عاد لقدمه ولم يرد عادًا بعينها (10) بكسر الراء وتخفيف الكاف آخره زاى معجمة من الركز اذا دفنه والمراد الكنز الجاهلى المدفون فى الأرض، وقيل يشمل المعدن أيضًا وانما وجب الخمس لكثرة نفعه وسهولة أخذه وتقدم الكلام على الركاز فى بابه من كتاب الزكاة فى الجزء التاسع صحيفة (تخريجه) (نس مذ جه هق ك) وحسنه الترمذى وصححه الحاكم (11) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سلمة بن كهيل قال سمعت سويد بن غفلة (وقال عبد الله بن الامام احمد) حدثنى عبيد الله بن عمر القواريرى ثنا يحيى بن سعيد عن سعيد عن شعبة حدثنى سلمة بن كهيل قال سمعت سويد بن غفلة الخ (تنبيه) هذا الحديث روى باسنادين كما ترى الأول للامام أحمد والثاني لابنه

-[وجوب تعريف اللقطة ومدة تعريفها]- علي وأبيت عليهما، فلما رجعنا من غزاتنا حججت فأتيت المدينة فلقيت أبىّ بن كعب فذكرت له قولهما وقولى لهما، فقال وجدت صرّة فيها مائة دينار على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك، فقال عرّفها حولًا فلم أجد من يعرفها فقال عرّفها حولًا ثلاث مرات (1) ولا أدرى قال له ذلك فى سنة أو فى ثلاث سنين (2) فقال له فى الرابعة اعرف عددها ووكاءها فان وجدت من يعرفها وإلا فاستمتع بها، وهذا لفظ حديث يحيى بن سعيد وزاد محمد ابن جعفر فى حديثه قال فلقيه (3) بعد ذلك بمكة فقال لا أدرى ثلاثة أحوال أو حولًا واحدًا (وفى لفظ آخر) (4) من طريق حماد بن سلمة عن سلمة بن كهيل قال فعرِّفها عامين أو ثلاثة قال اعرف عددها ووعاءها ووكاءها واستمتع بها، فان جاء صاحبها فعرف (5) عدتها ووكاءها فأعطاه اياه. (ز) (عن أبى بن كعب) (6) قال التقطت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مائة دينار فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عرّفها سنة، فعرفتها سنة، ثم أتيته فقلت قد عرفتها سنة، فقال

_ عبد الله وكلاهما يجتمع فى شعبة (غريبه) (1) ثلاث مرات مفعول لأتيته أى أتيته ثلاث مرات كل مرة يقول عرفها حولًا، وليس مفعولًا لقال كما توهم عبارته، ويؤيد ذلك ما جاء فى رواية لمسلم من هذا الطريق نفسه أن أبيا أتى النبى صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات وفى كل مرة يقول له عرفها حولًا ففعل ثم قال له بعد ذلك احفظ عددها ووكاءها فان جاء صاحبها والا فاستمتع بها، وما جاء فى رواية للامام احمد من طريق ابن نمير عن سفيان عن سلمة بن كهيل ايضًا بمثل رواية مسلم، ويؤيد ذلك أيضًا قوله فى هذه الرواية فقال لى فى الرابعة اعرف عددها الخ فهة رابعة باعتبار مجيئه وثالثه باعتبار التعريف (2) القائل لا أدرى هو سلمة بن كهيل راوى الحديث عن سويد بن غفلة عن أبىّ بن كعب يشك سلمة هل التعريف الذى أراده النبى صلى الله عليه وسلم يكون فى سنة أو فى ثلاث سنين (3) ((القائل فلقيته)) هو شعبة يقول لقيت سلمة بن كهيل بعد ذلك بمكة فقال (أى سلمة) لا أدرى أى هل قال سويد بن غفلة ثلاثة أحوال أو حولًا واحد، وقد أزال هذا الشك ما جاء فى رواية لمسلم (قال شعبة فسمعته بعد عشر سنين يقول عرّفها (بلفظ الماضى) عامًا واحدًا (4) هذا اللفظ جاء عند الامام احمد بإسنادين (أحدهما) قال عبد الله بن الامام حدثنى أبى ثنا بهز ثنا حماد بن سلمة ح (والثانى) من زوائد عبد الله على مسند أبيه، قال عبد الله حدّثنا ابراهيم بن الحجاج الناجى ثنا حماد بن سلمة عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة قال حججت أنا وزيد بن صولجان وسلمان بن ربيعة فذكر الحديث قال فعرَّفتها عامين أو ثلاثة الخ (5) بفتحات وقوله عدتها بكسر أوله وتشديد المهملة أى عددها (قال النووى) قى هذا دلالة لمالك وغيره ممن يقول إذا جاء من وصف اللفطة بصفاتها وجب دفعها إليه بلا بينة، وأصحابنا يقولون لا يجب دفعها إليه إلا ببينة، وبه قال أبو حنيفة وأصحابه رحمهم الله تعالى ويتأولون هذا الحديث على أن المراد أنه إذا صدقه جاز له الدفع إليه ولا يجب، فالأمر يدفعها بمجرد تصديقه ليس للوجوب والله أعلم (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه أعنى رواية شعبة (ق. والأربعة) وأخرج الثانية وهى طريق حماد بن سلمة (م د). (ز) (6) (سنده) قال عبد الله بن الامام احمد حدّثنا احمد بن أيوب بن راشد البصرى ثنا عبد الوارث ثنا محمد بن جحادة عن سلمة بن كهيل عن سويد بن غفلة عن أبى بن كعب الخ (غريبه)

-[وعيد من آوى ضالة ولم يعرّفها - وكلام العلماء فى مدة التعريف]- عرفها سنة أخرى، فعرفتها سنة أخرى (1) ثم أتيته فى الثالثة فقال أحصى عددها ووكاءها واستمتع بها (باب وعيد من آوى ضالة ولم يعرفها). (عن زيد بن خالد الجهنى) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من آوى ضالة (3) فهو ضال مالم يعرفها. (عن منذر بن جرير) (4) عن جرير بن عبد الله البجلى قال كنت مع أبى جرير بالبوازيج (5) فى السواد فراجعت البقر فرأى بقرة أنكرها فقال ما هذه البقرة؟ قال بقرة لحقت بالبقر فأمر بها فطردت حتى توارت، ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يأوى الضالة إلا ضال. (عن الجارود) (6) قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (1) هذه الرواية صريحة فى أنه عرفها سنتين فقط، وفى روايات حديث زيد بن خالد أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بتعريفها سنة: وفى بعض روايات حديث أبىّ أنه صلى الله عليه وسلم أمر بتعريفها ثلاث سنين، وفى رواية سنة واحدة، وفى رواية أن الراوى شك قال لا أدرى قال حول أو ثلاثة أحوال، وفى رواية عامين أو ثلاثة (قال القاضى عياض) قيل فى الجمع بين الروايات قولان (أحدهما) أن يطرح الشك والزيادة ويكون المراد سنة فى رواية الشك، وترد الزيادة لمخالفتها باقى الأحاديث (والثانى) أنهما قضيتان: فرواية زيد فى التعريف سنة محمولة على أقل ما يجزئ، ورواية أبىّ بن كعب فى التعريف ثلاث سنين محمولة على الورع وزيادة الفضيلة، قال وقد أجمع العلماء بالاكتفاء بتعريف سنة، ولم يشترط أحد تعريف ثلاثة أعوام الأماروى عن عمر بن الخطاب ولعله لم يثبت عنه (تخريجه) لم أقف على من أخرجه بهذا اللفظ غير عبد الله بن الامام احمد فى زوائده على مسند أبيه وسنده جيد (باب) (2) حدّثنا يحيى بن اسحاق أنبأنا ابن لهيعة عن بكر بن سوادة قال عبد الله قال أبى وثنا سريج هو ابن النعمان قال ثنا ابن وهب عن عمرو ابن الحارث عن بكر بن سوادة عن أبى سالم الجيشانى عن زيد بن خالد الجهنى الخ (غريبه) (3) أى من ضم إلى ماله ما ضل من البهيمة فهو ضال أى مائل عن الحق آثم: وهذا لمن أخذها ليتملكها كما يشعر به قيد مالم يعرّفها، قال ابن الملك معنى التعريف التشهير وطلب صاحبها، وأدناه أن يشهد عند الأخذ ويقول آخذها لأرد، قال شمس الأئمة الحلوانى فان فعل ذلك ولم يعرفها بعد كفى اهـ (تخريجه) (م هق) (4) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن أبى حيان قال حدثنى الضحاك خال المنذر بن جرير عن منذر ابن جرير عن جرير الخ (غريبه) (5) على وزن المصابيح، وجاء فى المسند براء وكذلك فى سنن البيهقى لكنه جاء فى سنن أبى داود بزاى بدل الراء وهو الصواب، قال السمعانى فى إنسابه تحت عنوان (البوازيجي) هذه النسبة إلى البوازيج وهى بلدة قديمة على دجلة، وورد ذكرها فى حديث جرير بن عبد الله البجلى اهـ (وقوله فى السواد) السواد قرى العراق وضياعها التى افتتحها المسلمون على عهد عمر رضى الله عنه سمى بذلك لسواده بالزروع والنخيل والأشجار لأنه حين تاخم جزيرة العرب التى لا زرع فيها ولا شجر كانوا إذا خرجوا من أرضهم ظهرت لهم خضرة الزرع والأشجار فيسمونه سوادًا كما إذا رأيت شيئًا من بعد قلت ما ذلك السواد وهم يسمون الأخضر سوادًا والسواد أخضر (تخريجه) (د نس جه هق على طب) وفيه ذم شديد لمن يأوى الضالة وسكت عنه أبر داود والمنذرى، ويؤيده الحديث الذى قبله. (6) حدّثنا اسماعيل أنا سعيد الجريرى عن أبى العلاء بن الشخير عن مطرف قال حدثيان بلغانى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عرفت أنى صدقتها لا أدرى أيهما صاحبه: ثنا أبو مسلم

-[الأمر بإنشاد الضالة ووعيد من كتمها أو غيبها]- في بعض أسفاره وفى الظهر (1) قلة اذ تذاكر القوم الظهر فقلت يا رسول الله قد علمت ما يكفينا من الظهر، فقال وما يكفينا؟ قلت ذود (2) ناتى عليهن فى جرفٍ (3) فنستمتع بظهورهن، قال لا: ضالة المسلم حرق (4) النار فلا تقر بنّها. ضالة المسلم حرق النار فلا تقربنها، ضالة المسلم حرق النار فلا تقربنها، وقال فى اللقطة (5) الضالة تجدها فانشدنها (6) ولا تكتم ولا تغيب فان عرفت (7) فأدّها والا فمال الله يؤتيه من يشاء (وعنه أيضًا) (8) أنه سأل النيى صلى الله عليه وسلم عن الضوال فقال ضالة المسلم حرق النار. (عن مطرف عن أبيه) (9) أن رجلًا قال يا رسول الله هو امى (10) الابل نصيبها؟ قال ضالة المؤمن حرق النار. (عن على رضى الله عنه) (11) قال كان للمغيرة بن شعبة رمح فكنا اذا خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزاة خرج به معه فيركزه (12) فيمر الناس عليه فيحملونه، فقلت لئن أتيت النبى صلى الله عليه وسلم لأخبرنه فقال (13) انك ان فعلت لم ترفع ضالة

_ الجذمي جذيمة عبد القيس ثنا الجارود الخ (قلت) قال التبريزى فى الاكمال الجارود بن المعلى العبدى اسمه بشر بن عمرو والجارود لقبه فى قول: وفيه خلاف كثير قدم على النبى صلى الله عليه وسلم سنة تسع فأسلم مع وفد عبد القيس اهـ (غريبه) (1) الظهر الابل التى يحمل عليها وتركب وجمعها ظهران بالضم (2) الذود من الابل ما بين الثنتين إلى التسع وقيل ما بين الثلاث إلى العشر ذود، وهى مؤنثة لا واحد لها من لفظها كالنعم، والجمع اذواد، وقال أبو عبيد الذود من الاناث دون الذكور (3) بضم الجيم وسكون الراء اسم موضع قريب من المدينة (4) بالتحريك لهيها وقد يسكن، والمعنى أن ضالة المسلم إذا أخذها إنسان ليتملكها أدنه لإلى النار (5) هذا أول الحديث الذى أشار إليه مطرف فى السند (6) بضم المعجمة وفتح المهملة وتشديد النون مفتوحة أى عرّفها (ولا تكتيم) ألا يجوز كتم اللقطة إذا جاء صاحبها (ولا تغيّب) أى لا تغيبها مبالغة فى الكتمان (7) بضم أوله مبنى للمجهول أى عرفها صاحبها فادفعها إليه وإلا فانتفع بها كالوديعة تؤدى لصاحبها وقت الطلب (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) بأسانيد رجال بعضها رجال الصحيح. (8) (سنده) حدّثنا سليمان بن داود ثنا المثنى بن سعيد عن قتادة عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن أبى مسلم الجذمى عن الجارود بن معلى العبدى أنه سأل النبى صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (مى) والطيالسى وأورده الحافظ السيوطى فى الجامع الصغير وعزاه للامام (حم مذ نس حب) ورمز له بالصحة (9) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد قال ثنا حميد يعنى الطويل ثنا الحسن عن مطرف عن أبيه ان رجلًا قال الخ. (قلت) مطرف بضم أوله وفتح الطاء المهملة وتشديد الراء المكسورة (وأبوه) هو عبد الله بن الشخير بكسر المعجمتين الثانية مشددة صحابى ذكره الحافظ فى الاصابة (10) جمع هائمه وهو الابل الشائدة الهائمة على وجهها لا تدرى أين تتوجه (تخريجه) (جه هق) قال البوصيرى فى زوائد بن ماجه إسناده صحيح ورجاله ثقات. (11) (سنده) حدّثنا أبو أحمد ثنا سفيان عن أبى اسحاق عن أبى الخليل عن على الخ (غريبه) (12) بضم الكاف من باب قتل أى يثبته بالأرض عمدًا ثم يتركه (13) أى النبى صلى الله عليه وسلم للمغيرة بعد أن ذكر له علىّ أمره (إنك ان فعلت) أى ركزته عمدًا (لم ترفع) بالبناء للمفعول (ضالة) بالنصب حال: والمعنى لا تفعل ذذلك عمدًا فإنك ان تعودت هذا الفعل تركها الناس: لأن المقصود من رفع الضالة هو حفظها لمن فقدها لا لمن تعمد تركها، فلو قدر أنك

-[الإشهاد على اللقطة ومدة التعريف على اليسير والكثير وكلام العلماء فى ذلك]- (باب الإشهاد على اللقطة ومدة التعريف على اليسير والكثير منها). (عن عياض بن حمار) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجد لقطة فليشهد ذوى عدل (2) وليحفظ عفاصها ووكاءها (3) فان جاء صاحبها فلا يكتم (4) وهو أحق بها، وان لم يجى صاحبها فلنه مال الله يؤتيه من يشاء (5) (عن يعلى بن مرة) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من التقط لقطة يسيرة درهمًا أو حبلًا أو شبه ذلك فليعرفه ثلاثة أيام فان كان فوق ذلك فليعرفه سنة (7) (باب ما جاء فى لقطة مكة). (عن أبى هريرة) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى خطبة خطبها في فضل

_ تركتها نسيانًا لا يعرفها أحد لفهمه أنك تركتها عمدًا، وإن رفعها لا يوصلها إليك بزعمه أنك تركتها عمدّا استغناءًا عنها والله اعلم (تخريجه) (جه) قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه فى اسناده أبو الخليل وهو عبد الله بن أبى الخليل ذكره ابن حيان فى الثقات، وقال البخارى لا يتابع عليه ابو اسحاق مدلس وقد اختلط بآخر عمره اهـ (باب). (1) (سنده) حدّثنا هشيم أنا خالد عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن أخيه مطرف ابن عبد الله بن الشخير عن عياض بن حمار الخ (قلت) حمار بكسر الحاء المهملة وميم مفتوحة مخففة وبعد الألف راء سمى والده باسم الحيوان الناهق وهو صحابى معروف (غريبه) (2) أى رجلين عدلين وهو أمر ظاهره الوجوب، وللعلماء خلاف فى ذلك، والحكمة فيه دفع طمع النفس وأن لا يعد من تركته على تقدير موت الفجأة وأن لا يدعى صاحبها الزيادة عن حقه (وجاء فى رواية أخرى) للامام احمد وابى داود (ذا عدل أو ذوى عدل) بالشك وإلى رواية عدل واحد ذهب ابن حزم وإلى رواية عدلين ذهب أبو حنيفة وأفاد هذا الحديث زيادة وجوب الاشهاد بعدلين على التقاطها ولا ينافى عدم ذكره فى غيره من الأحاديث (3) تقدم الكلام على الوكاء والعفاص (4) زاد فى رواية اخرى ولا يغيّب أى لا يجوز له كتم اللقطة ولا تغيبها مبالغة فى الكتمان: وتقدم الكلام على ذلك فى الباب السابق (5) جاء فى الأصل بعد هذه الجملة، قال أبو عبد الله فى الأصل بعد هذه الجملة، قال أبو عبد الرحمن يعنى عبد الله بن الامام أحمد قلت لأبى إن قومًا يقولون عقاصها (يعنى بالقاف) ويقولون عفاصها (يعنى بالفاء) قال عفاصها بالفاء اهـ (تخريجه) (د نس جه هق طب حب) واسحاق فى مسنده وصححه ابن حبان ورواه أيضًا ابن الجارود وابن خزيمة وصححاه (6) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنا اسرائيل بن يونس حدثنى عمر بن عبد الله بن يعلى عن جدته حكيمة عن أبيها يعلى قال يزيد فيما يروى يعلى بن مرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من التقط لقطة الخ (غريبه) (7) هكذا جاء فى المسند (فإن كان فوق ذلك فليعرفه سنة) ومعناه أن ما زاد عن الحبل والدرهم ونحوهما يعرف سنة مهما بلغت الزيادة: لكن جاء فى سنن البيهقى والمحلى لابن حزم والطبرانى بلفظ فإن كان فوق ذلك فليعرفه ستة أيام، وأغرب من ذلك أن الحافظ أورده فى التلخيص والهيثمى فى مجمع الزوائد بلفظ ستة أيام وعزباء للامام أحمد ولم يقل أحد فيما أعلم بأن مدة التعريف ستة أيام لا فى قليل ولا فى كثير فالله اعلم: على أن هذا الحديث ضعيف كما سيأتى فى التخريج (تخريجه) (طب هق) وفى اسناده عمر بن عبد الله ابن يعلى ضعيف ضعفه ابن معين والنسائى وأبو حاتم (باب). (8) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بسنده وطوله وتخريجه فى باب فضل مكة من كتاب الفضائل إن شاء الله تعالى

-[ما جاء في لقطة مكة المكرمة والحرم - والحث على الهدية]- مكة يوم فتحها لا يعضد (1) شجرها ولا ينفّر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد (2) (عن ابن عباس) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى فضل مكة إن هذا البلد حرام فذكر الحديث وفيه ولا ينفر صيده ولا تلتقط لقطته إلا لمعرّف (عن عبد الرحمن بن عثمان) (4) التيمى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم نهى عن لقطة الحاج) (5) (كتاب الهبة (6) والهدية) (باب الحدث على الهدية واستحباب قبولها وفضل المهدى). (عن أبى هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تهادوا فان الهدية تذهب وغر (8) الصدر. (عن عائشة رضى الله عنها) (9) أنها سألت النبي

_ (1) بضم أوله وسكون المهملة وفتح الضاد المعجمة أى لا يقطع شجرها. وهذا النهى للتحريم أى يحرم ذلك كما يحرم تنفير صيدها (2) المنشد هو المعرف (بضم الميم وفتح المهملة وتشديد الراء المكسورة) وأما طالبها فيقال له ناشد، وأصل النشد والإنشاد رفع الصوت، ومعنى الحديث لا تحل لقطتها لمن يريد أن يعرّفها عامًا ثم يتملكها كما فى باقى البلاد: بل لا تحل إلا لمن يعرّفها أبدًا ولا يتملكها، قاله النووى (تخريجه) (ق هق وغيرهم). (3) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بسنده وطوله فى بابا فضل مكة من كتاب الفضال المشار إليه فى شرح الحديث السابق (تخريجه) (م هق وغيرهما) (4) (سنده) حدّثنا سريج وهارون قالا ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب بن عبد الرحمن بن عثمان التيمى الخ. وفى آخر الحديث قال عبد الله (يعنى ابن الإمام أحمد) وسمعته أنا من هارون (غريبه) (5) قال القاضى عياض يحتمل أن المراد النهى عن أخذ لقطتهم فى الحرم، وفى خبر آخر ما يدل عليه، ويحتمل أن المراد النهى عن أخذها مطلقًا لنترك مكانها وتعرَّف بالنداء عليها لأنه أقرب طريقًا إلى ظهور صاحبها لأن الحجاج لا يلبثون مجتمعين إلا أيامًا معدودة ثم يتفرقون ويصدرون مصادر شتى فلا يكون للتعريف بعد تفرقهم جدوى (تخريجه) (م د نس هق) وزاد أبو داود عقب الحديث (قال ابن وهب يعنى فى لقطة الحاج يتركها حتى يجدها صاحبها) وهذه الجملة ليست عند غيره (كتاب لالهبة الخ) (6) قال الحافظ تطلق الهبة بالمعنى الأهم على أنواع (الإبراء) وهوهبة الدين ممن هو عليه (والصدقة) وهى هبة ما يتمحص به طلب ثواب الآخرة (والهدية) وهى ما يلزم الموهوب له عوضه، ومن خصها بالحياة أخرج الوصية، وهى تكون أيضًا بالأنواع الثلاثة، وتطلق الهبة بالمعنى الأخص على ما لا يقصد له بدل، وعليه ينطبق قول من عرّف الهبة بأنها تمليك بلا عوض اهـ (باب). (7) (سنده) حدّثنا خلف قال ثنا أبو معشر عن سعيد عن أبى هريرة الخ (غريبه) (8) بواو ثم غين معجمة مفتوحين وجاء عند الترمذى (وحر) بواو ثم حاء مهملة بدل الغين، ومعناهما واحد وهو الغل والحقد والحرارة، وأصله من الوغرة شدة الحر، وذلك لأن القلب مشحون بمحبة المال والمنافع فاذا وصله شئ منها فرح به وذهب من غمه وحرارته بقدر ما دخل عليه من فرحه (تخريجه) (مذ) وقال غريب وأبو معشر مضعف اهـ وأبو معشر هو المدنى ضعفه الحافظ أيضًا. (9) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة عن أبى عمران عن طلحة قال ابن جعفر، ابن عبد الله عن عائشة الخ (قلت) معنى قوله فى السند قال ابن جعفر (ابن عبد الله) أن ابن جعفر قال في روايته طلحة

-[من أولى بالهدية؟ وقوله صلى الله عليه وسلم من أتاه الله من هذا المال شيئًا من غير أن يسأله فليقبله]- صلى الله عليه وسلم فقالت ان لى جارين فإلى أيهما أهدى؟ (1) قال الى أقربهما منك بابا. (عن أبى هريرة) (2) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من آتاه الله من هذا المال شيئًا من غير أن يسأله فليقبله فانما هو رزق ساقه الله عز وجل اليه (3). (عن عائذ بن عمرو) (4) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من عرض له شئ من هذا الرزق من غير مسألة ولا إشراف (5) فليوسع به فى رزقه، فان كان عنه غنيًا فليوجهه إلى من هو أحوج إليه منه (وعنه من طريق ثان) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من آتاه الله تبارك وتعالى رزقًا من غير مسألة فليقبله، قال عبد الله (7) سألت أبى ما الإشراف؟ قال تقول فى نفسك سبيعث إلىّ فلان سيصلنى فلان. (عن خالد بن عدى) (8) الجهنى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من بلغه معروف (9) عن أخيه من غير مسألة ولا اشراف نفس فليقبله (10) ولا يرده، فانما هو رزق ساقه الله عز وجل إليه (عن النعمان بن بشير) (11) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من منح منيحة (12) ورقًا أو ذهبًا أو سقى

_ ابن عبد الله فنسبه حجاج الراوى الثانى، وهو طلحة بن عبد الله بن عثمان بن عبيد الله بن معمر التيمى قاله المزى (غريبه) (1) بضم الهمزة من الإهداء (وقوله أقربهما) أى أشدهما قربًا، قيل الحكمة فيه أن الأقرب أسرع إجابة لما يقع لجاره من المهمات ولا سيما فى أوقات الغفلة، وان الأقرب يرى ما يدخل بيت جاره من هدية وغيرها فيشرف لها بخلاف الأبعد (تخريجه) (ح د ص) وفى الباب عند الإمام أحمد أيضًا عن عمر بن الخطاب والمطلب بن حنطب وتقدمًا فى باب جواز قبول العطا الخ من كتاب الزكاة فى الجزء التاسع ص 117 و 118 (2) (سنده) حدّثنا يزيد أنا همام بن يحيى عن قتادة عن عبد الملك عن أبى هريرة الخ (غريبه) (3) معنى الحديث أن من أعطى شيئًا من المال أو الطعام أو نحو ذلك بقصد الصدقة أو الهدية أو الهبة من غير مسألة ولا تطلع لذلك المال فلا يرده بل يقبله فانما هو رزق ساقه الله عز وجل إليه ليوسع على نفسه به (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد: وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، وكذلك أورده المنذرى وعزاه للإمام أحمد وقال رجاله محتج بهم فى الصحيح. (4) (سنده) حدّثنا حسن بن موسى ثنا أبو الأشهب عن عامر الأحوال قال قال عائذ بن عمؤو عن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) الاشراف بالمعجمة التعرض للشئ والحرص عليه من قولهم أشرف على كدا إذا تطاول له وقيل للمكان المرتفع شرف لذلك (6) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا أبو الأشهب عن عامر الأحول عن عائذ بن عمرو قال أبو الأشهب أراه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) لهو ابن الامام أحمد رحمهما الله (تخريجه) (طب عل) والبيهقى فى شعب الإيمان وقال الهيثمى رجال أحمد رجال الصحيح. (8) (سنده) حدّثنا عبد الله بن يزيد ثنا سعيد بن أبى أيوب حدثنى أبو الأسود عن بكير بن عبد الله عن بسر بن سعيد عن خالد بن عدى الجهنى الخ (غريبه) (9) المراد بالمعروف هبة أو هدية أو صدقة (10) فيه دلالة على وجوب القبول وعدم الرد، وحمله الجمهور على الندب والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم عل طب) إلا أنهما قالا (من بلغه معروف من أخيه) وقال أحمد عن أخيه ورجال أحمد رجال الصحيح. (11) (سنده) حدّثنا زيد بن الحباب ثنا حسين بن واقد حدثنى سماك بن حرب عن النعمان بن بشير الخ (12) (غريبه) المنيحة بفتح

-[ما جاء في فضل المهدى (بضم الميم) والحث على قبول الهدية وان كانت حقيرة]- لبنا (1) أو أهدى زقاقًا فهو كعدل (2) رقبة) (عن البراء بن عازب) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من منح منيحة ورق أو منيحة لبن أو هدى (4) زقاقًا كان له كعدل رقبة، وقال مرة كعتق رقبة (باب قبول رسول الله صلى الله عليه وسلم الهدية وإن كانت حقيرة لا الصدقة وان كانت عظيمة). (عن أبى هريرة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أهديت إلى شراع لقبلت ولو دعيت إلى كراع لأجبت (6). (عن أنس بن مالك) (7) قال ثارت أرنب (8) فتبعها الناس فكنت فى أول من سبق اليها فأخذتها فأتيت بها أبا طلحة قال فأمر بها فذبحت ثم سويت قال ثم أخذ عجزها (9) فقال أئت به النبى صلى الله عليه وسلم قال فأتيته به قال قلت إن أبا طلحة أرسل إليك بعجز هذه الأرنب، قال فقبله منى (وعنه من طريق ثان) (10) قال أنفجنا (11) أرنبًا

_ الميم وكسر النونن والمنحة بكسر الميم وسكون لنون معناهما واحد وهو العطية: وتكون فى الحيوان وغيره وفلا الرقبة والمنفعة: والمراد هنا منحة الورق بكسر الراء أى الفضة ومنحة الذهب أى قرض الدراهم والدنانير أو هبتهما (1) جاء فى الحديث التالى أو منيحة لبن وهى أن يعير إنسانًا ناقته أو شأنه فيحلبها مدة ينتفع بلبنها ثم يردها (وقوله أو أهدى زقاقًا) أهدى بهمزة قبل الهاء فى هذه الرواية من الهدية (وزقاقًا) بضم الزاى ثم قاف أى السكة (بكسر المهملة) من النخل وهى الطريقة المصطفة من النخل (2) بكسر العين وسكون الدال المهملتين معناه المثل أى كمثل عتق رقبة كما صرح بذلك فى الحديث التالى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله كلهم ثقات. (م) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا الأعمش عن طلحة بن مصرّف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) جاء فى هذه الرواية (هدى) محركة وبدون ألف قبل الهاء من الهداية (والزقاق) الطريق، قال فى النهاية يريد من دال الضال أو الأعمى على طريقه، وقيل أراد من تصدق بزقاق من النخل وهى السكة منها والأول أشبه لأن هدى من الهداية لا من الهداية اهـ وقال الطيبى يروى بتشديد الدال إما للبالغة من الهداية أو من الهدية أى من تصدق بزقاق من نخل وهو السكة والصدق من شجر اهـ (قلت) والظاهر أنه من الهدية لا سيما وقد جاء بلفظ (أهدى) فى الحديث السابق والله أعلم (تخريجه) (مذ حب) وقال الترمذى حديث حسن صحيح غريب (باب). (5) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ووكيع قالا ثنا الأعمش عن أبى حازم عن أبى هريرة الخ (غريبه) (6) الذراع معلوم، والكراع بوزن غراب ما دون الركبة إلى الساق من نحو شاة أو بقرة، قال الحافظ وأغرب فى الإحياء فذكر الحديث بلفظ (كراع غنم) ولا أصل لهذه الزيادة قال: وخص الكراع والذراع بالذكر ليجمع بين الحقير والخطير، لأن الذراع كانت أحب إليه من غيرها والكراع لا قيمة له، وفى المثل اعط العبد كراعًا يطلب ذراعًا اهـ (تخريجه) (خ نس). (7) (سنده) حدّثنا على ثنا عبيد الله بن أبى بكر قال سمعت أنس بن مالك يقول ثارت أرنب الخ (غريبه) (8) الأرنب معروف وهو اسم جنس يشمل الذكر والأنثى (وثارت) أى وثبت وعدت عدوًا شديدًا (9) أى نصفها المؤخر (10) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا شعبة عن هشام بن زيد قال سمعت أنس بن مالك يقول أنفجنا أرنبًا الخ (11) بالنون والفاء والجيم أى أثرناه من مكانه، قال الجوهرى نفج الأرنب

-[كان صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة]- بمر الظهران (1) قال فسعى عليها الغلمان حتى لغبوا (2) قال فأدركتها فأتيت بها أبا طلحة فذبحها ثم بعث معى بوركها (3) الى النبى صلى الله عليه وسلم فقبل (4). (عن عبد الله بن يسر) (5) صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كانت أختى تبعثنى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهدية فيقبلها. (عن أبى هريرة) (6) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة. (وعن سلمان) (7) عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله. (وعن عبد الله بن يس) (8) عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله. (عن أنس بن مالك) (9) أن النبى صلى الله عليه وسلم أتر بلحم فقيل له تصدق به على بريرة (10) فمال هو لها صدقة ولنا هدية (11). (عن أم سلمة الله عنها) (12) أن امرأة أهدت لها رجل شاة (13) تصدق عليها بها فأمرها النبى صلى الله عليه وسلم

_ إذا ثار وأنفجته أنا والإنفاج الإثارة، وتقدم فى شرح الطريق الأولى معنى ثارت أرنب (مر الظهران بفتح الميم وتشديد الراء وفتح الظاء المعجمة وسكون الهاء، قال النووى هو موضع قريب من مكة اهـ وهو الذى يعرف الآن يبطن ببطن مر (2) بفتح الغين المعجمة ومعناه تعبوا (3) فى رواية للبخارى بوركها أو فخذيها، والورك بفتح الواو وكسر الراء، وبكسر الواو وإسكان الراء وهو ما فوق الفخذ بكسر الخاء المعجمة وسكونها، قال شعبة فخذيها لا شك فيه (قلت) وهو يوافق ما فى الطريق الأولى من قوله عجزها (4) أى قبل ذلك منى مع حقارته (تخريجه) (ق. والأربعة). (5) (سنده) حدّثنا هشام بن سعيد أبو أحمد ثنا حسن بن أيوب الحضرمى قال حدثنى عبد الله بن يسر الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) ورجالهما وجال الصحيح. (6) (سنده) حدّثنا أبو جعفر أنا عباد (يعنى ابن العوام) عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام احمد عن أبى هريرة بهذا اللفظ وسنده جيد، وقال الحافظ العراقى متفق عليه (يعنى رواه الشيخان البخارى ومسلم) ولفظه (كان يأكل الهدية ولا يأكل الصداقة). (7) (سنده) حدّثنا يحيى بن اسحاق أنا شريك عن عبيد المكتب (يعنى ابن مهران) عن أبى اطلفيل عن سلمان (يعنى الفارسى) قال كان النبى صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة قال عبد الله (يعنى ابن الامام احمد) وحدثناه على بن حكيم أنا شريك عن عبيد المكتب بإسناده نحوه (تخريجه) (طب) وصححه الحافظ السيوطى (8) (سنده) حدّثنا هشام ابن سعيد قال حدثنى الحسن بن أيوب الحضرمى قال حدثنى عبد الله بن بسر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ولا يقبل الصدقة (تخريجه) أورده الهيثمى بهذا اللفظ وقال رآه (طب) وفيه هاشم بن سعيد وثقه ابن حبان وضعفه جماعه اهـ (قلت) لم يعزه الحافظ الهيثمى للإمام أحمد مع أن اللفظ واحد وهاشم بن سعيد الذى ذكره الهيثمى ليس من رجال هذا الحديث عند الإمام احمد والذى عنده هشام بن سعيد وثقة الامام احمد وابن سعد ولم أقف له على تجريح. (9) (سنده) حدّثنا ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن قتادة عن أنس الخ (10) بوزن جميلة مولاة عائشة رضى الله عنهما (11) معناه حيث أهدت بريرة إلينا فهو هدية، وذلك لأن الصدقة يجوز فيها تصرف الفقير بالبيع والهدية وغير ذلك لصحة ملكه لها كتصرفات سائر الملاك فى أملاكهم (تخريجه) (ق. د نس). (12) (سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا معمر عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن أم سلمة الخ (غريبه) (13) قال فى القاموس الرجل بالكسر القدم أو من أصل الفخذ إلى القدم جمعه أرجل اهـ (قلت) والظاهر أن المراد هنا من

-[جواز قبول هدية الأعراب والأكل منها وتوزيعها على من يحب]- أن تقبلها. (عن أم عطية الأنصارية) (1) قالت بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة من الصفقة فبعثت الى عائشة بشئ منها، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الى عائشة قال هل عندكم من شيء؟ (2) قالت لا إلا أن نسيبة (3) بعثت إلينا من الشاة الى بعثتم بها إليها، فقال إنها قد بلغت محلها (4) (عن أبى هريرة) (5) قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا أتى بطعام من غير أهله (6) سأل عنه فان قيل هدية أكل، وإن قيل صدقة قال كلوا (7) ولم يأكل (وعن بهز بن حكيم) (8) عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله (عن عروة عن عائشة رضى الله عنها) (9) قالت أهدت أم سنبلة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم لبنًا فلم تجده، فقالت لها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى أن يأكل طعام الأعراب: فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فقال ما هذا معك يا أم سنبلة؟ قالت لبنًا أهديت لك يا رسول الله، قال اسكبى أم سنبلة، فسكبت فقال ناولى أبا بكر ففعلت، فقال اسكبى أم سنبلة فسكبت (10) فناولت رسول الله صلى الله عليه وسلم فشرب، قالت عائشة ورسول صلى الله عليه وسلم يشرب من لبن وأبردها (11)

_ أصل الفخذ والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح، وأورده فى موضع آخر من كتابه عن أم سلمة أيضًا بلفظ (ان امرأة وهبت لها رجل شاة به عليها) وقال رواه الطبرانى فى الكبر ورجاله رجال الصحيح. (1) (سنده) حدّثنا اسماعيل بن ابراهيم عن خالد عن حفصة عن أم عطية الخ (غريبه) (2) يعنى من الطعام (3) بضم النون وفتح المهملة والموحدة بينهما تحتية ساكنة هو اسم أم عطية الأنصارية رواية الحديث (4) بكسر الحاء المهملة أى وصلت إلى الموضع الذى تحل، وذلك أنه لما تصدق بها على نسبية صارت ملكًا لها فصح لها التصرففيها بالبيع وغيره: فلما أهدتها له صلى الله عليه وسلم انتقلت عن حكم الصدقة فجاز له قبولها والأكل منها (تخريجه) (ق هق. وغيرهم) (5) (سنده) حدّثنا عفان قال ثنا حماد عن محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أى من عند ناس غير زوجاته سأل عنه، وفيه استعمال الورع والفحص عن أصل المآكل والمشارب (7) يعنى قال لأصحابه غير أهل بيته كلوا، وإنما قتلنا غير أهل بيته لأن الصدقة محرمة عليه صلى الله عليه وسلم وعلى أهل بيته بل وعلى مواليه كما ثبت ذلك فى الأحاديث الصحيحة (تخريجه) (م مذ هق. (8) (سنده) حدّثنا مكى بن ابراهيم أنا بهز ابن حكيم ان أبيه عن جده قال كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا أتى بالشئ سأل عنه أهدية أم صدقة، فان قالوا هدية بسط يده وإن قالوا قال لأصحابه خذوا (تخريجه) (مذ نس) ورجاله ثقات وهو فى الدلالة والمعنى كالذى قبله. (9) (سنده) حدّثنا يحيى بن غيلان ثنا المفضل قال حدثنى يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمى عن عبد الله بن دينار الأسلمى عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (10) جاء فى مجمع الزوائد للهيثمى زيادة هذه الجملة قال (فناولى عائشة فناولتها فشربت، فقال اسكبى أم حنبلة فسكبت) فناولت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (11) هكذا بالأصل (من لبن وأبردها على الكبد) والظاهر أن قوله وأربردها معطوف على كلام حذف إما للعلم به وإما أن يكون سقط من الناسخ وهو الغالب وتقديره ما أطيبها وأبردها على الكبد) وقوله بعد ذلك (يا رسول الله) مقول لقوله قالت عائشة: وقوله

-[ما جاء في الثواب على الهدية بهدية مثلها أو أفضل منها]- على الكبد، يا رسول الله كنت حدّثت أنك قد نهيت عن طعام الأعراب (1) فقال يا عائشة إنهم ليسوا بالأعراب (2)، هم أهل باديتنا (3) ونحن أهل حاضرتهم، وإذا دعوا (4) أجابوا فليسوا بالأعراب (عن جويرية بنت الحارث) (5) رضى الله عنها قالت دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل من طعام؟ قلت لا الا عظمًا (6) أعطيته مولاةٌ لنا من الصدقة، قال صلى الله عليه وسلم فقريبه فقد بلغت محلها (باب الثواب على الهدية والهبة). (عن عائشة رضى الله عنها) (7) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الهدية ويثيب عليها (8). (عن الرّبيّع بنت معوّذ) (9) بن عفراء قالت أهديت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قناعًا (10) من رطب وأجير زغب (وفى لفظ أتيت النبى صلى الله عليه وسلم بقناع فيه رطب وأجر زغب) قالت فأعطانى ملء كفيه حليًا

_ (ورسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب إلى قوله على الكيد) جملة حالية معترضة بين القول ومقوله (1) الأعراب هم سكان البادية الجفاة القلوب الغلاظ الطباع، ومنهم المذموم ومنهم الممدوح: قال تعالى {ومن الاعراب من يتخذ ما ينفق مغرمًا ويتربص بكم الدوائر} الآية ثم قال {ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله} الآية ولعل عائشة رضى الله عنها بلغها قصة الأعرابى الذى وهب النبى صلى الله عليه وسلم هبة فأثابه به النبى صلى الله عليه وسلم فلم يرض طالبًا الزيادة فزاده فلم يرض فزاده فرضى فى الثالثة فقال صلى الله عليه وسلم لقد هممت ألا اتهب هبة إلا من قرشى أو أنصارى أو ثقفى) وسيأتى الحديث بلفظه فى الباب التالى (2) أى ليسوا من الأعراب المذمومين الجفاة النائين فى البادية (3) أى ضواحى المدينة (4) أى لمهمة تختص بالنبى صلى الله عليه وسلم والمسلمين أجابوا الدعوة (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم عل بز) ورجال أحمد رجال الصحيح. (5) (سنده) حدّثنا سفيان عن الزهرى عن عبيد بن السّباق عن جويرية بنت الحارث (يعنى زوج النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أى مع لحم قليل ولذا عبرت عنه بالعظم (تخريجه) (م) وهو فى الدلالة والمعنى كحديث أم عطية المتقدم قبل ثلاثة احاديث (هذا) وفى الباب احاديث كثيرة تقدمت فى باب تحريم الصدقة على بنى هاشم وأزواجهم ومواليهم لا الهدية صحيفة 73 من كتاب الزكاة فارجع إليه فى الجزء التاسع. (باب) (7) (سنده) حدّثنا على بن بحر ثنا عيسى بن يونس قال ثنا هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة الخ (غريبه) (8) اى يعطى المهدى بدلها، والمراد بالثواب المجازاة، واقله ما يساوى قيمة الهدية، ولفظها ابن شيبة (ويثيب ما هو خير منها) (قلت) وهذا من مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم والزيادة افضل (تخريجه) (خ د مذ). (9) (سنده) حدّثنا ابو سلمة الخزاعى قال انا شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الربيّع بنت معوّذ الخ (قلت) الربيع بضم الراء وفتح الموحدة وكسر التحتية مشددة (ومعوذ) بوزن ربيه ايضًا وعفراء بوزن حمراء اسم ام معوذ، وهى الربيع بنت معوذ بن الحارث بن رفاعة الانصارية الصحابية وهى ممن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت شجرة بيعة الرضوان، روى عنها اهل المدينة، وابوها معوّذ: وهو أحد الذين قتلوا ابا جهل بن هشام عدو الله يوم بدر رضى عنهم (غريبه) (10) القناع الطبق الذى يؤكل عليه، ويقال له الفتح بالكسر والضم، وقبل القناع جمعه، والمراد قناع فيه رطب كما فى اللفظ الىخر وقوله (وأجرٍ زغبٌ)

-[ما جاء في قبول هدايا الكفار وعدمه]- أو قال ذهبا فقال تحلى بهذا (زاد فى رواية واكتسى بهذا). (عن ابن عباس) (1) أن اعرابيًا وهب للنبى صلى الله عليه وسلم هبة فأثابه عليها قال رضيت؟ قال لا، فزاده قال رضيت؟ قال لا، قال فزاده قال رضيت؟ قال نعم، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد هممت ألا أتهب هبة الا من قرشى أو أنصارى أو ثقفى (2) (باب ما جاء فى قبول هدايا الكفار). (عن أنس بن مالك) (3) أن ملك ذى يزن (4) أهدى الى النبى صلى الله عليه وسلمحلة قد آخذها بثلاثة وثلاثين بعيرًا أو ثلاث وثلاثين ناقة الى النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (5) (وعنه أيضًا) (6) أن ملك الروم (7) أهدى للنبى صلى الله عليه ةعلى آله وصحبه وسلم مستقة (8) من سندس فلبسها وكأني أنظر إلى يديها

_ ضبطه صاحب النهاية بفتح الهمزة وسكون الجيم بعدها راء مكسورة منونة فزاى مضمومة بعدها غين معجمة ساكنة ثم موحدة مضمومة منونة، ثم قال أى قثاء صغار قال والزغب جمع الأزغب من الزغب بالتحريك صغار الريش أول ما يطلع، شبه به ما على القثاء من الزغب أهـ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفى إسناده عبد الله بن محمد بن عقيل بن أبى طالب الهاشمى صدوق فى حديثه لين قاله الحافظ فى التقريب. (1) (سنده) حدّثنا يونس ثنا حماد يعنى ابن زيد عن عمرو بن دينار عن طاوس عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) لفظ أبى داود وايم الله لا أقبل هدية بعد يومى هذا من أحد إلا أن يكون مهاجريًا أو قرشيًا أو انصاريًا أو دوسيًا أو ثقفيًا، ورواه الترمذى من حديث أبى هريرة ولفظه (اهدى رجل من فزارة إلى النبى صلى الله عليه وسلم ناقة من إبله فعوضه منها بعض العوض فتسخطه فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول إن رجالًا من العرب يهدى أحدهم الهدية فأعوضه عنها بقدر ما عندى فيظل يسخط علىّ الحديث (تخريجه) (حب) وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار وقال ان اعرابيًا أهدى بدل وهب والطبرانى فى الكبير، وقال وهب ناقة فأصابه عليها ورجال احمد الصحيح اهـ (قلت) وأخرجه أيضًا (دنس مذ) من حديث أبى هريرة وبين الترمذى أن الثواب كان ست بكرات وكذا رواه الحاكم وصححه على شرط مسلم. (باب). (2) (سنده) حدّثنا حسن ثنا عمارة عن ثابت عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (4) قال فى القاموس يزن محركه ويمنع (يعنى من الصرف) لوزن الفعل أصله يزأن وبطن من حمير، قال وذو يزن ملك لحمير لأنه حمى ذلك الوادى اهـ (5) زاد أبو داود (فقبلها) (تخريجه) (د) وفى إسناده عمارة بن زاذان وثقه الامام احمد وضعفه الدار قطنى وسكت عنه أبو داود والحافظ فى التلخيص (6) (سنده) حدّثنا يونس واسحاق ابن عيسى قالا ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن أنس أن ملك الروم الخ (غريبه) (7) هو أكيدر دومة، وأكيدر تصغير أكدر (ودومة) بضم المهملة وسكون الواو بلد بين الحجاز والشام وهى دومة الجندل مدينة بقرب تبوك بها نخل وزرع وكان أكيدر ملكها وكان نصرانيًا وكان النبى صلى الله عليه وسلم أرسل إليه خالد بن الوليد فى سرية فأسره، وقتل أخاه حسان وقدم به المدينة فصالحه النبى صلى الله عليه وسلم على الجزية وأطلقه، ذكر ابن اسحاق قصته مطولة فى المغازى (8) بضم الميم وسكون المهملة بعدها تاء مثناة فروة طويلة الأكمام جمعها مساتق وأصلها فارسية فعربت (والسندس) مارقٌ من الحرير، والاستبرق ما غلط منه، وقال ابن التين الاستبرق أفضل من السندس لأنه غليظ الديباج، وكل ما غلظ من الحرير كان أفضل

-[ما يجوز من قبول هدية الكفار - وفضل سعد بن معاذ رضى الله عنه]- تذبذبان (1) من طولها فجعل القوم يقولون ي رسول الله أنزلت عليك هذه من السماء؟ فقال وما يعجبكم منها فو الذي نفسي بيده ان منديلًا (2) من مناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير منها، ثم بعث بها الى جعفر بن أبى طالب فلبسها فقال النبى صلى الله عليه وسلم انى لم أعطكها لتلبسها، قال فما أصنع بها؟ قال ارسل بها الى أخيك النجاشى (3). (عن على بن أبى طالب) (4) رضى الله عنه قال أهدى كسرى (5) لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقبل منه وأهدى له قيصر (6) فقبل منه، وأهدت له الملوك فقبل منهم. (عن عامر بن عبد الله بن الزبير) (7) عن أبيه قال قدمت قبيلة (8) ابنة عبد العزى بن عبد أسعد من بنى مالك بن حسل (9) على ابنتها أسماء ابنة أبى بكر بهذا يا ضباب (10) وأقط وسمن وهى مشركة، فأبت أسماء أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها فسألت عائشة النبى صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل {لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلونكم فى الدين الآتية الخ الآية} فأمرها أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها (باب ما جاء فى عدم قبول هدية المشركين) (عن عبد الله بن المغيرة) (11) عن

_ من رقيقه (1) أى تتحركان وتضطربان يريد كميها (نه) (2) المنديل بكسر الميم يجمع على مناديل بفتحها وهى التى يمسح بها الغبارة، والمنديل فى الثياب أدناها لأنه معد للوسخ والامتهان فغيره أفضل منه وفى هذا إشارة إلى منزلة سع رضى الله عنه فى الجنة وأن أدنى ثيابه فيها خير من هذه المستقة ولعله صلى الله عليه وسلم خص سعدًا بالذكر لأن حاضرى ذلك المجلس كانوا من الأنصار من قوم سعد فأراد صلى الله عليه وسلم إظهار فضله لإدخال السرور عليهم والله اعلم (3) يعنى ملك الحبشة لأن جعفرًا هاجر الى الحبشة مع المستضعفين من المؤمنين فرارًا من كفار قريش فآواهم النجاشى وأكرههم غاية الإكرام ومنعهم من عدوهم (تخريجه) (ق د نس مذ). (4) (سنده) حدّثنا يزيد أنبأنا إسرائيل عن نوير بن أبى فأخته عن أبيه عن على الخ (غريبه) (5) كسرى ملك الفرس معرب خسر وأى واسه الملك جمعه أكاسرة وكساسرة (6) قيصر لقب ملك الروم قاله فى القاموس (تخريجه) (مذ بز) واورده الحافظ فى التلخيص ولم يتكلم عليه وحسنه الترمذى. (7) (سنده) حدّثنا عارم قال ثنا عبد الله بن المبارك قال ثنا مصعب بن ثابت قال ثنا عامر بن عبد الله بن الزبير الخ (غريبه) (8) هكذا عند الامام احمد بباء موحدة بعد القاف المضمومة مصغرًا، وجاء فى بعض الروايات بتاء مثناة بدل الباء الموحدة، ووقع الزبير بن بكار أن اسمها قيلة بفتح القاف وسكون التحتية والله أعلم (9) بكسر الحاء وسكون السين المهملتين زاد ابن أبى حاتم والامام احمد فى رواية أخرى (فى عهد قريش ومدتهم التى كانت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم) (وفى لفظ) إذ عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم (10) الضباب بكسر أوله جمع ضب بالفتح وهو الحيوان المعروف (والأقط) بفتح الهمزة وكسر القاف لبن مجفف يابس مستحجر يطبخ به، وفى رواية أخرى للإمام احمد وقرظ بدل أقط (والقرظ) بقاف وراء مفتوحتين بعدهما ظاء معجمة هو ورق السلم بالتحريك يدبغ به الأديم وله منافع أخرى، وفى رواية لغيره زبيب وسمن وقرظ (تخريجه) (ك طل) وابن سعد، واورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) وجوّدة فقال قدمت قبيلة بنت عبد العزى، وفيه مصعب بن ثابت ضعفه احمد وغيره ووثقه ابن حبان (باب). (11) (سنده) حدّثنا

-[ما جاء في عدم قبول هدية الكفار]- عراك بن مالك أن حكيم بن حرام قال كان محمد صلى الله عليه وسلم أحبَّ رجل فى الناس إلىّ فى الجاهلية، فلما تنبأ وخرج إلى المدينة شهد حكيم بن حزام الموسم وهو كافر فوجد حلة لذى يزن تباع فاشتراها بخمسين دينارًا ليهديها لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقدم بها عليه المدينة فأراده على قبضها هدية فأبى، قال عبيد الله حسبت أنه قال إنا لا نقبل شيئًا من المشركين ولكن ان شئت أخذناها بالثمن فأعطيته (1) حين أبى علىّ الهدية (عن الحسن عن عياض بن جمار) (2) المجاشعى وكان بينه وبين النبى صلى الله عليه وسلم معرفة قبل أن يبعث، فلما بعث النبى صلى الله عليه وسلم اهدى له هدية قال أحسبها إبلًا فأبى أن يقبلها وقال إنا لا نقبل زيد (3) المشركين، قال رفدهم هديتهم. (عن ذى الجوشن) (4) قال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم بعد أن فرغ من أهل بدر فقلت يا محمد إنى قد جئتك بابن العرجاء (5) لتتخذه قال لا حاجة لى فيه، ولكن إن شئت أن أفيضك (6) به المختارة من دروع (7) بدر؟ فقلت ما كنت لأفيضك اليوم بعدة (8) قال فلا حاجة لى فيه، ثم ثال يا ذا الجوش ألا نسلم فتكون من أول هذا الأمر؟ قلت لا، قال لم؟ قلت إنى رأيت قومك قد ولعوا بك (9)، قال فكيف بلغك

_ عتاب بن زياد ثنا عبد الله يعنى ابن مبارك أنا ليث بن سعد حدثنى عبيد الله بن المغيرة عن عراك بن مالك الخ (غريبه) (1) أى فأعطيته إياها بالثمن حين أبى علىّ الهدية (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) وزاد الطبرانى فلبسها فرأيتها عليه على المنبر فلم أر شيئًا احسن منه فيها يؤمئذ: ثم أعطاها أسامة بن زيد فرآها حكيم على أسامة فقال يا أسامة أنت تلبس حلة ذى بزر؟ قال فلم، والله لأنا خير من ذى يزن ولأبى خير من ابيه، قال حكيم فانطلقت إلى أهل مكة أعجهم بقول أسامة (أى رفع صوتى) قال الهيثمى وإسناد رجاله ثقات (2) (سنده) حدّثنا هشيم أنا ابن عون عن الحسن عن عياض بن حمار الخ (قلت) حمار بحاء مهملة مكسورة ثم ميم مفتوحة بعدها راء باسم الحيوان المشهور الناهق، وقد صحفه بعض المتنطعين من الفقهاء فجعل بدل الراء دالًا مهملة لظنه أن احدًا لا يسمى بذلك، أسلم بعد هذه القصة وحسن إسلامه وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم وروى عنه مطرّف بن عبد الله وأخوه يزيد بن عبد الله ابن الشخير والعلاء بن زياد وغيرهم رضى الله عنه (غريبه) (3) بفتح الزاى وسكون الموحدة بعدها دال مهملة، وفسره الراوى بأنه الرفد اى الهدية، يقال زبده بالكسر، وأما يزيده بالصم فهو إطعام الزبد (تخريجه) (د مذ) وصححه ابن خزيمة والترمذى. (4) (سنده) حدّثنا عفان بن خالد ثنا عيسى بن يونس بن ابى اسحاق الهمذانى عن أبيه عن جده عن دى الجوشن الخ (قال الحافظ فى الإصابة) ذو الجوشن الضبابى قبل اسمه اوس بن الأعور، وبه جزم المرزبانى، وقيل شر حبيل وهو الأشهر (غريبه) (5) هكذا فى الأصل العرجاء بعين مهملة وجيم مفتوحتين بينهما راء ساكنة، وجاء عن أبى داود القرحاء بقاف بدل العين وحاء مهملة بدل الجيم، وعلى كل حال هو اسم للعرس (6) بفتح الهمزة وكسر القاف أى أبدلك به واعوضك عنه وقد قاضه يقيضه مقايضة فى البيع إذا أعطاه متاعًا وأخذ منه متاعًا آخر لا نقد فيه (7) جمع درع بكسر أوله وسكون ثانية، وهو ما يصنع من الحديد كالقميص يلبس فى الحرب ليتقى به ضرب الرماح والحراب ونحوها والمعنى ان شئت ان أبدلك به الدروع المختارة أى الجيدة من دروع بدر فعلت (8) بضم العين المهملة أى آلة من آلات الحرب (9) بفتح اللام

-[حديث ذي الجوشن الضبابى - وكلام العلماء فى الجمع بين أحاديث قبول هدية الكفار]- عن مصارعهم ببدر؟ قال قلت بلغنى أن تغلب على مكة وتقطنها، قال لعلك ان عشت أن ترى ذلك، قال ثم يا بلال خذ حقيبة (1) الرجل فزوده من العجوة، فلما أن أدبرت قال أما إنه من خير بنى عامر، قال فو الله انى لبأهلى بالغور (2) إذ أقبل راكب فقلت من أين؟ قال من مكة، فقلت ما فعل الناس؟ قال قد غلب عليها محمد، قال قلت هبلتنى (3) أمى فو الله لو أسلم يومئذ ثم أسأله الحيرة لأقطعينيها (4) (باب استحباب تقسيم الهدية فى الأهل والأصحاب ومن حضر) (عن المسور بن مخرمة) (5) قال أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم أقبية (6) مزررة بالذهب فقسمها فى أصحابه: فقال مخرمة يا مسور اذهب بنا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانه قد ذكر لى أنه قسم أقبية فانطلقنا فقال ادخل فادعه لى، قال فدخلت فدعوته اليه فخرج الىّ ودليله قباء منها، قال خبأت لك هذا يا مخرمة: فال فنظر اليه فقال رضى (7) وأعطاه اياه (عن أنس بن مالك) (8) قال أهدى

_ أي استخفوا بك وكدبوك (1) هى الوعاء الذى يجمع الرجل فيه زاده وله معان اخرى (2) بالغين المعجمة قال الأزهرى الغور تهامة وما يلى اليمن، وقال الأصمعى ما بين ذات عرق إلى البحر غور تهامة (3) يقال هبلته أمه بكسر الموحدة تهبله بفتحها هبلًا بالتحريك أى فقدته (4) معناه انه لو اسلم بعد فراغ النبى صلى الله عليه وسلم من اهل بدر ثم طلب من النبى صلى الله عليه وسلم ان يعطيه الحيره (بكسر الحاء المهملة) البلد القديم يظهر الكوفه ومحله معروفة بنيسا بور على تقدير انه صلى الله عليه وسلم يملكها لأعط إياها، وذلك مبالغة فى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان شديد الرغبة فى إسلامه إذ ذاك ولكنه تأخر إسلامه الى ما بعد الفتح كما يستفاد من السياق (تخريجه) (د) مختصرًا الى قوله فلا حاجة لى فيه وسنده جيد، هذا وجاء فى مسند الامام أحمد عقب هذا الحديث ما نصه، حدّثنا ابو بكر بن ابى شيبة والحكم من موسى قال ثنا عيسى بن يونس عن ابيه عن جده عن ذى الجوشن عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه قال (يعنى الامام احمد من طريق آخر) ثنا محمد بن عباد قال ثنا سيف عن ابى اسحاق عن ذى الجوشن ابى شمر الضبابى نحو هذا الحديث قال سفيان فكان ابن ذى الجوشن جارًا لأبى اسحاق لا اراه الا سمعه منه اهـ (قلت) ليس لذى الجوشن فى المسند إلا هذا الحديث واحاديث هذا الباب تدل على عدم قبول الهدية من المشركين، واحاديث الباب الذى قبله تدل على جواز القبول، وقد جمع بعض العلماء بأن الامتناع فى حق من يريد بهديته التودد والموالاة، والتودد وموالاة الكفار كلاهما ممنوع، قال تعالى {لا تجد قومًا يؤمنون بالله واليوم الاخر يوادّون من حادّ الله ورسوله الآية} وقال عز من قائل {ومن يتولهم منكم فانه منهم} والقبول فى حق من يرجى بذلك تأنيسه وتأليفه على الاسلام، وقيل غير ذلك وما ذكرناه اقوى والله اعلم. (باب) (5) (سنده) حدّثنا هاشم ثنا ليث حدثنى عبيد الله بن أبى مليكة عن المسور بن مخرمة الخ (قلت) مسور بوزن منبر ومخرمة بوزن مرحمة والده (غريبه) (6) جمع قباء بفتح القاف وبالموحدة ممدودة فارسى معرب، وقيل عربى واشتقاقه من القبو، وهو الضم، وجاء فى بعض الروايات (فروج حرير) بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة، قال القرطبى القباء والفروج كلاهما ثوب ضيق الكمين والوسط، مشقوق من خلف، يلبس فى السفر والحرب لأنه أعون على الحركة (7) لفظ البخارى (فقال رصى مخرمة) جزم الداودى أن قوله (رضى مخرمة) من كلام النبى صلى الله عليه وسلم على جهة الاستفهام أى هل رضيت، وقال ابن التين يحتمل أن يكون من قول مخرمة، قال الحافظ وهو المتبادر للذهن والله اعلم (تخريجه) (ق. والثلاثة). (8) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنا سفيان يعنى ابن حسين

-[إستحباب تقسيم الهدية فى الأهل والأصحاب ومن حضر]- الأكيدر (1) لرسول الله صلى الله عليه وسلم جرة من منّ (2) فلما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة مرَّ على القوم فجعل يعطى كل رجل منهم قطعة فأعطى جابرًا قطعة ثم انه رجع اليه فأعطاه قطعة أخرى فقال انك قد أعطيتنى مرة، قال هذا لبنات عبد الله، (3). (عن أم كلثوم بنت أبى سلمة) (4) قالت لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة قال لها إنى قد أهديت إلى النجاشى حلة وآواقي من مسك ولا أرى (5) النجاشى إلا قد مات ولا أدرى (6) إلا هديتى مردودة علىّ فان ردت على فهى لك (7) قالت وكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ورّدت عليه هديته فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية مسك وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة (باب جواز هبة الرجل لأولاده وكراهة تفضيل بعضهم فى الهبة). حدّثنا هشيم (8) أنا سيّار وأخبرنا مغيرة أنا داود عن الشعبى واسماعيل بن سالم ومجالد عن الشعبى (9) عن النعمان بن بشير قال تحلنى (10) أبى نجلا قال اسماعيل بن سالم من بين القوم نحله غلامًا (11) قال فقالت له أمي

_ عن علي بن زيد عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (1) اسم ملك الروم وتقدم الكلام عليه فى شرح الحديث الثانى فى باب ما جاء فى قبول هدايا الكفار قبل باب (2) قال فى القاموس المن كل طل ينزل من السماء على شجر او حجر ويحلو وينعقد علا ويجف جفاف الصمغ كالشّبر خشت والنرّجين المعروف بالمن ما وقع على شجر البلوط اهـ (3) يعنى أخوات جابر بن عبد الله وأولاد عبد الله والد جابر (تخريجه) ام أقف عليه لغير الامام احمد، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه على بن زيد وهو ضعيف (4) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون قال ثنا مسلم بن خالد عن موسى بن عقبة عن أبيه عن ام كلثوم قال ابى وحدثنا حسين بن محمد قال ثنا مسلم فذكره وقال عن امه ام كلثوم صلى الله عليه وسلم بموت النجاشى بطريق الوحى كما تقدم فى باب الصلاة على الغائب من كتاب الجنائز (6) بضم الهمزة ويجوز فتحها لاحتمال ان تكون عليه او تكون ظنية (7) ظاهر قوله فهى لك يعنى الهدية كلها ولذلك استشكل يعضهم تقسيم المسك علة نسائه صلى الله عليه وسلم ولي الأمر كذلك: فإن المراد بقوله صلى الله عليه وسلم فهى لك يعنى الحلة لا الهدية كلها، فقد جاء فى سياق رواية ابن حبان ما يدل على ذلك وحينئذ فلا إشكال: افاده الحافظ فى الإصابة (تخريجه) (حب) وابن منده واورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفيه مسلم بن خالد الزنجى وثقه ابن معين وغيره وضعفه جماعة، وام موسى بن عقبة لم أعرفها وبقية رجاله رجال الصحيح (باب). (غريبه) (8) هشيم بضم اوله مصغرًا هو ابن بشير السلمى (وسيار) بفتح المهلمة وتشديد التحتية هو الغنوى بفتح الغين المعجمة والنون (ومغيرة) هو ابن مقسم (9) يستفاد من هذا الشند ان هشيمًا روى هذا الحديث من هذه الطرق جميعها عن الشعبى (والشعبى بفتح الشين المعجمة وسكون المهملة) اسمه عامر بن شراحيل الحميرى ابو عمرو الكوفى الامام من رجال الصحيحين (10) اى اعطانى ووهبى لى (نحلّا) بضم النون اى عطية (11) معناه انه لم يبين احد من الرواه نوع العطية إلا اسماعيل بن سالم فانه قال نحله غلامًا وسيأتى فى بعض طرق الحديث ما يؤيد ذلك من حديث جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قلت

-[ما جاء في هبة الرجل لأولاده وعدم تفضيل بعضهم على بعض فى الهبة]- عمرة بنت رواحة (1) أئت النبى صلى الله عليه وسلم فأشهده، قال فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال انى نحلت ابنى النعمان نحلًا وان عمرة سألتنى أن أشهدك على ذلك، فقال ألك ولد سواه؟ قال قلت نعم، قال فكلهم أعطيت مثل ما أعطيت النعمان؟ فقال لا، فقال بعض هؤلاء المحدثين (2) هذا جوز، وقال بعضهم هذا تلجئة (3) فأشهد على هذا غيرى، وقال مغيرة فى حديثة أليس يسرك أن يكونوا لك فى البر واللطفة (4) سواء؟ قال نعم، قال فأشهد على هذا غيرى وذكر مجالد (5) فى حديثه إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم كما أن لك عليهم من الحق أن يبروك (ومن طريق ثان) (6) عن النعمان بن بشير أيضًا قال سألت أمى أبى بعض الموهبة لى فقالت لا أرضى حتى تشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فأخذنى أبى بيدى وأنا غلام وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أن أم هذا ابنة رواحة زاولتنى (7) على بعض الموهبة (8) له وانى قد وهبتها له وقد أعجبها أن أشهدك، قال يثير ألك ابن غير هذا؟ قال نعم قال فوهبت له مثل الذى وهبت لهذا؟ قال لا، قال فلا تشهدنى إذا فانى لا أشهد على جور (9) (وفى رواية) فقال أكل ولدك قد نحلت؟ قال لا، قال فأورده (10) (وفى لفظ) قال فارجعها (11) وفى لفظ آخر) قال فسوّ بينهم. (وعنه أيضًا) (12) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعدلوا بين أبنائكم (13) (وفى لفظ) قاربوا بين أبنائكم يعنى سوّوا بينهم. (عن جابر بن عبد الله) (14) قال قالت امرأة بشير انحل ابنى غلامك وأشهد لى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن ابنة فلان (15) سألتني أن أنحل

_ امرأة فبشير انحل ابنى غلامك وأشهد لى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (1) هى اخت عبد الله بن رواحة شاعر النبى صلى الله عليه وسلم (2) يعنى الذين رووا هذا الحديث وتقدم ذكرهم فى السند (هذا جور) اى ميل عن الاستواء والاعتدال (3) التلجئة بكسر الجيم تفعلة من الإلجاء كأنه قدألجاك إلى ان تأتى امرًا باطنه خلاف ظاهره واحوجك الى ان تفعل فعلًا تكرهه، والمراد هنا ان امرأة بشير قد الجأته وحملته على فعل ما يكره (4) اى الرفق (5) هو ابن سعيد بن عمير الهمذانى (6) (سنده) حدّثنا. ابو يعلى انا ابو حيان عن الشعبى عن النعمان بن بشير قال سألت امى الخ (7) اى عالجتنى وحاولتنى (8) ايهم الموهبة ايضًا وتقدم فى الطريق الاولى وشرحها تفسير ما ابهم هنا وهو ان الموهبة كانت غلامًا وسيأتى فى حديث جابر ايضًا (9) اى ظلم او ميل، فمن لا يجوّز التفضيل بين الأولاد يفسره بالاول، ومن يجوّزه على الكراهة يفسره بالثانى (10) أى رد ما أعطيت وإلا فسوّ بينهم فى العطية (11) يعنى العطية أو سوّ بينهم، جاء فى رواية للبخارى قال فرجع فرد عطيته (تخريجه) (ق والأمامان. والأربعة) وغيرهم بألفاظ مختلفة والمعنى واحد. (12) (سنده) حدّثنا ابراهيم بن الحسن الباهلى وعبيد الله القواريرى ومحمد بن أبى بكر المقدى قالوا ثنا حماد بن زيد عن حاجب بن المفضل بن المهلب عن ابيه أنه سمع النعمان بن بشير يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (13) كررها ثلاثًا للتأكيد ومعناها التسوية بينهم فى العطية كما تقدم (تخريجه) (ق. وغيرهما). (14) (سنده) حدّثنا أبو النضر وحسن بن موسى قالا ثنا زهير ثنا أبو الزبير قال حسن فى حديثه عن أبى الزبير عن جابر الخ (15) يعني امرأته

-[النهي عن الرجوع فى الهبة الا لوالد من ولده]- ابنها غلامي وقالت وأشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أنه إخوة؟ قال نعم، فكلهم أعطيت مثل ما أعطيته؟ قال لا، قال فليس يصلح هذا وانى لا أشهد إلا على حق (1) (باب النهى أن يرجع الرجل فى هبته إلا الوالد). (عن ابن عباس) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس لنا مثل السّوء، العائد فى هبته كالكلب يعود فى قيئه (3). (عن ابن عمر وابن عباس) (4) رفعاه الى النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يحل لرجل (5) أن يعطى العطية فيرجع فيها الا الوالد فيما يعطى ولده (6)، ومثل الذى يعطى العطية (7) ثم يرجع كمثل الكلب أكل حتى إذا شبع قاء ثم رجع فى قيئه. (عن ابن عباس) (8) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انما مثل الذى يتصدق ثم يعود فى صدقته كما الذى يقىّ ثم يأكل قيئه. وعنه أيضًا) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العائد فى هبته كالعائد فى قيئه قال قتادة ولا أعلم القئ الا حرامًا. (10) (عن عمرو بن شعيب) (11) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يرجع فى هبته الا الوالد من ولده (12)، والعائد فى هبته كالعائد فى قيئه. (عن عمر رضي

_ عمرة بنت رواحة (1) تمسك به القائلون بوجوب التسوية بين الأولاد فى العطية لأن ضد الحق الباطل والباطل لا يجوز العمل به ولا الاشهاد عليه (تخريجه) (م د) انظر مذاهب الأئمة فى أحكام الهبة فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 216 فى الجزء الثانى (باب). (2) (سنده) حدّثنا اسماعيل أنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) معنى الحديث لا ينبغى لنا معشر المؤمنين أن تتثف بصة ذميمه يشابهنا فيها أخس الحيوانات فى أخس أحوالها كالمثل بالكلب العائد على قيئه، وقد يطلق المثل على الصفة الغريبة العجيبة الشأن سواء كان فى صفة مد أو ذم قال تعالى {للذين لا يؤمنون بالآخرة مثل السوء ولله المثل الأعلى} قال الحافظ ولعل هذا أبلغ فى الزجر عن ذلك (يعنى عن الرجوع فى الهبة) وأدل على التحريم مما لو قال لا تعودوا فى الهبة اهـ قال النووى هذا المثل ظاهر فى تحريم الرجوع فى الهبة والصدقة بعد إقباضها، وهو محمول على هبة الأجنبى لا ما وهب لولده وولد ولده كما صرح به فى حديث النعمان (تخريجه) (ق وغيرهما). (4) (سنده) حدّثنا يزيد أنا حسين بن ذكوان يعنى المعلم عن عمرو بن شعيب عن طاوس أن ابن عمر وابن عباس رفعاه إلى النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال الخ (غريبه) (5) ذكر النووى أن نفى الحل ليس بصريح فى إفادة الحرمة لأن المكروه يصدق عليه أنه ليس بحلال (6) يعنى فله الرجوع وهو مخصص لعموم الحديث السابق (7) المثل هنا بمعنى الصفة لا القول السائر وإن صار قوله صلى الله عليه وسلم فيما جاء فى أحاديث الباب (العائد على هبته كالعائد فى قيئه مثلًا سائرًا (تخريجه) (قع هق والاربعة) وصححه الترمذى، وأخرجه أيضًا (حب ك) وصححاه. (8) (سنده) حدّثنا أحمد بن عبد الملك ثنا موسى بن اعين ثنا عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله عن سعيد بن المسيب قال سمعت ابن عباس يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تحريجه) (م جه) إلا أن ابن ماجه قال مثل الكلب يقئ ثم يرجع فيأكل قيئه. (9) (سنده) حدّثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن سعيد ابن المسيب عن ابن عباس الخ (غريبه) (10) قتادة هو أحد رجال السند يرى أن أكل القئ حرام (تخريجه) (ق د هق) وليس قول قتادة عند الشيخين. (11) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر عن سعيد عن عامر الأحول عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (12) فيه تخصيص لعموم الحديثين اللذين

-[قوله صلى الله عليه وسلم العائد فى هبته كالكلب يقئ ثم يعود فى قيئه]- الله عنه) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الذى يعود فى صدقته كمثل الذى يعود فى قيئه. (عن عبد الله بن طاوس) (2) عن أبيه قال كنا نقول ونحن صبيان العائد فى هبته كالكلب يقئ ثم يعود فى قيئه ولن نعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب فى ذلك مثلًا حتى حدثنا ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العائد فى هبته كالكلب يقئ ثم يعود فى قيئه. (عن أبى هريرة) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثل الذى يعود فى عطيته كمثل الكلب يأكل حتى اذا شبع قاء ثم عاد فى قيئه فأكله. (عن عمرو بن شعيب) (4) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثل الذى يسترد ما وهب كمثل الكلب يقئ فيأكل منه، واذا استرد الواهب فليوقف (5) بما استرد ثم ليرد عليه ما وهب (أبواب العمرى) (6) والرقى) (باب ما جاء فى جوازهما). (عن ابن عباس) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعمر عمرى فهى لمن أعمرها (8) جائزة، ومن أرقب رقى فهي لمن

_ قبله (تخريجه) (فع نس جه هق) ورجال اسناده ثقات، ويؤيده ما تقدم من أحاديث الباب. (1) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر الخ (تخريجه). (ق. وغيرهما) (2). (سنده) حدّثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه الخ (تخريجه) (نس) وسنده جيد. (3) (سنده) حدّثنا عبد الواحد بن عوق عن خلاس (بكسر المعجمة وتخفيف اللام) عن أبى هريرة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله كلهم ثقات إلا أن أبا داود قال لم يسمع خلاس من على وسمعت أحمد يقول لم يسمع من ابى هريرة اهـ قال فى التهذيب حديثه عنه عند البخارى مقرونًا والله أعلم (4) (سنده) حدّثنا أبو بكر الحنفى أنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبه) (5) معناه إذا رجع فى هبته فليؤل عن سببه ثم يؤد عليه هبته لعلمه وهب ليثاب عليه فلم يثب فيرجع لذلك فيمكن حينئذ أن يثاب حتى لا يرجع والله تعالى اعلم، وهذا الحديث ظاهر فى أنه إذا رجع يرد عليه هبته كما هو مذهب أبى حنيفة رحمه الله تعالى فى فتح الودود (تخريجه) قال المنذرى أخرجه (نس جه) بنحواه اهـ (قلت وسكت عنه أبو داود والمنذرى (أبواب العمرى والرّثقى) (6) العمرى بضم العين المهملة وسكون الميم مع القصر قال الحافظ وحكى ضم الميم مع ضم أوله، وحكى فتح أوله مع السكون مأخوذ من العمر اهـ قال فى النهاية يقال أعمرته الدار عمرى أى جعلها له يسكنها مدة عمر، فاذا مات عادت إلىّ، وكذا كانوا يفعلون فى الجاهلية فأبطل ذلك وأعلمهم أن من أعمر شيئًا أو أرقبه فى حياته فهو لورثته من بعده، وقد تعاضدت الروايات على ذلك، والفقهاء فيها مختلفون فمنهم من يعمل بظاهر الحديث ويجعلها تمليكًا، ومنهم من يجعلها كالعارية، ويتأول الحديث اهـ (والرقى) على وزن حبلى: قال فى النهاية الرقى هو أن يقول الرجل للرجل قد وهبت لك هذه الدار فإن مت قبلى رجعت إلىّ، وإن مت قبلك فهى لك، وهى فعلى من المراقبة لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه اهـ فيستفاد من ذلك أنهما مختلفان متحدان فى الحكم عند الجمهور، قال القارى الرقى لا تصح عن أبى حنيفة ومحمد، وتصح عند أبى يوسف رحمهم الله اهـ (باب). (7) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا حجاج عن أبى الزبير عن طاوس عن ابن عباس الخ (غريبه) (8) بضم الهمزة مبنى للمفعول (وقوله جائزة) أى مستمرة إلى الأبد لا رجوع لها إلى المعطي أصلًا

-[ما جاء في جواز العمرى والرّقى]- أرقبها (1) جائزة، ومن وهب وهبة ثم عاد فيها فهو كالعائد فى قيئه. (عن أبى هريرة) (2) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال العمرى ميراث (3) لأهلها. أو جائزة (عن جابر بن عبد الله) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العمرى جائزة لأهلها، والرقى جائزة لأهلها. (عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده) (5) أن رجلًا قال يا رسول الله انى أعطيت أمى حديقة (6) حياتها وأنها ماتت فلم تترك وارثًا غيرى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبت صدقتك (7) ورجعت اليك حديقتك (8) (باب ما جاء فى النهى عنهما). (عن ابى عمر) (9) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى (10) وقال من أرقب فهو له. (عن أبى هريرة) أن النبي

_ (1) بضم الهمزة مبنى للمفعول ايضًا (وقوله جائزة) اى مستمرة الى الأبد كما تقدم فى العمرى بخلاف ما كان عليه أهل الجاهلية من اشتراط الرجوع فى العمرى إلى صاحبها الأول بعد موت الثانى، ومن الرجوع فى الرقى إلى تأخر موته عن صاحبه، وقد جعلهما الشرع بمنزلة الهبة لا يصح الرجوع فيها، ولذلك قال (ومن وهب هبة ثم عاد فيها فهو كالعائد فى قيئه) وتقدم شرح ذلك فى الباب السابق (تخريجه) (نس) وقال الحافظ إسناده صحيح (2) (سنده) حدّثنا يحيى عن ابن أبى عروبة عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن نهيك عن أبى هريرة الخ (غريبه) (3) أى ميراث لمن وهبت له سواء أطلقت أو قيدت بعمر الآخذ أو ورثته أو المعطى كما ذهب اليه الجمهور (وقوله أو جائزة الخ) أو للشك من الراوى يشك هل قال ميراث أو جائزة ومعنى كونها جائزة أى عطية غير ممنوعة شرعًا لأنها من البر والمعروف، وللامام احمد رواية أخرى من هذا الطريق أيضًا عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العمرى جائزة، وعند الامام احمد أيضًا عن سمرة بن جندب مثل روايتى أبى هريرة (تخريجه) أخرج الرواية الأولى (ق. وغيرهما) وأخرج من الرواية الثانية (م. وغيره). (4) (سنده) حدّثنا هشيم أنا داود عن أبى الزبير عن جابر الخ (تخريجه) (م والأربعة) ورواه الامامان عن جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما رجل أعمر عمرى له ولعقبه فانها للذى يعطاه لا ترجع الى الذى أعطاها لأنه أعطى عطاء وقعت فيه المواريث. (5) (سنده) حدّثنا زكريا بن عدى ثنا عبيد الله عن عبد الكريم عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (6) الحديقة ما أحاط به البناء من البساتين وغيرها، ويقال للقطعة من النخل حديقة وان لم يكن محاطًا بها والجمع الحدائق (نه) (7) أى تمت ونفذت (8) أى رجعت إليك بسبب لا دخل لك فيه وهو الميراث والمراد أنها ما حصل فيها شئ تؤاخذ عليه بسبب رجوعها إليك بالميراث (تخريجه) (جه) قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه إسناده صحيح عند من يحتج بحديث عمرو بن شعيب اهـ (قلت) احتج به الجمهور ووثقه النسائى، وقال الحافظ أبو بكر بن زياد صح سماع عمرو من أبيه وصح سماع شعيب عن جده عبد الله بن عمرو بن العاص وكذلك قال البخارى، مات سنة ثمانى عشرة ومائة رحمه الله تعالى (باب). (9) (سنده) حدّثنا وكيع عن يزيد عن حبيب بن أبى ثابت عن ابن عمر الخ (غريبه) (10) هذا نهى إرشاد لا ينافى ما تقدم فى الباب السابق من قوله صلى الله عليه وسلم والرقبى جائزة ومعناه لا يليق بالمصلحة أن تجعلوا دياركم وأموالكم رقى، فان كنتم ولا بد فاعلين فاعلموا أن من أرقب (بضم الهمزة مبنى للمفعول) شيئًا فهو له لا يعود إليكم فى حياته وبعد مماته (تخريجه) (نس) ورجاله ثقات (11) (سنده) حدّثنا سليمان (يعنى ابن داود) أنبأنا اسماعيل (يعنى ابن جعفر) حدثني محمد بن

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا عمرى ولا رقبى وشرح ذلك]- صلى الله عليه وسلم قال لا عمرى فمن أعمر شيئًا فهو له (1). (حدّثنا محمد بن بكر) (2) وعبد الرازق قالا أنا ابن جريج أخبرنى عطاء عن حبيب بن أبى ثابت عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عمرى ولا رقبى (3) فمن أعمر شيئًا أو أرقبه فهو له حياته، ومماته (4). قال ابن بكر فى حديثه قال عطائ والرقبى هى أيضًا للآخرة (5) قال عبد الرازق منى ومنك. (عن جابر بن عبد الله) (6) قال قال النبى صلى الله عليه وسلم أمسكوا عليكم أموالكم ولا تعطوها أحدًا (7) فمن أعمر شيئًا فهو له (زاد فى رواية) فلا تفسدوها فإنه من أعمر عمرى فهى للذى أعمرها حيًا وميتًا ولعقبه. (عن زيد بن ثابت) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعمر عمرى فهى لمعمره (9) محياه ومماته، لا ترقبوا (10) فمن أرقب شيئًا فهو سبيل الميراث (باب ما جاء فى تفسير العمرى ولمن يكون القضاء بها). (عن جابر بن عبد الله) (11) قال انما العمرى الى أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول هى لك ولعقبك: فأما اذا قال فهى لك فانها ترجع الى صاحبها (12) (وعنه أيضًا) رضى الله عنه (13) أن رجلًا من الأنصار

_ عمرو عن أبي سلمة عن أبى هريرة الخ (غريبه) (1) أعمر بضم الهمزة مبنى للمفعول ومعناه كالذى قبله سواء بسواء (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد. (2) حدّثنا محمد بن بكر الخ) (غريبه) (3) اى لا ينبغى فعلهما نظرًا الى المصلحة لمن حالته لا تسمح له بذلك فانه لا رجوع للواهب فيهما (وقوله فمن أعمر شيئًا أو ارقبه) بضم الهمزة فيهما مبنى للمفعول (4) أى مدة حياته وبعد موته لورثته (5) بكسر الخاء المعجمة أى للآخر منا موتًا كما بينه عبد الرازق بقوله منى ومنك يعنى ان مت قبلك فهى لك وان مت قبلى فهى لى، وهذا بيان لما كان عليه أهل الجاهلية فأبطل الشرع ذلك وجعلها لمن وهبت له ولورثته من بعده سواء تقدم موته أو تأخر والله أعلم (نس) ورجاله ثقات (6) (سنده) حدّثنا عبد الرازق أنا سفيان عن أبى الزبير عن جابر الخ (غريبه) (7) المراد بهذا النهى إعلامهم أن العمرى هبة صحيحة ماضية يملكها الموهوب له وورثته من بعده كما يستفاد من الرواية الثانية ملكًا تامًا لا يعود ألى الواهب أبدًا فذا علموا ذلك فمن شاء أعمر ودخل على بصيرة، ومن شاء ترك لأنهم كانوا يتوهمون انها كالعارية يرجع فيها: وهو حجة للشافعى وموافقيه (تخريجه) (م هق. وغيرهما). (8) (سنده) حدّثنا عبد الله بن الحارث عن شبل عن عمرو بن دينار عن طاوس عن حجر المنذرى عن زيد بن ثابت الخ (غريبه) (9) بضم الميم الاولى وفتح الثانية اسم منقول من أعمر (وقوله محياه ومماته) بفتح الميمين اى مدة حياته وموته (10) بضم التاء والمثناة وكسر القاف بينهما راء ساكنة من ارقب اى لا تجعلوها رقبى فهذا نهى لكن علله بقوله (فمن ارقب شيئًا) بضم الهمزة وكسر القاف على بناء المفعول (فهو سبيل الميراث) اى إذا مات إذا مات يكون لورثته لا يرجع إلى الواهب (تخريجه) (د نس جه حب هق) وسنده جيد (باب) (11) (سنده) حدّثنا عبد الرازق انا معمر عن الزهرى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (12) زاد مسلم قال معمر وكان الزهرى يفتى به اهـ (قلت) وبه قال مالك والشافعى فى القديم، انظر أحكام العمرى والرقى ومذاهب الأئمة فى كتابى القول الحسن فى شرح بدائع المنن صحيفة 218 و 219 الجزء الثانى (تخريجه) (م د هق) (13) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثنى حميدح وروح قال ثنا سفيان الثوري عن

-[العمرّى والرقبى لمن أعطيها (بضم الهمزة وكسر الطاء) ولورثته من بعده]- أعطى أمه حديقة (1) من نخل حياتها فماتت فجاء اخوته فقالوا نحن فيه شرع (2) سواء فأبى فاختصموا إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقسمها بينهم ميراثَا (3). (عن سليمان بن يسار) (4) أن أميرًا كان بالمدينة يقال له طارق (5) قضى بالعمرى للوارث على قول جابر بن عبد الله عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (6) (عن زيد بن ثابت) (7) أن النبى صلى الله عليه وسلم جعل العمرى (وفى لفظ قضى بالعمرى) للوارث (8) (حدّثنا عبد الرازق) (9) ومحمد بن بكر قالا أنبأنا جريج أخبرنى ابن شهاب الزهرى عن حديث أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن جابر بن عبد الله الانصارى أخبرنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أيما رجل أعمر رجلًا عمرى له ولعقبه فقال قد أعطيتكما وعقبك ما بقى منكم أحد فانما هى (10) قال ابن بكر لمن اعطاها وقال عبد الرازق (11) لمن أعطيها وأنها لا ترجع إلى صاحبها (12) من أجل أنه أعطاها عطاء وقعت فيه المواريث (13) (كتاب الوقف (14)) (باب مشروعية الوقف وفضله ووقف المشاع والمنقول). (عن أبى هريرة) (15) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إذا مات

_ حميد بن قيس الأعرج عن محمد بن ابراهيم عن جابر بن عبد الله أن رجلًا من الأنصار اعطى امه الخ (غريبه) (1) تقدم تفسير الحديقة وهى البستان يكون عليه الحائط، فعليه بمعنى مفعولة لأن الحائط احدق بها أى أحاط ثم توسعوا حتى أطلقوا الحديقة على البستان وإن كان غير حائط (2) بفتح الشين المعجمة والراء (وقوله سواء) تفسير لشرع أى سواء ومثل ذلك فى القاموس (3) أى على سبيل الميراث وهو حجة الجمهور فى عدم رجوع العطية إلى صاحبها الأول وان شرط ذلك (تخريجه) (د هق) وسكت عنه أبو داود والمنذرى، وقال ابن رسلان فى شرح السين ما لفظه وهذا الحديث رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ ويشهد لصحته أحاديث الباب المصرحة بأن المعمر والمرقب يكون أولى بالعين فى حياته وورثته من بعده. (4) (سنده) حدّثنا سفيان عن عمرو عن سليمان بن يسار الخ (غريبه) (5) هو طارق بن عمرو المكى الأموى امير المدينة لعبد الملك بن مروان (6) يعنى قوله صلى الله عليه وسلم فى حديث جابر المتقدم (فانه من أعمر عمرى فهى للذى أعمرها حيًا أو ميتًا ولعقبه) (تخريجه) (م هق). (7) (سنده) حدّثنا سفيان عن عمرو عن طاوس سعن حجر المدرى عن زيد بن ثابت الخ (غريبه) (8) أى لوارث المعمر بفتح الميم الثانية مبنى للمفعول (تخريجه) (بس جه هق) ورجاله ثقات (9) (حدّثنا عبد الرازق الخ) (غريبه) (10) أى العمرى (قال ابن بكر) يعنى فى روايته (لمن أعطاها) بضم الهمزة مبنى للمفعول (11) يعنى فى روايته (لمن أعطيها) بضم الهمزة وكسر المهملة وفتح التحتية مبنى للمفعول أيضًا والمعنى واحد (12) أى لا تصير إلى الذى أعطاها (بفتح الهمزة) (13) هذا التعليل مدرج فى الحديث من قول أبى سلمة كما صرح بذلك فى رواية لمسلم (تخريجه) (م نس هق) (كتاب الوقف) (14) هو فى اللغة الحبس يقال وقفت كذا بدون ألف على اللغة الفصحى اى حبسته، وفى الشريعة حبس الملك فى سبيل الله تعالى للفقراء وأبناء السبيل يصرف عليهم منافعه ويبقى أصله على مبك الواقف، وألفاظه وقفت وحبست وسبلت وأبدّت هذه صرائح ألفاظه، وأما كنايته فقوله تصدقت: واختلف فى حرّمت فقيل صريح وقيل غير صريح (باب). (15) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى الصدقة الجارية من كتاب الزكاة رقم 148 صحيفة 204 من الجزء

-[ما جاء في مشروعية الوقف وفضله]- ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاثة، إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به (1) أو ولد صالح يدعو له (عن ابن عمر) (2) أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أضاب أرضًا من يهود بنى حارثة (3) يقال لها ثمغ (4) فقال يا رسول الله إنى أصبت مالًا نفيسًا أريد أن أتصدق به (5) قال فجعلها صدقة لا تباع ولا توهب ولا تورث يليها ذوو الرأى (6) من آل عمر فما عفا (7) من ثمرتها جعل في سبيل الله تعالى وابن السبيل وفى الرقاب والفقراء ولذى القربى والضيف وليس على من وليها جناح أن يأكل بالمعروف أو يؤكل صديقًا غير متمول (8) منه، قال حماد فزعم عمرو بن دينار أن عبد الله بن عمر كان يهدى إلى عبد الله بن صفوان (9) منه، قال فتصدقت حفصة بأرض لها على ذلك (10) وتصدق ابن عمر بأرض له على ذلك ووليتها حفصة (11). (وعنه أيضًا) (12) أنه قال أول صدفة كانت فى الإسلام صدقة عمر، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم احبس أصولها وسبل ثمرتها (13) (وعنه أيضًا) (14) أن النبى صلى الله عليه وسلم حمى النقيع للخيل، قال حماد فقلت له

_ التاسع وإنما ذكرته هنا لأن العلماء فسروا الصدقة الجارية بالوقف (1) المراد به العلم الذى يتوصل به إلى فهم كتاب الله وسنة رسوله وهو أنفع العلوم، أو العلم الدنيوى الذى يعود على الناس بالمنفعة كعلم الطب ونحوه. نسأل الله عزوجل التوفيق إلى إتمام مقصودنا والاخلاص فى أعمالنا والعمل بما نعلم آمين (2) (سنده) حدّثنا يونس ثنا حماد يعنى ابن زيد ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (3) جاء فى رواية بخيبر (4) بفتح المثلثة والميم، وقيل بسكون الميم وبعدها غين معجمة (5) جاء فى الحديث التالى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم احبس أصولها وسبل ثمرتها وسيأتى شرحه (6) أى ذوو العقل وأصحاب الرأى الصائب (7) أى ما فضل بعد الانفاق عليها، قال الجوهرى عفو المال ما يفضل عن النفقة وقال الحربى العفو أجل المال وأطيبه وكلاهما جائز فى اللغة: والأول أشبه بهذا الحديث والله أعلم (متمول) أى غير متخذ منها مالًا أو ملكًا، قال الحافظ والمراد أن لا يمتلك شيئًا من رقابها (9) قال الحافظ في التقريب: عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحى أبو صفوان المكى ولد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم ولأبيه صحبة مشهورة وقتل مع ابن الزبير وهو متعلق بأستار الكعبة سنة ثلاث وسبعين ذكره سعد فى الطبقة الأولى من التابعين اهـ وإنما كان ابن عمر يهدى منه أخذًا بالشرط المذكور وهو أن يؤكل صديقًا الخ يحتمل أن يكون إنما أطعمهم من نصيبه الذى جعل له أن يأكل منه بالمعروف فكان يؤخذ ليهدى لأصحابه منه والله اعلم (10) أى على شرط عمر (وتصدق ابن عمر بأرض له على ذلك) أى على شرط عمر أيضًا (11) أى بنت عمر رضى الله عنهما أى وليت أرضها، ويحتمل عود الضمير إلى أرضها وأرض أخيها عبد الله ابن عمر (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (12) (سنده) حدّثنا حماد أنا عبد الله (يعنى العمرى) عن نافع عن ابن عمر قال أول صدقة كانت فى الإسلام الخ (غريبه) (13) معناه احبس عينها لا يجوز فيها بيع ولا رهن ولا أي تصرف (وسبل ثمرتها) أى تصدق بمنافعها من ثمر ونحوه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وفى إسناده عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم العمرى تكلم فيه بعضهم وقال ابن عدى لا بأس به. (14) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الحمى لدواب بيت المال فى كتاب إحياء الموات فى هذا الجزء ص 139 رقم 438 وإنما ذكرته هنا لقوله {حمى النقيع للخيل} أى جعله وقفًا على خيل المسلمين

-[وقف أبي طلحة الأنصارى رضى الله عنه]- لخيله؟ قال لا، لخيل المسلمين. (عن أنس بن مالك) (1) قال كان أبو طلحة أكثر الأنصار بالمدينة مالًا وكان أحب أمواله إليه بيرحاء (2) وكانت مستقبلة المسجد، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب، قال أنس فلما نزلت (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) قال أبو طلحة يا رسول الله إن الله يقول (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وإن أحب أموالى إلى بيرحاء وانها صدقة لله أرجو بها برها وذخرها عند الله تعالى فضعها يا رسول الله حيث أراك الله فقال النبى صلى الله عليه وسلم بخ بخ (3) ذاك مال رابح. ذاك مال رابح (4)، وقد سمعت، وأنا أرى أن تجعلها فى الأقربين فقال أبو صلحة افعل (5) يا رسول الله فقسمها أبو طلحة فى أقاربه وبنى عمه (6) (باب ما وقف مسجدًا أو بئرًا لا يكون له فيها الا ما لكل مسلم وأجره على الله عز وجل). (ز) (وعن ثمامة بن حزن) (7) القشيرى قال شهدت الدار يوم عثمان (8) رضى الله عنه فطلع عليهم اطلاعة (9) فقال ادعو لى صاحبيكم اللذين ألّباكم علىّ (10) فدعيا له، فقال نشدتكما الله (11) أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ضاق المسجد بأهله فقال من يشترى هذه البقعة

_ التي ترصد للجهاد ونحوه. (1) (سنده) حدّثنا روح حدّثنا مالك عن اسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة سمع أنس بن مالك قال كان أبو طلحة الخ (غريبه) (2) بفتح الباء الموحدة وسكون الياء التحتية وفتح الراء وبالحاء المهملة والمد كذا ضبطه الحافظ، ثم قال وجاء فى ضبطه أوجه كثيرة جمعها ابن الأثير فى النهاية اهـ وكانت تلك الأرض أو البقعة (مستقبلة المسجد) أى فى قبلى المسجد النبوى (3) باسكان الخاء المعجمة كسكون للام فى هل وبل، وهى كلمة تقال عند الرضا بالشئ، وتنون الخاء مكسورة وتخفف فى الأكثر قاله النوى وغيره، وقال الحافظ إذا كررت فالاختيار أن تنون الأولى وتسكن الثانية وقد يسكنان جميعًا، ومعناهما تفخيم الأمر والإعجاب به (4) بالباء الموحدة أى ذو ربح يربح صابحه فيه الآخرة (وقوله قد سمعت) زاد البخارى (ما قلت) (5) بضم لام افعل على انه من قول أبى طلحة (6) جاء فى رواية البخارى فجعلها أبو طلحة فى ذوى رحمه وكان منهم حسان وأبىّ بن كعب رضى الله عنهم أجمعين (تخريجه) (ق لك. وغيرهم) (باب). (ز) (7) (سنده) قال عبد الله بن الامام أحمد حدثنى محمد بن بكر بن على المقدمى ثنا محمد بن عبد الله الانصارى ثنا هلال بن حق عن الجريرى عن ثمامة بن حزن الخ (غريبه) (8) أى لما حاصره المصريون الذين أنكروا عليه تولية عبد الله بن سعد بن أبى سرح واتهموه بالإيعاز إلى عبد الله بن سعد بقتل محمد بن أبى بكر ومن معه والقصة مشهورة فى كتب التاريخ (9) يعنى أنه أشرف على من حاصروه (10) أى حرضاكم على حربى ولم يصرح باسمهما فى هذه الرواية: والظاهر أنهما محمد بن أبى بكر الصديق ومحمد بن أبى حذيفة فقد جاء فى تاريخ ابن كثير (البداية والنهاية) أنه نشأ بمصر ط ثقة من أبناء الصحابة يؤليون الناس على حرب عثمان والإنكار عليه قال وكان عظم ذلك مسندًا الى محمد بن أبى بكر ومحمد بن أبى حذيفة حتى استنفروا نحوًا من ستمائة راكب يذهبون الى المدينة فى صفة معتمرين فى شهر رجب لينكروا على عثمان اهـ (11) أى سألتكما بالله يقال نشدت فلانًا أنشده إذا قلت له نشدتك الله (وقوله أتعلمان الخ بالتثنية يخاطب

-[ما وقفه عثمان بن عفان رضى الله عنه وفيه منقبة له]- من خالص ماله فيكون فيها كالمسلمين وله خير منها الجنة، فاشتريتها من خالص مالى فجعلتها بين المسلمين وأنتم تمنعونى أن أصلى فيها ركعتين، ثم قال أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة لم يكن فيها بئر يستعذب منه الا (1) رومة فقا رسول الله صلى الله عليه وسلم من يشتريها من خالص ماله فيكون دلوه فيها كدلىّ المسلمين وله خير منها فى الجنة؟ فاشتريتها من خالص مالى فأنتم تمنعونى أن أشرب منها، ثم قال هل تعلمون أنى صاحب جيش العسرة؟ (2) قالوا اللهم نعم (3) (كتاب الوصايا (4)) (باب الحث على الوصية والنهى عن الحيف فيها وفضيلة التنجيز حال الحياة. (عن نافع عن ابن عمر) (5) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ما حق أمرى. (6) يبيت ليلتين

_ الشخصين الذين ألبا عليه ومعناه ألم يبلغكما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (1) أى يطلب منه الماء العذب إلا (رومة) بضم الراء وسكون الواو وقيل بالهمزة بئر عظيم شمالى مسجد القبلتين بوادى العقيق ماؤه عذب لطيف يسميها العامة بئر الجنة لترتب دخول الجنة لعثمان على شرائها قاله الدهلوى فى اللمعات (2) يعنى غزوة تبوك وهى آخر غزواته صلى الله عليه وسلم وسميت جيش العسرة لأنها كانت فى زمان اشتداد الحر والقحط وقلة الزاد والماء والمركب بحيث تعسر عليهم الخروج من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم أى كادت تميل قلوب بعضهم إلى التخلف عن هذه الغزوة وعدم اتباع النبى صلى الله عليه وسلم فيها لكثرة أهوالها (وللإمام احمد والترمذى) من حديث عبد الرحمن بن خباب السلمى قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة فقال عثمان بن عفان علىّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها: قال ثم حث فقال عثمان علىّ مائة أخرى بأحلاسها واقتابها، قال ثم نزل مرقاة من المنبر ثم حث فقال عثمان بن عفان علىّ مائة أخرى بأحلاسها واقتابها، قال فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم يقول بيده هكذا واخرج عبد الصمد (احد الرواة) يده كالممتعجب، (ما على عثمان ما عمل بعد هذا) وللامام احمد احاديث كثيرة فى هذا الباب عن كثير من الصحابة ستأتى فى غزوة تبوك، وفى مناقب عثمان فى خلافته من كتاب الخلافة والإمارة إن شاء الله تعالى رضى الله عنه (3) فى رواية للنسائى من حديث الأحنف بن قيس أن الذين صدقوه بذلك هم على بن أبى طالب وطلحة والزبير وسعد بن أبى وقاص رضى الله عنهم (تخريجه) (ش مذ) وحسنه الترمذى، أنظر مذاهب الأئمة وأحكام الوقف فى الجزء الثانى من كتاب القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 219 و 220 والله الموفق (4) قال الحافظ الوصايا جمع وصية كالهدايا وتطلق على فعل الموصى وعلى ما يوصى به من مال أو غيره من عهد ونحوه فتكون بمعنى المصدر وهو الايصاء، وتكون بمعنى المفعول وهو الاسم، (وفى الشرع) عهد خاص مضاف إلى ما بعد الموت وقد يصحبه التبرع وتطلق شرعًا أيضًا على ما يقع به الزجر عن المنهيات والحث على المأمورات اهـ (باب) (5) (سنده) حدّثنا اسماعيل ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (6) ما نافية بمعنى ليس والخبر ما بعد إلا (وقوله يبيت) صفة لامرئ كما جزم به الطيبى (وقوله ليلتين) لم يرد بذلك التحديد فقد جاء فى بعض الروايات ليلة، وفى الحديث التالى ثلاثًا، قال الطيبى فى تخصيص الليلتين والثلاث بالذكر تسامح فى إرادة المبالغة أى لا ينبغى أن يبيت زمنًا وقد سامحناه فى الليليتين والثلاث فلا ينبغى له أن يتجاوز ذلك، قال العلماء لا ينبغى أن يكتب جميع

-[الحث على الوصية قبل الموت والتحذير من الجور فيها]- وله ما يريد أن يوصى فيه إلا ووصيته مكتوبة عنده. (عن سالم عن أبيه) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حق امرئ مسلم له مال يوصى فيه يبيت ثلاثًا إلا ووصيته عنده مكتوبة قال عبد الله (2) فما بت ليلة منذ سمعتها إلا ووصيتى عندى مكتوبة. (عن أبى هريرة) (3) قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى الصدقة أفضل؟ قال لتنبأن (4) أن تتصدق وأنت صحيح (5) شحيح تأمل البقاء (6) وتخاف الفقر ولا تمهل (7) حتى إذا بلغت الحلقوم قلت لفلان كذا ولفلان كذا ألا وقد كلن لفلان (8) (عن شهر بن حوشب) (9) عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل ليعمل بعمل أهل الخير سبعين شنة فإذا أوصى حاف (10) فى وصيته فيختم له بشر عمله فيدخل النار (11)، وإن الرجل ليعمل بعمل أهل الشر سبعين سنة فيعدل فى وصيته (12) فيختم له بخير عمله فيدخل الجنة

_ الأشياء المحضرة ولا ما جرت العادة بالخروج منه والوفاء به عن قرب، قال الشافعى رحمه الله معنى الحديث ما الحزم والاحتياط للمسلم إلا أن تكون وصيته مكتوبة عنده اهـ وكذا قال الخطابى (تخريجه) (ق. والأربعة. والامامان) (1) (سنده) حدّثنا كثير بن هشام ثنا جعفر بن برقان ثنا الزهرى عن سالم عن أبيه الخ (قلت) أبو سالم هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهم (غريبة) (2) يعنى ابن عمر رضى الله عنهما (تخريجه) (ق. والأربعة والامامان) وجاء فى رواية أخرى للامام احمد عن نافع عن ابن عمر أيضًا مرفوعًا بلفظ (حق على كل مسلم أن يبيت ليلتين وله ما يوصى فيه إلا ووصيته مكتوبة عنده. (3) (سنده) حدّثنا جرير بن عبد الحميد عن عمارة بن القعقاع عن أبى زرعة عن أبى هريرة الخ (غريبه) (4) بضم التاء المثناة وفتح النون بعدها باء موحدة مشددة ثم همزة مفتوحة ثم نون مشددة من النبأ، وفى رواية أخرى للامام احمد أيضًا بلفظ (قال تصدق وأنت صحيح شحيح الخ) بلفظ الأمر (5) أى صحيح البدن (شحيح) قال فى النهاية الشح أشد البخل وهو أبلغ فى المنع من البخل: وقيل هو البخل مع الحرص اهـ وقال ابن بطال وغيره لما كان الشح غالبًا فى الصحة فالسماح فيه بالصدقة أصدق فى النية وأعظم للأجر بخلاف من يئس من الحياة ورأى مصير المال لغيره (6) بضم الميم أى تطمع فى البقاء (7) بالاسكان على أنه نهى وبالضم على أنه نفى أى لا نؤخر الوصية إلى وقت الموت واليأس من الحياة، وهذا معنى قوله حتى إذا بلغت الحلقوم أى قاربت الروح بلوغه إذ لو بلغته حقيقة لا يمكنه الوصية ولا يصح شئ من تصرفاته، والحلقوم الحلق وهو مجرى الطعام والشراب (8) قال الحافظ الظاهر أن هذا المذكور على سبيل المثال (يعنى قوله لفلان كذا الخ) والله اعلم (تخريجه) (ق د نس جه) وتقدم نحوه عن أبى هريرة أيضًا فى باب أفضل الصدقة من أبواب صدقة التطوع آخر كتاب الزكاة فى الجزء التاسع صحيفة 163 رقم 209 (9) (سنده) حدّثنا عبد الرازق أنا معمر عن أيوب عن أشعت بن عبد الله عن شهر بن حوشب عن أبى هريرة الخ (غريبه) (10) من الحيف وهو الظلم والجور يقال حاف يحيف جار وظلم وسواء كان حاكمًا أو غير حاكم فهو حائف، والمراد بالجور هنا أن يزيد على الثلث فى الوصية أو يقصد حرمان الأقارب أو يقر بدين لا أصل له أو نحو ذلك (11) أى يستحق دخول نار جهنم إن لم يدركه الله بلطفه (12) كأن يوصى بالثلث للأقارب المحرومين من الميراث أو الفقراء والمساكين إن لم يكن له أقارب كذلك وأن يعترف بما عليه

-[من أوصى بصدقة من ماله ولم يعين سبيلها فأين توضع]- قال ثم يقول أبو هريرة واقرءوا إن شئتم (تلك حدود الله (1) - إلى قوله - وله عذاب مهين) (عن أبي حبيبة الطائي) (2) قال أوصى إلىّ أخي بطائفة من ماله (3) قال فلقيت أبا الدرداء فقلت أنا أخي أوصاني بطائفته من ماله فأين أضعه؟ في الفقراء أو في المجاهدين أو في المساكين؟ قال أما أنا فلو كنت (4) لم أعدل بالمجاهدين، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول مثل الذي يعتق عند الموت (وفي لفظ مثل الذي يعتق أو يتصدق عند موته (5) مثل الذي يهدي إذا شبع (6) (زاد في رواية) قال أبو حبيبة فأصابني من ذلك شيء (عن حبكم بن قيس بن عاصم) (7) عن

_ من الحقوق لتؤدي لأربابها (1) هكذا جاء في رواية الإمام أحمد وابن ماجه مختصرًا لفظ القرآن، وتمامه (ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها وذلك الفوز العظيم، ومن يعصي الله ورسوله ويتعد حدوده يدخله نارًا خالدًا فيها وله عذاب مهين) وفي رواية أبي داود والترمذي قال وقرأ أبو هريرة من ههنا (من بعض وصية يوصي بها أو دين غير مضار - حتى بلغ ذلك الفوز العظيم وهذا لفظ أبي داود واختصر الآية وأشار إلى الآية وأشار إلى الآية التي بعدها وتمام الآية وصية من الله والله عليم حليم، تلك حدود الله، ومن يطع الله ورسوله الخ ما ذكرنا في الشرح آنفًا (تخريجه) (د مذجه هتي) وحسنه الترمذي والحافظ الهيثمي (2) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن أبي إسحاق عن أبي حبيبة الطائي الخ (غريبة) (3) في رواية أخرى للإمام أحمد أيضًا (أوصى رجل بدنانير في سبيل الله) وباجتماع هاتين الروايتين يستفاد أن الرجل الموصي هو أخو أبي حبيبة وأن المال دنانير وأنه ينفق في سبيل الله، ولما كان لفظ سبيل الله يتناول الفقراء والمساكين والمجاهدين وكل أعمال الخير لم يدرك أبو حبيبة أين يضمه فاستشار أبا الدرداء لأنه من الصحابة وأعلم منه بذلك (4) بضم التاء المثناة أي لو كنت مكانك لم أسوّ بالمجاهدين غيرهم بل أقدمهم على غيرهم، وإنما اختار أبو الدرداء إنفاق هذا المال في المجاهدين وإن كان لفظ سبيل الله يتناول كل أعمال الخير لكنه أظهر وأشهر في المجاهدين (5) أي عند نزول الموت به (6) معناه أن أفضل الصدقة إنما هي عند الطمع في البقاء في الدنيا والحرص على المال فيكون مؤثرًا لآخرته على دنياه صادرًا فعله عن قلب سليم ونية مخلصة، فإذا أخرها حتى حضره الموت كان استثارًا لدنياه على آخرته وتقديمًا لنفسه في وقت لا ينتفع به في دنياه فينقص حظه، فشبه تأخير الصدقة عن أواته ثم تداركه في غير أوانه بمن تفرد بالأكل واستأثر لنفسه ثم إذا شبع يؤثر به غيره، وإنما يحمد إذا كان عن إيثار حقيقة كما قال تعالى (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) والظاهر أن أبا الدرداء ذكر هذا الحديث لكونه علم أن الوصية صدرت من صاحبها عند موته، ولذلك قال أبو حبيبة (فأصابني من ذلك شيء) يعني من التأثر إشفافًا على أخيه والله أعلم (تخريجه) نس مذك هق) وقال الحاكم صحيح وأقره الذهبي وحسنه الحافظ والترمذي وصححه ابن حبان (7) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبه قال سمعت قتادة يحدث عن مطرف بن الشخير وحجاج قال حدثني شعبة قال حجاج في حديثه سمعت مطرف بن الشخير يحدث عن حكيم بن قيس بن عاصم عن أبيه الخ (قلت) أبوه قيس ابن عاصم، قال البخاري له صحبة، وقال ابن سعد كان حرّم الخمر على نفسه في الجاهلية ثم وفد على رسول الله في وفد بني تميم (سنة تسع) فأسلم فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذا سيد أهل الوبر وكان سيدًا

-[جواز وصية المريض بالثلث من ماله فأقل ومنعه من الزيادة]- أبيه أن أوصى ولده عند موته قال اتقوا الله عز وجل وسودّدوا (1) أكبركم فإن القوم إذا سودوا أكبرهم خلفوا أباهم، فذكر الحديث (2) وإذا مت فلا تنوجوا علىّ فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يتنح عليه (باب جواز تبرعات المريض من الثلث فأقل ومنعه من الزيادة عليه) (عن عامر بن سعد بن أبي وقاص) (3) عن أبيه قال كنت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حجة الوداع (4) مرضت مرضًا أضيفت (5) على الموت فعادني رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقلت يا رسول الله إن لي مالاً كثيرًا وليس يرثني إلا أبنه لي (6) فأوصى بثلي مالي (7) قال لا، قلت بشطر مالي؟ قال لا،

_ جوادًا: قال ابن حبان كان له ثلاثة وثلاثون ولدًا أهـ (غريبة) (1) أي أجعلوه سيدًا عليكم والسيد انطلق على الرب والمالك والشريف والفاضل والكريم والحليم ومتحمل أذي قومه والزوج والرئيس المقدم وأصله نم ساد يسود فهو سيود فقلبت الولد ياه لأجل الياء الساكنة قبلها ثم أدغمت (2) هكذا في الأصل (فذكر الحديث) وليس هذا من اختصاري (تخريجه) نس) مختصرًا على الشطر الثاني مختص بالنياحة وسنده جيد (باب) (3) (سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا معمر عن أزهري عن عامر بن سعد الخ (غريبة) (4) هكذا في هذا الرواية التصريح بحجة الوداع ومثلها عند الشيخين: لكن للإمام أحمد رواية أخرى من طريق سفيان بن عيينه عن الزهري عن عامر بن سعد عن قال مرضت بمكة عام الفتح مرضًا شديدًا أشفيت منه على الموت فذكر الحديث كما هنا: وهو يفيد أن مرض سعد كان عام الفتح (ويؤيده) ورواه الإمام أحمد أيضًا والبزار وللطبراني والبخاري في التاريخ وابن بعد نم حديث عمرو بن القارئ أن رسول الله قدم (يعني مكة عام الفتح) فخلف (بتشديد اللام) سعدًا مريضًا حيث خرج إلى حنين (يعني بعد فتح مكة) فلما قدم من جعوانة معتمرًا دخل عليه وهو وجع مغلوب قال يا رسول الله إن لي مالاً وإني أورث كلالة (الذي عليه الجمهور وهو المعتمد في معني الكلالة هو من والد له ولا ولد مطلقًا سواء كان ذكر أو أنثى) وفي آخر الحديث أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال يا عمرو بن القاري إن مات سعد بعدي فهاهنا فادفنه نحو طريق المدينة أهـ فكأنه (صلى الله عليه وسلم) أشار إلى البقيع، قال النووي في تذهب الأسماء واللغات توفي سعد بقصره بالعقيق على عشرة أميال وقيل سبعة من المدينة حمل على أعناق الرجال إلى المدينة وصلى عليه بالمدينة ودفن بالبقيع أهـ فيستفاد من رواية الإمام أحمد من طريق سفيان بن عيينة ومن حديث عمرو بن القارئ أن مرض سعد كان عام الفتح وأنه إذا ذاك يكن له أولاد قط لقوله (وإني أورث كلالة) وفي حديث الباب التصريح بأن مرضه كان في حجة الوداع كان له أبنه واحدة وهذا مشكل، وقد جمع الحافظ بين الروايتين بأن يكون ذلك وقع له مرتين مرة عام الفتح ولم يكن له أولاد قطورة عام حجة الوداع وكان له أبنه فقط والله أعلم (5) أي قاربته وأشرفت عليه (6) لم يكن لسعد وقتئذ من الأولاد إلا هذه البنت ثم خلف بعد ذلك أولادًا كثيرة ذكورًا وإناثًا، قال الحافظ كان لابن أبي وقاص عدة أولاد منهم عمر وإبراهيم ويحيي وإسحاق وعبد الله وعبد الرحمن عمران وصالح وعثمان ومن البنات ثنتا عشرة بنتاً (7) جاء في رواية أخرى للإمام أحمد عن ثلاثة من ولد سعد عن سعد أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دخل عليه يعوده وهو مريض وهو بمكة قال يا رسول الله قد نسيت أن أموت بالأرض التي هاجرت منها كما مات سعد بن خولة فأدع الله أن يشفيني، قال اللهم اشف

-[قصة سعد بن أبي وقاص مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في الوصية بالثلث]- قلت بثلث مالي؟ قال الثلث والثلث كثير (1)، إنك يا سعد أن تدع (2) ورثتك أغنياء خير لك من أن تدعهم عالة (3) يتكففون الناس، إنك يا سعد لن تنفق نفقه تبتغي بها وجه الله تعالى (4) إلا أجرت عليها، حتى اللقمة (5) تجعلها في امرأتك، قال قلت يا رسول الله أخلف (6) بعد أصحابي؟ قال إنك لن تخلف (7) فتعمل عملاً تبتغي به وجه الله تعالى إلا أزددت به درجة ورفعه، ولعلك تخلف حتى ينفع الله بك أقوامًا ويضر بك آخرين (8)، اللهم امض لأصحابي هجرتهم ولا تردهم على أعقابي (9) لكن البائس سعد بن خولة (10) رثي له رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

_ سعدًا اللهم أشف سعدًا اللهم أشف سعدًا، قال يا رسول الله إن لي مالاً كثيرًا وليس لي وارث إلا أبنه فأوصي بمالي كله؟ قال لا، قال فأوصى بثليه؟ قال لا، قال أفأوصى بنصفه؟ قال لا، قال أفأوصى بالثلث؟ قال الثلث والثلث كثير (وللإمام أحمد أيضًا) في رواية أخرى من حديث عائشة بنت سعد قالت قال سعد فوضع يده (يعني النبي (صلى الله عليه وسلم)) على جبهتي فمسح وجهي وصدري وبطني وقال اللهم أشف سعدًا وأتم له هجرته فما زلت يخيل إلى بأني أجد برد يده على كبدي حتى الساعة فيستفاد من رواية أولاد سعد أن سعدًا طلب أولاً أن يوصي بماله كله وأنه خشي أن يموت بمكة وطلب من النبي (صلى الله عليه وسلم) الدعاء له بالشفاء، ومن رواية بنت سعد أن النبي (صلى الله عليه وسلم)، دعا له بالشفاء ومسح على وجهه وصدره وبطنه (1) معناه يكفيك الثلث والثلث كاف أي كثير غير قليل، قال الشافعي رحمه الله هذا أولى معانيه (2) بفتح الهمزة وكسرها فالفتح على التعليل ومحل أن تدع مرفوع على الابتداء أي تركك أولادك أغنياء والجملة بأسرها خبر أن، والكسر على الشرطية وجزاء الشرط قوله (خير) على تقدير فهو خير وحذف الفاء من الجزاء سائغ شائع غير مختص بالضرورة كما قال ابن مالك (3) بتخفيف اللام أي فقراء (يتكففون الناس) أي يسألونهم باكفهم بأن يبسطوها للسؤال أو يسألون ما يكف عنهم الجوع (4) جاء في رواية أولاد سعد عن سعد عند الإمام أحمد أيضًا (إن نفقتك من مالك لك صدقة وإن نفقتك على عيالك لك صدقة، وإن نفقتك على أهلك لك صدقة (5) بالجر على أن حتى جارّة وبالرفع لأبي ذر على كونها ابتدائية والخبر (تجعلها) ولفظ البخاري (ترفعها) قال الحافظ وبالنصب عطفًا على نفقة (قوله في امرأتك) أي في فم امرأتك (6) بفتح الخاء المعجمة وتشديد اللام مفتوحة قال القاضي عياض معناه أخلف بمكة بعد أصحابي قاله إما إشفاقًا من موته بمكة لكونه هاجر منها وتركها لله فخشي أن يقدح ذلك في هجرته أو في ثوابه عليها أو خشي بقاءه بمكة بعد انصراف (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه إلى المدينة (7) بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد اللام مفتوحة المراد به طول العمر والبقاء في الحياة بعد جماعات من أصحابه، وفي هذا الحديث فضيلة طول العمر للازدياد من العمل الصالح والحث على إرادة وجه الله تعالى بالأعمال (8) قال النووي وهذا الحديث من المعجزات فإن سعدًا رضي الله عنه عاش حتى فتح العراق وغيره وانتفع به أقوام في دينه ودنياهم وتضرر به الكفار في دينهم ودنياهم فإنهم قتلوا وصاروا إلى جهنم وسبيت نساؤهم وأولادهم وغنمت أموالهم وديارهم (9) معناه أتممها ولا تبطلها ولا تردهم على أعقابهم بترك هجرتهم ورجوعهم عن مستقيم حالهم المرضية (10) جاء في رواية أخرى للإمام أحمد من حديث عامر بن سعد عن أبيه أيضًا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال (يرحم الله سعد بن عفراء)

-[قصة سعد بن أبي وقاص مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في الوصية بالثلث]- وكان مات بمكة (1) (عن أبي عبد الرحمن السلمي) (2) قال سعد فيّ سن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (3) أتاني يعودني قال فقال لي أوصيت؟ قال قلت نعم جعلت مالي كله في الفقراء أو المساكين وابن السبيل، قال لا تفعل، قلت إن ورثتني أغنياء قلت الثلثين (4)؟ قال لا، قلت فالشطر؟ قال لا، قلت الثلث؟ قال الثلث (5) والثلث كثيرة (عن ابن عباس) (6) قال لو أن الناس غضوا (7) من الثلث إلى الربع فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال الثلث كثير (8) (عن أبي الدرداء) (9) عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال إن الله تصدق عليكم بثلث أموالكم (10) عند وفاتكم

_ يرحم الله سعد بن عفراء، وسعد بن عفراء هو سعد بن خولة المذكور في حديث الباب، قال التيمي يحتمل أن يكون لأمة أسمان خولة وعفراء، أ. هـ (قال العلماء) سبب بؤسه إنه مات بالأرض التي هاجر منها وهي مكة لما فاته من الآجر والثواب الكامل بالموت في دار الهجرة والغربة عن وطنه إلى هجرة الله تعالى والله أعلم (1) هذه الجملة وهي قوله رثي له على قوله وكان مات بمكة مدرجة من كلام الراوي وليست من كلام النبي (صلى الله عليه وسلم) بل انتهي كلامه (صلى الله عليه وسلم) بقوله (لكن البائس سعد بن خولة) وأنها ن كلام سعد لما جاء عند البخاري في الدعوات عن موسى بن إسماعيل عن إبراهيم بن سعد فذكر الحديث، وفي آخره (لكن البائس سعد بن خولة) قال سعد رثي له رثي له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخ (تخريجه) (ق. والإمامان والأربعة وغيرهم) (2) (سنده) حدّثنا الحسين بن علي عن رائدة عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي الحديث (غريبة) (3) قال النووي في حديث سعد هذا: جواز تخصيص عموم الوصية المذكورة في القرآن بالسنة، وهو قول الأصوليين وهو الصحيح (4) بالنصب مفعول لفعل محذوف تقديره أجعل الثلثين؟ (5) مفعول لفعل محذوف أيضًا تقديره أعط الثلث (تخريجه) (نس مد) وصححه الترمذي * (6) (سنده) حدّثنا ابن نمير ثنا هشام عن أبيه عن ابن عباس الخ (غريبة) (7) بمعجمتين أي نقصوا ولو للتمني فلا محتاج إلى جواب، أو شرطية والجواب محذوف، ووقع التصريح بالجواب في رواية ابن أبي عمر في مسنده عن سفيان بلفظ (كان أحب إلى) (8) هو كالتعنيل لما اختاره من النقصان عن الثلث وكأن ابن عباس أخذ ذلك من وصف النبي (صلى الله عليه وسلم) الثلث بالكثرة (تخريجه) (ق جه هق. وغيرهم) قال النووي وفيه استحباب النقص عن الثلث، وبه قال جمهور العلماء مطلقًا، ومذهبنا إن كان ورثته أغنياء استحب الإيصاء بالثلث وإلا فستحب النقص منه: وعن أبي بكر الصديق أنه أوصى بالخمس وع على رضي الله عنه نحوه، وعن ابن عمر وإسحق بالربع، وقال آخرون بالسدس، وآخرون بدونه وقال آخرون بالعشر: وروي عن على وابن عباس وعائشة وغيرهم رضي الله عنهم أنه يستحب لمن له ورثه وقاله قليل ترك الوصية والله أعلم (9) (سنده) حدّنا أبو اليمان قال ثنا أبو بكر عن ضمرة ابن حبيب عن أبي الدرداء الخ (غريبة) (10) أي مكنكم من التصرف فيها حيئذ بالوصية وغيرها فتصح الوصية بالثلث ولو مع وجود وارث خاص ومخالفته (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طب) وفيه أبو بكر بن أبي مريم وقد اختلط أهـ (قلت) الحديث روي من عدة طرق يؤيد بعضها بعضًا لاسيما وله شاهد نم حديث خالد بن عبيد السلمي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال (إن الله عز وجل أعطاكم وعند وفاتكم ثلث أموالكم زيادة في حياتكم ليجعلها لكم زيادة في أعمالكم) قال الهيثمي رواه الطبراني

-[زجر من أوصى بزيادة عن الثلث وعدم صلاة النبي (صلى الله عليه وسلم) عليه بعد موته]- (عن عمران بن حصين) (1) أن رجلاً من الأنصار أعتق ستة مملوكين (2) له عند موته وليس له مال غيرهم فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال لقد هممت أن لا أصلى عليه (3)، قال ثم دعا بالرقيق فجزأهم (4) ثلاثة أجزاء فأعتق وأرق أربعة (5) (وعنه من طريق ثان) (6) أن رجلاً أعتق عند موته ستة رجله (7) له فجاء ورثته من الأعراب فأخبروا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عما صنع، قال قد فعل ذلك؟ قال لو علمنا إن شاء الله ما صليت عليه، قال فاقرع بينهم (8) فاعتق منهم اثنين وردّ أربعة في الرق (وعن أبي زيد الأنصاري) (9) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) نحوه (عن ذّيال بن عبيد) (10) بن حنظلة قال سمعت حنظلة بن حذيم (11) جدي أن جده حنيفة قال لحذيم أجمع لي بنيّ فإني أريد أن أوصى فجمعهم فقال إن أول ما أوصى أن ليتيمي هذا الذي في حجري (12) مائة من الإبل التي كنا

_ وإسناده حسن* (1) (سنده) حدّثنا هشيم أنا منصور عن الحسن عن عمران بن حصين الخ (غريبة) (2) أي ستة أعبد جمع عبد كما صرح بذلك في رواية أخرى للإمام أحمد وأبي داود قال القرطبي ظاهرة أنه نجز عتقهم في مرضه (3) في هذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم تغليظ شديد، وقد جاء في بعض طرق الحديث عن الإمام أحمد أيضًا فأغلظ له القول، وفي بعضها وقال له قولاً شديدًا، وذلك لأن الله عز وجل لم يأذن للمريض بالتصرف إلا في الثلث، فإذا تصرف في أكثر منه كان مخالفًا لحكم الله تعالى ومشابهًا لمن وهب غيره ماله، قال النووي وهذا محمول على أن النبي (صلى الله عليه وسلم) وحده كان يترك الصلاة عليه تغليظًا وزجرًا لغيره على مثل فعله، وأما أصل الصلاة عليه فلا بد من وجودها من بعض الصحابة (4) بتشديد الزاي وتخفيفها لغتان مشهورتان ذكرهما ابن السكيت وغيره، ومعناه قسمهم وظاهرة أنه اعتبر عدد أشخاصهم دون قيمتهم، وإنما فعل ذلك لتساويهم في القيمة والعدد، قال ابن رسلان فلو اختلفت قيمتهم لم يكن من تعديلهم بالقيمة مخافة أن يكون ثلثهم في العدد أكثر من ثلث الميت في القيمة (5) قال الخطابي وفي قوله (فاعتق اثنين) بيان صحة وقوع لهما والرق لمن عداهما (6) (سنده) حدّثنا يحيي بن حماد ثنا أبو عوانه عن سماك بن حرب عن الحسن البصري عن عمران بن حصين أن رجلاً أعتق الخ (7) بفتح الراء وسكون الجيم جمع رجل بسكون الجيم وضمها كما في القاموس ويجمع أيضًا على رجال كرقاب (8) هذا نص في اعتبار القرعة شرعًا وهو حجة لمالك والشافعي وأحمد والجمهور (تخريجه) (م والأربعة، وغيرهم) (9) (سنده) حدّثنا إسحاق بن عيسي ثنا هشيم عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أبي زيد الأنصاري أن رجلاً أعتق ستة أعبد عند موته ليس له مال غيرهم فأقرع بينهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأعتق اثنين وأرق أربعة (تخريجه) (د نس) وزاد أبو داود (ولو شهدته قبل أن يدفن لم يدفن في مقابر المسلمين) وسكت عنه أبو داود وسنده عند الإمام أحمد جيد (10) (سنده) حدّثنا أبو سعيد ولى بني هاشم ثنا ذيال بن عبيد الخ (قلت) جاء في الأصل ذيال بن عتبة وهو خطأ من الناسخ وصوابه ابن عبيد كما في الإصابة والتقريب والتهذيب والميزان (11) أوله حاء مهملة مكسورة ثم ذال معجمه ساكنه ثم ياء تحتية مفتوحة (12) بفتح الحاء المهملة وكسرها أي كتفي وحمايتي، وجاء في مسند الحسن بن سفيان من وجه آخر عن الذيال أن اسم اليتيم

-[حديث من أوصى بمائة من أعظم الإبل ليتيم في حجره وإنكاره النبي (صلى الله عليه وسلم) عليه]- نسميها في الجاهلية المطيبة (1)، فقال حذيم يا أبت إني سمعت بنيك يقولون إنما نقر بهذا عند أبينا فإذا مات رجعنا فيه، قال بيني وبينكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال حذيم رضينا، فارتفع حذيم بن حنيفة (2)، وحنظلة معهم غلام وهو رديف لحذيم، فلما أتوا النبي (صلى الله عليه وسلم) سلموا عليه، فقال (صلى الله عليه وسلم) وما رفعك يا أبا حذيم؟ (3) فقال هذا، وضرب بيده على فخذ حذيم، فقال إني خشيت أن يفجأني الموت فأردت أن أوصى وأني قلت إن أول ما أوصى أن ليتيمي هذا الذي في حجري مائة من الإبل كنا نسميها في الجاهلية المطيبة، فغضب رسول اله (صلى الله عليه وسلم) حتى رأينا الغضب في وجهه، (4) وكان قاعدًا فجثى على ركبتيه وقال لا لا لا، الصدقة خمس (5) وإلا فعشر وإلا فخمس عشرة وإلا فعشرون وإلا فخمس وعشرون وإلا فثلاثون وإلا فخمس وثلاثون فإن كثرت فأربعون، قال فودعوه ومع اليتيم عصا وهو يضرب جملاً، فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) أعلمت (6) هذه هراوة يتيم؟ قال حنظلة فدنا بي إلى النبي (7) (صلى الله عليه وسلم) فقال إن لي بنين ذوي لحى ودون ذلك وأن ذا أصغرهم فادع الله له، فمسح رأسه (8) وقال بارك الله فيك، أو بورك فيك، قال ذيال فلقد رأيت حنظلة يؤتي بالإنسان الوارم وجهه أو البهيمة الوارمة الضرع فيتفل بين يديه ويقول بسم الله ويضع يده على رأسه ويقول (9) على موضع كف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيمسحه عليه (10) وقال ذيال فيذهب الورم (11) (باب لا وصية لوارث).

_ إدريس بن قطيعة وأنه كان شبيه المحتلم قاله الحافظ في الإصابة (1) أي الطيبة التي استطيبها القوم لكونها من خيار الإبل (2) أي أسرعوا السير إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) (3) أي ما جاء بك؟ (4) غضب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كونه رأي أن هذا المال كثير يضر بصالح الورثة فلم يقره عليه (5) الظاهر أن قوله (صلى الله عليه وسلم) (الصدقة خمس إلى قوله فإن كثرت فأربعون) يريد جواز ذلك إن لم يزد على الثلث أخذًا من قوله (صلى الله عليه وسلم) في الأحاديث السابقة (الثلث والثلث كثير) والله أعلم (6) أي العصا قال ذلك (صلى الله عليه وسلم) حين رآها في يد اليتيم يضرب بها الجمل: ثم أنكر (صلى الله عليه وسلم) ما أدعاه حنيفه من كون الغلام يتيمًا بقوله (هذه هراوة يتيم؟) والهراوة هي العصا يريد أن العصا غليظة ضخمة لا يقدر على السوق بها إلا الرجل البالغ وربما رآه غلامًا يافعًا هو من شارف الاحتلام ولما يحتلم فاستبعد أن يقال له يتيم في الصغر والله أعلم (7) يريد حنظلة أن أباه قربه إلى النبي (صى الله عليه وسلم) فقال (إن لي بنين ذوي لحي) أي رجالاً نبتت لحاهم الخ (8) أي رأس حنظلة هذا القول بمعني الفعل أي يمسح بيده على موضع كف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من رأسه (10) أي فيمسح بريقه على موضع الألم من المريض (11) في هذا منقبة لحنظلة رضي الله عنه (تخريجه) أورده الهيثمي قال رواه أحمد ورجاله ثقات، وأورده الحافظ في الإصابة بسنده ومتنه وعزاه للإمام أحمد ثم قال رواه الحسن بن سفيان في مسنده من وجه آخر عن الذيال وزاد أن اسم اليتيم ضريس بن قطيعة وأنه كان شبيه المحتلم، قال ورواه الطبراني منقطعًا، ورواء أبو يعلي من هذا الوجه وليس بتمامة، وكذا رواه

-[قوله (صلى الله عليه وسلم) لا وصية لوارث قوله لأبي ذر لا تولين مال يتيم الخ]- (عن عمر وبن خارجة الخشني) (1) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) خطبهم على راحلته وإن راحلته لتقصع (2) بحرتها، وأن لعلها يسيل بين كتفيّ فقال إن الله عز وجل قد قسم لكل إنسان نصيبه من الميراث فلا تجوز وصية لوارث الحديث (3) (عن أبي أمامة الباهلي) (4) قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول في خطبة عام حجة الوداع إن الله قد أعطي كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث الحديث (5) (باب حكم الوصي في اليتيم) (عن أبي ذر) (6) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا أبا ذر لا توليَّن (7) مال يتيم ولا تأمَّرنّ على اثنين (8) (عن عمرو بن شعيب) (9) عن أبيه عن جده أن رجلاً سأل النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال ليس لي مال ولي يتيم؟ فقال كل من مال يتيمك غير مسرف ولا

_ يعقوب بن سفيان والمنجنبقي في مسنده وغيرهما أهـ (1) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنا سعيد يعني أبن أبي عروبة عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم أن عمرو بن خارجة الخشني حدثهم أن النبي (صلى الله عليه وسلم) خطبهم على راحلته الخ (غريبة) (2) القصع البلع يقال قصع يقصع كمنع يمنع (وقوله بحرتها) بكسر الباء الموحدة والجيم بعدهما راء مشددة مفتوحة ثم تاء مثناة مكسورة، قال في النهاية الجرة ما يخرجه البعير من بطنه ليمضغه ثم يبلغه، يقال اجتر البعي ريجتر والقصع شدة المضغ (3) الحديث له بقية وسيأتي بطوله وشرحه في باب خطب النبي (صلى الله عليه وسلم) من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (تخريجه) (نس مذجه على قط هق) وصححه الترمذي* (4) (سنده) حدّثنا أبو المغيرة ثنا إسماعيل بن عياش ثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني قال سمعت أبا إمامة الباهلي يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخ (غريبة) (5) الحديث له بقية وسيأتي بطوله في باب خطب النبي (صلى الله عليه وسلم) المشار إليه آنفًا (تخريجه) (د. مذجه) وحسنه الترمذي والحافظ (باب) (6) (سنده) حدّثنا أبو عبد الرحمن ثنا سعيد بن أبي أيوب حدثني عبيد الله بن أبي جعفر عن سالم بن ابي سالم الجيشاني عن أبيه عن أبي ذر قال قال رسول الله الخ (غريبة) (7) بحذف إحدى التائين تخفيفًا وأصله تتولينَّ وكذلك قوله (ولا تأمّرن) ومعناه لا تكن قيمًا أو وصيًا على مال يتيم ولا تكن أميرًا على المسلمين يعني حاكمًا عليهم، وإنما نهاه النبي (صلى الله عليه وسلم) عن هذين الأمرين لكثرة الخطر فيهما ولأنه (صلى الله عليه وسلم) رآه ضعيفًا عن القيام بهذا، وقد صرح بذلك في رواية لمسلم والنسائي بلفظ (يا أبا ذر إني أراك ضعيفًا وإني أحب لك ما أحب لنفسي، لا تأمرون على اثنين ولا تولين مال يتيم) قال القرطبي أي ضعيفًا عن القيام بما يتعين على الأمير من مراعاة مصالح رعيته الدنيوية والدينية، ووجه ضعفه عن ذلك أن الغالب عليه كان الزهد واحتقار الدنيا، ومن هذا حاله لا يعتني بمصالح الدنيا ولا بأموالها اللذين بمراعاتهما تنتظم مصالح الدين ويتم أمره فلما علم النبي (صلى الله عليه وسلم) منه ذلك نصحه ونهاه عن الإمارة وعن ولاية مال الأيتام وأكد النصيحة بقوله (وإني أحب لك ما أحب لنفسي) وأما من قوي على الإمارة وعدل فيها فإنه من السمعة الذين يظلهم الله ف يظله أهـ باختصار (8) أي فضلاً عن أكثر منهما فإن العدل والتسوية بين الاثنين أمر صعب فما بالك منهما (تخريجه) (م د نس هق. وغيرهم) (9) (سنده)

كتاب الفرائض

-[جواز أكل القم على اليتم من ماله بالمعروف وكلام العلماء في ذلك]- مبذر (1) ولا متأثل (2) مالاً ومن غير أن تقي مالك (3) أو قال تفدي مالك بماله شك حسين (عن ابن عباس) (4) قال لما نزلت (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتالي هي أحسن) (5) عزلوا أموال اليتامي حتى جعل الطعام يفسد واللحم ينتن فذكر ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم) فنزلت (وإن تخالطوهم (6) فإخوانكم، والله يعلم المفسد من المصلح) قال فخالطوهم (كتاب الفرائض (7))

_ حدّثنا عبد الوهاب ثنا حسين عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) (1) التبذير والإسراف معناهما واحد، وذكر الثاني تأكيدًا للأول، قال أشهب عن الإمام مالك التبذير هو أخذ المال من حقه ووضعه في غير حقه وهو الإسراف، وقال الإمام الشافعي التبذير إنفاق المال في غير حقه، ولا تبذير في عمل الخير (2) قال الحافظ المتأثر بمثناه ثم مثلثة مشددة بينهما همزة من المتخذ: والتأثل اتخاذ أصل المال حتى كأنه عنده قديم، واثله كل شيء أصله أهـ والمراد هنا أنه لا يدخل من مال اليتيم لنفسه ما يزيد على قدر ما يأله (3) أي تحفظه من الخسارة والتلف وتجعل مال اليتيم عرضه لذلك، وأو هنا لشك من حسين الراوي عن عمرو ابن شعيب (تخريجه) (د نس جه هق) وقويّ الحافظ إسناده (4) (سنده) حدّثنا يحيي بن آدم ثنا إسرائيل عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) (5) يعني بما فيه صلاحه وتثميره، وذلك بحفظ أصوله وتثمير فروعه، قال القرطبي وهذا أحسن الأقوال في هذا فإنه جامع قال مجاهد (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتلي هي أحسن) بالتجارة فيه ولا تشتري منه ولا تستقرض أهـ لما نزلت هذه الآية وكذلك آية (إن الذين يأكلون أموال اليتامي ظلمًا الخ) انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل يفضل من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد فاشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحديث (6) قال ابن عباس المخالطة أن تشرب من لبنه ويشرب من لبنك وتأكل من قصعته ويأكل من قصعتك، وقال أبو عبيد المراد بالمخالطة أن يكون اليتيم بين عيال الوالي عليه فيشق عليه إفراز طعامه فيأخذ من مال اليتيم قدر ما يري أنه كافية بالتحري فيخلطه بنفقه عياله، ولما كان قد تقع فيه الزيادة والنقصان خشوا منه فوسع الله لهم بقوله (وإن تخالطوهم) أي تشاركوهم في أموالهم وتخلطوها بأموالكم في نفقاتكم ومساكنكم ودوابكم فتصيبوا من أموالهم عوضًا من قيامكم بأمورهم أو تكافئوهم على ما تصيبون من أموال (فأخوانكم) أي فهم إخوانكم في الدين، والإخوان يعين بعضهم بعضًا ويصيب بعضهم من أموال بعض على وجه الإصلاح والرضا (والله يعلم المفسد من المصلح) يعني الذي لا يقصد بالمخالطة الخيانة وإفساد مال اليتيم وأكله بغير حق من الذي يقصد الإصلاح (تخريجه) (د نس هق ك) وصححه الحاكم وفي إسناده عطاء بن السائب وقد تفرد بوصلة وفيه مقال، وقد أخرج له البخاري مقرونًا، وقال أيوب ثقة وتكلم فيه غير واحد، وقد روي من عدة طرق يؤيد بعضها بعضًا (كتاب الفرائض) (7) الفرائض جمع فريضة كحدائق جمع حديقة، وهي في اللغة اسم ما يفرض على المكلف، ومنه فرائض الصلوات والزكوات، وسميت أيضًا المواريث فرائض وفروضًا لماأنها مقدرات لأصحابها ومبينات في كتاب الله تعالى ومقطوعات لا يجوز الزيادة عليها ولا النقصان قال تعالى (نصيبًا مفروضًا) أي مقدراً أو معلومًا أو مقطوعًا عن غيرهم، وهي في الأصل مشتقة من الفرض وهو القطع والتقدير والبيان، يقال فرضت لفان كذا أي قطعت له شيئًا من المال قال تعالى (سورة أنزلناها وفرضناها) أي قدرنا فيها الأحكام وقل جل شأنه (قد

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا يرث الكافر المؤمن ولا المؤمن الكافر]- (باب موانع الإرث) (عن أسامة بن زيد) (1) أنه قال يا رسول الله أين تنزل غدًا إن شاء الله؟ وذلك زمن الفتح (2)، فقال هل ترك لنا عقيل من منزله (3) ثم قال لا يرث الكافر المؤمن ولا المؤمن الكافر (وفي لفظ المسلم (4) بدل المؤمن) (عن عمرو بن شعيب) (5) عن جده أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لا يتوارث أهل ملتين شتي (6) (عن أبي الأسود الدّيلي) قال كان معاذ باليمن فارتفعوا إليه في يهودي مات وترك أخاه مسلمًا فقال معاذ إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن الإسلام يزيد ولا ينقص فورثه (8) (عن عمرو بن شعيب)

_ فرض الله لكم تحله إيمانكم) أي بين كفارة إيمانكم (باب) (1) (سنده) حدّثنا روح محمد بن أبي حفصه ثنا الزهري عن على بن حسين على بن عثمان عن أسامة بن زيد الخ (غريبة) (2) قال الحافظ ظاهر هذه القصة أن ذلك كان حين أراد دخول مكة ويزيده وضوحًا رواية زمعة بن صالح عن الزهري بلفظ (لما كان يوم الفتح قبل أن يدخل النبي (صلى الله عليه وسلم) مكة قيل أين تنزل في بيوتكم) الحد لكن في حديث أبى هريرة أنه (صلى الله عليه وسلم) قال ذلك حين أراد أن ينفر من منى فيحمل على تعدد القصة (المراد بالمنزل هنا المشتمل على أبيات وقيل هو الدار، زاد البخاري في رواية وكان عقيل ورث طالب هو وطالب ولم يرثه جعفر ولا على رضي الله عنهما شيئًا لأنهما كانا مسلمين وكان عقيل وطالما كافرين (قلت) وهذه الزيادة مدرجة من الراوي ولعله أسامة بن زيد، قال الحافظ قوله (وكان عقيل الخ) محصل هذا أن النبي (صلى الله عليه وسلم) لما هاجر استولى عقيل وطالب على الدار كلها باعتبار ما ورثاه من أبيها لكونهما كانا لم يسلما وباعتبار ترك النبي (صلى الله عليه وسلم) حقه منها بالهجرة وفقد طالب ببدر فباع عقيل الدار كلها أهـ (قلت) وأخرج هذا الحديث أيضًا الفاكهي من طريق محمد بن أبي حفصة أيضًا وقال في آخر ويقال إن الدار التي أشار إليها كانت دار هاشم بن عبد مناف ثم صارت لعبد المطلب أبنه فقسمها ولده حين عمّر فمن ثم صار للنبي (صلى الله عليه وسلم) حق ابيه عبد الله، وفيها ولد النبي (صلى الله عليه وسلم) (4) ترجم البخاري لهذا الباب بهذا اللفظ فقال (باب لا يرث المسلم الكافر ولا الكافر المسلم) قال (وغذا أسلم قيل أن يقال الميراث فلا ميراث له) وله رواية أخرى باللفظ الأول من الحديث: والمراد أن اختلاف الأديان موانع الأرث (تخريجه) (ق فع والأربعة هق) (5) (سنده) حدّثنا روح ثنا شعبة ثنا عام الأحول عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) (6) ظاهرة أنه لا يرث أهل ملة كفرية من أهل كفرية أخرى، وفي ذلك خلاف بين العلماء، أنظر القول الحسن شرح بدائع المتن صحيفة 227 في الجيل الثاني (تخريجه) (د جه هق قط) وسنده عند الإمام أحمد وأبي داود جيد (7) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمر وبن أبي حكيم عن عبد الله بن بريده عن يحيي بن يعمر عن أبي الأسود الدّيلي الخ (غريبة) (8) أي فورّث معاذ المسلم من الكافر تمسكًا بأن الأحلام يزيد ولا ينقص: والجمهور على خلافة للأحاديث السالفة، وأما حديث (الإسلام يزيد ولا ينقص) فلم يرد به الإرث بل اراد فضل الإسلام على جميع الأديان فلا يدانيه دين فضلاً أن يساويه أو يزيد عليه (تخريجه) (د ك وصححه الحاكم من طريق يحيي بن يعمر عن أبي الأسود الديلي عنه وأقره الذهبي، قال المنذري في سماع ابي الأسود من معاذ بن جبل نظر أهـ قال الحافظ ولكن سماعه منه ممكن وقد زعم الجوزقاني أنه باطل

-[لا يقتل والد بقتل ولده ولا يرث ولده المقتول]- عن أبيه عن جده (1) قال قتل رجل ابنه عمدًا فرفع إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فجعل عليه من الإبل ثلاثين حقه (2) وثلاثين جذعه وأربعين ثنية: وقال لا يرث القاتل، ولولا أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لا يقتل والد بولده لقتلك (وعن أيضًا) (3) قال قال عمر لولا أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ليس للقاتل شيء لورّثتك، قال ودعا خال المقتول فأعطاه الإبل (4) (وعنه أيضًا) (5) قال أخذ عمر من الإبل ثلاثين حقه وثلاثين جذعة وأربعين ثنية إلى بازل (6) عامها كلها خلفه، قال ثم دعا أخا المقتول (7) فأعطاها إياه دون أبيه، وقال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ليس لقاتل شيء (وفي لفط ميراث) (باب أن دية المقتول لجميع ورثته، وما جاء في ميراث الحمل بعد وضعه إن أستهل) (عن سعيد بن المسيب) (8) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ما أري الدية إلا للعصبة (9) لأنهم يعقلون عنه (10) فهل سمع أحد منكم من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

_ وهي مجازفة، وقال القرطبي في المفهم هو كلام محي لا يروي كذا قال، وقد رواه من تقدم ذكرهم فكأنه ما وقف على ذلك، قال وأخرج أحمد بن منيع بسند قوي عن معاذ أنه كان يورث المسلم من الكافر بغير عكس (1) (سنده) حدّثنا أبو المنذر أسد بن عمرو أراه عن حجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قتل رجل ابنه عمدًا فرفع إلى عمر بن الخطاب الخ (غريبة) (2) الحقة بكسر المهملة وتشديد القاف هي من الإبل ما دخلت في السنة الرابعة لأنها استحقت الركوب والحمل جمعة حقاق وحقائق (والجذعة) بفتح الجيم والذال المعجمة هي التي أتي عليها أربع سنين ودخلت في الخامسة (والثنية) ما دخلت في السنة السادسة (تخريجه) (د نس) وأعله الدارقطني وقواه أبن عبد البر (3) (سنده) حدّثنا هشيم ويزيد عن يحيي بن سعيد عن عمرو بن شعيب قال قال عمر الخ (غريبة) (4) يعني جميعها وهي الدية المذكورة في الحديث لسابق (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وهو ضعيف لانقطاعه ومخالفته للأحاديث المحفوظة وعمرو ابن شعيب لم يدرك عمر (5) (سنده) حدّثنا يعقوب حدثنا أبي عن أبن إسحاق حدثني عبد الله بن أبي نجيح وعمرو بن شعيب كلاهما عن مجاهد بن جبر فذكر الحديث وقال أخذ عمر رضي الله عنه من الإبل ثلاثين حقه الخ (وقوله فذكر الحديث) هكذا بالأصل يشير إلى الحديث السابق والذي قبله (غريبة) (6) البازل من الإبل الذي تم ثماني سنين ودخل في التاسعة وحينئذ يطلع نابه وتكمل قوته ثم يقال له بعد ذلك بازل عام وبازل عامين أي مستجمع الشباب مستكمل القوة (وقوله كلها خلفه) بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام يعني حوامل ويجمع على خلفاف وخلائف (7) تقدم في الحديث السابق (ودعا خال المقتول) وهذا اللفظ غير محفوظ والمحفوظ عند المحدثين أنه دعا أخا المقتول كما في هذا الحديث (تخريجه) (لك فع نس جه هق عب) وهو منقطع لأن مجاهدًا لم يدرك عمر، ولكنه روي من عدة طرق يقوي بعضها بعضًا وأخرج (مذجه) من حديث أبي هريرة بلفظ (القاتل لا يرث) وسنده ضعيف، وإخراج الدارقطني حديث ابن عباس مرفوعًا (لا يرث القاتل شيئًا) وفي إسناده كثير بن مسلم وهو ضعيف، وإلى ذلك هذب الجمهور، أنظر القول الحسن شرح بدائع المتن صحيفة 229 في الجزء الثاني (باب) (8) (سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا معمر عن سعيد بن المسيب الخ (غريبة) (9) العصبة هم الأقارب من جهة الأب لأنهم يعصبونه ويعتصب بهم أي يحيطون به ويشتد بهم (10) أي يعطون عن دية قتيل الخطأ

-[ما جاء في أن دية المقتول لجميع ورثته وفي ميراث الحمل بعد وضعه أن أسهل]- في ذلك شيئًا؟ فقام الضحاك بن سفيان الكلابيّ وكان استعمله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على الأعراب، كتب إلىَّ رسول الله (صلى لله عليه وسلم) أن أورّث امرأة أشيم (1) الضّبابي من دية زوجها فأخذ بذلك عمر بن الخطاب (2) (وعنه من طريق ثان) (3) أن عمر قال الدية للعاقلة ولا ترث المرأة من دية زوجها حتى أخبره الضحاك بن سفيان الكلابي أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كتب إلىّ (4) أن أورث امرأة أشيم الضبابي من دية زوجها رجع عمر عن قوله (ز) (عن عبادة بن الصامت) (5) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قضي لحمل (6) بن مالك الهذلي (7) بميراثه عن امرأته التي قتلتها الأخرى وقضي في الجنين المقتول بغرّة (8) عبد أو أمة قال فورثها بعلها (9) وبنوها قال وكان له من امرأتيه كلتيهما ولد الحديث (10) (عن عمرو بن شعيب)

_ أي يجمعون الدية في الأبل ثم يعقلونها أمام بيت أولياء المقتول ليستلموها ويقبضوها منهم فسميت الدية عقلاً بالمصدر، يقال عقل البعير يعقله عقلاً وجمعها عقول (1) بوزن أحمد والضبابي بكسر الضاد المعجمة فموحدة فألف فموحدة ثانية، قتل في العهد النبوي، وفي الموطأ قال أشهب قتل أشيم خطأ (2) يعني ورجع عن قوله الأول كما سيأتي في الطريق الثانية (3) (سنده) حدّثنا سفيان قال سمعت من الزهري عن سعيد ان عمر قال الدية للعاقلة الخ (4) جاء في الموطأ من طريق هشيم عن الزهري عن سعيد قال جاءت امرأة إلى عمر فسألته أن يورثها من دية زوجها فقال ما أعلم لك شيئًا ثم نشد الناس بمني من كان عنده علم في الدية أن يخبرني فقام الضحاك بن سفيان الكلابي فقال كتب إلىّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخ (تخريجه) (لك فع د نس مذ) وقال الترمذي حسن صحيح (ز) (5) (سنده) حدّثنا أبو كامل الجحدري ثنا الفضيل بن سليمان ثنا موسي بن عقبة عن إسحاق بن يحي بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن عيادة بن الصامت فذكر أحاديث منها أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قضي لحمل بن مالك الخ (غريبة) (6) بفتح الحاء المهملة والميم (7) نسبة لجده الأعلى هذيل بن مدركة بن الياس بن مضر نزل البصرة ذكره مسلم في تسمية من روي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وكانت تحته امرأتان رمت إحداهما الأخرى بحجر (كما في بعض طرق الحديث عند الإمام أحمد والبخاري وغيرهما) فقتلتها وكانت حاملاً فقتل جنينها معها فقضي له النبي (صلى الله عليه وسلم) بميراثه من دية المقتول وجنينها (8) بضم الغين المعجمة وشد الراء معنونًا بياض في الوجه عبر به عن الجسد كله إطلاقاً للجزء على الكل (وقوله عبد أو أمة) يجرهما بدل من غرة، وأو للتقسيم لا للشك، ورواه بعضهم بالإضافة البيانية والأول أقيس وأصوب، والمراد العبد أو الأمة وإن كان أسودين وإن كان الأصل في الغرة البياض في الوجه لكن توسعوا في إطلاقها على الجسد كله كما قالوا أعتق رقبته، قال أهل اللغة الغرة عند العرب أنفس الشيء وأطلقت هنا على الإنسان لأن الله تعالى خلقه في أحسن تقويم فهو أنفس المخلوقات (9) هو حمل بن مالك المتقدم ذكره (وبنوها) يعني أولاد حمل بدليل قوله (وكان له من امرأتيه كلتيهما ولد) والمراد بالولد هنا الجنس يعني أولادًا ذكورًا كانوا أو إناثًا (10) الحديث له بقية (وهي) قال فقال أبو القاتلة المقضي عليه يا رسول الله كيف أغرم من لا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل فمثل ذلك بطل، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذا من الكهان أهـ وسيأتي مثل هذا الحديث في باب العاقلة وما تحمله من حديث أبي هريرة المتفق عليه وسيأتي شرحه هناك وقد اقتصرت هنا من حديث

-[ما جاء في أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يورثون]- عن أبيه عن جده (1) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قضى أن العقل (2) ميراث بين ورثة القتيل على فرائضهم (باب في أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يورثون) (عن أبي هريرة) (3) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنا معشر الأنبياء لا نورث (4) ما تركت بعد مؤنه عاملي (5) ونفقه نسائي (6) صدقة (وعنه من طريق ثان) (7) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يقتسم (8) ورثتي دينارًا (وفي لفظ ولا درهمًا) ما تركته بعد نفقة نسائي ومؤنه عاملي يعني عامل أرضه فهو صدقة (عن أبي سلمه) (9) أن فاطمة رضي الله عنها قالت لأبي بكر رضي الله عنه من يرثك إذا مت؟ قال

_ عبادة على ما يناسب الترجمة، وهو أن دية المقتول لجميع ورثته من زوجة أو زوج وغيرهما (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن أحمد: وإسحاق لم يدرك عبادة وروي أبن ماجه طرفًا منه أهـ (1) (سنده) حدّثنا أبو سعيد ثنا محمد بن راشد ثنا سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبة) (2) يعني الدية يريد أن الدية موروثه كسائر الأموال التي يملكها القتيل أيام حياته يرثه فيها ورثته على حسب ما أقدرا لله لهم في كتابة (تخريجه) (دنس جه) وفي إسناده محمد بن راشد الدمشقي المكحولي وقد اختلف فيه فتكلم فيه غير واحد وثقه غير واحد (باب) (3) (سنده) حدّثنا وكيع قال ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبة) (4) بضم النون وفتح الراء مخفقة (وقوله ما تركت) في موضع الرفع بالابتداء، ويؤيد ذلك ورده في الطريق الثانية وفي حديث عائشة الآتي بلفظ (ما تركناه فهو صداقة) فصدقه يالرفع قطعًا خبر لقوله (فهو) والجملة خبر ما تركناه والكلام جملتان الأولى فعلية والثانية أسمية، قال العلماء والحكمة في أنهم عليهم الصلاة والسلام لا يورثون أنهم لو ورثوا لظن أن لهم رغبة في الدنيا لوارثهم فيهلك الظان، أو لئلا يتمني ورثتهم موتهم فيهلكون أو لأن الني (صلى الله عليه وسلم) كالأب لأمته فيكون ميراثه للجميع وهو معني الصدقة العامة، وأما قوله تعالى (وورث سليمان داود) وقوله عن زكريا (فهب لي من لدنك وليا يرثني ويرث من آل يعقوب) فالمراد بذلك وارثه العلم والنبرة (5) اختلف في المراد بالعامل فقيل هو الخليفة بعده، قال الحافظ وهو المعتمد (وقيل) يريد بذلك العامل على النخيل وبه جزم الطبري وابن بطال ويؤيده تفسير الراوي بذلك فيما سيأتي في الطريق الثانية، وقيل غير ذلك (قلت) يمكن الجمع بإرادة الجميع والله أعلم (6) يدخل كسوتهن وسائر اللوازم وما بقي فهو صدقة تنفق في مصالح المسلمين (7) (سنده) حدّثنا عبد الرازق أنا سفيان عن أبن ذكوان عن عبد الرحمن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يقتسم الخ (8) بضم الميم على الخبر ولا نافيه وهذه الرواية هي المشهورة، ومعناها الأخبار بأنه (صلى الله عليه وسلم) لم يترك شيئًا مما جرت العادة بقسمة كالذهب والفضة وأن ما تركه من غيرهما لا يقسم أيضًا بطريق الأرث بل يقسم منافعه لنفقه نسائه ومؤنة عاملة وسيأتي في باب ما جاء في مخلفاته (صلى الله عليه وسلم) من كتاب السيرة النبوية عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت (ما ترك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دينارًا لا درهمًا ولا شاة ولا بعيرًا) ولها في رواية أخرى (ما ترك إلا سلاحه وبغله بيضاء وأرضًا جعلها صدقة) تشير إلى نصيبه (صلى الله عليه وسلم) من أرض خيبر وفدك وسيأتي تفصيل ذلك في الباب المشار غليه إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق لك فع د نس) (1) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمه أن فاطمة رضي الله عنها الخ

-[طلب أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) من أبي بكر ميراثهن من النبي (صلى الله عليه وسلم)]- ولدي وأهلي، قالت فمالنا لا نرث النبي (صلى الله عليه وسلم)؟ قالت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول أن النبي (1) لا يورث ولكني أعول من كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعول وأنفق على من كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينفق (عن عروة عن عائشة) (2) رضي الله عنها أن أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) حين توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أردن أن يرسلن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت لهن عائشة أو ليس قد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا نورث ما تركناه فهو صدقة (عن مالك ابن أوس) (3) قال سمعت عمر رضي الله عنه يقول لعبد الرحمن بن عوف وطلحة والزبير وسعد نشدتكم (4) بالله الذي تقوم السماء والأرض به (5) أعلتم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال إنا لا نورث ما تركنا صدقة؟ قال اللهم نعم (باب البدء بذوي الفروض وإعطاء العصبة ما بقي) (عن ابن عباس) (6) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال ألحقوا (7) الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر (8)

_ (غريبه) (1) أل في النبي للجنس يعني جنس الأنبياء لا يورثون (تخريجه) (مذ) وصححه (2) (سنده) حدّثنا إسحاق بن عيسي قال أن مالك عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (3) (سنده) حدّثنا سفيان عن عمرو عن الزهري عن مالك بن أوس الخ (غريبة) (4) أي سألتكم بالله رافعًا نشدني أي صوتي (5) جاء في بعض الروايات بإذنه وهو معني قوله هنا (به) (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (6) (سنده) حدّثنا عفان ثنا وهيب بن خالد ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن ابن عباس الخ (غريبة) (7) بفتح الهمزة وكسر الحاء المهملة أي أوصلوا (الفرائض) أي الحصص المقدرة في كتاب الله تعالى من تركة الميت وهي النصف والربع والثلثان والثلث والسدس (بأهلها) أي من يستحقها بنص كتاب الله وسنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (فما بقي) بكسر القاف أي فما فضل بعد إعطاء ذوي الفروض فروضهم 0 فهو لأولى) بفتح الهمزة واللام الأخيرة بينهما واو ساكنة أفعل تفضيل مأخوذ من الولي بإسكان اللام على وزن الرمي وهو القريب، أي لمن يكون أقرب في النسب إلى المورّث دون من هو أبعد: فإن استووا اشتركوا (رجل) خرج بذلك المرأة كالعمة مع العم فإنها لا ترث وبنت الأخ مع ابن الأخ كذلك وبنت العم مع ابن العم كذلك، ويستثني من ذلك الأخ مع الأخت لأبوين أو لأب فإنهم يرثون بنص قوله تعالى (وإن كانوا إخوة رجالاً ونساء فللذكر مثل حظ الأنثيين) والأخ والأخت لأم لقوله تعالى (فلكل واحد منهما السدس) وقد نقل الإجماع على أن المراد بذلك الخوة من الأم (8) بدل من رجل، فإن قيل ما فائدة قوله ذكر بعد رجل مع فهمه منه؟ أجيب بأنه ذكر ذلك تأكيدًا واحترازًا من الخنثى فإنه لا يجعل عصبة ولا صاحب فرض جزءًا بل يعطي أقل النصيبين، وقيل ذكر بعد رجل لبيان أن العصبة ترث ولو صغارًا ردًا على الجاهلية حيث لم يعطوا إلا من كان في حد الرجولية والمحاربة، وقيل وصف الرجل بالذكر تنبيهًا على سبب استحقاقه وهي الذكورة التي هي سبب العصوية وسبب الترجيح في الإرث، ولهذا جعل للذكر مثل حظ الأنثيين، وحكمته أن الرجال تلحقهم مؤن كثيرة بالقيام بالعيال والإنفاق على الأقارب وتحمل الغرامات وغير ذلك، وقد أجمعوا على أن ما بقي بعد الفروض فهو للعصبات يقدم الأقرب فالأقرب فلا يرث عاصب بعيد مع وجود قريب فإذا مات عن بنت وأخ وعم فللبنت النصف فرضًا والباقي للأخ ولا شيء للعم (تخريجه) (ق د نس مذ.

-[البدء في الميراث بذوي الفروض وإعطاء العصبة ما بقي]- (وعنه أيضًا) (1) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أقسموا المال بين أهل الفرائض على كتاب الله تبارك وتعالى فما تركت الفرائض (2) فلأولى ذكر (عن جابر بن عبد الله) (3) قال جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بابنتيهما من سعد فقالت يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما معك في أحد شهيدًا أن عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالاً ولا ينكحان إلا ولهما مال (4) قال فقال يقضي الله في ذلك، فنزلت آية الميراث (5) فأرسل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى عمها فقال أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك (عن زيد بن ثابت) (6) أنه سئل عن زوج وأخت لأم وأب فأعطي الزوج النصف فكلم في ذلك فقال حضرت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قضي بذلك (باب الأخوات مع البنات عصبة - وفرض البنت مع بنت الأبن) (عن هزيل ابن شرحبيل) (7) قال سال رجل أبا موسى الأشعرى (8) عن امرأة تركت ابنتها وأبنت أبنها وأختها فقال النصف للابنة وللأخت النصف وقال ائت ابن مسعود فإنه سيتابعني (9) قال فأتوا ابن مسعود فأخبروه بقول أبي موسى، فقال لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين (10) لأقضين فيها بقضاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال شعبة (11) وجدت هذا الحرف مكتوبًا لأقضين فيها بقضاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

_ وغيرهم (1) حدّثنا عبد الرازق حدثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن ابن عباس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أقسموا المال الخ (غريبة) (2) أي ما بقي بعد العرائض كما صرح بذلك في الحديث السابق (تخريجه) (م جه) (3) (سنده) حدّثنا زكريا بن عدي أنا عبيد الله عن عبد الله ابن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله الخ (غريبة) (4) أي لا يرغب الأزواج في نكاحهما إلا إذا كان لهما مال وكان ذلك معروفًا في العرب (5) أي قوله عز وجل (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين فإن كن نساء فوق اثنتين الآية) (تخريجه) (د مذجه هق ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (6) (سنده) حدّثنا الحكم بن نافع ثنا أبو بكر بن عبد الله مكحول وعطية وضمرة وراشد عن زيد بن ثابت الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه أبو بكر بن أبي مريم وقد اختلط وبقية رجال الصحيح 0 باب) (7) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي قيس عن هزيل بن شرحبيل الخ (قتل) أبو قيس اسمه عبد الرحمن بن ثروان الأودي، وهزيل بضم الهاء مصغرًا وشرحبيل بضم أوله وفتح الراء وسكون المهملة (غريبة) (8) هكذا جاء في هذه الرواية من طريق شعبة عند الإمام أحمد والبخاري أن الرجل سأل أبا موسى وحده لكن جاء في الحديث التالي من طريق سفيان عند (حم د نس مذجه ك) أنه سأل أبا موسى وسلميان بن ربيعة كما سيأتي (9) أي فسيوافقني على ذلك قاله ظنًا منه لأنه اجتهد في ذلك (وقوله فأتوا) هكذا جاء بواو الجماعة في هذه الرواية للإمام أحمد وفي جميع الروايات بالأفراد حتى في الحديث التالي للإمام أحمد فيحتمل أن السائل كان يشاركه جماعة في السؤال فأسند بعض الرواة الآتيان إليهم جميعًا، وأسنده بعضهم على السائل الأول وحده في الراوي الأخرى والله أعلم (10) يعني أن قل كما قال أبو موسى يحرمان بثبت الابن (11) قول شعبة هذا المذكور بين قوسين لم أجده لغير الإمام أحمد

-[الأخوات مع البنات عصبة وفرض البنت مع بنت الابن وسقوط ولد الأب بالأخوة من الأبوين]- للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين (1) وما بقي فللأخت فأتوا أبا موسي فأخبروه بقول ابن مسعود فقال أبو موسى لا تسألوني عن شيء مادام هذا الحبر (2) بين أظهركم (وعنه أيضًا) (3) قال جاء رجل إلى أبي موسى وسلمان بن ربيعة فسألهما عن ابنة وابنة ابن وأخت لأب (4) فقالا للبنت النصف وللأخت فأتوا أبا موسى فأخبروه بقوله ابن مسعود فقال أبو موسى لا تسألوني عن شيء ما دام هذا الحبر (2) بين أظهركم (وعنه أيضًا) (3) قال جاء رجل إلى أبى موسى وسلمان بن ربيعة فسألهما عن ابنه وأبنه أبن وأخت لأب (4) فقالا للبنت النصف وللأخت النصف وأثبت ابن مسعود فإن سيتابعنا قال فأتي ابن مسعود فسأله وأخبره بما قالا فقال ابن مسعود لقد ضللت إذا وما أنا من المهتدين سأقضي بما قضي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للابنة النصف ولابنة الابن السدس تكملة الثلثين وما بقي فللأخت (باب سقوط ولد الأب بالأخوة من الأبوين) (عن على رضي الله عنه) (5) قال أنكم تقرءون من بعد وصية بها أو دين، وأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قضي بالدين قبل الوصية وأن أعيان (6) بني الأم يتوارثون دون بني العلات (7) يرث الرجل أخاه لأبيه وأمه دون أخيه لأبيه

_ (1) أي لأنك إذا أضفت السدس إلى النصف فقد كملته ثلثين (وما بقي فللأخت) أي لكونها عصبة مع البنات، وبيانه أن حق البنات الثلثان اثنتان فأكثر، فإن كانت واحدة فلها النصف لقوة القرابة، فبقي سدس من حق البنات فتأخذه بنات الصلب (2) الحبر بفتح المهملة وكسرها مع سكون الموحدة هو العالم الكثير العلم قال الحافظ وهو بالفتح وفي رواية جميع المحدثين، وأنكر أبو الهيثم الكسر ورجحه الجوهري، قبل سمي باسم الحبر الذي يكتب به: قال في النهاية وكان يقال لابن عباس الحبر (بفتح المهملة) والبحر لعلمه وسعته (تخريجه) (خ عق* (3) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي قيس عن الهزيل بن شرحبيل قال جاء رجل الخ (غريبة) (4) هكذا في الأصل بلفظ وأخت لأب) لكن رواه الجماعة كلهم بلفظ (وأخت لأب وأم) فالظاهر أن لفظ (وام) سقط من الناسخ والله أعلم (تخريجه) أخرجه البخاري من طريق شعبة وهو الحديث السابق وأخرجه (مي طح، والأربعة) من طريق سفيان وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، قال الخطابي وفي هذا بيان أن الأخوات مع البنات عصبة وهو ول جماعة الصحابة والتابعين وعامة فقهاء الأمصار (باب) (5) هذا الحديث قدم بسنده في باب تقديم الدين على الوصية من كتاب القرض والدين رقم 304 صحيفة 92 وإنما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة وتقدم شرح ما يختص بالوصية منه هناك (غريبة) (6) الأعيان من الأخوة هم الأخوة من أب وأم، قال في القاموس في مادة (عين) وواحد الأعيان للأخوة من أب وأم، وهذه الأخوة تسمي المعاينة أهـ (7) بفتح العين المهلة وتشديد اللام هم أولاد الأمهات المتفرقة من أب واحد، قال في القاموس والعلة (بفتح المهملة) الضرة (بفتح المعجمة) وبنو العلات بنو أمهات شتى من رجل واحد أهـ ويقال للأخوة للأم فقط أخياف بالخاء المعجمة والتحتية وبعد الألف فاء (تخريجه) (مذجه هق ك) وكلهم رووه من طريق أبي إسحاق عن الحارث الأعور عن على قال الترمذي هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث أبى إسحاق عن الحارث عن على وقد تكلم بعض أهل العلم في الحارث، والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العلم أهـ وقال الحاكم هذا حديث رواه الناس عن أبي إسحاق والحارث الأعور عن على قال الترمذي هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث أبي إسحاق عن الحارث عن على وقد تكلم بعض أهل العلم في الحارث، والعمل على هذا الحديث عند عامة أهل العلم أهـ وقال الحاكم هذا حديث رواه الناس عن أبي إسحاق والحارث بن عبد الله، لذلك لم يخرجه الشيخان، وقد صحت هذه الفتوي عن زيد بن ثابت كما حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر

-[ما جاء في ميراث الجدة أم الأم]- (باب ما جاء في ميراث الجدة والجدات) (عن قبيصة بن ذؤيب) (1) قال جاءت الجدة (2) إلى أبي بكر فسألته ميراثها، فقال ما أعلم لك في كتاب الله شيئًا ولا أعلم لك في سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من شيء حتى أسأل الناس، فسأل فقال المغيرة بن شعبة سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جعل لها السدس، فقال من يشهد معك (3)؟ أو من يعلم معك؟ فقام محمد بن مسلمة فقال مثل ذلك فأنقذه لها (وعنه من طريق ثان بنحوه (4) وفيه) فقام محمد بن مسلمة فقال شهدت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقضي لها بالسدس فأعطاها أبو بكر السدس (5)

_ ثنا عبد الله بن وهب أخبرني أبن أبي الزناد عن أبية عن خارجه بن زيد بن ثابت عن أبيه قال ميراث الإخوة من الأب إذا لم يكن معهم أحد من بني الأم والأب كميراث الأخوة من الأب والأم سواء ذكرهم كذكرهم وإناثهم كما إناثهم، وإذا اجتمع الأخوة من الأب والأم والإخوة من الأب وكان في بني الأب والأم ذكر فلا ميراث معه لأحد من الأخوة من الأب (ك) بسند صحيح ولم يتعقبه الذهبي وهذه الفتوى هي التي أشار إليها الحاكم بالصحة آنفًا باب (1) (سنده) حدّثنا إسحاق بن سليمان بعثي الرازي قال سمعت مالك بن أنس وإسحاق بن عيسي قال أخبرني مالك عن الزهري عن عثمان بن خرشة قال أبي وقال إسحاق بن عيسي عن عثمان بن خرشة، قال عبد الله وثنا مصعب الزبيري عن مالك مثله فقال عثمان بن إسحاق بن خرشة من بني عامر بن لؤي ولم يسنده عن الزهري أحد إلا مالك عن قبيصة بن ذؤيب قال جاءت الجدة الخ (غريبة) (2) ذكر القاضي حسين أن الجدة التي جاءت إلى الصديق رضي الله عنه أم الأم (يعني بعدموت بنتها لأنها لا ترث إلا عند فقد الأم) وفي رواية ابن ماجة ما يؤيد أنها أم الأم لأنه قال بعد ذلك ثم جاءت الجدة الأخرى من قبل الأب إلى عمر تسأله ميراثها الحديث سيأتي (3) يعني من يشهد أن النبي (صلى الله عليه وسلم) جعل للجدة السدس، وإنما قال ذاك أبو بكر يريد زيادة التثبت وفشوّ الحديث لا عدم قبول خبر الواحد (4) (سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهري عن قبيصة بذؤيب أن أبا بكر قال هل سمع أحد منكم من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيها (يعني في الجدة) شيئًا؟ فقاما لمغيرة بن شعبة فقال شهدت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقضي لها بالسدس، فقال هل سمع ذلك معك أحد فقام محمد بن مسلمة فقال شهدت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخ (5) هذا آخر الحديث عند الإمام أحمد: ولكنه جاء عند (د مذجه لك) بزيادة ثم جاءت الجدة الأخرى (يعني من قبل الأم كما صرح بذلك في رواية ابن ماجة) إلىعمر بن الخطاب تسأله ميراثها فقال لها (يعني من قبل الأب كما صرح بذلكفي رواية ابن ماجة) إلى عمر بن الخطاب تسأله ميراثها فقال لها مالك في كتاب الله شيء وما كان القضاء الذي قضي به إلا لغيرك (يعني القضاء الذي قضي به النبي (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر كان للجدة أم الأم) وما أنا بزائد في الفرائض شيئًا ولكنه ذلك السدس، فإن اجتمعتما فهو بينكما، وأيتكما خلت به فهلو لها، أهـ هذا لفظ مالك في الموطأ (تخريجه) (لك مذجه حب ك هق) وصححه الترمذي، قال الحافظ وإسناده صحيح لثقة رجاله إلا أن صورته مرسل فإن قبيصة لا يصح سماعه من الصديق ولا يمكن شهوده القصة، قاله ابن عبد البر، وقد اختلف في مولده والصحيح أنه ولد عام الفتح فيبعد شهوده القصة، وقد أعله عبد الحق تبعًا لابن حزم بالانقطاع، وقال الدارقطني في العلل بعد أن ذكر الاختلاف فيه على الزهري يشبه أن يكون الصواب قول مالك ومن تابعه اهـ.

-[ميراث الجدتين أم الأب وأب الأب - وما جاء في ميراث الجد]- (ز) (عن عبادة بن الصامت) (1) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قضي للجدتين (2) من الميراث بالسدس بينهما بالسواء (باب ما جاء في ميراث الجد) (عن عمران بن حصين) (3) أن رجلاً أتى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال أن ابن أبني مات فمالي من ميراثه؟ قال لك السدس (4) قال فلما أدبر دعاه قال لك سدس آخر، فلما أدبر دعاه قال أن السدس الآخر طعمه (5) (وعنه أيضًا) (6) أن عمر ابن الخطاب أنشد الله رجلاً سمع من النبي (صلى الله عليه وسلم) في الجد شيئًا؟ فقام رجل (7) فقال شهدت النبي (صلى الله عليه وسلم) أعطاه الثلث، قال مع من (8) قال لا أدري قال لا دريت (9) (عن عمرو بن ميمونة) (10) شهدت عمر قال وقد كان جمع أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في حياته وصحبته (11) فناشدهم الله من سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذكر في الجد شيئًا فقام معقل بن يسار فقال قد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أتي بفريضة (12) فيها جد فأعطاه ثلثًا أو سدسًا، قال وما الفريضة (13) قال لا أدري، قال ما منعك أن تدري (عن الحسن) (14) أن عمر بن الخطاب سأل عن فريضة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في الجد فقام معقل بن يسار المزني فقال قضي فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال ماذا؟ قال السدس، قال

_ (ز) (1) (سنده) (قال عبدا لله بن الإمام أحمد حدّثنا أبو كامل الجحدري ثنا الفضيل بن سليمان ثنا موسى أبن عقبة عن إسحاق بن يحيي بن الوليد بن عبادة بن الصامت قال إن نم قضاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذكر أحاديث منها وقضي للجدتين الخ (غريبة) (2) يعني أم الأم وأم الأب إن تساوي نسبهما يقتسمان السدس على السواء وفان اختلف سقط الأبعد بالأقرب (تخريجه) (ك ط هق) وصححه الحاكم وأقرها لذهبي، لكن قال الهيثمي إسحاق لم يدرك عبادة مرسل (باب) (3) (سنده) حدّثنا بهز ثنا همام ثنا قتادة ثنا الحسن عن عمران بن حصين الخ (غريبة) (4) صورة المسألة أن السائل الذي هو الجد مات أبنه وخلف بنتين فلهما الثلثان فبقي الثلث فدفع إلى الجد السدس بالفرض ثم دفع سدسًا أخر بالرد للتعصيب، ولم يدفع الثلث إليه مرة واحدة لئلا يتوهم أن فرضه الثلث (5) إنما سماه طعمه لأنه زائد على أصل الفرض الذي لا يتغير لكونه جدًا وما زاد على الفروض فليس بلازم كالفرض والله أعلم (تخريجه) (د مذهق) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (6) (سنده) حدّثنا محمد بن إدريس يعني الشافعي أنا سفيان عن علي بنزيد بن جدعان عن الحسن عن عمران بن حصين أن عمر الخ (غريبة) (7) الظاهر أن هذا الرجل المهم في هذه الرواية هو معقل بن يسار كما يستفاد من الحديث التالي والله أعلم (8) يعني مع من من الورثة (9) إنما قال له لادريت لأنه لم يفده بشيء ما ينشده (تخريجه) (د نس جه هق) من طرق لا تخلو من علة وفي إسناده عند الإمام أحمد على بن زيد بن جدعان ضعيف لسوء حفظه روي له مسلم مقرونًا بغيره (10) (سنده) حدّثنا عمرو بن الهيثم أبو قطن ثنا يونس يعني ابن أبي إسحاق عن أبيه عن عمر بن ميمون الخ (عربية) (11) أي في حياة عمر قبل إصابته (وقوله فناشدهم الله) أي سألهم بالله (12) أي من فرائض الميراث (13) يعني ومن كان مع الجد من الورثة (تخريجه) (جه هق) وسنده جيد، ورواه الحاكم من طريق الحسن عن معقل بن يسار وصححه وأقره الذهبي (14) (سنده) حدّثنا عبد الأعلى

-[كلام العلماء في ميراث الجد - وما جاء في ميراث ذوي الأرحام]- مع من؟ قال لا أدري، قال لادريت فما تغني إذا (1) (عن سعيد بن جبير) (2) قال كنت جالسًا عند عبد الله بن عتبة بن مسعود وكان أبن الزبير جعله على القضاء (3) إذا جاءه كتاب ابن الزبير سلام عليك أما بعد فإنك كتبت تسألني عن الجد وأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لو كنت متخذًا من هذه الأمة خليلاً لاتخذت أبن أبي قحافة (4) ولكنه اخي في الدين وصاحبي في الغار جعل الجد أبا (5) وأحق ما أخذناه قول أبي الصديق رضي الله عنه (6) (ومن طريق ثان) (7) عن أبن الزبير قال أن الذي قال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لو كنت متخذًا خليلاً سوي الله حتى ألقاه لاتخذت أبا بكر جعل الجد أبا (باب ما جاء في ميراث ذوي الأرحام) (عن المقدام ابن معد يكرب) (8) الكندي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال من ترك مالاً فلورثته، ومن ترك دينا أو ضيعه (9) فإلىّ، وأنا وليّ من وليّ من وليّ له (10)، أفك عنيه (11) وأرث،

_ عن يونس عن الحسن يعني البصري أن عمر بن الخطاب الخ (غريبة) (1) أي لم تأت بفائدة يعّول عليها في الحكم (تخريجه) (د نس جه) قال المنذري حديث الحسن عن عمر بن الخطاب منقطع فإنه ولد في سنة إحدى وعشرين وقتل عمر رضي الله عنه في سنة ثلاث وعشرين ومات فيها) (2) (سنده) حدّثنا معمر بن سليمان الدقي قال ثنا الحجاج عن فرات بن عبد الله وهو فرات القزاز عن سعيد بن جبير الخ (غريبة) (3) يعني قضاء الكوفة ويؤيد ذلك ما جاء في رواية البخاري من طريق عبد الله بن أبي مليكه قال كتب أهل الكوفة إلى ابن الزبير في الجد فقال أما الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لو كنت متخذًا من هذه الأمة خليلاً لاتخذته أنزله أبا يعني أبا بكر، (قال الحافظ) والمراد بقوله كتب أهل الكوفة بعض أهلها وهو عبد الله بن عتبه بن مسعود وكان ابن مسعود جعله على القضاء فجاءه كتابه كتب تسألني عن الجد فذكر الحديث (4) يعني أبا بكر رضي الله عنه (5) أي حكمة حكم الأب عند عدمه في الميراث أي هو كالأب الحقيقي يرث ما يرث الأب ويحجب ما يحجب، والمراد بالجد هنا الجد الصحيح وهو الذي لا يدخل في نسبته إلى الميت أم (قال العيني رحمه الله) الجد كالأب في جميع أحواله إلا في أربع مسائل فإنه لا يقوم مقام الأب فيها (الأولى) أن بني الأعيان والجدات كلهم يسقطون بالأب بالإجماع ولا يسقطون بالجد إلا عند أبي حنيفة (الثانية) أن الأم مع أحد الزوجين والأب تأخذ ثلث ما يبقي ومع الجد ثلث الجميع إلا عند أبي يوسف فإن عنده الجد كالأب فيه (الثالثة) أن أم الأب وإن علت تسقط بالأب ولا تسقط بالجد وأن علت (الرابعة) أن المعتق إذا ترك أبا المعتق وأبنه فسدس الولاء للأب والباقي للابن عند أبي يوسف وعندهما كله للابن، بالاتفاق أهـ (قال الحافظ) وقد انعقد الإجماع على أن الجد لا يرث مع وجود الأب (6) هذا يفيد أن أبن الزبير وافق أبا بكر رضي الله عنه في رأيه (7) (سنده) حدّثنا يحيي بن سعيد عن ابن جريح عن ابن أبي مليكة عن أبن الزبير الخ (تخريجه) (خ هق) وفيه منقبه عظيمة لأبي بكر رضي الله عنه (باب) (8) (سنده) حدّثنا حماد بن خالد قال ثنا معاوية بن صالح عن راشد بن سعد عن المقدام بن معد يكرب الخ (غريبة) (9) الضيعة بفتح الضاد المعجمة وسكون التحتية الأولاد المحتاجون الضائعون الذين لا شيء لهم (وقوله فإلى) أي أمره موكول على في سداد دينه ومراعاة أولاده (10) أي متولي أمره وناصره في حياته وبعد موته (11) بضم العين المهملة وتشديد التحتية مفتوحة بينهما نون مكسورة يقال عنا يعنو عنيا

-[بيان مذاهب العلماء في توريث ذوي الأرحام]- ماله (1) والخال ولي من لا ولي له (2) يفك عنيه ويرث ماله (وفي لفظ) والخال وارث من لا وارث له وأنا وارث من لاوارث له أرثه وأعقل عنه (3) (عن أبي أمامة بن سهل) (4) قال كتب عمر إلى ابي عبيدة بن الجراح أن علموا غلمانكم العوم (5) ومقاتلتكم الرمي: فكانوا يختلفون (6) إلى الأغراض فجاء سهم غرب (7) إلى غلام فقتله فلم يوجد له أصل وكان في حجر (8) خال له فكتب فيه أبو عبيدة إلى عمر رضي الله عنه إلى من أدفع عقله (9) فكتب إليه عمر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يقول الله ورسوله مولى من لا مولى له والخال وارث من لا وارث له (10)

_ وفي بعض الروايات عانه (بدل عنيه) أي عانيه بحذف الياء التحتيه، ومنه حديث أطعموا الجائع وفكوا العانين أي الأسير، وكل من ذل واستكان وخضع فقد عنا، والمعني أدفع عنه كل ما يلحقه بسببه ذل واستكانه وخضوع (1) أي أن لم يكن له وارث، وميراث النبي (صلى الله عليه وسلم) لمن كان كذلك وضع ماله في بيت مال المسلمين (2) أي وارث من لا وارث له كما صرح بذلك في اللفظ الآخر، ومعناه إن لم يكن لهوارث من العصبة (3) أي أتحمل عنه ما يلزمه ويتعلق به بسبب الجنايات التي سبيلها أن تتحملها العاقلة من الدية ونحوها، قيل أنه (صلى الله عليه وسلم) كان يقضي ذلك من مال مصالح المسلمين: وقيل من خالص ماله والله أعلم (تخريجه) (د نس جه هق ك حب) وصححه الحاكم وابن حبان وحسنه أبو زرعه الرازي وروي نحوه الشيخان من حديث أبي هريرة وليس فيه ذكر الخال (سنده) حدّثنا يحيي بن آدم ثنا سفيان عن عبد الرحمن بن عياش عن حكيم بن حكيم عن أبي إمامة بن سهل الخ (غريبة) (5) يعني السباحة يقال عام يعوم عومًا (6) أي يتعاقبون في المجيء إلا الأغراض، والأغراض جمع غرض بفتح الغين المعجمة والراء الهدف (7) بفتح الغين المعجمة وسكون الراء أي لا يعرفه راميه، وقيل بفتح الراء وسكونها وبالإضافة وغير الإضافة وقيل هو بالسكون إذا أتاه من حيث لا يدري، وبالفتح إذا رماه فأصاب غيره والهروي لم يثبت عن الأزهري إلا الفتح (نه) (8) بفتح الحاء المهملة وكسرها أي في كفالته وحضانته (9) أي ديته (10) هو مقيد بعدم وجود أصل للميت أو عاصب كما تقدم (تخريجه) (مذجه هق) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، وليس فيه قصة الغلام عند الترمذي بل له منه المرفوع فقط (فائدة) قال في رحمة الأمة اختلف الأمة اختلف الأمة في توريث ذوي الأرحام الذين لا سهم لهم في كتاب الله عز وجل وهم عشرة أصناف أبو الأم وكل جد وجده ساقطين وأولاد البنات وبنات الإخوة وأولاد الأخوات وبنو الأخوة للأمم والعم للأم وبنات الأعمام والعمات والخالات والمدلون بهم، فذهب مالك والشافعي إلى عدم توريثهم قال ويكون المال لبيت المال وهو قول أبي بكر وعمر وعثمان وزيد والزهري والأوزاعي وداود، وذهب أبو حنيفة وأحمد إلى توريثهم وحكي ذلك عن على وأبن مسعود وابن عباس، وذلك عند فقد أصحاب الفروض والعصبات بالإجماع، وعن سعيد بن المسيب أن الخال يرث مع البنت: فعلى ما قال مالك والشافعي إذا مات عن أمه كان لها الثلث والباقي لبيت المال أو عن بنته فلها النصف والباقي لبيت المال، وعلى ما قال أبو حنيفة وأحمد المال كله للأم الثلث بالفرض والباقي بالرد وكذلك للبنت النصف بالفرض والباقي بالرد، ونقل القاضي عبد الوهاب المالكي عن الشيخ أبي احسن أن الصحيح عن عثمان وعلى وابن مسعود أنهم كانوا لا يورثون ذوي الأرحام ولا يردون على أحد، وهذا الذي يحكي عنهم في الرد وتوريث ذي الأرحام حكاية فعل لأقول وأبن خزيمة وغيره من الحفاظ يدعون

-[ميراث المولى من أسفل - ومن أسلم على يده رجل]- (باب ما جاء في ميراث المولى من أسفل ومن أسلم على يده رجل) (عن ابن عباس) (1) رضي الله عنهما، رجل مات على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لم يترك وارثًا إلا عبدًا هو أعتقه فأعطاه ميراثه (2) (عن أبن بريدة) (3) عن أبيه قال توفي رجل من الأزد فلم يدع وارثًا فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) التمسوا له وارثًا، التمسوا له ذا رحم، قال فلم يوجد فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أدفعوه إلى أكبر خزاعة (4) (عن عائشة رضي الله عنها) (5) أن مولى للنبي (صلى الله عليه وسلم) وقع من نخله فمات وترك شيئًا ولم يدع ولدًا ولا حميمًا (6) فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) أعطوا ميراثه رجلاً من أهل قريته (7) (عن تميم الداريّ) (8) قالت سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) السنة في الرجل من أهل الكفر (9) يُسلم على يد الرجل من المسلمين؟ قال هو أولى الناس بحياته وموته

_ الإجماع على هذا أهـ (باب) (1) (سنده) حدّثنا سفيان عن عمرو عن عوجة عن أبن عباس الخ (غريبة) (2) ظاهرة يدل على أن العبد المعتق (بالفتح) يرث من المعتق (بالكسر) لكن ذهب جمهور العلماء إلى أن الأسفل في العتاقة لا يرث بحال، وأوّلوا هذا الحديث بأنه دفع ميراثه إليه تبرعًا وإنما كان الحق لبيت المال، وقالوا أن قسمة المواريث وسع فيها الشرع: قال تعالى (وإذا حضر القسمة أولو القربى واليتامي والمساكين فأرزقهم منه) فمبناه على أدني مناسبة من الميت فلا غرو أن يدفع النبي (صلى الله عليه وسلم) ميراثه إلى معتقه الأسفل لأنه حق بيت المال وهو أيضًا من مستحقيه مع ماله من المناسبة بالبيت (تخريجه) (الأربعة، وغيرهم) وحسنة الترمذي، ورواها لحاكم من طريق عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس وصححه وقره الدهبي (3) (سنده) حدّثنا الخزاعي وهو ابو سلمه أنا شريك عن أبي بكر بن أحمد اسمه جبريل عن ابن بريده عن أبيه الخ (قلت) بريدة هو الأسلمي الصحابي (غريبة) (4) أي إلى أكبر رجل من قبيلة خزاعة، وإنما خص أكبر لأنه يكون أكبر القوم إلى الجد الأعلى الذين ينسبون إليه لأنه جاء في بعض الروايات بلفظ (مات وجل من خزاعة) بدل قوله هنا (من الأزد) فالظاهر أن نسب هذا الكلام كان ينتهي إلى خزاعة ولذلك قام ادفعوه إلى أكبر خزاعة والله أعلم (تخريجه) (د هق) وأخرجه النسائي مرسلاً ومسندًا وقال جبريل بن أحمد ليس بالقوي، والحديث منكر، وقال أبو يعلي فيه نظر، وقال أبو زرعة الرازي شيخ، وقال يحي بن معين كوفي ثقة (5) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا سفيان عن ابن الأصبهاني عن مجاهد ابن وردان عن عروة بن الزبير عن عائشة الخ (غريبة) (6) أي قريبً مطلقًا ولو من ذوي الأرحام عند من يقول بتوريثهم (7) قيل كان ذلك تصدقًا أو ترفقًا أو لأنه كان لبيت المال ومصرفه مصالح المسلمين فوضعه في أهل قريته لقربهم أو لما رأي من المصلحة، والمراد بالميراث التركة (تخريجه) (د مذجه هق) وحسنه الترمذي (8) (سنده) حدّثنا أبو نعيم ثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن عبد الله بن موهب قال سمعت تميمًا الداريّ يقول سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخ (غريبة) (9) في رواية أخرى للإمام أحمد سألته في الرجل من أهل الكتاب بدل من أهل الكفر، ورواية حديث الباب أعم من تلك والمعني ما حكم الشرع في الرجل من أهل الكفر يسلم على يدي الرجل من المسلمين أي هل يصير مولى له (قال هو) أي المسلم الأصلي أول الناس بحياته فيحسن إليه ما دام حيًا وحال موته فيرثه، وهذا ظافر الحديث، وحمله بعضهم على أن هذا كان في

-[ما جاء في ميراث ابن الملاعنة والزانية وكلام العلماء في ذلك]- (باب ميراث ابن الملاعنة والزانية منهما وميراثهما منه وانقطاعه من الأب) (عن عمرو ابن شعيب) (1) عن أبيه عن جده قال قضي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في ولد المتلاعنين (2) أنه يرث أمه وترثه: ومن قفاها (3) به جلد ثمانين، (4) ومن دعاه ولد زنًا جلد ثمانين (عن وائله بن الأسقع الليثي) (5) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المرأة تحوز ثلاث مواريث: عتيقها (6) ولقيطها وولد ما الذي تلاعن فيه (عن ابن عباس) (7) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا مساعاة (8) في

_ بدء الإسلام ثم نسخ، وقبل بل معناه هو أولى بالنصرة حال الحياة وبالصلاة عليه بعد الموت وقيل غير ذلك والله أعلم (تخريجه) مذجه هق ي) وقال الترمذي هذا حديث لا نعرفه إلا من حديث عبد الله ابن وهب ويقال ابن موهب عن تميم الداري أهـ وقال أكثر الفقهاء لا يرثه، وقال الشافعي هذا الحديث ليس بثابت وأبن وهب ليس بالمعروف عندنا ولا نعلمه لقي تميمًاأ هـ وضعف الإمام أحمد حديث تميم الداري وقال عبد العزيز راوية ليس من أهل الحفظ والإتقان والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا يعقوب ثنا أبي محمد بن إسحاق قال وذكر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قضي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخ (غريبة) (2) هما اللذان جاءت قصتهما في كتاب الله عز وجل في أول سورة النور حيث قال عز من قائل (والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلى أنفسهم - إلى قوله - والخامسة أن غضب الله عليها إن كان الصادقين) وولدهما هو الذي نفاه أبوه ولم يلحقه بنفسه وأدعي أنه ولد زنا، ومن كان أمره كذلك فإنه يرث أمه وترثه ويدعي لأمه فقط ولا يدعي لأبيه ولا يرث أحدهما الآخر (3) أي قذفها واتهمهما بالزنا (4) أي لأنه لم يثبت عليها الزنا وكذلك يقال في أبنها وهذا حد القذف (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد من طريق ابن إسحاق: قال وذكر عمر ابن شعيب فإن كان هذا تصريحًا بالسماع فرجاله ثقات وغلا فهي عنعنة اب إسحاق وهو مدلس وبقية رجاله ثقات (5) (سنده) حدّثنا أبو النضر قال ثنا بقية بن الوليد الحمصي عن أبي سلمة الحمصي قال ثنا عمر بن رؤية التغلبي قال ثنا عبد الواحد بن عبد الله النصري عن وائلة بن الأسقع الخ (غريبة) (6) بالنصب بدل من ثلاث وهو العبد الذي أعتقته يكون ولاءه لها باتفاق العلماء (ولقيطها) أي الذي التقطته من الطيرق وربته، قالوا إذا لم يترك وارثأ فماله لبيت المال، وهذه المرأة أولى بأن يصرف إليها من غيرها من آحاد الناس وبهذا المعني قيل إنها ترثه وتقدم الكلام على الملاعنة (تخريجه) (هق ك، والأربعة) وقال الترمذي حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن حرب (يعني الهمذاني) أهـ (قلت) الحديث جاء عند الأربعة والبيهقي، ورواية أخرى للإمام أحمد من طريق محمد بن حرب عن عمر بن رؤية عن وائلة، ومحمد بن حرب وثقة الحافظ في التقريب، وجاء في هذه الرواية عند الإمام أحمد والمستدرك للحاكم من طريق أبي سلمه الحمصي عن عمر بن رؤية عن وائلة وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال هو في السنن الأربعة من طريق عمر بن رؤية عن وائلة أهـ فالحديث على اقل درجاته حسن والله أعلم (7) (سنده) حدّثنا معتمر عن سلم عن بعض أصحابه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) (8) المساعاة الزنا، قال الخطابي وكان الأصمعي يجعل المساعاة في الإماء دون الحرائر، وذلك لأنهن يسعين لمواليهن فيكتسبن لهم (يعني من الزنا) بضرائب كان عليهن فأبطل النبي (صلى الله عليه وسلم) المساعاة في الإسلام ولم

-[التغليظ لمن أراد الفرار من توريث وارثه]- الإسلام، من ساعى في الجاهلية فقد ألحقته بعصبته ومن أدعي ولده من غير رشده (1) فلا يرث ولا يورث (باب ما جاء فيمن فر من توريث وارثه) (عن سالم عن أبيه) (2) أن غيلان بن سلمة اثقفي أسلم وتحته عشر نسوة (3) فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) اختر منهن أربعًا فلما كان عهد عمر طلق نساءه وقسم ماله بين بنيه (4) فبلغ ذلك عمر فقال أني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموته فقذفه في نفسك (5) ولعلك أن لا تمكث إلا قليلاً، وأيم الله لتراجعن نساءك ولترجعن في مالك أولا ورّثهن منك: ولأمون بقبرك فيرحم كما رجم قبر أبي رغال (6) (باب الميراث بالولاء) (عن أبن عمر) (7) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال الولاء (8) لمن أعق (وعن عائشة

_ يلحق النسب لها، وعفا عما كان منها في الجاهلية والحق النسب به (1) بفتح الراء وكسرها قال في النهاية يقال هذا ولد رشده إذا كان لنكاح صحيح كما يقال في ضده ولد زنية بالكسر فيهما، وقال الأزهري الفتح أفصح اللغتين أهـ والمعني من أدعي ولدًا بغير نكاح شرعي فلا يرث أحدهما الآخر (تخريجه) (د هق) وفي إسناده رجل مجهول عند الجميع (باب) (2) (سنده) حدّثنا إسماعيل ومحمد بن جعفر قالا ثنا معمر عن الأزهري قال ابن جعفر في حديثه أن أبن شهاب عن سالم أبيه (قلت) سالم هو ابن عبد الله بن عمر رضي الله عنهم (غريبة) (3) كان إسلامه بعد فتح الطائف وكان أحد وجوه ثقيف وأسلم أولاده عامر عمار ونافع وبادية وقبل غنه أحد من نزل فيه (على رجل من القريتين عظيم) مات غيلان في آخر خلافة عمر (4) الظاهر أنه فعل ذلك عندما مرض وشعر بقرب أجله (5) يشير عمر بذلك إلى ما يفعله الشياطين من استراق السمع من الملائكة في السماء الدنيا وإخبار الكهنة والسحرة بذلك وربما أدركه الشهاب قبل الإخبار فيهلك ويحترق، ومن نجا منهم بلغ ما سمع وزاد عليه مائة كذبة كما ثبت ذلك عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم، واستراق السمع ثابت في كتاب الله تعالى في أول سورة الصافات وسيأتي الكلام على الكهانة في باب ما جاء في الكهانة وأعمل مأخذها في آخر كتاب الحدود إن شاء الله تعالي (6) قال في القاموس أبو رغال ككتاب في سنن أبي داود ودلائل النبوة وغيرهما عن ابن عمر سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين خرجنا معه إلى الطائف فمررنا بقبر فقال هذا قبر أبي رغال وهو أبو ثقيف وكان من ثمود وكان بهذا الحرم ويدفع عنه فلما خرج منه أصابته النقمة التي أصابت قومه بهذا المكان فدفن فيه الحديث: قال وقول الجوهري كان دليلاً للحبشة حين توجهوا إلى مكة فمات في الطريق غير جيد، وكذا قول ابن سيده كان عبدًا لشعيب وكان عشارًا جائرًا أهـ (قلت) والظاهر أن عمر رضي الله عنه يريد بقوله (ولآمرن بقبرك فيرجم الخ) الزجر والتهديد لئلا يقتدي به غيره، فإن هذا الفعل غير محمود: أنظر مذاهب الأئمة في حكم ميراث المطلقة في مرض زوجها صحيفة 23 في الجزء الثاني من القول الحسن شرح بدائع المنن (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بزعل) ورجال أحمد رجال الصحيح، وقال روي الترمذي وابن ماجة منه إلى قوله (واختر منهن أربعًا) أهـ (قلت) ورواه عبد الرازق أيضًا مطولاً كراوية الإمام أحمد وسنده وزاد (قال فراجع نساءه وماله قال نافع فما لبث إلا سيما حتى مات، وصحح ابن حزم إسناده (باب) (7) (سنده) حدّثنا روح ثنا أبن جريح عن سليمان بن موسى عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) (8) المراد بالولاء هنا ولاء العتق وهو ميراث يستحقه المرء بسبب عتق

-[ما جاء في ميراث الولاء]- رضي الله عنها) (1) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مثله (عن قتادة) (2) عن سلمي بنت حمزة أن مولاها مات وترك ابنة فورّث النبي (صلى الله عليه وسلم) ابنته النصف (3) وورث يعلي النصف (4) وكان ابن سلمي (عن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه) (5) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (5) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لا يقاد والد من ولدن وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرث الولاء (6) (عن عمر بن شعيب) (7) عن أبيه عن جده قال فلما

_ شخص في ملكه يعني إذا مات المعتق (بفتح التاء الفوقية) ورثه معتقه ويسقط بالعصيات وله الباقي مع ذوي السهام وكانت العرب تهبه وتبيعه فنهى النبي (صلى الله عليه وسلم) عنه لأن الولاء كالنسب فلا يزول بالإزالة، قد ثبت النهي المشار غليه في حديث ابن عمر عند (حم ق والأربعة) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) نهى عن بيع الولاء وعن هبته، وتقدم في باب النهي عن بيع الولاء من كتاب البيوع والكسب رقم 95 صحيفة 32 (تخريجه) (خ. وغيره) وروى مثله (ق. والأربعة حم) من حديث عائشة وستأتي الإشارة إليه (1) هذا الحديث جاء مطولاً وتقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في وراء المعتق ولمن يكون في الجزء الرابع عشر صحيفة (162) من كتاب العتق (3) (سنده) حدّثنا عبد الصمد ثناهما ما ثنا قتادة عن سلمى بنت حمزة الخ (قلت) سلمى بنت حمزة بن عبد المطلب صحابية (غريبة) (3) أي فرضًا كما قال تعالى (وإن كانت واحدة فلها النصف) (4) أي تعصيبًا لأنه عصبة المعتقة على فرض صحة الحديث (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد واشار إليه الحافظ في التلخيص وسكت عنه، وأورده الهيثمي بنصه وقال رواه أحمد، قال ولها عند الطبراني (قال مات مولى لي وترك ابنته فقسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيني وبين أبنته فجعل لي النصف ولها النصف) رواه الطبراني بأسانيد ورجال بعضها رجال الصحيح، وإسناد أحمد كذلك إلا أن قتادة لم يسمع من سلمي أهـ (قلت) وحيث أن قتادة لم يسمع من سلمي فهو مرسل ومخالف لرواية الطبراني التي ذكرها الحافظ الهيثمي وصححها، لأن حديث الباب يفيد أن يعلي بن سلمي هو الذي ورث بالتعصب ما بقي بعد فرض بنت العتيق المتوفى باعتباره وارثًا للولاء عن أمه التي ماتت، ورواية الطبراني تفيد أن سلمي نفسها هي التي ورثت النصف الباقي بالولاء بعد فرض بنت المتوفى لأنها هي المعتقة، وفي ذلك إشكال لما أقف على من تعرض له من المحدثين والشراح ولا يمكن الجمع بين الروايتين إلا بأحد أمرين إما أنه كان لسلمي عبدان عتقتهما فمات أحدهما في حياتها وترك بنتًا، ومات الثاني بعد موتها في حياة ايتها يعلي وترك بنتًا أيضًا فورثت سلمي الأول، وعلى هذا تحمل رواية الطبراني، وورث الثاني أبنها يعلي، وعلى هذا تحمل رواية قتادة عند الإمام أحمد، وإما أن تطرح رواية قتادة لكونها معلولة ويعمل برواية الطبراني لصحتها وكثرة طرقها لأنها جاءت من طرق متعددة وهي المحفوظة والله أعلم (5) (سنده) حدّثنا أبو سعيد حدثنًا عبدا لله بن لهيعة حدثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن عمر بن الخطاب الخ (غريبة) (6) المعني إذا مات عتيق الأب أو عتيق عتيقة يرث الابن ذلك الولاء، وهذا مخصوص بالعصبة ولا ترث النساء الولاء إلا من عتيقهن أو عتيق عتيقهن (تخريجه) (مذ) بسند حديث الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده بدون ذكر عمر، ثم قال هذا حديث ليس إسناده بالقوى أهـ (قلت) لعله يريد أن في إسناده ابن لهيعة لكنه صرح بالسماع ولم يعنعن فحديثه حسن كما قال ابن كثير: على أن هذا الحديث له طرق أخرى تؤيده وصححه غير الترمذي والله أعلم (7) (سنده) حدّثنا يحيي ثنا حسين

-[الولاء لمن أعتق ولعصبته من بعده]- رجع عمرو (1) وجاء بنو معمر بن حبيب يخاصمونه في ولاء أختهم (2) إلى عمر بن الخطاب فقال أقضى بينكم بما سمعت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ما أحرز الولد والوالد فهو لعصبته من كان: فقضى لنا به (باب ما جاء في الكلالة (3)) (عن عمر بن الخطاب) (4) رضي الله عنه قد سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الكلالة فقال تكفيك آية الصيف (5) فقال لأن أكون سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عنها أحب إلى من أن يكون لي حمر النعم (6)

_ المعلم (يعني ابن ذكوان) عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبة) (1) هكذا جاء هذا الحديث في المسند وسياقه يدل على أنه سقط من أوله شيء، وقد جاء كاملاً عند أبي داود وابن ماجة من طريق حسين المعلم أيضًا عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال تزوج وثاب بن حذيفة بن سعيد بن سهم أم وائل بنت معمر الجمحية فولدت له ثلاثة فتوفيت أمهم فورثها بنوها رباعها وولاء مواليها فخرج بهم عمرو بن العاص إلى الشام فماتوا في طاعون عمواس فورثهم عمرو وكان عصبتهم فلما رجع عمرو بن العاص جاء بنو معمر فذكر الحديث كما هنا وهذا لفظ ابن ماجة وزاد بعد قوله فقضي لنا بعد (وكتب لنا به كتاباً فيه شهادة عبد الرحمن بن عوف وزيد بن ثابت وآخر حتى إذا استخلف عبد الملك ابن مروان توفي مولى لها وترك ألفي دينار فبلغني أن ذلك القضاء قد غير فتخاصموا إلى هشام بن إسماعيل فرفعنا إلى عبد الملك فأتيناه بكتاب عمر فقال إن كنت لأري أن هذا من القضاء الذي لا يشك فيه وما كنت أري أن أمر أهل المدينة بلغ هذا أن يشكوا في هذا القضاء فقضي لنا فيه فلم تزل فيه بعد أهـ (2) يعني أم وائل بنت معمر الجمحية لزعمهم أن ميراث الولاء رد إلى المعتقة وهي أم وائل فردهم عمر بقول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (ما أحرز الولد والوالد فهو لعصبته من كان) أي ما أحرز الولد من إرث الأب أو الأم (فهو لعصبته) أي الوالد إن كان هو المحرز (من كان) أي من وجد من العصبة (والقائل فقضي لنا به) هو عبد الله ابن عمرو راوي الحديث أي قضي لأبيه عمرو بن العاص بالميراث (تخريجه) (دجه) وأخرجه أيضًا النسائي مسندًا ومرسلاً وصححه ابن عبد البر وابن المديني (باب) (3) اختلف العلماء في المراد بالكلالة في الآية على أقوال: أشهرها وهو ما ذهب إليه الجمهور بل حكي القاضي عياض عن بعض العلماء الإجماع على أن الكلالة من لا ولد لهولا والد، واختلفوا أيضًا في اشتقاقها فقيل إنها مشتقة من كل الشيء إذا بعدو انقطع، ومنه قوله كلت الرحم إذا بعدت وطال انتسابها، ومنه كلّ في مشيه إذا انقطع لبعد مسافته وقيل غير ذلك (4) حدّثنا أبو نعيم ثنا مالك يعني ابن مغول قال سمعت الفضيل بن عمرو عن إبراهيم النخعي عن عمر الخ (غريبة) (5) قال الخطابي أنزل الله في الكلالة آيتين إحداهما في الشتاء وهي التي في أول النساء يعني قوله تعالى (وإن كان رجل يورث كلالة الآية) قال وفيها إجمال وإبهام لا يكاد يتبين هذا المعنى من ظاهرها، ثم أنزل الآية الأخرى في الصيف وهي التي في آخر سورة النساء يعني قوله تعالى (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة الخ السورة) قال وقيها من زيادة البيان ما ليس في آية الشتاء فأحال السائل عليها ليتبين الماد بالكلالة المذكورة (6) لما أرشده النبي (صلى الله علي وسلم) إلى آية الصيف ليتبين المراد منها نسي أن يسأل النبي (صلى الله عليه وسلم) عن معناها ولهذا قال لأن أكون سألت النبي (صلى الله عليه ولسم) عنها الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث

النوع الثالث من الفقة الأقضية والأحكام

-[ميراث الكلالة وقصة عمر مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في ذلك]- (وعنه أيضًا) (1) قال أني لا أدع شيئًا (2) أهم إلى من الكلالة، وما (3) أغلظ لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في شيء منذ صاحبته ما أغلظ لي في الكلالة، وما راجعته في شيء ما رجعته في الكلالة حتى طعن بإصبعه في صدري وقال يا عمر ألا تكفيك آية الصيف التي في آخر سورة النساء فإن أعش (4) أقضي فيها قضية يقضي بها من يقرأ القرآن ومن لا يقرأ القرآن (عن البراء بن عازب) (5) قال جاء رجل إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فسأله عن الكلالة (6) فقال تكفيك آية الصيف. النوع الثالث من الفقة الأقضية والأحكام (كتاب القضاء والشهادات) (باب ما جاء في القاضي يصيب ويخطئ وأجر القاضي المجتهد وكيف يقضى) (عن عبد الله بن عمرو) (7) عن أبيه عمرو بن العاص قال جاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خصمان يختصمان فقال لعمرو اقض بينهما ياعمرو، فقال أنت أولى بذلك مني يا رسول الله، قال وإن كان، قال فإذا قضيت بينهما فمالي؟ قال إذا أنت قضيت فأصبت القضاء فلك عشر حسنات وإن أنت اجتهدت (8)

_ عمر لغير الإمام أحمد وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وقال هذا إسناد جيد إلا أن فيه انقطاعًا بين إبراهيم وبين عمر فإنه لم يدركه أهـ (قلت) له شاهد من حديث البراء عند الإمام أحمد وأبي داود والترمذي بإسناد جيد وسيأتي (1) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده تامًا في أبواب خلافة عمر في باب ذكر بعض خطبة في كتاب الخلافة والإمارة إن شاء الله تعالى (غريبة) (2) أي لا أترك شيئًا بعد موتي أهم عندي من الكلالة وذلك لأنه لم يتبينها بيانًا شافيًا يطمئن إليه قلبه (3) (ما) هذه نافية (وما) الثانية الآتية مصدرية أي مثل ما أغلظ لي في الكلالة، وكذا الكلام في قوله وما راجعته في شيء ما راجعته في الكلالة، والإغلاظ في القول التعنيف، ولعل النبي (صلى الله عليه وسلم) إنما أغلظ له لخوفه من اتكاله واتكال غيره على ما نص عليه صريحًا وتركهم الاستنباط من النصوص، وقد قال الله تعالى (ولو ردوه إلى رسول الله وغلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) فالاعتناء بالاستنباط من أكد الواجبات المطلوبة لأن النصوص الصرحية لا تفي إلا بيسير من المسائل الحادثة فإذا أهمل الاستنباط فات القضاء في معظم الأحكام النازلة أوقي بعضها والله أعلم قاله النووي (4) هذه الجملة وهي قوله (فإن أعش الخ الحديث) من كلام عمر لا من كلام النبي (صلى الله عليه وسلم) وإنما أخر القضاء فيها لأنه لم يظهر له في ذلك الوقت ظهورًا يحكم به فآخره حتى يتم اجتهاده فيه ويستوفي نظره ويتقرر عنده حكمه ثم يقضي به ويشيعه بين الناس (يعني حتى يعرفه العالم والجاهل) (تخريجه) (م) (5) (سنده) حدّثنا يحيي بن آدم ثنا أبو بكر عن أبى إسحاق عن البراء بن عازب الخ (غريبة) (6) يحتمل أن يكون هذا الرجل عمر بن الخطاب ويحتمل أن يكون غيره وأن السؤال تعدد في الكلالة لأهميتها والله أعلم (تخريجه) (دمذ) وجودّ الحافظ ابن كثير إسناده (باب) (7) (سنده) حدّثنا أبو النضر قال ثنا الفرج قال ثنا محمد بن الأعلى عن أبيه عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبة) (8) قال في النهاية الاجتهاد بذل الوسع في طلب الأمر وهو افتعال من الجهد والطاقة، والمراد به رد القضية التي تعرض للحاكم من طريق القياس إلى الكتاب والسنة

-[القاضي العالم المجتهد يثاب على حكمه سواء أصاب أو أخطأ]- فأخطأت فلك حسنة (1) (وعن عقبة بن عامر) (2) عن النبي (صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم) مثله (3) غير أنه قال فإن اجتهدت فأصبت القضاء فلك القضاء فلك عشرة أجور (4)، وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد (عن عبد الله بن عمرو) (5) أن خصمين اختصما إلى عمرو بن العاص فسخط المقضي عليه (6) فأتي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخبره فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا قضي القاضي فاجتهد (7) فأصاب فله عشرة أجور وإذا اجتهد فأخطأ كان له أجر أو أجران (8) (عن أبي قيس) (9) مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران (10) وإذا حكم فاجتهد فاخطأ فله أجر: قال فحدثت بهذا الحديث (11) أبا بكر

_ (1) قيل لم يكون الأجر للخطي؟ (وأجيب) لأجل اجتهاده في طلب الصواب لأعلى خطئه، قال ابن المنذر وإنما يؤجر الحاكم إذا أخطأ إذا كان عالمًا بالاجتهاد فاجتهد، فأما إذا لم يكن عالمًا فلا: واستدل بحديث (القضاة ثلاثة وفيه وقاض قضي وهو لا يعلم فهو في النار) أخرجه الأربعة من حديث بريدة (تخريجه) (قط ك) وصححه الحاكم وقال الذهبي فرج ضعفوه أهـ (قلت) في إسناده فرج بن فضالة وثقة الإمام أحمد في الشاميين وضعفه النسائي والدارقطني (خلاصة (2) (سنده) حدّثنا هاشم قال ثنا الفرج عن ربيعة ابن يزيد عن عقبة بن عامر الخ (غريبة) (3) جاء هذا الحديث في الأصل عقب الحديث السابق في مسند عمرو بن العاص وهذا الاختصار من الأصل أعنى قوله مثله يعني مثل الحديث السابق (4) في الحديث السابق (فلك عشر حسنات) فهو مفسر لما هنا ويكون المراد بالأجور هنا الحسنات وبالأجر الحسنة الواحدة والله أعلم (تخريجه) (ك قط) ولفظه عند الدارقطني من طريق الفرج بن فضالة أيضًا عن ربيعة بن يزيد الدمشقي عن عقبة بن عامر قال جاء خصمان إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يختصمان فقال لي قم يا عقبه اقض بينهما: قلت يا رسول الله أنت أولى بذلك مني، قال وإن كان، أقض بينهما فإن اجتهدت فأصبت فلك عشرة أجور وإن اجتهدت فأخطأت فلك أجر واحد، قال الحافظ في التلخيص رواه (ك قط) عن حديث عقبة بن عامر وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو بلفظ إذا اجتهد الحاكم فله أجر وإن أصاب فله عشرة أجور: وفيه فرج بن فضالة وهو ضعيف وتابعة ابن لهيعة بغير لفظه أهـ (5) حدّثنا حسن ثنا بن لهيعة ثنا الحارث بن يزيد عن سلمة بن أكسوم قال سمعت بن حجيرة يسأل القاسم بن البرحي (بفتح الموحدة وسكون الراء) كيف سمعت عبدا لله بن عمرو بن العاص يخبر قال سمعته يقول ن خصمين اختصما الخ (غريبة) (6) أي لم يرض بحكمه (7) معناه إذا أراد أن يقضي فاجتهد الخ ويقال مثله في الحديث التالي (إذا حكم الحاكم فاجتهد) أي إذا أراد أن يحكم فاجتهد لأن الحكم متأخر عن الاجتهاد فلا يجوز له الحكم قبله اتفاقًا فهو من باب قوله تعالى (فإذا قرأت القرآن فاستعد بالله الآية) وإصابة الحاكم مصادفته لما في نفس الأمر من حكم الله عز وجل، وهذا معني قوله فأصاب (8) أو للشك من الراوي والمحفوظ أجر واحد (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طس) وفيه سلمة بن أكسوم ولم أجد من ترجمة بعلم أهـ (9) (سنده) حدّثنا عبد الله بن يزيد ثنا حيوة حدثني يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن إبراهيم ابن الحارث عن بس بن سعيد عن أبي سعيد عن أبي قيس الخ (غريبة) (10) جاء في الروايات السابقة عشرة أجور وفي هذه الروايات أجران وهي أصح لأنها ثابتة في الصحيحين، فإن صحت روايات الزيادة تحمل على من قويت عزيمته وخلصت نيته واستفرغ كل جهد في طلب الحق والله يضاعف لمن يشاء (11) القائل فحدثت

-[وجوب الحكم بكتاب الله وسنه رسوله (صلى الله عليه وسلم)]- ابن عمرو بن حزم قال هكذا حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة (عن معاذ بن جبل) (1) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين بعثه إلى اليمن فقال كيف تصنع إن عرض لك قضاء؟ قال أقضي بما في كتاب الله، قال فإن لم يكن في كتاب الله؟ قال فسنه رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال فإن لم يكن في سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم)؟ قال اجتهد رأيي لا ألو (2) قال فضرب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صدري ثم قال الحمد لله الذي وفق رسول الله لما يرضي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (عن على رضي الله عنه) (3) قال بعثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى اليمن (يعني قاضيًا) وأنا حديث اليمن، قال قلت تبعثني إلى قوم يكون بينهم أحداث ولا علم لي بالقضاء، قال إن الله سيهتدي لسانك ويثبت قلبك قال فما شككت

_ بهذا الحديث الخ هو يزيد بن عبد الله أحد رجال السند وأبو بكر هو ابن محمد بن عمرو بن حزم نسبة في هذه الرواية إلى جده (تخريجه) (ق فع، والأربعة وغيرهم) وقد أشار الشيخان إلى حديث أبي هريرة كما هنا، وقد صرح بلفظ (نس قذ قط) عن أبي هريرة قلت قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإذا حكم الحاكم فاجتهد فأصاب فله أجران، وإذا حكم فأخطأ فله أجر واحد) وهذا لفظ الترمذي وقال حديث أبي هريرة حديث حسن غريب من هذا الوجه (1) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي عون عن الحارث بن عمرو بن أخي المغيرة بن شعبة عن ناس من أصحاب معاذ من أهل حمص عن معاذ أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخ (غريبة) (3) لا ألو بمد الهمزة أي لا أقصر في الاجتهاد قال الخطابي لم يرد به الرأي الذي يسنح له من قبل نفسه أو يخطر بباله على غير أصل من كتاب أو سنة بل أراد رد القضية إلى معني الكتاب والسنة من طريق القياس، وفي هذا إثبات للحكم بالقياس كذا في المرقاة (تخريجه) (د مذ قط) وقال الترمذي هذا حديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس إسنادي عندي بمتصل وأبو عون الثقفي اسمه محمد ابن عبيد الله أهـ (قلت) محمد بن عبيد الله أبو عون الثقفي وثقة الحافظ في التقريب وتكلم كثير من الحفاظ على هذا الحديث بعدم الصحة وأحسن ما قيل فيه قول الحافظ بن القيم بعد ذكره في كتابة إعلام الموقعين (قال رحمة الله) هذا حديث وإن كان من غير مسمين فهم أصحاب معاذ، لا واحد منهم وهذا أبلغ في الشهرة من أن يكون عن واحد منهم لو سمي، كيف وشهرة أصحاب معاذ بالعلم والدين والفضل والصدق بالمحل الذي لا يخفي، ولا يعرف في أصحابه متهم ولا كذاب ولا مجروح بل أصحاب من أفضال المسلين وخيارهم لا يشك أهل العلم بالنقل في ذلك، كيف وشعبة حامل لواء هذا الحديث، وقد قال بعض أئمة الحديث إذا رأيت شعبة في إسناد حديث فأشدد يديك به، قال أبو بكر الخطيب قد قيل أن عبادة بن نسي رواه عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ وهذا إسناد متصل ورجاء معروفون بالثقة: على أن أهل العلم قد نقلوا واحتجوا به فوقفنا بذلك على صحته عندهم كما وقفنا على صحة قول رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (لا وصية لوارث) وقوله في البحر (هو الطهور ماؤه والحل ميتته وقوله (إذا اختلف المتبايعان والسلعة قائمة تحالفا وترادًا البيع) وقوله (الدبة على العاقلة) وإن كانت هذه الأحاديث لا تثبت من جهة الإسناد، ولكن لما نقلها الكافة عن الكافة غنوا بصحتها عندهم عن طلب الإسناد لها فكذلك حديث معاذ لما احتجوا به جميعًا غنوا عن طلب الإسناد أهـ (3) (سنده) حدّثنا يحيي عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البحتري عن على الخ (تخريجه) (د جه حب بزك) والطيالسي وصححه الحاكم وأقره الذهبي وحسنه الترمذي

-[كراهة الحرص على القضاء والولاية ونحوها]- في قضاء بين اثنين (باب كراهة الحرص على القضاء والولاية ونحوها) (عن يزيد بن موهب) (1) أن عثمان قال لابن عمر أقض بين الناس، فقال له لا أقضي بين اثنين ولا أؤم رجلين أما سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول من عاذ بالله فقد عاذ بمعاذ (2) قال عثمان بلي قال فإني أعوذ بالله أن تستعملني فأعفاه وقال لا تخبر بهذا أحد (3) (عن بلال بن ابي موسى) (4) عن أنس بن مالك قال أراد الحجاج أن يجعل أبنه (5) على قضاء البصرة، قال فقال أنس سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من طلب القضاء واستعان عليه (6) وكل إليه، ومن لم يطلبه ولم يستعن عليه أنزل الله مليكًا يسدده (7) (وعنه من طريق ثان عن أن) (8) قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من سأل القضاء وكل إليه، ومن أجبر عليه نزل عليه ملك فيسدده (عن عمران بن حطان) (9) قال دخلت على عائشة رضي الله عنها فذاكرتها حتى ذكرنا القاضي، فقالت عائشة سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

_ (باب) (1) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنبأنا أبو سفيان عن يزيد بن موهب الخ (غريبة) (2) بفتح الميم يقال عذت به أعوذ عوذًا أو عياذًا أو معاذًا أي لجأت إليه، والمعاذ المصدر والمكان والزمان، والمعني لقد لجأت إلى ملجاء ولذت بملاذ (له) (3) إنما أوصاه عثمان بالكتمان لئلا يقتدي به غيره في عدم قبول هذا المنصب والتعوذ بالله منه فتعطل مصالح الناس (تخريجه) (على طب) في صحيحه، وروي الترمذي نحوه من طريق عبد الملك بن أبي جميلة عن عبد الله بن موهب أن عثمان قال لابن عمر أذهب فافض فذكر نحو حديث الباب ثم قال حديث ابن عمر حديث غريب ليس إسناده عندي بمتصل أهـ: قال الحافظ المنذري وهو كما قال فإن عبد الله بن موهب لم يسمع من عثمان أهـ (قلت) رواية الإمام أحمد من طريق ابي سنان عن يزيد بن موهب أن عثمان قال لابن عمر اقض بين الناس الخ، قال الحافظ في تعجيل المنفعة يزيد بن موهب عن عثمان وعن أبو سنان، ثم قال هو يزيد بن عبد الله بن موهب نسب لجده أهـ ولم يتكلم عليه الحافظ بجرح ولا تعديل واله أعلم (4) (سنده) حدّثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن عبد الأعلى عن بلال بن أبى موسي الخ (غريبة) (5) يعني أراد الحجاج بن يوسف الثقفي أن يجعل ابن أنس على قضاء البصرة، ولكن رواية الحاكم في المستدرك (أراد الحجاج أن يجعله) يعني أراد أن يجعل أنسًا نفسه على قضاء البصرة (6) أي استعان على طلبة بواسطة كل يدل على ذلك رواية الترمذي بلفظ (من ابتغي القضاء وسأل فيه شفعاء وكل إلى نفسه) (وقوله وكل إلى نفسه) بضم الواو وكسر الكاف أي فرض إليه وهو كتابة عن عدم العون من الله تعالى في معرفة الحق والتفويق للعمل به (7) أي يرشده ويهديه إلى طريق الصواب (8) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا إسرائيل عن عبد الأعلى الثعلبي عن بلال بن أبى موسى عن أنس الخ (تخريجه) أخرج الطريق الأولى (ك) وصححه الحاكم واقرءا الذهبي، وأخرج الطريق الثانية (د مذجه طس) قال المنذري وأخرجه الترمذي وقال حسن غريب: وأخرجه من طريقين أحدهما عن بال بن ابي موسى عن أنس، وقال في الثانية عن بلال بن مرداس الفزاري عن خيثمة وهو البصري عن أنس، وقال في الثانية عن بلاب بن مرداس الفزاري عن خيثمة وهو البصري عن أنس، وقال إن الرواية الثانية أصح أهـ (قلت) في إسناده عند الجميع عبد الأعلى الثقفي ضعفه بعضهم والله أعلم (9) (سنده) حدّثنا سليمان ابن داود ثنا عمرو بن العلاء اليشكري (عن عبد القيس) قال حدثني صالح بن سرج حدثني عمران بن

-[التشديد على الحكام الجائزين وفضل المقسطين]- يقول ليأتين على القاضي العدل يوم القيامة ساعة يتمني أنه لم يقض بين اثنين في ثمرة قط (1) (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من جعل قاضيًا بين الناس فقد ذبح (3) بغير سكين (باب التشديد على الحكام الجائرين وفضل المقسطين) (عن مسروق عن عبد الله) (4) قال مرة أو مرتين عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ما من حاكم يحكم بين الناس (5) إلا حبس يوم القيامة وملك آخذ بقفاه حتى يقفه على جهنم ثم يرفع رأسه (6) إلى الله عز وجل فإن قال القه القاه في جهنم يهوي أربعين خريفًا (7) (عن أبي أيوب الأنصاري) (8) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم يد الله مع

_ حطان الخ (قلت) قوله في السند (عن عبد القيس) هذا خطأ مطبعي وصوابه (حدّثنا عمرو بن العلاء البشكري قال حدثني صالح بن سرج بن عبد القيس) فأخطأ جامع الحروف في لفظ (بن عبد القيس) فجعله عن عبد القيس ووضعه بين اليشكري وصالح أهـ، ولأنه جاء في مسند سليمان بن داود يعني الطيالسي الذي روي عنه الإمام أحمد هذا الحديث ووفقني الله تعالى لترتيب مسنده كترتيب مسند الإمام أحمد جاء هكذا حدثنا عمرو بن العلاء اليشكري قال حدثني صالح بن سرج بن عبد القيس عن عمران بن حطان الخ (غريبة) (1) أي لطول حسابه وشدته كما جاء في مسند أبي داود الطيالسي بلفظ (يؤتي بالقاضي العدل يوم القيامة فيلقي من شدة الحساب ما يتمني أنه لم يقض بين اثنين في تمرة) (قلت) هذا في القاضي الذي يعدل في حكمه فما بالك بالقاضي الجائر في حكمه فسأل الله السلامة (تخريجه) (حب طل هق) وقال البيهقي عمران بن حطان الراوي عن عائشة لا يتابع عليه ولا يتبين سماعه منها أهـ (قلت) عمران بن حطان روى عن عمر وأبى موسى وعنه ابن سيرين وقتادة وثقه العجلي قال ابن قانع مات سنة أربع وثمانين له في البخاري فرد حديث كذا في الخلاصة، وعلى هذا فروايته عن عائشة ممكنة والله أعلم، وأورد هذا الحديث الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده حسن قال ورواه (طس) (2) (سنده) حدّثنا صفوان بن عيسي أنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ (غريبة) (3) بضم المبحث مبني للمجهول قال الخطابي ومن تبعه إنما عدل عن الذبح بالسكين ليعلم أن المراد ما يخاف من هلاك دينه دون بدنه وهذا أحد الوجهين (والثاني) أن الذبح بالسكين فيه إراحة للمذبوح، وبغير السكين كالخنق وغيره يكون الألم فيه أكثر فذكر ليكون أبلغ في التحذير أهـ (قلت) والمجهول حملوه على ذم المتولي للقضاء والترغيب عنه لما فيه من الخطر (تخريجه) (د مذ هق قط ك) وحسنه الترمذي وصححه (خز حب ك) واقره الذهبي (باب) (4) (سنده) حدّثنا عيسي عن مجالد ثنا عامر عن مسروق عن عبد الله الخ (قلت) عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه (غريبة) (5) عمومه يشمل من يحكم بالحق أيضًا نعم لا عموم في الأمر بالإلقاء فيخص بالحكم بالباطل ويمكن تخصيص الكلام من الأصل يمن يحكم بالباطل والله أعلم (6) أي الملك (فإن قال) يعني الله عز وجل) (7) أي ذاهبًا إلى الأسفل أربعين عامًا (تخريجه) (جه بن) وفي إسناده مجالد بن سعيد قال الحافظ في التقريب ليس بالقوى وقد تغير في آخر عمره (8) (سنده) حدّثنا يحيى بن إسحاق

-[قوله (صلى الله عليه وسلم) إن المقسطين في الدنيا على منابر من لؤلؤ يوم القيامة]- القاضي (1) حين يقضي ويد الله مع القاسم حين يقسم (عن عائشة رضي الله عنها) (2) عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال أتدرون من السابقون إلى ظل الله عز وجل يوم القيامة؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال الذين إذا أعطوا الحق قبلوه (3) وإذا سئلوا بذلوه وحكموا للناس كحكمهم لأنفسهم (4) (عن عبدا لله بن عمرو بن العاص) (5) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال أن المقسطين (6) في الدنيا على منابر من لؤلؤ (7) يوم القيامة بين يدي الرحمن (8) بما أقسطوا في الدنيا (9) (وعنه من طريق ثان) (10) يبلغ به (11) النبي (صلى الله عليه وسلم) المقسطون عند الله يوم القيامة على منابر من نور على يمين الرحمن وكلتا يديه يمين (12) الذين يعدلون في حكمهم وأهليهم وما ولوا (13) (عن معقل بن يسار المزني) (14) قال أمرني النبي (صلى الله عليه وسلم) أن أقضي بني قوم، فقلت ما أحسن

_ أنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن ابي جعفر عن عمرو بن الأسود عن أبي أيوب الخ (غريبة) (1) هو كناية عن مراقبة الله عز وجل له وإطلاعه على أحواله من العدل والجور، فإن كان يقصد الحق وفقه الله تعالى وسدده، وإن كان يقصد الجور وكله الله إلى نفسه فهلك مع الهالكين، ومثله القاسم وهو من ولى أمر قوم في القسمة بينهم فعلية أن يراقب الله تعالى ويعطي كل ذي حق حقه وإلا هلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه أبن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعيف (2) (سنده) حدّثنا حسن ويحيي بن إسحاق قالا ثنا أبن لهيعة قال ثنا خالد بن أبي عمران عن القاسم بن محمد عن عائشة الخ (غريبة) (3) أي الذين لا يطلبون نم الناس غير الحق، كما إذا اشتري شيئًا لا يطمع في زيادة عن الحق، وإذا باع لا ينقص من حق المشتري شيئًا ونحو ذلك (4) أي يجتهد للناس في تمحيص الحق كما يجتهد لنفسه في ذلك (تخريجه) أخرجه أبو نعيم في الحلبة وقال تفرد به أبن لهيعة عن خالد: قال الحافظ وتابعه يحيي بن أيوب عن عبد الله بن زجر عن على بن زيد عن القاسم وهو أبن عبد الرحمن عن عائشة، رواه أبو العباس بن العاصي في كتاب آداب القضاء له (5) (سنده) حدّثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد ابن المسيب عن عبد الله بن عمر وإلخ (غريبة) (6) المقسطون هم الذين يعدلون في حكمهم كما جاء ذلك في الطريق الثانية (7) سيأتي في الطريق الثانية على منابر من نور ولا منافاة فهي من لؤلؤ يضيء أي ينبعث منه النور لشدة صفائه فكأنها من النور، والمنابر جمع منبر بكسر الميم سمي به لارتفاعه، قال القاضي عياض يحتمل أن يكونوا على منابر حقيقة على ظاهر الحديث، ويحتمل أن يكون كناية عن المنازل الرفيعة (8) هو كتابه عن قربهم من الله عز وجل وعلو منزلتهم (9) أي بسبب عدلهم في الأحكام في الدنيا (10) (سنده) حدّثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو بن العاص يبلغ به النبي (صلى الله عليه وسلم) الخ (11) أي يرفعه إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) (12) هذا من أحاديث الصفات التي نؤمن بها ولا نتكلم في تأويلها وأن لها معنى يليق بالله عز وجل، أنظر حديث أبي هريرة رقم 11 صحيفة 39 في باب عظمة الله تعالى في الجزء الأول وأقرأه متنًا وشرحًا (13) بفتح الواو وضم اللام المخفقة أي ما كانت لهم عليه ولاية: والمعني أن هذا الفضل إنما هو لمن عدل فيما تقلده من خلافة أو ولاية أو قضاء أو حسبة أو نظر إلى يتيم أو صدقة أو وقف وفيما يلزمه من حقوق أهله وعياله ونحو ذلك (تخريجه) (م نس) (14) (سنده) حدّثنا الحكم بن نافع ثنا أبو اليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن أبي شيبة

-[ذم الرشوة وقوله (صلى الله عليه وسلم) لعن الله الراشي والمرتشي]- أن أقضي يا رسول الله، قال الله مع القاضي ما لم يحف عمدًا (1) (باب نهي الحاكم عن الرشوة) (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعن الله الراشي (3) والمرتشي (عن عبد الله بن عمرو) (4) بن العاص قال لعن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الراشي والمرتشي (وعنه من طريق ثان) (5) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعنه الله على الراشي والمرتشي (6) قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ما من قوم يظهر فيهم الربا (7) إلا أحذوا بالسنة (8)، وما من قوم يظهر فيهم الرشا (9) إلا أخذوا بالرعب (10) ----- يحيى بن يزيد عن زيد بن أبي أنيسةعن نفيع بن الحارث عن معقل بن يسار الخ (غربية) (1) الحيف الجور والظلم (تخريجه) (طب طس) وفي إسناده نفيع بن الحارث أبو داود الأعمى مشهور بكنيته، قال الحافظ في التقريب متروك وقد كذبه ابن معين، هذا وقد جاء في مسند جاء في مسند الإمام أحمد أحاديث كثيرة تختص بالخلافة والولاة والأمراء ستأتي إن شاء الله تعالى كلها في كتاب الخلافة والإمارة من قسم التاريخ والله الموفق (باب) (2) (سنده) حدّثنا عفان حدثنا أبو عوانة حدثنا عمر بن أبى سلمة عن أبيه عن أبى هريرة الخ (غريبة) (3) الراشي هو دافع الرشوة (والمرتشي) القابض لها، قال البيضاوي وإنما سمى منحة الحكام روشة (بالكسر والضم) لأنها وصلة إلى المقصود بنوع من التصنع، مأخوذ من الرشاء وهو الحبل الذي يتوصل به إلى نزح الماء، قال بعض العلماء وإنما استحقا اللعنة لأن الرشوة على تبديل أحكام الله إنما هي خصلة نشأت من اليهود المستحقين للعنة، فغذا سرت الخصلتان إلى أهل الإسلام أبي هريرة حديث حسن صحيح (4) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا ابن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو الخ (5) (سنده) حدّثنا أبو نعيم ثنا أبن أبى ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو الخ (تخريجه) (د مذجه حب طب قط) وصححه الترمذي وحسنه، قال وسمعت عبد الله بن عبد الرحمن يقول حديث أبي سلمة عن عبد الله ابن عمرو عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أحسن شيء في هذا الباب وأصحه (6) (سنده) حدّثنا موسى بن داود قال أنا ابن لهيعة عن عبد الله بن سليمان عن محمد بن راشد المرادي عن عمرو بن العاص الخ (غريبة) (7) أي يفشو بينهم ويصير متعارفًا غير منكر، وقد وقع ذلك في عصرنا هذا حتى قرر الحكام عندنا جواز التعامل بأرباح تسعة في المائة فلا حول ولا قوة إلا بالله (8) أي الجدب والقحط وقد وقع ذلك الآن، فقد نزع الله البركة من الزرع فسلط عليه الآفات المتنوعة حتى أصبح لا يستفاد من ثمرة سدس ما كان يستفاد نمه قبل تفشي الربا، قال بعض العلماء كثرت بلايا هذه الأمة حتى أصابها ما أصاب بني إسرائيل من البأس الشنيع، والانتقام بالسنين إنما هو من عمل الربا (9) بكسر الراء وتقدم شرحه (10) أي الخوف والفزع بحيث يسلط الله عليهم من يخيفهم من الأعداء أو يخيفهم بالطاعون ونحو ذلك، وقد وقع ذلك كله نسأل الله السلامة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده موسى بن داود، قال الذهبي مجهول عن ابن لهيعة ومحمد بن راشد، فإن كان المكحولي فقد قال النسائي غير قوي أو الشامي فقال الأزدي منكر أهـ وقال الحافظ سنده ضعيف: قال وفي هذا الحديث ما يقتضي أن

-[النهي عن الحكم إلا بعد سماع كلام الخصمين]- (عن ثوبان) (1) مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لعن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الراشي والمرتشي والراتش (2) يعني الذي يمشي بينهما (أبواب آداب القضاء والقاضي) (باب النهي عن الحكم إلا بعد سماع كلام الخصمين) (عن على) (3) قال بعثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى اليمن (زاد في رواية قاضيًا) (4) فقلت تبعثني إلى قوم أمن مني وأنا حديث (5) لا أبصر القضاء قال فوضع يده على صدري وقال اللهم ثبت لسانه وأهد قلبه (6)، يا على إذا جلس إليك الخصمان فلا تقض بينهما حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول فإنك إذا فعلت ذلك تبين لك القضاء (7)، قال فما اختلف علىّ قضاء بعد أو ما أشكل على قضاء بعد (باب النهي عن الحكم في حالة الغضب) (عن ابن أبي بكرة) (8) أن اباه أمره أن يكتب إلى أبن له (9) وكان قاضيًا بسجستان (10) أما بعد فلا تحكمن بن اثنين وأنت غضبان (11)

_ الطاعون والوباء ينشآن عن ظهور الفواحش، وهذا الحديث وإن كان ضعيفًا لكن له شواهد منها عند الحاكم بسند جيد بلفظ (ولا ظهرت الفاحشة في قوم إلا سلط الله عليهم الموت، ولأحمد (لا تزال أمتي بخير ما لم يفش فيهم ولد الزنا، فإذا فشا فيهم أو شك أن يعمهم الله بعقاب وسنده جيد أهـ (قلت) قد فشا ذلك كله نسأل الله الهداية والتوفيق (1) (سنده) حدّثنا الأسود بن عامر ثنا أبو بكر يعني ابن عياش عن ليث عن الخطاب عن أبي زرعة عن ثوبان الخ (غريبة) (2) الراتشي بالشين المعجمة فسره الراوي بقوله يعني الذي يمشي بينهما، فهذه الجملة ليست من الحديث بل من تفسير الراوي، يريد السفير الذي يمشي بين الراشي والمرتشي يستزيد هذا ويستنقص هذا فهو شريكهما في اللعنة (تخريجه) (طب بز) وفي إسناده أبو الخطاب، قال المنذري لا يعرف: وقال الهيثمي مجهول (باب) (3) (سنده) حدّثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن سماك عن حنش عن على الخ (غريبة) ((4) جاء في سيرة صنعاء أنه رضي الله عنه لبث بصنعاء أربعين يومًا ودخل أماكن في اليمن منها عدن أبين وعدن لاعة من بلاد حجة وقد خرجت من زمان طويل أهـ (5) أي حديث السن شاب فتى (وقوله لا أبصر القضاء) أي لا علم لي به كما جاء في رواية أخرى، ولم يرد نفي العلم بالقضاء مطلقًا، وإنما أراد نفي التجربة بكيفيته وكيفية دفع كل من المتخصمين كلام الآخر وإلا فهو كامل العلم بأحكام الدين وقضايا الشرع (6) أي أهده إلى طريق الصواب فاستجاب الله دعاءه ولذلك كان على رضي الله عنه بعد ذلك لا يخطئ الحق في القضاء (7) أي ظهر لك الحق ووضح (تخريجه) (د مذجه حب هق ك) وحسنه الترمذي وصححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبي (باب) (8) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن ابن محمد المحاربي ثنا عبد الملك بن عمير حدثني أبن أبي بكر أن أباه أمره الخ (غريبة) (9) هو عبيد الله أبن أبى بكرة كم صرح بذلك في رواية الترمذي (10) بكسر المهملة الأولى وسكون الثانية بينها جيم مكسورة، قال الحافظ هي إلى جهة الهند بينها وبين كرمان مائة فرسخ منها أربعون فرسخًا مفازة ليس فيها ماء، قال وسجستان لا تصرف للعملية والعجمة أو زيادة الألف والنون، قال ابن سعد في الطبقات كان زياد في ولايته على العراق قربّ أولاد أخيه لأمه أبي بكر وشرّفهم وأقطعهم، وولى عبيد الله بن أبى بكر سجستان، قال ومات أبو بكرة في ولاية زياد أهـ (11) الغضب غليان دم القلب لطلب الانتقام، قال المهلب سبب هذا النهي أن الحكم حالة الغضب قد يتجاوز بالحاكم إلى غير الحق فمنع، وبذلك قال

-[النهي عن الحكم في حالة الغضب - وكيف يجلس الخصمان أمام القاضي]- فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لا يحكم أحد (وفي لفظ لا يقضي الحاكم) بين اثنين وهو غضبان (عن عروة بن محمد) (1) قال حدثني أبى عن جدي (2) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا استشاط السلطان (3) تسلم الشيطان (4) (باب ما جاء في جلوس الخصمين أمام القاضي) (عن مصعب بن ثابت) (5) أن عبد الله بن الزبير كان بينه وبين أخيه عمرو بن الزبير خصومة فدخل عبد الله بن الزبير على سعيد بن العاص (6) وعمرو بن الزبير معه على السرير فقال سعيد لعبد الله بن الزبير ها هنا فقال لا، قضاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أو سنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن الخصمين يقعدان (7) بين يدي الحكم (باب إثم من خاصم في باطل وأن حكم له به في الظاهر وهل يحكم القاضي بعلمه أم لا) (عن أم سلمه) (8) زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال إنكم تختصمون إلىّ (زاد في رواية إنما أنا بشر) (9) لعل بعضكم الحن (10) بحجته من بعض وإنما

_ فقهاء الأمصار أهـ (تخريجه) (ق فعز والأربعة وغيرهم) (1) (سنده) حدّثنا إبراهيم بن خالد حدثني أمية بن شبل وغيره عن عروة بن محمد الخ (غريبة) (2) هو عطية السعدي صحابي معروف له أحاديث نزل الشام، وجزم ابن حبان بأنه عطية بن عروة بن سعد قاله الحافظ في الإصابة، قال وكان من كلم النبي (صلى الله عليه وسلم) في بني هوازن (3) أي تلهب وتحق غضبًا (4) أي تغلب عليه فأغراه بالإيقاع ممن يغضب عليه حتى وقع به فيهلك (تخريجه) (طب) وأورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفي إسناده من لم أعرف، وذكره في موضع آخر وقال رجاله ثقات، وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بالصحة (باب) (5) (سنده) حدّثنا خلف بن الوليد ثنا عبد الله بن المبارك قال حدثني مصعب بن ثابت الخ (6) هو سعيد بن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الحجازي صحابي جليل وكان من أشراف قريش، جمع السخاء والفصاحة استعمله معاوية على المدينة توفى ستة خمس أو سبع أو ثمان وخمسين (7) قال الشوكاني فيه دليل لمشروعية قعود الخصمين بين يدي الحاكم ولعل هذه الهيئة مشروعة لذاتها لا لمجرد التسوية بين الخصمين فإنها ممكنة بدون القعود بين يدي الحاكم بأن يقعد أحدهما عن يمينه والآخر عن شماله أو أحدهما في جانب المجلس والآخر في جانب يقابله ويساويه أو نحو ذلك، والوجه في مشروعية هذه الهيئة أن ذلك هو مقعد الاهانة والإصغار وموقف من لا يعتد بشأنه من الخدم وغيرهم بقصد الإعزاز للشريعة المطهرة والرفع من منارها وتواضع المتكبرين لها، وكثيرًا ما نري من كان متمسكًا بأذيال الكبرى يعظم عليه قعوده في ذلك المقعد فلعل هذه هي الحكمة والله أعلم، ويؤخذ من الحديث أيضًا مشروعية التسوية بين الخصمين لأنهما لما أمروا بالقعود جميعًا على تلك الصفة كان الاستواء في الموقف لازمًا لها، ويستفاد من الحديث أن الخصمين لا يتنازعان قائمين أو مضطجعين (أو أحدهما أهـ (تخريجه) (د هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (قلت) في إسناده مصعب بن ثابت، قال الحافظ في التقريب لين الحديث وكان عابدًا (باب) (8) (سنده) حدّثنا يحيي عن هشام قال حدثني أبي عن زينب بنت أم سلمة عن أم سلمة الخ (غريبة) (9) معناه تختصمون إلىّ في الأحكام وإنما أنا بشر مثلكم لا أعلم الغيب وإنما أحكم بالظاهر والله يتولى السرائر (10) بالحاء المهملة أي أبلغ وأعلم بالحجة، ويجوز أن يكون معناه أفصح تعبيرًا بها وأظهر احتجاجًا حتى

-[وعيد من خاصم في باطل وهو يعلمه واستحلاف المدعي عليه]- أقضي له بما يقولن فمن قضيت له بشيء من حق أخيه بقوله فإنما أقطع له قطعة (1) من النار فلا يأخذها (2) (وعن أبي هريرة) (3) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) نحوه (عن ابن عمر) (4) قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع (5) (أبواب الدعاوى والبينات وصورة اليمين وغير ذلك) (باب استحلاف المدعي عليه في الأموال والدساء وغيرها إذا لم توجد بينة للمدعي) (عن أبن أبى مليكه) (6) قال كتب إلى ابن عباس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لو أن الناس أعطوا بدعواهم أدعى ناس من الناس دعاء ناس وأموالهم (7) ولكن اليمين هل المدعي عليه (8) (عن وائل بن حجر) (9) قال كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاتاه رجلان يختصمان في أرض فقال أحدهما إن هذا افترى (10) على أرض يا رسول الله في الجاهلية (وهو امرؤ القيس بن عباس الكندي (11) وخصمه ربيعه بن عبدان) فقال له بيتك (12)،

_ بخيل للسامح أنه محق وهو في الحقيقة مبطل (1) بكسر القاف أي الذي قضيت له بحسب الظاهر إذا كان في الباطن لا يستحقه فيو عليه حرام يثول به إلى النار، وهو تمثيل يفهم منه شدة التعذيب على من يتعاطاه، فهو من مجاز التشبيه كقوله تعالى (إنما يأكلون في بطونهم نارًا) (2) فيه أن حكم الحاكم لا يحل به الحرام كما قال بعض أهل العلم والله أعلم (تخريجه) (ق والإمامان والأربعة) (3) (سنده) حدّثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمر ثنا أبو سلمة عن أبى هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إنما أنا بشر ولعل بعضكم أن يكون ألحن بحجتهمن بعض فمن قطعت له من حق أخيه قطعة فإنما أقطع له قطعة من النار (تخريجه) (جه) وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله رجال الصحيح (4) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده في الباب الرابع من أبواب الترهيب من خصال من المعاصي معدودة في قسم الترهيب (غريبة) (5) أي يرجع عن المخاصمة أو يعترف بالحق أمام الحاكم أو يرد ما أخذه بالباطل لصاحبه (تخريجه) (د طب ك) وجوّد المنذري إسناده وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (6) حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا نافع بن عمر عن ابن أبى مليكة الخ (غريبة) (7) رواية مسلم (لا دعي ناس دماء رجال وأموالهم) (8) قال ابن الملك إنما ذكر اليمن فقط لأنها هي الحجة في الدعوى آخرًا وإلا فعلى المدعي إقامة البينة أولاص أهـ زاد في رواية البيهقي (لكن البينة على المدعي واليمن على من أنكر) قال النووي وهذا الحديث قاعدة كبيرة من قواعد أحكام الشرع أهـ والمعني لو يعطي الناس بمجرد دعواهم ما ادعوه قبل آخرين عند الحاكم وليس ثمة يمين ولا بينة لا أدعي ناس دماء قوم وأموالهم فذهبت تلك الدماء والأموال ضحية الدعوى، وليس في استطاعة المدعي عليه إذا صون دمه وماله، ولكن البينة على المدعي واليمين على من أنكر كما في رواية البيهقي (تخريجه) (ق هق والأربعة) (9) (سنده) حدّثنا هشام بن عبد الملك أنا أبو عوانة عن عبد الملك عن علقمة أبن وائل عن وائل بن حجر الخ (غريبة) (10) افتعل عن النزو والانزواء والتنزي أيضًا تسرع الإنسان إلى الشر (11) يعني الصحابي الشاعر والظاهر أن قوله (وهو امرؤ القيس - إلى قوله ربيعه أبن عبدان) أدرجها الراوي للتعريف بالخصمين (12) برفع التاء المثناة فوق معناه أين بينتك،

-[وعيد من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق- وما جاء في القضاء باليمين والشاهد]- قال ليس لي بينة، قال يمينه (1)، قال إذا يذهب (2)، قال ليس لك إلا ذلك، فلما قام ليحلف قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من اقتطع أرضًا ظالمًا (3) لقى الله عز وجل يوم القيامة وهو عليه غضبان) (4) (عن الأشعث بن قيس) (5) قال خاصمت ابن عم لي إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بئر كانت لي في يديه فجحدني، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بينتك آتها بئرك وإلا فيمينه، قال قلت يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من اقتطع مال امرئ فاجر، قال فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من اقتطع مال امرئ مسلم (6) بغير حق لقى الله عز وجل وهو عليه عضبان، وقرأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (أن الذين يشترون بعهد الله) الآية (7) (باب من قضى باليمين مع الشاهد) (عن ابن عباس) (8) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قضى بيمين وشاهد (9)، قال زيد بن الحباب سألت مالك بن أنس عن اليمين والشاهد هل يجوز في الطلاق والعتاق، (10) فقال لاما ما هذه في الشراء والبيع وأشباهه (وعنه من طريق ثان) (11) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قضى باليمين مع الشاهد، قال عمرو وإنما ذلك في الأموال (12) (عن جابر) (13) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قضى باليمين

_ وبالنصب مفعول لفعل محذوف أي أحضر بينتك (1) معناه لك يمينه أي يمين المدعى عليه (2) أي يذهب بأرضي لأن يحلف كاذبًا ولا يبالي (3) أي من أخذ قطعة من الأرض ولو قدر شبر كما جاء في رواية أخرى تقدمت في كتاب الغصب (4) هذا وعيد شديد لأن غضب الله تعالى سبب لانتقامه من الظالم وتعذيبه بالنار كما جاء في رواية لمسلم (من اقتطع حق امرئ مسلم بيمينه فقد أوجب الله له النار) (تخريجه) (م د مذ) وتقدم نحوه عن الأشعث بن قيس في باب من اغتصب أو سرق شيئًا من الأرض في كتاب الغصب صحيفة 144 رقم 13 (5) (سنده) حدّثنا يحيي بن آدم ثناأبو بكر بن عياش عن عاصم بن أبى النجود عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود ثلاثة أحاديث: قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان، قال فجاء الأشعث بن قيس فقال ما يحدثكم أبو عبد الله (يعني ابن مسعود) قال فحدثناه قال فيّ كان هذا الحديث خاصمت ابن عم لي) الخ (غريبة) (6) خص المسلم بالذكر لكون الخطاب للمسلمين فيدخل في ذلك المعاهدة والذي فلا يجوز أخذ شيء من أموالهم ظلمًا (7) بقية الآية (وإيمانهم ثمنًا قليلاً أولئك لأخلاق لهم في الآخرة ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم) (تخريجه) (ق. والأربعة) بألفاظ مختلفة (باب) (8) حدثني زيد بن الحباب أخبرني سيف بن سليمان المكي عن قيس بن سعد المكي عن عمرو بن دينار عن أبن عباس الخ (غريبة) (9) معناه أنه كان للمدعي شاهد واحد فأمره النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يحلف على ما يدعيه بدلاً من الشاهد الآخر، فلما حلف قضى له (صلى الله عليه وسلم) بما ادعاء وبهذا قال الشافعي ومالك وأحمد، وقال أبو حنيفة لا يجوز الحكم بالشاهد واليمين بل لا بد من الشاهد الآخر وخلافهم في الأموال فأما إذا كان الدعوى في غير الأموال فلا يقبل شاهد ويمين باتفاق العلماء (10) للإمام أحمد روايتان في العتق إحداهما كقول الجماعة أي لا يحكم بشاهد ويمين في العتق، والأخرى يحلف المعتق مع شاهده ويحكم له بذلك (11) (سنده) حدثني عبد الله بن الحارث عن سيف بن سليمان عن قيس بن سعد عن عمرو بن دينار عن أبن عباس الخ (12) يعني أن الحكم بالشاهد واليمين لا يكنون إلا في الأموال كالبيع والشراء ونحو ذلك (تخريجه) م فع د نس جه هق) (13) (سنده) حدّثنا

-[القضاء بالقرعة إذا أدعا الخصمان ملك شيء ولم تكن لهما بينة]- مع الشاهد قال جعفر قال أبى وقضى به علىّ بالعراق (1) (عن إسماعيل بن عمرو) (2) بن ميس بن سعد بن عبادة عن أبيه أنهم وجدوا في كتب أو كتاب (3) سعد بن عبادة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قضى باليمين مع الشاهد (4) (باب القضاء بالقرعة فيما أذا أدعا الخصمان ملك شيء ولم يكن لهما بينه وماذا يفعل إذا كان لهما بينة وتعارضت البينات) (عن أبي هريرة) (5) أن رجلين تدارًا (6) في دابة ليس لواحد منها بينة، فأثرهما نبي الله (صلى الله عليه وسلم) أن يستهما (7) على اليمين أحبا أو كرها (وعنه من طريق ثان) (8) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا أكره (9) الاثنان على اليمين واستحياها فليستهما عليها (عن أبى بردة) (10) عن أبيه (11) أن رجلين اختصما إلى رسول الله (صلى الله علي وسلم) في دابة ليس لواحد منهما بينة فجعله

_ عبد الوهاب الثقفي عن جعفر عن أبيه عن جابر الخ (قلت) جابر هو ابن عبد الله الأنصاري (1) جاء في الأصل بعد هذه الكلمة قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الإمام أحمد) كان أبى قد ضرب على هذا الحديث قال ولم يوافق أحد الثقفي على جابر فلم أزل به حتى قرأه علىّ وكتب عليه هو صح (تخريجه) (مذجه قط هق) وصححه أبو عوانة وابن خزيمة، وقال الدارقطني كان جعفر ربما وصل وربما أرسله، وقال الشافعي والبيهقي عبد الوهاب وصله وهو ثقة (2) (سنده) حدّثنا أبو مسلمة الخزاعي ثنا سليمان بن بلال عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن إسماعيل بن عمرو بن قيس الخ (غريبة) (3) أو للشك من الراوي (4) معناه أنه (صلى الله عليه وسلم) قضى باليمين على المدعي إذا لم يّيسر له إلا شاهد واحد فجعل اليمين بدل الشاهد الثاني، فإن تيسر له شاهدان فلا يمين عليه (تخريجه) (هق قط) وأبو عوانة ورجاله رجال الصحيح خلا إسماعيل بن عمور، قال الحافظ الحسيني شيخ محله الصدق وأبوه لم يذكر بشيء وسائر الإسناد رجاله رجال الصحيح أهـ (باب) (5) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر قال ثنا سعيد عن قتادة عن خلاس عن أبي رافع عن أبي هريرة الخ (غريبة) (6) بهمزة ممدوة من دار بمعني دفعأو تنازعا في دابة كل يدعي أنها له (7) الاستهام هنا الاقتراع يريد أنهما يقترعان فأيهما خرجت له القرعة حلف وأخذ ما ادعاه، ولجواز أن يكونا محبين لليمين فيتسابقا إليها أو يكونا كارهين لها فيمتنعا عنها أمرهما النبي بالاقتراع حسبما للنزاع سواء أحيا أم كرهًا والله أعلم (8) (سنده) حدّثنا عبد الرازق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذكر أحاديث منها: قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا أكره اثنان الخ (9) بضم الهمزة مبني للمجهول من الإكراه، وهو أن الحاكم أمر أحدهما باليمين فاستحي (من الحياء) أن يحلف فأمر الثاني فكان كذلك وكان لا بد من اليمين (فليستهما) أي يقترعا على اليمين كما نقدم وأيهما خرجت له القرعة حلف وأخذ ما ادعاه (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (د نس جه) وأخرج الطريق الثانية (د) وإسناد الجميع جيد وسكت عنه أبو داود والمنذري (10) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن قتاة عن سعيد بن أبي بردة عن أبي بردة الخ (غريبة) (11) هو أبو موسى الأشعرى الصحابي المشهور رضي الله عنه (12) لفظ أبي داود (أن رجلين أدعيا بعميرا أو دابة إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ليست لواحد منهما بقية فجعله النبي (صلى الله عليه وسلم) بينهما قال الخطابي يشبه أن يكون هذا البعير أو الدابة كان في أيديهما معًا فجعله النبي (صلى الله عليه وسلم) بينهما لاستوائهما في الملك باليد، ولولا ذلك لم يكونا بنفس الدعوي يستحقان لو كان الشيء في يد غيرهما أهت (قلت) ولأبي داود رواية أخرى بلفظ أن رجلين أدعيا بعيرًا على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم)

-[باب جامع في قضايا حكم فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)]- بينهما نصفين (باب جامع في قضايا حكم فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (ز) (قال عبد الله بن الإمام أحمد) حدّثنا أبو كامل الجحدري ثنا الفضيل بن سليمان ثنا موسى بن عقبة عن إسحاق بن يحيي بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن عبادة قال إن من قضاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن المعدن جبار والبئر جبار والعجماء جرحها جبار، والعجماء البهيمة من الأنعام وغيرها، والجار هو الهدر والذي لا يغرم (وقضى) في الركائز الخمس (1) (وقضى) أن ثمر النخل لمن أبرها إلا أن يشترط المبتاع (2) (وقضى) أن مال المملوك لمن باع إلا أن يشترط المبتاع (3) (وقضى) أن الولد للفراش وللعاهر الحجر (4) (وقضى بالشفعة بين الشركاء في الأرضيين والدور (5) وقضي لحمل (بفتح الحاء والميم) بن مالك الهذلي بميراثه عن امرأته التي قتلتها الأخرى (وقضى) في الجنين المقتول بغره عبد أو أمة قال فورثها بعلها وبنوها قال وكان له من امرأتيه كلتيهما ولد، قال فقال أبو القاتلة المقضي عليه يا رسول الله كيف أغرم من لا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل فمثل ذلك بطل فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذا من الكهان (6) فإن (وقضى) في الرحبة تكون بين الطريق ثم يريد أهلها البنيان فيها فقضى أن يترك للطريق فيها سبعة أذرع وقال وكان تلك الطريق سمي الميتا (7)

_ فبعث كل واحد مهما شاهدين فقسمه النبي (صلى الله عليه وسلم) بينهما نصفين قال الخطابي وهذا مروى بالإسناد الأول، إلا أن الحديث المتقدم أنه لم يكن لواحد منهما بينة، وفي هذا أن كل واحد منهما قد جاء بشاهدين فاحتمل أن تكون القصة واحدة إلا أن الشهادات لما تعارضت تساقطت فصارا كمن لا بينه له، وحكم لهما بالشيء نصفين لاستوائهما في اليد ويحتمل أن يكون البعير في يد غيرهما فلما أقام كل واحد منهما شاهدين على دعواه نزع الشيء من يد المدعى عليه ودفع إليهما (تخريجه) (د نس جه) ووثق المنذري إسناده (وفي الباب) عن جابر بن عبد الله أن رجلين تداعيًا دابة فأقام كل واحد منهما البينة أنها دابته نتجها (أي ولدت عنده) فقضى بها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) للذي هي في يده (فع) أنظر القول الحسن شرح بدائع المتن صحيفة 239 في الجزء الثاني (باب) (ز) هذا الحديث من زوائد عبد الله ابن الإمام أحمد على مسند أبيه ولهذا رمزت له بحرف زاي في أوله كما ذكرت في مقدمة الكتاب في الجزء الأول وقد جمع هذا الحديث أحكامًا كثيرة تقدم أكثرها مشروحًا في أبواب وما لم يسبق له ذكر سيأتي في أبوابه مشروحًا إن شاء الله تعالى واكتفي هنا بالإشارة إلى كل باب ذكر فيه الحكم والله الموفق (1) تقدم في باب ما جاء في الركان والمعدن من كتاب الزكاة في الجزء التاسع من حديث أبي هريرة وجاء في هذا الجزء من حديث عبادة في باب جناية البهائم من كتاب الغصب والضمان (2) تقدم في باب من باع بخلاص مؤتمرًا من أبواب بيع الأصول والثمار من كتاب البيوع والكسب في هذا الجزء (3) تقدم في الباب الأول من أبواب الشروط في البيع في هذا الجزء (4) سيأتي في باب الوالد للفراش من كتاب اللعان إن شاء الله تعالى (5) تقدم في كتاب الشمعة في هذا الجزء (6) تقدم في باب دية المقتول لجميع ورثته الخ من كتاب الفرائض في هذا الجزء وسيأتي أيضًا في باب العقلة وما نحمله من حدث أبي هريرة المتفق عليه (7) تقدم في باب ما جاء في الطريق إذا اختلفوا فيه كتاب الصلح وأحكام الجرار في هذا

-[باب جامع في قضايا حكم فيها رسول الله (صلى الله عليه وسلم)]- (وقضى) في الخلة أو النخلتين أو الثلاث فيختلفون في حقوق ذلك فقضى أن لكل نخلة من أولئك مبلغ جريدتها حيز لها (1) (وقضى) في شرب النخل من السيل أن الأعلى يشرب قبل الأسفل ويترك الماء إلى الكعبين ثم يرسل الماء إلى الأسفل الذي يليه وكذلك حتى تنقضي الحوائط أو يفني الماء (3) (وقضى) أن المرأة لا تعطي من مالها شيئًا إلا بإذن زوجها (3) (وقضى) للجدتين من الميراث بالسدس بينهما بالسواء (4) (وقضى) أن من أعتق شركًا له في مملوك فعليه جواز عتقه إن كان له مال (5) (وقضى) أن لا ضرر ولا ضرار (6) (وقضى) أنه ليس لعرق ظلم حق (7) (وقضى) بين أهل المدينة في النخل لا يمنع نقع بئر (وقضى) بين أهل المدينة أنه لا يمنع فضل ماء ليمنع فضل الكلاء (8) (وقضى) في دية الكبرى المغلظة ثلاثين ابنة لبون وثلاثين حقه وأربعين خلفه (وقضى) في دية الصغرى ثلاثين ابنة لبون وثلاثين حقه وعشرين ابنة مخاض وعشرين بني محاض ذكور، ثم غلت الإبل بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهانت الدراهم فقوّم عمر بن الخطاب رضي الله عنه إبل المدينة ستة آلاف درهم حساب أوقية ونصف لكل بعير، ثم غلت الإبل وهانت الورق فزاد عمر بن الخطاب ألفين حساب أوقيتين لكل بعير، ثم غلت الإبل وهانت الدراهم فأتممها عمر أثنى عشر ألفا حساب ثلاث أواق كل بعير، قال فزاد ثلث الدية في الشهر الحرام وثلث آخر في البلد الحرام قال فتمت دية الحرمين عشرين ألفا، قال فكان يقال يؤخذ من أهل البادية من ماشيتهم لا يكلفون الورق ولا الذهب، ويؤخذ من كل قوم مالهم قيمة العدل من أموالهم (9) (حدثنا الصلت بن مسعود) (10) ثنا الفضل بن سليمان ثنا موسى بن عقبة عن إسحاق بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن عبادة قال إن من قضاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المعدن جبار وذكر نحو حديث أبي كامل بطولة غير أنهما اختلفا في الإسناد فقال أبو كامل في حديثه عن إسحاق بن يحيى بن الوليد

_ الجزء (1) تقدم في باب ما جاء في الرجل يحي الأرض بغرس شجر من كتاب إحياء الموات في هذا الجزء (2) تقدم في باب الناس شركاء في ثلاث الخ من كتاب إحياء الموات أيضًا (3) سيأتي في باب حق الزوج على الزوجة من كتاب النكاح (4) تقدم في ميراث الجدة والجدات من كتاب الفرائض في هذا الجزء (5) تقدم في باب من أعتق شركًا له في عبد من كتاب العتق في الجزء الرابع عشر (6) تقدم في باب ما جاء في الطريق إذا اختلفوا فيه من كتاب الصلح وأحكام الجوار في هذا الجزء (7) تقدم في باب من زرع أرض قوم بغير أذنهم من كتاب الغصب في هذا الجزء (8) تقدم في باب المسلمون شركاء في ثلاث من كتاب إحياء الموات في هذا الجزء (9) سيأتي في باب جامع دية النفس وأعضائها من أبواب الدية في كتاب القتل والجنايات (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن أحمد وإسحاق لم يدرك عباده، قال، وروى ابن ماجه طرفًا منه (10) هذا الحديث بهذا السند جاء في مسند الإمام أحمد عقبا لحديث السابق والغرض من ذكره بيان اختلاف أبي كامل الجحدري والصلت بن مسعود شيخي الإمام أحمد في إسحاق فقد ذكر أبو كامل في حديثه (أعني الحديث السابق) أنه

-[من يجوز الحكم بشهادته ومن لا يجوز]- ابن عيادة أن عبادة قال من قضاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقال الصلت عن إسحاق بن الوليد بن عبادة عن عبادة إن من قضاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وذكر الحديث (أبواب الشهادات) (باب من يجوز الحكم شهادته ومن لا يجوز) (عن عبد الله بن عمرو) (1) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يجوز شهادة خائن ولا خائنة (2) ولا ذي غمر على أخيه، ولا تجوز شهادة القانع (3) لأهل البيت ويجوز شهادته لغيرهم، والقانع الذي ينفق عليه أهل البيت (وفي لفظ وردّ شهادة القانع الخادم التابع لأهل البيت وأجازها لغيرهم (وعنه من طريق ثان) (4) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يجوز شهادة خائن ولا محدود (5) في الإسلام ولا ذي عمرو على أخيه (6) (باب شهادة النساء) (عن عقبة بن الحارث) (7) قال تزوجت ابنة أبى إهاب فجاءت امرأة سوداء فذكرت أنها أرضعتنا فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقمت بين يديه فكلمته فأعرض عني (8) فقمت عن يمينه فأعراض عني فقلت يا رسول الله إنما هي سوداء قال وكيف وقد قيل (9)

_ إسحاق بن يحيى بن الوليد بن عبادة بن الصامت، وذكر الصلت بن مسعود في حديثه هذا أنه إسحاق بن الوليد بن عبادة بن الصامت فأسقط يحيي، وجاء عند ابن ماجة ما يؤيد رواية أبي كامل وكذلك في كتب الرجال، قال في الخلاصة إسحاق بن يحيي بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن عبادة بن الصامت ولم يدركه، وعنه موسى بن عقبة فقط، قبل مات سنة إحدى وثلاثين ومائة والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا محمد بن راشد عن سليمان بن موسى عن عمرو بن سعيد عن أبيه عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبة) (3) قال أبو عبيد لا نراه خص بها الخانة في أمانات الناس دون ما افترض الله علىعبادة وائتمنهم عليه فإنه قد سمى ذلك أمانة فقال (يا أيها الذين أمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونو أماناتكم) فمن ضيع شيئًا مما أمر الله به أو ركب شيئًا مما نهى عنه فليس ينبغي أن يكون عدلاً (نه) (وقوله ولا ذي غمر) بكسر الغين المعجمة وسكون الميم بعدها راء مهمة أي حقد وضعن، قال الخطابي هو الذي بينه وبين الشهود عليه عداوة ظاهرة (3) القانع السائل والمستطعم، وأصل القنوع السؤال، ويقال إن القانع المنقطع إلى القوم لخدمتهم ويكون في حوائجهم كالأجير والوكيل ونحوه قال الخطابي، وهو موافق لما فسر به في الحديث (4) (سنده) حدّثنا يزيد أنا الحجاج ومعمر بن سليمان الرقي عن الحجاج بن أرطأة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخ (5) هو من ارتكب ذنبًا في الإسلام يوجب حدا إلا إن تاب وحسنت توبته فتجوز شهادته، وفي ذلك خلاف بين الأئمة أنظر القول الحسن شرح بدائع المتن صحيفة 239 - 240 في الجزء الثاني (6) زاد في رواية لأبي داود (ولازان ولازانية) (تخريجه) (د جه هق) وسكت عنه أبو داود والمنذري: وقال الحافظ في التلخيص سنده قوي (باب) (7) (سنده) حدّثنا سفيان عن إسماعيل بن أمية عن أبن أبى مليكه عن عقبة بن الحارث الخ (غريبة) (8) جاء في رواية أخرى فأتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فقلت إني تزوجت فلانة أبنة لان فجاءتا امرأة سوداء فقالت إني قد أرضعتكما وهي كاذبة فأعرض عني الخ (9) جاء في رواية أخرى، فقال فكيف بها (أي كيف يزعم الكذب بها أو يجزم به) وقد زعمت أنها قد أرضعتكما دعها عنك (تخريجه) (خ د مذ نس) وهو يدل على قبول شهادة المرأة الواحدة في الرضاع وإلى ذلك ذهب أبو بكر وعمر وعلى، وبه يقول أحد وإسحاق، أنظر مذاهب الأئمة في باب شهادة النساء

-[نهي الشاهد عن كتمان الحق خشية الناس وما جاء في شهادة الحسبة]- (باب نهي الشاهد عن كتمان الحق خشية الناس وما جاء في شهادة الحسبة) (عن أبي نضرة) (1) وعن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يمنعن أحدكم هيبة الناس أن يقول في حق (وفي لفظ أن يتكلم بالحق) إذا رآه أو شهده أو سمعه (2) قال أبو سعيد وددت إني لم أسمعه (3) (عن زيد بن خالد الجهني) (4) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال ألا أخبركم بخير الشهداء (5) الذي يأتي بشهادته قبل أن يسئلها (6) أو يخبر بشهادته قبل أن يسئلها (وعنه من طريق ثان) (7) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خبر الشهادة ما شهد بها صاحبها قبل أن يسئلها (باب ذم من أدّى شهادة من غير مسألة) (عن أبى هريرة) (8) قال قال رسول الله

_ والصبيان في القول الحسن شرح بدائع المتن ص 240 - 241 في الجزء الثاني (باب) (1) (سنده) حدّثنا أبن أبى عدي عن سليمان عن أبى نضرة الخ (غريبة) (2) المراد بهذا الحديث النهى عن كمان الحق في كل شيء محاباة لذوي الهيبة والجاة من الناس فيلزم القاضي في حكمة والشاهد في شهادته ومن رأي منكرًا أن يقول الحق قدرًا استطاعته ولا يبالى بالناس (3) يريد أبو سعيد أنه لو لم يسمع هذا الحديث كان أحب إليه لعدم تكليفه بمقتضاه لمشقة العمل به: أمّا وقد سمعه فالعمل به لازم (وفي رواية) فبكي أبو سعيد وقال قد والله رأينا أشياء فهبنا، يريد أن بعض الناس من غير الصحابة لم يقل الحق في مثل هذه الأمور بعد وفاة النبي (صلى الله عليه وسلم) خشية الناس، أما الصحابة رضي الله عنهم فلم يثبت أن أحدًا منهم قصر في هذا الواجب بل ثبت أن أبا سعيد أنكر على مروان اتخاذ المنبر بالمصلى وتقديم الخطبة على الصلاة يوم العيد وكان مروان إذا ذاك أميرًا على المدينة فلم يمنعه هيبة مروان عن الإنكار عليه: وتقدمت قصته في ذلك في باب خطبة العيدين وأحكامهما صحيفة 151 في الجزء السادس (تخريجه) (جه) والترمذي مطولاً وقال هذا حديث حسن صحيح (4) (سنده) حدّثنا أبو نوح قراد ثنا مالك بن أنس عن عبد الله بن أبي بكر عن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان عن أبن أبى عمرة عن زيد بن خالد الجهني الخ (غريبة) (5) جمع شهيد كظرفاء جمع ظريف، ويجمع أيضًا على شهود والمراد بخير الشهداء أكملهم في رتبة الشهادة وأكثرهم ثوابًا عند الله تعالى (6) بضم أوله مبني لمجهول أي قبل أن يطلب منه الشهادة، قال النووي رحمه الله فيه تأويلان أصحهما وأشهرهما تأويل مالك وأصحاب الشافعي أنه محمول على من عنده شهادة لإنسان بحق ولا يعلم ذلك الإنسان أنه شاهد فيأتي إليه فيخبره بأنه شاهد له (والثاني) أنه محمول على شهادة الحسبة وذلك في غير حقوق الآدميين المختصة بهم، فما تقبل فيه شهادة الحسبة الطلاق والعتق والوقف والوصايا العامة والحدود ونحو ذلك فمن علم شيئًا من هذا النوع وجب عليه رفعه إلى القاضي وإعلامه به والشهادة، قال الله تعالى (وأقيموا الشهادة لله) وكذا في النوع الأول يلزم من عنده شهادة لإنسان لا يعلمها أن يعلمه إياها لأنها أمانة له عنده (وحكي تأويل ثالث) أنه محمول على المجاز والمبالغة في أداء الشهادة بعد طلبها لا قبله كما يقال الجواد يعطي قبل السؤال، أي يعطي سريعًا عقب السؤال من غير توقف أهـ (7) (سنده) حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم أنا عبد الرحمن بن إسحاق عن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه عن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن زيد بن خالد الجهني قال قال وصول الله (صلى الله عليه وسلم) الخ تخريجه (م مذجه، والإمامان) (باب) (8) (سنده) حدّثنا هشيم ثنا

-[ذم من أدى شهادة من غير مسألة وكلام العلماء في ذلك]- (صلى الله عليه وسلم) خير أمتي القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم والله أعلم أقال الثالثة (1) أملا، ثم يجيء قوم يحبون السّمانة (2) يشهدون قبل أن يستشهدوا (3) (عن عبد الله) (4) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خير الناس (5) قرني ثم الذين يلونهم ثم يلونهم ثم الذين يلونهم (6)

_ بشر عن عبد الله بن شقيق عن أبي هريرة الخ (غريبة) (1) جاء هذا الحديث عند مسلم من هذا الطريق عن أبي هريرة ولم يذكر فيه ثم الذين يلونهم إلا مرة واحدة ثم قال عقبها (والله أعلم أذكر الثالثة أم لا) (قلت) والقائل والله أعلم الخ هو أبو هريرة ولم يذكر فيه ثم الذين يلونهم إلا مرة واحدة ثم قال عقبها (والله أعلم أذكر الثالثة أم لا) (قلت) والقائل والله أعلم الخ هو أبو هريرة كما صرح بذلك في رواية أخرى عند مسلم أيضًا من طريق شعبة وفيه (قال أبو هريرة فلا أدري مرتين أو ثلاثًا) والذي عليه الجمهور أنها ثلاثة قرون قرن النبي (صلى الله عليه وسلم) واثنان بعده كما سيأتي تحقيق ذاك في شرح الحديث التالي واختلفوا في المراد بالقرن هنا فقال المغيرة قرنه أصحابه، والذين يلونهم أبناؤهم، والثالث أبناء أبنائهم (وقال شهر) قرنه ما بقيت عين رأته والثاني ما بقيت عين رأت من رآه ثم كذلك، نقله القاضي عياض، قال النووي والصحيح أن قرنه (صلى الله عليه وسلم) الصحابة والثاني التابعون والثالث تابع التابعين (2) السمانة بفتح المهملة وهي كثرة اللحم أي يحبون التوسع في المأكل والمشارب وهي أسباب السمن، قال أبن التين المراد ذم محبته وتعاطيه لا من يخلق كذلك أهـ قال الحافظ وإنما كان ذلك مذمومًا لأن السمين غالبًا يكون بليد الفهم ثقيلاً عن العبادة كما هو مشهور (3) معناه الذين يشهدون قبل أن تطلب منهم الشهادة، وهو في ظاهرة مخالف لحديث زيد ابن خالد الجهني المذكور في الباب السابق بلفظ (ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي الشهادة قبل أن يسألها) قال النووي قال العلماء الجمع بينهما أن الدم في ذلك لمن بادر بالشهادة في حق لآدمي هو عالم بها قبل أن يسألها صاحبها، وأما المدح فهو لمن كانت عنده شهادة لآدمي ولا يعلم بها صاحبها فيخبره بها ليستشهده بها عند القاضي إن أراد، ويلتحق به من كانت عنده شهادة حسية وهي الشهادة بحقوق الله تعالى فيأتي القاضي ويشهد بها (قلت) تقدم الكلام عليها في الباب السائق، قال وهذا ممدوح إلا إذا كانت الشهادة بحدّ ورأي المصلحة في الستر، هذا الذي ذكرناه من الجمع بين الحديثين هو مذهب أصحابنا ومالك وجماهير العلماء وهو الصواب أهـ (تخريجه) (م وغيره) (4) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الاعمش عن إبراهيم عن عبية عن عبد الله الخ (قلت) عبيدة بوزن عظيمة وعبدا لله هو ابن مسعود رضي الله عنه (غريبة) (5) قال النووي (رواية خير الناس) على عمومها والمراد منه جملة القرن ولا يلزم منه تفضيل الصحابي على الأنبياء صلوات اله وسلامة عليهم ولا أفراد النساء على مريم وآسية وغيرهما، بل المراد جملة القرن بالنسبة إلى كل قرن جملته (6) هكذا جاء في هذه الرواية عند الإمام أحمد ثم الذين يلونهم ثلاث مرات فيكون مجموع القرون أربعة، وجاء هذا الحديث نفسه عند مسلم من طريق أبن عون عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال (خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين بلونهم فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة قال ثم يتخلف من بعدهم خلف تسبق شهادة أحدهم يمينه ويمينه شهادته) وهي تشعر بالرابعة ولكن بالشك ورواية الإمام أحمد جاءت من طريق الأعمش وهو ثقة لكنه مدلس وقد عنعن، والمحفوظ عند المحدثين أنها ثلاثة قرون، قرن النبي (صلى الله عليه وسلم) واثنان بعده كما تقدم، وقد جاء ذاك صريحًا في حديث عبد الله بن مسعود أيضًا المتفق عليه عند الشيخين وغيرهما قال

-[التغلظ في شهادة الزور ووعبد منفعل ذلك]- ثم يأتي بعد ذلك قوم تسبق شهاداتهم إيمانهم وإيمانهم شهاداتهم (1) (باب التغليظ في شهادة الزور (2) (عن أبي هريرة) (3) قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من شهد على مسلم شهادة ليس لها بأهل (4) فليتبوأ مقعدة من النار (5) (حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم) (6) ثنا الجريري ثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبية قال ذكر الكبائر عند النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال الإشراك بالله تبارك وتعالى (7)، وحقوق الوالدين (8)، وكان متكئًا فجلس (9) فقال وشهادة الزور وشهادة الزور (10) أو قول الزور فما زال رسول الله (صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) يكررها حتى قلنا

_ (سئل رسول الله (صى الله عليه وسلم) أي الناس خير؟ قال قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم) ولم يشك في هذه الرواية وحديث عائشة عند مسلم والإمام أحمد وسيأتي في باب فضل القرن الأول والثاني والثالث من كتاب الفضائل قالت (سأل رجل النبي (صلى الله عليه وسلم) أي الناس خير؟ قال القرن الذي أنا فيه ثم الثاني ثم الثالث (1) معناه أنه يجمع بين الشهادة واليمين فنارة تسبق هذه وتارة هذه، وهذا ذم لمن يشهد ويحلف مع شهادته واحتج به بعض لدلكيه في رد شهادة من حلف معها، وجمهور العلماء أنها لا ترد (تخريجه) (ق. وغيرهما) وفي الباب عند الإمام أحمد أحاديث أخرى عن بريدة والنعمان بن بشير وعمران بن حصين ستأتي في باب فضلا القرن الأول المشار إليه آنفًا (باب) (2) الزور الباطل والكذب وسمي زورًا لأنه أميل عن الحق، ومنه (تزاور عن كهفهم) ومدينة زوراء أي مائلة، وكل ما عدا الحق فهو كذب وباطل وزور (3) (سنده) حدّثنا يزيد أنا جبير أبن يزيد العبدي عن خراش بن عياش قال كنت في حلقه بالكوفة فإذا رجل يحدث قال كنا جلوسًا مع أبي هريرة فقال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخ (غريبة) (4) أي ليس له علم بها أو علمها ولم يأت بها على وجهها بأن يدل فيها وغير ابتغاء نفع دنيوي أو انتقام من عدو (5) أي فليتخذ له معتزلاً من النار، يقال بوأه الله منزلاً أي أسكنه إياه وتبوأت منزلاً أي اتخذته والمباءة المنزل (تخريجه) أخرجه أبو داود الطيالسي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد، وتابعيّة لم يسم وبقية رجاله ثقات أهـ (قلت) ومعنى قوله وتابعيه لم يسم، أن الذي روى الحديث عن أبى هريرة مبهم لم يذكر اسمه وهو كذلك عند أبى داود الطيالسي (غريبة) (6) يعني ابن مقسم الأسدي القرشي قال أحمد إليه المنتهي في التثبت (والجريري) بضم الجيم ومهملين أسمه سعيد بن إياس قال ابن معين ثقة (7) أي مطلق الكفر، وإنما خص الشرك بالذكر لغلبته في الوجود ولاسيما في بلاد العرب فذكره تنبيهًا على غيره (8) سيأتي الكلام عليه إن شاء الله تعالى في باب الترهيب من عقوق الوالدين من كتاب الكبائر في قسم الترهيب (9) قال الحافظ يشعر بأنه أهتم بذلك حتى جلس بعد أن كان متكئًا، ويفيد ذلك تأكيد تحريمه وعظم قبحه، وسبب الاهتمام بذلك كون قول الزور أو شهادة الزور أسهل وقوعًا على الناس والتهاون بها أكثر، فإن الإشراك ينبوعته قلب المسلم، والعقوق بصرف عنه الطبع، وأما الزور فالحوامل عليه كثيرة كالعداوة والحسد وغيرهما فاحتيج إلى الاهتمام بتعظيمه وليس ذلك لعظمها بالنسبة إلى ما ذكر معها من الإشراك قطعًا بل لكون مفسدة الزور متعدية إلى غير الشاهد، بخلاف الشرك فإن مفسدته قاصرة غالبًا (10) كرر قوله وشهادة الزور لتأكيد تحريمها وللاهتمام بشأنها لما فيها من المفاسد كما تقدم (وقوله أو قول الزور)

-[التغليظ في شهادة الزور وعيد من فعل ذلك]- ليته سكت (1) وقال مرة أنا الجريري (2) ثنا عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبية قال كنا جلوسًا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر الإشراك بالله تعالى فذكره (3) (عن أنس بن مالك) (4) قال ذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الكبائر (5) أو سئل عن الكبائر (6) فقال الشرك بالله عز وجل، وقتل النفس وعقوق الوالدين، وقال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟ قال قول الزور (7) أو قال شهادة الزور. قال شعبة أكبر ظي أنه قال شهادة الزور (عن أيمن بن خريم) (8) قال قام فينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خطيبًا فقال يا أيها الناس عدلت (9) شهادة الزور إشراكًا بالله ثلاثًا (10) ثم قرأ (فاجتنبوا الرجس (11) من الأوثان واجتنبوا قول الزور) (عن خُريم بن فاتك الأسدي) (12) قال صي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلاة الصبح فلما انصرف قام قائمًا فقال عدلت شهادة الزور الإشراك بالله عز وجل ثم تلا هذه الآية واجتنبوا قول الزور حنفاء الله غير مشركين به تم الجزء الخامس عشر

_ أو للشك من الراوي وقد وقع في رواية للبخاري بلفظ (ألا وقول الزور وشهادة الزور) وهو من ذكر الخاص بعد العام أو يحمل على التوكيد (1) أي قالوا ذلك شفقة عليه وكراهية لما يزعجه (2) معناه وقال إسماعيل بن إبراهيم في رواية أخرى لهذا الحديث أنا الجريري (بضم الجيم) الخ (3) هذا اختصار من الأصل وليس مني (تخريجه) (ق مذ) (4) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة حدثني عبيد الله أبن ابي بكر يعني ابن أنس قال سمعت أنس بن مالك قال ذكر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الكبائر (5) أو للشام من شعبة أحد الرواة (6) ليس المراد حصر الكبائر فيما ذكر فهي أكثر من ذلك وسيأتي الكلام في تعريفها والإشارة إلى تعيينها في بابها من قسم الترهيب إن شاء الله تعالى (7) في رواية عند البخاري من طريق شعبة أيضًا بلفظ وشهادة الزور بغير شك (تخريجه) (ق وغيرهما) (8) (سنده) حدّثنا مروان بن معاوية الفزاري أنبأنا سفيان بن زياد عن فاتك بن فضالة عن أيمن بن خريم الخ (قلت) أيمن بوزن أحمد (وخريم) بضم أوله مصغرًا قال المبرد في الكامل أيمن بن خريم له صحبه، وقال أبن عبد البر أسلم يوم الفتح وهو غلام يفعه، وقال ابن السكن يقال له صحبه، وقال ابن عبد الر أسلم يوم الفتح وهو غلام يفعه، وقال ابن السكن يقال له صحبه وقال في ترجمة خريم والد أيمن، قيل إنما أسلم خريم بن فاتك ومعه أبنه أيمن يوم الفتح، وجزم ابن سعد بذلك والله أعلم (غريبة) (9) يعني أنها تساوت مع عبادة الوثن في النهي عنها، ولذلك قرأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قوله تعالى {فاجتنبوا الرجس من الأوثان واجتنبوا قول الزور) (10) أي قل ذلك ثلاثًا للتوكيد (11) الرجس الشيء القذر النجس والأوثان جمع وثن وهو التمثال من خشب أو حديد أو ذهب أو فضة أو نحو ذلك، وكانت العرب تعبدها وتنصبها والنصارى تنصب الصليب وتعبده وتعظمه فهو كالتمثال أيضًا، ووصفها بالرجس تقبيحًا لها فهي نجسة حكمًا وليست النجاسة وصفًا ذاتيًا للأعيان، وإنما هي وصف شرعي من أحكام الإيمان فلا تزال إلا بالإيمان كما لا يجوز الطهارة إلى بالماء (تخريجه) (مد) وقال هذا حديث غريب إنما نعرفه من حديث سفيان بن زياد، واختلفوا في روياة هذا الحديث عن سفيان بن زياد ولا نعرف لأيمن بن خريم سماعًا من النبي (صلى الله عليه وسلم) أهـ (قلت) هذا لا ينافي أنه سمع لاسيما والراجح أنه له صحبه كما تقدم ويؤيد هذا الحديث حديث حريم بن فاتك والد أيمن الآتي بعد هذا والله أعلم (12) (سنده) حدّثنا محمد بن عبيد حدثني سفيان المصفرى عن أبيه عن حبيب بن النعمان الأسدي ثم أحد بن عمرو بن أسد عن خريم

والحمد لله أولاً وآخرًا، والله نسأل أن ينفع به المسلمين وأن يضاعف الأجر لمن ساهم في نشره بماله من الإخوان المخلصين، وصلى الله عليه وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين

_ ابن فاتك الأسدي الخ (تخريجه) (د مذجه) وقال الترمذي هذا عندي أصح (يعني أصح من حديث أيمن المذكور قبله) قال وخريم بن فاتك له صحبة وقد روى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وهو مشهور أهـ (قلت قال الحافظ المنذري ورواه الطبراني في الكبير موقوفًا على ابن مسعود بإسناد حسن، والله سبحانه وتعالى أعلم

كتاب القتل والجنايات وأحكام الدماء

بسم الله الرحمن الرحيم "كتاب القتل والجنايات وأحكام الدماء"

_ بيان رموز واصطلاحات تختص بالشرح (خ) للبخاري (م) لمسلم (حم) للإمام أحمد (لك) للإمام مالك في الموطأ (فع) للإمام الشافعي (الأربعة) لأصحاب السنن الأربعة أبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجه (الثلاثة) لهم إلا ابن ماجه (د) لأبي داود (نس) للنسائي (مذ) للترمذي (جه) لابن ماجه (حب) لابن حبان في صحيحه (مي) للدارمي في سننه (خز) لابن خزيمة في صحيحه (بز) للبزار في مسنده (طب) للطبراني في الكبير (طس) له في الأوسط (طص) له في الصغير (ص) لسعيد بن منصور في سننه (ش) لابن أبي شيبة في مصنفه (عب) لعبد الرزاق في الجامع (عل) لأبي يعلى في مسنده (قط) للدارقطني في سننه (حل) لأبي نعيم في الحلية (هق) للبيهقي في السنن الكبرى (هب) له في شعب الإيمان (طح) للطحاوي في معاني الآثار (ك) للحاكم في المستدرك (طل) لأبي داود الطيالسي في مسنده (حم) للإمام أحمد في مسنده رحمهم الله (أما الشراح وأصحاب كتب الرجال والغريب ونحوهم فإليك ما يختص بهم) (نه) للحافظ ابن الأثير في كتابه النهاية في غريب الحديث (خلاصة) للحافظ وأطلقت فالمراد به الحافظ ابن حجر العسقلاني في فتح الباري شرح البخاري، (وإذا قلت) قال النووي فالمراد به في شرح مسلم (وإذا قلت) قال المنذري فالمراد به الحافظ زكي الدين بن عبد العظيم المننري صاحب كتاب الترغيب والترهيب ومختصر أبي داود (وإذا قلت) قال الهيثمي فالمراد به الحافظ علي بن أبي بكر سليمان الهيثمي في كتابه مجمع الزوائد (وإذا قلت) قال الشوكاني فالمراد به في كتابه نيل الأوطار (وإذا قلت) بدائع المنن فالمراد به كتابي بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن (وإذا قلت) انظر القول الحسن فالمراد به شرحي على بدائع المنن،، والله تعالى ولي التوفيق

-[التغليظ والوعيد الشديد في قتل المؤمن]- (باب التغليظ والوعيد الشديد في قتل المؤمن) (عن شقيق) (1) قال قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول ما يقضى (2) بين الناس يوم القيامة في الدماء (3) (عن أبى إدريس) (4) قال سمعت معاوية (يعنى ابن أبى سفيان) وكان قليل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول كل ذنب عسى الله أن يغفره إلا الرجل يموت كافراً، والرجل يقتل مؤمناً متعمداً (5) (عن جابر بن عبد الله) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع أي يو أعظم حرمة؟ قالوا يومنا هذا، قال فأى شهر أعظم حرمة؟ قالوا شهرنا هذا، قال فأى بلد أعظم حرمة؟ قال بلدنا هذا قال فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا (عن سالم بن أبى الجعد) (7) سئل ابن عباس عن رجل قتل مؤمناً ثم تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى؟ قال ويحك (8) وأنى له الهدى، سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول يجيء المقتول متعلقاً بالقاتل يقول يارب سل هذا فيم قتلنى، والله لقد أنزلها الله عز وجل على نبيكم

_ (1) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد ثنا الأعمش عن شقيق قال قال عبد الله (يعنى ابن مسعود الخ) (قلت) شقيق هو ابن سلمه الأسدي ابو وائل أحد سادة التابعين من رجال الكتب (غريبة) (2) بضم أوله وفتح الضاد المعجمة مبنيا للمفعول في محل الصفة، وما نكرة موصوفة والعائد الضمير في يقتضي: أي أول قضاء يقضى (3) معنأه أول ما يحكم الله تعالى بين الناس يوم القيامة فما يتعلق بقضايا الماء، وذلك لعظم مفسدة سفكها، ولا يناقضه خبر (أول ما يحاسب به العبد الصلاة) لأن ذلك في حق الله عز وجل، وذا في حق الخلق، أو أول ما يحاسب به من الفرائض المدنية الصلاة: ثم أول ما حكم فيه من المظالم الدماء، قال الحافظ العراقي وظأهر الأخبار أن الذي يقع أول المحاسبة على حق الله تعالى والله أعلم (تخريجه) (ق نس مذجه طل) * (4) (سنده) حدثنا صفوان بن عيسى قال أنا ثور بن يزيد عن أبي عون عن أبي إدريس الخ (غريبه) (5) هذا في الكفر مقطوع به لقوله تعالى (إن الله لا يغفر أن يشرك به) وخص الشرك في الآية لأنه أغلب أنواع الكفر حالنئذ لا للإخراج، وفي القتل ينزل على ما إذا ستحل: وإلا فهو تهويل وتغليظ، قال الذهبي في الكبائر وأعظم من ذلك أن تمسك مؤمنا لمن عجز عن قتله فيقتله أو تشهد بالزور على جمع مؤمنين فتضرب أعناقهم بشهادتك الملعونة (تخريجه) (نس ك) وصحة الحاكم وأقره الذهبي: وقال الهيثمي روأه البزار عن عبادة ورجاله ثقات أه (قلعت) وروأه أبو داودمن حديث أبي الدرداء وسكت عنه أبو داود والمنذري * (6) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح الخ (وله طريق ثان) عند الأمام أحمد قال حدثنا محمد ابن عبيد عن الأعمش عن أبي صالح عن جابر فذكر الحديث وتقدم في باب ما جاء في الخطبة يوم النحر يمنى صحيفة 210 من الجزء الثاني عشر في كتاب الحج، وتقدم شرحه وتخريجه هناك فارجع إليه * (7) حدثنا سفيان عن عمار عن سالم بن أبي الجمد الخ (غريبه) (8) ويح كلمة تقال لمن ينكر عليه

-[التغليظ والوعيد الشديد في قتل المؤمن]- وما نسخها بعد إذ أنزلها (1) قال ويحك وأنى له الهدى (وعنه من طريق ثان) (2) قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال يا ابن عباس أرأيت رجلاً قتل مؤمناً؟ قال جزاؤه جهنم خالداً فيها - الخ الآية قال فقال يا ابن عباس أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحاً؟ قال ثكلته (3) أمه، وأنى له التوبة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المقتول يجيء يوم القيامة متعلقاً رأسه (4) بيمينه أو قال بشماله آخذاً صاحبه بيده الأخرى تشحب (5) أوداجه دماً في قبل (6) عرش الرحمن فيقول رب سل هذا فيم قتلى (قر) (عن عبد الله) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سباب (8) المسلم أخاه فسوق (9) وقتاله كفر وحرمة ماله كحرمة دمه (10) (عن سعد بن أبى وقاص) (11) عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه (عن ابن عمر) (12) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لن يزال المرؤ في فسحة (13) من دينه ما لم

_ فعله مع ترفق وترحم في حال الشفقة، وويل لمن ينكر عليه مع غضب (1) يعني قوله تعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) كما يستفاد من الطريق الثانية، وكان ابن عباس رضي الله عنهما يرى أنه ليس لقاتل المؤمن توبة (2) (سنده) حدثنا يونس ثنا عبد الواحد ثنا يحيى بن عبد الله قال حدثنا سالم بن أبي الجمدقال جاء رجل إلى ابن عباس الخ (3) هو بكسر الكاف أي فقدته، والشكل فقد الولد فهو دعاء عليه بالموت لأن الموت خير له لئلا يزداد سوءا (4) أي رأس المقتول بيد نفسه اليمنى أو بيده اليسرى يشك الراوي (وقوله آخذا صاحبه) يعني القاتل (5) بمعجتين وموحدة بوزن ينصر أي تسبل (أوداجه) جمع ودج بالتحريك وهي ما أحاط العنق من العروق التي يقطعها الذابح، وهذا مثال لكل مقتول يأتي مع قاتله بالصفة التي قتل بها (6) بكسر القاف وفتح الموحدة متعلق بمحذوف حال أي حال كونه واقفا قبل عرش الرحمن أي مقابلا له ومعاينا وهو كناية عن قربه من الله عز وجل (تخريجه) (نس جه) بسند صحيح (7) (قر) (سنده) قال عبد الله بن الأمام أحمد قرأت على أبي حدثك علي بن عاصم قال ثنا إبرأهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) الخ (غريبه) (8) بكسر المهملة والتخفيف مصدر سب وهو أبلغ من السبب فإن السبب شتم الإنسان والتكلم في عرضه بما يعيبه، والسباب أن يقول فيه بما فيه وما ليس فيه، وفسره الراغب بالشتم الو جميع وهو مضاف إلى الفاعل (وأخام) مفعول (9) أي مسقط للعدالة وخروج عن طاعة الله ورسوله، وفيه تعظم حق المسلم والحكم على من سبه بالفسق (قتاله كفر) أي إن أستحل ذلك أو أن قتال المسلم من شأن الكافر، ولما كان القتال أشد من السباب لإفضائه إلى إزهاق الروح عبر عنه بلفظ أشد من لفظ الفسق وهو الكفر، ولم يرد حقيقته التي هي الخروج عن الملة والله أعلم (10) أي كما حرم الله قتله حرم أخذ ماله بغير حق كما في حديث (كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) (تخريجه) (طلب) وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح (قلت) وأخرجه أيضا (ق نس مذجه) بدون ذكر المال (11) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن أبي اسحاق عن عمر بن سعد ثنا سعد بن أبي وقاص قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قتال المؤمن كفر وسبابه فسوق، ولا يحل المسلم أن يهجر أخأه فوق ثلاثة أيام (تخريجه) (نس جه عل طب) وسنده جيد * (12) (سنده) حدثنا أبو النضر ثنا اسحاق بن سعيد عن أبيه عن ابن عمر الخ (غريبه) (13) بضم الفاء

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا ترجعوا بعدي كفارًا الخ وكلام العلماء في ذلك]- يصب دمًا حرمًا (عن مرثد بن عبد الله) (1) (يعني اليزئي) عن رجلٍ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القاتل والآمر، قال قسمت النار سبعين جزءًا فللآمر (2) تسع وتسعون وللقاتل جزء وحسبه (3) (عن جرير بن عبد الله) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في حجة الوداع يا جرير استنصت الناس (5) ثم قال في خطبته لا ترجعوا بعدي (6) كفارًا يضرب بعضكم رقاب بعض (عن خرشة بن الحارث) (7) وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يشهدن أحدكم قتيلًا (8)، لعله أن يكون قد قتل ظلمًا فيصيبه السخط (عن عبد الله) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتل نفس ظلمًا غلا كان على ابن آدم (10) الأول كفل

_ وسكون المهملة بعدها حاء مهملة أي في سعة منشرح الصدر، فإذا قتل نفسا بغير حق صار منحصرا ضيقا لما أوعد الله على القتال ما لم يوعد على غيره، قال ابن العربي الفسحة في الدين سعة الأعمال الصالحة حتى إذ جاء القتل ضاقت لأنها (أي الأعمال الصالحة) لا تقي بوزره (تخريجه) (خ) * (1) (سنده) حدثنا بعلي بن عبيد ثنا محمد بن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله الخ (غريبه) (2) يعنى فللآمر بالقتل تسع وتسعون جزما: فيحتمل أن هذا زجر وتهديد وتهويل للآمر، ويحتمل أنه فيما لو أكره الآمر المأمور بغير حق (3) أي يكفيه هذا المقدار من العقاب والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد ورجاله رجال الصحيح * (4) (سنده) حدثنا حجاج حدثني شعبة عن علي بن مدرك قال سمعت أبا زرعه يحدث عن جرير وهو جده عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (5) أي مرهم بالإنصات ليسمعوا هذه الأمور المهمة والقواعد التي سأقررها لكم (6) أي بعد موقفي هذا أو بعد موتي وهو الأظهر (وقوله كفارا) قيل في معنأه أقوال (أحدها) أن ذلك كفر في حق المستحل بغير حق (والثاني) المراد كفر النعمة وحق الإسلام (والثالث) أنه يقرب من الكفر ويؤدي إليه (والرابع) حقيقة الكفر ومعنأه لا تكفروا بل دوموا مسلين، وفيه إشارة إلى ما حصل بعد موته - صلى الله عليه وسلم - من ردة بعض (والخامس) أنه فعل كفعل الكفار واختاره القاضي عياض والله اعلم (تخريجه) (ق نس طل جه) * (7) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة قال ثنا يزيد بن أبي حبيب عن خرشة بن الحارث الخ (غريبه) (8) أي لا يحضرن أحدكم قتل إنسان: وقد علل النهي بقوله (لعله أن يكون قد قتلا ظلما) أي مظلوم فيصيب من حضره السخط أي غضب الله عز وجل لأن القتال من أبشع المعاصي وأكبر الكبائر: فالله عز وجل يغضب عن القاتل والآمر وعلى من حضر القتل أيضا لأنه يعدر أضيا بالمنكر: والرضا بالمنكر منكر، هذا إذا كان مظلوما، فإن كان غير مظلوم فينبغي أن لا يحضره أيضا لاحتمال أن يكون غير مظلوم في الظأهر مظلوما في الباطن فيخشى على من حضره أن يصيبه شيء من غضب الله عز وجل فالأسلم اجتناب ذلك والله أعلم 0 تخريجه) أورده الهيثمي وقال روأه أحمد والطبراني إلا أنه قال فعسى أن يقتل مظلوما فتنزل السخطة عليهم فتصيبه معهم وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجالهما رجال الصحيح أه (قلت) قول الهيثمي في ابن لهيعة حديثه حسن يعني إن قال حدثنا، وفيه ضعف إن قال عن فلان ويسمى العنعنة: وقد قال في هذا الحديث حدثنا فهو حسن والله اعلم * (9) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (غريبه) (10) هو قابيل عند أكثر العلماء، ويقال إنه يولد لا دم غيره وغير توأمته، ومن ثم فخر على

-[وعيد من حمل السلاح على المسلمين]- من دمها لأنه كان أول من سن القتل (1) (وعنه أيضًا) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أشد الناس عذابًا يوم القيامة قتله نبي (3) أو قتل نبيًا وإمام ضلالة (4) وممثل من الممثلين (5) (باب وعيد من حمل السلاح على المسلمين) (عن ابن عمر) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حمل علينا السلاح (7) فليس منا (وعن أبي هريرة) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

_ أخيه هابيل فقال نحن من أولاد الجنة وأنتم من أهل الأرض ذكر ذلك ابن إسحاق في المبتدأ (وقوله كفل من دمها) أي نصيب وهو بكسر الكاف وسكون الفاء وأكثر ما يطلق على الأجر كقوله تعالى (يؤتكم كفلين من رحمته) ويطلق على الإثم كقوله تعالى (ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها) (1) يؤيد ذلك ما روأه مسلم والأمام أحمد وتقدم في باب التحذير من الابتداع في الدين صحيفة 193 في الجزء الأول عن أبي هريرة مرفوعا (من سن سنة ضلال فاتبع عليها كان عليه مثل أوزارهم من غير أن ينقص من أوزارهم شيء) وهو محمول على من لم يتب من ذلك الذنب (تخريجه) (ق نس مذ جه) * (2) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا أبان ثنا عاصم عن أبي وائل عن عبد الله (يعنى بن مسعود) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (3) يحتمل أن يراد به جنس النبي ويحتمل أن يراد به نفس نبينا - صلى الله عليه وسلم - وضعا للظأهر موضوع الضمير، قيل إن الذي قتله نبينا - صلى الله عليه وسلم - هو أبي بن خلف في غزوة أحد حيث أراد قتل النبي - صلى الله عليه وسلم - بحربة فأخذها النبي - صلى الله عليه وسلم - منه وقتله، وسيأتي الكلام على ذلك في غزوة أحد من أبواب الغزوات أن شاء الله تعالى (4) هو الذي يسن سنة ضلالة فيتبعه غيره ويقتضى به، وتقدم الكلام على ذلك في الحديث السابق: أو المراد الأمام الجائز الذي لا يعدل بين رعيته وهذا والذي بعده أن كانا مسلمين فعذابهما أشد بالنسبة لعذاب عصاة المسلمين، وإن كانا كافرين فعذابهما أشد بالنسبة لعذاب الكفار (5) أي مصور يقال مثلت بالتثقيل والتخفيف إذا صورت مثالا، والتمثال الاسم منه، وظل كل شيء تمثاله ومثل الشيء بالشيء وشبه به وجعله مثله وعلى مثالة (نه) (تخريجه) أورده الهيثمي مرفوعا بلفظ (أن أشد أهل النار عذابا يوم القيامة من قتل نبي أو قتله نبي أو إمام جائر) وقال في الصحيح بعضه، قال وروأه الطبراني وفيه ليث بن أبي سليم وهو مدلس وبقية رجاله ثقات، وروأه البزار إلا أنه قال وإمام ضلالة ورجاله ثقات وكذلك روأه أحمد أه (قلت) رواية الأمام أحمد ليس في سندها ليث ابن أبي سليم فالحديث صحيح (باب) (6) (سنده) حدثنا معتمر عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (7) أي من قاتلنا بالسلاح فهو منصوب بنزع الخافض (وعلينا) حال أي حمله علينا لا لنا لنحو حراسة: والسلاح يشمل جميع آلة الحرب كسيف وحربة ورمح ونبل ونحو ذلك، وكنى بالحمل عن المقاتلة أو القتل اللازم له (وقوله فليس منا) أي ليس على طريقتنا لأن من حق المسلم على المسلم أن ينصره ويقاتل دونه لا أن يرعبه بمحل السلاح عليه لإرادة قتاله أو قتله ونظيره (من غشنا فليس منا) وهذا في حق لا يستحل ذلك، فأما من يستحله فإنه تكفر باستحلال المحرم بشرطه لا مجرد حمل السلاح، والأولى عند كثير من السلف إطلاق لفظ الخبر من غير تعرض لتأويله ليكون أبلغ في الزجر (تخريجه) (ق لك نس طل جه) (8) (سنده) حدثنا حدثنا أبو عاصم أنا ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حمل السلاح علينا فليس منى (تخريجه) (م) وزاد ومن غشنا فليس منا: والأمام أحمد رواية أخرى عن أبي هريرة أيضا بلفظ (من رمانا بالنبل فليس منا *

-[وعيد من حمل السلاح على المسلمين]- (وعن إياس بن سلمة) (1) عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه (عن ابن عمر) (2) أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لجهنم سبعة أبواب: باب مها لمن سل سيفه (3) على أمتي أو قال أمة محمد صلى الله عليه وسلم (عن عبد الرحمن بن سميرة) (4) قال كنت أمشي مع عبد الله بن عمر فإذا نحن برأسٍ منصوب على خشبة، قال فقال شقي قاتل هذا، قال قلت أنت تقول هذا با أبا عبد الرحمن؟ فشد يده مني وقال أبو عبد الرحمن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا مشى الرجل من أمتي إلى الرجل ليقتله فليقل هكذا (5) فالمقتول في الجنة والقاتل في النار (وعنه من طريقٍ ثان) (6) أن ابن عمر رأى رأسًا فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يمنع أحدكم إذا جاءه من يريد قتله أن يكون مثل ابن آدم (7) القاتل في النار والمقتول في الجنة (عن أبي هريرة) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الملائكة تلعن أحدكم إذا أشار بحديدة (9) وان كان أخاه لأبيه وأمه (10)

_ (1) (سنده) حدثنا بهز قال ثنا عكرمة بن عمار عن أياس بن سلمه عن أبيه (يعني سلمه بن الاكوع) قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سل علينا السيف فليس منا (تخريجه) (م) (2) (سنده) حدثنا عثمان ابن عمر أنا مالك ابن مغول عن جنيد عن ابن عمر الخ (غريبه) (3) أي قاتلهم به أو يريد قتالهم وخص السيف بالذكر لكونه أعظم آلات القتال وقتئذ فذلك الوعيد لمن قاتلهم بأي آله من آلات الحب (تخريجه) (مذ) وقال حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث مالك بن مغول (قلت) والظأهر أن الترمذي لا يريد بهذا تضعيف الحديث فإن رجاله كلهم ثقات (قال الحافظ في التقريب) مالك بن مغول بكسر أوله وسكون المعجمة الكوفي أبو عبد الله ثقة ثبت من كبار التابعين: وعلى هذا فالحديث صحيح (4) (سنده) حدثنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة عن رقبة بن عون عن أبي جحيفة عن عبد الرحمن بن سميرة الخ (غريبه) (5) لم يذكر القول والظأهر والله أعلم أن المراد أن يقول كما قال ابن آدم لأخيه حينما أراد قتله (لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لآقتلك - إلى قوله تعالى - وذلك جزاء الظالمين) كما يشعر بذلك كما جاء في الطريق الثانية (6) (سنده) حدثنا إسماعيل بن عمر ثنا سفيان من عوف بن أبي جحيفة عن عبد الرحمن بن سميرة أن ابن عمر رأى رأسا الخ (7) أي يقول لئن بسطت إلى يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك الآيه والتي بعدها، قال البغوي قال عبد الله بن عمر وايم الله أن كان المقتول لأشد الرجلين ولكن منعه التحرج أن يبسط إلى أخيه يده، وهذا في الشرع جائز لمن أريد قتله أن ينقاد ويستسلم طلبا للأجر كما فعل عثمان رضي الله عنه أه (قلت) الظأهر أن ذلك يكون في زمن الفتن حتى لا تزيد الفتنة وإلا فالمطلوب أن يدافع الإنسان عن نفسه قدر استطاعته والله اعلم (تخريجه) (د) وسنده جديد (8) (سنده) حدثنا يزيد أنا ابن عون عن محمد عن أبي هريرة الخ (غريبه) (9) لفظ مسلم (من اشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى يدعه ولو كان أخأه لأبيه وأمه) ومعنأه أنه لا يجوز لمسلم أن يثير إلى أخيه المسلم (والذي في حكمه) بحديدة أي آلة من آلات القتل سواء كان يريد قتله أو لم يرد بل كان هازلا لأنه خوف مسلما وهو حرم لقوله - صلى الله عليه وسلم - (لا يحل لمسلم أن يروع مسلما أو ذميا) ولعن الملائكة أيأه معنأه الدعاء عليه بالبعد عن الجنة (10) أي شقيقه يعني وأن كان هازلا ولم يقصد ضربه، كي به عنه لأن الأخ الشقيق لا يقصد قتل أخيه غالبا، قال

-[ما جاء في أمورٍ تبيح دم المسلم]- (عن عبد الرحمن بن عائد) (1) رجل من أهل الشام قال انطلق عقبة بن عامر الجهني إلى المسجد الأقصى ليصلي فيه فاتبعه ناس فقال ما جاء بكم؟ قالوا صحبتك رسول الله صلى الله عليه وسلم أحببنا أن نسير معك ونسلم عليك: قال انزلوا فصلوا، فنزلوا فصلى وصلوا، معه فقال حين سلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس عبد يلقى الله عز وجل لا يشرك به شيئًا لم يتند (2) بدمٍ حرام إلا دخل من أي أبواب الجنة شاء (باب ما يبيح دم المسلم). حدثنا عبد الرحمن (يعني ابن مهدي) ثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق (عن عبد الله) (يعني ابن مسعود) قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والذي لا إله غيره لا يحل دم رجلٍ مسلم (3) يشهد أن لا إله إلا الله واني محمد (4) رسول الله إلا ثلاثة نفر (5) التارك الإسلام المفارق الجماعة، والثيب الزاني (6) والنفس بالنفس (7) قال الأعمش حدثت به إبراهيم فحدثني عن الأسود عن عائشة بمثله (عن عبد الله) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئٍ مسلم يشهد أن لا إله إلا الله واني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الثيب الزاني: والنفس بالنفس: والتارك لدينه المفارق للجماعة (عن عائشة رضي الله عنها) (9) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئِ مسلم إلا رجل قتل فقتل، أو رجل زنى بعد ما أحصن،

_ النووي رحمه الله فيه تأكيد حرمة المسلم والنهي الشديد عن ترويعه وتخويفه والتعرض له بما قد يؤذيه أه (تخريجه) (م نس وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون أنا إسماعيل يعني ابن أبي خالد عن عبد الرحمن بن عائذ وجل من أهل الشام الخ (غريبه) (2) بفتحات وتشديد المهملة أي لم يصب منه شيئا ولم ينله منه شيء كأنه نالته نداوة الدم وبلله، يقال ماند يني من فلان شيء اكرهه ولا نديت كفى له بشيء (نه) (تخريجه) (جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (غريبه) (3) أي لا يحل إراقة دمه وهو كناية عن قتله ولو لم يرق دمه كأن قتله خنقا مثلا (وقوله يشهد الخ) يشير إلى أن المدار على الشهادة الظأهرة لا على تحقيق إسلامه في الواقع (4) هكذا في الأصل (وأني محمد رسول الله) وقد روى مسلم هذا الحديث نفسه عن الأمام أحمد بسنده ولفظه إلا أنه قال فيه (وأني رسول الله) بدون لفظ محمد (5) يعني يحل دمهم (أحدهم) التارك الإسلام المفارق الجماعة فهو عام في كل مرتد عن الإسلام بأي ردة كانت فيجب قتله إن لم يرجع إلى الإسلام، والمراد بالجماعة جماعة المسلمين أي فارقهم أو تركهم بالارتداد فهي صفة للتارك لا صفة مستقلة وإلا لكانت الخصال أربعا (6) أي فيحل قتله بالرحم والمراد بالثيب هنا المحصن كما سيأتي في حديث عائشة (ورجل زنى بعد ما أحصن) (7) أي وقاتل النفس عمداً بغير حق يقتل في مقابلة النفس التي قاتلها عدوانا (وقوله قال الأعمش) هو سليمان بن مهران أحد رجال السند وإبرأهيم هو النخعي والأسود هو ابن يزيد وهذا الحديث جاء عند الأمام أحمد في مسند عائشة مع أن لفظه لابن مسعود (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (8) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله (يعني بن مسعود) قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (9) (سنده) حدثنا وقيع قال ثنا سفيان عن أبي اسحاق عن عمر بن غالب عن عائشة رضي الله عنها الخ (تخريجه) (نس ك) وصحة الحاكم وأقره الذهبي

-[تحريم قتل المعاهد وأهل الذمة والتشديد في ذلك]- أو رجل ارتد بعد إسلامه. (وعنها أيضًا) (1) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أشار بحديدةٍ (2) إلى أحد المسلمين يريد قتله فقد وحب دمه (3) (عن أبي سوار القاضي) (4) يقول عن أبي برزة الأسلمي قال أغلظ رجل إلى أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه (5) قال فقال أبو برزة إلا اضرب عنقه؟ فقال فانتهزه (6) وقال ما هي لأحدٍ بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم (7) (باب تحريم قتل المعاهد وأهل الذمة والتشديد في ذلك) (عن عبد الله بن عمرو) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل قتيلًا من أهل الذمة (9) لم برح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة أربعين عامًا (10) (عن هلال بن يساف) (11) عن رجل (12) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سيكون

_ (1) (سنده) حدثنا عبيد بن قرة قال ثنا سليمان يعني ابن بلال عن علقمه عن أمه في قصة ذكرها فقالت عائشة سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (2) يعني آلة قتل (3) أي سقطت حرمة دمه، وحل للمقصود بها أي بالحديدة أي يدفعه عن نفسه ولو أدى إلى قتله. فوجب هنا بمعنى حل، ذكره ابن الأثير، وقال غيره له أن يدفعه عن نفسه ولو أدى إلى قتله. (تخريجه) (ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجأه (قلت) واقره الذهبي وصححه الحافظ اليرطي أيضا (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن ثوبه العنبري قال سمعت أيا سوار القاضي يقول عن أبي برزة الأسلمي الخ (غريبه) (5) سبب ذلك أن أبا بكر رضي الله عنه أوعد رجلا بمعاب على ذنب ارتكبه فأغلظ الرجل إلى أبي بكر رضي الله عنه أي رد عليه ردا قبيحا كالسب ونحوه، فقد جاء في مسند أبي داود الطيالسي عن أبي برزة قال كنت عند أبي بكر وهو يوعد رجلا فأغلظ له (يعني فأغلظ الرجل لأبي بكر) الخ وقوله (يوعد رجلا) من الوعيد لا الوعد (6) أي زجره وهذا من كلام الراوي عن أبي برزة يعني أن أبا بكر رضي الله عنه زجرا أبا برزة عند قوله ألا أضرب عنقه (7) معنى هذه الجملة أن سب أي إنسان بعد النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يوجب القتل (وفيه) أن سب النبي - صلى الله عليه وسلم - قتل فاعله لأنه يكفر بذلك ويكون مرتدأه، والردة أحد الخصال الثلاث التي تبيح دم المسلم بالاتفاق (تخريجه) (د نس طن ك) وصححه الحاكم وأمره الذهبي وسكت عنه أبو داود والمدري باب (8) (سنده) حدثنا إسماعيل بن محمد يعني أبا إبرأهيم المعقب ثنا مروان يعني ابن معاويا ثنا الحسن بن عمرو العقيمي عن جنادة بن أبي أمية عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبه) (9) أي العهد أي من له عهد منا بنحو أمان: قال الحافظ والدي منسوب إلى الذمة وهي العهد، ومنه ذمة المسلمين واحدة، وقال ابن الأثير اكثر ما يطلق في الحديث عن أهل الذمة، وقد يطلق على غيرهم من الكفار إذا صولحوا على ترك الحرب (وقوله لم يرح) بفتح الياء التحتية والراء على ألا شهر وقد تضم الياء وتفتح الراء وتكسر (رائحة الجنة) أي لم يشمها حين شمها من لم يرتكب كبيرة لا أنه لا يدخل الجنة أصلا جمعا بينه وبين ما تعاضد من الدلائل النقلية والعقلية على أن صاحب الكبيرة إذا كان موحدا محكوما بإسلامه لا يخلد في النار ولا يحرم من الجنة (10) جاء في الحديث التالي بلفظ (سبعين عاما) وفي حديث أبي بكرة الذي بعده مائة عام، وروى خمسمائة ألف ولا تعارض لاختلافه باختلاف الأعمال والعمال والأحوال، والقصد المبالغة والتكثير لا خصوص العدد، وهذا الوعيد يفيد أن قتله كبير، وبه صرح الذهبي وغيره، لكن لا يلزم منه قتل المسلم به كما سيأتي في باب لا يقتل مسلم بكافر والله أعلم (تخريجه) (ح نس جه) (1) (سنده) حدثنا أبو النضر قال ثنا الأشجعي عن سفيان عن الأعمش عن هلال بن يساف الخ (غريبه) (2) أي من رجل من أصحاب

-[الوعيد الشديد لمن قتل نفسه بأي شيءٍ كان]- قوم لهم عهد فمن قتل رجلًا منهم لم يرح رائحة الجنة وإن ريحها ليوجد من مسيرة سبعين عامًا (عن أبي بكرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل نفسًا معاهدةً بغير حلها (2) حرم الله عليه الجنة (3) أن يجد ريحها (وعنه من طريقٍ ثان) (4) قال سمعت رسول لله صلى الله عليه وسلم يقول إن ريح الجنة يوجد من مسيرة مائة عام، وما من عبدٍ يقتل نفسًا معاهدةً إلا حرم الله تبارك وتعالى عليه الجنة، ورائحتها أن يجدها. قال أبو بكرة أصم الله أدني إن لم أكن سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقولها (باب وعيد من قتل نفسه بأي شيءٍ كان) (عن أبي هريرة) (5) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل نفسه بحديدةٍ فحديدته بيده يجابها (6) في بطنه في نار جهنم خالدًا مخلدًا (7) فيها أبدًا، ومن قتل نفسه بسمٍ فسمه (8) بيده يتحساه (9) في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا، ومن تردى (10) من جبلٍ فقتل نفسه فهو يتردى (11) في نار جهنم خالدًا مخلدًا فيها أبدًا (وعنه أيضًا) (12) عن النبي صلى الله عليه وسلم الذي يطعن (13) نفسه إنما يطعنها في النار والذي يتفحم فيها

_ النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعلوم أن جهالة الصحابي لا نضر (تخريجه) لم اعف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال روأه أحمد ورجاله رجال الصحيح (1) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن الحكم بن الأعرج عن الأشعث بن ثرملة عن أبي بكره قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (2) جاء في رواية أخرى (من قتل معأهدا في غير كسنهه) قال أحافظ المنذري أي في غير وقته الذي يجوز قتله فيه حين لا عهد له، وفسره غيره بغير حق وهو أعم (3) أي ما دام ملطخا بذنبه ذلك طهر بالنار صار إلى الجنة، قال القاضي عياض (حرم الله عليه الجنة) ليس فيه ما يدل على الدوام والأقناط الكلي فضلا عن القطع: وقال غيره هذا الحريم مخصوص بزمال ما لقيام الآدلة على أن من مات مسلما لا يخلد في النار وإن إرتكب كل كبيرة ومات على الإصرار والله اعلم (4) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن قنادة وغيره واحد عن الحسن عن أبي بكرة قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (تخريجه) (د ط ك حب) وصححه الحاكم وافره الذهبي وسكت عنه أبو داود والمنذري (باب) (5) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبه) (6) بفتح التحنية والجيم المخمعة وبالهمز قال أبي القاموس وجأه باليد والسكين لوضعه ضربه كنو جأه، وقال في المصابيح هومضارع وجاء مش وهب يهب أه ومعنأه يطعن به في بطنه (7) أي مكثا طويلا إن كان مسلما والتحديد في حق من استحل ذلك (8) هو بضم السين المهملة وفتحها وكسرها ثلاث لغات، قال النووي الفتح أفصهحن (9) أي يشرب في تمهيل وينجر به (10) أي رمى نفسه من أعلى جبل أو نحو ذلك تمهلك (11) أي يقع من أعلى جنهم إلى أسفلها (وجنهم) اسم لنار الآخرة عافانا الله منها ومن كل بلاء (قال النووي) قال يونس وأكبر النحويين هي عجمية لا تنصرف للعجمة والتعريف، وقال آخرون هي لم تنصرف للتأنيث والعلميه وسميت بذلك لبعد قعرها، قال رؤية يقال بئر جهنام أي بعيدة القعر: وقيل هي مشتقة من الجهومه وهي الغيظ، يقال جهنم الوجه أي غليظة فسميت جهنم لغليظ أمرها والله اعلم أه (تخريجه) (ق طل، والثلاثة) * (12) (سنده) حدثنا يحيى علي بن عجلان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (13) الطعن القتل بالرماح ونحوها، قال الحافظ هو بضم العين

-[عدم صلاة الفاضل على قاتل نفسه]- يتفحم في النار (1) والذي يخنق نفسه يخنقها في النار (عن ثابت بن الضحاك) (2) الأنصاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل نفسه بشيءٍ عذبه الله به في نار جهنم (عن جندب البجلي) (3) أن رجلًا أصابته جراحة فحمل على بيته فآلمت جراحته فاستخرج سمها من كنانته (4) فطعن به في لبته (5) فذكروا ذلك عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال فيما يروي عن ربه عز وجل سابقني بنفسه (6) (عن جابر بن سمرة) (7) قال مات رجل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فقال يا رسول الله مات فلان قال لم يمت، ثم أتاه الثانية ثم الثالثة فأخبره فقال له النبي صلى الله عليه وسلم كيف مات؟ قال نحر نفسه بمشقص (8) قال فلم يصل عليه (وفي لفظٍ قال إذًا لا أصلي عليه) (ز) (حدثنا عبد الله بن عامر) (9) ابن زرارة ثنا شريك عن سماك (يعني ابن حرب) (عن جابر بن سمرة) أن رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم جرح فآذته الجراحة فدب (10) إلى مشاقص فذبح به نفسه فلم يصل عليه النبي صلى الله عليه وسلم وقال كل ذلك أدب منه (11) هكذا أملاه علينا عبد الله بن عامر (12) من كتابه ولا أحسب هذه الزيادة إلا من قول شريك قوله ذلك أدب منه (عن عبد الرحمن بن عبد الله) (13) بن كعبٍ بن مالك أنه

_ المهملة كذا ضبطه في الأصول أه (قلت) ويجوز فتحها قال الفراء سمعت يطعن بالرمح بالفتح كذا في المختار (1) أي الذي يوقع نفسه في نار الدنيا قاصدا الانتحار (يقتحم في النار) وإنما كان ذلك كذلك لأن الجزاء من جنس العمل نعوذ بالله من ذلك * (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك الأنصاري قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من حلف بملة سوى الإسلام كاذبا متعمدا فهو كما قال، وقال من قتل نفسه الخ (تخريجه) (ق فع. والثلاثة وغيرهم) * (3) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا عمران يعني القطان قال سمعت الحسن يحدث عن جندب أن رجلا أصابته جراحة الخ (غريبه) (4) الكنانة بكسر الكاف جمعية النشاب (5) الملية بفتح اللام بعدها موحدة مشددة مفتوحة وهي الهذمة التي فوق الصدر وفيها تنحر الإمل (6) معنأه أنه لم يعبر حتى يقبض الله روحه حتف انفه بل أسرع إلى ذلك (تخريجه) (ق وغيرها) بألفاظ متقاربة (7) (سنده) حدثنا عبد الرازق أنا اسرائيل عن سماك أنه سمع جابر بن سمرة يقول مات رجل على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (8) بشين معجمة بعد الميم بوزن منبر هو نصل السهم إذا كان طويلا غير عريض جمعه مشاقص (تخريجه) (م والأربعة) * (ز) (9) هذا الحديث من زوائد عبد الله على مسند أبيه (غريبه) (10) أي مش رويدا بتمهل من شدة الألم (المشاقص) جمع مشقص كمنبر وتقدم تفسيره آنفا (11) هذه الجملة مدرجة في الحديث من قول شريك أحد الرواة كما سيأتي، والمعنى أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ترك الصلاة على قاتل نفسه تأديبا له وزجرا لغيره (12) القائل (هكذا أملأه علينا عبد الله بن عامر الخ الحديث) هو عبد الله بن الأمام أحمد، وهذا الحديث من زوائده على مسند أبيه (تخريجه) (م مذ نس جه) وروأه أبو داود مطولا * (13) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن صالح بن كيسان قال ابن

-[قصة الرجل الذي قاتل أشد الكفاح مع الصحابة ثم قتل نفسه]- أخبره بعض من شهد النبي صلى الله عليه وسلم (1) بخيبر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجلٍ ممن معه (2) إن هذا لمن أهل النار، فلما حضر القتال قاتل الرجل أشد القتال حتى كثرت به الجراح فأتاه (3) رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله أرأيت الرجل الذي ذكرت أنه من أهل النار فقد والله قاتل في سبيل الله أشد القتال وكثرت به الجراح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنه من أهل النار وكاد بعض الصحابة أن يرتاب (4) فبينما هم على ذلك وجد الرجل ألم الجراح فأهوى بيده إلى كنانته فانتزع منها سهمًا فانتحر به فاشتد (5) رجل من المسلمين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله قد صدق الله حديثك قد انتحر فلان فقتل نفسه (باب وجوب المحافظة على النفس وتجنب ما يظن فيه هلاكها) (عن أبي عمران الجوني) (6) قال حدثني بعض أصحاب محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزونا نحو فارس فقال قال رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم من بات فوق بيتٍ ليس له إجار (7) فوقع فمات فقد برئت منه الذمة (8)، ومن ركب البحر عند ارتجاجه (9) فمات فقد برئت منه الذمة

_ شهاب أخبرني عبد الرحمن بن عبد الله الخ (غريبه) (1) الظأهر أنه أبو هريرة رضي الله عنه فقد جاء في بعض طرق هذا الحديث عند البخاري عن ابن شهاب اخبرني ابن المسيب وعبد الرحمن ابن عبد الله بن كعب أن أبا هريرة قال شهدنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيبر فذكر الحديث، وحديث أبي هريرة روأه أيضا الأمام أحمد وتقدم في الجزء الرابع عشر رقم 64 صحيفة 20 من كتاب الجهاد (2) أي يدعى الإسلام كما صرح بذلك في حديث أبي هريرة المشار إليه عند البخاري والأمام أحمد، والمعنى أن رسول الله قال لأصحابه مشيرا إلى رجل من المنافقين يدعى الإسلام وقد حضر معهم إلى غزوة خيبر لمآرب في نفسه (إن هذا لمن أهل النار) (3) أي فأنى النبي - صلى الله عليه وسلم - رجال من أصحابه فقالوا يا رسول الله الخ (4) وجه الريبة أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أكد لهم مرة ثانية أنه من أهل النار وقد شهدوا أن الرجل بذل جهده في القتال حتى كثرت به الجراح (5) أي أسرع في المشي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (تخريجه) (ق) والأمام أحمد بهذا السياق من حديث أبي هريرة المشار إليه رقم 64 صحيفة 20 في باب إخلاص النية في الجهاد من كتاب الجهاد، وعن سهل بن سعد الساعدي نحوه وتقدم هناك أيضاً، وفي أحاديث الباب دلالة على تغليظ التحريم والوعيد الشديد والعذاب والتهديد لمن قتل نفسه بأي شيء كما في حديث ثابت بن الضحاك مرفوعا (من قتل نفسه بأي شيء عذبه الله به في نار جهنم) وهو عام في كل شيء ويؤخذ منه أن جناية الإنسان على نفسه كجنايته على غيره في الإثم لأن نفسه ليست لمكا له مطلقا بل هي لله تعالى فلا يتصرف فيها إلا بما أذن له فيه (باب) (6) حدثنا أزهر بن القاسم ثنا محمد بن ثابت عن أبي عمران الجوني الخ (غريبه) (7) بكسر الهمزة وتشديد الجيم هو ما يرد الساقط من البناء من حائط على السطح أو نحوه (8) معنأه أن لكل أحد من الله عهدا بالحفظ والكلاة فإذا ألقى بيده إلى التهلكة أو فعل ما حرم عليه أو خالف ما أمر به خذلته ذمته الله تعالى (9) أي هياجه وتلاطم أمواجه لأن من ركبه في هذه الحال فقد ألقى بنفسه إلى الهلاك والله تعالى يقول (ولا تلقوا بأيدكم إلى التهلكة) وهذا الحديث تقدم شرحه وتخريجه في الجزء الحادي عشر رقم 37 في باب اعتبار الزاد والراحلة من الاستطاعة من

-[وجوب المحافظة على النفس وتجنب ما يظن فيه هلاكها]- (عن أبي هريرة) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بجدارٍ أو حائطٍ مائل فأسرع المشي فقيل له، فقال إني أكره موت الفوات (2) (عن حذيفة بن اليمان) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ينبغي لمسلمٍ أن يذل نفسه، قيل وكيف يذل نفسه؟ قال يتعرض من البلاء لما لا يطيق (4) (أبواب ما يجوز قتله من الحيوان وما لا يجوز) (باب الأمر بقتل الفواسق من الحيوان (عن عائشة رضي الله عنها) (5) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس فواسق يقتلن في الحرم العقرب والفأرة. والحديا، والكلب العقور والغراب (وفي لفظ) الغراب الأبقع (عن وبرة عن ابن عمر) قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الفأرة والغراب والذئب، قال قيل لابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني خمس لا جناح عليه وهو حرام أن يقتلهن، الحية والعقرب والفأرة والكلب العقور والحدأة (عن أبي هريرة) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الأسودين في الصلاة قال يحيى (7) والأسودان الحية والعقرب

_ كتاب الحج وذكرته هنا لمناسبة الترجمة (1) (سنده) حدثنا أسود بن عامر حدثنا إسرائيل عن إبرأهيم عن إسحاق عن سعيد عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) يعني موت الفجأة من قولك فأتني فلان بكذا أي سبقني به (نه) وإنما كره ص موت الفجأة لأن صاحبه لا يمكنه الاستعداد للتوبة والوصية ونحو ذلك ولحرمانه من ثواب المرض، وقد ثبت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - استعاذ من موت الفجأة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال روأه (حم عل) وإسناده ضعيف أه (قلت) مجه الضعف في إسناده إبرأهيم بن إسحاق قال الشريف الحسيني، إبرأهيم بن إسحاق عن سعيد عن أبي سعيد المقبري وعنه إسرائيل وغيره مجهول وخبره منكر أه وتعقبه الحافظ في تعجيل المنفعة فقال، أما هو فمعروف ومترجم في التهذيب إلا أن صاحب التهذيب لم ينبه على أنا أباً يسمى إسحاق، بل ذكره على ما وقع في أكثر الروايات أنه إبرأهيم ابن الفضل، وقد نبه أبو أحمد الحاكم في الكني على أن إبرأهيم بن الفضل يقال له إبرأهيم بن إسحاق ويؤيد ذلك أن الحديث الذي أشار إليه الحسيني بأنه منكر أورده أحمد هكذا، حدثنا أسود بن عامر ثنا إسرائيل عن إبرأهيم بن إسحاق عن سعيد عن أبي هريرة فذكر حديث الباب بلفظه وأتى له بحملة طرق ذكر فيها أنه إبرأهيم بن الفضل، ثم قال وكأن السبب في الاختلاف في اسم أبيه إما أن يكون أحدهما جده فنسب إليه، أو أحدهما لقبه والآخر اسمه: أو أن بعض الروأه صحف كيفته فجعلها اسم أبيه كأنه كان في الأصل حدثنا إبرأهيم أبو إسحاق فصارت أبو، ابن وهذا الذي يترجح عندي والله سبحانه وتعالى أعلم أه (قلت) لم يذكر الحافظ فيه جرحا ولا تعديلا والله أعلم (3) (سنده) حدثنا عمرو بن عاصم عن حماد بن سلمه عن علي بن زيد عن الحسن عن حذيفة بن اليمان الخ (غريبه) (4) أي كان يدعو على نفسه بالبلايا أو بأن يأت بأسبابها المعادية ونحو ذلك (تخريجه) (مذ عل طب) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب (باب) (5) هذا الحديث والذي بعده تقدم الكلام عليهما سندا وشرحا وتخريجا وذكرتهما هنا لمناسبة الترجمة (6) (سنده) حدثنا يزيد أنا هشام عن يحيى عن ضمضم عن أبي هريرة الخ (غريبه) (7) يحيى

-[الأمر بقتل الحيات وما ذكره العلماء في صفة أنواعها]- (عن أبي عبيدة عن أبيه) (1) قال كنا جلوسًا في مسجد الخيف ليلة عرفة التي قبل يوم عرفة إذ سمعنا حس الحية (2) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوا، قال فقمنا فدخلت شق حجرٍ فأتى بسعفةٍ (3) فأحزم فيها نارًا وأخذنا عودًا فقلعنا عنها بعض الحجر فلم نجدها، فقال رسول لله صلى الله عليه وسلم دعوها وقاها الله شركم (4) كما وقاكم شرها (5) (ومن طريقٍ ثان) (6) عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمني فخرجت علينا حية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوها فابتدرناها (7) فسبقتنا (عن علقمة عن ابن مسعود) (8) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غار (وفي لفظٍ بحراء) (9) فأنزلت عليه (والمرسلات عرفًا) فجعلنا نتلقاها منه فخرجت حية من جانب

_ هو ابن حمزة بن واقد الحضرمي أحد رجال السند يعني أنه فسر الأسودين بالحية والعقرب وتسمية الحية والعقرب بالأسودين من باب التغليب ولا يسمى بالأسود في الأصل إلا الحية (تخريج) (الأربعة وغيرهم) وقال الترمزي حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح أه (قلت) وأخرجه أيضا (حب ك) وصححه (1) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن جريح قال أخبرني أبو الزبير أن مجأهد أخبره أن أبا عبيده أخبره عن أبيه (يعني عبد الله بن مسعود) قال كنا جلوسا الخ (غريبه) (2) الحية واحدة الحيات، قال في المختار يقال للذكر والأنثى والهاء للأفراد كبطة ودجاجة، على أنه قد روى عن العرب رأيت حيا على حية أي ذكر على أنثى أه وقال البخاري الحيات أجناس (الجنان والأفاعي والأساود) أه (قلت) الجنان بكسر الجيم وفتح النون مشددة وبعد الألف نون أيضا جمع جان، قيل هي الحية الصغيرة، قال في النهاية الجنان تكون في البيوت وأحدها جان وهو الدقيق الخفيف والحيات الشيطان أيضا أه (والأفاعي) جمع أفعى ضرب من الحيات قال الحافظ هي الأنثى من الحيات، والذكر منها أفعوان بضم الهمزة والعين وكنية الأفعوان أبو حيان وأبو يحيى لأنه يعيش ألف سنة وهو الشجاع الأسود الذي يوائب الإنسان: ومن صفة الأفعى إذا فقثت عادت ولا تغمض حدقتها البتة (والأساود) جمع أسود هي حية فيها سواد وهي أخبث الحيات، ويقال أسود وسالخ لأنه يسلخ جلده كل عام، وقيل هي حية رقيقة رقشاء دقيقة العنق عريضة الرأسوربما كانت ذات قرنين أه (قلت) ويقال للحية أيضا ثعبان وقد جاء في التنزيل (فألقى عصأه فإذا هي ثعبان مبين) وفيه أيضا (فألقأها فإذا هي حية تسعى) قال في المصباح الثعبان الحية العظيمة وهي فعلان ويقع على الذكر والأنثى والجمع الثعابين أه وقد عدلها ابن خالوية سبعين اسما وذكر الجاحظ أيضا أنواعها، منها المكللة الرأس طولها شبران أو ثلاثة إن حاز جحرها طائر سقط، ولا يحس بها حيوان إلا هرب، فإن قرب منها حدر ولم يتحرك، وتقتل بصغيرها، ومن وقع عليه نظرها مات ومن نهشته ذاب في الحال، ومات كل من قرب من ذلك الميت من الحيوان، فإن مسها بعصا هلك بواسطة العصا وقيل إن رجل طعنها برمح فمات هو ودابته في ساعة واحدة، قال وهذا الجنس كثير ببلاد الترك أه (3) السعفة محركة أغصان النخل إذا يبست جمعه سعف وسعفات (4) أي وقأها الله قتلكم أيأها، وهو شر بالنسبة إليها وإن كان خيرا بالنسبة إليهم (5) أي لدغها وأذأها (6) (سنده) حدثنا حفص بن غياث ثنا الأعمش عن إبرأهيم عن الأسود عن عبد الله الخ (7) أي تسابقنا إليها لنقتلها (تخريج) (ق وغيرهما) (8) (سنده) حدثنا حجاج ثنا سفيان حدثنا منصور عن إبرأهيم عن علقمة عن ابن مسعود الخ (غريبه) (9) حرأه ككتاب جبل بمكة يذكر ويؤنث قال الجوهري واقتصر في الجمهرة على

-[الحض على قتل الحيات والوزغ وثواب ذلك]- الغار فقال اقتلوها فتبادرناها فسبقتنا فقال أنها وقيت شركم كما وقيتم شرها (عن ابن عباس) (1) قال قال رسول الله صلى الله عيه وسلم من ترك الحيات مخافة طلبهن (2) فليس منا، ما سلمناهن منذ حاربناهن (3) (وعن أبي هريرة) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن ابن مسعود) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل حيةً فله سبع حسنات ومن قتل وزغًا (6) فله حسنة، ومن ترك حيةً مخافة عاقبتها (7) فليس منا (عن أبي الأحوص الجشمي) (8) قال بينا ابن مسعود يخطب ذات يومٍ فإذا هو بحيةٍ تمشي على الجدار فقطع خطبته ثم ضربها بقضيبه أو بقصبة قال يونس (9) بقضيبه

_ التأنيث وهو مقابل ثيير وهو الذي كان يتعبد النبي - صلى الله عليه وسلم - في غار فيه قبل الرسالة (تخريجه) (ق وغيرها) (1) (سنده) حدثنا ابن نمير ثنا موسى بن مسلم الطحان الصغير قال سمعت عكرمة يرفع الحديث فيما أرى إلى ابن عباس قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من ترك الحيات الخ (غريبه) (2) أي مخافة انتقامهن وحقدهن (وقوله فليس منا) أي ليس عاملا بسنتنا ولا مقتديا بها (3) أي ما شرع الله تعالى لنا محبتهن وما نسخ عداوتهن منذ شرع لنا ذلك فأمرنا بقتلهن، قيل سبب العداوة بين الحية وبني آدم أنها شاركت إبليس في ضرر آدم وبنيه وتظأهرت معه فكانت سببا لأهباطه إلى الأرض بعد أن كان في الجنة، فالعداوة بينها وبين آدم وذريته متأصلة متأكدة لا تبقى في ضررهم غاية فليس لها حرمة ولا ذمة، وقد جاء بها مش المنذري قال يحيى بن أيوب سأل أحمد بن صالح عن تفسير (ما سالمنأهن منذ حاربنأهن) متى كانت العداوة؟ قال حين أخرج آدم من الجنة قال تعالى (أهبطا منها جميعا بعضكم لبعض عدو) قال هم قالوا آدم وحواء وإبليس والحية قال والذي صح أنهم الثلاثة فقط بإسقاط الحية (تخريجه) (د) قال المنذري لم يجزم موسى بن مسلم الراوي عن عكرمة بأن عكرمة رفعه أه (قلت) سيأتي في آخر الباب عن ابن عباس أيضا مرفوعا وسنده هنا وهناك صحيح (4) (سنده) حدثنا صفوان ثنا ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للحيات ما سالمنأهن منذ حاربنأهن فمن ترك شيئا خيفتهن فليس منا (تخريجه) (د حب) وسنده جيد (5) (سنده) حدثنا أسباط قال ثنا الشيباني عن المسبب بن رافع عن ابن مسعود الخ (غريبه) (6) بفتح الواو والزاي بعدها غين معجمة هو سام أبرص، قال الزنحشري سمي وزغا لخفته وسرعة حركته يقال لفلان وزغ أي رعشة، وهو من وزغ الجنين في البطن توزيغا إذا تحرك أه (7) أي ما ينشأ من الضرر بسبب قتلها، وذلك أنهم كانوا في الجأهلية يعتقدون أن الحية إذا قتلت جاء صاحبها أي زوجها إن كان المقتول أنثى أو صاحبته إن كان المقتول ذكراً للأخذ بثأره والانتقام له ممن قتله فأبطل الإسلام هذه العقيدة بالحث على قتل الحيات وعدم الخوف منهن، وقد جاء ما يشير إلى ذلك في رواية لأبي داود والنسائي من حديث ابن مسعود أيضا مرفوعا بلفظ (اقتلوا الحيات كلهن فمن خاف ثأرهن ليس منى) أي ليس على سنتي وكذلك قوله في حديث الباب فليس منا أي ليس على سنتنا والله أعلم (تخريجه) أورد الهيثمي وقال روأه (حم طب) ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أن المسيب بن رافع لم يسمع من ابن مسعود أه (قلت) يعضده حديث أبي داود وأقره أبو داود والمنذري (8) حدثنا عبد الله بن يزيد ويونس قالا ثنا داود يعني ابن أبي الفرات عن محمد بن يزيد عن أبي الأعين العبدي عن أبي الأحوص الخ (غريبه) (9) هو ابن محمد بن مسلم البغدادي أحد الراويين الذين روى

-[ما جاء في أن الحيات مسيخ الجن كما مسخت القردة من إسرائيل]- حتى قتلها ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل حيةً فكأنما قتل رجلًا مشركًا قد حل دمه (1) (عن عكرمة عن ابن عباس) (2) قال لا أعلمه إلا رفع الحديث (3) قال كان يأمر بقتل الحيات (4) ويقول من تركهن خشية أو مخافة تأثيره (5) فليس منا؛ قال وقال ابن عباس إن الجان (6) مسيخ الجن كما مسخت القردة من إسرائيل (وعنه أيضًا عن ابن عباس) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحيات (8) مسيخ الجن (9) باب النهي عن قتل حيات البيوت إلا بعد تحذيرها إلا الأبتر ذو الطفيتين فإنهما يقتلان) (عن عائشة رضي الله عنها) (10) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ عنهما الإمام أحمد هذا الحديث يعني أنه قال في روايته بقضيبه، والشك للراوي الثاني عبد الله بن يزيد (1) إنما كان من قتل حية كثواب من قتل مشركا قد حل دمه لكثرة إيذائها لبني آدم كما يؤذي المشرك المسلم والله أعلم (تخريجه) (طل) وأورده الهيثمي قال روأه (حم عل) والبزار بنحوه والطبراني في الكبير موقوفا، قال البزار في حديثه وهو مرفوع (من قتل حية أو عقربا) وهو في موقوف الطبراني ورجال البزار رجال الصحيح (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن أيوب عن عكرمه عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) معنأه أن عكرمه قال لا أعلم ابن عباس إلا رفع الحديث إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - (4) أي كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يأمر بقتل الحيات الخ فالآمر بالقتل هو النبي - صلى الله عليه وسلم - ويؤيده ما تقدم عن ابن مسعود (5) لفظ أبي داود من حديث ابن مسعود (فمن خاف ثأرهن فليس منى) أي من خاف الأخذ بثأرهن وتقدم الكلام على ذلك (6) قال في القاموس الجان اسم جمع للجن وحية أكحل العين لا تؤذي: كثيرة في البيوت، وفي المختار الجان أبو الجن والجان أيضا حية بيضاء أه (وقوله مسيخ الجن) معنأه أن هذا الصنف من الحيات أصله من الشياطين الذين مسخوا كما مسخت القردة من بني إسرائيل: وظأهره أن هذا من كلام ابن عباس ولكنه جاء في الحديث التالي ومرفوعا وسيأتي الكلام عليه (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الأمام أحمد وروى الجزء الأول منه أبو داود، وروى الجزء الثاني الموقوف على ابن عباس (طب طس) وسيأتي الكلام عليه في شرح الحديث التالي والله أعلم (7) (سنده) حدثنا إبرأهيم بن الحجاج ثنا عبد العزيز بن المختار عن خالد الحذاء عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (8) الظأهر أن بعض الحيات لا كلها كما يستفاد من أحاديث أخرى (9) زاد الطبراني كما مسخت القردة والخنازير من بني إسرائيل (تخريجه) أورده الهيثمي ولفظه (عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال الحيات مسخ الجن كما مسخت القردة والخنازير من بني إسرائيل) وقال روأه (طب طس) والبزار بالاختصار ورجاله رجال الصحيح أه (قلت) وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير عن ابن عباس أيضا بلفظ الحيات مسخ الجن صورة كما مسخت القردة والخنازير من بني إسرائيل: وعزأه للطبراني في الكبير وأبي الشيخ في كتاب العظمة عن ابن عباس ورمز له بالصحة (باب) (10) هذا أول حديث من مسند عائشة رضي الله عنها عند الأمام أحمد رحمه الله، وقد جاء سنده على غير العادة هكذا (سنده) أخبرنا هلال أبو بكر أحمد بن مالك في مسجده من كتابه قراءة عليه قال حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد حنبل رحمه الله، قال حدثني أبي سمعته وحدي: قال ثنا عباد ابن عباد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ

-[النهي عن قتل حيات البيوت إلا الأبتر وذا الطفيتين]- نهى عن قتل حيات البيوت إلا الأبتر (1) وذا الطفيتين (2) فإنهما يختطفان (وفي لفظٍ يطمسان الأبصار (3) ويطرحان الحمل من بطون النساء (4) ومن تركهما فليس منا (عن أبي أمامة) (5) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل عوامر البيوت (6) إلا من كان من ذوي الطفيتين والأبتر فإنهما يكمهان الأبصار (7) وتخدج منهن (8) النساء (عن سالم عن ابن عمر) (9) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اقتلوا الحيات واقتلوا ذا الطفيتين والأبتر فإنهما يسقطان الحبل ويطمسان البصر، قال ابن عمر فرآني أبو لبابة (10) أو زيد بن الخطاب وأنا أطارد حيةً لأقتلها فنهاني، فقلت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر بقتلهن، فقال إنه قد نهى بعد ذلك عن قتل ذوات البيوت (11) قال الزهري وهي العوامر (عن نافع قال كان ابن عمر) (12) يأمر بقتل الحيات كلهن فاستأذنه أبو لبابة أن يدخل من خوخة (13) لهم إلى المسجد فرآهم يقتلون حية، فقال لهم أبو لبابة أما بلغكم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل أولات البيوت والدور وأمر بقتل ذي الطفيتين؟ (وعنه من طريقٍ ثان) (14)

_ (غريبه) (1) الأبتر قصير الذنب، وقال النضر بن شميل هو صنف من الحيات أزرق مقطوع الذنب لا تنظر إليها حامل إلا ألقت ما في بطنها (2) بضم الطاء المهملة وإسكان الفاء: قال العلماء هما الخطان ألا بيضان على ظهر الحية، وأصل الطفية خوصة المقل بضم الميم وسكون القاف أي الدوم وجمعها وطفى، شبه الخطين على ظهرها بخوصتي المقل (3) معنأه أنهما يذهبان نور البصر ويعميانه بمجرد نظرهما إليه لخاصة جعلها الله نعالى في بصريهما إذا وقع على بصر إنسان (4) معنأه أن المرأة الحامل إذا نظرت إليهما وخافت أسقطت حملها غالبا، ويستفاد من هذا الحديث وما في معنأه أن الأبتر وذا الطفيتين مستثنيان من حيات البيوت فيقتلان إذا وجد في البيت (تخريجه) (طل) في سنده ورجاله ثقات غير هلال أبي بكر بن مالك فأني لم أقف عليه، ولمسلم طرف منه، وروى نحوه الشيخان والأمام أحمد بن عمر وسيأتي (5) (سنده) حدثنا أبو النضر ثنا فرج ثنا لقمان عن أبي أمامة الخ (غريبه) (6) العوامر الحيات التي تكون في البيوت وأحدها عامر وعامرة: وقيل سميت عوامر لطول أعمارها (7) أي يعميانها الكمه العمى (8) أي يسقطن حملهن يقال خدجت الناقة ولدها إذا اسقطته لغير تمام الحمل (تخريجه) أورده الهيثمي وقال وروأه (حم طب) وفيه فرج بن فضاله وقد وثق على ضعفه (9) (سنده) حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر الخ (غريبه) (10) اسمه يشير وقبل رفاعة ابن عبد المنذر صحابي ذكره الحافظ في التقريب (وقوله أو زيد بن الخطاب) أو للشك من الراوي وكذلك عند الشيخين وفي رواية لهما (فرآني أبو لبابة وزيد بن الخطاب) بغير شك، وفي رواية لهما وللإمام أحمد بذكر أبي لبابة فقط والله أعلم (11) أي اللآتي يوجدن في البيوت، قال الحافظ وظأهره التعميم في جميع البيوت، وعن مالك تخصيصه بيوت أهل المدينة، وقيل يختص بيوت المدن دون غيرها: وعلى كل قول فتقتل في البراري والصحاري من غير إنذار (تخريجه) (ق د وغيرهم) (12) (سنده) حدثنا محمد ثنا شبيه قال عن عبد ربه عن نافع عن عبد الله بن عمر الخ (غريبه) (13) الخوخة بفتح المعجمة وسكون الواو باب صغير كالنافذة الكبيرة ونكون بين بيتين ينصب عليها باب (نه) والظأهر أن أبا لبابة كان في بيت ابن عمر وكان فيه خوخة توصل إلى المسجد فاستأذن أبو لبابة ابن عمر أن يدخل منها إلى المسجد والله أعلم (14) (سنده) حدثنا عفان ثنا جرير

-[النهي عن قتل حيات البيوت قبل تحذيرهن وذكر ألفاظ التحذير]- قال كان ابن عمر يأمر بقتل الحيات كلهن لا يدع منهن شيئًا حتى حدثه أبو لبابة البذري بن عبد المنذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قتل جنان (1) البيوت. (عن زيدٍ بن أسلم) (2) أن عبد الله ابن عمر فتح خوخة له وعنده أبو سعيدٍ الخدر فخرجت عليهم حية فأمر عبد الله بن عمر بقتلها، فقال أبو سعيد أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أن يؤذنهن (3) قبل أن يقتلهن (عن أبي السائب) (4) أنه قال أتيت أبا سعيدٍ الخدري فبينما أنا جالس عنده إذ سمعت تحت سريره تحريك شيءٍ فنظرت فإذا حية فقمت فقال أبو سعيد مالك؟ قلت حية هاهنا فقال فتريد ماذا؟ قلت أريد قتلها، فأشار لي إلى بيتٍ في داره تلقاء بيته فقال إن ابن عمٍ لي كان في هذا البيت فلما كان يوم الأحزاب أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله (5) وكان حديث عهدٍ بعرسٍ فإذن له وأمره أن يتأهب بسلاحه معه فأتى داره فوجد امرأته قائمة على باب البيت فأشار إليها بالرمح (6) فقالت لا تعجل حتى تنظر ما أخرجني فدخل البيت فإذا حية منكرة (7) فطعنها بالرمح ثم خرج بها في الريح ترتكض (8) ثم قال لا أدري أيهما كان أسرع موتًا الرجل أو الحية، فأتى قومه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ادع الله أن يرد صاحبنا (9) قال استغفروا لصاحبكم مرتين ثم قال إن نفرًا من الجن اسلموا فإذا رأيتم أحدًا منهم فحذروه ثلاث مرات (10) ثم إن بدا لكم بعد أن تقتلوه فاقتلوه بعد الثالثة

_ يعني ابن حازم قال سمعت نافعا قال ابن عمر الخ (غريبه) (1) بكسر الجيم وتشديد النون وأخره نون أيضا هي الحيات التي تكون في البيوت واحدها جان، وهو الدقيق الخفيف (نه) (تخريجه) (ق مذ) وغيرهم وفي سند الطريق الأولى من لا أعرفه (2) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا هشام يعي ابن سعد عن زيد بن أسلم الخ (غريبه) (3) جاء في رواية لأبي سعيد أيضا عند مسلم وأبي داود بلفظ (فليؤذنه ثلاثا، وفي لفظ لهما وللترمذي والأمام أحمد وسيأتي (فحر جوا عليه ثلاثا) وفي لفظ لأبي داود والأمام أحمد وسيأتي أيضا (فحذروه ثلاث مرات) وفي لفظ لمسلم ولأبي داود والأمام مالك في الموطأ (فآذنوه ثلاث أيام) وكل هذه الروايات عن أبي سعيد وهذه الرواية الأخيرة تفسر ما تقدمها من الروايات بأن المراد بالثلاثة ثلاث أيام كل يوم ثلاث مرات، قال القاضي عياض وبه أخذ مالك أن الإنذار ثلاثة أيام وإن ظهر في يوم ثلاث مرات لم يكف حتى ينظر ثلث أيام أه أما صفة الإنذار فقد جاءت عند الترمذي من حديث أبي ليلة وحسنه قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا ظهرت الحية في المسكن فقولوا لها نسألك بعهد نوح وبعهد سليمان بن داود أن لا تؤذونا فإن عادت فأقتلوها (ولأبي داود) من حديثه أيضا أنه - صلى الله عليه وسلم - سئل عن حيات البيوت فقال إذا رأيتم منهن شيئا في مساكنكم فقولوا أنشدكن العهد الذي أخذ عليكن نوح، أنشدكن العهد الذي أخذ عليكن سليمان أن لا تؤذونا: فإن عدن فأقتلوهن (تخريجه) (م د مذ لك) (4) حدثنا يونس ثنا ليث عن ابن عجلان عن صيفي أبي سعيد مولى الأنصار عن أبي السائب الخ (غريبه) (5) جاء عند مسلم (فكان ذلك الفتى يستأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأنصاف النهار فيرجع إلى أهله فاستأذنه يوما فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خذ عليك سلاحك فأني أخشى عليك قريظة) (6) جاء عند مسلم ليطعنها به وأصابته غيره (7) أي ينكرها الرائي لعظمها وبشاعة منظرها وقبحها وعند مسلم فإذا بحية عظيمة منطوية على الفراش (8) أي تضطرب (9) أي يحييه لهم كما صرح بذلك في رواية لمسلم (10) عند مسلم ومالك فآذنوه ثلاثة أيام فإن بدأ لكم بعد ذلك فأقتلوه فإنما هو شيطان وتقدمت صفة التحذير

-[الحث على قتل الوزع وذكر سبب وثواب قتله]- (ومن طريقٍ ثان) (1) عن صبفي عن أبي سعيدٍ الخدري قال وجد رجل في منزله حيةً فأخذ رمحه فشكها فيه فلم تمت الحية حتى مات الرجل، فأخبر به النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن معكم عوامر (2) فإذا رأيتم منهم شيئًا فحرجوا عليه ثلاثًا (3) فان رأيتموه بعد ذلك فاقتلوه (4) (باب استحباب قتل الوزع وثواب قاتله) (عن أبي هريرة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل الوزع (6) في الضربة الأولى فله كذا وكذا (7) من حسنة ومن قتله في الثانية فله كذا وكذا من حسنة، ومن قتله في الثالثة فله كذا وكذا، وقال سهيل الأولى أكثر (8). (عن عامرٍ بن سعد) (9) بن أبي وقاص عن أبيه قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الوزغ وسماه فويسقًا (10). (عن سائبة) (11) مولاة للفاكه بن المغيرة قالت دخلت على عائشة رضي الله عنها فرأيت في بيتها رمحًا موضوعًا قلت يا أم المؤمنين ماذا تصنعون بهذا الرمح؟ قالت هذا لهذه الأوزاغ نقتلهن به فان رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا أن إبراهيم عليه السلام حين ألقي في النار لم تكن في الأرض دابة إلا تطفئ النار

_ (1) (سنده) حدثنا ابن تمير أنا عبيد الله عن صيفي عن أبي سعيد الخضري الخ (2) تقدم تفسير العوامر في شرح حديث أبي أمامة وهي سكان البيوت من الجن (3) معنأه أن يقال له أنت في حرج وضيق إن عدت ألينا أو لبثت عندنا أو ظهرت لنا فلا نقصر في التضيق عليك بالتتبع والطرد والقتل (4) زاد مسلم فإنه كافر، وقال لهم اذهبوا فإدفنوا ميتكم (تخريجه) (م لك د مذ طل) (باب) (5) (سنده) حدثنا حسن حدثنا زهير عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (6) الوزغ بفتح الواو وأخره معجمه جمع وزغة بالتحريك وجمع الجمع أوزاغ ووزغات، وهي دويبة، وسام أبرص من جنسها وهو أكبرها: وذكر بعض الحكماء أن الوزغ أصم وأنه لا يدخل في مكان فيه زعفران وأنه يلقح بفيه وأنه يبيض، ويقال لكبارها سام أبرص وهو بتشديد الميم (7) يحتمل أن يكون كذا وكذا لفظ الراوي كأنه نسي الكمية فكنى بكذا وكذا عنها، ويحتمل أن يكون لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد بين المكنى عنه في بعض روايات مسلم عن أبي هريرة مرفوعا (من قتل وزغا في أول ضربة كتبت له مائة حسنة، وفي الثانية دون ذلك، وفي الثالثة دون ذلك (8) معنأه أن الضربة الأولى أكثر ثوابا من الضربة الثانية، والثانية أكثر من الثالثة، والثالثة أقلهن كما تقدم في رواية مسلم (قال النووي) وأما سبب تكثير الثواب في قتله بأول ضربة ثم ما يليها فالمقصود به الحث على المبادرة بقتله ولاعتناء به وتحريض قاتله على أن يقتله بأول ضربة: فإنه إذا أراد أن يضربه ضربات ربما انفلت وفات قتله (9) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عامر بن سعد الخ (غريبه) (10) تصغير فاسق وهو تحقير ومبالغة في الذم: وقضية تسمينه أيأه فويسقا يقتضي استحباب قتله، قال النووي وأما تسميته فويسقا فنظيره الفواسق الخمس التي تقتل في الحل والحرم، واصل الفسق الخروج وهذه المذكورات خرجحت عن خلق معظم الحشرات ونحوها بزيادة الضرر والأذى أه (تخريجه) (م د حب) وللبخاري منه الأمر بقتله (11) (سنده) حدثنا عفان قال ثنا جرير ثنا نافع قال

-[قوله صلى الله عليه وسلم اقتلوا الوزغ فانه كان ينفخ على ابراهيم عليه السلام النار]- عنه (1) غير الوزغ كان ينفخ عليه (2) فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتله. (عن عروة) (3) أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للوزغ (4) فويسق ولم أسمعه (5) أمر بقتله. (عن نافع مولى ابن عمر) (6) أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اقتلوا الوزغ فانه كان ينفخ على ابراهيم عليه السلام النار، قال وكانت عائشة تقتلهن. (عن ابن المسيب) (7) ان أم شريك (8) أخبرته أنها استأمرت (9) النبي صلى الله عليه وسلم في قتل الوزغات فأمرها بقتل الوزغات، قال ابن بكر وروح أم شريك احدى نساء بني عامر بن لؤي (أبواب ما جاء في قتل الكلاب واقتنائها) (باب الأمر بقتلها وسبب ذلك). (عن أبي سلمة عن عائشة) (10) رضي الله عنها قالت وأعد رسول

_ حدثتني ثائبة مولاة الفاكه الخ (غريبه) (1) أي بقدر أمكانها وتود إطفاءها (2) أي ليزيد النار اشتعالا وما بحدي نفخه بشيء ولكنه دل على سوء قصده وخبثه ولذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بقتله وسمأه فويسقا (تخريجه) (نس جه حب) وابن أبي حاتم في تفسيره وسنده جيد ورجاله من رجال الصحيحين غير سائبة وقد قال الحافظ أنها مقبولة، والظأهر أن هذا الحديث مرسل وقولها أمرنا لا يفيد سماعها من النبي - صلى الله عليه وسلم - بل معنأه أنه - صلى الله عليه وسلم - أمر أصحابه وهي روته عن بعض الصحابة ولم تسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الوزغ وهو حديث صحيح متفق عليه والله أعلم (3) (سنده) حدثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة قال وأخبرني أبي قال محمد أخبرني عروة أن عائشة أخبرته الخ (غريبه) (4) اللام بمعنى عن أي قال عن الوزغ (وفويسق) تقدم أنه تصغير فاسق وهو تصغير تحقير وذم (5) أي لم تسمع النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الوزغ وكونها لم تسمعه من النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يدل على منع قتله فقد سمعه غيرها من الصحابة كسعد بن أبي وقاص وتقدم حديثه وأم شريك وسيأتي وغيرهما أيضا على أن عائشة نفسها روت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتله كما في حديث سائبة المتقدم وحديث نافع مولى ابن عمر الآتي عنها وهما لا يتعارضان مع قولها لم أسمعه لأنهما مرسلان وتقدم الكلام على ذلك في شرح الحديث السابق والله أعلم (تخريجه) (ق وغيرهما) * (6) (سنده) حدثنا محمد بن بكر قال أنا ابن جريح قال أخبرني عبد الله بن عبد الرحمن ابن أبي أمية أن نافعا مولى ابن عمر أخبره أن عائشة أخبرته الخ (تخريجه) لم أقف عليه من حديث عائشة بهذا اللفظ لغير الأمام أحمد، وفي إسناده عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي أمية لم أقف على من ترجمه وروأه البخاري عن أم شريك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الوزغ وقال كان ينفخ على إبرأهيم عليه السلام (7) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد ابن جريح قال أخبرني عبد الحميد بن جيبر بن شيبة، وابن بكر قال ثنا ابن جريح، وروح قال ثنا ابن جريح قال ثنا عبد الحميد بن جيبر بن شيبة أن ابن المسيب أخبره أن أم شريك أخبرته الخ (قلت) ابن المسيب هو سعيد بن المسيب رأس علماء التابعين وفقيهم، قال أبو حاتم هو أثبت التابعين عن أبي هريرة (غريبه) (8) بفتح المعجمة وكسر الراء قال الحافظ اسمها غزية بالمجتمعين مصغرا (يعني كرقية) وقيل غزيلة يقال هي عامرية قرشية ويقال أنصارية ويقال دوسية (9) أي طلبت منه أن يأمرها بقتل الوزغ فأمرها (تخريجه) (ق نس جه) وتقدم لفظ البخاري في شرح الحديث السابق (باب) (10) (سنده) حدثنا يزيد قال أنا محمد يعني ابن عمرو عن أبي سلمه الخ

-[ما جاء في الأمر بقتل الكلاب كلها وسبب ذلك]- الله صلى الله عليه وسلم في ساعةٍ أن يأتيه فيها فراث (1) عليه أن يأتيه فيها فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده بالباب قائمًا، فقال رسول الله إني انتظرتك لميعادك فقال إن في البيت كلبَا ولا ندخل بيتًا فيه كلب ولا صورة، وكان تحت سرير عائشة جرو (2) كلب فأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخرج ثم أمر بالكلاب حين أصبح فقتلت (3). (عن أبي رافع) (4) (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا أبا رافع اقتل كل كلبٍ بالمدينة، قال فوجدت نسوةً من الأنصار بالصورين (5) من البقيع لهن كلب فقلن يا أبا رافع إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أغزى رجالنا (6) وإن هذا الكلب يمنعنا بعد الله، والله ما يستطيع أحد أن يأتينا (7) حتى تقوم امرأة منا فتحول بينه وبينه فاذكره للنبي صلى الله عليه وسلم فذكره أبو رافع للنبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا رافع اقتله فإنما يمنعهن (8) الله عز وجل. (وعنه أيضًا) (9) قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقتل الكلاب فخرجت أقتلها لا أرى كلبًا إلا قتلته فاذا كلب يدور ببيتٍ فذهبت لأقتله فناداني إنسان من جوف البيت يا عبد الله ما تريد أن تصنع؟ قلت أريد أن أقتل هذا الكلب فقالت اني امرأة مضيعة (10) وان هذا الكلب يطرد عني السبع ويؤذنني بالجائي فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فاذكر ذلك له، قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فأمرني بقتله. (عن جابر الأنصاري) (11) أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلاب المدينة أن تقتل فجاء ابن أم مكتوم

_ (غريبه) (1) أي أبطأ يقال راث علينا خبر فلان يريث إذا أبطأ (2) قال النووي الجر وبكسر الجيم وضمها وفتحها ثلاث لغات مشهورات وهو الصغير من أولاد الكلب وسائر السباع أه (قلت) جاء عند مسلم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - التفت فإذا جروا كلب تحت سريره فقال يا عائشة متى دخل هذا الكلب ها هنا؟ فقالت والله ما دريت (3) هذا سبب أمره - صلى الله عليه وسلم - بقتل الكلب (تخريجه) (م جه) * (4) حدثنا روح ثنا ابن جريح أخبرني العباس بن أبي خراش عن الفضل بن عبيد الله بن أبي رافع عن عن أبي واقع الخ (غريبه) (5) بفتح الصاد المهملة وسكون الواو بعدها راء مفتوحة ثم تحتية ساكنة اسم موضوع قريب من المدينة وأصل الصور الجماعة من النخل (6) أي أرسل بهم إلى الغزو ولم يكن عندهم من الرجال من يمنعهم من السطو عليهم إلا هذا الكلب (7) تعني خوفا من الكلب (8) أي يحفظهن الله عز وجل بعد قتله ويستفاد منه التشديد في الأمر بقتل الكلاب وأنه لا يجوز اقتناؤها في البيوت لأنه - صلى الله عليه وسلم - لم يترك لأولئك النسوة كلبهن بعد أن ظهر له بعد سكنهن عن العمران وأنه لا رجال معهن يمنعوهن من السطو وأن رجالهن خرجوا إلى الجهاد في سبيل الله ومع هذا فقد أمر بقتل كلبهن وهو حجة القاتلين بعدم اتخاذ الكلاب في الدور والله أعلم (تخريجه) (بن طب) وسنده عند الأمام أحمد جيد (9) (سنده) حدثنا أبو عامر قال ثنالا يعقوب بن محمد بن طحلا ثنا أبو الرجال عن سالم بن عبد الله عن أبي رافع قال أمرني الخ (غريبه) (10) بفتح الميم وكسر المعجمة أي ضائعة منقطعة ليس لي أحد يتفقدني (تخريجه) هو كالذي قيله * ((11) (سنده) حدثنا إسماعيل بن أبان أبو إسحاق ثنا يعقوب عن عيسى بن جارية عن جابر الأنصاري الخ (قلت) جابر هو ابن عبد الله الأنصاري الصحابي المشهور

-[الرخصة في عدم قتل الكلاب إلا الأسود البهيم]- فقال أن منزلي شاسع (1) ولي كلب فرخص له أيامًا ثم أمر بقتل كلبه. (عن ابن عمر) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتل الكلاب حتى قتلنا كلب امراةٍ جاءت من البادية. (عن عائشة رضي الله عنها) (3) قالت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب العين (4). (ز) (عن الحسن) (5) قال شهد عثمان يأمر في خطبته بقتل الكلاب وذبح الحمام (6) (باب الرخصة في عدم قتل الكلاب إلا الأسود البهيم). (عن جابر بن عبد الله) (7) قال أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب (8) حتى عن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها (9) وقال عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين (10) فانه شيطان. (عن عبد الله بن مغفل) (11) قال قال رسول الله

_ (غريبه) (1) أي بعيد عن العمران (تخريجه) أورده الهيثمي وقال هو في الصحيح خلا الرخصة ثم قال روأه (حم عل طس) ورجاله ثقات (2) (سنده) حدثنا أبو داود الحفري عن سفيان عن إسماعيل عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (م وغيره) * (3) (سنده) حدثنا أسود بن عامر قال ثنا إسرائيل عن المغيرة عن إبرأهيم عن عائشة الخ (غريبه) (4) بكسر العين المهملة جمع أعين على وزن أحمد وأصل جمعها بضم العين فكرت لأجل الياء كأبيض وبيض وهي الواسعة العين (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال روأه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن إبرأهيم النخعي وإن كان دخل على عائشة رضي الله عنها لم يثبت له منها سماع والله أعلم * (ذ) (هـ) (سنده) قال عبد الله بن الأمام أحمد حدثنا شيبان بن أبي ثنا مبارك بن فضالة ثنا الحسن قال شهدت عثمان الخ (قلت) الحسن هو البصري التابعي المشهور (غريبه) (6) يعني الحمام المتخذ للهو والتطيير والقمار أما المتخذ للقنية والبيض والانتفاع به للأكل فهو جائز بالاتفاق (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال روأه أحمد وإسناده حسن إلا أن مبارك بن فضالة مدلس أه وقال الحافظ في التقريب صدوق يدلس أه (قلت) قد صرح بالتحديث فالحديث حسن والله أعلم (باب) * (7) (سنده) حدثنا روح ثنا ابن جريح أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول أمرنا النبي - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (8) أي لما رأهم يستأنسون بها استئناس الهر مع ما فيها من النجاسة وقبح الرائحة ونفور الملائكة منها فشدد عليهم أولا في ذلك (وقوله حتى أن المرأة الخ) بكسر إن والمراد بالمرأة الجنس (وقوله تقدم) بفتح الدال المهملة أي تجئ من البادية، قال الطبي حتى: هي الداخلة على الجملة، وهي غاية الحذوف، أي أمرنا بقتل الكلاب فقتلنا ولم ندع في المدينة كلبا إلا قتلنأه حتى نقتل كلب المرأة من أهل البادية وكذا نص في حديث آخر أه (9) أي لما امتنع الناس عن اقتفاء الكلاب والاستئناس بها إلا ما رخص به الشارع نهى عن قتلها إلا الأسود البهيم فقال (عليكم) أي اقتلوا الأسود البهيم أي الخالص السواد (10) أي الذي فوق عينيه نقطتان بيضاوان، وهذا مشأهد معروف في بعض الكلاب (وقوله فأنه شيطان) معنأه أن الشيطان يتصور بصورة الكلاب السود، وقيل إنما قال ذلك على التشبيه لأن الكلب الأسود شر الكلاب وأقلها نفعا وأشدها ضررا (تخريجه) (م. وغيره) (11) (سنده) حدثنا وكيع ثنا أبو سفيان وابن جعفر ثنا عوف عن الحسن عن عبد الله ابن مغفل الخ

-[ما يجوز اقتناؤه من الكلاب بعد الرخصة وما لا يجوز]- صلى الله عليه وسلم لولا أن الكلاب امة من الأمم (1) لأمرت بقتلها فاقتلوا منها كل اسودٍ بهيم. (عن عائشة رضي الله عنها) (2) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكلب الأسود البهيم شيطان (3) (عن عبد الله بن مغفل) (4) قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب ثم قال مالكم والكلاب (5) ثم رخص في كلب الصيد والغنم (6) (باب ما يجوز اقتناؤه من الكلاب بعد الرخصة وما لا يجوز). (عن أبي هريرة) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم من أمسك كلبًا (8) فانه ينقص من عمله (9) كل يومٍ قيراط (10) إلا كلب حرثٍ أو ماشية (11) (عن نافع عن ابن عمر) (12) عن النبي صلى الله عليه وسلم

_ (غريبه) (1) أي جماعة من الأمم وفيه إشارة إلى قوله تعالى (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه إلا أمم أمثالكم) في كونها دالة على الصانع ومسبحة له بلسان القال أو الحال قال تعالى (وإن من شيء إلا يسبح بحمده) قال الخطابي في معنى قوله - صلى الله عليه وسلم - كره إفناء أمة من الأمم وإعدام جيل من الخلق لأنه ما عن خلق الله تعالى إلا وفيه نوع من الحكمة وضرب من المصلحة، يقول إذا كان الأمر على هذا ولا سبيل إلا قتلهن فاقتلوا شرارهن وهي السود البهم وابقوا ما سوأها لتنتفعوا بهن في الحراسة أه (تخريجه) (الأربعة وغيرهم) وقال الترمذي حديث عبد الله بن مغفل حديث حسن صحيح (2) (سنده) حدثنا أبو النضر حدثنا أبو معاوية يعني شيبان عن ليث عن مجأهد عن الأسود عن عائشة الخ (غريبه) (3) أي كالشيطان وتقدم الكلام عليه في شرح حديث جابر (تخريجه) أورده الهيثمي وقال روأه أحمد رجال الصحيح (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر وبهز قالا ثنا شعبة عن أبي التياح قال سمعت مطرفا يحدث عن عبد الله ابن مغفل قال أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (5) أي ما شأنهم وشأن الكلاب أي ليتركوها بدون قتل، وقد احتج به القائلون ينسخ الأمر بقتلها (قال النووي) رحمة الله استقر الشرع على النهي عن قتل جميع الكلاب التي لا ضرر فيها سواء الأسود وغيرها أه انظر مذأهب الأئمة في هذا الباب في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 245 و 246 في الجزء الثاني (6) أي يجوز اقتناؤها للصيد ولحراسة الغم من الذئب ونحوه وليس هذا أخر الحديث وبقيته قال في الإناء إذا ولغ فيه الكلب اغسلوا سبع مرات وعفروه في الثامنة بالتراب) وتقدم شرح هذه الجملة في رواية أخرى تقدمت في باب ما جاء سؤر الكلب من كتاب الطهارة صحيفة 219 في الجزء الأول (تخريجه) (م. والأربعة. وغيرهم) (باب) (7) (سنده) حدثنا إسماعيل قال أنا هشام الدستوائي قال ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) أي اتخذوه واقتنأه (9) جاء في بعض الروايات من أجره والمعنى من أجر عمله وفيه ايماء إلى تحريم الاقتناء والتهديد عليه إذ لا يحبط الأجر إلا بسببه (10) قال النووي القيراط هنا مقدار معلوم عند الله تعالى والمراد نقص جزء من أجر عمله أه (11) أي زرع كما صرح بذلك في بعض الروايات الآتية ومعنأه أن يتخذ لأجل حفظ الزرع (وقوله أو ماشية) الماشية تشمل الأبل والبقر والغنم أي يتخذ لحفظها والأكثر استعمالها في الغنم وجمعها مواشي، وفي بعض الروايات غنم بدل ماشية لكونه يتخذ له في الغالب (تخريجه) (م جه وغيرهما) (12) (سنده) حدثنا إسماعيل ثنا أيوب عن نافع عن

-[ما يجوز اقتناؤه من الكلاب بعد الرخصة]- أنه قال من اتخذ أو قال اقتني كلبًا ليس بضار (1) ولا كلب ماشية نقص من أجره كل يومٍ قيراطان (2) فقيل له إن أبا هريرة يقول أو كلب حرث فقال أنى لأبي هريرة حرث (3) (عن أبي الحكم البجلي) (4) عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اتخذ كلبًا غير كلب زرعٍ أو ضرع (5) أو صيدٍ نقص من عمله كل يومٍ قيراط، قلت لابن عمر (6) إن كان في دار (7) وأنا له كاره؟ قال هو على رب الدار الذي يملكها (8). (حدثنا عفان) () ثنا سليم (9) بن حيان قال سمعت أبي يحدث (عن أبي هريرة) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اتخذ كلبًا ليس بكلب زرعٍ ولا صيدٍ ولا ماشية فانه ينقص من أجره كل يومٍ قيراط قال سليم وأحسبه قد قال والقيراط مثل أحد. (عن يزيدٍ بن خصيفة) (10) عن السائب بن يزيد أنه أخبره أنه سمع سفيان بن أبي زهير

_ ابن عمر الخ (غريبه) (1) بتخفيف الراء المكسورة المنونة أي ليس بمعلم: قال التور بشتى الضاري من الكلاب ما يهيج بالصيد يقال ضرا الكلب بالصيد ضراوة أي تعوده أه (2) تقدم في حديث أبي هريرة قيراط وهنا قيراطان ولا منافاة بينهما لأن الحكم للزائد لكون راوية حفظ ما لم يحفظ الآخر وأنه - صلى الله عليه وسلم - وأخبرا ولا ينقص قيراط واحد على سبيل التخفيف فسمعه الراوي الأول ثم أخبر ثانيا بنقص قيراطين على سبيل التغليظ والتنفير من ذلك لما لم ينتهوا عن اتخاذها فسمعه الراوي الثاني وزيادة الثقة مقبولة وقيل غير ذلك (3) هكذا جاء في أصل المسند (فقال أني لأبي هريرة حرث) ومعناه نفي الحرث أي الزوع عن أبي هريرة، والظاهر أن ذلك تحريف من الناسخ وصوابه (إن لأبي هريرة حرثا) ويؤيده ما ثبت عند مسلم أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل الكلاب إلا كلب صيد أو كلب غنم أو ماشية فقيل لابن عمر إن أبا هريرة يقول أو كلب زرع فقال ابن عمر (إن لأبي هريرة زرعا) وله في رواية أخرى (فقال يرحم الله أبا هريرة كان صاحب زرع) وله في أخرى أيضا (قال سالم وكان أبو هريرة يقول أو كلب حرث وكان صاحب حرث) وهذه الروايات كلها عند مسلم وهي تثبت أن أبا هريرة كان صاحب زرع أي بعد وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وأما معنى قول ابن عمر (إن لأبي هريرة زرعا) فقد قال النووي في شرح مسلم قال العلماء ليس هذا توهينا لرواية أبي هريرة وشكا فيها، بل معناه أنه لما كان صاحب زرع وحرث اعتنى بذلك وحفظه وأتقنه، والعادة أن المبتلي بشيء يتقنه ما لا يتقنه غيره ويتعرف من أحكامه ما لا يتعرفه غيره أه (تخريجه) (م مذ) (4) (سنده) حدثنا يزيد أنا همام بن يحيى عن قتادة عن أبي الحكم البجلي الخ (غريبه) (5) المراد بالضرع الماشية كما في سائر الروايات ومعناه من أقتنى كلبا لغير زرع وماشية وصيد (6) القائل فضلت لابن عمر هو أبو الحكم البجلي (7) أي أن كان الكلب في دار لا أملكها وأنا له كاره (8) معناه نقص العمل والوزر يكون على رب الدار لا عليك (تخريجه) أخرجه مسلم إلى قوله كل يوم قيراط وليس فيه فقلت لابن عمر الخ (9) (حدثنا عفان الخ) (غريبه) (9) بفتح أوله وكسر ثانيه كما ضبطه صاحب المؤتلف والمختلف، وأبوه حيان بفتح أوله وتشديد الياء التحتية ابن بسطام الهذلي وثقة ابن حيان (نخريجه) (م مذ) إلى قوله كل يوم قيراط وليس عندهما ذكر سليم لا في المتن ولا في السند ولم أقف لسليم هذا على ترجمه (10) (سنده) حدثنا روح ثنا مالك بن أنس عن يزيد بن خصيفة الخ (قلت) خصيفة بضم الخاء المعجمة وفتح المهملة مصغرا نسبة إلى جده واسم أبيه عبد الله الكندي بن أخي السائب

-[عدم دخول الملائكة بيتًا في كلب أو صورة]- وهو رجل من شنوة (1) من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يحدث ناسًا معه عند باب المسجد (2) يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من اقتنى كلبًا لا يغني عنه زرعًا ولا ضرعًا (3) نقص من عمله كل يومٍ قيراط قال أنت سمعت هذا (4) من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أي (5) ورب هذا المسجد (باب عدم دخول الملائكة بيتًا فيه كلب أو صورة). (عن ابن عباسٍ عن ميمونة) (6) رضي الله عنهم قالت أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم خائرًا (7) فقيل له مالك يا رسول الله أصبحت خائرًا؟ قال وعدني جبريل عليه السلام أن يلقاني فلم يلقني، وما أخلفني، فلم يأته تلك الليلة ولا الثانية ولا الثالثة. ثم أتهم (8) رسول الله صلى الله عليه وسلم جرو كلب (9) كان تحت نضدنا (10) فأمر به

_ ابن يزيد الكندي، والسائب صحابي صغير ولاه عمر سوق المدينة، وهو آخر من مات بها من الصحابة سنة أحدى وتسعين وقيل قبلها والله أعلم (1) بفتح الشين المعجمة وضم النون بعدها همزة مفتوحة هكذا وقع عند الأمام أحمد (وهو رجل من شنوءة) وكذا في رواية عند مسلم، وفي رواية للبخاري والموطأ (وهو رجل من أزد شنوءة) بفتح الهمزة وسكون الزاي وشنوءة تقدم ضبطها وهي قبيلة مشهورة نسبوا إليها فيقال الشنائي بفتح المعجمة والنون وكسر الهمزة (ال في اللباب) هذه النسبة إلى أزد شنوءة، وشنوءة هو عبد الله بن كعب بن مالك بن نصر بن الأزد، والمشهور بهذه النسبة سفيان بن أبي زهير الشنائي ومالك بن بجينة الشنائي أه (2) أي مسجد المدينة (3) أي لا يحفظ له زرعا ولا ضرعا وتقدم تفسيره (4) القائل أنت سمعت هذا الخ هو السائب بن يزيد كما صرح بذلك في رواية أخرى للأمام أحمد بلفظ حديث الباب إلا أنه قال فيها قال السائب فقلت لسفيان أنت سمعت هذا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ ال نعم ورب هذا المسجد (5) أي بكسر الهمزة وسكون الياء حرف جواب بمعنى نعم فيكون لتصديق الخبر وإعلان المستخير ولو عد الطالب ويوصل باليمين كما هنا، أي نعم سمعته ورب هذا المسجد أقسم تأكيدا (تخريجه) (ق لك فع نس جه) هذا ويستفاد من أحاديث الباب جواز اقتناء الكلب للصيد والزرع والماشية للنص على ذلك، وهل يجوز لحفظ الدور والدروب نحوها؟ انظر القول الحسن شرح بدائع المن صحيفة 246 في الجزء الثاني (6) (سنده) حدثنا روح ثنا محمد بن أبي حفصة قال ثنا الزهري عن عبيد الله بن السياق عن ابن عباس عن ميمونة الخ (قلت) ميمونة هي زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - وخالة ابن عباس (غريبه) (7) أي ثقيل النفس غير نشيط ولفظ مسلم (أصبح يوما واجما) بالجيم قال أهل اللغة هو الساكت الذي يظهر عليه الهم والكآبة، وقيل هو الحزين: يقال وجو يجم وجوما (8) التهمة فعلة من الوهم، والتاء بدل من الواو وقد تفتح الهاء واتهمته أي ظننت فيه ما نسب إليه، والمعنى أنه - صلى الله عليه وسلم - وقع في نفسه أنه لا بد من شيء منع مجيء الوحي فأخذ يفتش في البيت على ذلك الشيء فوجد جرو كلب تحت سريره فأتهمه أي فظن أنه السبب المانع لمجيء الوحي، ويؤيد ذلك ما في رواية مسلم من حديث عائشة بلفظ (ثم التفت فإذا جروا كلب تحت سريره فقال يا عائشة متى دخل هذا الكلب ها هنا؟ فقالت والله ما دريت فأمر به فأخرج) (9) الجرو بكسر الجيم وفتحها وضمها ثلاث لغات مشهورات وتقدم أنه كل صغير من أولاد الكلاب وسائر السباع (10) النضد محركا في الأصل متاع البيت المنضود بعضه فوق بعض، والمراد هنا السرير: وسمي بذلك لأن النضد يوضع عليه أي يجعل بعضه فوق

-[احتجاب جبريل عن النبى صلى الله عليه وسلم لوجود كلب صغير للحسن بن علي ببيت عائشة]- فأخرج ثم أخذنا ماءا فرش مكانه، فجاء جبريل عليه السلام فقال وعدتني فلم أرك، قال إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا صورة، فأمر يومئذ بقتل الكلاب قال حتى كان يستأذن في كلب الحائط الصغير فيأمر به أن يقتل. (عن أسامة بن زيد) قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه الكآبة فسألته ماله؟ فقال لم يأتني جبريل منذ ثلاث، قال فإذا جرو كلب بين بيوته فأمر به فقتل فبدا له جبريل عليه السلام فبهش إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه فقال لم تأتنى فقال إنا لا ندخل بيتا فيه كلب ولا تصاوير. (عن عبد الله بن بريدة) عن أبيه قال احتبس جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أحبسك؟ قال إنا لا ندخل بيتا فيه كلب. (عن علي رضى الله عنه) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة. (عن أبى طلحة الأنصارى) يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم قال لا تدخل الملائكة

_ بعض (1) لفظ مسلم (ثم أخذ بيده ماءا فنضح به مكانه (قال النووي) احتج به جماعة في نجاسة الكلب قالوا والمراد بالنضح الغسل، وتأولته المالكية على أنه غسله لخوف حصول بوله أو ورثه (2) سبب امتناع الملائكة من دخول بيت فيه كلب أو صورة ذكرته في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 246 في الجزء الثاني (3) الصغيرة صفة للحائط ويؤيده ما في رواية مسلم بلفظ (حتى أنه يأمر بقتل كلب الحائط الضغير ويترك كلب الحائط الكبير) قال النووي المراد بالحائط البستان وفرق بين الحائطين لأن الكبير تدعو الحاجة إلى حفظ جوانبه ولا يتمكن الناظور من المحافظة على ذلك بخلاف الصغير، والأمر بقتل الكلاب منسوخ أه (تخريجه) (م د وغيرهما) (4) (سنده) حدثنا عثمان بن عمر ثنا ابن أبي ذئب عن الحارث عن كريب مولى ابن عباس عن أسامة بن يزيد الخ (غريبه) (5) الكآبة تغير النفس بالإنكار في شدة الهم والحزن (6) هذا لا ينافي قوله في الحديث السابق (فأمر به فأخرج) ومعناه أنه أمر به أولا فأخرج ثم أمر بقتله بعد إخراجه (7) بفتح الموحدة والهاء أي أسرع نحوه، يقال للإنسان إذا نظر إلى الشيء فأعجبه واشتهاه وأسرع نحوه بهش إليه (تخريجه) (طب) قال الهيثمي ورجال أحمد رجال الصحيح (8) (سنده) حدثنا يزيد هو ابن الحباب حدثني حسين بن واقد حدثني عبد الله بن بريدة الخ (غريبه) (9) هو بريدة الأسلمي الصحابي رضي الله عنه (تخريجه) لم أقف عليع لغير الأمام أحمد ورواه الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (10) (سنده) حدثنا عفان أنا شعبة أخبرني علي بن مدرك قال سمعت أبا زرعة بن عمر بن جرير يحدث عن عبد الله بن يحيى عن أبيه عن علي الخ (تخريجه) (نس جه مي) وسنده جيد، ورواه أيضا عبد الله بن الأمام أحمد في زوائده على مسند أبيه فقال حدثنا أبو سلم خليل بن سلم ثنا عبد الوارث عن الحسن بن ذكوان عن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي رضي الله عنه أن جبريل أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال إنا لا ندخل بيتا فيه صورة أو كلب وكان الكلب للحسن في البيت أه (قلت) الحسن هو ابن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما وكان إذ ذاك صغيرا والظاهر أنه دخل هذا الجرو الصغير بيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليلهو بيه ولم يعلم بذلك أحد من أهل البيت لأنه وجد تحت سرير عائشة ولم تعلم به كما في رواية مسلم وتقدم الكلام على ذلك * (11) (سنده) حدثنا سفيان بن عيينه عن الزهري عن عبيد الله (يعني بن عبد الله بن عتبه) عن ابن عباس

-[ما لا يجوز قتله من الحيوان]- بيتا فيه صورة ولا كلب. (عن أبي هريرة) قال كان النبى صلى الله عليه وسلم يأتي دار قوم من الأنصار ودونهم دار، قال فشق ذلك عليهم، فقالوا يا رسول الله سبحان الله تأتي دار فلان ولا تأتى دارنا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم لأن في داركم كلبا، قالوا فإن في دارهم سنورا فقال النبى صلى الله عليه وسلم ان السنور سبع. (باب ما لا يجوز قتله من الحيوان) (عن ابن عباس) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل أربع من الدواب النملة والنحلة والهدهد والصُّرَد (عن عبد الرحمن بن عثمان) قال ذكر طبيب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم دواءا وذكر فيه الضفدع

_ عن أبي طلحة الخ (وله طريق أخرى) عند الأمام أحمد قال حدثنا عفان ثنا حماد (يعني ابن سامة) قال أنا سهيل بن أبي صالح عن سعيد بن يسار عن أبي طلحة الأنصاري أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب ولا صورة (تخريجه) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه * (1) (سنده) حدثنا هاشم ثنا عيسى يعني ابن المسيب حدثني أبو زرعه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) بكسر السين المهملة وفتح النون مشددة ثم واو ساكنة، الهر، والجمع سنانير والأنثى سنورة قال ابن الإنباري وهما قليل في كلام العرب والأكثر أن يقال هر وهرة (3) بضم الموحدة وسكونها إلا أن الرواية بالضم، قال القاضي عياض ومعناه أن السنور سبع طاهر الذات، وإذا كان كذلك فسؤره طاهر لأن أسآر السباع الطاهرة الذات طاهرة (تخريجه) (قط ك) وصححه وقال الهيثمي في إسناده عيسى ابن المسيب وثقه أبو حاتم وضعفه غيره والله أعلم (هذا) ويستفاد من أحاديث الباب أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه كلب أو صورة وهل هو عام في جميع الملائكة أم خاص بنوع منهم أو هل هو عام أيضا في كل كلب وكل صورة أم خاص بالكلاب والصور التي يحرم اقتناؤها؟ انظر كلام العلماء في ذلك في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 246 و 247 في الجزء الثاني أما حكم الصور والمصورين فسيأتي في كتاب اللباس إن شاء الله تعالى والله الموفق (باب) (4) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس الخ (غريبه) (5) بالجر والرفع وكذا ما عطف عليه، قال الخطابي أراد بالنمل السليماني الكبار ذوات الأرجل الطوال فأنها قليلة الأذى دون الصغير (والنحلة) لكثرة منافعها فيخرج منها العسل وهو شفاء والشمع وهو ضياء (والهدهد) لأنه لا يضر، ولا يحل أكله عند بعض العلماء (والصرد) يصاد مهملة مضمومة وراء مفتوحة طائر فوق العصفور أبقع ضخم الرأس نصفه أبيض ونصفه أسود، قيل أنما نهي عنه لتحريم أكله عند بعضهم ولا منفعة في قتله، قال ابن العربي أنه نهي عنه لأن العرب تشاءم به فنهي عن قتله لينخلع عن قلوبهم ما ثبت فيها له من اعتقادهم الشؤم به (تخريجه) (د جه مي) قال الحافظ رجاله رجال الصحيح، وقال البيهقي هو أقوى ما ورد في هذا الباب (6) (سنده) حدثنا يزيد قال أنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن خالد عن سعيد بن المسيب عن عبد الرحمن بن عثمان الخ (غريبه) لا (7) فيه أربع لغات كسر الضاد المعجمة والدال المهملة وضم الضاد مع فتح الدال وكجعفر ودرهم، قال في القاموس وهذا أقل أو مردود وهي دابة نهرية ويجمع على ضفادع وضفادي، قال بعض العلماء إنما نهي النبي - صلى الله عليه وسلم - عن قتلها لحرمتها بل لنجاستها، ولقذارتها ونفرة الطباع منها (قلت) قد يكون لأجل ذلك ولأجل حرمتها لحديث عبد الله

-[النهي عن قتل الحيوان أو الإنسان صبرا وعند تعذيبه أو التمثيل به]- يجعل فيه فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الضفدع. (باب النهى عن قتل الحيوان أو الإنسان صبرا أو بشيء فيه تعذيب وعن التمثيل به) (عن إسحاق بن سعيد) عن أبيه قال دخل ابن عمر على يحيي بن سعيد وغلام من بنيه رابط دجاجة يرميها فمشى إلى الدجاجة فحملها ثم أقبل بها وبالغلام وقال ليحيي ازجروا فلامكم من أن يصبر هذا الطير على القتل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهي أن تُصبر بهيمة أو غيرها لقتل، وإذا أردتم ذبحها فاذبحوها. (عن ابن عمر رضى الله عنهما) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا (عن الشريد بن سويد الثقفي) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قتل عصفورا عبثا عج إلى الله عز وجل يوم القيامة منه يقول أن فلانا قتلني عبثا ولم يقتلني لمنفعة (عن عبد الله) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال أعف (وفي لفظ إن أعف) الناس

_ ابن عمرو قال نهي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن قتل الضفدع وقال نقيقها تسبيح أي صوتها رواه (طس طص) وسنده حسن (فأن قيل) قال الله تعالى (وأن من شيء إلا يسبح بحمده) فيدخل فيه الفويسقات الخمس التي أمرنا بقتلها (فالجواب) أن الضفادع أكثر الدواب تسبيحا مع صوت ظاهر منتظم مستمر في غالب الأحيان يكاد يفهم كما هم مشاهد والله أعلم (تخريجه) (د طل) و (نس) في الصيد و (ك) في الطب كلهم عن عبد الرحمن بن عثمان التيمي من مسلمة الفتح شهد اليرموك وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال البيهقي هذا أقوى ما ورد في النهي عنه (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو النضر حدثنا إسحاق بن سعيد عن أبيه الخ (2) أبوه سعيد بن عمرو بن سعيد بن العاص (3) يحيى هذا هو ابن سعيد بن العاص وهو ابن عم سعيد بن عمرو الراوي عن ابن عمر (4) بفتح الدال المهملة وكسرها والفتح أشهر وهو طائر معروف (5) قال العلماء صبر البهائم على القتل أن تحبس وهي حية لتقتل بالرمي بالسهام ونحوها، وهو غير جائز لهذا الحديث (وقوله هذا الطير) يشير إلى الدجاجة المتقدم ذكرها، والمشهور في اللغة أن الواحد يقال له طائر والجمع طير، وفي لغة قليلة إطلاق الطير على الواحد، وهذا الحديث جاء على تلك اللغة (6) الظاهر أن قوله (وإذا أردتم ذبحها فاذبحوها) مدرج من كلام ابن عمر لأنه روى عند الشيخين بدونها، ورواه الأمام أحمد والشيخان عن غير ابن عمر بدونها أيضا والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (7) هذا عارف من حديث طويل رواه (م حم) وسيأتي بتمامه في باب النهي عن اللعب بالحيوان من كتاب اللهو واللعب (غريبه) (8) أي هدفا ومعناه لا تتخذوا الحيوان الحي هدفا ترمون إليه كالهدف من الجلود وغيرها فإن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعن من فعل ذلك: واللعن يفيد التحريم ولأنه تعذيب للحيوان وإتلاف لنفسه وتضييع لما لصاحبه وتفويت لذكاته إن كان مذكى ولمنفعته إن لم يكن مذكى (تخريجه) (م طل وغيرهما) (9) (سنده) حدثنا عن الواحد الحداد أبو عبيدة عن خلف يعني ابن مهران ثنا عامر الأحوال عن صالح بن دينار عن عمرو بن الشهيد قال سمعت الشرير يقول سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (10) ألعبت اللعب والمراد أن يقتل الحيوان لعبا لغير قصد الأكل ولا على جهة التصيد للانتفاع (وقوله عج) أي رفع صوته بالشكوى إلى الله عز وجل من قاتله (تخريجه) (نس) في الضحايا وسنده جيد (11) (سنده) حدثنا محمد عن سعبة عن المغيرة عن إبراهيم عن هني بن نويرة عن علقمة عن

-[النهي عن التمثيل بكل ذي روح وما كان يفعله العرب في الجاهلية]- قتله أهل الإيمان. (عن ابن عمر) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مثَّل بذي روح لم يتب مثَّل الله به يوم القيامة. (عن أبي الأحوص) عن أبيه قال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فصعَّد في النظر وصوب وقال أربُّ ابل أنت أو رب غنم؟ قال من كل قد آتاني الله فأكثر وأطيب، قال فتلتجها وافية أعينها وآذانها فتجدع هذه فتقول صرماء ثم تكلم سفيان بكلمة لم أفهمها وتقول بحيرة الله فساعد الله أشد، وموساه أحد، ولو شاء أن يأتيك بها صرماء آتاك، قلت إلى ما تدعو؟ قال إلى الله وإلى الرحم الحديث. (عند عبد الله بن حفص

_ عبد الله (يعني ابن مسعود) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (1) بكسر القاف الهيئة والحالة، ومعنى الحديث إن أرحم الناس بخلق الله وأشدهم تحريا عن التمثيل والتشوية بالمقتول وإطالة تعذيبه إجلالا لخالقهم وامتثالا لأمر نبيهم حيث قال (إذا قتلتم فأحسنوا القتلة) هم أهل الإيمان (تخريجه) (د جه) ورجاله ثقات (2) (سنده) حدثنا أبو النضر ثنا شريك عن معاوية بن إسحاق عن أبي صالح الحنفي عن رجل من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن ابن عمر قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (3) بتشديد الثاء المثلثة أي شوهه بقطع شيء من اعضائه وهو حي سواء كان إنسانا أم حيوانا فعل الله عز وجل به مثل ما فعل بغيره أن لك يتب من ذلك، فإن تاب وأحسن التوبة أرضى الله عنه خصومه يوم القيامة وفضل الله واسع (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد، وأورده أحمد الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (4) (سنده) حدثنا سفيان بن عينيه مرتين قال ثنا أبو الزعراء عمر بن عمرو عن عمه أبي الأحوص عن أبيه الخ ى (قلت) أبوه هو مالك بن نضلة الجشمي صحابي (غريبه) (5) بتشديد العين المهملة مفتوحة وصوب بتشديد الواو مفتوحة أيضاً أي نظر إلى أعلاي وأسفلي يتأملني وسبب ذلك كما في رواية أخرى للأمام أحمد أيضا أنه أتى النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو أشعث سيء الهيئة فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما لك مال؟ قال من كل المال قد آتني الله عز وجل الخ (6) معناه أن أبلك تنتج أولادها صحاحا سليمة أعينها وآذانها (فتجدع هذه) أي تقطع أذنها عمدا وتقول صرماء، والصرماء والصريم الذي صرمت أذنه أي قطعت (7) القائل ثم تكلم سفيان بكلمة لم أفهمها هو الأمام أحمد رحمه الله، وقد جاء في رواية أخرى للأمام أحمد أيضا من طريق شعبة ما يبين المراد قال (فتعمد إلى موسى فنقطع آذانها فتقول هذه بحر وتشقها أو تشق جلودها وتقول هذه صرم (بضمتين جمع صريم) فتحرمها عليك وعلى أهلك؟ قال قلت نعم، قال كل ما آتاك الله عز وجل حل (أي حلال) وساعد الله أشد الخ) (8) يشير إلى قوله تعالى (ما جعل الله من بحيرة) أي ما أنزل الله ولا أمر به، قال ابن عباس البحيرة هي الناقة التي كانت إذا ولدت خمسة أبطن بحروا أذتها أي شقوها وتركوا الحمل عليها ولم يركبوها ولم يجزوا وبرها ولم يمنعوها الماء والكلام (9) معناه لو شاء الله أن يخلقها ناقصة الأذن أو مشقوقتها لفعل ولكنه خلقها كاملة الأعضاء فلا يجوز أن تعمد إلى تشويهها وقطع عضو منها وهذا موضوع الدلالة من الحديث (10) القائل إلى ما تدعو هو مالك بن نضلة يستفهم من النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى ما تدعو الناس؟ فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الله إي إلى الإيمان بالله وإلى صلة الرحم فذكر الحديث وبقيته تقدمت في باب من حلف على يمين فرأى خير منها الخ صحيفة 178 رقم 39 من كتاب اليمين والنذر في الجزء الرابع عشر فارجع إليه (تخريجه) لم أقف عليه مطولا

-[النهي عن تحريق كل ذي روح بالنار أو التمثيل به]- عن يعلى بن مرة) أنه كان عند زياد جالسا فأتى رجل شهد فغير شهادته فقال لأقطعن لسانك فقال له يعلى ألا أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله عز وجل لا تمثلوا بعبادي قال فتركه. (عن جابر بن عبد الله) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقتل شيء من الدواب صبرا. (عن عبيد بن تعلي) قال غزونا مع عبد الرحمن ابن خالد بن الوليد فأتي بأربعة أعلاج من العدو فأمر بهم فقتلوا صبرا بالنبل فبلغ ذلك أبا أيوب فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن قتل الصبر (وعنه من طريق ثان). عن أبي أيوب قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صبر الدابة: قال أبو أيوب لو كانت لي دجاجة ما صبرتها (باب النهى عن تحريق كل ذي روح بالنار) (عن أبي هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل نبي من النبى تحت شجرة فلدغته نملة فأمر بجهازه فأخرج من تحتها

_ بهذا السباق لغير الأمام أحمد وروى (د نس) طرفا منه ورجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا عبد الله بن محمد قال عبد الله (يعني ابن الأمام أحمد) وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ثنا محمد بن فضيل عن عطاء ابن السائب عن عبد الله بن حفص عن بعلي الخ (2) زياد هو ابن أبيه كان من دهاة العرب وفصحائهم وأمه سمية مولاة الحارث بن كادة (بفتحات) وهي أم أبي بكرة نفيع الثقفي وكان زياد إذ ذاك واليا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد قال وفي رواية له (يعني لبعلي بن مرة) عند الطبراني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لا تمثلوا إلى عباد الله، وفي اسنادهما عطاء بن السائب وقد أختلط أه (قلت) وفي الباب عن المغيرة ابن شعبة وعمران بن حعين عند الأمام أحمد وتقدم في كتاب الجهاد في باب النهي عن المتلة والتحريق صحيفة 66 في الجزء الرابع عشر (3) (سنده) حدثنا محمد بن بكر ثنا ابن جريح أخبرني عبد الله بن عبيد بن عمير أن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار أخبره أن جابر بن عبد الله يقول نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (تخريجه) (م. وغيره) (4) (سنده) حدثنا سريج ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن بكير (يعني ابن الأشج عن عبيد بن تعلي الخ (قلت) تعلي بكسر المثناه وإسكان المهملة ثم لام مكسورة قال في الخلاصة هو الطائي الفلسطيني عن أبي أيوب وعنه بكير (بالتصغير) ابن الأشج وثقه النسائي (غريبه) (5) جمع علج بكسر أوله وسكون ثانيه، والعلج الرجل القوي الضخم ويقال أيضا للرجل من كفار العجم وغيرهم وهو المراد هنا (6) بفتح النون وسكون الموحدة، قال في النهاية النبل السهام العربية لا واحد لها من لفظها فلا يقال نبلة وإنما يقال سهم ونشابة: وأبو أيوب هو الأنصاري الصحابي المشهور (7) (سنده) حدثنا أبو عاصم ثنا عبد الحميد بن جعفر ثنا يزيد بن أبي حبيبه عن بكير عن أبيه عن عبيد بن تعلي عن أبي أيوب الخ (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري وسنده جيد وزاد أبو داود في أخره فبلغ ذلك عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأعنق أربع رقاب أه (قلت) وإنما أعنق عبد الرحمن بن خالد أربع رقاب ليكفر عن خطئه لأنه لما سمع الحديث علم أنه أخطأ في الحكم (باب) (8) (سنده) حدثنا يزيد قال أنا محمد عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبه) (9) قيل هو العزيز، وروى الحكيم الترمذي في النوادر أنه موسى عليه السلام وجزم بذلك الكلابازي في معاني الأخبار والقرطبي في التفسير (10) بالدال المهملة والغين المعجمة أي قرصته (11) بفتح الجيم ويجوز كسرها

-[قصة تحريق النمل وقوله صلى الله عليه وسلم لا ينبغي لبشر أن يعذب بعذاب الله عز وجل]- ثم أمر بها فأحرقت بالنار فأوحى الله عز وجل إليه فلا نملة واحدة (عن عبد الله) قال نزل النبى صلى الله عليه وسلم منزلا فانطلق لحاجته فجاء وقد أوقد رجل على قربة نمل إما في الأرض وإما في شجرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم فعل هذا؟ فقال رجل من القوم أنا يا رسول الله قال أطفها أطفها (وعنه من طريق ثان) قال كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فمررنا بقرية نمل فأحرقت فقال النبى صلى الله عليه وسلم لا ينبغي لبشر أن يعذب الله عز وجل (أبواب القصاص) (باب إيجاب القصاص بالقتل العمد وأن مستحقه بالخيار بينه وبين الدية) (عن أبي شرح الخزامي) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي لفظ) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

_ بعدها زاي أي متاعه (وقوله فأخرج من تحتها أي من تحت الشجرة (1) ظاهر اللفظ يدل على أنه أمر بالشجرة فأحرقت لتحرق ما فيها من جماعة النمل، ولكنه جاء في رواية البخاري (ثم أمر ببيتها) أي ببيت النمل الكائن في الشجرة (فأحرقت بالنار) وعلى كل حال فالمقصود بالإحراق هو جماعة النمل (2) يجوز فيه النصب على تقدير عامل محذوف تقديره فهلا أحرقت نملة واحدة وهي التي آذنك بخلاف غيره، وفيه إشعار بإنه كان في شرع ذلك النبي جواز التعذيب بالنار، ولذا لم يقطع عليه العتب في أصل الإحراق بل في الزيادة على الواحدة، وفي لفظ أخر للبخاري (فأوحى الله إليه إن قرصتك نملة أحرقت أمة من الأمم تسبح الله) وقد استدل به على أن الحيوان يسبح الله تعالى حقيقة ويتأيد به قول من حمل قوله تعالى (وإن من شيء لا يسبح بحمده) على الحقيقة، وتعقب بأن ذلك يمنع الحمل على المجاز بأن يكون سببا للتسبيح إلا أن قوله تعالى (ولكن لا تفقهون تسبيحهم) يبعد ذلك والله أعلم (تخريجه) (ق د نس جه) (3) (سنده) حدثنا أبو النضر ثنا المسعودي عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله عن عبد الله الخ (قلت) عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه (غريبه) (4) يعني إلى الخلاء (5) أي مسكنها ومنزلها سمي قرية لاجتماعها فيه: ومنه القرية المتعارفة لاجتماع الناس فيها، (فائدة) العرب تفرق في الأوطان فيقولون لمسكن الإنسان وطن ولمسكن الإبل عطن وللأسد عرين وغابة، وللظبي كناس، وللدب وجاز، وللطائر عش، وللزنبور كور، ولليربوع نافق، وللنمل قرية (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن أبي إسحاق الشيباني عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (7) أي لأن الله تعالى يعذب بها الكفار وعصاة المسلمين، قال البيضاوي إنما منع التعذيب بالنار لأنه أشد العذاب ولذلك أوعدها للكفار (تخريجه) (د) مقتصرا على الطريق الثانية وسنده جيد، قال المنذري ذكر البخاري وعبد الرحمن بن أبي حاتم في جامعه أه (قلت) وفي الباب عن أبي هريرة وحمزة بن عمرو الأسلمي عند الأمام أحمد أيضا ةتقدم في باب النهي عن المثلة والتحريق من كتاب الجهاد صحيفة 67 في الجزء الرابع عشر (باب) (8) (سنده) حدثنا محمد بن سلمة الحراني عن ابن إسحاق، ويزيد بن هارون قال أنبأنا محمد بن إسحاق عن الحارث بن فضيل عن فضيل عن سفيان بن أبي العوجاء (قال يزيد) السلمي عن أبي شريح الخزاعي الخ (قلت) قوله قال يزيد السلمي معناه أن يزيد ابن هارون قال في روايته سفيان بن أبي العوجاء السلمى فالسلمى راجع إلى سفيان لا إلى يزيد كما يوهمه اللفظ

-[تخيير ولي الدم بين القصاص والدية أو العفو وبيان الدية]- من أصيب بدم أو خبل والخبل الجرح، فهو بالخيار بين احدى ثلاث: إما أن يقتص أو يأخذ العقل أو بعفو فان أراد رابعة فحذوا على يديه، فان فعل شيئا من ذلك ثم عدا بعد فله النار خالدا فيها مخلدا. (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قتل متعمدا دُفع إلى أولياء القتيل فان ساءوا قتلوه، وإن شاءوا أخذوا الدية وهي ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وأربعون خلفة وذلك عقل العمد وما صالحوا عليه فهو لهم وذلك تشديد العقل (عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا أعفى من قتل بعد أخذه الدية.

_ (غريبه) (1) أي بقتل نفس من أقاربه (أو خبل) بفتح المعجمة وسكون الموحدة وفسر في الحديث بالجرح والمراد فساد عضو من أعضائه كقطع يد أو رجل (2) العقل هنا معناه الدية، قال في النهاية وأصله أن القاتل كان إذا قتل قاتيلا جمع الدية من الإبل فعقلها بفناء أولياء المقتول أي شدها في عقلها ليسلمها إليهم ويقبضوها منه فسميت الدية عقلا بالمصدر، يقال عقل البعير يعقله عقلا وكان أصل الدية الإبل ثم قومت بعد ذلك بالذهب والفضة والبقر والغنم وغيرها أه (3) معناه إذا أراد زيادة على القصاص أو الدية أو العفو فلا تمكنوه من فعل شيء غير واحدة من الثلاث المتقدمة (4) أي أن أختار واحدة من الثلاث المذكورة (ثم عدا) أي تعدي بعد ذلك فله النار الخ ومن ذلك قوله تعالى، فمن اعتدى بعد ذلك فله عذاب اليم (5) أي يمكث فيها مكثا طويلا أن كان مسلما أو هو في حق من استحل ذلك والله أعلم (تخريجه (د نس جه مي) وفي إسناده محمد بن إسحاق وهو ثقة لكنه مدلس وقد عنعن وفي إسناده أيضا سفيان بن أبي العوجاء السلمي قال أبو حاتم الرازي ليس بمشهور أه (قلت) يؤيده حديث أبي هريرة قال (لما فتحت مكة قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال من قتل له قتيل فهو بخير النظرين أما أن يودي أو يقاد أخرجه (ف حم والأربعة) وغيرهم (6) (سنده) حدثنا أبو النضر وعبد الصمد قالا ثنا محمد ثنا سليمان يعني ابن موسى عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (7) أي من قتل نفسا متعمدا بغير حق (8) الحقه بكسر المهملة وتشديد القاف مفتوحة وهي من الإبل ما دخلت في السنة الرابعة لأنها استحقت الركوب وأسمل جمعه حقاق وحقائق (9) الجذعة بفتحات هي التي دخلت في الخامسة من الإبل. (10) الخلفة بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام الحامل من النوق وبجمع على خلفات وخلائف وقد خلفت إذا حملت (11) أي سواء كان قليلا أو كثيرا (12) أي ما ذكر من الإبل أقصى الدية في قتل العمد، وللعلماء خلاف في ذلك انظر القول الحسن شرح بدائع المنن في باب جامع دية النفس في الجزء الثاني صحيفة 260 و 261 و 262 (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذي حسن الغريب أه وأورده الحافظ في التلخيص وسكت عنه ورواه أبو داود مختصرا (13) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا مطر عن رجل أحبسه الحسن عن جابر الخ (غريبه) (14) ضبطه صاحب النهاية بفتح الهمزة وسكون المهملة وفتح الفاء وقال هذا دعاء عليه أي لا كثر ماله ولا استغنى، وهو عند الجمهور بضم الهمزة وكسر الفاء، ومعناه لا اترك قتل من قتل خصمه بعد أخذ الدية منه، ويؤيده رواية أبي داود الطيالسي من حديث جابر أيضا مرفوعا بلفظ (لا أعافي أحدا قتل بعد أخذه الدية (تخريجه) (د طل) ورمز له الحافظ السيوطي بالصحة

-[مذاهب العلماء في تخيير ولى الدم بين القصاص أو الدية أو العفو وفي قتل المسلم بالكافر]- (باب لا يقتل مسلم بكافر، وما جاء في قتل الحر بالعبد) (عن أبي جحيفة) قال سألنا عليا رضى الله عنه هل عندكم من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء بعد القرآن؟ قال لا والذى فلق الحبة وبرأ النسمة إلا فهم يؤتيه الله عز وجل رجلا في القرآن أو ما فيه الصحيفة قلت وما في الصحيفة؟ قال العقل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر (عن على رضى الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤمنون تتكافأ دماؤهم وهم يد على من سواهم يسعى بذمتهم أدناهم ألا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده (عن عمرو بن شعيب

_ وفي إسناده مطر الوراق قال ابن سعد فيه ضعف في الحديث وقال أحمد ويحيى ضعيف في عطاء خاصة نقله الذهبي في ميزان الاعتدال، وقال مطر من رجال مسلم حسن الحديث (قلت) يستفاد من حديث عمرو ابن شعيب أن الواجب في قتل العمد القصاص عينا، ولمن لأولياء الدم العدول إلى الدية وإن لم يرض الجاني، وإلى ذلك ذهب الثلاثة، وقال أبو حنيفة ليس له العدول إلى المال إلا برضا الجاني (قال في رحمة الأمة) واتفقوا على أنه إذا عفا رجل من ألياء الدم سقط القصاص وأنتقل الأمر إلى الدية، واختلفوا فيما إذا عفت المرآة فقال أبو حنيفة والشافعي وأحمد يسقط القود. واختلفت الرواية عن مالك في ذلك فنقل عنه أنه لا مدخل للنساء في الدم، ونقل عنه أن لهن في الدم مدخلا كالرجال إذا لم يكن في درجهن عصبة وعلى هذا ففي أي شيء لهن مدخل، عنه روايتان، أحداهما في القود دون العفو، والثانية في العفو دون القود والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا سفيان عن مطرف عن الشعبي عن أبي جحيفة الخ (غريبه) (2) الخطاب لعلي ومعه أهل البيت أو المراد التعظيم، قال الحافظ وإنما سأله أبو جحيفة عن ذلك لأن جماعة من الشيعة كانوا يزعمون أن لأهل البيت لاسيما على اختصاصا بشيء من الوحي لم يطلع عليه غيرهم (3) أي شقها فأخرج منها النبات (وبرأ النسمة) أي خلق الخلق لا عن مثال، ولفظ برأ يختص غالبا بخلق الحيوان يقال برأ الله النسمة وخلق السموات والأرض (4) بالرفع على البدل والفهم بمعنى المفهوم من لفظ القرآن أو معناه (5) أي الورقة المكتوبة (والعقل) الدية وتقدم سبب تسميتها بذلك والمراد هنا تفصيل أحكامها (6) بكسر الفاء وفتحها أي أحكام تخليص الأسير من يد العدو والترغيب فيه (7) ظاهره العموم وبه قال الجمهور، وقيل مخصوص بالحربي المستأمن، وأما الذمي فليس كذلك لحديث (لهم مالنا وعليهم ما علينا) وفي ذلك تفصيل وخلاف بين المذاهب انظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 250 في الجزء الثاني (تخريجه) (خ فع د مذ وغيرهم) (ز) (8) (سنده) قال عبد الله بن الأمام أحمد حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا محمد بن عبد الواحد بن أبي حزم ثنا عمر بن عامر عن قتادة عن أبي حسان عن علي الخ (غريبه) (9) أي تتساوى في القصاص والديات، والكفء النظير والمساوي، ومنه الكفاءة في النكاح، والمراد أنه لا فرق بين الشريف والوضيع في الدم بخلاف ما كان عليه أهل الجاهلية من المفاضلة وعدم المساواة (10) أي هم مجتمعون على أعدائهم لا يسمعهم التخاذل بل يعاون بعضهم بعضا (11) يعني أنه إذا أمن المسلم حربيا كان أمانا من جميع المسلمين ولو كان ذلك المسلم امرأة، بشرط أن يكون مكلفا فيحرم النكث من أحدهم بعد أمانه (12) المعاهد هو الرجل من أهل دار الحرب يدخل إلى دار الإسلام بأمان فيحرم على المسلمين قتله بلا خلاف بين أهل

-[ما جاء في قتل الحر بالعبد والرجل بالمرأة]- عن أبيه عن جده) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن لا يقتل مسلم بكافر (زاد في رواية) ودية الكافر نصف دية المسلم (عن قتادة عن الحسن) عن سمرة بن جندب عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من قتل عبده قتلناه ومن جدعه جدعناه قال يحيي ثم نسي الحسن بعد فقال لا يقتل به (ومن طريق ثان) عن الحصن عن سمرة أيضا قال ومن أخصى عبده أخصيناه (باب قتل الرجل بالمرأة والمرأة بمثلها والقتل بالمثقل والقصاص من القاتل بالصفة التي قتل بها) (عن أنس بن مالك) أن رجلا من اليهود قتل جارية من الأنصار على حلى لها ثم ألقاها في قليب ورضخ رأسها بالحجارة فأخذ فأتي به النبى صلى الله عليه وسلم فأمر به أن يرجم

_ الإسلام حتى يرجع إلى مأمنه قال تعالى (وأن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله ثم أبلغه مأمنه) (تخريجه) (ق د نس مذ ك) وهذا الحديث من زوائد عبد الله بن الأمام أحمد على مسند أبيه ، ورواه أيضا الأمام أحمد مطولا وسيأتي في الباب الأول من أبواب فضائل المدينة من كتاب الفضائل إن شاء الله تعالى * (1) (سنده) حدثنا حسن بن محمد وهاشم يعني ابن القاسم قالا ثنا محمد بن راشد الخزاعي عن سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبه) (2) هذه الروايات جاءت في حديث طويل لعبد الله بن عمرو أيضا وسيأتي بطوله وسنده وشرحه في باب تحريم غزو مكة بعد عام الفتح من كتاب الغزوات إن شاء الله تعالى، وسيأتي نحوها أيضا في باب دية أهل الذمة والمكاتب من أبواب الدية ويأتي الكلام عليه (تخريجه) (د مذ جه. وغيرهم) وحسنه الترمذي وسكت عنه أبو داود والمنذري والحافظ في التخليص ورجاله رجال الصحيح إلى عمرو بن شعيب * (3) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد وابن جعفر قالا ثنا سعيد عن قتادة عن الحسن الخ (غريبه) (4) أي من قطع أطراف عبده كيد أو رجل وإصبع قطعنا أطرافه، وهو بظاهرة يدل على أن الحر والعبد سواء في القتل والجراح، والجمهور على خلافه، أنظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 247 و 248 في الجزء الثاني (وقوله ثم قال يحيى) يعني ابن سعيد أحد رجال السند يقول أن الحسن نسى الحديث بعد أن رواه بهذا اللفظ وهو (من قتل عبده قتلنا) فقال بعد ذلك لا يقتل به أي لا يقتل السيد بالعبد، قال الخطابي يحتمل أن يكون الحسن لم ينسى الحديث ولكنه تأوله على غير معنى الإيجاب ويراه نوعا من الزجر ليرتدعوا كما قال - صلى الله عليه وسلم - في شارب الخمر (فإن عاد في الخامسة فاقتلوه) ثم لم يقتله (5) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون عن أبي أمية شيخ له ثنا الحسن عن سمرة الخ (6) قال في المصباح خصيت العبد أخصيه خصاءا بالكسر والمد سللت خصييه (أي بيضتيه) فهو خصي فعيل بمعنى مفعول مثل جريح وقتيل والجمع خصيان أه وظاهر الحديث أنه موقوف على سمرة وليس كذلك، فقد جاء مرفوعا عند أبي داود والنسائي عن قتادة عن الحسن عن سمرة (قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من خصي عبده خصيناه) (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه الأربعة والدارمي، وأخرج الطريق الثانية منه أبو داود والنسائي وجمع الطريقين (طل) في مسنده وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب أه وصحح الطريق الثانية الحاكم وأعله بعضهم بأن الحسن لم يسمع من سمرة، لكن قال البخاري قال علي بن المديني سماع الحسن من سمرة صحيح * (7) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (8) أي قتلها طمعا في سلب حليها (9) القليب البئر ما لم تطو (ورضخ

-[حديث حمل بن النابغة وما جاء في دية الجنين]- حتى يموت فرجم حتى مات (وعنه من طريق ثان) أن جارية خرجت عليها أرضاخ فأخذها يهودى فرضخ رأسها وأخذ ما عليها فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وبها رمق فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتلك فلان؟ فقالت برأسها لا، فقال فلان. فقالت برأسها لا، قال ففلان اليهودى؟ فقالت برأسها نعم، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم فرضخ رأسه بين حجرين (من طريق ثالث) عن قتادة عن أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم بمثل الطريق الثانية إلا أن قتادة قال في حديثه فاعترف اليهودي. (عن حمل بن النبى) قال كنت بين بيتي امرأتيَّ فربت إحداهما الأخرى بمسطح فقتلتها وجنينها فقضى النبى صلى الله عليه وسلم في جنينها بغرة وأن تقتل بها

_ رأسها) أي دق رأسها بين حجرين (1) جاء في الطريق الثانية (فرضخ رأسه بين حجرين) وكذا في رواية لمسلم، وله في رواية أخرى فأخذ اليهودي فأقر فأمر به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يرض رأسه بالحجارة (قال النووي) هذه الألفاظ معناها واحد لأنه إذا وضع رأسه على حجر ورمي بحجر آخر فقد رجم وقد رض وقد رضخ وقد يحتمل أنه رجمها الرجم المعروف مع الرضخ لقوله ثم ألقاها في قليب (2) (سنده) حدثنا يزيد أنا شعبه عن هشام بن يزيد بن أنس عن أنس بن مالك أن جارية الخ (3) جمع وضح بفتحتين وهي نوع من الحلي من الفضة سميت بها لبياضها (4) بفتحتين أي بقية الروح وآخر النفس والجملة حالية (5) يعني غير قاتلها (فقالت برأسها) أي أشارت لأنها لا تقدر على الكلام (6) (سنده) حدثنا يزيد ابن هارون أنا همام عن قتادة عن أنس الخ (7) ثبت اعترافه في رواية لمسلم كما تقدم (تخريجه) (ق والأربعة. وغيرهم) (8) (سنده) حدثنا عبد الرزاق قال أنا ابن جريح قال أنا عمرو بن دينار أنه سمع طاوسا يخبر عن ابن عباس عن عمر أنه نشد قضاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك (يعني في حكم قتل المرآة مع جنينها) فجاء حمل بن مالك فقال كنت بين بيتي أمرآتي الخ (غريبه) حمل بفتح المهملة والميم (9) بوزن منبر عود من أعواد الخباء (10) جاء في القاموس الغرة بالضم العبد والأمة أه وأصلها البياض في وجه الفرس، قال الجوهري كأنه عبر بالغرة عن الجسم كله كما قالوا أعتق رقبته أه (قلت) جاء في بعض الروايات التصريح (بعبد أو أمة) بدل غرة، والمراد أن يأخذ أولياء الدم من عصبة القتلة عبدا أو أمة دية الجنين (11) أي وقضى بأن تقتل المرآة القاتلة في مقابلة المرآة المقتولة وهذا موضع الدلالة من الحديث أعنى قوله (وأن تقتل بها) وقد جاء هذا اللفظ أيضا عند أبي داود وابن ماجه، قال المنذري (وقوله وأن تقتل بها) لم يذكر في غير هذه الرواية (يعني رواية طاوس عن ابن عباس) أه (قلت) وهو يفيد أن القتل كان عمدا يجب فيه القصاص، لكن جاء في الصحيحين في هذه القصة بلفظ (فقضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن دية جنينها غرة عبد أو وليدة وقضى بدية المرآة على عاقلتها وهذا لفظ مسلم والبخاري بمعناه وليس فيهما (وأن تقتل بها) وهو يفيد أن القتل كان شبه عمد ليس فيه إلا الدية وهو معارض لرواية الأمام أحمد ومن وافقه، ويمكن الجمع بأن القتل كان عمداً فقضى بالقصاص ثم وقع الصلح والتراضي على الدية وهذا جائز (فإن قيل) إن دية العمد على القاتل لا العاقلة (فيجاب) بأنهم تحملوا عنها برضاهم والله أعلم (تخريجه) (د نس جه حب ك) وصححاه، انظر أحكام هذا الباب في

-[لا يقتل والد بولده وقصة أن ورقة مع مملوكيها وما جاء في قتل الاثنين بالواحد]- (باب لا يقتل والد بولده: وما جاء في قتل الاثنين بالواحد). (عن مجاهد) قال حذف رجل ابنا له بسيفه فقتله فرفع إلى عمر فقال لولا أني سمعت رسول الله عليه وسلم يقول لا يقاد الوالد من ولده لقتلتك قبل أن تبرح. (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) قال قال عمر بن الخطاب سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقاد لولد من والده. حدثنا أبو نعيم قال ثنا الويد بن جُميع قال حدثني عبد الرحمن بن خلاد الأنصارى وجدَّتي (عن أم ورقة) بنت عبد الله بن الحارث أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يزورها كل جمعة وأنا قالت يا نبي الله يوم بدر أتأذن فاخرج معك أمرِّض مرضاكم وأداوى جرحاكم لعل الله يهدى لى شهادة؟ قال قِرىّ فان الله عز وجل يهدى لك شهادة، وكانت أعتقت جارية لها وغلاما وعن دُبُر منها فطال عليهما فغماها في القطيفة حتى ماتت وهربا، فأتى عمر فقيل له إن أم ورقة قد قتلها غلامها وجاريتها وهربا، فقام عمر في الناس فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزور أن ورقة يقول انطلقوا نزور الشهيدة وأن فلانة جاريتها وفلانا غلامها غماها قم هربا فلا يؤويهما أحد، ومن وجدهما فليأ بهما فأتى بهما فصلبا فكانا أول مصلوبين

_ القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 267 و 268 في الجزء الثاني (1) (سنده) حدثنا أسود بن عامر قال أخبرنا يعني الأحمر عن مطرف عن الحكم عن مجاهد الخ (غريبه) (2) أي لا يقتص من الوالد إذا قتل ولده عمداً لأنه سبب في وجوده فلا يكون الابن سببا في إعدامه، أما غير الوالد لو فعل مثل هذا فإنه يقتل لأنه تعمد الحذف بآلة قاتلة (تخريجه) (مذ جه) وسنده عند الأمام أحمد جيد، وهو عند الترمذي من طريق حجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب وأعله الترمذي بالاضطراب وحديث عمرو بن شعيب تقدم في باب موانع الأرث من كتاب الفرائض في الجزء الخامس عشر صحيفة 190 رقم 4 (3) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو الخ (تخريجه) (مذ جه هق قط) وفي إسناده ابن لهيعة عند الأمام أحمد وقد صرح بالتحديث فحديث حسن وله طرق أخرى عند البيهقي منها عن عمر بن الخطاب في هذه القصة أنه قال لولا أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لا يقاد الأب من ابنه لقتلتك هلم ديته فأتاه بها فدفعها إلى ورثته وترك أياه، قال البيهقي وإسناده صحيح (غريبه) (4) قال الحافظ في الإصابة جدة الوليد يقال إن أسمها ليلى وإن بينها وبين أم ورقة واسطة فقد أخرجه ابن السكن من طريق عبد الله بن داود عن الوليد عن ليلى بنت مالك عن أبيها عن أم ورقه أه (5) بفتحات بنت عبد الله الحارث، وجاء في رواية أبي داود بنت نوفل ونوفل جدها الأعلى نسبت إليه، وجدها الأدنى عويمر بن نوفل: كانت من فضليات النساء الصحابيات وكانت قد جمعت القرآن أي حفظته وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد أمرها أن تؤم أهل دارها، جاء ذلك في رواية للأمام أحمد وأبي داود وتقدم في الجزء الخامس في باب إمامة الأعمى والصبي والمرآة بمثلها صحيفة 233 رقم 1375 (6) بكسر القاف أي استقرى في بيتك وأثبتي فيه (7) أي علقت عتقهما على موتها يقال دبر الرجل عبده تدبيرا إذا أعتقه بعد موته (8) أي غطياها بقطيفة وحبسا نفسها حتى ماتت والقطيفة كساء له هدب: وبذلك تحقق إخباره - صلى الله عليه وسلم - بإنها تموت شهيدة (9) أي خطب في الناس وأخبرهم بخبرها (10) إنما صلبهما عمر رضي الله

-[ما جاء في القصاص من ولاة الأمور وجواز الصلح أو العفو]- (باب القصاص من ولاة الأمور إلا إذا اصطلح المستحق أو عفا). (عن أبي سعيد الخدرى) قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم شيئا أقبل رجل فألبَّ عليه فطعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرجون كان معه فجرح بوجهه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعال فاستقد، قال قد عفوت يا رسول الله (عن أبى فراس) قال خطب عمر بن الخطاب (فذكر حديثا طويلا فيه) ألا انى والله ما أرسل عمالى إليكم لضربوا أبشاركم ولا يأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم إليكم لعلموكم دينكم وسنتكم فمن فُعل به شيء سوى ذلك فليرفعه إلىَّ، فوالذى نفسى بيده إذا لأقصَّنه منه، فوثب عمرو بن العاص فقال يا أمير المؤمنين أورأيت إن كان رجل من المسلمين على رعة فأدب بعض رعيته أئتك لمقتصه منه؟ قال أى والذى نفس عمر بيده إذا لأقتصنه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يٌقِص من نفسه (عن عائشة رضى الله عنها) أن النبى صلى الله عليه وسلم بعث أبا جهم مصدقا فلاجَّه رجل في صدقته فضربه أبو جهم فشجه فأتوا النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا القود يا رسول الله، فقال النبى صلى الله عليه وسلم لكم كذا وكذا فلم يرضوا، قال فلكم كذا وكذا فلم يرضوا، قال فلكم كذا وكذا فرضوا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم إنى خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم قالوا نهم، فخطب النبى صلى الله عليه وسلم فقال ان هؤلاء الليثيين أتوني يريدون القود فعرضت عليهم كذا وكذا فرضوا، أرضيتم. قالوا لا، فهم المهاجرون بهم فأمر النبي صلى الله عليه وسلم

_ عنه التشنيع والتشهير بهما لإنهما أساء إلى من أحسنت إليهما وقتلها قتلا شنيعا ولئلا يتخذ العبيد ذلك ذريعة إلى تنفيذ أغراضهم والله أعلم (تخريجه) أورده الحافظ في الإصابة وقال رواه (د) وأبو نعيم وابن السكن وابن منده (قلت) وسنده حسن وفيه دلالة على جواز قتل الأثنين بالواحد إذا اشتركا في قتله (وفي الباب) عن سعيد بن المسبب أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قتل نقرا خمسة أو سبعة برجل قتلوه قتل غيلة وقال عمر لو تمالأ عليه أهل صنعاء لقتلهم جميعا رواه (لك فع) وسنده جيد وهو موقوف على عمر، وهو يفيد قتل الجماعة بالواحد إذا اشتركوا في قتله، وفيه خلاف بين الأئمة، انظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 249 و 250 في الجزء الثاني (باب) (1) (سنده) حدثنا هارون (قال عبد الله بن الأمام أحمد) وسمعته أنا من هارون ثنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن عبيدة بن مسافع عن أبي سعيد الخضري الخ (غريبه) (2) أي سقط عليه لينال شيئا ما لاستعجاله (فطعنه رسول الله - صلى الله عليه وسلم -) تأديبا (3) بضم العين المهملة أصل العذق الذي يعوج ويقطع منه الشماريخ فيبقى على النخل يابسا (4) أي فطلب مني القود يعني القصاص، وقد جاء في القصاص من نفسه - صلى الله عليه وسلم - أحاديث كثيرة مما يدل على تواضعه وكرم أخلاقه (تخريجه) (د نس) ورجاله رجال الصحيح (غريبه) (5) رفراس بكسر الفاء بعدها راء مخففة ثم سين مهملة (6) سيأتي الحديث بطوله وسنده في باب خطب عمر في أبواب خلافته من كتاب الخلافة والإمارة (7) أي أجسامكم (8) بضم الهمزة من أقصى بمعنى أقتص (9) بكسر الهمزة حرف جواب بمعنى نعم (10) يشير إلى ما ورد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - طالب القصاص من نفسه لأناس ومنه الحديث السابق (تخريجه) (د نس) ورجاله رجال الصحيح (11) بتشديد الجيم أي نازعه وخاصة من اللجاج (13) أي جرح رأسه (14) بالنصب مفعول لفعل محذوف أي نطلب القود وهو القصاص من المعتدى (15) أي من المال بقصد الدية (16) أي يريدون

-[ما جاء في فضل من استحق القصاص وعفا]- أن يكفوا ثم دعاهم فزادهم وقال أرضيتم؟ قالوا نعم، قال فانى خاطب على الناس ومخبرهم برضاكم فخطب النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال أرضيتم؟ قالوا نعم. (باب فضل من استحق القصاص وعفا). (عن أبى السَّفر) قال كسر رجل من قريش سن رجل من الأنصار فاستعدى عليه معاوية، فقال الأنصارى أن هذا دق سنى، قال معاوية كلا إنا سنرضيك قال فلما ألح ليه الأنصارى قال معاوية شأنك بصاحبك وأبو الدرداء جالس: فقال أبو الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلم يصاب بشيء في جسده يتصدق به إلا رفعه الله به درجة وحط عنه به خطيئة، قال فقال الأنصارى أأنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم سمعته أذناى ووعاه قلبى يعنى فعفا عنه (عن عبادة بن الصامت) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل يجرح في جسده جراحة فيتصدق بها إلا كفر الله عنه مثل ما تصدق به (عن أنس بن مالك) قال ما رفع إلى النبى صلى الله عليه وسلم أمر فيه القصاص إلا أمر فيه بالعفو (باب القصاص في كسر السن) (عن حميد الطويل)

_ زجرهم وتقبيح فعلهم لأنهم رضوا بما أعطاهم ثم رجعوا عنه فكفهم النبي - صلى الله عليه وسلم - عنهم وهذا من كرم أخلاقه وسعة صدره ومزيد حلمه (تخريجه) (د نس) ورجاله رجال الصحيح (باب) (1) (سنده) حدثنا وكيع ثنا يونس بن أبي إسحاق عن أبي السفر الخ (قلت) أبو السفر بفتحتين قال الترمذي اسمه سعيد بن أحمد ويقال بن يحمد (بضم أوله وكسر الميم) الثوري (غريبه) (2) أي استعان به عليه قال في القاموس استعداده استعانه واستنصره (3) أي كسره كما تقدم في الحديث (4) أي بالدية يدل القصاص وكأن معاوية رضي الله عنه رأى أن الدية أنفع للأنصاري وأرحم بالقرشي (5) من الإلحاح أي أكثر الكلام بطلب القصاص أسلمه الرجل وقال شأنك بصاحبك أي اقتص منه (6) أي كجرح أو كسر (فيتصدق به) أي يعفو عن الجاني: قال المناوي معناه إذا جنى إنسان على آخر جناية فعفا عنه لوجه الله تعالى نال هذا الثواب (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه ولا أعرف لأبي السفر سماعا من أبي الدرداء وإسناده حسن لولا الانقطاع (7) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان ثنا هشيم عن المغيرة عن الشعبي أن عبادة بن الصامت قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (8) المراد بالصدقة هنا العفو عن الجاني لوجه الله تعالى كما تقدم (9) أي بقدر الجناية كثرة وقلة وربما زاده الله عز وجل من عنده إذا حسنت نيته (تخريجه) أخرجه الضياء المقدسي وصححه الحافظ السيوطي وقال المنذري والهيثمي رجاله رجال الصحيح (10) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا عبد الله يعني ابن أبي بكر المزني ثنا عطاء بن أبي ميمونة قال ولا أعلمه إلا عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (11) الأمر هنا محول على الندب أي حث عليه ورغب فيه وصاحب الدم له الخيار في القبول وعدمه وإن كان الأولى القبول لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يرغب في شيء إلا وفيه مصلحة (تخريجه) (د نس جه) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صاحب للاحتجاج به (باب) (12) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الله بن المثنى حدثنا حميد الطويل عن انس بن مالك الخ (قلت) هذا السند من ثلاثيات الأمام أحمد (غريبه)

-[كلام العلماء في القصاص في كسر السن]- عن أنس بن مالك ان الربيع بنت النضر عمة أنس بن مالك كسرت ثنية جارية فعرضوا عليهم الأرش فأبوا، وطلبوا العفو فأبوا، فأتوا النبى صلى الله عليه وسلم فأمر بالقصاص، فجاء أخوها أنس بن النضر عم أنس ابن مالك فقال يا رسول الله اتكسر ثنية الربيِّع؟ لا والذى بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أنس كتاب الله القصاص، فقال فعفا القوم، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبرَّه (ومن طريق ثان) عن ثابت عن أنس ابن مالك أن أخت الربيع أم حارثة جرحت إنسانا فاختصموا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (1) بضم الراء وفتح الموحدة وتشديد الياء التحتية مكسورة (2) بفتح أوله وكسر ثانية ثم ياء تحتية مشددة مفتوحة، واحدة الثنايا من الأسنان جمعها ثنايا وثنيات، وهي أربع في مقدم الفم اثنتان من فوق وثنتان من أسفل (3) يعني الدية وسمي أرشا لأنه من أسباب النزاع، يقال أرشت بين القوم إذا أوقعت بينهم: فدفع الأرش يحمم النزاع القائم بسبب الجناية (4) ليس المراد بالحلف رد حكم النبي - صلى الله عليه وسلم - القصاص بل المراد الرغبة إلى مستحق القصاص أن يعفو. وإلى النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشفاعة إليهم في العفو، وإنما حلف ثقة بهم أن لا يخشوه وثقه بفضل الله ولطفه أن لا يخشه بل يلهمهم العفو (5) بالرفع مبتدأ والقصاص خبره أي حكم كتاب الله القصاص يشير إلى قوله تعالى (والسن بالسن) (6) أي لا يحنثة لكرامته عليه (7) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال أنا ثابت عن أنس الخ (8) وبفتح الراء وكسر الموحدة هو الريع بن النضر أخو الربيع بضم الراء وفتح الموحدة صاحبة القصة المذكورة في الطريق الأولى وهي رواية البخاري (وقوله أم حارثة) بفتح الميم المشددة بدل من أخت وهي الربيع بنت النضر صاحبة القصة السابقة، عبر عنها في هذه الطريق بكنيتها، وذكرها في الطريق الأولى باسمها، وقد وهم بعض الرواه في قوله (أن أخت الربيع) فضبط الربيع بضم الراء وفتح الموحدة وبسبب هذا الوهم حصل الاختلاف بين الروايتين، قال النووي رحمه الله حصل الاختلاف في الروايتين من وجهين (أحدهما) أن في رواية مسلم (هي الطريق الثانية هنا) أنها الربيع بنفسها (والثاني) أن في رواية مسلم أن الحالف لا تكسر ثنيتها هي أم الربيع (بفتح الراء، وفي رواية البخاري أنه أنس بن النضر، قال العلماء المعروف في الروايات رواية البخاري وقد ذكرها من طرقه الصحيحة كما ذكرنا عنه وكذا رواه أصحاب كتب السنن ثم قال إنهما قضيتان أه كلام النووي (قلت) هما قضية واحدة ولا اختلاف بينهما بدليل أن أم حارثة هي الربيع بنت النضر لا أختها، وأبو حارثة هو سراقة بن الحارث بن عدي بن النجار الأنصاري النجاري كما ذكره الحافظ في الإصابة، قال استشهد حارثة في غزوة بدر فقالت أم الربيع بنت النضر النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرني عن حارثة فإن يكن في الجنة صبرت واحتسبت، وإن كان غير ذلك اجتهدت في البكاء، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يا أم حارثة أنها جنات كثيرة وإن حارثة في الفردوس الأعلى رواه (خ حم نس) فثبت بذلك أن أم حارثة هي الربيع لا أختها، وأما ما جاء في الطريق الأولى (وهي رواية البخاري) أن الحالف لا تكسر ثنيتها هو أنس بن النضر وجاء في الطريق الثانية (وهي رواية مسلم) أن الحالف أم الربيع بفتح الراء وكسر الموحدة فالجمع بينهما ممكن بأن كليهما أقسم ورجال النبي - صلى الله عليه وسلم - في الشفاعة إليهم في العفو بدافع عطف

-[ما جاء في القصاص في قطع شيء من الأذن]- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم القصاص القصاص فقالت أم الربيع يا رسول الله أيقتص من فلانة لا والله لا يقتص منها أبدا، قال النبى صلى الله عليه وسلم سبحان الله يا أم ربيع، كتاب الله، قالت لا والله لا يمنها أبدا، قال فما زالت حتى قبلوا منها الدية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره (باب القصاص في قطع شئ من الإذن). (عن العلاء بن عبد الرحمن) بن يعقوب عن رجل من قريش من بنى سهم عن رجل منهم يقال له ماجدة قال عارمت غلاما بمكة فعض أذنى فقطع منها أو عضضت أنه فقطعت منها، فلما قدم إلينا أبو بكر رضى الله عنه حاجا رُفعنا إليه فقال انطلقوا إلى عمر بن الخطاب بان كان الجارح بلغ أن يقتص منه فليقتص قال فلما انتهى بنا إلى عمر نظر إلينا فقال نعم قد بلغ ذا أن يقتص منه أدعو لى حجاما، فلما ذكر الحجام قال إما أنى قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قد أعطيت خالتى غلاما وأنا أرجو أن يبارك الله لها فيه وقد نهيتها أن تجعله

_ القرابة، وفي قوله - صلى الله عليه وسلم - الآتي (يا أم الربيع) بفتح الراء وكسر الموحدة كما ثبت ضبطه بذلك في رواية مسلم دلالة على أن الربيع أخو الربيع كما فسرناه بذلك وضبطناه كذلك في أول الطريق الثانية عند قوله (أن أخت الربيع أم حارثة الخ) وقلنا أنه أخو الربيع صاحبة القصة وعلى هذا فهي قضية واحدة لا قضيتان هذا ما ظهر لي: فإن كان صوابا فلله الحمد، وأن كان خطأ فاستغفر الله وارجع إلى ما قاله سلفنا رحمهم الله والله أعلم (1) هما منصوبان أي أدوا القصاص وسلموه إلى مستحقه (2) بفتح الراء وكسر الموحدة كذا ضبطه النووي في شرح مسلم وكذلك قوله (سبحان الله يا أم ربيع) (3) بالنصب مفعول لفعل محذوف تقديره الزموا كتاب الله، قيل يشير إلى قوله تعالى (والسن بالسن) وهذا على قول من يقول إن شرائع من قبلنا شرع لنا إذا قرره شرعنا، وقيل هذا إشارة إلى قوله تعالى (وإن عاقيبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبم به) وإلى قوله تعالى (والجروح قصاص) (تخريجه) (ق د نس جه) قال المنذري قال أبو داود وسمعت أحمد بن حنبل قيل له كيف يقتص من السن؟ قال تبرد أه (قال الشوكاني) وظاهر الحديث وجوب القصاص ولو كان ذلك كسرا لا قلعا ولكن بشرط أن يعرف مقدار المكسور ويمكن أخذ مثله من سن الكاسر فيكون الاقتصاص بإن يبرد سن الجاني إلى الحد الذاهب من سن المجني عليه كما قال أحمد، قال الشوكاني وقد حكى الإجماع على أنه لا قصاص في العظم الذي يخاف منه الهلاك والله أعلم (باب) (4) (سنده) حدثنا محمد بن يزيد ثنا محمد بن اسحاق قال ثنا العلاء بن عبد الرحمن الخ (وله إسناد آخر) عند الأمام أحمد أيضا قال ثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال وحدثني العلاء بن عبد الرحمن عن رجل من بني سهم عن ابن ماجدة السهمي أنه قال حج علينا أبو بكر في خلافته فذكر الحديث (قلت) هكذا في المسند مختصرا، وجاء عند أبي داود من طريق العلاء بن عبد الرحمن فقال عن أبي ماجدة فذكر الحديث ثم قال في أخره روى عبد الأعلى عن ابن إسحاق قال ابن ماجدة (غريبه) (5) أي خاصمت والعرام بوزن غراب الحدة والشرس (6) أي بلغ السن التي يسير بها مكلفا أو ظهرت عليه علامات البلوغ، وفيه أن الصبي لا يقتص منه (7) هي فأخته بنت عمرو كما صرح في حديث جابر عند

-[ما جاء فيمن عض يد رجل فانتزعها فسقطت ثنيته]- حجاما أو قصابا (1) أو صائغا (باب ما جاء فيمن عض يد رجل فانتزعها فسقطت ثنيته) (عن يعلى بن أمية) (2) وسلمة بن أمية قالا خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة تبوك معنا صاحب لنا (3) فاقتتل هو ورجل من المسلمين (4) فعض ذلك الرجل بذراعه (5) فاجتبذ يده من فيه (6) فطرح ثنيته فذهب الرجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله العقل (7) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ينطلق أحدكم إلى أخيه يعضه عضيض الفحل (8) ثم يأتى يلتمس العقل لا دية لك فأطلها (9) رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى فأبطلها (ومن طريق ثان) (10) عن صفوان بن يعلى عن يعلى بن أمية قال غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم جيش العسرة (11) وكان من اوثق أعمالي فى نفسى (12) وكان لى أجير فقاتل إنساناً فعض أحدهما صاحبه (13) فانتزع أصبعه (14) فأندر وقال أفيدع يده في فيك

_ الطبراني، وفي الإصابة فأخته بنت عمرو الزاهرية خالة النبي - صلى الله عليه وسلم - (1) إنما كره الحجام والقصاب لأجل النجاسة التي يباشر أنها مع تعذر الاحتراز (وأما الصائغ) فلما يدخل في كسبه من الغش والربا ولكثرة الكذب وخلف الوعد عنده وأن شاركه في ذلك بعض الناس لكنه في الصائغ اكثر والله أعلم (تخريجه) (د) وهو ضعيف للاضطراب في سنده وانقطاعه بجهالة الرجل من قريش من بني سهم والله أعلم وهذا الحديث يدل على أنه إذا اعتدى المكلف العاقل على إذن إنسان فقطع منها شيئا وجب أن يقتص من إذن الجاني بقدر ما قطع منها (قال العلماء) وتقدير ذلك بالأجزاء فيؤخذ النصف بالنصف والثلث بالثلث وعلى حساب ذلك، وإليه ذهب الجمهور، وقد أجمع العلماء على أن الأذن تؤخذ بالأذن إذا قطعها كلها لقول الله تعالى (والأذن بالأذن) لأنها تنتهي إلى حد فاصل، وتؤخذ الكبيرة بالصغيرة واليمنى باليمنى واليسرى باليسرى وهكذا، وإلى ذهب الجمهور والله أعلم (باب) (2) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني عطاء بن أبي رباح عن صفوان بن عبد الله بن صفوان عن عميه يعلى بن أمية وسلمه ابن مية الخ (غريبه) (3) جاء في الطريق الثانية عن يعلى ابن أميه قال وكان لي أجير فقاتل إنسانا الخ، فقوله صاحب لنا يعني أجيره (4) معنى اقتتل هنا المشاجرة والمدافعة، وليس كل قتال بمعنى القتل (5) يعني بذراع صاحب يعلى بن أميه الذي هو اجيره كما في الطريق الثانية، وفي رواية أخرى للأمام أحمد أيضا (فمض يده) بدل قوله هنا (فمض بذراعه) واليد مؤنثة، وهي من المنكب إلى أطراف الأصلبع (6) أي انتزعها من فمه (فطرح ثنيته) أي أسقطها: والثنية واحدة الثنايا من السن وتقدم شرحها في باب القصاص في كسر السن (7) أي الدية (8) أي كما يعض الفحل والمراد هنا الذكر من الإبل (9) أي أبطل ديته كما فسرت في الحديث ولم يحكم له بها (10) (سنده) حدثنا إسماعيل عن ابن جريح قال أخبرني عطاء عن صفوان بن يعلى الخ (11) يعني غزوة تبوك كما صرح بذلك في الطريق الأولى، وسميت بجيش العسرة لأنها كانت في شدة الحر وقلة الظهر وبعيدة الشقة (12) لفظ مسلم وكان يعلى يقول تلك الغزوة أوثق عملي عندي أي لكونها في ساعة العسرة مع بعد الشقة (13) لم يبين في هذه الرواية من العاض وتقدم بيانه في الطريق الأولى (14) هذا يفيد أنه عضه في اصبعه وهو يخالف ما تقدم في الطريق الأولى من أنه عضه بذراعه: وقد رجح العلماء رواية الذراع لأنها من طريق جماعة كما حقق ذلك الحافظ (وقوله فأندرو قال افيدع يده الخ) هكذا جاء في المسند بدون ذكر المفعول /، والظاهر أنه سقط من الناسخ، فقد جاء

-[النهي عن الاقتصاص فى الطرف قبل الاندمال]- تقضمها (1) قال أحسبه قال كما يقضم الفحل * (عن عمران بن حصين) (2) قال قاتل يعلى بن منية (3) أو ابن أمية. رجلاً فعض أحدهما يد صاحبه فانتزع يده من فيه فانتزع ثنيته (4) وقال حجاج ثنيتيه فاختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يعض أحدكما أخاه كما يعض الفحل لا دية له (وفى لفظ) فأبطلها وقال أردت أن تقضم لحم أخيك كما يقضم الفحل (باب النهى عن الاقتضاض فى الطرف قبل الاندمال) * (عن عمرو بن شعيب) (5) عن أبيه عن جده قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رجل طعن رجلاً بقرن فى رجله (6) فقال يا رسول الله أقدنى (7) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعجل حتى يبرأ جرحك (8) قال فأبى الرجل إلا أن يستقيد فأقاده رسول الله صلى الله عليه وسلم منه قال فعرج المستقيد وبرأ المستقاد منه، فأتى المستقيد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله عرجت وبرأ صاحبى، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم آمرك أن لا تستقيد حتى يبرأ جرحك فعصيتني

_ في هذه الرواية من طريق ابن جريح أيضا فاندر ثنيته (أي أسقطها) فسقطت فانطلق إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فاهدر ثنيته وقال أفيدع يده الخ (1) بفتح الضاد المعجمة أي تعضها بأطراف أسنانك كما يعض الفحل من الإبل، والقضم يكون بأطراف الأسنان والخضم بأقصى الأضراس وبابهما تعب (تخريجه) (ق فع دنس جه. وغيرهم) (2) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن زرارة بن أوفى قال حجاج في حديثه سمعت زوارة بن أوفى عن عمران بن حصين الخ (غريبه) (3) بضم الميم وإسكان النون وبعدها ياء مثناه تحت وهي أم يعلى وقيل جدته (وقوله أو ابن أميه) أو للشك من الراوي يشك هل قال بن منية أو ابن أمية بضم الهمزة وفتح الميم بعد ياء تحتية مشددة مفتوحة وهو اسم أبيه فيصبح أن يقال يعلى بن أمية ويعلى بن منية قال النووي (4) بالأفراد وهي رواية شعبة (وقال حجاج) في رواية (ثنيتيه) بالتثنية، وللأمام أحمد رواية أخرى عن محمد بن جعفر بالإفراد، وعن ابن نمير بالتثنية، ورواه مسلم عن محمد بن بشار بالإفراد: وعن ابن المثنى بالتثنية، وجاء في رواية البخاري ثنيتاه عند الأكثر، وفي رواية للكشميهني ثناياه بصيغة الجمع، وفي رواية بصيغة المفرد، ويجمع بين ذلك بإنه أريد بصيغة الأفراد الجنس، وجعل صيغة الجمع مطابقة لصيغة التثنية عند من يجيز إطلاق صيغة الجمع على المثنى والله أعلم، وهذه الرواية تدل على أن المقاتلة حصلت بين يعلى نفسه وبين رجل أخر فعض أحدهما صاحبه ولم يصرح بالفاعل، وقد جاء في بعض روايات النسائي أن رجلا من بنى تميم قاتل رجلا فعض يده، ويعلى من بني تميم، وكل هذا يخالف ما تقدم في حديث يعلى من أن القاتل هو أجير يعلى وأنه المعضوض ورجح الحافظ أن المعضوض أجير يعلى لا يعلى، قالوا ويحتمل أنهما قضيتان جرتا ليعلى ولأجيره في وقت أو وقتين والله أعلم (تخريجه) (ق نس مذ جه) انظر القول الحسن شرح بدائع المنن في أحكام هذا الباب صحيفة 254 في الجزء الثاني (باب) (5) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال ابن إسحاق وذكر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبه) (6) أي فجرحه كما يستفاد من السياق (7) يريد الاقتصاص من الجاني (8) إنما قال له النبي - صلى الله عليه وسلم - ذلك لأنه لا يعلم إذا كان هذا الجرح يحدث عاهة كان المجني عليه دية العضو

-[هل يستوفى القصاص والحدود فى الرحم والمساجد أم لا؟]- فأبعدك الله (1) وبطل جرحك، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الرجل الذى عرج (2) من كان به جرح أن لا يستقيد حتى تبرأ جراحته: فإذا برئت جراحته استقاد (باب هل يستوفى القصاص والحدود فى الرحم والمساجد أم لا؟) * (عن حكيم بن حزام) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقام الحدود فى المساجد ولا يستقاد (4) فيها* (عن عمرو بن شعيب) (5) عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعدى (6) الناس على الله من قتل فى الحرم (7) أو قتل غير قاتله أو قتل بذحول (8)

_ (1) أي أبعده عن الشفاء (وقوله وبطل جرحك) أي بطل ما كان لك من دية جرحك بتعجلك بالقصاص (2) أي بعد هذه الحادثة (تخريجه) (قط هق فع) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات: انظر مذاهب الأئمة في هذه المسألة في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 253، 254 في الجزء الثاني (باب) (3) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب جامع ما تصان عنه المساجد من كتاب المساجد صحيفة 65 في الجزء الثالث، وإنما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة (غريبه) (4) أي لا يقتص من القاتل ونحوه في المساجد لأن النهي حقيقة في التحريم ولا صارف له ها هنا عن معناه الحقيقي (5) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وتخريجه في باب تحريم غزو مكة بعد عام الفتح من كتاب الغزوات أن شاء الله تعالى (غريبه) (6) من التعدي أي أشد الناس تعديا (وقوله على الله) أي على حقوق الله عز وجل (7) ظاهره سواء كان ظلما أو قوداً، والمراد بالحرم هنا مكة ومسجدها وما جاورها من أرض الحرم (8) جمع ذحل بفتح الذال المعجمة وسكون الحاء المهملة وهو الثأر وطلب المكافأة والعداوة أيضا، والمراد هنا طلب من كان له دم في الجاهلية بعد دخوله في الإسلام (تخريجه) (حب) في صحيحه وسنده جيد، والأمام أحمد من حديث أبي شريح الخزاعي نحوه وسيأتي في باب تحريم غزو مكة بعد عام الفتح من كتاب الغزوات أن شاء الله تعالى، وقال ابن عمر لو وجدت قاتل عمر في الحرم ما هجته، وقال ابن عباس في الذي يصيب حدا ثم يلجأ إلى الحرم يقام عليه الحد إذا خرج من الحرم حكاهما الأمام أحمد في رواية الأترم: وإلى ذلك ذهب الجمهور من الصحابة والتابعين ومن بعدهم والحنفية والأمام أحمد ومن وافقه منة أهل الحديث عملا بحديثي الباب وبقوله تعالى (ومن دخله كان آمنا) وهو الحكم الثابت، وأما إذ ارتكب حدا أو قصاصا في الحرم فقد حكى القرطبي أن ابن الجوزي حكى الإجماع فيمن جنى في الحرم أنه يقاد منه أه وروى ذلك عن ابن عباس أيضا، ويؤيده قوله تعالى (ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه فإن قاتلوكم فاقتلوهم) ويؤيده أيضا أن الجاني في الحرم هاتك لحرمته بخلاف من التجأ إليه، وأيضا لو ترك الحد والقصاص على من فعل ما يوجبه في الحرم لعظم الفساد في الحرم: هذا فيما يختص بالحرم ومسجده، أما المساجد الأخرى غير الحرم فقد قال ابن حزم في المحلى صح أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمر بتطييب المساجد وتنظيفها فما كان من أقامة الحدود فيه تقذير للمساجد بالدم كالقتل والقطع فحرام أن يقام شيء من ذلك في المسجد، لأن ذلك ليس تطيبا ولا تنظيفا , وكذلك أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - برجم ماعز بالبقيع خارج المسجد، وأما ما كان من الحدود كالجلد فاقامته في المسجد جائز وخارجه أيضا جائز إلا أن خارج المسجد أحب إلينا خوفا من أن يكون من المجلود بول لضعف طبيعته أو غير ذلك مما لا يؤمن من المضروب، برهان ذلك قوله تعالى (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما أضررتم إليه) فلو كان

-[ما جاء في القسامة]- الجاهلية* (عن أنس بن مالك) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر (2) فلما نزعه جاء رجل وقال ابن خطل (3) متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه (4) (باب ما جاء فى القسامة) (*) (عن بشير بن يسار) (6) عن سهل بن أبى حثمة قال خرج عبد الله بن سهل أخو بنى حارثة يعنى فى نفر من بنى حارثة (7) إلى خيبر يمتارون (8) منها تمراً قال فعدى (9) على عبد الله ابن سهل فكسرت عنقه ثم طرح فى منهر (10) من مناهر عيون خيبر وفقده أصحابه فالتمسوه حتى وجدوه فغيبوه (11) قال ثم قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأقبل أخو عبد الرحمن بن سهل وابنا عمه حويصة ومحيصة (12) وهما كانا أسن من عبد الرحمن وكان عبد الرحمن إذا أقدم (13) القوم وصاحب الدم فتقدم لذلك، فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ابنى عمه حويصة ومحيصة قال فقال رسول الله

_ إقامة الحدود بالجلد في المساجد حراما لفصل لنا ذلك مبينا في القرآن على لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وممن قال بإقامة الحدود بالجلد في المسجد ابن أبي ليلى وغيره وبه نأخذ وبالله التوفيق أه (1) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) بوزن منبر هو ما يلبسه المحارب على رأسه من الزرد الحديد ونحوه (3) بفتحتين وإنما أمر - صلى الله عليه وسلم - بقتله وهو متعلق بأستار الكعبة لأنه كان ارتد عن الإسلام وقتل مسلما كان يخدمه وكان يهجو النبي - صلى الله عليه وسلم - ويسبه وكان له قينتان تغنيان بهجاء المسلمين (4) جاء في الأصل بعد قوله اقتلوه، قال مالك ولم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ محرما (تخريجه) (خ لك فع) قال الشوكاني وقد استدل بهذا الحديث على أن الحرم لا يعصم من إقامة واجب ولا يؤخر لأجله عن وقته كذا قال الخطابي: وقد ذهب إلى ذلك مالك والشافعي وهو اختيار ابن المنذر ويؤيد ذلك عموم الأدلة القاضية باستيفاء الحدود في كل مكان وزمان (قال الشوكاني) والاستدلال بحديث أنس وهم لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بقتل ابن خطل في الساعة التي أحل الله له فيها القتال بمكة وقد أخبرنا بأنها لا تحل لأحد قبله ولا لأحد بعده وأخبرنا أن حرمتها قد عادت بعد تلك الساعة كما كانت: وأما الاستدلال بعموم الأدلة القاضية باستيفاء الحدود فيجاب أو لا يمنع عمومها لكل مكان وكل زمان لعدم التصريح بهما وعلى تسليم العموم فهو مخصص بأحاديث الباب (يعني حديث حكيم بن حزام وعمرو بن شعيب وغيرهم) لأنها قاضية بمنع ذلك في مكان خاص وهي متأخرة فأنها في حجة الوداع بعد شرعية الحدود أه (باب) (5) القسامة بفتح القاف وتخفيف السين المهملة وهي مصدر وأقسم والمراد بها الأيمان واشتقاق القسامة من القسم كاشتقاق الجماعة من الجمع، وقد حكى أمام الحرمين أن القسامة عند الفقهاء اسم للأيمان وعند أهل اللغة اسم للحالفين وقد صرح بذلك في القاموس (6) (سنده) حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني بشير بن يسار الخ (قلت بشير) بضم الموحدة مصغرا (غريبه) (7) زادفي رواية عند الأمام أحمد ومسلم (ومحيصة بن مسعود) (8) أي يطلبون الميرة وهي الطعام ونحوه مما يجلب للبيع (9) بضم العين وكسر الدال المهملتين مبنى للمفعول أي تعدي بعهض الناس على عبد الله بن سهم فقتله وذلك بعد أن فارقه محيصة في بعض جهات خيبر كما في بعض الروايات (10) بوزن منبع خرق في الحصن نافذ يدخل فيه الماء وهو مفعل من النهر والميم زائدة (11) أي دفنوه زاد في رواية لمسلم ومالك أن محيصة أتى يهود فقال أنتم والله قتلتموه، قالوا والله ما قتلناه، ثم أقبل حتى قدم على قومه فذكر لهم ذلك (12) قال النووي حويصة ومحيصة بتشديد الياء التحتية فيهما وبتخفيفها لغتان مشهورتان أشهرهما التشديد (13) من الإقدام

-[ما جاء فى القسامة]- صلى الله عليه وسلم الكبر الكبر (1) فاستأخر عبد الرحمن وتكلم حويصة (2) ثم تكلم محيصة ثم تكلم عبد الرحمن فقالوا يا رسول الله عدى على صاحبنا فقتل وليس بخيبر عدو إلا يهود (3) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسمون قاتلكم تحلفون عليه خمسين يميناً ثم نسلمه؟ (4) قال فقالوا يا رسول الله ما كنا لنحلف على مالم نشهد، قال فيحلفون لك خمسين يميناً ويبرءون من دم صاحبكم؟ قالوا يا رسول الله ما كنا لنقبل أيمان يهود، ما هم فيه من الكفر أعظم من أن يحلفوا على إثم، قال فودأه (5) رسول الله صلى الله تبارك وتعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم من عنده مائة ناقة، قال يقول سهل فوالله. ما أنسى بكرة منها حمراء ركضتنى (6) وأنا أحوزها (7) *

_ وهو الشجاعة أي أشجع القوم (1) بضم الكاف فيهما وبالنصب فيهما على الإغراء، وقال الكرماني الكبر بضم الكاف مصدر أو جمع الأكبر أو مفرد بمعنى الأكبر يقال هو كبرهم أي أكبرهم ويروى الكبر بكسر الكاف وفتح الموحدة أي كبير السن أي قدموا الأكبر سنا في الكلام (2) إنما تكلم حويصة لأنه أكبر القوم سناً ثم تكلم محيصة لكونه كان مرافقا للقتيل في السفر وأن لم يشهد قتله، ثم تكلم عبد الرحمن لأنه أخو القتيل وصاحب الدم، قال النووي رحمه الله وأعلم أن حقيقة الدعوى أنما هي لأخيه عبد الرحمن لاحق فيها لأبنى عمه وإنما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يتكلم الأكبر وهو حويصة لأنه لم يكن المراد بكلامة حقيقة الدعوى بل سماع صورة القصة وكيف جرت فإذا أراد حقيقة الدعوى تكلم صاحبها: ويحتمل أن عبد الرحمن وكل حويصة في الدعوى ومساعدته أو أمر بتوكيله وفي هذا فضيلة السن عند التساوي في الفضائل ولهذا نظائر فأنه يقدم بها في الأمامة وفي ولاية النكاح ندبا وغير ذلك (3) بالضم بدل من المستثنى منه وهو عدو، ويهود ممنوع من الصرف للعلمية والتأنيث على إرادة اسم القبيلة والطائفة (4) معناه أن أولياء الدم يعينون رجلا واحدا هو القاتل ثم يحلفون خمسين يمينا أنه القاتل وحينئذ يدفع إليهم ليقتصوا والظاهر أن الخمسين يمينا توزع على أولياء الدم، فإن كانوا خمسين رجلا حلف كل رجل يمينا، فإن كانوا أقل من خمسين حلف كل واحد منهم ما يخصه من الخمسين يمينا كما إذا كانوا أربعة مثلا حلف كل واحد خمسة وعشرين يمينا، ويقال مثل ذلك فيما إذا لزمت اليمين المدعى عليهم جاء معنى ذلك في الموطأ (5) بفتح الواو والدال المهملة الخفيفة أي أعطاهم ديته من خالص ماله أو من بيت المال لأنه عاقلة المسلمين وولى أمرهم (وفي رواية للشيخين) فكرة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يبطل دمه فوداه مائة من إبل الصدقة، وقد جمع بعض العلماء بين الروايتين بأنه - صلى الله عليه وسلم - اشتراها من أهل الصدقات بعد أن ملكوها ثم دفعها تبرعا إلى أهل القتيل وهم ورثته: وإنما وداه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قطعا النزاع وإصلاحا لذات البين فإن أهل القتيل لا يستحقون إلا أن يحلفوا أو يستحلفو المدعى عليهم وقد امتنعوا من الأمرين وهم مكسورون بقتل صاحبهم، فأراد - صلى الله عليه وسلم - جبرهم وإصلاح ذات البين فدفع ديته من عنده والله أعلم (6) أي رفستني برجلها وإنما قال ذلك ليبين ظبطه للحديث ضبطا شافيا بليغا (7) أي وأنا أجمعها وأسوقها (تخريجه) (ق. والأمامان. والأربعة. وغيرهم) وفي رواية لمسلم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إما أن يدوا صاحبكم وإما أن يؤذنوا بحرب، فكتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم (يعني إلى اليهود) في ذلك فكتبوا أما والله ما قتلناه فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لحويصة ومحيصة وعبد الرحمن أتحلفون وتستحقون دم صاحبكم الخ الحديث كما تقدم (قاله النووي) في قوله إما أن يدوا صاحبكم وإما أن

-[تخيير أولياء دم القتيل بين القصاص والدية]- (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) (1) وسليمان بن يسار عن أنسان من الأنصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن القسامة كانت فى الجاهلية قسامة الدم فأقرها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما كانت عليه فى الجاهلية وقضى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أناس من الأنصار من بنى حارثة في قتيل ادعوه على اليهود (2). (عن أبى سعيد الخدرى) (3) قال وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم قتيلاً بين قريتين فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فذرع (4) ما بينهما، قال وكأنى أنظر إلى شبر رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) فألقاه على أقربهما (أبواب الدية) (باب جامع دية النفس وأعضائها ومنافعها وما جاء فى الخطأ والعمد وشبه العمد) (حدثنا يعقوب) ثنا أبى عن محمد بن إسحاق فذكر حديثاً (6)، قال ابن إسحاق وذكر عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قتل مؤمناُ متعمداُ فإنه يدفع إلى أولياء القتيل فإن شاءوا قتلوا، وإن شاءوا أخذوا الدية، وهى ثلاثون حقه (7) وثلاثون جذعة (8) وأربعون خلفة (9) فذلك عقل العمد (10) ما صالحوا عليه من شيء فهو لهم (11) وذلك شديد العقل، وعقل شبه العمد (12) مغلظة

_ يؤذنوا بحرب) معناه إن ثبت القتل عليهم بقسامتكم فإما أن يدوا صاحبكم أي يدفعوا إليكم ديته وإما أن يعلمونا أنهم ممتنعون من التزام أحكامنا فينتقض عهدهم ويصيرون حربنا لنا أه (وفي رواية للبخاري) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لهم تأتون بالبينة على من قتله؟ قالوا ما لنا بينة قال فيحلفون؟ قالوا لا نرضى بأيمان اليهود، فكره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ببطل دمه فوداه مائة من إبل الصدقة (1) (سنده) حدثنا حجاج قال ثنا ليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب عن أبي سلمه بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار الخ (غريبه) (2) يشير إلى قصة عبد الله بن سهل المذكورة في الحديث السابق (تخريجه) (م نس هق) (3) (سنده) حدثنا حجاج ثنا أبو إسرائيل عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (4) معناه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر أن تقاس المسافة التي بين القريتين وبين القتيل (5) ظاهره يوهم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي قاس المسافة بنفسه وليس كذلك لأنه يخالف قوما فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ وإنما معناه أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم أن يقيسوا المسافة بين القريتين ففعلوا فوجدوا أن القتيل أقرب إلى أحد القريتين بشيء يسير فقاسه النبي - صلى الله عليه وسلم - بشبره فبلغ شبرا واحدا، ولذلك قال أبو سعيد وكأني انظر إلى شبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني أنه يقي مستذكرا لذلك كأنه وقع الآن (تخريجه) (طل) وأورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) وفيه عطية العوفي وهو ضعيف أه انظر أحكام هذا الباب ومذاهب الأئمة في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 258 و 259 في الجزء الثاني والله الموفق (باب) (غريبه) (6) هكذا بالأصل ولم يذكر الحديث (7) بكسر المهملة وهي من الإبل ما دخلت في السنة الرابعة لأنها استحقت الركوب والحمل (8) بفتحات وهي ما دخلت في السنة الخامسة سميت بذلك لأنها جزعت أي اسقطت مقدمة اسنانها (9) بفتح المعجمة وكسر اللام بعدها فاء وهي الحامل: وتجمع على خلفات وخلائف زاد في رواية ابن ماجه في بطونها أولادها (10) أي دية قتل العمد (11) فيه جواز الصلح في الدماء على أكثر من الدية أو أقل (وقوله وذلك شديد العقل) راجع لقوله فذلك عقل العمد، أي وذلك القسم المذكور من العقل أي الدية (شديد العقل) أي هو قسم غليظ مشدد فيه (12) شبه العمد أن يقصد ضربه بعصا أو سوط أو حجر

-[ما جاء في دية شبه العمد والخطأ]- مثل عقل والعمد ولا يقتل صاحبه (1)، وذلك أن ينزغ (2) الشيطان بين الناس فتكون دماء فى غير ضغينة (3) ولا حمل سلاح فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يعنى من حمل علينا السلاح فليس منا، ولا رصد (4) بطريق فمن قتل على غير ذلك فهو شبه العمد وعقله مغلظة ولا يقتل صاحبه وهو بالشهر الحرام وللحرمة وللجار، ومن قتل خطأ (5) فديته مائة من الإبل ثلاثون ابنة مخاض (6) وثلاثون ابنة لبون (7) وثلاثون حقة: وعشر بكارة (8) بنى لبون ذكور؛ قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيمها (9) على أهل القرى أربعمائة دينار (10) أو عدلها من الورق، وكان يقيمها على أثمان الإبل فإذا غلت (11) رفع فى قيمتها وإذا هانت (12) نقص من قيمتها على عهد الزمان ما كان فبلغت على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مابين أربعمائة دينار إلى ثمانمائة دينار أو عدلها من الورق ثمانية آلاف درهم (13) وقضى أن من كان عقله على أهل البقر فى البقر مأتى بقرة، وقضى أن من كان عقله على أهل الشام (14) فألفى شاة، وقضى في الأنف

_ خفيف مما لا يموت بمثله غالبا ففيه دية مغلظة (1) يعني القاتل بهذا الوجه لا يقتل بل عليه الدية مغلظة كدية العمد، وإنما قال هذا رفعا لتوهم أنه لما جعل ديته كدية العمد يكون فيه الاقتصاص أيضا كما في العمد المحصن بالثقل وهو كل شيء يقتل في العادة (2) بفتح الزاي من باب نفع أي يفسد الشيطان بين الناس (3) الضغينة الحقد والعداوة والبغضاء وجمهعا الضغائن (4) يقال رصدته إذا قصدت له على طريقه تترقبه مصرا على قتله، وهو معطوف على قوله ولا حمل سلاح (وقوله فمن قتل على غير ذلك) أي على غير ضغينة وحمل سلاح وترقب بالطريق فهو شبه العمد (5) الخطأ هو ما وقع من غير مكلف أو بالغ غير قاصد قتله بل قصد شيئا آخر فأصابه فمات منه فلا قصاص فيه بل يجب فيه الدية مخففة على عاقلته (6) بنت المخاض هي التي آتى عليها الحول من الإبل ودخلت في الثانية لأن أمها قد لحقت بالمخاض أي الحوامل وأن لم تكن حاملا (7) بنب اللبون وابن اللبون من الإبل ما آتى عليه سنتان ودخل في الثالثة فصارت أمه لبونا أي ذات لبن لأنها تكون قد حملت حملا آخر ووضعته (8) بكسر الموحدة جمع بكر بفتحها وسكون الكاف وهو الفتى من الإبل بمنزلة الغلام من الناس والأنثى بكرة (9) هكذا بالأصل (يقيمها) ومعناه يقومها من التقويم كما صرح بذلك في رواية أبي داود وابن ماجه أي يقدر قيمتها على أهل القرى، وهذا يدل على أن الدية على أهل الإبل لم تكن مختلفة بحسب الزمان، وما على أهل القرى فكانت مختلفة بحسب تفاوت قيمة الإبل (10) قال في المصباح الدينار وزن أحدى وسبعين شعيرة ونصف شعيرة تقريبا بناء على أن الدانق ثماني حبات وخمسا حبة، وإن قيل الدانق ثماني حبات فالدينار ثمان وستون وأربعة أسباع حبة، والدينار هو المثقال أه (قلت) قال صاحب اللسان وزن المثقال هذا المتعامل به الآن درهم واحد وثلاثة أسباع درهم على التحرير يوزن به ما اختير وزنه به وهو بالنسبة إلى رطل مصر عشر عشر رطل أه (وقوله أو عدلها) بكسر العين المهملة أي ما يعدلها ويساويها (من الورق) بكسر الراء يعني الفضة وهو أربعة آلاف درهم من الفضة لأن الدينار يساوي في القيمة عشرة دراهم من الفضة كما يستفاد مما يأتي (11) يعني أثمان الإبل (12) أي رخصت ونقصت قيمتها (13) أي وقيمة الثمانمائة دينار تساوي من الفضة ثمانية آلاف درهم فيكون قيمة الدينار عشرة دراهم من الفضة كما تقدم (14) آخرة همزة جمع جمع

-[ما جاء فى دية بعض الأعضاء]- إذا جدع كله (1) بالعقل كاملاً، وإذا جدعت أرنبته فنصف العقل، وقضى فى العين نصف العقل خمسين من الإبل أو عدلها ذهباً أو ورقاً أو مائة بقرة أو ألف شاة، والرجل نصف العقل، واليد نصف العقل والمأمومة (2) ثلث العقل ثلاث وثلاثون من الإبل أو قيمتها من الذهب أو الورق أو البقر أو الشاة أو الجائفة (3) ثلث العقل؛ والمنقلة (4) خمس عشرة من الإبل والموضحة (*) خمس من الإبل والأسنان (6) خمس من الإبل * (ز) (عن عبادة بن الصامت) (7) قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى دية الكبرى المغلظة (8) ثلاثين ابنة لبون وثلاثين حقة وأربعين خلفة، وقضى فى دية الصغرى ثلاثين ابنة لبون وثلاثين حقة وعشرين ابنة مخاض وعشرين بنى مخاض ذكور ثم غلت الإبل بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وهانت الدراهم فقوم عمر بن الخطاب إبل المدينة ستة آلاف درهم حساب أوقية (9) لكل بعير ثم غلت الإبل وهان الورق فزاد عمر بن الخطاب ألفين

_ شاة وهي الغنم (1) أي قطع وأستأصل كله ففيه الدية كاملة (وإذا جدعت) أي قطعت (أرنبته) وهي طرف الأنف ومقدمه فنصف الدية (2) هي الجناية البالغة التي تصل إلى أم الدماغ وهي الجلدة الرقيقة التي عليه، وفي الموطأ المأمومة ما خرق العظم إلى الدماغ ولا تكون المأمومة إلا في الرأس وما يصل إلى الدماغ إذا خرق العظم (3) قال في القاموس الجائفة هي الطعنة التي تبلغ الجوف أو تنقذه ثم فسر الجوف بالبطن أه وقال صاحب البحر هي ما وصل جوف العضو من ظهر أو صدر أو ورك أو عنق أو ساق أو عضد مما له جوف وهكذا في الانتصار، وفي الغيث أنها ما وصل الجوف وهو من ثغرة النحر إلى المثانة حكاه الشوكاني ثم قال وهذا هو المعروف عند أهل العلم والمذكور في كتب اللغة أه (4) بضم الميم وفتح النون وكسر القاف مشددة، قال في القاموس هي الشجة التي ينقل منها فراش العظام وهي قشور تكون على العظم دون اللحم أه، وفي النهاية أنها التي تخرج صغار العظام وتنتقل عن أماكنها وقيل التي تنتقل العظم أي تكسره (5) بضم الميم وكسر الضلد المعجمة، قال في النهاية هي التي تبدي وضح العظم أي بياضه يعني بدون هشم والجمع المواضح (6) المراد بذلك السن الواحدة كما سيأتي في باب جامع لدية النفس من حديثه أيضا، وفيه (وفي كل سن خمس من الإبل) وظاهره عدم الفرق بين الثنايا والأنياب والضروس لأنه يصدق على كل منها أنه سن والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه مطولا بهذا السياق لغير الأمام أحمد، وأخرجه أصحاب السنن مجزاء على الأبواب بألفاظ مختلفة والمعنى واحد ورجاله عند الأمام أحمد كلهم ثقات إلا أن محمد بن إسحاق مدلس ولم يصرح فيه بالتحديث (ز) (7) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وطوله وتخريجه في باب جامع قضايا حكم فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من كتاب القضاء والشهادات في الجزء 15 صحيفة 218 وإنما ذكرته هنا لمنلسبة الترجمة (غريبه) (8) هي دية قتل العمد وتقدم تعريفه (9) قال في النهاية الأوقية بضم الهمزة وتشديد الياء اسم لأربعين درهما ووزنه أفعولة أه (وقوله لكل بعير) يعني لكل بعير من المائة أوقية فتكون الأواقي مائة ومجموعها بالدرهم أربعة آلاف درهم وهذا لا يتفق مع قوله في الحديث ستة آلاف درهم، والظاهر أنه سقط من الأصل لفظ (ونصف) بعد قوله (أوقية) وصوابه هكذا (فقوم عمر بن الخطاب أبل المدينة ستة آلاف درهم حساب أوقية ونصف لكل بعير) ويؤيد ذلك ما جاء صريحا عند الطبراني من حديث السائب بن يزيد وفيه

-[زيادة الدية فى الشهر الحرام والبلد الحرام]- حساب أوقيتين لكل بعير، ثم غلت الإبل وهانت الدراهم فأتمها اثنى عشر ألفاً حساب ثلاث أواق بكل بعير، قال فزاد ثلث الدية فى الشهر الحرام (1) وثلث آخر فى البلد الحرام قال فتمت دية الحرمين عشرين ألفاً، قال فكان يقال يؤخذ من أهل البادية من ماشيتهم لا يكلفون الورق ولا الذهب، ويؤخذ من كل قوم مالهم قيمة العدل (2) من أموالهم (عن محمد بن جعفر بن الزبير) (3) قال سمعت زياد بن ضميرة (4) بن سعد السلبى يحدث عن عروة ابن الزبير قال حدثنى أبى وجدى وكانا قد شهدا حنيناً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالا صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر ثم جلس إلى ظل شجرة (5) فقام إليه الأقرع بن جابس: وعيينة بن حصن (6) ابن بدر يطلب بدم الأشجعى عامر بن الأضبط وهو يومئذ سيد قيس (7) والأقرع بن حابس يدفع عن محلم بن جثامة (8) لخندف (وفى لفظ بمكانه من خندف) فاختصما بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعنا

_ ثم غلت الإبل فقال عمر قوموا الإبل أوقية ونصفا فكانت ستة آلاف درهم الخ والله أعلم (1) الظاهر أن المراد في أي شهر من الأشهر الحرم اأربعة، وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب وهي المشار إليها بقوله تعالى (منها أربعة حرم) أي محرمة معظمة يزداد فيها ثواب الطاعة كما يزداد فيها عقاب المعصية، ولذلك قال تعالى (فلا تظلموا فيهن أنفسكم) أي بالمعاصي والقتل، وهذا ما دعى عمر رضي الله عنه إلى زيادة ثلث الدية على من ارتكب فيها جريمة القتل، وثلث الدية على على ما تقدم أربعة آلاف درهم (وقوله وثلث آخر في البلد الحرام) يريد بالبلد الحرام مكه والمدينة لما ورد فيهما من الفضل والتحريم وتعظيم الذنب فيهما، وهذا الثلث هو أربعة آلاف درهم أيضا، فمن كانت جنايته في الشهر الحرام في البلد الحرام: كانت الدية في حقه عشرين آلف درهم بزيادة ثمانية آلف درهم فوق الآثنى عشر المتقدمة، ولذلك قال فتمت دية الحرمين عشرين ألفا (2) أي ويؤخذ من غير أصحاب الماشية ما يعدلها ويساويها من المال سواء كان ذهبا أو فضة أو غيرهما فإن الإبل هي الأصل في الدية وهي التي ورد بها النص، وقد جاء صريحا في الحديث السابق أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يقومها (يعني الدية) على أثمان الإبل، والله أعلم (تخريجه) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الأمام أحمد على مسند أبيه وأورده الهيثمي وقال إسحاق بن يحيى يعني الراوي عن عبادة بن الصامت لم يدرك عبادة (3) (سنده) حدثنا أبو عثمان سعيد بن يحيى بن سعيد بن أبان بن سعيد بن العاصي حدثني أبي ثنا محمد ابن إسحاق عن محمد بن جعفر ابن الزبير الخ (غريبه ((4) جاء في الأصل ضمرا مكبرا وهو خطأ وصوابه ضميره مصغرا كما في كتب الرجال وفي سنن أبي داود وابن ماجه ياد بن سعد بن ضميرة بالتصغير أيضا، وكذلك ذكره الحافظ في الإصابة سعد بن ضميره بالتصغير وأشار إلى حديثه عند أبي داود وحسنه، وله طريق أخرى عند الأمام أحمد قال حدثنا يعقوب عن محمد بن اسحاق حدثني محمد بن جعفر بن الزبير قال سمعت زياد بن ضمرة الخ (5) زاد في الطريق الثانية عند الإمام أحمد (وهو بحنين) ... (6) الواو في قوله (وعيينه بن حصن) واو الحال أي والحال أن عيينة بن حصن يطلب بدم الاشجعي الخ وإنما طلب عيينه بدمه لقرابة بينهما (7) قتله محلم (بوزن معلم) بكسر اللام مشددة (ابن جثامة) بوزن علامة بتشديد اللام وسيأتي سبب قتله في قصة ذكرها الإمام أحمد من حديث عبد الله بن أبي حدرد في تفسير سورة النساء من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى (8) أي يدفع

-[قصة محلم بن جثامة الذى قتل عامر بن الأضبط الأشجعي]- رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تأخذون الدية خمسين فى سفرنا هذا وخمسين إذا رجعنا (1) قال يقول علية والله يا رسول الله لا أدعه حتى أذيق نساءه من الحزن (2) ما ذاق نسائى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل تأخذون الدية: فأبى عيينة فقام رجل من ليث يقال له مكيتل (3) رجل قصير مجموع فقال يا نبى الله ما وجدت لهذا القتيل شبيها فى غرة الإسلام (4) إلا كغنم وردت (5) فرمى أولها فنفر آخرها، أسنن اليوم وغير غداً (6) قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده ثم قال بل تقبلون الدية فى سفرنا هذا خمسين، وخمسين إذا رجعنا، فلم يزل بالقوم حتى قبلوا الدية، فلما قبلوا الدية قال قالوا أين صاحبكم يستغفر له رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، فقام رجل آدم (7) طويل ضرب عليه حلة كأن (8) تهيأ للقتل حتى جلس بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم (9) فلما جلس قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اسمك؟ قال أنا محلم بن جثامة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم لا تغفر لمحلم ثلاث مرات فقام من بين يديه وهو يتلقى دمعه بفضل ردائه، فأما نحن بيننا فنقول قد استغفر له ولكنه أظهر ما أظهر ليدع الناس بعضهم من بعض (10)

_ عنه التهمة ويعمل لصالحه لكونهما من قبيلة واحدة هي قبيلة خندف بكسر الخاء المعجمة والدال المهملة بينهما نون ساكنة ممنوع من الصرف لكونه اسم قبيلة، وهو في الأصل لقلب ليلى بنت عمران بن إلحاف ابن قضاعة سميت بها القبيلة (نه) (1) فيه أن للأمام أن يطلب إلى ولي الدم في العفو عن القود بأخذ الدية إذا رأى في ذلك مصلحة (2) جاء في رواية أخرى للأمام أحمد (من الحر) بدل الحزن ومعناه حرقة القلب من الوجع والغيظ والمشقة (وفي لفظ لأبي داود) من الحرب بفتح الحاء والراء المهملتين نهب مال الأنسان وتركه لا شيء له، يقال حربه يحر به حرباً مثل طلبه يطلبه طلبا (وقوله مأذق ر ثي) يشعر بأن عيينة كان بينه وبين القتيل قرابة أو مصاهرة أو هما معاً (3) بضم أوله وفتح ثانيه ثم ياء تحتيه ساكنه بعدها تاء مثناه مكسورة (وقوله مجموع) أي مسلح بأنواع السلاح قوي لم يهزم (4) وغرة الإسلام أوله كغرة الشهر أوله (5) أي حضرت مجتمعه إلى الماء لتشرب (فرمى) بالبناء للمفعول (أولها) أي السابق إلى الماء بنحو حجر أو سهم (فنفر) أي فر وتفرق (أخرها) خشية أن يصيبه ما أصاب أولها، وهذا مثل ضربه مكيتل لهذه الواقعة، يريد أنه إذا لم يقتص من القاتل في أول الإسلام وقبلت مه الدية مع ما هو معلوم أن العرب أحرص الناس على الأخذ بالثأر يخشى عليهم النفور من الإسلام وعدم الدخول فيه: أو يريد الحث على القصاص من القاتل وعدم قبول الدية ليكون عظة وعبرة للآخرين فلا يقتلون أحدا والله أعلم (6) هذا مثل ثان يريد به الحث على قتل القاتل أيضا ومعناه كما في النهاية أعمل بسنتك التي سننتها في القصاص ثم بعد ذلك إذا شئت أن تغير ما سننت فغير، وقيل فغير من أخذ الغير (بكسر الغين المعجمة وفتح الياء التحتية) وهي الدية (7) أي أسمر اللون (طويل ضرب) بفتح الضاد المعجمة وسكون الراء هو الخفيف اللحم الممشوق المتدق (8) أن مخففه من الثقيله أي كأنه تهيأ للقتل وفي لفظ (عليه حلة له قد كان تهيأ فيها للقتل) (9) جاء عند أبي داود فجلس بين يدي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعيناه تدمعان فقال يا رسول الله أني قد فعلت الذي بلغك وإني أتوب إلى الله فاستغفر الله لى يا رسول الله، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اقتله بسلاحك في غرة الإسلام اللهم لا تغفر لمحلم بصوت عال (10) زاد أبو داود

-[دية قتيل الخطأ شبه العمد]- (باب ما جاء فى دية قتيل شبه العمد) (عن ابن عمر) (1) أن رسول الله صلى الله علي وسلم خطب الناس يوم الفتح فقال ألا أن دية الخطأ العمد (2) بالسوط أو العصا مغلظة (3) مائة، منها أربعون خلفة (4) فى بطونها أولادها ألا أن كل دم ومال ومأثرة (5) كانت فى الجاهلية تحت قدمى إلا ما كان من سقاية الحاج وسدانة الببت (6) فإنى قد أمضيتها لأهلها (عن عبد الله بن عمرو) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن قتيل الخطأ شبه العمد قتيل السوط والعصافية مائة منها أربعون فى بطونها أولادها (عن عقبة بن أوس) (8) عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم (9) أن النبى صلى الله عليه وسلم خطب يوم فتح مكة (فذكر حديثاً (10) وفيه) ألا وإن قتيل خطأ العمد بالسوط والعصا والحجر دية مغلظة مائة من الإبل منها أربعون فى بطونها أولادها (وفى لفظ) أربعون من ثنية إلى بازل (11) عامها كلهن خلفة

_ قال ابن إسحاق فزعم قومه ان الرسول صلى الله عليه وسلم قد استغفر له بعد ذلك اهـ (قلت) وهذا هو الظاهر لما وصف به صلى الله عليه وسلم من رحمة بالمؤمنين قال تعالى (وكان بالمؤمنين رحيما) لاسيما وقد نطق الرجل نطق الرجل امامه صلى الله عليه وسلم بالتوبه كما في رواية ابي داود وقام وهو يتلقى دمعه بفضل ردائه، وهذا دليل على التوبة وشدة الندم والله أعلم (تخريجه) (دجه وسنده جيد وحسنه الحافظ في الاصابة كما تقدم (باب) (1) (سنده) مدثنا عفان ثنا حماد يعني ابن سلمة أنا على بن زيد عن يعقوب السدرسي عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) اي شبه العمد بتقدير مضاف كما صرح بذلك في رواية اخرى (وقوله بالسوط) الخ) متعلق بمحذوف تقديره ماكان بالسوط الخ وقد صرح بذلك ايضا في رواية اخرى (3) اي دية مغلظة مائة الخ وانما قال بالسوط والعصا لانهما لايقتل بمثلهما في العاده فالقتل باحدهما قرينة على أنه لم يستعد للقتل حقيقة (4) بفتح فسكر هي الناقة الحامل الى نصف اجلها ثم هي عشار (وقوله في بطونها اولادها) للبيان او تاكيد وباقي المائة ثلاثون حقة وثلاثون حقة وثلاثون حقة وثلاثون جزعة كما تقدم في ديةه العمد إلا ان شبه العمد لايقتل صاحبه (5) بفتح المثلثة وضمها اي كل مايؤثر ويذكر من مكارم أهل الجاهلية ومفاخرهم (وقوله تحت قدمي) كناية عن ابطالها واسقاطها (6) بكسر السين المهمله وهي خدمته والقيام بأمره، وقال الخطابي كانت الحجابة (يعني مفتاح الكعبة) في الجاهليه في بني عبد الدار، والسقاية في بني هاشم. فاقرهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار بنوسيبة يحجبون وبنو العباس يسقون (تخريجه) (فع دنس جه) وفي اسناده علي بن زيد بن جدعان فيه كلام، وله شاهد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص صححه ابن حبان وابن القطان (7) (سنده) مدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن ايوب سمعت القاسم بن ربيعة يحدث عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د نس جه) ورجاله ثقات (8) (سنده) مدثنا هشام أنا خالد عن القاسم بن ربيعة بن حوشن عن عقبة بن أوس الخ (غريبه) (9) الرجل المبهم هنا من الصحاية هو عبد الله بن عمرو بن العاص كما جاء صريحا عند ابي داود والبيهقي وابن ماجه (10) سياتي الحديث بتمامه في آخر باب غزوة الفتح من كتاب الغزوات ان شاء الله تعالى (وقوله الا وان قتيل خطأ العمد) أي الا وان دية قتيل خطأ العمد الخ بتقدير مضاف (11) معناها أربعون ما بين ثنية الى بازل عامها (والثنيه) مادخلت في السنة السادسه والقت ثنيها (وبازل عامها) هي مادخلت في السنة العاشرة (وقوله كلهن خلقة) بكسر اللام راجع الى الاربعين المذكوره اي يشترط ان تكون حوامل

-[دية قتيل الخطأ شبه العمد]- (عن القاسم بن ربيعة) (1) أنه قال فى هذا الحديث (2) وإن قتيل خطأ العمد بالسوط والعصا والحجر مائة من الإبل، منها أربعون فى بطونها أولادها فمن ازداد بعيراً (3) فهو من أهل الجاهلية (وعنه أيضاً) (4) عن النبى صلى الله عليه وسلم بقريب من ذلك إلا أنه قال مائة من الإبل ثلاثون حقة وثلاثون جذعة وثلاثون بنات لبون (5) وأربعون ثنية خلفة الى بازل عامه (عن عمرو بن شعيب) (6) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عقل شبه العمد مغلظ مثل عقل العمد ولا يقتل صاحبه، وذلك أن ينزو (7) الشيطان بين الناس قال أبو النضر (8) فيكون رمياً (9) فى عمياً فى غير فتنة ولا حمل سلاح (باب ما جاء فى دية الخطأ المحض) (عن النعمان بن بشير) (10)

_ سواء كانت من الثنية أو مما فوقها الى بازل عامها (فائدة) قال أبو داود في السننه قال أبو عبيد وغير واحد اذا دخلت الناقة في السنة الرابعه فهو حق والانثى حقه لانه استحق ان يحمل عليه ويركب فاذا دخل في الخامسه فهو جذع وجذعة، فاذا دخل في السنه السادسه والقى ثنية فهو ثنى وثنية، واذا دخل في النه السابعه فهو رباع ورباعية فاذا دخل في الثامنة والقى السن الذي بعد الرباعية فهو سديس وسدس فاذا دخل في التاسعه فطر نابه وطلع فهو بازر فاذا دخل في العاشره فهو مختلف، ثم ليس له اسم ولكن يقال بازل عام وبازل عامين ومخلف عام ومخلف عامين الى مازاد اهـ (تخريجه) (د نس جه قط هق) والبخاري في التاريخ الكبير وسنده حسن (1) (سنده) حدثنا هيثم انا حميد عن القاسم بن ربيعه أنه قال في هذا الحديث الخ (غريبه) (2) جاء هذا الحديث في أصل المسند عقب حديث عقبه بن أوس فالظاهر أنه يشير بقوله (انه قال في هذا الحديث) يشير الى حديث عقبة بن اوس الذي رواه عن رجل من الصحابه وقلنا انه عبد الله بن عمرو بن العاص كما تقدم في شرح (3) هذه الجمله وهي قوله (فمن ازداد بعيرا الخ) زادة عن الحديث المتقدم والمعي من طلب في الديه زيادة بعيرعن المائة (فهو من أهل الجاهليه) اي ليس على سنتنا اعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذه لغيرالامام أحمد وهذا الحديث معضل لانه سقط منه اثنان التابعي والصحابي (4) (سنده) حدثنا هيثم انا يونس عن القاسم بن ربيعه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بقريب من ذلك إلا أنه قال مائه من إلابل الخ (غريبه) (5) الظاهر ان قوله (والثلاثون بنات لبون) أدرجت في الحديث من بعض الرواه بطريق الوهم أو زادها الناسخ خطأ لأن وجودها في الحديث يجعل الديه مائه وثلاثين ولم يقل بذلك أحد، وصحيح أنها ثلاثون حقة وثلاثون جذعه واربعون ثنية خلفة كما تقدم في حديث عبد الله بن عمرو الاول من أحاديث الباب، ورواه البيهقي موقوفا عن عمر وعلي وزيد بن ثابت (تخريجه) لم اقف عليه بهذا اللفظ اغير الاماام أمد وهو معضل كالذى قبله (6) (سنده) حدثنا أبو النضر وعبد الرحمن قالا ثنا محمد (يعني ابن راشد) ثنا سليمان (يعني ابن موسى) عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (7) اي يسرح ويثب الى الشر (8) هو الذي روى عنه الامام أحمد هذا الحديث (9) بكسر الراء ثم الميم مشدده مكسوره بعدها ياء تحتية مقصور من الرمى وهو مصدر يراه المبالغه (وعميا) مثله في الوزن من العمى، والمعنى أنه يوجد بين القوم قتيل في ترام جرى بينهم بالحجاره يعمى أمره ولا يتبين قاتله بشرط ان يكون ذلك في غير فتنة اى عداوة وضغينه ولا حمل سلاح (تخريجه) (د) وفي اسناده محمد بن راشد الدمشقي المكحولي تكلم فيه واحد ووثقه غير واحد (باب) (10)

-[دية قتيل الخطأ المحض ودية مادون النفس من الأعضاء]- قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكل شئ خطأ إلا السيف (1) ولكل خطإ ارش (عن ابن مسعود) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الدية فى الخطإ أخماساً (3) (وعنه من طريق ثان) (4) قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى دية الخطأ عشرين بنت مخاض، وعشرين ابن مخاض (5) وعشرين ابنة لبون وعشرين حقه، وعشرين جذعة (عن عمرو بن شعيب) (6) عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله عليه وسلم قضى أن من قتل خطأ فديته مائة من الإبل ثلاثون بنت مخاض، وثلاثون بنت لبون، وثلاثون، حقه وعشرة بنو لبون ذكور (باب جامع لدية مادون النفس من الأعضاء والجراح وغير ذلك) (عن عمر بن عيب) (7) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فى الأنف إذا جدع كله (8) الدية كاملة، وإذا جدعت أرنبته فنصف الدية وفى العين نصف الدية، وفي اليد نصف الدية وفى الرجل نصف الدية وقضى أن يعقل (9) عن المرأة عصبتها من كانوا: ولا يرثون منها إلا ما فضل

_ (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن جابر عن ابي عازب عن النعمان بن بشير الخ (غريبه) (1) معناه ان كل شيء يحوز فيه الخطا إلا القتل بالسيف وما في معناه من كل آلة يقتل بها غالب مع قصد القتل فانه لا يتأنى فيه الخطا لانه ماضرب به بهذه الآله إلا وهو يقصد قتله ففيه القصاص، وما إذا رمى صيدا أو غرضا فأصب انسانا بغير قصد فتحتله فهذا هو الخطا المحض وذلك قال (ولكل خطاء أرش) بفتح الهمزه وسكون الراء، قال في النهايه الارش المشروع في الحكومات وهو الذي يأخذ المشتلري من البائع إذا اطلع على عيب في المبيع، وأروش الجنايات والجراحات من ذلك لأنها جابرة لما عما حصل فيها من النقص، وسمى ارشا لأنه من أسباب النزاع يقال ارشت بين القوم اذا اوقعت بينهم اهـ (تخريجه) (طب هق قط) وفي إسناده عن الجميع جابر الجعفي قال الحافظ في التقريب ضعيف (2) (سنده) حدثنا ابو معاويه ثنا الحجاج عن زيد بن جبير عن خشف بن مالك عن ابن مسعود الخ (غريبه) (3) اي خشف بن مالك عن ابن مسعود الخ (5) جاء عند الدارقطني عشرون بنو لبون بدل قوله هنا (وعشرين ابن مخاض) وابن المخاض تقدم تفسيره وما بعده في الحديث الاول من احاديث الباب (تخريجه) (بزهق قط والاربعه) وقال الترمزي حديث ابن مسعود لانعرف مرفوعا الا من هذا الوجه وقد روى عن عبد الله موقوفا (قلت) وفي إسناده خشف بن مالك قال البيهقي وغيره مجهول قال والصحيح أنه والصحيح أنه موقوف علي عبد الله كما سلف والله اعلم (6) (سنده) حدثنا حسين ثنا محمد بن راشد عن سليمان عن عمرو بن شعيب الخ (تخريجه) (د نس جه) وفي اسناد محمد بن راشد المكحولي وثقه احمد وابن معين والنسائي وضعفه ابن حبان وابو زرعه، قال الخطابي هذا الحديث لااعرف أحدا قال به الفقهاء والله اعلم (باب) (7) (سنده) حدثنا أبو سعيد ثنا محمد بن راشد ثنا سليمان بن موسى عن عمرو بن شعيب الخ (غربيه) (8) أي قطع كله من الاصل، قال أهل اللغه الانف مركبة من قصبة ومارن وارنبه وروثة، فالقصبة العظم المنحدر من بجمع الحاجبين، والمارن الغضروف الذي يجمع المنخرين، والارنبه طرف الانف، والروثة طرف الارنبه (9) العقل الديه والمراد هنا بقوله (ان يعقل) أي يدفع عن المراة مالزمها من الديه عصبتها، والعصبه محركه الذين يرثون

-[ما جاء في دية مادون النفس من الأعضاء]- عن ورثتها (1)، وإن قتلت فعقلها بين ورثتها (2) وهم يقتلون قاتلها (3)، وقضى أن عقل أهل الكتاب نصف عقل المسلمين وهم اليهود والنصارى (4) (عن عبد الله بن عمرو) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كل إصبع عشر من الإبل، وفى كل سن خمس من الإبل (6) والأصابع سواء، والأسنان سواء (عن ابن عباس) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم سوى بين الأسنان والأصابع فى الدية (8) (وعنه أيضاً) (9) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال هذه

_ الرجل عن كلالة من غير والد ولا ولد، فاما فى الفرائض فكل من لم تكن له فريضة ان بقى بعد الفرض أحد، وقوم الرجل الذين يتعصبون له كذا في القاموس، والمعنى ان العصبه يتحملون عقلها كما يتحملون عن الرجل وانها ليست كالعبد الذي لاتحمل العاقله جنايته (1) يعني ذوى الفروض (2) يريد ان الديه مورثه كسائر تلاموال التي كانت تملكها أيام حياتها يرثها زوجها (3) احتج به القائلون بان الرجل يقتل بالمرأة وهم الجمهور: ونظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 248 في الجزء الثاني (4) سياتي الكلام على ذلك في باب دية أهل الذمه والمكاتب ان شاء الله تعالى (تخريجه) (د نس جه) وفي اسناد محمد بن راشد المكحولي وقد وثقه غير واحد وتكلم فيه بعضهم، وقال عبد الرزاق مارايت أحد أروع فيا لحديث من محمد بن راشد (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا محمد يعني ابن راشد عن سليمان ابن موسى عن عمرو بن شعيب عن ابيه عن عبد الله بن عملرو الخ (غربيه) (6) قال الخطابي رحمة الله سوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين الاصابع في ديتها فجعل في كل إصبع عشرا من الابل وسوى بين الاسنان وجعل في كل سن خمسا من الابل وهي محتلفه الجمال والمنفعه، ولولا ان السنه جاءت بالتسويه الكان القياس ان يفاوت بين دياتها كما فعل عمر بن الخطاب رضي الله عنه قبل ان يبلغه الحديث، فان سعيد بن المسيب روى عنه أنه كان يجعل في الابهام خمس عشرة وفي السبابه عشرا وفي الوسطى عشرا، وفي البنصر تسعا وفي الخنصر ستا حتى وجد كتابا عند عمرو بن حرم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الاصابع كلها سواء فاخذ به، وكذلك الامر في الاسنان كان يجعل فيما أقبل من الانسان خمسة ابعرة وفي الاضراس بعيرا بعيرا، وقال ابن المسبب فلما كان معاويه وقعت اضراسه فقال أنا أعلى بالاضرس من عمر فجعلهن سواء، قال ابن المسيب فلو أصيب الفم كلها في قضاء عمر رضي الله عنه لنقصت الديه، ولو اصيبت في قضلء معاويه لزادت الديه، ولو كنت أنا لجعلتها في الاضراس بعيرين بعيرين اهـ (تخريجه) (د نس جه) وسكت عنه ابو داود والمنذرى ورجال اسناد ثقات (7) (سنده) حدثنا عتاب قال ثنا ابو حمزه عن يزيد النحوي عن عكرمه عن ابن عباس الخ (غريبه) (8) معناه ان النبي صلى الله عليه وسلم سوى بين الاسنان بعضها بعض فجعل في كل سن خمسا من الابل، وسوى بين الاصابع بعضها ببعض فجعل في كل اصبع عشرا من الابل كما يستفاد ذلك من الحديث السابق، ويؤيده قوله في الحديث التالي هذه وهذه سواء يعني الخنصر والابهام، وفي رواية للترمذى عن ابن عباس ايضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في دية الاصابع اليدين والرجلين سواء عشر من الابل لكل إصبع (تخريجه) لم وقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام أحمد وجاء معناه عن البخاري وغيره ورجاله ثقات (9) حدثنا يحيى عن شعبة حدثنا قتاده عن عكرمة عن

-[ما جاء في دية أهل الذمة والمكاتب]- وهذه سواء (1) الخنصر والإبهام (عن أبى موسى الأشعرى) (2) حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى فى الأصابع عشراً عشراً من الإبل (عن عمرو بن شعيب) (3) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى المأمومة ثلث العقل ثلاث وثلاثون من الإبل أو قيمتها من الذهب أو الورق أو البقر أو الشاة، والجائفة ثلث العقل، والمنقلة خمس عشرة من الإبل، والموضحة خمس من الإبل والأسنان خمس من الإبل (باب دية أهل الذمة والمكاتب) (عن عمرو بن شعيب) (4) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن عقل أهل الكتابين (5) نصف عقل المسلمين وهم اليهود والنصارى (عن عبد الله بن عمرو) (6) قال لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح قام فى الناس خطيباً (نذكر حديثاً طويلاً فيه) دية الكافر نصف دية المسلم (عن ابن عباس) (7) قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المكاتب (8) يقتل يودى (9) لما أدى من مكاتبته دية الحر وما بقى دية العبد (وعنه من طريق ثان) (10) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال يودى المكاتب بحصة ما أدى دية الحر وما

_ ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) أي هما مستويان في الدية وان كان الابهام أقل مفصلا من الخنصر، اذ في كل أصبع عشر الدية وهو عشر من الابل (تخريجه) (خ. ر الاربعه) (2) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن غالب النمالر عن حميد بن هلال عن مسروق بن اوس ان ابا موسى حدث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د نس جه حب) وسكت عنه ابو داود والمنذرى وسنده جيد (3) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب جامع دية النفس واعضائها ومنافعها فارجع اليه في اول أبواب الديه (باب) (4) (سنده) حدثنا ابو النضر وعبد الصمد قال ثنا محمد يعني ابن راشد ثنا سليمان عن عمرو بن شعيب الخ (غربيه) (5) المراد بالكتابين التوراة والانجيل وتقدم تفسير العقل بالديه غير مره (تخريجه) (د نس جه) وسنده جيد وصحه ابن الجارود ورواه الترمزي بلفظ عقل الكافر نصف عقل المؤمن وحسنه الترمزي: انظر مذاهب الثمة في دية أهل الكتاب في القول الحسن شرح بدائع المنز صحيفة 276 في الجزء الثاني (6) هذا طرف من حديث طويل سياتي بتمامه وسنده في باب تحريم غزو مكه من كتاب الغزوات ان شاء الله تعالى وهو حديث حسن رواه (نس مذ) وحسنه وصححه ابن الجارود (7) (سنده) حدثنا يعلى ثنا حجاج الصواف عن يحيى عن عكرمه عن ابن عباس الخ (غريبه) (8) بفتح التاء الفوقيه اسم مفعول وهو ان يكاتب الرجل عبده علي مال منجم (اى مسقط) ويكتب العبد عليه انه يعتق اذا ادى النجوم وعلى هذا بحوز كسر التاؤ على انه اسم فاعل لانه كاتب سيده فالفعل منهما والاصل في باب المفاعلة ان يكون من اتنين فصاعدا يفعل احدهما بصاحبه مايفعل هو به، وحينئد فكل واحد فاعل ومفعول من حيث المعنى (9) بضم الياء التحيه وفتح الدال المهمله اي يؤدي الجاني على المكاتب بقدر ما ادى من كتابه دية الحر، وتوضيح ذلك ان العبد اذا ادى لسيده نصف المطلوب منه صار نصفه حرا فيؤدى الجاني عليه نصف دية الحر ويؤدي عن النصف الثاني نصف ديه العبد ودية العبد قيمة ثمنه، والعلماء خلاف في ذلك انظر في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 277 في الجزء الثاني (10) (سنده) حدثنا

-[ما جاء في دية الجنين]- بقي دية عبد (وعنه من طريق ثالث) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يودى المكاتب بقدر ما أدى دية الحر وبقدر مارق دية العبد (عن على رضى الله عنه) (2) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال يودى المكاتب بقدر ما أدى (باب ما جاء فى دية الجنين) (عن أبى هريرة) (3) أن امرأتين من بنى هذيل (4) رمت إحداهما الأخرى فألقت جنينا (5) فقضى فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم بغرة (6) عبد أو أمة (وعنه من طريق ثان) (7) قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجنين بغرة عبد أو أمة (8) فقال أن هذا عليه (9) أيعقل من لا أكل ولا شرب ولا صاح ولا استهل (10) فمثل ذلك بطل (11) فقال أن هذا القول لقول الشاعر (12) فيه غرة عبد أو أمة (عن عبادة بن الصامت) (13) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى لحمل بن مالك الهذلى بميراثه عن امرأته التى قتلتها الأخرى، وقضى فى الجنين المقتول بغرة عبد أو أمة قال فورثها بعلها وبنوها، قال وكان له من امرأتيه كلتيهما ولد، قال فقال أبو القاتلة المقضى عليه يا رسول الله كيف أغرم من لا صاح ولا استهل ولا شرب ولا أكل فمثل ذلك بطل

_ يزيد أنا حماد بن سلمه عن ايوب عن عكرمهعن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (1) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الله ثنا هشام بن ابي عبد الله ثنا يحيى بن ابى كثير عن عكرمه عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخرجه) (د نس مذ) وسكت عنه ابو داود المنذرى، وهو عند النسائي مسند ومرسل ورجال اسناده عند الامام احمد ثقات (2) (سنده) حدثنا غفان ثنا وهيب ثنا ايوب عن عكرمه عن على رضي الله عنه الخ (تخريجه) اخرجه البيهقي من عدة طرق وسنه عند الامام احمد جيد وصحه ابن حزم فى المحلي (باب) (3) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن مالك عن الزمري عن الزهري عن ابي هريره الخ (غبيه) (4) كانت ضرتين تحت حمل (بفتحتين) بن مالك بن النابغه الهذلي كما صرح بذلك في رواية اخرى قال (كنت بين بيتي امراتي فضربت احداهما الاخرى بمسطح فقتلها وجنيتها) الحديث تقدم في باب قتل الرجل بالملراه والمراه بمثلها صحيفة 35 رقم 105 في هذا الجزء وفيه بيان الشيء الذى رمتها به وهز المسطح يوزن منير اى عمود الخباء (5) قال الحافظ الجنين يجيم ونونين عظيم حمل المراه مادام في بطنها سمى بذلك لاسنتاره، فان خرج حيا فهو ولد او ميتا فهو سقط (6) بضم الغين المعجمه وتشيد الراء وبالتنوين (وقوله عبد) بيان للغزة (وقوله او امه) او ليس للشك بل للتنويع على الاظهر وتقدم سبب تسميتها بالغزه في باب ان دية المقتول بجميع ورثته في الجزء الخامس عشر صحيفة 192 رقم 8 (7) (سنده) حدثنا يزيد انا محمد بن عمرو عن ابي سلمه عن ابي هريره قال (قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (8) في رواية لمسلم من طريق ابن شهاب عن ابن المسبب عن ابي هريره انه قال (قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنين امراه من بنى لحيان سقط ميتا بغزه عبد او امة) الخ، قال النووي بنى لحيان بكسر اللام بطن من هذيل وقد افاد هذه الرواية ان الجنين سقط ميتا (9) هو ابو القاتله كما صرح ذلك في الحديث التالي (وقوله أيعقل) بالبناء للمفعول ومعناه كيف نعطي ديه جنين لااكل ولا شرب (10) الاستهلال هو المصياح عن الولاده، فالمعنى ولا صاح عن الولاده (11) من البطلان فهو فعل ماض بفتح الموحدة وتخفيف الام اي ملغي لا دية له (12) اي من اجل سجعه (تخريجه) (ق لك فع. والاربعه) (13) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ان دية المقتول لجميع ورثته في الجزء الخامس عشر

-[في دية الجنين- ومن قتل والده خطأ فتصدق بديته على المسلمين]- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا من الكهان (1) (عن عمرو بن شعيب) (2) عن أبيه عن جده قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عقل الجنين إذا كان فى بطن أمه (3) بغرة عبد أو أمة فقضى بذلك فى امرأة حمل بن مالك بن النابغة الهذلى وأن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا شغار (4) فى الإسلام (عن عروة ابن الزبير) (5) أنه حدث عن المغيرة بن شعبة عن عمر أنه استشارهم فى أملاص (6) المرأة فقال له المغيرة قضى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالغرة، فقال له عمر إن كنت صادقاً فأت بأحد يعلم ذلك (7) فشهد محمد بن مسلمة (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى به. (باب من قتل والده خطأ فتصدق بديته على المسلمين) (عن محمود بن لبيد) (9) قال اختلفت سيوف المسلمين على اليمان (10) أبي

_ عشر صحيفة 192 رقم 8 من كتاب الفرائض (غريبه) (1) انكر عليه قول الباطل في مقابلة الشارع وزاد تعيبه بالتكلف بالسجع الذي هو من عادة اهل الكهانه في ترويج اقاويلهم الباطله ليستميلوا به قلوب اهل البطالة (2) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا ابي عن ابن اسحاق قال ذكر عمرو ابن شعيب عن ابيه عن جده قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غلبيه) (3) اي اذا مات في بطن امه بسبب الجنايه ثم سقط ميتا (4) بكسر الشين المعجمه بعدها غين معجمه مخففه ثم راء مفتوحة وسيأتي تفسيره في باب نكاح الغار من كتاب النكاح ان شاء الله تعالى (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج حدثني هشاب عن عروه بن الزبير الخ (غربيه) (6) بهمزه مكسوره هو ان تزلف المرأة الجنين قبلوقت الولاده اي اذا وضعته قبل اوانه، وكل مايزف من اليد فقد ملص بفتح الميم وكسر اللام ملصا بفتحهما، قال ابن دقيق العيد واستشارة عمر في ذلك أصل في سؤال الامام عن الحكم اذا كان لايعلمه او كان عنده شك او أراد الاستئبات، وفيه ان الوقائع الخاصه قد تخفي على الاكابر ويعلمها من دونهم، وفي ذلك رد على المقلد اذا استل عليه بخير يخالف فيجيب لو كان صحيحا لعمه فلان يعني اسامه، فإذا ذللك اذا جاز خفاؤه عن مثل عمربعده أجوز (7) قال الحافظ تعلق بقول عمر يعني (ان كنت صادقا فأت باحد يعلم ذله) من يرى اعتبار العدد في الرواية ويشترط أنه لايقبل أقل من اثنينكما في غالب الشهادات وهو ضعيف كما قال ابن دقيق العيد، فانه قد ثبت قبول الفرد في عدة مواطن، وطلب العدد في صورة جزئية لايدل على اعتباره في كل وقعه لجواز المانع بتلك الصورة او وجود سبب يقتضي التثبت وزيادة الاستظهار ولا سيما اذا قامت قرينه (8) بفتح الميم واللام الخزرجي البدرى الكبير القدر مات سنة ثلاث واربعين، وفي رواية البخاري ان عمر قال للمغيرة لاتبرح حتى تجيء بالمخرج مما قلت، قال فخرجت فوجدت فوجدت محمد بن مسلمه فجئت به فشهد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قضى به (تخريجه) (ق د جه) (باب) (9) (سنده) حدثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة قال اخبرني محمد بن اسحاق عن عاصم بن عمر بن حافظ وافاد ابن سعد ان الذى قتل ايمان خطأ عتبة بن مسعود اخو عبد الله بن مسعود وهو في تفسير عبد بن حميد من وجه اخر عن ابن عباس قال وذكر ابن اسحاق قال حدثني عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد قال كان ايمان والد حذيفة وثابت بن وقش شيخين كبيرين، فتركما رسول الله صلى الله عليه وسلم مع النساء والصبيان فتذاكرا بينهما ورغبا في الشهاده، فأخذا سيفيهما ولحقا بالمسلمين بعد الهزيمه فلم يعرفوا بهما، فأما ثابت فعتله المشركون، واما ايمان فاختلف عليه اسباف المسلمين فقتلوه ولا يعرفونه، وفي

-[وجوب الدية بالسبب وقصة أصحاب الزبية]- حذيفة يوم أحد ولا يعرفونه فقتلوه، فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يديه فتصدق حذيفة بديته على المسلمين (باب وجوب الدية بالسبب وقصة أصحاب الزبية) (عن حنش عن على رضى الله عنه) (1) قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فانتهينا إلى قوم قد بنوا زبية (2) للأسد فبينما هم كذلك يتدافعون إذ سقط رجل فتعلق بآخر حتى صاروا فيها أربعة فجرحهم الأسد فانتدب له رجل بحربة فقتله وماتوا من جراحتهم كلهم، فقام أولياء الأول إلى أولياء الآخر فأخرجوا السلاح ليقتلوا فأتاهم على رضى الله عنه على تفئة (3) ذلك فقال تريدون أن تقاتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي إنى أقضى بينكم قضاء إن رضيتم فهو القضاء وإلا حجز بعضكم عن بعض حتى تأتوا النبى صلى الله عليه وسلم فيكون هو الذى يقضى بينكم، فمن عدا بعد ذلك فلاحق له، اجمعوا من قبائل الذين حضروا البر ربع الدية وثلثا الدية ونصف الدية والدية كاملة، فللأول الربع لأنه هلك من فوقه، وللثانى ثلث الدية، وللثالث نصف الدية (4)، فأبوا أن يرضوا، فأتوا النبى صلى الله عليه وسلم وهو عند مقام إبراهيم فقصوا عليه القصة، فقال أنا أقضى بينكم واحتبى (5) فقال رجل من القوم أن

_ رواية لابن اسحاق فقال حذيفة قتلتم أبي؟ قالوا والله ماعرفناه وصدقوا، فقال حذيفة يغفر الله لكم، فاراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان بديته على المسلمين فزاده ذلك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم خيرا (تخريجه) (فع) واررده الهيثمي وقال رواه احمد وفبه محمد بن اسحاق مدلس ثقة وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) يريد ان المدلس اذا عنعن لايحتج بحديثه وان كان ثقة، ولكن محمد بن اسحاق صرح بالتحديث فيما ذكره عنه الحافظ آنفاو على هذا فالحديث صحيح، وله شاهد من حديث عروة عن عائشه عند البخاري قالت لما كان يوم احد هزم المشركون فصرخ إبليس لعنة الله عليه اي عباد الله أخراهم (اي احترزوا من الذين وراءكم متاخرين عنكم) فرجعت اولادهم فاجتلدت هي واخراهم فبصر حذيفة فاذا هو أبيه ايمان فقال اي عباد الله ابى ابى، قال قالت فهو الله ما احتجروا حتى قتلوه، فقال حذيفة يغفر الله لكم، قال عروة فوالله مازالت في حذيفة بقية خير حتى لحق بربه، انظر بدائع المنن مع شرحه صحيفة 270 في الجزءالثاني (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو سعيد ثنا اسرائيل سماك عن حنش (يعني ابن المعتمر الكناني) عن علي الخ (غريبه) (2) بضم المزاى كحفرة وزنا ومعنى، قال في النهاية هي حفيرة تحفر للاسد والصيد ويغطي رأسها بما يسترها ليقع فيها اهـ (وقوله للاسد) زاد في رواية فوقع فيها فتكلب الناس عليه اي ازدحموا، وذلك قال فبينما هم كذلك يتدافعون اي يدفع بعضهم بعضا من شدة الزحام (3) بالتاء الفوقيه المفتوحه وكسر الفاء ثم همزة مفتوحه: قال في القاموس تفئة الشيء حينه وزمانه والمعنى أتاهم علىحين تأهبوا للقتال (4) زاد في رواية وللرابع الدية كاملة قال فرضى بعضهم وكره بعضهم وجعل الدية على قبائل الذين ازدحموا (5) في رواية حماد ابن سلمة عن سماك قال حماد أحسبه قال كان متكئا فاحتبى اي جمع بين فخذيه وبطنه ثم حلق بيديه، وانما فعل ذلك اهتماما بالامر واستعدادا للكلام (تخريجه) (هق ص) وأورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه حنش وثقه أبو داود وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) قال في الخلاصة بن المعتمر أو ابن ربيعه بن

-[ما جاء في العاقلة وما تحمله]- عليا قضا فينا فقصوا علي القصة فأجازه رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب ما جاء العاقلة (1) وما تحمله) (عن جابر بن عبد الله) (2) قال كتب النبي صلى الله عليه وسلم على كل بطن (3) عقولة ثم انه كتب انه لا يحل أن يتوالى وقال روح (4) يتولى مولى رجل مسلم بغير إذنه (5) (عن عمرو بن شعيب) (6) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن يعقل عن المرأة عصبتها من كانوا (عن أبى سلمة عن أبى هريرة) (7) قال اقتتلت امرأتان من هذيل (8) فرمت إحداهما الأخرى بحجر (9) فأصابت بطنها فقتلتها وألقت جنيناً فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بديتهما على العاقلة (10) وفي جنينها

_ المعتمر الكناني أبو المعتمر الكوفي عن علي وأبي ذر وعنه الحكم وسماك بن حرب قال ابو داود ثقة قال النسائي ليس بالقوى وقال البخارى يتكلمون فيه اهـ (باب) (1) قال الشكواني العاقله بكسر القاف جمع عاقل وهو دافع الديه، وسميت الدية عقلا تسميه بالمصدر لان الإبل كانت تعقل بفناء ولى المقتول ثم كثر الاستعمال حتى أطلق العقل على الدية ولو لم تكن إبلا، وعاقله الرجل قراباته من قبل الاب وهم عبته وهم الذين كانوا يعقلون الابل على باب ولي المقتول، وتحميل العاقله الدية ثابت بالسنة وهو إجماع أهل العلم كما حكاه الحافظ في الفتح، وتضمين العاقلة مخالف لظاهر قوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) فتكون الاحاديث القاضية بتضمين العاقلة مخصصة لعموم الاية لما في ذلك من المصلحة، لان القاتل لو أخذ بالدية لاوشك ان تاتي على جميع ماله لان تتابع الخطا لايؤمن، ولو ترك بغير تغريم لاهدر دم المقتول: وعاقلة الرجل عشرين فيبدا بفخذه الادنى فان عجزوا ضم إليهم الاقرب فالاقرب المكلف الذكر الحر من عصبة النسب ثم البب ثم في بيت المال اه (2) (سنده) حدثنا عبد ارزاق انا ابن جريحج ح وروح أنا ابن جريج اخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول كتب النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (3) قال في النهاية مادون القبيلة وفوق الفخذ اى كتب عليهم ماتغرمه العاقله من الديات فبين ما على كل قوم منها ويجمع على ابطن وبطون اهـ (وقوله عقولة) بضم العين المهمله والقياس في مصدر عقل ان ياتي على العقل والعقول وانما دخلت الهاء لإفادة المرة الواحدة (4) بفتح الراء وسكون الواو ابن عبادة وهو أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث يعنى أنه قال في روايته يتولى بدل بتوالى والمعنى واحد وهو أنه لايحل لعبد اعنقه رجل مسلم ان يتخذ مسلما آخرى غير معتقه مولى له ويقول مولاي فلان لما فيه من كفر النعمة وتضييع حقوق الارث والولاء. وغير ذلك (5) اي بغير اذن مولاه وهذا القيد لزيادة التقبيح وتاكيد النهى اقوله تعالى (لاتاكلو الربا اضفافا مضاعفة) وإلا فلا يجوز ذلك مع الاذن ايضا (تخرجه) (م نس جه) (6) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وتخريجه في باب جامع لدية مادون النفس وإنما ذكرت هذا الطرف منه لقوله (قضى ان يعقل عن المراه عصبتهل) ففيه دلالة على ان العاقلة هم العصبة (7) 0 (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن الزهري عن ابي الزهري عن ابي سلمه الخ 0 غريبة) (8) تقدم الكلام عليهما في باب دية الجنين (9) سياتي في الحديث التالي انها رمتها بعمود فسطاط واعلها رمت بحجر وعمود جميعا، قال النووي وهذا محمول على حجر صغير وعمود صغير وعمود صغير لايقصد به القتل غالبا فيكون سبه عمد فيجب فيه الديه على العاقله ولا يجب فيه قصاص ولا دية على الجاني، وهذا مذهب الشافعي والجماهير اهـ (10) أي عاقلة القاتله وهذا

-[عصبة المرأة يتحملون عقلها كما يتحملون عن الرجل]- غرة عبد أو أمة فقال قائل (1) كيف يعقل من لا أكل ولا شرب ولا نطق ولا استهل فمثل بطل، فقال النبى صلى الله عليه وسلم كما زعم أبو هريرة هذا من إخوان الكهان (عن المغيرة بن شعبة) (2) أن ضرتين (3) ضربت إحداهما بعمود فسطاط (4) فقتلتها فقضى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالدية على عصب القاتلة (5) وفيما فى بطنها غرة فقال الأعرابي أتغرمنى من لا أكل ولا شرب ولا صاح فاستهل فمثل ذلك بطل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسجع كسجع الأعراب ولما في بطنها غرة (عن عمران ابن حصين) (6) أن غلاماً لأناس فقراء قطع أذن غلام لأناس أغنياء، فأتى أهله النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا يا نبى الله إنا أناس فقراء فلم يجعل عليه شيئاً (7) (باب لا يؤخذ المرء بجناية غيره ولو من اقرب الناس إليه) * (عن ابى رمثة) (8) قال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم وهو يخطب ويقول يد المعطى العليا (9) أمك وأباك وأختك وأخاك وأدناك فأدناك (10) قال فدخل نفر من بنى ثعلبة بن يربوع فقال رجب من الأنصار يا رسول الله هؤلاء النفر اليربوعيون الذين قتلوا فلاناً (11) فقال رسول

_ مبني على أن القتل كان شبه عمد كما قال النووي وكما تدل عليه هذه الرواية، لكن جاء القصاص في بعض الروايات وظاهر هذا التعارض، ويمكن التوفيق بانه قضى بالقصاص ثم وقع الصلح والتراضى على الدية، لكن يعكر على هذا ان دية العمد على القاتل لا العاقلة إلا ان يقال إنهم تحملوا عنها برضاهم (1) تقدم بيان القائل وشرح باقي الحديث في باب دية الجنين فارجع إليه (تخريجه) (ق. وغيرها). (2) حدثنا عبد الرحمن عن سفيان وحدثنا زيد بن الحبان أنا سفيان المعنى عن منصور عن إبراهيم عن عبيد بن فضيلة قال زيد الخزاعي عن المغيرة بن شعبة الخ (غريبة) (3) بفتح الضاد وتشديد الراء مفتوحه تثنية ضرة، قال أهل اللغه كل واحده من زوجتي الرجل ضرة للاخرى: سميت بذلك لحصول المضارة بينهما في العادة وتضرر كل واحده بالاخرى، وكانتا تحت حمل بن النابغة كما تقدم (4) الفسطاط بضم الفاء وكسرها وسكون السين المهمله ضرب من الخيام (5) هذا موضع الدلاله من الحديث، قال الخطابي يقول إن العصبة يتحملون عقلها كما يتحملون عقلها كما يتحملون عن الرجل وانها ليست كالعبد الذي لاتتحمل العاقله جنايته وانما هى في رقبته اهـ وبقية الحديث تقدم شرحه في باب دية الجنين (تخريجه) (م. والثلاثة وغيرهم). (6) (سنده) حدثنا معاذ بن هشام حدثي أبي عن قتادة عن أبي نضرة عن عمران بن حصين الخ (غريبه) (7) الظاهر ان هذا الغلام كان حرا غير بالغ وعلى هذا فجنايته تعتبر خطأ وان كانت في الواقع عمدا كالمجنون، او كان بالغا وكانت جنايته خطأ وأهله فقراء: وانما قلنا حرا ن جناية العبد في رقبته بالاجماع (تخريجه) (د نس جه) وصحح الحافظ إسناده (باب). (8) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون أنا المسعودي عن أياد بن لقيط عن أبي رمثه الخ (غريبه) (9) قال الخطابي قد يتوهم كثير من الناس ان معنى العليا هو ان يد المعطى مستعلية فوق يد الآخذ يجعلونه من علو الشيء إلى فوق، قال وليس ذلك عندى بالوجه: وانما هو من علاء المجد والكرم، يريد به الترفع عن المساله والتفف عنها اهـ (وقوله امك الخ) مفعول افعل محذوف تقديره اعط امك وأباك الخ اي قدمهما في العطية على غيرهما وكذا مابعده على هذا الترتيب (10) اى الاقرب فالاقرب (11) اى أقارب القاتل وليس القاتل معهم وانما نسب القتل اليهم لكونهم أقارب القاتل وكأنه يحث النبي صلى الله عليه وسلم على الاخذ بالثار منهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم

-[ما جاء في أن المرء لا يؤخذ بجناية غيره]- الله صلى الله عليه وسلم ألا لا تجنى نفس على أخرى مرتين* (ز) (وعنه أيضاً) (1) قال انطلقت مع أبى نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأيته قال أبى هل تدرى من هذا؟ قلت لا، قال هذا محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأقشعررت (2) حين قال ذلك، وكنت أظن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً لا يشبه الناس فإذا بشر (3) ذو وفرة وبها ردع (4) من حناء وعليه بردان (5) أخضر أن فسلم عليه أبى ثم جلسنا فتحدثنا ساعة ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبى ابنك هذا؟ قال إى ورب الكعبة، قال حقاً قال لأشهد به، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكاً (6) فى تثيت شبهى بأبى ومن حلف أبى على، ثم قال أما إنه لا يجنى عليك ولا تجنى عليه (7) وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تزر وازرة وزر أخرى (8) الحديث (عن الخشخاش العنبرى) (9) قال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم ومعى ابن، قال فقال ابنك هذا؟ قال قلت نعم، قال لا يجنى عليك ولا تجنى عليه * (عن موسى بن عقبة) (10) قال حدثنى أبو النضر عن رجل كان قديماً من بنى تميم قال كان فى عهد عثمان رجل يخبر عن أبيه أنه لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أكتب لى كتاباً أن لا أؤاخذ بجريرة غيرى، فقال له رسول

_ (ألا لا تجني نفس على أخرى مرتين) يريد بذلك التأكيد، ومعناه لايؤخذ احد في عقوبة ولا ضمان، ولكنه مخصوص باحاديث ضمان العاقلة كما تقدم في الباب السابق (تخريجه) (نس) ورجاله رجال الصحيح. (ز) (1) 0 (سنده) (قال عبد الله) حدثنا جعفر بن حميد الكوفي ثنا عبيد الله بن أياد بن لقط عن ابيه عن أبي رمثة قال انطلقت مع ابى الخ (غريبه) (2) أى أخذته الرعدة هيبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم كما صرح بذلك في رولية أخرى (3) يعنى انسانا من جنس بنى ادم (وقوله ذو وفرة) بسكون الفاء وفتح الراء، الوفرة شعر الراس إذا وصل إلى شحمة الاذان (4) بفتح الراء وسكون الدال المهمله اي لطخ لم يمه كله (5) اي ثوبان أخضران كما صرح بذلك في رواية أخري (6) أى شارعا في الضحك (وفي لفظ) قال فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم لشبهى بابلى واحف أبى على (وقوله من تثبيت شبهي بابى) اى لثبوت مشابهتى في ابي (7) اى جناية كل منهما قاصرة عليه لاتتعدى اللى غيره (8) قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الاية تأييد لقوله صلى الله عليه وسلم، وليس هذا آخر الحديث (وبقيته) ثم نظر الى مثل السلعة بين كتفيه (اى كتفي النبي صلى الله عليه وسلم) فقال يارسول الله إنلى كأطب الرجال ألا أعالجها لك؟ قال لا، طبيبها الذى خلقها وسياتي مثل هذا الحديث بهذه الالفاظ من طرق متعددة في شمائله صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبويه إن شاء الله تعالى (تخريجه) (د نس مذ) وحسنه الترمزى وصححه ابن خزيمة وابن الحارود والحاكم (9) (سنده) حدثنا هشيم أنا يونس بن عبيد عن حصين بن أبي الحر عن الخشخاش العنبري الخ: وجاء في آخر هذا الحديث مانصه قال هشيم مرة يونس قال أخبرني مخبر عن حصين بن ابي الحراه (قلت) ومعنى ذلك اعلم (تخريجه) (جه) واورده الحافظ في التلخيص وسكت عنه وله طرق رجال اسانيدها ثقات وروى نحوه الطبرانى مرسلا باسناد رجاله ثقات. (10) (سنده) حدثنا عفاف ثنا وهيب ثنا موسى ابن عقبة الخ (تخريجه) وأورده الهيثميوقال رواء أحمد وفيه رجل لم يسم وبقية رجاله رجال الصحيح

كتاب الحدود والحث على إقامة الحد والنهى عن الشفاعة فيه

-[كتاب الحدود والحث على إقامة الحد والنهى عن الشفاعة فيه]- الله صلى الله عليه وسلم إن ذلك لك ولكل مسلم (كتاب الحدود) (باب الحث على إقامة الحد والنهى عن الشفاعة فيه إذا بلغ الإمام) * (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حد يعمل (وفى لفظ يقام) فى الأرض خير لأهل الأرض (2) من أن يمطروا ثلاثين (وفى لفظ أو أربعين صباحاً (عن ابن عمر) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حالت شفاعته دون حد من حدود الله عز وجل فقد ضاد الله فى أمره* (عن عروة عن عائشة رضى الله عنها) (4) قالت كانت امرأة مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها (5) فأتى أهلها أسامة بن زيد فكلموه فكلم أسامة النبي صلى الله عليه وسلم فيها فقال له النبى صلى الله عليه وسلم يا أسامة ألا أراك تكلمنى فى حد من حدود الله عز وجل (6) ثم قام النبى صلى الله عليه وسلم خطيباً فقال إنما هلك من كلن قبلكم بأنه إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق فيهم الضعيف قطعوه والذى نفسى بيده لا كانت فاطمة بنت محمد (7) لقطعت يدها، فقطع يد المخزومية (عن ابن عمر) (8) قالت كانت مخزومية تستعير المتاع وتجحده فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها

_ (باب). (1) (سنده) حدثنا عتاب ثنا عبد الله قال انا عيسى بن يزيد قال حدثني جرير بن يزيد أنه سمع أبا زرعة بن عمرو بن جرير يحدث أنه سمع أبا هريره يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه ((2) اى اكثر بركه في الرزق وغيره من الثمار والانهار وقوله (يمطروا) مبنى للمفعول يقال مطرتهم السماء ومطروا (تخريجه) (نس جه حب) وفي اسناده جرير ابن يزيد بن عبد الله البجلي ضعيف (3) هذا طرف من حديث طويل سيلتي كاملا بسنده في الباب الرابع في الرباعيات من ابواب الترهيب من خصال من المعاصي معدوده في قسم الترهيب رواه (د ك) وصححه واخرجه (ش) عن ابن عمر من وجه آخر صحيح موقوفا عليه، واخرجه نحوه (طس) عن ابى هريره مرفوعا وقال فيه (فقد ضاد الله في ملكه) (4) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهرى عن عروة عن عائشه الخ (غريبه) (5) قال العلماء ذكر جحود العاريه، وانما القطع كان لسرقتها كما جاء في الحديث التالى، وعند الطبران في الاوسط من حديث ام سلمه ان قريش اعمهم شان المخزوميه التي سرقت قالوا من يكلم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحو حديث الباب، والمعنى أنها كانت تتعير المتاع وتجحده فسرقت لإامر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع يدها الخ (6) في رواية لمسلم فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اتشفع في حد من حدود الله؟ فقال له اسامه استغفر لى يارسول الله، فلما كان العشي قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختطب فاثنى على الله بما هو اهله ثم قال اما بعد فانما هلك من كان قبلكم الخ (7) ضرب المثل بها بها صلى الله عليه وسلم لانها كانت أعز أهله ولان المراة كان اسمها فاطمه وسياتى ذكر نسيها في الباب التالى (تخريجه) (ق. والاربعة. وغيرهم). (8) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ايوب عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (د نس) وابو عوانه ورجاله رجال الصحيح، وللنسائي رواية أخرى مرسله عن نافع بنحو المرفوعه وفيها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنتسب هذه المراه وتؤدي ماعندها مرارا فلم تفعل فامر بها فقطعت، والظاهر أنها سرقت بعد

-[يجوز العفو على من ارتكب حداً مالم يبلغ الإمام وإلا فلا]- (عن جابر) (1) أن امرأة من بنى مخزوم سرقت فعاذت بأسامة بن زيد (2) حب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لو كانت فاطمة لقطعت يدها فقطعها (عن عائشة رضى الله عنها) (3) أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى بسارق فأمر به فقطع، قالوا يا رسول الله ما كنا ونرى (4) أن يبلغ منه هذا، قال لو كانت فاطمة لقطعتها ثم قال سفيان (5) لا أدرى كيف هو (عن صفوان بن أمية) (6) قال بينما أنا راقد غذ جاء السارق فأخذ ثوبى من تحت رأسى فأدركته فأتيت به النبى صلى الله عليه وسلم فقلت إن هذا سرق ثوبى فأمر به صلى الله عليه وسلم أن يقطع، قال قلت يا رسول الله ليس هذا أردت، هو عليه صدقة (7) قال فهلا قبل أن تأتينى به (وعنه من طريق ثان) (8) قال كنت نائماً فى المسجد على خميصة لى فسرقت فأخذنا السارق فرفعناه إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأمر بقطعه، فقلت يا رسول الله أفى خميصة (9) ثمنها ثلاثون درهماُ، أنا أهبها له أو أبيعها له قال فهلا قبل أن تأتينى به (عن عائشة رضى الله عنها) (10) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أقيلوا (11) ذوى الهيئات عثراتهم إلا الحدود (12)

_ امتناعها عن التوبة فقطعت (1) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن اهيعه حدثنا ابو الزبير اخبرني جابر ان امراة من بنى مخزوم الخ (غريبه) (2) اي لجات اليه مستشفعه به (تخريجه) (نس) وفي اسناده عند الامام احمد ابن لهيعه وقد صرح بالتحديث حسن ورجاله عند النسائي كلهم ثقات فهو حسن صحيح. (3) (سنده) حدثنا سفيان، ومعناه لا ادرى كيفية الشئ المسروق الذى قطع الرجل لاجله (تخريجه) (نس) بسند الامام أحمد ورجاله كلهم ثقات. (6) (سنده) حدثنا روح ثنا محمد بن أبي حفصه ثنا الزهري عن صفوان بن عبد الله بن صفوان عن ابيه ان صفوان بن اميه بن خلف قيل له هلك من لم يهاجر، قال فقلت لااصل إلى أهلى حتى آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فركبت راحتى فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يارسول الله فقلت يارسول الله زعموا أنه هلك من لم يهاجر، قال كلا أبا وهب فارجع إلى اباطح مكه، قال فبينهما أنا راقد إذا جاء السارق الخ (عريبه) (7) جاء في رواية أخرى للامام أحمد أنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد تجاوزت عنه، قال فلولا كان هذا قبل ان تأتيني به ياأوهب؟ فقطعه رسول الله صلى الله عليه وسلم (8) (سنده) حدثنا حسين بن محمد حدثنا سليمان يعني ابن قرم عن سماك عن جعيد بن أخت صفوان ابن أمية عن صفوان بن أمية كنت نائما في المسجد الخ (9) مخاء معجمه مفتوحه وميم مكسوره وتحتية ساكنه ثم صاد مهمله، قال في القاموس الخميصة كساء أسود مربع لع علمان (تخريجه) (ك. ولامامان والاربعه) وصححه الحاكم وابن الجارود. (10) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن عبد الملك بن زيد عن محمد بن أبي بكر عن ابيه عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (11) المراد بالاقالة هنا التجاوز وعدم المؤاخذه (والهيئه) صورة الشئ وشكله وحالته والمراد أهل الحسنه (والعئرات) جمع عئره، والمراد بها الزله كما وقع في بعض الروايات (قال الامام الشافعي) ذووا الهيئات الذين يقالون عئران الذين ليسوا يعرفون بالبشر فيزل أحدهم الزله، وقال الماوردي في تفسير العئرات المذكورة وجهان أحدهما الصغائر، والثاني أول معصية زل فيها اه (12) أي انها لاتقال بل تقام على ذي

-[الحد مكفر للذنب ولا تقبل فيه فدية إذا بلغ الإمام]- (باب عدم قبول الفدية فى الحدو أنه مكفر للذنب) * (عن محمد بن طلحة) (1) بن يزيد بن ركانة أن خالته أخت مسعود بن العجماء حدثته أن أباها قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى المخزومية التى سرقت قطيفة (2) يفديها يعنى بأربعين أوقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن تطهر (3) خير لها، فأمر بها فقطعت يدها وهى من بنى عبد الأسد (4) (عن عبد الله بن عمرو) (5) أن امرأة سرقت على عهد رسول صلى الله عليه وسلم (6) فجاء بها الذين سرقتهم فقالوا يا رسول أن هذه المرأة سرقتنا، قال قومها فنحن نفديها بخمسمائة دينار. قال اقطعوا يدها قال فقطعت يدها اليمنى، فقالت المرأة هل لى من توبة يا رسول الله؟ قال نعم أنت اليوم من خطيئتك كيوم ولدتك أمك (7) فأنزل الله عز وجل فى سورة المائدة {فمن تاب بعد ظله وأصلح (8) فأن الله يتوب عليه الخ الآية} *

_ الهيئة وغيره بعد الرفع الى الامام، واما قبله فيستحب الستر مطلقا الحديث (من ستر مسلما ستره الله في الدنيا والاخره) وسياتي في قسم الترغيب في باب إعانه المسلم إعانه المسلم الخ (تخريجه) (فع دنس هق) وابن عدى وضعفه الجمهور والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يونس ثنا ليث عن يزيد بن أبي حبيب عن محمد بن اسحاق عن محمد بن طلحة الخ (غريبه) (2) القطيفة كساء له خمل اي هدب، وجاء في رواية لابن ماجه والحاكم وصححه ان القطيفة كانت للنبي صلى الله عليه وسلم ولفظهما من حديث ابن مسعود انها سرقت قطيفة من بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) بحذف إحدى التاءين تخفيفا، ويجوز ان يكون بتاء واحدة وتشديد الطاء والمراد التطهر من الذنب بالقطع، وفيه دلالة على ان الحد مكفر للذنب (4) قال الحافظ اسم المراة على الصحيح فاطمة بنت الاسود بن عبد الاسد بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم وهي بنت أخى ابى سلمة ابن عبد الاسد الصحابي الجليل الذي كان زوج ام سلمة، قتل ابوها كافرا يوم بدر قتله حمزه بن عبد المطلب، ووهم من زعم ان له صحية اه (تخريجه) (جه) وفي إسناده ولم يخرجاه بهذه السياقه (قلت) واقره الذهبي (5) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثنى حى بن عبد الله عن ابي عبد الرحمن الحبلى حدثه عن عبد الله بن عمرو (يعنى ابن العاص) الخ (غيبه) (6) قال الحافظ ابن كثير عقب ذكر هذا الحديث في تفسيره وهذه المراة هى المخزومية التى سرقت وحديثها ثابت في الصحيحين من رواية الزهرى عن عروة عن عائشة فذكر الحديث بلفظ مسلم كما تقدم في الباب السابق، وفي أخره قال قالت عائشه فحسنت توبتها بعد وتزوجت وكانت تاتى بعد ذلك فارفع حاجتها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم (7) ظاهرة ان القطع يغني عن التوبه، وقال مجاهد السارق لاتوبة له فاذا قطعت حصلت التوبه، وقال الامام البغوى في التفسير والصحيح ان القظع للجزاء على الجناية كما قال تعالى (جزاءا بما كسبا) ولابد من التوبه بعده وتوبته الندم على ما مضى والعزم على تركه في المستقبل قال واذا قطع السارق يجب عليه غرم ماسرق من المال عند اكثر اهل العلم، وقال سفيان الثورى واصحاب الراى لاغرم عليه، وبالانفاق ان كان المسروق قائما عنده يسترد وتقتع يده لان القطع حتى تعالى والغرم حق العبد فلايمنع احدهما الاخر كاسترداد العين اه (قلت) ويؤيد ذلك ماجاء في بعض طرق حديث ابن عمرو عند النسائي ان النبي صلى الله عليه وسلم قال (لتنب هذه المراة الى الله ورسوله وترد ماتاخذ على القوم، قم يابلال خذ بيدها فاقطعها) (8) اى من تاب من بعد سرقته وأناب إلى الله قبل

-[الحدود تكفر الذنوب وتدرأ بالشبهات]- (عن ابن خزيمة بن ثابت) (1) عن أبيه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من أصاب ذنباً (2) أقيم عليه حد ذلك الذنب فهو كفارته (3) * (عن على رضى الله عنه) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أذنب فى الدنيا ذنباً فعوقب به (5) فالله أعدل من أن يثنى عقوبته على عبده، ومن أذنب ذنباً فى الدنيا فستر الله عليه (6) وعفا عنه فالله أكرم من أن يعود فى شئ قد عفا عنه (باب لا يجب عليه الحد وما جاء فى درء الحدود بالشبهات) * (عن أبى ظبيان الجنبى) (7) أن عمر ابن الخطاب أتى بامرأة قد زنت فأمر برجمها فذهبوا بها ليرجموها فلقيهم على رضى الله عنه فقال ما هذه؟ قالوا زنت فأمر عمر برجمها (8) فأنزعها على من أيديهم وردهم، فرجعوا إلى عمر رضى الله عنه فقال ما ردكم؟ فقالوا ردنا على فقال ما فعل هذا على إلا لشئ قد علمه، فأرسل إلى على فجاء وهو شبه المغضب فقال مالك رددت هؤلاء؟ قال أما سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول، رفع القلم عن ثلاثة

_ أن يبلغ الإمام فان الله يتوب عليه فيما بينه وبينه، فاما اموال الناس فلابد من ردها اليهم او استرضائهم (تخريجه) رواه ابن جريج ورواية الامام احمد اتم، وفي اسناده ابن لهيعه وقد صرح بالتحديث فحديثه حسن (1) (سنده) حدثنا روح ثنا اسامة بن يزيد عن محمد بن المنكدر عن ابن خزيمه بن ثابت عن ابيه عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (2) اى كبيرة توجب حدا غير الكفر كالزنا والسرقه ونحو ذلك (3) اى لايعاقب عليه في الاخره (تخريجه) (طب) قال الهيثمى فيه راو لم يسم وهو ابن خزيمه وبقية رجاله ثقلت اه (قلت) ابن خزيمة المشار اليه عمارة ذكرة في الخلاضة فقال عمارة بن خزيمه بن ثابت سعد، قال ابن عاصم مات خمس ومائه اهـ، وفي التهذيب صحيح الحديث (قلت) وحسن الحافظ اسناده (4) (سنده) حدثنا حجاج قال يونس بن ابي اسحاق اخبرنى عن ابى اسحاق عن ابى جحيفة عن على الخ وفي هذا السند تقديم الفاعل على الفعل وتوضيحه حدثنا حجاج قال اخبرنى يونس بن ابي اسحاق عن ابى اسحاق عن ابي اسحاق عن ابى جحيفة عن على الخ (غريبه) (5) اى بان اقيم عليه الحد (6) اي بان لم يبلغ الامام ولم يقم عليه الحد ثم تاب من ذلك الدنب بينه وبين الله عز وجل وعفا الله عنه بسبب توبته فالله اكرم الخ (تخريجه) (مذ جه ك) وقال الترمزي حديث حسن غريب صحيح اهـ (قلت) صححه الحاكم واقره الذهبي، وقال الحافظ هو عند الطبرانى باسناد حسن من حديث ابى تميمه الجهيمي اهـ (قلت) وفى الباب ايضا عن عبادة بن الصامت عند الامام احمد: وسياتى مطولا في باب البيعة من كتاب الخلافة والاماره ان شاءالله تعالى (باب) (7) حدثنا عفاف ثنا حماد عن عطاء بن السائب عن ابى ظبيان (يوزن عدنان) الجنبى (بفتح الجيم وسكون النون ثم موحدة) ان عمر الخ (غريبه) (8) جاء في رواية لابي داود من طريق اخرى عن ابى ظبيان عن ابن عباس (فقالوا مجنونة بنى فلان زنت فامر بها ان ترجم) قال الخطابي لم يامر عمر رضى الله عنه برجم مجنونة مطبق عليها في الجنون ولا يجوزان يخفى هذا ولاعلى احد لما يصيبها من الجنون اذا كان الزنا حال الافاقة، وراى على كرم الله وجهه انا الجنون سبة يدرء بها الحد عمن يبتلى به، والحدود تدرء بالشبهات، لعلها قد اصابت ما اصابت وهي في بقية من بلائها، فوافتى اجتهاد عمر اجتهاد

-[المكره لا يحد - وقصة من اعترف بالزنا وبرأ غيره]- (1) عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبى حتى يكبر، وعن المبتلى حتى يعقل؟ قال بلى، قال علىّ رضى الله عنه فإن هذه مبتلاه نبى فلان فلعله أتاها (2) وهو بها، فقال عمر رضى الله عنه لا أدرى قال وأنا لا أدرى فلم يرجمها (3) * (عن علقمة بن وائل بن حجر) (4) عن أبيه قال خرجت امرأة إلى الصلاة فلقيها رجل فتجللها بثيابه (5) فقضى حاجته منها وذهب، وانتهى إليها رجل فقالت له إن الرجل فعل بى كذا وكذا، فذهب الرجل في طلبه فجاءوا بالرجل الذي ذهب في طلب الرجل الذي وقع عليها فذهبوا به إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقالت هو هذا (6) فلما أمر النبى برجمه (7) قال الذي وقع عليها يا رسول الله أنا هو (8) فقال للمرأة اذهبى فقد غفر الله لك (9) وقال للرجل قولاً حسناً، فقيل له يا رسول الله ألا ترجمه؟ (10) فقال لقد تاب توبة لو تابها أهل المدينة لقبل منهم * (11) (عن عبد الجبار عن أبيه) (12) قال استكرهت (13) امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فدرأ عنها الحد (14) وأقامه على الذي أصابها ولم يذكر (15) أنه جعل لها مهراً

_ علي في ذلك رضى الله عنهما فدرى عنها الحد والله اعلم (1) تقدم الكلام على هذا الحديث في باب اثبات الرشد وعلامات البلوغ من كتاب التلفيس والحجر في الجزء الخامس عشر رقم 342 صحيفة 104 فارجع اليه (2) اي فلعل الزانى (اتاها) اي زنى بها وهى فى حاله جنون (3) قول كل من عمر وعلى رضى الله عنهما لاادرى معناه انهما يشكان فى اى حال اتاها الزانى افى حال الجنون او فى حال الافاقة؟ وهذا الشك شبة تدرء الحد، وذلك لم يرحمها عمر 0 (خريجه) (دنس مذ) وقال الترمذى حسن غريب اهـ (قلت) ورواه (ك د) عن ابى ظبيان عن ابن عباس فذكر نحوه وصححه الحاكم واقرء الذهبى (4) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبيرقال ثنا اسرائيل عن سماك عن علقمه بن وائل بن حجر (اوله جاء مهمله مضمومه بعدها جيم ساكنه) عن ابيه الخ (غريبه) (5) اى فغشها بثوبه قصار كالجل عليها (6) اى طنا منها انه الرجل الذى وقع عليها وقد اخطات في ظنها (7) قال المنذرى قال بعضهم وفى هذا حكمة عظيمه، وذلك ان النبي صلى الله عليه وسلم انما امر به ليرجم قبل ان يقر بالزنا او يثبت ليكون ذلك سببا في اظهار ذلك لنفسه حين خشى ان يرجم، وهذا من غريب استخراج الحقوق، ولا يجوز لغير رسول الله صلى الله عليه وسلم لان غيره لايعلم من البواطن ما علم هو صلى الله عليه وسلم الظاهر والباطن له في ذلك اهـ (8) اى انا الذى جللتها وقضيت حاجتى منها (9) اى غفر الله لك اتهام الرجل البرييء لانه وقع خطا (وقوله للرجل) يعنى الماخوذ كما صرح بذلك في رواية ابي داود (قولا حسنا) اى لانه وقع خطأ (وقوله وقال للرجل) يعنى المأخوذ كما صرح بذلك في رواية ابى داود (قولا حسنا) اي لانه كان ماخوذا بغير ذنب، (10) جاء عند الترمزى (وقال للرجل قولا حسنا وقال للرجل الذى وقع عليها ارحموه وقال لقد تاب توبه الخ) وهو مستقيم المعنى، وليس عنده (فقيل يارسول الله لا ترجمه) ورواية ابى داود كرواية الامام احمد تحتاجان الى تقدير والمعنى، فقيل يارسول الله الا ترجمه؟ يعنى الذى اعترف بالزنا فامر برجمه وقال لقد تاب الخ (11) اى لانه اعترف على نفسه وبرا الرجل المتهم فاستحق العفو والقبول (تخريجه) (دنس مذ) وقال الترمذى حديث حسن غريب صحيح وعلقمة بن وائل بن حجر سمع من ابيه (12) (سنده) حدثنا معمر بن سليمان الرقى ثنا الحجاج عن عبد الجبار (يعنى ابن وائل بن حجر) عن ابيه الخ (غريبه) (13) بصيغة المجهول اى جامعها رجل بالاكراه (4) اى دفعه عنها (15) بفتح اوله اى لم يذكر الراوي، وضبطه

-[إستحباب التستر على من ارتكب ما يوجب الحد قبل تبليغه الإمام]- (باب استحباب التستر على من ارتكب ما يوجب الحد قبل تبليغه الإمام) * (عن أبى ماجد) (1) قال أتى رجل ابن مسعود بابن أخ له فقال إن هذا ابن أخى وقد شرب، فقال عبد الله لقد علمت أول حد كان في الإسلام، امرأة سرقت فقطعت يدها فتغير لذلك وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم تغيراً شديداً (2) ثم قال (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم (وعنه أيضاً) (3) قال كنت قاعداً مع عبد الله قال إنى لأذكر أول رجل قطعه (4) أتى بسارق فأمر بقطعه وكأنما أسفَّ (5) وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال قالوا يا رسول الله كأنك كرهت قطعه؟ قال وما يمنعنى، لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم، إنه ينبغى للإمام إذا انتهى إليه حد أن يقيمه؛ إن الله عز وجل عفوّ يحب العفو (وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) (وعنه من طريق ثان) (6) فذكر معناه وقال كأنما أسف وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذر عليه رماد * (عن دخين كاتب عقبة بن عامر) (7) قال قلت لعقبة إن لنا

_ بعضهم بضم اوله اى بصيغة المجهول اى ولم يذكر في الحديث انه صلى الله عليه وسلم جعل لها مهرا على مجامعها، قال المظهر وكذا ابن الملك لايدل هذا على عدم وجوب المهر لانه ثبت وجوبه لها بابحابه صلى الله عليه وسلم في احاديث اخرى (تخريجه) (جه مذ) وقال هذا حديث غريب وليس اسناده بمتصل، قال وعبد الجبارين وائل لم يسمع من ابيه اهـ (قلت) يؤيده ما قبله (باب) (1) (سنده) حدثنا يزيد اخبرنا المسعودى عن يحيى بن الحارث الجبار عن ابى ماجد قال انى رجل ابن مسعود الخ (غريبه) (2) انما تغيروجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لانه كان يود لو عفوا عنها قبل رفع امرها اليه لكان خيرا لهم ولها، لان الله عز وجل رغب فى العفو والصفح فقال جل شانه (وليعفوا وليصفحوا الايه) اما وقد رفه املرها اليه فلابد من اقامة الحد (تخريجه) اورده الهيثمي وقال رواه كله احمد وابو يعلى باختصار المراة وابو ماجد الحنفي ضعيف اه (قلت) وفي الخلاصه ابو ماجد الحنفي العجلى ويقال ماجدة الفراء العجلى الكوفي عن ابن مسعود وعنه يحيى الجابرى قال الدار قطنى مجهول متروك، وفي اسناده ايضا يحيى بن عبد الله بن الحارث (نسب الى جده) التيمى الجابر قال الامام احمد ليس به باس وضعفه ابن معين وابو حاتم كذا في الخلاصة (3) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت يحيى بن المجبر قال سمعت ابا ماجد يعنى الحنفي قال كنت قاعدا الخ (غريبه) (4) يعني اول رجل قطعه النبى صلى الله عليه وسلم وهذا لا يتنافى قوله في الحديث السابق (لقد علمت اول حد كان فى الاسلام امراه والله اعلم (5) بضم الهمزه وكسر المهمله وفتح الفاء مشددة اى كانما ذر عليه رماد، والمعنى ان وجهه صلى الله عليه وسلم تغير كانما ذر عليه شيء غيره بسبب الغليظ (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انبانا سفيان عن يحيى بن عبد الله التيمى عن ابى ماجد الحنفي فذكر نعناه الخ (وقوله فذكر معناه) هكذا في الاصل وليس من اختصاري (تخريجه) (عل ك) وصحح الحاكم اسناده وسكت عنه الذهبى، وفي اسناده ابو ماجد الحنفي تقدم الكلام عليه في تخريج الحديث السابق (7) (سنده) حدثنا هاشم ثنا ليث عن ابراهيم بن نشيط الخولامى عن كعب بن علقمه عن أبي الهيثم

-[حد من ارتد عن الإسلام - وما جاء في الزنادقة]- جيراناً يشربون الخمر وأنا داع لهم الشُّروط (1) فيأخذوهم، فقال لا تفعل ولكن عظهم وتهددهم قال ففعل فلم ينتهوا، قال فجاءه دخين فقال إنى نهيتهم فلم ينتهوا وأنا داع لهم اشلرط، فقال عقبة ويحك لا تفعل فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ستر عورة مؤمن (2) فكأنما استحيا موءودة من قبرها (وفى لفظ) كان كمن أحيا موءودة من قبرها (باب حد من ارتد عن الإسلام وما جاء في الزنادقة) * (عن أبى بردة) (3) قال قدم على أبى موسى الأشعرى معاذ بن جبل باليمن فإذا رجل عنده (4) قال ما هذا؟ قالوا رجل كان يهودياً فأسلم ثم تهوّد ونحن نريده على الإسلام منذ قال أحسبه (5) شهرين، فقال والله لا أقعد حتى تضربوا عنقه (6) فضربت عنقه، فقال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من رجع عن دينه فاقتلوه أو قال من بدل دينه فاقتلوه (7) (عن عكرمة) (8) أن علياً رضى الله عنه أتى بقوم من هؤلاء الزنادقة (9) ومعهم كتب فأمر بنار فأججت ثم أحرقهم وكتبهم (ض 0) قال عكرمة فبلغ ذلك ابن عباس فقال لو كنت أنا لم أحرقهم

_ عن دخين الخ (غريبه) (1) بضم المعجمه وفتح الراء جمع شرطي بضم الشين وسكون الراء، وهو من نصبه الامير لتنفيذ الاوامر وما يتعلق بها من حبس وضرب واخذ لمن يستحقه (2) العورة كل ما يستحيا منه اذا ظهر، وكل عيب وخلل في شئ فهو عورة، والمعنى من راى من اخيه المؤمن شيئا يشينه في بدن او عرضه او ماله او اهله حسيا كان او معنويا فستر ولم يهتكه ولم يرفعه لحاكم فكانما استحيا موءوده من قبرها، اى كان له مثل ثواب من يحيى موءوده من الموت، وذلك ان العرب في الجاهليه كان اذا ولد لاحدهم بنت دفنها في التراب وهي حية خوف العار والحاجه، فلما جاء الاسلام حرم ذلك: قال تعالى (واذا بشر احدهم بالانثى ظل وجهه مسودا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء مابشر به ايمسكه على هون ام يدسه فى التراب في التراب الاساء مايحكمون) وقال (واذا الموءودة سئلت باى ذنب قتلت) صحيحه واللفظ له والحاكم وقال صحيح الاسناد (قلت واقرة الذهبى) قال الحافظ المنذرى رجال اسانيدهم ثقات ولكن اختلف فيه على ابراهيم بن نشيط اه (قلت) ابراهيم بن نشيط بفتح النون وثقه ابو حاتم وابو زرعه والدار قطنى كما في الخلاصة والتهذيب والله اعلم (باب) (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن ايوب عن حميد بن هلال العدوي عن ابى بردة الخ (غريبه) (4) زاد البخاري موثق (5) بفتح السين المهمله اى اظنه وجمله (قال احسبه) معنرضه بين المضاف والمضاف اليه والمعنى، ونحن نريده على الاسلام منذ شهرين فيما اظن (6) عند ابى داود فجاءه معاذ فدعاه فابى فضرب عنقه (7) معناه ان من انتقل من الاسلام لغيره بقول او فعل مكفر واصربعد الاستنايه فافتلوه وجوبا انظر احكام هذا الباب في القول الحسن شرح بدائع المنن في الجزء الثانى صحيفة 281 و 282 (تخريجه) (ق دفع. وغيرهم) (8) (سنده) حدثنا اسماعيل ثنا ايوب عن عكرمه الخ (غريبه) (9) جمع زنديق بوزن عفريت وهو الذى يظهر الاسلام ويبطن الكفر ويعتقد بطلان الشرائع فهذا كافر بالله وبدينه مرتد عن الاسلام اقبح ردة ظهر منه ذلك بقول او بفعل (10) الونادقه الذين احرقهم على رضى الله عنه هم السبائيه ماذكر أهل الملل والنحل وهم اصحاب عبد الله بن سبا وكان ابن سبا يهوديا تستر

-[سلب الإيمان من الزانى والسارق وشارب الخمر عند ارتكاب المعصية]- لنهي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقتلهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه (1)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعذبوا بعذاب الله (وعنه من طريق ثان) (2) أن علياً رضى الله عنه حرّق ناساً ارتدوا عن الإسلام فبلغ ذلك ابن عباس فقال لم أكن لأحرّقهم بالنار وأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال لا تعذبوا بعذاب الله وكنت قاتلهم لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه فبلغ ذلك علياً كرم الله وجهه فقال ويح (3) ابن أم عباس (أبواب حد الزنا) (باب ما جاء في التنفير من الزنا ووعيد فاعله لاسيما بحليلة الجار والمغيبة) (عن أبى هريرة) (4) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يزنى الزانى حين يزنى وهو مؤمن (5) ولا يسرق حين يسرق (6) وهو مؤمن، ولا يشرب الخمر (7) حين يشربها وهو مؤمن، والتوبة معروضة بعد (8)

_ بإظهار الإسلام ابتغاء الفتنه في هذه الامه وانه كان يسعى في الاثاره على عثمان حتى كان ماكان ثم دس نفسه الخبيثه في الشيعهوافضى الى شرذمة من الجهال فوسوس اليهم ان عليا هو المعبود تعالى الله عما يقول الظالمون علوا كبيرا) وفي أنوار اليقين) عن عثمان بن المغيرة قال كنت عند رضي الله عنه فجاء قوم فقالوا انت هو، فقال على ماانا؟ قالوا ربنا قال قاستتابهم قابوا، فضرب اعناقهم ودعى بحطب ونار فاحرقهم، وهو يدل على انه احرقهم بعد موتهم، وظاهر حديث الباب انه احرقهم وهم احياء فالله اعلم (1) استدل ابن عباس على قتلهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدل دينه فاقتلوه وعلى عدم تحريكهم بقوله صلى الله عليه وسلم لا تعذبوا الله وتقدم حديث ابى هريره فى باب النهى عن المثله والتحريف من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر رقم 218 صحيفة 67 (وفيه ان النار لا يعذب بها الا الله عز وجل) والظاهران مافعله على رضى الله عنه بالزنادقه كان عن راى واجتهاد منه لاعن توقيف، ولعله لم يبلغه الحديث، ولذا لما بلغه قول ابن عباس (لو كنت انا لم احرقهم) قال ويح ابن ام عباس استعجابا لمذهبه واستحسانا لقوله، ولم يثبت بعد ذلك انه حرق احدا بل كان يفتى بقتل المرتد ويامر به (2) (سنده) حدثنا اسماعيل ثنا ايوب عن عكرمه ان عليا الخ (3) قال في النهايه ويح كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع في هلكة لايستحقها وقد يقال بمعنى المدح والتعجب، وهي منصوبة على المصدر وقد ترفع وتضاف ةلا تضاف يقال ويح زيد وويحا له وويح له، ومنه حديث علي ويح ابن ام عباس كانه اعجب بقوله اهـ (تخريجه) (خ فع د نس مذجه) (باب) (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن سليمان عن ذكوان عن ابى هريره الخ (غريبة) (5) اى اذا استحله مع العلم بتحريمه او يسلب الايمان حال تلبسه بالكبيرة فاذا فارقها عاد اليه، ويؤيد هذا ماجاء في حديث ابى هريره ايضا عند ابى داود مرفوعا (اذا زنى الرجل خرج منه الايمان فكان عليه كالظلة، فاذا اقلع رجع اليه الايمان) او هو من باب التغليظ للتنفير عنه، او معناه نفى الكمال وإلا فالمعصيه لاتخرج المسلم عن الايمان خلافا للمعتزله المكفرين بالذنب القائلين بتخليد العاصي في النار، وكذلك يقال فيما بعده (6) لم يذكر الفاعل هنا لدلالة الكلام عليه وقد جاء مصر حابه في رواية ابى عند البخارى قال (ولا يسرق السارق حين يسرق الخ) (7) اى شاربها قفية حذف الفاعل ايضا (8) معناه ان من ارتكب شيئا من هذه الكبائر فلا يقنط من رحمة الله عز وجل فان باب التوبه مفتوح امامه فان تاب توبة صحيحه بشروطها فالله تعالى يمحو عنه هذا الذنب

-[تقبيح الزنا ووعيد فاعله]- (وعنه أيضاً) (1) عن النبى صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا ينظر الله يعنى إليهم يوم القيامة (2)، الإمام الكذاب، والشيخ الزانى (3)، والعائل المزهو (4) (وعنه أيضاً) (5) قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يلج الناس به النار، قال الأجوفان، الفم والفرج (6)، وسئل عن أكثر ما يلج به الناس الجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن الخلق (7) (عن أبى موسى الأشعرى) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حفظ ما بين فقميه (9) وفرجه دخل الجنة * (عن أبى أمانة) (10) قال إن فتى من الأنصار أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أئذن لى بالزنا فأقبل القوم عليه فزجروه وقالوا مه مه (11) فقال أدنه، فدنا منه قريباً قال فجلس، قال أتحبه لأمك (12) قال لا والله جعلنى الله فداك، وقال ولا الناس يحبونه لأمهاتهم (13)، قال أفتحبه لابنتك؟ قال

_ قال تعالى (وهو الذي يقبل التوبه عن عباده عن السيئات وقال تعالى) الا من تاب وامن وعمل عملا صالحا فؤلئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفور رحيما) نسال الله تعالى العصمه من الزلل (تخريجه) (ق. والاربعه) بدون قوله والتوبه معروضه بعد (1) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن عجلان قال سمعت ابى هريره عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) زاد في بعض الروايات (ولا يزكهم ولهم عذاب اليم) (وقوله الامام الكاذب إما رغبة في شيء او رهبة منه، والامام او الملك كما في بعض الروايات في غى عن ذلك لانه لايخشى الرهبة ولا هو يحتاج اليها، وايضا فانه قدوة فالكذب من قبيح لهذه الامور (3) المراد بالشيخ من زادت سنه عن الاربعين وخص بالذكر ايضا لانه كما عقله وذهب عنه طيش الشباب وداعية الزنا عنده قد ضعفت وهمته قد فئرت فزناه عناد ومراغمة (4) العائل هو الفقير (والزهو) هو التكبر لان الزهو معناه الكبر والفخر يقال زهى الرجل بضم الزاى وكسر الهاء فهو مزهو، وانما خص الفقير بالذكر ايضا لان كبره مع فقد سببه في نحو مال وجاه يدل على كونه مطبوعا عليه مستحكما فيه فيستحق اليم العذاب وفظيع العقاب (تخريجه) (م نس) (5) (سنده) حدثنا يزيد عن المسعودى عن داود بن يزيد عن ابى هريره قال سال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) اما الفم فلما يتادى به من قول ونعل، فالفعل كالطعام والشراب المحرم، والقول مللسان كالكذب والغيبة والنميمه والنطق باللسان اصل كل مطلوب، (واما الفرح) فلما يتادى به الزنا ولما ينشا من ذلك من الفساد وقد سماه الله تعالى فاحشة فقال (ولا تقربو الزنا انه كان فاحشة وساء سبيلا) (7) جاء في رواية تقوى الله وحسن الخلق (تخريجه) (مذ حب هق) وقال الترمذى حديث حسن صحيح غريب (8) (سنده) حدثنا احمد بن عبد الملك ثنا موسى بن اعين عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن رجل عن ابى موسى الاشعري الخ (غريبه) (9) تثنية فقم بالضم والفتح اللحى، يريد من حفظ لسانه من الغيبة والنميمه وقول الزور واللغو وفرجه من الزنا دخل الجنه (تخريجه) في اسناده عند الامام احمد رجل لم يسم واورده الهيثمى بهذا اللفظ، وقال رواه ابو يعلى واللفظ له والطبران ورواتهما ثقات (10) اسم فعل مبنى على السكون بمعنى اسكت وكرر للتاكيد (وقوله ادنه) امر من الدنو والقرب والهاء فيه للسكت جئ بها لبيان الحركه (12) في هذا بيان لما كان عليه صلى الله عليه وسلم من مكارم الاخلاق وحسن السياسه (13) أي حيث أنك لا تحبه

-[تقبيح الزنا ووعيد فاعله خصوصاً من زنى بامرأة جاره]- لا والله يا رسول الله جعلنى الله فداك، قال ولا الناس يحبونه لبناتهم، قال أفتحبه لأختك؟ قال لا والله جعلنى الله فداك، قال ولا الناس يحبونه لأخواتهم، قال أفتحبه لعمتك؟ قال لا والله جعلنى الله فداك، قال ولا الناس يحبونه لعماتهم، قال أتحبه لخالتك؟ قال لا والله جعلنى الله فداك، قال ولا الناس يحبونه لخالاتهم، قال فوضع يده عليه وقال اللهم أغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شئ (1) (عن ميمونة) (2) زوج النبى صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تزال أمتى بخير ما لم يفش (3) فيهم ولد الزنا فإذا فشا فيهم ولد الزنا فيوشك أن يعمَّهم الله عز وجل بعقاب (4) (عن المقداد بن الأسود) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ما تقولون في الزنا؟ قالوا حرمه الله ورسوله فهو حرام إلى يوم القيامة، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه لأن يزنى الرجل بعشر نسوة أيسر عليه من أنى يزنى بامرأة جاره، (6) قال

_ لامك فالناس لا يحبونه لامهاتهم واذا كان ذلك فكيف آذن لك به وكيف ترضاه لنفسك وهكذا يقال فيما بعده (1) في هذا الحديث منقبه عظيمه لهذا الشاب حيث قد دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الدعوات المباركات التى هى من جوامع الكلم ودعاؤه صلى الله عليه وسلم مستجاب، وببركة هذه الدعوات عصمه الله تعالى من الزنا وغيره، وغفر له ماتقدم من ذنبه فهنيئا له ثم هنيئا (تخريجه) رواه ابن جرير وليس فيه الدعاء للفتى، وفيه ان النبى صلى الله عليه وسلم قال له فى اخر الحديث فاكره ماكره الله واحب لاخيك ماتحب لنفسك وسنده عند الامام احمد جيد (2) (سنده) حدثنا اسحاق بن ابراهيم الرازى ثنا سليمان بن الفضل قال حدثنى محمد بن اسحاق عن محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن محمد بن عبدالله بن لبيبه بن عبيد الله ابن رافع عن ميمونه الخ 0 غريبه) (3) بقاء ثم شين معجمه مضمونه، يقال فشا الشئ يفشو كثر وظهر (4) اى كان يبتليهم بالفقر والمسكنه كما صرح بذلك في حديث ابن عمر عند البزاز، او يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم باس بعض، كما ذلك وارد في احاديث متعددة، وذلك لمخالفتهم ما اقتضته حكمة الله عز وجل من حفظ الانساب وعدم اختلاط المياه (تخريجه) اورده المنذرى وقال رواه احمد واسناده حسن وفيه ابن اسحاق وقد صرح بالسماع، قال ورواه ابو يعلى الا انه قال لاتزال امتى بخير متماسك مالم يظهر فيهم ولد الزنا اهـ (قلت) ابن اسحاق لم يصرح بالسماع عند الامام احمد وانما عنعن كما ذكر في السند ولعه صرح بالسماع عند ابى يعلى والله اعلم (5) (سنده) حدثنا على بن عبد الله ثنا محمد بن فضيل بن غزوان ثنا محمد بن سعد الانصارى قال سمعت اباظية الكلاعي يقول سمعت المقداد بن الاسود يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) انما كان الزنا بالمرأه الجار اشد وافظع من الزنا بغيرها لان الله تعالى جعل للحوار حقا وامر الجار بالاحسان الى الجار، فمن زنىبامراة جاره فقد افتات على حقه واساء اليه بل الاحسان، وذلك قال صلى الله عليه وسلم (والله لا يؤمن والله لا يؤمن) قالها بالتكرار ثلاثا للتاكيد اي لايؤمن ايمانا كاملا او هو في حق المستحيل (قيل ومن رسول الله؟ قال الذى لايامن جاره بوائقة) جمع بائقه وهي الغافله اى لايامن جاره غوائله وشره ولا شيء اقبح ولا افظع من هتك العرض، ويقال مثل ذلك في السارق من جاره لانه افتيان على حقه وايذاء له (تخريجه) أورده المنذري وقال

-[النهي عن الدخول على من غاب زوجها وما جاء في ولد الزنا]- فما تقولون في السرقة؟ قالوا حرمها الله ورسوله فهى حرام، قال لأن يسرق الرجل من عشرة أبيات أيسر عليه من أن يسرق من جاره * (عن أبى قتادة) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قعد على فراش مغيبة قيض الله له يوم القيامة ثعباناً * (خط) (عن جابر بن عبد الله) (2) قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلجوا على المغيبات فإن لشيطان يجرى من أحدكم مجرى الدم، قلنا ومنك يا رسول الله؟ قال ومنى ولكن الله أعاننى عليه فأسلم (باب ما جاء في ولد الزنا) (عن أبى هريرة) (3) عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ولد الزنا أشر (4) الثلاثة (عن عائشة رضى الله عنها) (5) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أشر الثلاثة إذا عمل بعمل أبويه (6) يعنى ولد الزنا (عن عبد الله بن عمرو) (7) عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال لا يدخل الجنة (8) عاق ولا مدمن خمر (9) ولا منان ولا ولد زنية (10)

_ رواه أحمد ورواته ثقات والطبران في الكبير والاوسط (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب النهى عن الدخول على النغيبة من الابواب صلاة السفر صحيفة 84 في الجزء الخامس واننما ذكرته هنا لمناسبة الترجمه (2) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار اليه ايضا صحيفة 83 (والمغيبة) بضم الميم وكسر الغين المعجمه هى التى غاب عنها زوحها بسفر ونحوه (هذا) وما ذكرنا في هذا الباب هو بعض ماجاء فى مسند احمد من التنفير عن الزنا والبعض الاخرجاء متفرقا في ابواب اخرى لمناسبات وفي كتاب الكبائر من قسم الترهيب وفي ابواب الترهيب من خصال من العاصى معدودة من قسم الترهيب ايضا فتمبه لذلك (باب) (3) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد ثنا خالد يعنى ابن عبد الله بن عبد الرحمن الطحان عن سهيل عن ابيه عن ابى هريره الخ (غريبه) (4) هكذا جاء في المسند اشر باثبات الهمزه في هذا الحديث والذى بعده، وجاء عند ابى داود شر الثلاثة بحذفها والمراد بالثلاثه هو ابواب لان الحد قد يقام عليهما فيمحص ذنبهما، وهذا لايدرى مايفعل به، وقيل انما ورد في معين موسوم بالشر والنفاق، ويحتمل ان لايكون على اطلاقه، بل هو مقيد بما عمل بعمل ابويه كما في الحديث التالى والله اعلم (تخريجه) (د ك هق) ورجاله ثقات، وصححه الحاكم وافره الذهبى وزاد الحاكم وابو داود في آخره وقال ابو هريره لان متسع (اي اتصدق) بسوط في سبيل الله احب الى من ان اعتق ولد زنية (5) (سنده) حدثنا اسود بن عامر قال ثنا اسرائيل قال ثنا ابراهيم بن اسحاق عن ابراهيم بن عبيد بن رفاعة عن عائشة الخ (غريبه) (6) يعنى اذا ارتكب هذه الفاحشه كابويه، وانما كان اسوا حالا منها لفساد اصله وربما استرسل في الشر اكثر منهما، فالحديث على ظاهرة لايحتاج لتاويل، وهو مفسر لما قبله والله اعلم (نخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه ابراهيم بن اسحاق لم اعرفه وبقية رجاله الصحيح اهـ (قلت) وروى مثله (طب هق) عن ابن عباس (7) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا سفيان عن منصور عن سالم بن ابى الجعد عن جابان عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبه) (8) اى لايدخل الجنه مع السابقين او بدون سبق عذاب (وقوله عاق) اى عاق لوالديه بايذائهما وعدم برهما وهو ضد البر واصله من العق الشق والقطع (9) مدمن الخمر الذى يلازم سربها (والمنان) هنا هو الذى لا يعطى شيئا الا منه واعتد به على من اعطاء وهو مذموم (10) خرج مخرج الغالب لفساد

-[ما جاء في تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية]- (باب تحريم النظر إلى المرأة الأجنبية لأنه من مقدمات الزنا). (عن على رضى الله عنه) (1) قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتبع النظر النظر (2) فإن الأولى لك وليست لك الأخيرة (وعنه من طريق ثان) (3) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال له يا على إن لك كنزاً (4) من الجنة وإنك ذو قرنيها (5) فلا تتبع النظرة النظرة فإنما لك الأولى وليست لك الآخرة * (عن ابن بريدة عن أبيه) (6) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لعلى رضى الله عنه لا تتبع النظرة النظرة فإن لك الأولى وليست لك الآخرة * (عن أبى هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب على ابن آدم نصيبه من الزنا أدرك لا محالة (8)، فالعين زنيتها النظر ويصدقها الإعراض (9) واللسان زنيته النطق (10) والقلب التمنى (11) والفرج يصدق ما ثم (12) ويكذب * (عن ابن مسعود) (13) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال

_ أصله كما تقدم، وهذا لا يتافى ان القليل من اولاد الزنا يكون صالحا والله اعلم (تخريجه) اورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه جابان وثقة ابن حبان وبقية رجاله الصحيح (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق ثنا حماد بن سلمه عن محمد بن ابراهيم عن سلمه بن ابى الطفيل عن على الخ (غريبه) (2) المراد النظر الى المراه الاجنبيه والمعنى اذا وقع نظرك بدون قصد على المراه اجنبيه فغض بصرك ولاتنظر اليها مرة أخرى (فان الاولى) يعنى التى وقعت بغير قصد (لك) اى جازت لك بدون اثم لكونها بغير قصد (وليست لك) النظره (الأخيره) لكونها مقصصوده فانها عليك (3) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمه ثنا محمد بن اسحاق عن محمد بن ابراهيم التيمى عن سلمه بن ابى الطفيل غن على ان النبى صلى الله عليه وسلم الخ (4) اي اجرا مدخرا في الجنه كما يدخر الكنز (5) اى صاحب طرفها اي طرفى الجنه وجانبها الممكن فيها الذي تلك جميع نواحيها كما سلك الاسكندريه جميع نواحي الارض شرفا وغربا فسمى ذا القرنين وقيل غير ذلك تلك جميع نواحيها كما سلك الاسكندر جميع نواحي الارض شرقا وغربا فسمى ذا القرنين وقيل غير ذلك (تخريجه) (ك) وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبلى ولا يلتفت لقول من قال ان سلمه ابن الطفيل مجهول فقد ذكره ابن حبان فى الثقات، وجاء في تعجيل المنقعه ان اباه هو عامر بن وائله الصحابى المخرج حديثه في الصحيح، ويؤيده حديث بريده الاتىبعده (6) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا شريك عن ابى ربيعه عن ابن بريدة عن ابيه الخ، وابن بيريده هذا اسمه عبد الله وابوه بريده الاسلمى الصحابي رضى الله عنه (تخريجه) (د مذ ك) وقال الترمزي حديث حسن غريب لانعرفه الا من حديث شريك (7) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام بن منبه قال هذا ماحدثنا به ابو هريره فذكر احاديث منها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب على ادم الخ (غريبه) (8) جاء في رواية اخرى للشيخين والامام احمد وتقدم في الباب الاول من كتاب القدر فيالجزء الاول صحيفه 125 بلفظ (ان الله تب على ابن ادم حظه من الزنا ادرك لامحاله الحديث (وفوله لا محاله) بفتح الميم اي لابد له من عمل ماقدر عليه ان يعلمه فان كان موفقا ووقع في معصية الهمه الله التوبه والندم على ماوقع منه ووفقه للعمل الصالح فيغفر الله له، قال تعالى (ان الحسنات يذهبن السيئات) وقال صلى الله عليه وسلم (اعملوا فكل ميسر لمل خلق له) انظر باب العمل مع القدر في الجزء الاول صحيفه 125 من كتاب القدر (9) اى الإعراض عن النظر مرة اخرى (10) اى يصدق ماهناك ويكذب، ومعناه انه قد يحقق الزنا بالايلاج في الفرج وقد لايحققه بان لايولج فى الفرج وان قارب ذلك (تخريجه) (ق د نس) بالفاظ متقاربه * (13) (سنده) حدثنا

-[ما جاء في العفو عن نظرة الفجأة]- العينان تزنيان (1)، واليدان تزنيان (2)، والرجلان تزنيان (3)، والفرج يزنى * (عن سهيل عن أبيه) (4) عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل ابن آدم له حظه (5) من الزنا، فزنا العينين النظر، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين المشى، وزنا الفم القبل والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك أو يكذبه الفرج وحلق عشرة (6) ثم أدخل أصبعه السبابة فيها يشهد على ذلك (7) لحمه ودمه (8) * (عن أبى موسى الأشعرى) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل عين زانية (10) (باب العفو عن نظرة الفجأة وثواب الغض عن النظر بعدها وقوله صلى الله عليه وسلم إذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهلها) * (عن جرير بن عبد الله البجلى) (11) قال سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نظرة الفجأة (12) فأمرنى أن أصرف بصرى * (عن أبى أمامة) (13) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم ينظر إلى محاسن امرأة أول مرة ثم يغض بصره (14) إلا أحدث الله له عبادة يجد

_ عفان ثنا همام ثنا عاصم بن بهدلة عن ابى الضحى عن المسروق عن ابن مسعود الخ (غريبه) (1) اى بالنظر الى مالايحل النظر إليه (2) اى بلمس المراة الاجنبيه ونحو ذلك (3) اي بالمشى والسعى الى الزنا واطلق على كل مماذكر زنا لكونه من دواعيه فهو من اطلاق اسم المسبب مجازا، وذلك كله من اللمم الذى تفضل الله بمغفره إذا لم يحقق ذلك بلايلاج خوفا من الله عز وجل، فان وقع في الزنا بالايلاج في الفرج كان كبيرة (تخريجه) اولرده المنذرى وقال رواه (حم عل بز) بإسناده صحيح * (4) حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا حماد عن سبيل عن ابيه الخ (غريبه) (5) اى نصيبه (6) اى جعل اصبعيه كالحلقه، قال في النهايه وعقد العشره من مواصفات الحساب وهو ان يجعل راس اصبعه السبابه في وسط اصبعه الابهام ويعلمها كالحلقه اه (وقوله ثم ادخل اصبعه السبابه) اى من يده الاخرى (فيها) اى في الحلقه يصف بذلك ايلاج في الفرج، وهذا الفعل يحتمل انه حصل من النبى صلى الله عليه وسلم لتفهيم اصحابه وحكاه عنه ابو هريره، ويحتمل انه حصل من النبي صلى الله عليه وسلم لتفهيم اصحابه وحكاه عنه ابة هريره، ويحتمل انه حصل من ابى هريره لتعليم سامعيه وحكاه عنه الراوى (7) اي على ذلك الفعل، فالاشاره ترجع الى الفعل ان كان حصل من النبى صلى الله عليه وسلم والا ترجع الى ان النبي صلى الله عليه وسلم قال هذا الحديث (8) بضم الميم فيهما اى لخم ابى هريره ودمه، والغرض من ذلك المبالغه في صدق الخبر (تخريجه) (ق) بدون قوله وحلق الخ الحديث * (9) (سنده) حدثنا عبد الواحد وروح قالا ثنا بن عماره عن غنيم بن قيس عن ابى موسى الاشعرى الخ (غريبه) (10) اى كل عين تنظر الى مالايحل لها من النساء (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه البزاز والطبرانى ورجالهما ثقات (باب) * (11) (سنده) حدثنا اسماعيل عن يوسف عن عمرو بن سعيد عن ابى زرعه بن عمرو بن جرير قال قال جرير سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (الخ (غريبه) (12) اى عن حكم نظرة الفجاه بفتح الفاء وسكون الجيم اىبغته من غيرقصد فامره النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يصرف بصره عن المنظور اليه بعد هذه النظرة ولا إثم عليه فيها، فان كرر النظر بعد ذلك اثم (تخريجه) (م د مذ) (13) (سنده) حدثنا ابراهيم بن اسحاق ثنا ابن مبارك وعتاب قال عبد الله هو ابن المبارك انا يحيى بن ايوب عن عبيد الله بن زحر عن على بن يزيد عن القاسم عن ابى امامه الخ (غريبه) (14) اى عن النظر اليها مرة ثانية امتنالا لقول الله تعالى (قل للمؤمنين يفضوا من ابصارهم) فقد نفسه عن شهواتها وانتصر على نفسه

-[ما جاء في نظر المرأة إلى الرجل الأجنبى]- حلاوتها * (عن جابر عبد الله الأنصارى) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى امرأة فأعجبته (2) فأتى زينب وهى تمعس (3) منيئة فقضى منها حاجته، وقال إن المرأة تقبل في صورة شيطان (4) وتدبر في صورة شيطان فإذا رأى أحدكم امرأة فأعجبته فليأت أهله فإن ذاك يردّ ما في نفسه (عن أبى كبشة الأنمارى) (5) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالساً في اصحابه فدخل ثم خرج وقد اغتسل فقلنا يا رسول الله قد كان شئ؟ قال أجل قد مرت بى فلانة فوقع في قلبى شهوة النساء فأتيت بعض أزواجى فأصبتها فكذلك فافعلوا، فإنه من أماثل أفعالكم إتيان الحلال (باب ما جاء في نظر المرأة إلى الرجل الأجنبى) * (عن أم سلمة رضى الله عنها) (6) قالت كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وميمونة رضى الله عنها فأقبل ابن أم مكتوم (7) حتى دخل عليه وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احتجبا منه، فقلنا أي رسول الله أليس أعمى لا يبصرنا ولا

_ وشيطانه وهذا من اجل العبادات وهو معنى قوله (الا احدث الله له عباده يجد حلاوتها) كإن ينور الله بصيرته فيدرك لذا الانتصار على عودة الذى يعمل على اهلاكه (تخريجه) (طب هق) وفى اسناده على بن يزيد الالهانى ضعفه الحافظ في التقريب، وفي خلاصة قال البخارى منكر الحديث (1) (سنده) حدثنا عب الصمد حدثنى حرب يعنى ابن ابى العليه عن ابى الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (2) اى استحسنها لان غاية رؤية التعجب منه استحسانه، قال ابن العربى رحمه الله وما جرى فى خاطره صلى الله عليه وسلم امر لايؤاخذه به شرعا ولا ينقص منزلته وذلك الذى وجد في نفسه من الاعجاب بالمراة هي جبله الادميه، وقد كان صلى الله عليه وسلم آدميا ذا شهوة لكنه كان معصوما حكيما في صنعه لانه اطفا ما وجده من الاعجاب بقضاء حاجته من الزوجة وما اعئراه من الشهوه الادميه بالعفه والاعتصام صلى الله عليه وسلم (3) يوزن يفرح قال اهل اللغه المعس بالعين المهمله الدلك (والمنيئة) بميم مفتوحه ثم نون مكسوره ثم همزه مفتوحه على وزن بريئه وهلى الجلد اول مايوضع فى الدباغ (4) قال الطيبلى حعل صورة الشيطان ظرفا لاقبالها مبالغه على سبيل التجريد، لان إقبالها داع للانسان الى استراق النظر اليها كالشيطان الداعى للشر (وتدبر في صورة شيطان) لان الطرف رائد القلب فيعلن عند الادبار ايضا بتامل الخصر والردف وماهنالك وخص اقبالها وادبارها مع الكون رؤيتها من جميع جهاتها داعية الى الفساد لان الاخلال فيهما اكثر، وقدم الاقبال لكونه اشد فسادا لحصول المواجهة به (تخريجه) (م د نس) (5) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدى عن معاويه يعنى ابم صالح عن ازهر بن سعيد الحرازى قال سمعت ابا كبشه الانمارى قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فى اصحابها الخ (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد ويؤيده ماقبله (باب) (6) (سنده) حدثنا عبد الرحمن مهدى ثنا عبد الله بن مبارك عن يونس بن يزيد عن الزهرى ان نبهان حدثه ان ام سلمه حدثته قالت كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) هو عمرو بن قيس بن زائدة مؤذن النبى صلى الله عليه وسلم وهو الاعنى الذى ذكره الله عزوجل في كتابه فى قوله (عبس وتواى ان جاءه الاعمى) وهو ابن خال خديجه ام المؤمنين رضى الله عنها ومن أفاضل الصحابة رضى الله عنه، وامه ام كلثوم اسمها عاتسة بنت عبد الله بن عنكئه بعين مهمله مفتوحة

-[ما جاء في تحريم الخلوة بالمرأة الأجنبية وأن ثالثهما الشيطان]- يعرفنا؟ قال أفعمياوان (1) أنتما؟ ألستما تبصرانه (باب النهى عن الخلوة بالمرأة الأجنبية) * (عن جابر بن عبد الله) 02) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يخلون (3) بامرأة ليس معها ذو محرم منها (4) فإن ثالثهما الشيطان (5) (عن عامر بن ربيعة)

_ فنون ساكنة فكاف مفتوحه فمثله (1) تثنية عمياء تانيث اعمى، وحاصله ان حكمه الامر بالحجاب الا ينظر اليه ولا الى شئ منه (تخريجه) (د مذ) وقال الترمزى حديث حسن صحيح، وفى الباب عن عائشه عن مالك فى الوطا انها احتجبت من اعمى فقيل لها لاينظر اليك قالت لكنى انظر اليه، قال الشكوانى وقد استدل بحديث ام سلمه هذا من قال انه يحرم على المراه نظر الرجل كما يحرم على الرجل نظرالمراة، وهو احد قولى الشافعى واحمد والهادوية (قال النووى) وهو تلاصح ولقوله تعالى (وقل للمؤمنات يغضضن من ابصارهن) ولان النساء احد نوعى الادمين فحرم عليهن النظر الى النوع الاخر قياسا على الرجال، ويحققه ان المعنى المحرم للنظر هو خوف الفتنه وهذا فى المراة ابلغ فانها اشد شهوة واقل عقلا فتسارع اليها الفتنه اكثر من الرجل، واحتج من قال بالجواز فيما عدا مابين سرته وركبته بحديث عائشه (قلت حديث عائشه) قالت رايت النبي صلى الله عليه وسلم يسترنى يرادئه وانا انظر الى الحبشه يلعبون فى المسجد حتى اكون انا التى اسامه فاقدر واقدر الحاربه الحديث السن الحريصه على اللهو، وراء الشيخان والامام احمد، وسياتى فى ابواب زوجات النبى صلى الله عليه وسلم فى ذكر عائشه فى آخر كتاب السيره النبويه، قال ويجاب عنه بانها كانت يومئذ غير مكلفه على ما تقتضى به العبارات المذكولره فى الحديث، ويؤيد هذا احتجابها من الاعمى كما تقدم، وقد جزم النووى بان عائشه كانت صغيره دون البلوغ او كان ذلك قبل الحجاب، وتعقبه الحافظ بان في بعض طرق الحديث ان ذلك كان بعد قدوم وفد الحبشه وان قدومهم كان سنة سبع ولعائشه يومئذ ست عشرة سنة، واحتجوا ايضا بحديث فاطمه بنت قيس المتفق عليه انه صللى الله عليه وسلم امرها ان تعتد في بيت ابن ام مكتوم وقال انه رجل اعمى تضعين ثيابك عنده، ويجاب بانه يمكن ذلك مع غض البصر منها، ولا ملازمه بين الاجتماع فى البيت والنظر، واحتجوا بالحديث الصحيح في مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى النساء في يوم العيد عند الخطبه فذكرهن ومعه بلال فامرهن بالصدقه (قلت) تقدم فى باب خطبة صحيفة 147 فى الجزء السادس من ابواب العيدين، قال ويجاب ايضا بان ذلك لايستلزم النظر منهن اليهما لامكان سماع الموعظه ودفع الصدقه مع غض البصر، وقد جمع ابو داود بين الاحاديث فجعل ام سلمه مختصا بازواج النبي صلى الله عليه وسلم وحديث فاطمه ومافى معناه لجميع النساء، قال الحافظ فى تلخيص قلت وهذا جمع حسن وبه جمع المنذرى فى حواشيه واستحسنه شيخنا اهـ قال الحافظ ويؤيد الجواز استمرار العمل على جواز خروج النساء الى المساجد والاسواق والاسفار منتقيات لئلا يراهن الرجال ولم يامر الرجال قط بالانتقاب لئلا يراهم النساء، فدل على مغايرة الحكم بين الطائفين وبهذا احتج الغزالى والله اعلم * (باب) * (2) هذا طرف من حديث طويل سياتى بتمامه وسنده وتخريجه فى الباب الرابع من ابةواب الترهيب من خصال من المعاصى معدوده فى قسم الترهيب (غريبه) (3) الخلوه المحرمه التى عناها الشارع هنا هى انفراد الرجل مع المراة الاجنبية في مكان بامنان فيه دخول احد عليهما (4) يريد من لايحل له نكاحها من اقاربها كالاب والابن والاخ والعم ومن يجري مجراهم فان كان معها احد من هؤلاء فيجوز لانتقاء المحذور، ولو كان معها زوجها كان واولى بالجواز (5) معناه انه اذا لم يكن معها محرم فان الشيطان يحضر هذا المجلس

-[النهي عن دخول أقارب الزوج على المرأة غير أصوله وفروعه]- (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا لا يخلون رجل بامرأة لا تحل له فإن ثالثهما الشيطان إلا محرم فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد (2) من ساءته سيئته (3) وسرته حسنته فهو مؤمن. (عن عمر بن الخطاب) (4) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن (عن عقبة بن عارم) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إياكم والدخول (6) على النساء، فقال رجل من الأنصار يا رسول الله أفرأيت الحمو (7) قال الحمو الموت (8) (باب النهى عن مباشرة الرجل الرجل والمرأة المرأة بغير حائل) (عن جابر بن عبد الله) (9) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يباشر الرجل الرجل في الثوب الواحد. (عن أبى هريرة) ولا تباشر المرأة المرأة في الثوب الواحد

_ ويكثر لهما الوسوسه بالزنا فبقعان فيه وسببه الخلوه * (1) هذا طرف من حديث طويل سياتى بسنده كاملا فى باب وجوب البيعة ولزومها فى كتاب الخلافة والامارة (غريبه) (2) معناه ان المراة اذا كانت منفرده مع اجنبى كان الشيطان معها فاذا كان معها محرم تباعد الشيطان عنها (3) اى لكونه يعتقد انه مؤخذ عليها (وسرته حسنته) اى لكونه راجيا ثوابها موقنا بنفعها (فهو مؤمن) اى كامل الايمان لان من لايرى للحسنه فائده ولا للسيئة آفة فذلك يكون من استحكام الغفله على قلبه فإيمانا ناقص (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه (حم عل بز طب) وفيه عاصم بن عبيد وهو ضعيف * (4) (سنده) حدثنا على بن اسحاق انبانا عبد الله يعنى ابن المبارك انبانا محمد بن سوقة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر بن الخطاب خطب بالجابية (فذكر حديثا سياتى بتمامه وشرخه فى بيان خطب عملر من ابواب خلافة عمر بن الخطاب خطب بالجانية (فذكر حديثا سياتى بتمامه وشرحه في بيان خطب عملر من ابواب خلافة عمر من كتاب الخلافة والامارات وفي اخره لايخلون احدكم بامراة الخ (تخريجه) (نس) وقال الحافظ العراقي حديث صحيح * (5) (سنده) حدثنا حجاج انا ليث حدثنى يزيد بن ابى حبيب عن ابى الخير (يعنى مرئد بن عبد الله الليزنى) عن عقبه بن عامر الخ (غريبه) (6) بالنصب على التحذير اى احذروا الدخول ويتضمن منع مجرد الدخول منع الخلوه بالطريق الاةلى (7) بفتح المهمله وسكون الميم بعدها واو اى اخبرنى عن حكم دخول الحمو على المراة، والمراد بالمحو فى هذا الحديث اقارب الزوج غير أصله وفرعه كما قال النووى، لان اصله وفرعه محارم للزوجه ولا يوصفون بالموت، وانما المراد الاخ وابن الاخ ونحوهما ممن يحل لها تزويجه بها لو لم تكن متزوجه وقد جرت العاده بالتساهل فيه فيخلو الاخ بامراة اخيه فئببهه بالموت وهو اولى بالمنع من الاجنبى فالشر به اكثر والفتنه به امكن من الوصول الى المراة والخلوة بها من غير تكبر عليه بخلاف الاجنبى (فائدة) قال الاصمعى الاحماء من قبل الزواج، والاختان من قبل المراة، والاصهار يجمع الفريقين (8) الى لفاؤه مثل لقاء الموت اذ الخلوة به تؤدى الى هلاك الدين ان وقعت المعصيه او نفس ان وجب الرجم او هلاك المراة بفراق زوجها اذاحملته الغيرة على المراة على طلاقها (تخريجه) (ق نس مذ) (باب) (9) (سنده) حدثنا ابراهيم بن ابى العباس ثنا عبد الرحمن بن ابى الزناد عن موسى بن عقبة عن ابى الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (10) معناه لايضطجع الرجل مع الرجل أو

-[النهي عن مباشرة الرجل الرجل والمرأة المرأة في لحاف واحد]- (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يباشر الرجل الرجل ولا المرأة المرأة إلا الولد والوالدة (2) (وفى رواية) ألا لا يفضين (3) رجل إلى رجل ولا امرأة إلى امرأة إلا إلى ولد أو والد. (عن عبد الله) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تباشر المرأة المرأة حتى تصفها لزوجها (5) كأنما ينظر إليها (زاد في رواية) إلا أن يكون بينهما ثوب (6). (عن ابن عباس) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يباشر الرجل الرجل ولا المرأة المرأة * (عن أبى شهم) (8) قال كنت رجلاً بطالاً (9) قال فمرت بى جارية في بعض طرق المدينة إذ هويت إلى كشحها (10) (وفى لفظ أخذت بكشحها) فلما كان الغد قال فأتى الناس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايعونه فأتيته فبسطت يدى لأبايعه فقبض يده وقال (أحبك صاحب الجبيذة) (11) يعنى أما إنك صاحب الحبيذة أمس، قال قلت يا رسول

_ المرأة مع المرأة فى لحاف واحد ليس بينهما حائل يمنع مباشرة جسد احدهما الاخر لان ذلك مظنة لوقوع المحرم من المباشره او مس العوره او غير ذلك، ويستثنى من ذلك المصافحه اذا اتحد الجسدان بل تستحب لما سياتى في باب المصافحه والالتزام من الابواب سنن الفطره، فاذا اختلف الجنسان فلا يجوز المصافحه بغير حائل لقوله صلى الله عليه وسلم انى لااصافح النساء: فما يفعله الناس الان من مصافحة الرجل للمراة الاجنبيه بغير حائل حرام لايجوز فعله (تخريجه) (طس ك) وصححه الحاكم واقره الذهبى (1) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن الجريرى عن ابى نضره عن الطفاوى عن ابى هريره الخ (غريبه) (2) اى الا الولد الصغير مع والدته مالم يميز وكذا مع والده ايضا كما يستفاد من الرواية الثانيه (3) المراد بالافضاء هنا مباشرة جسد احدهما الاخر ولو بالمس باليد حالة النوم، قال فى المصباح افضى الرجل بيده الى الارض لمسهل بباطن راحته قاله ابن فارس وغيره (تخريجه) (د هق طس) وفى اسناده الطفاوى قال الحافظ فى التقريب لايعرف (قلت) يعضده احاديث الباب. (4) (سنده) حدثنا ابو معاويه ثنا الاعمش عن شقيق عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) الخ (غريبه) (5) قال القابسي هذا اصل لمالك في سد الذرائع، فان الحكمه في هذا النهى خشية ان يعجب الزوج الوصف المذكور فيفضى ذلك الى تطليق الواصفه او الافنتان بالمواصفه (6) تخريجه اة توب يمنع مباشرة حسد احدهما فيجوز حينئذ الاضطجاع فى لحاف واحد (تخريجه) (خ د مذ). (7) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد ثنا اسرائيل عن سماك عن عكرمه عن ابن عباس الخ (تخريجه) (بزطص) ورجال الامام احمد والبزار رجال الصحيح (8) (سنده) حدثنا سريح ثنا يزيد بن عطاء عن بيان بن بشر عن قيس بن ابى حازم عن ابى شهم الخ (قلت) قال الحافظ فى الاصابة ابو شهم صاحب الجبيذة لايعرف اسمه ولانسبه، وقال البغوى مسكن الكوفه، وذكر ابن السكن ان اسمه فريد او يزيد بن شيبة، قال واخرج حديثه بنحو ماهنا) (غريبه) (9) اى ليس لى عمل اشتغل به قال في المصباح يطل الاجير من العمل فهو بطال بين البطاله بالفتح وحكى بعض شارحى المعلقات الباطله بالكسر وقال هو افصح اهـ (10) الكشح الخصر وجاء في بعض الروايات فاهوى بيده الى خاصرتها اى لمسها وجسدها واللمس يطلق على الجس باليد قال تعالى (فلمسوه بايديهم) (11) هكذا بالاصل (احسبك صاحب الجبيذة) وليس له معنى والظاهر انه حصل فيه تحريف من الناسخ ولعل صوابه (احسبك صاحب الجبيذة) ويؤيد ما فسر به في نفس الحديث، وجاء في الإصابة

-[نهي المخنثين من الدخول على النساء - وما جاء في السحاق والاستمناء باليد]- الله بايعني فوالله لا أعود أبداً قال فنعم إذاً (باب نهى المخنثين عن الدخول على النساء) (عن زينب بنت أبى سلمة (1) عن أم سلمة رضى الله عنها قالت دخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندها مخنث (2) وعندها أخوها عبد الله بن أبى أمية (3) والمخنث يقول لعبد الله يا عبد الله بن

_ بلفظ (فقبض يده وقال اصحاب الجبيذة امس؟ فقلت لااعود يارسول الله، قال فنعم اذا فبايعه اهـ والجبيذه بوزن بثينه قال في النهايه الجبذ لغة فى الجذب وقيل هو مقلوب (تخريجه) اورده الحافظ في الاصابه وعزاه للنسائى والبوغى وقال إسناده قوى اهـ (قلت) واخرجه ايضا الدولانى فى الكنى بسندالامام احمد ومتنه. (تتمه فيما جاء فى السحاق والاستمناء باليد) لمناسبة ذكر المباشرة واللمس فى هذا الباب رايت ان اذكر بعض ماوقفت عليه من الاحاديث والاثار واقوال العلماء في السحاق والاستمناء باليد للفائده فاقول * السحاق هو مباشرة فرج امراة فرج امراة اخرى بقصد التلذذ وقد جاء في ذلك حديث اورده الحافظ الهيثمى فى مجمع الزوائد (عن وائله بن الاسقع) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السحاق بين النساء زنا بينهن، رواه الطبرانى، قال ورواه ابو العلى ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سحاق النساء بينهن زنا قال ورجاله ايضا ثقات اهـ (قلت) واورده باللفظ الاول الحافظ السيوطى في الجامع الصغير وعزاه للطبرانى عن وائلهايضا وحسنه، قال المناوى اى مثل الزنا في لحوق مطلق الاثم وان تفاوت المقدار في الاغلظية، ولاحد فيه جمهور العلماء بل التعزيز فقط لعدم الايلاج كإطلاق الزنا العام على الزنا العينوالرجل واليد والفم مجازا هـ (قلت) وبه يقول ابن حزم، واستل بأحاديث مباشره الرجل الرجل والمراه المراه المذكوره في باب، قال فالمباشر منها لمن نهى عن مباشرته عاص مرتكب حرام على السواء فاذا استعملت بالفرج كانت حراما زائد او معصيه مضاعفة فبطل قول الحسن (يعنى بالاباحه) فى ذلك، ولا حجة لقول الزهرى اصلا (يعنى بالجلد مائة) ثم قال فلو عرضت فرجها شيئا دون ان تدخله حتى ينزل فيكره هذا ولا إثم فيه، قال وكذلك الاستمناء للرجل سواء بسواء لان مس الرجل ذكره بشماله مباح ومس المراه فرجها كذلك مباح باجماع الامه كلها، فاذ هو مباح فليس هناك زياده على المباح الا التعمد لنزول المنى فليس ذلك حراما اصلا لقوله الله تعالى (وقد فصل لكم ماحرم عليكم) وليس هذا مما فصل لنا تحريمه فهو حلال لقوله تعالى (خلق لكم مافى الارض جميعا) الا اننا نكرهه لانه ليس من مكارم الاخلاق ولا من الفضائل، وقد تكلم الناس فى هذا فكرهته طائفه واباحته اخرى، وحكى عن ابن عباس انه قال نكاح الامه خير منه وهو خير من الزنا، وحكى عن مجاهد والحسن اباحته، وعن العلاء بن زياد عن ابيه انهم كانوا يفعلونه في المغازى، ويروى عن عطاء كراهته مطلقا اهـ باختصار وتصرف (قلت) وروى البيهقي عن الشافعى رحمه الله في قوله تعالى (والذين هم لفرجهم حافظون إلا على أزواجهم او ماملكت ايمانهم فانهم غير ملوين) قال قال الشافعى رحمه الله فلا يحل العمل بالذكر إلا في زوجة او ملك يمين فلا يحل الاستمناء والله اعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا ابو معاويه ثنا هشام بن عروه عن ابيه عن زينب بنت ابى سلمه الخ (غريبه) (2) بفتح النون وكسرها والفتح المشهور، وهو الذى يلين في قوله ويتكسر في مشيته وينثنى فيها كالنساء وقد يكون خلقه وقد يكون تصنعا من الفسقه، ومن كان فيه خلقة فالغالب من حاله انه لا أرب له فى النساء ولذلك كان ازواج النبي صلى الله عليه وسلم يعددن هذا المخنث من غير اولى الاربة وكن لايحجبنه الى ان ظهر منه ماظهر من الكلام الاتى (3) اسم ابى اميه حذيفة بن الغيرة بن عبد الله، وعبد الله بن أبي أمية

-[نفي المخنث الذي وصف بنت غيلاز بصفات تثير الشهوة]- أبي أمية إن فتح الله عليكم الطائف غداً (1) فعليك بابنة غيلان (2) فإنها تقبل بأربع (3) وتدبر بثمان قالت فسمعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأم سلمة لا يدخلن (4) هذا عليك * (عن عائشة رضى الله عنها) (5) قالت كان رجل يدخل على أزواج النبى صلى الله عليه وسلم مخنث وكانوا يعدونه من غير أولى الإربة (6) فدخل النبى صلى الله عليه وسلم يوماً عند بعض نسائه وهو ينعت امرأة فقال إنها إذا أقبلت أقبلت بأربع، وإذا أدبرت أدبرت بثمان، فقال النبى صلى الله عليه وسلم (7) ألا أرى هذا يعلم ما هاهنا (8) لا يدخل

_ أخو أم سلمة لأبيها وامه عائكه بنت عبد المطلب، اسلم قبل الفتح وشهد حنينا والفتح والطائف غاصابه سهم فى الطائف ومات يومئذ (1) كان ذلك فى غزوة الطائف وهم محاصرون للطائف يومئذ كما جاء في رواية عند البخارى، قال الحافظ ووقع فى مرسل ابن المنكدر انه قال ذلك لعبد الرحمن بن ابي بكر فيحمل تعدد القول منه لكل منهما لاخى عائشه ولاخى ام سلمه والعجب انه لم يقدر ان المراة الموصوفه حصلت لواحد منها لان الطائف لم يفتح حينئذ وقتل عبد الله بن ابى اميه فى حال الحصار وتزوج الغين المعجمه وسكون التحتيه ابن سلمه بن معتب بمهماة ثم مثناه ثقيله ثم موحدة ابن مالك الثقفى وهو الذى اسلم وتحته عشر نسوة فامره النبى صلى الله عليه وسلم ان يختار اربعا، وكان من رؤساء ثقيف وعاش الى اواخر خلافة عمر رضى الله عنه، اما ابنته فاسمها بادية بالموحده ثم تحنية بعد الدال وقيل بنون بدل التحتيه اسلمت مع ابيها وتزوجها عبد الرحمن بن عوف فقد رانها استحيضت عنده وسالت النبى صلى الله عليه وسلم عن المستحاضة (3) المراد بالاربع هي العكن جمع عكنه مثل غرفه وغرف وهى الطية التى تكون فى البطن من كثرة السمن يقال تمكن البطن إذا راهن من جهة الظهر وجدهن ثمانيا، وقال ابن حبيب عن مالك معناه ان اعكانها ينعطف بعضها على بعض وهى في بطنها اربع طرائف وتبلغ اطرافها الى خاصرتها فى كل جانب اربع، قال الحافظ وتفسير مالك الكذكور تبعه الجمهور اهـ ولا يخفى ان هذا الوصف من ابلغ مايرغب الرجل فى المراة لانه جرت عادة الرجل غالبا فى الرغبه فيمن تكون بتلك الصفه (4) بفتح اللام وتشديد النون (وقوله عليك) يريد ام سلمه، وفي رواية عليكن يعنى جميع ازواجه صلى الله عليه وسلم ونساء المؤمنين، زاد ابو يعلى في روايته من طريق يونس عن الزهرى فى آخره (واخرجه فكان بالبيداء يدخل كل يوم جمعه يستطعم وفى المنتقى عن الاوزاعلى فى هذه القصه فقيل يارسول الله انه إذن يموت من الجوع فأذن له ان يدخل في كل جمعه مرتين فيسال ثم يرجع (تخريجه) (ق د نس جه عل) وغيرهم (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهرى عن عروة بن الزبير عن عائشه الخ (غريبه) (6) الاربة بكسر الهمزه وسكون الراء والارب بفتح الهمزه والراء الحاجه والشهوه قيل ويحتمل انهم التابعون الذين يتبعون الرجل ليصيبوا من طعامه ولا حاجه لهم الى النساء لكبر او تخنيث اوعنه بكسر العين المهمله وتشديد النون المفتوحة (7) الا حرف تنبيه وارى بفتح الهمزه والراء (8) معناه الان تحققت ان هذا المخنث يعرف من احوال النساء مايعرفه الرجال وكنت اظن انه لايعرف شيئا من ذلك، قال القرطبى هذا يدل على انهم كانوا يظنون انه لايعرف شيئا من احوال النساء ولا يخطر له ببال ويشبه أن التخنيث كان

-[لعن المخنثين والنهى عن دخولهن على النساء]- عليكن هذا فحجبوه * (عن ابن عباس) (1) قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المخنثين من الرجال (2) والمترجلات من النساء (3) وقال أخرجوهم من بيوتكم (4) فأخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلاناً وأخرج فلاناً * (عن أبى هريرة) (5) قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم مخنثى الرجال الذين يتشبهون بالنساء: والمترجلات من النساء المتشبهات بالرجال وراكب الفلاة (6) وحده (عن ابن عمر) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن المخنثين من الرجال والمترجلات من النساء (أبواب رجم الزانى المحصن وجلد البكر وتغريبه) ** (باب دليل رجم الزانى المحصن من كتاب الله عز وجل) (عن ابن عباس) (8) قال قال عمر رضى الله عنه إن الله تعالى بعث محمداً صلى الله عليه وسلم وأنزل عليه الكتاب فكان فيما أنزل عليه آية الرجم (9) فقرأنا بها وعقلناها ووعيناها فأخشى أن يطول بالناس

_ فيه خلقة وطبيعه ولم يعرف من الا ذلك ولهذ كانوا يعدونه ولهاذا كانو يعدونه من غير اولى الابه اه قال المهلب انما حجبه عن الد خول الى النساء لما يصف المراه بهذه الصفه التى تهيج قلوب الرجال فمنعه لئلا يصف الازواج للنساء قيسقط معن الحجاب (تخريجه) (م د) وغيرها * (1) (سنده) حدثنا اسماعيل ثنا هشام الدستواءى عن يحيلى بن ابى كثير عن عكرمه عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) المقصود بللعن هنا من يتصنع ذلك او يحصل منه شئ من انواع الفسق يستوحب ذلك (3) اى اللاتى يتشبهن بالرجال فى الحركه والكلام والمخالطه ونحو ذلك (4) يعن جميع الحنئين لما راى من وصفهم للنسا ومعرفتهم ما يعرفه الرجال منهن (تخريجه) (خ د مذ) (5) (سنده) حدثنا ايوب بن النجار ابو اسماعيل اليمانى عن طيب بن محمد عن عطاء بن ابى رباح عن ابى هريره الخ (غريبه) (6) الفلاة الارض لاماء فيها والجمع فلا مثل حصاة وحصا، وجمع الجمع افلاء مثل سبب واسباب قاله فى المصباح اهـ (قلت) والمعنى انه لايجوز ان يسافر الرجل منفردا في جه ليس فيها ماء كالصحراء لانه يلزم من عدم وجود الماء عدم السكان غربما يتربص له عدو يفتك به او وحش بفترسه فيضيع دمه هدرا، وربما هلك من العطش، والله عز وجل يقول (ولا تلقوا بايديكم الى التهلكه) فان كانوا جماعه امكنهم مواراته والتبليع عنه ونحو ذلك، فوجود الرافقه في السفر لابد منه: وهذا لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم خالف ذلك (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد، واورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه طيب بن محمد وثقة ابن حبان وضعفه العقيلى وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ وحسنه المنذرى (7) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا اسرائيل ثنا ئوثر عن مجاهد عن ابن عمر الخ (تخريجه) واورده الهيثمى وقال رواه (حم بز طب) وفيه ثوير بن ابى فاخته وهو متروك اهـ (قلت) يعضده احاديث الباب (باب) (8) (سنده) حدثنا عبد الرحمن ثنا مالك عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله عن بن عباس الخ (غريبه) (9) اراد باية الرجم (الشيخ والشيخه اذا زنيا فارجموهما البته) وقد جاء ذلك صريحا فى الموطا زاد النسائى (نكالا من الله والله عزيز حكيم)،قال الحافظ واخرج هذه الجمله النسائى، وصححه الحاكم من حديث ابى بن كعب قال ولقد كان فيها اى سوره الاحزاب اية الرجم الشيخ والشيخه فذكر مثله اهـ (قلت) حديث ابى الذى اشار اليه الحافظ رواه ايضا الامام احمد وسياتىفي باب ذكرايات كانت في القران ونسخت من كتاب فضائل القران وتفسيره إن شاء الله تعالى

-[الدليل على رجم المحصن من كتاب الله عز وجل]- عهد فيقولوا إنا لا نجد آية الرجم فتترك فريضة أنزلها الله تعالى (1) وأن الرجم في كتاب الله تعالى حق (2) على من زنا إذا أحصن (3) من الرجال والنساء إذا قامت البينة أو كان الحبل أو الاعتراف (4) (وعنه من طريق ثان) (5) قال خطب عمر بن الخطاب رضى الله عنه (وفى لفظ خطبنا) فحمد الله تعالى وأثنى عليه فذكر الرجم فقال لا نخدعن عنه (6) فإنه حد من حدود الله تعالى، ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ورجمنا بعده (7) ولولا أن يقول قائلون زاد عمر في كتاب الله عز وجل ما ليس منه لكتبته في ناحية من المصحف (8) شهد عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن عوف وفلان وفلان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رجم ورجمنا من بعده، ألا وإنه سيكون من بعدكم قوم يكذبون بالرجم وبالدجال وبالشفاعة وبعذاب القبر، وبقوم يخرجون من النار بعد ما امتحشوا (9) (عن على رضى الله عنه) (10) قال إن الرجم سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كانت نزلت

_ وهذه الآية مما نسخت تلاوته وبقى حكمه (1) هذا الذى خشيه عمر قد وقع من الخوارج ومن وافقهم من العتزلة، وهذا من كرامات عمر رضى الله عنه، ويحتمل انه علم ذلك من جهة النبى صلى الله عليه وسلم (2) يعنى فى قوله تعالى (او يجعل الله لهن سبيلا) بين النبى صلى الله عليه وسلم ان المراد به رجم الثيب وجلد البكر، وسياتى في الباب التالى عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (خذوا عنى خذا عنى قد جعل الله لهن سبيلا البكر بالبكر جلد مائة ونفى سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم) (3) بالبناء للمجهول من الاحصان والاحصان له معان والمراد هنا من جامع في دهره مرة من نكاح صحيح وهو بالغ عاقل حر، والمراة فى هذا سواء والله اعلم (4) يريد ان الرجم على الزنى باحد الامور الثلاثه وهى قيام البينهانه زنى وهو محصن، او حمل المراة ولم يعلم لها زوج او سيد، اواعترف الزانى: وللعلماء خلاف فى ذلك انظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 283 في الجزء الثانى (5) (سنده) حدثنا هشيم انبانا على بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال خطب عمر الخ (6) بضم اوله مبنى للمفعول اى لايخدعكم عن رجم المحصن احد فانه حد حدود الله تعالى (7) اى امر برجم نت ثبت لديه احصانهم وهو ماعز والغامديه واليهوديه وغيرهم (8) المراد بذلك والله اعلم فى الحث على العمل بالرجم، لان حكم الاية باق وان نسخ لفظها، واذ لايسع عمر رضى الله عنه مع مزيد فقهه تجويز كتبها مع نسخ لفظها (9) بفتح التاء اى احترقوا والمحش احتراق الجلد وظهور العظم ويروى امتحشوا بضم التاء باليناء للمفعول، وقد وقع مااخبر به عمر رضى الله عنه، وبعضه باق الى عصرنا هذا، والظاهره انه اخبر بذلك عن توفيق نعوذ بالله من الزبغ والزلل ونساله لنا ولهم الهدايه الى الحق وخير العمل (تخريجه) (ق. وتلامامان والاربعه) بدون ذكر الدجال زما بعده (10) (سنده) حدثنا يحيى بن زكريا بن ابى زائده اخبرنا مجالد عن عامر قال حملت شرائحه وكان زوجها غائبا، قال فانطلق بها مولاها الى على فقال لها على رضى الله عنه لعل زوجك جاءك او لعل احدا استكرهك على نفسك؟ قالت لا واقرت بالزنا، فجلدها على رضى الله عنه يوم الخميس وانا شاهده، ورجمها يوم الجمعه وانا شاهده، فامر بها فحفر لها الى السرة ثم قال إن

-[رجم المحصن وجلد البكر وتغريبه عاماً]- آية الرجم فهلك من كان يقرؤها وآياً من القرآن باليمامة (1) (باب ما جاء في رجم الزانى المحصن وجلد البكر وتغريبه عاماً) * (حدّثنا سفيان) عن الزهرى قال أخبرنى عبيد الله بن عبد الله (2) أنه سمع أبا هريرة وزيد بن خالد الجهنى وشبلا (3) قال سفيان قال بعض الناس ابن معبد (4) والذى حفظت شبلاً قالوا كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام رجل فقال أنشدك الله (5) إلا قضيت بيننا بكتاب الله (6) فقام خصمه وكان أفقه منه (7) فقال صدق، اقض بيننا بكتاب الله

_ الرجم سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) ليس المراد حصر حفظ اية الرجم وغيرها فيمن هلك من القراء باليمامه فقد كان يحفظها كثير من الصحابه، منهم عمر وعلى وعبد الرحمن بن عوف وغيرهم كما فى احاديث الباب، بل المراد الاخبار بان هذه الاية كان يقرؤها وغيرها من القران من هلك من القراء فى وقعة اليمامه ايضا، وهذا يدل على شهرتها وانتشارها بين الصحابه، فلما نسخت تلاوتها بين لهم النبى صلى الله عليه وسلم يعنى انه صلى الله عليه وسلم هو الذى بين لنا حكمه وذلك بطريق الوحى قطعا (واليمامه) اصلها بلاد الجو معدوده من نجد سميت باسم اليمامه بنت سهم بن طسم (قال اهل السير) كانت منازل طسم وجديس اليمامه وكانت تدعى جوا وما حولها الى البحرين كذا فى معجم ياقوت: وفى القاموس بها تنبا مسيله الكذاب وهى دون المدينه فى وسط الشرق عن مكه على ستة عشر مرحله من البصره، وعن الكوفه نحوها، وبالنسبه يمامى اهـ وسبب وقعة اليمامه ان مسلمه الكذاب لما ادعى النبوه تبعه خلق كثير من اهل اليمامه خصوصا بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم فقد ارتد اناس وتبعوه فارسل اليهم ابو بكر من اهل عنه جيشا لقتلهم واملر عليهم خالد بن الوليد رضى الله عنه فهزتهم شر هزيمة وقتل مسيلمه ورجع من ارتد الى الاسلام (تخريجه) اخرج (خ نس قط) اصله واما قول على ان الرجم سنة من سنن رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم اقف عليه لغير الامام احمد والله اعلم (باب) (غريبه) (2) زاد مسلم (ابن عتبه بن مسعود) (3) لم يذكر شبل فى رؤايه الصحيحين، والذى ذكر عندهما ابو هريرهوزيد بن خالد قلا كنا عند النبى صلى الله عليه وسلم فقام رجل الخ، وقد جاء ذكر شبل عند (نس مذ جه) قال الترمذى وشبل لاصحبه له وهذا وهم من سفيان وانما روى بهذا السند حديث اذا زنت الامه فذكر فيه شبلا فادخل حديثا فى حديث، والصحيح ماروى الزبيدى ويونس بن يزيد وابن اخى الزهرى عن عبيد الله عن ابى هريره وزيد بن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا زنت الامه، والزهرى عن عبيد الله عن شبل بن خالد عن عبد الله بن ماللك الاوسى عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا زنت الامه، وهذا الصحيح عند اهل الحديث اهـ باختصار (قلت) حديث اذا زنت الامهسياتى بسنده من رواية الزبيدى عن الزهرى عن عبيد الله عن شبل الخ فى باب ان السيد يقيم الحد على رقيقه (4) يريد ان بعض رواة الحديث قال شبل بن حامد ويقال بن خالد ويقال بن خليد (بالتصغير) ويقال ابن معبد المزنى اهـ (قلت) جاء عند الترمذى شبل بن خالد وعند الامام احمد شبل بن خليد (5) بفتح الهمزه وسكون النون وضم المعجمه اى اسالك الله اى بالله، ومعنى الشؤال هنا القسم كأنه قال اقسمت عليك بالله (6) اى لا اسالك الا القضاء بكتاب الله فالفعل مؤول بالمصدر (7) أي أكثر فهما

-[قصة العسيف مع مزنيته وجلده ورجمها]- عز وجل وائذن لى فأتكلم: قال قل، قال إن ابنى كان عسيفاً (1) على هذا وإنه زنى بامرأته فافتديت منه بمائة شاة وخادم، ثم سألت رجالاً من أهل العلم (2) فأخبرونى أن على ابنى جلد مائة وتغريب عام، وعلى امرأة هذا الرجم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذى نفسى بيده لأقضين بينكما بكتاب الله عز وجل، المائة شاة والخادم ردّ عليك (3)، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام (4) واغد يا أنيس رجل من أسلم على امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها فغدا عليها فاعترفت فرجمها (عن عبادة بن الصامت) (5) أنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل الوحى عليه كرب (6) لذلك وترَّبد (7) فأوحى إليه ذات يوم فلقى كذلك فلما سرّى (8) عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا عنى (9) قد جعل الله لهن سبيلاًَ (10) الثيب بالثيب والبكر بالبكر (11) الثيب جلد مائة ثم رجم

_ وفطنة منه ولعل الراوى عرف ذلك قبل الواقعه او استدل بما وقع منه فى هذه القضيه على انه افقه من صاحبه (1) القائل ان ابنى كان عسيفا الخ هو الذى وصفه الراوى بانه افقه كما يشعر بذلك السياق (والعسيف) يوزن رغيف الاجير، ووقع فى رواية للنسائى (كان ابنى اجيرا لامراته) ويطلق العسيف على السائل والعبد والخادم (وقوله على هذا) اى عنده (2) قال الحافظ لو اقف على اسمائهم ولا على عددهم ولا على اسم الخصمين ولا الابن ولا المراة (3) اى مردود عليك (وقوله وعلى ابنك جلد مائة) اى لكونه غير محصن لانه جاء في بعض الروايات (وابنى لم يحصن) (4) اى ينفى عن بلده مده سنة (وقوله واغد) بضم الدال المهمله وهو املر بالذهاب فى الغدوة (وقوله ياانيس) تصغير انس وهو ابن الضحاك الاسلمى وليس انس بن مالك كما قال بعضهم لانه انصارى لااسلمى (تخريجه) (ق والامامان والاربعه. وغيرهم) * (5) (سنده) حدثنا عبد الله بن بكر ثنا سعيد عن فتادة عن الحسن عن حطان بن عبد الله اخى بنى اخى بنى رقاش عن عبادة بن الصامت انه قال الخ (غريبه) (6) بضم الكاف وكسر الراء اى اصابه مشقه وكرب فهو مكروب (7) يوزن تربص اى عاته غبره والربد تغير البياض الى الاسود وانما حصل له ذلك لعظم موقع الوحى (8) بضم المهمله وتشديد الراء مكسوره اى كشف عنه وزال (9) هكذا وقع فى هذه الرواية (خذوا عنى) بغير تكرير، وجاء في رواية اخرى عن عبادة ايضا بتكرير لفظ (خذوا عنى) مرتين وكذلك فى الحديث التالى، قال الطبلى تكرير خذوا يدل على ظهور امر كان خفى شانه واهتم به، ومعناه خذوا الحكم في حد الزنا عنى ذكره القاضى عياض (10) اى جعل الله للنساء الزوانى (سبيلا) اى خلاصا من امساكهن فى البيوت المذكوره فى قوله تعالى (واللاتى يأتين الفاحشه من نسائكمالى قوله او يجعل الله لهن سبيلا) فالسبيل هو قوله عز وجل فى سورة النور (الزانية والزانى فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) وآية الرجم (الشيخ والشيخه اذا زنيا فارجموهما البته) وقد نسخ لفظها وبقى جلد مائة ثم نفى سنة) (11) ليس هو على سبيل الاشتراط بل حد الثيب الرجم سواء زنى بثيب ام بكر وحد البكر الجلد والتغريب سواء زنى ببكر ام بثيب، فهو سبيه بالتقييد الذى يخرج على الغالب، واعلم ان المراد بالبكر من الرجال والنساء من لم يجامع فى نكاح صحيح وهو حر بالغ عاقل سواء كان جامع بوطء شبه او نكاح او غيرهم ام لا، والمراد بالثيب من جامع في دهره مرة من نكاح صحيح

-[من قال بجلد المحصن ثم رجمه وجلد البكر ثم نفيه]- بالحجارة (1) والبكر بالبكر جلد مائة ثم نفي سنة (2) (عن سلمة بن المحبق) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذوا عنى خذوا عنى قد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة ونفى سنة والثيب بالثيب جلد مائة والرجم (عن الشعبى) (4) قال أي علىٌ بزان محصن فجلده يوم الخميس مائة جلده ثم رجمه يوم الجمعة (5) فقيل له جمعت عليه حدين فقال جلدت بكتاب الله ورجمته بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن أبى هريرة) (6) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قضى فيمن زنى ولم يحصن أن ينفى عاماً مع الحد عليه (7) (باب ما جاء في قصة ماعز بن مالك الأسلمى ورجمه) (عن مساور بن عبيد) (8) قال أتيت أبا برزة فقلت هل رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال نعم رجلاً منا (9) يقال له ماعز بن مالك (عن أبى الزبير) (10) قال سألت جابراً هل رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال نعم، رجم رجلاً من أسلم ورجلاً من اليهود وامرأة، وقال لليهودى نحكم عليكم اليوم (11) (حدّثنا وكيع ثنا هشام بن سعد) أخبرنى يزيد بن نعيم بن هزَّال عن أبيه قال كان

_ وهو بالغ عاقل حر وارجل والمراة فى هذا سواء، وسواء فى كل هذا المسلم والكافر والرشيد والمحجور عليه لسنه والله اعلم قاله النووى (1) التقييد بالحجاره للاستحباب ولو رجم بغيرها جاز وهو شبيه بالتقيد بها فى الاستنجا (2) معناه انه ابقى سنة الى غير بلده وهو المراد بالتغريب فى الحديث السابق (تخريجه) (م فع مذجه هق) (3) (سنده) حدثنا وكيع قالثنا الفضل بن دلهم عن الحسن عن قسصة بن بن حريث عن سلمة بن المحيق الخ (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وفى اسناده الفضل قبيصة بن حريث عن سلمه بن المحبق الخ (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وفى اسناده الفضل ابن دلهم قال ابو داود ليس بالقوى (قلت) يعضده ماقبله * (4) (سنده) حدثنا هشيم ثنا اسماعيل بن سالم عن الشعبى الخ (غريبه) (5) لم اجد هذا اللفظ من هذا الطريق الا للامام احمد وفى سائر الطرق عن الامام احمد وغيره وسياتى بعضهما فى باب ان السنه بداءة الشاهد بالرجم الخ ان هذه القصه جاءت فى شراحيل الهمدانية الا ان يراد بقوله اتى بزان جنس الزانى وقد بينت الطرق الاخرى انها شراحه الهمدانية والله اعلم (تخريجه) (خ نس عب) وغيرهم فى قصة شراحيل (6) (سنده) حدثنا حجاج قال ثناليث قال حدثنى عقيل عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن ابى هريره الخ (غريبه) (7) اى مع اقامه الحد عليه وهو جلد مائة كما تقدم فى الاحاديث السابقه (تخريجه) (خ نس هق) وغيرهم ويستفاد من احاديث الباب ان الزانى المحصن يجلد اولا مائة ثم يرجم وان البكر يجلد مائه ثم ينفى سنة الى غير بلده، والعلماء خلاف فى ذلك، انظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 285 و 286 فى الجزء الثانى تجد مايسرك (باب) * (8) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن مساو بن عبيد الخ (قلت) جاء فى اخر هذا الحديث قال ابو عبد الرحمن (يعن عبد الله بن الامام احمد) قال ابى قال روح مساور بن عبيد الحمانى اهـ (قلت) وكذلك رجاله عند الامام احمد * (10) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن هليعه حدثنا ابو الزبير قال سالت جابرا الخ (غريبه) (11) اى لانهم ارتضوا حكمه صلى الله عليه وسلم وقد امرة الله بذلك فقال عز من قائل (وان احكم بينهم بما انزل الله ولا تتبع أهواءهم الآية

-[قصة ماعز بن مالك واعترافه بالزنا مراراً]- ماعز بن مالك في حجر أبى (1) فأصاب جارية (2) من الحى فقال له أبى إئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما صنعت لعله يستغفر لك، وإنما يريد بذلك رجاء أن يكون له مخرج، فأتاه فقال يا رسول الله إنى زنيت فأقم علىّ كتاب الله، فأعرض عنه، ثم أتاه الثانية فقال يا رسول الله إنى زنيت فأقم علىَّ كتاب الله، ثم أتاه الثالثة فقال يا رسول الله إنى زنيت فأقم علىّ كتاب الله، ثم أتاه الرابعة فقال يا رسول الله إنى زنيت فأقم علىّ كتاب الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنك قلتها أربع مرات فبمن؟ قال بفلانة، قال هل ضاجعتها؟ قال نعم، قال هل باشرتها؟ قال نعم، قال هل جامعتها؟ قال نعم، فأمر به أن يرجم، قال فأخرج به إلى الحرّة (3) فلما رجم فوجد مس الحجارة (4) جزع فخرج يشتد فلقيه عبد الله بن أنيس وقد أعجز أصحابه (5) فنزع له بوظيف بعير فرماه به فقتله، قال ثم أتى النبى صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له فقال هلا تركتموه (6) لعله يتوب فيتوب الله عليه قال هشام فحدثنى يزيد بن نعيم بن هزَّال عن ابيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبى حين رآه والله يا هزَّال لو كنت سترته بثوبك كان خيراً (7) مما صنعت به (ومن طريق ثان) (8) عن نعيم بن هزَّال أن هزالاً كان استأجر ماعز بن مالك وكانت له جارية يقال لها فاطمة قد أملكت (9) وكانت ترعى غنماً لهم وأن ماعزاً وقع عليها فأخبر هزالاً فخدعه فقال انطلق إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره عسى أن ينزل فيك قرآن، فأمر به النبى صلى الله عليه وسلم فرجم فلما عضته مس الحجارة (10) انطلق يسعى فاستقبله رجل بلحي (11) جزور أو ساق بعير فضربه به فصرعه فقال النبى صلى الله عليه وسلم ويلك

_ (تخريجه) (م د هق) * (1) بفتح اوله معناها فى الاصل المنع من التصرف، ومنه حجر القاضى على الصغير والسفيه اذا منعها من التصرف من مالهما، ومنه اليتيم يكون فى الحجر وليه وهو المراد هنا (2) اى وقع على امه من القبيله فالمراد بالجارية هنا الامه ولها معان أخرى (3) بفتح المهمله والراء المشدد وهى الارض ذات الحجاره السوداء وهى ارض بضواحى المدينه (4) اى الم اصابتها فى جسمه جزع كتعب اى خاف وحزن (بوظيف بعير) اى خفه وهو البعير كالحافر للفرس (6) معناه هلا تركتموه وجئتمونى به ليستئبت رسول الله صلى الله عليه وسلم منه، وقد صرح بذلك فى حديث جابر عند ابى داود، وسيأتى فى باب مايذكر فى الرجوع عن الاقرار للامام احمد من حديث جابر ايضا ان ماعز لما وجد مس الحجارة قال اى قوم ردونى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فان قومى قتلونى وغزونى من نفسي وقالوا ان الرسول الله صلى الله عليه وعلى اله وصحبه وسلم غير قاتلك: قالو فلم ننزع عن الرجل حتى فرغنا منه، قال فلما رجعنا الى رسول الله صلى الله عليه وعلى صحبه وسلمذكرنا له قوله فقال ألا تركتم الرجل وجئتمونى به الحديث (7) اى كان خيرا من تبليغ الامام أمره ووجوب الحد علسه (8) (سنده) حدثنا عفان ثنا ابان يعنى ابن يزيد العطار حدثنى يحيى بن ابى كثير عن ابى سلمه بن عبد الرحمن عن نعيم بن هزال الخ (غريبه) (9) بضم الهمزه وسكون الميم وكسر اللام وفتح الكاف اى املكت امرها يعنى طلقت من زوجها والمراد انها كانت محصنه (10) اى اصابته بحدها (11) بكسر اللام وسكون الحاء المهمله عظم الحنك وهو

-[قصة مالك بن ماعز واعترافه بالزنا مراراً]- يا هزَّال لو كنت سترته بثوبك كان خيراً لك (عن جابر بن سمرة) (1) قال أتى النبى صلى الله عليه وسلم بماعز بن مالك رجل قصير في إزار ما عليه رداء (2) قال ورسول الله متكئ على وسادة على يساره فكلمه وما أدرى ما يكلمه (3) وأنا بعيد منه بينى وبينه قوم فقال اذهبوا به ثم قال ردوه فكلمه وأنا اسمع فقال اذهبوا به فارجموه، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا وأنا أسمعه قال فقال أكلما نفرنا (4) في سبيل الله خلف أحدهم له نبيب كنبيب التيس يمنح إحداهن الكثبة (5) من اللبن والله لا أقدر على أحدهم إلا نكلت به (6) (وعنه أيضاً) (7) قال جاء ماعز بن مالك إلى النبى صلى الله عليه وسلم فاعترف عنده بالزنا قال فحول وجهه (8) قال فجاء فاعترف مراراً فأمر برجمه فرجم ثم أتى فأخبر فقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال رجال كلما نفرنا في سبيل الله تبارك وتعالى تخلف عندهن أحدهم له نبيب كنبيب التيس يمنح إحداهن الكثبة، لئن أمكننى الله عز وجل منهم لأجعلنهم نكالاً (عن سماك بن حرب) (9) قال سمعت جابر بن سمرة قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل قصير أشعث (10) ذى عضلات عليه أزار وقد زنى فرده مرتين قال ثم أمر به فرجم

_ الذي عليه الأسنان وهو من الانسان حيث ينبت الشعر وهو اعلى واسفل 0 والجزور البعير سواء كان ذكرا ام انثى (وقوله اوساق بعير) او للشك من الراوى يشك بإيهما ضربه، وتقدم في الطريق الاولى ان الرجل الضارب هو عبد الله بن انيس وانه ضربه بوظيف بعير اى خفه غهى تؤيد رواية الساق هنا ويجمع بينهما بان الساق كانت متصله بالخف، اما رواية الحى فمرجوحه للشك فيها (وقوله فصرعه) اى وقع على الارض ثم مات (تخريجه) (د هق) وسنده جيد (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا اسرائيل عن سماك انه سمع جابر بن سمره يقول اتى النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) اى فى حالة تدل على فقره واحتياجه (3) جاء فى الحديث التالى انه اعترف عنده بالزنا مرارا، وعند مسلم فشهد على نفسه اربع مرات انه زنى (4) اى كلما ذهبنا الى غزوة من الغزوات فى سبيل الله (خلف) بفتحات اى تختلف احد هؤلاء عن الغزو (له نبيب) اى توقان وشدة شهوة واصل النبيب صوت التيس عند السفاد وهو كنايه عن ارادته الوقاع لشدة توقانه اليه (5) بضم الكاف وسكون المثلثة اى القليل من اللبن، والمراد انه يمنح اى يعطى إحدى النساء المغيبات اى اللاتى غاب عنهن ازواجهن، وفى النهايه يعتمد احدكم الى المغيبه فيخدعها بالكنبة، وجاء فى بعض طرق هذا الحديث عند الامام أحمد قال شعبة فحدثته الحكم فأعجبه وقال لى ماالكنبة فسالت سماكا عن الكنبه فقال اللبن القليل (6) جاء فى الطريق الثانيه (الاجعلتهم نكالا) اى عظه وعبرة لمن بعدهم بما حصل لهم من العقوبه ليتمنعوا من تلك الفاحشه (تخريجه) (م د هق) (7) (سنده) حدثنا وكيع عن المسعودى عن سماك عن الجابر بن سمره قال جاء ماعز بن مالك الى النبى صلى الله عليه وسلم الخ (8) اى اعرض عن سماع كلامه لعله ينصرف والح بالاعتراف، وسيأتى فى الحديث التاى انه صلى الله عليه وسلم رده اربع مرات (تخريجه) (م د هق) (9) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبه عن سماك بن حرب الخ (غريبه) (10) الاشعثيطلق على من يجسده او رأسه وسخ، ويقال ايضا لمتلبد الشعر لقله تعهده بالدهن والتمشيط (وقوله ذى عضلات) بفتحات اى مكتنز اللحم، والعضله فى البدن كل لحمة صلبة مكتزه، ومنه عضله الساق، قال ابن القطاع العضله لحم الساق والذراع وكل لحمه مستديره فى البدن اهـ ويجوز ان يكون أراد أن عضلة

-[اعتراف شاب آخر غير ماعز بالزنا ورجمه وثناء النبى صلى الله عليه وسلم عليه]- (فذكر نحو الحديث السابق ونسى آخره) قال فحدثنيه سعيد بن جبير فقال إنه رده أربع مرات (1) عن جابر بن سمرة) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رجم ماعز بن مالك ولم يذكر جلداً (3) * (عن خالد بن اللجلاج) (4) أن أباه حدثه قال بينما نحن في السوق إذ مرت امرأة تحمل صبياً فثار (5) الناس وثرت معهم، فانتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول لها من أبو هذا؟ فسكتت فقال من أبو هذا فسكتت فقال شاب بحذائها يا رسول الله إنها حديثة السن حديثة عهد بخزية (6) وإنها لم تخبرك وأنا أبوه يا رسول الله، فالتفت إلى من عنده كأنه يسألهم عنه، فقالوا ما علمنا إلا خيراً أو نحو ذلك، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أحصنت؟ قال نعم فأمر برجمه فذهبنا فحفرنا له حتى أمكننا (7) ورميناه بالحجارة حتى هدأ، ثم رجعنا إلى مجالسنا فبينما نحن كذلك إذا أنا بشيخ يسأل عن الفتى فقمنا إليه فأخذنا بتلابيبه (8) فجئنا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله إن هذا جاء يسأل عن الخبيث، فقال مه (9) لهو أطيب عند الله ريحاً من المسك (10) قال فذهبنا فأعناه على غسله وتكفينه وحفرنا له ولم أدر أذكر الصلاة أم لا (11) (أبواب الإقرار بالزنا) (باب) اعتبار تكرار الإقرار بالزنا أربعاً) (عن أبى بكر الصديق) (12) رضى الله عنه قال كنت عند النبى صلى الله عليه وسلم جالساً فجاء ماعز بن مالك فاعترف عنده مرة فرده، ثم جاء فاعترف عنده الثانية فرده، ثم جاء فاعترف الثالثة فرده، فقلت له إنك إن اعترفت الرابعة رجمك، قال فاعترف الرابعة فحبسه ثم سأل عنه (13) فقالوا ما نعلم إلا خيراً، قال فأمر برجمه

_ ساقيه كبيرة (1) جاء مثل ذلك عند مسلم ايضا (تخريجه) (م د هق) (2) (سنده) حدثنا بهز وعفان قالا ثنا حماد بن سلمه عن سماك عن جابر سمرة الخ (غريبه) (3) معناه انه اكتفى برجمه ولم يجلده وقد احتج به الجمهور فقالو الواجب الرجم وجده، انظر القةل الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 286 فى الجزء الثانى (تخريجه) (هق ط بز) وسنده جيد واصله فى الصحيح (4) (سنده) حدثنا ابو سعيد مولى بى هاشم قال حدثنا محمد بن عبد الله بن غلائه قال ثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزبز قال ثنا خالد بن الجلاج الخ (غريبه) (5) اى هاج الناس ونهضوا معها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانهم عدوا بقصتها (6) يوزن قريته اى بجرينته يستحيا منها (7) اى حتى صار لنا عليه سلطان وقرة على رجه وسهل علينا ذلك، وفى حديث بريدة الانى في قصة ماعز قال فامر النبى صلى الله عليه وسلم فحفر له حفره فجعل فيها الى صدره وللعلماء كلام فى هذا سيأتى فى باب الحفر للمرجوم (8) اى جمعنا عليه ثوبه الذى هو لابسه من جهة عنقه وقبضنا عليه نجره (9) اسم فعل بمعنى اكفف (10) زاد عند ابى داود فاذا هو ابوه (11) انظر احكام باب هل يصلى الامام على من قتل فى حد ام لا فى الجزء السابع صحيفة 217 من كتاب الجنائز (تخريجه) (د نس هق) وسنده جيد (باب) (12) (سنده) حدثنا اسود بن عامر ثنا اسرائيل عن جابر (يعنى زيد الجعفى) عن عامر عن عبد الرحمن بن ابزى عن ابى بكر قال كنت عند النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (13) اى سأل قومه عنه كما سيأتى فى حديث بريده الاسلمى (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه (حم عل بز) والطبرانى فى الاوسط الا انه قال ثلاث مرات وأسانيدهم كلها فيها جابر بن يزيد الجعفي

-[اعتبار تكرار الإقرار بالزنا أربعاً والبحث عن حقيقة الحال والاستفصال]- (عن أبي هريرة) قال جاء ماعز بن مالك الأسلمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا سول الله إنى قد زنيت فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الأيمن فقال يا رسول الله إنى قد زنيت فأعرض عنه، ثم جاء من شقه الأيسر فقال يا رسول الله إنى قد زنيت، فقال له ذلك أربع مرات، فقال انطلقوا به فارجموه، قال فانطلقوا به فلما مسته الحجارة أدبر واشتد، فاستقبله رجل في يده لحي جمل فضربه. فذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم فراره حين مسته الحجارة، قال فهلا تركتموه (2) (وعنه من طريق ثان) (3) أنه قال أتى رجل من المسلمين (4) رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فناداه فقال يا رسول الله إنى زنيت فأعرض عنه، فتنحى تلقاء وجهه فقال يا رسول الله إنى زنيت فأعرض عنه، حتى ثنى ذلك عليه أربع مرات فلما شهد على نسفه أربع مرات دعاه النبى صلى الله عليه وسلم فقال أبك جنون؟ (5) قال لا، قال فهل أحصنت؟ (6) قال نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أذهبوا به فارجموه، قال ابن شهاب فأخبرنى من سمع جابر ابن عبد الله يقول كنت فيمن رجمه فرجمناه في المصلى فلما أذلقته (7) الحجارة هرب فأدركناه بالحرَّة فرجمناه (عن عبد الله بن بريدة) (8) عن أبيه قال كنت جالساً عند النبى صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل يقال له ماعز بن مالك فقال يا نبى الله إنى قد زنيت وأنى أريد أن تطهرنى، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ارجع (9)

_ وهو ضعيف (1) (سنده) حدثنا يزيد قال انا محمد بن عمرو وعن ابى سلمه عن ابى هريره الخ (غريبه) (2) تقدم شرح غريبه فى شرح حديث يزيد من نعيم بن هزال عن ابيه فى الباب السابق (3) (سنده) حدثنا حجاج قال حدثى ليث قال حدثنى عقيل عن ابن شهاب عن ابى سلمه بن عبد الرحمن وسعيد بن المسيب عن ابى هريرة قال اتى رجل الخ (غريبه) (4) هو ماعز بن مالك الاسلمى كما تقدم ذكره فى الطريق الاولى (5) تقدم فى حديث ابى بكر وسياتى فى حديث بريدة ان النبي صلى الله عليه وسلم سال عنه ولم يساله وفى هذا الحديث ان النبى صلى الله عليه وسلم سأله، ويجمع بين ذلك بأن النبى صلى الله عليه وسلم سأله اولا ثم سأل عنه احتياطا وفيه دلالة على انه يجب على الامام الاستفضال والبحث عن الحقيقه الحال، ولا يعارض هذا عدم استصاله صلى الله عليه وسلم فى قصة العسيف المتقدمه لان عدم ذكر الاستفصال قيها لايدل على العدم لاحتمال ان يقتصر الراوى على نقل بعض الواقع، وفيه اشاره الى ان القرار المجنون باطل وان الحدود لاتجب عليه وهذا مجمع عليه (6) فيه ان الامام يسأل عن شروط الرجم من الاحصان وغيره سواء ثبت بالافرار او بالبينه، وفيه مؤخذه الانسان بإفراره (7) هو بالذال المعجمه والقاف اى اصابته بحدها (تخريجه) (ق. وغيرهما) (8) (سنده) حدثنا ابو نعيم بشير بن المهاجر حدثنى عبد الله بن بريدة عن ابيه (يعنى بريده الاسلمى (الخ (غريبه) (9) فى رواية لمسلم من طريق سليمان بن بريده عن ابيه ان رسول الله صلى الله عليه وسلمقال له ويحك ارجع فاستغفر الله وتب، قال فرجع غير بعيد ثم جاء فقال يارسول الله طهرنى، فقال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك حتى اذ كانت الرابعه قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم فيم اطهرك؟ فقال من الزنا، فسال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابه جنون؟ فاخبر انه ليس بمجنون فقال اشرب خمرا؟ فقام رجل فاستنكه فلم يجد منه ريح خمر، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم زنيت؟ فقال نعم، فامر به فرجم، فكان الناس فيه فرقتين قائل يقول لقد هلك لقد احاطت به خطيئه، وقائل يقول ماتوبة افضل من توبة ماعز، انه جاء الى النبى صلى الله عليه وسلم فوضع يده فى يده ثم قال بالحجاره، قال فلبثوا بذلك يومين او ثلاثه ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم جلوس

-[سؤال قوم ماعز والاستفصال منهم عن حاله وعقله ومذاهب العلماء في عدد الإقرار]- فلما كان من الغد أتاه أيضاً فاعترف عنده بالزنا فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ارجع، ثم أرسل النبى صلى الله عليه وسلم إلى قومه فسألهم عنه فقال لهم ما تعلمون من ماعز بن مالك الأسلمى هل ترون به بأساً أو تنكرون من عقله شيئاً؟ قالوا يا نبى الله ما نرى به بأساً وما ننكر من عقله شيئاً، ثم عاد إلى النبى صلى الله عليه وسلم الثالثة فاعترف عنده بالزنا أيضاً فقال يا نبى الله طهرنى، فأرسل النبى صلى الله عليه وسلم إلى قومه أيضاً فسألهم عنه فقالوا له كما قالوا له المرة الأولى ما نرى به بأساً وما ننكر من عقله شيئاً، ثم رجع إلى النبى صلى الله عليه وسلم الرابعة أيضاً فاعترف عنده بالزنا: فأمر النبى صلى الله عليه وسلم فحفرنا له حفرة فجعل فيها إلى صدره ثم أمر الناس أن يرجموه، وقال بريدة كنا نتحدث أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم بيننا أن ماعز بن مالك لو جلس في رحله بعد اعترافه ثلاث مرار لم يطلبه (1) وإنما رجمه عند الرابعة (عن جابر بن سمرة) (2) إن ماعزاً جاء فاقر عند النبى صلى الله عليه وسلم أربع مرات فأمر برجمه (عن جابر بن عبد الله) (3) أن رجلاً من أسلم (4) جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا فأعرض عنه (5) ثم اعترف فاعرض عنه، ثم اعترف فأعرض عنه، حتى شهد على نفسه أربع مرات، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم أبك جنون؟ قال لا، قال أحصنت؟ قال نعم فأمر به النبى صلى الله عليه وسلم فرجم بالمصلى (6) فلما أذلقته الحجارة فرَّ (7) فأدرك فرجم حتى مات فقال له

_ فسلم ثم جلس فقال استغفروا لما عز بن مالك قال فقالوااغفر الله لما عز بن نالك؟ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد تاب توبة لو قسمت بين امة لو سعتهم، اهـ فى هذه الرواية دلالة على ان الحد يكفر الذنب: انظر كلام العلماء فى ذلك في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 280 فى الجزء الثانى (1) معناه ان بعض الصحابه فهم من هذا الحديث انه يشترط فى الاقرار بالزنا ان يكون اربع مرات، فان نقص عنها لم يثبت الحد وهو معنى قوله (لو جلس فى رحله بعد اعترافه ثلاث مرار لم يطلبه) اى لو رجع عن الاعتراف بعد الثالثه لم يطلبه لاقامة الحد عليه، واليه ذهب ابو حنيفه واحمد واسحاق واخرون، الا ان ابا حنيفه واصحابه استرطوا تعدد الاقرار فى اربعة مجالس، فان اقر اربع مرات فى مجلس واحد كان بمنزله اقراره مرة واحده، وقال احمد اذا اقر اربع مرات فى مجلس واحد رجم، وقال مالك والشافعى وابو ثور اذا اقر مرة واحخده رجم، كما اذا اقر مرة واحده بالقتل وبالسرقه قطع حكاه الخطابى فى معالم السنن والله اعلم (تخريجه) (م د هق (2) (سنده) حدثنا اسود بن عامر ثنا شريك عن سماك عن جابر بن سمره الخ (تخريجه) (م د. وغيرهما) (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن الزهرى عن ابى سلمه عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (4) هو. عز بن مالك المتقدم ذكره (5) انما اعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم لعله يرجع عن الاعتراف بشبه مثلا فيقبل رجوعه، وهذا جائز فى الحدود (6) قال العلماء المراد بالمصلى هنا الجنائز ويؤيده ماثبت فى بعض الروايات (فى بقيع الغرقد) وهو مصلى الجنائز بالمدينه (7) قال العلماء انه فر اولا من المكان الاول لاجل عدم الحجاره فيه الى الحره لان فيها من الحجاره مايقتل سريعا بغير تعذيب، فلما وصل اليها ونصب نفيه وجد مس الحجاره التى تفضى الى الموت والمها قال ردونى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنا لم يفعلو هرب، فلقيه الرجل الذى معه لحى الجمل فضربه به فوقع ثم رجموه حتى مات: ويؤيد ذلك حديث ابى سعيد الاتى فى باب الحفر للمرجوم وحديث جابر الاتى بعد باب والله اعلم

-[اعتراف رجل آخر غير ماعز بالزنا ورجمه في السفر]- رسول الله صلى الله عليه وسلم خيراً ولم يصل عليه (1) (عن ابن عباس) (2) قال لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم ماعز بن مالك فقال أحق ما بلغنى عنك؟ قال وما بلغك عنى؟ قال بلغنى أنك فجرت بأمة آل فلان؟ قال نعم، قال فرّده حتى شهد أربع مرات ثم أمر به فرجم (عن أبى ذر) (3) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأتاه رجل فقال إن الآخر (4) قد زنى فاعرض عنه، ثم ثلث ثم ربع فنزل النبى صلى الله عليه وسلم وقال مرة فاقر عنده بالزنا فردَّده أربعاً ثم نزل فأمرنا فحفرنا له حفيرة ليست بالطويلة (5) فرجم فارتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم كئيباً حزيناً (6) فسرنا حتى نزل منزلاً (7) فسرِّى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لى يا أبا ذر أل تر إلى صاحبكم غفر له وأدخل الجنة (باب استفسار المقر بالزنا واعتبار تصريحه بما لا تردد فيه) (عن ابن عباس) (8* أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لماعز ابن مالك حين أتاه فأقر عنده بالزنا لعلك قبلك أو لمست؟ قال لا، قال فنكتها؟ (9) قال نعم، فأمر

_ بالصواب (1) جاء في رواية للبخارى فقال له النبي صلى الله عليه وسلم خيرا وصلى عليه، وقد جمع العلماء بين الروايتين بان النبي صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه فى اليوم الاول الاول وصلى عليه مع اصحابه فى اليوم التالى كما جاء ذلك صريحا فى حديث ابى امامه عند اصحاب السنن وعبد الرزاق، ويؤيده ما سياتى في باب ناخير الحد عن الحبلى من حديث عمران بن حصين والله الموفق (تخريجه) (ق هق. والاربعة) (2) (سنده) حدثنا يونس ثنا ابو عوانه عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (تخريجه) (م طل د مذ) ولابى داود رواية اخرى عن ابن عباس ايضا قال جاء ماعز بن مالك الى النبى صلى الله عليه وسلم فاعترف بالزنا مرتيم فطرده، ثم جاء فاعترف بالزنا مرتين فقال شهدت على نفسك اربع مرات اذهبو به فارجموه (3) (سنده) حدثنا يزيد انا حجاج بن ارطاه عن عبد الملك بن المغيره الطائفى عن عبد الله بن المقدام عن ابن شداد عن ابى ذر الخ (غريبه) (4) هو مقصور بوزن الكبد اى الابعد، والظاهر ان هذا الرجل غير ماعز بن مالك لان، هذا رجم فى السفر كما صرح بذلك فى الحديث، ورجم ماعز فى الحظر لقوله فى حديث جابر المتقدم قبل حديث (فلاجم بالمصلى) وفى لفظ فى بقيع الغرقد وهذا المكان في المدينه قطما (5) اى ليست طويله العمق (6) انما حزن النبى صلى الله عليه وسلم لوقوع رجل من امته فى هذه المعصيه ولموته بهذه الكيفيه، وربما لم يغفر الله هذا الذنب العظم (7) اى منزلا آخر غير المنزل الذى رجم فيه الرجل (وقوله فسرى عنه) بضم المهمله وتشديد الراء مكسوره اى زال عنه وذهب مايجد من الحزن لان الله عز وجل اعلمه بطريق الوحى انه قد غفر له وادخله الجنه والله اعلم (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه (حم بز) وفيه الحجاج بن ارطاة وهو مدلس (باب) (8) (سنده) حدثنا يزيد انا جرير بن حازم عن يعلى بن حكيم عن عكرمه عن ابن عباس الخ (غريبه) (9) بالنون والكاف ولفظ البخارى (انكتها لايكنى) اى بلفظ الكلمه المذكوره ولم يكن عنها بلفظ اخر، ولفظ ابى داود من حديث ابى هريره (افكتها) بهمزه الاستفهام وفاء قبل النون (قال نعم، قال حتى غاب ذلك منك فى ذلك منها؟ قال نعم، قال كما يغيب المرود فى المكحله؟ والرشاء فى البئر؟ قال نعم، قال فهل تدرى ما الزنا؟ قال نعم اتيت منها حراما ماياتى الرجل بين امراته حلالا، قال فما تريد بهذا القول؟ قال أريد

-[ما جاء فيمن أقرّ بحد ولم يسمه ماذا يكون حكمه؟]- به فرجم (وعنه من طريق ثان) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لماعز حين قال زنيت، لعلك غمزت (2) أو قبلت أو نظرت إليها (3) قال كأنه يخاف أن لا يدرى ما الزنا (باب من أقر بحد ولم يسمه لم يحد) (عن واثلة بن الأسقع) (4) قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم وأتاه رجل فقال يا رسولا لله إنى أصبت حداً (5) من حدود الله عز وجل فأقم فىّ حد الله فأعرض عنه، ثم أتاه الثانية فأعرض عنه، ثم قالها الثالثة فأعرض عنه، قم أقيمت الصلاة فلما قضى الصلاة أتاه الرابعة فقال إنى أصبت حداً من حدود الله عز وجل فأقم فيّ حد الله عز وجل، قال فدعاه فقال ألم تحسن الطهور أو الوضوء ثم شهدت الصلاة معنا آنفا؟ قال بلى، قال ذاهب فهى كفارتك (6) (عن أبى أمامة) (7) عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بنحوه (وفيه) فقال له النبى صلى الله عليه وسلم أليس خرجت من منزلك توضأت فأحسنت الوضوء وصليت معنا؟ قال الرجل بلى، قال فإن الله عز وجل قد غفر لك حدك أو ذنبك (8)

_ أن تطهرني فامر فرجم (1) (سنده) حدثنا يحيى بن ادم ثنا ابن المبارك عن معمر عن يحيى بن ابى كثير عن عكرمه عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) بالغين المعجمه والزاى اى بعينك او يدك او اسرت او المراد بالغمر الجس باليد (3) اى فاطلقت على اى واحدة فعلت من الثلاث زنا؟ وفيه اشارة الى ما رواه الشيخان والامام احمد وتقدم فى باب تحريم النظر، وزنا اليدين البطش، وزنا الرجلين المشى، وزنا الفم القبل، والقلب يهوى ويتمنى، ويصدق ذلك او يكذبه الفرج، واطلاق الزنا على هذه الاعضاء على سبيل المجاز، لاحقيقه لانها سبب فيه، فربما فهم ان النظر او القبله او نحو ذلك حقيقه فاعترف به، وذلك قال له صلى الله عليه وسلم (هل تدرى ما الزنا) كانه بخاف ان لايدرى ماالزنا (تخريجه) (خ د هق) (باب) (4) (سنده) حدثنا ابو النضر قال ثنا شيبان عن ليث عن ابى برده بن ابى موسى عن ابى بلج بن اسامه عن وائله بن الاسقع الخ (غريبه) (5) قال فى النهايه اى اصبت ذنبااوجب على حدا اى عقوبه اه قال النووى فى سرح مسلم هذا الحديث معناه معصيع من المعاصى الموجبه للتعزيز وهى هنا الصغائر لانها كفرتها الصلاه، ولو انها كانت موجبه لحد او غيره لم تسقط بالصلاه، فقد اجمع العلماء على ان النعاصى الموجبه للحدود لاتسقط حدودها بالصلاه، وحكى القاضي عياض عن بعضهم ان المراد بالحد المعروف، قال وانما لم يحده لانه لم يفسر موجب الحد، ولم يستفسره النبى صلى الله عليه وسلم ايثار المستر بل استحب تلقين الرجل صريحا اه (6) يعنى ان مافعله من احسان الوضوء والصلاه جماعه كفارة لذنبه (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وله شاهد عند البخارى من حديث انس من مالك ويؤيده ايضا حديث ابى امامة الاتى بعده (7) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب حدثنى عكرمه بن عمار اليمامى عن شداد بن عبد الله عن ابى امامه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى مجلس فجاء رجل فقال يارسول الله اصبت حدا فأقم على كتاب الله، قال فأقيمت الصلاه قال فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وتبعه فقال يارسول الله اصبت حدا فأقن على كتاب الله، فقال النبى صلى الله عليه وسلم اليس خرجت من منزلك الخ (غريبه) (8) او للشك من الراوى، وهو عند ابى داود بلفظ (اذهب

-[ما جاء في الرجوع عن الإقرار ومذاهب العلماء في ذلك]- (باب فيما يذكر في الرجوع عن الإقرار - ومن أقر أنه زنى بامرأة فجحدت) (عن جابر بن عبد الله 01) (1) قال كنت فيمن رجم الرجل يعنى ماعزاً إنَّا لما رجمناه وجد مس الحجارة فقال أي قوم ردونى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قان قومى قتلونى وغرونى من نفسى وقالوا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير قاتلك، قال فم ننزع عنه (2) حتى فرغنا منه، قال فلما رجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ذكرنا له قوله، فقال ألا تركتم الرجل وجئتمونى به (3)؟ إنما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يثبت في أمره (4)

_ فإن الله تعالى قد عفا عنك) (تخريجه) (م) فى التوبه (د) فى الحدود وسياتى نحو هذا للامام احمد عن ابن عباس وابن مسعود فى تفسير قوله تعالى (واقم الصلاه طرفى النهار وزلفا من الليل الاية) من كتاب التفسير فى اخر سورة هود ان شاء الله تعالى (باب) (1) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون ثنا محمد بن اسحاق عن عاصم بن عمرو بن قتاده قال الحسن بن محمد بن على قلت لجابر بن عبد الله فقال جابر بن عبد اللله يابن اخى انا اعلم الناس بهذا الحديث. كنت فيمن رجم الرجل الخ هكذا جاء هذا السند فى اصل مسند الامام احمد بهذا اللفظ، وفيه تحريف وسقط، والصواب ماجاء عند ابى داود من طريق محمد بن اسحاق ايضا قال ذكرت لعاصم بن عمر بن قتادة قصة ماعز بن مالك فقال لى حدثنى حسن ابن محمد بن على بن ابى طالب قال حدثنى ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فهلا تركتموه من شئنم (من فاعل حدثنى اى حدثنى من شئنم (من فاعل حدثنى اى حدثنى من شئنم الخ) من رجال اسلم ممن لااتهم قال ولم اعرف هذا الحديث (اى مع هذا القول يعن ى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم هلا تركتموه) قال فجئت جابر بن عبد الله فقلت ان رجالا يحدثون ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم حين ذكروا له جزع ماعز من الحجاره حين اصابته الا تركنموه وما اعرف الحديث، قال ياابن اخى انا اعلم الناس بهذا الحديث كنت فيمن رجم الرجل الخ (وبالمقارنة) بين السندين يظهر لك ام قوله فى سند الامام احمد حدثنا محمد بن اسحاق عن عاصم بن عمرو) بفتح المهمله وسكون الميم خطا وصوابه ماجاء فى سنن ابى داود عن محمد بن اسحاق قال ذكرت لعاصم بن عمر (بضم المهمله وفتح الميم) وهو كذلك فى جميع كتب فى جميع كتب فى جميع كتب الرجال الموجوده عندى وبتتبع الحديث يظهر لك ما سقط منه بعد ذلك من مسند الامام احمد والله الموفق (غريبه) (2) بكسر الزاى اى لم نكف عنه ولم نتلركه (3) قال الخطابى وفى قوله هلا تركتموه (اى كما فى رواية ابى داود) دليل على ان الرجل إذا أقرا بالزنا ثم رجع عنه دفع عنه الحد سواء وقع به الحد اولم يقع، وإلى هذا ذهب عطاء بن ابى رباح والزهرى وحماد بن سليمان وابو حنيفة واصحابه، وكذلك قال الشافعى واحمد بن حنبل واسحاق ان راهويه: وقال مالك بن انس وابن ابى ليلى وابو ثور رحمهم الله لايقبل رجوعه ولا يدفع عنه الحد وكذلك قال اهل الظاهر، وروى ذلك عن الحسن البصري وسعيد بن جبير، وروى مثل ذلك عن جابر بن عبد الله وتأولوا قوله (هلا تركتموه) اى لينظر فى امره ويستثبت المعنى الذى هرب من اجله، وقالوا ولو كان القتل عنه ساقطا لصار مقتولا خطا وكانت الديه على عواقلهم، فلما لم تلزمهم ديته دل على ان قتله كان واجبا اه (4) هذه الجمله وهى قوله انما اراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ من قول جابر يعنى ان النبي صلى الله عليه وسلم انما قال ذلك للاستثبات للاستفصال فان وجد شبه يسقط بها الحد اسقطه لاجلها وان لم يجد سبه لذلك اقام عليه الحد، وليس المراد ان النبى صلى الله عليه وسلم امرهم ان يدعوه: وإن هرب المحدود

-[ما جاء فيمن زنى بامرأة سماها فجحدت فرجم وتركت]- (عن أبي الهيثم) (1) بن نصر بن دهر الأسلمى عن أبيه قال أتى ماعز بن خالد (2) بن مالك رجل (3) منا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فاستودى (4) على نفسه بالزنا فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم برجمه فخرجنا إلى حرة (5) بنى نيار فرجمناه فلما وجد مس الحجارة جزع جزعاً شديداً: فلما فرغنا منه ورجعنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرنا له جزعة فقال هلا تركتموه (عن عبد العزيز) (6) بن عبد الله بن عمرو القرشى قال حدثنى من شهد (7) النبى صلى الله عليه وسلم وأمر برجم رجل بين مكة والمدينة (8) فلما أصابته الحجارة فرّ (وفى لفظ فلما وجد مس الحجارة خرج فهرب) (9) فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم قال فهلا تركتموه (عن سهل بن سعد) (10) أن رجلاً من أسلم جاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال أنه زنى بامرأة سماها فأرسل النبى صلى الله عليه وسلم إلى المرأة فدعاها فأسلها عما قال فأنكرت فحده وتركها (11) (باب أن السنة بداءة الشاهد بالرجم وبداءة الإمام به إذا ثبت بالإقرار: وفيه أن الزانى المحصن يجلد ويرجم) (عن عامر) (12) قال كان لشراحة (13) زوج

_ من الحد جملة المستقطات، ولهذا قال (الا تركتم الرجل وجئتمونى به) (تخريجه) (د نس هق) وسنده جيد وأخرج (ق نس مذ) من حديث ابى سلمه ابن عبد الرحمن عن جابر طرفا منه (1) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا ابى عن ابن اسحاق قال حدثنى محمد بن ابراهيم بن الحارس التيمى عن ابى الهيثم بن نصر الخ (غريبه) (2) هكذا فى الاصل ماعز بن خالد وفى كل الروايات وكتب الرجال والصحابه ماعز بن مالك الاسلمى فان صح هذا فيكون مالك جده نسب اليه كما يحصل كثيرا فى بعض الاسماء والله اعلم (3) رجل بالضم بدل من ماعز (وقوله منا) اى من قبيلة اسلم ولفظ رسول منصوب على المفعوليه لاتى (4) اى اقرب على انفسه بالزنا، قال فى القاموس واستودى بحقى اقر (5) بفتح الحاء المهمله وتشديد اراء وهى ارض ذات حجاره سود، والمدينه بين حرتين إحداهما المكان الذى رجم فيه ماعز وكان معروفا عنهم بهذا الاسم (تخريجه) اورده الحافظ فى الاصابه فى ترجمه نصر بن دهر الاسلنى وعزاه للنسائى وجوه اسناده (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق قال انا اسرائيل عن سماك عن عبد العزيز ابن عبد الله بن عمرو القرشى الخ (غريبه) (7) يعنى بعض الصحابه وجهالة الصحابى لاتضر (8) اى بمكان بين مكه والمدينه ويستفاد منه انهم كانوا فى السفر، ويؤيده حديث ابى ذر المتقدم قبل بابين وان هذا الرجل غير ماعز بن مالك كما تقدم فى شرح حديث ابى ذر المشار اليه (9) يجوز ان الهرب حصل من ها الرجل كما حصل من ماعز لشده مس الحجاره وان انبى صلى الله عليه وسلم قال فهلا تركتموه فى القضيتين وتقدم كلام العلماء على هذه الجمله في شرح الحديث الاول من الحديث الاول من احاديث الباب (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد، واورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله موثقون (10) (سنده) حدثنا حسين بن محمد ثنا مسلم عن عباده بن اسحاق عن ابى حازم حدثنى سهل بن سعد الخ (غريبه) (11) اى لانه اعترف بالزنا (وتركها) اى لم يجدها لانها لم تعترف بل انكرت (تخريجه) (د هق قط ك) وصححه الحاكم واقره الذهبلى (باب) * (12) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن مجالد ثنا عامر (يعنى ابن شراحيل الشعبى) الخ (غريبه) (13) يعنى الهمدانيه وكانت من اهل الكوفه كما في بعض الروايات

-[قصة شراحة الهمدانية وجلدها أولاً ثم رجمها]- غائب بالشام وأنها حملت فجاء بها مولاها (1) إلى على بن أبى طالب رضى الله عنه فقال إن هذه زنت فاعترفت فجلدها يوم الخميس مائة ورجمها يوم الجمعة (2) وحفر لها إلى السرة وأنا شاهد ثم قال إن الرجم سنة سنها رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) ولو كان شهد على هذه أحد لكان أول من يرمى الشاهد يشهد ثم يتبع شهادته حجره ولكنها أقرت فأنا أول من رماها فرماها بحجر (4) ثم رمى الناس وأنا فيهم قال فكنت والله فيمن قتلها (عن الشعبى) (5) أن شراحة الهمدانية أتت علياً (6) رضى الله عنه فقالت إنى زنيت فقال لعلك غيرى. لعلك رأيت في منامك. لعلك استكرهت. (وفى لفظ لعل زوجك جاءك) فكلّ تقول لا فجلدها يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة، وقال جلدتها بكتاب الله (7) ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (8) (باب تأخير الحد عن الحبلى حتى تضع حملها) (عن عبد الله بن بريدة عن أبيه) (9) قال كنت جالساً عند النبى صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة من غامد (10) فقالت يا نبى الله إنى قد زنيت وأنا أريد أن تطهرنى، فقال لها النبى ارجعى (11)، فلما أن

_ (1) هو سعيد بن قيس كما جاء فى بعض طرق الحديث فعند الامام احمد من طريق حصين عن الشعبى قال اتى على بمولاء لسعيد بن قيس محصنه قد فجرت قال فضر بها مائه ثم رجمها، ثم قال جلدتها بكتاب الله ورجمها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) استدل به القائلونبوجوب جلد الزانى المحصن مائة قبل رجمه وهو مروى عن على رضى الله عنه والحسن واسحاق وداود واهل الظاهر وبعض اصحاب الشافعى، وذهب الجمهور الى وجوب الرجم فقط لادله ذكرتها فى القول الحسن شرح بائع المنن صحيفة 286 فى الجزء الثانى (3) اى لان النبى صلى الله عليه وسلم رجم فى عصره ورجم بعده ابو بكر وعمر كما جاء فى بعض الروايات (4) استدل بهذه الجمله وهى قوله (ولو كان شهد على هذه- الى قله فرماها بحجر) القائون بمشروعية بداؤة الامام بالرمى اذا ثبت الزنا بالاقرار وبداءة الشاهد بالرمى اذا ثبت بالبينه والى وجوب ذلك ذهبت الحنيفة والهادوية قاله الشكوانى (قلت) وحكى النووى عن ابى حنيفه واحمد انه يحضر الامام مطلقا، وكذا الشهود ان ثبت ببينه، ويبدؤ الامام بالرجم ان ثبت بالشهود بدا الشهود، قال وذهب الشافعى ومالك وموافقوهما الى انه لايلزم الامام حضور الرجم وكذا لو ثبت بشهود لم يلزمه الحضور اه (تخريجه) (د نس قط) وسنده جيد واصله فى الصحيحين (5) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتاده عن الشعبى الخ (الشعبى) هو عامر بن سراحيل الشعبلى راوى الحديث السابق ايضا (غريبه) (6) نقدم فى الحديث السابق ان ولاها هو الذى جاءبها، وفى هذا الحديث انها اتت بنفسها، ويمكن الجمع بان مولاها جاء بها فاتت عليا رضى الله عنه مئرفة طائعة غير مكرهه كما يدل على ذلك سياق الحديث (7) يريد والزانى فاجتدوا كل واحد منها مائة جلده) (8) اى لانه صلى الله عليه وسلم رجم الزانى المحصن وامر برجمه (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اه (قلت) ورواء ايضا (قط هق) مطولا وتقدمت الاشاره اليه فى باب رجم الزانى المحصن ص رقم 223 فى هذا الجزء (باب) (9) (سنده) حدثنا ابو نعيم ثنا بشير حدثنى عبد الله بن بريده عن ابيه (يعنى بريدة الاسلمى) الخ (10) قال النووى هى بغين معجمه ودال مهمله مهى بطن من جهينه اه واستظهر بعض العلماء ان هذه الغامدية هى مزنية ماعز والله اعلم (11) رواية مسلم فقال ويحك ارجعي فاستغفري الله

-[قصة الغامدية التي حملت بالزنا وفيها عبرة وموعظة ومنقبة لها]- كان من الغد أتته أيضاً فاعترفت عنده بالزنا فقالت يا رسول الله إنى قد زنيت وأنا أريد أن تطهرنى، فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم ارجعى، فلما أن كان من الغد أتته أيضاً فاعترفت عنده بالزنا، فقالت يا نبى الله طهرنى فلعلك أن ترّددنى (1) كما ردَّدت ماعز بن مالك، فوالله إنى لحبلى، فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم ارجعى حتى تلدى، فلما ولدت جاءت بالصبى تحمله فقالت يا نبى الله هذا قد ولدت، قال فاذهبى فأرضعيه حتى تفطميه، فلما فطمته جاءت بالصبى في يده كسرة خبز، قال يا نبى الله هذا قد فطمته، فأمر النبى صلى الله عليه وسلم بالصبى فدفعه إلى رجل من المسلمين وأمر بها فحفر لها حفرة فجعلت فيها إلى صدرها ثم أمر الناس أن يرجموها (2) فاقبل خالد بن الوليد بحجر فرمى رأسها فنضح (3) الدم على وجنة خالد فسبها، فسمع النبى صلى الله عليه وسلم سبه غياها فقال مهلاً يا خالد بن الوليد لا تسبها، فوالذى نفسى بيده لقد تابت توبة لو تابها صاحب مكس (4) لغفر له فأمر بها فصلى (5) عليها ودفنت (عن عمران بن حصين) (6) إن امرأة من جهينة (7) اعترفت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بزنا وقالت أنا حبلى فدعا

_ وتوبي إليه (1) بضم اوله وفتح الراء ثم دالين مهملتين اولاهما مكسوره مشددة والثانية مفتوحه (كما رددت) بتشديد الدال الاولى مفتوحه وسكون الثانيه، وهكذا عند الامام احمد ومسلم فى رواية، وله فى اخرى (لعلك ان تردنى) بفتح اوله وضم اوله وضم الراء ثم دال واحدة مفتوحة مشدده (كما رددت) بفتح اوله وثانية وسكون الدال الثانيه، وبالمعنى اتامرنى بالرجوع مرة بعداخرى كما امرت ماعزا ولست مثله لظهور الحبل في (2) استدل به المالكيه والشافعيه على انه يلزم الامام حضور الرجم سواء ثبت بشهود او اعتراف وتقدم قول الحنفية فى الباب السابق (3) قال النووى روى بالحاء المهمله وبالمعجمه والاكثرون على المهمله ومعناه ترشرش وانصب (4) بفتح الميم وسكون الكاف وصاحب المكس هو من يتولى الضرائب التى تؤخذ من الناس بغير حق وهو من اقبح المعاصى والذنوب الموبقات، وذلك لكثرة مطالبات الناس له وظلاماتهم واخذ اموالهم بغير حقها، قال فى القاموس مكس في البيع بمكس اذا جى مالا، والمكس النقص والظلم ودارهم كانت تؤخذ من بائعى السلع فى الاسواق فى الجاهليه، او درهم كان يأخذ المصدق بعد فراغه من الصدقه، والمعنى ان ثباتها على الاعتراف وعدم خوفها من الموت بهذا الكيفيه الفظيعه يدل على حسن توبتها واخلاصها فى التوبه وقبولها عند الله تعالى بحيث لو تاب مثلها مرتكب الكبيرة لغفر الله له (5) قال القاضى عياض هى بفتح الصاد واللام عند جماهير رواة صحيح مسلم، قال وعند الطبرى بضم الصاد قال وكذا هو فى رواية ابن ابى شيبة وابى داود، قال وفى رواية لابى داود فامرهم ان يصلوا عليها، قال القاضى ولم يذكر مسلم صلاته صلى الله عليه وسلم على ماعز وقد ذكرها الخارى اه (قلت وسياتى فى الحديث التالى صريحا لايقبل التاويل انه صلى الله عليه وسلم صلى على المرجومه (تخريجه) (م هق قط) (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن يحيى بن ابى كثير عن ابى قلابه عن ابى المهلب عن عمران بن حصين الخ (غريبه) (7) قيل ان هذه المراة هى الغامدية التى تقدم ذكرها فى الحديث السابق لان قبيلة غامد بطن من جهينه، ولكن يمنع من هذا ان النبي صلى الله عليه وسلم امر برجمها بعد فطام ولدها حملا له على وفق الحديث السابق لانه صريح فى ذلك لايحتمل التاويل، وهذا غير صريح

-[أمر النبي صلى الله عليه وسلم بإحسان إلى المرجومة وسترها بثيابها وصلاته عليها]- النبي صلى الله عليه وسلم وليها فقال أحسن إليها (1) فإذا وضعت فأخبرنى، ففعل فأمر النبى صلى الله عليه وسلم فكشت (2) عليها ثياباًَ ثم أمر برجمها فرجمت ثم صلى عليها (3) فقال عمر بن الخطاب يا رسول الله رجمتها ثم تصلى عليها؟ قال لقد تابت توبة لو قسمت بين سبعين من أهل المدينة لوسعتهم (4) وهل وجدت شيئاً أفضل من أن جادت بنفسها (5) لله تبارك وتعالى (عن عبد الرحمن بن أبى بكرة) (6) أن أبا بكرة حدثهم أنه شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته واقفاً (7) غذ جاءوا بامرأة (8) حبلى فقالت إنها زنت أو بغت فارجمها (9)، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم استترى يستر الله عز وجل، فرجعت

_ فجاز تأويله والله اعلم (1) قال النووى رحمه الله هذا الاحسان له سبيان (احدهما) الخوف عليها من اقاربها ان تحملهم الغيرة ولحوق العار بهم ان يؤذوها فاوصى بالاحسان اليها تحذيرا من ذلك (والثانى) امر به رحمة لها اذ قد تابت، وحرض على الاحسان اليها لما فى نفوس الناس من النفره من مثلها واسماعنها الكلام المؤذى ونحو ذلك فنهى عن هذا كله (2) بضم الشين المعجمه وفتح الكاف المشدده اى جمعت عليها ولفت لئلا تنكشف فى تقلبها وتكرار اضطرابها قال واتفق العلماء على انه لاترجم الا قاعدة، واما الرجل فجمهورهم على انه يرجم قائما، وقال مالك قاعدا، وقالغيره بخير الامام بينهما (3) يعنى النبى صلى الله عليه وسلم وهو صريح فى صلاته صلى الله عليه وسلم على المرجوملقول عمر يارسول الله رجمتها ثم تصلى عليها (4) فى رواية بريده المتقدمه (لقد تابت توبة لو تابها بها صاحب مكس لغفر له) ولا مانع من ان يكون قد وقع جميع ذلك منه صلى الله عليه وسلم (5) اى اخرجت روحها ودفعتها لله عز وجل (تخريجه) (م. والاربعه وغيرهم) (6) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا زكريا بن مسلم المنقرى قال سمعت رجلا يحدث عمرو بن عثمان وانا شاهد انه سمع عبد الرحمن بن ابى بكرة بحدث ان ابا بكرة حدثهم انه شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ، وجاء عقب هذا الحديث فى مسند الامام احمد ايضا قال حدثنا عتاب بن زياد انا عبد الله يعنى ابن المبارك انا زكريا ابو عمران البصرى قال سمعت شيخا يحدث عمرو بن عثمان القرشى ثنا عبد الرحمن بن ابى بكرة فذكر الحديث الاانه قال فكفله رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لو قسم اجرها بين اهل الحجاز لو سعهم (غريبه) (7) بقوله واقفا اى غير سائر وليس المراد الوقوف الذى هو ضد القعود، والمعنى انه شهدرسول الله صلى الله عليه وسلم راكبا على بغلته وهى واقفه به ونسب الوقوف اليه لكونها هو الذى يوقفها وهو الذى يسيرها (8) لم يذكر ايم المرأة ولانسبها وقد صرح بعض الشراح انها الغامديه المتقدم ذكرها اول الباب، ولكن يمنع من ذلك ان الغامديه اتت النبى صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فى الثلاثه ايام، وهذه اتته ثلاث مرات فى يوم واحد وانما قلت فى اليوم واحد لانها فى كل مرة تجده راكبا على بغلته كما يفهم من منطوق الحديث، ويبعد ان يكون ذلك فى ثلاثه ايام والظاهر انها قصة اخرى غير قصة الغامديه لان سياقها غير سياق قصة الغامديه والله اعلم (9) معناه فقالت انى زنيت او بغيت فارجمنى واوفيه الشك من الراوى وعبر عن ضمير المتكلم بضمير الغائب استشاعا الفظ وهكذا يقال فى قوله (فقالت ارجمها) اى ارجمنى، وفى قوله (فقالت أنشدك الله إلا)

-[رجم امرأة أخرى غير الغامدية جاءت معترفة بالزنا وهى حبلى وحدّ الرقيق]- ثم جاءت الثانية والنبى صلى الله عليه وسلم على بغلته فقالت أرجمها يا نبى الله، فقال استرى يستر الله تبارك وتعالى (1)، فرجعت ثم جاءت الثالثة وهو واقف حتى أخذت بلجام بغلته فقالت أنشدك الله إلا رجمتها، فقال اذهبى حتى تلدى، فانطلقت فولدت غلاماً ثم جاءت فكلمت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال اذهبى فتطهرى من الدم، فانطلقت ثم أتت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت إنها قد تطهرت، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم نسوة فأمرهن أن يسبرئن (2) المرأة فجئن وشهدن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بطهرها فأمر لها بحفيرة إلى ثندوتها (3)، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون فأخذ النبى صلى الله عليه وسلم حصاة مثل الحمصة فرماها (4) ثم مال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال للمسلمين ارموها، وإياكم ووجهها (5)، فلما طفئت أمر بإخراجها فصلى عليها ثم قال لو قسم أجرها بين أهل الحجاز وسعهم * (عن على رضى الله عنه) (6) أن أمة لهم (7) زنت فحملت فأتى عليّ النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال له دعها حتى تلد وتضع (8) ثم اجلدها (وعنه أيضاً) (9) أن خادماً للنبى صلى الله عليه وسلم أحدثت (10) فأمرنى صلى الله عليه وسلم أن أقيم عليها الحد فأتيتها فوجدتها لم تجف من دمها، فأتيته فأخبرته فقال إذا جفت من دمها (11) فأقم عليها الحد،

_ رجمتها) أي إلا رجمتنى (1) اى لاتذكرى ذلك لاحد وارجعى وانما قال لها ذلك لانها ربما كانت تجعل الحكم وتكون حملت من نكاح شبه او اسنكرهت ففهمت انه زنا، وتقدم قول الامام على رضى الله عنه لشراحه لعلك استكرهت ونحو ذلك (2) اى يشهدن بانقطاع دم نفاسها وبراءة رحمها من ذلك (3) اى تدييها (4) الظاهر انه صلى الله عليه وسلم انما فعل ذلك ليريهم كيفية ارمى لا ان يكون الرمى بحصاة مثل الحمصة فانها لاتقتل وفيه تعذيب، وهو حجه للقائلين بان اول من يرمى الامام اذا ثبت الزنا بالاعتراف (5) اى تركهم ومضى بعد ان حذرهم من ضرب وجهها وظاهر النهى التحريم، قال العراقى وقد صرح اصحابنا وغيرهم باتقاء الوجه فى الحود وغيرها ولم يفصحوا عن حكمه وصرح ابن حزم الظاهرى بوجوب ذلك (وقوله فلما طفئت) اى ماتت (تخريجه) (د نس) وفى اسناده رجل لم يسم (6) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عبد الاعلى يدث عن ابى جميله عن على الخ (غريبه) (7) جاء فى الحديث التالى (ان خادما للنبى صلى الله عليه وسلم) ويكون قوله هنا لهم باعتبار ان عليا رضى الله عنه من ال بيت النبى صلى الله عليه وسلم (8) يعنى وينقطع دم النفاس كما يستفاد من الحديث التالى (تخريجه) (د نس هق) وفى اسناده عبد الاعلى الثعلبى ضعيف، وله طريق اخرى صحيحه بمعناه عند مسلم والامام احمد من حديث سعد بن عبيدة عن ابى عبد الرحمن السلمى وستاتى فى باب ان السيد يقيم الحد على رقيقه (9) 0 سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الاعلى عن ابى جميله الطهوى عن على ان خادما النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (10) اى اتت منكرا ينكره الشرع وهو الزنا (11) اى حتى ينقطع عنها الدم كما جاء فى رواية لابى داود (قال الشوكانى) وفيه دليل على ان المريض يمهل حتى يبرا او يقارب البرء وقد حكى فى البحر الاجماع على انه يمهل البكر حتى تزول شدة الحر والبرد والمرض المرجو، فان كان مايوسا فقال الهادى واصحاب الشافعى انه يضرب بعثكول ان احتمله وقال الناصر والمؤيد بالله لايحد فى مرضه وان كان مايوسا، والظاهر الاول اهقلت ويؤيد هذا الظافر حديث سعيد بن عبادة الاتى فى الباب التالى والله اعلم (تخريجه) (د نس هق) وهو كالذى قبله، وفى اسناده عبد الاعلى الثعلبى وهو ضعيف

-[كيف يحد المريض - وما جاء في الحفر للمرجوم]- أقيموا الحدود على ما ملكت أيمانكم (باب ما جاء في إقامة الحد على المريض) * (عن سعيد ابن سعد بن عبادة) (1) قال كان بين أبياتنا (2) إنسان مخدج (3) ضعيف لم يرع (4) أهل الدار إلا وهو على أمة من إماء الدار يخبث (5) بها وكان مسلماً فرفع شأنه سعد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اضربوه حده، قالوا يا رسول الله إنه أضعف من ذلك، إن ضربناه مائة قتلناه، قال فخذوا له عثكالاً (6) فيه مائة شمراخ فاضربوه ضربة واحدة وخلوا سبيله (باب ما جاء في الحفر للمرجوم) * (عن أبى سعيد الخدرى) (7) قال لما أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نرجم ماعز بن مالك خرجنا به إلى البقيع (8) فوالله ما حفرنا له (9) ولا أوثقناه ولكنه قام لنا فرميناه بالعظام والخزف (10) فاشتكى فخرج يشتد حتى انتصب لنا في عرض (11) الحرة فرميناه

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا يعلى عن عبيد ثنا محمد يعنى ابن اسحاق عن يعقوب بن عبد الله بن الاشج عن ابى امامه بن سهل عن سعيد بن سعد بن عباده الخ (غريبه) (2) جمع بيت اى عند جيران اسعد كما صرح بذلك فى بعض طرق الحديث (3) يوزن مصحف وهو السقيم الناقص الخلق وفى رواية مقعد (4) بضم اوله فتح ثانيه ومعناه لم يشعر اهل الدار الا وهو على امه الخ كانه فاجاهم بغته فراعهم ذلك وافزعهم (5) يوزن ينصر اى يزنى بها ويطلق الخبيث على الحرام كالزنا، وعلى الردئ المستكره طعمه او ريحه كالثوم والبصل (6) بكسر المهمله وسكون المثلثه وقال فى القاموس كقرطاس العذق والشمراخ، ويقال عثكول وعثكول بضم العين والمراد هنا بالشعال العنقود من النخل الذى يكون فيه اغصان كثيرة، وكل واحد من هذه الاغصان شمراخا (تخريجه) (فع د نس هق قط) قال الحافظ فى بلوغ المرام اسناد حسن، لكنه اختلف فى وصله وارساله اه (قلت) الحديث له طرق كثيرة مرفوعه ومرسله يعضد بعضها بعضا، وفيه دىلة على ان المريض اذا لم يحتمل الجلد ضرب بعثكول او مايشابهه مما يحتمله، والعلماء كلام فى ذلك، انظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 289 فى الجزء الثانى * (7) (سنده) حدثنا يحيى بن زكريا بن ابى زائدة ثنا داود لمسلم اسم موضع بالمدينه وهو مقبرتها (9) هذا ينافى ماتقدم فى الحديث بريدة فى الباب الاول من ابواب الاقرار بالزنا حيث قال (فامر النبى صلى الله عليه وسلم فحفر له حفرة فجعل فيها الى صدره) وقد جمع بين الروايتين بان المنفى حقيرة لايمكنه الوثوب منها والمثبت عكسه او انهم لم يحفروا له اول الامر ثم لما فرفا دركوه حفروا له حقيرة فانتصب لهم فيها حتى فرغوا منه، او انهم حفروا له فى اول الامر ثم لما وجد مس الحجارة خرج من الحفرة فتبعوه، وعلى فرض عدم مكان الجمع فالواجب الىغيرهم كحديث خالد بن اللجلاج المتقدم فى باب قصة ماعز بن مالك ورجمه فان فيه الصريح بالحفر بدون تسميه المرجوم وكذلك حديث ابى بكرة الاتى، وحديث الغامديه المتقدم فى باب تاخير الحد عن الحبلى (10) بفتح الخاء المعجمه والزاى قطع الفخار المنكسر قال النووى هذا دليل لما اتفق عليه العلماء ان الرجم بالحجر او المدر او العظام او الخذف او الخشب وغير ذلك مما يحصل به القتل ولا تتعين الاحجار وقوله صلى الله عليه وسلم فى بعض الروايات (ثم رجما بالحجارة ليس هو للاشتراط (11) بضم العين اى جانبها، (والحره) بفتح المهمله وتشديد الراء مفتوحة تقدم

-[حكم من وطئ جارية امرأته وكلام العلماء في ذلك]- بجلاميد (1) الجندل حتى سكت (2) (عن أبى بكرة) (3) أن النبى صلى الله عليه وسلم رجم امرأة فحفر لها إلى الثندوة (4) (عن أبى ذر) (5) أن النبى صلى الله عليه وسلم رجم امرأة فأمرنى أن أحفر لها فحفرت لها إلى سرتى (باب ما جاء فيمن وطئ جارية امرأته) * (حدّثنا بهز) ثنا أبان بن يزيد وهو العطار ثنا قتادة حدثنى خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم (6) (عن النعمان بن بشير) أن رجلاً يقال له عبد الرحمن بن حنين وكان ينبز (7) قرقوراً وقع على جارية امرأته قال فرفع إلى النعمان بن بشير الأنصارى فقال لأقضين فيك بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم (8)، إن كانت أحلتها لك (9) جلدتك مائة (10)، وإن لم تكن أحلتها لك رجمتك بالحجارة، قال وكانت قد أحلتها له فجلده مائة، وقال سمعت أبانا (11) يقول وأخبرنا قتادة أنه كتب فيه إلى حبيب بن سالم وكتب إليه بهذا (12) *

_ تفسيرها غير مرة (1) جمع جلد بفتح الجيم والميم الحجارة الكبيره، (والجندل) كجعفر الصخر وهو ما يقله الرجل من الحجاره (2) هو بالتاء المثناه من فوق، قال القاضى عياض ورواه بعضهم سكن بالنون والاول الصواب ومعناه مات (تخريجه) (م د نس هق) * (3) (سنده) حدثناكيع ثنا زكريا ابو عمران شيخ بصري قال سمعت شيخا يحدث عن ابى بكرة عن ابيه ان النبى صلى الله عليه وسلم الخ (4) بفتح الثاء المثلثه مشدده وضم الدال المهمله بينهما نون ساكنه اى ثدييها وهى من الرجل مكان الثديين من المراة، وفى بعض الروايات الى صدرها (تخريجه) (د هق) وفى اسناده رجل لم يسم (5) (سنده) حدثنا وكيع ثنا اسرائيل عن جابر عن ثابت بن سعد عن سعيد عن ابى ذر الخ (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وفى اسناده من لم اعرفه، وفى احاديث الباب دلاله على مشروعيه الحفر للمرجوم، قال الشكوانى وقد ذهبت الترة الى انه يستجيب الحفر الى سرة الرجل وثدى المراة وذهب ابو حنيفه والشافعى الى انه لايحفر للرجل وفى قول للشافعيه انه خير الامام وفى المراة عندهم ثلاثة اوجه ثالثها يحفر ان ثبت زناها بالبينه لا يالاقرار والمروى عن ابى يوسف وابى ثور انه يحفر للرجل والمراة، والمشهور عن الائوه الثلاثه انه لايحفر مطلقا والظاهر مشروعية الحفر لما قدمنا والله اعلم (باب) حدثنا بهز الخ (غريبه) (6) زاد فى روايه (مولى النعمان بن بشير) وهى تفيد ان حبيب بن سالم كان مولى للنعمان (7) بضم الياء التحتيه ثم نون ساكنه بعدها موحده مفتوحه واخرى زاى (وقرقورا) بضم القافين بينهما راء ساكنه قال فى النهايه النبز بالتحريك اللقب وكانه يكثر فيما كان ذما ومنه الحديث ان رجلا كان ينبز قرقورا اى يلقب بقرقورا (8) هذه القصه حكم فيها النعمان بن بشير وهو امير على الكوفه فى خلافة معاوية كما اشار بذلك فى رواية البيهقى وابى داود (9) اى اذنب لك فى وطئها (10) قال ابن العربى هذا لان المحصن حده الرجم لاالجلد ولعل سبب ذلك ان المراة اذا احلت جاريتها لزوجها فهو اعارة الفروج فلا يصح، ولكن العاريه تصير شبهه ضعبفة فيعزر صاحبها اه (11) القائل سمعت ابانا الخ هو بهز شيخ الامام احمد (12) معناه ان قتادة روى هذا الحديث عن حبيب بن سالم مرتين مرة بواسطه خالد بن عرفطه ومرة بالمكاتبة، وجاء فى آخر هذا الحديث عند ابى داود (قال قتادة اتبت إلى حبيب بن سالم فكتب إلى

-[حكم من وطئ جارية امرأته وكلام العلماء فى ذلك]- (حدّثنا هشيم) (1) عن أبي بشر عن حبيب بن سالم (عن النعمان بن بشير) قال أتته امرأة فقالت ان زوجها وقع على جاريتها قال أما إن عندى فى ذلك خبرا شافيا أخذته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن كنت أذنت له ضربته مائة، وان كنت لم تأذنى له رجمته، قال فأقبل الناس عليها فقالوا زوجك يرجم؟ (2) قولى إنك قد كنت أذنت له، فقالت قد كنت أذنت له فقدمه فضربه مائة (حدّثنا على بن عاصم) (3) عن خالد الحذاء عن حبيب بن سالم (عن النعمان بن بشير) قال جاءت امرأة إلى النعمان بن بشير فذكر نحوه (4) (عن سلمة بن المحبق) (5) أن رجلا وقع على جارية امرأته (وفى لفظ أن رجلا خرج فى غزاة ومعه جارية لامرأته فوقع بها) فرفع ذاك إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال ان كانت طاوعته فهى له وعليه مثلها لها (6)، وان كان استكرهها فهى حرة وعليه مثلها لها (وعنه من طريق ثان) (7) قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى رجل وطئ جارية امرأته إن كان استكرهها فهى حرة وعليه

_ بهذا) (قلت) وسنده كسند الامام أحمد (تخريجه) (د هق) قال الحافظ المنذرى فى مختصر سنن أبى داود وأخرجه (مذ نس جه) وقال الترمذى حديث النعمان فى اسناده اضطراب سمعت محمدا يعنى البخارى يقول لم يسمع قتادة من حبيب بن سالم هذا الحديث أيضا إنما رواه عن خالد بن عرفطة اهـ)، قال المنذرى وخالد بن عرفطة قال أبو حاتم الرازى هو مجهول اهـ (قلت) قال فى الخلاصة خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم وعنه قتادة وغيره وثقه ابن حبان اهـ وقال الحافظ فى التقريب خالد بن عرفطة يروى عن حبيب بن سالم مقبول من السادسة اهـ (قلت) وعلى هذا فالحديث حسن * (1) حدّثنا هشيم الخ (غريبه) (2) فى رواية للبيهقى فقال الناس ويحك أبو ولدك يرجم فجاءت فقالت قد كنت أذنت له ولكن حملتنى الغيرة على ما قلت فجلده مائه (تخريجه) (د مذ هق) وقال البيهقى لم يسمعه أبو بشر من حبيب، انما رواه عن خالد بن عرفطة عن حبيب، وتقدم الكلام على خالد بن عرفطة، قال الخطابى هذا الحديث غير متصل وليس العمل عليه * (3) (غريبه) (4) أى نحو حديث النعمان المتقدم (ولفظ هذا الحديث) جاءت امرأة الى النعمان بن بشير فقالت إن زوجها وقع على جاريتها فقال سأقضى فى ذلك بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت أحللتها له ضربته مائة سوط، وإن لم تكونى أحللتها له رجمته (تخريجه) لم أقف على من أخرجه من طريق خالد الحذاء عن حبيب بن سالم غير الامام أحمد وخالد الحذاء من رجال الكتب الستة ثقة. (5) (سنده) حدّثنا عفان أنا حماد بن زيد ثنا عمرو بن دينار قال سمعت الحسن عن سلمة بن المحبق الخ (غريبه) (6) أى عليه أن يشترى مثلها من ماله لها أى لزوجته أو يدفع لها ثمنها (7) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن قتادة عن الحسن عن قبيصة بن حريث عن سلمة بن المحبق قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (د هق) وأخرج الطريق الثانية (د نس هق) قال البيهقى قال البخارى فيما بلغنى عنه حديث قبيصة هذا أصح يعنى من رواية من رواه عن الحسن عن سلمة، قال البخارى ولا يقول بهذا أحد من أصحابنا، وقال البخارى فى التاريخ قبيصة بن حريث الانصارى سمع من سلمة بن المحبق فى حديثه نظر اهـ قال البيهقى حصول الاجماع من فقهاء الأمصار بعد التابعين على ترك القول به دليل على أنه إن ثبت صار منسوخا بما ورد من الأخبار فى الحدود اهـ (قال الخطابى) وقد روى عن عمر بن الخطاب وعلى بن أبى طالب رضي الله عنهما

-[حكم من أتى بهيمة أو عمل عمل قوم لوط وكلام العلماء فى ذلك]- لسيدتها مثلها (باب ما جاء فيمن وقع على ذات محرم أو أتى بهيمة أو عمل عمل قوم لوط) (عن ابن عباس) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقتلوا الفاعل والمفعول به فى عمل قوم لوط (2) والبهيمة والواقع على البهيمة (3)، ومن وقع على ذات محرم فاقتلوه (4) * (وعنه أيضا) (5) أن

_ إيجاب الرجم على من وطئ جارية امرأته، وبه قال عطاء بن أبى رباح وقتادة ومالك والشافعى وأحمد واسحاق، وقال الزهرى والأوزاعى يجلد ولا يرجم، وقال أبو حنيفة وأصحابه فيمن أقر أنه زنا بجارية امرأته يحد وإن قال ظننت، وعن الثورى أنه قال إذا كان يعرف بالجهالة يعزّر ولا يحد، وقال بعض أهل العلم فى تخريج هذا الحديث إن المرأة إذا أحلتها له فقد أوقع ذلك شبهة فى الوطئ فدرئ عنه الرجم، وإذا درأنا عنه حد الرجم وجب عليه التعزير لما أتاه من المحظور الذى لا يكاد يجهله أحد نشأ فى الاسلام أو عرف شيئا من أحكام الدين فزيد فى عدد التعزير حتى بلغ به حد الزنا للبكر ردعا له وتنكيلا، وكأنه نحا فى هذا التأويل نحو مذهب مالك فانه يرى للامام أن يبلغ بالتعزير مبلغ الحد، وإن رأى أن يزيد عليه فعل اهـ. (باب) (1) (سنده) حدّثنا أبو القاسم بن أبى الزناد قال أخبرنى ابن أبى حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) يعنى اتيان الذكر قال تعالى {أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون} (3) أى اقتلوا البهيمة والواقع عليها، والبهيمة كل ذات أربع من دواب البر والبحر وكل حيوان لا يميز فهو بهيمة (4) أى كل من حرم عليه نكاحها (تخريجه) (هق) بمعناه وروى ابن ماجه منه من وقع على ذات محرم أو بهيمة، وروى الأربعة منه الجزء المختص بعمل قوم لوط، وروى الحاكم منه (من وقع على ذات محرم فاقتلوه) وصححه وتعقبه الذهبى بقوله (لا) (قلت) لعله نفى تصحيحه لأن فى إسناده اسماعيل بن أبى حبيبة وفيه ضعف كما فى الخلاصة والتقريب لكن يعضده حديث البراء الآتى (5) (سنده) حدّثنا أبو سعيد ثنا سليمان بن بلال عن عمرو بن أبى عمرو عن عكرمة عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د مذ هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبى وزاد البيهقى فقيل لابن عباس ما شأن البهيمة؟ فقال ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذلك شيئا، ولكن أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم كره أن يؤكل من لحمها أو ينتفع بها بعد ذلك العمل اهـ (قلت) جاء عند ابى داود عن عاصم (يعنى ابن أبى النجود) عن أبى رزين عن ابن عباس قال ليس على الذى يأتى على البهيمة حد، قال أبو داود حديث عاصم يضعف حديث عمرو بن أبى عمرو اهـ (قلت) معناه لو كان حديث الباب المروى من طريق عمرو بن ابى عمرو القائل بقتل من وقع على بهيمة، لو كان صحيحا لما خالفه ابن عباس وقال لا حد عليه، فقوله لا حد عليه دليل على ضعف حديث عمرو بن ابى عمرو، وأورده الحافظ فى بلوغ المرام وقال رواه احمد والأربعة ورجاله موثقون إلا ان فيه اختلافا كبيرا اهـ (قال الخطابى) وقد اختلف العلماء فيمن أتى هذا الفعل، فقال اسحاق بن راهويه يقتل اذا تعمد ذلك وهو يعلم ما جاء فيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فان درأ عنه إمام القتل فلا ينبغى ان يدرأ عنه جلد مائة تشبيها بالزنا، وروى عن الحسن انه قال يرجم إن كان محصنا ويجلد إن كان بكرا، وقال الزهرى يجلد مائة أحصن أو لم يحصن، وقال أكثر الفقهاء يعزّر، وكذلك قال عطاء والنخعى، وبه قال مالك وسفيان الثوري وأحمد بن حنبل

-[كلام العلماء فيمن وقع على ذات محرم ومن عمل عمل قوم لوط]- رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من وقع على بهيمة فاقتلوه واقتلوا البهيمة * (عن البراء بن عازب) (1) قال مر بى عمى الحارث بن عمرو ومعه لواء قد عقده له النبى صلى الله عليه وسلم فقلت له أى عم اين بعثك النبى صلى الله عليه وسلم قال بعثنى إلى رجل تزوج امرأة أبيه (2) فأمرنى أن أضرب عنقه * (عن جابر بن عبد الله) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أن أخوف (4) ما أخاف على أمتى عمل قوم

_ وكذلك قال ابو حنيفة واصحابه وهو أحد قولى الشافعى وقوله الآخر ان حكمه حكم الزانى والله أعلم * (1) (سنده) حدّثنا هشيم ثنا اسماعيل ثنا أشعث (يعنى ابن سوّار) عن عدى بن ثابت عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (2) أى نكحها على قواعد الجاهلية فإنهم كانوا يتزوجون بأزواج آبائهم يعدون ذلك من باب الإرث، وقد نهى الله عن ذلك بقوله عز وجل {ولا تنكحوا ما نكح آباؤكم من النساء إلا ما قد سلف الآية} مبالغة فى الزجر عن ذلك، فالرجل سلك مسلكهم فى ذلك مع علمه بالنهى، وفيه ان نكاح ذوات المحارم بمنزلة الزنا بل اشد لتخطيه الحرمة فيمن حرم الله نكاحها، ولذلك امر النبى صلى الله عليه وسلم بقتله واخذ ماله كما فى الحديث التالى، قال الخطابى وقد اختلف العلماء فيمن نكح ذات محرم، فقال الحسن البصرى عليه الحد وهو قول مالك والشافعى، وقال احمد بن حنبل يقتل ويؤخذ ماله، وكذلك قال اسحاق على ظاهر الحديث: وقال سفيان يدرأ عنه الحد إذا كان التزويج بشهود، وقال ابو حنيفة يعزر ولا يحد، وقال صاحباه أمّا نحن فنرى عليه الحد إذا فعل ذلك متعمدا (تخريجه) (د مى هق) وفى اسناده اشعث بن سوار مختلف فيه، ضعفه بعضهم ووثقه بعضهم، واورده ابن حزم فى المحلى من طريق آخر وقال صحيح نقى الاسناد، قال واما من طريق هشيم فليست بشئ لأن اشعث بن سوار ضعيف اهـ * (3) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون انا همام بن يحيى عن القاسم بن عبد الواحد بن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما عبد تزوج بغير إذن أو قال نكح بغير إذن أهله فهو عاهر قال وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أخوف ما أخاف على امتى عمل قوم لوط (غريبه) (4) قال الطيبى أضاف أفعل الى ما، وهى نكرة موصوفة ليدل على أنه اذا استقصى الأشياء المخوفة شيئا بعد شئ لم يحد أخوف من (عمل قوم لوط) وذلك لأنهم أول من فعل ذلك وهو من أقبح القبائح لما فيه من ضياع النسل وإبطال الحكمة الإلاهية، وقد ذم الله فاعله بقوله تعالى {أتأتون الذكران من العالمين وتذرون ما خلق لكم ربكم من أزواجكم بل أنتم قوم عادون} ثم عجل لهم العقاب فى الدنيا فقال (وأمطرنا عليهم حجارة) ولعذاب الآخرة أشد وابقى (قال الخطابى) فى هذا الصنع هذه العقوبة العظيمة، وكأن معنى الفقهاء فيه ان الله سبحانه أمطر الحجارة على قوم لوط فقتلهم بها ورتبوا القتل المأمور به يعنى كما فى الحديث الأول من أحاديث الباب بلفظ (اقتلوا الفاعل والمفعول به فى عمل قوم لوط) على معانى ما جاء فيه من أحكام الشريعة فقالوا يقتل بالحجارة رجما ان كان محصنا، والى ذلك ذهب سعيد بن المسيب وعطاء بن أبى رباح والنخعى والحسن وقتادة وهو أظهر قولى الشافعى، وحكى ذلك أيضا عن محمد وابى يوسف وقال الأوزعى حكمه حكم الزانى، وقال مالك واسحاق برجم أن احصن أو لم يحصن، وروى ذلك عن الشعبى، وقال أبو حنيفة يعزر ولا يحد وذلك أن هذا الفعل ليس عندهم بزنا اهـ (قلت) فى رحمة الأمة قال أبو حنيفة يعزر فى أول مرة فان تكرر منه قتل والله أعلم (تخريجه)

-[قصة رجم اليهودي واليهودية: وأن الاسلام ليس بشرط فى الاحصان]- لوط (باب ما جاء فى رجم الزانى المحصن من أهل الكتاب وأن الاسلام ليس بشرط فى الإحصان) * (عن ابن عمر) (1) أن اليهود أتوا النبى صلى الله عليه وسلم برجل وامرأة منهم قد زنيا فقال ما تجدون فى كتابكم؟ فقالوا نسخم وجوههما (2) ويخزيان، قال كذبتم إن فيها الرجم (3) فأتوا بالتوراة فاتلوها إن كنتم صادقين، فجاءوا بالتوراة وجاءوا بقارئ لهم أعور يقال له ابن صوريا فقرأ حتى إذا انتهى إلى موضع منها وضع يده عليه، فقيل له ارفع يدك (4) فرفع يده فاذا هى تلوح (5) فقال أو قالوا يا محمد إن فيها الرجم ولكنا كنا نتكاتمه بيننا، فأمر بهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجما، قال فلقد رأيته يجانئ (6) عليها يقيها الحجارة بنفسه * (عن ابن عباس) (7) قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجم اليهودى واليهودية عند باب مسجده فلما وجد اليهودى مس الحجارة قام على صاحبته فحنى (8) عليها يقيها مس الحجارة حتى قتلا جميعا، فكان مما صنع الله عز وجل (9) لرسوله فى تحقيق الزنا منهما * (عن البراء بن عازب) (10) أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم رجم يهوديا وقال اللهم إنى أشهدك أنى أول من أحيا سنة (11) قد أماتوها *

_ (مذ جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبى وقال الترمذى حسن غريب انما نعرفه من هذا الوجه اهـ وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل احتج به أحمد ولينه أبو حاتم (باب) (1) (سنده) حدّثنا اسماعيل ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) السخام سواد القدر وسخم الرجل وجهه سوده بالسخام قاله فى المصباح (وقوله ويخزيان) بالخاء المعجمة والزاى مبنى للمفعول أى يفعل بهما فعلا يلحقهما بسببه الذلة والإهانة كجعلهما على حمار متقابلة اقفيتهما ويطاف بهما كما جاء فى بعض روايات مسلم وأبى داود (3) قال النووى رحمه الله لعله صلى الله عليه وسلم قد أوحى اليه أن الرجم فى التوراة الموجودة فى ايديهم لم يغيروه كما غيروا أشياء، أو أنه اخبره بذلك من أسلم منهم، ولهذا لم يخف عليه ذلك حين كتموه (4) فى رواية لمسلم فقال له عبد الله بن سلام وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مره فليرفع يده فرفعها فاذا تحتها آية الرجم (5) أى تظهر يعنى آية الرجم (6) بياء تحتية مضمومة بعدها جيم مفتوحة مهموز الآخر، وفى بعض الروايات فجعل الرجل (يجنئ) بضم الياء التحتية وسكون الجيم بعدها نون مكسورة ثم همزة قال، فى النهاية أى يكب ويميل عليها ليقيها الحجارة، أجنأ يجنئ اجناءا (تخريجه) (ق د هق) (7) (سنده) حدّثنا يعقوب وسعد قالا ثنا أبى عن ابن اسحاق: قال وحدثنى محمد بن طلحة بن يزيد بن ركانة عن اسماعيل بن ابراهيم الشيبانى عن ابن عباس الخ (غريبه) (8) قال الخطابى بالحاء المهملة وهو المحفوظ يقال حنى الرجل يحنا حنوا اذا أكب على الشئ، (9) أى فكان حنوُّه عليها من الأمور التى أظهرها الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم دالة على أنه زنا بها علاوة عما ثبت عنده (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى إلا أنه قال ان النبى صلى الله عليه وسلم أتى بيهودى ويهودية قد احصنا فسألوه أن يحكم بينهما فحكم بالرجم فرجمهما فى فناء المسجد ورجال أحمد ثقات وقد صرح ابن اسحاق بالسماع فى رواية أحمد اهـ (10) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (11) يعنى فى وقت قد اماتت اليهود أمرك وأسقطوه عن العمل به (تخريجه) (م د جه هق) مطولا وسيأتى من طريق آخر للامام أحمد مطولا فى تفسير سورة المائدة من كتاب التفسير وأسباب النزول إن

-[تأخير الحد عن النفساء حتى تطهر من نفاسها]- (ز) (حدّثنا عبد الله) (1) حدثنى عثمان بن محمد بن أبى شيبة ثنا شريك بن عبد الله عن سماك بن حرب (عن جابر بن سمرة) وابن أبى ليلى (2) عن نافع عن ابن عمر قالا (3) رجم النبى صلى الله عليه وسلم يهوديا ويهودية * (حدّثنا هشيم) (4) قال الشيبانى (5) أخبرنى قال قلت لابن أبى أوفى رجم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم يهوديا ويهودية، قال قلت بعد نزول النور أو قبلها (6) قال لا أدرى (باب حد زنا الرقيق خمسون جلدة) (ز) (عن على رضى الله عنه) (7) قال أرسلنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أمة له سوداء زنت لأجلدها قال فوجدتها فى دمائها (8) فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك، فقال إذا تعالت (9) من نفاسها فاجلدها خمسين، (وفى لفظ فحدّها) ثم قال أقيموا الحدود (10) (عن الحسن بن سعد) (11) عن أبيه أن يحنَّس (12) كانا من سبى الخمس فزنت صفية برجل من الخمس فولدت غلاما فادعاه الزانى ويحنس (13) فاختصما إلى عثمان رضى الله عنه فرفعهما إلى

_ شاء الله تعالى (ز) (1) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الامام أحمد على مسند أبيه ولذا رمزت له بحرف زاي فى أوله (غريبه) (2) هذا اسناد آخر للحديث، ومعناه أن شريكا رواه باسنادين عن صحابيين فرواه عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة، ثم رواه عن ابن أبى ليلى عن نافع عن ابن عمر (3) يعنى جابر بن سمرة وابن عمر (تخريجه) (جه) من حديث جابر بن سمرة وسنده جيد (4) (حدّثنا هشيم الخ) (غريبه) (5) الشيبانى مبتدأ وجملة أخبرنى من الفعل والفاعل خبره، ومعناه أن الشيبانى أخبر هشيما فقال قلت لابن أبى أوفى الخ وكان الأقرب أن يقول أخبرنى الشيبانى ولكن جاءت الرواية هكذا بهذا التركيب وهو صحيح، والشيبانى بفتح الشين المعجمة وسكون التحتية بعدهما موحدة فألف فنون فتحتية، هو سليمان بن أبى سليمان فيروز الكوفى (وابن أبى أوفى) قال فى الخلاصة عبد الله بن ابى اوفى علقمة بن خالد الأسلمى أبو ابراهيم صحابى ابن صحابى شهد بيعة الرضوان، قال الوافدى مات سنة ست وثمانين وقال أبو نعيم سنة سبع قال عمرو بن على هو آخر من مات بالكوفة من الصحابة (6) أى رجم بعد نزول آية سورة النور وهى قوله تعالى {الزانية والزانى} او رجم بعدها (قال لا أدرى) وفيه دلالة على ان الصحابى الجليل قد يخفى عليه بعض الأمور الواضحة وأن الجواب بلا أدرى من العالم لا عيب فيه، بل يدل على تحريه وتثبته (تخريجه) (خ طب ش) والاسماعيلى (باب) * (ز) (7) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى محمد بن بكار مولى بنى هاشم وأبو الربيع الزهرانى قالا ثنا أبو وكيع الجراح بن فليح عن عبد الأعلى الثعلبى عن أبى جميلة عن على رضى الله عنه، وقال أبو الربيع فى حديثه عن ميسرة أبى جميلة عن على الخ (غريبه) (8) أى دم النفاس (9) أى جفت من دمها كما صرح بذلك فى رواية أخرى أى دم النفاس (10) زاد فى رواية (على ما ملكت أيمانكم) وتقدمت فى باب تأخير الحد عن الحبلى (تخريجه) الحديث من زوائد عبد الله بن الامام احمد على مسند أبيه ورواه أيضا (حم م د هق ك) * (11) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنبأنا حجاج عن الحسن بن سعد عن أبيه الخ (قلت) أبوه سعد بن معبد مولى الحسن بن على وهو تابعى ذكره ابن حبان فى الثقات (12) بضم أوله وفتح المهملة بعدها نون مشدة مفتوحة ثم سين مهملة، هكذا ضبطه الحافظ فى التقريب، وكذلك فى المغنى وجامع الأصول، لكن ضبطه صاحب الخلاصة بضم أوله وفتح المهملة وكسر النون آخره شين معجمة، وهو ابن أبى موسى مولى مصعب بن الزبير وثقه النسائى (13) ظاهره أن يحنس

-[حد زنا الرقيق خمسون جلدة سواء أحصن أو لم يحصن]- علي بن أبى طالب فقال علىّ أقضى فيهما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش (1) وللعاهر الحجر وجلدهما خمسين خمسين (2) (باب فى أن السيد يقيم الحد على رقيقه) (عن أبى هريرة) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا زنت أمة أحدكم (زاد فى رواية فتبين (4) زناها) فليحدَّها (5) ولا يعيّرها، فان عادت فليجلدها ولا يعيرها، فان عادت فليجلدها ولا يعيرها، فان عادت فى الرابعة فليبعها ولو بحبل من شعر أو ضفير (6) من شعر (عن أبى عبد الرحمن السُّلمى) (7) قال خطب على رضى الله عنه قال يا أيها الناس أقيموا على إرقائكم الحدود من أحصن منهم ومن لم يحصن (8) فان أمة لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم زنت فأمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقيم عليها الحد فأتيتها فاذا هى حديث عهد بنفاس فخشيت إن أنا جلدتها أن تموت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال أحسنت (9)

_ كان زوجا لصفية، ولكن سيأتى فى باب أن الولد للفراش من كتاب اللعان أن زوج المرأة اسمه رباح وأن الزانى يوحنس، وهو أصح من هذا لما سيأتى فى التخريج والله أعلم (1) أى لصاحب الفراش وهو زوج المرأة أم الولد (وللعاهر) أى الزانى (الحجر) أى الخيبة أى لا شئ له فى الولد وسيأتى لذلك زيادة توضيح فى باب أن الولد للفراش المشار إليه آنفا (2) يعنى أنه جلد الزانى خمسين وصفية خمسين لكونهما رقيقا: وفيه دلالة للجمهور القائلين بأن حد الرقيق خمسون جلدة سواء أكان رجلا أم امرأة محصنا أم غير محصن لقوله تعالى {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} أنظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 292 فى الجزء الثانى (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم بز) وفيه الحجاج ابن ارطاة وهو مدلس وبقية رجال احمد ثقات اهـ (قلت) ولعل ما يفهم من هذا الحديث أن يحنس كان زوجا لصفية من خطأ الحجاج بن أرطاة والله اعلم * (باب) (3) (سنده) حدّثنا محمد ابن عبيد حدثنا عبيد الله عن سعيد بن أبى سعيد (يعنى كيسان المقبرى) عن ابى هريرة الخ (غريبه) (4) أى تحققه إما بالبينة أو برؤية أو علم عند من يجوز القضاء بالعلم فى الحدود (5) اى الحد الواجب عليها المعروف من صريح الآية {فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} وفى رواية أخرى للامام احمد (فليجلدها الحد ولا يترب) بضم أوله وفتح المثلثة وكسر الراء مشددة والتثريب التعيير وهو معنى قوله ولا يعيرها أى لا يبكتها بسبب فعلها (6) أى حبل مضفور من شعر واصل الضفر نسج الشعر وإدخال بعضه فى بعض، ومنه ضفائر شعر الرأس للمرأة، قيل لا يكون مضفورا الا إذا كان من ثلاث (تخريجه) (ق فه والاربعة وغيرهم) * (7) (سنده) حدّثنا سليمان بن داود أنبأنا زائدة عن السدى عن سعد بن عبيدة عن أبى عبد الرحمن السلمى الخ (غريبه) (8) فى ضمير منهم تغليب الذكور والمراد بالاحصان التزوج، وفى هذا الحديث بيان من لم يحصن وفى قوله تعالى {فاذا أحصن فان أتين بفاحشة فعليهن نصف ما على المحصنات من العذاب} بيان من احصنت، فحصل من الآية الكريمة والحديث بيان أن الامة المحصنة بالتزويج وغير المحصنة تجلد وهو معنى ما قاله على رضى الله عنه وخطب الناس به وأنه لا يجب على الامه إلا نصف جلد الحرة لأنه الذى ينتصف، وأما الرجم فلا ينتصف، قال النووى وقد اجمعوا على انها لا ترجم (9) فيه أن الجلد واجب على الامة الزانية وأن النفساء والمريضة ونحوهما

-[أمر السيد بجلد أمته إن زنت فان تكرر فوق ثلاث فليبعها ولو بضفير]- (عن عبيد الله بن عبد الله) (1) عن أبى هريرة وزيد بن خالد وشبل قالوا سئل النبى صلى الله عليه وسلم عن الأمة تزنى قبل أن تحصن؟ قال اجلدوها، فان عادت فاجلدوها، فان عادت فاجلدوها، فان عادت فبيعوها ولو بضفير (2) (عن عائشة رضى الله عنها) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا زنت الأمة فاجلدوها، وان زنت فاجلدوها، وان زنت فاجلدوها ثم بيعوها ولو بضفير والضفير الحبل (حدّثنا يعقوب) (4) ثنا ابن أخى ابن شهاب (5) عن عمه قال أخبرنى (عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود) أن شبل بن خليد المزنى أخبره أن عبد الله بن مالك الأوسى أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للوليدة (6) إن زنت فاجلدوها، تم ان زنت فاجلدوها، ثم ان زنت فاجلدوها، ثم ان زنت فبيعوها ولو بضفير، والضفير الحبل فى الثالثة أو (7) فى الرابعة (أبواب حد القذف) (باب التنفير من القذف (8) وأنه من الكبائر) لقول الله عز وجل {ان الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات لعنوا فى الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم، يوم تشهد

_ يؤخر جلدهما الى البرء والله أعلم (تخريجه) (م مذ هق) * (1) (سنده) حدّثنا سفيان عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله (يعنى ابن عتبة بن مسعود) عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) جاء عند مسلم بعد قوله ولو بضفير قال ابن شهاب لا أدرى أبعد الثالثة أو الرابعة، وقال القعنبى فى روايته قال ابن شهاب والضفير الحبل (تخريجه) (ق فع. وغيرهم) * (3) (سنده) حدّثنا يونس ثنا ليث عن يزيد بن أبى حبيب عن عمارة بن أبى فروة أن محمد بن مسلم حدثه أن عروة حدثه أن عمرة بنت عبد الرحمن حدثته أن عائشة حدثتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخ (تخريجه) (جه) قال البوصيرى فى زوائد بن ماجه فى اسناده عمار بن أبى فروة وهو ضعيف كما ذكره البخارى وغيره، وذكره ابن حبان فى الثقات اهـ (قلت) عمار المشار اليه يقال له عمارة أيضا قال الحافظ فى التقريب عمار بن أبى فروة الأموى مولاهم أبو عمر، ويقال عمارة، مقبول من السادسة * (حدّثنا يعقوب الخ) (غريبه) (4) هو يعقوب بن ابراهيم بن سعد الزهرى من الثقات ومن رجال الكتب الستة (5) اسمه محمد بن الوليد ابن عامر الزبيدى بضم الزاى وفتح الموحدة ثقة من رجال الصحيحين وعمه هو ابن شهاب الزهرى المشهور (6) معناه أنه قال فى شأن الوليدة وهى الأمة ان زنت الخ (7) أو للشك من الراوى، ومعناه أن الراوى يشك هل قال النبى صلى الله عليه وسلم (فبيعوها ولو بضفير) بعد قوله فى الثالثة (ثم ان زنت فاجلدوها) أو بعد الرابعة وتقدم فى حديث ابى هريرة أنه قال فى الرابعة فليبعها الخ من غير شك (تخريجه) (ش هق) وصححه الحافظ فى الإصابة (باب) (8) القذف هنا معناه رمى المرأة بالزنا أو ما كان فى معناه، وأصله الرمى ثم استعل فى هذا المعنى حتى غلب عليه، وهو حرام بالاجماع ومعدود من الكبائر، لان الله عز وجل لعن فاعله فى هذه الآية وهى قوله تعالى {ان الذين يرمون المحصنات} أى العفائف (الغافلات) عن الفواحش السليمات الصدور والنقيات القلوب بحيث لا يقع فى قلبها فعل الفاحشة (المؤمنات) بما يجب الايمان به {لعنوا فى الدنيا} بالحد {والآخرة} بالطرد من رحمة الله {ولهم عذاب عظيم} جعل القذفة ملعونين فى الدارين وتوعدهم بالعذاب العظيم فى الاخرة ان لم يتوبوا {يوم تشهد عليهم السنتهم} وهذا قبل أن يختم على أفواههم {وأيديهم وارجلهم} يروى أنه يختم على الافواه فتتكلم الأيدى والأرجل بما عملت فى الدنيا قال تعالى

-[التنفير من القذف ووعيد من فعله وأنه من الكبائر]- عليهم ألسنتهم وأيديهم وارجلهم بما كانوا يعملون} (عن ابن عمر) (1) قال الا اخبركم بخمس سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر منهم ومن قفى (2) مؤمنا أو مؤمنة حبسه الله فى ردغة (3) الخبال عصارة أهل النار (عن أبى هريرة) (4) قال سمعت نبى التوبة (5) صلى الله عليه وسلم يقول ايما رجل قذف مملوكه (6) وهو بريئ مما قال أقام عليه الحد (7) يوم القيامة الا أن يكون كما قال (8) (عن أبى ذر) (9) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من زّنى أمة (10) لم يرها تزنى جلده الله يوم القيامة (11) بسوط من نار (باب فى أن حد القذف ثمانون جلدة) لقول الله عز وجل {والذين يرمون المحصنات (12) ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا (13)

_ (اليوم نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون) وقيل معناه تشهد السنة بعضهم على بعض وايديهم وأرجلهم (1) هذا جزء من حديث طويل تقدم بسنده وتخريجه فى باب فضل سبحان الله والحمد لله من كتاب الاذكار فى الجزء الرابع عشر رقم 51 صحيفة 221 (2) بفتح القاف والفاء أى اتهمه بالزنا، ومنه قول بنى النضر بن كنانة (لا ننتفى من أبينا ولا نقفوا أمنا) أى لا نتهمها ولا نقذفها، يقال قفا فلان فلانا اذا قذفه بما ليس فيه (نه) (3) الردغة بفتح الراء وسكون المهملة وفتحها طين ووحل كثير، وفسرت فى الحديث بانها عصارة أهل النار يعنى عرقهم وصديدهم كما فى بعض الروايات (4) (سنده) حدّثنا اسحاق بن يوسف ثنا فضل بن غزوان عن أبى نعم عن أبى هريرة الخ (غريبه) (5) جاء فى رواية اخرى للامام أحمد أيضا بلفظ (حدثنا أبو القاسم نبى التوبة) وانما قال نبى التوبة لأنه صلى الله عليه وسلم كان كثير التوبة فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه كان يستغفر الله ويتوب اليه كل يوم سبعين مرة أو مائة مرة، أو لكونه تاب الناس على يده (6) أى رماه بالزنا (وهو) أى والحال أنه برئ مما قال سيده فيه لم يحد لقذفه فى حكم الدنيا لأن شرط القذف حرية المقذوف، والمملوك لا حرية له وعليه يستوى مملوكه ومملوك غيره، لكنه يعزر لمملوك غيره (7) هكذا بالاصل (أقام عليه الحد) وكذلك عند النسائى، وعند مسلم (يقام عليه الحد يوم القيامة)، وعند البخارى (جلد يوم القيامة حدا وظاهر المعنى على رواية الأمام احمد والنسائى أن المملوك هو الذى يقيم الحد يوم القيامة على سيده لانقطاع الرق وزوال ملك السيد بالموت ولا تفاضل يومئذ الا بالتقوى، فكما أن السيد يقيم الحد على عبده فى الدنيا فللعبد أن يقتص من سيده فى الآخرة باذن الله عز وجل والله أعلم (8) أى الا ان يكون المملوك كما قال سيده من كونه زانيا فلا حد فى الآخرة (تخريجه) (ق د نس مذ هق) (9) (سنده) حدّثنا قتيبة بن سعيد ثنا ليث بن سعد عن عبيد الله بن أبى جعفر عن الحمصى عن أبى طالب عن ابى ذر الخ (غريبه) (10) بتشديد النون المفتوحة أى رماها بالزنا لا أنه زنى بها فى الواقع والا لم يكن لقوله (لم يرها تزنى فائدة) (11) اى فى الموقف على رءوس الأشهاد او فى جهنم بايدى الزبانية (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد، وأورده الحافظ السيوطى فى الجامع الصغير ورمز لحسنه وفيه عبيد الله بن ابى جعفر أورده الذهبي فى الضعفاء وقال قال احمد ليس بالقوى، وقال الحافظ فى التقريب ثقة، وقيل عن احمد انه لينه (باب) (12) اى يقذفون بالزنا (المحصنات) يعنى المسلمات الحرائر العفائف (ثم لم يأتوا بأربعة شهداء) يشهدون على زناهن (فاجلدوهم ثمانين جلدة) أى اضربوهم ثمانين جلدة ان كان القاذف حرا (13) اختلف العلماء فى قبول شهادة القاذف بعد التوبة وفى حكم هذا الاستثناء، وقد ذكرته

-[حد القذف ثمانون جلدة وذكر أسماء من قذفوا عائشة رضى الله عنها وجلدهم]- وأولئك هم الفاسقون الا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فان الله غفور رحيم} (عن عمرو بن شعيب (1) عن أبيه عن جده قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ولد المتلاعنين أنه يرث أمه وترثه أمه (2)، ومن قفاها به (3) جلد ثمانين، ومن دعاه ولد زنا جلد ثمانين (عن عائشة رضى الله عنها) (4) قالت لما نزل عذرى (5) قام رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن فلما نزل أمر برجلين وأمرأة (6) فضربوا حدّهم (أبواب حد السارق) (باب لعن السارق وفى كم تقطع يده) (عن أبى هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الله السارق (8) يسرق

_ في كتابي القول الحسن شرح بدائع المنن فى باب شهادة القاذف ص 239 و 240 فى الجزء الثانى (1) (سنده) حدّثنا يعقوب ثنا أبى عن محمد بن اسحاق قال وذكر عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) فيه ان قرابة الولد المنفى قرابة أمه (3) أى رماها بالرجل الذى اتهمها به زوجها ولاعنها لاجله، وكذلك من قال لولدها انه ولد زنا جلد ثمانين جلدة، وذلك لانه لم يتبين صدق ما قاله الزوج، والأصل عدم الوقوع فى المحرم، ومجرد وقوع اللعان لا يخرجها عن العفاف، والأعراض محمية عن الثلب ما لم يحصل اليقين (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وأشار اليه الحافظ فى التلخيص ولم يتكلم عليه، وقال الهيثمى رواه احمد من طريق ابن اسحاق (قال وذكر عمرو بن شعيب) فان كان هذا تصريحا بالسماع فرجاله ثقات والا فهى عنعنة ابن اسحاق وهو مدلس وبقية رجاله ثقات (4) (سنده) حدّثنا ابن أبى عدى عن محمد بن اسحاق عن عبد الله بن أبى بكر عن عمرة عن عائشة الخ (غريبه) (5) أى براءتى مما نسب الىّ أهل الافك، والمراد بالمنزل قوله تعالى {ان الذين جاءوا بالافك عصبة منكم، الى قوله ورزق كريم} هكذا رواه ابن أبى حاتم والحاكم من مرسل سعيد بن المسيب، وفى البخارى الى قوله تعالى {والله يعلم وانتم لا تعلمون} وعن الزهرى الى قوله تعالى {والله غفور رحيم} (6) وقع عند أبى داود تسميتهم حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنه بنت جحش، واخرج الحاكم فى الاكليل ان من جملة من حده النبى صلى الله عليه وسلم فى قصة الإفك عبد الله بن أبيّ رأس المنافقين (تخريجه) (هق. والاربعة) وحسنه الترمذى وقال لا يعرف الا من حديث محمد بن اسحاق (قلت) يريد أنه مدلس وقد عنعن والمدلس اذا عنعن لا يحتج بحديثه وان كان ثقة، ومحمد بن اسحاق ثقة وقد صرح فى رواية البيهقى بالتحديث، وعلى هذا فالحديث صحيح يحتج به، وزاد البيهقى فى روايته وكان رماها عبد الله بن أبيّ ومسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمنة بنت جحش اخت زينب بنت جحش رموها بصفوان بن المعطل السلمى وكذلك رواه محمد بن عدى عن محمد بن اسحاق والله أعلم (باب) (7) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا الاعمش عن أبى صالح عن ابى هريرة الخ (غريبه) (8) فى هذا جواز لعن غير المعين من العصاة لأنه لعن للجنس لا لمعين، ولعن الجنس جائز قال تعالى {الا لعنة الله على الظالمين} وأما لعن المعين فلا يجوز للاحاديث الصحيحة فى النهى عن اللعن، فيجب حمل النهى على المعين ليجمع بين الأحاديث والله أعلم، قال الطيبى المراد باللعن هنا الإهانة والخذلان كأنه قيل لما استعمل أعز شئ فى أحقر شئ خذله الله حتى قطع ولذا قال المعرى (يد بخمسمئين عسجد وديت * ما بالها قطعت فى ربع دينار) يريد أن دية اليد خمسمائة دينار ذهب اذا اعتدى عليها أحد فاتلفها، فكيف تقطع فى سرقه ربع دينار أو ما قيمتة ذلك؟ يريد أن هذا مشكل، وما الطف ما أجاب به علم الدين الحافظ السخاوي

-[حد السارق قطع يده إذا سرق ما قيمته ربع دينار]- البيضة فتقطع يد ويسرق الحبل فتقطع يده (1) (عن يحيى بن يحيى الغسانى) (2) قال قدمت المدينة فلقيت أبا بكر بن محمد بن عمرو بن حزم وهو عامل على المدينة، قال أتيت بسارق فارسلت الىّ خالتى عمرة بنت عبد الرحمن ان لا تعجل فى أمر هذا الرجل حتى آتيك فأخبرك ما سمعت من عائشة فى أمر السارق، قال فأتتنى وأخبرتنى أنها سمعت عائشة تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقطعوا فى ربع الدينار، ولا تقطعوا فيما هو أدنى من ذلك، وكان ربع الدينار يومئذ ثلاثة دراهم، فالدينار اثنى عشر درهما (3)، قال وكانت سرقته دون ربع الدينار فلم أقطعه (عن عائشة رضى الله عنها) (4) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال تقطع يد السارق (وفى لفظ لا تقطع يد السارق الا) فى ربع دينار فصاعدا (عن ابن عمر) (5) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قطع يد رجل سرق ترسا (6) من صفّة النساء ثمنه ثلاثة دراهم (عن عامر بن سعد عن أبيه) (7) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال تقطع اليد فى ثمن المجن (8) (عن عمرو بن شعيب) (9) عن أبيه عن جده ان قيمة المجن كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ حيث قال (عز الأمانة أغلاها وأرخصها * ذل الخيانة فافهم حكمة البارى) أى لما كانت أمينة، كانت ثمينة فلما خانت هانت، قال الحافظ وشرح ذلك أن الدية لو كانت ربع دينار لكثرت الجنايات على الأيدى ولو كان نصاب القطع خمسمائة دينار لكثرت الجنايات على الأموال، فظهرت الحكمة فى الجانبين، وكان فى ذلك صيانة من الطرفين اهـ (1) المعنى المراد ذم السرقة وتهجين أمرها وتحذير سوء عاقبتها فيما قل وكثر من المتاع، يقول ان سرقة الشئ اليسير اذا تعاطاه المرء فاستمرت به العادة لم ينشب أن يؤديه ذلك الى سرقة ما فوقه حتى يبلغ قدر ما تقطع فيه اليد فتقطع يده، فليحذر هذا الفعل قبل أن تملكه العادة ليسلم من سوء العاقبة (تخريجه) (ق نس جه هق) (2) (سنده) حدّثنا هاشم قال ثنا محمد يعنى ابن راشد عن يحيى ابن يحيى الغسانى الخ (غريبة) (3) يستفاد منه أن نصاب القطع ربع دينار ذهب أو ما قيمته ربع دينار سواء كانت قيمته ثلاثة دراهم أو أقل أو أكثر، والى ذلك ذهب الشافعى وآخرون، انظر كلام العلماء فى ذلك فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 295 و 296 فى الجزء الثانى (تخريجه) (ق د نس والامامان) مختصرا بغير ذكر القصة، ورواه البيهقى مطولا بذكر القصة كرواية الامام أحمد (4) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهرى عن عمرة عن عائشة الخ (تخريجه) (ق د نس مذ) (5) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن عن مالك عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (6) الترس بضم التاء الفوقية وسكون الراء هو من آلات الحرب يستتر به المحارب وهو والمجن (بكسر الميم وفتح الجيم) سواء وهو اسم لكل ما يستجن به أى يستتر مأخوذ من الاجتنان وهو الاستتار مما يحاذره المستتر، قال فى النهاية المجن هو الترس والترسة لأنه يوارى حامله اهـ (وقوله من صفّة النساء قال فى المصباح الصفة من البيت جمعها صفف مثل غرفة وغرف (تخريجه) (د نس) ورجاله من رجال الصحيحين (7) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن بن مهدى عن وهيب عن ابى واقد الليثى عن عامر بن سعد عن أبيه (يعنى سعد بن أبى وقاص) الخ (غريبه) (8) يعنى اذا كانت قيمته ربع دينار أو اكثر لا أقل اخذا مما تقدم (تخريجه) (جه هق طح) وفى اسناده أبو واقد الليثى ضعيف ويعضده ما قبله (9) (سنده) حدّثنا ابن إدريس

-[ما جاء في اعتبار الحرز فى إقامة الحد على السارق]- عشرة دراهم (1) (وعنه أيضا) (2) عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا قطع فيما دون عشرة دراهم (3) (باب اعتبار الحرز وما جاء فى المختلس والمنتهب والخائن وجاحد العارية وما لا قطع فيه) (عن عمرو بن شعيب) (4) عن ابيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى الحريسة (5) التى توجد فى مرافقها (6) وقد سئل عنها، قال فيها ثمنها مرتين وضرب نكال (7) وما أخذ من عطنه (8) ففيه القطع (9) اذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن قال (أى السائل) يا رسول الله

_ ثنا ابن إسحاق عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (1) معناه عشرة دراهم لا أقل وهو يفيد عدم القطع فى أقل من عشرة دراهم اخذا من قوله فى الحديث التالى (لا قطع فيما دون عشرة دراهم) وهو يخالف ما تقدم فى حديث ابن عمر المتفق عليه، وهو أن النبى صلى الله عليه وسلم قطع فيما قيمته ثلاثة دراهم، والصحيح المحفوظ حديث ابن عمر وعائشة وما يوافقهما، أما حديث عمرو بن شعيب فضعيف كما سيأتى بيان ذلك فى التخريج والله أعلم (تخريجه) (نس هق) وفى اسناده محمد بن اسحاق ثقة لكنه مدلس وقد عنعن والمدلس اذا عنعن لا يحتج بحديثه والله أعلم * (2) (سنده) حدّثنا نصر بن باب عن الحجاج عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبه) (3) هذا الحديث يفيد أن القطع لا يكون الا فى عشرة دراهم فاكثر لا أقل والى ذلك ذهب أبو حنيفة وخالفه الجمهور فقالوا ان القطع فى ربع دينار أو ما قيمته ثلاثة دراهم محتجين بحديث ابن عمر وعائشة (تخريجه) (قط) واسحاق بن راهويه فى مسنده واورده الزيلعى فى نصب الراية وقال رواه (قط حم) عن الحجاج بن ارطاة عن عمرو بن شعيب الخ وذكر الحديث ثم قال قال فى التنقيح والحجاج بن أرطاة مدلس ولم يسمع هذا الحديث من عمرو بن شعيب اهـ (قلت) وفى اسناده عند الامام احمد نصر بن باب الخراسانى تكلم فيه، فبعضهم ضعفه وبعضهم قال لا بأس به، انظر تحقيق المقام ومذاهب العلماء فى ذلك فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 295 و 296 فى الجزء الثانى (باب) (4) هذا جزء من حديث طويل تقدم بتمامه فى الباب الاول من كتاب اللقطة فى الجزء الخامس عشر صحيفة 156 رقم 44 وأوردنا هذا الجزء منه هنا لمناسبة الترجمة (غريبه) (5) بالحاء المهملة فعيلة بمعنى مفعولة أى محروسة، وجاء عند النسائى بلفظ (حريسة الجبل) قال فى النهايه أى ليس فيما يحرس بالجبل اذا سرق قطع لانه ليس بحرز، والحريسة فعيلة بمعنى مفعولة أى إن لها من يحرسها ويحفظها. ومنهم من يجعل الحريسة السرقة نفسها يقال حرس يحرس حرسا اذا سرق فهو حارس ومحترس أى ليس فيما سرق من الجبل قطع اهـ وفى شرح السنة (حريسة الجبل) أراد بها الشاة المسروقة من المرعى (6) أى مرعاها (7) باضافة ضرب الى نكال اى عقوبة، وفيه جواز الجمع بين عقوبة المال والبدن، قال فى النهاية هذا على سبيل الوعيد والتغليظ لا الوجوب لينتهى فاعله عنه والا فلا واجب على تعلق الشئ أكثر من مثله، وقيل كان فى صدر الاسلام تقع العقوبات فى الاموال ثم نسخ اهـ وانما لم يكن فى ذلك القطع لان مكان المرعى ليس بحرز (8) قال فى القاموس العطن محركة وطن الابل ومبركها حول الحوض ومربض الغنم حول الماء جمع أعطان اهـ (قلت) والمراد المكان الذى تجتمع فيه الابل والغنم حول الماء للراحة ليلا أو نهارا فقد جاء فى رواية عند النسائى (فاذا أوى المراح قطعت فى ثمن المجن) (9) اى لانه حرز (وقوله وما أخذ منها فى أكمامها) جمع كم بالكسر وهو غلاف الثمر والحب قبل أن

-[بيان ما لا قطع فيه وما جاء فى الخائن والمنتهب والمختلس]- فالثمار وما أخذ منها فى أكمامها؟ قال من أخذ بفيه ولم يتخذ خبنة (1) فليس عليه شئ، ومن احتمل فعليه ثمنه مرتين وضربا ونكالا، وما أخذ من أجرانه (2) ففيه القطع اذا بلغ ما يؤخذ من ذلك ثمن المجن (عن جابر بن عبد الله) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس على المنتهب (4) قطع، ومن انتهب نهبة مشهورة (5) فليس منا وقال ليس على الخائن قطع (6) (عن ابن عمر) (7) قال كانت مخزومية تستعير المتاع وتجحده فامر النبى صلى الله عليه وسلم بقطعها (عن محمد بن يحيى بن حبّان) (8) قال سرق غلام لنعمان الأنصارى نخلا صغارا فرفع الى مروان فأراد أن يقطعه فقال رافع بن خديج قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقطع فى الثمر (9) ولا فى الكثر، قال قلت ليحى ما الكثر؟ قال الجمار (باب القطع بالاقرار وهل يكتفى فيه بالمرة وتلقين الحد وحسم اليد بعد قطعها) (عن أبى أمية المخزومى) (10) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بلص فاعترف ولم يوجد معه متاع فقال

_ يظهر ووجاء الطلع (1) بضم الخاء المعجمة وسكون الموحدة، قال فى النهاية الخبنة معطف الازار وطرف الثوب، أى لا يأخذ منه فى ثوبه، يقال أخبن الرجل اذا خبأ شيئا فى خبنة ثوبه أو سراويله (2) جمع جرين كأمير موضع تجفيف التمر والمقصود انه لا بد من تحقق الحرز فى القطع (تخريجه) (نس مذ هق ك) ولابن ماجه معناه وصححه الحاكم وحسنه الترمذى (3) (سنده) حدّثنا محمد بن بكر انا ابن جريج قال قال أبو الزبير قال جابر بن عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) هو من يأخذ المال علانية على جهة القهر والغلبة (5) اى ذات قيمة (وقوله فليس منا) أى ليس على هدينا (6) زاد اصحاب السنن (ولا المختلس) اى ليس عليه قطع أيضا، والاختلاس هو اختطاف الشئ بسرعة على غفلة، وقال فى النهاية هو من يأخذه سلبا ومكابرة، والمراد بالخائن فى حديث الباب هو من يخون فيما ائتمن عليه، قال ابن الهمام الخائن اسم فاعل من الخيانة وهو ان يؤتمن على شئ بطريق العارية والوديعة فيأخذه ويدعى ضياعه (تخريجه) (الاربعة) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح واخرجه ايضا (هق حب) وصححه ابن حبان (7) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب الاول من كتاب الحدود، وانما ذكرته هنا لاحتجاج بعض العلماء به على وجوب القطع على جاحد العارية وفيه خلاف بين العلماء وتقدم الكلام عليه فى الباب الاول من كتاب الحدود فارجع اليه (8) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يحيى بن سعيد عن محمد بني يحيى بن حبان الخ (غريبه) (9) بفتحتين فسر بما كان معلقا بالشجر قبل أن يجدّ ويحرز، وقيل المراد به أنه لا قطع فيما يتسارع إليه الفساد من فاكهة ونحوها ولو بعد الاحراز (والكثر) بفتح الكاف والثاء المثلثة فسره يحيى بن سعيد بالجّمار يعنى جمار النخل وهو شحمه الذى فى وسط النخلة، وظاهره أنه لا قطع فيهما سواء كانا فى شجرهما او أخذا منه وجعلا فى حرز، انظر مذاهب العلماء فى ذلك فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 301 و 302 فى الجزء الثانى (تخريجه) (فع هق ك. والأربعة) وصححه البيهقى وابن حبان، واختلف فى وصله وارساله، وزاد البيهقى فى رواية اخرى قال فجلده مروان جلدات وخلى سبيله (باب) (10) (سنده) حدّثنا بهز ثنا حماد أنا

-[هل على الرقيق قطع فى السرقة؟ وما حكم العبد الآبق إذا سرق؟]- له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما إخالك (1) سرقت قال بلى مرتين أو ثلاثا (2) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقطعوه (3) ثم جيئوا به، قال فقطعوه ثم جاءوا به، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قل أستغفر الله وأتوب إليه (4) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم تب عليه (5) (باب هل يقطع العبد إذا سرق من سيده؟ وما حكم العبد الآبق إذا سرق) * (عن أبى هريرة) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سرق العبد فبعه ولو بنش (7) يعنى بنصف أوقية (وعنه من طريق ثان) (8) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال إذا أبق العبد وقال مرة إذا سرق (9) فبعه ولو بنش، والنش نصف الأوقية

_ إسحاق يعني ابن ابى طلحة عن ابى المنذر مولى ابى ذر عن ابى امية المخزومى الخ (غريبه) (1) بكسر الهمزة هو الشائع المشهور بين الجمهور، والفتح لغة بعض وإن كان هو القياس لكونه صفة المتكلم، من خال كخاف بمعنى ظن، قيل أراد صلى الله عليه وسلم تلقينه الرجوع عن الاعتراف، وللامام ذلك فى السارق إذا اعترف، وقد أشار إلى ذلك أبو داود فترجم لهذا الحديث بقوله (باب فى التلقين فى الحد)، ومن لا يقول به يقول لعله ظن بالمعترف غفلة عن معنى السرقة وأحكامها، أو لأنه استبعد اعترافه بذلك لأنه ما وجد معه متاع (2) استدل به من يقول لا بد فى السرقة من تعدد الإقرار (3) جاء فى رواية للبيهقى والدارقطنى بلفظ (اقطعوه ثم احسموه) ومعناه اقطعوا يده ثم اكووها لينقطع الدم (نه) (4) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم قال له ذلك على سبيل الاستحباب والمراد التوبة من سائر الذنوب، ولعله قال ذلك ليعزم على عدم العود إلى مثله، ولا حجة فيه للقائلين بأن الحدود ليست كفارات لأهلها، لأنه ثبت بالأحاديث الصحيحة أن الحدود مكفرة للذنوب، وتقدم الكلام على ذلك فى باب عدم قبول الفدية فى الحد وأنه مكفر للذنب (5) فيه دلالة على مشروعية أمر المحدود بالاستغفار والدعاء له بالتوبة من الإمام (تخريجه) (د نس قط) ولم يذكر النسائى فيه مرتين أو ثلاثا (وابن ماجه) وكرر لفظ إخالك سرقت مرتين، (والبيهقى) بلفظ لا إخالك سرقت؟ قال نعم، قالها ثلاث مرات، قال الحافظ فى بلوغ المرام رجاله ثقات اهـ وأعله بعضهم ولكن له شواهد تعضده (باب) (6) (سنده) حدّثنا حسين ثنا أبو عوانه عن عمر بن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن أبى هريرة الخ (غريبه) (7) بفتح النون وتشديد الشين المعجمة فسر فى الحديث بنصف أوقية يعنى عشرين درهما، ويطلق النش على النصف من كل شئ، فالمراد ولو بنصف القيمة أو بنصف درهم فكأنه قال لا تمسكه عندك ولا تتركه فى بيتك بل بعه بما تيسر وإن كان تافها جدا، ففيه دلالة على إبعاد أن يعرِّف بسرقته لكونه من أقبح العيوب، فلا يحل له كتمه لأنه قد لا يكون قادرا على إصلاح حاله ويكون غيره قادرا عليه (8) (سنده) حدّثنا عفان حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبى سلمة عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (9) جاء فى بعض الروايات إذا أبق العبد بدون ذكر السرقة، وجاء فى بعضها إذا سرق بدون ذكر الإباق فالحكم واحد سواء أبق أو سرق، والاباق معناه الهروب لأن العبد إذا هرب من سيده لا يرجى منه خير فبيعه أفيد لصاحبه (تخريجه) (نس جه) وحسنه الحافظ السيوطى ولعله إنما حسنه لتعدد طرقه، وإلا ففى اسناده عمر بن أبى سلمة قال النسائى غير قوى، وقال الحافظ فى التقريب صدوق يخطئ والله أعلم

-[أي اليدين تقطع أولا فى السرقة وما يفعل فيمن تكررت منه السرقة]- (باب أي اليدين تقطع أولا فى السرقة وموضع القطع وتعليق يد السارق فى عنقه، وما يفعل فيمن تكررت منه السرقة وقول المفسرين فى قوله تعالى {والسارق والسارقة فاقطعوا أيديهما} (1) (حدّثنا عمر بن على المقدّمى) قال سمعت حجاجا (2) يذكر عن مكحول عن عبد الرحمن ابن محيريز قال قلت لفضالة بن عبيد أرأيت تعليق يد السارق فى العنق أمن السنة؟ قال نعم، رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى (3) بسارق فأمر به فقطعت يده ثم أمر بها فعلقت فى عنقه: قال حجاج وكان فضالة ممن بايع تحت الشجرة، قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن احمد قلت ليحيى بن معين سمعت من عمر ابن على المقدمى شيئا؟ قال أى شئ كان عنده؟ قلت حديث فضالة بن عبيد فى تعليق اليد، فقال لا (4)

_ ويستفاد من هذا الحديث أن العبد إذا سرق من سيده لا يقطع لأنه صلى الله عليه وسلم لم يأمره بالقطع بل أمره ببيعه قال الخطابى فيه دليل على أن السرقة عيب فى المماليك يردون بها ولذلك وقع الحط من ثمنه والنقص من قيمته، وليس فى هذا الحديث دلالة على سقوط القطع عن المماليك إذا سرقوا من غير سادتهم وقد روى ان النبى صلى الله عليه وسلم قال (أقيموا الحدود على ما ملكت ايمانكم) وقال عامة الفقهاء بقطع اليد إذا سرق وإنما قصد بالحديث إلى ان العبد السارق لا يمسك ولا يصحب ولكن يباع ويستبدل به من ليس بسارق، وقد روى عن ابن عباس ان العبد لا يقطع إذا سرق، وحكى مثل ذلك عن شريح، وسائر الناس عن خلافه اهـ (قلت) روى الامامان عن السائب بن يزيد قال سمعت عمر بن الخطاب وجاءه عبد الله بن عمرو الحضرمى بغلام له فقال له ان غلامى هذا سرق فاقطع يده، فقال عمر ما سرق؟ قال مرآة امرأتى قيمتها ستون درهما، قال ارسله فلا قطع عليه خادمكم أخذ متاعكم ولكنه لو سرق من غيركم قطع ورواه ايضا (هق عب) وهل يقطع العبد الآبق إذا سرق؟ انظر احكام هذا الباب ومذاهب الأئمة فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 299 و 300 فى الجزء الثانى (باب) (1) قال الامام البغوى أراد به أيمانهما وكذلك هو فى مصحف عبد الله بن مسعود اهـ وقال الحافظ بن كثير فى تفسيره روى الثورى عن جابر بن يزيد الجعفى عن عامر بن شراحيل الشعبى ان ابن مسعود كان يقرؤها (والسارق والسارقة فاقطعوا ايمانهما) قال وهذه قراءة شاذة وإن كان الحكم عند جميع العلماء موافقا لها لا بها، بل هو مستفاد من دليل آخر اهـ (قلت) هو الاجماع * (غريبه) (2) هو ابن ارطاة، قال ابو حاتم إذا قال حدثنا فهو صالح لا يرتاب فى حفظه وصدقه، وقال ابن معين صدوق يدلس (قلت) والمدلس إذا عنعن لا يحتج بحديثه (3) بضم الهمزة مبنى للمجهول (4) يعنى لم يسمعه من عمر بن على وإنما سمعه عفان عنه يعنى عن عمر بن على (تخريجه) (هق. والأربعة) وقال الترمذى هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمر بن على المقدمى عن الحجاج بن أرطاة، وعبد الرحمن بن محيريز هو أخو عبد الله بن محيريز شامى اهـ قال الحافظ فى التلخيص بعد حكاية كلام الترمذى وهما مدلسان (يعنى الحجاج وعبد الرحمن بن محيريز) اهـ (قلت) جاء فى مجمع الزوائد للهيثمى عن عصمة قال سرق مملوك فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعفا عنه، ثم رفع إليه الثانية وقد سرق فعفا عنه، ثم رفع إليه الثالثة وقد سرق فعفا عنه، ثم رفع إليه الرابعة وقد سرق فعفا عنه، ثم رفع إليه الخامسة وقد سرق فقطع يده، ثم رفع إليه السادسة وقد سرق فقطع رجله، ثم رفع إليه السابعة وقد سرق فقطع يده، ثم رفع إليه الثامنة وقد سرق فقطع رجله، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا بأربع (طب) قال الهيثمى وفيه الفضل بن

-[هل يقام حد السرقة وغيرها فى الغزو أم لا]- حدثنا به عفان عنه (باب حد القطع وغيره هل يستوفى فى دار الحرب أم لا؟) (عن جنادة بن أبى أمية) (1) أنه قال على المنبر برودس (2) حين جلد الرجلين اللذين سرقا غنائم الناس (3) فقال إنه لم يمنعنى من قطعهما إلا أنى سمعت بسر بن أرطاة (4) وجد رجلا سرق فى الغزو يقال له مصدرٌ فجلده (5) ولم يقطع يده وقال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القطع فى الغزو (وعنه من طريق ثان) (6) قال كنت عند بسر بن أرطاة فأتى بمصدر قد سرق بختية (7) فقال لولا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن القطع فى الغزو لقطعتك فجلد ثم خلى سبيله (عن عبادة بن الصامت) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جاهدوا الناس فى الله تبارك وتعالى القريب والبعيد ولا تبالوا فى الله لومة لائم وأقيموا حدود الله فى الحضر والسفر (أبواب تحريم الخمر

_ المختار وهو ضعيف (وروى الأمامان) عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أن رجلا من أهل اليمن أقطع اليد والرجل قدم على أبى بكر فشكى إليه أن عامل اليمن ظلمه وكان يصلى فى الليل فيقول أبو بكر وأبيك ما ليلك بليل سارق، ثم انهم افتقدوا حليا لأسماء بنت عميس امرأة أبى بكر فجعل الرجل يطوف معهم ويقول اللهم عليك بمن بيّت أهل هذا البيت الصالح، فوجدوا الحلى عند صائغ وأن الأقطع جاء به فاعترف الأقطع أو شهد عليه، فأمر به أبو بكر فقطعت يده اليسرى، وقال أبو بكر والله لدعاؤه على نفسه أشد عندى من سرقته اهـ انظر بدائع المنن مع شرحه القول الحسن تجد أحكام هذا الباب فى صحيفة 298 فى الجزء الثانى (باب) (1) (سنده) حدّثنا حسن بن موسى ثنا عبد الله بن لهيعة ثنا عياش بن عباس عن شييم ابن بيتان عن جنادة بن أبى أمية الخ (غريبه) (2) قال فى القاموس جزيرة رودس بضم الراء وكسر الدال المهملة ببحر الروم (يعنى المسمى الان بالابيض المتوسط) وجاء فى القاموس أيضا بالذال المعجمة بدل الدال المهملة، قال جزيرة للروم تجاه الاسكندرية على ليلة منها غزاها معاوية اهـ (3) يستفاد منه انهم كانوا فى غزوة جزيرة رودس (4) ويقال له أيضا بسر بن أبى أرطاة، قال ابن عبد البر بسر بن ارطاة بن ابى ارطاة اسمه عمير بن عويمر بن عمران العامرى القرشى أبو عبد الرحمن (5) فيه اجمال لعدم ذكر عدد الجلد، والظاهر ان امر ذلك الى الامام كسائر التعزيرات (6) (سنده) حدّثنا عتاب بن زياد قال ثنا عبد الله قال أنا سعيد بن يزيد قال ثنا عياش بن عباس عن شييم بن بيتان عن جنادة بن أبى أمية قال كنت عند بسر الخ (7) البختية الانثى من الجمال البخت والذكر بختى، وهى جمال طوال الأعناق ويجمع على بخت وبخاتى واللفظة معربة (نه) (تخريجه) (د نس مذ) وقال الترمذى هذا حديث غريب، وقد رواه غير ابن لهيعة بهذا الاسناد نحو هذا وقال بسر بن أبى أرطاة أيضا اهـ (قلت) قوّى الحافظ اسناده وجوَّده الذهبى (8) هذا طرف من حديث طويل تقدم بتمامه وسنده وتخريجه فى أول باب فرض خمس الغنيمة لله ولرسوله فى الجزء الرابع عشر من كتاب الجهاد صحيفة 74 رقم 235 وانما ذكرته هنا لقوله واقيموا حدود الله فى الحضر والسفر، وهو يدل على عدم جواز تأخير اقامة الحد سواء كان فى الحضر أو السفر (قال الحافظ) وقد احتج به الجمهور على اقامة الحد فى السفر والحضر لأنه أصح من حديث بسر ويشهد لصحته عموم الكتاب والسنة واطلاقاتهما لعدم الفرق فيها بين القريب والبعيد والمقيم والمسافر والحديثان اذا تعارضا وجب العمل بأصحهما، قال الشوكانى رحمه الله ولا معارضة بين الحديثين لأن

-[ما جاء في تحريم الخمر ولعن شاربها وحرمانه من خمر الآخرة]- وحد شاربها) (باب بعض (1) ما جاء فى تحريم الخمر ولعن شاربها وحرمانه من خمر الآخرة إلا أن يتوب) (عن ابن عباس) (2) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله حرم عليكم الخمر والميسر (3) والكوبة، وقال كل مسكر حرام (4) (وعنه أيضا) (5) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أتانى جبريل فقال يا محمد إن الله عز وجل لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وشاربها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وساقيها ومستقيها (عن ابن عمر) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من شرب الخمر فى الدنيا لم يشربها فى الآخرة (7) إلا أن يتوب (باب حد شارب الخمر

_ حديث بسر أخص مطلقا من حديث عبادة فيبنى العام على الخاص، وبيانه ان السفر المذكور فى حديث عبادة أعم مطبقا من الغزو المذكور فى حديث بسر، لأن المسافر قد يكون غازيا وقد لا يكون، وأيضا حديث بسر فى حد السرقة، وحديث عبادة فى عموم الحد اهـ والله أعلم (باب) (1) انما قلت فى الترجمة بعض ما جاء فى تحريم الخمر الخ لأن ما ذكر هنا قليل من كثير سيأتى فى آخر كتاب الأشربة لأنه محله والمقصود هنا حد شارب الخمر (2) (سنده) حدّثنا احمد بن عبد الملك وعبد الجبار بن محمد قالا ثنا عبيد الله يعنى بن عمرو عن عبد الكريم عن قيس بن حبتر عن ابن عباس الخ (قلت) حبتر بمهملة وموحدة ومثناة وزن جعفر قال النسائى ثقة (غريبه) (3) ثبت تحريم الخمر والميسر بكتاب الله عز وجل أيضا فى قوله تعالى فى سورة المائدة {يا أيها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والأنصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون} وسيأتى تفسير الآية فى سورة المائدة من كتاب التفسير ان شاء الله تعالى، (والميسر) هو القمار (والكوبة) بضم الكاف وسكون الواو ثم باء موحدة قيل هى الطبل كما رواه البيهقى من حديث ابن عباس وذكر ان هذا التفسير من كرم على بن بذيمة، وقال ابن الأعرابى الكوبة النرد، وقيل البربط (يعنى العود المعروف من آلات اللهو) وفى القاموس الكوبة بالضم النرد أو الشطرنج والطبل الصغير المخصر والفهر والبريط اهـ (4) يعنى وان لم يكن من جنس الخمر (تخريجه) (حب هق) وفى اسناده من لم أعرفه (5) (سنده) حدّثنا حيوة اخبرنى مالك بن خير الزيادى ان مالك بن سعد التجيبى حدثه أنه سمع ابن عباس يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) ورجاله ثقات اهـ (قلت) واورده المنذرى وقال رواه (حم) باسناد صحيح و (حب) فى صحيحه والحاكم وقال صحيح الاسناد (6) (سنده) حدّثنا ابن نمير أنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من شرب الخ وله طريق آخر بسند أجود قال حدثنا يحيى عن مالك ثنا نافع عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من شرب الخمر فى الدنيا ولم يتب منها حرمها فى الآخرة لم يسقها (غريبه) (7) قال الخطابى ثم البغوى فى شرح السنة وفى قوله (حرمها فى الاخرة) أى كما فى الرواية الثانية وعيد بأنه لا يدخل الجنة لأن شراب أهل الجنة خمر الا أنهم لا يصدَّعون عنها ولا ينزفون أى لا يحصل لهم منها صداع ولا ذهاب عقل، ومن دخل الجنة لا يحرم شرابها اهـ (قلت) والذى يظهر أنه لم يشربها وإن دخل الجنة كما فى بعض الروايات، وهذا اذا لم يتب منها والله أعلم (تخريجه) (ق د مذ هق) بالفاظ مختلفة وفى بعضها زيادة (وهو يدمنها) وفى بعضها فى أول الحديث (كل مسكر خمر وكل مسكر حرام ومن شرب الخمر فى الدنيا) الخ وفى بعضها (لم يشربها فى الآخرة وإن دخل الجنة) والله أعلم (باب)

-[ما جاء في حد شارب الخمر وكم يضرب]- وكم يضرب؟ وبأى شئ يضرب؟) (عن حضين بن المنذر) (1) بن الحارث بن وعلة أن الوليد بن عقبة (2) صلى بالناس (3) الصبح ثم التفت إليهم فقال أزيدكم (4) فرفع ذلك إلى عثمان رضى الله عنه فأمر به أن يجلد (5) فقال على رضى الله عنه للحسن بن على قم يا حسن فاجلده قال وفيم أنت وذاك (6)؟ فقال على بل عجزت ووهنت، قم يا عبد الله بن جعفر فاجلده، فقام عبد الله بن جعفر فجلده وعلى يعد فلما بلغ أربعين قال أمسك، ثم قال ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الخمر أربعين وضرب أبو بكر أربعين وعمر صدرا من خلافته ثم أتمها عمر ثمانين وكلّ سنة (7) (وعنه من طريق ثان) (8) انه قدم ناس من أهل الكوفة على عثمان رضى الله عنه فأخبروه بما كان من أمر الوليد أى بشربه الخمر فكلمه علىّ فى ذلك فقال دونك ابن عمك (9) فأقم عليه الحد، فقال يا حسن قم فاجلده، قال ما أنت من هذا فى شئ، ولِّ هذا غيرك، قال بل ضعفت ووهنت، الحديث بنحو

_ (1) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنبأنا سعيد بن أبى عروبة عن عبد الله الداناج عن حضين بن المنذر الخ (فائدة) قال النووى حضين بالضاد المعجمة وضم الحاء مصغرا وليس فى الصحيحين حضين بالمعجمة غيره (غريبه) (2) هو الوليد بن عقبة بن أبى معيط الصحابى قتل أبوه عقبة يوم بدر كافرا، وأمه أروى بنت كريز بن ربيعة، فالوليد أخو عثمان بن عفان لامه، أسلم يوم فتح مكة هو وأخوه خالد بن عقبة قاله النووى فى تهذيب الأسماء واللغات (3) أى باهل الكوفة وكان واليا عليها من قبل عثمان بن عفان وكان قد شرب خمرا فسكر (4) قال ابن عبد البر خير صلاته بهم سكران وقوله أزيدكم بعد أن صلى بهم الصبح أربعا مشهور من رواية الثقات من أهل الحديث، ولما شهدوا عليه بالشرب أمر به عثمان فجلد وعزل عن الكوفة واستعمل عليها بعده سعيد بن العاص، ولما قتل عثمان اعتزل الوليد الفتنة وأقام بالبرقة الى أن توفى بها وله بها عقب، روى عنه ثابت بن الحجاج والشعبى وغيرهما كذا فى تهذيب الاسماء واللغات (5) جاء فى رواية مسلم فشهد عليه رجلان احدهما حمران أنه شرب الخمر وشهد آخر انه رآه يتقيأ فقال عثمان إنه لم يتقيأ حتى شربها فقال يا على قم فاجلده، فقال على قم يا حسن الخ فهذه الرواية مفسرة لقوله فى رواية الأمام احمد (فأمر به أن يجلد) ومعناه أن عثمان أمر عليا ان يجلده (6) أى ليس الجلد من شأنك ولست مكلفا به، فكأن عليا رضى الله عنه قال للحسن ولكنى قبلت ذلك ولى التفويض لغيرى لكونى عجزت عن فعله بنفسى لضعفى من الكبر، ثم أمر عبد الله بن جعفر فجلده (7) معناه أن فعل النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر سنة يعمل بها وكذا فعل عمر وجاء عند مسلم بعد قوله وكل سنة (قال وهذا أحب الى) قال النووى اشارة الى الاربعين التى كان جلدها وقال للجلاد امسك، ومعناه هذا الذى قد جلدته وهو الاربعون أحب الى من الثمانين اهـ قال الخطابى يريد أن الاربعين سنة قد عمل بها النبى صلى الله عليه وسلم فى زمانه والثمانون رآها عمر ووافقة من الصحابة علىّ فصارت سنة، وقد قال صلى الله عليه وسلم اقتدوا باللذين من بعدى أبى بكر وعمر (8) (سنده) حدّثنا اسماعيل عن سعيد بن أبى عروبة عن عبد الله عن حضين أبى ساسان الرقاشى أنه قدم ناس من أهل الكوفة الخ (9) يظهر من السياق أن القائل (دونك ابن عمك الخ هو عثمان رضى الله عنه يخاطب عليا رضى الله عنه بذلك لأن عليا من ولد هاشم بن عبد مناف والوليد

-[بأي شئ يضرب شارب الخمر وسبب زيادة حده إلى ثمانين]- الطريق الأولى (عن أبى هريرة) (1) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى برجل قد شرب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اضربوه، قال فمنا الضارب بيده ومنا الضارب بنعله والضارب بثوبه فلما انصرف قال بعض القوم (2) أخزاك الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقولوا هكذا لا تعينوا عليه الشيطان، ولكن قولوا رحمك الله (3) (عن أبى سعيد الخدرى) (4) ان النبى صلى الله عليه وسلم أتى برجل قال مسعر (5) أظنه فى شراب فضربه النبى صلى الله عليه وسلم بنعلين أربعين (وعنه من طريق ثان) (6) قال جلد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم فى الخمر بنعلين أربعين، فلما كان زمن عمر جلد بدل كل نعل سوطا (7) (عن أنس بن مالك) (8) قال جلد النبى صلى الله عليه وسلم فى الخمر بالجريد والنعال وجلد أبو بكر قال يحيى (9) فى حديثه أربعين، فلما كان عمر دنا الناس من الريف (10) والقرى قال لأصحابه ما ترون؟ قال عبد الرحمن (11) اجعلها كأخف الحدود (12) فجلد عمر ثمانين (وعنه من طريق ثان) (13) أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى برجل قد شرب الخمر فجلده بجريدتين نحو الأربعين قال وفعله أبو بكر، فلما كان عمر استشار الناس فقال عبد

_ من ولد عبد شمس بن عبد مناف فهو ابن عمه الأعلى بهذا الاعتبار (تخريجه) (م د جه هق) (1) (سنده) حدّثنا انس بن عياض حدثنى يزيد بن عبد الله بن الهاد عن محمد بن ابراهيم عن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) قيل هو عمر بن الخطاب رضى الله عنه (3) فيه أنه لا يجوز الدعاء على من أقيم عليه الحد لما فى ذلك من اعانة الشيطان عليه، وقد تقدم فى حديث جلد الأمة النهى للسيد عن التثريب عليها، وتقدم أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر السارق بالتوبة فلما تاب قال له تاب الله عليك، وهكذا ينبغى أن يكون الأمر فى سائر المحدودين، وفى قوله (قولوا رحمك الله) دلالة على مشروعية الدعاء له بالرحمة (تخريجه) (خ د هق) (4) (سنده) حدّثنا مسعد عن زيد العمّى عن ابى الصديق عن ابى سعيد الخدرى الخ (غريبه) (5) بوزن منبر احد رجال السند وهو ابن كدام بكسر أوله وتخفيف ثانيه ثقة ثبت (6) (سنده) حدّثنا يزيد أنا المسعودى عن زيد العمى عن ابى نضرة عن ابى سعيد الخدرى قال جلد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم الخ (7) يعنى ثمانين سوطا كما يستفاد من الحديث التالى (تخريجه) (مذ) وحسنه (8) (سنده) حدّثنا يحيى وأبو نعيم قالا ثنا هشام ثنا قتادة وقال أبو نعيم عن قتادة عن أنس قال جلد النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) هو ابن حبيب الحارثى أحد الروايين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث، ومعناه أن النبى صلى الله عليه وسلم جلد فى الخمر بالجريد والنعال أربعين وجلد أبو بكر أربعين كما يستفاد من الطريق الثانية (10) الريف المواضع التى فيها المياه أو هى قريبة منها (والقرى) البلاد الصغيرة، ومعناه لما كان زمن عمر بن الخطاب فتحت الشام والعراق وسكن الناس فى الريف ومواضع الخصب وسعة العيش وكثرة الاعناب والثمار اكثروا من شرب الخمر، فزاد عمر فى حد الخمر تغليظا عليهم وزجرا لهم عنها (11) هو ابن عوف رضى الله عنه كما صرح بذلك فى الطريق الثانية (12) يريد حد القذف لأنه أخف الحدود المنصوص عليها فى القرآن وهى حد السرقة بقطع اليد وحد الزنا جلد مائة وحد القذف ثمانين، وفى هذا جواز القياس واستحباب مشاورة القاضى والمفتى أصحابه وحاضرى مجلسه من العلماء فى الاحكام (13) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة ثنا حجاج قال سمعت

-[وقوع بعض الصحابة فى شرب الخمر وإقامة الحد عليه]- الرحمن بن عوف أخف الحدود ثمانون قال فأمر به عمر (عن السائب بن يزيد) (1) قال كنا نأتى بالشارب فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى إمرة أبى بكر وصدر (2) من إمرة عمر فنقوم إليه فنضربه بأيدينا ونعالنا وأرديتنا حتى كان صدرا من إمرة عمر فحد فيها أربعين حتى إذا عتوا (3) فيها وفسقوا جلد ثمانين (عن عقبة بن الحارث) (4) أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى بالنعيمان أو ابن النعيمان (5) وهو سكران قال فاشتد على رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفى لفظ فشق على رسول الله مشقة شديدة) (6) وأمر من فى البيت أن يضربوه، قال عقبة فكنت فيمن ضربه (زاد فى رواية) فضربوه بالأيدى والجريد فكنت فيمن ضربه (7) (عن عبد الرحمن بن أزهر) (8) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة يوم الفتح (9) وأنا غلام شاب يتخلل الناس يسأل عن منزل خالد بن الوليد (10) فأتى بشارب فأمرهم

_ قتادة يحدث عن أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى برجل ألخ (تخريجه) (ق هق. والثلاثة) (1) (سنده) حدّثنا مكى بن ابراهيم ثنا الجعيد (يعنى ابن عبد الرحمن) عن يزيد بن أبى خصيفة عن السائب ابن يزيد الخ (غريبه) (2) أى أوائل خلافته (3) بمهملة ثم مثناة من العتوّ وهو التجبر، والمراد هنا انهما كهم فى الطغيان والمبالغة فى الفساد بسبب شرب الخمر (وفسقوا) أى خرجوا عن الطاعة (تخريجه) (خ هق) (4) (سنده) حدّثنا سليمان بن حرب وعفان قالا ثنا وهيب بن خالد قال عفان فى حديثه قال ثنا أيوب عن عبد الله بن أبى مليكة عن عقبة بن الحارث الخ (غريبه) (5) أو للشك من الراوى والذى أتى به هو عقبة بن الحارث كما فى رواية الاسماعيلى عند البخارى فى الوكالة بلفظ (جئت بالنعيمان شاربا) من غير شك وهو النعيمان بن عمرو بن رفاعة بن الحارث بن سواد بن مالك بن غنم بن مالك ابن النجار الانصارى شهد العقبة وبدرا والمشاهد كلها، وكان كثير المزاح، يضحك النبى صلى الله عليه وسلم من مزاحه قاله القسطلانى (6) إنما شق ذلك على النبى صلى الله عليه وسلم لكونه من السابقين فى الاسلام (7) جاءت هذه الزيادة عند البخارى أيضا (تخريجه) (خ هق) (8) (سنده) حدّثنا عثمان ابن عمر قال ثنا أسامة بن زيد عن الزهرى أنه سمع عبد الرحمن بن أزهر يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (9) هكذا فى هذه الرواية عند الإمام احمد وأبى داود (غداة يوم الفتح) وفى رواية أخرى لهما وستأتى فى الطريق الثانية أنه (يوم حنين) وكذا عند البيهقى فى بعض الروايات يوم الفتح، وفى بعضها يوم حنين وظاهره التعارض، ووقع عند ابن أبى حاتم ان عبد الرحمن بن أزهر رأى النبى صلى الله عليه وسلم وهو غلام عام الفتح بمكة يسأل عن منزل خالد بن الوليد فأتى بشارب قد سكر فأمرهم ان يضربوه اهـ قال الحافظ فى الاصابة بعد أن أورد حديث ابن أبى حاتم وقوله بمكة وهم منه، والذى فى سياق الحديث بحنين وهو المحفوظ اهـ (10) إنما كان صلى الله عليه وسلم يسأل عن منزل خالد بن الوليد لأنه جرح فى غزوة حنين فأحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعوده وقد جاءت قصته فى حديث طويل عند الامام احمد سيأتى بطوله فى مناقب خالد بن الوليد من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى: وعند البخارى قال كان عبد الرحمن بن أزهر يحدث أن خالد بن الوليد كان على الخيل يوم حنين فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم فسعيت بين يديه وأنا محتلم، وهذا يؤيد أن حديث الباب كان

-[إقامة الحد على من شرب نبيذا فسكر]- فضربوه بما في أيديهم فمنهم من ضربه بعصا ومنهم من ضربه بسوط وحثى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم التراب (1) (وعنه من طريق ثان) (2) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الناس يوم حنين يسأل عن منزل خالد بن الوليد فأتى بسكران فأمر من كان معه أن يضربوه بما كان فى أيديهم * (عن أبى التياح) (3) عن أبى الوداك قال لا أشرب نبيذا بعد ما سمعت أبا سعيد الخدرى قال جيء برجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قالوا إنه نشوان (4) فقال إنما شربت زبيبا وتمرا فى دبّاءة (5) قال فخفق (6) بالنعال ونهز بالأيدى ونهى عن الدباء والزبيب والتمر أن يخلطا (عن ابن عمر) (7) أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى بسكران فضربه الحد فقال ما شرابك؟ فقال الزبيب والتمر، قال يكفى كل واحد منهما من صاحبه (8) (عن على رضى الله عنه) (9) قال ما من رجل أقمت عليه حدا فمات فأجد في نفسي (10)

_ في غزوة حنين والله أعلم (1) زاد أبو داود فى روايته فلما كان أبو بكر أتى بشارب فسألهم عن ضرب النبى صلى الله عليه وسلم الذى ضربه فحزروه أربعين، فضرب أبو بكر أربعين، فلما كان عمر كتب إليه خالد بن الوليد إن الناس قد انهمكوا فى الشرب وتحاقروا الحد والعقوبة قال هم عندك فسلهم وعنده المهاجرون الأولون فسألهم فأجمعوا على أن يضرب ثمانين، قال وقال علىّ إن الرجل إذا شرب افترى فأرى أن يجعله كحد الفرية اهـ (2) (سنده) حدّثنا زيد بن الحباب قال حدثنى أسامة بن زيد قال حدثنى الزهرى عن عبد الرحمن بن أزهر قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخلل الناس الخ (تخريجه) (فع د هق) وابن أبى حاتم وغيرهم وفى اسناده أسامة بن زيد بن أسلم العدوى المدنى ضعفه الامام احمد وابن معين من قبل حفظه، لكن له طرق ليس فيها أسامة المذكور، فقد رواه الامام الشافعى بسند رجاله من رجال الصحيحين، انظر بدائع المنن مع شرحه القول الحسن صحيفة 303 و 304 تجد الحديث مع أحكام الباب ومذاهب الأئمة فى ذلك (3) (سنده) حدّثنا حجاج أنا شعبة عن أبى التياح الخ (غريبه) (4) أى سكران (5) بضم أوله وتشديد الموحدة واحدة الدباء وهو القرع كانوا ينتبذون فيها فتسرع الشدة فى الشراب فنهوا عن الانتباذ فيها وهو معنى قوله (ونهى عن الدباء) وكان ذلك فى صدر الاسلام ثم نسخ بأحاديث كثيرة جاءت عن كثير من الصحابة منها حديث بريدة يرفعه (ونهيتكم عن الظروف وإن الظروف لا تحرم شيئا ولا تحله وكل مسكر حرام) (م حم) وسيأتى كثير من الأحاديث فى هذا المعنى فى باب نسخ تحريم الانتباذ فى الأوعية الخ من كتاب الأشربة إن شاء الله تعالى (6) بضم الخاء المعجمة مبنى للمجهول أى ضرب (ونهز بالزاى بعد الهاء بالأيدى) أى دفع بها دفعا شديدا (تخريجه) (هق) ورجاله كلهم ثقات وأصله فى صحيح مسلم (7) سنده حدّثنا وكيع ثنا سفيان عن ابن اسحاق عن النجرانى عن ابن عمر الخ (غريبه) (8) جاء فى رواية اخرى فجلده الحد ونهى عنهما أن يجمعا، ومعنى قوله (يكفى كل واحد منهما من صاحبه) أنه لو شرب أحدهما منفردا لأوجب عليه الحد لأنه أسكره (تخريجه) (هق عل) وأورده الهيثمى وقال رواه احمد من رواية النجرانى عن ابن عمر ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح (9) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن عن سفيان عن ابى حصين عن عمير بن سعيد عن على الخ (غربيه) (10) من الوجد وله معان اللائق هنا الحزن (وقوله فمات) مسبب عن أقمت (وقوله فأجد مسبب عن السبب والمسبب معا)

-[ما جاء في قتل الشارب فى الرابعة وبيان نسجه]- إلا الخمر فانه لو مات لوديته (1) لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسنّه (2) (باب ما جاء فى قتل الشارب فى الرابعة وبيان نسخه) * (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر فاجلدوه فان عاد فاجلدوه. فان عاد فاجلدوه. فان عاد فاقتلوه (4) قال وكيع فى حديثه قال عبد الله (5) ائتونى برجل قد شرب الخمر فى الرابعة فلكم على أن أقتله (عن معاوية) (6) (يعنى ابن أبى سفيان) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من شرب الخمر فاجلدوه فان عاد فاجلدوه. فان عاد فاجلدوه. فان عاد الرابعة فاقتلوه * (عن شرحبيل بن أوس) (7) وكان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال قال النبى صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر فاجلدوه. فان عاد فاجلدوه فان عاد فاجلدوه. فان عاد فاقتلوه (عن ابن عمر) (8) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال من شرب الخمر فاجلدوه

_ (إلا الخمر) اى صاحب الخمر كما صرح بذلك فى رواية الشيخين أى شاربها، قال الحافظ وهو بالنصب ويجوز بالرفع والاستثناء منقطع، اى لكن أجد من حد شارب الخمر إذا مات، ويحتمل ان يكون التقدير ما أجد من موت أحد يقام عليه الحد شيئا إلا من موت شارب الخمر، فيكون الاستثناء على هذا متصلا قاله الطيبى اهـ (1) هو بالتخفيف اى اعطيت ديته لمن يستحقها، وقد جاء مفسرا من رواية اخرى اخرجها النسائى وابن ماجه من رواية الشعبى عن عمير بن سعيد قال سمعت عليا يقول من أقمنا عليه حدا فمات فلا دية له إلا من ضربناه فى الخمر (2) أى لم يسن فيه عددًا معينا بلفظه ونطقه، وجاء عند (د جه) فان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يسن فيه شيئا انما هو شئ جعلناه نحن، وعند أبى داود قلناه بدل جعلناه (تخريجه) (ق د جه هق) (3) (سنده) حدّثنا وكيع حدثنى قرة وروح ثنا أشعث وقرة بن خالد المعنى عن الحسن عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبه) (4) أى عند الرابعة كما صرح بذلك فى رواية اخرى من حديث عبد الله بن عمرو ايضا (قال وكيع) هو ابن الجراح شيخ الأمام أحمد (5) يعنى ابن عمرو راوى الحديث (أئتونى برجل الخ) وانما قال ذلك ليحقق لهم صدق قوله بالفعل (تخريجه) الحديث اشار اليه أبو داود فى سننه، قال المنذرى أما حديث عبد الله ابن عمرو فوقع لنا من حديث الحسن البصرى عنه وهو منقطع: قال على بن المدينى الحسن لم يسمع من عبد الله بن عمرو شيئا اهـ (قلت) حديث عبد الله بن عمرو أورده الهيثمى بلفظه فى مجمع الزوائد وقال رواه الطبرانى من طرق ورجال هذه الطريق رجال الصحيح اهـ (قلت) ويشهد له حديث معاوية الآتى بعده (6) (سنده) حدّثنا عارم ثنا أبو عوانة عن المغيرة عن معبد القاص عن عبد الرحمن بن عيد عن معاوية الخ (تخريجه) (د مذ جه هق) وقال البخارى هو أصح شئ فى هذا الباب وصححه ابن حزم (7) (سنده) حدّثنا على بن عياش وعصام بن خالد قالا ثنا حريز قال حدثنى عمران بن مخمر، وقال عصام بن مخبر عن شرحبيل بن أوس الخ (تخريجه) (طب) وابن منده واشار اليه الحاكم ورجاله ثقات، واورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفيه عمران بن مخمر ويقال مخبر ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح (8) حدّثنا عبيد الله بن محمد النيمي أنا حماد بن سلمة عن حميد بن يزيد أبى الخطاب عن نافع عن ابن عمر الخ (وقوله فقال فى الرابعة أو الخامسة فاقتلوه) أو للشك من الراوى قال أبو داود وكذا فى حديث غطيف فى الخامسة اهـ (يعنى من غير شك) (تخريجه) (د هق) وفى اسناده حميد بن يزيد أبو الخطاب

-[الدليل على أن قتل الشارب فى الرابعة منسوخ وكلام العلماء فى ذلك]- فإن شربها فاجلدوه، فان شربها فاجلدوه فقال فى الرابعة أو الخامسة فاقتلوه * (عن عمرو بن الشريد) (1) أن أباه حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا شرب الرجل فاجلدوه. ثم إذا شرب فاجلدوه أربع مرار أو (2) خمس مرار ثم إذا شرب فاقتلوه * (عن أبى بشر) (3) قال سمعت يزيد ابن أبى كبشة يخطب بالشام قال سمعت رجلا من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يحدث عبد الملك بن مروان فى الخمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى الخمر إن شربها فاجلدوه ثم إن عاد فاجلدوه. ثم إن عاد فاجلدو ثم إن عاد الرابعة فاقتلوه (عن أبى هريرة) (4) ان النبى صلى الله عليه وسلم قال من شرب الخمر (5) فاجلدوه ثم إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب فاجلدوه، ثم إذا شرب فى الرابعة فاقتلوه (وعنه من طريق ثان) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن سكر (7) فاجلدوه ثم إن سكر فاجلدوه فان عاد فى الرابعة فاضربوا عنقه، قال الزهرى فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل سكران فى الرابعة فخلى سبيله (8) (باب هل يثبت الحد على من وجد منه سكر أو ريح ولم يعترف؟) * (عن ابن عباس) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقت (10) فى الخمر حدا، قال ابن عباس شرب

_ قال الحافظ فى التقريب مجهول الحال من السابعة (1) (سنده) حدّثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى عبد الله بن ابى عاصم بن عروة بن مسعود الثقفى ان عمرو بن الشريد حدثه أن أباه حدثه الخ (غريبه) (2) او للشك من الراوى (تخريجه) (طب ك. والاربعة) وصححه الحاكم واقره الذهبى (3) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبى بشر الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد، ويزيد بن أبى كبشة وثقه ابن حبان وبقية رجاله رجال الصحيح (4) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن سهيل بن ابى صالح عن أبيه عن ابى هريرة الخ (غريبه) (5) المراد اى شئ يسكر كثيره عادة وان لم يكن من ثمرات النخيل والأعناب، وهذا مذهب الجمهور (6) (سنده) حدّثنا يزيد انا ابن ابى ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن ابى هريرة الخ (7) احتج به الحنفية فى ان من شرب شيئا من غير الخمر التى تكون من عصير العنب لا يحد الا اذا سكر فعلا، وقالوا هو من تعليق الحكم بالوصف وهو مقيد لاطلاق قوله صلى الله عليه وسلم فى الطريق الأولى (من شرب الخمر فاجلدوه) فيكون المراد به مع السكر ولأن الشارب فى العرف هو السكران، انظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 305 فى الجزء الثانى (8) استدل به القائلون بنسخ قتل الشارب فى الرابعة، قال الترمذى وانما كان هذا فى أول الأمر ثم نسخ بعد، هكذا روى محمد بن المنكدر عن جابر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ان من شرب الخمر فاجلدوه فان عاد فى الرابعة فاقتلوه قال ثم أتى النبى صلى الله عليه وسلم بعد ذلك برجل قد شرب فى الرابعة فضربه ولم يقتله، وكذلك روى الزهرى عن قبيصة بن ذؤيب عن النبى صلى الله عليه وسلم نحو هذا: قال فرفع القتل وكانت رخصة، والعمل على هذا عند عامة أهل العلم لا نعلم بينهم اختلافا فى ذلك فى القديم والحديث ومما يقوى هذا ما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم من أوجه كثيرة أنه قال لا يحل دم امرئ مسلم يشهد أن لا اله الا الله وأنى رسول الله إلا باحدى ثلاث النفس بالنفس والثيب الزانى والتارك لدينه اهـ انظر القول الحسن شرح بدائع المنن فى الجزء الثانى صحيفة 306 (باب) (9) حدّثنا روح وابن عبادة ثنا زكريا حدثنا عمرو بن دينار عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (10) أى لم يوقت يقال وقت يقت ومنه قول الله تعالى {ان الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا) فهو من التوقيت أي لم يقدره

-[ما جاء في قدر التعزير والحبس فى التهم]- رجل فسكر فلقى (1) يميل فى فج فانطلق به إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال فلما حاذى بدار عباس انفلت فدخل على عباس فالتزمه (2) من ورائه فذكروا ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فضحك وقال قد فعلها، ثم لم يأمرهم فيه بشئ (عن علقمة) (3) عن عبد الله بن مسعود أنه قرأ سورة يوسف بحمص فقال رجل ما هكذا أنزلت (4)، فدنا منه عبد الله فوجد منه ريح الخمر فقال أتكذّب بالحق وتشرب الرجس؟ لا أدعك حتى أجلدك حدًا، قال فضربه الحد وقال والله لهكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب ما جاء فى قدر التعزير والحبس فى التهم) (عن أبى بردة) (5) بن نيار أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يقول لا يجلد (6) فوق عشر جلدات (7) إلا فى حد من حدود الله عز وجل (8) (وعنه من طريق ثان) (9) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تجلدوا فوق عشرة أسواط

_ بقدر ولا حده بحد (1) بضم اللام وكسر القاف أى وجده الناس فى الطريق لا يملك نفسه فكاد أن يقع على الأرض من شدة السكر (2) أى احتضنه مستجيرا به (تخريجه) (د نس هق) وقوى الحافظ اسناده وقد استدل به القائلون بان حد السكر غير واجب وأنه غير مقدر، وانما هو تعزير فقط: والجواب عن ذلك انه قد وقع الإجماع من الصحابة على وجوبه، وانما لم يقم النبى صلى الله عليه وسلم الحد على هذا الرجل لكونه لم يقر لديه ولا قامت عليه بذلك الشهادة عنده، ولا يجب على الامام أن يقيم الحد على شخص بمجرد اخبار الناس له أنه فعل ما يوجبه، ولا يلزمه البحث بعد ذلك لما تقدم من مشروعية الستر وأولوية ما يدرأ الحد على ما يوجبه والله أعلم (3) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله الخ (غريبه) (4) جاء فى رواية أخرى فقال عبد الله ويحك والله لقد قرأتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا فقال أحسنت، فبينا هو يراجعه إذ وجد منه ريح الخمر الخ (تخريجه) (ق هق) وغيرهم، وقد استدل بهذا الأثر القائلون بأنه يجب الحد على من ثبت عليه ريح الخمر: وللعلماء خلاف فى ذلك، انظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 307 فى الجزء الثانى (باب) (5) (سنده) حدّثنا حجاج قال ثنا ليث يعنى ابن سعد قال حدثنى يزيد بن أبى حبيب عن بكير بن عبد الله بن الأشج عن سليمان بن يسار عن عبد الرحمن عن جابر بن عبد الله عن أبى بردة الخ (غريبه) (6) بضم أوله وفتح اللام مبنى للمجهول وروى بفتح اوله وكسر اللام وروى بصيغة النهى مجزوما كما فى الطريق الثانية (7) اى اسواط كما فى الطريق الثانية وليس السوط متعينا بل المراد عشر ضربات كما صرح بذلك فى رواية أخرى (8) المراد به ما ورد عن الشارع مقدرا بعدد مخصوص كحد الزنا والقذف ونحوهما (9) (سنده) حدّثنا سريج قال ثنا عبد الله بن وهب عن عمر بن الحارث عن بكير عن سليمان بن يسار قال حدثنى عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله ان أباه حدثه أنه سمع أبا برده بن نيار الانصارى يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق مذ جه هق ك) وفيه دلالة على جواز الجلد للتعزير الا أنه لا يزيد على عشرة اسواط الا فى حد من حدود الله تعالى كالزنا والقذف وشرب الخمر، وللعلماء خلاف فى ذلك فاخذ بظاهره الليث وأحمد فى المشهور عنه واسحاق، وقال مالك والشافعى وصاحبا أبى حنيفة تجوز الزيادة على العشر، وهل يختلف التعزير باختلاف أسبابه؟ قال أبو حنيفة والشافعى لا يبلغ بالتعزير أدنى الحدود فى الجملة وأدناها عند أبى حنيفة أربعون فى الخمر، وعند الشافعى وأحمد عشرون فيكون أكثر التعزير عند أبى حنيفة تسعة وثلاثين، وعند الشافعى وأحمد تسعة عشر، وقال مالك للامام أن يضرب فى التعزير أى عدد أدى إليه اجتهاده، قال

-[ما جاء في المحاربين وقطاع الطريق]- إلا في حد من حدود الله عز وجل (عن بهز بن حكيم بن معاوية) (1) عن أبيه عن جده (2) قال أخذ النبى صلى الله عليه وسلم ناسا من قومى فى تهمة فحبسهم، فجاء رجل من قومى (3) إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقال يا محمد علام تحبس جيرتى؟ فصمت النبى صلى الله عليه وسلم عنه، فقال إن ناسا ليقولون إنك تنهى عن الشر وتستخلى (4) به، فقال النبى صلى الله عليه وسلم ما يقول؟ قال فجعلت أعرَّض (5) بينهما بالكلام مخافة أن يسمعها فيدعو على قومى دعوة لا يفلحون بعدها أبدًا. فلم يزل النبى صلى الله عليه وسلم به حتى فهمها، فقال قد قالوها أو قائلها منهم؟ والله لو فعلت لكان علىّ (6) وما كان عليهم خلوا له عن جيرانه (باب ما جاء فى المحاربين وقطاع الطريق) (عن أنس بن مالك) (7) قال قدم على النبى صلى الله عليه وسلم ثمانية نفر من عكل (8) فأسلموا فاجتووا المدينة (9) فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتوا إبل الصدقة فيشربوا من أبوالها وألبانها (10) ففعلوا فصحوا فارتدوا (11) وقتلوا رعاتها أو رعاءها وساقوها (12) فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طلبهم قافة (13) فأتى بهم فقطع أيديهم وأرجلهم ولم يحسمهم (14)

_ الشوكاني والحق العمل بما دل عليه الحديث الصحيح المذكور فى الباب (يعنى حديث أبى بردة) قال وليس لمن خالفه متمسك يصلح للمعارضة والله أعلم (1) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن بهز بن حكيم الخ (غريبه) (2) جده معاوية بن حيدة الصحابى (3) هو أبوه أو عمه كما فى رواية أخرى (4) معناه تنهى عن الشر وتنفرد به أى تفعله (5) بضم الهمزة وتشديد الراء مكسورة من التعريض وهو خلاف التصريح يريد بذلك إخفاء ما قاله الرجل للنبى صلى الله عليه وسلم خوفا من غضبه (6) معناه لو فعلت ما أنهى عنه لكان وزره خاصا بى دونهم، ومع هذا فقد عفا النبى صلى الله عليه وسلم عن جيرانه وخلى سبيلهم وهذا من مكارم اخلاقه صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (د نس مذ ك) وحسنه الترمذى وصححه الحاكم وأقره الذهبى، وفيه دلالة على أن الحبس كما يكون حبس عقوبة يكون حبس استظهار، قال الخطابى فالعقوبة لا تكون الا فى واجب وأما ما كان فى تهمة فانما يستظهر بذلك ليستكشف به عما وراءه، وقد روى أنه صلى الله عليه وسلم حبس رجلا فى تهمة ساعة من نهار اهـ (باب) (7) (سنده) حدّثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعى قال حدثنى يحيى بن أبى كثير قال حدثنى أبو قلابة الجرمى عن انس بن مالك الخ (غريبه) (8) بضم المهملة وسكون الكاف وفى رواية من عكل وعرينة بوزن جهينة وفى رواية للبخارى من عكل أو عرينة بالشك ورواية عدم الشك هى الصواب كما قال الحافظ، قال وزعم الداودى وابن التين ان عرينه هم عكل وهو غلط بل هما قبيلتان متغايرتان، فعكل من عدنان، وعرينة من قحطان، وعكل من تيم الرباب، وعرينه حى من قضاعة وحى من بجيلة، والمراد هنا الثانى كذا ذكره موسى بن عقبة فى المغازى، وكذا رواه الطبرانى من وجه آخر عن أنس، وذكر ابن اسحاق فى المغازى ان قدومهم كان بعد غزوة ذى قرد وكانت فى جمادى الآخرة سنة ست، وذكر الواقدى انها كانت فى شوال منها وتبعه ابن سعد وابن حبان وغيرهما (9) قال ابن فارس اجتويت المدينة اذا كرهت المقام فيها وان كنت فى نعمة، وقيده الخطابى بما اذا تضرر بالاقامة (أى لسقم أصابه) وهو المناسب لهذه القصة (10) اى لاجل التداوى (11) أى عن الاسلام كما فى بعض الروايات (12) زاد فى رواية وهربوا محاربين (13) أى جماعة يقتفون اثرهم ويتتبعونهم (14) بسكون الحاء

-[ثبوت السحر وتأثيره بارادة الله عز وجل]- حتى ماتوا وسمل (1) أعينهم (وعنه من طريق ثان) (2) أن نفرا من عكل ثمانية قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وبايعوه على الإسلام فاستوخموا (3) الأرض فسقمت أجسامهم فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه، وفى آخره ثم نبذوا فى الشمس حتى ماتوا (وعنه من طريق ثالث) (4) بنحوه وفيه) فقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف وسمر أعينهم وألقاهم بالحرة (5) قال أنس قد كنت أرى أحدهم يكدم (6) الأرض بفيه حتى ماتوا (زاد فى رواية) قال قتادة عن محمد بن سيرين انما كان هذا قبل أن تنزل الحدود (7) (أبواب السحر والكهانة والتنجيم) (باب ما جاء فى ثبوت السحر وتأثيره بإرادة الله تعالى ووعيد من صدقه بغير ذلك) (عن عائشة رضى الله عنها) (8) قالت سحر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهودى من يهود بنى زريق (9) يقال له لبيد بن الأعصم حتى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخيل

_ وكسر السين المهملتين أى لم يكو مواضع القطع لينقطع الدم بل تركهم تنزف دماؤهم (1) بفتحات آخره لام وكذلك عند مسلم، وفى رواية للبخارى والامام أحمد أيضا (سمر أعينهم) بفتحات آخره راء قال الخطابى (سمر أعينهم) يريد أنه كحلهم بمسامير محماة والمشهور من هذا فى أكثر الروايات سمل باللام أى فقأ أعينهم قال أبو ذؤيب * فالعين بعدهم كأن حداقها * سملت بشوك فهى عور تدمع * (2) (سنده) حدّثنا اسماعيل ثنا الحجاج بن أبى عثمان حدثنى أبو رجاء مولى أبى قلابة قال أنا احدثكم حديث أنس ابن مالك اياى: حدثنى انس بن مالك أن نفرا من عكل الخ (3) اى استثقلوها ولم يوافق هواؤها ابدانهم (4) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد أن قتادة عن أنس بنحو ما تقدم (5) بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء مفتوحة أرض ذات حجارة سود بضواحى المدينة (6) بكسر الدال المهملة أى يقبض عليها ويعضها يعنى أرض الحرة (وفى رواية للبخارى وابى داود) ثم القوا فى الحرة يستسقون فما سقوا حتى ماتوا (وفى رواية للنسائى) وصلبهم (7) أى قبل أن تشرع (تخريجه) ((ق فع هق والاربعة) اقرأ هذا الباب فى بدائع المنن وانظر شرحه صحيفة 307، 308، 309 فى الجزء الثانى تجد ما يسرك والله الموفق (باب) (8) (سنده) حدّثنا ابن نمير ثنا هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (9) بضم الزاى وفتح الراء وسكون الياء التحتية مصغرا (ولبيد) بوزن لئيم (ابن الأعصم) بمهملتين بوزن أحمر وكذا جاء عند مسلم كما هنا ووقع فى رواية للبخارى من طريق ابن عيينة (رجل من بنى زريق حليف ليهود وكان منافقا) وجمع بينهما الحافظ بأن من أطلق أنه يهودى نظر إلى ما فى نفس الأمر، ومن أطلق عليه منافقا نظر الى ظاهر أمره، وقال ابن الجوزى هذا يدل على أنه كان أسلم نفاقا وهو واضح وقد حكى القاضى عياض فى الشفا أنه كان أسلم، ويحتمل أن يكون قيل له يهودى لكونه كان من حلفائهم لا أنه كان على دينهم (وبنو زريق) بطن من الأنصار مشهور من الخزرج وكان بين كثير من الانصار وبين كثير من اليهود قبل الإسلام حلف وأخاء وود، فلما جاء الاسلام ودخل الأنصار فيه تبرءوا منهم، وقد بين الواقدى السنة التى وقع فيها السحر، أخرجه عنه ابن سعد بسند له الى عمر بن الحكم مرسلا قال، لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية فى ذى الحجة ودخل المحرم من سنة سبع جاءت رؤساء اليهود الى لبيد بن الأعصم وكان حليفا فى بنى زريق وكان ساحرا فقالوا له يا أبا الأعصم أنت أسحرنا

-[قصة لبيد بن الأعصم الذى سحر النبى صلى الله عليه وسلم والرد على منكرى ذلك]- إليه أنه يفعل الشئ وما يفعله (1) قالت حتى إذا كان ذات يوم أو ذات ليلة دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دعا (2) قال يا عائشة شعرت أن الله عز وجل قد أفتانى فيما استفتيته فيه (3)، جاءنى رجلان (4) فجلس أحدهما عند رأسى والآخر عند رجليّ (5) فقال الذى عند رأسى للذى عند رجلي أو الذى عند رجلى للذى عند رأسى (6) ما وجع الرجل؟ قال مطبوب (7)، قال من طبه قال لبيد بن الأعصم، قال فى أى شئ؟ قال فى مشط (8) ومشاطة وجف (9) طلعةٍ ذكرٍ، قال وأين هو؟ قال فى بئر أروان (10)، قالت فأتاها فى ناس من أصحابه (وفى لفظ فذهب النبى صلى الله عليه وسلم

_ وقد سحرنا محمدًا فلم نصنع شيئا ونحن نجعل لك جعلا على أن تسحره لنا سحرا ينكؤه فجعلوا له ثلاثة دنانير (1) وقع فى رواية عند البخارى حتى كان يرى أنه يأتى النساء ولا يأتيهن (قال سفيان وهذا أشد ما يكون من السحر اذا كان كذا) قال المازرى أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث وزعموا أنه يحط منصب النبوة ويشكك فيها، قالوا وكل ما أدى إلى ذلك فهو باطل، وزعموا أنه تجويز هذا يعدم الثقة بالشرع إذ يحتمل على هذا أن يخيل إليه انه يرى جبريل وليس هو ثمّ، وأنه يوحى إليه بشئ ولم يوح إليه بشئ قال وهذا كله مردود لأن الدليل قد قام على صدق النبى صلى الله عليه وسلم فيما يبلغه عن الله عز وجل وعلى عصمته فى التبليغ، والمعجزات شاهدات بتصديقه فتجويز ما قام الدليل على خلافه باطل، وأما ما يتعلق ببعض أمور الدنيا التى لم يبعث لأجلها ولا كانت الرسالة من أجلها فهو فى ذلك عرضة لما يعترض البشر كالأمراض، فغير بعيد أن يخيل إليه فى أمر من أمور الدنيا ما لا حقيقة له مع عصمته عن مثل ذلك فى أمور الدين (2) زاد فى رواية لمسلم (ثم دعا) أى كرر لفظ دعا ثلاث مرات وهذا هو المعهود منه صلى الله عليه وسلم أنه كان يكرر الدعاء ثلاثا، قال النووى فيه استحباب الدعاء عند حصول الأمور المكروهات وتكريره والالتجاء إلى الله تعالى فى دفع ذلك (3) اى اجابنى فيما دعوته فأطلق على الدعاء استفتاءا لأن الداعى طالب والمجيب مستفتى، والمعنى أجابنى فيما سألت عنه لأن دعاءه كان أن يطلعه الله على حقيقة ما هو فيه لما اشتبه عليه من الأمر (4) أى ملكان كما صرح بذلك فى الرواية التالية وسماهما ابن سعد فى رواية منقطعة جبريل وميكائيل (5) لم يذكر فى هذه الرواية أيهما قعد عند رأسه وقد جزم الدمياطى فى السيرة بأنه جبريل قال لأنه أفضل، ووقع عند النسائى والامام احمد فى حديث زيد بن أرقم وسيأتى بعد هذا قال فجاءه جبريل عليه السلام فقال إن رجلا من اليهود سحرك وهو حديث صحيح، فدل مجموع الطرق على أن المسئول هو جبريل والسائل ميكائيل (6) جاء عند الحميدى فقال الذى عند رجلى للذى عند رأسى يريد أن السائل ميكائيل والمسئول جبريل فقال الحافظ وكأنها أصوب (7) بالطاء المهملة الساكنة والباءين الموحدتين أى مسحور، قيل كنوا عن السحر بالطب تفاؤلا لا كما قالوا للديغ سليم (8) بضم الميم وسكون المعجمة الآلة التى يسرح بها شعر الرأس واللحية (ومشاطة) بضم الميم وفتح المعجمة مخففة وبعد الألف طاء مهملة ما يخرج من الشعر عند التسريح، وفى حديث ابن عباس من شعره ومن أسنان مشطه ورواه البيهقى، وفى مرسل ابن عبد الحكم فعمد إلى مشط وما مشط من الرأس من شعر فعقد بذلك عقدا (9) بضم الجيم بعدها فاء، ووقع فى بعض نسخ مسلم جب بالجيم والباء الموحدة، قال النووى وهما بمعنى وهو وعاء طلع النخل وهو الغشاء الذى يكون عليه ويطلق على الذكر والأنثى فلهذا قيده فى الحديث بقوله طلعة ذكر بالتنوين كنخلة على أن لفظ ذكر صفة للجف (10) بوزن

-[كلام العلماء فى المدة التى مكثها النبى صلى الله عليه وسلم مريضا بسبب السحر]- إلى البئر فنظر إليها وعليها نخل) ثم جاء فقال يا عائشة كأن ماءها نقاعة (1) الحناء ولكأن نخلها رءوس الشياطين (2)، قلت يا رسول الله فهلا أحرقته؟ وفى لفظ فأحرقه (3) قال لا، أمّا أنا فقد عافانى الله عز وجل وكرهت أن أثير على الناس منه شرا، قالت فأمر بها فدفنت (وعنها من طريق ثان) (4) قالت لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر (5) يرى أنه يأتى ولا يأتى فأتاه ملكان فجلس أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال أحدهما للاخر ما باله؟ قال مطبوب، قال من طبه؟ قال لبيد بن الأعصم، قال فيم؟ قال فى مشط ومشاطة فى جف طلعةٍ ذكر فى بئر ذروان تحت رعوفة (6) فاستيقظ النبى صلى الله عليه وسلم من نومه (7) فقال أى عائشة ألم ترى (8) أن الله أفتاني فيما

_ عطشان، وفي رواية للامام احمد والبخارى وستأتى فى الطريق الثانية (ذروان) بالذال المعجمة بدل الهمزة، ووقع فى رواية للبخارى ومسلم والامام احمد وستأتى فى الطريق الثالثة (ذى أروان) بفتح الهمزة وسكون الراء وسقط لأبى ذر لفظة ذى فعلى الأول فهو من اضافه الشئ لنفسه، قيل والأصل أروان ثم لكثرة الاستعمال سهلت الهمزة وصارت ذروان بالذال المعجمة بدل الهمزة قال النووى وكلاهما صحيح والأول أجود وأصح يعنى أن لفظ ذى أروان أجود وأصح من ذروان وهى بئر بالمدينة فى بستان بنى زريق (1) بضم النون وتخفيف القاف (والحناء) بكسر الحاء المهملة والمد، يعنى أن ماءها احمر كالذى ينقع فيه الحناء يعنى أنه تغير لرداءته أو لما خالطه مما ألقى فيه (2) جاء فى رواية عمرة عن عائشة (فاذا نخلها الذى يشرب من مائها قد التوى سعفه كأنه رؤوس الشياطين أى فى قبح منظرها أو الحيات، إذ العرب تسمى بعض الحيات شيطانا وهو ثعبان قبيح الوجه (3) وفى رواية لمسلم (قلت يا رسول الله فأخرجه) قال النووى كلاهما صحيح فطلبت أن يخرجه ثم يحرقه والمراد اخراج السحر فدفنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبر أن الله تعالى قد عافاه وانه يخاف من اخراجه واحراقه وإشاعة هذا ضررا وشرا على المسلمين من تذكر السحر أو تعلمه وشيوعه اهـ وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم وكرهت أن أثير على الناس منه شرا فأمر بها فدفنت (4) (سنده) حدّثنا ابراهيم بن خالد عن رباح عن معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت لبث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (5) وقع فى رواية أبى ضمرة عند الاسماعيلى (فاقام أربعين ليلة) قال الحافظ ويمكن الجمع بان تكون الستة أشهر من ابتداء تغير مزاجه والاربعين يوما من استحكامه، وقال السهيلى لم أقف على شئ من الأحاديث المشهورة على قدر المدة التى مكث النبى صلى الله عليه وسلم فيها فى السحر حتى ظفرت فى جامع معمر عن الزهرى أنه لبث ستة أشهر اهـ قال الحافظ وقد وجدناه موصولا باسناد الصحيح فهو المعتمد اهـ (قلت) لعله يرد هذه الطريق من حديث الباب فقد رواها الامام أحمد من طريق معمر عن هشام موصولة كما ترى فى السند والله أعلم (6) بفتح الراء بعدها عين مضمومة وهى حجر يوضع على رأس البئر لا يستطاع قلعه يقوم عليه المستقى وقد يكون فى أسفل البئر اذا حفرت تكون ناتئة يجلس عليها الذى ينظف البئر (7) إشارة إلى أن ذلك وقع فى المنام ويؤيده أن الملكين كان يخاطب أحدهما الآخر فى شأنه، اذ لو جاءا اليه يقظة لخاطباه وسألاه واطلق فى رواية عمرة عن عائشة أنه كان نائما ومعلوم ان رؤيا الأنبياء وحى (8) بفتح الراء وسكون الياء التحتية مجزوم بحذف النون أي

-[كلام العلماء فى الروايات المختلفة فى استخراج السحر وإبطاله]- استفتيته فأتى البئر فأمر به فأخرج (1) فقال هذه البئر التى أريتها والله كأن ماءها نقاعة الحناء وكأن رءوس نخلها رءوس الشياطين فقالت عائشة لو أنك كأنها تعنى أن ينتشر (2)، قال أما والله قد عافانى الله وأنا أكره أن أثير على الناس منه شرا (وعنها من طريق ثالث) بنحوه (3) وفيه قال فى مشط ومشاطة وجب (4) أو جف طلعة ذكر قال فأين هو؟ قال فى ذى أروان (5) - وفيه قالت عائشة فقلت يا رسول الله فأخرجته للناس؟ فقال امّا (6) الله عز وجل فقد شفانى وكرهت أن أثور (7) على الناس منه شرا (عن زيد بن أرقم) (8) قال سحر النبى صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود قال فاشتكى لذلك أياما قال فجاء جبريل عليه السلام فقال إن رجلا من اليهود سحرك عقد لك عقدا عقدا (9) فى بئر كذا وكذا (10) فأرسل إليها من يجيء بها فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا رضى الله عنه فاستخرجها بها فحللها قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط (11) من عقال

_ ألم تعلمي (1) تقدم فى الطريق الأولى أن عائشة رضى الله عنها قالت للنبى صلى الله عليه وسلم فأحرقه وفى رواية لمسلم فأخرجه، تعنى السحر قال لا، وفى رواية للبخارى من طريق أبى اسامة عن هشام أيضا أن عائشة قالت قلت يا رسول الله افأخرجته؟ قال لا، وفى هذه الرواية ان النبى صلى الله عليه وسلم أمر به فاخرج، وفى حديث زيد بن أرقم الآتى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عليا فاستخرجها فحللها، وظاهر هذا التعارض (قلت) ويجمع بين هذه الروايات بان النبى صلى الله عليه وسلم بعث عليا لاستخراجها ثم لحق به فاستخرج على رضى الله عنه الجف واطلع النبى صلى الله عليه وسلم على ما فيه من السحر والعقد فحللها ثم اعادها الى الجف وأمره النبى صلى الله عليه وسلم بدفنها خوفا من اطلاع الناس على ذلك فيتذكره المنافقون ويتعلمونه فيؤذون المؤمنين، وعلى هذا فتحمل رواية من أثبت الاستخراج على استخراج الجف وتحمل رواية النفى على ما حواه الجف من السحر لئلا يراه الناس فيتعلمه من اراده، ولذلك قال صلى الله عليه وسلم امّا أنا فقد عافانى الله وكرهت أن أثير على الناس منه شرا قالت فامر به فدفن والله أعلم (2) هذه الجملة وهى قوله (كأنها تعنى أن يتنشر) تفسير من بعض الرواة لقول عائشة (لو أنك) فكأنه عين الذى ارادت بقولها لو أنك فلم يستحضر اللفظ فذكره بالمعنى وجاء صريحا فى بعض روايات البخارى بلفظ (قالت عائشة فقلت افلا تنشرت) من النشرة بضم النون وهى الرقية التى يحل بها عقد الرجل عن مباشرة امرأته وهى ضرب من العلاج يعالج به من يظن أن به سحرا أو شيئا من الجن، قالت له ذلك لانه يكشف بها غمة ما خالطه من الداء، وسيأتى الكلام على النشرة فى آخر باب ما لا يجوز من الرقى والتمائم فى كتاب الطب (3) حدّثنا عفان قال ثنا وهيب ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بنحوه أى بنحو ما تقدم وفيه قال فى مشط ومشاطة الخ (غريبه) (4) بالجيم والباء الموحدة وأو للشك من الراوى وهما بمعنى وتقدم الكلام عليهما فى شرح الطريق الأولى عند قوله وجف طلعة ذكر (5) قيل أن الأصل بئر ذى أروان، ثم لكثرة الاستعمال حذف بعضهم لفظ بئر للعلم به فصار ذى أروان، ثم لكثرة الاستعمال ايضا سهلت الهمزة فصار ذروان، فمنهم من رواه بئر ذروان ومنهم من قال ذى أروان وتقدم كلام فى ذلك (6) بتشديد الميم ورفع لفظ الجلالة وجاءت كذلك عند البخارى أيضا (7) بضم الهمزة وفتح المثلثة وكسر الواو المشددة وهى كذلك عند البخارى أيضا وهى بمعنى أثير وتقدم شرحه (تخريجه) (ق فع هق وغيرهم) (8) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا الاعمش عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم الخ (غريبه) (9) بضم العين المهملة وفتح القاف جمع عقدة كغرفا وغرفة وتكريره يشير الى كثرة العقد (10) هى بئر أروان المتقدم ذكرها (11) هكذا جاء في الأصل

-[تأثير السحر ووعيد من اعتقد أن تأثيره بنفسه بغير ارادة الله تعالى]- فما ذكر لذلك اليهودى ولا رآه فى وجهه قط حتى مات (1) (عن عمرة) (2) قال اشتكت عائشة رضى الله عنها فطال شكواها، فقدم انسان المدينة يتطبب فذهب بنو أخيها يسألونه عن وجعها فقال والله إنكم تنعتون نعت امرأة مطبوبة، قال هذه امرأة مسحورة سحرتها جارية لها، قالت نعم أردت أن تموتى فأعتق، قالت وكانت مدبّرة قالت بيعوها فى أشد العرب ملكة واجعلوا ثمنها فى مثلها * (عن أبى سعيد الخدرى) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة صاحب خمس (4) مدمن خمر، ولا مؤمن بسحر (5) ولا قاطع رحم (6)، ولا كاهن (7)، ولا منان (8) * (عن أبى موسى الأشعرى) (9) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا يدخلون الجنة، مدمن خمر، وقاطع رحم، ومصدق بالسحر ومن مات مدمنا للخمر سقاه الله من نهر الغوطة (10)

_ نشط لكن جاء فى النهاية كأنما أنشط (يعنى بضم الهمزة وكسر الشين المعجمة) من عقال أى حلّ قال صاحب النهاية وكثيرا ما يجيء فى الرواية كأنما نشط من عقال وليس بصحيح يقال نشطت العقدة اذا عقدتها وأنشطتها وانتشطتها اذا حللتها اهـ وقال فى المصباح أنشطت البعير من عقاله أطلقته، وفى المختار الأنشوطة بالضم عقدة يسهل انحلالها مثل عقد التكة اهـ والعقال الحبل الذى يعقل به البعير (1) انما تركه النبى صلى الله عليه وسلم ولم يعاقبه خشية أن يثير بسبب عقابه فتنة بين المسلمين وبين حلفائه من الأنصار، أو لئلا ينفر الناس عن الدخول فى الاسلام، وهو من جنس ما رعاه النبى صلى الله عليه وسلم من منع المنافقين حيث قال لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل اصحابه، ولأنه صلى الله عليه وسلم كان لا ينتقم لنفسه والله أعلم (تخريجه) (نس) وابن سعد، قال الحافظ وصححه الحاكم وعبد بن حميد اهـ (قلت) وأورد نحوه الهيثمى وقال رواه الطبرانى باسانيد ورجال احدها رجال الصحيح (2) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى التدبير وجواز بيع المدبّر لحاجة فى الجزء الرابع عشر من كتاب العتق صحيفة 159 رقم 57 فارجع اليه وانما ذكرته هنا لمناسبة ترجمة الباب والله أعلم (3) حدّثنا يحيى بن ابى بكير حدثنى مندل بن على حدثنى الأعمش عن سعد الطائفى عن عطية عن ابى سعيد الخدرى الخ (غريبه) (4) ليس المراد مجموع الخمس، بل لو مات مرتكبا لواحدة من هذه الخصال المذكورة فى الحديث ولم يتب منها لم يدخل الجنة مع السابقين: أومن غير سبق عذاب ان مات مسلما الا أن يعفو الله عنه، وهذا مذهب أهل السنة عملا بقوله تعالى {ان الله يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء} (5) أى مصدق به كما فى الحديث التالى (6) أى قرابة وسيأتى الكلام عليه فى باب قطع صلة الرحم من كتاب الكبائر (7) سيأتى الكلام على الكاهن بعد باب (8) المنان فى الأصل هوالمنعم المعطى، والمن العطاء، ويقع المنان على الذى لا يعطى شيئا الا منَّ به واعتدّه على من أعطاه وهو مذموم وهو المراد هنا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفى اسناده مندل بن على ضعيف وعطية العوفى فيه مقال ويعضده ما بعده (9) (سنده) حدّثنا على بن عبد الله ثنا المعتمر بن سليمان قال قرأت على الفضيل بن ميسرة عن حديك أبى جرير أن أبا بردة حدثه عن حديث ابى موسى ان النبى صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة الخ (غريبه) (10) ليس هذا آخر الحديث وبقيته جاءت مفسرة لقوله سقاه الله من نهر الغوطة قال نهر يجرى من فروج المومسات يؤذى أهل النار ريح فروجهم، وسيأتى الحديث تاما فى باب ما جاء فى لعن الخمر وشاربه من كتاب الأشربة (تخريجه)

-[ما جاء في حد الساحر وأخبار عن المجوس وعاداتهم]- (عن عثمان بن أبى العاص) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كان لداود نبى الله عليه السلام من الليل ساعة يوقظ فيها أهله فيقول يا آل داود قوموا فصلوا فان هذه ساعة يستجيب الله فيها الدعاء إلا لساحر وعشار (باب ما جاء فى حد الساحر) (حدّثنا سفيان (2) عن عمرو) سمع بجالة (3) يقول كنت كاتبا لجزء (4) بن معاوية عم الأحنف بن قيس فأتانا كتاب عمر قبل موته بسنة أن اقتلوا كل ساحر، وربما قال سفيان وساحرة، وفرقوا بين كل ذى محرم من المجوس (5) وانهرهم عن الزمزمة (6) فقتلنا ثلاثة سواحر وجعلنا نفرق بين الرجل وبين حريمته فى كتاب الله (7) وصنع جزء طعاما كثيرا وعرض السيف على فخذه ودعا المجوس (8) فألقوا وقر بغل أو

_ (طب ك) وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى وأورده المنذرى وقال رواه (حم حب) فى صحيحه والحاكم وصححه (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى كسب العشارين الخ من كتاب البيوع والكسب فى الجزء الخامس عشر صحيفة 16 رقم 50 وانما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة، هذا واحاديث الباب تدل على ثبوت السحر وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء وان تعلمه وتعليمه والتصديق به حرام، قال النووى رحمه الله عمل السحر حرام وهو من الكبائر بالاجماع، قال وقد يكون كفرا وقد لا يكون كفرا بل معصية كبيرة، فان كان فيه قول أو فعل يقتضى الكفر كفر والا فلا، وأما تعلمه وتعليمه فحرام اهـ انظر كلام العلماء فى ذلك فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 312 و 313 فى الجزء الثانى (باب) (2) (غريبه) سفيان هو ابن عيينة وعمرو بفتح المهملة وسكون الميم هو ابن دينار (3) بفتح الباء الموحدة والجيم هو ابن عبدة (بفتحات) العنبرى البصرى وثقه أبو زرعة (4) قال الحافظ بفتح الجيم وسكون الزاى بعدها همزة هكذا يقول المحدثون، وضبطه أهل النسب بكسر الزاى بعدها تحتانية ساكنه ثم همزة وكان عامل عمر على الأهواز، قلت جاء عند الترمذى عن بجالة قال كنت كاتبا لجزء بن معاوية على مناذر (قلت) مناذر اسم موضع ولعله من الاهواز، قال وذكر البلاذرى انه عاش الى خلافة معاوية وولى لزياد بعض عمله اهـ (5) اى لأنهم كانوا يستحلون نكاح المحارم كناكح بنته او اخته او عمته او خالته، قال الخطابى اراد عمر بالتفرقة بين المحارم من المجوس منعهم من اظهار ذلك كما شرط على النصارى ان لا يظهروا صليبهم (6) قال ابن حزم فى المحلى الزمزمة كلام تتكلم به المجوس عند أكلهم لا بد لهم منه، ولا يحل فى دينهم أكل دونه، وهو كلام تعظيم لله تعالى يتكلمون به فى أفواههم خلقة وشفاههم مطبقة لا يجوز عندهم خلاف ذلك وهذا حمق منهم وتكلف اهـ (7) أى كما جاء فى كتاب الله عز وجل فى قوله تعالى {حرمت عليكم امهاتكم- الآية} (8) أى وأمرهم بدفع الجزية (فألقوا وقر بغل أو بغلين) الوقر بكسر الواو، الحمل، واكثر ما يستعمل فى حمل البغل والحمار (من ورق) بكسر الراء اى فضة قيمة الجزية، يؤيد ذلك ما جاء عند الترمذى وحسنه من حديث بجالة أيضا وفيه فجاءنا كتاب عمر، انظر مجوس من قبلك فخذ منهم الجزية فان عبد الرحمن بن عوف أخبرنى ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الجزية من مجوس هجر (فأكلو من غير زمزمة) اى امتثالا لأمر عمر رضى الله عنه، قال الخطابى لم يحملهم عمر على هذه الاحكام فيما بينهم وبين أنفسهم اذا خلوا، وانما منعهم من اظهار ذلك للمسلمين، وأهل الكتاب لا يكشفون عن

-[ما جاء في الكهانة وأصل مأخذها وكلام العلماء فى ذلك]- بغلين من ورق فأكلوا من غير زمزمة ولم يكن عمر أخذ وربما قال سفيان قبل الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر (1) وقال أبى (2) قال سفيان حج بجاله مع مصعب سنة سبعين (باب ما جاء فى الكهانة (3) وأصل مأخذها وكيف يصدق الكاهن فى بعض الأمور) (حدّثنا محمد بن جعفر) ثنا معمر وعبد الرزاق أنبأنا معمر أنبأنا الزهرى عن على بن حسين (عن ابن عباس) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا فى نفر من أصحابه قال عبد الرزاق من الأنصار فرمى بنجم عظيم فاستنار، قال ما كنتم تقولون إذا كان مثل هذا فى الجاهلية؟ قال كنا نقول يولد عظيم أو يموت عظيم، قلت للزهرى أكان يرمى بها فى الجاهلية؟ قال نعم ولكن غلظت حين بعث النبى صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) فانه لا يرمى بها لموت أحد ولا لحياته ولكن ربنا تبارك اسمه اذا قضى أمرا سبح (وفى لفظ سبحه) حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح هذه السماء الدنيا، ثم يستخبر أهل السماء الذين يلون حملة العرش فيقول الذين يلون حملة العرش لحملة العرش ماذا قال ربكم؟ فيخبرونهم، ويخبر أهل كل سماء سماءا حتى ينتهى الخبر الى هذه السماء ويخطف (5) الجن السمع فيرمون، فما جاءوا به على وجهه فهو حق ولكنهم

_ أمورهم التي يتدينون بها ويستعملونها فيما بينهم الا أن يترافعوا الينا فى الاحكام فاذا فعلوا ذلك فان على حاكم المسلمين ان يحكم فيهم بحكم الله المنزل، وان كان ذلك فى الانكحة فرَّق بينهم وبين ذوات المحارم كما يفعل ذلك فى المسلمين (1) هذه الجملة وهى قوله (ولم يكن عمر اخذ الجزية من المجوس الى قوله من مجوس هجر) جاءت حديثا مستقلا تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب أخذ الجزية من الكفار فى الجزء الرابع عشر من كتاب الجهاد صحيفة 122 رقم 340 (2) القائل وقال ابى هو عبد الله بن الامام احمد (قال سفيان حج بجالة الخ) يريد أن عمرو بن دينار سمعه من بجالة حينذاك ويؤيده ما رواه البخارى عن سفيان (قال سمعت عمرا قال كنت جالسا مع جابر بن زيد وعمرو بن أوس فحدثهما بجالة سنة سبعين عام حج مصعب بن الزبير باهل البصرة عند درج زمزم فذكر الحديث) (تخريجه) (د هق) مطولا كما هنا و (خ مذ نس فع) مختصرا، وقال البيهقى قال الشافعى حديث بجالة متصل ثابت (باب) (3) قال القاضى عياض رحمه الله كانت الكهانة فى العرب ثلاثة أضرب، (أحدها) يكون للانسان ولى من الجن يخبره بما يسترقه من السمع من السماء، وهذا القسم بطل من حين بعث الله نبينا صلى الله عليه وسلم (الثانى) ان يخبره بما يطرء أو يكون فى أقطار الأرض وما خفي عنه مما قرب أو بعد، وهذا لا يبعد وجوده، ونفت المعتزلة وبعض المتكلمين هاذين الضربين وأحالوهما، ولا استحالة فى ذلك ولا بعد فى وجوده لكنهم يصدقون ويكذبون والنهى عن تصديقهم والسماع منهم عام (الثالث) المنجمون وهذا الضرب يخلق الله تعالى فيه لبعض الناس قوة مّا لكن الكذب فيه أغلب، ومن هذا الفن العرافة وصاحبها عراف، وهو الذى يستدل على الأمور بأسباب ومقدمات يدعى معرفتها بها، وقد يعتضد بعض هذا الفن ببعض فى ذلك كالزجر والطرق والنجوم وأسباب معتادة، وهذه الأضرب كلها تسمى كهانة، وقد أكذبهم كلهم الشرع ونهى عن تصديقهم وإتيانهم والله أعلم (غريبه) (4) هذه الجملة وهى قوله (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) سقطت من الأصل وثبتت فى صحيح مسلم (5) بفتح الطاء على المشهور وبه جاء القرآن وفى لغة قليلة كسرها ومعناه استرقه وأخذه

-[كيف يصدق الكاهن فى بعض الأمور وما ورد فى ذلك]- يقذفون (1) ويزيدون (وفى لفظ وينقصون) قال عبد الله (يعنى ابن الامام احمد) قال أبى قال عبد الرزاق (2) وبخطف الجن ويرمون (عن ابن عباس) (3) قال كان الجن يسمعون الوحى فيستمعون الكلمة فيزيدون فيها عشرا فيكون ما سمعوا حقا وما زادوه باطلا وكانت النجوم لا يرمى بها (4) قبل ذلك فلما بعث النبى صلى الله عليه وسلم كان أحدهم لا يأتى مقعده الا رمى بشهاب يحرق ما أصاب (5) فشكوا ذلك الى ابليس فقال ما هذا الا من أمر قد حدث فبث جنوده فاذا هم بالنبى صلى الله عليه وسلم يصلى بين جبلي نخلة (6) فأتوه فأخبروه فقال هذا الحدث الذى حدث فى الارض (عن عائشة) (7) زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت سأل اناس رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكهان (8) فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسوا بشئ (9)

_ بسرعة (فيرمون) بضم الياء التحتية بصيغة المفعول أى يرمى الجن بذلك النجم وهو الشهاب (وقوله فما جاءوا به على وجهه) أى من غير تصرف فيه فهو ثابت وكائن أى فما أصابوا به موافقا للواقع فهو مسترق ومخطوف من السمع، وما لم يصيبوا فهو المزيد من طرف أوليائهم الكهان والمنجمين والله أعلم (1) جاء فى رواية أخرى عند مسلم والامام احمد (يقرفون) بالراء بدل الذال، قال النووى هذه اللفظة ضبطوها من رواية صالح على وجهين أحدها بالراء، والثانى بالذال، ووقع فى رواية الأوزاعى وابن معقل الراء باتفاق النسخ، ومعناه يخلطون فيه الكذب وهو بمعنى يقذفون اهـ (2) يعنى فى روايته (ويخطف الجن ويرمون) بدل قوله فى رواية معمر المتقدمة (ويخطف الجن السمع فيرمون) والمعنى واحد ولكنه أتى بذلك حرصا على أمانة النقل رحمه الله (تخريجه) (م مذ نس هق) وله طريق أخرى عند الامام احمد قال حدثنا محمد بن مصعب ثنا الأوزاعى عن الزهرى عن على بن حسين عن ابن عباس حدثنى رجال من الأنصار من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كانوا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة إذ رمى بنجم فذكر الحديث إلا أنه قال إذا قضى ربنا أمرا سبحه حملة العرش ثم الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح السماء الدنيا فيقول الذين يلون حملة العرش ماذا قال ربكم فيقولون الحق وهو العلى الكبير فيقولون كذا وكذا فيخبر أهل السماوات بعضهم بعضا حتى يبلغ الخبر السماء الدنيا قال ويأتى الشياطين فيستمعون الخبر فيقذون به إلى أوليائهم ويرمون به اليهم فما جاءوا به على وجهه فهو حق ولكنهم يزيدون فيه ويقرفون وينقصون اهـ (3) (سنده) حدّثنا أبو أحمد ثنا اسرائيل عن أبى اسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (4) جاء فى رواية ابن جرير وكانت النجوم لا تجرى وكانت الشياطين لا ترمى (5) فى رواية ابن جرير جاءه شهاب فلم يخطئه حتى يحرقه (6) جاء فى رواية ابن جرير أيضا بعد قوله (جبلى نخلة) قال وكيع يعنى بطن نخلة (تخريجه) أخرجه ابن جرير من طريق وكيع عن اسرائيل به وأورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره بسنده ولفظه وعزاه للامام احمد ثم قال ورواه الترمذى والنسائى فى كتابى التفسير من سننهما من حديث اسرائيل، وقال الترمذى حسن صحيح * (7) (سنده) حدّثنا بشر بن شعيب قال فحدثنى أبى قال قال محمد وأخبرنى يحيى بن عروة أنه سمع عروة يقول قالت عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم سأل أناس رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) ممن سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن إتيان الكهان معاوية بن الحكم السلمى كما سيأتى فى حديثه فى الباب التالى (9) أى ليس قولهم بشئ يعتمد عليه، والعرب تقول لمن عمل شيئا ولم يحكمه ما عمل شيئا، قال القرطبى كانوا فى الجاهلية يترافعون إلى

-[النهي عن إتيان الكاهن أو العراف ووعيد من أتاه وصدقه]- فقالوا يا رسول الله انهم يحدثون أحيانا بشئ يكون حقا (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الكلمة من الحق (2) يخطفها الجنى فيقرها (3) فى أذن وليه قر الدجاجة فيخلطون فيها مائة كذبة (4) (باب النهى عن اتيان الكاهن أو العراف ووعيد من أتاه وصدقه) (عن أبى هريرة والحسن) (5) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من أتى كاهنا (6) أو عرافا فصدقه بما يقول (7) فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (عن صفية) (8) عن بعض ازواج النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (9) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من أتى عرافا فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يومًا (10)

_ الكهان في الوقائع والاحكام ويرجعون إلى أقوالهم، وقد انقطعت الكهانة بالبعثة المحمدية، لكن بقى فى الوجود من يتشبه بهم وثبت النهى عن إتيانهم فلا يحل إتيانهم ولا تصديقهم (1) هذا أورده السائل إشكالا على عموم قوله (ليسو بشئ) لانه فهم منه أنهم لا يصدقون أصلا فأجابه صلى الله عليه وسلم عن سبب ذلك الصدق وأنه إذا اتفق أن يصدق لم يتركه خالصا بل يشوبه بالكذب (2) أى الكلمة المسموعة التى تقع حقا (3) ضبطه النووى بفتح الياء التحتية وضم القاف وتشديد الراء مضمومة (وفى النهاية لابن الاثير) القر ترديدك الكلام فى اذن المخاطب حتى يفهمه تقول قررته فيه أقره قرا، وقر الدجاجة صوتها اذا قطعته يقال قرت تقر قرا وقريرا فان رددتة قلت قرقرت قرقرة اهـ والمعنى ان الجنى يقذف الكلمة الى وليه الكاهن ويرددها فيفهمها الكاهن ويزيد عليها كما تؤذن الدجاجة بصوتها صواحبها فتتجاوب، وأطلق على الكاهن ولي الجن لكونه يواليه، او عدل عن قوله الكاهن الى قوله وليه للتعميم فى الكاهن وغيره ممن يوالى الجن (4) بفتح الكاف وسكون المعجمة وجاء فى بعض الروايات أكثر من مائة كذبة وهو دال على ان ذكر المائة للمبالغة لا لتعيين العدد. قال الخطابى بين صلى الله عليه وسلم ان اصابة الكاهن أحيانا انما هى لأن الجن يلقى اليه الكلمة التى يسمعها استراقا من الملائكة فيزيد عليها أكاذيب يقيسها على ما سمع فربما أصاب نادرا وخطؤه الغالب والله أعلم (تخريجه) (ق هق) وغيرهم (باب) (5) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن عوف قال ثنا خلاس عن ابى هريرة والحسن عن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) الكاهن تقدم الكلام على تعريفه فى الباب السابق (وأو) فى قوله او عرافا للتنويع، قال بعض العلماء وزعم أنه هو الكاهن يرده جمعه بينهما فى الخبر، قال النووى والفرق بين الكاهن والعراف أن الكاهن انما يتعاطى الأخبار عن الكوائن المستقبلة ويزعم معرفة الأسرار (والعراف) يتعاطى معرفة الشئ المسروق ومكان الضالة ونحو ذلك اهـ (قلت) والعراف أيضا من يدعى معرفة ذلك بمقدمات اسباب يستدل على مواقعها من كلام من يسأله (7) أى معتقدا أنه يعلم الغيب أوله اطلاع على الأسرار الألهية (فقد كفر) أى كفرا حقيقيا (بما أنزل على محمد) يعنى القرآن والسنة (تخريجه) (ك هق) وقال الحاكم على شرطهما اهـ قال المناوى وقال الحافظ العراقى فى أماليه حديث صحيح، قال الذهبى اسناده قوى (8) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال حدثنى نافع عن صفية الخ (قلت) صفية هى بنت أبى عبيد بن مسعود الثقفية زوج ابن عمر قاله الحافظ فى التقريب (9) قال الحافظ ومن الرواة من سماها حفصة يعنى بنت عمر زوج النبى صلى الله عليه وسلم (10) جاء الوعيد فى حديث أبى هريرة السابق بالتكفير (وفى هذا بعدم قبول الصلاة) فالأول محمول على من صدقه معتقدا أنه يعلم الغيب الخ ما تقدم فى شرحه، وهذا

-[ما جاء في حلوان الكاهن وأخبار عن الكهان]- (عن معاوية بن الحكم السلمى) (1) انه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت اشياء كنا نفعلها فى الجاهلية، كنا نتطير (2) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك شئ تجده فى نفسك فلا يصدنك (3) قال يا رسول الله كنا نأتى الكهان، قال فلا تأت الكهان (باب ما جاء فى حلوان الكاهن وأخبار عن الكهان) (عن أبى مسعود) (4) عقبة بن عامر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثمن الكلب ومهر البغى وحلوان الكاهن (عن أبى سعيد الخدرى) (5) أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر فنزلوا رفقاء، رفقة مع فلان ورفقة مع فلان فنزلت فى رفقة أبى بكر فكان معنا أعرابى من أهل البادية فنزلنا بأهل بيت من الأعراب وفيهم امرأة حامل، فقال لها الأعرابى أيسرك أن تلدى غلاما إن أعطيتنى شاة، فولدت غلاما فأعطته شاة وسجع (6) لها أساجيع قال فذبح الشاة فلما جلس القوم يأكلون قال رجل أتدرون ما هذه الشاة؟ فاخبرهم قال فرأيت

_ يحمل على من صدقة فيما هو فى مقدور البشر فى الشئ الماضى كمعرفته الامور بمقدمات وأسباب يستدل بها على مواقعها كالمسروق من الذى سرقه ومعرفة مكان الضالة ونحو ذلك ولا يصدقه فيما ليس فى مقدور البشر كعلم الغيب والامور المستقبلة التى لا يعلمها الا الله عز وجل ويؤيد ذلك ما جاء عن أنس عند الطبرانى فى الأوسط مرفوعا بلفظ (من أتى كاهنا وصدقه بما يقول فقد برئ بما أنزل على محمد ومن أتاه غير مصدق له لم تقبل له صلاة اربعين ليلة) قال النووى رحمه الله اما عدم قبول صلاته فمعناه أنه لا ثواب له فيها وان كانت مجزئة فى سقوط الفرض ولا يحتاج معها الى اعادة قال ولا بد من هذا التأويل فى هذا الحديث فإن العلماء متفقون على انه لا يلزم من اتى العراف الى إعادة صلوات اربعين ليلة فوجب تأويله اهـ (قلت) وانما عوقب بذلك لأنه خالف الشارع فى النهى عن اتيان العراف والكاهن ونحوهما وربما جره ذلك الى التصديق فيكفر فاستحق العقوبة لذلك والله أعلم (تخريجه) (م هق) (1) (سنده) حدّثنا حجاج ثنا ليث عن عقيل عن ابن شهاب عن أبى سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن معاوية بن الحكم الخ (غريبه) (2) أى نتشاءم بالشئ وأصله فيما يقال التطير بالسوانح والبوارح من الطيور والظباء وغيرهما، وكان ذلك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع وأبطله ونهى عنه وأخبر أنه ليس له تأثير فى جلب نفع أو دفع ضر (3) قال النووى معناه ان كراهة ذلك تقع فى نفوسكم فى العادة ولكن لا تلتفتوا اليه ولا ترجعوا عما كنتم عزمتم عليه قبل هذا، وقد صح عن عروة بن عامر الصحابى قال ذكرت الطيرة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال احسنها الفأل، ولا يرد مسلما فاذا رأى احدكم ما يكره فليقل اللهم لا يأتى بالحسنات الا أنت ولا يدفع السيئات الا أنت ولا حول ولا قوة الا بك رواه أبو داود باسناد صحيح اهـ (تخريجه) (م ط هق وغيرهما) (تنبيه) اقرأ باب ما جاء فى الطيرة واتيان الكاهن فى كتابى بدائع المنن متنا وشرحا صحيفة 445 و 446 فى الجزء الثانى ففيه كلام نفيس (باب) (4) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب النهى عن ثمن الكلب الخ من كتاب البيوع والكسب فى الجزء الخامس عشر صحيفة 31 رقم 92 وأخرجه الشيخان والاربعة. غيرهم وانما ذكرته هنا لما فيه من النهى عن حلوان الكاهن (5) (سنده) حدّثنا يحيى بن آدم ثنا زهير عن الاسود ابن قيس عن ربيح عن ابى سعيد الخدرى الخ (غريبه) (6) سجع بفتحات من باب نفع يقال سجعت الحمامة سجعا هدرت وصوتت والسجع فى الكلام مشيه بذلك لتقارب فواصله وسجع الرجل كلامه كما

-[ما جاء فى العيافة والطرق يعنى الخط فى الأرض والطيرة]- أبا بكر متبرئا مستنبلا متقيئا (1) (عن ابن عباس) (2) أن قريشا أتوا كاهنة فقالوا لها اخبرينا بأقربنا شبها بصاحب هذا المقام (3)، فقالت ان انتم جررتم كساء على هذه السهلة ثم مشيتم عليها أنبأتكم فجرّ، ثم مشى الناس عليها فأبصرت أثر محمد صلى الله عليه وسلم فقالت هذا أقربكم شبها به، فمكثوا بعد ذلك عشرين سنة او قريبا من عشرين سنة او ما شاء الله ثم بعث صلى الله عليه وسلم (عن ابى بردة الظفرى) (4) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرج من الكاهنين رجل يدرس (5) القرآن دراسة لا يدرسها أحد يكون بعده (باب ما جاء فى العيافة والطرق يعنى الخط فى الأرض والطيرة) * (عن أبى هريرة) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان نبى من الأنبياء (7) يخط فمن وافق علمه (8) فهو علمه

_ يقال نظمه اذا جعل لكلامه فواصل كقوافى الشعر ولم يكن موزونا (1) أى متبرئا من تبعة هذا الطعام (مستنبلا) أى متنبها ومهتما بعدم ابقائه فى بطنه بتكلف القيء لأنه يرى ان هذا الطعام لا يحل أكله وقد أكله غير عالم باعله فلما علم ذلك تقيأه لئلا يبقى فى بطنه شئ من الحرام، وهذا من شدة ورعه رضى الله عنه (تخريجه) (ش) وسنده جيد ورجاله ثقات (2) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق أنا اسرائيل والأسود قال ثنا اسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) يعنى النبوة والظاهر أنهم أتوا هذه الكاهنة ومعهم النبى صلى الله عليه وسلم لما شاع الخبر فى ذاك الوقت من أهل الكتاب والكهنة بظهور نبي من قريش فى زمنهم فأرادوا أن يعرفوا من هو، وكان اتيان الكهان شائعا فى العرب قبل النبوة لا سيما فى الامور المهمة عندهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام احمد ورجاله من رجال الصحيحين (4) (سنده) حدّثنا هارون ثنا عبد الله بن وهب اخبرنى أبو صخر عن عبد الله بن معقب بن أبى بردة الظفرى عن أبيه عن جده قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (الظفرى) بفتح الظاء المشددة والفاء (غريبه) (5) بضم الراء من باب نصر اى يقرؤه ويتعهده لئلا ينساه واصل الدراسة الرياضة والتعهد للشئ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم بز طب) من رواية عد الله بن معقب عن أبيه عن جده ولم أعرف عبد الله ولا أباه إلا أن ابن أبى حاتم ذكر عبد الله والبخارى ذكر اباه ولم يخرجهما أحد اهـ (قلت) وفى أحاديث الباب دلالة على تحريم حلوان الكاهن، قال الحافظ وهو حرام بالاجماع لما فيه من أخذ العوض على أمر باطل وفى معناه التنجيم والضرب بالحصى وغير ذلك مما يتعاناه العرافون من استطلاع الغيب والله أعلم (باب) (6) (سنده) حدّثنا أبو أحمد ثنا سفيان عن عبد الله بن أبى لبيد عن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ (غريبه) (7) قيل هو ادريس وقيل دانيال والله أعلم، وحكى مكى فى تفسيره أن هذا النبى كان يخط بأصبعه السبابة والوسطى فى الرمل (قال ابن عباس) الخط هو الذى يخطه الحازى (أى الحزاء وهو الذى ينظر فى المغيبات بظنه، قال وهو علم قد تركه الناس، يأتى صاحب الحاجة إلى الحازى فيعطيه حلوانا فيقول له اقعد حتى أخط لك وبين يدى الحازى غلام له، معه ميل ثم يأتى إلى أرض رخوة فيخط فيها خطوطا كثيرة بالعجلة لئلا يلحقها العدد ثم يرجع فيمحو منها على مهل خطين خطين وغلامه يقول للتفاؤل ابنى عيان أسرع البيان، فان بقى خطان فهما علامة النجح، وان بقى خط واحد فهو علامة الخيبة، وقال الحربى الخط هو أن يخط ثلاثة خطوط ثم يضرب عليهن بشعير أو نوى ويقول يكون كذا وكذا وهو ضرب من الكهانة: قال صاحب النهاية الخط المشار إليه علم معروف وللناس فيه تصانيف كثيرة، وهو معمول به إلى الآن ولهم فيه أوضاع واصطلاح وأسام وعمل كثير ويستخرجون به الضمير وغيره وكثيرا ما يصيبون فيه اهـ (8) بفتح الميم على المفعولية (فهو علمه) بالضم أى علم مثل علمه كما

-[كلام العلماء فى معنى العيافة والخط والطيرة]- (حدّثنا محمد بن جعفر) ثنا عوف عن حيان حدثنى قطن ابن قبيصة عن أبيه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن العيافة (1) والطرق والطيرة من الجبت (2) قال عوف العيافة زجر الطير، والطرق الخط يخط فى الأرض، والجبت قال الحسن إنه الشيطان (باب ما جاء فى التنجيم) * (عن ابن عباس) (3) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ما اقتبس (4) رجل علما من النجوم إلا اقتبس شعبة من السحر

_ كما صرح بذلك فى بعض الروايات (وفى رواية) لمسلم (فمن وافق خطه فذاك) أى فذاك هو المصيب والله أعلم (قال الخطابى) هذا يحتمل الزجر عنه إذا كان علما لنبوته وقد انقطعت فنهينا عن التعاطى لذلك اهـ وقال القاضى عياض الأظهر من اللفظ خلاف هذا وتصويب خط من وافق خطه لكن: من أين نعلم الموافقة والشرع منع من ادعاء علم الغيب جملة، وإنما معناه من وافق فذاك الذى تجدون إصابته لا أنه يريد إباحة ذلك لفاعله على ما تأوله بعضهم اهـ ولو قيل إن قوله (فهو علمه) يدل على الجواز لكان جوازه مشروطا بالموافقة ولا طريق اليها متصلة بذلك النبى فلا يجوز التعاطى والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث أبى هريرة ورجاله من رجال الصحيحين وله شاهد من حديث معاوية بن الحكم رواه الامام احمد ومسلم وتقدم فى باب النهى عن الكلام فى الصلاة فى الجزء الرابع صحيفة 73 من كتاب الصلاة وفيه (قلت إن منا قوم يخطون) قال (يعنى النبى صلى الله عليه وسلم) كان نبى يخط فمن وافق خطه فذلك، ولفظ مسلم فذاك (أى فذاك هو المصيب والله أعلم (حدّثنا محمد بن جعفر الخ) (1) العيافة زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرها وهو من عادة العرب كثيرا، وهو كثير فى أشعارهم (والطرق) الضرب بالحصى، وهو جنس من التكهن ومنه قول لبيد * لعمرك ما تدرى الطوارق بالحصى * ولا زاجرات الطير ما الله صانع * وقيل هو الخط بالرمل ويؤيده تفسير الراوى له بذلك، وهو داخل فى معنى الطرق لأنه يطرق الرمل بأصابعه (والطيرة) بكسر الطاء المهملة مشددة فياء تحتية مفتوحة التشاؤم بأسماء الطيور وأصواتها وألوانها وجهة سيرها عند تنفيرها كما يتفاءل بالعقاب على العقوبة وبالغراب على الغربة وبالهدهد على الهدى، وكما ينظر ان طار على جهة اليمين فيمن واليسار تشاؤم (2) الجبت كل ما يعبد من دون الله، وقيل الكاهن والشيطان (ومن) ابتدائية أى ناشئة منه أو تبعيضية أى من جملة السحر والكهانة أو الشرك وقد فسر فى الحديث على كل واحد منها ولا بد من اضمار فى الاولين مثل انه مما يماثل عبادة الجبت أو من قبيلها أو من أعمال الجبت أى السحر والله أعلم (تخريجه) (د نس هق حب) وصححه الحافظ السيوطى، وقال النووى بعد عزوه لابى داود اسناده حسن اهـ وقد جاء فى الطيرة والعدوى والفأل أحاديث كثيرة ترجمت لها بكتاب الطيرة والعدوى والفأل الخ وسيأتى بعد كتاب الطب ان شاء الله تعالى وجعلت هذا الحديث هنا لدخوله فى معنى الكهانة والسحر والله الموفق ومنه نستمد المعونة جل شأنه (باب) (3) حدّثنا يحيى عن عبد الله بن الأخنس قال حدثنا الوليد بن عبد الله عن يوسف بن ماهك عن ابن عباس الخ (غريبه) (4) أى ما تعلم من قبست من العلم واقتبست من الشئ إذا تعلمته والقبس شعلة من النار واقتباسها الأخذ منها (وقوله إلا اقتبس شعبة من السحر) أى قطعة فكما أن تعلم السحر والعمل به حرام فكذا تعلم علم النجوم والكلام فيه حرام قال ابن رسلان فى شرح السنن والمنهى عنه ما يدعيه أهل التنجيم من علم

-[كلام العلماء فى علم النجوم وما يجوز منه وما لا يجوز]- ما زاد زاد (1) (وعنه من طريق ثان) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اقتبس علما من النجوم اقتبس شعبة من سحر ما زاد زاد وما زاد زاد (3) (عن أبى سعيد الخدرى) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أمسك الله القطر (5) عن الناس سبع سنين ثم ارسله لأصبحت طائفة به كافرين (6) يقولون مطرنا بنوء (7) المجدح * (عن سلمان) (8) قال سمعت أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبيت (9) القوم بالنعمة ثم يصبحون وأكثرهم كافرون يقولون مطرنا بنجم كذا وكذا، قال فحدثت (10) بهذا الحديث سعيد بن المسيب فقال ونحن قد سمعنا ذلك من أبي هريرة

_ الحوادث والكوائن التى لم تقع وستقع فى مستقبل الزمان، ويزعمون أنهم يدركون معرفتها بسير الكواكب فى مجاريها واجتماعها وافتراقها، وهذا تعاط لعلم استأثر الله بعلمه قال وأما علم النجوم الذى يعرف به الزوال وجهة القبلة وكم مضى وكم بقى فغير داخل فيما نهى عنه (ومن المنهى عنه) التحدث بمجيء المطر ووقوع الثلج وهبوب الرياح وتغير الأسعار (1) أى كلما زاد من علم النجوم زاد له من الإثم مثل من زاد من علم السحر، والمراد أنه إذا ازداد من علم النجوم فكأنه ازداد من علم السحر: وقد علم أن أصل علم السحر حرام والازدياد منه أشد تحريما فكذلك الازدياد من علم التنجيم (2) (سنده) حدّثنا روح ثنا أبو مالك عبيد الله بن الأخنس عن الوليد بن عبد الله بن أبى مغيث عن يوسف بن ماهك عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (3) كررها مرتين للتأكيد (تخريجه) (د جه هق) وسكت عنه أبو داود والمنذرى، وقال النووى فى رياض الصالحين بعد عزوه لأبى داود إسناده صحيح، وقال الذهبى حديث صحيح: وقال فى الكبائر رواه أبو داود بسند صحيح * (4) (سنده) حدّثنا سفيان سمع عمرو عن عتاب بن حنين يحدث عن أبى سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أمسك الله القطر الخ وقال سفيان لا أدرى من عتاب (غريبه) (5) يعنى المطر (وقوله سبع سنين) ليس المراد بذلك التحديد فقد جاء عند النسائى خمس سنين، وسواء خمسا أو سبعا فالمراد مدة تورث الإقناط عن إنزال المطر (6) يحتمل أن المراد بالكفر الشرك المقابل للايمان، وذاك فى حق من اعتقد أن المطر من فعل الكواكب، ويحتمل أن يراد به كفر النعمة إذا اعتقد أن الله تعالى هو الذى خلق المطر واخترعه ثم تكلم بهذا القول فهو مخطئ لا كافر، وخطؤه أنه تشبه بالكفار فى أقوالهم وقد نهينا عن التشبه بهم (7) بفتح النون وسكون الواو قال فى المصباح ناء ينوء نوءا مهموز من باب قال نهض ومنه النوء للمطر اهـ والمعنى مطرنا بنهوض الكوكب وهو الذى هاجه (والمجدح) بكسر الميم وسكون الجيم وفتح الدال المهملة بعدها حاء مهملة ويقال بضم أوله نجم أحمرمنير وهو الدبران لفتح الدال لمهملة والباء الموحدة بعدها راء سمى بذلك لاستدباره الثريا (قال ابن قتيبة) كل النجوم المذكورة لها أنواء عندهم غير أن بعضها أحمر وأغزر من غيره، ونوء الدبران غير محمود عندهم اهـ (تخريجه) (نس) من طريق عبد الجبار بن العلاء عن سفيان به وفيه عند الامام احمد قال سفيان لا أدرى من عتاب (قلت) عتاب هو ابن حنين المذكور فى السند ذكره ابن حبان فى الثقات * (8) (سنده) حدّثنا يحيى ابن آدم ثنا عبدة يعنى ابن سليمان عن محمد بن اسحاق عن محمد بن ابراهيم عن سلمان الخ (قلت) سلمان هو الأغر مولى جهينة (غريبه) (9) أى ينعم عليهم بنزول المطر ليلا (10) القائل فحدثت الخ هو محمد بن ابراهيم أحد رجال السند كما صرح بذلك البيهقى فى روايته (تخريجه) (هق) وسنده عند البيهقى صحيح لأن محمد بن اسحاق صرح عنده بالتحديث،

-[الحث والترغيب فى النكاح للقادر عليه وذم تركه]- النوع الرابع من الفقه الأحوال الشخصية والعادات كتاب النكاح (باب الحث عليه وكراهة تركه للقادر) (عن عثمان بن عفان) (1) رضى الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على فتية من المهاجرين فقال من كان منكم ذا طول (2) فليتزوج فانه أغض (3) للطرف وأحصن للفرج (4) ومن لا فان الصوم له وجاء (5) (عن علقمة) (6) قال كنت أمشى مع عبد الله (يعنى ابن مسعود) بمنى فلقيه عثمان فقام معه يحدثه فقال له عثمان يا أبا عبد الرحمن الا نزوجك جارية شابة لعلها أن تذكرك ما مضى من زمانك؟ فقال عبد الله أما لئن قلت ذاك لقد قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر (7) الشباب من استطاع منكم الباءة (8) فليتزوج فانه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فانه له وجاء (عن عبد الرحمن بن يزيد) (9) قال دخلنا على عبد الله بن مسعود وعنده علقمة والأسود فحدث حديثا لا أراه حدثه إلا من أجلى كنت أحدث القوم سنا قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم شباب لا نجد شيئا (10) فقال يا معشر الشباب فذكره (11) (عن سعيد بن جبير) (12) قال لقينى ابن عباس فقال تزوجت؟ قال قلت لا، قال تزوج، ثم لقينى بعد ذلك فقال تزوجت؟ قلت لا، قال تزوج فان خير هذه الأمة كان أكثرها نساء (13) (وعنه من طريق ثان) (14) قال قال لي

_ ويؤيده حديث زيد بن خالد الجهنى رواه (ق حم) وتقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب اعتقاد أن المطر بيد الله الخ من أبواب الاستسقاء فى الجزء السادس صحيفة 252 رقم 1726 فارجع إليه لأن فى شرحه كلاما نفيسا (باب) (سنده) (1) حدّثنا اسماعيل ثنا يونس بن عبيد عن أبى معشر عن ابراهيم عن علقمة قال كنت مع ابن مسعود وهو عند عثمان فقال له عثمان ما بقى للنساء منك، قال فلما ذكرت النساء قال ابن مسعود أدن يا علقمة قال وأنا رجل شاب فقال عثمان خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على فتية الخ (غريبه) (2) بفتح الطاء المهملة أى ذا قدرة على المهر والنفقة (3) أى احبس للبصر يقال غض طرفه أى كسره وأطرق ولم يفتح عينه (4) أى أحفظ له من الوقوع فى الزنا (وقوله ومن لا) أى ومن لا يكون ذا طول (5) الوجاء بكسر الواو والمد معناه هنا الخصاء، ولما كان الصوم مؤثرا فى ضعف الشهوة شبهه بالخصاء الذى ينقطع النكاح (تخريجه) (نس) وسنده صحيح (6) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن ابراهيم عن علقمة الخ (غريبه) (7) قال أهل اللغة المعشر هم الطائفة الذين يشملهم وصف، فالشباب معشر. والشيوخ معشر. والأنبياء معشر. والنساء معشر. فكذا ما أشبهه، والشباب جمع شاب ويجمع على شبان وشبيبة، والشاب هو من من بلغ ولم يجاوز ثلاثين (8) الباءة بالمد والهاء القدرة عى الوطء ومؤن التزويج (تخريجه) (ق. والآربعة طل هق وغيرهم). (9) (سنده) حدّثنا ابن نمير أنا الأعمش عن عمارة بن عمير عن عبد الرحمن بن يزيد الخ (غريبه) (10) اى لا نجد شيئا من مؤن النكاح (11) أى ذكر الحديث المتقدم بلفظه وحروفه (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم). (12) (سنده) حدّثنا اسباط بن محمد ثنا عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير الخ (غريبه) (13) يعنى النبى صلى الله عليه وسلم كما يستفاد من سياق الطريق الثانية (14) (سنده) حدّثنا روح ثنا ابو عوانة عن رقبة

-[قصة عكاف وقوله صلى الله عليه وسلم ان سنتنا النكاح شراركم عزابكم]- ابن عباس تزوج فان خيرنا كان أكثرنا نساء صلى الله عليه وسلم (عن أنس بن مالك) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حبب إلىّ (2) من الدنيا النساء (3) والطيب (4) وجعل قرة عينى فى الصلاة (5) (عن أبى ذر) (6) قال دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل يقال له عكاف (7) بن بشر التميمى فقال له النبى صلى الله عليه وسلم يا عكاف هل لك من زوجة؟ قال لا ولا جارية، قال ولا جارية؟ قال وانت موسر بخير؟ قال وانا موسر بخير، قال انت اذا من اخوان الشياطين (8) لو كنت فى النصارى كنت من رهبانهم (9) إن سنتنا النكاح، شراركم عزابكم واراذل موتاكم عزابكم أبالشيطان تمرسون (10) ما للشيطان من سلاح ابلغ فى الصالحين من النساء الا المتزوجون (11) أولئك المطهرون

_ بن مصقلة بن رقبة عن طلحة الأيامى عن سعيد بن جبيرة قال قال لى ابن عباس الخ (تخريجه) (خ) وأخرجه أيضا الحاكم فى المستدرك وفيه (فان خير هذه الامة أمة محمد صلى الله عليه وسلم أكثرها نساء ومهما فى صلبك مستودع فانه سيخرج قبل يوم القيامة) وصححه الحاكم وأقره الذهبى، وهو موقوف على ابن عباس (1) (سنده) حدّثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا سلام أبو المنذر القارى ثنا ثابت عن أنس الخ (غريبه) (2) مبنى للمفعول (3) أى الاكثار منهن لنقل ما خفى من الشريعة مما يستحيا من ذكره من الرجال، ولاجل كثرة سواد المسلمين ومباهاته بهم يوم القيامة (4) أى لانه حظ الملائكة الكرام (5) أى الصلاة المعلومة ذات الركوع والسجود وخصها بكونها قرة عينه لكونها محل المناجاة، وقدم النساء للاهتمام بنشر الأحكام وتكثير سواد الاسلام، واردفه بالطيب لأنه كالقوت للملائكة الكرام، وأفرد الصلاة بما يميزها عنهما بحسب المعنى، إذ ليس فيها تقاضى شهوة نفسانية كما فيهما: وأضافتها إلى الدنيا من حيث كونها ظرفا للوقوع وقرة عينه فيها بمناجاة ربه، ومن ثم خصها دون بقية أركان الدنيا (تخريجه) (نس هق طب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبى وقال الحافظ العراقى إسناده جيد، وحسنه الحافظ وغيره وهذه الرواية هى المحفوظة عند المحدثين لكن اشتهر على الألسنة بلفظ (حبب إلىّ من دنياكم ثلاث النساء الخ) وقد أنكر الحفاظ لفظ ثلاث وقالوا من رواه بلفظ ثلاث فقدوهم والله أعلم. (6) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا محمد بن راشد عن مكحول عن رجل عن أبى ذر الخ (قلت) قوله عن رجل الظاهر أن هذا الرجل هو غضيف بالضاد المعجمة مصغرا ابن الحارث فقد رواه عبد الرزاق فى جامعه عن محمد ابن راشد عن مكحول عن غضيف بن الحارث عن أبى ذر فذكر الحديث (غريبه) (7) بفتح المهملة وتشديد الكاف، قال الحافظ فى الاصابة عكاف بن وداعه الهلالى ويقال عكاف بن بشر التميمى اهـ (قلت) جاء عند الطبرانى وأبو يعلى وابن منده (عكاف بن وداعه الهلالى) وجاء عند عبد الرازق والامام احمد عكاف بن بشر التميمى (8) أى على طريقتهم (9) جمع راهب والراهب عابد النصارى ومعناه أن الرهبانية وهى عدم الزواج من سنة النصارى، أما المسلمون فسننهم الزواج وأنت من المسلمين فعليك بسننهم (10) بفتح التاء الفوقية وسكون الميم وضم الراء من الممارسه ولها معان، منها ملاعبة النساء ومن ذلك حديث على رضى الله عنه (زعم أنى كنت اعافس وأمارس) أى ألاعب النساء، وعلى هذا فالمعنى باغراء الشيطان ووسوسته تريد أن تلاعب النساء الأجنبيات ولا تتزوج (11) معناه ان الشيطان اذا عجز بنفسه عن افساد رجل صالح اعزب سلط عليه امرأة فتكون سلاحا ماضيا للشيطان فى تنفيذ غرضه بذلك الرجل

-[قصة أيوب وداود ويوسف عليهم السلام مع المرأة]- من الخنا (1) ويحك يا عكاف انهن صواحب ايوب (2) وداود ويوسف وكرسف، فقال له

_ الأعزب أما المتزوج فلا تغريه المرأة لأن عنده ما يغنيه عنها، وفى الحديث (ما تركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء (ق حم وغيرهم) (1) قال أهل اللغة الخنا بفتح الخاء المعجمة الفحش، وهو كل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصى وكثيرا ما ترد الفاحشة بمعنى الزنا وهو المراد هنا كما يستفاد من السياق، وفيه مدح عظيم للمتزوج وتطهيره من الفواحش وكفى بذلك شرفا وفخرا (وقوله ويحك يا عكاف) ويح كلمة ترحم وتوجع تقال لمن وقع فى هلكة لا يستحقها وهى منصوبة على المصدر وقد ترفع وتضاف ولا تضاف، يقال ويح زيد وويحا له وويح له (2) (انهن صواحب أيوب وداود الخ) يعنى النساء يشير الى عظيم كيدهن وانه قلما ينجو من كيدهن احد حتى الانبياء عليهم السلام لولا العصمة فذكر منهم أيوب وداود ويوسف (أما أيوب) فلم أجد فى كتاب الله تعالى ولا سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ما يشير الى أن أيوب عليه السلام له قصة مع المرأة الا ما قاله بعض المفسرين فى قوله تعالى {وخذ بيدك ضغثا فاضرب به ولا تحنث} فقد ذكر البغوى فى تفسيره عن الحسن ما ملخصه أن أيوب عليه السلام لما ابتلاه الله عز وجل بالمرض الشديد مكث سبع سنين وأشهرا وهو صابر على شدة المرض لا يشغله ذلك عن ذكر الله والالتجاء اليه، فاراد ابليس أن يفتنه واستعمل كل الحيل فى افتتانه فلم يفلح، فاتاه من قبل زوجته التى كانت تأتيه بالطعام والشاب ولم يكن له معين فى مرضه سواها، فتمثل لها فى صورة رجل صالح وذكرها ما كانت فيه من النعيم والمال وصحة أيوب وجماله وشبابه وما هو فيه من الضر الآن، وأنه لا يبرأ من مرضه الا اذا ذبح هذه السخلة باسمى: وأتاها بسخلة وقال ليذبح هذه لى ويبرأ فأتته تصرخ وتلح عليه أن يذبح السخلة كما أمرها الرجل ويبرأ، ففطن أيوب لكيد الشيطان وقال لها أتاك عدو الله ونفخ فيك؟ ويلك أتريدين أن اذبح لغير الله؟ طعامك وشرابك على حرام، لئن شفانى الله عز وجل لاجلدنك مائة جلدة اذهبى عنى فلا أراك، فطردها وبقى وحيدا لا مؤنس له فخر ساجدا لله تعالى وقال {رب انى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين} فشفاه الله عز وجل وكان ما قصه الله عنه فى كتابه (وأما داود) عليه السلام فقد جاءت قصته مع المرأة فى القرآن الكريم بطريق التمثيل والتعريض دون التصريح لكونها أبلغ فى التوبيخ، فقال تعالى على لسان الملائكة {ان هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال أكفلنيها وعزنى فى الخطاب} فهى تشير الى أن داود عليه السلام طلب الى زوج المرأة أن ينزل له عنها، ويروى أن أهل زمانه كان يسأل بعضهم بعضا أن يتنازل له عن امرأته فيتزوجها اذا أعجبته، وكان لهم عادة فى المواساة بذلك، وكان الأنصار فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم يواسون المهاجرين بمثل ذلك، فاتفق أن داود وقعت عينه على امرأة أوريا فاعجبته فسأله النزول له عنها فاستحى أن يرده ففعل فتزوجها داود، وقيل خطبها أوريا ثم خطبها داود فآثره اهلها: فكانت زلتة ان خطب على خطبة أخيه المؤمن مع كثرة نسائه وقد ذكر بعض المفسرين واصحاب السير عن الاسرائيليات ان داود ارسل اوريا مرة بعد مرة الى غزوة البلقاء وأحب أن يقتل ليتزوجها فلا يليق من المتسمين بالصلاح فعل ذلك فضلا عن بعض أعلام الأنبياء، ويروى عن على رضى الله عنه انه قال من حدثكم بحديث داود على ما يرويه القصاص جلدته مائة وستين جلدة وهو حد الفرية على الأنبياء (وأما يوسف عليه السلام) فقد قص الله عز وجل علينا فى كتابه تبيين ما وقع ليوسف مع امرأة العزيز بأوضح عبارة ووصف النساء فى هذه القصة بأن كيدهن عظيم

-[النكاح من سنن المرسلين وقصة كرسف مع المرأة]- بشر بن عطية (1) ومن كرسف يا رسول الله؟ قال رجل كان يعبد الله بساحل من سواحل البحر ثلاثمائة عام يصوم النهار ويقوم الليل، ثم انه كفر بالله العظيم فى سبب امرأة عشقها وترك ما كان من عبادة الله عز وجل، ثم استدرك الله ببعض ما كان منه فتاب عليه، ويحك يا عكاف تزوج والا فأنت من المذبذبين (2) قال زوجنى يا رسول الله قال قد زوحتك كريمة بنت كلثوم الحميرى (عن أبى أيوب الانصارى) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اربع من سنن المرسلين التعطر (4) والنكاح والسواك والحياء (باب النهى عن الاختصاء والتبتل) (عن عبد الله) (5) قال

_ (وأمّا كرسف) فقد ضبطه صاحب مجمع بحار الأنوار بضم الكاف والسين المهملة بينهما راء ساكنة ثم نقل عن النووى انه اسم رجل زاهد من بنى اسرائيل فذكر قصته كما جاءت فى الحديث (1) جاء فى الاصابة (بشر بن عطية) ذكره ابن حبان وقال لا اعتمد على اسناد خبره (وفيها) روى ابن منده من طريق مكحول عن غضيف بن الحارث عن ابى ذر أن بشر بن عطية سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن شئ فأجابه قال الحافظ وهو فى قصة عكاف: لكن المحفوظ فيه عطية بن بسر وهو المازنى وهو بضم الموحدة وسكون المهملة اهـ (قلت) جاء فى الاصابة فى ترجمة عكاف قال وروى الطبرانى فى مسند الشاميين والعقيلى من طريق برد بن سنان عن مكحول عن عطية بن بسر عن عكاف بن وداعة الهلالى فذكر الحديث بطوله. وروى أبو يعلى وابن منده من طريق بقية عن معاوية بن يحيى عن سليمان بن موسى عن مكحول عن غضيف بن الحارث عن عطية بن بسر المازنى قال جاء عكاف بن وداعة فذكر الحديث، قال وهكذا رواه ابن السكن من طريق بقية بهذا الاسناد الا أنه قال عن عطية بن بسر عن عكاف، وذكر الحافظ لهذا الحديث طرقا كثيرة ثم قال والطرق المذكورة كلها لا تخلو من ضعف واضطراب (2) أى المطرودين عن المؤمنين لانك لم تقتد بهم، وأصله من الذب وهو الطرد (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت الرجل الذى لم يسم هو غضيف بن الحارث وتقدم الكلام عليه فى الشرح عقب سند الحديث، وغضيف المذكور وثقه العجلى وابن سعد، قال خليفة مات فى زمن مروان كذا فى الخلاصة، واخرجه ايضا ابو على بن السكن والعقيلى فى الضعفاء وابن منده فى المعرفة والطبرانى فى مسند الشاميين وأبو يعلى فى مسنده وله طرق شتى عندهم تقدم بعضها فى خلال الشرح والله أعلم (3) (سنده) حدّثنا يزيد أنا الحجاج بن ارطاة عن مكحول وثنا محمد بن يزيد عن حجاج عن مكحول قال قال أبو أيوب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) أى استعمال العطر وهو الطيب لأنه يزكى الفؤاد ويقوى القلب والجوارح (والسواك) لأنه مطيب للفم (والحياء) بالياء التحتية بعدها همزة وهو كذلك عند الترمذى، قال البيضاوى روى (الحناء) بالنون (والحياء) بمثناه (والختان) بمعجمة ففوقية مثناة (قلت) قال الزين العراقى والصواب الختان فوقعت النون فى الهامش فذهبت فاختلف فى لفظه، وهو أولى منهما اذا الحياء خلق والحناء ليس من السنن ولا ذكره المصطفى صلى الله عليه وسلم فى خصال الفطرة بخلاف الختان فان ابراهيم عليه الصلاة والسلام أمر به واستمر بعده فى الرسل واتباعهم حتى المسيح عليه السلام فانه اختتن (تخريجه) (مذ) والبيهقى فى شعب الايمان وقال الترمذى حسن غريب والله أعلم (باب) (5) (سنده) حدّثنا محمد بن عبيد ثنا اسماعيل (يعنى ابن أبى خالد) عن قيس عن عبد الله (يعني ابن مسعود)

-[النهي عن الاختصاء وتحريمه لأنه يقطع النسل ويمنع النكاح]- كنا نغزوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس لنا نساء (1) فقلنا يا رسول الله ألا نستخصى (2)؟ فنهانا عنه ثم رخص لنا بعد فى أن نتزوج المرأة بالثوب (3) إلى أجل ثم قرأ ابن مسعود {يا أيها الذين آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم (4) ولا تعتدوا إن الله لا يحب المعتدين} (عن عبد الله بن عمرو) (5) قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ائذن لى أن أختصى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خصاء أمتى الصيام والقيام (عن جابر بن عبد الله) (6) قال جاء شاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتأذن لى فى الخصاء؟ فقال صم وسل الله من فضله (7) (عن سعد بن أبى وقاص) (8) قال أراد عثمان بن مظعون أن يتبتل (9) فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو أجاز ذلك لاختصينا (10)

_ قال كنا نغزو الخ (غريبه) (1) جاء فى رواية للبخارى وليس معنا شئ يعنى نتزوج به (2) أى الا نستدعى من يفعل بنا الخصاء أو نعالج ذلك بانفسنا، والخصاء هو شق الانثيين وانتزاع البيضتين، وانما طلبوا ذلك لتزول عنهم شهوة الجماع، وقد طلبه غير واحد من الصحابة وكان ذلك قبل النهى عنه (وقوله فنهانا عنه) أى لانه حرام لما فيه من الضرر وقطع النسل (3) اى بالثوب وغيره مما تتراضى به المرأة الى أجل وهو نكاح المتعة كان رخصة ثم نسخ (4) اى مما طاب ولذ من الحلال، ومعنى (لا تحرموا) لا تمنعوا أنفسكم كمنع التحريم ولا تقولوا حرمناها على أنفسنا مبالغة منكم فى العزم على تركها، وعن ابن مسعود ان رجلا قال له انى حرمت الفراش فتلا هذه الآية وقال نم على فراشك وكفر عن يمينك (ولا تعتدوا) اى لا تتعدوا حدود ما أحل لكم الى ماحرم عليكم، وظاهر استشهاد ابن مسعود بهذه الآية هنا يشعر بانه كان يرى جواز المتعة، قال القرطبى لعله لم يكن حينئذ بلغه الناسخ ثم بلغه فرجع بعد اهـ (تخريجه) (ق فع وغيرهما) (5) (سنده) حدّثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثنى حى بن عبد الله عن أبى عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو الخ (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) ورجاله ثقات وفى بعضهم كلام (6) (سنده) حدّثنا ابراهيم يعنى ابن خالد حدثنا رباح عن معمر عن يحيى بن أبى كثير قال حدثنى رجل عن جابر الخ (غريبه) (7) الظاهر أن هذا الشاب انما طلب الخصاء لقله ذات يده وعدم وجود مؤن النكاح ولذلك أمره النبى صلى الله عليه وسلم بالصوم لأنه يضعف الشهوة وأمره ان يسأل الله من فضله تيسير ما يؤهله، وكذا يقال فى الرجل المذكور فى الحديث السابق والله أعلم (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وفى اسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (8) (سنده) حدّثنا حجاج أنبأنا ليث حدثنى عقيل عن ابن شهاب اخبرنى سعيد بن المسيب انه سمع سعد بن ابى وقاص قال أراد عثمان بن مظعون الخ (غريبه) (9) قال العلماء التبتل هو الانقطاع عن النساء وترك النكاح اشتغالا بعبادة الله تعالى: وقال الطبرى التبتل هو ترك لذات الدنيا وشهواتها والانقطاع الى الله تعالى بالتفرغ لعبادته اهـ قال النووى هذا النهى عند أصحابنا محمول على من تاقت نفسه الى النكاح ووجد مؤنه وعلى من أضر به التبتل بالعبادات الكثيرة الشاقة، أما الإعراض عن الشهوات واللذات من غير إضرار بنفسه ولا تفويت حق لزوجة ولا غيرها ففضيلة لا يمنع منها بل مأمور بها (10) قال الطيبى كان الظاهر أن يقول لتبتلنا لكنه عدل عن هذا الظاهر إلى قوله لاختصينا لا يمنع منها بل مأمور بها (10) قال الطيبى كان الظاهر أن يقول لتبتلنا لكنه عدل عن هذا الظاهر إلى قوله لاختصينا لارادة المبالغة أى لمبالغتنا حتى يفضى بنا الأمر إلى الاختصاء ولم يرد حقيقة الاختصاء لأنه حرام، وقيل بل هو على ظاهره وكان ذلك قبل النهى عن الاختصاء (تخريجه) (ق

-[النهي عن التبتل لشبهه بالرهبانية وتضيع حق المرأة]- (عن سمرة بن جندب) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التبتل (عن الحسن عن سعد بن هشام) (2) أنه قال لعائشة رضى الله عنها إنى أريد أن أسألك عن التبتل فما ترين فيه؟ قالت فلا تفعل، أما سمعت الله عز وجل يقول {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية} فلا تبتل قال فخرج وقد فقه وقدم البصرة فلم يلبث إلا يسيرا حتى خرج إلى أرض مكران فقتل هناك على أفضل عمله (وعنها فى رواية أخرى) (3) قالت لا تفعل أما تقرأ {لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة} فقد تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ولد له (عن ابن عباس) (4) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول لا صرورة (5) فى الاسلام (باب صفة المرأة التى تستحب خطبتها) (عن عبد الله بن عمرو) (6) ابن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ان الدنيا كلها متاع (7) وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة (8)

_ نس مذ جه ط هق) (1) حدّثنا على ثنا معاذ حدثنى أبى عن الحسن عن سمرة بن جندب الخ (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذى حسن غريب، قال وروى الأشعث بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم ويقال كلا الحديثن صحيح اهـ (قلت) وزاد الترمذى وابن ماجه فى هذا الحديث من طريق زيد بن أخزم أنه قال وقرأ قتادة {ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية} اهـ (قلت) يريد قتادة أنهم الذين أمر الله تعالى بالاقتداء بهديهم فى قوله عز وجل {فبهداهم اقتده} ومعنى الحديث أن النكاح من سنة المرسلين فلا ينبغى تركها أصلا (عن الحسن عن سعد ابن هشام) (2) هذا طرف من حديث طويل تقدم بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه فى الجزء الرابع فى باب ما روى عن أم المؤمنين عائشة رضى الله عنها فى صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الليل صحيفة 258 رقم 1028 فارجع اليه (3) هذه الرواية طرف من حديث طويل سيأتى بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه فى باب خلق النبى صلى الله عليه وسلم من أبواب الشمائل فى كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (4) (سنده) حدّثنا محمد بن بكر قال أنا ابن جريج أخبرنى عمر بن عطاء عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (5) بفتح الصاد المهملة وضم الراء الاولى وفتح الثانية أى لا تبتل فى الاسلام لأنه من فعل الرهبان: أو لا يترك الانسان الحج فانه من أركان الاسلام، وأصله من الصر وهوالحبس، قال القاضى عياض الصرورة من انقطع النكاح وسلك سبيل الرهبانية، وأصلها أن الرجل كان إذا ارتكب جريمة لجأ إلى الكعبة وكان فى أمان ما دام فيها فيقال له صرورة ثم اتسع فيها فاستعمل لكل متعبد معتزل عن النساء، ويقال الصرورة الذى لم يحج وهو المنع كأنه أبى أن يحج ومنع نفسه عن الإتيان به، وظاهر هذا يدل على أن تارك الحج غير مسلم، والمراد به أن لا ينبغى أن يكون فى الاسلام أحد يستطيع الحج ولا يحج أوالتزوج ولا يتزوج فعبر عنه بهذه العبارة تشديدا وتغليظا (تخريجه) (د ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبى انظر أحكام هذا الباب والذى قبله وكلام الأئمة فى ذلك فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 314 و 315 فى الجزء الثانى (6) (سنده) حدّثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة وابن لهيعة قالا ثنا شرحبيل بن شريك أنه سمع أبا عبد الرحمن يحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص الخ (غريبه) (7) أى متمتع قليل ونفع زائل عن قريب، وإنما خلق ما فيها لأن يستمتع به مع حقارته أمدا قليلا ثم ينقضى، والمتاع ما ليس له بقاء، قال الطيبى المتاع من التمتع بالشئ وهو الانتفاع به وكل ما ينتفع به من عروض الدنيا متاع (8) إنما كانت

-[صفة المرأة التى يرغب فى نكاحها]- (عن أبي هريرة) (1) عن النبى صلى الله عليه وسلم تنكح النساء (2) لأربع، لمالها وجمالها وحسبها (3) ودينها فاظفر بذات الدين (4) تربت يداك (عن أبى سعيد الخدرى) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تنكح المرأة على احدى خصال ثلاثة، تنكح المرأة على مالها، وتنكح المرأة على جمالهها، وتنكح المرأة على دينها، فخذ ذات الدين والخلق تربت يمينك (عن عائشة رضى الله عنها) (6) عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه (عن جابر بن عبد الله) (7) ان النبى صلى الله عليه وسلم قال ان المرأة تنكح لدينها ومالها وجمالها فعليك بذات الدين تربت

_ المرأة الصالحة خير متاع الدنيا لأنها تحفظ زوجها عن الحرام وتعينه على القيام بالامور الدنيوية والدينية وكل لذة أعانت على لذات الآخرة فهى محبوبه مرضية لله عز وجل، قال الطيبى وقيد بالصالحة إيذانا بأنها شر المتاع لو لم تكن صالحة، والمراد بالصالحة التقية المصلحة لحال زوجها فى بيته المطيعة لامره (تخريجه) (م نس هق) (1) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال حدثنى سعيد عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) هكذا فى هذه الرواية عند الامام احمد: وعند الشيخين (تنكح المرأة) وكذلك عند الامام احمد فى بعض الروايات وستأتى (وقوله لأربع) أى لاجل أربع خصال أى إنهم يقصدون عادة نكاحها لهن (3) بفتح المهملتين فموحدة مكسورة شرفها بالآباء والاقارب مأخوذ من الحساب لانهم كانوا إذا تنافروا عدوا مناقبهم ومآثر آبائهم وحسبوها فيحكم لمن زاد عدده على غيره، وقيل أراد بالحسب هنا أفعالها الحسنة الجميلة (4) يستفاد منه أن اللائق بذى الدين والمروءة أن يكون الدين مطمح نظره فى كل شئ لا سيما فيما تطول صحبته كالزوجة، وقد وقع فى حديث عبد الله بن عمرو عند (جه بز هق) رفعه لا تزوجوا النساء لحسنهن فعسى حسنهن أن يرديهن، ولا تزوجوهن لاموالهن فعسى أموالهن أن تطغيهن، ولكن تزوجوهن على الدين، ولأمة سوداء ذات دين أفضل، ولهذا قيل إن معنى حديث الباب الإخبار منه صلى الله عليه وسلم بما يفعله الناس فى العادة فانهم يقصدون هذه الخصال الأربع وآخرها عندهم ذات الدين فأخبر صلى الله عليه وسلم أن ذات الدين أفضل الجميع ولذا قال فاظفر بذات الدين، (وقوله تربت يداك) بفتح التاء المثناة فوق وكسر الراء أى افتقرنا أو لصقتا بالتراب من شدة الفقر وهى كناية عن الفقر قال الحافظ هو خبر بمعنى الدعاء لكن لا يراد به حقيقته اهـ قال العلماء لفظ تربت يداك يستعمل لمعان كثيرة، منها الانكار والتعجب وتعظيم الامر والحث على الشئ وهو المراد (تخريجه) (ق د نس جه هق) (5) (سنده) حدّثنا على ابن عبد الله ثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا محمد عن سعيد بن اسحاق عن عمته عن أبى سعيد الخدرى الخ (تخريجه) أورده المنذرى وقال رواه (حم) باسناد صحيح و (بز عل حب) فى صحيحه وأورده أيضا الهيثمى وقال رواه (حم عل بز) ورجاله ثقات (6) (سنده) حدّثنا عبد الصمد حدثنى أبى ثنا حسين بن ذكوان عن عطاء عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تزوج المرأة لثلاث، لمالها وجمالها ودينها فعليك بذات الدين تربت يداك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث عائشة ورجاله ثقات (7) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن عبد الملك ح واسحاق بن يوسف الأزرق ثنا عبد الملك عن عطاء عن جابر قال تزوجت امرأة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا جابر أتزوجت؟ قال قلت نعم، قال بكرا أو ثيبا؟ قال قلت ثيبا قال ألا بكرا تلاعبها؟ قال قلت يا رسول الله كن لى أخوات فخشيت ان تدخل بينى وبينهن، فقال إن المرأة

-[الترغيب في زواج المرأة الولود وعدم التغالى فى الصداق]- يداك (عن عبد الله بن عمرو) (1) بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنكحوا امهات الأولاد (2) فانى أباهى بهم يوم القيامة (3) (عن أنس بن مالك) (4) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالباءة (5) وينهى عن التبتل نهيا شديدا ويقول تزوجوا الودود (6) الولود فانى مكاثر بكم الانبياء يوم القيامة (عن أبى هريرة) (7) سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى النساء خير؟ قال التى تسره اذا نظر وتطيعه اذا أمر ولا تخالفه (8) فيما يكره فى نفسها وماله (عن عائشة رضى الله عنها) (9) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يمن (10) المرأة تيسير خطبتها (11) وتيسير صداقها (12) وتيسير رحمها (13) (عن أنس ابن مالك) (14) أن النبى صلى الله عليه وسلم أرسل أم سليم تنظر الى جارية فقال شمى عوارضها (15) وانظري

_ تنكح لدينها الخ (تخريجه) (م مذ) (1) * (سنده) حدّثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثنى حي بن عبد الله عن أبى عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبه) (2) المراد بأمهات الأولاد من هى فى مظنة الولادة، أو على الشابة دون العجوز التى انقطع نسلها، ويعرف فى البكر بأقاربها لأنها فى الغالب تكون مثلهم (3) ليست المباهاة المنهى عنها، بل معناه أغالب بهم الأمم السابقة فى الكثرة، وهو تعليل للأمر بتزويج الولود (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه حي بن عبد الله المعافرى وقد وثق وفيه ضعف (4) (سنده) حدّثنا حسين وعفان قالا ثنا خلف بن خليفة حدثنى حفص بن عمر عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (5) تقدم ضبطها وتفسيرها فى الباب الأول، والمراد هنا النكاح وأصله الموضع يتبوؤه ويأوى إليه قاله الخطابى (6) الودود يعنى المودودة لما هى عليه من حسن الخلق والتودد إلى الزوج وهو فعول بمعنى مفعول (والولود) كثيرة الولد والمكاثرة يوم القيامة إنما تكون بكثرة أمته صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (طس حب) وأورده الهيثمى وقال رواه (حم طس) واسناده حسن (7) (سنده) حدّثنا يحيى عن ابن عجلان عن سعيد عن أبى هريرة الخ (غريبه) (8) هو من التخلف لا من المخالفة التى هى ضد الطاعة لأنه لو كان كذلك لم يستقم المعنى، أما كونه من التخلف فلأن المرأة إذا غاب عنها زوجها يقال لها خالفة قال تعالى {رضوا بأن يكونوا مع الخوالف} جمع خالفة أى مع النساء والصبيان وأصحاب الاعذار، والذى يقعد بعدك يقال له خالف، قال فى اللسان وهو يخالف إلى فلانة أى يأتيها إذا غاب زوجها وخالفها إلى موضع آخر لازمها، والمعنى أن المرأة الصالحة إذا خلفت زوجها فى منزله لغيابه عنها لا تأت أمرا يكرهه سواء كان فى نفسها كتبرجها للرجال ومخالطتهم فى الداخل والخارج ونحو ذلك، وسواء كان فى مال كعدم صيانته وانفاقه فيما لا تمس الحاجة إليه (تخريجه) (نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبى * (9) (سنده) حدّثنا ابراهيم بن اسحاق قال ثنا ابن مبارك عن اسامة بن زيد عن صفوان بن سليم عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (10) اليمن بضم الياء التحتية وسكون الميم البركة وضده الشؤم (11) بكسر الخاء المعجمة اى سهوله سؤال الخاطب اولياءها نكاحها واجابتهم بسهولة من غير توقف (12) اى عدم التشديد فى تكثيره ووجدانه بيد الخاطب من غير كد فى تحصيله (13) اى للولادة بان تكون سريعة الحمل كثيرة النسل (تخريجه) (ك هق) وصححه الحاكم وأقره الذهبى، وقال الحافظ العراقى سنده جيد، وقال الهيثمى بعد ان عزاه للامام أحمد فيه اسامة بن زيد بن أسلم وهو ضعيف وقد وثق (14) (سنده) حدّثنا اسحاق ابن منصور ثنا عمارة عن ثابت عن أنس الخ (غريبه) (15) قال فى النهاية العوارض الأسنان التي في

-[الترغيب في زواج الأبكار إلا لمصلحة فى الثيب]- إلى عرقوبها (1) (باب الترغيب فى التزوج بالابكار من النساء الا لمصلحة فى الثيب) (عن جابر بن عبد الله) (2) قال قال لى رسول الله يا جابر ألك امرأة؟ قال قلت نعم، قال أثيبا نكحت أم بكرا؟ قال قلت له تزوجتها وهى ثيب قال فقال لى فهلا (3) تزوجتها جويرية؟ قال قلت له قتل أبى معك يوم كذا وكذا (4) وترك جوارى فكرهت أن أضم اليهن جارية كاحداهن فتزوجت ثيبا تقصع (5) قملة احداهن، وتخيط درع احداهن (6) اذا تخرق، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فانك نعم ما رأيت (وعنه من طريق ثان) (7) قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم هل نكحت؟ قلت نعم، قال أبكرا أم ثيبا؟ قلت ثيبا، قال فهلا بكرا تلاعبها وتلاعبك (8)؟ قلت يا رسول الله

_ عرض الفم وهى ما بين الثنايا والأضراس، واحدها عارض أمرها بذلك لتبور (أى تختبر) به نكهتها أى ريحها وفى قصيدة كعب * تجلو عوارض ذى ظلم اذا ابتسمت * يعنى تكشف عن اسنانها (1) هو الوتر الذى خلف الكعبين بين مفصل القدم والساق من ذوات الاربع، ومن الانسان فويق العقب، أمرها بالنظر الى العرقوب لأنه اذا كان بارزا ظاهرا دل على نحافة جسم صاحبه، وان كان غير ظاهر دل على امتلاء الحسم وسمنه (تخريجه) (طب ك هق) وزاد الحاكم والبيهقى فجاءت اليهم فقالوا الا نغذيك يا ام فلان؟ فقالت لا آكل الا من طعام جاءت به فلانة، قال فصعدت فى رف لهم فنظرت الى عرقوبيها ثم قالت أفلينى يا بنية، قال فجعلت تفليها وهى تشم عوارضها، قال فجاءت فأخبرت (هذا لفظ الحاكم) وعند البيهقى قالت قبلينى يا فلانة بدل قولها افلينى: قال فجعلت تقبلها اهـ صححه الحاكم وأقره الذهبى (باب) (2) (سنده) حدّثنا عبيدة حدثنى الأسود عن نبيح العنزى عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (3) هلا للتحضيض وقوله (جويرية) تصغير جارية يريد بها البكر التى لم يسبق لها زواج ولا وطء (4) أى يوم أحد كما صرح بذلك فى الطريق الثانية (وقوله وترك جوارى) جمع جارية والمراد هنا الشابة لخفتها، وجاء فى الطريق الثانية سبع بنات، وفى رواية اخرى لى اخوات وعمات فكرهت الخ، وفى رواية للبخارى تسع بنات وله فى اخرى سبع بنات كما هنا: ولمسلم تسع بنات او سبع، ويجمع بين مختلف الروايات بأن من اخواته اثنتان متزوجتان فلم يعدهن فى رواية لاستغنائهن عنه، وعدهن فى اخرى ولم يسم منهن واحدة، قال الحافظ وأما امرأة جابر المذكورة فاسمها سهلة بنت مسعود بن أوس بن مالك الانصارية الأوسية، ذكره ابن سعد (5) أى تقتل والقصع الدلك بالظفر (6) درع المرأة قميصها (7) (سنده) حدّثنا سفيان قال عمرو سمعت جابرا يقول قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم هل نكحت الخ (8) زاد فى رواية للبخارى والامام احمد ايضا (وتضاحكها وتضاحكك) ولهما فى رواية اخرى (مالك وللعذارى ولعابها) العذارى جمع عذراء وهى الجارية التى لم يمسها رجل وهى البكر، والعذرة ما للبكر من الالتحام قبل الافتضاض، وفى رواية لمسلم (فأين انت من العذارى ولعابها) قال النووى لعابها بكسر اللام، قال ووقع لبعض رواة البخارى بضمها، قال القاضى عياض وأما رواية مسلم فالبكسر لا غير وهو من الملاعبة مصدر لاعب ملاعبة كقاتل مقاتلة اهـ قال النووى وقد حمل جمهور المتكلمين فى شرح هذا الحديث قوله صلى الله عليه وسلم (تلاعبها) على اللعب المعروف ويؤيده تضاحكها وتضاحكك، وقال بعضهم يحتمل ان يكون من اللعاب وهو الريق اهـ قال الحافظ ووقع فى رواية المستملى ضم اللام فى قوله (ولعابها) قال والمراد به الريق

-[الترغيب فى تزويج ذى الدين والخلق الحسن وان كان فقيرا]- قتل أبي يوم أحد وترك سبع بنات وكرهت أن أجمع إليهن خرقاء (1) مثلهن ولكن امرأة تمشطهن (2) وتقيم عليهن، قال أصبت (3) (وعنه من طريق ثالث (4) بنحوه وفيه) قال لكم أنماط؟ (5) قلت يا رسول الله وأنى (6) فقال خف (7) أما إنها ستكون لكم أنماط، فأنا اليوم أقول لامرأتى نحى عن أنماطك (8) فتقول نعم ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها ستكون لكم أنماط فأتركها؟ (9) (باب الترغيب فى التزويج من ذى الدين والخلق المرضى وإن كان فقيرا أو دميم الخلقة) (عن ثابت البنانى عن أنس) (10) قال خطب النبى صلى الله عليه وسلم على جليبيب (11) امرأة من الأنصار إلى أبيها فقال حتى استأمر أمها، فقال النبى صلى الله عليه وسلم فنعم إذا، فانطلق الرجل إلى امرأته فذكر ذلك لها فقالت لا هاالله (12) إذا ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا جليبيا وقد منعناها من فلان وفلان

_ وفيه إشارة الى مص لسانها ورشف شفتيها وذلك يقع عند الملاعبة والتقبيل وليس هو ببعيد كما قال القرطبى اهـ (1) بفتح الخاء المعجمة وسكون الراء بعدها قاف هى التى لا تعمل بيدها شيئا، وهى تأنيث الأخرق وهو الجاهل بمصلحة نفسه وغيره (2) بضم الشين المعجمة وكسرها من بابي قتل وضرب أى تسرح شعرهن، يقال مشطت الشعر مشطا سرحته والتثقيل مبالغة وامتشطت المرأة مشطت شعرها (وتقيم عليهن) اى بالخدمة والتأديب (3) فيه استحباب نكاح الثيب ان كان لمصلحة كما فعل جابر، ولذلك قال له النبى صلى الله عليه وسلم أصبت، وقال فى الطريق الاولى (نعم ما رأيت) وفى رواية للشيخين (فقال بارك الله لك أو قال خيرا) (4) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق انا سفيان عن مجد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتزوجت؟ فقلت نعم فقال أبكرا ام ثيبا؟ فقلت لا بل ثيبا لى اخوات وعمات فكرهت أن أضم اليهن خرقاء مثلهن، قال أفلا بكرا تلاعبها؟ قال لكم أنماط الخ (5) قال فى النهاية الأنماط هى ضرب من البسط له خمل رقيق جمع نمط اهـ وقال النووى الأنماط بفتح الهمزة جمع نمط بفتحتين ظهارة الفراش وقيل ظهره، ويطلق أيضا على بساط لطيف له خمل يجعل على الهودج وقد يجعل سترا، ومنه فأخذت نمطا فسترته على الباب اهـ (6) معناه وأنى لى ذلك وأنا رجل فقير (7) لفظ (خف) المركب من خاء معجمة وفاء لم أجده لغير الامام احمد، قال فى النهاية أخف الرجل فهو مخف وخف وخفيف إذا خفت حاله ودابته وإذا كان قليل الثقل، (قلت) وهو كناية عن فقره وقلة متاعه كأنه صلى الله عليه وسلم يقول له أنت الآن فقير وسيغنيك الله من فضله وتكون لكم أنماط والله أعلم (8) أى اصرفيها عنى ودعيها جانبا (9) معناه كيف أتركها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها ستكون لكم أنماط، وهذا من علامات النبوة فقد كان ما أخبر به النبى صلى الله عليه وسلم فكثرت أنماطهم حتى كان جابر يقول لامرأته نحى عنى أنماطك أى أزيليها (تخريجه) (ق ط هق. والأربعة) ولحديث جابر هذا عدة طرق أيضا فى قصة جمله ستأتى إن شاء الله تعالى فى مناقب جابر من كتاب مناقب الصحابة رضى الله عنهم (باب) (10) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ثابت البنانى عن أنس الخ (غريبه) (11) قال الحافظ فى الاصابة غير منسوب وهو تصغير جلباب (12) أى هذا يمينى، ولا لنفى كلام الرجل، وها بالمد والقصر ولفظ الجلالة مجرور بها لأنها بمعنى واو القسم، وجملة إذا ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ جواب القسم، وإنما قالت ذلك المرأة لأن جليبيبا كان فى وجهه دمامة كما صرح بذلك فى رواية أبى يعلى، وفى حديث أبى برزة أن المرأة قالت (لا لعمر الله

-[قصة جليبيب وزواجه بامرأته واستشهاده]- قال والجارية فى سترها تستمع، قال فانطلق الرجل يريد أن يخبر النبى صلى الله عليه وسلم بذلك، فقالت الجارية أتريدون أن تردّوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره؟ إن كان قد رضيه لكم فأنكحوه، فكأنها جلت (1) عن أبويها وقالا صدقت، فذهب أبوها إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال إن كنت قد رضيته فقد رضينا، قال فإنى قد رضيته فزوجها، ثم فزع (2) أهل المدينة فركب جليبيب فوجدوه قد قتل وحوله ناس من المشركين قد قتلهم (3) قال انس فلقد رأيتها وإنها لمن انفق (4) بيت فى المدينة (وعن أبى برزة الاسلمى) (5) عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه مطولا، وفى آخره قال ثابت فما كان فى الانصار ايّم (6) انفق منها: وحدّث اسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة ثابتا قال هل تعلم ما دعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال اللهم صب عليها الخير صبا ولا تجعل عيشها كدّا كدا قال فما كان فى الأنصار ايم انفق منها (عن ابن عمر عن عمر) (7) رضى الله عنهما قال تأيمت (8) حفصة بنت عمر من خنيس (9) بن حذافة أو حذيفة (10) شك عبد الرزاق وكان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدرا فتوفى بالمدينة قال فلقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة (11) فقلت ان شئت انكحتك حفصة، قال سأنظر فى ذلك (12) فلبثت ليالى فلقينى فقال ما اريد ان أتزوج يومى هذا، قال عمر فلقيت أبا بكر فقلت ان شئت أنكحتك حفصة ابنة عمر فلم يرجع الى (13) شيئا فكنت أوجد عليه مني على عثمان

_ لا تزوجه، وهي مؤيدة لرواية أنس ومفسرة لها (1) بفتح اللام أى كشفت وأوضحت أمر أخفى عليهما (2) الفزع الخوف أى أخافهم العدو، وفى حديث أبى برزة (فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة) يعنى ومعه جليبيب (3) فى رواية أبى برزة عند مسلم والامام احمد فوجده إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه فقالوا يا رسول الله ها هو ذا الى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه، فأتاه النبى صلى الله عليه وسلم فقام عليه فقال قتل سبعة وقتلوه؟ هذا منى وأنا منه مرتين أو ثلاثا، ثم وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ساعديه وحفر له، ما له سرير إلا ساعدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم وضعه فى قبره ولم يذكر أنه غسّله (4) سيأتى تفسيره فى الحديث التالى (تخريجه) الحديث رجاله من رجال الصحيحين وأخرجه أبو يعلى مختصرا ويشهد له حديث أبى برزة عند مسلم والامام احمد وسيأتى. (5) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بتمامه وسنده وشرحه فى فضائل جليبيب فى حرف الجيم من كتاب فضائل الصحابة وهو حديث صحيح أخرجه (م نس) (غريبه) (6) الأيم بكسر الياء التحتية مشددة هى المرأة التى ليس لها زوج سواء أكانت بكرا أم ثيبا (وقوله أنفق) بفتح الفاء من النفاق بفتح النون مشددة وهو ضد الكساد، والمعنى أنها كانت أعظم امرأة أيّم فى بيوت المدينة يتسابق إليها الخطاب بعد موت جليبيب وذلك ببركة كونها رضيت بنكاح جليبيب الذى كان ينفر منه الناس، وببركة دعاء النبى صلى الله عليه وسلم لها كما سيأتى (7) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر الخ (غريبه) (8) بهمزة مفتوحة وتحتانية ثقيلة أى صارت أيما وهى التى يموت زوجها أو تبين منه وتنقضى عدتها وأكثر ما تطلق على من مات زوجها، وقال ابن بطال العرب تطلق على كل امرأة لا زوح لها وكل رجل لا امرأة له أيمًا، زاد فى المشارق وان كان بكرا (9) بخاء معجمة ونون وسين مهملة مصغرا (10) أو للشك من الراوى يشك هل هو ابن حذافة أو ابن حذيفة والصواب حذافة وهو أخو عبد الله بن حذافة وكان من المهاجرين الأولين (11) فيه عرض الرجل وليته إذا كان على كفء وليس بمنقصة عليه (12) أى أتفكر فيه (13) بفتح الياء التحتية وكسر

-[للرجل أن يعرض بنته وللمرأة أن تعرض نفسها للزواج بالرجل الصالح]- فلبثت ليالي فخطبها الىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فانكحتها اياه فلقينى أبو بكر فقال لعلك وجدت علىّ حين عرضت علىّ حفصة فلم أجع اليك شيئا؟ قال قلت نعم، قال فانه لم يمنعنى أن أرجع اليك شيئا حين عرضتها علىّ الا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكرها، ولم أكن لافشى سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها لنكحتها (1) (عن ثابت البنانى) (2) قال كنت مع انس بن مالك جالسا وعنده ابنة له، فقال أنس جاءت امرأة الى النبى صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبى الله هل لك فيَّ حاجة؟ (3) فقالت ابنته ما كان أقل حياءها (4) فقال هى خير منك رغبت فى رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرضت عليه نفسها (باب فضل من حبست نفسها على أبنائها ولم تتزوج وفضل نساء قريش وغير ذلك) (عن عوف بن مالك) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وامرأة سعفاء (6) الخدين كهاتين يوم القيامة (وفى لفظ انا وأمرأة سعفاء فى الجنة كهاتين) وجمع بين إصبعيه السبابة والوسطى (7) امرأة ذات منصب وجمال آمت (8) من زوجها حبست نفسها على أيتامها

_ الجيم أي صمت ولم يعد له جوابًا، وجاء فى رواية البخارى (فصمت أبو بكر فلم يرجع إلى شيئا) فقوله فلم يرجع إلى شيئا بعد قوله فصمت تأكيد لرفع المجاز لاحتمال أن يظن أنه سكت زمانا ثم تكلم (وقوله فكنت أوجد عليه) معناه اشد موجدة أى غضبا على أبى بكر من غضبى على عثمان لقوة المودة بينه وبين أبى بكر، لأن النبى صلى الله عليه وسلم كان آخى بينهما ولأن عثمان أجابه أولا ثم اعتذر (1) يستفاد منه عذره فى كونه لم يقل كما قال عثمان ما أريد ان أتزوج يومى هذا وفيه فضل كتمان السر (تخريجه) (خ نس) ورواه أبو يعلى بنحوه وزاد- قال عمر فشكوت عثمان لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج حفصة خيرا من عثمان، وتزوج عثمان خيرا من حفصة، فزوجه النبى صلى الله عليه وسلم ابنته، وفى إسناده الوليد بن محمد الموقرى بضم الميم وبقاف مفتوحة وهو ضعيف (2) (سنده) حدّثنا عفان ثنا مرحوم قال سمعت ثابتا يقول كنت مع أنس الخ (غريبه) (3) معناه تعرض نفسها على النبى صلى الله عليه وسلم ليتزوجها (4) فى القاموس أقله جعله قليلا كقلله فما استفهامية وكان زائدة، وفى أقل ضمير لما، وحياءها بالنصب مفعول أقل، أى أى شئ جعل حياءها قليلا، والمقصود التعجب من قلة حيائها حيث عرضت نفسها لأجل الزواج، وابنة أنس هذه قال الحافظ لم أقف على اسمها وأظنها أمينة بالتصغير، أما المرأة التى عرضت نفسها فقال لم أقف على تعيينها، وأشبه من رأيت بقصتها ممن ذكر اسمهن فى الواهبات ليلى بنت قيس بن الخطيم والله أعلم (تخريجه) (خ نس جه) (باب) (5) (سنده) حدّثنا محمد بن بكر قال أنا النّهاس (يعنى ابن قهم) عن عمرو عن شداد أبى عمار عن عوف بن مالك الخ (غريبه) (6) السعفة بضم السين المهملة نوع من السواد ليس بالكثير، وقيل هو سواد مع لون آخر، وفى الصحاح سواد مشرب بالحمرة، أراد انها بذلت نفسها وتركت الزينة والترفه حتى تغير لونها واسود لما تكابده من المشقة والضنك اقامة على ولدها بعد وفاة زوجها ولم يرد أنها كانت من اصل الخلقة كذلك، لقوله امرأة ذات منصب وجمال (7) قال العلماء المراد من أمثال هذه الأحاديث المبالغة فى رفع درجة كافل اليتيم ونحوه وإلا فدرجات الأنبياء أعلى وأجل، والفرق بين الإصبعين فيه إشارة إلى التفاوت بين درجة الأنبياء وآحاد الأمة (وقوله امرأة) بالضم عطف بيان لامرأة سعفاء أو بدل منها أو خبر مبتدأ محذوف أى هذا امرأة (ذات منصب) بوزن مسجد أى ذات حسب ومكانة ورفعة (8) بمد الهمزة وتخفيف الميم أى صارت أيما لا زوج لها

-[فضل من حبست نفسها على أولادها ولم تتزوج ومنقبة لنساء قريش]- حتى باتوا (1) أو ماتوا (عن ابن المسيب عن أبى هريرة) (2) أن النبى صلى الله عليه وسلم خطب أم هانئ بنت أبى طالب فقالت يا رسول الله إنى قد كبرت ولى عيال، فقال النبى صلى الله عليه وسلم خير نساء ركبن (3) نساء قريش، احناه (4) على ولد فى صغره وارعاه (5) على زوج فى ذات يده (6) قال أبو هريرة ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا (7) (عن ابن عباس) (8) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب امرأة من قومه يقال لها سودة (9) وكانت مصبية، كان لها خمسة صبية أو ستة من بعل لها مات، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يمنعك منى؟ قالت والله يا نبى الله ما يمنعنى منك الا أن لا تكون احب البرية الى، ولكنى اكرمك ان ان يضغو (10) هؤلاء الصبية عند رأسك بكرة وعشية، قال فهل منعك منى شئ غير ذلك؟ قالت لا والله، قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمك الله، ان خير نساء ركبن اعجاز الإبل صالح (11)

_ (1) أي استقلوا بأمرهم لكبرهم وانفصلوا عنها أو ماتوا (تخريجه) (د) وفى إسناده النهاس بن قهم القيسى ضعيف (2) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهرى عن ابن المسيب عن أبى هريرة الخ (غريبه) (3) أى ركبن الابل كما صرح بذلك فى جميع طرق الحديث عند الشيخين ولعل لفظ الابل سقط هنا من الناسخ، والمراد بهن نساء العرب لأنهن اللاتى يكثر منهم ركوب الابل، ولهذا قال أبو هريرة فى آخر الحديث ولم تركب مريم بنت عمران بعيرا، والمقصود أن نساء قريش خير نساء العرب ومعلوم أن العرب خير من غيرهم فى الجملة، واما الأفراد فيدخل فيها الخصوص (4) بسكون المهملة بعدها نون أى أكثره شفقة والحانية على ولدها هى التى تقوم عليهم بعد يتمهم فلا تتزوج، فان تزوجت فليس مجانية قاله الهروى، وجاء الضمير مذكرا وكان القياس احناهن وكأنه ذكر باعتبار اللفظ أو الجنس أو الشخص أو الانسان، وجاء نحو ذلك فى حديث أنس (كان النبى صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وجها وأحسنه خلقا) بالافراد فى الثانى، ووقع فى رواية لمسلم أحناه على، يتيم وله فى أخرى على طفل (5) أى أحفظ وأصون لماله بالأمانة فيه والصيانة له وترك التبذير فى الانفاق (6) أى فى ماله المضاف إليه ومنه قولهم فلان قليل ذات اليد أى قليل المال (7) إنما قال أبو هريرة هذه الجملة ليدفع بها ما يتوهم من أن نساء قريش أفضل من مريم بنت عمران والمقصود تفضيل نساء قريش على نساء العرب لا على جميع نساء الدنيا والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (8) (سنده) حدّثنا أبو النضر ثنا عبد المجيد ثنا شهر حدثنى عبد الله ابن عباس الخ (غريبه) (9) قال الحافظ هذه المرأة يحمتل أن تكون أم هانئ المذكورة فى حديث أبى هريرة (يعنى الحديث السابق) فلعلها كانت تلقب سودة فان المشهور أن اسمها فاختة وقيل غير ذلك، ويحتمل أن تكون امرأة أخرى وليس سودة بنت زمعة زوج النبى صلى الله عليه وسلم فان النبى صلى الله عليه وسلم تزوجها قديما بمكة بعد موت خديجة ودخل بها قبل أن يدخل بعائشة ومات وهى فى عصمته اهـ (10) بضاد معجمة ساكنة بعدها غين معجمة من الضغاء وهو البكاء والصياح، يقال ضغا ضغوا وضغاء إذا صاح وضج (11) جاء فى هذه الرواية مقيدا بالصلاح، وجاء مطلقا بدون قيد فى حديث أبى هريرة السابق، وجاء عند الشيخين من حديث أبى هريرة مطلقا فى بعض طرقه ومقيدا فى البض الآخر، قال الحافظ والمطلق محمول على المقيد فالمحكوم له بالخيرية الصالحات من نساء قريش لا على العموم، والمراد بالصلاح هنا صلاح الدين وحسن المخالطة مع الزوج ونحو ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وحسن

-[المرأة تكون لآخر أزواجها فى الجنة والنهى أن يخطب الرجل على خطبة أخيه]- نساء قريش احناه على ولد فى صغر وأرعاه على بعل بذات يد (عن كريم بن أبى حازم) (1) عن جدته سلمى (2) بنت جابر ان زوجها استشهد فاتت عبد الله بن مسعود فقالت انى امرأة قد خطبنى الرجال فأبيت ان أتزوج حتى القاه فترجو لى ان اجتمعت أنا وهو أن أكون من أزواجه؟ قال نعم، فقال له رجل ما رأيناك نقلت هذا مذ قاعدناك (3) قال انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان أسرع أمتى بى لحوقا فى الجنة امرأة من أحمس (4) (باب النهى ان يخطب الرجل على خطبة اخيه وما جاء فى التعريض بالخطبة فى العدة) (عن ابن عمر) (5) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يخطب الرجل على خطبة (6) أخيه حتى يدعها الذى خطبها أول مرة او يأذن له (عن عقبة بن عامر) (7) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل لامرئ مسلم يخطب على خطبة أخيه حتى يترك: ولا يبع (8) على بيع أخيه حتى يترك

_ الحافظ إسناده بعد عزوه للامام احمد قال، وله طريق أخرى أخرجها قاسم بن ثابت فى الدلائل من طريق الحكم بن ابان عن عكرمة عن ابن عباس باختصار القصة (1) * (سنده) حدّثنا أبو احمد ثنا ابان بن عبد الله البجلى عن كريم بن أبى حازم الخ (غريبه) (2) هى سلمى بنت جابر الأحمسية، قال الحافظ فى تعجيل المنفعة ذكرها بعضهم فى الصحابة، وقد روت ايضا عن ابى بكر الصديق رضى الله عنه وكذا اختها زينب بنت جابر الأحمسية (3) مراد السائل ان ابن مسعود لم ينقل شيئا عن النبى صلى الله عليه وسلم فى كون المرأة اذا تأيمت من زوجها ولم تتزوج بغيره تكون زوجته فى الجنة، ولعله لم يذكر لهم ذلك لعدم المناسبة او لم يكن عنده شئ من ذلك (4) احمس بوزن احمد قال فى القاموس احمس لقب قريش وكنانة وجديلة ومن تابعهم فى الجاهلية لتحمسهم فى دينهم او لالتجائهم بالحمساء وهى الكعبة لأن حجرها أبيض إلى السواد والحماسة الشجاعة والأحمس الشجاع اهـ (فان قيل) ليس فى الحديث تعيين المرأة التى عناها النبى صلى الله عليه وسلم فكيف يحمله ابن مسعود على سلمى ويستدل به لها (فالجواب) لما كانت سلمى من أحمس وانها حبست نفسها عن الزواج طمعا فى ان تكون لزوجها فى الجنة لأن الشهداء فى الجنة بنص القرآن، توسم ابن مسعود ان هذه المرأة هى التى عناها النبى صلى الله عليه وسلم فى الحديث او اعلمه النبى صلى الله عليه وسلم بها والله أعلم (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه (حم عل)، وسلمى لم أجد من وثقها وبقية رجالها ثقات اهـ (قلت) يكفى فى توثيقها وقوة ايمانها ما ذكر من قصتها وتبشير ابن مسعود لها والله أعلم (باب) (5) (سنده) حدّثنا ابو اليمان انا شعيب انا نافع ان عبد الله بن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) بكسر الخاء وصورته ان يخطب الرجل المرأة فتركن إليه ويتفقا على صداق معلوم ويتراضيا ولم يبق إلا العقد فيجئ آخر فيخطب ويزيد فى الصداق او لا يزيد ويرضيهم بمزايا اخرى ككونه غنيا او وجيها او نحو ذلك، وفى التعبير بالأخ فى قوله اخيه تشنيع لفعله وتأكيد للنهى عنه وتحريض له على تركه (تخريجه) (ق د نس جه هق) (7) (سنده) حدّثنا يعقوب قال ثنا ابى عن ابن اسحاق قال حدثنى يزيد بن ابى حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة التجيبى عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) (8) الظاهر ان المراد بالنهى هنا البائع فيمنع البائع ان يبيع على بيع اخيه وهو ان يعرض سلعته على المشترى الراكن إلى شراء سلعة غيره وهى أرخص او اجود ليزهده فى شراء سلعة الغير، وقيل المراد السوم والنهى للمشترى قال القاضى عياض والأول أولى (قلت) سيأتى معنى السوم فى شرح الحديث التالى (تخريجه) (م هق) *

-[نهي المرأة أن تطلب طلاق زوجة من زوجها لتحل محلها]- (عن أبي هريرة) رضى الله عنه (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا يخطب (2) الرجل على خطبة أخيه، ولا يسوم (3) على سوم أخيه ولا تنكح المرأة على عمتها (4) ولا على خالتها ولا تسأل طلاق اختها (5) لتكفئ ما فى صحفتها ولتنكح فانما لها ما كتب الله لها (عن سمرة بن جندب) (6) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى ان يخطب الرجل على خطبة أخيه او يبتاع على بيعه (عن فاطمة بنت قيس) (7) قالت طلقنى زوجى (8) ثلاثا فأمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أعتد فى بيت ابن ام مكتوم (عن سفيان) (9) سمعه من ابى بكر بن أبى الجهم سمعت فاطمة بنت قيس قالت قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حللت فآذنينى (10) فآذنته فخطبها معاوية بن أبى سفيان وأبو الجهم وأسامة بن زيد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما معاوية (11) فرجل ترب

_ (1) (سنده) حدّثنا يزيد انا هشام بن حسان عن محمد عن ابى هريرة الخ (غريبه) (2) الرواية بالرفع على سبيل الخبر والمراد به النهى وهو أبلغ فى النهى لأن خبر الشارع لا يتصور وقوع خلافه، والنهى قد يقع مخالفته فكأن المعنى عاملوا هذا النهى معاملة الخبر المتحتم قاله النووى (3) بالرفع معطوف على لا يخطب والمراد به النهى وكذا يقال فيما بعده (والسوم) من المساومة اى المجاذبة بين البائع والمشترى على السلعة وفصل الثمن، يقال سام يسوم سوما وساوم واستام، والمنهى عنه ان يتساوم المتابيعان فى السلعة ويتقارب الانعقاد فيجئ رجل آخر فيشتريها بزيادة على ما استقر الأمر عليه بين المتساومين قبل الانعقاد، فذلك ممنوع عند المقاربة لما فيه من الافساد، ويباح فى اول العرض والمساومة (4) اى ان كانت العمة سابقة فان اللاحقة هى المنكوحة على السابقة وفى الرواية اختصار وكذا العكس (5) قال النووى معناه نهى المرأة الأجنبية ان تسأل الزوج طلاق زوجته وان ينكحها ويصير لها من نفقته ومعرفته ومعاشرته ونحوها ما كان للمطلقة، فعبر عن ذلك باكتفاء ما فى الاناء مجازا والمراد بأختها غيرها سواء كانت من النسب او فى الاسلام والله اعلم اهـ (قلت) ويؤيد كلام النووى قوله فى الحديث (ولتنكح فانما لها ما كتب الله لها) اى ولتتزوج هذا الرجل او غيره من غير ان تسأل طلاق اختها فانها لا تأخذ إلا ما كتب الله لها من الرجال او النفقة او الأولاد (والصحفة) هى الإناء يكون فيه الماء ونحوه (تخريجه) (ق هق والأربعة) مطولا ومختصرا بألفاظ مختلفة والمعنى واحد (6) (سنده) حدّثنا سليمان بن داود الطيالسى ثنا عمران عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب الخ (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه (بز طس طص) وفيه عمران القطان وثقه ابن حبان وفيه ضعف (7) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون قال ثنا زكريا عن جابر قال حدثتنى فاطمة بنت قيس قالت طلقنى زوجى الخ (غريبه) (8) كانت تحت ابى عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها آخر ثلاث تطليقات كما صرح بذلك فى بعض طرق الحديث (تخريجه) (م. والاربعة وغيرهم) (9) (سنده) حدّثنا وكيع عن سفيان الخ (غريبه) (10) اى اخبرينى بانتهاء عدتك وهذا اللفظ اعتبره العلماء تعريض بالخطبة فى عدة المبتوتة وما كان صلى الله عليه وسلم يريدها لنفسه فقد جاء فى آخر الحديث انه كان يخطبها لأسامة (11) يعنى ابن ابى سفيان (وقوله ترب) (بفتح اوله وكسر ثانيه) اى فقير وكان إذ ذاك فقيرا لا مال له فسبحان مغير الأحوال

-[ما جاء في استحباب النظر الى المخطوبة ولو بغير علمها]- لا مال له وأما ابو الجهم فرجل ضراب (1) للنساء ولكن اسامة (2)، قال فقالت بيدها هكذا اسامة تقول لم ترده، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم طاعة الله وطاعة رسوله خير لك فتزوجتة فاغتبطته (3) (باب ما جاء فى استحباب النظر الى المخطوبة) (عن جابر بن عد الله) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خطب احدكم المرأة فان استطاع ان ينظر منها ما يدعوه الى نكاحها فليفعل قال فخطبت جارية من بنى سلمة فكنت أختبئ لها تحت الكرب (5) حتى رأيت منها بعض ما دعانى الى نكاحها فتزوجتها (عن سهل بن ابى حثمة) (6) قال رأيت محمد بن مسلمة يطارد (7) امرأة ببصره (زاد فى رواية يريد ان ينظر اليها) فقلت تنظر اليها وانت من اصحاب محمد صلى الله عليه وسلم؟ فقال انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اذا ألقى الله عز وجل فى قلب امرئ خطبة لامرأة فلا بأس ان ينظر اليها (وعنه من طريق ثان) (8) قال رأيت محمد بن مسلمة يطارد بثينة ابنة الضحاك اخت ابى جبيرة الضحاك وهى على إجّار لهم (9) فذكر الحديث (عن بكر بن عبد الله المزنى) (10) عن المغيرة بن شعبة قال اتيت النبى صلى الله عليه وسلم فذكرت له امرأة أخطبها، فقال اذهب فانظر اليها فانه أجدر أن يؤدم بينكما (11)، قال فأتيت امرأة من الأنصار فخطبتها الى أبويها واخبرتهما بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فكانهما كرها ذلك، قال فسمعت ذلك المرأة وهى فى خدرها (12) فقالت إن

_ (1) هو كناية عن ضربه للنساء، وما قاله النبى صلى الله عليه وسلم فى معاوية وابى الجهم لا يعد غيبة فهو من باب النصيحة فى مثل هذا الحال (2) أى ولكن أنكحى أسامة (وقوله فقالت بيدها هكذا) معناه أنها أشارت بيدها إشارة الكاره لهذا الأمر ولذلك قال فى الحديث تقول لم ترده (3) أى سرت بزواجه وعدّته نعمة من نعم الله عليها (تخريجه) (م لك فع. والأربعة وغيرهم) انظر مذاب الأئمة فى أحكام هذا الباب فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 315 و 316 فى الجزء الثانى (باب) (4) (سنده) حدّثنا يونس بن محمد ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا محمد بن اسحاق عن داود بن الحصين عن واقد بن عبد الرحمن بن سعد بن معاذ عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (5) الكرب بالتحريك أصول السعف (أى جريد النخل) التى تقطع معها، الواحدة كربة مثل قصب وقصبة، سمى بذلك لأنه يبس وكرب أن يقطع أى حان له (تخريجه) (د هق بز عب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبى، وقال الحافظ رجاله ثقات (6) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون قال أنا الحجاج بن أرطاة عن محمد بن سلمان بن أبى حثمة عن سهل ابن أبى حثمة الخ (غريبه) (7) أى يخادعها ثم ينظر إليها، والمرأة المذكورة هى بثينة بنت الضحاك كما صرح بذلك فى الطريق الثانية (8) (سنده) حدّثنا سريج بن النعمان قال ثنا عبّاد بن العوام قال ثنا حجاج بن أرطاة عن محمد بن سليمان بن أبى حثمة عن عمه سهل بن أبى حثمة قال رأيت محمد بن مسلمة الحديث (9) بكسر الهمزة وتشديد الجيم مفتوحة السطح الذى ليس له حاجز يرد الساقط وقوله (فذكر الحديث) هكذا بالأصل يشير إلى الطريق الأولى (تخريجه) (جه هق) وفى إسناده الحجاج بن أرطاة فيه كلام، ولكن أخرجه أيضا ابن حبان فى صحيحه بإسناد آخر وصححه وسكت عنه الحافظ فى التلخيص (10) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن عاصم الأحول عن بكر بن عبد الله المزنى الخ (غريبه) (11) أى يكون بينكما المحبة والاتفاق، يقال أدم الله بينهما يأدم أدما بالسكون أى ألف ووفق وهو مبنى للمفعول من أدم بلا مد أو بمد (12) الخدر بكسر الخاء المعجمة وسكون المهملة ناحية فى اليت يترك عليها

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولى]- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك أن تنظر فانظر والا فانى أنشدك (1) كانها عظّمت ذلك عليه (2) قال فنظرت اليها فتزوجها فذكر من موافقتها (3) (عن ابى حميد الساعدى) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا خطب أحدكم امرأة فلا جناح عليه ان ينظر اليها اذا كان انما ينظر اليها لخطبته وان كانت لا تعلم (عن ابى هريرة) (5) قال خطب رجل امرأة فقال يعنى النبى صلى الله عليه وسلم انظر اليها فإن فى أعين الأنصار شيئا (6) (باب لا نكاح إلا بولى وما جاء فى زواج العبد بغير إذن سيده) (حدّثنا اسماعيل) ثنا ابن جريج قال أخبرنى سليمان بن موسى عن الزهرى عن عروة عن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نكحت المرأة (7) بغير أمر مولاها فنكاحها باطل فنكاحها باطل فنكاحها باطل (8) فان أصابها فلها مهرها بما أصاب منها (9) فان اشتجروا فالسلطان ولى من لا ولى له (10) قال ابن جريج فلقيت الزهرى فسألته عن هذا الحديث فلم يعرفه (11)

_ ستر فتكون فيه الجارية البكر (1) أى أسألك بالله أن لا تنظر الىّ إن لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بذلك (2) معناه أنه أمر محظور لا يجوز إلا لحاجة شرعية (3) أى فذكر من موافقتها ما ذكر، حذف المفعول للتعظيم وأنه قدر لا يحيطه الوصف، وفى رواية البيهقى فما وقعت عندى امرأة بمنزلتها ولقد تزوجت سبعين أو بضعا وسبعين امرأة (تخريجه) (نس مذ جه هق حب مى ك) وصححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبى * (4) (سنده) حدّثنا أبو كامل ثنا زهير ثنا عبد الله بن عيسى حدثنى موسى بن عبد الله بن يزيد عن أبى حميد أو أبى حميدة قال وقد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد الا أن زهيرا شك فقال عن أبى حميد أو أبى حميدة، والبزار من غير شك والطبرانى فى الأوسط والكبير ورجاله رجال الصحيح (5) (سنده) حدّثنا سفيان عن يزيد بن كيسان عن أبى حازم عن أبى هريرة الخ (غريبه) (6) أى مما ينفر عنه الطبع ولا يستحسنه، قيل المراد بالشئ صفر فى العين أو زرقة، وفيه دلالة لذكر مثل هذا للنصيحة والله اعلم (تخريجه) (م نس هق) ولفظ مسلم عن أبى هريرة قال كنت عند النبى صلى الله عليه وسلم فأتاه رجل فأخبره أنه تزوج امرأة من الأنصار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنظرت اليها؟ قال لا، قال فاذهب فانظر اليها فان فى أعين الانصار شيئا اهـ والظاهر أن قوله فى رواية مسلم انه تزوج يريد بذلك الخطبة وتمام الاتفاق والله اعلم (باب) (غريبه) (7) اى زوجت نفسها (بغير امر مولاها) اى وليها كما جاء فى بعض الروايات، والمراد بالولى هنا الاقرب فالأقرب من العصبة وهذا مذهب الجمهور، وروى عن أبى حنيفة أن ذوى الأرحام من الأولياء، فاذا لم يكن ثمّ ولى أو كان موجودًا وعضل انتقل الأمر الى السلطان لأنه ولى من ولى له كما سيأتى (8) كرر هذه الجملة ثلاث مرات للتأكيد والمبالغة (9) جاء فى بعض الروايات (بما استحل من فرجها) والمراد بما استمتع به منها (وقوله فان اشتجروا) يعنى الأولياء أى إن اختلفوا وتنازعوا اختلافا للعضل كانوا كالمعدومين، قاله القارى، وفى مجمع البحار التشاجر الخصومة، والمراد المنع من العقد دون المشاحة فى السبق الى العقد، فاما اذا تشاجروا فى العقد ومراتبهم فى الولاية سواء، فالعقد لمن سبق اليه منهم اذا كان ذلك نظرا منه فى مصلحتها اهـ (10) هذا اذا امتنع الولى أو لم يوجد أصلا، وإلا فلا ولاية للسلطان مع وجود الولى (11) أى أنكر روايته عنه وقد حمله العلماء على

-[قوله صلى الله عليه وسلم إذا أنكح الوليان فهو للأول منهما]- قال وكان سليمان ابن موسى وكان فأثنى عليه، قال عبد الله (1) قال أبى السلطان القاضى لأن إليه أمر الفروج والأحكام (عن ابن عباس) (2) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا نكاح إلا بولى (3) والسلطان ولى من لا ولى له * (عن أبى بردة) (4) عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولى * (عن ابن عباس) (5) أن النبى صلى الله عليه وسلم خطب ميمونة بنت الحارث فجعلت أمرها إلى العباس فزوجها النبىّ صلى الله عليه وسلم (عن عقبة ابن عامر) (6) أن نبى الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أنكح الوليان (7) فهو للأول منهما، واذا باع من رجلين فهو للأول منهما قال أبى (8) وقال يونس وإذا باع الرجل

_ النسيان بدليل أن الزهرى رغما عن إنكاره للحديث فقد مدح سليمان بن موسى بقوله (وكان سليمان بن موسى وكان) يعنى أنه ذكر ألفاظا تدل على الثناء عليه فلا يعقل أن يتقول عليه ما لم يقل (1) هو عبد الله ابن الامام احمد رحمهما الله (تخريجه) (د مذ جه حب ك) وحسنه الترمذى وصححه الحاكم وأقره الذهبى (2) (سنده) حدّثنا معمر بن سليمان الرقى عن الحجاج عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) هذا النفى يحتمل أن يكون للكمال أو للصحة وهو إلى نفى الصحة أقرب كما ذهب إليه الجمهور، أنظر أحكام هذا الباب ومذاهب الائمة فى ذلك فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 317 و 318 فى الجزء الثانى (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى وفيه الحجاج بن أرطاة مدلس وبقية رجاله ثقات، قال ورواه ابن ماجه خلا قوله والسلطان ولى من لا ولى له اهـ (4) (سنده) حدّثنا أسباط ابن محمد عن يونس بن أبى اسحاق عن أبى بردة، ويزيد بن هارون قال ثنا اسرائيل عن أبى اسحاق عن أبى بردة عن أبيه الخ (يعنى أبا موسى الاشعرى) (تخريجه) (حب ك) وصححاه ورواه أيضا الاربعة وذكر له الحاكم طرقا، قال وقد صحت الرواية فيه عن أزواج النبى صلى الله عليه وسلم عائشة وأم سلمة وزينب بنت جحش ثم سرد تمام ثلاثين صحابيا، وأسند الحاكم أيضا من طريق على بن المدينى ومن طريق البخارى والذهلى وغيرهم أنهم صححوا حديث اسرئيل وأقره الذهبى، وقال قال ابن المدينى حديث اسرائيل فى (لا نكاح إلا بولى صحيح) اهـ (قلت) وراه ايضا الامام احمد من عدة طرق احدها طريق اسرائيل عن ابى اسحاق عن ابى بردة عن أبيه كما تقدم فى السند والله الموفق (5) (سنده) حدّثنا سريج ثنا عباد يعنى ابن العوام عن الحجاج عن الحكم (يعنى ابن عتيبة) عن مفسم عن ابن عباس الخ (تخريجه) (عل) وفى اسناده الحجاج بن أرطاة، قال أبو حاتم إذا قال حدثنا فهو صالح لا يرتاب فى حفظه وصدقه، وقال ابن معين صدوق يدلس روى له مسلم مقرونا بغيره (قلت) وله شاهد من حديث أبى هريرة موقوفا عليه بلفظ (ليس للنساء من عقدة النكاح شئ، جعلت ميمونة أمرها الى أم الفضل فجعلته أم الفضل الى العباس فأنكحها رسول الله صلى الله عليه وسلم أورده الهيثمى وقال رواه (طب طس) وفيه يعقوب بن حميد بن كاسب وهو ثقة وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات (6) (سنده) حدّثنا سويد ابن عمرو الكلبى ويونس قالا ثنا أبان قال ثنا قتادة عن الحسن عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) (7) جاء فى رواية أخرى عن عقبة أيضا بلفظ (ايما امرأة زوجها وليان فهى للاول منهما الخ) والمعنى اذا زوج الوليان امرأة من رجلين بعد إذنها لهما فهى زوجة للأول، أى السابق فى العقد فان وقعا معا او جهل السابق منهما بطلا معا أنظر مذاهب الائمة فى ذلك فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 319 و 320 فى الجزء الثانى (8) القائل قال أبى هو عبد الله بن الامام احمد رحمهما الله ويونس أحد

-[تتمة فيما جاء فى الشهادة فى النكاح]- بيعا من رجلين (عن جابر بن عبد الله) (1) أيما عبد تزوج بغير إذن مواليه أو أهله (2) فهو عاهر (باب ما جاء فى إجبار البكر واستئمار الثيب) (عن ابن عباس) (3) أن رسول الله

_ الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث، ومعناه أن يونس قال فى روايته (وإذا باع الرجل بيعا من رجلين) بدل ما تقدم بلفظ (وإذا باع من رجلين) واتفق الراويان على قوله فهو للأول منهما (تخريجه) (هق) عن عقبة ايضا قال والصحيح رواية من رواه عن سمرة بن جندب اهـ (قلت) رواه (ك هق ايضا. والاربعة) كلهم من حديث الحسن عن سمرة بن جندب وحسنه الترمذى وصححه الحاكم وأقره الذهبى، وكذلك رواه الامام احمد عن سمرة أيضا وتقدم فى الجزء الخامس عشر فى باب من باع سلعة من رجل الخ من كتاب البيوع والكسب (1) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا حسين عن عبد الله بن عقيل عن جابر الخ (غريبه) (2) أو للشك من الراوى يشك هل قال بغير إذن مواليه أو قال بغير إذن أهله بدل مواليه، وعلى كل حال فالمراد بالموالى أو الأهل ساداته (وقوله فهو عاهر) أى زان، ويستفاد منه بطلان نكاح العبد بغير إذن سيده، والى ذلك ذهب الائمة الشافعى واحمد واسحاق محتجين بأنه صلى الله عليه وسلم حكم عليه بأنه عاهر والعاهر الزانى والزنا باطل ولا يصير العقد صحيحا عندهم بالاجازة بعده، وقال الامامان أبو حنيفة ومالك يصح موقوفا على أجازة المولى (تخريجه) (د مذ حب هق ك) وصححه الترمذى وابن حبان والحاكم وأقره الذهبى (تتمة فيما جاء فى الشهادة فى النكاح) أعلم أرشدنى الله وإياك أنى لم أقف على حديث صحيح مرفوع فى مسند الامام احمد ولا فى الكتب الستة يحتج به على اعتبار الشهادة فى النكاح إلا ما رواه الترمذى من حديث ابن عباس ان النبى صلى الله عليه وسلم قال (البغايا اللاتى ينكحن أنفسهن بغير بينة) وذكر الترمذى انه لم يرفعه غير عبد الاعلى وانه قد وقفه مرة وأن الوقف اصح، قال صاحب المنتقى وهذا لا يقدح لأن عبد الأعلى ثقة فيقبل رفعه وزيادته، وقد يرفع الراوى الحديث وقد يقفه اهـ قال الترمذى والصحيح ما روى عن ابن عباس (لا نكاح إلا ببينة) وهكذا روى غير واحد عن سعيد ابن ابى عروبة نحو هذا موقوفا اهـ (قلت) وجاء فى غير المسند والكتب الستة فى هذا الباب احاديث وآثار كثيرة كلها ضعيفة أو موقوفة (منها) ما رواه الدارقطنى والبيهقى فى العلل من حديث عمران بن حصين عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (لا نكاح إلا بولى وشاهدى عدل) وفى إسناده عبد الله بن محرز وهو متروك (ومنها) ما رواه (قط هق) من حديث عائشة قالت (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نكاح إلا بولى وشاهدى عدل فإن تشاجرا فالسلطان ولى من لا ولى له) وإسناده ضعيف (ومنها) ما رواه الامامان عن أبى الزبير المكى أن عمر بن الخطاب أتى بنكاح لم يشهد عليه إلا رجل وامرأة فقال هذا نكاح السر ولا أجيزه، ولو كنت تقدمت فيه لرجمت، وفى الباب غير ذلك كثير وكلها لا تخلو من علل، قال الشوكانى فى شرح الدرارى وهذه الأحاديث وما ورد فى معناها يقوى بعضها بعضا وبهذ أخذ الجمهور اهـ (قلت) أنظر أحكام الشهادة فى النكاح فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 319 فى الجزء الثانى والله أعلم (باب) (3) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق أنا معمر عن صالح بن كيسان عن نافع بن جبير بن مطعم عن ابن

-[ما جاء في إجبار البكر واستئمار الثيب]- صلى الله عليه وسلم قال ليس للولى مع الثيب أمر (1) واليتيمة تستأمر فصمتها إقرارها (وعنه أيضا) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الأيّم (3) أحق بنفسها من وليها والبكر تستأمر فى نفسها وإذنها صماتها (4) (وعنه من طريق ثان) (5) يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم الثيب أحق بنفسها من وليها، والبكر يستأمرها أبوها (6) فى نفسها وأذنها صماتها (عن أبى هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البكر تستأمر، والثيب تشاور (8) قيل يا رسول الله إن البكر تستحى، قال سكوتها رضاها (وعنه من طريق ثان) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الثيب تستأمر (10) فى نفسها، والبكر تستأذن، قالوا يا رسول الله كيف إذنها قال أن تسكت

_ عباس الخ (غريبه) (1) أى ليس له اجبارها على الزواج وان كان الزوج كفؤا فان امتنعت لم تجبر (وقوله واليتيمة الخ) هى فى الأصل الصغيرة التى لا أب لها والمراد هنا البكر البالغة سماها يتيمة باعتبار ما كانت لقوله تعالى {وآتوا اليتامى أموالهم} وفائدة التسمية بها مراعاة حقها والشفقة عليها فى تحرى الكفاءة والصلاح، فان اليتيم مظنة الرأفة والرحمة، ثم هى قبل البلوغ لا معنى لإذنها ولا لإبائها فكأنه صلى الله عليه وسلم شرط بلوغها فمعناه لا تنكح حتى تبلغ فتستأمر قاله على القارى فى شرح المرقاة (وقوله تستأمر) معناه تستأذن والمآمرة المشاورة (وقوله فصمتها) أى سكوتها (إقرارها) أى رضاها كما صرح بذلك فى حديث أبى هريرة الآتى، والمعنى أنها لا تحتاج إلى إذن صريح منها كالثيب بل يكتفى بسكوتها لكثرة حيائها (تخريجه) (د نس هق قط حب) وصححه ابن حبان والحافظ السيوطى * (2) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن ابن مهدى عن مالك عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) بفتح الهمزة وتشديد التحتية مكسورة هى فى الأصل من لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا، والمراد هنا الثيب لرواية (الثيب أحق بنفسها الخ) الآتية فى الطريق الثانية ولمقابلته بالبكر (وقوله أحق بنفسها) يقتضى المشاركة فيفيد أن لها فى نفسها فى النكاح حقا ولوليها حقا، فحقه أن لا تزوج إلا بواسطته كما ذهب إليه الجمهور، وحقها أن لا تجبر على الزواح إذا لم تقبله، وحقها أوكد من حقه، مثال ذلك أنه لو أراد أن يزوجها من كفؤ فامتنعت لم تجبر، ولو أرادت أن تتزوج كفؤا فامتنع الولى أجبر، فان أصر زوّجها القاضى، فدل عن تأكيد حقها ورجحانه فلا ينافى هذا الحديث حديث (لا نكاح إلا بولى) (4) بضم الصاد المهملة معناه السكوت أى سكوتها كإذنها، ولا يصح أن يكون إذنها مبتدأ لأن الاذن لا يصح أن يوصف بالسكوت لأنه يكون نفيا له (5) (سنده) حدّثنا سفيان عن زياد بن سعد عن عبد الله بن الفضل عن نافع بن جبير عن ابن عباس يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أى إن كانت بالغة ندبا عند الأئمة الثلاثة ووجوبا عند أبى حنيفة والظاهرية (تخريجه) (م. والأربعة وغيرهم) (7) (سنده) حدّثنا هشيم عن عمر بن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ (غريبه) (8) من المشورة بضم المعجمة وفيه لغة بسكونها يقال شاورته فى كذا واستشرته راجعته لأرى رأيه فيه فأشار على بكذا أرانى ما عنده فيه من المصلحة والمراد هنا أن تنطق بلسانها عن رغبتها كما صرح بذلك فى الحديث التالى بخلاف البكر فانه يكتفى بسكوتها لأن من شأنها الحياء، وهذا هو الفارق بين الثيب والبكر (9) (سنده) حدّثنا اسماعيل ثنا الحجاج ابن أبى عثمان عن يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمه عن أبى هريرة الخ (10) عبر هنا عن الثيب بالاستئمار وعن البكر بالاستئذان، والظاهر أن معناهما واحد، لأن الأحاديث لم تفرق بينهما إلا بالسكوت من

-[قوله صلى الله عليه وسلم الثيب تعرب عن نفسها بلسانها والبكر رضاها صمتها]- (عن عدي بن عدي الكندي) (1) عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أشيروا على النساء فى أنفسهن (2) فقالوا إن البكر تستحى يا رسول الله؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الثيب تعرب عن نفسها بلسانها (3) والبكر رضاها صمتها (عن عائشة رضى الله عنها) (4) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم استأمروا النساء فى إبضاعهن (5) قيل إن البكر تستحى أن تكلم (6) قال سكوتها إذنها (وعنها أيضا) (7) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يزوج شيئا من بناته جلس إلى خدرها (8) فقال ان فلانا يذكر فلانة يسميها ويسمى الرجل الذى يذكرها، فان هى سكتت زوّجها، وإن كرهت نقرت الستر (9) فاذا نقرته لم يزوجها (عن ذكوان مولى عائشة) (10) قال سمعت عائشة تقول سألث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجارية ينكحها أهلها أتستأمر أم لا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأمر، قالت عائشة فقلت له فانها تستحى فتسكت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذلك إذنها إذا هي سكتت *

_ البكر والقول من الثيب والله أعلم (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) بألفاظ متقاربة (1) (سنده) حدّثنا اسحاق بن عيسى قال حدثنى ليث يعنى ابن سعد قال حدثنى عبد الله بن عبد الرحمن بن أبى حسين عن عدى بن عدى الكندى الخ (غريبه) (2) أى سواء كن بكرا أم ثيبا (3) هذا صريح فى أن الثيب لا بد أن تصرح بلسانها عن رغبتها فان الإعراب معناه الابانة والايضاح (تخريجه) (جه هق) قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه رجال إسناده ثقات إلا أنه منقطع فان عديا لم يسمع من أبيه عدى بن عميرة، يدخل بينهما العرس بن عميرة قاله أبو حاتم وغيره، ولكن الحديث له شواهد صحيحه اهـ (4) (سنده) حدّثنا معاذ ثنا ابن جريج ويحيى المعنى عن ابن جريج قال سمعت ابن أبى مليكة عن ذكوان أبى عمرو مولى عائشة عن عائشة قالت قال رسوله الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) بكسر الهمزة أى تزويجهن يقال أبضعت المرأة إبضاعا إذا زوّجتها وقد وهم بعض الشراح ففهم أنه بفتح الهمزة جمع بضع بضم الموحدة وليس كذلك، والبضع بالضم يطلق أيضا على عقد النكاح والجماع معا وعلى الفرج (6) أصله تتكلم بتاءين حذفت احداهما تخفيفا (تخريجه) (ق هق. وغيرهم) (7) (سنده) حدّثنا حسين بن محمد ثنا أيوب بن عتبة عن يحيى عن أبى سلمة عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) الخدربكسر الخاء المعجمة وسكون الدال المهملة ناحية فى البيت يترك عليها ستر فتكون فيه الجارية البكر (وقوله إن فلانا يذكر فلانه يسميها الخ) معناه أن محمدا يخطب زينب مثلا وقد جاء فى رواية أخرى من حديث عمر عند الطبرانى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يزوج امرأة من نسائه (أى بناته) يأتيها من وراء الحجاب يقول إن فلانا خطبك فان كرهتيه فقولى لا فانه لا يستحى أحد أن يقول لا، وإن أحببت فان سكوتك إقرارك اهـ ولذلك قال ابن شعبان المالكى يستحب أن يقال للبكر ثلاثا ان رضيتى فاسكتى وان كرهت فانطقى اهـ (قلت) وانما يستحب أن يقال لها ذلك لاحتمال أنها لا تعلم أن السكوت رضا وهو وجيه (9) أى ضربت بيدها على الستر (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم عل) وفيه أيوب بن عتبة وهو ضعيف وقد وثق (10) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق قال أنا ابن جريج قال سمعت ابن أبى مليكة قال قال ذكوان مولى عائشة سمعت عائشة تقول الخ (تخريجه)

-[ما جاء في اليتيمة وأنها لا تزوج إلا بإذنها ورضاها]- (عن عائشة رضى الله عنها) (1) قالت تزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابنة ست سنين (وفى لفظ سبع سنين) (2) بمكة ممتوفَّى خديجة (3) ودخل بى وأنا ابنة تسع سنين بالمدينة (باب عدم اجبار اليتيمة وأنها لا تزوج إلا بإذنها ورضاها) (عن عبد الله بن عمر) (4) قال توفى عثمان بن مظعون وترك ابنة له من خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الاوقص قال وأوصى إلى أخيه قدامة بن مظعون قال عبد الله (5) وهما خالاى قال فخطبت إلى قدامة بن مظعون ابنة عثمان بن مظعون فزوجنيها، ودخل المغيرة بن شعبة يعنى إلى أمها فأرغبها فى المال فحطت (6) إليه وحطت الجارية إلى هوى أمها فأبيا حتى ارتفع أمرهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له قدامة بن مظعون يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنة أخى أوصى بها الىّ فزوجتها ابن عمتها عبد الله بن عمر فلم اقصر بها فى الصلاح ولا فى الكفاءة ولكنها امرأة وانما حطت الى هوى أمها، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هى يتيمة (7) ولا تنكح إلا بإذنها، قال فانتزعت والله منى بعد أن ملكتها فزوجوها المغيرة بن شعبة

_ (ق هق. وغيرهم) (1) (سنده) حدّثنا سليمان بن داود قال أنا عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه قال قالت عائشة تزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) فى أكثر الروايات بنت ست ويجمع بينهما بأنه كان لها ست وكسر، ففى رواية اقتصرت على الست وتركت سنة الكسر، وفى رواية عدت سنة الكسر والله أعلم (3) أى فى السنة التى توفيت فيها خديجة زوج النبى صلى الله عليه وسلم ورضى عنها، قيل كان ذلك فى السنة العاشرة قبل الهجرة بثلاث سنين: وقيل قبل الهجرة بسنة وهو الظاهر لأنه صلى الله عليه وسلم نبى بعائشة فى السنة الثانية من الهجرة ويؤيد ذلك ما روى عن عروة أنه قال ما ماتت (يعنى خديجة) إلا بعد الإسراء بعد أن صلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (قلت) والاسراء كانت فى السنة الثانية عشرة قبل الهجرة بسنة قاله مقاتل وجزم به النووى والله أعلم (تخريجه) (ق فع وغيرهم) أنظر أحكام هذا الباب فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 321 و 322 فى الجزء الثانى (باب) * (4) (سنده) حدّثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق حدثنى عمر بن حسين بن عبد الله مولى آل حاطب عن نافع مولى عبد الله ابن عمر عن عبد الله بن عمر الخ (غريبه) (5) هو عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما (6) بفتح الحاء المهملة وتشديد الطاء المهملة أيضا أى مالت إليه وأسرعت (7) قال فى المنار وفى تخصيص اليتيمة بلفظها فى هذا الحديث وغيره ما يحتاج إلى فضل نظرا لانه ان كان المراد الكبيرة فلا فرق بين اليتيمة وغيرها وإن كان المراد الصغيرة فكيف يعتبر رضاها، وإن كان المراد إلا برضاها ولا يعتبر رضاها حتى تبلغ فينتج أنها لا تزوج الصغيرة اليتيمة حتى تبلغ، وهو مراد الشافعى ومن معه، إلا أنه يرد عليه ما ذكر من تزويج المغيرة قال وأحسن ما يتخلص به من الإشكال أن المراد باليتيمة الصغيرة المميزة، وقد صح عبادات المميز وصح تخييره والعمل على اختياره لأحد أبويه ولا فرق بين حكم وحكم ما لم يمنع مانع، وصح أيضا بيعه باذن وليه فيتعين حمل اليتيمة على حقيقته ما أمكن، وقد جاء إطلاق ذلك فى أعم من الحقيقة والمجاز كما فى قوله تعالى {وان خفتم أن لا تقسطوا فى اليتامى} وكما فى حديث أبى موسى وأبى هريرة الآتيين والله أعلم (تخريجه) (هق قط ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبى وروى ابن ماجه طرفا منه: وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله ثقات اهـ (قلت) وهو يدل على أن اليتيمة لا يجبرها وصى ولا غيره: أنظر كلام الأئمة فى هذا فى القول الحسن شرح بدائع المنن ص 321 فى الجزء الثانى فى باب خطبة الصغيرة إلى وليها

-[ما جاء في استثمار النساء فى بناتهن]- (عن أبي موسى الاشعرى) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تستأمر اليتيمة فى نفسها فان سكتت فقد أذنت، وإن أبت لم تكره (عن أبى هريرة) (2) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ان رضيت فلها رضاها وان كرهت فلا جوار (3) عليها يعنى اليتيمة (باب استئمار النساء فى بناتهن) (حدّثنا يونس بن محمد) ثنا ليث عن يزيد بن أبى حبيب (عن ابراهيم بن صالح) (4) واسمه الذى يعرف به نعيم بن النحام وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه صالحا (5) أخبره ان عبد الله بن عمر قال لعمر ابن الخطاب اخطب على ابنة صالح، فقال ان له يتامى ولم يكن ليؤثرنا عليهم، قال فانطلق عبد الله إلى عمه زيد بن الخطاب ليخطب فانطلق زيد إلى صالح فقال ان عبد الله بن عمر أرسلنى إليك يخطب ابنتك فقال لى يتامى ولم أكن لأترب (6) لحمى وأرفع لحمكم أشهدكم أنى قد أنكحتها فلانا (7) وكان هوى أمها الى عبد الله بن عمر فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا نبي الله

_ الخ * (1) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا يونس بن أبى اسحاق عن أبى بردة عن أبى موسى الأشعرى الخ (تخريجه) (هق حب قط عل بز ك) وقال الهيثمى رجال احمد رجال الصحيح * (2) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ (3) بفتح الجيم أى فلا تعدى عليها ولا إجبار (تخريجه) (د مذ نس حب ك هق) وحسنه الترمذى (باب) (غريبه) (4) لم يأت فى شئ من طرق الحديث ولا عند أحد من أصحاب كتب الرجال أن ابراهيم هذا ابن صالح إلا عند الامام احمد فى هذه الرواية، والذى جاء عندهم أنه ابراهيم بن نعيم بن عبد الله النحام وبعضهم يقول ابراهيم بن نعيم النحام وبعضهم يقول ابراهيم بن نعيم بن النحام، قال النووى فى تهذيب الأسماء والنحام وصف لنعيم لا لأبيه هذا هو الصواب أن نعيما هو النحام ويقع فى كثير من كتب الحديث نعيم بن النحام وكذلك وقع فى بعض نسخ المهذب وهو غلط لأن النحام وصف لنعيم لا لأبيه اهـ (قلت) جاء ذكره على الصواب (نعيم بن عبد الله النحام) بهذا اللفظ من حديث جابر عند الإمام احمد، وتقدم فى الجزء الرابع عشر فى باب ما جاء فى التدبير من كتاب العتق صحيفة 158 رقم 55 وتكلمنا عليه فى الشرح هناك فارجع إليه (5) هذه الجملة وهى قوله (وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه صالحا) لم تأت إلا فى هذه الرواية عند الامام احمد، ورواه البيهقى من طريق أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبيه أن عبد الله بن عمر خطب الى نعيم بن عبد الله وكان يقال له النحام أحد بنى عدى ابنته وهى بكر فقال له نعيم إن فى حجرى يتيما لى لست مؤثرا عليه أحدا فذكر الحديث وسنده صحيح إلا أنه مرسل، وحكى الحافظ فى الإصابة عن الزبير بن بكار عن عمه مصعب قال خطب ابن عمر إلى نعيم بن النحام بنته فقال لا أدع لحمى يوما، ان لى ابن أخ لا يزوجه أحد ممن قرت عينه، وكان هوى أمها عاتكة بنت حذيفة بن غانم مع ابن عمر فذكر الحديث واسناده منقطع، ويستفاد من هذه الروايات أن لهذه القصة أصلا وأن ابن عمر خطب بنت نعيم بن عبد الله النحام وأن أباها زوجها لليتيم الذى فى حجره، وأن أمها كانت تريد تزوجيها من ابن عمر والله اعلم (6) قال فى القاموس أتربه وتربه جعل عليه التراب اهـ، والمعنى هنا لم أكن لأهين لحمى أى أيتام قرابتى فهو كناية عن الإهانة والله اعلم (7) يعني أحد أيتامه

-[ما جاء في تزويج الأب بنته الثيب أو البكر البالغ بغير رضاها]- خطب عبد الله بن عمر ابنتى فأنكحها أبوها يتيما فى حجره ولم يؤامرها فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صالح فقال أنكحت ابنتك ولم تؤامرها؟ فقال نعم، فقال اشيروا (1) على النساء فى أنفسهن وهى بكر فقال صالح فانما فعلت هذا لما يصدقها ابن عمر (2) فان له فى مالى مثل ما أعطاها (عن ابن عمر) (3) أنه خطب الى نسيب له (4) ابنته قال فكان هوى أم المرأة فى ابن عمر، وكان هوى أبيها فى يتيم له قال فزوجها الأب يتيمه ذلك فجاءت (5) الى النبى صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقال النبى صلى الله عليه وسلم آمروا (6) النساء فى بناتهن (باب ما جاء فى تزويح الاب بنته الثيب أو البكر البالغ بغير رضاها) (عن حجاج بن السائب) (7) ابن أبى لبابة بن عبد المنذر الانصارى أن جدته أم السائب خناس (8) بنت خذام بن خالد كانت عند رجل قبل أبى لبابة تأيّمت منه فزوّجها أبوها خذام بن خالد رجلا من بنى عمرو بن عوف بن الخزرج فأبت الا أن تحط الى أبى لبابة (9) وأبى أبوها الا أن يلزمها العوفى حتى ارتفع أمرها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، هى أولى بأمرها فألحقها بهواها، قال فانتزعت من العوفى (10) وتزوجت أبا لبابة فولدت له أبا

_ (1) معناه هنا شاوروهن، والظاهر ان قوله (وهى بكر) مدرجة من تفسير الراوى يبين ان بنت صالح كانت بكرا، واذا كانت الاستشارة مطلوبة من البكر فهى من الثيب من باب اولى (2) معناه انى ما زوجتها لليتيم إلا لأن ابن عمر سمى لها من الصداق شيئا لا يزيد عما يستحقه اليتيم فى مالى فاليتيم اولى والله اعلم (تخريجه) لم اقف عليه بهذا السياق لغير الامام احمد وأورده الهيثمى وقال رواه احمد وهو مرسل ورجاله ثقات (قلت) وفى سنده اضطراب وانقطاع (3) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن اسماعيل بن أمية أخبرنى الثقة أو من لا أتهم عن ابن عمر الخ (4) أى قريب والظاهر أن قريبه هذا هو نعيم بن عبد الله النحام المسمى فى الحديث السابق صالحا لأن معنى القصتين واحد (5) يعنى أم البنت (6) بمد الهمزة أى شاوروهن وفيه مشروعية مشاورة الولى أم البنت فى زواج ابنتها وحكى البيهقى عن الشافعى أنه قال ليس للأمهات أمر لكنه على معنى استطابة النفس اهـ وقال الخطابى مؤامرة الأمهات فى بضع البنات ليس من أجل أنهن يملكن من عقد النكاح شيئا، ولكن من جهه استطابة أنفسهن وحسن العشرة معهن، ولأن ذلك أبقى للصحبة وأدعى إلى الألفة بين البنات وأزواجهن إذا كان مبدأ العقد برضاء من الأمهات ورغبة منهن، وإذا كان بخلاف ذلك لم يؤمن تضريتهنّ (أى تحريضهن) ووقوع الفساد من قبلهن، والبنات الى الأمهات أميل، ولقولهن أقبل، فمن أجل هذه الأمور يستحب مؤامرتهن فى العقد على بناتهن والله اعلم (تخريجه) (د) روى ابو داود المرفوع فيه فقط ومختصرا بدون ذكر القصة وقال المنذرى فيه رجل مجهول اهـ (قلت) يعنى الرجل الذى روى عنه اسماعيل بن أمية (باب) (7) (سنده) قال الامام احمد رحمه الله قرأت على يعقوب بن ابراهيم قال حدثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى حجاج بن السائب بن أبى لبابة بن عبد المنذر الخ (غريبه) (8) بضم الخاء المعجمة ثم نون بوزن فلان ووقع فى الحديث التالى (خنساء) بوزن زهراء وخناس مشتق من خنساء كما يقال زناب فى زينب (وخذام) بخاء وذال معجمتين بوزن كتاب (9) أى مالت اليه ورغبت فيه (10) أى ابطل النبى صلى الله عليه وسلم نكاحها وتزوجت من رغبت فيه، وفيه دلالة على ان الثيب لا يجوز اجبارها على نكاح من لم

-[ما جاء في انكاح الابن أمه]- السائب بن أبي لبابة (عن عبد الرحمن ومجمع) (1) ابني يزيد بن جارية عن خنساء بنت خذام أن أباها زوجها وهي كارهة وكانت ثيباً فرد النبي صلى الله عليه وسلم نكاحه (عن ابن عباس) (2) أن خذاما أب وديعة (3) أنكح ابنته رجلاً فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فاشتكت إليه أنها أنكحت وهي كارهة، فانتزعها النبي صلى الله عليه وسلم من زوجها وقال لا تكرهوهن، قال فنكحت بعد ذلك أبا لبابة الأنصاري وكان ثيباً (وعنه أيضاً) (4) أن جارية بكراً أتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت أن أباها زوجها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم (باب ما جاء في انكاح الابن أمه) * (عن ابن عمر بن أبي سلمة) (5) عن أبيه عن أم سلمة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب أم سلمة فقالت يا رسول الله أنه ليس من أوليائي تعني شاهداً (6) فقال أنه ليس أحد من أوليائك شاهد ولا غائب يكره ذلك، فقال يا عمر زوج النبي صلى الله عليه وسلم فتزوجها النبي صلى الله عليه وسلم الحديث (7) (باب ما جاء في الكفاءة في النكاح)

_ ترغب فيه (تخرجه) (هق) من طريق ابن إسحاق كما هنا وهو مرسل وسنده جيد وله طرق أخرى عند البخاري والإمام أحمد وغيرهما متصلة منها الحديث الآتي (1) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا مالك وإسحاق بن عيسى قال أخبرني مالك قال عبد الله وثنا مصعب قال أنا مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عبد الرحمن ومجمع الخ (قلت) مجمع بضم الميم وفتح الجيم وكسر الميم ومشددة آخره عين مهملة وعبد الرحمن ابنا يزيد بن جارية بن عامر بن الغطاف الأنصاري الأوسي من بني عمرو بن عوف وهو ابن أخي مجمع بن جارية الصحابي الذي جمع القرآن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ومنه قيل أن لمجمع بن يزيد صحبة وليس كذلك، وإنما الصحبة لعمه مجمع بن جارية وليس لمجمع بن يزيد في البخاري سوى هذا الحديث وقد قرنه فيه بأخيه عبد الرحمن بن يزيد، وعبد الرحمن ولد في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فيما ذكره العسكري وغيره، وهو أخو عاصم بن عمر بن الخطاب لأمه، وقال ابن سعد ولي القضاء لعمرو بن عبد العزيز لما كان أمير المدينة، ومات سنة ثلاث وتسعين وقيل سنة ثمان، وثقه جماعة وماله في البخاري سوى هذا الحديث أفاده الحافظ (تخريجه) (خ لك فع هق، والأربعة) * (2) (سنده) حدثنا عبد الرازق أنبأنا ابن جريج قال أنا عطاء الخراساني عن ابن عباس الخ (غريبة) (3) هي كنية خدام وكذلك كناه أو نعيم (تخريحه) (طب عن) وسنده جيد وهو مرسل لأن عطاء الخراساني لم يلق ابن عباس قال الدارقطني (قلت) يؤيده ما قبله (4) (سنده) حدثنا حسين ثنا جرير عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس أن جارية بكرا إلخ (تخريجه) (د جه قط) قال الحافظ ورجال إسناده ثقات، واخرج نحوه النسائي من حديث جابر وعائشة وسيأتي حديث عائشة في الباب التالي وظاهر أحاديث الباب أن الثيب أو البكر البالغ إذا تزوجت بغير رضاها لم يصح العقد، وإليه ذهب الأوزاعى والثوري والحنفية وحكاه الترمذي عن أكثر أهل العلم، وذهب مالك والشافعي والليث وأحمد إسحاق إلى أنه يجوز للأب أن يزوج البكر البالغ بغير استئذان، وأحاديث الباب حجة عليهم والله أعلم (باب) (5) (سنده) حدثنا يزيد قال ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البغاني قال حدثني ابن عمر ابن أبي سلمة الخ (قلت) ابن عمر المذكور أسمه محمد (وقوله عن أبيه) يعني عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد وهو ربيب النبي صلى الله عليه وسلم أمه أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم (غريبة) (6) أي حاضراً (7) ليس هذا آخر

-[ما جاء في الكفاءة في النكاح]- (عن علي رضي الله عنه) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة يا علي لا تؤخرهن، الصلاة إذا آذنت، والجنازة إذا حضرت، والأيم إذا وجدت كفؤا (عن عائشة رضي الله عنه) (2) قالت جاءت فتاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله أن أبي زوجني أبن أخيه يرفع بي خسيسته (3) فجعل الأمر إليها (4)، فقالت فأني قد أجرت ما صنع أبي ولكن أردت أن تعلم النساء أن ليس للأباء من الأمر شيء (عن عبد الله بن بريدة) (5) عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن

_ الحديث وبقيته فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أنقصك مما أعطيت أخواتك رحيين وجرة ومرفقة من أدم حشوها ليف، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيها ليدخل بها فإذا رأته أخذت زينب أبنتها فجعلتها في حجرها فينصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلم ذلك عمار بن ياسر وكان أخاها من الرضاعة فأتاها فقال أين هذه المشقوحة المقبوحة التي قد آذيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذها فذب بها، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل عليها فجعل يضرب ببصره في نواحي البيت فقال ما فعلت زنات؟ فقالت جاء عمار فأخذها فذهب بها، فدخل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لها إن شئت سبعت لك سبعت، وإن سبعت لك سبعت لنسائي اهـ وسيأتي مثل هذا الحديث في باب زواجه صلى الله عليه وسلم بأم سلمة في حوادث السنة الرابعة من الهجرة من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (تخريجه) (نسق هق) وسنده جيد وأعله بعضهم بأن عمر المذكور كان عند تزوجه صلى الله عليه وسلم بأمه صغيراً له من العمر سنتان لأنه ولد في الحبشة في السنة الثانية، وزواج أمه بالنبي صلى الله عليه وسلم كان في السنة الرابعة من الهجرة، وقيل أنه ولد قبل الهجرة بسنتين، واستدل الحافظ لهذا القول في الإصابة بقول عبد الله بن الزبير كان أكبر مني بسنتين، وقد ثبت بالأحاديث الصحيحة أن عبد الله بن الزبير ولد في السنة الأولى من الهجرة وعلى هذا القول يكون لعمر من العمر ست سنين عند زواج النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بأمه اهـ (قلت) استدل بهذا الحديث من قال بأن الولد من جملة الأولياء في النكاح وهم الأئمة الثلاثة والمجهور، وقدمه مالك وأبو يوسف على الأب وقال أحمد الأب، أولى، وفي الجد عنه روايتاان، وهو قول أبي حنيفة، وقال الشافعي ومحمد بن الحسن أن ابن المرأة إذا لم يجمعها وأياه جد فلا ولاية له والله أعلم (1) هذه الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب المبادرة إلى تجهيز الميت من كتاب الجنائز في الجزء السابع صحيفة 99 وإنما ذكرته هنا لقوله (والايّم إذا وجدت كفؤا) والكفؤ في النكاح أن يكون الرجل مثل المرأة في اٌلإسلام والحرية والصلاح والنسب وحسن الكسب (2) (سنده) حدثنا وكيع ثنا كهمس عن عبد الله بن بريدة عن عائشة الحديث (غريبة) (3) أي يزيل عنه بإنكاحي إياه دناءته أي أنه خسيس فأراد أن يجعله بي عزيزاً (4) يفيد أن النكاح منعقد إلا أن لها الخيار بين أمضائه وابطاله (تخريجه) (نس هق قط) قال البيهقي والدارقطني هذا مرسل، ابن بريدة لم يسمع من عائشة، وأن صح فإنما جعل الأمر إليها لوضعها في غير كفؤاهـ (قلت) جاء هذا الحديث من رواية عبد الله ابن بريدة عن أبيه عند ابن ماجه بسند صحيح، قال البوصيري في زوائد ابن ماجة إسناده صحيح، ويشهد له حديث ابن عباس في الجارية التي زوجها أبوها وهي كارهة فخيرها النبي صلى الله عليه وسلم وكذلك حديث خنساء بنت خذام والاحاديث الواردة في استئمار النساء على العموم وتقدم ذلك قبل باب والله أعلم (5) (سنده)

-[كلام العلماء في الكفاء وذم من يرغبون في كفاءة الدنيا دون التقوى]- أحساب (1) أهل الدنيا الذين (2) يذهبون إليه هذا المال (عن سمرة بن جندب) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسب المال (4)، والكرم التقوى (عن عائشة رضي الله عنها) (5) قالت كانت بريرة عند عبد فعتقت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها بيدها (6) (وفي لفظ) فلما أعتقت

_ حدثنا زيد بن الحباب حدثني حسين بن واقد حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه إلخ (غريبة) (1) جمع حسب بفتح المهملتين فموحدة تحته هو في الأصل الكرم والشرف والمجد، مأخوذ من الحساب لأن العرب كانوا إذا تفاخروا واعدوا مناقبهم ومآثر آبائهم وحسبوها فيحكم لمن زاد عدده على غيره، ولكن الذين رغبوا في الدنيا تحولوا عن ذلك فجعلوا فضائلهم التي يرغبون فيها ويميلون إليها ويعتمدون عليها في النكاح وغيره هو المال ولا يعرفون شرفاً آخر مساوياً له، فصاحب المال فيهم عزيز كيفما كان، وغيره ذليل وإن كان من أهل الصلاح والتقوى، لهذا أسماهم النبي صلى الله عليه وسلم أهل الدنيا لشغفهم بها وطمأ نيتهم إليها كما يشغف الرجل بأهله ويأنس إليهم، فصاروا أهلاها وهي لهم أهل، وصارت أموالهم أحسابهم يفتخرون بها ويحتسبون بكثرتها عوضاً عن افتخارهم بشرف النسب والتقوى، والله تعالى يقول (أن أكرمكم عند الله أتقاكم) (2) قال الحافظ العراقي كذا وقع في أصلنا من مسند أحمد (الذين) وصوا به (الذي) وكذا رواه النسائي كغيره (يعني الذي) قال والوجه أن أحساب أهل الدنيا الذين يذهبون إليها فيؤتي بوصف الاحساب مؤنثاً لأن الجموع مؤنثة وكأنه روعي في التذكير المعني دون اللفظ، وأما الذين فلا يظهر وجهه إذ ليس وصفاً لأهل الدنيا بل لأحسابهم إلا أن يكون اكتسبه بالمجاورة (تخريجه) (نس حب هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وصححه أيضاً أبن حبان (3) (سنده) حدثنا يونس بن محمد ثنا سلام بن أبي مطيع عن قتادة عن الحسن عن سمرة إلخ (غريبة) (4) أي الشيء الذي كون به الإنسان عظيم القدر عند الناس هو المال، والذي يكون به عظيم عند الله هو التقوى، وقال العامري في شرح الشهاب أشار بالخبر إلى ان الحسب الذي يفتخر به أبناء الدنيا اليوم المال فقصد ذمهم بذاك حيث أعرضوا عن الأحساب الخفية ومكارم الأخلاق الدينية، إلا ترى أنه أعقبه بقوله (والكرم التقوى) والتقوى تشمل المكارم الدينية والشيم المرضية التي فيها شرف الدارين (تخريجه) (مذ جه هق قط) وصححه الترمذي والحاكم واقره الذهبي (5) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن أبي إسحاق قال حدثني محمد بن مسلم الزهري وهشام بن عروة بن الزبير عن عائشة الخ (غريبة) (6) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم خيرها بين أن تبقى على نكاحه أو تفارقه كما صرح بذلك في اللفظ الآخر، وفيه دلالة على أن الكفاءة تغتفر برضا الأعلى لا مع عدم الرضا لأن بريرة لما لم يكن زوجها كفؤا لها بعد الحرية لأنه كان عبد خيرها النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (م د مذ قط هق) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد، وفي أحاديث الباب اعتبار الكفاءة وفي النكاح، قال الخطابي والكفاءة معتبرة في قوله أكثر العلماء بأربعة أشياء بالدين والحرية والنسب والصناعة، ومنهم من اعتبر فيها السلامة من العيوب واليسار فيكون جماعها ست خصال اهـ قال في رحمة الأمة والكفاءة عند الشافعي في خمسة، الدين والنسب والصنعة والحرية والخلو من العيوب، وشرط بعض أصحابه اليسار، وقول أبي حنيفة كقول الشافعي لكنه لم يعتبر الخلو من العيوب، ولم يعتبر محمد بن الحسن الديانة في الكفاءة إلا أن يكون بحيث يسكر ويخرج فيسخر منه الصبيان، وعن مالك أنه قال الكفاءة في الدين لا غير، وقال ابن أبي ليلى الكفاءة

-[ما جاء في خطبة النكاح (بضم الخفاء المعجمة)]- خيرت (باب استحباب الخطبة للنكاح) (عن عبد الله) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال علمنا خطبة الحاجة، الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد نستعينه ونستغفره (2) ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمد عبده ورسوله (3) ثم يقرأ ثلاث آيات يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وانتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجلاً كثيراً ونساء، واتقوا الذي الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيباً، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولاً سديداً يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزاً عظيما، ثم تذكر حاجتك (4) (ومن طريق ثان) (8) قال علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبتين خطبة الحاجة وخطبة الصلاة (6) الحمد لله أو إن الحمد لله نستيعنه فذكر معناه (7) (وعن ابن عباس) (8) أن النبي صلى الله عليه وسلم كلم رجلاً في شيء فقال الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له. ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمد عبده ورسوله

_ في الدين والنسب والمال، وهي رواية عن أبي حنيفة وقال أبو يوسف والكسب، وهي رواية عن أبي حنيفة وعن أحمد رواية كمذهب الشافعي، وأخرى إلى أنه يعتبر الدين والصنعة، ولا صحاب الشافعي في السن وجهان كالشيخ مع الشابة وأصحهما أنه لا يعتبر (باب) (1) (سنده) حدثنا محمد ثنا شعبة قال سمعت أبا إسحاق يحدث عن أبي عبيدة عن عبد الله (يعني ابن مسعودا) إلخ (غريبة) (2) في رواية أخرى بلفظ أن الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد نستعينه ونستغفره) (3) زاد في رواية لأبي داود بعد قوله ورسوله (أرسله بالحق بشيراً ونذيراً بين يدي الساعة من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما فإنه لا يضر إلا نفسه ولا يضر الله شيئاً (4) زاد البيهقي قال شعبة قلت لأبي إسحاق هذه القصة في خطبة النكاح أو في غيرها؟ قال في كل حاجة (5) (سنده) حدثنا عفان ثنا شعبة أنبأنا أبو إسحاق عن أبي عبيدة وأبي الأحوص قال وهذا حديث أبي عبيدة عن أبيه قال علمنا رسول صلى الله عليه وسلم إلخ (6) خطبة الصلاة يعني التشهد في الصلاة كما ذكره الترمذي من طريق أبي الأحوص عن عبد الله قال علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم التشهد في الصلاة والتشهد في الحاجة، قال التشهد في الصلاة التحيات لله والصلوات والطيبات فذكر إلى قوله وأشهد أن محمد عبده ورسوله، وقال والتشهد في الحاجة إن الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده وبعد نستعينه ونستغفره فذكر الحديث (7) هكذا في الأصل مختصر (تخريجه) (د نس ك هق) وهو من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه ولم يسمع منه، ورواه الترمذي من طريق الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله، ثم قال حديث عبد الله حديث حسن رواه الأعمش عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم رواه شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن بعد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، وكلاً الحديثين صحيح لأن إسرائيل جمعها فقال عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص وأبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم اهـ قال الحافظ واخرجه (د نس جه) وصححه أبو عوانة وأبن حبان كذاني فتح الباري (8) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا ابن أبي زائدة عن داود بن أبي هند عن عمرو بن سعيد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس

-[ما يقال الزوج عقب عقد الزواج]- (عن أبي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخطبة التي (وفي لفظ كل خطبة) ليس فيها شهادة (2) كاليد الجذماء (3) (وعنه أيضاً) (4) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رفأ (5) الإنسان إذا تزوج قال بارك الله وبارك عليك وجمع بينكما في خير (عن عبد الله بن محمد بن عقيل) (6) قال تزوج عقيل ابن أبي طالب فخرج علينا فقلنا بالرفاء والبنين (7) فقال مه (8) لا تقولوا ذلك، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهانا عن ذلك، وقال قولوا بارك الله فيك وبارك لك فيها (ومن طريق ثان) (9) عن الحسن أن عقيل بن أبي طالب تزوج امرأة من بني جشم فدخل عليه القوم فقالوا بالرفاء والبنين، فقال لا تفعلوا ذلك، قالوا فما نقول يا أبا يزيد؟ (10) قال قالوا بارك الله لكم وبارك عليكم إنا كذلك

_ الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام حمد وسنده جيد (1) (سنده) حدثنا ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عاصم بن كليب حدثني أبي سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبة) (2) أي شهادة أن لا أله إلا الله وأن محمد رسول الله وهو عام يشمل خطبة النكاح وغيرها (3) بالذال المجمعة أي المقطوعة التي لا فائدة فيها لصاحبها أو التي بها جذام (تخريجه) (د مذ) وقال هذا حديث حسن غريب (4) (سنده) حدثنا قنيبة بن سعيد حدثنا عبد العزيز بن محمد عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبة) (5) قال الحافظ بفتح الراء وتشديد الفاء مهموزاً ومعناه دعا له اهـ وفي القاموس رفأه ترفئة وترفيئاً قال له بالرفاء والبنين أي بالالتئام وجمع الشمل اهـ وكانت هذه ترفئة الجاهلية ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك وأرشد إلى ما في أحاديث الباب (تخريجه) (د مذ جه ك) وقال الترمذي حسن صحيح وصححه أيضاً ابن حبان والحاكم واقره الذهبي (6) (سنده) حدثنا الحكم بن نافع حدثنا اسماعيل بن عياش عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن محمد بن عقيل إلخ قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات (عقيل) بفتح العين وهو أبو يزيد وقيل أبو عيسى عقيل بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف القرشي الهاشمي المكي ابن عم رسوال الله صلى الله عليه وسلم وهو أخو علي وجعفر وطالب، وساق له ترجمة عظيمة إلى أن قال روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث وهو قليل الحديث (قلت ليس له في مسند الإمام أحمد سوى هذا الحديث) قال روى عنه ابنه محمد وابن ابنه عبد الله بن محمد بن عقيل وموسى بن طلحة والحسن البصري وغيرهم توفى في خلافة معاوية وقد كف بصره ودفن بالبقيع وقبره مشهور عليه قبة في أول البقيع اهـ (قلت) قال الحافظ في الإصابة جاء في التاريخ الصغير للبخاري بسند صحيح أنه توفي في أول خلافة يزيد قبل وقعة الحرة اهـ (غريبة) (7) أي بالألتئام وجمع الشمل وخلف البنين (8) اسم فعل أمر مبني على السكون بمعنى أكفف (9) (سنده) حدثنا إسماعيل وهو ابن علية أنبأنا يونس عن الحسن أن عقيل بن أبي طالب إلخ (غريبة) (10) كنية عقيل بن أبي طالب وجاء في الأصل (يا أبازيد) وهو خطأ وصوابه (يا أبا يزيد) كما ذكره النووي في تهذيب الأسماء واللغات والحافظ في الإصابة وغيرهما من كتب تراجم الرجال (تخريجه) (نس جه هق مي عل طب) قال الحافظ ورجاله ثقات إلا أن الحسن لم يسمع من عقيل فيما يقال (قلت) وقوله فيما يقال يشعر بضعف هذا القول وهو كذلك لأنه ثبت أن الحسن سمع من عثمان وصحت روايته عن علي، وهما أقدم من عقيل فسماعه من عقيل

-[ما جاء في الشروط في النكاح وما نهى عنه منها]- كنا نؤمر (باب الشروط في النكاح وما نهى عنه منها) (عن عقبة بن عامر) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحق الشروط أن يوفى به ما استحللتم به الفروج (2) (عن أبي هريرة) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تشترط امرأة طلاق أختها (عن عبد الله بن عمرو) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل (5) أن تنكح المرأة بطلاق أخرى (عن عائشة رضي الله عنها) (6) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شرط ليس في كتاب الله عز وجل (7) فهو مردود (8) وإن اشترطوا مائة مرة

_ ممكن والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الحميد بن جعفر قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن عقبة بن عامر إلخ (قلت) مرثد بوزن عنبر واليزني بفتح التحتية والزاي (غريبة) (3) معناه أن أحق الشروط بالوفاء شروط النكاح، قال القاضي عياض المراد بالشروط هنا المهر لأنه المشروط في مقابلة البضع، وقيل جميع ما تستحقه المرأة بمقتضى الزوجية من المهور والنفقة ونحو ذلك ما لم يكن محظوراً (قلت) المحظور هو كل شرط يمنع ما أباحه الشرع أو يبيح ما منعه (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (3) هذا طرف من حديث طويل تقدم بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في باب النهي عن تلقى الركبان من كتاب البيوع والكسب في الجزء الخامس عشر صحيفة 50 رقم 170 وإنما ذكرته هنا لقوله (لا تشترط امرأة طلاق أختها) قال النووي معناه نهي المرأة الأجنبية أن تسأل رجلاً طلاق زوجته وأن يتزوجها والمراد باختها غيرها سواء كانت من النسب أو الرضاع أو الدين (4) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة قال ثنا عبد الله بن هبيرة عن ابن سالم الجيشاني عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (غريبه) (5) قال ابن حبيب حمل العلماء هذا النهي على الندب فلو فعل ذلك لم يفسخ النكاح، وتعقبه ابن بطال بأن نفي الحل صريح في التحريم ولكن لا يلزم منه فسخ النكاح وإنما فيه التغليظ على المرأة أن تسأل طلاق الأخرى ولترض بما قسم الله له، والتصريخ بنفي الحل وقع في رواية للبخاري أيضاً من حديث أبي هريرة مرفوعاً بلفظ (لا يحل لامرأة تسأل طلاق أختها لتستفرغ صحفتها فإنما لها ما قدر لها (تخريجه) لم أقف عليه من حديث عبد الله بن عمرو لغير الإمام أحمد وفي إسناده ابن لهيعة وحديثه حسن إذا قال حدثنا ويؤيده حديث أبي هريرة المتقدم وليس هذا آخر الحديث وسيأتي بتمامه في الباب الثامن من أبواب الترهيب من خصال من المعاصي معدودة في قسم الترهيب إن شاء الله تعالى (6) (سنده) حدثنا على أخربنا سفيان بن حسين عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة إلخ (غريبة) (7) قال القرطبي أي ليس مشروعاً فيه تأصيلاً ولا تفصيلاً، فإن مت الأحكام ما يوجد تفصيله في الكتاب كالوضوء ومنها ما يوجد تأصيله دون تفصيله كالصلاة، ومنها ما اصل أصله كدلالة الكتاب على أصيله السنة والإجماع والقياس (8) أي باطل كما في رواية أخرى لا يعمل به ولا يلتفت إليه وأن اشترطوا مائة مرة لا تؤثر فذكره للمبالغة لا يقصد عين هذا، العدد، وقال القرطبي يعني أن الشروط الغير المشروعة باطلة وأن كثرت، ويستفاد منه أن الشروط

-[جواز التزويج على القليل والكثير واستحباب القصد فيه]- (أبواب الصداق) (باب جواز التزويج على القليل والكثير واستحباب القصد فيه) (عن أبي هريرة) (1) قال كان صداقنا (2) إذ كان فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أواق (3) وطبق بيديه وذلك أربعمائة (عن قتادة عن أنس بن مالك) (4) أن عبد الرحمن بن عوف تزوج على وزن نواة (5) من ذهب قال فكان الحكم يأخذ به (عن ثابت عن أنس بن مالك) (6) أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على عبد الرحمن بن عوف أثر صفرة (7) فقال ما هذا؟ قال إني تزوجت امرأة على وزن نواة من ذهب فقال بارك الله لم أو لم (8) ولو بشاه (عن أبي حدرد الأسلمي) (9) أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم يتسفتيه في مهر امرأة،/ فقال كم أمهرتها؟ قال مائتي درهم، فقال لو كنتم تغرفون من بطحان (10) ما زدتم

_ الشرعية صحيحة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (1) (سنده) حدثنا إسماعيل بن عمر قال ثنا داود بن قيس عن موسى بن يسار عن أبي هريرة إلخ (غريبة) (2) أي صداق غالب الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) أي من الفضة (وطبق بيديه) أي بأصبع يديه العشرة ليؤكد للسامع أنها عشرة أواق تساوي أربعمائة درهم باعتبار أن الأوقية أربعون درهماً في ذاك الوقت (تخريجه) (نس قط) ورجاله ثقات (4) (سنده) حدثنا شبابة عن شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك الخ (غريبة) (5) اختلف في معنى قوله على وزن نواة من ذهب على أقوال، أشهرها أنه عبارة عما قيمته خمسة دراهم من الورق، وجزم به الخطابي واختاره الأزهري ونقله عياض عن أكثر العلماء، ويؤيده أن في رواية البيهقي (وزن نواة من ذهب قرمت خمسة دراهم) حكاه ابن قتيبة وجزم به ابن فارس وجعله البيضاوي الظاهر وقال الشافعي النواة ربع النش، والنش نصف اوقية، والأوقية أربعون درهماً فتكون خمسة دراهم، وكذا قال أبو عبيد إن عبد الرحمن دفع خمسة دراهم وهي تسمى نواة كما يسمى الأربعون درهما أوقية، وبه جزم أبو عوانة وآخرون (تخريجه) (قع فع هق وغيرهم) (6) (سنده) حدثنا يونس وسريج قالا ثنا حماه يعني ابن زيد عن ثابت عن أنس بن مالك الخ (غريبة) (7) قال النووي الصحيح في معنى هذا الحديث أنه تعلق به أثر من الزعفران وغيره من حليب العروس ولم يقصده ولا تعمد التزعفر، فقد ثبت في الصحيح النهي عن التزعفر للرجال، وكذا نهي الرجال عن الخلوق لأنه شعار النساء، وقد نهى الرجال عن التشبه بالنساء فهذا هو الصحيح في معنى الحديث، وهو الذي اختاره القاضي والمحققون، قال القاضي وقيل أنه يرخص في ذلك للرجل العروس، وقد جاء ذلك في أثر ذكره أبو عبيد أنهم كانوا يرخصون في ذلك للشباب أيام عرسه، قال ومذهب مالك وأصحابه جواز لبس الثياب المزعفرة، وحكاه مالك عن علماء المدينة، وهذا مذهب ابن عمر وغيره، وقال الشافعي وأبو حنيفة لا يجوز ذلك الرجل اهـ (8) سيأتي الكلام على الوليمة في بابها إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق هق والأمامان والأربعة) وغيرهم (9) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن يحيى بن سعيد عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي حدرد الأسلي الخ (غريبة) (10) بفتح الموحدة اسم وادي المدينة والبطحانيون ينسبون إليه وأكثرهم يضمون الباء ولعله الأصح (نه) والمعنى لو كنتم تغرفون الفضة من هذا الوادي ما زدتم على هذا المقدار (تخريجه) أورده الهيثمي وقال

-[عدم التغالي في الصداق والاقتصاد فيه]- (عن أبي العجفاء) (1) السلمى قال سمعت عمر يقول ألا لا تغلوا صدق (2) النساء فإنها لوكانت مركمة في الدنيا أو توى في الآخرة (3) لكان أولاكم بها النبي صلى الله عليه وسلم (4)، ما أنكح شيئاً من بناته ولا نسائه فوق اثنتي عشرة أوقية (5)، وأخرى تقولونها في مغازيكم (6) قتل فلان شهيداً مات فلان شهيداً، ولعله أن يكون قد أوقر (7) عجزته دابته أودف راحلته ذهبًا وفضة يبتغي التجارة فلا تقولوا ذاكم، ولكن قولوا كما قال محمد صلى الله عليه وسلم من قتل في سبيل الله فهو في الجنة (عن عبد الله ابن عامر بن ربيعة) (8) عن أبيه أن رجلاً من بني فرازة تزوج امرأة على نعلين فأجاز النبي صلى الله عليه وسلم نكاحه (عن عائشة رضي الله عنها) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يمكن المرأة وتيسير

_ رواه (حم طب طس) ورجال أحمد رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه أيضًا البيهقي (1) (وسنده) حدثنا سفيان عن أيوب عن ابن سيرين سمعه من أبي العجفاء سمعت عمر الخ (غريبة) (2) بضمتين جمع صداق قال القاضي عياض المغالاة التكثير أي لا تكثروا مهورهن (فإنها) أي المغالاة (لو كانت تكرمه) بفتح الميم وضم الراء، واحدة المكارم، أي مما يحمد في الدنيا (3) أي أو مكرمة في الآخرة لقوله تعالى (أن أكرمكم عند الله أتقاكم) (4) أي بمغالاة المهور (5) هي أربعمائة وثمانون درهماً، وأما ما روى أن صداق أم حبيبة كان أربعة آلاف درهم فأنه مستثنى من قول عمر رضي الله عنه، لأنه أصدقها النجاشي في الحبشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة آلاف درهم من غير تعيين من النبي صلى الله عليه وسلم، وما روته عائشة من ثنتي عشرة ونشا فأنه لم يتجاوز عدد الأواقي التي ذكرها عمر ولعله أراد عدد الأوقية ولم يلتفت إلى الكسور ولعله لم يبلغه صداق أم حبيبة ولا الزيادة التي روتها عائشة والله أعلم (6) أي وخصلة أخرى تقولونها في مغازيكم أنهاكم عنها (7) مأخوذ من الوقر بكسر الواو وسكون القاف وهو الحمل بكسر الحاء المهملة وأكثر ما يستعمل في حمل البغل والحمار (وعجز) مفعول لأوقر، وعجز كل شيء مؤخره (ودابته) مضاف إليه (وأو) للشك من الراوي (ودف) بفتح المهملة مفعولة لأوقر أيضاً (وراحلته) مضاف إليه، قال في النهاية دف الرجل جانب كور البعير وهو سرجه اهـ، والمعنى أنه حمل دابته وقراً من ذهب وفضة يبتغي التجارة لا الجهاد، ومن كان هذا شأنه فليس بشهيد والله أعلم (تخريحه) (د مذ جه هق) مختصراً على ما يختص بالصداق، ورواه النسائي بلفظ حديث الباب، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، وذكره الحافظ في الفتح وقال صححه ابن حبان والحاكم (قلت) والحديث له طرق أخرى ستأتي في باب خطب عمر رضي الله عنه من أبواب خلافته أن شاء الله تعالى (8) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر بن ربيعة الخ، وله طريق أخرى عند الإمام أحمد قال حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال سمعت شعبة عن عاصم بن عبيد الله قال سمعت عبد الله بن عامر يحدث عن أبيه أن رجلاً تزوج امرأة على نعلين قال فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ذاك له، فقال أرضيت من نفسك وما لك بنعلين؟ فقالت رأيت ذاك، فقالت وأنا أرى ذاك (تخريجه) (مذ جه هق) وقال الترمذي حديث عامر بن ربيعة حديث حسن صحيح (قلت) في إسناده عاصم بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب العدوى مدني ضعيف قال البيهقي تلكموا فيه ومع ضعفه روى عنه الأئمة اهـ وقال الحافظ في بلوغ المرام بعد أن حكى تصحيح الترمذي له أنه خولف في ذلك (9) تقدم هذا الحديث بسنده وشرحه وتخريجه في باب صفة المرأة التي

-[بيان صداق النبي صلى الله عليه وسلم لأزواجه وأنه جعل صداق صفية عتقها]- خطتها وتيسير صداقها وتيسير رحمها (عن جابر بن عبد الله) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أن رجلاً أعطى امرأة صداقاً ملء يديه طعاماً كانت له حلالا (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) (2) قال سألت عائشة كم كان صداق رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت كان صداقة لأزواجه اثنتي عشرة أوقية ونشا (3) قالت أتدري ما الش؟ قلت لا، قالت نصف أوقية قتلك خمسمائة درهم فهذا أصداق رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن عروة بن الزبير) (4) عن أم حبيبة أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش وكان أتى التجاشي (5) فمات وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج أم حبيبة وإنها بأرض الحبشة زوجها إياه النجاشي وأمهرها أربعة آلاف (6) ثم جهزها من عنده وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مع شر حبيل ابن حسنة وجهازها كله من عند النجاشي ولم يرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء وكان مهور أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم (باب من جعل العتق صداقاً وكذلك تعليم بعض القرآن) (عن أنس بن مالك) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعتق صفية (8) بنت يحيي وجعل عتقها صداقها (عن سهل بن سعد

_ يستحب خطبتها (1) (سنده) حدثنا يونس حدثنا صالح بن مسلم بن رومان أخبرني أبو الزبير محمد بن مسلم عن جابر بن عبد الله الخ (تخريجه) (دهق) وفي إسناده صالح بن مسلم فيه كلام، قال الحافظ في تعجيل المنفعة صالح بن مسلم بن رومان المكي عن أبي الزبير، وعنه يونس بن محمد المؤدب ويزيد بن هارون وموسى بن إسماعيل التبوذكي ضعفه ابن معين وأبو حاتم، وذكره ابن حبان في الثقات وفي الضعفاء اهـ (2) (سنده) حدثنا محمد بن إدريس قال ثنا عبد العزيز عن يزيد عن محمد بن إبراهيم عن إبي سلمة بن عبد الرحمن إلخ (غريبة) (3) بفتح النون وتشديد الشين المعجمة إسم لعشرين درهماً أو هو بمعنى النصف من كل شيء، والمعنى أنه أن كان يتولى تقرير الصداق فلا يزيد على هذا القدر، قيل هو محمول على الأكثر والا فخديجه وجويرية بخلاف ذلك، وصفية كان عتقها صداقها كما سيأتي، وأم حبيبة أصدقها النجاشي وأعطاه من عنده (تخريجه) (م د نس فع جه هق) (4) (سنده) حدثنا إبراهيم بن إسحاق حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر قال أبي وعلي بن اسحاق أنبأنا عبد الله أنا معمر عن الزهري عن عروة عن أم حبيبة إلخ (قلت) أم حبيبة أسمها رملة وقيل هند، والصحيح المشهور رملة، وبه قال الأكثرون، كنيت بابنتها حبيبة بنت عبيد الله بن جحش وكانت من السابقين إلى الإسلام وهي بنت إلي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف هاجرت مع زوجها عبيد الله بن جحش إلى الحبشة فتنصر هناك ومات نصرانياً بالحبشة، وهو أخو عبد الله بن جحش الصحابي الجليل فتزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي هناك سنة ست من الهجرة، قال أبو عبيد وخليفة ويقال سنة سبع وكان الخاطب عمرو ابن أمية اضمري وكان وليها عثمان بن عفان ذكره النووي في تهذيب الأسماء واللغات (غريبة) (5) قال علي بن إسحاق أحد الروايين اللذين روى عنها الإمام أحمد هذا الحديث في روايته (وكان رحل إلى النجاشي) بدل قوله أتى (6) أي أربعة آلاف درهم (تخريجه) (د نس هق قط) ورجاله ثقات انظر أحكام الصداق ومذاهب الأئمة في القول الحسن شرح بذائع المنن صحيفة 324 في الجزء الثاني (باب) (7) (سنده) حدثنا هشيم عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك الخ (غريبة) (8) هي أم المؤمنين صفية بنت حيي بن أخطب (وحيي) بحاء مهملة ثم ياء ين مثناتين من تحت بوزن قصى (وأخطب) بوزن

-[من عرضت نفسها على النبي صلى الله عليه وسلم- ومن جعل تعليم بعض القرآن صداقاً]- الساعدي) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة (2) فقال يا رسول إني قد وهبت نفسي لك (3) فقامت قياماً طويلاً فقام رجل (4) فقال يا رسول الله زوجنيها أن لم يكن لك بها حاجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ فقال ما عندي إلا إزاري هذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك فالتمس شيئاً، فقال ما أجد شيئاً، فقال التمس ولوخاتماً (5) من حديد فالتمس فلم يجد شيئاً، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم هل معك (6) من القرآن شيء؟ قال نعم سورة كذا وسورة كذا لسور يسميها (7) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قد زوجتكما بما معك (8)

_ أحمد سباها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان سنة سبع من الهجرة ثم عتقها وتزوجها وجعل عتقها صداقها كذا في تهذيب الأسماء واللغات، وستأتي ترجمتها مستوفاة في ذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (تخريجه) (نس مذ) ورجاله من رجال الصحيحين وهو من ثلاثيات الأمام أحمد، وقال الترمذي حديث أنس حسن صحيح (1) (سنده) قال الأمام أحمد قرأت على عبد الرحمن عن مالك وحدثنا إسحاق أنا مالك عن أبي حازم عن سهل بن سعد إلخ (غريبة) (2) في رواية سفيان الثوري عند الإسماعيلى جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فأفاد تعيين المكان الذي وقعت فيه القصة، قال الحافظ وهذه المرأة لم أقف على أسمها (3) هو على حذف مضاف أي قد وهبت أمر نفسي لك لأن رقبة الحر لا تملك فكأنها قالت أتزوجك من غير عوض، زاد في رواية للبخاري فلم يجبها شيئاً، وفي رواية لمسلم فنظر إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد النظر وصوبه ثم طأطأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية معمر والثورى معاً عند الطبراني فصمت، ثم عرضت نفسها عليها فصمت فلقد رأيتها قائمة مليا تعرض نفسها عليه وهو صامت، وفي رواية حماد بن زيد أنها وهبت نفسها لله ولرسوله فقال مالي في النساء حاجة، ويجمع بينهما وبين ما تقدم أنه قال ذلك في آخر الحال، فكأنه صمت أولاً لنفهم أنه لم يردها، فلما أعادت الطلب أفصح لها بالواقع (4) قال الحافظ لم أقف على اسمه ووقع في رواية للطبراني فقام رجل احسبه من الأنصار (5) لو في قوله ولو خاتماً تعليلية قال الفاضي عياض ووهم من زعم خلاف ذلك، ووقع في رواية عند الحاكم والبراني من حديث سهل (زوج رجلاً بخاتم من حديد فصه فضة) (6) المراد بالمعية هنا الحفظ عن ظهر قلب (7) زاد في رواية اتقرؤهن عن ظهر قلبك؟ قال نعم، وقد وقع ذكر أسماء السور في حديث ابن مسعود بلفظ نعم سورة البقرة وسورة من المفصل، ووقع في رواية من حديث أبي هريرة سورة البقرة والتي تليها كذا عند أبي داود والنسائي، ولأبي هريرة أيضاً في رواية أخرى (فعلمها عشرين آية وهي امرأتك، وفي حديث ابن عباس أزوجها منك على أن علمها أربع أو خمس سور من كتاب الله، وفي حديث آخر لابن عباس وجابر هل تقرأ من القرآن شيئاً؟ قال نعم أنا أعطيناك قال أصدقها اياها (قال الحافظ) ويجمع بين هذه الألفاظ بأن بعض الرواة حفظ ما لم يحفظ بعض أو أن القصص متعددة والله أعلم (8) الظاهر أن الباء للتعويض في قوله (بما معك) كقولك بعتك هذه السلعة بكذا، وجلعها بعضهم بمعنى اللام أي لأجل أنك من أهل القرآن تكرمة، وجاء في رواية الثوري عند ابن ماجه (قد زوجتكها على ما معك من القرآن) ومثله في رواية هشام بن سعد، قال الحافظ وفي حديث لابن مسعود (قد أنكحكتها على أن تقرئها وعلمها وإذا رزقك الله عوضتها) فتزوجها الرجل على ذلك

-[بيان السور التي جعلها الرجل صداقاً لامرأته وبيان فضلها]- من القرآن (وفي لفظ) قال فقد أملكتها (1) بما معك من القرآن قال فرأيته بمضى وهي تتبعه (عن أنس بن مالك) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل رجلاً من صحابته فقال أي فلان هل تزوجت؟ قال لا، وليس عندي ما أتزوج به، قال أليس معك قال هو الله أحد؟ قال بلى؛ قال ربع القرآن (3) قال أليس معك قل يا أيها الكافرون؟ قال بلى، قال ربع القرآن (4) قال أليس معك إذا زلزلت الأرض؟ قال بلى، قال ربع القرآن (5) قال أليس معك إذا جاء نصر الله؟ قال بلى قال ربع القرآن (6)، قال أليس معك آية الكرسي الله لا إله إلا هو؟ قال بلى قال ربع القرآن (7) قال تزوج تزوج تزوج ثلاث مرات (8) (باب من تزوج ولم يسم صداقاً ثم مات قبل الدخول) (عن عبد الله بن عتبة) (9) قال أتى ابن مسعود في رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يفرض (10)

_ (1) هكذا في الأصل أملكتها بهمزة قبل الميم، وجاء في رواية لمسلم (ملكتها) بدون همزة وضبطه القاضي عياض بضم الميم وكسر اللام المشددة على من لم يسم فاعله، قال الدارقطني رواية من روى ملكتها وهم، والصواب رواية من روى زوجتكها قال وهو أكثر واحفظ اهـ قال النووي يحتمل صحة اللفظين ويكون جرى لفظ الترويج أو لا فملكها ثم قال له أذهب فقد ملكتها بالتزويج السابق والله أعلم (تخريجه) (ق طل لك فع. والأربعة وغيرهم) * (2) (سنده) حدثنا عبد الله بن الحارث قال حدثني سلمة بن الحارث قال حدثني سلمة ابن وردان إن أنس مالك صاحب النبي صلى الله عليه وسلم حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل رجلاً الخ (غريبة) (3) رواية الترمذي (ثلث القرآن) وهي الرواية الصحيحة المحفوظة من طرق أخرى عند الشخين والإمام أحمد وغيرهم وستأتي في فضائل قل هو الله أحد من كتاب التفسير إن شاء الله تعالى، قال الحافظ حمله بعض العلماء على ظاهرة فقال هي ثلث باعتبار معاني القرآن لأنه أحكام وأخبار وتوحيد، وقد اشتملت هي على القسم الثالث فكان ثلثا بهذا الاعتبار، ويستأنس لهذا بها أخرجه أبو عبيدة من حديث أبي الدرداء قال جزاء النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ثلاثة ثلاثة أجزاء، فعجل قل هو الله أحد جزءاً من أجزاء القرآن (4) أي مثل ربع القرآن لأن القرآن كله يشتمل على أحكام الشهادتين في التوحيد والنبوة وأحوال النشأتين والدنيا والآخرة، وذلك أربعة أقسام، وهذه السورة مقصورة على التوحيد لتضمنها البراءة من الشرك والتدين بدين الحق وهذا هو التوحيد الصرف (5) أي لاقتصارها على النشأة الأخرى وهي ذكر المعاد مستقلة ببيان أحواله وهو أحد الأقسام الأربعة المتقدمة (6) أي لأنها تضمنت المقصود من إرسال الرسل عليهم الصلاة والسلام وهو دخول الناس في دين الله وهو أحد الأقسام الأربعة المتقدمة (7) أي لاختصاصها بتوحيد الله عز وجل وعظمته وصفاته، وتقدم أنه أحد الأقسام الأربعة أيضاً والله أعلم (8) جاء عند الترمذي تزوج تزوج مرتين والمراد بتكرير اللفظ التأكيد أي تزوج بما معك من السور المذكورة كما في حديث سهل ابن سعد المتقدم (تخرجه) (مذ) ما عدا آية الكرسي، وقال هذا حديث حسن، وأخرجه ابن أبي شيبة وذكره الحافظ في الفتح في كتاب النكاح وعزاه للترمذي وابن أبي شيبة وسكت عنه، وفي إسناده سلبة بن وردان ضعفه الإمام أحمد وغيره ولعل تحسين الترمذي له وسكوت الحافظ عنه لأن له طرقاً أخرى صحيحة تعضده والله أعلم (باب) (9) (سنده) حدثنا أبو داود (يعني الطيالسي) ثنا هشام عن قتادة عن خلاس عن عبد الله بن عتبة الخ (قلت) عبد الله بن عتبة هو أخو عبد الله بن مسعود (غريبة) (10) بفتح أوله وكسر الراء أي لم

-[حكم من تزوج ولم يسم صداقاً ثم مات قبل الدخول بزوجته]- لها ولم يدخل بها فسئل عنها شهراً فلم يقل فيها شيئاً، ثم سألوه فقال أقول فيها برأيي فإن يك خطأ فمي ومن الشيطان، وأن يك صواباً فمن الله ولها صداق أحدى نسائها (1) ولها الميراث وعليها العدة فقام رجل من أشجع (2) فقال أشهد لقضيت فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع (3) ابنة وأشق، قال فقال هلم شاهداك (4) فشهد له الجراح وأبو سنان رجلان من أشجع (ومن طريق ثان) (5) عن علقمة والأسود قال أتى قوم عبد الله يعني ابن مسعود فقالوا ما ترى في رجل تزوج امرأة فذكر الحديث (6) قال فقام رجل من أشجع قال منصور (7) أراه سلمة بن يزيد فقال في مثل هذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج رجل منا امرأة من بني رؤاس يقال لها بروع بنت واشق فخرج مخرجاً فدخل في بئر فأمن (8) فمات ولم يفرض لها صداقاً فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كمهر نسائها ولا وكس (9) ولا شطط ولها الميراث وعليها العدة (ومن طريق ثالث) (10) عن علقمة، أن رجلاً تزوج امرأة فتوفى عنها قبل أن يدخل بها ولم يسم صداقاً فسئل عنها عبد الله (يعني ابن مسعود) فقال لها صداق أحدى نسائها ولا وكس ولا شطط وعليها العدة، فقام أبو سنان الأشجعي (11) في رهط من أشجع فقالوا نشهد لقد قضيت فيها بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في بروع بنت واشق

_ يقدر ولم يعين لها صداقاً (ولم يدخل بها) أي لم يجامعها (1) أي نساء قومها (2) لم يسم الرجل في هذه الرواية، وفي رواية علقمة والأسود في الطريق الثاني قال منصور أراه سلمة بن يزيد، وفي الطريق الثالث فقام أبو سنان الأشجعي في رهط فقالوا نشهد الخ (وفي الطريق الرابعة) فقال معقل بن سنان، ويمكن الجمع بين هذه الروايات بأن كل واحد منهم قام فشهد لاسيما وقد جاء في الطريق الثالثة ما يؤيد ذلك وهو قوله (فقام أبو سنان الأشجعي في رهط من أشجعي في رهط من أشجع فقالوا نشهدإلخ) (3) بفتح أوله بوزن زمزم وفي المغني بفتح الباء عند أهل اللغة وكسرها عند أهل الحديث (4) أي اثنتي بشاهدين يشهدان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بذلك، وإنما طلب ابن مسعود من الرجل شاهدين ليتحقق أن ما قضى به صحيح لأنه وافق قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية أبي داود فقام ناس من أشجع فيهم الجراح وأبو سنان فقالوا يا ابن مسعود نحن نشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قضاها فيناً في بروع بنت واشق وأن زوجها هلال بن مرة الأشجعي كما قضيت، ففرح عبد الله مسعود فرحاً شديداً حين وافق قضاؤه قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم (سنده) حدثنا أبو سعيد ثنا زائدة ثنا منصور عن إبراهيم عن علقمة والأسود الخ (6) هكذا في الأصل مختصراً يشير إلى الحديث المتقدم يعني الطريق الأولى لأنها تقدمت في الأصل كما هنا (7) منصور أحد رجال السند (أراه) بضم الهمزة أي اظنه سلمة بن يزيد، وهذا إلا ينافي قوله في الطريق الثالثة فقام أبو سنان الأشجعي في رهط من أشجع لأن سلمة بن يزيد من الرهط المذكور، وسيأتي تفسير الرهط (8) بفتح الهمزة وكسر المهملة أي أصابه دوار وهو الغشى فمات (9) بفتح فسكون أي لا نقص (ولا شطط) بفتحتين أي ولا زيادة (10) (سنده) حدثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن داود عن الشعبي عن علقمة أن رجلاً تزوج الخ (11) قيل أبو سنان الأشجعي كنية معقل بن سنان الآتي ذكره في الطريق الرابعة وقد ذكر الحاكم في كنية معقل بن سنان خلافاً ومة جملة ما حكى فيه هذه الكنية والله أعلم

-[ما جاء في تقديم شيء من المهر قبل الدخول والرخصة في تركه]- (ومن طريق رابع) (1) عن مسروق عن عبد الله فذكر نحوه وفيه فقال معقل بن سنان شهدت النبي صلى الله عليه وسلم قضى به في بروع بنت واشق (باب ما جاء في تقديم شيء من المهر قبل الدخول والرخصة في تركه ووعيد من سمى صداقاً ولم يرد أداءه) (عن علي رضي الله عنه) (2) قال أردت أن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته (3) فقلت مالي من شيء فكيف (4)؟ ثم ذكرت صلته وعائدته (5) فخطبتها اليه، فقال هل لك من شيء (6)؟ قال لا، قال فأين ردعك الحطمية (7) التي أعطيتك يوم كذا وكذا؟ قال هي عندي قال فأعطها إياه (8) (عن صهيب بن سنان)

_ (وقوله في رهط من قومه إلخ) الرهط عشيرة الرجل وأهله والرهط من الرجال مادون العشرة وقيل إلى الأربعين ولا يكون فيهم امرأة ولا واحد له من لفظه، ويجمع على ارهط وأرهاط واراهط جمع الجمع (ن) (1) (سنده) حدثنا عبد الرجمن عن سفيان عن فراس عن الشعبي عن مسروق عند عبد الله في رجل تزوج امرأة فمات عنها ولم يدخل بها ولم يفرض لها، قال لها الصداق وعليها العدة ولها الميراث، فقال معقل بن سنان إلخ (تخريجه) (ك هق حب والأربعة) وصححه الترمذي وصححه إيضاً ابن مهدي وقال ابن حزم لا معمز فيه لصحة أسناده، وقال الشافعي لا أحفظه من وجه يثبت مثله ولو ثبت حديث بروع لقلت به، اهـ وروى الحاكم في المستدرك عن حرملة بن يحي أنه قال سمعت الشافعي يقول أن صح حديث بروع بنت وأشق قلت به، قال الحاكم قال شيخنا أبو عبيد الله لو حضرت الشافعي لقمت على رءوس الناس وقلت قد صح الحديث فقل به اهـ (قلت) وله شاهد أخرجه أبو داود والحاكم من حديث عقبة بن عامر وصحة الحاكم وأقره الذهبي، انظر أحكام هذا الباب ومذاهب الأئمة في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 327 و 328 جزء ثاني (باب) (2) (سنده) حدثنا سفيان عن أبن أبي نحيح عن أبيه عن رجل سمع عليا رضي الله عنه يقول أردت أن أخطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (غريبة) (3) يعني فاطمة الزهراء رضي الله عنها (4) أي فكيف أتجاسر على خطبة أبنته منه وليس عندي ما أقدمه من الصداق (5) أي ثم تذكرت ما جبل عليه من مكارم الأخلاق وصلة الرحم والإحسان إلى الأقربين وتردده لزيارتهم، وهذا معنى قوله وعائدته، وكل من أتاك مرة بعد أخرى فهو عائد وأن اشتهر ذلك في عيادة المريض (6) أي هل لك من شيء تدفعه إليها معجلاً من الصداق (7) يضم الحاء وفتح الطاء المهملتين منسوبة إلى الحطم، سميت بذلك لأنها تحطم السيوق، وقيل منسوبة إلى بطن من عبد القيس يقال له حطمه ابن محارب كانوا يعملون الدجروع (نه) (8) يعني الدرع وهي تذكر وتؤنث، زاد في أصل آخر (قال فأعطيتها اياه) (تخرجه) (د) وفي إسناده عند الإمام أحمد رجل لم يسم وبقية رجاله رجال الصحيح ولفظه عند أبي داود عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن عليا رضي الله عنه لما تزوج فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد أن يدخل بها فمنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يعطيها شيئاً، فقال يا رسول الله ليس لي شيء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أعطها درعك فأعطاها درعه ثم دخل بها اهـ (قلت) في رواية أبي داود أن الرجل الذي لم يسم من الصحابة، وجهالة الصحابي لا تضر، ولذلك سكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح، وجاء عند أبي داود وابن ماجه عن عائشة رضي الله عنه قالت أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أدخل امرأة على زوجها قبل أن أعطيها شيئاً، وسكت عنه أبو داود والمنذري

-[وعيد من سمى صداقاً ولم يرد أداءه وحكم هدايا الزوج للمرأة وأوليائها]- (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ايما رجل أصدق امرأة صداقًا والله يعلم أنه لا يريد أداءه إليها فغرها بالله (2) واستحل فرجها بالباطل لقي الله يوم يلقاه وهو زان (3) (باب حكم التحكيم هدايا الزوج للمرأة وأوليائها) (عن عبد الله بن عمرو) (4) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إيما امرأة نكحت على صداق أوحباء (5) أو عدة قبل عصمة النكاح فهو لها (6) وما كان بعد عصمة النكاح فهو لمن أعطيه (7) وأحق ما يكرم عليه الرجل (8) ابنته وأخته (عن عائشة رضي الله عنها) (9) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ إلا أن أبا داود قال خيثمة لم يسمع من عائشة (قلت) ثبت سماعه من على كما صرح بذلك البخاري في تاريخه الكبير فلا يبعد سماعه عن عائشة لاسيما وأن عائشة عاشت بعد علي رضي الله عنهما ثمانية عشر عاماً وقد استدل بحديث عائشة المذكور على أنه لا يشترط في صحة النكاح أن يسلم الزوج إلى المرأة مهرها قبل الدخول، قال الخطابي وقد اختلف الناس في الدخول قبل أن يعطي من المهر شيئاً فكان ابن عمر يقول لا يحل لمسلم أن يدخل على امرأة حتى يقدم إليها ما قل أو كثر، وروى عن ابن عباس الكراهة في ذلك وكذلك عن قنيبة والزهري، وقال مالك بن أنس لا يدخل حتى يقدم شيئاً من صداقها أدناه ربع دينا أو ثلاثة دراهم سواء فرض لها أو لم يكن قد فرض، وكان الشافعي يقول في القديم أن لم يسم لها مهراً كرهت أن يطأها قبل أن يسمي أو يعطيها شيئاً وقول سفيان الثوري قريب من هذا، ورخص في ذلك سعيد بن المسبب والحسن البصري والنخعي وهو قول أحمد وإسحاق اهـ (1) (سنده) حدثنا هشيم أنا عبد الحميد بن جعفر عن الحسن بن محمد الأنصاري قال حدثني رجل من النمر بن قاسط قال سمعت صهيب ابن سنان يحدث قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) قوله حدثني رجل من النمر بن قاسط يعني من قبيلة النمر بن قاسط، قال في القاموس النمر بن قاسط ككتف أبو قبيلة والنسبة بفتح الميم اهـ (غريبة) (2) معناه أنه سمى لها صداقا ناويا عدم أدائه إليها (فعرها بالله) كأن أقسم لها بالله أو أشهد الله عز وجل على أنه صادق فيما يقول ونحو ذلك (3) أي تلبس بإثم كإثم الزاني، والزاني في النار، وليس هذا آخر الحديث (وبقيته) وإنما رجل أدان من رجل دينا والله يعلم منه أنه لا يريد أداءه فغره بالله واستحل ماله بالباطل لقي الله عز وجل يقوم يلقاه وهو سارق، وهذا الجزء الأخير تقدم في باب التشديد على المدين إذا لم يرد القضاء من كتاب البيوع والكسب في الجزء الخامس عشر صحيفة 90 رقك 296 وسيأتي الحديث بتمامه في الباب الثاني من أبواب الترهيب من خصال من المعاصي معدودة في قسم الترهيب أن شاء الله تعالى (تخريحه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفي إسناد أحمد رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات وفي إسناد الطبراني من لم أعرفهم اهـ وفيه تهديد ووعيد شديد لمن يماطل في أداء الصداق الواجب أو الدين باتفاق العلماء (باب) (4) (سنده) حدثنا عبد الرازق أنا ابن جريج قال قال عمرو ابن شعيب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (غريبة) (5) بكسر الحاء المهملة والمدهوما يعطيه الزوج سوى الصداق بطريق الهبة (وقوله أو عدة) بكسر العين المهلمة ما بعد الزوج أنه يعطيها (6) أي قبل عقد النكاح، والعصمة ما يعتصم به من عقد وسبب (7) بضم الهمزة مبنى للمفعول أي لمن أعطاه الزوج، والمعنى أن ما يقبضه الولي قبل العقد فهو للمرأة، وما يقبضه بعده فله، قال الخطابي هذا يتأول على ما يشترط الولي لنفسه سوى المهر (8) معناه أن أولى ما يعطاه الرجل شيء يعطاه لمكونه أبا الزوجة أو أخاها (تخريجه) (د نس جه هق وغيرهم) ورجاله ثقات (9) (سنده)

-[كلام العلماء في حكم التحكيم هدايا الزوج للمرأة وأوليائها وما جاء في جهاز فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم]- ما استحل به فرج المرأة من مهر أو عدة فهو لها، وما أكرم به أبوها أو أخوها أو وليها بعد عقد النكاح فهو له، وأحق ما أكرم به الرجل ابنته وأخته (باب ما جاء في الجهاز) (عن علي رضي الله عنه) (1) قال جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة في خميل (2) وقربة ووسادة أدن وحشوها ليف الإذخر (عنه من طريق ثان) (3) مثله وفيه ووسادة آدم وحشوها أذخر قال أبو سعيد (4) ليف (وعنه من طريق ثالث) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما زوجه فاطمة بعث معها بخميلة ووسادة من أدم وحشوها ليف ورحيين (6) وجرتين (7) (عن أم سلمة رضي الله عنها)

_ حدثنا عفان قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب عن عروة ابن الزبير عن عائشة، قال وحدثنيه مكحول قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (هق) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده منقطع وفيه الحجاج بن ارطاة وهو مدلس اهـ (قلت) يعضده ما قبله وفي حديثي الباب دلالة على أن المرأة تستحق جميع ما يذكر قبل العقد من صداق أو حباء وهو العطاء أو عدة بوعد ولو كان ذلك الشيء مذكوراً لغيرها، وما يذكر بعد عقد النكاح فهو لمن جعل له سواء كان ولياً أو وكيلاً أو المرأة نفسها، قال الشوكاني وقد ذهب إلى هذا عمر بن عبد العزيز والثورى وأبو عبيد ومالك والهادوية، وقال أبو يوسف أن ذكر قبل العقد لغيرها استحقه، قال الخطابي وقد اختلف الناس في وجوبه فقال سفيان الثوري ومالك بن أنس في الرجل ينكح المرأة على أن لأبيها كذا وكذا شيئاً اتفقا عليه سوى المهر أن ذلك كله للمرأة دون الأب، وكذلك روى عن عطاء وطاوس، وقال أحمد هو للأب ولا يكون لغيره من الأولياء لأن يد الأب مبسوطة في مال الولد، وروى عن علي ابن الحسين أنه زوج ابنته رجلاً واشترط لنفسه مالاً، وعن مسروق أنه زوج ابنته رجلاً واشترط لنفسه عشرة آلاف درهم يجعلها في الحج وللمساكين، وقال الشافعي إذا فعل ذلك فلها مهر المثل ولا شيء للولى اهـ (وفي قوله وأحق ما يكرم عليه الرجل الخ) دلالة على مشروعية صلة أقارب الزوجة وإكرامهم والإحسان إليهم وأن ذلك حلال لهم وليس من قبيل الرسوم المحرمة إلا أن يمتنعوا من النرويج إلا به والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو أسامة أنبأنا زائدة حدثنا عطاء بن السائب عن أبيه عن على الح (غريبة) (2) الخميل بوزن جميل القطيفة وهي كل ثوب خمل من أي شيء كان وقيل الخميل الأسود من الثياب (نه) والقربة معروفة (والوسادة) المخدة والمجمع وسائد والأدم بفتحتين وبضمتين أيضاً وهو القياس جمع أديم كبريد وبرد هو الجلد المدبوغ (والأخر) بكسر الهمزة والخاء نبات معروف بالحجاز ذكي الريح وإذا جف ابيض (3) (سنده) حدثنا معاوية بن عمرو وأبو سعيد قالا حدثنا زائدة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن على قال جهز رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (4) أبو سعيد أحد الراويين اللذين روى عنهما الأمام أحمد هذا الحديث يعني أنه قال في روايته حشوها ليف والمراد ليف الاذخر كما تقدم في الطريق الأولى (5) (سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد حدثنا عطاء بن السائب عن أبيه عن علي أن رسوله الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) زاد في هذه الرواية رحيين وأما السقاء فمعناه ظرف الماء من الجلد ويجمع على أسقيه وهو المعبر عنه بالقربة في الطريق الأولى (7) تثنية جرة وهو الإناء المعروف

-[النهي عن الجمع بين المرأة وعمتها والمرأة وخالتها]- (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها حينما تزوجها أما أتى لا أنقصك مما أعطيت أخواتك (2) رحيين وجرة ومرفقة (3) من أدم حشوها ليف (أبواب موانع النكاح) (باب النهي عن الجمع بين المرأة وعمتها ونحوها من المحارم) (عن ابن عباس) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يجمع بين العمة والخالة (5) وبين العمتين والخالتين (وعنه من طريق ثان) (6) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم نهى

_ من الفخار (تخريجه) (نس جه ك) وصححه الحكام وأقره الذهبي (1) هذا جزء من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله وتريجه في زواجه صلى الله عليه وسلم بأم سلمة في حوادث السنة الرابعة من الهجرة من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (غريبة) (2) يعني نساءه صلى الله عليه وسلم والمراد بالأخوة هنا أخوة الدين (3) المرفقة بكسر الميم بوزن ملعقة وهي كالوسادة تجعل للاتكاء عليها، وأصله من المرفق كأنه استعمل مرفقه واتكأ عليه (هذا) وفي أحاديث الباب دلالة على الاقتصاد في الجهاز وعدم التوسع فيه وأن يكون على قدر الحاجة كل زمن بحسبه، وقد أسرف الناس في زمننا فيما لا حاجة إليه من أمر الجهاز بقصد التفاخر والمباهاة حتى إن الفقير ليبيع أمتعه بيته ويستدين ليجهز ابنته، وهذا حرام فعله فقد روى مسلم والنسائي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له فراش للرجل وفراش لامرأته والثالث للضيف والرابع للشيطان، قال النووي قال العلماء معناه أن ما زاد على الحاجة فاتخاذه أنما هو للباهاة والاختيال والالتهاء بزينة الدنيا، وما كان بهذه الصفة فهو مذموم يضاف إلى الشيطان لأنه يرتضيه وبوسوس به ويحسنه ويساعد عليه، وقيل أنه على ظاهره وأنه إذا كان لغير حاجة كان للشيطان عليه مبيت ومقيل كما أنه يحصل له مبيت بالبيت الذي لا يذكر الله تعالى صاحبه عند دخوله عشاء، وأما تعديد الفراش للزوج والزوجة فلا بأس به لأنه قد يحتاج كل واحد منهما إلى فراش عند المرض ونحوه وغير ذلك، واستدل بعضهم بهذا على أنه لا يلزمه النوم مع امرأته وأن له الانفراد عنها بفراش، والاستدلال به على هذا ضعيف، لأن المراد بهذا وقت الحاجة كالمرض وغيره كما ذكرنا وأن كان النوم مع الزوجة ليس واجباً لكنه بديل آخر، والصواب في النوم مع الزوجة أنه إذا لم يكن لواحد منها عذر في الانفراد فاجتماعهما في فراش واحد أفضل، وهو ظاهر فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي واظب عليه مع مواظبته صلى الله عليه وسلم على قيام الليل فينام معها فإذا أراد القيام لوظيفته قام وتركها، فيجمع بين وظيفته وقضاء حقها المندوب وعشرتها بالمعروف، لاسيما إن عرف من حالها حرصها على هذا، ثم أنه لا يلزم في النوم معها الجماع والله أعلم (باب) (4) (سنده) حدثنا مروان حدثني خصيف عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) (5) معناه أنه لا يجوز للراجل أن يجمع بين المرأة وعمتها ولا بين المرأة وخالتها في النكاح سواء كان ذلك في عقد واحد أو في عقدين أحدهما تلو الآخر، فإن كان في عقد واحد فنكاحها باطل، وإن كان في عقدين فالأول صحيح والثاني باطل، وكذلك يحرم الرجل أن يجمع بين المرأة وعمتها وبينها وبين خالتيها كما تقدم في الصورة الأولى، قال النووي يحرم الجمع بينهما سواء كانت عمة وخالة حقيقة وهي أخت الأب وأبي الجد وإن علا، وأخت أم الأم وأم الجدة من جهتي الأم والأب وأن علت، فكلهن حرام بالإجماع ويحرم الجمع بينها في النكاح أو في ملك اليمين (6) (سنده) حدثنا روح ثنا سعيد عن أبي حريز عن عكرمة

-[النهي عن الجمع بين المحارم كالمرأة وخالة أبيها أو خالة أمها والعمة ونحوها]- أن تنكح المرأة على عمتها أو خالتها (1) (عن أبى هريرة) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن تنكح المرأة على عمتها والعمة على بنت أخيها والمرأة على خالتها والخالة على بنت أختها لا تنكح الكبرى (3) على الصغرى ولا الصغرى على الكبرى (4) (عن علي رضي الله عنه) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها (وعن عمرو بن شعيب) (6) عن ابيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن ابي سعيد الخدري) (7) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى فذكر خصالا نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها منها وأن يجمع بين المرأة وخالتها وبين المرأة وعمتها (عن جابر بن عبد الله) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها ولا المرأة على ابنة أخيها ولا ابنة أختها (عن ابن شهاب) (9) أنه سئل عن الرجل يجمع بين المرأة وبين خالة أبيها والمرأة وخالة أمها وبين المرأة وعمة أبيها والمرأة وعمة أمها، فقال قال قبيصة بن ذؤيب سمعت أبا هريرة يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يجمع بين المرأة وخالتها وبين المرأة وعمتها

_ عن ابن عباس الخ (1) زاد ابن حبان وابن عدي (انكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم) قاله الحافظ فى التلخيص (تخريجه) (د مذحب) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (2) (سنده) حدثنا إسماعيل ابن علية قال ثنا داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي هريرة الخ (غريبة) (3) الكبرى هى العمة أو الخالة والصغرى وهي بنت الأخ أو بنت الأخت، وسميت صغرى لأنها بمنزلة البنت (4) أي الكبرى سنا غالبا أو رتبة فهي بمنزلة الأم والمراد بها العمة والخالة وكرر النفي من الجانبين للتأكيد، قيل علة تحريم الجمع بينهن أنهن من ذوات الرحم، فلو جمع بينهما في النكاح لظهرت بينهما عداوة وقطيعة رحم، وفي تعديته بعلي ايماء إلى الإضرار ويؤيد ذلك ما جاء عند ابن حبان وابن عدي من حديث أبي هريرة (انكم إن فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم) (تخريجه) (ق لك فع د مذ نس هق) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد وفي رواية للبيهقي بلفظ حديث الباب (5) (سنده) حدثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا عبد الله ابن هبيرة السبي عن عبد الله بن زرير الغافقي عن علي الخ (تخريجه) أو رده الهيثمي وقال رواه (حم عل بز) وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) هو وقد قلنا غير مرة فيما تقدم أن ابن لهيعة إذا صرح بالتحديث يكون حديثه كما ذكره الحافظ ابن كثير (6) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا حسين المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما افتتح مكة قال لا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد واورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (7) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في الباب السابع من أبواب الترهيب من خصال من المعاصي معدودة في قسم الترهيب ان شاء الله تعالى (8) (سنده) حدثنا يونس ثنا حماد يعني ابن زيد عن عاصم عن الشعبي عن جابر الخ (تخريجه) (خ نس هق) (9) (سنده) حدثنا حجاج حدثنا ليث قال حدثن عقيل عن ابن شهاب الخ

-[تحريم النكاح بالرضاع كما يحرم بالنسب]- فنرى (1) خالة أمها بتلك المنزلة (2) وان كان من الرضاع يكون من ذلك بتلك المنزلة (3) (عن زينب بنت أبي سلمة) (4) عن ام سلمة قالت جاءت ام حبيبة (5) فقالت يا رسول الله هل لك في أختي؟ (6) قال فأصنع بها ماذا؟ قالت تزوجها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحبين ذلك؟ (7) فقالت نعم لست لك بمخلية (8) وأحق من شر كنى في خير أختي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها لا تحل لي (9) قالت

_ (غريبه) (1) بضم النون أي نظن وبفتحها أي نعتقد والقائل ذلك هو ابن شهاب الزهري (2) أي من التحريم وكذا خالة أبيها، وهو صحيح لأن كلا منهما يطلق عليه اسم عمة وخالة لأن العمة هي كل امرأة تكون أختا لرجل له عليك ولادة فأخت الجد للأب عمة وأخت الجد للأم خالة قاله القاضي عياض (3) بتلك المنزلة من التحريم أيضا لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة الآتي في الباب الأول من أبواب تحريم النكاح بالرضاع بلفظ (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) وسيأتي الكلام عليه هناك (تخريجه) (ق والأربعة والإمامان وغيرهم) (4) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم سلمة الخ، وجاء عقب هذه الرواية في مسند الإمام احمد ثلاث طرق أخرى (الأولى) قال حدثنا يونس بن محمد قال ثنا ليث يعنى ابن سعد عن هشام بن عروة عن ابيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم حبيبة أنها قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت هل في أختي فذكر الحديث (الثانية) قال حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن زينب بنت أبي سلمة عن أم حبيبة بنت أبي سفيان قالت قلت لرسول الله ألا تزوج أختي فذكر الحديث (الثالثة) قال حدثنا أبو اليمان قال أنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عروة بن الزبير أن زينب بنت أبي سلمة أخبرته أن أم حبيبة ابنة أبي سفيان أخبرتها أنها قالت يا رسول الله أنكح أختي فذكر الحديث: قال أبي ووافقه ابن أخي الزهري، وقال عقيل إن أم حبيبة قالت اهـ وهذه الطرق الثلاثة متفقة على أن هذا الحديث من رواية زينب بنت أبي سلمة عن أم حبيبة بخلاف حديث الباب فانه من رواية زينب عن أمها أم سلمة عن أم حبيبة، وفى كل مرة من هذه الطرق الثلاث يقول فذكر الحديث يشير الى حديث الباب المتقدم ذكره في المسند، ولا مانع من أن زينب روت هذا الحديث مرة عن أمها أم سلمة عن أم حبيبة ثم روته مرة أخرى عن أم حبيبة بغير واسطة أم سلمة والله أعلم، هذا وزينب هذه هي ربيبة النبي صلى الله عليه وسلم أمها أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمها برة فسماها النبي صلى الله عليه وسلم زينب، وأبوها أبو سلمة اسمه عبد الله بن عبد الأسد وأمه برة بنت عبد المطلب هاجر الهجرتين وشهد بدرًا رضي الله عنه (غريبه) (5) هي بنت أبي سفيان زوج النبي صلى الله عليه وسلم واسمها رملة بلا خلاف (6) معناه ألا تزوج أختي كما صرح بذلك في بعض الروايات، وفي رواية لمسلم والنسائي أنكح أختي عزة بنت أبي سفيان (7) جاء عند الشيخين أو تحبين ذلك؟ بهمزة قبل الواو المفتوحة وهو استفهام تعجب مع ما طبع عليه النساء من الغيرة (8) بضم الميم وسكون الخاء المعجمة وكسر اللام اسم فاعل من الإخلاء متعديا ولازما من أخليت بمعنى خلوت من الضرة، والمعنى لست بمنفردة عنك ولا خالية من ضرة، وقال ابن الأثير معناه لم أجدك خاليا من الزوجات وليس هو من قولهم امرأة مخلية أي خالية من الأزواج (وقولها وأحق من شر كنى) جاء عند الإمام أحمد بالقاف، ومثله عند ابن ماجه، وجاء عند الشيخين (وأحب) بالباء الموحدة (من شر كنى) بفتح الشين المعجمة وكسر الراء أي أحق أو أحب من شاركني فيك وفى صحبتك والانتفاع منك بخيرات الدنيا والآخرة أختي (9) أي لأنه جمع بين الأختين وقد حرم القرآن

-[قصة الرجل الذي تزوج بامرأة أبيه]- فو الله لقد بلغني أنك تخطب درة ابنة أم سلمة بنت أبي سلمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كانت تحل لي لما تزوجتها (1) قد أرضعتني وأباها (2) ثويبة مولاة بني هاشم فلا تعرضن (3) على أخواتكن ولا بناتكن (باب ما جاء فيمن تزوج امرأة أبيه) (عن البراء بن عازب) (4) قال لقيت خالي (5) ومعه الراية فقلت أين تريد؟ قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل (6) تزوج امرأة أبيه من بعده أن أضرب عنقه أو قتله وآخذ ماله (وعن يزيد بن البراء) (7) عن أبيه قال لقيت خالي فذكر الحديث المتقدم وفي آخره قال أبو عبد الرحمن (8) ما حدث أبي عن أبي مريم عبد الغفار الا هذا الحديث لعلته (9) (حدثنا أسباط) قال ثنا مطرف عن أبي الجهم

_ ذلك والظاهر أن هذا كان قبل علم أم حبيبة بالتحريم أو ظنت أن جوازه من خصائصه صلى الله عليه وسلم لأن أكثر حكم نكاحه يخالف أحكام أنكحه الأمة (1) فيه إشارة إلى أن حرمتها عليه لسببين وهما كونها ربيته وكونها بنت أخيه من الرضاع (2) يعني أبا سلمة رضي الله عنه (وقوله ثويبة) بضم المثلثة وفتح الواو بعدها تحتية ساكنه ثم موحدة مفتوحة كانت مولاة لأبي لهب وكان أ [ولهب اعتقها فارضعت النبي صلى الله عليه وسلم كما صرح بذلك في رواية للبخاري (3) بفتح أوله وسكون المهملة وسكون الضاد المعجمة وبالنون الخفيفة خطاب لجماعة النساء، وإن كان الخطاب لأم حبيبة وحدها فبكسر الضاد وتشديد النون، قال القرطبي جاء بلفظ الجمع وان كانت القصة لاثنتين وهما أم حبيبة وأم سلمة ردعا وزجرا ان تعود واحدة منهما أو غيرهما الى مثل ذلك (تخريجه) (ق نع نس جه هق) كلهم من رواية زينب عن أم حبيبة (باب) (4) (سنده) حدثنا وكيع ثنا حسن بن صالح عن السدي عن عدي بن ثابت عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (5) هو أبو بردة هانيء بن نيار، وفي رواية أخرى للأمام أحمد أيضا بلفظ (مر بي عمي الحارث بن عمرو ومعه لواء قد عقده له النبي صلى الله عليه وسلم (وقوله ومعه الراية) أي الدالة على الإمارة (6) جاء في رواية إلى رجل من بني تميم (وقوله تزوج امرأة أبيه) أي نكحها على قواعد الجاهلية بعد علمه بالتحريم فهو زان ولذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتله لزنائه (واخذ ماله) لتخطيه الحرمة في امرأة أبيه التي هي مثل أمه، قال الخطابي وقد أوجب بعض الأئمة تغليظ الدية على من قتل ذا محرم، وكذلك أوجبوا على من قتل فى الحرم فألزموه دية وثلثا وهو قول عثمان بن عفان رضي الله عنه (تخريجه) (ك هق والأربعة) ولم يذكر ابن ماجه والترمذي أخذ المال وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وتقدم نحو هذا الحديث في باب من وقع على ذات محرم أو أتى بهيمة الخ من كتاب الحدود وتقدم الكلام على فقهه ومذاهب الأئمة فيه ص 103 رقم 263 فارجع إليه (7) (سنده) حدثنا يحيي بن أبي بكير ثنا عبد الغفار ابن القاسم حدثني عدي بن ثابت قال حدثني يزيد بن البراء الخ (غريبة) (8) هو عبد الله بن الأمام احمد وهذه كنيته (9) أي لأنه ليس بثقة عنده قال الحافظ في تعجيل المنفعة عبد الغفار بن القاسم بن قيس الأنصاري أبو مريم الكوفي مشهور بكنيته، وهو ابن عم يحيي بن سعيد الأنصاري، روى عن عدي بن ثابت ونافع مولى ابن عمر وعطاء بن أبي رباح وغيرهم، روى عنه شعبة وهو أكبر منه ويحيى بن سعيد الأنصاري وهو من شيوخه وآخرون، قال احمد ليس بثقة وكان يحدث ببلايا في عثمان وعائشة رضي الله عنهما، حديثه بواطيل، وقال أبو حاتم ليس بمتروك وكان من رؤساء الشيعة، وكان شعبة حسن

-[بقية قصة الرجل الذي تزوج بامرأة أبيه]- (عن البراء بن عازب) (1) قال إني لأطوف على ابل ضلت لى في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فانا أجول (2) في أبيات فإذا أنا بركب وفوارس اذ جاءوا فطافوا بفنائي (3) فاستخرجوا رجلا فما سألوه ولا كلموه حتى ضربوا عنقه، فلما ذهبوا سألت عنه فقالوا عرس (4) بامرأة أبيه حدثنا اسود بن عامر ثنا أبو بكر عن مطرف قال أتوا قبة (5) فاستخرجوا منها رجلا فقتلوه، قال قلت ما هذا؟ هذا رجل دخل بأم امرأته (6) فبعث إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلوه (عن البراء بن عازب) (7) قال مر بنا ناس منطلقون فقلنا أين تذهبون فقالوا بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى رجل يأتي امرأة أبيه أن نقتله (أبواب تحريم النكاح بالرضاع) (باب يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب) (عن علي رضي الله عنه) (8) قال قلت يا رسول الله ألا أدلك على أجمل فتاة في قريش؟ قال ومن هي؟

_ الرأي فيه, وقال الآجري سألت أبا داود فقال كان يضع الحديث , وقال شعبة لم أر أحفظ منه، قال أبو داود غلط شعبة فيه، وقال الدارقطني اثني عليه شعبة وخفي عليه أمره فبقى بعد شعبة فخلط فتركوه وقال النسائي متروك، وقال الدوري عن ابن معين ليس بشيء وقال البخاري ليس بالقوى عندهم وقال صاحب الميزان بقى إلى قريب الستين ومائة اهـ ببعض اختصار (تخريجه) الحديث أشار إليه الترمذي بعد أن ذكر حديث البراء السابق وحسنه، قال وقد روى محمد بن اسحاق هذا الحديث عن عدى بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن البراء (قلت) وهو ضعيف لكن يؤيده احاديث الباب (1) (عن البراء بن ثابت عن عبد الله بن يزيد عن البراء (قلت) وهو ضعيف لكن يؤيده أحاديث الباب (1) (عن البراء بن عازب) الخ (غريبة) (2) أي ابحث (وقوله في أبيات) جمع بيت ويجمع أيضا على بيوت ويكون من الشعر والمدر والظاهر أن هذه البيوت كانت من الشعر من بيوت الأعراب بالبادية (3) الفناء بكسر الفناء آخره همزة هو المتسع أمام الدار ويجمع على أفنية، والمراد فناء البيت الذي كان يبحث فيه على ابله، وجاء في رواية أبي داود فجعل الأعراب يطيفون بي لمنزلتي من النبي صلى الله عليه وسلم اذ أتوا قبة فاستخرجوا منها رجلا الخ، والمعنى أن هؤلاء الفوارس عرفوا البراء فجاءوه والتفوا حوله يحيونه لمنزلته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) هكذا في الأصل عرس بدون همزة قبل العين المهملة والمشهور أعراس بالهمزة إذا دخل بالمرأة عند بنائها، وعرس بالتشديد إذا نزل أخر الليل، ولذلك حكم بعضهم في مثله بأنه خطأ، وقيل هو لغة في أعرس كما أنه يجوز أعراس بالهمزة في النزول أخر الليل، وجاء هذا اللفظ عند أبي داود والنسائي بالهمزة والله أعلم (5) القبة من الخيام بيت صغير مستدير وهو من بيوت العرب (6) هكذا في الأصل بام امرأته ولم أقف على هذه الرواية لغير الإمام أحمد وهي غير محفوظة والمحفوظ امرأة أبيه (تخريجه) (ك مى هق والأربعة) بألفاظ مختلفة وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأورد له شواهد تعضده وأقره الذهبي وقال إسناده مليح، ولابن ماجه عن معاوية بن قرة عن أبيه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم الى رجل تزوج امرأة أبيه أن أضرب عنقه وأصفى ماله، قال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح (7) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن ربيع بن ركين قال سمعت عدي بن ثابت يحدث عن البراء بن عازب قال مر بنا الخ (تخريجه) (ك د وغيرهم) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (8) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن علي بن زيد عن سعيد بن المسيب

-[ثبوت حكم الرضاع في حق زوج المرضعة ومحارمه كالمرضعة]- قلت ابنة حمزة (1) قال أما علمت إنها ابنة أخي من الرضاع (2) أن الله حرم من الرضاعة ما يدل حرم من النسب (3) (وعنه أيضا) (4) قال قلت يا رسول الله ما لم تتوق (5) في قريش وتدعنا (6) قال وهل عندكم شيء؟ قال قلت نعم ابنة حمزة (7) قال إنها لا تحل لي، هي ابنة أخي من الرضاعة (عن ابن عباس) (8) إن النبي صلى الله عليه وسلم أريد على (9) ابنة حمزة. فقال إنها ابنة أخي من الرضاعة ويحرم من الرضاعة ما يحرم من الرحم (10) وإنها لا تحل لي (عن عائشة رضي الله عنها) (11) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب (وفي لفظ من الولادة) من خال أو عم أو ابن أخ (باب هل يثبت حكم الرضاع في حق زوج المرضعة وأقاربه كالمرضعة أم لا) (عن عروة بن الزبير) (12) عن عائشة رضي الله عنها أن أفلح أخا أبي قعيس (13) استأذن على عائشة فأبت أن تأذن له (14) فلما أن جاء النبي صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله إن أفلح أخا أبي قعيس أستأذن علي فأبيت أن آذن له، فقال ائذني له، قالت يا رسول الله إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل (15) قال ائذني له فانه عمك تربت يمينك (16) وعنه من

_ قال قال علي قلت يا رسول الله الخ (غريبة) (1) اختلف في اسمها على أقوال منها سلمى وعائشة وفاطمة (2) أي لأن ثويبة أمة أبي لهب أرضعته بعد أن أرضعت حمزة ثم أرضعت أبا سلمة والحديث يدل على أن بنت الأخ من الرضاعة تحرم (3) يعني في قوله تعالى (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم) الخ السبع (تخريجه) (م فع مذ نس) (4) (سنده) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي قال قلت يا رسول الله الخ (غريبة) (5) هو بتاء مثناة فوق ثم نون مفتوحة مشددة ثم قاف وهو كذلك عند مسلم أي تختار وتبالغ في الاختيار (6) زاد في رواية بعد قوله وتدعنا (إن تتزوج إلينا) يعني بني هاشم مع أن الله اصطفى بني هاشم من قريش (7) هو ابن عبد المطلب عم النبي وعم علي رضي الله عنه (تخريجه) (م ومحمد بن منصور في الأمالي) (8) (سنده) حدثنا بهز وعفان قالا ثنا همام عن قتادة قال عفان قال ثنا قتادة عن جابر بن زيد عن ابن عباس الخ (غريبه) (9) هو بضم الهمزة وكسر الراء معناه قيل له يتزوجها (10) يعني من النسب كما صرح بذلك في بعض الروايات (تخريجه) (ق هق وغيرهم) (11) (سنده) حدثنا حسن قال ثنا شيبان عن يحيي قال اخبرني محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان أن عائشة أم المؤمنين قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق هق والأربعة والأمامان) انظر أحكام هذا الباب في القول الحسن شرح بدائع المنن في الجزء الثاني صحيفة 333 (باب) (12) (سنده) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير الخ (غريبه) (13) بقاف وعين وسين مهملتين مصغرا، زاد في رواية عند الشيخين وهو عمها من الرضاعة، وفي رواية لمسلم وكان أبو القعيس أبا لعائشة من الرضاعة، وله في أخرى وكان أبو القعيس زوج المرأة التي أرضعت عائشة (14) جاء في رواية عند البخاري فقال أتحتجبين مني وأنا عمك، ووقع في رواية سفيان الثوري عن هشام عند أبى داود، بلفظ دخل علي أفلح فاستترت منه فقال أتستترين مني وأنا عمك؟ قلت من أين؟ قال أرضعتك امرأة أخي، قلت إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل الحديث (15) وقع في رواية لمسلم فان أبا القيس ليس هو أرضعني ولكن أرضعتني امرأته (16) أي التصقت بالتراب وهو

-[قصة عائشة رضى الله عنها مع عمها من الرضاع]- طريق ثان) (1) عن عائشة قالت جاءني عمى (2) من الرضاعة يستأذن على بعد ما ضرب الحجاب فذكر نحوه (3) (وعنه من طريق ثالث) (4) عن عائشة قالت جاءني أفلح بن أبي القعيس (5) يستأذن على والذي أرضعت عائشة من لبنه هو أخوه فجاء يستأذن على فأبيت أن آذن له فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إذني له الحديث (عن عباد بن منصور) (6) قال قلت للقاسم بن محمد امرأة أبى ارضعت جارية من عرض (7) الناس بلبن أخوي أفترى أنى اتزوجها؟ فقال لا، أبوك أبوها (8) قال ثم حدث حديث ابى القعيس فقال ان أبا القعيس (9) أتى عائشة يستأذن عليها فلم تأذن له، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله إن أبا قعيس جاء يستأذن على فلم آذن له، فقال هو عمك فليدخل عليك، فقلت إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل (10) فقال هو عمك فليدخل عليك (عن عمرة بنت عبد الرحمن) (11) ان عائشة أخبرتها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ كناية عن الفقر وهذه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر به كما يقولون قاتله الله (1) (سنه) حدّثنا يحيى ثنا هشام قال حدثني أبي عن عائشة الخ (2) هو أفلح أخو أبي قعيس المذكور في الطريق الأولى (3) ليس هذا آخر الحديث، (وبقيته) قلت لا آذن حتى استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ليلج عليك عمك، قلت إنما أرضعتني المرأة ولم يرضعني الرجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو عمك فليلج عليك (4) (سنده) حدّثنا سفيان ثنا هشام والزهري عن عروة عن عائشة قالت جاءني أفلح الخ (غريبه) (5) هكذا جاء في هذه الرواية (أفلح بن أبي القعيس) ووقع في رواية لمسلم من طريق عراك بن مالك عن عروة عن عائشة (قالت) استأذن على أفلح بن قعيس) وهما يخالفان ما جاء في الطريق الأولى والثانية، قال الحافظ لمحفوظ أفلح أخو أبي القعيس، قال ويحتمل أن يكون اسم أبيه قعيسا أو اسم جده فنسب إليه فتكون كنية أبي القعيس وافقت اسم أبيه أو اسم جده، قال ولمسلم من طريق بن جريج عن عطاء أخبرني عروة بن الزبير أن عائشة أخبرته قالت استأذن علىّ عمى من الرضاعة أبو الجعد فرددته قال لي هشام إنما هو القعيس وكذا وقع عند مسلم من طريق أبي معاوية عن هشام استأذن عليها أبو القعيس وسائر الرواة عن هشام قالوا أفلح أخو أبي قعيس كما هو المشهور، وكذا قال سائر أصحاب عروة، ووقع عند سعيد بن منصور من طريق القاسم بم محمد ان أبا قعيس أتى عائشة يستأذن عليها (قالت وكذلك وقع عند الامام احمد وسيأتي في الحديث التالي) قال الحافظ وأخرجه الطبراني في الأوسط من طريق القاسم عن ابي قعيس والمحفوظ أن الذى استأذن هو أفلح وأبو القعيس هو أخوه، قال القرطبي كل ما جاء من الروايات وهم إلا من قال أفلح أخو أبى القعيس او قال أبو الجعد لأنها كنية افلح اهـ (تخريجه) (ق هق. والامامان والأربعة) (6) (سنده) حدّثنا إسماعيل حدثنا عباد بن منصور الخ (غريبه) (7) بضم العين المهملة وسكون الراء أي من العامة (8) معناه أن أباك من النسب أبوها من الرضاع فلا تحل لأنها أختك من الرضاع من جهة أبيك (9) هكذا بالأصل ان أبا القعيس، وجاء مثل ذلك في رواية لمسلم وتقدم الكلام على ذلك في شرح الحديث السابق (10) معناه أن أبا القعيس ليس هو ارضعني ولكن ارضعتني امرأته كما صرح بذلك في رواية لمسلم (تخريجه) (م ص طس) (11) (سنده) قال الامام احمد رحمه الله قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن عبد الله بن أبى بكر عن عمرة بنت عبد الرحمن الخ

-[عدد الرضعات المحرمة - وما جاء في رضاعة الكبير]- كان عندها (1) وأنها سمعت صوت رجل يستأذن في بيت حفصة، قالت عائشة فقلت يا رسول الله هذا الرجل يستأذن في بيتك، قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أراه (2) فلانا لعم لحفصة من الرضاعة فقالت عائشة يا رسول الله لو كان فلان حيا لعمها من الرضاعة دخل على؟ (3) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم (4) إن الرضاعة تحرم ما تحرم الولادة (باب عد الرضعات المحرمة - وما جاء في رضاعة الكبير) (ع عروة بن الزبير) (5) عن عائشة رضى الله عنهما أن أبا حذيفة (6) تبنىَّ سالما وهو مولى لامرأة من الأنصار (7) كما تبنى النبي صلى الله عليه وسلم زيدا، وكان من تنبى رجلا في الجاهلية دعاه الناس ابنه وورث من ميراثه حتى أنزل الله عز وجل {ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله، فان لم تعلموا آباءهم فإخوانكم في الدين ومواليكم} فردّوا (8) إلى آبائهم فمن لم يعلم له أب فمولى وأخ في الدين، فجاءت سهلة (9) فقالت يا رسول الله كنا نرى سالما ولدا يأوى معي ومع أبي حذيفة ويراني فضلا (1) (وفى لفظ وقد بلغ ما يبلغ الرجال) وقد أنزل الله عز وجل فيهم ما قد علمت (11)، فقال ارضعيه خمس رضعات (وفي لفظ أرضعيه

_ (غريبه) (1) أي عند عائشة في بيتها (2) بضم الهمزة أي أظنه (وقوله لعم لحفصة) اللام بمعنى عن أي قال ذلك عن عم لحفصة قال الحافظ ولم أقف على اسمه اهـ (3) هذا يشعر بأن عن عائشة كان ميتا وهو يخالف ما تقدم في حديث عروة عن عائشة من أن عمها كان حيا وجاء يستأذن عليها، وأجاب عن ذلك النووي رحمه الله بقوله (اختلف العلماء) في عم عائشة المذكور، فقال أبو الحسن القايسى هما عمان لعائشة من الرضاعة، أحدهما أخو أبيها ابى بكر من الرضاعة ارتضع هو وأبو بكر رضى الله عنه من امرأة واحدة، والثاني أخو ابيها من الرضاعة الذى هو أبو القعيس، وأبو القعيس أبوها من الرضاعة واخوه افلح عمها وقيل هو عم واحد وهذا غلط، فان عمها الأول ميت والثاني حي جاء يستأذن فالصواب ما قاله القابسى وذكر القاضي القولين ثم قال قول القابسى اشبه لأنه لو كان واحدا لفهمت حكمه من المرة الآولى ولم تحتجب منه بعد ذلك اهـ والله اعلم (4) أي كان يجوز دخوله عليك وعلله بقوله (ان الرضاعة تحرم) بضم أو له وشد الراء المكسورة (ما تحرم الولادة) أي مثل ما ترحمه (تخريجه) (ق. والامامان والثلاثة وغيرهم) انظر القول الحسن شرح بدائع المنن في أحام هذا الباب ومذاهب الأئمة فيه في الجزء الثاني صحيفة 236 و 237 و 238 تجد ما يسرك (باب) (5) حدّثنا عبد الرزاق قال أنا ابن جريج قال انا ابن شهاب أخبرني عروة بن الزبير الخ (غريبه) (6) اسمه مشم وقيل هشيم وقيل هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم السابقين الى الإسلام وكان تبنى سالما الفارسي المهاجري الأنصاري (7) قال ابن شاهين سمعت ابن ابى داود يقول هو سالم بن معقل مولى فاطمة بنت يعار الأنصارية اعتقته فوالى أبا حذيفة فتبانه أي اتخذه ابنا (8) بالبناء للمفعول أي رد كل واحد من أولئك الى ابيه الذى ولده (9) هي بنت سهيل امرأة ابى حذيفة من بنى عامر بن لؤي فهي قرشية عامرية وأبوها صحابي شهير أسلمت قديما بمكة فهي من السابقين إلى الإسلام هاجرت مع زوجها إلى الحبشة على ما ذكر في أسد الغابة (10) بضم الفاء والضاد المعجمة، قال ابن وهب أي مكشوفة الرأس والصدر، وقيل علىَّ ثوب واحد لا إزار تحته، وقيل متوحشة بثوب على عاتقها خالفت بين طرفيه (زاد في الموطأ وليس لنا إلا بيت واحد) (11) زاد في رواية ستأتي فلما أنزل فيه وفي أشباهه

-[رضاعة الكبير وعدد الرضعات المحرمة وكلام العلماء في ذلك]- تحرمي عليه) (1) فكان بمنزلة ولدها من الرضاع (زاد في رواية) فأرضعته خمس رضعات فكان بمنزلة ولدها من الرضاعة فبذلك كانت عائشة تأمر أخواتها (2) وبنات أخواتها أن يرضعن من أحبت عائشة أن يراها ويدخل عليها وان كان كبيرا خمس رضعات ثم يدخل عليها، وأبت أم سلمة وسائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن بتلك الرضاعة أحدا من الناس حتى يرضع في المهد (3) وقلن لعائشة والله ما ندري لعلها كانت رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم من دون الناس (وعنه أيضا) (4) عن عائشة رضى الله عنها قالت أتت سهلة بنت سهيل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له يا رسول الله ان سالما كان منا حيث قد علمت أنا كنا نعده ولدا فكان يدخل علىّ كيف شاء ولا نحتشم منه، فلما أنزل فيه وفى اشباهه ما أنزل (5) أنكرت وجه ابى حذيفة اذا رآه يدخل علىّ (6) قال فأرضعيه عشر رضعات (7) ثم ليدخل علي كيف شاء فإنما هو ابنك، فكانت عائشة تراه عاما للمسلمين، وكان من سواها من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم يرى انها كانت خاصة لسالم مولى ابي حذيفة الذي ذكرت سهلة من شأنه رخصة له (عن سهلة امرأة أبي حذيفة) (8) أنها قالت قلت يا رسول الله إن سالما مولى أبي حذيفة يدخل على وهو ذو لحية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرضعيه فقالت

_ ما أنزل انكرت وجه ابي حذيفة إذا رآه يدخل على (1) جاء في رواية لمسلم (أرضعيه تحرمي عليه ويذهب الذي في نفس ابي حذيفة فقالت إني قد أرضعته فذهب الذي في نفس أبي حذيفة) قال أبو عمر صفة رضاع الكبير ان يحلب له اللبن ويسقاه فأما أن تلقمه المرأة ثديها فلا ينبغي عند أحد من العلماء (قال النووي) وهو حسن، ويحتمل انه عفى عن مسه للحاجة كما خص بالرضاعة مع الكبير، وأيده بعضهم بأن ظاهر الحديث أنه رضع من ثديها لأنه تبسم وقال قد علمت أنه رجل كبير ولم يأمرها بالحلب وهو موضع بيان، ومطلق الرضاع يقتضى مص الثدي فكأنه أباح لها ذلك لما تقرر في نفسها انه ابنها وهى امه فهو خاص بها لهذا المعنى، وكأنهم رحمهم الله لم يقفوا في ذلك على شيء، وقد روى ابن سعد عن الواقدي عن محمد بن عبد الله بن اخي الزهري عن ابيه قال كانت سهلة تحلب اللبن في مسعط او إناء قدر رضعته فيشربه سالم في كل يوم حتى مضت خمسة أيام، فكان بعد ذلك يدخل وهى حاسر رخصة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لسهلة (2) رواية الامامين فكانت تأمر أختها ام كلثوم ابنة ابي بكر وبنات اخيها ان يرضعن من أحبت الخ (3) هو ما يمهد للصبي لينام فيه وهو كناية عن الرضاع في مدة الحولين (تخريجه) (ق د نس، والامامان) (4) (سنده) حدّثنا يعقوب قال حدثني ابي عن ابن إسحاق قال حدثني الزهري عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (5) تعني قوله تعالى (ادعوهم لآبائهم الآية) (6) أي لأنه صار اجنبيا بنص القرآن (7) جاء عند الإمامين فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم (ارضعيه خمس رضعات) بدل عشر رضعات، قال ابن عبد البر وفي رواية يحيى بن سعيد الأنصاري عن ابن شهاب بإسناده عشر رضعات والصواب رواية مالك وتابعه يونس خمس رضعات اهـ (قلت) ويؤيده ما تقدم في الحديث السابق من قوله صلى الله عليه وسلم (ارضعيه خمس رضعات) انظر حديث عائشة في بدائع المنن رقم (1574) صحيفة 333 في الجزء الثاني واقرأ شرحه (تخريجه) (ق د هق عب، والامامان) (8) (سنده) حدّثنا

-[رضاعة الكبير غير محرمة عند أمهات المؤمنين عدا عائشة وكلام العلماء في ذلك]- كيف أرضعه وهو ذو لحية (1) فأرضعته فكان يدخل عليها (عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم) (2) كانت تقول أبا سائر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أن يدخلن عليهن أحدا بتلك الرضاعة (3) وقلن لعائشة والله ما نرى هذا إلا رخصة أرخصها رسول الله صلى الله عليه وسلم لسالم خاصة (4) فما هو بداخل علينا أحد بهذه الرضاعة ولا رائينا (عن زينب بنت أم سلمة) (5) قالت ام سلمة لعائشة إنه يدخل عليك الغلام الأيفع (6) الذي ما أحب ان يدخل علىّ، فقالت عائشة أمالك في رسول الله أسوة حسنة، قالت ان امرأة أبي حذيفة قالت يا رسول الله إن سالما يدخل علىّ وهو رجل وفي نفس أبي حذيفة منه شيء، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارضعيه حتى يدخل عليك (عن عائشة رضى الله عنها) (7) جاءت سهلة بنت سهيل فقالت يا رسول الله إني أرى في وجه أبي حذيفة شيئا (8) من دخول سالم علىَّ فقال أرضعيه، فقالت كيف أرضعه وهو رجل كبير، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ألست اعلم أنه رجل كبير؟ ثم جاءت (9) فقالت ما رأيت في وجه ابي حذيفة شيئا أكرهه (باب ما جاء في الرضاع الذي لا يحصل به التحريم) (عن مسروق عن عائشة) (10) رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها رجل (11) قال فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه

_ يونس بن محمد قال قال ثنا حماد يعنى ابن سملة عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم بن محمد عن سهلة امرأة ابي حذيفة الخ (غريبه) (1) تقدم كيفية ارضاع الكبير في شرح الحديث السابق (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني في الثلاثة ورجال احمد رجال الصحيح إلا ان الجميع رووه عن القاسم ابن محمد عن سهلة فلا أدري سمع منها ام لا اهـ (2) (سنده) حدّثنا حجاج ثنا ليث قال ثنا عقيل عن ابن شهاب انه قال اخبرني أبو عبيده بن عبد الله بن زمعة ابن امه زينب ابنه ابي سلمة اخبرته ان أمها أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقول أبا سائر ازواج النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الخ (غريبه) (3) تعني رضاعة الكبير (4) قال بعض العلماء ليس عندهن دليل على الخصوص ولكنهن اخذن بالأحوط لاحتمال الخصوص، وحينئذ فيقال الأصل هو العموم، نعم ينبغي ان يكون عاما في محل الضرورة، وأما العموم فوق محل الضرورة فلا يدل عليه الحديث والله اعلم (تخريجه) (م د نس جه هق) (5) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن حميد بن نافع عن زينب بنت أم سلمة الخ (غريبه) (6) قال النووي الأيفع هو بالياء المثناة من تحت وبالفاء وهو الذي قارب البلوغ ولم يبلغ وجمعه إيفاع وقد أيفع الغلام ويفع وهو يافع اهـ ومثل ذلك في نهاية (تخريجه) (م) (7) (سنده) حدّثنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن القاسم عن عائشة الخ (غريبه) (8) أي شيئا من الكراهة من اجل دخول سالم علىَّ بعد ما نفى الشرع التبني بقوله تعالى (ادعوهم لآبائهم هو أقسط عند الله الآية) (9) أي بعد ان أرضعته كما أمرها النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (م جه هق) وأحاديث الباب تدل على أن رضاعة الكبير تحرّم، وفى ذلك خلاف بين العلماء، انظره في القول الحسن في الجزء الثاني صحيفة 339 و 340 و 341 (وفي هذا الباب) أيضا ما يدل على عدد الرضعات المحرمة وفيها خلاف كذلك انظره في القول الحسن أيضا صحيفة 334 (باب) (10) (سنده) حدّثنا بهن قال ثنا شعبة قال ثنا أشعث بن سليم أنه سمع أباه يحدث عن مشروق عن عائشة الخ (غريبه) (11) لم يعلم بالتحقيق من هذا الرجل

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا تحرم المصة ولا المصتان وكلام العلماء في ذلك]- شق عليه (1) فقالت يا رسول الله أخي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انظرن (2) ما اخوانكن فإنما الرضاعة من المجاعة (عن أبي موسى الهلالي) (3) عن أبيه ان رجلا كان في سفر فولدت امرأته فاحتبس لبنها فجعل يمصه ويمجه فدخل حلقة فأتى أبا موسى فقال حرمت عليك فأتى ابن مسعود فسأله فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحرّم من الرضاع إلا ما انبت اللحم وانشر العظم (4) (عن عبد الله بن الزبير) (5) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يحرم من الرضاع المصة (6) والمصتان (عن عائشة رضى الله عنها) (7) ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال ال تحرم المصة ولا المصتان (عن أم الفضل) (8) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فجاء اعرابي فقال يا رسول الله كانت لي امرأة فتزوجت عليها امرأة أخرى فزعمت امرأتي الأولى انها ارضعت امرأتي الحدثى (9) املاجة أو املاجتين وقال مرة رضعة أو رضعتين

_ (1) أي كأنه كره ذلك كما جاء مصرحا به في رواية البخاري (2) بهمزة وصل وضم الظاء المعجمة من النظر بمعنى التفكر والتأمل، وجاء عند البخاري بلفظ انظرن من اخوانكن وهى أوجه، ومعناه تأملن وتفكرن ما وقع من ذلك هل هو رضاع صحيح بشرطه من وقوعه في زمن الرضاعة من المجاعة، وهو علة لوجوب النظر والتأمل، والمجاعة مفعلة من الجوع يعني أن الرضاعة التي تثبت بها الحرمة وتحل بها الخلوة هي حيث يكون الرضيع طفلا يسد اللبن جوعته ولا يحتاج إلى طعام آخر لأن معدته ضعيفة يكفيها اللبن وينبت لحمه بذلك فيصير كجزء من المرضعة فيكون كسائر أولادها، أما الكبير فلا يسد جوعته إلا الخبز فليس كل مرتضع لبن أم أخا لولدها، وفي سنن الترمذي لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء أي ما وقع من الصبي موقع الغذاء بأن يكون في مدة الرضاع وقد ذكرها الله عز وجل في كتابه فقال {والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين لمن أراد أن يتم الرضاعة} وحديث عائشة هذا يثبت خلاف ما أثبته حديثها المتقدم في الباب السابق بلفظ (أرضعيه تحرمي عليه) وقد أشرنا في آخر شرح الباب السابق إلى كلام العلماء في ذلك والله الموفق (3) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا سليمان بن المغيرة عن أبي موسى عن أبيه الخ (غريبه) (4) انشر بالراء قال الخطابي معناه ما شد العظم وقواه والانشار بمعنى الإحياء في قوله تعالى (ثم اذ شاء انشره) ويروى انشز العظم بالزاى المعجمة ومعناه زاد في حجمه فنشز اهـ قال في النهاية وهو من النشز المرتفع من الأرض (تخريجه) (د هق) قال المندري سئل أبو حاتم الرازي عن ابي موسى الهلالي فقال هو مجهول وأبوه مجهول اهـ (قلت) اما أبو موسى فقال الحافظ في التقريب مقبول (5) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن هشام قال اخبرني ابي عن عبد الله بن الزبير الخ (غريبه) (6) المصة هي المرة من المص، قال في القاموس مصصته بالكسر أمصه ومصصته أمصه كخصصته أخصه شربته شربا رقيقا اهـ والمعنى انه تناول شيئا قليلاَ (تخريجه) (نس فع مذ حب هق) وقال الترمذي الصحيح من رواية ابن الزبير عن عائشة (قلت) يعني الحديث التالي واعله بن جرير الطبري بالاضطراب فإنه روى عن ابن الزبير عن ابيه، وجمع ابن حبان بينهما بإمكان ان يكون ابن الزبير سمعه من كليهما (7) (سنده) حدّثنا معتمر عن أيوب ابن أبي مليكة عن ابن الزبير عن عائشة الخ (تخريجه) (م والاربعة وغيرهم) (8) (سنده) حدّثنا إسماعيل قال ثنا أيوب عن ابي الخليل عن عبد الله بن الحارث الهاشمي عن أم الفضل الخ (غريبه) (9) بضم الحاء المهملة وسكون الدال وفتح المثلثة هي تأنيث الأحدث

-[ما جاء فيمن تجوز شهادته في الرضاعة]- (1) فقال لا تحرم الاملاجة ولا الاملاجتان او قال الرضعة أو الرضعتان (وعنها أيضا) (2) ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تحرِّم الإملاجة ولا الإملاجتين (وعنها أيضا) (3) سأل رجل النبي صلى الله عليه وسلم (وفي لفظ (4) ان النبي صلى الله عليه وسلم سئل) أتحرّم المصة قال النبي صلى الله عليه وسلم لا (باب من تجوز شهادته في الرضاعة) (عن عبد الله بن أبي مليكة) (5) قال حدثني عبيد بن أبي مريم عن عقبة بن الحارث قال وقد سمعته من عقبة (6) ولكني لحديث عبيد أحفظ قال تزوجت (7) فجاءتنا امرأة سوداء فقال اني قد أرضعتكما فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت اني تزوجت امرأة فلانة ابنه فلان (8) فجائتنا امرأة سوداء (9) فقالت إني ارضعتكما (10) وهي كافرة (11) فأعرض عنى فأتيته من قبل وجهه

_ يريد المرأة التي تزوجها بعد الأولى (1) معناه ان بعض الرواة قال مرة في حديثة املاجة أو املاجتين وقال مرة أخرى رضعة أو رضعتين بدل املاجة أو املاجتين، والإملاجة بكسر الهمزة وبالجيم المخففة وهي المصة، قال في المصباح ملج الصبي أمه ملجا من باب قتل وملج يملج من باب تعب لغة رضعها ويتعدى بالهمزة فيقال أملجته أمه، والمرة من الثلاثي ملجة ومن الرباعي إملاجة مثل الإكرامة والإخراجة ونحوه اهـ والرضعة هي المرة من الرضاع كضربة وجلسة وأكلة فمتى التقم الصبي الثدي فامتص منه ثم تركه باختياره لغير عارض كان ذلك رضعة (تخريجه) (م هق) (2) (سنده) حدّثنا أبو كامل ثنا حماد عن قتاده عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم الفضل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخ (تخريجه) (م هق) وابن ماجه ولفظه مرفوعا لا تحرم الرضعة ولا الرضعات أو المصة (3) (سنده) حدّثنا بهز وعفان قالا ثنا قتادة عن أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم الفضل بنت الحارث سأل رجل الخ (غريبه) (4) هذا اللفظ لعفان أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث واللفظ الأول لبهز (تخريجه) (م هق) (باب) (5) (سنده) حدثنا إسماعيل ابن إبراهيم قال أنا أيوب عن عبد الله بن أبي ملية الخ (غريبه) ((6) المعنى أن عبد الله بن أبي مليكة روى هذا الحديث مرة عن عقبة بواسطة عبيد الله بن أبي مريم ومرة عن عقبة مباشرة بغير واسطة ثم قال ولكني لحديث عبيد احفظ فذكره وهو الطريق الأولى من هذا الحديث (7) القائل تزوجت الخ هو عقبة بن الحارث (8) لم يذكر في هذه الوراية اسم الزوجة ولا نسبتها وقد صرح في الطريق الثانية بكنيتها ونسبتها وهي أم يحيى بنت ابي إهاب، قال الحافظ إسمها غنية بفتح المعجمة وكسر النون بعدها ياء تحتانية مشددة وكنيتها أم يحيى، قال ثم وجدت في النسائي أن اسمها زينب فلعل غنيه لقبها أو كان اسمها فغير بزينب كما غير اسم غيرها (9) جاء في رواية للبخاري في الشهادات أمة بدل امرأة، قال الحافظ لم أقف على اسمها (10) وقع في رواية للبخاري في كتاب العلم فقالت إني قد أرضعت عقبة والتي تزوج، فقال لها عقبة ما أعلم أنك أرضعتني ولا أخبرتني فركب (يعني من مكة) الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فسأله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف وقد قيل، ففارقها عقبة ونكحت زوجا غيره (وله في أخرى) فأرسل الى آل اهاب فسألهم فقالوا ما علمنا أرضعت صاحبتنا فركب الى النبي صلى الله عليه وسلم الحديث، وجاء في رواية للدارقطني من طريق أيوب عن أبن أبي مليكة فدخلت علينا امرأة سوداء فسألت فأبطأ عليها، فقالت تصدقوا علىّ فو الله لقد أرضعتكما جميعا (11) المراد بالفر هنا الكذب لا الكفر بالله عز وجل أي كاذبة لأنها سترت

-[بيان مذاهب الأئمة فيمن تجوز شهادته في الرضاعة]- فقلت إنها كاذبة، فقال لي كيف بها (1) وقد زعمت انها قد ارضعتكما دعها عنك (2) (وعنه من طريق ثان) (3) قال حدثني عقبة بن الحارث أو سمعته منه (4) أنه تزوج أم يحيى ابنة أبي إهاب (5) فجاءت امرأة سوداء فقالت قد ارضعتكما، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأعرض عنى، فتنحيت فذكرته له فقال فكيف (6) وقد زعمت ان قد ارضعتكما (وفي لفظ فكيف وقد قيل) (7) فنهاه عنها (عن ابن عمر) (8) قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم ما يجوز في الرضاعة من الشهود؟ قال رجل وامرأة (9) وسمعته أنا (10) من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة

_ الحقيقة وغطتها كما يقال فلان كفر النعمة أي غطاها مستعار من كفر الشيء إذا غطاة أي ستره ويؤيد ذلك قوله بعد ذلك فقال انها كاذبة (1) أي كيف تشتغل بها وتباشرها وتفضي اليها وقوله (وقد زعمت) أي والحال انها قالت الخ (2) أي اتركها وفي الطريق الثانية (فنهاه عنها) وزاد البخاري في رواية تقدمت ففارقها عقبة ونكحت زوجا غيره (3) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة قال حدثني عقبة بن الحارث الخ (4) معناه ابن ابي مليكة يشك هل حثه عقبة بهذا الحديث او سمعه منه، وفيه إشارة الى التفرقة في صيغ الأداء بين التحديث والسماع فيقول الراوي فيما سمعه وحده من لفظ الشيخ او قصد الشيخ تحديثه بذلك حدثني بالفراد، فان كان مع جماعة ولم يقصده الشيخ بالتحديث وانما كان يسمعه من غير ان يشعر به فيقول الراوي سمعت فلانا يقول كذا وكذا ولا يقول حدثني ولا أخبرني (5) بكسر الهمزة وآخره باء موحدة (قال الحافظ) لا أعرف اسمه وهو مذكور في الصحابة وهو ابن عزيز بفتح العين المهملة وكسر الزاي وآخره زاي أيضا (6) أي فكيف تباشرها وتفضي اليها (7) أي وقد قيل إنك أخوها من الرضاعة أي ذلك بعيد من ذوي المروءة والورع (تخريجه) (خ د نس مذ هق) (سنده) حدّثنا عبد الله بن محمد (قال عبد الله بن الإمام أحمد) وسمعته من عبد الله ثنا معتمر عن محمد بن عثيم عن محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني عن ابيه عن ابن عمر الخ (غريبه) (9) جاء في رواية أخرى للإمام أحمد بسند فيه رجل لم يسم بلفظ (رجل وامرأة وامرأة) بتكرير لفظ امرأة مرتين ولكن أورده الهيثمي وعزاه للاما احمد بلفظ (فقال النبي صلى الله عليه وسلم رجل أو امرأة) وجاء عند البهقي كذلك بلفظ (رجل او امرأة) (10) القائل وسمعته انا الخ هو عبد الله بن الامام احمد يعني انه روى هذا الحيث مرتين مرة عن ابيه عن عبد الله ومرة عن عبد الله بن محمد بغير واسطة ابيه (تخريجه) (طب هق) قال الهيثمي فيه محمد بن عبد الرحمن بن البيلماني وهو ضعيف، وقال البيهقي اسناده ضعيف لا تقوم بمثله الحجة، محمد بن عثيم يرمي بالذب وابن البيلماني ضعيف، وقد اختلف عليه في متنه فقيل هكذا (أي رجل او امرأة) وقيل رجل وامرأة وقيل رجل وامرأتان والله أعلم (قلت) والمعول في هذا الباب على الحديث الأول فهو حديث صحيح رواه البخاري وغيره وهو يدل على قبول شهادة المرضعة ووجوب العمل بها وحدها (قال الترمذي) والعمل على هذا عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وغيرهم اجازوا شهادة المرأة الواحدة في الرضاع، وقال ابن عباس تجوز شهادة امرأة واحدة في الرضاع وتؤخذ بيمينها وبه يقول أحمد واسحاق اهـ (قلت) وهو مروى عن عثمان والزهري والحسن والاوزعي (قال في رحمة الأمة) واختلفوا في الرضاع فقال أبو حنيفة لا تقبل فيه شهادة رجلين وامرأتين ولا يقبلن فيه

-[الترخيص في نكاح المتعة للضرورة]- (باب ما يستحب أن تعطي المرضعة عند الفطام) (عن حجاج بن حجاج) (1) عن أبيه قال قلت يا رسول الله ما يذهب عنى (2) مذمة الرضاع؟ قال غرة (3) عبد أو أمة (أبواب الانكحة المنهي عنها) (باب الرخصة في نكاح المتعة (4) ثم نسخة) (عن عبد الله بن مسعود) (5) قال كنا نغزو مع رسو الله صلى الله عليه وسلم وليس لنا فقلنا يا رسول الله الا نستخصي؟ فنهانا عنه ثم رخص لنا بعد في أن نتزوج المرأة بالثوب الى أجل ثم قرأ عب الله (يا أيها آمنوا لا تحرموا طيبات ما أحل الله لكم ولا تعتدوا ان الله لا يحب المعتدين) (عن جابر بن عبد الله) (6) وسلمة بن الأكوع رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قالا كنا في غزاة (7) فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول استمتعوا (وعنهما من طريق ثان) (8) قالا خرج علينا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ عنده منفردات وقال (مالك والشافعي) يقبلن فيه منفردات الا أن مالا قال في المشهور عنه يشترط شهادة امرأتين (والشافعي) يشترط شهادة أربع (وعن مالك) رواية انها تقبل واحدة إذا فشا ذلك في الجيران وقال (احمد) يقبلن فيه منفردات وتجزئ منهن امرأة واحدة في المشهور عنه والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا يحيى ثنا هشام وابن نمير قال ثنا هشام قال اخبرني ابي عن حجاج بن حجاج عن أبيه وقال ابن نمير ثنا رجل من اسلم قال قلت يا رسول الله الخ (غريبه) (2) من الاذهاب الازالة أي أي شيء يزيل عنى (مذمة الرضاع) قال في النهاية المذمة بالفتح مفعلة من الذم، وبالكسر من الذمة والذمام، وقيل هي بالكسر والفتح الحق والحرمة التي يذم مضيعها، والمراد بذمة الرضاع الحق اللازم بسبب الرضاع فكأنه سأل ما يسقط عنى حق المرضعة حتى أكون قد أديته كاملا، وكانوا يستحبون ان يعطوا للمرضعة عند فصال الصبي شيئا سوى أجرتها اهـ وكان من لم يفعل ذلك يصير مذموما عند الناس بسبب عم المكافأة والله أعلم (3) بالرفع والتنوين أي مملوك (عبد او أمة) بالفرع والتنوين بل من غرة، قال الطيبي الغرة المملوك وأصلها البياض في جبهة الفرس ثم استعير لأكرم ل شيء كقولهم غرة القوم سيدهم، ولما كان الانسان المملوك خير ما يملك سمى غرة، ولما جعلت الظئر نفسها خادمة جوزيت بجنس فعلها (تخريجه) (د نس مذ) وسكت عنه أبو داود والمنذري وقال الترمذي هذا حديث صحيح اهـ وفيه استحباب العطية للمرضعة عند الفطام وان يكون عبدا أو أمه لأنها قامت بخمة الصغير والعناية به فيصح ان تكافأ بمن يخدمها ويعينها على حوائجها ليكون الجزاء من جنس العمل والله الموفق (باب) (4) نكاح المتعة هو النكاح الى اجل معين وهو من التمتع بالشيء الانتفاع به يقال تمتعت به اتمتع تمتعا الاسم المتعة كأنه ينتفع بها الى أمد معلوم، وقد كان مباحا في أول الإسلام ثم حرّم، وهو الآن جائز عند الشيعة (نه) (5) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في أول الباب الثاني من كتاب النكاح صحيفة 141 رقم 8 وانما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة (6) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق انا ابن جريج قال اخبرني عمرو بن دينار عن حسن بن محمد بن على عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع الخ (غريبه) (7) الظاهر انها غزوة أو طاس لما سيأتي في حديث سلمة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لهم في متعة النساء عام أو طاس ثلاثة أيام ثم نهى عنها (8) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن عمرو بن

-[ما جاء في نسخ نكاح المتعة وقصة سبرة بن معبد الجهني في ذلك]- فنادى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أذن لكم فاستمتعوا يعني متعة النساء (عن ابي سعيد الخدرى) (1) قال كنا نستمتع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثوب (2) (عن جابر بن عبد الله) (3) قال كنا نتمتع على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وابى بر وعمر (4) حتى نهانا عمر أخيرا يعنى النساء (باب ما جاء في نسخة والنهى عنه) (عن محمد بن على) (5) انه سمع اباه بن أبي طالب رضى الله عنه قال لابن عباس وبلغه أنه رخص في متعة النساء فقال له على بن أبي طالب ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عنها يوم خيبر وعن لحوم الحمر الأهلية (عن عبد الرحمن بن نعيم) (6) الاعرجي قال سأل رجل ابن عمر وانا عنده عن المتعة متعة النساء فغضب وقال والله ما كنا على عهد رسول الله صلى الله تبارك وتعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم زناة (7) ولا مسافحين (8)

_ دينار قال سمعت الحسن بن محمد يحدث عن جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع قالا خرج علينا الخ (تخرجه) (م هق) (1) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن زيد ابي الحواري قال سمعت أبا الصديق يحدث عن ابي سعيد الخدري الخ (غريبه) (2) الثوب ليس قيد ابل يجوز بغيره مما يحصل به التراضي (تخرجيه) او رده الهيثمي وقال رواه (حم بز) ورجال احمد رجال الصحيح (3) (سنده) حدّثنا إسحاق ثنا عبد الملك عن عطاء عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (4) قال النووي هذا محمول على ان الذي استمتع في عهد أبي بكر وعمر لم يبلغه النسخ (وقوله يعنى النساء) أي نهانا عن متعة النساء (تخريجه) (م هق) ولفظ مسلم كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وابي بكر حتى نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث اهـ (وقوله في شأن عمرو بن حريث) يشير الى قول عمر في قضية عمرو بن حريث لا نؤتي برجل تمتع وهو محصن الا رجمته ولا برجل تمتع وهو غير محصن الا جلدته، وقصة عمرو بن حريث اخرجها عبد الرزاق في مصنفة عن جابر قال قدم عمرو بن حريث الكوفة فاستمتع بمولاة فأتى بها عمر حبلى فسأله فاعترف قال فذلك حين نهى عنها عمر اهـ والله أعلم (باب) (5) (سنده) حدّثنا عب الرزاق أنبانا معمر عن الزهري عن الحسن وعبد الله ابنى على عن ابيهما محمد بن على الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) (6) (سنده) حّثنا عفان ثنا عبد الله بن اياد قال ثنا يعني ابن لقيط عن عبد الرحمن بن نعيم الخ (غريبه) (7) معناه انها حرام وانه لا يفعلها الا زان مسافح والسفاح هو الزنا فهو عطف مرادف، وقد جاء عند البيهقي من طريق ابن شهاب الزهري قال اخبرني سالم بن عبد الله ان رجلا سأل عبد الله بن عمر رضى الله عنهما عن المتعة فقال حرام قال ان فلانا (يعنى ابن عباس) يقول فيها (يعنى يجوازها) فقال والله لقد علم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرمها يوم خيبر وما كنا مسافحين (8) ليس هذا آخر الحديث (وبقيته) ثم قال (يعني ابن عمر) والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليكونن قبل المسيح الدجال كذابون ثلاثون أو اكثر (قال عبد الله بن الامام احمد) قال ابي وقال أبو الوليد الطيالسى قبل يوم القيامة (تخريجه) (هق طب) الى قوله مسافحين، وفي سنده عند الامام أحمد عبد الرحمن بن نعيم، قال الحافظ في تعجيل المنفعة قال الحسني فيه جهالة اهـ (قلت) أورده الهيثمي وعزاه للطبراني وقال فيه منصور بن دينار وهو ضعيف اهـ (قلت) منصور بن دينار ذره الحافظ في تعجيل المنفعة وقال ضعفه ابن معين وقال البخاري في حديثه نظر وقال أبو زرعة وفى صالح وذكره

-[قصة سبرة بن معبد الجهني في نكاح المتعة]- (عن الربيع بن سبرة الجهني) (1) عن أبيه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فأقمنا خمس عشرة من بين ليلة ويوم قال فأذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المتعة (2) قال وخرجت أنا وابن عم لى في أسفل مكة أو قال في أعلا مكة فلقينا فتاة من بني عامر ابن صعصعة كأنها البكرة (3) العنطنطة قال وأنا قريب من الدمامة (4) وعلىَّ برد جديد غض (5) وعلى ابن عمي برد خلق (6) قال فقلنا لها هل لك أن يستمتع من أحدنا؟ قالت وهل يصلح ذلك؟ قال قلنا نعم، قال فجعلت تنظر الى ابن عمي فقلت لها ابن بردي هذا جديد غض وبرد ابن عمي هذا خلق مح (7) قالت برد ابن عمك هذا لا بأس به فاستمتع منها فلم تخرج من مكة حتى حرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم (8) (وعنه أيضا عن ابيه) (9) قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع (10) حتى اذا كنا بعسفان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان العمرة قد دخلت في

_ ابن حبان في الثقات اهـ (قلت) ويؤيده حديث البيهقي الذي ذكرته بلفظه في الشرح من طريق ابن شهاب عند سالم بن عبد الله فقد أورده الهيثمي وقال رواه (طس) ورجاله رجال الصحيح خلا المعافي بن سليمان وهو ثقة اهـ وذكره الحافظ في الفتح اخرجه أبو عوانة وصححه من طريق سالم بن عبد الله فحديث الباب لكثرة طرقه وصحة بعضها يكون حسنا على الأقل والله اعلم (1) (سنده) حدّثنا عفان ثنا وهيب قال ثنا عمارة بن غزية الأنصاري قال ثنا الربيع بن سبرة الجهني القوية (العنطنطة) بعين مهملة مفتوحة وبنونين مفتوحتين بينهما طاء ساكنة ثم طاء مفتوحة وهي الطويلة العنق في اعتدال وحسن قوام وقيل هي الطويلة فقط والمشهور الأول قاله النووي (4) بفتح الدال المهملة وهي القبح في الصورة (5) الغض الطري الذي لم يتغير والمراد هنا نضر لم يأت عليه زمن بغيره (6) بفتح المعجمة واللام أي قريب من البالي (7) هو بميم مفتوحة وحاء مهملة مشددة وهو البالي ومنه محَّ الكتاب اذا بلى ودرس (8) (تخرجه) (م هق) يستفاد من هذا الحديث ان سبرة الجهني لم يتزوج المرأة وأنه هو القريب من الدمامة في الخلقة وانه صاحب البرد الجديد بعكس ما جاء في رواية مسلم من هذا الطريق نفسه ففيها ان الذي تزوج المرأة هو سيرة وان القريب من الدمامة وصاحب البرد الجديد هو ابن عمه الذي كان معه وهذه الرواية هي المحفوظة وهي التي جاءت في جميع الطرق عند مسلم وجاءت أيضا عند الإمام احمد في الحديث التالي (9) (سنده) حدَثنا عبد الرزاق ثنا معمر اخبرني عب العزيز بن عمر عن الربيع بن سبرة عن ابيه الخ (غريبه) (10) جاء هذا الحديث في حجة الوداع من اوله إلى قوله فلما قدمنا مكة طفنا بالبيت وبين الصفا والمروة، وتقدم نحوه في باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم في الجزء الحادي عشر وفي باب فسخ الحج إلى العمرة في الجزء الثاني عشر من كتاب الحج وكانوا محرمين ومعهم نساؤهم فأمروا بالتمتع بنسائهم بعد الطواف والسعي والتحلل من العمرة اما قوله تم امرنا بمتعة النساء إلى آخر الحديث فكان ذلك في فتح مكة لأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن محرما حين دخل مكة في غزوة الفتح فقد روى (م حم. والأربعة) من حديث جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه عمامة سوداء من غير إحرام، وحديث الباب بهذا السياق فيه وهم من بعض الرواة حيث قد أدخل حديثا في حديث، ويؤيد ذلك

-[حديث سبرة بن معبد في نكاح المتعة]- الحج (1) فقال له سراقة بن مال أو مالك بن سراقة (2) شك عبد العزيز أي رسول الله علمنا تعليم قوم كأنما ولدوا اليوم، عمرتنا هذه لعامنا هذا أم للأبد؟ قال لا بل للأبد (3) فلما قدمنا مكة طفنا بالبيت وبين الصفا والمروة تم أمرنا بمتعة النساء فرجعنا اليه فقلنا يا رسول الله انهن قد أبين الا الى أجل مسمى، قال فافعلوا، قال فخرجت انا وصاحب لي علىّ برد وعليه برد فدخلنا على امرأة فعرضنا عليها أنفسنا فجعلت تنظر الى بر صاحبي فتراه أجود من بدرى وتنظر الى فتراني اشب منه (4) فقالت برد مكان برد (5) واختارتني فتزوجتها عشرا (6) ببردى فبت معها تلك الليلة (7) فلما أصبحت غدوت الى المسجد فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يخطب يقول (8) من ان منكم تزوج امراة الى أجل فليعطها ما سمى لها ولا يسترجع مما أعطاها شيئا وليفارقها، فان الله تعالى قد حرمها عليكم الى يوم القيامة (وعنه أيضا عن ابيه) (9) ان رسو الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعة النساء يوم الفتح (عن اياس بن سلمة) (10) بن الأكوع عن ابيه قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في متعة عام أوطاس (11)

_ ما جاء صريحا في الحديث السابق أن متعة النساء كانت في غزوة الفتح وجاء كذلك عند مسلم في جميع طرقه وفي الحيث التالي عند الأمام أحمد أيضا هذا ما ظهر لي والله اعلم (1) أي يجوز فعلها في أشهر الحج الى يوم القيامة (2) الصواب سراقة بن مالك (3) تقدم اللام على ذلك في باب فسخ الحج الى العمرة في الجزء الثاني عشر (4) أي كان شبابي أزيد من شبابه أي لأنه كان اسن منى (5) أي يكفي كل منهما مقام صاحبه ولا عبرة بالجودة بعد ذلك فأنها لا تساوى جودة الرجل (6) أي عشر ليال بأيامها، وفي رواية للإمام أحمد أيضا فكان الاجل بيني وبينها عشرا (7) في رواية أخرى للأمام احم ومسلم فأقمت معها ثلاثا (8) جاء في رواية أخرى فاذا رسو الله صلى الله عليه وسلم بين الباب والحجر (وعند مسلم بين الركن والباب) يخطب الناس يقول ألا أيها الناس قد كنت أذنت لكم في الاستمتاع من هذه النساء، ألا وإن الله تبارك وتعالى قد حرم ذلك الى يوم القيامة، فمن كان عنده منهن شيء فليخل سبيلها ولا تأخذوا مما آتيتموهن شيئا اهـ وهذه الرواية جاءت عن الإمام أحمد ومسلم من طريق عبد العزيز بن عمر عن الربيع ابن سبرة عن أبيه (تخريجه) (جه هق) قال البيهقي وكذلك رواه جماعة من الأكابر كابن جرير والثوري وغيرهما عن عبد العزيز بن عمر (يعنى بن عمر بن عبد العزيز) وهو وهم منه فرواية الجمهور عن الربيع بن سبرة أن ذلك كان زمن الفتح (يعنى فتح مكة) والله أعلم (9) (سنده) حدّثنا إسماعيل بن ابراهيم ثنا معمر عن الزهري عن ربيع بين سبرة عن أبيه الخ (تخريجه) (م هق) (10) (سنده) حدّثنا يونس بن محمد قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال ثنا أبو عميس عن اياس بن سلمة الخ (غريبه) (11) يعنى العام الذي كان فيه غزوة أوطاس، وكانت غزوة الفتح في هذا العام نفسه قبل غزوة أوطاس بقليل، قال بعض المؤرخين كانت غزوة الفتح في رمضان وغزوة أوطاس في شوال سنة ثمان من الهجرة اهـ فالمراد بعام أوطاس غزوة الفتح لما تقدم في حديث سبرة عند مسلم والامام أحمد ان النبي صلى الله عليه وسلم رخص لهم في المتعة في غزوة الفتح ثلاثة أيام ثم نهى عنها قبل خروجهم من مكة بقوله صلى الله عليه وسلم فان الله تعالى قد حرمها عليكم الى يوم القيامة، وفي هذا الحديث أي حديث سلمة بن الأكوع ان الترخيص في المتعة ان ثلاثة أيام ثم وقع التحريم كهو في رواية سبرة فروايتها ترجع الى شيء واحد، وهو فتح مكة فلا يتأني الأذن

-[حقق العلماء أن آخر نهي عن نكاح المتعة كان في غزوة الفتح]- ثلاثة أيام ثم نهى عنها (عن الزهري) (1) قال تذاكرنا عند عمرو بن عبد العزيز المتعة متعة النساء فقال ربيع بن سبرة ابى يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع ينهي عن نكاح المتعة (باب ما جاء في نكاح المحلل والمحرم) (عن عبد الله (2) يعنى ابن مسعود) قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له (3) (عن على رضي الله عنه) (4) قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الربا وآكله وشاهديه (5) والمحلل والمحلل له (عن ابي هريرة) (6) قال لعن

_ بها في غزوة اوطاس بعد تحريمها الى يوم القيامة في غزوة الفتح، هذا ما ظهر لي والله أعلم، قال النووي في شرح مسلم عند قوله في حديث سلمة بن الأكوع (رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنها) قال هذا تصريح بانها أبيحت يوم فتح مكة وهو ويوم اوطاس شيء واح، وأوطاس واد بالطائف ويصرف ولا يصرف فمن صرفه أراد الوادي والمكان ومن لم يصرفه أراد البقعة كما في نظائره، وأكثر استعمالهم له غير مصروف اهـ (تخريجه) (ق نس مذ جه هق) (1) (سنده) حدّثنا عبد الصمد ثنا أبي ثنا إسماعيل بن امية عن الزهري الخ (تخريجه) (د هق) قال أبو داود وهذ أصح ما روى في ذلك اهـ قال القاضي عياض وقدوري عن سبرة أيضا أباحتها في حجة الوادع ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها حينئذ الى يوم القيامة، قال وذكر الرواية بإباحتها يوم حجة الوداع خطأ لأنه لم يكن يومئذ ضرورة ولا عزوبة وأكثرهم حجوا بنسائهم، والصحيح أن الذي جرى في حجة الوداع مجرد النهي كما جاء في غير رواية ويكون تجديده صلى الله عليه وسلم النهي عنها يومئذ لاجتماع الناس، وليبلغ الشاهد الغائب، ولتمام الدين وتقرر الشريعة كما قرر غير شيء وبيَّن الحلال والحرام يومئذ وبت تحريم المتعة حينئذ لقوله الى يوم القيامة اهـ (قال النووي) والصواب المختار أن التحريم والإباحة كانا مرتين وانت حلالا قبل خيبر، ثم حرمت يوم خيبر ثم ابيحت يوم فتح مكة وهو يوم أوطاس لاتصالهما، ثم حرمت يومئذ بعد ثلاثة أيام تحريما مؤبدا الى يوم القيامة واستمر التحريم اهـ (قلت) وللعلماء خلاف في أحكام نكاح المتعة انظر القول الحسن في الجزء الثاني صحيفة 342 و 343 والله الموفق (باب) (2) هذا جزء من حديث طويل سيأتي بتمامة وسنده في الباب الثامن من أبواب الترهيب من خصال من المعاصي معدودة في قسم الترهيب، وانما ذرته هنا لمناسبة الترجمة (غريبه) (3) كلا اللفظين من باب التفعيل الأول بكسر اللام الأولى والثاني بفتحها، قال القاضي عياض (المحلل) بكسر اللام، الذي تزوج مطلقة الغير ثلاثا على قصد ان يطلقها بعد الوطء ليحل للمطلق نكاحها وكأنه يحللها على الزوج الأول بالنكاح والوطيء (والمحلل له) بفتح اللام، هو الزوج، وإنما لعنهما لما في ذلك من هتك المروءة وقلة الحمية والدلالة على خسة النفس وسقوطها، أما بالنسبة للمحلل له فظاهر، وأما بالنسبة إلى المحلل فلأنه بغير نفسه بالوطيء لغرض الغير، فإنه إنما يطؤها ليعرضها لوطيء المحلل له، ولذلك مثله صلى الله عليه وسلم بالتيس المستعار له (قلت) جاء تمثيله بالتيس المستعار عند (جه هق) من حديث عقبة بن عامر مرفوعا بلفظ (ألا اخبركم بالتيس المستعار؟ قالوا بلى يا رسول الله قال هو المحلل، لعن الله المحلل والمحلل له، قال عبد الحق في أحكامه اسناده حسن (4) (سنده) حدّثنا خلف بن الوليد حدثنا إسرائيل عن ابي إسحاق الخ (غريبه) (5) تقدم الكلام على الربا وآكله في الباب الأول عن أبواب الربا في الجزء الخامس عشر صحيفة 775 (غريبه) (هق) وفي النساء اظهار الأخير ضعيف، وله شواه صحيحه تؤجله (6) (سنده) حدّثنا أبو عامر ثنا عبد الله عن عثمان بن محمد عن

-[مذاهب العلماء في حكم نكاح المحلل - والنهي عن نكاح الشغار وبيان معناه]- رسول الله صلى الله عليه وسلم المحلل والمحلل له (عن أبان بن عثمان عن أبيه) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المحرم لا ينكح ولا ينكح ولا يخطب (باب النهي عن نكاح الشغار) حدّثنا يحيى (2) عن عبيد الله عن نافع (عن ابن عمر) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نكاح الشغار (3)، قال قلت لنافع ما الشغار؟ قال يزوج الرجل ابنته ويتزوج ابنته، ويزوج الرجل أخته ويتزوج أخته بغير صداق (حدّثنا عبد الرحمن) (4) ثنا مالك عن نافع (عن ابن عمر) ان النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الشغار قال مالك

_ أبي هريرة الخ (تخريجه) (بز هق) واسحاق وابن أبي حاتم في العلل والترمذي في العلل وحسنه البخاري ذكر ذلك الحافظ في التلخيص، وأورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) وفيه عثمان بن محمد الأخنس وثقه ابن معين وابن حبان، وقال ابن المديني له عن أبي هريرة أحاديث مناكير اهـ (قلت) الظاهر أن هذا ليس منها وإلا لما حسنه البخاري لا سيما وله شواهد صحيحة تعضده والله اعلم، وفي أحاديث الباب دلالة على تحريم التحليل لأنه لا يكون اللعن الأعلى ذنب كبير، ولذل ذهب جمهور العلماء إلى فساد العقد بقصد التحليل ولو لم يشترطه في العقد، قال الترمذي والعمل على هذا عند أهل العلم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منهم عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعبد الله بن عمر وغيرهم، وهو قول الفقهاء من التابعين، وبه يقول سفيان الثوري وابن المبارك الشافعي واحمد واسحاق اهـ باختصار (قلت) قال في رحمة الأمة وإذا تزوج امرأة على ان يحلها لمطلقها ثلاثا وشرط أنه اذا وطئها فهي طالق أو فلا نكاح (فعند أبي حنيفة) يصح النكاح دون شرط وفي حلها للأول عنده روايتان (وعند مالك) لا تحل للأول إلا بعد حصول نكاح صحيح عن رغبة من غير قصد التحليل ويطؤها حلالا وهى طاهرة غير حائض، فان شرط التحليل أو نواة فسد العقد ولا تحل للثاني (وللشافعي) في المسألة قولان أصحهما أنه لا يصح النكاح (وقال احمد) لا يصح مطلقا، فان تزوجها ولم يشترط ذلك غلا أنه كان في عزمه صح النكاح عند أبي حنيفة، وعند الشافعي مع الكراهة وقال مالك واحمد لا يصح والله اعلم (1) (عن ابان بن عثمان الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في نكاح المحرم وإنكاحه وخطبته من تاب الحج في الجزء الحادي عشر صحيفة 226 رقم 183 انظر حكمه ومذاهب الائمة في ذلك في شرح صحيفة 231 من الجزء المذكور تجد ما يسرك والله الموفق (باب) (2) حدّثنا يحيى (غريبه) (3) قال العلماء الشغار بكسر الشين المعجمة وبالغين المعجمة أصله في اللغة الرفع يقال شغر الكلب إذا رفع رجله ليبول كأنه قال لا ترفع رجل بنتي حتى أرقع رجل بنتك، وقيل هو من شغر البلد إلا خلا لخلوه عن الصداق، ويقال شغرت المرأة إذا رفعت رجلها عند الجماع، قال ابن قتيبة كل واحد منهما يشغر عند الجماع وكان الشغار من نكاح الجاهلية اهـ (قلت) ومعناه في الشرع جاء مفسرا في الحيث، قال العلماء تفسير الشغار ليس من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وإنما هو من كلام الرواة (قلت) جاء تفسيره في هـ 1 االحديث عن نافع وفي الحديث الثاني عن مال وفي الحديث الثالث عن أبي هريرة مبهما، قال القرطبي تفسير الشغار صحيح موافق لما ذره أهل اللغة فان كان مرفوعا فهو المقصود وان كان من قول الصحابي فمقبول أيضا لأنه اعلم بالمقال وافهم بالحال (غريبه) (ق. هق والاربعة والامامان) وغيرهم لكن الترمذي لم يذكر تفسير الشغار (4) (حدّثنا عبد الرحمن) الخ (تخريجه) (ق هق والامامان. والاربعة) بمعنى ابن عمر يدل مالك ولم يذكر الترمذي تفسيرا

-[مذاهب العلماء في حم ناح الشغار]- والشغار أن يقول انكحني ابنتك وانكحتك ابنتي (عن ابي هريرة) (1) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشغار، قال والشغار ان يقول الرجل زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي أو زوجني اختك وازوجك اختي (2) قال ونهى عن بيع الغرر وعن لحصاة (3) (عن عبد الرحمن بن هرءز الأعرج) (4) ان العباس بن عبد الله بن عباس أنكح عبد الرحمن بن الحكم ابنته وانكحه عبد الرحمن ابنته وق كانا جعلا صداقا (5) فكتب معاوية بن ابي سفيان وهو خليفة الى مروان يأمره بالتفريق بينهما، وقال في كتابه هذا الشغار الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن جابر بن عبد الله) (6) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الشغار (عن ابن عمر) (7) ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا شغار في الإسلام (8) (عن انس بن مالك) (9) ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا شغار في الإسلام (عن عمران بن حصين) (10) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا شغار في الإسلام (باب ما جاء في نكاح الزاني والزانية) (عن سعيد بن ابي سعيد المقبري) (11) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الزاني المجلود

_ (1) (سنده) حدّثنا ابن نمير قال ثنا عبيد عن أبي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) هكذا جاء مبهما عند مسلم والامام احمد قال البيهقي ورواه عبيدة عن عبيد الله وزاد فيه ولا صداق بينهما اهـ (قال العلماء) وليس المقتضى للبطلان مجرد ترك ذكر الصداق لان النكاح يصح بدون تسمية، بل المقتضى لذلك جعل البضع صداقا (3) تقدم اللام على بيع الغرر والحصاة في باب النهي عن بيوع الغرر في الجزء الخامس عشر صحيفة 33 رقم 103 (تخريجه) (م هق) (4) (سنده) حدّثنا يعقوب وسعد قالا ثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني عبد الرحمن بن هرمز الاعرج الخ (غريبه) (5) أي جعلا بضع كل واحدة منهما صداقا للأخرى، وإلا لما أمر معاوية بالتفريق بينهما والله اعلم (د هق) وسنده جيد (6) سنده حدّثنا عبد الرزاق أنا جرير انا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول نهى رسول اله صلى الله عليه وسلم عن الشغار (تخريجه) (م فع هق) وللبيهقي رواية أخرى عن جابر أيضا قال نهى نبي الله صلى الله عليه وسلم عن الشغار والشغار أن تنكح هذه بهذه بغير صداق وبضع هذه صداق هذه وبضع هذه صداق هذه (7) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (8) يشير الى أن الشغار كان معمولا به في الجاهلية فلما جاء الإسلام ابطله (تخريجه) (م) (9) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ثابت وأبان وغير واحد عن أنس الخ (تخريجه) (نس مذ) وصححه الترمذي وأخرج عبد الرزاق عن أنس مرفوعا لا شغار في الإسلام والشغار ان يزوج الرجل الرجل اخته اخته (10) (سنده) حدّثنا إبراهيم ابن خالد ثنا رباح عن معمر عن ابن سيرين عن عمران بن حصين الخ (تخريجه) (نس مذ) وصححه الترمذي وقال قال بعض اهل العلم نكاح الشغار مفسوخ ولا يحل وان جعل لهما صداقا، وهو قول الشافعي واحمد واسحاق، وروى عن عطاء بن أبي رباح قال يقران على نكاحهما ويجعل لهما صداق المثل، وهو قول أهل الكوفة اهـ انظر احكام هذا الباب ومذاهب الأئمة في القول الحسن صحيفة 344 و 345 في الجزء الثاني (باب) (11) (سنده) حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حثني أبي ثنا حبيب يعنى المعلم ثنا عمرو بن شعيب عن سعيد بن أبي سعيد

-[ما جاء في نكاح الزاني والزانية]- لا ينكح (1) (عن عبد الله بن عمرو) (2) ان رجلان من المسلمين (3) استأذن نبي الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها ام مهزول (4) كانت تسافح وتشترط له ان تنفق عليه وانه استأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم أو ذكر له امرها فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم الزانية لا ينكحها الا زان او مشرك (5) قال انزلت الزانية لا ينكحها الا زان أو مشرك (باب ما جاء في تزويج من لم تولد) حدّثنا (يزيد بن هارون) (6) قال أنا عبد الله بن يزي بن مقسم قال حثتني عمتي سارة بنت مقسم (عن ميمونة بنت كردم) (7) قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وهو على ناقته (8) وأنا مع أبي وبيد رسول الله صلى الله عليه وسلم درة (9) كدرّة الكتاب فسمعت الاعراب والناس يقولون الطبطبية (10) فدنا منه أبي فأخذ بقدمه

_ المقبري الخ (1) (تخريجه) هكذا جاء مرسلا عند الامام أحمد لأن سعيد بن أبي سعيد المقبري تابعي لم يدرك النبي صلى الله عليه وسلم، ود جاء موصولا عند الحاكم وأبي داود عن سعيد المقبري عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا ينكح الزاني المجلود الا مثله) قال العلماء هذا الوصف خرج مخرج الغالب باعتبار من ظهر منه الزنا سواء جلد أو لم يجلد (تخريجه) (د ك) وابن أبي حاتم موصولا ولا وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وقال الحافظ في بلوغ المرام رجاله ثقات (2) (سنده) حدّثنا عارم ثنا معتمر قال قال أبي حدثنا الحضرمي عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ وفي آخره قال عبد الله بن الامام أحمد قال أبي سألت معتمرا عن الحضرمي فقال كان قاصا وقد رأيته (غريبه) (3) لم يصرح باسمه في هذه الرواية وقد جاء في رواية أخرى من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عند (د مذ نس ك) وسيأتي عقب التخريج ان اسمه مرثد بن أبي مرثد الغنوي (4) الظاهر والله أعلم أن اسمها عناق كما صرح بذلك في رواية عمرو بن شعيب السالفة الذكر (5) جاء في رواية بن شعيب المشار اليها (فنزلت الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة - الى قوله وحرم ذلك على المؤمنين) (تخريجه) (نس) وأورده الهيثمي في تفسيره سورة النور وقال رواه (حم طب طس) بنحوه ورجال أحمد ثقات اهـ (قلت) وفي الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان مرثد بن أبي مرثد الغنوي كان يحمل الأسارى بمكة وكان بمكة بغىّ يقال لها عناق وكانت صديقته قال فجئت الى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أنح عناقا قال فسكت عنى فنزلت (الزاني لا ينكح الا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها الا زان او مشرك وحرم ذلك على المؤمنين) فقرأ علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لا تنكحها (د نس مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وهذا لفظه وللعلماء كلام في تفسيره هذه الآية وخلاف في حكم زواج الزانية ذكرته في القول الحسن صحيفة 345 و 346 في الجزء الثاني فارجع اليه والله الموفق (باب) (6) (حدّثنا يزيد بن هارون) الخ (غريبه) (7) بوزن عنبر (8) كان ذلك في حجة الوادع كما يستفاد من رواية أبي داود (9) بكسر المهملة وتشيد الراء مفتوحة التي يضرب بها (وقوله الكتاب) كرمان جمع كاتب أي كدرة معلمي الكتابة، والكتّاب أيضا المكتب كمقعد موضع التعليم أفداه الجوهري، والمعنى كالدرة التي يضرب بها معلم الكتابة في مكان التعليم والله أعلم (10) بفتح المهملتين وسكون الموحدة الأولى وكسر الثانية وبعدها ياء، تحتية مشددة قيل هي كناية عن الدرة يريد صوتها اذا ضربت بها حكت صونا يشبه طب طب وهي

-[ما جاء في حكم من تزوج من لم تولد]- فأقر له (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فما نسيت فيما نسيت طول إصبع قدمه السبابة على سائر أصابعه، قالت فقال له أبي إني شهدت جيش عثران (2) قالت فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك الجيش، فقال طارق بن المرقّع (3) من يعطيني رمحا بثوابه (4) قال فقلت وما ثوابه؟ قال أزوجه أول بنت تكون لي، قال فأعطيته رمحي ثم تركته حتى ولدت له ابنه وبلغت، فأتيته فقلت له جهز لي أهلي، فقال لا والله لا أجهزها حتى تحدث صداقا غير ذلك (5) فحلفت أن لا أفعل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدر (6) أي النساء هي؟ قلت قد رأت القتير (7) قال فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم دعها عنك لا خير لك فيها، قال فراعني ذلك (8) ونظرت إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تأثم ولا يأثم صاحبك (9) (باب ما يذكر في رد المنكوحة بالعيب) (عن جميل بن زيد) (10) قال صحبت شيخا من الأنصار ذكر أنه كانت له صحبة يقال له كعب بن زيد أو زيد بن عب (11) فحدثني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج امرأة من بني غفار (12) فلما دخل عليها وضع ثوبه وقعد على الفراش أبصر بكشحها (13) بياضا فانحاز عن الفراش ثم قال خذي عليك ثيابك ولم يأخذ مما آتاها شيئا (14)

_ بالنصب على التحذير أي احذروها (1) أي سكن له واستمع كلامه (2) بوزن عمران اسم وضع (3) بضم الميم وفتح الراء وكسر القاف مشددة (4) أي بجزائه (5) أي حتى تجعل لها مهرا غير الرمح (6) بسكون المهملة وفتحها أي تماثل أي النساء في السن؟ وعند أبي داود فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وبقرن أي النساء هي) بفتح القاف وسكون الراء، قال الخطابي يريد سن أي النساء هي؟ والقرن بنو سن واحد (7) بوزن قتيل فسره أبو داود بالشيب فقال في آخر الحيث (والقتير الشيب) (8) أي افزعني ذلك (9) أي لا خنث عليكما في يمينكما، وليس هذا آخر الحديث وبقيته، قالت فقال له أبي إني نذرت أن أذبح عددا من الغنم الخ ذكرت هذه البقية في البا الأول من أبواب النذر في الجزء الرابع عشر صحيفة 183، وجاء عند أبي داود الى قوله لا تأثم ولا يأثم صاحبك، وقد فعلت مثله لمناسبة الترجمة (تخريجه) (د) وفي اسناده سارة بنت مقسم قال الحافظ في التقريب لا تعرف اهـ وروى الطبراني نحوه عن كردم بن سفيان الثقفي قال الهيثمي وفي اسناده مساتير وليس فيهم ضعيف اهـ، قال الخطابي في معنى هذا الحديث ويشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم انما أشار عليه بتركها لأن عقد الماح على معدوم العين فاسد وإنما كان ذلك منه موعدا له فلما رأى أن ذلك لا يفي بما وعد وأن هذا لا يقلع عما طلب أشار عليه بتركها والإعراض عناه لما خاف عليهما من الإثم اذا تنازعا وتخاصما اذ كان كل واحد منهما قد حلف أن يفعل غير ما حلف عليه صاحبه وتلطف صلى الله عليه وسلم في صرفه عنها بالمثلة عن سنها حتى قرر عنده أنها قد رأت القتير أي الشيب وبرت وانه لاحظ له في ناحها، وفيه دليل على أن للحاكم أن يشير على أحد الخصمين بما هو أدعى الى الصلاح وأقرب الى التقوى والله أعلم (باب) (10) (سنده) حدّثنا القاسم بن مالك المزني أبو جعفر قال اخبرني جميل بن زيد الخ (غريبه) (11) أو للشك من الراوي وجاء عند سعيد بن منصور بلفظ زيد بن كعب بن عجرة بغير شك (12) قيل اسمها العالية وقيل اسمها أسماء بنت النعمان قاله الحاكم يعني الجونية، وقال الحافظ الحق انها غيرها (13) بسكون المعجمة ما بين الخاصرة الى الى الضلع الخلف والبياض المذكور هو البرص ما صرح بذلك في بعض الروايات (14) أي لم يأخذ شيئا

-[بيان العيوب التي يرد بها النكاح سواء من الرجل أو المرأة ومذاهب العلماء في ذلك]- (باب من أسلم وتحته أختان أو أكثر من أربع وفيه العدد المباح للحر والعبد وما خص به النبي صلى الله عليه وسلم) (عن سالم عن أبيه) (1) أن غيلان (2) بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة (3) فقال له النبي صلى الله عليه وسلم

_ من الصداق الذي أعطاه إياها (تخريجه) (هق ص) وابن عدى وفي اسناده جميل بن زيد ضعيف ضعفه الهيثمي والبيهقي وأبو حاتم والبغوي، وقال البخاري لم يصح حديثه، وقال الحافظ في بلوغ المرام مجهول واختلف عليه في شيخه اختلافا كثيرا اهـ (قلت) وفي الباب عن سعيد بن المسبب أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه قال ايما رجل تزوج امرأة فدخل بها فوجدها برصاء أو مجنونة أو مجذومه فلها الصداق بمسيسه إياها وهوله على من غره منها، أورده الحافظ في بلوغ الرمام وقال اخرجه سعيد بن منصور ومال وابن ابي شيبة ورجاله ثقات (قال) وروى سعيد أيضا عن على نحوه وزاد وبها قرّن فزوجها بالخيار فان مسها فلها المهر بما استحل من فرجها (قال) ومن طريق سعيد بن المسيب أيضا قال قضى عمر في العين ان يؤجل سنة ورجاله ثقات اهـ (قلت) هذه الآثار الثلاثة رواها الدارقطني أيضا (وعن عبد الله بن مسعود) قال يؤجل العنين سنة فان وصل اليها وإلا فرق بينهما ولها الصداق، أورده الهيثمي وقال رواه (طب) ورجاله رجال الصحيح خلا حسين بن قبيصة وهو ثقة اهـ وقد استدل بحديث الباب وما ذكرنا من الآثار على أن البرص والجنون والجذام والقرن والعنة عيوب يفسخ بها النكاح، والى ذلك ذهب جمهور أهل العلم من الصحابة فمن بعدهم وان اختلفوا في تفاصيل ذلك وفي تعيين العيوب التي يفسخ بها النكاح، فروى الدارقطني وغيره عن عمر وعلى وابن عباس بأسانيد جيدة انها لا ترد الناء والاربعة عيوب الجنون والجذام والبرص والداء في الفرج يعني كالرتق والقرن والفتق ونحو ذلك والزوج بالخيار ما لم يمسها ان شاء امسك وان شاء فارق بطلاق أو فسخ على خلاف في ذلك، فان مسها فلها المهر بما استحل من فرجها (قال في رحمة الأمة) العيوب المثبتة للخيار تسعة، ثلاثة منها يشترك فيها الرجال والنساء، وهى الجنون والبرص والجزام، واثنان يختصان بالرجال وهما الجب والعنة، وأربعة تختص بالنساء وهي القرن والرتق والفتق والعفل فالجب قطع الذكر والعنة العجز عن الجماع لعدم الانتشار، والقرن عظم يكون في الفرج فيمنع الوطء والرتق انسداد الفرج والفتق انخراق ما بين محل الوطء ومخرج البول، والعفل لحم يكون في الفرج، وقيل رطوبة تمنع لذة الجماع (فابو حنيفة) لا يثبت للرجل الفسخ في شيء من ذلك، ويثبت الخيار للمرأة في الجب والعنة فقط (ومالك والشافعي) يثبتانه في ذلك كله الا في الفتق (واحمد) يثبته في الكل، فان حدث ذلك في الزوج بعد العقد وقبل الدخول تخيرت المرأة عند مالك والشافعي واحمد وكذا بعد الدخول الا العنة عن الشافعي، وان حث بالزوجة فله الفسخ على الراجح من مذهب الشافعي وهو مذهب أحمد، وقال مالك والشافعي في احد قوليه لا خيار له اهـ وذهب بعض الشافعية الى ان المرأة ترد بكل عيب ترد به الجارية في البيع، ورجحه ابن القيم (قال ابن القيم) القياس ان كل عيب ينفر الزوج منه ولا يحصل به مقصو النكاح من المودة والرحمة يوجب الخيار وهو أولى من البيع، كما أن الشرط المشروط في النكاح أولى منها بالوفاء من الشروط في البيع، ومن تدبر مقاصد الشرع وما يشتمل عليه من المصالح لم يخف عليه رجحان هذا القول وقربه من قواعد الشريعة (باب) (1) (سنده) حدّثنا إسماعيل انا معمر عن الزهري عن سالم عن أبيه الخ (غريبه) (2) بفتح الغين المعجمة وسكون التحتية (3) لفظ الترمذي

-[ما جاء في العدد الذي يباح نكاحه للحر والعبد ومذاهب العلماء في ذلك]- اختر منهن أربعا (1) (عن قتادة عن أنس بن مالك) (2) ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يدور على نسائه في الساعة الواحدة (3) من الليل والنهار وهن إحدى عشرة (4)، قال قلت لأنس وهل كان يطيق ذلك؟ قال نان تحث انه اعطى قوة ثلاثين (5) (عن مطر الوراق عن أنس بن مالك) (6) قال كان نبي الله صلى الله عليه وسلم يطوف على تسع نسوة (7) في ضحوة (عن الضحاك بن

_ أسلم وله عشر نسوة في الجاهلية فأسلمن معه (1) يستفاد منه انه لا يجوز للحر أكثر من أربع نسوة، والى ذلك ذهب الجماهير من اللف والائمة الأربعة وغيرهم، قال الشوكاني وذهبت الظاهرية الى انه يجوز للرجل أن يتزوج تسعا قال ومحل وجهه قوله تعالى (مثنى وثلاث ورباع) ومجموع ذلك باعتبار ما فيه من العدد تسع، وحكى ذلك عن ابن الصباغ والعمراني وبعض الشيعة اهـ (قلت) وهذه حجة ضعيفة انظر تفسير ابن كثير وغيره عند قوله تعالى (انكحوا ما طاب لم من الناء مثنى وثلاث ورباع) في سورة النساء (تخريجه) (فع مذ ك هق) وقال الترمذي هكذا رواه معمر عن الزهري عن سالم عن ابيه وسمعت محمد بن إسماعيل (يعنى البخاري) بقول هذا حديث غير محفوظ، والصحيح ما روي شعيب ابن أبي حمزة وغيره عن الزهري قال حدثت عن محمد بن سويد الثقفي ان غيلان بن سلمة اسلم وعنده عشر نسوة اهـ (قلت) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره تعليل البخاري لحديث الباب فيه نظر وأتى له بعدة طرق وشواهد تفيد صحته ثم قال، فوجه الدلالة أنه لو كان يجوز الجمع بين أكثر من أربع لسوغ له رسول الله صلى الله عليه وسلم سائرهن في بقاء العشرة وقد اسلمن، فلما امره بإمساك أربع وفراق سائرهن دل على أنه لا يجوز الجمع بين أكثر من اربع بحال، فاذا كان هذا في الدوام ففي الاستئناف بطريق الأولى والأخرى والله سبحانه أعلم بالصواب اهـ (قلت) هذا في العدد المباح للحر (اما العدد المباح للعبد) فقد قال عمر رضى الله عنه ينكح العبد امرأتين ويطلق تطليقتين وتعتد الأمة حيضتين فان لم تكن تحيض فشهرين او شهرا ونصفا رواه (فع قط) قال الشوكاني وأثر عمر يقويه ما رواه (هق ش) من طريق الحكم بن عتيبة انه اجمع الصحابة على أنه لا ينكح العبد أكثر من اثنتين، وقال الشافعي بعد ان روى ذلك عن على وعمر وعبد الرحمن بن عوف أنه لا يعرف لهم من الصحابة مخالف، واخرجه بن أبي شيبة عن جماهير التابعين عطاء والشعبي والحسن وغيرهم، انظر احكام هذا الباب ومذاهب الأئمة في القول الحسن صحيفة 351 و 352 (2) (سنده) حدّثنا على بن عبد الله ثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبي عن قتادة ثنا انس ابن مالك الخ (غريبه) (3) المراد بالساعة قدر من الزمان لا ما اصطلح عليه الفلكيون (4) أي منهن اثنتان من الاماء وهما مارية وريحانة على رواية من روى ان ريحانة انت أمة والباقيات احرار (وسيأتي ذكرهن في شرح الحديث التالي) لأنه لم يجتمع معه صلى الله عليه وسلم بالتاب احدى عشرة وبهذا يجمع بين هذه الرواية وتاليتها والله أعلم (5) مميز ثلاثين محذوف أي ثلاثين رجلا، وذكر ابن العربي انه كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم القوة الظاهرة على الخلق في الوطء ما في هذا الحديث. وكان له في الأكل قناعة ليجمع الله له الفضيلتين في الأمور الاعتبارية كما جمع له الفضيلتين في الأمور الشرعية حتى يكون حاله كاملا في الدارين (تخريجه) (خ نس هق وغيرهم) (6) حدّثنا حسن بن موسى ثنا أبو هلال ثنا مطر الوراق الخ (غريبه) (7) هن عائشة وسودة وحفصة وأم سلمة وزينب بنت جحش وصفية وجويرية وأم حبيبة وميمونة هؤلاء الزوجات اللائي مات عنهن، وسيأتي الكلام على جميع أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ومن

-[ما جاء في الزوجين الكافرين يسلم أحدهما قبل الآخر]- فيروز) (1) أن أباه فيروز أدركه الإسلام وتحته اختان، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم طلق أيتهما شئت (2) (وعنه من طريق ثان) (3) عن أبيه قال أسلمت وعندي امرأتان أختان فامرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أطلق إحداهما (باب ما جاء في الزوجين الكافرين يسلم احدها قبل الآخر) (عن ابن عباس) (4) قال ردّ رسول الله صلى الله عليه وسلم زينب ابنته على زوجها أبي العاص (5) بن الربيع بالنكاح الأول ولم يحدث شيئا (6) (وعنه من طريق ثان) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردّ ابنته زينب على أبي العاص ابن الربيع وكان إسلامها قبل إسلامه بست سنين على النكاح الأول ولم يحدث شهادة (8) ولا صداقا (عن عمرو بن شعيب) (9) عن أبيه عن جده ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ردّ ابنته إلى أبي العاص بمهر جديد ونكاح جديد (10)

_ عقد عليها ولم يدخل بها أو خطبها ولم يعقد عليها وغير ذلك في باب ذكر أولاد النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته وزوجاته الخ آخر كتاب السيرة النبوية (تخريجه) (خ نس هق وغيرهم) وفيه أن من خصائصه صلى الله عليه وسلم الزيادة على أربع نسوة، وقد حكى الحافظ اتفاق العلماء على ذلك، والحكمة في تكثير نسائه صلى الله عليه وسلم ستأتي في باب خصوصياته صلى الله عليه وسلم من أبواب الشمائل في كتاب السيرة النبوية ان شاء الله تعالى (1) (سنده) حدّثنا يحيى بن إسحاق ثنا ابن لهيعة عن أبي وهب الجيشاني عن الضحاك بن فيروز الخ (فيروز) بفتح الفاء وسكون التحتية غير منصرف للعلمية والعجمة، هو فيروز الديلي وكان ممن وفد على النبي صلى الله عليه وسلم (غريبه) (2) جاء في الأصل عند الامام احمد بعد قوله (طلق ايتهما شئت) قال يحيى مرة ثنا ابن لهيعة عن رهب بن عبد الله المعافري عن الضحاك بن فيروز عن أبيه أنه أدرك الإسلام اهـ (3) (سنده) حدّثنا موسى بن داود قال ثنا ابن لهيعة عن أبي وهب الجيشاني عن الضحاك بن فيروز عن أبيه قال اسلمت الخ (تخريجه) (د مذ جه) وقال الترمذي والدارطني والبيهقي وأعله البخاري والعقيلي اهـ (قلت) والظاهر أنهما أعلاه لأن اسناده ابن لهيعة وفيه مقال لا سيما وقد عنعن، ومن صححه رأى ان له طرقا كثيرة تعضده، وأعظم معضد له قوله تعالى في آية المحرمات من سورة النساء (وأن تجمعوا بين الأختين إلا ما قد سلف) (باب) (4) (سنده) حدّثنا محم بن مسلمة عن ابن إسحاق عن داود ابن حصين عن عكرمة عن ابن عباس الخ (5) انظر قصة زواج ابي العاص بن الربيع بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم في شرح حديث رقم 389 صحيفة 100 من كتاب الجهاد الرابع عشر تجد ما يسرك (6) أي لم يحدث شهادة ولا صداقا كما صرح بذلك في الطريق الثانية (7) (سنده) حدّثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (8) أي لم يفرض لها صداقا جديدا ولا شهادة على النكاح (تخريجه) (د مذ جه قط ك هق) وقال فيه الترمذي (لم يحدث نكاحا) وقال هذا حيث ليس بإسناده بأس اهـ وصححه الحاكم وأقره الذهبي وصوّبه الدارقطني، وقال الخطابي هو اًصح من حديث عمرو بن شعيب (يعني الآتي بعده) وكذا قال البخاري وقال ابن كثير في الارشاد هو حديث جيد قوى اهـ (قلت) وأعله بعضهم بعنعنه ابن إسحاق وهو مدلس ويدفه هذا التعليل انه صرح بالتحديث في الطريق الثانية، فالحديث صحيح والله أعلم (9) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون أنا الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب الخ (10) هذا يعارض

-[مذاهب العلماء في حكم من أسلمت وتزوجت ثم أسلم زوجها الأول]- باب ما جاء في المرأة تسلم وتتزوج ثم يسلم زوجه الأول فترد عليه) (عن ابن عباس) (1) قال أسلمت امرأة على عهد رسو الله صلى الله عليه وسلم فتزوجت فجاء زوجها الأول إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني قد أسلمت (2) بإسلامي فنزعها النبي صلى الله عليه وسلم من زوجها الآخر وردّها على زوجها الأول (باب الخيار للأمة إذا عتقت تحت عبد) (عن الفضل بن عمرو بن أمية) (3) عن أبيه (4) قال سمعت رجالا يتحدثون عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أعتقت الأمة (5) فهي بالخيار ما لم يطأها إن شاءت فارقته، وإن وطئها (6)

_ ما تقدم في حديث ابن عباس لو سح، لكنه ضعيف لا ينهض لمعارضته، قال عبد الله بن الامام أحمد في المسند عقب هذا الحديث ما لفظه، قال أبي في حديث حجاج (يعني الذي رواه عن عمرو بن شعيب، إنما سمعه من محمد بن عبيد الله العزرمي، والعزرمي لا يساوى حديثه شيئا، والحديث الصحيح الذي روى ان النبي صلى الله عليه وسلم أقرهما على النكاح الأول اهـ (يعنى حديث ابن عباس الذي قبله) (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذي في اسناده مقال وقال الدارقطمي هذا حديث لا يثبت، والصواب حديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم ردها بالنكاح الأول اهـ انظر أحكام هذا الباب في القول الحسن صحيفة 349 و 350 و 351 تجد ما يسرك (باب) (1) (سنده) حدّثنا الزبيري وأسود بن عامر قالا ثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) جاء في رواية أخرى لأبي داو (انها قد كانت أسلمت معي) (تخريجه) (مذ جه هق) وقال الترمذي حسن صحيح وفي الباب (عن ابن عباس) أيضا أن عمة عبد الله بن الحارث أسلمت وهاجرت وتزوجت وقد كان زوجها أسلم قبلها فردها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى زوجها الأول (هق) (قال الخطابي رحمه الله) في هذا دليل على أن النكاح متى علم بين زوجين فادعت المرأة الفرقة فان القول قول الزوج، وأن قولها في ابطال النكاح غير مقبول والشك لا يزحم اليقين، ولا أعلم خلافا أنه اذا لم يتقدم اسلام أحد الزوجين اسلام الآخر وكانت المرأة مدخولا بها ثم اسلم الآخر قبل انقضاء العدة فهما على الزوجية في قول الزهري والشافعي وأحمد بن حنبل واسحاق بن راهوية، وقال مالك بن أنس اذا أسلم الرجل قبل امرأته وقعت الفرقة اذا عرض عليها الإسلام فلن تقبل، وقال سفيان الثوري في المرأة اذا اسلمت عرض على زوجها الإسلام فإن أسلم فهما على نكاحهما، وإن أبى أن يسلم فرّق بينهما، وكذلك قال أصحاب الرأي اذا كان في دار الإسلام، وإن أسلمت المرأة ثم لحق الزوج بدار الكفر فقد بانت منه لافتراق الدين، فان أسلمت وهما في دار الحرب ولم يخرجا أو واحد منهما الى دار الإسلام فهو أحق بها إن أسلم قبل ان تنقضي العدة، فاذا انقضت فلا سبيل له عليها اهـ (باب) (3) (سنده) حدّثنا يحيى بن إسحاق قال ثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر عن الفضل بن عمرو بن أمية الخ (غريبه) ((4) هو عمرو بن أمية الضمري الصحابي رضي الله عنه (5) يعني وهى تحت عبد كما صرح بذلك في الحديث التالي (6) أي جامعها بعد العتق (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد، واورده الهيثمي وقال رواه أحمد متصلا هكذا ومرسلا من طريق أخرى، وفى المتصل الفضل بن عمرو بن امية مستور، وابن لهيعة حديثه حسن لغيره، وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) الطريق الأخرى المراسلة التي أشار اليها الهيثمي هو الحديث التالي، والفضل بن عمرو بن أمية ذكره الحافظ في تعجيل المنفعة، وقال وثقه ابن حبان وذكره

-[ما جاء في الخيار للأمة إذا عتقت تحت عبد]- فلا خيار لها ولا تستطيع فراقه (عن الفضل بن الحسن بن عمرو بن أمية الضمري) (1) قال سمعت رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحدثون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أعتقت الامة وهى تحت العبد فأمرها بيدها فان هي أقرت (2) حتى يطأطأ فمي امرأته لا تستطيع فراقه (3) (حدّثنا جرير عن منصور) (4) عن إبراهيم عن الأسود (عائشة رضى الله عنها) قالت اشتريت بريرة فاشترط أهلها ولاءها، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتريها فأعتقيها فإنما الولاء لمن اعطى الورق، قالت فاشتريتها فأعتقتها، قالت فدعاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فخيّرها من زوجها فاختارت نفسها وكان زوجها حرا (5) حدّثنا جرير بن هشام (6) بن عورة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها مثل حديث منصور (7) إلا أنه قال كان زوجها عبدا (8) ولو كان حرا لم يخيرها رسول الله صلى الله عليه وسلم (9) (عن القاسم بن محمد) (10) في حديث طويل عن عائشة أيضا قال وكانت (أي بريرة) تحت عبد فلما أعتقتها قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم اختارى فإن شئت ان تمكثي تحت هذا العبد (11) وان شئت أن تفارقيه (وعنه أيضا) (12) عن عائشة أن بريرة

_ البخاري وابن أبي حاتم ولو يذكروا فيه جرحا (1) (سنده) حدّثنا حسن قال ابن لهيعة قال ثنا عبيد الله ابن جعفر عن الفضل بن الحسن بن عمرو بن أمية الضمري الخ (غريبه) (2) أي سكتت وانقادت له (3) أي لأنها رضيت به (تخريجه) هذا هو الحديث الذي أشار إليه الهيثمي بأنه مرسل ويعضده ما فبله ولم أقف عليه لغير الأمام أحمد، والفضل بن الحسن بن عمرو بن أمية الضمري المدني قال في الخلاصة وثقه ابن حبان (4) حدّثنا جرير عن منصور الخ (غريبه) (5) الصحيح الذي عليه جمهور المحققين انه كان عبدا كما سيأتي تحقيقه في الاحاديث التالية (تخريجه) (خ هق والأربعة) وقال البخاري قول الأسود منقطع وقول ابن عباس رأيته عبدا أصح، ذكره البيهقي، ثم قال وقد تابع جرير بن عبد الحميد من رواية إسحاق الحنظلي عنه عن منصور أبا عوانه على فصل هذه اللفظة (يعني قوله وكان وجها حرا) من الحديث وتميزها عنه أهـ (6) حدّثنا جرير عن هشام الخ (غريبه) (7) يعني مثل قصه الولاء التي رواها منصور عن إبراهيم في الحديث المتقدم (8) رواية ان زوجها كان عبدا ثابتة أيضا من طريق ابن عمر عن (قد هق) قال كان زوج بريرة عبدا، وفي اسناده ابن أبي ليلى وهو ضعيف، ومن طريق حفصة بنت أبي عبيد عند (نس هق) بإسناد صحيح (9) هذه الجملة وهى قوله (ولو كان حرا الخ) من قول عائشة وقيل إنه مدرج من قول عروة كما صرح بذلك النسائي في سنته، وبينه أبو داود في رواية مالك (تخريج) (م د مذ هق) (سنده) حدّثنا عثمان بن عمرو قال ثنا أسامة بن زيد قال ثنا القاسم بن محمد قال سمعت عائشة أم المؤمنين تقول إن بريرة كانت مكاتبة لأناس من الأنصار فأردت أن أبتاعها فأمرتها ان تأتيهم فتخبرهم اني أريد أن أبتاعها فأعتقها، فقالوا إن جعلت لنا ولاءها ابتعناها منها، فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اشتريها فأعتقيها فإنما الولاء لمن أعتق، ودخل علىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمرجل يقور بلحم فقال من أين لك هذا؟ قلت أهدت لنا بريرة وتصدق بها عليها، فقال هذا لبريرة صدقة ولنا هدية، قالت وكانت تحت عبد الخ (غريبه) (11) هذا أقوي دليل على أنه كان عبدا لأنه من قول النبي صلى الله عليه وسلم وهو صريح لا يقبل التأويل (تخريجه) (م هق وغيرها) (12) (سنده) حدّثنا وكيع

-[حكم الوليمة واستحبابها بالشاة فأكثر وجوازها بدونها]- كانت مكاتبة (1) وكان زوجها مملوكا فلما أعتقت خيرت (عن ابن عباس) (2) قال لما خيرت بريرة رأيت زوجها يتبعها في سكك المدينة ودموعه تسيل على لحيته، فكلم العباس ليكم فيه النبي صلى الله عليه وسلم (3) لبريرة إنه زوجك، فقالت تأمرني به يا رسول الله؟ قال إنما أنا شافع، قال فخيرها فاختارت نفسها وكان عبدا (4) لآل المغيرة. (أبواب الوليمة) (باب حكم الولية واستحبابها بالشاة فأكثر وجوازها بدونها) (عن ثابت البناني) (5) عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم لقي عبد الرحمن بن عوف وبه وضر (6) من خلوق فقال له مهيم (7) يا عبد الرحمن؟ قال تزوجت امرأة من الأنصار قال كم أصدقتها؟ قال وزن نواة من ذهب (8) فقال النبي صلى الله عليه وسلم أو لم (9) ولو بشاة، قال أنس لقد رأيته قسم لكل امرأة من نسائه بعد موته

_ عن أسامة بن زيد عن القاسم عن عائشة الخ (غريبه) (1) بفتح المثناة والمكاتب هو المملوك الذي كاتبه سيده على مال يؤديه إليه منجما أي مقسطا فإذا أداه صار حرا (تخريجه) (نس هق قط) وفي اسناده أسامة بن زيد بن أسلم العدوي ضعيف من قبل حفظه، وعند مسلم عن عروة (عن عائشة قال كان زوج بريرة عبدا) قال صاحب المنتقي عائشة عمة القاسم وخالة عورة فروايتهما عنها أولي من رواية أجنبي يسمع من وراء حجاب (2) (سنده) حدّثنا هشيم أنبأنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) معناه ليكلم النبي صلى الله عليه وسلم في شأن بريرة وزجها ان تختاره زوجا لها بعد عتقها (وقوله لبيرة إنه زوجك) لا معنى له بهذا التركيب، فالظاهر أنه سقط شيء من الناسخ يشبه أن يكون (فقال النبي صلى الله عليه وسلم لبريرة إنه زوجك الخ) يدل على ذلك ما جاء عند ابي داود من هذا الطريق نفسه أن مغثيا كان عبد فقال يا رسلو الله اشفع لي إليها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بريرة اتق الله فإنه زوجك وأبو ولدك، فقالت يا رسول الله أتأمرني بذلك؟ قال لا إنما أنا شافع الحديث، وفيه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس ألا تعجب من جب مغيث بريرة وبعضها إياه (4) هذا يؤيد رواية عروة والقاسم بن محمد عن عائشة أنه كان عبد (تخريجه) (خ فع دهق وغيرهم) انظر أحكام هذا الباب ومذاهب الأئمة في القول الحسن شرح بدائع المتن صحيفة 353 و 354 في الجزء الثاني (باب) (5) حدّثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ثابت البناني عن أنس الخ (غريبه) (6) الوضر بالتحريك الأثر والخلوق بفتح الخاء المعجمة آخره قاف، قال في النهاية هو طيب معروف مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب علبه الحمرة والصفرة، وقد ورد تارة بإباحته وتارة بالنهي عنه والنهي أكثر وأثبت، وإنما نهى عنه لأنه من طيب النساء وكن أكثر استعمالا له منهم، والظاهر أن احاديث النهي ناسخة أهـ (قلت) وللنووي كلام في حكم الخلوق للرجال ذكرته في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 323 في الجزء الثاني (7) أي ما امرك وشأنك وهي كلمة يمانية (نه) (8) تقدك الكلام على وزن النواة وكلام العلماء في ذلك الباب الأول من أبوب الصداق صحيفة 168 (9) وأمر من الوليمة وهي طعام يصنع عند العرس يدعى إليه الناس (وقوله ولو بشاة) يدل على أن الهاة أقل ما يجزئ في الوليمة عن الموسر، لكن ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أو لم على بعض نسائه بأقل من

-[ولائم النبي صلى الله على وسلم على زوجاته وبعض بناته]- مائة ألف دينار (1) زاد في رواية بارك الله لك أو لم ولو بشاة (وعنه أيضا عن أنس) (2) قال ما رأيت رسول الله أو لم على امرأة من نسائه ما أو لم على زينب بنت جحش (3) قال فأولم بشاة أو ذبح شاة (عن أنس بن مالك) (4) قال لما دخل النبي صلى الله عليه وسلم بزينب ابنه جحش او لم فأطعمنا خبزا ولحما (وفي لفظ) فأشبع المسلمين خبزا ولحما (عن ابن بريدة عن أبيه) (5) قال لما خطب على فاطمة رضي الله عنها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لابد للعرس من وليمة (6) قال فقال سعد علىّ كبش وقال فلان علىّ كذا وكذا من ذرة (7) (عن على بن زيد) (8) عن أنس بن مالك قال سمعته يحدث قال شهدت وليمتين (9) من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فما أطعمنا فيهما خبزا ولا لحما، قلت فمه (10) قال الحيس (11) يعني التمر والأقط بالسمن (عن ثابت البناني) (12) عن أنس أن

_ الشاة وهذا الأمر م خطاب الواحد وفي تناوه لغيره خلاف في الأصول معروف، قال القاضي عياض اجمعوا على أنه لاحد لا كثر ما يولم به، وأما أقبله فكذلك ومهما تيسر أجزأ، والمستحب أنها على قدر حال الزوج (1) يريد أنه مات غنيا بعد ما ان كان فقيرا، وذلك ببركة دعاء النبي صلى الله عليه وسلم له بالبركة كما في الرواية الأخرى (2) (سنده) حدّثنا يونس ثنا حماد يعني ابن زيد عن ثابت عن أنس الخ (غريبه) (3) جاء عند مسلم في بعض رواياته ما أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة من نسائه أكثر وأفضل مما أولم على زينب، قال ابن بطال لم يقع من النبي صلى الله عليه وسلم القصد إلى تفضيل بعض النساء على بعض، بل باعتبار ما انفق وأنه لو وجد الشاة في كل منهم لا ولم بها لأنه كان أجود الناس، ولكن كان لا يبالغ فيما يتعلق بأمور الدنيا في الناني، قال ولعل السر في انه صلى الله أولم على زينب أكثر كان شكرا لنعمة الله عز وجل لأنه زوّجه إياها بالوحي في قوله تعالى (فلما قضى زيد منها وطرأ زوّجهاكها) (تخريجه) (ق د نس جه) (4) (سنده) حدّثنا هشيم أنا حميد عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) (م هق. وغيرهما) (5) (سنده) حدّثنا حميد بن عبد الرحمن الرؤاسي ثنا أبي عن عبد الكريم بن سليط عن ابن برديه عن أبيه (سعني بريدة الأسلي) الخ (غريبه) (6) استدل به القانون بوجوب الوليمة، وقد ذكرت حكمها ومذاهب الأئمة في ذلك في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 355 في باب ما جاء في الوليمة في الجزء الثاني (7) فيه أن الصحابة رضى الله عنهم كانوا يتسابقون إلى البر وأفعال الخير عملا بقوله تعالى (وتعاونوا على البر والتقوى) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده جيد (8) (سنده) حدّثنا هشيم أنا على بن زيد عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (9) إحداهما وليمة صفية بذت حيي فقد كانت بالتمر والاقط كما صرح بذلك في الحديث الأخير من هذا الباب (10) هي ما الاستفهامية حذف الفها والحلق بها هاء السكت وحذف المستفهم عنه لظهوره، قيل هذا يحتمل أن يكون سؤالا (11) بفتح المهملة وسكون التحتية فسره الراوي بأنه التمر والأقط بفتح الهمزة وكسر القاف لبن مجفف يابس مستحجر بطيخ به، وهذا الأمور الثلاثة إذا أخلط بعضها ببعض سميت حيسا (تخريجه) (جه) وفي إسناده على بن زيد بن جدعان وثقة بعضهم وضعفه آخرون (12) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وطوله في باب زواج النبي صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيي في آخر غزوة خبير من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله

-[وليمة النبي صلى الله عليه وسلم على صفية وأم سلمة، ووليمة أبي أسيج على عروسه]- رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل وليمة صفية بنت حيي التمر والاقط والسمن، قال فحصت (1) الأرض أفاحيص، قال وجئ بالأنطاع (2) فوضعت فيها ثم جئ بالأقط والتمر والسمن فشبع الناس (عن أبي حازم) (3) قال سمعت صهر (يعني ابن سعد) يقول إني أبو أسيد (4) الساعدي فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم في عرسه فكانت امرأته (5) خادمهم يومئذ وهي العروس، قال تدرون (6) ما سقت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أنقعت تمرات من الليل في تور (7) (عن أنس) (8) قال سهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وليمة ما فيها خبز ول لحم (عن عائشة رضي الله عنها) (9) قال أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بعض نسائه (10) بمدين (11) من شعير (باب إجابة الداعي الى الوليمة) (عن ابن عمر) (12) عن النبي صلى الله عليه سلم إذا نودي (13) أحدكم إلى وليمة فليأتها (14) (وعنه من

_ تعالى (1) بضم أوله مبني للمجهول أي حفرت (والأفاحيص) جمع أفحوص القطاة، وهو موضعها التي تجثم فيه وتبيض كأنها تفحص عنه التراب أي تكشفه والفحص البحث والكشف (2) جمع نطع وفيه أربع لغات بفتح النون وكسرها مع سكون الطاء المهملة، وبفتح الطاء المهملة مع كسر النون وفتحها وأفصحهن كسر النون مع فتح الطاء، وهو ما يتخذ من الأميم أي الجلد المدبوغ، والجمع أدم بفتحتين وبضمتين أيضا وهو القياس مثل بريد وبرد (تخريجه) (قد د مذجه هق) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد (3) (سنده) حدّثنا قتيبة بن سعيد ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم الخ (غريبه) (4) بضم الهمزة وفتح المهملة مصغرا (5) أي امرأة أبي أسيد واسمها سلامة بنت وهب بن سلامة بن أمية (وقوله خادمهم) لفظ الخادم يقع على الذكر والانثى وكان قبل نزل الحجاب (6) يحذف همزة الاستفهام (7) بفتح التاء المثناة وسكون الواو، إناء من نحاس أو حجارة وفي رواية للبخاري (انقعت له تمرات من الليل فلما أكل سقته إياه، ونقع التمر وضعه في الماء زمنا يمكن فيه تغيير الماء بحلاوة التمر وطعمه ويسمي نبيذ التمر، وقد شربه النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أكل طعام العرس كما في رواية البخاري (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام أحمد وفي إسناده من لم أعرفه (9) (سنده) حدّثنا أبو أحمد ثنا سفيان عن منصور بن صفية عن امة عن عائشة الخ (غريبه) (10) قال الحافظ لم أقف على تعيين اسمها صريحا وأقرب ما يفسر به أم سلمة لا روي ابن سعد بإسناد صحيح إلى أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث أن أم سلمة أخبرته فذكرت قصة خطبتها وتزويجها وقصة الشعير أهـ (قلت) هذا الحديث الذي أشار إليه الحافظ رواه أيضا الامام أحمد وسيأتي في باب زواجه صلى الله عليه وسلم بأم سلمة في حوادث السنة الرابعة من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (11) تثنية مد والمد ربع الصاع فهما نصف صاع، وفيه أن الوليمة تكون على قدر الموجود واليسار وليس فيها حد لا يجوز الاقتصار على دونه، أنظر أحكام هذا الباب في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 355 في الجزء الثاني (تخريجه) (خ هق) إلا أن البخاري لم يذكر عائشة فقال عن منصور بن صفية عن أمه صفية بنت شيبة قال أولم النبي صلى الله عليه وسلم الخ، وعلى كل حال فإن صفية بنت شيبة أثبت المحققون صحبتها وروايتها عن النبي صلى الله عليه وسلم فالحديث صحيح (باب) (12) (سنده) حدّثنا يحيي عن مالك عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (13) أي إذا دعى كما في الطريق الثانية (14) زاد أبو داود فإن كان مفطرا فليطعم وإن كان صائما فليدع أي المدع لأهل الطعام بالبركة والمغفرة

-[كلام العلماء في حكم إجابة الدعوة وهل هي قاصرة على وليمة العرس؟]- طريق ثان) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا دعي أحدكم إلى وليمة عرس (2) فليجب (وعنه أيضا) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا دعا أحدكم أخاه فليجب عرسا كان او نحوه (عن أبي هريرة) (4) يبلغ به إلى النبي صلى الله عليه وسلم (5) إذا دعي أحدكم إلى الطعام وهو صائم فليقل إني صائم (6) (وعنه أيضا) (7) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من دعي فليجب، فإن كان مفطرا أكل، وإن كان صائما فليصل (8) وليدع لهم (عن جابر بن عبد الله) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعي أحدكم فليجب فإن شاء طعم (10) وإن شاء ترك (عن نافع عن انب عمر) (11) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا دعي أحدكم إلى الدعوة فليجب أو قال فليأتها، قال وكان ابن عمر يجيب صائما ومفطرا (عن أبي هريرة) (12) قال شر الطعام طعام الوليمة (13) يدعى الغني ويترك المسكين (وفي لفظ يدعى إليها الأغنياء ويترك المساكين) وهي حق (14) ومن تركها فقد عصى، وكان

_ (1) (سنده) حدّثنا ابن نمير ثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) فيه التقييد بوليمة وقد تمسك به القائلون بوجوب الإجابة في وليمة العرس فقط وسيأتي الكلام على ذلك في آخر الباب (تخريجه) (ق لك هق) (3) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم (تخريج) (م د) وقد تمسك به القائلون بأن إجابة الداعي واجبة سواء كان في وليمة عرس أو غيره، وهم الظاهرية وبه قال بعض السلف (4) (سنده) حدّثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ وفي آخره قال عبد الله بن الأمام قال أبي لم نكن نكنيه بأبي الزناد كنا نكنيه بأبي عبد الرحمن أهـ (قلت) هل ذلك كان أولا ثم اشتهر بأبي الزناد والله أعلم (غريبه) (5) أي يرفعه الى النبي صلى الله عليه وسلم (6) أي يقول ذلك اعتذارا للداعي فإن سمح له ولم يطالبه بالحصور فله التخلف والا حضر، وليس الصوم عذار في التخلف وانما امر المدعو حيث لا يجيب الداعي أن يعتذر له بقوله إني صائم وان ندب إخفاء النفل لئلا يجر إلى عداوة أو تباغض بينه وبين الدعي (تخريجه) (م د مذ جه) (سنده) (7) حدّثنا عبد الرزاق ثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) أي الصلاة الشرعية وهي المشتملة على الركوع والسجود تشريفا للمكان وأهله (وليدع لهم) أي في صلاته او بعدها أو يجمع بين ذلك، هذا هو المتبادر والظاهر من معنى الحديث وإن قيل غير ذلك (تخريجه) (م د هق) (9) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن أبي الزبير عن جابر الخ (غريبه) (10) بفتح الطاء وكسر العين المهملتين كتعب أي أكل وشرب، والطعم بالفتح يقع على كل ما يساغ حتى الماء وذوق الشيء، والطعم بالضم الطعام، وفيه جواز الاكل وتركه وأن الأكل غير واجب (تخريجه) (م د جه نس حب) (11) (سنده) حدّثنا عفان ثنا وهيب ثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (ق هق وغيرهم) (12) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب والأعرج عن ابي هريرة الخ (غريبه) (13) إنما سماه شرا لما ذكر عقب قال شر الطعام الذي شأنه كذا وكذا، وقال الطيى اللام في الوليمة للعهد إذ كان من عادة الجاهلية أن يدعو الأغنياء ويتركوا الفقراء (وقوله يدعى الخ) استئناف وبيان لكونها شر الطعام، وقال البيضاوي: ونظيره ما يقال: شر الناس من أكل وحده أي من شرهم (18) أي مشروعة يجب حضورها

-[كلام العلماء في عدم إجابة الدعوة وما يصنع إذا اجتمع الداعيان]- معمر ربما قال ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله (19 (عن ابن عمر) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم بجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله (عن عكرمة بن عمار) (3) سمعت أبا غادية اليماني (4) قال أتيت المدينة فجاء رسول الله كثير بن الصلت فدعاهم فما قام إلا أبو هريرة وخمسة منهم انا أحدهم، فذهبوا فاكلوا، ثم جاء أبو هريرة فغسل يده ثم قال والله يا أهل المسجد (5) انكم لعصاة لأبي القاسم صلى الله عليه وسلم (باب ما يصنع إذا اجتمع الداعيان وحكم الإجابة في اليوم الثاني والثالث) (عن جميد بن عبد الرحمن) (6) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا اجتمع الداعيان (7) فاجب أقربهما بابا فان أقربهما باب أقربهما جرارا، فاذا سيق أحدهما فاجب الذي سبق (8)

_ على من دعي إليها، قال الثوري معنى هذا الحديث الإخبار بما يقع من الناس من بعده صلى الله عليه وسلم من مراعاة الأغنياء في الولائم وتخصيصهم بالدعوة وايثارهم بطيب الطعام ورفع مجالسهم وتقديمهم وغير ذلك مما هو الغالب في الولائم أهـ وقال السندي فيه إشارة إلى أن إجابة الدعوة للوليمة واجبة وإن كانت هو شر الطعام من تلك الجهة أهـ (1) إنما عصى الله لأنه من خال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد خالف أمر الله قال سمعت زياد بن سعد قال سمعت ثابتا الاعرج يحدث عن ابي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال شر الطعام طعام الوليمة يمنعها من يأتيها ويدعى إليها من يأباها، ومن لم يجب الدعوة فقد عصى الله ورسوله (3) (سنده) حدّثنا وكيع عن العمري عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق لك هق وغيرهم) (3) (سنده) حدّثنا روح ثنا عكرمة بن عمار الخ (غريبه) (4) هكذا في الأصل (اليماني) بالنون وجاء في تعجيل المنفعة أبو غادية اليمامي (بالميم بدل النون) عن أبي هريرة يرد وعنه عكرمة ابن عمار مجهول (5) يعنى الذين تخلفوا عن إجابة الدعوة (وقوله لأبي القاسم) يعنى النبي صلى الله عليه وسلم لأنه قال (إذا دعي أحدكم فليجب) ولم يجيبوا فهم لذلك عصاة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده أبو الغادية مجهول كما قال الحفظ في تعجيل المنفعة، ولكن أحاديث الباب تعضده، وهي تدل على وجوب إجابة الداعي سواء كان ذلك لوليمة عرس أو غيره، لا يقال ينبغي حمل مطلق الوليمة على الوليمة المقيدة بالعرس في الطريق الثانية من الحديث الأول من احاديث الباب لأنا نقول إن ذلك غير صالح للتقييد لما جاء في الحديث الذي بعده عن ابن عمر مرفوعا إذا دعاكم أحدكم أخاه فليجب عرسا كان أو نحوه، وهو حديث صحيح رواه مسلم وغيره، وقد استدل به القائلون بإجابة الداعي مطلقا لعرس أو غيره انظر احكام هذا الباب في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 355 و 356 في الجزء الثاني (باب) (6) (سنده) حدّثنا عبد السلام بن حرب حدثني يزيد بن عبد الرحمن الدالاني عن أبي العلاء الازدي عن حميد بن عبد الرحمن الخ (غريبه) (7) معناه إذا اجتمع داعيان أو أكثر إلى وليمة ولغير عرس فأجب أقربهما بابا فالعبرة في الجوار بقرب الباب لا بقدر الجدار، وسرّه انه أسرع إجابة له عندما ينوبه في أوقات الغفلات فهو بالرعاية أولى (8) أي لأن اجابته وجبت قبل الآخر وإن كان أقرب (تخريجه) (د هق) قال منذري وفي إسناده أبو خالد يزيد بن عبد الرحمن المعروف بالدالاني وقد وثقه أبو حاتم الرازي، قال الإمام أحمد لا بأس به، وقال ابن معين ليس به بأس، وقال أبو حاتم محمد بن حبان

-[من دعي إلى وليمة فرأى منكرا فلينكره وكلام العلماء في ذلك]- (حدثنا عبد الصمد) (1) ثنا همام ثنا قتادة عن الحسن عن عبد الله بن عثمان الثقفي عن رجل أعور من ثقيف قال قتادة وكان يقال له معروف (2) إن لم يكن اسمه زهير بن عثمان فلا أدري ما اسمه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الوليمة أول يوم حق (3) والثاني معروف (4)، واليوم الثالث سمعة ورياه (5) (باب من عدى فرأى منكرا فلينكره وإلا فليرجع) (عن أبي سعيد الخدري) (6) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان (عن عمر رضي الله عنه) (7) انه قال يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان يؤمن بالله (8)

_ لا يجوز الاحتجاج به، وقال ابن عدي وفي حديثه لين إلا أنه مع لينه حديثه أهـ وذكره الحافظ في التلخيص واستشهد بحديث عائشة انها سألت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن لي جارين فألي أيهما أهدي؟ فقال إلى أقربهما منك بابا (خ حم وغيرهما) وتقدم في باب الحث على الهدية في الجزء الخامس عشر صحيفة 161 رقم 2 ووجه ذلك أن إيثار الأقرب بالهدية يدل على أنه أحق من الأبعد في الإحسان إليه فيكون أحق منه بإجابة دعوته مع اجتماعهما في وقت واحد، فإن تقدم أحدهما كان أولى بالإجابة من الآخر سواء كان السابق هو الأقرب أو الأبعد، فالقرب وغن كان سببا للإيثار ولكنه لا يعتبر إلا مع عدم السبق والله أعلم (1) حدّثنا عبد الصمد الخ (غريبه) (2) أي يقال في شانه كلام معروف بالثناء عليه والمدح كما يستفاد من رواية أخرى عند الامام أحمد وأبي داود وليس المراد انه يسمى بمعروف، ولذلك قال الحافظ غلط ابن نافع فذكره في الصحابة فيمن اسمه معروف (3) معناه ان الإجابة إليها واجبة في اليوم الأول (4) أي سنة معروفة، يؤيد ذلك ما جاء عند الترمذي من حديث ابن مسعود بلفظ (طعام أول يوم حتى والثاني سنة) (5) أي ليرى الناس طعامه ويظهر لهم كرمه ويباهى به غيره مفتخرا بذلك ليعظم في اعين الناس فهو وبال عليه (تخريجه) (د نس مى بز) وزاد أبو داود قال قتادة وحدثني رجل أن سعيد ابن المسيب دعي أول يوم فأجاب، ودعي اليوم الثاني فأجاب، ودعي اليوم الثالث فلم يجب وقال أهل سمعة زرياه أهـ قال المنذري وأخرجه النسائي مسندا ومرسلا، وسكت عنه أبو داود والمنذري وأخرجه البغوي في معجم الصحابة فيمن ايمه زهير وقال لا أعلم له غيره (باب) (6) (سنده) حدّثنا عبد الصمد ثنا سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال أول من قدّم الخطبة قبل الصلاة مروان، فقام رجل فقال يا مروان خالفت السنة، قال ترك ما هناك يا أبا فلان، فقال أبو سعيد أمّا هذا فقد قضي ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم منكرا الخ (غريبه) (م هق. والأربعة) ورواه الامام أحمد من طريق ثان عن أبي سعيد أطول من هذا وتقدم مع شرحه في باب خطبة العيدين وأحكامها صحيفة 151 في الجزء السادس فارجع إليه فقد أشبعنا الكلام عليه هناك (7) (سنده) حدّثنا هارون حدثنا ابن وهب حدثني عمرو بن الحارث أن عمرو بن السائب حدثه أن القاسم بن أبي القاسم السبتي حدثه عن قاص الأجناد بالقسطنطينية أنه سمعه يحدث أن عمر بن الخطاب قال يا أيها الناس الخ (غريه) (8) أي إيمانا كاملا منجيا من عذابه المتوقف على امتثال الأوامر واجتناب النواهي (واليوم الآخر) هو من آخر الحياة الدنيا إلى آخر ما يقع يوم القيامة من بعث ونشور وجزاء وغير

-[ما جاء في نثار التمر في الوليمة والنهي عن النهي والخلسة]- واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار عليها بالخمر (1)، ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بإزار (2)، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر فلا تدخل الحمام (عن جابر بن عبد الله) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يشرب عليها الخمر (باب ما جاء في نثار التمر ونحوه والنهبة في الوليمة) (عن عبد الرحمن بن زيد بن خالد عن أبيه) (4) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النهبة والخلسة (5) (عن جابر بن عبد الله) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أنتهب نهبة فليس منا (7) (عن عبد الله بن يزيد الأنصاري) (8) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النهبة

_ ذلك (1) أي وإن لم يشرب معهم لأنه تقرير على المنكر فيكون شريكا لهم في الإثم (2) الجزء المختص بدخول الحمام تقدم شرحه مستوفي في باب حكم دخول الحمام صحيفة 151 في الجزء الثاني (تخريجه) (هق) وفي اسناده رجل لم يسم وهو قاص الأجناد وضعفه الحافظ في التخليص (قلت) يؤيده حديث جابر الآتي بعده (3) هذا جزء من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه في باب حكم دخول الحمام من أبواب الغسل من الجنابة في الجزء الثاني صحيفة 148 وفي إسناده عند الامام أحمد ابن لهيعة فيه مقال لكن رواه (مذ نس ك) من طريق أخرى ليس فيها ابن لهيعة وحسنه الترمذي وجوّد اسناده الحافظ وحصصه الحاكم وأقره الذهبي، وهو يؤيد الحديث السابق، وأخرج الامام احمد في كتاب الزهد (هو كتاب آخر للإمام أحمد غير المسند) من طريق عبد الله بن عتبة قال دخل ابن عمرو بيت رجل دعاه إلى عرس فإذا بيته قد ستر بالكرور فقال ابن عمر يا فلان متى تحولت الكعبة في بيتك؟ فقال لنفر معه من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ليهتك كل رجل ما يليه (الكرور) جمع كر بضم الكاف فيهما، جنس من الثياب الغليظة: انظر أحكام هذا الباب والاعذار التي تبيح التخلف عن حضور الوليمة في القول الحسن شرح بدائع المنن في الجزء الثاني صحيفة 355 و 356 (باب) (4) (سنده) حدّثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن مولى لجهينة عن عبد الرحمن بن زيد بن خالد عن أبيه (يعنى زيد بن خالد الجهني) الخ (غريبه) (5) النهبة بوزن غرفة والنهي بزيادة ألف التأنيث اسم للمنهوب، ومعناه الغارة والسلب وأخذ ما لا يجوز له أخذه قهرا جهرا من مال أو أي شيء له قيمة يرغب فيه الناس (والخلسة) بضم الخاء المعجمة وسكون اللام ما يخلس يقال خلست الشيء خلسا من ضرب اختطفته بسرعة على غفلة، والخلسة بالفتح المرة قاله في المصباح، وفي النهاية الخلسة ما يؤخذ سلبا ومكابرة (تخريجه) (طب) وفي إسناده رجل لم يسم (6) (سنده) حدّثنا يحيى بن آدم وأبو النضر ثنا زهير عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (7) أي ليس على طريقتنا وليس من العاملين بعملنا المطيعين لأمرنا، لأن أخذ مال المعصوم بغير إذنه ولا علم رضاه حرام شديد الحرمة، ومن هذا كره الإمام مالك وطائفة النهب في نثار العرس، لأنه إما أن يحمل على أن صاحبه أذن للحاضرين في أخذه فظاهره يقتضي التسوية، والنهب يقتضي خلافها، وإما أن يحمل على أنه علف التملك على ما يجعل لكل أحد وفي صحته خلافها، وإما أن يحمل على أنه علق التملك على ما يجعل لكل أحد وفي صحته خلاف (تخريجه) (د جه) وسنده حسن. (8) (سنده) حدّثنا وكيع وابن جعفر قالا ثنا شعبة عن عدي بن ثابت قال ابن جعفر سمعت عبد الله بن يزيد الأنصاري يحدث قال نهى الخ

-[كلام العلماء في النهي عن الوليمة وحكم إجابة دعوة الختان]- والمثلة (1) (عن أنس بن مالك) (2) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه النهبة ومن انتهب فليس منا (باب ما جاء في إجابة دعوة الختان وغيره - وحكم ما دعا ستة فتبعهم واحد) (عن الحسن) (3) قال دعي عثمان بن أبي العاص إلى ختان فأبى أن يجيب فقيل له فقال أنا كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ندعي له (عن جابر) (4) قال كان رجل من الأنصار يقال له أبو شعيب وكان له غلام لحام (5) فقال له اجعل لنا طعاما لعلي ادعو رسول الله صلى الله عليه وسلم سدس ستة فدعاهم فأتبعهم رجل، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هاذ قد اتبعنا أفتأذن له؟ قال نعم

_ (غريبه) (1) المثلة بوزن غرفة تشوية الأعضاء كقطع الأنف أو الأذن أو الشفة أو نحو ذلك تنكيلا سواء كان يحيى أو ميت فهو حرام فعله (تخريجه) (خ هق) (2) (سنده) حدّثنا أبو النضر ثنا أبو جعفر عن الربيع بن أنس وحميد عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) (مذ) وصححه وأورده الهيثمي وقال روى الترمذي منه من انتهب فليس منا) فقط ثم قال رواه البزار ورجاله ثقات أهـ (وفي الباب) عن جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم حضر في إملاك (أي زواج) فأتي بأطباق عليها جوز ولوز وتمر فنثرت فقبضنا أيدينا، فقال ما بالكم لا تأخذون، فقالوا لأنك نهيت عن النهي، فقال إنما نهيتكم عن نهي العساكر، خذوا على اسم الله فجاذبنا وجاذبناه، وأورده الرافعي في الشرح الكبير، وذكره الحافظ في التلخيص وقال هذا لا نعرفه من حديث جابر، وتبع في إيراده عنه الغزالي والامام والقاضي الحسين، نعم رواه البيهقي عن معاذ بن جبل وفي إسناده ضعف وانقطاع أهـ (عن عائشة رضى الله عنها) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج بعض نسائه فنثر عليه التمر (هق) وفي إسناده الحسن بن عمرو قال البيهقي وهو ابن سيف العبدي بصري عنده غرائب (وعنها أيضا) قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا زوج او تزوج نثر تمرا (هق) وفيه عاصم بن سليمان بصري قال البيهقي رماه عمرو بن على بالكذب ونسبه إلى الوضع أهـ وإنما ذكرت هذه الأحاديث مع شدة ضعفها للتنبيه عليها، ولو صحت لكانت حجة في تخصيص أحاديث الباب (في النهي عن النهبي) الثابتة عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق جماعة من الصحابة في التصحيح وغيره ولكنها لم تصح فلا يصلح الاحتجاج بها، وللأئمة في ذلك نظر، فقد ذهب الامام أبو حنيفة إلى جواز النثار في العرس والتقاطه وقال لا بأس به ولا يكره أخذه، وقال الامامان مالك والشافعي بكراهته، وللإمام احمد روايتان كالمذهبين والله اعلم (باب) (3) (سنده) حدّثنا محمد بن سلمة الحراني عن ابن إسحاق يعني محمدا عن عبيد الله بن طلحة بن كريز عن الحسن الخ (الحسن) هو البصري (تخريجه) اخرجه الطبراني في الكبير من طريقين أحدهما بإسناد الامام أحمد والثاني بإسناد آخر فيه حمزة العطار وثقه ابن أبي هاتم وضعفه غيره، وإسناد الإمام أحمد لا مطعن فيه ورجاله كلهم ثقات إلا أن محمد بن إسحاق مدلس وقد عنعن، هذا وحديث الاب يدل على عدم مشروعية إجابة الدعوة إلى وليمة الختان لقوله (كنا لا نأتي الختان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) وإلى ذلك ذهب الإمام أحمد وذهب الأئمة الثلاثة إلى استحباب ذلك وتقدم ان مذهب الجمهور من الصحابة والتابعين وجوب الإجابة إلى سائر الولائم والله أعلم (4) (سنده) حدّثنا أبو الجواب حدثنا عمار ابن رزيق عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر (يعني ابن عبد الله الخ) (غريبه) (5) بفتح اللام وتشديد المهملة مفتوحة أي يبيع اللحم (تخريجه) (م) قال النووي فيه أن المدعو إذا تبعه رجل بغير استدعاء ينبغي

-[ما جاء في إعلان النكاح والضرب بالدف وذكر مجموع الولائم]- (باب إعلان النكاح واللهو فيه والضرب بالدف) (عن عبد الله بن الزبير) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أعلنوا النكاح (2) (ز) (عن عمرو بن يحيى المازني) (3) عن جده أبي حسن المازني أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره نكاح السر حتى يضرب بدف (4) ويقال أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم (عن عبد الله بن عمير او عميرة) (5) قال حدثني زوج ابنة أبي لهب قال دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوجت ابنة أبي لهب فقال هل من لهو (6) (عن عائشة زوج

_ له أن لا يأذن له وينهاه، وإذا بلغ باب دار صاحب الطعام لعله به ليأذن له أو يمنعه، وأن صاحب الطعام يستحب له أن يأذن له إن لم يترتب على حضوره مفسده بأن يؤذي الحاضرين أو يشيع عنهم ما يكرهونه او يكون جلوسه معهم مزريا بهم لشهرته بالفسق ونحو ذلك، فإن خيف من حضوره شيء من هذا لم يأذن له وينبغي أن يتلطف في رده، ولو أعطاه شيئا من الطعام إن كان يليق به ليكون ردا جميلا كان حسنا أهـ (فائدة) الولائم ثمان على ما ذكره القاضي عياض والنووي (أولها) (الإعذار) بكسر الهمزة بعد عين مهملة ثم ذال معجمة للختان (والعقيقة) للولادة وتقدم بابها في الجزء الثالث عشر صحيفة 112 (والخرس) بضم المعجمة وسكون الراء بعدها سين مهملة لسلامة المرأة من الطلق وقيل هو طعام الولادة (والعقيقة) تختص بيوم السابع وتقدم في الباب المشار إليه آنفا (والنقيعة) لقدوم المسافر مشتقة من النقع وهو الغبار (والوكيرة) للسكن المتجدد مأخوذ من الوكر وهو المأوى والمستقر (والوضعية) بضاد معجمة لما يتخذ عند المصيبة (والمأدبة) بضم المهملة ويجوز فتحها لما يتخذ بلا سبب أهـ وقد زيد (وليمة الإملاك) وهو التزوج (ووليمة الدخول) وهو العرس وقل من غاير بينهما، (ومن الولائم) الإحذاق بكسر الهمزة وسكون المهملة، الطعام الذي يتخذ عند حذاق الصبي أي تعلمه القرآن كله أو صنعة أو أي عمل نافع واتقانه ومهارته فيه، ذكراه ابن الصباغ في الشامل: وقال ابن الرفعة هو الذي يصنع عند ختم القرآن: ومن جملة الولائم تحفة الزائر والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا هارون بن معروف قال عبد الله (يعنى ابن الإمام أحمد) وسمعته انا من هارون قال حدثنا عبد الله بن وهب قال حدثني عبد الله بن الأسود القرشي عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن ابيه (عبد الله بن الزبير) الخ (غريبه) (2) أي حتى يشهر أمره بدرب الدفوف للإعلان كما يستفاد من الحديث التالي (تخريجه) (حب طب ك) وقال الهيثمي رواه (حم بز طب) في الكبير والأوسط ورجال أحمد ثقلت أهـ (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (ز) (3) (سنده) قال عبد الله بن الإمام أحمد حدثنا أبو الفضل المروزي قال حدثني بن أبى أويس قال وحدثني حسين بن عبد الله بن ضمرة عن عمرو بن يحيى المازني الخ (غريبه) (4) الدف بضم المهملة وفتحها ويقال له أيضا الغربال بكسر المعجمة أي الطار المغشي بجلد من جهة واحدة وليس له جلاجل، والضرب به الطبل (تخريجه) رواه عبد الله ابن الإمام في زوائده على مسند أبيه ولذا رمزت له بحرف زاي في أوله، ورواه أيضا البيهقي، وفي إسناده حسين بن عبد الله بن ضمرة، قال البيهقي ضعيف أهـ (قلت) أحاديث الباب تؤيده (5) (سنده) حدّثنا الزبيري قال ثنا إسرائيل عن سماك عن معبد بن قيس عن عبد الله بن عمير أو عميرة الخ (غريبه) (6) معناه هلا استحضرتم جارية تضرب بالدف وتغني لكم، وهذا مستفاد من حديث جابر الآتي بعد حديث (تخريجه) أورده الهيثمي وقال

-[إستحباب الضرب بالدف العربي والغناء في العرس بالكلام المباح]- النبي صلى الله عليه وسلم) (1) قالت كان في حجري (2) جارية من الأنصار فزوجتها قالت فدخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرسها فلم يسمع لعبا (3) فقال يا عائشة ان هذا الحي من الأنصار يحبون كذا وكذا (4) (عن جابر بن عبد الله) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة أهديتم الجارية إلى بيتها؟ قال نعم قال فهلا بعثتم معها من يغنيهم (6) يقول أتيناكم أتيناكم فحيونا نحييكم فإن الأنصار قوم فيهم غزل (7) (عن أبي بلج) (8) قال قلت لمحمد بن حاطب الجمحي (9) إني قد تزوجت امرأتين لم يضرب علىّ بدف، قال بئسما صنعت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن فصل ما بين الحلال والحرام الصوت يعنى الضرب بالدف (وفي رواية) فصل ما بين الحلال والحرام الدف والصوت (11) في النكاح (عن خالد بن ذكوان) (12) قال حدثتني الربّيّع (13) بنت

_ رواه (حم طب) وفيه معبد بن قيس ولم أعرفه (1) (سنده) حدّثنا يعقوب وسعد قالا ثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني محمد ابن إبراهيم بن الحارث التيمي عن إسحاق بن سهل بن أبي حثمة عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (2) بفتح المهملة وكسرها مع سكون الجيم أي في كنفي وحمايتي وكانت يتيمة (3) أي لم يسمع شيئا يدل على العرس من لعب أو غناء أو ضرب بالدف (4) أي يحبون اللهو وفيهم عزل كما يستفاد ذلك من حديث جابر الآتي بعده (تخريجه) (خ هق ك) (5) (سنده) حدّثنا أسود بن عامر ثنا أبو بكر عن أجلح عن أبي الزبير عن جابر الخ (غريبه) (6) قال الحافظ في رواية شريك فقال فهل بعثتم معها جارية تضرب بالدف وتغني؟ قالت تقول ماذا؟ قال تقول: أتيناكم أتيناكم فحيانا وحياكم ولولا الذهب الأحمر ما حلت بواديكم ولولا الحنطة السمراء ما سمنت عذاريكم (7) الغزل بفتحتين اسم من المغازلة بمعنى محادثة النساء، ومثلهم لا يخلو عم حب التغني، وفي رواية البخاري (فإن الأنصار بعجبهم اللهو) (تخريجه) (هق) بسند حديث الباب، وابن ماجه كذلك إلا أنه عن ابن عباس قال أنكحت عائشة ذات قرابة لها (والبخاري والحاكم) من طريق هشام بن عورة عن ابية عن عائشة أنها زفت امرأة إلى رجل من الأنصار فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة ما كان معكم لهو فإن الأنصار يعجبهم اللهو، وهذا لفظ البخاري (8) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي بلج الخ (قلت) بلج بفتح الموحدة وسكون اللام بعدها جيم الكوفي ثم الواسطي وهو أبو بلج الكبير (9) بضم الجيم وفتح الميم بعدها مهملة مكسورة (10) أي فرق ما بين الحلال والحرام الصوت وفسره الراوي بانه الضرب بالدف، وليس المراد أنه لا فرق إلا هذا بل يحصل الفرق بحضور الشهود عند العقد والأفضل إعلان امر النكاح بحيث لا يخفى على الأباعد، والسنة أن يكون بضرب دف وغناء ومباح ونحو ذلك (11) عطف الصوت في هذه الرواية على الدف يحتمل أن يكون عطف مرادكما فسره الراوي في الرواية الأولى ويحتمل أن يكون عطف مغايرة ويكون المراد بالصوت هنا الغناء بالكلام المباح كما تقدم في حديث جابر والله أعلم (تخريجه) (نس مذ جه ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (12) (سنده) حدّثنا عبد الصمد ومهنا بن عبد الحميد أبو شبل قالا حدثنا حماد عن خالد بن ذكوان قال عبد الصمد في حديثه حدثنا أبو الحسين عن الربيع وقال خالد في حديثه قال حدثتني الربيع بنت معوذ الخ (غريبه) (13) بضم الراء وتح الموحدة وكسر التحتية المشددة (ومعوذ) بضم الميم

-[الأوقات التي يستحب فيها البناء وما يقول ويفعل من زعت اليه زوجته]- مُعوّذ بن عفراء بن معوذ قالت دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرسى (1) فقعد في موضع فراشى هذا وعندى جاريتان (2) تضربان بالدف وتندبان (3) آبائى الذين قتلوا يوم بدر (4) فقالتا فيما تقولان وفينا نبى يعلم ما يكون في اليوم وفي غد (5) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمّا هذا فلا تقولاه (6) (باب الأوقات التي يستحب فيها البناء) (عن عروة عن عائشة) (7) رضي الله عنها قالت تزوجنى (8) رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال وبنى (9) بى في شوال فأى نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أحظى (10) عنده منى، وكانت عائشة رضي الله عنها تستحب أن تدخل نساءها (11)

_ رشح العين المهملة وكسر الواو المشددة بعدها ذال معجمة (وعفراء) بوزن حمراء اسم أم معوِّذ، والربيع هذه صحابية أنصارية، وهى ممن بايع النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة بيعة الرضوان، وأبوها معوِّذ هو أحد الذين قتلوا ابا جهل بن هشام عدوّ الله يوم بدر (1) في رواية البخارى (حين بنى على) وعند ابن ماجة (صبيحة عرسى) وكانت تزوجت حينئذ إياس بن البكير الليثى وولدت له محمد بن إياس قيل له صحبة ذكره ابن سعد (2) لم يذكر اسمها والظاهر أنهما من بناء الأنصار دون المملوكات (3) بضم الدال المهملة من الندبة بضم النون، وهى ذكر أوصاف الميت بالثناء عليه وتعديد محاسن بالكرم والشجاعة ونحو ذلك (4) قال القسطلانى في الذي قتل يوم بدر معوذ بن عفراء وعوف ومعاذ أحدهم أبوها والآخران عماها فأطلقت الأبوة عليهما تغليبا (5) في رواية أخرى للامام احمد (وفيتا نبى يعلم ما يكون في غد) وفي رواية البخارى (يعلم ما في غد) (6) في رواية للبخارى (دعى هذه وقولى بالذي كنت تقولين) ومعناه اتركى ما يتعلق بمدحى الذي فيه الاطراء المنهى عنه، زاد في رواية حماد بن سلمة (لا يعلم ما في غد إلا الله) فأشار إلى علة المنع (تخريجه) (خ د مذ جه) هذا وفي أحاديث الباب كراهة نكاح السر واستحباب اعلانه بضرب دف وغناء ونحو ذلك، أنظر القول الحسن شرح بدائع المنن في الجزء الثانى صحيفة 357* (باب) (7) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا سفيان عن اسماعيل بن أمية عن عبد الله بن عروة عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (8) أي عقد عليها وكان عمرها إذ ذاك ست سنين (9) أي زفت اليه وحملت إلى بيته يقال بنى عليها وبنى بها والأول أفصح، وأصله أن الرجل كان اذا تزوج بنى للعروس خباءا جديدا أو عمَّره بما يحتاج اليه ثم كثر حتى كنى به عن الدخول افاده الفيومى، وكان عمرها وقت البناء عليها تسع سنين كما ثبت في حديثها عند الشيخين والامام احمد وغيرهم قال (تزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم لست وبنى بى وأنا بنت تسع سنين) وسيأتى في مناقبها من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله تعالى (10) تشير إلى حظوتها برسول الله صلى الله عليه وسلم وهى رفعة منزلتها عنده قال في المصباح حظى عند الناس يحظى من باب تعب حظة وزان عدة وحظوة بضم الحاء وكسرها اذا أحبوه ورفعوا منزلته (11) أي تحب أن تدخل قرابتها على أزواجهن في شوال للاتباع لا لاعتقاد أنه يجلب السعادة بين الزوجين والله اعلم (م نس مذ جه هق) (تتمة فيما يقول ويفعل اذا زفت اليه زوجته وما يقال له) (عن عمرو ابن شعيب) عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا تزوج أحدكم امرأة أو اشترى خادما فليقل اللهم انى أسألك خيرها وخير ما جبلتها عليه، وأعوذ بك من شرها وشر ما جبلتها عليه، وإذا اشترى بعيرا فليأخذ بذروة سنامه وليقل مثل ذلك، قال أبو داود أبو سعيد ثم ليأخذ بناصيتها وليدع بالبركة

-[ما يستحب من الزينة للنساء وما يكره لهن]- في شوال (باب ما يستحب من الزينة للنساء وما يكره لهن) (عن ضمرة بن سعيد) (1) عن جدته عن امرأة من نسائهم قال وقد كانت صلت القبلتين مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال اختضبى (2) تترك إحداكن الخضاب حتى تكون يدها كيد الرجل، قالت فما تركت الخضاب حتى لقَيَت الله عز وجل وان كانت لتَخضّب (3) وانها لابنة ثمانين (عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها) (4) قالت مدت امرأة من وراء الستر بيدها كتابا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده (6) وقال ما أدرى أيد رجل أو يد امرأة فقالت بل يد امرأة فقال لو كنتِ امرأة (7) لغيرت أظفارك بالحناء (عن أسماء بنت أبى بكر) (8) رضي الله عنهما قالت أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت يا رسول الله إن لي ابنة عُرَيساً (9) وإنه أصابتها حصبة (10) فتمزق شعرها أفأصله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الله الواصلة (11) والمستوصلة (عن معاوية) (12) قال سمعت رسول

_ في المرأة والخادم (د نس جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبى ورجاله ثقات (باب) (1) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد بن اسحاق عن ضمرة بن سعيد عن جدته الخ (قلت) جاء في الأصل عن ابن ضمرة بن سعيد وهو خطأ وصوابه عن ضمرة بن سعيد فقد جاء في تعجيل المنفعة، ابن ضمرة بن سعيد عن جدته كما في الأصل وصوّبه الحافظ بقوله قلت كذا وقع في نسخة وفي النسخ المعتمدة محمد بن اسحاق عن ضمرة بن سعيد ليس فيه ابن وهو الصواب اهـ (غريبه) (2) أي بالحناء ونحوها مما يتزين به النساء (3) بحذف احدى التاءين تخفيفا وأصله تتخضب وانما كانت تفعل ذلك وهى عجوز امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وأورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه من لم أعرفهم وابن اسحاق وهو مدلس (4) (سنده) حدّثنا حسن بن موسى قال ثنا مطيع بن ميمون العنبرى يكنى ابا سعيد قال حدثتنى صفية بنت عصمة عن عائشة أم المؤمنين الخ (غريب) (5) لفظ النسائى عن عائشة ان امرأة مدت يدها إلى النبي صلى الله عليه وسلم بكتات فقبض يده فقالت يا رسول الله مددت يدى إليك بكتاب فلم تأخذه فقال إنى لم أدر أيد امرأة هي أو رجل الحديث (6) أي عن أخذ الكتاب من يدها (7) أي لو كنت تراعين شعار النساء لخضبت يدك (تخريجه) (نس) وفي إسناده مطيع بن ميمون العنبرى، قال في التقريب لين الحديث، وقال ابن عدى له حديثان غير محفوظين اهـ (8) (سنده) حدّثنا أبو معاوية قال ثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن أسماء الخ (غريبه) (9) بضم المهملة وفتح الراء وتشديد التحتية مكسورة تصغير عروس، والعروس يقع على المرأة والرجل في وقت الدخول (10) بفتح أوله وسكون المهملة وهى بئر يخرج في الجلد ويقال هي الجدرى (وقوله فتمزق) بالزاى كما في رواية للبخارى وبعض رواة مسلم أي تقطع، وفي أكثر الروايات عندهما بالراء بدل الزاى من المروق أي خروج من موضعه أو من المرق وهو نتف الصوف (11) هي التي تصل شعر امرأة بشعر امرأة أخرى لتكثر به شعر المرأة (والمستوصلة) هي التي تستدعى أن يفعل بها ذلك ويقال لها موصولة كما في بعض الروايات (تخريجه) (ق. وغيرهما) * (12) (سنده) حدّثنا أبو نعيم قال ثنا عبد الله بن مبشر مولى أم حبيبة عن زيد بن أبى عتاب عن معاوية (يعنى ابن أبى سفيان)

-[ما جاء فى التسمية والتستر عند الجماع]- الله صلى الله عليه وسلم يقول ايما امرأة أدخلت فى شعرها من شعر غيرها فانما تدخله زورا (1) (عن عبد الله ابن مسعود) (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن المتنمصات (3) والمتفلجات والمموشمات (4) اللاتى يغيرن خلق الله عز وجل (باب التسمية والتستر عند الجماع والوضوء عند العود وغير ذلك) (عن ابن عباس) (5) أن رسول الله صل الله عليه وسلم قال لو أن أحدهم إذ أتى أهله (6) قال بسم الله اللهم جنبنى (7) الشيطان وجنب الشيطان ما رزقتنا (8) فان قدّر بينهما فى ذلك ولد لم يضر ذلك الولد الشيطان أبدا (9) (عن بهز بن حكيم) (10) قال حدثنى أبي عن جدي

_ الخ (غريبه) (1) أى كذبا وباطلا (تخريجه) (نس) ورجاله ثقات (2) (سنده) حدثنا حسن ثنا شيبان عن عبد الملك عن العريان بن الهيثم عن قبيصة بن جابر الأسدى قال انطلقت مع عجوز إلى ابن مسعود فذكر قصة فقال عبد الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (3) جاء فى رواية أخرى للامام احمد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النامصة والواشرة والواصلة والواشمة إلا من داء) النامصة بالصاد المهملة هى التى تنتف الشعر من الوجه والمتنمصة التى تطلب فعل ذلك والمتفلجات) بالفاء والجيم من الفلخ بالتحريك فرجة ما بين الثنايا والرباعيات, والفرق فرجة بين لثنيتين يخلقه الله فى بعض الناس وهو من أنواع الحسن, فالمرأة التى لم تكن كذلك وتفعل ذلك بنفسها بمبرد ونحوه للتحسين أو تأمر غيرها بفعله لها ملعونة لأن فى ذلك تغيير خلق الله عز وجل, ويقال له أيضا الوشر وهو المراد بقوله فى الرواية الثانية والواشرة (4) من الوشم وهو أن تغرز إبرة أو نحوها فى ظهر الكف أو المعصم أو نحو ذلك مرات حتى يسيل الدم ثم تحشو ذلك الموضع بكحل أو نورة فيزرق أثره أو يخضر, وقد يفعل ذلك بشكل نقوش وقد تكثره وقد تقلله وفاعلة ذلك يقال لها واشمة والمفعول بها موشومة وهما ملعونتان أيضا لما فى ذلك من تغيير خلق الله عز وجل وهو حرام لا يجوز فعله باتفاق العلماء (تخرجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (ومن الزينة المباحة للمرأة) مارواه عبد الرازق فى مصنفه قال أخبرنى اسماعيل أن عائشة كانت تنهى المرأة ذات الزوج أن تدع ساقيها لا تجعل فيهما شيئا, وأنها كانت تقول لا تدع المرأة الخضاب فان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكره الرجلة (يعنى المرأة المتشبهة بالرجل) وقد جاء فى هذا الباب أحاديث كثيرة عند الامام أحمد ستأتى جميعها فى كتاب اللباس والزينة وقد اقتصرت على هذا القدر هنا لمناسبة الترجمة والله الموفق (باب) (5) (سنده) حدثنا عبد العزيز ابن عبد الصمد بن منصور عن سالم بن أبى الجعد الغطفانى عن كريب عن ابن عباس الخ (غريبه) (6) أى جامع امرأته أو جاريته (7) هكذا عند الامام احمد والبخارى (جنبنى) بالافراد أى بعدنى وظاهره أن يقول ذلك حين الجماع وليس كذلك, بل المراد أن يقوله عند إرادة الجماع كما جاء صريحا فى رواية أبى داود بلفظ (اذا أراد أحدكم أن يأتى أهله) وهى مفسرة (8) بالجمع أى ما رزقتنا من الولد, وأطلق ما على من يعقل لأنها بمعنى بمعنى شيء كقوله تعالى (والله أعلم بما وضعت) (9) أى لم يسلط عليه باضلاله واغوائه بل يكون من جملة العباد الذين قيل فيهم (ان عبادى ليس لك عليهم سلطان) وهذا لا ينافى الوسوسة لأن كل مولود يمسه الشيطان إلا مريم والله أعلم (تخريجه) (ق د مذ جه) (10) (سنده)

-[التستر عند الجماع والوضوء إذا أراد العود]- (معاوية بن حيدة) قال قلت يا رسول عوراتنا ما نأتى منها وما نذر؟ (1) قال احفظ عورتك إلا من زوجتك أو ما ملكت يمينك (2) قال قلت يا رسول الله فاذا كان القوم بعضهم فى بعض (3)؟ قال ان استطعت أن لا يراها أحد فلا يرينها (4) قلت فاذا كان أحدنا خاليا (5)؟ قال فالله احق أن يستحيا (6) منه (عن عائشة رضى الله عنها) (7) أنها قالت ما نظرت الى فرج النبى صلى الله عليه وسلم قط أوما رأيت فرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قط (8) (عن أبى سعيد الخدرى) (9) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال اذ أتى الرجل أهله ثم أراد العود توضأ (10) (وعنه أيضا) (11) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال يتوضأ اذا جامع واذا ان يرجع, قال سفيان (12) أبو سعيد أدرك الحرَّة

_ حدثنا إسماعيل بن ابراهيم عن بهز بن حكيم الخ (غريبه) (1) أى ما يجوز النظر إليه منها وما لا يجوز (2) أى من الإماء ملكا شرعيا كسبايا حرب الكفار, أما من بيعت أو ملكت بسبب سرقة أو اغتصاب أو فقدوا لديها فلا يجوز شرعا شراؤها ولا التمتع بها إلا بالعقد الشرعى (3) أى من بعض كما فى بعض الروايات كأب وجد وابن وابنة, أو المراد المثل لمثله كرجل لرجل وأنثى لأنثى (4) بنون التوكيد شديدة أو خفيفة أى اجتهد فى حفظها ما استطعت وان دعت ضرورة للكشف جاز بقدرها (5) أى فى خلوة لا يراه أحد (6) بالبناء للمفعول أى فالله أوجب أن يستحيا منه من الناس (تخريجه) (الأربعة) وحسنه الترمذى (7) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن منصور عن موسى بن عبد الله بن يزيد الخطمى عن مولى لعائشة عن عائشة الخ (غريبه) (8) قال الحافظ السيوطى ليس هذا مطردا فى سائر أزواجه ولا كان ذلك ممنوعا عليهن, فقد اخرج ابن سعد والطبرانى من طريق سعد بن مسعود وعمارة ابن غراب اليحصى أن عثمان بن مظعون قال يا رسول الله أنى لا أحب أن ترى امرأتى عورتى, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله جعلها لك لباسا وجعلك لها لباسا وأهلى يرون عورتى وأنا أرى ذلك اهـ (قلت) الحديث الذى أشار إليه الحافظ السيوطى أورده الهيثمى وعزاء للطبرانى وزاد فيه فلما أدبر عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ابن مظعون لحييى ستير, وقال الهيثمى فى اسناده يحيى بن العلاء وهو متروك اهـ (قلت) بل قال الحافظ فى التقريب رمي بالوضع (تخريجه) (جه) وفى سنده رجل لم يسم (9) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر أنا شعبة عن عاصم الأحول عن أبى المتوكل عن أبى سعيد الخدرى الخ (غريبه) (10) زاد البيهقى وابن خزيمة (وضوءه للصلاة) زاد ابن حبان والحاكم وابن خزيمة (فإنه انشط للعود) (تخريجه) (م. والأربعة. وغيرهم) (11) (سنده) حدثنا سفيان عن عاصم عن ابى المتوكل عن ابى سعيد الخ (غريبه) (12) هو ابن عيينه (والحرة) بفتح المهملة وتشديد الراء مفتوحة المراد بها هنا أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كثيرة, كانت بها وقعة مشهورة فى الاسلام ايام يزيد بن معاوية حيث ارسل جيشا لقتال أهل المدينة لأنهم أبوا عن البيعة له, وكانت وقعة الحرة سنة ثلاث وستين, وتوفى أبو سعيد الخدرى سنة اربع وستين, وهذا معنى قول سفيان أبوسعيد أدرك الحرة يعنى انها حلصلت قبل موته والله اعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد

-[النهي عن العزل عن الحرة الا بإذنها]- (أبواب العزل عن المرأة وما جاء فيه) (باب النهى عنه وكراهته) (عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه) (1) ان النبى صلى الله وسلم نهى عن العزل (2) عن الحرة الا باذنها (عن جدامة بنت وهب الأسدية) (3) وكانت من المهاجرات الأول قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسئل عن العزل فقال هو الواد (4) الخفى (عن ابن محيريز الشامى) (5) انه سمع أبا صرمة (6) المازنى وأبا سعيد الخدرى يقولان أصبنا سبايا فى غزوة بنى المصطلق (7) وهى الغزوة التى أصاب فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية وكان منا من يريد أن يتخذ اهلا, ومنا من يريد أن يستمع ويبيع, فتراجعنا فى العزل (8) فذكرنا ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال ما عليكم ان لا تعزلوا (9) فان الله قدر ما هو خالق إلى يوم

_ وسنده صحيح (باب) (1) (سنده) حدثنا اسحاق بن عيسى ثنا بن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن الزهرى عن محرر بن ابى هريرة عن ابيه عن عمر بن الخطاب الخ (غريبه) (2) بفتح العين المهلمة وسكون الزاى هو النزع بعد الايلاج لينزل خارج الفرج (تخريجه) (جه هق) وفى اسناده ابن لهيعة فيه كلام إذا عنعن, ويشهد له ما أخرجه عبد الرازق والبيهقى عن ابن عباس (قال نهى عن عزل الحرة إلا باذنها) وروى عنه ابن ابى شبية انه كان يعزل عن أمته, وروى البيهقى عن ابن عمر مثله والله أعلم (3) (سنده) حدثنا يحى بن اسحاق انا ابن لهيعة عن ابى الأسود عن عروة عن عائشة عن جدامة بنت وهب الأسدية الخ (غريبه) (4) الواد دفن البنت حية, وكانت العرب تفعل ذلك قبل الاسلام خشية الإملاق والعار, والمعنى ان العزل نوع خفى من الواد لأن فيه اضاعتة النطفة التى أعدها الله تعالى ليكون منها الولد وسعيا فى ابطال ذلك الاستعداد بعزلها عن محلها (تخريجه) (م هق والاربعة) (5) (سنده) حدثنا محمد بن اسماعيل ثنا الضحاك عن محمد بن يحيى عن ابن محيريز الشامى الخ (غريبه) (6) بكسر المهملة وسكون الراء الأنصارى صحابى اسمه مالك بن قيس, وقيل قيس بن صرمة وكان شاعرا قاله الحافظ فى التقريب (7) لفظ مسلم سبينا كراثم العرب (يعنى النفسيات من نسائهم) فطالت علينا العزبة ورغبنا فى الفداء فاردنا أن نستمتع ونعزل فقلنا نفعل ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا لا نسأله فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا عليكم أن لا تفعلوا, كا كتب الله خلق نسمة هى كائنة الى يوم القيامة الا ستكون (8) معناه أن من أراد منهم التمتع والبيع بعده خاف من الحمل لأنه اذا حملت منه صارت لو ولد يمتنع عليه بيعها والانتفاع بثمنها, فمنهم من قال نستمتع ونعزل, ومنهم من قال لا حتى نسأل النبى صلى الله عليه وسلم وهذا معنى قوله (فتراجعنا فى العزل) أى ترددنا فذكرنا ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم (9) وقع عند الشيخين بلفظ (لا عليكم أن لا تفعلوا) قال ابن سيرين هذا أقرب الى النهى, وحكى ابن عون عن الحسن أنه قال والله لكان هذا زجر, قال القرطبى كأن هؤلاء فهموا من لا النهى عما سألوا عنه, فكأنه قال لا تعزلوا, وعليكم أن لا تفعلوا ويكون قوله وعليكم الخ تأكيدا للنهى, وتعقب بأن الأصل عدم هذا التقدير وإنما معناه ليس عليكم أن تتركوا وهو الذى يساوى أن لا تفعلوا, وقال غيره لا عليكم أن لا تفعلوا أى لا حرج عليكم أن لا تفعلو ففيه نفى الحرج عن عدم الفعل فأفهم ثبوت الحرج فى فعل العزل ولو كان المراد نفي الحرج عن الفعل لقال لا عليكم أن تفعلوا إلا أنه يدعى أن لا زائدة فيقال الأصل عدم ذلك

-[ما جاء في العزل عن المرضع والجارية]- القيامة (1) (عن أبى سعيد الخدرى) (2) قال ذكر ذلك عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال وماذا كم (3)؟ قالوا الرجلتكون له المرأة ترضع فيصيب منها ويكره ان تحمل منه (4) والرجل تكون له الجارية فيصيب منها ويكره ان تحمل منه (5) فقال فلا عليكم ان تفعلوا (6) ذاكم فانما هو القدر قال ابن عون فحدثت به الحسن (7) فقال فلا عليكم لكأن هذا زجر (وعنه أيضا) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى العزل انت تخلقه انت ترزقه أقره قراره (9) فانما ذلك القدر (باب فى الرخصة فى العزل) (عن جابر بن عبد الله) (10) ققال كنا نعزل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم والقرآن ينزل (11) (وعنه أيضا) (12) قال جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ان لى جارية وهى خادمنا (13) وسانيتنا أطوف عليها وأنا اكره ان تحمل (14) , قال اعزل عنها إن شئت (15)

_ والله أعلم (1) معناه أن كل نفس قدر الله خلقها لا بد أن يخلقها سواء عزلتم أو لا, وما لم يقدر خلقها لا يقع سواء عزلتم أو لا, فلا فائدة فى عزلكم (تخريجه) (ق وغيرها) (2) (سنده) حدثنا اسماعيل ابن عون عن محمد عن عبد الرحمن بن بشر بن مسعود قال فرد الحديث حتى رده الى أبى سعيد قال ذكر ذلك الخ يعنى ذكر العزل عند النبى صلى الله عليه وسلم كما جاء فى رواية لمسلم عنه قال ذكر العزل عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال وما ذاكم الخ (غريبه) (3) أى وما تريدون باعزل وما الذى حملكم عليه؟ (4) أى من الوطئ الواقع فى الارضاع زعما منهم أن الحمل فى حال الارضاع مضر بالحمل (5) أى لئلا يمتنع بيعها (6) هكذا بالاصل (أن تفعلوا) وجاء فى هذا الحديث نفسه عند (م نس هق) (ان لا تفعلوا) بزيادة لا قال العلامة السندى فى حاشيته على النسائى اى ما عليكم ضرر فى الترك اى فاشار الى ان ترك العزل أحسن (فإنما هو) اى المؤثر فى وجود الولد وعدمه (القدر) لا العزل فاى حاجة اليه (7) لفظ مسلم (فحدثت به الحسن فقال والله لكأن هذا زجر) والحسن هو البصرى وتقدم الكلام على هذه الجملة فى الحديث السابق (تخريجه) (م نس هق وغيرهم) (8) (سنده) حدثنا يحيى قال ثنا ابن أبى عروية عن قتادة عن الحسن عن ابى سعيد الخ (غريبه) (9) فيه الأمر بعدم العزل لأن قوله صلى الله عليه وسلم (اقره قراره) معناه ضع الماء. فى موضعه وما قدر لا بد يكون (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام أحمد, وفى اسناده سعيد بن أبى عروية والحسن البصرى وكلاهما مدلس وقد عنعن وان كانا ثقتان, وله شاهد من حديث ألى ذر مرفوعا (ضعه فى حلاله وجنبه حرامه واقره فان شاء الله احياه وان شاء اماته ولك أجر) (حب) فى صحيحه (باب) (10) (سنده) حدثنا سفيان عن عمرو عن عطاء عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) لنهاهم النبى صلى الله عليه وسلم ففيه تقرير من النبى صلى الله عليه وسلم على جوازه (تخريجه) (ق مذ جه هق) (12) (سنده) حدثنا هاشم ثنا زهير ثنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله قال جاء رجل الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (13) الخادم يستوى فيه المذكر والمؤنث والخادمة فى المؤنث قليل (وقوله وسانيتنا) السانية فى الاصل هى الناقة او البعير الذي يحمل الماء لسقى الزرع وغيره, قال فى النهايه كأنها كانت تسقى لهم نخلهم عوض البعير اهـ (قلت) لكن جاء فى رواية اخرى للامام أحمد من حديث جابر أيضا بلفظ (ان لى خادما تسنو على ناضح لى) وهذه الرواية تشعر بانها كانت تقود البعير الذي يستقى عليه, ويحتمل أنها كانت تقوده مع كونها تحمل معه الماء والله اعلم (14) أى أجامعها وأكره حملها منى (15) معناه لا حرج

-[جواز العزل عن السبابا لمصلحة]- فإنه سيأتيها ما قدر لها, قال فلبث الرجل ثم أتاه فقال ان الجارية قد حملت, فقال قد أخبرتك أنه سيأتيها ما قدر لها (عن ابى سعيد الخدرى) (1) قال اصبنا سبيا فى يوم حنين (2) فكنا نلتمس فداءهن (3) فسالنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العزل فقال اصنعوا ما بدا لكم (4) فما قضى اله فهو كائن (5) فليس من كل الماء يكون الولد (وعنه ايضا) (6) ان رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم ان لى امة وانا أعزل وأنى أكره ان تحمل, وان اليهود تزعم انها الموءودة الصغرى قال كذبت يهود (7) اذا أراد الله ان يخلقه لم تستطع ان ترده (عن انس بن مالك) (8) قال جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم وسأل عن العزل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو ان الماء الذى يكون منه الولد اهرقته (9) على صخرة لأخرج الله عز وجل منها او لخرج منها ولد (10) الشك منه وليخلقن لله

_ عليك في العزل عنها ومع ذلك فلا بد من حصول ما قدره الله لها (تخريجه) (م د هق) (1) (سنده) حدثنا وكيع عن يونس عن عمرو عن ابى الوداك عن أبى سعيد الخ (غريبه) (2) هكذا جاء فى هذا الرواية (أصبنا سبيا فى يوم حنين) والمحفوط عند الشيخين والامام احمد وغيرهم وتقدم فى الباب السابق ان ذلك السبي كان فى غزوة بنى المصطلق لافى غزوة حنين, فإما ان تكون الواقعة تعددت واما أن يكون لفظ حنين خطأ والصواب (فى غزوة بنى المصطلق) لاتفاق المحدثين على ذلك والله أعلم (فائدة) غزوة بنى المصطلق كانت سنة ست من الهجرة, وغزوة حنين كانت سنة ثمان (3) يعنى بالمال (4) أى فى جماع السبايا من عزل أو غيره (5) أى لا بد من وقوعه سواء عزلتم او لم تعزلوا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده جيد وحسنه الحافظ السيوطى قال المناوى وهو كذلك وأهلا اهـ (قلت) ويعضده ما قبله (6) (سنده) حدثنا يحيى (يعنى ابن سعيد) ثنا هشام ثنا يحيى (بن أبى كثير) عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان قال حدثنى أبو رفاعة أن ابا سعيد قال ان رجلا قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) تقدم فى حديث جدامة وهو الحديث الثاني من الباب السابق أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن العزل فقال هو الواد الخفى, وتكذيبه هنا لما قاله اليهود يعارض ما جاء فى حديث جدامة المشار اليه, وقد جمع الحافظ ابن القيم بينهما فقال الذى كذّب فيه صلى الله عليه وسلم اليهود هو زعمهم أن العزل لا يتصور معه الحمل أصلا وجعلوه بمنزلة قطع النسل بالواد فاكذبهم وأخبر انه لا يمنع الحمل اذا شاء الله خلقه, واذا لم يرد خلقه لم يكن وأدا حقيقة, وانما سماه وأدا خفيا فى حديث جدامة لأن الرجل انما يعزل هربا من الحمل فاجرى قصده لذلك مجرى الواد, لكن الفرق بينهما ان الواد ظاهر بالمباشرة اجتمع فيه القصد والفعل والعزل ينطق بالقصد فقط, فلذلك مجرى الواد, لكن الفرق بينهما ان الواد ظاهر بالمباشرة اجتمع فيه القصد والفعل والعزل ينطق بالقصد فقط, فلذلك وصفه بكونه خفيا والله أعلم (تخريجه) (د هق بز) وسنده جيد وقال الحافظ رجاله ثقات, واخرج نحوه الترمذى عن جابر وقال حديث جابر حسن صحيح (8) (سنده) حدثنا ابو عاصم انا ابو عمرو مبارك الخياط جد ولد عباد بن كثير قال سألت ثمامة بن عبد الله بن انس عن العزل فقال سمعت أنس بن مالك يقول جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) اى صببته على صخرة (10) هذه مبالغة فى ان الله عز وجل لو اراد شيئا كان ولو على خلاف العادة (وقوله ال؟) منه اى من انس او من ثمامة والله أعلم (تخريجه) (بزحب) وصححه ابن حيان وأورده الهيثمي

-[ما جاء فى كراهية الغيلة والرخصة فى العزل لاجل ذلك]- نفساً هو خالقها (باب ما جاء فى كراهة الغيلة والرخصة فى العزل لاجل ذلك) (عن اسماء بنت يزيد بن سكن الأنصارية) (1) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يثول لا تقتلوا أولادكم سرا, فان الغيل (2) يدرك الفارس فيد غيره (3) من فوق رأسه قال على (4) أسماء بنت يزيد الأنصارية قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله (عن جدامة بنت وهب الأسدية) (5) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لقد هممت ان انهى عن الغيلة (6) حتى ذكرت ان فارس والروم يفعلون ذلك فلا يضر اولادهم (عن اسامة بن زيد) (7) ان رجلا جاء الى النبى لى الله عليه وسلم فقال انى أعزل عن امرأتى (8) قال لم؟ قال شفقا على ولدها (9) او على أولادها فقال ان كان لذلك فلا (10) ما ضار ذلك فارس ولا الروم (عن أبى سعيد الزرقى) (11) ان رجلا من اشجع سأل النبى صلى الله عليه وسلم عن العزل فقال ان امرأتى ترضع, فقال النبى صلى الله عليه وسلم ان ما يقدر فى الرحم (12) فسيكون

_ وقال رواه أحمد والبزار واسنادهما حسن (باب) (1) (سنده) حدثنا ابو المغيرة وعلى بن عياش قالا ثنا محمد بن مهاجر قال حدثنى ابى عن اسماء بنت يزيد بن سكن الانصارية قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) بفتح الغين المعجمة وسكون التحتية, ويروى الغيلة بهاء التأنيث وكسر المعجمة (3) اى يصرعه ويهلكه والمراد النهى عن الغيلة, وهو ان يجامع الرجل امرأته وهى مرضع وربما حملت, واسم ذلك اللبن الغيل بالفتح, فاذا حملت فسد لبنها, يريد ان من سوء اثره فى بدن الطفل وإفساد مزاجه وارخاء قواه ان ذلك لا يزال مائلا فيه إلى ان يشتد ويبلغ مبلغ الرجال, فاذا أراد منازلة قرن فى الحرب وهن عنه وانكسر وسبب وهنه وانكساره الغيل (4) هو ابن عياش أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث, قال فى روايته اسماء بنت يزيد الأنصارية ولم يقل يزيد بن سكن كما قال ابو المغيرة, وكذلك قال فى روايته قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يقل قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قال ابو المغيرة ثم ذكر الحديث مثل ما ذكره أبو المغيرة (تخريجه) (دهق) وسنده حسن, وليس فيه عندهما قال على الخ, وفى رواية أخرى للامام احمد بعد قوله (فيدعثره) قالت قلت ما يعنى؟ قال الغيلة يأتى الرجل امرأته وهى ترضع (5) (سنده) حدثنا ابو سلمة الخزاعى قال انا مالك عن محمد بن عبد الرحمن بن نوفل عن عروة عن عائشة عن جدامة بنت وهب الخ (غريبه) (6) قال العلماء سبب همه صلى الله عليه وسلم بالنهى عنها انه يخاف منه ضرر الولد الرضيع, قالوا والاطباء يقولون ان ذلك اللبن داء والعرب تكرهه وتنقيه, ولكن لما رأى النبى صلى الله عليه وسلم ان الغيلة لا تضر فارس والروم ترك النهى عنها (تخريجه) (م نس هق) (17) (سنده) حدثنا ابو عبد الرحمن المقرى ثنا حيوة اخبرنى عياش بن عباس ان أبا النضر حدثه عن عامر بن سعد بن ابى وقاص ان اسامة بن زيد اخبر والده سعد بن مالك قال فقال له ان رجلا جاء الى النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) يحتمل ان يكون اراد العزل المعهود او امتناعه عن مجامعتها (9) اى خوفا على ولدها من ان يلحقه الهزال والاعتدال (10) معناه إن كان عزاك عن امرأتك لأجل ما ذكرت فلا تعزل لأنه ما ضار (بفتح الراء) ذلك فارس ولا الروم أى ما ضرهم (تخريجه) (م هق) (11) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن ابى الفيض قال سمعت عبد الله بن مرة يحدث عن ابى سعيد الزرقى الخ (غريبه) (12) لفظ النسائى (انم اقدر في الرحم سيكون,

-[نهي الزوجين عن التحدث بما يجرى حال الوقاع]- (باب نهي الزوجين عن التحديث بما يجرى حال الوقاع) (عن ابى نضرة) (1) عن رجل من الطفاوة (2) قال نزلت على ابى هريرة قال ولم ادرك من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا أشد تشميرا (3) ولا أقوم على ضيف منه فبينما أنا عنده وهو على سرير له وأسفل منه جارية سوداء ومعه كيس فيه حصى او نوى يقول سبحان الله سبحان الله حتى اذا أنفذ (4) ما فى الكيس القاه اليها فجمعته فجعلته فى الكيس ثم دفعته اليه, فقال لى ألا أحدثك عنى وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت بلى, قال فانى بينما أنا أوعك (5) فى مسجد المدينة اذ دخل علىّ رسول اله صلى الله عليه وسلم المسجد فقال من أحسّ (6) الفتى الدوسى من احس الفتى الدوسى؟ فقال له قائل هو ذاك يوعك فى جانب المسجد حيث ترى يا رسول الله, فجاء فوضع يده علىّ وقال لى معروفا (7) فقمت فانطلق حتى قام فى مقامه الذى يصلى فيه ومعه يومئذ صفان من رجال وصف من نساء أو صفان (8) من نساء وصف من رجال, فاقبل عليهم فقال ان أنسائى الشيطان شيئا من صلاتى (9) فليسبح القوم وليصفق النساء, فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينس من صلاته شيئا, فلما سلم أقبل عليهم بوجهه فقال مجالسكم (10) هل منكم من اذا أتى أهله أغلق بابه وارخى ستره ثم يخرج فيتحدث فيقول فعلت باهلى كذا وفعلت باهلى كذا؟ فسكتوا فأقبل على النساء فقال هل منكن من تحدث؟ فجثث (11) فتاة كعاب على إحدى ركبتيها وتطاولت (12) ليراها رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسمع كلامها فقالت إى والله (13) إنهم ليحدِّثون وإنهن ليحدّثن, فقال هل تدرون ما مثل من فعل ذلك؟ (14) ان مثل من فعل ذلك مثل شيطان وشيطانة لقى احدهما صاحبه بالسكة قضى حاجته منها والناس ينظرون اليه, ثم قال ألا لا يفضين (15) رجل الى رجل ولا امرأة الى امرأة الا الى ولد أو والد, قال وذكر ثالثة فنسيتها

_ قال العلامة السندي فى حاشيته, ما موصوله اسم ان لا كافة (وسيكون) خبرها اى ان الذى قدر أن يكون فى الرحم سيكون (تخريجه) (نس) وفى اسناده عبد الله بن مرة, قال الحافظ فى التقريب مجهول (باب) (1) (سنده) حدثنا اسماعيل بن براهيم عن سعيد الجريرى عن ابى نضرة الخ (غريبه) (2) بضم الطاء المهملة بعدها فاء مفتوحة اسم حى من قيس عيلان كذا فى القاموس (وقوله نزلت على ابى هريرة) يعنى ضيفا (3) اى اكثر اجتهادا ولا أقدر على خدمة الضيف وإكرامه من ابى هريرة (4) بهمزة مفتوحة فى أوله وسكون النون أى لم يبق فى الكيس شئ من الحصى (5) أى من شدة ألم الحمى (6) اى من ابصر ابا هريرة (والدوسى) بفتح المهملة وسكون الواو نسبة الى دوس بن عبد الله (7) اى قولا حسنا يخفف عنه ما أصابه من المرض (8) او للشك من الراوى (9) النسيان جائز على الأنبياء وتقدم الكلام على ذلك فى الباب الاول من أبواب سجود السهو فى شرح حديث رقم 880 صحيفة 127 فى الجزء الرابع فارجع اليه (10) اى الزمو مجالسكم أمر بعدم الانصراف (11) أى جلست (فتاة) اى شابة (كعاب) بوزن سحاب وهى الجارية المكعب التى نتأ ثديها, قال فى المصباح كعبت المرأة تكعب من باب قتل كعابة فهى كاعب وسميت الكعبة بذلك لنتوئها وقيل لتربيعها وارتفاعها (12) اى رفعت عنقها (13) حرف جواب بمعنى نعم (14) اى فى الوقاحة وعدم الحياء (15) بضم أوله

-[تحريم التحدث والافتخار بالجماع إلا لحاجة شرعية]- ألا إن طيب الرجل ما وجد ريحه ولم يظهر لونه (1) ألا ان طيب النساء ما ظهر لونه ولم يوجد ريحه (2) (عن أبى سعيد الخدرى) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشياع (4) حرام قال الن لهيعة يعنى به الذى يفتخر بالجماع (وعنه أيضا) (5) قال قال رسول الله صلى الله وسلم ان من أعظم الأمانة (6) عند الله يوم القيامة الرجل (7) يفضى الى امرأته وتفضى اليه ثم ينشر سرها (8) (عن اسماء بنت يزيد) (9) أنها كانت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم والرجال والنساء قعود عنده فقال ----- قال في المصباح اقضى الرجل بيده الى الأرض مسها بباطن راحته, قال ابن فارس وغيره وأفضيت الى الشئ وصلت اليه وأفضيت اليه بالسر أعلمته به اهـ (قلت) والمراد هنا نوم الرجل مع الرجل فى لحاف واحد ليس بينهما حائل يمنع مباشرة جسد أحدهما بالآخر, وكذلك المرأة مع المرأة لما فى ذلك من المفاسد (1) اى كالمسك والعنبر والعود والكافور ونحو ذلك (2) اى كالحناء والزعفران والخلوق اى ما يكون له لون مطلوب للزينة والا فالمسك وغيره من طيب الرجال له لون ولكن غير ثابت ولا يصلح للزينة (تخريجه) (د نس مذ هق) وحسنه الترمذى وقال إلا أن الطفاوى لا نعرفه إلا فى هذا الحديث ولا نعرف اسمه اهـ (قلت) قال الحافظ فى التقريب الطفاوى شيخ لأبى نضرة لم يسم من الثالثة لا يعرف (3) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن ابى اهيثم عن ابى سعيد الخدرى الخ (غريبه) (4) بكسر الشين المعجمة المشددة بعدها ياء تحتية مفتوحة فسره ابن لهيعة احد رجال السند بانه الذى يفتخر بالجماع, وقال ابن الاثير فى النهاية الشياع حرام كذا رواه بعضهم وفسره بالمفاخرة بكثرة الجماع وقال أبو عمر إنه تصحيف وهو بالسين المهملة والباؤ الوحدة وقد تقدم, وان كان محفوظا فلعله من تسمية الزوجة شاعة اهـ (قلت) (قوله وقد تقدم) يعنى فى مادة سبع, قال ومنه الحديث انه نهى عن السباع بكسر السين المهملة وفتح الموحدة هو الفخار بكثر الجماع اهـ (تخرجه) (هق) واورده الهيثمى وقال رواه أبو يعلى وفيه دراج وثقه ابن معين وضعفه جماعة اهـ (قلت) ولم يضعفه بابن لهيعة لانه قال حدثنا وقد قال الحفاظ اذا قال حدثنا فحديثه حسن منهم الهيثمى وابن كثير والله أعلم (5) (سنده) حدثنا اسماعيل بن محمد يعنى أبا ابراهيم المعقب ثنا مروان يعنى ابن معاوية الفزارى ثنا عمرو بن حمزة العمرى ثنا عبد الرحمن بن سعيد مولى آل ابى سعيد سمعت ابا سعيد الخدرى يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) اى من اعظم خيانة الأمانة, وجاء عند مسلم بلفظ (ان من شر الناس عند الله منزلة يوم القيامة) الخ (7) الرجل خبر ان وفيه تقدير مضاف اى خيانة الرجل كما تقرر (وقوله يفضى الى امرأته) أى يصل اليها استمتاعا فهو كناية عن الجماع (وتفضى اليه) اى تستمتع به قال تعالى (وقد أفضى بعضكم الى بعض) (8) اى يتكلم بما جرى بينه وبينها قولا وفعلا, وهذا وعيد شديد يستوجب تحريم افشاء هذا السر ووصف تفاصيله, وأما مجرد ذكر الجماع فان لم تكن فيه فائدة ولا اليه حاجة فمكروه لانه خلاف المروءة ومن التكلم بما لا يعنى وفى الحديث (من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه) وان كان اليه حاجة او ترتب عليه فائدة فلا كراهة فى ذكره وذلك نحو ان تدعى عليه العجز عن الجماع او نحو ذلك كما روى ان الرجل الذى ادعت عليه امرأته العنة قال يارسول الله انى لأنفضها نفض الأديم ولم ينكر عليه صلى الله عليه وسلم وما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال إنى لأفعله انا وهذه, وقال لابى طلحة اعرستم الليلة ونحو ذلك كثير (تخريجه) (م د هق) (9) (سنده) حدثنا عبد الصمد قال ثنا حفص السراج قال

-[تحريم إتيان المرأة فى دبرها ولعن فاعله]- لعل رجلا يقول ما يفعل باهله, ولعل امرأة تخبر بما فعلت مع زوجها فأرمَّ (1) القوم فقلت إى والله يا رسول الله انهن ليقلن وانهم ليفعلون, قال فلا تفعلوا, فأنما ذلك مثل الشيطان لقى شيطانه فى طريق فغشيها والناس ينظرون (باب النهى عن إيتان المرأة فى دبرها- وجواز التجبيب وهو اتياتها من دبرها فى قبلها) (عن على رضى الله عنه) (2) قال جاء اعرابى الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إنا نكون بالبادية فتخرج من احدنا الرويحة (3) , فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل لا يستحيي من الحق, اذا فعل أحدكم فليتوضأ, ولا تأتوا النساء فى أعجازهن (4) وقال مرة فى ادبارهن (وعنه ايضا) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ملعون (8) من أتى امرأته فى دبرها (عن خزيمة بن ثابت) (9) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله لا يستحيي من الحق لا تأتوا

_ سمعت شهرا يقول حدثتنى اسماء بنت يزيد الخ (غريبه) (1) بفتح الهمزة والراء وتشديد الميم مفتوحة اى سكتوا ولم يجيبوا (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفيه شهر بن حو شب وحديثه حسن وفيه صعف (باب) (2) (سنده) حدثنا وكيع ثنا عبد الملك بن مسلم الحنفى عن أبيه عن على الخ (غريبه) (3) يعنى الريح الذى يخرج من الدبر (4) الاعجاز جمع عجز بفتح أوله وضم ثانيه وهو مؤخر الشيء والمراد به هنا الدبر كما فى اللفظ الآخر, وهو مخرج الغائط من الإنسان (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد من حديث على بن ابى طالب ورجاله ثقات, وقد رواه أصحاب السنن من حديث على بن طلق الحنفى اهـ (قلت) رواه (د نس مذ) من حديث على بن طلق, ورواه الترمذى من طريقين احدهما بسند الامام أحمد ومعنى لفظه باختصار والثانى يتفق مع سند الامام أحمد فى مسلم بن سلام الحنفى, ولكن عن على بن طلق فذكر الحديث بنحو لفظ الامام أحمد وقال حديث على بن طلق حديث حسن اهـ (5) (سنده) حدثنا عفان ثنا وهيب ثنا سهيل عن الحارث بن مخلد عن أبى هريرة الخ (غريبه) (6) اى نظر رحمة والا فلا يغيب شئ عن نظره تعالى وهو كناية عن غضب الله عز وجل عليه (تخريجه) (نس جه بز هق) وكلهم رووه من طريق سهيل بن أبى صالح عن الحارث بن مخلد عن أبى هريرة, وحكى الحافظ فى التلخيص عن البزار انه قال الحارث بن مخلد ليس بمشهور وقال ابن القطان لا يعرف حاله وقد اختلف فيه على سهيل اهـ لكن قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه اسناده صحيح لأن الحارث بن مخلد ذكره ابن حبان فى الثقات وباقى رجال الاسناد ثقات (7) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن سهيل بن أبى صالح عن الحارث بن مخلد عن ابى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) اى مطرود من رحمة الله عز وجل يوم القيامة بعيد عنها الا أن يدركه الله بعفوه, واذا كان هذا فى المرأة فكيف بالذكر نسأل الله السلامة (تخريجه) (د نس وغيرها) وسكت عنه ابو داود والمنذرى ورجاله ثقات, ويقال فيه ما قيل فى الحديث السابق (9) (سنده) حدثنا سفيان بن عينية عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن عمارة بن خزيمة عن ابيه (يعنى خزامة بن ثابت) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الخ (تخريجه) (فع نس جه) واورده الحافظ المنذرى وقال رواه (جه نس) بأسايند احدهما جيد اهـ (قلت) هو ما ذكرته هنا

-[ما جاء في حقوق الزوجين معًا]- النساء في أدبارهن (عن همام) (1) قال سئل قتادة عن الذى يأتى امرأته فى دبرها؟ فقال قتادة حدثنا عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ان النبى صلى الله عليه وسلم قال هى اللوطية الصغرى, قال قتادة وحدثنى ابن وساج (2) عن أبى الدرداء قال وهل يفعل ذلك الا كافر (أبواب حقوق الزوجين واحسان العشرة) (باب جامع لحقوق الزوجين) (عن ابى حرة الرقاشى) (3) عن عمه (4) قال كنت آخذا بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أوسط (5) أيام التشريق (فذكر حديثا طويلا) (6) وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فاتقوا الله فى النساء فانهن عندكم عوان (7) لا يملكن لانفسهن شيئا, وإن لهن عليكم ولكم عليهن حقان, لا يوطئن فراشكم احدا غيركم. ولا يأذن فى بيوتكم لأحد تكرهونه (8) , فان خفتم نشوزهن (9) فعظوهن واهجروهن فى المضاجع واضربوهن ضربا غير نبرِّح (10) قال حميد قلت للحسن ما المبرح؟ قال المؤثر, ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف (11) وإنما

_ (1) (سنده) حدثنا هدبة ثنا همام قال سئل قتادة الخ (غريبه) (2) بفتح الواو والسين المهملة المشددة آخره جيم, وابن وساج هذا اسمه عقبة بن وساج الازدى وثقه ابن حبان والحافظ فى التقريب (تخريجه) (نس) واورده المنذرى وقال رواه (حم بز) ورجالهما رجال الصحيح اهـ (قلت وحديث ابى الدرداء المشار اليه فى هذا الحديث رواه البيهقى ايضا, (هذا) وأحاديث الباب تدل على تحريم إيتان النساء فى ادبارهن, والى ذلك ذهب جمهور السلف والخلف من الصحابة والتابعين ومن بعدهم, بل منهم من أنكر ذلك اشد الانكار واطلق على فاعله الكفر, وقد روى عن ابن عمر ومالك والشافعى جواز ذلك: لكن الصحيح الثابت عنهم عند المحققين انكاره وعدم جوازه كما ذهب اليه الجمهور والله أعلم. (باب) (3) (سنده) حدثنا سفيان ثنا حماد بن سلمة أنا على بن زيد عن أبى حرة الرقاشى الخ (غريبه) (4) لم يذكر اسمه وجهالة الصحابى لا تضر, قال الحافظ فى التقريب قيل اسم عمه حذيم (بفتح المهملة وسكون المعجمة بوزن جعفر) ابن حنيفة وقيل عمر بن حمزة أفاده ابن فتحون اهـ (5) هو اليوم الثانى من أيام التشريق والثانى عشر من شهر ذى الحجة (6) سيأتى بطوله فى باب ما جاء فى خطب النبى صلى الله عليه وسلم فى آخر القسم الثانى من كتاب السيرة النبوية (7) أى أسيرات جمع عانية قال فى القاموس العانى الاسير اهـ (قلت) شبه رسول الله المرأة فى دخولها تحت حكم الزوج بالأسير (8) معناه أن لا يأذنّ لاحد تكرهونه فى دخول بيوتكم والجلوس فى منازلكم, والنهى يتناول الرجال والنساء, قال الشوكانى هذا محمول على عدم العلم برضا الزوج, اما لو علمت رضاه بذلك فلا حرج عليها, كمن جرت عادته بادخال الضيفان موضعا معدالهم فيجوز ادخالهم سواء كان حاضرا أو غائبا فلا يفتقر ذلك الى الاذن من الزوج, وقد اخرج مسلم من حديث أبى هريرة بلفظ (ولا يأذنّ فى بيته الا باذنه) وهو يفيد أن حديث الباب مقيد بعدم الإذن (9) يقال نشزت المرأة على زوجها فهى ناشز وناشزة اذا عصت عليه وخرجت عن طاعته ونشز عليها زوجها اذا جفاها وأضرّ بها, والنشوز كراهة كل واحد منهما صاحبه وسوء عشرته له (10) أصل التبريح المشقة والشدة, يقال برّح به اذا شق عليه, فقوله غير مبرح أى شاق ومعناه اضربوهن ضربا ليس بشديد ولا شاق بحيث لا يجرحها ولا يكسر لها عظما (11) فيه وجوب النفقة والكسوة للزوجة وهو

-[بيان حقوق الزوج على الزوجة]- أخذتموهن بامانة الله (1) واستحللتم فروجهن بكلمة الله (2) عز وجل (باب حق الزوج على الزوجة) (عن أبى هريرة) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصوم المرأة وبعلها شاهد (4) الا باذنه, ولا تأذن فى بيته وهو شاهد الا بأذنه (5) , وما أنفقت من كسبه (6) من غير أمره فإن نصف أجره له (7) (وعنه أيضا) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دعا الرجل امرأته الى فراشه فأبت عليه فبات وهو غضبان (وفى لفظ وهو عليها ساخط) لعنتها الملائكة حتى يصبح (وعنه من طريق ثان) (9) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال اذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها باتت تلعنها الملائكة حتى ترجع (عن عائشة رضى الله عنها) (10) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى نفر من المهاجرين والأنصار فجاء بعير فسجد له (11) فقال أصحابه يا رسول الله تسجد لك البهائم والشجر فنحن أحق أن نسجد لك فقال اعبدوا ربكم (12) وأكرموا أخاكم, ولو كنت آمر أحدا أن يسجد

_ ثابت بالإجماع (1) أى جعلكم قوامين عليهن فهن كالوديعة عندكم يجب حفظها, ففيه الحث على مراعاة حق النساء والوصية بهن ومعاشرتهن بالمعروف (2) قال النووى قيل معناه قوله تعالى (فامساك بمعروف أو تسريح باحسان) وقيل المراد كلمة التوحيد وهى لا اله الا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ لا تحل مسلمة لغير مسلم, وقيل المراد بإباحة الله, والكلمة قوله تعالى (فانكحوا ما طاب لكم من انساء) وهذا الثالث هو الصحيح, وبالاول قال الخطابى والهروى وغيرهما, وقيل المراد بالكلمة الايجاب والقبول ومعناه على هذا بالكلمة التى أمر الله تعالى بها والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه من هذا الطريق لغير الامام أحمد وسنده جيد واخرج نحوه الأربعة من حديث عمرو بن الأحوص وصححه الترمذى واخرج نحوه أيضا مسلم وأبو داود من حديث جابر فى صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم (باب) (3) (سنده) حدثنا عبد الرازق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة فذكر احاديث, منها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصوم المرأة الخ (غريبه) (4) أى حاضركما وقع فى رواية للبخارى والمراد بالصيام هنا صوم التطوع كما صرح بذلك فى بعض الروايات (5) تقدم الكلام على ذلك فى الباب السابق (6) المراد بالانفاق هنا الصدقة بما جرت به العادة باعطاء مثله للمحتاج لاسيما ان علمت رضاه (7) معناه أن له أجرا كما لها لانه صاحب المال وليس معناه أن يزاحمها فى اجرها (تخريجه) (ق هق وغيرهم) (8) (سنده) حدثنا ابن نمير قال ثنا الأعمش ووكيع قال ثنا الأعمش عن أبى حازم الأشجعى عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دعا الرجل الخ (9) (سنده) حدثنا يزيد أنا شعبة عن قتادة وابن جعفر ثنا شعبة قال سمعت قتادة عن زرارة بن أبى أوفى عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال اذا باتت المرأة الخ (تخريجه) (ق د نس هق) (10) (سنده) حدثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا حماد قال عفان أنا المعنى عن على بن زيد عن سعيد عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى نفر الخ الخ (غريبه) (11) لهذا البعير قصة طريفة ستأتى من حديث أنس فى أبواب المعجزات من كتاب السيرة XXX (12) اى أخلصو العبادة لله وحده لا تشركوا به أحدا (وأكرموا أخاكم) يعنى XXX صلى الله عليه وسلم أخوهم فى الدين, واكرامه صلى الله عليه وسلم ان يقتدوا به ويمتثلوا أمره ويجتنبوا ما نهاهم عنه لا

-[ما جاء في حقوق الزوج على الزوجة]- لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها, ولو أمرها أن تنقل من جبل (1) أصفر الى جبل أسود ومن جبل أسود الى جبل أبيض كان ينبغى لها أن تفعله (عن أبى ظبيان) (2) عن معاذ بن جبل أنه لما رجع من اليمن قال يا رسول الله رأيت رجالا باليمن يسجد بعضهم لبعض أفلا نسجد لك؟ قال لو كنت آمر بشرا يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها (عن أنس بن مالك) (3) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يصلح لبشر ان يسجد لبشر ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها, والذى نفسى بيده لو كان من قدمه الى مفرق رأسه قرحة (4) تنبجس بالقيح (5) والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه (عن عبد الله بن أبى أوفى) (69 قال قدم معاذ اليمن او قال الشام فرأى لنصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروأ (أى فكر) فى نفسه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم احق أن يعظم فلما قدم قال يا رسول الله رأيت النصارى تسجد لبطارقتها واساقفتها فروَّأت فى نفسى أنك أحق أن تعظّم, فقال لو كنت آمر أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها, ولا تؤدى المرأة حق الله عز وجل عليها كله حتى تؤدي

_ أن يسجدوا له لأن السجود لا يكون الا لله عز وجل (1) هو بالجيم وفتح الياء الموحدة وجاء فى بعض الروايات بالحاء المهملة وسكون الموحدة والحبل هو الرمل المستطيل, والمعنى انه لو أمرها أن تنقل الاحجار من جبل الى جبل أو الرمل من حبل الى حبل لكان ينبغى لها أن تطيعه فى نقل هذا مع ما فيه من التعب الشديد, وهذا مبالغة فى عظم حق الزوج على زوجته, وذكر الألوان للمبالغة فى البعد اذ لا يكاد يوجد امثال هذه الجبال متقاربة (تخريجه) (جه) وفى اسناده على بن زيد بن جدعان ضعفه بعضهم ووثقه ابن معين والنسائى وبقية رجاله محتج بهم (2) (سنده) حدثنا وكيع ثنا الأعمش عن أبى ظبيان عن معاذ ابن جبل الخ (ملاحظة) جاء فى أول هذا السند قال عبد الله بن الامام أحمد حدثنى أبى فى سنة ثمان وعشرين ومأتين ثنا وكيع الخ (وأبو ظبيان) اسمه حصين بن جندب بن الحارث الجنى بفتح الجيم وسكون النون ثم موحدة وثقه ابن معين روى له الستة, قال ابن سعد توفى سنة تسعين وقيل سنه خمس أو ست وتسعين (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ عن معاذ لغير الامام أحمد ورجاله من رجال الصحيحين, وله طرق كثيرة عن كثير من الصحابة منهم ابن عباس وعبد الله بن أبى أوفى وطلق بن على وأنس وأبو هريرة وعائشة وأم سلمة وغيرهم وتقدم بعضها وسيأتى بعضها أيضا (3) (سنده) حدثنا خلف بن خليفة عن حفص عن عمه أنس ابن مالك فذكر حديثا طويلا سيأتى بتمامه فى أبواب المعجزات من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله تعالى وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر الخ (غريبه) (4) بضم القاف وفتحها الجرح وقيل هو بالضم الاسم وبالفتح المصدر (وقوله تتبجس) بالجيم والسين والمهملة أى تنفجر وتنبع قال فى القاموس بجس الماء يبجسه شقة (5) قال فى القاموس القيح المدة لا يخالطها دم اهـ (والصديد) ماء الجرح الرقيق كما فى القاموس (تخريجه) أورده الحافظ المنذرى بطوله فى الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد باسناد جيد روائه ثقات مشهورون والبزار بنحوه, قال ورواه النسائى مختصرا وابن حبان فى صحيحه من حديث أبى هريرة بنحوه باختصار اهـ (6) (سنده) حدثنا اسماعيل ثنا ايوب عن القاسم الشيباني

-[المبالغة في حقوق الزوج على الزوجة]- حق زوجها عليها كله (1) حتى لو سألها نفسها (2) وهى على ظهر قتب لاعطته اياه (3) (عن عائذ الله بن عبد الله) (4) ان معاذ قدم على اليمن فلقيته امرأة من خولان معها بنون لها اثنا عشر فتركت أباهم فى بيتها أصغرهم الذى قد اجتمعت لحيته (5) فقامت فسلمت على معاذ ورجلان من بنيها يمسكان بضبعيها (6) فقالت من أرسلك أيها الرجل؟ قال لها معاذ أرسلنى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت المرأة أرسلك رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أفلا تخبرنى يا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال لها معاذ سلينى عما شئت, قالت حدثنى ما حق المرء على زوجته؟ قال لها معاذ تتقى الله ما استطاعت وتسمع وتطيع, قالت أقسمت بالله عليك لتحدثنى ما حق الرجل على زوجته؟ قال لها معاذ أوما رضيت أن تسمعى وتطيعى وتتقى الله؟ قالت بلى ولكن حدثنى ما حق المرء على زوجته فانى تركت أبا هؤلاء شيخا كبيرا فى البيت, فقال لها معاذ والذى نفس معاذ فى يده لو أنك ترجعين اذا رجعت اليه فوجدتى الجذام قد خرق لحمه وخرق منخريه (7) فوجدت منخريه يسيلان قيحا ودماثم ألقمتيهما فاك لكيما تبلغى حقه ما بلغت ذلك أبدا (عن عبد الرحمن بن عوف) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا صلت المرأة خمسها (9) وصامت شهرها (10) وحفظت فرجها (11) واطاعت زوجها (12) قيل لها ادخلى الجنة من أى أبواب الجنة شئت

_ عن عبد الله بن أبى أوفى قال قدم معاذ اليمن الخ (غريبه) (1) أى لانها لو صلت وصامت وفعلت ما أمرت به من العبادات وقصّرت فى شئ من حقوق الزوج لم تكن أدت حق الله عز وجل كاملا, لأن طاعة الزوج من الحقوق التى أمرها الله بها (2) وهو كناية عن الجماع (والقتب) بفتحتين للجمل كالبرذعة للحمار, ومعناه الحث على مطاوعة ازواجهن وانهن لا ينبغى لهن الامتناع فى هذه الحالة فكيف فى غيرها (3) أى لأعطته طلبه, وجاء عند ابن ماجه (لم تمنعه بدل لاعطته اياه) (تخريجه) (جه هق) وسنده جيد (4) (سنده) حدثنا هاشم ثنا عبد الحميد ثنا شهر بن حوشب حدثنى عائذ الله بن عبد الله الخ (غريبه) (5) أى كمل انبات شعرها (6) تثنيه ضبع بفتح الضاد المعجمة وسكون الموحدة وهو وسط العضد وقيل هو ما تحت الإبط (7) تثنية منخر بوزن مسجد وهو خرق الألف وأصله موضع النخير وهو الصوت من الأنف, يقال نخر ينخر من باب قتل اذا مد النفس فى الخياشيم, والمنخر بكسر الميم والخاء للاتباع لغة ومثله؟؟؟؟ قالوا ولا ثالث لهما كذا فى المصباح (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) من رواية عبد الحميد بن بهرام عن شهر وفيهما ضعف وقد وثقا (8) حدثنا يحيى بن اسحاق ثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبى جعفر أن ابن قارظ أخبره عن عبد الرحمن بن عوف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) يعنى المكتوبات الخمس (10) يعنى شهر رمضان (11) أى عن الزنا (12) أى فى كل ما يتعلق بحقوقه المشروعة, وانما اقتصر على الصلاة والصوم ولم يذكر بقية الاركان الخمسة لغلبة تفريط النساء فى الصلاة والصوم وغلبة الفساد فيهن وعصيان الزوج, ولأن الغالب ان المرأة لا مال لها تجب زكاته ويتحتم فيه الحج, فأناط الحكم بالغالب وحثها على مواظبة فعل ما هو لازم لها بكل حال (تخريجه) أورده المنذرى فى الترغيب والترهيب وقال رواه (حم طب) ورواة أحمد رواة الصحيح خلا ابن لهيعة

-[بيان أن الزوج جنة المرأة ونارها]- (عن معاذ بن جبل) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تؤذى امرأة زوجها فى الدنيا إلا قالت زوجته من الحور العين لا تؤذيه قاتلك الله، فانما هو عندك دخيل (2) يوشك أن يفارقك الينا (عن الحصين بن محصن) (3) أن عنة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فى حاحة ففرغت من حاجتها، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أذات زوج أنت؟ قالت نعم، قال كيف أنت له؟ قالت ماآلوه (4) الا ما عجزت عنه، قال انظرى اين أنت منه فانما هو جنتك ونارك (5) (عن عائشة رضى الله عنها) (6) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ايما امرأة نزعت ثيابها فى غير بيت زوجها (7) هتكت ستر ما بينها وبين ربها (عن أسماء بنت يزيد) (8) إحدى نساء بنى عبد الأشهل قالت مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن فى نسوة فسلم علينا وقال ايكن وكفر المنعمين (9) فقلنا يا رسول الله وما كفر المنعمين؟ قال لعل احداكن أن تطول أيمتها (10) بين أبويها وتعلس (11) فيرزقها الله عز وجل زوجا ويرزقها منه مالا وولدا

_ وحديثه حسن فى المتابعات (1) (سند) حدثنا ابراهيم بن مهدى ثنا اسماعيل بن عياش عن بحير بن سعد عن خالد بن معدلن عن كثير بن مرة عن معاذ بن جبل الخ (غريبه) (2) الدخيل هو الضيف والتنزيل، وفيه أن الآخرة هى دار القرار) (وقوله يوشك) أى يقرب ويسرع ويكاد (تخرجه) أورده المنذرى وقال رواه (جه مذ) وقال حديث حسن (3) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنى يحيى بن سعيد عن بشير بن يسار عن الحصين بن محصن الخ (غريبه) (4) أى ما قصرت فى خدمته وطاعته الا فيما عجزت عنه (5) أى سبب فى دخولك الجنة ان أطغيته وأرضيتيه عنك، وسبب فىخولك النار ان عصيتيه وأغضبيتيه (تخريجه) أورده الحافظ المنذرى وقال رواه (حم نس) باسنادين جيدين والحاكم وقال صحح الاسناداه (قلت) وأقره الذهبى (6) (سنده) حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن سالم بن أبى الجعد عن عائيشة الخ (غريبه) (7) هو كنانة عن تكشفها للأجانب وعدم تسترها منهم ويدخل فى ذلك الزنا (وقوله هتكت ستر ما بينها وبين ربها) هكذا جاء فى هذه الرواية، وفى بعض الروايات (فقد هتكت) الخ بزيادة فقد وهى أتم، ومعناه انها بفعلها هذا خرقت لباس التقوى وهو امتثال الأوامر واجتناب النواهى، وكمانهتكت نفسها ولم تصن وجهها وخانت زوجها يهتك الله عز وجل سترها، والجزاء من جنس العمل، والهتك خرق الستر عما وراءه والهتيكه الفضيحة (تخريجه) (جه ك) ورجاله رجال الصحيحين وصححه الحاكم واقره الذهبى (8) (سنده) حدثنا سفيان عن ابن أبى حسين سمع شهرا يقول سمعت أسماء بنت يزيد الخ (غريبه) (9) يعنى الأزواج كما يستفاد من سياق الحديث، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم يحذرهن من كفران نعمة الأزواج، وكفر النعمة انكارها وعدم الاعتراف بها (10) بسكون الياء التحية اسم لمن طال تأيمها والأيم بتشديد الياء التحية فى الأصل التى لا زوج لها بكرا كانت أو ثيبا وتقدم معناه غير مرة (11) يقال عنست المرأة تعنس من باب ضرب، وفى لغة عنست عنوسا من باب قعد، والاسم العناس بالكسر اذا طال مكثها فى منزل أهلها بعد ادراكها ولم تتزوج حتى خرجت من عداد الابكار، فان تزوجت مرة فلا يقال عنست، وعنس الرجل إذا أسن ولم

-[قصة صفوان بن المعطل مع زوجته]- فتغضب الغضبة فراحت تقول ما رأيت منه يوما خيرا قط (1) (وفى لفظ) ما رأيت منه خيرا قط (عن عمرو بن شعيب) (2) عن أبيه عن حده ان النبى صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتحلا يجوز لمرأة عطية الا بإذن زوجها (3) (وعنه أيضًا) (4) عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يجوز المرأة أمر فى مالها (5) اذا ملك زوجها عصمتها (عن أبى سعيد الخدرى) (6) قال جاءت امراة صفوان بن المعطل الى النبى صلى الله عليه وسلم ونحن عنده فقالت يا رسول الله ان زوجى صفوان بن المعطل يضربنى اذا صليت، ويفطرنى اذا صمت، ولا يصلى الفجر حتى طلوع الشمس، قال وصفوان عنده (7) قال فسأله عما قالت، فقال يا رسول الله أما قولها يضربنى اذا صليت فأنها تقرأ بسورتين (8) فقد نيتها عنها، قال فقال لو كانت سورة واحدة لكفيت الناس، وأما قولها يفطرنى فإنها تصوم (9)

_ يتزوج فهو عانس (1) يعنى تكفير نعمته عند غضبها وهذا معنى قوله فيما تقدم (اياكن وكفر المنعمين) يحذر من ذلك لأنه لا يجوز فعله (تخريجه) (طب) بنحوه وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه شهرين بن حوشب وهو ضعيف وقد وثق (2) (سنده) حدثنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة عن داود بن أبى هند عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (3) قال النووى الاذن ضربان (احداهما) الإذن الصريح فى النفقة والصدقة (والثانى) الإذن المفهوم من اطراد العرف والعادة كإعطاء السائل كسرة ونحوها مما جرت العادة به واطرد العرف فيه وعلم بالعرف رضاء الزوج والمالك به فاذنه فى ذلك حاصل وان لم يتكلم، وهذا اذا علم رضاه والا فلا (تخريجه) (د نس) وسنده حسن، وله شاهد من حديث أبى امامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى خطبته عام حجة الوداع (لا تنفق امرأة شيئا من بيت زوجها إلا باذن زوجها قيل رسول الله ولا طعام؟ قال ذاك أفضل أموالنا) أورده المنذرى وقال رواه الترمذى وقال حديث حسن (4) (سنده) حديثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبى هند وحبيب المعلم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن النبى صلى الله عليه وسلم وقيس عن مجاهد أحسبه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يجوز للمرأة الخ (غريبه) (5) الظاهر أن عدم الجواز فيما اذا أنفقتة فيما لا يحل شرعا ويؤيده ما جاء فى حديث وائلة بن الاسقع مرفوعا بلفظ (ليس المرأة أن تنتهك من ما لها شيئا إلا بأذن زوجها اذا ملك عصمتها) لأن الانتهاك معناه المبالغة فى استقصاء الشئ، وانتهاك المال معناه التبذير وهو حرام، أما اذا أنفقته فى مباح أو قربة فيستحب لها استئذان زوجها ليرشدها الى ما فيه المصلحه لأن الرجل أدرى بالمصالح من النساء فى الغالب والله أعلم، وقد ذهب المام مالك الى أن المرأة ليس لها التصرف فى مالها الا بأذن زوجها وخالفه الامام الشافعى (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث عمرو بن شعيب لغير الامام أحمد وسنده جيد، وأخرج نحوه الطيرانى من حديث وائلة بن الأسقع وتقدم لفظه، قال الهيثمى وفيه جماعه لم أعرفهم (6) (سنده) حدثنا عثمان قال عبد الله (يعنى ابن الامام أحمد) وسمعته أنا من عثمان ثنا جرير عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد الخدرى الخ (غريبه) (7) جاء فى رواية أخرى فأرسل اليه ولا معارضة فى ذلك لجواز أنه كان أولا غير موجود فأرسل اليه فلما صار عنده سأله عما قالت الخ (8) أى طويلتين فى ركعة أو ركعتين (وقوله فقد نهيتها عنها) أى عن تطويل القراءة أو اطالة الصلاة لا عن ادااء الصلاة (9) أى تطوعا بدليل قوله صلى الله عليه وسلم الآتى لا تصو من امرأة إلا بأذن زوجها يريد صوم التطوع لأن الصيام

-[ما جاء في حق الزوجة على الزوج]- وأنا رجل شاب فلا أصبر، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ لا تصومن امرأة الا بإذن زوجها، قال وأما قولها بأنى لا أصلى حتى تطلع الشمس، فإن أهل بيت قد عرف لنا ذاك (1) لا نكاد نستيقظ حتى تطلع الشمس، قال فاذا استيقظت فصل (وفى رواية 9 وأما قولها انى لا أصلى حتى تطلع الشمس فانى ثقيل الرأس (2) وأنا من أهل بيت يعرفون بذاك الرءوس، قال فاذا قمت فصل (باب حق الزوجة على الزوج) (حدثنا يزيد) أنا بهز بن حكيم عن أبيه عن جده (3) قال قلت يا رسول الله نساؤنا ما نأتى منها وما أنذر؟ (4) قال حرثك أثت حرثك أنى شئت (5) غير أن لا تضر الوجه (6) ولا تقبح ولا تهجر الا فى البيت (7) وأطعم اذا طعمت واكس اذا كستسيت كيف (8) وقد افضى بعضكم إلا بما حل عليها (عن حكيم بن معاوية عن أبيه) (9) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال سأله رجل (10) ما حق المرأة على الزوج؟ قال تطعمها اذا طعمت وتكسوها اذا اكتسيت ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر الا فى البيت (عن عبد الله بن زمعة) (11) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر النساء فوعظ فيهن (12) وقال علام

_ المفروض لا يتوقف على إذن الزوج (1) أى لأنهم كانوا يستقون الماء طول الليالى الا قليلا فكان يغلبهم النوم قبل الفجر وإلا فما كان النبى صلى الله عليه وسلم يقره على ذلك (2) هذه علة اخرى لعدم استيقظه قبل طلوع الشمس وهى كافيه لمن كذلك (تخريجه) (د جه) وسنده جيد (باب) حدثنا يزيد الخ (غريبه) (3) هو معادوية بن حيدة القشيرى الصحابى رضى الله عنه (4) أى ما يشرع لنا فعله معهن وما ينبغى تركه (قال حرثك) خير لمبتدأ) محدوف أى حرثك (5) أى من جهة الفيل والدبر فى صمام واحد وهو القبل كما تقدم فى باب النهى عن اتيان المرأة فى دبرها (6) يفهم منه جواز ضرب غير الوجه ضربا غير مبرح بكسر الراء المشددة هو الشاق الشديد، أما الضرب على الوجه فلا يجوز مطلقا، فقد نهى النبى صلى الله عليه وسلم عنه نهيا عاما فقال (لانضرب آدميا ولا بهيمة على الوجه) (وقول ولا تقبح) بضم أوله وفاح ثانيه وتشديد الباء الموحده مكسورة معناه لا يسمعها المكروه ولا يشتمها بان يقول قبحك الله وما شبهه من الكلام (7) معناه ان كان لك فى هجرانها مصلحة فلا تهجرها الا فى المضجع ولا تتحول الى بيت آخر أو تحولها إلى دار أخرى ولا تترك كلاهما عند حاجتها (8) أى كيف تقصر فيما وجب عليك لها من الإطعام والكسوة ونحو ذلك وقد وصل بعضكم الى بعض بالجماع ومقدماته (وقوله الا بما حل عليها) هذا الاستثناء راجع الى العقوبة أى لا تعاقب الا بما حل أى وجب عليها فعله وقصرت فيه والله أعلم (تخرجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذرى، وأورده النووى فى رياض الصالحين وحسنه (9) (سنده) حدثنا يزيد أنا شعبه عن أبى فزعة عن حكيم بن معاوية عن أبيه (يعنى معاوية بن حيدة) الخ (غريبه) (10) تقدم فى الحديث السابق أن السائل هو معاوية بن حيدة وفى هذا الحديث أبهم السائل ولا تنافى لاحتمال التعدد أو أنه أبهم نفسه فى هذا الحديث لغرض فى نفسه والله أعلم (تخريجه) (نس جه هق) وصححه الحاكم وابن حبان (11) (سنده) حدثنا وكيع عن هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعة الخ (غريبه) (12) أي

-[ما جاء في الرفق بالزوجة ووعظها وعدم ضربها مبرحًا]- يضرب (وفي لفظ يجلد) (1) أحدكم امرأته (زاد فى رواية ضرب العبد) (2) ولعله أن يضاجعها من آخر النهار أو آخر الليل (عن لقيط بن صبرة) (3) قال يا رسول الله ان الله ان لى امرأة فذكر من طول لسانها وايذائها فقال طلقها، قال يا رسول الله انها ذات صحبة وولد، قال فأمسكها وأمرها (4) فان بك فيها خير فستفعل (5) ولا تضرب ظعينتك (6) ضربك امتك (عن أبى هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفرك (8) مؤمن مؤمنة ان كره منها خلقا رضى منها آخر (وعنه أيضًا) (9) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال اللهم إنى أخرج (10) حق الضعفين اليتيم والمرأة (عن سعد بن أبى وقاص) (11) أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى ان يطرق الرجل أهله بعد صلاة العشاء (12)

_ فيما يجب لهن من الحق وما يقع من أزواجهن (1) الجلد والضرب معناها واحد يقال جلدته بالسيف والسوط ونحوهما اذا ضربته (3) أى مثل ضرب العبد (ولعله أن يضاجعها أى يواطؤها وفى بعض الرويات (ثم يجمعها فى آخر اليوم) وثم هنا للاستبعاد فانه جمع بين الافراط والتفريط (تخرجه) (ق والاربعة) (3) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بسنده وطوله فى باب كرمه صلى الله عليه وسلم من أبواب الشمائل فى كتاب السيرة النبوية أن شاء الله تعالى (غريبه) (4) أى عظها كما صرح بذلك فى رواية أبى داود (5) فتستفعل ما تأمرها به وتقبله، وفى رواية للشافعى وابن حيان فتستقبل (6) للظعينة فى الاصل الراحلة التى يرحل ويظعن عليها أى يسار، وقيل للمرأة ظعيتة لأنها تظعن مع الزوج حيثما ظعن ولانها تحمل على الراحلة اذا ظعنت، وهو وصف للمرأة فى هودجها ثم سميت بهذا الاسم وان كانت فى بيتها، وفيه ايماء لطيف الى الأمر بالضرب بعد قبول الوعظ؟ لكن يكون ضربا غير مبرح كما تقدم (وقوله ضربك أمتك) أى مثل ضربك للأمة (تخرجه) (فع خز حب هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبى (7) (سنده) حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر حدثنى عمران بن أبى أنس عن عمرو بن الحكم عن أبى هريرة الخ (غريبه) (8) بفتح الياء التحية والراء بينهما فاء ساكنة وآخره كاف ساكنه (ولا) ناهية كذا جاء فى الرويات الصحيحة كما قاله النووى، ومعناه يبغض يقال فركت المرأة زوجها وفركها زوجها بكسر الراء فيهما يفتركها بفتح الراء أى أبغضها والمعنى أن شأن المؤمن أن لا يبغض المؤمنة بغضا كليا يحمله على فراقها، بل ينبغى له أن يغفر سيئتها لحسنتها ويتغاضى عما يكره بما يحب كآن تكون سيئه الخلق لكنها دينة أو جميلة أو عففتة أو رفيقة به أو نحو ذلك (تخريجه) (م هق) (9) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن عجلان قال حدثنى سعيد عن أبى الخ (غريبه) (10) بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء مكسورة أى وأحرمه على من ظلمها يقال حرج على ظلمك أى حرمه وأحرجها بتطليقة أى حرمها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده جيد (11) حدثنا حجاج أنبأنا ليث حدثنى عقيل عن ابن شهاب عن سعد بن ابى وقاص الخ (غريبه) (12) هكذا فى هذه الرواية (بعد صلاة العشاء) وفى حديث جابر عند الشيخين والامام أحمد وتقدم فى باب آداب رجوع المسافر صحيفة 81 فى الجزء الخامس بلفظ (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يطرق الرجل أهله ليلا) وفى حديث الباب بيان وقت النهى وهو بعد صلاة العشاء، وهذا النهى خاص بالمسافر الذى طالت غيبته كما فى رواية أخرى للشيخين عن جابر مرفوعا (اذا أطال أحدكم الغيبة فلا يطرق أهله ليلا) ومفهومه عدم كراهة

-[عدم تضييع حق الزوجة بكثيرة الصيام وفضل إحسان العشرة]- (عن هشام بن عروة) (1) عن أبيه عن عائشة قالت دخلت على خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأقص السلميه وكانت تحت عثمان بن مظعون قالت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذاذة (2) هيثتها، فقال لى يا عائيشة ما أبذ هيئةخويلة؟ قالت فقلت يا رسول الله أمرأة لا زوج لها (3) يصوم النهار ويقوم الليل فهى كمن لا زوج لها فتركت نفسها وأضاعتها (4) قالت فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الى عثمان ابن مظعون فجاء فقال يا عثمان أرغبة عن سنى؟ (5) قال لا والله يا رسول الله ولكن سنتك أطلب"قال فانى أنام وأصلى وأصوم وأفطر وأنكح النساء فاتق الله يا عثمان فان لاهلك عليك حقا (6)، وان لضيفك عليك حقا، وان لنفسك عليك حقا، فصم وأفطر وصل ونم (باب فضل احسان العشرة وحسن العشرة وحسن الخلق مع الزوجة) (عن العرباض بن سارية) (7) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الرجل اذا سقى امرأته من الماء أجر، قال فاتيتها (8) فسقيتها وحدثتها بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن أبى زر) فى حديث طويل (9) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولك فى جماع زوجتك أجر، فقال أبو زر وكيف يكون لى أجر فى شهوتى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت لو كان لك ولد فأدرك ورجوت خيره فمات أكنت تحستسب به؟ قلت نعم، قال فانت خلقته؟ قال بل الله خلقه، قال فأنت هديته؟ قال بل الله هداه، قال فآنت ترزقه؟ قال بل الله كان يرزقه، قال كذلك فضعه فى حلال وجنبه حرامه فان شاء الله أحياه وان شاء أمانه ولك أجر (عن النعمان بن بشير) (10) قال جاء أبو بكر يستأذن على النبى صلى الله عليه وسلم فسمع عائشة

_ الطروق ليلًا مع قصر السفر، والحمة فى ذلك عدم مفاجأتها بالحضور ليمكسنها الاستعداد له والتزين، والغالب فى السفر القصير انها تتوقع حضوره بذلك لم يكره الطرق ليلًا (وفى المصباح) كل ياتى ليلا فقد طرق وهو طارق (تخرجه) لم أقف عليه من حديث سعد لغير الإمام أحمد وسنده جيد زيؤيده حديث جابر المشار اليه فى شرح (1) (سنده) حدثنا يعقوب قال حدثنا أبى ابن اسحاق قال حدثنى هشام بن عروة الخ (غريبه) (2) البذاذة وثائة الهيئة أى رث للبسة، والمراد هنا أنها غير متزينة بنحو الخضاب والحناء، ولباسها خلق وشعرها شعث ونحو ذلك (3) أى كأنها لا زوج لها كما سيأتى (4) معناه أنه لم يجعل لها وقتا تتمتع به فيه فتركت نفسها من الزينة واضاعتها (5) معناه ألا تحب أن تقتدى بى وتفعل كفعلى (6) فيه أن من حق الزوجة على الزوج أن يجعل لها وقتا تخلوا به فيه، وان يجعل للضيف وقتا لاقرائه ومؤنسته، وأن يجعل لنفسه وقتا للراحه (تخرجه) (يز) ورجاله ثقات وروى أبو داود طرفا منه، وزاد البزار فقال يا عثمان إن لك في أسوة وإن اخشاكم لله وأحفظكم لحدوده لآنا والله أعلم (باب) (7) (سنده) حدثنا أبو جعفر وهو محمد بن جعفر المداثنى اخبرنى عباد بن العوام عن سفيان بن الحين عن خالد بن سعد عن العرباض بن سارية الخ (غريبه) (8) يعنى أتى امرأته فسقاها رغبة فى الآجر، وهذا من مكارم الاخلاق وحسن العشرة مع الزوجة (تخرجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده جيد (9) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب خصال تعد من الصدفة من كتاب الزكاة صحيفة 178 فى الجزء التاسع فأرجع اليه، وهو حديث صحيح رواه مسلم وغيره (10) (سنده) حدثنا وكيع عن اسرائيل عن أبى اسحاق عن العيزار

-[قصة أبي بكر مع النبي صلى الله عليه وسلم وعائيشة وكرم أخلاقه صلى الله عليه وسلم]- وهي رافعة صوتك على رسول الله صلى فاذن له فدخل، فقال يا ابنة أم ابنة أم رومان (1) وتناولها (2) أترفعين صوتك على رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لها يترضاها (3) ألا ترين أني قد حلت بين الرجل وبينك قال ثم جاء أبو بكر (4) فاستاذن عليه فوجد يضاحكها، قال فأذن له فدخل فقال له أبو بكر يا رسول الله أشركانى فى سلمكما (5) كما اشر كتمانى فى حربكما (6) (عن ابى هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة كالضلع (8) فان تحرص على اقامته تكسره وان تتركه تستمع به وفيه عوج (وعنه من طريق ثان) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسقيم لك المرأة على خليقة واحدة، انما هى كالضلع إن تقمها تكسرها (10) وان تتركها تستمتع بها وفيها عوج (عن سمرة بن جندب) (11)

_ ابن حريث عن النعمان بن بشير الخ (غريبه) (1) أم رومان بضم الراء وسكون الواو على المشهور، وقال ابن عبد البر الاستيعاب يقال بفتح الراء وضمها بنت عامر بن عويمر بن عبد شمس والخلاف فى نسبها كثير، قال الحافظ فى التقريب هى زوج أبى بكر الصديق وأم عائيشة وعبد الرحمن صحابية يقال اسمها زينب وقيل دعد، وزعم الوقدى ومن تبعه أنها ماتت فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم ونزل قبرها والصحيح أنها عاشت بعده، ورواية مسروق عنها مصرح فيها بالسماع منها فى صحيح البخارى، وليست بخطأ كما زعم بعضهم والله أعلم اه أسلمت قبل الهجرة وهى من المهاجرات الأول رضى الله عنه (2) فى رواية أبى داود (تناولها ليلطمها) بكسر الطاء ويجوز ضمها من اللطم وهو ضرب الخد، وهو منهى عنه، ولعله كان قبل النهى أو وقع ذلك من أبى بكر رضى الله عنه لغلبة الغضب أو أراد ولم يلطم (3) أى يلاطفها ويمازحها وهذا من كرم أخلاقه صلى الله عليه وسلم وحسن معاشرته لزوجاته (4) جاء عند أبى داود (قال فمكثت أبو بكر أياما) ثم استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدهما اصطلا (5) بكسر المهملة أى صلحكما (6) زاد أبو دواد فقال النبى صلى الله عليه وسلم نعم قد فعلنا قد فعلنا (تخريجه) (دنس) وسكت عنه أبو داود والمنذرى ورجاله كلهم ثقات (7) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن عجلان قال سمعت أبى يحدث عن أبى هريرة الخ (غريبه) (8) بكسر الضاد المعجبمة وفتح اللام ويسكن قليلا، والاكثر الفتح وهو أحد الأضلاع، وانما شهيت المرأة بالضلع للتنبيه على أنها معوجة الأخلاق لا تستقيم أبدا، فمن حاول حملها على الأخلاق المستقيمة أفسدها ومن تركها على ما هو عليه انتفع به (9) (سنده) زاد فى رواية (وكسرها طلاقتها) ومعناه إن كان لا بد من الكسر فكسرها طلاقتها، وفيه رمز الى التقويم أولا برفق بحيث لا يبالغ فيه فيكسر، وهذا فى الأمور التى تخص بحقه فى المعاشرة، فان تجاوزت الحد وارتكبت المعصية بمباشرتها ونحو ذلك فلا يتركها على عوجها، والى ذلك يشير قوله تعالى {يا أيها الذين آمنو قوا أفسكم وأهليكم نارا} وحينئذ له أن يطلقها (تخرجه) (ق مذهق) وغيرهم بالفاظ متقاربة، وفى لفظ للشيخين استوصوا بالنساء فان المرأة خلقت من ضلع وإن أعوج شئ فى الضلع أعلاه فان ذهبت تقيمة كسرته وان تتركه لم يزل أعوج فاستوصوا بالنساء (11) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا عون قال وحدثنى رجل قال سمعت سمرة يخطب على منبر البصرة وهو يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

-[قوله صلى الله عليه وسلم المرأة كالضلع وقصة أبى ذر مع زوجته والصبر على إيذاء الزوجة]- قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان المرأة خلقت (1) من ضلع وانك ان ترد اقامة الضلع تكسرها فدارها (2) تعش بها (عن عائشة رضى الله عنها) (3) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المرأة كالضلع أن أقمتها كسرتها وهى يستمتع بها على عوج فيها (عن نعيم بن قعنب الرِّياحى) (4) قال أتيت أبا ذر فلم أجده ورأيت المرأة فسألتها فقالت هو ذاك فى ضيعة (5) له فجاء يقود أو يسوق بعيرين قاطرا أحدهما فى عجز صاحبه، فى عنق كل واحد منها قربة فوضع القربتين، قلت يا أبا ذر ما كان من الناس أحد أحب الى أن القاه منك، ولا أبغض أن القاه منك، قال لله أبوك وما يجمع هذا؟ قال قلت انى كنت وأدت (6) فى الجاهليةوكنت أرجو فى لقائك أن تخربنى ان لى توبة ومخرجا (7) وكنت أخشى فى لقائك أن تخبرنى أنه لا توبة لى (8) فقال أفى الجاهلية. قلت نعم، قال عفا الله عما سلف (9) ثم عاج برأسه إلى المرأة فأمر لى بطعام فالتوت عليه (10) ثم أمرها فالتوت عليه حتى ارتبعت أصراتهما قال إيها (11) دعينا عنك فانكن لن تعدونَّ (12) ما قال لنا فيكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت وما قال لكم فيهن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال المرأة ضلع فإن تذهب

_ يقول الخ (غربيه) (1) بالبناء المفعول اى أخرجت من ضلع، قال الحافظ فيه اشارة الى أن حواء خلقت من ضلع آدم الأيسر، وقيل من ضلعة القصير أخرجه ابن اسحاق فى المبتدأ عن ابن عباس، وكذا أخرجه ابن ابى حاتم وغيره من حديث مجاهد، وأغرب النووى فعزاه للفقهاء. أو لبعضهم اهـ وهذا لا يخالف الأحاديث التى فيها تشبية المرأة بالضلع بل يستفاد من هذا نكتة التشبيه وانها عوجاء مثله لكون اصلها منه والله اعلم (2) أى لاطفها ولاينها فانك بذلك تبلغ ما تريده منها من الاستمتاع بها وحسن العشرة معها، وفيه اشعار بكراهة الطلاق بلا سبب شرعى (تخريجه) (حب ك) وقال الحاكم صحيح وأقروه اهـ (قلت) فى اسناد الامام أحمد رجل لم يسم، وأورده الهيثمى وقال رواه (حم بز) باسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح، وسمى الرجل أبا رجاء العطار، والطبرانى فى الكبير والأوسط (3) (سنده) حدثنا عامر بن صالح قال حدثنى هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طس بز) ورجال البزار رجال الصحيح (4) (سنده) حدثنا اسماعيل عن الجزيرى عن أبى السليل عن نعيم بن قعنب الرّياحى الخ (غربيه) (5) الضيعة فى الأصل المرة من لضياع، وضيعة الرجل فى غير هذا ما يكون منه معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغير ذلك (6) يقال وأد ابنته وأدا من باب وعد دفنها حية وكان السرب فى الجاهلية اذا ولد لأحدهم بنت دفنها فى التراب وهى حية فهى موءودة، وهى التى ذكرها الله عز وجل فى كتابه بقوله {واذا الموءودة سئلت بأى ذنب قتلت} (7) يعنى فتكون أحب الناس الى (8) أى فتكون أبغض الناس الى (9) معناه لا وزر عليك فيما فعلته فى الجاهلية قال تعالى {قل للذين كفروا إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف} وفى الحديث الصحيح (الاسلام يجب ما قبله من الذنوب) أى يمحو ما كان قبله من الكفر من الذنوب رواه مسلم والامام أحمد وغيرهما (وقوله ثم عاج برأسه الى المرأة) أى أماله اليها والتفت نحوها، وهذه المرأة هى زوجة أبى ذر (10) هو كناية عن المخالفة وعجم الالتفات الى ما يقول (11) بكسر الهمزة وفتح الهاء منونا معناه الأمر بالسكوت (12) أى لن تتجاوزن ولن تخرجن عما قال لنا فيكن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ

-[ملاطفة الزوجة وقوله صلى الله عليه وسلم أكمل المؤمنين ايمانا أحسنهم خلقا وخيارهم خيارهم لنسائهم]- تقوّمها تكسرها, وان تدعها ففيها أود (1) وبلغة فولت فجاءت بثريدة كأنها قطاة (2) فقال كل ولا أهولنك (3) انى صائم, ثم قام يصلى فجعل يهذب الركوع ويخففه ورأيته يتحرى أن أشبع أو أقارب, ثم جاء فوضع يده معى فقلت إنا لله وانا اليه راجعون, فقال مالك؟ فقلت من كنت أخشى من الناس أن يكذبنى فما كنت أخشى ان تكذبنى (4) قال لله أبوك, إن كذبتك (5) كذبة منذ لقيتنى؟ فقال الم تخبرنى أنك صائم ثم أراك تأكل؟ قال بلى انى صمت ثلاثة أيام من هذا الشهر فوجب أجره وحل لى الطعام معك (6) (عن أبى هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل المؤمنين ايمانا أحسنهم خلقا وخيارهم لنسائهم (عن عائشة رضى الله عنها) (8) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من أكمل المؤمنين ايمانا وأحسنهم خلقا والطفهم باهله (وعنها أيضا) (9) قالت لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتى والحبشة يلعبون بحرابهم يسترنى بردائه لكى أنظر الى لعبهم ثم يقوم حتى أكون أنا التى أنصرف (وعنها رضى الله عنها (10) قالت كنت العب بالبنات (11) ويجئ صواحبى فيلعبن معى فاذا رأين رسول الله صلى الله عليه وسلم أنقمعن (12) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلهن علىَّ فيلعبن معى (باب القسم بين الزوجات ومدة اقامة الزوج عند البكر والثيب) (عن عمرو بن شعيب) (13) عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم

_ (1) الأود محركه العوج (وبلغة) من البلاغ وهو ما يتبلغ به ويتوصل به الى الشئ المطلوب, والمعنى إن تتركها تستمتع بها وفيها عوج (2) القطاة واحدة القطا وهو ضرب من الحمام شبهها به فى اللذة والطعم (3) أى لا أخيفك فلا تخف منى لكونى لم آكل معك إنى صائم (4) معناه لو كنت أعلم أو أظن أو أخاف أن بعض الناس يقول الكذب فما كنت أظن ان تكذب فى قولك لى (5) إن معنى ما أى ما كذبتك الخ (6) معناه أنه صام ثلاثة أيام من هذا الشهر والحسنة بعشر أمثالها فيكون اليوم بعشرة ايام فكأنه صام الشهر كله لأن له اجر صيام الشهر فهو صائم بهذا المعنى لم يكذب, وفيه تورية (تخرجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام أحمد وسنده جيد ورجاله ثقات (7) (سنده) حدثنا ابن ادريس قال سمعت محمد بن عمرو عن ابى سلمى عن أبى هريرة الخ (تخريجه) (حب مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح ورواه ابو داود الى قوله خلقا (8) (سنده) حدثنا اسماعيل ثنا خالد الحذاء عن أبى قلابة عن عائشة الخ (تخريجه) (مذ نس ك) قال الترمذى حسن لكن لا نعرف لابى قلابة سماعا من عائشة اهـ وقال الحاكم على شرطهما, وتعقبه الذهبى فقال قلت فيه انقطاع اهـ (9) (سنده) حدثنا عثمان بن عمر قال ثنا يونس عن الوهرى (عن عروة عن عائشة الخ) (تخريجه) (ق. وغيرهما) وتقدم نحوه فى باب الضرب بالدف واللعب يوم العيد من أبواب العيدين فى الجزء السادس صحيفة 161 وفى شرحه كلام نفيس (10) (سنده) حدثنا ابن نمير قال ثنا هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (11) أى باللعب التى صورة البنات قال القاضى عياض فيه جواز اللعب بهن وتخصيص النهى عن اتخاذ الصور بهن لما فيه من تدريب النساء من صغرهن على النظر فى بيوتهن وأولادهن, وقد اجاز العلماء بيعها وشراؤها (12) أى تغيبن ودخلن فى بيت أو من وراء ستر حياء وهيبة له عليه الصلاة والسلام, وأصله من القمع الذى على رأس الثمرة اى يدخلن فيه كما تدخل الثمرة فى قمعها فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتى بهن اليها لتلعب معهن, وهذا من كرم اخلاقه وحسن معاشرته صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (13) (سنده) حدثنا ابن نمير عن

-[القسم بين الزوجات ومدة إقامة الزوج عند البكر والثيب]- قال إذا تزوج الرجل البكر أقام عندها ثلاثة أيام (عن أنس بن مالك) (1) قال لما اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية أقام عندها ثلاثا وكانت ثيبا (عن أم سلمة) (2) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما تزوجها أقام عندها ثلاثة أيام وقال إنه ليس بك على أهلك هوان (3) ,غن شئت سبعت لك (4) , وان سبعت لك سبعت لنسائى (وفى لفظ قال) (5) ان بك على أهلك كرامة, قال الراوى فاقام عندها الى العشىّ (6) ثم قال ان شئت سبعت لك وان سبعت لك سبعت لسائر نسائى, وان شئت قسمت لك, قالت لا بل اقسم لى (باب فيما يجب فيه التعديل بين الزوجات ومالا يجب) (عن أبى هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كانت له امرأتان يميل لأحداهما على الأخرى جاء يوم القيامة وأحد شقية ساقط (8) (عن عائشة رضى الله عنها) (9) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ حجاج عن عمرو بن شعيب الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد, واورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه الحجاج بن ارطاة وهو مدلس وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) اخذ الأوزاعى بهذا الحديث فقال اذا تزوج البكر على الثيب مكث ثلاثا, واذا تزوج الثيب على البكر يمكث يومين, وهو خلاف المحفوظ عند الشيخين وغيرهما عن خالد عن أبى قلاية عن انس بن مالك قال اذا تزوج البكر على الثيب اقام عندها سبعا, واذا تزوج الثيب اقام عندها ثلاثا, قال خالد ولوقلت إنه رفعه لصدقت ولكنه قال السنة كذلك (وفى رواية عند مسلم) عن انس ايضا قال من السنة (ان يقيم عند البكر سبعا) ومعلوم عند جماهير المحدثين من السلف والخلف ان الصحابى اذا قال من السنة كذا فهو فى الحكم كقوله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يفيد أنه يقيم عند البكر سبعا وعند الثيب ثلاثا, والى ذلك ذهب الأئمة مالك والشافعى واحمد واسحاق والشعبى وقال اصحاب الرأى البكر والثيب فى القسم سواء (1) (سنده) هيثم عن حميد ثنا أنس بن مالك الخ (تخرجه) (د نس هق) ورجال ابى داود رجال الصحيح (2) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان قال حدثنى محمد بن ابى بكر عن عبد الملك بن أبى بكر عن أبيه عن امسلمة الخ (غريبه) (3) معناه انه لا يلحقك هو ان ولا يضيع شئ من حقك, قال القاضى عياض المراد باهلك هنا النبى صلى الله عليه وسلم نفسه أى لا أفعل فعلا به هو انك (4) فى رواية لمسلم وان شئت ثلثت ثم درت قالت ثلث (5) هذا اللفظ طرف من حديث طويل سيأتى بتمامه وسنده فى باب زواجه صلى الله عليه وسلم بأم سلمة من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله تعالى (6) فى رواية لمسلم فلما أراد أن يخرج أخذت بثوبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان شئت زرتك وحاسبتك للبكر سبع وللثيب ثلاث, وفيه أن النبى صلى الله عليه وسلم بين حقها وانها مخيرة بين ثلاث بلا قضاء وبين سبع ويقضى لباقى نسائه لأن فى الثلاث مزية بعدم القضاء وفى السبع مزية لها بتواليها وكمال الأنس فيها فاختارت الثلاث لكونها لا تقضى وليقرب عوده اليها فانه يطوف عليهن ليلة ليلة ثم يأتيها ولو أخذت سبعا طاف بعد ذلك عليهن سبعا سبعا فطالت غيبته عنها (تخريجه) (م د جه مى هق قط والامامان) (باب) (7) (سنده) حدثنا بهز وعفان قالا حدثنا همام ثنا قتادة عن النضربن انس عن بشير بن نهيك عن أبى هريرة الخ (غريبه) (8) جاء عند الترمذى والحاكم (وشقه ساقط) وهو بكسر الشين المعجمة, قال الطيبى فى شرحه ساقط أى مائل قيل, بحيث يراه أهل العرصات ليكون هذا زيادة فى التعذيب اهـ, وقال ابن العربى فى قوله وشقه ساقط أى مائل يعنى به كفة الميزان فترجح كفة الخسران على كفة الخير الا أن يتداركه الله لطفه (تخريجه) (مى حب ك والاربعة) قال الحافظ فى تخريج الهداية رجاله ثقات اهـ (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبى (9) (سنده) حدثنا يزيد

-[عدد زوجات النبي صلى الله عليه وسلم اللائى توفى عنهن وكيف كان يقسم بينهن]- يقسم بين نسائه فيعدل ويقول هذه قسمتى (1) ثم يقول اللهم هذا فعلى فيما أملك (2) فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك (عن عطاء) (3) قال حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة زوج النبى صلى الله عليه وسلم بسرف (4) قال فقال ابن عباس هذه ميمونة اذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوها (5) ولا تزلزلوها فان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عنده تسع نسوة (6) وكان يقسم لثمان وواحدة لم يكن ليقسم لها, قال عطاء التى لم يكن يقسم لها صفية (7) (عن عائشة رضى الله عنها) (8) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من يوم الا وهو يطوف علينا جميعا امرأة امرأته فيدنوا ويلمس من غير مسيس (9) حتى يفضى الى التى هو يومها فيبيت عندها (عن قتادة) (10) عن أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يدور على نسائه فى الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن احدى عشرة, قال قلت لأنس وهل كان يطيق ذلك قال كنا نتحدث انه أعطى قوة ثلاثين (عن عائشة زوج النبى) (11) صلى الله عليه وسلم قالت لما ثقل

_ قال انا حماد وعفان قال ثنا حماد بن سلمة عن أيوب قال عفان وثنا أيوب قال عفان وثنا أيوب عن أبى قلابة عن عبد الله بن يزيد عن عائشة الخ (غريبه) (1) لفظ هذه قسمتى زادها عفان فى روايته ولم يذكرها حماد (2) أى فيما أقدر عليه (وقوله فلا تلمنى) أى لا تعاقبنى ولا تؤاخذنى (فيما تملك ولا أملك) قال الترمذى انما يعنى به الحب والمودة, كذا فسره بعض أهل العلم اهـ وقد اخرج البهقى من طريق على بن ابى طلحة عن ابن عباس فى قوله تعالى (ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء) قال فى الحب والجماع, وعند عبيدة بن عمرو السامانى مثله (تخريجه) (مى حب ك والاربعة) وصححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبى ورجح الترمذى ارساله, قال الخطابى فيه دلالة على توكيد وجوب القسم بين الضرائر الاحرار, وانما المكروه من الميل هو ميل العشرة الذى يكون معه بخس الحق دون ميل القلوب فان القلوب لا تملك اهـ (3) (سنده) حدثنا جعفر بن عون انا ابن جريج عن عطاء الخ (غريبه) (4) بفتح السين المهملة وكسر الراء وبالفاء ممنوع من الصرف وهو اسم مكان بقرب مكة بينه وبينها ستة اميال, وقيل سبعة وقيل تسعة وقيل اثنا عشر (5) الزعزعة كل حركة شديدة والزلزلة كذلك, والمعنى ارفعوا نعشها بتؤدة وسكينة ولا تحركوها تحريكا شديدا فان ذلك ينافى كرامة الميت (6) هن عائشة وسودة وحفصة وأم سلمة وزينب بنت جحش وصفية وجويرية وأم حبيبة وميمونة هؤلاء الزوجات اللائى مات عنهن, وسيأتى الكلام على جميع أزواجه مستوفى فى باب ذكر أولاد النبى صلى الله عليه وسلم وآل بيته وزوجاته الخ فى آخر كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (7) قال النووى وأما قول عطاء التى لا يقسم لها صفية فقال العلماء هو وهم من ابن جريج الراوى عن عطاء وانما الصواب سودة اهـ (قلت) ويؤيد ذلك ما سيأتى فى الباب التالى ان سودة وهبت يومها لعائشة فهى التى كان لا يقسم لها (تخريجه) (م) (8) (سنده) حدثنا سريج ثنا ابن أبى الزناد عن هشام بن عروة عن ابيه عن عائشة الخ (غريبه) (9) أى من غير جماع ويستفاد منه انه يجوز للزوج دخول بيت غير صاحبه النوبة ومحادثتها والدنو منها واللمس الا الجماع (تخريجه) (د ك هق) وصححه الحاكم وأقره الذهبى, ولفظ ابى داود (كان لا يفضل بعضنا على بعض فى القسم من مكثه عندنا وكان ما من يوم الا وهو يطوف) الخ (10) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب من أسلم وتحته اختان الخ صحيفة 20 رقم 160 فى هذا الجزء, وانما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة (11) (سنده) حدثنا ابراهيم وعلى ابن اسحاق قالا ثنا ابن مبارك عن معمر ويونس وعلى بن اسحاق قال انا عبد الله قال أنا معمر, ويونس

-[للزوجة إذا كبرت أو خشيت فراق الزوج أن تهب يومها لضرتها]- رسول الله صلى الله عليه وسلم واستد وجعه (1) استأذن أزواجه أن يمرض (2) فى بيتى فأذنّ (3) له (باب من وهبت يومها لضرتها) (عن عروة عن عائشة) (4) رضى الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد سفرا أقرع بين نسائه (5) فأيتهن خرج سهمها خرج بها معه, وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها غير أن سودة بنت زمعة كانت وهبت يومها وليلتها لعائشة (6) زوج النبى صلى الله عليه وسلم تبتغى بذلك رضا النبى صلى الله عليه وسلم (عن عائشة رضى الله عنها) قالت لما كبرت سودة وهبت يومها الى فكان النبى صلى الله عليه وسلم يقسم لى بيومها مع نسائه قالت وكانت أول امرأة تزوجها بعدها

_ عن الزهري قال اخبرنى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود ان عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت الخ (غريبه) (1) أى وكان فى بيت ميمونه ذكره القسطلانى (2) بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الراء مفتوحة أى يتعهد ويخدم فى بيتى وكانت فاطمة رضى الله عنها هى التى خاطبت امهات المؤمنين فى ذلك فقالت لهن إنه يتعهد ويخدم فى بيتى وكانت فاطمة رضى الله عنها هى التى خاطبت امهات المؤمنين فى ذلك فقالت لهن إنه يشق عليه الاختلاف, ذكره ابن سعد باسناد صحيح عن الزهرى (3) بتشديد النون, ويستفاد منه أن مجرد ارادة الزوج أن يكون عند بعض نسائه فى مرضه لا يكون محرما عليه بل يجوز له ذلك, ويجوز للزوجات الاذن له بالاقامة عند واحدة منهن (تخريجه) (ق- وغيرهما) (باب) (4) (سنده) حدثنا ابراهيم بن اسحاق وعلى قالا ثنا ابن مبارك قال على أنا ابن مبارك عن يونس قال على أنا يونس عن الزهرى قال اخبرنى عروة عن عائشة الخ (غريبه) (5) من القرعة بضم القاف وسكون الراء وهى السهام التى توضع على الحظوظ, فمن خرجت قرعته وهى سهمه الذى وضع على النصيب فهو له, وانما كان صلى الله عليه وسلم يقرع بين نسائه تطييبا لتفوسهن وحذرا من الترجيح بلا مرجح عملا بالعدل, لأن المقيمة وان كانت فى راحة لكن يفوتها الاستمتاع بالزوج, والمسافرة وان حظيت عنده بذلك تتأذى بمشقة السفر, فايثار بعضهن بهذا وبعضهن بهذا اختيارا: عدول عن الانصاف, ومن ثم قال العلماء كان الإقراع واجبا, لكن محل الوجوب فى حق الأمة لا فى حقه صلى الله عليه وسلم لعدم وجوب القسم عليه كما نبه عليه ابن ابى جمرة والله أعلم (6) انما فعلت ذلك سودة لما كبرت كما فى رواية ستأتى للامام أحمد وفى رواية لأبى داود بلفظ, ولقد قالت سودة بنت زمعة حين أسنت وخافت أن يفارقها رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله يومى لعائشة فقبل ذلك منها) ففيها واشباهها نزلت (وان امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا الآية) ورواه أيضا (مذ ص عب) وابن سعد, انظر تفسير هذه الآية وأحكام هذا الباب فى القول الحسن شرح بدائع المتن صحيفة 366 و 367 (قال الحافظ) فتواردت هذه الروايات على أنها خشيت الطلاق فوهبت, قال واخرج ابن سعد بسند رجاله ثقات من رواية القاسم بن ابى بردة مرسلا أن النبى صلى اله عليه وسلم طلقها فقعدت له على طريقه فقالت والذى بعثك بالحق مالى فى الرجال حاجته ولكن احب ان بعث مع نسائك يوم القيامة, فانشدك الذى انزل عليك الكتاب هل طلقتنى لموجدة وجدتها علىَّ؟ قال لا, قالت فانشدك لما راجعتنى فراجعها, قالت فانى قد جعلت يومي وليلتى لعائشة حبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم (تخريجه) (ق د نس جه)

كتاب الطلاق

بسم الله الرحمن الرحيم (38) (كتاب الطلاق) (باب في جوازه للحاجة وكراهته مع عدمها وطاعة الوالد فيه) (عن عاصم بن عمر) ----- (1) الطلاق لغة حل الوثاق مشتق من الإطلاق وهو الإرسال والترك، وفي الشرع حل عقدة التزويج فقط وهو موافق لبعض أفراد مدلوله اللغوي، ولما كان في مشروعية النكاح مصالح العباد الدينية والدنيوية كان في مشروعية الطلاق إكمال لها، إذ قد لا يوافقه النكاح فيطلب الخلاص عند تباين الأخلاق وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله. فمكن من ذلك رحمة منه سبحانه، وفي جعله عددا حكمة لطيفة لأن النفس كذوبة ربما تظهر عدم الحاجة إلى المرأة أو الحاجة إلى تركها وتسول له، فإذا وقع حصل الندم وضاق الصدر به وعيل الصبر، فشرعه سبحانه وتعالى ثلاثًا ليجرب نفسه في المرة الأولى، فإن كان الواقع صدقها استمر حتى تنقضي العدة، وإلا أمكنه التدارك بالرجعة، ثم إذا عادت النفس لمثل الأولى وغلبته حتى عاد إلى طلاقها نظر أيضا فيما يحدث له، فما يوقع الثالثة إلا وقد جرب وفقه في حال نفسه: ثم حرمها عليه بعد انتهاء العدد حتى تنكح زوجا غيره ليجازي بما فيه غيظه وهو الزوج الثاني (باب). (2) (سنده) حدثنا أبو سلمة الخزاعي ثنا بكر بن مضر قال حدثني موسى بن جبير عن أبي أمامة بن

_ بيان رموز واصطلاحات تختص بالشرح (خ) للبخارى (م) لمسلم (حم) للامام أحمد (لك) لللامام مالك فى الموطا (فع) للامام الشافعى (الاربعة) لاصحاب السنن الآربعة ابى داود والترمذى والنسائى وابن ماجة (الثلاثة) لهم الا ابن ماجة (د) لابى داود (نس) للنسائى (مذ) للترمذى (جة) لابن ماجة (حب) لابن حبان فى صحيحة (مى) للدرامى فى سننة (خز) لابن خزيمة فى صحيحة (بز) للبزار فى مسندة (طب) للطبرانى فى الكبير (طس) لة فى الاوسط (طص) لة فى الصغر (ص) لسعيد بن منصور فى سفنة (ش) لابن ابى شيبة فى مصنفة (عب) لعبد الرزاق فى الجامع (عل) لابى يملى فى سندة (قط) للدارقطنى فى سفنة (حل) لابى نعيم فى الحلبة (هق) للبيهقى فى السنن الكبرى (هب) لة شعب الايمان (طح) للطحاوى فى معانى الاثار (ك) للحاكم فى المسندرك (طل) لابى داود الطيالسى فى مسندة رحمهم اللة تعالى (اما الشرح واصحاب كتب الرجال والغريب ونحوهم فاليك ما يختص بهم) (نة) للحافظ ابن الاثير فى كتابة الهاية فى الغريب الحديث (خلاصة) للحافظ الخزرجى فى خلاصة تذهيب الكمال (قر) للحافظ بن حجر العسقلانى فى تقريب التهذيب، ثم اذا قلت قال الحافظ واطلقت فالمراد بة الحافظ ابن حجر

-[جواز الطلاق لمصلحة وكراهته لغير ذلك]- أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة بنت عمر بن الخطاب ثم ارتجعها (عن لقيط بن صبرة) قال يا رسول الله إن لي امرة فذكر من طول لسانها وإيذائها فقال طلقها، قال يا رسول إنها ذات صحبة وولد قال فأمسكها وأسرها فإن يك فيها خير فستفعل، ولا تضرب ظعينتك ضرب أمتك (عن ثوبان مولى رسول الله) صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما امرأة سألت زوجها الطلاق من غير ما بأس فحرام عليها رائحة الجنة (عن أبي هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يخطب الرجل على خطبة أخيه، ولا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، ولا تسأل طلاق أختها لتكتفئ ما في صفحتها ولتنكح فإنما لها ما كتب الله لها (عن حمزة بن عبد الله بن عمر) عن أبيه قال كانت تحتي امرأة أحبها وكان عمر يكرهها فأمرني أن أطلقها فأبيت فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال

_ سهل بن حنيف عن عاصم بن عمر (يعنى ابن الخطاب) الخ (غريبة) (1) فية جواز التطليق وانة لابنافى الكمال اذا كان لمصلحة (تخريجة) (د نس جة مى) من حديت عمر، ورجالة ثقات وسكت عنة ابو داود والمنذرى (2) هذا الحديث تقدم بسندة وشرحة وتخريجة فى باب حق الزوجة على الزوج فى آخر كتاب النكاح ص 232 رقم 261 فى الجزء السادس عشر فارجع الية، وانما ذكرتة هنا لمناسبة الترجمة، وهو جواز الطلاق للحاجة لانها كانت بذية السان ويجوز امساكها والصبر على ايذائها لطول صحبتها وولدها (3) حدثنا اسماعيل ثنا ايوب عن ابى قلابة عمن حدثة عن ثوبان ال (غريبة) (4) بزيادة ما للتوكيد، والباس الشدة اى فى غير حالة شدة تدعوها وتلجئها الى المفارقة كأن تخاف الا تقيم حدود اللة فيها يجب عليها من حسن الصحبة وجميل العشرة لكراهتها لة او بان يضارها لتختلع منة (5) فسرة بعض العلماء بأنة كناية عن عدم دخولها الجنة لان من يرح رائحة الجنة غير داخل لها ابدا، وقال بعضهم انها لا تجد الريح وان دخلت الجنة، والمراد انها لا تستحق ان اتدخل الجنة مع نت يدخل اولا لعظم ذنبها وهو الظاهر، ويكون المراد من ذلك مزيد المبالغة فى التهديد، وكم لة من نظير وقال الحافظ الاخبار الواردة فى ترهيب المراة من طلب طلاق زوجها محمولة على ما اذا لم يكن سبب يقتضى وذلك كحديث ثوبان هذا واللة أعلم (تخريجة) (د مذجة مى حب ك) وصحة الحاكم على شرط الشيخين وأقرة الذهبى، وقال الحافظ رواه أصحاب السنن وصححة ابن خزيمة وابن حبان وفى سندة عند الامام احمد رجل لم يسم (6) (عن ابى هريرة) الخ هذا الحديث تقدم بسندة وشرحة فى باب النهى ان يطب الرجل على خطبة اخية من كتاب النكاح ص 152 رقم 36 فى الجزء السادس عشر فأرجح الية وهو حديث صحيح رواة الشيخان وغيرهما وانما ذكرتة هنا لمناسبة الترجمة (7) (سنده) حدثنا ----- = العسقلاني في فتح الباري شرح البخاري، (وإذا قلت) قال النووي فالمراد به في شرح مسلم، (وإذا قلت) قال المنذري فالمراد به الحافظ زكي الدين بن عبد العظيم المنذري صاحب كتاب الترغيب والترهيب ومختصر أبي داود (وإذا قلت) قال الهيثمي فالمراد به الحافظ علي بن أبي بكر بن سليمان الهيثمي في كتابه "مجمع الزوائد" (وإذا قلت) قال الشوكاني فالمراد به في كتابه نيل الأوطار (وإذا قلت) بدائع المنن، بالمراد به كتابي بدائع المنن في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن (وإذا قلت) انظر القول الحسن، فالمراد به شرحي على بدائع المنن، والله تعالى ولي التوفيق.

-[كراهة طلاق المرأة وهي حائض وعليه أن يراجعها وبيان طلاق السنة]- يا رسول الله إن عند عبد الله بن عمر امرأة كرهتها ل فأمرته أن يطلقها فأبى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الله طلق امرأتك فطلقتها (وفي لفظ) فقال أطع أباك. (باب النهي عن الطلاق في الحيض وفي الطهر بعد أن يجامعها ما لم يبن حملها) (عن أنس ابن سيرين) عن ابن عمر قال سألته عن امرأته التي طلق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال طلقتها وهي حائض فذكرت ذلك لعمر فذكره عمر للنبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم مر هـ فليراجعها فإذا طهرت فليطلقها في طهورها للسنة قال ففعلت، قال أنس فسألته هل اعتددت بالتي طلقتها وهي حائض؟ قال وما لي لا أعتد بها وإن كنت عجزت واستحمقت (عن سالم يعني ابن عبد الله) عن ابن عمر أنه طلق امرأته وهي حائض فسأل عمر النبي صلى الله عليه وسلم فقال مره فليراجعها ثم ليطلقها طاهرًا أو حاملا (عن نافع) أن عبد الله بن عمر طلق امرأته، وهي حائض تطليقه واحدة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر يا رسول الله إن عبد الله طلق امرأته تطليقة واحدة

_ يزيد أنا ابن ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن حمزة بن عبد اللة بن عمر عن ابية (يعنى عبد اللة بن عمر) قال كانت تحى امرأة الخ (غريبة) (1) الظاهر ان عمر رضى اللة عنة ما كرهها الا لكونة رأى أنها غير صالحة لابنة وغرضة بذلك المصلحة لاسيما وقد كان من الملهمين (2) الذى يظهر أن النبى صلى اللة علية وسلم لم يامر عبد اللة بطلاق امرأتة الا لكونة صحة نظر عمر (تخريجة) (الاربعة) وصححة الترمذى وسكت عنة ابو داود ونقل المنذرى تصحيح الترمذى وأقرة (باب) (3) (سندة) حدثنا محمد بن عبيد حدثنا عبد الملك يعنى ابن ابى سليمان عن انس بن سيرين عن ابن عمر الخ (غريبة) (4) السائل انس بن سيرين والمسئول عبد اللة بن عمر (5) يعنى طلقة واحدة كاصرح بذلك فى الحديث الآتى بعد حديث من طريق الليث بن سعد عن نافع وجود مسلم الليث فى قولة تطليقة واحدة، يعنى انة حفظ واتقن قدر الطلاق الذى لم يتقنة غيرة ولم يهملة غيرة ولا غلط فية ولا جعلة ثلاثا كما غلط فية، قال النووى وقد تظاهرت روايات مسلم بانها طلقة واحدة (6) فى قولة (مرة فليراجعها) دلالة على ان الرجعة لاتحتاج الى رضا المراه ولا وليها ولا تحجديد عقد (7) طلاق السنة هو ان يكون فى طهر لم يمسها فية (8) معناه هل جعلت الطلقة التى وقعت منك اثناء حيضها محتسبة فى عدد الطلاق، (قال ومالى لا اعتد بها) اى هى معتديها محسوبة غير ساقطة (وقولة وان كنت عجزت واستحمقت) أى عجزت عن الصبر عن طلاقها حتى تطهر وفعلت فعل الاحمق بطلاقها فى الحيض فهى طلقة محسوبة (تريجة) (ق مى هق. والاربعة. والامامان) * (9) (سند) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن سالم يعنى ابن عبد اللة عن ابن عمر ال (غريبة) (10) يستفاد منة ان الحامل كالحائل الطاهر فى جواز تطليقها وهى فى مدة الحمل طاهرة لا تحيض فان عادة اللة عز وجل جرت بانسداد باب الرحم فيها الى ان تضع، وما راتة من دم على تقدير وقوعة فهو استحاضة، وقد تمسك بقولة حاملا من قال ان طلاق الحامل سنى وهم الجمهور، وروى عن الامام أحمد انة ليس بسنى واللة اعلم (تخريجة) (م هق. والاربعة) (11) (سند) حدثنا يونس ثنا ليث عن نافع ان عبد اللة بن عمر الخ (غريبه)

-[كراهة طلاق المرأة في طهر جامعها فيه وهل يجبر على الرجعة؟]- وهي حائض فأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يراجعها ويمسكها حتى تطهر ثم تحيض عنده حيضة أخرى ثم يمهلها حتى تطهر من حيضتها فإن أراد أن يطلقها فليطلقها حين تطهر قبل أن يجامعها فتلك العدة التي أمر الله تعالى أن يطلق لها النساء، وكان عبد الله إذا سئل عن ذلك فقال لأحدهم أما أنت طلقت امرأتك مرة أو مرتين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بها، فإن كنت طلقتها ثلاثا فقد حرمت عليك حتى تنكح زوجا غيرك وعصيت الله تعالى فيما أمرك من طلاق امرأتك (عن أبي الزبير) قال سألت جابرا عن الرجل يطلق امرأته وهي حائض فقال طلق عبد الله بن عمر امرأته وهي حائض فأتى عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليراجعها فإنها امرأته (عن ابن جريج) أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن يسأل ابن عمر وأبو الزبير

_ (1) أي حتى تطهر من الحيضة التى طلقها فيها (2) يعنى غير التى طلقها فيها (3) يعنى من حيضتها الثانية (4) اتدل بقولة قبل ان يجامعها على ان الطلاق فى طهر جامع فية حرام وبة صرح الجمهور، وهل يجبر على الرجعة اذا طلقها فى طهر وطئها فية كما يجبر اذا طلقها حائضا؟ قال بذلك بعض المالكية، والمشهور عندهم الاجبار اذا طلق فى الحيض لا اذا طلق فى طهر وطئ فية، وقال داود يجبر اذا طلقها نفساءء، قال الحافظ واختلف الغقهاء فى المراد بقولة (حين تطهر قبل ان يجامعها) هل المراد بالطهر انقطا ع الدم او التطهر بالغسل على قولين وهما روايتان عن احمد، والراجح الثانى لما ارجة النسائى بلفظ (مر عبد اللة فليراجعها، فاذا اغتسلت من حيضتها الاخرى فلا يمسها حتى يطلقها، وان شاء ان يمسك فليمسكها) وهذا مفسر لقولة فليطلقها حين تطهر (اى تغتسل) قبل ان يجامعها اه (قلت) ورواية نافع هذة تخالف ما تقدم فى رواية انس بن سيرين ويونس بن جبير وسالم بن عبد اللة ففى هذة الروايات انها اذا طهرت بل يمسكها حتى تحيض مرة اخرى غير التى طلقها فيها ثم تطهر، فان بدا لة ان يطلقها فليطلقها، وقد نبة على ذلك ابو داود، قال الحافظ والزيادة من ثقة مقبولة ولا سيما اذا كان حافظا اه (قلت) والزيادة المشار اليها هى ماجاء فى رواية نافع التى نحن بصدد شرحها (5) يشير الى قولة تعالى؟ (فطلقوهن لعدتهن) اى لاولها بحيث يطلقها فى طهر لم يمسها فية (6) اى عمن طلق امراتة فى الحيض (7) اما هذه مركبة من ان المصدرية وما الزائدة وفية حذف كان وبقاء اسمها وخبرها، وما عوض عنها، والاصل ان كنت طلقت: فحذفت كان فانفصل الضمير المتصل بها وهو التاء فصال ان انت طلقت ثم اتى بما عوضا عن كل فصاران ما فأ دغمت النون فى الميم ومثلة قول الشاعر *أبا خراشة اما انت نفر * البيت ويدل علية قولة بعدها فان كنت طلقتها ثلاثا الخ (8) اى امرنى بالرجعة (9) اى ثلاث مرات (10) اى تعالى امر بالطلاق فى الطهر وانت طلقت فى الحيض (تخريجة) (م نس) والالامان * 11) سندة) حدثنا حسن حديثنا ابن لهيمة حدثنا ابو الزبير قال سأ لت جابرا الخ تخريجة) اورده الهيثمى وقال رواة احمد ورجالة رجال الصحيح خلا ابن لهيعة وحديثة حسن اه (قلت) لانة صرح بالتحديث * (12) (سنده)

-[من طلق امرأته واحدة هي حائض هل تحسب عليه أم لا ومذاهب العلماء في ذلك]- يسمع فقال كيف ترى في رجل طلق امرأته حائضا؟ فقال أن ابن عمر طلق امرأته على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر يا رسول الله أن عبد الله طلق امرأته وهي حائض، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعها (على ولم يرها شيئا وقال فردها) إذا طهرت فليطلق أو يمسك قال ابن عمر وقرأ النبي صلى الله عليه وسلم {يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قبل عدتهن} قال ابن جريج وسمعت مجاهدا يقرؤها كذلك (باب ما جاء في طلاق الثلاث مجتمعا ومتفرقا) (عن عكرمة مولى ابن عباس) عن ابن عباس قال طلق ركانه بن عبد يزيد أخو بني مطلب امرأته ثلاثا في مجلس واحد فحزن عليها حزنا شديدا قال فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف طلقتها؟ قال طلقتها ثلاثا، قال فقال في مجلس واحد؟ قال نعم، قال فإنما تلك واحدة فارجعها إن شئت، قال فرجعها فكان

_ حدثنا روح ثنا ابن جريح اخبرنى ابو الزبير الخ (غريبة) (1) الست كلمات المحصورة بين قوسين وقعت فى المسند هكذا وفيها تقديم وتاخير فى الالفاظ يجعل المعنى غير مستقيم، وهذا خطا من الناصخ او من جامع الحروف عند الطبع لان هذة الكلمات نفسها لو جمعت صوابا بدون زيادة او نقص لاستقام المعنى وصوابها هكذا (فردها على ولم يرها شيئا وقال) اذا طهرت الخ: ويؤيد ذلك ما جاء عند ابى داود فى هذا الحديث بلفظ (قال عبد اللة فردها على ولم يرها شيئا وقال) اذا طهرت الخ ومعناه ظاهر بدون تكلف، ويستفاد من قولة ولم يرها شيئا عدم الطلاق فى الحيض اصلا، والى ذلك ذهبت الظاهرية وابن القيم وشيخة ابن تيمة وآرون والفهم الجمهور عملا بالحاديث المتقدمة، انظر احكام هذا الباب ومذاهب الائمة فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 368 و 369 فى الجزء الثانى (2) بضمين اى فى وقت يستقبل فية العدة ويشرع فيها اى فى اقبال الطهر واولة (قال النووى) هذه قراءة ابن عباس وابن عمر، وهى شاذة لاتثبت قرآنا بالاحماع ولا يكون لها حكم خبر الواحد عندنا وعند محققى الاصوليين واللة اعلم (تخريجة) (دهق) ورجالة امة ثقات، واخرجة مسلم بدون قولة (ولم يرها شيئا) (باب) (3) (سند) حدثنا سعد بن ابراهيم ثنا ابى عن محمد بن اسحاق حدثنى داود بن الحصين عن عكرمة مولى ابن العباس الخ (غريبة) (4) جاء عند الترمذى من طريق عبد اللة بن يزيد بن ركانة عن ابية عن جدة (قال اتيت النبى صلى اللة علية وسلم فقلت يا رسول اللة انى طلقت امراتى البتة فقال ما اردت بها؟ قلت واحدة قال اللة، قلت واللة قال هو ما اردت) وقولة البتة من البت وهو القطع: قال فى النهاية طلقتها ثلاثا بتة اى قاطعة اه وقال الترمذى بعد ان ذكرة هذا حديث لا نعرفة الا من هذا الوجة وقال المنذرى فى اسنادة الزبير بن سعيد الهاشمى قد ضعفة غير واحد وذكر الترمذى ايضا عن البارى اة يضطرب تارة قيل فية ثلاثا وتارة قيل فية واحدة، واصحة انة طلقها البتة، وان الثلاث ذكرت فية على المعنى اه (قلت) اوردة صاحب المنتقى وقال رواه فع د قط) وقال الدارقطنى قال ابو داود هذا حديث حسن صيح (5) لعلة يريد بقولة فى مجلس واحد أى بلفظ واحد بدون تكرار فى اللفظ كأن قال لها أنت طالق ثلاثا بلفظ واحد، اما لو قال انت طالق انت طالق انت طالق ولم يقصد التوكيد او فصل بين هذه الألفاظ

-[ما جاء في طلاق الثلاث مجتمعا ومتفرقا ومذاهب العلماء في ذلك]- ابن عباس يرى إنما الطلاق عند كل طهر (عن ابن عباس) قال كن الطلاق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وسنتين من خلافة عمر بن الخطاب طلاق الثلاث واحدة، فقال عمر إن الناس قد استعجلوا في أمر كان لهم فيه أناة فلو أمضينا عليهم فأمضاه عليهم (عن سهل بن سعد الساعدي) قال لما لا عن عويمر أخوبني العجلان امرأته قال يا رسول الله ظلمتها إن أمسكتها، هي الطلاق وهي الطلاق وهي الطلاق (وفي لفظ) فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره النبي صلى الله عليه وسلم (وفي لفظ) قال فصارت سنة المتلاعنين (باب ما جاء في الطلاق بالكناية

_ بسكوت أو تنفس فانة يقع ثلاثا وان كان فى مجلس واحد هذا ما ظهر لى واللة اعلم (1) معناه ان من اراد ان يطلق للسنة فليطلق عند كل طهر مرة وان اراد الثلاث واللة اعلم (تريجة) قال الحافظ اخرجة احمد وابو يعلى وصحيحة من طريق محمد بن اسحاق اه وقالالحافظ ابن القيم \فى اعلام الموقعين وقد صحح الامام احمد اسنادة وحسنة اه (قلت) ورجالة عند الامام احمد كلهم ثقات واعلة بعضهم بمحمد بن اسحاق لكونة مدلسا، ويجاب عن ذلك بان محمد اسحاق ثقة وقد صرح بالتحديث فانتفى التدليس، وقد احتج بة القالون بان من طلق امراتة ثلاثا بلفظ واحد، وقال الشوكانى والحديث نص فى محل النزاع اه (2) (سندة) حدثنا عبد الرازق ثنا معمر عن طاوس عن ابية عن ابن عباس ال (غريبة) (3) يحتمل ان يكون المراد الثلاث بلفظ واحد كأن يقول المراد الثلاث بلفظ واد كان يقول انت طالق انت طالق وكانوا اولا على سلامة صدورهم يقبل منهم انهم ارادوا التاكيد بتكرار اللفظ على ظاهر التكرار فامضاء عليهم وهذا التفسير ارتضاء القرطى وقواه بقول عمر ان الناس قد استعجلوا فى امر كان لهم فية أناه، وكذا قال النووى ان هذا اصح الاجوبة (4) بفتح الهمزة اى مهلة وبقية استماع لانتظار المراجعة (5) اى جعلة بينونة كبرى لاتحل لة حتى تنكح زوجا غيرة (تخريجة) (م) وغيرة، وروى ابو داود نحوة الا انة قال كان الرجل اذا طلق امراتة ثلاثا قبل ان يدل بها جعلوها واحدة على عهد رسول اللة صلى اللة علية وسلم الحديث وضعف النووى رواية ابى داود فقال رواها ايوب السختيانى عن قوم مجهولين عن طاوس عن ابن عباس فلا يحتج بها واللة اعلم، انظر باب ما جاء فيمن طلق امراتة ثلاثا بلفظ واحد ال فى بدائع المنن صحيفة 372 فى الجزء الثانى واقرأة جميعة مثنا وشرحا تجد فية ما يسرك من الاحكام ومذاهب الائمة واللة الهادى (6) حدثنا ابن ادريس ثنا ابن اسحاق عن الزهرى عن سهل ابن سعد الساعدى ال (تريجة) الحديث بجميع الفاظة جاء من طريق الزهرى وارجة الشيان وغيرهما وساتى بجميع طرقة فى كتاب اللعان وانما ذكرتة هنا لانة احتج بةالقائلون بان الثلاث اذا وقعت فى موقف واحد وقعت كلها لسكوت النبى صلى اللة علية وسلم واجاب القائلون بانها لا تقع الا واحدة فقط عن ذلك بان النبى صلى اللة علية وسلم انما سكت عن ذلك لان الملاعنة تبين بنفس العان فالطلاق الواقع من الزواج بعد ذلك لا محل لة فكانة طلق اجنبية ولا يجب انكار مثل ذلك فلا يكون السكوت عنة تقريرا ويؤيد ذلك قولة فى الحديث (فصارت سنة الملاعنين) قال الجمهور

-[ما جاء في تخيير الزوجة هل يعد طلاقا أم لا؟]- إذا نواه وتخيير الزوجة) (عن جعفر بن برقان) قال سألت الزهري عن الرجل يخير امرأته فتختاره، قال حدثني عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها قالت أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني سأعرض عليك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تشاوري أبويك؟ فقلت وما هذا الأمر قتلا علي (يا أيها النبي قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها فتعالين أمتعكن وأسرحكن سراحا جميلا، وإن كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة فإن الله أعد للمحسنات منكن أجرًا عظيما) قالت عائشة فقلت وفي أي ذلك تأمرني أشاور أبوي بل أريد الله ورسوله والدار الآخرة، قالت فسر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم وأعجبه وقال سأعرض على صواحبك ما عرضت عليك، قالت فقلت له فلا تخبرهن بالذي اخترت فلم يفعل، وقال لهن كما قال لعائشة ثم يقول قد اختارت عائشة الله ورسوله والدار الآخرة، قالت عائشة قد خيرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نر ذلك طلاقا (ز) (عن علي رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم خير نساءه الدنيا والآخرة (وفي رواية

_ معناه حصول الفرقة بنفس اللعان لا بالطلاق (باب) * (1) (سندة) حدثنا كثير بن هشام قال ثنا جعفر بن برقان ال (غريبة) (3) معناه ما يضرك ان لاتعجلى، وانما قال لها هذا شففقة عليها وعلى ابويها ونصيحة لهم فى بقائها عندة صلى اللة علية وسلم فانة اف ان يحملها صغر سنها وقلة تجاربها على اتيار الفراق فيجب فراقها فتضر هى ابواها وباقى النسوة بالاقداء بها (3) اى السعة فى الدنيا وزهرتها (فتعالين) اى اقبلن بارادتكن واختاركن لاحد امرين ولم يرد نهوضهن الية بانفسهن (امتعكن) اى اعطيكن متعة الطلاق (واسرحكن) اى اطلقكن (سراحا جميلا) اى اطلقكن (سراحا جميلا) اى لا ضرر فية (4) المعنى ان هذا الامر لا يحتاج الى مشاورة لانى لا اوثر الدنيا وزينتها على رضا اللة ورسولة ونعيم الاخرة، ولذلك سر النبى صلى اللة علية وسلم بهذا التصريح منها سرورا عظيما: وفية منقبة ظاهرة لعائشة رضى اللة عنها (5) فى رواية اخرى للامام احمد ومسلم وستاتى فى تفسير سورة الاحزاب من قسم التفسير (قالت بل اختار اللة ورسولة واسالك ان لا تذكر لامراه من نسائك ما اخترت، فقال ان اللة عز وجل لم يبعثنى معنتا) اى مشددا على الناس وملزما اياهم ما يصعب عليهم (ولا منعننا) اى طالبا زلتهم، واصل العنت المشقة (ولكن بعثنى معلما ميسرا ولا تسالنى امراه منهن عما اخترت الا اخبرتها) (6) اى لم نعتبر هذا التخيير طلاقا لاننا اخترنا اللة ورسولة، وسبب نزول الاية مطالبتهن اياه علية الصلاة والسلام من زينة الدنيا ما ليس عندة وزيادة النفقة فنزلت، وسياتى الكلام على ذلك مستوفى فى تفسير سورة الاحزاب ان شاء اللة تعالى فى قسم التفسير (تخريجة) (ق نس مذبحة. وغيرهم) * (ز) (7) (سندة) حدثنا سريج بن يونس ثنا على بن هاشم يعنى البريد عن محمد بن عبيد اللة بن ابى رافع عن عمر بن على بن حسين عن ابية عن على (يعنى ابن ابى طالب رضى اللة عنة الخ (تخريجة) هذا الحديث من زوائدة عبد اللة بن الامام احمد على مسند ابية ولذلك رمزت لة بحرف زاى فى اولة وفى اسنادة محمد بن عبيد اللة بن ابى رافع ضعيف، وقد جاء فى الاصل بلفظ (محمد بن عبيد اللة بن على بن ابى رافع) بزيادة (على) وهذه الزيادة خطأ، قال الذهبى فى ميزان الاعتدال محمد بن عبيد بن ابى رافع المدنى عن ابية عن جدة ضعفوة، قال البخاري

-[مذاهب العلماء في وقوع الطلاق بالتخيير وعدمه وما جاء في الطلاق بالكناية]- بين الدنيا والآخرة) ولم يخيرهن الطلاق (عن أبي أسيد الساعدي) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أوتي بالجونية ودخل عليها قال هبي لي نفسك قالت وهل تهب الملائكة نفسها للسوقة؟ قالت إني أعوذ بالله منك قال لقد عذت بمعاذ ثم خرج علينا فقال يا أبا أسيد أكسها رازقيتين

_ محمد بن عبيد الله بن ابى رافع مولى النبى صلى اللة علية وسلم منكر الحديث، وقال ابن معين ليس حديثة بشئ، وقال ابو حاتم منكر الحديث ذاهب اه (قلت) ومع هذا فالحديث منقطع لان عمر بن على روى الحديث عن ابية على زين العابدين عن على بن ابى طالب، وزين العابدين هو ابن الحسين بن على بن ابى طالب لم يدرك جدة على بن ابى طالب فهذا وجة انقطاعة، قال الحافظ ابن طثير فى تفسيرة وقد روى عن الحسن وقادة وغيرهما نحو ذلك (يعنى انة صلى اللة وعلية وسلم خير نساءة الدنيا والاخرة ولم يخيرهن الطلاق) قال وهو خلاف الظاهر من الاية فانة قال (فتعالين امتعكن واسرحكن سراحا جميلا) يعنى اعطيكن حقوقكن واطلق سراحكن اه (قال الامام البغوى) فى تفسيرة واختلف اهل العلم فى حكم التخيير فقال عمر وابن مسعود وابن عباس اذا خير الرجل امرأتة فاختارت زوجها لا يقع شئ وان اختارت نفسها يقع طلقة واحدة، وهو قول عمر بن عبد العزيز وابن ابى ليلى وسفيان والشافعى واصحاب الرأى، الا ان عند اصحاب الرأى تقع طلقة بائنة اذا اختارت نفسها، وعند الآخرين رجعية، وقال زيد بن ثابت اذا اختارت الزوج تقع طلقة واحدة، واذا اختارت نفسها فثلاث، وهو قول الحسن وبة قال مالك، وروى عن على ايضا انها اذا اختارت زوجها تقع طلقة واحدة، وان اختارت نفسها فطلقة بائنة، واكثر العلماء على انها اذا اختارت زوجها لا يقع شئ اه (1) (سندة) حدثنا محمد بن عبد اللة الزبيرى قال حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل عن ابى حمزة بن ابى اسيد عن ابية وعباس بن سهل عن ابية قالا مر بنا رسول اللة صلى اللة علية وسلم واصحاب لة فخرجنا معة حتى انطلقنا الى حائط يقال لة الشوط حتى انتهينا الى حائطين منهما فجلسنا بينهما فقال رسول اللة صلى اللة علية وسلم اجلسوا ودخل وهو وقد اونى بالونية فى بيت امية بنت النعمان بن شراحيل ومعها داية لها، فلما دخل عليها رسول اللة صلى اللة علية وسلم قال هى لى نفسك ال (غريبة) (2) بفتح الجيم وسكون الواو وكسر النون، وجاء فى رواية ارى للامام احمد (امراة من بنى الجون يقال لها اميمة) وفى رواية البخارى (اميمة بنت النعمان بن شراحيل) وعند ابن سعد ان النعمان بن الجون الكندى انى النبى صلى اللة علية وسلم فقال الا ازواجك اجمل ايم فى العرب فنزوجها؟ وبعث معة ابا اسيد الساعدى قال ابو اسيد فانزلتها فى بنى ساعدة فدخل عليها نساء الحى فرحين بها وخرجن فذكرن من جمالها (3) امر للمؤنث واصلة اوهى حذفت الواو تبعا لمضارعة واستغنى عن الهمزة فصار هى بوزن على، قال لها ذلك تطيبيا لقلبها واستمالة لها، والا فقد كان لة صلى اللة علية وسلم ان يزوج من نفسة بغير اذن المرأة وبغير اذن وليها وكان مجرد مجرد ارسالة اليها واحضارها ورغبتة فيها كافيا فى ذلك (4) بكسر اللام (والسوقة) بضم السين المهملة الواحد من الرعية، قال فى القاموس والسوقة الرعية للواحد والجمع والمذكر والمؤنث (5) جاء فى البخارى (قال فأوهوى بيدة يضع يدة فقالت اعوذ باللة منك) وفى رواية اخرى لة (فلما دخلت علية بسط يدة اليها فكانها كرهت ذلك) (6) بفتح الميم اى بالذى يستعاذ بة (7) بضم السين المهملة يعنى ثوبين (رازقيتين) براء مم زاى فقاف مكسورتين بالئنية صفة موصوف محذوف للعلم والرازقية ثياب من

-[مذاهب العلماء في الطلاق بالكناية- وما جاءني في قول الرجل امرأتي علي حرام]- وألحقها بأهلها (عن كعب بن مالك رضي الله عنه) في حديث تخلفه عن غزوة تبوك وقد هجره وصاحبيه النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة رضي الله عنهم قبل نزول توبتهم قال حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا برسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك، قال فقلت أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال بل اعتزلها فلا تقربها، قال وأرسل إلى صاحبي بمثل ذلك، قال فقلت لامرأتي الحقي بأهلك فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر الحديث (حدثنا إسماعيل) أنبأنا هشام قال كتب إلي يحيى بن أبي كثير يحدث عن عكرمة أن عمر رضي الله عنه كان يقول في الحرام يمين يكفرها قال هشام وكتب إلي يحيى يحدث عن يعلى بن حكيم عن سعيد بن جبير أن ابن عباس كان يقول في الحرام يمين يكفرها فقال ابن عباس لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة

_ كتان بيض طوال، قال السفاقسى اى متعها بذلك اما وجوبا واما تفضلا (1) بهمزة قطع مفتوحة وكسر المهملة وسكون القاف اى ردها اليهم لانة هو الذى كان احضرها: هذا وقد جاء فى الاصل بعد قولة والحقها باعلها (قال وقال وغير ابى احمد امراه من بنى الجون يقال لها امينة اه) وعند ابى سعد قال ابو اسيد فامرنى فرددتها الى قومها وفى اخرى فلما وصلت بها تصايحوا وقالوا انك لغير مباركة فما دهاك قالت خدعت: قال وحدثنى هشام بن محمد عن ابى خيشمة زهير بن معاوية انها ماتت كمدا (تخريجة) (خ نس جة ش. وغيرهم) وقد استدل بة على ان من قال لامراتة الحقى باهلك وارد الطلاق طلقت فان لم يرد الطلاق لم تطلق كما سياتى فى حديث كعب بن مالك فيكون هذا اللفظ من كنايات الطلاق (2) (هذا طرف من حديث طويل) سياتى بتمامة وسندة وشرحة فى تفسير قولى تعالى (وعلى الثلاثة الذين لفوا) الاية من سورة التوبة فى كتاب فضائل القران وتفسيرة، وانما ذكرت هذا الطرف منة لقولة فية الحقى بالهلك لانة من كنايات الطلاق اذا نواة، وكعب لم ينوية طلاقا: فلا يقع: انظر حكم الطلاق بالكناية ومذاهب الائمة فى القول الحسن شرح بدائع المنن فى الجزء الثانى صحيفة 379 و 380 (تخريجة) (ق هق. وغيرهم) (3) (حدثنا اسماعيل الخ) (غريبة) (4) اى فى قول الرجل امراتى على حرام كما صرح بذلك فى رواية عند النسائى (وقولة يمين) اى معنى اليمين وليست بيمين لان اليمين انما تنعقد باسماء اللة وصفاتة فوقعت الكفارة على المعنى (وقولة قال هشام الخ) هذا اثر ثان بسند اخر عن ابن العباس والاثر الاول عن عمر (5) جاء فى رواية للبخارى عن ابن عباس ايضا بلفظ (اذا حرم امرأتة فليس بشئ وقال لقد كان لكم فى رسول اللة اسوة حسنة يعنى ان النبى صلى اللة علية وسلم حرم مارية فقال اللة (لم تحرم ما احل اللة لك) الى قولة (قد فرض اللة لكم تحلة ايمانكم) فكفر يمينة وصير الحرام يمينا (6) بضم الهمزة وكسرها اى قدوة حسنة يشير بذلك الى قصة مارية حيث حرمها النبى صلى اللة علية وسلم على نفسة فقال هى على حرام، ويؤيد ذلك مارواه النسائى بسند صحيح عن انس ان النبى صلى اللة علية وسلم كانت لة امة يطؤها فلم تزل بة حفظة وعائشة حتى حرمها، فانزل اللة تعالى هذة الاية (يا ايها النبى لم تحرم ما احل اللة لك) قال الحافظ وهذا اصح طرق هذا السبب، نعم اذا اراد تحريم عينها كرة وعلية كفارة يمين فى الحال وان يطأ ها اه (تخريجة) ارج الاثر الاول اى اثر عمر (هق) وهو ضعيف لانقطاعة لان عكرمة لم يدرك، والاثر الثانى صحيح اخرجة (ق. وغيرهما)

-[مذاهب العلماء في قول الرجل امرأتي علي حرام- وما جاء في طلاق المكره الخ]- (باب ما جاء في طلاق المكره ومن علق الطلاق قبل النكاح) (عن عائشة) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا طلاق ولا عتاق في إغلاق (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس على رجل طلاق فيما لا يملك ولا عتاق فيما لا يملك ولا بيع

_ وفي الباب عن سعيد بن جبير عن ابى عباس قال اناه رجل فقال انى جعلت امرأتى على حرام، قال كذبت ليست ليست عليك بحرام ثم تلا هذه الاية (يا ايها النبى لم تحرم ما احل اللة لك) عليك اغلظ الكفارات عتق رقبة (نس) قال الامام البغوى فى تفسيرة واختلف اهل العلم فى لفظ التحريم فقال قوم ليس هو بيمين فال قال لزوجتة انت على حرام او حرمتك فان نوى بة طلاقا فهو طلاق، هـ وان نوى بة ظهارا فهو ظهار وان نوى تحريم ذاتها او اطلق فعلية كفارة اليمين بنفس اللفظ، وان قال ذلك لجاريتة فان نوى عتقا عتقت، وان نوى تحريم ذاتها او اطلق فعلية كفارة اليمين، فان قال لطعام حرمتة على نفسى فلاشئ علية وهذا قول ابن مسعود والية ذهب الشافعى (قلت) وحكى عن الامام احمد انة قال بالكفارة مطلقا حتى فى تحريم الاكل والشرب ونحوهما من المباح: قال وذهب جماعة الى انة يمين، فان قال لزوجتة او جاريتة فلا تجب علية الكفارة مالم يقربها كما لو حلف ان لا يطاها، وان حرم طعاما فهو كما لو حلف ان لا يأكلة فلا يجب علية كفارة علية مالم يأكل، ويروى ذلك عن ابى بكر وعائشة وبة قال الاوزاعى وابو حنيفة اه واللة اعلم (باب) (1) (سندة) حدثنا سعد بن ابراهيم قال ثنا ابى عن محمد بن اسحاق قال حدثنى ثور بن يزيد الكلامى وكان ثقة عن محمد بن عبيد بن ابى صالح المكى قال حججت مع عدى بن عدى الكندى فبعثنى الى صفية بنت شيبة بن عثمان صاحب الكعبة اسالها عن اشياء سمعتها من عائشة زوج النبى صلى اللة علية وسلم عن رسول اللة صلى اللة علية وسلم فكان فيما حدثتنى انها سمعت عائشة تقول رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (2) بكسر الهمزة وسكون المجمة اخرة قاف اى اكراه لان المكرة يغلق علية الباب ويضيق علية غالبا حتى ياتى بما اكرة علية اى لا يقع طلاقة، ومثلة العتق ايضا، وقال المنذرى وقيل الاغلاق هاهنا الغضب كما ذكرة ابو داود، وقال الحافظ ابن القيم قال شينا (يعنى ابن تيمية) والاغلاق انسداد باب العلم والقصد علية فيدخل فية الطلاق المعتوه والمجنون والسكران والمكرة والغضبان الذى لا يعقل ما يقول لان كلا من هولاء قد اغلق علية باب العلم والقصد، والطلاق انما يقع من قاصد بة عالم بة واللة اعلم اه (تخريجة) (د جة ك) وصححة الحاكم على شرط مسلم وتعقبة الذهبى فقال محمد بن عبيد لم يحتج بة مسلم وقال ابو حاتم ضعيف اه قلت وثقة ابن حبان ورواه الحاكم ايضا من طريق اخرى ليس فيها محمد بن عبيد (3) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر وعبد اللة بن بكر قالا ثنا سعيد عن مطر عن عمرو بن شعيب الخ (غربية) (4) مثال ذلك ان يعلق طلاق اجنبية بنكاحها لم يوثر لو تزوجها (5) كأن يعتق ع 7 بد لا يملكة او يبيع سلعة لا يملكها فكل ذلك باطل لا يصح (تخريجة) (د مذبحة) وسكت عنة ابو داود والمنذرى وقال الترمذى حسن صحيح وهو احسن شئ فى هذا الباب وقال ايضا سألت محمد ابن اسماعيل فقلت اى شئ اصح فى الطلاق قبل النكاح فقال حديث عمرو بن شعيب عن ابية عن جدة اه هذا وحديث عائشة يدل على عدم وقوع طلاق المكرة واعتاقة (قال فى رحمة الامة) اتلفوا فى طلاق المكرة واعتاقة، فقال ابو حنيفة يقع الطلاق ويحصل الاعتاق، وقال مالك والشافعى واحمد لا يقع اذا نطق بة دافعا عن نفسة، واتلفوا فى الوعيد الذى يغلب على الظن حصول ما توعد

-[مذاهب العلماء في طلاق المكره وما لا يملك- وما جاء في طلاق العبد]- فيما لا يملك (باب ما جاء في طلاق العبد) (عن عمرو بن معتب) أن أبا حسن مولى أبي نوفل أخبره أنه استفتى ابن عباس في مملوك تحته مملوكة فطلقها تطليقتين ثم عتقا هل يصلح له أن يخطبها؟ قال نعم قضى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعنه من طريق ثان) عن مولى بني نوفل يعني أبا الحسن قال سئل ابن عباس عن عبد طلق امرأته بطلقتين ثم عتقا أيتزوجها؟ قال نعم، قيل عمن؟ قال أفتى بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) قال أبي قيل لمعمر يا أبا عروة من أبو حسن هذا؟ لقد تحمل صخرة عظيمة

_ به هل يكون اكراها؟ فقال ابو حنيفة ومالك والشافعى نعم وعن احمد ثلاث روايات احداهن كمذهب الجماعة والثانية واتارها الرقى لا، والثالثة ان كان بالنقل او يقطع طرف فاكراه والا فلا (وحديث عمرو بن شعيب) يدل على عدم وقوع الطلاق فيما لا يملك وقد اختلف الناس فى هذا: فروى عن على وابن عباس وعائسة انهم لم يروا طلاقا الا بعد النكاح، والية ذهب الشافعى، وروى عن ابن مسعود ايقاع الطلاق قبل النكاح والية ذهب ابو حنيفة، وقال مالك والاوزاعى ان خص امرأة بعينها وقال من قبيلة او بلد بعينة جاز وان عم فلييس بشئ، وقال احمد ابو عبيد ان كان نكح لم يؤمر بالفراق وان لم يكن نكح لم يؤمر بالتزويج ذكرة الطابى فى معالم السنن (قلت) وتقدم الكلام على العتق والبيع فى بابيهما واللة اعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى عن على بن المبارك قال حدثنى يحيى بن ابى كثير ان عمر بن معتب ابرة ابا احسن مولى ابى نوفل اخبرة ال (غريبة) (2) زاد ابو داود فى رواية قال ابن عباس بقيت لك واحدة قضى بة رسول اللة صلى اللة علية وسلم (3) (سندة) حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن يحيى بن ابى كثير عن عمر بن متعب عن مولى بنى نوفل الخ (4) معناه انة قيل لابن عباس عمن اذت هذا الحكم؟ قال افتى بذلك رسول اللة صلى اللة علية وسلم (5) القائل لمعمر يا ابا عروة من ابو حسن هذا؟ هو ابن المبارك كما صرح بذلك ابو داود (وقولة لقد تحمل صخرة عظيمة) يريد بذلك انكار ما جاء بة من الحديث لانة يخالف ما ذهب الية الجمهور، قال المنذرى ابو الحسن هذا قد ذكر بخير وصلاح وقد قال على بن المدينى عمر بن معتب منكرا الحديث، وسئل ايضا عنة فقال مجهول لم يرو عنة غير يحيى يعنى ابن ابى كثير، وقال ابو عبد الرحمن النسائى عمر بن معتب ليس بالقوى اه (قلت) عمر بن معتب ذكرة ابن حبان فى الثقات ولم يذكرة البخارى فى الضعفاء ففية خلاف ولا يبعد ان يكون حديثة حسنا (تخريجة) (د نس جة) وفى اسنادة عمر بن معتب وقد علمت ما فية، قال الطابى مذهب عامة الفقهاء ان المملوكة اذا كانت تحت مملوك فطلقها تطليقتين انها لا تحل لة الا بعد زوج اه وقال لا ارى شيئا يدفعة وغير واحد يقول بة، ابو سلة وجابر وسعيد بن المسيب اه وقال صاحب المنتقى قال احمد بن حنبل فى رواية بن منصور وفى عبد تحتة مملوكة فطلقها تطليقتين ثم عتقا يتزوجها ويكون على واحدة على حديث عمر بن معتب وقال فى رواية ابى طالب فى هذة المسألة يتزوجها ولا يبالى فى العدة عتقا او بعد العدة قال وهو قول ابن عباس وجابر بن عبد اللة وابى سلة وقتادة اه انظر باب الطلاق بيد الزوج وما جاء فى طلاق العبد فى بدائع المنن واقرأه متناوشر حافى الجزء الثانى صحيفة 378

-[ما جاء في طلاق النائم والصبي والمجنون والفار والمريض والهازل]- (عدم وقوع الطلاق من النائم والصبي والمجنون وبحديث النفس) (عن عائشة رضي الله عنها) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رفع القلم عن ثلاثة، عن الصبي حتى يحتلم، وعن النائم حتى يستيقظ، وعن المعتوه حتى يعقل (عن أبي هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجوز (وفي لفظ أن الله تجاوز) لأمتي عما حدثت في أنفسها أو وسوست به أنفسها ما لم تعمل به أو تكلم به (باب ما جاء في طلاق الفار والمريض والهازل) (عن سالم عن أبيه) أن غيلان بن سلمة الثقفي أسلم وتحته عشر نسوة فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اختر منهن أربعا، فلما كان في عهد عمر طلق نساءه وقسم ماله بين بنينه فبلغ ذلك عمر رضي الله

_ (باب) (1) حدثنا حسن بن موسى وعفان وروح قالوا ثنا قالوا حماد بن سلمة عن حماد يعنى ابن ابى سليمان عن ابراهيم عن الاسود عن عائشة ال (غريبة) (2) المعتوه هو المجنون ولذلك جاء فى الاصل فى اخر الحديث (قال عفان وعو المجنون حتى يعقل، وقد قال حماد وعن المتوة تى يعقل، وقال روح وعن المجنون حتى يعقل اه وهذا الحديث يفيد ان الطلاق لا يصح من هولاء الثلاثة (قال الترمذى) والعمل عل هذا عن اهل العلم من اصحاب النبى صلى اللة علية وسلم وغيرهم ان طلاق المعتوه المغلوب على عقلة لا يجوز الا ان يكون معتوها يفيق الاحيان فيطلق فى حال افاقتة، قال ابن حبان المراد برفع القلم ترك كتابة الشر عليهم دون الخير، قال الزين العراقى وهو ظاهر فى الصبى دون المجنون والنائم لانهما فى حيز من ليس قابلا لصحة العبادة منهم لزوال الشعور، فالمعروف عن الصبى قلم المؤاذة لاقلم الثواب لقولة صلى اللة علية وسلم للمرأة لما سألتة (الهذا حج؟ قال نعم) اه (تريجة) (دنس جة ك) وقال الحاكم على شرطهما (قلت) ورجالة عند الامام احمد كلهم ثقات (3) (سندة) حدثنا يزيد انا مسعود عن قادة عن زرارة بن اوفى عن ابى هريرة ال (غريبة) (4) بضم اولة وثانية وكسر الواو مشدة ومعناه ان اللة تجاوز لامتى الخ كما فى اللفظ الاخر (وفى رواية للبخارى بلفظ ان اللة تجاوز لى عن امتى) اى امة الاجابة والتجاوز والعفو اى عفا من جازة بحوزة اذ تعداة وعبر علية (5) قال النووى رحمة اللة عقب ايراد هذا الحديث قال العلماء المراد بة الخواطر التى لا تستقر، قالوا وسواء كان ذلك الاطر غيبة او كفرا او غيرة فمن خطر لة الكفر مجرد طورة من غيرة تعمد لتحصيلة ثم صرفة فى الحال فليس بكافر ولا شئ علية اه (وقولة او وسوست بة انفسها) او للشك من الراوى (وانفسها) رفع على الفاعلية اى قلوبها قيل وهو اصوب ببل قال القرطى انة الرواية اى لم يؤاخذهم مما يقع فى قلوبهم من القبائح قهرا، وقال انفسها بالرفع والنصب والرفع اظهر والنصب اشهرها وقال العلقمى والذى تحصل عندى من مجموع كلامهم ان الهاجس والخاطر لا يؤاخذها بهما واما حديث النفس والهم فان صحبهما قول او فعل يؤاخذ بهما والا فلا، وهذا هو الذى ينبغى اعتمادة بل هو الوجة الذى لا يعدل عنة الى غيرة، واما العزم فالمحققون على انة يؤاخذ بة وخالف بعضهم، وعلى هذا فالطلاق لا يقع بحديث النفس بة مالم يتلفظ بة وهذا معنى قولة او تكلم بة واصلة تتكلم بتاءين حذفت احداهما تخفيفا (تخريجة) (ق. والاربعة وغيرهم) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح والعمل على هذا عند اهل العلم ان الرجل اذا حدث نفسة بالطلاق لم يكن حتى يتكلم بة اه (باب) (سندة) (6) حدثنا اسماعيل ومحمد بن جعفر قال ثنا معمر عن الزهرى قال ابن جعفر فى حديثة انا ابن شهاب عن سالم عن ابية (يعنى عبد اللة بن عمر بن الخطاب) الخ (غريبة) (7) الظاهر واللة اعلم أن الرجل

-[مذاهب العلماء في طلاق الفار، وهل ترثه الزوجة، وهل يقع طلاق الهازل أم لا؟]- عنه فقال إني لأظن الشيطان فيما يسترق من السمع سمع بموتك فقذفه في نفسك، ولعلك أن لا تمكث إلا قليلا، وأيم الله لتراجعن نساءك ولترجعن في مالك أو لأورثهن منك ولآمرن بقبرك فيرجم كما رجم قبر أبي رغال.

_ شعر بمبادئ المرض فألقى الشيطان فى نفسة ان يطلق نساءة ويقسم مالة بين بنية فرارا من ميراثهن كما فهم عمر رضى اللة عنة لانة كان من الملهمين (1) جاء فى رواية لعبد الرزاق قال نافع فما لبث الا سبعاتى مات (2) يحتكا ان يكون المراد بهذه المراجعة المراجعة اللغوية اعنى ارجاعهن الى نكاحة وعدم الاعتداد بذلك الطلاق الواقع كما ذهب الى ذلك جماعة من اهل العلم فيمن طلق زوجتة او زوجاتة مريدا لابطال ميرائهن منة انة لا يقع الطلاق ولا يصح، وقد جعل ذلك ائمة الاصول قسما من اقسام المناسب وجعلوا هذة الصورة مثالا لة، ويحتمل ان الرجعة هى الاصطلاحية اعنى الواقعة بعد الطلاق رجعى معتد بة فان كان كذلك فانة لا يمنع الميراثمالم تنقض العدة باتفاق العلماء: وللعلماء خلاف فى الميراث صحيفة 230 فارجع الية (3) جاء فى رواية لعبد الرزاق (فراجع نساءة ومالة) (4) بكسر الراء بعدها غين معجمة قال فى القاموس فى باب اللام ابو رغال ككتاب فى سنن ابى داود ودلائل النبوة وغيرهما عن ابن عمر سمعت رسول اللة صلى اللة علية وسلم حين خرجنا معة الى الطائف فمررنا بقبقر فقال هذا قبر ابر رغال وهو ابو ثقيف وكان من ثمود، وكان بهذا الحرم يدفع عنة فلما رج منة اصابتة النقمة التى اصابت قومة بهذا الممكان فدفن فية الحديث، وقول الجوهرى كان دليلا للحبشة حين توجهوا الى مكة فمات فى الطريق غير بعيد، وكذا قول ابن سيدة كان عبدا لشعيب وكان عشارا جائزا اه من القاموس (تخريجة) (فع حب ك) وصححاه ورجالة عند الامام احمد رجال الصحيح لكن تكلم بعض الحفاظ فى الجزء المرفوع منة فحكى الترمذى عن البخارى انة قال هذا غير محفوظ، وحكى الاثرم عن الامام احمد ان هذا الحديث (يعنى الجزء المرفوع منة ايضا) ليس بصحي والعمل علية واعلة بتفرد معمر وتحديثة بة فى غير بلدة اما الجزء الاخير منة الوقوف على عمر فقد قال الحافظ اسنادة ثقات، وهذا الموقوف على عمر هو الذى حكم البخارى بصحتة اه (قلت) الجزء المرفوع منة تقدم حديثا مستقلا فى باب من اسلم وتحتة اختان او اكثر من اربع من كتاب النكاح رقم 159 صحيفة 199 وذكرنا هناك ان الحافظ ابن كثير ودفى تفسيرة تعليل الخبارى لهذا الحديث وذكر لة طرفا وشواهد تفيد صحتة (تتمة فى طلاق الهازل) عن فضالة بن عبيد الانصارى عن رسول اللة صلى اللة علية وسلم قال ثلاثة لا يجوز اللعب فيهن الطلاق والطلاق والعتق (طب) وفى اسنادة ابن لهيعة، قال الهيشمى وحديثة حسن وبقية رجالة رجال الصحيح (وعن ابى هريرة) قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم ثلاث جدهن جد وهزلهن جد النكاح والطلاق والرجعة (د مذ جة ك قط) وقال الترمذى حسن غريب وصححة الحاكم وفى اسنادة عبد الرحمن بن حبييب ابن اردك وهو مختلف فية، وقال النسائى منكر الحديث ووثقة ابن حبان، وقال الحافظ فهو على هذا حسن اه (قلت) ويعضدة حديث فضالة الذى قبلة وهما يدلان على ان من تلفظ هازلا بلفظ نكاح او طلاق او رجعة او عتق اعتبر جدا ونفذ علية قال الشوكانى اما فى الطلاق فقد قال بذلك الشافعية والحنفية وغيرهم وخالف في ذلك أحمد ومالك فقالا

كتاب الخلع

-[تعريف الخلع ووعيد المختلعات لغير ضرورة تلجئ إلى ذلك]- (39) (كتاب الخلع) (باب ذم المختلعات من غير بأس) (عن أبي هريرة) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المختلعات والمنتزعات هن المنافقات (عن سهل بن أبي حثمة) قال كانت حبيبة ابنة سهل تحت ثابت بن قيس بن شماس الأنصاري فكرهته وكان رجلا دميما فجاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إني لأراه فلولا مخافة الله عز وجل لبزقت في وجهه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتردين عليه حديقته التي أصدقك؟ قالت نعم فأرسل إليه فردت عليه حديقته وفرق بينهما قال فكان

_ إنه يفتقر اللفظ الصريح الى النية واللة اعلم (1) اللع يضم الخاء المعجمة وسكون اللام هو فى اللغة فراق الزوجة على مال، مأوذ من خلع الثوب لان المأة لباس الرجل معنى، واجمع العلماء على مشروعيتة الا بكر بن عبد اتمة المزنى التابعى فانة قال لا يحل للزوج ان ياخذ من امراتة فى مقابل فراقها شيئا لقولة تعالى (فلا تاخذوا منة شيئا) واورد علية (فلا جناح عليها فما افتدت بة) فادعى نسخها بآية النساء روى ذلك ابن ابى شيبة، وتعقب بقولة تعالى (فان طين لكم عن شئ منة نفسا فكلوة هنيئا مرئيا) وبقولة فيهما (فلا جناح عليهما ان يصالحا الاية) وباحديث الباب وكانها لم تبلغة، وقد انعقد الاجماع بعدة على اعتبار وان اية النساء مخصوصة بآية البقرة وبايتى النساء الاخرتين، وهى فى الشرع فراق الرجل زوجتة ببدل يحصل لة فائدة الشوكانى (باب) (2) حدثنا عفان ثنا وهيب ثنا ايوب عن الحسن عن ابى هريرةالخ (غريبة) (3) بكسر الام اى اللاتى يطلبن الخلع والطلاق من ازواجهن من غير بأس (والمنزعات) بكسر الزاى من النزع وهو الجذب والقطع اى التى تريد جذب نفسها من زوجها وقطع صلتها بة بالطلاق (4) اى العاصيات باطنا المطيعات ظاهرا، قال اليى مبالغة فى الزجر (تخريجة) (نس) قال الحافظ اخرجة احمد والنسائى عن ابى هريرة وفى صحتة نظر لان الحسن عند الاكثر لم يسمع من ابى هريرة اه (قلت) واخرجة الترمذى من حديث ثوبان بغير لفظ المنزعات، وقال فى العلل سألت محمدا يمنى البخارى عن هذا الحديث فلم يعرفة اه ورواه ابو نعيم فى الحلية عن ابى مسعود وفية المتبرجات بدل المنزعات وسندة ضعيف، ورواه الطبرانى (عن عقبة بن عامر) بلفظ حديث الباب وفية قيس بن الربيع وثقة الثورى وشعبة وفية ضعف وبقية رجالة رجال الصحيح، وعلى هذا فأقل درجاتة ان يكون حسنا لكثرة طرقة وعدم الاتفاق على ضعفة واللة اعلم (5) (سندة) حدثنا سفيان عن عبد القدوس بن بكر بن خنيس قال اخبرنا حجاج عن عمرو بن شعيب عن ابية عن عبد اللة ابن عمرو والحجاج عن محمد بن سليمان بن ابى حثمة عن عمة سهل بن ابى حثمة الخ (غريبة) (6) بالدال المهملة اى قبح منظرة وصغر جسمة وكأنة مأخوذ من الدمة بالكسر وهى القملة او النملة الصغيرة فهو دميم (7) معناه انها عند رؤيتة (8) الحديقة هى البستان وكان قد اصدقها بستانا (تخريجة) هذا الحديث جاء عند الامام احمد باسنادين كما تقدم فى سندة، احدهما عن عبد اللة بن عمرو، والثانى عن سهل بن ابى حثمة واوردة الهثمى وقال رواه (حم بز طب) وفية الحجاج بن ارطأه وهو مدلس اه قلت يؤيد الحديث الاتى بعدة وحديث ابن عباس عند البخارى ان امرأه ثابت بن قيس اتت النبى صلى اللة علية وسلم فقالت يا رسول الله

كتاب الرجعة

-[مشروعية الخلع وجواز أخذ العوض من المرأة إذا كرهت البقاء مع زوجها]- ذلك أول خلع كان في الإسلام (عن يحيى بن سعيد) عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد ابن زرارة الأنصارية أنها أخبرته عن حبيبة بنت سهل الأنصارية قالت إنها كانت تحت ثابت بن قيس بن شماس وأن النبي صلى الله عليه وسلم خرج إلى الصبح فوجد حبيبة بنت سهل على بابه بالغلس فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم من هذه؟ قالت أنا حبيبة بنت سهل فقال صلى الله عليه وآله وسلم مالك؟ قالت لا أنا ولا ثابت بن قيس لزوجها فلما جاء ثابت قال له النبي صلى الله عليه وسلم هذه حبيبة بنت سهل قد ذكرت ما شاء الله أن تذكر، قالت حبيبة يا رسول الله كل ما أعطاني عندي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لثابت خذ منها فأخذ منها وجلست في أهلها. (40) (كتاب الرجعة) (باب الإشهاد عليها وبما تحل المطلقة ثلاثا لزوجها الأول) (عن زرارة بن أوفى) عن سعد بن هشام أنه طلق امرأته ثم ارتحل إلى المدينة ليبيع عقارًا له بها ويجعله في السلاح والكراع ثم يجاهد الروم حتى يموت فلقي رهطا من قومه فحدثوه أن رهطا من قومه ستة أرادوا ذلك على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أليس لكم في أسوة حسنة؟ فنهاهم عن ذلك فأشهدهم، على رجعتها ثم رجع إلينا فأخبرنا أنه أتى ابن عباس فسأله عن الوتر فذكر

_ ثابت بن قيس ما اعتب علية فى خلق ولادين ولكنى اكرة الكفر بعد الاسلام فقال رسول اللة صلى اللة علية وسلم اتردين علية حديقتة قالت نعم (زاد فى رواية فردتها) قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم اتردين علية حديقتة قالت نعم (زاد فى رواية فردتها) قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم وآلة وصحبة وسلم اقبل الحديقة وطلقها تطليقة (1) (سندة) قال الامام احمد قرأت على عبد الرحمن بن مهدى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن الخ (غريبة) (2) الغلس بفتح الغين المعجمة واللام ظلمة اخر الليل اذا اختلطت بضوء الصباح (3) اى لا اريد البقاء معة رجاء فى رواية ابن سعد ان ثابتا كان فى خلقة شدة فضربها (4) يعنى فى شكواها منك ولم يذكر لة النبى صلى اللة علية وسلم ما ذكرتة دفعا لنفرتة فقد جاء فى الحديث السابق انها قالت فلولا مخافة اللة عز وجل ليزقت فى وجهة (5) هذا امر ارشاد واصلاح لا ايجاب وفية دلالة على انة يجوز للرجل اخذ العوض من المرأة اذا كرهت البقاء معة وللائمة خلاف فى ذلك، انظر باب ما جاء فى الخلع فى بدائع المنن فى الجزء الثانى صحيفة 382 وافرأ الباب جميعة متناوشرحا تجد مذاهب الائمة فى احكام الخلع واللة الموفق (6) ذكر فى الحديث السابق ان النبى صلى اللة علية وسلم فرق بينهما وفى هذا الحديث ان النبى صلى اللة علية وسلم قال لثابت خذمنها ولم يقع فى الحديثين الامر بالطلاق، وقد جاء عناالبخارى عن ابن عباس ان النبى صلى اللة علية وسلم قال لثابت بن قيس اقبل الحديقة وطلقها تطليقة، وتقدم فى شر الحديث السابق (تخريجة) (اخرجة الامامان. والاربعة) وصححة ابن خزيمة وابن حبان من هذا الوجة (باب) (7) (سندة) حدثنا يحى ثنا سعيد بن ابى عروبة عن قادة عن زرارة بن اوفى الخ (غريبة) (8) العقار بالفتح الضيعة والنخل والارض ونحو ذلك (9) بضم الكاف كغراب هو فى الاصل مادون الركبة من الساق ويطلق على الخيل وهو المراد هنا (10) جاء عند مسلم فلما قدم المدينة لقى اناسا من اهل المدينة فنهوة عن ذلك واخبروة ان رهطا ستة ارادوا ذلك الخ اه (قلت) الرهط عشيرة الرجل واهلة، والرهط ايضا من الرجال مادون العشرة (11) بفتح الراء وكسرها قال النووي

-[ما جاء فيما تحل به المطلقة ثلاثا لزوجها الأول]- حديثا طويلا جدا (عن ابن عمر) قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن الرجل يطلق امرأته ثلاثا فيتزوجها آخر فيغلق الباب ويرخي الستر ثم يطلقها قبل أن يدخل بها هل تحل للأول؟ قال لا حتى يذوق العسيلة (عن عائشة رضي الله عنها) قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال أبي ولم يرفعه يعلى) عن رجل طلق امرأته فتزوجت زوجا غيره فدخل بها ثم طلقها قبل أن يواقعها أتحل لزوجها الأول؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحل للأول حتى يذوق الآخر عسيلتها وتذوق عسيلته (وعن أنس بن مالك) بنحوه (وفيه) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حتى يكون الآخر ذاق من عسيلتها وذاقت من عسيلته (عن عبيد الله بن العباس) قال جاءت الغميصاء أو الرميصاء

_ والفتح أفصح عند الاكثرين، وقال الازهرى الكسر افصح اه (1) هذا الحديث الطويل المشار الية سيأتى بتمامة فى باب صفة صلام رسول اللة صلى اللة علية وسلم من الليل فى القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية ان شاء اللة تعالى والحديث صحيح ارجة مسلم فى باب صلاه الليل (2) (سندة) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن رزين بن سليمان الاحمرى عن ابن عمر الخ (غريبة) (3) اى قبل ان يجامعها (4) بالتصغير هو كناية عن الجماع وقد فسرة النبى صلى اللة علية وسلم بذلك كما سياتى فى حديث عائشة فى هذا الباب، وجاء عند النسائى بلفظ (لا تحن للاول حتى يجامعها الار) اه وقال ابو عبيدة العسيلة لذة الجماع والعرب تسمى كل شئ تسلذة عسلا اه وجاء فى اخر هذا الحديث عند الامام احمد قال عبد اللة (يعنى ابن الامام احمد) قال ابى وحدة ثناه احمد الزبيرى قال ثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن رزين اه (قلت) هذا اسناد ثمن للحديث قال فية عن سليمان بن رزين وقال فى الاسناد الاول رزين بن سليمان وصوب النسائى الاسناد الاول (تخريجة) (نس) وفى اسنادة رزين بن سليمان الاحمرى قال الذهبى فى الميزان لا يعرف اه (قلت) وحكى البخارى الاختلاف فى اسمة ثم قال لا نقوم بهذا حجة اه وعلى هذا فالحديث ضعيف (5) (سندة) حدثنا ابو معاوية ثنا الاعمش عن ابراهيم عن الاسود عن عائشة قالت سئل رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (6) هذة الجملة المحصورة بين قوسين معترضة بين قوسين بين حرف الجر ومتعلقة وهو سئل رسول اللة صلى اللة علية وسلم عن رجل طلق امراتة ال وهى تفيد ان الامام احمد رحمة اللة روى هذا الحديث مرتين مره عن ابى معاوية عن الاعمش الخ مرفوعا كما هنا ومرة عن يعلى عن الاعشى الخ موقوفا ولم يذكرة والقائل قال ابى هو عبد اللة بن الامام احمد وقد جاء هذا الحديث عند مسلم مرفوعا من طريق ابى معاوية عن هشام عن ابية عن عائشة ان رسول اللة صلة اللة علية وسلم سئل عن المرأه يتزوجها الرجل فيطلقها (يعنى ثلاثا) فتزروج رجلا فيطلقها قبل ان يدل بها اتحل لزوجها الاول؟ قال لا حتى يذوق عسيلتها (تريجة) (م نس هق) (7) (سند) حدثنا عفان ثنا محمد بن دينار حدثنى يحيى بن يزيد عن انس بن مالك ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم سئل عن رجل كانت تحتة امأة فطلقها فتزوجت بعدة رجلا فطلقها قبل ان يدخل بها اتحل لزوجها الاول؟ فقال رسول اللة صلى اللة علية وسلم لا الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم بزعل) الا انة (يعنى ابا يعلى) قل فمات عنها قبل ان يدخل بها والطبرانى فى الاوسط ورجالة رجال الصحيح خلا محمد بن دينار الطاحى وقد وثقة ابو حاتم وابو زرعة وابن حبان وفية كلام لا يضر (8) (سندة) حدثنا هشيم انبأنا يحيى بن ابى اسحاق عن سليمان بن يسار عن عبيد اللة بن العباس الخ (غريبة) (9) بضم وفتح ومد فيها، واو للشك من الراوى وهى امرأة اخرى غير أم

-[لا تحل المطلقة ثلاثا لزوجها الأول حتى يواقعها الثاني]- إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشكو زوجها وتزعم أنه لا يصل إليها، فما كان إلا يسيرا حتى جاء زوجها فزعم أنها كاذبة ولكنها تريد أن ترجع إلى زوجها الأول، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس لك ذلك حتى يذوق عسيلتك رجل غيره (عن عائشة رضي الله عنها) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال العسيلة هي الجماع (وعنها أيضا) قالت دخلت امرأة رفاعة القرظي وأنا وأبو بكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إن رفاعة طلقني البتة وأن عبد الرحمن بن الزبير تزوجني وإنما عنده مثل هدبتي وأخذت هدبة من جلبابها وخالد بن سعيد بالباب لم يؤذن له فقال يا أبا بكر ألا تنهى هذه عما تجهر به بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زاد رسول الله صلى الله عليه وسلم على التبسم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة، لا: حتى تذوقي عسيلته ويذوق عسيلتك (عن عطاء الخراساني) عن ابن عباس نحوه، وزاد ثم جاءته بعد فأخبرته أن قد مسها فمنعها أن

_ سليم بنت ملحان زوجة ابى طلحة الانصارى وام انس ابن مالك فانها كانت تلقب بذلك ايضا (تخريجة) اوردة الحافظ فى الاصابة بسندة كما هنا ووثق رجالة واخرجة ايضا (نس) واوردة الهيثمى مختصرا عن عبيد اللة والفضل ابنى العباس وقال رواه ابو يعلى ورجالة رجال الصحيح (1) (سندة) حدثنا مروان قال انا عبد الملك الملكى قال ثنا عبد اللة بن ابى ملكية عن عائشة الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم عل) وفية ابو عبد الملك الملكى ولم اعرفة بغير هذا الحديث وبقية رجالة الصحيح (2) (سندة) حدثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهرى عن عررة عن عائشة الخ (غريبة) (3) رفاعة هو ابن سموان (وزن عمران) وامراتة تميمة بنت وهب كما صر بذلك فى الموطأ (4) بفتح الزاى مشددة وكسر الموحدة (5) بضم الهاء واسكان الدال المهملة طرف الثوب الذى ينسج قال فىلنهاية ارادت متاعة وانة رخو مثل طرف الثوب لا يغنى عنها شيئا (6) كرة الجهر يمثل ذلك فى حضرتة صلى اللة علية وسلم تعظيما لشأنة وتحقيرا لتلك المقالة البعيدة عن اهل اليائ (تخريجة) (ق نس هق) * (7) (سندة) حدثنا عبد الرزاق انبأنا ابن جريجقال حدثنى عطاء الخراسانى عن ابن العباس الخ (غريبة) (8) (قولة نحوة وزاد ثم جاءنة بعد الخ) عكذا جاء فى اصل المسند وليس من اختصارى، وفية اشارة الى ان هذا الحديث تقدمة حديث بمعناه والحال ان الحديث الذى تقدمة يخالفة فى المعنى، نعم يتفق معة فى السند فقط، واليك نصة (قال الامام احمد رحمة اللة تعالى) حدثنا عبد الرزاق انبأنا ابن جريج قال انا عطاء الخراسانى عن ابن عباس ان خذاما ابا وديعة انكح ابنتة رجلا فأتت النبى صلى اللة علية وسلم فاشتكت الية انها انكحت وهى كارهة فانتزعها النبى صلى اللة علية وسلم من زوجها وقال لاتكرهوهن، قال فنكحت بعد ذلك ابا لبابة الانصارى وكانت ثيبا، هذا هو الحديث الذى تقدم حديث الباب مباشرة بدون فواصل بينهما وهما مختلفان فى المعنى، لذلك وضعت حديث بنت خذام فى باب ما جاء فى تزويج الاب ابنتة الثيب او البكر البالغ بغير رضاها لان اللائق بة وضعة هناك ووضعت حديث الباب هنا عقب حديثة عائشة لانة اللائق بقصة رفاعة فان كنت اخطات فاللهم غفرا وقد بينت ما يمكن بيانة وان كنت اصبت فالحمد للة شكرا (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد ورجالة رجال الصحيح الا انة منقطع لان عطاء الخراسانى لم يدرك ابن عباس وأصل

كتاب الإيلاء

-[ما جاء في الإيلاء وتعريفه وتفسر قوله تعالى {للذين يؤلون من نسائهم الخ)]- ترجع إلى زوجها الأول، وقال اللهم إن كان إيمانه أن يحلها لرفاعة فلا يتم له نكاحها مرة أخرى ثم أتت أبا بكر وعمر في خلافتهما فمنعاها كلاهما (عن عائشة رضي الله عنها) قالت طلق رجل امرأته فتزوجت زوجا غيره فدخل بها وكان معه مثل الهدبة فلم يقربها إلا هبة واحدة لم يصل منها إلى شيء فذكرت ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقالت أحل لزوجي الأول؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحلي لزوجك الأول حتى يذوق الآخر عسيلتك وتذوقي عسيلته. (41) (كتاب الإيلاء) وتفسير قوله تعالى للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر الآيات (عن عائشة رضي الله قالت أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يدخل على نسائه شهرا قالت فلبث تسعا وعشرين، قالت فكنت أول من بدأ به فقلت للنبي صلى الله عليه وسلم أليس كنت أقسمت شهرا؟ فعدت الأيام تسعا وعشرين، فقال النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم الشهر تسع وعشرون

_ القصة صحيح كما يدل على ذلك حديث عائشة المتقدم (1) (سندة) حدثنا ابو معاوية ثنا هشام بن عروة عن ابية عن عائشة الخ (غريبة (2) اى خلابها سمى اللوة دولا لانها من مقدماتة ولابد من الحمل على هذا المعنى لان المفروض عدم الجماع لقولها لم يصل منها الى شئ (3) اى مرة واحدة من هباب الفحل وهو سفادة ولكنة لم يصل منها الى شئ كما صرح بذالك فى الحديث (4) زاد فى رواية البيهقى فلم يلبث ان طلقها فاتت النبى صلى اللة علية وسلم فسألتة عن ذلك الخ (تخريجة) (هق) وقال رواه البخارى فى الصحيح عن محمد عن ابى معاوية رواه مسلم عن ابى كريب عن معاوية اه (لنظر احكام هذا الباب) ومذاهب الائمة فى ذلك فى القول الحسن شرح بدائع المنن فى الجزء الثانى صحيفة 377 (كتاب الايلاء) (5) الايلاء مشتق من الالية بالتشديد وهى اليمين والجمع الابا وزن عطايا قال الشاعر: قليل الالايا حافظ بيمينة فان سبقت منة الالية برت: فجمع بين المفرد والجمع، وفى الشرع الحلف الواقع من الزوج ان لا يظا زوجتة اربعة اشهر او اكثر: ولكن احاديث الباب جاءت فى شهر فهو ايلاء لغة (قال ابن العباس) كان ايلاء الجاهلية السنة والسنتين واكثر من ذلك يقصدون بذلك ايذاء المأة عند المساءة فو فت لهم اربعة اشهر فمن آل بأقل من ذلك فليس بابلاء حكمى اه (قلت) وقول ابن العباس فوقت لهم اربعة اشهر يعنى قولة تعالى (للذين يؤلون من نسائهم تربص اربعة اشهر فان فاءوا فان اللة غفور رحيم وان عزموا الطلاق فان اللة سميع عليم) والمعنى (للذين يؤلون من نسائهم) اى يحلفون ان لا يجامعوهن (تربص اربعة اشهر) اى انتظار اربعة اشهر (فان قاموا) اى رجعوا فيها او بعدها من اليمين الى الوطء وجاء فى قراءة ابن مسعود (فان قامو فيهن فأن اللة غفور) لهم ما اتوة من ضرر المرأه بالحلف (رحيم؟) بهم (وان عزموا الطلاق) اى على الطلاق بان لم يفيئوا فليوقموه (فان اللة سميع) لقولهم (عليم) بعزمهم ومعناه ليس لهم بعد تربص ما ذكر الا القيئة او الطلاق (6) (سندة) حدثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهرى عن عروة بن الزبير عن عائشة الخ (غريبة) (7) معناه فكانت اول امرأه بدأ بالبيانات عندها (8) اى يكون تسعا وعشرين كما يكون ثلاثين وهذا الشهر تسع وعشرون (تخريجة) (جة) وقال البوصيرى في زوائد

-[قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع زوجاته وهجرهن شهرا]- (وعنها أيضا) قالت فلما مضت تسع وعشرون ليلة دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت بدأ بي فقلت يا رسول الله إنك أقسمت أن لا تدخل علينا شهر أو أنك قد دخلت من تسع وعشرين أعدهن فقال أن الشهر تسع وعشرون: ثم قال يا عائشة إني ذاكر لك أمرا فلا عليك أن لا تعجلي فيه حتى تستأمري أبويك ثم قرأ علي الآية {يا أيها النبي قل لأزواجك} حتى بلغ {أجرا عظيما} قالت عائشة قد علم أن أبوي لم يكونا يأمراني بفراقه، قالت فقلت في هذا أستأمر أبوي؟ فإني أريد الله ورسوله والدار الآخرة (عن ابن عباس) قال هجر رسول الله نساءه شهرا فلما مضى تسع وعشرون أتاه جبريل فقال قد برت يمينك وقد تم الشهر (عن أنس بن مالك) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انفكت قدمه فقعد في مشربة له، درجتها من جذوع وآلي من نسائه شهرا فأتاه أصحابه يعودونه فصلى بهم قاعدا وهم قيام فلما حضرت الصلاة الأخرى قال لهم ائتموا بإمامكم، فإذا صلى قائما فصلوا قياما وإن صلى قاعدا فصلوا قعودا، قال ونزل في تسع وعشرين، قالوا يا رسول الله إنك آليت شهرا، قال الشهر تسع وعشرون (عن أم سلمة رضي الله عنها) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حلف أن لا يدخل على بعض أهله شهرا فلما مضى تسعة وعشرون يوما غدا عليهم أو راح فقيل له حلفت يا نبي الله لا تدخل عليهن شهرا، فقال إن الشهر تسعة وعشرون يوما (عن أبي هريرة) قال هجر النبي صلى الله عليه وسلم نساءه قال شعبة وأحسبه قال شهرا فأتاه عمر بن الخطاب وهو في غرفة على حصير قد أثر الحصير بظهره، فقال يا رسول الله كسري يشربون في الذهب والفضة وأنت هكذا؟ فقال صلى الله عليه وسلم إنهم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم الشهر تسعة وعشرون هكذا وهكذا وكسر في الثالثة الإبهام

_ ابن ماجه اسنادة حسن (1) (سندة) حدثنا عبد الرزاق عن معمر قال قال الزهرى فأخبرنى عروة عن عائشة قالت فلما مضت تسع وعشرون الخ (غريبة) (2) هذه الجملة الى اخر الحديث تقدم شرحها فى شرح الحديث الاول من باب ما جاء فى الطلاق بالكناية فى كتاب الطلاق صحيفة 8 رقم 14 (تخريجة) (ق مذ نس) (3) (سندة) حدثنا عمرو بن محمد ابو سعيد العنقزى انا سفيان عن سلة كهيل عن عمر ان عن ابن عباس الح (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام وسندة صحيح ورجالة ثقات * (4) (سندة) حدثنا يزيد بن هارون انا حميد عن انس الخ (غريبة) (5) المشربة بالضم والفتح الغرفة المرتفعة عن الارض (6) بفتح الهمزة ممدودة اى حلف باللة عز وجل ان يهجرهن شهرا وبقية الحديث تقدم الكلام علية فى الباب الاول من ابواب صلاه المريض فى الجز الخامس صحيفة 146 رقم 1266 فارجع الية (تخريجة) (ق هق. وغيرهم) (7) حدثنا روح ابن جريح قال اخبرنى يحى بن عبد اللة بن صيفى ان عكرمة بن عبد الرحمن اخبرة ان ام سلة اخبرتة ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم حلف الخ (تخريجة) (ق وغيرهما) (8) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن داود بن فراهيج قال سمعت ابا هريرة قال هجر النبى صلى اللة علية وسلم نساءة ال (غريبة) (9) معناه انة صلى اللة علية وسلم فتح اصابع يدية العشرة مرتين وفى الثالثة اطبق الابهام فقط اشارة الى ان هذا الشهر تسعة وعشرين يوما (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد وفية داود بن فراهيج وثقة ابن حبان وضعفة ابن معين وغيرة اه (قلت) لة شواهد صحيحة تؤيده

كتاب الظهار

-[ما جاء في الظهار وتعريفه وسبب نزول صدر سورة المجادلة]- (عن أبي الزبير) أنه سمع جابر بن عبد الله يقول هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه شهرا فكان يكون في العلو ويكن في السفل، فنزل النبي صلى الله عليه وسلم إليهن في تسع وعشرين ليلة، فقال رجل يا رسول الله إنك مكثت تسعا وعشرين ليلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشهر هكذا وهكذا بأصابع يده مرتين وقبض في الثالثة إبهامه. (42) (كتاب الظهار) (باب ما جاء في لفظه وسببه) (عن خولة بنت ثعلبة) قالت والله في وفي أوس بن الصامت أنزل الله عز وجل صدر سورة المجادلة قالت كنث عنده وكان شيخا كبيرا قد ساء خلقه وضجر قالت فدخل علي يوما فراجعته بشيء فغضب فقال أنت علي كظهر أمي، قالت ثم خرج فجلس في نادي قومه ساعة ثم دخل علي فإذا هو يريدني على نفسي، قالت فقلت كلا والذي نفس خويلة بيده لا تخلص إلي وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت فواثبني وامتنعت منه فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف فألقيته عني، قالت ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابها ثم خرجت حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه فجعلت أشكو إليه صلى الله عليه وسلم ما ألقى في سوء خلقه، قالت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول يا خويلة ابن عمك

_ (1) (سنده) حدثنا روح ثنا زكريا ثنا ابو الزبير الخ (تخريجة) (م. وغيره) (تنبية) اقرأ باب اليلاء فى بدائع المتن متنا وشرحا فى الجزء الثانى صحيفة 385 تعرف احكامة وكلام الائمة فية (كتاب الظاهر) (2) قال البدر العينى فى شرح البارى نقلا عن حافظ الدين النسفى انة قال الظهار تشبية المنكوحة بامرأة محرمة علية على التايد مثل الام والبنت والاخت وحرم علية الوطء ودواعية بقولة انت على كظهر امى حتى يكفر وقيل انما خص الظهر بذلك دون سائر الاعضاء لانة محل الركوب غالبا ولذلك يسمى المركوب ظهرا فشبة الزوجة بذلك لانها مركوب الرجل فلو اضاف لغير الظهر مثل البطن والفخد والفرج كان ظهارا يخالف اليد وعند الشافعى فى القديم لا يكون ظهارا لو قال كظهر اختى بل يختص بالام ولو قال كظهر ابى مثلا لا يكون ظهارا عند الجمهور وعند احمد فى رواية ظهارا اه (باب) (3) (سندة) حدثنا سعد بن ابراهيم ويعقوب قالا ثنا ابى قال ثنا محمد ابن اسحاق قال حدثنى معمر بن عبد اللة بن حنظلة عن يوسف بن عبد اللة بن سلام عن خولة بنت ثعلبة الخ (قال ابو عمر) وهى ولة بنت ثعلبة بن اصرم بن فهر بن غنم بن سالم بن عوف وهو الاصح ولا يثبت شئ غير ذلك وزوجها اوس بن الصامت بن قيس ابن صرم بن فهر بن ثعلبة بن سالم بن عوف ابن الخزرج الانصارى شهد بدرا واحد والمشاهد كلها مع رسول اللة صلى اللة علية وسلم وبقى الى زمان عثمان رضى اللة عنة (غريبة) (4) قال الحافظ ابن كثير هذا هو الصحيح فى سبب نزول هذه السوره فأما حديث سلمة بن صخر فليس فية انة كان سبب النزول ولكن امر بما انزل اللة فى هذة السورة من العتق او الصيام او الاطعام اه (قلت) حدحيث سلمة بن صخر سيأتى فى الباب التالى (5) تقدم ان نسبها يتصل بنسب

-[قصة خويلة بنت ثعلبة مع زوجها أوس بن الصامت في الظهار]- شيخ كبير فاتقي الله فيه قالت فوالله ما برحت حتى نزل في القرآن فتغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه ثم سرى عنه فقال لي يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك، ثم قرأ علي {قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله: والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير- إلى قوله- وللكافرين عذاب أليم} فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم مريه فليعتق رقبة، قالت فقلت يا رسول الله ما عنده ما يعتق، قال فليصم شهرين متتابعين، قالت فقلت والله يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام، قال فليطعم ستين مسكينا وسقا من تمر، قالت قلت والله يا رسول الله ما ذاك عنده قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنا سنعينه بعرق من تمر، قالت فقلت وأنا يا رسول الله سأعينه بعرق آخر قال قد أصبت وأحسنت فاذهبي فتصدقي عنه ثم استوصى بابن عمك خيرا، قالت ففعلت، قال عبد الله قال أبي قال سعد العرق الصن (باب من ظاهر من امرأته في رمضان خشية الوقوع في الجماع بالنهار) (عن سلمة بن صخر الأنصاري) قال كنت امرءاً قد أوتيت من جماع النساء ما لم يؤت غيري، فلما دخل رمضان تظهرت من امرأتي حتى ينسلخ رمضان فرقا من أن أصيب في ليلتي فأتتابع في ذلك إلى أن يدركني النهار وأنا لا أقدر أن أنزع

_ زوجها فى سالم بن عوف بن الزرج فهو ابن عمها لذلك (1) اى اطيعية ولا تذكرية بسوء لان مصيبتة ما جاءت الا بسبب امتناعها عنة (2) بفتح الواو وسكون المهملة ستون صاعا والصاع اربعة امداد: قال فى النهاية المدفى الاصل ربع الصاع وقبل ان اصل المد مقدر بأن يمد الرجل يدية فيملأ كيفية طعاما والصاع اربعة امداد اه وقد اذ بظاهرة الثورى وابو حنيفة واصحابة فقالوا الواجب لكل مسكين صاع من تمر او ذرة او شعير او زبيب او نصف صاع من بر (3) العرق بفتح العين المهملة والراء ويسكن جاء مفسرا فى حديثة سلمة بن صر عند الترمذى بلفظ (فقال رسول اللة صلى اللة علية وسلم لفروة بن عمرو واعطة ذلك العرق وهو مكتل ياذ مسة عشر صاعا او ستة عشر صاعا اطعام ستين مسكينا) اه والمكتل قال فى القاموس كمنبر زنبيل بسع خمسة عشر صاعا اه (قلت) الزنبيل بوزن قنديل وبرواية الترمذى اذ الشافعى فقال ان الواجب لكل مسكين مد فان العرق ياذ خمسة عشر صاعا والصاع اربعة امداد وبة قال مالك الا انة قال بمد هشام وهو مد وثلث قالة الطابى (4) تقدم ان العرق يسع مسة عشر صاعا وقد تيسر لة عرقان عرق من النبى صلى اللة عليةوسلم وعرق من زوجتة ومجموعهما ثلاثون صاعا تقسم على ستين مسكينا فيكون لكل مسكين نصف صاع وهو مدان والى ذاك ذهب احمد فيها عدا البر فالواجب منة مد واحد (5) هو ابن ابراهيم احد رجال السند (6) قال فى النهاية هو بالفتح زنبيل كبير وقيل هو شبة السلة المطبقة اه وفى القاموس شبة السلة المطبقة بجعل فيها البز اه (تخريجة) (د) وسكت عنة ابو داود والمنذرى قال الشوكانى وفى اسنادة محمد بن اسحاق (قلت) محمد بن اسحاق ثقة مدلس وقد صرح بالتحديث فى رواية الامام احمدفاتنفعت علة التدليس وعلى هذا فالحديث صحيح واللة اعلم (باب) (7) (سندة) حدثنا يزيد بن هارون قال انا محمد بن اسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن سليمان بن يسار عن سلة بن صر الانصارى (وفى رواية الزرقى) قال كنت امراءا ال (غريبة) (8) اى ينتهى (وقولة فرقا) بفتحتين اى وفا (9) بتاءين فوقيتين وبعد الالف ياء تحتية وهو الوقوع فى الشر (10) معناه إذا أدركني النهار متلبسا

-[قصة سلمة بن صخر وما جرى له بسبب الظهار في رمضان]- فبينما هي تخدمني إذ تكشف لي منها شيء فوثبت عليها، فلما أصبحت غدوت على قومي فأخبرتهم خبري وقلت لهم انطلقوا معي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بأمري، فقالوا لا والله لا نفعل، نتخوف أن ينزل فينا قرآن أو يقول فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالة يتبقى علينا عارها، ولكن اذهب أنت فاصنع ما بدا لك، قال فخرجت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبري فقال لي أنت بذاك؟ فقلت أنا بذاك، فقال أنت بذاك؟ فقلت أنا بذاك، فقال أنت بذاك؟ قلت نعم ها أنذا فامضى في حكم الله عز وجل فإني صابر له، قال أعتق رقبة قال فضربت صفحة رقبتي بيدي وقلت لا والذي بعثك بالحق ما أصبحت أملك غيرها قال فصم شهرين، قال قلت يا رسول الله وهل أصابني ما أصابني إلا في الصيام، قال فتصدق، قال فقلت والذي بعثك بالحق لقد بتنا ليلتنا هذه وحشا مالنا عشاء، قال اذهب إلى صاحب صدقة بني زريق فقل له فليدفعها إليك فأطعم عنك منها وسقا ثم استعن بسائره عليك وعلى عيالك قال فرجعت إلى قومي فقلت وجدت عندكم الضيق وسوء الرأي ووجدت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم السعة والبركة، وقد أمر لي بصدقتكم فادفعوها لي، قال فدفعوها إلى (وعنه بالسند المتقدم) قال تظاهرت من امرأتي ثم وقعت بها قبل أكفر فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأفتاني بالكفارة

_ بالوطء لا يمكننى المنع منة (1) جاء فى رواية لابى داود والترمذى قال رايت خلخالها فى ضوء القمر (2) قال الخطابى معناه انت الملم بذلك وانت المرتكب؟ اه ولعل التكرير للمبالغة فى الزجر لا انة شرط فى اقرار المظاهر ومن هنا يلوح ان مجرد الفعل لا يص الاستدلال بة على الشرطية كما فى الاقرار بالزنا (3) ظاهرة عدم اعتبار كونها مؤمنة وبة قال عطاء والنخعى وزيد بن على وابو حنيفة وابو يوسف وقال مالك والشافعى واحمد لا يجزى اعتاق الكافر لان هذا مطلق مقيد بما فى كفارة القتل من اشتراط الايمان ,4) يعنى رقبتة (5) اى جياعا يقال رجل وحش بالسكون من قوم اوحاش اذا كان جائعا لاطعام لة، وعند ابى داود لقد بتنا وحشين اى جائعين مالنا طعام (6) بتقدم الزاى علىلراء (7) تقدم فى الباب السابق ضبطة وتقديرة والخرف فية دلالة على انة يجزى من لم يجد رقبة ولم يقدر على الصيام لعلة ان يطعم ستين مسكينا وقد حكى صاحب البحر الاجماع على ذلك وحكى ايضا الاجماع على ان الكفارة فى الظهار واجبة على الترتيب وظاهر الحديث انة من طعام ستين مسكينا ولا يجزى اطعام دونهم والية ذهب الشافعى ومالك والهادوية وقال زيد بن على وابو حنيفة واصحابة والناصر بجزى اطعام واحد ستين يوما (8) اى بما يبقى منة (تخريجة) (د مذ) وقال ححديث حسن وصححة ابن خزيمة وابن الجارود وقال الحافظ فى التلخيص اعلة عبد الحق بالانقطاع وان سليمان لم يدرك سلة حكى ذلك الترمذى عن البارى اه (قلت) وفى اسنادة محمد بن اسحاق ثقة لكنة مدلس وقد عنعن (9) اى بسند الحديث السابق وهو حسن (تخريجة لم اقف علية بهذا اللفظ لغير الامام احمد وتقدم الكلام على سندة فى الحديث السابق وهو حسن لكثرة طرقة قبل ان يكفر قال كفارة واحدة (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب والعمل على هذا

كتاب اللعان

-[سبب نزول آية اللعان وكلام العلماء في ذلك]- (43) (كتاب اللعان) (باب ما كان من إيجاب الحد على من قذف زوجته إن لم يأت بأربعة شهداء قبل نزول آيات اللعان) (عن أبي هريرة) أن سعد بن عبادة قال يا رسول الله إن وجدت مع امرأتي رجلا أمهله حتى آتاني بأربعة شهداء؟ قال نعم (عن ابن عباس) قال لما قذف هلال بن أمية امرأته قيل له والله ليجلدنك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانين جلدة قال الله أعدل من ذلك أن يضربني ثمانين ضربة وقد علم أني قد رأيت حتى استيقنت وسمعت حتى استيقنت، لا والله لا يضربني أبدا قال فنزلت آية الملاعنة (عن عبد الله) قال كنا جلوسا عشية الجمعة في المسجد قال فقال رجل من الأنصار إن أحدنا رأى مع امرأته رجلا فقتله قتلتموه وإن تكلم

_ عند أهل العلم هو قول سفيان الثورى ومالك والشافعى واحمد واسحاق وقال بعضهم اذا واقعها قبل ان يكفر فعلية كفارتانوهو قول عبد الرحمن بن مهدى اه قال الحافظ ابن كثير وظاهر سياق قصة سلمة ابن صخر انها كانت بعد قصة اوس بن الصامت وزوجتة ويلة بنت ثعلبة كما دل علية سياق تلك وهذة بعد التامل: قال وكان الظهار عند الجاهلية طلاقا فأرخص اللة لهذة الامة وجعل فيها كفارة ولم يجعل طلاقا كما كانوا يعتمدونة فى جاهليتهم هكذا قال غير واخد من السلف اه (كتاب اللعان) (1) قال الحافظ اللعان ماخوذ من اللعن (لان الملاعين يقول فى الخامسة لعنة اللة علية ان كان من الكاذبيين واختير لفظ اللعن دون الغضب فى التسمية لانة قول الرجل وهو الذى بدئ بة فى الاية وهو ايضا يبدأ بة وقيل سمى لعانا لان اللعن الطرد والابعاد وهو مشترك بينهما وانما خصت المرأه بلفظ الغضب لعظم الذنب بالنسبة اليها لان الرجل اذا كان كاذبا لم يصل ذنبة الى اكثر من القذف وان كانت هى كاذبة فذنبها اعظم لما فية من تلويث الفراش والتعرض لالحاق من ليس بالزوج بة فتنتشر المحرمية وتثبت الولاية والميراث لمن لا يستحقها اه وقال ابن الالهام فى شرح الهداية اللعان مصدر لاعن واللعن فى اللغة الطرد والابعاد وفى الفقة اسم لما يجرى بين الزوجين من الشهادات بالالفاظ المعلومات (وشرطة) قيام النكاح (وسبببة) قذف الزوجة بما يوجب الحد فى الاجنبية (وحكمة) حرمتها بعد التلاعين (واهلة) من كان اهلا للشهادة فان اللعان شهادات مؤكدةات بالايمان عندنا واما عند الشافعية فايمان موكدات بالشهادات وهو الظاهر من قول مالك واحمد اه كلام ابن الهمام مختصرا (باب) (2) (سندة) حدثنا اسحاق قال ثنا مالك عن سهيل بن ابى صالح عن ابية عن ابى هريرة الخ (غريبة) (3) زاد فى رواية لمسلم قال (يعنى سعدا) كلا والذى بعثك بالحق ان كنت لاعاجلة بالسيف قبل ذلك قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم اسمعوا الى ما يقول سيدكم انة لغيور وانا اغير منة (تخريجة) (ق. وغيرهما) (4) (سندة) حدثنا حسين ثنا جرير عن ايوب عن عكرمة عن ابن العباس الخ (غريبة) (5) هى حد القذف (تخريجة) (دهق) ورجالة ثقات (6) (سندة) حدثنا يحيى بن حماد ثنا ابو عوانة عن الاعمش عن ابراهيم عن علقة عن عبد اللة (يعنى ابن مسعود) قال كنا جلوسا الخ (غريبة) (7) يعنى مسجد النبى صلى اللة علية سلم (8) اى قصاصا لقولة تعالى (النفس بالنفس) وقد اتلف العلماء فى من وجد رجلا مع امرأتة وتحقق وجرد الفاحشة منهما فقتلة هل يقتل به أم لا فمنع

-[نزول آية القذف وتفسيرها وكلام العلماء في ذلك]- جلدتموه وإن سكت سكت على غيظ، والله لئن أصبحت صالحا لأسألن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فسأله فقال يا رسول الله إن أحدنا رأى مع امرأته رجلا فقتله قتلتموه، وإن تكلم جلدتموه، وإن سكت سكت على غيظ اللهم احكم قال فأنزلت آية اللعان، قال فكان ذلك الرجل أول من ابتلى به (باب سببه وتفسير آيات القذف واللعان وقصة هلال بن أمية في ذلك) (عن ابن عباس) قال لما نزلت {والذين يرمون المحصنات ثم لم يأتوا بأربعة شهداء فاجلدوهم ثمانين جلدة ولا تقبلوا لهم شهادة أبدا} قال سعد بن عبادة وهو سيد الأنصار أهكذا أنزلت

_ الجمهور الإقدام وقالوا يقتل بة الا ان ياتى ببينة الزنا او يعترف المقتول بذلك بشرط ان يكون محصنا وقيل بل يقتل بة لانة ليس لة ان يقيم الحد بغير اذن الامام وقال بعض السلف لا يقتل اصلا ويعذر فيما فعلة اذا ظهرت امارات صدقة وشرط حمد واسخق ومن تبعهما ان ياتى بشاهدين انة قتلة بسبب ذلك ووافقهم ابن القاسم وابن حبيب من المالكية لكن زادا ان يكون المقتول قد احصن وعند الهادوية انة يجوز للرجل ان يقتل من وجدة مع زوجتة وامتة وولدة حال الفعل واما بعدة فيقاد بة ان كان بكرا واللة اعلم (1) اى ان اباح بما راه جلدتموة يعنى حد القذف (2) معناه ان عشت الى غد (3) اى اللهم بين لنا الحكم فى هذا (4) الظاهر من السياق ان هذا الرجل هو هلال بن امية ويؤيدة رواية مسلم (انة كان اول رجل لاعن فى الاسلام) (تخريجة) (م دجة) (باب) (5) (سندة) حدثنا يزيد انا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن العباس قال لما نزلت الخ (غريبة) (6) بقية الاية (اولائك هم الفاسقون الا الذين تابوا من ذلك واصلحوا فان اللة غفور رحيم) وقد تناولت هذة الاية الكريمة احكام القذف وكم يجلد القاذف واراد بالرمى القذف بالزنا وكل من رمى محصنا او محصنة فقال لة زنيت او يازانى فيجب علية ثمانين جلدة ان كان حر وان كان عبدا فيلجلد اربعين وان كان المقذوف غير محصن فعلى القاذف التعزيز وشرائط الاحصان خمسة الاسلام والعقل والبلوغ والحرية والعفة من الزنا حتى ان من زنى مرة فى اول بلوغة ثم تاب وحسنت حالتة وامتد عمره فقذفة قاذف لان الحد الذى وجب علية هو حد الفرية وقد ثبت صدقة قال تعالى (والذين يرمون المحصنات) اى يقذفون بالزنا المحصنات يعنى المسلمات الحرائر العفائف (ثم لم ياتوا باربعة شهداء) يشهدون على زناهن (فاجلدوهم ثمانين جلدة) اى اضربوهم ثمانين جلدة (ولا تقبلوا لهم شهادة ابدا واولئك هم الفاسقون) فأوجب على القاذف اذا لم يقيم البينو على صحة ما قال ثلاثة احكام (احدها) ان يجلد ثمانين جلدة (الثانى) ان ترد شهادتة ابدا (الثالث) ان يكون فاسقا ليس بعدل لا عند اللة ولا عند الناس ثم قال تعالى (الا الذين تابوا من بعد ذلك واصلحوا فان اللة غفور رحيم) واختلف العلماء فى هذا الاستثناء هل يعود الى الجملة الاخيرة فقط فترفع التوبة الفسق فقط ويبقى مردود الشهادة دائما وان تاب؟ او يعود الى الجملتين الثانية والثالثة؟ واما الجلد فقط فقد ذهب وانقضى سواء تاب او اصر ولا حكم لة بعد ذلك بلا خلاف فذهب (مالك والشافعى واحمد) الى انة اذا تاب قبلت شهادتة وارتفع عنة حكم الفسق ونص علية بن المسيب سيد التابعين وجماعة من السلف ايضا (وقال ابو حنيفة) انما يعود الاستثناء الى الجملة الاخيرة فقط فيرتفع الفسق بالتوبة ويبقى الشهادة أبدًا

-[سبب نزول آية اللعان وقصة هلال بن أمية مع زوجته]- يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار ألا تسمعون إلى ما يقول سيدكم؟ قالوا يا رسول الله لا تلمه فإنه رجل غيور، والله ما تزوج امرأة قط إلا بكرا، وما طلق امرأة له قط فاجترأ رجل منا على أن يتزوجها من شدة غيرته، فقال سعد والله يا رسول الله إني لأعلم أنها حق وأنها من الله تعالى ولكني قد تعجبت أني لو وجدت لكاعا تخذها رجل لم يكن لي أن أهيجه ولا أحركه حتى آتي بأربعة شهداء، فوالله لا آتي بهم حتى يقضي حاجته، قال فما لبثوا إلا يسيرا حتى جاء هلال بن أمية وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم فجاء من أرضه عشاءا فوجد عند أهله رجلا فرأى بعينيه وسمع بأذنيه فلم يهجه حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني جئت أهلي عشاءا فوجدت عندها رجلا فرأيت بعيني وسمعت بأذني فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء به واشتد عليه واجتمعت الأنصار فقالوا قد ابتلينا بما قال سعد بن عبادة: الآن يضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم هلال بن أمية ويبطل شهادته في المسلمين، فقال هلال والله إني لأرجو أن يجعل الله لي منها مخرجا فقال هلال يا رسول الله إني قد أرى ما اشتد عليك مما جئت به والله يعلم أني لصادق ووالله إن رسول الله يريد أن يأمر بضربه إذ أنزل الله على رسوله الوحي وكان إذا نزل عليه الوحي عرفوا ذلك في تربد جلده يعني فأمسكوا عنه حتى فرغ من الوحي فنزلت {والذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله} الآية

_ ووافقه جماعة من السلف ايضا وعامة العلماء على انة لا يسقط حد القذف بالتوبة الا ان يعفو عنة المقذوب فيسقط كالقصاص يسقط بالعفو عنة ولا يسقط بالتوبة (فان قبل) اذا قبلتم شهادتة بعد التوبة فما معنى قول ابدا (قيل) معناه لا تقبل شهادتة ابدا ما دام مصرا على قذفة لان ابدا كل شئ مدتة على ما يليق بحالة كما يقالى لا تقبل شهادة الكافر ابدا يراد ما دام كافرا واللة اعلم (1) انما قال ذلك رسول اللة صلى اللة علية وسلم لانة يبدو من ظاهر كلام سعد ما يشبة الشك ولا ينبغى لة ذلك لاسيما وهو سعيد الانصار وقد اجاب سعد عن ذلك بانة لم يشك وانة يعلم حق العلم انها من اللة عز وجل الا انة وجد فى ذلك حرجا على الناس فهو يقصد الاستفهام من رسول اللة صلى اللة علية وسلم كيف السبيل الى الخروج من هذا المأزق (2) هكذا بالاصل (لكاعا) وكذا فى تفسير ابن كثير نقلا عن المسند وكذا فى مسند الطيالسى وجاء فى تفسير البغوى (لكاع) بوزن قطام وهو موافق غير ذلك (3) اى يضربة حد القذف وهو ثمانون جلدة لانة كان عاما فى قذف الزوجة والاجنبية قبل نزول اية اللعان فلما نزلت تلاية رفعت حد القذف عن الزوج (4) بفتح الفوقية والراء وتشديد الموحدة مضمومة اى تغير جلدة الى الغيرة وقيل الربدة لون السواد والغيرة (5) اى يقذفون ازواجهم بالزنا (ولم يكن لهم شهداء الا انفسهم) كما وقع لهلال بن امية وعمويمر العجلانى فى زمن النبى صلى اللة علية وسلم (فشهادة احدهم اربع شهادات بالل) كان يقول اشهد باللة انى رايت فلانا يواطئ فلانة (6) بقية الاية (انة لمن الصادقين والخامسة ان لعنة اللة علية ان كان من الكاذبين) فى ذلك (ويدرا) اى يدفع (عنها العذاب ان تشهد اربع شهادات باللة انة لمن الكاذبين) فيما رماها بة من الزنا

-[الابتداء في اللعان يكون بالزوج ومذاهب العلماء في التفريق بين المتلاعنين]- فسري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبشر يا هلال فقد جعل الله لك فرجا ومخرجا، فقال هلال قد كنت أرجو ذاك من ربي عز وجل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلوا إليها، فأرسلوا إليها فجاءت فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهما وذكرهما وأخبرهما أن عذاب الآخرة أشد من عذاب الدنيا فقال هلال والله يا رسول الله لقد صدقت عليها، فقالت كذب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعنوا بينهما فقيل لهلال أشهد فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، فلما كان في الخامسة قيل يا هلال اتق الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب، فقال والله لا يعذبني الله عليها كما لم يجلدني عليها. فشهد في الخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم قيل لها اشهدي أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، فلما كانت الخامسة قيل لها اتقي الله فإن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة وإن هذه الموجبة التي توجب عليك العذاب فتلكأت ساعة ثم قالت والله لا أفضح قومي فشهدت في الخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين ففرق رسول الله بينهما وقضى أن لا يدعى ولدها لأب ولا ترمى هي به ولا يرمى ولدها ومن رماها أو رمى ولدها فعليه الحد وقضى أن لا يبيت لها عليه ولا قوت من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق ولا متوفى عنها، وقال إن جاءت به أصهب أريسح حمش الساقين

_ (والخامسة أن غضب اللة عليها ان كان من الصادقين فى ذلك) (1) بضم السين المهملة وتشديد الراء مكسورة اى كشف عنة وزال ما يجدة الوحى (2) بتشديد الكاف وفية دلالة علة انة يشرع موعظة المتلاعبين قبل اللعان تحذيرا من عقاب اللة لانة لابد ان يكون احدهما كاذبا (3) فية ان الابتداء فى اللعان يكون بالزوج لان اللة تعالى بدء بة ولانة يسقط عن نفسة حد قذفها وينفى النسب ان كان وتقل القاضى عياض وغيرة اجماع المسلمين على الابتداء بالزوج ثم قال الشافعى وطائفة لو لاعنت المرأه قبلة لم يصح لعانها وصححة ابو حنيفة وطائفة قالة النووى (4) اى توقفت وتباطات ان تقولها (5) قيل صت المراه بالغضب لعظم الذنب بالنسبة اليها وتقدم الكلام على ذلك فى اول الباب (6) قال القارئ فية تنبية على ان التفريق بينهما لا يكون الا بتفريق القاضى والحاكم وقال زفر تقع الفرقة بنفس تلاعنهما وهو المشهور من مذهب مالك والمروى عن احمد اه (7) معناه انة الحقة بامة وصيرة لها وحدها ونفاه عن الزوج فلا توارث بينهما اما الام فترث منة ما فرض اللة لها (8) يستفاد منة انة يجب الحد على من رمى المراه التى لاعنها زوجها وكذلك يجب على من قال لولدها انة ولد زنا: وذلك لانة لم يتبين صدق ما قالة الزوج والاصل عدم الوقوع فى الحرام ومجرد وقوع اللعان لا يرجها عن العفاف والاعراض محمية من الثلب مالم يحصل اليقين (9) معناه ان المرأة المفسوخة باللعان لا تستحق فى مدة العدة نفقة ولا سكنى وهذا معنى قولة لا بيت لها علية ولا قوت لان النفقة انما تستحق فى عدة الطلاق لا فى عدة الفسخ وكذلك السكنى ولا سيما اذا كان الفسخ بحكم كالملاعنة (10) تصغير الاصهب وهو من الرجال الاشقر ومن الابل الذى يخالط بياضة حمرة (اريسح) تصغير الارسح بالسيز والحاء المهملتين وروى بالصاد المهملة بدلا من السين ويقال الارصع بالصاد والعين المهملتين وهو خفيف لحم الفخذين والاليتين بفتح المهملة والمعجمة بينهما ميم ساكنة وهو لغة في أحمش أي

-[ولد الملاعنة يدعى لأمه ولا يلحق بأب]- فهو لهلال، وإن جاءت به أورق جعدا جماليا خدلج الساقين سابغ الأليتين فهو للذي رميت به، فجاءت به أورق جعدا جماليا خدلج الساقين سابغ الأليتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا الأيمان لكان لي ولها شأن: قال عكرمة فكان بعد ذلك أميرا على مصر وكان يدعى لأمه وما يدعى لأبيه (عن سعيد بن جبير) قال سئلت عن المتلاعنين أيفرق بينهما في إمارة ابن الزبير، فما دريت ما أقول، فقمت من مكاني إلى منزل ابن عمر فقلت أبا عبد الرحمن المتلاعنين أيفرق بينهما؟ فقال سبحان الله إن أول من سأل عن ذلك فلان بن فلان قال يا رسول الله أرأيت الرجل يرى امرأته على فاحشة فإن تكلم تكلم بأمر عظيم، وإن سكت سكت على مثل ذلك، فسكت فلم يجبه فلما كان بعد أتاه فقال الذي سألتك عنه قد ابتليت به فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات في سورة النور {والذين يرمون أزواجهم} حتى بلغ {أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين} فبدأ بالرجل فوعظه وذكره وأخبره أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة، فقال والذي بعثك بالحق ما كذبتك ثم ثنى بالمرأة فوعظها وذكرها وأخبرها أن عذاب الدنيا أهون من عذاب الآخرة. فقالت والذي بعثك بالحق إنه لكاذب، قال فبدأ بالرجل فشهد أربع شهادات بالله إنه لمن الصادقين، والخامسة أن لعنة الله عليه إن كان من الكاذبين، ثم ثنى بالمرأة فشهدت أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين والخامسة أن غضب الله عليها إن كان من الصادقين، ثم فرق بينهما (باب قصة عويمر العجلاني مع زوجته في اللعان) (عن ابن شهاب) أن سهل بن سعد أخبره أن عويمر العجلاين جاء إلى عاصم بن عدي الأنصاري فقال يا عاصم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ سل لي عن ذلك

_ دقيق الساقين (1) اى اسمر (جعدا) اى فى شعرة التواء وتقبض وهو ضد السبط لان السبوطة اكثرها فى شعور العجم (جماليا) بضم الجيم وتخفيف والميم وكسر اللام وتشديد الياء التحتية الضخم الاعضاء التام الاوصال يقال ناقة جمالية مشبهة بالجمل عظما وبدانة (2) بفتحات مع تشديد اللام اى عظيمها (3) اى عظيمها من سبوغ الثوب والنعمة (4) يعنى على مصر من الامصار كما جاء فى رواية ابى داود الطبالسى بلفظ (قال عباد فسمعت عكرمة يقول لقد رايتة امير مصر من الامصار لا يدرى من ابوة) (تخريجة) (د هق طل ط) وفى اسنادة عباد بن منصور مختلف فية وثقة جماعة وضعفة اخرون ولة شواهد كثيرة صحيحة تعضدة وهذا الحديث يتضمن كل ما جاء فى قصة اللعان فى الصحيحين وغيرهما (5) (سندة) حدثنا يحيى بن سعيد ثنا عبد ابى سليمان سمعت سعيد بن جبير قال سئلت الخ (غريبة) (6) الجار والمجرور متعلق بسئلت اى سئلت فى امارة ابن الزبير عن المتلاعنين ايفرق بينهما فما دريت الخ (تخريجة) (ق هق. وغيرهم) (باب) (7) (سندة) قال الامام احمد رحمة اللة قرات على عبد الحمن عن مالك عن ابن شهاب وحدثنا اسحاق بن عيسى اخبرنى مالك عن ابن شهاب ان سهل بن سعد الخ (غريبة) (8) بفتح العين المهملة وسكون الجيم وعاصم هو ابن عدى بن الجد بن العجلانى وهو ابن عم عريمر وافضى الية بما فى نفسة وكلفة بالاستفتاء من النبى صلى اللة علية وسلم عما فى لانة سيد قومة (9) اى ابرنى عن حكم من وجد رجلا مع امراتة الخ (10) اى قصاصا لقولة تعالى (النفس بالنفس)

-[قصة عويمر العجلاني مع زوجته في اللعان]- يا عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسأل عاصم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسائل وعابلها حتى كبر على عاصم مما يسمع قال إسحاق ما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رجع عاصم إلى أهله جاءه عويمر فقال يا عاصم ماذا قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال عاصم لعويمر لم تأتني بخير فكره رسول الله صلى الله عليه وسلم المسألة التي سألته عنها، فقال عويمر والله لا أنتهي حتى أسأله عنها، فأقبل عويمر حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم وسط الناس فقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله فتقتلونه أم كيف يفعل؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أنزل الله فيك وفي صاحبتك فائت بها، قال سهل بن سعد فتلاعنا وأنا مع الناس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغا قال عويمر كذبت عليها يا رسول الله إن أمسكتها فطلقها ثلاثا قبل أن يأمره رسول الله صلى الله عليه وسلم (زاد في رواية) قال فصارت سنة في المتلاعنين قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبصروها فإن جاءت به اسحم ادعج العينين عظيم الأيتين فلا أراه إلا قد صدق، وإن جاءت به أحمر كأنه

_ وتقدم خلاف العلماء فى حكم من وجد مع امراتة رجلا فقتلة فى الباب الاول (1) انما كرة رسول اللة صلى اللة علية وسلم ذلك لقبح النازلة وهتك ستر المسلم وقيل غير ذلك (2) هو ابن عيسى احد رجال السند يعنى انة قال فى روايتة حتى كبر على عاصم ما سمع من رسول اللة صلى اللة علية وسلم (3) يعنى قولة تعالى (والذين يرءون ازواجهم ولم يكن الا انفسهم الايات) وتقدمت فى الباب الاول فى قصة هلال بن امية قال الجمهور السبب فى نزول الايات المذكورة قصة هلال بن امية لما جاء عند مسلم انة كان اول رجل لاعن فى الاسلام وقال الطيب والنووى وتبعهما الحافظ يحتمل ان يكون هلال سأل اولا ثم سال عويمر فنزلت فى شانهما معا وقال ابن الصباغ فى الشامل قصة هلال بن امية نزلت فيها الاية: واما قولة لعويمر (ان اللة قد انزل فيك وفى صاحبتك) فمعناه ما نزل فى قصة هلال لان ذلك حكم عام لجميع الناس واللة اعلم (4) قال النووى واما قولة (كذبت عليها يا رسول اللة ان امسكنها) فهو كلام تام مستقل ثم ابتدا فقال هى طالق ثلاثا قال ذلك تصديقا لقولة فى ان لا يمسكها وانما طلقها لانة ظن ان اللعان لا يحرمها علية فاراد تحريمها بالطلاق (5) القائل (فصارت سنة المتلاعنين) هو ابن شهاب احد رجال السند كما صرح بذلك فى رواية البخارى والشافعى وتاولة ابن نافع باستحباب الطلاق بعد اللعان وقال الجمهور معناه حصول الفرقة بنفس اللعان وفى رواية ابى داود (فكانت تلك) وهى اشارة الى الفرقة وفى رواية متفق عليها (فقال النبى صلى اللة علية وسلم ذاكم التفريق بين متلاعنين) (وفى رواية) للامام احمد ومسلم (وكان فراقة اياها بعد سنة بين المتلاعنين) وقال مسلم ان قولة (وكان فراقة اياها بعد سنة بين المتلاعنين) مدرج وكذا ذكر الدارقطنى فى غريب مالك اتلاف الرواة على ابن شهاب ثم على مالك فى تعين من قال (فكان فراقها سنة) هل هو من قال سهل او من قول ابن شهاب؟ وذكر ذلك الشافعى واشار الى ان نسبتة الى ابن شهاب لا تمنع نسبتة الى سهل ويئيد ذلك ما وقع فى رواية ابى داود عن سهل قال (فطلقها ثلاث تطليقات عند رسول اللة صلى اللة علية وسلم فانفذة رسول اللة صلى اللة علية وسلم وكان ما صنع رسول اللة صلى اللة علية وسلم سنة (6) الأسحم

-[إذا طلق الملاعن زوجته هل تحصل الفرقة بالطلاق أو باللعان؟]- وحرة فلا أراه إلا كاذبا، قال فجاءت به على النعت والمكروه (عن سعيد بن جبير) قال قلت لابن عمر رجل لاعن امرأته فقال فرسق رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أخوي العجلان وقال إن أحدكما كاذب فهل منكما تائب ثلاثا (عن سهل بن سعد الساعدي) قال لما لاعن عويمر اخوبني العجلان امرأته قال يا رسول الله ظلمتها إن أمسكتها هي الطلاق وهي الطلاق وهي الطلاق (باب اللعان على الحمل ومن قذف امرأته برجل سماه) (عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم لاعن بالحمل (عن القاسم بن محمد) أنه سمع ابن عباس يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لاعن بين العجلاني وامرأته وكانت حبلى فقال والله ما قربتها منذ عفرنا والعفر أن يسقى النخل بعد أن يترك من السقي بعد الإبار بشهرين قال وكان زوجها

_ الأسود (والأدعج) اى فى عينية دعج وهو السواد فى العين وغيرها (1) الوحرة بالتحريك دويية حمراء تلتزق بالارض (2) يعنى النعت الاول (تريجةت (ق د نس جة لك فع) (3) (سندة) حدثنا سفيان عن ايوب عن سعيد عن جبير الخ (غريبة) (4) يعنى الرجل وامراتة (وفى رواية) بين اوى بنى العجلان بين الرجل والمراه منهم وتسميتهما اوى بنى العجلان تغليب الذكر على الانثى (5) قال القاضى عياض انة قال هذا الكلام بعد فراغهما من العان فيوخذ منهم عرض التوبة على المذنب بطريق الاجمال وانة يلزم من كذب التوبة لذلك وقال الداودى قال ذلك قبل اللعان تحزيرا لهما منة قال الحافظ الاول اظهر (تخريجة) (ق هق. وغيرهم) (6) (سندة) حدثنا ابن ادريس ثنا ابن اسحاق عن الزهرى عن سها بن سعد الساعدى الخ غريبة (7) قال الشافعى رحمة اللة يحتمل طلاقة ثلاثا (يعنى فى حدحيث سهل) ان يكون بما وجدفى نفسة بعلمة بصدقة وكذبها وجراتها على النبى فطلقها ثلاثا جاهلا بان اللعان فرقة فكان كمن طلق منطلق علية بغير طلاق وكمن شرط العهدة فى البيع والضمان فى السلف وهو يلزمة شرط او لم يشرط قال وزاد ابن عمر عن النبى صلى اللة علية وسلم انة فرق بين الملاعنين وتفريق النبى صلى اللة علية وسلم غير فرقة الزوج انما هو تفريق حكم (تريجة) (ق هق. وغيرهم) (باب) (8) (سندة) حدثنا وكيع ثنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) (9) يعنى فى قصة هلال بن اكية مع زوجتة وعويمر العجلانى مع زوجتة فكلتاهما كانت حاملا وتقدم فى قصة هلال بن امية من حديث ابن عباس فى الباب الثانى قال (ففرق رسول اللة صلى اللة علية وسلم بينهما وقضى ان لا يدعى ولدها لاب وقال ان جاءت بة (يعنى بالحمل) اصيهب اريسح حمش الساقين هو لهلال الخ وسياتى فى الحديث التالى فى قصة عويمر العجلانى التصريح بانها كانت حبلى (تريجة) لم اقف علية بهذا اللفظ لغير الامام احمد وفى اسنادة عباد بن منصور وثقة جماعة وضعفة ارون ولة شواهد صحيحة تعضدة (10) (سندة) حدثنا عبد الملك بن عمر ثنا المغيرة بن عبد الرحمن عن ابى الزناد عن القاسم بن محمد ال (غريبة) (11) بضم الراء يريد انة مادنا منها ولا واطاها (منذ عفرنا) بفتح المهملة والفاء ثلاثى من باب ضرب (12) الحكمة فى ذلك كما جاء فى النهاية لئلا ينتقض حملها قال ثم تسقى ثم تترك الى ان تعطش ثم تسقى وقد عفر القوم اذا فعلوا ذلك اه والمعنى انة مكث هذه المدة لا ياتى امراتة ثم وجدها حاملا ووجد معها رجلا وجاء فى مرسل مقاتل عند ابن ابى حاتم قال فقال عويمر لعاصم يا ابن عم أقسم بالله لقد

-[بيان أن شريك بن سحماء قذف بامرأة هلال بن أمية وامرأة عويمر العجلاني]- حمش الساقين والذراعين أصهب الشعرة، وكان الذي رميت به ابن السحماء قال فولدت غلاما أسود أجلى جعدا أعبل الذراعين (وفي لفظ عبل الذراعين خدل الساقين) قال فقال ابن شداد بن الهاد لابن عباس أهي المرأة التي قال النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت راجما بغير بينة لرجمتها؟ قال لا، تلك امرأة قد أعلنت في الإسلام (عن سهل بن سعد) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم لعاصم بن عدي اقبضها إليك حتى تلد عندك فإن تلده أحمر فهو لأبيه الذي انتفى منه لعويمر، وإن ولدته قطط الشعر أسود اللسان فهو لابن السحماء قال عاصم فلما وقع أخذته إلي فإذا رأسه مثل فروة الحمل الصغير ثم أخذت

_ رأيت شريك ابن سحماء على بطنها وانها لحبلى وما قربتها منذ اربعة اشهر (وقولة بعد الابار) بكسر الهمزة وتخفيف الموحدة قال فى المصباح تابير النل هو ان يوتى بشماريخ زكر النخل فتنفض فيطير غبارها وهو طحين شماريخها الفحال الى شماريخ الانثى وذلك هو تلقيح (1) بفتح المهملة وسكون الميم بعدها شين معجمة يقال رجل حمش الساقين اى دقيقها (2) الاصهب الذى فى شعرة حمرة وهو لون الناقة الصهباء والاصيهب تصغيرة (3) بفتح السين وسكون الحاء المهملتين اسمة شريك وسحاء اسم امة وهو ابن عم عويمر العجلانى وقد جاء فى رواية لمسلم من ححديث انس ان هلال بن امية قذف امراتة بشريك بن سحاء وكان اخا البراء بن مالك لامة وكان اول رجل لاعن فى الاسلام (قلت) والبراء هذا الذى ذكر مصسلم انة او شريك لامة يعنى من الرضاع لان البراء اخو انس بن مالك لابوية: وامة ام سليم والدة انس وام شريك اسمها سحاء قال الحافظ وفى تفسيرة مقاتل ان والدة شريك التى يقال لها سحماء كانت حبشية وقيل كانت يمانية وعند الحاكم من مرسل ابن سيرين كانت امة سوداء واسم والد شريك عبدة بن مغيث بن الجد بن عجلان ويستفاد من هذا ان شريك بن سحاء قذف مرتين مرة بامراه هلال بن امية ومرة عويمر العجلانى ابن عمة قال الحافظ ولا يمتنع ان يتهم شريك بن سحماء بالمراتين معا واما قول ابن الصباغ فى الشامل ان المزنى ذكر فى المختصر ان العجلانى قذف زوجتة بشريك بن سحماء وهو سهو فى النقل وانما القاذف بشريك هلال بن امية فكان لم يعرف مستند المزنى فى ذلك واذا جاء الخبر من طرق متعددة فان بعضها يعضد بعضا والجمع ممككن فيتعين المصير الية فهو اولى من التغليط اه (4) الاجلى الخفيف شعر ما بين النزعتين من الصدغين والذى انحسر الشعر عن جبهتة (نة) وفى الفائق الجلا ذهاب شعر الراس الى نصفة والجلغ دونة والجلة فوقة اه (وقولة جعدا) بفتح الجيم وسكون العين المهملة بعد دال مهملة ايضا قال فى القاموس الجعد من الشعر خلاف السبط او القصير منة (5) اى ضم الذراعين (6) بفتح اولة وسكون المهملة قال فى النهاية الدل الغليظ الممتلئ الساق (7) ... اى كانت تعلن بالفاحشة لم يثبت ذلك عليها بينة ولا اعترف (تريجة) (ق فع. وغيرهم) (8) (سندة) ححدثنا محمد بن عبيد ثنا محمد بن اسحاق ويعقوب ثنا ابى عن ابن اسحاق حدثنى عباس بن سهل بن سعد عن ابية (يسنى سهل بن سعد) قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم لعاصم الخ (غريبة) (9) قال فى النهاية القطط (بالتحريك) الشديد الجعودة وقيل الحسن الجعودة والاول اكثر (10) يعنى فلما وضعتة ووقع على الارض (11) الحمل بفتحتين ولد الضائنة فى السنة الاولى والجمع حملان

-[ما يفعل من تزوج امرأة بكرا فوجدها ثيبا؟]- بفقميه فإذا هو أحيمر مثل النبقة واستقبلني لسانه أسود مثل التمرة، قال فقلت صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب اللعان على العذرة وهي بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة ما للبكر من الالتحام قبل الافتضاض) (عن ابن عباس) قال تزوج رجل امرأة من الأنصار من بلعجلان فدخل بها فبات عندها فلما أصبح قال ما وجدتها عذراء قال فرفع شأنهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا الجارية رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها فقالت بلى كنت عذراء، قال فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلاعنا وأعطاها المهر (باب سقوط نفقة الملاعنة وعدم قذفها وأن لا يدعى ولدها لأب) (عن ابن عباس) قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ابن الملاعنة أن

_ كنعمان (1) الفقم بالضم والفتح الحى (وقولة فاذا هو احيمر) تصغير احمر (والنبقة) بكسر الباء الموحدة وسكونها ثمر السدر (تريجة) (د) ورجالة ثقات (وفى الباب) عن قبيضة بن ذؤيب قال قضى عمر بن الطاب فى رجل انكر ولد امراتة وهو فى بطنها ثم اعترف بة وهو فى بطنها حتى اذا ولد انكرة فامر بة عمر فجلد ثمانين جلدة لفريتة عليها ثم الحق بة ولدها (قط هق) وحسن الحافظ اسنادة وقد استدل بالاحاديث الباب من قال انة يصح اللعان قبل الوضع مطلقا ونفى الحمل وحكاه الحافظ ابن القيم فى الهدى عن الجمهور واستدل باثر عمر المذكور فى الشرح من قال انة لا يصح نفى الولد بعد الاقرار بة وهم العترة وابو حنيفة واصحابة واللة اعلم (باب) (2) (سندة) حدثنا يعقوب ثنا ابى عن ابن اسحاق قال وذكر طلحة بن نافع عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) (3) بفتح الموحدة وسكون اللام اصلة من بنى عجلان اسم قبيلة (4) العذراء الجارية التى لم يمسها رجل وهى البكر والذى يفتضها ابو عذرها وابو عذرتها وتقدم ان العذرة ما للبكر من الالتحام قبل الافتضاض (5) انما امر صلى اللة علية وسلم بتلاعنهما لكونة قذفها ولكونها انكرت واعطاها المهر بما استحل من فرجها (تخريجة) (جة بز) وقال البوصيرى فى زوائد ابن ماجة فى اسنادة ضعف لتدليس محمد بن اسحاق وقد قال البزار هذا الحديث لا يعرف الا بهذا اه (قلت) محمد بن اسحاق ثقة وان كان مدلسا ولا يضعف حديثة الا اذا عنمن ولم يقل فى هذا الحديث عن طلحة وانما قال وذكر طلحة بن نافع عن سعيد بن جبير الخ وهذة العبارة لا تعطى معنى العنعنة وطلعة بن نافع حديثة حسن واورد هذا الهيثمى وقال رواء البزار ورجالة ثقات ولم يعزة للامام احمد فكانة غفل عن ذلك واللة اعلم ويستفاد من هذا الحديث ان الرجل اذا قذف زوجتة بالزنا السابق على الزواج فالحكم هو اللعان لان شرط وجوب اللعان انكار المأة وجود الزنا فلو اقرت بة او وجدها حبلى لا يجب اللعان ويلزمها حد الزنا بالجلد ان كانت غير محصنة والرجم ان كانت محصنة ويؤيد ذلك ما رواه (قط ك) عن سعيد بن المسيب عن رجل من اصحاب رسول اللة صلى اللة علية وسلم من الانصار يقال لة نضرة قال تزوجت امراه بكرا فى سترها فدخلت عليها فاذا هى حبلى فقال لى النبى صلى اللة علية وسلم لها الصداق بما استحللت من فرجها والولد عبد لك ولدت فاجلدوهااه وصححة الحاكم واقرا الذهبى (باب) (6) تقدم الكلام علية سندا ومتنا وشرحا وتريجا فى شرح حديث بن عباس الطويل فى باب سبب اللعان صحيفة 25 رقم 50 قال الخطابى فية بيان ان من رمى الملاعنة أو ولدها فإن

-[لا سكنى للملاعنة ولا نفقة- ومن رماها بالزنا أو رمى ولدها يجلد الحد]- لا يدعى لأب ومن رماها أو رمى ولدها فإنه يجلد الحد، وقضى أن لا قوت لها ولا سكنى من أجل أنهما يتفرقان من غير طلاق ولا متوفى عنها (عن ابن عمر) أن رجلا لاعن امرأته وانتفى من ولدها ففرق رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهما فألحق الولد بالمرأة (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم في ولد المتلاعنين أنه يرث أمه وترثه ومن قفاها به جلد ثمانين ومن دعاه ولد زنا جلد ثمانين (باب لا يجتمع المتلاعنان أبدا ولها مهرها) (عن سعيد بن جبير) قال سمعت ابن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمتلاعنين حسابكما على الله أحدكما كاذب لا سبيل لك عليها قال يا رسول الله مالي قال لا مال لك إن كنت صدقت عليها فهو بما استحللت من فرجها وإن كنت كذبت عليها فذلك أبعد لك منها

_ عليه الحد وهو قول اكثر العلماء وقال احاب الراى ان كان جرى اللعان بينهما بالقذف لاعلى نفى الولد فان قاذفها يحد وان كان لاعنها على ولد نفاه لم يكن على الذى يقذفها حد: قال وفية من الفقة بيان ان اللعان فس وليس بطلاق وانة ليس لللاعنة على زوجها سكن ولا نفقة والية ذهب الشافعى (قلت) ومالك واحمد وقال ابو حنيفة ومحمد بن الحسن اللعان تطليقة بائنة ولها السكن والنفقة فى العدة اه (1) (سندة) حدثنا عبد الرحمن عن مالك عن نافع عن ابن عمر ان رجلا لاعن امراتة ال (تريجة) (ق لك. والاربعة. وغيرهم) وقد استدل بة على مشروعية اللعان لنفى الولد وعن احمد ينتفى الولد بمجرد اللعان وان لم يتعرض فلة ان يعيد اللعان لا نتفائة ولا اعادة على االمراة وان امكن الرفع الى الحاكم فاخر بغير عذر حتى ولدت لم يكن لة ان ينفية كما فى الشفعة واستدل بة ايضا على انة لا يشترط فى نفى الولد التصريح بانها ولدتة من زنا ولا انة استبرأها بحيضة وعن المالكية يشترط ذلك واللة اعلم (2) تقدم هذا الحديث بسندة وشرحة وتخريجة فى الجزء 16 فى باب ان حد القذف ثمانون جلدة من كتاب الحدود صحيفة 109 رقم 280 وتقدم الكلام علية هناك وانما ذكرتة هنا لمناسبة الترجمة (3) (سندة) حدثنا سفيان قال سمع عمرو سعيد بن جبير يقول سمعت بن عمر يقول قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (4) اى محاسبتكما وتحقيق امركما ومجازاتة على اللة: احد كما كاذب لا محالة (5) هذه صيغة تقتضى العموم فهى نكرة فى سياق النفى فتشمل المال والبدن ومعناه انة لا يصح لة ارجاعها بحال من الاحوال ولا يجوز لة اخذ اخذ شئ مما اعطاها من المهر لانها استحقتة بما استحل من فرجها (6) يريد مالة الذى صرف عليها فى المهر والتقدير ما شان مالى او اين مالى او يذهب مالى او اطلب مالى (7) معناه انها تستحق مالك باستحلالك اياها وبدولك بها فقد استحقت جميع المهر ان كنت صادقا فى عواك فان كنت كاذبا فتستحقة ايضا من باب اولى لانك ظلتها برميها بما رميتها بة وهذا مجمع علية فى المدخول بها واما فى غيرها فذهب الجمهور الى انها تستحق النصف كغيرها من المطلقات قبل الدخول وقال الزهرى ومالك لا شئ لغير المدخول بها (8) فذلك اى طلبك المهر وعودة اليك (ابعد لك منها) اى من مطالبتها واللام فى لك للبيان كما فى قولة تعالى (هيت لك) (تريجة) (ق وغيرهما) وفى الباب عن سهل بن سعد من حديث لة عند ابى داود قال (مضت السنة بعد فى المتلاعنين ان يفرق بينهما ثم لا يجتمعان ابدا) وسكت عنة ابو داود والمنذرى ورجالة رجال الصحيح

-[لا يجوز رمي المرأة بالزنا إذا ولدت ما يخالف لون والديه]- (باب تحديد الزمان والمكان الذي حصل فيه اللعان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) (عن سهل بن سعد الساعدي) أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم في المتلاعنين فتلاعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنا ابن خمس عشرة قال يا رسول الله إن أمسكتها فقد كذبت عليها، قال فجاءت به للذي يكره (باب من عرض يقذف زوجته للشك في الولد) (عن أبي هريرة) أن رجلا من بني فزارة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله إن امرأته ولدت غلاما أسود وكأنه يعرض أن ينتفي منه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألك إبل؟ قال نعم، قال ما ألوانها؟ قال حمر، قال فيها دود أورق؟ قال نعم فيها، قال ومما ذاك؟ قال لعله نزعه عرق قال رسول

_ (وعن ابن عباس) ان النبى صلى اللة علية وسلم قال المنتلاعنان اذا تفرقا لا يجتمعان ابدا (وعن على) قال مضت السنة فى المتلاعنين ان يجتمعان ابدا (وعن ابى مسعود) مثلة رواهن الدارقطنى (وفى هذه الاحاديث) مع حديثة الباب دلالة على تايد الفرقة باللعان والى ذلك ذهب جمهور العلماء والادلة الصحيحة الصريحة قاضية بالتحريم الموبد: وكذلك اقوال الصحابة وهو الذى يقتضية حكم اللعان ولا يقتضى سواه فان لعنة اللة وغضبة قد حلت باحداهما لا محالة وروى عن ابن حنيفة ومحمد ان اللعان لا يقتضى التحريم الموبد لانة طلاق زوجة مدخولة بغير عوض لم ينو بة التلبيث فيكون كالرجعى ولكن المروى عن ابى حنيفة انها انما تحل لة اذا اكذب نفسة لا اذا لم يكذب نفسة فانة يوافق الجمهور واللة اعلم (باب) (1) (سندة) حدثنا سفيان عن الزهرى سمع سهل بن سعد شهد النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (2) جاء عند مسلم من رواية سهل ايضا بلفظ (فتلاعنا فى المسجد وانا شاهد) قال النووى فية ان اللعان يكون بحضرة الامام او القاضى وبجمع من الناس وهو احد انواع تغليظ اللعان فانة تغليظ بالزمان والمكان والجمع فاما الزمان فبعد العصر (والمكان) فى اشرف موضع فى ذلك البلد (يعنى المسجد) والجمع طائفة من الناس اقلهم اربعة وهل هذه التغليظات واجبة او مستحبة؟ فية لاف عندنا الاصح الاستحباب اه (3) اتلف العلماء فى الوقت كان فى السنة التى توفى فيها رسول اللة صلى اللة علية وسلم لما وقع فى البارى ايضا عن سهل بن سعد انة شهد قصة المتلاعينين وهو ابن خمس عشرة سنة (وقد ثبت عنة) انة قال توفى رسول اللة صلى اللة علية وسلم واناابن خمسة عشره سنة وقيل كانت القصة فى سنة عشر ووفاتة صلى اللة علية وسلم فى سنة احدى عشرة واللة اعلم (4) تقدم شرح هذه الجملة فيما مضى (تخريجة) (ق. فع. والاربعة) (باب) (5) (سندة) حدثنا عبد الاعلى عن معمر عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن ابى هريرة الخ (غريبة) (6) قال المنذرى هذا الرجل ضمضم بن قتادة ذكرة عبد الغنى بن سعيد فى كتاب الغوامض وقال فية ولد لة مولود من امراتة من بنى عجل وقال فية ايضا فقدم عجائز من بنى عجل فاخبرن انة كان للمراه جدة سوداء واسنادة غريب جدا اه (7) وجة التعريض انة قال غلاما اسود وانا ابيض فكيف يكون منى ويستفادة منة ان التعريض بالقذف لا يكون قذفا (8) الذود من الابل ما بين المس الى تسع وقيل ما بين الثلاث الى العشر واللفظة مونثة ولا واحد لها من لفظها كالنعم وجاء عند مسلم وغيرة ان النبى صلى اللة علية وسلم قال لة (هل فيها من اورق) بدون ذكر ذود (والاورق) الذى فية سواد ليس بصاف ومنة قيل للرماد اورق وللحمامة ورقاه (9) اى انى اتاها ذلك (10) قال النووي

-[قوله صلى الله عليه وسلم الولد للفراش وللعاهر الحجر]- الله صلى الله عليه وسلم وهذا لعله يكون نزعه عرق (زاد في رواية) ولم يرخص له في الانتفاء منه (باب أن الولد للفراش دون الزاني: وما جاء في إلحاق الولد ودعوى النسب) (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الولد للفراش (عن أبي هريرة) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الولد لصاحب الفراش وللعاهر الحجر (ز) (عن عبادة بن الصامت)

_ المراد بالعرق هنا الاصل من النسب تشبيها بعرق الثمرة ومنة قولهم فلان معرق فى النسب والحسب وفى اللوم والكرم (ومعنى نزعة) اشبهه واجتذبتة الية واظهر لونة علية واصل النزع الجذب فكانة جذبة الية لشبهة يقال منة نزع الولد لابية والى ابية ونزعة ابوة ونزعة الية (تخريجة) (ق فع. والاربعة) وفى هذا الحديث دلالة على ان الولد يلحق الزوج وان خالف لونة لو نة حتى لو كان الاب ابيض والولد اسود او عكسة لحقة ولا يحل لة نفية بمجرد المخالفة فى اللون وكذا لو كان الزوجان ابيض فجاء الولد اسود او عكسة لاحتمال انة نزعة عرق عن اسلافة وفية دلالة على ان التعريض بالقذف لا يكون قذفا والية ذهب الجمهور وعن المالكية يجب الحد ان كان من غير الاب وكان مفهما اى بفهم منة القذف وحكى القرطى وابن رشد الاجماع على انة لا يجوز للاب ان ينفى ولدة بمجرد كونة مخالفا لة فى اللون وتعقبهما الحافظ بان الخلاف فى ذلك ثابت عند الشافعية فقالوا ان لم يضم الى المخالفة فى اللون قرينة زنا لم يجز النفى فان اتهمها فانت بولد على لون الرجل الذى اتهمها بة جاز النفى على الصحيح عندهم: وعند الحنابلة يجوز النفى مع القرينة مطلقا (وفية ايضا) اتبات القياس والاعتبار بالاشياء وضرب الامثال وفية الاحتياط للاثبات والحاقها بمجرد الامكان واللة اعلم (باب) (1) (سندة) حدثنا سفيان عن يزيد بن ابى زياد عن ابية عن عمر بن الطاب الخ (غريبة) (2) اختلف فى معنى الفراش فذهب الاكثر الى انة اسم للمراه وقد يعبر بة عن حالة الافتراس وقيل انة اسم للزوج: روى ذلك عن ابى حنيفة وانشد ابن الاعرابى مستدلا على هذا المعنى قول جريح باتت تعانقة وبات فراشها وفى القاموس ان الفراش زوجة الرجل وقيل ومنة فرش مرفوعة والجارية يفترشها اه (تخريجة) (جة هق) من طريق سفيان ايضا عن عبيد اللة بن ابى يزيد الملكى ابو عبيد اللة ذكرة ابن حبان فى الثقات وباقى رجالة على شرط الشيخين اه (قلت) سند الامام احمد مختلف لذلك وربما وقع فية خطا من الناسخ لانة لم يثبت فى كتب الرجال ان يزيد بن ابى زياد روى عن ابية ابى زياد ولم يذكروا ابا يزيد هذا فى الرواه فالمفعول على سند (جة هق) واللة اعلم (3) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن زياد قال سمعت ابا هريرة يقول سمعت رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (4) قال العلماء العاهر الزانى وعهر زنى وعهرت زنت والعهر الزنا ومعنى لة الحجر اى لة الخيبة ولا جق لة فى الولد وعادة العرب ان تقول لة الحجر وبفية الاثلب وهو التراب ونحو ذلك يربدون ليس لة الا الخيبة وقيل المراد بالحجر هنا انة يرجم بالحجارة وهذا ضعيف لانة ليس كل زان يرجم وانما يرجم المحصن خاصة ولانة لا يلزم من رجمة نفى الولد عنة والحديث انما ورد فى نفى الولد عنة (تخريجة) (ق فع نس جة هق) * (ز) (5) حديث عبادة بن الصامت تقدم بسندة وتريجة ضمن حديث طويل فى باب جامع فى قضايا حكم فيها رسول اللة صلة الله عليه وسلم من

-[قصة عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص في إلحاق ابن أمة زمعة]- عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (عن عائشة رضي الله عنها) قالت اختصم عبد بن زمعة وسعد بن أبي وقاص عند النبي صلى الله عليه وسلم في ابن أمة زمعة، قال عبد يا رسول الله أخي ابن أمة أبي ولد على فراشه، وقال سعد أوصاني أخي إذا قدمت مكة فانظر ابن أمة زمعة فإنه ابني فرأى النبي صلى الله عليه وسلم شبها بينًا بعتبة قال هو لك (وفي لفظ هو أخوك) يا عبد: الولد للفراش واحتجي منه يا سودة (عن مجاهد) عن مولى لآل الزبير قال إن بنت زمعة قالت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت إن أبي زمعة مات وترك أم ولد له وإنا كنا نظنها برجل وأنها ولدت فخرج ولدها يشبه الرجل الذي ظنناها به، قالت فقال صلى الله عليه وسلم لها أما أنت فاحتجي منه فليس بأخيك وله الميراث (عن الحسن بن سعد) مولى حسن بن سعد عن رباح قال زوجني أهلي أمة لهم رومية فوقعت عليها فولدت لي غلاما أسود مثلي فسميته عبد الله، ثم وقعت عليها فولدت لي

_ كتاب القضاء والشهادات فى الجزء 15 صحيفى 218 رقم 35 وهو من زوائد عبد اللة على سند ابية * (1) (سندة) حدثنا سفيان عن الزهرى عن عرة عن عائشة ال (غريبة) (2) عبد بن زمعة هذا او سودة زوج النبى صلى اللة علية وسلم وكان لابيها زمعة امة زلدت غلاما على فراشة وكان عتبة بن ابى وقاص عهد الى اخية سعد ابن ابى وقاص ان ابن امة زمعة ابنى فاقبضة اليك فلما كان عام الفتح اخذه سعد بن ابى وقاص وهذا سبب اختصامهما عند النبى صلى اللة علية وسلم (3) زاد فى رواية عند الامام احمد ايضا (انظر الى شبهه فنظر النبى صلى اللة علية وسلم الى شبهة ال (4) انما حكم بة النبى صلى اللة علية وسلم لعبد ولم يحكم بةة لسعد مع تحقيق شبهة بعتبة لان الشبة لا يحكم بة الا اذا لم يكن هناك اقوى منة كالفراش كما لم يحكم بالشبة فى قصة المتلاعنين مع انة جاء على الشبة المكروة (5) زاد فى رواية اخرى للامام احمد نم حديث عائشة ايضا (وللعاهر الحجر واحتجى منة ياسودة ابنة زمعة قالت فلم ير سوده فقط) (6) سياتى شرح هذه الجملة فى الحديث التالى (تخريجة) (ق د نس جة هق) والالامامان 0 7) (سندة) حدثنا اسود بن عامر ثنا اسرائيل عن منصور عن مجاهد الخ (غريبة) (8) هى ام المؤمنين سودة بنت زمعة زوج النبى صلى اللة علية وسلم (9) اى نتهمها (برجل) هو عتبة بن ابى وقاص او سعد مات كافرا على الصحيح وهو الذى كسر رباعية النبى صلى اللة علية وسلم يوم احد (10) جاء فى الحديث السابق ان النبى صلى اللة علية وسلم قال لعبد هو اخوك ياعبد وفى الحديث انة صلى اللة علية وسلم قال لسودة احتجى منة فليس باخيك وظاهر هذا التناقض والجمع ممكن بان قولة صلى اللة علية وسلم فليس باخيك اى باعتبار الشبة ولذا امرها بالاحتجاب منة احتياطا وان قولة صلى اللة علية وسلم لعبد فى الحديث السابق (هو اخوك يا عبد) باعتبار الشبة ولذا امرها بالاحتجاب منة احتياطا وان قولة صلى اللة علية وسلم لعبد فى الحديث السابق (هو اخوك ياعبد) باعتبار انة ولد على فراش ابية (قال النووى) امرها صلى اللة علية وسلم بالاحتجاب منة ندبا واحتياطا لانة فى ظاهر الشرع اخوها لكونة الحق بابيها: لكن لما راى الشبة البين بعتبة خشى ان يكون من مائة فيكون اجنبيا منها فامرها بالاحتجاب منة احتياطا واللة اعلم (تخريجة) رواه النسائى بسند حسن والحاكم وصححة واقراه الذهبى * (11) (سندة) حدثنا بهز اخبرنا مهدى بن ميمون حدثنا محمد بن عبد اللة بن ابى يعقوب عن الحسن بن سعد الخ (غريبة) (12) رباح بفتح الراء ذكرة ابن حبان فى الثقات وقال لا ادرى من هو ولا ابن من هو وفى الخلاصة رباح الكوفى عن عثمان وعنة الحسن بن سعد مجهول

-[قصة رباح الكوفي مع زوجته التي ولدت له ولدا أبيض وهو أسود]- غلاما أسود مثلي فسميته عبيد الله، ثم طين لها غلاما لأهلي رومي يقال له يوحنس فراطنها بلسانه قال فولدت غلاما كأنه وزغة من الوزغات، فقلت لها ما هذا؟ قالت هو ليوحنس، قال فرفعنا إلى أمير المؤمنين عثمان قال مهدي أحسبه قال سألهما فاعترفا، قال أترضيان أن أقضي بينكما بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن الولد للفراش وللعاهر الحجر قال مهدي وأحسبه قال جلدها وجلده، وكانا مملوكين (ومن طريق ثان) عن محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب يحدث عن رباح بنحوه وفيه قال فألحقه بي قال فجلدهما فولدت لي بعد غلاما أسود (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى أن كل مستلحق يستلحق بعد أبيه الذي يدعى له ادعاه ورثته من بعده فقضى إن كان من أمة يملكها يوم أصابها فقد لحق بمن استلحقه وليس له فيما قسم قبله من الميراث شيء، وما أدرك من ميراث لم يقسم فله نصيبه ولا يلحق إذا كان أبوه الذي يدعى

_ (1) قال في النهاية اصل الطين والطبانة وير امرها وانها ممن تواتية على المراودة: هذا اذا روى بكسر الباء (الموحدة) وان روى بالفتح كان معناه خيبها وافسدها (2) ضبط بضم الباء التحتية وسكون الواو وفتح الحاء المهملة وتشديد النون مفتوحة بعدها سين مهملة وجاء فى سنن ابى داود يوحنة بهاء ساكنة بدل السين (وقولة فراطنا) اى كلها كلاما لا يفهمة غيرها (3) الوزعة بفتحات هى سام ابرص يريد ان لونة ابيض اشقر كلون الروم (4) هو ابن ميمون احد رجال السند (احبة) بفتح السين المهملة وكسرها اى اظنة (5) معناه انة الحق الولد برباح كما صرح بذلك فى الطريق الثانية لانة ولد على فراشة وزاد البيهقى بعد قولة وللعاهر الحجر (هو ابنك تريثة ويرثك قلت سبحان اللة قال هو ذاك فكنت انيمة بينهما هذان اسودان وهذا ابيض (6) (سندة) حدثنا عفان ثنا جرير بن حازم قال سمعت محمد بن عبد اللة بن ابى يعقوب الخ (قلت) هذا السند منقطع لان محمد بن عبد اللة بن ابى يعقوب لم يسمعة من رباح ولم يدركة وانما سمعة الحسن بن سعد عن رباح كما تقدم فى الطريق الاولى بلفظ حدثنا محمد بن عبد اللة بن ابى يعقوب عن الحسن بن سعد عن رباح (غريبة) (7) هذه الرواية تفيد انها ولدت لة غلاما اسود بعد الغلام الابيض (تخريجة) (دهق) وسندة عند الجميع حسن ما عدا الطريق الثانية عند الامام احمد ففيها انقطاع كما تقدم وسكت عنة ابو داود والمنذرى (8) (سندة) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا محمد يعنى ابن رشد عن سليمان يعنى ابن موسى عن عمرو بن شهيب الخ (غريبة) (9) معناه انة اذا كان للرجل زوجة عقد عليها او مملوكة واطاها فاتت بولدة لمدة الامكان منة هى ستة اشهر من حين اجتماعها صارت فراشا لة يلحقة الولد ويرثة سواء كان موافقا لة فى الشبة او مخالفا فان مات الرجل ثم استلحق الورثة الولد لحق بة كما استلحق عبد بن زمعة الولد الذى وضعتة امة ابية والظاهر ان النبى صلى اللة علية وسلم الحقة بزمعة لثبوت فراشة اما بينة على اقرارة بوطئها فى حياتة واما بعلم النبى صلى اللة علية وسلم (10) اى واطاها (11) المعنى انة لا يرث اباه ولا يشارك اواتة الذين استلحقوة فى ميراثهم من ابيهم اذا كانت القسمة قد مضت قبل ان يستلحقة الورثة وجعل حكم ذلك حكم ما مضى فى الجاهلية فعفا عنة ولم يرد الى حكم الاسلام (12) معناه ان من أدرك ميراثا لم يكن قد قسم

-[ما جاء في إلحاق الولد والعمل بالقرعة وكلام العلماء في ذلك]- له أنكره وإن كان من أمة لا يملكها أو من حرة عاهر بها فإنه لا يلحق ولا يرث، وإن كان أبوه الذي يدعى له هو الذي ادعاه فهو ولد زنا لأهل أمه من كانوا حرة أو أمة (عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا مساعاة في الإسلام، من ساعى في الجاهلية فقد ألحقته بعصبته، ومن ادعى ولده من غير رشدة فلا يرث ولا يورث (باب الشركاء يطئون الأمة في طهر واحد فبمن يلحق الولد؟ وما جاء في العمل بالقرعة) (عن زيد بن أرقم) قال كان علي رضى الله عنه باليمن فأتى بامرأة وطئها ثلاثة نفر في طهر واحد، فسأل اثنين أتقران لهذا بالولد؟ فلم يقرا، ثم سأل اثنين أتقران لهذا بالولد؟ فلم يقرا، ثم سأل اثنين حتى فرغ يسأل اثنين اثنين عن واحد فلم يقروا، ثم أقرع بينهم فألزم الولد الذي خرجت عليه القرعة وجعل عليه ثلثي الدية فرفع ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضحك حتى بدت نواجذه (وعنه من طريق ثان) بنحوه وفيه أن عليا رضي الله عنه قال لهم بعد إنكارهم، أنكم شركاء

_ إلى أن ثبت نسبة باستلحاق الورثة اياه كان شريكهم فية ايوة من يساوية فى النسب منهم (1) يعنى ان كان سيد الامة انكر الحمل وكان لم يدعة فانة لا يلحق بة وليس لورثتة ان يستلحقوة بعد موتة (2) اى اتاها ليلا او نهارا لاجل الزنا بها (3) يعنى الزنا (4) معناه حرة كانت امة او امة (تريجة) (د هق) وفى اسناده محمد بن راشد المكحولى ضعفة بعضهم ووثقة الامام احمد وابن معين والنسائى فالحديث حسن (5) (سندة) حدثنا معتمر عن مسلم عن بعض اصحابة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) (6) المساعاه الزنا وكان الاصعمى يجعلها فى الاماء دون الحرائر لانهن كن يسعين لمواليهن فيسبن لهم بضرائب كانت عليهن يقال ساعت الامة اذا فجرت وساعاها فلان اذا فجر بها وهو مفاعلة من السعى كان كل واحد منهما يسعى لصاحبة فى حصول غرضة فابطل الاسلام ذلك ولم يلحق النسب بها وعفا عما كان منها فى الجاهلية ممن الحق بها (7) الرشدة بكسر الراء وفتحها النكاح الصحيح ضد الزنية قال فى النهاية يقال هذا ولد رشدة اذا كان لنكاح صحيح كما يقال فى ضدة ولد زنية بالكسر فيهما وقال الازهرى الفتح افصح اللغتين (تخريجة) (د) وفى اسنادة رجل لم يسم فهو ضعيف: انظر احكام هذا الباب فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 399 و 400 و 401 فى الجزء الثانى (باب) (8) (سندة) حدثنا عبد الرزاق ثنا سفيان عن اجلح عن الشعى عن عبد خير الحضرمى عن زيد بن ارقم الخ (غريبة) (9) المراد بالدية قيمة الام فانها انتقلت الية من يوم وقع عليها بالقيمة وقد جاء فى رواية للحميدى فى مسندة بلفظ (فاغرمة ثلثى قيمة الجارية لصاحبية) اه (10) جاء فى رواية اخرى للامام احمد ايضا قال زيد بن ارقم فاتيت النبى صلى اللة علية وسلم فاخبرتة بقضاء على فضحك حتى بدت نواجذه) وانما ضحك صلى اللة علية وسلم فرحا مسرورا بتوفيق اللة تعالى لعلى ولذلك اقره على ما افتى او ضحك تعجبا مما كانعلية الحال عند الناس (11) بالذال المعجمة قال فى النهاية النواخذ من الاسنان الضواحك وهى التى تبدو عند الضحك (12) (سندة) حدثنا سفيان بن عبيينة عن اجلح عن الشعبى عن عبد اللة بن ابى الخليل عن زيد ارقم وطئوا امراة فى طهر فقال رضى اللة عنة لاثنين اتطيبان نفسا لذا؟ فقالا

-[جواز العمل بالقافة وكلام العلماء في ذلك]- متشاكسون وقال إني مقرع بينكم فأيكم قرع أغرمته ثلثي الدية وألزمته الولد قال فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال لا أعلم إلا ما قال علي (باب الحجة في العمل بالقافة) (عن عروة عن عائشة) رضي الله عنها قالت دخل مجزز المدلجي على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى أسامة وزيدا وعليهما قطيفة وقد غطيا رءوسهما وبدت أقدامهما، فقال إن هذه الأقدام بعضها من بعض، وقال مرة دخل علي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مسرورا

_ لا فأقبل على الآخرين فقال أتطيبان نفساً لذا؟ فقالا لا، فقال أنتم شركاء متشاكسون الحديث (1) أي مختلفون متنازعون (2) اى خرجت القرعة باسمة (تخريجة) (د نس جة) وفى اسنادة يحيى بن عبد اللة الكندى المعروف بالاجلح اختلفت فية فوثقة يحيى بن معين وضعفة النسائى ورواه ابو داود ايضا من طريق اخرى صحيحة ليس فيها الاجلح وصححة ابن حزم وهو يدل على ان الابن لا يلحق باكثر من اب واحد قالة الخطابى وقال ايضا فية اثبات القرعة فى الحاق الولد اه (قال الشوكانى) وقد اخذ بالقراعة مطلقا مالك والشافعى واحمد والجمهور وحكى ذلك عنهم ابن رسلان فى كتاب العتقمن شرح سنن ابى داود وقد ورد العمل بها فى مواضع منها فى لحاق الولد ومنها فى الرجل اعتق ستة اعبد فجزاهم رسول اللة صلى اللة علية وسلم ثلاثة اجزاء واقرع بينهم كما فى حديث عمران بن حصين عند (م حم د نس مذجة) (ومنها) فى تعيين المراه من نسائة التى يريد ان يسافر بها كما فى حديث عائشة عند (خ م حم) وهكذا ثبت اعتبار القرعة فى الشئ الذى وقع فية التداعى اذا تساوت البينات وفى قسمة المواريث مع الالتباس لاجل افراز الحصص بها وفى مواضع اخر فمن العلماء من اعتبر القرعة فى جميعها ومنهم من اعتبرها فى بعضها قال ومن المخالفين فى اعتبار القرعة الحنفية وكذلك الهادوية وقالوا اذا وطئ الشركاء الامة المشركة فى طهر واحد وجاءت بولد وادعوة ولا مرجع للالحاق باحدهم كان الولد ابنا لهم جميعا يرث كل واحد منهم ميراث ابن كامل ومجموهم اب يرثونة ميراث اب واحد واللة اعلم (باب) (3) القافة جمع قائف قال القاموس والقائف من يعرف الاثار الجمع قافة وقاف اثرة تبعة كقفاء واقتفاة اه (4) (سندة) حدثنا سفيان عن الزهرى عن عروة عن عائشة ال (غريبة) (5) هو بضم الميم وفتح الجيم وكسر الزاى الاولى مشددة اسم فاعل من الجز لانة جز نواصى قوم هطذا قيدة جماعة من الائمة وهو الصواب وقال آخرون غير ذلك (المدلجى) بضم الميم وسكون المهملة وكسر اللام والجيم نسبة الى بنى مدلج بوزن محسن قال العلماء كانت القيافة فيهم وفى بنى اسد تعترف لهم العرب بذلك ذكرة النووى (6) يعنى اسامة بن زيد بن حارثة وامة ام ايمن واسمها بركة وكانت حبشية سوداء (7) يعنى الراوى يحكى عن عائشة قالت (دخل على رسول اللة صلى اللة علية وسلم تبرق اسارير وجهة فقال الم ترى ان مجززا نظر الى زيد بن حارثة واسامة فقال ان هذة الاقدام بعضها من بعض) وانما سر رسول اللة صلى اللة علية وسلم بذلك لان اهل الجاهلية كانوا يطعنون فى نسب اسامة لكونة اسود شديد السواد وكان زيد ابيض ازهر اللون فلما قضى هذا القائف بالحاق نسبة مع اختلاف اللون وكانت الجاهلية تعتمد قول القائف فرح النبى صلى اللة علية وسلم لكونة زاجر لهم عن الطعن فى النسب (تخريجة) (ق. والأربعة)

-[وعيد من ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه]- (باب التغليظ فيمن ادعى غير أبيه وهو يعلم، وفيمن انتفى من ولده وهو يعلم) (عن ابن عباس) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل ادعى إلى غير والده أو تولى غير مواليه الذين أعتقوه فإن عليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين إلى يوم القيامة لا يقبل منه صرف ولا عدل (عن عبد الله بن عمر) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفرى الفرى من ادعى إلى غير أبيه وأفرى الفرى من أرى عينيه في النوم ما لم تريا ومن غير تخوم الأرض (عن عاصم الأحول) قال سمعت أبا عثمان قال

_ وفي هذا الحديث دلالة على ثبوت امر القافة وصحة لقولهم فى الحاق الولد قال الخطابى وممن اثبت الحكم بالقافة عمر بن الخطاب وابن عباس وعطاء ومالك والاوزاعى والشافعى واحمد وعامة اهل الحديث اه (وقال النووى) اختلف العلماء يقول القائف فنفاه ابو حنيفة واصحابة والثورى واسحاق واثبتة الشافعى وجماهير العلماء والمشهور عن مالك اثباتة فى الاماء ونفية فى الحرائر وفى رواية عنة اثباتة فيهما ودليل الشافعى وجماهير العلماء والمشهور عن مالك اثباتة فى الاماء ونفية فى الحرائر وفى رواية عنة اثباتة فيهما ودليل الشافعى حديث مجزر لان النبى صلى اللة علية وسلم فرح لكونة وجد فى امتة من يميز بين انسابها عند اشتباهها ولو كانت القيافة باطلة لم يحصل بذلك سرور: واتفق القائلون بالقائف على انة يشترط فية العدالة واختلفوا فى انة هل يكتفى بواحد؟ والاصح عند اصحابنا الاكتفاء بواحد وبة قال ابن القاسم المالكى وقال مالك يشترط اثنان وقال بعض اصحابنا وهذا الحديث يدل للاكتفاء بواحد واللة اعلم (باب) (1) (سندة) حدثنا ابو النضرئنا عبد الحميد ثنا شهر قال قال ابن عباس قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم ال (غريبة) (2) بتشديد الدال المهملة اى انتسب الى غير ابية (3) اى انتمى الى غير موالية الخ (4) اصل اللعن من اللة الطرد والابعاد عن رحمتة ومن الخلق السب والدعاء (5) قيل الصرف الفريضة والعدل النافلة قالة الجمهور وعكسة الحسن وقال الاصمعى الصرف التوبة والعدل الفدية قال القاضى عياض وقيل معناه لا تقبل فريضة قبول رضا وان قبلت قبولا ار وفية التصريح بلفظ تحريم الانتساب الى غير الاب وانتماء المعتق الى غير موالية لما فية من كفر النعمة وتضييع حقوق الارث والولاء والعقل وغير ذلك مع ما فية من القطيعة والعقوق (تخريجة) (د جة حب) وسندة حسن ومعناه فعناه فى الصحيحين (6) (سندة) حدثنا هارون بن معروف ثنا عبد اللة بن وهب قال قال حيوة اخبرنى ابو عثمان (يعنى الوليد) ان عبد اللة بن دينار اخبرة عن عبد اللة بن عمر الخ (غريبة) (7) افعل تفضيل اى اعظم الكذبات والفرى بكسر الفاء والقصر جمع فرية قال ابن بطال الفرية الكذبة العظيمة التى يتعجب منها (8) قال اليى ارى الرجل عينية وصفهما بما ليس فيها اه ومعنى نسبة الرؤيا الى عينية مع انهما لم يريا شيئا انة ابر عنهما بالرؤية وهو كاذب (9) بضم اولة اى معالمها وحدودها واحدها تختم بفتح اولة وسكون ثانية وقيل اراد بها حدود الحرم اصة وقيل هو عام فى جميع الارض واراد المعالم التى يهتدى بها فى الطريق وقيل هو ان يدخل فى مالك غيرة فيقطعة ظلما (تريجة) ارج البخارى منة الجزء الاص بالرؤيا واخرجة ايضا من حديث وائلة بن الاسقع بلفظ (ان من اعظم الفرى ان يدعى الرجل الى غير ابية او يرى عينية مالم ترة او يقول على رسول اللة صلى اللة علية وسلم مالم يقل (10) سندة حدثنا عبد اللة ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عاصم الاحول قال سمعت سعد الخ

-[إلحاق معاوية بن أبي سفيان زيادا بأبيه وتبرؤ أبي بكرة منه]- سمعت سعدا وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله وأبا بكرة تسور حصن الطائف في ناس فجاءا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول من ادعى إلى أب غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام (عن أبي عثمان) قال لما ادعى زياد لقيت أبا بكرة قال فقلت ما هذا الذي صنعتم؟ إني سمعت سعد بن أبي وقاص يقول سمع أذني من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول من ادعى أبا في الإسلام غير أبيه وهو يعلم أنه غير أبيه فالجنة عليه حرام، فقال أبو بكرة وأنا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي لفظ) وأنا سمعت أذناي ووعى قلبي من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفر تبرؤ من نسب وإن دق: أو ادعاء إلى نسب لا يعرف

_ (غريبه) (1) هو سعد بن مالك المشهور بابن ابى وقاص كنية ابية وهو احد العشرة المبشرين بالجنة (2) اسمة نفيع بن حارث بن كلدة بكاف ولام مفتوحتين وامة سمية امة للحارث بن كلدة وهى ايضا ام زياد بن ابية وانما كنى ابا بكرة لانة تدلى من حصن الطائف الى النبى صلى اللة علية وسلم ببكرة وكان اسم وعجز عن الخروج من الطائف الى هكذا وهو معنى قولى فى الحديث (تسور حصن الطائف فى ناس الخ) يريد ذكر شيئا من مناقب سعد (2) اى من رغب عن ابية والتحقق بغيرة (وهو يعلم انة غير ابية) تسركا للادنى ورغبة فى الاعلى او تقريبهما لغيرة بالانتماء الية او غير ذلك من الاعراض (4) قال النووى فية تأويلان (احداهما) انة محمول على من فعلة مستحيلا لة (والثانى) ان جزاءة انها محرمة علية اولا عند دخول الفائزينواهل السلامة ثم انة قد يجارى فيمنعها عند دخولهم ثم يدخلها بعد ذلك وقد لا يجازى بل يعفو اللة عز وجل عنة ومعنى حرام ممنوعة اه (تخريجة) (ق. وغيرهما (5) (سندة) حدثنا هشيم انبانا خالد عن ابى عثمان الخ (غريبة) (6) قال النووى ضبطناه بضم الدال وكسر العين اى ادعاه معاوية وجد بخلط الحافظ ابى عامر العبدرى ادعى بفتح الدال والعين على ان زيادا هو الفاعل وهذاا لة وجة من وحيث ان معاوية ادعاه وصدقة زيادة مدعيا انة ابن ابى سفيان واللة اعلم (7) معنى هذا الكلام الانكار على ابى بكرة وذلك ان زيادا هذا هو المعروف بزياد بن ابى سفيان ويقال فية زيادة بن ابية ويقال زيادة بن امية وهو اوا ابى بكرة لامة وكان يعرف بزيادة بن عبيد الثقفى ثم ادعاه معاوي بن ابى سفيان والحقة بابية ابى سفيان وصار من جملة اصحابة بعد ان كان من اصحاب على ولهذا قال ابو عثمان لابى بكرة ما هذا الذى صنعتم: وكان ابو بكرة ممن انكر ذلك هجر بسببة زيادا وحلف ان لا يكلمة ابدا ولعل ابا عثمان لم يبلغة انكار ابى بكرة حين قال هذا الكلام ويكون مرادة بقولة ما هذا الذى صنعتم اى ما هذا الذى من اخيك ما اقبحة واعظم عقوبتة فان النبى صلى اللة علية وسلم حرم على فاعلة الجنة (تريجة) (ق. وغيرهما) (8) (سندة) حدثنا على بن عاصم عن المثنى بن الصباح عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) (9) بالرفع ميتدا مؤر وكفر خبر مقدم وجاء عند البزار من حديث ابى بكر الصديق رضىللة عنة بلفظ (كفر باللة تبرؤ من نسب وان دق) والمعنى التبرؤ من النسب وان دق كفر باللة (ومعنى وان دق) اى وان كان النسب الذى تبرأمنة حقيرا فلا يجوز التبرؤ منة ومثلة من ادعى نسبا لا يعرف اى لا يتصل بة وان كان عظيما من فعل

-[التغليظ الشديد لمن ادعى لغير أبيه- ووعيد من انتفى من ولده]- (عن أبي ذر) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس من رجل ادعى لغير أبيه وهو يعلمه إلا كفر ومن ادعى ما ليس له فليس منا وليتبوأ مقعده من النار، ومن دعى رجلا بالكفر أو قال عدو الله وليس كذلك إلا حار عليه (عن أبي ريحانه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من انتسب إلى تسعة آباء كفار يريد بهم عز وكرما فهو عاشرهم (عن ابن عمر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبة وسلم من انتفى من ولده ليفضحه في الدنيا فضحه الله يوم القيامة على رءوس الأشهاد وقصاص بقصاص

_ ذلك فقد كفر اللة عز وجل ان استحل ذلك اما اذا لم يستحلة فقد حمل العلماء اطلاق الكفر فى حقة على كفر النعمة ولانة كذب على اللة عز وجل كانة يقول خلقنى اللة من ماء فلان ولم يخلقنى من ماء فلان والواقع خلافة (تخريجة) (جة طب والديلى) وسندة جيد ولفظة عند ابن ماجة عن عمرو بن شعيب عن ابية عن جدة ان النبى صلى اللة علية وسلم قال كفر ادعاء نسب لا يعرفة او جحدة وان دق) قال البوصيرى فى زوائدة بن ماجة هذا الحديث فى بعض النسخ دون بعض ولم يذكرة المزى فى الاطراف واسنادة صحيح واظنة من زيادات ابن القطان واللة اعلم (قلت) رواه البزار من حديث ابى بكر وتقدم لفظة وحسنة الحافظ السيوطى (1) (سندة) حدثنا عبد الصمد ثنا حسين يعنى المعلم عن ابن بريدة حدثنى يحيى بن يعمر ان ابا الاسود حدثة عن ابى ذر الخ (غريبة) (2) زاد البخارى (باللة اى ان استحل ولا يحسن حملة على كفر النعمة لان رواية باللة تأباه او رج مرج الزجر والتنفير وقيد بالعلم لان الاثم انما هو على العالم بالشئ المتعمد لة فلا بد منة فى الاثبات والنفى (3) اى ليس على هدايا وجميل طريقتنا (وقولة واليتبوا مقعدة) اى فليتذ منزلا من النار وهو دعاء او خبر بمعنى الامر معناه هذا جزاؤة ان جوزى وقد يعفى عنة وقد يتوب فيسقط عنة (4) يحاء وراءة مهملتين اى رجع ذلك القول على القائل اى صار كافرا وعدوا للة (تريجة) (ق. وغيرهما) (5) (سندة) حدثنا حسين ابن محمد ثنا ابو بكر بن عياش عن حميد الكندى عن عبادة بن نسى عن ابى ريحانة الخ (غريبة) (6) اى بالانتساب اليهم (7) اى فى نار جهنم لان من احب قوما حشر فى زمرتهم ومن افتر بهم فقد احبهم وهذا نهى شديد عن الافتار بالكفر لكن محلة كما قال الحافظ ما اذا اوردة على طريق المفارة والمشاجرة والظاهر ان مرادة بهذا العدد التكثير لا التحديد واللة اعلم (تخريجة) (عل) وحسنة الحافظ وقال اليثمى رجالة ثقات (8) (سندة) حدثنا وكيع عن ابية عن عبد اللة بن ابى المجالد عن مجاهد عن ابن عمر قال فان رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (9) اى انكر انة ابنة وقد ولد على فراشة ولم ينكرة اولا ولم تقم عندة قرائن شرعية لنفية ثم نفاء بعد ذلك لكون امة وضيعة او لخصومة بينة وبين ابنة قاصدا بذلك فضيحتة فى الدنيا فضحة اللة فى الدار الاخرة على روءس الخلائق قصاص بقصاص والاشهاد جمع شاعد كصاحب واصحاب وهم الملائكة والرسل والانبياء وسائر البشر والجن (تخريجه)

كتاب العدد

-[ما جاء في عدة الحامل المتوفى عنها زوجها]- (44) (كتاب العدد) (باب أن عدة الحامل بوضع الحمل سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها لقول الله عز وجل) {وألات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) أنه قال سئل عبد الله بن عباس وأبو هريرة عن المتوفى عنها زوجها فقال ابن عباس آخر (وفي لفظ أبعد الأجلين) وقال أبو هريرة إذا ولدت فقد حلت فدخل أبو سلمة بن عبد الرحمن إلى أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فسألها عن ذلك فقالت ولدت سبيعة الأسلمية بعد وفاة زوجها بنصف شهر فخطبها رجلان أحدهما شاب والآخر كهل فحطت إلى الشاب فقال الكهل لم تحل وكان أهلها غيبا ورجا إذا جاء أهلها أن يؤثروه فجاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قد حللت فانكحي من شئت (عن عبد الله بن مسعود) أن سبيعة بنت الحارث وضعت حملها بعد وفاة زوجها بخمس عشرة ليلة فدخل عليها أبو السنابل فقال كأنك تحدثين نفسك بالباءة مالك ذلك حتى ينقضي أبعد الأجلين فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بما قال أبو السنابل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذب أبو السنابل، إذا أتاك أحد ترضينه (وفي لفظ إذا أتاك كفؤ) فأتيني

_ أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب طس) ورجالة رجال الصحيح (1) العدد جمع العدة قال الحافظ العدة اسم لمدة تتربص فيها المرأة عن التزويج بعد وفاه زوجها او فراقة لها اما بالولادة او بالاقراء او الاشهر (باب) (2) (سندة) قال الامام احمد قرات على عبد الرحمن عن مالك عن عبد ربة بن سعيد بن قيس عن ابية ابى سلبة بن عبد الرحمن الخ (غريبة) (3) معناه انهما سئلا عن عدة المتوفى عنها زوجها اذا كانت حاملا (4) اى الاشهر اووضع الحمل فان وضعت لاقل من اربعة اشهر وعشرا عتدت بالاشهر وان بقى للوضع اكثر من اربعة اشهر وعشر اعتدت بوضع الحمل هذا معنى كلام ابن عباس (5) يعنى اذا ولدت بعد تحقيق الوفاه ولو بلحظة فقد حلت للازواج (6) بضم السين المهملة وفتح الموحدة وسكون الياء التحتية هى بنت الحارث الاسلبية صحابية كانت امراة سعد بن خولة فتوفى بمكة فى حجة الوداع وهى حامل فوضعت بعد موتة بزمن يسير قبل نصف شهر كما فى الحديث وقيل غير ذلك كما فى الروايات الاتية (7) اى مالت الية ونزلت بقلبها نحوة (وقولة فقال الكهل الخ) هو ابو السنابل الاتى ذكرة فى الحديث التالى كما صرح بذلك فى الصحيحين والكهل من الرجال من زاد على ثلاثين سنة الى الاربعين وقيل من ثلاث وثلاثين الى تمام الخمسين (8) اى يقدموه على غير (9) اى عملا بقولة تعالى (والات الاحمال اجلهن ان يضعن حملهن) (ق لك فع ش مذ) (10) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن خلاس عن ابى حسان عن عبد اللة بن عتبة بن مسعود عن عبد اللة بن مسعود الخ (غريبة) (11) بفتح السين المهملة هو ابن بعلك كما سياتى فى الحديث التالى (بموحدة مفتوحة ثم عين مهملة ساكنة ثم كافين الاولى مفتوحة ولسم ابى السنابل عمر وقيل حبة بالباء الموحدة وقيل بالنوز حكامها ابن ماكولا (12) بالهمزوتاء التانيث ممدوا وفيها لغة ارى بغير همز ولا مد وقد تهمز وتمد بلاهاء قال الخطابى المراد بالباء النكاح واصلة الموضع يتبوأة وياوى الية (13) يعنى الاشهر يرجو بذلك حضور أهلها الغيب كما

-[إختلاف الروايات في مدة الحمل التي مكثتها سبيعة بعد وفاة زوجها ثم وضعت]- به أو قال فأنبئيني به فأخبرها أن عدتها قد انقضت (عن الأسود) عن أبي السنابل بن بعكك قال وضعت سبيعة بنت الحارث بعد وفاة زوجها بثلاث وعشرين أو خمس وعشرين ليلة فلما تعلت تشوفت للنكاح فأنكر ذلك عليها وذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن تفعل فقد حل أجلها (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) قال دخلت على سبيعة بنت أبي برزة الأسلمية فسألتها عن أمرها فقالت كنت عند سعد بن خولة فتوفي عني فلم أمكث إلا شهرين حتى وضعت قالت فخطبني أبو السنابل بن بعكك أخو بني عبد الدار فتأهبت للنكاح، قالت فدخل علي حموي وقد اختضبت وتهيأت، فقال ماذا تريدين يا سبيعة؟ قالت فقلت أريد أن أتزوج، قال والله مالك من زوج حتى تعتدين أربعة أشهر وعشرا، قالت فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له

_ تقدم في الحديث السابق (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد واوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة رجال الصحيح (1) (سندة) حدثنا حسين بن محمد ثنا شيبان عن منصور وعفان قال ثنا شعبة ثنا منصور عن ابراهيم عن الاسود ال (غريبة) (2) فى هذه الرواية (بثلاث وعشرين او خمس وعشرين) وتقدم فى الحديثين السابقين بنصف شهر وفى رواية عند الشيخين وغيرهما (فمكثت قريبا من عشر ليال ثم نفست) وفى رواية للترمذى والنسائى والبارى (فوضعت بعد موتة باربعين ليلة) وفى ارى للنسائى بعشرين ليلة) ولابن ماجة (بسبع وعشرين) وسياتى فى الحديث التالى (فتوفى عنى فلم امكث الا شهرين حتى وضعت) قال الحافظ بعد ان ساق هذة الرويات جميعها والجمع بين هذة الرويات متعذر لاتحاد القصة وامل هذا هو السر فى ابهام المدة اذا محل اللاف ان تضع لدون اربعة اشهر وعشر ليال وفى رواية للطبرانى ثمان او سبع فهو فى مدة اقامتها بعد الوضع الى ان سالت النبى صلى اللة علية وسلم لانى مدة بقية الحمل واكثرها ما قيل فية بالتصريح شهران وبغيرة دون اربعة اشهر واللة اعلم (3) بفتح العين المهملة وتشديد اللام قال ابن الاثير ويروى تعالت اى ارتفعت وطهرت ويجوز ان يكون من قولهم تعلى الرجل من علتة اذا برأ اى رجت من نفاسها وسلت اه (4) معناه ان تتزوج فلها ذلك لان عدتها قد انقضت بوضع الحمل (تخريجة) (نس مذ جة) وقال الترمذى حديث ابى السنابلل حديث مشهور غريب من هذا الوجة لا نعرف للاسود شيئا عن ابى السنابل سمعت محمدا يقول لا اعرفان ابا السنابل عاش بعد النبى صلى اللة علية وسلم اه قال الحافظ جزم ابن سعد انة بقى بعد النبى صلى اللة علية وسلم زمنا (5) (سندة) حدثنا يعقوب ثنا ابى عن ابن اسحاق قال حدثنى محمد بن ابراهيم بن الحارث وكذلك عند مسلم وفى الاصابة وكتب التراجم كذلك وجاء فى هذا الحديث سبيعة بنت ابى برزة قال الشوكانى ذكرها ابن سعد فى المهاجرات وهى بنت ابى برزة الاسلى اه (قلت) لعل ابا برزة كان يسمى بالحارث ويكنى بابى برزة فمرة ذكرة بعض الرواة باسمة ومرة ذكرة بكنيتة لكن الذى فى كتب التراجم ان اسم ابى برزة نضلة ابن عبيد ويحتمل ان نضلة اسمة والحارث لقبة وابا برزة كنيتة واللة اعلم (7) الحم كل قريب للزوج

-[كلام العلماء في عدة المتوفى عنها إذا كان غير حامل سواء كانت حرة أو أمة]- فقال صلى الله عليه وسلم قد حللت فتزوجي (ز) (عن عبد الله بن عمرو) عن أبي بن كعب قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم (وألات الأحمال أجلهن أن يضعن حملهن) للمطلقة ثلاثا وللمتوفى عنها؟ قال هي للمطلقة ثلاثا وللمتوفى عنها (باب عدة المتوفى عنها إذا كانت غير حامل أربعة أشهر وعشر) لقول الله عز وجل {والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا} (عن قبيصة بن ذؤيب) عن عمرو بن العاص قال لا تلبسوا علينا سنة نبينا صلى الله عليه وسلم عدة أم

_ كالأب والأخ والعم والظاهر ان هنا ابو الزوج واللة اعلم 0 1) اى حل زواجك بوضع الحمل وان كانت المدة التى بين الوفاه والوضع اقل من اربعة اشهر وعشر تريجة ق د نس جة) (ز) (2) (سندة) قال عبد اللة بن الامام احمد حدثنا ابو بكر المقدمى انا عبد الوهاب الثقفى عن المثنى عن عمرو بن شعيب عن ابية عن عبد اللة بن عمر الخ (غريبة) (3) اى بينونة كبرى وخصها بالذكر لانها انفصلت عنة نهائيا اما المطلقة رجعيا فلة ان يراجعها فى المدة قبل الوضع وكذلك البائن بينونة صغرى لة ان يعقد عليها قبل الوضع ايضا (تخريجة) هذا الحديث من زوائد عبد اللة بن الامام احمد على مسند ابية واخرجة ايضا الدارقطى وابو يعلى والضياء فى المختارة وابن مردوية وفى اسنادة المثنى بن الصباح قال الهيثمى وثقة ابن معين وضعفة الجمهور اه واخرج نحوة عنة من وجة اخر ابن جرير وابن ابى حاتم وابن مردوية والارقطنى وابو يعلى والضياء فى المختارة وابن مردوية وفى اسنادة المثنى بن الصباح قال الهيثمى وثقة ابن معين وضعفة الجمهور اه واخرج نحوة من وجة اخر ابن جرير وابن ابى حاتم وابن مردوية والدارقطنى انظر احكام هذا الباب فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 403 فى الجزء الثانى (باب) (4) (سندة) حدثنا يزيد بن هارون قال انا سعيد عن قتادة عن رجاء بن حيوة عن قبيصة بن ذؤيب الخ (غريبة) (5) بفتح اولة وسكون ثانية وكسر الموحدة اى لا تخلطوا قال فى المصباح لبست الامر لبسا من باب ضرب خلطة وفى التنزيل (وللبسنا عليهم ما يلبسون) والتشديد مبالغة اه (قال الخطابى) (لا تلبسوا علينا سنة نبينا) يحتمل وجهين (احداهما) ان يريد بذلك سنة كان يرةيها عن رسول اللة صلى اللة علية وسلم نصا (والاخر) ان يكون ذلك منة على معنى السنة فى الحرائر ولو كان معنى السنة التوقيف لاشبة ان يصرح بة وايضا فان التلبيس لا يقع فى النصوص انما يكون غالبا فى الراى وتاولة بعضهم على انة انما جاء فى ام ولد بعينها كان اعتقها صاحبها ثم تزوجها وهذة اذا مات عنها مولاها الذى زوجها كانت عدتها اربعة اشهر وعشرا ان لم تكن حاملا بلا خلاف بين العلماء (تخريجة) (دجة ك) وقال الحاكم هذا الحديث على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) واقرة الذهبى لكن قال ابن المنذر ضعف احمد وابو عبيد حديث عمرو بن العاص (قلت) وعلى فرض انة ضعيف فيؤيدة عموم قولة تعالى (والذين يتوفون منكم ويذرون ازواجا يتربصن) (اى ينتظرون) بانفسهن اربعة اشهر وعشرا) فدخل فى هذا العموم ام الولد وغيرها من الحرائر روى ابن جرير بسندة عن الربيع بن انس قال قلت لابى العالية لم صارت هذة العشر من الاشهر الاربعة؟ قال لانة ينف فية الروح اه قال الحافظ ابن كثير ومن هنا ذهب الامام احمد فى روايتة عنة الى ان عدة ام الولد عدة غالحرة هنا لانها صارت فراشا كالحرائر قال وقد ذهب الى القول بهذا الحديث (يعنى حديث عمرو بن العاص) طائفة من السلف منهم سعيد بن المسيب ومجاهد وسعيد بن جبير والحسن وابن سيرين وابو عياض والزهرى وعمر بن عبد العزيز: وبة يقول الاوزاعى واسحاق واحمد فى رواية وقال طاوس وقتادة عدة ام الولد اذا توفى سيدها نصف

-[ما جاء في أحداد معتدة الوفاة وما تجتلبه]- الولد إذا توفى عنها سيدها أربعة أشهر وعشر (باب ما جاء في أحداد معتدة الوفاة وما تجتنبه) (عن زينب بنت أم سلمة) عن أمها أن امرأة توفي زوجها فاشتكت عينها فذكروها للنبي صلى الله عليه وسلم وذكروا الكحل قالوا نخاف على عينها قال قد كانت إحداكن تمكث في بيتها في شر أحلاسها في شر بيتها حولا فإذا مر بها كلب رمت ببعرة أفلا أربعة أشهر وعشرا (عن أم سلمة رضي الله عنها) عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال المتوفى عنها زوجها لا تلبس

_ عدة الحرة شهران وخمس ليال وقال ابو حنيفة واصحابة والثورى تعتد بثلاث حيض وهو قول على وابن مسعود وعطاء وابراهيم النخعى وقال مالك والشافعى واحمد فى المشهور عنة عدتها حيضة وبة يقول ابن عمر والشعبى ومكحول والليث وابو عبيد وابو ثور والجمهور وقال الليث ولو مات وهى حائض اجزاتها وقال مالك فلو كانت ممن لا تحيض فتلاتة اشهر وقال الشافعى والجمهور شهر وثلاثة احب الى اه (قلت) العمل بعموم الاية اسلم واللة اعلم (باب) (1) (سندة) حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال حدثنى حميد بن نافع عن زينب بنت ام سلمة عن امها (يعنى ام سلمة زوج النبى صلى اللة علية وسلم) الخ (غريبة) (2) فى رواية للبخارى بلفظ (فاستاذنوا فى الكحل فقال لا تكتحل قد كانت احدا كن تمكث الخ (3) اى احقر ثيابها والاحلاس جمع حلس وهو فى الاصل الكساء الذى يلى ظهر البعير تحت القتب شبة ثيابها بالاحلاس لحقارتها ودوامها على جسمها بدون غسل او تنظيف (وقولة فى شربيتها) قال الشافعى هو البيت الصغير الذليل من الشعر والبناء وغيرة وجاء عند النسائى من طريق ابن القاسم عن مالك انة الخص بخاء معجمة مضمونة بعدها مهملة وكان ذلك فى الجاهلية كما جاء فى هذا الحديث نفسة عند (خ لك فع د) بلفظ (قد كانت احدكن فى الجاهلية ترمى بالبعرة على راس الحول) قال حميد (يعنى ابن نافع الراوى عن زينب) فقلت لزينب وما ترمى بالبعرة على راس الحول؟ فقالت زينب كانت المراة اذا توفى عنها زوجها دخلت حفشا (يعنى بيتا حقيرا) ولبست شر ثيابها ولم تمس طيبا ولا شيئا حتى تمر بها سنة (الحديث) وفى ذكر الجاهلية اشارة الى ان الحكم فى الاسلام صار بلافة الا التقدير بالحول فانة استمر فى الاسلام بنص قولة تعالى (وصة لازواجهم متاعا الى الحول) ثم نسخت بالاية التى قبل وهى (يتربصن بانفسهن اربعة اشهر وعشرا) والناسخ مقدم علية تلاوة ومتاخرة نزولاء قال ابن حزم وليس فى كتاب اللة اية تقدم ناسها على منسوها الا هذه واية اخرى فى الاحزاب (يا ايها النبى انا احللنا لك ازواجك هذة الناسخة والمنسوخة لا يحل لك النساء النساء من بعد الاية (4) البعرة بفتح الموحدة والعين وتسكن قال فى القاموس البعر رجيع ذى الخف والظلف واحدتة بها والجمع ابعار اه وفى رواية ابن الماجشون عن مالك (وترمى بيعرة من بعر الغنم او الابل) فترمى بها امامها فيكون ذلك احلالا لها وقيل ترمى بها من عرض من كلب او غيرة ترى من حضرها ان مقامها حولا وصبرها على البلاء الذى كانت فية هين بالنسبة الى فقد زوجها كما يهون الرامى بالبعرة بها وقيل هو اشارة الى انها رمت العدة رمى البعرة وقيل غير ذاك واللة واعلم (5) معناه افلا تصبر اربعة اشهر وعشرا بدون اكتحال (تخريجة) (ق. والاربعة والامامان) (6) (سندة) حدثنا يحيى بن بكير ثنا ابراهيم بن طههان قال حدثنى بديل عن

-[معتدة الوفاة لا تلبس المعصفر من الثياب ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل]- المعصفر من الثياب ولا الممشقة ولا الحلي ولا تختضب ولا تكتحل (عن أم عطية الأنصارية) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحد المرأة فوق ثلاث إلا على زوج فإنها تحد عليه أربعة أشهر وعشرا، ولا تلبس ثوبا مصبوغا إلا عصبا ولا تكتحل ولا تمس طيبا إلا عند طهرها، فإذا طهرت من حيضها نبذة من قسط وأظفار (عن حميد بن نافع) عن زينب بنت أم سلمة قالت توفي حميم لأم حبيبة (زوج النبي صلى الله عليه وسلم) فدعت بصفرة فمسحت بذراعيها

_ الحسن بن مسلم عن صفية بنت شيبة عن ام سلة الخ (غريبة) (1) اى المصبوغ بالعصفر (2) بضم الميم الاولى وفتح الثانية وتشديد الشين المعجمة مفتوحة على لفظ اسم المفعول من التفعيل المصبوغ بطين احمر يسمى مشقا بكسر الميم وهو المغزة (والحلى) وكل ما تتحلى بة المراه من ذهب او فضة (تخريجة) (د نس هق) ورجالة ثقات (3) (سندة) حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوى ثنا هشام ويزيد هشام بن حسان عن حفظة بنت سير ين عن ام عطية الانصارية الخ (4) بفتح اولة وسكون ثانية وجاء عند الشيخين بلفظ (الا ثوب عصب) بالاضافة قال فى النهاية العصب يرود يمنية يعصب غزلها اى بجمع ويشد ثم يصبغ وينسج فياتى موشيا لبقاء ما عصب منة ابيض لم ياذة صبغ يقال برد عصب وبرود عصب بالتنوين والاضافة وقيل هى برود مططة والعصب القتل والعصاب الغزال فيكون النهى المعتدة عما صبغ بعد النسخ اه (5) بضم النون وسكون الموحدة بعدها ذال معجمة وهى القطعة من الشئ وتطلق على الشئ اليسير وهو مفعول لفعل محذوب تقدير (اخذت نبذه) (وقولة من قسط) بضم اولة وسكون ثانية قال النووى ويقال فية كست بكاف مضمومة بدل القاف وبتاء بدل الطاء وهو والاظفار نوعان معروفان من البور وليسا من مقصود الطيب رخص فية للمغتسلة من الحيض لازالة الرائحة الكريهة تتبع بة اثر الدم لا للتطيب واللة اعلم (تخريجة) (ق د هق وغيرهم) (6) هذا الحديث تقدم بسندة وشرحة وتخريجة فى باب ماجاء فى الاحداد على الميت من كتاب الجنائز فى الجزء السابع صحيفة 148 وتقدم هناك احاديث اخرى فى الباب وانما ذكرتة هنا لمناسبة الترجمة ولانة يتضمن ثلاثة احاديث جاءت فية مجملة وجاءت مفصلة عند الشيخين وغيرهما لم تذكر هناك واليك نصها _ روى الشيخان وغيرهما واللفظ للبخارى عن حميد بن نافع عن زينب ابنة ابى سلمة انها اخبرتة هذة الاحاديث الثلاثة قال قالت زينب دخلت على ام حبيبة زوج النبى صلى اللة علية وسلم حين توفى ابوها ابو سفيان بن حرب فدعت ام حبيية بطيب فية صفرة خلوق (بتنوين صفرة وخلوق وبالاضافة وهو طيب مخلوط) او غيرة فدهنت منة جارية ثم مست بعارضيها ثم قالت واللة مالى بالطيب من حاجة غير انى سمعت رسول اللة صلى اللة علية وسلم يقول لا يحل (وذكر الحديث كما هنا ثم قال) قالت زينب فدخلت على زينب ابنة جحش حين توفى اخوها فدعت بطيب فسمعت منة ثم قالت اما واللة مالى بالطبيب من حاجة غير انى سمعت رسول اللة صلى علية وسلم يقول على المنبر لا يحل (فذكر نحو حديث الباب (وهذا هو الحديث الثانى) وقد اشار الية فى حديث الباب بقولة على المنبر لا يحل (فذكر نحو حديث الباب (وهذا هو الحديث الثانى) وقد اشار الية فى حديث الباب بقولة وعن زينب زوجالنبى صلى اللة علية وسلم ثم قالت) قالت زينب وسمعت ام سلمة تقول جاءت امراءة الى رسول اللة صلى اللة عليةوسلم فقالت يا رسول اللة ان ابنتى توفى عنها زوجها وقد اشتكت عينها افنكححلها 0 فذكر نحو حديث ام سلمة المتقدم اول الباب (وهذا هو الحديث الثالث) (7) اى قريب من خواص اقاربها وهو والدها أبو سفيان

-[أين تعتد المتوفى عنها وهل لها نفقة أم لا؟]- وقالت إنما أصنع هذا لشيء، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال حجاج لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لامرأة مسلمة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد فوق ثلاث (وفي لفظ ثلاث ليال) إلا على زوجها أربعة أشهر وعشرا، وحدثته زينب عن أمها وعن زينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم أو عن امرأة من بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم (باب أين تعتد المتوفى عنها- وهل لها نفقة أما لا؟) (عن فريعة بنت مالك) قالت خرج زوجي في طلب أعلاج فأدركهم بطرف القدوم فقتلوه فأتاني نعيه وأنا في دار شاسعة من دور أهلي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فقلت أن نعي زوجي أتاني في دار شاسعة من دور أهلي ولم يدع لي نفقة ولا مال لورثته وليس السكن لي فلو تحولت إلى أهلي وأخوالي كان أرفق بي في بعض شأني، قال تحولي، فلما خرجت إلى المسجد أو إلى الحجرة دعاني أو أمر بي فدعيت فقال امكثي في بيتك الذي أتاك فيه نعي زوجك حتى يبلغ الكتاب أجله، قالت فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشرا، قالت فأرسل إلى عثمان فأخبرته فأخذ به (باب عدة المطلقة غير الحامل ثلاثة قروء وعدة اليائسة والصغيرة ثلاثة أشهر) لقول الله عز وجل (والمطلقات يتربصن بأنفسهن ثلاثة قروء) وقوله تعالى

_ كما صرح بذلك فى رواية الشيين (1) هو احد رجال السند (2) يعنى حديث ام سلمة المتقدم اول الباب (3) هو الحديث الثانى مما ذكر فى الشرح: انظر احكام هذا الباب فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 413 فى الجزء الثانى (باب) (4) حدثنا يحيى بن سعيد يعنى القطان) عن يحيى بن سعيد الانصارى عن سعد بن اسحاق قال حدثنى زينب بنت كعب عن فرية بنت مالك الخ (قلت) فريمة بضم الفاء وفتح الراء هى اخت ابى سعيد الخدرى شهدت بيعة الرضوان وزينب التى روت عنها هذا الحديث هى بنت كعب عجزة زوج ابى سعيد وعمة سعد بن اسحاق بن كعب بن عجزة الذى روى عنها هذا الحديث وقد بيز ذلك الترمذى فى سندة فقال حدثنا الانصارى ثنا مالك عن سعد بن اسحاق بن كعب بن عجزة عن عمتة زينب بنت كعب بن عجزة ان الفريمة بنت مالك بن سنان وهى اخت ابى سعيد الدرى فذكر الحديث (5) جمع علج بكسر اولة وسكون ثانية والعلج الرجل القوى الضخم وجاء عند ابى داود والترمذى (خرج فى طلب اعبد لة ابقوةا) واعبد جمع عبد (وابقوا) بكسر الموحدة اى هربوا (6) بفتح القاف وتخفيف الدال المهملة وتشديدها اسم موضع على ستة اميال من المدينة (7) اى بعيدة (8) اى لا يملكة (9) اى مسجدة صلى اللة علية وسلم (او الى الحجرة) اى حجرة بعض نسائة واو للشك من الراوى (10) اى العدة المفروضة عليها وسميت العدة كتابا لانها فريضة من اللة قال تعالى (كتب عليك اى فرض وقولة اجلة) اى مدتة (تخريجة) (لك فع د مذ حب مى ك) وصححة الترمذى والحاكم وقال الذهبى هو حديث صحيح محفوظ اه انظر احكام هذا الباب فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 410 و 411 فى الجزء الثانى (باب) (11) المطلقات لفظ عموم والمراد بة الخصوص فى المدخول بهن وخرجت المطلقة قبل الدخول باية الاحزاب (يا ايها الذين امنوا اذا نكحتم المؤمنات ثم طلقتموهن من قبل ان تمسوهن فمالكم عليهن من عدة تعتدونها) وكذلك الحامل بقولة تعالى (واولات الحمال أجلهن أن

-[كلام العلماء في معنى القرء لغة واصطلاحات وما جاء في عدة الآيسة والصغيرة]- (واللائي يئسن من المحيض من نسائكم إن ارتبتم فعدتهن ثلاثة أشهر واللائي لم يحضن) (عن عكرمة عن ابن عباس) أن زوج بريرة كان عبدا أسود يدعى مغيثا وكنت أراه يتبعها في سكك المدينة يعصر عينيه عليها قال فقضى فيها النبي صلى الله عليه وسلم أربع قضيات، قضى أن الولاء لمن أعتق وخيرها، وأمرها أن تعتد عدة الحرة قال وتصدق عليها بصدقة فأهدت منها إلى عائشة فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال هو عليها صدقة ولنا هدية (باب ما جاء في نفقة المبتوتة وسكناها وخروجها الحاجة) (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف) عن فاطمة بنت قيس أخت الضحاك بن قيس قالت كنت عند أبي عمرو بن حفص بن المغيرة وكان قد طلقني تطليقتين ثم إنه سار مع علي بن أبي طالب إلى اليمن حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث إلي بتطليقتي الثالثة وكان صاحب أمره بالمدينة عياش بن أبي ربيعة بن المغيرة قالت فقلت له نفقتي

_ يضعن حملهن) وتقدم الكلام على ذلك (يتربصن اى ينتظرن عن النكاح ثلاثة قروء تمضى من حين الطلاق والمقصود من القروء والاستبراء بخلاف عدة الوفاه الى هى عبادة (والقروء) جمع قرء بالفتح قال فى المصباح القرء فية لغتان الفتح وجمعة قرؤ واقرؤ مثل فلس وفلوس وافلس (والضم (يجمع على اقراء مثل قفل واقفال قال ائمة اللغة ويطلق على الطهر والحيض اه قال ابو عمر بن عبد البر لم يختلف العلماء ولا الفقهاء ان القرء لغة يقع على الطهر والحيضة (قلت) وانما وقع الخلاف فى الاقراء المذكوره فى الاية: فذهب مالك والشافعى الى انها الاطهار وعند ابى حنيفة الاقراء الحيض وعن احمد روايتان ولكل وجهة ذكرت فى المطولات (1) اى الحيض لكبرهن (2) اى شككتم فلم تدروا ما عدتهن فعدتهن ثلاثة اشهر وهذا باتفاق العلماء (3) يعنى الصغيرة التى لم تبلغ سن الحيض او بلغتة ولم تحض اصلا فعدتها ثلاثة اشهر ايضا كما يعلم مما قبلة وهذا بالاتفاق ايضا (4) (سندة) حدثنا بهز ثنا همام انا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) (5) اى يبكى بدمع غزير لفراقها (6) تقدم الكلام على ذلك فى باب ولاء المعتق من كتاب العتق فى الجزء الرابع عشر صحيفة 162 (وقولة وخيرها) اى فى البقاء مع زوجها بعد عتقها وتقدم الكلام على ذلك فى باب الخيار للائمة من كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر صحيفة 203 (7) يعنى بثلاث حيض كما صرح بذلك عند ابن ماجة من حديث عائشة قالت (امرت بريرة ان تعتد بثلاث حيض) قال الحافظ رواتة ثقات لكنة معملول اه وفى قولة تعتد عدة الحر اشعار بان عدة الامة غير عدة الحرة فقد روى (د مذ جة) عن عائشة عن النبى صلى اللة علية وسلم قال طلاق الامة تطليقتان وقرؤها حيضتان (وفى رواية) وعدتها حيضتان وهذا الحديث ضعيف الحافظ ولكن قال بة الجمهور لادلة اخرى عندهم وقال داود ثلاثة قروء كالحرة واللة اعلم (8) تقدم الكلام علية فى باب قبول رسول اللة صلى اللة علية وسلم الهدية الخ من كتاب الهبة والهدية فى الجزء الخامس عشر صحيفة 164 رقم 14 (تخريجة) (قط طس) قال الهيثمى ورجال احمد رجال الصحيح (باب) (9) (سندة) حدثنا يعقوب بن ابراهيم ثنا ابى عن ابن اسحاق قال حدثنى عمران بن ابى انس اخو بنى عامر بن لؤى عن ابى سلمة بن عبد الرحمن الخ (غريبة) (10) هذة الرواية اعنى انة طلقها تطليقتين ثم بعث اليها بالثالثة اوضح الروايات واظهرها ويرجع ما اجمل فى الروايات الاخرى اليها (11) اى وكيلة كما جاء فى الروايات وعياش هذا أخو أبي جهل لأمه

-[حديث فاطمة بنت قيس في أن المبتوتة لا نفقة لها ولا سكنى]- وسكناي، فقال ما لك علينا من نفقة ولا سكنى إلا أن نتطول عليك من عندنا بمعروف نصنعه قالت فقلت لئن لم يكن لي ما لي به من حاجة قالت فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته خبري وما قال لي عياش فقال صدق، ليس لك عليهم نفقة ولا سكن وليس لك فيهم ردة وعليك العدة فانتقلي إلى أم شريك ابنة عمك فكوني عندها حتى تحلي، قالت ثم قال لا، تلك امرأة يزورها أخوتها من المسلمين ولكن انتقلي إلى ابن عمك ابن أم مكتوم فإنه مكفوف البصر فكوني عنده فإذا حللت فلا تفوتيني بنفسك، قالت والله ما أظن رسول الله صلى الله عليه وسلم حينئذ يريدني إلا لنفسه، قالت فلما حللت خطبني على أسامة بن زيد فزوجنيه، فقال أبو سلمة أملت علي حديثها هذا وكتبته بيدي (وعنه من طريق ثان بنحوه وفيه) فلما حللت خطبني معاوية وأبو جهم بن حذيفة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما معاوية فعائل لا مال له، وأما أبو جهم فإنه لا يضع عصاه من عاتقه أين أنتم من أسامة بن زيد، وكأن أهلها كرهوا

_ وهو قديم الاسلام هكذا فى اسد الغابة (1) اى نتفضل ونتكرم عليك الخ (2) اى لئن لم يكن لى واجبا فلا حاجة لى بة (3) اى رجعة لان الطلاق المكمل للثلاث لا رجعة فية بالاجماع (4) اسمها غزية وقيل غزيلة بغين معجمة مضمونة ثم زاى فيهما جاء عند مسلم انها انصارية قالة النووى وقيل قرشية عامرية قيل انها التى وهبت نفسها للنبى صلى اللة علية وسلم وقيل غيرها واللة اعلم (5) معناه ان الصحابة رضى اللة عنهم كانوا يزورون ام شريك ويكثرون التردد اليها لصلاحها فراى النبى صلى اللة علية وسلم ان على فاطمة من الاعتداد عندها حرجا من حيث انة يلزمها التحفظ من نظيرهم اليها ونظرها اليهم وانكشاف شئ منهم وفى التحفظ من هذا مع كثرة وترددهم مشقة ظاهرة فامرها بالاعتداد عند ابن ام مكتوم لانة لا يبصرها ولا يتردد الى بيتة ام شريك ويمكنها غض بصرها عن النظر الية بلا مشقة عليها (6) بفتح اولة وضم الفاء وفى رواية لمسلم (لا تفوتينا بنفسك (ولة فى اخرى (لا تسبقينى بنفسك) وكلها بمعنى واحد اى لا تفعلى شيئا من تزويج نفسك قبل اعلامى بذلك قال النووى هو من التعريض بالخطية وهو جائز فى عدة الوفاه وكذا عدة البائن بالثلاث وفية قول ضعيف فى عدة البائن: والصواب الاول لهذا الحديث (7) (سندة) محمد بن جعفرؤ قال ثنا محمد بن عمرو عن ابى سلة عن فاطمة بنت قيس فذكر نحو الطريق الاولى باختصار وزال فيها فلما حللت الخ (8) هو ابن ابى سفيان (وابو جهم) بفتح الجيم وسكون الهاء هو ابن حذيفة العدوى القرشى وهو غير ابى الجهيم بضم الجيم وفتح الهاء المذكور فى اخر الباب الاول من كتاب التيمم فى الجزء الثانى صحيفة 185 فان ذاك ابن الحارث بن الصمة وجاء فى رواية للامام احمد من حديث ابى سلمة ايضا ان رسول اللة صلة اللة علية وسلم اما ابو الجهم فلا يضع عصاه واما معاوية فصعلوك لامال لة انكحى اسامة بن زيد (9) اى فقير وهو معنى قولة صعلوك فى الرواية الاخرى (10) قال النووى فية تاويلان مشهوران احدهما انة كثير الاسفار والثانة انة كثير الضرب للنساء وهذا اصح بدليل الرواية التى رواها مسلم (انة ضراب للنساء) قال وفية دليل على جواز ذكر

-[زواج فاطمة بنت قيس بأسامة بن زيد وقول عمر المبتوتة لها النفقة والسكنى]- ذلك فقالت لا أنكح إلا الذي دعاني إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فنكحته (وعنه من طريق ثالث) عن فاطمة بنت قيس أن أبا عمرو بن حفص طلقها البتة وهو غائب فذكره معناه وقال انكحي أسامة بن زيد فكرهته فقال انكحي أسامة بن زيد فنكحته فجعل الله لي فيه خيرا (عن أبي بكر بن أبي الجهم) قال دخلت أنا وأبو سلمة على فاطمة بنت قيس قال فقالت طلقني زوجي فلم يجعل لي سكنى ولا نفقة، قالت ووضع لي عشرة أقفزة عند ابن عم له خمسة شعير وخمسة تمر قالت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ذلك له، قال فقال صدق فأمرني أن أعتد في بيت فلان قال وكان قد طلقها طلاقا بائنا (عن حصين بن عبد الرحمن) ثنا عامر عن فاطمة بنت قيس أن زوجها طلقها ثلاثا فأتت النبي صلى الله عليه وسلم تشكو إليه فلم يجعل لها سكنى ولا نفقة، قال عمر بن الخطاب لا ندع كتاب الله عز وجل وسنة نبيه لقول امرأة، لعلها نسيت قال قال عامر وحدثتني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها أن تعتد في بيت ابن أم مكتوم (عن قبيصة بن ذؤيب) أن

_ الإنسان بما فية عند المشاورة وطلب النصيحة ولا يكون هذا من الغيبة المحرمة بل من النصيحة الواجبة (1) اى لعدم كفاءتة لها لانها قرشية وهو من الموالى (2) (سندة) قال الامام احمد قرات على عبد الرحمن ابن المهدى عن مالك عن عبد اللة بن يزيد مولى الاسود بن سفيان ان ابى سلمة بن عبد الرحمن عن فاطمة بنت قيس الخ (3) المراد بقولة البتة انه طلقها طلاقا صارت بة مبتوتة بثلاث تطليقات اخذا مما تقدم فلا الطريق الاولى (4) تقدم فى الطريق الثانية ان اهلها هم الذين كرهوا ذلك وانها خالفتهم وقالت لا انكح الا الذى دعانى الية رسول اللة صلى اللة علية وسلم ويمكن الجمع بين ذلك بانها وافقت اهلها اولا فلما كرر النبى صلى اللة علية وسلم عليها قولة انكحى اسامة خالفتهم امتثالا لامر النبى صلى اللة علية وسلم ولذلك جعل اللة فية خيرا لها (تخريجة) (م هق والاربعة والامامان) (5) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن ابى بكر بن ابى الجهم الخ (غريبة) (6) جمع قفيز والقفيز عند اهل الحجاز صاع فقد جاء عند مسلم من حديث فاطمة ايضا ان زوجها ارسل اليها بخمسة اصع تمر وخمسة اصبع شعير (7) معناه انة لم يكن سكنى ولا نفقة (8) هو ابن ام مكتوم كما تقدم فى الحديث السابق (9) اى بينونة كبرى كما علم مما (تقدم) (تخريجة) (م جة) (10) سندة حدثنا على بن عاصم قال حصين بن عبد الرحمن ثنا عامر عن فاطمة الخ (قلت) عامر هو ابن شراحيل الشعى (غريبة) (11) القائل قال عمر الخ هو عامر الشعى ولم يثبت لة سماع من عمر ولعلة روى ذلك عن الاسود بن يزيد عن عمر لما ثبت عند مسلم من طريق ابى اسحاق قال كنت مع الاسود بن يزيد جالسا فى المسجد الاعظم (يعنى مسجد الكوفة) ومعناه الشعبى فحدث الشعبى بحديث فاطمة بنت قيس ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم لم يجعل لها سكنى ولا نفقة ثم اخذ الاسود كفا من حصى فحصبة بن فقال ويلك اتحدث بمثل هذا قال؟ عمر لا نترك كتاب اللة وسنة نبينا صلى اللة علية وسلم لقول امراه لا ندرى لعلها حفظت او نسيت لها السكنى والنفقة قال اللة عز وجل (لا تخرجهن من بيوتهن ولا يخرجن الا ان ياتين بفاحشة مبينة) هكذا رواه مسلم قال النووى قال الدراقطنى (قولة وسنة نبينا) هذه زيادة غير محفوظة لم يذكرها جماعة من الثقات (12) هكذا رواية الامام احمد (وسنة نبية) صلى اللة علية وسلم (تخريجة) (م. وغيرة) (13) (سنده)

-[إتفاق العلماء على أن المبتوتة الحامل لها السكنى والنفقة]- بنت سعيد بن زيد عمرو بن نفيل وكانت فاطمة بنت قيس خالتها وكانت عند عبد الله بن عمرو ابن عثمان طلقها ثلاثا: فبعثت إليها خالتها فاطمة بنت قيس فنقلتها إلى بيتها ومروان بن الحكم على المدينة، قال قبيصة فبعثني إليها مروان فسألتها ما حملها على أن تخرج امرأة من بيتها قبل أن تنقضى عدتها؟ قال فقالت لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني بذلك، قال ثم قصت علي حديثها، ثم قالت وأنا أخاصمكم بكتاب الله يقول الله عز وجل {إذا طلقتم النساء فطلقوهن لعدتهن وأحصوا العدة واتقوا الله ربكم ولا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة مبينة} إلى {لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا} ثم قال الله عز وجل {فإذا بلغن أجلهن (الثالثة) فأمسكوهن بمعروف أو فارقوهن بمعروف} والله ما ذكر الله بعد الثالثة عبسا مع ما أمرني به رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فرجعت إلى مروان فأخبرته خبرها فقال حديث امرأة قال ثم أمر بالمرأة فردت إلى بيتها حتى انقضت عدتها (عن عبيد الله بن عبد الله) أن أبا عمرو بن حفص بن المغيرة خرج مع علي بن أبي طالب إلى اليمن فأرسل إلى فاطمة بنت قيس بتطليقة كانت بقيت من طلاقها وأمر لها الحارث بن هشام وعياش بن أبي ربيعة بنفقة. فقال لها والله ما لك من نفقة إلا أن تكوني حاملا فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له قولهما، فقال لا إلا أن تكوني حاملا واستأذنته للانتقال فأذن لها فقالت أين ترى يا رسول الله؟ قال إلى ابن أم مكتوم وكان أعمى

_ حدثنا يعقوب قال حدثنا ابى عن اسحاق قال وذكر محمد بن مسلم الزهرى ان قبيصة ين ذؤيب حدثة ان بنت سعيد بن زيد الخ (غريبة) (1) انما قالت ذلك فاطمة بعد ان اخبر قبيصة مروان بحديثها المشار الية فلم يصدقها كما فى الحديث التالى (2) زاد فى الحديث التالى (قالت هذا لمن كان لة مراجعة فاى امر يحدث بعد الثلاث) (3) اى قربن من انقضاء عدتهن بالشروع فى الحيضة الثالثة (4) معناه ان الرجل اذا طلق امراتة واحدة او اثنتين فهو مخير فيها ما دامت عدتها باقية بين ان يرتجعها بنية الاحسان اليها وبين ان يتركها حتى تنقضى عدتها فتبين منة ويطلق سراحها محسنا اليها لا يظلمها من حقها شيئا (5) لعلها تعنى قولة عز وجل (او تسريح باحسان) فقدروى الامام احمد وسعيد بن منصور وابن ابى حاتم وعبد ابن حميد فى تفسيرة هذة الاية) ان ابا رزين الاسدى قال قال رجل يا رسول اللة ارايت قول اللة (الطلاق مرتان) فاين الثالثة؟ قال التسريح باحسان الثالثة وروى ايضا ابن مردوية بسندة عن انس بن مالك قال جاء رجل الى النبى صلى اللة علية وسلم فقال يا رسول اللة ذكر اللة الطلاق مرتين فاين الثالثة؟ قال امساك بمعروف او تسريح باحسان (6) الظاهر انة طعن فى هذا الحديث لكونة حديث امراه وهذا طعن باطل فكم من سنة تلقتها الامة بالقبول عن امراة واحدة (تخريجة) (نس) وسندة جيد (7) حدثنا عبد الرزاق قال معمر عن الزهرى عن عبيد اللة بن عبد اللة ان ابا عمرو بن حفص ابن المغيرة خرج مع على بن ابى طالب الى اليمين فارسل الى فاطمة بنت قيس الخ (غريبة) (8) فية وجوب النفقة للمطلقة اذا كانت حاملا. قال القرطى لاخلاف بين العلماء فى وجوب النفقة والسكنى للحامل والمطلقة ثلاثا او اقل منهن حتى تضع حملها (9) قال النووى هذا محمول على أنه أذن لها في

-[إختلاف العلماء في نفقة المبتوتة وسكناها]- تضع ثيابها عنده ولا يراها قال فلما مضت عدتها أنكحها النبي صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد، فأرسل إليها مروان قبيصة بن ذؤيب يسألها عن هذا الحديث فحدثته به، فقال مروان لم نسمع بهذا الحديث إلا من امرأة سنأخذ بالعصمة التي وجدنا الناس عليها فقالت فاطمة حين بلغها قول مروان بيني وبينكم القرآن قال الله عز وجل {لا تخرجوهن من بيوتهن ولا يخرجن إلا أن يأتين بفاحشة} حتى بلغ {لعل الله يحدث بعد ذلك أمرا} قالت هذا لمن كان له مراجعة فأي أمر يحدث بعد الثلاث (عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن) أن فاطمة بنت قيس أخبرته أنها كانت تحت أبي عمرو بن حفص بن المغيرة فطلقها آخر ثلاث تطليقات فزعمت أنها جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فاستفتته في خروجها من بيتها فأمرها أن تنتقل إلى بيت ابن مكتوم الأعمى، فأبى مروان إلا أن يتهم حديث فاطمة في

_ الانتقال لعذر وهو البذاءه على احمائها او خوفها او نحوة ذلك (قلت) يشير الى ما رواه (د جة هق) والبخارى تعليقا عن هشام بن عروة عن ابية قال عابت ذلك عائشة اشد العيب (يعنى حديث فاطمة بنت قيس) وقالت ان فاطمة كانت فى مكان وحش فخيف على ناحيتها فلذلك ارخص لها رسول اللة صلى اللة علية وسلم (والى ما رواه) (م. هق) عن هشام بن عروة عن ابية عن فاطمة بنت قيس قالت لقد قلت يا رسول اللة زوجى طلقنى ثلاثا فاخاف ان يقتحم على فامرها فتحولت (والى ما رواه) (فع دجة هق) عن عمرو بن ميمون عن ابية قالت لسعيد بن المسيب اين تعتد المطلقة ثلاثا؟ قال تعتد فى بيتها قال قلت اليس قد اقر رسول اللة صلى اللة علية وسلم فاطمة بنت قيس ان تعتد فى بيت ابن ام مكتوم؟ قال تلك المرأة التى فتت الناس انها استطاعت على احمائها بلسانها فامر رسول اللة صلى اللة علية وسلم ان تعتد فى بيت ابن ام مكتوم وكان رجلا مكفوف البصر (قال البهيقى) قد يكون العذر فى نقلها كلاهما هذا واستطالتها على احمائها جميعا فاقتصر كل واحد من ناقليهما على نقل احدهما دون الار لتعلق الحكم بكل واحد منهما على الانفراد (قال الشافعى) فعائشة ومروان وابن المسيب يعرفون ان حديث فاطمة فى ان النبى صلى اللة علية وسلم امرها ان تعت فى بيت ام مكتوم كما حدثت ويذهبون الى ان ذلك انما كان للشر ويزيد ابن المسيب استطاعتها على احمائها ويكرة لها ابن المسيب وغيرة انها كتمت فى حديثها السبب الذى امرها رسول اللة صلى اللة علية وسلم ان تعتد فى بيت زوجها خوفا ان يسمع ذلك سامع فيرى ان للبتوتة ان تعتد حيث شاءت (وقال الشافعى ايضا) سنة رسول اللة صلى اللة علية وسلم فى حديث فاطمة بنت قيس تدل على ان ما تاول ابن عباس فى قولة اللة عز وجل (الا ان يا تين بفاحشة مبينة) هو البذاء على اهل زوجها كما تاول ان شاء اللة تعالى (1) اى بالتقة والامر الصحيح القوى الذى اعتصم الناس بة وعملوا علية (2) ارادت بذلك الرد على قول مروان الذى بلغها فى منعة المتوتة من الانتقال من بيتها واستدلت علية بان الاية انما تضمنت نهى غير المبتوتة بقرينة قولة تعالى (لا تدرى لعل اللة يحدث بعد ذلك امرا) تقول اى امر يحدث بعد تمام الطلقات الثلاث بخلاف غير المبتوتة فانها بصدد ان يحدث لمطلقها امر اما بالارتجاع او باحداث النكاح واللة اعلم (تخريجة) (م نس) انظر كلام الحافظ ابن القيم فى الذب عن فاطمة بنت قيس فى القول الحسن شرح بدائع المنن ص 415 و 416 فى الجزء الثانى (3) (سنده) حدثنا

-[إتفاق العلماء على وجوب النفقة والسكنى للمعتدة الرجعية والمبتوتة الحامل]- خروج المطلقة من بيتها وزعم عروة قال فأنكرت ذلك عائشة على فاطمة (عن جابر بن عبد الله) قال طلقت خالتي فأرادت أن تجد نخلها فزجرها رجل أن تخرج فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال بلى، فجدي نخلك فإنك عسى أن تصدقي أو تفعلي معروفًا (باب النفقة والسكنى للمعتدة الرجعية والمبتوتة الحامل) (عن عامر) (يعني الشعبي) قال قدمت المدينة فأتيت فاطمة بنت قيس فحدثتني أن زوجها طلقها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية قالت فقال لي أخوه اخرجي من الدار، فقلت إن لي نفقة وسكنى حتى يحل الأجل، قال لا، قالت فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أن فلانا طلقني وإن أخاه أخرجني ومنعني السكنى والنفقة: فأرسل إليه فقال ما لك ولابنة آل قيس؟ قال يا رسول الله أخي طلقها ثلاثا جميعا، قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انظري يا ابنة آل قيس، إنما النفقة والسكنى للمرأة على زوجها ما كانت له عليها رجعة فإذا لم يكن له عليها رجعة فلا نفقة ولا سكنى اخرجي فانزلي على فلانة ثم قال إنه يتحدث انزلي على ابن أم مكتوب فإنه أعمى لا يراك ثم لا تنكحي حتى أكون أنكحك، قالت فخطبني رجل من قريش فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أستأمره فقال ألا تنكحين من هو أحب إلي منه؟ فقلت بلى يا رسول الله فأنكحني من أحببت، قالت فأنكحني أسامة بن زيد زاد في رواية

_ روح قال ابن جريح قال اخبرنى ابن شهاب عن ابى سلمة بن عبد الرحمن الخ (غريبة) (1) معناه ان مروان ابى ان يصدق خبرها فى ذلك (2) حديث عروة عن عائشة تقدم فى شرح السابق بلفظ (لقد عابت ذلك عائشة اشد العيب الخ) رواه (دجة هق) وعن عبد الرحمن بن القاسم عن ابية قال قال عروة بن الزبير لعائشة الم ترى الى فلانة بنت الحكم طلقها زوجها البتة فخرجت فقالت بئسما صنعت فقال الم تسمعى الى قول فاطمة فقالت اما انة لا خير لها فى ذكر ذلك تعنى قولها لا سكنى ولا نفقة رواه مسلم (تخريجة) (م نس جة هق) * (3) (سندة) حدثنا عبد الرزاق انا ابن جريج اخبرنى ابو الزبير انة سمع جابر بن عبد اللة يقول طلقت خالتى الخ (غريبة) (4) زاد فى رواية ابى داود ثلاثا (5) بفتح اولة وضم الجيم بعدها دال مهملة قال فى النهاية الجداد بالفتح والكسر صرام النخل وهو قطع ثمرتها (6) يحتمل ان يراد بالصدقة هنا الواجبة وهى الزكاه ويكون المراد بفعل المعروف صدقة التطوع ويحتمل صدقة التطوع ان لم يبلغ النصاب وفعل المعروف الهدية واللة اعلم (تخريجة) (م د نس جة هق) انظر احكام هذا الباب ومذاهب الائمة فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 416 و 417 فى الجزء الثانى (باب) (7) حدثنا يحيى بن سعيد قال ثنا مجالد قال ثنا عامر قال قدمت المدينة الخ (غريبة) (8) يعنى ثلاثا كما يستفاد من كل الروايات (9) هذا نص صريح فى ان المطلقة رجعيا او بينونة صغرى لها السكنى والنفقة وهذا متفق علية (10) هى ام شريك تقدم ذكرها فى الحديث الاول من الباب السابق وتقدم الكلام عليها فى الشرح (11) مبنى للمفعول اى يتحدث الناس عندها ومعناه انة يدخل عليها اخواتها من المهاجرين وسبق الكلام على ذلك فى الباب السابق فى الشرح (12) ليس هذا اخر الحديث ولة بقية طويلة جدا تضمنت قصة المسيح الدجال وسياتى الحديث بطولة في ذكر

-[قصة بريدة الأسلمي في بغض علي بن أبي طالب رضي الله عنه]- فنكحته فجعل الله لي فيه خيرا كثيرا (هذا) وتقدم في الباب السابق في حديث عبيد الله بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأذن لفاطمة بنت قيس بالنفقة إلا أن تكون حاملا (باب استبراء الأمة إذا ملكت) (عن أبي سعيد الخدري) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في سبي أوطاس لا يقع على حامل حتى تضع وغير حامل حتى تحيض حيضة (عن عبد الله بن بريدة) قال حدثني أبي بريدة قال أبغضت عليا بغضا لم يبغضه أحد قط، قال وأحببت رجلا من قريش لم أحبه إلا على بغضه عليا، قال فبعث ذلك الرجل على خيل فصحبته ما أصحبه إلا على بغضه عليا، قال فأصبنا سبيا قال فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابعث إلينا من يخمسه، قال بعث إلينا عليا وفي السبي وصيفة هي أفضل من السبي فخمس وقسم فخرج رأسه مغطى فقلنا يا أبا الحسن ما هذا؟ قال ألم تروا هذه الوصيفة التي كانت في السبي فإني قسمت وخمست فصارت في الخمس ثم صارت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثم صارت في آل علي ووقعت بها، فكتب الرجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت ابعثني

_ مكان الدجال وانة موجود من عهد النبى صلى اللة علية وسسلم من كتاب الفتن وعلامات الساعة (تخريجة) (قال الشوكانى) الحديث تفرد برفعة مجالد بن سعيد وهو ضعيف كما الخطيب فى المدرج وقد تابعة فى رفعة بعض الرواه قال فى الفتح ولكنة اضعف من مجالد وهو فى اكثرالروايات موقوف عليها والرفع زيادة بتعين قبولها كما بيناه فى غير موضع ورواية الضعيف مع الضعيف توجب الارتفاع عن درجة السقوط الى درجة الاعتبار اه (قلت) قال فى الخلاصة مجالد ضعفة ابن معين وقال ابن عدى عا عامة ما يروية غير محفوظ وقال النسائى ثقة وفى موضع اخر ليس بالقوى قال قال الفلوس مات اربع واربعين ومائة خرج لة مسلم مقرونا اه (قلت) وهذا الحديث رواه مسلم بطولة عن الشعى عن فاطمة بنت قيس فى باب خروج الدجال ومكثة فى الارض كما رواه الامام احمد الا انة ليس فى اسنادة مجالد ولا فى متنة ذكر للنفقة والسكنى وهو يدل بمنطوقة على وجوب النفقة والسكنى على الزوج للمطلقة رجعيا وهو مجمع علية ويدل بمفهومة على عدم ... وجوبهما لمن عداها الا اذا كانت حاملا كما تقدم فى الباب السابق ولعموم قولة تعالى (وان كن اولات حمل فانفقوا عليهن حتى يضعن حملهن) واللة اعلم (باب) (1) (سندة) حدثنا يحيى بن اسحاق ثنا شريك عن قيس بن وهب وابى الوداك عن ابى سعيد الخدرى الخ (غريبة) (2) قال النووى اوطاس موضع عن الطائف يصرف ولا يصرف اه وفى القاموس اوطاس واد بديار هوزان (تخريجة) (د هق ك) وصححة الحاكم واقر هـ الذهبى (3) (سندة) حدثنا يحيى بن سعيد ثنا عبد الجليل قال انتهيت الى حلقة فيها ابو مجلز (كمنبر) وابن بريدة فقال عبد اللة بن بريدة حدثنى ابى بريدة فقال عبد اللة بن بريدة حدثنى ابى بريدة (يعنى الاسلمى) قال ابغضت عليها الخ (غريبة) (4) هو خالد بن الوليد (5) يعنى لغزو اليمن (6) قال ابن هشام فى سيرتة قال ابو عمرو المدنى بعث رسول اللة صلى اللة علية وسلم على بن طالب الى اليمن وبعث خالد بن الوليد فى جند اخر وقال ان التقيتما فالامير على بن ابى طالب وجاء معنى ذلك فى رواية اخرى للامام احمد (7) قال فى النهاية الوصيف العبد والامة وصيفة وجمعها وصائف ووصفاء اه والمراد انها جارية افضل جوارى السى (8) اى من اثر ماء الغسل وفى رواية (فاصبح وقد اغتسل) وفى رواية (فخرج وراسة يقطر) (9) المراد بال على نفسة (وقولة ووقعت بها) اى وطأتها (10) أي ابعثني بالكتاب

-[مذاهب العلماء في استبراء الأمة إذا ملكت بشراء أو سبي]- فبعثني مصدقا قال فجعلت أقرأ الكتاب وأقول صدق، قال فامسك يدي والكتاب وقال أتبغض عليا؟ قال قلت نعم، قال فلا تبغضه، وإن كنت تحبه فازدد له حبا، فوالذي نفس محمد بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة قال فما كان أحد من الناس بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي من علي: قال عبد الله (يعني ابن بريدة) فوالله الذي لا إله غيره ما بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث غير أبي بريدة

_ (وقوله مصدقا) اى شاهدا على صدق ما فى الكتاب فجاء بريدة بالكتاب وجعل يقرؤة على النبى صلى اللة علية سلم ويقول صدق فأمسك النبى صلى اللة علية وسلم يدة والكتاب وقال اتبغض عليا؟ الخ (1) معناه ان عليا رضى اللة عنة يستحق فى الخمس اكثر وافضل من هذة الوصيفة وما كان لكم ان تشتوا بة من اجل ذلك وفية منقبة عظيمة لعلى رضى اللة عنة ومنقبة لبريدة لمصير على احب الناس الية وقد صح انة لا يحبة الا مؤمن ولا يبغضة الامنافق كما رواه الاماما احمد ومسلم (تخريجة) (خ) مختصرا واخرج البخارى عن ابن عمر اذا وهبت الوليدة او بيعت او اعتقت فلتستبرا بحيضة ولا تستبرأ العذراء وروى عبد الرزاق عن ابن عمر ايضا انة قال اذا كانت الامة عذراء لم يستبرئها ان شاء وفى الباب احاديث كثيرة تقدمت فى باب النهى عن قتل الاسير اذا لم يحتلم الخ من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر فى صحيفة 105 و 106 فارجع الية وفى حديث ابى سعيد المذكور هنا اول الباب دلالة على انة يحرم على الرجل ان يطأ الامة المسيبة اذا كانت حاملا حتى تضع واذا كانت غير حامل ومن ذرات الحيض حتى تستبرأ بحيضة والى ذلك ذهب الشافعية والحنفية والثورى والنخعى ومالك واحمد وظاهر قولة (وغير حامل) انة يجب الاستبراء للبكر ويؤيدة القياس على العدة فانها تجب مع العلم ببراءة الرحم واتفقوا على ان من لا تحيض لصغر او كبر تستبرأ بشهر وذهب جماعة من اهل العلم الى ان الاستبرء انما يجب فى حق مز لم تعلم براءءة رحمها واما من علمت براءه رحمها فلا استبراء فى حقها عملا بالاثر المروى عن ابن عمر ورواه البخارى وتقدم فى الشرح قال الشوكانى ومن القائلين بان الاستبراء انما هو للعلم ببراءه الرحم فحيث تعلم البراءه لا يجب وحيث لا يعلم ولا يظن يجب ابو العباس بن سريج وابو العباس ابن تيمية وابن القيم ورجحة جماعة من المتاخرين منهم الجلال والبقلى والمغربى والامير وهو الحق لان العلة معقولة فاذا لم توجد مئنة كالحمل ولا مظنة كامرأه المزوجة فلا وجة لايجاب الاستبراء والقول بان االاستبراء تعبدى وانة يجب فى حق الصغيرة وكذا فى حق البكر والايسة ليس علية دليل اه (قلت) وفى الاثر الذى الذى رواه البارى عن ابن عمر انة قال: (ازا وهبت الوليدة او بيعت او اعتقت فلتستبرأ بحيضة ولا تستبرأ العذرا) فية دلالة على استبراء المشراه التى هى حامل او التى جوز حملها الادلة الواردة فى المسيبة لان العلة واحدة واما العذراء والصغيرة فليسا ممن يصدق علية تلك العلة وعلية يحمل ما جاء فى حديث يريدة الثانى من باب الاول فى قصة على رضى اللة عنة من اصطفائة وصيفة فاصبح وقداغتسل ثم بلغ ذلك النبى صلى اللة علية وسلم فلم ينكرة بل قال: (والذى نفس محمد بيدة لنصيب ال على فى الخمس افضل من وصيفة) يحمل على انها كانت صغيرة او بكرا او كان مضى عليها من بعد السى مقدار مدة الاستبراء لانها قد دخلت فى مالك المسلمين فى وقت السى والمصير الى هذا متعين للجمع بين الادلة والله أعلم

كتاب النفقات

-[وجوب النفقة للزوجة وفضل من أداها ووعيد من أهملها]- (45) (كتاب النفقات) (بب وجوب نفقة الزوجة باعتبار حال الزوج وأنها مقدمة على الأقارب وثواب الزوج عليها) (عن وهب بن جابر) قال إن مولى لعبد الله بن عمرو بن العاص قال له إني أريد أن أقيم هذا الشهر ها هنا ببيت المقدس فقال له تركت لأهلك ما يقوتهم هذا الشهر؟ قال لا، قال فارجع إلى أهلك فاترك لهم مايقوتهم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كفى بالمرء إثما أن يضيع من يقوت (عن أبي هريرة) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دينار أنفقته في سبيل الله عز وجل ودينار في المساكين ودينار في رقبة ودينار في أهلك أعظمها أجرا الدينار الذي أنفقته على أهلك (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصدقوا، قال رجل عندي دينار، قال تصدق به على نفسك، قال عندي دينار آخر، قال تصدق به على زوجك، قال عندي دينار آخر، قال تصدق به على ولدك الحديث (عن معاوية بن حيدة) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سأله رجل ما حق المرأة على الزوج؟ قال تطعمها إذا طعمت وتكسوها إذا اكتسيت، ولا تضرب الوجه ولا تقبح ولا تهجر إلا في البيت (عن عامر بن سعد عن أبيه) أن النبي صلى الله عليه وسلم

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن ابى اسحاق سمعت وخب بن جابر يقول ان مولى لعبد اللة بن عمرو الخ (غريبة) (2) يعنى شهر رمضان كما صرح بذلك فى بعض الروايات (3) هذا صريح فى وجوب نفقة من يقوت لتعليق الائم على تركة (تخريجة) (د ك هق) وصححة الحاكم واقرة الذهبى (4) (سندة) حدثنا يحيى عن سفيلن عن مزاحم بن زفر عن مجاهد عن ابى هريرة الخ (غريبة) (5) اى من مواطن الغزو (6) اى تصدق بة على الساكين وجاء فى رواية ودينار تصدقت بة على مسكين والمراد بة ما يشمل الفقير لانهما اذا افترقا اجتمعا واذا اجتمعا افترقا (7) اى فى اعتاقها كما اذا اشترى عبدا ليعتقة او اعان مكاتبا فى كتابة ونحو ذلك (8) يعنى على مؤنة من تلزمك مونتة (9) هذا يفيد ان النفقة على الاهل وان كانت واجبة فهى اكثر الكل ثوابا واستدل بة على ان فرض العين افضل من الكفاية: لان النفقة على الاهل التى هى فرض عين افضل من النفقة فى سبيل اللة وهو جهاد الذى هو فرض كفاية واللة اعلم (تخريجة) (م وغيرة) (10) هذا الحديث تقدم تاما بسندة وتخريجة فى باب الصدقة على الزوج والاقارب الخ من ابواب صدقة التطوع فى كتاب الزكاه فى الجزء التاسع صحيفة 191 رقم 240 وانما ذكرتة هنا لكونة يفيد ان نفقة الزوجة مقدمة على غيرها من الاولاد والاقارب (11) وهذا الحديث ايضا تقدم بسندة وشرحة وتخريجة فى باب حق الزوجة على الزوج من كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر صحيفة 231 رقم 258 ورواه ايضا ابو داود بلفظ (اطعموهن مما تأكلون واكسوهن مما تكسون ولا تضربوهن ولا تقبحوهن) ويستفاد منة انة يجب على الزوج ان يطعم زوجتة مما ياكل ويكسوها مما يكتسى ولهذه المناسبة ذكرتة هنا واللة الموفق (12) (سندة) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن سعد بن ابراهيم عن عامر بن سعد

-[جواز إنفاق المرأة من مال زوجها بغير علمه إذا كان قادرا ومنعها الكفاية]- قال له مهما أنفقت على أهلك من نفقة فإنك تؤجر فيها حتى اللقمة ترفعها إلى في امرأتك. (عن أبي مسعود الأنصاري) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن المسلم إذا أنفق على أهله نفقة وهو يحتسبها كانت له صدقة (باب جواز إنفاق المرأة من مال زوجها بغير علمه إذا منعها الكفاية (عن عروة عن عائشة) قالت جاءت هند إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ما كان على ظهر الأرض خباء أحب إلي أن يذلهم الله عز وجل من أهل خبائك وما على ظهر الأرض اليوم أهل خباء أحب إلى أن يعزهم الله عز وجل من أهل خبائك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيضا والذي نفسي بيده، ثم قالت يا رسول الله إن أبا سفيان رجل ممسك فهل علي حرج

_ عن أبيه يعني (سعد بن ابى وقاص) ان النبى صلى اللة علية وسلم قال الخ (غريبة) (1) زاد فى رواية (تبتغى بها وجة اللة) وفية ان المباح اذا قصد بة وجة اللة صار طاعة ويثاب علية وقد نبة علية بأخس الحظوظ الدنيوية التى تكون فى العادة عند الملاعبة وهو وضع اللقمة فى فم الزوجة فاذا قصد بأبعد الاشياء عن الطاعة وجة اللة ويحصل بة الاجر فغيرة بالطريق الاولى (تخريجة) (ق. والاربعة) وقد جاء هذا الحديث من طريق اخرى بأ"ول من هذا وفية قصة مرض سعد ووصيتة وتقدم فى كتاب الوصايا فارجع الية (2) (سندة) حدثنا عفان ثنا شعبة قال عدى بن ثابت اخبرنى قال سمعت عبداللة بن يزيد يحدث عن ابى مسعود قلت عن النبى صلى اللة علية وسلم؟ قال عن النبى صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) (ق. مذ نس) هذا وتقدم احاديث كثيرة فى الحث على الصدقة وفضلها فى ابواب صدقة التطوع من كتاب الزكاه فى الجزء التاسع اما احكام هذا الباب ومذاهب الائمة فى ذلك فقد بسطتها فى كتابى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 418 و 419 و 420 فى الجزءالثانى فارجع الية ترى ما يسرك واللللة الموفق (باب) (3) (سندة) حدثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر الزهرى عن عروة عن عائشة الخ (غريبة) (4) قال الحافظ فى رواية هشام عن عروة عند البخارى هند بالصرف وفى اليونينية الوجهين وفى رواية الزهرى عن عروة فى المظالم بغير صرف اه وهند هذة بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس ابن عبد مناف ام معاوية بن ابى سفيان (5) انما قالت ذلك مبالغة فى بغض النبى صلى اللة علية وسلم وال بيتة لان اباها عتبة وعمها شيبة واخاها الوليد قتلوا يوم بدر فشق عليها ذلك فلما كان يوم احد وقتل حمزة فرحت بذلك وعمدت الى بطنة فشقتها واخذت كبدة فلاكتها ثم لفظتها فلما كان يوم الفتح ودخل ابو سفيان مكة مسلما غضبت هند لاجل الامة واخذت بلحيتة ثم انها بعد استقرارة صلى اللة علية وسلم بمكة اسلمت وبايعت وحسن اسلامها فتبدل بغضها للنبى صلى اللة علية وسلم وال بيتة حبا ولذلك قالت وما على ظهر الارض اليوم خباء احب الى ان يعزهم اللة عز وجل من اهل خبائك (6) الظاهر ان قولة صلى اللة علية وسلم وايضا الخ اى كنا لكم كذلك اى نبغضكم قبل الاسلام ونحكم بعدة واللة اعلم (7) اسمة صخر بن حرب بن امية ابن عبد شمس بن عبد مناف يجتمع مع النبى صلى اللة علية وسلم فى عبد مناف وكذلك زوجتة هند (8) اى بيل وجاء فى رواية للبخارى والامام وستاتى فى الطرق الثانية (شحيح) بدل (مسيك وممسك) ومعنى الشح البخل مع الحرص فالشح اعم من البخل لان البخل يختص بمنع المال والشح بكل شيء وقيل

-[ثواب من تصدقت من مال زوجها بعلمه غير مفسدة]- أن أنفق على عياله من ماله بغير إذنه؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حرج عليك أن تنفي عليهم بالمعروف (ومن طريق ثان عن عائشة أيضا) أن هندا بنت عتبة قالت يارسول الله إن أبا سفيان رجل شحيح وإنه لا يعطيني وولدي ما يكفينا إلا ما أخذت من ماله وهو لا يعلم: قال خذي ما يكفيك وولدك بالمعروف (باب ثواب من أنفقت من بنت زوجها غير مفسدة ووعيد من أفسدت) (حدثنا أبو معاوية) وابن نمير قالا ثنا الأعمش عن شقيق عن مسروق عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنفقت وقال ابن نمير إذا أطعمت المرأة من بيت زوجها وقال أبو معاوية إذا أنفقت المرأة من بيت زوجها غير مفسدة كان لها أجرها وله مثل ذلك بما كسب ولها بما أنفقت وللخازن مثل ذلك قال أبو معاوية من غير أن ينقص من أجورهم شيء

_ الشح لازم كالطبع والبخل غير لازم واللة اعلم (1) معنى عدم الحرح الاباحة والمراد بالمعروف القدر الذى عرف بالمادة انة الكفاية قال القرطىةهذة الاباحة وان كانت مطلقة لفظا فهى مقيدة معنى كانة قال ان صح ما ذكرت واللة اعلم (2) (سنده) حدثنا يحيى ووكيع عن هشام عن ابية قاليحيى قال ابرنى ابى عن عائشة ان هندا بنت عتبة الخ (تخريجة) (ق فع نس د جة هق) انظر احكام هذا الباب وما ذهب الية العلماء فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 421 فى الجزء الثانى (باب) (3) (حدثنا ابو معاوية الخ) (غريبة) (4) جاء فى رواية للترمذى (اذا تصدقت) ولة فى ارى (اذا اعطيت) وكلها بمعنى واحد وهو الصدقة (5) نصب على الحلال اى حال كونها غير مسرفة فى التصدق وهذا محمول على اذن الزوج لها بذلك صريحا او دلالة وقيل هذا جاء على عادة اهل الحجاز فان عادتهم ان يأذنوا لزوجاتهم وخدمهم بان يضيفوا الاضياف ويطعموا السائل والمسكين والجيران فحرض رسول اللة صلى اللة علية وسلم امتة على هذة العادة الحسنة والخصلة المستحسنة كذا فى الرقاه (6) اى بما انفقت (ولة) اى للزوج مثل اجرها بسبب كسبة وتحصيلة (7) اى الذى كانت النفقة بيدة (مثل ذلك) اى مثل اجر احدهما وظاهرة انهم سواء فى الاجر واشار الى ذلك القاضى عياض وعللة بان الاجر فضل من اللة يؤتية من يشاء ولا يدرك بقياس ولا هو بحسب الاعمال بل ذلك فضل اللة يؤتية من يشاء (وقال النووى) معنى الحديث ان المشارك فى الطاعة مشارك فى الاجر ومعنى المشاركة ان لة اجرا كما لصاحبة اجر وليس معناه ان يزاحمة فى اجرة والمراد المشاركة فى اصل الثواب فيكون لهذا ثواب ولهذا ثواب وان كان احدهما اكثر ولا يلزم ان يكون مقدار ثوابها سواء بل قد يكون ثواب هذا اكثر وقد يكون عكسة فاذا اعطى المالك لخازنة او امراتة او غيرهما مائة درهم او نحوها ليوصلها الى مستق الصدقة على باب دارة او نحوة فاجر المالك اكثر وان اعطاه رمانة او رغيفا او نحوهما مما ليس لة كثير قيمة ليذهب بة الى محتاج فى مسافة بعيدة بحيث يقابل مشى الذاهب الية باجرة تزيد على الرمانة والرغيف فاجر الوكيل اكثر وقد يكون عملة قدر الرغيف مثلا فيكون مقدار الاجر سواء قال وهذا هو المختار (8) معناه ان اجر الزوج لا ينقص اجر الزوجة: واجر الزوجة لا ينقص الخازن بل لكل اجرة كاملا وهذا من فضل اللة عز وجل (تخريجة) (ق. مذ

-[وعيد من ادعت أن زوجها يعطيها كل ما تطلب كذبا تريد الافتخار على غيرها]- (عن أسماء بنت أبي بكر) قالت جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم امرأة فقالت يا رسول الله إني على ضرة فهل علي جناح أن أتشبع من زوجي بما لم يعطني (وفي رواية بغير الذي يعطيني) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبع بما لم يعط كلابس ثوبي زور (عن سلمى بنت قيس) وكانت إحدى خالات رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلت معه القبلتين وكانت إحدى نساء بني عدي بن النجار قالت جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته في نسوة من الأنصار، فلما شرط علينا أن لا نشرك بالله شيئًا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولانأتي ببهان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه في معروف قال ولا تغششن أزواجكن: قالت فبايعناه ثم انصرفنا فقلت لامرأة منهن ارجعي فاسألي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غش أزواجنا؟ قالت فسألته فقال تأخذ ماله فتحابي به غيره

_ وغيرهم) (1) (سنده) حدثنا ابو معاوية قال ثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن اسماء بنت ابى بكر الخ (غريبة) (2) هذه المرأه هى اسماء بنت ابى بكر رضى اللة عنهما ولم ترد ذكر اسمها لحاجة فى نفسها (3) هى ام كلثوم بنت عقبة بن ابى معيط (وقولها فهل على جناح) اى اثم (ان اتشبع) قال فى النهاية المتشبع المتكثر باكثر مما عندة يتجمل بذلك كالذى يرى انة شبعان وليس كذلك ومن فعلة فانما يسخر من نفسة وهو من افعال ذوى الزور بل هو فى نفسة زور اى كذب (قلت) مثل هذا يحصل فى زماننا فى كثير من النساء تقول المرأة لضرتها او جارتها الفقيرة زوجى كسانى بكذا من الحرير ونحوة وحلانى بكذا من الذهب او الفضة او نحو ذلك كذبا وزورا تقصد الفر والرياء وهذا لا يجوز لو كان صدقا فما بالك اذا كان كذبا ووزورا ففية افساد بين الضرة او الجارة وزوجها وكذبت ممقوت تستحق علية اللعنة (4) هو الزبير بن العوام رضى اللة عنة كذا سمى الحافظ المرأة وضرتها فى مقدمة فتح البارى لكنة قال فى الفتح لم اقف على تعين هذة المرأة ولا على تعيين زوجها ولعلة وقف على ذلك عند عملة المقدمة واللة اعلم (5) شبة فاعل ذلك ممن لبس ثوبين (باعتبار الرداء والازور لانهما لبسا من اجلة وعبر بثوبين لان فاعل ذلك ارتكب اثمين الافساد والكذب واراد صلى اللة علية سلم عن امة سلمى بنت قيس الخ (غريبة) (7) ليس المراد انها هى خالتة من جهة ابية لانها من بنى النجار كما صرح بذلك فى الحديث (وبنو النجار اخوال ابية صلى اللة علية وسلم (8) اى لا ياتين بولد ملقوط بنسبة الى الزوج ووصف بصفة الولد الحقيقى فان الام اذا وضعت سقط بين يديها ورجليها (9) هو ما وافق طاعة اللة عز وجل كترك النياحة وتمزيق الثياب وجز الشعور وشق الجيب وخمش الوجة ونحو ذلك (10) اى تهادى بة غيرة وتعطية ايا هـ اخوذ من حيوتة اذا اعطيتة يقال حباه بكذا او بكذا اذا اعطاه والحباء العطية (تخريجة) أخرجه ابن إسحاق

-[جواز الفرقة بين الرجل وامرأته للإعسار بالنفقة إذا طلبت ذلك]- (باب إثبات الفرقة للمرأة إذا تعذرت النفقة على زوجها بإعسار ونحوه) (عن أبي هريرة) عن النبي صلى الله عليه سولم قال خير الصدقة ما كان منها عن ظهر غني واليد العليا خير من اليد السفلى وابدأ بمن تعول فقيل ومن أعول يا رسول الله؟ قال امرأتك ممن تعول تقول أطعمني وإلا فارقني (وفي لفظ أو طلقني) وجاريتك تقول أطعمني واستعملني، وولدك يقول إلى من تتركني (باب النفقة على الأقارب ومن يقدم منهم؟ وعلى ما ملكت يمينه) (عن بهز بن حكيم بن معاوية) عن أبيه عن جده قال قلت يا رسول الله من أبر؟ قال أمك قلت ثم من؟ قال

_ في المغازي وابن سعد وابن مندة وابو نعيم وسندة جيد (باب) (1) (سندة) حدثنا عبد اللة بن يزيد ثنا سعيد حدثنى ابن عجلان عن زيد بن اسلم عن ابى صالح عن ابى هريرة الخ (غريبة) (2) جاء هذا الحديث عن ابى هريرة من وجة اخر متصرا الى قولة وابدا بمن تعول وجاء كذلك عند الشيين وتقدم فى باب ماجاء فى اليد العليا واليد السفلى من كتاب الزكاه فى الجزء التاسع صحيفة 99 مع شرحة وتقدم معة احاديث كثيرة فى هذا المعنى وزاد فى رواية ارى لللامام احمد بعد قولة وابدا بمن تعول قال (يعنى الراوى) سئل ابو هريرة مامن تعول؟ قال امرأتك تقول اطمعنى او انفق على شك ابو عامر او طلقنى وخادمك يقول اطعمنى واستعملنى وابنتك تقول الى من تذرنى والظاهر ان القائل سئل ابو هريرة هو ابن صالح راوى الحديث عن ابى هريرة مامن تعول؟ قال امرأتك تقول اطعمنى الى اخر الحديث من قال ابى هريرة لا من قول النبى صلى اللة علية وسلم لكن جاء فى الحديث الباب انها مرفوعة الى النبى حيث قال ومن اعول يا رسول اللة؟ قال امراتك ممن تعولت تقول اطعمنى الخ ولا منافاه فى ذلك لانا نقول انة وقع الاستفهام عن هذة الجملة ممن سمع الحديث من ابى هريرة كما وقع ممن سمعها من النبى صلى اللة علية وسلم فتكون مرفوعة وان ابا هريرة اجاب السائل عنها كما اجاب النبى صلى اللة علية وسلم عنها واللة اعلم (تخريجة) اوردة صاحب المنتقى وقال رواه احمد والدارقطنى باسنادة صحيح وقال الشوكانى حسن الحافظ اسنادة وهو من رواية عاصم عن ابى صالح عن ابى هريرة وفى حفظ عاصم مقال اه (قلت) رواية الامام احمد ليس فيها عاصم المشار الية بل رواه الامام احمد من طريق صاحب المنتقى واللة اعلم (وفى باب) عن ابن عمر بن الطاب كتب الى امراء الاجناد فى رجال غابو عن نسائهم فامرهم بان ياخذونهم بان ينفقوا او يطلقوا فان طلقوا بعثوا بنفقة ما حبسوا (وعن ابن الزناد) قال سألت سعيد بن المسيب عن الرجل لا يجد ما ينفق على امرأتة قال يفرق بينهما قال ابو الزناد قلت سنة؟ قال سعيد سنة قال الشافعى رحمة اللة والذى يشبة قول سعيد سنة ان يكون سنة عن النبى صلى اللة علية وسلم رواهما الامام الشافعى فى مسندة وذكرتهما فى كتابى بدائع المنن وتكلمت عليهما فى القول الحسن شرح بدائع المنن وذكرت مذاهب الائمة فى ذلك صحيفة 420 فى الجزء الثانى فارجع الية واللة الموفق (باب) (3 (سندة) حدثنا يزيد بن بهز بن حكيم بن معاوية الخ (غريبة) (4) هو معاوية بن حيدة بوزن سجدة (5) بنصب الميم فى الثلاثة اى بر امك وهو يفيد تقديم الام فى البر على الاب وكررة للتاكيد او اشعارا بان لها ثلاثة امثال ماللاب فى البر لما تكابدة وتعانية من المشاق

-[فضل النفقة على الأقارب وتقديم الأقرب فالأقرب خصوصًا الأم ثم الأب]- أمك، قال قلت يا رسول الله ثم من؟ قال أمك، قال قلت ثم من؟ قال ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب (عن رجل من بني يربوع) قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته وهو يكلم الناس يقول يد المعطي العليا أمك وأباك وأختك وأخاك ثم أدناك فأدناك قال فقال رجل يا رسول الله هؤلاء بنو ثعلبة بن يربوع الذين أصابوا فلانا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تجني نفس على أخرى (وعن أبي رمثة) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن المقدام بن معد يكرب) الكندي عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل يوصيكم بأمهاتكم إن الله يوصيكم بآبائكم إن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب (عن أبي هريرة) قال قال رجل يا رسول الله أي الناس أحق مني بحسن الصحبة؟ قال أمك، قال ثم من؟ قال ثم أمك، قال ثم من؟ قال ثم أمك، قال ثم من؟ قال أبوك (حدثنا أيوب) عن أبي قلاية عن أبي أسماء عن ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفضل

_ والمتاعب في الحمل والفصال فى تلك المدة المتطاول فهو ايجاب للتوصية بالوالدة لحقها كيف وبطنها لة وعاء وحجرها لة حواء وثديها له سقاء (1) نصب بفعل محذوف اى ثم باك فهو بعد الام (2) اى كالاخوة والاوات فالمحارم من ذوى الارحام وهكذا (تخريجة) (د مذ ك) وقال الترمذى حسن صحيح وحسنة ايضا ابو داود وروى نحوة (م حم جة) عن ابى هريرة وسياتى (3) (سندة) حدثنا يونس قال ثنا ابو عوانة عن الاشعث بن سليم عن ابية عن رجل من بنى يربوع الخ (قلت) لم اقف على اسم هذا الرجل قال فى القاموس يربوع بن حنظلة بن مالك ابو حى بن تميم منهم متمم بن نويرة الصحابى اه (قلت) يحتمل ان يكون هذا الرجل متمم بن نويرة او اخاه فقد نسبههما الحافظ فى الاصاية الى ثعلبة بن يربوع التميمى (غريبة) 4) قال الخطابى قد يتوهم كثير من الناس ان معنى العايا هو ان يد المعطى مستعلية فوق يد الاخذ يجعلونة من علو الشئ الى فوق قال وليس ذلك عندى بالوجة وانما هو من علو المجد والكرم يريد بة الترفع عن المساألة والتعفف عنها (5) الاخت والاخ بمنزلة واحدة فى الرتبة فيقدم الاحوج منهما (6) اى الاقرب كما تقدم فى الحديث السابق (7) اى اقارب القاتل وليس القاتل معهم وانما نسب القتل اليهم لكونهم اقارب القاتل معهم وانما نسب القتل اليهم لكونهم اقارب القاتل وكانة يحث النبى صلى اللة علية وسلم على الاخذ بالثار منهم فقال النبى صلى اللة علية وسلم (لا تجنى نفس على اخرى) اى لا يؤخذ احد بذنب احد فى عقوبة ولا ضمان واللة اعلم (تخريجة) (طل) ورجالة ثقات (8) هذا الحديث تقدم بسندة وشرحة وتخريجة فى باب لا يؤخذ المرء بجناية غيرة من كتاب القتل والجنايات فى الجزء السادس عشر رقم 159 صحيفة 60 وهو حديث صحيح رواه النسائى وغيرة (9) (سندة) حدثنا خلف بن الوليد قال ثنا ابن عياش عن يحيى بن سعد عن خالد ابن معدان عن المقدام بن معد يكرب ال (تخريجة) (هق) بسند حسن واخرجة (خ) فى الادب المفرد و (حب ك) وصححاه بلفظ ان اللة يوصيكم بامهاتكم ثم يوصيكم بامهاتكم ثم يوصيكم بالاقرب فالاقرب (10) (سندة) (ق. وغيرهما) (11) (سندة) حدثنا عفان ثنا حماد بن زيد املاة علينا ثنا أيوب

-[فضل النفقة على الأولاد- وفي سبيل الله عز وجل]- دينار دينار ينفقها الرجل على عياله ودينار ينفقه على دابته في سبيل الله قال ثم قال أبو قلابة من قبله برا بالعيال قال وأي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عياله صغارا يعفهم الله به (وعنه من طريق ثان) عن أبي قلابة عن أبي أسماء عن ثوبان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل دينار ينفقه الرجل على عياله ثم على نفسه ثم في سبيل الله ثم على أصحابه في سبيل الله قال أبو قلاية فيبدأ بالعيال، وقال سليمان بن حرب ولم يرفعه دينار أنفقه الرجل على دابته في سبيل الله (عن أبي هريرة) أنه سمع أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل يقول يا ابن آدم إن تعط الفضل فهو خير لك، وإن تمسكه فهو شر لك وابدأ بمن تعول ولا يلوم الله على الكفاف واليد العليا خير من اليد السفلى (أبواب الحضانة)

_ عن أبي قلابة الخ (غريبة) (1) اى اكثر ثوابا (2) اى من بعولة وتلزمة مؤنتة من نحو ولد وزوجة وخادم (3) اى التى اعدها للغزو عليها من علف ونحوة وزاد مسلم فى روايتة (ودينار ينفقة على اصحابة فى سبيل اللة) وسياتى هذة الزيارة فى الطريق الثانية (4) هكذا بالاصل (ثم قال ابو قلابة من قبلة برا بالعيال) والذى فى رواية مسلم (قال ابو قلابة وبدا بالعيال) وجاء نحوة فى الطريق الثانية من حديث الباب هو الاظهر وانما قدم العيال لان نفقتهم اهم ما يجب علية تقديمة ثم دابة الجهاد لمزيد فضل الفقة عليها وقد تقدم فضل ذلك فى كتاب الجهاد (5) هذة الجملة وهى قولة (واى رجل اعظم اجرا الى اخر الحديثث) من كلام ابى قلابة (6) (سندة) حدثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا حماد يعنى ابن زيد عن ايون عن ابى قلابة الخ (7) هذا يفيد انة يقدم عيالة على نفسة وجاء فى بعض الروايات انة يقدم نفسة على عيالة وهو محمول على ما اذا لم يملك الا قوت نفسة فيقدمها على غيرها (8) اى كسلاح ودراب ونحوة ذلك (9) اى اصحابة الغزاه فى سبيل اللة المحتاجين للنفقة لان النفقة عليهم اهم ما ينفق فى الجهاد واعظمة اجرا (10) اى فى رواية اخرى غير حديث الباب لم يرفعها الى النبى صلى اللة علية وسلم بل قولها من قبل نفسة وهى قول (دينار انفقة رجل الخ) وهو خبر لمبتدأ محذوف تقديرة افضل دينار دينار انفقة رجل على دابتة فى سبيل اللة وتقدم فى هذا المعنى احاديث كثيرة صحيحة مرفوعة فى باب ماجاء فى اكرام الخيل وعلقها الخ من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر صحيفة 136 و 137 و 138 (تخريجة) (م. مذ. نس. جة) وصححة الترمذى (11) (سندة) حدثنا زيد بن يحيى الدمشقى ثنا عبد اللة بن العلاء بن زبر (كجبر) قال سمعت القاسم مولى يزيد حدثنى ابو هريرة انة سمع النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (12) اى ان تصدقت بما فضل عن حاجتك وحاجة عيالك (فهو خير لك) لبقاء ثوابة (وان تمسكة فهو شر لك) اى لانة ان امسك عن الواجب استحق العقاب وان امسك عن المندوب فقد نقص ثوابة وفوت مصلحة نفسة فى اخرتة وهذا كلة شر (13) الكفاف هو القدر الذى يحتاج الية فلا لوم على صاحبة اذا لم يتصدق منة لاحتياجة الية ولذا قال وابدا بمن تعول (14) تقدم معنة اليد العليا واليد السفلى غير مرة (تخريجة) لم اقف علية من حديث ابى هريرة لغير الامام احمد واخرجة مسلم بلفظة من حديث ابى امامة فمتنة صحيح (وفى الباب) عن خيثمة قال كنا جلوسا مع

-[الأم أولى بالحضانة ما لم تتزوج- وتخيير الطفل إذا كان مميزا]- (باب الأم أولى بحضانة ولدها ما لم تتزوج) (عن عبد الله بن عمرو) أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن ابني هذا كان بطني له وعاء وحجري له حواء وثديي له سقاء وزعم أبوه أنه ينزعه مني قال أنت أحق به ما لم تنكحي (باب الاستهام على الطفل وتخييره إذا كان مميزا عند تنازع أبويه على حضانته) (عن أبي هريرة) جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد طلقها زوجها فأرادت أن تأخذ ولدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم استهما فيه فقال الرجل من يحول بيني وبين ابني؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للابن (وفي لفظ يا غلام هذا أبوك وهذه أمك) اختر أيهما شئت: فاختار أمه فذهبت به (عن عبد الحميد بن جعفر) أخبرني أبي عن جدي رافع بن سنان أنه أسلم وأبت امرأته أن تسلم فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت ابنتي وهي فطيم أو شبهه وقال رافع ابنتي، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اقعد ناحية، وقال لها اقعدي ناحية فأقعد الصبية بينهما ثم قال ادعواها فمالت إلى أمها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم اهدها فمالت إلى أبيها فأخذها

_ عبد الله بن عمرو اذا جاء قهر ماز فدخل فقال اعطيت الرقيق قوتهم؟ قال لا: قال فانطلق فاعطهم قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم كفى بالمرء اثما ان يحبس عمن يملك قوتة رواه مسلم (والقهرمان) بفتح القاف واسكان الهاء وفتح الراء هو الازن القائم بحوائج الانسان وهو بمعنى الوكيل وهو بلسان الفرس قالة النووى (باب) (1) (سندة) حدثنا روح ثنا ابن جريح عن عمرو بن شعيب عن ابية عن عبد اللة ابن عمرو ال (غريبة) (2) بكسر الواو والمد وهو الظرف (3) بكسر الحاء المهملة والمد اسم لكل شئ يحوى غيرة اى بحمعة (4) بكسر المهملة والمد اى يسقى منة اللبن زاد عند ابى داود والبيهقى (وان اباه طلقنى) والمراد الام بذلك انها احق بة لاختصاصها بهذة الاوصاف دون الاب (تخريجة) (د. هق. ك) وصححة الحاكم واقرة الذهبى الخ (غريبة) (6) فية دلالة على ان القرعة طريق شرعية عند تساوى الامرين وانة يجوز الرجوع اليها كما يجوز الى التخيير وقد قيل انة يقدم التخيير عليها وليس فى هذا الحديث ما يدل على ذلك بل ربما دل على عكسة لان النبى صلى اللة علية وسلم امرها اولا بالاستفهام ثم لما لم يفعلا خير الغلام وقد قيل ان التخيير اولى لاتفاق الفاظ الاحاديث علية وعمل اللفاء الراشدين بة: وتقدم الكلام على القرعة ومن قال بها فى باب الضر كاء يطئون الامة فى طهر واحد الخ من كتاب اللعان صحيفة 39 من هذا الجزء (7) احتج بة القائلون بتخيير الغلام اذا تنازع فية والداه وقد ذكرتهم فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 422 فى الجزء التانى (تخريجة) (هق. حب. ش) والاربعة وصححة الترمذى وابن حبان القطان 8) (سندة) حدثنا على بن بحر ثنا عيسى بن يونس ثنا عبد الحميد بن جعفر ال (غريبة) (9) من انكر تخيير الولد يرى انة مخصوص ضرورة لان الصغير لا يهتدى بنفسة الى الصواب والهداية من اللة تعالى للصواب لغير هذه الواقعة غير لازمة فقد وفقت للصواب والير بدعاتة صلى الللة علية وسلم وانما دعا لها النبىصلى اللة علية وسلم خشية ان تختار امها الكافرة وقد ذهب جمهور العلماء الى انة لاحضانة للكافرة على ولدها المسلم وخالفهم أبو حنيفة

كتاب الأطعمة

-[الأم أحق بحضانة ولدها ما لم تتزوج ثم الجدة ثم الخالة]- (باب من أحق بحضانة الطفل بعد الأم) (عن علي رضي الله عنه) قال خرجنا من مكة فتبعتنا ابنة حمزة تنادي يا عم ويا عم، قال فتناولتها بيدها فدفعتها إلى فاطمة، فقلت دونك ابنة عمك، قال فلما قدمنا المدينة اختصمنا فيها أنا وجعفر وزيد بن حارثة، فقال جعفر ابنة عمي وخالتها عندي (يعني أسماء بنت عميس) وقال زيد ابنة أخي، وقلت أنا أخذتها وهي ابنة عمي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما أنت يا جعفر فأشبهت خلقي وخلقي، وأما أنت يا علي فمني وأنا منك، وأما أنت يا زيد فأمونا ومولانا، والجارية عند خالتها والخالة والدة، قلت يا رسول الله ألا تزوجها، قال إنها ابنة أخي من الرضاعة (عن ابن عباس) قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة خرج علي بابنة حمزة فاختصم فيها علي وجعفر وزيد إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال علي ابنة عمي وأنا أخرجتها، وقال جعفر ابنة عمي وخالتها عندي، وقال زيد ابنة أخي، وكان زيد مؤاخيا لحمزة، آخى بينهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيد أنت مولاي ومولاها وقال لعلي أنت أخي وصاحبي، وقال لجعفر أشبهت خلقي وخلقي هي إلى خالتها. (46) (كتاب الأطعمة) (باب في أن الأصل في الأعيان والأشياء الإباحة إلى أن يرد مشع أو إلزام) (عن عامر بن سعد بن أبي وقاص) عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أكبر المسلمين

_ وأصحابه وابن القاسم وابو ثور (تخريجة) (نس جة قط هق ك) وصححا الحاكم وغيرة واقره الذهبى انظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 422 فى الجزء الثانى (باب) (1) (سندة) حدثنا يحيى بن ادم ثنا اسرائيل عن ابى اسحاق هانى بن هانى وزهير بن يريم (بياء) تحتية بوزن عظيم عن على الخ (غريبة) (2) جاء بيان دلك عند البيهقى من طريق ابى اسحاق ايضا عن البراء بن عازب قال افام رسول اللة صلى اللة علية وسلم بمكة ثلاثة ايام فى عمرة القضاء فلما كان اليوم الثالث قالوا لعلى بن ابى طالب رضى اللة عنة ان هذا اخر يوم شرط صاحبك فليخرج فحدثة بذلك فقال نعم فخرج ثم ذكر الحديث (3) يعنى ابنة اخى فى اللة لا يقصد اخوة النسب كما سياتى فى الحديث التالى (4) فية دلالة على ان الخالة فى الحضانة بنزلة الام وقد ثبت بالاجماع ان الام اقدم الحواضن فمقتضى التشبية ان تكون الخالة اقدم من غيرها من امهات الام واقدم من الاب والعمات واللة اعلم (تخريجة) (د هق ك) وقال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه بهذه الالفاظ انما اتفقا على حديث ابى اسحاق عن البراء مختصرا (قلت) واقرة الذهبى (5) (سندة) حدثنا ابن ممير انا حجاج عن الحمك عن مقسم عن ابن عباس الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم عل) وفية الحجاج ابن ارطاة وهو مدلس اه (قلت) يؤيدة حديث على المتقدم وروى هذه القصة الشيخان باختصار من حديث البراء بن عازب فالحديث صحيح واللة اعلم (باب) (6) (عن عامر بن سعد بن ابى وقاص) الخ: هذا الحديث تقدم بطريقية وسندة وشرحة وتخريجة فى باب ذم كثرة السوال فى العلم لغير حاجة

-[(كتاب الأطعمة) - ما جاء في الخيل وحمار الوحش]- في المسلمين جرما، رجلا سأل عن شيء ونقر عنه حتى أنزل في ذلك الشيء تحريم من أجل مسألته. (وعنه من طريق ثان عن أبيه) يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم أعظم المسلمين في المسلمين جرما من سأل عن أمر لم يحرم فجرم على الناس من أجل مسألته (عن أبي هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذروني ما تركتكم فإنما هلك من كان قبلكم بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم ما نهيتكم عنه فانتهوا وما أمرتكم فأتوا منه ما استطعتم (وعن علي رضي الله عنه) قال لما نزلت هذه الآية (ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) قالوا يا رسول الله أفي كل عام؟ فسكت، فقالوا أفي كل عام؟ فسكت، فقالوا أفي كل عام؟ فقال لا، ولو قلت نعم لو جبت، فأنزل الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم إلى آخر الآية} (أبواب ما يباح أكله) (باب ما جاء في الخيل وحمار الوحش) (عن جابر عبد الله) قال ذبحنا يوم خيبر الخيل والبغال والحمير، فنهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البغال والحمير ولم ينهنا عن الخيل (وعنه أيضا) أكلنا زمن خيبر الخيل وحمر الوحش، ونهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحمار الأهلي (عن أسماء بنت أبي بكر) قالت نحرنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا فأكلنا منه (باب) ما جاء في الضب) (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه قال إن نبي الله صلى الله عليه وسلم لم يحرم الضب ولكن قذره (حدثنا عفان) حدثنا شعبة أخبرني أبو بشر قال سمعت سعيد

_ من كتاب العلم فى الجزء الاول صحيفة 157 رقم 30 واخرج الطريق الثانية منة الشافعى (1) هذا الحديث تقدم ايضا بسنده وشرحة وتخريجة فى الباب المشار الية كالذى قبلة صحيفة 157 رقم 29 فارجع اليهما (2) حديث على تقدم بسندة وشرحة وتخريجة فى اول باب وجوب الحج من كتاب الحج فى الجزء الحادى عشر صحيفة 14 رقم 14 (باب) (3) (سندة) حدثنا يونس وسريج وعفان قالوا ثنا حماد وقال عفان فى حديثة انا ابو الزبير عن جابر قال ذبحنا الخ (غريبة) (4) فية دلالة على جوار اكل لحم وقال عفان فى حديثة انا ابو الزبير عن جابر قال ذبحنا الخ (غريبة) (4) فية دلالة على جوار اكل لحم الخيل وللعلماء خلاف فى ذلك: انظر القول الحسن شرح بدائع المنن فى احكام هذا الباب صحيفة 423 فى الجزء الثانى (تخريجة) (ق د نس مذ فع) (5) (سندة) حدثنا محمد بن بكر انا ابن جريج اخبرنى ابو الزبير انة سمع جابر بن عبد اللة يقول اكلنا الخ (غريبة) (6) بضم الحاء المهملة والميم جمع حمار واضيف الى الوحش لكونة من الوحوش التى تنفر من الناس وهو الصيد الذى احلة اللة باتفاق العلماء (7) هو الذى يستانس بالناس ولا ينفر منهم ويستخدم فى مصالهم فهذا كلة حرام بالاجمماع (تخريجة) (ق د مذ نس طل) بدون ذكر حمر الوحش (8) (سندة) حدثنا ابو معاوية قال ثنا هشام بن عروة عن فاطمة بنت المنذر عن اسماء بنت ابى بكر الخ (تخريجة) (ق. فع. وغيرهم) (باب) (9) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن سليمان (يعنى اليشكرى) عن جابر بن عبد اللة ان عمر بن الخطاب رضى اللة عنة قال ان النبى اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (10) بكسر الذال المعجمة من باب تعب يقال قذرت الشئ اقذرة واذا كرهت واجتنبتة وانما كرهة النبى صلى اللة علية وسلم لانة ليس من طعام قومة كما سياتى فى بعض الروايات (تخريجة) (م. جة) (11) (حدثنا عفان الخ)

-[ما جاء في أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكل الضب ولم ينه أصحابه عن أكله]- ابن جبير يحدث عن ابن عباس أن خالته أم حفيد أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سمنا وأضبا وأقطا قال فأكل من السمن ومن الأقط وترك الأضب تقذرا، فأكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو كان حراما لم يؤكل على مائدة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت من قال لو كان حراما؟ قال ابن عباس رضي الله عنهما (عن يزيد بن الأصم) قال دعانا رجل فأتى بخوان عليه ثلاثة عشر ضبا، قال وذاك عشاء فآكل وتارك، فلما أصبحنا غدونا على ابن عباس رضي الله عنهما، فسألته فأكثر في ذلك جلساؤه، حتى قال بعضهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا آكله ولا أحرمه، قال فقال ابن عباس بئسما قلتم، إنما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم محلا ومحرما، ثم قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ميمونة وعنده الفضل بن عباس وخالد بن الوليد وامرأة فأتى بخوان عليه خبز ولحم ضب، قال فلما ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتناول، قالت له ميمونة، إنه يا رسول الله لحم ضب، فكف يده، فقال لحم لم آكله، ولكن كلوا، قال فأكل الفضل بن عباس وخالد بن الوليد والمرأة، قال وقالت ميمونة لا آكل من طعام لم يأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعن ابن عمر) أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الضب وهو على المنبر، فقال لا آكله ولا أنهى عنه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم من أكل من هذه الشجرة فلا يأتين المسجد (وعنه أيضا) قال قد أتى به النبي

_ (غريبه) (1) هكذا فى رواية عند مسلم ام حفيدة ولة فى اخرى حفيدة قال النووى وفى بعض النسح ام حفيدة بالهاء وفى بعضها فى رواية ابى بكر بن النضر ام حميد وفى بعضها حميدة وكلها الحاء مصغرا قال القاضى وغيرة والاصوب الاشهر ام حفيد بلاهاء يعنى كما جاء عند الامام احمد قال واسمها هزيلة وكذا ذكرها ابن عبد البر وغيرة فى الصحابة (2) جمع ضب مثل فلس وافلس والانثى ضبة (واقطا) بفتح الهمزة وكسر القاف يتخذ من اللبن والمخيض يطبخ ثم يترك على النار حتى يمصل (3) الظاهر ان القاتل وقلت هو ابو بشر قال لسعيد بن جبير من قال لو كان حراما الخ (4) هذا تصريح بما اتفق علية العلماء وهو اقرار النبى صلى اللة علية وسلم الشئ وسكوتة علية اذا فعل بحضرتة يكون دليلا لاباحتة ويكون بمعنى قولة اذنبت فية وابحتة فانة لا يسكت على باطل ولا يقر منكرا (تخريجة) (ق د نس هق وغيرهم) (5) (سندة) حدثنا يونس ثنا عبد الواحد ثنا سليمان الشيبانى قال ثنا يزيد بن الاصم الخ (غريبة) (6) بكسر الخاء المعجمة على الافصح وهو ما يؤكل علية وليس المراد بهذا الخوان ما نفاه فى الحديث المشهور فى قولة (ما اكل رسول اللة صلى اللة علية وسلم على خوان قط بل ذاك شئ من نحو السفرة (7) انما تركتة تورعا واقتداه بالنبى صلى اللة علية وسلم وان كان اكلة جائزا (تخريجة) (م هق) (8) (سندة) حدثنا يحيى عن عبيد اللة عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) (9) يعنى الثوم كما صرح بذلك فى حديث ابى هريرة وتقدم فى الجزء الثالث فى باب صيانة المساجد من الروائح الكريهة صحيفة 61 رقم 335 (تخريجة) (ق هق ط فع لك) بدون ذكر الشجرة * (10) (سندة) حدثنا اسماعيل ثنا ايوب عن نافع عن ابن عمر قال قد اتى بة النبى صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) (ق. هق. ط. فع. لك)

-[جواز أكل الضب وأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأكله لكونه ليس من طعام قومه]- صلى الله عليه وسلم يعني الضب فلم يأكله ولم يحرمه (عن ثابت بن يزيد بن وداعة) الأنصاري، قال اصطدنا ضبا ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازية، قال فطبخ الناس وشوؤا، قال فأخذت ضبا فشويته، فأتيت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه، فأخذ عودا فجعل يقلب به أصابعه أو بعدها، ثم قال إن أمة من بني إسرائيل مسخت دواب في الأرض، وإني لا أدري أي الدواب هي قال قلت إن الناس قد شووا، قال فلم يأكل منه ولم ينههم عنه (عن أبي هريرة) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بسبعة أضب عليها تمر وسمن، فقال كلوا فإني أعافها (عن أبي سعيد الخدري) قال قال رجل يا رسول الله، إنا بأرض مضية فما تأمرنا أو ما تفتينا؟ قال ذكر لي أن أمة من بني إسرائيل مسخت، فلم يأمر ولم ينه، قال أبو سعيد، فلما كان بعد ذلك، قال عمر إن الله لينفع به غير واحد وإنه لطعام عامة الرعاء، ولو كان عندي لطعمته، وإنما عافه رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعنه أيضا) قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب أقلبوه لظهره، فقلب لظهره، ثم قال أقلبوه لبطنه، فقلب لبطنه، فقال تاه سبط ممن غضب الله عليهم من بني إسرائيل فإن يك فهو هذا فإن يك فهو هذا فإن يك فهو هذا (وعنه من طريق ثان) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ضل سبطان

_ (1) (سنده) حدثنا حسين ثنا يزيد بن عطاء عن حصين عن زيد بن وهب الجهى عن ثابت بن يزيد بن وداعة الخ (قلت) هكذا جاء فى الاصل ابن وداعة والذى فى كتب الرجال والمراجع كلها وديعة وجاء كذلك عند (د مذ نس هق) وكذلك ذكرة المنذرى الا انة قال وقيل ابن وداعة وفى الخلاصة ثابت بن وديعة او ابن يزيد بن وديعة قال الترمذى وديعة امة وهو ابن يزيد الخزرجى ابو سعيد المدنى صحابى جليل لة حديثان وعنة البراء وزيد بن وهب اه فالظاهر ان وداعة لة اصل والمشهور وديعة (2) اى لا ادرى اهى من الدواب التى مسخت او من غيرها ولة فى رواية اخرى مختصرة عند الامام احمد ايضا والنسائى بلفظ (وانى لا ادرى لعل هذا منها) (قالف فى المنتقى) صح عنة صلى اللة علية وسلم ان المسموخ لا نسل لة والظاهر انة لم يعلم ذلك الا بوحى وان ترددة فى الضب كان قبل الوحى بذلك (تخريجة) (د نس ط هق) قال الحافظ وسندة صحيح (3) (سندة) حدثنا يونس بن محمد ثنا حماد بن سلمة عن ابى المهزم عن ابىهريرة الخ (تخريجة) (هق) وفى اسنادة عند تلامام احمد ابو المهزم قال البخارى والنسائى متروك اه (قلت) يؤيدة ما سبق (4) (سندة) حدثنا ابن ابى عدى عن داود عن ابى نضرة عن ابى سعيد الخ (غريبة) (5) قال النووى فية لغتان مشهورتان احداهما فتح الميم والضاد والثانية ضم الميم وكسر الضاد والاول اشهر وافصح اى ذات ضباب (6) اى كرهة (تخريجة) (م ط هق) (7) (سندة) حدثنا يونس ثنا حماد يعنى ابن زيد قال حدثنا بسر قال سمعت ابا سعيد الخدرى يقول انى رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (8) بكسر السين المهملة وسكون الموحدة اى امة من الامم والاسباط فى اولاد اسحاق بن ابراهيم الخليل بمنزلة القبائل فى ولد اسماعيل واحدهم سبط فهو واقع على الامة والامة واقعة علية (نة) (9) (سندة) حدثنا عبد الصمد ثنا همام حدثنا قتادة عن ابى سعيد الخدرى قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم ضل سبطان الخ

-[حديث خالد بن الوليد في جواز أكل الضب وسنده المطول كما في الأصل]- من بني إسرائيل فأرهب أن تكون الضباب (وعنه أيضا) قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال عامة طعام أهلي يعني الضباب فلم يجبه، فلم يجاوز إلا قريبة، فعاوده فلم يجبه، فعاوده ثلاثا فقال إن الله تعالى لعن أو غضب على سبط من بني إسرائيل فمسخوا دواب فلا أدري لعله بعضها، فلست بآكلها ولا أنهي عنها (عن خالد بن الوليد) أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ميمونة بنت الحارث وهي خالته، فقدمت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لحم ضب (وفي رواية محنوذ) جاءت به أم حفيد بنت الحارث من نجد، وكانت تحت رجل من بني جعفر، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكل شيئا حتى يعلم ما هو، فقال بعض النسوة ألا تخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يأكل؟ فأخبرنه أنه لحم ضب فتركه، فقال خالد سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أحرام هو؟ قال لا ولكنه طعام ليس في قومي فأجدني أعافه، قال خالد فاجتررته إلي فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر، قال ابن شهاب وحدثه الأصم يعني بن يزيد بن الأصم عن ميمونة وكان في حجرها. (عن جابر بن عبد الله) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بضب فأبى أن يأكله وقال لا أدري لعله من القرون التي مسخت. (عن عائشة رضي الله عنها) قالت أتى

_ (1) أي فأخاف واخشى ان تكون الضباب (تخريجة) لم اقف علية بهذا اللفظ لغير الامام احمد ورجالة كلهم ثقات ولمسلم والبيهقى نحوة (2) (سندة) حدثنا ابو سعيد ثنا ابو عقيل قال ثنا ابو نضرة عن ابى سعيد قال جاء اعرابى الخ (غريبة) (3) جمع ضب كسهم وسهام (تخريجة) (م هق) (4) حدثنا الشيخ الامام العالم الثقة ابو بكر عبد اللة بن محمد بن احمد بن البعور البزاز والشيخ الصالح الثقة ابو طالب المبارك بن محمد بن على بن حضير الصيرفى قالا انا ابو طالب عبد القادر بن محمد بن يوسف قرئ عليهم جميعا وانا اسمع قال انا عمى ابو طاهر عبد الرحمن بن احمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال انا ابو على الوذهب قال انا ابو بكر احمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعى قال حدثنا ابو عبد الرحمن عبد اللة بن احمد بن محمد بن حنبل قال حدثنى ابى قال ثنا يعقوب بن ابراهيم قال انا ابى عن صالح بن كيسان وحدث ابن شهاب عن ابى امامة بن سهل عن ابن عباس انة اخبرة ان خالد بن الوليد اخبرة انة دخل مع رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (5) يعنى زوج النبى صلى اللة علية وسلم (وهى خالتة) يعنى خالة خالد بن الوليد وخالة ابن عباس وام خالد لبابة الصغرى وام عباس لبابة كبرى وميمونة وام حفيد كلهن اخوات والدهن الحارث قالة النووى (6) اى مشوى وقيل المشوى على الرضف وهى الحجارة المحماه (7) تقدم الخلاف فى كنيتها فى شرح الحديث الثانى من احاديث الباب (8) زاد فى رواية عند مسلم (فلم ينهنى) (9) بفتح الحاء المهملة يعنى فى ترتيبها وحمايتها (تخريجة) (ق د نس جة والامامان) (10) (سندة) حدثنا عبد الرزاق ثنا ابن جريج اخبرنى ابو الزبير سمعت جابر بن عبد اللة يقول اتى النبى صلى الة علية وسلم الخ (تخريجة) (م هق) وقال البيهقى بعد ذكرة رواه مسلم فى الصحيح عن اسحاق بن ابراهيم فهذا مثل حديث بن عمر وابن عباس فى انة امتنع من اكلة وزاد عليهما فى حكاية علة الامتناع علة اخرى للامتناع سوى التقدير وزاد علية ما يدل على الاباحة اه (11) (سندة) حدثنا ابو سعيد قال ثنا حماد بن سلمة عن حماد يعنى ابن ابى سليمان عن إبراهيم عن الأسود

-[العلة في عدم أكل الضب وتحقيق أنها ليست من نسل من مسخ من بني إسرائيل]- رسول الله صلى الله عليه وسلم بضب فلم يأكله ولم ينه عنه، قلت يا رسول الله أفلا نطعمه المساكين؟ قال لا تطعموهم مما لا تأكلون (عن عبد الرحمن بن حسنة) قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم في سفر (وفي رواية غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابتنا مجاعة) فنزلنا أرضًا كثيرة الضباب قال فأصبنا منها وذبحنا، قال فبينا القدور تغلي بها إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أمة من بني إسرائيل فقدت (وفي رواية مسخت) وإني أخاف أن تكون هي فأكفؤها فأكفأناها (وفي رواية) فأكفأناها وإنا لجياع (باب ما جاء في الضبع) (عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي عمار) قال سألت جابرا فقلت الضبع آكلها؟ قال نعم قلت أصيد هي؟ قال نعم، قلت أسمعت ذاك من نبي الله صلى الله عليه وسلم؟

_ عن عائشة الخ (غريبة) (1) الظاهر ان نهية صلى اللة علية وسلم عن اطعامة المساكين لا لكونة حراما بل لان نفوسهم تعافة لانهم لم يتعودوة (تخريجة) (هق) واوردة الهيثمى وقال رواه (حم عل) ورجالهما رجال الصحيح (2) (سندة) حدثنا ابو معاوية ثنا الاعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن حسنة الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم طب عل بز) ورجال الجميع رجال الصحيح (قلت) ظاهر هذا الحديث ينافى ما تقدم فى ححديث ابن عباس وابى هريرة من ان النبى صلى اللة علية وسلم امرهم باكل الضب فاكلوا امامة ولا منافاه لانة يحمل حديث عبد الرحمن بن حسنة على انة صلى اللة علية وسلم خشى ان سشغلهم صيد الضباب وطبخها عن الجهاد لاسيما وانها ارض كثيرة الضباب كما فى الحديث ولابد انة كن معهم منالقوت ما يكفى لسد حاجتهم الضرورية والا لامرهم باكلها فان اكل الميتة المقطوع بحرمتها يجوز للضرورة اما ما جاء فى احاديث الباب من عدم اكلة صلى اللة عليةوسلم منها خشية ان تكون من نسل ما مسخ من بنى اسرائيل فيحمل على انة صلى اللة علية سلم قال ذلك قبل العلم بان اللة عز وجل لم يجعل للمسوخ نسلا فقد صح عنة صلى اللة علية وسلم كما رواه مسلم والامام احمد عن ابن مسعود ان النبى صلى اللة علية وسلم ذكرت عنده القردة قال مسعر اراة قال والخنازير انة مما مسخ فقال النبى صلى اللة علية وسلم ان اللة لم يمسخ شيئا فيدع لة نسلا او عاقبة وقد كانت القردة او الخنازير قبل ذلك وتقدم هذا الحديث فى باب عذاب القبر والتوذ منة من ابواب عذاب القبر فى الجزء الثامن صحيفة 122 فى شرح حديث رقم 300 وجاء عند مسلم فى كتاب القدر فى باب ان الاجال والارزاق وغيرها لا تزيد ولا تنقص وجاء عند الامام احمد عن ابن مسعود قال سالنا رسول اللة صلى اللة علية وسلم عن القردة والخنازير اهى من نسل اليهود؟ فقال رسول اللة صلى اللة علية وسلم ان اللة لم لم يعلن قوما قط فمسخهم فكان لهم نسل حين يهلكهم ولكن هذا خلق كان فلما غضب اللة على اليهود مسخهم فجعلهم مثلهم وسيأتى هذا الحديث فى باب مناوأة اليهود ومنافقى المدينة للنبى صلى اللة علية وسلم من ابواب حوادث السنة الاولى من الهجرة فى كتاب السيرة النبوية هذا واحاديث الباب تدل على جواز اكل لحم الضب وللعلماء خلاف فى ذلك انظرة فى القول الحسن شرح ائع المنن صحيفة 424 فى الجزء الثانى (باب) (3) (سندة) حدثنا يحيى عن ابن جريج اخبرنى عبد اللة بن عبيد بن عمير ان عبد الرحمن بن عبد اللة بن ابى عمار اخبرة قال سالت جابرا فقلت الخ (غريبة) (4) بضم الياء الموحدة وسكونها مونثة جمعها اضبع وضباع يضمتين ويضمة قالة فى القاموس ومن عجيب أمرها أنها

-[ما جاء في الضبع وكلام العلماء في ذلك]- قال نعم (عن عبد الله بن يزيد السعدي) قال أمرني ناس من قومي أن أسأل سعيد بن المسيب عن سنان يحددونه ويكزونه في الأرض فيصبح وقد قتل الضبع أتراه ذكاته؟ قال فجلست إلى سعيد بن المسيب فإذا عنده شيخ أبيض الرأس واللحية من أهل الشام فسألته عن ذلك فقال لي وإنك لتأكل الضبع؟ قال قلت ما أكلتها قط وإن ناسًا من قومي ليأكلونها قال فقال إن أكلها لا يحل، قال فقال الشيخ يا عبد الله ألا أحدثك بحديث سمعته من أبي الدرداء يروي عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال قلت بلى، قال فإني سمعت أبا الدرداء يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن كل ذي خطفة وعن كل نهبة وعن كل مجثمة وعن كل ذي ناب من السباع قال فقال سعيد بن المسيب صدق (عنه من طريق ثان) سألت سعيد بن المسيب عن الضبع

_ تكون سنة ذكرا وسنة انثى فتلقح فى حال الذكورة وتلد فى حال الانوثة وهى مولعة بنبش القبور لشهوتهم للحوم بنى ادم (تخريجة) (فع هق. والاربعة) وصححة الترمذى وسكت عنة ابو داود والمنذرى (1) (سندة) حدثنا على بن عاصم ثنا سهيل بن ابى صالح عن عبد اللة بن يزيد السعدى الخ (غريبة) (2) اى كسنان الرمح (يحددونة) كما تحد السكين اى تسن (ويركزونة) بفتح اولة وسكون ثانية وضم الكاف من باب قتل اى يتبتونة فى الارض (3) معناه ان قتلة بهذة الصفة يقوم مقام ذبحة؟ (4) استفهام انكارى (5) القائل (ان اكلها لا يحل) هو سعيد بن المسيب وهذا اجتهاد منة قياسا على تحريم كل ذى ناب من السباع قال ابن رسلان وقد قيل ان الضبع لا ناب لها قال وسمعت من يذكر ان جميع اسنانها عظم ولحد كصحيفة نعل الفرس فعلى هذا لا يدخل فى عموم النهى اه (قلت) وعلى فرض ان لها نابا فان حديث جابر المتقدم اص فيقدم على حديث كل ذى ناب واللة اعلم (6) هكذا بالاصل نهى رسول اللة صلى اللة عن كل ذى خطفة بزيادة لفظ (ذى) بعد كل وجاء عند الدارمى من حديث ابى ثعلبة الخشنى بلفظ نهى رسول اللة صلى اللة علية وسلم عن الخطفة بدون لفظ (ذى) وهى اظهر لان المقصود بالنهى المخطوف لا الاطف قال فى النهاية نهى عن المجثمة والخطفة يريد ما اختطف الذئب من اعضاء الشاة وهى حية لان كلحية لان كل ما ابين من حى فهو ميت اى لا يجوز كلة والمراد ما يقطع من اطراف الشاه وذلك انة صلى اللة علية وسلم لما قدم المدينة راى الناس يجبون اسنمة الابل واليات الغنم وياكلونها والخطفة المرة الواحدة من الخطف فسمى بها العضو المختطف اه (7) النهبة بضم النون مثال غرقة والنهى بزيادة الف التانيث اسم للنهوب ويتعدى بالهمزة الى ثان فيقال انهيت زيدا المال وهذا ازمان النهب اى الانتهاب وهو الغلبة على المال والقهر بسلبة والغاره علية ومثل المال كل شئ يوذ بهذة الكيفية لا يجوز اكلة او ستعمالة (8) المجثمة هى كل حيوان ينصب ويرمى لقتل الا انها تكثر فى الطير والارنب واشباة ذلك مما يجم فى الارض اى يلزمها ويلتصق بها وجم الطير جثوما وهو بمنزلة البروك للابل (نة) (9) المراد من هذا الححديث قولة (وعن كل ذى ناب من السباع) وتقدم انة عام مصوص بحديث جابر المتقدم (10) (سندة) حدثنا يحيى عن سفيان حدثنى سهيل بن ابى صالح عن عبد اللة بن يزيد قال سألت سعيد بن المسيب الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد والزار باختصار و (طب) وقال الزار اسنادة حسن قال البيهقى لانة رواه عن سعيد بن المسيب عن

-[ما جاء في الأرنب والقنفذ والدجاج وجواز أكلها ومذاهب العلماء في ذلك]- فكرهها، فقلت له إن قومك يأكلونه، قال لا يعلمون، فقال رجل عنده سمعت أبا الدرداء فذكر الحديث المتقدم (باب ما جاء في الأرنب والقنفذ والدجاج) (عن أنس بن مالك) قال ثارت أرنب فتبعها الناس فكنت في أول من سبق إليها فأخذتها فأتيت بها أبا طلحة، قال فأمر بها فذبحت ثم سويت، قال ثم أخذ عجزها فقال ائت به النبي صلى الله عليه وسلم قال فأتيته به، قال قلت إن أبا طلحة أرسل إليك بعجز هذه الأرنب قال فقبله مني (عن محمد بن صفوان) أنه صاد أرنبين فلم يجد حديدة يذبحهما بها، فذبحهما بمروة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بأكلها. (عن عيسى بن نميلة الفزاري عن أبيه) قال كنت عند ابن عمر فسئل عن أكل القنفذ فتلا هذه الآية (قل لا أجد فيما أوحي إلي محرما إلى آخر الآية) فقال شيخ عنده سمعت أبا هريرة يقول ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنه خبيث من الخبائث فقال ابن عمران كان قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو كما قاله (عن أبي موسى) أنه جاء رجل وهو يأكل دجاجا فتنحى، فقال إني حلفت أن لا آكله، إني رأيته يأكل شيئا قذرا فقال له أدنه فقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكله

_ أبي الدرداء وليس فية عبد اللة بن يزيد هذا وروى الترمذى منة النهى عن المجثمة فقط اه (قلت) وروى الدرامى لفظ حديث ابى الدرداء ولكن عن ابى ثعلبة الخشبى (باب) (1) (سندة) حدثنا على (يعنى ابن عاصم) ثنا عبيد اللة بن ابى بكر قال سمعت انس بن مالك قال ثارت ارنب الخ (غريبة) (2) اى هاجمت ونهضت من مكانها مسرعة (3) اى نصفها المؤخر (تخريجة) (ق مى، والاربعة) وفية قبول الهدية وان كانت حقيرة وجواز اكل لحم الارنب (4) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عاصم الاحول عن الشعبى عن محمد بن صفوان الخ (غريبة) (5) بفتح الميم وسكون الراء حجزا ابيض رقيق من اصلب الحجارة بجعل منة السكين (تخريجة) (د نس جة) وسكت عنة ابو داود والمنذرى فهو صالح للاحتجاج بة قال النووى واكل الارنب حلال عند مالك وابى حنيفة والشافعى واحمد والعلماء كافة الا ما حكى عن عبد اللة بن عمرو بن العاص وابن ابى ليلى انهما كرهاها دليل الجمهور حديث انس (يعنى المتقدم) مع احاديث مثلة ولم يثبت عنها شئ واللة اعلم (6) (سندة) حدثنا سعيد بن منصور حدثنا ثنا عبد العزيز بن محمد عن عيسى بن نملة الفزارى عن ابية الخ (غريبة) (7) هو واحد القنافذ والانثى الواحدة قنفذة وهى بضم القاف وسكون النون وضم الفاء وبالدال المعجمة وقد تفتح الفاء وهو نوعان قنفذ يكون بارض مصر قدر الفأر الكبير واخر يكون بارض الشام فى قدر الكلب وهو مولع باكل الافاعى ولا يتالم كذا قال ابن رسلان فى شرح السنن (8) معناه انة حرام اكلة لان اللة تعالى يقول (ويحل لهم الطيبات ويحرم عليهم الخبائث) ولكن حديث ابى هريرة لا تقوم بة حجة لانة فية راو مجهول لم يسم (تخريجة) (د هق) وقال البيهقى هذا الحديث لم يرد الا بهذا الاسناد وهو اسناد فية ضعف اه وقد ذهب الى ان القنفذ حلال بحوز اكلة مالك والشافعى وقال ابو حنيفة واحمد بتحريمة (9) (سندة) حدثنا ابو احمد ثنا سفيان عن ايوب عن ابى قلابة عن زهدم عن ابى موسى (يعنى الاشعرى) انة جاء رجل الخ (غريبة) (10) جاء عند البيهقى (نتنا) بدل (قذزا) (11) يستفاد منة انة حلال اكلة وان كان ياكل قذرا (تخريجة) (ق د نس جة) قال الحافظ وفية جواز اكل الجاج انسية ووحشية وهو بالاتفاق إلا عن بعض

-[مذاهب العلماء في جواز أكل الجلالة وما جاء في أكل السمك والجراد]- (باب ما جاء في السمك والجراد) (عن جابر) قال كنا مع أبي عبيدة بعثنا النبي صلى الله عليه وسلم معه في سفر فنفد زادنا فمررنا بحوث قذفه البحر فأردنا أن نأكل منه فمنعنا أبو عبيدة، ثم أنه قال نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن كان بقى معكم شيء فابعثوا به إلينا (وعنه أيضا) قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبنا جرادا فأكلناه (عن أبي يعفور) قال سأل شريكي وأنا معه عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه عن الجراد فقال لا بأس به، وقال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات فكنا نأكله (وعنه من طريق ثان) قال سمعت ابن أبي أوفى قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات فكنا نأكل فيها الجراد (عن ابن عمر) قال قال

_ المتعمقين على سبيل الورع الا ان بعضهم استثنى وهى ما تاكل الاقذار وظاهر صنيع ابى موسى انة لم يبال بذلك والجلالة لة عبارة عن دابة التى تاكل الجلة بكسر الجيم والتشديد وهى البعره وادعى ابن حزم اختصاص الجلالة بذات الاربع والمعروف التعميم وقد اخرج ابن ابى شيبة بسند صحيحح عن ابن عمر انة كان يحبس الدجاجة الجلالة ثلاثا وقال مالك والليث لا باس باكل الجلالة من الدجاج وغيرة وانما جاء النهى عنها للتقدر اه (قلت) تقدم للامام احمد حديث نحو الباب فية ذكر الدجاج وفية قصة طويلة فى الجزء الرابع عشر فى باب من حلف على اليمين فرأى يرا منها الخ من كتاب اليمين والنذر صحيفة 179 رقم 42 (باب) (1) سندة) حدثنا هشيم انا ابو الزبير لامام احمد مطولا فى باب سرية سيف البحر وتسمى ايضا سرية الخبط فى حوادث السنة الثامنة من الهجرة من كتاب السيرة النبوية (2) (سندة) حدثنا اسود اسرائيل عن مد بن على عن جابر ابن عبد اللة قال غزو نا الخ (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد ورجالة كلهم ثقات واغرب الحافظ الهيثمى فقال رواه احمد وفية جابر الجعفى وضعفة الجمهور مع ان جابر الجعفى لم يكن فى سند هذا الحديث كما ترى ولعلة اختلط علية بغيرة واللة اعلم فالحديث صحيح ويؤيد صحتة حديث ابن ابى اوفى الاتى بعده (3) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن ابى يعفور قال سأل شريكى الخ (غريبة) (4) جاء فى رواية البخارى (كنا ناكل معة الجراد) وعند ابى داود (تمكنا ناكلة معة) قال الشوكانى يحتمل ان يراد بالمعية مجرد الغزو دون ما تبعة من اكل الجراد ويحتمل ان يريد مع اكلة ويدل على الثانى ما وقع فى رواية ابى بلفظ (وياكلة معنا) وهذا يرد على الصيمرى من الشافعية حيث زعم انة صلى اللة علية وسلم عافة الضب وقد اخرج ابو داود عنة صلى اللة علية وسلم من حديث سلمان انة قال (لا اكلة ولا احرمة) والصواب انة مرسل ولابن عدى فى ترجمة ثابت بن زهير عن نافع عن ابن عمر انة صلى اللة علية وسلم سئل عن الضب فقال (لا اكلة ولا حرمة) وسئل عن الجراد فقال مثل ذلك قال الحافظ وهذا ليس ثابتا قال فية النسائى ليس بثقة اه (قلت) حديث سلمان اخرجة ايضا ابن ماجة مسندا واخرجة البهقى مسندا ومرسلا وقال ان صح هذا ففية ايضا دلالة على الاباحة فانة ان لم يحرمة فقد احلة وانما لم ياكله تقذرا واللة اعلم (5) (سندة) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن ابى يعفور العبدى قال سمعت ابن ابى اوفى الخ (تخريجة) (ق هق مى والثلاثة) (6) هذا الحديث تقدم

-[مذاهب العلماء في جواز أكل السمك والجراد وما جاء في الثوم والبصل ونحوهما]- رسول الله صلى الله عليه وسلم أحلت لنا ميتتان ودمان: فأما الميتتان فالحوت والجراد: وأما الدمان فالكبد والطحال (باب ما جاء في الثوم والبصل ونحوهما) (عن أبي سعيد الخدري) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الكراث والبصل والثوم فقلنا أحرام هو قال لا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه (عن جابر بن عبد الله) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل البصل والكراث فغلبتنا الحاجة فأكلنا منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكل من هذه الشجرة المنتنة فلا يقربن مسجدنا فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى به الإنس (عن ابن عمر رضي الله عنهما) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لا أكله ولا آمر به ولا أنهى عنه (عن معاوية بن قرة عين أبيه) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هاتين الشجرتين الخبيثتين وقال من أكلهما فلا يقربن مسجدنا

_ بسنده وشرحه وتخريجة فى باب طهاره مالا نفس لة سائلة من كتاب الطهارة مالا نفس لة سائلة من كتاب الطهارة فى الجزء الاول صحيفة 255 رقم 95 اما احكام هذا الباب فقد ذكرتها فى القول الحسن شرح بدائع المنن فى الجزء الثانى صحيفة 425 و 426 فارجع الية ترى ما يسرك (باب) (1) (سندة) حدثنا يونس وسريج قالا ثنا حماد عن بشر عن ابى سعيد الخ (غريبة) (2) بضم الكاف وشد الراء اخرة مثلثة (3) بضم المثلثة اى النبى فى الجميع لنن ريحة وجاء عن ابن عمر انة كان ياكلة مطبوا وعند الامام احمد وابى داود وسياتى عن عائشة ان اخر طعام اكلة النبى صلى اللة علية وسلم فية البصل زاد البيهقى كان مستويا فى قدر اه وهذا النهى للتنزية بدليل قولة (فقلنا احرام هو؟ قال لا) قال الحافظ هذا احافظ هذا النهى كان يوم يبر وهو محمول على مريد الصلاه (تخريجة) (طل خز) وسندة صحيح وصححة ايضا الحافظ السيوطى (4) (سندة) حدثنا كثير بن هشام عن ابى الزبير عن جابر الخ (5) ذهب بعض العلماء الى ان النهى اص بمسجد النبى صلى اللة علية وسلم عملا بهذا الحديث ومافى معنله وحجة الجمهور ما جاء عند مسلم والامام احمد (فلا يا تين المساجد) وتقدم فى باب صيانة المساجد من الروائح الكريهة من كتاب المساجد فى الجزء الثالث صحيفة 61 رقم 334 (6) قال العلماء فى هذا الحديث دلالة على منع اكل كل ذى ريح كريهة من دول المسجد وان كان اليا لانة محل الملائكة ولعموم الاحاديث (تخريجة) (ق جة. وغيرهم) (7) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يعلى بن حكيم عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) (8) جاء بهامش الاصل (قولة لا اكلة) المراد بة هنا الثوم والبصل (تخريجة) لم اقف علية بهذا اللفظ لغير الامام احمد ورجالة كلهم ثقات وهو يفيد ان عدم اكلة والامر والنهى عنة خاص بالنبى لا المطبوخ كما يستفاد من الحديث الاتى وغيرة (9) (سندة) حدثنا عبد الملك بن عمرو وقال ثنا خالدين ميسرة ثنا معاوية ابن قرة عن ابية الخ (غريبة) (10) سماها خبيثين من جهة كراهة طعمهما وريحهما لا انهما من الخبيث المحرم وقد يطلق الخبيث على المكروة تزينها ففى حديث ابى ايوب الاتى بعد حديث قال ابو ايوب فسالتة: احرام هو؟ (يعنى الثوم) فقال لا ولكنى اكرهة من اجل ريحة (قال الخطابى) فى معنى قولة صلى اللة علية وسلم (مهر البغى خبيث وثمن الكلب خبيث وكسب الحجام خبيث) قد يجمع الكلام بين القرائن فىللفظ ويفرق بينهما فى المعنى ويعرف ذلك فى الاغراض والمقاصد فاما مهر البغي وثمن

-[مذاهب العلماء في حكم أكل الثوم والبصل ونحوهما]- وقال إن كنتم لا بد آكليهما فأميتوهما طبخا يعني البصل والثوم (عن أبي أيوب الأنصاري) قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقصعة فيها بصل، فقال كلوا وأبى أن يأكل، وقال إني لست كمثلكم (وعنه أيضا) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بطعام أكل منه وبعث بفضله إلي وأنه بعث يوما بقصعة لم يأكل منها شيئا، فيها ثوم فسألته أحرام هو؟ فقال لا ولكني أكرهه من أجل ريحه قال فإني أكره ما كرهت، وفي لفظ فقال أبو أيوب بأبي وأمي هذا الطعام لم تأكل منه آكل منه؟ قال فيه تلك الثومة فيستأذن علي جبريل عليه السلام قال فآكل منه؟ قال نعم فكل (حدثنا سفيان بن عيينه) ثنا عبيد الله بن أبي يزيد أخبره أخوه قال نزلت على أم أيوب الذي نزل عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نزلت عليها فحدثتني بهذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم تكلفوا طعاما فيه بعض هذه البقول فكرهه وقال لأصحابه كلوا إني لست كأحد منكم إني أخاف أن أوذي صاحبي يعني الملك (عن أبي زياد خيار بن سلمة) أنه سأل

_ الكلب فيريد بالبيث فيهما الحرام لان الكلب نجس والزنا حرام وبذل العوض علية واخذة حرام (واما كسب الحجام) فيريد بالخبيث فية الكراهية لان الحجامة مباحة وقد يكون الكلام فى الفصل الواحد بعضة على الوجوب وبعضة على الندب وبعضة على الحقيقة وبعضة على المجاز ويفرق بينهما بدلائل الاصول واعتبار معانيها (تخريجة) (د نس) وسكت عنة ابو داود والمنذرى (1) (سندة) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا ابن هبير عن ابى عبد اللة الخبلى ان ابا ايوب الانصارى قال اتى رسول اللة صلى اللة علية وسلم ال (غريبة) (2) بضم الهمزة مبنى للمفعول (3) فى اذنة صلى اللة علية وسلم لا صحابة بالاكل دلالة على الاباحة اكل البصل اما امتناعة صلى اللة علية وسلم عن اكلة فقد عللة بقولة • انى لست كمثلكم) يعنى انة ياتية الوحى والملائكة تكرة كل ذى رائحة كريهة (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد بهذا اللفظ وسندة جيد وان كان فية ابن لهيعة لانة صرح بالتحديث واللة اعلم (4) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة عن ابى ايوب الانصارى قال كان رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (5) جاء عند مسلم بلفظ (لم ياكل منها لان فيها ثوما) وهى اظهر (6) قال النووى هذا تصريح باباحة الثوم وهو مجمع علية لكن يكرة لمن اراد حضور المسجد او حضور جمع فى غير المسجد او مخاطبة الكبار ويلحق بالثوم كل مالة رائحة كريهة (7) كأن هذة هى العلة فى عدم اكلة صلى اللة علية وسلم قال النووى وكان صلى اللة علية وسلم يترك الثوم دائما لانة يتوقع مجئ الملائكة والوحى كل ساعة قال واختلف اصحابنا فى حكم الثوم فى حقة صلى اللة علية وسلم وكذلك البصل والكراث ونحوها فقال بعض اصحابنا هى محرمة علية والاصح عندهم انها مكروة كراهة تنزية ليست محرمة لعموم قولة صلى اللة علية وسلم لا: فى جواب قولة احرام هو ومن قال بالاول يقول معنى الحديث ليس بحرام فى حقكم واللة اعلم (تخريجة) (م مذ) (8) (حدثنا سفيان بن عيينة الخ) (غريبة) (9) هى الانصارية زوج ابى ايوب بنت قيس بن سعد وكان ابوها ال زوجها قالة الحافظ فى التقريب (10) اى الثوم او البصل لانة صرح بهما فى حديثى ابى ايوب المتقدمين (تخريجة) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح غريب (11) (سندة) حدثنا حيوة

-[قوله من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا في مسجدنا]- عائشة رضي الله عنها عن البصل فقالت أن آخر طعام أكله رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام فيه بصل (عن المغيرة بن شعبة) قال انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فوجد مني ريح الثوم فقال من أكل الثوم؟ قال فأخذت يده فأدخلتها فوجد صدري معصوبا قال إن لك عذرا (عن أبي الرباب) قال سمعت معقل بن يسار يقول كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له فنزلنا في مكان كثير الثوم وإن أناسًا من المسلمين أصابوا منه ثم جاءوا إلى المصلى يصلون مع النبي صلى الله عليه وسلم فنهاهم عنها، ثم جاءوا بعد ذلك إلى المصلى فنهاهم عنها، ثم جاءوا بعد ذلك إلى المصلى فنهاهم عنها، ثم جاءوا بعد ذلك إلى المصلى فوجد ريحا منهم فقال من أكل من هذه الشجرة فلا يقربنا في مسجدنا، (باب ما جاء في طعام أهل الكتاب) (عن قبيصة بن هلب) عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول وسأله رجل فقال إن من الطعام أتحرج منه (وفي رواية سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن طعام النصارى) فقال لا يختلجن في صدرك طعام ضارعت فيه النصرانية

_ ابن شريح قال ثنا بقية قال حدثنى بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن ابى زياد خيار بن سلمة الخ (تخريجة) (د نس) وقال المنذرى حسن وفى اسنادة بقية بن الوليد وفية مقال قال وخيار بكسر الخاء المعجمة وبعدها ياء اخر الحروف مفتوحة وبعد الالف راء مهملة شامى اه قلت بقية بن الوليد صدوق كثير التدليس عن الضعفاء اه والظاهر ان الحافظ المنذرى حسنة لانة صرح بالتحديث (1) (سندة) حدثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا ابو هلال عن حميد بن هلال عن ابى بردة عن المغيرة بن شعبة الخ (غريبة) (2) الظاهر انة كان بة علة بصدرة فوضع علية الثوم للتداوى بة (تخريجة) (د) قال المنذرى فى اسنادة ابو هلال محمد بن سليم المعروف بالراسى وقد تكلم فية غير واحد اه (قلت) وثقة ابن حبان كما فى اللاصة ولم يذكر عنة تجريحا (3) (سندة) حدثنا محمد بن عبد اللة بن الزبير ثنا الحكم ابن عطية عن ابى الرباب الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم طب طص) وقال فية ابو الزيات وهو مجهول اه (قلت) هكذا ذكرة الهيثمى ابو الزيات بالزاى والياء التحتية ثم تاء فةقية وجاء عند الامام احمد ابو الرباب براء ثم موحدتين وهو الصواب لانى لم اجد لابى الزيات ذكرا فى كتب الرجال وابو الرباب ذكرة الدولابى فى الكنى والاسماء فقال ابو الرباب مطرف بن مالك القشرى بصرى ولم يزد على ذلك واللة اعلم وقد تقدم من هذا الباب احاديث ارى غير ماهنا فى باب صيانة المساجد من الروائح الكريهة من كتاب المساجد فى الجزء الثالث وذكرنا مذاهب الائمة هناك فارجع الية واللة الموفق (باب) (4) (سندة) حدثنا ابو كامل مظفرين مدرك ثنا زهيرحدثنى سماك بن حرب حدثنى قبيصة بن هلب (يعنى الطائى) الخ (غريبة) (5) الظاهر ان السائل هو عدى بن حاتم الطائى كما سيأتى فى الحديث التالى (6) اضيق على نفسى واحرمة عليها (7) بخاء معجمة ساكنة ثم تاء مثناه مفتوحة بعدها لام مكسورة ثم جيم مفتوحة اى لا يتحرك فية شئ من الريبة والشك واصل الاختلاج الحركة والاضطراب (8) معنى المضارعة المقارنة فى الشبة ويقال للشيئين بينهما مقارنة هذا ضرع هذا أي

-[كلام العلماء في أكل جبنة المجوس- وما جاء في تحريم أجناس متعددة]- (عن عدي بن حاتم) قال قلت يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحمن ويفعل كذا وكذا قال إن أباك أراد أمرا فأدركه يعني الذكر، قال قلت إني أسألك عن طعام لا أدعه إلا تحرجًا، قال لا تدع شيئا ضارعت فيه نصرانية (عن ابن عباس) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في غزاة فقال أين صنعت هذه، فقالوا بفارس ونحن نرى أنه يجعل فيها ميتة، فقال اطعنوا فيها بالسكين واذكروا اسم الله وكلوا، ذكره شريك مرة أخرى فزاد فيه فجعلوا يضربونها بالعصى (أبواب ما يحرم أكله) (باب جامع في تحريم أجناس متعددة) (عن جابر بن عبد الله) قال لما كان يوم خيبر أصاب الناس مجاعة فأخذوا الحمر الإنسية فذبحوها وملؤا منها القدور فبلغ ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم قال جابر فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فكفأنا القدور، فقال إن الله عز وجل سيأتيكم برزق هو أحل لكم من ذا وأطيب من ذا فكفأنا يومئذ القدور وهي تغلى فحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ الحمر الإنسية ولحوم البغال وكل ذي ناب من السباع وكل ذي

_ مثله (تخريجه) (د مذ جة) وحسنة الترمذى وسكت عنة ابو داود والمنذرى (1) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن سماك بن حرب قال سمعت هرى بن قطرى قال سمعت عدى بن حاتم (يعنى الطائى) قال قلت يا رسول اللة الخ (غريبة) (2) اى يشبع الجائع ويقرى الضيف ويطعم الطعام كما صرح بذلك فى بعض الروايات (3) معناه اراد الشهرة فى الدنيا فتم لة ذلك وكان يضرب بكرمة المثل (4) ليس هذا اخر الحديث وبقيتة قال قلت ارسل كلى فياخذ الصيد وليس معى ما اذكية بة فاذبحة بالمروة والعصا فقال رسول اللة صلى اللة علية وسلم امر الدم بما شئت واذكر اسم اللة عز وجل وسياتى مثلة فى باب جواز الذبح بما انهر الدم من ابواب الذبح فى كتاب الصيد والذبائح وسياتى شرحة هناك واللة الموفق (تخريجة) (طل) وسندة حسن (5) (سندة) حدثنا اسود ثنا شريك عن جابر عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) (6) معناه ان شريكا ذكر هذا الحديث مرة اخرى فزاد فية قولة (فجعلوا يضربونها بالعصى) اى بدل السكين والظاهر انهم ضربوها بالعصى المحددة لعدم وجود السكين كما يستفاد من معنى بقية حديث حاتم المذكور فى الشرح انفا واللة اعلم (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم بز) والطبرانى وقال فى غزوة الطائف وفية جابر الجعفى وقد ضعفة الجمهور وقد وثق وبقية رجال احمد رجال الصحيح اه (قلت) ولة شاهد عند ابى داود عن ابى عمر اتى النبى صلى اللة علية وسلم بجبنة فى تبوك فدعا بسكين فسمى وقطع قال الخطابى انما جاء بة ابو داود من اجل انالجبن كان يعملة قوم من الكفار لا تحل ذكاتهم وكانوا يعقدونها بالانافح وكان فى المسلمين من يشاركهم فى صنعة الجبن فاباحة النبى صلى اللة علي وسلم وعلى ظاهر الحال ولم يمتنع من اكلة من اجل مشاركة الكفار المسلمين فية اه (باب) (7) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا عكرم (يعنى ابن عمار) عن يحيى بن ابى كثير عن ابى سلمة بن عبد الرحمن عن جابر بن عبد اللة ال (غريبة) (8) قال الحافظ بكسر الهمزة وسكون النون منسوب الى الانس ويقال فية انسة بفتحتين وصرح الجوهرى ان الانس بفتحتين ضد الوحشة اه (قلت) والمراد بالانسية الاهلية كما وقع فى سائر الروايات ويوخذ من التقييد بها جواز أكل الحمر

-[ما جاء في تحريم أجناس متعددة]- مخلب من الطيور وحرم المجثمة والخلسة والنهبة (عن العرباض بن سارية) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم يوم خيبر كل ذي مخلب من الطيور ولحوم الحمر الأهلية والخليسة والمجثمة وأن توطأ السبايا حتى يضمن ما في بطونهن (عن أبي هريرة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم يوم خيبر كل ذي ناب من السباع والمجثمة والحمار الأنسي (عن صالح يعني ابن يحيى ابن المقدام) عن جده المقدام بن معد يكرب قال غزونا مع خالد بن الوليد الصائفة قفرم أصحابنا إلى اللحم فقالوا تأذن لنا أن نذبح رمكة له فدفعها إليهم فحبلوها ثم قلت مكانكم حتى آتى خالدا فأسأله قال فأتيته فسألته فقال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة خيبر فأسرع في حظائر يهود فأمرني أن أنادي الصلاة جامعة ولا يدخل الجنة إلا مسلم ثم قال أيها الناس إنكم قد أسرعتم في حظائر اليهود، ألا لا تحل أموال المعاهدين إلا بحقها وحرام عليكم لحوم الحمر الأهلية وخيلها

_ الوحشية وهو الجائز باتفاق العلماء (1) سيأتى الكلام على كل ذى ناب وكل ذى مخلب فى بابه (2) تقدم الكلام على المجثمة والنهبة فى شرح الحديث الثانى فى باب ما جاء فى الضبع (والخلسة) بضم المعجمة هى ما يستخلص من السبع فيموت قبل ان يذكى من خلست الشئ واختلستة اذا سلبتة وهى فعلية بمعنى مفعولة (تخريجة) اصلة فى الصحيحين ورواه الترمذى مختصرا وهو بهذا اللفظ مطولا عند الامام احمد وسندة جيد (3) (سندة) حدثنا ابو عاصم ثنا وهب بن خالد الحمصى حدثنى ام حبيبة بنت العرباض قالت حدثنى ابى ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم حرم يوم خيبر الخ (غريبة) (4) يعنى ما يسبى من النساء الحوامل لا يجوز وطؤها حتى تضع حملها وتقدم الكلام على ذلك فى باب النهى عن قتل الاسير اذا لم يحتلم الخ من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر صحيفة 105 و 106 (تخريجة) (مذ) وزاد فى رواية قال ابو عاصم المجثمة ان ينصب الطيرفيرمى والخلسة الذئب او السبع يدركة الرجل فياذ منة يعنى الفريسة فتموت فى يدة قبل ان يذكيها اه وسندة جيد ورواه ايضا (ك) وصححة واقره الذهبى (5) (سندة) حدثنا معاوية قال ثنا زائدة قال ثنا محمد بن عمرو عن ابى سلمة عن ابى هريرة الخ (غريبة) (6) اى كالاسد والنمر والفهد والذئب ونو ذلك وساتى لذلك مزيد بحث فى باب الخاص بة (تخريجة) لم اقف علية من حديث ابى هريرة بهذا اللفظ لغير الامام احمد وسندة جيد ويؤيدة ما قبلة وهو بمعناه (7) (سندة) حدثنا احمد بن عبدالملك ثنا محمد بن حرب يعنى الابرش قال ثنا سليمان بن سليم ابو سلمة عن صالح يعنى ابن يحيى بن المقدام الخ (غريبة) (8) قال فى القاموس الصائفة غزوة الروم لانهم كانوا يغزون صيفا لمكان البرد والثلج اه (وقولة فقرم كفرح) القرم بالتحريك شدة اللحم حتى لا يصبر عنة يقال قرمت الى اللحم اقرم قرما وحكى بعضهم فية قرمتة (9) الرمكة بفتحتين الانثى من البراذين جمعها رماك ورمكات وارماك مثل ثمار واثمار قالى فى المخنار (قلت) والبراذين جمع برذن بكسر الموحدة وسكون الراء وفتح الزال المعجمة والمراد الجفاه الخلقة من الخيل واكثر ما تجلب من بلاد الروم ولها جلد على السير فى الشعاب والجبال والوعر بخلاف الخيل العربية (10) اى ربطوها بالحبال (11) جمع حظيرة وهي

-[كلام العلماء في تضعيف حديث خالد بن الوليد في النهي عن لحوم الخيل]- وبغالها وكل ذي ناب من السباع وكل ذي مخلب من الطير (وعنه من طريق ثان) عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل لحوم الخيل والبغال والحمير (وعنه من طريق ثالث) عن أبيه عن جده المقدام بن معد يكرب قال غزوت مع خالد بن الوليد الصائفة فذكر نحو الطريق الأولى سواء بسواء (عن علي رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ذي ناب من السبع وكل ذي مخلب من الطير وعن ثمن الميتة وعن لحم الحمر الأهلية وعن مهر البغي وعن عسب الفحل وعن المياثر الأرجوان (باب ما جاء الحمر الأهلية والجلالة) (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ ما يحظر به على الغنم ونحوها من الدواب من الشجر ليمنعها ويحفظها (1) (سندة) حدثنا يزيد بن عبد ربة ثنا بقية بن الوليد حدثنى ثور بن يزيد عن صالح بن يحى بن المقدام عن ابن المقدام عن جدة المقدام بن معد يكرب الخ (تخريجة) اخرج ابو داود الجزء المرفوع من الطريق الاولى عن خالد بن الوليد واخرج الطريق الثانية (د نس جة هق) وقد تكلم العلماء فى هذا الحديث كثيرا حتى ان البيهقى ترجم لة فقال باب ضعف الحديث الذى روى فى النهى عن لحوم الخيل (قلت) صححة الحنفة واستدلوابة على عدم الجواز وعلى فرض صحتة فهو معارض لحديث جابر واسماء المتفق عليهما فى جواز اكل لحوم الخيل وتقدما فى باب ما جاء فى اليل وحمار الوحش مع انة قد ضعف حديث خالد الامام احمد والبخارى والنسائى وقال ابو داود والنسائى انة منسو وضعفة ايضا الدارقطنى والخطابى وابن عبد البر وابن حزم وغيرهم وقال الواقدى لا يصح هذا لان خالد اسلم بعد فتح خيبر وقال البخارى خالد لم يشهد خيبر وكذا قال الامام احمد لم يشهد خالد خيبر وقال ابو عمر النميرى ولا ولا يصح لخالد بن الوليد مشهد مع رسول اللة صلى اللة علية وسلم قبل الفتح اه واللة اعلم (ز) (3) (سندة) حدثنا محمد بن يحيى بن عبد الصمد حدثنى ابى ثنا حسن بن ذكوان عن حبيب بن ابى ثابت عن عاصم بن ضمرة عن على رضى اللة عنة الخ (غريبة) (4) سياتى الكلام على ذلك فى بابة قريبا (5) تقدم الكلام على ذلك (6) سياتى الكلام علية فى الباب الاول من ابواب ما جاء فى الذهب والفضة والحرير من كتاب اللباس (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه عبد اللة بن احمد ورحالة ثقات (قلت) فى اسنادة الحن بن ذكر ان مختلف فية قال فى الخلاصة قال النسائى ليس بالقوى وضعفة احمد وابن المعين وابو حاتم وابن المدينى قال ابو داود وكان قدريا لة فى البخارى فرد حديث ولة شواهد وقال ابن عدى ارجو انة لا باس بة اه وفى التهذيب قال ابن عدى وقد روى عنة يحيى القطان وابن المبارك وناهيك بة جلالة ان يروى عنة وذكرة ابن حيان فى الثقات اه (قلت) اما من اعل الحديث بالانقطاع لان الحسن بن ذكوان لم يسمع من حبيب بن ابى ثابت فليس بشئ لانة يثبت فى الخلاصة ان الحسن بن ذكوان ان روى عن الحسن وابن سيرين ووفاتهما كانت سنة عشر ومائة ووفاه حبيب بن ابى ثابت وسماعة منة ممكن والللة اعلم (باب) * (7) (سندة) حدثنا مومل ثنا وهيب ثنا ابن طاوس عن عمرو بن شعيب الخ

-[النهي عن أكل الحمر الأهلية وكلام العلماء في الجلالة (بتشديد اللام الأولى)]- عن لحوم الحمر الأهلية وعن الجلالة عن ركوبها وأكل لحومها (عن عبد الله بن عمر) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه نهى يوم خيبر عن الحمر الأهلية (عن أبي سعيد الخدري) قال وقع الناس يوم خيبر في لحوم الحمر الأهلية ونصبوا القدور ونصبت قدري فيمن نصب فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنهاكم عنه أنهاكم عنه مرتين فاكفئت القدور فكفأت قدري فيمن كفأ (عن عبد الله ابن أبي سليط) عن أبيه أبي سليط (وكان بدريًا) قال أتانا نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الحمر الإنسية والقدور تفور بها فكفأناها على وجوهها (زاد في رواية) ونخت بخيبر فكفأنا وإنا لجياع (عن أنس بن مالك) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل ورسوله ينهاكم عن

_ (1) تقدم الكلام على الحمر الاهلية اما (الجلالة) فبفتح الجيم وتشديد اللم من ابنية المبالغة وهى الحيوان الذى ياكل العذرة وسواء فى الجلالة البقر والابل والغنم وغيرها كالدجاج والاوز وغيرهما ثم قيل ان كان اكثر علفا النجاسةفهى جلالة وان كان اكثر علفها الطهارة فليست جلالة وجزم بة النووى فى تصحيح التنبية (2) علة النهى ان تعرق فتلوث ما عليها بعرقها وقد اتلف فى طهارة لبن الجلالة فالجمهور على طهارة لان النجاسة تستحيل فى باطنها بالاستحالة كالد يستحيل فى اعضاء الحيوانات لحما ويصير لينا (تخريجة) (د نس) وسندة جيد ورجالة ثقات ما عدا مؤمل بن اسماعيل العدوى فقد اتلف فية وثقة ابن معين وقال البخارى منكر الحديث وفى التهذيب قال ابو حاتم صدوق كثيرا الخطا (3) (سندة) حدثنا يحي عن عبد اللة حدثنى نافع عن عبد اللة بن عمر الخ (تخريجة) (ق وغيرهما) (4) (سندة) حدثنا يونس ثنا حماد (يعنى ابن زيد) ثنا بشر بن حرب سمعت ابا سعيد الخدرى يحدث قال غزونا مع رسول اللةصلى اللة علية وسلم فدك وخيبر قال ففتح اللى علي رسولة فدك وخيبر فوقع الناس فى بقلة لهم هذا الثوم والبصل قال فراحوا الى رسول اللة صلى اللة علية وسلم فوجد ريحها فتاذى بة ثم عاد القوم فقال الالا تاكلوة فمن اكل منها شيئا فلا يقربن مجلسنا قال ووقع الناس يوم يبر فى لحوم الحمر الاهلية الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال روى لة ابو داود النهى عن الثوم والبصل لمن اتى المسجد وهنا قال فلا يقربن مجلسنا رواه احمد وفية بشر بن حرب وهو ضعيف وقد وثق (5) (سندة) حدثنا يعقوب قال حدثنى ابى عن ابن اسحاق قال فحدثنى عبد اللة بن عمرو بن الفزارى عن عبد اللة بن ابى سليط الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد والطبرانى وفية عبد اللة بن عمرو بن ضميرة ذكرة ابن ابى حاتم ولم يجرحة ولم يوتقة اه قال احافظ فى تعجيل المنفعة عبد اللة بن عمرو بن ضمرة ذكرة ابن حيان فى الثقات فى الطبقة الثالثة لكنة قال عبد اللة بن ضميرة نسبة الى جدة مصغرا وكذا ذكرة البارى انة يقال لة عبد اللة بن عمرو بن ضميرة وعبد اللة بن ضمرة اه (6) (سندة) حدثنا سفيان بن عيينة عن ايوب عن محمد عن انس قال صبح النبى صلى اللة علية وسلم خير بكرة وقد خرجوا بالمساحى فلما نظروا الية قالوا محمد والميس محمد والخميس ثم احالوا يسعون الى الحصن ورفع رسول اللة صلى اللة علية وسلم يدية ثم كبر ثلاثا ثم قال رجت خير انا اذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين فاصبنا حمرا خارجة من القرية فاطبخناها فقال رسول اللة صلى اللة علية وسلم إن الله

-[النهي عن أكل الحمر الأهلية ورأى ابن عباس في ذلك وكلام العلماء في الجلالة]- الحمر الأهلية فإنها رجس من عمل الشيطان (وعنه أيضا) أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بخيبر فقال أكلت الحمر مرتين، قال ثم جاء فقال أفنيت الحمر، قال فنادي إن الله ورسوله ينهيانكم عن لحم الحمر فإنها رجس (حدثنا سفيان عن الشيباني) عن عبد الله بن أبي أو في رضى الله عنه قال أصبنا حمرا خارجا نم القرية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفئوا القدور بما فيها فذكرت ذلك لسعيد ابن جبير فقال إنما نهى عنها أنها كانت تأكل العذرة (حدثنا سفيان بن عيينة) قال عمرو يعني ابن دينار قلت لأبي الشعثاء إنهم يزعمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لحوم الحمر قال يا عمرو أبى ذلك البحر وقرأ (قل لا أجد فيما أوحى إلي محرما على طاعم يطعمه) يا عمرو أبى ذلك البحر قد كان يقول ذلك الحكم ابن عمرو الغفاري يعني يقول أبى ذلك علينا البحر بن عباس (باب ما جاء في الهر وكل ذي ناب من السبع وكل ذي مخلب من الطير) (عن أبي هريرة) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الهر سبع

_ عز وجل ورسوله ينهياكم عن الحمر الاهلية الخ (غريبة) (1) اى خبيث مستقذر (2) اى من عملة الذى يزينة (تخريجة) (ق هق) مختصرا * (3) (سندة) حدثنا يحيى عن هشام بن حسان ثنا محمد عن انس ان رجلا اتى النبى صلى الللة علية وسلم الخ (غريبة) (4) عند البخارى فامر مناديا فنادى فى الناس ان اللة الخ (تخريجة) (خ هق) * (5) (حدثنا سفيان عن السيبانى الخ) (غريبة) (6) يعنى قرية خيبر كما يستفاد ذلك من روايات اخرى (تخريجة) (هق) ثم قال اخرجة البخارى من حديث عباد بن العوام عن الشيبانى وقد علم جماعة من الصحابة رضى اللة عنهم ان النهى عن ذلك وقع على تحريم اه (قلت) تقدم حديث طويل لابن ابى اوفى فى باب المشى امام الجنازة وخلفها فى الجزء الثامن صحيفة 11 رقم 206 وفية ذكر الحمر الاهلية فارجع الية * (7) (حدثنا سفيان بن عينية الخ) (غريبة) (8) يعنى الحمر الاهلية (9) يعنى ابن عباس رضى اللة عنهما وسمى ابن عباس بحرا لسعة علمة (10) اختصرا الراوى الاية للعلم بها وبقيتها (الا ان يكون ميتة او دما مسفوحا او لحم خنزير احتج ابن عباس بهذة الاية فى جواز اكل لحوم الحمر الاهلية لانها ليست فيما حرم اللة فى هذة الاية قال الحافظ ابن القيم والتحقيق ان ابن عباس اباحها اولا حيث لم يبلغة النهى فسمع ذلك منة جماعة منهم ابو الشعثاء وغيرهم فرووا ما سمعوة ثم بلغة النهى عنها فتوقف (تخريجة) (خ فع هق) يستفاد من هذا الباب تحريم اكل لحوم الحمر الاهلية وللعلماء خلاف فى ذلك انظرة فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 428 فى الجزء الثانى اما الجلالة من بعير او بقرة او شاه او دجاجة ونحوها فيكرة اكلها باتفاق الثلاثة وقال احمد يحرم لحمها ولبنها وبيضها فان حبست وعلفت طاهر حتى زالت رائحة النجاسة حلت وزالت الكراهة بالاتفاق ثم قيل يحبس البعير والبقرة اربعين يوما والشاه سبعة ايام والدجاجة ثلاثة ايام واختارة فى المهذب والتحرير واللة اعلم (باب) * (سندة) حدثنا وكيع قال ثنا عيسى بن المسيب عن ابن زرعة عن ابى هريرة الخ (غريبة) (12) معناه انة لا يجوز اكلة اخذا من الحديث ان النبى صلى اللة علية وسلم قال كل ذى ناب من السباع فاكلة حرام والامر فى ذوات الانياب (تخريجة) لم اقف علية من حديث

-[النهي عن كل ذي ناب من السبع وكل ذي مخلب من الطير- وما جاء في الميتة ولحم الخنزير]- (ز) (عن علي رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل ذي ناب من السبع وكل ذي مخلب من الطير (عن أبي هريرة) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل ذي ناب من السباع فأكله حرام (باب ما جاء في الميتة ولحم الخنزير) (عن جابر بن عبد الله) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام الفتح إن الله عز وجل ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام، فقيل له عند ذلك يا رسول الله أرأيت شحوم الميتة فإنه يدهن بها السفن ويدهن بها الجلود ويستصبح بها الناس، قال لا هو حرام ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك قاتل الله اليهود، إن الله عز وجل لما حرم عليه الشحوم جملوها ثم باعوها وأكلوا أتمانها (باب الرخصة في أكل الميتة للمضطر) (عن جابر بن سمرة) أن أهل بيت كانوا بالحرة محتاجين قال فماتت عندهم ناقة لهم أو بعيرهم فرخص لهم النبي صلى الله عليه وسلم في أكلها قال فعصمتهم بقية شتائهم أو سنتهم (وفي رواية) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لصاحبها أما لك ما يغنيك عنها؟ قال لا قال اذهب فكلها (وعنه أيضا) أن رجلا كان مع والده بالحرة فقال له رجل إن ناقة لي ذهبت فإذا أصبتها فأمسكها، فوجدها الرجل فلم يجيء صاحبها حتى مرضت، فقالت له امرأته انحرها حتى نأكلها فلم يفعل حتى نفقت فقالت امرأته اسلخها حتى نقدد لحمها وشحمها، قال حتى أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال هل عندك شيء يغنيك عنها؟

_ أبو هريرة لغير الإمام احمد واوردة الهيثمى وقال رواه احمد وفية عيسى بن المسيب وثقة ابو حاتم وضعفة غيرة اه (قلت) لة شاهد عند (د مذ جة) من حديث جابر ان النبى صلى اللة علية وسلم نهى عن اكل الهر واكل ثمنها وهو ضعيف (ز) (1) هذا طرف من حديث على المتقدم بسندة وتخريجة فى باب جامع فى تحريم اجناس متعددة (غريبة) (2) الناب السن الذى خلف الرباعية جمعة انياب ققال ابن سينا لا يجتمع فى حيوان واحد ناب وقرن معا وذو الناب من السباع كالاسد والنمر والذئب والفيل والقرد وكل مالة ناب يتقوى بة ويصطاد (3) المخلب بكسر الميم وفتح اللام قال اهل اللغة الملب للطير والسباع بمنزلة الظفر للانسان * (4) (سندة) حدثنا عبد الرحمن عن مالك عن اسماعي بن ابى حكيم عن عبيدة ابن سفيان عن ابى هريرة الخ (تخريجة) (م هق والامامان) (باب) (5) هذا الحديث تقدم بسندة وشرحة وتخريجة فى باب ما جاء فى بيع الخمر والنجاسة مالا نفع فية من كتاب البيوع والكسب صحيفة 26 رقم 76 فى الجزء الخامس عشرفارجع الية وانما ذكرتة هنا لما فية من تحريم الميتة ولحم الخنزير وذلك باتفاق العلماء (باب) (6) (سندة) حدثنا ابو كامل ثنا شريك عن سماك عن جابر ابن سمرة الخ (غريبة) (7) الحرة بفتح الحاء وتشديد الراء ارض بظاهر المدينة بها حجارة سود (8) اى للضرورة فقط عند فقد اى شئ يصلح قوتا كما يستفاد من الرواية الاخرى (9) الظاهر انهم قد دوا ما بقى من لحمها وادخروة عندهم لوقت الحاجة الضرورية وهذا مستفاد من قولة (فمعصمتهم بقية شتائهم الخ) اى كفتهم الحاجة واللة اعلم (تخريجة) (هق) وسندة جيد * (10) (سندة) حدثنا الحسن بن يحيى ثنا عبد الصمد ثنا حماد بن سلمة ثنا سماك عن جابر بن سمرة ان رجلا كان مع والدة الخ (غريبة) (11) بفتحتين اى ماتت يقال نفقت الدابة نفوقا مثل قعدت المرأة قعودا اذا ماتت (12) اى تستغنى به ويكفيك

-[الرخصة في أكل الميتة للمضطر وكلام العلماء في ذلك]- قال لا، قال كلها، فجاء صاحبها بعد ذلك فقال فهلا نحرتها؟ قال استحييت منك (عن أبي واقد الليثي) قال قلت يا رسول الله إنا بأرض تصيبنا بها مخمصة فما يحل لنا من الميتة؟ قال إذا لم تصطحبوا ولم تغتبقوا ولم تحتفئوا بقلا فشانكم بها. (أبواب الأكل وآدابه وما يتعلق به) (باب ما كان يحبه ويمدحه النبي صلى الله عليه وسلم من الأطعمة) (عن عبد الله بن جعفر) يحدث ابن الزبير وقد نحرت للقوم جزور أو بعير أنه سمع

_ ويكفي أهلك وولدك عنها (1) بيائين مثنا تين من تحت ولغة تميم وبكر بن وائل استحيت بفتح الحاء وحذف احدى الياءين (تخريجة) (د هق) وسندة جيد وسكت عنة ابو داود والمنذرى * (2) (سندة) حدثنا محمد بن القاسم عن الاوزاعى عن حسان بن عطية عن ابى واقد الليثى الخ (غريبة) (3) اى مجاعة (4) قال ابن رسلان فى شرح السنن الاصطباح هاهنا اكل الصبوح وهو الغداء والغبوق اكل العشاء اه وهما بفتح اولها والاول شرب اللبن اول النهار والثانى شرب اللبن اخر النهار ثم استعملا فى الاكل للغداء والعشاء وعليهما يحمل ما فى هذا الحديث (5) بفتح المثناتين من فوق بينهما حاء مهملة وبعدهما فاء مكسورة ثم همزة مضمومة: قال الشوكانى فى الحفاء وهو البر دى بضم الموحدة نوع من جيد النمر وضعفة بعضهم بان البردى ليس من البقول اه (قلت) قال فى القاموس البردى (بفتح الموحدة) نبات معروف وبالضم تمر جي اه قال ابو عبيد هو اصل البردى الابيض الرطب وقد يوكل قال ومعنى الحديث انة ليس لكم ان تصطبحوا وتغتبقوا وتجمعوهما مع الميتة قال الازهرى قد انكر هذا على ابى عبيد وفسرانة اراد اذا لم تجدوا البنة تصطبحونها او شربا تغتبقونة ولم تجدوا بعد عدم الصبوح والغبوق بققلة تاكلونها حلت لكم الميتة قال وهذا هو الصحيح اه قال الخطابى القدح من اللبن بالغداه والقدح بالعشى يمسك الرمق ويقيم النفس وان كان لا يغذوا البدن ولا يشبع السبع التام وقد اباح لهم مع ذلك الميتة فكان دلالتة ان تناول الميتة مباح الى ان تاخذ النفس حاجتها من القوت والى هذا ذهب مالك بن انس وهو احد قولى الشافعى اه انظر احكام هذا الباب فى القول الحسن شرح بدائع المنن فى الجزء الثانى صحيفة 430 (تخريجة) (هق) وسندة جيد واوردة الهيثمى وقال رواه الطبرانى ورجالة ثقات (باب) * (6) (سندة) حدثنا يحيى حدثنا مسعر حدثنى شيخ من فهم قال واظنة يسمى محمد بن عبد الرحمن قال واظنة حجازيا انة سمع عبد اللة بن جعفر يحدث ابن الزبير وقد نحرت للقوم جزور الخ (غريبة) (7) الجزور هو البعير سواء كان ذكرا او انثى (واو) للشك من الراوى (تخريجة) (نس جة) والترمذى فى الشمائل وفى اسنادة محمد بن عبد الرحمن وجاء عند ابن ماجة محمد بن عبد اللة قال الشريف الحسينى محمد بن عبد الرحمن الحجازى عن ابن الزبير وعبد اللة بن جعفر ابن ابى طالب رضى اللة عنهم وعنة المسعودى ومسعر (قال الحافظ فى تعجيل المنفعة هو محمد بن عبد اللة ويقال ابن عبد الرحمن الفهمى الطائفى المذكور فى التهذيب وقد ارج حديثة (حم نس جة) والترمذى فى الشمائل كلهم من رواية مسعر ثم ذكر حديث الامام احمد بسندة ولفظة كما هنا ثم ذكر اسانيد الاخرين ثم قال فظهر من هذا كلة انة يسمى محمدا وان اباه اما عبد اللة واما عبد الرحمن وانة فهمى طائفى حجازى واللة اعلم اه ولم يذكر فية تجريحا وقوى سندة البوصيرى فى زوائد ابن ماجة وأخرجه أيضًا الحاكم

-[ما كان يحبه النبي صلى الله عليه وسلم ويمدحه من الأطعمة]- رسول الله والقوم يلقون لرسول الله صلى الله عليه وسلم اللحم يقول أطيب اللحم لحم الظهر (وعنه أيضا) قال إن آخر ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في إحدى يديه رطبات وفي الأخرى قثاء وهو يأكل من هذه ويعض من هذه، وقال إن أطيب الشاة لحم الظهر (وعنه أيضا) قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب (عن عبد الله) قال كان أحب العراق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الذراع ذراع الشاة وكان قد سم في الذراع وكان يرى أن اليهود هم سموه (عن شرحبيل عن أبي رافع) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أهديت له شاة فجعلها في القدر فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا يا أبا رافع؟ فقال شاة أهديت لنا يا رسول الله فطبختها في القدر فقال ناولني الذراع يا أبا رافع فناولته، ثم قال ناولني الذراع الآخر، فناولته الذراع الآخر، ثم قال ناولني الذراع الآخر فقال يا رسول الله إنما للشاة ذراعان: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إنك لو سكت لناولتني ذراعًا فذراعًا ما سكت ثم دعا بماء فمضمض فاه وغسل أطراف أصابعه ثم قام فصلى ثم عاد

_ في المستدرك وصححة واقره الذهبى * (1) (سندة) حدثنا نصر بن باب عن حجاج عن قتادة عن عن عبد اللة بن جعفر انة قال ان ار ما رايت رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (2) (غريبة) بكسر القاف وتشديد الثاء المثلثة ويجوز ضم القاف (تخريجة) لم اقف علية بهذا اللفظ لغير الامام احمد وفى اسنادة نصر بن باب والحجاج بن ارطاه فيهما كلام وقد وثقا وروى (ق مذ د جة) منة اكل القثاء مع الرطب وروى منة الحاكم الجزء المختص بلحم الظهر وصححة واقره الذهبى (3) (سندة) حدثنا ابراهيم بن سعد حدثنى ابى عن عبد اللة بن جعفر قال رايت النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (4) قال القرطى يوخذ من هذا الحديث جواز مراعاه صفات الاطعمة وطبائعها واستعمالها على الوجة الاليق بها على قاعدة الطب لان فى الرطب حرارة وفى القاه برودة فاذا اكلا معا اعتدلا وهذا اصل كبير فى المركبات من الادوية ومن فوائد اكل هذا المركب المعتدل تعديل المزاج وتسمين البدن كما اخرجة ابن ماجة من حديث عائشة انها قالت ارادت امى ان تهيئى للسمن لتدخلنى على النبى صلى اللة علية وسلم فما استقام لها ذلك حتى اكلت الرطب بالقثاء فسمنت كاحدث السمن اه (تخريجة) (ق د مذ جة) (5) (سندة) حدثنا ابو داود الطيالسى ثنا زهير ثنا ابو اسحاق عن سعد بن عياض عن عبد اللة (يعنى ابن مسعود) الخ (غريبة) (6) العراق بضم المهملة جمع (عر ق) بفتح المهملة وسكون الراء قال فى النهاية هو جمع نادر (والعرق ق) العظم اذا اخذ عنة معظم اللحم (7) الذراع من يدى البقر والغنم فوق الكراع قال الننوى محبتة صلى اللة علية وسلم للذراع لنضجها وسرعة استمرائها مع زيادة لذتها وحلاوة مذاقها وبعدها عن مواضع الاذى (تخريجة) (نس طل) ورواه ابو داود حديثين من طريق الطيالسى وسكت عنة ابو داود والمنذرى وللشيخين من حديث ابى هريرة ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم رفع الية الذراع وكانت تعجبة وسياتى فى هذا الباب اما ذراع الشاه المسمومة التىهداها اليهود لرسول اللة صلى اللة علية وسلم فسياتى حديثها فى غزوة خيبر وفى المعجزات فى كتاب السيرة النبوية وفى وفاتة صلىللة عليةوسلم (8) (سندة) حدثنا خلف بن الوليد قال ثنا ابو جعفر يعنى الرازى عن سرحبيل عن ابى رافع الخ (غريبة) (9) ما مصدرة ية ظريفة والمعنى انك لو سكت وادخلت يدك فى القدر لو جدت ذراعا ثالثة ورابعة وهكذا مدة سكوتك وهذا من معجزاتة صلى اللة علية وسلم (10) اى لم يتوضأ وضوءه للصلاة

-[كان صلى الله عليه وسلم يحب اللحم خصوصا ذراع الشاة]- إليهم فوجد عندهم لحمًا باردا فأكل ثم دخل المسجد فصلى ولم يمس ماء (ومن طريق ثان) عن أبي رافع أيضًا قال صنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم مصلية فأتى بها فقال لي يا أبا رافع ناولني الذراع فناولته، فقال يا أبا رافع ناولني الذراع فناولته، ثم قال يا أبا رافع ناولني الذراع فقلت يا رسول الله وهل للشاة إلا ذراعان؟ فقال لو سكت لناولتني منها ما دعوت به قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الذراع (عن أبي هريرة) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجب الذراع (عن جابر بن عبد الله) قال صنعنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فخارة فأتيته بها فوضعتها بين يديه فاطلع فيها فقال حسبته لحمًا فذكرت ذلك لأهلنا فذبحوا له شاة (عن أنس) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تعجبه الفاغية وكان أعجب الطعام إليه الدباء (وعنه أيضا) قال قدمت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قصعة فيها قرع قال وكان يعجبه القرع، قال فجعل يلتمس القرع بإصبعيه

_ بل اقتصر على موضع الاكل (1) اى مضى علية زمن حتى برد من اثر النار (2) اى لم يتوضا مما مست النار وهذا الجزء المختص بعدم الوضوء مما مست النار تقدم نحوة احاديث كثيرة عن كثير من الصحابة فى باب الوضوء مما مست النار من كتاب الطهارة فى الجزء الثانى صحيفة 99 (3) (سندة) حدثنا مؤمل ثنا حماد حدثنى عبد الرحمن بن ابى رافع عن عمتة عن ابى رافع ال (4) اى مشوية يقال صليت اللحم بالتخفيف اى شويتة فهو مصلى (5) اى ما طلبتة (6) تقدم سبب حبة صلى اللة علية وسلم للذراع (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم طب) من طرق وقال (يعنى االطبرانى) فى بعضها امرنى رسول اللة صلىللة علية وسلم ان اصلى لة شاه فصيلتها ورواه فى الاوسط باختصار واحد اسنادى احمد حسن (7) (سندة) حدثنا ابو النضر ثنا ابو عقيل ثنا ابو حيان عن ابى زرعة عن ابى هريرة الخ (تخريجة) (مذ جة) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح قال وابو حيان اسمة يحيى بن سعيد بن حيان التميمى وابو زرعة بن عمرو بن جرير اسمة هرم اه (8) (سندة) حدثنا عبد الصمد ثنا ابو هلال ثنا اسحاق بن عبد اللة بن ابى طلحة عن جابر بن عبد اللة الخ (غريبة) (9) الفخارة بفتح الفاء وتشديد المعجمة من الفخار قال فى النهاية والفخار ضرب من الخزف معروف تعمل منة الجرار والكيزان وغيرهما اه (قلت) والظاهر انهم كانوا يطبخون الاطعمة فى هذة الجرار التى من الفخار وكان يقال لبعض الاطعمة المصنوعة فيها فخارة من باب تسمية الحال باسم المحل فلما اتى ظن النبى صلى اللة علية وسلم ان بها لحما فلما يجدة لحما قال حسبتة لحما ففهم جابر ان النبى صلى اللة علية وسلم يشتهى اللحم فاخبر اهلة بذلك فذبحوا لة شاه ويستفاد منة انة صلى اللة علية وسلم كان يحب اللحم واللة اعلم (تخريجة) (ك) باطول من هذا وصححة واقرة الذهبى وفى اخرة انة صلى اللة علية وسلم دعا لهم * (10) (سندة) حدثنا عبد الصمد ثنا سليمان بن كثير ثنا عبد الحميد عن انس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبة) (11) هى نور الحناء وقيل نور الريحان وقيل نور كل بيت من انوار الصحراء التى لا تزرع وقيل فاغية كل بنت نورة (نة) (12) بتشديد الدال المهملة مضمومة بعدها موحدة مشددة واخرة همزة هو القرع (تخريجة) (نس جة) والترمذى فى الشمائل بدون ذكر الفاغية عند الجميع * (13) (سندة) حدثنا ابو كامل ثنا حماد بن زيد

-[كان صلى الله عليه وسلم يجب القرع ويقول نعم الأدم الخل]- أو قال بأصابعه (وعنه من طريق ثان) كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه القرع فكان إذا جيء بمرقة فيها فرع جعلت القرع مما يليه (وعنه أيضًا) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع بين الرطب والخربز (عن جابر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم الادام الخل، ما أقفر بيت فيه خل (وعنه من طريق ثان) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلب أو سأل أهله الأدم قالوا ما عندنا إلا خل قال فدعا به فجعل يأكل به ويقول نعم الأدم الخل (عن طلحة بن نافع عن جابر بن عبد الله) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده إلى منزله فما انتهى قال ما من غذاء أو عشاء شك طلحة، قال فأخرجوا فلقًا من خبز، قال ما من أدم؟ قالوا لا إلا شيء من خل، قال أدنيه فإن الخل نعم الأدم هو، قال جابر مازلت أحب الخل مذ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال طلحة مازلت أحب الخل مذ سمعته من جابر

_ ثنا سلم العلوي عن انس بن مالك قال قدمت الى النبى صلى اللة علية وسلم الخ (1) (سندة) حدثنا مؤمل ثنا حماد عن ثابت وحميد عن انس قال كان النبى صلى اللة عليةوسلم الخ (تخريجة) (ق د مذ نس) قال النووى فى الحديث فضيلة اكل الدباء وانة يستحب ان يحب الدباء وكذلك كل شئ كان رسول اللة صلى اللة علية وسلم يحبة وانة يحرص على تحصيل ذلك * (2) (سندة) حدثنا وهب بن جرير قال حدثنى ابى قال سمعت حميدا الطويل يحدث عن انس قال رايت الخ (غريبة) (3) الخربز بكسر المعجمة وسكون الراء وفتح الموحدة بعدها زاى قال فى النهاية هو اليطيخ بالفارسية اه وجاء عند ابى داود من حديث عائشة بلفظ كان رسول اللة صلى اللة عليةوسلم ياكل الطييخ بالرطب فيقول نكسر حر ضهذا بيرد هذا وبرد هذا بحر هذا وقال الخطابى (والطييخ) لغة فى البطيخ قال وفية اثبات الرطب والعلاج ومقابلة الشى الضار بالشئ المضاد لة فى طبعة على مذهب الطب والعلاج (تخريجة) (نس) قال الحافظ وسندة صحيح اه (قلت) واخرجة ايضا (د نس مذ هق) من حديث عائشة وتقدم لفظة قال الحافظ ابن القم فى زاد المعاد جاء فى البطيخ عدة احاديت لا يصح منها شئ غير هذا الحديث الواحد * (4) (سندة) حدثنا محمد بن يزيد عن حجاج بن ابى ذئب عن ابى سفيان عن جابر (يعنى بن عبد اللة) الخ (غريبة) (5) اى ما خلا من الادام ولا عدم اهلة الادم والقفار الطعام بلا ادم واقفر الرجل اذا اكل الخبز وحدة: من القفر والقفار وهى الارض الخالي التى لاماء بها (نة) (6) (سندة) حدثنا عفان ثنا ابو عوانة ثنا ابو بشر عن ابى سفيان عن جابر ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (7) قال فى النهاية الادام بالكسر والادم بالضم ما يؤكل مع البز اى شئ كان اه قال الطابى معنى هذا الكلام الاقتصاد فى الماكل ومنع النفس عن ملاذ الاطعمة كانة يقول ائتدموا بالخل وما كان فى معناه مما تخف مؤنتة ولا يعز وجودة ولا تتألفوا فى المطعم فان تناول الشهوات مفسدة للدين مسقمة للبدن اه (قلت) ذكر النووى كلام الطابى هذا ثم قال والصواب الذى ينبغى ان بحزم بة انة مدح للخل نفسة: واما الاقتصاد فى المطعم وترك الشهوات فملعوم من قوعد اخراه (تخريجة) (م. والاربعة) * (8) (سندة) حدثنا بهز حدثينا مثنى بن سعيد ثنا طلحة بن نافع عن جابر بن عبد اللة الخ (غريبة) (9) بفتح الفاء وكسر اللام هى كسر الخبز بكسر الكاف وفتح المهملة (10) فية انة يستحب ان يحب الخل وكذلك كل شئ كان رسول اللة صلى اللة علية وسلم يحبة وانة يحرص على تحصيل ذلك

-[ما جاء في أكل اللبن بالتمر وفضل الزيت والثريد]- (حدثنا وكيع ثنا ابن أبي خالد يعني إسماعيل عن أبيه) قال دخلت على رجل وهو يتمجع لبنًا بتمر فقال أذن فإن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم سماها الأطيبين (عن أبي أسيد) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة (عن أنس بن مالك) قال قال النبي صلى الله عليه وسلم فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام (عن ابن عباس) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أطعمه

_ (تخريجه) (م. والاربعة وغيرهم) * (1) (حدثنا وكيع الخ) (غريبة) (2) التمجع والجمع اكل الثمر باللبن وهو ان يحسو حسوة من اللبن وياكل على اثرة ثمرة (نة) (3) اى الافضلين ومعناه انهما افضل من غيرهما من الطعام والشراب (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد: واوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة ورجال الصحيح خلا ابا الد وهو ثقة * (4) (سندة) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد اللة ابن عيسى عن عطاء الشامى عن ابى اسيد (يعنى الساعدى) الخ (غريبة) (5) يعنى زيت الزيتون اى مع الخبز واجعلوة اداما فلا يرد ان الزيت مانع فلا يكون تناولة اكلا (وادهنوا بة) امر من الادهان بتشديد المهملة قال الزين العراقى والمراد بالادهان دهن الشعر بة وقيدة فى رواية بدهن شعر الراس وعادة العرب دهن شعورهم لئلا تئمث لكن لا يحمل الامر بة على الاكثار منة ولا على التقصير فية بل بحيث لا تشعث راسة اه قال الحافظ ابن القيم الدهن فى البلاد الحارة كالحجاز من اسباب حفظ الصحة واصلاح البدن وهو كالضرورى لهم واما فى البلاد الباردة فضار وكثيرة دهن الراس بة فيها خطر بالبصر اه قال العلماء وهذا الامر للاباحة والندب لمن قدر على استعمالة ووافق مزاجة (6) اى لكثرة ما فيها من القوى النافعة او لانها تنبت بالارض المقدسة التى بورك فيها: ويلزم من بركة هذة الشجرة بركة ما يخرج منها من الزيت واللة اعلم (تخريجة) (مذ) فى الاطعمة والحاكم فى التفسير وصححة الحاكم واقره الذهبى واوردة المنذرى بلفظ عن عمر رضى اللة عنة وقال رواه (جة مذ) وقال لا نعرفة الا من حديث عبد الرزاق وكان عبد الرزاق يضطرب فى رواية هذا الحديث ورواه الحاكم وقال صحيح على شرط الشيخين وهو كما قال اه * (7) (سندة) حدثنا سليمان بن داود ثنا اسماعيل بن جعفر قال اخبرنى عبد اللة يعنى ابن عبد الرحمن بن معمر بن حزم انة سمع انس بن مالك يقول قال النبى صلى اللة علية وسلم ال (غريبة) (8) ضرب المثل بالثريد لانة افضل طعامم ولانة ركب من خبز ولحم ومرقة ولانة جمع عائشة جمعت مع حسن الخلق حين الخلق وحلاوة المنطق وفصاحة اللهجة ورصانة العقل والتبب للبعل ومن ثم عقلت منة مالم يعقل غيرها من نسائة وروت عنة مالم يرو مثلها من الرجال الا قليلا وفية منقبة عظيمة لعائشة رضى اللة عنها (تخريجة) (خ جة طل) والدايلى * (9) (سندة) حدثنا اسماعيل اخبرنا على بن زيد قال حدثنى اسماعيل اخبرنا على بن زيد قال حدثنى عمر بن ابى حرملة عن ابن عباس قال دخلت انا وخالد بن الوليد مع رسول اللة صلى اللة عليةوسلم على ميمونة بنت الحارث فقالت الانطعمكم من هدية اهدتها لنا ام حفيد قال فجئ بضبين مشويين فتزق رسول اللة صلى اللة علية وسلم (اى تقذرة) فقال لة خالد كانك تقذرة؟ قال اجل قالت الا اسقيكم من لبن اهدتة لنا؟ فقال بلى قال فجئ بإناء من

-[ما جاء في فضل اللبن وبركة الاجتماع على الطعام وذم كثرة الأكل]- الله طعامًا فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه، ومن سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه، فإنه ليس شيء يجزئ مكان الطعام والشراب غير اللبن (باب بركة الاجتماع على الطعام) (عن وحسي بن حرب عن أبيه عن جده) أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم إنا نأكل وما نشبع قال فلعلكم تأكلون متفرقين، اجتمعوا على طعامكم واذكروا اسم الله يبارك لكم فيه (عن جابر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام الواحد يكفي الاثنين وطعام الاثنين يكفي الأربعة وطعام الأربعة يكفي الثمانية (عن أبي هريرة) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (باب ما جاء في ذم كثرة الأكل) (عن المقدام بن معد يكرب) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما ملأ ابن آدم وعاء شرا من بطنه

_ لبن فشرب رسول اللة صلى اللة علية وسلم وانا عن يمينة وخالد عن شمالة فقال لى الشربة لك وان شئت اثرت بها خالدا فقلت ما كنت لا وثر بسؤرك على احد فقال من اطعمة اللة طعاما الخ (غريبة) (1) فية ان افضل الطعام والشراب اللبن ولذلك لم يقل فى اللبن واطعمنا يرا منة بل قال وزدنا منة وفية استحباب الدعاء الاول عقب اى طعام واستحباب الدعاء الثانى عقب اللبن (تخريجة) (د مذ جة) وحسنة الترمذى باب * (2) (سندة) حدثنا يزيد بن عبد ربة قال ثنا الوليد بن مسلم عن وحشى بن حرب الخ (غريبة) (3) فية الامر بالاجتماع على الطعام وهو امر ارشاد فبالاجتماع تنزل البركات فى الاوقات وبذكر اللة تعالى يمتنع الشيطان عن الوصول الى الطعام (تخريجة) (د جة) وسندة جيد (4) (سندة) حدثنا وكيع ثنا سفيان ح وعبد الرحمن عن سفيان عن ابى الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد اللة) الخ (غريبة) (5) اى ما يشبعة (يكفى الاثنين) على وجة القناعة ويقويهما علىلطاعة ويزيد الضعف عنهما لا انة يشبعهما والغرض من ان الرجل ينبغى ان يقنع بدون الشبع ويصرف الزائد الى محتاج اخر وكذا يقال فى طعام الاثنين يكفى الاربعة الخ (تخريجة) (م مذ نس) (6) (سندة) حدثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عمن سمع ابا هريرة ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم قال طعام الواحد يكفى الاثنين وطعام الاثنين يكفى الاربعة (تخريجة) (م لك مذ) وفى اسنادة عند الامام احمد راو لم يسم ولفظة عند مسلم هكذا حدثنا يحيى بن يحى قال قرأت على مالك عن ابى الزناد عن الاعرج عن ابى هريرة انة قال (قال رسول اللة صلى اللة عليةوسلم طعام الاثنين كافى الثلاثة كافى الاربعة) وكذلك عند مالك ورواه مسلم ايضا بلفظ حديث الباب عن جابر وتفسيرة كما روى عن عمر انة قال يوم الرمادة لقد هممت ان انزل عل كل اهل بيت مثل عددهم فان الرجل لا يهلك على نصف بطنة والمعنى هو الحثعلى ان يؤثر ذوى الحاجة على نفسة بما يتضرر بمثلة كالثلث والربع واللة اعلم باب (7) (سندة) حدتنا ابو المغيرة قال ثنا سليمان بن سليم الكنانى قال ثنا يحيى بن جابر الطائى قال سمعت المقدام بن معد يكرب الخ (غريبة) (8) اى ظرفا (شرا من بطنة) صفة وعاء جعل البطن اولا وعاء كالاوعية التى تتخذ ظرفا لحوائج البيت توهينا لشانة ثم جعلة شر الاوعية لان مل الاوعية لا يخلو عن طمع او حرص فى الدنيا وكلاهما شر عل الفاعل والبطن لق لان يتقوم بة الصلب وامتلاؤة يفضى الى مضار كثيرة منها كثرة المرض غالبا ومنها الكسل فيمنعة عن التعبد ويكثر فية مواد الفضول فيكثر غضبة وشهوتة ومنها زيادة حرصة فيوقعة فى الطلب ما زاد على الحاجة وهذا فساد

-[ذم كثرة الأكل وامتلاء البطن به- ومدح التخفيف منه]- حسب ابن آدم أكلات يقمن صلبه فإن كان لا محالة فثلث طعام وثلث شراب وثلث لنفسه (عن نافع عن ابن عمر) قال رأى ابن عمر مسكينا فجعل يدينه ويضع بين يديه فجعل يأكل أكلا كثيرا فقال لي لا تدخلن هذا علي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء (وعنه من طريق ثان) عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المؤمن يأكل في معنى واحد والكافر يأكل في سبعة أمعاء (عن أبي هريرة) أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو كافر فكان يأكل أكلا كثيرا ثم إنه أسلم فكان يأكل أكلا قليلا فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء وإن المسلم يأكل في معي واحد (عن أبي بصرة الغفاري) قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لما هاجرت وذلك قيل أن أسلم فجلب لي شويهة كان يجتلبها لأهله فشربتها فلما أصبحت أسلمت، وقال عيال النبي صلى الله عليه وسلم نبيت الليلة كما بتنا البارحة

_ في الدين والدنيا لذلك صار البطن شر وعاء ملئ (1) اى يكفى ابن ادم (اكلات) بفتح الهمزرة والكاف جمع اكلة بالضم وهى اللقمة اى يكفية هذا القدر فى سد المق وامساك القوة ولهذا قال (يقمن صلية) اى ظهرة تسمية للكل باسم جزئة اذا كل شئ من الظهر فية فقار فهو صلب كناية عن انة لا يتجاوز ما يحفظة من السقوط ويتقوى علىلطاعة (2) بفتح الميم ويضم اى ان كان لابد من التجارز عما ذكر فلتكن اثلاثا (فثلث طعاما) بالتنوين اى فثلث يجعلة لطعامة (وثلث شراب) اى مشروبة (3) بفتح الفاء اى يبقى من ملئة قدر الثلث ليتمكن من التنفس ويحصل لة نوع صفاء ورقة وهذا غاية ما اختبر للاكل ويحرم الاكل فوق السبع لانة مضر قطعا واللة اعلم (تخريجة) (جة مذ ك) وصححاه (4) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن واقد بن محمد بن زيد انة سمع نافعا قال راى ابن عمر مسكينا الخ (غريبة) (5) انما قال هذا ابن عمر لان الرجل اشبة الكفار ومن اشبة الكفار كرهت مالطتة لغير حاجة او ضرورة ولان القدر الذى ياكلة هذا يمكن ان يسد بة خلة جماعة قالة النووى (6) سياتى فى الطريق الثانية بلفظ المؤمن ياكل فى معى واحد والكافر ياكل فى سبعة امعاء وسياتى شرحة (7) (سندة) حدثنا يحيى عن عبيد اللة اخبرنى نافع عن ابن عمر عن النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (8) ذكر الحافظ فى معنى هذا الحديث اقوال اظهرها انة ليس المراد بة ظاهرة وانما هو مثل ضرب للمؤمن وزهدة فى الدنيا والكافر وحرصة عليها فكان المومن لتقللة من الدنيا ياكل فى معى واحد والكافر لشدة رغبتة فيها واستكثارة منها ياكل فى سبعة امعاء فليس المراد حقيقة الامعاءولا خصوص الاكل وانما المراد التقليل من الدنيا وعدم الاستكثار منها فكانة عبر عن تناول الدنيا بالاكل وعن اسباب ذلك بالامعاء ووجة العلاقة ظاهر اه (تخريجة) (ق مذ جة طل) (9) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر وبهز قالا ثنا شعبة عن عدى بن ثابت قال بهز فى حديثة قال اخبرنى عدى بن ثابت قال سمعت ابا حازم المعنى يحدث عن ابى هريرة ان رجلا اتى النبى صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) (م مذ جة) * (10) (سندة) حدثنا يحيى بن اسحاق قال انا ابن لهيعة عن عبد اللة بن هبيرة عن ابى تميم الجيشانى عن ابى بصرة الغفارى الخ (غريبة) * (11) تصغير شاه (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام أحمد وأورده

-[استحباب غسل اليدين قبل الأكل وبعده]- جياعًا فحلب لي رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فشربتها ورويت، فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم أرويت؟ فقلت يا رسول الله قد رويت، ما شبعت ولا رويت قبل اليوم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معي واحد (عن ميمونة بنت الحرث) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكافر يأكل في سبعة أمعاء والمؤمن يأكل في معي واحد (باب ما جاء في غسل اليدين قبل الأكل وبعده وجواز تركه) (عن سلمان) قال قرأت في التوراة أن بركة الطعام والوضوء بعده فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما قرأت في التوراة، فقال بركة الطعام في الوضوء قبله والوضوء بعده (عن أبي هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نام وفي يده غمر ولم يغسله فأصابه شيء فلا يلومن إلا نفسه (عن ابن عباس) أن

_ الهيثمي رحمه الله تعالى وقال رواه احمد ورجالة رجال الصحيح وروى الطبارنى فى الاوسط بعضة (1) (سندة) حدثنا وكيع قال سمعت الاعمش قال اظن ان ابا خالد الوالى ذكرة عن ميمونة بنت الحارث (يعنى زوج النبى صلى اللة علية وسلم) الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى مطولا عن ميمونة بنت الحارث قالت اجدب الناس سنة وكانت الاعراب ياتون المدينة وكان النبى صلى اللة علية وسلم يأمر الرجل فياخذ بيد الرجل فيضيفة ويعيشة فجاء اعرابى ليلة وكان لرسول اللة صلى طعام يسير وشئ من لبن فاكلة الاعرابى ولم يدع للنبى صلى اللة علية وسلم شيئا فجاء بة ليلة او ليلتين فجعل ياكلة كلة فقلت لرسول اللة صلى اللة علية وسلم اللهم لا تبارك فى هذا الاعرابى ياكل طعام رسول اللة صلى اللة علية وسلم ويدعة ثم جاء بة ليلة فلم ياكل فى سبعة امعاء وان المومن ياكل فى معى واحد قال الهيثمى رواه الطبرانى بتمامة وروى احمد اخرة ورجال الطبرانى رجال الصحيح (باب) (2) (سندة) حدثنا عفان ثنا قيس بن الربيع ثنا ابو هاشم عن زاذان عن سلمان (يعنى الفارسى) الخ (غريبة) (3) يعنى الوضوء اللغوى وهوغسل اليدين والفم من الزهومة او اطلاقا للكل على الجزء مجازا (وقولة بعدة) اى بعد اكل الطعام (4) زاد النبى صلى اللة علية وسلم عما فى التوراه (الوضوء قبلة) فيل والحكمة فى الوضوء اولا ايضا ان الاكل بعد غسل اليدين يكون اهنا وامرا ولان اليد لا تخلو عن التلوث فى تعاطى الاعمال فغسلها اقرب الى النظافة والنزاهة والمراد من الوضوء الثانى غسل اليدين والفم من الدسومات لحديث من نام وفى يدة غمر (بفتحتين) ولم يغسلة فاصابة بة شئ فلا يلومن الا نفسة وسياتى بعد هذا (تخريجة) (د مذ) قال المنذرى قال ابو داود وهو ضعيف وارجة الترمذى وقال لا يعرف هذا الحديث الا من حديث قيس بن الربيع وقيس بن الربيع بضعف فى الحديثاه * (5) (سندة) حدثنا ابو كامل ثنا زهير سهل عن ابية عن ابى هريرة الخ (غريبة) (6) بفتح الغين المعجمة والميم بعدها راء اى ريح لحم او دسمة او نحوة ذلك (7) اى ايذاء من بعض الحشرات (8) اى لتعرضة لما يوذية من الهوام بغير فائدة وذلك لان الهوام وذوات السموم ربما تقصدة فى المنام لريح الطعام فتؤذية (تخريجة) (د مذ ك) قال الحافظ بسند صحيح على شرط مسلم * (9) (سندة) حدثنا يحيى عن الاوزاعى حدثنا الزهرى عن عبيد اللة بن عبد اللة عن ابن عباس الخ

-[ما جاء في التسمية قبل الأكل والدعاء في أوله وآخره]- النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبنا فمضمض وقال إن له دسما (عن جابر) قال مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الغائط فدعوناه إلى عجوة بين أيدينا على ترس فأكل منها ولم يكن توضأ قبل أن يأكل منها (عن ابن عباس) قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فأتى الغائط ثم خرج فدعا بالطعام وقال مرة فأتى بالطعام فقيل يا رسول الله ألا توضأ؟ فقال لم أصل فأتوضأ (وفي لفظ) فقال إنما أمرت بالوضوء إذا قمت إلى الصلاة (باب تقديم العشاء إذا وضع وحضرت الصلاة) (عن أنس بن مالك) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا وضع العشاء وحضرت الصلاة فابدءوا بالعشاء وفي لفظ وأقيمت بدل وحضرت (عن ابن عمر) عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا وضع عشاء أحدكم وأقيمت الصلاة فلا يقوم حتى يفرغ (باب ما جاء في التسمية على الأكل والدعاء في أوله وآخره وأن أشرف القوم هو الذي يبدأ بالأكل) (ز) (عن ابن أعبد) قال قال لي على بن أبي طالب رضي الله عنه يا ابن أعبد هل تدري ما حق الطعام؟ قال قلت وما حقه يا ابن أبي طالب؟ قال تقول بسم الله اللهم بارك لنا فيما رزقتنا، قال وتدري ما شكره إذا فرغت؟ قال قلت وما شكره؟

_ (تخريجه) (ق. والأربعة) * (1) (سندة) حدثنا موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن ابن الزبير عن جابر (يهنى ابن عبد اللة) الخ (غريبة) (2) الغائط مكان قضاء الحاجة (3) الظاهر انة صلى اللة علية وسلم تركة لبيان الجواز (تخريجة) لم اقف علية من حديث جابر لغير الامام احمد وفى اسنادة ابن لهيعة فية كلام لاسيما اذا عنعن لكن يعضد حديث ابن عباس الاتى وقد احتج بة القائلون بكراهة غسل اليدين قبل الطعام وحملوة على الوضوء اللغوى وسياتى بيان ذلك فى شرح حديث ابن العباس الاتى بعدة واللة الموفق (4) (سندة) حدثنا سفيان عن عمرو عن سعيد بن الحويرث سمع ابن الباس يقول كنا عند النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (5) معناه لا اريد الصلاه حتى اتؤضا لها قال النووى والمراد بالوضوء الوضوء الشرعى وحملة القاضى عياض على الوضوء اللغوى وجعل المراد غسل الكفين وحكى اختلاف العلماء فى كراهة غسل الكفين قبل الطعام واستحبابة وحكى الكراهةعن مالك والثورى رحمهما اللة تعالى والظاهر ما قدمناه ان المراد الوضوءالشرعى واللة اعلم (تخريجة) (م د نس مذ) (باب) (6) (سندة) حدثنا عفان ثنا وهيب ثنا ايوب عن ابى قلابة عن انس بن مالك الخ (غريبة) (7) بفتح العين المهملة اى ان اتسع الوقت وتافت نفسة الى الطعام فان ضاق الوقت اكل لقيمات يكسر بها حدة الجوع ثم يصلى وتقدم الكلام على ذلك فى باب ماجاء فى الاعذار التى تبيح التخلف عن الجماعة من كتاب الصلاه فى الجزء فى الخامس صحيفة 188 و 189 (تخريجة) (ق مذ نس جة) * (8) (سندة) حدثنا يحيى عن عبيد اللة قالحدثنى نافع عن ابى عمر الخ (تخريجة) (ق جة) وفى الباب عن ابى عمر ايضا وعائشة وام سلمة تقدم فى الجزء الخامس فى باب المشار الية سابقا وتقدم الكلام على ذلك مستوفى هناك فارجع الية * (باب) (ز) (9) هذا اصدار حديث طويل تقدم بطولة وسندة وشرحة وتخريجة فى باب ما يقال من الاذكار غير القرانية عند النوم من كتاب الاذكار فى الجزء الرابع عشر رقم 136 صحيفة 251

-[من لم يسم على الطعام أكل معه الشيطان]- قال تقول الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا (عن عبد الرحمن بن جبير) أنه حدثه رجل خدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمان سنين (وفي رواية أو تسع سنين) أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم إذا قرب إليه طعام يقول بسم الله، وإذا فرغ من طعامه قال اللهم أطعمت وأسقيت وأغنيت وأقنيت وهديت وأحييت، فلك الحمد على ما أعطيت (عن حذيفة) قال كنا إذا حضرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على طعام لم نضع أيدينا حتى يبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع يده، وإنا حضرنا معه طعاما فجاءت جارية كأنما تدفع فذهبت تضع يدها في الطعام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدها، وجاء أعرابي كأنما يدفع فذهب يضع يده في الطعام فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان يستحل الطعام إذا لم يذكر اسم الله عليه، إنه جاء بهذه الجارية ليستحل بها فأخذت بيدها، وجاء بهذا الأعرابي يستحل به فأخذت بيده، والذي نفسي بيده إن يده في يدي مع يدهما يعني الشيطان (عن جابر بن عبد الله) أنهم كانوا لا يضعون أيديهم في الطعام حتى يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم هو يبدأ (عن جابر بن صبح) قال حدثني المثنى بن عبد الرحمن الخزاعي وصحبته إلى واسط وكان يسمى في أول طعامه، وفي آخر لقمة يقول بسم الله في أوله وآخره، فقلت له أنك تسمي في أول ما تأكل أرأيت قولك في آخر ما تأكل بسم الله أوله وآخره، قال أخبرك عن ذلك، إن جدي أمية بن مخشى وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم سمعته يقول إن رجلا كان يأكل والنبي صلى الله عليه وسلم ينظر فلم يسم حتى كان في آخر طعامه لقمة فقال بسم الله أوله وآخره فقال النبي صلى الله عليه وسلم مازال الشيطان يأكل معه حتى سمى فلم يبق في بطنه شيء إلا قاءه (عن أبي أيوب الأنصاري) قال كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم يوما فقرب طعاما فلم أر طعاما كان أعظم بركة

_ (1) سنده حدثنا أبو عبد الرحمن قال ثنا سعيد بن ابى ايوب قال حدثنى بكر بن عمرو عم عبد اللة بن هبيرة عن عبد الرحمن بن جبير الخ (غريبة) (2) اى رضيت (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد وسندة جيد * (3) (سندة) حدثنا ابو معاوية ثنا الاعمش عن خيثمة عن ابى حذيفة قال ابو عبد الرحمن اسمة سلمة بن الهيثم بن صهيب من اصحاب ابن مسعود عن حذيفة (يعنى ابن اليمان) الخ (غريبة) (4) اى كأنها من شدة سرعتها مدفوعة اى يتمكن من اكلة كأنة اراد ان ترك التسمية فى الطعام اذن للشيطان من اللة فى تناولة كما ان التسمية منع لة منة (6) معناه ان يد الشيطان مع يدهما فى يد النبى صلى اللة علية وسلم (تخريجة) (م د نس) وفية استحباب التسمية لكل اكل وان كانوا جماعة * (7) (سندة) (حدثثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن ابى الموتوكل عن جابر بن عبد اللة الخ (تخريجة) لم اقف علية من حديث جابر لغير الامام ورجالة من رجال الصحيحين فالحديث صحيح وفية ان من الادب ان يبدا اشرف القوم بالاكل (8) (سندة) حدثنا على ابن عبد اللة ثنا يحيى بن سعيد ثنا جابر بن صبح الخ (غريبة) (9) زاد ابو داود فضحك النبى صلى اللة علية وسلم ثم قال ما زال الشيطان يأكل معة الخ (تخريجة) (دنس) وسكت عنة ابو داود والمنذرى فهو صالح * (10) (سندة) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن يزيد

-[كراهة الأكل قائما ومتكئا]- منه أول ما أكلنا ولا أقل بركة في آخره، قلنا كيف هذا يا رسول الله؟ قال لأنا ذكرنا اسم الله عز وجل حين أكلنا ثم قعد بعد من أكل ولم يسم فأكل معه الشيطان (عن عائشة رضي الله عنها) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأكل طعاما في ستة نفر من أصحابه فجاء أعرابي فأكله بلقمتين فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما أنه لو كان ذكر اسم الله لكفاكم، فإذا أكل أحدكم طعاما فليذكر اسم الله، فإن نسى أن يذكر اسم الله في أوله فليقل بسم الله أوله وآخره (باب كراهة الأكل قائما ومتكئاً) (عن قتادة عن أنس بن مالك) قال أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم تمر فجعل يقسمه

_ ابن أبي حبيب عن راشد اليافعى عن حبيب بن اوس عن ابى ايوب الخ (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد واوردة الهيثمى وقال رواه احمد وفية راشد بن جندل وحبيب بن اوس وكلاهما ليس لة الا راو واحد وبقية اسنادة رجال الصحيح خلا ابن لهيعة وحديثة حسن * (1) (سندة) حدثنا يزيد قال انا هشام عن عبد اللة بن عبيد بن عمير عن عائشة ان النبى صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) (طل) واوردة المنذرىلا الى قولة لكفا كم ثم قال رواه ابو داود والترمذى وقال حديث حسن صحيح وابن ماجة وابن حسان فى صحيحة وزاد فاذا اكل احدكم طعاما فليذكر اسم اللة علية فان نسى فى اولة فليقل بسم اللة اولة وارة قال وهذة الزيادة عند ابى داود وابن ماجة مفردة اه (قلت) وهذة الزيادة جاءت عند الامام احد ايضا مفردة فى حديث ار لم اذكرة اكتفاء بهذا لانة اعلم واكثر معنى اللة الموفق (باب) (2) (سندة) حدثنا يحيى عن شعبة ثنا قتادة عن انس الخ (غريبة) (3) هذا نهى تأديب وتنزية لانة احسن وارفق بلاكل والشارب الا اذا دعت الحاجة الى ذلك فقد ثبت ان النبى صلى اللة علية وسلم شرب قائما ففى الصحيحين عن ابن عباس قال سقيت رسول اللة صلى اللة علية وسلم من زمزم فشرب وهو قائم وسيأتى وغيرة فى كتاب الاشرية قريبا ان شاء اللة تعالى وانما استحب الطعام والشراب فى حالة القعود لانة احسن وارفق كما تقدم (قال الطابى) وذلك لان الطعام والشراب اذا تناولهما الانسان علىحال سكون وطمانينة كان انجع فى البدن وامرا فى العراق واذا تناولها على حال وفاز وحركة اضطربا فى المعدة وتخضخضا فكان منة الفساد وسوء الهضم (تخريجة) ذكر النووى فى رياض الصالحين وقال رواه مسلم * (4) (سندة) حدثنا ابو نعيم ثنا سفيان عن على بن الاقمر قال اخبرنى ابو جحيفة قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (5) قال الطابى بحسب اكثر العامة ان المتكئ ههنا هو المعتمد على الوطاء الذى تحتة وكل من استوى قاعدا على وطاء فهو متكئ قال والمعنى انى اذا اكلت لم اقعد متمكنا على الاوطية والوسائد فعل من يريد ان تستكثر من الاطعمة ويتوسع فى الالوان ولكنى اكل علقة واخذ من الطعام بلغة فيكون قعودى مستوفزا لة (تخريجة) (د مذ نس جة) * (6) (سندة) حدثنا محمد بن الحسن الواسطى وهو المزنى قال حدثنى مصعب بن سليم عن أنس بن مالك الخ

-[إستحباب الأكل باليمين وكراهته بالشمال وكلام العلماء في ذلك]- بمكتل واحد وأنا رسوله به حتى فرغ منه فجعل يأكل وهو مقع أكلا ذريعا فعرفت في أكله الجوع (وعنه من طريق ثان) قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم في حاجة فجئت وهو يأكل تمرا وهو مقع (باب استحباب الأكل والشرب باليمين وكراهته بالشمال) (عن عبد الله بن أبي طلحة) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أكل أحدكم فلا يأكل بشماله، وإذا شرب فلا يشرب بشماله، وإذا أخذ فلا يأخذ بشماله، وإذا أعطى فلا يعطى بشماله (عن سالم عن ابن مر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأكلن أحدكم بشماله ولا يشربن بها فإن الشيطان يأكل بها ويشرب بها، قال وزاد نافع ولا يأخذن بها ولا يعطين بها (عن أنس بن مالك) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأكل الرجل بشماله أو يشرب بشماله قال روح في حديثه ويشرب بشماله (عن عبد الله بن محمد عن امرأة منهم) قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا آكل بشمالي

_ (غريبه) (1) المكتل بوزن منبر الزنبيل وهو ما يعمل من الخواص حمل فية التمر وغيرة والظاهر انة صلى اللة علية وسلم كان يوزع تمر الصدقة على اربابة وكان انس هو الرسول (2) المقعى هو الذى يلصقاليتة بالارض وينصب ساقية (وقولة ذريعا) الذريع السريع وزنا ومعنى (3) (سندة) حدثنا وكيع ثنا مصعب ابن سليم قال سمعت انس بن مالك يقول: بعثنى النبى صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) (م د مذ نس) (باب) * (4) (سندة) حدثنا محمد بن ابى عدى الحجاج عن يحيى بن ابى كثير حدثنى عبد اللة بن ابى طلحة ان النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (5) انما نهى النبى صلى اللة علية وسلم عن تعاطى هذة الامور بالشمال لان الشيطان يتعاطاها بالشمال كما فى الحديث التالى وغيرة (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد وهو مرسل ورجالة رجال الصحيح * (6) (سندة) حدثنا شجاع بن الوليد عن عمر بن محمد عن سالم عن ابن عمر الخ (غريبة) (7) وزاد نافع الخ هكذا بالاصل ونافع لم يتقدم لة ذكر فى السند والظاهر ان هذة الزيادات جاءت لنافع فى حديث ار من طريقة (تخريجة) (م مذ) * (8) (سندة) حدثنا يزيد بن هارون وروح قال ثنا هشام بن حسان قال روح عن عبد اللة بن دهقان وقال يزيد عن عبيد اللة بن دهقان عن انس بن مالك ال (غريبة) (9) هو احد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث يعنى انة قال فى حديثة ويشرب بدل او يشرب (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد وفى اسنادة عبد اللة او عبيد اللة ابن دهقان قال الحافظ فى تعجيل المنفعة ذكرة ابن ابى حاتم فقال عبد اللة او عبيد اللة على الشك ولم يذكر لة روايا الاهشام بن حسان وتبع البخارى فانة قال عبد اللة بن دهقان عن انس وعنة هشام بن حسان ويقال عبيد اللة بن دهقان مولى انس روى عنة هشام بن حسان وهشام بن عروة اه (قلت) وعلى هذا فالحديث صحيح فان جميع رجالة ثقات واللة اعلم * (10) (سندة) حدثنا اسماعيل (يعنى ابن ابراهيم) قال ثنا حسين بن ذكوان عن اسحاق بن عبد اللة ابن ابى طحة عن عبد اللة بن محمد عن امراة منهم الخ (قلت) عبد اللة بن محمد هو ابن زيد بن عبد ربه

-[ذم الأكل بالشمال إذا لم يكن بيمينه عاهة وكلام العلماء في ذلك]- وكنت امرأة عسراء فضرب يدي فسقطت اللقمة، فقال لا تأكلي بشمالك وقد جعل الله تبارك وتعالى لك يمينا أو قال قد أطلق الله عز وجل يمينك قال فتحولت شمالي يمينا فما أكلت بها بعد (حدثنا سفيان) عن الزهري حدثني أبو بكر بن عبيد الله بن عمر عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أكل أحدكم فليأكل بيمينه، وإذا شرب فليشرب بيمينه فإن الشيطان يأكل بشماله ويشرب بشماله (عن جابر) قال قال رسول الله لا تأكلوا بالشمال فإن الشيطان يأكل بالشمال (عن عائشة رضي الله عنها) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من أكل بشماله أكل معه الشيطان، ومن شرب بشماله شرب معه الشيطان (عن إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لرجل يقال له بسرين راعي العسير (وفي رواية ابن راعي العير من أشجع) أبصره يأكل بشماله فقال له كل بيمينك، فقال لا أستطيع فقال لا استطعت

_ المدني وثقه ابن حبان (وقولة عن امراه منهم) اى من اهل بيتهم او من قبيلتهم (غريبة) (1) بوزن حمراء اى تعمل بيسارها (2) اى لم يجعل اللة بيمينك علة تمنعك عن الاكل بها (3) معناه انها كانت تأكل بعد ذلك بيمينها بسهولة ولم تعد الى الاكل بيسارها (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم طب) ورجال احمد ثقات * (4) (حدثنا سفيان الخ) (غريبة) (5) يعنى عبد اللة بن عمر بن الخطاب (6) قال النووى فية استحباب الاكل والشرب باليمين وكراهتهما بالشمال وهذا اذا لم يكن عذر يمنع الاكل والشرب باليمين من مرض او جراحة او غيرة ذلك فلا كراهة فى الشمال وفية انة ينبغى اجتناب الافعال التى تشبة الشياطين وان للشياطين يدين اه (قلت) قال الحافظ العراقى فى شرح الترمذى حملة اكثر الشافعية على الندب وبة جزم الغزالى ثم النووى لكن نص الشافعى فى الرسالة وفى موضع ار فى الام على الوجوب قال ويدل على وجوب الاكل باليمين وورد الوعيد فى الاكل بالشمال ففى صحيح مسلم (قلت) والامام احمد وساتى من حديث سلمة بن الاكوع ان النبى صلى اللة علية وسلم راى رجلا ياكل بشمالة فقال كل بيمينك قال لا استطيع قال لا استطعت فما رفعها الى فية بعد اه وقال الشوكانى فية النهى عن الاكل والشرب بالشمال والنهى حقيقة فى التحريم كما تقرر فى الاصول ولا يكون لمجرد الكراهة فقط الا مجارا مع قيام صارف (تخريجة) (م مذ نس) * (7) (سندة) حدثنا يونس بن محمد وحجين قالا ثنا ليث عن ابى الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد اللة) الخ (تخريجة) (م) (8) (سندة) حدثنا يحيى بن غيلان قال ثنا رشدين قال حدثنى يزيد بن عبد اللة عن موسى بن سرجس عن اسماعيل بن ابى حكيم عن عروة بن الزبير عن عائشة الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم طس) وفى اسنادة احمد رشدين بن سعد وهو ضعيف وقد وثق وفى الار ابن لهيعة وحديثة حسن (9) (سندة) حدثنا بهز قال ثنا عكرمة بن عمار اليمامى قال ثنا اياس بن سلمة بن الاكوع عن ابية ال (غريبة) (10) قال النووى بفتح العين وبالمنثاه الاشجعى كذا ذكرة ابن مندر وابو نعيم الاصبهانى وابن ماكولا وارون وهو صحابى مشهور عدةهولاء وغيرهم فى الصحابة اه (قلت) والظاهر ان النبى صلى اللة علية وسلم ما دعا علية الا لمخالفتة الامر وهذا يرجع أن الأمر للإيجاب ومخالفة

-[ما جاء في النهي عن القرآن والنهبة والنفخ في الطعام والشراب وكلام العلماء في ذلك]- قال فما وصلت يمينه إلى فمه بعد (عن حفصة ابنة عمر) أن رسول الله كان إذا أراد أن يرقد وضع يده اليمنى تحت خده ثم قال اللهم قني عذابك يوم تبعث عبادك ثلاث مرار وكانت يده اليمنى لطعامه وشرابه، وكانت يده اليسرى لسائر حاجته (باب النهي عن القرآن والنهبة والنفخ في الطعام والشراب) (عن سعد مولى أبي بكر) قال قدمت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرا فجعلوا يقرنون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقرنوا (عن جبلة) قال كنا بالمدينة في بعث أهل العراق فأصابتنا سنة فجعل عبد الله بن الزبير يرزقنا التمر وكان عبد الله بن عمر يمر بنا فيقول لا تقارنوا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن القرآن إلا أن يستأثر الرجل منكم أخاه، وفي لفظ إلا أن يستأذن الرجل أخاه، قال شعبة لا أرى في الاستئذان إلا أن الكلمة من كلام ابن عمر

_ الواجب معصية قال النووى وفية جواز الدعاء على من خالف الحكم الشرعى بلا عذر وفية الامر بالمعروف والنهى عن المنكر فى كل حال حتى فى حال الاكل واستحباب تعليم الاكل اداب الاكل اذا خالفة اه (تخريجة) (م) * (سندة) حدثنا عبد الصمد ثنا ابان يعنى ابن يزيد العطار قال ثنا عاصم عن معبد بن خالد عن سواء الخزاعى عن حفصة ابنة عمر الخ (غريبة) (2) تقدم الجزء المختص بالنوم وذكرة فى حديث مستقل فى باب هيئة الاصطجاع للنوم من كتاب الاذكار فى الجزء الرابع عشر صحيفة 244 رقم 117 (3) اى من الغالب فى الحاجات الوضيعة كالاستنجاب ونحوة والا فقد تقدم النهى عن الاخذ والاعطاء بالشمال (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة ثقات قال وروى ابو داود طرفا من اولة (باب) * (4) (سندة) حدثنا سليمان بن داود يعنى ابا داود يعنى ابا داود الطيالسى ثنا ابو عامر الخزاز عن الحسن عن سعد مولى ابى بكر الخ (غريبة) (5) القران بكسر الراء وضمها لغتان معناه ان بجمع تمرتين او اكثر بيدة وهو ياكل مع جماعة وسيأتى حكم هذا النهى هل هو للتحريم او للكراهة (تخريجة) (جة) وقال البوصيرى فى زوائد ابن ماجة هذا اسناد صحيح ورجالة ثقات * (6) (سندة) حدثنا بهز ثنا شعبة ثنا جبلة (بفتحات يعنى ابن سحيم) قال كنا بالمدينة الخ (غريبة) (7) اى قحط ومجاعة (8) بضم الهمزة اى لا اظن (وقولة الا ان الكلمة) يعنى الكلام قال ابن مالك (وكلمة بها كلام قد يؤم) قال انووى وهذا الذى قالة شعبة لا يؤثر فى رفع الاستئذان الى رسول اللة صلى اللة علية وسلم لانة نفاه بظن وحسبان وقد اثبتة سفيان فى الرواية الثانيتة (يعنى عند مسلم) حيث قال ما نصة (حدثنى زهير ابن حرب ومحمد بن المثنى قالا حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن جبلة بن سحيم قال سمعت ابن عمر يقول نهى رسول اللة صلى اللة علية وسلم ان يقرن الرجل بين التمرتين حتى يستاذن فاذا اذنوا فلا باس واختلفوا فى ان هذا النهى على التحريم او على الكراهة والادب: فنقل القاضى عياض عن اهل الظاهر ان للتحريم: وعن غيرهم انة للكراهة والادب والصواب التفصيل فان كان الطعام مشتركا بينهم فالقران حرام الا برضاهم ويجعل الرضا بتصريحهم بة او بما يقوم مقام التصريح من قرينة حال او ادلال عليهم كلهم بحيث يعلم يقينا او ظنا قويا انهم يرضون بة ومتى شك فى رضاهم فهو حرام وان كان الكعام لغيرهم اولا حدهم اشترط رضاه وحدة فان قرن بغير رضاه فحرام ويستحب ان يستاذن الاكلين معة ولا يجب وإن كان

-[استحباب الأكل من جوانب القصعة مما يلي الأكل والتسمية قبل الأكل]- (عن أنس) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النهبة ومن انتهب فليس منا (عن ابن عباس) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النفخ في الطعام والشراب (باب ما جاء في الأكل من جوانب القصعة مما يلي الأكل) (ز) (عن أبي وجزة السعدي) قال أخبرني عمر بن أبي سلمة (زاد في رواية ربيب النبي صلى الله عليه وسلم) قال دعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام يأكله فقال ادن فسم الله عز وجل وكل بيمينك وكل مما يليك (عن ابن عباس) أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بقصعة من ثريد فقال كلوا من حولها (وفي لفظ من جوانبها) ولا تأكلوا من وسطها، فإن البركة تنزل في وسطها (عن واثلة بن الأسقع) قال كنت من أهل الصفة فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بقرص فكسره في القصعة وصنع فيها ماء ثم صنع فيها ودكا ثم سفسفها ثم لسبقها ثم صعنبها ثم قال اذهب

_ الطعام لنفسه وقد ضبفهم بة فلا يحرم علية القران ثم ان كان فى الطعام قلة فحسن ان لا يقرن لتساويهم وان كان كثيرا بحيث يفضل عنهم فلا باس بقرانة لكن الادب مطلقا التأدب فى الاكل وترك الشرة الا ان يكون مستعجلا ويريد الاسراع لشغل اخر واللة اعلم * (1) هذا الحديث تقدم بسندة وشرحة وتخريجة فى باب ما جاء فى نثار التمر ونحوة الخ من ابواب الوليمة فى كتاب النكاح فى الجزء الساد س عشر صحيفة 211 رقم 198 فارجع الية (2) (سندة) حدثنا عبد الرحمن بن مهدى عن اسرائيل عن عبد الكريم عن عكرمة عن ابن العباس الخ (غريبة) (3) الظاهر ان الحكمة فى النهى عن النفخ فى الطعام والشراب خشية ان يبدر من ريقة شئ فيقع فية فربما اكل او شرب غيرة فيتاذى بة واللة اعلم (تخريجة) (د مذ) وقال الترمذى حديث حسن صحيح (ز) (4) حدثنا عبد اللة قال قرات على ابى موسى بن داود قال ثنا سليمان ابن بلال عن ابى وجزة السعدى قال اخبرنى عمر بن ابى سلمة الخ (غريبة) (5) يعنى من جانب الاناء ولا تاكل من وسطة كما فى الحديث التالى (تخريجة) (ق. وغيرهما) * (6) (سندة) حدثنا عبد الرحمن ابن مهدى قال حدثنا شعبة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (تخريجة) (دمذ نس جة حب) كلهم عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وقال الترمذى حديث حسن صحيح: وفية مشروعية الاكل من جوانب الطعام قبل وسطة قال الرافعى وغيرة يكرة ان ياكل من اعلا الثربد ووسط القطعة وان ياكل مما يلى اكلية ولا باس بذلك فى الفواكة وتعقبة الاسنوى بأن الشافعى نص على التحريم فان لفظة فى الام فان اكل مما يلية او من لراس الطعام اثم بالفعل الذى فعلة اذا كان عالما واستدل بالنهى عن النبى صلى اللة علية وسلم واشار الى هذا الحديث قال الغزالى وكذا لا ياكل من وسط الرغيف بل من استدارتة الا اذا قل الخبز فليكسر الخبز والعلة فى ذلك ما فى الحديث من كرن البركة تنزل فى وسط الطعام واللة اعلم * (7) (سندة) حدثنا عتاب قال ثنا عبد اللة بن مبارك قال انا ابن لهيعة قال حدثنى يزيد يعنى ابن ابى حبيب ان ربيعة بن يزيد الدمشقى اخبرة عن وائلة يعنى ابن الاسقع قال كنت من اهل الصفة الخ (غريبة) (8) الودك بفتحتين هو دسم اللحم ودهنة الذى يستخرج منة (ثم سفسفها) اى اضاف اليها شيئا من الدقيق النول قال فى القاموس (وسفسف) انتخل الدقيق ونحوه اه (ثم لبقها) اى خلطها خلطا شديدا وقيل جمعها بالمغرفة اى حركها (ثم صعنبها) اى رفع رأسها وجعل

-[ما يستحب في طبخ اللحم ونهسه وتكثير المرق وعدم تعاطيه حارا]- فأتني بعشرة أنت عاشرهم فجئت بهم فقال كلوا وكلوا من أسفلها ولا تأكلوا من أعلاها فإن البركة تنزل من أعلاها، فأكلوا منها حتى شبعوا (باب ما يستحب في طبخ اللحم ونهسه وتكثير المرق وعدم تعاطيه حارا) (عن جابر بن عبد الله) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا طبختم اللحم فأكثروا المرق أو الماء فإنه أوسع أو أبلغ للجيران (عن عبد الله بن الحرث) قال زوجني أبي في إمارة عثمان رضي الله عنه فدعا نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء صفوان ابن أمية وهو شيخ كبير فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انهسوا اللحم نها فإنه أهنأ وأمرأ أو أشهى وأمرا (عن صفوان بن أمية) قال رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أخذ اللحم عن العظيم بيدي، فقال يا صفوان: قلت لبيك، قال قرب اللحم من فيك فإنه أهنأ وأمرأ (عن ابن شهاب عن أسماء بنت أبي بكر) رضي الله تبارك وتعالى عنهما أنها كانت إذا ثردت

_ لها ذروة وضم جوانبها (تخريجة) (جة) وسندة جيد وفى اسنادة ابن ليهعة مدلس لكنة صرح بالتححديث فانتقى التدليس واللة اعلم (باب) (1) (سندة) حدثنا يحيى بن سعيد الاموى حدثنا الاعمش قال بلغنى عن جابر بن عبد اللة قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (2) او للشك من الراوى والحكمة فى اكثار المرق التوسعة على الجار واعطائة شيئا منة وهذا من الاحسان الى الجار الذى امر اللة عز وجل بة فى كتابة (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم بز) ولفظة (يعنى البزار) عن جابر ان النبى صلى اللة علية وسلم قال اذا طبخت قدرا فأكثر ماءها او قال المرق وتعاهد جيرانك ورجال البزار فيهم عبد الرحمن بن مغراء وثقة ابو زرعة وجماعة وفية كلام لا يضر وبقية رجالة ثقات اه (قلت) وفى سندة عند الامام احمد رجل لم يسم ولة شاهد من حديث ابى ذر مرفوعا (واذا اشتريت لحما او طبت قدرا فاكثر مرقتة واغرف لجارك منة) قال الحافظ اخرجة النسائى والترمذى وصححة وكذلك ابن حيان * (3) (سندة) حدثنا سفيان بن عيينة عن عبد الكريم عن عبد اللة بن الحارث الخ (غريبة) (4) بالسين المهملة فيهما وهو القبض على اللحم بالفم وازالتة عن العظم بمقدم اسنانة (فانة) اى الفهس (اهنا) من الهنى وهو الذيذ الموافق للغرض (وامرا) من الاستمراء وهو ان لا يثقل على المعدة وينهضم عنها ويقال هنأ الطعام اذا كان سائغا او جاريا فى الحلق من غير تعب (قال الحافظ القرافى) الامر فية محمول على الارشاد فانة عللة بكونة اهنا وامرا قال ولم يتبت النهى عن قطع اللحم بالسكين بل ثبت الحز من الكتف فيختلف باختلاف اللحم كما اذا عسر نهسة بالسن قطع بالسكين (5) جاء فى الاصل بعد قولة او اشهى وامرأ قال سفيان الشك منى او منة والظاهر انة يعنى بقولة او منة شية عبد الكريم واللة اعلم وجاء عند الترمذى من طريق سفيان بلفظ (فانة اهنأ وامرأ) بغير شك (تخريجة) (مذك) وصححة الحاكم واقرة الذهبى * (6) (سندة) حدثنا اسماعيل بن ابراهيم حدثنا عبد الرحمن بن اسحاق عن عبد الرحمن بن معاوية عن عثمان بن ابى سليمان قال قال صفوان بن امية رانى رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) (مذ ك) وصححة الحاكم واقرة الذهبى (7) (سندة) حدثنا حسن قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن اسماء بنت ابى بكر الخ (ولة طريق ثان) قال ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا

-[أكل ما تساقط من اللقيمات ولعق الأصابع بعد الأكل]- غطته شيئا حتى يذهب فوره ثم تقول إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه أعظم للبركة (باب الأمر بأخذ ما تساقط من اللقيمات ولعق الأصابع بعد انتهاء الأكل وما جاء في لحس القصعة واستغفارها للآكل) (عن أنس) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سقطت لقمة أحدكم فليأخذها وليمسح ما بها من الأذى ولا يدعها للشيطان (عن جابر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أحدكم طعاما فلا يمسح يده في المنديل حتى يلعقها أو يلعقها فإنه لا يدري في أي طعامه البركة (وفي لفظ) فلا يمسح يده حتى يمصها فإنه لا يدري في أي طعام يبارك له فيه (عن ابن عباس) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أكل أحدكم من الطعام فلا يمسح يده (زاد في رواية بالمنديل) حتى يلعقها، قال أبو الزبير سمعت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما يقول ذلك سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم ولا يرفع الصحيفة حتى يلعقها أو يلعقها فإن آخر الطعام فيه البركة

_ ابن لهيعة عن عقيل وحدثنا عتاب قال ثنا عبد اللة قال انبأنا ابن لهيعة قال حدثنى عقيل بن الد عن ابن شهاب عن عروة عن اسماء بنت ابى بكر انها كانت اذا ثردت غطتة فذكر مثلة (غريبة) (1) اى غمستة فى الماء بانائة زمنا يسيرا (حتى يذهب فورة) اى دانة ويمكن تناولة (2) يستفاد منة ان الطعام الحار لا بركة فية كما صرح بذلك فى حديث ابى هريرة عند الطبرانى فى الاوسط قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم ابردوا بالطعام فان الطعام الحار غير ذى بركة (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال روا حمد باسنادين احداهنا منقطع (قلت هو الاول) قال وفى الار ابن لهيعة وحديثة حسن وفية ضعف قال ورواه الطبرانى وفية قرة بن عبد الرحمن وثقة ابن حبان وغير وضعفة ابن معين وغيرة وبقية رجالها رجال الصحيح (باب) (3) (سندة) حدثنا معتمر عن حميد عن انس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبة) (4) المراد بالاذى هنا المستقذر من تراب وغبار ونحو ذلك فان وقعت على موضع نجس تنجست ولابد من غسلهاان امكن فان تعذر اطعمها حيوانا ولا يتركها للشيطان وفية اثبات الشياطين وانهم يأكلون (تخريجة) (م مذ) (5) (سندة) تخريجة وكيع ثنا سفيان ح وعبد الرزاق انا سفيان عن ابى الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد اللة) الخ (غريبة) (6) قال النووى معناه واللة اعلم لا يسمسح يدة حتى يلعقها فان لم يفعل فحتى يلعقها غيرة ممن لا يتقذر ذلك كزوجة وجارية وولد وخادم يحبونة ويلتذون بذلك ولا يتقذرون وكذا من كان فى مععناهم كتلميذ يعتقد بركتة ويود التبرك بلعقها وكذا لو العقها شاه نحوها (7) معناه واللة اعلم ان الطعام الذى يحضرة الانسان فية بركة ولا يدرى ان تلك البركة فيما اكلة او فيما بقى على اصابعة او فيما يقى فى اسفل القصعة او فى اللقمة الساقطة فينبغى ان يحافظ على هذا كلة لتحصل البركة واصل البركة الزيادة وثبوت الير والامتناع بة والمراد هنا واللة اعلم ما يحصل بة التغذية وتسلم عاقبتة من اذى ويقوى على طاعة اللة تعالى وغير ذلك قالة النووى (تخريجة) (م مذ) (8) (سندة) حدثنا عبد اللة بن الحارث عن ابن جريج قال اخبرنى عطاء انة سمع ابن عباس يقول قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (9) معناه ان ابا الزبير سمع جابرا يقول مثل حديث ابن عباس ويقول جابر سمعتة من النبى صلى اللة علية وسلم الخ (10) بضم الصاد المهملة تصغير صحفة قال فى القاموس وأعظم القصاع الجفنة

-[إستحباب الأكل بثلاث أصابع وما جاء في لحس القصعة واستغفارها للاحسها]- (عن مجاهد عن ابن عمر) أنه كان يلعق أصابعه ثم يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنك لا تدري في أي طعامك تكون البركة (عن أبي هريرة) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا أكل أحدكم فليعقلن أصابعه فإنه لا يدري في أيتهن البركة (عن ابن كعب بن مالك عن أبيه) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعق أصابعه الثلاث من الطعام (وعنه من طريق ثان عن أبيه) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل بثلاث أصابع ولا يمسح يده حتى يلعقها (حدثنا عفان) ثنا المعلى بن راشد الهذلي قال حدثتني جدتي أم عاصم عن رجل من هذيل يقال له نبيشة وكانت له صحبة قالت دخل علينا نبيشة ونحن نأكل في قصعة فقال لنا حدثنا النبي صلى الله عليه وسلم أنه من أكل في قصعة ثم لحسها

_ ثم الصحفة ثم المئكلة ثم الصحيفة اه وقال الكسانى اعظم القصاع الجفنة ثم القصعة تليها تشبع العشرة ثم الصحفة تشبع الخمسة ثم المئكلة تشبع الرجلين والثلاثة ثم الصحيفة تسبع الرجل كذا فى الصراح وجاء عند مسلم والترمذى فى هذا الحديث (الصحفة) ببفتح الصاد وسكون المهملة واللة اعلم (تخريجة) اخرجة مسلم فى حديثين احدهما عن ابن عباس والثانى عن جابر والترمذى عن جابر وهو فى الحقيقة حديثان عن الامام احمد رواهما ابن جرير عن عطاء عن ابن عباس وعن اب الزبير عن جابر واللة اعلم (1) (سندة) حدثنا محمد بن فضيل ثنا حصين عن مجاهد عن ابن عمر الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم بز) ورجالهما رجال الصحيح (2) (سندة) حدثنا عفان ثنا وهيب ثنا سهيل عن ابية عن ابى هريرة الخ (تخريجة) (م مذ) (3) (سندة) حدثنا عبد الرحمن (يعنى ابن مهدى) عن سفيان عن سعد بن كعب بن مالك عن ابية الخ: هكذا جاء هذا السند فى الاصل عن سعد بن كعب بن مالك عن ابية وهو خطأ (وصوابة) عن سعد بن ابراهيم عن ابن كعب بن مالك عن ابية الخ كما جاء فى صحيح مسلم قال حدثنا ابو بكر بن ابى شيبة وزهير بن حرب ومحمد بن حاتم قالوا حدثنا ابن مهدى عن سفيان عن سعد بن ابراهيم عن ابن كعب بن مالك عن ابية قال (رايت النبى صلى اللة علية وسلم يلعق اصابعة الثلاث من الطعام) ولم يذكر ابن حاتم الثلاث وقال ابن ابى شيبة فى روايتة عن عبد الرحمن بن كعب عن ابية اه قلت ويرواية ابن ابى شيبة يتضح ان ابن كعب المبهم فى سندة حديث الباب اسمة عبد الرحمن وهو احد من اربعة اولاد كعب والثانى اسمة عبد اللة والثالث عبيد الله والرابع محمد ذكرهم النووى فى تهذيب الاسماء واللغات وايضا ليس فى كتاب الرجال من يدعى سعد بن كعب بن مالك والله اعلم (4) اى انة صلى اللة علية وسلم كان يأكل بثلاث اصابع كما فى الطريق الثانية وهى الابهام والتى تليها والوسطى (5) (سندة) حدثنا ابو معاوية قال ثنا هشام بن عروة عن عبد الرحمن بن سعد عن ابى بن كعب بن مالك عن ابية قال كان رسول اللة صلى اللة علية وعلى الة وصحبة وسلم الخ (قلت) قولة فى السند (عن ابى بن كعب) خطأ وصوابة عن ابن كعب كما فى صحيح مسلم وابى داود من هذا الطريق نفسة (تخريجة) اخرج الطريق الثانية منة ابو داود واخرجة مسلم بطريقة كل طريق فى حديث مستقل (6) (حدثنا عفان الخ) (غريبة) (7) بضم النون مصغرا وبشين معجمة هو ابن عبد اللة الهذلى ويقال لة نبيئشة الخير (8) بكسر الحاء المهملة من باب سمع اى لعقها قال زين الحفاظ واذا سلت الطعام بأصبعة كان لاحسا للقصعة بواسطة الإصبع

-[ما يقول بعد الفراغ من الأكل من الأذكار]- استغفرت له القصعة (عن أبي سورة) عن أيوب وعن عطاء قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حبذا المتخللون، قيل وما المتخللون؟ قال في الوضوء والطعام (باب ما يقول بعد الفراغ من الأكل (عن ابن عباس) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أطعمه الله طعاما فليقل اللهم بارك لنا فيه وأطعمنا خيرا منه، ومن سقاه الله لبنا فليقل اللهم بارك لنا فيه وزدنا منه فإنه ليس شيء يجزئ مكان الطعام والشراب غير اللبن (عن أبي سعيد الخدري) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من طعامه قال الحمد لله الذي أطعمنا وسقانا وجعلنا مسلمين (عن أنس بن مالك) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل ليرضى عن العبد أن يأكل الأكلة أو يشرب الشربة فيحمد الله عز وجل عليهما (عن سبل عن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أكل طعاما ثم قال الحمد لله الذي أطعمني هذا ورزقنيه من غير حول مني ولا قوة غفر له ما تقدم من ذنبه (عن نعيم بن سلامة) عن رجل من بني سليم وكانت له صحبة أن

_ خلافاً لما زعمه ابن العربى من ان اللحس انما يكون بلسانة (1) اى لانة اذا فرغ من طعامة لحسها الشيطان فاذا لحسها الانسان تواضعا واستكانة وتعظيما لما انعم بة علية وصيانة لها عن الشيطان فقد خلصها من لحسة فاستغفرت لة شكرا بما فعل ولا مانع شرعا ولا عقلا من ان يخلق اللة فى الجماد تمييزا ونطقا او ذلك كناية عن حصول المغفرة (وقال القاضى عياض) معناه ان من اكل فيها ولحسها تواضعا واستكانة وتعظيما لما انعم الللة علية من رزق وصيانة عن التلف غفر لة ولما كانت المغفرة بسبب لحس القصعة جعلت كأنها تستغفر لة وتطلب المغفرة لاجلة واللة اعلم (تخريجة) (مذ جة مى) وقال هذا الحديث غريب اه (قلت) حسنة الحافظ السيوطى (2) هذا الحديث تقدم بسندة وشرحة وتخريجة فى باب غسل اليدين الى المرفقين الخ من ابواب الوضوء فى الجزء الثانى صحيفة 87 رقم 77 وانما ذكرتة هنا لمناسبة الترجمة (4) (سندة) حدثنا وكيع ثنا سفيان ثنا ابو هاشم الرمانى عن اسماعيل بن رباح بن عبيدة عن ابية وعن غيرة عن ابى سعيد الخدرى الخ (تخريجة) (د مذ نس جة) وسكت عنة ابو داود والمنذرى فهو صالح (5) (سندة) حدثنا ابو اسامة انا زكريا بن ابى زائدة عن سعيد بن ابى بردة عن انس بن مالك الخ (غريبة) (6) اى يحب منة ان ساكل (الاكلة) بفتح الهمزة وهى المرة من الاكل (7) اى على كل واحدة من الاكلة والشربة (تخريجة) (م مذ نس) قال ابن بطال اتفقوا على استحباب الحمد بع الطعام ووردت فى ذلك انواع يعنى لا يتعين شئ منها وقال النووى فى الحديث استحباب حمد للة تعالى عقب الاكل والشرب وقد جاء فى البخارى (قلت والامام احمد وسيأتى اخر الباب) صفة التحميد (الحمد للة كثيرا طيبا مباركا فية غير مكفى ولا مودع ولا مستغنى عنة ربنا) وجاء غير ذلك ولو اقتصر على الحمد للة حصل اصل السنة اه (8) (سندة) حدثنا ابو عبد الرحمن ثنا سعيد قال حدثنى ابو مرحوم عن سهل بن معاذ بن انس الجهنى الخ (تخريجة) (د مذ جة) وقال الترمذى حسن غريب وسكت عنة ابو داود والمنذرى (9) (سنده)

-[إستحباب دعاء الضيف لمضيفه بعد الفراغ من الأكل]- النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا فرغ من طعامه قال اللهم لك الحمد أطعمت وأسقيت وأشبعت وأرويت فلك الحمد غير مكفور ولا مودع ولا مستغنى عنك (عن خالد بن معدان) قال حضرنا صنيعا لعبد الأعلى بن هلال فلما فرغنا من الطعام قام أبو أمامة فقال لقد قمت مقامي هذا وما أنا بخطيب وما أريد الخطبة، ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند انقضاء الطعام (وفي رواية إذا فرغ من طعامه أو رفعت مائدته) الحمد لله كثيرا طيبا مباركا فيه غير مكفي ولا مودع ولا مستغنى عنه (زاد في رواية ربنا عز وجل) قال فلم يزل يرددهن علينا حتى حفظناهن (باب من دعى إلى طعام فدعا لأصحابه بعد الفراغ منه) (عن عبد الله بن بسر المازني) قال بعثني أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ادعوه إلى الطعام فجاء معي، فلما دنوت المنزل أسرعت فأعلمت أبوي فخرجا فتلقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحبا به ووضعنا له قطيفة كانت عند زبيرته فقعد عليها ثم قال أبي لأمي هات طعامك، فجاءت بقصعة فيها دقيق قد عصدته بماء وملح فوضعته بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خذوا بسم الله من حواليها وذروا ذروتها فإن البركة فيها، فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكلنا معه وفضل منها فضلة، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر لهم وارحمهم وبارك عليهم ووسع عليهم في أرزاقهم (وعنه من طريق ثان) قال جاء أبي إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فنزل عليه أو قال له أبي أنزل علي قال فأتاه بطعام

_ حدثنا وكيع قال ثنا عبد اللة بن عامر ثنا عبد اللة بن عامر الاسلمى عن ابى عبيد حاجب سليمان عن نعيم بن سلامة عن رجل من بنى سليم الخ (غريبة) (1) اى غير مجحود النعم التى انعم بها على عبادة بل هو مشكور (ولامودع) بفتح الدال المهملة مشددة اسم مفعول اى غير متروك الطاعة وقل هو من الوداع والية يرجع (نة) (2) هو ايضا اسم مفعول والمعنى انة محتاج الية غير مستغنى عنة (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد واوردة الهيثمى وقال رواه احمد وفية عبد اللة بن عامر الاسلمى وهو ضعيف اه (قلت) يعضدة ما بعدة (3) (سندة) حدثنا ابن مهدى عن معاوية يعنى ابن صالح عن عامربن جشيب عن خالد معدان الخ (غريبة) (4) اى طعاما (5) بفتح الميم وسكون الكاف وتشديد الياء التحتية (قال النووى) هذة الرواية الصحيحة الفصيحة ورواه اكثر الرواه بالهمز وهو فاسد من حيث العربية سواء كان من الكفاية او من كفأت الاناء اه (قال فى مطالع الانوار) فى تفسير هذا الحديث المراد بهذا المذكور كلة الطعام والية يعود الضمير فيكون المعنى على هذا الكفاية (وقال الحربى) الاناء المقلوب لللاستغناء عنة كما قال غير مستغنى عنة (وقال الخطابى) معناه ان اللة عز وجل هو المطعم الكافى وهو غير مطعم ولا مكفى فجعل الضمائر عائدة الى اللة عز وجل (تخريجة) (خ نس) واشار الية الترمذى (باب) (6) (سندة) حدثنا ابو المغيرة ثنا صفوان بن امية ثنا صفوان بن عمر قال خدثنى عبد اللة بن بسر المازنى الخ (غريبة) (7) اى كساء لة خمل والجمع قطائف (8) هكذا فى المسند (عند زبيرتة) ولم اقف لهذا اللفظ على معنى يناسب سياق الحديث (9) بكسر الذال المعجمة اى اعلاها وذروة كل شئ اعلاة اى اتركوا ذروتها (10) (سندة) حدثنا عفان ثنا شعبة عن يزيد بن خمير عن عبد اللة بن بسر قال جاء ابى الخ (غريبة) (11) معناه أن

كتاب الأشربة

-[ما جاء فى كيفية أكل التمر وإلقاء النوى ودعاء النبى صلى الله عليه وسلم لمن أكل عندهم]- وحيسة (1) وسويق فأكله (2) وكان يأكل التمر ويلقى النوى، وصفّ بإصبعيه السبابة والوسطى بظهرهما من فيه (وفى رواية فكان يأكل التمر ويضع النوى على ظهر إصبعيه ثم يرمى به) (3) ثم أتاه بشراب فشرب ثم ناوله من على يمينه (4) فقام فأخذ بلجام دابته (وفى لفظ فركب بغلة له بيضاء) فقال ادع الله عز وجل لى، فقال اللهم بارك لهم فيما رزقتهم واغفر لهم وارحمهم (5) (عن أنس بن مالك) (6) قال كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا أفطر عند أهل بيت (7) قال أفطر عندكم الصائمون (8) وأكل طعامكم الأبرار (9) وتنزلت عليكم الملائكة (10) (وفى لفظ) وصلت عليكم الملائكة (11) (47) (كتاب الأشربة) (باب ما جاء فى فضل سقى الماء والنهى عن منع ما فضل منه والتشديد فى ذلك) (عن سعيد بن عبادة) (12) أن أمه ماتت فقال يا رسول الله أمى ماتت فأتصدق عنها؟ قال نعم

_ أباه جاء الى النبى صلى اللة علية وسلم يدعوة الى طعام عندة ولفظة عند ابى داود (جاء رسول اللة صلى اللة علية وسلم الى ابى فنزل علية) يعنى ضيفا (1) طعام يتخذ من التمر وغيرة (والويق) بوزن دقيق يكون من القمح او الشعير وهو ما يحمص ثم يطحن (2) جاء عند مسلم والترمذى ثم اتى بتمر فكان يأكلة الخ (3) معناه انة صلى اللة علية سلم كان يأكل التمر ويصف النوى على ظهر اصبعية السبابة والوسطى ثم يرمى بة وانما كان يفعل ذلك لانة صلى اللة علية وسلم نهى ان يلقى النوى فى الطبق رواه البيهقى وعللة الترمذى بأنة قد يخالطة الريق ورطوبة الفم فاذا خالطا ما فى الطبق عافتة النفس (قلت) وهذا بالنسبة لغيرة صلى اللة علية وسلم ليقتدى بة اما هو صلى اللة علية وسلم فقد كان الصحابة يتبركون بريقة وكل اثارة (4) فية ان الشراب ونحوة يدار على اليمين بعد ان يبدا بأفضل الموجودين (5) قال النووى فية استحباب طلب الدعاء من الفاضل ودعاء الضيف بتوسعة الرزق والمغفرة والرحمة وقد جمع صلى اللة علية وسلم فى هذا الدعاء خيرات الدنيا والاخرة واللة اعلم (تخريجة) (م د مذ. وغيرهم) (6) (سندة) حدثنا وكيع حدثنا هشام واسحاق والازرق قال انا الدستوائى عن يحيى بن ابى كثير عن انس بن مالك الخ (غريبة) (7) اى نزل ضيفا عند قوم وهو صائم فأفطر (8) خبر بمعنى الدعاء بالخير والبركة لان افعال الصائمين تدل على كثرة الخير (9) قال المظهرى دعاء او اخبار وهذا الوصف موجود فى حق المصطفى صلى اللة علية وسلم لانة ابر الابرار (10) اى ملائكة الرحمة بالخير والبركة (11) اى بدل وتنزلت ومعناه استغفرت لهم الملائكة دعت لهم بالرحمة قد اشتمل هذا الحديث على ثلاث دعوات كلها موجبة للاجر والبرجة: فان من تفطر عندة الصائمون استحق الاجر المموهود بة فيمن فطر صائما وتقدم ذلك فى باب فضل وقت الافطار الخ من كتاب الصيام فى الجزء العاشر صحيفة 9 ومن اكل طعامة الابرار كان لة اجر الاطعام موفرا لكون الاكلين لة من الابرار ومن صلت علية الملائكة فقد فاز لان دعوتهم لة بالرحمة مقبولة (تخريجة) (د هق) وصححة الحافظ العراقى واخرجة (جة حب) من حديث عبد اللة بن الزبير (باب) (12) هذا الحديث تقدم بسندة وشرحة وتخريجة فى باب ما جاء فى وصول ثواب القرب المهداه الى الميت من كتاب الجنائز فى الجزء الثامن صحيفة 98 رقم 280

-[(كتاب الأشربة) ما جاء فى فضل سقى الماء والنهى عن منع ما فضل منه]- قال فأي الصدقة أفضل؟ قال سقى الماء، قال فتلك سقاية آل سعد بالمدينة (عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده) (1) أن رجلًا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انى أنزع فى حوضى حتى إذا ملأته لأهلى ورد على البعير لغيرى فسقيته فهل لى فى ذلك من أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كل (2) ذات كبد حرَّى أجر (3) (عن سراقة بن مالك بن جعشم) (4) أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى وجعه الذى توفى فيه، قال فطفقت أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ما أذكر ما أسأله عنه، فقال اذكره، قال وكان مما سألته عن أن قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فى سقى كل كبد (وفى لفظ فى كل ذات كبد) حرّى أجر لله عز وجل (عن سيار بن منظور الفزارى) (5) عن أبيه عن بهيسة قالت استأذن أبى النبى صلى الله عليه وسلم فجعل يدنو منه ويلتزمه، ثم قال يا نبى الله ما الشئ الذى لا يحل منعه؟ قال الماء، ثم قال يا نبى الله ما الشئ الذى لا يحل منعه؟ قال الملح، ثم قال يا نبى الله ما الشئ الذى لا يحل منعه؟ قال النبى صلى الله عليه وسلم أن تفعل الخير خير لك، قال فانتهى قوله إلى الماء والملح (6) قال وكان ذلك الرجل لا يمنع شيئًا وإن قل (عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده) (7) عن النبى صلى الله عليه وسلم قلل من منع فضل مائه (8)

_ فارجع إليه (1) (سندة) حدثنا هارون بن معروف ثنا عبد اللة بن وهب اخبرنى اسامة ان عمرو بن شعيب حدثة عن ابية عن جدة الخ (غريبة) (2) اى فى ارواء كل ذات كبد بفتح الكاف وكسر الموحدة ويجوز كسر الكاف وسكون الموحدة وفى ظرفية او سببة كما فى حديث (فى النفس مائة من الابل) (وقولة حرى) فعلى من الحر وهو تانيث حران وهما للمبالغة وانثها لان الكبد مونث سماعى قال القرطى عنى بة حرارة الحياه او حرارة العطش (3) بالرفع مبتدا قدم خبرة على ان فى ظرفية والمعنى اجر حاصل وكائن فى ارواء كل ذى كبد حسى اصابة العطش قال الداودى وهو عام فى جميع الحيوان حتى الكافر (قال القرطى) وفية ان الاحسان الى الحيوان مما يغفر الذنوب وتعظم بة الاجور ولا يناقضة الامر بقتل بعضة او اباحتة فانة انما امر بة لمصلحة راجحة ومع ذلك فقد امرنا باحسان القتلة (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد من حديث عمرو بن شعيب وفى اسنادة اسامة بن زيد بن اسلم العدوى ضغفة الامام احمد وابن معين من قبل حفظة ولة شواهد عند الشيخين تعضدة (4) (سندة) حدثنا يعقوب ثنا ابى عن صالح وحدث ابن شهاب ان عبد الرحمن بن مالك اخبرة ان اباه اخبرة ان سراقة بن مالك بن جشعم دخل على رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) (جة) وسندة عن الامام احمد صحيح * (5) (سندة) حدثنا يزيد كهمس عن سيار بن منظور الفزاوى الخ (غريبة) (6) يعنى ان منعهما لا يجوز اذا فضلا عن حاجتة واللة اعلم (تخريجة) (د نس) وسندة جيد وسكت عنة ابو داود والمنذرى فهو صالح للاحتجاج بة * (7) (سندة) حدثنا اسماعيل ثنا ليث عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) (8) المراد بة ما زاد على الحاجة ويؤيد ذلك ما اخرجة الامام احمد وتقدم فى باب (المسلمون شركاء فى ثلاث) من كتاب احياء الموات فى الجزء الخامس عشر صحيفة 133 رقم 425 من حديث أبي هريرة

-[ما كان يحبه النبي صلى الله عليه وسلم من الشراب]- أو فضل كلئه (1) منعه الله فضله يوم القيامة (2) (باب أحب الشراب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما جاء فى تخمير الإناء) (عن عائشة رضى الله عنها) (3) قالت كان أحب الشراب (4) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحلو البارد (وعنها أيضًا) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستقى له الماء (6) العذب من بيوت السقيا (7) (عن ابن عباس) (8) أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل أى الشراب أطيب؟ قال الحلو البارد (عن جابر بن عبد الله) (9) الأنصارى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول غطوا الإناء وأوكوا (10) السقاء فان فى السنة ليلة ينزل فيها وباء (11) لا تمرّ بإناء لم يغط لا سقاء لم يوك إلا وقع فيه من ذلك الوباء (12) (وعنه أيضًا) (13) قال جاء أبو حميد الأنصارى رضى الله عنه بإناء من لبن نهارًا إلى النبى صلى الله عليه وسلم وهو بالبقيع فقال النبى صلى الله عليه وسلم ألا خمرته (14) ولو أن

_ بلفظ (ولا يمنع فضل ماء) بعد ان يستغنى عنة (1) الكلاء بفتح الكاف واللام بعدها همزة مقصورة وهو النبات رطبةويابسة (2) فية وعيد شديد لمن منع فضل الماء او الكلاء لان من منع من فضل اللة يوم القيامة فقد حرم من خير كثتير (تخريجة) (طس) وفى اسنادة ليث بن ابى سليم تكلم فية بعضهم وروى لة مسلم مقرونا بغيرة ورواه الطبرانى فى الصغير من حديث الاعمش عن عمرو بن شعيب هذا وفى الباب احاديث كثيرة تقدمت فى باب (المسلمون شركاء فى ثلاث) المشار الية انفا فارجع الية (باب) * (3) (سندة) حدثنا سفيان عن معمر عن الزهرى عن عروة عن عائشة الخ (غريبة) (4) اى من احب الشراب الية الخ فلا ينافى ما ورد عنها ايضا بلفظ كان احب الشراب الية بالعسل وحديث ابن عباس كان احب الشراب الية باللبن اخرجهما ابو نعيم فى الطب (تخريجة) (مذ ك) وصححة الحاكم واقره الذهبى * (5) (سندة) حدثنا على بن بحر ثنا الدراوردى قال: هشام ابن عروة حدثنى عن ابية عن عائشة ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (6) اى يطلب لة الماء العذب ويحضر الية لكون اكثر مياه المدينة مالح وهو صلى اللة علية وسلم يحب الماء الحلو البارد (7) بضم المهملة وسكون القاف مقصورة زاد ابو داود (قال قتيبة هى عين بينهما وبين المدينة يومان) اه قال الحافظ هكذا اخرجة ابو داود عنة بعد سياق الحديث بسند جيد وصححة الحاكم اه وقيل هى قرية جامعة بين مكة والمدينة (تخريجة) (دك) وصححة الحاكم واقرة الذهبى * (8) (سندة) حدثنا حجاج عن جريح قال اخبرنى اسماعيل بن امية عن رجل عن ابن عباس الخ (تخريجة) لم اقف علية نفير الامام احمد واوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة رجال الصحيح الا ان تابعية لم يسم * (9) (سندة) حدثنا يونس ثنا ليث عن يزيد يعنى ابن الهاد عن يحيى بن سعيد عن جعفر بن عبد اللة بن الحكم عن القعقاع بن حكيم عن جابر بن عبد اللة الخ (غريبة) (10) بضم الكاف من الوكاء ككتاب وهو حبل يشد بة راس القربة (11) الوباء بالمد والقصر الطاعون او مرض عام يفضى الى الموت غالبا (12) زاد مسلم فى رواية قال الليث فالاعاجم عندنا يتقون ذلك فى كانون الاول (تخريجة) (م) (13) سندة) حدثنا عبد الرزاق انا سفيان ح وابو نعيم قال ثنا سفيان عن ابى الزبير عن جابر بن عبد اللة قال جاء ابو حميد الانصارى الخ (غريبة) (14) التخمير التغطية ومنة الخمر لتغطيتها على العقل وخمار المرأة

-[ما جاء في تغطية الاناء وغلق الأبواب]- تعرض (1) عليه عودا (وعنه من طريق ثان) (2) قال أخبرنى أبو حميد الساعدى أنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم بقدح لبن من النقيع (3) ليس بمخمَّر فقال النبى صلى الله عليه وسلم لولا خمرته ولو بعود تعرضه، قال أبو حميد إنما أمر النبى صلى الله عليه وسلم بالأسقية أن توكأ وبالأبواب أن تغلق ليلًا (4) ولم يذكر زكريا قول أبى حميد بالليل (5) (وعنه أيضًا) (6) قال كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فاستقى ماءًا فقال رجل ألا أسقيك نبيذًا (7) قال، بلى قال فخرج الرجل يسعى قال فجاء باناء فيه نبيذ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا خمّرته ولو أن تعرض عليه عودًا ثم شرب (عن عائشة) (8) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تشربوا إلا فيما أوكي عليه

_ لتغطيته رأسها (1) المشهور فى ضبطة تعرض بفتح التاء وضم الراء وهكذا قالة الاصمعى والجمهور ورواه ابو عبيد بكسر الراء قال النووى والصحيح الاول ومعناه تمدة علية عرضا وهذا عند عدم ما يغطية بة زاد فى رواية اخرى وليذكر اسم اللة (2) (سندة) حدثنا روح ثنا ابن جريج وزكريا ابن اسحاق قالا ثنا ابو الزبير انة سمع جابر بن عبد اللة يقول اخبرنى ابو حميد الخ (غريبة) (3) قال النووى روى بالنون والباء حكامها القاضى عياض والصحيح الاشهر الذى قالة الخطابى والاكثرون بالنون: وهو موضع بوادى العتيق وهو حماه رسول اللة صلى اللة علية وسلم اه (وقولة ليس بمخمر) اى ليس بمغطى (4) قال النووى هذا الذى قالة ابو حميد من تخصيصها بالليل ليس فى اللفظ ما يدل علية والمختار عند الاكثرين من الاصوليين وهو مذهب الشافعى وغيرة رضى اللة عنهم ان تفسير الصحابى اذا كان خلاف ظاهر اللفظ ليس بحجة ولا يلزم غيرة من المجتهدين موافقتة على تفسيرة واما اذا لم يكن فى ظاهر الحديث ما يخالفة بان كان مجملا فيرجع الى تاويلة ويجب الحمل علية لانة اذا كان مجملا لا يحل لة حملة على شئ الا بتوقيف وكذا لا يجوز تخصيص العموم بمذهب الراوى عند الشافعى والاكثرين والامر بتغطية الاناء عام فلا يقبل تخصيصة بمذهب الراوى بل يتمسك بالعموم اه (قلت) جاء فى الطريق الاولى من هذا الحديث عند الامام احمد ان ابا حميد جاء بأناء من لبن نهارا الى النبى صلى اللة علية وسلم وجاء فى الحديث الذى قبلة فان فى السنة ليلة ينزل فية وباء وكذا عند مسلم ولة فى رواية اخرى فان فى السنة يوما ينزل فية وباء ومن هذا يتضح ان المراد تغطية الاناء مطلقا سواء كان بالليل او النهار والللة اعلم (5) معناه ان زكريا لم يذكر فى روايتة قول ابى حميد (انما امر رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ) لكن ذكره ابن جريح الراوى الثانى عن ابى الزبير (تخريجة) (م) * (6) (سندة) حدثنا ابو معاوية ثنا الاعمش عن ابى صالح عن جابر قال كنا مع النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (7) هو محمول على انة نبيذ لم يشتد ولم يصر مسكرا (تخريجة) (ق وغيرهما) (8) (سندة) حدثنا يحيى بن اسحاق قال اخبرنى جعفر بن كسيان عن امنة القيسية قالت عائشة تقول قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد وفى اسنادة امنة القيسية قال الحسينى لا تعرف قال الحافظ فى تعجيل المنفعة قد روى احمد من طريق ام نهار عن امنة بنت عبد اللة عن عائشة حديثا اخر فى لعنة الواصلة فيكون لها روايان اه (قلت) وبقية رجالة ثقات هذا وفى باب احاديث اخرى تقدمت فى باب الوضوء قبل النوم وغلق الباب واطفاء السراج وغير ذلك من ابواب اداب النوم واذكارة في كتاب الأذكار في الجزء

-[شرح قوله صلى الله عليه وسلم المؤمن يشرب فى معِّى واحد والكافر يشرب فى سبعة أمعاء]- (باب المؤمن يشرب فى معى واحد الخ) (عن أبى هريرة) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ضافه ضيف وهو كافر فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة فحلبت فشرب الكافر حلابها، ثم أخرى فشربه، ثم أخرى فشربه، حتى شرب حلاب سبع شياه ثم انه أصبح فأسلم فأمر له رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة حلابها، ثم أمر بأخرى فلم يستتمها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن يشرب فى معى (2) واحد والكافر يشرب فى سبعة أمعاء (3) (أبواب آداب الشرب) (باب ترتيب الشاربين والبداءة بأفضل القوم ثم من على يمينه وأن ساقى القوم آخرهم شربًا) (عن أنس) (4) قال قدم النبى صلى الله عليه وسلم (5) وأنا ابن عشر، ومات وأنا ابن عشرين وكن امهاتى (6) تخشنى على خدمته، فدخل علينا فحلبنا له من شاة داجن (7) وشيب له من بئر الدار وأعرابى عن يمينه وأبو بكر عن يساره وعمر ناحية، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر أعط أبا بكر، فناول الأعرابى وقال الأيمن فالأيمن (8) (عن حرملة

_ الرابع عشر صحيفة 242 (وفى احاديث الباب) الامر بتغطية الاناء وقد ذكر العلماء للامر بالتغطية فؤائد (منها) صيانتة من الشيطان فان الشيطان لا يكشف غطاء ولا يحل سقاء كما تقدم فى الباب المشار الية (ومنها) صيانتة من الوباء الذى ينزل فى ليلة راس السنة (ومنها) صيانتة من النجاسة والمقذرات (ومنها) صيانتة من الحشارت والهوام فربما وقع شئ منها فشربة وهو غافل او فى الليل فيتضرر بة واللة اعلم (باب) (1) (سندة) حدثنا اسحاق انبانا مالك عن سهيل عن ابية عن ابى هريرة الخ (غريبة) (2) المعى المصران وقصر هـ اشهر وجمعة امعاء مثل عنب واعناب وجمع الممدود مثل حمارة واحمرة قالى فى المصباح (3) قال العلماء ليست حقيقة العدد مرادة بل المراد بل المراد التكثير وان من شان المؤمن التقليل فى الاكل والشرب لشغلة باسباب العبادة وعلمة بان مقصود الشرع من الاكل والشرب ما يمسك الرمق ويعين على التعبد والكافر لا يقف مع مقصود الشرع بل هو تابع لشهوتة مسترسل فى لذتة غير خائف من تبعات الحرام فلذلك صارا كلة اذا نسب الى اكل الكافر وشربة بقدر السبع منة ولا يلزم منة الاطراد فقد يوجد مؤمن يأكل ويشرب كثيرا لعارض مرض او نحوة ويكون فى الكفار من يأكل قليلا لمراعاه الصحة على راى الاطباء او الرياضة او الرياضة على راى الرهبان او لعارض كضعف معدة واللة اعلم (تخريجة) (م مذ لك) (باب) (4) (سندة) حدثنا سفيان عن الزهرى سمعة من انس وقال سفيان مرة قال الزهرى انبأنا انس (يعنى ابن مالك) قال قدم النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (5) يعنى قدم النبى صلى اللة علية وسلم المدينة الخ (6) يعنى امة وخالاتة ونحوهن (7) هى الشاه التى يعلفها الناس فى منازلهم وقد يقع على غير الشاه من كل ما يألف البيوت من الطير وغيرة (وقولة وشيب لة) اى خلط بماء وفية جواز ذلك وانما نهى عن شوبة اذا اراد بيعة لانة غش قال العلماء والحكمة فى شوبة ان يبرد او يكثر او للمجموع (8) قال الكرمانى وتبعة البرمارى وغيرة الايمن ضبط بالنصب على تقدير اعط الايمن وبالرفع على تقدير الايمن احق (تخريجة) (م لك والاربعة) وزاد مسلم فى بعض رواياتة قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم الايمنون الايمنون قال انس فهى سنة فهى سنة (يعني تقدمه

-[البداءة في الشرب بأفضل القوم ثم من على يمينه]- عن ابن عباس) (1) شرب النبى صلى الله عليه وسلم وابن عباس عن يمينه، وخالد بن الوليد عن شماله، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم الشَّربة لك وإن شئت آثرت به خالدًا (2) قال ما أوثر على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدًا (3) (عن سعد بن سيل الأنصارى) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أترى بشراب منه وعن يمينه غلام (5) وعن يساره الأشياخ فقال الغلام أتأذن أن أعطى هؤلاء؟ فقال لا والله لا أوثر بنصيبى منك أحدًا، قال فتله (6) رسول الله صلى الله عليه وسلم فى يده (عن عبد الله بن أبى أوفى) (7) قال كنا فى سفر فلم نجد الماء (8) قال ثم هجمنا على الماء بعد (9) قال فجعلوا يسقون رسول الله صلى الله عليه وسلم (10) فكلما أتوه بالشراب قال

_ الأيمن وإن كان مفضولا * (1) (سندة) حدثنا سفيان عن ابن جدعان عن حرملة عن ابن عباس الخ (غريبة) (2) معناه ان الحق لك فى الشراب قبل الد لكونك على اليمين وان كنت صغيرا ولك الخيار فى ان تقدم الدا عن نفسك فى الشراب لكونة اكبر منك (3) معناه لا اقدم احدا على سؤر رسول اللة صلى اللة علية وسلم كما فى بعض الروايات يريد التبرك بأثر شرب النبى صلى اللة علية وسلم ثم شرب ابن عباس واقرة النبى صلى اللة علية وسلم على ذلك (تخريجة) (مذ جة ش) وسندة جيد ويؤيدة ما بعدة (4) (سندة) حدثنا اسحاق بن عيسى ثنا مالك عن ابن حازم عن سهل بن سعد الانصارى الخ (غريبة) (5) جاء فى مسند ابن ابى شيبة ان هذا الغلام هو عبد اللة بن عباس ومن الاشياخ خالد بن الوليد كما صرح بذلك فى الحديث السابق قيل انما استاذن الغلام دون الاعرابى المذكور فى حديث انس اول الباب ادلالا على الغلام وهو ابن عباس وثقة بطبيب نفسة بأصل الاستئذان لاسيما والاشياخ اقاربة (قال القاضى عياض) وفى بعض الروايات عمك وابن عمك اتاذن لية ان اعطية؟ وفعل ذلك ايضا تالفا لقلوب الاسياخ واعلاما بودهم وايثار كرامتهم اذا لم تمنع منها سنة وتضمن ذلك بيان هذة السنة وهى ان الايمن احق ولا يدفع الى غيرة الا باذنة وانة لاباس باستاذانة وانة لا يلزمة الاذن (6) بفتح التاء وتشديد الللام اى وضعة فى يدة (تخريجة) (ق لك مذ) (7) (سندة) حدثنا حجاج حدثنى سعبة عن ابى المختار من بنى اسد قال سمعت عبد اللة بن ابى اوفى قال كنا فى سفر الخ (غريبة) (8) جاء فى حديث ابى قتادة عند مسلم والامام احمد وسيأتى فى باب مناقب ابى قتادة من كتاب مناقب الصحابة انة لم يكن معهم ماء الا بقايا قليلة فى ميضأه لابى قتادة (الميضأة بكسر الميم وبهمز بعد الضاد وهى الاناء الذى يتؤضا بة كالكركوة) اوصاه النبى صلى اللة علية وسلم بالاحتفاظ بها لوقت الحاجة الشديدة فلما اشتد الامر على الناس قالوا يا رسول اللة هلكنا عطشا قال فدعا رسول اللة صلى اللة علية وسلم بالميضأه وكان النبى صلى اللة علية وسلم قدح فدعا بة فجعل يصب (يعنى من المبضأه) فية (اى فى القدح) ويسقى الناس وعند مسلم (فجعل رسول اللة صلى اللة علية وسلم يصب وابو قتادة يسقيهم قال فازدحم الناس علية فقال رسول اللة صلى اللة علية وسلم احسنوا الملا (بالتحريك اى الخلق والعشرة) فكلكم سيصدر (اى ينصرف) عن رى فشرب القوم حتى لم يبق غيرى وغير رسول اللة صلى اللة علية وسلم فقال اشرب يا اباه قتادة قال قلت اشرب انت يا رسول اللة قال ان ساقى القوم اخرهم: فشربت وشرب بعدى وفى الميضأه نحومما كان فيهما وهم يومئذ ثلاثمائة (9) يعنى على ماء الميضأه على ما يظهر وهو معنى قولة فى حديث انى قتادة (فزدحم الناس علية) واللة اعلم (10) الظاهرانهم كانوا يعرضون القدح على رسول اللة صلى الله عليه وسلم

-[ما جاء في أن ساقي القوم وآخرهم شربًا]- رسول الله صلى الله عليه وسلم ساقى القوم آخرهم ثلاث مرات حتى شربوا كلهم (عن أبن عبد الله بن بسر عن أبيه) (1) قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدّمت له جدتى تمرًا يقلله (2) وطبخت له وسقيناهم فنفد (3) فجئت بقدح آخر وكنت أنا الخادم (4) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعط القدح الذى انتهى إليه (5) (باب النهى عن الشرب قائمًا) (عن أبى هريرة) (6) عن النبى صلى الله عليه وسلم أن رأى رجلًا يشرب قائمًا فقال له قه (7) قال له أيسرك أن يشرب معك الهر؟ قال لا، قال فانه قد شرب معك من هو شر منه الشيطان) (8) (وعنه أيضًا) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو يعلم الذي يشرب

_ أولا فيقول ساقى القوم اخرهم باعتبار انة هو الذى يصب الماء لهم وكان يكرر ذلك ثلاث مرات (تخريجة) (د) قال المنذرى رجال اسنادة ثقات (قلت) وقد اخرج مسلم فى حديث ابى قتادة الانصارى الطويل (فقلت لا اشرب حتى تشرب يا رسول اللة قال ان ساقى القوم اخرهم شربا) واخرجة الترمذى وابن ماجة مختصرا (1) (سندة) حدثنا حماد بن خالد عن معاوية بن صالح عن ابن عبد اللة بن بسر عن ابية الخ (غريبة) (2) يعنى تمرا قليلا (وطبخت لة) جاء فى رواية اخرى تقدمت فى باب من دعى الى طعام فدعى لاصحابة الخ (ثم قال ابى لامى هات طعامكم فجاءت بقصعة فيها دقيق قد عصدتة بما وملح فوضعتة بين يدى رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ) (3) من باب تعب اى فنى وانقطع ما فى القدح من الشراب قبل ان يشرب جميع القوم (4) يعنى الساقى (5) معناه اعط القدح للذى يلى من انتهى القدح بشربة (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد وفية راو لم يسم وبقية رجالة ثقات ولة فى الصحيح حديث غير هذا اه (قلت) الراوى الذى اشار الية الحافظ الهيثمى بقولة وفية راو لم يسم هو ابن عبد اللة بن يسر (وقولة لة فى الصحيح حديث غير هذا) (قلت) تقدم فى باب من دعى الى طعام المشار الية انفا واللة اعلم (هذا) وفى احاديث الباب دلالة على انة من الادب والسنة ان يبدا بافضل القوم واكبرهم سنا فى سقى الماء ونحوة كلين ومثلة ما يفرق على جمع من مأكول او مشموم ثم من على يمينة وان كان مفضولا عمن على اليسار ثم يكون الساقى او المفرق على القوم ارهم تناولا لنفسة (قال ابن العربى) وهذا امر ثابت عادة وشرعا وحكمتة ندب الايثار فلما صار فى يدة ندب لى ان يقدم غيرة لما فية من كريم الاخلاق وشرف السليقة وعزة القناعه (وقال الزين العراقى) فية ان الذى يباشر سقى الماء او غيرة يكون شربة بعد الجماعة كلهم لان الاناء بيدة فلا ينبغى ان يعجل وهل المراد بساقى من يناولة للشاربين او المالك؟ الظاهر الاول (باب) (6) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر انا شعبة عن ابى زياد الطحان قال سمعت ابا هريرة يقول عن النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (7) بكسر القاف وسكون الهاء اسم فعل امر وبابة باع يقال قاء يقئ قيئا والامر منة قة (8) معناه ان من شرب قائما شرب معة الشيطان (تخريجة) (بز) قال الهيثمى رواه احمد والبزار ورجال احمد ثقات (9) (سندة) حدثنا عبد الراق ثنا معمر عن الزهرى عن رجل عن ابى هريرة قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم لم يعلم الذى يشرب وهو قائم ما فى بطنة لاستقاء (ثم قال عقب هذا الحديث) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الاعمش عن ابى صالح عن ابى هريرة عن النبى صلى اللة علية وسلم كمثل حديث الزهرى (تخريجة) اوردة وقال رواه أحمد بإسنادين والبزار واحد

-[النهي عن الشرب قائمًا والرخصة فى ذلك]- وهو قائم ما فى بطنه لاستقاءه (عن قتادة عن أنس بن مالك) (1) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب الرجل قائمًا: قال فقلنا لأنس فالطعام؟ قال ذلك أشد وأنتن، قال ابن بكر (2) أو أخبث (عن أبى سعيد الخدرى) (3) قال زجر (4) رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يشرب الرجل قائمًا (عن أبى الزبير) (5) قال سألت جابرًا عن الرجل يشرب وهو قائم قال جابر كنا نكره ذلك (وعنه أيضًا) (6) عن جابر أنه قال سمعت أبا سعيد الخدرى يشهد أن النبى صلى الله عليه وسلم زجر عن ذلك (7) وزجر أن نستقبل القبلة لبول (باب الرخصة فى ذلك) (عن زاذان) (8) أن علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه شرب قائمًا فنظر إليه الناس كأنهم أنكروه (وفى رواية فأنكروا ذلك عليه) فقال ما تنظرون؟ إن أشرب قائمًا فقد رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يشرب قائمًا (9) وإن أشرب قاعدًا فقد رأيت النبى صلى الله عليه وسلم يشرب قاعدًا (عن عاءشة) (10) رضي الله عنها قالت شرب رسول الله صلى الله عليه وسلم قائمًا قاعدًا ومشى حافيًا وناعلًا وانصرف عن يمينه وعن شماله (11)

_ إسنادي أحمد رجالة رجال الصحيح قال لة حديث فى الصحيح بغير هذا السياق اه (قلت) ذكرت الاسنادين هنا فالصحيح هو الثانى والضعيف الاول لان فية رجلا لم يسم واما قول الهيثمى ولة (اى لابى هريرة) حديث فى الصحيح بغير هذا يشير الى ما رواه مسلم عن ابى هريرة قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم لا بشر بن احد منكم قائما فمن نسى فليسقى:* (1) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ومحمد بن بكر قالا ثنا سعيد عن قتادة عن انس بن مالك الخ (غريبة) (2) هو احد الراويين اللذين روى عنهما الامام هذا الحديث يعنى انة قال فى روايتة او اخبث بدل وانتن واللة اعلم (تخريجة) (م د مذ جة) * (3) (سندة) حدثنا وكيع ثنا همام عن قتادة عن ابى عيسى الاسوارى عن ابى سعيد الخدرى الخ (غريبة) (4) اى نهى وقد جاء عند مسلم فى رواية بلفظ زجر ولة فى رواية اخرى بلفظ نهى (تخريجة) (م وغيره) (5) (سندة) حدثنا موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن ابى الزبير الخ (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام اجمد وفى اسناده ابن لهيعة فية كلام اذا عنعن * (6) (سندة) حدثنا موسى قال ثنا ابن لهيعة عن ابن الزبير عن جابر الخ (غريبة) (7) يعنى عن الشرب قائما (تخريجة) حديث ابى سعيد اخرجة ايضا مسلم وتقدم الكلام على النهى عن استقبال القبلة ببول او غائظ فى بابة من كتاب الطهارة فى الجزء الاول صحيفة 270 (وفى احاديث هذا الباب) دلالة على عدم جواز الشرب قائما وسيأتى الكلام على ذلك فى اخر الباب التالى (باب) * (8) (سندة) حدثنا عفان ثنا حماد عن عطاء بن السائب عن زاذان الخ (غريبة) (9) اى لبيان الجواز (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد وفية عطاء ابن السائب وقد اختلط وبقية رجالة رجال الصحيح قال ولة فى الصحيح الشرب قائما فقط اه (قلت) قال يعقوب بن سفيان عطاء تغير بأخرة اه (قلت) ورواه ايضا ابو داود عن على من طريق اخرى ليس فيها عطاء قال المنذرى واخرجة يعنى رواية ابى داود البخارى والترمذى والنسائى (10) (سندة) حدثنا عصام بن خالد قال ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عمن سمع مكحولا يحدث عن مسروق بن الاجدع عن عائشة الخ (غريبة) (11) يريد بالانصراف انصرافة صلى اللة علية وسلم عن الصلاه بعد السلام وقد حمل العلماء فعلة صلى اللة علية وسلم في هذه الثلاث

-[كلام العلماء فى جواز الشراب قائمًا والنهى عن الشرب من فى السقاء]- (عن ابن عباس) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب من زمزم وهو قائم (وفى لفظ شرب من دلو من زمزم قائمًا) (ومن طريق ثان) (2) عن الشعبى ابن عباس حدثه قال سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من زمزم فشرب وهو قائم (عن يزيد بن عطارد) (3) قال وكيع السدوسى أبى البرزى (4) قال سألت ابن عمر عن الشرب قائمًا فقال قد كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نشرب قيامًا ونأكل ونحن نسعى (5) (عن الصلت بن غالب) (6) الجيمى عن مسلم سأل أبا هريرة عن الشرب قائمًا قال يا ابن أخى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عقل راحلته وهو مناخة وأنا آخذ بخطامها أو زمامها واضعًا رجلى على يدها، فجاء نفر من قريش فقاموا حوله فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بإناء من لبن فشرب وهو على راحلته، ثم ناول الذى يليه عن يمينه فشرب قائمًا حتى شرب القوم كلهم قيامًا (باب النهى عن الشرب من فى السقاء واختناث الأسقية) (عن ابن عباس) (7) أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب من فى السقاء (8) وعن

_ على بيان الجواز او لحاجة واللة اعلم (تخريجة) فى اسنادة رجل لم يسم ورواه (طس) الا انة قال ويتفل عن يمينة وعن شمالة بدل وانصرف قال الهيثمى ورجالة ثقات (1) (سندة) حدثنا هشيم انبأنا عاصم الاحوال ومغيرة عن الشعبى عن ابن عباس الخ (2) (سندة) حدثنا على بن اسحاق اخبرنا عبد اللة وعتاب قال حد ثنا عبد اللة اخبرنا عاصم عن الشعبى ان ابن عباس الخ (تخريجة) (ق مذ) (3) (سندة) حدثنا ابن ادريس انا عمران يعنى ابن جرير ووكيع المعنى قال انا عمران عن يزيد بن عطارد الخ (غريبة) (4) معناه ان وكيعا قال فى روايتة عن يزيد بن عطارد السدوسى ابى البزرى (5) اى تمشى بسرعة (تخريجة) (مذ جة) وصححة الترمذى (6) (سندة) حدثنا عبد الاعلى عن يونس يعنى بن عبيد عن الصلت بن غالب الهجيمى عن مسلم الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد ومسلم هذا لم اجد من ثقة ولا جرحة وبقية رجالة ثقات اه (قلت) احاديث هذا الباب تدل على جواز الشرب قائما وراكبا وماشيا واحاديث الباب السابق فيها النهى عن ذلك وظاهر هذا التعارض (قال النووى رحمة اللة) ما ملخصة: هذة الاحاديث اشكل معناه على بعض العلماء حتى قال فيها اقولا باطلة وزاد حتى تجاسر ورام ان يضعف بعضها ولا وجة لاشاعات الغلطات بل يذكر الصواب ويشار الى التحذير عن الغلط وليس فى الاحاديث اشكال ولا تعارض: بل الصواب ان النهى فيها محمول على التنزية وشربة صلى اللة علية وسلم قائما لبيان الجواز واما من زعم نسخا او غيرة فقد غلط فان النسخ لا يصار الية مع امكان الجمع لو ثيت التاريخ وفعلة صلى اللة عليو سلم لبيان الجواز لا يكون فى حقة مكروها اصلا فانة كان يفعل الشئ للبيان مرة او مرات ويواظب على الافضل والامر بالاستقاء محمول على الاستحباب فيستحب لمن يشرب قائما ان يستقئ لهذا الحديث الصحيح فان الامر اذا تعذر حملة على الوجوب بحمل على الاستحباب اه باختصار (باب) (7) (سندة) حدثنا معاذ بن هشام قال ثنا عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) (8) يعنى من فم القربة والمراد السقاء المتخذ من الجلد صغيرا كان او كبيرا وقيل القرية قد تكون صغيرة وقد تكون كبيرة والسقاء لا يكون الاصغيرا (قال الخطابى) واما الشرب من فم السقاء فانما يكرة ذلك من اجل ما يخاف من اذى عساه يكون فية لا يراه الشارب حتى يدخل جوفه

-[الحكمة في النهي عن الشرب من فى السقاء وكلام العلماء فى ذلك]- المجتَّمة (1) وعن لبن الجلالة (2) (عن أبى هريرة) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب من فى السقاء قال أيوب (أحد الرواة) فأنبت أن رجلًا شرب من فى السقاء فخرجت حية (4) (عن أبى سعيد) (5) أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن اختناث (6) الأسقية (باب الرخصة فى ذلك) (عن عائشة رضي الله عنها) (7) أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل على امرأة من الأنصار وفى البيت قربة معلقة فاختنثها وسرب وهو قائم (عن أنس) (8) قال حدثنى أمى (أم سليم) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها وفى بيتها قربة معلقة قالت فشرب من القربة قائمًا قالت فعمدت إلى فم القربة فقطعتها (9)

_ فاستحب أن يشربه في اناء ظاهر ببصرة (1) المجثم هو ما ملكتة فجثمة وجعلتة غرضا ترمية حتى تقتلة وذلك محرم واصل الجثوم فى الطير يقال جثم الطائر وبرك البعير وربضت الشاه وبين الجائم والمجم فرق وذلك ان الجائم فى الصيد يجوز لك ان ترمية حتى تصطادة والمجثم تقدم معناه (2) جاء عن ابى داود (وعن ركوب الجلالة) وتقدم الكلام على شرح الجلالة وحكم ركوبها وشرب لبنها فى باب ما جاء فى الحمر الاهلية والجلالة) من كتاب الاطعمة صحيفة 80 و 81 من هذا الجزء (تخريجة) (خ د مذ نس جة) وليس فى الحديث البخارى وابن ماجة ذكر الجلالة والمجثمة (3) (سندة) حدثنا اسماعيل انا ايوب عن عكرمة عن ابى هريرة (غريبة) (4) جاء قول ايوب عند ابن ابى شيبة بلفظ (شرب رجل من سقاه فانساه فى بطنة حيتان) وكذا اخرجة الاسماعيلى واخرج الحاكم من حديث عائشة بسند قوى بلفظ (نهى ان يشرب من فى السقاء لان ذلك ينتبة) وهذا يقتضى ان النهى خاص بمن يشرب فيتنفس داخل السقاء او باشر بفمة باطن السقاء: اما من صب من الفم الى كفة او الى اناء ثم شرب فلا ومن جملة ما علل بة النهى ان الذى يشرب من فم السقاء قد يغلبة الماء فينصب منة اكثر من حاجتة فلا يأمن ان يشرق بة او يبل ثيابة قال ابن العربى واحدة من هذة العلل تكفى فى ثبوت الكراهة وبمجموعها تقوى الكراهة جدا وذهب جمهور العلماء الى ان النهى هنا للتنزية لا للتحريم وجزم ابن جزم بالتحريم لثبوت النهى واللة اعلم (تخريجة) (خ) بدون قول ايوب (5) (سندة) حدثنا سفيان عن الزهرى عن عبيد اللة ابن سعيد (يهنى الخدرى) الخ (غريبة) (6) قال الخطابى معنى الاختناث فيها ان يثنى رءوسها ويعطفها ثم يشرب منها ومن هذا سمى المخنث وذلك لتكسرة ونثنية (تخريجة) (ق د مذ جة) (باب) (7) (سندة) حدثنا الهيثم ابن جميل قال ثنا محمد بن مسلم قال ثنا عبد الرحمن بن القاسم عن ابية عن عائشة الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة ثقات (8) (سندة) حدثنا حميد بن عبد الرحمن الراءسى قال ثنا زهير عن عبد عبد الكريم عن البراء بن ابية انس وهو ابن زيد عن انس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبة) (9) زاد فى رواية (فهو عندنا) والظاهر انها انما قطعت فم القربة للتبرك بأثرة صلى اللة علية وسلم (تخريجة) (طب طح) والترمذى فى الشمائل واوردة الهيثمى وقال رواه (كم طب) وفية البراء بن زيد ولم يضعفة احد وبقية رجالة رجال الصحيح اه (وفى حديثى الباب) جواز الشرب من فم القربة واختثاثها وهى تعارض ما تقدم فى الباب السابق من النهى عن ذلك وكراهتة وقد جمع العلماء بين الاحاديث محمل الكراهة على التنزيه ويكون

-[النهي عن التنفس فى الإناء واستحبابه خارجه وكلام العلماء فى ذلك]- (باب النهي عن التنفس فى الإناء والنفخ فيه) (عن عكرمة عن ابن عباس) (1) إن شاء الله أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى أن يتنفس فى الإناء أو ينفخ فيه (2) (عن ابن المثنى) (3) قال كنت عند مروان فدخل أبو سعيد رضى الله عنه فقال سمعت (4) رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن النفخ فى الشراب؟ قال نعم، فقال رجل أنى لا أروى (5) من نفس واحد، قال أبنه (6) عنك ثم تنفس قال أرى فيه القذاة (7) قال بأهرقها (عن أبى قتادة) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا شرب أحدكم فلا يتنفس فى الإناء، وإذا دخل الخلاء فلا يتمسح بيمينه، وإذا بال فلا يمس ذكره بيمينه (باب استحباب التنفس ثلاثًا فى الشرب خارج الإناء) (عن ثمامة بن عبد الله) (9) عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتنفس فى إنائه ثلاثًا وكان أنس يتنفس ثلاثًا (10) (ومن طريق ثان) (11) عن أبى عصام عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ شربه صلى اللة علية وسلم بيانا للجواز واللة اعلم (باب) (1) (سندة) حدثنا سفيان عن عبد الكريم عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) (2) اى من الاناء الذى يشرب فية والاناء يشمل اناء الطعام والشراب فلا ينفخ فى الاناء ليذهب ما فى الماء من قذاه ونحوها ولا يتنفس فية فان ذلك لا يخلو غالبا من يزاق يستقذر بة من شرب بعدة وكذا لا ينفخ فى الاناء لتبريد الطعام الحار بل يصير الى ان يبرد ولا ياكلة حارا فان البركة تذهب منة مثلة الشراب الحار فانة شراب اهل النار (تخريجة) (د مذ جة) وصححة الترمذى (3) (سندة) (سندة) حدثنا يحيى بن سعيد عن مالك حدثنى ايوب بن حبييب عن ابى المثنى الخ (غريبة) (4) بفتح التاء ومعناه ان مروان قال لابى سعيد سمعت الخ (5) بضم الهمزه وفتح الواو بينهما راء ساكنة اى لا يحصل لى الرى من العطش من نفس واحد (6) اى نحة عن فيك ثم التنفس (7) كل ما يستقذر سواء كان ظاهرا او نجسا (وقولة فأهرقها) اى صبها بما معها من الماء ان كانت نجسة او اوراقها عن الشراب ان كانت طاهرة ولا تنفخ فية لتخريجها (تخريجة) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح (8) حديث ابى قتادة تقدم بسندة وشرحة وتخريجة فى باب الاستنجاء بالماء الخ من كتاب الطهارة فى الجزء الاول صحيفة 282 رقم 140 وتقدم الكلام علية هناك وفى احاديث الباب النهى عن التنفس فى الاناء الذى يشرب منة وكذلك النفخ ايضا (قال العلماء) والحكمة فى ذلك لئلا يخرج من الفم يتقذر من شرب بعدةمنة او تحصل فية رائحة كريهة تتعلق بالماء او بالاناء وعلى هذا فاذا فاذ لم يتنفس فى الاناء فليشرب فى نفس واحد قالة عمر بن عبد العزيز قال الشوكانى واجازة جماعة منهم ابن المسيب وعطاء بن ابى رباح ومالك بن انس وكرهة جماعة منهم ابن عباس ورواية عكرمة وطاوس وقالوا هو شرب الشيطان والقول الاول لقولة فى حديث الباب الذى قال لة انة لا يروى من نفس واحد (ابن القدح عن فيك) وظاهرة انة اباح لة الشرب فى نفس واحد اذا كان يروى منة وكما يتنفس فى الاناء لا يتجشأ فية بل ينحية عن فية مع الحمد للة ويردة الى فية مع التسمية فيتنفس ثلاثا يحمد اللة فى اخر نفس ويسمى فى اولة (باب) (9) 0 سندة) حدثنا يحيى بن سعيد ثنا عزرة بن ثابت عن ثمامة بم عبد اللة عن انس بنمالك الخ (غريبة) (10) اى اتباعا للاكمل (11) (سندة حدثنا وكيع ثنا وكيع ثنا هشام الدستوائى عن ابى عصام عن انس بن مالك الخ

-[النهي عن الشرب كرعًا أى تناول الماء بفيه كالبهائم]- يتنفس فى الإناء (1) ثلاثًا ويقول هذا أهنأ (2) وأمرأ وأبرأ (خط) (عن ابن عباس) (3) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا شرب تنفس مرتين (4) فى الشراب (باب ما جاء فى الشرب كرعًا) (عن ابن عمر) (5) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا تشربوا الكرع (6) ولكن ليشرب أحدكم فى كفيه (عن جابر) (7) أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل على رجل من الأنصار (8) ومعه صاحب (9) فسلم فقال فى النبى صلى الله عليه وسلم إن كان عندك ماء بات فى هذه الليلة فى شنة (10) ولا كرعنا، قال والرجل يحوّل الماء (11) فى حائط، فقال الرجل

_ (غريبه) (1) وقع فى رواية لملم يتنفس فى الشراب ووقع فى رواية اخرى لة مثل ما هنا قال النووى معناه فى اثناء شربة من الاناء او فى اثناء شربة الشراب (2) سقال هنأت الطعام اى تهنأت بة وكل ما لم يأت بمشقة ولا عناء فهو هنئ ويقال هنأنى الطعام فهو هنئ اى لا اثم فية ويحتمل ان يكون اهنأ فى هذة الرواية بمعنى اروى لا سيما وقد صرح بذلك فى رواية مسلم فقال اروى بدل اهنأ واللة اعلم ومعنى اروى اى اكثر ريا بكسر الراء (وامرأ وابرأ) مهموزان ومعنى امرا من مرا الطعام اذا وافق المعدة اى اكثر انصياغا واقوى هضما ومعنى (ابرا) اى ابرا من الم العطش وقيل ابرا اى اسلم من مرض او اذى يحصل بسبب الشرب فى نفس واحد (تخريجة) (م والاربعة) (3) (سندة) حدثنا سعيد بن محمد الوراق قال حدثنا رشيدين بن كريب عن ابية عن ابن عباس ال (قلت) هذا الحديث وجدة عبد اللة بن الامام احمد فى مسند ابية مخطة كما صرح بذلك عبد اللة فى اول الحديث ولذا رمزت لة (خط) كما ذكرت فى مقدمة الفتح الربانى (غريبة) (4) فية ثبوت الشرب بنفسين لكن قال الحافظ بعد ذكر هذا الحديث هذا ليس نصا فى الاقتصار على الرتين بل يحتمل ان يراد بة التنفس فى اثناء الشرب فيكون قد شرب ثلاث مرات وسكت عن التنفس الاخير لكونة من ضرورة الواقع اه (تخريجة) (مذ جة) وقال الترمذى هذا حديث غريب وفى بعض النسخ هذا حديث حسن غريب اه وضعف الحافظ اسنادة (باب) (5) (سندة) حدثنا على ابن اسحاق ثنا عبد اللة بن المبارك انا معمر عن رجل عن ابن عمر الخ (غريبة) (6) قال فى النهاية كرع الماء بكرع كرعا اذا تناولة بقية من غير ان يشرب بكفة ولا بأناء كما تشرب البهائم لانها تدخل فية اكارعها اه (قلت) جاء فى رواية عند ابن ماجة من حديث طوييل عن ابن عمر ايضا قال نهانا رسول اللة صلى اللة علية وسلم ان نشرب على بطوننا وهو الكرع الخ الحديث (تخريجة) (جة) وفى اسنادة عند الامام احمد رجل لم يسم لكن رواه ابن ماجة من طريق ابن فضيل عن ليث عن سعيد بن عامر عن ابن عمر قال مررنا على بركة فجعلنا نكرع فيها فقال رسول اللة صلى اللة علية وسلم لا تكرعوا ولكن اغسلوا ايديكم ثم اشربوا فيها فانة ليس اناء اطيب من اليد اه وفى اسنادة ليث بن ابى سليم تكلم فية بعضهم من قبل حفظة قال الحافظ فى التقريب صدوق اختلط اخيرا وقال الدارقطى انما انكروا علية الجمع بين عطاء وطاوس ومجاهد (قلت) وفى الخلاصة قرنة مسلم بغيرة وعلى هذا فحديثة حسن (7) حدثنا ابو عامر ثنا فليج عن سعيد بن الحارث عن جابر (يعنى بن عبد اللة) الخ (غريبة) (8) قيل هو ابو الهيثم بن التيهان الانصارى (9) هو ابو بكر الصديق رضى اللة عنة (10) بفتح الشين المعجمة والنون المشددة قربة خلقة (بفتحات) يعنى فاسقنا منها (والا كرعا) بفتح الراء وتكسر اى شربنا من غير اناء ولا كف بل بالفم (11) اى ينقلة من عمق اليئر الى ظاهرها او يجرى الماء من

-[ما جاء في بركة اللبن وشربه وحلبه]- عندي ماء بات فالطلق بهما إلى العريش (1) فسكب ماءًا فى قدح ثم حلب عليه من داجن (2) فشرب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ثم شرب الرجل الذى جاء معه (باب ما جاء فى اللبن وشربه وحلبه وغير ذلك) (عن عائشة رضى الله عنها) (3) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى باللبن قال كم فى البيت بركة (4) أو بركتين (عن عبد الله بن بريدة) (5) قال دخلت أنا وأبى على معاوية رضي الله عنه فأجلسنا على الفرش ثم أتينا بالطعام فأكلنا ثم أُتينا بالشراب فشرب معاوية ثم ناول أبى ثم قال (6) ما شربته منذ حرّمه رسول الله صلى الله عليه وسلم (7) ثم قال معاوية كنت أجمل شباب قريش وأجوده ثغرًا (8) وما شئ كنت أجد له لذة كما كنت أجده وأنا شاب غير اللبن أو إنسان حسن الحديث يحدثنى (ز) (عن ضرار بن الأزور) (9) قال بعثنى أهلى بلقوح (10) إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأمرنى أن أحلبها فحلبتها فقال دع داعى (11) اللبن (عن ابن عباس) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبن شاة الجلالة (13) وعن المجثمة وعن الشرب في السقاء

_ جانب إلى جانب (فى حائط) اى بسنان ليصم اشجارة بالسقى (1) اى الى جهة مسقفة من البستان بالاغصان واكثر ما يكون فى الكروم (2) بالجيم والنون شاه تأليف البيوت والظاهر انة لط باللبن لكونة يعلم ان النبى صلى اللة علية وسلم يألفة (تخريجة) (خ د مذ) (باب) (3) (سندة) حدثنا يزيد انا جعفر بن برد قال حدثنا ام سالمة الراسبية عن عائشة ال (غريبة) (4) الظاهر ان بركة مجرورة بلفظ من مقدرة اى كم فى البيت من بركة او للشك من الراوى (تخريجة) (جة) وسندة جيد وفية مدح اللبن والبيت الذى فية اللبن وذلك لان اللبن يجزى عن الطعام والشراب وتقدم فى باب ما كان يحبة النبى صلى اللة علية وسلم من الاطعمة فى حديث ابن عباس مرفوعا (ليس شئ يجزئ مكان الطعام والشراب غير اللبن) (5) (سندة) حدثنا زيد بن الحباب حدثنى حسين (يعنى ابن واقد) ثنا عبد اللة بن بريدة (يعنى الاسلى) الخ (غريبة) (6) يعنى بريدة (7) يحتمل ان هذا الشراب كان من النبيذ المأوذ من غير العنب وان معاوية شرب منة قدرا لا يسكر وقد روى عن ابى بكر وعمر وبة قال ابو حنيفة ان ما اسكر كثيرة من غير العنب يحل مالا يسكر منة وذهب الجمهور وكثير من الصحابة منهم يرية الى تحريمة وكان معاوية ممن يرون جواز القليل من الذى لا يسكر واللة اعلم (8) الثغر البسم ويطلق على الثنايا (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد واوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة رجال الصحيح وفى كلام معاوية شئ تركتة اه (قلت) الذى تركة هو قولة (ثم قال ما شربتة منذ حرمة رسول اللة صلى اللة علية وسلم) ولا ادرى ما المسموع لترك هذة الجملة مع انها ثابتة فى الحديث (9) (ز) (سندة) حدثنا محمد بن بكار مولى بنى هاشم قال ثنا عبد اللة بن مبارك عن الاعمش عن يعقوب بن بجير عن ضرار بن الازور الخ (غريبة) (10) اللقوح واللقحة بفتح الللام النافعة ذات لبن والجمع لقاح مثل قلوص وقلاص وقال ثعلب اللقاح جمع لقحة وان شئت لة وح وهى التى نتجت فهى لقوح شهرين او ثلاثة ثم هى ليون بعد ذلك (11) اى ابق فى الضرع بعد الحلب داعيا يدعو ما فوقة من اللبن فينزلة ولا يستوعبة فانة اذا استقصى ابطأ الدر (تخريجة) (حب مى ك) ورجالة ثقات وصححة الحافظ السيوطى (12) (سندة) حدثنا يحيى عن مالك حدثنى زيد بن اسلم عن عن عظماء بن يسار عن ابن عباس الخ (غريبة) (13) تقدم الكلام على الجلالة واكل لحمها وشرب لبنها

-[ما جاء في النبيذ الذي وزر شربه]- (أبواب الأنبذة الجائزة والمحرمة) (باب ما يجوز من ذلك وكيف كان ينبذ النبى صلى الله عليه وسلم ومن أى شئ كان نبيذه) *) عن عائشة رضي الله عنها (1) قالت كنا ننبذ للنبى صلى الله عليه وسلم فى سقاء فنأخذ من زبيب أو قبضة من تمر فنطرحها فى السقاء ثم نصب عليه الماء ليلًا (3) فيشربه نهارًا (4) أو نهارًا فيشربه ليلًا (عن عمرة عن عائشة) (5) رضي الله عنها قالت كنا ننبذ لرسول الله صلى الله عليه وسلم غدوة (6) فى سقاء ولا نخمَّره ولا نجعل له عكرًا (7) فإذا تعشى فشرب على عشائه فان بقى شئ فرّغته أو صببته ثم نغسل السقاء فننبذ فيه من العشاء فإذا أصبح تغدى فشرب على غدائه، فان فضل شئ صببته أو فرّغته ثم غسل الإناء، فقيل له (8) أفيه غسل

_ في باب ما جاء في الحمر الأهلية والجلالة من كتاب الأطعمة (والمجثمة) تقدم الكلام عليها في شرح الحديث الثانى فى باب ما جاء فى الضبع من كتاب الاطعمة ايضا وتقدم الكلام على الشرب من فى السقاء فى بابة قبل اربعة ابواب (تخريجة) (دنس) وسندة جيد وسكت عنة ابو داود والمنذرى (باب) (1) (سندة) حدثنا ابو معاوية ثنا عاصم عن قبالة بنت يزيد العبشمية عن عائشة الخ (غريبة) (2) بفتح اولة وكسر الموحدة اى نطرح الزبيب او التمر (فى سقاء) بكسر اولة ممدودا وتقدم معناه غير مرة وهو اناء من جلد (3) اى فى اول الليل (4) اى فى الصباح قال القرطى هذا يدل على ان اقصى زمان الشرب ذلك المقدار فانة لا تخرج حلاوة التمر او الزبيب فى اقل من ليلة او يوم (تخريجة) (م د مذ جة) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد * (5) (سندة) حدثنا قريش بن ابراهيم ثنا المعتمر بن سليمان عن شعيب بن عبد الملك التيمى عن مقاتل بن حيان عن عمرة عن عائشة الخ (غريبة) (6) بضم اولة ما بين صلاة الصبح وطلوع الشمس (7) بفتحتين اى لا تترك فية شيئا من العكر شية ان يصير خمرا فقد جاء عند النسائى عن قتادة عن سعيد بن المسيب انة كان يكرة نطل النبيذ ليشتد بالنطل (قلت) النطل بفتح النون وسكون الظاء المهملة ما يبقى من النبيذ بعد الخالص وهو العكر والد ردى الذى يرسب فى الاناء بعد سلاق النبيذ وما صفى منة واذا لم يبق الاالعكر والدردى صب علية ماء وخلط بالنبيذ الطرى ليشتد ولذلك قالت عائشة (فان بقى شئ) تعنى من العكر (فرغتة او صببتة) شك الراوى (ثم نغسل السقاء) اى شية ان يشتد ويصير مرا (8) ظاهر هذة الرواية انة قيل لمقاتل بن حيان الراوى عن عمتة عمرة (افية) يعنى فى الحديث (غسل السقاء مرتين قال مرتين) لكن جاء عند ابى داود (قالت يغسل السقاء غدوة وعشية) فقال لها ابى مرتين فى يوم؟ قالت نعم) ومعناه ان حيان ابا مقاتل قال لعائشة ايغسل السقاء مرتين فى يوم الخ واللة اعلم (تخريجة) (د) وسكت عنة ابو داود والمنذرى ويستفاد من هذا الحديث والذى قبلة جواز شرب النبيذ فى الصباح اذا صنع فى المساء وفى المساء اذا صنع فى الصباح وهو يالف حديث ابن عباس الاتى بعدة فانة يقيد جواز الشرب الى ثلاث النووى ليس مخالفا لحديث ابن عباس الى ثلاث لان الشرب فى يوم لا يمنع الزيادة وقال على يوم وحديث ابن عباس من زمان ي} من فية التغير قبل الثلاث وقيل حديث عائشة محمول على نبيذ قليل يفرغ في يومه

-[كيف كان يصنع النبيذ الجائز شرب: ومن أى شئ يكون]- السقاء مرتين قال مرتين (عن ابن عباس) (1) قال كان ينقع النبى صلى الله عليه وسلم الزبيب قال فيشربه اليوم والغد وبعد الغد إلى مساء الثالثة ثم يؤمر به فيسقى (2) أو يهراق (عن عكرمة) (3) أن رجلًا سأل ابن عباس رضي الله عنهما عن نبيذ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كان يشرب بالنهار ما صنع بالليل ويشرب بالليل ما صنع بالنهار (وحدّثنا يحيى) (4) قال سمعت إبراهيم بن سعد يقول أشهد على سفيان أنى سألته أو سئل عن النبيذ فقال كل تمرًا واشرب ماءًا يصير فى بطنك نبيذًا، (عن صيرة بنت جيفر) (5) قالت حججنا ثم انصرفنا إلى المدينة فدخلنا على صفية بنت حيى فوافقنا عند نسوة من أهل الكوفة فقلن لنا إن شئتن سألتن وسمعنا (6) وغن شئتن سألنا وسمعتن فقلنا سلن، فسألن عن أشياء من أمر المرأة وزوجها من أمر المحيض ثم سألن عن نبيذ الجر (7) فقالت أكثرتم علينا يا أهل العراق فى نبيذ الجر، وما على أحداكن أن تطبخ ثمرها تدلكه ثم تصفيه فتجعله فى سقائها وتوكى (8) عليه فإذا طاب شربت وسقت زوجها (عن عبد الله بن الديلى عن أبيه) (9) قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إنا أصحاب أعناب

_ وحديث ابن عباس فى كثيرلا يفرغ فية واللة اعلم (1) (سندة) حدثنا ابو معاوية ثنا الاعمش عن ابى عمر عن ابن عباس الخ (غريبة) (2) بضم اولة مبنى للمفعول اى فيسقى الدم كما صرح بذلك فى رواية لابى داود ومسلم (او يهرق) بضم اولة وسكون الهاء وفتحها اى يصب ويطرح ولفظ مسلم (فان بقى شئ سقاه الادم او امر بة فصب) قال النووى (سقاه الخادم او صبة) معناه تارة بسقية الخادم وتارة يصبة وذلك الاختلاف لاختلاف النبيذ فان كان لم يظهر فية تغير ونحوة من مبادئ الاسكار سقاه الادم ولا يريقة لانة مال يحرم اضاعتة ويترك شربة تزها وان كان قد ظهر فية من مبادئ الاسكار والتغير ارافة (تخريجة) (م د نس جة) (3) (سندة) حدثنا على بن اسحاق حدثنا عبد اللة قال اخبرنا حسين بن عبد اللة بن عكرمة الخ (تخريجة) (م د نس جة) (3) (سندة) حدثنا على بن اسحاق حدثنا عبد اللة قال اخبرنا حسين بن عبد اللة عن عكرمة الخ (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد وفى اسنادة الحسين بن عبد اللة ضعيف (4) (حدثنا يحيى الخ) هذا الاثر لم اقف علية لغير الامام احمد وهو من نكات العلماء المستظرفة ومعناه ان النبيذ من التمر اذا اضيف الية الماء (5) (سندة) حدثنا وهب بن جرير قال حدثنى ابى قال سمعت يعلى بن حكم يحدث عن صهيرة بضم المهملة الهاء (وجيفر) بوزن جعفر الا انى بالياء التحتية بدل العين (غريبة) (ك) اى سأتين صفية بنت حيى زوج النبى صلى اللة علية وسلم (7) بفتح الجيم وتشديد الراء جمع جرة كتمر جع ثمرة وقد جاء تفسيرة عند ابى داود عن سعيد بن جبير انة قال لابن عباس ما الجر؟ فقال كل شئ يصنع من المدر (بفتحتين) فهذا تصريح بان الجر يدخل فية جميع انواع الجرار النتذة من المدر الذى هو التراب والطين يقال مدرت الحوض امدرة اذا اصلحتة بالمدر وهو الطين من التراب (8) بكسر الكاف غير مهموز اى تربط راسة بالوكاء يعنى بالليط لئلا يدخلة حيوان او يسقط فية شئ يقذرة (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم طب عل) وصهيرة لم يرو عنها غير يعلى بن حكيم فيما وقفت علية وبقية رجالة الصحيح (9) (سندة) حدثنا ابو المغيرة ثنا عياش بن عياش يعني إسماعيل

-[ما جاء في نبيذ السقاية وشرب النبى صلى الله عليه وسلم منه واستحسانه]- وكرم وقد نزل تحريم الخمر فما نصنع بها؟ قال تتخذونه زبيبًا، فنصنع بالزبيب ماذا؟ قال تنقعونه على غدائكم وتشربونه على عشائكم، وتنقعونه على عشائكم وتشربونه على غدائكم، قال قلت يا رسول الله نحن من قد علمت (1) ونحن نزول بين ظهرانى من قد علت (2) فمن ولُّينا؟ قال الله ورسوله قلت حسبى يا رسول الله (باب ما جاء فى نبيذ السقاية وشرب النبى صلى الله عليه وسلم منه واستحسانه) (عن ابن عباس) (3) قال جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورديفه أسامة فسقيناه من هذا النبيذ يعنى نبيذ السقاية (4) فشرب منه وقال أحسنتم هكذا فاصنعوا (5) (عن جابر) (6) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتبذ له فى سقاء فإذا لم يكن له سقاء نبذ له فى تور (7) من برام، قال ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدّباء والنقير والجر والمزفت (8) (حدّثنا روح) (9) ثنا ابن جريج قال أخبرنى حسين بن عبد الله بن عبيد بن عباس وداود بن على بن عبد الله بن عباس يزيد أحدهما على صاحبه (10) أن رجلًا نادى ابن عباس: والناس حوله فقال أسنّة تبتغون بهذا النبيذ أم هو أهون عليكم من اللبن والعسل؟ (11) فقال ابن عباس جاء النبى صلى الله عليه وسلم عباسًا فقال اسقونا فقال إن هذا النبيذ شراب قد مغث (12) ومرث أفلا نسقيك لبنًا أو عسلًا؟ قال اسقونا مما تسقون الناس

_ حدثني يحيى يعنى ابن ابى عمرو الشيبانى عن عبد اللة بن الديلى عن ابية فيروز (يعنى الديلى) قال قدمت على رسول اللة صلى اللة علية وسلم ال (غريبة) (1 يعنى اسلنا دون قومنا (2) يعنى قومة الكفار (وقولة فمن ولينا) يعنى فمن يحفظنا ما اذاهم (تخريجة) (د نس) وسكت عنة ابو داود والمنذرى (باب) (3) (سندة) حدثنا عفان ثنا حماد اخبرنا على بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس الخ (غريبة) (4) هو الثمر او الزبيب المنقوع فى اناء من جلد كالقربة الصغيرة (قال النووى) لم ينة عن الانتباذ فى اسقية الادم بل اذن فيها لانها لرقتها لا يخفى فيها المسكر بل اذا صار مسكرا شقها غالبا اه (5) يعنى انتبذوا فى السقاية (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد وسندة جيد (6) (سندة) حدثنا اسحاق بن يوسف ثنا عبد الملك عن ابى الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد اللة) الخ (غريبة) (7) بفتح التاء المثناه فوق وسكون الواو (من برام) بكسر الموحدة وفى بعض الروايات من حجارة وهو معنى قولة من برام وهو حجر كبير كالقدر يتخذ تارة من الحجارة وتارة من النحاس وغيرة (8) الدباء بضم الدال المهملة وتشديد الموحدة اخرة همزة وهو القرع (والنقير) وعاء يتخذ من اصل النخلة ينقر حتى يصير كالاناء (والجر) تقدم ضبطة وتفسيرة فى شرح حديث صهبرة بنت جيفر فى الباب السابق (والمزفت) بضم الميم وتشديد الفاء المفتوحة وهو المطلى بالزفت (تخريجة) (م د نس جة) (9) (حدثنا روح الخ) (غريبة) (10) معناه ان ابن جريج روى هذا الحديث عن حسين بن عبد اللة وداود بن على: يزيد احدهما على صاحبة فى روايتة (11) معناه هل تستمعون هذا النبيذ لشئ ورد فية رسول اللة صلى اللة علية وسلم ام هو اخف عليكم كلفة مؤمنة من اللبن والعسل؟ فذكر لة ابن عباس قصة العباس مع رسول اللة صلى اللة علية وسلم وفيها ان النبى صلى اللة علية وسلم مدحة وامرهم بصنعه كما سياتى (12) بضم الميم وكسر الغين المعجمة بعدها ثاء مثلثة

-[ما جاء في النبيذ الذى لا يجوز شربه]- فأتى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه من المهاجرين والأنصار بسقاتين فيهما النبيذ، فلما شرب النبى صلى الله عليه وسلم عجل قبل أن يروى (1) فرفع رأسه فقال أحسنتم هكذا فاصنعوا، قال ابن عباس فرضًا رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أحب إلى من أن تسيل شعابها (2) لبنًا وعسلًا (باب ما لا يجوز من الأنبذة وما جاء فى نبيذ الجر) (عن أبى بكر بن أبى موسى عن أبيه) (3) قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقلت يا رسول الله ان بها أشربة فما أشرب وما أدع؟ قال وما هى؟ قلت البتع (4) والمزر فلم يدر رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هو، فقال ما البتع وما المزر؟ قال أما البتع فنبيذ الذُّرة (5) يطبق حتى يعود بتعاء، وأما تامزر فنبيذ العسل، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تشربنّ مسكرًا (6) (ومن طريق ثان) (7) عن سعيد بن أبى بردة عن أبيه عن جده (8) قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا موسى ومعاذ بن جبل إلى اليمن فقال لهما يسرًا ولا تعسرًا وبشرًا ولا تنفرًا وتطاوعًا (9) قال أبو موسى يا رسول الله إنا بأرض يصنع فيها شراب من العسل يقال له البتع، وشراب من الشعير يقال له المزر (10) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مسكر حرام (عن عبادة

_ من المغث بسكون الغين وهو المرس والدلك بالاصابع (ومرث) بضبطة ومعناه قال فى النهاية اى وسوة بادال ايديهم فية (1) معناه ان النبى صلى اللة علية وسلم عندما شرب شيئا منة اعجبة ولذلك رفع راسة قبل ان يتم شربة وقال احسنتم هكذا فاصنعوا والظاهر انة صلى اللة علية وسلم شرب بعد قولة ذلك حتى روى (2) جمع شعب بكسر المعجمة الطريق وقيل الطريق فى الجبل (تخريجة) الحديث ضعيف لانقطاعة فان حسين ابن عبد اللة وداود بن على بن عبد اللة لم يدركا ابن عباس لكنة جاء من طرق اخرى تعضدة منها ما رواه مسلم قال اخبرنا محمد بن منهال الضرير ثنا يزيد بن زريع ثنا حميد الطويلي عن بكر بن عبد اللة المزنى سمع ابن عباس يقول وهو جالس معة عند الكعبة قدم النبى صلى اللة علية وسلم على راحلتة وخلفة اسامة فاتيناه باناء فية نبيذ فشرب وسقى فضلة اسامة وقاناحسنتم واجملتم هكذا فاصنعوا قال ابن عباس فنحن لا نريد ان نغير ما امر بة رسول اللة صلى اللة علية وسلم (وفى رواية) عن بكر ان اعرابيا قال لابن عباس مالى ارى بنى عمكم يسقون اللبن والعسل وانتم تسقون النبيذ امن حاجة بكم ام من مل؟ فذكر لة ابن عباس هذا الحديث (باب) * (3) (سندة) حدثنا مصعب بن سلام ثنا الاجلح عن ابى موسى عن ابية (يعنى ابا موسى الاشعرى) قال بعثنى رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (4) البتع بكسر الموحدة وسكون التاء الفوقية (والمزر) بكسر الميم وسكون الزاى (5) فسر ابو موسى البتع بنبيذ الذرة (بضم الذال مشددة وتفيف الراء مفتوحة) وفسر المزر بنبيذ العسل هكذا جاء فى هذة الرواية (6) معناه ان العبرة فى تحريم النبيذ هو الاسكار وهذا من جوامع الكلم (7) (سندة) حدثنا محمد ابن جعفر قال ثنا شعبة عن سعي بن ابى بردة الخ (8) يعنى ابا موسى الاشعرى (9) اى ليطع بعضكم بعضا ولا تختلفا (10) جاء فى رواية عند مسلم (فقلت يا رسول اللة ان شرابا يصنع بأرضنا يقال لة المزر من الشعير وشراب يقال لة البتع من العسل فقال كل مسكر حرام) ولة فى رواية أخرى (فقلت

-[أنواع النبيذ الذي لا يجوز شربه وما جاء فى نبيذ الجر]- ابن الصامت) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستحلن طائفة من أمتى الخمر باسم يسمونها إياه (2) (عن ابن حيريز) (3) يحدث عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أناسًا من أمتى يشربون الخمر يسمونها بغير اسمها (عن أبى عبد الله الجسرى) (5) قال سألت معقل بن يسار رضي الله عنه عن الشراب فقال كنا بالمدينة وكانت كثيرة التمر فحرّم علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم الفضيح (6) وأتاه رجل فسأله عن أم له عجوز كبيرة أنسقيها النبيذ فإنها لا تأكل الطعام؟ فنهاه معقل (خط) (عن ثابت البنانى) (7) قال سألت ابن عمر رضي الله عنهما فقلت أنهى عن نبيذ الجر؟ (8) فقال قد زعموا ذاك، فقلت من زعم ذاك؟ النبى صلى الله عليه وسلم؟ قال زعموا ذاك، فقلت با أبا عبد الرحمن أنت سمعته من النبى صلى الله عليه وسلم؟ قال قد زعموا ذاك (9) قال

_ يا رسول الله افتنا فى شرابين كنا نصنعهما باليمن: البتع وهو من العسل ينبذ حتى يشتد والمزر وهو من الذرة والشعير ينبذ حتى يشتد) وجاء فى النهاية لابن الاثير (البتع) نبيذ الشعير وهو خمر اهل اليمن والمزر نبيذ من الذرة وقيل من الشعير او الحنطة اه وهذة الروايات مع قول صاحب النهاية تخالف ما جاء فى الطريق الاولى من تفسير البتع بنبيذ الذرة (والمزر) بنبيذ العسل وما فى الطريق الثانية اصح لاتفاق الشيخين وغيرهما عليها واللة اعلم (تخريجة) (ق. وغيرهما) خلا تفسير ابى موسى الذى فى الطريق الاولى (1) (سندة) حدثنا ابو احمد الزبيرى ثنا سعد بن اوس الكاتب عن بلال بن يحيى العبسى عن ابى بكر بن حفص عن ابى محيريز عن ثابت بن السمط عن عبادة بن الصامت الخ (غريبة) (2 اى يبدلون اسمها بذلك حكمها كتسميتهن لها بالتبع والمزر ونحو ذلك كما تقدم فهذة التسمية لا نرفع عنها حكم التحريم ما كانت تسكر (تخريجة) (جة) وسندة جيد (3) (سندة) حدثنا عبد الرحمن بن مهدى عن شعبة ومحمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن ابى بكر بن حفص قال سمعت ابن محيريز يحدث الخ (غريبة) (4) الظاهر ان هذا الرجل هو عبادة بن الصامت لان سياق السند يدل على ذلك (تخريجة) هو كالذى قبلة * (5) (سندة) حدثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا المثنى بن عوف ثنا عبد اللة الجسرى الخ (غريبة) (6) الفضيح بالضاد المعجمة اخرة خاء معجمة ايضا قال فى النهاية شراب يتخذ من البسر وحدة (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواة احمد والطبرانى باختصار ورجالها ثقات اه وفية عدم جواز شرب الفضيح والنبيذ وهو مقيد بكونة يسكر والا فلا (7) (خط) (سندة) حدثنا حجاج ثنا شعبة عن ثابت البنانى الخ (غريبة) (8) الجر بفتح الجيم وهو اسم جمع الواحدة جرة ويجمع ايضا على جرار وتصنع من الفار المعروف وجاء عند مسلم ان سعيد بن جبير شأل ابن عباس اى شئ نبيذ الجر؟ فقال كل شئ يصنع من المدر وهذا تصريح من ابن عباس بأن الجر يدخل فية جميع انواع الجرار المتخذة من المدر الذى هو التراب (9) الظاهر من قول ابن عمر كل مرة فى جواب السائل (قد زعموا ذاك) أنه كان مترددا

-[النهي عن نبيذ الجر - وما جاء فى الخليطين]- فصرفه عنه يومئذ، وكان أحدهم إذا سئل أنت سمعته من النبى صلى الله عليه وسلم غضب ثم همّ بصاحبه (عن سويد بن مقرِّن) (1) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بنبيذ فى جره فسألته فنهانى عنها فكسرتها (عن عائشة رضى الله عنها) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن نبيذ الجر (عن الشيبانى) (3) قال سمعت ابن أبى أوفى قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر الأخضر (4) قال قلت فالأبيض قال لا أدرى (عن صفية زوج النبى صلى الله عليه وسلم) (5) عن النبى صلى الله عليه وسلم بنحوه (عن قتادة) (6) قال سألت أنسًا عن نبيذ الجر فقال لم أسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئًا، قال وكان أنس رضي الله عنه يكرهه (باب ما جاء فى الخليطين) (عن أبى هريرة) (7) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخمر من هاتين الشجرتين النخلة والعنبة (8) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنبذوا التمر والزبيب جميعًا ولا تنبذوا البسر (9) والتمر جميعًا وانتبذوا كل واحدة منهن على حدة (10)

_ هل سمع ذلك من النبى صلى اللة علية وسلم او من بعض الصحابة لكن ثبت عند مسلم عن طاوس قال قال رجل لابن عمر انهى نبى اللة صلى اللة علية وسلم عن نبيذ الجر؟ قال نعم ثم قال طاوس واللة انى سمعتة منة (يعنى من ابن عمر ايضا) فيحمل قول ابن عمر فى حديث الباب (وقد زعموا ذاك) انة كان ناسيا فلما تذكر اجاب بقولة نعم (تخريجة) (ق. وغيرهم) (1) (سندة) حدثنا روح ثنا شعبة عن ابى حمزة قال سمعت هلالا (رجلا من بنى مازن) يحدث من سويد بن مقرن الخ (تخريجة) (طل) واوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة رجال الصحيح خلا هلال المزنى وهو ثقة * (2) (سندة) حدثنا همام قال ثنا قتادة قال حدثنى خمس نسوة عن عائشة الخ (تخريجة) (د) وحسنة البوصيرى فى زوائد ابن ماجة * (3) (سندة) حدثنا يحيى عن شعبة حدثنى الشيبانى عن ابن ابى اوفى وعبد الرحمن عن سفيان عن الشيبانى قال سمعت ابن ابى اوفى الخ (غريبة) (4) جاء هذا الحديث عند الشافعى عن ابن ابى اوفى بلفظ (نهى رسول اللة صلى اللة علية وسلم عن نبيذ الجر الاخضر والابيض والاحمر) والظاهر ان الغرض من هذة الالوان النهى عن الانتباذ فى جنس الجر على اى لون ويؤيد ذلك ما جاء مطلقا فى احاديث الباب غير مقيد بلون (تخريجة) (خ فع طل) * (5) هذا الحديث تقدم مطولا بسندة وشرحة وتخريجة فى الباب الاول من ابواب الانبذة الجائزة والمحرمة صحيفة 117 رقم 50 وتقدم الكلام علية * (6) (سندة) حدثنا ابو داود انا شعبة عن قتادة الخ (تخريجة) (عل) واوردة الهيثمى وقال رواه ابو يعلى ورجالة رجال الصحيح (باب) (7) (سندة) حدثنا عبد اللة بن يزيد ثنا عكرمة حدثنى ابو كثير عن ابى هريرة الخ (غريبة) (8) سيأتى الكلام على ذلك فى باب ما يتخذ من الخمر (9) بضم الموحدة نوع من ثمر النخل معروف وفسر فى حديث عائشة الاتى بعد حديثين بالزهو بفتح الزاى وضمها لعثان مشهورتان قال الجوهرى اهل الحجاز يضمون يعنى وغيرهم يفتح والزهو هو البسر الملون الذى يظهر فية حمره او صفرة وطاب (10) قال النووى ذهب اصحابنا وغيرهم من العلماء الى ان سبب النهى عن الخليط ان الاسكار يسرع الية بسبب الخلط قبل ان يشتد فيظن الشارب انة لم يبلغ حد الاسكار وقد بلغة قال ومذهب الجمهور ان النهى فى ذلك للتنزية وانما يحرم اذا صار مسكرا ولا تفى علامته اهـ انظر خلاف

-[النهي عن النبيذ المصنوع من التمر والزبيب]- (عن ابن عباس) (1) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البسر والتمر أن يخطاها جميعًا: وعن الزبيب والتمر أن يخلطا جميعًا: قال وكتب إلى أهل جرش (2) أن لا يخلطوا الزبيب والتمر (عن أبى سعيد الخدرى) (3) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الجر (4) أن يبنذ فيه، وعن التمر والزبيب أن يخلط بينهما، وعن البسر والتمر أن يخلط بينهما (عن عائشة رضى الله عنها) (5) أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن البقيع البسر (6) وهو الزهو (عن أبى قتادة) (7) أن نبى الله صلى الله عليه وسلم قال لا تنبذوا الرطب والزهو والتمر والزبيب جميعًا وانتبذوا كل واحد على حد ذاته قال يحيى (8) فسالت عن ذلك عبد الله بن أبى قتادة فأخبرنى عن أبيه بذلك (عن كبشة ابنة أبى مريم) (9) قالت قلت لأم سلمة أخبرينى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم أهله؟ قالت نهانا أن نعجم (10) النوى طبخًا وأن نخلط الزبيب والتمر (عن أبن عباس) (11) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدّباء والحنتم والمزفت والنقير (12) وأن يخلط البلح (13) والزهو (عن ابن عمر) (14) قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل نشوان (وفي

_ الأئمة في ذلك فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 434 فى الجزء الثانى (تخريجة) (م. وغيرة) (1) (سندة) حدثنا اسباط ثنا الشيبانى عن حبيب بن ابى ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) (2) بضم الجيم وفتح الراء كزفر غير مصرف اسم بلد باليمن (تخريجة) (م نس) * (2) (سندة) حدثنا يحيى بن سعيد قال ثنا سليمان التيمى ثنا ابو نضرة قال حدثنى ابو سعيد الخدرى الخ (غريبة) (4) تقم تفسير الجر (تخريجة) (م مذ) * (سندة) حدثنا ابو سعيد قال ثنا ابن ابى الرجال قال سمعت ابى يحدث عن عمرة عن عائشة الخ (غريبة) (6) اى نبيذ البسر وهو الزهو وتقدم تفسيرة قبل حديثين والظاهر ان النهى خاص بخلطة مع التمراخذا من الاحاديث النتقدمة واللة اعلم (تخريجة) لم اقف علية من حديث عائشة بهذا اللفظ لغير الامام احمد ورجالة ثقات (7) (سندة) حدثنا ابو سعيد ثنا حرب (يعنى ابن شداد) ثنا روح ثنا حسين المعلم ثنا يحيى يعنى ابن ابى كثير عن ابن سلمة بن عبد الرحمن عنن ابى قتادة الخ (غريبة) (8) هو ابن ابى كثير احد الرواه (تخريجة) (ق د نس جة) (9) (سندة) حدثنا يحيى بن سعيد قال ثنا ثابت بن عمارة قال حدثنى ريطة عن كبشة ابنة ابى مريم الخ (غريبة) (10) تريد ان نبلغ بة النضيج اذا طبخنا التمر فعصدناه يقال عجمت النوى اعجمة عجما اذا لكتة فى فيك وكذلك اذا انت طبختة او انضجتة ويشبة ان يكون انما كرة ذلك من اجل انة يفسد طعم التمر او لانة علف الدواجن فتذهب قوتة اذا هو نضج (تخريجة) (د هق) وسندة جيد * (11) (سندة) حدثنا ابو معاوية بن عمرو ثنا زائدة حدثنا حبيب ابن ابى عمر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) (12) سياتى تفسير الدباء والختم والمزفت والنقير فى الباب التالى (13) بفتحتين وهو اول ما يرطب فى البسر وحدة بلحة (والزهو) تقدم تفسيرة هو والبسر فى شرح الحديث الاول من احاديث الباب (تخريجة) (م نس) * (14) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بسندة وشرحة وتخريجة فى اخر مناقب ابن عمر من كتاب صاقب الصحابة رضي الله

-[ما جاء في الأوعية المنهى عن الانتباذ فيها]- لفظ سكران) فقال قد شربت زبيبًا وتمرًا قال فجلده الحد (1) ونهى أن يخلطا (عن أنس بن مالك) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا إن المزّات (3) حرام والمزات خلط التمر والبسر (عن عكرمة عن أبن عباس) (4) أنه كره نبيذ البسر وحده (5) وقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزّاء فأكره أن يكون البسر وحده (باب الأوعية المنهى عن الانتباذ فيها ونسخ تحريم ذلك) (عن زاذان) (6) قال قلت لابن عمر أخبرنى ما نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأوعية وفسره لنا بلغتنا فان لنا لغة سوى لغتكم قال نهى عن الحنتم وهو الجر (7) ونهى عن المزفت (8) وهو المقيّر ونهى عن الدّباء (9) وهو القرع ونهى عن النقير (10) وهى النخلة تنقر نقرًا وتنسج نسجًا (11) قال ففيم تأمرنا أن نشرب؟ قال الأسقية (12) قال محمد وأمر أن ننبذ في الأسقية

_ عنهم (غريبه) (1) تقدم شرح هذة الجملة فى حد شارب المر (2) (سندة) حدثنا اسود ثنا الحسن بن صالح عن خالد بن الفرز عن انس الخ (غريبة) (3) المزات بضم الميم وتشديد الزاى قال فى النهاية جمع مزة وهى المر التى فيها حموضة ويقال لها المزاء بالمد ايضا وقيل هى من خلط البسر والتمر اه (قلت) وفية التصريح بالتحريم وهذا اذا اسكر (تخريجة) (هق) ورجالة ثقات خلا خالدين الفرز قال فى التقريب بكسر الفاء وفتحها وسكون الزاى بعدها راء مقبول من الرابعة اه (قلت) ولفظة عند البيهقى عن انس قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم: الا ان امزات حرام الا ان المزات حرام خلط البسر والتمر والتمر والزبيب (4) (سندة) حدثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا قتادة عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) (5) انما ابن عباس نبيذ البسر وحدة خشية ان يكون المراد بة المزاء او يعمل عمل المزاء فى شدة الحموضة وتقدم تفسير المزاء فى شرح الحديث المتقدم واللة اعلم (تخريجة) لم اقف علية بهذا اللفظ لغير الامام احمد ورجالة ثقات: وجاء معناه عند ابى داود وسكت عنة ابو داود والمنذرى (باب) (6) (سندة) حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة وابن جعفر قال ثنا شعبة حدثنى عمرو بن مرة عن زاذان قال قلت لابن عمر الخ (غريبة) (7) يعنى الاوانى المصنوعة من المدر وهو الطين وتقدم تفسيرة قبل باب (8) اسم مفعول وهو الاناء المطلى بالزفت وهو نوع من القار (9) بضم الدال المهملة وتشديد الموحدة (وهو القرع) وهو من الانية التى يسرع الشراب فى الشدة اذا وضع فيها (10) هو فعيل بمعنى مفعول من نقر ينقر وكانوا يأخذون اصل النلة فينقرونة فى جوفة ويجعلونة اناء ينتبذون فية لان لة تاثير فى عدة الشراب (11) هكذا عند الامام احمد وتنسج نسجا بالجيم فيهما لكن جاء عند مسلم بالحاء المهملة بدل الجيم قال النووى هو هكذا فى معظم الروايات والنسج بين وحاء مهملتين اى تقشر ثم تنقر فتصير نقيرا ووقع لبعض الرواه فى بعض النسخ تنسخ بالجيم قال القاضى وغيرة هو تصحيف وادعى بعض المتأخرين انة وقع فى نسج صحيح مسلم وفى الترمذى بالجيم ولييس كما قال بل معظم نسخ مسلم بالحاء (12) جمع سقاء وهو اناء من ادم اى جلد يستعمل فى شرب الماء واللبن وانما اذن لهم بالانتباذ فى الاسقية لانها ليس لها تاثير فى شدة الشراب بسرعة كالاوانى المنهى عنها (وقولة قال محمد) هو ابن جعفر احد رجال السند (تخريجة) (م د نس مذ هق)

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا تشربوا فى الدباء والمزفت والنقير والحنتم]- (حدثنا أبو أحمد) (1) ثنا سفيان عن على بن بذيمة حدثنى قيس بن جبتر قال سألت ابن عباس عن الجر الأبيض والجر الأخضر والجر الأحمر، فقال ان أول من سأل النبى صلى الله عليه وسلم وفد عبد القيس فقالوا أنا نصيب من الثفل (2) فأى الأسقية؟ فقال لا تشربوا فى الدباء والمزفت والنقير والحنتم واشربوا فى الأسقية، ثم قال إن الله حرم علىّ أو حرم الخمر والميسر والكوبة (3) وكل مسكر حرام: قال سفيان قلت لعلى بن بذيمة ما الكوبة؟ قال الطبل (عن الفضيل بن زيد) (4) الرقاشى قال كنا عند عبد الله بن مغفل قل فتذاكرنا الشراب فقال الخمر حرام (5) قلت له الخمر حرام فى كتاب الله عز وجل؟ قال فإيش (6) تريد؟ تريد ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن الدباء والحنتم والمزفت، قال قلت ما الحنتم؟ قال كل خضراء أو بيضاء (7) قال قلت ما المزفت؟ قال كل مقير (8) من زق أو غيره (9) (عن ابن عباس) (10) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال اجتنبوا أن تشربوا فى الحنتم والدباء والمزفت واشربوا فى السقاء (عن أبى الحكم) (11) قال سألت ابن عباس عن النبيذ الجر فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نبيذ الجر والدباء وقال من سره أن يحرِّم ما حرم الله ورسوله فليحرم النبيذ، قال وسألت ابن الزبير رضي الله عنه فقال نهى

_ (1) (حدثنا أبو أحمد الخ) (غريبة) (2) بضم الثاء المثلثة وسكون الفاء هو الدقيق والسويق ونحوهما (وقولة فأى الاسقية) اى فأى الارانى تنبذفيها؟ (3) الكربة بضم الكاف فسرها الراوى بالطبل والطبل معروف وهو الذى يضرب علية ويستثنى من الطبل الضرب بالدوف فى العرس وتقدم الكلام علية فى باب اعلان المكاح واللهو فية الخ من كتاب النكاح فارجع الية (تخريجة) (د) وسكت عنة ابو داود والمنذرى (4) (سندة) حدثنا يونس بن محمد قال ثنا عبد الواحد قال ثنا عاصم الاحوال عن الفضيل بن زيد الرقاشى الخ (ولة طريق اخرى) عند الامام احمد قال حدثنا عفان قال حدثنا ثابت بن يزيد ابو زيد قال ثنا عاصم الاحوال عن فضيل بن زيد الرقاشى وقد غزا سبع غزوات فى امرة عمر بن الطاب رضى اللة عنة انة اتى عبد اللة بن مغفل فقال ابرنى بما حرم اللة علينا من هذا الشراب فقال الخمر الخ (غريبة) (5) القائل المر حرام هو عبد اللة بن مغفل (6) بالاصل (فايش تريد) وهى كلمة مسموعة من العرب معناها اى شئ تريد (7) جاء فى الطريق الارى (قال الاخضر والابيض) ومعناه كل ما طلى من انية الفخار بمادة خضراء او بيضاء وهذا اللون بخصوصة ليس فيذا فى النهى وانما ذكر على سبيل المثال والغرض النهى عن الانتباذ فة جنس الجر على اى لون كان (8) جاء فى الطريق الارى قال ما لطخ بالقار من زق او غيرة (قال فى المصباح) الزق بالكسر الظرف وبعضهم يقول ظرف زفت او قير والجمع ازقاق (9) زاد فى الطرق الاخرى (قال فانطلقت الى السوق فاشتريت افيقة فما زالت معلقة فى بيتى (الافقية) بكسر الفاء سقاء من ادم اى جلد وانتة على تاويل القرية (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد والطبرانى فى الكبير والاوسط بعضة ورجال احمد رجال الصحيح لا الفضيل بن زيد وهو ثقة * (10) (سندة) حدثنا معاوية بن عمرو قال ثنا زائدة ثنا سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس الخ (تخريجة) (ق وغيرهما) * (11) (سندة) حدثنا يحيى عن شعبة حدثنى سلمة بن كهيل قال سمعت ابا الحكم قال سالت ابن عباس الخ (قلت) ابو الحكم هو عمران بن الحارث السلمي

-[النهي عن الانتباذ فى الدباء والجرِّ والمزفت]- رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدّباء والجر، قال وسألت ابن عمر فحدث عن عمر أن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الدباء والمزفت، قال وحدثنى أخى عن أبى سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الجر والدباء والمزفت والبسر والتمر (عن أبى حاضر) (1) قال سئل ابن عمر رضى الله عنهما عن الجر ينبذ فيه، فقال نهى الله عز وجل عنه ورسوله، فانطلق الرجل إلى ابن عباس فذكر ما قاله ابن عمر، فقال ابن عباس صدق، فقال الرجل لابن عباس أى جرّ نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال كل شئ يصنع من مدر (2) (عن سعيد بن جبير عن ابن عباس) (3) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء والحنتم والنقير والمزفت وأن يخلط البلح بالزهو (4) قال قلت يا ابن عباس أرأيت الرجل يجعل نبيذه فى جرة خضراء كأنها قارورة (5) ويشربه من الليل؟ فقال ألا تنتهوا عما نهاكم عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (6) (عن ابن عباس) (7) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النقير والدباء والمزفت وقال لا تشربوا إلا فى ذى إكاء (8) فصنعوا جلود الإبل ثم جعلوا لها أعناقًا من جلود الغنم فبلغه ذلك، فقال لا تشربوا إلا فيما أعلاه منه (9) (عن أبى هريرة) (10) رضى الله عنه قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ الكوفي قال في التقريب ثقة (تخريجة) لم اقف لغير الامام احمد ورجالة كلهم * (1) (سندة) حدثنا محمد بن بكر حدثنا بن جريح قال اخبرنى ابو حاضر قال سئل ابن عمر الخ (غريبة) (2) بفتحتين قال الازهرى المدر قطع الطين وبعضهم يقول الطين العلك (بكسر المهملة) الذى لا يخالطة رمل اه (قلت) وهذا الطين تصنع منة الاوانى ثم تحرق بالنار وبعد حرقها يقال لها فخارة بفتح الفاء وتشيد المعجمة (تخريجة) (م نس هق) * (سندة) حدثنا حسين بن محمد ثنا يزيد بن عطاء عن حبيب يعنى بن ابى عمرة عن سعيد بن جبير الخ (غريبة) (4) تقدم شرحة فى شرح حديث ابن عباس ايضا فى باب السابق (5) القارورة اناء من زجاج شبة الجارة الضراء باناء الزجاج فى كونة املس (وقولة ويشربة من الليل) يعنى قبل ان يشتد ويسكر (6) يستفاد من قول ابن عباس انة كان يرى عدم جواز الانتباذ فى الجرار وان لم يسكر لعموم النهى عن ذلك (قال الخطابى) وبة قال ابن عمر ومالك واسحاق قال وذهب الجمهور الى ان النهى انما كان اولا ثم نسخ وكان من ذهب الى استمرار النهى لم يبلغة الناسخ واللة اعلم (تخريجة) (م نس) مختصرا الى قولة وان يخلط البلح بالزهو (7) (سندة) حدثنا على ابن اسحاق قال انا عبد اللة حسين بن عبد اللة بن عبيد اللة بن عباس عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) (8) معناه لا تشربوا النبيذ الا فىناء من جلد لة راس يربط ويشد (9) يريد ان الاناء كلة يكون من جلود الغنم لان جلدها رقيق فاذا حدثت فية شدة تقطع وانشق فلم يخف على صاحبة امره اما جلود الابل فتلحق بالنقر والدباء والمزفت وهذة الاوعية صلبة متينة يتغير فيها الشراب ويشتد فلا يشعر صاحبها بذلك واللة اعلم (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال فى الصحيح طرف من اولة رواه (حم عل) وفية حسين بن عبد اللة بن عبيد اللة وهو متروك ضعفة الجمهور وحكى عن ابن معين فى رواية انة لا باس بة يكتب حديثة (10) (سندة) حدثنا وكيع قال ثنا أبان بن صمعة عن

-[النهي عن الانتباذ في الحنتم وهو الجر والمزادة المجبوبة]- عن الأوعية إلا وعاءًا يوكأ رأسه (1) (عن علي رضي الله عنه) (2) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء والمزفت قال أبو عبد الرحمن (3) سمعت أبي يقول ليس بالكوفة عن علي رضي الله عنه حديث أصح من هذا (عن مالك بن عمير) (4) قال كنت قاعدا عند علي رضي الله عنه قال فجاء صعصعة بن صوحان فسلم ثم قام فقال يا أمير المؤمنين انهنا عما نهاك عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نهانا عن الدباء والحنتم والمزفت والنقير الحديث (عن عائشة رضي الله عنها) (5) قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحنتم وهو الجر والدباء والنقير وعن المزفت (حدثنا محمد بن جعفر) (6) قال حدثنا هشام ويزيد قال أنبأنا هشام عن محمد عن أبي هريرة رضي الله عنه أن وفد عبد القيس حيث قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم نهاهم عن الحنتم والنقير والمزفت والمزادة المجبوبة (7) وقيل انتبذ في سقائك (7) وأوكه واشربه حلو طيباً، فقال رجل يا رسول الله ائذن لي في مثل هذا (9) قال إذا تجعلها مثل هذه قال يزيد وفتح هشام يده قليلاً فقال إذا تجعلها مثل هذه وفتح يده شيئًا أرفع من ذلك (عن سمرة) (10) قال قام النبي صلى الله عليه وسلم فخطب فنهى عن الدباء والمزفت

_ زبيبة ابنة النعمان عن ابى هريرة الخ (غريبة) (1) عنقة ويشد (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد بهذا اللفظ وفى اسنادة زبيبة قال الحافظ فى تعجيل المنفعة بموحدتين وقيل بنونين بنت النعمان لا نعرف اه (قلت) جاء فى الاصل زينب وهو خطا من الناس (2) (سندة) حدثنا يحيى عن سفيان حدثنى سليمان عن ابراهيم التيمى عن الحارث بن سويد عن على الخ (غريبة) (3) يعنى عبد اللة ابن الامام احمد رحمها اللة (تخريجة) (ق. وغيرهم) (4) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بتمامة وسندة وشرحة وتخريجة فى الباب الثانى من كتاب اللباس (5) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن عبيد اللة بن عمران يعنى القريعى عن عبد اللة بن شماس انة سمع عائشة تحدث تقول نهانا رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) (ق نس) (6) (حدثنا محمد بن جعفر الخ) (غريبة) (7) قال فى النهاية المزادة المحبوبة هى التى قطع راسها وليس لها عزلاء من اسفلها يتنفس منها الشراب وقال فى موضع ار العزلاء هو فم المزادة الاسفل اه (قلت) وعلى هذا فعلة النهى عدم التنفس لان الشراب قد يتغير فيها ولا يشعر بة صاحبها (8) اى السقاء المتعارف وقد سبق تفسيرة غير مرة (واوكلة) اى شد راسة برباط (واشربة حلو) قبل ان يشتد وندب فية الحموضة (9) قال العلامة السندى فى حاشيتة عل النسائى الظاهر ان الاشارة الى امر متعلق بالمجالس ولا يدرى ماذا والاقرب انة طلب الرخصة فى بعض الاقسام الممنوعة فبين لة صلى اللة علية وسلم بالاشارة انك اذا رخصت لك فى بعض هذة الاقسام فلعلك تشربة وقد فالا فتقع فى المسكر واللة اعلم اه (تخريجة) (م د) مختصرا الى قولة واوكلة واخرجة النسائى بنحو حديث الباب (10) (سندة) حدثنا ابة الحسن بن يحيى من اهل مرو وعلى بن اسحاق قالا انا ابن المبارك عن وقاء بن اياس عن على بن ربيعة عن سمرة (يعنى ابن جندب) قال قام النبى صلى اللة علية وسلم ال (ولة طريق ثان) عند الامام احمد قال حدثنا بن جرير ثنا ابن مبارك مثلة (ولة طريق ثالث) عن الامام احمد ايضا حدثنا لف بن هشام وعبد الواحد بن غيث قالا ثنا ابو عوانة عن الاسود بن قيس عن

-[نسخ تحريم الانتباذ في الأوعية المتقدم ذكرها]- (باب نسخ تحريم الانتباذ في الأوعية المتقدم ذكرها) (عن يحيى بن غسان التيمي عن أبيه) (1) قال كان أبي في الوفد الذين وفدوا على النبي صلى الله عليه وسلم من عبد قيس فنهاهم عن هذه الأوعية قال فأتخمنا (2) ثم أتيناه العالم المقبل قال فقلنا يا رسول الله أنك نهيتنا عن هذه الأوعية (وفي لفظ فقلنا يا رسول الله إن أرضنا أرض وخمة) فاتخمنا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انتبذوا فيما بدا لكم ولا تشربوا مسكرا فمن شاء أوكأ سقاءه على أثم (3) (عن أبي هريرة) (4) قال لما قدم وفد عبد قيس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل امرئ حسيب نفسه (5) ليشر كل قوم فيما بدا لهم (وعنه أيضاً) (6) قال إني لشاهد لوفد عبد قيس قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنهاهم أن يشربوا في هذه الأوعية الحنتم والدباء والمزفت والنقير، قال فقام إليه رجل من الفوم فقال يا رسول الله إن الناس لا ظروف لهم (7) قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه يرثى للناس (8) قال فقال اشربوا ما طاب لكم (9) فإذا خبث فذروه (عن جابر بن عبد الله) (10) قال لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الأوعية فقالت الانصار فلا بد لنا (11) قال فلا إذن (عن عبد الله بن بريدة الأسلمى) (12) عن أبيه بريدة

_ ثعلبة عن سمرة عن النبى صلى اللة علية وسلم مثلة (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفية بن اياس وثقة ابو حاتم وابن حبان والثورى وضعفى غيرهم وبقية اه (قلت) وقاء بن اياس لم يذكر فى الطريق الثالثة فالحديث صحيح (باب) (1) (سندة) حدثنا حسن بن موسى قال ثنا عبد العزيز ابن مسلم ابو زيد عن يحيى بن عبد اللة التيمى عن يحيى بن غسان التيمى عن ابية الخ (غريبة) (2) اى اصابنا الوم لان ارضنتا ارض وخمة كما سياتى فى اللفظ الاخر اى وبية ولا يدفع عنها وبالها الا نتباذ فى هذة الاوعية (3) اى فان كان مسكرا فقد اوكيتم سقاءكم على اثم وارتكبتم المعصية (تخريجة) ام اقف علية لغير الامام احمد وسندة حسن (4) حدثنا عبد الصمد ثنا حماد ثنا خالد عن شهر عن ابى هريرة الخ (غريبة) (5) اى مسئول عن نفسة يثاب على الخير ويعاقب على الشر فاشر بوافيها بدا لكم يعنى واجتنبوا المسكر لانة شر (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم عل) وفية شهر (يعنى ابن حو شب) وفية ضعف وهو حسن الحديث ويقية رجالة الصحيح اه (6) سندة حدثنا حسن ثنا سكين (بضم المهملة وفتح الكاف) قال حدثنا حفص بن خالد حدثنى شهرين عن ابى هريرة قال انى اشاهد الخ (غريبة) (7) اى لا اوعية لهم غير هذة الاوعية (8) بفتح التحتية وكسر المثلثة بينهما راء ساكنة من باب رمى اى يرفق بالناس ويشفق عليهم (9) اى اشربوا فى اى وعاء شئتم (فاذا خبث) اى اسكر فذروة اى اتركوه (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام وفى اسنادة شهربن حوشب ضعفة بعضهم وقال الهيثمى فية ضعف وحديثة حسن ويقية رجالة ثقات (10) (سندة) حدثنا يحيى عن سفيان عن منصور عن سالم بن ابى الجعد بن عبد اللة الخ (غريبة) (11) اى فلابد لنا منها لا حتياجنا اليها وعدم وجود ما يقوم مقامها (قال فلا اذن) يعنى فلا حرج عليكم فى الانتباذ فيها فكأن النهى قد ورد على تقدير عدم الاحتياج والرخصة فى استعمالها مقيدة بعدم الاسكار كما سياتى فى الاحاديث التالية (تخريجة) (خ مذ جة) * (12) (سندة) حدثنا يعقوب بن ابراهيم ثنا ابى عن محمد بن إسحاق عن

-[جواز الانتباذ في الأوعية المتقدم ذكرها بشرط عدم الإسكار]- ابن حصيب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال كنت نهيتكم عن ثلاث، عن زيارة القبور فزوروها فإن في زيارتها عظة وعبرة (1) ونهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث فكلوا وادخروا (2)، ونهيتكم عن النبيذ في هذه الأسقية (3) فاشربوا ولا تشربوا حراما (4) (وفي لفظ ونهيتكم عن نبيذ الجر فانتبذوا في كل وعاء واجتنبوا كل مسكر) (وعنه من طريق ثان بنحوه) (5) وفيه: ونهيتكم عن زيارة القبور وإن محمدا قد أذن له في زيارة قبر أمه (6) ونهيتكم عن الظروف، وإن الظروف لا تحرم شيئًا ولا تحله (7) (ز) (وعن علي رضي الله عنه) نحوه (8) (وفيه) ونهيتكم عن الأوعية فاشربوا فيها واجتنبوا كل ما أسكر (وعن أنس بن مالك) (9) نحو حديث علي رضي الله عنه وفيه ونهيتكم عن النبيذ في هذه الأوعية فاشربوا بما شئتم ولا تشربوا مسكرا فمن شاء أوكا سقاءه على إثم (عن عبد الله بن مغفل المزني) (10) قال أنا شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين نهى عن

_ سلمة بن كهيل أنه حدث عن عبد اللة بن بريدة الاسلمى الخ (غريبة) (1) تقدم الكلام على زيارة القبور وحكمها صحيفة 162 فى الجزء الثامن بما يشفى الغليل فارجع الية (2) تقدم الكلام على ذلك مبسوطا فى الجزء الثالث عشر صحيفة 107 فارجع الية (3) هكذا وقع فى هذة الرواية بلفظ الاسقية وجاء مثل ذلك عند البخارى من حديث عبد اللة بن عمرو بن العاص ورجح بعضهم رواية الاوعية لانها جاءت فى اكثر الروايات وحمل بعضهم رواية الاسقية على سقوط اداه الاستثناء من الراوى والتقدير نهى عن الانتباذ الى فى الاسقية ولو ينة صلى اللة علية وسلم عن الاسقية وانما نهى عن الظروف اى التم والدباء والنقير والمزفت واباح الانتباذ فى الاسقية لان الاسقية يتخللها الهواء من مسامها فلا يسرع اليها الفساد كلراعة الى غيرها من الجرار ونحوها مما نهى عن الانتباذ فية وايضا فالسقاء اذا نبذ فية ثم ربط امنت شدة الاسكار بما شرب منة لانة متى يتغير وصار مسكرا شق الجلد فما لم يشقة فهو غير مسكر بخلاف الاوعية لانها قد يصير النبيذ فيها مسكرا ولا يعلم بة ويجوز ان يكون قولة (نهى عن الاسقية) اى عن الاوعية واختصاص اسم الاسقية بما يتذ من الادم انما هو بالعرف فاطلاق السفاء على كل ما يستقى منة جائز وحينئذ فلا غلط فى الرواية ولا سقط (4) اى مسكرا (5) سندة حدثنا مؤمل ثنا سفيان عن علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن ابية قال قال رسول اللة صلى اللة عليةوسلم انى كنت نهيتكم عن ثلاث عن زيارة القبور وعن لحم الاضاحى ان تجبس فوق ثلاث وعن الاوعية ونهيتكم عن لحوم الاضاحى ليوسع ذو السعة على من لاسعة لة فكلوا وادخروا ونهيتكم عن زيارة القبور الخ (6) الكلام على زيارة النبى صلى اللة عليةوسلم قبر امة تقدم مطولا فى الجزء الثامن صحيفة 159 فى الباب الاول من ابواب زيارة القبور من كتاب الجنائز فارجع الية (7) معناه ان العبرة بالاسكار وعدمة فان اسكر حرم والا فلا (تخريجة) (م. والاربعة) * (8) حديث على تقدم بنمامة وسندة وشرحة تخريجة فى اول الباب الاول من ابواب زيارة القبور المشار الية انفا (9) (حديث انس بن مالك) تقدم بطولة وسندة وشرحة وتخريجة فى الجزء الثامن رقم 231 صحيفة 158 فى الباب الاول من ابواب زيارة القبور المشار اليه (وقولة فمن شاء اركا سقاءه على اثم) اى ان كان مسكرا واللة اعلم (10) (سندة) حدثنا وكيع قال ثنا ابو جعفر الرازى عن الربيع بن انس عن ابى العالية أو عن غيره

-[كلام العلماء في نسخ النهي عن الانتباذ في الأوعية المتقدم ذكرها]- نبيذ الجر (1) وأنا شهدته حين رخص فيه قال واجتنبوا المسكر (عن عبد الرحمن بن صحار العبدي) (2) عن أبيه رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إني رجل مسقام (3) فائذن لي في جريرة انتبذ فيها، قال فأذن له فيها (حدثنا عاصم) (4) ذكر أن الذي يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في النبيذ بعد ما نهى عنه منذر أبو حسان، ذكره عن سمرة بن جندب، وكان يقول من خالف الحجاج فقد خالف (باب ما يتخذ منه الخمر وتحريمه وأن كل مسكر حرام) (عن سالم بن عبد الله) (5) بن عمر بن أبيه رضي الله تبارك وتعالى عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من الحنطة خمر ومن التمر خمر ومن الشعير خمر ومن الزبيب خمر ومن العسل خمر (6)

_ عن عبد الله بن مغفل المزنى الخ (غريبة) (1) تقدم الكلام علية فى باب مالا يجوز من الانبذة (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة ثقات وفى ابى جعفر الرازى كلام لا يضر وهو ثقة ورواه الطبرانى فى الكبير والاوسط (2) (سندة) حدثنا وكيع ثنا الضحاك بن يسار عن يزيد بن عبد اللة ابن الشخير عن عبد الرحمن بن صحار العبدى ال (غريبة) (3) اى كثير السقم بفتحتين اى المرض (وقولة فى جزيرة) تصغير جرة (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم ز طب) وفية عبد الرحمن ابن صار ذكرة ابن ابى حاتم ولم يوثقة ولم يجرحة والضحاك بن يسار وثقة ابو حاتم وابن حبان وقال ابن معين يضعفة البصريون وبقية رجالة ثقات (4) (سندة) حدثنا عبد الصمد ثنا ثابت يعنى ابا زيد ثنا عاصم الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى الى قولة (ذكرة عن سمرة) ولم يذكر كلمة (من خالف الحجاج ال) وام ادر من الحجاج لاسيما ولم يتقدم لة ذكر فى السند قال البيهقى رواه احمد وفية من لم اعرفهم اه وحديث سمرة بن جندب فى النهى عن الانتباذ عن الاوعية تقدم فى هذا الباب هذا واحاديث الباب تدل على نس الهى عن الانتباذ فى الاوعية المذكورة (قال النووى) هذا النهى كان اول الاسلام ثم نسخ بحديث بربيدة ان النبى صلى اللة علية وسلم قال (كنت نهيتكم عن الانتباذ الا فى الاسقية فانتبذوا فى كل وعاء ولا تشربوا مسكرا) رواه مسلم فى الصحيح (قلت) وتقدم فى احاديث الباب قال وهذا الذى ذكرناه من كونة منسوخا هو مذهبنا ومذهب جماهير العلماء (قال الخطابى) القول بالناسخ هو اصح الاقاويل قال وقال قوم التحريم باق وكرهوا الانتباذ فى هذة الاوعية منهم مالك واحمد واسحاق وهو مروى عنن ابن عمر وابن عباس رضى اللة عنهم واللة اعلم اه (وقال ابن بطال) النهى عن الاوعية انما كان قطعا للذرية فلما قالوا لا يجد بدا من الانتباذ فى الاوعية قال انتبذوا وكل مسكر حرام وهذا الحكم فى كل شئ نهى عنة بمعنى النظر الى غيرة فانة يسقط للضرورة كالنهى عن الجلوس فى الطرقات فلما قالوا لابد لنا منها قال (واعطوا الطريق حقها) (باب) * (5) (سندة) حدثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة عن ابى النضر ثنا سالم بن عبد اللة بن عمر عن ابية الخ (غريبة) (6) الخمر ما خامر العقل اى غطاء او خالطة فلم يترك على حالة وهو مجاز التشبية والعقل هو الة التميز فلذلك حرم ما غطاه او غيرة لان بذلك يزول الادراك الذى طلبة اللة من عبادة ليقوموا حقوقة وفى هذا الحديث وحديث النعمان بن بشير الاتى بعدة دلالة على ان المسكر من المتخذ من غير العنبة يسمى خمرا وما جاء فى حديث ابى هريرة الاتى بعد حديث من ان الخمر من النخلة والعنب محمول على الغالب أي

-[ما يتخذ منه الخمر وتحريمه، وأن كل مسكر حرام]- (عن النعمان بن بشير رفعه) (1) قال إن من الزبيب خمرا ومن التمر خمرا ومن الحنطة خمرا ومن الشعير خمرا ومن العسل خمرا (2) (عن أبي هريرة) (3) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول الخمر من هاتين الشجرتين من النخلة والعنبة (عن عائشة رضي الله عنها) (4) قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البتع (5) والبتع نبيذ العسل، وكان أهل اليمن يشربونه فقال كل شراب أسكر فهو حرام (6) (حدثنا يحيى) (7) عن ابن عيينة بن عبد الرحمن حدثني أبي قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال إني رجل من أهل خراسان وإن أرضنا أرض باردة فذكر من ضروب الشراب (8) فقال اجتنب ما أسكر من زبيب أو تمر وما سوى ذلك (9) قال ما تقول في نبيذ الجر (10) قال نهى رسول الله صلى الله وعلى آله وصحبه وسلم عن نبيذ الجر

_ أكثر ما يتخذ الخمر من العنب والتمر (تخريجة) (نس) وفى اسنادة عند الامام احمد ابن لهيعة فية كلام اذا عنعن وسندة عن النسائى جيد ويئيدة حديث النعمان بن بشير الاتى بعدة ويزيدة تأيدا ما رواه البخارى والبيهقى عن ابن عمر ايضا قال نزل تحريم الخمر وان بالمدينة يومئذ لخمسة اشربة ما فيها شراب العنب (1) (سندة) حدثنا اسود بن عامر ثنا اسرائيل عن ابراهيم بن مهاجر عن عامر عن النعمان بن بشير رفعة (يعنى الى النبى صلى اللة علية وسلم) قال ان من الزبيب الخ (غريبة) (2) زاد فى رواية اخرى عن الامام احمد ايضا من طريق ثان (وانا انهى عن كل مسكر) (تخريجة) (د مذ جة هق) وقال الترمذى هذا حديث غريب اه (قلت) هذا الحديث فى اسنادة ابراهيم بن مهاجر اختلف فية بعضهم ليس بالقوى وقال بعضهم لا باس بة وممن لم ير بة بأسا الامام احمد وسفيان الثورى وقال الحافظ فى التقريب صدوق لين الحفظ اه (قلت) ولة طريق ارى بسند جيد عند ابى داود والبيهقى عن النعمان ابن بشير ايضا قال (سمعت رسول اللة صلى اللة علية وسلم يقول ان الخمر من العصير والزبيب والتمر والحنطة والشعير والذرة وانى انهاكم عن كل مسكر) قال البيهقى وكذلك رواه السرى (بفتح المهملة وكسر الراء ةتشديد التحتية) ابن اسماعيل عن عامر الشعبى اه (قلت) ورواية السرى جاءت عند الامام احمد فى الطريق الثانية التى اشرنا اليها والسرى متروك قال الامام احمد تركة الناس * (3) (سندة) حدثنا عفان ثنا ابان العطار قال ثنا يحيى بن ابى كثير قال ثنا ابو كثير العنبرى عن ابى هريرة ال (تخريجة) (م والاربعة) قال الخطابى حديث ابى هريرة غير مخالف لما تقدم ذكرة من حديث النعمان بن بشير وانما وجهة ومعناه ان معظم ما يتخذ من الخمر انما هو من النخلة والعنبة وان كانت الخمر قد تتخذ ايضا من غيرهما وانما هو من باب التاكيد لتحريم ما يتخذ من هاتين الشجرتين لضراوتة وشدة سورتة وهذا كما يقال: الشبع فى اللحم والدف فى الوبر ونحو ذلك من الكلام * (4) (سندة) حدثنا عفان ثنا يزيد بن زريع قال ثنا معمر عن الزهرى عن ابى سلمة عن عائشة الخ (غريبة) (5) بكسر الموحدة وسكون الفوقية وهو ما ذكرة فى الحديث (6) استدل بة القائلون بالتعتيم من غير فرق بين خمر العنب وغيرة (تخريجة) (ق مذ نس جة هق) * (7) (حدثنا يحيى الخ) (غريبة) (8) معناه انة ذكر لا بن عباس انواعا من الشراب يستفتية فى الجائز منها والممنوع (9) يعنى من اى نوع (10) بفتح الجيم وتشديد الراء واحدها جرة وهى اناء معروف من انية الفخار واراد المدهونة لانها اسرع فى الشدة والتخمير وتقدم الكلام

-[قوله صلى الله عليه وسلم ما أسكر كثير فقليله حرام- ومذاهب العلماء في ذلك]- (عن سالم بن عبد الله) (1) عن أبيه (يعني عبد الله بن عمر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مسكر حرام، ما أسكر كثيره فقليله حرام (2) (عن نافع عن ابن عمر) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال كل مسكر خمر وكل خمر حرام (4) (عن عبد الله بن عمرو) (5) (يعني ابن العاص) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أسكر كثيره فقليلة حرام (عن جابر بن عبد الله) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن عائشة رضي الله عنها) (7) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسكر الفرق (8) منه إذا شربته فملء الكف (9) منه حرام (عن شهر بن حوشب) (10) قال سمعت أم سلمة تقول نهى رسول صلى الله عليه وسلم عن كل مسكر ومفتر (11)

_ على حكمه (تخريجة) اخرج النسائى الجزء المرفوع منة سندة جيد (1) (سندة) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا ابو معشر عن موسى بن عقية عن سالم بن عبد اللة الخ (غريبة) (2) ذهب الى العمل بهذا الحديث وما فى معناه الائمة مالك والشافعى واحمد والجماهير من السلف واللف قال العلماء وفية رد على من قال من الحنفية ان الخمر يعنى المتخذ من العنب يحرم قليلة وكثيرة اما غيرة من المسكرات فيحرم القدر المسكر منة دون القليل وهو باطل ببطلة الاحاديث الكثيرة الصحيحة الصريحة (تخريجة) (جة قط) وصححة الدارقطى واخرجة (جة مذ) بلفظ (كال مسكر حرام) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح (3) (سندة) حدثنا روح ثنا ابن جريج اخبرنى موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبة) (4) قال النووى هذا صريح فى ان كل مسكر هو حرام وهو الخمر واتفق اصحابنا على تسمية جميع هذة الانبذة خمرا لكن قال اكثرهم هم مجازا وانما حقيقة الخمر عصير العنب وقال جماعة منهم هو حقيقة لظاهر الاحاديث واللة اعلم (تخريجة) (م مذ تنس جة هق) (5) (سندة) حدثنا ابو كامل ثنا عبد اللة بن عمر العمرى عن عمرو بن شعيب عن ابية عن عبد اللة بن عمرو الخ (تخريجة) نس جة) وفى اسنادة عبد اللة بن عمر العمرى ضعيف (6) (سندة) حدثنا سليمان بن داود الهاشمى ثنا اسماعيل يعنى ابن جعفر اخبرنى داود ابن بكر بن ابى الفرات عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد اللة عن النبى صلىللة علية وسلم قال ما اسكر كثيرة فقليلة حرام (تخريجة) (د مذ جة) وقال الترمذى هذا حديث حسن غريب من حديث جابر (7) (سندة) حدثنا خلف بتن الوليد ثنا الربيع عن ابى عثمان الانصارى قال احسن الثناه علية قال حدثنى القاسم بن محمد بن ابى بكر ان عائشة رضى اللة عنها قالت الخ (غريبة) (8) بفتح الراء وسكونها والفتح اشهر وهو مكيال يسع ستة عشر رطلا وقيل هو بفتح الراء كذلك فاذا سكنت فهو مائة وعشرون رطلا (9) جاء فى رواية اخرى (فالا وقية من حرام) وذكرة ملء الكف والاوقية فى الحيث على سبيل التمثسل وانما العبرة بان التمثيل شامل للقطرة ونحوها (تخريجة) (د مذ) قال الترمذى حديث حسن (10) (سندة) حدثنا ابن نمير قال انا الحسن بن عمرو عن الحكم عن هر بن حوشب قال سمعت ام سلمة الخ (غريبة) (11) بضم الميم وسكون الفاء وكسر التاء قال فى النهاية المفثر الذى اذا شرب احمى الجسد وصار فية فتور وهو ضعيف وانكسار يقال افتر الرجل فهو مفتر اذا ضعفت جفونة وانكسر طرفة اه وقال فى المصباح فتر عن العمل فتورا من باب قعد انكسرت حدتة ولان بعد شدتة (وقال الخطابى) المفتر كل شراب يورث الفتور والدر فى الاطراف وهو مقدمة السكر نهى عن شربة لئلا يكون ذريعة الى السكر هـ (فائدة) قال المناوى فيض القدير حضرعجمى القاهرة وطلب دليلا لتحريم الحشيش

-[بيان بعض الأصناف التي يتخذ منها الخمر]- (حدثنا عبد الله بن إدريس) (1) قال سمعت المختار بن فلفل قال سألت أنس بن مالك عن الشرب في الأوعية، فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المزفتة، وقال كل مسكر حرام، قال قلت وما المزفتة؟ قال المقيرة (2) قال قلت فالرصاص والقارورة؟ (3) قال ما بأس بهما، قال قلت فإن ناسا يكرهونهما، قال دع ما يريبك إلى ما لا يريبك فإن كل مسكر حرام (4) قال قلت له صدقت المسكر حرام فالشربة والشربتان على طعامنا؟ قال أسكر كثيرة فقليله حرام (5) وقال الخمر من العنب والتمر والعسل والحئنظة والشعير والذرة فما خمرت (6) من ذلك فهي الخمر (عن أم حبيبة) (7) بنت أبي سفيان أن أناسا من أهل اليمن قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعلمهم الصلاة والسنن والفرائض، ثم قالوا يا رسول الله أن لنا شرابًا نصنعه من القمح والشعير قال فقال الغبيراء؟ (8) قالوا نعم، قال لا تطعموه، ثم لما كان بعد ذلك بيومين ذكروهما له أيضاً، فقال الغبيراء؟ قالوا نعم قال لا تعطموه، ثم لما أرادوا أن ينطلقوا سألوا عنه فقال الغبيراء؟ قالوا أنعم، قال لا تطعموه، قالوا فإنهم لا يدعونها، قال من لم يتركها فاضربوا عنقه (9) (عن قيس بن سعد بن عبادة) (10) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن ربي تبارك وتعالى حرم على الخمر والكوبة (11)

_ وعقد له مجلس حضرة اكابر العصر فاستدل الزين العراقى بهذا (يعنى بحديث ام سلمة) فأعجب من حضر (تخريجة) (د) وصحح الزين العراقى اسنادة وكذلك صححة الحافظ السيوطى (وفى اسنادة) شهر بن حوشب قال المنذرى وثقة الامام احمد ويحيى بن معين وتكلم فيى غير واحد والترمذى يصحح حديثة اه (1) (حدثنا عبد اللة بن ادريس الخ) (غريبة) (2) معناه الاناء الذى طلى بالزفت (3) الرصاص معلوم (والقارورة) هى الاناء من الزجاج (4) يريد ان العبرة بالاسكار فكل نبيذ فى اى اناء تخشى منة الاسكار فاتركة فان كل مسكر حرام (5) معناه ان الشربة الةاحدة يحرم تناولها اذا كانت من شراب يسكر كثيرة (6) بفتحات اى اشتدت وامكرت وان كانت من غير هذة الاصناف وانما ذكر هذة الاصناف لانها كانت هى المستعملة للشرب فى عصرهم (وقولة فهى الخمر) يعنى التى حرم اللة (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم عل) الا انة قال حرمت الخمر وهى من العنب والتمر الخ (والبزار) باتصار وزاد بعد قولة (دع ما يريبك الى ما يريبك فانها كلمة حكم اذ بها من كان قبلكم) ورجال احمد رجال الصحيح (7) (سندة) حدثنا حسن ثنا ابن ليهعة قال ثنا دارج عن عمر بن الكم انة حدثة عن ام حبيبية بنت ابى سفيان (يعنى زوج النبى صلى اللة علية وسلم) ان اناسا الخ (غريبة) (8) بوطن حميراء قال فى النهاية الغبيراء ضرب من الشراب يتخذ الحبش من الذرة السكركة (بضم المهملة والكاف ثم رار ساكنة) وقال ثعلب هو مر يعمل من الغبيراء هذا التمر المعروف اه (قلت) ولكنة جاء فى الحديث انة من القمح والشعير ولا مانع من ان ما صنع من الذرة والتمر لى الغبيراء ايضا (9) اى اذا عاند واستحل شربها (تخريجة) (هق) واوردة الهيثمى وقال رواه (حم عل طب) وفية ابن لهيعة وحديثة حسن (قلت لانة قال حدثنا فاذا عنن كان حديثة ضعيفا) قال وبقية رجال احمد ثقات (10) (سندة) حدثنا يحيى ابن اسحاق قال اخبرنى يحيى بن ايوب عن عبيد اللة بن زحر عن بكربن سوادة عن قيس بن سعد بن عبادة ال (غريبة) (11) بضم الكاف على وزن الكوفة (قال الخطابى) يفسر بالطبل ويقال هو النرد

-[تحريم كل مسكر من أي نوع كان ووعيد شاربه]- والقنين (1) وإياكم والغبيراء (2) فإنها ثلث خمر العالم (عن ديلم الحميري) (3) قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إنا بأرض باردة نعالج بها عملا شديدا وإنا نتخذ شرابا من هذا القمح نتقوى به على أعمالنا وعلى برد بلادنا، قال هل يسكر؟ قلت نعم، قال فاجتنبوه (وفي وراية فلا تشربوه) قال ثم جئت بين يديه فقلت له مثل ذلك، فقال هل يسكر؟ قلت نعم، قال فاجتنبوه، قلت إن الناس غير تاركيه: قال فأن لم يتركوه فاقتلوهم (4) (عن جابر بن عبد الله) (5) أن رجل قدم من جيشان وجيشان من اليمن فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عن شراء يشربونه يصنع بأيديهم من الذرة يقال له المزر (6) فقال النبي صلى الله عليه وسلم أمسكر هو؟ قال نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل مسكر حرام وإن على الله عز وجل عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال (7) فقالوا يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال عرق أهل النار أو عصارة أهل النار (عن شراحيل بن بكيل) (8) قال قلت لابن عمر إن لي أرحاما بمصر يتخذون من هذه الأعناب، قال وفعل ذلك أحد من المسلمين؟ قلت نعم، قال لا تكونوا بمنزلة اليهود: حرمت عليهم الشحوم فباعوها وأكلوا أثمانها، قال قلت ما تقول في رجل أخذ عنقودًا فعصره فشربه؟ قال لا بأس، فلما نزلت قال ما حل شربه حل بيعه (أبواب ما جاء في قبح الخمر ومفاسدها ولعن شاربها وحرمانه من خمر الآخرة وغير ذلك).

_ ويدخل في معناه كل وتر ومز هر ونحو ذلك من الملاهى والغناء اه (1) القنين بالكسر والتشديد لعبة للروم يقامرون بها وقيل هو الطنبور (بضم الطاء المهملة) بالحبشة والتقنين الضرب بها (نة) (2) تقدم تفسيرها فى الحديث السابق وسميت الغبيراء لما فيها من الغبرة (وقولة فانها ثلث خمر العالم) اى فانها مقدار ثلث المر التى يستعملها العالم وقيل اراد انها معظم خمر العالم وكلها سواء فى التحريم (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفية عبيد اللة بن زحر وثقة ابو زرعة والنسائى وضعفة الجمهور (3) سندة حدثنا محمد بن عبيد ثنا محمد بن اسحاق عن يزيد بن ابى حبيب عن مر ثد بن عبد اللة اليزنى عن ديلم الحميرى الخ (غريبة) (4) اى اذا استحلوا شربة بعد علمهم بتحريمة (تخريجة) (د) وفى اسنادة محمد بن اسحاق ثقة ولكنة مدلس وقد عنعن (5) (سندة) حدثنا قتيبة ثنا عبد العزيز بن محمد عن عمارة بن غزية عن ابى الزبير عن جابر بن عبد اللة الخ (غريبة) (6) بكسر الميم بعدها زاى ساكنة ثم راء (7) يعنى يوم القيامة والبال بفتح الخاء المعجمة وتفيف الموحدة فى الاصل الفساد وهو يكون فى الافعال والابدان والعقول والخبل بالتسكين الفساد (وعصارة اهل النار) بضم العين النهملة ما يسيل منهم الدم والصديد (تخريجة) (م د نس) (8) (سندة) حدثنا هشم بن خارجة قال ثنا طاف الاسكندرانى عن ابن شراحبيل بن بكيل عن ابية شراحبيل الخ (قلت) بكبل بوزن عظيم وابن شرحبيل جاء فى المسند مبهما لم يسم قال الحافظ فى تعجيل المنفعة شراحبيل بن بكيل الولانى من بنى رافع يكنى ابا المغيرة روى عن ابن عمر روى عنة ابنة المغيرة وجعفر بن ربيعة وقرة بن عبد الرحمن ويزيد بن ابى حبيب واللبث بن سعد ذكرة بن حبان فىلثقات قال والذى فى تاريخ البخارى ان الليث روى الحديث عن بن يزيد بن ابى حبيب ولفظة عندة انة سال ابن عمر عن بيع العصير وقد اسنده ابن يونس

-[مفاسد الخمر وقصة حمزة بن عبد المطلب مع علي رضي الله عنهما]- (باب مفاسد الخمر وقصة حمزة مع ناقتي على قبل تحريم الخمر) (1) (حدثنا عبد الرازق) (2) أنبأنا ابن جريج حدثني ابن شهاب عن علي بن حسين بن علي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال على أصبت شارفا (3) مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في المغنم يوم بدر وأعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم شارفا أخرى فأنختهما يوما عند باب رجل من الأنصار وأنا أريد أن أحمل عليهما إذ خرا (4) لأبيعه ومعي صائغ من بني فينقاع (4) لأستعين به علي وليمة فاطمة، وحمزة ابن عبد المطلب يشرب في ذلك البيت فثار إليهما حمزة بالسيف فجب (6) أسنمتهما وبقر خواصرهما (7) ثم ثم أخذ من أكبادهما: قلت لابن شهاب ومن السنام (8) قال جب أسنمتهما فذهب بها، قال فنظرت إلى منظر أفظعني فأتيت به نبي الله صلى الله عليه وسلم وعنده زيد بن حارثة فأخبرته الخبر فخرج ومعه زيد فانطلق معه فدخل على حمزة فتغيظ (9) عليه فرجع حمزة بصره فقال هل أنتم إلا عبيد لأبي (10)

_ من طريق خالد بن حميد عن المغيرة بن شراحبيل بن بكيل الولانى عن ابية انة اخبرة انة خرج فى البعث الذى من مصر الى ابن الزبير فلقى ابن عمر فقال يا ابا عبد الرحمن فذكر العصير قال اذا اخذت العنب فجعلتة فى قصعة وعصرتة فاشربة اه (تخريجة) اوردة الهيثمى متصرا وقال رواه احمد فى حديث طويل وفية ابن بكيل وطياف ولم اعرفهما ويقية رجالة ثقات (هذا) وفى احاديث الباب دلالة على تحريم كل شراب مسكرو انة يسمى خمر لانة امرا العقل اى سترة سواء كان من عصير العنب او نبيذ التمر والرطب والبسر والزبيب والشعير والذرة والعسل وغير ذلك؛: انظر القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 435 فى الجزء الثانى (باب) (1) (تنبية) ليس ما ذكرتة فى هذة الابواب كل ما جاء فى مسند الامام احمد بسأن الخمر فقد تقدم شئ من ذلك فى باب ما جاء من بيع الخمر الخ من كتاب البيوع والكسب فى الجزء الخامس عشر صحيفة 26 وتقدم ايضا فى ابواب التحريم الخمر وحد شاربها من كتاب الحدود فى الجزء السادس عسر صحيفة 116 وسياتى شئ من ذلك ايضا فى كتاب فضائل اقران وتفسيرة عند قولة تعالى (يسألونك عن الخمر والميسر) الخ من سورة البقرة وقولة تعالى (يا ايها الذين امنوا انما الخمر والميسر الاية) من سورة المائدة (2) حدثنا عبد الرزاق الخ) (غريبة) (3) هى بااشين المعجمة وبافاء وهة الناقة المسنة وجمعها شرف بضم المعجمة والراء واسكانها (4) الاذخر بكسر الهمزة والخاء المعجمة بينهما ذال معجمة ساكنة نبت طيب الرائحة عريض الاوراق يكثر بأرض الحجاز يستعملة الحدادون والصواغون يحرقونة بدل الفحم ويتخذ وقودا فى البيوت وسقفا لها بجعل فوق الخشب ويستعمل تيضا فى القبور يسد بة فرج اللحد التللة بين اللبنات (5) بفتح اولة وسكون ثانية وبضم النون وكسرها وفتحها وهم طائفة من اليهود بالمدينة وكان رضى اللة عنة يريد بيع الاذر لذلك الصائغ اليهودى ليستعين بة على وليمة فاطمة رضى اللة عنها (6) بفتح الجيم وتشديد الموححدة اى قطع (7) اى شق بطونها (8) معناه ان ابن جريج سال ابن شهاب فقال وقطع من السنام فقال ابن شهاب جب اسنمتها يعنى قطعها كلها فذهب بها (9) اى احتد النبى صلى اللة علية وسلم علىحمزة ولامة على ذلك الفعل (وقولة فرجع حمزة بصرة) بتشديد الجيم اى كرر النظر الى رسول اللة صلى اللة علية وسلم مرة بعد مرة وجاء عند مسلم (فرفع حمزة بصرة) (10) انما قال ذلك حمزة من نشوة السكر ولا لوم عليه

-[لعن الخمر وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمول إليه إلخ]- فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقهقر (1) حتى خرج عنهم وذلك قبل تحريم الخمر (باب ما جاء في لعن الخمر وشاربها وحرمانه من خمر الآخرة إلا أن يتوب) (عن عبد الله ابن عمر) (2) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المربد (3) فخرجت معه فكنت عن يمينه، وأقبل أبو بكر فتأخرت له فكان عن يمينه (4) وكنت عن يساره ثم أقبل عمر فتنحيت له فكان عن يساره فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم المربد فإذا بأزقاق (5) على المربد فيها خمر قال ابن عمر فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدية قال وما عرفت المدية (6) إلا يومئذ فأمر بالزقاق فشقت (7) ثم قال لعنت الخمر (8) وشاربها وساقيها وبائعها ومبتاعها وحاملها والمحمولة إليه وعاصرها (9) ومعتصرها وآكل ثمنها (10) (وعنه أيضًا) (11) عن النبي صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر في الدنيا ولم يتب منها حرمها في الآخرة

_ في ذلك ولا سيما وقد كان هذا قبل تحريم الخمر (1) قال النووى قال الجمهور اهل اللغة وغيرهم القهقرى الرجوع الى وراء ووجهة اليك اذا ذهب عنك قال وانما رجع القهقرى وفا من ان يبدو من حمزة رضى اللة عنة امر يكرهة لو ولاة ظهرة لكونة مغلوبا بالسكر (تخريجة) (م وغيرة) (باب) (2) سندة حدثناحسن ثنا ابن لهيعة لا اعرف ايش اسمة قال سمعت عبد اللة بن عمر يقول خرج رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (قلت) قال الحافظ فى التقريب ابو طعمة بضم اولة وسكون المهملة شامى سكن مصر وكان مولى عمر بن عبد العزيز يقال اسمة هلال مقبول اه باتصار وقال ابن عمار الموصلى ابو طعمة ثقة (غريبة) (3) المربد بوزن منبر الموضع الذى يجعل فية التمر لينشف كالبيدر للحنطة (4) هذا من حسن ادب ابن عمر وفية احترام الكبير فى السن وان يكون على يمين اشرف القوم وافضلهم وكذلك يقال فى تنحية عن اليسار لابية رضى اللة عنهم اجمعين (5) جمع قلة للزوق: والزق السقاء من الجلد وتقدم تفسيرة غير مرة وجمع الكثرة زقاق بكسر الزاى وزقاق بضمها مثل ذئاب وذوبان (6) المدية بضم الميم وسكون المهملة هى شفرة والسكين وما كان ابن عمر يعرف ان الشفره او السكين يقال لها المدية الايومئذ (7) يعنى وصب ما فيها الى الارض (8) اى لعنها اللة لذاتها ولعن كل شئ على حسبة فلعن الخمر هو تحريم تناولها واحتقارها والحكم عند الجمهور بنجاستها (ولعن شاربها وما عطف علية) معناه الطرد والبعد من مظان الرحمة ومواطنها (9) اى سواء عصرها لنفسة او لغيرة لتكون مرا (ومعتصرا) اى لنفسة نحو كال واكتال قال فى الصحاح اعتصرت عصيرا اتخذتة (10) اى ولعن اللة اكل ثمنها بالمد اى متناولة باى وجة كان وخص الاكل لانة اغلب وجوة الانتفاع (قال الطيى) ومن باع العنب من العاصر فاذ ثمنة فهو احق باللعن قال واطنب فية ليستوعب مزاولها زوالة باى وجة كان اه وفى هذا الحديث الزجر والتنفير من ارتكاب المحرم والنسبب فية والاعانة علية باى نوع كان وان من فعل ذلك كان شريكا لمرتكبة فى الاثم (تخريجة) اخرج المرفوع منة (د جة ك) وصححة الحاكم والحافظ السيوطى وفى اسنادة عند الامام احمد ابن لهيعة فى كلام اذا عنعن ولكنة صرح هنا بالحديث فحديثة حسن وتقدم نحوة للامام احمد عن ابن عباس فى الباب الاول تحريم الخمر وحد شاربة فى كتاب الحدود فى الجزء 16 صحيفة 116 رقم 299 وسندة صحيح وروى نحوة ابن ماجة عن انس قال المنذرى ورواتة ثقات (11) (سندة) حدثنا يحيى عن مالك ثنا نا فع عن ابن عمر عن النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبه)

-[وعيد شارب الخمر وحرمانه من خمر الآخرة]- لم يسقها (1) (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة منان (3) ولا مدمن خمر (عن أبي موسى) (4) يعني الأِشعري) أن النبي صلى الله عليه وسلم آله وصحبه وسلم قال ثلاثة لا يدخلون الجنة (5) مدمن خمر وقاطع رحم ومصدق بالسحر، ومن مات مدمنها للخمر سقاه الله عز وجل من نهر الغوطة (6) قيل وما نهر الغوطة؟ قال نهر يجري من فروج المومسات

_ (1) قيل معناه حرمانة من دخول الجنة ان لم يعف عنة اذا ليس هناك الا جنة ونار والخمر من شراب الجنة فاذا لم يشربها فى الاخرة لا يدخلها (وقيل) المراد جزاؤة ان يحرم شربها فى الاخرة عقوبة لة ان دلها وهو الراجح واللة اعلم (تخريجة) (ق نس جة طل) (2) (سندة) حدثنا يزيد ثنا همام عن منصور عن بن ابى الجعد عن جابان عن عبد اللة بن عمرو الخ (غريبة) (3) المراد بالمنان هو الذى لا يعطى شيئا الا منة واعتد بة على من عطاة وهو مذعوم لان المنة تفسد الصنيعة (ومذ من خمر) المدمن بوزن مجرم هو الذى يعاقر شربها ويلازمة ولا ينفك عنة وهذا تغليظ فى امرها وتحريمها (تخريجة) (نس) بزيادة اللعاق (يعنى لوالدية) واخرجة الدارمى وابو داود الطيالسى بزيادة العاق والزانى وهذا الحديث من الاحاديث التى اوردها ابن الجوزى فى الموضوعات وذب عنها الحافظ ابن حجر العسقلانى فى كتابة القول المسدد فى الذب عن المسند للامام احمد (قال الحافظ رحمة اللة) بعد ان ذكر الحديث بسندة ومتنة قال ورواه ايضا غندر وحجاج عن شيبة عن منصور عن سالم عن نبيط بن شريط عن جابان بة ورواه النسائى من طريق شعبة كذلك ومن طريق جرير والثورى كلاهما عن منصور كرواية همام (يعنى كرواة همام فى حديث الباب) وقال لا نعلم احا تابع شعبة على نبيط بن شريط وذكر الدارقطنى الاختلاف فية فى كتاب العلل على مجاهد وقال البخارى فى التاريخ لا يعرف لجابان سماع من عبد اللة ابن عمرو ولا لسالم من جابان اه واوردة ابن الجوزى فى الموضوعات من طريق سفيان الثورى تارة كرواية النسائى وتارة من روايتة عن عبد الكريم عن مجاهد عن عبد اللة بم مرة عن جابان واعلة بما اشار الية الدارقطنى من الاضطراب وليس فى شئ من ذلك ما يقتضى الحكم بالوضع واللة اعلم انتهى ما ذكرة الحافظ فى القول المسدد (قلت) قول البارى (لا يعرف لجابان سماع من عبد اللة بن عمرو ولا لسالم من جابان) تعقبة المزى بقولة هذة الطريقة قد سلكها البارى فى مواضيع كثيرة وعلل بها كثيرا الاحاديث الصحيحة وليس هذة علة قادحة وقد احسن مسلم فى الرد على من ذهب هذا المذهب فى مقدمة متابة كذا فى التهذيب وفية ايضا ذكرة ابن حبان فى الثقات (يعنى جابان) واخرج حديثة فى صحيحة اه (قلت) وعلى هذا فالحديث صحيح وان لم يعرف نسب جابان ولكنة تابعى ثقة واللةة اعلم (4) (سندة) حدثنا على بن عبد اللة ثنا المعتمر بن سليمان قال قرات على الفضيل بن ميسرة عن ابى جرير ان ابا بردة حدثة عن حديث ابى موسى (يعنى الاشعرى) ان النبى صلى اللة عليةو سلم الخ (غريبة) (5) اى مع السابقين الاولين او من غير سبق عذاب (مدمن خمر) اى الملازم لشربها (وقاطع رحم) اى قرابة اى لا يصل اقاربة ولا يعطف عليهم (ومصدق سحر) قال الذهبى فى الكبائر ويدخل فية تعليم السيمياء وعملها وهى محض السحر وعقد المرء عن زوجتة ومحبة الزوج لامراتة وبغضها واشباة ذلك بكلمات مجهولة (6) بضم المعجمة فسر فى الحديث بأنه نهر

-[تغليظ في شرب الخمر ووعيد شاربه وعدم قبول صلاته]- يؤذي أهل النار ريح فروجهن (1) (باب ما جاء في وعيد شارب الخمر نعوذ بالله من ذلك)، (عن عبد الله بن الديلي) (2) قال دخلت على عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما وهو في حائط (3) له بالطائف يقال له والوهط (4) وهو مخاصر فتى من قريش يزن (5) بشرب الخمر فقلت بلغني عنك حديث أن من شرب شربة خمر لم يقبل الله له توبة أربعين صباحاً، وأن الشقي من شقي في بطن أمه، وأنه من أتى بيت المقدس لا ينهزه (6) إلا الصلاة فيه خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه، فلما سمع الفتح ذكر الخمر اجتذب يده من يده ثم انطلق: ثم قال عبد الله بن عمرو إني لا أحل لأحد أن يقول على ما لم أقل (7) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم يقول من شرب من الخمر شربة (8) لم تقبل له صلاة أربعين صباحا (9) فإن تابا تاب الله عليه، فإن عادل لم تقبل له صلاة أربعين صباحا، فان تاب تاب الله عليه، فإن عاد قال فلا أدري في الثالثة أو في الرابعة (10) فإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من ردغة (11) الخبال يوم القيامة (12)

_ يجري من فروج الموسمات اى نهر فى جهنم يجرى فية القيح والصديد السائل من فروج المومسات اى الزانيات (1) اى ريح نتنا وفى هذا من التهديد والوعيد ما يحمل من لة ادنى عقل عن الاحجام عن شرب الخمر والزنا وفية ان الثلاثة من الكبائر نعوذ باللة من ذلك (تخريجة) (عل حب طب ك) وصححة الحاكم واقره الذهبى واوردة الهيثمى وقال رجال احمد وابى يعلى ثقات (باب) (2) (سندة) حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا ابراهيم بن محمد ابو اسحاق الفزارى حدثنا الاوزاعى حدثنى ربيعة بن يزيد عن عبد اللة بن الديلمى الخ (3) تقدم غير مرة ان الحائط هو البستان من النخيل اذا كان علية حائط وهو الجدار (4) بفتح الواو وسكون الهاء اخرة طاء مهملة قال فىلنهاية هومال كان لعمرو بن العاص بالطائف وقييل الوعظ قرية بالطائف كان الكرم المذكور بها اه (قلت) تقدم فى باب جامع الشهداء وانواعه من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر ص 25 رقم 116 ان معاوية اراد ياذ ارضا لعبد اللة بن عمرو يقال لها الوهط فعزم عبد اللة بن عمرو على قتالة وهو يئيد ما هنا (5) بضم اولة وفتح الزاى ثم النون مشددة اى يتهم بشرب الخمر يقال زنئة بكذا وازنة اذا اتهمة بة وظنة فية (نة) (6) هو بفتح الهاء والنهز الدفع يقال نهزت الرجل انهزة اذا دفعتة (7) اى لا اجيز لاحد ان يقول على ما لم اقل يريد ان ما بلغ عبد اللة بن الدايلى فية اتصار وحذف بعض الفاظ ثم اخذ يذكر ما سمعة من سمعة من النبى صلى اللة علية وسلم فى هذة الامور على حقيقتة وقال: سمعت رسول اللة صلى اللة علية وسلم يقول من شرب من الخمر الخ (8) زاد فى الحديث التالى (فكسر) فيدخل فية جميع الانبذة المسكرة لان كلها تسمى خمرا ويخرج منها ما لم يسكر (9) معناه لم يكن لة ثواب وان سقط عنة القضاء قال النووى ان لكل طاعة اعتبارين احدهما: سقوط القضضاء عن المودى وثانيها: ترتيب حصول الثواب فعبر عن عدم ترتيب الثواب بعدم قبول الصلاه اه قال العلماء انما خص الصلاة بالذكر لانها افضل عبادات البدن فاذا لم تقبل فغيرها من العبادات اولى بعدم القيول (10) اىفان رجع الى شرب الخمر الرجعة الثالثة او الرابعة (يشك الراوى) اى ولم ينب ومات على ذلك كان حقا على اللة الخ (11) بفتح الراء وسكون المهملة ثم غين معجمة فسر فى بعض الروايا بانة نهر من صديد اهل النار والمعنى انة صديد اهل النار لكثرتة يصير جاريا كالانهار (12) جاء فى المسند بعد قولة يوم القيامة حديثان متصلان بهذا الحديث

-[التغليظ في شرب الخمر ووعيد شاربه وأنه يشرب من صديد أهل النار]- (عن عبد الله بن عمرو) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من شرب الخمر فسكر لم تقبل صلاته أربعين ليلة، فإن شربها فسكر لم تقبل صلاته أربعين ليلة، والثالثة والرابعة فإن شربها لم تقبل صلاته أربعين ليلة، فإن تاب لم يتب الله عليه (2) وكان حقا على الله أن يسقيه من عين خبال، قيل وما عين خبال؟ قال صديد أهل النار (عن أبي ذر) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من شرب الخمر لم يقبل له صلاة أربعين ليلة، فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد كان مثل ذلك، فما أدري أفي الثالثة أم في الرابعة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن عاد كان حتما (4) على الله عز وجل أن يسقيه من طينة الخبال: قالوا يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال عصارة أهل النار (عن ابن عمر) (5) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من شرب الخمر لم تقبل صلاته أربعين ليلة، فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد كان حقا على الله تعالى أن

_ وبسنده المذكور احدهما ان اللة عز وجل خلق خلقة فى ظلمة الخ وتقدم فى الجزء الاول فى باب الاول من كتاب القدر صحيفة 122 رقم 2 (والثانى) اسئلة سليمان علية السلام وسياتى مستقلا فى باب ذكر نهى اللة سليمانمن كتاب احاديث الانبياء واليك ما جاء فى المسند بعد قولة من ردغة البال يوم القيامة (قال) وسمعت رسول اللة صلى اللة علية وسلم يقول ان اللة عز وجل لق خلقة فى ظلمة ثم القى عليهم من نورة ويومئذ فمن اصابة من نورة يومئذ اهتدى ومن اخطأ ضل: فلذلك اقول جف القلم على علم اللة عز وجل و (سمعت) رسول اللة صلى اللة علية وسلم يقول ان سليمان بن داود علية السلام سال اللة ثلاثا فأعطاه اتنتين ونحن نرجو ان ان تكون الثالثة فسألة حكما يصانف حكمة فأعطاه اللة اياه وسألة ملكا لا ينبغى لاحد من بعدة فأعكاه اياه وسالة ايما رجل خرج من بيتة لا يريد الا الصلاة فى هذا المسجد خرج من خطيئتة مثل يوم ولدتة امة فنحن نرجو ان يكون اللة عز وجل قد اعطاه اياه (تخريجة) (ك) بطولة وقال هذا حديث صحيح قد تدوالة الائمة وقد احتجا بجميع رواتة ولم يخرجاه زلا اعلم لة علة اه) قلت) واقره الذهبى واخرج الحديث الاول منة فى الوعيد على شرب الخمر (جب جة) واخرج الحديث الثانى منة (بز هق جة) واشار الية الترمذى واخرج الحديث الثالث منة (حب نس) وسند الجميع جيد واللة اعلم (1) (سندة) حدثنا بهز حدثنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن نافع بن عاصم عن عبد اللة بن عمرو الخ (غريبة) (2) هذا مبالغة فى الزجر والوعيد الشديد والا فقد ورد (ما اصر من استغفر وان عاد فى اليوم سبعين مرة) رواه ابو داود والترمذى عن ابى بكر الصديق رضى اللة عنة (تخريجة) (حب ك) وصححة واوردة الهيثمى وقال رواه (حم بز) ورجال احمد رجال الصحيح خلا نافع بن عاصم وهو ثقة : قال ورواه النسائى خلا قولة (فان تاب لم يتب اللة علية) (3) (سندة) حدثنا مكى بن ابارهيم ثنا عبيد اللة بن زياد عن شهرين حوشب عن ابن عم لابى ذر عن ابى ذر الخ (غريبه) (4) جاء فى رواية الطبرانى (كان حقا على اللة) بدل حتما ومعناهما واحد وهو تحقيق الوعيد وان اللة تعالى اوجب ذلك على نفسة كقولة تعالى (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) (تخريجة) (بز طب) وفى اسنادة رجل لم يسم وتؤيدة الاحاديث التى جاءت فى الباب بمعناه (5) (سندة) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن عطاء بن السائب عن عبد اللة بن عبيد بن عمير عن ابن عمر الخ (تخريجة) (مذ نس ك طل) وأورده المنذري

-[التشديد في عدم مجالسة من يشرب الخمر وإلا كان مثله]- يسقيه من نهر الخبال قيل وما نهر الخبال؟ قال صديد أهل النار (عن أسماء بنت يزيد) (1) أنها سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من شرب الخمر لم يرض الله عنه أربعين ليلة، فإن مات مات كافراً (2) وأن تاب تاب الله عليه، وإن عاد كان حقا على الله أن يسقيه من طينة الخبال، قال قلت يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال صديد أهل النار (عن عمر بن الخطاب) (3) قال يا أيها الناس إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان يؤمن بالله (4) واليوم الآخر فلا يقعدن على مائدة يدار عليها الخمر (5) ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يدخل الحمام إلا بإزار، ومن كانت تؤمن بالله واليوم الآخر فلا تدخل الحمام (6) (عن جابر بن عبد الله) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يقعد على مائدة يشرب عليها الخمر (عن ابن عباس) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم مدمن الخمر إن مات لقى الله كعابد وثن (9)

_ وقال رواه الترمذي وحسنة الحاكم وقال صحيح الاسناد رواه النسائى موقوفا علية متصرا ولفظة (من شرب الخمر فلم ينتش لم تقبل لة صلاه ما دام فى جوفة او عروقة منها شئ وان مات مات كافرا وان انتشى لم تقبل لة صلاة اربعين يوما وان مات مات كافرا اه (قلت) قولة مات كافرا اى ان استحل شربها واللة اعلم (1) (سندة) حدثنا داود بن مهران الباغ ثنا داود يعنى العطار عن ابن خثم عن شهر بن حوشب عن اسماء بن يزيد الخ (غريبة) (2) يعنى ان استتحل ذلك (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفية شهر بن حوشب وقد حسن حديثة وبقية رجال احمد ثقات اه (قلت) واوردة ايضا المنذرى وقال رواه احمد باسناد حسن (3) (سندة) حدثنا هارون ثنا ابن وهب جدثنى عمرو بن الحارث ان عمرو بن السائب حدثة ان القاسم بن ابى القاسم السبئى حدثة عن قاص الاجناد بالقسطنطينية انة سمع يحدث ان عمر بن الطاب قال يا ايها الناس الخ (غريبة) (4) اى يصدق بوجود اللة عز وجل تصديقا كاملا منجيا من عذابة المتوقف على امتثال الاوامر واجتناب النواهى (واليوم الار) هو من اخر ايام الحياه الدنيا الى اخر ما يقع يوم القيامة (5 اى وان لم يشرب معهم لانة تقرير على المنكر وتقرير المنكر منكر يعاقب علية فاعلة (6) تقدم الكلام علية فى باب حكم دول الحمام من ابواب الغسل من الجنابة فى الجزء التانى صحيفة 148 رقم 490 (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام من حديث عمر وفى اسنادة رجل لم يسم وهو قاص الاجناد (7) (عن جابر بن عبد اللة الخ) هذا طرف من حديث تقدم بتمامة وسندة وتخريجة فى باب حكم دخول الحمام المشار الية فى شرح الحديث السابق (8) (سندة) حدثنا اسود ابن عامر ثنا الحسن يعنى ابن صالح عن محمد بن المنكدر قال حدثت عن ابن عباس الخ (غريبة) (9) اى ان استحل ذلك فهو كقولة فى حديث اسماء بنت يزيد المتقدم قبل حديثين (فان مات مات كافرا) قال حدثت عن ابن عباس وفى اسنادة الطبرانى يزيد بن فاختة ولم اعرفة وبقية رجالة ثقات اه (قلت) فالحديث ضعيف لجهالة من حدث عنة ابن المنكدر لكن لة شاهدمن حديث ابى هريرة عند ابن ماجة ولفظة قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم (مدمن الخمر كعابد وثن) ورجال اسنادة ثقات إلا محمد بن

-[من شرب الخمر في الدنيا حرم الله عليه شربها في الآخر وما جاء في تخليل الخمر]- (عن عبد الله بن عمرو) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من مات من أمتي وهو يشرب الخمر حرم الله عليه شربها في الجنة، ومن مات من أمتي وهو يتحلى الذهب حرم الله عليه لباسه في الجنة (باب ما جاء في أراقة الخمر وكسر أوانيه والنهي عن تخليله) (عن جابر بن عبد الله) (2) قال لما كان يوم فتح مكة أهراق (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم الخمر وكسر جراره ونهى عن بيعه وبيع الأصنام (عن أنس بن مالك) (4) أن أبا طلحة سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن أيتام ورثوا خمرا فقال أهرقها (5) قال أفلا نجعلها خلا؟ قال لا (وعنه من طريق ثان) (6) قال كان في حجر أبي طلحة يتامى فابتاع لهم خمرا. فلما حرمت الخمر أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصنعه خلا؟ قال لا، قال فاهراقه

_ سليمان فصدوق وتكلم فية بعضهم (1) (سندة) حدثنا يزيد بن هارون انا الجريرى عن ميمون بن استاذ عن الصدفى عن عبد اللة بن عمرو الخ (تريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم بز طب) ورجالة ثقات اه (قلت) لكن جاء فى المسند قال عبد اللة (يعنى ابن الامام احمد) ضرب ابى على هذا الحديث فظننت انة ضررب علية لانة خطا وانما هو ميمون بن استاذ (بفتح الهمزة وسكون المهملة) عن عبد اللة ابن عمرو وليس فية عن الصدفى ويقال ان ميمون بن استاذ (بفتح الهمزة وسكون المهملة) عن عبد اللة ابن عمرو وليس فية الصدفى ويقال ان ميمون هذا هو الصدفى لان سماع يزيد بن هارون من الجريرى ار عمرة واللةة اعلم اه (قلت) معنى هذا ان ميمون بن استاذ روى هذا الحديث عن عبد اللة بن عمرو مباشر بغير واسطة ويويد ذلك ان كل من ترجم لميمون من مولفى كتب الرجال نص على انة يروى عن عبد اللة بن عمرو بن العاص ولم يذكر اسم الصدفى عندهم برواية عن عبد اللة بن عمرو فالظاهر ان الصدفى هذا ... مقحم فى السند ولهذا ضرب الامام احمد على هذا الحديث لكن الحديث مستقيم بدونة ورواتة كلهم ثقات معرفون فتوثيق الهيثمى لرجالة بهذا الاعتبار واللة اعلم (باب (2) (سندة) حدثنا يحيى ابن اسحاق انا ابن لهيعة عن جعفر بن ربيعة عن عطاء عن جابر بن عبد اللة الخ (غريبة) (3) بفتح الهمزة وسكون الهاء اى صبها على الارض (تخريجة) لم اقف علية بهذا اللفظ لغير الامام احد وفى اسنادة ابن لهيعة فية كلام اذا عنعن وتقدم الحديث باطول من هذا باسناد صحيح ليس فية ابن لهيعة ارجة (ق. والاربعة) وتقدم الكلام على شرحة فى اول باب ما جاء فى رببيع الخمر والنجاسة مالا ينفع فية من كتاب البيوع والكسب فى الجزء الخامس عشر صحيفة 26 رقم 76 فارجع الية (4) (سندة) حدثنا وكيع ثنا سفيان السدى عن ابى هبيرة عن انس بن مالك الخ (غريبة) (5) بسكون القاف زكسر الراء (6) سندة حدثنا اسود بن عامر وحسين قالا ثنا اسرائيل قال حسين عن السدى وقال اسود ثنا السدى عن يحيى بن عباد ابى هبيرة عن انس ابن مالك قال كان فى حجر ابى طلحة الخ (تخريجة) (م د مذ قط) وفى هذا الحديث دلالة للجمهور على انة لا يجوز تخليل الخمر ولا تطهر بالتخليل هذا اذا خللها بوضع شئ فيها اما اذا كان التخليل بالنقل من الشمس الى الظل او نحو ذلك فاصح وجة عن الشافعية انها تحل وتطهر وقال الاوزاعى وابو حنيفة تطهر اذا خللت بالقاء شئ فيها وعن مالك ثلاث روايات اصحها ان التخليل حرام فلو خللها عصى وطهرت قال القرطبى كيف يصح لابى حنيفة القول بالتخليل مع هذا الحديث ومع سببة الذى خرج علية اذ لو كان جائزا قد ضيع على الايتام مالهم ولو جب الضمان على من اراقها وهو ابو طلحة اه (وفية ايضا) دلالة على ان الحمر لا تملك بل يجب اراقتها في الحال

-[ما جاء في إراقة الخمر وكسر أوانيه وإن كانت ليئيم]- (عن عبد الله بن عمر) (1) قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آتيه بمدية وهي الشفرة فأتيته بها فأرسل بها فأرهفت (2) ثم أعطانيها وقال أغد على بها ففعلت، فخرج بأصحابه إلى أسواق المدينة وفيها زقاق خمر (3) قد جلبت من الشام فأخذ المدية مني فشق ما كان من تلك الزقاق بحضرته (4) ثم أعطانيها وأمر أصحابه الذين كانوا معه أن يمضوا معي وان يعاونوني، وأمرني أن آتي الأسواق كلها فلا أجد فيها زق خمر إلا شققته ففعلت، فلم أترك في أسواقها زقا إلا شققته (وعنه أيضا) (5) قال لما حرمت الخمر قال أني يومئذ لأسقيهم (6) لأسقي أحد عشر رجلا فأمروني فكفأتها وكفأ الناس آنيتهم بما فيها حتى كدت السكك (7) أن تمنع من ريحها، قال أنس وما خمرهم يومئذ إلا البسر والتمر مخلوطين (8) قال فجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال إنه كان عندي مال يتيم فاشتريت به خمرا فتأذن لي أن أبيعه فأرد على اليتيم ماله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم قاتل الله اليهود، حرمت عليهم الئروب (9) فباعوها وأكلوا أثمانها، ولم يأذن لهم النبي صلى الله عليه وسلم في بيع الخمر (عن أبي سعيد) (10) قال قلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لما حرمت الخمر أن عندنا خمرا ليتيم لنا فأمرنا فأهرقناها (عن أنس) (11) قال

_ ولا يجوز لأحد الانتفاع بها الا باراقة من الاجر والثواب واللة اعلم (1 (سندة) حدثنا الحكم ابن نافع ثنا ابو بكر يعنى ابن ابى مريم عن ضمرة بن حبيب قال قال عبد اللة بن عمر امرنى رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (2) اى سنت (3) جمع زق بكسر الزاى وهو السقاء من الجلد (4) اى من كان موجودا او حاضرا من تلك الزقاق (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد وفى سندة ابو بكر بن ابى مريم ضعيف لكن يعضدة ما تقدم بمعناه من حديث ابن عمر ايضا فى باب ما جاء فى لعن شارب المر الخ قبل باب وسندة صحيح ولذلك قال الهيثمى بعد ذكر حديث الباب (وفى رواية عن ابن عمر) فذكر الحديث المتقدم الذى اشرنا الية فى باب لعن شارب المر (ثم قال) رواه كلة احمد باسنادين فى احدهما (يعنى فى حديث الباب) ابو بكر بن ابى مريم وقد اختلط (وفى الاخر) يعنى فى الحديث المتقدم الذى اشرنا الية ابو طعمة وقد وتقة محمد بن عبد اللة بن عمار الموصلى وضعفة مكحول وبقية رجالة ثقات (5) (سندة) حدثنا عبد الرزاق قال انا معمر عن ثابت وقتادة عن انس قال لما حرمت الخمر الخ (غريةب) (6) لم يصرح فى هذة الرواية باسم من كان يسقسهم وسياتى التصريح بذلك فى حديثة الاتى بعد حديث (7) يعنى طرق (8) فية تصريح بتحريم جميع الانبذة المسكرة وانها كلها تسمى مرا وسواء فى ذلك نبيذ البسر والتمر والزبيب والشعير والذرة والعسل وغيرها (9) هى الشحم الرقيق الذى يحيط بالكرش (بفتح الكاف وكسر الراء) والامعاء الواحد ثرب (بفتح المثلثة وسكون الراء) وفية ان ما حرم اكلة وشربة حرم بيعة ولو كان بيع الخمر جائزا لكان مال اليتيم اولى الاموال بةة لما يجب من حفظة وتثميرة والحيطة علية (تخريجة) (ق. وغيرهما) بالفاظ مختلفة والمعنى واحد (10) (سندة) حدثنا يحيى عن مجالد حدثنى ابو الوداك عن ابى سعيد (يعنى الخدرى) الخ (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد وفى اسنادة مجالد بن سعيد ضعفة ابن معين وقال النسائى ثقة وقال فى موضع اخر ليس بالقوى (قلت) يويدة ما قبلة (1) (سندة) حدثنا يحيى ثنا حميد عن انس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبه)

كتاب الصيد والذبائح

-[تحريم التداوي بالخمر وبيان أنها ليست بدواء]- كنت أسقي أبا عبيدة بن الجراح وأبي بن كعب وسهيل بن بيضاء ونفرا من أصحابه (1) عند أبي طلحة وأنا أسقيهم حتى كاد الشراب أن يأخذ فيهم فأتى آت من المسلمين فقال أو ما شعرتم أن الخمر قد حرمت؟ فما قالوا حتى ننظر ونسأل (2) فقالوا يا أنس ألف ما بقى في إنائك، قال فوالله ما عادوا فيها وما هي إلا التمر البسر وهي خمرهم (يومئذ (باب تحريم التداوى بالخمر وبيان أنها ليست بدواء) (عن طارق بن سويد الحضرمي) (3) أنه قال قلت يا رسول الله إن بأرضنا أعنابا نعتصرها فنشرب منها (4) قال لا، فعاودته فقال لا، فقلت إنا نستشفي بها للمريض، فقال إن ذاك ليس شفاءاً ولكنه داء (5) (وعن علقمة بن وائل) (6) الحضرمي عن أبيه أن رجلا يقال له سويد ابن طارق (7) سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الخمر فنهاه عنها فقال أني أصنعها للدواء، فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إنها داء وليست بدواء (48) (كتاب الصيد والذبائح) (أبواب الصيد) (باب ما جاء في صيد الكلب المعلم والبازي ونحوهما) (عن عبد الله بن عمرو) (8)

_ (1) جاء عند مسلم فى رواية عن انس ايضا قال كنت اسقى ابا طلحة وابا دجابة ومعاذ بن جبل فى رهط من الانصار (2) قال النووى فية العمل بخير الواحد وان هذا كان معروفا عندهم (تخريجة) (ق. وغيرهم) (باب) (3) (سندة) حدثنا بهز وابو كامل قالا ثنا حماد بن سلمة ثنا سماك عن علقمة بن وائل عن ابية وائل بن حجر الحضرمى عن طريق بن سويد الحضرمى ال (قلت) جاء عند مسلم (الحعفى) بدل الحضرمى منسوب الى جعفة بن سعد والحضرمى نسبة الى حضر موت ولا مانع من نسبتة الى الى كليهما (غريبة) (4) اى بعد ان تغلى وتشتد وتصير مرا (5) جاء عقب هذا الحديث فى المسند (قال الامام احمد) حدثنا حجاج بتن محمد ومحمد بن جعفر قالا ثنا شعبة عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل عن ابية وائل بن حجر الحضرمى قال حجاج انة شهد النبى صلى اللة علية وسلم وسالة رجل من خثعم يقال لة سويد بن طارق وقال ابن جعفر او طارق بن سويد الجعنى سال النبى صلى اللة علية وسلم عن المر فنهاه فذكر الحديث اه (قلت) حديث وائل بن حجر هو الانى بعد حديث الباب (تخريجة) (م د جة) (6) (سندة) حدثنا عبد الرزاق انبانا اسرائيل عن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل ال (غريبة) (7) هو طارق ابن سويد المذكور فى الحديث السابق وقد اختلف الرواه فى اسمة والاصح انة طارق بن سويد لانة جاء فى مسلم كذلك وترجم لة الامام احمد فقال حديث طارق بن سويد وهذا الحديث جاء عند الامام احمد فى مسند وائل بن حجر والحديث السابق جاء فى مسند طارق بن سويد (تخريجة) (م مذ) وفى هذا الحديث والذى قيلة دلالة ظاهرة على عدم جواز التداوى بالمر وانها داء (قال النووى) فية التصريح بانها ليست بدواء فيحرم التداوى بها لانها ليست بدواء فكأنة يتناولها بلا سبب وهذا هو الصحيح عند اصحابنا انة يحرم التداوى بها وكذا يحرم شربها للعطش واما اذا غص بلقمة ولم يحد ما يسيغها بة الا مرا فيلزمة الاساغة بها لان حصول الشفاء بها حينئذ مقطوع بة بخلاف التداوى واللة اعلم (باب) (8) حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي ثنا حبيب عن عمرو (يعني ابن شعيب)

-[كتاب الصيد- ما جاء في الصيد بالكلاب المكلبة]- أن أبا ثعلبة الخشى (1) أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لي كلابا مكلبة (3) فأفتنى في صيدها؟ فقال إن كانت لك كلاب مكلبة فكل مما أمسكت عليك، فقال يا رسول الله ذكي (3) وغير ذكي قال ذكي، قال وإن أكل منه؟ قال وإن أكل منه (4) قال يا رسول الله أفتني في قوسي؟ قال كل ما أمسكت عليك قرسك (5) قال ذكي وغير ذكي؟ قال ذكي وغير ذكي، قال وإن تغيب عني؟ قال وإن تغيب عنك ما لم يصل (6) يعني يتغير أو تجد فيه أثر غير سهمك، قال يا رسول الله أفتنا في آنية المجوس إذا اضطررنا إليها؟ قال إذا اضطررتم إليها فاغسلوها بالماء واطبخوا فيها (7) (عن أبي ثعلبة الخشني) (8) قال قلت يا رسول الله إنا بأرض أهل كتاب أفنأكل في آنيتهم؟ وإنا في أرض صيد أصيد بقوسي وأصيد بكلبي المعلم وأصيد بكلبي الذي ليس بمعلم فأخبرني ماذا يصلح؟ فقال أما ما ذكرت أنكم بأرض أهل كتاب تأكل في آنيتهم فإن وجدتم غير آنيتهم فلا تأكلوا فيها، وإن لم تجدوا غير آنيتهم فاغسلوها ثم كلوا فيها، وأما ما ذكرت أنكم بأرض صيد فإن صدت بقوسك وذكرت اسم الله فكل، وما صدت بكلبك المعلم فاذكر اسم الله ثم كل (9) وما

_ عن أبيه عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبة) (1) بضم الحاء وفتح الشين المعجمتين نسبة الى حشين بن النمر (2) بفتح اللام مشددة قال فى النهاية المكلبة المسلطة على الصيد المعودة بالاصطياد التى قد ضربت بة والمكلب بالكسر صاحبها الذى يصطاد بها (3) بفتح المعجمة وكسر الكاف وتشديد التحتية قال الخطابى يحتمل وجهين (احدهما) ان يكون اراد بالذكى ما امسك علية فادركة قبل زهوق نفسة فذكاء فى الحلق واللبة وغير الذكى ما زهقت نفسة قبل ان يدركة (والاخر) ان يكون اراد بالذكى ما جرحة الكلب بسنة ار مخالفة فسال دمة وغير الذكى مالم يجرحة اه وفية دلالة على انة يحل ما وجد ميتا من صيد الكلاب المعلمة: وهو مجمع علية فيما عدا الكلب الاسود فقد قال احمد اسحاق لا يحل الصيد بة لانة شيطان ونقل عن الحسن وابراهيم وقتادة نحو ذلك (4) سياتى الكلام على اكل الكلب من الصيد فى الباب التالى (5) معناه كل ما اصبتة بسهمك اى ما صدتة بيدك لا بشئ من الجوارح ونحوها (6) بفتح اولة وكسر الصاد المهملة وتشديد اللام اى تغير كما فسر فى الحديث اى ما لم ينتن ويتغير ريحة قال النووى هذا دليل لمن يقول اذا اثر جرحة فغاب عنة فوجدة ميتا وليس فية اثر غير سهمة حل وهو احد قولى الشافعى ومالك فى الصيد والسهم (الثانى) يحرم وهو الاصح عند اصحابنا (والثالث) حرم فى الكلب دون السهم: والاول اقوى واقرب الى الاحاديث الصحيحة (7) تقدم الكلام على انية الكفار مطلقا فى احكام باب تطهير انية الكفار فى الجزء الاول صحيفة 239 فارجع الية (تخريجة) (د نس جة) وحسنة النووى واشار المنذرى الى اتلاف الائمة فى الاحتجاج بحديث عمرو بن شعيب (قلت) قال البارى رايت احمد وعلى بن المدينى واسحاق بن راهوية وابا عبيدة وعامة اصحابنا يحتجون بحديث عمرو بن شعيب عن ابية عن جدة ما تركة احمد من المسلمين قال البخارى من الناس بعدهم اه تهذيب (قلت) ويويدة حديث ابى ثعلبة نفسة الاتى بعدة (8) (سندة) حدثنا عبد اللة بن يزيد ثنا حيوة اخبرنى ربية بن يزيد المشقى عن ابى ادريس الخولانى عن ابى ثعلبة الشنى الخ (غريبة) (9) زاد فى رواية من حديث

-[كلام العلماء ومذاهبم في حكمة الصيد بالكلاب والفهد والصقر]- صدت بكلبك الذي ليس بمعلم فأدركت ذكاته فكل (1) (عن عدي بن حاتم) (2) قال قلت يا رسول الله إنا قوم نتصيد بهذه الكلاب والبزاة (63) فما يحل لنا منها؟ قال يحل لكم ما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه: فما علمت من كلب أو باز ثم أرسلت وذكرت اسم الله عليه فكل مما أمسك عليك، قلت وإن قتل؟ قال وإن قتل ولم يأكل منه شيئا (4) فإنما أمسكه عليك، قلت أفرأيت إن خالط كلابنا كلاب أخرى حين نرسلها؟ قال لا تأكل حتى تعلم أن كلبك هو الذي أمسك عليك (5) قلت يا رسول الله إنا قوم نرمي بالمعراض فما يحل لنا؟ قال لا تأكل ما أصبت بالمعراض إلا ما ذكيت (6) (باب ما جاء فيما إذا أكل الكلب من الصيد) (عن عدي بن حاتم) (7) قال سألت

_ أبي ثعلبة ايضا (قال قلت وان قتل؟ قال وان قتل) وسياتى الكلام على حكم التسمية فى بابة (1) مفهومة انة اذا لم يدرك ذكاتة فلا يجوز اكلة وهو كذلك قال النووى هذا مجمع علية انة لا يحل الا بذكائة (تخريجة) (ق د وغيرهم) (2) (سندة) حدثنا عبد اللة بن نمير ثنا مجالد عن عامر عن عدى بن حاتم قال اتيت رسول اللة صلى اللة علية وسلم فعلنى الاسلام ونعت لى الصلاة وكيف اصلى كل صلاه لوقتها ثم قال لى كيف انت يا حاتم اذا ركبت من قصور اليمن لا تخاف الا اللة حتى تنزل قصور الحيرة؟ قال قلت يا رسول اللة فاين مقانب طئ ور جالها (يهنى اين يلها وفرسانها)؟ قال يكفيك اللة طيئا ومن سواها قال قلت يا رسول اللة انا قوم نتصيد بهذة الكلاب الخ (غريبة) (3) البزاة بضم الموحدة جمع البازى قال فى القاموس الباز والبازى ضرب من الصقور جمعة براز وبزارة (4) تقدم فى الحديث الاول من احاديث الباب ما يفيد انة يجوز اكل الصيد وان اكل الكلب منة وفى هذا الحديث ما يفيد عدم جواز وساتى الكلام على ذلك فى الباب التالى (5) قال النووى فية بيان قاعدة مهمة وهى انة اذا حصل الشك فى الذكاه المبيحة للحيوان لم يحل لان الاصل تحريمة وهذا لاخلاف فية تنبية على انة لو وجدة حيا وفية مستقرة فذكاء حل ولا يضر كونة اشترك فى امساكة كلبة وكلب غيرة لان الاعتماد حينئذ فى الاباحة على تذكية الادمى لاعلى امساك الكلب وانما تقع الاباحة بامساك الكلب اذا قتلة وحينئذ اذا كان معة كلب اخر لم يحل الا ان يكون ارسلة من هو من اهل الزكاه (6) سياتى الكلام على تفسير المعراض وحكم الصيد بة بعد ثلاثة ابواب (تريجة) اخرج ما يختص بالصيد منة (ق. والاربعة) قال فى رحمة الامة يجوز الاصطياد بالجوارح المعلمة كالكلب والفهد والصقر والبازى بالاتفاق الا الكلب الاسود عند احمد وعن ابن عمر ومجاهد انة لا يجوز الاصطياد الا بالكلب المعلم باتفاق الثلاثة وهو الذى اذا ارسلة على الصيد تطلبة واذا زجرة انزجر واذا شلاه استشلى (اى اغراء على الصيد) وشرط الثلاثة ايضا انة اذا اخذ الصيد امسكة على الصائد ولى بينة وبينة وقال مالك لا يشترط ذلك وهل يشترط ان يتكرر ذلك منة مرة بعد مرة حتى يصير معلما ام لا؟ قال ابو حنيفة واحمد اذا تكرر ذلك مرتين صار معلما والمعتبر عند الشافعى العرف ومالك لا يعتبر ذلك وقال الحسن يصير معلما بالمرة الواحدة (قال) ولو عقر الكلب الصيد ولم يقتلة فادرك وفية حياه مستقرة فمات قبل ان يتسع الزمان لذكاتة حل وقال ابو حنيفة لا يحل ولو قتل الجارح الصيد بثقلة فاللشافعى قولان: احدهما يحل وهو الاصح فى الرافعى والمشهور فى مذهب مالك (والثانى) لا يحل وهو المختار من مذهب احمد وقول ابى يوسف ومحمد وعن ابى حنيفة روايتان كالقولين اظهر هما الاول وهو الحل اه (باب) * (7) (سندة) حدثنا هشيم أنا مجالد عن

-[حكم ما إذا أكل الكلب ونحوه من الصيد وكلام العلماء في ذلك]- رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد الكلب؟ فقال إذا أرسلت كلبك المعلم فسميت عليه فأخذنا فأدركت ذكاته فذكه، وإن قتل فكل، فإن أكل منه فلا تأكل (1) (زاد في رواية) فإنما أمسك على نفسه (عن إبراهيم عن ابن عباس) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أرسلت الكلب فأكل من الصيد فلا تأكل فإنما أمسك على نفسه، وإذا أرسلته فقتل ولم يأكل فكل فإنما أمسك على صاحبه (3) (باب ما جاء في التسمية عند إرسال الكلب ونحوه) (عن عدى بن حاتم (4) قال قلت يا نبي الله إنا أهل صيد، فقال إذا رمى أحدكم بسهمه فليذكر أسم الله تعالى (5) فإن قتل فليأكل وإن وقع في ماء فوجده ميتا فلا يأكله (6) لأنه لا يدري لعل الماء قتله، فإن وجد سهمه في صيد بعد يوم أو اثنين ولم يجد فيه أثر غير سهمه فإن شاء فليأكله قال وإذا أرسل عليه كلبه فليذكر اسم الله عز وجل فإن أدركه قد قتله فليأكل، وإن أكل منه فلا يأكل فإنه إنما أمسك على نفسه ولم يمسك عليه، وإذا

_ الشعبي عن عدي بن حاتم ال (غريبة) (1) قال النووى هذا الحديث من رواية عدى بن حاتم وهو صريح فى منع اكل ما اكلت منة الجارحةوجاء فى سنن ابى داود وغيرة باسناد حسن عن ابية ثعلبة ان النبى صلى اللة علية وسلم قال لة كل وان اكل منة الكلب (قلت) حديث ابى ثعلبة المشار الية رواه ايضا الامام احمد وتقدم فى الباب السابق قال واتلف العلماء فية فقال الشافعى فى اصح قولية: اذا قتلتة الجارحة المعلمة من الكلاب والسباع واكلت منة فهو حرام وبة قال اكثر العلماء منهم ابن عباس وابو هريرة وعطاء وسعيد بن جبير والحسن والشعبى والنعى وعكرمة وقتادة وابو حنيفة واصحابة واحمد واسحق وابو ثور وابن المنذر وداود وقال سعد بن ابى وقاص وسلمان الفارسى ابن عمر ومالك يحل وهو قول ضعيف للشافعى واحنج هولاء بحديث ابى ثعلبة وحملوا حديث عدى على كراهة النزية واحتج الاولون بحديث عدى وهو فى الصحيحين مع قول اللة عز وجل (فكلوا مما امسكن عليكم) وهذا مما لم يمسك علينا بل على نفسة وقدموا هذا على حديث ابى ثعلبة لانة اصح ومنهم من تاول حديث ابى ثعلبة على ما اذا اكل منة بعد ان قتلة وخلاه وفارقة ثم عاد فاكل منة فهذا لا يضر واللة اعلم (تخريجة) (ق. والاربعة وغيرهم) * (2) (سندة) حدثنا اسباط (تخريجة) (بز) من وجة اخر عن ابن عباس وابن ابى شيبة من حديث ابى رافع نحوة بمعناه واوردة الهيثمى حديث الباب وقال رواه امد ورجالة رجال الصحيح اه (قلت) وهو فى الدلالة كالذى قبلة (باب) (4) (سندة) حدثنا حسين ابن محمد ثنا جرير يعنى ابن حازم عن عاصم الاحول عن عامر عن عدى بن حاتم ال (غريبة) (5) فية الامر بالنسبة عند رمى السهم وعند ارسال الكلب كما سياتى (قال النووى) هذا متفق على تحريمة وقال الخطابى انما نهاه عن اكلة اذا وجد فى الماء لامكان ان يكون الماء اغرقة فهلك من الماء لا من قتل الكلب وكذلك اذا وجد فية اثرا لغير سهم (6) قال النووى هذا دليل لمن يقول اذا اثر جرحة فغاب عنة فوجدة ميتا وليس فية اثر غير سهمة حل وهو احد قولى الشافعى ومالك فى الصيد بالسهم (والثانى) يحرم وهو الاصح عند اصحابنا (والثالث) يحرم فى الكلب دون السهم والاول أقوى وأقرب

-[ما جاء في التسمية عد إرسال الكلب والذبح ومذاهب العلماء في ذلك]- أرسل كلبه فخالط كلابا لم يذكر اسم الله عليه فلا يأكل فإنه لا يدري إيها قتل (1) (وعنه أيضاً (2) قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد المعراض (3) فقال ما أصاب بجده فكل، وما أصاب بعرضه فهو وقيذ (4) وسألت عن صيد الكلب فقال إذا أرسلت كلبك وذكرت اسم الله عليه فأمسك عليك فكل، وإن وجدت معه كلبا غير كلبك وقد قتله وخشيت أن يكون قد أخذه معه فلا تأكل، فإنك إنما ذكرت اسم الله على كلبك ولم تذكره على غيره (5) (وعنه أيضا) (6) قال قلت يا رسول الله أرمي الصيد ولا أجد ما أذكيه به إلا المروة (7) والعصار؟ قال أمر (8) الدم بما شئت ثم أذكر اسم الله عز وجل، قلت طعام ما أدعه إلا تحرجا (9) قال ما ضارعت فيه نصرانية فلا تدعه (باب الصيد بالقوس وحكم الرمية إذا غابت أو وقعت في ماء) (عن عقبة بن عامر) (10)

_ إلى الأحاديث الصحيحة واما الاحاديث المخالفة لة فضعيفة ومحمولة على كراهية التنزية (1) فية اشعار بوجوب التسمية عند ارسال الجارحة (تخريجة) (ق وغيرهما) (2) (سندة) حدثنا يزيد ان زكريا ابن ابى زائدة وعاصم الاحوال عن الشعبى عن عدى بن حاتم الخ (غريبة) (3) سيأتى الكلام على المعراض وصفتة وحكم الصيد بة بعد باب (4) بالذال المعجمة بمعنى موقوذ اى حكمة حكم الموقوذة المنصوص على تحريمها فى الاية والموقوذة المقتولة بغير محدد من عصا او حجر او غيرهما (5) فية حجة للقائلين بوجوب التسمية لتعليل النهى بعدمها وهذا اذا وجد الصيد ميتا فان وجدة حيا فانة يذكية ويحل اكلة بالتذكية (تخريجة) (ق؟ وغيرهم) قال النووى وقد اجمع المسلمون على التسمية عند الارسال على الصيد وعند الذبح والنحر واختلفوا فى ان ذلك واجب اسنة؟ فمذهب الشافعى وطائفة انها سنة فلو تركها سهوا او عمدا حل الصيد والذبيحة وهى رواية عن مالك واحمد وقال اهل الظاهر ان تركها عمدا او سهوا لم يحل وهو الصحيح عن احمد فى صيد الجوارح وهو مروى عن ابن سيرين وابى ثور وقال ابو حنيفة ومالك والثورى وجماهير العلماء ان تركها سهوا حلت الذبيحة والصيد وان تركها عمدا فلا وعلى مذهب اصحابنا يكرة تركها وقيل لا يكرة بل هو خلاف الاولى والصحيح الكراهة قال وحملها بعض اصحابنا على كراهية التنزية واجابوا عن الاحاديث فى التسمية انها للاستحباب واللة اعلم (6) (سندة) حدثنا يحيى ثنا شعبة ثنا سماك عن مرى بن قطرى (مرى بضم الميم بلفظ النسب وقطرى بفتح القاف والطاء المهملة) عن عدى بن حاتم قال قلت يا رسول اللة ان ابى كان يصل الرحم ويقرى الضيف ويفعل كذا وكذا؟ قال ان اباك اراد شيئا فادركة قال قلت يارسول اللة ارمى الصيد الخ (غريبة) (7) المروة حجر ابيض قيل هو الذى تقدح منة النار (8) بفتح الهمزة وكسر الميم بعدها راء مخففة من امار الشئ ومار اذا جرى وبكسر الهمزة وسكون الميم منمرى الضرع اذا مسحة ليدر (وفية) جواز الذبح بكل ما انهر الدم اذا لم توجد سكين وفية دلالة على اشتراط التسمية لانة علق الاذن بمجموع الامرين وهما الانهار والتسمية والمعلق على شيئين لا يكفى فية الا باجتماعهما وينتفى بانتفاء احدهما (9) اى خوفا من الوقوع فى الحرام والحرج فى الاصل الضيق ويقع على الاثم والحرام وهو المراد هنا (وقولة ما ضارعت الخ) معنى المضارعة المقارنة فى الشبة ويقال للشيئين بينهما مقارنة هذا ضرع هذا اى مثلة (تخريجة) (د نس جة ك حب) وصححة الحاكم واقره الذهبى وسكت عنة ابو داود والمنذرى (باب) * (10) (سنده) حدثنا هارون بن معروف قال

-[ما حكم الصيد إذا رماه بسهمه فغاب عنه ثلاث ليال ثم وجده ميتا وكلام العلماء في ذلك]- وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهما يقولان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ما ردت عليك قوسك (1) (وعن أبي ثعلبة الخشني) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رميت بسهمك فغاب ثلاث ليال فأدركته فكل ما لم ينتن (3) (عن عدي بن حام الطائي) (4) قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت إن أرضنا أرض صيد فيرمي أحدنا الصيد فيغيب عنه ليلة أو ليلتين (5) فيعده وفيه سهمه، قال إذا وجدت سهمك ولم تجد فيه أثر غيره وعلمت أن سهمك قتله فكله (6) (وبلفظ آخر) فإذا وقعت رميتك في الماء فغرق فلا تأكل (8) (باب ما جاء في الصيد بالمعراض)

_ أبو عبد الرحمن (يعنى عبد اللة بن الامام احمد) وسمعتة انا من هارون مثلة سواء قال اخبرنى بن وهب عن عمرو بن الحارث عن عمرو بن شعيب حدثة ان مولى لشرحبيل بن حسنة حدثة ان عقبة بن عامر وحذيفة بن اليمان يقولان قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (1) معناه كل ما صدتة بيدك لابشئ من الجوارح ونحوها (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد راو لم يسم وهو مولى شرحبيل (2) (سندة) حدثنا حماد بن خالد ثنا معاوية عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن ابية عن ابى ثعلبة الخشنى الخ (غريبة) (3) جعل الغاية ان بنين الصيد فلو وجدة بعد ثلاث ولم ينتن حل فلو وجدة دونها وق انتن فلا هذا ظاهر الحديث (واجاب) النووى بان النهى عن اكلة اذا انتن التنزية وظاهر الحديث التحريم وقد حرمت المالكية المنتن مطلقا وهو الظاهر واللة اعلم (تخريجة) (م د نس) (4) (سندة) حدثنا عن ابى بشر عن سعيدبن جبير عن عدى بن حاتم الخ (غريبة) (5) جاء فى رواية للبخارى من حديث عدى ايضا (انا ترمى الصيد فنقتفى اثرة اليومين والثلاثة ثم نجدة ميتا وفية سهمة قال يأكل ان شاء) وفى الحديث السابق عن ابى ثعلبة (ثلاث ليال) وهو مشروط بكونة لم ينتن كما تقدمة (6) مفهومة انة ان وجد فية اثر غير سهمة لا يوكل وهذا الاثر الذى يوجد فية من غير سهم الرامى اعم من ان يكون اثر سهم رام اخر او غير ذلك من الاسباب القاتلة فلا يحل اكلة مع التردد وقد جاءت فية زيادة كما فى اللفظ الار (فاذا وجدت فية سهمك ولم ياكل منة سبع فكل) قال الرافعى يوخذ منة انة لو جرحة ثم غاب ثم وجدة ميتا انة لا يحل وهو ظاهر نص الشافعى فى المخصر (قلت) ونقل عن الامام احمد مثل ذلك وقال النووى الحل اصح دليلا وحكى البيهقى فى المعرفة عن الشافعى انة قال فى قول ابن عباس (كل ما اصميت ودع ما انميت) معنى ما اصميت ما قتلة الكلب وانت تراه وما امنيت ما غاب عنك مقتلة قال وهذا لا يجوز عندى غيرة الا ان يكون جاء عن النبى صلى اللة عليةوسلم فية شئ فيسقط كل شئ خالف امر النبى صلى اللة علية وسلم ولا يقوم معة راى ولا قاس قال البيهقى وقد ثبت الخيبر يعنى المذكور فى الباب فينبغى ان يكون هو قول الشافعى اه وقال ابو حنيفة ان تبعة عقب الرمى فوجدة ميتا حل وان اخر اتباعة لم يحل وقال مالك ان وجدة فى يومة حل او بعد يومة لم يحل واللة اعلم (تخريجة) (ق د نس جة هق) * (7) (سندة) حدثنا يحيى بن زكريا اخبرنى عاصم الاحول عن الشعبى عن عدى بن حاتم ان النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (8) وجهة انة يحصل حينئذ التردد هل قتلة السهم او الغرق فى الماء فلو تحقق ان السهم اصابة فمات فلم يقع فى الماء الا بعد ان قتلة السهم حل أكله

-[ما جاء في الصيد بالمعراض والبندقة وكلام العلماء في ذلك]- (عن عدي بن حاتم) (1) قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد المعراض (2) فقال ما أصاب بحده فخزق فكل (3)، وما أصاب بعرضه (4) فقتل فإنه وقيذ (5) فلا تأكل (وعنه أيضا) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أرسلت كلبك وسميت فخالط كلابا أخرى فأخذته جميعا فلا تأكل، فأنك لا تدري أيها أخذه (7)، وإذا رميت فسميت فخرقت فكل، فإن لم يتخرق فلا تأكل (8) ولا تأكل من المعراض إلا ما ذكيت (9) ولا تأكل من البندقة (10) إلا ما ذكيت (وعنه أيضاً) (11) قلت يا رسول الله إنا قوم نرمي بالمعراض فما يحل لنا؟ قال لا تأكل ما أصبت بالمعراض إلا ما ذكيت (باب النهي عن الرمي بالبندق (12) وما في معناه) (عن عبد الله بن مغفل) (13) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخذف (14)

_ قال النووي في شرح مسلم اذا وجد الصيد فى الماء غريقا حرم بالاتفاق اه وقد صرح الرافعى بان محلة مالم ينتة الصيد بتلك الجراحة الى حركة المذبوح فان انتهى اليها كقطع الحلقوم مثلا فقد تمت ذكاتة ويؤيدة ما قالى بعد ذلك (يعنى عند مسلم) (فانك لا تدرى الماء قتلة اسهمك) فدل على انة اذا علم ان سهمة هو الذى قتلة انة يحل (تخريجة) (ق. وغيرهم) * (1 (سندة) حدثنا هيثم انا مجالد وزكريا وغيرهما عن الشعبى عن عدى بن حاتم الخ (غريبة) (2) بكسر الميم وسكون العين المهملة (قال النووى) وهى شبة ثقيلة او عصا فى طرفها حديدة وقد تكون بغير حديدة هذا هو الصحيح فى تفسيرة (3) بفتح الخاء المعجمة والزاى بعدها قاف اى نفذ يقال بهم جازق اى نافذ قال الحافظ ما حاصلة ان السهم وما فى معناه اذا اصاب الصيد حل وكانت تلك ذكاتة واذا اصاب بعرضة لم يحل لانة فى معنى الخشبة الثقيلة او الحجر ونحو ذلك من المثقل (4) بفتح العين المهملة اى بغير طرفة المحدد وهو حجة للجمهور فى التفصيل وعن الاوزاعى وغيرة من فقهاء الشام يحل مطلقا والحديث حجة عليهم (5) اى مقتول بغير محدود والموقوذة المقتولة بعصا ونحوها واصلة من الكسر والرض (تخريجة) (ق. وغيرهم) * (6) (سندة) حدثنا ابو معاوية ثنا الاعمش عن ابراهيم عن عدى ابن حاتم قال قال رسول اللة صلى اللة عليةوسلم الخ (غريبة) (7) تقدم الكلام على ذلك فى الباب الاول (8) فية ان الخزق شرط الحل وتقدم الكلام على ذلك فى شرح الحديث السابق (9) قال النووى مذهب الشافعى ومالك وابى حنيفة واحمد انة اذا اصطاد بالمعراض فقتل الصيد بحدة حل وان قتلة بعرضة لم يحل لهذا الحديث وقال مكحول والاوزاعى وغيرهما من فقهاء الشام يحل مطلقا (10) سياتى الكلام على الصيد بالبندق فى الباب التالى (تخريجة) (ق. وغيرهما) (11) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسندة وشرحة وتخريجة فى الباب الاول (باب) (12) البندق جمع بندقة وهى التى تتخذ من طبن وتيبس فيرمى بها قال ابن عمر فى الموقتولة بالبندقة تلك الموقوذة وكرهة سالم والقاسم ومجاهد وابراهيم وعطائ والحسن كذا فى البخارى (13) (سندة) حدثنا وكيع قال حدثنى كهمس عن عبد اللة بن بريدة عن ابن مغفل قال نهى رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (14) الخذف بالخاء والذال المعجمتين الاولى والثانية ساكنة فاء وهو الرمى او نواه بين الابهام والسبابة وقال ابن فارس خذفت الحصاه رميتها بين اصبعيك وقال ابن سسيدة خذف بالشئ مخذوف قال والمخذوفة التى يوضع فيها الحجر ويرمى بها الطير ويطلق على المقلاع أيضا في الصحاح

-[هل يجوز الصيد بالنبدقة والحجر ونحوهما؟ وكلام العلماء في ذلك]- وقال إنها لا ينكأ (1) بها عدو ولا يصاد بها صيد (2) (عن سعيد بن جبير) (3) أن قريبا لعبد الله بن مغفل حذف فنهاه وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنت الخذف وقال إنها لا تصيد صيدا ولا تنكأ عدوا ولكنها تكسر السن وتفقأ العين (4) قال فعاد فقال حدثتك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنها ثم عدت؟ لا أكلمك أبدا (5) (عن ثابت) (6) أن أبا بكرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الخذف فأخذ ابن عم له فقال عن هذا وخذف، فقال ألا أراني أخبرك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عنه وأنت تخذف؟ والله لا أكلمك عزمة (7) ما عشت أو بقيت أو نحو هذا (عن أبي هريرة) (8) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه نهى عن الرمية أن ترمي الدابة (9) ثم تؤكل ولكن تذبح ثم ليرموا إن شاءوا (عن عدي بن حاتم) (10) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم قال لا تأكل من البندقة إلا ما ذكيت

_ (1) جاء في رواية لمسلم بلفظ ولا تنكا عدوا (قال القاضى عياض) لا تنكا بفتح الكاف مهموزا وروى لا تنكى بكسر الكاف وسكون التحتية ومعناه المبالغة فى الاذى وقال ابن سيدة نكى العدو نكاية اصاب منة ثم قال ونكات العدو انكؤهم لغة فى نكيتهم (2) قال المهلب اباح اللة الصيد على صفتة فقال (تنالة ايديكم ورماحكم) وليس الرمى بالبندقية ونحوها من ذلك وانما هو وقذ واطلق الشارع ان الحذف لا يصاد بة وقد اتفق العلماء الا من شذ منهم على تحريم امل ما قتلتة الندقة والحجر وانما كان كذلك لانة يقتل الصيد بقوة رامية لا بحدة قال الحافظ وقال النووى قال مكحول الاوزراعى وغيرهما من فقهاء الشام وابن ابى ليل انة يحل ما قتلة بالبندقية وحكى ايضا عن سعيد بن المسيب وقال الجماهير لا يحل صيد البندقية مطلقا لحديث المعراض لانة كلة رضى ووقذ (تخريجة) (ق. وغيرهما) (3) (سندة) حدثنا اسماعيل ثنا ايوب عن سعيد ابن جبير الخ (غريبة) (4) اى تشقها والفقو الشق والبخص (5) فى الحديث جوازهجران من مالف السنة وترك كلامة ولا يدخل فى ذلك النهى والهجر فوق ثلاث فانة يتعلق بمن هجر لحظ نفسة ومعايش الدنيا واما اهل البدع ونحوهم فهجرانهم دائما وهذا الحديث مما يويدة (تخريجة) (ق. وغيرهما) (6) (سندة) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة انا ثابت ان ابا بكرة الخ (غريبة) (7) اى صار حقا واجبا على ان لا اكلمك الخ وقيل معناه ما اكدت رايك وعزمك علية (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة رجال الصحيح الا ان ثابتا لم يسمع من ابى بكرة واللة اعلم اه (قلت) يويدة الحديث السابق وهو فى الدلالة مثلة (8) (سندة) حدثنا عتاب قال ثنا عبد اللة قال انا ابن لهيعة قال حدثنى محمد بن عبد الرحمن بن نوفل ان عبد اللة بن رافع اخبره عن ابى هريرة عن رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (اى بشئ غير محدد كامعراض بعرضة او الحذف ونحوه مما تقدم حتى تموت ثم توكل فهذا وقيذ لا يجوز اكلة اما اا جعل الرمى وسيلة لادراكها ثم يدركها فيذبحها فهذا جائز (وقولة ثم ليرموا ان شاءوا) اى بشرط ادراكها وذبحها واللة اعلم (تخريجة) (طس) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم طس) وفية ابن لهيعة وحديثة حسن اه (قلت) لانة صرح بالتحيث (10) هذا طرف من حديث تقدم فى الباب السابق بسندة وشرحة وتخريجة وانما ذكرتة هنا لمناسبة الترجمة وتقدم فى هذا الباب معنى

-[ما جاء في التسمية والذبح لغير الله وكلام العلماء في ذلك]- (أبواب الذبح وما يجب له وما يستحب) * (باب ما جاء في التسمية والذبح لغير الله) (عن ابن عباس) (1) قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ملعون من سب أباه ملعون من سب أمه ملعون من ذبح لغير الله (ز) (عن أبي الطفيل) (2) قال قلنا لعلي رضي الله عنه أخبرنا بشيء أسره إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أسره إلى شيئا كتمه الناس ولكن سمعته يقول لعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من آوى محدثا (3) ولعن الله من لعن والديه (4) ولعن الله من غير تخوم (5) الأرض يعني المنار (عن سالم) (6) أنه سمع عبد الله (يعني ابن عمر) يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لقى زيد بن عمر بن نفيل بأسفل بلدح (7) وذلك قبل أن ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي فقدم (8) إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفرة (9) فيها لحم فأبي أن يأكل منها، ثم قال إني لا آكل

_ البندقة وحكم الصيد بها واللة الموفق (باب) (1) هذا طرف من حديث طويل سياتى بتمامة وسندة وتخريجة فى كتاب السب واللعن وانما اتيت بهذا الجزء منة هنا لقولة (ملعون من ذبح لغير اللة) ومعنى الذبح لغير اللة ان ي ذبح لصنم او للصليب ... او لموسى او لعيسى علهما السلام او للكعبة ونحو ذلك فكل هذا حرام ولا تحل هذه الذبيحة سواء كان الذابح مسلما او كافرا والية ذهب الشافعى واصحابة فان قصد مع ذلك تعظى المذبوح لى غير اللة تعالى والعبادة لة كان ذلك كفرا (2) (ز) (سندة) قال عبد اللة ابن الامام احمد حدثنا ابو بكر بن ابى شيبة ابو خالد الاحمر عن منصور بن حيان عن ابى الطفيل الخ (غريبة) (3) بكسر الدال المهملة هو من يرتكب مافية فساد فى الارض كالقتل والزنا والسرقة ونجو ذلك والمؤوى لة المانع لة من القصاص ونحوة (4) جاء فى الحديث السابق بلفظ (ملعون من سب اباء ملعةن من سب امة) وانما استحق ساب ابوية اللعن لمقابلتة نعم الوالدين بالكفران وانتمائة الى غاية العقوق والعصيان وكيف وقد قرن اللة برهما بعبادتة وان كان كا فرين فقال عز من قائل (واعبدوا اللة ولا تشركوا بة شيئا وبالوالدين احسنا) وقال فى اية اخرى (ولا تقل لهما اف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما: واخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل بر ارحمهما كما ربيانى صغيرا) (5) قال الزمشرى روى بضم اولة وفتحة وهى مؤنثة والتوم جمع لا واحد لة من لفظة اه وهى الحدود والمعالم وظاهرة الموم فى جميع الارض وقيل معالم الحرم اصة وقيل فى الاملاك وفسر فى الحديث بالمنار وهى المعالم التى يهتدى بها فى الطرقات (قال القرطى) والمغير لها ان اضافها الى ملكة فغاصب والا فمعند ظالم مفسد لملك الغير (تخريجة) (م نس) (6) (سندة) حدثنا عفان ثنا وهيب ثنا موسى بن عقبة اخبرنى سالم انة سمع عبد اللة الخ (سالم) هو ابن عبد اللة بن عمر (غريبة) (7) بفتح الموحدة وسكون اللام وفتح المهملة اخرة حاء مهملة يجوز فية الصرف وعدمة وهو واد قبل مكة من جهة الغرب وقيل اسم موضع بالحجاز قريب من مكة فى طريق التنعيم (8) بفتح القاف وتشديد المهملة والضمير فى البة لزيد ورسول اللة صلى اللة عليةوسلم بالرفع فاعل وسفرة مفعول وهكذا فى رواية للبخارى ولابى ذر عن الكشمهينى (فقدم الى رسول اللة صلى اللة علية وسلم) بضم القاف من قدم مبينا للمفعول (وحفرة) بالضم نائب الفاعل وجمع بينهما بان القوم الذين كانوا هناك قدموا السفرة للنبى صلى اللة عليةوسلم فقدمها النبى صلى اللة علية وسلم لزيد (9) السفرة بضم المهملة طعام يتخذ المسافر واكثر ما يحمل فى جلد مستدير فنقل اسم الطعام إلى الجلد

-[ما جاء في الرفق بالذبيحة وحد الشفرة وإحسان الذبح]- ما تذبحون على أنصابكم (1) ولا آكل إلا مما ذكر اسم الله عليه (2) حدث هذا عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن عدى بن حاتم) (3) قال سالت النبى صلى الله عليه وسلم عن الصيد أصيده (4) قال أنهروا الدم (5) بما شئتم واذكروا اسم الله (6) وكلوا (باب الرفق بالذبيحة والإجهاز عليها وحد الشفرة وترك ذات الدَّر والنسل) (عن شداد بن أوس) (7) قال ثنتان حفظتهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل كتب الإحسان على كل شئ فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة (8) وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح (9) وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته (عن سالم بن عبد الله) (10) عن أبيه (11) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بحد الشفار وأن توارى عن البهائم (12) وإذا ذبح أحدكم

_ وسمي بها كما سميت المزادة رواية وغير ذلك من الاسماء المنقولة (نة) قال ابن بطال وكانت هذة السفرة لقريش (1) جمع نصب بضم النون والصاد المهملة وهى احجار كاننت حول الكعبة يذبحون عليها الاصنام وكان زيد فى الجاهلية تعبد على دين ابراهيم (2) استشكل بان النبى صلى اللة عليةوسلم كان اولى بذلك من زيد (واجيب) بانة ليس فى الحديث ان النبى صلى اللة علية وسلم اكل منها وعلى تقدير كونة صلى اللة علية وسلم اكل منها فزيد انما فعل ذلك براى راه لا شرع بلغة وانما كان عند اهل الجاهلية بقايا من دين ابراهيم وكان فى شرع ابراهيم تحريم الميتة لا تحريم مالم يذكر اسم اللة عليه وتحريم مالم يذكر اسم اللة علية انما نزل ففى الاسلام والاصح ان الاشياء قبل الشرع لا توصف بحل ولا حرمة قالة السهيلى (تخريجة) (خ نس) (3) (سندة) حدثنا عبد الرزاق ثنا اسرائيل ثنا سماك بن حرب عن موسى بن قطرى عن عدى بن حاتم الخ (قلت) مرى بضم الميم وتشديد الراء مكسورة (وقطرى) بفتح القاف والطاء (غريبة) (4) زاد فى رواية (وليس معى ما اذكية بة فاذبحة بالمروة والعصا وفى لفظ (او شقة العصا) بكسر الشين المعجمة اما المروة فهى الحجر المحدد (وشقة العصا ما يشق منها ويكون محددا (5) اى اسيلوة حتى يصب بكثرة شبة بحرى الماء فى النهر (6) فية دلالة على اشتراط التسمية لانة علق الاذهان بمجموع الامرين وهما الانهار والتسمية والمعلق على شيئين لا يكتفى فية الا باجتمتعها وينتفى بانتقاء احدهما وتقدم الكلام على مذاهب العلماء فى ذلك فى باب ما جاء فى التسمية عند ارسال الكلب ونحوة فى الصيد (تخريجة) (د نس جة ك حب) وصححة الحاكم واقرة الذهبى وسكت عنة ابو داود والمنذرى (باب) (7) (سندة) حدثنا اسماعيل عن خالد الحذاء عن ابى قلابة عن ابى الاشعث عن شداد بن اوس الخ (ولة طريق ارى عند الامام احمد) قال حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ايوب عن ابى قلابة فذكرة الخ (غريبة) (8) بكسر القاف وهى الهيئةوالحالة (9 قال النووى فى شرح مسلم وقع فى كثير من النس او اكثرها فاحسنوا الذبح بفتح الذال هاء وفى بعضها الذبحة بكسر الذال وبالهاء كالقتلة وهى الهيئة والحالة (وقولة وليحد احدكم شفرتة) بضم الياء التحتية والشفرة هى السكين يقال احد السكين وحددها واستحدها بمعنى (وليرح ذبيحتة) باحدا السكين وتعجيل امرارها وغير ذلك (تخريجة) (م مذ نس جة) (10 (سندة) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن عقيل عن ابن شهاب عن سالم بن عبد اللة الخ (غريبة) (11) هو عبد اللة بن عمر رضى اللة عنهما (12) قال النووى ويستحب ان لا يحدد السكين بحضرة الذبيحة وان لا يذبح واحدة بحضرة اخرى ولا يجرها إلى مذبحها

-[كراهة فصل رأس الذبيحة عن الجسد وجواز الذبح بكل ما أنهر الدم]- فليجهز (عن عبد الله بن عمرو) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال منذ بح عصفوراً بغير حقه سأله الله عز وجل عنه يوم القيامة، قيل وما حقه؟ قال يذبحه ذبحاً ولا يأخذ بعنقه فيقطعه (عن معاوية بن قرة عن أبيه) (2) أن رجلاً قال يا رسول الله أنى لأذبح الشاة وأنا أرحمها (3) أو قال إنى لأرحم الشاة أن أذبحها، فقال والشاة إن رحمتها يرحمك الله (عن جابر بن عبد الله) (4) قال دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فعمدت إلى عنز لأذبحها قبعث فسمع ثغوتها، فقال يا جابر لا تقطع درّا ولا نسلاً (5) فقال يا نبى الله إنما هى عتودة (6) علفتها البلح والرطبة حتى سمنت (باب جواز الذبح بكل ما أنهر الدم إلا السن والظُّفر وما يفعل بالبعير الناد) (عن ابن عمر) (7) أن امرأة كانت ترعى على آل كعب بن مالك غنماً بسلع (8) فخافت على شاة منها الموت فذبحتها بحجر (9) فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فأمرهم بأكلها (عن ابن كعب بن مالك) (10) أن جارية لكعب كانت ترعى غنماً له بسلع فعدا الذئب على شاة من شأنها فأدركتها الراعية فذكتها بمروة (11) فسأل كعب بن مالك للنبى صلى الله عليه وسلم فأمره بأكلها (عن رافع بن خديج) (12) أنه قال يا رسول الله

_ (وقوله فليجهز) بالجيم والزاى اى يسرع فى الذبح (تريجة) (جة) وفى اسنادة ابن لهيعة فية كلام اذا لم يصرح بالتحديث ويشهد لة الحديث الذى قبلة (1) (سندة) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة انا عمرو بن دينار عن صهيب الحذاء عن عبد اللة بن عمرو ال (تخريجة) (نس) وسندة حسن وفية كراهة فصل راس الحيوان عن جسدة فى الذبح لما فية من التشوية (2) (سندة) حدثنا اسماعيل بن ابراهيم ثنا زياد بن مخراق عن معاوية بن قرة عن ابية ال (غريبة) (3) رحمة الشاه ان يستعمل معها الاداب المتقدمة فى الاحاديث السابقة كان يحد السكين وان يسرع فى الذبح وان لا يذبحها امام اختها ونحو ذلك (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم بز طب طص) كلهم من غير شك قالوا قال رسول اللة انى لاذبح الشاه فارحمها ولة الفاظ كثيرة ورجالة ثقات اه (قلت) الشك جاء فى رواية الامام احمد فى قولة او قال انى لارحم الشاه الخ واللة اعلم (4) حدثنا عتاب ثنا عبد اللة يعنى ابن مبارك اخبرنى عمر بن سلمة بن ابى يزيد قال قال لى جابر دخل على رسول اللة صلى اللة عليةوسلم الخ (غريبة) (5) معناه لا تذبح ذات لبن ولا نسل وهذا على طريق الاستحباب (6) اى صغيرة والعتود هو الصغير من الاولا د المعز اذا قوى ورعى واتى علية حول والجمع اعتدة (نة) (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد سندة جيد (باب) (7) (سندة) حدثنا يزيد بن هارون انا يحيى (يعنى ابا سعيد) عن نافع اخبرة عن ابى عمر ان امراة الخ (غريبة) (8) بفتح المهملة وسكون اللام جبل بالمدينة (9) اى محدد (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال وراه (حم بز) والطبرانى فى الاوسط الا انة قال عن ابن عمر ان كعب بن مالك سال رسول اللة صلى اللة علية وسلم عن جارية ذبحت بليطة فقال كلة ورجال احمد والبزار رجال الصحيح اه (قلت) الليط قشر الشجر وكل شئ صلب (10) (سندة) حدثنا وكيع عن اسامة بن زيد عن الزهرى عن ابن كعب بن مالك الخ (غريبة) (11) (الا بحجر محدود) وقيل هو الذى تقدح منة النار (تخريجة) (خ. وغيرة) وفية دلالة على انها تحل ذبيحة المراه والية ذهب الجمهور وقد نقل محمد بن عبد الحكم عن مالك كراهتة وفى المدونة جوازة واللة اعلم (12) (سنده) حدثنا

-[جواز الذبح بكل ما أنهر الدم إلا السن والظفر وكلام العلماء في ذلك]- إنا لاقوا العدو غداً وليس معنا مدى (1) قال ما أنهر الدم وذكر اسم الله عليه فكل، ليس السن والظُّفر (2) وسأحدثك، أما السن فعظم (3) وأما الظفر فمدى الحبشة (4) وأصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نهبا (5) فندّ بعير منها فسعوا فلم يستطيعوه فرماه رجل من القوم بسهم فحبسه (6) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهذه الإبل أو النِّعم أو أبد (7) كأوابد الوحش: فإذا غلبكم شئ منها فاصنعوا به هكذا قال وكان النبى صلى الله عليه وسلم يجعل في قسم الغنائم عشراً من الشاء ببعير (8) (عن جابر بن عبد الله) (9) قال أتى النبى صلى الله عليه وسلم فتى شاب من بنى سلمة فقال إنى رأيت أرنباً فخذفتها ولم تكن معى حديدة أذكيها بها وإنى ذكيتها بمروة، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم كل (عن محمد بن صفوان) (10) أنه صاد أرنبين فلم يجد حديدة يذبحهما بها فذبحهما بمروة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره بأكلها (عن زيد بن ثابت) (11) أن ذئباً نيِّب (12) في شاة فذبحوها بمروة فرخص النبى صلى الله عليه وسلم في أكلها

_ محمد بن جعفر قال ثنا شعبة بن سعيد بن مسروق عن عباية بن رفاعة بن رافع عن رافع بن خديج جدة انة قال يا رسول اللة ال (غريبة) (1) بضم الميم وفتح المهملة منونة جمع مدية وهى السكين سميت بذلك لانها تقطع مدى الحيوان اى عمرة (2) الظفربضمتين قال تعالى (وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذى مظفر) (3) قال ابن الجوزى فى المشاكل هذا يدل على ان الذبح بالعظم كان معهودا عندهم انة لا يجزى وقررهم الشارع على ذلك اه وقال النووى معنىلحديث لا تذبحوا بالعظام فانها تنجس الدم وقد نهيتهم عن تنجيسها (يعنى بالاستنجاء بها) لانها زاد اخوانكم من الجن (4) اى وهم كفار وقد نهيتكم عن التشبة بهم قالة ابن الصلاح وتبعة النووى وقيل نهى عنهما لان الذبح بهما تعذيب للحيوان ولا يقع بة غالبا الا النق الذى هو على صورة الذبح (قال النووى) ويدخل فى الظفر ظفر الادمى وغيرة من كل الحيوان وسواء المتصل والمنصل الطاهر والنجس فكلة فى لا يجوز الذكاه بة الحديث (وكذلك السن يدخل فية سن الادمى وغيرة سواء كان طاهرا او نجسا متصلا او منفصلا فهذا كلة لا تجوز الذكاه بشئ منة (5) اى غنيمة (وقولة فند بعير) بفتح النون وتشديد المهملة مفتوحة اى نفر (6) اى اصابة السهم فوقف (7) جمع ابدة بالمد وكسر الموحدة الا غريبة يقال جاء فلان بايدة اى بكلمة او فعلة منفرة والمراد ان لها توحشا وفية جواز اكل ما رمى بالسهم فجرح فى اى موضع كان من جسدة فمات بشرط ان يكون وحشيا او متوحشا واليه ذهب الجمهور وروى عن مالك والليث وسعيد بن المسيب وربيعة انة لا يحل الاكل لما توحش الا بتذكية فى حلقة او لبتة (8) اى لانها تساوية فى القيمة واللة اعلم (تريجة) (ق. فع. والاربعة ((9) (سندة) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا اسرائيل عن جابر بن عبد اللة الخ (تخريجة) (مذ هق) وسندة جيد (10) (سندة حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عاصم الاحوال عن الشعبى عن محمد بن صفوان الخ (ولة طريق اخرى) عند الامام احمد قال حدثنا يزيد قال انا داود (يعنى ابن ابى هند) عن عامر عن محمد بن صفوان انة مر على رسول اللة صلى اللة علية وسلم بارنبين معلقهما فذكر معناه (تخريجة) (د. نس. جة. هق) ورجالة ثقات (11) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت حاضر بن المهاجر الباهلى قال سمعت سليمان ابن يسار يحدث عن زيد بن ثابت ان ذئبا الخ (غريبة) (12) بفتح النون وتشديد التحتية مفتوحة أي

-[ما جاء في ذكاة المتردية والنافرة والجنين في بطن أمه]- (عن سفينة) (1) أن رجلاً أشاط ناقته (2) بجذل فسأل النبى صلى الله عليه وسلم فأمرهم بأكلها (3) (عن عطاء بن يسار) (4) عن رجل من بنى حارثة أن رجلاً وجأ ناقة (5) في لبتها بوتد وخشى أن تفوته (6) فسأل النبى صلى الله عليه وسلم فأمره وأمرهم بأكلها (باب ذكاة المتردية والنافرة والجنين في بطن أمه) (عن أبى العشراء) (7) عن ابيه قال قلت يا رسول الله أما تكون الذكاة إلا في الحلق واللبة؟ قال لو طعنت في فخذها (8) لأجزأك (عن رافع بن خديج) (9) قال أصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم نهباً فندَّ بعير منها فسعوا فلم يستطيعوه، فرماه رجل من القوم بسهم فحبسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لهذه الإبل أو النِّعم أوابد كأوابد الوحش فغذا غلبكم شئ منها فاصنعوا به هكذا * (عن أبى سعيد الخدرى) (10) قال سألنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن الجنين يكون في بطن الناقة أو البقرة أو الشاة فقال كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه (11)

_ أنشب أنيابه فيها والناب السن الذى خلف الرباعي (تخريجة) (نس جة هق) وسندة حسن (1) (سندة) حدثنا وكيع عن على يعنى ابن مبارك عن يحيى عن سفينة الخ (قلت) سفينة بفتح اولة وكسر ثانية هو مولى رسول اللة صلى اللة علية وسلم (غريبة) (2) اى سفك دم ناقتة واراقة يعنى انة ذبحها بحذل بكسر الجيم وسكون المعجمة اى بعود محدد (3) زاد فى رواية عند البزار: فقال يعنى النبى صلى اللة علية وسلم ابهر الدم؟ قال نعم فامرة باكلها (تخريجة) (بز قال الهيثمى ورجال احمد رجال الصحيح الا انة من رواية يحيى بن ابى كثير عن سفينة اه (قلت) لعلة يريد انة منصطع (4) (سندة) حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن زيد با اسلم عن عطاء بن يسار عن رجل من بنى حارثة الخ (غريبة) (5) اى ضربها بوتد يقال وجاتة بالسكين وغيرها وجأ اذا ضربتة بها (واللبة) بفتح اللام هى الهزمة التى فوق الصدر وفيها تنحر الابل (6) اى خشى عدم ادراكها لكونها نافرة (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد وسندة جيد وجهالة الرجل الذى من بنى حارثة لا تضر لانة صحابى واحاديث الباب تويدة واللة اعلم: انظر احكام هذا الباب ومذاهب الائمة فى القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 441 فى الجزء الثانى (باب) (7) (سندة) حدثنا وكيع ثنا بن سلمة عن ابى العشراء (بضم العين المهملة وفتح الشين المعجمة) عن ابية الخ (غريبة) (8) جاء فى رواية ان النبى صلى اللة علية وسلم قال (وابيك لو طعنت فى فخذها لا جزا عنك) قال اهل العلم بالحديث هذا عند الضرورة كالتردى فى البئر واشباهة (وقال ابو داود) بعد اخراجة هذا لا يصح الا فى المتردية والنافرة والمتوحشة (تخريجة) (الاربعة هق) وقال الترمذى حديث غريب لا نعرفةالا من حديث حماد بن سلمة ولا يعرف لابى العشراء لا يدرى من ابوة ولم يرو عنة غير حماد اه (قلت) قال ابو داود اسم ابو العشراء عطارد بن بكرة ويقال ابن قهطم ويقال اسمة عطارد بن مالك بن قهطم واللة اعلم (9) هذا طرف من حديث طويل تقدم فى الباب السابق بسندة وشرحة وتخريجة وانما ذكرتة هنا لمناسبة الترجمة (10) (سندة) حدثنا يحيى بن زكريا بن ابى زائدة ثنا مجالد عن ابى الوداك عن ابى سعيد الخدرى قال سالنا رسول اللة صلى اللة علية وسلم عن الجنين الخ (غريبة) (11) معناه الاخبار عن ذكاه الجنين بانها ذكاه أمه فيحل بها

كتاب الطب والرقى والعين والعدوى والتشاؤم والفأل

-[ما جاء في أن ما أبين من حى فهو ميتة وما لا يجوز أكله من الذبائح]- (وعنه من طريق ثان) (1) عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال ذكاة الجنين ذكاة أمه (باب في أن ما أبين من حى فهو ميتة وما لا يجوز أكله من الذبائح) (عن أبى هريرة وابن عباس) (2) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا تؤكل الشريطة (3) فإنها ذبيحة الشيطان (4) (عن أبى واقد الليثى) (5) قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وبها ناس يعمدون إلى أليات (6) الغنم وأسنمة الإبل فيجبُّونها (7) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قطع من البهيمة وهى حية فهى ميتة (49) (كتاب الطب والرقى والعين والعدوى والتشاؤم والفأل) (أبواب الطب) * (باب ما جاء في الحث على التداوى وأن لكل داء دواءاً) (عن أنس ابن مالك) (8) قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل حيث خلق الداء خلق الدواء فتداووا (عن جابر بن عبد الله) (9) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال لكل داء دواء: فإذا أصبت دواء الداء

_ كما تحل الأم بها ولا يحتاج الى تذكية والية الجمهور واشترط مالك ان يكون نبت لة شعر وخالف ابو حنيفة فقال لا تغنى تذكية الام عن تذكيتة (1) (سندة) حدثنا ابو عبيدة ثنا يونس بن ابى اسحاق عن ابى الوداك جبر بن نواف عن ابى سعيد عن النبى صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) (د مذ جة قط حب ك) وحسنة الترمذى وصححة ابن حبان وابن دقيق العيد (باب (2) (سندة) حدثنا عتاب ثنا عبد اللة قال انا معمر عن عمرو بن عبد اللة عن عكرمة عن ابى هريرة وابن عباس الخ (غريبة) (3) الشريطة هى الذبيحة التى لا تقطع اوداجها ويستقصى ذبحها وهو من شرط الحجام وكان اهل الجاهلية يقطعون بعض حلقها ويتركونها حتى تموت وانما اضافها الى الشيطان لانة هو الذى حملهم على ذلك وحسن هذا الفعل لديهم وسولة لهم (نة) (4) زاد عند ابى داود (وهى التى تذبح فيقطع الجلد ولا تفرى الاوداج تترك حتى تموت وهذه الزيادة ليست فى الحديث: بل زيادة رواها الحسن بن عيسى احد رواتة كما صرح بة ابو داود فى السنن قالة الشوكانى (تخريجة (د) قال المنذرى فى اصسنادة عمرو بن عبد اللة الصنعانى وهو الذى يقال لة عمرو برق وقد تكلم فية غير واحد (5) (سندة) حدثنا عبد الصمد وحماد بن خالد المعنىقالا ثنا عبد الرحمن ين عبد اللة بن دينار قال عبد الصمد فى حديثة ثنا زيد بن اسلم عن عطاء ابن يسار عن ابى واقد الليثى الخ (غريبة) (6) بفتح الهمزة وسكون الللام جمع الية بفتح الهمزة ايضا (والاسمنة) جمع سنام بفتح المهملة وسنام كل شى اعلاه (7) بفتح الياء التحتية وضم الجيم من باب قتل اى يقطعونها (تخريجة) (د مذ هق) وقال الترمذى هذا حديث حسن غريب لا نعرفة الا من حديث زيد بن اسلم والعمل على هذا عند اهل العلم وابو واقد الليثى اسمة الحارث بن عون اه (قلت) وفية دلالة على ان ما قطع من الحى حكمة حكم الميتة فى تحريم اكلة ونجاستة وفى ذلك تفاصيل ومذاهب مستوفاه فى كتب الفقة واللة اعلم (باب) (8) (سندة) حدثنا يونس ثنا حرب قال سمعت عمران العمى قال سمعت انسا يقول ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم قال الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة رجال الصحيح خلا عمران العمى وقد وثقة ابن حبان وغيرة وضعفة ابن معين وغيرة اه (قلت) فية الامر بالتداوى والاخذ بالاسباب (9) (سندة) حدثنا هارون بن معروف ثنا ابن وهب

-[(كتاب الطب) وقوله صلى الله عليه وسلم تداووا فإن الله لم ينزل داءاً إلا أنزل له شفاءاً]- برأ بإذن الله تعالى (عن زياد بن علاقة) (1) عن أسامة بن شريك رجل من قومه قال جاء أعرابى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي الناس خير؟ قال أحسنهم خلقاً (2) ثم قال يا رسول الله أتتداوى؟ قال تداووا فإن الله لم ينزل داءاً إلا أنزل له شفاءاً (3) علمه من علمه (4) وجهله من جهله (ومن طريق ثان) (5) عن شعبة عن زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك رضى الله عنه قال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه عنده وكأنما على رؤسهم الطير (6) قال فسلمت عليه وقعدت، قال فجاءت الأعراب فسالوه فقالوا يا رسول الله، نتداوى؟ قال نعم تداووا، فإن الله لم يضع داءاً إلا وضع له دواءاً غير داء واحد الهرم (وفى رواية إلا الموت والهرم) (7) قال وكان أسامة حين كبر يقول هل ترون لى من دواء الآن؟ قال وسألوه عن أشياء هل علينا حرج في كذا وكذا (8) قال عباد الله، وضع الله الحرج (9) إلا أمراً اقتضى أمراً مسلماً ظلماً فذلك حرج وهلك (10) قالوا ما خير ما أعطى الناس يا رسول الله؟ قال خلق حسن (عن هلال بن يساف) (11) عن ذكوان عن رجل من الأنصار قال عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً به جرح فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعوا له طبيب بنى فلان، قال فدعوه فجاء فقال يا رسول الله ويغنى الدواء شيئاً؟ فقال سبحان الله وهل أنزل الله من داء في الأرض إلا جعل له شفاءاً (قر) (عن عطاء بن السائب) (12) قال أتيت أبا عبد الرحمن فإذا هو يكوى غلاماً قال قلت تكويه؟ قال نعم هو دواء العرب، قال عبد الله بن مسعود

_ ثنا عمرو بن الحارث عن عبد ربة بن سعيد عن ابى الزبير عن جابر الخ (تخريجة) (م) وغيرة وفية ان الدواء سبب للبرء كما ان الاكل سبب لدفع الجوع ومدار ذلك على تقدير اللة تعالى وارادتة (1) (سندة) حدثنا مصعب بن سلام ثنا الاجلح عن زيادة بن علاقة عن اسامة بن شريك الخ (غريبة) (2) فية ان حسن الخلق من اعظم صفات الانسان (3) جاء فى رواية اخرى من حديث اسامة ايضا عند الامام احمد قال (ندا ووا عباد اللة فان اللة عز وجل لم يترك داءد الا انزل معة شفاء الا الموت والهرم) (4) اى علم الدواء الذى يلزم منة الشفاء من علية اى من علة اللة ذلك وجهلة من لم يرد اللة تعليمة اذا كل شئ بارادتة عز وجل وقدرتة (5) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا عن زيادة بن علاقة الخ (6) اى ساكنون هيبة واصلة ان الغراب يقع على راس البعير فيلقط منة القراض فلا يتحرك البعير لئلا ينفر عنة الغراب قالة فى القاموس (7) الهرم بفتحتين الكبر وقد هرم يهرم فهو هرم: جعل الهرم داءا تشبيها بة لان الموت يتبعة كالا دواء (8) اى اشياء ليس فيها حرج فى الدين (9) اى لقولة تعالى (وما جعل عليكم فى الدين من حرج) (10) بسكون اللام والمعنى الا امرء امظلوما تقاضى حقة من ظالمة يوم القيامة فذلك حرج وهلاك لانة لا يملك ما يفتدى بة غير دفع حسناتة وتحمل سيئات المظلوم ان لم تف حسناتة بحقة وهذا اعظم الحرج والهلاك نعوذ باللة من ذلك (تخريجة) (طل ك والاربعة) مختصرا او مطولا وصححة الترمذى وابن خزيمة والحاكم واقرة الذهبى (11) (سندة) حدثنا اسحاق ابن يوسف عن منصور عن هلال بن يساف الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة رجال الصحيح (12) قر (سندة) قال عبد اللة بن الامام احمد قرات على ابن حدثنا على بن عاصم اخبرنى عطاء بن السائب قال أتيت

-[ما جاء في التداوي بالتكميد والعملاق والسَّعوط واللدود]- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل لم ينزل داءاً إلا وقد أنزل معه دواءاً جهله منكم من جهله وعلمه منكم من علمه (1) (عن عائشة رضى الله عنها) (2) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مكان الكى التكميد (3) ومكان العلاق السَّعوط (4) ومكان النفخ اللدود (5) (عن ابن شهاب) (6) أن أبا خزامة أحد بنى الحارث بن سعد بن هريم حدثه أنه قال يا رسول الله أرأيت دواءاً نتداوى به ورقى نسترقيها (7) وتسقى نتقيها (8) هل يرد ذلك من قدر الله تبارك وتعالى من شئ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه من قدر الله (9) عز وجل (باب النهى عن التداوى بما حرمه الله عز وجل) (عن أبى هريرة) (10) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث (11) يعني السم

_ أبا عبد الرحمن الخ (غريبة) (1) فية اشارة الى ان بعض الادوية لا يعلمة كل واحد (تخريجة) (نس ك) وصححة ابن حبان وسكت عنة الحاكم والذهبى (2) (سندة) حدثنا هشيم ثنا مغيرة عن ابراهيم عن عائشة الخ (غريبة) (3) اى انة يبدل منة ويسد مسدة وهو اسهل واهون (والتكميد) ان تسخن خرقة وتوضح على العضو الوجع ويتابع ذلك مرة بعد مرة ليسكن وتلك الخرقة الكمادة والكماد (4) اى ويجعل السعوط مكان العلاق (والعلاق) بكسر العين المهملة معالجة عذرة الصبى وهو وجع فى حلقة وورم تدفعة امة باصبعها او غيرها فيتاذى منة الصبى وربما احدث ضررا فلو جعل السعوط مكانة لكان انفع واسهل (والسعوط) بالفتح هو ما يجعل من الدواء فى الانف (5) اللدود بفتح اللام من الادوية ما يسقاه المريض فى احد شقى الفم ولديد الفم جانباه كانوا اذا اشتكى احد=هم حلقة نفخوا فية فجعل اللدود مكان النفخ لانة انفع منة (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة رجال الصحيح الا ان ابراهيم لم يسمع من عائشة (6) (سندة) حدثنا هارون ثنا بن هب قال ابرنى عمرو عن ابن شهاب ان ابا خزامة احد بنى الحارث الخ (ولة طريق ثان) عند الامام احمد ايضا قال حدثنا سفيان بن عينة عن الزهرى عن ابن ابى خزامة عن ابية قال قلت يا رسول اللة ارايت دواء نتداوى بة الخ (ولة طريق ثالث ايضا) عند الامام احمد قال حدثنى حسين بن محمد بن يحيى بن ابى بكر عن سفيان بن عيبة عن الزهرى عن ابى خزامة عن ابية الخ (قال عبد اللة بن الامام احمد *) قال ابى وهو الصواب كذا قال الزيدى اه (غريبة) (7) سياتى الكلام على الرقية فى بابها قريبا (8 اى ما انتقى بة ما يرد علينا من الامور التى لا نريد وقوعها بنا (9) اى مخالفة بينهما لان اللة هو الذى خلق تلك الاسباب وجعل لها خاصية فى الشفاء (تخريجة) (جة مذ) وحسنة الترمذى وذكر لة طرقا كما هنا قال وقد روى هذا الحديث غير ابن عيبة عن الزهرى عن ابى خزامة عن ابية قال ةهذا اصح (قلت) وهو الثالث من طرق حديث الباب) قال ولا يعرف لابى خزامة عن ابية غير هذا الحديث اه (قلت) وفى احاديث الباب كلها اثبات الاسباب وان ذلك لا ينافى التوكل على اللة لمن اعتقد انها باذن اللة وبتقديرة وانها لا تنجح بذااراتها بل بما قدرة اللة فيها وان الدواء قد يتغلب داءا اذا قدر اللة ذلك والية الاشارة بقولة فى حديث جابر حيث قال باذن اللة فمدار ذلك كلة على تقدير اللة وارادتة والتداوى لا ينافى التوكل كما لا ينافية دفع الجوع والعطش بالاكل والشرب وكذلك تجنب المهلكات والدعاء بالعافية ودفع المضار وغير ذلك واللة اعلم (10) (سندة) حدثنا وكيع ثنا يونس بن ابى اسحاق عن مجاهد عن ابى هريرة الخ (غريبه) (11)

-[النهي عن التداوي بما حرمه الله عز وجل - وما جاء في الحمى]- (عن طارق بن سويد الحضرمى) (1) قال قلت يا رسول الله إن بأرضنا عناباً نعصرها فنشرب منها؟ (2) قال لا: فراجعته فقال: لا: ثم راجعته فقال لا: فقلت إنا نستشفى بها للمرض، قال إنه ليس بشفاء ولكنه داء (3) عن علقمة بن وائل عن أبيه) (4) أنه شهد النبى صلى الله عليه وسلم وسأله رجل من خثعم يقال له سويد بن طارق (5) عن الخمر فنهاه، فقال إنما هو شئ نصنعه دواءاً، فقال النبى صلى الله عليه وسلم إنما هو داء (عن عبد الرحمن بن عثمان) (6) قال ذكر طبيب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم دواءاً وذكر الضفدع يجعل فيه فنهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قتل الضفدع (باب ما جاء في الحمى وعلاجها) (عن عبد الله بن عمر) (7) عن النبى صلى الله عليه وسلم الحمى من فيح جهنم (8) فابردوها (9) بالماء

_ قال الشوكاني ظاهره تحريم التداوى بكل خبيث والتفسير بالسم مدرج لا حجة فية ولا ريب ان الحرام والنجس خبيثان قالالمارودى وغيرة السموم على اربعة اضرب (منها) ما يقتل كثيرة وقليلة فاكلة حرام للتداوى ولغيرة لقولة تعالى (ولا تلقوا بايديكم الى التهلكة) (ومنها) ما يقتل كثيرة دون قليلة فاكل كثيرة الذى يقتل حرام للتداوى وغيرة والقليل منة ان كان ينفع فى التداوى جاز اكلة تداويا (ومنها) وما يثتل فى الاغلب وقد يجوز ان لا يقتل فحكمة كما قبلة (ومنها) مالا يقتل فى الاغلب وقد يجوز ان يقتل: فذكر الشافعى فى موضع اباحة اكلة وفى موضع تحريم اكلة فجعلة بعض اصحاب على حالين فحيث ابيح اكلة فهو اذا كان للتداوى وحيث حرماكلة فهو اذا كان غير منتفع بة فى التداوى (تخريجة) اوردة صاحب المنتقى وقال رواه (حم م جة مذ) (قلت ورواه ايضا ابو داود) قال قال الزهرى فى ابوال الابل قد كان المسلمون يتداووون بها يرون بها باسا رواه البخارى اه (1) (سندة حدثنا ابو كامل ثنا حماد بن سماك بن حرب عن علقمة بن وائل عن طارق بن سويد الحضرمى الخ (غريبة) (2) يعنى بعد ان تشتد وتصير خمرا (3) فية تصريح بان الخمر ليست بدواء فيحرم التداوى بها كما يحرم شربها وكذلك سائر الامور النجسة او المحرمة والية ذهب الجمهور (تخريجة) (م د جة) (4) (سندة) حدثنا وكيع وحجاج قالا ثنا شعبة عن سماك قال سمعت علقمة بن وائل عن ابية (يعنى وائل بن حجر) انة شهد النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (5) هو طارق بن سويد المذكور فى الحديث السابق وقد جاء فى بعض طرق هذا الحديث بالشك فقيل طارق بن سويد او سويد بن طارق والارجح انة طارق بن سويد لانة جاء فى مسلم هكذا وترجم لة الامام احمد فقال حديث طارق بن سويد (تخريجة) (م د مذ) (6 هذا الحديث تقدم بسندة وشرحة وتخريجة فى باب مالا يجوز قتلة من الحيوان من كتاب القتل والجنايات فى الجزء السادس عشر صحيفة 27 رقم 85 فارجع الية (باب) (7) (سندة) حدثنا يحيى بن عبيد الللة حدثنى نافع عن عبد اللة بن عمر الخ (غريبة) (8) الفيح سطوع الحر وفورانة ويقال بالواو وفاحت القدر تفيح وتفوح اذا غلبت (نة) واختلف فى نسبة الحمى الى جهنم فقيل حقيقة واللهب الحاصل فى جسم المحموم قطعة من جهنم وقدر اللة ظهورها باسباب تقتضيها ليعتبر العباد بذالك كما ان انواع الفرح واللذة من نعيم الجنة اظهرها فى هذة الدار عبرة ودلالة (وقيل) بل الخبر ورد التشبية والمعنى ان حر الحمى شبية بحر جهنم تنبيها للنفوس على شدة حر النار وان هذة الحرارة الشديدة شبية بفيحها وهو ما يصيب من قرب منها من حرها والله أعلم (9) قال

-[كيفية تبريد الحمى وقوله صلى الله عليه وسلم إذا أحسستم بالحمى فأطفئوها بالماء البارد]- (وعنه أيضاً) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحسستم بالحمى فأطفئوها (2) بالماء البارد (عن رافع بن خديج) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الحمى فور (4) جهنم (وفى لفظ من فور جهنم) فأبردوها بالماء (وعن أبى بشير الأنصارى) (5) عن النبى صلى الله بمثله (عن أبى جمرة) (6) قال كنت ادفع الناس عن ابن عباس رضى الله عنهما فاحتبست أياماً فقال ما حبسك؟ قلت الحمى، قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الحمى من فيح جهنم فابردوها بماء زمزم (7) (عن عائشة رضى الله عنها) (8) عن النبى صلى الله عليه وسلم إن الحمى أو شدة الحمى من فيح جهنم فابردوها بالماء (عن جابر بن عبد الله) (9) قال استأذنت الحمى على النبى صلى الله عليه وسلم فقال من هذه؟ قالت أم ملدم (10) قال فأمر بها إلى أهل قباء (11) فلقوا منها ما يعلم الله فأتوه فشكو ذلك إليه، فقال ماشئتم، إن شئتم أن أدعوا الله لكم فيكشفها عنكم، وإن

_ الحافظ المشهور فى ضبطها بهمزة وثصل والراء مضمومة وحكى كسرها يقال بردت الحمى ابردها بردا بوزن قتلها اقتلها قتلا اى اسكنت حرارتها وحكى القاضى عياض رواية بهمزة قطع مفتوحة وكسر الراء من ابرد الشئ اذا عالجة فصيرة باردا مثل اسخنة اذا صيرة سخنا وقد اشار اليها الطابى: وقال الجوهرى انها لغة رديئة اه ووقع فى حديث بن عمر التالى بلفظ (فاطفئوها) بهمزة قطع ثم طاء مهملة وفاء مكسورة ثم همزه امر من الاطفاء بالماء واولى ما يحمل علية كيفية تبريد الحمى ما صنعتة اسماء بنت الصديث فانها كانت ترش على بدن المحموم شيئا من الماء بين يدية وثوبة فيكون ذلك من باب النشرة المأذون فيها والصحابى لا سيما مثل اسماء التى هى ممن كان ليلازم بيت النبى صلى اللة علية وسلم اعلم بالمراد من غيرها (تخريجة) (ف نس جة) (1) (سندة) حدثنا هاشم ثنا جسر ثنا سليط عن ابن عمر قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (2) بقطع الهمزة وكسر الفاء بعدها همزة مضمومة امر باطفاء حرارتها (بالماء البارد) شربا وغسل الاطراف: ولفظ البارد ليس عند البخارى وجاء عند ابن ماحة من حديث ابى هريرة (تخريجة) (ق نس) (3 (سندة) حدثنا عفان ثنا ابو الاحوص قال ثنا سعيد بن مسروق عن عباية ابن رفاعة عن جدة رافع بن خديج الخ (غريبة) (4) بفتح الفاء وسكون الواو وبالراء وفى اللفظ الاخر من حديثة ايضا (من فور جهنم) قال الحافظ والمراد سطوع حرها ووهجة (تخريجة) (ق مذ جة) (5) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن حبيب الانصارى قال سمعت ابن ابى بشير وابنة ابى بشير يحدثان عن ابيهما عن النبى صلى اللة علية وسلم انة قال فى الحمى ابردوها بالماء فانها من فيح جهنم (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفية راو لم يسم وبقية رجالة ثقات (6) (سندة) حدثنا عفان ثنا همام انا ابو جمرة قال كنت ادفع الناس الخ (غريبة) (7) جاء فى احاديث الباب فابردوها بالماء وهو مفيد ان كل ماء يصح الابراد بة وانما نص فى هذا الحديث على ماء زمزم لاهل مكة لتيسيرة عندهم اكثر من غيره اما غيرهم فبما عندهم من ماء واللة اعلم (تخريجة) (خ) (8) (سندة) حدثنا يحيى عن هشام قال اخبرنى ابى عائشة الخ (تخريجة) (مذ) وصححة (9) (سندة) حدثنا ابو معاوية ثنا الاعمش عن ابى سفيان عن جابر الخ (غريبة) (10 هى كنية الحمى والميم الاولى مكسورة زائدة والدمت علية الحمى اى دامت وبعضهم يقولها بالذال المعجمة (نة) (11) قباء موضع بقرب مدينة النبى صلى اللة علية وسلم من جهة الجنوب نحو ميلين وهو بضم القاف يقصر ويمد ويصرف ولا يصرف (مصباح)

-[ثواب من صبر على مرض الحمى وما يقول من أصيب بها]- شئتم أن تكون لكم طهورا (1) قالوا يا رسول الله أو تفعل؟ قال نعم، قالوا فدعها (عن أسماء) (2) أنها كانت إذا أتيت (3) بالمرأة لتدعو لها صبت الماء بينها وبين جبيبها (4) وقالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نبرّدها (5) بالماء وقال إنها من فيح جهنم (عن أبى أمامة) (6) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال الحمى من كير جهنم (7) فما أصاب المؤمن منها كان حظه (8) من النار (عن ابن عباس) (9) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمنا من الحمى والأوجاع، بسم الله الكبير، أعوذ بالله من شر عرق نعَّار (10) ومن شر حر النار (عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) (11) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال إذا أصاب أحدكم الحمى وإن الحمى قطعة من النار (12) فليطفئها عنه بالماء البارد، وليستقبل نهراً جارياً (13)

_ (1) بفتح الطاء اى مطهرة لكم الذنوب (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد وسندة حسن (2) (سندة) حدثنا ابن نمير عن هشام عن فاطمة بنت المنذر عن اسماء (يعنى بنت ابى بكر رضى اللة عنها الخ) (غريبة) (3) بضم الهمزة مبنيا للفعول ولفظ البخارى (كانت اذا اتيت بالمراه قد حمت بضم الحاء وفتح الميم المشددة (تدعو لها اخذت الماء فصبتة بينها وبين جيبها) (4) بفتح الجيم وكسر الموحدة بينهما تحتية ساكنة وهو ما يكون مفرجا عن الثوب كالطوق والكم (5) بضم النون وفتح الموحدة وكسر الراء مشددة وفية كيفية تبريد الحمى المطلق فى الاحاديث السابقة والصحابى ولاسيما اسماء بنت ابى بكر التى كانت ممن يلزم بيتة صلى اللة علية وسلم اعلم بمرادة من غيرة (تخريجة) (ق مذ نس جة) (6) (سندة) حدثنا يزيد هو ابن هارون انا محمد بن مطرف عن ابى الحصين عن ابى صالح الاشعرى عن ابى امامة الخ (غريبة) (7) اى حقيقة ارسلت منها الى الدنيا نذيرا للجاحدين وبشيرا للمققربين انها كفارة لذنوبهم او حرها سبية بحر كير جهنم (8) قال الزين العراقى انما جعلت حظة من النار لما فيها من الحر والبرد المغير للجسم وهذة صفة جهنم اه وقيل هى طهور من الذنوب وتذكيرة للمؤمن من بنار جهنم كى يتوب (تخريجة) (طب) والبيهقى فى شعب الايمان (قال المنذرى) اسناد احمد لا باس بة وقال الهيثمى فية ابو الحصين الفلسطينى وام ار لة روايا غير محمد بن مطرف اه (قلت) محمد بن مطرف ثقة من رجال الكتب الستة (9) (سندة) حدثنا ابو القاسم قال اخبرنى ابن ابى حبيبة عن داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباش الخ (غريبة) (10) بفتح النون وتشديد المهملة قال فى النهاية نعر العرق بالدم اذا ارتفع وعلا وجرح نعار ونعور اذا صوت دمة عند خروجة (تخريجة) (مذ جة) وقال الترمذى هذا حديث غريب لا نعرفة الا من حديث ابراهيم بن اسماعيل بن ابى حبيبة وابراهيم يضعف فى الحديث اه (قلت) الحديث اخرجة ايضا (ك هق ش) وابن ابى الدنيا وابن السنى فى عمل اليوم والليلة وصححة الحاكم واقره الذهبى وقال ابراهيم قد وثقة احمد اه وابراهيم المشار الية هو ابن اسماعيل بن ابى حبيبة وقد جاء فى المسند منسوبا الى جدة واللة اعلم (11) (سندة) حدثنا روح ثنا مرزوق ابو عبد اللة الشامى ثنا سعيد رجل من اهل الشام ثنا ثوبان مولى رسول اللة صلى اللة علي وسلم الخ (غريبة) (12) اى لشدة ما يلقى المريض فيها من الحرارة الظاهرة والباطنة (وقال الطيى) جواب اذا (فليعلم انها كذلك) (13) جاء عند الترمذى بلفظ (فليستنقع فى نهر جار) بيان للاطفاء قال فى القاموس استنقع فى الغدير نزل واغتتسل كانة ثبت فية ليتبرد اه (وقولة يستقبل جرية الماء) بكسر الجيم قال الطيى يقال ما أشد

-[كيفية التداوي من الحمى - وما جاء في الحجامة والقسط البحرى ومنافعه]- يستقبل جرية الماء فيقول باسم الله اللهم أشف عبدك وصدِّق (1) رسولك بعد صلاة الفجر قبل طلوع الشمس فيغتمس فيه ثلاث غمسات (2) ثلاثة أيام فإن لم يبرأ في ثلاث فخمس (3) فإن لم يبرأ في خمس فسبع (4) فإن لم يبرأ في سبع فتسع فإنه لا يكاد يجاوز التسع بإذن الله تعالى (عن أم طارق مولاة سعد بن عبادة) (5) قالت جاء النبى صلى الله عليه وسلم إلى سعد فاستأذن فكست سعد، ثم أعاد فسكت سعد، ثم عاد فسكت فانصرف النبى صلى الله عليه وسلم قالت فأرسلنى إليه سعد أنه لم يمنعنا أن نأذن لك إلا أنّا أردنا أن تزيدنا (6) قالت فسمعت صوتاً على الباب يستأذن ولا أرى شيئاً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أنت قال أم ملدم (7) قال لا مرحباً بك ولا أهلاً أتهدين (8) إلى أهل قبا؟ قالت نعم، قال فاذهبى إليهم (باب) ما جاء في الحجامة وفوائدها وأوقاتها) (عن حميد) (9) قال سئل أنس عن كسب الحجام (10) قال احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم حجمه أبو طيبة فأمر له بصاع من شعير وكلم مواليه أن يخففوا عنه من ضريبته وقال أمثل (11) ما تداويتم به الحجامة والقسّط البحرى (12)

_ جرية هذا الماء بالكسر (1) بفتح اولة وتشديد المهملة مكسورة اى اجعل قولة هذا صادق بان تشفينى ذكرة الطيى (2) بفتحتان (3) بالرفع قال الطيى اى فالايام التى ينبغى ان ينغمس فيها مس اة فالمرات خمس اه (4) اى بالرفع كما تقدم وكذلك قولة (فتسع) بالرفع ايضا (تخريجة) (مذ) وقال هذا حديث غريب وفى بعض النسخ حسن غريب اه وقال فى المرقاه اخرجة احمد وابن ابى الدنيا وابن السنى وابو نعيم (قلت) وعزاه الحافظ السيوطى فى الجامع الكبير الى الطبرانى فى الكبير والضياء المقدسى وفى اسنادة رجل يم يسم (5) (سندة) حدثنا يعلى بن عبيد قال ثنا الاعمش عن جعفر بن عبد الرحمن الانصارى عن ام طارق مولاة سعد بن عبادة الخ (غريبة) (6) جاء فى بعض الروايات فقال سعد ائتى رسول اللة صلى اللة عليةوسلم فاقرئى علية السلام واخبرية انا سكتنا عنة رجاء ان يزيدنا يعنى من السلام (7) جاء فى رواية قالت انا ام ملدم (8) اى اتقصدين (تخريجة) الحديث رجالة ثقات قال الحافظ فى الاصابة ام طارق مولاة سعد بن عبادة الانصارى سيد الزرج لها حديث اوردة احمد وابن سعد وابو بكر بن ابى شيبة والحسن بن سفيان وابن ابى عاصم والحسن المروزى فى زيادات البز واالصلة من طريق الاعمش عن جعفر بن عبد الرحمن عن ام طارق مولاة سعد فذكر الحديث ثم قال واخرجة ابن ابى الدنيا فى المرض والكفارات من هذا الوجة اه (قلت) لم يكن لام طارق هذه فى السند سوى هذا الحديث وتقدم سبب اختبار النبى صلى اللة علية وسلم ام ملدم لاهل قباه فى حديث جابر المتقدم فى هذا الباب واللة اعلم (باب) (9) (سندة) حدثنا يحيى بن سعيد عن حميد قال سئل انس الخ (غريبة) (10) جاء عند البخارى (عن اجر الحجام) (11) كافضل وزنا ومعنى (قال فى زاد العاد) الحجامة فى الازمان الحارة والامكنة الحارة والابدان الحارة التى دم اصحابها فى غاية النضج انفع يعنى من الفصد والفصد بالعكس ولذا كانت الحجامة انفع للصبيان ولمن لا يقوى على الفصداه (12) القسط يضم القاف (البحرى) بسكون الحاء المهملة قال العلماء بخور معروف وهو فارسى معرب واحترز بالبحرى وهو مكى ابيض عن الهندى وغيرة وهو اسود والاول هو الاجود وقال بعض الاطباء القسط ثلاثة انواع مكى وهو عربي أبيض

-[فوائد الحجامة وبيان أوقاتها]- (عن ابن عباس) (1) قال احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأخدعين (2) وبين الكعبين (وعنه أيضاً) (3) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال خير يوم تحتجمون فيه سبع عشرة (4) وتسع عشرة وإحدى وعشرين (5) وقال وما مررت بملأ (6) من الملائكة ليلة أسرى بى إلا قالوا عليك بالحجامة يا محمد (7) (عن أنس بن مالك) (8) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال خير ما تداويتم به الحجامة والقسّط البحرى ولا تعذبوا صبيانكم بالغمز (9) (وعنه أيضاً) (10) أن النبى صلى الله عليه وسلم احتجم على الأخدعين

_ وشامي وهندي وهو اسود واجودها الابيض وهو ينفع للرعشة واسترخاء العصب وعرق النسا ويلين الطبع وبنفع نهش الهوام قال فى القاموس القسط بالضم عود هندى وعربى مدر نافع للكبد جدا وللمغص والدود وحمى الربع شربا وللزكام والنزلات والوباء بخورا وللبهق والكلف طلاء ا (تخريجة) (ق نس مذ) (1) (سندة) حدثنا وكيع ثنا شفيان عن جابر عن عامر عن ابن عباس الخ (غريبة) (2) قال اهل اللغة الاخدعان عرقان فى جانبى العنق بحجم منة (قال ابن القيم) فى الهدى الحجامة على الاخدعين تنفع من امراض الراس واجزائة كاوجة والاسنان والاذنين والعبنبن والانف اذا كان حدوث ذلك من كثرة الدم او فسادة او منهما جميعا قال والحجامة لاهل الحجاز والبلاد الحارة لان دماءهم رقيقة وهى اميل الى ظاهر ابدانهم لجذب الحرارة الخارجة الى سطح الجسد واجتماعها فى نواحى الجلد ولان مسام ابدانهم واسعة ففى الفصد لهم خطر (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد وفية جابر الجعفى وهو ضعيف وقد وثق (3) (سندة) حدثنا يزيد انا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس عن النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (4) اى من الشهر وكذا تسع عشرة واحدى وعشرين يعنى من الشهر وقولة (سبع عشره) وما بعدة جعل مونثا والظاهر يعطى ان يكون مذكرا لانة خير عن يوم والوجة فى تانيثة انة حمل على الليل لان التارخ بة يقع واليوم تبع لة ولهذا قال احدى على معنى الليلة (5) هو فى هذة الرواية (وعشرين) بالنصب والجيد ان يكون مرفوعا (6) اى جماعة (7) اى الزمها وامر امتك بها كما فى حديث اخر وذلك دلالة على فضلها وبركة نفعها (تخريجة) (مذ) مطولا وقال هذا حديث حسن غريب لا نعرفة الا من حديث عباد بن منصور اه (قلت) واخرجة ايضا الحاكم مفرقا فى حديثين وقال فى كل منهما صحيح واقره الذهبى وصححة ايضا الحافظ السيوطى اما عباد بن منصور فقد ذكرة الحافظ فى التقريب عباد بن منصور الناجى بالنون والجيم ابو سلمة البصرى القاضى بهما صدوق رمى بالقدر وكان يدلس وتغيرة بارة اه وفى الخلاصة قال القطان ثقة لا ينبغى ان يترك حديثة لراى اخطا فية يعنى القدر: وقال ابو زرعة لين وضعفة ابو حاتم واللة اعلم (8) (سندة) حدثنا ابن ابى عدى عن حميد عن انس الخ (غريبة) (9) اى بالعصر بالمد زاد البخارى (من العذرة) التى هى قرحة تخرج بين الانف والحلق وكانت المراه تاخذ خرقة فتفتلها فتلا يدا وتدخلها فى حلق الصبى وتعصر علية فينفجر منة دم اسود وربما رقرحتة فحذرهم النبى صلى اللة علية وسلم من ذلك وارشدهم الى استعمال ما فية دواء ذلك من غير الم: وسياتى بيان هذا الدواء وكيفية استعمالة فى باب معالجة الاطفال من العذرة بعد ثلاثة ابواب (تخريجة) (خ) وغيرة * (10) (سندة) حدثنا وكيع بن جرير بن حازم عن قتادة عن أنس الخ

-[الحجامة من خير ما تداوى به الناس - وما جاء في وجع الرأس والرجلين]- وعلى الكاهل (1) (وعنه أيضاً) (2) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجم ثلاثاً، واحدة على كاهله واثنتين على الأخدعين (عن أبى هريرة) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن كان في شئ مما تداوون به خير ففى الحجامة (عن سمرة بن جندب) (4) قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا الحجام فأتاه بقرون (5) فألزمه إياها قال عفان (6) مرة بقرن ثم شرطه بشفرة فدخل أعرابى من بنى فزارة أحد بنى جذيمة فلما رآه يحتجم ولا عهد له بالحجامة ولا يعرفها قال ما هذا يا رسول الله؟ على م تدع هذا يقطع جلدك؟ قال هذا الحجم، قال وما الحجم؟ قال هذا من خير ما تداوى به الناس (عن عاصم بن عمر بن قتادة) (7) أن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما عاد المقَّنع (8) فقال لا أبرح حتى تحتجم فإنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن فيه الشفاء (عن سلمى) (9) خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ما سمعت أحداً يشكو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجعاً في رأسه إلا قال احتجم: ولا وجعاً في رجليه إلا قال احصبهما بالحناء (عن أبى الزبير عن جابر) (10) أن أم

_ (غريبه) (1) تقدم ان الاخدعين عرقان فى جانبى العنق اما الكاهل فهو ما بين الكتفين وهو مقدم الظهر (تخريجة) (دمذ جة) وزاد الترمذى (وكان يحتجم لسبع عشره واحدى وعشرين) وقال هذا الحديث حسن غريب اه (قلت) ونقل المنذرى تحسين الترمذى واقره وقال النووى عند الكلام على هذا الحديث رواه ابو داود باسناد صحيح على شرط البارى ومسلم وصححة الحاكم ايضا ولكن ليس فى حديث ابى داود المذكور الزيادة وهى قولة وكان يحتجم لسبع عشرة الخ (2 (سندة) حدثنا بهز ثنا جرير بن حازم قال سمعت قتادة يحدث عن انس بن مالك قال كان رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد بهذا اللفظ وهو كالذى قبلة وفية زيادة عدد مرات الحجامة وسنده حسن (3) حدثنا عفان حماد بن سلمة ثنا محمد بن عمرو عن ابى سلمة عن ابى هريرة الخ (تخريجة) (د جة) وسكت عنة ابو داود والمنذرى وسندة جيد (4) حدثنا عفان ثنا ابو عوانة ثنا عبد الملك بن عمير عن حصين بن ابى الحر عن سمرة بن جندب الخ (غريبة) (5) جمع قرن وهو الالة التى يجتمع فيها دم الحجامة عند المص تكون من قرون البقر (وقولة فالزمة اياها) معناه انة الصق الة الحجم بالموضع الذى يريد الحجامة فية (6) هو شيخ الامام احمد الذى روى هذا الحديث يريد انة قال مرة فاتاه بقرون وقال مرة قاتا بقرن بفتح القاف وسكون الراء قال فى النهاية هو اسم موضع فاما هو الميقات او غيرة (قلت يعنى ميقات الحج لاهل نجد المسمى بقرن المنازل) قال وقيل هو قرن ثور جعل كالحجمة اه (قلت) والظاهر الثانى واللة اعلم (تخريجة) اخرجة ابو داود الطيالسى مختصرا بدون القصة واوردة الهيثمى وقال رواه الطبرانى ورجالة رجال الصحيح خلا حصين بن ابى الحر وهو ثقة (7) حدثنا هارون بن معروف ثنا ابن وهب اخبرنى عمرو ان بكيرا احدثة ان عاصم بن عمر بن قتادة حدثة ان جابر الخ (غريبة) (8) بضم الميم وفتح القاف وتشديد النون مفتوحة اسم رجل جاء غير منسوب والظاهر انة كان مريضا (تخريجة) (م) (9) (سندة) حدثنا ابو عامر ثنا عبد الرحمن يعنى ابن ابى الموالى عن ايوب بن حسن بن على رافع عن جدتة سلمى (يعنى زوج ابى رافع) الخ (تخريجة) (دمذ جة) ورجالة ثقات (10) (سندة) حدثنا حجين ويونس قالا حدثنا الليث بن سعد

-[ما جاء في التداوي بالكى وكراهة النبى صلى الله عليه وسلم له]- سلمة استأذنت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في الحجامة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا طيبة أن يحجمها، قال حسبت أنه كان أخاها من الرضاعة أو غلاماً لم يحتلم (1) (باب ما جاء في جواز التداوى بالكى وكراهة النبى صلى الله عليه وسلم له) (عن جابر بن عبد الله) 02) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن كان أو إن يكن في شئ من أدويتكم خير ففى شرطة محجم (3) أو شربة عسل: أو لذعة بنار توافق داءاً: وما أحب أن أكتوى (4) (عن عقبة بن عامر) (5) الجهنى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثاً، إن كان في شئ شفاء ففى شرطة محجم، أو شربة عسل، أو كية تصيب ألماً: وأنا أكره الكى ولا أحبه (عن ابن عباس) (6) قال الشفاء في ثلاثة (7) شربة عسل وشرطة محجم وكية نار وأنهى أمتى عن الكى (عن عبد الله) (8) قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في رجل (زاد في رواية يشتكى) نستأذنه أن نكويه فسكت، ثم سألناه مرة أخرى فسكت، ثم سألناه الثالثة فقال أرضفوه (9)

_ عن أبي الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد اللة) الخ (غريبة) (1) فية اشارة الى انة لا يجوز للرجل غير المحرم ان يحجم المرأه الاجنبية الا اذا كان صبيا لم يبلغ الحلم (تخريجة) (م جة) (باب) (2) (سندة) حدثنا محمد بن عبد اللة بن الزبير وهو ابو احمد الزبيرى قال انا عبد الرحمن يعنى ابن الغسيل عن عاصم ابن عمرو بن قتادة عن جابر بن عبد اللة الخ (غريبة) (3) بوزن منبر المراد بالحجم هنا الحديدة التى يشرط بها موضع الحجامة ليخرج الدم (4) فية اشارة الى تاخير العلاج بالكى حتى يضطر الية لما فية من استعمال الالم الشديد فى دفع الم قد يكون اضعف من الم الكى وما جاء فى هذا الحديث يعتبر من بديع الطب عند اهلة (قال النووى) لان الامراض الامتلائية دموية او صفراوية او سوداوية او بلغمية فان كانت دموية فشفاؤها اخراج الدم وان كانت فى الثلاثة الباقية فسفاؤها بالاسهال بالمسهل اللائق بكل خلط منها فكأنة نبة صلى اللة علية وسلم بالعسل على المسهلات وبالحجامة على اخراج الدم بها وبالفصد ووضع العلقة وغيرها بما فى معناه وذكر الكى لانة يستعمل عند عدم نفع الادوية المشروبة ونحوها فاخر الطب الكى (تخريجة) (ق) وغيرهما (5) (سندة) حدثنا على بن اسحاق انا عبد اللة انا سعيد ابن ابى ايوب قال ثنا عبد اللة بن الوليد عن ابى الخير عن عقبة الجهنى ال (تخريجة) (طح) وفية من لم اعرفة ويويدة ما قبلة (6) (سندة) حدثنا مروان بن عجاع قال ما احفظة الا سالما الافطس الجرى بن عجلان حدثنى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبة) (7) ظاهر هذه العبارة ان الحديث موقوف على ابن عباس ولكن قولة فى اخرة (وانهى امتى عن الكى) يدل على رفعة: على انة جاء مرفوعا عند البخارى وابن ماجة (تخريجة) (خ جة) (8) (سندة) حدثنا سليمان بن داود ثنا زهير ابو اسحاق عن ابى الاحوص عن عبد اللة (يعنى ابن مسعود) قال اتينا الخ (غريبة) (9) الرضف الحجارة الحماه على النار واحدتها رضفة فمعنى قولة صلى اللة علية وسلم ارضفوة اى كمدوة بالرضف (وقولة كانة غضبان) فية اشارة الى انة صلى اللة علية وسلم لم ياذن لهم بالكى الا بعد الحاحهم وكانة لم يجد لة دواءا الا الكى فاذنة لهم وهو كارة لما فى الكى من الالم واللة اعلم (تخريجة) (ك) وسندة صحيح وصححة الحاكم واقرة الذهبى واوردة الهيثمى من طريق عبيدة بن عبد اللة بن مسعود عن ابية وعزاه للطبراني فقط

-[من اكتوى من الصحابة في عصر النبى صلى الله عليه وسلم]- إن شئتم كأنه غضبان (عن أنس) (1) قال كوانى أبو طلحة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا فما نهيت عنه (عن جابر بن عبد الله) (2) قال رمى أبيّ بن كعب يوم أحد بسهم فأصاب أكحله (3) فأمر النبى صلى الله عليه وسلم فكوى على أكحله (وعنه من طريق ثان) (4) قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بن كعب طبيباً فقطع له عرقاً (5) ثم كواه عليه (وفى رواية) فكواه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده (6) (وعنه أيضاً) (7) قال رمى سعد بن معاذ في أكحله فحسمه (8) رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده بمشقص ثم ورمت فحسمه الثانية (عن عمرو بن شعيب) (9) عن أبيه عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال كوى رسول الله صلى الله عليه وسلم سعداً أو أسعد بن زرارة فى حلقه من الذُّبحة (10) وقال لا أدع في نفسى حرجاً من سعد أو أسعد بن زرارة (عن جابر) (11) عن أبي بن كعب رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كواه (عن ابن شهاب) (12) أن أبا أمامة أسعد بن سهل بن حنيف أخبره عن أبى أمامة أسعد بن زرارة وكان أحد النقباء يوم العقبة أنه أخذته الشوكة (13) فجاءه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده

_ فقال رواه الطبراني ورجالة ثقات الا ان ابا عبيدة لم يسمع من ابية ولا ادرى لم لم يعزة للامام احمد مع صحة طرقة عندة فقد رواه غير مرة من طريق ابى اسحاق عن ابى الاحوص عن عبد اللة بن مسعود وهذا الطريق صحيح وعادة الهيثمى ان يقدم رواية الامام احمد فى مثل هذا فيحتمل انة سها عن ذلك والكمال للة وحدة (1) (سندة) حدثنا سليمان بن داود ثنا عمران عن قتادة عن انس (يعنى ابن مالك) الخ (تخريجة) (ك طل) وسندة حسن وصححة الحاكم واقره الذهبى (2) (سندة) حدثنا هشيم قال انا الاعمش عن ابى سفيان عن جابر بن عبد اللة الخ (غريبة) (3) الاكحل عرق فى وسط الذراع يكثر فصدة (نة) (4) (سندة) حدثنا ابو معاوية ثنا الاعمش عن ابى سفيان عن جابر قال بعث رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (5) استدل بذلك على ان الطبيب يداوى مما ترجح عنده وانما كواه بعد القطع لينقطع الدم الخارج من العرق (6) فى الطرث الثانية ان الطبيب هو الذى كواه وفى هذة الرواية ان النبى صلى اللة عليو وسلم كواه بيدة ولا منافاه لا حتمال ان النبى صلى اللة علية وسلم كواه اولا قبل قطع العرق رافة بة ورجا زوال العلة بذلك فلما لم تزل ارسل لة الطبيب واللة اعلم (تخريجة) اخرج الطريق الثانية منة الحاكم واخرجة مسلم بجميع طرقة ما عدا قولة (بيدة) (7) (سندة) حدثنا هاشم ثنا زهير ثنا ابو الزبير عن جابر قال رمى سعد بن معاذ الخ (غريبة) (8) اى كواه ليقطع دمة واصل الحسم القطع (والمشقص) بوزن منبر قال فى النهاية هو نصل السهم اذا كان طويلا غير عريض (تخريجة) (م ك) وابن ماجة بمعناه (9) (سندة) حدثنا حسن بن موسى قال ثنا زهير عن ابى الزبير عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) (10) الذمجة بضم الذال المعجمة وفتح الموحدة وقد تسكن وجع يعرض فى الحلق من الدم وقيل هى قرحة تظهر فية فيفسد معها وينقطع النفس فتقتل (نة) (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة ثقات (11) (سندة) حدثنا حجاج بن يوسف ثنا شعبة عن الاعمش عن ابى سفيان عن جابر (يعنى ابن عبد اللة) الخ (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد ورجالة رجال الصحيح (12) هى حمرة تعلو الوجة والجسد يقال منة شيك الرجل فهو مشتوك (نه)

-[المستحب أن لا يتداوى بالكى إلا إذا لم يفد غيره]- فقال بئس الميت ليهود مرتين سيقولون لولا دفع عن صاحبه ولا أملك له ضراً ولا نفعاً ولأتمحلن (1) له فأمر به وكوى بخطين فوق رأسه، فمات (عن عمران بن حصين) (2) قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الكى فاكتوينا فما أفلحنا ولا أنجحنا (3) (عن المغيرة بن شعبة) (4) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال من اكتوى أو استرقى (5) فقد برئ من التوكل. (أبواب ما وصفه النبى صلى الله عليه وسلم من الأدوية وخواص أشياء) (باب ما جاء في العجوة والكمأة والحبة السوداء ومنافعها) (عن عامر بن سعد عن أبيه) (6) يعنى سعد بن أبى وقاص

_ (1) أي أحاول دفع المرض عنة بقدر الامكان (تخريجة) (ك عب طب) ورواه الترمذى مختصرا من حديث انس ان النبى صلى اللة علية وسلم كوى اسعد بن زرارة من الشوكة وقال هذا الحديث حسن غريب واوردة الهيثمى بنحو حديث الباب وقال رواه الطبرانى وفية زمعة بن صالح وقد ضعفة الجمهور ووثقة ابن معين فى رواية وضعفة فى غيرها اه (قلت) ورواه الحاكم من طريق عبد اللة بن وهب اخبرنى يونس عن ابن شهاب عن ابى امامة بن سهل ابن حنيف ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم عاد اسعد بن زرارة وبة الشوكة فذكر الحديث وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين اذا كان ابو امامة عندهما فى الصحابة ولم يخرجاه (قلت) واقرة الذهبى قال لان ابا امامة بن سهل عندهما من الصحابة (2) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة ويزيد انا شعبة عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين الخ (غربية) (3) من الانجاح اى فما فزنا ولا صرنا ذا نجح وعند ابى داود فما افلحن ولا انجحن بنون الاناث فيهما يعنى تلك الكيات التى اكتوينا بهن وخالفنا النبى صلى اللة علية وسلم فى فعلهن وعلى هذا فالتقدير فاكتوينا كيات لاوجاع فما افلحن ولا انجحن (تخريجة) (د مذ جة) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح وقال الحافظ سندة قوى (4) (سندة) حدثنا اسماعيل انا ليث عن مجاهد عن العفار بن المغيرة بن شعبة عن ابية عن النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (5) سياتى الكلام على الرقى فى باب مالا يجوز من الرقى والتمائم (تخريجة) (جة مذ) وصححة الترمذى وابن حيان والحاكم وفى هذا الحديث والذى قبلة النهى عن الكى وفى غيرهما من احاديث الباب جوازة والرخصة فية قال الحافظ ابن القيم فى الهدى احاديث الكى التى فى هذا الباب قد تضمنت اربعة اشياء (احدهما) فعلة (ثانيها) عدم محبتة (ثالثها) الثناء على من تركة (يعنى الحديث يدخل الجنة من امتى سبعون الفا بغير حساب هو الذين لا يسترقون ولا يتطيرون ولا يكتوون وعلى ربهم يتوكلون وسياتى مطولا فى باب مالا يجوز من الرقى والتمائم قريب) (رابعهما) النهى عنة ولا تعارض فيها محمد اللة فان فعلة يدل على جوازة وعدم محبتة لا يدل على المنع منة والثناء على تاركية يدل على ان تركة افضل والنهى عنة اما على سبيل الاختيار من دون علة او عن النوع الذى يحتاج معة الى كى اه (وقيل) الجمع بين هذة الاحاديث ان المنهى عنة الاكتواء ابتدا قبل حدوث العلة كما يفعلة الاعاجم والمبارح هو الاكتواء بعد حدوث العلة واللة اعلم (باب) (6) (سندة) حدثنا ابو عامر ثنا قليح عن عبد اللة بن عبد الرحمن بن معمر قال حدث عامر بن سعد بن عبد العزيز وهو امير على المدينة ان سعدا (يعنى البن ابى وقاص) قال قال رسول اللة صلة اللة علية وسلم من اكل سبع تمرات عجوة الخ (تمرات) بالتوين (وعجوة) بالنصب عطف بيان او صفة لتمرات ولابى ذر تمرات عجوه باضافة تمرات للعجوة كثياب خز

-[ما ورد في الكمأة وعجوة المدينة المنورة ومنافعها]- قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أكل سبع تمرات عجوة مما بين لابىّ (1) المدينة على الريق (2) لم يضره يومه ذلك شئ حتى يمسى، قال فليح وأظنه قال وإن أكلها حين يمسى لم يضره شئ حتى يصبح، فقال عمر انظر يا عامر ما تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أشهد ما كذبت على سعد وما كذب سعد على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (عن سعد) (3) أيضاً قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تصبح بسبع تمرات من عجوة لم يضره ذلك اليوم (4) سم ولا سحر (عن أبى هريرة) (5) أن أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم تذاكروا الكمأة (6) فقالوا هى جدرى (7) الأرض وما نرى أكلها يصلح، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الكمأة من المن (8) وماؤها شفاء للعين

_ (غريبه) بالتخفيف تثنية لابة وهى الحرة والحرة بفتح المهملة وتشديد الراء مفتوحة الارض التى فيها حجارة سود والمعنى من اكل سبع تمرات عجوه من النخل الذى بين حارتى المدينة لكونها واقعة بين حرتين (2) زاد مسلم حين يصبح لم يضرة سم حتى يمسى وهذا اخر الحديث عند مسلم (تخريجة) (م. وغيرة) وليس عند مسلم كلام فليح الى اخر الحديث (3) (سندة) حدثنا عبد اللة بن نمير ثنا هاشم عن عائشة بنت سعد عن سعد (يعنى ابن ابى وقاص) الخ (غريبة) (4) زاد البخارى (الى الليل) ومفهومة ان السر الذى فى اكل العجوة من دفع ضرر السم والسحر يرتفع اذا دخل فى حق من تناولة من اول النهار (قال الحافظ) ولم اقف فى شئ من الطرق على حكم من تناول ذلك اول الليل هل يكون كمن تناولة اول النهار حتى يدفع عنة ضرر السم والسحر الى الصباح؟ قال والذى يظهر خصوصية ذلك بالتناول اول النهار لانة حينئذ يكون الغالب ان تناولة يقع على الريق فيحتمل ان يلتحق بة من تناولة اول الليل على الريق كالصائم اه (قلت) تقدم فى الحديث السابق قال فليح (واظنة قال وان اكلها حين يمسى لم يضرة شئ حتى يصبح) (تخريجة) (ق د) وغيرهم وسياتى فى حديث عائشة ان النبى صلى اللة علية وسلم قال فى عجوة العالية اول البكرة على ريق النفس شفاء من كل سحرا او سم ومن حدسث ابى هريرة مرفوعا) العجوة من الجنة وهى شفاء من السم) وذلك ببركة دعوتة صلى اللة علية وسلم لتمر المدينة لا لخاصية فى التمر (قال الخطابى) ووصف عائشة ذلك بعدة صلى اللة علية وسلم يرد قول ان ذلك خاص بزمانة صلى اللة علية وسلم نعم من جرية وصح معة عرف استمراره والا فهو مخصوص بذلك الومان اه واما التخصيص بالسبع فقال النووى لا يعقل معناه كاعداد الصلوات ونصب الزكاه (وقال القرطى) ان الشفاء بالعجوة من باب الخواص التى لا تدرك بقياس ظنى اه واستظهر ابن القيم انة مختص بتمر المدينة لعظم بركاتها لا ان ذلك عام فى كل تمر وقبل مختص بعجوه العالية (قلت) فالمصير الى ان ذلك من سر دعائة صلى اللة علية وسلم لتمر المدينة ولكونة غرسة بيدة الشريفة اولى واللة اعلم (5) (سندة) حدثنا اسود بن عامر حدثنا ابان يعنى ابن زيد العطار عن قتادة عن شهر بن حوشب عن ابى هريرة الخ (غريبة) (6) بفتح الكاف وسكون الميم بعدها مفتوحة هى شئ ابيض كالشحم ينبت بنفسة (7) بضم الجيم وفتح المهملة وكسر الراء وتشديد الياء هو حب يظهر فى جسد الصبى شبهوا الكمأة بالجدرى لظهورها من بطن الارض كما يظهر الجدرى من باطن الجلد واوردة بة ذمها (8) قال الطيى كأنهم لما ذموها وجعلوها من الفضلات التى تتضمن المضرة وتدفعها

-[كيفية التداوي بالكمأة وأن ماءها شفاء للعين]- والعجوة من الجنة وهى شفاء من السم (وعنه من طريق ثان) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه وهم يتنازعون في الشجرة التي اجتثت (2) من فوق الأرض ما لها من قرار (3) فقال بعضهم أحسبها الكمأة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكمأة من المن الحديث كما تقدم (عن رافع بن عمرو المزنى) (4) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول العجوة (5) والصخرة من الجنة (6) (وعنه من طريق ثان يرفعه) (7) العجوة والصخرة أو قال العجوة والشجرة في الجنة شك المشمعل (8) (وعنه من طريق ثالث) (9) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وأنا وصيف (10) يقول العجوة والشجرة من الجنة (عن عبد الله بن بريدة) (11) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال الكمأة دواء للعين

_ الأرض إلى ظاهرها كما تدفع الطبيعة الفضلات بالجدرى قابلة صلى اللة علية وسلم بالمدح بانة من المن اى مما من اللة بة على عبادة او شبهها بالمن وهو العسل الذى ينزل من السماء اذا يحصل بلا علاج واحتياج الى بذر وسقى اى ليست بفضلات بل من فضل اللة ومنة او ليست مضرة بل شفاء كامن اه قال النووى وقيل هى من المن الذى انزل اللة تعالى على بنى اسرائيل حقيقة عملا يظاهر اللفظ (وقولة صلى اللة علية وسلم وماؤها شفاء للعين) قيل هو نفس الماء مجردا وقيل معناه ان يخلط ماؤها بدواء ويعالج بة العين وقيل ان كان ابرودة ما فى العين من حرارة فماؤها مجردا شفاء وان كان لغير ذلك فمركب مع غيرة (قال النووى) والصحيح با الصواب ان ماءها مجردا شفاء للعين مطلقا فيعصر ماؤها ويجعل فى العين منة وقد رايت انا وغيرى فى زمننا من كان عمى وذهب بصرة حقيقة فكحل عينة بماء الكمأه مجردا فشفى وعاد الية بصرة وهو الشخ العدل الايمن الكمال بن عبد اللة الدمشقى صاحب صلاح ورواية للحديث وكان استعمالة لماء الكمأه اعتقادا فى الحديث وتبركا بة والةل اعلم اه (1) (سندة) حدثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن قتادة بن ابى جعفر بن ابى وحشية وعباد بن منصور عن شهر بن حوشب عن ابى هريرة الخ (2) يعنى اقتلعت (3) اى ليس لها اصل ثابت فى الارض ولا فرع صاعد الى السماء فسرها انس بن مالك فى حديث لة مرفوعا وموقوفا بشجرة الحنظل وهذا مثل كفر الكافر لا اصل لة ولا ثبات (تريجة) (مذ طل جة) وحسنة الترمذى (4) (سندة) حدثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا المشمعل بن اياس قال سمعت عمر بن سليم يقول سمعت رافع بن عمرو المزنى قال سمعت رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (5) صنف من تمر المدينة تقدم ذكرة (والصرة) قال الحافظ السيوطى يريد صخرة بيت المقدس (6) زاهر ابن ماجة قال عبد الرحمن (يعنى ابن المهدى) سمعت صخرة من فية (7) (سندة) حدثنا عبد الصمد ثنا المشمعل بن عمرو المزنى ثنا عمرو بن سليم المزنى عن رافع بن عمرو المزنى يقول سمعت رسول اللة صلى اللة علية وسلم سقول العجوة والصرة الخ (8) بوزن مشتعل مع تشديد الللام اسم احد الرواه (9) (سندة) حدثنا يحيى بن سعيدثنا المشعمل حدثنى عمرو بن سليم المزنى انة سمع رافع بن عمرو المزنى قال سمعت رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (10) الوصيف العبد والامة وجمعهما وصفاء ووصائف (تخريجة) اخرج ابن ماجة الطريق الاولى منة وقال البوصيرى فى زوائد ابن ماجة اسناة صحيح ورجالة ثقات (11) (سندة) حدثنا اسود بن عامر ثنا زهير عن واصل بن حيان البحلى حدثني عبد الله

-[ما جاء في الكمأة والعجوة والحبة السوداء]- وإن العجوة من فاكهة الجنة وإن هذه الحبة السوداء قال ابن بريدة يعنى الشونيز (1) الذي يكون في الملح (2) دواء من كل داء (3) إلا الموت (وعنه من طريق ثان) (4) عن أبيه أنه كان مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في اثنتين وأربعين من أصحابه والنبى صلى الله عليه وسلم يصلى في المقام وهم خلفه جلوس ينتظرونه فلما صلى أهوى فيما بينه وبين الكعبة كأن يريد أن يأخذ شيئاً، ثم انصرف إلى أصحابه فثاروا وأشار إليهم بيده أن أجلسوا فجلسوا، فقال رايتمونى حين فرغت من صلاتى أهويت فيما بينى وبين الكعبة كأنى أريد أن آخذ شيئاً: قالوا نعم يا رسول الله، قال إن الجنة عرضت علىّ فلم أر مثل ما فيها وأنها مرت بى خصلة من عنب فأعجبتنى فأهويت إليها لآخذها فسبقتنى، ولو أخذتها لغرستها بين ظهرانيكم حتى تأكلوا من فاكهة الجنة (5) وأعلموا أن الكمأة دواء للعين، وأن العجوة من فاكهة الجنة، وأن هذه الحبة السوداء التي تكون في الملح اعلموا أنها دواء من كل داء إلا الموت

_ ابن بريدة (يعني الأسلمي) عن ابية الخ (غريبة 9 (1) بضم الشين المعجمة وكسر النون اخره زاى قال فى القاموس الشينيز والشونيز والشونوز والشههينيز الحبة السوداء او فارسى الاصل اه زنقل ابراهيم الحربى فيما نقلة عنة الحافظ فى غريب الحديث عن الحسن البضصرى انها الردل والاول اولى قال ائمة الطب كابن البيطار ان طبع الحبة السوداء حار يابس وهى مذهبة للنفخ نافعة من حمى الربع والبلغم مفتحة للسدود والريح مجففة لبلة المعدة واذا دقت وعجنت بالعسل وشربت بالماء الحار اذابت الحصى وادرت البول والطمث واذا نقع منها سبع حبات فى لبن امراة وسعط بة صاحب اليرقان افادت واذا شرب منها وزن مثقال بماء افادت من ضيق التنفس والضماد بها ينفع الصداع البارد (2) الظاهر انهم كانوا يضيفون الحبة السوداء على الملح وياكلون بها واذ كذلك كان معلوما عندهم واللة اعلم (3) صة العلماء بالدواء التى تحدث من الرطوبة والبرودة ونحوها من الامراض الباردة اما الحارة فلا وقال ابن ابى جمرة تكلم ناس فى هذا الحديث وصوا عمومة وردوة الى قول اهل الطب والتجربة ولا خلاف بغلط قائل ذلك لانا اذا صدقنا اهل الطب ومدار علمهم غالبا انما هو على التجربة التى بناؤها على ظن غالب فتصديق من لا ينطق عن الهوى اولى بالقبول من كلامهم اه وقال فى الكواكبل يحتمل ارادة العموم بان يكون شفاءا للجميع لكن بشرط تركيبة مع غيرة ولا محذور فية بل يجب ارادة العموم لان الاستثناء معيار جواز العموم وهو امر ممكن وقد ابر الصادق عنة واللفظ عام بدليل الاستثناء فيجب القول بة وحينئذ فينفع من جميع الادواء (وقولة الا الموت) فية ان الموت داء من الادواء قال الشاعر: (وداء الموت ليس لة دواء) (4) (سندة) حدثنا محمد بن عبيد ثنا صالح يعنى ابن حيان عن ابن حيان عن ابن بريدة عن ابية انة كان مع رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (ء) الظاهر ان هذة القصة كانت فى صلاة الكسوف لانة تقدم مثل هذا من حديث ابن عباس رقم 1698 صحيفة 203 من ابواب صلاه الكسوف فى الجزء السادس وتقدم الكلام علية هناك فارجع الية (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد وسند الطريق الاولى صحيح ىنها من رواية واصل بن حيان (بالتحتية) وفى سند الطريق الثانية صالح بن حبان قال الهيثمى واصل ثقة وصالح ضعيف قال وهذا الحديث

-[خواص عجوة العالية والكمأة والحبة السوداء]- (عن عائشة رضى الله عنها) (1) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن في تمر العالية (2) شفاءاً أو قال ترياقاً أول بكرة (3) على الريق (وعنها من طريق ثان) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في عجوة العالية (5) أول البُكرة على ريق النفس (6) شفاء من كل سحر أو سم (عن سعيد بن زيد) (7) بن عمرو ابن نفيل أن نبى الله صلى الله عليه وسلم قال الكمأة من المن (وفى رواية من السلوى) (8) وماءها شفاء للعين (9) (وعنه من طريق ثان) (10) قال خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى يده كمأة فقال تدرون ما هذا، هذا من المن وماؤها شفاء للعين (عن أبى هريرة) (11) عن النبى صلى الله عليه وسلم عليكم بهذه الحبة السوداء فإن فيها شفاءاً من كل داء إلا السام قال سفيان السام الموت (12) وهى الشونيز (وعنه من طريق ثان) (13) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في الحبة السوداء شفاء من كل داء إلا السام، قالوا يا رسول الله وما السام؟ قال الموت (عن عائشة رضى الله عنها) (14) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالحبة السوداء فإن فيها شفاءاً من كل داء إلا السام يعنى الموت، والحبة السوداء الشونيز (15) (باب ما جاء في معالجة أمراض البطن وذات الجنب ومعالجة الأطفال من

_ من رواية واصل فى الظاهر واللة اعلم اه يعنى انة صحيح وهو الظاهر (1) (سندة) حدثنا منصور ابن سلمة قال انا سليمان يعنى ابن بلال عن شريك بن عبد اللة بن ابى نمر عن ابن ابى عتيق عن عائشة الخ (غريبة) (2) العلية ما كان من الحوائط والقرى والعمارات من جهة المدينة العليا مما يلى نجدا (والسافلة) من الجهة اللارى مما يلى تهامة وادنى العالية ثلاثة اميال وابعدها ثمانية من المدينة قال القاضى عياض (3) يعنى اول ظهور التمر ونضجة (4) (سندة 9 حدثنا ابو سعيد قال ثنا سليمان عن شريك بن ابى نمر يعنى ابن ابى عتيق عن عائشة ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ العجوة نوع جيد من التمر (6) اى فى الصباح قبل ان ياكل شيئا كما يستفاد من بعض الروايات (تخريجة) (م) وغيرة (7) (سندة) حدثنا معتمر بن سليمان قال سمعت عبد الملك بن عمير من عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل الخ (غريبة) (8) اى تشبة المن والسلوى اللذين انزلهما اللة على بنى اسرائيل بلا علاج ولا بذر ولا عناء قال تعالى (وانزلنا عليكم المن والسلوى) قيل المن شئ يشبة العسل الابيض ... وفقيل هو العسل الابيض (والسلوى) هو الطير السمانى كان ياتيهم مطبوا وقيل حيا واللة اعلم (9) تقدم الكلام على ذلك فى شر حديث ابى هريرة الثالث م ن احاديث الباب (10) (سندة) حدثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن عمرو بن حريث عن سعيد بن زيد قال خرج الينا رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) (ق مذ جة) (11) (سندة) حدثنا سفيان عن الزهرى عن ابى سلمة ان شاء اللة عن ابى هريرة عن النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (12) تفسير سفيان السام بالموت جاء مرفوعا فى الطريق الثانية (13) (سندة) حدثنا يزيد ويعلى قالا ثنا محمد بن عمرو عن ابى سلمة عن ابى هريرة ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) (ق جة) (14) (سندة) حدثنا وكيع قال حدثنى ابو عقل عن بهية عن عائشة الخ (قلت) بهية بضم الموحدة وفتح الهاء مصغرا مولاه لعائشة (غريةب) (15) بضم الشين المعجمة وكسر النون

-[ما جاء في معالجة أمراض البطن وذات الجنب]- العذرة بالعود الهندى) (عن ابن عباس) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في أبوال الإبل وألبانها شفاءاً للذربة (2) بطونهم (عن أبى سعيد الخدرى) (3) قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أخى استطلق بطنه (4) قال أسقه عسلاً (5) قال فذهب ثم جاء فقال قد سقيته عسلاً فلم يزده إلا استطلاقاً، قال أسقه عسلاً، قال فذهب ثم جاء فقال قد سقيته فلم يزده إلا استطلاقاً، فقال أسقه عسلاً، قال فذهب ثم جاء فقال قد سقيته فلم يزده إلا استطلاقاً (6) فقال له في الرابعة أسقه عسلاً، قال أظنه قال فسقاه (7) فبرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الرابعة صدق الله (8) وكذب بطن أخيك (عن ربعية ابنة عياض الكلابية) (9) قال سمعت عليا رضى الله عنه يقول كلوا الرمان بشحمه فإنه دباغ المعدة (عن زيد بن أرقم) (10) أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أمرهم أن يتداووا من ذات الجنب (11) بالعود الهندي

_ تقدم الكلام عليه (تخريجة) (خ جة) (1) (سندة) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا عبد اللة ابن هبيرة عن حنش ين عبد اللة ابن ابن عباس قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (2) الذررب بالتحريك داء يعرض المعدة فلا تهضم الطعام ويفسد فيها فلا تمسكة (تخريجة) (طب) وسندة حسن ولة شاهد من حديث انس عند الترمذى وحسنة وصححة الترمذى ويؤيدة قصة العرنين عن الشيخين وغيرهما (3) سندة) حدثنا يزيد انا شعبة عن قتادة عن ابى المتوكل الناجى عن ابى سعيد الخدرى الخ (غريبة) (4) اى كثر خروج ما فية يريد الاسهال (5) يعنى عسل النحل لكونة يدفع الفضول المجتمعة فى نواحى معدتة ومعاه بما فية من الجلاء ودفع الفضول (6) الظاهر انة لم يبرء فى المرات الثلاث لكونة لم يتناول مقدارا يقاوم الداء فى الكمية (7) جاء عند البخارى (قال اسقة عسلا فسقاه) يعنى فى الرابعة (فبرا) يفتح الراء لانة لما تكرر استعمال الدواء قاوم الداء فاذهبة فاعتبار مقادير الادوية وكيفياتها ومقدار قوة المرض والمريض من اكبر قواعد الطب قال فى زاد المعاد وليس طبة صلى اللة علية وسلم كطب الاطباء فان طبة صلى اللة علية وسلم متيقن الهى صادر عن الوحى ومشكاه النبوه كمال العقل وطب غيرة حدث وظنون وتجارب (8) يعنى حيث قال (فية شفاء للناس) (وكذب بطن اخيك) اذا لم يصلح لقبول الشفاء بل زاد علية قال بعضهم فية ان الكذب قد يطلق على عدم المطابقة فى غير الير قال فى المصابيح وهو على سبيل الاستعارة التيعية وفية شارة الى تحقيق نفع هذا الدواء واللة اعلم (تخريجة) (ق مذ نس) (9) (سندة) حدثنا سعيد بن خثيم ابو معمر الهلالى حدثننى حدتى ربيعة ابنة عياض الكلا بية الخ (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد: واوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة ثقات اه (قلت) وهو موقوف على على رضى اللة عنة (10) (سندة) حدثنا ابو داود (يعنى الطيالسى) انا شعبة عن خالد الحذاء قال سمعت ابا عبد اللة ميمونا يحدث عن زيد بن ارقم ان رسول اللة صلى اللة عليةوسلم الخ (غريبة) (11) قال الحافظ ابن القيم ذات الجنب عند الاطباء نوعان حقيقى وغير حقيقى فالحقيقى ورم حار يعرض فى نواحى الجنب فى الغشاء المستبطن للاضلاع (وغير الحقيقى) الم يشبهة يعرض فى نواحى الجنب عن رياح غليظة موذية تحتقن بين الصفقات فتحدث وجعا قريب من وجع ذات الجنب الحقيقى الا ان الوجع فى هذا القسم ممدود وفى الحقيقى ناس قال ويلزم ذات الجنب الحقيقي خمسة

-[علاج ذات الجنب بالزيت والورس: وماء جاء في العود الهندى]- والزيت (1) (وعنه أيضاً) (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينعت (3) الزيت والورس من ذات الجنب، قال قتادة يلده (4) من جانبه الذي يشتكيه (عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة) (5) عن أم قيس بنت محصن الأسدية (6) أخت عكاشة رضى الله عنها قالت جئت بابن لى قد أعلقت (7) عنه أخاف أن يكون به العذرة (وفى رواية وقد أعلقت عليه من العذرة) فقال النبى صلى الله عليه وسلم على م (8) تدغر من أولاد من بهذه العلائق؟ عليكن بهذا العود الهندي يعني

_ أعراض وهي الحمى والسعال والوجع الناخسوضيق النفس والنبض المنشارى والعلاج الموجود فى الحديث ليس هو لهذا القسم لكن للقسم الثانى الكائن عن الريح الغليظة (1) جاء عند الترمذىبلفظ (امرنا رسول اللة صلى اللة علية وسلم ان نتداوى من ذات الجنب بالقسط (بضم القاف وسكون المهملة) البحرى والزيت) قال الحافظ ابن القيم القسط البحرى هو العود الهندى على ما جاء مفسرا فى احاديث اخر صنف من القسط اذا دق دقا ناعما وخلط بالزيت المسخن ودلك بة مكان الريح المذكور او لعق دواءا موافقا لذلك نافعا لة محلالا لمادتة مذهبا لها مقويا الاعضاء الباطنة مفتحا للسدد والعودالمذكور فى منافعة كذلك قال المسبحى العود حار يابس قابض يحبس البطن ويقوى الاعضاء الباطنة ويطرد الريح ويفتح السدد نافع من ذات الجنب ويذهب فضل الرطوبة والعودالمذكور جيد للدماغ قال ويجوز ان ينفع القسط من ذات الجنب الحقيقة ايضا اذا كان حدوثها عن مادة بلغمية لا سيما فى وقت انحطاط العلة اه (تخريجة) (مذ جة ك) وصححة الحاكم واقرة الذهبى (2 (سندة) حدثنا على بن عبد اللة ثنا معاذ حدثنى ابى عن قتادة عن ابى عبد اللة عن زيد بن ارقم قال سمعت رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (3) اى يصف الزيت والورس دواء من وجع ذات الجنب (والورس) بفتح الواو وسكون الراء قال فى قاموس نبات كاسمسم ليس الاباليمن يزرع فيبقى عشرين سنة نافع للكلف طلاءا وللبهق شربا اه وقال ابو حنيفة اللغوى اجودة الاحمر اللين القليل النخالة ينفع من الكلف والحكة والبثور الكائنة فى سطح البدن اذا طل بة ولة قوة قابضة صايغة واذا شرب نفع من الوضح ومقدار الشربة منة وزن درهم وهو فى مزاجة ومنافعة قريب من منافع القسط البحرى واذا لطخ بة على البههق والحكة والبتور والسفعة نفع منها والثوب المصبوغ بالورس يقوى على الباء اه (4) قال فى النهاية اللدود بالفتح ما يسقاه المريض فى احد شقى الفم ولديد الفم جانباه اه قال الاصمعى اخذ من لديدى الوادى وهما جانبا واما الوجور فهو فى وسط الفم (تخريجة) (مذ جة ك) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح وصححة ايضا الحاكم واقره الذهبى (5) (سندة) حدثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن الزهرى عن عبيد اللة بن عبد اللة بن عتبة (يعنى ابن مسعود) الخ (غريبة) (6) زاد البخارى (وكانت من المهاجرات الاول التى بايعن رسول اللة صلى اللة علية وسلم اخت عكاشة بن محصن) بوزن منير (7) بفتح الهمزة وسكون المهملة والقاف من الاعلاق وعند البخارى (وقد اعلقت علية من العذرة) بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة وجمع الحلق من هيجان الدم سقوط الهات: وقيل غير ذلك والعلاق هو ان توخذ خلاقة فتفتل شديدا وتدخل فى انف الصبى ويطعن ذلك الموضع فينفجر منة دم اسود ويدخل الاصبع فى حلقة ويرفع ذلك الموضع ويكبس (8) جاء فى بعض الروايات (على ما) بإثبات ألف ما

-[العود الهندي يستعط للعُذرة ويُسلدّ لذات الجنب وما وصف من عرق النسا]- الكست (1) فإن فيه سبعة أشفية (2) منها ذات الجنب، ثم أخذ النبى صلى الله عليه وسلم صبيها فوضعه في حجرة فبال عليه فدعا بماء فنضحه، ولم يكن الصبى بلغ أن يأكل الطعام، قال الزهرى فمضت السنة بأن يرش بول الصبى ويغسل بول الجارية (3) قال الزهرى فيستعط (4) للعذرة ويلدّ لذات الجنب (عن جابر بن عبد الله) (5) قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة وعندها صبى ببعث منخراه دماً، قال فقال ما لهذا؟ قال فقالوا به العذرة، قال فقال علام تعذبن أولادكن، إنما يكفى إحداكن أن تأخذ قسطاً هندياً فتحكه بماء سبع مرات ثم توجره (6) إياه قال ابن أبى عتبة (7) تسعطه إياه ففعلوا فبرأ (باب ما وصفه النبى صلى الله عليه وسلم من عرق النسا) (عن أنس بن مالك) (8) أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يصف من عرق النسا (9) ألية كبش عربى (10) أسود ليس بالعظيم ولا بالصغير يجزء ثلاثة أجزاء فيذاب فيشرب كل يوم جزءاً (عن معبد بن سيرين) (11) عن رجل من الأنصار

_ الاستفهامية المجرورة وهو قليل وفى اغلب الروايات باسقاطها كما هنا اى لاى شئ (تدغون اولادكن) بفتح المثناه الفوقية وسكون الدال المهملة وفتح الغين المعجمة وسكون الراء خطاب للنسوة اى ترفعن باصابعكن فتؤلمن الاولاد بهذة العلائق (1) يضم الكاف وسكون المهملة بعدها فوقية قال الزهرى هى لغة فى القسط بضم القاف وفية لغة ثانية كسد وكسط بالدال والطاء المهملتين (2 اى ادوية منها (ذات الجنب) اى الالم العارض فية رياح غليظة موذية بين الصفاقات وتقدم الكلام على حكم بول الغلام والجارية فى الجزء الاول صحيفة 244 رقم 75 من كتاب الطهارة فارجع الية (4) يقال سعطتة واسعتطة فاستعط والاسم السعوط بالفتح وهو ما يجعل من الدواء فى الانف (نة) (ويلد لذات الجنب) تقدم الكلام على اللدود فى شرح الحديث السابق (تخريجة) (ق. والاربعة وغيرهم) (5) (سندة) حدثنا ابو معاوية وابن ابى عتبة المعنى قالا ثنا الاعمش عن ابى سفيان عن جابر الخ (غريبة) (6) الوجور بفتح الواو وززان رسول الدواء يصب فى الحلق (7) هو احد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث يعنى انة قال فى روايتة (ثم تسعطة) بدل قولة (ثم توجرة) وتقدم معنى الوجور اما السعوط فهو صب الدواء فى الانف وهذة الرواية توافق ما قالة الزهرى فى الحديث السابق (فيسنعط للعذرة) واللة اعلم (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم عل بز) ورجالهم رجال الصحيح (باب) (8) (سندة) حدثنا محمد بن عبد اللة الانصارى ثنا هشام بن حسان عن انس ابن سير ين عن انس بن مالك الخ (غريبة) (9) قال فى النهاية النسا بوزن العصا عرق يخرج فى الورك فيستبطن الفخذ: والافصح ان يقال لة النسا لاعرق النسا اه وقال الموفق عبد اللطيف فى هذا الحديث رد على من انكر ذلك فان اهل اللغة منعوا ان يقال عرق النسا لان النسا هو العرق نفسة فتكون اضافة الشئ الى نفسة (10) جاء عند ابن ماجة (الية شاه اعرابية تذاب ثم تجزؤ ثلاثة اجزاء ثم يشرب على الريق فى كل يوم جزءا) قال الموفق هذه المعاجة تصلح الاعراب والذين يعرض لهم هذا المرض من يبس وقد تنفع ما كان من مادة غليظة لزجة بالانضاج والاسهال فان الالية تنضج وتلين وتسهل وقصد بالشاه الاعلاابية ما قلت فضولها وشحومها ورعيها يكون فى البر ترعى مثل القيصوم والشيح وامثال ذلك (تخريجة) (جة) وقال البوصيرى فى زوائدة ابن ماجة اسنادة صحيح ورجالة ثقات (11) (سنده)

-[ما تعالج به الجروح والبثور - وما جاء في السنا وألبان البقر]- عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نعت من عرق النسا أن تؤخذ إليه كبش عربى ليست بصغيرة ولا عظيمة فتذاب ثم تجزء ثلاثة أجزاء فيشرب كل يوم على ريق النفس جزأ (باب ما تعالج به الجروح والبثور) (حدثنا سفيان) (1) عن أبى حازم عن سهل (2) بأى شئ دووى جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان علىّ يجئ بالماء في ترسه وفاطمة تغسل الدم عن وجهه وأخذ حصيراً فأحرقه فحشا به جرحه (ومن طريق ثان) (3) عن أبى حازم أيضاً أن سهل بن سعد قال رأيت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حرقت قطعة من حصير (4) ثم أخذت تجعله على جرح رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي بوجهه، قال وأتى بترب فيه ماء فغسلت عنه الدم (عن مريم ابنة إياس) (5) بن البكير صاحب النبى صلى الله عليه وسلم عن بعض أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل عليها فقال أعندك ذريرة؟ (6) قالت نعم: فدعا بها فوضعها على بثرة (7) بين أصابع رجليه ثم قال اللهم مطفئ الكبير ومكبر الصغير أطفئها عنى فطفئت (باب ما جاء في السنا وألبان البقر) (عن أسماء بنت عميس) (8)

_ حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا حماد بن سلمة عن انس بن سيرين عن (اخية) معبد بن سيرين عن رجل من الانصار ابية (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد وفية راو لم بسم وبقية رجالة رجال الصحيح اه (قلت) يويدة ما قبلة ولة شاهد من حديث عبد اللة بن عمرو عن النبى صلى اللة علية وسلم قال من اشترى او اهدى لة كبش فليقسمة على ثلاثة اجزاء كل يوم جزءا على الريق ان شاء اسلاه وان شاء اكلة اكلا يعنى الية كبش يتداوى بة من عرق النسا واوردة الطبرانى وقال اسلاه يعنى اذابة ورجالة ثقات (باب) (1) (حدثنا سفيان الخ) (غريبة) (2) سهل هو ابن سعد الساعدى وكان سائلا باى شى دووى جرح رسول اللة صلى اللة علية وسلم؟ قال كان على الخ وكان ذلك فى وقعة احد كما يستفاد من الطريق الثانية وجاء عند ابن ماجة صريحا عن سهل بن سعد الساعدى ايضا قال جرح رسول اللة صلى اللة علية وسلم يوم احد وكسرت رباعيتة وهشمت البيضة على راسة فكانت قفاطمة تغيل لبدم عنة وعلى يسكب علية الماء بالمجن (بعنى الترس) فلما رات فاطمة ان الماء لا يزيد الدم الا كثرة اخذت قطعة حصير فاحرقتتها حتى اذا كانت رمادا الزمتة الجرح فاستمسك الدم (3) (سندة) حدثنا ربعى ابن ابراهيم ثنا عبد الرحمن بن اسحاق عن ابى حازم ان سهل بن سعد الخ (4) انما احرقت الحصيرلان الرماد من شانة القبض لما فية من التجفيف (تخريجة) (ق مذ جة) (5 (سندة) حدثنا روح ثنا ابن جريح اخبرنى عمرو بن يحيى بن عمار بن حسن حدثنى مريم ابنة اياس بن البكير الخ (غريبة) (6) الذريرة بوزن كريمة نوع من الطيب مجموع من اخلط (7) بوزن تمرة قال فى المصباح بئر الجلد من باب قتل خرج بة خراج صغير ثم استعمل المصدر اسما وقيل فى واحدتة بئرة وفى الجمع بثور مثل تمرة ونمر ونمور (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد وفية مريم بنت اياس تفرد عنها عمرو بن يحيى وهو ومن قبلة من رجال الصحيح (باب) (8) (سندة) حدثنا عبد اللة بن محمد (قال عبد اللة بن الامام احمد) وسمعتة انا من عبد اللة بن محمد بن ابى شيبة قال ثنا ابو اسامة عن عبد الحميد بن جعفر عن

-[ما ينفع المريض من الغذاء وما يضره ومنافع الحساء]- قالت قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم بماذا كنت تستشفين (1) قالت بالشبرم قال حار (2) جار ثم استشفيت بالسنا (3) قال لو كان شئ يشفى من الموت كان السنا، أو السنا (4) شفاء من الموت (عن طارق بن شهاب) (5) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال أن الله عز وجل لم يضع داء إلا وضع له شفاءاً فعليكم بألبان البقر (6) فإنها ترم من كل الشجر (باب ما ينفع المريض من الغذاء وما يضره). (عن عائشة رضى الله عنها) (7) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ أهله الوعك (9) أمر بالحساء

_ زرعة بن عبد الرحمن عنمولى لمعمر التيمى عن اسماء بنت عميس الخ (غريبة) (1) اى باى دواء تستشفين وجاء عند الترمذى (بما تستمشين) اى باى دواء تستطاقين بطنك حتى يمشى ولا يصير بمنزلة الواقف فيؤذى باحتباس النجو (قالت بالشبرم) بضم المعجمة وسمون الموحدة ثم راء مضمومة: قال فى النهاية الشبرم حب يشبة الحمص يطبخ ويشرب ماؤة للتداوى وقيل انة نوع من الشيح اه (2) حار بحاء مهملة وتشديد الراء بينهما الف (جار) بالجيم قال الحافظ ابن القيم قولة صلى اللة علية وسلم حار جار ويروى حار يار قال ابو عبيد واكثرهم كلامهم بالياء قال وفية قولان (احدهما) ان الحار الجار بالجيم الشديد الاسهال فوصفة بالحرارة وشدة الاسهال وكذلك هو قالة ابو حنيفة الدينورى (والثانى) وهو الصواب ان هذا من الاتباع الذى يقصد بة تاكيد الاول ويكون التاكيد اللفظى والمعنوى ولهذا يراعون فية اتباعة فى اكثر حروفة كقولة حسن بسن وقولهم حسن قسن بالقاف ومنة شيطان ليطان وحار جار مع ان فى الجار معنى اخر وهو المد اى بحر الشئ الذى يصيبة من شدة حرارتة وجذبة لة كامة ينزعة ويسلخة (ويار) اما لغة فى جار كقولة صهرى وصهريج والصهارى والصهاريج واما اتباع مستقل اه (3) قال فى تحفة الاحوذى شرح الترمذى فية لغتات المد والقصر وهو نبت حجازى افضلة المكى وهو دواء شريف مامون الغائلة قريب من الاعتدال حار يابس فى الدرجة الاولى يسهل الصفراء والسوداء ويقوى جرم القلب وهذة فضيلة شريفة فية وخاصيتة النفع من الوسواس السوداوى ومن الشقاق العارض فى الب ويفتح العضل وانتشار الشعر ومن القمل والصداع العتيق والجرب والبثور ةوالحكة والصرع وشرب مائة مطبوخا اصح من شربة مدقوقا ومقدار الشربة منة الى ثلاثة دراهم ومن مائة الى خمسة دراهم وان معة شئ من زهر البنفسج والزبيب الاحمر المنزوع المعجم كان اصلح اه (4) او للشك من الراوى والظاهر انة صلى اللة علية وسلم ارشدها الى استعمال السنا بدل الشبرم وذكر لها فوائدة فاستعملتة واللة اعلم (تخريجة) (مذ جة ك) وصححة الحاكم واقرة الذهبى (5) (سندة) حدثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا سفيان عن يزيد ابى خالد عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب الخ (غريبة) (6) اى الزموا تناولها (فانها ترم) بفتح المثناه فوق وبضم الراء (من كل الشجر) اى تجمع منة وتاكلة وفى الاشجار كغيرها من النبات منافع لا تحصى منها ما علمة الاطباء ومنها ما استاثر اللة بعلمة واللبن يتولد منها فقية بعض تلك المنافع فربما صادف الداء الدواء والمستعمل لا يشعر واللة اعلم (تخريجة) (طل ك) وصححة الحاكم على شرط مسلم واقره الذهبى (باب (7) (سندة حدثنا اسماعيل يعنى ابن علية ثنا محمد بن السائب عن امة عن عائشة الخ (غريبة) (8) اى الحمى او المها (امر بالحساء بفتح الحاء المهملة والمد قال فى النهاية طبيخ يتخذ من الدقيق وماء ودهن يحلى ويكون رقيقاً يحسي

-[أحسن غذاء المريض التلبينة وهى الحساء ومنع الناقة من كثرة الأكل]- فصنع (1) ثم أمرهم فحسوا منه ثم يقول إنه يعنى ليرتو (2) فؤاء الحزين ويسرو (3) عن فؤاد السقيم كما تسروا إحداكن الوسخ بالماء عن وجهها (وعنها أيضاً) (4) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قيل له إن فلاناً وجع لا يطعم الطعام قال عليكم بالتلبينة (5) فحسوه إياها فوالذى نفسى بيده إنها لتغسل بطن أحدكم كما يغسل أحدكم وجهه بالماء من الوسخ (6) (وعنها أيضاً) (7) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالبغيض النافع (8) التلبين يعنى الحسو، قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى أحد أهله لم تزل البرمة على النار (9) حتى يلقى أحد طرفيه يعنى يبرأ أو يموت (عن أم المنذر بنت قيس) (10) قالت دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه علىّ بن أبى طالب رضى الله عنه وعلىّ ناقه (11) من مرض قالت ولنا دوال (12) معلفة فقام النبى صلى الله عليه وسلم وعلىّ يأكلان منها فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول مهلاً (13) فإنك ناقه حتى كف علىّ، قالت وقد صنعت شعيراً

_ (أي يشرب) (1) بالبناء للمفعول (2) بفتح المثناه التحتية وراء ساكنة فمثناه فوقية اى يشد ويقوى (فؤاد الحزين) اى قلبة او راس معدتة (3) بسين مهملة اى يكشف عن فؤادة الالم ويزيلة (كما تسرو) اى تكشف وتزيل (احداكن الوسخ بالماء عن وجهها) قال ابن القيم هذا ماء الشعير المغلى وهو اكثر غذاء من سوقية نافع للسعال قامع لحدة الفضول مدر للبول جدا قامع للظما مطف للحرارة وصفتة ان يرضى ويوضع علية من الماء العذب خمسة امثالة ويطبخ بنار معتدلة الى ان يبقى مساه (تخريجة) (مذ ك وقال الترمذى حسن صحيح وصححة الحاكم واقره الذهبى (4) (سندة) حدثنا محمد بن عبد اللة قال ثنا ايمن بن نابل عن ام كلثوم عن عائشة قالت كان رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (5) بفتح فسكون حساء يعمل من دقيق فيصير كاللبن بياضا وقد يجعل عسل وذلك لانة غذاء فية لطافة سهل التناول للمريض قفاذا استعملة اندفعت عنة الحرارة الجوعية وحصلت لة القوة الغذائية بغير مشقة وتقدم الكلام على صنعة التلبينة باطول من هذا فى باب صنع الطعام لاهل الميت من كتاب الجنائز فى الجزء التانى صحيفة ا 94 فى الشرح فارجع الية (6) فية تحقيق لوجة الشبة قال الموفق اذا شئت منافع التلبينة فاعرف منافع ماء الشعير سيما اذا كان نالة فانة يجلو وينفذ بسرعة ويغذى غذاء لطيفا واذا شرب حارا كان احلى واقوى اه (تخريجة) (جة ك) وصححة الحاكم واقره الذهبى (7) (سندة) حدثنا وكيع ثنا ايمن بن نابل عن امراه من قريش يقال لها ام كلثوم عن عائشة قالت قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (8) اى المبغوض بالطبع والنافع من حيث المعنى (9) بضم الموحدة وسكون الراء اناء من حجر ومعناه انهم كانوا يحرصون على هذا الطعام دائما لخفتة على المريض مع تغذيتة وعدم الاضرار بة الى ان يبرا من مرضة او يموت اذا انقضى اجلة (تخريجة) (جة ك) وصححة الحاكم واقره الذهبى (10) (سندة) حدثنا سريج قال ثنا فليح عن ايوب بن عبد الرحمن بن صعصعة الانصارى عن يعقوب بن ابى يعقوب عن ام المنذر بنت قيس الخ (11) بكسر القاف اى قريب العهد بالمرض قال فى القاموس نقة كفرح ومنع نقها ونقوها صح وفية ضعف وافاق فهو ناقة (12) جمع دالية وهى العذق من البسر يعلق فاذا ارطب اكل منة (13) اى تمهل لا تعجل بالاكل من هذا فانك لا زلت ضعيفا

-[(أبواب الرقى والتمائم) ما يجوز فعله من الرقى]- وسلقا (1) فلما جئنا به قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلىّ من هذا أصب (2) فهو وفق لك، فأكلا ذلك (أبواب الرّقى والتمائم وما يجوز منها وما لا يجوز) (باب ما يجوز من ذلك) (عن أنس) (3) قال رخص رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في الرقية من العين (4) والحمة والنملة (عن جابر) (5) قال كان خالى يرقى من العقرب (6) فلما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الرقى آتاه، فقال يا رسول الله إنك نهيت عن الرقى (7) وإنى أرقى من العقرب، فقال من استطاع أن ينفع أخاه فليفعل (وعنه أيضاً) (8) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لأسماء بنت عميس ما شأن أجسام بنى أخى ضارعة (9) أتصيبهم حاجة؟ قالت لا، ولكن تسرع إليهم العين، أفنرقيهم؟ قال: وبماذا؟ فعرضت عليه فقال أرقيهم. (وعنه أيضاً) (10) قال لدغت رجلاً منا عقرب ونحن جلوس مع النبى صلى الله عليه وسلم فقال رجل يا رسول الله أرقيه؟ فقال من استطاع منكم أن ينفع أخاه فلينفعه

_ من أثر المرض واكل الرطب يضر المعده الضعيفة ولا يلائمها (1) اى طبخت لهم الشعير وسقها بكسر السين المهملة والسلق معروف (2) من الاصابة اى ادرك من هذا وكل منة لانة يلائم المعدة الضعيفة لخفتة وفية ان المريض فى دور النقاهة يشتهى الطعام والاكل فلا يعطى كل ما يشتهية نفسة الا ما كان خفيفا على المعدة فلا باس بة واللة اعلم (تخريجة) (مذ جة) وسكت عنة ابو داود والمنذرى فقال رواه غير فليح ذكرة الحافظ ابو القاسم الدمشقى اه (قلت) وقال البوصيرى فى زوائد ابن ماجة اسنادة صحيح ورجالة ثقات (باب) (3) (سندة) حدثنا وكيع بن الجراح الرؤاسى ثنا سفيان عن عاصم الاحول عن يوسف عن انس (يعنى ابن مالك) قال رص الخ (غريبة) (4) اى ما اصابة العين (والحمة) بضم الحاء المهملة وفتح الميم الفيفة السم من ذوات السموم وقد تسمى ابرة العقرب والزنبور ونحوها حمة لان السم يرج منها فهو من المجاز والعلاقة المجاورة (والنملة) بفتح النون وكسر الميم هى قرح تخرج من الجنب او الجنبين (قال النووى) وليس معناه تخصيص جوازها بهذة الثلاثة وانما معناه سئل عن هذة الثلاثة فاذن فيها ولو سئل عن غيرها لاذن فية وقد اذن لغير هؤلاء وقد رقى هو صلى اللة علي وسلم فى غير هذة الثلاثة واللة اعلم (تخريجة) (م مذ جة) (5) (سندة) حدثنا وكيع ثنا الاعمش عن ابى سفيان عن جابر (يعنى ابن عبد اللة) قال كان خالى الخ (غريبة) (6) اى من لدغة العقرب (7) اجاب العلماء عن هذا النهى باجوبة (احدها) كان نهى اولا ثم نسخ ذلك واذن فيها وفعلها واستقر الشرع على الاذن (والثانى) ان النهى عن الرقى المجهولة والتى بغير العربية ومالا يعرف فهذة مذمومة لاحتمال ان معناه كفرا وقريب منة او مكروة واما الرقى بايات القران وبالاذكار المعروفة فلا نهى فية بل هو سنة (والثالث) ان النهى لقوم كانوا يعتقدون منفعتها وتاثيرها بطبعها كما كانت الجاهلية تزعمة فى اشياء كثيرة (تخريجة) (م وغيرة) (8) (سندة) حدثنا روح ثنا ابن جريج اخبرنى ابو الزبير انة سمع جابرا يقول ان النبى صلى اللة علية وسلم قال لاسماء الخ (غريبة) (9) بالضاد المعجمة اى نحيفة والمراد اولا جعفر بن ابى طالب (تخريجة) (م- وغيرة) (10) (سندة) حدثنا روح ثنا ابن جريج أخبرني

-[الرقية من ذوات السموم]- (وعنه أيضاً) (1) أن عمرو بن حزم رضى الله عنه دعى لامرأة بالمدينة لدغتها حية ليرقيها فأبى فأخبر بذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاه، فقال عمرو إنك تزجر عن الرقى، فقال اقرأها علىّ (2) فقرأها عليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بأس، إنما هى مواثيق فأرق بها (عن سهل بن حنيف) (3) قال مررنا بسيل فدخلت فاغتسلت منه فخرجت محموماً، فنمى ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مروا أبا ثابت يتعوذ، قلت يا سيدى (4) والرقى صالحة؟ قال لا رقية إلا في نفس (5) أو حمة أو لدغة، قال عفان النظرة (6) واللدغة والحمة (عن عمير مولى آبى اللحم) (7) قال عرضت على رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية كنت أرقى بها في الجاهلية، قال اطرح منها كذا وكذا (8) وارق بما بقى، قال محمد بن زيد (أحد الرواة) وأدركته وهو يرقى بها المجانين (عن طلق بن على) (9) قال لدغتني عقرب

_ أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد اللة يقول لدغت رجلا منا عقرب الخ (تخريجة) (م جة) (1) (سندة) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة ثنا ابو الزبير عن جابر ان عمرو بن حزم الخ (غريبة) (2) انما قال صلى اللة علية وسلم اقرأها على خشية ان يكون فيها شى من شرك الجاهلية فلما لم يجدبها شيئا من ذلك قال لا باس واذن لة بها (وقدروى مسلم) عن عوف بنم الك لالا شجعى كنا نرقى فى الجاهلية فقلنا يا رسول اللة كيف ترى فى ذلك؟ فقال اعرضوا على رقاكم لا باس بالرقى ما لم يكن فية شرك (تخريجة) (م جة) (3) (سندة) حدثنا يونس بن محمد وعفان قالا ثنا عبد الواحد يعنى ابن زياد قال ثنا عثمان بن حكيم قال حدثننى جدتى الرباب وقال يونس فى حجيثة قالت سمعت سهل بن حنيف يقول مررنا بسيل الخ (غريبة) (4) قال الخطابى فية بيان جواز ان يقول الرجل لرئيسة من الادميين يا سيدى (5) قال الخطابى النفس العين اه (والحمة) بضم الحاء المهملة وفتح الميم مخففة قال ابو داود من الحيات وما يلسع اه (قلت) تقدم الكلام على الحمة فى شرح الحديث الاول من اليساب وهو السم من ذوات السموم وقولة (او لدغة) خصوص بعد العموم (6) معناه ان عفان احد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث قال فى روايتة الظرة بدل قولة الا فى نفس والمعنى واحد قال العلماء لم يرد بة حصر الرقية الجائزة فيها ومنعها فيما عداها وانما المراد لارقية احق واولى من رقية العين واللغة والحمة لشدة الضرر فيها واللة اعلم (تخريجة) (د) وسكت عنة ابو داود والمنذرى قال المنذرى واخرجة النسائى وفى بعض طرقة ان الذى راه فاصابة بعينة هو عامر بن ابى ربيعة العنزى حليف بنى عدى بن كعب (7) (سندة) حدثنا ربعى بن ابراهيم او اسماعيل بن علية واثنى علية خيرا قال وكان يفضل على اسماعيل ثنا عبد الرحمن بن اسحاق عن محمد بن زيد بن المهاجر عن عمير مولى ابى اللحم قال شهدت مع سادتى خيبر فامر بى رسول اللة صلة اللة علية وسلم فقلدت سيفا فاذا ابا اجرة قال فقيل لة انة عبد مملوك قال فامر لى بشئ من خر ثى المتاع قال وعرضت علية وقيسة الخ يعنى على رسول اللة صلى اللة علية وسلم وهذا الجزء من الحديث تقدم فى حديث مستقل فى باب تقسيم اربعة احماس الغنيمة من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر صحيفة 80 رقم 249 وتقدم شرحة هنغاك (غريبة) (8) اى بعض كلماتها التى تالف القران والسنة وابقاء بعضها التى ليست كذلك وهو يدل على جواز الرقية من غير القران والسنة بشرط ان تكون خالية من كلمات الشرك وعما هو ممنوع شرعا (تخريجة) (مذ جة ك) وصححة الترمذى والحاكم (9) (سندة) حدثنا على بن عبد اللة قال حدثنى ملازم بن عمرو قالحدثنى عبد اللة بن بدر عن قيس بن طلق عن ابية طلق بن على قال لدغتنى عقرب الخ (تخريجه) (طح)

-[الرقية من النملة (بكسر الميم - وما جاء في بعض الألفاظ الواردة في الرقى)]- عند النبي صلى الله عليه وسلم فرقانى ومسحها (عن عائشة رضى الله عنها) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص لأهل بيت من الأنصار في الرقية (وفى لفظ رخص في الرقية) من كل ذى حمة (عن عمران بن حصين) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا رقية إلا من عين أو حمة (فصل في رقية النّملة) (عن أبى بكر بن سليمان) (3) عن حفصة أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها امرأة يقال لها شفاء (وفى رواية الشفاء) ترقى من النّملة (4)، فقال النبى صلى الله عليه وسلم عليها حفصة (عن الشفاء بنت عبد الله) (5) دخل علينا النبى صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة، فقال لى ألا تعلمين هذه (6) رقية النملة كما علمتيها الكتابة (باب الألفاظ الواردة في الرقى) (عن عبادة ابن الصامت) (7) قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أعوده وبه من الوجع ما يعلم الله تبارك وتعالى بشدة ثم دخلت عليه من العشى وقد برئ أحسن برء، فقلت له دخلت عليك غدوة وبك من الوجع ما يعلم الله بشدة ودخلت عليك العشية وقد برأت، فقال يا ابن الصامت إن جبريل عليه السلام رقانى برقية برئت، ألا أعلمكها؟ قلت بلى. قال بسم الله أرقيك، من كل يؤذيك،

_ وسنده جيد (1) (سندة) حدثنا هشيم قال ثنا مغيرة عن ابراهيم عن الاسود عن عائشة الخ (تخريجة) (م جة) (2) (سندة) حدثنا ابن نمير انا مالك يعنى ابن مفعول عن حصين عن الشعبى عن عمران ابن حصين الخ (تخريجة) (مذ ك) وصححة الحاكم واقره الذهبى واخرجة (م جة) من حديث بريدة (فصل) (3) (سندة) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن محمد بن المنكدر عن ابى بكر بن سليمان عن حفصة (يعنى زوج النبى صلى اللة علية وسلم) الخ (غريبة) (4) بفتح النون وكسر الميم قال الطابى قروح ترج من الجنبين ويقال انها تخرج ايضا فى غير الجنب ترقى فذهب باذن اللة عز وجل (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد من حديث حفظة واوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة رجال الصحيح (5) (سندة) حدثنا ابراهيم بن مهدى ثنا على بن مسهر عن عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز عن صالح بن كيسان عن ابى بكر بن عبد الرحمن بن سليمان بن ابى حثمة عن الشفاء بنت عبد اللة الخ (قلت) قال المنذرى الشفاء هذة قرشية عدوية اسلمت قبل الهجرة وبايعت رسول اللة صلى اللة علية وسلم وكان رسول اللة صلى اللة علية وسلم ياتيها ويقيل فى بيتها وكان عمر رضى اللة عنة يقدمها فى الراى ويرضاها ويفضلها وربما ولاها شيئا من امر السوق وقال احمد بن صالح اسمها ليلى وغلب عليها الشفاء (غريبة) (6) يعنى حفصة زوج النبى صلى اللة علية وسلم وفى قولة صلى اللة علية وسلم (كما علمتيها الكتابة) دلالة على جواز تعليم النساء الكتابة (قال الشوكانى) واما حديث لا نعلموهن الكتابة ولا تسكنوهن الغرف وعلموهن سورة النور فالنهى عن تعليم الكتابة فى هذا الحديث محمول على من يشى من تعليمها الفساد اه (قلت) ظهر الفساد فعلا فى المراه التى توسع فى تعليمها فى زمننا هذا فهى تطالب بمشاركة الرجل فى كل شئ حتى فيا صة اللة بة نسال اللة السلامة من شرور هذا الزممن (تريجة) (د) وسكت عنة ابو داود والمنذرى (قال الشوكانى) ورجال اسنادة رجال الصحيح الا ابراهيم بن مهدى البغدادى المصيصى وهو ثقة وقد اخرجة النسائى عن ابارهيم بن يعقوب عن على بن المدينى عن محمد بن بشر ثم اسناد ابى داود (باب) (7) (سندة) حدثنا عبد الصمد ثنا ثابت عن عاصم عن سليمان رجل من اهل الشام عن جنادة عن عبادة بن الصامت الخ

-[ذكر بعض الألفاظ الواردة في الرقى]- من حسد كل حاسد وعين، بسم الله يشفيك (وفى رواية) من حسد حاسد وكل عين واسم الله يشفيك (عن عائشة رضى الله عنها) (1) قال كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى رقاه جبريل عليه السلام، فقال بسم الله أرقيك من كل داء يشفيك من شر حاسد إذا حسد ومن شر كل ذى عين (عن فضالة بن عبيد الأنصارى) (2) قال علمنى رسول الله صلى الله عليه وسلم رقية وأمرنى أن أرقى بها من بدا لى، قال لى قل ربنا الله الذي في السماء تقدس أسمك، أمرك في السماء والأرض، اللهم كما أمرك في السماء فاجعل رحمتك علينا في الأرض، اللهم رب الطيبين اغفر لنا حوبنا (3) وذنوبنا وخطايانا، ونزل رحمة من رحمتك، وشفاءاً من شفائك على ما بفرن من شكوى فيبرأ، قال وقل ذلك ثلاثاً ثم تعوذ بالمعوذتين ثلاث مرات (عن على رضى الله عنه) (4) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عوّد مريضاً قال أذهب البأس رب الناس، إشف أنت الشافى، لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقماً (عن أزهر بن سعيد عن عبد الرحمن بن السائب) (5) بن أخى ميمونة الهلالية أنه حدثه أن ميمونة (6) قالت له يا ابن أخى ألا أرقيك برقية رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت بلى. قالت بسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء فيك، أذهب البأس رب الناس، وأشف أنت الشافى لا شافى إلا أنت (عن عائشة رضى الله عنها) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعوّذ بعض أهله يمسحه

_ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد وفية سليمان رجل من اهل الشام ولم يضعفة احمد وبقية رجالة رجال الصحيح (1) (سندة) حدثنا ابو عامر عبد الملك بن عمرو قال ثنا زهير بن محمد عن يزيد بن عبد اللة بن الهاد عن محمد بن ابراهيم عن عائشة ال (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة رجال الصحيح (2) (سندة) حدثنا ابو اليمان قال ثنا ابو بكر يعنى ابرابى مريم عن الاشيا عن فضالة بن عبيد الانصارى ال (غريبة) (3) اى اثمنا وتفتح الحاء وتضم وقيل الفتح لغة الحجاز والضم لغة تميم (نة) (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد من حديث فضالة بن عبيد وفى اسنادة من لم يعرف وفية ايضا ابو بكر بن ابى مريم ضعيف ورواه ابو داود النسائى من حديث ابى الدرداء وفى اسنادة عنهما زيادة بن محمد الانصارى قال ابوحاتم الرازى والبخارى والنسائى منكر الحديث (4) (سندة) حدثنا ابو سعيد مولى بنى هاشم ثنا اسرائيل ثنا ابو اسحاق عن الحارث عن على الخ (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد من حديث على وفى اسنادة الحارث بن عبد اللة الاعور ضعفة الجمهور ولة شواهد تويدة من حديث عائشة وغيرها عند الشيخين والامام احمد وغيرهم (5) (سندة) حدثنا عبد الرحمن بن مهدى قال ثنا معاوية بن صالح عن ازهر بن سعيد عن عبد الرحمن ابن السائب ال (غريبة) (6) هى زوج النبى صلى اللة علية وسلم والة ابن عباس رضى اللة عنهما (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال الطبرانى فى الكبير والاوسط وفية عبد اللة بن صالح كاتب الليث وقد وثق وفية ضعف وعلى كل حال اسنادة حسن وسند الاوسط اجود اه (قلت *) ومن الغريب ان الحافظ الهيثمى لم يعزة الامام احمد مع ان سندة اجود وليس فى اسنادة عند الامام احمد عبد اللة بن صالح وهذة غفلة منة والكمال للة وحدة (7) (سندة) حدثنا يحيى ثنا سفيان عن مسلم عن مسروق عن

-[ذكر بعض الألفاظ الواردة في الرقى]- بيمينه يقول اذهب البأس رب الناس وأشف إنك أنت الشافى لا شفاء إلا شفاؤك شفاءاً لا يغادر سقماً (1) (وعنها من طريق ثان) (2) أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يرقى يقول امسح البأس رب الناس بيدك الشفاء لا يكشف الكرب إلا أنت (وفى رواية لا كاشف له إلا أنت) (وعنها أيضاً) (3) أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يقول في المريض بسم الله بتربة أرضنا (4) بريقة بعضنا ليشفى (5) سقيمنا بإذن ربنا (عن أبى هريرة) (6) قال دخل علىّ النبى صلى الله عليه وسلم وأنا أشتكى (وفى رواية يعودنى) فقال ألا أعلمك (وفى رواية ألا أرقيك) برقية رقانى بها جبريل عليه السلام؟ قلت بلى بأبى وأمى، قال باسم الله أرقيك والله يشفيك من كل داء يؤذيك (وقال عبد الرحمن) من كل داء فيك، ومن شر النفاثات في العقد ومن شر حاسد إذا حسد (7) (عن أبى سعيد الخدرى) (8) أن جبريل عليه السلام أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال اشتكيت يا محمد؟ قال نعم: قال بسم الله أرقيك من كل شئ يؤذيك من شر كل نفس وعين يشفيك بسم الله أرقيك (عن عبد العزيز) (9) قال دخلنا على أنس بن مالك رضى الله عنه مع ثابت فقال له إنى اشتكيت (10) فقال ألا أرقيك برقية أبى القاسم صلى الله عليه وسلم؟ قال بلى، قال

_ عائشة الخ (غريبه) (1) جاء فى اخر الحديث بعد قولة (لا يغادر سقما) قال فذكرتة لمنصور فحدثنى عن ابراهيم عن مسروق عن عائشة نحوة (2) (سندة) حدثنا عن هشام قال حدثنى البى عن عائشة ان النبى صلى اللة عليةوسلم كان يرقى الخ (تخريجة) (ق. وغيرهما) (3*) (سندة) حدثنا على بن عبد اللة ثنا سفيان قال حدثنى عبد ربة بن سعيد عن عمرة عن عائشة ان النبى صلى اللة علية وسلم كان يقول الخ (غريبة) (4) قال جمهور العلماء المراد بارضننا هنا جملة الارض وقيل ارض المدينة خاصة لبركتها والمعنى بسم اللة اتبرك بتربة ارضنا ومثلة بريقة بعضننا والريقة اقل من الريق (5) بضم التحتية وفتح الفاء مبنى للفاعل وسقيمنا بالرفع نائب عن الفاعل وجاء هذا الحديث عند مسلم ولفظة عن عائشة ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم كان اذا اشتكى الانسان الشى منة او كانت بة قرحة او جرح قال النبى صلى اللة علية وسلم باصبعة هكذا ووضع سفيان سبابتة بالارض ثم رفعها بسم اللة تربة ارضننا بريقة بعضنا ليشفى بة سقيمنا باذن ربنا قال ابن ابى شيبة يشفى وقال زهير ليشفى سقيمنا (قال النووى) ومعنى الحديث انة ياخذ من ريق نفسة على اصبعة السبابة ثم يضعها على التراب فيلعق بها منة شئ فيسمح بة على الموضع الجريح او العليل ويقول هذا الككلام فى حال المسح واللة اعلم (قال القاضى عياض) واختلف قول مالك فى رقية اليهودى والنصرانى وبالجواز قال الشافعى اه (تخريجة) (ق جة ك م) (6) (سندة) حدثنا وكيع قال ثنا سفيان وعبد الرحمن عن سفيان عن عاصم بن عبيد اللة عن زيادة بن ثويب عن ابى هريرة الخ (غريبة) (7) زاد عند ابن ماجة ثلاث مرات (تخريجة) (جة) قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجة فى اسنادة عاصم بن عبيد اللة بن عاصم بن عمر العمرى وهو ضعيف (8) (سندة) حدثنا عبد الصمد حدثنى ابى ثنا عبد العزيز يعنى ابن صهيب قال حدثنى ابو نضرة عن ابى سعيد الخدرى الخ (تخريجة) (جة) ورجالة ثقات (9) (سندة) حدثنا عبد الصمد حدثنى ابى ثنا عبد العزيز (يعنى ابن صهييب) قال دخلنا على انس الخ (غريبة) (10) القائل انى اشتكيت هو ثابت البنائى (فقال الاارقيك) يعني فقال له

-[قصة محمد بن حاطب الذي حرقت يده ورقاه النبى صلى الله عليه وسلم]- قل اللهم رب الناس مذهب البأس اشف أنت الشافى لا شافى إلا أنت اشف شفاء لا يغادر سقماً (1) (عن محمد بن حاطب الجمحى) (1) عن أمه أم جميل بنت المجلل (3) رضى الله عنهما قالت أقبلت بك من أرض الحبشة حتى إذا كنت في المدينة على ليلة أو ليلتين طبخت لك طبيخاً ففنى الحطب فخرجت أطلبه فتناولت القدر فانكفأت على ذراعك فأتيت بك النبى صلى الله عليه وسلم فقلت بأبى وأمى يا رسول الله هذا محمد بن حاطب فتفل في فيك ومسح على رأسك ودعا لك وجعل يتفل على يديك ويقول اذهب البأس رب الناس واشف أنت الشافى لا شفاء إلا شفاؤك شفاءاً لا يغادر سقماً، فقالت فما قمت بك من عنده حتى برأت يدك (وعنه من طريق ثان) (4) قال انصبت على يدى من قدر فذهبت بى أمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال كلاماً فيه اذهب البأس رب الناس وأحسبه قال اشف أنت الشافى قال وكان يتفل (5) (وعنه من طريق ثالث) (6) بنحوه وفيه قال فذهبت بى أمى إلى رجل كان بالبطحاء (7) فقال شيئاً ونفث (8) فلما كان في إمرة عثمان قلت لأمى من كان ذلك الرجل؟ قالت رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن عثمان بن أبى العاص) (9) قال أتانى رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ أنس ألا أرقيك الخ (1) سقما بفتحات (تخريجة) (خ د مذ نس) (2) (سندة) ح\دثنا ابراهيم ابن ابى العباس ويونس بن محمد قالا ثنا عبد الرحمن بن عثمان قال ابراهيم بن العباس فى حديثة ابراهيم ابن محمد بن حاطب قال حدثنى ابى محمد بن حاطب عن امة ام جميل الخ (غريبة) (3) بجيم ولامعين بن عبد اللة القرشية العامرية من بنى عامر بن لؤى كانت من السابقات قال ابن سعد امها ام حبيب بنت العاص اخت ابى احيحة اسلمت ام جميل بمكة وبايعت وهاجرت الى الحبشة الهجرة الثانية هى وزوجها حاطب بن الحارث قال وكان معهما ابناهما محمد والحارث (4) (سندة) حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن سماك قال قال محمد بن حاطب انصبت على يدى ال (5) اى على يدة المحروقة (6) (سندة) حدثنا ابراهيم بن ابى العباس قال ثنا شريك عن سماك بن حرب عن محمد بن حاطب قال ديت الى قدر وهى تغلى فادخلت يدى فاحترقت اوق ال فورمت يدى فذهبت بى امى الى رجل الخ (7) اى مسيل وادى مكة (8) من باب ضرب وهو البصاق اليسير (تخريجة) اوردة الهيثمى بطرقة الثلاث وقال فى الكريق الاولى رواه احمد والطبرانى الى ان قال قلت يا رسول اللة هذا محمد ابن حاطب وهو اول من سمى بك وفية عبد الرحمن بن عثمان الحاطى ضعفة ابو حاتم (وقال فى الطرق الثانية) رواه احمد والطبرانى ورجال احمد رجال الصحيح (وقال فى الطريق الثالثة) رواه احمد والطبرانى بنحوة للا انها قالت يا محمد احترقت يد محمد وفى رواية عندة فانطلقت بى امى الى رجل جالس فى الجبانة فقالت يار سول اللة يالبيك وسعديك ثم ادنتى منة فجعل ينفعث ويتكلم بكلام لا ادرى ما هو فسالت امى بعد ذلك ما كان يقول قالت كان يقول اذهب الناس رب الناس اشف انت الشافى لا شافى الا انت ورجال احمد ورجال هذة الطريق رجال الصحيح (9 (سندة) حدثنا اسحاق بن عيسى قال ثنا مالك (يعنى ابن انس) عن يزيد بن صيفة ان عمرو ابن عبد اللة بن كعب اخبرة عن نافع بن جبير عن عثمان بن ابى العاص قال اتانى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ

-[تعويذ النبي صلى الله عليه وسلم حسناً وحسيناً - وما جاء في الرقية بالقرآن]- وبي وجع قد كاد يهلكنى فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم امسحه بيمينك سبع مرات وقل أعوذ بعزة الله وقدرته من شر ما أجد (وفى رواية في كل مسحة) قال ففعلت ذلك فأذهب الله ما كان بى فلم أزل آمر به أهلى وغيرهم (عن ابن عباس) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعوّذ حسناً وحسيناً يقول أعوذ بكلمات الله (2) التامّة من كل شيطان وهامّة (3) ومن كل عين لامّة (4) وكان يقول كان إبراهيم أبى يعوّذ بهما إسماعيل وإسحق (عن عمرو بن كعب بن مالك عن أبيه) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد أحدكم ألماً (6) فليضع يده حيث يجد ألمه ثم ليقل سبع مرات (7) أعوذ بعزة الله وقدرته على كل شئ (8) من شر ما أجد (9) (باب الرقية بالقرآن) (ز) (عن عبد الرحمن بن أبى ليلى) (10) حدثنى أبى بن كعب قال كنت عند النبى صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابى فقال يا نبى الله إن لى أخاً وبه وجع، قال وما وجعه؟ قال به لمم قال فأتنى به فوضعه بين يديه فعوّذه النبى صلى الله عليه وسلم بفاتحة الكتاب وأربع آيات من أول سورة البقرة، وهاتين الآيتين وإلهكم إله واحد وآية الكرسى وثلاث آيات من آخر سورة البقرة وآية من آل عمران شهد الله أنه لا إله إلا هو: وآية من الأعراف إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض، وآخر سورة المؤمنين فتعالى الله الملك الحق وآية من سورة الجن وأنه تعالى جد ربنا، وعشر آيات من أول والصافات: وثلاث آيات من آخر سورة الحشر، وقل هو الله أحد والمعوذتين، فقال الرجل كأنه لم يشتك قط

_ (تخريجه) (ق لك والاربعة) (1) (سندة) حدثنا يزيد انا سفيان عن منصور عن المنهال عن سعيد بن جبير عن ابى عباس الخ (غريبة) (2) قيل هى القران وقيل اسماؤه وصفاتة (التامة) قال الجزرى وانما وصف كلام اللة بالتمام لانة لا يجوز ان يكون فى شئ من كلامة نقص وعيب كما يكون فى كلام الناس وقيل معنى التمام ها هنا ان تنفع المتعوذ بها وتحفظة من الافات وتكفية اه (3) الهامة كل ذات سم يقتل والجمع الهوام ما يسم ولا يقتل فهو السامة كالعقرب والزنبور وقد يقع الهوام على ما يدب من الحيوان وان لم يقتل كالحشرات (نة) (4) اى من كل عين تصيب بسوء (تخريجة) (مذ جة) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح (5) (سندة) حدثنا هاشم قال ثنا ابو معشر عن يزيد بن ابى حفصة عن عمرو بن كعب بن مالك عن ابية الخ (غريبة) (6) اى وجعا فى عضو ظاهر او باطن (7) اى متواليات كما يفيدة السياق (8) اى ومنة هذا الالم (9) (قال امناوى) زاد فى رواية (واحاذر) وفيها انة يرفع يدة فى كل مرة ثم يعيدها فيحمل المطلق على المقيد وفى بعض الروايات ذكر التسمية مقدمة على الاستعاذه وورد فى حديث ار ما يدل على انة يفعل مثل هذا بغيره ايضا اه (قلت) الزيادات التى ذكرها المناوى ليست عند الامام احمد فيحتسب العمل بها جمعا بين الروايات (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفية ابو معشر نجيح وقد وثق: على ان جماعة كثيرة ضعفوة وتوثيقة لين وبقية رجالة ثقات اه (قلت) وحسنة الحافظ السيوطى واللة اعلم (ز) (10) (سندة) قال عبد اللة بن الامام احمد حدثنا محمد ابى ليلى الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه عبد اللة بن احمد وفية ابو جناب وهو ضعيف وقد

-[ما جاء في الرقية بالقرآن وأخذ الأجرة عليها وكلام العلماء في ذلك]- (عن خارجة بن الصلت (1) عن عمه رضى الله عنه قال أقبلنا من عند النبى صلى الله عليه وسلم فأتينا على حي من العرب فقالوا أنبئنا أنكم جئتم من عند هذا الرجل بخير (وفى رواية إنا قد حدثنا أن صاحبكم هذا قد جاء بخير) فهل عندكم دواء أو رقية فإن عندنا معتوهاً (2) في القيود قال فقرأت بفاتحة الكتاب ثلاثة أيام غدوة وعشية (زاد في رواية كل يوم مرتين) أجمع بزاقى ثم أتفل قال فكأنما نشط (3) من عقال قال فأعطونى جعلا (وفى رواية فأعطونى مائة شاة) فقلت لا حتى أسأل النبى صلى الله عليه وسلم فسالته فقال كل (وفى رواية فقال خذها) لعمرى (4) من أكل برقية باطل (5) لقد أكلت برقية حق (عن أبى سعيد الخدرى) (6) أن ناساً من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أتوا على حىّ من أحياء العرب فلو يقروهم (7) (وفى رواية فاستضافوهم فأبوا أن يضيّفوهم) فبينما هم كذلك إذ لدغ سيد أولئك فقالوا هل فيكم دواء أو راق؟ فقالوا إنكم لم تقرونا ولا نفعل حتى تجعلوا لنا جعلاً (8) فجعلوا لهم قطيعاً من شاء (9) قال فجعل يقرأ أم القرآن ويجمع بزاقه ويتفل (10) فبرأ الرجل فأتونى بالشاء فقالوا لا نأخذها حتى نسأل عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوا النبى صلى الله عليه وسلم عن ذلك فضحك وقال ما أدراك أنها رقية (11) خذوها واضربوا لى فيها بسهم (12)

_ وثقه ابن حبان ويقية رجالة الصحيح (1) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عبد اللة ابن ابى السفر عن الشعبى عن خارجة بن الصلت عن عمة الخ (غريبة) (2) يعنى مجنونا كما فى رواية اخرى (3) بضم النون وكسر المعجمة كذا فى رواية الجميع وقال الطابى وهو لغة والمشهور نشط اذا عقد وانشط (يعنى بضم الهمزة وكسر المعجمة) اذا حل: وعند الهروى كانما انشط من عقال وقيل معناه اقيم بسرعة ومنة يقال رجل نشيط (والعقال) بالكسر الحبل الذى يشد بة ذراع البهيمة قالة العينى فى شرح البخارى والمعنى فكانما حل من قيد (4) اقسم بحياه نفسة كما اقسم اللة بحياتة والقمر والعمر بفتح العين وضمها واحد الا انهم خصوا القسم بالمفتوح لايثار الاخف لان الحلف كثير الدور على السنتهم ولذلك حذفوا الخبر وتقديرة لعمرك مما اقسم كما حذفوا فى قولك باللة (5) جزاؤة محذوف اى فعلية وزرة ووبالة (تخريجة) (د نس) وسكت عنة ابو داود والمنذرى ورجال اسنادة ورجال الصحيح الا خارجة المذكور وقد وثقة ابن حبان واخرجة (حب ك) وصححاه (6) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن ابى بشر عن ابى المتوكل عن ابى سعيد الخدرى الخ (غريبة) (7) بفتح اولة وسكون ثانية من باب رمى اى يضيفونهم كما فى الرواية الاخرى (8) اى اجرا على ذلك (9) بالهمز جمع شاه وعند البخارى (فصالحوهم على قطيع من الغنم) قيل عدتة ثلاثون شاه كما جاء مبينا فى بعض الروايات (وقال اهل اللغة) الغالب استعمالة فيما بين العشره والاربعين وجمعة اقطاع واقاطيع كحديث واحاديث (10) بكسر الفاء وضمها اى يبصق على موضع لدغة القرب والظاهر ان الراقى هو ابو سعيد الخدرى راوى الحديث فقد صرح بذلك فى الحديث التالى ولذلك قال (فاتونى بالشاه) فقال اصحابة الذين معه لا تاذوها حتى نسال عنها رسول اللة صلى اللة علية وسلم (11) قال النووى فية تصريح بانها رقيقة فيحتسب ان يقرا بها على اللديغ والمريض وسائر اصحاب الاسقام والعاهات (وفى قولة صلى اللة علية وسلم خذوها) تصريح بجواز اخذ الاجرة على تعليم القران وهذا مذهب الشافعى ومالك واحمدواسحق وابى ثور واخرين من السلف ومن بعدهم ومنعها ابو حنيفة فى تعليم القران واجاز فى الرقية (12) جاء فى رواية عند مسلم

-[ما لا يجوز من الرقى والتمائم - وقوله صلى الله عليه وسلم لا رقية إلا من عين أو حمة]- (وعنه أيضاً) (1) قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثاً فكنت فيهم فأتينا على قرية فاستطعمنا أهلها فأبوا أن يطعمونا شيئاً، فجاءنا رجل من أهل القرية فقال يا معشر العرب فيكم رجل يرقى؟ فقال أبو سعيد قلت وما ذاك؟ قال ملك القرية يموت قال فانطلقنا معه فرقيته بفاتحة الكتاب فرّددتها عليه مراراً فعوفى، فبعث إلينا بطعام وغنم تساق، فقال أصحابى لم يعهد إلينا النبى صلى الله عليه وسلم في هذا بشئ لا نأخذ منه شيئاً حتى نأتى النبى صلى الله عليه وسلم فسقنا الغنم حتى أتينا النبى صلى الله عليه وسلم فحدثناه فقال كل وأطعمنا معك، وما يدريك أنها رقية؟ قال قلت ألفى في روعى (2) (باب ما لا يجوز من الرقى والتمائم ونحوها) (عن حصين بن عبد الرحمن) (3) قال كنت عند سعيد بن جبير قال أيكم رأى الكوكب الذي انقض (4) البارحة؟ قلت أنا، ثم قلت أما إنى لم أكن في صلاة ولكنى لدغت (5) قال وكيف فعلت؟ قلت استرقيت؛ قال وما حملك على ذلك قلت حديث حدثناه الشعبى عن بريدة الأسلمى أنه قال لا رقية إلا من عين (6) أو حمة فقال سعيد يعنى ابن جبير قد أحسن من انتهى إلى ما سمع (7) ثم قال، حدثنا ابن عباس رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال عرضت علىّ الأمم فرأيت النبى ومعه الرهط (8) والنبى ومعه الرجل والرجلين، والنبى وليس معه أحد إذ رفع لى سواد (9) عظيم فقلت هذه أمتى؟ فقيل هذا موسى وقومه ولكن انظر إلى الأفق فإذا سواد عظيم (10) ثم قيل انظر إلى هذا الجانب الآخر فغذا سواد عظيم (11) فقيل هذه أمتك ومعهم سبعون ألفاً (12)

_ بلفظ (اقسموا) واضربوا لى بسهم معكم) قال النووى فهذة القسمة من باب المرواءت والتبرعات ومواساه الاحاب والرفاق والا فجميع الشياه ملك للراقى (واما قولة صلى اللة علية وسلم) واضربوا لة فيها بسهم فانما قالة تطيبا لقلوبهم ومبالغة فى تعريفهم انة حلال لا شبهة فية (تخريجة) (ق د مذ جة) (1) (سندة) حدثنا محمد بن عبد اللة بن الزبير ابو احمد ثنا عبد الرحمن بن النعمان ابو النعمان الانصارى بالكرفة عن سليمان بن قتيبة عن ابى سعيد الخدرى قال بعث رسول اللة صلى اللة علية وسلم بعثا الخ (غريبة) (2) بضم الراء اى فى نفس اى الهم اللة ذلت (تخريجة) (ق د مذ جة) بالفاظ متلفة والمعنى واحد (باب) (2) (سندة) حدثنا سريج ثنا هشيم انا حصين بن عبد الرحمن قال كنت عند سعيد بن جبير ال (غريبة) (4) هو بالقاف والضاد المعجمة ومعناه سقط (وقولة البارحة) هى اقرب ليلة مضت (قال ثعلب) يقال قبل الزوال رايت الليلة وبعد الزوال رايت البارحة وهكذا قالة غير ثعلب (5) اراد ان ينفى عن نفسىة تهمة السهر فى العبادة حتى راى الكوكب وانما السبب فى رويتة انة لدغ فسهر من شدة الالم فراى الكوكب (واللدغ) معناه اصابة الانسان بسم دوات السموم كعقرب ونحوها (6) العين اصابة العائن بعينة والعين حق (والحمة) بضم الحاء المهملة وفتح الميم مففة سم العقرب ونحوها وتقدم الكلام على ذلك فى الباب الاول من ابواب الرقى (قال الخطابى) ومعنى الحديث لارقية اشفى واولى من رقية العين وذى الحمة (7) اى احسن من اقتصر على ما سمع ولم يزد علية شيئا (8) معناه الجماعة دون العشره (9) اى اشخاص كثيروا العدد (10) اى اعظم مما قبلة (11) يعنى بالجانب الاخر (12) اى منهم فقد جاء عند البخارى بلفظ هذة امتك ويدخل الجنة من

-[قوله صلى الله عليه وسلم إن الرقى والتمائم والتولة شرك]- يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب، فقال بعضهم لعلهم الذين صحبوا النبى صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم لعلهم الذين ولدوا في الإسلام ولم يشركوا بالله شيئاً قط وذكروا أشياء، فخرج إليهم النبى صلى الله عليه وسلم فقال ما هذا الذي كنتم تخوضون فيه؟ فأخبروه بمقالتهم، فقال هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون (1) ولا يتطيرون (وفى رواية ولا يعتافون بدل يكتوون) وعلى ربهم يتوكلون فقام عكاشة (2) بن محصن الأسدى فقال أنا منهم يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت فيهم (3) ثم قام الآخر فقال أنا منهم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبقك بها عكاشة (عن زينب امرأة عبد الله ابن مسعود) (4) قالت كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح وبزق كراهية أن يهجم منها على شئ يكرهه، قالت وإنه جاء ذات يوم فتنحنح قالت وعندى عجوز ترقينى من الحمرة (5) فأدخلتها تحت السرير فدخل فجلس إلى جنبى فرأى في عنقى خيطاً قال ما هذا الخيط؟ قالت قلت خيط أرقى لى فيه، قالت فأخذه فقطعه ثم قال إن آل عبد الله لأغنياء عن الشرك، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الرقى (6) والتمائم والتولة شرك (7) قالت فقلت له

_ هولاء سبعون الفا (1) تقدم الكلام على الكى فى بابة وعلى الرقى الجائزة والمنهى عنها فى الباب الاول من ابواب الرقى (واما قولة ولا يتطيرون) فهو من الطيرة بكسر الطاء المهملة وفتح المثناه التحتية وهى التشاؤم بالشى وكان ذاك يصدهم عن مقاصدهم فنفاه الشرع وابطله ونهى عنة وسياتى لذلك باب اص (واما رواي ولا يعتافون) فهى بمعنى لا يتطيرون) وسياتى الكلام علية فى بابة (2) بضم العين وتشديد الكاف وتفيفها لغتان مشهورتان (واما محصن) فبوزن منبر (والاسدى) بفتح الهمزة والمهملة كان من السابقين الاولين شهد بدرا واستشهد فى قتل اهل الردة رضى اللة عنة (3) جاء عند مسلم بلفظ (انت منهم) وهو الظاهر (وقولة ثم قام الاخر) جاء فى بعض النس ثم قام رجل اخر وفى رواية لمسلم (ثم قام رجل من الانصار) والظاهر ان جوابة صلى اللة علية وسلم لعاكشة كان بوحى ولم يحصل للاخر واللة اعلم (تخريجة) (ق وغيرهم) وهذه القصة جاءت عند مسلم وغيرة من حديث ابى هريرة ومن حديث عمران بن حصين وجاء نحوها عند الامام احمد ايضا من حديث ابن مسعود وستاتى فى الباب الرابع من ابواب فضائل الامة المحمدية من كتاب الفضائل ان شاء اللة تعالى (4) (سندة) حدثنا ابو معاوية ثنا الاعمش عن عمرو بن مرة عن يحيى بن الجزار عن ابن اى زينب امراه عبد اللة ابن مسعود ال (غريبة) (5) الحمرة بضم الحاء المهملة وسكون الميم: قال فى القاموس ورم من جنس الطراعين (6) اى التى لا يفهم معناه الا التعوذ بالقران ونحوة فانة محمود (والتمائم) جمع تميمة) واصلها رزات تعلقها العرب على راس الولد لدفع العين ثم توسعلوا فيها فسموا بها كل عوذة (والتولة) كعنبة ما يحبب المراه الرجل من السحر (7) اى من شرك سماها شركا لان المتعارف منها فى عهد الجاهلية كان مشتملا على ما يتضمن الشرك اولان اتاذها يدل على اعتقاد تاثيرها ويفضى الى الشرك اة يتافى التوكل والانراط فى زمرة الذين لا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون لان العرب كانت تعتقد تاثيرها وتقصد بها دفع المقادير الكتوبة عليهم فطلبوا دفع الاذى من غير الله تعالى وهكذا

-[قوله صلى الله عليه وسلم من علق تميمة فلا أتم الله له]- لم تقول هذا وقد كانت عينى تقذف فكنت أختلف إلى فلان اليهودى يرقيها وكان إذا رقاها سكنت قال إنما ذلك عمل الشيطان، كان ينخسها بيده فإذا رقيتيها كف عنها إنما كان يكفيك أن تقولى كما قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اذهب البأس رب الناس اشف أنت الشافى لا شافى إلا شفاءك شفاءاً لا يغادر سقماً (عن الحسن) (1) قال أخبرنى عمران بن حصين أن النبى صلى الله عليه وسلم أبصر على عضد رجل حلقة من صفر (2) فقال ويحك ما هذا؟ قال من الواهة (3) قال أما أنها لا تزيدك إلا وهناً، انبذها عنك فإنك لو مت وهى عليك ما أفلحت أبداً (عن عقبة بن عامر) (4) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من علق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة (5) فلا ودع الله له (وعنه أيضاً) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل عليه رهط فبايع تسعة وأمسك عن واحد فقالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم بايعت تسعة وتركت هذا؟ قال إن عليه تميمة فأدخل يده فقطعها (7) فبايعه وقال من

_ كان اعتقاد الجاهلية فلا يدخل فى ذلك ماكان من اسماء اللة وكلامة ولامن علقها تبركا باللة: عالما انة لا كاشف الا اللة فلا باس بة وجاء عند الحاكم وابن حبان بعد قولة (والتولة شرك) قالوا يا ابا عبد اللة هذة التمائم والرقى قد عرفناها فما التولة؟ قال شئ يصنعة النساء يتببن الى ازواجهن يعنى من السحر اه وقيل هى خيط يقرا فية من السحر اون قرطاس يكتب فية شئ منة يتجبب بة النساء الى قلوب الرجال او الرجال الى قلوب النساء فاما ما تجبب بة المرأة الى زوجها من كلام مباح كما يسمى الفنج بفتحتين وفسرة صاحب النهاية بالتكسر والتدلل وكما تلبسة للزينة او نحو ذلك من كل شئ مباح يجلب حب الرجل فذلك جائز بل مستحب (تخريجة) (دجة ك حب) وصححة الحاكم واقره الذهبى (1) (سندة) حدثنا لف بن الوليد ثنا المباركعن الحسن (يعنى البصرى) قال اخبرنى عمران بن حصين الخ (غريبة) (2) يعنى من نحاس وهو بضم الصاد المهملة وسكون الفاء (3) الواهنة عرق ياخذ فى فى المنكب وفى اليد كلها فيرقى منها وقيل هو مرض ياخذ فى العضد وربما علق عليها جنس من الخرز يقال لها خرز الواهنة وهى تاخذ الرجال دون النساء وانما نهاه عنها لانة انما اتذها تعصمة من الالم فكان عندة فى معنى التمائم المنهى عنها (نة) (تخريجة) قال الهيثمى رواه احمد والطبرانى وقال ان مت وهى عليك وكلت اليها قال وقى رواية موقوفة انبذها عنك فانك لو مت وانت ترى انها تنفعك لمت على غير الفطرة وفية مبارك بن فضالة وهو ثقة وفية ضعف وبقية رجالة ثقات قال رواه ابن ماجة باتصار (4) (سندة) حدثنا ابو عبد الرحمن انا حيوة انا الد بن عبيد قال سمعت مشرح بن هاعان يقول سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت رسول اللة صلة اللة علية وسلم ال (غريبة) (5) الودع بالفتح والسكون جمع ودعة محركة هو شئ ابيض مجلب من البحر يعلق فى حلوق الصبيان (اى اعناقهم) وغيرهم وانما نهى عنها لانهم كانوا يعلفونها مخافة العين (وقولة فلا ودع اللة لة) اى لاجعلة فى دعة وسكون وقيل هو لفظ مبنى من الودعة اى لاخفف اللة عنة ما يخافة (نة) (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم عل طب) ورجاله ثقات اه (قلت) واخرجة ايضا الحاكم وصححة واقرة الذهبى (6) (سندة) حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا عبد العزيز بن مسلم ثنا يزيد بن ابى منصور عن دخين الحجرى عن عقبة بن عامر الجهنى ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم (غريبة) (7) اى قطع التميمة تقدم معنى التميمة في شرح حديث

-[ما جاء في العين وأنها حق وكلام العلماء في ذلك]- علق تميمة فقد أشرك (1) (عن عيسى بن عبد الرحمن) (2) قال دخلنا على عبد الله بن عكيم رضى الله عنه وهو مريض نعوده فقيل له لو تعلقت شيئاً (3) فقال أتعلق شيئاً وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعلق شيئاً (4) وُكل إليه (عن جابر بن عبد الله) (5) قال سئل النبى صلى الله عليه وسلم عن النشرة (6) فقال من عمر الشيطان (7) (باب ما جاء في العين وأنها حق). (عن ابن عباس) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العين حق: العين حق (9) تستنزل الحالق (10)

_ زينب المذكور قبل حديث (1) تقدم معنى الشرك فى شرح حديث زينب المشار الية (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم طب) ورجال احمد ثقات (2) (سندة حدثنا وكيع ثنا ابن ابى ليلى عن عيسى بن عبد الرحمن الخ (غريبة) (3) اى كتميمة او تعويذة او نحو ذلك قال فى القاموس علقة تعليقا جعلة معلقا كتعلقة اه (4) اى من علق على نفسة شيئا من التعاويذ والتمائم واشباهها معتقدا انها تجلب الية نفعا او تدفع عنة ضرا (وكل الية) بضم الواو وتفيف الكاف مكسورة اى وكل اللة شفاءة الى ذلك الشئ فلا يحصل شفاؤة او المراد من علق تميمة من تمائم الجاهلية يظن انها تدفع او تنفع فان ذلك حرام والحرام لا دواء فية وقبل غير ذلك (تخريجة) (مذ ك) وسكت عنة الحاكم ولم يتعقبة الذهبى وقال الترمذى وحديث عبد اللة بن عكيم انما نعرفة من حديث ابن ابى ليلى يعنى محمد بن عبد الرحمن بن ابى ليلى يشير الى انة ساء حفظة بعد ان ولى القضاء وكان احد الاعلام قال العجلى كان فقيها صاحب سنة جائز الحديث وقال ابو حاتم محلة الصدق شغل بالقضاء فساء حفظة اه (قلت) هذا الحديث لا تقل درجتة عن الحسن لاسيما ولة ضشواهد تؤيدة واللة اعلم (5) (سندة) حدثنا عبد الزاق ثنا عقيل بن معقل سمعت وهب بن منبة حدث عن جابر بن عبد اللة الخ (غريبة) (6) قال فى النهاية النشرة بالضم ضرب من الرقية والعلاج: يعالج بة من كان يظن ان بة مسامن الجن سميت نشرة لانة ينتشر بهابها عنة ما مرة من الداء اى يكشف ويزال وقال الحسن النشرة من السحر وقد نشرت (بتشديد المعجمة مفتوحة) عنة تنشيرا (7) اى اذا كانت من السحر او من كلام لا يفهم معناه او من اعمال الجاهلية اما اذا كانت من تعاويذ القران او السنة فلا باس بها (تخريجة) رواه ابو داود عن الامام احمد بسند حديث الباب وسكت عنة ابو داود والمنذرى فهو صالح ولة شاهد من حديث انس عند البزار والطبرانى اوردة الهيثمى قال ورجال البزار رجال الصحيح 0 باب) (8) (سندة) حدثنا عبد اللة بن الوليد ثنا سفيان عن دويد حدثنى اسماعيل بن ثوبان عن جابر بن زيد عن ابن عباس ال (غريبة) (9 كرر هذة الجملة مرتين للتاكيد ومعناه ان الاصابة بالعين (حق) اى كائن مقضى بة فى الوضع الالهى لاسبهة فى تاثيرة فى النفوس والاموال (قال القرطبى) هذا قول عامة الامة ومذهب اهل السنة وانكرة قوم مبتدعة وهم محجوجون بما يشاهد منة فى الوجود فكم من رجل ادخلتة العين القبر وكم من جمل ادلتة القدر لكنة بمشيئة تعالى ولا يلتفت الى معرض عن الشرع والعقل فتمسك باستبعاد لا اصللة فانا نشاهد من تاثير السحر ما يقضى منة العجب وتحقيق ان ذلك فعل مسبب كل سبب (10) اى الجبل العالى قال الحكماء والعائن يبث من عينة قوة سمية تتصل بالمعين (بفتح الميم) فيهلك نفسة قال ولا يبعد ان تنبعث جواهر لطيفة غير مرئية من العين فتتصل بالمعين وتخلل مسام بدنة فيخلق اللة الهلاك عندها كما يخلقة عند شرب السم وهو

-[إصابة سهل بن حنيف من عين عامر بن ربيعة]- (عن أبي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العين حق ونهى عن الوشم (2) (وعنه أيضاً) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العين حق ويحضر بها الشيطان (4) وجسد ابن آدم (عن أبى ذر) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن العين لتولع (6) بالرجل بإذن الله حتى يصعد حالقاً (7) ثم يتردى منه (باب ما يقول من رأى شيئاً أعجبه وما يفعل بالمصاب بالعين) (عن أبى أمامة) (8) بن سهل بن حنيف أن أباه حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج وسار معه نحو مكة حتى إذا كانوا بشعب الخرار (9) من الجحفة اغتسل سهل بن حنيف وكأن رجلاً أبيض حسن الجسم والجلد فنظر إليه عامر بن ربيعة أخو بنى عدى بن كعب وهو يغتسل فقال ما رأيت كاليوم ولا جلد مخبأة (10) فلبط سهل فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل له يا رسول الله هل لك في سهل والله ما يرفع رأسه وما يفيق، قال

_ بالحقيقة فعل اللة قال المازرى وهذا ليس على القطع بل جائز ان يكون وامر العين مجرب محسوس لا ينكرة الا معاند (تخريجة) (طب ك) وصححة الحاكم واقره الذهبى (1) (سندة) حدثنا عبد الرزاق ابن همام ثنا معمر عن همام عن ابى هريرة الخ (غريبة) (2) الوشم ان يغرز الجلد بابرة ثم يحشى بكحل او نيل فيرزق اثرة ويحضر وسياتى الكلام علية فى بابة من كتاب اللباس والزينة ان شاء اللة تعالى (تخريجة) اخرجة الشيخان وغيرهما ما عدا الوشم (3) (سندة) حدثنا ابن نمير قال ثنا ثور يعنى ابن يزيد عن مكحول عن ابى هريرة الخ (غريبة) (4) جاءفى رواية (يحضرها الشيطان ومعنى حضور الشيطان انة يوسوس للعائن بالاعجاب بالشئ وتمشى زوالة بدل ان يدعو اللة لة بالبركة فقد ورد (علام يقتل احدكم اخاء هلا اذا رايت ما يعجبك بركت بركت) وسياتى فى الباب التالى وحينئذ يغفل العائن عن ذكر اللة تعالى ويطاوع الشيطان فيحدث اللة فى المنظور علة يكون النظر بالعين سببها فتاثيرها بفعل اللة عز وجل (تخريجة) لم اقف علية بهذا اللفظ لغير الامام احمد وروى الشيان منة العين حق واوردة الهيثمى وقال رواه احمد ورجالة رجال الصحيح (5) (سندة) حدثنا يونس بن محمد ثنا ديلم عن وهب ابى ابن جبلا عاليا (ثم يتردى) اى يسقط (منة) لان العائن اذا تكيفت نفسة بكيفية رديئة انبعث من عينة قوة سمية تتصل بة فتضرة وقد خلق اللة تعالى فى الارواح واص توثر فى الاشباح لا ينكرها عاقل الاترى الوجة كيف يحمر لروية من يحتشمة ويصغفر لروية من يخافة وذلك بواسطة تاثير الارواح ولشدة ارتباطها بالعين نسب الفعل اليها وليست هى الفاعلة بل التاثير للروح بتمكين اللة عز وجل واقدارة (تخريجة) (عل) واوردة الهيثمى وقال رواه (حم بز) ورجال احمد ثقات (باب) (8 (سندة) حدثنا حسين بن محمد قال ثنا اويس ثنا الزهرى عن ابى امامة الخ (غريبة) (9) بفتح الخاء المعجمة وتشديد الراء الاولى موضع قرب الجحفة (بضم الجيم وسكون الحاء المهملة) ميقات اهل الشام ومصر والمغرب وهى قرية كبيرة كانت عامرة ذات منبر وهى على طريق المدينة على نحو سبع مراحل من المدينة ونحو ثلاث مراحل من مكة وهى قريبة من البحر بينهما وبينة ستة اميال وكان اسمها مهيعة بوزن فاجحف السيل باهلها فسميت جحفة (10) المخبأه بضم الميم وفح المعجمة وتشديد الموحدة مفتوحة ثم همزة مفتوحة الجارية التى فى خدرها لم تتزوج بعد لان صيانتها أبلغ ممن قد

-[قصة سهل بن حنيف مع عامر بن ربيعة وما فعله النبى صلى الله عليه وسلم]- هل تتهمون فيه من أحد قالوا نظر إليه عامر بن ربيعة، فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عامراً فتغيظ عليه وقال علام يقتل أحدكم أخاه؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك برّكت (1) ثم قال له اغتسل له (2) فغسل وجهه ويديه ومرفقيه وركبتيه وأطراف رجليه وداخلة إزاره (3) في قدح ثم صب ذلك الماء عليه يصبه رجل على رأسه وظهره من خلفه ثم يكفئ القدح وراءه ففعل به ذلك فراح سهل مع الناس ليس به بأس (عن عبد الله بن عامر) (4) قال انطلق عامر بن ربيعة وسهل بن حنيف يريدان الغسل قال فانطلقا يلتمسان الخمر (5) قال فوضع عامر جبة كانت عليه من صوف فنظرت إليه فأصبته بعينى فنزل الماء يغتسل قال فسمعت له في الماء فرقعة فأتيته فناديته ثلاثاً فلم يجبنى، فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فأخبرته، قال فجاء يمشى فخاض الماء كأنى أنظر إلى بياض ساقيه، قال فضرب صدره بيده (6) ثم قال اللهم أذهب عنه حرها وبردها ووصبها (7) قال فقام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى أحدكم من أخيه أو من نفسه أو من ماله ما يعجبه فليبرِّكه فإن العين حق (8) (عن صهيب) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أيام حنين يحرك شفتيه بعد صلاة الفجر بشئ لم نكن نراه يفعله (وفى رواية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى همس شيئاً لا نفهمه ولا يحدثنا به) فقلنا يا رسول الله إنا نراك تفعل شيئاً لم تكن تفعله فما هذا الذي تحرك شفتيك (وفى رواية فقال رسول الله صلى

_ تزوجت (وقوله فلبط) بضم الللام وكسر الموحدة اى صرع وسقط الى الارض (1) جاء فى بعض الروايات الابركت علية وقد حكى ابن عبد البر فى التمهيد عن بعض اهل العلم ان يقول اللهم بارك فية وحكى عن بعض اهل العلم ان يقول اللهم بارك فية وحكى عن بعضهم ان يقول تبارك اللة احسن الخالقين وروى البزار عن انس ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم قال من راى شيئا اعجبة فقال ما شاء اللة لا قوة الا باللة لم يضرة وفى اسنادة ابو بكر الهذلى ضعيف (2) اى امر النبى صلى اللة علية وسلم عامر بن ربيعة ان يغتسل غسلا مصوصا كما وصف فى الحديث واللة اعلم (3) قال القاضى عياض المراد بداخلة الازار ما يلى الجسد من المئزر وقيل موضعة من الجسد (تخريجة) (نس جة حب) وصححة ابن حبان والهيثمى (4) (سندة) حدثنا وكيع ثنا ابى عبد اللة بن عيسى غن امية بن هند بن سهل بن حنيف وابى يريدان الغسل فانتهيا الى غدير فخرج سهل يريد الخمر قال وكيع يعنى بة الستر فذكر نحو حديث الباب (6) اى ضرب النبى صلى اللة علية وسلم صدر سهل بن حنيف (7) يعنى ما اصابة بسبب العين من حرارة وبرودة ووصب الوصب بفتح الواو والصاد المهملة دوام الوجع ولزومة وقد يطلق الوصب على التعب والفتور فى البدن (8) تقدم الكلام على ذلك فى شرح الحديث الاول من احاديث الباب (تخريجة) (ك) وصححة واقرة الذهبى واوردة الهيثمى وقال روى ابن ماجة منة العين حق فقط ورواه الطبرانى وفية امية بن هند وهو مستور ولم يضعفة احد وبقية رجالة رجال الصحيح اه (قلت) لفظ العين حق رواه الشيخان وغيرهما (9) (سندة) حدثنا عفان ثنا حماد يعنى ابن سلمة ثنا ثابت عن عبد الرحمن بن ابى ليلى عن صهيب (يعنى ابن سنان) ان رسول اللة صلى اللة عليةوسلم الخ (غريبه)

-[قصة النبي الذي أعجبه كثرة قومه وما يقال عند ذلك]- الله عليه وسلم فطنتم لى قال قائل نعم) قال إن نبياً فيمن كان قبلكم أعجبته كثرة أمته فقال لن يروم (1) هؤلاء شئ (وفى رواية فقال من يكافئ (2) هؤلاء) فأوحى الله إليه أن خِّير أمتك بين إحدى ثلاث، إما أن نسلط عليهم عدواً من غيرهم فيستبيحهم أو الجوع، وإما أن أرسل عليهم الموت: فشاورهم (وفى رواية فاستشار قومه في ذلك) فقالوا أنت نبى الله نكل ذلك إليك فخر لنا قال فقام إلى صلاته قال وكانوا يفزعون إذا فزعوا إلى الصلاة (3) قال فصلى فقالوا (وفى رواية فقال) أما العدو فلا طاقة لنا بهم وأما الجوع فلا صبر لنا عليه ولكن الموت: فأرسل عليهم الموت فمات منهم في ثلاثة أيام سبعون ألفاً قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا أقول الآن حيث رأى كثرتهم (4) اللهم بك أحاول وبك أصاول وبك أقاتل (وفى رواية اللهم يارب بك أقاتل وبك أصاول ولا حول ولا قوة إلا بالله) (باب الرقية من العين) (عن عائشة رضى لاله عنها) (5) أن النبى صلى الله عليه وسلم أمرها أن تسترقى من العين (6) (وعنها أيضاً) (7) قالت دخل النبي صلى الله عليه وسلم فسمع

_ (1) أي لا يقدر على طلب هولاء شئ لكثرتهم وقوتهم (2) اى لا يكافؤهم احد فى القوة والعدد ومعنى ذلك انة اعجبة كثرتهم وفهم انة لا يقدر احد على مقاومتهم وغفل عن التبريك لهم فعاقبة اللة بما ذكر فى الحديث ولهذا قال العلماء قد تصب الانسان عين نفسة: قال الغسانى نظر سليمان بن عبد الملك فى المراه فاعجبتة نفسة فقال كان محمد صلى اللة علية وسلم نبيا وكان ابو بكر صديقا وعمر فاروقا وعثمان حبيبا ومعاوية حليما ويزيد صبورا وعبد الملك سائشا والوليد جبارا وانا الملك الشاب فما دار علية الشهرحتى مات (3) جاء فى لفظ ار من حديث صهيب ايضا (وكانوا اذا فزعوا (اى خافوا) فزعوا الى الصلاة (اى حينما اغر بعض اصحابة صلى اللة علية وسلم بكثرة عددهم ونزل فيهم قولة تعالى (لقد نصركم اللة فى موطن كثيرة ويوم حين اذا اعجبتكم كثرتهم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الارض بما رحبت وثم رحبت ثم وليتم مدبرين) عند ذلك قال النبى صلى اللة علية وسلم (اللهم بك احاول) اى بمعونتك اسطو على الاعداء او اقهرهم والصولة الحملة والوثبة (تخريجة) (م مذ مى) وتقدم نحوة من حديث صهيب ايضا فى كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر رقم 190 صحيفة 58 (باب) (5) (سندة) حدثنا وكيع عن معمر وسفيان عن معبد بن الد عن عبد اللة بن شداد عن عائشة الخ (6) اى من الاصابة من العين: قال المازرى اذ الجمهور بظاهر الحديث وانكرة طوائف من المبتدعة لغير معنى لان كل شئ ليس محالا فى نفسة ولا يودى الى قلب حقيقة ولا فساد دليل فهو من مجوزات القول فاذا اخبر الشرع بوقوعة لم يكن لانكارة معنى وهل من فرق بين انكارهم هذا وانكارهم ما يخبر بة فى الاخرة من الامور (تخريجة) لم اقف علية بهذا اللفظ لغير الامام احمد وسندة جيد ويويدة ما قبلة واخرج نحوة الطبرانى فى الكبير بسند جيد عن ام صلمة وفى حديث الباب والذى قبلة الأمر بالرقيا من

-[ما يقال في الرقية من العين - وما جاء في نقي العدوى]- صوت صبي يبكي، فقال ما لصبيكم هذا يبكى فهلا استرقيتم له من العين؟ (وعنها أيضاً) (1) قالت كنت أرقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من العين فأضع يدى على صدره، امسح البأس (2) رب الناس بيدك الشفاء لا كاشف له إلا أنت (عن عبيد الله بن رفاعة الزرقى) (3) قال قالت أسماء (بنت عميس) رضى الله عنها يا رسول الله إن بنى جعفر (4) تصيبهم العين أفأسترقى لهم؟ قال نعم فلو كان شئ سابق القدر (5) لسبقته العين (6). (أبواب ما جاء في العدوى والطيرة والفأل والطاعون وموت الفجأة) (باب ما جاء في نفى العدوى) (عن أبى هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى (8) ولا صفر ولا هامة (9) قال أعرابى فما بال الإبل تكون في الرمل كأنها

_ العين ولم يذكر الفاظ الرقيا وستاتى فى الحديث التالى (1) (سندة) حدثنا عفان قال ثنا حماد عن هشم عن عروة عن عائشة قالت كنت ارقى رسول اللة صلى اللة عليةوسلم الخ (غريبة) (2) اى اذهب الباسر كما جاء فى بعض الروايات والمراد بالباس هنا المرض واصلة بالهمزة وقد جاء فى الحديث بغير همزة لمشا كلة الناس (تخريجة) (م) ولفظة عن عائشة ان رسول اللة صلى اللة علية وسلم كان يرقى بهذة الرقية اذهب الباس بيدك الشفاء لا كاشف لة الا انت (3) (سندة 9 حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عروة بن عامر عن عبيد اللة بن رفاعه الزرقى الخ (غريبة) (4) جعفر هو ابن ابى طالب او الامام على رضى اللة عنهما (59 اى غالبة فى السبق (6) معناه لو امكن ان يسبق شئ القدر فى افناء شى وزوالة قبل اوانة المقدر لة (لسبقتة العين) لكنها لا تسبق القدر فانة تعالى قدر المقادير قبل الخلق قال الحافظ جرى الحديث مجرى المبالغة فى اثبات العين لا انة يمكن ان يرد القدر شئ اذا القدر عبارة عن سياق علم اللة وهو لا راد لامرة وحاصلة انة لو فرض ان شيئا لة قوة بحيث يسبق القدر لكان العين لكنها لا تسبق فكيف غيرها اه قال النووى وفية اثبات القدر وهو حق بالنصوص واجماع اهل الستة ومعناه ان الاشياء كلها بقدر اللة تعالى ولا تقطع وفية صحة امر العين وانها قوية الضرر اه (تخريجة) (مذ نس جة طح) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح واخرج نحوة مسلم عن ابن عباس (باب) (7) (سندة) حدثنا عبد الرزاق وعبد الاعلى عن معمر عن الزهرى عن ابى سلمة عن ابى هريرة الخ (غريبة) (8) العدوى هى هنا مجاوزة العلة من صاحبها الى غيرة يقال اعدى فلان فلانا من علة بة وذلك على ما يذهب الية المتطببة فى الجذم والبرص والجدرى والحصباء والبر والرمد والامراض الوبائية والاكثرون على ان المراد نفى ذلك وابطالة على ما يدل علية الظاهر الحديث ومعناه ان شيئا لا يعدى شيئا حتى يكون الضرر من قبلة هو تقدير اللة عز وجل وسابق قضائة فية ولذلك قال فى ار الحديث (فمن كان اعدى الاول (واما الصفر فقد ذكر ابو عبيد فى كتابة وحكى عن روية بن العجاج انة سئل عن الصفر فقال هى حية تكون فى البطن تصيب الماشية والناس قال وهى اعدى من الجرب اه وقيل داء بالباطن يعدى واتار البخارى الاول لاقترانة فى الحديث بالعدوى وقيل المراد بذلك الشهر المعروف اعنى صفر كانوا يتشاءمون بدولة وقيل هو داء فى البطن من الجوع او من اجتماع الماء الذى يكون منة الاستسقاء والله أعلم (9) قال

-[ما جاء في نفي العدوى - وكلام العلماء في ذلك]- الظباء (1) فيخالطها البعير الأجرب فيجربها (2) فقال النبى صلى الله عليه وسلم فمن كان أعدى الأول (3) (وعنه أيضاً) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعدى شئ شيئاً ثلاثاً (5) قال فقام أعرابى فقال يا رسول الله إن النقبة (6) تكون بمشفر البعير (7) أو بعجبه فتشمل الإبل جرباً، قال فكست ساعة فقال ما أعدى الأول؟ لا عدوى ولا صفر ولا هامة، خلق الله كل نفس فكتب حياتها وموتها ومصيباتها ورزقها (8)

_ في النهاية الهامة الراس واسم الطائر وهو المراد من الحديث وذلك انهم كانوا يتشاءمون بها وهى من طير الليل وقيل هى البومة وقيل كانت العرب تزعم ان روح القتيل الذى لا يدرك بثارة نصير هامة فتقول اسقونى فاذا ادرك بثارة طارت وقيل كانوا يزعمون ان عظام الميت وقيل روحة تصير هامة فتطير ويسمونة الصدى فنقاه الاسلام ونهاهم عنة اه (1) كانها الظباء يعنى فى النشاط والقوة والسلامة من الداء (والظباء) بكسر الظاء المعجمة وهى تتميم لمعنى النقاوة وذلك لانها اذا كانت من التراب ربما يلصق بها شئ منة (2) بضم الياء وكسر الراء (فقال النبى صلى الللة عليةوسلم) رادا علية ما يعتقدة من العدوى (فمن كان اعدى الاول) وهذا جواب فى غاية البلاغة والرشاقة اى من اين جاء الجرب للذى اعدى بزعمهم فان اجابوا من بعير اخر لزم التسلسل او بسبب اخر فليفصحوا بة فان اجابوا بان الذى فعلة فى الاول هو الذى فعلة فى الثانى ثبت المدعى وهو ان الذى فعل جميع ذلك هو القادر الخالق لا الة غيرة ولا موثر سواه (وقال النووى) معناه ان البعير الاول الذى جرب من اجربة؟ وانتم تعلمون وتعترفون ان اللة تعالى هو الذى اوجد ذلك غير ملاصقة لبعير اجرب فاعدوا ان البعير الثانى والثالث وما بعدهما انما جرب بفعل اللة تعالى وارادتة لا بعدوى تعدى بطبعها واو كان الجرب بالعدوى بالطبائع لم يجرب الاول لعدم المعدى ففى الحديث بيان الدليل القاطع لابطال قولهم فى العدوى بطبعها (3) جاء فى اخر هذا الحديث عند ابى داود قال معمر قال الزهرى فحدثنى رجل عن ابى هريرة انة سمع رسول اللة صلى اللة علية وسلم انة قال (لا يوردن ممرض على مصح) قال فراجعة فقال اليس قد حدثنا ان النبى صلى اللة عليةوسلم قال (لا عدوى ولا صفرو هامة) قال لم احد ثكموه قال الزهرى قال ابو سلمة قد حدث بة وما سمعت ابا هريرة نسى حديثا قط غيرة (تخريجة) (ق د وغيرهم) هذا وحديث (ولا يوردن ممرض على مصح) حديث صحيح ثابت عند مسلم وابى داودو الامام احمد وغيرهم وسياتى فى الباب الثانى وياتى الكلام علية ولا منافاه بينة وبين حديث لا عدوى الخ فان المقصود بنفى العدوى هو اعتقاد ان بعض الامراض يعدى بطبيعتة واما ان يكون سببا فى العدوى بارادة اللة عز وجل فلا نفى وقيل المراد بقولة صلى اللة علية وسلم (لا يوردن ممرض على مصح) الاحتياط على اعتقاد الناس لئلا يتشاءموا بالمريضة ويعتقدوا انها مرضت الصحيحة بطبيعتها فيائموا فى هذا الاعتقاد واللة اعلم (4) (سندة) حدثنا هاشم ثنا محمد بن طلحة عن عبد اللة بن شبرمة عن ابى زرعة بن عمرو بن جرير عن ابىهريرة قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (5) اى قالها ثلاث مرات للتاكيد (6) النقبة بضم النون وسكون القاف اول شئ يظهر من الجرب وجمعها نقب بسكون القاف لانها تنقب الجلد اى تخرقة (نة) (7) مشفر البعير بكسر الميم كالشفة للانسان (او بعجبة) بفتح العين المهملة وسكون الجيم اى ذنبة كما صرح بذلك فى بعض الروايات (8) معناه أن كل شيء

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة ولا صفر وكلام العلماء في ذلك]- (عن عبد الله بن مسعود) (1) قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا يعد شئ شيئاً فذكر مثله (عن ابن جريج) (2) أخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا عدوى ولا صفر ولا غول (3) وسمعت أبا الزبير يذكر أن جابراً فسر لهم قوله لا صفر، فقال أبو الزبير الصفر البطن، قيل لجابر كيف هذا القول فقال دوأب البطن، قال ولم يفسر القول، قال أبو الزبير من قبله هذا الغول الشيطانة التي يقولون (عن أبى الزبير) (4) عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة (5) ولا غول (عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى ولا طيرة ولا صفر ولا هام، فذكر سماك أن الصفر دابة تكون في بطن الإنسان (7) فقال رجل يا رسول الله تكون في الإبل الجربة في المائة فتجربها؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم فمن أعدى الأول؟ (وعنه أيضاً عن

_ بقدر الله تعالى لا يقع فى ملكة الا ما ارادة (تخريجة) (ق د. وغيرهم * بالفاظ مختلفةوالمعنى واحد (1) (سندة) حدثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن عمارة بن القعقاع قال حدثنا ابو زرعة ثنا صاحب لنا عن عبد اللة بن مسعود الخ (تخريجة) (مذ) وفى اسنادة رجل لم يسم ويويدة ما قبلة (2) (سندة) حدثنا روح بن عبدة ثنا جريج اخبرنى ابو الزبير الخ (غريبة) (3) قال جمهور العلماء كانت العرب تزعم ان الغيلان فى الفلوات وهى جنس من الشياطين فتراءى للناس وتتغول تغولا اى تتلون تلونا فتضلهم عن الطريق فتهلكم فابطل النبى صلى اللة علية وسلم ذاك وقال اخرون ليس المراد بالحديث نفى وجود الغول وانما ابطال ما تزعمة العرب من تلون الغول بالصور المختلفة واغتيالها قالوا ومعنى (لا غول) اى لا يستطيع ان تضل احدا ويشهد لة حديث اخر) (لا غول ولكى السعالى) قال العلماء السعالى بالسين المفتوحة والعين المهملتين وهم سحرة الجن اى ولكن فى الجن سحرة هم تلبيس وتخسل وفى الحديث الاخر (اذا تغولت الغيلان فنادوا بالاذان) اى ادفعوا شرها بذكر اللة تعالى وهذا دليل على انة ليس المراد نفى اصل وجودها وفى حديث ابى ايوب (كان لى تمر فى سهوة وكانت الغول تجئ فتاكل منة) (تخريجة) (م د) وغيرهما (4) (سندة) حدثنا يحيى بن ادم وابو النضر قال ثنا زهير عن ابى الزبير عن جابر الخ (غريبة) (5) الطيرة بكسر الطاء وفتح الياء كعنبة هذا هو الصحيح المعروف فى رواية الحديث وكتب اللغة والتطير التشاؤم واصلة انشئ المكروة من قول او فعل او مرئى وكانوا يتطيرون بالسوانح والبوارح فينفرون الظباء والطيور فان اخذت ذات اليمين تبركوا بة ومضوا فى سفرهم وحوائجهم وان اخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها فكانت تصدهم فى كثير من الاوقات عن مصالحهم ففى الشرع ذلك وابطلة ونهى عنة واخبر انة ليس لة تاثير ينفع ولا ضر فهذا معنى قولة صلى اللة علية وسلم لا طيرة وفى ديث ار الطيرة شرك اى اعتقاد انها ليس لة تاثير ينفع ولا ضر فهذا معنى قولة صلى اللة علية وسلم لا طيرة وفى حديث اخر الطيرة شرك اى اعتقاد انها تنفع او تضر اذا عملوا بمقتضاه معتقدين تاثيرها فهو شرك لانهم جعلوها اثرا فى الفعل والايجاد (تخريجة) (م د) وغيرهما (6) (سندة) حدثنا ابو سعيد ثنا سماك عن عكرمة عن ابى عباس الخ (غريبة) (7) تقدم الكلام على الصفر فى شرح الحديث الاول الباب (تخريجة) الحديث سندة صحيح ورواه ابن ماجة مختصرا ولفظة عن ابن عباس قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم لا عدوى

-[ما جاء في ثبوت العدوى - والجمع بين أحاديث النفي والإثبات]- عكرمة عن ابن عباس) 01) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا طيرة ولا عدوى ولا هامة ولا صفر، قال فقال رجل يا رسول الله إنا لنأخذ الشاة الجرباء فنطرحها في الغنم فتجرب، قال فمن أعدى الأول؟ (عن السائب بن يزيد) (2) بن أخت نمر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى ولا صفر ولا هامة (باب ما جاء في ثبوتها) (عن أبى هريرة (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يورد ممرض (4) على مصح

_ ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وقال البوصيرى فى زوائد ابن ماجة حديث ابن عباس صحيح رجالة ثقات (1) (سندة) حدثنا عفان ثنا ابو عوانة عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه الطبرانى باسانيد ورجال بعضها رجال الصحيح اه (قلت) سندة عند الامام احمد صحيح ولم يعزة الهيثمى للامام احمد على خلاف عادتة فانة يقدم رواية الامام احمد عن غيرة اذا كان المعنى متحدا ولعلة غفل عن ذلك واللة اعلم (2) (سندة) حدثنا ابو اليمان ثنا شعيب عن الزهرى قال حدثنى السائب بن يزيد الخ (تخريجة) (م) (باب) (3) (سندة) حدثنا عفان قال ثنا عبد الواحد قال ثنا معمر عن الزهرى عن ابى سلمة عن ابى هريرة الخ (غريبة) (4) قال الخطابى الممرض الذى مرضت ماشيتة والمصح هو صاحب الصحاح منها كما قيل رجل مضعف اذا كانت دوابة ضعافا ومقو اذا كانت اقوياء وليس المعنى فى النهى عن هذا الصنيع من ان المرض تعدى الصحاح ولكن الصحاح اذا مرضت باذن اللة وتقديرة وقع فى نفس صاحبها ان ذاك انما كان من قبل العدوى فيفته ذلك ويشككة فى امرة فامر باجتنابة والمباعدة عنة لهذا المعنى وقد يحتمل ان يكون ذلك من قبل الماء والمرعى فتستوبئة فاذا شاركها فى ذلك الماء الوارد عليها اصابة مثل ذلك الداء: والقوم بجهلهم يسمونة عدوى وانما هو فعل اللة تبارك وتعالى بتاثير الطبيعة على سبيل التوسط فى ذلك واللة اعلم اه (تخريجة) (م دجة) وغيهم وظاهرة ينافى حديث لا عدوى الذى رواه ابو هريرة وغيرة وتقدم فى الباب السابق ولا منافاه لامكان الجمع بينهما (قال النووى) رحمة اللة قال جمهور العلماء يحب الجمع بين هذين الحديثين وهما صحيحان (يعنى حديث ابى هريرة وما فى معناه) من احاديث الباب المتقدم فى نفى العدوى وحديثة هذا (لا يورد ممرض على مصح) قالوا وطريق الجمع ان حديث لا عدوى المراد بة نفى ما كانت الجاهلية تزعمة وتعتقدة ان المرض والعاهة تعدى بطبعها لا بفعل اللة تعالى واما حديث (لا يورد ممرض على مصح) فارشد فية الى مجانية ما يحصل الضرر عندة بفعل اللة تعالى وقدرة فنفى فى الحديث الاول العدوى بطبعها ولم ينف حصول الضرر عند ذلك بقدر اللة تعالى وفعلة وارشد فى الثانى الى الاحتراز مما يحصل عندة بفعل اللة وارادتة وقدره فهذا الذى ذكرناه من تصحيح الحديثين والجمع بينهما هو الصواب الذى علية جمهور العلماء ويتعين المصير الية ولا يوثر نسيان ابى هريرة لحديث لا عدوى لوجهين (ادهما) ان نسيان الراوى للحديث الذى رواه لا يقدح فى صحتة عند جماهير العلماء بل يجب العمل بة (والثانى) ان هذا اللفظ ثابت من رواية غير ابى هريرة فقد ذكر مسلم هذا من رواية الساءب بن يزيد وجابر بن عبد اللة وانس بن مالك وابن عمر عن النبى صلى اللة علية وسلم اه (قلت) الاحاديت التى اشار اليها النووى جاءت كلها واكثر منها عند الامام احمد تقدم بعضها فى الباب السابق وسيأتي بعضها

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا تديموا النظر إلى المجذَّمين ومعنىذ لك]- (عن ابن عباس) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تديموا إلى المجذومين النظر (2) (ز) (عن حسين عن أبيه رضى الله عنه) (3) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا تديموا النظر إلى المجذَّّمين، وإذا واكلتموهم فليكن بينكم وبينهم قيد رمح (4) (عن عمرو بن الشريد عن أبيه) (5) قال قدم على النبى صلى الله عليه وسلم رجل مجذوم من ثقيف ليبايعه، فأتيت النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فذكرت ذلك له، فقال إئته فأخبره أنى قد بايعته فليرجع (6)

_ في الأبواب التالية رحم اللة الامام احمد وائمةالسلف الصالح وحشرنا فى زمرتهم (1) (سندة) حدثنا وكيع حدثنى عبد اللة بن سعيد بن ابى هند عن محمد بن عبد اللة بن عمرو بن عثمان عن امة فاطمة بنت حسين عن ابن عباس وصفوان اتا عبد اللة بن سعيد بن ابى هند عن محمد بن عبد اللة بن عمرو بن عثمان عن امة فاطمة بنت حسين انها سمعت ابن عباس يقول رسول اللة ثصلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (2) الظاهر ان الحكمة فى عدم دوام النظر الى المجذوم خشية احتقارة وازدرائة فيتاذى بة المنظور او لان من بة الداء يكره ان يطلع علية وجاء هذا الحديث عند ابى داود الطيالسى بلفظ (لا تحدوا النظر الى المجومين) (تخريجة) (جة طل) وقال البوصيرى فى زوائد ابن ماجة رجال اسنادة ثقات (قلت) هذا الحديث رواه الامام احمد باسنادين احدهما عن وكيع والثانى عن صفوان وكلاهما عن عبد اللة بن سعيد ورجالهما ثقات فالحديث صحيح (3) (ز) (سندة) قال عبد اللة بن الامام احمد حدثنى ابو ابراهيم البرجمانى ثنا الفرج بن فضالة عن (محمد بن) عبد اللة بن عمرو بن عثمان عن امة فاطمة بنت حسين عن حسين (يعنى بن على) عن ابية (يعنى على بن ابى طالب رضى اللة عنهما) عن النبى صلى اللة علية وسلم الخ (قلت) لفظ (محمد بن) الذى بين قوسين فى السند غير موجود فى سند هذا الحديث فى اصل المسند والظاهر انة سقط من الناسخ قطعا وتصحيحة من سند الحديث السابق لان محمد بن عبد اللة هو راوى الحديث عن امة فاطمة اما عبد اللة بن عمرو فهو والدة زوج فاطمة لا ابنها واللة الموفق (غريبة) (4) بكسر القاف وضم الدال المهملة اى قدر رمح وهذة الرواية جاء فيها زيادة (واذا كلمتموهم فلكن بينكم وبينهم قيد رمح) وانما قال ذلك خشية ان يعرض لمن كلمهم عن قرب ان يعرض لة جذام فيظن انة اعداه مع ان ذلك لا يكون الا بتقدير اللة عز وجل وهذا خطاب لمن ضعف يقينة ووقف نظرة عند الاسباب (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه عبد اللة بن احمد وفية الفرج بن فضالة رثقة احمد وغيرة وضعفة النسائى وغيرة وبقية رجالة ثقات ان لم يكن سقط من الاسناد احد قال (وعن الحسين بن على) عن النبى صلى اللة علية وسلم قال لا تديموا النظر الى المجذمين واذا كلمتموهم فليكن بينكم وبينهم قيد رمح رواه ابو يعلى والطبرانى وفى اسناد ابى ابى يعلى الفرج بن فضالة وثقة احمد وغيرة وضعفة النسائى وغيرة وبقية رجالة ثقات وفى اسناد الطبرانى يحيى الحمانى وهو ضعيف وبقية رجالة ثقات اه (قلت) وقول الحافظ الهيثمى (ان لم يكن سقط من الاسناد احمد) يشير الى انة اشتبة فى السند لكونة جاء فية الفرج بن فضالة عن عبد اللة بن عمرو ولة الحق فى ذلك وقد وضحنا الكلام على من سقط واللة الموفق (5 (سندة) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا شريك عن يعلى بن عطاء عن عمرو بن الشريد عن ابية (يعنى الشريد بن سويد القثقفى) قال قدم على النبى صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (6) قيل ردة التى صلى اللة علية وسلم خوفا على اصحابة لئلا يروا لا نفسهم فضلا علية فيدخلهم العجب أو

-[ما جاء في التشاؤم وهو المعبر عنه بالطيرة]- (عن أبي هريرة) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله واصحابه وسلم يقول فر من المجذوم فرارك (2) من الأسد (باب ما جاء في التشاؤم وهو المعبر عنه بالطيِّرة) (عن سعيد بن المسيب) (3) قال سالت سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه عن الطيرة (4) فانتهرنى وقال من حدثك؟ فكرهت أن أحدثه من حدثنى، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا عدوى ولا طيرة ولا هام، إن تكن الطيرة في شئ ففى الفرس والمرأة والدار (5)، وإذا سمعتم بالطاعون بأرض فلا تهبطوا وإذا كان بأرض وأنتم فيها فلا تفروا منه (عن عبد الله بن عمرو) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من ردّته الطيرة من حاجة فقد أشرك (7) قالوا يا رسول الله

_ خوفا عليه لئلا يحزن المجوم لروية الناس فيقل صبرة على البلاء وقيل لان الجذام يعدى عادة وقيل لئلا يظن احد العدوى ان حصل لة الجذم واللة اعلم (تخريجة) (م نس جة) (1) (سندة) حدثنا اسامة ابن زيد عن بعجة بن عبد اللةل الجهنى عن ابى هريرة الخ (غريبة) (2) اى كما تفر من الاسد كما جاء مصرحا بذلك فى رواية البخارى (تخريجة) (خ) مطولا من حديث ابىهريرة ايضا ولفظة (قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر وفر من المجذوم كما تفر من الاسد) واستشكل مع قولة صلى اللة علية وسلم لا عدوى وقد جمع العلماء بينهما باوجة كثيرة (قال الحافظ) فى شرح نخبة الفكر والاولى فى الجمع بينهما ان يقال ان نفية صلى اللة علية وسلم للعدوى باق على عمومة وقد صح قولة صلى اللة عليةوسلم لا يعدى شئ شيئا زقولة صلى اللة علية وسلم لمن عارضة يان البعير الاجرب يكون فى الابل الصحيحة فيخالطها فتجرب حيث رد علية بقولة (فمن اعدى الاول) يعنى ان اللة سبحانة وتعالى ابتدا ذلك فى الثانى كما ابتدا اللة تعالى ابتداء لا بالعدوى المنفية فيظن ان ذلك بسبب مخالطتة فيعتقدصحة العدوى فيقع فى الحرج فامر بتجنبة حسما للمادة واللة اعلم (باب) (3) (سندة) حدثنا اسماعيل اخبرنا هشام الدستوائى عن يحيى بن ابن كثير الحضرمى بن لاحق عن سعيد بن المسيب الخ (غريبة) (4) بكسر الطاء المهملة وفتح الياء التحتية وتقدم الكلام عليها فى شرح حديث بن جابر بن عبد اللة قبل باب قال الخطابى معنى الطيرة التشاؤم يقال تطير الرجل طيرة كما قالوا تخيرت الشئ خيرة ولم يجى من المصادر على هذا القياس غيرهما وجاء من الاسماء على هذا المثال حرفان التولة فىنوع السحر وسبى طيبة يقال هذا سبى طيبة اى طيب (5) قال الخطابى رحمة اللة قولة (ان تكن الطيرة فى شئ ففى النفوس والمراة والدر) فان معناه ابطال مذهبهم فى الطير بالسوانح والبوارح من الطير والظباء ونحوها الا انة يقول ان كانت لاحدكم دار يكرة سكناها اوامراه يكرة صحبتها او فرس لا يعجبة ارتباطة فليفارقها عن الدار ويبيع الفرس وكان محال هذا الكلام محل استثناء الشئ من غير جنسة وسبيلة الخروج من كلام الى غيرة وقد قيل ان شؤم الدار ضيقها وسوء جوارها وشئوم الفرس ان لا يغزى عليها وشؤم المرأة ان لا تلد اه (قلت) سياتى لذلك مزيد بحث فى بابة قريبا وكذلك الطاعون وسيأتى الكلام علية فى بابة (تخريجة) (د) وسكت عنة ابو داود والمنذرى وسندة صحيح (6) حدثنا حسن ثنا ابن لهجة عن ابى عبد الرحمن عن عبد اللة بن عمرو الخ (غريبة) قال العلماء هذاوارد على منهج الزجر

-[ما كان عليه العرب من التيامن والتشاؤم]- ما كفارة ذلك (1)؟ قال أن يقول أحدهم اللهم لا خير إلا خيرك ولا طير إلا طيرك (عن أبى الزبير) (2) قال سألت جابراً أقال النبى صلى الله عليه وسلم في الطيرة والعدوى شيئاً؟ قال جابر سمعته يقول كل عبد طائره في عنقه (2) (عن معاوية بن الحكم السُّلمى) (4) أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت أشياء كنا نفعلها في الجاهلية، كنا نتطير، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك شئ تجده في نفسك فلا يصدنك، قال يا رسول الله كنا نأتى الكهان، قال فلا تأت الكهان (عن أم كرز الكعبية) (5) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أقروا الطير على مكناتها (عن عبد الله) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطيرة (7) شرك وما منا إلا (8)

_ والتهويل إلا إذا اعتقد ان للة شريكا فى تقدير الخير والشر تعالى اللة عن ذلك علوا كبيرا فيكون قد اشرك باللة حقيقة وارتد عن الاسلام نعوذ باللة من ذلك (1) اى ما يكفر عنا ذنب ما يختلج فى صدورنا من الطيرة وما يصرفنا عنة؟ قال ان يقول احدهم الخ فينبغى لمن طرقتة الطيرة ان يسال الة تعالى الخير ويستعذ بة من الشر ويمضى فى حاجتة متوكلا علية (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفية ابن لهيعة وحديثة حسن وفية ضعف وبقية رجالة ثقات (2) (سندة) حدثنا موسى ثنا ابن لهيعة عن ابى الزبير الخ (غريبة) (3) ذكر الحافظ ابن كثير فى تفسيرة هذا الحديث وعزاه للامام احمد ثم قال قال ابن لهيعة يعنى الطيرة قال وهذا القول من ابن لهيعة فى تفسير هذا الحديث غريب جدا واللة اعلم (تخريجة) رواه ابن جرير فى تفسير وعبد بن حميد فى مسندة واوردة الهيثمى وقال رواه احمد وفية ابن لهيعة وحديثة حسن وفية ضعف وبقية رجالة رجال الصحيح اه (قلت) وجاء فى تفسير الحافظ ابن كثير قال قتادة عن جابر بن عبد اللة عن النبى صلى اللة علية وسلم انة قال لا عدوى ولا طيرة وكل انسان الزمناه طائرة فى عنقة قال الحافظ ابن كثير كذا رواه ابن جرير قال وقد رواه الامام عبد بن ححميد فى مسندة متصلا حدثنا الحسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة عن ابى الزبير عن جابر قال سمعت رسول اللة صلى اللة علية وسلم يقول (طير كل عبد فى عنقة) (4) هذا الحديث تقدم بسندة وشرحة وتخريجة فى باب النهى عن اتيان الكاهن والعراف من كتاب الحدود الجزء 16 صحيفة 134 وتقدم الكلام علية هناك فارجع الية ان شئت (5) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطولة وسندة وشرحة وتخريجة فى بابالامر بالعقيقة الجزء الثالث عشر رقم 13 صحيفة 121 ومعناه ان الرجل فى الجاهلية كان اذا اراد حاجة اتى طيرا ساقطا او فى وكرة قنفرة فان طار ذات اليمين مضى حاجتة وان طار ذات الشمال رجع فنهوا عن ذلك اى لا تزجروا الطير واقروها على موضعها التى جعلها اللة لها فانها لا تضر ولا تنفع وهذا معنى قولة مكانتها بفتح الميم وكسر الكاف بمعنى الامكنة يقال الناس على مكانتهم اى على امكننهم ومساكنهم (6) (سندة) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن عيسى بن عاصم عن زرين حبيش عن عبد اللة (يعنى ابن مسعود) قال قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) بكسر ففتح العلماء هى سوء الظن باللة وهرب من قضائة (وقولة شرك) اى من الشرك لان العرب كانوا يعتقدون ان ما يتشائمون بة سبب يوثر فى حصول المكروة وملاحظة الاسباب فى الجملة شرك فكيف اذا انضم اليها جهالة فاحشة وسوء اعتقاد ومن اعتقد ان غير اللة ينفع او يضر استقلالا فقد اشرك (8) هكذا جاءت الرواية

-[قوله صلى الله عليه وسلم إن يك من الشؤم شئ حق ففى المرأة والفرس والدار]- ولكن الله يذهبه بالتوكل (عن الفضل بن عباس) (1) قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً فبرح ظبى (2) فمال في شقه فاحتضنه، فقلت يا رسول الله تطيرت؟ قال إنما الطيرة ما أمضاك (3) أو ردك (باب إن يك من الشؤم شئ حق ففى المرأة والفرس والدار) (عن سعد بن مالك (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا هامة ولا عدوى ولا طيرة، إن يكن ففى المرأة والدابة (5) والدار

_ بحذف المستثنى ولكن زاد يحيى القطان عن شعبة (ومامنا الا من يعترية الوهم قهرا ولكن اللة يذهبة بالتوكل) قال العلماء حذف المستثنى المفهوم من السياق كراهة ان يتفوه بة وحكى الترمذى عن البارى عن ابن حرب ان (وماعنا الخ) من كلام ابن مسعود لكن تعقبة ابن القطان بان كل كلام مسوق فى سياق لا يقبل دعوى درجة الا بحجة والفرق بين الطيرة والتطير ان التطير الظن السئ بالقلب والطيره الفعل المترتب علية (تخريجة) (طل جة) اوردة المنذرى بهذا اللفظ الا انة كرر لفظ (الطيرة شرك ثلاث مرات) وقال رواه ابو داود واللفظ لة وابن حبان فى صحيحة وقال الترمذى حديث حسن صحيح اه (قلت) ورواه ايضا الحاكم وصححة الذهبى وفى امالى العراقى صحيح (1) (سندة) حدثنا حماد بن خالد قال حدثنا ابن علاقة عن مسلمة الجهنى قال سمعت يحدث عن الفضل بن العباس الخ (غريبة) (2) قال فى النهاية هو من البارح ضد المسائح فالسائح ما مر من الطير والوحش بين يديك من جهة يسارك الى يمينك والعرب تتيمن بة لانة امكن للرمى والصيد والبارح ما مر من يمينك الى يسارك والعرب تتطير بة لانة لا يمكنك ان ترمية حتى تنحرف (3) معناه ما اثر عليك فحملك على الاقدام على مطلوبك اوردة عنة بسبب التشاؤم (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد وسندة ضعيف لانقطاعة فان مسلمة الجهنى لم يدرك الفضل بن عباس واللة اعلم (باب (4) (سندة) حدثنا سويد بن عمر وحدثنا ابان حدثنا يحيى عن الحضرمى بن لاحق عن سعيد بن المسيب عن سعد بن مالك الخ (غريبة) (5) رواية ابى داود وغيرة الفرس بدل الدابة) فرواية الامام احمد وغيرها (قال النووى رجمة اللة) اختلف العلماء فى هذا الحديث فقال مالك وطائفة هو على ظاهرة وان الدار قد يجعل اللة تعالى سكناها سببا للضرر او الهلاك وكذا اتخاذ المراه بقضاء اللة تعالى ومعناه قد يحصل الشؤم فى هذة الثلاثة كما صرح بة فى رواية (ان يكن الشؤم) فى شئ (وقال الخطابى) وكثيرون هو فى معنى الاستثناء من الطيرة اى الطيرة منهى عنها الا ان يكون لة دار يكرة سكناها او امراه يكرة صحبتها او فرس او خادم فليفارق الجميع بالبيع ونجوة وطلاق المراه (وقال اخرون) شؤم الدار ضيقها وسوء جيرانها واذاهم وشؤم المراه عدم ولادتها وسلاطة لسانها وتعرضها للريب وشؤم الفرس ان لا يغزى عليها وقيل حرانها وغلاء ثمنها وشؤم الخادم سوء خلقة وقلة تعهدة لما فوض الية (وقيل) المراد بالشؤم هناعدم الموافقة واعتراض بعض الملاحدة بحديث لا طيرة على هذا فاجاب ابن قتيبة وغيرة ان هذا مصوص من حديث لا طيرة الا فى هذه الثلاثة (قال القاضى) قال بعض العلماء الجامع لهذة الفصول السابقة فى الاحاديث ثلاثة اقسام (اخدها) مالم يقع الضرر بة ولا اطردت عادة خاصة ولا عامة فهذا لا يلتفت الية وانكر الشرع الالتقات الية وهو الطيرة (والثانى) ما يقع عندة الضرر عموما لا يخصة ونادرا لا متكررا كالوباء فلا يقدم علية ولا يخرج منة (والثالث) ما يخص ولا يعم كالدار والفرس والمراه فهذا يباح الفرار منه والله أعلم (تخريجه) (د)

-[إنكار عائشة لحديث إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار]- (عن سالم عن أبيه) (1) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال الشؤم في ثلاث: الفرس والمرأة والدار، قال سفيان إنما نحفظه عن سالم (2) يعنى الشؤم (عن عمرو بن محمد بن زيد) (3) أنه سمع أباه يحدث عن ابن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن يك من الشؤم حق ففى المرأة والفرس والدار (عن ابن عمر) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا عدوى ولا طيرة، والشؤم في ثلاثة: في المرأة والدار والدابة (عن سهل بن سعد الساعدى) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن كان ففى الفرس والمرأة وفى المسكن يعنى الشؤم (عن جابر بن عبد الله) (6) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن كان شئ ففى الربع والفرس والمرأة (عن أبى حسان الأعرج (7) أن رجلين (زاد في رواية من بنى عامر) دخلا على عائشة رضى الله عنها، فقالا إن أبا هريرة يحدث أن نبى الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إنما الطيرة في المرأة والدابة والدار، قال فطارت شقِّة منها في السماء وشقِّة (8) في الأرض، فقالت والذى أنزل القرآن على أبى القاسم ما هكذا كان يقول، ولكنى نبى الله صلى الله عليه وسلم عليه وسلم كان يقول كان أهل الجاهلية يقولون الطيرة في المرأة والدار والدابة، ثم قرأت عائشة (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب)

_ وسنده صحيح وسكت عنة ابة داود والمنذرى (1) (سندة) حدثنا سفيان عن الزهرى عن سالم عن ابية (يعنى عبد اللة بن عمر) الخ (غريبة) 02) الظاهر ان الزهرى روى هذا الحديث مرة عن سالم عن ابية فرواه سفيان عن الزهرى مرة اخرى عن حمزة وسالم ابنى عبد اللة بن عمر عن ابيها فرواه عنة سفيان مرة اخرى كذلك وكل هذة الروايات ثابتة فى صحيح مسلم واللة اعلم (تخريجة) (م لك د) (3) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن محمد بن زيد الخ (تخريجة) (م د) (4) (سندة) حد\ثنا عثمان بن عمر اخبرنا يونس عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر الخ (تخريجة) (ق. وغيرهما) (5) (سندة) حد=ثنا روح واسماعيل بن عمر قال ثنا مالك عن ابى حازم عن سهل بن سعد الساعدى الخ (تخريجة) (ق لك) (6) (سندة) حدثنا روح ثنا ابن جريج وعبد اللة بن الحارث عن ابن جريج قال حدثنى ابو الزبير انة سمع جابر بن عبد اللة يقول سمعت رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) (م. وغيرة) (7) (سندة) حدثنا روح ثنا سعيد عن قتادة عن ابى حسان الاعرج الخ (8) شقة بكسر الشين المعجمة قال فى النهاية هو مبالغة فى الغضب والغيظ يقال قدا انشق فلان من الغضب والغيظ كانة امتلا باطنة منة حتى انسق اه والظاهر ان عائشة رضى اللة عنها انما انكرت على ابى هريرة ذلك لانها لم تسمع من النبى صلى اللة علية وسلم فى هذا الباب ما سمعة غيرها من الصحابتة وانما روت عنة صلى اللة علية وسلم ما ذكرتة فى هذا الحديث (قال العلماء) فى حديث ابى هريرة وما تقدم فى معناه من احاديث الباب معناه ان هذة الثلاثة (اى المراه والدابةوالدار) يطول تعذيب القلب بها مع كراهتها بملازمتها وصحبتها ولو لم يعتقد الانسان الشؤم فيها فاشار الحديث الى الامر بفراقها ليزول التعذيب وهو نظير الامر بالفرار من المجذوم مع صحة نفى العدوى والمراد حسم المادة وسد الذريعة لئلا يوافق من ذلك المقدر فيعتقد من وقع لة ذلك انة من العدوى والطيرة فيقع

-[ما جاء في الفأل وأن النبى صلى الله عليه وسلم كان يتفاءل ولا يتطير]- إلى آخر الآية (باب ما جاء في الفأل) (عن أبى هريرة) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا طيرة (2) وخيرها الفأل، قيل يا رسول الله وما الفأل؟ قال الكلمة الصالحة يسمعها أحدكم (وعنه أيضاً) (3) قال قيل يا رسول الله ما الطيرة؟ قال لا طائر ثلاث مرات، وقال خير الفأل الكلمة الطيبة (وعنه أيضاً) (4) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الفأل الحسن ويكره الطيرة (عن ابن عباس) (5) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتفاءل ولا يتطير ويعجبه الاسم الحسن (عن أبى هريرة) (6) أن النبى صلى الله عليه وسلم سمع صوتاً فأعجبه فقال قد أخذنا فألك من فيك (عن أنس بن مالك) (7) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا طيرة ويعجبني الفأل قال

_ في اعتقاد ما نهى عنة فطريق من رفع لة ذلك فى الدابة بيعها وفى المراه فراقها وفى الدار التحول منها لانة متى استقر فيها ربما حملة ذلك على اعتاد صحة الطيرة والتشاؤم وعلية ينزل قول الامام مالك لما سئل عن الحديث (كم من دار سكنها ناس فهلكوا) وقد اخرجة ابو داود وصححة الحاكم عن انس قال رجل يا رسول اللة انا كنا فى دار كثيرة فيها عددنا وكثير فيها اموالنا فتحولنا الى دار اخرى فقل فيها عددنا وقلت فيها اموالنا؟ فقال رسول اللة صلى اللة علية وسلم ذروه ذميمة (تخريجة) لم اقف علية لغير الامام احمد وقال الهيثمى رواه احمد ورجالة الصحيح (1) (سندة) حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى عن عبيد اللة بن عبد اللة بن عتبة ان ابا هريرة قال سمعت رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (2) الطيرة تقدم الكلام على ضبطها ومعناها فى الباب السابق والابواب الذى قبلة (واما الفال) فمهموز ويجوز ترك همزة وجمعة فؤول كفلس وفلوس قالة النووى: قال وقد فسرة النبى صلى اللة علية وسلم بالكلمة الصالحة والحسنة والطيبة قال العلماء يكون الفال فيما يسر وفيما يسوء والغالب فى السرور والطيرة لا تكون الا فيما يسوء قالوا وقد يستعمل مجازا فى السرور يقال تفاءلت بكذا بالتفيف وتفالت بالتشديد وهو الاصل والاول مخفف منة ومقلوب عنة (قال اعلماء) وانما احب الفال لان الانسان اذا امل فائدة اللة تعالى وفضلة عند سبب قوى او ضعيف فهو على خير فى الحال وان غلط فى جهة الرجاء اذا امل فائدة اللة تعالى وفضلة عند سبب قوى او ضعيف فهو على خير فى الحال وان غلط فى جهة الرجاء فالرجاء لى خير واما اذا قطع رجاءة واملة من اللة تعالى فان ذلك شر لة والطيرة فيها سوء الظن وتوقع البلاء ومن امثال التفاؤل ان يكون لة مريض فيتفاءل بما يسمعة فيسمع من يقول يا سالم او يكون طالب حاجة فيسمع من يقول يا واجد فيقع فى قلبة رجاء البرء او الوجدان واللة اعلم (تخريجة) (ق وغيرهما) (3) (سندة) حدثنا عفان ثنا ابو عوانة عن عمر بن ابى سلمة عن ابية عن ابى هريرة قال قيل يا رسول اللة الخ (تخريجة) لم اقف علية بهذا اللفظ لغير الامام احمد وسندة صحيح (4 (سندة) حدثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمرو ثنا ابو سلمة عن ابى هريرة الخ (تخريجة) (جة) قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجة اسنادة صحيح ورجالة ثقات (5) (سندة) حدثنا عثمان بن محمد قال عبد اللة (يعنى ابن الامام احمد) وسمعتة انا منة قال حدثنا جرير عن ليث بن ابى سليم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن عكرمة عن ابن عباس الخ (تخريجة) (طب) وسندة حسن (6) (سندة) حدثنا عفان ثنا وهيب حدثنا سهيل عن رجل عن ابى هريرة الخ (تخريجة) (د) وفى اسنادة رجل لم يسم (7) (سندة) حدثنا وكيع عن شعبة والستوائى عن قتادة عن انس الخ (تخريجه)

-[كان صلى الله عليه وسلم لا يتطير من شئ وكان يعجبه الفأل الحسن والاسم الحسن]- والفأل الكلمة الحسنة الطيبة (عن عبد الله بن بريدة عن أبيه) (1) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتطير من شئ ولكنه كان إذا أراد أن يأتى امرأة (2) سأل عن اسمها، فإن كان حسناً رؤى البشر في وجهه، وإن كان قبيحاً رؤى ذلك في وجهه، وكان إذا بعث رجلاً (3) سأل عن اسمه، فإن كان حسن الاسم رؤى البشر في وجهه، وإن كان قبيحاً رؤى ذلك في وجهه (عن أبى بردة) (4) قال أتيت عائشة رضى الله عنها فقلت يا أمَّتاه حدثينى شيئاً سمعتيه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم الطيرى تجرى بقدر (5) وكان يعجبه الفأل الحسن. (أبواب الطاعون (6) والوباء)

_ (ق د مذ جه) (1) (سندة) حدثنا عبد الصمد ثنا هشام عن قتادة عن عبد اللة بن بريدة عن ابية الخ (قلت) ابوة هو بردة الاسلمى الصحابى المشهور رضى اللة عنة (غريبة) (2) هكذا جاء فى الاصل عند الامام احمد بلفظ (امراأه) ولكنة جاء عند ابى داود فى هذا الحديث نفسة بلفظ (واذا دخل قرية سال عن اسمها) الخ والظاهر ان رواية ابى داود هى الصواب لان معناها مستقيم اما رواية الامام احمد فيظهر ان الناسخ اخطا فيها فابدل لفظ قرية بامراه وصوابة (كان اذا اراد ان ياتى قرية سال عن اسمها) الخ واللة اعلم (3) اى عاملا كما صرح بذلك فى رواية ابى داود (تخريجة) (د) قال المنذرى واخرجة النسائى (قلت) وسكت عنة ابو داود والمنذرى وسندة صحيح ولة شاهد عند الطبرانى من حديث عبد اللة ين الخير وفية (فاذا نزل بالقرية سال عن اسمها فان كان اسمها حسنا سر بذلك الخ وهذا يويد ما قلنا من ان لفظ المراه فى رواية الامام احمد خطا من الناسخ حيث ابدل لفظ القرية بالمراه اوردة الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الكبير والاوسط ورجالة رجال الصحيح غير سعيد بن بشير وهو ثقة وفية ضعف (4) (سندة) حدثنا عفان قال ثنا الكرمانى حسان بن ابراهيم قال ثنا سعيد بن مسروق عن يوسف بن ابى بردة بن ابى موسى الاشعرى عن ابى بردة قال اتيت عائشة الخ (غريبة) (5) اى بتقدير اللة عز وجل وارادتة سواء طار ذات اليمين او الشمال وكانت العرب فى الجاهلية تمضى لحاجتها اذا طار ذات اليمين وترجع اذا طار ذات الشمال فبين الشارع ان لا اثر لذلك فى جلب نفع او دفع ضرر (تخريجة) (ك) وقال قد احتج الشيخان برواه هذا الحديث عن اخرهم غير يوسف ابن ابى بردة والذى عندى انهمالم يهملاه بجرح ولا بضعف بل لقلة حديثة فانة عزيز الحديث جدا اه (قلت) واقره الذهبى ورواه ايضا البزار قال الهيثمى ورجالة رجال الصحيح غير يوسف ووثقة ابن حبان (ابواب الطاعون) (6) قال الجوهرى الطاعون بوزن فاعول من الطعن عدلوا بة عن اصلة ووصفوة دالا على الموت المام كالوباء ويقال طعن فهو مطعون وطعين اذا اصابة الطاعون واذا اصابة الطعن بالرمح فهو مطعون اه وقد تكلم كثيرا من العلماء والاطباء فى تعريف الطاعون كلاما كثيرا واقرب ما قيل فى ذلك الى الصواب قول ابى على بن سينا (قال رحمة اللة؟) الطجاعون مادة سمية تحدث مرضا قتالا يححدث فى المواضع الروة والمغابن من البدن واغلب ما تكون تحت الابط او خلف الاذن او عند الارنبة قال ويببة دم ردئ مائل الى العفونة والفساد يستحيل الى جوهر سمى العضو ويغير ما يلية ويودى الى القلب كيفية رديئة فيحدث القى والغثيان والغثى والخفقان وهو لردائتة لا يقبل من الاعضاء إلا ماكان أضعف

-[ما جاء في الطاعون وحقيقته ومعناه وكلام العلماء فيه]- (باب ما جاء في حقيقة الطاعون ومعناه وشهادة من مات به ولم يفر منه) (حدّثنا إسماعيل) (1) عن أيوب عن أبى قلابة إن الطاعون وقع بالشام فقال عمرو بن العاص إن هذا الرجز (2) قد وقع ففروا منه في الشعاب والأودية، فبلغ ذلك معاذاً فلم يصدقه بالذى قال، فقال بل هو شهادة ورحمة ودعوة نبيكم صلى الله عليه وسلم اللهم أعظ معاذاً وأهله نصيبهم من رحمتك، قال أبو قلابة فعرفت الشهادة وعرفت الرحمة ولم أدر ما دعوة نبيكم حتى أنبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو ذات ليلة يصلى إذ قال في دعائه فحمى إذا أو طاعون ثلاث مرات، فلما أصبح قال له إنسان من أهله يا رسول الله لقد سمعتك الليلة تدعو بدعاء، قال وسمعته؟ قال نعم: قال إنى سألت ربى عز وجل أن لا يهلك أمتى بسنة (3) فأعطانيها وسألته أن لا يسلط عليهم عدواً من غيرهم فيستبيحهم فأعطانيها،

_ بالطبع رأردؤه ما يقع فى الاعضاء الرئيسسية والاسود منة قل من يسلم منة واسلمة الاحمر ثم الاصفر والطواعين تكثر عند الوباء فى البلاد الوبئة ومن ثم اطلق على الطاعون وباء وبالعكس (واما الوباء) فهو فساد جوهر الهواء الذى هو مادة الروح ومددة اه (وقال اهل اللغة) الوباء هو المرض العام يقال اوبات الارض فهى موبئة ووبات بالفتح وبئة وبالضم فهى موبوءة والذى يفترق بة الطاعون من الوباء اصل الطاعون الذى لم يعترض لة الاطباء ولا اكثر من تكلم فى تعريف الطاعون وهو كونة من طعن الجن ولا يخالف ذلك ما قالة ابن سينا من كون الطاعون ينشا من مادة سمية ال ما قالة لانة يجوز ان يكون ذلك يحدث عن الطعنة الباطنة فتحدث منها المادة السمية ويهيج الدم بسببها او ينصب (قال الحافظ) وانما لم يتعرض الاطباء لكونة من طعن الجن لانة امر لا يدرك بالعقل وانما يعرف من الشارع فتكلموا فى ذلك على ما اقتضتة قواعدهم وقال اللا باذى فى معانى الابار يحتمل ان يكون الطاعون على قسمين قسم يحصل من غلبة بعض الاخلاط من دم او صفراء محترقة او غير ذلك من سبب يكون من الجن وقسم يكون من وخز الجن كما تقع الجراحات فى القروح التى تخرج فى البدن من غلبة بعض الاخلاط وان لم يكن هناك طعن وتقع الجراحات ايضا من طعن الانس اه (قال الحافظ) ومما يويد ان الطاعون انما يكون من طعن الجن وقوعة غالبا فى اعدل الفصول وفى اصح البلاد هواءا واطيبها ماءا ولانة لم كان بسبب فساد الهواء لدام على الارض لان الهواء يفسد تارة ويصح اخرى وهذا يذهب احيانا ويجى احيانا على غير قياس ولا تجربة: فربما جاء سنة على سنة وربما ابطا سنين وبانة لو كان كذلك لعم الناس والحيوان والموجود بالمشاهدة انة يصيب الكثير ولا يصيب من هم بجانبهم مما هو فى مثل مزاجهم ولو كان كذلك لعم جميع البدن وهذا يختص بموضع من الجسد ولا يتجاوزة ولان فساد الهواء يقتضى تغيير الاخلاط وكثرة الاسقام وهذا فى الغالب يقتل بلا مرض فدل على انة من طعن الجن كما ثبت فى الاحاديث الواردة فى ذلك (قلت) منها حديث ابى موسى الاشعرى وسياتى فى هذا الباب واللة اعلم بالصواب (باب) (1) (حدثنا اسماعيل الخ) (غريبة) (2) الجز بكسر الراء العذاب والائم والذنب ورجز الشيطان وساوسة (3) يعنى الجدب والقحط (تخريجة) لم اقف علية بهذا السياق لغيلر الامام احمد ورجالة ثقات الا ان اباقلابة لم يدرك ما ذبن جبل وابو قلابة بكسر القاف هو عبد اللة بن زيد بن عمرو بن عامر الجرمي

-[الطاعون رحمة للمؤمنين وعذاب للكافرين]- وسألته أن لا يلبسهم شيعاً ويذيق بعضهم بأس بعض فابى علىّ أو قال فمنعنيها، فقلت حمى إذا أو طاعون، حمى إذا أو طاعون، ثلاث مرات (عن يحيى بن يعمر عن عائشة) (1) رضى الله عنها أنا أخبرته أنها سألت النبى صلى الله عليه ووعلى آله وسلم عن الطاعون فأخبرها النبى صلى الله عليه وسلم إنه كان عذاباً يبعثه الله على من يشاء (2) فجعله الله عز وجل رحمة للمؤمنين، فليس من عبد يقع الطاعون فيه فيمكث في بلده صابراً محتسباً يعلم أنه لم يصبه إلا ما كتب الله عز وجل له إلا كان له مثل أجر الشهيد (عن عامر بن سعد) (3) قال جاء رجل يسأل سعداً عن الطاعون فقال أسامة بن زيد رضى الله عنه أنا أحدثك عنه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن هذا أو كذا أرسله الله على ناس قبلكم أو طائفة من بنى إسرائيل (4) فهو يجئ أحياناً ويذهب أحياناً فإذا وقع بأرض فلا تدخلوا عليه (5) وإذا وقع بأرض فلا تخرجوا فراراً منه (عن أبى عسيب) (6) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آتانى جبريل عليه السلام بالحمى والطاعون، فأمسكت الحمى بالمدينة وأرسلت الطاعون إلى الشام، فالطاعون شهادة لأمتى ورحمة لهم ورجس (7) على الكافرين (عن أبى موسى الأشعرى) (8* قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فناء أمتى بالطعن والطاعون: فقيل يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون؟ قال وخز (9) أعدائكم من الجن وفى كل شهداء

_ (1) (سنده) حدثنا يونس بن محمد قال ثنا داود يعنى ابن ابى الفرات عن عبد اللة بن بريدة عن يحيى ابن يعمر ععن عائشة الخ (غريبة) (2) جاء فى الحديث ارسلة اللة تعالى على ناس قبلكم او طائفة من بنى اسرائيل وعند مسلم وهو عذاب اورجز ارسلة اللة على طائفة من بنى اسرائيل او ناس كانوا قبلكم فهذا الوصف بكونة عذابا مختص بمن كان قبلنا واما هذة الامة فهو لها رحمة وشهادة كما صرح بذلك فى حديث ابى عسيب الاتى (تخريجة) (خ د وغيرهم) (3) (سندة) حدثنا سفيان عن عمرو عن عامر بن سعد الخ (غريبة) (4) قال الطيىهم اللذين امرهم اللة تعالى ان يدخلوا الباب سجد افخا لفوا قال تعالى (فارسلنا عليهم وجزا من السماء) قال ابن الملك فارسل عليهم الطاعون فمات منهم فى ساعة اربعة وعشرين الفا من شبوخهم وكبرائهم (5) سياتى الكلام على حكم الاقدام على ارض بها الطاعون وحكم الفرار منة فى الباب التالى (تخريجة) (م طل نس جة) (6) (سندة) حدثنا يزيد ثنا مسلم بن عبيد ابو نصيرة قال سمعت ابا عسيب مولى رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (غريبة) (7) تقدم فى الحديث الاول من احاديث الباب بلفظ الرجز بالزاى وتقدم معناه وجاء هنا بالسين المهملة بدل الزاى قال فى النهاية الجس القذر وقد يعبر بة عن الحرام والفعل القبيح والعذاب واللعنة والكفر اه (قلت) فهو اعم من الرجز لان معانية من العذاب وهو المراد هنا واللة اعلم (تخريجة) اوردة المنذرى وقال رواه (حم حب) ورواه احمد مشهوران (8) (سندة) حدثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن زيادة بن علاقة عن رجل عن ابى موسى الخ (غريبة) (9) بفتح الواو وسكون المعجمة بعدها زاى قال اهل اللغة هو الطعن اذا الطعن كان غير نافذ ووصف طعن الجن بانة وخز وخزلانة يقع من الباطن الى الظاهر فيوثر بالباطن اولا ثم يوثر فى الظاهر وقد لا ينقذ وهذا بخلاف طعن الانس فانة يقع من الظاهر الى الباطن فيوثر فى الظاهر اولا ثم يوثر في الباطن وقد

-[قوله صلى الله عليه وسلم اللهم اجعل فناء أمتى في سبيلك بالطعن والطاعون]- (حدّثنا محمد بن جعفر) (1) قال ثنا شعبة عن زياد بن علاقة قال حدثنى رجل من قومى قال شعبة قد كنت أحفظ اسمه قال كنا على باب عثمان رضى الله عنه ننتظر الإذن عليه فسمعت أبا موسى الأشعرى رضى الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فناء أمتى بالطعن والطاعون، قال فقلنا يا رسول الله هذا قال الطعن قد عرفناه فما الطاعون؟ قال طعن أعدائكم من الجن وفى كل شهادة، قال زياد فلم أرض بقوله فسألت سيد الحى وكان معهم فقال صدق: حدثناه أبو موسى (حدّثنا يحيى بن أبى بكر) (2) قال ثنا أبو بكر النهشلى قال ثنا زياد بن علاقة عن أسامة بن شريك قال خرجنا في بضع عشرة من بنى ثعلبة فإذا نحن بأبى فإذا هو يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم اجعل فناء أمتى في الطاعون فذكره (3) (عن أبى بردة بن قيس) (4) أخى أبى موسى الأشعرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اجعل فناء أمتى في سبيلك بالطعن والطاعون (عن عبد الرحمن بن غنم) (5) قال لما وقع الطاعون بالشام خطب عمرو بن العاص الناس فقال إن هذا الطاعون رجس فتفرقوا عنه في هذه الشعاب وفى هذه الأودية، فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة قال فغضب فجاء وهو يجر ثوبه معلق نعله بيده فقال صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر أضل من حمار أهله: ولكنه رحمة ربكم ودعوة نبيكم (6) ووفاة الصالحين قبلكم (ومن طريق ثان) (7) عن شرحبيل بن شفعة قال وقع الطاعون فقال عمرو بن العاص إنه رجس فتفرقوا عنه، فبلغ ذلك شرحبيل بن حسنة فقال لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو

_ لا ينفذ (تنبيه) قال الحافظ بيقع فى الالسنة وهو فى النهاية لابن الاثير تبعا لغريبى الهروى بلفظ (وخز اوانكم) ولم اره بلفظ اخوانكم بعد التتبع الطويل البالغ فى شئ من طرق الحديث المسندة ولا فى الكتب المشهورة ولا اجزة المنثورة وقد عزاه بعضهم لمسند احمد والطبرانى او كتاب الطواعين لابن ابى الدنيا ولا وجود لذلك فى واحد منها واللة اعلم (تخريجة) (طل) وفى اسناء رجل لم يسم ويعضدة ما يعده (1) حدثنا محمد بن جعفر الخ) (تخريجة) (بز طب) من وجهيين اخرين عن زياد فسميا المبهم يزيد بن الحارث وسماه الامام احمد فى الحديث التالى اسامة بن شريك ولا معارضة بينة وبين من سماه يزيد ابن الحارث لانة يحمل على ان اسامة هو سيد الحى الذى اشار الية فى اخر هذا الحديث بقولة (فسالت سيد الحى وكان معهم فقال صدق وحدثنا ابو موسى) وعلى هذا فالحديث صحيح (2) (ح=دثنى يحيى بن ابى بكر الخ) (غريبة) (3) اى ذكر الحديث المتقدم (تخريجة) (خز ك) وصححاه وصححة ايضا الحافظ (4) (سندة) حدثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عاصم الاحول ثنا كريب بن الحارث بن ابى موسى عن ابى بردة بن قيس الخ (تخريجة) اوردة المنذرى وقال رواء احمد باسناد حسن و (طب) ورواه الحاكم من حديث ابى موسى وقال صحيح الاسناد (5) (سندة) حدثنا عبد الصمد ثنا عبد الصمد ثنا همام قال ثنا عن شهر عن عبد الرحمن بن غنم الخ (غريبة) (6) يشير الى قولة صلى الة علية وسلم فى الحديث المتقدم (اللهم اجعل فناء امتى فى الطاعون) وفى الحديث الاخر اللهم اجعل فناء امتى قتلا فى سبيلك بالطعن والطاعون وانما دعا صلى اللة علية وسلم لامتة بذلك لان من قتل مجاهدا فى سبيل اللة او مات بالطاعون مات شهيدا كما دلت على ذلك الاحاديث المتقدمة (7) (سندة) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يزيد بن خمير عن شرحبيل بن شفعة الخ (قلت) شرحبيل بضم المعجمة وفتح

-[النهي عن الإقدام على أرض الطاعون وعن الخروج من أرض فراراً منه]- أضل من بعير أهله، إنه دعوة نبيكم ورحمة بكم وموتا لصالحين قبلكم فاجتمعوا له ولا تفرقوا عنه (1) فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال صدق (2) (ومن طريق ثالث (3) عن أبى منيب أن عمرو ابن العاص رضى الله عنه قال في الطاعون في آخر خطبة خطب الناس فقال إن هذا رجس (4) مثل السيل من ينكبه أخطأه: ومثل النار من ينكبها أخطأته ومن أقام أحرقته وآذته، فقال شرحبيل بن حسنة إن هذا رحمة بكم ودعوة نبيكم وقبض الصالحين قبلكم (باب النهى عن الإقدام على أرض بها الطاعون وعن الخروج من أرض فراراً منه) (عن يحيى بن سعد عن أبيه) (5) قال ذكر الطاعون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجز أصيب به من كان قبلكم (وفى رواية رجز وبقية من عذاب عذّب به قوم قبلكم) فإذا كان بأرض فلا تدخلوها وإذا كان بها وأنتم بها فلا تخرجوا منها (عن عبد الله بن عامر بن ربيعة (6) أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه خرج إلى الشام فلما جاء سرغ (7) بلغه أن الوباء قد وقع بالشام فأخبره عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه، فرجع عمر بن الخطاب رضى الله تعالى عنه من سرغ (وفى لفظ فحمد الله عمر ثم انصرف) (عن عكرمة يعنى ابن خالد (8) المخزومى) عن أبي أو عن عمه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

_ الراء وسكون المهملة (وشفعة) بضم المعجمة وسكون الفاء (غريبة) (1) اى لا تفروا من بلد انتم فية حل بة الطاعون (2) الظاهر ان عمرو بن العاص لم يكن بلغة دعوة النبى صلى اللة علية وسلم فقال قال فلما بلغة ذلك اقتنع شرحبيل وصدقة لاسيما وان شرحبيل كان من السابقين فى الصحبة رضى اللة عنة (3) (سندة) حدثنا ابو سعيد مولى بنى هاشم قثنا عاصم عن ابى منيب الخ (4) اى عذاب (مثل السيل) اى المطر الغزيز الذى يذهب بكل شئ امامة (من ينكبة) بضم الكاف من باب قعد اى من ينتحى عن طريقة ويتركة لم يصبة منة شئ وكذلك النار من يتركها ويتنحى عنها لا تضرة (ومن اقام) فى مكانها ولم يفر منها احرقتة واذتة (تخريجة) لم اقف علية الا لللامام احمد وسندة حسن بجميع طرقة واوردة الهيثمى بجميع طرقة قال وقال رواها كلها احمد وروى الطبرانى فى الكبير بعضة واسانيد احمد حسان صحاح (5) (سندة) حدثنا عفان ثنا سليم بن حيان حدثنى عكرمة بن خالدحدثنى يحيى ابن سعد عن ابية (يعنى سعد بن ابى وقاص) قال ذكر الطاعون الخ (تخريجة) (م طح طل) وفى هذا الحديث وما معناه من احاديث الباب النهى عن الخروج من ارض وقع بها الطاعون فرارا منة ونبذا الخول فى ارض وقع بها الطاعون وهذا النهى للتحريم عند الجمهور وخالف جماعة فقالوا النهى فية للتنزية فيكرة ولا يحرم وحجة الجمهور اقوى وهذا هو الراجح عند الشافعية وغيرهم ويويدة ثبوت الوعيد على ذلك كما فى حديث جابر وعائشة الاتيين فى هذا الباب (6) (سندة) حدثنا اسحاق بن عيسى اخبرنى مالك عن الزهرى عن عبد اللة بن عامر بن ربيعة الخ (غريبة) (7) بسين مهملة مفتوحة ثم راء ساكنة ثم عين معجمة ويجوز صرفة وتركة وهلا قرية فى طرف الشام مما يلى الحجاز (تخريجة) (م) واخرجة ايضا مالك فى الموطا مطولا (8) (سندة) حدثنا عبد الصمد ثنا حماد يعنى ابن سلمة عن

-[إثم النار من الطاعون وثواب الصابر فيه وإن مات به كان شهيداً]- في غزوة تبوك إذا وقع الطاعون بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا منها وإذا كان بأرض ولستم بها فلا تقربوها (عن فروة بن مسيك) (1) قال قلت يا رسول الله إن أرضاً عندنا يقال لها أرض أبين (2) هى ريفنا وميرتنا وأنها وبئة أو قال إن بها وباءاً شديداً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعها عنك فإن القرف (3) التلف (باب إثم الفار من الطاعون وثواب الصابر فيه) (عن جابر بن عبد الله (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الفار من الطاعون كالفار من الزحف والصابر فيه كالصابر في الزحف (عن عمرة بنت قيس العدوية) (5) قالت سمعت عائشة رضى الله عنها تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الفار من الطاعون كالفار من الزحف (عن معاذة بنت عبد الله العدوية) (6) قالت دخلت على عائشة رضى الله عنها فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تفنى أمتى إلا بالطعن والطاعون، قلت يا رسول الله الطعن قد عرفناه فما الطاعون؟ قال غدة كغدة البعير: المقيم بها كالشهيد

_ عكرمة يعني ابن خالد الخ (ولة طريق اخرى) عند الامام احمد ايضا قال حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة فذكرة بسندة ولفظة الا انة قال فى اخرة فلا تقدموا علية بدل فلا تقربوها (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال اسناد احمد حسن وكذلك رواه الطبرانى فى الكبير (1) (سندة) حدثنا عبد الرزاق قال انا معمر عن يحيى بن عبد اللة بن بحير قال اخبرنى من سمع فروة بن مسيك الخ (قلت) مسيك بضم اولة مصغرا (غريبة) (2) بلفظ اسم التفضيل من البيان اسم رجل اقام بها فاضيفت الية (وقولة ريفنا) بكسر الراء وضم الفاء وجاء فى الاصل رفقتنا وهو طأ الناسخ ولفظ ابى داود وهى ارض ريفنا وميرتنا قال فى النهاية الريف هو كل ارض فيها زرع ونخل وقيل هو ما قارب الماء من ارض العرب ومن غيرها: قال ومنة حديث فروة بن مسيك وهى ارض ريفنا وميرتنا اه (والميرة) هى الطعام ونحوة مما يحلبل للبيع (وقولة وبئة) بوزن حمة اى كثيرة الوباء اى الطاعون والمرض العام (3) القرف بالتحريك مداناه الوباء والمرض (والتلف) والهلاك وكل شئ قاربة فقد قارفتة (قال الخطابى) وليس هذا من باب العدوى وانما هو من باب الطب فان اسصلاح الاهوية من اعون الاشياء على صحة الابدان وفساد الهواء من اضرها واسرعها الى اسقام البدن عند الاطباء وكل ذلك باذن اللة ومشيئتة لا شريك لة فلا حول ولا قوة الا بة (تخريجة) (د) قال المنذرى فى اسنادة رجل مجهول رواه عبد اللة بن معاذ الصنعانى عن معمر بن راشد عن يحيى بن عبد اللة بن بحير بن ريسان عن فروة واسقط المجهول وعبد اللة بنمعاذ وثقة يحيى بن معين وغيرة وكان عبد الرزاق يكذبة (باب) (4) (سندة) حدثنا ابو عبد الحمن ثنا سعيد حدثنى عمرو بن جابر قال سمعت جابر بن عبد اللة الانصارى يقول قال رسول اللة صلى اللة علية وسلم الخ (تخريجة) اوردة الهيثمى وقال رواه (حم بز طس) ورجال احمد ثقات اه (قلت) احتج بة ووبحديث عائشة الاتى بعدة على تحريم الفرار من الطاعون كتحريم الفرار من الزحف امام العدو وفية ايضا ثواب عظيم للصابر فية وان مات مات شهيدا (5) (سندة) حدثنا يحيى ابن اسحاق ثنا جعفر بن كسيسان قال حدثنى عمرة بنت قيس العدوية الخ (تخريجة) لم اقف علية الامام احمد ورجالة ثقات (6) (سندة) حدثنا يزيد انا جعفر بن كسيان العدوى قال حدحثنا معاذة بنت عبد الله العدوية الخ (تخريجه)

-[ما جاء في موت الفجأة وأنه راحة للمؤمن وأخذة أسف للفاجر]- والفار منها كالفار من الزحف (باب ما جاء في موت الفجأة) عن تميم بن سلمة) (1) عن عبيد بن خالد (المسلمى) وكان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال موت الفجأة (2) أخذة أسف وحدِّث به مرة عن النبى صلى الله عليه وسلم (عن عائشة رضى الله عنها) (3) قالت سالت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن موت الفجأة فقال راحة للمؤمن (4) وأخذة أسف للفاجر

_ أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل طس) ولها عند ابى يعلى ايضا ان النبى صلى اللة علية وسلم قال وخزة تصيب امتى من اعدائهم الجن غدة كغدة الابل من اقام عليها كان مرابطا ومن اصيب بة كان شهيدا ومن فرمنة كان كالفار من الزحف ورواه (طس) بنحوة الا انة قال والصابر علية كالمجاهد فى سبيل اللة ولها عند البزار قلت يا رسول اللة هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون؟ قال يشبة الدمل يخرج فى الاباط والمراق وفية تزكية اعمالهم وهو لكل مسلم شهادة ورجال احمد ثقات وبقية الاسانيد حسان اه (قلت) ويستفاد من احاديث الباب تحريم الفرار من الطاعون والثواب الجزيل للصابر فية وان مات بة مات شهيدا وبتحريم الفرار من الطاعون قال جمهور العلماء حتى (قال ابن زيمة) انة من الكبائر التى يعاقب عليها ان لم يعف وهو ظاهر قولة صلى اللة علية وسلم (الطاعون غدة البعير المقيم بها كالشهيد والفار منة كالفار من الزحف) رواه احمد برجال ثقات اهو فصل بعضهم فى هذة المسالة تفصيلا جيدا فقال: من خرج بقصد الفرار محصنا فهذا يتناولة النهى لا محالة ومن خرج لحاجة متمحضة لا لقصد الفرار اصلا ويتصور فيمن تهيأ للرحيل من بلد كان بها الى بلد اقامتة مثلا ولم يكن الطاعون وقع فاتفق وقوعة فى اثناء تجهيزة فهذا لم يقصد الفرار اصلا فلا يدخل فى النهى (والثالث) من عرفت لة حاجة فاراد الخروج وانضم لذلك ان قصد الراحة فى الاقامة بالبلد الذى بة الطاعون فهذا محل النزاع واللة اعلم (باب) (1) (سندة) حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال حدثنى منصور عن تميم بن سلمة الخ (ولة طريق اخرى) عند الامام احمد ايضا قال حدثنى محمد بن جعفر ثنا شعبة الخ (غريبة) (2) بفاء مفتوحة مع القصر ومضمومة مع المد ومعناه البغتة (وقولة اذة اسف) بفتح السين اى غضب وبكسرها مع مد الهمزة اى اخذة غضبان يعنى هو من اثار غضب اللة تعالى فانة لم يتركة ليتوب ويستعد للاخرة ولم يمرضة لليكون المرض كفارة لذنوبة كاخذة من مضى من العصاه المردة كما قال تعالى (اخذناهم بغتة وهم لا يشعرون) وهذا وارد فى حق الكفارة والفجار لا فى المومنين الاتقياء كما صرح بذلك فى الحديث التالى (قال ابن العرابى) وليس موت القوم فجاه انما الفجاه موت اليقظة بغتة (تخريجة) (د) قال المنذرى وقد روى هذا الحديث من حديث عبد اللة بن مسعود وانس بن مالك وابى هريرة وعائشة وفى كل منها مقال قال وحديث عبيد هذا الذى اخرجة ابو داود رجال اسنادة ثقات والوقف فية لا يوثر فان مثلة لا يوخذ بالراى فكيف وقد اسند الراوى مرة واللة اعلم اه) قلت) قال الحافظ فى تخريج المختصر اسنادة صحيح قال ليس فى الباب حديث صحيح غيرة واللة اعلم (3) (سندة) حدثنا وكيع ثنا عبيد اللة بن الوليد عن عبد اللة بن عبيد بن عمير عن عائشة الخ (غريبة) (4) اى المتاهب للموت المراقب لة فهو غير مكروة فى حق بخلاف من هو على غير استعداد منة كما اشار الية بقولة (واخذة اسف للفاجر) اى الكافر او الفاسق لما ذكر وقد مات ابراهيم الخليل صلى اللة علية وسلم بلا مرض كما بينة جمع وقال ابن السكن الهجرى توفى ابراهيم وداود وسليمان عليهم السلام فجاه قال وكذلك الصالحون وهو تخفيف عن المومن

كتاب الرؤيا

-[(كتاب الرؤيا) الرؤيا الصالحة من مبشرات النبوة]- (50) (كتاب تعبير الرؤيا) (باب الرؤيا الصالحة من مبشرات النبوة) (عن ابن عباس) (1) قال كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الستارة (2) والناس صفوف خلف أبى بكر رضي الله عنه فقال يا أيها الناس انه لم يبق من مبشرات النبوة (3) إلا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، ثم قال إلا أنى نهيت أن أقرأ راكعًا أو ساجدًا (4) فأما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء فقمن أن يستجاب لكم (عن عائشة رضي الله عنها) (5) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يبقى بعدى من النبوة (6) شيء إلا المبشرات: قالوا يا رسول الله وما المبشرات؟ قال الرؤيا الصالحة (7) يراها الرجل أو ترى له (عن أم كرز الكعبية) (8) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

_ قال النووي في تهذيبه بعد نقله ذلك قلت هو تخفيف ورحمة في حق المراقبين اهـ، وقال الغزالي في الإحياء هو تخفيف إلا لمن ليس مستعدًا للموت لكونه مثقل الظهر والله أعلم (تخريجه) (هق) وفي إسناده عبيد الله بن الوليد الوصافي ضعيف، لكن له شواهد تعضده والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا سفيان حدثنا سليمان بن سحيم قال سفيان لم أحفظ عنه غيره قال سمعته عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس عن أبيه عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) بكسر السين وهي الستر الذي يكون على باب البيت والدار، والمراد هنا ستر الباب الموصل للمسجد من بيت عائشة، وكان ذلك في مرض موته صلى الله عليه وسلم كما جاء في رواية أخرى عند مسلم عن ابن عباس قال كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم الستر ورأسه معصوب في مرضه الذي مات فيه فقال اللهم هل بلغت ثلاث مرات أنه لم يبق من مبشرات النبوة الحديث (3) معناه أن الوحي ينقطع بموته صلى الله عليه وسلم ولا يبقى ما يعلم منه مما سيكون إلا الرؤيا، والتعبير بالمبشرات خرج مخرج الأغلب، وإلا فمن الرؤى ما تكون مندرة وهي صادقة يريها الله تعالى للمؤمن لطفًا منه ليستعد لما سيقع قبل وقوعه (4) تقدم شرح هذه الجملة وما بعدها إلى آخر الحديث في آخر باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود صحيفة 266 رقم 642 في الجزء الثالث والله أعلم (تخريجه) (م نس دهق) وأخرجه (لك) مرسلًا عن عطاء بن يسار إلى قوله أو ترى له ووصله البخاري من حديث أبي هريرة بلفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لم يبق من النبوة إلا المبشرات، قالوا وما المبشرات؟ قال الرؤيا الصالحة (5) (سنده) حدثنا يحيى بن أيوب قال ثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ وفى آخره قال أبو عبد الرحمن (يعنى عبد الله بن الإمام احمد) وقد سمعت من يحيى بن أيوب هذا الحديث غير مرة حدثناه يحيى بن الليث أملاه علينا إملاءً، قال ثنا سعيد بن عبد الرحمن الجمحي مثله اهـ (غريبة) (6) اللام للعهد والمراد نبوته صلى الله عليه وسلم أي لا يبقى بعد النبوة المختصة بى (شيء إلا المبشرات) بكسر الشين جمع مبشرة يعني أن الوحي ينقطع بموته فلا يبقى بعده ما يعلم به أنه سيكون غير المبشرات (7) أي الحسنة أو الصحيحة المطابقة للواقع، يعني لم يبق من أقسام المبشرات من النبوة في زمني ولا بعدي إلا قسم الرؤيا الصالحة، وهذا قاله في مرض موته كما تقدم وسماها جزءًا من النبوة لأنها واردة عن الله إلى غيب الأسرار والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار إلا أنه قال يراها الرجل الصالح ورجال أحمد رجال الصحيح (8) (سنده) حدثنا سفيان عن عبيد الله عن أبيه عن سباع بن ثابت عن أم كرز

-[رؤيا المؤمن جزء من أجزاء النبوة]- ذهبت النبوة (1) وبقيت المبشرات (عن أبي هريرة) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كان إذا انصرف من صلاة الغداة يقول هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟ إنه ليس يبقى بعدي من النبوة إلا الرؤيا الصالحة (عن أبي الطفيل) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نبوة بعدي إلا المبشرات، قال قيل وما المبشرات يا رسول الله؟ قال الرؤيا الحسنة أو قال الرؤيا الصالحة (باب رؤيا المؤمن جزء من أجزاء من النبوة) (عن وكيع بن عدس) (4) عن عمه أبي رزين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال الرؤيا معلقة برجل طائر (5) ما لم يحدث بها صاحبها، فإذا حدث بها وقعت، ولا تحدثوا بها إلا عالمًا (6) أو ناصحًا أو لبيبًا، والرؤيا الصالحة جزء من أربعين (7) جزءًا من النبوة

_ الكعبية الخ (غريبه) (1) أي ستذهب بوفاته صلى الله عليه وسلم فإنه خاتم النبيين لا نبي بعده (وبقيت المبشرات) أي الصالحات من الرؤيا (تخريجه) (جه) وصححه ابن خزيمة وابن حيان، وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله ثقات (2) (سنده) حدثنا روح وأبو المنذر قال ثنا مالك عن إسحاق ابن عبد الله بن أبي طلحة عن زفر ابن صعصعة بن مالك عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (لك دنس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (3) (سنده) حدثنا يونس بن محمد ثنا حماد يعني ابن زيد ثنا عثمان بن عبيد الراسي قال سمعت أبا الطفيل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجاله ثقات (باب) (4) (سنده) حدثنا بهز قال ثنا حماد بن سلمه عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس الخ (قلت) عدس بمهملات بضم أوله وثانيه (غريبه) (5) هذا مثل في عدم تقرر الشيء أي لا تستقر الرؤيا قرارًا كالشيء المعلق على رجل طائر ذكره ابن الملك، فالمعنى أنها كالشيء المعلق برجل الطائر لا استقرار لها، قال في النهاية أي لا يستقر تأويلها حتى تعبر يريد أنها سريعة السقوط إذا عبرت فكيف يكون ما على رجله (ما لم يحدث) أي ما لم يتكلم المؤمن أو الرائي (بها) أي بتلك الرؤيا وتعبيرها (فإذا حدث بها وقعت) أي تلك الرؤيا بمعنى أنه يلحق الرائي أو المرئي له حكمها (6) أي ذا علم بالتعبير فإنه يخبرك بحقيقة حالها أو بأقرب ما يعلم منه (أو ناصحًا) أو للتنويع أي حبيبًا مخلصًا لا يقع لك في قلبه إلا كل خير ولا يعبر لك إلا بما يسرك (أو لبيبًا) أي عاقلًا لا يقول إلا بفكر بليغ ونظر صحيح فهو إما يعبر بالمحبوب أو يسكت عن المكروه (7) هكذا جاء في هذه الرواية عند الإمام أحمد والترمذي، ووقع في شرح مسلم للنووي في رواية عبادة (من أربع وعشرين) ولابن النجار عن ابن عمر (من خمس وعشرين) وجاء عند ابن عبد البر عن ثابت عن أنس جزء (من ستة وعشرين) ولابن جرير عن عبادة جزء (من أربعة وأربعين) وفي مسلم من حديث أبي هريرة (جزء من خمسة وأربعين) ومن حديث أنس عن (ق حم لك وغيرهم) (من ستة وأربعين) وللإمام أحمد عن ابن عمرو (جزء من تسعة وأربعين) وعند ابن جرير عن ابن عباس (جزء من خمسين) وعند (م حم) عن ابن عمر (جزء من سبعين) وللطبراني عنه (من ستة وسبعين) وسنده ضعيف: فالجملة إحدى عشرة رواية والمشهور (ستة وأربعين) وهو ما في أكثر الأحاديث (قال الحافظ) ويمكن الجواب عن اختلاف الأعداد بأنه بحسب الوقت الذي حدث فيه صلى الله عليه وسلم بذلك كأن يكون لما أكمل ثلاث عشرة سنة بعد مجيء الوحي إليه حدث بأن الرؤيا جزء من

-[رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة]- (عن جابر بن عبد الله) (1) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول رؤيا الرجل المؤمن جزء من النبوة (عن عبادة بن الصامت) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم أن رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة (عن أنس بن مالك) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الرؤيا الحسنة (4) من الرجل الصالح (5) جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة (عن أبي هريرة) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (عن عبد الله بن عمرو) (7) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (لهم البشرى في الحياة الدنيا) قال الرؤيا الصالحة يبشرها المؤمن هي جزء من تسعة وأربعين جزءًا من النبوة، فمن رأى ذلك فليخبر بها (8) ومن رأى سوى ذلك فإنما هو من الشيطان ليحزنه

_ ستة وعشرين إن ثبت الخبر بذلك، وذلك وقت الهجرة، ولما أكمل عشرين حدث بأربعين، ولما أكمل اثنين وعشرين حدث بأربعة وأربعين، ثم بعدها بخمسة وأربعين ثم حدث بستة وأربعين في آخر حياته وما عدا ذلك من الروايات فضعيف، ورواية خمسين يحتمل جبر الكسر والسبعين للمبالغة، وعبر بالنبوة دون الرسالة لأنها تزيد بالتبليغ بخلاف النبوة فاطلاع على بعض الغيب وكذلك الرؤيا (وكونها جزء من النبوة) جاء على سبيل المجاز لا الحقيقة لأن النبوة انقطعت بموته صلى الله عليه وسلم وجزء النبوة لا يكون نبوة كما أن جزء الصلاة لا يكون صلاة نعم إن وقعت منه صلى الله عليه وسلم فهي جزء من أجزاء النبوة حقيقة (قال ابن العربي) أجزاء النبوة لا يعلم حقيقتها إلا ملك أو نبي وإنما القدر الذي أراد صلى الله عليه وسلم بيانه أن الرؤيا جزء من أجزاء النبوة في الجملة لأن فيها اطلاعًا على الغيب من وجه ما، وأما تفصيل النسبة فيختص بمعرفته درجة النبوة والله أعلم (تخريجه) (د مذ جه) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (1) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير أخبرني جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف (2) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن قتادة قال سمعت أنس بن مالك يحدث عن عبادة بن الصامت عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق د مذ) (3) (سنده) حدثنا روح ثنا مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (4) أي الصادقة أو المبشرة احتمالان للباجي (5) وكذا المرأة الصالحة اتفاقًا، حكاه ابن بطال والمراد غالب رؤيا الصالحين، وإلا فالصالح قد يرى الأضغاث ولكنه نادر لقلة تمكن الشيطان منه (تخريجه) (خ لك) (6) (سنده) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة (تخريجه) (م لك. وغيرهما) (7) (سنده) حدثنا حسن يعني الأشيب ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبه) (8) أي فمن رأى خيرًا وبشرى فليخبر بها من يحب كما تقدم (ومن رأى سوى ذلك) أي شيئًا لا يسره (فإنما هو من الشيطان ليحزنه) معناه لما كان المؤمن محسودًا من الشيطان عدوًا له أراد الشيطان أن يكيده ويحزنه في كل وجه ويلبس عليه، فإذا رأى رؤيا صالحة صادقة خلطها ليفسد عليه بشراه، فإذا كان ذلك (فلينفث عن يساره الخ) والنفث بالثاء المثلثة من باب ضرب يكون من الفم شبيها بالنفخ معه شيء قليل من الريق أقل من التفل (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد من طريق ابن لهيعة عن دراج وحديثهما حسن وفيهما ضعف وبقية رجاله ثقات

-[أنواع الرؤى وما يفعل من رأى ما يكره]- فلينفث عن يساره ثلاثًا وليسكت ولا يخبر بها أحدًا (عن ابن عباس) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءًا من النبوة (عن ابن عمر) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الرؤيا الصالحة جزء من سبعين جزءًا من النبوة، فمن رأى خيرًا فليحمد الله، ومن رأى غير ذلك فليستعذ بالله من شر رؤياه ولا يذكرهما (3) فإنها لا تضره (باب أنواع الرؤيا وما يفعل من رأى ما يكره) (عن أبي هريرة) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في آخر الزمان (5) لا تكاد رؤيا المؤمن تكذب وأصدقكم رؤيا أصدقكم حديثًا (6) والرؤيا ثلاثة، الرؤيا الحسنة بشرى من الله عز وجل (7) والرؤيا يحدث بها الرجل نفسه (8) والرؤيا تحزين من الشيطان (9) فإذا رأى أحدكم رؤيا يكرهها فلا يحدث بها أحدًا وليقم فليصل (10) قال أبو هريرة يعجبني، القيد (11) وأكره الغل، القيد ثبات في الدين، وقال النبي صلى الله عليه وسلم رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة

_ (1) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم وخلف بن الوليد قالا ثنا إسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل بزطب) ورجاله رجال الصحيح (2) (سنده) حدثنا سليمان بن داود الهاشمي انا سعيد بن عبد الرحمن عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (3) تقدم نحو هذا من حديث عبد الله بن عمرو وتقدم الكلام عليه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طس) ورجاله رجال الصحيح غير سليمان بن داود الهاشمي وهو ثقة (باب) (4) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة الخ (غريبه) (5) أي عن اقتراب الساعة (6) أي الذي هو أصدقكم حديثًا هو أصدقكم رؤيا (7) أي إشارة إلى بشارة من الله تعالى للرائي أو المرئي له (8) أي ما كان في اليقظة كأن يكون في أمر مهم أو عشق صورة فيرى ما يتعلق به من ذلك الأمر أو معشوقه في النوم وهذا لا عبرة به (9) أي بأن يكدر عليه وقته فيريه في النوم أنه قطع رأسه مثلًا، قال البغوي أشار به إلى أنه ليس كل ما يراه النائم بصحيح ويجوز تعبيره، إنما الصحيح ما جاء به الملك (10) أي ما تيسر زاد في رواية (وليستعن بالله فإنه لن يضره) زاد الترمذي (وليتفل) أي يبصق وتقدم في حديث عبد الله بن عمرو (فلينفث عن يساره ثلاثًا) وتقدم شرحه هناك، قال النووي (وفي رواية) فليبصق عن يساره حين يهب من نومه ثلاث مرات (زاد في رواية) وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثًا وليتحول عن جنبه الذي كان عليه (فحاصله ثلاثة) إنه جاء فلينفث وفليبصق وفليتفل، وأكثر الروايات فلينفث، ولعل المراد بالجميع النفث وهو نفخ لطيف بلا ريق ويكون التفل والبصق محمولين عليه مجازًا فينبغي أن يجمع بين هذه الروايات ويعمل بها كلها، فإذا رأى ما يكرهه نفث عن يساره ثلاثًا قائلًا أعوذ بالله من الشيطان ومن شرها وليتحول إلى جنبه الآخر وليصل ركعتين فيكون قد عمل بجميع الروايات وإن اقتصر على بعضها أجزأه في دفع ضررها بإذن الله تعالى كما صرحت به الأحاديث (11) قال العلماء إنما احب القيد لأنه في الرجلين وهو كف عن المعاصي والشرور وأنواع الباطل، وأما الغل (بضم المعجمة) فموضعه العنق وهو صفة أهل النار قال الله تعالى (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالًا) قال المعبرون إذا رأى برجله قيدًا وهو في مسجد أو مشهد خير أو على حالة حسنة فهو دليل لثباته فيها ولو رأى نفسه مريضًا أو مسجونًا أو مسافرًا أو مكروبًا كان دليلًا لثباته فيها، قالوا ولو قارنه مكروه بأن يكون مع

-[ما يفعل من رأى ما يكره- وأحسن أوقات الرؤيا]- (عن أبي سعيد الخدري) (1) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا رأى أحدكم الرؤيا يحبها فإنما هي من الله فليحمد الله عليها وليحدث بها، فإذا رأى غير ذلك مما يكره فإنما هي من الشيطان فليستعذ بالله من شرها ولا يذكرها لأحد (2) فإنها لا تضره (عن جابر بن عبد الله) (3) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا رأى أحدكم الرؤيا يكرها فليبزق عن يساره ثلاثًا وليستعذ بالله من الشيطان ثلاثًا وليتحول عن جنبه الذي كان عليه (حدّثنا سفيان بن عيينة) (4) عن الزهري عن أبي سلمة قال كنت أرى الرؤيا أعرى (5) منها غير أني لا أن مَّل (6) وفي رواية أن كنت لأرى الرؤيا تمرضني) حتى لقيت أبا قتادة رضي الله عنه فذكرت له ذلك فحدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الرؤيا من الله والحلم (7) من الشيطان، فمن رأى رؤيا يكرها فلا يخبر بها وليتفل عن يساره ثلاثًا وليستعذ بالله من شرها فإنها لا تضره، قال سفيان مرة أخرى فإنه لن يرى شيئًا يكرهه (وفي رواية وإذا رأى أحدكم ما يحب فلا يحدث بها إلا من يحب (باب أحسن أوقات الرؤيا ووعيد من كذب في الرؤيا متعمدًا) (عن أبي سعيد الخدري) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصدق الرؤيا بالأسحار (9)

_ القيد غل غلب المكروه لأنها صفة المعذبين، وأما الغل فهو مذموم إذا كان في العتق، وقد يدل للولايات إذا كان معه قرائن كما أن كل وال يحشر مغلولًا حتى يطلقه عدله، فأما أن كان مغلول اليدين دون العنق فهو حسن ودليل لكفهما عن الشر، وقد يدل على بخلهما، وقد يدل على منع ما نواه من الأفعال والله أعلم (تخريجه) (ق مذجه) (1) (سنده) حدّثنا قتيبة بن سعيد ثنا بكر بن مضرعن ابن الهاد عن عبد الله ابن خباب عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (2) قال النووي سببه أنه ربما فسرها تفسيرًا مكروهًا على ظاهر صورتها وكان ذلك محتملًا فوقعت كذلك بتقدير الله تعالى فإن الرؤيا على رجل طائر ومعناه أنها إذا كانت محتملة وجهين ففسرت بأحدهما وقعت على قرب تلك الصفة، قالوا وقد يكون ظاهر الرؤيا مكروهًا ويفسر بمحبوب وعكسه وهذا معروف لأهله (تخريجه) (خ) (3) (سنده) حدّثنا حجين ويونس قالا حدثنا الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (تخريجه) (م) (4) (حدّثنا سفيان بن عيينة الخ) (غريبه) (5) بضم الهمزة وإسكان العين وفتح الراء أي أحم لخوفي من ظاهرها في معرفتي، (6) بضم الهمزة وفتح الزاي وتشديد الميم مفتوحة أي لا أغطي وألف في الثياب، يقال تزمل بثوبه إذا التف فيه (7) بضم الحاء وإسكان اللام والفعل منه بفتح اللام (تخريجه) (ق د مذ) (باب) (8) (سنده) حدّثنا سريج ثنا ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن دراجا أبا السمح حدثه عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (9) الأسحار جمع سحر بالتحريك وهو ما بين الفجرين وقال القونوي السحر زمان أواخر الليل واستقبال أوائل النهار اهـ، وإنما كان أصدق الرؤيا في وقت السحر لفضل الوقت بانتشار الرحمة فيه ولراحة القلب والبدن بالنوم وخروجها عن تعب الخواطر ومتى كان القلب أفرغ كان الوعي لما يلقي إليه أكثر، لأن الغالب حينئذٍ أن تكون الخواطر والدواعي مجتمعة ولأن المعدة خالية فلا تتصاعد منها الأبخرة المشوشة، ولأنها وقت نزول الملائكة للصلاة المشهودة (فإن قلت) هذا يعارضه خير الحاكم في تاريخه والديلمي بسند ضعيف عن جابر (أصدق الرؤيا ما كان نهارًا لأن الله عز وجل خصني بالوحي نهارًا) (قلت) إن صح الحديث يقال الرؤيا النهارية أصدق من

-[وعيد من كذب الرؤيا متعمدًا]- (عن ابن عمر) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أفرى الفرى (2) أن يرى عينيه في المنام ما تريا (ز) (عن علي بن أبي طالب) (3) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كذب على عينيه (4) كلف يوم القيامة عقدًا بين طرفي شعيرة (وعنه في أخرى) (5) يرفعها قال من كذب في حلمه كلف عقد شعيرة يوم القيامة (ز) (وعنه أيضًا) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم من كذب في الرؤيا متعمدًا فليتبوا (7) مقعد من النار (باب ما جاء في تأويل الرؤيا) (عن ابن عباس) (8) قال رأى

_ الرؤيا الليلية ما عدا وقت السحر جمعًا بين الحديثين والله أعلم (تخريجه) (مذحب مى ك هق) كلهم من حديث دراج أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد وصححه الحاكم وأقره الذهبي (1) (سنده) حدّثنا عبد الصمد حدثنا عبد الرحمن بن دينار مولى ابن عمر عن أبيه عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) بكسر الفاء مقصور جمع فرية كحلية، وهي الكذبة، قال في النهاية وأفرى أفعل منه للتفضيل أي أكذب الكذبات أن يقول رأيت في النوم كذا وكذا ولم يكن رأى شيئًا، لأنه كذب على الله فإنه هو الذي يرسل تلك الرؤيا ليريه المنام اهـ قال الحافظ الفرية الكذبة العظيمة التي يتعجب منها (تخريجه) (خ) (3) (3) (ز) (سنده) قال عبد الله بن الإمام أحمد حدّثنا خلف بن هشام البزار حدثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن عن علي الخ (غريبه) (4) جاء عند الترمذي والحاكم وزوائد عبد الله بن الإمام أحمد وسيأتي في الحديث التالي بلفظ (من كذب في حلمه) أي ادعى أنه رأى رؤيا كاذبًا في دعواه أنه رأى ذلك في منامه (وقوله كلف يوم القيامة الخ) كلف مبني للمفعول أي كلفه الله أن يعقد بين طرفي شعيرة وهذا غير ممكن، فهو يعذب ليفعل ذلك ولا يمكنه فعله، فهو كناية عن دوام تعذيبه، قال في النهاية إن قيل إن كذب الكاذب في منامه لا يزيد على كذبه في يقظته فلم زادت عقوبته ووعيده وتكليفه عقد الشعيرتين؟ (يعني كما في رواية كلف أن يعقد بين شعيرتين) (قيل) قد صح الخبر أن الرؤيا الصادقة جزء من النبوة، والنبوة لا تكون إلا وحيًا والكاذب في رؤياه يدعى أن الله تعالى أراه ما لم يره وأعطاه جزءًا من النبوة لم يعطه إياه، والكاذب على الله تعالى أعظم فرية ممن كذب على الخلق أو على نفسه اهـ (تخريجه) (مذك) وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي لأن في إسناده عبد الأعلى قال: عبد الأعلى ضعفه أبو زرعة) (قلت) هذا الحديث وإن كان ضعيفًا لكن يؤيده حديث ابن عباس عند (خ والأربعة) ولفظه عند البخاري في التعبير (من تحلم بحلم لم يره كلف أن يعقد بين شعيرتين ولن يفعل (5) (وعنه في أخرى) (ز) (سنده) قال عبد الله بن الإمام أحمد حدثني اسحاق بن اسماعيل حدّثنا قبيصة حدثنا سفيان عن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن عن علي قال أراه رفعه قال من كذب في حلمه الخ (تخريجه) (مذك) وفي إسناده عبد الأعلى وتقدم الكلام عليه في الذي قبله (6) (وعنه أيضًا) (ز) (سنده) قال عبد الله بن الإمام أحمد حدثني إبراهيم بن الحسن المقري الباهلي حدثنا أبو عوانة عن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) بسكون اللام أي فليتخذ أو فلينزل، أصله من أباء الأبل وهي أعطانها أمر بمعنى الخبر أو بمعنى التهديد أو بمعنى التهكم أو دعاء عليه أي بوأه الله ذلك (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير عبد الله بن الإمام أحمد وفي إسناده عبد الأعلى بن عامر الثعلبي ضعيف وتقدم الكلام عليه (باب) (8) (سنده) حدّثنا يزيد أخبرنا سفيان بن حسين عن

-[ما جاء في تأويل رؤى بعض الصحابة]- رجل رؤيا فجاء للنبي صلى الله عليه وسلم فقال إني رأيت كأن ظله (1) تنطف عسلًا وسمعنا وكأن الناس يأخذون منها (2) فبين مستكثر وبين مستقل (3) وبين ذلك، وكأن سببًا (4) متصل إلى السماء وقال يزيد (5) مرة وكأن سببًا دلي من السماء فجئت فأخذت به فعلوت (6) فعلاك الله، ثم جاء رجل من بعدكن فأخذ به فقطع به ثم وصل له فعلا فأعلاه الله، قال أبو بكر أئذن لي يا رسول الله فأعبرها له فأذن له، فقال أما الظلة فالإسلام، وأما العسل والسمن فحلاوة القرآن فبين مستكثر وبين مستقل وبين ذلك، وأما السبب فما أنت عليه تعلو فيعليك الله، ثم يكون من بعدك رجل على منهاجك فيعلو ويعليه الله ثم يكون من بعدكما (8) قال أقسمت يا رسول الله لتخبرين فقال لا نقسم (9) (عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما) (10) قال رأيت في المنام كأن يبدي قطعة

_ الزهري عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس الخ (غريبه) (1) عند الترمذي رأيت الليلة ظلة الخ: الظلة بضم الظاء المعجمة سحابة لها ظلة، وكل ما أظل من سقيفة ونحوها يسمى ظلة قاله الخطابي وعند ابن ماجة ظله بين السماء والأرض (تنظيف) بضم الطاء وكسرها أي تقطر قليلًا قليلًا (2) جاء عند الترمذي (ورأيت الناس يستقون بأيديهم) أي يأخذون بالأسقية، وعند البخاري (يتكففون) أي يأخذون أبا مش (3) أي منهم من يأخذ كثيرًا ومنهم من يأخذ قليلًا (4) أي حبلًا متصلًا إلى السماء (5) يزيد هو ابن هارون شيخ الإمام أحمد قال مرة في رواية أخرى (دلى من السماء) يعني حتى وصل إلى الأرض (6) من العلو وهو الارتفاع (7) هكذا بالأصل فأعلاه وكذا ما بعده وكلها صحيحة (8) جاء عند مسلم أصبت بعضًا وأخطأت بعضًا (قال النووي) اختلف العلماء في معناه فقال بعضهم إنما أخطأ في تركه تفسير بعضها، فإن الرائي قال رأيت ظلة تنطف السمن والعسل ففسره الصديق رضي الله عنه بالقرآن حلاوته ولينه، وهذا إنما هو تفسير العسل وترك تفسير السمن وتفسيره السنة، فكان حقه أن يقول القرآن والسنة وإلى هذا أشار الطحاوي، (وقال آخرون) الخطأ وقع في خلع عثمان لأنه ذكر في المنام أنه أخذ بالسبب فانقطع به، وذلك يدل على انخلاعه بنفسه، وفسره الصديق بأنه يأخذ به رجل فينقطع به ثم يوصل له فيعلوا في الأحاديث الصحيحة إنما هو إذا لم تكن في الأبرار مفسدة ولا مشقة ظاهرة فإن كان لم يؤمر بالأبرار، لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يبر قسم أبي بكر لما رأى في أبراره من المفسدة، ولعل المفسدة ما علمه من سبب انقطاع السبب مع عثمان وهو قتله وتلك الحروب والفتن المترتبة عليه فكره ذكرها مخافة من شيوعها، أو أن المفسدة لو أنكر عليه مبادرته ووبخه بين الناس أو أنه أخطأ في ترك تعيين الرجال الذين يأخذون بالسبب بعد النبي صلى الله عليه وسلم وكان في بيانه صلى الله عليه وسلم أعيانهم مفسدة والله أعلم اهـ (10) (سنده) حدّثنا إسماعيل حدثنا أيوب عن نافع قال قال ابن عمر رأيت في المنام الخ (غريبه)

-[رؤيا عبد الله بن عمر وفيها منقبة]- استبرق (1) ولا أشير بها إلى مكان من الجنة إلا طارت بي إليه (2) فقصتها حفصة على النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن أخاك رجل صالح أو أن عبد الله رجل صالح (3) (عن سالم عن ابن عمر) (4) قال كان الرجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وسلم قال فتمنيت أن أرى رؤيا فأقصها على النبي صلى الله عليه وسلم قال وكنت غلامًا شابًا عزبًا (5) فكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فرأيت في ناس قد عرفتهم فجعلت أقول أعوذ بالله من النار أعوذ بالله من النار، فلقيهما ملك آخر فقال لي أن تراع (8) فقصصتها على حفصة فقصتها حفصة عل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل، قال سالم: فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلًا (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (9) قال رأيت فيما يرى النائم من الليل إلا قليلًا (عن أبي سعيد الخدري) (10) أنه رأى رؤيا أنه يكتي ص فلما بلغ إلى سجدتها قال رأى الدواة والقلم وكل شيء بحضرته انقلب ساجدًا، قال فقصها على النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل يسجد بها بعد (عن ابن شهاب) (11) عن عمارة بن خزيمة بن ثابت الأنصاري، وخزيمة الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين قال ابن شهاب فأخبرني عمارة بن خزيمة عن عمه وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (12) أن خزيمة بن ثابت رأى في النوم أنه يسجد على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك له، فاضطجع له رسول الله صلى الله عليه وسلم فسجد على جبهته (وعنه من طريق ثان) (13) أخبرني عمارة

_ (1) الاستبرق ما غلظ من الديباج الحرير وهو فارسي معرب بزيادة القاف (2) أي تبلغني إلى ذلك المكان مثل جناح الطائر والباء للتعدية (3) أو للشك من الراوي والصالح هو القائم بحقوق الله تعالى وحقوق عباده وفيه منقبة عظيمة لابن عمر رضي الله عنهما (تخريجه) (ق مذ نس) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر الخ (غريبه) (5) بالتحريك أي غير متزوج (6) طي البئر تعريشها بالحجارة والآجر، قال الحافظ والبئر قبل أن يبنى يسمى قليبًا (7) قال في اللسان القرنان منارتان تبنيان على رأس البئر توضع عليهما الخشبة التي يدور عليها المحور وتعلق منها البكرة، وإنما يسميان بذلك إذا كانا من حجارة، فإذا كان من خشب فهما دعامتان (8) بضم أوله من الروع بفتح الراء وهو الخوف والفزع، أي لا خوف عليك بعد هذا (تخريجه) (ق. وغيرهما (9) (سنده) حدّثنا قتيبة ثنا ابن لهيعة عن واهب بن عبد الله عن الهلاله حدّثنا عامر بن صالح الزبيري حدثني يونس بن يزيد عن ابن شهاب الخ (غريبه) (12) معناه أن عم ابن خزيمة كان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يذكر اسمه وجهالة الصحابي لا تضر (13) حدّثنا سكن بن نافع أبر الحسن الباهلي ثنا صالح يعني ابن أبي الأخضر

-[رؤيا خزيمة بن ثابت الأنصاري وفيها منقبة له]- ابن خزيمة أن خزيمة (1) أي في المنام أنه يسجد على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأتى خزيمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، قال فاضطجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال له صدق رؤياك فسجد على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن عمارة بن خزيمة بن ثابت) (2) أن اباه قال رأيت في المنام أني أسجد عفى جبهة النبي صلى الله عليه وسلم رأسه هكذا فوضع جبهنه على جبهة النبي صلى الله عليه وسلم فقبل جبهته (عن أنس بن مالك) (5) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبه الرؤيا الحسنة فربما قال هل رأى أحد منكم رؤيا؟ فإذا رأى الرجل رؤيا سأل عنه، فإن كان ليس به بأس كان أعجب لرؤياه إليه، قال فجاءت امرأة فقالت يا رسو الله رأيت كأني دخلت الجنة فسمعت بها وجبة (6) أرتجت لها الجنة فنظرت فإذا قد جيء بفلان بن فلان حتى عدّت اثنى عشر رجلًا، وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية قبل ذلك، قالت فجيء بهم عليهم ثياب طلس (7) تشخب أوداجهم، قال فقيل اذهبوا بهم إلى نهر السدخ أو قال إلى نهر البيدج، قال فغمسوا فيه فخرجوا منه وجوهم كالقمر ليلة البدر، ثم أتو بكراسي من ذهب فقعدوا عليها

_ عن الزهري أخبرني عمارة الخ (1) تقدم في الطريق الأولى أن ابن شهاب قال أخبري عماروة ابن خزيمة عن عمه بن ثابت، وفي هذا الطريق قال أخبرني عمارة بن خزيمة أن خزيمة رأى في المنام إلى آخره، ولا بأس بذلك، فإنه يجوز أن عمارة روى هذا الحديث مرتين مرة عن خزيمة بواسطة عمه، ومرة عن خزيمة مباشرة بغير واسطة، فروى ابن شهاب الروايتين عنه كما سمع والله أعلم (تخريجه) أورد الهيثمي الطريق الأولى منه وقال رواه أحمد عن شيخه عامر بن صالح الزبيرى وثقه احمد وابو حاتم، وضعفه جماعة وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) وفي اسناد الطريق الثانية صالح بن أبى الأخضر قال يحيى بن معين ضعيف، وفي التهذيب قال احمد يعتبر به وقال العجلى يكتب حديثه وليس بالقوى اهـ (قلت) يؤيده الحديث الآتى بعده (2) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا أبو جعفر الخطمى عن عمراة بن خزية بن ثابت الخ (غريبه) (3) معناه أن الأرواح الصالحة تتلاقى في الرؤيا وفي ذلك منقبة عظيمة لخزيمة بن ثابت رضي الله عنه (وقوله وأقنع) أي رفع النبي صلى الله عليه وسلم رأسه الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد بأسانيد أحدها هذا وهو متصل، رواه الطبرانى وقال فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اجلس واسجد واصنع كما رأيت ورجالهما ثقات (3) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة حدثى أبو جعفر المدينى يعنى الخطمى قال سمعت عمارة بن عثمان بن سهل بن حنيف يحدث عن خزيمة بن ثابت الخ (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه عمارة بن عثمان ولم يرو عنه غير ابى جعفر الخطمى وبقية رجاله رجال الصحيح (5) (سنده) حدّثنا بهز ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس الخ (غريبه) (6) الوجبة مع السقطة الهدّة وهى صوت السقوط (7) بضم الطاء وسكون اللام يعنى ثيابا وسخة، قال في النهاية الطلسة هي الغبرة إلى السواد والأطلس الأسود والوسخ (وقوله تشخب)

-[رؤيا المرأة الصحابية وقد وقعت كما قالت - وما جاء في تلعب الشيطان]- وأتىَ بصحفة (1) أو كلمة نحوها فيها بسرة (2) فأكلوا منها يقلبونها لشق الا أكلوا من فاكهة ما أرَادوا واكلت معهم، قال فجاء البشير من تلك السَّرِيّة فقال يا رسول الله كان من أمرنا كذا وكذا واصيب فلان وفلان حتى عدّ الاثنى عشر الذين عدتهم المرأة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم علىّ بالمرأة، قال قصى على هذا رؤياك فقصصت، قال هو كما قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم (باب لا يخبز بتلعُّب الشيطان به في المنام) (عن جابر بن عبد الله) (3) قال أتى النبىَّ صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله رأيت البارحة فيما يرى النائم كأن عنقى ضربت فسقط رأسى فاتبعته فأخذته فأعدته مكانه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لعب الشيطان بأحدكم (4) فلا يحدثن به الناس (عن أبى هريرة) (5) قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انى رأيت رأسى ضرب فرأيته يتهدهده (6) فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يطرق أحدكم الشيطان فيتهول له ثم يغدو يخبر الناس (7) (عن أبى اسرائيل الجشمى) (8) عن شيخ لهم يقال له أبو جعدة أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى لرجل رؤيا، قال فبعث إليه فجاء فجعل يقصها عليه وكان الرجل عظيم البطن فجعل يقول بإصبعه في بطنه لو كان هذا في غير هذا لكان خيرا لك (9) (عن جعدة مولى ابى اسرائيل) (10) قال رأست رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل يقص عليه رؤيا

_ الشخب السيلان أي تسيل أوداجهم دما (1) الصحفة بفتح الصاد وسكون الحاء المهملتين، قال في النهاية إناء كالقصعة المبسوطة ونحوها وجمعها صحاف (2) في القاموس البسر بالضم التمر قبل ارطابه والبسرة واحدتها وتضم السين اهـ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (باب) (3) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن ابى سفيان عن جابر (يعنى ابن عبد الله) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريب) (4) قال المازرى يحتمل ان النبي صلى الله عليه وسلم علم ان منامه هذا من الأضغاث بوحى او بدلالة من المنام دلته على ذلك، أو انه من المكروه الذي هو من تحزين الشيطان، وأما العابرون فيتكلمون في كتبهم على قطع الرأس ويجعلونه دلالة على مفارقة الرائى ما هو فيه من النعم، أو مفارقة من فوقه ويزول سلطانه ويتغير حاله في جميع أموره إلا أن يكون عبداً فيدل على عتقه، أو مريضا فعلى شفائه، أو مديونا فعلى قضاء دينه، او من لم يحج فعلى أنه يحج، أو مغموما فعلى فرحه، او خائفا فعلى أمنه والله أعلم (تخريجه) (م جه وغيرهما) (5) (سنده) حدّثنا محمد بن عبد الله بن الزبير حدثنا عمر بن سعيد عن عطاء عن ابى هريرة الخ (غريبه) (6) اى يتدحرج ويضطرب (7) قاله في قصد الإنكار بالإخبار بمثله وأنه لا ينبغى له الإخبار إنما ينبغى له السكوت والاعراض عنه (تخريجه) (جه) وقال البوصيرى في زوائد ابن ماجة اسناده صحيح ورجاله ثقات اهـ (قلت) وروى نحوه مسلم من حديث جابر (8) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا شعبة ثنا أبو اسرائيل الجشمى الخ (غريبه) (9) يريد والله أعلم انه لو كان هذا العظم في غير البطن من أعضائه كالساعدين والرأس ونحو ذلك أو الذكاء والعقل ونحوه كان خيرا له، لأن عظم البطن يثقل الرجل ويضره ولا يفيده لأنه ينشأ عن كثرة الأكل وكثرة الأكل مذمومة فكأنه صلى الله عليه وسلم يحثه على التقليل من الأكل لأنه أصح لبدن والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله ثقات (10) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن ثنا شعبة ثنا أبو اسرائيل في بيت قتادة قال سمعت جعدة وهو مولى

-[ما جاء في بعض ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم في المنام]- وذكر سمنه وعظمه (1) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان هذا في غير هذا لكان خيرا لك (وعنه من طريق ثان) (2) قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ورأى رجلا سمينا فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يومئ إلى بطنه بيده ويقول لو كان هذا في غير هذا المكان لكان خيرا لك (باب رُؤى النبي صلى الله عليه وسلم) (عن عبيد الله) (3) قال سألت عبد الله بن عباس رضي الله عنهما عن رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي ذكر: فقال ابن عباس ذكر لي رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما أنا نائم رأيت أنه وضع في يَديّ سِواران من ذهب ففظِعتهما (4) فكرهتهما وأذن لي فنفختهما فطارا فأوّلتهما كذابين يخرجان، قال عبيد الله أحدهما العلمي (5) الذي قلته فيروز باليمن والآخر مسيلمة (6) (عن أبي هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما أنا نائم أوتيت بخزائن الأرض (8) فوضع في يديّ سواران من ذهب فكبُرا عليّ، وأهمّاني فأوحى إليّ أن انفخهما (9) فنفختهما فذهبا فأولتهما الكذابَين اللذين أنا بينهما صاحب صنعاء (10) وصاحب اليمامة (عن أبي سعيد الخدري) (11) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه

_ أبي إسرائيل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) جعدة هو ابن خالد بن الصمة بكسر الصاد الجشمي بضم الجيم صحابي له حديث واحد، رواه عنه مولاه أبو اسرائيل شيخ شعبة كذا في الخلاصة، فقوله مولى أبي اسرائيل يعني مولاه الأعلى (غريبه) (1) أي: عظم بطنه كما يستفاد من الطريق الثانية. (2) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة قال سمعت أبا إسرائيل قال سمعت جعدة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات (باب). (3) (سنده) حدّثنا يعقوب قال حدثنا أبي عن صالح قال قال عبيد الله سألت عبد الله بن عباس الخ (قلت) عبيد الله هو ابن عبد الله بن عتبة بن مسعود (غريبه) (4) بكسر الظاء المعجمة، قال في النهاية هكذا روي متعديا حملا على المعنى لأنه بمعنى أكبرتهما وخفتهما، والمعروف فظعت به أو منه اهـ (5) بفتح العين المهملة وسكون النون وفي آخره سين مهملة هو الأسود العنسي واسمه عبهلة بن كعب وكان كاهنا شعباذا وكان يريهم الأعاجيب كما قال الطبري، وقد قتله فيروز الذيلمي في سنة إحدى عشرة من الهجرة، وفيروز صحابي يماني من أبناء الأساورة من فارس الذي كان كشرى بعثهم إلى قتال الحبشة، قاله الحافظ في الإصابة في ترجمة فيروز الديلمي (6) يعني المشهور بالكذاب صاحب اليمامة الذي ادعى النبوة قتله وحشي الذي قتل حمزة ابن عبد المطلب (تخريجه) (خ نس جه وغيرهما) (7) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام عن أبي هريرة فذكر أحاديث منها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما أنا نائم الخ (غريبه) (8) قال العلماء هذا محمول على سلطانها وملكها وفتح بلادها وأخذ خزائن أموالها، وقد وقع ذلك كله والله الحمد وهو من المعجزات (9) هو بالخاء المعجمة ونفخه صلى الله عليه وسلم أياهما فذهبا دليل لانمحاقها واضمحلال أمرها وكان كذلك وهو من المعجزات أيضا (10) هو الأسود العنسي (وصاحب اليمامة) هو مسليمة الكذاب (تخريجه) (ق مذ جه وغيرهم) (11) (سنده) حدّثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحاق قال حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط عن عطاء بن يسار أو أخيه سليمان بن يسار عن أبي سعيد الخدري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس على منبره وهو يقول أيها الناس أني قد رأيت ليلة القدر ثم أنسيتها ورأيت أن في ذراعّي سوارين من ذهب فكرهتهما فنفختهما فطارا فأؤّلنهما هذين الكذابين صاحب اليمن وصاحب اليمامة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال في الصحيح منه رؤيا ليلة القدر رواه (حم بز) ورجالهما

-[بعض ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم وحديث ابن عباس في ذلك]- (عن ابن عباس) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه فيما يرى النائم ملكان فقعد أحدهما عند رجليه والآخر عند رأسه فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه اضرب مثل هذا ومثل أمته فقال إن مثَله ومثَل أمته كمثل قوم سَفْر انتهوْا إلى رأس مفازة (2) فلم يكن معهم من الزاد ما يقطعون به المفازة ولا ما يرجعون به، فبينما هم كذلك إذ أتاهم رجل في حُلة حَبرة (3) فقال أرأيتم أن وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رٌواءا (4) أتتبعوني؟ فقالوا نعم قال فانَطلق بهم فأوردهم رياضا معشبة وحياضا رُواءا فأكلوا وشربوا وسمنوا، فقال لهم ألم ألقكم على تلك الحال فجعلتم لي إن وردت بكم رياضا معشبة وحياضا رُواءا أن تتبعوني؟ فقالوا بلى: قال فإن بين أيديكم رياضا أعشب من هذه وحياضا أروى من هذه فاتبعوني، قال فقالت طائفة صدق والله لنتبعنه، وقالت طائفة قد رضينا بهذا نقيم عليه (عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه) (5) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أتيت وأنا نائم بقدح من لبن فشربت منه حتى جعل اللبن يخرج من أظفاري، ثم ناولت فضلي عمر بن الخطاب، فقال يا رسول الله فما أوّلته قال العلم (حدثني سالم عن أبي عمر) (6) عن رؤيا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم في أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما) قال رأيت الناس قد اجتمعوا فقام أبو بكر فنزع ذَنوبا (7) وذنوبين وفي نزعه ضعف والله يغفر له، ثم نزع عمر فاستحالت غربا (8) فما رأيت عبقريا (9) من الناس يَفرى فريه حتى ضرب

_ ثقات (1) (سنده) حدّثنا حسن بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن يوسف ابن مهران عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) المفازة بالميم والفاء البَرِّية الفقر والجمع المافوز، سميت بذلك لأنها مهلكة من فّوز إذا مات، وقيل سميت تفاؤلا من الفوز النجاة (له) (3) الحبرة بكسر الحاء وفتحها مع فتح الباء والراء ضرب من برود اليمن منمر ويجوز (حالة حيرة) على الوصف وعلى الإضافة كما نص عليه في اللسان (4) الرواء بضم الراء والمد المنظر الحسن يريد أنها حسنة المنظر (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب بز) واسناده حسن (5) (سنده) حدّثنا وهب بن جرير حدثنا أبي سمعت يونس عن الزهري عن حمزة بن عبد الله بن عمر عن أبيه الخ (تخريجه) (ق مذ) (6) (سنده) حدّثنا روح حدثنا ابن جريج قال اخبرني موسى بن عقبة حدثني سالم عن ابن عمر الخ (7) بفتسح الذال المعجمة الدلو الممتلئ (وقوله وفي نزعه ضعف) إخبار عن حاله في قصر مدة ولايته، وليس في قوله (والله يغفر له) نقص ولا إشارة إلى أنه وقع منه ذنب، وإنما هي كلمة كانوا يقولونها (8) الغرب بسكون الرائ الدلو العظيمة التي تتخذ من جلد ثور فإذا فتحت الراء فهو الماء السائل بين البئر والحوض وهذا تمثيل، ومعناه أن عمر لما أخذ الدلو ليستقي عظمت في يده لأن الفتوح كانت في زمنه أكثر منها في زمن أبي بكر، ومعنى استحالت انقلبت عن الصغر إلى الكبر (له) (9) قال في النهاية عبقري القوم سيدهم وكبيرهم وقويهم، والأصل في العبقري فيما قيل إن عبقر قرية يسكنها الجن فيما يزعمون فكلما رأو شيئا فائقا غريبا مما يصعب عمله ويدق أو شيئًا عظيما في نفسه نسبوه إليها فقالوا عبقري، ثم اتسع فيه حتى سمي به السيد الكبير اهـ (وقوله يفرى فريه) بالفاء من باب رمى ومعناه

-[ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم خاصا بأبي بكر وعمر وعثمان وقتل حمزة]- الناس بَعطن (1) (عن جابر بن عبد الله) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أرِى الليلة رجل صالح أن أبا بكر نِيطَ (3) برسول الله صلى الله عليه وسلم ونيط عمر بأبي بكر ونيط عثمان بعمر، قال جابر فلما قمنا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا أما الرجل الصالح فرسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما ما ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم من نوط بعضهم لبعض فهم ولاة هذا الأمر الذي بعث الله به نبيه صلى الله عليه وسلم (عن الأسود بن هلال) (4) عن رجل من قومه قال كان يقول في خلافة عمر بن الخطاب لا يموت عثمان حتى يستخلف، قلنا من أين تعلم ذلك؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رأيت الليلة في المنام كأن ثلاثة من أصحابي وزنوا، فوزن أبو بكر فوزن، ثم وزن عمر فوزن، ثم وزن عثمان فنقص صاحبنا وهو صالح (عن ابن عباس) (5) قال تنفل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفَقار (6) يوم بدر وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد فقال رأيت في سيفي ذي الفقار فلاّ (7) فأولته فلاّ يكون فيكم ورأيت أني مردف كبشا فأوّلته كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة فأوّلتها المدينة، ورأيت بقرا تذبح فبقرٌ والله خير، فكان الذي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن أنس بن مالك) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت فيما يرى النائم كأني مردف كبشا وكأن ظُبَة سيفي (9) انكسرت فأولت أني أقتُل

_ يعمل عمله ويقطع قطعه، قال في النهاية الفرى القطع يقال فريت الشيء أفريه فريا إذا شققته وقطعته للإصلاح فهو مفرّى وأفريته إذا شققته على وجه الإفساد، تقول العرب تركته يفرى الفرى إذا عمل العمل فأجاده (1) العطن بالتحريك مبرك الإبل حول الماء، يقال عطنت الإبل فهي عاطنة وعواطن إذا سقيت وبركت عند الحياض لتعاد إلى الشرب مرة أخرى، وأعطنت الإبل إذا فعلت بها ذلك، ضرب ذلك مثلا لا تساع الناس في زمن عمر وما فتح الله عليهم من الأمصار اهـ (تخريجه) (ق مذ) (2) (سنده) حدّثنا يزيد بن عبد ربه حدثنا محمد بن حرب حدثني الزبيدي عن ابن شهاب عن عمرو بن أبان بن عثمان عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (3) أي تعلّقَ يقال نطت هذا الأمر به أنوطه وقد نيط به فهو منوط (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده حسن (4) (سنده) حدّثنا أبو النضر قال ثنا شيبان عن أشعث عن الأسود بن هلال عن رجل من قومه الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيدو رجاله ثقات (5) (سنده) حدّثنا سريج حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن الأعمى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس الخ (غريبه) (6) بفتح الفاء سمى بذلك لأنه كانت فيه حفر صغار حسان، والسيف المفقر الذي فيه حزوز مطمئنة عن مئنه (7) الفل بفتح الفاء وتشديد اللام الثلم في السيف وأصله الكسر والضرب ومنه الفل (بالفاء) للقوم المنهزمين يقال فلّ الجيشَ يفّله فلا (بتشديد اللام) إذا هزمه فهو مفلول، والمعنى فأوّلته انهزاما يكون فيكم، وكان ذلك في غزوة أحد، وتأويل البقر ما أصاب أصحابه يوم أحد من استشهاد سبعين، والثلم الذي كان في سيفه برجل من أهل بيته يقتل فكان حمزة رضي الله عنه سيد الشهداء، ثم كانت العاقبة للمتقين (تخريجه) (مذجه) وسنده صحيح (8) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس الخ (غريبه) (9) بضم الظاء المعجمة وفتح الموحدة. ظبة السيف هو طرفهُ وحدّه وأصل الظبة ظُبَوٌ بوزنٌ صرَدٌ فحذفت الواو

-[ما رآه النبي صلى الله عليه وسلم من نصرة الدين - ونقل وباء المدينة إلى الجحفة]- صاحب الكتيبة (1) وأن رجلا من أهل بيتي يقتل (2) (عن جابر بن عبد الله) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت كأني أتِيت بكتلة تمر فعجمتها (4) في قمي فوجدت فيها نواة فآذتني فلفظتها (5) ثم أخذت أخرى فعجمتها فوجدت فيها نواة فلفظتها، ثم أخذت أخرى فعجمتها فوجدت فيها نواة فلفظتها، قال أبو بكر دعني فلأعبِرّها، قال قال أعبِرها، قال هو جيشك الذي بعثت يسلم ويغنم فيلقون رجلا فيلشدهم ذمتك فيدعونه، ثم يلقون رجلا فيشدهم ذمتك فيدعونه، ثم يلقون رجلا فينشدهم ذمتك فيدعونه، قال كذلك قال الملك (6) (عن أنس بن مالك) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت الليلة كأني في دار رافع بن عقبة (وفي رواية عقبة بن رافع) فأوتينا بتمر من تمر ابن طاب (8) فأولت أن لنا الرفعة في الدنيا والعاقبة في الآخرة وأن ديننا قد طاب (عن عبد الله ابن عمر) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيت امرأة سوداء ثائرة الرأس خرجت من المدينة حتى قامت بمهيعة (10) فأوّلت أن وباءها نقل إلى مهيعة وهي الجحفة (وعنه أيضا) (11) رضي الله تبارك وتعالى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أراني (12) في المنام عند الكعبة فرأيت رجلا آدم (13) كأحسن ما ترى من الرجال وله لِمَة (14) قدرٌ جِّلت ولمته تقطر ماء

_ وعوّض منها الهاء (1) هو طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين (2) هو حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه البزار وأحمد باختصار، وفيه علي بن زيد وهو ثقة سيئ الحفظ، وبقية رجالهما ثقات اهـ (قلت) ولفظ البزار أورده الهيثمي عن أنس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت فيما يرى النائم كأنه ظبة سيفي أنكسرت وكأني مردف كبشا فأولت أن كسر ظبة سيفي قتل رجل من قومي وأني مردف كبشا وأني أقتل كبش القوم، فقتل رسول الله صلى الله عليه وسلم طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين وقُتل حمزة بن عبد المطلب (3) (سنده) حدّثنا علي بن عبد الله ثنا سفيان عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (4) أي لكنها في فمي (5) أي طرحتها (6) معناه كذلك أخبرني الملك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه مجالد بن سعيد وهو ثقة وفيه كلام (7) (سنده) حدّثنا عبد الصمد وحسن قالا ثنا حماد عن ثابت عن أنس الخ (غريبه) (8) هو نوع من أنواع تمر المدينة منسوب إلى ابن طاب رجل من أهلها، يقال عذق ابن طاب ورطب ابن طاب وتمر ابن طاب (تخريجه) (م دنس) (9) (سنده) حدّثنا عفان ثنا وهيب ثنا موسى بن عقبة حدثني سالم عن رؤيا رسول الله صلى الله عليه وسلم في وباء المدينة عن عبد الله بن عمر الخ (غريبه) (10) بفتح الميم وسكون الهاء وفتح التحتية والعين المهملة هي الجحفة ميقات أهل الشام (تخريجه) (خ مي مذ جه) (11) (سنده) حدّثنا أبو اليمان حدثنا شعيب عن الزهري أخبرني سالم بن عبد الله أن عبد الله ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (12) بفتح الهمزة أي أرى نفسي (13) بمد الهمزة والآدم الأسمر (14) بكسر اللام وتشديد الميم وجمعها لِمَم كقربة وقرب، قال الجوهري ويجمع على لمام بكسر اللام وهو الشعر المتدلى الذي جاوز شحمه الأذنين، فإذا بلغ المنكبين فهو جمة (وقوله قدر جلت) فهو بضم الراء وتشديد الجيم مكسورة، ومعناه سرحها بمشط مع ماء ولذلك قال ولمته تقطر ماءا

-[رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم المسيح بن مريم والمسيح الدجال يطوفان بالبيت]- واضعا يده على عوائق (1) رجلين يطوف بالبيت (2) رَجِلَ الشعر فقلت من هذا؟ فقالوا المسيح ابن مريم، ثم رأيت رجلا جَعْدا (3) قططا أعور عين اليمنى كأن عينه عنبة طافية (4) كأشبه من رأيت (5) من الناس بابن قطن، واضعا يده على عواتق رجلين يطوف بالبيت (6) فقلت من هذا؟ فقالوا هذا المسيح (7) الدجال (باب رؤيته صلى الله عليه وسلم لربه عز وجل في الرؤيا) (عن ابن عباس) (8) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أتاني ربي عز وجل الليلة في أحسن صورة (9) أحسبه يعني في النوم فقال يا محمد هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ (10) قال قلت لا، قال النبي صلى الله عليه وسلم فوضع يده بين كتفي

_ (1) العواتق جمع عاتق، قال أهل اللغة هو ما بين المنكب والعنق، وفيه لغتان التذكير والتأنيث والتذكير أفصح وأشهر (2) هو عيسى بن مريم عليه السلام كما سيأتي، وقد صرح في الحديث أن هذه الرؤيا منامية قال القاضي عياض وعلى هذا يحمل ما ذكر من طواف الدجال بالبيت وأن ذلك رؤيا، إذ قد ورد في الصحيح أنه لا يدخل مكة ولا المدينة مع أنه لم يذكر في رواية مالك طواف الدجال، وقد يقال أن تحريم دخوله مكة والمدينة عليه أنما هو في زمن فتنته والله أعلم (3) بفتح الجيم وسكون العين شعره (قططا) بفتح القاف والمهملتين أي شديد جعودة الشعر (4) بفاء ثم ياء تحتية أي بارزة من طفا الشيء يطفو بغير همز إذا علا على غيره، شبهها بالعتبة التي تقع في العنقود بارزة عن نظائرها (5) قال النووي ضبطناه رأيت بضم التاء وفتحها وهما ظاهران (وقطن) هذا بفتح القاف والطاء (6) تقدم الكلام على طواف المسيح الدجال بالبيت (7) سمي مسيحا لكون إحدى عينيه ممسوحة والأخرى طافية كما تقدم أو لأن أحد شقى وجهه خلق ممسوحا لا عين فيه ولا حاجب، أو لأنه يمسح الأرض إذا خرج والله أعلم (تخريجه) (ق لك) (باب) (8) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن أبن عباس الخ (غريبه) (9) الظاهر أن إتيانه تعالى كان في المنام بدليل قول الراوي (أحسبه في النوم) ويدل على ذلك أيضا حديث معاذ عند الترمذي وفيه (فنعست في خلوتي فاستثقلت فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة) وهذا لا إشكال فيه، إذ الرائي قد يرى غير المتشكل متشكلا والمتشكل بغير شكله وهكذا لكن جاء في حديث معاذ عند الإمام أحمد وسيأتي في باب الترغيب في خصال مجتمعة من أفضل أعمال البر في قسم الترغيب بلفظ (فنعست في صلاتي حتى أستيقظت فإذا بربي عز وجل في أحسن صورة) وظاهره أنه رأى الله عز وجل في اليقظة، قال ابن حجر المكي والظاهر أن رواية حى استيقظت تصحيف فإن المحفوظ في رواية أحمد والترمذي (حتى استثقلت) اهـ (قلت) وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره بعد ذكر حديث معاذ هو حديث المنام المشهور ومن جعله يقظة فقد غلط، وهو في السنن من طرق، وهذا الحديث بعينه قد رواه الترمذي من حديث جهضم بن عبد الله اليمامي به وقال حسن صحيح، ثم قال الحافظ ابن كثير وليس هذا الاختصام هو الاختصام المذكور في القرآن فإن هذا قد فسر، وأما الاختصام الذي في القرآن فقد فسر بعد هذا وهو قوله تعالى {إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين} الآيات اهـ وعلى تقدير كون ذلك في اليقظة فذهب السلف في مثل هذا من أحاديث الصفات أمراره كما جاء من غير تكييف ولا تشبيه ولا تعطيل والإيمان به من غير تأويل له والسكوت عنه وعن أمثاله مع الاعتقاد بأن الله تعالى ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، ومذهب السلف هذا هو المتعين ولا حاجة إلى التأويل وهو مذهبي ولله الحمد (10) أي الملائكة

-[رؤيا النبي صلى الله عليه وسلم لربه عز وجل في النوم]- حتى وجدت بردها بين ثديي، أو قال نحري فعلمت ما في السماوات وما في الأرض (1) ثم قال هل تدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال قلت نعم يختصمون في الكفارات (2) والدرجات، قال وما الكفارات والدرجات؟ قال المكث في المساجد، والمشي على الأقدام إلى الجمعات، وإبلاغ الوضوء في المكاره، ومن فعل ذلك عاش بخير ومات بخير وكن من خطيئته كيوم ولدته أمه، وقل يا محمد إذا صليت اللهم إني أسألك الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين، وإذا أردت بعبادك فتنة أن تقبتضني إليك غير مفتون، قال والدرجات (3) بذل الطعام وإنشاء السلام والصلاة بالليل والناس نيام (باب قول النبي صلى الله عليه وسلم من رآني في النوم فقد رآني) (حدّثنا محمد بن جعفر) (4) ثنا عوف بن أبي جميلة عن يزيد الفارسي قال رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم زمن ابن عباس رضي الله عنهما وكان يزيد يكتب المصاحف، قال فقلت لابن عباس أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، قال ابن عباس فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول أن الشيطان لا يستطيع أن يتشبه (5) فمن رآني في النوم فقد رآني (6) فهل تستطيع أن تنعت (7) لنا هذا الرجل الذي رأيت

_ المقربون والملأ هم الأشراف الذين يملئون المجالس والصدور عظمة وإجلالا وُصِفوا بالأعلى إما لعلو مكانهم، وإما لعلو مكانتهم عند الله تعالى واختصامهم، وإما عبارة عن تبادرهم إلى إثبات تلك الأعمال والصعود بها إلى السماء، وإما عن تقاولهم في فضلها وشرفها، وإما عن اغتباطهم الناس بتلك الفضائل، وإنما سماء مخاصمة لأنه ورد مورد سؤال وجواب وذلك يشبه المخاصمة والمناظرة، فلهذا السبب حسن إطلاق لفظ المخاصمة عليه (1) أي لما أفاضه الله عز وجل عليه من العلم بتلطفه ووضع يده بين كتفيه وتقدم أننا نؤمن بذلك من غير تكييف ولا تشبيه (2) أي لأنها تكفر الذنوب (3) أي مما ترفع به الدرجات (تخريجه) (مذ) وعزاه السيوطي في الدر المنثور لعبد الرزاق وعبد بن حميدو محمد بن نصر ورجاله عند الإمام أحمد رجال الصحيح ويؤيده حديث معاذ عند الإمام أحمد أيضا وتقدمت الإشارة إليه والله أعلم (باب) (4) (حدّثنا محمد بن جعفر الخ) (غريبه) (5) قال القاضي عياض قال بعض العلماء خص الله تعالى النبي صلى الله عليه وسلم بأن رؤية الناس إياه صحيحة وكلها صدق ومنع الشيطان أن يتصور في خلقته لئلا يكذب على لسانه في النوم كما خرق الله تعالى العادة للأنبياء عليهم السلام بالمعجزة، وكما استحال أن يتصور الشيطان في صورته في اليقظة، ولو وقع لاشتبه الحق بالباطل ولم يوثق بما جاء به مخافة من هذا التصور فحماها الله تعالى من الشيطان ونزغه ووسوسته والقائه وكيده، قال وكذا حمى رؤيتهم نفسهم (6) أي فليبشر بأنه رآني حقيقة أي حقيقتي كما هي فلم يتحد الشرط والجزاء وهو في معنى الأخبار، أي من رآني فأخبره بأن رؤيته حق ليست بأضغاث أحلامية ولا تخيلات شيطانية، ثم أردف ذلك بما هو تتميم للمعنى وتعليل المحكم فقال كما في رواية أخرى (فإن الشيطان لا يتمثل بي) أي لا ينبغي أن يتمثل في صورتي كما استحال تصوره بصورته يقظه (قال القاضي) عياض ويحتمل أن يكون قوله صلى الله عليه وسلم: (فقد رآني) أي فقد رآي الحق فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي المراد به إذا رآه على صورته المعروفة له في حياته فإن رأى على خلافها كانت رؤيا تأويل لا رؤيا حقيقة اهـ قال النووي وهذا الذي قاله القاضي ضعيف بل الصحيح أنه يراه حقيقة سواء كان على صفته المعروفة أو غيرها (7) أي تصف لنا هذا الرجل الذي رأيت صفة كاملة واضحة كما رأيته

-[قوله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فسيراني في اليقظة وكلام العلماء في ذلك]- قال قلت نعم، رأيت رجلا بين الرجلين جسمه ولحمه أسمر إلى البياض، حسن المضحك، أكحل العينين، جميل دوائر الوجهن قد ملئت لحيته من هذه إلى هذه حتى كادت تملأ نحره، قال عوف لا أدري ما كان مع هذا من النعت، قال فقال ابن عباس لو رأيته في اليقظة ما استطعت أن تنعته فوق هذا (1) (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فقد رآني (وفي لفظ فقد رآى الحق) فإن الشيطان لا يتمثل بي (وفي رواية لا يتشبه بي) (وفي رواية) لا يتخيل بي (3) فإن رؤيا العبد المؤمن الصادقة الصالحة جزء من سبعين جزءًا من النبوة (4) (وعنه أيضا) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي، قال عاصم قال أبي فحدثيه ابن عباس (6) فأخبرته أني قد رأيته، قال رأيته؟ قلت إي والله لقد رأيته، قال فذكرت الحسن ابن علي قال إني والله قد ذكرته ونعته في مشيته، قال فقال ابن عباس أنه كان يشبهه (وعن أنس ابن مالك) (7) مثل المرفوع منه (حدثنا يعقوب) (8) حدثني بن أخي بن شهاب عن محمد بن شهاب حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أن أبا هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رآني في المنام فسيراني في اليقظة أو فكأنما رآني في اليقظة (9) لا يتمثل الشيطان بي: فقال أبو سلمة قال أبو قتادة

_ (1) يريد ابن عباس رضي الله عنه أنه أتى بصفاته صلى الله عليه وسلم كما كانت والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (2) (سنده) حدّثنا محمد بن فضيل ثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) تقدم شرح هذه الروايات في الحديث الذي قبله (4) تقدم شرح هذه الجملة في باب رؤيا المؤمن جزء من أجزاء من النبوة (تخريجه) (ق دجه) (5) (سنده) حدّثنا عفان ثنا عبد الواحد ثنا عاصم بن كليب حدثني أبي أنه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) يقول عاصم أحد رجال السند إن أباه كليب بن شهاب سمع هذا الحديث من ابن عباس فذكر لابن عباس أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام يشبه الحسن بن علي خصوصا في مشيته فصدقه ابن عباس وقال أنه (يعني الحسن) كان يشبه النبي صلى الله عليه وسلم (قلت) ويؤيد كلام ابن عباس ما رواه الإمام أحمد وغيره وسيأتي في كتاب المناقب عن أنس قال لم يكن أحد أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من الحسن بن علي وفاطمة رضي الله عنهم أجمعين (ق دجه) بدون قصة كليب (7) (سنده) حدّثنا عفان ثنا عبد العزيز بن المختار ثنا ثابت ثنا أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتمثل بي (تخريجه) (خ مذ) (8) (حدّثنا يعقوب الخ) (غريبه) (9) قال العلماء إن كان الواقع في نفس الأمر (فكأنما رآني) فهو كقوله صلى الله عليه وسلم فقد رآني أو فقد رأى الحق كما سبق تفسيره وإن كان (سيراني في اليقظة) ففيه أقوال (أحدها) المراد به أهل عصره، ومعناه أن من رآه في النوم ولم يكن هاجر يوفقه الله تعالى للهجرة ورؤيته صلى الله عليه وسلم لليقظة عيانا (والثاني) معناه أنه يرى تصديق تلك الرؤيا في اليقظة في الدار الآخرة لأنه يراه في الآخرة جميع أمته من رآه في الدنيا ومن لم يره (والثالث) يراه في الآخرة رؤية خاصة في القرب منه وحصول شفاعته ونحو ذلك والله أعلم، قال الدماميني وهذه بشارة لرائيه بموته على الإسلام لأنه لا يراه في القيامة تلك الرؤية الخاصة باعتبار القرب منه إلا من

-[قول أنس قل ليلة تأتي على ألا وأنا أرى خليلي يعني النبي صلى الله عليه وسلم]- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني فقد رآني الحق (1) (عن عبد الله بن مسعود) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يبغى له أن يتمثل بمثلى (عن أبي مالك الأشجعي) (3) عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فقد رآني (عن أبي هريرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فقد رآني في اليقظة (5) فإن الشيطان لا يتمثل على صورتي (وعنه أيضا) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فقد رآني إن الشيطان لا يتصور بي، قال شعبة أو قال لا يتشبه بي ومن كذب على متعمدا (7) فليتبوأ مقعده من النار (عن عبد الله) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآني في المنام فإياي رأى فإن الشيطان لا يتخيل بي (وفي رواية) لا يتخيلني (حدّثنا أبو سعيد ثنا المثنى) (9) قال سمعت أنس ابن مالك رضي الله عنه يقول فَل لّيلة تأتي على ألا وأنا أرى فيها خلبلي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم، وأنس يقول ذلك وتدمع عيناه (10)

_ تحقق منه الوفاة على الإسلام (1) أي فقد رآني حقيقة، وهذا الحديث جاء عند الإمام أحمد في مسند أبي قتادة (تخريجه) (ق) وجاء عند مسلم كما هنا سندا ولفظا (2) (سنده) حدّثنا اسحاق هو الأزرق حدثنا سفيان عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود الخ (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (3) (سنده) حدّثنا حسين ثنا خلف يعني ابن خليفة عن أبي مالك الأشجعي الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طب) ورجاله رجال الصحيح (4) (سنده) حدّثنا وكيع عن سفيان عن أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبه) (5) أي فكأنه رآني في اليقظة مبالغة في أنها رؤيا حق، وعلل ذلك بأن الشيطان لا يتمثل على صورته صلى الله عليه وسلم (ق جه) وهذا الحديث من مسند أبي هريرة ولكنه جاء في مسند ابن مسعود في الأصل (6) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي الحصين قال سمعت ذكوان أبا صالح يحدث عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) أي في أنه رآني في المنام ولم يرني، أو نسب إلى قولا لم أقله (فليتبوأ مقعده من النار) أي لنزل منزله الذي أعده الله له من النار، نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (ق جه) بدون قوله ومن كذب على الخ (8) (سنده) حدّثنا عفان حدثنا أبو عوانة عن جابر عن عمار عن سعيد بن جبير قال حدثني عبد الله لم نسبه عفان أكثر من عبد الله، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (فلت) راوي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم هو عبد الله بن عباس بدليل أن ابن ماجة رواه من طريق أبي عوانة بسند حديث الباب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، ولأنه جاء عند الإمام أحمد في مسند ابن عباس، ولذا قال الإمام أحمد في المسند لم ينسبه عفان يعني الذي روى عنه الإمام أحمد هذا الحديث لم ينسبه أكثر من عبد الله، يعني لم يقل عبد الله بن عباس بل اقتصر على قوله عبد الله فقط، فرواه الإمام أحمد كما سمع من عفان وتعقبه بهذه الجملة رحمه الله (تخريجه) (جه) وفي إسناده جابر الجعفي وهو ضعيف لكن يؤيده أحاديث الباب والله أعلم (9) (حدثنا أبو سعيد الخ) (غريبه) (10) أي حزنا على فراق النبي صلى الله عليه وسلم لأنه كان خادمه الخاص رضي الله عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح

كتاب اللهو واللعب

-[ما جاء في لهو الرجل مع زوجته - والضرب بالدف في العيدين]- (51) (كتاب اللهو واللعب) (أبواب ما يجوز من ذلك) (باب لهو الرجل مع زوجته) (عن عقبة بن عامر) (1) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل شيء يلهو به الرجل باطل إلا رمية الرجل بقوسه (وفي رواية إلا ثلاثة، رميه الرجل بقوسه) وتأديبه فرسه وملاعبته أمرأته فأنهن من الحق، ومن نهى الرمى بعدما عَلِمه فقد كفر الذي علمه (عن عائشة رضي الله عنها) (2) قالت سابقني النبي صلى الله عليه وسلم فسبقته فلبثنا حتى إذا أرهقني اللحم سابقني فسبقني فقال هذه بتلك (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) (3) قال أخبرتني عائشة رضي الله عنها أنها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر وهي جارية فقال لأصاحبه تقدموا فتقدموا ثم قال لها تعالى لسابقك فذكر الحديث (4) (عن عائشة أيضا) (5) رضي الله عنها أن الحبشة كانوا يلعبون عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم عيد قالت فاطلعت م فوق عاتقه فطأطأ لي رسول الله صلى الله عليه وسلم منكبيه فجلعت انظر إليهم من فوق عاتقه حتى شبعت ثم أنصرفت (باب جواز الضرب بالدف في العيدين ونحوهما) (عن عبد الله بن بريدة عن أبيه) (6) أن أمة سوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع من بعض مغازيه فقالت أني كنت نذرت إن ردك الله صالحا أن اضرب عندك بالدف، قال إن كنت فعلت فافعلي، وإن كنت لم تفعلي فلا تفعلي فضربت فدخل أبو بكر وهو تضرب، ودخل غيره وهي تضرب، ثم دخل عمر قال فجعلت دفها خلفها وهي مُقنَّعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الشيطان ليفرق منك يا عمر، أنا جالس ههنا ودخل هؤلاء فلما أن دخلتَ فعَلتْ ما فعلت (عن عائشة رضي الله عنها) (7) أن أبا بكر دخل عليها وعندها جاريتان تضربان بدفين فانتهزهما (8) أبو بكر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم دعهن (9) فإن لكل قوم

_ (باب) (1) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الرمى بالسهام وفضله رقم 361 صحيفة 129 في الجزء الرابع عشر (2) تقدم هذا الحديث جميعه بسنده وشرحه وتخريجه رقم 361 صحيفة 129 في الجزء الرابع عشر (2) تقدم هذا الحديث جميعه بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في المسَابقة على الأقدام رقم 256 صحيفة 127 في باب ما جاء في المسابقة على الأقدام في الجزء الرابع عشر (3) (سنده) حدّثنا معاوية ثنا اسحاق عن هشام بن عروة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن الخ (غريبه) (4) هكذا بالأصل (فذكر الحديث) يشير إلى الحديث المتقدم لأنه تقدمه في المسند أيضا والحديث المتقدم أخرجه أيضا (دنس جه) وصححه الحافظ العراقي (5) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الضرب بالدفء في العيدين في الجزء السادس صحيفة 161 رقم 1667 وتقدم غيره في الباب المشار إليه فأرجع إليه (6) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب النذر في طاعة الله عز وجل في الجزء الرابع عشر صحيفة (184 رقم 54 والمراد بالدف هنا دف العرب وهو مدور على شكل الغربال خلا أنه لا خروق في جلده ولا جلاجل فيه، وأما دف الملاهي الذي يحرم فهو مدور: جلده من رق أبيض ناعم، فيه جلاجل يسمى بالطار، له صوت يطرب لحلاوة نغمته (7) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر قال ثنا معمر قال أنا ابن شهاب عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (8) أي زجرهما أبو بكر وانتهزهما لعدم إطلاعه على تقرير النبي صلى الله عليه وسلم إياهما على ذلك (9) هكذا

-[ما جاء في لعب الحبشة ورقصهم في يوم العيد]- عيدا (باب ما جاء في لعب الحبشة ورقصهم) (عن أنس) (1) قال كانت الحبشة يَزفُون (2) بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويرقصون ويقولون محمد بن صالح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يقولون؟ قالوا يقولون محمد بن صالح (وعنه أيضا) (3) قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة لعبت الحبشة لقدومه بحرابهم فرحا بذلك (حّدثنا أبو النضر) (4) ثنا إسرائيل عن جابر عن عامر عن قيس ابن سعد بن عبادة رضي الله عنه قال ما من شيء كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا وقد رأيته إلا شيئا واحدا، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُقَلَسَّ له يوم الفطر قال جابر هو اللعب (5) (أبواب ما لا يجوز من اللهو واللعب) (باب النهي عن اللعب بالحيوان) (عن عكرمة) (6) قال مرّ ابن عباس على أناس قد وضعوا حمامة يرمونها (7) فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخذ ذو الروح (8) غرضا (عن أبي هريرة) (9) أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يتبع حمامة فقال شيطان يتبع شيطانة (10)

_ جاء في الأصل بنون النسوة فيحتمل أنه كان معهما من تُردِّد صوتهما، أي اتركهن (فإن لكل قوم عبدا) (زاد في رواية وإن اليوم عيدنا) وهذا تعليل لنهيه إياه بقوله دعهن وبيان لخلاف ما ظنه أبو بكر فأوضح النبي صلى الله عليه وسلم الحل وبينه بقوله (إن لكل قوم عيدا) أي لكل طائفة من الملل المختلفة عيدا يسمونه باسم مثل النيروز والمهرجان، وإن هذا اليوم يوم عيدنا وهو يوم سرور شرعي فلا ينكر مثل هذا، على أن ذلك لم يكن بالغناء الذي يهيج النفوس إلى أمور لا تليق، ولهذا جاء في رواية) وليستا بمغنيتين) يعني لم تتخذا الغناء صناعة وعادة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (1) (سنده) حدّثنا عبد الصمت قال ثنا حماد عن ثابت عن أنس (يعني ابن مالك) قال كانت الحبشة الخ (غريبه) (2) أي يرقصون ويلعبون (تخريجه (حب) وسنده صحيح ورجاله من رجال الصحيحين (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ثابت عن أنس قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (4) (حدثنا أبو النضر الخ) (غريبه) (5) فسره جابر بن يزيد الجعفي أحد رجال السند باللعب، وقيل هو الضرب بالدف والغناء وقيل المقلس بكسر اللام مشددة الذي يلعب بين يدي الأمير إذا قدم المضر، وقيل التقايس أن يقعد الجواري والصبيان على أفواه الطرق يلعبون بالطبل وغير ذلك، والظاهر أنهم كانوا يظهرون آثار الفرح والسرور عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في يوم الفطر وهو يقررهم على ذلك ما قرر الجارية التي نذرت ضرب الدف بين يديه على ذلك والجاريتان اللتان كانتا تغنيان عند عائشة والله أعلم (تخريجه) (جه) وفي إسناده جابر بن يزيد الجعفي وثقه الثوري وقال النسائي متروك، وله طريق أخرى عند ابن ماجة ليس فيها جابر، قال البوصير في زوائد ابن ماجة حديث قيس صحيح ورجاله ثقات (باب) (6) (سنده) حدّثنا الفضل حدثنا سفيان عن سماك عن عكرمة الخ (غريبه) (7) أي بالسهام بقصد اللعب واللهو (8) أي كل ما فيه روح سواء كان آدميا أو بهيمية أو طيرا أو نحو ذلك (وقوله غرضا) بفتحات أي هدفا، والهدف هو الذي يرمى إليه من الجلود وغيرها، وهذا النهي للتحريم لأنه ورد من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا وسيأتي في هذا الباب (تخريجه) (م مذنس) (9) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (10) قال الشوكاني فيه دليل على كراهة اللعب بالحمام وأنه من اللهو الذي لم يؤذن فيه، وقد قال بكراهته جمع من

-[النهي عن اللعب بالحيوان وقتله صبرا]- (عن سعيد بن جبير) (1) قال مررت مع ابن عمر وابن عباس رضي الله عنهم في طريق من طرق المدينة فإذا فتية قد نصبوا دجاجة برمونها، لهم كل خاطئة (2) قال فغضب وقال من فعل هذا؟ قال فتفرقوا، فقال ابن عمر رضي الله عنهما لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم من يمثل بالحيوان (3) (وعنه من طريق ثان) (4) قال خرجت مع ابن عمر رضي الله عنهما من منزله فمررنا بفتيان من قريش نصبوا طيرا يرمونه وقد جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من قِبَلهم، قال فلما رأوا ابن عمر تفرقوا، فقال ابن عمر من فعل هذا؟ لعن الله من فعل هذا، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن من اتخذ شيئا فيه الروح غرضا (عن هشام بن زيد بن أنس بن مالك) (5) قال دخلت مع جدي أنس بن مالك رضي الله عنه دار الحكم بن أيوب فإذا قوم قد نصبوا دجاجة يرمونها، فقال أنس نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم (6) (وعنه من طريق ثان) (7) قال دخلت مع جدي دار الإمارة فإذا دجاجة مصبورة ترمى، فكلما أصابها سهم صاحت، فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تصبر البهائم (عن أبي أيوب الأنصاري) (8) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صبر الدابة قال أبو أيوب لو كانت لي دجاجة ما صبرتها (باب تحريم القمار واللعب بالنرد وما في معنى ذلك) (عن أبي هريرة) (9) عن النبي صلى الله عليه الصلاة والسلام قال من حلف فقال في حلفه واللات فليقل لا إله إلا الله، ومن قال لصحابه تعال أقامرك

_ العلماء ولا يبعد على فرض انتهاض الحديث تحريمه لأن تسمية فاعله شيطانا يدل على ذلك، وتسمية الحمامة شيطانة إما لأنها سبب اتباع الرجل لها، أو أنها تفعل فعل الشيطان حيث يتولع الإنسان بمتابعتها واللعب بها لحسن صورتها وجودة نغمتها (تخريجه) (دجه) وفي إسناده محمد بن عمرو بن علقمة، قال في التقريب صدوق له أوهام اهـ (قلت) قال في الخلاصة وثقة النسائي، قال الجوزجاني ليس بالقوى، وقال ابن عدي أرجو أنه لا بأس به، روى له البخاري فرد حديث ومسلم متابعة اهـ (1) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن المنهال بن عمرو قال سمعت سعيد بن جبير قال مررت مع ابن عمر وابن عباس الخ (غريبه) (2) أي جعلوا لصاحب الطير كل خاطئة من قَبلهم كما صرح بذلك في الحديث التالي، قال في النهاية أي كل واحدة لا تصيبها، والخاطئة هنا بمعنى المخطئة (3) التمثيل بالحيوان كقطع رجله أو فقثى عينه أو نحو ذلك ولا يخلو الحيوان من ذلك إذا رمى بهذه الصفة (4) (سنده) حدّثنا هُشيم حدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير قال خرجت مع ابن عمر الخ (تخريجه) (ق - وغيرهما) (5) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر وحجاج قال ثنا شعبة قال سمعت هشام بن زيد بن أنس بن مالك الخ (غريبه) (6) قال العلماء صبر البهائم أن تحبس وهي حية لتقتل بالرمى ونحوه، وهو معنى لا تتخذوا شيئا فيه الروح غرضا وتقدم شرحه (7) (سنده) حدّثنا بهز ثنا حماد حدثني هشام بن زيد قال دخلت مع جدي دار الإمارة الخ (تخريجه) (ق دنس جه) وفيه النهي عن صبر البهائم وهذا النهي للتحريم بدليل لعن فاعله كما تقدم في حديث ابن عمر ولأنه تعذيب للحيوان واتلاف لنفسه وتفويت لذكاته أن كان مذكى، ولمنفعته إن لم يكن مذكى (8) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب النهي عن قتل الحيوان أو الإنسان صبرا في الجزء السادس عشر صحيفة 30 رقم 94 فارجع إليه (باب) (9) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب من حلف باللات والعزى من كتاب اليمين والنذر في الجزء الرابع عشر

-[التحذير من اللعب بالنرد وتقبيح من فعل ذلك]- 16 فليتصدق بشيء (عن أبي موسى) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لعب النرد (2) (وفي رواية بالكعاب) (3) فقد عصى الله ورسوله (وعنه من طريق ثان) (4) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يقلب كعبانها أحد ينتظر ما تأتي به (5) إلا عصى الله ورسوله (قر) (عن عبد الله بن مسعود) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم وهاتان الكعبتان (7) الموسومتان اللتان تزجران زجرا فإنهما ميسر العجم (عن سليمان بن بريدة عن أبيه) (8) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من لعب بالنرد شير (9) فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه (10)

_ صحيفة 167 رقم 10 (1) (سنده) حدّثنا وكيع حدثنا أسامة بن زيد ثنا سعيد بن ابي هند عن أبي موسى (يعني الأشعري) الخ (غريبه) (2) قال في الصباح النرد لعبة معروفة وهو معرب اهـ (قلت) قال في النهاية (فيه) (من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه) النرد اسم أعجمي معرب وشير بمعنى حلو اهـ وقيل هو خشبة قصيرة ذات فصوص يلعب بها، وقيل إنما سمى بذلك الاسم لأن واضعه اردشير بن بابك من ملوك الفرس (3) يعني بدل النرد وهو بكسر الكاف قال في النهاية الكعاب فصوص النرد أحدها كعب وكعبة، واللعب بها حرام، وكرهها عامة الصحابة، وقيل ابن مغفل يفعله مع امرأته على غير قمار، وقيل رخص فيه ابن المسبب على غير قمار أيضا اهـ (4) (سنده) حدّثنا مكي ابن إبراهيم ثنا الجعيد عن يزيد بن خصيفة عن حميد بن بشير بن المحرر عن محمد بن كعب عن أبي موسى الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (5) أي من نفع أو ضر (تخريجه) اخرج الطريق الأولى (لك دجه ك قط هق) وسكت عنه أبو داود والمنذري وصححه الحاكم وأقره الذهبي، ولم أقف على من أخرج الطريق الثانية سوى الامام أحمد ورجالها ثقات (قر) (6) (سنده) قال عبد الله بن الامام أحمد قرأ على أبي حدّثنا علي بن عاصم حدثنا إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه) (7) هكذا بالأصل (إياكم وهاتان الكعبتان الخ) وكذا في مجمع الزوائد بألف التثنية وهي للرفع وكان مقتضى القواعد أن يكون (إياكم وهاتين الكعبتين الخ) بالنصب على التحذير ولعله جاء على لغة من يلزم المثنى الألف في جميع الحالات، وهو جائز في لغة بعض العرب، وتقدم أن الكعاب فصوص النرد وأحدها كعب وكعبة وهي موسومة بما فيها من العلامات المعروفة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجال الطبراني رجال الصحيح اهـ (قلت) وفي إسناده عند الإمام أحمد إبراهيم بن مسلم الهجري، قال في التقريب لين الحديث (8) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه (يعني بريدة الأسلمي) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) تقدم الكلام عليه في شرح حديث أبي موسى (10) جاء عند مسلم (فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه) قال النووي ومعنى صبغ يده في لحم الخنزير ودمه في حال أكله منهما وهو تشبيه لتحريم أكلهما، قال وهذا الحديث حجة للشافعي والجمهور في تحريم اللعب بالنرد وقال أبو إسحاق المروزي من أصحابنا يكره ولا يحرم (وأما الشطرنج) فمذهبنا أنه مكروه ليس بحرام وهو مروي عن جماعة من التابعين، وقال مالك وأحمد حرام، قال مالك هو شر من النرد وألهى عن الخير وقاسوه على النرد، وأصحابنا يمنعون القياس ويقولون هو دونه اهـ قال (الشوكاني) قال ابن كثير في

-[ما جاء في اللعب بالشطرن وسماع المزمار وكلام العلماء في ذلك]- (عن عبد الرحمن الخطمي) (1) قال سمعت أبي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول مثل الذي يلعب بالنرد ثم يقوم فيصلي مثل الذي يتوضأ بالقيح ودم الخنزير ثم يقوم فيصلي (2) (باب ما جاء في آلة اللهو والقينات وشرب الخمر) (عن نافع مولى بن عمر) (3) أن ابن عمر رضي الله عنهما سمع صوت زمارة راع فوضع إصبعيه في أذنيه وعدل راحلته عن الطريق وهو يقول يا نافع أتسمع؟ فأقول نعم فيمضي حتى قلت لا، فوضع يديه وأعاد راحلته إلى الطريق وقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع صوت زمارة راع فصنع مثل هذا (4)

_ إرشاده أن أول ظهور الشطرنج في زمن الصحابة وضعه رجل هندي يقال له صصة، قال ورودي البيهقي من حديث جعفر بن محمد عن أبيه أن عليا قال في الشطرنج هو من الميسر، قال ابن كثير وهو منقطع جيد، وروى عن ابن عباس وابن عمر وأبي موسى الأشعري وأبي سعيد وعائشة أنهم كرهوا ذلك، وروى عن ابن عمر أنه شر من النرد كما قال مالك، وحكى في ضوء النهار عن ابن عباس وأبي هريرة وابن سيرين وهشام بن عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وابن جبير أنهم أباحوه، وقد روى في تحريمه أحاديث جاءت عند الديلمي من حديث وائلة وابن عباس وأنس، وعند ابن حزم وعبدان من حديث جميع بن مسلم (كلها تفيد التحريم وأخرج الديلي عن علي مرفوعا يأتي على الناس زمان يلعبون بها ولا يلعب بها إلا كل جبار والجبار في النار، وأخرج ابن أبي شبيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم عن علي كرم الله وجهه أنه قال النرد والشطرنج من الميسر، وأخرج عنه عبد بن حميد أنه قال الشطرنج ميسر العجم وأخرج عنه ابن عساكر أنه قال لا يسلم على أصحاب النردشير والشطرنج، قال ابن كثير والأحاديث المروية فيه لا يصح منها شيء ويؤيد هذا ما تقدم من أن ظهوره كان في أيام الصحابة، وأحسن ما روى فيه ما تقدم عن علي كرم الله وجهه، وإذا كان بحيث لا يخلو أحد اللاعبين من غنم أو غرم فهو من القمار، وعليه يحمل ما قاله على إنه من الميسر، والمجوزون له قالوا أن فيه فائدة، وهي معرفة تدبير الحروب ومعرفة المكايد فأشبه السبق والرمي، قالوا وإذا كان على عوض فهو كمال الرهان وقد تقدم حكمه في أبواب السبق والرهان في آخر كتاب الجهاد، ولا نزاع أنه نوع من اللهو الذي نهى الله عنه، ولا ريب أنه يلزمه أيغار الصدور وتتأثر عنه العداوات وتنشأ منه المخاصمات، فطالب النجدة لنفسه لا يشتغل بما هذا شأنه، وأقل أحواله أن يكون من المشتبهات والمؤمنون وقافون عند الشبهات والله أعلم اهـ (تخريجه) (م د) (1) (سنده) حدّثنا مكي بن إبراهيم ثنا الجعيد عن موسى بن عبد الرحمن الخطمي أنه سمع محمد بن كعب وهو يسأل عبد الرحمن يقول أخبرني ما سمعت أباك يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عبد الرحمن سمعت أبي يقول الخ (غريبه) (2) فيه إشارة إلى التحريم لأن التلوث بالنجاسات من المحرمات وهذا المثيل مبالغة في قبحه وتحريمه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) وزاد لا تقبل صلاته، والطبراني وفيه موسى بن عبد الرحمن الخطمي ولم أعرفه وبقية رجال أحمد رجال الصحيح (باب) (3) (سنده) حدّثنا الوليد (يعني ابن مسلم) حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن سليمان ابن موسى عن نافع مولى ابن عمر الخ (غريبه) (4) قال الامام الخطابي المزمار الذي يصفه ابن عمر رضي الله عنهما هو صفارة الرعاة، قال وهذا وإن كان مكروها فقد دل هذا الصنع على أنه ليس في غلظ الحرمة

-[ما جاء في آلة اللهو والقينات وشرب الخمر]- (عن السائب ابن يزيد) (1) أن امرأة جاءت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عائشة أتعرفين هذه؟ قالت لا يا نبي الله، قال هذه قينة (2) بني فلان تحببن أن تغنيك؟ قالت نعم قال فأعطاها طبقا (3) فغنتها فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد نفخ الشيطان في منخريها (4) (عن أبي أمامة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله بعثني رحمة للعالمين وهدى للعالمين وأمرني ربي عز وجل بمحق المعازف (6) والمزامير والأوثان والصلب وأمر الجاهلية (7) وحلف ربي عز وجل بعزته لا يشرب عبد من عبيدي جرعة من خمر إلا سقيته من الصديد (8) مثلها يوم القيامة مغفور اله أو معذبا، ولا يسقيها صبيا صغيرا ضعيفا مسلما إلا سقيته من الصديد مثلها يوم القيامة مغفورا له أو معذبا: ولا يتركها من مخافتي إلا سقيته من حياض (وفي رواية من حظيرة) القدس يوم القيامة، ولا يجل بيعهن ولا شراؤهن ولا تعليمهن ولا تجارة فيهن وثمنهن (وفي رواية وأكل أثمانهن) حرام يعني الضاربات (وفي رواية المغنيات)

_ كسائر الزمور والمزاهر والملاهي التي يستعملها أهل الخلاعة والمجون، ولو كان كذلك لأشبه أن لا يقتصر في ذلك على سد المسامع فقط دون أن يبلغ فيه من النكير مبلغ الردع والتنكيل والله سبحانه وتعالى أعلم (تخريجه) (د جه) وفي آخره عند أبي داود قال أبو علي اللؤلؤي (هو أحد رواه السنن عن أبي داود) سمعت أبا داود يقول (وهو حديث منكر اهـ). قال صاحب عون المعبود في شرح سنن أبي داود ولا يعلم وجه النكارة بل إسناده قوي وليس بمخالف لرواية الثقات (1) (سنده) حدّثنا مكي ثنا الجعيد عن يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد الخ (غريبه) (2) بفتح القاف وسكون التحتية قال في النهاية القينة الأمة غنت أو لم تغن، والماشطة وكثيرا ما تطلق على المغنية من الإماء، وجمعها قينات (3) قال في القاموس الطبق محركة غطاء كل شيء جمعه أطباق وأطبقة، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم أعطاها طبقا من أمتعة البيت لتضرب به وتغني ومثل هذا الغناء لا يكون محظورا لخلوه من التكسر والأمور المهيجة بل من الكلام المباح كما تقدم في كتاب النكاح من غناء الجواري بقولهن (أتيناكم أتيناكم فحيو ناحييكم) ونحو ذلك، وإلا لما أقرها النبي صلى الله عليه وسلم على ذلك (4) معناه والله أعلم أن الشيطان زين لها الغناء فاسترسلت فيه بنشاط وغير ملل (تخريجه) (طب) ورجاله ثقات (5) (سنده) حدثنا الهاشم بن القاسم ثنا الفرج ثنا على بن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن بن أبي أمامة (يعني الباهلي) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) بالعين المهملة والزاي بعدها فاء جمع معزفة بفتح الزاي وهي آلات الملاهي ويطلق على الغناء عزف وعلى كل لعب عزف، ومحقها إزالتها ومحوها وإبطال العمل بها هي وما عطف عليها (والمزامير) جمع زمارة قال في القاموس والزمارة كجبانة ما يزمر به كالمزمار (والأوثان) جمع وثن وهي التي كانت تعبد في الجاهلية (والصلب) جمع صليب كبريد وبرد، وهو صليب النصارى المعروف (7) هو ما كان عليه أهل الجاهلية من العوائد القبيحة التي حرمها الإسلام (8) جاء في رواية عند الطبراني من حديث ابن عباس (ومدمن الخمر حقا على الله أن يسقيه من نهر الخبال، قيل يا رسول الله وما نهر الخبال؟ قال صديد أهل النار، وفي رواية من حديث جابر عند مسلم (وأن عند الله عهدا لمن يشرب المسكر أن يسقيه من طينة الخبال، قالوا يا رسول الله وما طينة الخبال، قال عرق أهل النار (أو عصارة أهل النار) (تخريجه) (طل) وروى الترمذي منه الجزء المختص بالمغنيات وفي إسناده على

-[وعيد من اتخذ القينات وشرب الخمر وبات على لعب ولهو بالخسف والمسخ]- (حدثنا سيار بن حاتم) (1) ثنا جعفر قال أتيت فرقداً (2) يوماً فوجدته خاليا فقلت يا ابن أم فرقد لأسألنك اليوم عن هذا الحديث، فقلت أخبرني عن قولك في الخسف والقذف (3) أشيء تقوله أنت أو تأثره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال لا بل آثره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت ومن حدثك؟ قال حدثني عاصم بن عمرو البجلي عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم وحدثني قتادة عن سعيد بن المسيب، وحدثني به إبراهيم النخعي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تبيت طائفة من أمتي على أكل وشرب ولهو ولعب ثم يصبحون قردة وخنازير (4) فيبعث على أحياء من أحيائهم ريح فتنسفهم كما نسفت من كان قبلهم باستحلالهم الخمور وضربهم بالدفوف (5) واتخاذهم القينات (عن عبادة بن الصامت) (6) وعبد الرحمن بن غنم وأبي أمامة وابن عباس رضي الله عنهم عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال والذي نفسي بيده ليبيتن ناس من أمتي على أشر (7) وبطر ولعب ولهو فيصبحوا قردة وخنازير باستحلالهم المحارم والقينات وشربهم الخمر وأكلهم الربا ولبسهم الحرير

_ ابن يزيد الألهافي ضعيف وبقية رجاله ثقات (1) (حدثنا سيار بن حاتم الخ) (غريبه) (2) هو ابن يعقوب السبخي بفتح المهملة والموحدة بخاء معجمة (3) القذف هنا معناه الرمي بشدة يشير إلى نسف الرياح إياهم كما في آخر الحديث (4) أي يمسخهم الله ويجعلهم على صورة القردة والخنازير، والمسخ قلب الخلقة من شيء إلى شيء، وذلك بكفرهم باستحلال ما حرم الله وليس ذلك ببعيد، فقد مسخ الله طائفة من بني إسرائيل فجعل منهم القردة والخنازير بكفرهم وذلك بنص القرآن (5) يريد الدفوف التي لها جلاجل ورنين يطرب السامع، بخلاف الدفوف العربية فإنها لا جلاجل لها ويجوز الضرب بها في النكاح ونحوه وتقدم الكلام على ذلك (تخريجه) أورده صاحب المنتقى وقال رواه أحمد وفي إسناده فرقد السبخي قال أحمد ليس بقوي، وقال ابن معين هو ثقة، وقال الترمذي تكلم فيه يحيى بن سعيد وقد روى عنه الناس (ز) (6) (سنده) قال عبد الله بن الإمام أحمد حدّثنا إسحاق بن منصور الكوسج أنا الفضل بن دكين ثنا صدقة بن موسى عن فرقد السبخي ثنا أبو منيب الشامي عن أبي عطاء عن عبادة بن الصامت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحدثني شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وحدثني عاصم بن عمرو البجلي عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وحدثني عاصم بن عمرو البجلي عن أبي أمامة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وحدثني سعيد بن المسيب أو حدثت عنه عن ابن عباس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) الأشر البطر وقيل أشد البطر، والبطر الطغيان عند النعمة وطول الغنى (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب بصيغة التمريض وقال رواه عبد الله بن الأمام أحمد في زوائده اهـ (قلت) هذا الحديث وأن أشار المنذري إلى ضعفه فله شاهد يؤيده عن عمران بن حصين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في هذه الأمة خسف ومسخ وقذف، قال رجل من المسلمين يا رسول متى ذلك؟ قال إذا ظهرت القينات والمعازف وشربت الخمور، أورده المنذري أيضا وقال رواه الترمذي من روايات عبد الله بن عبد القدوس وقد وثق وقال حديث غريب وقدروي عن الأعمش عن عبد الله بن سابط مرسلا، وله شاهد آخر عن أبي مالك الأشعري أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يشرب ناس من أمتي الخمر يسمونها بغير اسمها يضرب على رؤوسهم بالمعازق والقينات يخسف الله بهم الأرض ويجعل الله منهم القردة والخنازير، أورده المنذري أيضا وقال رواه ابن ماجه

كتاب اللباس

-[(كتاب اللباس) استحباب النظافة في اللباس والبدن]- (52) (كتاب اللباس والزنية) 1 (باب ما جاء في النظافة وإظهار نعمة الله باللباس الحسن وما يستحب لبسه) (عن جابر ابن عبد الله) (1) قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم زائرا في منزلنا فرأى رجلا شعثا (2) فقال أما كان يجد هذا ما يسكن (3) به رأسه، ورأى رجلا عليه ثياب وسخة فقال أما كان يجد هذا ما يغسل به ثيابه 2 (عن أبي الدرداء) (4) عن ابن الحنظلية قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنكم قادمون على إخوانكم (5) فأصلحوا رحالكم وأصلحوا لباسكم (6) فإن الله عز وجل لا يحب الفحش

_ وابن حبان في صحيحه (هذا) وأحاديث الباب تدل على تحريم الغناء مع آلة اللهو وبدونها، وإلى ذلك ذهب الجمهور، وذهب أهل المدينة ومن وافقهم من علماء الظاهر وجماعة من الصوفية إلى الترخيص في السماع ولو مع العود وغيره من آلة اللهو، وقد وضح جماعة من أهل العلم في تحريم ذلك مصنفات ولكنه ضعفها جميعا بعض أهل العلم حتى قال ابن حزم أنه لا يصح في الباب حديث أبداً (واختلف المجوزون) فمنهم من قال بكراهته، ومنهم من قال باستحبابه، قالوا لكونه يرق القلب ويهيج الأحزان والشوق إلى الله (قال المجوزون) أنه ليس في كتاب الله ولا في سنة رسولا ولا في معقولهما من القياس والاستدلال ما يقتضي تحريم مجرد سماع الأصوات الطيبة الموزونة مع آلة من الآلات، وقد أتى الشوكاني رحمه الله بحجج الفريقين وما روى في الجواز والتحريم عن الصحابة والتابعين وتابعيهم وأطال في ذلك ثم قال وإذا تقرر جميع ما حررناه من حجج الفريقين فلا يخفى على الناظر أن محل النزاع إذا خرج عن دائرة الحرام لم يخرج عن دائرة الاشتباه، والمؤمنون وقافون عند الشبهات كما صرح به الحديث الصحيح (ومن تركها فقد استبرأ لعرضه ودينه ومن حام حول الحي يوشك أن يقع فيه) ولاسيما إذا كان مشتملا على ذكر القدود والخدود والجمال والدلال والهجر والوصال ومعاقرة العقار وخلع العذار والوقار، فإن سامع ما كان كذلك لا يخلو عن بلية وإن كان من التصلب في ذات الله على حد يقصر عنه الوصف، وكم لهذه الوسيلة الشيطانية من قتيل دمه مطول، وأسير بهموم غرامه وهيامه مكبول، نسأل الله السداد والثبات ومن أراد الاستيفاء للبحث في هذه المسألة فعلية بالرسالة التي سميتها إبطال دعوى الإجماع على تحريم مطلق السماع اهـ (باب) (1) (سنده) حدثنا مسكين بن بكير ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية عن محمد بن المنكدر عن جابر الخ (غريبه) (2) بفتح أوله وكسر ثانيه أي مفرقا شعره (3) من التسكين أي ما يلم شعثه ويجمع تفرقه فعبر بالتسكين عنه (تخريجه) (دنس) وسكت عنه أبو داود والمنذري وفيه الحث على نظافة الشعر والثوب (4) هذا طرف من حديث طويل تقدم أوله بسنده في باب استحباب الخيلاء في الحرب من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 57 رقم 187 وسيأتي بطوله في باب مناقب سهل بن الحنظلية من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى، وابن الحنظلية هو سهل بن الربيع ابن عمرو، ويقال سهل بن عمرو أنصاري حارثي سكن الشام، والحنظلية أمه وقيل هي أم جده وهي من بني حنظلة من تميم (غريبه) (5) أي داخلون عليهم والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك حين دخولهم بلادهم من السفر والله أعلم (6) زاد في رواية أبي داود (حتى تكونوا كأنكم شامة في الناس) فإن الله عز وجل الخ (وقوله كأنكم شامة) بتخفيف الميم وهي الخال أي كالأمر المتبين الذي يعرفه كل من

-[من آتاه مالا فليصلح لباسه وهيئته- واستحباب لبس الأبيض]- ولا التفحش (1) (عن أبي الأحوص) (2) عن أبيه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى شملة أو شملتان (وفي رواية فرآني رث الهيئة) فقال لي هل لك من مال؟ قلت نعم، قد آتاني الله عز وجل من كل ماله من خيله وإبله وغنمه ورقيقه، قل فإذا آتاك الله مالا فلير عليك نعمته، فرحت إليه في حلة (وفي لفظ) (3) فغدوت عليه في حلة حمراء (عن أبي رجاء العطاردي) (4) قال خرج علينا عمران بن حصين وعليه مطرف (5) من خز لم نره عليه قبل ذلك ولا بعده، فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أنعم الله عز وجل عليه نعمة فإن الله عز وجل يحب أن يرى أثر نعمته على خلقه (وفي لفظ على عبده) (عن سمرة ابن جندب) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البسوا من ثيابكم البياض وكفنوا فيها موتاكم (وعن ابن عباس) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، وفيه ألبسوا من ثيابكم البياض (عن ابن عمر) (8) قال رأى النبي صلى الله عليه وسلم على عمر ثوبا أبيض فقال أجديد ثوبك أم غسيل فقال فلا أدري ما رد عليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم البس جديدا وعش حميداً ومت شهيداً، أظنه قال ويرزقك الله قرة عين في الدنيا والآخرة (باب ما جاء في الإزار والقميص وآداب تتعلق بذلك) (عن أبي هريرة) (9) قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم إزرة المؤمن من أنصاف الساقين (10)

_ يقصده، إذ العادة دخول الإخوان على القادم قصدا لزيارته (1) أي تكلف الفحش وتعمده (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري (2) (سنده) حدثنا يزيد أنا شريك بن عبد الله عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص عن أبيه الخ (قلت) أبوه مالك بن نضلة الصحابي رضي الله عنه (3) هذا اللفظ جاء في طريق أسود بن عامر قال الإمام أحمد حدثنا أسود بن عامر قال ثنا شريك فذكر بإسناده يعني المتقدم ومعناه قال فغدوت إليه في حلة حمراء (تخريجه) (دنس) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح (4) حدثنا روح ثنا شعبة عن الفضيل بن فضالة رجل من قيس ثنا أبو رجاء العطاردي الخ (غريبه) (5) المطرف بكسر الميم وفتحه وضمها الثوب، الذي في طرفيه علمان والميم زائدة (من خز) قال في النهاية المعروف أولا ثياب تنسج من صوف وابريسم وهي مباحة وقد ألبسها الصحابة والتابعون فيكون النهي عنها لأجل التشبه بالعجم وزي المترفين، وأن أريد بالخز النوع الآخر وهو المعروف الآن فهو حرام لأن جميعه معمول من الابريسم (يعني الحرير) وعليه يحمل الحديث الآخر (قوم يستحلون الخز والحرير) اهـ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجال أحمد ثقات (6) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب استحباب إحسان الكفن من كتاب الجنائز في الجزء السابع صحيفة 171 رقم 127 (7) تقدم أيضا بسنده وشرحه وتخريجه كالذي قبله في الباب المشار إليه فارجع إليه (8) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه ابن ماجه باختصار قرة العين، روه (حم طب) وزاد بعد قوله ويرزقك الله قرة عين في الدنيا والآخرة، قال وإياك يا رسول الله، ورجالهما رجاله الصحيح (باب) (9) (سنده) حدثنا يزيد أنا محمد بن عمرو عن عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة قال أبي وهو العلاء بن عبد الرحمن قال قال أبو هريرة قال أبو القاسم الخ (غريبه) (10) جاء بلفظ

-[ما جاء في الإزار والقميص وآداب تتعلق باللباس]- فأسفل من ذلك إلى ما فوق الكعبين، فما كان من أسفل من ذلك ففي النار (عن ابن عمر) (1) قال ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإزار فهو في القميص (2) (عن أم سلمة) (3) زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لم يكن ثوب أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قميص (4) (عن أبي هريرة) (5) قال قال رسول الله إذا لبستم وإذا توضأتم فابدءوا بأيامنكم (وفي رواية) بميامنكم (وعنه أيضا) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبستين الصماء وأن يحتبي الرجل بثوبه ليس على فرجه منه شي، (عن ابر بن عبد الله) (7) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ترتدوا الصماء في ثوب واحد ولا يأكل أحدكم بشماله

_ آخر عن أبي هريرة أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إزرة المؤمن إلى عضلة ساقيه، ثم إلى نصف ساقيه، ثم إلى كعبيه، فما كان أسفل من ذلك في النار) قال في النهاية والعضلة (بالتحريك (في البدن كل لحمة صلبة مكتنزة ومنه عضلة الساق اهـ والمعنى أته يجوز جعل الإزاء إلى عضلة الساق تحت الركبة ثم إلى أسفل منه بحيث لا يجاوز الكعبين فما جاوز الكعبين فهو في النار (تخريجه) (نس) وللبخاري منه (ما أسفل من الكعبين من الإزار ففي النار) (1) (سنه) حدثنا إبراهيم حدثنا ابن مبارك عن أبي الصباح الأيلى قال سمعت يزيد بن أبي سمية يقول سمعت ابن عمر يقول ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) معناه أنه ما توعد به رسول الله صلى الله عليه وسلم في إسبال الإزار فهو في القميص أيضا، فيحرم ما كان منه أسفل من الكعبين، وهذا استنباط صحيح من ابن عمر، ويحتمل أنه مرفوع بالمعنى (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري (3) (سنده) حدثنا أبو تميلة يحيى بن واضح قال أخبرني عبد المؤمن بن خالد ثنا عبد الله بن بريدة عن أمه عن أم سلمة الخ (غريبه) (4) إنما كان لبس القميص أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه أمكن في الستر من الرداء والإزار اللذين يحتاجان كثيرا إلى الربط والإمساك وغير ذلك بخلاف القميص، ويحتمل أن يكون المراد من أحب الثياب إليه القميص لأنه يستر عورته ويباشر جسمه فهو شعار الجسد، بخلاف ما يلبس فوقه من الدثار، ولا شك أن كل ما قرب من الإنسان كان أحب إليه من غيره، ولهذا شبه النبي صلى الله عليه وسلم الأنصار بالشعار الذي يلي البدن بخلاف غيرهم فإنه شبههم بالدثار، وإنما سمي القميص لأن الآدمي يتقمص فيه أي يدخل فيه ليستره، وفي حديث المرجوم أنه يتقمص في أنهار الجنة أي ينغمس فيها (تخريجه) (د مذنس) وقال الترمذي حسن غريب إنما نعرفه من حديث عبد المؤمن بن خالد تفرد به وهو مروزي، وروى بعضهم هذا الحديث عن أبي تميلة عن عبد المؤمن ابن خالد عن عبد الله بن بريدة عن أمه عن أم سلمة قال وسمعت محمد بن إسماعيل يقول حديث عبد الله ابن بريدة عن أمه عن أم سلمة أصح اهـ (يعني حديث الباب) وقال المنذري عبد المؤمن هذا قاضي مرو لا بأس به وأبو تميله يحيى بن واضح أدخله البخاري في الضعفاء ووثقه ابن معين اهـ (5) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب البداءة باليمين من أبواب الوضوء في الجزء الثاني صحيفة 5 رقم 219 وجاء عند الترمذي عن أبي هريرة أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا لبس قميصا بدأ بميامنه وصححه ابن عبد البر (6) تقدم أيضا بسنده وشرحه وتخريجه في باب كراهة اشتمال الصماء من أبواب ستر العورة في كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 98 رقم 390 (7) تقدم أيضا بسنده وشرحه وتخريجه كالذي قبله في الباب المشار إليه صحيفة 99 رقم 391.

-[ما جاء في النعال ولبسها وآداب تتعلق بذلك]- ولا يمش في نعل واحد ولا يحتب في ثوب واحد (باب) ما جاء في النعال ولبسها وآداب تتعلق بذلك) (عن نافع أن ابن عمر) (1) كان يلبس السبتية (2) ويتوضأ فيها وذكر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله (عن جابر) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في غزوة غزاها استكثروا من النعال فإن الرجل لا يزال راكبا (4) ما انتعل (عن أبي أمامة) (5) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على مشيخة من الأنصار بيض لحاهم فقال يا معشر الأنصار حمروا (6) وصفروا وخالفوا أهل الكتاب، قال فقلنا يا رسول الله أن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأزرون، (7) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسرولوا أو ائتزروا وخالفوا أهل الكتاب، قال فقلنا يا رسول الله إن أهل الكتاب يتخففون ولا ينتعلون (8) قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم فتخففوا وانتعلوا وخالفوا أهل الكتاب، قال فقلنا يا رسول الله إن أهل الكتاب يقصون عثانينهم (9) ويوفرون سبالهم، قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم قصوا أسبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا أهل الكتاب (عن أنس بن مالك) (10) قال كانت نعال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبالان (11) (عن أبي هريرة) (12) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا انتعل أحدكم

_ باب (1) (سنده) حدثنا وكيع ثنا العمري عن سعيد المقتري ونافع ابن عمر الخ (غريبه) (2) بكسر السين المهملة وسكون الموحدة يعني النعال السبتية، قال في النهاية السبت بالكسر جلود البقرة المدبوغة يتخذ منها النعال، سميت بذلك لأن شعرها قد سبت عنها أن حلق وأزيل، وقيل لأنها انسبتت بالدباغ (وقال أيضا) إنما اعترض عليه لأنها نعال أهل النعمة والسعة، ورواية مالك (فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيه شعر) (تخريجه) (ق لك) من وجه آخر مطولا وسيأتي مطولا للإمام أحمد أيضا في باب فتاوى ابن عمر من مناقبه في كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (3) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله) الخ (غريبه) (4) معناه كأنه في حكم الراكب من عدم إيذاء الأرض لقدميه بحرها أو بردها أو هوامها ونحو ذلك والله أعلم (تخريجه) (م د نس) (5) (سنده) حدثنا زيد بن يحيى حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر حدثني القاسم قال سمعت أبا أمامة يقول خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أي غيروا الشيب بالحناء والكتم (وصفروا) أي بالورس والزعفران (7) يعني يلبسون السراويل ولا يلبسون الأزر (8) أي يلبسون الخفاف جمع خف ولا يلبسون النعال جمع نعل (9) جمع عثنون وهي اللحية (ويوفرون سبالهم) جمع سبلة بالتحريك الشارب، والمعنى أن اليهود كانوا يقصون لحالهم ويتركون شواربهم كما يفعله السواد الأعظم من الناس الآن في زمننا هذا حتى بعض العلماء فلا حول ولا قوة إلا بالله (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد، وفي الصحيح طرق منه، ورجال أحمد رجال الصحيح خلا القاسم وهو ثقة وفيه كلام لا يضر (10) (سنده) حدّثنا يزيد أنا همام بن يحيى عن قتادة عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (11) بكسر أوله تثنية قبال ككتاب زمام النعل وهو السير الذي يكون بين إصبعي الرجل الوسطى والتي تليها، ومجمع السير إلى السير الذي على وجه قدمه هو الشراك (تخريجه) (خ، والأربعة) (12) (سنده) حدثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن معمر عن محمد بن زياد عن أبي هريرة الخ (غريبه)

-[آداب تتعلق بلبس النعل والخلف]- فليبدأ بيمينه، وإذا خلع فليبدأ بشماله، وقال انعلهما جميعا، زاد في رواية وإذا انقطع شسع (1) أحدكم فلا يمش في نعل واحد، ليحفهما جميعا أو ينعلهما جميعا (وعنه أيضا) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انتعل أحدكم فليبدأ باليمين، وإذا نزع فليبدأ بالشمال، ولتكن اليمين أولهما تنعل وآخرهما تنزع (وعنه أيضا) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات (4) وإذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في نعله الأخرى حتى يصلحها (خط) (عن ابن عباس) (5) أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يمشي في خف واحدة أو نعل واحدة

_ (1) بكسر المعجمة وسكون المهملة، قال في النهاية الشسع أحد سيور النعل وهو الذي يدخل بين الاصبعين ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام، والزمام السير الذي يعقد فيه الشسع وإنما نهى عن المشي في نعل واحدة لئلا تكون إحدى الرجلين أرفع من الأخرى ويكون سببا للعثار ويقبح في النظر ويعاب فاعله (تخريجه) أخرج الجزء الأول منه (م دجه) وأخرج الزيادة (ق دمذ) (2) (سنده) حدثنا إسحاق قال أنا مالك عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (خ د مذ) (3) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) تقدم شرح هذه الجملة في باب ما جاء في سؤر الكلاب من كتاب الطهارة في الجزء الأول صحيفة 219 (تخريجه) الحديث سنده صحيح ورجاله من رجال الصحيحين، وروى مسلم منه الجزء الخاص بالشسع وأخرجه (م دنس) من حديث جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انقطع شسع أحدكم فلا يمش في نعل واحدة حتى يصلح شعسه ولا يمش في خف واحد ولا يأكل بشماله (5) (خط) (سنده) (قال عبد الله بن الامام أحمد) وكان في كتاب أبي عن عبد الصمد عن أبيه الحسين يعني ابن ذكوان عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يمشي في خف واحد أو نعل واحدة، وفي الحديث كلام كثير غير هذا فلم يحدثنا به، ضرب عليه في كتابه فظنت أنه ترك حديثه من أجل أنه روى عن عمرو بن خالد الذي يحدث عن زيد بن علي، وعمرو بن خالد لا يساوي شيئا، هذا آخر كلام عبد الله بن الأمام أحمد كما جاء في الأصل، وهو يفيد أن الإمام أحمد رحمه الله ضرب على هذا الحديث من أجل أن الحسين بن ذكوان روى عن عمرو بن خالد يعني القرشي مولى بني هاشم فيما ظنه عبد الله بن الإمام أحمد وقد قال فيه الإمام أحمد كما في التهذيب كذاب، يروى عن زيد بن علي عن آبائه أحاديث موضوعة اهـ (قلت) وهذا لا يؤثر في عدالة الحسين بن ذكوان فهو ثقة من رجال الكتب الستة، وثقه بن معين وأبو حاتم، على أن حديث الباب ليس من رواية ابن ذكوان عن عمرو بن خالد، ومجرد روايته عن عمرو بن خالد لا تعد طعنا فيه، فكم من ثقات كبار رووا عن ضعفاء، وعلى هذا فحديث الباب صحيح ويؤيده ما قبله (تخريجه) قال الهيثمي رواه الطبراني وعبد الله بن أحمد وجادة عن كتاب أبيه وقال ضرب عليه أبي ولم يحدثنا به ورجال أحمد رجال الصحيح، وكذا رجال الطبراني إلا أن عبد الله نقل عن أبيه أنه ضرب على الحديث من أجل الحسن بن ذكوان قلت وهو من رجال الصحيح اهـ هكذا جاء في مجمع الزوائد الحسن بن ذكوان بدل الحسين والظاهر أنه خطأ مطبعي والصواب الحسين كما في المسند لأن نسخة الزوائد فيها أخطاء كثيرة والله أعلم

-[ما جاء في العمامة والسراويل وحلل الحبرة]- (باب ما جاء في العمامة والسراويل وحلل الحبرة) (عن جابر) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء (عن جعفر بن عمرو بن حريث) (2) عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء (3) (عن سويد بن قيس) (4) قال جلبت أنا ومخرمة العبدي (رضي الله عنه) ثيابا من هجر قال فأتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فساومنا في سراويل وعندنا وزانون يزنون بالأجر فقال للوزان زن وأرجح (عن قتادة) (5) قال قلت لأنس أي اللباس كان أعجب (وفيه رواية) أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحبرة (6) (حدثنا هشيم) (7) أنبأنا يونس عن الحسن أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أراد أن ينهى عن متعة الحج فقال له أبي (يعني ابن كعب) ليس ذاك لك قد تمتعنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينهنا عن ذلك، فأضرب عن ذلك عمر (8) وأراد أن ينهى عن حلل الحبرة لأنها تصبغ بالبول (9) فقال له أبي ليس ذلك

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد أنا أبو الزبير عن جابر (يعني بن عبد الله) أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م. والأربعة) (2) (سنده) حدثنا وكيع ثنا مساور الوراق عن جعفر ابن عمرو بن حريث عن أبيه الخ (غريبه) (3) جاء عند أبي داود بلفظ (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر وعليه عمامة سوداء قد أرخى طرفها بين كتفيه) فزاد أنه صلى الله عليه وسلم أرخى طرفها بين كتفيه (تخريجه) قال المنذري رواه (م. والأربعة) وقد استدل على ترك الذؤابة ابن القيم في الهدى بحديث جابر المتقدم فقد جاء بدون ذكر الذؤابة، قال فدل على أن الذؤابة لم يكن يرخيها دائما بين كتفيه، وقد يقال إنه دخل مكة وعليه أهبة القتال والمغفر على رأسه فلبس في كل موطن ما يناسبه اهـ وفيه دلالة أيضا على مشروعية العمامة السوداء، وحديث عمرو بن حريث يدل على جواز إرسال طرف اهـ وفيه دلالة أيضا على مشروعية العمامة السوداء، وحديث عمرو بن حريث يدل على جواز إرسال طرف العمامة بين الكتفين (قال النووي) في شرح المهذب يجوز لبس العمامة بإرسال طرفها وبغير إرساله ولا كراهة في واحد منهما، ولم يصح في النهي عن ترك إرسالها شيء، وإرسالها إرسالا فاحشا كإرسال الثوب يحرم للخيلاء ويكره لغيره اهـ (4) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الأمر بالكيل والوزن من كتاب البيوع في الجزء الخامس عشر صحيفة 49 فارجع إليه وهو حديث صحيح رواه الأربعة وصححه الترمذي وتقدم حديث أبي أمامة في الباب السابق وفيه فقلنا يا رسول الله أن أهل الكتاب يتسرولون ولا يأتزرون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسرولوا وخالفوا أهل الكتاب، وفيه مشروعية لبس السراويل والازار للأمر بذلك (5) (سنده) حدّثنا بهز وعفان قال ثنا همام ثنا قتادة قال قلت لأنس (يعني ابن مالك) الخ (غريبه) (6) قال الجوهري الحبرة كعنبة برد يمان يكون من كتان أو قطن سميت حبرة لأنها محبرة أي مزينة والتحبير التزيين والتحسين والتخطيط، ومنه يحدث أبي ذر (الحمد لله الذي أطعمنا الخمير وألبسنا الحبير، وإنما كانت الحبرة أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه ليس فيها كثير زينة ولأنها أكثر احتمالا للوسخ من غيرها (تخريجه) (ق، والثلاثة) (7) (حدثنا هشيم الخ) (غريبه) (8) أي ترك النهي عنه (9) الظاهر أنهم كانوا يضيفون شيئا من البول إلى ما يصبغ به لمصلحة في ذلك فعفى عنه للضرورة، هذا إذا صح الحديث وسيأتي الكلام عليه في التخريج والله أعلم (تخريجه) أورده

-[ما يقول من استجد ثوبا]- لك قد لبسها النبي صلى الله عليه وسلم ولبسناهن في عهده (باب ما يقول من استجد ثوبا) (عن عمر ابن الخطاب) (1) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استجد ثوبا فلبسه فقال حين يبلغ ترقرته (2) الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي ثم عمد إلى الثوب الذي أخلق (3) أو قال ألقى فتصدق به كان في ذمة الله تعالى وفي جوار الله وفي كنف الله (4) حيا وميتا حيا وميتا حيا وميتا (ز) (عن أبي مطر البصري) (5) وكان قد أدرك عليا رضي الله عنه أن عليا اشترى ثوبا بثلاثة درهم فلما لبسه قال الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس وأواري به عورتي ثم قال هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (وعن أبي مطر أيضا) (6) أنه رأى عليا رضي الله عنه أتى غلاما حدثا فاشترى منه قميصا بثلاثة دراهم ولبسه إلى ما بين الرسغين (7) إلى الكعبين يقول ولبسه الحمد لله الذي رزقني من الرياش (8) ما أتجمل به في الناس وأواري

_ الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن الحسن لم يسمع من عمر باب (1) (سنده) حدّثنا يزيد أنبأنا أصبغ عن أبي العلاء الشامي قال لبس أبو أمامة (يعني الباهلي) ثوبا جديدا فلما بلغ ترقوته قال الحمد لله الذي كساني ما أواري به عورتي وأتجمل به في حياتي ثم قال سمعت عمر بن الخطاب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) بفتح أوله وسكون الراء وضم القاف بعدها واو وتاء مفتوحتين وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق وهما ترقوتان من الجانبين (3) أي الذي أبلاه (أو قال ألقى) أو للشك من الراوي، وألقى أي ترك لبسه (4) أي حفظه ورعايته وكرر حيا وميتا للتأكيد (تخريجه) (مذ جه) كلاهما من طريق يزيد بن هارون وقال الترمذي هذا حديث غريب وقد رواه يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامه اهـ (قلت) رواية يحيى بن أيوب جاءت عند الحاكم من طريق عبد الله بن المبارك عن يحيى وقال هذا حديث لم يحتج الشيخان بإسناده ولم أذكر أيضا في هذا الكتاب مثل هذا، على أنه حديث تفرد به إمام خراسان عبد الله بن المبارك عن أئمة أهل الشام اهـ (قلت) وسكت عنه الذهبي (5) (ز) (سنده) حدثني سويد بن سعيد حدثنا مروان الفزاري عن المختار بن نافع حدثني أبو مطر البصري وكان قد أدرك عليا الخ (تخريجه) الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه وفي إسناده المختار بن نافع، قال البخاري والنسائي وأبو حاتم منكر الحديث، وفي إسناده أيضا أبو مطر الجهني البصري، قال الحافظ في تعجيل المنفعة قال أبو حاتم مجهول تركه حفص بن غياث وقال أبو زرعة لا يعرف اسمه (6) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد حدثنا مختار بن نافع التمار عن أبي مطر أنه رأى عليا الخ (غريبه) (7) بالسين المهملة وفي لغة بالصاد المهملة بدل السين وهو مفصل ما بين الكف والساعد (8) الرياش ما ظهر من اللباس كاللبس واللباس وقيل الرياش جمع الريش (نه) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى إلا أنه قال كنت مع علي فانتهينا إلى السوق الكبير فتوسم منهم فقال يا شيخ أحسن بيعتي في قميص بثلاثة دراهم، قال نعم يا أمير المؤمنين، فلما عرفه لم يشتر منه شيئا وأتى غلاما حدثا والباقي بنحوه، وفي رواية كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا لبس ثوبا جديداً، وفيه مختار بن نافع وهو ضعيف اهـ (قلت)

-[ما جاء في الأسود والأخضر]- به عورتي، فقيل هذا شيء تروية عن نفسك أو عن نبي الله صلى الله عليه وسلم؟ قال هذا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عند الكسوة الحمد لله الذي رزقني من الرياش ما أتجمل به في الناس وأواري به عورتي صلى الله عليه وسلم (عن أبي سعيد الخدري) (1) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استجد ثوبا سماه باسمه (2) قميصا أو عمامة ثم يقول اللهم لك الحمد أنت كسوتنيه أسألك من خيره وخير ما صنع له، وأعوذ بك من شره وشر ما صنع له (باب ما جاء في الأسود والأخضر والمزعفر والملونات) (عن مطرف عن عائشة) (3) رضي الله عنها أنها جعلت للنبي صلى الله عليه وسلم بردة سوداء من صوف فذكر سوادها وبياضه فلبسها فلما عرق وجد ريح الصوف قذفها (4) وكان يحب الريح الطيبة (وعن أبي رمشة التيمي) (5) قال كنت مع أبي فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فوجدناه جالسا في ظل

_ وفيه أيضا أبو مطر البصري وتقدم الكلام عليهما في الحديث السابق والله أعلم (1) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد قال ثنا ابن مبارك عن سعيد الجريري عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (2) أي سماه باسمه المتعارف (قميصا أو عمامة) زاد الترمذي (أو رداءا) ويقاس عليه غيره كالخف ونحوه والمقصود التعميم، فالتخصيص للتمثيل بأن يقول رزقني الله أو أعطاني أو كساني هذه العمامة أو القميص أو الرداء، وأو للتنويع، أو يقول هذا قميص أو رداء أو عمامة (أسألك من خيره الخ) ولفظ الترمذي (أسألك خيره) وهو أي لفظ الترمذي أعم وأجمع لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعائشة عليك بالجوامع الكوامل (اللهم إني أسألك الخير كله) ولفظ الإمام أحمد أنسب، لما فيه من المطابقة لقوله في آخر الحديث وأعوذ بك من شره، وخير الثوب بقاؤه ونقاؤه وكونه ملبوسا للضرورة والحاجة، وخير ما صنع له هو الضرورات التي من أجلها يصنع اللباس في الحر والبرد وستر العورة، والمراد سؤال الخير في هذه الأمور وأن يكون مبلغا إلى المطلوب الذي صنع لأجله الثوب في العون على العبادة والطاعة لمولاه، وفي الشر عكس هذه المذكورات وهو كونه حراما ونجسا لا يبقى زمانا طويلا أو يكون سببا للمعاصي والشرور والافتخار والعجب والغرور وعدم القناعة بثوب الدون وأمثال ذلك والله أعلم (تخريجه) (دمذ نس) وحسنه الترمذي وسكت عنه أبو داود، ونقل المنذري تحسين الترمذي وأقره، وأخرج الحاكم في المستدرك عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما اشترى عبد ثوبا بدينار أو بنصف دينار فحمد الله إلا لم يبلغ ركبتيه حتى يغفر الله له) وقال حديث لا أعلم في إسناده أحد ذكر بجرح اهـ وأحاديث الباب تدل على استحباب حمد الله تعالى عند لبس الثوب الجديد والله أعلم (باب) (3) (سنده) حدثنا عفان ثنا همام قال ثنا قتادة عن مطرف عن عائشة الخ (غريبه) (4) أي رماها وترك لبسها من أجل ريحها الكريهة لأنه صلى الله عليه وسلم كان يحب الريح الطيبة (تخريجه) (دنس) وسكت عنه أبو داود والمنذري، وروى مسلم والترمذي عن عائشة أيضا (قالت خرج النبي صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط مرحل من شعر أسود) المرط بكسر الميم وسكون الراء المهملة كساء من صوف أوخز والجمع مروط كذا في القاموس (وقول مرحل) بضم الميم ثم راء مفتوحة بعدها حاء مهملة مشددة كمعظم وهو برد فيه تصاوير قال النووي والمراد تصاوير رحال الإبل ولا يأس بهذه الصورة اهـ وسيأتي الكلام على حكم ما فيه صورة قريبا، وهذان الحديثان بدلان على أنه لا كراهة في لبس الأسود (5) (سنده)

-[ما جاء في الأصفر والتضمخ بالزعفران وكلام العلماء في ذلك]- الكعبة وعليه بردان أخطران (عن أنس بن مالك) (1) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزعفر الرجل (2) (عن يحيى بن يعمر) (3) أن عمارا قال قدمت على أهلي ليلا وقد تشققت يداي (4) فضمخوني بالزعفران فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم سلمت عليه فلم يرد علي ولم يرحب بي فقال اغسل هذا، قال فذهبت فغسلته ثم جئت وقد بقى علي منه شيء فسلمت عليه فلم يرد علي ولم يرحب بي وقال اغسل هذا عنك، فذهبت فغسلته ثم جئت فسلمت عليه فرد علي ورحب بي وقال إن الملائكة لا تحضر جنازة الكافر (5) ولا المتضمخ بزعفران ولا الجنب ورخص للجنب إذا نام أو أكل أو شرب أن يتوضأ (عن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر) (6) أنه كان يصبغ ثيابه

_ حدّثنا وكيع ثنا سفيان عن أياد بن لقيط السدوسي عن أبي رمثه التيمي الخ (قلت) ويقال التميمي فمن قال التيمي نسبه لتيم الرباب، ومن قال التميم نسبه لولد امرئ القيس زيد بن مناة بني تميم (تخريجه) (دمذ) والنسائي مختصرا ومطولا، وقال الترمذي حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عبيد الله بن أياد، قال الشوكاني وعبيد الله (يعني ابن أياد) وأبو ثفتان وأبو رمثة بكسر الراء وسكون الميم بعدها ثناء مثلثة مفتوحة واسمه رفاعه بن يثربي كذا قال صاحب التقريب (وقال الترمذي) اسمه حبيب بن وهب ويدل على استحباب لبس الأخضر لأنه لباس أهل الجنة، وهو أيضا من أنفع الألوان للأبصار ومن أجملها في أعين الناظرين (1) (سنده) حدّثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) معناه أن يلطخ جسمه بالزعفران، وقد ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله (باب النهي عن التزعفر للرجال) قال الحافظ أي في الجسد لأنه ترجم بعده (باب الثوب المزعفر) وقيده بالرجل ليخرج المرأة، قال الحافظ ذكر فيه (يعني في باب الثوب المزعفر) حديث ابن عمر نهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يلبس المحرم ثوبا مصبوغا بورس أو زعفران، قال وقد أخذ من التقييد بالمحرم جواز لبس الثوب المزعفر للحلال، قال ابن بطال أجاز مالك وجماعة لباس الثوب المزعفر للحلال وقالوا إنما وقع النهي عنه للمحرم خاصة، وحمله الشافعي والكوفيون على المحرم غير المحرم، وحديث ابن عمر الآتي في باب النعال السبتية (يعني عند البخاري) يدل على الجواز فإن فيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبغ بالصفرة اهـ (قلت) وكذلك حديث ابن عمر أيضا الآتي في آخر هذا الباب يدل على الجواز والله أعلم (تخريجه) (ق. طل والثلاثة وغيرهم) (3) (سنده) حدّثنا بهز بن أسد ثنا حماد بن سهلة أنا عطاء الخراساني عن يحيى بن يعمر أن عمارا (يعني ابن ياسر) قال قدمت على أهلي الخ (غريبه) (4) أي من إصابة الرياح واستعمال الماء كما يكثر في الشتاء (وقوله فضمخوني) أي لطخوني بزعفران وجعلوه في شقوق يدي للمداواة، والظاهر أن التشديد المذكور والأمر بالغسل لعدم العلم بأن ذلك كان منه لعذر المداواة أو لأن ذلك لا يصح علاجا أفاده صاحب اللمعات (5) زاد عند أبي داود (بخير) أي لا تحضر جنازة الكافر بخير يعود عليه وهذا لا ينافي أنها تحضرها لعذابه وتأنيبه والله أعلم (تخريجه) (د) وقال المنذري في إسناده عطاء الخراساني (يعني بن أبي مسلم) وقد أخرج له مسلم متابعة ووثقه يحيى بن معين وقال أبو حاتم الرازي لا بأس به صدوق يحتج بحديثه، وكذبه سعيد بن المسيب وقال ابن حيان كان رديء الحفظ يخطئ ولا يعلم فبطل الاحتجاج به والله أعلم، وفيه كراهة تضمخ الجسد بالزعفران وتقدم الكلام على ذلك في الذي قبله (6) (سنده) حدثنا إسحاق بن عيسى حدثنا عبد الله بن زيد بن أسلم عن أبيه عن ابن عمر الخ

-[نهي الرجال عن المعصفر وما جاء في الأحمر]- ويدهن بالزعفران (1) فقيل له لم تصبغ ثيابك وتدهن بالزعفران؟ قال لأني رأيته أحب الأصباغ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يدهن به ويصبغ به ثيابه (2) (عن ابن عباس) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رخص في الثوب المصبوغ ما لم يكن به نفض (4) ولا ردع (باب نهى الرجال عن المعصفر وما جاء في الأحمر) (عن عبد الله بن عمرو) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأي علي وبين معصفرين (6) قال هذه ثياب الكفار (7) لا تلبسها (وفي لفظ) قال ألقها فإنها ثياب الكفار

_ (غريبه) (1) جاء عند أبي داود بلفظ (كان يصبغ لحيته بالصفرة حتى تمتلئ ثيابه من الصفرة) فهذه الرواية فسرت موضع الأذهان في رواية الإمام أحمد وهو اللحية، ورواية الإمام أحمد فسرت المراد بالصفرة في رواية أبي داود وهو الزعفران، والأحاديث يفسر بعضها بعضا (2) جاء عند أبي داود والنسائي وقد كان (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) يصبغ بها (أي بالصفرة) ثيابه كلها حتى عمامته، (تخريجه) (دنس) والحديث في إسناده اختلاف كما قال المنذري ولم يذكر أبو داود والنسائي الزعفران، وأخرج البخاري ومسلم من حديث عبيد جريج عن ابن عمر أنه قال وأما الصفرة فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها فإني أحب أن أصبغ بها، قال المنذري واختلف الناس في ذلك فقال بعضهم أراد الخضاب للحية الصفرة، وقال آخرون أراد يصفر ثيابه ويلبس ثيابا اصفرا اهـ قال الشوكاني ويؤيد القول الثاني تلك الزيادة التي أخرجها أبو داود والنسائي يعني قوله (وقد كان يصبغ بها ثيابه كلها حتى عمامته) اهـ والحديث يدل على مشروعية صبغ الثياب بالزعفران والادهان به ومشروعية صباغ اللحية بالصفرة لقوله صلى الله عليه وسلم أن اليهود والنصارى لا تصبغ فخالفوهم واصبغوا رواه النسائي وغيره، قال ابن الجوزي قد اختضب جماعة من الصحابة والتابعين بالصفرة ورأى أحمد بن حنبل رجلا قد خضب لحيته فقال إني لأرى الرجل يحيى ميتا من السنة والله أعلم (3) (سنده) حدثنا ابن نمير عن حجاج بن أرطأة عن حسين بن عبد الله عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (4) أصل النفض الحركة المعروفة يقال نفض الثوب ونحوه، والمراد بالنفض هنا ظهور أثر الصبغ على الجسم، والردع أثر الخلوق والطيب، قال في النهاية لم ينه عن شيء من الأردية إلا عن المزعفرة التي تردع على الجلد أي تنفض صبغها عليه وثوبه رديع مصبوغ بالزعفران اهـ وقد جاء ما يفسر هذا الحديث عند الإمام أحمد قال حدثنا يزيد أخبرنا الحجاج عن عطاء أنه كان لا يرى بأسا أن يحرم الرجل في ثوب مصبوغ بزعفران قد غسل ليس فيه نفض ولا ردع، وهو مرسل، وتقدم في الباب الأول من أبواب ما يجوز للمحرم فعله وما لا يجوز له من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر صحيفة 194 رقم 161 وروى الإمام أحمد أيضا مثله مرفوعا عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم في الباب المشار إليه صحيفة 195 رقم 162 وهو يفيد أن المراد بذلك المحرم بحج أو عمرة (تخريجه) (عل بز) وفي إسناده حسين بن عبد الله بن عبيد الله ضعيف، ضعفه الهيثمي والحافظ في التقريب (باب) (5) (سنده) حدثنا يحيى عن هشام الدستوائي ثنا يحيى (يعني ابن أبي كثير) عن محمد بن إبراهيم عن خالد بن معدان عن بير بن نفير عن عبد الله بن عمر والخ (غريبه) (6) المعصفر هو المصبوغ بالعصفر كما في كتب اللغة وشروح الحديث (7) أي تشبه ثياب

-[كراهة المعصفر للرجال وإباحته للنساء]- (عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده) (1) قال هبطنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من ثنية أداخر (2) قال فنظر إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا علي زيطة (3) مضرجة بعصفر فقال ما هذا؟ فعرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد كرهها فأتيت أهلي وهم يسجرون (4) تنورهم فلففتها ثم ألقيتها فيه ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما فعلت الريطة؟ قال قلت قد عرفت ما كرهت فأتيت أهلي وهم يسجرون تنورهم فألقيتها فيه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم فهلا كسوتها بعض أهلك؟ (5) وذكر أنه حين هبط بهم من ثنية أذاخر صلى (6) بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى جدر (أي جدار) اتخذه قبلة فأقبلت بهمة تمر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم فمازال يدارئها ويدون من الجدر حتى نظرت إلى بطن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لصق بالجدر ومرت من خلفه (عن أبي هريرة) (7) قال راح عثمان (8) حاجا إلى مكة ودخلت على محمد بن جعفر بن أبي طالب امرأته فبات معها حتى أصبح ثم غدا عليه ردع الطيب وملحفة (9) معصفرة مفدمة فأدرك الناس بملل (10) قبل أن يروحوا، فلما رآه عثمان انتهر وأفف (11) وقال أتلبس المعصفر وقد نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له علي بن أبي طالب (رضي الله عنه) إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم ينهه ولا إياك، إنما نهاني (12)

_ الكفار (تخريجه) (م نس طل) (1) (سنده) حدّثنا أبو مغيرة ثنا هشام بن الغاز حدثني عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبه) (2) الثنية بفتح المثلثة وكسر النون وفتح التحتية مشددة هي الطريقة في الجبل (وأذاخر) على وزن أكابر ثنية بين مكة والمدينة (3) بفتح الراء وسكون التحتية بعدها طاء مهملة ويقال رائطة، قال المنذري جاءت الرواية بهما وهي كل ملاءة منسوجة بنسج واحد، وقيل كل ثوب رقيق لين والجمع ريط ورياط (وقوله مضرجة) بفتح الراء المشددة أي ملطخة (4) أي يرقدون (5) يريد زوجته أو بعض نساء أقاربه، وفيه جواز لبس المعصفر للنساء، زاد أبو داود وابن ماجه (فإنه لا بأس به للنساء) (وفيه الإنكار على إحراق الثوب المنتفع به لبعض الناس دون بعض لأنه من إضاعة المال المنهي عنه (6) هذه الجملة وما بعدها تقدم شرحها في باب دفع المار بين يدي المصلي من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 136 رقم 462 (تخريجه) (دجه) ورجاله ثقات (7) (سنده) حدّثنا محمد بن عبد الله بن الزبير حدثنا عبدي الله يعني ابن عبد الله بن موهب أخبرني عمي عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) يعني ابن عفان رضي الله عنه (9) الملحفة بكسر الميم في الأصل هي الملاءة التي تلتحف بها المرأة، واللحاف كل ثوب يتغطى به، والجمع لحف مثل كتاب وكتب (وقوله مفدمة) بضم الميم وسكون الفاء والفدم والمشبع حمرة (10) بفتحتين اسم موضع بين مكة والمدينة (11) أي أنكر عليه هذا الفعل وتضجر منه (12) معناه أن النهي خاص بي وسيأتي الكلام على ذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والبزار باختصار وفيه عبيد الله بن عبد الله بن موهب وثقه ابن معين في رواية وقد ضعف اهـ (قلت) جاء في الخلاصة عبيد الله بن عبد الله بن موهب التيمي أو يحيى المدني عن أبي هريرة وعمرة، وعنه ابنه يحيى وابن أخيه عبيد الله بن عبد الرحمن قال أحمد أحاديثه منا كير ووثقه ابن حبان اهـ ويستفاد من هذا أن قوله في السند (حدثنا عبيد الله يعني ابن عبد الله خطأ) وصوابه حدثنا عبيد الله يعني ابن عبد الرحمن، وقوله في السند أيضا (أخبرني عمي عبيد الله بن عبد الرحمن)

-[كلام العلماء في الأصفر والمعصفر]- (عن أنس بن مالك) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجل صفرة فكرهم، فقال لو أمرتم هذا أن يغسل هذه الصفرة، قال وكان لا يكاد يواجه أحدا في وجهه بشيء يكرهه (عن علي رضي الله عنه) (2) قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أقول نهاكم (3) عن المعصفر والتخم بالذهب (4)

_ خطأ أيضا وصوابه (أخبرني عمي عبيد الله بن عبد الله) الخ والله أعلم (1) (سنده) حدّثنا أبو كامل ثنا حماد بن زيد عن سلم العلوي قال سمعت أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (دمذ نس طل) وفي إسناده سلم بن قيس العلوي، قال في الخلاصة ضعفه ابن معين، وقال شعبة ذاك الذي يرى الهلال قبل الناس بليلتين اهـ (قلت) قال المنذري قال يحيى بن معين ثقه، وقال مرة ضعيف، وقال ابن عدي لم يكن من أولاده علي بن أبي طالب إلا أن قوما بالبصرة كانوا بني على فنسب هذا إليهم، وقال ابن حبان كان شعبة لا يحمل عليه ويقول كان سلم العلوي يرى الهلال قبل الناس بيومين منكر الحديث على قلته لا، يحتج به إذا وافق الثقات فكيف إذا انفرد (2) (سنده) حدّثنا وكيع وعثمان بن عمر قال حدثنا أسامة بن زيد قال وكيع قال سمعت عبد الله بن حتين وقال عثمان عن عبد الله بن حنين سمعت عليا يقول نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) ظاهره أن النهي خاص بعلي رضي الله عنه وسيأتي الكلام على ذلك (4) سيأتي الكلام على التخم بالذهب في بابه إن شاء الله تعالى (تخريجه) (م والثلاثة) (هذا) وفي أحاديث الباب دلالة على تحريم لبس الثوب المصبوغ بالعصفر وإلى ذلك ذهبت العترة، وذهب جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم قال الشافعي وأبو حنيفة ومالك إلى الإباحة، كذا قال ابن رسلان في شرح السنن، قال وقال جماعة من العلماء بالكراهة للتنزيه وحملوا النهي على هذا لما في الصحيحين وغيرهما من حديث ابن عمر قال (رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفر) زاد في رواية أبي داود والنسائي (وقد كان يصبغ بها ثيابه كلها) وقال الخطابي النهي منصرف إلى ما صبغ من الثياب، وكأنه نظر إلى ما في الصحيحين من ذكر مطلق الصبغ بالصفرة فقصره على صبغ اللحية دون الثياب وجعل النهي متوجها إلى الثياب ولم يلتفت إلى تلك الزيادة المصرحة بأنه كان يصبغ ثيابه بالصفرة، ويمكن الجمع بأن الصفرة التي كان يصبغ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم غير صفرة المنهي عنه، ويؤيد ذلك ما تقدم في الباب السابق من حديث ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصبغ ثيابه ويدهن بالزعفران، وقد أجاب من لم يقل بالتحريم عن حديث عبد الله بن عمرو بن العاص المذكور في الباب وحديثه الذي بعده بأنه لا يلزم من نهيه له نهى سائر الأمة، وكذلك أجاب عن حديث على المذكور آخر الباب بأن ظاهر قوله نهاني أن ذلك مختص به وأكد ذلك بقوله في الحديث نفسه ولا أقول نهاكم (قال الشوكاني) وهذا الجواب ينبني على الخلاف المشهور بين أهل الأصول في حكمه صلى الله عليه وسلم على الواحد من الأمة هل يكون حكما على بقيتهم أو لا؟ والحق الأول فيكون نهيه لعلي وعبد الله بن عمر ونهيا لجميع الأمة، ولا يعارضه صبغه بالصفرة على تسليم أنها من العصفر، لما تقرر في الأصول من أن فعله الخالي عن النأسى الخاص لا يعارض قوله الخاص بأمته فالراجح تحريم الثياب المصفرة، والعصفر وإن كان يصبغ صبغا أحمر كما قال ابن القيم، فلا معارضة بينه وبين ما ثبت في الصحيحين من أنه صلى الله عليه وسلم كان يلبس حلة حمراء كما يأتي لأن النهي في هذه الأحاديث بتوجه إلى نوع خاص من الحمرة، وهي الحمراء الحاصلة عن صباغ العصفر، وسيأتي ما حكاه الترمذي عن أهل

-[ما جاء في لبس الأحمر وكلام العلماء في ذلك]- (باب ما جاء في الأحمر) (عن محمد بن عمرو بن عطاء) (1) أن رجلا من بني حارثة حدثه أن رافع بن خديج رضي الله عنه حدثهم أنهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر قال فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم للغداء قال علق كل رجل بخطام ناقته (2) ثم أرسلها تهز في الشجر، قال ثم جلسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ورحالنا على أباعرنا قال فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فرأى أكسية لنا فيها خيوط من عهن أحمر (3) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أرى هذه الحمرة قد علتكم (4) قال فقمنا سراعاً لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نفر بعض إبلنا فأخذنا الأكسية فنزعناها منها (عن عثمان بن محمد عن رافع بن خديج) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى حمرة قد ظهرت فكرهها فلما مات رافع بن خديج جعلوا على سريره قطيفة حمراء فعجب الناس من ذلك (6) (حدثنا يحيى بن أبي بكير) (7) حدثنا إسرائيل عن أبي إسحق قال سمعت البراء (8) رضى الله عنه يقول ما رأيت أحدا من خلق الله أحسن في حلة حمراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن جمته (9) لتضرب إلى منكبيه قال ابن أبي بكير (10) لتضرب قريبا من منكبيه (11) وقد سمعته يحدث به مرارا (12)

_ الحديث بمعنى هذا وقد قال البيهقي رادا لقول الشافعي أنه لم يحك أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الصفرة إلا ما قال علي نهاني ولا أقول نهاكم أن الأحاديث تدل على أن النهي على العموم ثم ذكر أحاديث، ثم قال بعد ذلك ولو بلغت هذه الأحاديث الشافعي رحمه الله لقال، بها ثم ذكر بإسناده ما صح عن الشافعي أنه قال إذا صح الحديث خلاف قولي فاعلموا بالحديث والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن محمد بن إسحاق قال حدثني محمد بن عمرو بن عطاء الخ (غريبه) (2) معناه أنه تركها ترعى في الشجر، والخطام هو الحبل الذي تقاد به الدابة (3) أي صوف مصبوغ بالحمرة (4) أي غلبكم أمرها وظهرت فيكم (تخريجه) (د) وفي إسناده رجل لم يسم (5) (سنده) حدّثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال ثنا عبد الله بن جعفر قال ثنا عثمان بن محمد عن رافع بن خديج الخ (غريبه) (6) إنما عجب الناس من وضعهم قطيفة حمراء على سرير رافع بن خديج وهو ميت والحال أنه روى كراهة الحمراء عن النبي صلى الله عليه وسلم (والقطيفة) كل ثوب له خمل (أي هدب) من أي شيء كان ويقال له الخميل والخميلة (ويجاب عن هذا) بأن هذه القطيفة صبغ غزلها ثم نسج، وما كان كذلك فلا كراهة فيه لأنه ثبت بالأحاديث الصحيحة أن النبي صلى الله عليه وسلم لبس حلة حمراء كما سيأتي في حديث البراء بن عازب وسيأتي الكلام عليه، أما المكروه فهو ما صبغ بعد النسج والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام أحمد وسنده جيد (7) (سنده) حدثنا أسود بن عامر، أنبأنا إسرائيل حدثنا أبو إسحاق وحدثنا يحيى بن أبي بكير الخ (غريبه) (8) يعني ابن عازب رضي الله عنه (9) الجمة بضم الجيم وتشديد الميم مفتوحة من شعر الرأس ما سقط على المنكبين (10) يعني في روايته (11) يعني بشحمة أذنيه كما في بعض الروايات، وفي رواية إلى أنصاف أذنيه وعاتقه، قيل كان ذلك لاختلاف الأوقات فإذا غفل عن تقصيرها بلغت المنكب وإذا قصره كانت إلى أنصاف أذنيه، وكان يقصر ويطول بحسب ذلك (12) الظاهر أن القائل (وقد سمعته يحدث به مرارا الخ هو يحيى بن أبي بكير والضمير يعود على إسرائيل والمعنى أن

-[اختلاف العلماء في لبس الأحمر وبيان مذاهبهم في ذلك]- ما حدث به قط إلى ضحك (ز) (عن علي رضي الله عنه) (1) قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب (2) وعن لبس الحمرة وعن القراءة في الركوع والسجود. (أبواب ما جاء في الذهب والفضة والحرير وما يجوز استعماله منهما وما لا يجوز) (باب أحاديث جامعة لأمور من ذلك منهي عنها) (حدثنا عفان) (3) قال ثنا همام قال ثنا قتادة عن أبي شيخ الهنائي (4) قال كنت في ملأ من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عند معاوية فقال معاوية أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الحرير؟ قالوا اللهم نعم، قال وأنا أشهد، قال

_ يحيى قال سمعت إسرائيل يحدث به مرارا الخ والله أعلم (تخريجه) (ق. والثلاثة) (1) (ز) (سنده) حدثنا أبو داود المباركي سليمان بن محمد جار خلف البزار حدثنا أبو شهاب عن ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن عبد الله بن الحارث بن نوفل عن ابن عياش عن علي رضي الله عنه الخ (غريبه) (2) الكلام على خاتم الذهب سيأتي في بابه، والكلام على القراءة في الركوع والسجود مر في باب النهي عن القراءة في الركوع والسجود من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة (265) (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير عبد الله بن الأمام أحمد وهو في زوائده على مسند أبيه، وفي إسناده عبد الكريم بن أبي المخارق ضعيف، وفي التهذيب ضعفه ابن معين، وفي الخلاصة قال أيوب ليس بثقة، وقال الحافظ في التقريب ضعيف أيضا (قلت) جاء معناه من طرق أخرى صحيحة عند الشيخين وغيرهما (هذا) وقد اختلف العلماء في حكم لبس الأحمر فذهب إلى جواز لبسه من الصحابة على وطلحة وعبد الله بن جعفر والبراء وغير واحد من الصحابة رضي الله عنهم (ومن التابعين) سعيد بن المسيب والنخعي والشعبي وأبو قلابة وطائفة من التابعين رحمهم الله، وإلى ذلك ذهبت المالكية والشافعية وغيرهم محتجين بحديث البراء بن عازب المذكور في الباب وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما، (وذهبت العترة) والحنفية إلى عدم الجواز محتجين بحديث رافع بن خديج المذكور أول الباب وحديث علي المذكور آخر الباب والأول فيه مجهول والثاني ضعيف ضعفه العلماء، واحتجوا بأحاديث أخرى كلها ضعيفة، واحتجوا أيضا بالأحاديث الواردة في تحريم المصبوغ بالعصفر (وتقدمت في الباب السابق) قالوا لأن العصفر يصبغ صباغا أحمر وهي أخص من الدعوى وقد عرفت فيما تقدم أن ذلك النوع من الأحمر بخصوصه لا يحل لبسه (قال الخطابي) قد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجال عن لبس المعصفر وكره لحم الحمرة في اللباس فكان ذلك منصرفا إلى ما صبغ من الثياب بعد النسج، فأما ما صبغ غزله ثم نسج فغير داخل في النهي اهـ (وذهب ابن عباس) إلى كراهة لبس الأحمر مطلقا لقصد الزينة والشهرة ويجوز في البيوت والمهنة وبه قال مالك (قال الحافظ) والتحقيق في هذا المقام أن النهي عن لبس الأحمر إن كان من أجل أنه لبس الكفار فالقول فيه كالقول في الميثرة الحمرا. (قلت سيأتي الكلام عليها في الباب التالي) وإن كان من أجل أنه زي النساء فهو راجع إلى الزجر عن التشبيه بالنساء فيكون النهي عن لا لذاته، وإن كان من الشهرة أو خرم المروءة فيمنع حيث يقع ذلك وإلا فلا، فيقوى ما ذهب إليه مالك من التفرقة بين لبسه في المحافل وفي البيوت والله أعلم (باب) (3) حدثنا عفان الخ (غريبه) (4) قال الحافظ في التقريب أبو شيخ الهناني بضم الهاء وتخفيف النون البصري قيل اسمه حيوان بالمهملة أو المعجمة ابن

-[أحاديث جامعة في النهي عن الذهب والفضة والحرير]- أنشدكم الله تعالى أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن لبس الذهب إلا مقطعا؟ (1) قالوا اللهم نعم، قال وأنا أشهد، قال أنشدكم الله تعالى أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن ركوب النمور (2) قالوا اللهم نعم، قال وأنا أشهد، قال أنشدكم الله تعالى أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الشرب في آنية الفضة؟ قالوا اللهم نعم، قال وأنا أشهد، قال أنشدكم الله تعالى أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن جمع بين حج وعمرة؟ قالوا أما هذا فلا، قال أما أنها معهن (3) (حدثنا محمد بن جعفر) (4) ثنا شعبة عن رجل من ثقيف يقال له فلان بن عبد الواحد قال سمعت أبا مجيب قال لقى أبو ذر أباه هريرة وجعل أراه قال قبيعة سيفه (5) نضة فنهاه، وقال أبو ذر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من إنسان أو قال أحد ترك صفراء أو بيضاء إلا كوى بها (ز) (عن علي رضي الله عنه) (6) قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاثة، نهاني عن القسي (7) والمثيرة وإن أقرأ وأنا راكع

_ خالد وهو ثقة من الثالثة اهـ، وفي الخلاصة وثقه ابن حبان قال خليفة مات بعد المائة (1) قال في النهاية أراد اليسير منه كالحلقة والشنف ونحو ذلك وكره الكثير الذي هو عادة أهل السرف والخيلاء والكبر، واليسير هو ما لا يجب فيه الزكاة، ويشبه أن يكون إنما كره استعمال الكثير منه لأن صاحبه إنما بخل بإخراج زكاته فيأثم بذلك عند من أوجب فيه الزكاة اهـ (قلت) وهذا كله في حلي النساء عند من يقول بتحريم الكثير عليهن ويوجب الزكاة فيه، أما الرجال فلا يجوز لهم لبسه سواء كان قليلا أو كثيرا بالإجماع: وسيأتي تحقيق المقام في بابه (الشنف) بفتح الشين المعجمة وسكون النون من حلى الأذن وجمعه شنوف، وقيل هو ما يعلق في أعلاها (نه) (2) أي الركوب على جلود النمور وافتراشها ونحو ذلك لأجل أنها مراكب أهل السرف والخيلاء (3) معنى هذا أنه كان ينكر العمرة في أشهر الحج سواء كانت مقرونة بالحج أو مفردة وهو خلاف ما عليه الجمهور، وقد م تحقيق ذلك في باب ما جاء في التمتع بالعمرة إلى الحج من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر في الشرح صحيفة 158 فارجع إليه (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد ورجاله كلهم ثقات (4) (حدثنا محمد بن جعفر الخ) (غريبه) (5) معناه يقول الراوي لقى أبو ذر أبا هريرة وأظنه قال وجعل أبو هريرة قبيعة سيفه الخ، والقبيعة بوزن كريمة هي التي تكون على رأس قائم السيف، وقيل هي ما تحت شاربي السيف (نه) (تخرجه) (طب) ولفظه عن أبي ذر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (من أوكأ على ذهب أو فضة ولم ينفقه في سبيل الله كان جمرا يوم القيامة يكوى به) قال الهيثمي رواه الطبراني وأحمد بنحوه ورجاله ثقات، وله طريق رجالها رجال الصحيح اهـ (قلت) في إسناده عند الإمام أحمد رجل لم يسم وله شاهد عند الطبراني من حديث أبي أمامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (ما من عبد يموت فيترك أصفر ولا أبيض إلا كوى به) وفي إسناده بقية بن الوليد فيه كلام (6) (ز) (سنده) حدثني حجاج بن يوسف الشاعر ثنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة عن عطاء بن السائب عن موسى بن سالم أبي جهضم أن أبا جعفر حدثه عن أبيه أن عليا حدثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاني عن ثلاثة الخ (أبو جعفر) هو الباقر محمد بن علي زين العابدين بن الحسين ابن علي رضي الله عنهم (غريبه) (7) القسى بفتح القاف وكسر السين المهملة المشددة قال النووي قال

-[النهي عن الميثرة والقسية وبيان معناهما]- (وعنه من طريق ثان) (1) نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لباس القسي والمياثر والمعصفر وعن قراءة القرآن والرجل راكع أو ساجد (عن أبي بردة بن أبي موسى) (2) عن علي رضي الله عنه قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عن الميثرة وعن القسية، قلنا له يا أمير المؤمنين وأي شيء الميثرة؟ قال شيء كان يصنعه النساء لبعولتهن على رحالهن، قال قلنا وما القسية قال ثياب تأتينا من قبل الشام (وفي رواية أو اليمن شك الراوي) مضلعة فيها أمثال الأترج (وفي رواية فيها حرير فيها أمثال الأترج) قال أبو بردة فلما رأيت السبني (3) عرفت أنها هي

_ أهل اللغة وغريب الحديث هي ثياب مضلعة بالحرير تعمل بالقس بفتح القاف، وهو موضع من بلاد مصر، وهو قرية على ساحل البحر قريبة من تنيس، وقيل هي ثياب كتان مخلوط بحرير، وقيل هي ثياب من القز، وأصله القزى بالزاي منسوب إلى القز وهو رديئي الحرير فأبدل من الزاي سين، وهذا القسي إن كان حريره أكثر من كتانه فالنهي عنه للتحريم وإلا فالكراهة للتنزيه اهـ (والميثرة) واحدة المياثر وهي مفعلة بكسر الميم من الوثارة بفتح الواو الشيء الوطيء اللين (قال العلماء) وهي وطاء كانت النساء يصنعنه لأزواجهن على السروج، كان من مراكب العجم، ويكون من الحرير ويكون من الصوف وغيره، وقيل هي شيء كالفراش الصغير تتخذ من حرير تحشى بقطن أو صوف يجعلها الراكب على البعير تحته فوق الرحل (قال النووي) قال العلماء فالمئزة إن كانت من الحرير كما هو الغالب فيما كان من عادتهم فهي حرام لأنه جلوس على الحرير واستعمال له، وهو حرام على الرجال سواء كان على رحل أو سرج أو غيرهما، وإن كانت من غير الحرير فليست بحرام، ومذهبنا أنها ليست مكروهة أيضا، وحكى القاضي عياض عن بعض العلماء كراهتها لئلا يظنها الرائي من بعيد حريرا (1) (سنده) حدثني محمد بن عبيد بن محمد المحرابي حدثنا عبد الله بن الأجلح عن ابن أبي ليلى عن عبد الكريم عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس عن علي قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) الحديث بطريقيه من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه وكلا الطريقين ضعيف، فالطريق الأولى منقطعة لأن علي زين العابدين لم يدرك جده علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وفي الطريق الثانية عبد الكريم أو أمية ضعفه الحافظ في التقريب، وفي التهذيب ضعفه ابن معين لكن يؤيده بطريقيه الحديث التالي (2) (سنده) حدّثنا علي بن عاصم أخبرنا عاصم بن كليب الجرمي عن أبي بردة أبي موسى (يعني الأشعري) قال كنت جالسا مع أبي فجاء علي فقام علينا فسلم ثم أمر أبا موسى بأمور من أمور الناس، قال ثم قال علي قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم سل الله الهدى وأنت تعني بذلك هداية الطريق، واسأل الله السداد وأنت تعني بذلك تسديدك السهم، ونهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجعل خاتمي في هذه أو هذه السبابة والوسطى، قال فكان قائما فما أدرى في أيتهما قال، ونهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الميثرة وهي القسية الخ (3) بفتح السين المهملة والموحدة وكسر النون وآخره ياء مشددة، قال في النهاية السبنية ضرب من الثياب تتخذ من مشاقة الكتان منسوبة إلى موضع بناحية المغرب يقال له (سبن) (تخريجه) الحديث صحيح وأخرج أبو داود منه الدعاء بالهداية والسداد الخ، قال المنذري أخرج البخاري قول أبي بردة إلى آخره تعليقا، وأخرج مسلم حديث وضع الخاتم وما بعده في اللباس، وحديث الدعاء في الدعوات، وأخرجه (مذ نس جه) مختصرا

-[النهي عن مياثر الأرجوان ولبس القسي وخاتم الذهب]- (عن عبد الله بن عمر) (1) قال نهي رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم عن الميثرة والقسية (2) وحلقة الذهب والمفدم: قال يزيد (3) والميثرة جلود السباع والقسية ثياب مضلعة من ابريسم بجاه بها من مصر والمفدم (4) المشبع بالعصفر (عن أبي الزبير) (5) قال سألت جابر بن عبد الله عن ميثرة الأرجوان (6) فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أركبها ولا ألبس قميصا مكفوفا بحرير (7) ولا البس القسي (8) (حدثنا يزيد) (9) أنبأنا هشام عن محمد (10) عن عبيدة عن علي رضي الله عنه قال نهى عن مياثر الأرجوان ولبس القسي وخاتم الذهب قال محمد فذكرت ذلك لأخي يحيى بن سيرين فقال أو لم تسمع هذا؟ نعم وكفاف (11) الديباج

_ ومطولا اهـ (قلت) هذا الحديث جاء عند الإمام أحمد مطولا كما هنا، وجاء عنده في موضع آخر مقتصرا على الدعاء، وتقدم في باب أدعية جامعة من كتاب الأذكار والدعوات في الجزء الرابع عشر صحيفة 292 رقم 247، وجاء عنده أيضا في موضع آخر ما يختص بالخاتم في حديث مستقل سيأتي في باب ما جاء في نقش الخاتم الخ من أبواب تحريم خاتم الذهب والله الموفق (1) (سنده) حدثنا حسين بن محمد حدثنا يزيد بن عطاء عن يزيد بن أبي زياد حدثني الحسن بن سهيل أو سهيل بن عمرو بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الله بن عمر الخ (قلت) قوله في السند (أو سهيل بن عمرو) هذا خطأ من بعض الناسخين أو وهم من بعض الرواة وصوابه (الحسن بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف) كما في التقريب وغيره من كتب الرجال (غريبه) (2) الميثرة والقسية تقدم معناهما وضبطهما (وحلقة الذهب) بفتح الحاء وسكون اللام هو الخاتم لا نص له (3) ابن أبي زياد أحد الرواة قال (والميثرة جلود السباع) وهذا التفسير يخالف ما تقدم في شرح حديث على (قال النووي) هو تفسير باطل مخالف لما أطبق عليه أهل الحديث (يعني تفسير الميثرة بجلود السباع) لاسيما وقد فسرها الإمام علي رضي الله عنه في حديث أبي بردة السابق بما يوافق ما أطبق عليه أهل الحديث من طريق عاصم بن كليب عن أبي بردة عن علي ونقله البخاري معلقا قبل تفسير يزيد ثم قال عاصم أكثر وأصح في الميثرة، وقال الحافظ رواية عاصم في تفسير الميثرة أكثر طرقا وأصح من رواية يزيد والله أعلم (4) بضم الميم وسكون الفاء وفتح المهملة، قال في النهاية هو الثوب المشبع حمرة كأنه الذي لا يقدر على الزيادة عليه لتناهي حمرته فهو كالممتنع لقبول الصبغ اهـ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه يزيد بن عطاء اليشكري ضعيف اهـ (قلت) وقال الحافظ في التقريب لين الحديث، وفي الخلاصة قال أحمد ليس بحديثه بأس وضعفه ابن معين والله أعلم (5) (سنده) حدّثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير قال سألت جابر الخ (غريبه) (6) الميثرة تقدم تفسيرها (والأرجوان) بضم الهمزة والجيم هو الصوف الأحمر، كذا في شرح السنن لابن رسلان، وقيل الأرجوان الحمرة، وقيل الشديد الحمرة، وقيل الصباغ الأحمر القاني (7) أي الذي عمل على ذيله وأكمامه وجيبه كفاف من حرير، وكفه كل شيء بالضم طرفه وحاشيته (8) تقدم تفسيره وضبطه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) حديثه حسن إذا قال حدثنا. وفيه ضعف إذا عنعن، وهنا قال حدثنا فالحديث حسن (9) (حدثنا يزيد الخ) (غريبه) (10) هو ابن سيرين (وعبيدة) يعني السلماني (11) بكسر الكاف جمع كفه بضمها وهي حاشية

-[ما جاء في خواتيم الذهب وآنية الفضة والحرير والاستبرق]- (عن مالك بن عمير) (1) قال كنت قاعدا عند علي قال فجاء صعصعة بن صوحان فسلم ثم قال فقال يا أمير المؤمنين انهنا عما نهاك رسول الله صلى الله عليه وسل، فقال نهانا عن الدباء والختم والمزفت والنقير (2) ونهانا عن القسي والميثرة والحمراء وعن الحرير والحلق الذهب (3) ثم كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة من حرير فخرجت فيها ليرى الناس على كسوة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فرآني رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمرني بنزعهما (4) فأرسل بأحداهما إلى فاطمة وشق الأخرى بين نسائه (عن البراء بن عازب) (5) رضى الله عنه قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خواتيم الذهب وآنية الفضة والحرير والديباج والاستبرق (6) والمياثر الحمر والقسى (عن علي بن أبي طالب) (7) رضي الله عنه قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أقول نهاكم عن تختم الذهب وعن لبس القسى والمعصفر وقراءة القرآن وأنا راكع وكساني حلة من صيراء (8) فخرجت فيها فقال يا علي إني لم أكسكها لتلبسها، قال فرجعت بها إلى فاطمة (رضي الله عنها) فأعطيتها ناحيتها فأخذت بها لتطويها معي فشققتها بثنتين، قال فقالت تربت يداك (9) يا ابن أبي طالب ماذا صنعت؟ قال فقلت لها نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبسها فالبسي واكسي نساءك (عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه) (10) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ونهى عن جلود السباع (11)

_ الثوب أي ما استدار حول الذيل والأكمام والجيب (والديباج) هو الحرير (تخريجه) الحديث سنده صحيح، وأخرج نحوه مسلم عن علي أيضا، ويؤيده حديث البراء عند مسلم والإمام أحمد وسيأتي (1) (سنده) حدّثنا علي بن عاصم أنبأنا إسماعيل بن سميع عن مالك بن عمير الخ (غريبه) (2) تقدم شرحه وتفسيره في باب الأوعية المنهي عن الانتباذ فيها من كتاب الأشربة (3) تقدم شرحه وتفسيره في هذا الباب (4) جاء بلفظ الثنية لأن الحلة لا تكون إلا من ثوبين إزار ورداء (تخريجه) (م د نس) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد (5) (سنده) حدّثنا يحيى بن آدم ثنا سفيان عن أشعث بن أبي الشعثاء عن معاوية بن سويد بن مقرن عن البراء بن عازب قال أمرنا الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع، أمرنا بعيادة المريض وإتباع الجنائز وإجابة الداعي وإفشاء السلام وتشميت العاطس وأبرار القسم ونصر المظلوم، ونهانا عن خواتم الذهب الخ (غريبه) (6) الاستبرق ما غلظ من الديباج وهو الحرير (تخريجه) (ق. والأربعة) وسيأتي الحديث تاما في المتن في باب خصال من أعمال البر مجتمعة والنهي عن ضدها من كتاب الترغيب في صالح الأعمال (7) (سنده) حدّثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبيه قال سمعت علي بن أبي طالب يقول نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) قال في النهاية السيراء بكسر السين وفتح الياء والمد نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور اهـ وقيل هي وشي من حرير قاله مالك، وقيل هي حرير محض (9) أي افترقت ولصقت بالتراب، قال في النهاية وهذه الكلمة جارية على ألسنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر به كما يقولون قاتلة الله (تخريجه) (ق. وغيرهما) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد (10) (سنده) حدّثنا إسماعيل أنا سعيد وابن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن أبي المليح بن أسامة عن أبيه الخ (قلت) أبوه هو أسامة بن عمير بن عامر بن الأقيش الهذلي البصري والدأبي المليح صحابي تفرد ولده عنه، قاله الحافظ في التقريب (غريبه) (11) اختلف في حكمة النهي عن جلود السباع أي الركوب عليها أو افتراشها فقال

-[تحريم الأكل والشرب في أواني الذهب والفضة على الرجال والنساء]- (ز) (عن علي رضي الله عنه) (1) قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب وعن الميثرة وعن القسي وعن الجعة (2) (عن حذيفة) (3) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير والديباج وآنية الذهب والفضة، وقال هو لهم في الدنيا ولنا في الآخرة (عن مجاهد عن عائشة) (4) رضي الله عنها قالت نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خمس: عن لبس الحرير والذهب والشرب في آنية الذهب والفضة والميثرة الحمراء ولبس القسي، فقالت عائشة يا رسول الله شيء رقيق (5) من الذهب يربط به المسك (6) أو يربط به؟ قال لا، اجعليه فضة وصفريه بشيء من زعفران (باب تحريم أواني الذهب والفضة على الرجال والنساء) (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) (7) قال خرجت مع حذيفة إلى بعض هذا السواد (8) فاستسقى فأتاه دهقان (9) باناء من فضة قال فرماه به في وجهه، قال قلنا اسكتوا اسكتوا وإنا إن سألناه لم يحدثنا، قال فسكتنا، قال فلما كان بعد ذلك قال أتدرون لم رميت به في وجهه؟ قال قلنا لا، قال غني كنت نهيته (10) قال فذكر أن

_ البيهقي يحتمل أن النهي وقع لما يبقى عليها من الشعر لأن الدباغ لا يؤثر فيه، وقال غيره يحتمل أن النهي عما لم يدبغ منها لأجل النجاسة أو النهي لأجل أنها مراكب أهل السرف والخيلاء، وهذا هو الظاهر والله أعلم (تخريجه) (د نس) والترمذي وزاد (أن يفترش) قال الترمذي لا نعلم قال عن أبي المليح عن أبيه غير سعيد بن أبي عروبة، وأخرجه عن أبي المليح عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، قال وهذا أصح والله أعلم (1) (ز) (سنده) حدثني أبو بكر بن أبي شيبة حدثنا أبو الأحوص عن أبي إسحاق عن هبيرة عن علي رضي الله عنه الخ (غريبه) (2) بكسر الجيم وفتح المهملة هي النبيذ المتخذ من الشعير (نه) (تخريجه) (م والثلاثة) (3) (سنده) حدثنا وكيع ثنا شعبة عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن حذيفة (يعني ابن اليمان) قال نهى الخ (تخريجه) (ق. والأربعة) (4) (سنده) حدّثنا معمر بن سليمان عن عن خصيف عن مجاهد عن عائشة الخ (غريبه) (5) هكذا بالأصل (رقيق) براء وقافين، وجاء في النهاية (شيء ذفيف) بذال معجمة بدل الراء وفاءين بدل القافين يربط به المسك أي يشد به (6) المسك بالتحريك جمع مسكة، قال في النهاية المسكة بالتحريك السوار من الذبل وهي قرون الأوعال، وقيل جلود دابة بحرية والجمع مسك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) وفيه خصيف وفيه ضعف ووثقه جماعة اهـ (قلت) خصيف هو ابن عبد الرحمن الخضرمي بكسر الخاء المعجمة، قال ابن عدي إذا حدث عنه ثقة فلا بأس به (قلت) حدث عنه ثقات منهم معمر بن سليمان والسفيانان وغيرهم ووثقه ابن معين وأبو ثقة فلا بأس به (قلت) حدث عنه ثقات منهم معمر بن سليمان والسفيانان وغيرهم ووثقه ابن معين وأبو زرعة فالحديث على أقل درجاته حسن (باب) (7) (سنده) حدّثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عون عن مجاهد عن ابن أبي ليلى، قال أبو عبد الرحمن قال أبي قال معاذ (يعني العنبري) ثنا ابن عون عن مجاهد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الخ (غريبه) (8) المراد بالسواد هنا الأرض ذات الزرع الأخضر والشجر، والعرب تسمى الأخضر أسود لأنه يرى كذلك على بعد، وهي أرض المدائن كما صرح بذلك في رواية لمسلم (9) بكسر الدال المهملة هو زعيم فلاحي العجم، وقبل زعيم القرية ورئيسها (10) فيه تحريم الشرب في إناء الفضة وتعزير من ارتكب معصية لاسيما إن كان قد سبق نهيه عنها كقضية الدهقان مع

-[بيان أن خاتم الذهب كان لبسه جائزا أولا ثم حرم على الرجال]- النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تشربوا في آنية الذهب، قال معاذ (1) لا تشربوا في الذهب ولا في الفضة ولا تلبسوا الحرير ولا الديباج فإنهما لهم في الدنيا ولكم في الآخرة (عن أم سلمة) (2) رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن الذي يشرب (3) في إناء من فضة إنما يجرجر (4) في بطنه نار جهنم (عن عائشة رضي الله عنها) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الذي يشرب في إناء فضة كإنما يجرجر في بطنه نارا. (أبواب ما جاء في خاتم الذهب وما في معناه من أنواع الحلي) (باب ما جاء في خاتم الذهب) (عن ابن عمر) (6) قال اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما (7) من ذهب وكان يجعل فصه مما يلي كفه فاتخذ الناس فرمى به واتخذ خاتما من ورق (8) (وعنه من طريق ثان (9) بنحوه وفيه) فاتخذ الناس خواتيم الذهب فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال إني كنت ألبس هذا الخاتم وإني لن ألبسه أبدا فنبذه الناس خواتيمهم (وعنه من طريق ثالث) (10) قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم خاتم من ذهب وكان يجعل فصه (11) في باطن يده قال فطرحه ذات يوم فطرح الناس خواتيهم (12) ثم اتخذ

_ حذيفة (1) هو العنبري أحد رجال السند لأن الإمام أحمد روى هذا الحديث من طريقين، أحدهما عن محمد بن أبي عدي عن ابن عون الخ والثاني عن معاذ العنبري عن ابن عون الخ فقال محمد بن أبي عدي في روايته لا تشربوا في آنية الذهب وقال معاذ في روايته لا تشربوا في الذهب ولا في الفضة الخ (تخريجه) (ق طل والأربعة) (2) (سنده) حدّثنا عفان قال ثنا يزيد بن زريع ثنا أيوب عن نافع عن زيد بن عبد الله بن عبد الرحمن عن أم سلمة الخ (غريبه) (3) أي أن المكلف سواء كان ذكرا أو أنثى (الذي يشرب) زاد مسلم في رواية يأكل أو يشرب الخ (4) بضم التحنية وفتح الجيم الأولى وسكون الراء بعدها جيم مكسورة أي يردد أو يصب في بطنه (نار جهنم) بنصب نار على أنه مفعول به والفاعل ضمير الشارب والجرجرة بمعنى الصب، وجاء الرفع على أنه فاعل والجرجرة تصويت في البطن أي تصوت في بطنه نار جهنم، وفي الحديث تحريم الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة كما جاء في رواية زيادة الذهب وهو من باب أولى على كل مكلف رجلا كان أو امرأة (تخريجه) (ق طل جه) وأخرجه أيضا الطبراني وزاد إلا أن يتوب (5) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن سعد ابن إبراهيم عن نافع عن امرأة ابن عمر عن عائشة الخ (تخريجه) (جه) ورواه أيضا الدارقطني في العلل من طريق شعبة والثوري عن سعد بن إبراهيم عن نافع عن امرأة ابن عمر سماها الثوري صفية، وأخرجه أيضا أبو عوانة في صحيحه وفيه اختلاف على نافع، فقيل عنه عن ابن عمر أخرجه الطبراني في الصغير وأعله أبو زرعة وأبو حاتم، قال الدارقطني والصحيح فيه عن نافع عن زيد بن عبد الله بن عمر عن عبد الله ابن عبد الرحمن بن أبي بكر عن أم سلمة، قال الحافظ فرجع الحديث إلى حديث أم سلمة والله أعلم (باب) (6) (سنده) حدّثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (7) الخاتم بفتح التاء وكسرها لغتان (8) الورق بكسر الراء الفضة (9) (سنده) حدّثنا سليمان بن داود الهاشمي حدثنا إسماعيل يعني ابن جعفر أخبرني ابن دينار عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه اتخذ خاتما من ذهب فلبسه فاتخذ الناس خواتيم الذهب الخ (10) (سنده) حدّثنا عفان ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن نافع عن ابن عمر قال كان للنبي صلى الله عليه وسلم الخ (11) الفص بفتح الفاء وكسرها (12) فيه بيان ما كانت الصحابة عليه من

-[التشديد في تحريم لبس خاتم الذهب للرجال وقصة خاتم البراء بن عازب]- خاتما من فضة فكان يختم به ولا يلبسه (1) (عن محمد بن مالك) (2) قال رأيت على البراء (بن عازب) رضي الله عنه خاتما من ذهب وكان الناس يقولون له لم تختم بالذهب وقد نهى عنه النبي صلى الله عليه وسلم، فقال البراء بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين يديه غنيمة يقسمها سي وخرثى (3) فقال فقسمها حتى بقى هذا الخاتم، فرفع طرفه فنظر إلى أصحابه ثم خفض ثم رفع طرفه فنظر إليهم ثم خفض ثم رفع طرفه فنظر إليهم ثم قال أي براء، فجئته حتى قعدت بين يديه فأخذ الخاتم فقبض على كرسوعى (4) ثم قال خذ ما كساك الله ورسوله، قال وكان البراء يقول كيف تأمروني أن أضع ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البس ما كساك الله ورسوله (5) (عن أبي سعيد الخدري) (6) أن رجلا قدم من نجران (7) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه خاتم ذهب (8) فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يسأله عن شيء، فرجع الرجل إلى امرأته فحدثها فقالت أن لك لشأنا (9) فارجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرجع إليه فالتقى خاتمه وجبة كانت عليه، فلما استأذن أذن له وسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام، فقال يا رسول الله أعرضت عني قبل حين جئتك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنك جئتني وفي يدك جمرة نار، فقال يا رسول الله لقد جئت إذا بحمر كثير، وكان قد قدم بحلي من البحرين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ما جئت به غير مغن عنا شيئا إلا ما أغنت حجارة الحرة ولكنه متاع الحياة الدنيا (10) فقال الرجل فقلت

_ المبادرة إلى امتثال أمره ونهيه صلى الله عليه وسلم والاقتداء بأفعاله (1) الظاهر أنه كان لا يلبسه على الدوام فقد ثبت عند مسلم والإمام أحمد وغيرهما وسيأتي في حديث ابن عمر أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من ورق فكان في يده ثم كان في يد أبي بكر الخ (تخريجه) (ق. والثلاثة) (2) (سنده) حدّثنا أبو عبد الرحمن ثنا أبو رجاء ثنا محمد بن مالك الخ (غريبه) (3) بضم الخاء المعجمة وكسر المثلثة بينهما راء ساكنة قال في النهاية الخرثي أثاث البيت ومتاعه (4) الكرسوع بضم الكاف طرف رأس الزند مما يلي الخنصر (نه)) 5) الظاهر أن هذا كان أول الأمر ثم نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعلم البراء بالنهي والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى باختصار ومحمد ابن مالك مولى البر اء وثقه ابن حبان وأبو حاتم ولكن قال ابن حبان لم يسمع من البراء (قلت) قد وثقه وقال رأيت فصرح وبقية رجاله ثقات اهـ (6) (سنده) حدثنا هارون بن معروف ثنا ابن وهب حدثنا عمرو بن الحارث عن بكر بن سوادة أن أبا التجيب مولى عبد الله بن سعد حدثه أن أبا سعيد الخدري حدثه أن رجلا قدم من نجران الخ (غريبه) (7) هي بفتح النون وسكون الجيم (قال النووي) وهي بلدة معروفة كانت منزلا للأنصار وهي بين مكة واليمن على نحو سبع مراحل من مكة اهـ (قلت) وجاء عند الطبراني عن أبي سعيد أيضا قال أقبل رجل من البحرين ولم يقل من نجران، قال ياقوت في معجمه البحرين اسم جامع لبلاد على ساحل بحر الهند وقد عدها قوم من اليمن اهـ قلت والظاهر أن نجران بلد من بلاد البحرين فعبر بعض الرواة باسم القرية وعبر بعضهم باسم الإقليم (8) زاد عند الطبراني (وجبة حرير) (9) جاء عند الطبراني فقالت له (لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم كره جبتك وخاتمك فألقهما فألقاهما، ثم غدا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرد عليه السلام (10) زاد عند الطبراني (قال فما اتختم به؟ قال حلقة من ورق أو حديد أو صفر)

-[التشديد في تحريم لبس خاتم الذهب للرجال وجوازه للنساء]- يا رسول الله اعذرني في أصحابك لا يظنون أنك سخطت على بشيء، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فعذره وأخبر أن الذي كان منه إنما كان لخاتمه الذهب (ز) (عن علي رضي الله عنه) (1) قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب وعن لبس الحمرة وعن القراءة في الركوع والسجود (عن ابن عباس) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما فلبسه ثم قال شغلني هذا عنكم منذ اليوم، إليه نظرة وإليكم نظرة، ثم رمى به (3) (عن عمرو بن يعلى بن مرة) (4) الثقفي عن أبيه عن جده قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل عليه خاتم من الذهب عظيم، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أتزكى هذا؟ فقال يا رسول الله فما زكاة هذا؟ فلما أدبر الرجل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جمرة عظيمة عليه (عن عطاء بن يزيد الليثي) (5) عن أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآى في يده خاتما من ذهب فجعل يقرع يده بعود (6) معه فغفل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فأخذ الخاتم فرمى به، فنظر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يره في إصبعه فقال ما أرانا إلا قد أوجعناك (7) وأغرمناك (عن سالم بن أبي الجعد) (8) عن رجل من قومه قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وعلى خاتم من ذهب فأخذ جريدة فضرب بها كفى وقال أطرحه، قال فخرجت فطرحته ثم عدت إليه، فقال ما فعل الخاتم؟ قال قلت طرحته، قال إنما أمرتك أن تستمتع به (9) ولا تطرحه (وعنه من طريق ثان) (10) عن رجل منا من أشجع نحوه وفيه فطرحته إلى يومي هذا (عن أبي الكنود) (11) قال أصبت خاتما من ذهب في بعض المغازي

_ ولم يذكر الطبراني قول الرجل فقلت يا رسول الله اعذرني الخ الحديث (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الأوسط أبو التجيب وثقه ابن حيان ورجاله ثقات، وقال روى النسائي طرفا من أوله يسيرا اهـ (ز) (1) هذا الحديث تقدم بسنده وتخريجه وشرحه في باب ما جاء في الأحمر وهو من زوائد عبد الله بن الأمام أحمد على مسند أبيه (2) (سنده) حدّثنا عثمان بن عمر أخبرنا مالك بن مغول عن سليمان الشيباني عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) الظاهر أن هذا الخاتم هو خاتم الذهب السالف الذكر (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده صحيح ورجاله ثقات (4) (سنده) حدّثنا إبراهيم بن أبي الليث ثنا الأشجعي عن سفيان عن عمرو بن يعلى بن مرة الثقفي عن أبيه عن جده الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده من لم أعرفه (5) (سنده) حدّثنا عفان ثنا وهيب قال ثنا النعمان بن راشد عن الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي الخ (غريبه) (6) جاء عند النسائي (فجعل يقرعه بقضيب معه) أي يضربه (7) أوجعناك أي بالقرع (وأغرمناك) بالتسيب لإلقاء الخاتم (تخريجه) (نس) وسنده صحيح ورجاله ثقات (8) (سنده) حدّثنا علي بن عاصم ثنا حصين عن سالم بن أبي الجعد الخ (غريبه) (9) أي بنحو بيع أو إعطائه لزوجته أو نحوها من أقاربه (10) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن رجل منا من أشجع قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم على خاتما من ذهب فأمرني أن أطرحه فطرحته على يومي هذا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح اهـ (قلت) هو الطريق الثاني (11) (سنده) حدّثنا محمد بن

-[كلام العلماء في حكم خاتم الذهب الرجال والنساء]- فأتيت عبد الله (1) فوضعه بين لحييه فمضغه وقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتختم بخاتم الذهب أو قال بحلقة الذهب (عن علقمة) (2) قال كنا جلوسا يوما عند عبد الله (3) ومعنازيد بن حدير (4) فدخل علينا خباب (5) فقال يا أبا عبد الرحمن كل هؤلاء يقرأ كما تقرأ؟ فقال إن شئت أمرت بعضهم فقرأ عليك، قال أجل، فقال لي اقرأ (6) فقال ابن حدير تأمره يقرأ وليس بأقرئنا؟ فقال أما والله إن شئت لأخبرتك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقومك وقومه (7) قال فقرأت خمسين آية من مريم، فقال خباب أحسنت، فقال عبد الله ما أقرء شيئا إلا هو قرأه (8) ثم قال عبد الله لخباب أما آن الخاتم أن يلقى؟ قال أما لا تراه على بعد اليوم (9) والخاتم ذهب (باب ما جاء في كراهة خاتم الصفر والحديد واستحباب خاتم الفضة) (عن عبد الله بن بريدة عن أبيه) (10)

_ جعفر حدثنا شعبة عن يزيد بن أبي زياد عن أبي سعد عن أبي الكنود الخ (قلت) أبو سعد هو الأرحبي الكوفي الأزدي قارئ الأزد ذكره ابن حبان في الثقات (وأبو الكنود) بفتح الكاف وضم النون وبدال مهملة كنية عامر بن شهر، كذا في المغنى للعلامة المحدث الشيخ محمد طاهر الهندي (غريبه) (1) يعني ابن مسعود (تخريجه) (طل) وسنده صحيح ورجاله كلهم ثقات وله شاهد عند مسلم وغيره من حديث أبي هريرة قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب (2) (سنده) حدّثنا يعلى حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة قال كنا جلوسا الخ (قلت) إبراهيم هو النخعي، وعلقمة هو ابن قيس بن عبد الله النخعي الكوفي (3) يعني ابن مسعود الصحابي رضي الله عنه (4) يعني الأسدي الكوفي اخو زياد ثقة مخضرم له في البخاري ذكر أي في المغازي كذا في التقريب (5) هو ابن الأرت الصحابي المشهور رضي الله عنه (6) القائل اقرأ هو خباب يقول لعلقمة اقرأ (7) قال الحافظ كأن خبابا يشير إلى ثناء النبي صلى الله عليه وسلم على النخع لأن علقمة نخعي، وإلى ذم بني أسد، وزياد بن حدير أسدى، فأما ثناؤه صلى الله عليه وسلم على النخع فسيأتي في باب ما ورد في بني ناجية والنخع وعنزة من كتاب أخبار العرب في زمن الجاهلية عن ابن مسعود قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لهذا الحي من النخع أو يثني عليهم حتى تمنيت إني رجل منهم، وأما ذمه لبني أسد فسيأتي في الباب الأول من أبواب ما ورد في بعض قبائل العرب من كتاب أخبار العرب المشار إليه آنفا (8) جاء في نسخة أخرى من الأصل بلفظ (إلا وهو يقرء) وفي البخاري إلا وهو يقرؤه (9) جاء عند البخاري (أما أنك لا تراه) (تخريجه) (خ) (هذا) وأحاديث الباب تدل على تحريم خاتم الذهب على الرجال، وحكى النووي الإجماع على إباحته للنساء قال واجمعوا على تحريمه على الرجال إلا ما حكى عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم أنه أباحه، وعن بعض أنه مكروه لا حرام، وهذان النقلان باطلان فقائلهما محجوح بهذه الأحاديث مع إجماع من قبله على تحريمه له مع قوله صلى الله عليه وسلم في الذهب والحرير (أن هاذين حرام على ذكور أمتي حل لأناثها) قال أصحابنا ويحرم سن الخاتم إذا كان ذهبا وإن كان باقية فضة وكذا لو موه خاتم الفضة بالذهب فهو حرام اهـ. (باب) (10) (سنده) حدثنا يحيى بن واضح وهو أبو تميلة عن عبد الله بن مسلم عن عبد الله ابن بريدة عن أبيه (يعني بريدة الأسلمي رضي الله عنه) قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)

-[كراهة التختم بخاتم الحديد والنحاس]- قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في يد رجل خاتما من ذهب فقال مالك ولحلى أهل الجنة (1) قال فجاء وقد لبس خاتما من صفر (2) فقال أجد منك ريح أهل الأصنام، قال فمم اتخذه يا رسول الله؟ قال من فضة (3) (عن عمرو بن شعيب) (4) عن أبيه عن جده (5) أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى على بعض أصحابه (6) خاتما من ذهب فأعرض عنه فألقاه واتخذ خاتما من حديد فقال إن هذا شر (7) هذا حلية أهل النار فألقاه فاتخذ خاتما من ورق فسكت عنه (ومن طريق ثان) (8) عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه لبس خاتما من ذهب فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه كرهه فطرحه، ثم لبس خاتما من حديد فقال هذا أخبث وأخبث فطرحه، ثم لبس خاتما من ورق فسكت عنه (عن عمر بن الخطاب) (9) رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى في يد رجل خاتما من ذهب فقال ألق ذا فألقاه، فتختم بخاتم من حديد فقال ذا شر منه، فتختم بخاتم من فضة فسكت عنه (باب ما جاء في خاتم النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان من فضة) (عن ابن عمر) (10) قال اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق فكان في يده، ثم كان في يد أبي بكر من بعده، ثم كان في يد عمر، ثم كان في يد عثمان (11) رضي الله عنهم نقشه محمد رسول الله

_ (1) معناه أن التختم بالذهب لا يجوز للرجال في الدنيا وإنما هو حليهم في الجنة (2) قال في المصباح الصفر مثل قفل وكسر الصاد لغة النحاس اهـ وإنما قال له النبي صلى الله عليه وسلم ذلك لأن الأصنام كانت تتخذ من النحاس غالبا (3) جاء عند أبي داود قال (اتخذه من ورق "يعني فضة" ولا تتمه مثقالا) (تخريجه) (دنس مذ) قال المنذري وقال الترمذي هذا حديث غريب، قال وعبد الله بن مسلم يكنى أبا طيبة وهو مروذي هذا آخر كلامه (يعني الترمذي) قال المنذري وعبد الله بن مسلم أبو طيبة المسلمي المروزي قاضي مرو، روى عن عبد الله بن بريدة وغيره، قال أبو حاتم الرازي يكتب حديثه ولا يحتج به (4) (سنده) حدّثنا يحيى "يعني ابن سعيد" عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (5) هو عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما (6) الظاهر أن الصحابي المبهم هو عبد الله بن عمرو ورازي الحديث كما يستفاد من الطريق الثانية (7) قال الخطابي قيل لنا كره ذلك (يعني خاتم الحديد) من سهوكته وريحه قال ويقال معنى (حلية أهل النار) أنه زي بعض الكفار وهم أهل النار والله أعلم (8) (سنده) حدّثنا سريج ثنا عبد الله بن المؤمل عن ابن أبي مليكة عن عبد الله بن عمرو الخ (تخريجه) أورد الهيثمي الطريق الثانية منه وقال رواه (حم طب) وفي رواية عند أحمد قال في الخاتم الحديد هذا حلية أهل النار وأحد إسنادي أحمد رجاله ثقات اهـ (قلت) يعني الطريق الأولى وهي التي فيها (هذا حلية أهل النار) أما الطريق الثانية ففي إسنادها عبد الله بن المؤمل وهو ضعيف (9) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد أنبأنا عمار بن أبي عمار أن عمر بن الخطاب قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، ورجاله كلهم ثقات إلا أن عمار بن أبي عمار لم يدرك عمر، ويؤيده الطريق الأولى من الحديث السابق (باب) (10) (سنده) حدّثنا ابن نمير حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (11) زاد مسلم (حتى وقع منه في بئر أزيس) (تخريجه) (ق وغيرهما) بألفاظ مختلفة

-[استحباب التختم بخاتم الفضة]- (عن أنس بن مالك) (1) قال لما أراد رسول الله أن يكتب إلى الروم قالوا إنهم لا يقرءون كتابا إلا مختوما قال فاتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من فضة كأني أنظر إلى بياضه في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم نقشه محمد رسول الله (2) (وعنه أيضا) (3) قال اصطنع رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما فقال إنا قد اصطنعنا خاتما ونقشنا فيه نقشا فلا ينقش أحد عليه (4) (وعنه أيضا) (5) قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم خاتم ورق فصه حبشي (6) وعنه أيضا قال) (7) كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم فضة فصه منه (8) (عن ابن شهاب) (9) أن أنس بن مالك رضي الله عنه أخبره أنه رأى في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتما من ورق (10) يوما

_ والمعنى واحد (1) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك قال لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) زاد أبو داود وفي رواية فكان في يده حتى قبض، وفي يد أبي بكر حتى قبض، وفي يد عمر حتى قبض، وفي يد عثمان فبينما هو عند بئر إذ سقط في البئر فأمر بها فنزحت فلم يقدر عليه (تخريجه) (ق مذ نس) (3) (سنده) حدّثنا إسماعيل حدثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك فال اصطنع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) قال النووي سبب النهي أنه صلى الله عليه وسلم إنما اتخذ الخاتم ونقش فيه ليختتم به كتبه إلى ملوك العجم وغيرهم، فلو نقش غيره مثله لدخلت المفسدة وحصل الخلل (تخريجه) (م. والأربعة) (5) (سنده) حدّثنا معاوية بن عمرو ثنا عبد الله بن وهب عن يونس عن الزهري عن أنس قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) قال العلماء يعني حجرا حبشيا أي فصا من جزع أو عقيق فإن معدنهما بالحبشة واليمن وقيل لونه حبشي أي أسود، (تخريجه) (م. والأربعة) (7) (سنده) حدّثنا موسى بن داود ثنا زهير عن حميد عن أنس قال كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) جاء في الحديث السابق (فصه حبشي) وفي هذا الحديث (فصه منه) وهذه الرواية أي التي فيها فصه منه جاءت عند البخاري في رواية حميد عن أنس كما هنا، قال ابن عبد البر هذا أصح، وقال غيره كلاهما صحيح، وكان لرسول الله صلى الله عليه وسلم في وقت خاتم فصه منه وفي وقت خاتم فصه حبشي، وفي حديث آخر فصه عقيق، قاله النووي (وقال الحافظ) يحتمل أن يكون الحبشي هو الذي فصه منه ونسب إلى الحبشة لصفة فيه إما الصياغة أو النقش والله أعلم (تخريجه) (خ مذ نس) (9) (سنده) حدّثنا روح ثنا ابن جريج وعبد الله بن الحارث عن ابن جريج قال أخبرني زياد يعني ابن سعد أن ابن شهاب أخبره أن أنس بن مالك أخبره أنه رأى في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (10) صوابه من ذهب (قال القاضي عياض) قال جميع أهل الحديث هذا وهم من ابن شهاب فوهم من خاتم الذهب إلى خاتم الورق، والمعروف روايات أنس من غير طريق ابن شهاب اتخاذه صلى الله عليه وسلم خاتم فضة ولم يطرحه، وإنما طرح خاتم الذهب كما ذكره مسلم (قلت والإمام أحمد أيضا في باقي الأحاديث) قال ومنهم من تأول حديث ابن شهاب وجمع بينه وبين الروايات فقال لما أراد النبي صلى الله عليه وسلم تحريم خاتم الذهب اتخذ خاتم فضة فلما لبس خاتم الفضة أراه الناس في ذلك اليوم ليعلمهم إباحته، ثم طرح خاتم الذهب واعلمهم تحريمه فطرح الناس خواتمهم من الذهب، فيكون قوله فطرح الناس خواتمهم أي خواتم الذهب، وهذا التأويل هو الصحيح وليس في الحديث ما يمنعه، وأما

-[ما جاء في نقش الخاتم واستحباب لبسه في اليمين وكراهته في الشمال]- واحدا ثم أن الناس اضطربوا (1) الخواتيم من ورق ولبسوها فطرح النبي صلى الله عليه وسلم خاتمه فطرح الناس خواتيمهم (باب ما جاء في نقش الخاتم ولبسه في اليمين وكراهته في الوسطى) (عن أنس بن مالك) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم صنع خاتما من ورق فنقش فيه محمد رسول الله، ثم قال لا تنقشوا عليه (3) (عن ابن عمر رضي الله عنهما) (4) قال كان في خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد رسول الله (عن أنس بن مالك) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تستضيئوا بنار المشركين (6) ولا تنقشوا خواتيمكم عربيا (حدثنا يزيد (8) أنبأنا حماد بن سلمة قال رأيت ابن أبي رافع يتختم في يمينه فسألته عن ذلك، فذكر أنه رأى عبد الله بن جعفر رضي الله عنهما يتختم في يمينه، وقال عبد الله بن جعفر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتختم في يمينه (عن علي رضي الله عنه) (9) قال نهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أجعل خاتمي في هذه، السباحة أو التي تليها (10) (باب منع النساء من التحلي بالذهب وجوازه لهن بالفضة) (عن أبي هريرة) (11) قال كنت قاعدا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاءته امرأة فقالت يا رسول الله طوق من ذهب، قال طوق من نار، قالت يا رسول الله سواران من ذهب، قال سواران من نار، قالت قرطان (12) من ذهب، قال قرطان من

_ قوله فصنع الناس الخواتم من ورق فلبسوه (أي كما في رواية لمسلم) ثم قال (فطرح خاتمه فطرحوا خواتمهم) فيحتمل أنهم لما علموا أنه صلى الله عليه وسلم يصطنع لنفسه خاتم فضة اصطنعوا لأنفسهم خواتيم فضة وبقيت معهم خواتيم الذهب كما بقى مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى أن طرح خاتم الذهب واستبدلوا الفضة والله أعلم حكاه النووي (1) أي اصطنعوا لأنفسهم خواتيم فضة كما في رواية لمسلم (تخريجه) (ق د نس) (باب) (2) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ثابت البناني عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (3) تقدم سبب النهي عن ذلك في الباب السابق، وفيه جواز نقش الخاتم وجواز نقش اسم صاحب الخاتم، واختلف في جواز نقش اسم الله تعالى، فذهب الجمهور في جوازه وعن ابن سيرين وبعضهم كراهة نقش اسم الله تعالى، قال النووي وهو ضعيف (تخريجه) (م، وغيره) (4) (سنده) حدّثنا محمد ابن بشر حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (م، وغيره) (5) (سنده) حدّثنا هشيم أنا العوام ثنا الأزهر بن راشد عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (6) أي لا تقربوهم كما قال لا تراءى ناراهما، وفي النهاية أراد بالنار هنا الرأي أي لا تشاوروهم فجعل الرأي مثل الضوء عند الحيرة (7) أي نقشا معلوما في العرب ولم يكن ثمة نقش معلوم فيهم إلا نقش خاتمة لأنهم ما كانوا يلبسون الخواتم فأراد بذلك أنكم لا تجعلوا نقش خواتيمكم نقش خاتمي والله أعلم (تخريجه) (نس) وفي إسناده أزهر بن راشد البصري قال أبو حاتم مجهول (8) (حدثنا يزيد الخ) (تخريجه) (مذ نس جه) وقال الترمذي قال محمد بن إسماعيل (يعني البخاري) هذا أصح شيء روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب (9) (سنده) حدّثنا محمد بن فضيل عن عاصم بن كليب عن أبي بردة بن أبي موسى عن أبي موسى (يعني الأشعري) عن على الخ (غريبه) (10) يعني الوسطي كما صرح بذلك في رواية أخرى فقال (الوسطى والسبابة) (تخريجه) م د مذ) (باب) (11) (سنده) حدّثنا إسباط قال ثنا مطرف عن أبي الجهم عن أبي زيد عن أبي هريرة الخ (غريبه) (12) بضم القاف وسكون الراء نوع من حلي الأذن

-[ما جاء في حلية النساء بالذهب والفضة]- نار، قال وكان عليها سوار من ذهب فرمت به ثم قالت يا رسول الله أن إحدانا إذا لم تزين لزوجها صلفت (1) عنده، قال فقال ما يمنع إحداكن تصنع قرطين من فضة ثم تصفرهما بالزعفران (2) (عن عبد الرحمن بن غنم) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من تحلى أو حلى يحر بصيصة من ذهب (4) كوى بها يوم القيامة (عن عطاء عن أم سلمة) (5) زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضى عنها قال جعلت شعائر (6) من ذهب في رقبتها فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فأعرض عنها، فقلت ألا تنظر إلى زينتي؟ فقال عن زينتك أعرض قال زعموا أنه قال ما ضر إحداكن لو جعلت خرصا من ورق ثم جعلته (7) بزعفران (وعنه أيضا عن أم سلمة رضي الله عنها) (8) قالت لبست قلادة فيها شعرات من ذهب قالت فرآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعرض عني، فقال ما يؤمنك أن يقلدك الله مكانها يوم القيامة شعرات من نار قالت فنزعتها (عن ثوبان) (9) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ابنة هبيرة دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي يدها خواتيم من ذهب يقال لها الفتخ (10) فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرع يدها

_ (1) بكسر اللام من باب علم أي ثقلت عليه ولم تحظ عنده (2) أي فيجتمع صفرة الزعفران مع بريق الفضة فيخيل إلى النفوس أنه من ذهب ويؤدي من الزينة ما يؤدي الذهب (تخريجه) (دنس) وفي إسناده أبو زيد قال ابن القطان وعلته أن أبا زيد راوية عن أبي هريرة مجهول ولا نعرف روى عنه غير أبي الجهم ولا يصح هذا (3) (سنده) حدّثنا عبد الصمد ثنا هشام عن قتادة عن شهر عن عبد الرحمن بن غنم الخ (غريبه) (4) جاء في الأصل (بخز بصيصة) وهو تحريف مطبعي أو من الناسخ وصوابه (بحر بصيصة) بحاء مهملة مفتوحة وراء ساكنة ثم موحدة مفتوحة ثم صادين مهملتين أولاهما مكسورة والثانية مفتوحة، قال في القاموس (ما عليه حر بصيصة) أي شيء من الحلى اهـ وجاء في مجمع الزوائد (بلفظ من تحلى أو حلى بخريصة من ذهب الخ) الخريصة تصغير الخرص والخرص بالضم ويكسر حلقة الذهب والفضة، وحلقة القرط أو الحلقة الصغيرة من الحلى كذا في القاموس (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه شهر (يعني ابن حوشب) وهو ضعيف يكتب حديثه وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) شهر من حوشب هو مولى أسماء بنت يزيد بن السكن وثقه الجهور فحديثه حسن، انظر ترجمته في الخلاصة في حرف الشين مع الهاء في التفاريق (5) (سنده) حدّثنا روح ثنا ابن جريج قال أنا عطاء عن أم سلمة الخ (غريبه) (6) جاء في رواية شعرات وفي رواية جعلت شعارير الذهب في رقبتها، قال في النهاية هو ضرب من الحلى أمثال الشعير (7) أي صفرته بزعفران فيصير كالذهب في عين الرائي (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وسياقه أحسن وقال فيه فقطعتها فأقبل على بوجهه ورجال أحمد رجال الصحيح (8) (سنده) حدثنا أبو معاوية قال ثناليث عن عطاء عن أم سلمة الخ (تخريجه) (طب) وهو كالذي قبله رجاله رجال الصحيح. (9) (سنده) حدّثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا يحيى حدثني زيد بن سلام أن جده حدثه أن أبا أسماء حدثه أن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (10) بفتحتين جمع فتحة كسجدة، وهي خواتيم كبار تلبس في الأيدي وربما وضعت في أصابع الأرجل، قيل هي خواتيم لافصوص لها، وتجمع أيضا على

-[ما جاء في حلية النساء بالذهب والفضة]- بعصية (1) معه يقول لها أيسرك أن يجعل الله في يدك خوايم من نار؟ قال فاطمة (رضي الله عنها) فشكت إليها ما صنع بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وانطلقت أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام خلف الباب وكان إذا استأذن قام خلف الباب، قال فقالت لها فاطمة انظري إلى هذه السلسة التي أهداها إلىّ أبو حسن (2) قال وفي يدها سلسلة من ذهب فدخل النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا فاطمة بالعدل أن يقول الناس فاطمة بنت محمد وفي يدك سلسة من نار، ثم عذمها عذما شديدا (3) ثم خرج ولم يقعد فأمرت بالسلسلة فبيعت فاشترت بثمنها عبدا فأعتقته فلما سمع بذلك النبي صلى الله عليه وسلم كبّر وقال الحمد لله الذي نجى فاطمة من النار (عن أم الكرام) (4) أنها حجت قالت فلقيت امرأة بمكة كثيرة الحشم (5) ليس عليهن حلىّ إلا الفضة فقلت لها مالي لا أرى على أحد من حشمك حليا إلا الفضة؟ قالت كان جدي عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه علىّ قرطان من ذهب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم شهابان من نار، فنحن أهل البيت ليس أحد منا بلبس حليا إلا الفضة (عن شهر بن حوشب) (6) قال حدثني أسماء بنت يزيد أن رسول الله صلى عليه وسلم جمع نساء المسلمين المبيعة فقالت له أسماء ألا تحسر (7) لنا عن يدك يا رسول الله؟ فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أني لست أصافح النساء ولكن آخذ عليهن (8) وفي النساء خالة لها عليها قلبان من ذهب وخواتيم من ذهب، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم يا هذه هل يسرك أن يحليك الله يوم القيامة من جمر جهنم سوارين وخواتيم؟ (9) فقالت أعوذ بالله يا نبي الله، قالت قلت يا خالتي اطرحي ما عليك فطرحته، فحدثني أسماء والله يا بني لقد طرحته (10) فما أدرى من لقطه من مكانه ولا التفت منا أحد إليه، قالت أسماء فقلت يا نبي الله أن إحداهم تصلف (11) عند زوجها إذا ل تملح له (12) أو تحلى له، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم ما على أحدا كن أن تتخذ قرطين من فضة وتتخذ لها جمانتين (13)

_ فتخاث وفتاخ (نه) (1) تصغير عصا (2) تعني على بن أبي طالب رضي الله عنه (3) أي أخذها بلسانه أخذا شديدا وأصل العذم العض، ومنه حديث عبد الله بن عمرو بن العاص (فأقبل علىّ أبي فعذمني وعضني بلسانه (تخريجه) (نس) ورجاله كلهم عند الإمام أحمد ثقات: وليس فيه انقطاع عنده فالحديث صحيح (4) (سنده) حدّثنا عبد الصمد قال حدثني ديلم أبو غالب القطان قال حدثني الحكم بن جحل قال حدثني أم الكرام الخ (غريبه) (5) الحشم بالتحريك جماعة الإنسان اللائذون به لخدمته (تخرجيه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد، وأم الكرام لم أعرفها وبقية رجاله ثقات (6) (سنده) حدّثنا هاشم هو ابن القاسم ثنا عبد الحميد قال حدثنا شهر بن حوشب قال حدثتني أسماء بنت يزيد الخ (غريبه) (7) بكسر السين المهملة وضمها من بابي ضرب وقتل أي تكشف يقال حسرت العمامة عن رأسى والثوب عن بدني أي كشفتهما (8) أي آخذ عليهن البيعة بدون مصافحة (9) معناه هل تقبلي أن تتحلى يوم القيامة بسوارين وخواتيم من جمر جهنم (10) تقسم أسماء بنت يزيد لشهر بن حوشب أن خالتها طرحته أي رمت هذا الحلى ولا النفت منهن أحد إليه لشدة زهدهن فيه بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يشعرن بمن أخذه (11) بكسر اللام أي تثقل عليه ولم تحظ عنده: وولاها صليف عنقه أي جانبه (12) بضم اللام أي لم يكن منظرها حسنا عنده (13) الحمان بضم الجيم في الأصل هو حب اللؤلؤ الصغار، وقيل حب

-[ما جاء في حلية النساء بالذهب والفضة]- من فضة فتدرجها بين أناملها بشيء من زعفران فإذا هو كالذهب يبرق (وعنه أيضا عن أسماء بنت يزيد) (1) قالت أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبايعه فدنوت وعلىّ سواران من ذهب فبصر بيصيصها (3) فقال ألقى السوارين يا أسماء، أما تخافين أن يسورك الله بسوار من نار؟ قالت فألقيتهما فما أدرى من أخذهما (وعنه أيضا) (3) أن أسماء بنت يزيد رضي الله عنها كانت تخدم النبي صلى الله عليه وسلم قالت فبينما أنا عنده إذ جاءته خالتي قالت فجعلت تسائله وعليها سواران من ذهب، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم أيسرك أن عليك سوارين من نار؟ قالت قلت يا خالتي إنما يعني سواريك هذين، قالت فألقتهما، قالت يا نبي الله أنهن إذا لم يتحلين صلفز (4) عند أزواجهن، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أما تستطيع أحدا كن أن تجعل طوقا من فضة وجمانة (5) من فضة ثم تخلقه (6) بزعفران فيكون كأنه من ذهب، فإن من تحلى وزن عين جرادة من ذهب أو حر بصيصة (7) كوى بها يوم القيامة (عن محمود بن عمرو) (8) أن أسماء بنت يزيد حدثته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيما امرأة تحلت قلادة من ذهب جعل في عنقها مثلها من النار يوم القيامة، وأيما امرأة جعلت في أذنها خرصة (9) من ذهب جعل في أذنها مثلها من النار يوم القيامة (عن أسماء بنت يزيد) (10) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصح من الذهب شيء ولا بصيصة (11) (وعنها أيضا) (12) قال دخلت أنا وخالتي على النبي صلى الله عليه وسلم وعلينا اسورة

_ يتخذ من الفضة أمثال اللؤلؤ وهو المراد هنا (تخرجيه) (طب) وأورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه شهرين حوشب وهو ضعيف يكتب حديثه اه (قلت) شهر بن حوشب تقدم الكلام عليه في تخريج الحديث الثاني من أحاديث الباب (1) (سنده) حدّثنا محمد بن عبيد ثنا داود الأودي عن شهر عن أسماء بنت يزيد الخ (غريبه) (2) أي بريقها قال في المختار البصيص البريق وقد بص الشيء لمع يبص بالكسر (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أبو داود باختصار، رواه أحمد وفيه شهر بن حوشب وهو ضعيف يكتب حديثه وداود الأودي وثقة ابن معين في رواية وضعفه في أخرى اه (قلت) تقدم الكلام على شهر بن حوشب في تخريج الحديث السابق والله أعلم (3) (سنده) حدّثنا عبد الوهاب بن عطاء أنا عبد الجليل القيسي عن شهر بن حوشب أن أسماء بنت يزيد الخ (غريبه) (4) بكسر اللام أي لم يحزن قبولا عند أزواجهن (5) الجمان بضم الجيم تقدم الكلام عليه قبل حديث (6) أي تلطخه (وزنا ومعنى) بزعفران (7) تقدم الكلام على هذا اللفظ في شرح حديث عبد الرحمن بن غنم الثاني من أحاديث الباب (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات (8) (سنده) حدّثنا أبو عامر عن هشام وعبد الصمد قال ثنا هشام عن يحيى عن محمود بن عمرو الخ (غريبه) (9) جاء في آخر هذا الحديث في الأصل قال عبد الصمد في حديثه قال ثنا محمود بن عمرو قال وإيما امرأة جعلت في أذنها خرصا جعل في أذنها مصله من النار يوم القيامة أهـ ومعناه أنه قال في روايته خرصا بدل خرصة التي رواها هشام والخرصة والخرص معناهما واحد وهو حيلة الأذن (تخريجه) (نس د) ورجاله كلهم ثقات (10) (سنده) حدّثنا محمد بن عبيد ثنا داود يعني ابن يزيد الأودى عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد الخ (غريبه) (11) قال في المختار البصيص البريق وقد بص الشيء لمع يبص بالكسر بصيصا اهـ ومثل ذلك في القاموس وهذا مبالغة في التنفير من حلى الذهب (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده شهر بن حوشب وداود الأودى وتقدم الكلام عليهما في التخريج قبل حديثين (12) (سنده) حدّثنا علي بن عاصم

-[كلام العلماء في حكم حلبة النساء بالذهب والفضة]- من ذهب فقال لنا أتعطيان زكاته؟ قالت فقلنا لا، قال أما تخافان أن يسور كما الله اسورة من نار؟ أديا زكاته (عن ربعى بن خراش) (1) عن امرأته عن أخت حذيفة رضي الله عنها قالت خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا معشر النساء أما لكن في الفضة ما تحلين به؟ أما أنه ما منكن من امرأة تلبس ذهبا تظهره إلا عذبت به يوم القيامة (حدّثنا محمد بن سلمة) (2) بن الأسود عن خصيف ومروان ابن شجاع قال حدثني خصيف عن مجاهد عن عائشة وقال مروان سمعت عائشة رضي الله عنها تقول قالت لما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الذهب قلنا يا رسول الله ألا تربط ألمسك (3) بشيء من ذهب؟ قال أفلا تربطونه بالفضة ثم تلطخونه بزعفران فيكون مثل الذهب (حدّثنا محمد بن سلمة) (4) عن خصيف وحدثنا مروان قال ثنا خصيف عن عطاء عن أم سلمة مثل ذلك (عن أم سلمة) زوج النبي صلى الله عليه وسلم (5) أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الذهب يربط به المسك أو تربط (6) قال اجعليه فضة وصفر بشيء من زعفران (باب ما جاء عاما في تحريم الذهب والحرير) (عن أبي هريرة) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أحب أن يطوق حبيبه طوقا من النار فليطوقه

_ عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد قالت دخلت أنا وخالتي الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده على بن عاصم تكلم فيه (1) (سنده) حدّثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن منصور عن ربعى بن خراش الخ (تخريجه) (د نس) قال المنذري امرأة ربعى مجهولة وأخت حذيفة أسمها فاطمة وقيل خوالة، قال وذكرها أبو عمر النمري وسماها فاطمة وقال وروى عنها حديث في كراهية تحلى النساء بالذهب أن صبح فهو منسوخ اهـ باختصار (2) (حدّثنا محمد بن سلمة الخ) (غريبه) (3) المسك بالتحريك جمع مسكة بالتحريك، وتقدم أنه السوار من الذبَّبل وهي قرون الأوعال وقيل جلود دابة بحرية (نه) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، ورواه أبو يعلى أيضا اه (4) (حدّثنا محمد بن سلمة عن خصيف الخ) هكذا جاء هذا الحديث في الأصل عقب الحديث السابق مختصرا كما ترى (5) (سنده) حدّثنا معمر بن سليمان الرُّقى قال ثنا خصيف عن عطاء عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أو للشك من الراوي يشك هل قال يربط بالياء التحتية أو تربط بالتاء الفوقية (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، واورده الهيثمي وقال رواء احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ يستفاد من أحاديث الباب تحريم حلى الذهب على النساء (قال الحافظ ابن القيم) في تهذيب سنن أبو داود اختلف الناس في هذه الأحاديث واشكلت عليهم فطائفة سلكت بها مسلك التضعيف وعللتها كلها، وطائفة ادعت أن ذلك كان أول الإسلام ثم نسخ واحتجت بجديث أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (أحل الذهب والحرير للإناث من أمتى وحرم على ذكورها) قال الترمذي حديث صحيح (قلت ورواه أيضا الإمام أحمد والنسائي وسيأتي في باب الرخصة في جوازهما للنساء) قال ورواه ابن ماجه في سننه من حديث على وعبد الله بن عمرو (قلت حديث على سيأتي للإمام أحمد في الباب المنشار إليه) قال وطائفة حملت أحاديث الوعيد على من لم يؤد زكاة عليها، فأما من أدته فلا يلحقها هذا الوعيد اه (قلت) وهذا هو الظاهر، وفي أحاديث الباب ما يؤيد ذلك: انظر باب زكاة الحلى من كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 25 واقرأه متنا وشرحا فقد ذكرت فيه مذاهب الأثمة وأقوالهم في ذلك والله الموفق باب (7) (سنده) حدّثنا أبو عامر ثنا زهير عن أسيد بن أبي أسيد عن نافع

-[ما جاء عاما في تحريم الذهب والحرير]- طوقا من ذهب، ومن أحب أن يسور حبيبه سوارا من نار فليسوره بسوار من ذهب، ومن أحب أن يحلق حبيبه حلقة من نار فليحلقه حلقة من ذهب، ولكن عليكم بالفضة العبوا بها لعبا العبوا بها لعبا (1) (عن ابن أبي موسى الأشعرى) عن أبيه (2) وعن ابن أبي قتادة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن زيد بن وهب) (3) عن رجل أن أعرابيا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أكلتنا الضبع (4) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غير الضبع عندي أخوف عليكم من الضبع، أن الدنيا ستصب عليكم صبا فياليت أمتي لا تلبس الذهب (عن أبي ذر) (5) قال قام أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أكلتنا الضبع يعني السنة، قال غير ذلك أخوف لي عليكم، الدنيا إذا صبت عليكم صبا فياليت أمتى لا يلبسون (وفي رواية لا يتحلون) الذهب (حدّثنا محمد ابن جعفر) (6) حدثنا عوف (7) عن ميمون بن أستاذ الهزَّاني عن عبد الله بن عمرو الهزَّاني

_ ابن عياش مولى عيلة بنت طلق الغفاري عن أبي هريرة الخ (وقوله من أحب أن يطوق حبيبه) بكسر الواو المشددة مبنيا للفاعل فيكون قوله حبيبه منصوبا ويجوز فتح الواو مشددة مبنيا للمجهول وحبيبه بالرفع نائب الفاعل وهكذا في أن يسور وأن يحلق (وحبيبه) كالولد ونحوه (1) كرره للتأكيد وفيه إشارة إلى أن التحلية المباحة معدودة في اللهو واللعب والأخذ بما لا يعنيه كذا في المرقاة (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمندري فهو صالح للاحتجاج به (3) (سنده) حدّثنا عبد الصمد قال ثنا عبد الرحمن يعني ابن عبد الله بن دينار قال حدثني أسيد بن أبي أسيد عن ابر أبي موسى عن أبيه أو عن ابن أبي قتادة عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من سره أن يحلق حبيبته حلقة من نار فليحلقها حلقة من ذهب، ومن سره أن يسور حبيبته سوارا من نار فليسورها سوارا من ذهب، ولكن الفضة فالعبوا بها لعبا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وقد روى أسيد هذا عن موسى بن أبي موسى الأشعري وعبد الله بن أبي قتادة فإن كانا هما اللذين أبهما فالحديث حسن، وأن كان غيرهما فلم أعرفهما (3) (سنده) حدّثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن يزيد بن أبي زياد عن زيد بن وهب الخ (غريبه) (4) بفتح الضاد المعجمة مشددة وضم الموحدة يعني السنة المجدية وهي في الأصل الحيوان المعروف والعرب تسكنني به عن ستة الجدب (نه) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والبزار وفيه يزيد بن أبي زياد وهو ضعيف يكتب حديثه وبقية رجاله رجال الصحيح اه (قلت) وفي إسناده أيضا رجل لم يسم (5) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا سفيان عن يزيد بن أبي زياد بن وهب عن أبي ذر الخ (تخريجه) (طل) وهو كالذي قبله في إسناده يزيد بن أبي زياد (هذا) وأحاديث الباب تدل على عموم تحريم الذهب على الرجال والنساء والتحلي به (قال الخطابي) وهذا يتأول على وجهين، أحدهما إنه إنما قال ذلك في الزمان الأول ثم نسخ وأبيح للنساء التحلي بالذهب، وقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم قام على المنبر وفي إحدى يديه ذهب وفي الأخرى حرير فقال هذان حرام على ذكور أمتي حلال لانائها (والوجه الآخر) أن هذا الوعيد فيمن لا يؤدي زكاة الذهب دون من أذاها والله أعلم (6) (حدّثنا محمد بن جعفر الخ) (غريبه) (7) عوف هو ابن جميلة ثقة (وميمون بن أستاذ) بفتح الهمزة وسكون المهملة آخره ذال معجمة (الهزاني) بكسر الهاء وتشديد الزاي تابعي ثقة (وعبد الله بن عمرو الهزاني) لا وجود له في كتب الرجال ولم توجد إشارة إليه قط في التراجم فيما أعلم، والظاهر أن هذا الاسم وقع في هذا السند خطأ

-[ما جاء عاما في تحريم الذهب والحرير]- عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من لبس الذهب من أمتي فمات وهو يلبسه حرام الله عليه ذهب الجنة، ومن لبس الحرير من أمتي فمات وهو يلبسه حرم الله عليه حرير الجنة (عن أبي امامة) (1) أنه سمع (وفي لفظ) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يلبس حريرا ولا ذهباً، قال أبو عبد الرحمن (2) وسمعته أنا من هارون بن معروف (عن عبد الله ابن الزبير) (3) قال سمعت عمر بن الخطاب يقول في خطبته إنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من يلبس الحرير في الدنيا فلا يكساه في الآخرة (4) (وفي لفظ) (5) من لبس

_ من الناسخ لكون الهزاني قبله وعبد الله بن عمرو بعده فالتبس عليه الأمر وصوابه (عن ميمون بن أستاذ الهزّاني عن عبد الله بن عمرو بن العاص) لأن كل من ترجم لميمون بن أستاذ نص على أنه يروى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، ويؤيد ذلك أن هذا الحديث نفسه جاء عند الإمام أحمد من طريق ثان عن ميمون بن أستاذ الهزاني عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وهذا هو الصواب وإنما ذكرت هذا الطريق لأبين ما فيه والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وزاد (ومن مات من أمتي يشرب الخمر حرم الله عليه شربها في الآخرة) وميمون بن أستاذ عن عبد الله ابن عمرو الهزاني لم أعرفه وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) أما قول الهيثمي رواه أحمد والطبراني وزاد (يعني الطبراني) ومن مات من أمتي يشرب الخمر الخ يريد أن الطبراني زاد في هذه الرواية عن الإمام احمد (ومن مات من أمتي يشرب الخمر الخ) وهذا لا ينافى أن الإمام أحمد أتى بهذه الزيادة في رواية أخرى من حديث عبد الله بن عمرو أيضا وتقدمت هذه الرواية بالزيادة في باب م جاء في وعيد شارب الخمر من كتاب الاشربة في هذا الجزء صحيفة 140 رقم 128 (وأما قوله) وميمون بن أستاذ عن عبد الله ابن عمر والهزاني لم أعرفه فمعناه أنه لم يعرف عبد الله بن عمرو والهزاني وهو محق في ذلك، لأن هذا الاسم ليس له ذكر في كتب الرجال كما تقدم، ولا يقدح ذلك في جودة الحديث لأن هذا المجهول ليس من رجال سنده والسند مستقيم بدونه (ملاحظة) جاء في مجمع الزوائد ميمون بن أستاذ بالدال المهملة عن عبد الله بن عمر بدون واو بعد الراء من عمرو والظاهر أنه تحريف مطبعي والله أعلم (1) (سنده) حدّثنا يحيى بن إسحاق أخبرني ابن لهيعة عن سليمان بن عبد الرحمن عن القاسم عن أبي أمامة الخ (غريبه) (2) كنية عبد الله بن الإمام أحمد يريد أنه سمع هذا الحديث من هارون بن معروف وسمعه من أبيه عن يحيى بن إسحاق (تخريجه) (ك) وصححه من طريق أخرى ليس فيها ابن لهيعة وأقره الذهبي وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (قلت) ولمسلم أيضا عن أبي أمامة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة (3) (سنده) حدّثنا عبد الصمد حدثنا أبي حدثنا يزيد يعني الرِّشك عن معاذة عن أم عمرو ابنة عبد الله أنها سمعت عبد الله بن الزبير يقول سمعت عمر بن الخطاب يقول في خطبته الخ (غريبه) (4) جاء في هذا الحديث عن مسلم من طريق شعبة عن خليفة بن كعب إبي ذبيان قال سمعت عبد الله بن الزبير يخطب يقول ألا لا تلبسوا نساءكم الحرير فاني سمعت عمر بن الخطاب بقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلبسوا الحرير فانه من لبس في الدنيا لم يلبسه في الآخرة (5) هذا اللفظ جاء في المسند من طريق عبد الله بن عمر قال حدثني أبو حفص (يعني عمر

-[من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة]- الحرير في الدنيا فلا خلاق له في الآخرة (وفي لفظ) (1) إنما يلبس الحرير من لا خلاق له (عن عبد الله بن عمر) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما يلبس الحرير من لا خلاق له (3) (عن أبي هريرة) (4) قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا يرجوا أن يلبسه في الآخرة إنما يلبس الحرير من لا خلاق له قال الحسن (5) فما بال أقوام يبلغهم هذا عن نبيهم صلى الله عليه وسلم فيجعلون حريرا في ثيابهم وفي بيوتهم (وعنه أيضا) (6) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبع الحرير من الثياب فينزعه (عن أنس بن مالك) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لبس الحرير في الدنيا فلن يلبسه في الآخرة (عن جابر) (8) أن راهبا أهدي لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة سندس (9) فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتى البيت فوضعها واحس بوفد أتوه فامره عمر أن يلبس الجبة لقدوم الوفد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصلح لباسها لنا في الدنيا، ويصلح لنا في الآخرة، ولكن خذها يا عمر، فقال تكرهها وآخذها؟ فقال أني لا آمرك أن تلبسها ولكن أرسلها إلى أرض فارس فتصيب بها مالا (10) فارسل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي وكان قد أحسن إلى من فرّ إليه (11) من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن عقبة بن عامر الجهني) (12) قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ ابن الخطاب رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لبس الحرير الخ (1) هذا اللفظ من طريق عبد الله بن عمر أيضا عن عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنما يلبس الحرير من لا خلاق له (تخريجه) (ق طل وغيرهم) (2) (سنده) حدّثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة حدثني بكر بن عبد الله وبشر بن عائذ الهزلي كلاهما عن عبد الله بن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) جاء في رواية عند الشيخين عن ابن عمر أيضا بلفظ (قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يلبس الحرير في الدنيا من لا خلاق له في الآخرة) والخلاق كما في كتب اللغة وشروح الحديث النصيب أي من لا نصيب له في الآخرة وهكذا إذا فسر بمن لا حرمة له أو من لا دين له كما قيل (تخريجه) (ق طل وغيرهم) (4) (سنده) حدّثنا أبو النضر ثنا المبارك عن الحسن عن أبي هريرة الخ (غريبه) (5) يعني الحسن البصري (وتخريجه) (طل) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار باختصار وفيه مبارك بن فضالة وثقة ابن حبان وغيره وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح (6) (سنده) حدّثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة أنا أبو هانيء أن أبا سعيد الغفاري أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح خلا أبا سعيد الغفاري وقد وثقه ابن حبان (7) (سنده) حدّثنا إسماعيل ثنا عبد العزيز عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) (ق نس جه) (8) (نده) حدّثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله) أن راهبا الخ (غريبه) (9) السندس مارق من الديباج وهو الحرير (10) زاد في رواية فإني عمر أن يأخذها (11) يعني من المسلمين حينما هاجروا إلى الحبشة فأحسن إليهم النجاشي ملك الحبشة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال هو في الصحيح باختصار، ورواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات (12) (سنده) حدّثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن يزيد بن أبي حبيب

-[التشديد في لبس الحرير في الدنيا ووعيد فاعله]- المغرب وعليه فرّوج (1) من حرير وهو القباء فلما قضى صلاته نزعه نزعا عنيفا وقال أن هذا لا ينبغي للمتقين (وعنه أيضا) (2) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يمنع أهل الحلية والحرير (3) ويقول أن كنتم تحبون حلية الجنة وحريرها فلا تلبسوها في الدنيا (عن جويرية) (4) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لبس حريرا البسه الله ثوبا من النار يوم القيامة (وفي لفظ) البسه الله ثوب مذلة أو ثوبا من نار (عن أنس بن مالك) (5) أن أكيدر دومة أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبة سندس أو ديباج (شك فيه سعيد) (6) قبل أن ينهي عن الحرير فلبسها فتعجب الناس منها، فقال والذي نفس محمد بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن منها (7) (عن هشام ابن أبي رقية) (8) قال سمعت مسلمة بن مخلّد وهو قاعد على المنبر يخطب الناس وهو يقول يا أيها الناس أمالكم في العصب (9) والكتان ما يكفيكم عن الحرير، وهذا رجل فيكم يخبركم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قم يا عقبة، فقام عقبة ابن عامر وأنا أسمع فقال أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار واشهد أني سمعته يقول من لبس الحرير في الدنيا حرمه أن يلبس في الآخرة (عن أبي يونس حاتم بن مسلم) (10) سمعت رجلا من قريش

_ عن مرثد بن عبد الله اليزني عن عقبة بن عامر الجهني الخ (غريبه) (1) بفتح الفاء وتشديد الراء المضمومة وآخره جيم هو القباء المفرّج من خلف، قال الحافظ والذي أهداه هو أكيد ردومة كما صرح بذلك البخاري في اللباس وفيه أرشاد إلى أن لابس الحرير ليس من زمرة المتقين (تخريجه) (ق. وغيرهما) (2) (سنده) حدّثنا يحيى بن غيلان قال ثنا رشدين يعني ابن سعد قال حدثني عمرو يعني أن الحارث عن أبي عشانة أنه سمع عقبة بن عامر يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) أي كان يمنعهم عن التحلي بالذهب ولبس الحرير (تخريجه) (نس ك) وصححه الحاكم وحسنه الحافظ السيوطي وفي إسناده رشدين ابن سعد فيه كلام (4) (سنده) حدّثنا حجاج ثنا شريك عن جابر عن خالته أم عثمان عن جويرية (يعني بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنها) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف وقد وئق (5) (سنده) حدّثنا روح ثنا شعبة عن قتادة ثنا أنس بن مالك أن أكيدر دومة الخ (غريبه) (6) هكذا بالأصل (شك فيه سعيد، وسعيد هذا لم يذكر في السند فيحتمل أن يكون صوابه (شك فيه شعبة) وحصل تحريف من الناسخ لتقارب اللفظين والله أعلم، ومعناه أن الراوي يشك هل قال جبة سندس أو قال بة ديباج، والسندس مارق من الحرير، والديباج هو الحرير مطلقا (7) فيه منقبة عظيمة لسعد بن معاذ رضي الله عنه (تخريجه) (م طل) وغيرهما ورواه أيضا (ق طل وغيرهم) من حديث البراء بن عازب (8) (ٍنده) حدّثنا هارون بن معروف قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) وأظن أني سمعته منه قال ثنا ابن وهب أخبرني عمرو أن هشام بن أبي رقيَّة حدثه قال سمعت مسلمة الخ (غريبه) (9) العصب بوزن العصب برود يمنية يعسب غزلها أي يجمع ويشد ثم يصبغ وينسج فيأتي مؤشيا لبقاء ما عصب منه أبيض لم يأخذ صبغ (نه) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل بز طب طس) ورجالهم ثقات (10) (سنده) حدّثنا حسين بن محمد حدثنا شعبة عن أبي يونس حاتم بن مسلم الخ (غريبه)

-[جواز بيع الثوب الحرير لمن يجوز له لبسه والانتفاع بثمنه]- يقول رأيت امرأة جاءت إلى ابن عمر بمنى عليها درع حرير، فقالت ما تقول في الحرير؟ فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه (1) (عن عبد الله بن عمرو) (2) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابيّ عليه جبة من طيالسة (3) مكفوفة بديباج أو مزرورة بدبياج فقال أن صاحبكم هذا (4) يريد أن يرفع كل راع بن راع، ويضع كل فارس بن فارس (5) فقام النبي صلى الله عليه وسلم مغضبا فأخذ بمجامع جبته فاجتذبه وقال لأرى عليك ثياب من لا يعقل (6) ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أن نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة دعا ابنيه فقال أني قاصر عليكما الوصية (الحديث) (7) (عن أنس بن مالك) (8) قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر بجبة سندس (9) قال فلقى عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعثت إلى بجبة سندس وقد قلت فيها ما قلت؟ قال أني لم أبعث بها إليك لتلبسها، إنما بعثت بها إليك لتبيعها (10) أو تستنفع بها (عن يحيى بن جابر) (11) عن ضمرة بن ثعلبة رضي الله عنه أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وعليه حلتان من حلل اليمن (12) فقال يا ضمرة أترى ثوبيك هذين مدخليك الجنة؟ فقال لئن استغفرت لي يا رسول الله لا أقعد حتى أنزعها عني، فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم أغفر لضمرة بن ثعلبة (13)

_ (1) الظاهر أن ذلك كان أول الأمر قبل الترخيص للنساء بلبس الحرير (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (2) (سنده) حدّثنا وهب بن جرير حدثنا أبي سمعت الصقعب بن زهير يحدث عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) الطيالسة جمع طيلسان والطيلسان فارسي معرب فيعلان بفتح الفاء والعين ثوب في لونه غبرة إلى السواد من لباس العجم (وقوله مكفوفة بدبياج) أي بحرير والثوب المكفف بالحرير هو الذي عمل على ذيله وأكمامه وجيبه كفاف من حرير (أو مزرورة بديباج) أي حرير وأو للشك من الرواي (4) يشير إلى النبي صلى الله عليه وسلم (5) معناه أنه يرفع الجبان ويضع الشجاع وهذا عكس ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من وضعه الشيء في محله وعدله في حكمه ولذلك غضب النبي صلى الله عليه وسلم (6) يريد أن هذا الرجل جاهل لا يفقه شيئا من أحكام الدين، والدليل على ذلك لبسه هذا الثوب الذي لا يجوز لبسه للرجال، ويحتمل أن الرجل قال ذلك قبل أن يسلم والله أعلم (7) الحديث له بقية تقدمت في الجزء الرابع عشر في باب فضل لا إله إلا الله من كتاب الأذكار صحيفة 211 بعد حديث رقم 28 وسيأتي الحديث بتمامه في باب ذكر إدريس ونوح ووصيته لأولاده الهيثمي هذا الجزء منه وقال رواه أحمد في حديث طويل ورجاله ثقات (8) (ٍنده) حدّثنا هشام بن سعيد الطالقاني ثنا أبو عوانة عن عبد الرحمن الأصم عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (9) هو مارق من الحرير (10) أي لمن يجوز له لبس الحرير وجاء عند مسلم لننتفع بثمنها، وقوله هنا (أو تستنفع بها) يحتمل الانتفاع بثمنها ويحتمل أن يعطيها لآل بيته من النساء فيعود النفع عليه أيضا والله أعلم (تخريجه) (م طل وغيرهما) (11) (سنده) حدّثنا سريج بن النعمان ثنا بقية بن الوليد عن سليمان بن سليم عن يحيى بن جابر الخ (غريبه) (12) الظاهر أنهما كانت من حرير (13) فيه منقبة عظيمة لضمرة بن ثعلبة حيث دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمغفرة ودعاؤه صلى الله عليه وسلم مستجاب قطعا (تخريجه) الحديث رجاله ثقات ولم يكن لضمرة بن ثعلبة في مسند

-[قوله صلى الله عليه وسلم في الحرير إنما يلبسه من لا خلاق له]- فانطلق سريعا حتى نزعهما عنه (حدثنا على بن عاصم) (1) أنا سليمان التيمي قال حدثني الحسن بحديث أبي عثمان النهدي عن عمر في الديباج فقال الحسن اخبرني رجل من الحي أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليه جبة لبنتها ديباج (2) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبنة من نار (عن حفصة) (3) أن عطارد بن حاجب قدم معه ثوب ديباج كساه أياه كسرى، فقال عمر يا رسول الله لو اشتريته؟ فقال إنما يلبسه من لا خلاق له (عن حبيب بن عبيد الرحي) (4) أن أبا إمامة رضي الله عنه دخل على خالد بن يزيد فألقى له وسادة فظن أبو إمامة أنها حرير فتنحى يمشي القهقرى حتى بلغ آخر السماط وخالد يكلم رجلا ثم التفت إلى أبي إمامة فقال له يا أخي ما ظننت؟ أظننت أنها حرير؟ قال أبو إمامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستمتع بالحرير من يرجو أيام الله (5) فقال له خالد يا أبا أمامة أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم غفرا (6) أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم بل كنا في قوم ما كذبونا ولا كذبنا (باب الرخصة في جوازهما للنساء دون الرجال) (عن على رضي الله عنه) (7) قال إن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ حريرا فجعله في يمينه

_ الإمام أحمد سوى هذا الحديث، وأوزده الهيثمي وقال رواه (حم طب) (وأورد له حديثا آخر فيه منقبة أيضا لضمرة فقال) وعنه (أي عن ضمرة) أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ادع الله لي بالشهادة فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم حرم دم ابن ثعلبة على المشركين والكفار، فكنت أحمل في عرض القوم فيتراءى لي النبي صلى الله عليه وسلم خلفهم فيقال يا ابن ثعلبة أنك لنغرر وتحمل على القوم، فقال إن النبي صلى الله عليه وسلم يتراءى لي خلفهم فأحمل عليهم حتى أقف عنده، ثم يتراءى لي أصحابي فأحمل حتى أكون مع أصحابي قال فعمّر زمانا طويلا من دهره، رواه الطبراني وإسناده حسن (1) (حدّثنا على بن عاصم الخ) (غريبه) (2) هي رقعة من الحرير تعمل موضع جيب القميص والجبة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه على بن عاصم بن صهيب وأنكر عليه كثرة الغلط وتماديه فيه، قال أحمد أما أنا فأحدث عنه وحدثنا عنه وبقية رجاله ثقات اهـ. (3) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو كامل وعفان قالوا ثنا حماد بن سلمة قال عفان في حديثه قال أنا أنس بن سيرين عن أبي مجلز عن حفصة (يعني زوج النبي صلى الله عليه وسلم) أن عطارد بن حاجب الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث حفصة وسنده جيد ورواه (م جه طل) وغيرهم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه (4) (سنده) حدّثنا أبو اليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن أبي بكر بن عبد الله يعني ابن أبي مريم عن حبيب بن عبيد الرحبي الخ (غريبه) (5) معناه أن من يرجو المغفرة والرحمة من الله ودخول الجنة والتمتع بما فيها لا يستمتع بالحرير في الدنيا (6) بفتح الغين المعجمة (قال في النهاية) أصل الغفر التغطية يقال غفر الله لك غفرا وغفرانا ومغفرة، والمغفرة إلباس الله تعالى العفو للمذنبين اهـ فقوله غفرا معناه غفر الله لك تقول أنت سمعت هذا الخ يعني أن أبا أمامة ينكر على خالد هذا السؤال بعد أن عزى الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيد ذلك بقوله بل كنا في قوم ما كذبونا أي ما كذبوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا كذبنا عليكم في التبليغ عنه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه أبو بكر بن أبي مريم وقد اختلط (باب) (7) (سنده) حدّثنا ليث حدثنا يزيد بن أبي حبيب عن أبي الصعبة عن رجل من

-[الرخصة في جواز لبس الحرير للنساء وتحريمه على الرجال]- وأخذ ذهبا فجعله شماله ثم قال إن هذين حرام على ذكور أمتي (1) (عن أبي موسى) (2) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحرير والذهب حرام على ذكور أمتي وحل لإناثهم (ز) (عن على رضي الله عنه) (3) أن النبي صلى الله عليه وسلم أهديت له حلة سيراء (4) فأرسل بها إلى فرحت بها فعرفت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم اغضب قال فقسمتها بين نسائي (وعنه عن طريق ثان) (5) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم بحلة حرير فبعث بها إلىّ فلبستها فرأيت الكراهية في وجهه فأمرني فأطرتها خمرا (6) بين النساء (7) (عن هبيرى عن على) (8) رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أهديت له حلة من حرير فكسانيها قال على رضي الله عنه فخرجت فيها فقال النبي صلى الله عليه وسلم لست أرضي لك ما أكره لنفسي، قال فأمرني فشققتها بين نسائي خمرا بين فاطمة (9) وعمته (عن عبد الله بن عمر) (10) أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم بحلة استبرق (11) فقال يا رسول الله لو اشتريت هذه الحلة تلبسها إذا قدم عليك وفود الناس؟ فقال إنما يلبس هذا من لا خلاق له، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم بحلل ثلاث فبعث إلى عمر بحلة، وإلى على بحلة، وإلى أسامة بن زيد بحلة، فأتى عمر رضي الله عنه بحلته النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله بعثت إلىّ

_ همدان يقال له أفلح عن ابن زرير أنه سمع على بن أبي طالب يقول إن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) زاد ابن ماجه (حل لإناثهم) (تخريجه) (د نس جه حب) ونقل عبد الحق عن ابن المديني أنه قال حديث حسن ورجاله معرفون (2) (سنده) حدّثنا محمد بن عبيد ثنا عبيد الله عن نافع عن سعيد بن أبي هند عن أبي موسى (يعني الأشعري) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د نس طل مذ) وقال حسن صحيح وأقره المنذري، ونقل الحافظ عن ابن حزم تصحيحه (3) (ز) (سنده) حدثني إسحاق بن إسماعيل حدثنا يحيى بن عباد حدثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة سمع زيد بن وهب عن علىّ الخ (غريبه) (4) السيراء بكسر المهملة وفتح الياء التحتية والمد (قال في النهاية) نوع من البرود يخالطه حرير كالسيور فهو فعلا من السير (القدِّ) هكذا يروى على الصفة، وقال بعض المتأخرين إنما هو حلة سيراء على الإضافة واحتج بأن سيبويه قال لم يأت فعلا صفة ولكن أسما، وشرح السيراء بالحرير الصافي ومعناه حلة حرير اهـ (قلت) ويؤيد هذا الشرح ما جاء في الطريق الثانية وهو قوله (أتى النبي صلى الله عليه وسلم بحلة حرير) ففيه التصريح بذلك (5) (ٍنده) حدّثنا أبو بكر محمد بن عمرو (وفي نسخة أبو بكر بن محمد بن عمرو) ابن العباس الباهلي حدثنا أبو داود حدثنا شعبة أخبرني أبو بشر سمعت مجاهدا يحدث عن أبي ليلى سمعت عليا يقول أتى النبي صلى الله عليه وسلم الخ (6) بفتح الطاء المهملة وسكون الراء أي قسمتها كما في الطريق الأولى (وقوله خمرا) بضم المعجمة والميم جمع خمار وهو ما تغطى به المرأة رأسها (7) يعني نساءه كما في الطريق الأولى (تخريجه) (ق د نس طل) وهذا الحديث بطريقته من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه ولذلك رمزت له بحرف زاي في أوله (8) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي إسحق عن هبيرة عن على الخ (غريبه) (9) يعني زوجته فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم (وعمته) قيل هي فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف فإنها بنت عم أبيه والله أعلم (تخريجه) (ق د جه وغيرهم) (10) (سنده) حدّثنا إسحاق بن سليمان وعبد الله بن الحارث قالا حدثنا حنظلة سمعت سالما يقول سمعت عبد الله بن عمر يقول أن عمر بن الخطاب أتى النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) الاستبرق

-[الرخصة في جواز لبس الحرير والذهب للنساء وتحريهما على الرجال]- بهذه وقد سمعتك قلت فيها ما قلت؟ قال إنما بعئت بها إليك لتبيعها أو تشققها لا هلك خمرا، قال إسحاق في حديثه وأتاه أسامة وعليه الحلة فقال أني لم أبعث بها إليك لتلبسها، إنما بعثت بها إليك لتبيعها، ما أدرى أقال لأسامة تشققها خمرا أم لا، قال عبد الله بن الحارث في حديثه أنه سمع سالم ابن عبد الله بقول سمعت عبد الله بن عمر يقول وجد عمر (1) فذكر معناه (وعنه أيضا) (2) أن عمر رضي الله عنه رأى حلة سيراء تباع عند باب المسجد فقال يا رسول الله لو اشتريتها فلبستها يوم الجمعة للوفود إذا قدموا عليك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يلبس هذا من لا خلاق له في الآخرة، ثم جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم منها حلل فاعطى عمر منها حلة، فقال عمر يا رسول الله كسوتنيها وقد قلت فيها ما قلت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أني لم أكسكها لتلبسها، إنما كسوتكها لتبيعها أو لتكسوها فكساها عمر أخل له مشركا من أمه بمكة (3) زاد في أخرى قال سالم (يعني ابن عبد الله بن عمر) فمن أجل هذا الحديث كان ابن عمر يكره العلم (4) في الثوب (عن عائشة رضي الله عنها) (5) قالت قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم حلية من عند لنجاشي أهداها له فيها خاتم من ذهب فيه فص حبشي فأخذه النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بعود (6) ببعض أصابعه معرضا عنه ث دعا أمامة بنت أبي العاص ابنة ابنته (7) فقال تحلي بهذا يا بنية {أبواب الرخصة في استعمال الذهب والحرير للرجال لحاجة} (باب من أصيب أنفه فاتخذ أنفا من ذهب) (حدّثنا يزيد بن هرون) (8) أنبأنا

_ ما غلظ من الحرير (1) (وجد عمر) معناه أن عمر وجد حلة استبرق أو سيراء تباع فقال يا رسول الله الخ، وسيأتي معنى هذا في الحديث التالي (تخريجه) (ق د نس) (2) (سنده) حدّثنا محمد بن عبيد حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر أن عمر الخ (غريبه) (3) زاد في رواية البخاري (قبل أن يسلم) قال النووي وفي هذا كله دليل لجواز صلة الأقارب الكفار والإحسان إليهم، وجواز الهدية إلى الكفار، وفيه جواز إهداء ثياب الحرير إلى الرجال لأنها لا تتعين للبسهم، وقد يتوهم إن فيه دليلا على أن رجال الكفار يجوز لهم لبس الحرير، وهذا وهم باطل لأن الحديث إنما فيه الهدية إلى كافر وليس فيه الأذن له في لبسها، وقد بعث النبي صلى الله عليه وسلم ذلك إلى عمر وعلى وأسامة رضي الله عنهم، ولا يلزم منه إباحة لبسها لهم، بل صرح صلى الله عليه وسلم بأنه إنما أعطاه لينتفع بها بغير اللبس، والمذهب الصحيح الذي عليه المحققون والأكثرون أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة فيحرم عليهم الحرير كما يحرم على المسلمين والله أعلم (4) بالتحريك يقال أعلمت الثوب وجمع العلامة علامات (تخريجه) (د نس) (5) (سنده) حدّثنا أحمد بن عبد الملك قال ثنا محمد بن سلمة عن ابن إسحاق عن يحيى بن عياد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة الخ (غريبه) (6) جاء عند أبي داود وابن ماجه (بعود معرضا عنه أو ببعض أصابه) (7) جاء عند أبي داود (ابنة ابنته زينب) (تخريجه) (د جه) وفي إسناده محمد بن إسحاق ثقة مدلس وقد صرح بالتحديث عند أبي داود حينئذ يحتج بحديثه (باب) (8) (حدّثنا يزيد بن هارون) أنبأنا أبو الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة الخ

-[الرخصة في استعمال الذهب والحرير للرجال عند الضرورة]- أبو الأشهب (1) عن عبد الرحمن بن طرفة أن جده عرفجة أصيب يوم الكلاب (2) في الجاهلية فاتخذ أنفا من ورق (3) فانتن عليه فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يتخذ أنفا من ذهب (4) قال يزيد فقيل لأبي الأشهب أدرك عبد الرحمن جده قال نعم (وفي لفظ) قال أبو الشهب وزعم عبد الرحمن أنه رأى جده يعني عرفجة (عن عبد الرحمن بن طرفة) (5) بن عرفجة عن أبيه عن جده قال أصيب يوم الكلاب يعني ماءا اقتتلوا عليه في الجاهلية فذكر مثله (6) قال فما انتن علىّ (حدّثنا عبد الله) (7) أبو عبد الرحمن (8) قال سمعت أبي يقول جاء قوم من أصحاب الحديث فاستأذنوا على أبي الأشهب فأذن لهم فقالوا حدثنا، قال سلوا: فقالوا ما معنا شيء نسألك عنه فقالت ابنته من وراء الستر سلوه عن حديث عرفجة بن أسعد أصيب انفه يوم الكلاب (9) (باب ما جاء في شد الأسنان بالذهب) (حدّثنا شيبان) (10) ثنا أبو الأشهب عن حماد بن أبي سليمان الكوفي قال رأيت المغيرة بن عبد الله وقد شد أسنانه بالذهب (11) فذكر ذلك لإبراهيم (12)

_ (غريبه) (1) أبو الأشهب اسمه جعفر بن حيان (2) جاء عند أبي داود بلفظ (قطع أنفه يوم الكلاب) بضم الكاف، قال الخطابي يوم الكلاب يوم معروف من أيام الجاهلية ووقعة مذكورة من وقائعهم اهـ وفي اللسان الكلاب بضم الكاف وتخفيف اللام اسم ماء كانت عنده وقعة العرب، وقال المنذري الكلاب موضع كان فيه يومان من أيام العرب المشهورة، الكلاب الأول والكلاب الثاني، واليومان في موضع واحد، وقيل هو ما بين الكوفة والبصرة على سبع ليال من اليمامة فكانت به وقعة في الجاهلية (3) بكسر الراء أي من فضة (4) قال الخطابي فيه إباحة استعمال اليسير من الذهب للرجال عند الضرورة كربط الأسنان به وما جرى مجراه مما لا يجري غيره فيه مجراه (تخريجه) (د نس مذ) وقال الترمذي هذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث عبد الرحمن بن طرفة وقد روى سلم بن زرير عن عبد الرحمن بن طرفة نحو حديث أبي الأشهب عن عبد الرحمن بن طرفة اهـ (قلت) الحديث صحيح ورجاله ثقات وله عدة طرق عند الإمام أحمد وغيره ورواه الإمام أحمد أيضا من طريق سلم بن زرير الذي أشار إليه الترمذي عن عبد الرحمن بن طرفة، ومسلم بن زرير ثقة، ومن قال إن أبا الأشهب هو جعفر بن الحارث فقد أخطأ وإنما هو أبو الأشهب جعفر بن حيان العطاردي كما صرح بذلك في بعض طرق الحديث وسيأتي، فهذا اعني العطاردي ثقة وذاك ضعيف انظر تقريب التهذيب (5) (سنده) حدّثنا يحيى بن عثمان يعني الجرمي السمسار ثنا إسماعيل بن عياش عن جعفر بن حيان العطاردي عن عبد الرحمن بن طرفة الخ (غريبه) (6) (قوله فذكر مثله) هكذا في الأصل وليس من اختصاري يريدانه ذكر مثل الحديث المتقدم وزاد (فما انتن علىّ) يعني بعد أن اتخذ أنفا من ذهب (تخريجه) هو كالذي قبله ورجاله كلهم ثقات (7) (حدّثنا عبد الله الخ) (غريبه) (8) أبو عبد الرحمن كنية عبد الله بن الإمام أحمد (9) يستفاد من كلام ابنته إن حديث عرفجة بن أسعد كان محفوظا هند أبيها (تخريجه) هو كالذي قبله ورجاله كلهم ثقات وهذا الأثر لم أقف عليه لغير الإمام أحمد رحمه الله تعالى. (باب) (10) (حدّثنا شيبان الخ) (غريبه) (11) أي لعلة بها (12) هو ابن يزيد بن قيس

-[ما جاء في شد الأسنان بالذهب ولبس الحرير لحكة ونحوها]- فقال لا بأس به (ز) (عن واقد بن عبد الله التميمي) (1) عمن رآى عثمان بن عفان (رضي الله عنه) ضبب أسنانه بذهب (باب الرخصة في لبس الحرير لحكة ونحوها) (عن أنس بن مالك) (2) قال رخص أو رخص النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن عوف والزبير بن العوام "رضي الله عنهما" في لبس الحرير (3) لحكة كانت بهما (وعنه من طريق ثان) (4) ان الزبير بن العوام وعبد الرحمن ابن عوف "رضي الله عنهما" شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القمل فرخص لهما في لبس الحرير

_ ابن الأسود النخعي الإمام الجليل (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله كلهم ثقات، وقال الترمذي بعد ذكر حديث عرفجة بن سعد الأول من أحاديث الباب السابق، قال وقد روى غير واحد من أهل العلم أنهم شدوا أسنانهم بالذهب، وفي هذا الحديث حجة لهم يعني حديث عرفجة (1) (ز) (سنده) حدثني عبيد الله بن عمر القواريري حدثنا أبو القاسم بن أبي الزناد حدثني واقد بن عبد الله التميمي الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير عبد الله بن الإمام أحمد وهو من زوائده على مسند أبيه في إسناده رجل لم يسم (قال الزيلعي) في نصب الراية وفي الباب أحاديث مرفوعه وموقوفة، روى الطبراني في معجمه الوسط عن عبد الله بن عمرو أن أباه سقطت ثنيته فأمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يشدها بذهب وقال لم يروه عن هشام بن عروة إلا أبو الربيع السمان (حديث آخر) رواه ابن قانع في معجم الصحابة عن عبد الله بن عبد الله بن أبيّ بن سلول قال اندقت ثنيتيّ يوم أحد فأمرني النبي صلى الله عليه وسلم أن أتخذ ثنية من ذهب، ذكر الزيلعي هذين الحديثين بإسنادهما، وحديث عبد الله بن عبد الله بن أبيّ ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا بشر بن معاذ وهو ثقة، ولكن عروة بن الزبير لم يدرك عبد الله بن عبد الله بن أبيّ (قلت ومن الآثار) عن سعدان قال رأيت أنس بن مالك يطوف به بنوه حول البيت على سواعدهم وقد شدوا أسنانه بالذهب، أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني وفيه من لم أعرفه (ومنها) عن مروان بن النعمان قال رأيت أنس بن مالك يتوكأ على عصا رأسها ضبة فضة، أورده الهيمثي وقال رواه الطبراني، ومروان لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات (ومنها) غير ذلك كثير وهذه الأحاديث والآثار تدل على جواز اتخاذ السن ونحوه من ذهب للضرورة ولم أعلم خلافا في ذلك، أما ما يفعله الناس الآن من اتخاذ السن أو كسوته بالذهب لأجل الزينة فان ذلك حرام لا يجوز فعله، لأن فيه تغييرا لخلق الله عز وجل، وقد تغالى بعضهم في ذلك من رجال ونساء حتى صاروا يخلعون السن السليم الصحيح ويستبدلونه بسن من ذهب لأجل الزينة، نسأل الله الهداية والتوفيق إلى أقوم طريق (باب) (2) (سنده) حدّثنا حجاج ثنا شعبة عن قتادة عن أنس ابن مالك الخ (غريبه) (3) جاء في رواية لمسلم بلفظ (في القمص الحرير في السفر من حكة كانت بهما أو وجع كان بهما) (وفي لفظ للترمذي ومسلم في قمص الحرير في غزاة لهما) (قلت) القمص بضم القاف والميم جميع قميص، ويروى بالإفراد (وقوله لحكة) بكسر الحاء وتشديد الكاف، قال الجوهري هي الجرب وقيل هي غيره، وهكذا يجوز لبسه للقمل كما في الطريق الثانية، والتقييد بالسفر بيان للحال الذي كانا عليه لا للتقييد، وقد جعل السفر بعض الشافعية قيدا في الترخيص وهو ضعيف، ووجهه أنه شاغل عن التفقد والمعالجة، واختاره ابن الصلاح لظاهر الحديث، والجمهور على خلافه (4) (سنده) حدّثنا يزيد أنا همام يعني ابن يحيى عن قتادة عن أنس أن الزبير بن العوام الخ (تخريجه) (ق. والأربعة. وغيرهم)

-[إباحة اليسير من الحرير كالعلم والرقعة ونحوها]- فرأيت على كل واحد منهما قميصا من حرير (باب إباحة اليسير من الحرير كالعلم والرقعة ونحوها) (عن أبي عثمان النهدي) (1) قال جاءنا كتاب عمر ونحن بأذربيجان مع عتبة بن فرقد أو بالشام (أما بعد) فان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الحرير إلا هكذا إصبعين (2) قال أبو عثمان فما عتمنا (3) إلا أنه الأعلام (وعنه من طريق ثان) (4) قال كنا مع عتبة بن فرقد فكتب إليه عمر رضي الله عنه بأشياء يحدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم فكان فيما كتب إليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يلبس الحرير في الدنيا إلا من ليس له في الآخرة منه شيء ألا هكذا وقال (5) باصبعيه السبابة والوسطى، قال أبو عثمان فرأيت أنها أزرار الطيالسة (6) حين رأينا الطيالسة (وعنه من طريق ثالث) (7) قال جاءنا كتاب عمر رضي الله عنه ونحن باذربيجان يا عتبة بن فرقد وإياكم والتنعيم وزىَّ أهل الشرك ولبوس الحرير فان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا عن لبوس الحرير وقال ألا هكذا، ورفع لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه (عن سويد بن غفلة) (9) أن عمر خطب الناس بالجابية (10) فقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن لبس الحرير ألا موضع إصبعين أو

_ قال الشوكاني رحمه الله والحديث يدل على جواز لبس الحرير لعذر الحكة والقمل عند الجمهور، وقد خالف في ذلك مالك، والحديث حجة عليه، ويقاس غيرهما من الحاجات عليهما، وإذا ثبت الجواز في حق هذين الصحابيين ثبت في حق غيرهما ما لم يقم دليل على اختصاصهما بذلك، وهو مبني على الخلاف المشهور في الأصول، فمن قال حكمه على الواحد حكم على الجماعة كان الترخيص لهما ترخيصا لغيرهما إذا حصل له عذر مثل عذرهما، ومن منع من ذلك الحق غيرهما بالقياس بعدم الفارق والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة عن قتادة قال سمعت أبا عثمان النهدي قال جاءنا كتاب عمر الخ (غريبه) (2) يعني أو ثلاثة أو أربعة كما سيأتي في الحديث التالي (3) بفتح العين المهملة وتشديد التاء الفوقية أي أبطأنا، والمعنى أننا ما أبطأنا عن معرفة ما يقصد وما يريد وأنه لم يرد إلا الأعلام (4) (ٍنده) حدّثنا يحيى بن سعيد حدثنا التيمي عن أبي عثمان قال كنا مع عتبة بن فرقد الخ (5) أي أشار بأصبعيه (6) الطيالسة جمع طيلسان فارسي معّرب وهو ثوب من ثياب العجم أزراره من الحرير (7) (سنده) حدّثنا حسن بن موسى قال حدثنا زهير قال حدثنا عاصم الأحول عن أبي عثمان قال جاءنا كتاب عمر الخ (8) بكسر الزاي (ولبوس الحرير) بفتح اللام وضم الموحدة ما يلبس منه ومقصود عمر رضي الله عنه حثهم على خشونة العيش وصلابتهم في ذلك ومحافظتهم على طريقة العرب في ذلك (تخريجه) (ق. وغيرهما) (9) (سنده) حدّثنا محمد ابن جعفر حدثنا سعيد عن قتادة عن الشعبي عن سويد بن غفلة الخ (غريبه) (10) الجابية قرية معروفة بالشام بجنب نوى، على ثلاثة أميال منها من جانب الشمال، وإلى هذه القرية ينسب باب الجابية أحد أبواب دمشق (تخريجه) (م د، والأربعة. وغيرهم)، قال الشوكاني رحمه الله الحديث فيه دلالة على أنه يحل من الحرير مقدار أربع أصابع كالطراز والسجاف من غير فرق بين المركب على الثوب والمنسوج والمعمول بالإبرة والترقيع كالتطريز، ويحرم الزائد على الأربع من الحرير ومن الذهب بالأولى، وهذا مذهب الجمهور، وقد أغرب بعض المالكية فقال يجوز العلم وأن زاد على الأربع، وروى عن مالك

-[مذاهب العلماء في حكم الثوب المشوب بالحرير]- ثلاثة أو أربعة وأشار بكفه (عن ابن عباس) (1) قال إنما نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الثوب المصمت (2) من قز، قال ابن عباس إما السَّدى (3) والعلم فلا نرى به بأسا (عن عبد الله) (4) مولى أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قال أرسلتني أسماء إلى ابن عمر أنه بلغها أنك تحرم أشياء ثلاثة: العلم في الثوب (5) وميثرة الأرجوان وصوم رجب كله، فقال أمّا ما ذكرت من صوم رجب فكيف بمن يصوم الأبد، وأما ما ذكرت من العلم في الثوب فاني سمعت عمر رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من لبس الحرير في الدنيا لم يلبسه في الآخرة (وعنه أيضا) (6) عن أسماء قال أخرجت إلىّ جبة طيالسة (7) عليها لبنة شبر من ديباج كسرواني (8) (وفي رواية لبنتها ديباج كسرواني) وفرجاها مكفوفان به (9) قالت هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان

_ القول بالمنع من المقدار المستثنى في الحديث ولا أظن ذلك يصح عنه، وذهبت الهادوية إلى تحريم ما زاد على الثلاثة الأصابع، ورواية الأربع ترد عليهم وهي زيادة صحيحة بالإجماع فتعين الأخذ بها والله أعلم (1) (ٍنده) حدّثنا مروان حدثنا خصيف عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) بضم الميم الأولى وفتح الثانية المخففة وهو الذي جميعه حرير لا يخالطه قطن ولا غيره قاله ابن رسلان، وجاء عند أبي داود (المصمت من حرير) بدل (من قز) والمعنى واحد (3) بفتح السين والدال المهملتين بوزن الحصى وهو خلاف اللحمة وهو ما مد طولا في النسج (وقوله والعلم) بفتح اللام هو رسم الثوب ورقمه قاله في القاموس وذلك كالطراز والسجاف (تخريجه) (د ك طب) وفي إسناده خصيف بن عبد الرحمن وقد ضعفه غير واحد، قال في التقريب هو صدوق سيء الحفظ خلط بآخره ورمى بالأرجاء اهـ وقد وثقه ابن معين وأبو زرعة وبقية رجال إسناده ثقات، وأخرجه الحاكم بإسناده صحيح، والطبراني بإسناده حسن كما قال الحافظ في الفتح، وهو يدل على جواز لبس الثوب المشوب بالحرير، وإلى ذلك ذهب الجمهور ونقل الحافظ في الفتح على العلامة ابن دقيق العيد أنه إنما يجوز من المخلوط ما كان مجموع الحرير فيه أربع أصابع لو كانت منفردة بالنسبة إلى جميع الثوب وهو وجيه وأحوط وموافق لأكثر الأحاديث الصحيحة والله أعلم (4) (سنده) حدّثنا يحيى عن عبد الملك حدثنا عبد الله مولى أسماء الخ (قلت) يحيى هو ابن سعيد القطان (وعبد الملك) هو ابن أبي سليمان العذومي (ومولى أسماء) هو عبد الله بن كيسان (وأسماء) هي بنت أبي بكر رضي الله عنه (غريبه) (5) العلم في الثوب تقدم شرحه في الحديث السابق (وميثرة الأرجوان) تقدم في باب الصوم في رجب والأشهر الحرم من أبواب صيام التطوع في الجزء العاشر (تخريجه) (ق. وغيرهما) (6) حدّثنا يحيى بن سعيد عن عبد الملك قال ثنا عبد الله مولى أسماء عن أسماء الخ (غريبه) (7) هو بإضافة جبة إلى طيالسة كما ذكره ابن رسلان في شرح السنن (والطيالسة) جمع طيلسان وهو كساء غليظ، والمراد أن الجبة غليظة كأنها من طيلسان (وقوله لبنة) قال النووي بكسر اللام وإسكان الباء هكذا ضبطها القاضي وسائر الشراح وكذا في كتب اللغة والغريب، قالوا وهي رقعة في جيب القميص، هذه عبارتهم كلهم والله أعلم (8) بكسر الكاف وفتحها والسين ساكنة والراء مفتوحة نسبة إلى كسرى ملك الفرس (9) الفرج في الثوب الذي يكون أمام الثوب وخلفه في

-[ما جاء في النهي عن التصوير ووعيد فاعله]- يلبسها عند عائشة، فلما قبضت عائشة قبضتها إلىّ، فنحن نغسلها للمريض منا يستشفى بها (وعنه أيضا) (1) قال أخرجت إلينا أسماء جبة مزرورة بالديباج فقالت في هذه كان يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم العدو {أبواب النهي عن التصوير وحكم ما فيه صور من الثياب والبسط والستور ونحو ذلك} (باب ما جاء في النهي عن التصوير ووعيد فاعله) (عن ابن عباس) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صوّر صورة عذب يوم القيامة (3) حتى ينفخ فيها وليس بنافخ، ومن تحلم (4) عذب يوم القيامة حتى يعقد شعيرتين وليس عاقدا، ومن استمع إلى حديث قوم يفرون به منه (5) صب في أذنيه يوم القيامة عذاب (6) (وعن أبي هريرة) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وفيه ومن استمع إلى حديث قوم ولا يعجبهم أن يسمع حديثهم أذيب في أذنه الآنك (8) (عن النضر بن أنس) (9)

_ أسفلها وهما المراد بقوله فرجيها، ومعنى المكفوف أنه جعل لها كفة بضم الكاف وهو ما يكف به جرانبها ويعطف عليها ويكون ذلك في الذيل وفي الفرجين وفي الكمين (تخرجيه) (م) ولم يذكر لفظ الشبر وأخرجه أيضا (د نس جه) بنحوه مختصرا (قال النووي) وأما أخراج أسماء جبة النبي صلى الله عليه وسلم المكفوفة بالحرير فقصدت بها بيان أن هذا ليس محرما وهكذا الحكم عند الشافعي وغيره أن الثوب والجبة والعمامة ونحوها إذا كان مكفوف الطرف بالحرير جاز ما لم يزد على أربع أصابع، فان زاد فهو حرام لحديث عمر (يعني المذكور أول الباب) قال وفي هذا الحديث (يعني حديث أسماء) دليل على استحباب التبرك بآثار الصالحين وثيابهم، وفيه أن النهي عن الحرير المراد به الثوب المتمحض من الحرير أو ما أكثره حرير والله أعلم (1) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن عن حماد بن سلمة عن حجاج عن أبي عمر مولى أسماء قال أخرجت الخ (قلت) أبو عمر كنية عبد الله المتقدم ذكره (تخريجه) لم أنف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (باب) (2) (سنده) حدّثنا عباد بن عباد عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) أي لكونه أراد مضاهات أثر القدرة فكان جزاؤه تعذيبه وتكليفه باتمام ما خلق على زعمه بنفخ الروح فيه وليس بقادر، ولا يقدر على ذلك إلا الله عز وجل (4) أي تكلف الكذب في الرؤيا المنامية عذب يوم القيامة وكلفه الله تعالى أن يعقد بين شعيرتين وليس بعاقد لعدم الإمكان، وهذا طلب تعجيز، والحكمة من إنذار المتحلم بهذا الوعيد أن الكذب في المنام كذب على الله تعالى أنه أراه ما لم يره، والكذب عليه تبارك وتعالى أشد منه على غيره (ومن أظلم ممن كذب على الله) (5) أي يكرهون أن يسمع حديثهم (6) جاء في رواية البخاري بلفظ (صب في أذنه الآنك يوم القيامة) وجاء عند الإمام أحمد في حديث أبي هريرة الآتي بلفظ (أذيب في أذنيه الآنك) والآنك بمد الهمزة وضم النون هو الرصاص، وهذا ضرب من العذاب خصت به هذه الجارحة لهذا الإثم (تخريجه) (خ) كما هنا وأخرجه (م والأربعة) مقطعا في مواضع مختلفة (7) (سنده) حدّثنا يزيد ثنا همام ين يحيى عن قتادة عن عكرمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صور صورة عذب يوم القيامة حتى ينفخ فيها الروح وليس بنافخ فيها، ومن استمع إلى حديث قوم الخ (غريبه) (8) الآنك تقدم ضبطه وتفسيره في شرح الحديث السابق، وليس هذا آخر الحديث وبقيته ومن تحلم كاذبا دفع إليه شعيرة وعذب حتى يعقد بين طرفيها وليس بعاقد (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق من حديث أبي هريرة لغير الإمام أحمد وسنده صحيح ورجاله كلهم ثقات (9) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن النضر بن أنس

-[قوله صلى الله عليه وسلم أشد أهل النار عذابا يوم القيامة المصوِّرون]- قال كنت عند ابن عباس رضي الله عنهما وهو يفتي الناس لا يسند إلى النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من فتياه (1) حتى جاءه رجل من أهل العراق فقال أني رجل من أهل العراق وأني أصوّر هذه التصاوير، فقال له ابن عباس ادنه (2) إما مرتين أو ثلاثا فدنا، فقال ابن عباس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صوّر صورة في الدنيا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيه الروح وليس بنافخ (3) (عن سعيد بن أبي الحسن) (4) قال جاء رجل إلى ابن عباس فقال يا ابن عباس أني رجل أصوّر هذه الصور واصنع هذه الصور فأفتني فيها، قال أدن مني فدنا حتى وضع يده على رأسه قال انبئك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كل مصوّر في النار يجعل له بكل صورة صوّرها نفس تعذبه في جهنم، فان كنت لابد فاعلا فاجعل الشجر ومالا نفس له (5) (عن عبد الله) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من أشد أهل النار عذابا يوم القيامة المصورِّين، وقال وكيع (7) أشد الناس (عن ابن عمر) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المصوِّرين يعذبون يوم القيامة ويقال أحيوا ما خلقتم (9) (حدّثنا حفص بن غياث) (10) حدثنا ليث قال دخلت على سالم بن عبد الله وهو متكئ على وسادة فيها تماثيل طير ووحض، فقلت أليس يكره هذا؟ قال لا، إنما يكره ما نصب نصبا (11) حدثني أبي عبد الله بن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم قال من صوّر عذب، وقال حفص مرة كلف أن ينفخ فيها وليس بنافخ

_ قال كنت عند ابن عباس الخ (1) أي لم يذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا من فتياه (2) هو أمر بالدنو أي القرب والهاء فيه للسكت جيء بها لبيان الحركة (3) تقدم تفسير هذه الجملة في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه) (ق. وغيرهما) (4) (سنده) حدّثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن يحيى يعني ابن أبي إسحاق عن سعيد بن أبي الحسن الخ (غريبه) (5) فيه الأذن بتصوير الشجر وكل ما ليس له نفس أي روح وهو يدل على اختصاص التحريم بتصوير الحيوانات، قال في البحر ولا يكره تصوير الشجر ونحوها من الجماد إجماعا (تخريجه) (ق. وغيرهما) (6) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ووكيع قالا حدثنا الأعمش عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (غريبه) (7) وكيع هو أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث يعني أنه قال في روايته إن أشد الناس بدل قوله (أن من أشد أهل النار) (تخريجه) (ق) بلفظ أن أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون (8) (سنده) حدّثنا عبد العزيز بن عبد الصمد أخبرنا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (9) هذا من باب التعليق بالمحال، والمراد أنهم يعذبون يوم القيامة ويقال لهم لا تزالون في عذاب حتى تحيوا ما خلقتم وليسوا بفاعلين، وهو كناية عن دوام العذاب واستمراره، وجاء هذا المعنى في حديث ابن عباس المذكور قبل حديث، والأحاديث يفسر بعضها بعضا (تخريجه) (ق. وغيرهما) (10) (حدثنا حفص بن غياث الخ) (غريبه) (11) أي على حائط أو نحوه ويستفاد منه أن ما كان ممتنها من صورة الحيوان في بساط ووسادة ونحو ذلك لا يحرم كما جاء ذلك صريحا عند مسلم عن عائشة أنها نصبت سترا فيه تصاوير فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزعه قالت فقطعته وسادتين (زاد مسلم في رواية أخرى) فلم يعب ذلك علىّ (تخريجه) أخرج المرفوع

-[تكليف المصوِّر يوم القيامة بإحياء ما صوّره وكلام العلماء في حكم التصوير]- (عن عائشة) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن أصحاب هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم (2) (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل ومن أظلم ممن خلق كخلقي فليخلقوا بعوضة (4) وليخلقوا ذرة، قال أبو عبيدة يخلق (5) (عن أبي زرعة) (6) قال دخلت مع أبي هريرة دار مروان بن الحكم فرأى فيها تصاوير وهي تبنى (7) فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، يقول الله عز وجل ومن أظلم ممن ذهب يخلق خلقا كخلقي فليخلقوا ذرة فليخلقوا حبة أو ليخلقوا شعيرة (8) الحديث (عن رجل من قريش) (9) عن أبيه أنه كان مع أبي هريرة فرأى أبو هريرة فرسا من رقاع (10) في يد جارية فقال ألا ترى هذا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يعمل هذا من لا خلاق له (11) يوم القيامة (باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة أو كلب أو جنب)

_ منه البخاري ومسلم أما القصة الأولى فلم أقف عليها لغير الإمام أحمد والحديث صحيح ورجاله ثقات (1) (سنده) حدّثنا الخزاعي ثنا ليث عن نافع عن القاسم عن عائشة الخ (غريبه) (2) هذا أمر تعجيز كما يسميه الأصوليون كقوله تعالى (قل فأتوا بعشر سور مثله) (تخريجه) (ق. وغيرهما) (3) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد وأبو عبيدة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) البعوضة صغار البق واحدته بعوضة (والذرة) واحدة الذر وهو النمل الأحمر الصغير وسئل ثعلب عنها فقال إن مائة نملة وزن حبة (5) أبو عبيدة أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث قال في روايته (يخلق) بالأفراد بدل قوله (وليخلقوا) والمعنى فليخلقوا بعوضة أو ذرة فيها روح تتصرف بنفسها كهذه البعوضة أو الذرة التي هي خلق الله تعالى (تخريجه) (ق. وغيرها) (6) (سنده) حدثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة الخ (غريبه) (7) جاء في عند مسلم (فرأى مصوِّرا يصور في الدار) (8) أي حبة شعر فيها طعم تؤكل وتزرع وتنبت ويوجد فيها ما يوجد في حبة الشعير ونحوها من الحب الذي يخلقه الله عز وجل وهذا أمر تعجيز كما سبق (تخريجه) (ق. وغيرهما) وليس هذا آخر الحديث (وبقيته) قال ثم دعا بوضوء فتوضأ وغسل ذراعيه حتى جاوز المرفقين فلما غسل رجليه جاوز الكعبين إلى الساقين فقلت ما هذا؟ فقال هذا مبلغ الحلية، وهذه البقية ذكرت في باب غسل اليدين إلى المرفقين في الجزء الثاني ص 29 رقم 254 من كتاب الطهارة وتقدم شرحها هناك فارجع إليه والله الموفق (9) (سنده) حدّثنا إسماعيل بن عمر ثنا ابن أبي ذئب حدثني رجل من قريش عن أبيه الخ (غريبه) (10) الرقاع بكسر الراء جمع رقعة بضمها، قال في القاموس التي تكتب وما يرفع به الثوب (11) أي من لا نصيب له في الآخرة أو من لا دين له (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم فالحديث ضعيف (وفي الباب) من الأحاديث الصحيحة ما يغنى عنه، وفيها التشديد والوعيد الشديد لمن يصور شيئا من ذوات الروح (قال النووي) رحمه الله قال أصحابنا وغيرهم من العلماء تصوير صورة الحيوان حرام شديد التحريم، وهو من الكبائر لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث، وسواء صنعه لما يمتهن أو لغيره فصنعته حرام بكل حال لأن فيه مضاهاة الخلق الله تعالى، وسواء ما كان في ثوب أو بساط أو درهم أو دينار أو فلس أو إناء أو حائط أو غير ذلك، وأما تصوير صورة الشجر ورحال الإبل وغير ذلك مما ليس فيه صورة حيوان فليس بحرام،

-[لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة أو كلب أو جنب وكلام العلماء في ذلك]- (عن عبد الله بن نجىّ الحضرمى عن أبيه) (1) رضي الله عنه قال قال لي علىّ كانت لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلة لم تكن لأحد من الخلائق (2) أني كنت آتية كل سحر (3) فاسلمّ عليه حتى يتنحنح (4) وأني جئت ذات ليلة صليت عليه فقلت السلام عليك يا نبي الله، فقال على رسلك (5) يا أبا حسن حتى أخرج إليك، فلما خرج إلىّ قلت يا نبي الله أغضبك أحد؟ قال لا، قلت فما لك لا تكلمني فيما مضى حتى كلمتني الليلة (6) قال سمعت في الحجرة حركة فقلت من هذا؟ قال جبريل، قلت ادخل، قال لا، أخرج إىّ، فلما خرجت إليه قال أن في بيتك شيئا لا يدخله ملك ما دام فيه، قلت ما اعلمه يا جبريل، قال اذهب فانظر، ففتحت البيت فلم أجد فيه شيئا غير جرو كلب (7) كان يلعب به الحسن قلت ما وجدت إلا جروا، قال أنها ثلاث لن يلج ملك ما دام فيها أبدا واحد منها، كلب أو جنابة، أو صورة روح (8) (وعنه من طريق ثان) (9) قال قال علىّ لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم مدخلان بالليل والنهار، وكنت إذا دخلت عليه وهو يصلي تنحنح، فأتيته ذات ليلة فقال أتدري ما أحدث

_ هذا حكم نفس التصوير، (وأما اتخاذ المصوِّر فيه صورة حيوان) فذكر حكمه وكلام العلماء فيه وسأذكره في آخر باب ما جاء في الصور والتصاليب تكون في البيت الخ والله الموفق (1) (سنده) حدّثنا محمد بن عبيد حدثنا شر حبيل بن مدرك الجعفي عن عبد الله بن نجي الحضرمى عن أبيه قال قال لي على كانت لي من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أي لما له من القرابة والمصاهرة والسبق في الإسلام (3) أي آخر الليل قبيل الفجر (4) أي فستأذن عليه ولا أدخل حتى يتنحنح إشارة إل الإذن بالدخول فأدخل أو يأذن لي بالكلام بعد أن يتنحنح (5) بكسر الراء واللام بينهما مهملة ساكنة ومعناه انتظر مكانك (6) معناه كنت فيما مضى تأذن لي بالدخول ولم تأذن لي الليلة فهل أغضبك أحد؟ (7) يعني كلبا صغيرا (8) (قال الإمام الخطابي) يريد الملائكة الذين ينزلون بالبركة والرحمة دون الملائكة الذين هم الحفظة فانهم لا يفارقون الجنب وغير الجنب، وقد قيل إنه لم يرد بالجنب هنا من أصابته جنابة فأخر الاغتسال إلى أوان حضور الصلاة، ولكنه الذي يجنب فلا يغتسل ويتهاون به ويتخذه عادة فان النبي صلى الله عليه وسلم قد كان يطوف على نسائه في غسل واحد، وفي هذا تأخير الاغتسال عن أول وقت وجوبه، وقالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام وهو جنب من غير أن يمس ماءا (قلت يعني ماء الغسل فلا ينافى أنه صلى الله عليه وسلم كان يتوضأ قبل نومه إذا كان جنبا، وفي بعض الأحيان كان يغتسل كم ثبت ذلك بالأحاديث الصحيحة) قال وأما الكلب فهو أن يقتني كلبا ليس لزرع ولا ضرع أو صيد، فأما إذا كان يرتبطه للحاجة إليه في بعض هذه الأمور أو لحراسة داره إذا اضطر إليه فلا حرج عليه، وأما الصورة فهي كل صورة من ذوات الأرواح كانت لها أشخاص منتصبة أو كانت منقوشة في سقف أو جدار أو مصنوعة في نمط أو منسوجة في ثوب أو ما كان فان قضية العموم تأتي عليه فليجتنب اه (قال النووي) والأظهر أنه عام في كل كلب وكل صورة وأنهم يمتنعون من الجميع لإطلاق الأحاديث ولأن الجرو الذي كان في بيت النبي صلى الله عليه وسلم تحت السرير كان له فيه عذر ظاهر فانه لم يعلم به، ومع هذا امتنع جبريل من دخول البيت وعلل بالجرو، فلو كان العذر في وجود الصورة والكلب لا يمنعهم لم يمتنع جبريل والله أعلم (9) (سنده) حدّثنا أبو بكر بن عياش حدثنا مغيرة بن مقتسم حدثنا الحارث العكلي عن عبد الله بن نجي

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل]- الملك الليلة؟ كنت أصلي فسمعت خشفة (1) في الدار فخرجت فإذا جبريل عليه السلام فقال ما زلت هذه الليلة انتظرك، أن في بيتك كلبا فلم استطع الدخول، وإنا لا ندخل بينا فيه كلب ولا جنب ولا تمثال (ز) (عن على) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أتاني جبريل عليه السلام (زاد في رواية يسلم علىّ) فلم يدخل علىَّ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم وما منعك أن تدخل؟ قال إنا لا ندخل بيتا فيه صورة ولا بول (وعنه من طريق ثان) (3) أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنا لا ندخل بيتا فيه صورة أو كلب وكان الكلب للحسن في البيت (عن ابن عباس) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل البيت وجد فيه صورة إبراهيم وصورة مريم، فقال أمّا هم فقد سمعوا أن الملائكة لا تدخل بيتا فيه صورة وهذا إبراهيم مصوَّرا (5) فما باله يستقسم (6) (عن أبي طلحة) (7) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تدخل الملائكة بيتا فيه كلب ولا صورة تماثيل (عن أبي هريرة) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل عليه السلام فقال أني كنت أتيتك الليلة فلم يمنعني أن أدخل عليك البيت الذي أنت فيه إلا أنه كان في البيت تمثال رجل وكان في البيت قرام (9) يتر فيه تماثيل (10) فمر برأس التمثال

_ قال قال علىُّ الخ (1) بفتح أوله وسكون المعجمة وفتحها الحس والحركة، وقيل هو الصوت (وقوله في الدار) أي من جهة الباب بدليل قوله (فخرجت) وعلى هذا يحمل قوله في الطريق الأولى (سمعت في الحجرة حركة) (تخريجه) أخرج النسائي وابن ماجة بعضه، وسند الطريق الأولى عند الإمام أحمد جيد وسند الطريق الثانية ضعيف لانقطاعه، فان عبد الله بن نجى لم يسمع من على وإنما يروى عن أبيه عن على كما تقدم في سند الطريق الأولى (2) (ز) (سنده) حدّثنا شيبان أبو محمد حدثنا عبد الوارث بن سعيد حدثنا الحسن بن ذكوان عن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن على عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (3) (ٍنده) حدثنا أبو سلم خليل بن سلم (بفتح فسكون) حدثنا عبد الرزاق عن الحسن بن ذكوان عن عمرو بن خالد عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن على أن جبريل الخ (تخريجه) الحديث بطريقيه ضعيف لأر في إسناده عمرو بن خالد الواسطى ضعيف جدا، حتى لقد قال عبد الله بن الإمام أحمد وكان أبي لا يحدث عن عمرو بن خالد، يعني كان حديثه لا يسوى عنده شيئا اهـ لكن له شواهد صحيحة تعضده ما عدا لفظ (ولا بول) فانه غير محفوظ والله أعلم (4) (سنده) حدّثنا هارون بن معروف حدثنا ابن وهب قال أخبرني عمرو بن الحارث أن بكيرا حدثه عن كريب مولى ابن عباس عن ابن عباس الخ (غريبه) (5) يعني وفي يده الأزلام كما عند البخاري (6) هذا إنكار على من صّوره كذلك لأن إبراهيم لم يستقسم بالأزلام قط (تخريجه) (خ نس) * (7) (ٍنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا حجاج وابن أبي زائدة قال أنا حجاج عن الحسن بن سعد عن ابن عباس قال أخبرني أبو طلحة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى أله وصحبه وسلم جمع بين الحج والعمرة وقال عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري قال اخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنه سمع ابن عباس يقول سمعت أبا طلحة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق. والأربعة) * (8) (ٍنده) حدّثنا أبو قطن ثنا يونس بن عمرو بن عبد الله يعني ابن أبي إسحاق عن مجاهد عن أبي هريرة الخ (غريبه) (9) بكسر القاف وستر بكسر المهملة مضاف إليه وهو الستر الرقيق، وقيل الصفيق من صوف ذي ألوان والإضافة فيه كقولك ثوب قميص، وقيل القرام الستر الرقيق وراء الستر الغليظ ولذلك أضاف (نه) (10) هكذا في الأصل

-[ما جاء في آن الملائكة لا تدخل بيتا فيه جرس أو جلجل]- يقطع فيصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر يقطع فيجعل منه وسادتان توطآن، ومر بالكلب فيخرج، ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم واذا الكلب جرو كان للحسن والحسين عليهما السلام تحت نضد (1) لهما قال وما زال يوصينى بالجار حتى ظننت أو رأيت انه سيورثه (باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه جرس أو جلجل ولا تصحب ركبا فيه ذلك والنهى عن اتخاذه) (عن ابى بكر يعنى انب ابى موسى) (2) قال كنت مع سالم بن عبد الله بن عمر فمرت رفقة (3) لأم البنين فيها أجراء فحدث سالم عن ابيه عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال لا تصحب الملائكة ركبا معهم الجلجل (4) فكم ترى فى هؤلاء من جلجل (حدّثنا روح) (5) قال ثنا ابن جريج عن بنانة مولاة عبد الرحمن بن حيان (6) الانصارى عن عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها قالت بينا هى عندها إذ دخل عليها بجارية عليها جلاجل يصوتن فقالت لا تدخلوها على الا ان تقطعوا جلاجلها، فسألتها بنانة عن ذلك؟ فقالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تدخل الملائكة شيئا فيه جرس لا تصحب الملائكة رفقة فيها جرس

_ بلفظ (وكان فى البيت قرام ستر فيه تماثيل فمر برأس التمثال يقطع الخ) وسقط من الناسخ بعد قوله تماثيل لفظ (وكان فى البيت كلب) لأنه ثبت فى هذا الحديث نفسه عند أبى داود والترمذى وغيرهما هذا اللفظ، ويدل على ذلك قوله هنا (ومر بالكلب فيخرج) وثبت عند الامام من طريق ثان عن أبى هريرة أيضا (1) بالتحريك السرير الذى تنضد عليه الثياب أى يجعل بعضها فوق بعض، وهو أيضا متاع البيت المنضود (نه) (تخريجه) (د مذ نس حب) وقال الترمذى حديث حسن صحيح (هذا) وقد ذكرت ما قاله العلماء فى سبب عدم دخول الملائكة بيتا فيه كلب أو صورة فى القول الحسن شرح بدائع المتن فى الجزء الثانى صحيفة 246 - 247 فارجع اليه (هناك) وتقدم أحاديث أخرى من هذا الباب فى الباب الرابع من أبواب ما جاء فى قتل الكلاب واقتنائها من كتاب القتل والجنايات صحيفة 25 فى الجزء السادس عشر (باب) (2) (سنده) حدّثنا يزيد أخبرنا نافع بن عمر عن أبى بكر يعنى ابن أبى موسى الخ (قلت) قوله (عن أبى بكر يعنى ابن أبى موسى) خطأ وصوابه (عن أبى بكر بن موسى)، قال فى التقريب أبو بكر بن موسى هو ابن ابى شيخ، وقال فى موضع آخر أبو بكر بن أبى شيخ السهمى ويقال له بكير بن موسى مقبول من السابعة اهـ وفى الخلاصة أبو بكر بن ابى شيخ عن سالم وعنه نافع الجمحى هو بكير بن موسى، ورواه النسائى من طريق ابراهيم بن ابى الوزير بسند حديث الباب الا أنه قال عن ابى بكر بن ابى شيخ فذكر الحديث كما هنا، ورواه مختصرا من طريق يزيد بن هارون بالسند المذكور الا أنه قال عن ابى بكر بن موسى، وله طريق ثالث عنده أيضا فقال عن بكير بن موسى فيستفاد من ذلك ان اسمه بكير وكنيته ابو بكر وأبوه موسى وكنيته أبو شيخ والله أعلم (غريبه) (3) بضم الراء وكسرها مع سكون الفاء جماعة ترافقهم فى سفرك، وأم البنين هى بنت عتبة بن حصين زوج عثمان بن عفان رضى الله عنه (4) الجلجل بضم الجيمين بينهما لام ساكنة، قال فى النهاية هو الجرس الصغير الذى يعلق فى أعناق الدواب وغيرها اهـ قيل انما كرهه لأنه يدل على أصحابه بصوته وكان صلى الله عليه وسلم يحب ان لا يعلم العدو به حق يأتيهم فجأة، وقيل غير ذلك والله أعلم (تخريجه) (نس) وسنده حسن (5) (حدّثنا روح الخ) (غريبه) (6) هكذا بالاصل حيان بالياء التحتية وجاء عند ابى داود حسان بالسين المهملة بدل الياء (تخريجه) (د) وسكت

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس وما جاء فى اتخاذ الصور]- (عن عائشة أيضا) (1) رضى الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بالأجراس ان تقطع من أعناق الإبل يوم بدر (عن مجاهد) (2) ان مولى لعائشة رضى الله عنها أخبره كان يقود بها أنها كانت اذا سمعت صوت الجرس أمامها قالت قف بى فيقف حتى لا تسمعه، واذا سمعته وراءها قالت أسرع بى حتى لا أسمعه، وقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان له تابعا من الجن (3) (عن أم حبيبة) (4) رضى الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان العير التى فيها لاجرس لا تصحبها الملائكة وفى لفظ لا تصحب الملائكة قوما فيهم جرس (عن أبى هريرة) (5) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تصحب الملائكة رفقة فيها كلب أو جرس (وعنه أيضا) (6) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال الجرس مزمار الشيطان (7) (باب ما جاء فى الصور والتصاليب تكون فى البيت وفى الستور والثياب والبسط ونحو ذلك) (عن جابر بن عبد الله) (8) ان النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن الصور فى البيت ونهى الرجل أن يصنع ذلك، وأن النبى صلى الله عليه وسلم أمر عمر بن الخطاب رضى الله عنه زمن الفتح وهو بالبطحاء (9) ان يأتى الكعبة فيمحو كل صورة فيها ولم يدخل البيت حتى محيت كل صورة فيه (زاد فى رواية) قبل عمر ثوبا ومحاها فدخلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فيها منها شئ (ز) (عن على رضى الله عنه) (10) انه بعث عامل شرطته فقال له أتدرى على ما أبعثك؟ على ما بعثني عليه

_ عنه أبو داود والمنذرى، وله شاهد من حديث أبى هريرة رواه الامام أحمد ومسلم والترمذى وسيأتى (1) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام عن عائشة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (2) (سنده) حدّثنا روح ثنا ابن جريج اخبرنى عبد الكريم ان مجاهدا أخبره أن مولى لعائشة أخبره الخ (غريبه) (3) أى لأن صوته يلهى عن ذكر الله ويشغل الفكر، وكل ما كان كذلك يتبعه الشيطان، ولذلك لا تصحبه الملائكة لأنه لا يجتمع الملك والشيطان فى مكان (تخريجه) لم أقف عليه الامام أحمد وأورده الهيثمى وقال رواه احمد، ومولى عائشة لم أعرفه (4) (سنده) حدّثنا أبو اليمان قال ثنا شعيب قال قال نافع أخبرنى سالم بن عبد الله بن عمر أن الجراح مولى أم حبيبة زوج النبى صلى الله عليه وسلم حدث عبد الله بن عمر أن أم حبيبة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (دنس) وسكت عنه أبو داود والمنذرى (5) (سنده) حدّثنا أبو كامل ثنا زهير ثنا سهيل عن أبيه عن أبى هريرة الخ (تخريجه) (م دمذ) (6) (سنده) حدّثنا الخزاعى قال أنا سليمان عن العلاء عن أبيه عن أبى هريرة الخ (غريبه) (7) أضافه الى الشيطان لأن صوته شاغل عن الذكر والفكر فيكره سفرا وحضرا وينبغى لمن سمعه سد أذنيه، لكن لا يجب لقولهم لو كان بجواره ملاهى محرمة لم يلزمه النقلة ولا يأثم بسماعها بلا قصد، قال الحافظ الكراهة لصوته لأن فيه شبها بصوت الناقوس وشكله، قال النووى والجمهور على أن الكراهة تنزيهية لا تحريمية (تخريجه) (م د) (باب) (8) (سنده) حدّثنا عبد الله بن الحارث عن ابن جريج أخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يزعم أن النبى صلى الله عليه وسلم حدّثنا نهى عن الصور الخ (غريبه) (9) أى بطحاء مكة (ممدود) وهو الأبطح ويضاف الى مكة ومنى وهو واحد، وهو المحصب وهو خيف بنى كنانة: وكل مسيل واسع فيه دقاق الحصى فهو أبطح وبطحاء وكان الفتح فى رمضان سنة ثمان من الهجرة (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذرى ورجاله ثقات (ز) (10) (سنده) حدثنى عبيد الله بن

-[عدم دخول النبي صلى الله عليه وسلم بيتى فاطمة وعائشة لاتخاذهما بعض الصور فى الستائر]- رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أنحت (1) يعنى كل صورة وان أسوّى كل قبر (2) (عن سفينة) (3) ان رجلا ضاف على بن أبى طالب صلى الله عليه وسلم (4) فصنعوا له طعاما فقالت فاطمة رضى الله عنها لو دعونا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل معنا؟ فارسلوا اليه فجاء فأخذ بعضادتيى الباب فاذا قرام (5) قد ضرب به فى ناحيتى البيت فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم رجع، فقالت فاطمة لعلى اتبعه فقل له ما رجعك (6) قال فتبعه فقال ما رجعك يا رسول الله؟ قال انه ليس لى أو ليس لنبى ان يدخل بيتا مزوقا (7) (عن القاسم بن محمد) (8) عن عائشة رضى الله عنها أنها أخبرته أنها اشترت نمرقة (9) فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل فعرفت فى وجهه الكراهية، فقلت يا رسول الله اتوب الى الله والى رسوله ما اذنبت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بال هذه النمرقة؟ فقلت اشتريتها لتقعد عليها ولتوسدها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أصحاب هذه الصور يعذبون يقال لهم أحيوا ما خلقتم، وقال ان البيت الذى فيه الصورة لا تدخله الملائكة (عن عبد الله بن عمر) (10) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى فاطمة رضى الله عنها فوجد على بابها سترا فلم يدخل عليها، وقلما كان يدخل الا بدأ بها، قال فجاء على رضى الله عنه، فرآها مهتمة فقال مالك؟ فقالت جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يدخل على فأتاه على رضى الله عنه فقال يا رسول الله ان فاطمة اشتد عليها انك جئتها فلم تدخل عليها، فقال وما أنا والدنيا وما أنا والرّقم (11) قال فذهب الى فاطمة فأخبرها بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت فقل لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فما تأمرنى به؟ فقال قل لها ترسل به الى بنى فلان

_ الحريري حدثنا السكن بن ابراهيم حدثنا الأشعث بن سوار عن ابن أشوع عن حنش الكنانى عن على الخ (1) بكسر الحاء المهملة وفتحها من باب ضرب ونفع معناه استئصال أثر الشئ أى محو أثره (2) تسوية القبر هدمه وجعله مساويا للأرض إلا شيئا يسيرا كالشبر ونحوه، انظر باب تسوية القبور من كتاب الجنائز فى الجزء الثامن صحيفة 70 (تخريجه) (م د نس مذ) (3) (سنده) حدّثنا أبو كامل ثنا حماد يعنى ابن سلمة عن سعيد بن جمهان قال سمعت سفينة (يعنى مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) يحدث أن رجلا الخ (غريبه) (4) المراد أنه صنع طعاما وأهدى إلى بيت على، وليس المعنى أنه دعا عليا إلى بيته (5) بكسر القاف ستر فيه رقم ونقش (6) بفتحات من الرجوع المتعدى لا من الرجوع اللازم ومثله قوله تعالى (فان رجعك الله إلى طائفة منهم) وهذه هى اللغة الفصحى وهذيل تعديه بالألف (7) أى مزينا وفى بعض الروايات أنه كان سترا موشى، فكره الزينه والتصنع (تخريجه) (د جه) وسنده حسن (8) (سنده) حدّثنا روح ثنا مالك بن أنس عن نافع عن القاسم بن محمد عن عائشة الخ (غريبه) (9) هى بضم النون والراء ويقال بكسرهما ويقال بضم النون وفتح الراء ثلاث لغات، ويقال نمرق بلا هاء وهى وسادة صغيرة وقيل مرفقة قاله النووى (تخريجه) (ق طل. وغيرهم) (10) (سنده) حدّثنا ابن نمير حدثنا فضيل يعنى ابن غزوان عن نافع عن عبد الله بن عمر الخ (غريبه) (11) الرقم بفتح الراء وسكون القاف النقش والوشى والأصل فيه الكتابة (نه) زاد أبو داود فى رواية (وقال فضيل بن غزوان كان سترا موشى اهـ يقال وشيت الثوب فهو موشى وموشا وموشَّى وه والنقش والزخرفة. وأصل

-[كراهة النبي صلى الله عليه وسلم لآل بيته النقوش والزخرفة فى الستائر والتحلى بالفضة]- (عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) (1) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سافر آخر عهده بانسان من أهله فاطمة، وأول من يدخل عليه إذا قدم فاطمة، قال فقدم من غزاة له فأتاها فاذا هو بمسح (2) على بابها ورأى على الحسن والحسين قلبين (3) من فضة فرجه ولم يدخل عليها، فلما رأت ذلك فاطمة ظنت انه لم يدخل عليها من أجل ما رأى، فهتكت الستر (4) ونزعت القلبين من الصبيين فقطعتهما فبكى الصبيان فقسمته بينهما، فانطلقا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما يبكيان، فأخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما فقال يا ثوبان اذهب بهذا الى بنى فلانٍ أهل بيت بالمدينة واشتر لفاطمة قلادة من عصب (5) وسوارين من عاج (6) فان هؤلاء أهل بيتى ولا أحب أن يأكلوا طيباتهم فى حياتهم الدنيا (7) (عن محمد بن على) (8) كتب الى عمر بن عبد العزيز انى أنسخ اليه وصية فاطمة فكان فى وصيتها الستر الذى بزعم الناس انها أحدثته وان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فلما رآه رجع (حدّثنا حفص بن غياث) (9) حدثنا ليث قال دخلت على سالم بن عبد الله "يعنى ابن عمر" وهو متكئ على وسادة فيها تماثيل طير ووحش، فقلت اليس يكره هذا؟ قال انما يكره ما نصب نصبا (10) حدثنى أبى عبد الله بن عمر عن

_ الرقم الكتابة كما تقدم (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذرى فهو صالح (1) (سنده) حدّثنا عبد الصمد حدثنى أبى حدثنا محمد بن جحادة حدثنى حميد الشامى عن سليمان المنبِّهى عن ثوبان الخ (غريبه) (2) بكسر الميم وسكون المهملة، وجاء عند أبى داود (فقدم من غزاة له وقد علقت مسحا أو سترا على بابها) والظاهر أنه ستر موشى بنقوش وزخرفة كما تقدم فى الحديث السابق (3) بضم القاف وسكون اللام أى سوارين (4) الهتك هنا معناه خرق الستر عما وراءه وازالته والهتيكة الفضيحة (5) بالتحريك قال فى فتح الودود العصب بفتحتين اطناب مفاصل الحيوان يتخذون منها القلادة ويوافقه ما فى المرقاة، وقيل انه سن دابة بحرية تسمى فرس فرعون يتخذ منه الخرز والله أعلم (6) قال الخطابى قال الأصمعى العاج الذبل بالتحريك ويقال هو عظم ظهر السلحفاة البحرية، فأما العاج الذى تعرفه العامة فهو عظم أنياب الفيل وهو ميتة لا يجوز استعماله اهـ (7) هو كناية عن الاستمتاع بالطيبات ولذات الدنيا وذكر الأكل للغالب (تخريجه) (د) وقال المنذرى فى اسناده حميد الشامى وسليمان المنبِّهى، قال عثمان بن سعيد الدارمى قلت ليحيى بن معين حميد الشامى الذى يروى حديث ثوبان عن سليمان المنبهى فقال ما أعرفهما وسئل الامام احمد عن حميد الشامى هذا من هو؟ قال لا أعرفه اهـ (8) حدّثنا عبد الصمد ثنا القاسم بن الفضل قال قال لنا محمد بن على كتب إلى عمر بن عبد العزيز الخ (تخريجه) هذا الأثر لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (9) (حدّثنا حفص بن غياث الخ) (غريبه) (10) استدل بهذا الأثر وبحديث عائشة الآتى فى هذا الباب (انها جعلت على باب بيتها سترا فيه تصاوير فامرها النبى صلى الله عليه وسلم بجعله وسادتين قالت ففعلت فكنت أتوسدهما ويتوسدهما النبى صلى الله عليه وسلم) استدل بذلك على ان التصاوير اذا كانت فى فراش، أو بساط أو وسادة فلا بأس بها، قال محمد فى موطئه وبهذا تأخذ، ما كان فيه من تصاوير من بساط يبسط أو فراش يفرش أو وسادة فلا بأس بذلك، انما يكره من ذلك فى الستر وما ينصب نصبا وهو قول أبى حنيفة والعامة من فقهائنا اهـ (تخريجه) الحديث صحيح وأخرجه الشيخان بلفظه من حديث ابن عباس، واخرجاه من حديث ابن عمر أيضا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة يقال

-[قول عائشة إن النبى صلى الله عليه وسلم لم يترك فى بيته ثوبا فيه تصليب إلا قطعه]- رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صور صورة عذب (وفى رواية) كلف ان ينفخ فيها وليس بنافخ (عن عائشة) (1) رضى الله عنها قالت كان لنا ستر فيه تمثال طائر فكان الداخل اذا دخل استقبله فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة حوّلى هذا فانى كلما دخلت فرأيته ذكرت الدنيا (2) وكانت له قطيفة كنا نقول عليها من حرير فكنا نلبسها (وعنها أيضا) (3) أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يكن يترك فى بيته شيئا (وفى لفظ ثوبًا) فيه تصليب (4) الا قضيه (5) (عن دقرة أم عبد الرحمن) (6) ابن أذينه قالت كنا نطوف بالبيت مع أم المؤمنين (7) فرأت على امرأة بردا فيه تصاليب (8) فقالت أم المؤمنين اطرحيه اطرحيه فان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا رأى نحو هذا قضبة (9) (عن أنس) (10) قال كان قرم (11) لعائشة رضى الله عنها قد سترت به جانب بيتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اميطى (12) عنا قرامك هذا فان تصاوبره تعرض (13) لى فى صلاتى (عن عائشة رضي الله عنها) (14)

_ لهم أحيوا ما خلقتم) وهذا معنى حديث الباب أما قصة ليث (يعنى ابن ابى سليم) التى فى أوله من دخوله على سالم بن عبد الله وسؤاله عما رأى من وسادته فانى لم أقف عليها لغير الامام احمد والله أعلم (1) (سنده) حدّثنا اسماعيل ثنا داود بن أبى هند عن عزرة عن حميد بن عبد الرحمن عن سعد بن هشام عن عائشة الخ (غريبه) (2) زاد عند مسلم فى رواية أخرى (فلم يأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقطعه) قال النووى هذا محمول على انه كان قبل تحريم اتخاذ ما فيه صورة فلهذا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل ويراه ولا ينكره قبل هذه المرة الأخيرة (تخريجه) (م. وغيره) (3) (سنده) حدّثنا يزيد انا هشام عن يحيى عن عمران بن حطان ان عائشة حدثته ان النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) الثوب المصلب هو لاذى فيه نقش أمثال الصلبان (5) أى قطعه (تخريجه) (خ د نس) (6) حدّثنا يزيد قال انا هشام عن محمد قال حدثنى دقرة أم عبد الرحمن بن أذينة الخ (قلت دقرة بفتح المهملة بعدها قاف مكسورة) قال الحافظ فى الاصابة هى تابعية من الطبقة الأولى ضبطت بالقاف وهى بنت غالب الراسبية بصرية والدة عبد الرحمن بن اذينة، أخرج لها النسائى من روايتها عن عائشة فى العدة، وذكرها ابن حبان فى ثقات التابعين، روى عنها محمد بن سيرين وبديل بن ميسرة ولها عن عائشة حديث فى التصليب فى الثوب ووهم فيها ابن أبى حاتم فظنها رجلا فقال (دقرة) روى عن عائشة وعنه بديل بن ميسرة قال المزى فى التهذيب وهم فى ذلك اهـ (غريبه) (7) هى عائشة رضى الله عنها (8) أى نقش أمثال الصلبان كما تقدم (9) أى قطعة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (10) (سنده) حدّثنا عبد الصمد حدثنى ابى ثنا عبد العزيز عن أنس (يعنى ابن مالك الخ) (غريبه) (11) القرام بكسر القاف ستر به نقوش فيها تصاوير (12) بهمزة مفتوحة بعدها ميم مكسورة أى أزيلى وزنا ومعنى (13) بفتح الفوقية كسر الراء، أى انظر اليها وانا فى صلاتى فتشغلنى، واستشكل هذا بحديث عائشة الرابع من احاديث باب (انها اشترت نمرقة فيها تصاوير فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على الباب فلم يدخل) (واجيب) احتمال أن يكون حديث عائشة كانت التصاوير فيه ذات أرواح، وحديث أنس من غيرها والله أعلم تخريجه ((خ) (14) ِحدّثنا سفيان عن الزهرى عن القاسم بن محمد عن عائشة الخ

-[جواز اتخاذ الصور فى البسط والوسائد ونحوها مما يمتهن]- دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استترت (1) بقرام فيه تماثيل، فلما رآه تلون وجهه وقال مرة تغير وجهه وهتكه (2) بيده وقال أشد الناس عذابا عند الله عز وجل يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله جل وعز أو يشبهون، قال سيفان سواء (3) (وعنها أيضا) (4) قالت اتخذت درنوكا (5) فيه الصور (وفى لفظ فيه الخيل أولات الأجنحة) فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فهتكه (6) وقال ان أشد الناس عذابا يوم القيامة الذين يشبهون بخلق الله عز وجل (عن عائشة) (7) رضى الله عنها قالت جعلت على باب بيتى سترا فيه تصاوير، فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدخل نظر اليه فهتكه قالت فاخذته فقطعت منه نمرقتين (8) فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يرتفقهما (9) (عن هشام بن عروة) (10) عن أبيه عائشة رضى الله عنها أنها اشترت نمطا (11) فيه تصاوير فارادت أن تصنعه حجلة (12) فدخل عليها النبى صلى الله عليه وسلم فأرته إياه واخبرته أنها تريدان تصنعه حجلة، فقال لها اقطعيه وسادتين، قالت ففعلت فكنت أتوسدهما ويتوسدهما النبى صلى الله عليه وسلم (13) (عن بسر بن سعيد) (14) عن زيد بن خالد (15) عن أبى طلحة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة، قال بسر ثم اشتكى (16) فعدناه فاذا على بابه ستر فيه صورة فقلت لعبيد الله الخولانى (17) ربيب ميمونة زوج النبى صلى الله عليه وسلم ألم يخبرنا ويذكر الصور يوم الأول (18) فقال عبيد الله ألم تسمعه يقول قال إلا رقما في ثوب

_ (غريبه) (1) جاء عند مسلم (وأنا متسترة) قال النووى هكذا هو فى معظم النسخ، وفى بعضها (مستترة) بسين ثم تاء أى متخذة سترا (2) أى أزاله بيده (3) أى هما فى المعنى سواء يعنى قوله يضاهون أو يشبهون (تخريجه) (م. وغيره) (4) (سنده) حدّثنا محمد بن مصعب قال ثنا الأوزاعى عن الزهرى عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت الخ (غريبه) (5) بضم المهملة والنون بينهما راء ساكنة وهو ستر له خمل وجمعه درانك، قال الخطابى هو ثوب غليظ له خمل اذا فرش فهو بساط، واذا علق فهو ستر (6) أى نزعه (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سنده) حدّثنا حسن ثنا ابن لهيعة قال ثنا بكير عن القاسم بن محمد عن عائشة الخ (غريبه) (8) تثنية نمرقة بضم النون والراء بينهما ميم ساكنة وهى الوسادة الصغيرة (9) أى يتكئ أو يجلس عليهما (تخريجه) (ق. وغيرهما) (10) (سنده) حدّثنا حسين قال ثنا أبو أويس قال ثنا هشام بن عروة عن أبيه الخ (غريبه) (11) بفتحات أى بساطا لطيفا له خمل (بفتح المعجمة وسكون الميم) رقيق (12) قال فى النهاية الحجلة بالتحريك بيت كالقبة يستر بالثياب وتكون له ازرار كبار، ويجمع على حجال (13) أى يجلسان عليهما (تخريجه) (ق. وغيرهما) (14) (سنده) حدّثنا الحجاج بن محمد وهاشم بن القاسم قالا ثنا ليث يعنى ابن سعد قال حدثنى بكير يعنى ابن عبد الله بن الاشج عن بسر بن سعيد الخ (غريبه) (15) زيد بن خالد يعنى الجهنى وأبو طلحة هو زيد بن سهل الانصارى الصحابى (16) أى مرض يعنى زيد بن خالد الجهنى (17) هو عبيد الله بن الأسود الخولانى وكأنه قد سمع الحديث مع بسر من زيد بن خالد (وقوله ربيب ميمونة) قال بعضهم هو عندى انهاربته ليس انه ابن زوجها فى حجرها وقد روى ما يؤيد هذا القول، وقيل انه مولى ميمونة، وقيل فيه عبيد الله بن أسد اهـ من هامش المنذرى (18) من باب إضافة الموصوف إلى

-[كلام العلماء في حكم اتخاذ الصور وما يجوز منها وما لا يجوز]- قال هاشم (1) ألم يخبرنا زيد عن الصور يوم الأول؟ فقال عبيد الله ألم تسمعه حين قال إلا رقما فى ثوب (2) وكذا قال يونس (عن عبيد الله بن عبد الله) (3) أنه دخل على أبى طلحة الأنصارى يعوده قال فوجدنا عنده سهل بن حنيف، قال فدعا أبو طلحة انسانا فنزع نمطا (4) تحته فقال له سهل لم تنزعه؟ قال لأن فيه تصاوير، وقد قال فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قد علمت (5) قال سهل أو لم يقل إلا رقما فى ثوب؟ قال بلى ولكنه أطيب لنفسى (عن شعبة) (6) ان المسور بن مخرمة دخل على ابن عباس يعوده من وجع وعليه بردٌ استبرقٌ (7) فقلت يا أبا عباس ما هذا الثوب؟ قال وما هو؟ قال هذا الاستبرق قال والله ما علمت به (8) وما أظن النبى صلى الله عليه وسلم نهى عن هذا حين نهى عنه الا للتجبر والتكبر ولسنا بحمد الله كذلك، قال فما هذه التصاوير فى الكانون (9) قال ألا ترى قد أحرقناها بالنار فلما خرج المسور قال انزعوا هذا الثوب عنى واقطعوا رؤوس هذه التماثيل، قالوا يا أبا عباس لو ذهبت بها إلى السوق كان أنفق (10) لها مع الرأس؟ قال لا، فأمر بقطع رءوسها

_ صفته والمراد به الوقت الماضى (1) يعنى ابن القاسم أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث قال فى روايته الم يخبرنا زيد يعنى بن خالد الجهنى الخ (2) زاد فى روايته عند مسلم (قلت لا، قال بلى قد ذكر ذلك) (تخريجه) (ق دنس) قال النووى يجمع بين الاحاديث (يعنى الواردة فى تحريم اتخاذ الصور مطلقا وبين هذا الحديث) بأن المراد باستثناء الرقم فى الثوب ما كانت الصورة فيه من غير ذوات الأرواح كصورة الشجر ونحوها (وقال ابن العربى) حاصل ما فى اتخاذ الصورة انها ان كانت ذات أجسام حرم بالاجماع، وان كانت رقما فاربعة أقوال (الأول) الجواز مطلقا لظاهر حديث الباب (والثانى) المنع مطلقا حتى الرقم (والثالث) إن كانت الصورة باقية الهيئة قائمة الشكل حرم، وان قطعت الرأس وتفرقت الأجزاء جاز، قال وهذا هو الاصح (الرابع) ان كان مما يمتهن جاز وان كان معلقا فلا والله أعلم (3) (سنده) حدّثنا اسحاق بن عيسى قال ثنا مالك عن ابى النضر عن عبيد الله بن عبد الله الخ (غريبه) (4) بالتحريك هو ضرب من البسط له خمل رقيق (5) يعنى قوله صلى الله عليه وسلم (لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة) (تخريجه) لم اقف عليه بهذا السياق لغير الامام احمد وسنده جيد (6) (سنده) حدّثنا ابو النضر عن ابن ابى ذئب عن شعبة الخ (قلت) شعبة هو ابن دينار مولى ابن عباس (غريبه) (7) أى ثوب من الاستبرق وهو ما غلظ من الديباج أى الحرير (8) الظاهر انهم ألبسوه اياه ولم يشعر بأنه من الحرير وتأول ان العلة فى تحريمه الجبر والتكبر وان هذا المعنى غير موجود عنده ومع ذلك فقد أمر بنزعه عنه (9) هو الموقد الذى يوقد فيه النار (10) أى أروج لبيعها اذا كانت برءوسها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده حسن (هذا) وفى احاديث الباب ما يدل على تحريم اتخاذ الصور مطلقا سواء كان لها ظل أم لا (وفيها) ما يدل على جواز ما ليس له ظل مطلقا (وفيها) ما يدل على جواز ما ليس له ظل اذا امتهن وإلا فلا، وللعلماء خلاف فى ذلك (قال النووى) رحمه الله وأما اتخاذ المصوَّر فيه صورة حيوان فان كان معلقا على حائط أو ثوبا ملبوسا أو عمامة ونحو ذلك مما لا يعد ممتهما فهو حرام، وان كان فى بساط يداس ومخدة ووسادة ونحوها مما يمتهن فليس بحرام، ولكن هل يمنع دخول ملائكة الرحمة ذلك البيت فيه كلام نذكره قريبا ان شاء الله (قلت تقدم الكلام على ذلك فى شرح الحديث الأول

-[كلام العلماء في حكم اتخاذ الصور وما يجوز منها وما لا يجوز]- (أبواب الرخصة فى اللباس الجميل واستحباب التواضع فيه وكراهة الشهرة والإسبال) (باب ما جاء فى استحباب اللباس الجميل والتواضع فيه) (عن عبد الله بن مسعود) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل النار من كان فى قلبه مثقال حبة من إيمان، ولا يدخل الجنة من كان فى قلبه مثقال حبة من كبر، فقال رجل (2) يا رسول الله انى ليعجبنى ان يكون ثوبى غسيلا ورأسى دهينا وشراك نعلى جديدا وذكر أشياء حتى ذكر علاقة سوطه أفمن الكبر ذاك يا رسول الله؟ قال لا ذاك الجمال (3) إن الله جميل (4) يحب الجمال ولكن الكب من سفه الحق (5) وازدرى الناس (6) (عن سهل بن معاذ بن أنس الجهنى عن أبيه) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ترك اللباس (8) وهو يقدر عليه تواضعا لله تبارك وتعالى (9) دعاه الله تبارك وتعالى يوم القيامة على رؤوس الخلائق (10)

_ من باب لا تدخل الملائكة بيتا فيه صورة أو كلب الخ فأرجع اليه) قال رحمه الله ولا فرق فى هذا كله بين ماله ظل وما لا ظل له، هذا تلخيص مذهبنا فى المسألة، وبمعناه قال جماهير العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وهو مذهب الثورى ومالك وابى حنيفة وغيرهم، وقال بعض السلف انما ينهى عما كان له ظل ولا بأس بالصور التى ليس لها ظل، وهذا مذهب باطل فان الستر الذى أنكر الذى أنكر النبى صلى الله عليه وسلم الصورة فيه لا يشك أحد انه مذموم وليس لصورته ظل مع باق الاحاديث المطلقة فى كل صورة (وقال الزهرى) النهى فى الصورة على العموم، وكذلك استعمال ما هى فيه ودخول البيت الذى هى فيه سواء كانت رقما فى ثوب أو غير رقم وسواء كانت فى حائط أو ثوب أو بساط ممتهن أو غير ممتهن عملا بظاهر الاحاديث لا سيما حديث النمرقة الذى ذكره مسلم، وهذا مذهب قوى، (وقال آخرون) يجوز منها ما كان رقما فى ثوب سواء امتهن أم لا وسواء علق فى حائط أم لا، وكرهوا ما كان له ظل أو كان مصورا فى الحيطان وشبهها سواء كانت رقما أو غيره واحتجوا بقوله فى بعض احاديث الباب إلا ما كان رقما فى ثوب، وهذا مذهب القاسم بن محمد، وأجمعوا على منع ما كان له ظل ووجوب تغييره (قال القاضى) إلا ما ورد فى اللعب بالبنات لصغار البنات والرخصة فى ذلك، لكن كره مالك شراء الرجل ذلك لابنته، وادعى بعضهم أن إباحة اللعب لهن بالبنات منسوخ بهذه الأحاديث والله أعلم اهـ (باب) (1) (سنده) حدّثنا عارم ثنا عبد العزيز بن مسلم القسملى حدثنا سليمان الأعمش عن حبيب بن أبى ثابت عن يحيى بن جعدة عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه) (2) هو مالك بن مرارة الرهاوى ذكر ذلك ابن عبد البر والقاضى عياض، وقد جمع الحافظ بن بشكوال فى اسمه أقوالا استوفاها النووى فى شرح مسلم (3) فيه ان محبة لبس الثوب الحسن والنعل الحسن وتخير اللباس الجيل ليس من الكبر فى شئ اذا لم يقصد به الخيلاء (4) أى إن كل أمره سبحانه وتعالى حسن جميل وله الأسماء الحسنى وصفات الجمال والكمال، وقيل علمناه جميل الأفعال بك والنظر اليكم يكلفكم اليسير ويعين عليه، ويثيب عليه الجزيل ويشكر عليه (5) هو دفعه وانكاره تجبرا وترفعا (6) أى احتقرهم (تخريجه) (م. د مذ جه) (7) (سنده) حدّثنا أبو عبد الرحمن ثنا سعيد قال حدثنى إبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون عن سهل ابن معاذ بن انس الجهنى عن ابيه الخ (غريبه) (8) أى لبس الثياب الحسنة وفى بعض الروايات (بن ترك ثوب جمال) (9) أى لا ليقال انه متواضع أو زاهد أو نحو ذلك (10) أى يشهره بين الناس

-[استحباب اللباس الجميل والتواضع فيه وذم الكبر والخيلاء وكلام العلماء فى ذلك]- حتى يخيره فى حلل الايمان أيها شاء (باب النهى عن الشهرة والإسبال ووعيد من فعل ذلك) (عن ابن عمر) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لبس ثوب شهرة (2) فى الدنيا البسه الله ثوب مذلة (3) يوم القيامة (وعنه أيضا) (4) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل (5) يجر ازاره من الخيلاء (6) خسف به فهو يتجلجل (7) فى الأرض الى يوم القيامة (عن أبى هريرة) (8) عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه

_ ويباهي به ويقال هذا الذى صدرت منه هذه الخصلة الحميدة (تخريجه) (مذ ك) وحسنه الترمذى وصححه الحافظ السيوطى (قلت) فى اسناده عبد الرحيم بن ميمون قال النسائى ليس به بأس وضعفه ابن معين (وفى هذا الحديث) استحباب الزهد فى الملبوس وترك لبس حسن الثياب ورفيعها لقصد التواضع لأن الغالب ان لبس ما فيه جمال زائد من الثياب يجذب بعض الطباع الى الزهو والخيلاء والكبر وقد كان هديه صلى الله عليه وسلم كما قال الحافظ ابن القيم ان يلبس ما تيسر من اللباس الصوف تارة والقطن أخرى والكتان تارة، ولبس البرود اليمانية والبرد الأخضر ولبس الجبة والقباء والقمص الى ان قال فالذين يمتنعون عما أباح الله من الملابس والمطاعم والمناكح تعبدا أو تزهدا: بازائهم طائفة قابلوهم فلم يلبسوا إلا أشرف الثياب ولم يأكلوا إلا أطيب وألين الطعام فلم يرو لبس الخشن ولا أكله تكبر او تجبرا، وكلا الطائفتين مخالف لهدى النبى صلى الله عليه وسلم ولهذا قال بعض السلف كانوا يكرهون الشهرتين من الثياب العالى والمنخفض اهـ (قلت) والعبرة بالنية فى ذلك، فمن لبس الثياب الرخيصة بقصد التواضع لله عز وجل خوفا من سورة النفس وتكبرها إن لبس غالى الثياب كان ذلك من المقاصد الحسنة الموجبة للمثوبة من الله عز وجل، ولبس الغالى من الثياب عند الأمن على النفس من التكبر بقصد التوصل بذلك إلى تمام المطالب الدينية من أمر بمعروف أو نهى عن منكر عند من لا يلتفت إلا إلى ذوى الهيئات كما هو الغالب على عوام زماننا وبعض خواصه، لا شك انه من الموجبات للاجراء لكنه لابد من تقييد ذلك بما يحل لبسه شرعا والله الهادى باب (1) (سنده) حدّثنا هاشم ثنا شريك عن عثمان يعنى ابن المغيرة وهو الأعشى عن مهاجر الشامى عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) قال فى النهاية الشهرة ظهور الشئ والمراد ان ثوبه يشتهر بين الناس لمخالفة لونه لألوان ثيابهم فيرفع الناس اليه أبصارهم ويختال عليهم بالعجب والتكبر (3) أى ثوبا يوجب مذلته يوم القيامة كما لبس فى الدنيا ثوبا يتعزز به على الناس ويترفع به عليهم (تخريجه) (نس جه) وسنده صحيح، والحديث يدل على تحريم لبس ثوب الشهرة قال ابن رسلان وليس هذا الحديث مختصا بنفيس الثياب، بل قد يحصل ذلك لمن يلبس ثوبا يخالف ملبوس الناس من الفقراء ليراه الناس فيتعجبوا من لباسه ويعتقدوه (4) (سنده) حدّثنا على بن اسحاق أخبرنا عبد الله أخبرنا يونس عن الزهرى اخبرنى سالم ان ابن عمر حدثه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) ذلك الرجل قارون وكان من بنى اسرائيل كما يرشد اليه القرآن (ان قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم) الآية (6) الخيلاء العجب عن تخيل فضيلة تراءت للشخص فى نفسه وقد أعجب ذلك الرجل بنفسه لما تخيله فيها من فضيلة العلم وما أوتيه من الكنوز ما انّ مفاتحه لننوه بالعصبة أولى القوة، فخسف الله به وبداره الأرض (فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين) (7) التجلجل الغوص فى الارض مع اضطراب وتدافع من شق الى آخر (تخريجه) (ق نس) (8) (سنده) حدّثنا عبد الرازق انا معمر عن محمد بن زياد مولى بنى جمح انه سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

-[وعيد من أسبل ثوبه خيلاء ومن خسفت به الأرض بسبب ذلك]- (عن مسلم بن ينَّاق) (1) قال كنت جالسا مع عبد الله بن عمر رضى الله عنهما فى مجلس بنى عبد الله فمر فتى مسبلا ازاره من قريش، فدعاه عبد الله بن عمر فقال ممن انت؟ فقال من بنى بكر، فقال تحب ان ينظر الله تعالى اليك يوم القيامة؟ قال نعم، قال ارفع ازارك فانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من جر ازاره (2) لا يريد الا الخيلاء لم ينظر الله عز وجل اليه (3) يوم القيامه (عن الحسن) (4) قال بينما ابو هريرة يحدث أصحابه اذ أقبل رجل الى أبى هريرة وهو فى المجلس فاقبل وعليه حلة له فجعل (5) يميس فيها حتى قام على أبى هريرة، فقال يا أبا هريرة هل عندك فى حلتى هذه من فتيا: فرفع رأسه اليه وقال حدثنى الصادق المصدوق خليلى أبو القاسم صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل ممن كان قبلكم (6) يتبختر بين بردين (7) فغضب الله عليه فأمر الأرض فبلعته، ذو الذى نفسى بيده انه ليتجلجل الى يوم القيامة، اذهب أيها الرجل الى يوم القيامة (عن أبى سعيد) (8) عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله (عن أسلم أبى عمران) (9) عن هبيب (10) بن مغفل الغفارى صاحب النبى صلى الله عليه وسلم انه رأى محمدا القرشى قام يجر ازاره (وفى لفظ يجر رداءه خلفه ويطؤه) فنظر اليه هبيب فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من وطئه خيلاء (11) وطئه فى النار (وفى لفظ) من وطئ على إزاره

_ بينا رجل يتبختر فى حلة معجب بجمته قد اسبل ازاره إذ خسف الله به فهو يتجلجل أو قال يهوى فيها الى يوم القيامة (قلت) الجمة بضم الجيم وتشديد الميم مجتمع شعر رأسه المتدلى منها الى المنكبين فاكثر وهو أكبر من الوفرة، اما الرجل الذى خسف به فقد جزم الكلا باذى بأنه قارون وكذا قاله الجوهرى فى صحاحه (تخريجه) (ق) (1) (سنده) حدّثنا اسباط بن محمد حدثنا عبد الملك عن مسلم بن يناق الخ (غريبه) (2) أى ثوبه كما صرح بذلك فى بعض الروايات وسواء كان الثوب ازارا أو رداءا أو قميصا أو سراويل أو غيرها مما يسمى ثوبا (3) أى نظر رحمة (تخريجه) (ق - والأربعة وغيرهم) (4) (سنده) حدّثنا هاشم ثنا المبارك عن الحسن الخ (غريبه) (5) الحلة ثوبان أحدهما فوق الآخر وقيل ازار ورداء وهو الاشهر (وقوله فجعل يميس) أى يتبختر يقال ماس يميس ميسا اذا تبختر فى مسيره وتثنى (6) يعنى من بنى اسرائيل كما أشار الى ذلك البخارى (7) جاء عند مسلم (يتبختر يمشى فى برديه) أى ثوبيه (تخريجه) اخرج الجزء المرفوع منه (ق. وغيرهما) (8) (سنده) حدّثنا معاوية بن هشام ثنا شيبان عن فراس عن عطية عن ابى سعيد (يعنى الخدرى) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينا رجل يمشى بين بردين مختلا خسف الله به الارض فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (جم بز) باسانيد وأحد اسانيد البزار رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) فى اسناده عند الامام احمد عطية العوفى فيه كلام (9) (سنده) حدّثنا هارون بن معروف ثنا ابن وهب يعنى عبد الله بن وهب المصرى قال عبد الله (يعنى ابن الامام احمد) وسمعته انا من هارون ثنا عمرو بن الحارث عن يزيد بن أبى حبيب عن أسلم ابى عمران الخ (غريبه) (10) هبيب بضم أوله مصغرا (ومغفل) بضم الميم وسكون المعجمة وكسر الفاء (11) أى من اسبل ازراره خيلاء حتى صار يطؤه من طوله سلط الله عليه من يطؤه فى نار جهنم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم عل طب) ورجال أحمد

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله صلاة عبد سبل إزاره]- خيلاء وطئ فى نار جهم (عن ابى هريرة) (1) قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم لا ينظر الله عز وجل (2) إلى من جر إزاره بطرا (3) (عن حميد بن هلال) (4) ثنا أبو قتادة عن عبادة بن قرص أو قرط (5) انكم لتعملون اليوم أعمالا هيلا أدق فى أعينكم من الشعر (6) كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوبقات، (7) فقلت لأبى قتادة (8) لكيف لو أدرك زماننا هذا؟ فقال أبو قتادة لكان لذلك أقول (9) (وعنه من طريق ثان) (10) قال قال عبادة بن قرط انكم تأتون أشياء هى أدق فى أعينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الموبقات قال فذكر ولمحمد (11) قال فقال صدق أرى جر الإزار منه (عن عطاء بن يسار) (12) عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل يصلى وهو مسبل ازاره إذ قال له النبى صلى الله عليه وسلم اذهب فتوضأ، قال فذهب فتوضأ ثم جاء فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فتوضأ، قال فذهب فتوضأ ثم جاء فقالوا يا رسول الله مالك أمرته ان يتوضأ ثم سكت عنه؟ قال انه كان يصلى وهو مسبل ازاره إن الله لا يقبل صلاة عبد مسبل ازاره (عن بن عباس) (13) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله لا ينظر إلى مسبل (14)

_ رجال الصحيح خلا أسلم ابا عمران وه وثقة (1) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن زياد قال كان مروان يستعمل أبا هريرة على المدينة فكان اذا رأى انسانا يجر ازاره ضرب برجله ثم يقول قد جاء الأمير قد جاء الامير، ثم يقول قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أى لا يرحمه فالنظر اذا أضيف الى الله كان مجازا، واذا أضيف الى المخلوق كان كناية، ويحتمل ان يكون المراد لا ينظر الله اليه نظر رحمة (3) البطر بموحدة ومهملة مفتوحتين، قال القاضى عياض جاء فى الرواية بطرا بفتح الطاء على المصدر وبكسرها على الحال من فاعل جر اى جره تكبرا وطغيانا (تخريجه) (ق - وغيرهما) (4) (سنده) حدّثنا عفان ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال الخ (غريبه) (5) أو للشك من الراوى، قال الحافظ فى الاصابة قال ابن حبان له صحبة والصحيح انه ابن قرص بالصاد ذكره البخارى عن على بن المدينى عن رجل من قومه، وقال ابن حبان قتله الخوارج سنة إحدى وأربعين (6) أى تعتبرونها من صغائر الذنوب (7) يعنى الكبائر (8) هو العدوى البصرى اسمه تميم ابن يزيد عم عمر وعمران بن حصين وعنه حميد بن هلال واسحاق بن سويد وثقه ابن معين (9) بسكون القاف وفتح الواو افعل تفضيل أى أشد قولا (10) (سنده) حدّثنا اسماعيل ثنا أيوب عن حميد بن هلال قال قال عبادة بن قرط الخ (11) الظاهر انه محمد بن سيرين، والمعنى انهم ذكروا قول عبادة بن قرط لمحمد فصدقه وقال أرى جر الازار منه أى من الموبقات لما جاه فيه من الوعيد الشديد والناس يعدونه من الصغائر لفرط جهلهم وغرورهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله كلهم ثقات (12) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب كراهة الصلاة بالاشتمال والسدل والاسبال الخ من كتاب الصلاة فى الجزء الرابع صحيفة 98 رقم 838 فارجع اليه (13) (سنده) حدّثنا أبو النضر وحسين قالا ثنا شيبان عن اشعث حدثنى سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (14) المعنى أن الله عز وجل لا ينظر نظر رحمة الى مسبل يعنى ازاره كما صرح بذلك عند النسائى ومثل الازار غيره من الثياب كالرداء والقميص ونحو ذلك، والمسبل هو الذى يطول ثوبه ويرسله الى الأرض إذا مشى، وإنما يفعل

-[كلام العلماء فى حكم إسبال الثوب وقوله صلى الله عليه وسلم ما أسفل من الكعبين فى النار]- (عن خريم بن فاتك) (1) الاسدى قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم الرجل أنت يا خريم لولا خلتان (2) قال قلت وما هما يا رسول الله؟ قال اسبالك ازارك وارخاؤك شعرك (باب ما جاء فى الحد المستحب للثوب والجائز والحرام) (عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن عمر) (3) قال كسانى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة من حلل السيراء (4) أهداها له فيروز فلبست الازار فاغرقنى طولا وعرضا فسحبته (5) ولبست الرداء فتقنعت به فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعاتقى فقال يا عبد الله ارفع الازار، فان ما مست الارض من الازار الى ما أسفل من الكعبين فى النار، قال عبد الله بن محمد (6) فلم أر انسانا قط أشد تشميرا من عبد الله بن عمر (وعنه من طريق ثان قال) (7) سمعت ابن عمر رضى الله عنه عنهما يقول كسانى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية (8) وكسا أسامة حلة سيراء قال فنظر

_ ذلك كبرا واختيالا (نه) أى يقصد الكبر والاختيال كما صرح بذلك فى الأحايث المتقدمة فهذا حرام يعاقب فاعله، اما الاسبال لا للبطر ولا للخيلاء فمكروه لا حرام، والكلام فى اسبال لغير ضرورة فى حق الرجال، واجمعوا على حل الاسبال للمرأة وسيأتى الكلام على اسبال المرأة بعد باب (تخريجه) (نس) وسنده صحيح (1) (سنده) حدّثنا يحيى بن آدم ثنا أبو بكر يعنى ابن عياش عن أبى اسحاق عن شهر بن عطية عن خريم بن فاتك الأسدى الخ (غريبه) (2) تثنية خلة بفتح المعجمة وتشديد اللام مفتوحة، والمراد بها هنا الخصلة وزنا ومعنى (تخريجه) أورده الهيثمى ولفظه عن خريم بن فاتك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم الفتى خريم لو قصر من شعره ورفع من ازاره، قال فقال خريم لا يجاوز شعرى أذنى ولا ازارى عقبى، قال الهيثمى رواه الطبرانى فى الثلاثة ومداره على المسعودى وقد اختلط والراوى عنه لم أعرفه اهـ (قلت) لم يذكر الحافظ الهيثمى رواية الامام احمد وليس فى سندها المسعودى أما الراوى عن خريم فلم أقف عليه أنا أيضا والله أعلم، وأورده الهيثمى أيضا بلفظ آخر عن خريم انه أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا خريم بن فاتك لولا خصلتان فيك لكنت أنت الرجل، فقال وما هما يا رسول الله حسبى واحدة؟ قال توفير شعرك وتسبيل ازارك، فانطلق خريم فجز شعره وقصّر ازاره، قال الهيثمى رواه احمد والطبرانى واللفظ للطبرانى بأسانيد ورجال احمد رجال الصحيح اهـ (قلت) يعنى حديث الباب لأنه ليس فى مسند الامام احمد لخريم بن فاتك فى هذا الباب سوى هذا الحديث، وجاء عند أبى داود فى حديث طويل جدا لأبى الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم الرجل خريم الاسدى لولا طول جمته واسبال ازاره، فبلغ ذلك خريما فعجل، فأخذ شفرة فقطع بها جمته الى أذنيه ورفع إزاره إلى أنصاف ساقيه (قلت) الجمة بضم الجيم وتشديد الميم من الانسان مجتمع شعر ناصيته يقال هى التى تبلغ المنكبين، والجمع جمم مثل غرف وغرفة، ويستفاد منه جواز ارخاء شعر الرأس الى الأذنين، وسيأتى الكلام على ذلك فى الباب الثانى فى صفة وجهه وشعره صلى الله عليه وسلم من أبواب الشمائل فى القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله تعالى (باب) (3) (سنده) حدّثنا زكريا بن عدى أخبرنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن عمر الخ (غريبه) (4) السيراء بكسر السين وفتح الياء وبالمد ضرب من البرود فيه خطوط صفر (5) يقال سحبته على الأرض سحبا من باب نفع جررته فانسحب أى صار يجر على الأرض (6) يعنى ابن عقيل الراوى عن ابن عمر (7) (سنده) حدّثنا عبد الله بن الوليد حدثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل سمعت ابن عمر الخ (8) بضم القاف وسكون الموحدة قال

-[بيان الحد المستحب للثوب والجائز والحرام]- فرآني قد اسبلت، فجاء فاخذ من بمنكبى وقال يا ابن عمر، كل شئ مس الارض من الثياب ففى النار، قال فرأيت ابن عمر يتزر الى نصف الساق (عن زيد بن أسلم) (1) سمعت ابن عمر رضى الله عنهما يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من جر ازاره من الخيلاء لم ينظر الله عز وجل اليه، قال زيد وكان ابن عمر يحدث أن النبى صلى الله عليه وسلم رآه وعليه ازار يتقعقع (2) يعنى جديدا فقال من هذا؟ فقلت أنا عبد الله، فقال ان كنت عند الله فارفع ازارك، قال فرفعته قال زد، قال فرفعته حتى بلغ نصف الساق، قال ثم التفت إلى أبى بكر رضى الله عنه فقال من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة، فقال أبو بكر رضى الله عنه انه يسترخى إزارى أحيانا؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم لست منهم (عن أبى هريرة) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إزرة (4) المؤمن إلى عضلة ساقيه ثم إلى نصف ساقيه ثم الى كعبيه فما كان أسفل (5) من ذلك فى النار (عن أبى سعيد الخدرى) (6) انه سئل عن الازار فقال على الخبير سقطت، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إزرة المؤمن إلى أنصاف الساقين لا جناح أو لا حرج عليه فيما بينه وبين الكعبين، ما كان أسفل من ذلك فهو فى النار، لا ينظر الله إلى من جر ازاره بطرا (عن أنس بن مالك) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الازار إلى نصف الساق، فلما

_ في النهاية القبطية الثوب من ثياب مصر رقيقة بيضاء وكأنه منسوب الى القبط وهم أهل مصر، وضم القاف من تغيير النسب وهذا فى الثياب، فأما فى الناس فقبطى بالكسر (تخريجه) أورده الهيثمى وقال له احاديث فى الصحيح بغير هذا السياق، رواه احمد وأبو يعلى ببعضه إلا أنه قال لبست ثوبا جديدا فأتيت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عند حجرة حفصة. فى ليلة مظلمة فسمع قعقعة الثوب، وفى اسناد احمد عبد الله بن محمد بن عقيل وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات (1) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن زيد بن أسلم الخ (غريبه) (2) القعقعة حكاية حركة الشئ يسمع له صوت (نه) (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه كله احمد والطبرانى فى الأوسط باسنادين واحد اسنادى احمد رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) يعنى هذا الاسناد الذى ذكرته ولله الحمد (3) (سنده) حدّثنا الوليد بن مسلم ثنا الاوزاعى ثنا يحيى يعنى ابن أبى كثير عن محمد بن ابراهيم التيمى عن يعقوب أو ابن يعقوب عن أبى هريرة الخ (غريبه) (4) بكسر الهمزة وسكون الزاى للحالة والهيئة أى هيئه ازار المؤمن أن يكون الازار إلى عضلة ساقيه (والعضلة) بالتحريك كل لحمة صلبة مكتنزة فى البدن، ومن الساق أعلاه، وليس المراد بذلك التحديد بدليل قوله ثم الى نصف الساق ثم الى كعبيه، وفى بعض الروايات (وليس عليه حرج فما بينه وبين الكعبين) (5) بالنصب خبر كان أى ما كان أسفل من الكعبين فموضعه من البدن فى النار (تخريجه) (نس) ورواه البخارى بلفظ (ما أسفل من الكعبين من الازار ففى النار) (6) (سنده) حدّثنا محمد بن أبى عدى عن شعبة عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه انه سمع أبا سعيد سئل عن الازار الخ (تخريجه) (لك دنس جه حب) وللشيخين من حديث أبى هريرة (لا ينظر الله إلى من جر ازاره بطرا) وحديث الباب سكت عنه أبو داود والمنذرى فهو صالح للاحتجاج به والله أعلم (7) (سنده) حدّثنا عفان ثنا يزيد بن زريع ثنا حميد عن أنس الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال

-[قوله صلى الله عليه وسلم ما تحت الكعب من الازار فى النار]- رأى شدة ذلك على المسلمين قال إلى الكعبين، لا خير فيما أسفل من ذلك (عن عائشة رضى الله عنها) (1) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تحت الكعب من الازار فى النار (عن أبى تميمة الهجيمى) (2) عن رجل من قومه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الازار فقلت أين أتزر؟ فاقنع (3) ظهره بعظم ساقه وقال ههنا اتزر، فان أبيت فهنا أسفل من ذلك، فان أبيت فهنا فوق الكعبين فان أبيت فان الله لا يحب كل مختال فخور، قال وسألته عن المعروف الخ (4) (عن القاسم بن عبد الرحمن) (5) عن عمرو بن فلان (6) الانصارى قال بينا هو يمشى قد أسبل ازاره إذ لحقه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أخذ بناصية نفسه وهو يقول اللهم عبدك (7) بن عبدك بن امتك قال عمرو فقلت يا رسول انى رجل حمش (8) الساقين فقال يا عمرو إن الله عز وجل قد أحسن كل شئ خلقه يا عمرو، وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم بأربع أصابع من كفه اليمنى تحت ركبة عمرو فقال يا عمرو هذا موضع الازار, ثم رفعها ثم وضعها تحت الثانية (9) فقال يا عمرو هذا موضع الازار (عن الشريد بن سويد) (10) أن النبى صلى الله عليه وسلم تبع رجلا من ثقيف (وفى رواية أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يجر ازاره) حتى هرول فى أثره حتى أخذ ثوبه فقال ارفع ازارك قال فكشف الرجل عن ركبتيه فقال يا رسول الله انى احنف (11) وتصطك ركبتاى، فقال رسول صلى الله عليه وسلم كل خلق

_ رواه (حم طس) (ورجال احمد رجال الصحيح) (1) (سنده) حدّثنا يعلى ثنا محمد يعنى ابن اسحاق قال سمعت ابا نبيه قال سمعت عائشة تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أو رده الهيثمى وقال رواه احمد وزجاله ثقات، وقد صرح ابن اسحاق بالسماع (2) (عن أبى تميمة الهجيمى) اسمه طريف بن مجالد كذا فى الاصابة، وهذا الحديث جزء من حديث طويل سيأتى بطوله وسنده وتخريجه فى باب ما جاء فى الفاظ السلام من كتاب السلام والاستئذان (غريبه) (3) الاقناع معناه الرفع يقال اقنع رأسه ويديه أى رفعهما (وقوله ظهره) الظاهر والله أعلم ان صوابه ازاره وحصل تحريف من الناسخ والمعنى أنه رفع ازاره الى أعلى عظم ساقه وقال هاهنا الخ (4) الحديث له بقية ستأتى فى باب الترغيب فى خصال من البر مجتمعة فى قسم الترغيب إن شاء الله تعالى (5) (سنده) حدّثنا الوليد بن مسلم ثنا الوليد بن سليمان ان القاسم بن عبد الرحمن حدثهم عن عمرو بن فلان الانصارى الخ (غريبه) (6) هو عمرو بن زرارة كما صرح بذلك فى رواية عند الطبرانى (7) معناه اللهم انى عبدك الخ وانما قال ذلك صلى الله عليه وسلم تواضعا لله ليتعظ مسبل الازار (8) فتح أوله وسكون الميم أى دقيق الساقين، وكأنه أراد أن يستر دقتهما باسبال ازاره، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم (ان الله عز وجل قد أحسن كل شئ خلقه) معناه أن ذلك ليس عيبا ثم بين له حد الازار (9) أى تحت اربع غير الأولى (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله ثقات (قلت) وأخرجه الطبرانى من حديث أبى امامة قال بينما تحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذ لحقنا عمرو بن زرارة الانصارى فى حلة ازار ورداء. وقد أسبل فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ بناصية ثوبه ويتواضع لله ويقول عبدك وابن عبدك الخ الحديث ورجاله ثقات (10) (سنده) حدّثنا روح ثنا زكريا بن اسحاق ثنا ابراهيم بن ميسرة انه سمع عمرو بن الشريد يحدث عن أبيه ان النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) الحنف اقبال القدم بأصابعها على القدم الأخرى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال

-[كلام العلماء فى حد الثوب والرخصة فى اطالة ذيل المرأة]- الله عز وجل حسن، قال ولم ير ذلك الرجل إلا وازاره إلى أنصاف ساقيه حتى مات "رضى الله عنه" (عن عبيدة بن خلف) (1) قال قدمت المدينة وانا شاب مؤازر ببردة لى ملحاء (2) أجرُّها فادركنى رجل فغمزنى بمخصرة (3) معه مقال أما لو رفعت ثوابك كان ابقى وأنقى (4) فالتفت فاذا هو رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت يا رسول الله إنما هى بردة ملحاء، أما لك فى أسوتى (5) فنظرت إلى ازاره فاذا فوق الكعبين وتحت العضلة (6) (عن حذيفة) (7) (يعنى ابن اليمان) قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعضلة ساقى أو ساقه (8) قال هذا موضع الازار، فان أبيت بأسفل، فان أبيت فلاحق للازار فيما دون الكعبين (9) (باب الرخصة فى اطالة ذيل المرأة) (عن نافع عن ابن عمر) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الذى يجر ثوبه من الخيلاء لا ينظر الله اليه يوم القيامة، قال نافع فانبئت أن أم سلمة رضى الله عنها قالت فكيف بنا (11) قال

_ رواه (حم طب) ورجال احمد رجال الصحيح (1) (سنده) حدّثنا حسين بن محمد ثنا سليمان قرة عن الاشعث عن عمته رهم عن عبيدة بن خلف قال قدمت المدينة الخ (غريبه) (2) أى فيها خطوط سود وبيض (3) المخصرة بكسر الميم وسكون المعجمة ما يختصره الانسان بيده فيمسكه من عصا أو عكازة أو مقرعة أو قضيب، وقد يتكئ، عليه (نه) (4) أى أبقى للثوب وأطهر (5) هكذا بالأصل (فى أسوتى) وفى بعض الروايات فىّ أسوة ومعناه أمالك ان تقتدى بى فى لباسى (6) العضلة بالتحريك هى ما اكتنز من اللحم أعلى الساق، وتقدم الكلام على ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفى اسناده رهم بنت الأسود عمة الأشعث قال فى التقريب لا تعرف (7) (سنده) حدّثنا سفيان عن أبى اسحاق عن مسلم بن نذير عن حذيفة الخ (غريبه) (8) أو للشك من الراوى يشك هل أخذ النبى صلى الله عليه وسلم بعضلة ساق حذيفة أو عضلة ساق نفسه (9) أى فان رغبت التسفل عن هذا الموضع فلاحق للازار فى أسفل من الكعبين، والظاهر ان هذا هو التحديد (تخريجه) (نس جه) وسنده جيد (هذا) وفى احاديث الباب بيان الحد المستحب للثوب والجائز والحرام والمكروه (قال النووى) رحمه الله الاسبال تحت الكعبين الخيلاء حرام فان كان لغيرها فهو مكروه وهكذا نص الشافعى على الفرق بين الجر للخيلاء ولغير الخيلاء، قال والمستحب أن يكون الازار إلى نصف الساق، والجائز بلا كراهة ما تحته الى الكعبين، وما نزل عن الكعبين ممنوع منع تحريم ان كان للخيلاء والا فمنع تنزيه لأن الأحاديث الواردة فى الزجر عن الاسبال مطلقة فيجب تقييدها بالاسبال للخيلاء والله أعلم (باب) (10) (سنده) حدّثنا اسماعيل انا أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (11) رواية نافع عن أم سلمة فيها مبهم لقوله (انبئت) ولكن هذا المبهم جاء مصرحا به عند النسائى من طريق أيوب بن موسى عن نافع عن صفية عن أم سلمة، وصفية هذه هى بنت أبى عبيد الثقفية امرأة عبد الله بن عمر، وهى تابعية ثقة بل ذكرها بعضهم فى الصحابة، ورواه النسائى أيضا من طريق عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار والامام احمد أيضا وسياتى عن أم سلمة، وكذلك رواه أبو داود من طريق أبى بكر بن نافع عن أبيه عن صفية عن أم سلمة وهذه أسانيد صحيحة متصلة، وقد جاء هذا الحديث عند الترمذى بلفظ (من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله اليه يوم القيامة الخ)، ولفظ من يتناول الرجال والنساء فى الوعيد المذكور على هذا الفعل المخصوص

-[بيان مقدار ما ترخيه المرأة من ثوبها]- شبرا، قالت إذا تبدو اقدامنا، قال ذراعا لا تزدن عليه (عن ابن عمر) (1) قال رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم لأمهات المؤمنين فى الذيل (2) شبرا فاستزدنه فزادهن شبرا آخر فجعلته ذراعًا (3) فكن يرسان الينا تذرع لهن ذراعا (عن أبى هريرة) (4) ان النبى صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة وأم سلمة رضى الله عنهما أن تجرا الذيل ذراعا (عن عائشة) (5) رضى الله عنها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذيول النساء قال شمر، قالت قلت إذا تخرج سوقهن قال فذراع (عن أم سلمة) (6) رضى الله عنها قالت قلت يارسول الله كيف بالنساء (7) قال يرخين شبرا: فلينت إذا ينكشف عنهن يا رسول الله قال فذراع لا يزدان عليه (وعنها أيضا) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شبر (9) لفاطمة رضى الله عنها شبرا من نطاقها (10)

_ وقد فهمت ذلك أم سلمة فقالت (فكيف بنا) أى فكيف تصنع النساء بارخاء ثيابهن (قال شبرا) أى يرخين شبرا من نصف الساقين، فلما قالت (اذا تبدو أقدامنا) قال (ذراعا) أى يرخين ذراعا لا يزدن عليه لأن ارخاء الثوب ذراعا من نصف الساق يكفى لستر قدم المرأة وسيأتى تحقيق الذراع فى شرح الحديث التالى (تخريجه) (مذ نس) وسنده صحيح (1) (سنده) حدّثنا يحيى عن سفيان حدثى زيد العمىّ عن أبى الصديق عن ابن عمر الخ (غريبة) (2) قال فى القاموس الذيل آخر كل شئ ومن الازار والثوب ماجر (3) قال الطيبى المراد به الذراع الشرعى اذ هو أقصر من الذراع العرفى اهـ (قلت) وأفادت هذه الرواية قدر الذراع المأذون فيه وانه شبران بشبر اليد المعتدلة (تخريجه) (د جه) وفى اسناده زيد العمّى بفتح العين المهملة وكسر الميم مشددة قيل أنه نسبة الى العم بطن من تميم، وقيل انه كان كلما سئل عن شئ قال اسأل عمى، وثقه الحسن بن سفيان، وقال الامام احمد صالح وتكلم فيه بعضهم وضعفه وترجمه البخارى فى الكبير فلم يذكر فيه جرحا وهذا يؤيد انه ثقة، ومن قرأ ترجمته فى الميزان للذهبى أيقن أن ما أنكره عليه المحدثون انما كانت العلة فيه من الرواة عنه، ولذلك صحح له الترمذى والله أعلم (4) (سنده) حدّثنا أبو كامل ثنا حماد عن أبى المهزم عن أبى هريرة الخ (تخريجه) (جه) وفى اسناده أبو المهزم قال فى التقريب بتشديد الزاى المكسورة التميمى البصرى اسمه يزيد وقيل عبد الرحمن بن سفيان متروك (5) (سنده) حدّثنا عبد الصمد قال حدثنى أبى ثنا حبيب المعلم عن يزيد أبى المهزم عن أبى هريرة عن عائشة الخ (تخريجه) (جه) وفى اسناده يزيد أبو المهزم وتقدم الكلام عليه فى تخريج الحديث السابق (6) (سنده) حدّثنا محمد بن عبيد قال ثنا عبيد الله عن نافع عن سليمان بن يسار عن أم سلمة الخ (غريبه) (7) يعنى حين ذكر الازار كما صرح بذلك فى رواية أبى داود (تخريجه) (دنس) وسنده صحيح (8) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال ثنا على بن زيد عن أم الحسن أن أم سلمة حدثتهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) بفتحات من باب قتل يقال شبرت الشئ، شبرا قسته بالشبر (والشبر) بكسر المعجمة وسكون الموحدة ما بين طرفى الخنصر والابهام بالتفريج المعتاد (10) النطاق هو ما يشد به الوسط فوق الثياب، وجاء عند الطبرانى من حديث أنس (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم شير لفاطمة من عقبها شبرا وقال هذا ذيل المرأة) ففى حديث أنس (من عقبها) بدل قوله فى حديث الباب (من نطاقها) وكانت المرأة من أسماء العرب تلبس ثوبها ثم تشد وسطها بشئ يسمى نطاقا وترفع

-[التحذير من وصل شعر المرأة بشعر آخر ولعن الواصلة والمستوصلة]- (أبواب ما يجوز للنساء من الزينة وغيرها ومالا يجوز لهن) (باب ما جاء فى وصل الشعر والدهن) (عن صفية بنت شيبة) (1) عن عائشة رضى الله عنها أن جارية من الأنصار زوجت وأنه مرضت فتمعط شعرها (2) أرادوا أن يصلوه فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال فلعن الواصلة (3) والمستوصلة (وعن اسماء بنت أبى بكر) (4) عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله (عن معقل بن يسار) (5) أن رجلا من الأنصار تزوج امرأة فسقط شعرها فسئل النبى صلى الله عليه وسلم عن الوصال، فلعن الواصلة والموصولة (عن عائشة رضى الله عنها) (6) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يلعن القاشرة (7) والمقشورة والواشمة (8) والمستوشمة والواصلة (9)

_ وسط ثوبها وترسله على الأسفل عند معاناة الأشغال لثلا تعثر فى ذيلها، وعلى هذا فعنى رواية أم سلمة أن النبى صلى الله عليه وسلم امر فاطمة رضى الله عنها ان ترسل من عقبها شيرا أى مما ارتفع من ثوبها بسبب النطاق والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفى اسناده على بن زيد بن جدعان فيه كلام ووثقه بعضهم، وأم الحسن غير معروفة، ويؤيده حديث أنس عند الطبرانى، وحديث أم سلمة الذى قبله والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا حسين قال ثنا شعبة بن الحجاج العتكى عن عمرو بن مرة قال سمعت الحسن بن مسلم بن ينَّاق يحدث عن صفية بنت شيبة الح (غريبه) (2) أى تناثر وسقط، وجاء فى رواية أخرى عند الامام احمد من طريق عرارة عن عائشة أيضا أن امرأة أتتها فقالت ان ابنتى عروس مرضت فتمرّق شعرها الحديث (وقوله فتمرق شعرها) من المروق أى خرج من موضعه أو من المرق وهو نتف الصوف (3) هى التى تصل شعر امرأة بشعر امرأة أخرى لتكثر به شعر المرأة (والمستوصلة) هى التى تستدعى من يفعل بها ذلك، ويقال لها موصولة كما فى بعض الروايات (تخريجه) (ق وغيرهما) (4) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما يستحب من الزينة للنساء الخ من كتاب النكاح فى الجزء الخامس عشر صحيفة 215 رقم 211 (5) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا الفضل اين دلهم عن ابن سيرين عن معقل ابن يسار الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفيه الفضل بن دلهم وهو ثقة وفيه ضعف، وبقية رجال احمد رجال الصحيح (هذا) وقد ذكرت حكم الواصلة والموصولة وكلام العلماء فى ذلك فى القول الحسن شرح بدائع المتن فى الجزء الثانى صحيفة 451 و 452 فارجع اليه (6) (سنده) حدّثنا عبد الصمد قال حدثتنى أم نهار بنت رفاع قالت حدثتنى آمنة بنت عبد الله انها شهدت عائشة فقالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) القاشرة الق تعالج وجهها أو وجه غيرها بالغمرة (بضم المعجمة أى الزعفران) ليصفو لونها، (والمقشورة) التى يفعل بها ذلك كأنها تقشر أعلى الجلد (نه) (8) الواشمة فاعلة الوشم وهى أن تفرز ابرة أو نحوها فى ظهر الكف أو المعصم أو الشفة أو غير ذلك فى بدن المرأة حتى يسيل الدم ثم تحشو ذلك الموضع بالكحل أو النورة فيخضر، وقد يفعل ذلك بدارات ونقوش وقد تكثره وقد تقلله (والمستوشمة) هى التى تطلب ان يفعل بها ذلك (9) الواصلة هى التى تصل شعر المرأة بشعر غيرها من النساء توهم ان ذلك من أصل شعرها، فقد تكون المرأة زغراء قليلة الشعر، أو يكون شعرها اصهب فتصل شعرها بشعر اسود فيكون ذلك زورا وكذبا فنهى عنه (والمتصلة التى تطلب ان يفعل بها ذلك (وفى بعض الروايات) والموصولة وفى بعضها والمستوصلة

-[لعن الواشمات والمستوشمات والمتنمصات والمتفلجات للحسن]- والمتصلة (زادت فى رواية) والنامصة والمتنمصة (عن علقمة عن عبد الله) (1) قال لعن الله الواشمات والمتوشمات والمتنمصات (2) والمتفلجات للحسن (3) المغيرات خلق الله، قال فبلغ امرأة فى البيت يقال لها أم يعقوب (4) فجاءت اليه فقالت بلغنى انك قلت كيت وكيت، فقال مالى لاألعن من لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى كتاب الله عز وجل (5) فقالت انى لأقرأ ما بين لوحيه (6) فما وجدته، فقال ان كنت قرأتيه فقد وجدتيه، أما قرأت (ماأتاكم الرسول فخذوه، فانتهوا) قالت بلى، قال فان النبى صلى الله عليه وسلم نهى عنه قالت أنى لأظن أهلك يفعلون (7) قال اذهبى فانظرى، فنظرت فلم تر من حاجتها شيئا فجاءت فقالت ما رأيت شيئا، قال لو كانت كذلك لم تجامعنا (8) قال وسمعته من عبد الرحمن (9) بن عابس يحدثه عن أم يعقوب سمعه منها فاخترت حديث منصور (ومن طريق ثان) (10) عن مسروق أن امرأة جاءت الى ابن مسعود فقالت

_ والمعنى واحد (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه من لم أعرفه من النساء اهـ (قلت) هى أم نهار لأنى لم أقف لها على ترجمة، وأما آمنة بنت عبد الله فقد جاء فى تعجيل المنفعة آمنة القيسية عن عائشة رضى الله عنها، وعنها جعفر بن كيسان لا تعرف (قال الحافظ) قلت قد روى احمد من طريق أم نهار عن آمنة بنت عبد الله عن عائشة حديثا آخر فى لعن الواصلة فيكون لها راويان اهـ (قلت) وللشيخين منه (لعن الواصلة والمتصلة) ويؤيده الأحاديث الآتية بعده (1) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن (يعنى اين مهدى) ثنا سفيان عن منصور عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) الخ (غريبه) (2) قال القاضى عياض النامصة التى تنتف الشعر من وجهها ووجه غيرها، والمتنمصة التى تطلب أن يفعل بها ذلك، والنماص إزالة شعر الوجه بالمنقاش، ويسمى المنقاش منماصا اهـ (وقيل) ان النماص مختص بازالة شعر الحاجبين ليرقهما أو يسويهما، قال أبو داود فى السنن النامصة التى تنمص الحاجب حتى ترقه اهـ فلو كانت مقرونة الحواجب فأزالت ما بينها توهم البلج أو عكسه، قال الطيرى لا يجوز، (وقال النووى) يستثنى من النماص ما اذا نبت للمرأة لحية أو شارب أو عنفقة فلا يحرم ازالتها بل يستحب اهـ لكن قيده بعضهم بما اذا كان بعلم الزوج واذنه، فمتى خلا عن ذلك منع التدليس (وقال القسطلانى) قال بعض الحنابلة يجوز الحف والتحمير والنقش والطريف اذا كان بعلم الزوج لأنه من الزينة (3) أى اللاتى يطلين تفريق ما بين الاسنان من الثنايا والرباعيات بالمبرد ونحوه ويفعل ذلك بهن لأجل الحسن، والفلج بالتحريك فرجة ما بين الثنايا والرباعيات (4) امرأة من بنى أسد بن خزيمة ولا يعرف اسمها وكانت تقرأ القرآن (5) أى فى قوله تعالى {وما آتاكم الرسول فخذوه} إذ معناه العنوا من لعنه رسول الله صلى الله عليه وسلم (6) تريد الدفتين، وفى مسلم عن عثمان (ما بين لوحى المصحف وكانوا يكتبون المصحف فى ورق ويجعلون له دفتين من خشب (وقولها فما وجدته) أى ما وجدت لمن المذكورات (7) جاء فى رواية أخرى (قالت المرأة فلعله فى بعض نسائك) وعند مسلم قالت (فانى أرى شيئا من هذا على امرأتك الآن) (8) أى لم تصاحبنا ولم تبق معنا (9) الظاهر ان القائل (وسمعته من عبد الرحمن الخ) هو سفيان الثورى راوى الحديث عن منصور يقول انه رواه أيضا عن عبد الرحمن بن عابس ولكنه اختار رواية منصور والله أعلم (10) (سنده) حدّثنا عبد الوهاب بن عطاء أنبأنا سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن عزرة

-[الزجر عن وضع الدهن والمساحيق بوجه المرأة الحسن]- أنبئت أنك تنهى عن الواصلة: فال نعم، فقالت أبشئ تجده فى كتاب الله أم سمعته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال أجده فى كتاب الله وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقالت والله لقد تصفحت ما بين دفتى المصحف الحديث (وفى آخره) قال ما حفظت اذًا وصية العبد الصالح (1) (وما أريد أن أخالفكم الى ما أنهاكم عنه) (عن ابن عباس) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الواصلة والموصولة والمتشبهين من الرجال بالنساء (3) والمتشبهات من النساء بالرجال (4) (عن جابر بن عبد الله) (5) قال زجر النبى صلى الله عليه وسلم أن تصل المرأة برأسها شيئا (عن يزيد بن مرة عن لميس) (6) انها قالت سألت عائشة قالت قلت لها المرأة تصنع الدهن تحبب (7) إلى زوجها فقالت أميطى عنك تلك التى لا ينظر الله عز وجل اليها، قالت وقالت امرأة لعائشة يا أمه، فقالت عائشة لست بأمكن ولكنى أختكن (8) قالت عائشة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلط العشرين (9) بصلاة ونوم فاذا كان العشر شمَّر وشد المئزر وشمَّر (حدّثنا عبد الملك بن عمرو) (10) وعبد الصمد قالا حدثنا هشام عن قتادة عن سعيد (يعنى ابن المسيب) قال قال معاوية "يعنى ابن أبى سفيان" ذات يوم إنكم أحدثتم زىّ سوء (11) نهى

_ عن الحسن العرنى عن يحيى بن الجزار عن مسروق الخ (غريبه) (1) معناه إذا كنت أنهاكم عن شئ وافعله فما حفظت إذًا وصية العبد الصالح يعنى نبى الله شعيبا حيث قال لقومه (وما أريد أن أخالفكم) أى أذهب (الى ما أنهاكم عنه) وأفعله أى لا يجوز ذلك (تخريجه) (ق. والأربعة) (2) (سنده) حدّثنا يحيى بن اسحاق أخبرنا ابن لهيعة عن أبى الاسود عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) أى فى اللباس وللزينة كالمقانع والأساور والقرط وكذا الكلام والمشى كالابخناث والتثنى والتكسر اذا لم يكن خلقة فان كان ذاك فى أصل خلقته فانما يؤمر بتكلف تركه والإدمان على ذلك بالتدريج (4) يعنى فى الزى وبعض الصفات لأخراج الشئ عن الصفة التى وضعها الله عز وجل (تخريجه) (خ د مذ جه) (5) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق انا ابن جريج أخبرنى أبو الزبير انه سمع جابر بن عبد الله قال زجر النبى صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م) وغيره (6) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن جابر عن يزيدين مرة عن لميس الخ (غريبه) (7) أصله تتحبب حذفت إحدى التاءين تخفيفا أى تستجلب حب زوجها لها بوضعها شيئا من أنواع الدهن بوجهها ليصفو لونه ويلمع كما يفعل نساء زماننا بوضع المساحيق بوجوههن للزينة، فكرهت عائشة ذلك لما فيه من تغيير خلق الله عز وجل وأمرت من تفعل ذلك بازالته لأن الله عز وجل لا ينظر اليها نظرة رضا (8) انما قالت عائشة ذلك لأنها أم المؤمنين من الرجال خاصة تحريم زواجها عليهم كتحريم أمهاتهم، أما النساء فهى اختهن فى الدين (9) يعنى من رمضان أى كان يصلى بعض الليل وينام بعضه (فاذا كان العشر) يعنى الأواخر من رمضان (شمر وشد المئزر) بكسر الميم مهموز وهو الازار أى شمره (وشد) بمعناه يقال شددت لهذا الأمر مئزرى أى تشمرت له وتفرغت، وقيل هو كناية عن اعتزال النساء للاشتغال بالعبادة، وقد بسطنا الكلام على ذلك فى شرح الحديث الأول من باب الاجتهاد فى العشر الأواخر من رمضان من كتاب الصيام فى الجزء العاشر صحيفة 263 (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه جابر الجعفى وهو ضعيف جدا وقد وثق، ولميس لم أعرفها (10) (حدّثنا عبد الملك بن عمرو الخ) (غريبه) (11) السوء بفتح المهملة وسكون الواو

-[خطبة معاوية فى شأن وصل شهر المرأة وتقبيح ذلك]- رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الزور (1) قال عبد الصمد الزور، قال وجاء رجل بعصا على رأسها خرقة (2) فقال ألا وهذا الزور، قال أبو عامر قال قتادة هو ما يكثر به النساء أشعارهن من الخرق (3) (عن سعيد بن المسيب) (4) قال خطب معاوية "رضى الله عنه" على منبر النبى صلى الله عليه وسلم أو منبر المدينة فأخرج كبة (5) من شعر قال ما كنت أرى أن أحدا يفعل هذا غير اليهود، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه الزور (6) (عن حميد بن عبد الرحمن) (7) أنه رأى معاوية يخطب على المنبر وفى يده قصة (8) من شعر قال سمعته يقول أن علماؤكم (9) يا أهل المدينة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا، وقال انما عذب بنو اسرائيل حين اتخذت هذه نساؤهم (10) (باب نهى المرأة أن تلبس ما يحكى بدنها أو تشبَّه بالرجال) (عن ابن أسامة بن زيد) (11) أن أباه أسامة قال

_ يطلق على كل كلمة أو فعلة قبيحة (1) أصل الزور الكذب والباطل، رالمراد به هنا وصل الشعر كما فسره قتادة فى آخر الحديث (2) الخرقة من الثوب القطعة منه، والجمع خرق كسدرة وسدر (3) قال الحافظ يستفاد من الزيادة فى رواية قتادة منع تكثير شعر الرأس بالخرق كما لو كانت المرأة مثلا قد تمزق شعرها فتضع عوضه خرقا توهم أنها شعر (تخريجه) (ق. وغيرهما) قال الحافظ هذا الحديث حجة للجمهور فى منع وصل الشعر بشئ آخر سواء كان شعرا أم لا، قال وذهب الليث ونقله أبو عبيدة عن كثير من الفقهاء أن الممتنع من ذلك وصل الشعر بالشعر، وأما اذا وصلت شعرها بغير الشعر من خرقة وغيرها فلا يدخل فى النهى، وأخرج أبو داود بسند صحيح عن سعيد بن جبير قال لابأس بالقرامل، وبه قال احمد، والقرامل جمع قرمل بفتح القاف وسكون الراء نبات طويل الفروع لين، والمراد به هنا خيوط من حرير أو صوف يعمل ضفائر تصل به المرأة شعرها، وفصل بعضهم بين ما اذا كان ما وصل به الشعر من غير الشعر مستورا بعد عقده مع الشعر بحيث يظن انه من الشعر وبين ما اذا كان ظاهرا، فمنع الأول قوم فقط لما فيه من التدليس وهو قوى، ومنهم من أجاز الوصل مطلقا سواء كان بشعر آخر أو بغير شعر اذا كان بعلم الزوج وباذنه وأحاديث الباب حجة عليه (4) (سنده) حدّثنا عفان ثنا شعبة قال أخبرنى عمرو بن مرة قال سمعت سعيد بن المسيب قال خطب معاوية الخ (غريبه) (5) بضم الكاف وتشديد الباء الموحدة وهى شعر مكفوف بعضه على بعض (6) زاد البخارى (يعنى الواصلة فى الشعر) أى لأنه كذب وتغيير لخلق الله عز وجل (تخريجه) (ق. وغيرها) (7) (سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهرى عن حميد بن عبد الرحمن الخ (غريبه) (8) بضم القاف وتشديد المهملة قال الاصمعى وغيره هى شعر مقدم الرأس المقبل على الجبهة وقيل شعر الناصية (9) قال النووى هذا السؤال للإنكار عليهم باهمالهم انكار هذا المنكر وغفلتهم عن تغييره: وفى حديث معاوية هذا اعتناء الخلفاء وسائر ولاة الأمور بانكار المنكر واشاعة ازالته وتوبيخ من أهمل انكاره ممن توجه ذلك عليه (10) قال القاضى عياض قيل يحتمل انه كان محرما عليهم فعوقبوا باستعماله وهلكوا بسببه، وقيل يحتمل ان الهلاك كان به وبغيره مما ارتكبوه من المعاصى فعند ظهور ذلك فيهم هلكوا، وفيه معاقبة العامة بظهور المنكر والله أعلم (تخريجه) (ق. والامامان. وغيرهم) (باب) (سنده) (11) حدّثنا أبو عامر ثنا زهير

-[نهي المرأة أن تلبس ما يصف لون بشرتها أو تقاسيم جسمها]- قال كساني رسول الله صلى الله عليه وسلم قبطية (1) كثيفة كانت مما اهداها دحية الكلى فكسوتها امرأتى فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك لم تلبس القبطية؟ قلت يا رسول الله كسوتها امرأتى، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم مرها فلتجعل تحتها غلالة (2) انى أخاف أن تصف حجم عظامها (3) (عن أم سلمة) (4) أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل عليها وهى تختمر (5) فقال لية لاليتين (عن عبد الله بن عمرو) (6) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سيكون فى آخر أمتى رجال يركبون على السروج كأشباه الرجال (7) ينزلون على أبو اب المساجد (8) نساؤهم كاسيات عاريات (9) على رؤوسهم كأسنمة (10) البخت العجاف، العنوهن فانهن ملعونات، لو كانت وراءكم أمة من الأمم لخدمن نساؤكم نساءهم كما

_ يعني ابن محمد عن عبد الله يعنى ابن عود بن عقيل عن ابن أسامة بن زيد الخ (غريبه) (1) قال فى القاموس بضم القاف على غير قياسو قد تكسر اهـ وفى الضباء بكسرها، وقال القاضى عياض بالضم وهى نسبة الى القبط بكسر القاف وهم أهل مصر (وفى المصباح) القبطى (بضم القاف) ثوب من كتان رقيق يعمل بمصر نسبة الى القبط فرقا بينه وبين الانسان اهـ فان قلت امرأة قبطية تعين الكسر لأنه لا يكون اسمالها وانما يكون نسبة (2) الغلالة بكسر الغين المعجمة شعار يلبس تحت الثوب كما فى القاموس وغيره (3) المعنى ان ثوب المرأة اما أن يكون كثيفا أى غليظا ضيقا يصف تقاسم جسم المرأة، واما ان يكون رقيقا يصف لون بشرتها وكلاهما غير جائز، والمطلوب ان يكون ثوب المرأة الظاهر أمام الناس واسعا كثيفا لا يصف جسما ولا بشرة (تخريجه) (هق طب ش بز) وأورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفيه عبد الله ابن حمد بن عقيل وحديثه حسن وفيه ضعف، وبقية رجاله ثقات (4) (سنده) حدّثنا وكيع وعبد الرحمن عن سفيان عن حبيب يعنى ابن أبى ثابت عن وهب مولى أبى احمد عن أم سلمة (يعنى زوج النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) الواو الحال والتقدير دخل عليها حال كونها تصلح خمارها، وهو ما تغطى به المرأة رأسها ورقبتها (فقال لية) بفتح اللام وتشديد الباء والنصب على المصدر والناصب فعل مقدر والتقدير الويه لية (وقوله لاليتين) معناه انه صلى الله عليه وسلم أمرها أن تلوى خمارها على رأسها وتديره مرة واحدة لا مرتين لثلا يشبه اختمارها تدوير عمائم الرجال اذا اعتموا فيكون ذلك من التشبه المحترم (تخريجه) (د) وقال المنذرى وهب هذا (يعنى وهب موالى أبى احمد) شبه مجهول اهـ (قلت) قال فى الخلاصة وثقه ابن حبان (6) (سنده) حدّثنا عبد الله بن يزيد حدثنا عبد الله بن عياش بن عباس القتبانى قال سمعت أبى يقول سمعت عيسى ان هلال الصمد فى وأبا عبد الرحمن الحبلى يقولان سمعنا عبد الله بن عمرو (يعنى ابن العاص) يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) معناه أنهم رجال فى الحس لا فى المعنى: إذ الرجال الكوامل حسا ومعنى لا يتركون نساءهم يلبسن ثيابا لا تستر أجسامهن (8) جاء فى أكثر الروايات (المساجد) بالجمع (9) قيل معناه تستر بعض بدنها وتكشف بعضه اظهارا لجالها ونحوه، وقيل تلبس ثوبا رقيقا يصف لون بدنها (وقوله على رءوسهم) هكذا جاء فى الأصل بميم الجمع، والظاهر انه شبههن بالرجال لكونهن يتعممن بالمقانع على رءوسهن يكبرنها بها فتصير كعمامة الرجل وهو من شعار المغنيات وأكثر الروايات (على رءوسهن) بنون النسوة وهو ظاهر (10) الاسنمة جمع سنام بفتح السين المهملة وهو أعلى ظهر البعير وسنام كل شئ أعلاه (والبخت) بضم الموحدة وسكون المعجمة والتاء المثناة

-[قوله صلى الله عليه وسلم صنفان من أهل النار لا أراهما بعد، نساء كاسيات عاريات الخ]- يخدمن نساء الأمم قبلكم (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صنفان (2) من أهل النار لاأراهما بعدُ، نساء كاسيات عاريات (3) مائلات مميلات على رؤسهن مثل أسنمة البخت المائلة (4) لايرين الجنة (5) ولا يجدن ريحها ورجال معهم أسواط (6) كأذناب البقر يضربون بها الناس (عن عطاء عن رجل من هذيل) (7) قال رأيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما ومنزله فى الحل ومسجده فى الحرم (8) قال فبينا أنا عنده رأى أم سعيد ابنة أبى جهل متقلدة قوسا وهى تمشى مشية الرجل، فقال عبد الله من هذه؟ قال الهذلى فقلت هذه أم سعيد بنت أبى جبل فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس منا من تشبه بالرجال من النساء ولا من تشبه

_ الإبل الخراسانية طوال الأعناق (والعجاف) بكسر العين المهملة جمع عجفاء وهى المهزولة، والمعنى أنهن يكرمن شعورهن ويعظمنها بلف عمامة أو عصابة أو نحوها حتى تصير كعامة الرجل (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد والطبرانى فى الثلاثة ورجال احمد رجال الصجيح اهـ (قلت) وهذا الحديث وحديث أبى هريرة الذى بعده من معجزات النبى صلى الله عليه وسلم فقد وقع كل ما وصفه ورأيناه بأعيننا فى زماننا نسأل الله السلامة من الفتن ما ظهر منها وما بطن (1) (سنده) حدّثنا أسود بن عامر حدثنا شريك عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) صنفان بكسر أوله (من أهل النار) أى نار جهنم (لاأراهما) أى لم يوجدا فى عصرى لطهارة ذلك العصر بل حدثا (بعد) بالبناء على الضم اى حدثا بعد ذلك العصر (3) تقدم شرحه فى الحديث السابق (وقوله مائلات) بالهمز من الميل أى زائغات عن الطاعة (مميلات) يعلمن غيرهن الدخول فى مثل فعلهن، أو مائلات متبخترات فى مشيتهن مميلات اكتافهن واكفالهن، أو مائلات يتمشطن المشطة الميلاء مشطة البغايا، مميلات يرغبن غيرهن فى تلك المشطة ويفعلنها بهن، أو مائلات الرجال مميلات قلوبهن الى الفساد بهن يبدين من زينتهن (4) تقدم شرحه فى الحديث السابق (5) عند مسلم (لا يدخلن الجنة) أى مع الفائزين السابقين أو مطلقا ان استحللن ذلك (6) جمع سوط (كأذناب البقر) تسمى فى ديار العرب بالمقارع جمع مقرعة، وهى جلد طرفها مشدود عرضها كالأصبع (يضربون بها الناس) ممن اتهم فى شئ ليصدق فى اقراره، وقيل هم أعوان والى الشرطة المعروفون بالجلادين فاذا أمروا بالضرب تعدوا المشروع فى الصفة والمقدار، وقيل المراد بهم فى الحديث الطوافون على أبواب الظلمة ومعهم المقارع يطردون بها الناس، وكل ذلك حصل فى زماننا نسأل الله السلامة (تخريجه) (م) (7) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق أخبرنا عمرو بن حوشب رجل صالح اخبرنى عمرو بن دينار عن عطاء عن رجل من هذيل الخ (غريبه) (8) الظاهر من قوله (ومنزله فى الحل ومسجده في الحرم) انه كان إذ ذاك بمكة لأنه رضى الله عنه سكن مكة ومصر والطائف وفلسطين بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم ولذلك اختلف فى أى هذه البلاد كانت وفاته كما يستفاد من التهذيب للنووى، واختلف أيضا فى الستة التى توفى فيها فقيل سنة ثلاث أو خمس أو سبع وستين رقال النووى) فى التهذيب وكان عمره اثنتين وسبعين سنة رضى الله عنه (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد، والهذلى لم أعرفه، وبقية رجاله ثقات، قالو رواه الطبرانى باختصار واسقط الهذلى المبهم فعلى هذا رجال الطبرانى كلهم ثقات، وذكره الحافظ فى الاصابة فى ترجمة أم سعيد بنت أبى جهل ونسبه لمسند الامام احمد والمعجم الكبير الطبرانى وقال رجاله ثقات الا الهذلى فانه لم يسم، وذكره الحافظ السيوطى فى الجامع الصغير ورمز له بعلامة الصحة

-[لعنُ الرجل يلبس لبسة المرأة - والمرأة تلبس لبسة الرجل]- بالنساء من الرجال (عن أبى هريرة) (1) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لعن الرجل يلبس لبسة المرأة والمرأة تلبس لبسة الرجل (باب) ما جاء فى خروج النساء من منازلهن لغير حاجة ووعيد من تعطرت للخروج) (ز) (عن على رضى الله عنه) (2) قال أما تغارون: وقال هناد فى حديثه ألا تستحيون أو تغارون؟ أن يخرج نساؤك، فانه بلغنى أن نساءك يخرجن فى الأسواق يزاحمن العلوج (2) (عن أبى موسى الأشعرى) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما امرأة استعطرت (5) ثم مرت على القوم ليجدوا ريحها فهى زانية (6) (عن أبى هريرة) (7) أنه لق امرأة فوجد منها ريح أعصار طيبة، فقال لها أبو هريرة آلمسجد تريدين؟ قالت نعم، قال وله تطيبت؟ قالت نعم، قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مامن امرأة تطيبت للمسجد فيقبل الله لها صلاة حتى تغتسل منه اغتسالها من الجنابة (باب استحباب الخضاب والحناء للنساء) (عن حمد ابن اسحاق) (8) عن ضمرة بن سعيد عن جدته عن امرأة من نسانهم، قال وقد كانت صلت القبلتين "رضى الله عنها" مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفى رواية دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم) فقال لى اختضبى، تترك احداكن الخضاب حتى تكون يدها كيد الرجل، قالت فما تركت الخضاب حتى لقيت الله عز وجل، وان كانت لتختضب وانها لا ابنة ثمانين (عن عائشة أم المؤمنين) (9) رضى الله عنها قالت مدت امرأة هنى وراء الستر بيدها كتابا إلى

_ والله أعلم (1) (سنده) حدثنا، أبو عامر وأبو سلمة قال قال ثنا سليمان يعنى ابن بلال عن سهيل بن ابى صالح عن أبيه عن أبى هريرة الخ (تخريجه) (دنس جه حب ك) ورجاله رجال الصحيح (باب) (2) (ز) (سنده) حدثنى أبو السَّرىّ هناد بن السّرى حدثنا شريك: وحدثنا على بن حكيم الأودى أنبأنا شريك عن أبى اسحاق عن هبيرة عن على قال على بن حكيم فى حديثه أما تغارون الخ (غريبه) (3) العلوج جمع علج بكسر أوله وسكون ثانيه، وهو الرجل القوى الضخم (تخريجه) لم أقف على هذا الأثر لغير عبد الله بن الامام احمد وهو من زوائده على مسند أبيه وسنداه صحيحان (4) (سنده) حدّثنا عبد الواحد وروح بن عبادة قالا ثنا ثابت بن عمارة عن غنيم بن قيس عن أن موسى الأشعرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال روح قال سمعت غنما قال سمعت أبا موسى الاشعر ى يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) أى استعملت العطر وهو الطيب للخروج (6) فيه تشديد وتشنيع على من تستعمل الطيب من النساء الخروج وتشبيه لها بالزانية لأنها تهيج بالتعطر شهوات الرجال وتفتح باب عيونهم للنظر اليها وذلك من مقدمات الزنا، وقد نشأ ذلك فى نساء زماننا نعوذ بالله من فتنهن (تخريجيه) (د نس مذ) وقال الترمذى حسن صحيح (7) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب منع النساء من الخروج الى المسجد اذا خشى منه الفتنة من أبواب صلاة الجماعة فى الجزء الخامس صحيفة 200 رقم 1339 وانما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة (باب) (8) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما يستحب من الزينة للنساء وما يكره لهن فن أواخر كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر صحيفة 215 رقم 209 فارجع إليه (9) هذا

-[ما جاء فى الخضاب والحناء النساء]- رسول الله صلى الله عليه وسلم فقبض يده وقال ماأدرى أيد رجل أو يد امرأة، فقالت بل امرأة فقال لو كنت امرأة لغيرت أظفارك بالحناء (عن كريمة بنت همام) (1) قالت دخلت المسجد. الحرام فأخلوه لعائشة رضى الله عنها، فسألتها امرأة ماتف ولين يا أم المؤمنين فى الحناء؟ (2) فقالت كان حبيبى صلى الله عليه وسلم يعجبه لونه ويكره ريحه (3) وليس بمحرم عليكن بين كل حيضتين وعند كل حيضة (4) (وعنها من طريق ثان) (5) قالت سمعت عائشة رضى الله عنها تقول يا معشر النساء إياكن وقشر الوجه (6) فسألتها امرأة عن الخضاب فقالت لابأس الخضاب ولكنى أكرهه، لان حبيبى صلى الله عليه وسلم كان يكره ريحه (عن عائشة رضى الله عنها) (7) قالت كانت امرأة عثمان بن مظعون تختضب وتطيب فتركته (8) فدخلت علىّ فقلت لها أمشهد أم مغيب (9) فقالت مشهد كمغيب (10) قلت لها مالك؟ قالت عثمان لا يريد الدنيا ولا يريد النساء، قالت عائشة فدخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك، فلقى عمان فقال يا عمان أتؤمن بما أؤمن به؟ قال نعم يا رسول الله، قال فأسوة مالك بنا (11) (وفى رواية) فاصنع كما نصنع

_ الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب المشار إليه من كتاب النكاح عقب الحديث السابق وانما ذكرتهما هنا لمناسبة الترجمة (1) (سنده) حدّثنا يحيى اسحاق قال ثنا محمد بن مهزم قال حدثتنى كريمة ابنة همام الخ (غريبه) (2) جاء فى الحديث التالى (فسألتها امرأة عن الخضاب) وجاء عند النسائى (عن الخضاب بالحناء) وعند أبى داود (عن خضاب الحناء) قال الامام السندى فى حاشيته على النسائى الظاهر أن السؤال عن خضاب اليدين والرجلين بالحناء كما هو المعتاد فى النساء، ويؤيده قولها (ولكنى أكرهه) (يعنى كما فى الطريق الثانية) قال لأن عائشة ما بلغت أوان خضاب الرأس، كذا قيل وقيل المراد خطاب شعر الرأس توفيقا بين هذا الحديث وبين الأحاديث التى تفيد الترغيب فى استعمال الحناء فى اليدين، فإما أن يقال كراهته ريحه لا يقتضى ترك استعمال النساء للاحتراز عن التشبه بالرجال أو يقال كراهة عائشة خضاب الرأس لا يتوقف على بلوغها، أو أن خضاب الرأس لجواز أنها تكره ذلك قبل بلوغ ذلك السن فى غيرها، أو فى نفسها أن بلغت ذلك والله سبحانه وتعالى أعلم اهـ (3) هذا لا ينافى الترغيب فى الخضاب بالحذاء للنساء كما تقدم (4) فيه توقيع فعل الحناء النساء فى الشهر مرتين فى الغالب (5) (سنده) حدّثنا وكيع قال حدثنى على بن مبارك عن كريمة بنت همام قالت سمعت عائشة الخ (6) فيه تحذير من قشر الوجه وهو معالجته بالغمرة (بضم المعجمة وسكون الميم) أى الزعفران ونحوه ليصفو لونها كأنها تقشر أعلى الجلد وفى ذلك تغيير لخلق الله عز وجل (تخريجه) (دنس) وسكت عنه أبو داود والمنذرى (7) حدّثنا مؤمل ثنا حماد ثنا اسحاق بن سويد عن يحيى بن يعمر عن عائشة الخ (غريبه) (8) انما تركته لأن زوجها اشتغل عنها بالعبادة والتهجد (9) معناه أزوجك حاضر أم مسافر (10) أى حضوره كسفره لكونه مشغولا عنها (11) معناه أما لك بنا أسوة أى قدوة (تخريجه) (بز) ورجاله ثقات، وتقدم نخوه بأطول من هذا وأوضح فى باب حق الزوجة على الزوج من كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر صحيفة 233 رقم 265 فرجع اليه وروى نحوه أيضا (عل طب) من حديث أبي موسى

-[ما جاء في الطيب وكلام العلماء فى الحكمة فى كثرة نساء النبى صلى الله عليه وسلم]- (أبواب الطيب والكحل وما جاء فيهما) (باب استحباب الطيب وما هو أطيب الطيب؟) (عن أنس رضى الله عنه) (1) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بطيب (2) لم يردَّه (وعنه من طريق ثان) (3) قال ما عرض على النبى صلى الله عليه وسلم طيب قط فردَّه (وعنه أيضا) (4) أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال حبب (5) إلىّ من الدنيا النساء (6) والطيب، وجعل قرة عيني في الصلاة (7)

_ الأشعري ورجال الطبرانى ثقات (باب) (سنده) (1) حدّثنا وكيع ثنا عزرة بن ثابت الأنصارى عن ثمامة ابن عبد الله بن أنس عن أنسر (يعنى ابن مالك الخ) (غريبه) (2) الطيب هو كل ماله رائحة زكية (3) (سنده) حدّثنا هاشم ثنا المبارك عن اسماعيل بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس بن مالك قال ما عرض الخ (تخريجه) أورد الطريق الثانية منه الهيثمى وقال رواه البزار وفيه مبارك بن فضالة وهو ضعيف وقد وثق، وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) أورده الحافظ بلفظه فى الفتح وقال سنده حسن اهـ وجاء عند البخارى عن أنس أنه كان لا يردّ الطيب، وزعم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان لايردّ الطيب (قال الحافظ) وقد أخرج أبو داود والنسائى وصححه ابن حبان من رواية الأعرج عن أبى هريرة رفعه (من عرض عليه طيب فلا يتركه فانه طيِّب الريح خفيف الحمل) وأخرجه مسلم من هذا الوجه، لكن وقع عنده ريحان بدل طيب، والريحان كل بقلة لها رائحة طيبة اهـ (4) (سنده) حدّثنا أبو عبيدة عن سلام أبى المنذر عن ثابت عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) بالبناء للمفعول (وقوله إلى من الدنيا النساء) الخ هذا هوا اللفظ الوارد، وورد أيضا من دنياكم، ومن زاد كالزمخشرى والقاضى لفظ ثلاث بعد قوله من الدنيا أو من دنياكم فقد وهم، قال الحافظ العراقى فى أماليه لفظ ثلاث ليست فى شئ من كتب الحديث وهى تفسد المعنى، وقال الزركشى لم يرد لفظ ثلاث وزيادتها مخلة للمعنى، فان الصلاة ليست من الدنيا، وقال الحافظ فى تخريج الكشاف لم يقع فى شئ من طرقه وهى تفسد المعنى اذ لم يذكر بعدها إلا الطيب والنساء، ثم إنه لم يضفها لنفسه فلم يقل أحب تحقيرا لأمرها لأنه أبغض الناس فيها (6) أى الاكثار منهن لنقل ما بطن من الشريعة مما يستحيا من ذكره للرجال، ولأجل كثرة سواد المسلمين واعتزاز الدين بكثرة أصهاره من قبائل متعددة (والطيب) أى لأنه حظ الروحانيين وهم الملائكة (7) أى ذات الركوع والسجود، وخصها لكونها محل المناجاة ومعدن المصافاة، وقدم النساء الاهتمام بنشر الأحكام وتكثير سواد الاسلام. وأردفه بالطيب لأنه من أعظم الدواعى لجماعهن المؤدى الى تكثير التناسل فى الاسلام مع حسنه بالذات وكونه كالقوات للملائكة الكرام، وأفرد الصلاة بما يميزها عنهما بحسب المعنى، إذ ليس فيها تقاضى شهوة نفسانية كما فيهما، واضاقتها الى الدنيا من حيث كونها ظرفا للوقوع، وقرة عينه فيها مناجاته ربه، ومن ثم خصها دون بقية أركان الدنيا. هذا ما ذكره القاضى كغيره فى بيان وجه الترتيب والله أعلم (تخريجه) أورده الحافظ السيوطى فى الجامع الصغير وعزاه للامام أحمد و (نس ك هق) ورمز له بعلامة الحسن، وقال المناوى فى شرحه فيض القدير قال الحاكم صحيح على شرط مسلم، وقال الحافظ العراقى اسناده جيد، وقال ابن حجر حسن (يعنى الحافظ ابن حجر عسقلانى) (تنبيه) قال المنارى عقب هذا الكلام واعلم ان المصنف (يعنى الحافظ السيوطى) جعل فى الخطبة (حم) رمزا لأحمد في مسنده

-[أطيب الطيب المسك - وما يكره من الطيب للرجال]- (عن أبي سعيد الخدرى) (1) قال ذكرالمسك عند رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقال هو أطيب الطيب (حدّثنا سفيان) (2) ثنا عثمان بن عروة أنه سمع أباه يقول سألت عائشة رضى الله عنها بأى شئ طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت بأطيب الطيب (عن عائشة رضى الله عنها) (3) قالت كأنى أنظر الى وبيص المسك فى رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو محرم (باب ما يكره من الطيب للرجال) (عن الوليد بن عقبة) (4) قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة جعل أهل مكة يأتونه بصبيانهم فيه سبح على رءوسهم ويدعو لهم، فجئ بى إليه وانى مطيب بالخلوق (5) فلم يمسح على رأسى ولم يمنعه من ذلك إلا أن أمى خلقتنى بالخلوق فلم يمسى من أجل الخلوق (عن أبى حبيبة) (6) عن ذلك الرجل (7) قال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم ولى حاجة فرأى علىّ خلوقا فقال اذهب فاغسله، فذهبت فوقعت فى بئر فأخذت مشقة (8) فجعلت أتتبعه ثم

_ فاقتضى ذلك ان احمد روى هذا الحديث فى المسند وهو باطل، فانه لم يخرجه فيه، وانما أخرجه فى كتاب الزهد فعزوه الى المسند سبق قلم أو ذهن، وممن ذكر انه لم بخارجه فى مسنده المؤلف نفسه فى حاشيته القاضى فتنبه لذلك اهـ (قلت) التحقيق ان الحديث فى مسند الامام احمد صحيفة 128 فى الجزء الثالث طبعة الحلى المطبوعة بمصر سنة 1313 هجرية وكونه موجودا فى كتاب الزهد الامام احمد لا ينافى انه جاه فى المسند أيضا ونفيه عن المسند هو الباطل فتنبه والكمال لله وحده (1) (سنده عشنا وكيع ثنا شعبة ثنا خليد بن جعفر عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدرى الخ (تخريجه) (م لك ك) (2) (حدّثنا سفيان الخ) (تخريجه) (م) والبخارى بمعناه (3) (عن عائشة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الجزء الحادى عشر فى باب ما يصنع من أراد الاحرام فى كتاب الحج صحيفة 124 رقم 86 وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (باب) (4) (سنده) حدّثنا فياض بن الرقى عن جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج الكلابى عن عبد الله الهمدانى عن الوليد بن عقبة (يعنى ابن أبى معيط الخ) (غريبه) (5) بفتح الخاء المعجمة قال فى النهاية هو طيب معروف مركب يتخذ هنى الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحرة والصفرة، وقد ورد تارة بابا حته وتارة بالنهى عنه، والنهى اكثر واثبت، وانما نهى عنه لأنه من طيب النساء وكن أكثر استعمالا له منهم، والظاهر ان احاديث النهى ناسخة اهـ (تخريجه) اخرجه أبو داود عن عبد الله الهمدانى عن الوليد بن عقبة كما رواه الامام احاد، قال المنذرى وهذا حديث مضطرب الإسناد ولا يستقيم عن أصحاب التواريخ ان الوليد كان يوم فتح مكة صغيرا وقد روى ان النبى صلى الله عليه وسلم بعثه ساعيا الى بنى المطلق وشكته زوجته الى النبى صلى الله عليه وسلم، وروى انه قدم فى فداء من أسر يوم بدر (قال العلماء) والحديث مضطرب منكر لا يصح ولا يمكن أن يكون من بعث مصدِّقا فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم صبيا يوم الفتح (6) (سنده) حدّثنا محمد هو ابن جعفر ثنا شعبة عن اسحاق هو ابن سويد عن اوى حبيبة عن ذلك الرجل الخ (غريبه) (7) يشير الى رجل صحب النبى صلى الله عليه وسلم أربع سنين كما صحبه أبو هريرة تقدم ذكره فى حديث قبل هذا الحديث فى المسند (8) قال فى القاموس المشقة بالكسر المشقة بالكسر قال والمشاقة كثمامة ماسقط من الشعر أو الكتان عند المشط اهـ والمعنى أن ذلك الرجل أتى الى بئر فأخذ مشقة أى شيئا من الكتان الناعم فجعل يتتبع

-[ما يكره من الطيب للرجال]- عدت إليه فقال حاجتك (عن أبى موسى) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقبل الله عز وجل صلاة رجل فى جسده شئ من الخلوق (2) (عن يعلى بن مرة) (3) قال كان النبى صلى الله عليه وسلم يمسح وجوهنا فى الصلاة (زاد فى رواية قبل أن يكبر) ويبارك علينا، قال فجاء ذات يوم فمسح وجوه الذين عن يمينى وعن يسارى وتركنى، وذلك انى كنت دخلت على أخت لى فمسحت وجهى بشئ من صفرة (4) فقيل لى انما تركك رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى بوجهك، فانطلقت الى بئر فدخلت فيها فاغتسلت ثم انى حضرت صلاة أخرى فمر بى النبى صلى الله عليه وسلم فمسح وجهى وبرّك على (5) وقال عاد بخير دينه العلا تاب واستهلت السماء (6) (وعنه من طريق ثان) (7) قال اغتسلت وتخلقت بخلوق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمسح وجوهنا فلما دنا منى جعل يجافى يده عن الخلوق، فلما فرغ قال يا يعلى ما حملك على الخلوق أتزوجت؟ (8) قلت، لا، قال لى اذهب فاغسله، قال فمررت على ركيَّة (9) فجعلت أقع فيها ثم جعلت أتدلك بالتراب حتى ذهب، قال ثم جئت إليه فلما رآنى النبى صلى الله عليه وسلم قال عاد بخير دينه العلا، تاب واستهلت السماء (وعنه من طريق ثالث) (10) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ الخلوق الذي عليه بالغسل حتى ذهب أثره، ثم رجع الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال حاجتك، أى اطلب حاجتك الآن وفيه كراهة النبى صلى الله عليه وسلم التطيب بالخلوق للرجال لأنه من طيب النساء (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد، وابو حبيبة هذا ان كان هو الطائى فهو ثقة، وان كان غيره فلم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح (1) (سنده) حدّثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا أبو جعفر الرازى عن الربيع بن أنس عن جده قال سمعت أبا موسى يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) جاء عند أبى داود عن جديه، قال أبو داود جداه زيد وزياد (غريبه) (2) قال العلماء المراد نفى ثواب الصلاة الكاملة للتشبه بالنساء، وقال ابن المنذر فيه تهديد وزجر عن اعتمال الخلوق (تخريجه) (د) وفى اسناده ابو جعفر الرازى مختلف فيه وثقة جماعة وضعفه آخرون والله أعلم (3) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون انا المسعودى عن يونس ابن خباب عن ابن يعلى بن مرة عن أبيه قال كان النبى صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) ابن يعلى هو عبد الله بن يعلى بن مرة الثقفى كما سيأتى فى الطريق الثانية (غريبه) (4) يعنى الخلوق بفتح الخاء المعجمة وتقدم تفسيره فى شرح الحديث الاول من احاديث الباب وهو طيب مركب من زعفران وغيره تغلب عليه الصفرة (5) بتشديد الراء مفتوحة أى دعا له بالبركة (6) معناه استنارت السماء وفرحت الملائكة بتوبة العلا يعنى يعلى والله أعلم (7) (سنده) حدّثنا عبيدة عن حميد حدثنى عمر بن عبد الله بن يعلى بن مرة عن أبيه عن جده يعلى بن مرة قال اغتسلت الخ (8) هذا السؤال يشعر بأنه يرخص للرجل اذا كان حديث عهد بعرس فى طيب الخلوق، ويستأنس لذلك بما رواه الامامان مالك فى الموطأ والشافعى فى مسنده عن أنس بن مالك ان عبد الرحمن بن عوف جاء الى النبى صلى الله عليه وسلم وبه أثر صفرة فسأله رسول صلى الله عليه وسلم فأخبره انه تزوج فذكر الحديث، وليس فيه انكار من النبى صلى الله عليه وسلم عليه، قال القاضى عياض وقيل أنه يرخص فى ذلك الرجل العروس، وقد جاء ذلك فى أثر ذكر أبو عبيد أنهم كانوا يرخصون فى ذلك الشاب أيام عرسه قال وقيل لعله كان يسيرا فلم ينكر اهـ (9) بفتح الراء وكسر الكاف وتشديد الياء التحتية مفتوحة هى البئر وجمعها ركابا (10) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد عن عطاء بن السائب عن حفص بن عبد الله عن

-[ما جاء فى بيان طيب الرجال وطيب النساء]- وفى ردع (وفى لفظ وعلى صفرة) من زعفر أن قال اغس- له ثم أغسله ثم اغسله ثم لا تعد، قال فغسلته ثم لم أعد (باب ما جاء فى طيب الرجال وطيب النساء) (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا إن طيب الرجل ما وجد ريحه ولم يظهر لونه (2) ألا إن طيب النساء ما ظهر لونه (3) ولم يوجد ريحه (عن قتادة عن الحسن) (4) عن عمران بن حصين رضى الله عنه أن رسول الله: قال لا أركب الأرجوان (5) ولا ألبس المعصفر (1) ولا ألبس القميص المكفف (7) بالحرير، قال وأومأ الحسن الى جيب قميصه وقال ألا وطيب الرجال ريح لا لون له، ألا وطيب النساء لون لا ريح له (باب ما جاء فى الكحل) (عن ابن عباس) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير أكحالك الإثمد (9) (زاد فى رواية عند النوم) يجلو البصر وينبت

_ يعلى بن مرة قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وبى ردع الخ (تخريجه) (مذنس) وفى اسناد الطريق الأولى يونس بن خباب وابن يملى وهما ضعيفان، وفى الطريق الثانية عمر بن عبد الله بن يعلى وهو وابوه ضعيفان، وفى الطريق الثالثة حفص بن عبد الله لم أعرفه، وجاء عند النسائى عبد الله بن حفص قال فى الخلاصة مجهول وقال فى التهذيب ذكره ابن حبان فى الثقات، والحديث له طرق كثيرة يعضد بعضها بعضا فترفعه الى درجة الحسن والله أعلم (باب) (1) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وتخريجه فو، باب نهى الزوجين عن التحدث بما يجرى حال الوقاع فى آخر كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر صحيفة 22 رقم 224 (غريبه) (2) أى كماء الورد والمسك والعنبر والكافور (3) أى كالحناء والزعفران والخلوق أى ما يكون له لون مطلوب للزينة وإلا فالمسك وغيره من طيب الرجال له لون ولكن غير ثابت ولا يصلح للزينة، قال فى شرح السنة قال سعد أراهم حملوا قوله وطيب النساء على ما اذا أرادت ان تخرج، أما اذا كانت عند زوجها فلتطيب بما شاءت (4) (سنده) حدّثنا روح ثنا سعيد بن ابى عمرو عن قتادة عن الحسن الخ (غريبه) (5) بضم الهمزة والجيم بينهما راء ساكنة (قال الخطابي) الأرجوان الاحمر وأراه أراد به المياثر الحر وقد تتخذ من ديباج وحرير، وقد ورد فيه النهى لما فى ذلك من السرف وليست من لباس الرجال اهـ (قلت) والمياثر جمع ميثرة بكسر الميم وهى وطاء محشو يتخذ كالفراش الصغير ومحشى بقطن أو صوف يجعلها الراكب تحته على الرحال فوق الجال ويدخل فيه مياثر السروج لأن النهى يشمل كل ميثرة حمراء سواء كانت على رحل أو سرج (6) المعصفر هو المصبوغ بالصفر كما فى كتب اللغة وشروح الحديث (7) اى الذى عمل على ذيله واكمامه وجيبه كفاف (بفتح الكاف) من حرير. وكفة كل شئ الضم طرفه وحاشيه (تخريجه) (د مذ) وقال الترمذى حديث حسن غريب من هذا الوجه اهـ (قال المنذري) واللسان لم يسمع من عمران بن حصين والله أعلم (باب) (8) (سنده) حدّثنا يعلى بن عبيد حداثنا سفيان عن عبد الله بن عمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (9) كسر الهمزة والميم بينهما ثاء مثلثة ساكنة حجر معروف أسود يضرب الى حمرة، يكون فى بلاد الحجاز، وأجوده يؤتى من أصبهان، وقال التور بشتى هو الحجر المعدنى وقيل هو الكحل الاصفهانى ينشف الدمعة والقروح ويحفظ صحة العين ويقوى جفنيها لا سيما

-[ما جاء في الكحل وأفضله أن يكون بالإثمد]- الشعر (1) (وعنه من طريق ثان) (2) قال كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم مكحلة (3) يكتحل بها عند النوم (4) ثلاثا فى كل عين (وعنه من طريق ثالث) (5) أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يكتحل بالأثمد كل ليلة قبل أن ينام وكان يكتحل فى كل عين ثلاثة أميال (6) (عن عقبة بن عامر الجهنى) (7) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا اكتحل أحدكم فليكتحل وترا (8) واذا استجمر فليستجمر وترا (9) (وعن ابى هريرة) (10) عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله (عن أبى النعمان) (11) عبد الرحمن بن النعمان الأنصارى عن أبيه عن جده (12) وكان قد أدرك النبى صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اكتحلوا بالاثمد المروَّح (13) فانه يجلو البصر (14) وينبت الشعر (وعنه من طريق ثان) (15) عن عبد الرحمن بن النعمان ابن معبد بن هوذة الانصارى عن أبيه عن جده (16) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمر بالأثمد المروَّح

_ للشيوخ والصبيان (1) بفتحتين والمراد بالشعر هنا الهدب وهو الذى ينبت على اشفار العين (2) (سنده) حدّثنا يزيد أخبرنا عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس قال كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (3) بضمتين بينهما كاف ساكنة اسم آلة الكحل وهى من النوادر الى جاءت بالضم وقياسها الكسر (وقوله بها) قال القارى كذا بالباء فى بعض نسخ المشكاة وفى جميع روايات الشمائل بلفظ (منها) فالباء بمعنى من كما قيل فى قوله تعالى {يشرب بها عباد الله} ويمكن أن تكون الباء للسببية (4) أى كل ليلة قبل أن ينام كما جاء فى الطريق الثالثة (5) (سنده) حدّثنا أسود بن عامر ثنا اسرائيل عن عباد بن منصور عن عكرمة عن ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (6) جمع ميل بكسر الميم وهو المرود (تخريجه) (مذ نس جه طل) وحسنه الترمذى وحسنه ابن حبان (7) (سنده) حدّثنا يحيى بن اسحاق ثنا ابن لهيعة عن عمل الله إن هبيرة عن عبد الرحمن بن جبير عن عقبة بن عامر الجهنى الخ (غريبه) (8) أى ثلاث مرات فى كل عين كما تقدم فى الحديث السابق (9) الكلام على الاستجمار تقدم فى بابه من أبواب أحكام التخلى من كتاب الطهارة فى الجزء الأول صحيفة 276 (تخريجه) (طب) قال الهيثمى وفيه ابن لهيعة ضعيف اهـ (قلت) هو ضعيف اذا عنعن كما هنا، أما اذا صرح بالتحديث فحديثه حسن، وقد صرح بالتحديث فى الحديث التالى وهو يؤيد هذا (10) (سنده) حدّثنا حسن ويحيى بن اسحاق قالا حدثنا ابن لهيعة حدثنا أبو يونس عن أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا اكتحل أحدك فليكتحل وترا، واذا استجمر فليستجمر وترا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام احمد، وأورده الحافظ السيوطى وعزاه الإمام احمد فقط ورمز له بعلامة الصحيح (11) (سنده) حدّثنا ابو احمد الزبيرى ثنا أبو النعمان عبد الرحمن بن النعمان الانصارى الخ (غريبه) (12) جدء معبد بن هوذة كما سيأتى فى الحديث التالى (13) بالبناء المفعول أى المطيب بنحو مسك فانه يجعل له رائحة تفوح بعد ان لم تكن (14) أى يزيد نور العين (وينبت الشعر) أى شعر الاهداب (15) (سنده) حدّثنا على بن ثابت قال حدثنى عبد الرحمن بن النعمان بن معبد بن هوذة الانصارى الخ (16) هو معبد بن هوذة قال الحافظ فى تعجيل المنفعة قد جزم أكثر من صنف فى الصحابة بأن صحابى هذا الحديث هى معبد بن هوذة لاهوذة، لكن وقع عند ابن شاهين عبد الرحمن بن معبد ابن هوذة عن أبيه عن جده فسقط من النسب عنده النعمان فجرى على ظاهره فترجم لهوذة، وكذا وقع عند ابن منده عبد الرحمن بن النعمان بن هوذة فسقط معبد لجرى على ظاهره أيضا فترجم لهوذة، والذى يحرران الصحبة لمعبد بن هوذة وهو راوى الحديث اهـ (قلت) وقد جاء عند الامام أحمد على الصواب وكذلك

كتاب الأدب

-[ما جاء في سنن الفطرة وكلام العلماء في ذلك]- عند النوم (1) (عن أبى هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اكتحل فليوتر ومن فعل فقد أحسن، ومن لا فلا حرج عليه. (53) (كتاب الأدب) (أبواب سُنن الفطرة) (عن عائشة رضي الله عنها) (3) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر (4) من الفطرة (5) قص الشارب واعفاء اللحية (6) والسواك واستنشاق بالماء (7) وقص الأظفار وغسل البراجم (8) ونتف الإبط (9) وحلق العانة (10) وانتقاص الماء يعنى الاستنجاء (11) قال زكريا قال مصعب (12) ونسيت العاشرة إلا أن تكون المضمضة (عن أبى هريرة) (13) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس من الفطرة (14) قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط

_ عند أبي داود (1) زاد أبو داود (وقال ليتقه الصائم (تخريجه) (د) قال أبو داود قال لي يحيى بن معين هو حديث منكر يعنى حديث الكحل، وعبد الرحمن قال يحيى بن معين ضعيف، وقال أبو حاتم الرازى صدوق والله أعلم (2) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بطوله وسنده وشرحه في باب الرباعيات من كتاب الأدب والمواعظ والحكم من قسم الترغيب. (كتاب الاأدب) (باب) (3) (سنده) حدّثنا وكيع قال ثنا زكريا بن ابى زائدة عن مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيب عن ابن الزبير عن عائشة الخ (غريبه) (4) عشرٌ صفة لموصوف محذوف أي خصال عشر ثم فسرها، أو على الاضافة أي عشر خصال، او الجملة خير لمبتدء محذوف أي الذي شرع لكم عشر من الفطرة (5) أي من السنة القديمة التي اختارها الأنبياء عليهم الصلاة والسلام واتفقت عليها الشرائع فكأنها امر جبلى فطروا عليه (6) سيأتى الكلام على قص الشارب واعفاء اللحية في بابه قريبا (7) تقدم الكلام على السواك في ابواب السواك في الجزء الأول صحيفة 289 وعلى الاستنشاق في الجزء الثانى صحيفة 23 (8) سيأتى الكلام على قص الأظفار وغسل البراجم وحلق العانة في بابه قريبا (والبراجم) جمع بُرجمة بضم الموحدة هي العقد التي في ظهور الاصابع يجتمع فيها الوسخ والرواجب ما بين البراجم (9) قال النووى نتف الابط سنة بالاتفاق، والافضل فيه النتف لمن قوى عليه، ويحصل أيضاً بالحلق وبالنورة، وحكى عن يونس بن عبد الأعلى قال دخلت على الشافعى رحمه الله وعنده المزين يحلق ابطه فقال الشافعى علمت أن السنة النتف ولكن لا اقوى على الوجع، ويستحب ان يبدأ بالابط الايمين (10) سيأتى الكلام على حق العانة في باب تقليم الاظفار (11) تقدم الكلام على الاستنجاء بالماء في بابه في الجزة الاول صحيفة 282 (12) يعنى ابن شيبة أحد رجال السند يقول أنه نسى العاشرة (وقوله إلا أن تكون المضمضة) فيه شك منه فيها، قال القاضى عياض ولعلها الختان المذكور مع الخمس يعنى في الحديث التالى وهو أولى والله أعلم (تخريجه) (م والأربعة) (13) (سنده) حدّثنا معتمر عن معمر عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة الخ (غريبه) (14) وقع في رواية للبخارى بلفظ (الفطرة خمس أو خمس من الفطرة) قال الحافظ كذا وقع هنا ولمسلم وأبى داود بالشك وهو من سفيان، ووقع في رواية أحمد خمس من الفطرة ولم يشك، وكذا في رواية معمر عن الزهرى عند الترمذى والنسائى (قال ابن دقيق) العبد دلالة من على التبعيض فيه (يعنى قوله من

-[بيان سنن الفطرة وكلام العلماء في معنى الفطرة]- والاستحداد (1) والختان (2) (عن ابن عمر) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من الفطرة حلق العانة وتقليم الأظافر وقص الشارب وقال إسحاق (4) مرة وقص الشوارب (عن عمار بن ياسر) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن من الفطرة أو الفطرة المضمضة والاستنشاق وقص الشارب والسواك وتقليم الأظافر وغسل البراجم (6) ونتف الإبط والاستحداد والاختتان والانتضاح (7) (عن أنس بن مالك) (8) قال وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في قصا الشارب وتقليم الأظفار وحلق العانة في كل أربعين يوما مرة (9)

_ الفطرة) أظهر من دلالة هذه الرواية على الحصر، وقد ثبت في احاديث اخرى زيادة على ذلك فدل على ان الحصر فيها غير مراد (وذكر ابن العربى) ان خصال الفطرة تبلغ ثلاثين خصلة (قال الحافظ) فإن أراد خصوص ما ورد بلفظ الفطرة فليس كذلك، وإن أراد أعم من ذلك فلا ينحصر في الثلاثين بل تزيد كثيرا، وأقل ما ورد في خصال الفطرة حديث ابن عمر (يعنى الآتى بعد هذا) فإنه لم يذكر فيه الا ثلاثا (1) هو حلق العانة سمى استحداداً لاستعمال الحديدة وهى الموسى، وهو سنة، وسيأتى الكلام عليه في باب تقليم الأظفار وحلق العانة الخ (فائدة) هذه الخصال المذكورة في هذا الحديث كلها سنن الا الختان فقد اختلف أهل العلم في وجوبه (2) سيأتى الكلام على الختان في بابه والله الموفق (تخريجه) (ق. والأربعة) (3) (سنده) حدّثنا اسحاق بن سليمان قال سمعت حنظلة يذكر عن نافع عن ابن عمر الخ (غريب) (4) اسحاق هو ابن سليمان شيخ الامام احمد الذي روى عنه هذا الحديث يعنى انه قال مرة الشارب بالافراد وقال مرة الشوارب بالجمع والكل جائز (تخريجه) (خ) (5) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد ثنا على بن زيد عن سلمة بن محمد بن عمار بن ياسر عن عمار بن ياسر الح (غريبه) (6) تقدم تفسير البراجم في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (7) قال النووى قال الجمهور الانتضاح نضح الفرج بماء قليل بعد الوضوء لينفى عنه الوسواس، وقيل هو الاستنجاء بالماء (تخريجه) (دجه) قال المنذرى وحديث سلمة بن محمد عن جده عمار قال ابن معين مرسل، وقال غيره انه لم ير جده، قال أبو داود روى نحوه عن ابن عباس وقال خمس كلها في الرأس ذكر فيها (الفرق) ولم يذكر اعفاء اللحية اهـ (قال النووى) رحمه الله بعد ذكر هذه الخصال جميعها في شرح مسلم اما الفطرة فقد اختلف في المراد بها هنا فقال أبو سليمان الخطابى ذهب أكثر العلماء إلى أنها السنة وكذا ذكره جماعة غير الخطابى قالوا ومعناه أنها من سنن الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم، وقيل هي الدين، ثم أن معظم هذه الخصال ليست بواجبة عند العلماء، وفي بعضها خلاف في وجوبه كالختان والمضمضمة والاستنشاق ولا يمتنع قرن الواجب بغيره كما قال الله تعالى} كلوا من ثمره إذا أثمر وآتوا حقه يوم حصاده {والإيتاء واجب والأكل ليس بواجب والله أعلم اهـ (قلت) وسيأتى تفصيل أحكامها كل في بابه والله الموفق (8) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون انا صدقة بن موسى انا أبو عمران الجونى عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (9) معناه لا يترك فعل هذه الأشياء أكثر من أربعين يوماً، لا أنه وقت لهم الترك أربعين بل يستحب فعلها قبل الأربعين لاسيما قص الشارب وتقليم الأظفار، وقال القرطبى هذا تحديد لأكثر المدة، والمستحب تفقد ذلك من الجمعة إلى الجمعة اهـ (قلت) قال العلماء وهذه الخصال الثلاث سنة بالاتفاق (تخريجه) (م. والأربعة) قال الحافظ

-[ما جاء في الختان للذكر والأنثى وكلام العلماء في حكمه]- (باب الختان) (عن أبى المليح بن أسامة عن أبيه) (1) أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال الختان سنة للرجال مكرمة (2) للنساء (عن عثيم بن كليب) (3) عن أبيه عن جده (4) أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال قد أسلمت فقال ألق عنك شعر الكفر، يقول أحلق، قال وأخبرني

_ أحمد بن عدي الجرجانى رواه عن ابى عمران صدقة بن موسى وجعفر بن سليمان، وقال صدقة وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال جعفر وُقت لنا بضم الواو مبنى للمفعول فذكره اهـ (قلت) رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذى والنسائى من طريق صدقة بلفظ (وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم) ورواه مسلم وابن ماجه من طريق جعفر بن سليمان بلفظ (وقت لنا في قص الشارب الخ) قال النووى وقت لنا هو من الأحاديث المرفوعة مثل قوله أمرنا بكذا، قال وقد جاء في غير صحيح مسلم (وقت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم (قال) وقال القاضى عياض قال العقيلى في حديث جعفر هذا نظر، قال وقال أبو عمر يعنى ابن عبد البر لم يروه الا جعفر بن سليمان وليس بحجة أسوء حفظه وكثرة غلظه (قلت) وقد وثق كثير من الأئمة المتقدمين جعفر بن سليمان ويكفى في توثيقه احتجاج مسلم به وقد تابعه غيره اهـ ما قاله النووى (باب) (2) (سنده) حدّثنا سريج ثنا عباد يعنى ابن العوام عن الحجاج عن ابى المليح بن اسامة عن أبيه الخ (2) بضم الراء أي إكرام للنساء قال في القاموس المكرم والمكرمة بضم رائهما والأكرومة بالضم فعل الكرم اهـ (قلت) وقد أخذ بظاهره أبو حنيفة ومالك فقالا هو سنة مطلقا، وقال احمد واجب على الذكر، سنة للأنثى، وأوجبه الشافعى في الذكور والانثا وأوّلَ الحديث بأن المراد بالسنة الطريقة لا ضد الواجب، ووقت الوجوب عنده البلوغ وقبله سنة (قال النووى) والواجب في الرجل أن يقطع جميع الجلدة التي تغطى الحشفة حتى ينكشف جميع الحشفة، وفي المرأة يجب قطع أدنى جزء من الجلدة التي في أعلى الفرج، والصحيح من مذهبنا الذي عليه جمهور أصحابنا أن الختان جائز في حال الصغر ليس بواجب، ويستحب أن يختن في اليوم السابع من ولادته اهـ باختصار (قلت) والحكمة في مشروعيته كما قال الإمام الرازى أن الحشفة قوية الحس فما دامت مستورة بالقلفة تقوى اللذة عند المباشرة وإذا قطعت صلبت الحشفة فضعفت اللذة وهو اللائق بشرعنا تقليلاً للذة لا قطعاً لها توسيطاً بين الإفراط والتفريط اهـ (قلت) ويقال مثل ذلك في خفاض المرأة لما جاء عند (د ك طب) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأم عطية وكانت تخفض الجوارى (اخفضى ولا تنهكى) بفتح التاء وسكون النون وكسر الهاء (فإنه أنضر للوجه) أي أكثر لمائه ودمه (واحظى عند الزوج) أي أحسن لجماعها عنده وأحب اليه وأشهى له لأن الخافضة إذا استأصلت جلدة الختان ضعفت شهوة المرأة فكرهت الجماع فقّلت حظوتها عند حليلها كما أنها إذا تركتها بحالها فلم تأخذ منها شيئاً بقيت غلمتها فقد لا تكتفى بجماع زوجها فتقع في الزنا، فأخذ بعضها تعديلاً للشهوة والخلقة والله أعلم (تخريجه) (هق) وضعفه، وقال ابن عبد البر في التمهيد هذا الحديث يدور على حجاج بن أرطأة وليس ممن يحتج به اهـ (قلت) ليس ممن يحتج به إذا عنعن كما هنا فهو ضعيف لكونه مدلساً وقد عنعن، أما إذا قال حدثنا فقد قال أبو حاتم فهو صالح لا يرتاب في حفظه وصدقه والله أعلم (3) (سنده) حدّثنا عبد الرازق أنا ابن جريج قال أخبرت عن عثيم بن كليب الخ (قلت) عثيم بضم العين المهملة ثم ثاء مثلثة بلفظ التصغير (غريبه) (4) جده على ظاهر الاسناد هو أبو كليب الجهىّ كما ترجم له في المسند فقال (حديث أبى كليب رضي الله عنه) قال الحافظ في الإصابة ذكره

-[كلام العلماء في حكم الاختتان في الكبر والصغر - وما جاء في الشارب واللحية]- آخر معه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لآخر ألق عنك شعر الكفر واختتن (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اختتن ابراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة (2) واختتن بالقدوم مخففة (باب أخذ الشارب وإعفاء اللحية) (عن زيد بن أرقم) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من لم يأخذ من شارب فليس منا (4) (عن ابن عباس) (5) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص شاربه وكان أبوكم ابراهيم من قبله يقص شاربه (6) (عن ابن عمر) (7) رضي الله تبارك وتعالى عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أحفوا الشوارب وأعفوا اللحى (8)

_ أبو نعيم، وأورده من طريق الوافدى عن عثيم بن كليب عن أبيه عن جده أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم دفع من عرفة بعد أن غابت الشمس، قال أبو موسى أورده أبو نعيم على ظاهر الاسناد، وعثيم نسب إلى جده وانما هو عثيم بن كثير بن كليب والصحبة لجده كليب اهـ (تخريجه) (د طب هق) وابن عدى (قال الحافظ) وفيه انقطاع وعثيم وابوه مجهولان اهـ (قلت) أما كونه منقطعا فلقول ابن جريج أخبرت ولم يذكر من أخبره لكن قال ابن عدى الذي أخبر ابن جريج به هو ابراهيم بن أبى يحيى، ومع هذا فجهالة عثيم ووالده تكفى لتضعيفه، وقد استدل به من قال بوجوب الختان لما فيه من لفظ الأمر به وقد علمت ما فيه (1) (سنده) حدّنا على بن حفص أنا ورفاء عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) أي وهو ابن ثمانين سنة كما جاء في رواية أخرى (وقوله مخففة) الظاهر أن هذا اللفظ مدرج من كلام الراوى يريد أن لفظ القدوم مخفف الدال المهملة وهو آلة النجارة، وقيل اسم الموضع الذي اختتن فيه إبراهيم وهو الذي في القاموس، قال وقد تشدد يعنى الدال المهملة كالقيوم (تخريجه) (ق. وغيرهما) وقد استدل به على أن مدة الختان لا تختص بوقت معين وهو مذهب الجمهور، وليس بواجب في حال الصغر (قال الشوكانى) والحق أنه لم يقم دليل صحيح يدل على الوجوب (يعنى لا في الصغر ولا في الكبر) والمتيقن السنية كما في حديث خمس من الفطرة ونحوه، والواجب الوقوف على المتيقن إلى أن يقوم ما يوجب الانتقال عنه والله أعلم (باب) (3) (سنده) حدّثنا يحيى عن يوسف بن صهيب ووكيع ثنا يوسف عن حبيب بن يسار عن زيد بن أرقم الخ (غريبه) (4) أي ليس على طريقتنا الإسلامية وأخذ بظاهره جمع فأوجبوا قصه، والجمهور على الندب (تخريجه) (مذ نس) والضياء في المختارة وحسنه الترمذى والحافظ السيوطى (5) (سنده) حدّثنا يحيى بن أبى بُكير حدثنا حسن بن صالح عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (6) قال الطيبى يعنى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبع سنة ابيه ابراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام كما ينبئ عنه قوله تعالى (واذا ابتلى ابراهيم ربه بكلمات فأتمهن) قيل الكلمات خمس في الراس الفرق وقص الشارب والسواك وغير ذلك اهـ (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب اهـ (قلت) وذكره الحافظ في الفتح ونقل تحسين الترمذى وأقره (7) (سنده) حدّثنا يحيى عن عبيد الله أنبأنا نافع عن عبد الله بن عمر الخ (غريبه) (8) المشهور قطع الهمزة فيهما وجاء حفا الرجل شاربه يحفوه كأحفى إذا استأصل أخذ شعره، وكذلك جاء عفوت الشعر وأعفيته لغتان فعلى هذا يجوز أن تكون همزة وصل واللحى بكسر اللام أفصح جمع لحية، وهى اسم لما نبت على الخدين والذقن، وجمعها لحى بكسر اللام وضمها، والذقن مجتمع لحييه، وقد اختلف الناس في حد ما يقص

-[الأمر بقص الشارب وإعفاء اللحية وكلام العلماء في ذلك]- (وعنه أيضا) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم خذوا من هذا ودعوا هذا يعنى شاربه الأعلى يأخذ منه (2) يعنى العنفقة (3) (عن أبى هريرة) (4) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال جزوا (وفي لفظ قصوا) الشوارب وأعفوا اللحى (وعنه ايضاً) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أعفوا اللحى وخذوا الشوارب وغيروا شيبكم (6) ولا تشبهوا باليهود والنصارى (عن أبى أمامة) (7) قال قلنا يا رسول الله أن أهل الكتاب يقصون عثانينهم (8) ويوفرون

_ من الشارب فذهب كثير من السلف إلى استئصاله وحلقه لظاهر قوله احفوا وهو قول الكوفيين. وذهب كثير منهم إلى منع الحلق والاستئصال وأن المراد قص الشارب حتى يبدو طرف الشفة، واليه ذهب مالك وكان يرى تأديب من حلقه عملا بحديث خمس من الفطرة وفيه قص الشارب واختاره النووى، قال وأما رواية أحفوا فمعناه أزيلوا ما طال على الشفتين، وذهب الطبرى إلى التخيير بين الإحفاء والقص، وقال دلت السنة على الأمرين ولا تعارض، فان القص يدل على أخذ البعض والإحفاء يدل على أخذ الكل وكلاهما ثابت فيتخير فيما شاء اهـ (قال الحافظ) ويرجح قول الطبرى ثبوت الأمرين معاً في الأحاديث المرفوعة (وإعفاء اللحية) معناه توفيرها وابقاءها على حالها وأن لا تقص كالشوارب، قيل والمنهى قصها كصنع الأعاجم وشعار كثير من الكفرة، فلا ينافيه ما جاء من أخذها طولا أو عرضا للاصلاح (قال مالك) رحمه الله ولا بأس بالأخذ من طولها اذا طالت كثيراً بحيث خرجت عن المعتاد لغالب الناس فيقص الزائد لأن بقاءه يقبح به المنظر وحكم الأخذ الندب، والمعروف أنه لا حد المأخوذ، وينبغى الاقتصار على ما تحسن به الهيئة، وقال الباجى يقص ما زاد على القبضة، والمراد بطولها طول شعرها فيشمل جوانبها فلا بأس بالأخذ منها أيضاً (أما إزالتها بالحلق فحرام) وإلى ذلك ذهبت الظاهرية والحنابلة والجمهور (وللشافعية) قولان قول بالحرمة وقول بالكراهة، وممن قال بالكراهة الرافعى والنووى واعترض هذا القول ابن الرفعة في حاشية الكافية بأن الشافعى رحمه الله تعالى نص في الأم على التحريم والله أعلم (تخريجه) (ق مذ نس) زاد البخارى وكان ابن عمر إذا حج أو اعتمر قبض على لحيته فما فضل أخذه (1) (سنده) حدّثنا عبيدة بن حميد حدثنى ثوير عن مجاهد عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) الظاهر أنه حصل سقط من الناسخ بعد قوله يأخذ منه تقديره (ودعو هذا) (3) قال في النهاية المنفقة الشعر الذي في الشفة السفلى، وقيل الشعر الذي بينها وبين الذقن، وأصل العنفقة خفة الشيء وقلته اهـ ومعنى الحديث أنه يأخذ من شاربه الأعلى وهو الشعر النابت على الشفة العليا ويدع العنفقة لأنها من اللحية، وفي حكم اللحية (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده ثوير بن أبى فاختة قال الدارقطنى متروك وقال أبو حاتم ضعيف (4) (سنده) حدّثنا منصور بن سلمة أبو سلمة الخزاعى قال ثنا سليمان بن بلال عن العلاء عن أبيه عن هريرة الخ (تخريجه) (م) وزاد خالفوا المجوس (5) (سنده) حدّثنا يحيى بن إسحاق حدثنا أبو عاونة عن عمر بن أبى سلمة عن أبيه عن أبى هريرة الخ (غريبه) (6) يعنى بالحنا والكتم كما سيأتى بعد باب (تخريجه) أخرج الجزء الأول منه مسلم واخرج الجزء الخاص بتغيير الشيب (مذ حب) وسنده حسن (7) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في النعال ولبسها من كتاب اللباس (غريبه) (8) جمع عثنون وهي

-[ما جاء في فضل الشيب وكراهة نتفه]- سبالهم، قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم قصوا سبالكم ووفروا عثانينكم وخالفوا أهل الكتاب (عن المغيرة ابن شعبة) (1) قال بت برسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية ضفت) (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فأمر بجنب (3) فشوى ثم أخذ الشفرة (4) فجعل يحز لي بها منه فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فألقى الشفرة وقال ما ل تربت يداه (5) قال وكان شاربى وفي (6) فقصه لي على سواك (7) أو قال أقصه لك على سواك (باب فضل الشيب وكراهة نتقه) (عن عمرو بن شعيب) (8) عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنتفوا الشيب فانه نور المسلم، ما من مسلم يشيب شيبة في الاسلام الا كتب لها با حسنة ورفع بها درجة أو حط عنه بها خطيئة (وعنه من طريق ثان بنحوه وفيه) (9) ومحيت عنه بها سيئة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا (10) من لم يوقر كبيرنا ويرحم صغيرنا (عن ابن عمر) (11) رضي الله عنهما قال كان شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم نحوا من عشرين شعرة (عن أنس) (12) قال لم يكن في رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ولحيته عشرون شعرة بيضاء وخضب أبو بكر بالحناء والكتم، وخضب عمر بالحناء (عن عمر بن عبسة) (13) قال قال رسول الله يقول من شاب شيبة في سبيل الله عز وجل كانت له نورا يوم القيامة (باب ما جاء في تغيير الشيب بالحناء والكتم ونحوهما) (عن الزبير) (14) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروا الشيب ولا تشبهوا

_ اللحية (ويوفرون سبالهم) جمع سبلة بالتحريك يعنى الشارب (1) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا معمر عن أبى صخرة عن المغيرة بن عبد الله عن المغيرة بن شعبة الخ (غريبه) (2) أي نزلت به في ضيافته (3) بفتح الجيم وسكون النون أي جنب شاة (4) أي السكين (5) تقدم معناها غير مرة وهى كلمة جارية على لسان العرب ومن معانيها لله درك (6) بكسر الفاء وتشديد التحتية أي طويل (7) قال الحافظ اختلف في المراد بقوله على سواك، فالراجح أنه وضع سواكاً عند الشفة تحت الشعر وأخذ الشعر بالمقص، وقيل المعنى قصة على أثر سواك أي بعد ما تسوك، ويؤيد الأول ما أخرجه البيهقى في هذا الحديث قال فيه فوضع السواك تحت الشارب وقص عليه، وأخرج البزار من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم أيصر رجلاً وشاربه طويل فقال ائتونى بمقص وسواك، فجعل السواك على طرفة ثم أخذ ما جاوزه، وأخرج الترمذى من حديث ابن عباس وحسنه كان النبي صلى الله عليه وسلم يقص شاربه (تخريجه) (هق طل) ورجاله ثقات وسنده صحيح وعزاه الحافظ لأبى داود (باب) (8) (سنده) حدّثنا اسماعيل ثنا ليث عن عمرو بن شعيب الخ (9) (سنده) حدّثنا يزيد بن محمد بن اسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال نى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نتف الشيب وقال هو نور المؤمن وقال ما شاب رجل في الاسلام شيبة إلا رفعه الله بها درجة ومحيت عنه بها سيئة الخ (10) أي ليس على سنتنا وطريقتنا (تخريجه) (الأربعة) وقال الترمذى حديث حسن (سنده) حدّثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) أخرجه الترمذى في الشمائل وسنده صحيح (12) (سنده) حدّثنا معتمر عن حميد عن أنس يعنى ابن مالك الخ (تخريجه) (م عل بز) (13) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وتخريجه في باب فضل المجاهدين في سبيل الله من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 12 رقم 36 فارجع إلي (باب) (14) (سنده) حدّثنا محمد بن كناسة حدثنا هشام بن عروة عن عثمان بن عروة عن أبيه عن الزبير

-[استحباب تغيير الشيب بالحناء والكتم وكلام العلماء في ذلك]- باليهود (1) (عن أبى هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروا الشيب ولا تشبهوا باليهود ولا بالنصارى (حدّثنا عبد الرازق) (3) أنا معمر وعبد الأعلى عن معمر عن الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اليهود والنصارى لا يصبغون فخالفوهم (4) قال عبد الرازق في حديثه قال الزهرى والأمر بالإصباغ فأحلكها أحب الينا (5) قال معمر وكان الزهرى يخضب بالسواد (عن ابى رمثة) (7) رضي الله عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يخضب بالحناء والكتم (8) وكان شعره يبلغ كتفيه أو منكبيه (ز) (وعنه أيضاً) (9) فلما انتهينا إليه إذا رجل ذو وفرة (10) به ردع (وفي رواية ردع من حناء) وعليه ثوبان أخضران (زاد في رواية) ورأيت الشيب أحمر (عن عثمان بن عبد الله بن موهب) (11) قال دخلت على أم سلمة (زوج

_ (يعني ابن العوام) الخ (غريبه) (1) زاد في الحديث التالى عن أبى هريرة (ولا بالنصارى) أي لأنهم كانوا لا يغيرون شيبهم كما سيأتى (تخريجه) (نس) وسنده صحيح وصححه الحافظ السيوطى (2) (سنده) حدّثنا يزيد وابن نمير قالا ثنا محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ (تخريجه) (مذ) وصححه الحافظ السيوطى (3) (حدّثنا عبد الرازق الخ) (غريبه) (4) فيه أن العلة في شرعية الصباغ وغيير الشيب هي مخالفة اليهود والنصارى وبهذا يتأكد استحباب الخضاب، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبالغ في مخالفة أهل الكتاب ويأمر بها، وهذه السنة قد كثر اشتغال السلف بها، قال ابن الجوزى قد اختضب جماعة من الصحابة والتابعين، وقال أحمد بن حنبل وقد رأى رجلاً خضب لحيته أنى لأرى رجلاً يحيى ميتاً من السنة وفرح به حين رآه صبغ (5) معناه أن الزهرى يقول أن في هذا الحديث معنى الأمر بالأصباغ فافتيك بحلها وفعلها أحب إلينا من تركها والله أعلم (6) سيأتى الكلام على الخضاب بالسواد في الباب التالى (تخريجه) (ق. والأربعة) إلى قوله فخالفوهم وسنده صحيح (7) (سنده) حدّثنا محمد بن عبد الله المخرمى ثنا أبو سفيان الحميرى سعيد بن يحيى قال ثنا الضحاك بن حمزة عن غيلان بن جامع عن أيادين لقيط عن ابى رمثة الخ (غريبه) (8) الكتم بالتحريك نبات باليمن يخرج الصبغ أسود يميل إلى الحمرة وصبغ الحناء أحمر فالصبغ بهما معاً يخرج بين السواد والحمرة، وفي القاموس الكتم محركة والكتمان بالضم نبت يخلط بالحناء ويخضب به الشعر اهـ وفي كتب الطب أنه نبت من نبت الجبال ورقه كورق الآس يخضب به مدقوقاً (تخريجه) (د نس مذ) مطولاً ومختصراً وحسنه الترمذى (9) (ز) (سنده) حدّثنا أبو بكر بن أبى شيبة ثنا محمد بن بشر عن على بن صالح حدثنى إياد بن لقيط عن ابى رمثة قال حججت الخ (غريبه) (10) الوفرة شعر الرأس إذا وصل إلى شحمة الأذن (به ردع) أي لطخ من حناء (تخريجه) (د نس مذ) وهو من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه وذكر أبو موسى الأصبهانى حديث أبى رمثة وفيه رأست رسول الله صلى الله عليه وسلم له شعر مخضوب بالحناء والكتم، وقال هذا حديث ثابت رواه الثورى وغير واحد عن أياد اهـ وقد قيل إن أبا رمثة هذا من ولد امرئ القيس زيد بن مناة بنى تميم والله أعلم (11) (سنده) حدّثنا هاشم بن القاسم قال ثنا أبو معاوية يعنى شيبان عن عثمان بن عبد الله الخ (تخريجه) (جه) والبخارى ولم يذكر بالحناء والكتم

-[ماء جاء في شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم - وها كان يخضب شيبه أم لا؟]- النبي صلى الله عليه وسلم) ورضى عنها فأخرجت الينا شعراً من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم مخضوباً بالحناء والكتم (عن ابى ذر) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أحسن ما غُيِّر به هذا الشيب الحناء والكتم (عن الحكم بن عمرو الغفارى) (2) قال دخلت أنا وأخى رافع بن عمرو على أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وأنا مخضوب بالحناء وأخى مخضوب بالصفرة (3) فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه هذا خضاب الإسلام، وقال لأخى رافع هذا خضاب الإيمان (4) (عن حميد قال سئل أنس) (5) هل خضب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال أنه لم ير من الشيب إلا نحواً من سبع عشرة أو عشرين شعرة في مقدم لحيته وقال انه لم يشن (6) بالشيب: فقيل لأنس أشين هو؟ قال كلكم يكرهه ولكن خضب أبو بكر بالحناء والكتم وخضب عمر بالحناء (عن محمد بن عبد الله بن زيد) (7) أن أباه (8) حدثه أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم على المنحر ورجلاً من قريش وهو يقسم أضاحى فلم يصبه منه شيء ولا صاحبه (9) فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه في ثوبه فأعطاه (10) فقسم منه على رجال وقلم أظفاره فأعطاه صاحبه، قال فإنه لعندنا مخضوب بالحناء والكتم يعنى شعره (11) (عن أبى مالك الأشجعى) (12) قال سمعت أبى (يعنى طارق بن اشيم رضي الله عنه) وسألته فقال كان خضا بنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الورس (13)

_ (1) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن سعيد الجريرى عن عبد الله بن بريدة الأسلمى عن أبى الأسود عن أبى ذر الخ (تخريجه) (الأربعة) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح (2) (سنده) حدّثنا هاشم ثنا عبد الصمد ابن حبيب بن عبد الله الأزدى قال حدثنى أبى عن الحكم بن عمرو الغفارى الخ (غريبه) (3) يحتمل أن يكون الورس وهو نبت أصفر يصبغ به أو يكون الزعفران (4) معناه أن الخضاب بالأصفر أفضل من الخضاب بالحنا لأن لون الحنا يميل إلى السواد والمؤمن أفضل من المسلم والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه عبد الصمد بن حبيب وثقه ابن معين وضعفه أحمد وبقية رجاله ثقاله (5) (سنده) حدّثنا ابن أبى عدى عن حميد قال سئل أنس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبه) (6) الشين العيب وقد شانه يشينه. جعل الشيب هاهنا عيباً وليس بعيب فإنه قد جاء في الحديث أنه وقار وأنه نور، ووجه الجمع بينهما أنه لما رأى عليه السلام أبا قحافة ورأسه كالثَّغامة أمرهم بتغييره وكرهه ولذلك قال غيروا الشيب، فلما علم أنس ذلك من عادته قال ما شانه ببيضاء (يعنى بشيب) بناء على هذا القول وحملاله على هذا الرأى ولم يسمع الحديث الآخر، ولعل أحدهما ناسخ للآخر (نه) (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد ورجاله من رجال الكتب الستة وهو من ثلاثيات الإمام أحمد، وجاء عند الشيخين عن محمد بن سيرين قال سئل أنس بن مالك عن خضاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن شاب إلا يسيراً ولكن ابا بكر وعمر بعده خضبا بالحناء والكتم (7) (سنده) حدّثنا عبد الصمد ابن عبد الوارث قال ثنا أبان هو العطار قال ثنا يحيى بن أبى كثير عن أبى سلمة عن محمد بن عبد الله بن زيد الخ (غريبه) (8) هو عبد الله بن زيد بن عبد ربه صاحب الأذان رضي الله عنه (9) معناه لم يأخذ النبي صلى الله عليه وسلم ولا صاحبه شيئاً من الضحايا (10) أي أعطى صاحبه شعر رأسه (فقسم منه على رجال الخ) فيه التبرك بآثار الصالحين (11) هذا موضع الدلالة من الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات (12) (سنده) حدّثنا بكر بن عيسى أبو بشر البصرى الرأسى قال ثنا أبو عوانة قال ثنا أبو مالك الأشجعى الخ (غريبه) (13) الورس تقدم تفسيره وهو نبت أصفر يصبغ

-[كلام العلماء في حكم تخضيب الشيب بالحناء والكتم]- والزعفران (حدّثنا وكيع) (1) حدثتنى أم غراب (2) عن بنانة قالت ما خضب عثمان قط (تعنى عثمان بن عفان) رضي الله عنه (عن أنس بن مالك) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخضب قط إنما كان البياض في مقدم لحيته وفي العنفقة (4) وفي الرأس وفي الصدغين شيئاً لا يكاد يرى، وأن أبا بكر خضب بالحناء (5)

_ به، والزعفران معلوم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم بز) ورجاله رجال الصحيح خلا بكر بن عيسى وهو ثقة (1) (حدّثنا وكيع الخ) (غريبه) (2) أم غراب اسمها طلحة ذكرها ابن حيان في الثقات (وبنانة) بضم الموحدة ونونين بينهما ألف وهى خادم كانت لأم البنين امرأة عثمان، قاله الحافظ في تعجيل المنفعة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده حسن (3) (سنده) حدّثنا أبو سعيد ثنا المثنى عن قتادة عن أنس (يعنى ابن مالك الخ) (غريبه) (4) تقدم أن العنفقة هي الشعرات تحت الشفة السفلى (وقوله وفي الرأس) جاء عند مسلم (وفي الرأس نبذ) أي شعرات متفرقة (وفي الصدغين) الصدغ هو ما بين العين والأذن (5) تقدم في رواية للإمام أحمد وعند مسلم أيضاً أن أبا بكر خضب بالحناء والكتم وخضب عمر بالحناء (زاد مسلم بحتا) أي منفرداً ولم يخلط بكتم ولا غيره (تخريجه) (م) (هذا وفي أحاديث الباب) دلالة على مشروعية تغيير الشيب بالحناء والكتم وأن ذلك مستحب شرعاً، وفي بعض أحاديث الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم فعله وفي بعضها أنه صلى الله عليه وسلم لم يفعله، لذلك اختلف الصحابة رضي الله عنهم في الخضب وتركه، فخضب أبو بكر وعمر وغيرهما كما تقدم، وترك الخضاب على وأبىّ بن كعب وسلمة بن الأكوع وأنس وجماعة، وجمع الطبرى بأن من صبغ منهم كان اللائق به كمن يستشنع شيبه، ومن ترك كان اللائق به كمن لا يستشنع شيبه، وعلى ذلك حمل قوله صلى الله عليه وسلم في حديث جابر الذي سيأتى في الباب التالى أخرجه مسلم والإمام أحمد وغيرهما في قصة أبى قحافة حيث قال لما رأى رأسه كأنها الثغامة بياضاً (غيروا هذا وجنبوه السواد) ومثله حديث أنس في الباب التالى أيضا، وزاد الطبرى وابن أبى عاصم من وجه آخر عن جابر (فذهبوا به وحمروه) (والثغامة) بفتح المثلثة وتخفيف المعجمة نبات شديد البياض زهرة وثمره، قال فمن كان في مثل حال أبى قحافة استحب له الخضاب لأنه لا يحصل به الغرور لأحد، ومن كان بخلافه فلا يستحب في حقه ولكن الخضاب مطلقاً أولى لأنه فيه امتثال الأمر في مخالفة أهل الكتاب، وفيه صيانة للشعر عن تعلق الغبار وغيره به إلا إن كان من عادة أهل البلد ترك الصبغ وأن الذي ينفرد بدونهم بذلك يصير في مقام الشهرة فالترك في حقه أولى (قال الحافظ) وقد نقل عن أحمد وجوب الخضب، وعنه يجب ولو مرة، وعنه لا أحب لأحد ترك الخضب ويتشبه بأهل الكتاب (أما كونه صلى الله عليه وسلم خضب أم لا) فقد ثبت في حديث أبى رمثه وأم سلمة وعبد الله بن زيد أنه صلى الله عليه وسلم خضب بالحناء والكتم، وفي حديث أنس أنه صلى الله عليه وسلم لم يخضب قط، وإنما قال ذلك أنس على حسب ما يعلم، ولكن عدم علم أنس بوقوع الخضاب منه صلى الله عليه وسلم لا يستلزم العدم، ورواية من أثبت أولى من روايته لأن غاية ما في روايته أنه لم يعلم وقد علم غيره، على أنه لو فرض عدم ثبوت اختضابه صلى الله عليه وسلم لما كان قادحاً في سنية الخضاب لورود الإرشاد إليه قولاً في الأحاديث الصحيحة، وقد جع الطبرى بين أحاديث النفي والإثبات فقال من جزم بأنه صلى الله عليه وسلم خضب فقد حكى ما شاهد وكان ذلك في بعض الأحيان، ومن نفى ذلك فهو محمول على الأكثر الأغلب من حاله صلى الله عليه وسلم والله أعلم

-[صح الحديث في وعيد من غير شيبه بالسواد وردّ الحافظ على من جعله موضوعا]- (باب كراهة تغيير الشيب بالسواد) (حدّثنا حسين وأحمد بن عبد الملك) (1) قال ثنا عبيد الله يعنى بن عمرو عن عبد الكريم عن ابن جبير قال أحمد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يكون قوم في آخر الزمان يخضبون بهذا السواد كحواصل الحمام لا يريحون (2) رائحة الجنة (عن محمد بن سيرين) (3) قال سئل أنس بن مالك عن خضاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن شاب إلا يسيرا ولكن أبا بكر وعمر بعده خضباً بالحناء والكتم، قال وجاء أبو بكر بأبيه أبى قحافة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة يحمله حتى وضعه بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى بكر لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه تكرمه لأبي بكر رضي الله عنه فأسلم ولحيته ورأسه كالثغامة (4) بياضا فقا رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروهما (5) وجنبوه السواد (ومن طريق ثان) (6) عن سعد ابن إسحاق بن كعب بن عجرة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروا الشيب ولا تقربوه بالسواد

_ (باب) (1) (حدّثنا حسين وأحمد بن عبد الملك الخ) (غريبه) (2) بفتح أوله أي لا يشمون رائحة الجنة (قال في النهاية) يقال راح يريح وراح يراح واراح يريح إذا وجد رائحة الشيء والثلاثة قد روى بها الحديث (تخريجه) (د نس حب) وسنده صحيح ومن الغريب أن ابن الجوزى أورده في الموضوعات وهو من الأحاديث التي ذب عنها الحافظ ابن حجر في كتابه القول المسدد في الذب عن المسند للإمام أحمد (قال رحمه الله) بعد ذكره بسنده ومتنه ما نصه أورده ابن الجوزى في الموضوعات من طريق أبى القاسم البغوى عر هاشم بن الحارث عن عبيد الله بن عمرو به وقال هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم المتهم به عبد الكريم بن أبى المخارق أبو أمية البصرى ثم نقل تجريحه عن جماعة (قال الحافظ) وأخطأ في ذلك فإن الحديث من رواية عبد الكريم الجزرى الثقة المخرج له في الصحيح، وقد أخرج الحديث المذكور من هذا الوجه أبو داود والنسائى وابن حبان في صحيحه وغيرهم، قال أبو داود في كتاب الترجل حدثنا أبو توبة ثنا عبيد الله عن عبد الكريم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوم يخضبون في آخر الزمان بالسواد كحواصل الحمام لا يريحون رائحة الجنة وأخرجه النسائى في الزينة وابن حبان والحاكم في صحيحهما من هذا الوجه، وقال أبو يعلى في مسنده حدثنا زهير ثنا عبد الله بن جعفر هو الرقى ثنا عبيد الله بن عمرو به، وأخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسى في الأحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين من هذا الوجه أيضاً اهـ (قلت) وبهذا تعرف أن الحديث صحيح لا مطعن فيه (3) (سنده) حدّثنا محمد بن سلمة الحرانى عن هشام عن محمد بن سيرين الخ (غريبه) (4) بثاء مثلثة مفتوحة ثم غين معجمة مخففة قال أبو عبيد هو نبت أبيض الزهر والثمر يشبه بياض الشيب به (5) يعنى رأسه ولحيته وفيه مشروعية تغيير الشيب وأنه غير مختص باللحية وعلى عدم جواز الخضاب بالسواد وسيأتى الكلام على ذلك في آخر الباب (6) (سنده) حدّثنا قتيبة قال أنا ابن لهيعة عن خالد بن أبى عمران عن سعد بن إسحاق بن كعب عن عجرة عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق) إلى قوله بالحناء والكتم وقصة أبى قحافة جاءت في الصحيحين وغيرها من طرق أخرى، وأورده الهيثمى وقال رواه (حم عل) بنحوه والبزار باختصار، وفي الصحيح

-[كلام العلماء في حكم تغيير الشيب بالسواد]- (عن جابر) (1) قال جيء بابى قحافة يوم الفتح إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكأن رأسه ثغامة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهبوا به إلى بعض نسائه فلتغيره بشئ وجنبوه السواد (حدّثنا أبو القاسم) (2) بن أبى الزناد عن الزنجى (3) قال رأيت الزهرى صابغاً رأسه بالسواد (باب ما جاء في تقليم الأظافر وحلق العانة وانقاء الرواجب) (حدّثنا وكيع) (4) ثنا قريش بن حيان عن أبى واصل فإن لقيت أبا أيوب الأنصارى (5) فصافحنى فرأى في أظفارى طولاً، فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأل أحدكم عن خبر السماء (6) وهو يدع أظفاره كأظافير الطير يجتمع فيها الجنابة (7) والخبث والتفث ولم يقل

_ طرف منه ورجال أحمد رجال الصحيح اهـ وأخرج الطريق الثانية منه مسلم وغيره (1) (سنده) حدّثنا إسماعيل أنا ليس عن أبى الزبير عن جابر الخ (تخريجه) (م د نس جه) (2) (حدّثنا أبو القاسم الخ) أبو القاسم هو ابن أبى الزناد المدنى (قال الحافظ) في التقريب ليس به بأس من التاسعة (غريبه) (3) الزنجى بفتح الزاى: قال الحافظ في التقريب هو مسلم بن خالد المخزومى مولاهم المكى المعروف بالزنجى فقيه صدوق كثير الأوهام من الثامنة مات سنة 79 أو بعدها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد، وتقدم في الحديث الثالث من الباب السابق قلل معمر وكان الزهرى يخضب بالسواد (هذا وفي أحاديث الباب) دلالة على كراهة تغيير الشيب بالسواد وعلى جوازه بالحناء والكتم بل يستحب ذلك وأنه غير مختص باللحية بل مثلها الرأس وغيره كما في حديث أبى قحافة، وقد ذهب إلى كراهة الخضاب بالسواد جماعة من العلماء (قال النووى) والصحيح يلى الصواب أنه حرام يعنى الخضاب بالسواد، وممن صرح به صاحب الحاوى اهـ (قلت) يؤيد ذلك حديث ابن عباس المذكور أول الباب وفيه وعيد شديد لمن يخضب بالسواد، وله حديث آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يكون في آخر الزمان قوم يسوّدون أشعارهم لا ينّظر الله إليهم، أورده الهيثمى وقال رواه أبو داود خلا قوله لا ينظر الله إليهم رواه (طس) وإسناده جيد اهـ (قلت) ومع هذا فقد خضب جماعة بالسواد (قال الحافظ) وإن من العلماء من رخص فيه في الجهاد، ومنهم من رخص فيه مطلقاً وأن الأولى كراهته، وجنح النووى إلى أنه كراهة تحريم (وقد رخص فيه طائفة من السلف) منهم سعد بن أبى وقاص وعقبة بن عامر والحسن والحسين وجرير وغير واحد واختاره ابن أبى عاص في كتاب الخضاب له، وأجاب عن حديث ابن عباس رفعه (يكون قوم يخضبون بالسواد لا يجدون ريح الجنة) بأنه لا دلالة فيه على كراهة الخضاب بالسواد بل فيه الإخبار عن قوم هذه صفتهم، وعن حديث جابر جنبوه السواد بأنه في حق من صار شيب رأسه مستبشعاً ولا يطرد ذلك في حق كل أحد اهـ وما قاله خلاف ما يتبادر من سياق الحديثين، نعم يشهد له ما أخرجه هو عن ابن شهاب قال كنا نخضب بالسواد إذ كان الوجه جديداً فلما نغض الوجه والأسنان تركناه، وقد أخرج الطبرانى وابن أبى عاصم من حديث أبى الدرداء رفعه (من خضب بالسواد سود الله وجهه يوم القيامة) وسنده لين، ومنهم من فرّق في ذلك بين الرجل والمرأة فأجازه لها دون الرجل واختاره الحليمى وأما خضب اليدين والرجلين فلا يجوز للرجال إلا في التداوى (وفي السواد) عن الإمام أحمد كالشافعية روايتان المشهورة يكره وقيل يحرم، ويتأكد المنع لمن دلس به والله أعلم باب (4) (حدّثنا وكيع الخ) (غريبه) (5) هذا خطأ وصوابه لقيت أيوب العتكى كما سيأتى في آخر الحديث (6) كأنه كان يستفتيه عن حكم شرعى (7) أي لعدم وصول ماء الغسل إلى البشرة لتراكم الوسخ بين الأظافر وبينها

-[ما جاء في تقليم الأظافر وحلق العانة وكلام العلماء في ذلك]- وكيع مرة الأنصاري (1) قال غيره أبو أيوب العتكى، قال أبو عبد الرحمن (2) قال أبى يسبقه لسانه بعنى وكيعا (3) فقال لقيت أبا أيوب الأنصارى وإنما هو أبو أيوب العتكى (عن يزيد بن عمرو المعافرى) (4) عن رجل من بنى غفار أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لم يحلق عانته (5) ويقلم أظفاره ويجز شاربه فليس منا (6) (عن ابن عباس) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قيل له يا رسول الله لقد أبطأ عنك جبريل علي السلام، فقال ولم لا يبطئ عنى وأنتم حولى ولا تستنّون (8) ولا تقلمون أظفاركم ولا تقصون شواربكم ولا تنقون رواجبكم (9) (عن سوادة بن الربيع) (10) قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فأمر لي بذود (11) ثم قال لي إذا رجعت إلى بيتك فمرهم فليحسنوا غذاء رباعهم (12)

_ والمراد بقوله (الخبث والتفث هو الوسخ) (1) معناه أن وكيعاً روى الحديث مرة أخرى فقال أبا أيوب فقط ولم يقل الأنصارى، ورواه غيره فقال أبو أيوب العتكى (2) كنية عبد الله بن الإمام أحمد (3) يريد أن وكيعاً سبق لسانه مرة فقال أبا أيوب الأنصارى وإنما هو أبو أيوب العتكى كما رواه غيره (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى باختصار ورجمالهما رجال الصحيح خلا أبا واصل وهو ثقة (4) (سنده) حدّثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا يزيد بن عمرو المعافرى الخ (غريبه) (5) يعنى الشعر الذي على فرجه وحوله، وخص الحلق لأنه الأغلب والأفضل، ويجوز بالقص والنتف والنورة وهو سنة بالاتفاق، وأما وقت حلقه فالمختاران يضبط بالحاجة وطوله، فإذا طال حلق، وكذلك الضبط في قص الشارب وتقليم الأظفار (وأما تقليم الأظفار) فهو سنة أيضاً في اليدين والرجلين وهو تفعيل من القلم بسكون اللام وهو القطع، ويستحب أن يبدأ باليدين قبل الرجلين فيبدأ بمسبحة يده اليمنى ثم الوسطى ثم البنصر ثم الخنصر ثم الإبهام، ثم يعود إلى اليسرى فيبدأ بخنصرها ثم ببنصرها إلى آخرها، ثم يعود إلى الرجلين فيبدأ بخنصر اليمنى ويختم بخنصر اليسرى (وأما قص الشارب) فسنة ايضاً عن الجمهور، ويستحب أن يبدأ بالجانب الأيمن، وتقدم الكلام عليه في باب أخذ الشاب وإعفاء اللحية (6) أي ليس على سنتنا الإسلامية فإن ذلك مندوب ندباً مؤكداً، فتاركه متهاون بالسنة لا أن ذلك واجب كما ظن (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) فيه ضعف إذا عنعن وحديثه حسن إذا صرح بالتحديث وقد صرح بالتحديث في هذا الحديث فهو حسن، وحسنه أيضاً الحافظ السيوطى، أما الرجل المبهم فهو صحابى، وجهالة الصحابى لا تضر والله أعلم (سنده) حدّثنا أبو اليَّمان حدّثنا إسماعيل بن عياش عن ثعلبة بن مسلم الخثعمى عن أبى كعب مولى ابن عباس عن ابن عباس الخ (غريبه) (8) من الاستنان وهو استعمال السواك وهو افعتال من السنان أي يمره عليها (نه) (9) الرواجب هي ما بين عقد الأصابع من داخل، واحدتها راجبة: ومعنى انقاؤها تنظيفها بالماء (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى ورجاله ثقات اهـ (قلت) أبو كعب لم يتكلم عليه أحد لا بجرح ولا تعديل وهو تابعى حاله مستور فحديثه حسن والله أعلم (10) (سنده) حدّثنا أبو النضر قال ثنا المرّجا بن رجاء اليشكرى قال حدثنى مسلم بن عبد الرحمن قال سمعت سوادة بن الربيع الخ (غريبه) (11) الذود من الإبل ما بين الثنتين إلى التسع (12) الرباع بكسر الراء جمع

-[ما جاء في جواز اتخاذ الشعر وإكرامه]- ومرهم فلقلموا أظفارهم ولا يعبطوا (1) بها ضروع مواشيهم إذا حلبوا (باب جواز اتخاذ الشعر وإكرامه) (عن أنس) (2) قال كان شعر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أذنيه (3) وفي لفظ لا يجاوز أذنيه (وعنه أيضاً) (4) قال كان لرسول الله شعر يصيب (وفي لفظ يضرب) منكبيه (عن عائشة رضي الله عنها) (5) قالت كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم دون الجمة (6) وفوق الوفرة (عن أم هانئ) (7) قالت قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة مرة وله أربع غدائر (8) (حدّثنا اسحق ابن عيس) (9) حدثنى ابراهيم يعنى ابن سعيد عن الزهرى قال ابن يعقوب حدثنى أبى عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس قال كان المشركون يفرقون (10) رؤوسهم وكان

_ ربع بضم الراء وفتح الموحدة، وهو ما ولد من الإبل في الربيع، وقيل ما ولد في أول النتائج، وإحسان غذائها أن لا يستقصى حلب أمهاتها إبقاءاً عليها (1) أي لا يشددوا الحلب فيعقروها ويدموها بالعصر بأظافرهم من العبيط وهو الدم الطرى (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى إلا أنه قال إذا رجعت إلى بنيك فمرهم فليحسنوا أعمالهم، ومرهم فليقلموا أظفارهم لا يخدشوا بها ضروع مواشيهم إذا حلبوا، وفيه مرّجا بن رجاء وثقة أبو زرعة وغيره، وضعفه ابن معين وغيره وبقية رجال احمد ثقات (باب) (2) (سنده) حدّثنا اسماعيل أنا حميد الطويل عن أنس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبه) (3) جاء في هذه الرواية كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أذنيه، وفي الرواية الأخرى لا يجاوز أذنيه، وله في رواية أخرى بين أذنيه وعاتقه، وله أيضاً كان يضرب شعره منكبيه، وفي رواية للبراء بن عازب ما رأيت من ذي لمة (بكسر اللام وتشديد الميم) أحسن منه، وفي حديث عائشة الآتى كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم دون الجمة (بضم الجيم وتشديد الميم) وفوق الوفرة وكل هذه الروايات صحيحة، قال أهل اللغة الجمة أكثر من الوفرة فالجمة الشعر الذي نزل إلى المنكبين، والوفرة ما نزل إلى شحمة الأذنين: واللمة التي المت بالمنكبين (قال القاضى عياض) والجمع بين هذه الروايات أن ما يلى الأذن هو الذي يبلغ شحمة أذنيه وهو الذي بين أذنيه وعاتقه، وما خلفه هو الذي يضرب منكبيه، قال وقيل بل ذاك لاختلاف الأوقات فإذا غفل عن تقصيرها بلغت المنكب وإذا قصرنا كانت إلى أنصاف الأذنين فكان يقصر ويطول بحسب ذاك، والعاتق ما بين المنكب والعنق، وأما شحمة الأذن فهو اللين منها في أسفلها وهو معلق القرط منها (تخريجه) (م د نس) (4) (سنده) حدّثنا وكيع وبهز قالا حدثنا همام عن قتادة قال بهز في حديثه انا قتادة عن أنس قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م وغيره) (5) (سنده) حدّثنا سليمان بن داود قال أنا عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (6) الجمة بضم الجيم وتشديد الميم مفتوحة والوفرة بوزن الشفرة، قال صاحب المنتقى الوفرة الشعر إلى شحمة الأذن فإذا جاوزها فهو اللمة (بكسر اللام مشددة) فإذا بلغ المنكبين فهو الجمة اهـ والحديث يدل على استحباب ترك الشعر على الرأس إلى أن يبلغ ذلك المقدار (تخريجه) (د مذ جه) وصححه الترمذى (7) (سنده) حدّثنا سفيان عن ابن ابى نجيح عن مجاهد عن أم هانئ (يعنى بنت ابى طالب) الخ (غريبه) (8) زاد أبو داود تعنى عقائص، وعند ابن ماجة تعنى ضفائر والمعنى واحد (تخريجه) (د مذ جه) وحسنه الترمذى وسكت عنه أبو داود والمنذرى (9) (حدّثنا اسحاق ابن عيسى الخ) (غريبه) (10) بضم الراء هو فرق الشعر بعضه من بعض (قال العلماء) والفرق سنة لأنه

-[كلام العلماء فيما يجوز اتخاذه من الشعر وصفة شعر النبي صلى الله عليه وسلم]- أهل الكتاب يسدلون (1) قال يعقوب (2) أشعارهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب ويعجبه موافقة أهل الكتاب (3) قال يعقوب في بعض ما لم يؤمر، قال اسحاق فيما لم يؤمر فيه، فسدل ناصيته ثم فرق بعد (عن أنس) (4) قال سدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ما شاء الله أن يسدلها ثم فرق بعدٌ (عن عائشة رضي الله عنها) (5) قالت كنت اذا فرقت لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم رأسه صدعت فرقة (6) عن يافوخه وأرسلت ناصيته بين صدغيه (ز) (عن هبيرة بن يريم) (7) قال كنا مع على رضي الله تبارك وتعالى عنه فدعا ابنا له يقال له عثمان (8)

_ الذي رجع إليه النبي صلى الله عليه وسلم قالوا فالظاهر أنه إنما رجع إليه بوحى لقوله أنه كان يوافق أهل الكتاب فيما لم يؤمر به، قال القاضى عياض حتى قال بعضهم نسخ السدل فلا يجوز فعله ولا اتخاذ الناصية والجمة، قال ويحتمل أن المراد جواز الفرق لا وجوبه، ويحتمل أن الفرق كان باجتهاد في مخالفة أهل الكتاب لا بوحى، ويكون الفرق مستحباً، ولهذا اختلف السلف فيه، ففرق منهم جماعة واتخذ اللمة آخرون، وقد جاء في الحديث انه كان للنبى صلى الله عليه وسلم لمة فإن انفرقت فرقها وإلا تركها (قال مالك) فرق الرجل أحب إلىّ هذا كلام القاضى (1) سدل الشعر ارساله (قال أهل اللغة) يقال سدل يسدل بضم الدال وكسرها، قال القاضى عياض والمراد به هنا عند العلماء ارساله على الجبين واتخاذه كالقصة يقال سدل شعره وثوبه إذا أرسله ولم يضم جوانبه اهـ، وتقدم الكلام في الفرق (قال النووى) والحاصل أن الصحيح المختار جواز السدل والفرق أن الفرق أفضل (2) يعقوب أحد رجال السنج (3) قال القاضى عياض اختلف العلماء في تأويل موافقة أهل الكتاب فيما لم ينزل عليه شيء، فقيل فعله استئلافا لهم في أول الاسلام وموافقة لهم على مخالفة عبدة الأوثان، فلما أغنى الله تعالى عن استئلافهم وأظهر الإسلام على الدين كله صرح بمخالفتهم في غير شيء، وإنما كان هذا فيما علم أنهم لم يبدلوه، واستدل بعض الأصوليين بهذا الحديث أن شرع من قبلنا شرع لنا ما لم يرد شرعنا بخلافه (وقال آخرون) بل هذا دليل أنه ليس بشرع لنا لأنه قال يحب موافقتهم فأشار إلى أنه إلى خيرته، ولو كان شرعاً لنا لتحتم إتباعه والله أعلم (تخريجه) (ق والأربعة) (4) (سنده) حدّثنا حماد بن خالد ثنا مالك ثنا زياد بن سعد عن الزهرى عن أنس (يعنى ابن مالك) الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث أنس، وأورده الهيثمى، وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (5) (سنده) حدّثنا يعقوب قال ثنا أبى عن محمد بن اسحاق قال حدثنى محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة الخ (غريبه) (6) أي شققته يقال صدعت الرداء صدعا إذا شققته والاسم الصدع بالكسر (واليافوخ) أعلى الرأس (والناصية) مقدم الرأس، والمعنى أنها كانت تفرق الشعر عن يافوخه وترسله من ناصيته بين صدغيه على الجبين كالقصة، وجاء عند أبى داود (وأرسل ناصيته بين عينيه) والظاهر أن ذلك كان في بعض الأحيان، وكان أغلب أحواله الفرق والله أعلم (تخريجه) (د) قال المنذرى في إسناده محمد بن إسحاق وقد تقدم الكلام عليه اهـ (قلت) محمد بن إسحاق ثقة إذا صرح بالتحديث وقد صرح بالتحديث في هذا الحديث وبقية رجاله كلهم ثقات (ز) (سنده) (7) حدّثنا على بن حكيم الأودى حدثنا شريك عن أبى إسحاق عن هبيرة بن يريم الخ قلت (يريم) بفتح الياء التحتية وكسر الراء، وجاء في الصل (ابن مريم) وهو خطأ (غريبه) (8) عثمان بن على هذا، أمه

-[ما جاء في كراهة القزع وكلام العلماء فيه والرخصة في حلق الشعر]- له ذؤابة (1) (عن عبد الله بن مغفل المنى) (2) أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نهى عن الترجل (3) إلا غبّا (باب ما جاء في كراهية القزع والرخصة في حلق الشعر) (عن عمر بن نافع) (4) عن أبيه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن القزع (5) قلت وما القزع؟ قلت أن يحلق رأس الصبى ويترك بعضه (عن ابن عمر أيضاً) (6) أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى صبيا قد حلق بعض شعره وترك بعضه فنهى عن ذلك، وقال أحلقوا كله أو اتركوا كله (عن عبد الله بن جعفر) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمهل آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم ثم أتاهم فقال لا تبكوا على أخى بعد اليوم أو غدا، إليّ ابني أخى قال فجئ بنا كأنا أفرخ فقال ادعو إلىّ الحلاق، فجئ بالحلاق فحلق رؤوسنا

_ أم البنين بنت حزام بن خالد بن جعفر بن ربيعة قتل مع أخيه لأبيه الحسين بن على، كذا في طبقات ابن سعد (1) الذؤابة بالضم مهموز الضفيرة من الشعر إذا كانت مرسلة، فإن كانت ملوية فهى عقيصة، والذؤابة أيضاً طرف العمامة، والذؤابة طرف السوط، والجمع الذؤابات على لفظها والذوائب أيضاً (مصباح) (تخريجه) هذا الأثر من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه وسنده صحيح ولم أقف عليه لغيره (2) (سنده) حدّثنا يحيى عن هشام قال سمعت الحسن عن عبد الله بن مغفل المزنى الخ (غريبه) (3) الترجل والترجيل تسريح الشعر: وقيل الأول المشط والثانى التسريح (وقوله إلا غبا) أي في كل أسبوع مرة كذا روى عن الحسن، وفسره الامام أحمد بأن يسرحه يوما ويدعه يوما وتبعه غيره، وقيل المراد في وقت دون وقت، وأصل الغب في إيراد الإبل أن ترد الماء يوما وتدعه يوما، وفي القاموس الغب في الزيارة أن تكون في كل أسبوع ومن الحمى ما تأخذه يوما وتدعه يوما، والحديث يدل على كراهة الاشتغال بالترجيل في كل يوم لأنه نوع من الترفه (تخريجه) (د نس مذ) وصححه الترمذى وابن حبان (باب) (4) (سنده) حدّثنا يحيى عن عبيد الله أخبرنى عمر بن نافع عن أبيه الخ (غريبه) (5) القزع بالتحريك وهو أن يحلق رأس الصبى ويترك منه مواضع متفرقة غير محلوقة، وسمى قزعاً تشبيهاً له بقطع السحاب المتفرقة، الواحدة قزعة، وقيل غير ذلك، وهذا هو الصحيح لأنه يوافق تفسير الراوى (وقوله قلت وما القزع) القائل قلت هو عمر بن نافع يستفهم من أبيه عن معنى القزع فقال أن يحلق الخ والحديث يدل على المنع من القزع (قال النووى) وأجمع العلماء على كراهة القزع كراهة تنزيه، وكرهة مالك في الجارية والغلام مطلقاً، وقال بعض أصحابه لا بأس به للغلام، ومذهبنا كراهته مطلقاً للرجل والمرأة لعموم الحديث (قال العلماء) والحكمة في كراهته أنه يشوه الخلق وقيل لأنه زى أهل الشرك والله أعلم (تخريجه) (ق د نس جه) (6) (سنده) حدّثنا عبد الرازق حدثنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (د نس) بإسناد صحيح، قال المنذرى وأخرجه مسلم بالإسناد الذي خرجه أبو داود ولم يذكر لفظه، وذكر أبو مسعود الدمشقى في تعليقه أن مسلماً أخرجه بهذا اللفظ اهـ (قلت) هو في الدلالة كالذى قبله (7) (عن عبد الله بن جعفر الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في غزوة مؤتة، وإنما ذكرت هذا الطرف منه هنا لمناسبة الترجمة. وفي هذا الحديث والذى قبله دلالة على الترخيص في حلق جميع الرأس ولكن في حق الرجال،

-[ما جاء في التثاؤب وآدابه وأنه من الشيطان]- (أبواب التثاؤب والعطاس وآدابهما) (باب ما جاء في التثاؤب وآدابه) (عن ابن أبى سعيد الخدرى) (1) عن أبيه قال قال رسول لله صلى الله عليه وسلم إذا تثاءب أحدكم فلكظم ما استطاع (2) فإن الشيطان يدخل في فيه (وعنه أيضاً عن أبيه) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تثاءب أحدكم في الصلاة (4) فليضع يده على فيه فإن الشيطان يدخل مع التثاؤب (عن أبى هريرة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز ويجل يحب العطاس (6) ويكره التثاؤب، فمن عطس فحمد الله فحق على من سمعه (7) أن يقول يرحمك الله، وإذا تثاءب أحدكم فليرّده ما استطاع (8) ولا يقل آهـ آهـ (9) فإن أحدكم إذا فتح فاه فإن الشيطان يضحك منه أو به (10) قال حجاج (11) في حديثه وأما التثاؤب فإنما هو من الشيطان (12) (وعنه أيضاً) (13) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن التثاؤب من الشيطان (14) (فإذا تثاءب أحدكم فليكظم

_ أما النساء فقد أخرج النسائى من حديث على قال (نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تحلق المرأة رأسها) والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا سفيان عن سهيل بن أبى صالح عن ابن أبى سعيد الخدرى عن أبيه الخ (غريبه) (2) قال النووى الكظم هو الإمساك، قال العلماء أمر بكظم التثاؤب وردِّه ووضع اليد على الفم (يعنى كما في الحديث التالى) لئلا يبلغ الشيطان مراده من تشويه صورته ودخوله فمه وضحكه منه (تخريجه) (م د) (3) (سنده) حدّثنا عبد الرازق قال ثنا معمر عن سهيل ابن أبى صالح عن أبى أبى سعيد عن أبى سعيد الخدرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) زاد في هذه الرواية التثاؤب في الصلاة ووضع اليد على الفم وجاء كذلك عند مسلم أيضاً (تخريجه) (م د) (*) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن ابن أبى ذئب وحجاج قال انا ابن أبى ذئب حدثنى سعيد بن أبى سعيد (المقبرى) عن أبيه عن أبى هريرة الخ (غريبه) (6) أي لأنه سبب خفة الدماغ وصفاء القوى الإدراكية فيحمل صاحبه على الطاعة (ويكره التثاؤب) لأنه يمنع صاحبه عن النشاط في الطاعة ويوجب الغفلة ولذا يفرح به الشيطان وهو المعنى في ضحكة الآتى (7) احتراز من حال عدم سماعه فانه حينئذ لا يتوجه عليه الأمر، وقد اختلف في تشميت العاطس هل هو واجب أو مستحب سيأتى الكلام على ذلك في الباب التالى (8) أي فليكظم فمه وليمسك بيده عليه (9) حكاية لصوت المتثائب (10) قال الطيبى أي يرضى بتلك الغفلة وبدخوله فمه للوسوسة (11) حجاج هو أحد الراويين الذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث (12) قال النووى أضيف التثاؤب إلى الشيطان لأنه يدعو إلى الشهواب إذ يكون عن ثقل البدن واسترخائه وامتلائه، والمراد التحذير من السبب الذي يتولد منه وهو التوسع في المأكل وإكثار الأكل (تخريجه) (خ د نس مذ طل) (13) (سنده) حدّثنا سليمان بن داود قال أنا إسماعيل قال أخبرنى العلاء عن أبيه عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن التثاؤب الخ (غريبه) (14) قال ابن العربى في عارضة الأحوذى إن كل فعل مكروه نسبه الشرع إلى الشيطان لأنه واسطتها، وإن كل فعل حسن نسبه الشرع إلى الملك لأنه واسطته، والتثاؤب إنما يحدث عن الامتلاء وينشأ عنه التكاسل وذلك بواسطة الشيطان، والعطاء من تقليل الغذاء وينشأ عن النشاط وذلك بواسطة الملك والله أعلم (تخريجه) (م)

-[ما جاء في العطاس وآدابه وتشميت العاطس وكلام العلماء في ذلك]- ما استطاع (باب ما جاء في العطاس وآدابه وتشميت العاطس إذا حمد الله) (عن أبى هريرة) (1) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا عطس وضع ثوبه أو يده على جبهته وخفض أو غض من صوته (2) (وعنه أيضاً) (3) قال عطس رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما أشرف من الآخر، فعطس الشريف فلم يحمد الله فلم يشمته (4) النبي صلى الله عليه وسلم، وعطس الآخر فحمد الله فشمته النبي صلى الله عليه وسلم قال فقال الشريف عطست عندك فلم تشمتنى وعطس هذا عندك فشمته؟ قال فقال إن هذا ذكر الله فذكرته، وإنك نسيت الله فنسيتك (5) (وعنه أيضاً) (6) يرفعه إذا عطس أحدكم فليضع يده على فيه (وعنه أيضاً) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل يحب العطاس ويكره التثاؤب، فمن عطس فحمد الله فحق على من سمعه أن يقول يرحمك الله

_ (باب) (1) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان قال حدثنى سمى عن أبى صالح عن أن هريرة الخ (غريبه) (2) قال الحافظ ومن آداب العاطس أن يخفض بالعطس صوته ويرفعه بالحمد وأن يغطى وجهه لئلا يبدو من فيه أو أنفه ما يؤذى جليسه ولا يلوى عنقه يميناً ولا شمالاً لئلا يتضرر بذلك (قال ابن العربى) الحكمة في خفض الصوت بالعطاس إن في رفعه إزعاجاً للأعضاء، وفي تغطية الوجه أنه لو بدر منه شيء أذى جليسه، ولو لوى عنقه صيانة لجليسة لم يأمن من الالتواء، وقد شاهدنا من وقع له ذلك، وأيد ذلك بحديث الباب (تخريجه) (د مذ) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح (3) (سنده) حدّثنا ربعى بن ابراهيم ثنا عبد الرحمن ثنا شريك عن سعيد بن أبى سعيد عن أبى هريرة قال عطس رجلان الخ (غريبه) (4) قال في النهاية التشميت بالشين والسين الدعاء بالخير والبركة والمعجمة أعلاهما، يقال شمت فلانا وشمت عليه تشميتاً فهو مشمِّت واشتقاقه من الشوامت وهى القوائم كأنه دعا للعاطس بالثبات على طاعة الله تعالى (5) فيه مشروعية تشميت العاطس إذا حمد الله تعالى وإلا فلا، فقد جاء ذلك صريحا في حديث أبى موسى يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم (إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه وإن لم يحمد الله فلا تشمتوه) رواه مسلم وسيأتى للإمام أحمد في هذا الباب (تخريجه) أورده الهيثمى قال رواه (حم طس) ورجال احمد رجال الصحيح غير ربعى بن غبرايم وهو ثقة مأمون (6) (سنده) حدّثنا سفيان عن العلاء (يعنى ابن عبد الرحمن) عن ابيه عن أبى هريرة يرفعه الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده حسن، ويؤيده الحديث الأول من أحاديث الباب (7) (وعنه أيضاً الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه وهو الحديث الثالث من الباب السابق، وإنما ذكرت هذا الطرف منه هنا لقوله (فحق على من سمعه أن يقول يرحمك الله) وفي حديث أبى موسى الآتى بعد هذا (سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه) قال ابن دقيق العيد ظاهر الأمر الوجوب ويؤيده قوله في حديث أبى هريرة (فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته) وقد أخذ بظاهره ابن مزين من المالكية، وقال به جمهور أهل الظاهر، وذهب آخرون إلى أنه فرض كفاية إذا قام به البعض سقط عن الباقين، ورجحه أبو الوليد بن رشد وأبو بكر بن العربى وقال به الحنفية وجمهور الحنابلة، وذهب عبد الوهاب وجماعة من المالكية إلى أنه مستحب ويجزئ الواحد عن الجماعة وهو قول الشافعية، والراجح من حيث الدليل القول الثانى والله سبحانه وتعالى أعلم

-[ما جاء في تشميت العاطس إذا حمد الله وبيان صيغة الحمد وكلام العلماء في ذلك]- (عن أبي بردة) (1) قال دخلت على أبى موسى (الأشعرى يعنى والده) في بيت ابنة أم الفضل (2) فعطست ولم يشمتنى، وعطست فشمتها، فرجعت إلى أمى فأخبرتها، فلما جاءها قالت عطس ابنى عندك فلم تشمته وعطست فشمتها؟ فقال إن ابنك عطس فلم يحمد الله تعالى فلم أشمته وإنها عطست فحمدت الله تعالى فشمتها، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوهن وإن لم يحمد الله عز وجل فلا تشمتوه (3) فقالت أحسنت أحسنت (باب ما يقول من عطس وما يقول له من حوله وما يقول لهم) (ز) (عن على رضي الله عنه) (4) قال قال رسول الله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله رب العالمين (5) وليقل من حوله يرحمك الله (6) وليقل هو يهديكم الله ويصلح بالكم

_ (1) (سنده) حدّثنا القاسم بن مالك أبو جعفر ثنا عاصم بن كليب عن أبى بردة الخ (غريبه) (2) هي أم كلثوم بنت أم الفضل بن عباس امرأة أبى موسى الأشعرى، تزوجها بعد فراق الحسن بن على لها وولدت لأبى موسى ومات عنها فتزوجها بعده عمران بن طلحة ففارقها وماتت بالكوفة ودفنت بظاهرها قاله النووى (3) فيه أن التشميت إنما يشرع لمن حمد الله، قال ابن العربى وهو مجمع عليه (تخريجه) (م. وغيره) (باب) (4) (ز) (بسنده) حدّثنا أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا على بن مسهر عن ابن أبى ليلى عن عيسى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن على الخ (قلت) ابن أبى ليلى عن على الخ (قلت) ابن أبى ليلى الأول هو محمد بن عبد الرحمن أخو عيسى بن عبد الرحمن بن أبى ليلى، ومن هذا يتضح أن محمد بن عبد الرحمن روى الحديث عن أخيه عيسى عن أبيه عبد الرحمن (غريبه) (5) لفظ (الحمد لله رب العالمين) أو الحمد لله على كل حال جاء عند الإمام أحمد أيضاً والنسائى من حديث سالم بن عبيد وسيأتى، وإليه ذهبت طائفة من أهل العلم، وقالت طائفة إنه لا يزيد على الحمد لله كما في حديث أبى هريرة عند البخارى (إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله) الحديث، وقالت طائفة يقول الحمد لله رب العالمين، ورد ذلك في حديث لابن مسعود أخرجه البخارى في الأدب المفرد والطبرانى، وورد الجمع بين اللفظين فعنده في الأدب المفرد عن على قال من قال عند عطسه سمعها (الحمد لله رب العالمين على كل حال ما كان) لم يجد وجع الضرب ولا الأذن أبداً وهذا موقوف رجاله ثقات، ومثله لا يقال بالرأى فله حكم الرفع، وقالت عائشة ما زاد من الثناء فيما يتعلق بالحمد كان حسناً: فقد أخرج أبو جعفر الطبرى في التهذيب بسند لا بأس به عن أمس لمة قالت عطس رجل عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال الحمد لله فقال النبي صلى الله عليه وسلم يرحمك الله، وعطس آخر فقال الحمد لله رب العالمين حمداً طيباً كثيراً مباركاً فيه، فقال ارتفع هذا على هذا تسع عشرة درجة، ونقل ابن بطال عن الطبرانى أن العاطس يتخير بين أن يقول الحمد لله أو يزيد رب العالمين أو على كل حال، والذى يتحرر من الأدلة أن كل ذلك مجزئ لكن ما كان أكثر ثناء كان أفضل بشرط أن يكون مأثوراً (وقال النووى في الأذكار) اتفق العلماء على أنه يستحب للعاطس أن يقول عقب عطاسه الحمد لله، ولو قال الحمد لله رب العالمين لكان أحسن، فلو قال الحمد لله على كل حال كان أفضل كذا قال، ذكر هذا جميعه الحافظ في الفتح (6) خبر بمعنى الدعاء (وليقل هو) أي العاطس (يهديكم الله ويصلح بالكم) أي حالكم وهو عام يشمل كل شيء وهو أولى ما فسر به، قال ابن بطال ذهب الجمهور إلى أنه يقول العاطس في جواب المشمت (يهديكم الله ويصلح بالكم) وذهب الكوفيون إلى أنه يقول يغفر الله لنا ولكم وأخرجه

-[ما يقول العاطس من صيغ الحمد وما يقول له من سمعه وما يقول هو لمن شمته]- (حدّثنا إسحاق بن عيسى) 01) ويحيى بن اسحق قالا حدثنا ابن لهيعة عن أبى الأسود قال سمعت عبيد بن أم كلاب يحدث عن عبد الله بن جعفر قال يحيى بن اسحق قال سمعت عبد الله بن جعفر قال أحدهما ذي الجناحين (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان اذا عطس حمد الله (3) فيقال له يرحمك الله، فيقول يهديكم الله ويصلح بالكم (عن أبى أيوب رضي الله عنه) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا عطس أحدكم فليقل الحمد لله على كل حال، وليقل الذي يرد عليه يرحمك الله، وليقل هو يهديك الله ويصلح بالك، قال حجاج (5) يهديكم الله ويصلح بالكم (عن هلال بن يساف) (6) عن رجل من آل خالدين عرفطة عن آخر قال كنت مع سالم بن عبيد (7) في سفر فعطس رجل

_ الطبري عن ابن مسعود وابن عمر وغيرهما (قلت) وأخرجه الإمام أحمد عن سالم بن عبيد وسيأتى وذهب مالك والشافعى إلى أنه يتخير بين اللفظين اهـ (قلت) ويستحسن أن يجمع بينهما والله أعلم (تخريجه) (مذ) بلفظ (فليقل الحمد لله على كل حال) بدل قوله هنا (الحمد لله رب العالمين) وسنده حسن، وأورده الهيثمى كرواية الترمذى وعزاه للطبرانى في الأوسط وقال وفيه يحيى بن عبد الحميد الحمانى وهو ضعيف اهـ (قلت) الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه ورجاله ليس فيهم مجروح، ومع هذا فلم يعزه الهيثمى لغير الطبرانى فلعله غفل عن ذلك والله أعلم (1) (حدّثنا إسحاق ابن عيسى الخ) (غريبه) (2) معناه أن أحد الروايين اللذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث قال في روايته بعد قوله عبد الله بن جعفر (ذي الجناحين) وهو لقب جعفر، فقد ثبت في الصحيح أن ابن عمر كان إذا سلم على عبد الله بن جعفر قال (السلام عليكم يا بن ذي الجناحين) (3) معناه أن يقول الحمد لله (فيقال له) أي يقول له من سمعه (يرحمك الله فيقول) يعنى العاطس (يهديكم الله ويصلح بالكم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفيه ابن لهيعة وهو حسن الحديث على ضعف فيه وبقية رجاله ثقات (4) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة عن محمد بن أبى ليلى عن أخيه عيسى عن أبيه عن أبى أيوب (يعنى الانصارى) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) حجاج احد الروايين اللذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث يعنى انه قال في روايته (يهديكم الله ويصلح بالكم) بميم الجمع وهى الأشهر (تخريجه) (مذ طل) من طريق شعبة أيضاً بسند حديث الباب ولفظ الامام أحمد والترمذى مثله من طريق يحيى بن سعيد القطان بسند حديث الباب ولفظه عن على، وإسناد الجميع حسن (6) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد حدثنى سفيان ثنا منصور عن هلال بن يساف الخ (غريبه) (7) قال الحافظ في التقريب سالم بن عبيد الأشجعى صحابى من أهل الصفة اهـ (قلت) لم يكن له في المسند سوى هذا الحديث بهذا السند كما ترى، وجاء عند (د مذ نس) من طريق منصور عن هلال ابن يساف قال كنا مع سالم بن عبيد فعطس رجل الخ ولأبى داود من طريق أخرى عن هلال بن يساف عن خالد بن عرفجة عن سالم بن عبيد بهذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم، وأخرجه النسائى أيضاً عن منصور عن رجل عن خالد بن عرفطة (بضم العين المهملة والفاء بينهما راء ساكنة) عن سالم، ورواه عبد الرحمن بن مهدى عن أبى عوانة عن منصور عن هلال عن رجل من آل عرفطة عن سالم، وجاء في الخلاصة خالد بن عرفطة عن سالم بن عبيد وعنه هلال بن يساف وفي بعض طرقه خالد بن عرفجة

-[تعاطس اليهود عند النبي صلى الله عليه وسلم طمعا في قوله لهم يرحمكم الله]- فقال السلام عليكم (1) فقال عليك وعلى أمك (2) ثم سار فقال لعلك وجدت في نفسك؟ قال ما أردت أن تذكر أمى، قال لم أستطع إلا أن أقولها، كنت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في سفر فعطس رجل فقال السلام عليك، فقال عليك وعلى أمك، ثم قال إذا عطس أحدكم فليقل الحمد على كل حال، أو الحمد لله رب العالمين: وليقل له يرحمكم الله أو يرحمك الله شك يحيى (3) وليقل يغفر الله لي ولكم (عن عائشة رضي الله عنها) (4) قالت عطس رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما أقول يا رسول الله؟ قال قل الحمد لله، قال القوم ما نقول له يا رسول الله؟ قال قولوا له يرحمك الله، قال ما أقول لهم يا رسول الله؟ قال قل لهم يهديكم الله ويصلح بالكم (عن أبى بردة عن أبيه) (5) قال كانت اليهود يتعاطسون (6) عند النبي صلى الله عليه وسلم رجاء أن يقول لهم يرحمكم الله، فكان يقول لهم يهديكم الله ويصلح بالكم (7) (عن سلمة بن الأكوع) (8) قال كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فعطس رجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمك، الله ثم عطس أخرى (9) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرجل مزكوم

_ وهو خطأ (يعنى الطريق الأخرى لأبى داود) وفي التقريب خالد بن عرفجه صوابه ابن عرفطه يروى عن سالم بن عبيد مقبول من الثالثة (1) الظاهر أنه قال ذلك ظناً منه أنه يجوز أن يقال بدل الحمد لله، ذكره ابن الملك (2) القائل عليك وعلى أمك هو سالم بن عبيد (ثم سار) أي الرجل مع سالم ولم يقل شيئاً لكن ظهر على وجهه أثر الغضب أو الحزن أو الخجل (فقال) يعنى سالماً للرجل (لملك وجدت في نفسك أي حدث في نفسك حزن أو غضب أو خجل مما قلت؟ فقال الرجل (ما أردت أن تذكر أمى) (قال) يعنى سالما (لم استطع إلا أن أقولها) اقتداءا برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر الحديث (3) يحيى هو ابن سعيد شيخ الإمام أحمد يشك هل قال الراوى يرحمكم الله بميم الجمع أو الافراد (تخريجه) (د مذ نس) وقال الترمذى هذا حديث اختلفوا في روايته عن منصور، وقد ادخلوا بين هلال بن يساف وبين سالم رجلا اهـ (قلت) تقدم الخلاف فيه، اما الرجل فهو خالد بن عرفطة كما صوّبه صاحب الخلاصة والحافظ في التقريب وقال انه مقبول، وعلى هذا فالحديث حسن والله أعلم (4) (سنده) حدّثنا خلف بن الوليد قال ثنا أبو معشر عن عبد الله بن يحيى عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم عل) وفيه أبو معشر نجيح وهو لين الحديث وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) يؤيده احاديث الباب: وفيه تفصيل ما يقوله العاطس وما يقال له وما يقول لمشمته وتقدم الكلام على ذلك (5) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا سفيان وعبد الرحمن عن سفيان عن حكيم بن ديلم عن أبى بردة عن أبيه (يعنى أبا موسى الاشعرى) قال كانت اليهود الخ (قلت) قال الحافظ في التقريب أبو بردة بن أبى موسى الأشعرى قيل اسمه عامر وقيل الحارث ثقة من الثالثة (غريبه) (6) أي يطلبون العطسة من أنفسهم يتمنون أن يقول لهم النبي صلى الله عليه وسلم يرحمكم (7) لم يقل لهم صلى الله عليه وسلم يرحمكم الله لأن الرحمة مختصة بالمؤمنين بل كان يدعو لهم بما يصلح بالهم من الهداية والتوفيق للايمان (تخريجه) (د نس مذ ك) وصححه الحاكم والترمذى، وحكى المنذرى تصحيح الترمذى واقره (8) (سنده) حدّثنا بهز عن عكرمة بن عمار قال ثنا إياس بن سلمة بن الأكوع قال حدثنى أبى قال كنت جالساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) هكذا

كتاب السلام والاستئذان وآداب أخرى

-[ما جاء في الحث على السلام وفضله وكراهة تركه]- (54) (كتاب السلام والاستئذان وآداب أخرى) (باب الحث على السلام وفضله وكراهة تركه) عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذى نفسى بيده لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا (2) ولا تؤمنوا حتى تحابوا، ثم قال هل أدلكم على شيء اذا فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم (3) (عن نافع ان ابن عمر) (4) كان يقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفشوا السلام وأطعموا الطعام (5) وكونوا اخوانا كما أمركم الله (6) (عن البراء بن عازب) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفشوا السلام تسلموا (8) والأثرة أشر

_ جاء عند مسلم أيضاً بلفظ ثم عطس أخرى، وجاء عند أبى داود بغير لفظ أخرى، أما ابن ماجه فلفظه (يشمت العاطس ثلاثا فما زاد فهو مزكوم، أما الترمذى فقد رواه من طريقين (أحدهما) من طريق ابن المبارك عن عكرمة بن عمار بسند حديث الباب وفيه (ثم عطس الثانية أو الثالثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا رجل مزكوم (والثانى) من طريق يحيى بن سعيد عن عكرمة بالسند المذكور عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه إلا أنه قال في الثالثة أنك مزكوم (قال الترمذى) وهذا أصح من حديث ابن المبارك وقد روى شعبة عن عكرمة بن عمار هذا الحديث نحو رواية يحيى بن سعيد اهـ (تخريجه) (م - والأربعة) باب (1) (سنده) حدّثنا وكيع قال الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) قال النووى هو على ظاهره واطلاقه، فلا يدخل الجنة إلا من مات مؤمنا وان لم يكن كامل الايمان فهذا الظاهر من الحديث (ولا تؤمنوا حتى تحابوا) بحذف إحدى التاءين وتشديد الموحدة المضمومة أي لا يكمل إيمانكم ولا يصلح حالكم في الإيمان إلا بالتحابب (3) جعل إفشاء السلام سببا للمحبة والمحبة سببا لكمال الإيمان وإعلاء كلمة الإسلام، وفي التهاجر والتقاطع التفرقة بين المسلمين، وهى سبب لانثلام الدين والوهن في الإسلام، وإفشاء السلام بذله للمسلمين كلهم من عرفت ومن لم تعرف، وفيه الحث العظيم على إفشاء السلام (قال الحافظ) الإفشاء الاظهار، والمراد نشر السلام بين الناس ليحيوا سنته اهـ ونقل النووى عن المتولى انه قال يكره اذا لقى جماعة أن يخص بعضهم بالسلام: لأن القصد بمشروعية السلام تحصيل الألفة، وفي التخصيص إيحاش لغير من خص بالسلام (تخريجه) (م مذ جه) (4) (سنده) حدّثنا عبد الله بن الحارث عن ابن جريج قال قال سليمان بن موسى (وفي بعض النسخ قال قال لي سليمان ابن موسى) حدثنا نافع ان ابن عمر الخ (غريبه) (5) قال البيهقى يحتمل اطعام المحاويج ويحتمل الضيافة أو هما معاً، وللضيافة في التآلف والتحابب أثر عظيم (6) قال تعالى:} إنما المؤمنون إخوة {يعنى الإخاء في الله والحب في الله، ويدخل فيه كل ما يعود على أخيه المسلم من المنفعة وكل ما يدفع عنه الضرر (تخريجه) (جه) وسنده صحيح، وقال البوصيرى في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح ورجاله ثقات (7) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا فنان بن عبد الله النهمى عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء ابن عازب الخ (غريبه) (8) أي تسلموا من التنافر والتقاطع وتدوم لكم المودة وتزول الضغائن (والأثرة) بفتح الهمزة والثاء المثلثة من الاستئثار وهو الانفراد بالشئ، ومعناه هنا تخصيص بعض الناس بالسلام دون بعض (وقوله أشر) أي أشد شراً من عدم إفشاء السلام، لأن التخصيص يوجب التنافر بعكس ما شرع لأجله السلام فانه ما شرع إلا لجلب المودة والألفة، وقد نقل النووى عن المتولي

-[ما جاء في الحث على السلام وفضله وكراهة تركه]- (عن عبد الله بن سلام) (1) قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم (يعنى المدينة) انجفل الناس عليه (2) فكنت فيمن انجفل، فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب (3) فكان أول شيء سمعته يقول أفشوا السلام (4) وأطعموا الطعام (5) وصلوا الأرحام، وصلوا والناس نيام (6) تدخلوا الجنة بسلام (7) (عن الزبير بن العوام) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دب اليكم (9) داء الأمم قبلكم (10) الحسد والبغضاء هي الحالقة حالقة الدين (11) لا حالقة الشعر والذى نفس محمد بيده (12) لا تؤمنوا حتى تحابوا (13) أفلا أنبئكم بشئ إذ فعلتموه تحاببتم؟ أفشوا السلام بينكم (14) (وعنه من طريق ثان وفيه) (15) لا تدخلوا (16) الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا (17)

_ أنه قال يكره اذا لقى جماعة أن يخص بعضهم بالسلام لأن القصد بمشروعية السلام تحصيل الألفة وفي التحصيص ايحاش لغير من خص بالسلام (تخريجه) (حب عل) والبيهقى في شعب الإيمان والبخارى في الأدب المفرد وصححه ابن حبان، وأورده الهيثمى وقال رواه (حم عل) ورجاله ثقات (1) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن عوف ثنا زُرارة قال قال عبد الله بن سلام حدثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن زرارة عن عبد الله بن سلام الخ (قلت) سلام بفتح السين واللام المخففة هو أبو يوسف الاسرائيلى حليف بنى الخزرج، قيل كان اسمه الحسين فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله مشهور، مات بالمدينة سنة ثلاث وأربعين (2) أي ذهبوا مسرعين اليه يقال جفل وأجفل وانجفل (3) بالاضافة وينّون أي بوجه ذي كذب فان الظاهر عنوان الباطن (4) أي أظهروه واكثروه على من تعرفونه وعلى من لا تعرفونه (5) أي للأيتام والفقراء والمساكين وابن السبيل (6) أي صلوا بالليل لأنه وقت الغفلة ولبعده عن الرياء والسمعة ولأرباب الحضور مزيد المثوبة (7) أي من الله أو من ملائكته من مكروه أو تعب ومشقة (تخريجه) (مذ جه مى) وقال الترمذى هذا حديث صحيح (8) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنبأنا هشام عن يحيى بن أبى كثير عن يعيش بن الوليد بن هشام. وأبو معاوية شيبان عن يحيى ابن أبى كثير عن يعيش بن الوليد بن هشام عن الزبير بن العوام الخ (غريبه) (9) أي سار إليكم (10) أي عادة الأمم الماضية (11) بكسر الدال المهملة (لا حالقة الشعر) أي الخصلة التي شأنها ان تحلق، أي تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموسى الشعر (12) أي بقدرته وتصريفه (13) معناه لا يصير ايمانكم كاملا الا اذا أحب بعضكم بعضا (14) أي لأن افشاء السلام أي اظهاره يزيل الضغائن ويورث المحبة والألفة كما سبق والله أعلم (15) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن حدثنا حرب بن شداد عن يحيى بن أبى كثير ان يعيش بن الوليد حدثه ان مولى لآل الزبير حدثه أن الزبير بن العوام حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال دب اليكم داء الأمم قبلكم الحديث (16) كذا وقع في هذه الرواية عند الامام احمد بحذف النون وكذا عند أبى داود والترمذى من حديث أبى هريرة، قال القارى ولعل الوجه أن النهى قد يراد به النفى كعكسه المشهور عند أهل العلم اهـ ووقع في صحيح مسلم ومسند الإمام احمد وتقدم أول الباب لا تدخلون باثبات النون وهو الظاهر (17) بحذف النون في هذه الرواية وفي حديث أبى هريرة أيضاً عند مسلم والإمام أحمد، قال النووى هكذا هو في جميع الأصول والروايات (ولا تؤمنوا بحذف النون من آخره وهى لغة معروفة صحيحة اهـ قال القارى لعل حذف النون للمجانسة والازدواج

-[استحباب تعميم السلام وكراهة تخصيصه بمن يعرف]- حتى تحابوا الخ (عن معاذ بن جبل) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال السلام تحية أهل الجنة (عن أبى أمامة) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من بدأ بالسلام فهو أولى بالله عز وجل ورسوله (3) (باب في استحباب تعميم السلام وكراهة تخصيصه بمن يعرف). (عن الاسود بن يزيد) (4) قال اقيمت الصلاة في المسجد فجئنا نمشى مع عبد الله بن مسعود فلما ركع الناس ركع عبد الله وركعنا معه ونحن نمشى، فمر رجل بين يديه فقال السلام عليك يا ابا عبد الرحمن (5) فقال عبد الله وهو راكع صدق الله ورسوله، فلما انصرف سأله بعض القوم لم قلت حين سلم عليك الرجل صدق الله ورسوله؟ قال انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان من أشراط الساعة إذا كانت التحية على المعرفة (6) (ومن طريق ثان (7) عن سيار عن طارق بن شهاب قال كنا عند عبد الله (يعنى ابن مسعود) جلوساً فجاء رجل فقال قد أقيمت الصلاة، فقام وقمنا معه فلما دخلنا المسجد رأينا الناس ركوعا في مقدم المسجد فكبر وركع وركعنا، ثم مشينا وصنعنا مثل الذي صنع، فمر رجل يسرع فقال عليك السلام يا أبا عبد الرحمن، فقال صدق الله ورسوله، فلما صلينا ورجعنا دخل إلى أهله جلسنا فقال بعضنا لبعض أما سمعتم رده على الرجل صدق لله وبلغت رسله، أيكم يسأله؟ فقال طارق أنا أسأله، فساله حين خرج فذكر عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن بين يدى الساعة تسليم الخاصة (8) وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة (9) وقطع الأرحام وشهادة الزور وكتمان شهادة الحق وظهور القلم (10)

_ (تخريجه) أورده الحافظ السيوطى في الجامع الصغير وقال رواه احمد والترمذى والضياء (يعنى المقدسى) عن الزبير بن العوام ورمز له بالصحة (قلت) الطريق الأولى عند الامام احمد منقطعة لأن يعيش بن الوليد بن هشام لم يدرك الزبير: وفي الطريق الثانية مولى لال الزبير مجهول، وعلى هذا فالحديث ضعيف وأورده المنذرى في الترغيب والترهيب والهيثمى في مجمع الزوائد وعزياه للبزار، وقال الهيثمى كالمنذرى سنده جيد (قلت) وعلى فرض ضعفه فحديث أبى هريرة المذكور أول الباب يعضده (1) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب تواضعه صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية (2) (سنده) حدّثنا عتاب وهو ابن زياد ثنا عبد الله انا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن على ابن يزيد عن القاسم عن أبى أمامة الخ (غريبه) (3) أي أقربهم إلى رحمة الله وإتباع رسوله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (د مذ) وحسنه الترمذى ولفظه عنده (قيل يا رسول الله الرجلان يلتقيان أيهما يبدأ بالسلام؟ قال أولاهما بالله تعالى) وسكت عنه أبو داود والمنذرى (باب) (4) (سنده) حدّثنا ابن نمير عن مجالد عن عامر عن الاسود بن يزيد الخ (غريبه) (5) هذا موضع الدلالة من الحديث وهو كون الرجل خص ابن مسعود بالسلام دون أصحابه: والظاهر ان هذه الواقعة كانت قبل النهى عن المشى في الصلاة والكلام فيها (6) معناه لا يسلم الرجل الا على من يعرفه (7) (سنده) حدّثنا أبو احمد الزبيرى حدثنا بشير بن سلمان عن سيار عن طارق بن شهاب الخ (8) معناه تسليم الرجل على ناس مخصوصين يعرفهم (9) أي بأن تتاجر معه في الأسواق بل ومع غير زوجها أيضاً كما سيأتى في بعض الروايات (10) هكذا بالأصل وظهور القلم بالقاف يعنى الكتابة، وجاء في مجمع الزوائد (وظهور العلم)

-[ما كان يقوله العرب في الجاهلية من السلام للتحية]- (عن ابن مسعود) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن من اشتراط الساعة أن يسلم الرجل على الرجل لا يسلم عليه إلى للمعرفة. (باب ما جاء في ألفاظ السلام والرد) (عن أبي تيمية الهجيمي) (2) عن رجل من قومه (3) قال لقيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في بعض طرق المدينة وعليه أزار من قطن منتثر الحاشية فقلت عليك السلام يا رسول الله: فقال أن عليك السلام تحية الموتى، أن عليك السلام تحية الموتى، أن عليك السلام تحية الموتى (4)

_ بالعين المهملة والله أعلم (تخريجه) (ك) وأورده الهيثمي وقال رواه كله أحمد والبزار ببعضه وزاد وأم يجتاز الرجل بالمسجد فلا يصلي فيه (والطبراني) إلا أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقوم الساعة حتى يكون السلام على المعرفة وأن هذا عرفني من بينكم فسلم عليّ وحتى تتخذ المساجد طرقًا فلا يسجد لله فيها، وحتى يبعث الغلام الشيخ بريدًا بين الأفقين، وحتى يبلغ التاجر بين الأفقين فلا يجد ربحًا (وفي رواية عنده) وأن تغلوا النساء والخيل ثم ترخص فلا تغلو إلى يوم القيامة، وأن يتجر الرجل والمرأة جميعًا، ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح (1) حدثنا أبو النضر ثنا شريك عن عياش العامري عن الأسود بن هلال عن ابن مسعود الخ (تخريجه) (طب) وهو جزء من الحديث المتقدم، ولكنه جاء في المسند حديثًا مستقلًا من وجه آخر، وأورده الهيثمي عقب الحديث السابق وقال رواه كله أحمد والبزار ببعضه ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح (قال الخطابي) وفي بذل السلام لمن عرفت ومن لم تعرف إصلاح العمل فيه لله تعالى لا مصانعه، وفي السلام لغير المعرفة استفتاح باب الأنس ليكون المؤمنون لكلهم أخوة ولا يستوحش أحد من أحد، وترك السلام لغير المعرفة يشبه صدود المتصارمين المنهي عنه فينبغي أن يجتنب (وقال أبو بكر الخطيب) في قول الناس السلام عليكم أي الله عز وجل مطلع عليكم فلا تغفلوا، وقيل السلام عليكم أي سلمت مني فاجعلني أسلم منك، وقيل معناه اسم السلام عليك أي اسم الله عز وجل عليك، وحكى الهروي نحوه (وقال غيره) يقال السلام عليكم وسلام عليكم وسلم عليكم بكسر السين ولم يرد في القرآن غالبًا إلا منكرًا كقوله تعالى (سلام عليكم بما صبرتم) فأما في تشهد الصلاة فيقال فيه معرفًا ومنكرًا والله أعلم (باب) (2) (سنده) حدثنا إسماعيل ابن إبراهيم قال ثنا سعيد الجريري عن أبي السليل عن أبي تميمة الهجيمي قال إسماعيل الهجيمي اسمه طريف ابن مجالد كذا في الإصابة وعند أبي داود أيضًا (غريبه) (3) اسمه جرى بضم الجيم وفتح الراء وتشديد التحتية مصغرًا جابر بن سليم كما جاء مصرحًا بذلك عند أبي داود (4) قالها ثلاثًا للتأكيد قال الخطابي قوله عليك السلام تحية الموتى يوهم أن السنة في تحية الميت أن يقال له عليك السلام كما يفعله كثير من العامة، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه دخل المقبرة فقال السلام عليكم أهل دار قوم مؤمنين فقدم الدعاء. على اسم المدعو له كهو في تحية الأحياء، وإنما قال ذلك القول منه إشارة إلى ما جرت به العادة منهم في تحية الأموات إذ كانوا يقدمون اسم الميت على الدعاء. وهو مذكور في أشعارهم كقول الشاعر: (عليك سلام الله قيس بن عاصم ... ورحمته ما شاء أن يترحما) وكقول الشماخ: (عليك سلام من أديم وباركت ... يد الله في ذاك الأدم الممزق) فالسنة لا تختلف في تحية

-[بيان ثواب من قال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته]- سلام عليكم. سلام عليكم مرتين أو ثلاثا هكذا (1) (عن عمران ابن حصين) (2) أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليكم، فرد عليه ثم جلس فقال عشر (3) ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله، فرد عليه ثم جلس، فقال عشرون، ثم جاء آخر فقال السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، فرد عليه ثم جلس، فقال ثلاثون (4) (عن رجل من بني نمير عن أبيه عن جده) (5) أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أن أبي يقرأ عليك السلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم عليك وعلى أبيك السلام (باب ما يفعل المصلي والمتخلي إذا سلم أحد عليهما) (حدثنا سفيان) (6) عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مسجد بني عمرو بن عوف مسجد قباء (7)

_ الأحياء والأموات بدليل حديث أبي هريرة الذي ذكرناه والله أعلم اهـ (وقال في النهاية) هذا لما جرت به عادتهم في المرائي يقدمون ضمير الميت على الدعاء له كما في البيتين والصواب أن يسلم على الميت كما يسلم على الحي (1) ليس هذا آخر الحديث (وبقيته) قال سألت عن الإزار فقلت أين اتزر؟ فاقنع ظهره بعظم ساقه وقال هاهنا أتزر، فإن أبيت فهاهنا أسفل من ذلك، فإن أبيت فهاهنا فوق الكعبين، فإن أبيت فإن الله عز وجل لا يحب كل مختال فخور، قال وسألته عن المعروف فقال لا تحقرن من المعروف شيئًا ولو أن تعطي صلة الحبل، ولو أن تعطي شسع النعل، ولو أن تنزع من دلوك في إناء المستسقى، ولو أن تنحي الشيء من طريق الناس يؤذيهم، ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق، ولو أن تلقى أخاك فتسلم عليه، ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض، وأن سبك رجل بشيء يعلمه فيك وأنت تعلم فيه نحوه فلا عليه، ولو أن تؤنس الوحشان في الأرض، وأن سبّك رجل بشيء يعلمه فيك وأنت تعلم فيه نحوه فلا تسبه فيكون أجره لك ووزره عليه، وما يسر أذنك أن تسمعه فأعمل به، وما ساء أذنك أن تسمعه فأجتنبه، إلى هنا انتهى الحديث وقد تقدم الجزء المختص بالإزار منه مشروحًا في باب الحد المستحب للثوب من كتاب اللباس في هذا الجزء رقم 294 صحيفة 205 وسيأتي الجزء المختص بالمعروف مه في باب المشار بات من كتاب جامع للأدب والمواعظ والحكم الخ من قسم الترهيب (تخريجه) أخرجه أبو داود مطولًا كما هنا والنسائي والترمذي مختصرًا، وقال الترمذي حسن صحيح (2) (سنده) حدثنا محمد ابن كثير أخو سليمان بن كثير حدثنا جعفر بن سليمان عن عوف عن أبي رجاء العطاردي عن عمران (يعني ابن حصين) إن رجلًا الخ (غريبه) (3) أي فقال النبي صلى الله عليه وسلم عشر أي له عشر حسنات، أو كتب أو حصل له أو ثبت عشر، أو المكتوب له عشر (4) أي بكل لفظ عشر حسنات (قال الحافظ) لو زاد المبتدئ ورحمة الله استحب أن يزاد بركاته، فلو زاد وبركاته فهل تشرع الزيادة في الرد وكذا لو زاد المبتدئ على وبركاته هل يشرع له ذلك، أخر مالك في الموطأ عن ابن عباس قال انتهى السلام إلى البركة، وروى البيهقي في الشعب عن ابن عمر مثل ابن عباس (تخريجه) (د نس مذ) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه من حديث عمر ابن حصين (5) (سند) حدثنا محمد ابن جعفر حدثنا شبعة قال سمعت غالبا القطان يحدث عن رجل من بني نمير عن أبيه عن جده الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم (باب) (6) (حدثنا سفيان الخ) (غريبه) (7) مسجد قباء بضم القاف وتخفيف الباء وبالمد منون مصروف، وهو تفسير لقومه مسجد بني عمرو بن عوف يعني مسجد قباء، وهو مسجد معروف بضواحي المدينة كان النبي

-[ما يفعل المصلي والمتخلي إذا سلم أحد عليهما]- يصلي فيه فدخلت عليه رجال الأنصار يسلمون عليه ودخل معه صهيب، فسألت صهيبًا كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع إذا سلم عليه؟ قال يشير بيده، قال سفيان قلت لرجل سل زيدًا أسمعته من عبد الله وبت أنا أن أسأله، فقال يا أبا أسامة سمعته من عبد الله بن عمر، قال أما أنا فقد رأيته فكلمته (عن عبد الله بن عمر) (1) أن صهيب صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنه أنه قال مررت برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرّد إليّ أشارة، وقال لا أعلم إلا أنه قال أشارة بأصبعه (عن عمار بن ياسر) (2) قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي فسلمت عليه فرد عليَّ السلام (3) (عن ابن جابر) (4) قال انتهيت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أهراق الماء، فقلت السلام عليك يا رسول الله، فبم يرّد عليّ، فقلت السلام عليك يا رسول الله فلم يرد عليّ، فقلت السلام عليك يا رسول الله فلم يرد عليّ (5) فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي وأنا خلفه حتى دخل على رحله ودخلت أنا المسجد فجلست كئيبًا حزينًا فخرج عليَّ سول الله صلى الله عليه وسلم وقد تظهر فقال عليك السلام ورحمة الله، وعليك السلام ورحمة الله، وعليك السلام ورحمة الله، ثم قال ألا أخبرك يا عبد الله بن جابر يخير سورة في القرآن (6) قلت بلى يا رسول الله قال اقرأ الحمد لله رب العالمين حتى تختمها

_ صلى الله عليه وسلم يزوره ما شيًا (تخريجه) (نس جه مى) وسنده صحيح ورووه كلهم من طريق سفيان بن عيينة عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر ولم يذكروا قول سفيان الخ، وفيه دلالة على أن رد السلام باليد في الصلاة لا يبطلها (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب جواز التسبيح والتصفيق. والإشارة في الصلاة في الجزء الرابع صحيفة 157 رقم 848 (2) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا أب الزبير عن محمد بن علي بن الحنفية عن عمار بن ياسر الخ (غريبه) (3) يعني بالإشارة كما يستفاد من الحديث السابق (تخريجه) (نس) وسنده صحيح (4) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد ثنا هاشم يعني ابن البريد قال ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن ابن جابر الخ (قلت) ابن جابر هذا هو عبد الله بن جابر كما سماه النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره بعد إيراد الحديث وعبد الله بن جابر هذا الصحابي ذكره ابن الجوزي أنه هو العبدي والله أعلم ويقال إنه عبد الله بن جابر الأنصاري البياضي فيما ذكره الحافظ ابن عساكر اهـ (5) إنما لم يردّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه كره أن يردّ عليه السلام وهو على غير وضوء. فلما توضأ رد عليه ثلاثًا كما سلم ثلاثًا؛ لأن رد السلام ذكر والأفضل للذاكر أن يكون على طهارة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يفعل الأكمل والأفضل، وقد جاء معنى ذلك في حديث المهاجر بن قنفذ وتقديم في فصل كراهة رد السلام أو الاشتغال بذكر الله تعالى حال قضاء الحاجة من كتاب الطهارة صحيفة 294 في الجزء الأول (6) سيأتي هذا الجزء من الحديث والكلام عليه في باب تفسير سورة الفاتحة وما ورد في فضلها من كتاب فضائل القرآن وتفسيره (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل سيء الحظ وحديثه حسن وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) وأورده أيضًا الحافظ ابن كثير في تفسيره في ذكر ما ورد في فضل الفاتحة بسنده ولفظه وعزاه للإمام أحمد وقال هذا إسناد جيد وابن عقيل هذا يحتج به الأئمة الكبار والله أعلم اهـ

-[استحباب السلام من القادم على المجلس والقائم منه ومن الراكب على الماشي الخ]- (باب استجاب السلام من القادم والقائم) (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا انتهى (2) أحدكم إلى المجلس فيسلم، فإن بدا (3) له أن يجلس فليجلس، ثم إن قام والقوم وجلوس فليسلم فليست الأولى (4) بأحق من الآخرة (5) (عن معاذ بن أنس الجهني) (6) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال حق علي من قام على مجلس أن يسلم عليهم، وحق على من قام من مجلس أن يسلم، فقام رجل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يتكلم قلم يسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أسرع ما نسى (باب يسلم الراكب على الماشي الخ) (عن أبي هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد (وفي رواية والمار بدل الماشي) والقليل على الكثير (8) زاد في رواية والصغير على الكبير (عن فضالة بن عبيد) (9) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مثله

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن عجلان قال حدثني سعيد عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) أي جاء ووصل (3) بالألف أي أراد أن يجلس (4) أي التسليمة الأولى (بأحق) أي بأولى وأليق من الآخر (5) قال الطيبي أي كما أن التسليمة الأولى إخبار عن سلامتهم من شره عند الحضور فكذلك الثانية إخبار عن سلامتهم من شره عند الغيبة، وليست السلامة عند الحضور أولى من السلامة عند الغيبة بل الثانية أولى اهـ (قال النووي) ظاهر هذا الحديث يدل على أنه يجب على الجماعة رد السلام على الذي يسلم على الجماعة عند المفارقة أهـ قال الشامي وهذا هو الصحيح (تخرجه) (د نس حب ك) وقال الترميذي هذا حديث حسن (6) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل بن معاذ عن أبيه (يعني معاذ بن أنس الجهني) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه ابن لهيعة وبان بن فائدة ضعفًا وحسن حديثهما (باب (7) (سنده) حدثنا روح ثنا ابن جريح قال أخبرني زياد أن ثابتا مولى عبد الرحمن بن زيد أخبره أنه سمع أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) قال النووي هذا أدب من آداب السلام، وأعلم أن ابتداء السلام سنة ورده واجب فإن كان المسلم جماعة فهو سنة كفاية في حقهم، إذا سلم بعضهم حصلت سنة السلام في حق جميعهم، فإن كان المسلم عليه واحدًا تعين الرد عليه، وإن كانوا جماعة كان الرد فرض كفاية في حقهم، فإذا رد واحد منهم سقط الحرج عن الباقين والله اعلم (قال الحافظ) قد تكلم العلماء على الحكمة فيمن شرع لهم الابتداء. فقال ابن بطال عن المهاب تسليم الصغير لأجل حق الكبير؛ لأنه أمر بتوفيره والتواضع له، وتسليم القليل لأجل حق الكثير؛ لأن حقهم أعظم وتسليم المار لشبهه بالداخل على أهل المنزل، وتسليم الراكب لئلا يستكبر بركوبه فيرجع إلى التواضع، ونقل ابن دقيق العيد عن ابن رشد أن محل الأمر في تسليم الصغير على الكبير إذا التقيا، فإن كان أحدهما راكبًا والآخر ماشيًا بدأ الراكب، وأن كانا راكبين أو ماشيين بدأ الصغير والله أعلم (تخريجه) (ق مذ) (9) (سنده) حدثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة قال حدثني أبو هاني، عن أبي علي عن فضالة بن عبيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يسلم الراكب على الماشي والماشي على القاعد والقليل على الكثير (تخريجه) (مذ نس حب) والبخاري في الأدب المفرد، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح: أبو علي الحني اسمه عمرو بن مالك اهـ

-[ما جاء في السلام على النساء والصبيان وكلام العلماء في ذلك]- (باب السلام على الصبيان والنساء) (حدثنا محمد بن جعفر) (1) عن شعبة عن يسار قال كنت أمشي مع ثابت البناني فمر بصبيان فسلم عليهم، وحدث أنه كان يمشي مع أنس رضي الله عنه فمر بصبيان فسلم عليهم، وحدث أنس أنه كان يمشي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمر بصبيان فسلم عليهم، (عن أنس) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى على صبيان وهم يلعبون فسلم عليهم (وعنه أيضًا) (3) قال مر علينا النبي صلى الله عليه وسلم ونحن نلعب فقال السلام عليكم يا صبيان (عن جرير) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بنساء فسلم عليهن (باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام) (حدثنا أبو كامل) (5) ثنا زهير ثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لقيتموهم (وفي رواية) إذا لقيتم المشركين (6)

_ (باب) (1) حدثنا محمد بن جعفر الخ) (تخريجه) (ق د مذ نس مى) (2) (سنده) حدثنا حجاج عن سليمان بن المغيرة عن ثابت البناني عن أنس إلخ (تخريجه) (دنس) وسكت عنه أبو داود والمنذري (3) (سنده) حدثنا وكيع عن حبيب عن قيس عن ثابت عن أنس (قال مر علينا إلخ) (تخريجه) (د جه) بدون قوله يا صبيان وسكت عنه أبو داود والمنذري، قال العلماء الحكمة في السلام على الصغار تدريبهم على أدب الشريعة وطرح رداء الكبر وسلوك التواضع ولين الجانب (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن جابر قال حدثني رجل عن طارق التميمي عن جرير (يعني ابن عبد الله) الخ، وله سند آخر عند الإمام أحمد أيضًا قال حدثنا وكيع عن شعبة: ومحمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن جابر بن عبد الله بن طارق التميمي عن جرير، فإن ابن جعفر قال حدثني رجل عن طارق التميمي عن جرير قال مر النبي صلى الله عليه وسلم على نسوة فسلم عليهن (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل طب) وفي أحد إسنادي أحمد عن شعبة عن جابر عن طارق التميمي، وفي الآخر عن شعبة عن جابر عن طارق التميمي عن جرير وجابر بن طارق ولم أعرفه، وجابر عن طارق فإن كان جابر هو الجعفي فهو ضعيف اهـ (قلت) عبارة الهيثمي غير مستقيمة؛ أنها تخالف ما جاء في سندي الإمام أحمد والظاهر أنه وقع فيها تحريف من الناسخ، وعلى كل حال ففي السند الأول عند الإمام أحمد رجل لم يسلم وفي السند الثاني جابر بن عبد الله ولم أقف على من ترجمه؛ لأنه قطعًا غير جابر بن عبد الله الأنصاري الصحابي المشهور، وعلى هذا فالحديث ضعيف لكن يؤيده حديث أسماء بنت يزيد (قالت مر علينا النبي صلى الله عليه وسلم في نسوة فسلم علينا) أخرجه (د مذ جه مى) وقال الترمذي حسن (قلت) والحديث جاء عند الترمذي هكذا: حدثنا سويد أنبأنا عبد الله بن المبارك أنبأنا عبد الحميد بن بهرام أنه سمع شهرين حوشب يقول سمعت أسماء بنت يزيد تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر في المسجد يومًا وعصبة من النساء تعود فألوى بيده بالتسليم، وأشار عبد الحميد بيده (قال الترمذي) هذا حديث حسن، قال أحمد بن حنبل لا بأس بحديث عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب، قال محمد شهر حسن الحديث وقوى أمره أهـ وفي أحاديث الباب استحباب السلام على الصبيان باتفاق العلماء، أما النساء فيشترط فيه عدم الفتنة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كنا أمونًا من الفتنة، فمن وقف من نفسه بعدم الفتنة فليسلم وإلا فالصمت أسلم والحاصل أن سلام الرجل عليهن جائز في نفسه بل مسنون لكن بشرط السلامة وإلا تعين الترك والله أعلم (باب) (5) (حدثنا أبو كامل الخ) (غريبه) (6) المراد بالمشركين اليهود والنصارى كما صرح بذلك في

-[النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام]- في طريق فلا تبدءوهم (1) واضطروهم إلى أضيقها (2) قال زهير فقلت لسهيل اليهود والنصارى؟ فقال المشركون (3) (وعنه من طريق ثان) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبدءوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتموهم في طريق فاضطروهم إلى أضيقها (عن أبي عبد الرحمن الجهني) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أني راكب غدا إلى يهود فلا تبدءوهم بالسلام، فإذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم (6) (وعن أبي بصرة الغفاري) (7) عن النبي

_ الحديث التالي (قال تعالى وقالت اليهود عزيز بن الله وقالت النصارى المسيح بن الله) (1) يعني السلام كما صرح بذلك في الحديث التالي؛ لأن في الابتداء به إعزازًا لهم والله تعالى يقول (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) (2) أي جانبها بحيث لا يمشون وسط الطريق، وذلك لا بقصد إهانتهم أن كانوا من أهل الذمة ولم يظهر منهم سوء النية للمسلمين، بل يقصد إظهار فضل المسلم وتقديمه على غيره؛ لأن إهانة الذمي ممنوعة لقول الله تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم) (3) إنما قال المشركين محافظة على ما سمع (4) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أخرجه أبو داود من طري سهيل بن أبي صالح أيضًا قال خرجت مع أبي إلى الشام فجعلوا يمرون بصوامع فيها نصارى فيسلمون عليهم، فقال أبي لا تبدءوهم بالسلام، فإن أبا هريرة رضي الله عنه حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تبدءوهم بالسلام الخ وأخرجه أيضًا (م مذ) دون القصة (5) (سنده) حدثنا محمد بن أبي عدي عن ابن إسحاق قال حدثني يزيد بن أبي حبيبة عن مر ثد بن عبد الله اليزني عن أبي عبد الرحمن الجهني الخ (غريبه) (6) سيأتي سبب قوله (وعيكم) قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) قال أني خالفه عبد الحميد بن جعفر وابن لهيعة قالا عن أبي بصرة ثنا أبو عاصم عن عبد الحميد بن جعفر قال أبو بصرة يعني في حديث ابن أبي عدي عن ابن إسحاق اهـ (قلت) سيأتي حديث أبي بصرة بعد هذا (تخريجه) (جه طح) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه في إسناده محمد بن إسحاق وهو مدلي، وقال وليس لأبي عبد الرحمن هذا سوى هذا الحديث عند المصنف (يعني ابن ماجه) وليس له شيء في بقية الكتب الستة اهـ (قلت) محمد بن إسحاق ثمة ولكنه مدلس فإذا عنعن لا يحتج بحديثه وإذا قال حدثنا فحديثه صحيح وقد عنعن عن ابن ماجه لكنه صرح بالتحديث في رواية الإمام أحمد فالحديث صحيح، وقد جاء هذا الحديث عند الإمام أحمد في مسند عقبة بن عامر الجهني ولم أقف لأبي عبد الرحمن الجهني في المسند على غير هذا الحديث (7) (سنده) حدثنا أبو عاصم عن عبد الحميد يعني ابن جعفر قال أخبرني يزيد بن أبي حبيب عن مرثد ين عبد الله عن أبي بصرة الغفاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم يومًا أني راكب إلى يهود فمن انطلق معي فإن سلموا عليكم فقولوا وعليكم، فانطلقنا فلما جئناهم سلموا علينا فقلنا وعليكم (وله طريق ثان) عند الإمام أحمد أيضًا قال حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة قال ثنا يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير (يعني مرثد بن عبد الله) قال سمعت أبا بصرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا غادرون إلى يهود فلا تبدءوهم بالسلام فإذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم (تخريجه) (نس) بمعناه وسنده جيد، وأورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) في المكبير وزاد فلما جئناهم سلموا علينا فقلنا وعليكم، وأحد إسنادي أحمد والطبراني رجاله

-[كلام العلماء في السلام على أهل الكتاب وما يقال في الرد عليهم لو سلموا علينا]- صلى الله عليه وسلم مثله (باب ما يقال في رد السلام على أهل الكتاب) (عن ابن عمر) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا سلم عليك اليهودي فإنما يقول السام عليكم (2) فقل وعليك (3) وقال مرة إذا سلم عليكم اليهود فقولوا وعليكم فإنهم يقولون السام عليكم (عن أنس بن مالك) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا وعليكم (وعنه أيضًا) (5) أن يهوديًا أتي النبي صلى الله عليه وسلم وهو مع أصحابه فقال السام عليكم، فرد عليه القوم، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم أتدرون ما قال؟ قالوا نعم، قال السام عليكم، قال ردوا علىَّ الرجل، فردوه، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم قلت كذا وكذا؟ قال: نعم، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا سلم عليكم أحد من أهل الكتاب فقولوا عليك، أي عليك ما قلت (عن هشام بن زيد بن أنس) (6) قال سمعت أنسا يقول جاء رجل من أهل الكتاب فسلم على النبي صلى الله عليه وسلم فقال السام عليكم، فقال يا رسول الله ألا أضر عنقه؟ قال لا، إذا سلموا عليكم فقولوا وعليكم (عن أنس بن مالك) (7) أن اليهود دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا السام عليك

_ رجال الصحيح اهـ (قلت) الزيادة التي أشار إليها الهيثمي جاءت في الطريق الأولى من حديث الباب عند الإمام أحمد أيضًا (هذا) وفي أحاديث الباب النهي عن أن يبدأ المسلم أهل الكتاب بالسلام (قال النووي) قال بعض أصحابنا يكره ابتداؤهم بالسلام ولا يحرم، وهذا ضعيف؛ أن النهي للتحريم، فالصواب تحريم ابتدائهم، وحكى القاضي عياض عن جماعة أنه يجوز ابتداؤهم للضرورة والحادة، وهو قول علقمة والنخعي وقال الأوزاعي أن سلمت فقد سلم الصالحون، وأن تركت فقد ترك الصالحون، وأما المبتدع فالمختار أنه لا يبدو السلام إلا لعذر وخوف من مفسده: ولو سلم على من لم يعرفه فبان ذميا استحب أن يسترد سلامه بأن يقول استرجعت سلامي تحقيرًا له، وقال أصحابنا لا يترك للذمي صدر الطريق بل يضطر إلى أضيقه ولكن التضييق لا يقع في وهدة ونحوها، وأن خلت الطريق عن الزحمة فلا حرج اهـ (باب) (1) (سنده) حدثنا سفيان سمعته من ابن دينار عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) السام بدون لام معناه الموت (3) أي وعليك الموت (قال النووي) رحمة الله اتفق العلماء على الرد على أهل الكتاب إذا سملوا، لكن لا يقال لهم وعليكم السلام بل يقال عليكم فقط، أو وعليكم، وقد جاءت الأحاديث التي ذكرها مسلم (قلت والإمام أحمد أيضًا) بلفظ عليكم وعليكم بإثبات الواو وحذفها، وأكثر الروايات بإثباتها، وعلى هذا في معناه وجهان (أحدهما) أنه على ظاهره فقالوا عليكم الموت فقال وعليكم أيضًا، أي نحن وأنتم فيه سواء وكلنا نموت (والثاني) إن الواو هنا للاستئناف لا للعطف والتشريك وتقديره وعليكم ما تستحقونه من الذم، وأما من حذف الواو فتقديره بل عليكم السام اهـ (تخريجه) (ق لك د مذ نس) (4) (سنده) حدثنا هشيم أنبأنا عبيد الله بن أبي بكر بن أنس عن جده أنس ابن مالك الخ (تخريجه) (ق مذ جه) (سنده) (5) حدثنا عبد الله بن بكر قال أنا سعيد عن قتادة عن أنس أن يهوديًا الخ (تخريجه) (ق، وغيرهما بدون القصة وأورده الهيثمي وقال لأنس حديث في الصحيح غير هذا رواه البزار ورجاله رجال الصحيح (6) وأورده الهيثمي وقال هو في الصحيح خلا استئذان عمر في قتله، رواه أحمد ورجاله الصحيح (7) (سنده) حدثنا مؤمل ثنا حماد ثابت عن أنس بن مالك

-[سلام اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم ورد عائشة رضي الله عنها عليهم]- فقال النبي صلى الله عليه وسلم السام عليكم، فقالت عائشة رضي الله عنها السام عليكم يا إخوان القدرة والخنازير ولعة الله وغضبه، فقال يا عائشة مه (1) فقالت يا رسول الله أما سمعت ما قالوا؟ قال أو ما سمعت ما وردت عليهم، يا عائشة لم يدخل الرفق في شيء إلا زانه، ولم ينزع من شيء إلا شأنه (2) (زاد في رواية) أن الله يحب الرفق في الأمر كله (عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرة بن حزم) (3) عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت دخل ناس من اليهود فقالوا السام عليك، فقال عليكم فقالت عائشة عليكم لعنة الله ولعنة اللاعنين، قالوا ما كان أبوك فحاشًا (4) فلما خرجوا قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حملك على ما صنعا؟ قالت أما سمعت ما قالوا؟ قال فما رأيتيني قلت عليكم: إنهم يصيبهم ما أقول لهم ولا يصيبني ما قالوا لي (5) (عن محمد بن الأشعث عن عائشة) (6) رضي الله عنها قالت بينا أنا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا استأذن رجل من اليهود فأذن له، فقال السام عليك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وعليك، قالت فهممت أن أتكلم قالت ثم دخل الثانية (7) فقال مثل ذلك، فقال النبي صلى الله عليه وسلم وعليك، قالت ثم دخل الثالثة فقال السام عليك، قالت بل السام عليكم وغضب الله إخوان القردة والخنازير، أتحيون رسول الله صلى الله عليه وسلم بما يم يحيه به الله؟ قالت فنظر إليّ (8) فقال مه أن الله لا يحب الفحش (9) ولا التفحش، قالوا قلا فرددناه عليهم فلم يضرنا (10) شيئًا ولزمهم إلى يوم القيامة، أنهم لا يحسدونا على شيء كما يحسدونا على يوم الجمعة (11) التي هدانا الله بها وضلوا عنها، وعلى القبلة (12) التي هدانا الله بها وضلوا عنها، وعلى قولنا خلف الإمام آمين (13)

_ الخ (غريبه) (1) مه اسم فعل أمر مبني على السكون ومعناه أكفف (2) إنما قال ذلك لعائشة رضي الله عنها لتتحلى بمكارم الأخلاق، وهذا من كرم خلقه صلى الله عليه وسلم (تخريحه) جاء معناه عند الشيخين وغيرهما من حديث عائشة وسنده صحيح (3) (سنده) حدثنا يحيى ابن أبي بكير قال ثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرة بن حزم الخ (غريبه) (4) الفحش هو القبيح من القول والعفل، وقيل الفحش مجاوزة الحد (5) معناه أن الله عز وجل يصيبهم بدعائي عليهم؛ لأني مظلوم ولا يستجيب لهم دعاءهم علي؛ لأنهم معتدون (تخريجه) (ق. وغيرهما) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد (6) (سنده) حدثنا علي بن عاصم عن حصين بن عبد الرحمن عن عمر بن قيس عن محمد بن الأشعث عن عائشة الخ (غريبه) (7) أي دخل مرة ثانية وكذلك قولها ثم دخل الثالثة أي مرة ثالثة (8) تعني أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إليها فقال مه أي كفى عن هذا القول (9) تقدم معنى الفحش، والتفحش تكلف الفحش وتعمده، والمراد بالفحش هنا التعدي في القول والجواب لا الفحش الذي هو من قذع الكلام ورديئة، وتفاحش تفاعل منه، وقد يكون الفحش بمعنى الزيادة والكثرة (10) بفتح أوله وكسر المعجمة وسكون الراء أي لم يضرنا من الضرر (11) أي؛ لأنهم عدلوا عنه واختاروا يوم السبت وتقدم الكلام على ذلك في باب وجوب الجمعة من كتاب الصلاة في الجزء السادس صحيفة 19 (12) يعني الكعبة؛ لأنهم جعلوا بيت المقدس قبله لهم والكعبة أفضل (13) أي لما فيه من الفضل العظيم والثواب الجزيل وتقدم الكلام عليه في باب ما جاء في التأمين والجهر به من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 203 (تخرجيه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وفي إسناده من لم أعرفه وأصل القصة في الصحيحين

-[ما جاء في الاستئذان وكيفيته وآدابه]- (عن أبي الزبير) (1) أنه سمع جابر بن عبد الله يقول سلم ناس من اليهود على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا 35 السام عليك يا أبا القاسم، فقال وعليكم، فقالت عائشة رضي الله عنها وغضبت ألم تسمع ما قالوا؟ قال بلى قد سمعت فرددتها عليهم وأنا نجاب عليهم (2) ولا يجابون علينا (أبواب الاستئذان وكيفيته وآدابه) (باب آداب الاستئذان) (عن عبد الله بن بسر المازني) (3) صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم 36 قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى بيت قوم أتاه مما يلي جداره ولا يأتيه مستقبلا بابه (4) (وعنه من طريق ثان) (5) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء الباب يستأذن لم يستقبله يقول يمشى مع الحائط حتى يستأذن فيؤذن له أو ينصرف (عن محمد بن المنكدر) (6) قال سمعت جابر بن عبد 37 الله رضي الله عنهما قال استأذنت على النبي صلى الله عليه وسلم (7) فقال من ذا (8) فقلت أنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أنا أنا (9) قال محمد كأنه كره قوله أنا (باب النهي عن كشف الستر أو النظر منه قبل الإذن

_ وغيرهما (1) (سنده) حدثنا روح ثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (2) أي يستجيب الله دعاءنا عليهم ولا يستجيب دعاءهم علينا (تخريجه) (م) (هذا) وسيأتي من هذا الباب أحاديث لعائشة وغيرها في تفسير قوله تعالى (وإذا جاءوك حيونك بما لم يجيك به الله) من سورة المجادلة في كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر أن شاء الله تعالى (باب) (3) (سنده) حدثنا الحكم بن موسى قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) وسمعته أنا من الحكم ثنا إسماعيل يعني ابن عياش قال ثنا محمد بن عبد الرحمن الحميري عن عبد الله بن بسر المازني الخ (غريبه) (4) إنما كان يفعل ذلك صلى الله عليه وسلم خشية أن يكون الباب مفتوحا فينظر من داخل المنزل فجأة، فإذا أتاه مما يلي الجدار وكان الباب مفتوحا يمكنه أن يستتر بالجدار ويستأذن (5) (سنده) حدثنا الحكم بن موسى قال عبد الله وسمعته أنا من الحكم قال ثنا بقية، قال وحدثني محمد بن عبد الرحمن اليحصي قال سمعت عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د) قال المنذري في إسناده بقية بن الوليد وفيه مقال أهـ (قلت) تابعة إسماعيل بن عياش كما في الطريق الأولى وهو ثقة وعلى هذا فرجاله كلهم ثقات والحديث صحيح أو حسن على أقل درجاته والله أعلم (6) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة عن محمد بن المنكدر الخ (غريبه) (7) جاء في رواية للبخاري أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في دين كان على أبي فدققت الباب (قال ابن العربي) في حديث جابر مشروعية دق الباب، ولم يقع في الحديث بيان هل كان بآلة أو بغير آلة (قال الحافظ) وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد من حديث أنس أن أبواب النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقرع بالأظافر، وأخرجه الحاكم في علوم الحديث من حديث المغيرة بن شعبة، وهذا محمول منهم على المبالغة في الأدب، وهو حسن لمن قرب محله من بابه، أما من بعد عن الباب بحيث لا يبلغه صوت القرع بالظفر فيستحب أن يقرع بما فوق ذلك بحسبه (8) أي من ذا الذي يستأذن (9) كررها النبي صلى الله عليه وسلم مرتين انكارا عليه أي قولك أنا: مكروه (قال النووي) قال العلماء إذا استأذن أحد فقيل له من أنت أو من هذا كره أن يقول أنا لهذا الحديث

-[التغليظ على من كشف سترا أو نظر من خرق باب مغلق]- ووعيد فاعله) (عن أبي ذر) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيما رجل كشف سترا فأدخل بصره من قبل أن يؤذن له فقد أتى حدا (2) لا يحل له أن يأتيه، ولو أن رجلا فقأ عينه لهدرت (3) ولو أن رجلا مر على باب لا ستر له فرأى عورة أهله (4) فلا خطيئة عليه (5) إنما الخطيئة 39 على أهل البيت (6) (عن سهل بن سعد الساعدي) (7) أن رجلا أطلع على النبي صلى الله عليه وسلم من ستر حجرته وفي يد النبي صلى الله عليه وسلم مدرى (8) (وفي رواية يحك بها رأسه) (9) فقال لو أعلم أن هذا ينظرني حتى آتيه (10) لطعنت بالمدرى في عيليه: وهل جعل الاستئذان إلا من أجل البصر (11)

_ لأنه لم يحصل بقوله أنا فائدة ولا زيادة بل الإيهام باق، بل ينبغي أن يقول فلان باسمه، وإن قال أنا فلان فلا بأس، كما قالت أم هانئ حين استأذنت فقال النبي صلى الله عليه وسلم من هذه؟ فقالت أنا أم هانئ أهـ والغرض أنه يذكر الاسم المعروف بحيث لا يلتبس على السامع (تخريجه) (ق، والأربعة) (1) (سنده) حدثنا يحيي بن إسحاق أنبأنا ابن لهيعة وموسى ثنا ابن لهيعة عن عبيد بن أبي جعفر عن أبي عبد الرحمن الحيلي عن أبي ذر الخ (غريبه) (2) أي ارتكب منكرا لا يحل له أن يأتيه كقوله تعالى (ومن يتعد حدود الله فقد ظلم نفسه) (3) أي لهدرت ديتها أي لا دية لها (4) العورة كل ما يستحى منه إذا ظهر (5) أي بشرط أن يكون نظره بغير قصد ولا متابعة أما إذا قصد أو تابع النظر فهو حرام يوجب العقوبة (6) فيه أن ستر الباب واجب ولذلك كانت الخطيئة على أهل البيت في هذه الصورة لإهمالهم الواجب والله أعلم (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث غريب لا نعرفه مثل هذا إلا من حديث ابن لهيعة، وأبو عبد الرحمن الحيلي اسمه عبد الله بن يزيد أهـ (قلت) الحديث أورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد ورواته رواة الصحيح إلا ابن لهيعة، ورواه الترمذي وقال هذا حديث غريب الخ أهـ (قلت) ابن لهيعة حديثه ضعيف إذا عنعن وقد عنعن في هذا الحديث فهو ضعيف والله أعلم (7) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن سهل بن سعد الخ (غريبه) (8) قال الحافظ المدري بكسر الميم وسكون المهملة عود تدخله المرأة في رأسها لتضم بعض شعرها إلى بعض وهو يشبه المسلة، يقال مدرت المرأة سرحت شعرها (9) أي بالمدرى (10) معناه لو أعلم أن هذا ينظرني قصدا وعمدا وانتظر حتى آتيه لطعنت الخ (11) (قال النووي) معناه أن الاستئذان مشروع ومأمور به، وإنما جعل لئلا يقع البصر على الحرام، فلا يحل لأحد أن ينظر في جحر باب ولا حفيره مما هو متغرض فيه لوقوع بصره على امرأة أجنبية أهـ (تخريجه) (ق مذ) قال الحافظ ويؤخذ منه أنه يشرع الاستئذان لكل أحد حتى المحارم لئلا تكون منكشفة العورة، وقد أخرج البخاري في الأدب المفرد عن نافع كان ابن عمر إذا بلغ بعض ولده الحلم لم يدخل عليه إلا بأذن، ومن طريق علقمة جاء رجل إلى ابن مسعود فقال أستأذن على أمي؟ فقال ما على كل أحيانها تريد أن تراها، ومن طريق مسلم بن منذير سأل رجل حذيفة أستأذن على أمي؟ قال أن لم تستأذن عليها رأيت ما تكره، ومن طريق موسى ابن طلحة دخلت مع أبي على أمي فدخل واتبعته فدفع في صدري وقال تدخل بغير إذن، ومن طريق عطاء سألت ابن عباس أستأذن على أختي؟ فقال نعم، قلت أنها في حجري، قال أتحب أن تراها عريانة؟

-[النهي عن دخول منزل إلا بإذن صاحبه]- (عن أبي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم من اطلع على 40 قوم في بيتهم بغير إذنهم (2) فقد حل لهم أن يفقئوا عينه (3) (باب النهي عن دخول منزل إلا بإذن صاحبه: وعن الدخول على النساء إلا بإذن أزواجهن) (عن أنس بن مالك) (4) 41 قال كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فكنت أدخل عليه بغير إذن، فجئت ذات يوم فدخلت عليه فقال يا بني أنه قد حدث أمر (5) فلا تدخل علي إلا بإذن (عن عبادة بن الصامت) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم 42 قال الدار حرم، فمن دخل عليك حرمك فاقتله (7) (عن ذكوان أبي صالح) (8) يحدث عن مولى 43 لعمرو بن العاص أن عمرو بن العاص أرسله إلى علي يستأذنه على امرأته أسماء بنت عميس فأذن له فتكلما في حاجة، فلما خرج سأله المولى عن ذلك (9) فقال عمرو نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نستأذن على النساء إلا بإذن أزواجهن (عن أبي صالح) (10) قال استأذن عمرو بن العاص على فاطمة 44

_ وأسانيد هذه الآثار كلها صحيحة أهـ (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) أي نظر في بيت إلى ما يقصد أهل البيت ستره من نحو شق باب أوكوة وكان الباب غير مفتوح (فقد حل لهم) لم يقل وجب إشارة إلى أنه خرج مخرج التعزير لا الحد ذكره القرطبي (3) أي يرموه بشيء فيفقئوا عينه إن لم يندفع إلا بذلك، وتهدر عين الناظر فلا دية ولا قصاص عند الشافعي والجمهور والله أعلم (تخريجه) (م. وغيره) (باب) (4) (سنده) حدثنا روح ثنا جرير بن حازم عن سلم العلوي عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (5) الظاهر إن هذا الأمر الذي حدث هو نزول آية الحجاب وهي قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم (إلى قوله) وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب الآية) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده سلم بفتح المهملة وسكون اللام ابن قيس العلوي، قال في الخلاصة عن أنس وعنه جرير بن حازم وهمام بن يحيي ضعفه بن معين وقال ذاك الذي يرى الهلال قبل الناس بليلتين (6) (سنده) حدثنا محمد بن كثير القصاب البصري عن يونس بن عبيد عن محمد بن سيرين عن عبادة بن الصامت الخ (غريبه) (7) أي فمن دخل عليك حرمك بغير إذنك صائلا عليك فادفعه بغير القتل، فإني أبي فاقتله (تخريجه) (طب) وفي إسناده محمد بن كثير القصاب قال في تعجيل المنفعة استدركه شيخنا الهيثمي فقال ضعفه ابن المديني والدارقطني وغيرهما (قال الحافظ قلت) له في مسند عبادة من المسند حديث الدار حرم، الحديث وهو من روايته عن يونس عن عبيد عن محمد بن سيرين عنه، وله رواية أيضا عن عبد الله بن طاوس وغيره وقال عمرو بن علي الفلاس كان في الدباغين ذاهب الحديث، وقال الساجي منكر الحديث، وذكره العقيلي في الضعفاء وأورد له هذا الحديث، وذكره ابن الجارود أيضا في الضعفاء أهـ (8) حدثنا يهز حدثنا شعبة قال أخبرني الحكم قال سمعت ذكران أبا صالح يحدث عن مولى لعمرو بن العاص الخ (قلت) مولى عمرو بن العاص الذي يروى عنه اسمه عبد الرحمن بن ثابت أبو قيس قال في التقريب ثقة (غريبه) (9) أي سأله عن كون عمرو لم يدخل على أسماء إلا بإذن زوجها علي (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده صحيح ورجاله كلهم ثقات وعزاه صاحب ذخائر المواريث للترمذي في الاستئذان ولم أجده والله أعلم (10) (سنده) حدثنا أبو معاوية عن

-[النهي عن الدخول على المغيبات وكيفية الاستئذان ولفظه]- فأذنت له، فقال ثم (1) علي؟ قالوا لا، قال فرجع، ثم استأذن عليها مرة أخرى، فقال ثم علي؟ قالوا نعم، فدخل عليها، فقال له علي ما منعك أن تدخل حين لم تجدني هاهنا؟ قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندخل على المغيبات (2) (باب ما جاء في كيفية الاستئذان ولفظه والسلام قبله) 45 (عن عمرو بن عبد الله بن صفوان) (3) أن كلدة (4) بن الحنبل أخبره أن صفوان بن أمية (5) رضي الله عنه بعثه في الفتح (6) بلبن وجداية (7) وضغا بيس (8) والنبي صلى الله عليه وسلم بأعلى الوادي (9) قال فدخلت عليه ولم أسلم ولم أستأذن، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ارجع فقل السلام عليكم أدخل: بعد ما أسلم صفوان، قال عمرو (10) أخبرني هذا الخبر أمية بن صفوان ولم يقل سمعته من كلدة (11) قال الضحاك

_ الأعمش عن أبي صالح الخ (غريبه) (1) بفتح الثاء المثلثة وتشديد الميم ظرف مكان بمعنى هنا (2) بكسر الغين المعجمة وهن من غاب أزواجهن عن منازلهم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا صالح لم يسمع من فاطمة وقد سمع من عمرو وقال رواه الترمذي إلا أنه جعل مكان فاطمة أسماء أهـ (قلت) يعني أسماء بنت عميس زوجة علي إذ ذاك (باب) (3) (سنده) حدثنا روح ثنا ابن جريج والضحاك بن مخلد قال أخبرني ابن جريج وعبد الله بن الحارث عرض علي ابن جريج قال أخبرني عمرو بن أبي سفيان إن عمرو بن عبد الله بن صفوان أخبره قال الضحاك وعبد الله بن الحارث إن عمرو بن عبد الله بن صفوان أخبره إن كلدة بن الحنبل الخ (قلت) قال في التقريب، عمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خلف الجمحي المكي صدوق شريف من الرابعة (4) بكاف ولام مفتوحتين (والحنبل) بفتح المهملة والموحدة بينهما نون ساكنة، قال في التقريب كلدة بن الحنبل ويقال ابن عبد الله بن الحنبل الجمحي المكي صاحبي له حديث، وهو أخو صفوان بن أمية لأمه اهـ وقال في تهذيب التهذيب في ترجمته روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في صفة الاستئذان والسلام، وعنه أمية ابن صفوان بن أمية وعمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية أهـ (5) صفوان بن أمية بن خلف بن وهب ابن حذافة بن جمح القرشي الجمحي وكنيته أبو وهب وقيل أبو أمية، قتل أبوه يوم بدر كافرا وأسلم هو بعد الفتح وكان من المؤلفة وشهد اليرموك، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعنه أولاده أمية وعبد الله وعبد الرحمن وغيرهم (6) أي زمن فتح مكة (وقوله بلين) جاء عند الترمذي (بلين ولي بهمزة في آخره بدل النون وهو أول ما يحلب عند الولادة كذا في النهاية (7) قال في اللسان الجداية بكسر الجيم وفتحها بمنزلة العناق من الغنم أهـ وفي النهاية الجداية من أولاد الظياء ما بلغ ستة أشهر أو سبعة ذكرا كان أو أنثى بمنزلة الجدى من المعز (8) بوزن مصابيح جمع ضغبوس بالضم وهي صغار القثاء، وقيل هي نبت ينبت في أصول الثمام يشبه الهليون يسلق بالخل والزيت ويؤكل كذا في النهاية (9) جاء عند أبي داود (بأعلى مكة) (10) يعني ابن أبي سفيان (أخبرني هذا الخبر أمية بن صفوان) يعني ابن أمية بن خلف الجمحي المكي مقبول (11) أي لم يذكر لفظ الإخبار، وقال أبو داود في سننه بعد رواية هذا الحديث ما لفظه (قال عمرو وأخبرني ابن صفوان بهذا أجمع عن كلدة بن حنبل ولم يقل سمعته منه أهـ (والحاصل) أن عمرو بن أبي سفيان روى هذا الحديث عن شيخين له، أحدهما عمرو بن عبد الله ابن صفوان بن أمية، وثانيهما أمية بن صفوان بن أمية، وكلاهما وياه عن كلدة، لكن الأول روى عنه

-[كلام العلماء في حكم الاستئذان وهل يسلم قبل الاستئذان أو بعده؟]- وابن الحارث (1) وذلك بعد ما أسلم، وقال الضحاك وعبد الله بن الحارث بلبن وجداية (عن زيد 46 ابن أسلم) (2) قال أرسلني أبي إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقلت أأدخل؟ فعرف صوتي فقال أي نبي إذا أتيت إلي قوم فقل السلام عليكم، فإن ردوا عليك فقل أأدخل؟ قال ثم رأى ابنه واقدا بحر إزاره فقال ارفع ازارك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من جر ثوبه من الخيلاء لم ينظر الله إليه (عن ابن عباس) (3) قال جاء عمر رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في مشربة (4) فقال السلام 47 عليك يا رسول الله، السلام عليك أيدخل عمر؟ (عن عبد الله بن موسى) (5) قال أرسلني 48 مدرك أو ابن مدرك إلى عائشة رضي الله عنها أسألها عن أشياء فأتيتها فإذا هي تصلى الضحي فقلت أقعد حتى تفرغ فقالوا هيهات فقلت لآذنها كيف أستأذن عليها. فقال قل السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام على أمهات المؤمنين وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم السلام عليكم، قال فدخلت عليها فسألتها، الحديث سيأتي بتمامه في فتاوى عائشة (باب الاستئذان ثلاث مرار فإن لم يؤذن له فليرجع) (عن أبي سعيد الخدري) (6) 49 قال كنت في حلقة من حلق الأنصار فجاءنا أبو موسى كأنه مذعورا (7) فقال إن عمر أمرني أن آتيته فأتيته فاستأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي، فرجعت وقد قال ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم من استأذن ثلاثا

_ بلفظ الإخبار والثاني بلفظ عن والله أعلم (1) هما من رجال السند يعني في روايتهما وكذا يقال فيما بعده والله أعلم (تخريجه) (د نس مذ) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن جريج، ورواه أبو عاصم أيضا عن ابن جريج مثل هذا (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا داود يعني ابن قيس عن زيد بن اسلم الخ (تخريجه) الحديث صحيح وأخرج (ق لك مذ) المرفوع منه (قال الحافظ) وقد روى داود بن قيس رواية زيد بن أسلم عنه بزيادة قصة فذكر حديث الباب بقصته وعزاه للإمام أحمد والحميدي (3) (سنده) حدثنا أسود حدثنا الحسن يعني ابن صالح عن أبيه عن سلمة بن كهيل عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (4) المشربة بضم الراء وفتحها الغرفة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (5) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في فتاوى عائشة رضي الله عنها في آخر القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله وهو حديث صحيح، أورد البيهقي هذا الجزء منه وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (هذا وفي أحاديث الباب) دلالة على مشروعية السلام والاستئذان (قال النووي) أجمع العلماء على أن الاستئذان مشروع وتظاهرت به دلائل القرآن والسنة وإجماع الأمة، والسنة أن يسلم ويستأذن ثلاثا فيجمع بين السلام والاستئذان كما صرح به في القرآن، واختلفوا في أنه هل يستحب تقديم السلام ثم الاستئذان أو تقديم الاستئذان ثم السلام؟ الصحيح الذي جاءت به السنة وقاله المحققون أن يقدم السلام فيقول السلام عليكم أأدخل، والثاني يقدم الاستئذان، والثالث وهو اختيار الماوردي من أصحابنا إن وقعت عين المستأذن على صاحب المنزل قبل دخوله قدم السلام وإلا قدم الاستئذان، وصح عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثان في تقديم السلام (باب) (6) (سنده) حدثنا سفيان حدثنا يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري قال كنت في حلقة الخ (غريبه) (7) أي فزعا خائفا

-[لاستئذان ثلاثا فإن لم يؤذن له فليرجع وقصة عمر مع أبي موسى]- فلم يؤذن له فليرجع (1) فقال لتجيئن ببينة على الذي تقول وإلا أوجعتك (2) قال أبو سعيد فأتانا أبو موسى مذعورا أو قال فزعا فقال استشهدكم، فقال أبي بن كعب رضي الله عنه لا يقوم معك إلا أصغر القوم (3) قال أبو سعيد وكنت أصغرهم فقمت معه وشهدت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من 50 استأذن ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع (4) (عن عبيد بن عمير) (5) أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه أستأذن على عمر رضي الله عنه ثلاث مرات فلم يؤذن له، فرجع، فقال ألم أسمع صوت عبد الله بن قيس (6) آنفا؟ قالوا بلى، قال فاطلبوه فدعى فقال ما حملك على ما صنعت؟ قال استأذنت ثلاثا فلم يؤذن لي فرجعت: كنا نؤمر بهذا، فقال لتأتين عليه بالبينة أو لأفعلن، قال فأني مسجدا أو مجلسا للأنصار فقالوا لا يشهد لك إلا أصغرنا: فقام أبو سعيد الخدري فشهد له: فقال عمر رضي الله تعالى عنه خفى هذا علي من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ألهاني عنه الصفق (7) بالأسواق 51 (عن ثابت البناني) (8) عن أنس أو غيره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استأذن على سعد بن عبادة رضي الله عنه فقال السلام عليكم ورحمة الله: فقال سعد وعليك السلام ورحمة الله: ولم يسمع النبي صلى الله عليه وسلم

_ (1) قال النووي إذا استأذن ثلاثا فلم يؤذن له وظن أنه لم يسمعه ففيه ثلاثة مذاهب، أشهرها أن ينصرف ولا يعيد الاستئذان، والثاني يزيد فيه، والثالث إن كان بلفظ الاستئذان (يعني السلام عليكم أأدخل) لم يعده، وإن كان بغيره إعادة، فمن قال بالأظهر فحجته قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث فلم يؤذن له فليرجع، ومن قال بالثاني حمل الحديث على من علم أو ظن أنه سمعه فلم يأذن له والله أعلم (2) إنما قال ذلك عمر رضي الله عنه لا شكا في صدق أبي موسى ولا ردا لخبر الواحد من الصحابة فإنهم كلهم عدول، ولكن خشى عمر أن يتسارع الناس إلى القول على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقول عليه بعض المبتدعين أو الكذابين أو المنافقين ونحوهم ما لم يقل: فأراد سد الباب خوفا من غير أبي موسى فإنه كان يجله ويعرف منزلته في الصحابة رضي الله عنهم (3) قال النووي معناه أن هذا حديث مشهور بيننا معروف لكبارنا وصغارنا حتى أن أصغرنا يحفظه وسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) جاء في رواية عند مسلم من وجه آخر بعد قول عمر لتأتيني على هذا ببينة وإلا فعلت وفعلت (كما في رواية مسلم) قال فذهب أبو موسى، قال عمر إن وجد بينه تجدونه عند المنبر عشية، وإن لم يجد بينة فلم تجدوه، فلما إن جاء بالعشي وجدوه قال يا أبا موسى ما تقول؟ قد وجدت؟ قال نعم أبي بن كعب، قال عدل، قال يا أبا الطفيل (كنيته أبي) ما يقول هذا؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك يا ابن الخطاب، فلا تكونن عذابا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سبحان الله إنما سمعت شيئا فاحببت أن أتثبت (تخريجه) (ق د) (5) (سنده) حدثنا يحيي هو بن سعيد عن ابن جريج عن عطاء عن عبيد بن عمير الخ (6) اسم أبي موسى عبد الله بن قيس وقوله آنفا يعني قريبا (7) قال الأزهري الصفاق الكثير الأسفار والتصرف في التجارة، وقال عميرة لعلهم كانوا يصفقون أيديهم عند المبايعة فسميت المبايعة بذلك فيكون المراد الهاني التجر في الأسواق، وقال الجوهري والسوق يذكر ويؤنث، وقال غيره وسمى السوق سوقا لقيام الناس غالبا فيه على سوقهم، وقيل بل لأن المبيعات تساق إليها (تخريجه) (م د جه) (8) (سنده) حدثنا عبد الرزاق إنا معمر عن ثابت البناني عن

-[ما فعله سعد عندما استأذن النبي صلى الله عليه وسلم وتبرك الصحابة بسلامه]- حتى سلم ثلاثا ورد عليه سعد ثلاثا ولم يسمعه، فرجع النبي صلى الله عليه وسلم (1) وأتبعه سعد فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي (3) ما سلمت تسليمة إلا هي بأذني (3) ولقد رددت عليك ولم أسمعك أحببت أن أستكثر من سلامك ومن البركة (4) ثم أدخله البيت فقرب له زبيبا فأكل نبي الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغ قال أكل طعامكم الأبرار (5) وصلت عليكم الملائكة وأفطر عندكم الصائمون (عن أبي سعيد الخدري) 52 (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا أتى أحد منك حائطا (7) فأراد أن يأكل فليناد يا صاحب الحائط ثلاثا: فإن أجابه وإلا فليأكل (8) وإذا مر أحدكم بإبل فأراد أن يشرب من ألبانها فليناد يا صاحب الإبل أو يا راعى الإبل، فإن أجابه وإلا فليشرب: والضيافة ثلاثة أيام (9) فما زاد فهو صدقة (عن أنس) (10) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا تكلم بكلمة رددها ثلاثا (11) وإذا أتى قوما فسلم 53 عليهم سلم عليهم ثلاثا (12) (أبواب المصافحة والالتزام وتقبيل اليد والقيام للقادم) (باب ما جاء في المصافحة والالتزام) (عن أنس بن مالك) (13) قال قال رجل يا رسول الله 54

_ أنس الخ (غريبه) (1) إنما رجع النبي صلى الله عليه وسلم لأنه سلم ثلاثا ولم يؤذن له، وقد قال صلى الله عليه وسلم (من استأذن ثلاثا فلم يؤذن له فليرجع) كما في الحديث السابق (2) معناه أفديك بأبي وأمي (3) أي مسموعة بأذني (4) أي لأن سلامه صلى الله عليه وسلم كله دعاء وخير وبركة فأحب أن يكثر صلى الله عليه وسلم من السلام ليكثر الخير والبركة (5) هذه الجملة وما بعدها إلى آخر الحديث تقدم شرحها في باب من دعى إلى طعام فدعا لأصحابه من كتاب الأطعمة في هذا الجزء صحيفة 103 رقم 135 (تخريجه) (د نس) وسند صحيح وسكت عنه أبو داود والمنذري (6) (سنده) حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال ثنا حماد يعني ابن سلمة ثنا الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخ (غريبه) (7) الحائط هاهنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجدار (8) معناه يحتمل أمرين (أحدهما) أن يكون صاحب الحائط غائبا لم يسمع النداء (والثاني) أن يكون حاضرا ولم يجبه إلى طلبه بخلا منه، فله ي كلا الأمرين أن يأكل ما يكفيه بشرط أن يكون جائعا مضطرا للأكل وإلا فلا، وكذا يقال في شرب اللبن، وإنما جاز له ذلك لأنه بمنزلة الضيف إذا نزل بقوم لم يقروه، وقد جاء عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما ضيف نزل بقوم فأصبح الضيف محروما فله أن يأخذ بقدر قراه ولا حرج عليه، وهو حديث حسن (9) سيأتي الكلام على الضيافة في بابه من أبواب الضيافة في قسم الترغيب إن شاء الله تعالى (تخريجه) (جه) وسنده جيد ورجاله ثقات (10) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا عبد الله بن المثنى عن ثمامة عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (غريبه) (11) زاد في رواية البخاري (ليفهم بمثناة تحتيه مضمومة وبكسر الهاء) وفي رواية له بفتحها أي لتحفظ وتنقل عنه، وذلك إما لأن من الحاضرين من يقصر فهمه عن وعيه فيكرره ليفهم ويرسخ في الذهن، وإما أن يكون المقول فيه بعض أشكال فيظهر بالتكرار دفعه (12) قيل هذا في سلام الاستئذان لقوله صلى الله عليه وسلم إذا استأذن أحدكم فليستأذن ثلاثا، أما سلام المار فالمعروف فيه عدم التكرار، ويحتمل أن يراد به سلام المار كما إذا مر على جمع كثير لا يبلغهم سلام واحد فيسلم الثاني والثالث إذا ظن أن الأول لم يحصل به إسماع، قاله الحافظ ابن القيم (تخريجه) (خ مذك) (باب) (13) (سنده) حدثنا مروان

-[ما جاء في المصافحة والالتزام عند اللقاء وثواب ذلك]- أحدنا يلقى صديقه أينحني له؟ (1) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا، قال فيلتزمه ويقبله؟ (2) قال لا، قال فيصافحه؟ قال نعم إن شاء 55 (حدثنا بشر بن المفضل) (3) عن خالد بن ذَكوان حدثني أيوب بن بشير عن فلان العنزي ولم يقل الغبري (4) (وفي لفظ عن رجل من عنز) (5) أنه أقبل مع أبي ذر فلما رجع تقطع الناس عنه، فقلت يا أبا ذر إني سائلك عن بعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال إن كان سرًّا من أسرار رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أحدثك، قلت ليس بسر ولكن كان إذا لقي الرجلَ يأخذ بيده يصافحه؟ قال على الخبير سقطت، لم يلقني قط إلا أخذ بيدي (وفي رواية ما لقيته قط إلا صافحني) غير مرة واحدة وكانت تلك آخرهن، أرسل إليّ فأتيته (زاد في رواية وهو على سرير له) في مرضه الذي توفي فيه فوجدته مضطجعًا فأكببت عليه فرفع يده فالتزمني (6) (زاد في رواية) فكانت أجود وأجود (7) 56 (عن أنس بن مالك) (8) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلمين التقيا فأخذ أحدهما بيد صاحبه إلا كان حقًّا على الله أن يحضر دعاءهما (9) ولا يفرق بين أيديهما حتى يغفر لهما 57 (عن أبي داود) (10) قال لقيت البراء بن عازب فسلم عليّ وأخذ بيدي

_ ابن معاوية ثنا حنظلة بن عبد الله السدوسي قال ثنا أنس بن مالك إلخ (غريبه) (1) من الانحناء وهو إمالة الرأس والظهر فإنه في معنى الركوع، وهو كالسجودة من عبادة الله عز وجل (2) سيأتي الكلام على الالتزام والتقبيل قريبًا (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذي هذا حديث حسن (3) (حدثنا بشر بن الفضل إلخ) (غريبه) (4) الظاهر أن بعض الرواة غير أيوب قال الغبري بدل العنزي ورواية أيوب أصح (5) هكذا بالأصل عن رجل من عنز، وجاء في التقريب أيوب بن بشير عن رجل من عنزة هو عبد الله ولا يعرف من الثالثة اهـ (قلت) وجاء عند أبي داود عن أيوب بن بشير بن كعب العدوي عن رجل من عنزة الحديث (6) أن عانقني قال في المصباح التزمته اعتنقته فهو ملتزم، ومنه يقال لما بين باب الكعبة والحجر الأسود الملتزم لأن الناس يعتنقونه أي يضمون إليه صدورهم (7) أي تلك الفعلة وهي الالتزام (تخريجه) (د) قال المنذري فيه رجل من عنزة مجهول، وذكر البخاري هذا الحديث في تاريخه الكبير وقال مرسل (8) (سنده) حدثنا محمد بن بكر ثنا ميمون المرائي ثنا ميمون بن سياه عن أنس بن مالك إلخ (غريبه) (9) أي إذا دعيا الله عز وجل، فقد جاء عند أبي داود عن البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقيا المسلمان فتصافحا وحمدا الله واستغفراه غفر لهما، وأخرج ابن السني عن أنس قال ما أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيد رجل ففارقه حتى قال اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار (وفيه) عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من عبدين متحابين في الله يستقبل أحدهما صاحبه فيصليان على النبي صلى الله عليه وسلم إلا لم يتفرقا حتى تغفر ذنوبهما ما تقدم منها وما تأخر، وفي هذه الأحاديث سنية المصافحة عند اللقا وأنه يستحب عن المصافحة حمد الله تعالى والاستغفار وهو قوله يغفر الله لنا ولكم والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وقله ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، فإن اقتصر على شيء من ذلك كفى، والأفضل الجمع (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز عل) إلا أنه يعني أبا يعلى قال كان حقًّا على الله أن يجيب دعاءهما ولا يرّ أيديهما حتى يغفر لهما ورجال أحمد رجال الصحيح غير ميمون بن عجلان وثقه ابن حيان ولم يضعفه أحد (10) (سنده) حدثنا

-[كلام العلماء في المصافحة والمعانقة وشد الرحال إلى حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم]- وضحك في وجهي وقال تدري لم فعلت هذا بك؟ قال قلت لا أدري ولكن لا أراك فعلته إلا لخير، قال إنه لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعل بي مثل الذي فعلت بك، فسألني فقلت مثل الذي قلت لي، فقال ما من مسلمين (1) يلتقيان فيسلم أحدهما على صاحبه ويأخذ بيده لا يأخذه إلا لله عز وجل (2) لا يتفرقان حتى يغفر لهما 58 (عن عبد الله بن محمد بن عَقيل) (3) أنه سمع جابر بن عبد الله يقول بلغني حديث عن رجل (4) سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتريت بعيرًا ثم شددت عليه رحلي فسرت إليه شهرًا حتى قدمت عليه الشام فإذا عبد الله بن أنَيْس، فقلت للبواب قل له جابر على الباب، فقال ابن عبد الله؟ قلت نعم، فخرج بطأ ثوبه فاعتنقني واعتنقته، قلت حديث بلغني عنك فذكر الحديث (5)

_ ابن نمير أنا مالك عن أبي داود إلخ (غريبه) (1) أي ذكرين أو أنثيين (2) أي لا يحمله على ذلك إلا الحب في الله عز وجل لا الرياء لكونه غنيًّا أو صاحب جاه (تخريجه) أخرج المرفوع منه (دمذجه) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب من حديث أبي إسحاق عن البراء، ويروى هذا الحديث من غير وجه عن البراء اهـ (قلت) كلهم رووه مختصرًا من طريق أبي إسحاق عدا الإمام أحمد فإنه رواه مطولاً بهذه القصة، وكذلك الطبراني، وفي إسناده من لم أعرفه ويؤيده ما قبله (وعن عطاء بن عبد الله الخراساني) أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تصافحوا يذهب الغل، وتهادوا تحابوا وتذهب الشحناء (لك) وفي هذه الأحاديث مشروعية المصافحة (قال ابن بطال) المصافحة حسنة عند عامة العلماء وقد استحبها مالك بعد كراهته (وقال النووي) المصافحة سنة مجمع عليها عند التلاقي، وقال في الأذكار اعلم أن المصافحة مستحبة عند كل لقاء، وأما ما اعتاده الناس من المصافحة بعد صلاتي الصبح والعصر فلا أصل له في الشرع على هذا الوجه ولكن لا بأس به فإن أصل المصافحة سنة وكونهم حافظوا عليها في بعض الأحوال وفرطوا فيها في كثير من الأحوال لا يخرج ذلك البعض عن كونه من المصافحة التي ورد الشرع بأصلها، نقل ذلك عنه ولي الله الدهلوي في كتابه المسوَّى في أحاديث الموطأ ثم قال (أقول) وهكذا ينبغي أن يقال في المصافحة يوم العيد × (قال الحافظ) ويستثنى من عموم الأمر بالمصافحة المرأة الأجنبية والأمرد الحسن (3) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون ثنا همام بن يحيى ثنا القاسم بن عبد الواحد المكي ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل إلخ (غريبه) (4) هو عبد الله بن أنيس الصحابي كما سيأتي (5) الحديث له بقية طويلة وسيأتي بطوله وتخريجه في باب ما جاء في القصاص من أبواب ذكر يوم الحساب في كتاب قيام الساعة وإنما ذكرت هذا الطرف منه هنا لقوله (فاعتنقني واعتنقته) وهو حديث جيد الإسناد رواه البخاري في الأدب المفرد وأبو يعلى، وثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم عانق زيد بن حارثة، فقد روى الترمذي عن عائشة قالت قدم زيد بن حارثة المدينة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي فأتاه فقرع الباب فقام إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم عريانًا يجر ثوبه، والله ما رأيته عريانًا قبله ولا بعده فاعتنقه وقبله اهـ وحسنه الترمذي: وذكره الحافظ في الفتح ونقل تحسين الترمذي له وسكت عنه، وتقدم حديث أبي ذر في هذا الباب وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم عانقه وهذه الأحاديث تدل على مشروعية المعانقة خصوصًا للقادم من السفر، فقد روى الطبراني في الأوسط عن أنس بن مالك كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إذا تلاقوا تصافحوا وإذا قدموا من سفر تعانقوا، أورده الهيثمي وقال رجاله رجال الصحيح (فإن قيل) كيف الجمع بين هذه الأحاديث وحديث أنس المتقدم

-[بيان أول من أحدث المصافحة وكراهة مصافحة النساء]- 59 (باب أول من أحدث المصافحة وكراهة مصافحة النساء) (عن أنس بن مالك) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يَقدم عليكم غدًا أقوام هم أرق قلوبًا للإسلام منكم (2) قال فقدم الأشعريون فيهم أبو موسى الأشعري رضي الله عنه فلما دنوا من المدينة جعلوا يرتجزون يقولون: (غدًا نلقى الأحبة ... محمدًا وحزبه) فلما أن قدموا تصافحوا فكانوا هم أول من أحدث المصافحة 60 (عن أميمة بنت رُفَيْقة) (3) قالت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في نساء نبايعه فأخذ علينا ما في القرآن أن لا نشرك بالله شيئًا الآية، قال فبما استطعتن وأطعتن، قلنا الله ورسوله أرحم بنا من أنفسنا قلنا يا رسول الله ألا تصافحنا؟ قال إني لا أصافح النساء (4) إنما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة 61 (عن عمرو بن شعيب) (5) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يصافح النساء في البيعة

_ أول الباب الذي يدل على عدم مشروعية المعانقة (فالجواب) أن حديث أنس لغير القادم من السفر وحديث عائشة للقادم والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى بن إسحاق قال ثنا يحيى بن أيوب عن حميد قال سمعت أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبه) (2) أرق أفعل تفضيل من الرقة وهي ضد القساوة، والمعنى أن قلوبهم ذات خشية واستكانة سريعة الاستجابة والتأثر بقوارع التذكير سالمة من الغلظ والقسوة التي وصف بها بعض القبائل (وقوله منكم) المراد به تفضيل أهل اليمن على غيرهم من أهل الشرق وأهل مكة ونحوهم، والسبب في ذلك إذعانهم إلى الإيمان من غير كبير مشقة على المسلمين بخلاف الآخرين، وكان قدوم أبي موسى ومن معه من الأشعريين من الحبشة حيث كانوا مهاجرين بها عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة بعد فتح خيبر: فقد روى الإمام أحمد عن أبي موسى قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ناس من قومي بعدما فتح خيبر بثلاث فأسهم لنا ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا، وسيأتي هذا الحديث في غزوة خيبر من كتاب الغزوات (تخريجه) (ش) وسنده جيد وأخرجه أبو داود مختصرًا من حديث أنس أيضًا قال لما جاء أهل اليمن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاءكم أهل اليمن وهم أول من جاء بالمصافحة (3) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا سفيان عن محمد يعني ابن المنكدر عن أميمة بنت رُقَيقة إلخ (غريبه) (4) يعني النساء الأجانب في البيعة أي لا يضع كفه في كف الواحدة منهن بل يبايعها بالكلام فقط، قال الحافظ العراقي هذا هو المعروف وزعْمُ أنه كان يصافحهن بحائل لم يصح، وإذا كان هو لم يفعل ذلك مع عصمته وانتفاء الريبة عنه فغيره أولى بذلك (قال العراقي) والظاهر أنه كان يمتنع منه لتحريمه عليه فإنه لم يعد جوازه من خصائصه خاصة وقد قالوا يحرم مس الأجنبية ولو في غير عورتها (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في تفسيره بسنده ولفظه وعزاه للإمام أحمد وقال هذا إسناد صحيح، قال وقد رواه (مذ نس جه) من حديث سفيان بن عيينة والنسائي أيضًا من حديث الثوري ومالك بن أنس كلهم عن محمد بن المنكدر به، وقال الترمذي حسن صحيح، قال وكذا رواه ابن جرير من طريق موسى بن عقبة عن محمد بن المتكدر به، ورواه ابن أبي حاتم من حديث أبي جعفر الرازي عن محمد بن المنكدر حدثتني أميمة بنت رقيقة وكانت أخت خديجة خالة فاطمة من فيها إلى فيَّ فذكره اهـ (5) سنده حدثنا عتاب بن زياد أخبرنا عبد الله أخبرنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب إلخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الحافظ

-[ما جاء في تقبيل اليد والجبهة وكلام العلماء في تحريم مصافحة المرأة الأجنبية]- 62 (عن عروة) (1) أن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع النساء بالكلام بهذه الآية {على أن لا يشركن بالله شيئًا} قالت وما مست يده يد امرأة قط إلا امرأة يملكها (2) 63 (باب ما جاء في تقبيل اليد والجبهة) (حدثنا يونس) (3) قال حدثنا العطاف قال حدثني عبد الرحمن (4) قال أبي (5) قال غير يونس بن رزين (6) أنه نزل الرَّبَذَة (7) هو وأصحابه يريدون الحج قيل لهم ههنا سلمة بن الأكوع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيناه فسلمنا عليه ثم سألناه، فقال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هذه وأخرج لنا كفه كفًّا ضخمة، قال فقمنا إليه فقبلنا كفيه جميعًا 64 (عن عبد الله بن عمر) (8) قال كنت في سَريَّة من سرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحاص الناس حيصة وكنت فيمن خاص فقلنا كيف نصنع وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب، ثم قلنا لو دخلنا المدينة فبتنا، ثم قلنا لو عرضنا أنفسنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت لنا توبة وإلا ذهبنا: فأتيناه قبل صلاة الغداة، فخرج فقال من القوم؟ فقلنا نحن الفرارون، قال بل أنتم العكارون، أنا فئتكم وأنا فئة المسلمين، قال فأتيناه حتى قبلنا يده 65 (عن عمارة بن عثمان) (9) بن سهل بن حنيف عن خزيمة بن ثابت رضي الله عنه أنه رأى

_ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للإمام أحمد، وقال شارحه المناوي قال الهيثمي إسناده حسن اهـ قلت وحسنه الحافظ السيوطي ولم أهتد لهذا الحديث في مجمع الزوائد (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن الزهري عن عروة (يعني ابن الزبير) أن عائشة إلخ (غريبه) (2) يعني بزواج أو ملك يمين (هذا) وأحاديث الباب تدل على تحريم مصافحة المرأة الأجنبية ولمس بشرتها بغير حائل، ويؤيد ذلك حديث أبي هريرة عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كتب علي ابن آدم نصيبه من الزنا مدرك ذلك لا محالة، فالعينان زناهما النظر، والأذنان زناهما الاستماع، واللسان زناه الكلام، واليد زناها البطش (الحديث) والبطش معناه اللمس، ونسبة الزنا إلى هذه الأعضاء نسبة مجازية لأنها من مقدماته والله أعلم (باب) (3) (حدثنا يونس إلخ) (غريبه) (4) هكذا جاء في المسند عبد الرحمن غير منسوب في رواية الإمام أحمد عن يونس، ورواه الإمام أحمد عن غير يونس فقال في روايته عبد الرحمن رزين فنسبه (5) القائل قال أبي هو عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله (6) يعني قال غير يونس حدثني عبد الرحمن بن رزين (قلت) عبد الرحمن بن رزين بفتح المهملة وكسر الزاي ثم تحتانية وثقه ابن حبان (7) قال النووي في التهذيب هي براء ثم باء موحدة ثم ذال معجمة مفتوحات ثم هاء وهو موضع قريب من مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وهي منزل من منازل حاج العراق، وبها قبر أبي ذر الغفاري رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وقال صاحب مطالع الأنوار وهي على ثلاث مراحل من المدينة قريبة من ذات عرق (تخريجه) أورده الهيثمي مختصرًا من طريق عبد الرحمن بن رزين أيضًا عن سلمة بن الأكوع قال بايعت النبي صلى الله عليه وسلم بيدي هذه فقبلناها فلم ينكر ذلك، قال الهيثمي في الصحيح منه البيعة رواه (طس) ورجاله ثقات (8) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب تحريم الفرار من الزحف من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 68 رقم 222 فارجع إليه (9) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة حدثني أبو جعفر المدني يعني الخطمي قال سمعت عمارة بن عثمان

-[ما جاء في القيام للقادم وكلام العلماء في ذلك]- في منامه أنه يقبل النبي صلى الله عليه وسلم فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فناوله النبي صلى الله عليه وسلم فقبل جبهته (باب ما جاء في القيام للقادم) (عن أبي سعيد الخدري) (1) قال نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ، قال فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فأتاه على حمار (2) قال فلما دنا قريبا من المسجد (2) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا إلى سيدكم أو خيركم (4) ثم قال إن هؤلاء نزلوا على حكمك، قال تقتل مقاتلهم وتسبى ذراريهم، قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم لقد قضيت بحكم الله

_ ابن سهل الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه عمارة بن عثمان ولم يرو عنه غير أبي جعفر الخطمي وبقية رجاله رجال الصحيح أهـ (قلت) عمارة بن عثمان وثقة الإمام أحمد، وأبو جعفر الخطمي وثقة ابن معين والنسائي، كذا في الخلاصة، وعلى هذا فالحديث صحيح (وأحاديث الباب) تدل على جواز تقبيل يد الصالح وجبهته بل ورجله لما أخرجه الترمذي وغيره من حديث صفوان بن عسال أن يهوديين أتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه عن تسع آيات الحديث وفي آخره فقبلا يده ورجله، قال الترمذي حديث حسن صحيح وأخرجه أيضا (نس جه ك) وصححه الحاكم أيضا (قال ابن بطال) اختلفوا في تقبيل اليد فانكره مالك وأنكر ما روى فيه وأجازه آخرون واحتجوا بما روى عن ابن عمر (يعني الحديث المذكور في هذا الباب) قال وقبل أبو لبابة وكعب بن مالك وصاحباه يد النبي صلى الله عليه وسلم تاب الله عليهم ذكره الأبهري، وقبل أبو عبيدة يد عمر حين قدم، وقبل زيد بن ثابت يد العباس حين أخذ ابن عباس بركابه (قال الأبهري) وإنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعظيم لمن فعل ذلك به، وأما إذا قبل إنسان يد إنسان أو وجهه أو شيئا من بدنه ما لم يكن عورة على وجه القربة إلى الله تعالى أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز، وتقبيل يد النبي صلى الله عليه وسلم تقرب إلى الله عز وجل، ومن ذلك تقبيل يد الوالدين: أما ما كان من ذلك تعظيما لدنيا أو لسلطان أو شبهه من وجوه التكبر فلا يجوز، ويمثل ذلك قال النووي والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا محمد ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن أبي أمامة ابن سهل قال سمعت أبا سعيد الخدري قال نزل أهل قريظة الخ (غريبه) (2) جاء عند أبي داود (على حمار أقمر) الأقمر الشديد البياض والأنثى قمراء (3) الظاهر إن هذا المسجد اختطه النبي صلى الله عليه وسلم في بني قريظة مدة مقامه لأنه جاء في حديث عائشة عند الإمام أحمد أن النبي صلى الله عليه وسلم حاصرهم خمسا وعشرين ليلة فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء قيل لهم انزلوا على حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاختاروا النزول على حكم سعد ابن معاذ (لأنه كان حليفهم في الجاهلية) وكان سعد إذ ذاك مصابا بجرح من غزوة الخندق ومقيما بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم فأتاه على حمار فلما دنا من المسجد (يعني الذي اختطه النبي صلى الله عليه وسلم) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا إلى سيدكم الحديث (4) قال الخطابي فيه من العلم أن قول الرجل يا سيدي غير محظور إذا كان صاحبه خيراً فاضلا، وإنما جاءت الكراهة في تسويد الرجل الفاجر وفيه أن قيام المرءوس للرئيس الفاضل وللوالي العادل وقيام المتعلم للعالم مستحب غير مكروه، وإنما جاءت الكراهة فيمن كان بخلاف أهل هذه الصفات، ومعنى ما روى من قوله (من أحب أن يستجم له الرجال صفوفا) هو أن يأمرهم بذلك ويلزمهم إياه على مذهب الكبر والنخوة أهـ (قلت) حديث من أحب أن يستجم له الرجال صفوفا الخ الذي أورده الخطابي سيأتي معناه في حديث معاوية بعد حديث واحد

-[ما جاء في القيام للقادم وكلام العلماء في ذلك]- وربما قال قضيت بحكم الملك (1) (وفي رواية) (2) قال قال أبو سعيد فلما طلع "يعني سعدا" على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قوموا إلى سيدكم فأنزلوه، فقال عمر رضي الله عنه" سيدنا الله عز وجل، قال أنزلوه فأنزلوه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أحكم فيهم الحديث (عن أنس) (3) قال ما كان شخص أحب إليهم من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا إذا رأوه لم يقوموا لما يعلمون من كراهيته لذلك (4) (عن أبي مجاز) (5) أن معاوية دخل بيتا فيه ابن عامر وابن الزبير، فقام ابن عامر وجلس ابن الزبير، فقال له معاوية اجلس فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سره أن يمثل له (6) العباد قياما فليتبوأ (7) بيتا في النار (وفي لفظ) فليتبوأ مقعده من النار عن أبي أمامة) (8) قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتوكأ على عصا فقمنا إليه، فقال لا تقوموا كما تقوم الأعاجم يعظم بعضها بعضا (9) قال فكأنا اشتهينا أن يدعو الله لنا، فقال اللهم اغفر لنا وارحمنا وارض عنا وتقبل منا وأدخلنا الجنة ونجنا من النار وأصلح لنا شأننا كله، فكأنا اشتهينا أن يزيدنا، فقال قد جمعت لكم الأمر (10) إلى هنا انتهى القسم الثاني من أقسام الكتاب وهو قسم الفقه، مختتما بهذا الحديث الجامع الشامل

_ (1) بفتح الميم واللام يعني الوحي عن الله عز وجل (تخريجه) (ق د. وغيرهم) (2) هذه الرواية طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وتخريجه في باب غزوة الأحزاب وبني قريظة في القسم الثاني من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (3) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن حماد بن سلمة عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (غريبه) (4) إنما كره صلى الله عليه وسلم قيامهم له تواضعا لربه مخالفا لعادة المتكبرين والمتبخرين، بل اختار الثبات على عادة العرب في ترك التكلف في قيامهم وجلوسهم وأكلهم وشربهم ولبسهم ومشيهم وسائر أفعالهم (وأيضا) خشى أن يتخذ ذلك الأمراء والرؤساء من المتكبرين سنة، وهذا لا ينافي القيام للوالدين وأهل الصلاح والتقوى من الأمراء وغيرهم ممن يحب، فقد روى أبو داود والنسائي والترمذي وحسنه عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت ما رأيت أحدا كان أشبه سمتا وهديا ودلا (وفي رواية) ما رأيت أحدا كان أشبه حديثا وكلاما برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة رضي الله عنها، كانت إذا دخلت عليه قام إليها فأخذ بيدها وقبلها وأجلسها في مجلسه، وكانت إذا دخل عليها قامت إليه وأخذت بيده وقبلته وأجلسته في مجلسها (تخريجه) أورده البغوي في مصابيح السنة وقال رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح (5) (سنده) حدثنا إسماعيل ثنا حبيب بن الشهيد عن أبي مجاز الخ (قلت) مجاز بوزن منبر (غريبه) (6) من باب قتل قال الخطابي معناه يقوم وينتصب بين يديه، وتقدم قول الخطابي في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب هو أن يأمرهم بذلك ويلزمهم إياه على مذهب الكبر والنخوة (7) أي فليتخير لنفسه بيتا في النار نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (د مذ) قال المنذرى وأخرجه الترمذي وقال حسن أهـ (قلت) وسكت عنه أبو داود والمنذري (8) (سنده) حدثنا ابن نمير حدثنا مسعر عن أبي العنبس عن أبي العد بس عن أبي مرزوق عن أبي غالب عن أبي امامة الخ (غريبه) (9) إلى هنا انتهى الحديث عند أبي داود، وجاء عند ابن ماجه مطولا كرواية الامام أحمد (10) يعني في قوله صلى الله عليه وسلم (وأصلح لنا شأننا كله)

-[خاتمة الجزء وتصويب الخطأ الواقع فيه واستدراك]- لخيري الدنيا والآخرة، والله أسال أن يجعلنا ممن شملهم هذا الدعاء المبارك والحمد لله أولاً وآخراً وصل اللهم على سيدنا محمد خاتم النبيين: وإمام المرسلين: وعلى آله وصحبه الغر الميامين: ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين: وسلم تسليماً كثيرا.

_ فإنه من جوامع الكلم فقد جمع كل شيء مع قلة لفظه (تخريجه) (د جه) بسند رواية الإمام أحمد وفي إسناده أبو غالب، قال الحافظ في التقريب أبو غالب صاحب أبى أمامة بصرى نزل أصبهان قيل اسمه حَزَوّر، وقيل سعيد بن الحَزّور، وقيل نافع صدوق يخطئ من الخامسة اهـ (قلت) قال يحيى ابن معين صالح الحديث. والله أعلم. تم طبع هذا الجزء في يوم الخميس 25 من شهر المحرم سنة 1374 هجرية. إلى هنا انتهى الجزء السابع عشر من كتاب الفتح الربانى مع مختصر شرحه بلوغ الأمانى - ويليه الجزء الثامن عشر وأوله كتاب فضائل القرآن وتفسيره وأسباب نزوله، نسأل الله تعالى الإعانة على التمام وحسن الختام. {استدراك} جاء في الجزء السادس عشر صحيفة 224 في السطر الثالث (باب النهى عن إتيان المرأة في دبرها وجواز التحبيب وهو إتيانها من دبرها في قبلها) ولم يذكر في هذا الباب إلا أحاديث النهى عن إتيان المرأة في دبرها وترك حديث التحبيب سهواً. وسيأتى مع غيره في كتاب فضائل القرآن وتفسيره في سبب نزول قوله تعالى} نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم {من سورة البقرة في الجزء الثامن عشر والله الموفق.

كتاب فضائل القرآن وتفسيره وأسباب نزوله

بسم الله الرحمن الرحيم القسم الثالث من الكتاب فيما يختص بالقرآن الكريم (55) (كتاب فضائل القرآن وتفسيره وأسباب نزوله) (باب ما جاء في فضل القرآن والاعتصام به) (عن علي رضي الله عنه) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أتاني جبريل عليه السلام فقال يا محمد ان أمتك مختلفة بعدك قال فقلت له فأين المخرج (2)

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا ابي عن ابن اسحق قال وذكر محمد بن كعب القرظي عن الحارث بن عبد الله الأعور قال قلت لآتين أمير المؤمنين (يعني عليا رضي الله عنه) فلأسألنه عما سمعت العشية قال فجئته بعد العشاء فدخلت عليه فذكر الحديث قال ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أتاني جبريل الحديث (غريبه) (2) أي اين طريق الخروج والخلاص من الاختلاف والفتنة أو السبب

يا جبريل؟ قال فقال كتاب الله (1) تعالى به يقصم (2) الله كل جبار من اعتصم به نجا (3) ومن تركه هلك مرتين (4) قول فصل وليس بالهزل (5) لا تختلقه الألسن (6) ولا تفنى أعاجيبه (7) فيه نبأ ما كان قبلكم (8) وفصل ما بينكم (9) وخبر ما هو كائن بعدكم (10) (عن عبد الله بن عمرو ابن العاص) (11) قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يوما كالمودع فقال أنا محمد النبي الأمي قاله ثلاث مرات ولا نبي بعدي أوتيت فواتح الكلم (12)

_ الذي يتوصل به الى الخروج عن الفتنة (1) أي التمسك بكتاب الله عز وجل (2) أي يكسر شوكته ويهينه ويذله وأصل القصم الكسر والإبانة (3) أي من تمسك به وعمل بما فيه (4) أي كرر هذه الجملة مرتين (وقوله) قول فصل خبر لمبتدأ محذوف اي هو قول فصل أي يفصل بين الحق والباطل (5) أي جد كله وحق جميعه لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه (6) أي لا يمكن لمخلوق أن يأتي بمثله من عند نفسه افتراء وقد عجز عن ذلك فصحاء العرب (7) أي أسراره ومعجزاته لأنه أشار إلى أمور كثيرة لم تكن موجودة في الزمن الماضي ولا يعرفها الناس أظهرها تقدم العلم والاكتشاف وكلما تقدم العلم وتقادم الزمن كلما ظهرت أسراره وعجائبه ومعجزاته (8) اي من أحوال الأمم الماضية (9) أي تفصيل الأحكام فيما يقع بينكم من حلال وحرام وكفر وإيمان وطاعة وعصيان وسائر شرائع الإسلام (10) أي من الأمور الآتية من أشراط الساعة وأحوال القيامة وغير ذلك (تخريجه) (مذ مي) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث حمزة الزيات واسناده مجهول وفي حديث الحارث مقال اهـ (قلت) انما قال ذلك الترمذي لأنه رواه من طريق حمزة بن حبيب الزيات عن أبي المختار الطائي عن ابن أخي الحارث الأعور عن الحارث ففيه حمزة بن حبيب الزيات ضعفه بعضهم في الحديث وإن كان إماما مشهورا في القراآت وفيه ابن اخي الحارث مجهول وهذان ليسا في مسند الامام احمد لكن جاء فيه الحارث بن عبد الله الأعور وقد تكلموا فيه بل كذبه بعضهم من جهة رأيه واعتقاده لا أنه تعمد الكذب في الحديث وأخرجه أيضا الطبراني في الكبير وفي اسناده عمرو بن واقد متروك وله شاهد عند الحاكم في المستدرك من طريق ابراهيم بن مسلم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه قال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد وتعقبه الذهبي فقال ابراهيم بن مسلم ضعيف (11) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق ثنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هيبرة عن عبد الله بن مريح الخولاني قال سمعت أبا قيس مولى عمرو بن العاص يقول سمعت عبد الله بن عمرو يقول من صلى على رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة صلى الله عليه وملائكته سبعين صلاة فليقل عبد من ذلك أو ليكثر وسمعت عبد الله بن عمرو يقول خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (12) جاء في رواية مفاتيح الكلم وفي أخرى مفاتح الكلم قال في النهاية هما جمع مفتاح ومفتح وهما في الأصل كل ما يتوصل به إلى استخراج المغلفات التي يتعذر الوصول اليها فأخبر أنه أوتي مفاتيح الكلم وهو ما يسر الله له من البلاغة والفصاحة والوصول إلى غوامض المعاني وبدائع الحكم ومحاسن العبارات والألفاظ التي اغلقت على غيره وتعذرت ومن كان في يده مفاتيح شيء مخزون سهل عليه الوصول اليه اهـ (قلت) ويحتمل أن يراد بفواتح الكلم نفس القرآن لأنه أفصح الكتب السماوية وأبلغها

وخواتمه (1) وجوامعه وعلمت كم خزنة النار (2) وحملة العرش وتجوز بي وعوفيت وعوفيت أمتي (3) فاسمعوا وأطيعوا مادمت فيكم فإذا ذهب بي فعليكم بكتاب الله أحلو حلاله وحرموا حرامه (عن أبي هريرة) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من الأنبياء نبي إلا وقد أعطى من الآيات (5) ما مثله آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله عز وجل إلى وأرجو أن أكون أكثرهم تابعا يوم القيامة (عن عبد الله بن عمرو) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصيام والقرآن يشفعان

_ وأجمعها وهو المنهل العذب الذي يستقى الفصحاء والبلغاء والفقهاء والمحدثون منه وهو قاموس من لا قاموس له لذلك كان صلى الله عليه وسلم أفصح الناس منطقا وأعلمهم بأحكام الله أيضا فإن في القرآن مفاتيح الغيب لأنه أخبر بأمور لا يعلمها الا الله ووقعت كما أخبر فهو مفتاح كل خير (1) خواتم الكلم هو القرآن أيضا لأنه ختمت به الكتب السماوية وهو حجة على سائرها ومصدق لها (وجوامع الكلم) هي الكلمة البليغة الوجيزة الجامعة للمعاني الكثيرة وهذه صفة القرآن أيضا (قال القرطبي) وقد جاء هذا اللفظ ويراد به القرآن اهـ (قلت) وقد اكتسب صلى الله عليه وسلم كل هذه المعاني من القرآن فكان صلى الله عليه وسلم فصيحا بليغا ينطق بالكلمة الوجيزة الجامعة للمعاني الكثيرة صلى الله عليه وسلم (2) خزنة النار تسعة عشر من الملائكة الغلاظ الشداد قال تعالى (عليها تسعة عشر) وأما حملة العرش فقد قال الله عز وجل (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) أي من الملائكة ايضا (3) أي تجاوز الله عني وعن أمتي في كثير من التكاليف الشاقة التي كانت في الامم السابقة كعدم قبول التوبة إلا إذا قتل نفسه وعدم طهارة الثوب المتنجس إلا بقطع ما تنجس منه وعدم صحة الصلاة إلا في المعابد وعدم الطهارة بالتيمم والمؤاخذة بالخطأ والنسيان وغير ذلك كثير فتجاوز الله للأمة المحمدية عن ذلك كله وعفا عنها وجعل دينها سهلا سمحا ويجوز أن يكون معنى قوله (وتجوز بي) أي تجاوز الله بسببي عن أمتي وعفاها من التكاليف الشاقة وعافاني أيضا والله أعلم قال تعالى (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد بهذا اللفظ وأورده الهيثمي والمنذري وقالا رواه احمد باسناد حسن (4) (سنده) حدثنا يونس وحجاج قالا ثنا ليث قال حجاج في حديثه حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يونس عن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (5) يعني المعجزات وخوارق العادات ما إذا شوهد لاضطر إلى التصديق به الشاهد وكان دليلا على تصديقه فيما جاءهم به نبيهم واتبعه من اتبعه من البشر ثم لما مات لم تبق معجزة بعده إلا ما يحكيه أتباعه عما شاهدوه في زمانه وأما نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فإن معجزته القرآن المستمر إلى يوم القيامة مع خرق العادة في اسلوبه وبلاغته وإخباره بالمغيبات وعجز الجن والإنس أن يأتوا بسورة من مثله مجتمعين أو متفرقين في جميع الأعصار مع اعتنائهم بمعارضته فلم يقدروا وهم أفصح القرون مع غير ذلك من وجوه إعجاز المعرفة وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم وإنما كان الذي اوتيت وحيا أوحاه الله عز وجل إلي يعني القرآن (وفي قوله صلى الله عليه وسلم فأرجو أن اكون أكثرهم تابعا) علم من أعلام النبوة فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر بهذا في زمن قلة المسلمين ثم من الله تعالى وفتح على المسلمين البلاد وبارك فيهم حتى انتهى الأمر واتسع الاسلام في المسلمين وذلك لعموم رسالته ودوامها الى قيام الساعة واستمرار معجزته صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق نس وغيرهم) (6) (سنده)

للعبد يوم القيامة يقول الصيام أي رب منعته الطعام والشهوات فشفعني فيه ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه قال فيشفعان (عن عقبة بن عامر) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أن القرآن جعل في إهاب (2) ثم القي في النار ما احترق (3) (عن عمر بن الخطاب) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله يرفع بهذا الكتاب أقواما ويضع به آخرين (عن شداد بن أوس) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من رجل يأوى إلى فراشه فيقرأ سورة من كتاب الله عز وجل إلا بعث الله عز وجل اليه ملكا يحفظه من كل شيء يؤذيه حتى يهب (6) متى هب (باب الحث على تعلم القرآن وتعليمه وحفظه وفضل ذلك) (عن عثمان) (7) (يعني ابن عفان) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضلكم (وفي لفظ ان خيركم) من تعلم القرآن وعلمه (ز) (وعن علي) (8) عن

_ حدثنا موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن حيى بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو الحديث (تخريجه) (طب ك هق) وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي وأورده الهيثمي وقال اسناده حسن (1) (سنده) حدثنا ابو سعيد ثنا ابن لهيعة ثنا مسرح قال سمعت عقبة بن عامر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (2) الإهاب بكسر الهمزة الجلد قبل أن يدبغ وبعضهم يقول الإهاب الجلد مطلقا (3) وفي رواية ما أكلته النار (وفي أخرى) ما مسته النار قال الطيبى هو تمثيل وارد على المبالغة والفرض كما في قوله تعالى (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي) أي ينبغي ويحق أن القرآن لو كان في مثل هذا الشيء الحقير (يعني الإهاب) الذي لا يؤبه به ويلقى في النار ما مسته فكيف بالمؤمن الذي هو أكرم خلق الله وقد وعاه في صدره وتفكر في معانيه وعمل بما فيه كيف تمسه فضلا عن أن تحرقه اهـ اللام في النار للجنس والأولى جعلها للعهد والمراد بها نار جهنم أو النار التي تطلع على الأفئدة أو النار التي وقودها الناس والحجارة ذكره القاضي عياض (تخريجه) (مي طب) وأخرجه أيضا ابن عدي والبيهقي في الشعب عن عصمة بن مالك وابن عدي أيضا عن سهل بن سعد قال العراقي وسنده ضعيف اهـ وقال الصدر المناوي فيه عند احمد ابن لهيعة عن مشرح ابن ماهان ولا يحتج بحديثهما عن عقبة اهـ قال المناوي في شرح الجامع الصغير لكنه يتقوى بتعدد طرقه فقد رواه أيضا ابن حبان عن سهل بن سعد ورواه البغوي في شرح السنة وغيره (4) (عن عمر الخ) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من كتاب العلم ص 146 في الجزء الأول رقم 4 (5) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون ثنا ابو مسعود الجريري عن أبي العلاء بن الشخير عن الحنظلي عن شداد بن أوس الحديث (غريبه) (6) قال في المصباح هب من نومه هبا من باب قتل استيقظ اهـ ومعناه حتى يستيقظ متى استيقظ (تخريجه) (مذ نس) وفي اسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (باب) (7) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان وعبد الرحمن عن سفيان عن علقمة بن مرثد عن أبي عبد الرحمن عن عثمان الحديث (تخريجه) (ق والأربعة) (8) (ز) (سنده) حدثنا ابو كامل فضيل بن الحسين وثنا محمد بن عبيد بن حساب قالا ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عبد الرحمن بن اسحاق عن النعمان بن سعد عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خياركم من تعلم القرآن وعلمه (تخريجه) لم أقف عليه لغير عبد الله بن الامام احمد وفي اسناده النعمان بن سعد ضعفه الامام احمد لكن يؤيده ما قبله

النبي صلى الله عليه وسلم مثله (ز) (وعنه أيضا) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعلم (وفي لفظ من قرأ القرآن) فاستظهره (2) وحفظه أدخله الله الجنة وشفعه (3) في عشرة من أهل بيته كلهم قد وجبت لهم النار (عن ابن عباس) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل الذي ليس في جوفه شيء من القرآن كالبيت الخرب (5) (عن عائشة رضي الله عنها) (6) قالت ذكر رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بخير فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو لم تروه يتعلم القرآن (7) (عن أبي هريرة) (8) أو عن أبي سعيد شك الأعمش قال يقال لصاحب القرآن اقره (9) وارقه فإن منزلتك عند آخر آية

_ (1) (ز) (سنده) حدثنا حفص بن سليمان يعني أبا عمر القارئ عن كثير بن زاذان عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (2) أي حفظه تقول قرآت القرآن عن ظهر قلبي أي قرأته من حفظي قاله الجزري (وقوله وحفظه) أي وعاه وتعاهده خوفا من نسيانه ويحتمل أن يراد بالحفظ العمل بمقتضاه ويؤيده رواية (من قرأ القرآن فاستظهره فأحل حلاله وحرم حرامه أدخله الله الجنة الخ) رواه الترمذي (3) بالتشديد أي قبلت شفاعته (وقوله كلهم) أي كل العشرة قد وجبت لهم النار (قال الطيبي) فيه رد على من زعم أن الشفاعة انما تكون في رفع المنزلة دون حفظ الوزر بناء على ما افتروه أن مرتكب الكبيرة يجب خلوده في النار ولا يمكن العفو عنه والوجوب هنا على سبيل المواعدة والله أعلم (تخريجه) (مي جه مذ) وقال هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه وليس له اسناد صحيح وحفص بن سليمان أبو عمرو البزار كوفي يضعف في الحديث اهـ (قلت) قال في التقريب وهو حفص بن أبي داود القاري صاحب عاصم ويقال له حفيص متروك الحديث مع إمامته في القراءة مات سنة ثمانين ومائة (4) (سنده) حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس الحديث (غريبه) (5) بفتح الخاء المعجمة وكسر الراء أي الخراب لأن عمارة القلوب بالايمان وقراءة القرآن كما ان عمارة البيوت بالأثاث والتجمل فالقلب الذي ليس فيه قرآن كالبيت الذي ليس فيه أثاث والله أعلم (تخريجه) (مذ مي ك) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح اهـ (قلت) وقال الحاكم صحيح الاسناد وتعقبه الذهبي فقال قابوس لين الحديث (6) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة قال حدثني أبو الاسود انه سمع عروة يحدث عن عائشة قالت ذكر رجل عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (7) يستفاد منه أن تعلم القرآن دلالة على صلاح المتعلم في الغالب (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفي اسناده ابن لهيعة فيه كلام إذا عنعن ولكنه صرح بالتحديث هنا فحديثه حسن (8) (سنده) حدثنا وكيع قال ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة أو عن أبي سعيد الحديث (غريبه) (9) هكذا في الأصل بهاء السكت بدل الهمزة وكذلك وارقه وجاءا بالهمزة في الحديث التالي والأول أمر من القراءة أي رتل والثاني أمر من رقأ يرقأ رقئا أي اصعد قال في القاموس رقأ في الدرجة صعد وهي المرقأة وتكسر اهـ أي يقال لصاحب القرآن اقرأ القرآن واصعد على درجات الجنة وسيأتي توضيحه في شرح الحديث التالي (تخريجه) (خز) والترمذي وحسنه الحاكم وصححه وأقره الذهبي ولفظه عندهما عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجيء صاحب القرآن يوم القيامة فيقول يا رب حله فيلبس تاج الكرامة ثم يقول يا رب زده فيلبس حلة الكرامة ثم يقول يا رب ارض عنه فيرضى عنه فيقال اقرأ وارقأ ويزاد

تقرؤها (وعن عبد الله بن عمرو) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وفيه اقرأ وارقأ بالهمزة (2) (عن أبي سعيد الخدري) (3) قال قال نبي الله صلى الله عليه وسلم يقال لصاحب القرآن يوم القيامة اذا دخل الجنة اقرأ واصعد فيقرأ ويصعد بكل آية درجة حتى يقرأ آخر شيء معه (عن عائشة رضي الله عنها) (4) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أخذ السبع الأول (5) من القرآن فهو خير (6) (عن أنس بن مالك) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله أهلين من الناس فقيل من أهل الله منهم؟ قال أهل القرآن هم أهل الله وخاصته (8) (عن عقبة بن عامر) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلموا كتاب الله (10) وتعاهدوه وتغنوا به (11) فوالذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا (12) من المخاض في

_ بكل آية حسنة اهـ (قلت) وهو عند الامام احمد موقوف على أبي هريرة ولكن له حكم الرفع لأن مثله لا يقال من قبل الرأي لاسيما وقد رواه الحاكم والترمذي مرفوعا وروى من طرق أخرى عن غير أبي هريرة من الصحابة مرفوعا (1) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن عاصم عن زر عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقال لصاحب القرآن اقرأ وارقأ ورتل كما كنت ترتل في الدنيا فإن منزلتك عند آخر آية تقرأها (غريبه) (2) قال الخطابي جاء في الأثر ان عدد آي القرآن على قدر درج الجنة فيقال للقارئ ارق في الدرجة على قدر ما كنت تقرأ من آي القرآن فمن استوفى قراءة جميع القرآن استولى على اقصى درج الجنة في الآخرة ومن قرأ جزءا منه كان رقية في الدرج على قدر ذلك فيكون منتهى الثواب عند منتهى القراءة (تخريجه) (د مذ جه حب) في صحيحه وقال الترمذي حديث حسن صحيح (3) (سنده) حدثنا معاوية بن هشام ثنا شيبان عن فراس عن عطية عن أبي سعيد الخدري الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفي اسناده عطية العوفي ضعفه الثوري وهشيم وابن عدي وحسن له الترمذي أحاديث (خلاصة) وفي التهذيب قال أبو حاتم وابن سعد ومع ضعفه يكسب حديثه (4) (سنده) حدثنا أبو سعيد قال ثنا سليمان بن بلال قال ثنا عمرو بن أبي عمرو عن حبيب بن هند عن عروة عن عائشة الحديث (غريب) (5) جا في رواية السبع الطوال بدل الأول وأولها سورة البقرة وآخرها سورة براءة بجعل الانفال وبراءة واحدة والمراد بأخذها حفظها والعمل بما فيها (6) بكسر الحاء المهملة وفتحها مع سكون الموحدة أي عالم صالح (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهبي (7) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا عبد الرحمن بن بديل العقيلي عن أبيه عن أنس الحديث (غريبه) (8) هذه الجملة وهي قوله هم أهل الله وخاصته مؤكدة للجملة قبلها وهي قوله أهل القرآن ومعنى خاصته أي الذين يختصون بخدمته قال العسكري هذا على سبيل المجاز والتوسع فإنه لما قربهم واختصهم كانوا كأهله ومنه قيل لأهل مكة أهل الله لما كانوا سكان بيته وما حوله كانوا كأهله (تخريجه) (جه نس ك) قال الحاكم روى من ثلاثة أوجه هذا أجودها وأقره الذهبي ولم يتعقبه (قلت) وفي اسناده عبد الرحمن بن بديل العقيلي قال في التقريب لا بأس به (9) (سنده) حدثنا علي بن اسحاق ثنا ابن المبارك عبد الله قال ثنا موسى بن علي قال سمعت ابي يقول سمعت عقبة بن عامر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (10) أي احفظوه وتفهموه (وقوله وتعاهدوه) أي الزموه (11) أي اقرءوه بتحزين وترقيق وليس المراد قراءته بالألحان والنغمات (12) أي ذهابا (من المخاض) أي النوق الحوامل

العقل (وعنه أيضا) (1) قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما ونحن في الصفة (2) فقال أيكم يحب أن يغدو (3) إلى بطحان أو العقيق فيأتي كل يوم بناقتين كوماوين (4) زهراوين في غير اثم (5) ولا قطع رحم؟ قال قلنا كلنا يا رسول الله يحب ذلك قال فلأن يغدو أحدكم إلى المسجد فيتعلم آيتين من كتاب الله خير له (6) من ناقتين وثلاث خير من ثلاث (7) وأربع خير من أربع ومن أعدادهن (8) من الابل (وعن أبي هريرة) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري) (10) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معاذا وأبا موصى إلى اليمن يأمرهما أن يعلما الناس القرآن (باب ما جاء في قراءة القرآن بأجر أو تعليمه بأجر) (عن سهل بن سعد) (11)

_ (في العقل) بضمتين جمع عقال وعقلت البعير حبسته وخص ضرب المثل بها لأنها إذا انفلتت لا تكاد تلحق (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وأورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (1) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن ثنا موسى بن علي قال سمعت أبي يقول سمعت عقبة بن عامر الجهني يقول خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (2) الصفة بضم الصاد المهملة مشددة وفتح الفاء المشددة موضع مظلل من المسجد الشريف كان فقراء المهاجرين يأوون إليه وهم المسمون بأصحاب الصفة وكانوا أضياف الاسلام (3) أي يذهب في الغدوة (بفتح المعجمة) وهي من أول النهار إلى الظهر (وقوله بطحان) بضم الباء وفتحها والضم أصح وادي المدينة (والعقيق) واد بالمدينة أيضا (وأو) للشك من الراوي قال ابن الملك خصهما بالذكر لكون كل منهما أقرب المواضع التي يقام فيها سوق الابل (4) الكوماء من الابل العظيمة السنام قلبت الهمزة في تثنيتها واواكما هي القاعدة في الهمزة الزائدة (وقوله زهراوين) أي حسنتين ذات جمال وبهجة (5) في للسببيه والمعنى لا يكون حصولها بسبب فعل فيه إثم كغصب وسرقة سمي موجب الإثم إثما مجازا (وقوله ولا قطع رحم) أي في غير ما يوجبه قال ملا على وهو تخصيص بعد تعميم (6) بالضم خبر لمبتدأ محذوف أي هما (يعني الاثنتين) خير له الخ (7) اي وثلاث آيات يتعلمها خير له من ثلاث نوق وكذلك يفسر قوله وأربع خير من أربع (8) الجار والمجرور متعلق بمحذوف يعني وأكثر من اربع آيات يتعلمها خير له من أعداد النوق على التفصيل المذكور (وقوله من الإبل) بدل من اعدادهن أو بيان لها وإنما قال صلى الله عليه وسلم ذلك وفق ما يغتنمه ويبتغيه المخاطب وإلا فالآية الواحدة خير من الدنيا وما فيها والله أعلم (تخريجه) (م د وغيرهما) (9) (سنده) حدثنا حسن حدثنا عبد الله بن لهيعة حدثنا ابو يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أيفرح أحدكم أن ينقلب إلى أهله بخلفتين؟ قالوا نعم وآيتان من كتاب الله فيخرج بهما إلى أهله خير له من خلفتين (تخريجه) أخرجه مسلم والامام احمد عن أبي هريرة عن طريق ثان ليس فيه ابن لهيعة وتقدم في باب قراءة سورتين أو أكثر في ركعة رقم 556 صفحة 214 في الجزء الثالث إلا أن فيه ثلاث آيات يقرأ بهن في الصلاة خير له من ثلاث خلفات (والخلفة) بفتح الخاء المعجمة وكسر اللام الحامل من النوق ويجمع على خلفات وخلائف والله أعلم (10) (سنده) حدثنا عبد الله بن نمير عن طلحة بن يحيى قال اخبرني أبو بردة عن أبي موسى الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده حسن (باب) (11) (سنده) حدثنا حسن حدثنا

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فيكم كتاب الله يتعلمه الأسود والأحمر والأبيض تعلموه قبل أن يأتي زمان يتعلمه ناس ولا يجاوز تراقيهم (1) ويقومونه كما يقوم السهم (2) فيتعجلون أجره (3) ولا يتأجلونه (عن عبادة بن الصامت) (4) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشغل (5) فإذا قدم رجل مهاجر على رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعه إلى رجل منا يعلمه القرآن فدفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا وكان معي في البيت أعشية عشاء أهل البيت فكنت أقرئه القرآن فانصرف انصرافة إلى أهله فرأى أن عليه حقا فأهدى إلي قوسا لم أر أجود منه عودا ولا احسن منه عطفا (6) فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما ترى يا رسول الله فيها؟ قال جمرة بين كتفيك تقلدتها أو تعلقتها (عن أبي عبد الرحمن) (7) قال حدثنا من كان يقرئنا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (8) أنهم كانوا يقترئون من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عشر آيات فلا يأخذون في العشر الأخرى حتى يعلموا ما في هذه (9) من العلم والعمل قالوا فعلمنا العلم والعمل

_ ابن لهيعة ثنا بكر بن سوادة عن وفاء الحضرمي عن سهل بن سعد الحديث (غريبه) (1) التراقي جمع ترقوة بفتح التاء وسكون الراء وضم القاف وفتح الواو وهي العظم الذي بين ثغرة النحر والعاتق وهما ترقوتان من الجانبين والمعنى أن قراءتهم لا يرفعها الله ولا يقبلها فكأنها لم تتجاوز حلوقهم وقيل المعنى أنهم لا يعملون بالقرآن ولا يثابون على قراءته فلا يحصل لهم غير القراءة (نه) (2) يعني الذي يرمي به وهو آلة من آلات الحرب والمراد أنهم يبالغون في تحسينه بتكلف وتعسف لترغيب الناس فيهم وان خرجوا بذلك عن حد التجويد قال ابن الجزري في باب التجويد (مكملا من غير ما تكلف باللفظ في النطق بلا تعسف) (3) أي يطلبون بقراءة العاجلة من عرض الدنيا والرفعة فيها (وقوله ولا يتأجلونه) أي لا يريدون به الآجلة وهو جزاء الآخرة فمن أراد به الدنيا فهو متعجل وان ترسل في قراءته ومن أراد به الآخرة فهو متأجل وان اسرع في قراءته بعد اعطاء الحروف حقها وهذه معجزة من معجزاته صلى الله عليه وسلم فقد وقع ما أخبر به صلى الله عليه وسلم وصار القراء لا يتعلمون القرآن إلا لأجل غرض الدنيا والتعيش به فلا حول ولا قوة إلا بالله (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث سهل بن سعد وفي اسناده ابن لهيعة تكلم فيه بعضهم وحسن حديثه الحافظ الهيثمي إذا صرح بالتحديث وقد صرح به في هذا الحديث وله شاهد من حديث جابر عند أبي داود والامام احمد وسيأتي في الباب التالي (4) (سنده) حدثنا ابو المغيرة حدثنا بشر بن عبد الله يعني ابن يسار السلمي قال حدثني عبادة بن نسي عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت الخ (غريبه) (5) أي يشغل في مصالح المسلمين (6) أي ميلا والتواءا (تخريجه) (د جه ك) وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي وفيه عدم جواز أخذ الأجرة على تعليم القرآن وللعلماء خلاف في ذلك انظر صحيفة 125 في الجزء الخامس عشر (7) (سنده) حدثنا محمد بن فضيل عن عطاء عن أبي عبد الرحمن الحديث (غريبه) (8) هو عبد الله بن مسعود رضي الله عنه كما صرح بذلك في رواية الحاكم (9) يشير إلى العشر الأولى (وقوله من العلم والعمل) أي من العلم بأحكامها ومعناها والعمل بمقتضاها (تخريجه) (ك) وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي

(أبواب تلاوة القرآن وآدابها) (باب فضل قراءة القرآن والتعبد به والعمل بما فيه) (عن ابن عمر) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حسد (2) إلا في اثنتين رجل (3) آتاه الله القرآن فهو يقوم به (4) آناء الليل والنهار ورجل آتاه الله مالا فهو ينفعه في الحق (5) آناء الليل والنهار (خط) (عن يزيد بن الأخنس) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تنافس (7) بينكم إلا في اثنتين رجل أعطاه الله عز وجل القرآن فهو يقوم به آناء الليل وآناء النهار ويتبع ما فيه فيقول رجل لو أن الله تعالى أعطاني مثل ما أعطى فلانا فأقوم به كما يقوم به ورجل أعطاه الله مالا فهو ينفق ويتصدق فيقول رجل لو أن الله اعطاني مثل ما أعطى فلانا فأتصدق به فقال رجل يا رسول الله أرأيتك النجدة تكون في الرجل وسقط باقي الحديث (8) (عن سهل عن أبيه) (9) عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم أنه قال من قال سبحان الله العظيم نبت له غرس (10) في الجنة ومن قرأ القرآن

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه (عبد الله بن عمر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (2) معنى الحسد هنا الغبطة وهي تمني أن يكون للمرء مثل ما للغير من غير أن يزول عنه والحرص على هذا يسمى منافسة ويؤيده ما جاء في الحديث التالي بلفظ (لا تنافس بينكم الا في اثنتين) فإذا كان في غير طاعة فهو لا شك مذموم وان كان فيها فمحمود (3) في التركيب حذف أي احدى الاثنتين خصلة رجل فلما حذف المضاف أخذ المضاف اليه حكمه ووجه الحصر في هاتين الخصلتين الاشارة إلى اصول الطاعات وهي إما بالبدن أو المال (4) المراد بالقيام به العمل به مطلقا أعم من تلاوته والتزامه ما أوتي به من الاحكام وتعليمه والقضاء به والفتوى بمقتضاه لا مجرد التلاوة بغير عمل فصاحبها اذا كان مجردا عن العمل فهو محجوج بها يوم تبلى السرائر (وقوله آناء الليل والنهار) أي ساعاته (5) لما كان الانفاق يحتفل الاسراف والتبذير قيده بقوله في الحق أي في وجوه الخير مع ابقاء شيء لنفسه يسد حاجته (تخريجه) (ق وغيرهما) (6) (خط) (سنده) قال عبد الله بن الامام احمد وجدت في كتاب ابي يخط يده قال كتب الى ابو توبة الربيع بن نافع وكان في كتابه حدثنا الهثيم بن حميد عن زيد بن واقد عن سليمان بن موسى عن كثير بن مرة عن يزيد بن الأخنس الحديث (غريبه) (7) التنافس معناه الرغبة في الشيء قال في المختار نافس في الشيء منافسة ونفاسا بالكسر إذا رغب فيه على وجه المباراه في الكرم وتنافسوا فيه أي رغبوا (8) جاءت هذه الجملة وهي قوله (أرأيتك النجدة تكون في الرجل وسقط باقي الحديث) جاءت في آخر هذا الحديث بهذا اللفظ فالله أعلم بماذا كان يقصد الرجل وبما أجابه النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) هذا الحديث وجده عبد الله بن الامام احمد في مسند أبيه بخطه وهو مروي بالوجادة لا بالسماع ولا بالقراءة ولذلك رمزت له بلفظ (خط) كما ذكرت في المقدمة وسنده حسن ولم أقف عليه في غير المسند ويعضده الحديث الذي قبله (9) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل عن أبيه الخ (قلت) أبوه معاذ بن أنس الجهني الصحابي رضي الله عنه (غريبه) (10) أي شجر ولم يبين جنسه في هذه الرواية وقد جاء مبينا في حديث رواه (مذ حب ك) عن جابر

فأكمله (1) عمل بما فيه ألبس والداه (2) يوم القيامة تاجا هو أحسن من ضوء الشمس (3) في بيوت من بيوت الدنيا لو كانت فيه (4) فما ظنكم بالذي عمل به (عن تميم الداري) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ بمائة آية (6) في ليلة كتب له قنوت ليلة (7) (عن السائب بن يزيد) (8) أن شريحا الحضرمي رضي الله عنه ذكر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال ذاك رجل لا يتوسد (9) القرآن (عن أبي هريرة) (10) رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويندارسونه (11) بينهم إلا نزلت

_ ابن عبد الله رضي الله عنهما مرفوعا من قال سبحان الله العظيم وبحمده غرست له نخلة في الجنة وحسنه ابن السني وصححه الحاكم وخص النخل لكثرة منافعه وطيب ثمره وهذه النخلة لمن قالها مرة واحدة فإن قالها أكثر فله بكل مرة نخلة والحكمة في هذا الغرس والله أعلم انه يرى ثمرة عمله فيسر به ويفرح ويتمتع بهذا المنظر الجميل (1) يحتمل أن يكون معناه من حفظه كله أو المراد من قرأه كله ولو لم يحفظه وفي الحالتين عمل بما فيه من الأحكام والأوامر والنواهي البس والداه تاجا الخ (2) جاء في الأصل (ألبس والديه) بدون ذكر الفاعل فهو اما ان يكون سقط من الناسخ أو تحريف منه وجاء في الأصول الأخرى بالبناء للمفعول وهو الظاهر ولذا أثبته هنا والله اعلم (3) يعني ضوءه أحسن من ضوء الشمس كما صرح بذلك في رواية أبي داود (4) أي لو كانت الشمس فيه وإنما جوزى والداه بهذا الجزاء الحسن لأنها السبب في وجوده وإذا كان هذا جزاء المتسبب فقط فما ظنكم بالذي عمل به أي بالقرآن لابد أن يكون جزاؤه أفضل والله أعلم (تخريجه) أخرج الشق الأول منه الخاص بالذكر (مذ نس ك) وابن السني في اليوم والليلة وحسنه وصححه الحاكم وأخرج الشق الثاني منه الخاص بالقراءة (د ك) وقال الحاكم صحيح الاسناد (5) (سنده) قال عبد الله بن الامام احمد حدثني أبي أملاءا علينا من النوادر قال كتب إلي أبو توبة الربيع بن نافع قال ثنا الهيثم بن حميد عن زيد بن واقد عن سليمان بن موسى عن كثير بن موسى عن كثير بن مرة عن تميم الداري الحديث (غريبه) (6) معناه من قرأ مائة آية قال الأندلسي في شرح المفصل قرأت السورة وقرأت بالسورة من باب حذف الجار وايصال الفعل ومثله وسميته محمدا وبمحمد وقيل الباء زائدة والفعل من قسم المتعدي (7) أي عبادتها والله أعلم (تخريجه) (نس) قال الحافظ العراقي اسناده صحيح (8) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا ابن مبارك عن يونس عن الزهري عن السائب بن يزيد الحديث (غريبه) (9) قال صاحب النهاية يحتمل أن يكون مدحا وذما فالمدح معناه أنه لا ينام الليل عن القرآن ولم يتهجد به فيكون القرآن متوسدا معه بل هو يداوم قراءته ويحافظ عليها والذم معناه لا يحفظ من القرآن شيئا ولايديم قراءته فإذا نام لم يتوسد معه القرآن وأراد بالتوسد النوم (ومن الأول) الحديث لا توسدوا القرآن واتلوه حق تلاوته (والحديث الآخر) من قرأ ثلاث آيات في ليلة لم يكن متوسدا للقرآن (ومن الثاني) حديث أبي الدرداء قال له رجل اني أريد أن أطلب العلم وأخشى أن اضيعه فقال لأن تتوسد العلم خير لك من أن تتوسد الجهل اهـ (تخريجه) (نس طب) والبغوي وابن منده وغيرهم وصححه الحافظ في الاصابة (10) هذا طرف من حديث سيأتي بتمامه وسنده في الترغيب في اعانة المسلم وتفريج كربه من كتاب الترغيب (غريبه) (11) أي يشتركون

عليهم السكينة (1) وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله عز وجل فيمن عنده (2) ومن أبطأ به عمله لم يسرع (3) به نسبه (عن أنس بن مالك) (4) أن أبا موسى الأشعري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة (5) طعمها طيب وريحها طيب (6) ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل التمرة طعمها طيب (7) ولا ريح لها ومثل الفاجر (8) الذي يقرأ القرآن كمثل الريحانة (9) مر طعمها وريحها طيب ومثل الفاجر الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة (10) مر طعمها ولا ريح لها (11) (عن عبد الله بن بريدة عن أبيه) (12) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يجيء بالقرآن يوم القيامة كالرجل الشاحب (13) فيقول لصاحبه أنا الذي اسهرت ليلك (14) واظمأت هو أجرك (15)

_ في قراءة بعضهم على بعض وكثرة درسه ويتعهدونه خوف النسيان وأصل الدراسة التعهد وتدارس وتفاعل للمشاركة (1) فعيلة من السكون للمبالغة والمراد هنا الوقار أو الرحمة والطمأنينة (ألا بذكر الله تطمئن القلوب) (2) أي من كرم الملائكة والعندية عندية شرف ومكانة لا عندية مكان لاستحالتها (3) معناه من أخره عمله السيء وتفريطه في العمل الصالح لم ينفعه في الآخرة شرف نسبه (تخريجه) (م د وغيرهما) وفيه فضل الاجتماع على تلاوة القرآن حتى في المسجد مالم يشوش على المصلين (4) (سنده) حدثنا روح ثنا سعيد عن قتادة قال ثنا أنس بن مالك أن أبا موسى الأشعري الخ (غريبه) (5) بضم الهمزة والراء وتشديد الجيم مفتوحة وقد تخفف (6) خص الإيمان بالطعم والقرآن بالريح لأن الإيمان الزم للمؤمن من القرآن لأمكان حصول الايمان بدون القراءة والطعم الزم للجوهر من الريح فقد يذهب ريحه ويبقى طعمه وخص الأترجة بالمثل لأن يداوى بقشرها ويستخرج من جلدها دهن ومنافع أما لحمها فلذيذ ومذاقها طيب النكهة تدبغ المعدة وتقوي الهضم وهي أفضل ثمار العرب (7) أي من حيث أنه مؤمن ذو ايمان (ولا ريح لها) أي من حيث أنه مؤمن غير تال في الحديث الذي لا يكون فيه تاليا وان كان ممن حفظ القرآن ذكره ابن العربي (8) أي المنافق كما صرح بذلك في رواية فذكر المنافق بدل الفاجر في الموضعين (9) يعني ريحها طيب لأن القرآن طيب وليس إلا أنفاس التالي والقارئ في وقت قراءته وطعمها مر لأن النفاق كفر الباطن والحلاوة هي للايمان فشبهه بالريح لكونه لم ينتفع ببركة القرآن ولم يفز بحلاوة أجر فلم يجاوز الطيب موضع الصوت وهو الحلق ولا اتصل بالقلب (10) الحنظلة معروفة وتسمى في بعض البلاد بطيخ أبي جهل (11) أي لأنه لا إيمان عنده ولا قراءة فهو كالحنظلة مر طعمها ولا ريح لها (تخريجه) (ق طل والأربعة) (12) (سنده) حدثنا وكيع ثنا بشير بن المهاجر عن عبد الله بن بريدة عن أبيه (يعني بريدة الأسلمي) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (13) قال الحافظ السيوطي هو المتغير اللون والجسم لعارض من العوارض كمرض او سفر أو نحوهما وكأنه يجيء على هذه الهيئة ليكون أشبه بصاحبه في الدنيا الذي أتعب نفسه بالسهر في الليل يقرأ القرآن ويقوم به ويصوم في النهار أو للتنبيه له على أنه كما تغير لونه في الدنيا لأجل القيام بالقرآن كذلك القرآن لأجله في السعي يوم القيامة حتى ينال صاحبه الغاية القصوى في الآخرة (14) أي بطول القيام (15) رواية الحاكم وابن ماجه (وأظمأت نهارك) أي من كثرة القراءة والصيام بالنهار

(عن عائشة رضي الله عنها) (1) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي يقرأ القرآن وهو ماهر به (2) مع السفرة الكرام البررة والذي يقرؤه وهو عليه شاق (3) فله أجران (وعنها أيضا) (4) قالت سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يقرأ (5) آية فقال رحمه الله لقد أذكرني آية كنت نسيتها (عن أنس بن مالك) (6) قال بينما نحن نقرأ فينا العربي والعجمي والأسود والأبيض إذ خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنتم في خير تقرءون كتاب الله وفيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسيأتي على الناس زمان يثقفونه (7) كما يثقفون القدح يتعجلون (8) أجورهم ولا يتأجلونها (عن جابر ابن عبد الله) (9) قال دخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد فإذا فيه قوم يقرءون القرآن قال اقرءوا القرآن (وفي رواية قال فاستمع فقال اقرءوا فكل حسن) وابتغوا به الله عز وجل من قبل أن يأتي قوم يقيمونه (10) إقامة القدح يتعجلونه ولا يتأجلونه (عن سهل بن معاذ عن أبيه) (11) عن

_ خصوصا في وقت الهاجرة وهي اشتداد الحر نصف النهار (تخريجه) (جه ك) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده صحيح ورجاله ثقات وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبي (1) (سنده) حدثنا اسماعيل قال انا هشام عن قتادة عن زرارة بن أبي أوقى عن سعد ابن هشام عن عائشة الحديث (غريبه) (2) الماهر بالقرآن هو الحاذق الكامل الحفظ الذي لا يتوقف ولا يشق عليه القراءة لجودة حفظه واتقانه (وقوله مع السفرة) جمع سافر ككاتب وكتبة زنة ومعنى فهم الملائكة الموصوفون بقوله الكرام البررة كما في الآية الكريمة قال ابن الملك أراد بهم الملائكة الذين يكتبون أعمال العباد ويحفظونها لأجلهم ومعنى كونه معهم أن يكون في منازلهم ورفيقا في الآخرة لاتصافه بصفتهم من جهة أنه حامل الكتاب وأمين عليه (والبررة) جمع البار بمعنى المحسن (3) أي شديد يصيبه مشقة جملة حالية (فله أجران) أي أجر لقراءته وأجر لتحمل مشقته وهذا تحريض على تحصيل القراءة (تخريجه) (ق والأربعة) (4) (سنده) حدثنا وكيع قال ثنا هشام عن أبيه عن عائشة الحديث (غريبه) (5) وفي رواية أبي داود يقرأ فرفع صوته بالقرآن (تخريجه) (د) ورجاله من رجال الصحيحين (6) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا بكر بن سوادة عن وفاء الخولاني عن أنس ابن مالك الحديث (غريبه) (7) أي يبالغون في تحسينه كما يبالغون في تحسين القدح واعتداله (والقدح) بكسر القاف وسكون المهملة هو السهم الذي يرمى به عن القوس بعد تقويمه واعتداله (8) أي يطلبون بقراءته أجرة من عرض الدنيا الزائل ولا يقرءونه لله ليوفيهم أجورهم (في الآخرة) ويزيدهم من فضله كما نطق بذلك الكتاب العزيز (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفي سنده ابن لهيعة فيه كلام وحسن حديثه الحافظ الهيثمي لأنه صرح بالتحديث (9) (سنده) حدثنا عبد الوهاب يعني ابن عطاء أنبأنا أسامة بن زيد الليثي عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله الحدي (غريبه) (10) يقيمونه الخ هو بمعنى يثقفونه المذكور في الحديث السابق وتقدم شرحه (تخريجه) (د) وسنده حسن وله شاهد من حديث أنس وهو الحديث السابق ومن حديث سهل بن سعد وتقدم في الباب السابق فارجع الى شرحه (11) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة قال ثنا يحيى بن غيلان قال حدثني رشدين بن سعد عن زبان عن سهل بن معاذ عن أبيه الخ (قلت) أبوه معاذ بن أنس الجهني الصحابي رضي الله تبارك وتعالى عنه (غريبه)

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من قرأ ألف آية في سبيل الله (1) تبارك وتعالى كتب يوم القيامة مع النبيين والصديقين (2) والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا إن شاء الله تعالى (باب ما جاء في الجهر بقراءة القرآن والتغني به وحسن الصوت) (عن أبي هريرة) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أذن الله لشيء (4) ما أذن لنبي (5) أن يتغنى بالقرآن (6) (زاد في رواية) فيما يجهر به (عن سعد بن أبي وقاص) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا (8) من لم يتغن بالقرآن (9) قال وكيع (أحد الرواة) يعني يستغني به (عن عقبة بن عامر) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (1) معناه ابتغاء مرضاة الله تعالى لا يقصد إلا ذلك فخرج من يقرأ القرآن بأجرة أو بقصد أو بقصد الشهرة أو نحو ذلك (2) هم أفاضل اصحاب الأنبياء لمبالغتهم في الصدق والتصديق (وحسن أولئك رفيقا) أي رفقاء في الجنة بأن يستمتع فيها برؤيتهم وزيارتهم والحضور معهم وان كان مقرهم في الدرجات العالية بالنسبة إلى غيرهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه زبان بن فائد وهو ضعيف (باب) (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) ما الأولى نافية والثانية مصدرية أي ما استمع لشيء كاستماعه لنبي وفي شراح البخاري أذن يأذن كعلم يعلم مشترك بين الاطلاق والاستماع فإن أردت الاطلاق فالمصدر اذن بكسر وسكون فإن أردت الاستماع فالمصدر اذن بفتحتين والمراد بالاستماع هنا اجزال مثوبة القارئ لتنزهه تعالى عن السمع بالحاسة (5) أي لصوت نبي من الأنبياء (قال المناوي) يعني ما رضى الله من المسموعات شيئا هو أرضى عنده ولا أحب إليه من قول نبي يتغنى بالقرآن أي يجهر به ويحسن صوته بالقراءة بخشوع وترقيق وتحزن وأراد بالقرآن ما يقره من الكتب المنزلة من كلامه (6) قال النووي معناه عند الشافعي وأصحابه وأكثر العلماء من الطوائف وأصحاب الفنون يحسن صوته به وعند سفيان ابن عتيبة يستغنى به قيل يستغنى به عن الناس وقيل عن غيره من الأحاديث والكتب قال القاضي عياض القولان منقولان عن ابن عيينة قال يقال تغنيت وتغانيت بمعنى استغنيت (وقال الشافعي) وموافقوه معناه تحزين القراءة وترقيقها واستدلوا بالحديث الآخر (زينوا القرآن بأصواتكم) (قلت) سيأتي من حديث البراء آخر الباب قال الهروي معنى يتغنى به يجهر به وأنكر أبو جعفر الطبري تفسير من قال يستغني به وخطأه من حديث اللغة والمعنى والخلاف جار في الحديث الآخر (ليس منا من لم يتغن بالقرآن) (قلت سيأتي بعد هذا) قال والصحيح أنه في تحسين الصوت ويؤيده الرواية الأخرى فيتغنى بالقرآن يجهر به (قلت وهي الرواية الثانية من حديث الباب) والله أعلم (تخريجه) (ق د نس) (7) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا سعيد بن حسان المخزومي عن ابن أبي مليكة عن عبيد الله بن أبي نهيك عن سعد بن أبي وقاص الخ (غريبه) (8) أي ليس على طريقتنا (9) أي يجهر به ويحسن صوته بالقراءة بخشوع وترقيق كما مر في الحديث السابق وهذا هو القول الراجح وفسره وكيع بقوله يستغنى به وهو كقول سفيان بن عيينة وقد علمت ما فيه من شرح الحديث السابق والله أعلم (تخريجه) (د جه حب ك) وسنده صحيح (10) (سنده) حدثنا حماد بن خالد ثنا معاوية بن صالح عن مجير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن عقبة بن عامر الخ (قلت) وفي آخر الحديث قال أبو عبد الرحمن

الجاهر بالقرآن كالجاهر بالصدقة والمسر بالقرآن كالمسر بالصدقة (1) (وعنه أيضا) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل يقال له ذو البجادين إنه أواه (3) وذلك أنه كان رجلا كثير الذكر لله عز وجل في القرآن (4) ويرفع صوته في الدعاء (عن فضالة بن عبيد) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لله (6) أشد أذنا إلى الرجل حسن الصوت بالقرآن (7) من صاحب القينة (8) إلى قينته (عن أبي هريرة) (9) قال دخل رسول الله المسجد فسمع قراءة رجل فقال من هذا؟ قيل عبد الله بن قيس (10) فقال لقد أوتي هذا من مزامير آل داود (11) (عن عبد الله بن بريدة عن أبيه) (12) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان عبد الله بن قيس الأشعري اعطى مزمارا من مزامير آل داود (عن البراء) (13) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم زينوا القرآن بأصواتكم (14)

_ (يعني عبد الله بن الامام احمد) قال أبي كان حماد بن خالد حافظا وكان يحدثنا وكان يحفظ كتبت عنه أنا ويحيى بن معين اهـ (غريبه) (1) شبه القرآن جهرا وسرا بالصدقة جهرا وسرا ووجه الشبه أن الاسرار أبعد من الرياء فهو أفضل لخائفه فإنه لم يخفه فالجهر لمن لم يؤذ غيره كمصل أو نائم أفضل (تخريجه) (د نس مذ ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (2) (سنده) حدثنا موسى ثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر ان النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) الآواه المتأوه المتضرع وقيل هو الكثير البكاء وقيل الكثير الدعاء (4) معناه أنه كان يكثر من تلاوة القرآن بخضوع وخشوع (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفي اسناده ابن لهيعة فيه مقال لكونه عنعن وبقية رجاله ثقات (5) (سنده) حدثنا اسحاق بن ابراهيم الطالقاني ثنا الوليد بن مسلم عن الأزواعي عن اسماعيل بن عبيد الله عن فضالة بن عبيد الخ (غريبه) (6) بفتح اللام مبتدأ خبره أشد (وأذنا) بفتحتين بمعنى استماعا ولما كان الاستماع على الله عز وجل محالا لأن شأن من يتخلف سماعه بكثرة التوجه وقلته وسماعه تعالى لا يتخلف قالوا هو كناية عن تقريب القارئ واجزال ثوابه (7) زاد في رواية ابن ماجه (يجهر به) وجملة يجهر به حال مما يفهم كأنه قيل يقرأ يجهر به ويحتمل أنها نعت بناء على أن الرجل في معنى النكرة إذا لم تقصد به إلى أحد بعينه (8) القينة بفتح القاف وسكون الياء المثناة من تحت بعدها نون هي الجارية المغنية (تخريجه) (جه) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده حسن (9) (سنده) حدثنا يزيد (يعني ابن هارون) حدثنا محمد (يعني ابن عمرو) عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (10) هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه (11) مزامير جمع مزمار بكسر الميم وهو آلة اللهو ويطلق على الصوت الحسن وهو المراد هنا وأصل الزمر الغناء وآل داود هنا هو داود نفسه وآل فلان قد يطلق على نفسه والمعنى أن عبد الله بن قيس أعطى صوتا حسنا في قراءة القرآن من أنواع الأصوات والنغمات الحسنة التي كانت لداود عليه السلام في قراءة الزبور وكان اليه المنتهى في حسن الصوت بالقراءة (تخريجه) (جه) في الصلاة وسنده صحيح ورجاله ثقات (12) (سنده) حدثنا مالك (يعني ابن مغول) عن عبد الله بن بريدة عن أبيه (يعني أبا بريدة الأسلمي) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) (13) (سنده) حدثنا حميد بن عبد الرحمن عن الأعمش عن طلحة عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء (يعني ابن عازب) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (14) معناه على

(باب ما جاء في ترتيل القراءة وقراءة النبي صلى الله عليه وسلم) (عن مسلم بن مخراق عن عائشة) (1) قال ذكر لها أن ناسا يقرؤن القرآن في الليلة مرة أو مرتين فقالت أولئك قرؤا ولم يقرؤا (2) كنت أقوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة التمام (3) (وفي رواية كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم الليلة التمام) فكان يقرء سورة البقرة وآل عمران والنساء فلا يمر بآية فيها تخوف إلا دعا الله عز وجل واستعاذ ولا يمر

_ هذا التركيب (زينوا القرآن بأصواتكم) أي بتحسين أصواتكم عند القراءة فإن الكلام الحسن يزيد حسنا وزينة بالصوت الحسن وهذا مشاهد وقد روى الدارمي عن البراء بن عازب أيضا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (حسنوا القرآن بأصواتكم فإن الصوت الحسن يزيد القرآن حسنا) ولما رأى بعضهم أن القرآن أعظم وأجل من أن يحسن بالصوت بل الصوت أحق أن يحسن بالقرآن قال معناه زينوا أصواتكم بالقرآن (قال الخطابي) هكذا فسره غير واحد من أئمة الحديث وزعموا أنه من باب المقلوب كما قالوا عرضت الناقة على الحوض أي عرضت الحوض على الناقة وكقولهم إذا طلعت الشعري واستولى العود على الحرباء أي استوى الحرباء على العود ثم روى باسناده عن شعبة قال نهاني أيوب أن أحدث (زينوا القرآن بأصواتكم) قال ورواه معمر عن منصور عن طلحة فقدم الأصوات على القرآن وهو الصحيح أخبرناه محمد بن هاشم حدثنا الدبري عن عبد الرزاق أنبأنا معمر عن منصور عن طلحة عن عبد الرحمن عن عوسجة عن البراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال زينوا أصواتكم بالقرآن والمعنى اشغلوا أصواتكم بالقرآن والهجوا به واتخذوه شعارة وزينة اهـ (تخريجه) (د نس جه) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح للاحتجاج به (قال النووي) قال القاضي اجمع العلماء على استحباب تحسين الصوت بالقراءة وترتيلها قال أبو عبيد والأحاديث الواردة في ذلك محمولة على التخزين والتشويق قال واختلفوا في القراءة بالألحان فكرهها مالك والجمهور لخروجها عما جاء القرآن له من الخشوع والتفهم وأباحها أبو حنيفة وجماعة من السلف للأحاديث ولأن ذلك سبب للرقة وإثارة الخشية وإقبال النفوس على استماعه (قلت) قال الشافعي في موضع أكره القراءة بالألحان وقال في موضع لا أكرهها قال أصحابنا ليس فيها خلاف وإنما هو اختلاف حالين فحيث كرهها أراد إذا مطط وأخرج الكلام عن موضعه بزيادة أو نقص أو مد غير ممدود وإدغام مالا يجوز إدغامه ونحو ذلك وحيث أباحها أراد إذا لم يكن فيها تغير لموضوع الكلام والله أعلم اهـ (قلت) والذي يتحصل من الأدلة أن حسن الصوت بالقرآن مطلوب فإن لم يكن حسنا فليحسنه ما استطاع كما قال ابن أبي مليكة أحد رواة الحديث وقد أخرج ذلك عنه أبو داود باسناد صحيح ومن جملة تحسينه أن تراعي فيه قوانين النغم فإن الحسن الصوت يزداد حسنا بذلك وان خرج عنها أثر ذلك في حسنه وغير الحسن ربما انجبر بمراعاتها مالم يخرج عن شرط الاداء المعتبر عند أهل القراءات فإن خرج عنها لم يف تحسين الصوت بقبح الأداء ولعل هذا مستند من كره القراءة بالأنغام لأن الغالب من راعي الأنغام أن لا يراعي الأداء فإن وجد من يراعيهما معا فلا شك في أنه أرجح من غيره لأنه يأتي بالمطلوب من تحسين الصوت ويجتنب الممنوع من حرمة الأداء والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن زياد بن نعيم عن مسلم بن مخراق عن عائشة الخ (غريبه) (2) معناه أنهم قرءوا القرآن بلسانهم ولم تفقهه قلوبهم ولم تتأثر بما فيه (3) قال في النهاية هي ليلة أربع عشرة من الشهر لأن

بآية فيها استبشار إلا دعا الله عز وجل ورغب إليه (1) (عن ابن أبي مليكة) (2) أن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ولا أعلمها إلا حفصة رضي الله عنها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت إنكم لا تطيقونها قالت الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم تعني الترتيل (عن قتادة) (3) قال سألت أنس بن مالك رضي الله عنه عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان يمد بها صوته مدا وفي لفظ كانت قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم مدا يمد بها مدا (حدثنا وكيع ثنا شعبة) (4) عن معاوية بن قرة قال سمعت عبد الله بن مغفل يقول قرأ النبي صلى الله عليه وسلم عام الفتح في مسيرة سورة الفتح على راحلته وقال مرة نزلت سورة الفتح وهو في مسير له فجعل يقرأ وهو على راحلته قال فرجع فيها (5) قال فقال معاوية (يعني ابن قرة) لولا أن أكره أن يجتمع الناس علي لحكيث لكم قراءته (6) (حدثنا شبابة) (7) وأبو طالب بن جابان القارئ قال ثنا شعبة عن معاوية بن قرة عن عبد الله ابن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل هذا الحديث (8) قال ابن جابان في حديثه آء آء (9) (حدثنا ابن ادريس) (10) قال سمعت شعبة يذكر عن أبي إياس معاوية بن قرة المزني عن عبد الله بن مغفل قال سمعته يقرأ يعني النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح فلولا أن يجتمع الناس علي لحكيث لكم قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

_ القمر يتم فيها نوره وتفتح تاؤه وتكسر وقيل ليل التمام بالكسر أطول ليلة في السنة (1) أي بكثرة الدعاء طمعا فيما عند الله عز وجل من الثواب العظيم (تخريجه) (هق) وفي اسناده ابن لهيعة فيه كلام إذا عنعن وله شاهد يعضده عند (م حم نس) من حديث حذيفه وسيأتي بعد ثلاث أبواب وفيه أن كثرة الثواب لا بكثرة القراءة بل بتدبر المعنى والخشوع في القراءة وان لم يكثر منها والله أعلم (2) (عن ابن مليكة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب جامع صفة القراءة من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 237 رقم 598 (3) (عن قتادة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار إليه آنفا في الجزء الثالث صحيفة 236 رقم 596 وهو حديث صحيح أخرجه (خ هق والأربعة) (4) (حدثنا وكيع الخ) (غريبه) (5) بتشديد الجيم أي ردد الصوت في الحلق والجهر بالقول مكررا بعد اخفائه (6) قال ابن بطال في هذا الحديث إجازة القراءة بالترجيع والألحان الملذة للقلوب بحسن الصوت وقول معاوية لولا أن اكره أن يجتمع الناس (أي كما في رواية البخاري) يشير إلى أن القراءة بالترجيع تجمع نفوس الناس إلى الاصغاء وتستميلها بذلك حتى لا تكاد تصبر عن استماع الترجيع المشوب بلذة الحكمة المهيمة (7) جاء هذا الحديث في المسند متصلا بالحديث السابق فهو جزء منه (8) يعني مثل الحديث السابق (9) جاء عند البخاري في التوحيد (قال آء آء آء ثلاث مرات) بهمزة مفتوحة بعدها الف فهمزة أخرى (قال ابن بطال) وفي قوله آء بمد الهمزة والسكون دلالة على أنه صلى الله عليه وسلم كان يراعي في قراءته المد والوقف اهـ (قلت) وفيه أيضا دلالة على جواز قراءة القرآن راكبا في السفر قال الحافظ ابن كثير في تفسيره وهذا أيضا له تعلق بالقرآن وتلاوته سفرا وحضرا ولا يكره ذلك عند أكثر العلماء إذا لم يتله القارى في الطريق وقد نقله ابن أبي داود عن أبي الدرداء أنه كان يقرأ في الطريق وقد روى عن عمر بن عبد العزيز أنه أذن في ذلك والله أعلم (تخريجه) (ق والثلاثة) (10) (حدثنا ابن إدريس الخ) (قلت) ابن ادريس اسمه عبد الله قال في التقريب عبد الله بن إدريس بن يزيد بن عبد الرحمن الأودي بسكون الواو أبو محمد الكوفي ثقة فقيه

قرأ سورة الفتح (1) قال (يعني معاوية بن قرة) لولا أن يجتمع الناس علي لحكيت لكم ما قال عبد الله يعني ابن مغفل كيف قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال بهز وغندر قال فرجع فيها (2) (عن أبي سعيد الخدري) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ردد آية حتى أصبح (4) (باب الاقتصاد في القراءة خوف الملل وفي كم يقرأ القرآن) (عن عبد الله عمرو) (5) قال جمعت القرآن (6) فقرأت به في كل ليلة فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إني أخشى أن يطول عليك زمان أن تمل (7) اقرأه في كل شهر قلت يا رسول الله دعني استمتع من قوتي وشبابي قال اقرأه في كل عشرين قلت يا رسول الله دعني استمتع من قوتي وشبابي قال اقرأه في عشر قلت يا رسول الله دعني استمتع من قوتي وشبابي قال اقرأه في كل سبع قلت يا رسول الله دعني استمتع من قوتي وشبابي فأبى (8)

_ عابد من الثامنة مات سنة اثنتين وتسعين له بضع وسبعون سنة (غريبه) (1) زاد مسلم من طريق شعبة أيضا (قال فقرأ ابن مغفل ورجع فقال معاوية لولا الناس لأخذت لكم بذلك الذي ذكره ابن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم) وظاهره أن معاوية لم يحك قراءة ابن مغفل لكن جاء عند البخاري في التوحيد (قال ثم قرأ معاوية يحكي قراءة ابن مغفل وقال لولا أن يجتمع الناس عليكم لرجعت كما رجع ابن مغفل) قال الحافظ وظاهره أنه لم يرجع وهو المعتمد ويحمل قوله ثم قرأ معاوية الخ على أنه حكى القراءة دون الترجيع اهـ (2) يحتمل أن يكون المراد بقوله (فرجع فيها) يعني عبد الله بن مغفل ويحتمل أن يكون المراد بذلك النبي صلى الله عليه وسلم أما ترجيع ابن مغفل فثابت في رواية مسلم وأما ترجيع النبي صلى الله عليه وسلم فثابت عند الشيخين والامام احمد كما في الحديث السابق والله أعلم (تخريجه) (ق طل والثلاثة) مختصرا ومطولا اهـ (3) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب أخبرني اسماعيل بن مسلم التاجي عن ابي نضرة عن ابي سعيد الخ (غريبه) (4) لم يصرح بالآية في هذا الحديث وجاء التصريح بها عند الحاكم والامام احمد وسيأتي في تفسير آخر سورة المائدة من حديث أبي ذر وهي قوله تعالى (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام من حديث أبي سعيد وأخرجه الحاكم والامام احمد أيضا من حديث أبي ذر وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (5) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن يحيى بن حكيم بن صفوان عن عبد الله بن عمرو بن العاص الخ (غريبه) (6) أي حفظه كله عن ظهر قلب (7) أي عند الكبر وضعف القوة (8) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يصرح له بقراءة القرآن في أقل من سبع ويؤيده ذلك قوله في الرواية الأخرى (فاقرأه في كل سبع ولا تزيدن) (قال الحافظ) أي لا يغير الحال المذكور إلى حالة أخرى فاطلق الزيادة والمراد النقص والزيادة هنا بطريق التدلي أي لا يقرؤه في أقل من سبع (قلت) لكن جاء في مسند الدارمي من طريق أبي فروة عن عبد الله بن عمرو قال قلت يا رسول الله في كم أختم القرآ،؟ قال اختمه في شهر فذكر الحديث الى أن قال اختمه في خمس قلت اني اطيق قال لا ويستفاد منه التصريح بختمه في الخمس وقد جمع الحافظ بين روايتي السبع والخمس فقال لا مانع أن يتعدد قول النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو ذلك تأكيدا ويؤيده الاختلاف الواقع في السياق وكأن النهي عن الزيادة ليس على التحريم كما أن الأمر في جميع ذلك ليس للوجوب وعرف ذلك من قرائن الحال التي ارشد اليها السياق وهو النظر إلى عجزه

(زاد في رواية) فاقرأه في كل سبع لا تزيدن (وعنه من طريق ثان) (1) قال قلت يا رسول الله في كم أقرأ القرآن؟ قال اقرأه في كل شهر قال قلت اني أقوى أكثر من ذلك قال اقرأه في خمس وعشرين قلت اني اقوى على أكثر من ذلك قال اقرأه في عشرين قال قلت اني اقوى على أكثر من ذلك قال اقرأه في خمس عشرة قال قلت اني اقوى على أكثر من ذلك قال اقرأه في سبع قال قلت اني اقوى على اكثر من ذلك قال لا يفقهه من يقرؤه في أقل ثلاث (2) (وعنه أيضا) (3) أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم بابن له فقال يا رسول الله ان ابني هذا المصحف بالنهار (4) ويبيت بالليل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما تنقم أن ابنك يظل ذاكرا ويبيت سالما (عن جندب) بن سفيان البجلي رضي الله عنه (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اقرؤا القرآن (6) ما ائتلفت عليه قلوبكم فإن اختلفتم (7) فقوموا

_ عن سوى ذلك في الحال أو في المآل (1) (سنده) حدثنا يزيد أنا همام عن قتادة عن يزيد بن عبد الله ابن الشخير عن عبد الله بن عمرو قال قلت يارسول الله الخ (2) ظاهر قوله صلى الله عليه وسلم (لا يفقهه من يقرؤه في أقل من ثلاث) جواز قراءته في ثلاث وهو كذلك فقد وقع في رواية هشيم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لعبد الله بن عمرو (اقرأه في كل ثلاث) وله شاهد عند سعيد بن منصور في سننه قال الحافظ باسناد صحيح من وجه آخر عن (عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يختم القرآن في أقل من ثلاث) قال الحافظ (وهذا اختيار أحمد وأبي عبيد واسحق بن راهوية وغيرهم وثبت عن كثير من السلف أنهم قرءوا القرآن في دون ذلك وأغرب بعض الظاهرية فقال يحرم أن يقرأ القرآن في أقل من ثلاث اهـ ويستفاد من ذلك ان النهي ليس للتحريم كما أن الأمر في جميع مامر في الحديث ليس للوجوب كما قال الحافظ (قال النووي) والاختيار أن ذلك يختلف بالأشخاص فمن كان من أهل الفهم وتدقيق الفكر استحب له أن يقتصر على القدر الذي لا يختل به المقصود من التدبر واستخراج المعاني وكذا من كان له شغل بالعلم أو غيره من مهمات الدين ومصالح المسلمين العامة يستحب له أن يقتصر منه على القدر الذي لا يخل بما هو فيه ومن لم يكن كذلك فالأولى له الاستكثار ما أمكنه من غير خروج إلى الملل ولا يقرؤه هذرمة والله أعلم (تخريجه) (ق طل والثلاثة وغيرهم) (3) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثني حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو أن رجلا الخ (غريبه) (4) ظاهره أنه كان يختم القرآن في يوم وينام بالليل فأنكر عليه والده فعله وشكاه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم (أما تنقم الخ) ومعناه أن النبي صلى الله عليه وسلم ينبه الرجل بعدم الانكار على ابنه لأنه لم يفعل إلا ما يوجب الثناء عليه وفيه جواز ختم القرآن في يوم لمن لم يخل بالقراءة والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده حسن لأن ابن لهيعة صرح بالتحديث (5) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا سلام بن أبي مطيع عن أبي عمران الجوني عن جندب الخ (قلت) قال الحافظ في التقريب جندب ابن عبد الله بن سفيان البجلي ثم العلقي بفتحتين ثم قاف أبو عبد الله وربما نسب إلى جده له صحبة ومات بعد الستين (غريبه) (6) أي داوموا على قراءته (ما ائتلفت) أي دامت قلوبكم تألفت القراءة بنشاط وتدبر (7) أي مللتم أو صارت قلوبكم في فكرة شيء سوى قراءتكم يذهب التدبر والخشوع

(باب نزول السكينة (1) والملائكة عند قراءة القرآن) (عن البراء بن عازب) (2) قال قرأ رجل الكهف (3) وفي الدار دابة (4) فجعلت تنفر (5) فنظر فإذا ضبابة أو سحابة (6) قد غشيته قال فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ فلان فإنها السكينة (7) تنزلت عند القرآن أو تنزلت للقرآن (عن أبي سعيد الخدري) (8) أن أسيد بن حضير رضي الله عنه بينما هو ليلة يقرأ في مربده (9) إذ جالت فرسه فقرأ ثم جالت أخرى فقرأ ثم جالت أيضا فقال أسيد فخشيت أن تطأ يحيى يعني ابنه (10) فقمت إليه فإذا مثله الظلة (11) فوق رأسي فيها أمثال أمثال السرج (12) عرجت في الجو حتى ما أراها (13) فغدوت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إنه بينما أنا البارحة من جوف الليل أقرأ في مربدي إذ جالت فرسي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ ابن حضير (14) قال فقرأت ثم جالت أيضا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ ابن حضير

_ (فقوموا) أي اتركوا القراءة إلى وقت تقرءون فيه بنشاط وتدبر جاء في الأصل بعد قوله فقوموا (قال) عبد الرحمن (يعني ابن مهدي شيخ الامام احمد) لم يرفعه حماد بن زيد (يعني في رواية أخرى) أما هذه فهي مرفوعة صحيحة (تخريجه) (ق ن) ورواه (م) والطبراني عن ابن عمر والنسائي عن معاذ (باب) (1) قال النووي قيل في معنى السكينة هنا أشياء المختار منها انها شيء من مخلوقات الله تعالى فيه طمأنينة ورحمة ومعه الملائكة والله أعلم اهـ وقال الراغب الاصفهاني قيل هو ملك يسكن قلب المؤمن ويؤمنه كما روى أن عليا قال ان السكينة تنطق على لسان عمران اهـ وقيل هي ما يحصل به السكون وصفاء القلب (2) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي اسحاق قال سمعت البراء يقول قرأ رجل الكهف الخ (غريبه) (3) قال الحافظ في قوله (قرأ رجل الكهف) قيل هو أسيد بن حضير (يعني المذكور في الحديث التالي) لكن فيه أنه كان يقرأ سورة البقرة وفي هذا أنه كان يقرأ سورة الكهف وهذا ظاهره التعدد (4) لم يصرح بنوع تلك الدابة وجاء عند البخاري بلفظ (وإلى جانبه حصان) بكسر أوله (5) بكسر الفاء من باب ضرب أي تثب وتركض (6) أو للشك من الراوي والمعنى واحد (وقوله قد غشيته) أي أحاطت به (7) قال القارى أي السكون والطمأنينة التي يطمئن اليها القلب ويسكن بها عن الرعب (تخريجه) (ق مذ طل) (8) (سنده) حدثنا يعقوب قال سمعت أبي عن زيد بن الهاد أن عبد الله بن خباب حدثه أن أبا سعيد الخدري حدثه أن أسيد بن حضير الخ (غريبه) (9) المربد بوزن منبر هو الموضع الذي ييبس فيه التمر كالبيدر للحنطة ونحوها (وقوله جالت فرسه) جاء عند البخاري (وفرسه مربوط) والفرس يطلق على الذكر والأنثى يعني جالت أي وثبت واضطربت (10) أي وكان قريبا من الفرس كما يوضحه لفظ البخاري (وكان ابنه يحيى قريبا منها فأشفق أن تصيبه) أي خفت أن تدرس الفرس ولدي يحيى وكان به يكنى (11) هي ما يقي من الشمس كسحاب أو سقف بيت (12) بضمتين جمع سراج ولفظ البخاري (أمثال المصابيح) أي أجسام لطيفة نورانية (13) أي صعدت في الجو حتى غابت عن ناظري (14) هذا ليس أمرا بالقراءة حال التحديث بل المعنى كان ينبغي لك أن تستمر على قراءتك وتغتنم ما حصل لك من نزول السكينة والملائكة وتستكثر من القراءة (وقوله فقرأت) يحكي

فقرأت ثم جالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ بن حضير قال فانصرفت وكان يحيى قريبا منها فخشيت أن تطأه فرأيت مثل الظلة فيها أمثال السرج عرجت في الجو حتى ما أراها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الملائكة كانت تسمع لك (1) ولو قرأت لأصبحت يراها الناس لاتستتر منهم (2) (باب فضل القراءة على قراءة عبد الله بن مسعود وذكر من حفظ القرآن كله من الصحابة) (عن عبد الله) (3) أن أبا بكر وعمر رضي الله عنهما بشراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من سره أن يقرأ القرآن غضا (4) كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد (5) (عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (7) قال غضا أو رطبا (8) (عن أبي هريرة) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن يقرأ القرآن غريضا (10) كذا قال كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد

_ ما حصل وكذا يقال في كل مرة قال له النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ ابن حضير وقوله في المرة الثالثة (قال فانصرفت) يعني عن القراءة لأنه خشى على ابنه أن تطأ الفرس (1) جاء عند البخاري بلفظ (تلك الملائكة دنت لصوتك) وكان أسيد حسن الصوت وفي رواية يحيى بن أيوب عن يزيد بن الهاد عند الاسماعيلي (اقرأ أسيد فقد أوتيت من مزامير آل داود) ففيه اشارة إلى الباعث على استماع الملائكة لقراءته (2) يشير بذلك إلى أن الملائكة لاستغراقهم في الاستماع كانوا يستمرون على عدم الاختفاء الذي هو من شأنهم حتى يراهم الناس لو استمريت في قرائتك (تخريجه) (ق نس) قال النووي وفي هذا الحديث جواز رؤية آحاد الأمة الملائكة (قلت يعني الصالحين منهم) وفيه فضيلة القراءة وانها سبب نزول الرحمة وحضور الملائكة يعني اذا كانت بتدبر وخشوع وفيه فضيلة استماع القرآن اهـ (قلت) وفيه منقبة عظيمة لأسيد بن حضير رضي الله عنه (باب) (3) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم قال حدثنا أبو بكر يعني ابن عياش عن عاصم عن زر عن عبد الله (يعني ابن مسعود) ان ابا بكر وعمر الخ (غريبه) (4) الغض الطرى الذي لم يتغير أراد طريقه في القراءة وهيأته فيها وقيل بالآيات التي سمعها منه من أول سورة النساء إلى قوله (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) (نه) (5) ابن أم عبد هو عبد الله بن مسعود الصحابي كان من السابقين في الاسلام رضي الله عنه (تخريجه) (بز طب عل حب ك) وصححه الحاكم واقره الذهبي وهو من مسند أبي بكر رضي الله عنه (6) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا أبو بكر ويزيد بن عبد العزيز عن الأعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عمر بن الخطاب الخ (غريبه) (7) هكذا في الأصل وليس من اختصاري (8) أو للشك من الراوي ومعنى رطبا أو لينا لاشدة في صوت قارئه (نه) (تخريجه) (مذ نس خز) وسنده صحيح وهو من مسند عمر ولكنه جاء في الأصل في مسند أبي بكر استطرادا لأنه في معنى الذي قبله (9) (سنده) حدثنا وكيع عن جرير بن أيوب عن أبي زرعة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (10) اي طريا وانما قال الراوي (كذا قال) لأن لفظ غريضا يخالف المشهور وهو غضا (قال في النهاية) وفي حديث الغيبة فقاءت لحما غريضا أي طريا ومنه حديث عمر فيؤتي بالخبز لينا وباللحم غريضا اهـ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث أبي هريرة وفي اسناده جرير بن أيوب ضعيف وفيه كلام كثير وحديثه

(عن مسروق) (1) قال كنت جالسا عند عبد الله بن عمرو (بن العاص) فذكر عبد الله بن مسعود فقال إن ذاك لرجل لا أزال أحبه أبدا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خذوا القرآن عن أربعة (2) عن ابن أم عبد فبدأ به وعن معاذ وعن سالم مولى أبي حذيفة قال يعلي (أحد الرواة) ونسيت الرابع (3) (عن عبد الله بن عمرو) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال استقرئوا القرآن من أربعة من عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب (5) (عن أنس) (6) قال جمع القرآن (7) على رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة نفر كلهم من الأنصار أبي بن كعب ومعاذ بن جبل وزيد بن ثابت وأبو زيد (8) (باب ما يستحب أن يقوله القارئ عند ذكر آية عذاب أو رحمة وعند ختم بعض السور) (عن حذيفة بن اليمان) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا

_ لا يحتج به ويغنى عنه ما تقدمه من أحاديث الباب والله أعلم بالصواب (1) (سنده) حدثنا يعلي ثنا الأعمش عن أبي وائل عن مسروق الخ (غريبه) (2) أي تعلموه منهم واقتدوا بهم في قرائته (عن ابن أم عبد) يعني عبد الله بن مسعود (فبدأ به) يشير بذلك إلى أنه أفضلهم في ذلك (وعن معاذ) يعني ابن جبل (3) هو أبي بن كعب كما صرح بذلك في الحديث التالي (تخريجه) (ق مذ وغيرهم) (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان سمعت أبا وائل يحدث عن مسروق عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) ليس هذا آخر الحديث وبقيته قال وقال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من أحبكم إلي أحسنكم خلقا (تخريجه) (ق وغيرهما) (6) (سنده) حدثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (غريبه) (7) أي حفظه كله وفي رواية للبخاري بلفظ مات النبي صلى الله عليه وسلم ولم يجمع القرآن غير أربعة فذكره (8) زاد في رواية للبخاري قيل لأنس من أبو زيد؟ قال أحد عمومتي وله في أخرى يعني انسا (ونحن ورثناه) بكسر الراء مخففة يعني أن أنسا وأقاربه ورثوا أبا زيد لأنه مات ولم يترك عقبا وه أحد عمومة أنس كما في المناقب (قال المازري) لا يلزم من قول أنس لم يجمعه غيرهم أن يكون الواقع في نفس الأمر كذلك لأن التقدير أنه لا يعلم أن سواهم جمعه وإلا فكيف الاحاطة بذلك مع كثرة الصحابة وتفرقهم في البلاد وهذا لا يتم إلا إن كان لقى كل واحد منهم على انفراده وأخبره عن نفسه أنه لم يكمل له جمع القرآن في عهده صلى الله عليه وسلم وهذا في غاية البعد عن العادة اهـ وقال بعض العلماء معنى قول أنس (لم يجمع القرآن غير أربعة) أي لم يجمعه على جميع وجوهه وقراءته أو لم يجمعه كله تلقيا من في النبي صلى الله عليه وسلم بلا واسطة أو لم يجمع ما نسخ منه بعد تلاوته وما لم ينسخ أو مع احكامه والتفقه فيه أو كتابته وحفظه والله أعلم (تخريجه) (خ مذ) (باب) (9) (سنده) حدثنا ابو معاوية ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن مستورد بن أحنف عن صلة بن زفر عن حذيفة قال صليت مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة قال فافتتح البقرة فقرأ حتى بلغ رأس المائة فقلت يركع ثم مضى حتى بلغ المائتين فقلت يركع ثم مضى حتى ختمها قال فقلت يركع قال ثم افتتح سورة آل عمران حتى ختمها فقلت يركع قال ثم افتتح سورة النساء فقرأها قال ثم ركع قال فقال

مر بآية رحمة سأل (1) واذا مر بآية فيها عذاب تعوذ (2) واذا مر بآية فيها تنزيه لله عز وجل سبح (3) (حدثنا سفيان) (4) عن اسماعيل بن أمية سمعه من شيخ فقال مرة سمعته من رجل من أهل البادية اعرابي سمعت ابا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ المرسلات عرفا فليقل (5) فبأي حديث بعده يؤمنون (6) ومن قرأ التين والزيتون فليقل وانا على ذلك من الشاهدين (7) ومن قرأ أليس ذلك بقادر على أن يحيى الموتى فليقل بلى قال اسماعيل (8) فذهبت انظر هل حفظ وكان اعرابيا فقال يا ابن اخي أظننت أني لم أحفظه؟ لقد حججت ستين حجة مامنها سنة إلا أعرف البعير الذي حجيت عليه (9) (باب ما جاء في فضل استماع القرآن والبكاء عند ذلك) (عن أبي حيان الأشجعي) (10) عن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال لي اقرأ علي من القرآن قال فقلت له اليس منك تعلمته وأنت تقرئنا؟ فقال اني اتيت النبي صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال اقرأ علي القرآن قال فقلت يارسول الله اليس عليك أنزل ومنك تعلمناه قال بلى ولكني أحب

_ في ركوعه سبحان ربي العظيم قال وكان ركوعه بمنزلة قيامه ثم سجد فكان سجوده مثل ركوعه وقال في سجوده سبحان ربي الأعلى قال وكان إذا مر بآية رحمة الخ (غريبه) (1) أي سأل الله الرحمة والجنة (2) أي تعوذ بالله من النار وعذابها وإن كان كان قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ولكن ليقتدى به غيره (3) أي قال سبحان ربي الأعلى كما في بعض الروايات قال الحليمي فينبغي للمؤمنين سواه أن يكونوا كذلك بل هم أولى به منه اذا كان الله غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وهم من أمرهم على خطر (تخريجه) (م والأربعة) وتقدم في باب ما جاء في ترتيل القراءة والمد الخ قبل ثلاثة أبواب من حديث عائشة رضي الله عنها قالت فكان (تعني النبي صلى الله عليه وسلم) يقرأ سورة البقرة وآل عمران والنساء فلا يمر بآية فيها تخوف إلا دعا الله عز وجل واستعاذ ولا يمر بآية فيها استبشار إلا دعا الله عز وجل ورغب اليه (4) (حدثنا سفيان الخ) (غريبه) (5) هكذا بالأصل (فليقل) وهو خطأ من الناسخ وصوابه (فبلغ) فبأي حديث بعده يؤمنون (6) لم يذكر الجواب في الأصل والظاهر أنه سقط من الناسخ وهو (فليقل آمنا بالله) فقد جاء هذا الحديث نفسه عند أبي داود وفيه (ومن قرأ والمرسلات فبلغ فبأي حديث بعده يؤمنون فليقل آمنا بالله) (7) أي وأنا من الذي يشهدون من أنبيائك وأوليائك بأنك أحكم الحاكمين أي انتظم في سلك من له مشافهة في الشهادة بذلك (قال الحافظ) هذا أبلغ من أنا شاهد ومن ثم قالوا في (وكانت من القانتين) وفي (انه في الآخرة لمن الصالحين) أبلغ من وكانت قانتة ومن أنه في الآخرة صالح لأن من دخل في عداد الكامل وساهم معهم الفضائل ليس كمن انفرد منهم اهـ (8) يعني ابن أمية أحد رجال السند فذهبت انظر هل حفظ يعني هل هذا الأعرابي جيد الحفظ يريد اختباره (9) (تخريجه) أخرجه أبو داود مطولا كرواية الامام احمد واخرجه الترمذي مقتصرا على ما يختص بسورة التين وقال هذا حديث انما يروى بهذا الاسناد عن هذا الاعرابي عن ابي هريرة ولا يسمى اهـ يعني انه حديث ضعيف لجهالة الأعرابي وهو إن صح يدل على أن من قرأ هذه الآيات يستحب له أن يقول هذه الكلمات تأسيا بالنبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم (باب) (10) (سنده) حدثنا هشيم أنبأنا حصين عن هلال بن يساف عن أبي حيان الأشجعي الخ

أسمعه من غيري (عن عبد الله) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ علي القرآن قلت يا رسول الله كيف أقرأ عليك وانما أنزل عليك؟ قال اني اشتهي ان اسمعه من غيري (2) قال فاستفتحت سورة النساء فقرأت عليه فلما بلغت (فكيف (3) إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) قال (4) نظرت اليه وعيناه تذرفان (5) (عن ابي هريرة) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من استمع إلى آية من كتاب الله تعالى (7) كتب له حسنة مضاعفة (8) ومن تلاها كانت له نورا يوم القيامة (9) (باب الحث على تعاهد القرآن واستذكاره والنهي عن أن يقول نسيت آية كذا وكذا) (عن عبد الله) (10) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بئس مالأحدكم (11) أو بئسا لأحدهم أن يقول نسيت آية كيت وكيت (12) بل هو نسى (13) استذكروا القرآن فوالذي نفسي بيده

_ (تخريجه) (ق والثلاثة) (1) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن الأعمش عن ابراهيم عن عبيدة عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) قال ابن بطال يحتمل أن يكون أحب أن يسمعه من غيره ليكون عرض القرآن سنة أو ليتدبره ويتفهمه وذلك أن المستمع أقوى من التدبر ونفسه أخلى وأنشط لذلك من القارئ لاشتغاله بالقراءة وأحكامها وهذا بخلاف قراءته صلى الله عليه وسلم على أبي ابن كعب فإنه أراد أن يعلمه كيف أداء القراءة ومخارج الحروف (3) أي فكيف يصنع هؤلاء الكفرة من اليهود وغيرهم (إذا جئنا من كل أمة بشهيد) يشهد عليهم مما فعلوه وهو نبيهم (وجئنا بك) يا محمد (على هؤلاء) أي أمتك (شهيدا) حال أي شاهد على من آمن بالايمان وعلى من كفر بالكفر وعلى من نافق بالنفاق (4) يعني عبد الله بن مسعود نظرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وعند البخاري (فالتفت اليه) فإذا عيناه تذرفان (5) بسكون الذال المعجمة وكسر الراء أي سال دمعها لفرط رأفته ومزيد شفقته (تخريجه) (ق وغيرهما) قال النووي وفي حديث ابن مسعود فوائد (منها) استحباب استماع القراءة والاصغاء لها والبكاء عندها وتدبرها واستحباب طلب القراءة من غيره ليستمع له وهو أبلغ في التفهم والتدبر من قراءته بنفسه (وفيه) تواضع أهل العلم والفضل ولو مع أتباعهم والله أعلم (6) (سنده) حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عباد بن ميسرة عن الحسن البصري عن أبي هريرة الخ (غريبه) (7) أي اصغى الى قراءة آية من كتاب الله وافرغ سمعه إلى ذلك بتدبر وخشوع عند السماع (8) من المعلوم ان الحسنة بعشر أمثالها فقوله مضاعفة يشير إلى الزيادة على ذلك حسب نية السامع وخشوعه عند السماع وتدبر المعاني (9) فيه اشارة إلى أن الجهر بالقراءة أفضل لأن النفع المتعدي افضل من اللازم ومحله ان لم يخف نحو رياء كما يستفاد من احاديث اخرى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد قال الحافظ العراقي وفيه ضعف وانقطاع وقال تلميذه الحافظ الهيثمي فيه عباد بن ميسرة ضعفه احمد وغيره ووثقه أي معين مرة وضعفه أخرى (باب) (10) (سنده) حدثنا سليمان بن داود حدثنا شعبة عن منصور قال سمعت ابا وائل يحدث عن عبد الله (يعني ابن مسعود) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) بئس كلمة ذم وما نكرة موصوفه (لأحدكم أو بئس ما لأحدهم) أو للشك من الراوي (أن يقول الخ) هو المخصوص بالذم (12) أي كذا وكذا وهي كلمة يعبر بها عن الحديث الطويل ومثلها ذيت وذيت قال ثعلب كيت للأفعال وذيت للأسماء (13) بضم النون وتشديد السين المهملة مكسورة

لهو أشد تفصيا (1) من صدور الرجال من النعم (2) من عقلها (وعنه من طريق ثان) (3) قال تعاهدوا هذه المصاحف وربما قال القرآن (4) فلهو أشد تفصيا من صدور الرجال من النعم من عقله قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقل أحدكم اني نسيت آية كيت وكيت بل هو نسيى (عن أبي موسى الأشعري) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (عن ابن عمر) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال مثل صاحب القرآن (7) مثل صاحب الإبل المعقلة (8) إن عقلها صاحبها حبسها وان اطلقها ذهبت (وعنه من طريق ثان) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل القرآن إذا عاهد عليه صاحبه (10) فقرأه بالليل والنهار كمثل رجل له إبل فإن عقلها حفظها وان اطلق عقلها ذهبت فكذلك صاحب القرآن

_ في جميع الروايات في البخاري وأكثر الروايات في غيره وفي بعض روايات مسلم مخففا ومعنى المشدد ان النسيان ليس من فعل الناس بل من فعل الله عز وجل يحدثه عند إهمال تكريره ومراعاته عقوبة له وأما المخفف فمعناه أن الرجل تركه غير ملتفت اليه فهو كقوله تعالى (نسوا الله فنسيهم) اي تركهم في العذاب أو تركهم من الرحمة (والسين في قوله استذكروا) للمبالغة أي اطلبوا من أنفسكم مذاكرته والمحافظة على قراءته (1) بفتح الفاء وكسر الصاد المشددة وتخفيف التحتية منصوب على التمييز قال أهل اللغة التفصي الانفصال وفي حديث عقبة بن عامر (أشد تفلتا) وتقدم في باب الحث على تعلم القرآن وتسليمه (2) بفتح النون أصلها الإبل والبقر والغنم والمراد هنا الابل خاصة لأنها التي تعقل (بضم التاء) (وقوله من عقلها) جمع عقال ككتاب وكتب يقال عقلت البعير اعقله عقلا وهو أن تثني وظيفه مع ذراعه فتشدهما جميعا في وسط الذراع وذلك الحبل هو العقال وخص ضرب المثل بالابل لأنها اذا انفلتت لا تكاد تلحق (3) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الاعمش عن شقيق عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال تعاهدوا الخ (4) ظاهره ان هذه الجملة موقوفة على ابن مسعود ولكن رواه البخاري ومسلم من طريق جرير عن منصور عن أبي وائل عن ابن مسعود بنحوه مرفوعا كله (تخريجه) (ق مذ نس طل) (5) (سنده) حدثنا أبو احمد ثنا بريد بن عبد الله ثنا أبو ردة عن أبي موسى قال تعاهدوا هذا القرآن والذي نفسي بيده لهو أشد تفلتا من أحدكم من الابل من عقله قال أبو احمد قلت لبريد هذه الأحاديث التي حدثتني عن أبي بردة عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال هي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكن لا أقول لك (تخريجه) (م نس) مرفوعا عن أبي موسى عن النبي صلى الله عليه وسلم (6) (سنده) حدثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (7) قال القاضي عياض معنى صاحب القرآن اي الذي ألفه والمصاحبة المؤالفة ومنه فلان صاحب فلان وأصحاب الجنة وأصحاب النار وأصحاب الحديث وأصحاب الرأي وأصحاب الصنعة وأصحاب إبل وغنم وصاحب كنز وصاحب عبادة اهـ (8) بضم الميم وفتح العين وشد القاف أي المشدودة بعقال أي بحبل (9) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (10) اي احتفظ به ولازم تلاوته (تخريجه) (ق نس وغيرهم) (هذا) ويستفاد من أحاديث الباب الترغيب في كثرة تلاوة القرآن واستذكاره وتعاهده لئلا يعرضه حافظه للنسيان فإن ذلك خطأ كبير وذنب عظيم كما يستفاد من أحاديث الباب التالي نسأل الله العافية قال اسحاق بن راهوية وغيره يكره للرجل أن يمر عليه

(باب ما جاء في الوعيد الشديد لمن نسى القرآن أو بعضه بعد حفظه أو تراآى بقراءته أو تأكل به أو لم يعمل بما فيه) (عن عيسى بن فائد) (1) عن رجل عن سعد بن عبادة قال سمعته غير مرة ولا مرتين يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أمير عشرة إلا يؤتي به يوم القيامة مغلولا (2) لا يفكه من ذلك الغل (3) إلا العدل وما من رجل قرأ القرآن فنسيه إلأا لفى الله يوم يلقاه وهو أجذم (4) (ز) (وعن عبادة بن الصادمت) (5) رضي الله عنه عن النبي مثله (عن ابن عباس) (6)

_ أربعون يوما لا يقرأ فيها القرآن كما أنه يكره له أن يقرأه في أقل من ثلاثة أيام والله الموفق (باب) (1) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد ثنا خالد عن يزيد بن أبي زياد عن عيسى بن فائد عن رجل عن سعد بن عبادة الخ (غريبه) (2) أي مقيدا بالحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه (3) بضم المعجمة القيد التي جعل في يده وعنقه (4) قال أبو عبيد الأجذم المقطوع اليد وقال ابن قتيبة الأجذم هاهنا المجذوم وقال ابن الاعرابي معناه انه يلقى الله خالي اليدين عن الخير كنى باليد عما تحويه اليد وقال آخر معناه لقى الله لا حجة له (قال الخطابي) وقد رويناه عن سويد بن غفلة (تخريجه) (د) قال المنذري في اسناده يزيد بن ابي زياد الهاشمي مولاهم الكوفي في كنيته أبو عبد الله ولا يحتج بحديثه وقال عبد الرحمن بن أبي حاتم عيسى بن فائد روى عمن سمع سعد بن عبادة فهو على هذا منقطع أيضا (5) (ز) (سنده) حدثنا علي بن شعيب البزار ثنا يعقوب بن اسحاق الحضرمي اخبرني أبو عوانة عن يزيد ابن ابي زياد عن عيسى (يعني ابن فائد) قال وكان أميرا على الرقة عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أمير عشرة إلا جيء به يوم القيامة مغلولة يده إلى عنقه حتى يطلقه الحق أو يوبقه ومن تعلم القرآن ثم نسيه لقى الله وهو أجذم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن أحمد ورجاله ثقات وفي بعضهم خلاف اهـ (قلت) في اسناده يزيد بن أبي زياد فيه اختلاف وعيسى بن فائد قال الحافظ في التقريب مجهول وروايته عن الصحابة مرسلة وأورده الحافظ بن كثير في فضائل القرآن وذكر له شواهد تعضده وقال يزيد بن أبي زياد فيه اختلاف لكن هذا في باب الترهيب مقبول والله أعلم لا سيما ان كان له شاهد من وجه آخر كما قال أبو عبيد ثنا حجاج عن ابن جريج قال حدثت عن أنس ابن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضت على أجور أمتي حتى القذاة والبعرة يخرجها الرجل من المسجد وعرضت على ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أكبر من آية أو سورة من كتاب الله كانت مع أحدهم فنسيها وقد روى أبو داود والترمذي وابو يعلي والبزار وغيرهم من حديث ابي داود عن ابن جريج عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرضت على ذنوب أمتي فلم أر ذنبا أعظم من سورة من القرآن أو آية أوتيها رجل ثم نسيها قال الترمذي غريب لا نعرفه الا من هذا الوجه وذاكرت به البخاري فاستغربه (قال الحافظ ابن كثير) وقد ادخل بعض المفسرين هذا المعنى في قوله تعالى (ومن أعرض عن ذكري فان له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى) وهذا الذي قاله هذا وان لم يكن هو المراد جميعه فهو بعضه فإن الاعراض عن تلاوة القرآن وتعريضه للنسيان وعدم الاعتناء به فيه تهاون كبير وتفريط شديد نعوذ بالله منه (6) (سنده) حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقرأن القرآن أقوام من أمتي يمرقون (1) من الاسلام كما يمرق السهم من الرمية (2) (عن بشير بن أبي عمرو) (3) الخولاني ان الوليد بن قيس حدثه أنه سمع أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يكون خلف (4) من بعد ستين سنة (5) أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا (6) ثم خلف يقرؤن القرآن لا يعدوا تراقيهم (7) ويقرأ القرآن ثلاثة مؤمن ومنافق وفاجر قال بشير فقلت للوليد ما هؤلاء الثلاثة؟ فقال المنافق كافر به والفاجر يتأكل به (8) والمؤمن يؤمن به (عن أبي سعيد الخدري) (9) أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك خطب الناس وهو مسند ظهره إلى نخلة فقال ألا أخبركم بخير الناس وشر الناس؟ ان من خير الناس رجلا عمل في سبيل الله على ظهر فرسه أو على ظهر بعيره أو على قدميه حتى يأتيه الموت وان من شر الناس رجلا فاجرا جريئا يقرأ كتاب الله ولا يدعو (10) إلى شيء منه (عن عمران بن حصين) (11) قال مر برجل وهو يقرأ على قوم فلما فرغ سأل فقال عمران إنا لله وإنا اليه راجعون اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قرأ القرآن

_ قال عبد الله (يعني ابن الامام احمد) وسمعته أنا من عبد الله بن محمد حدثنا ابو الاحوص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقرأن القرآن الخ (غريبه) (1) أي يجوزونه ويخرقونه ويتعدونه (2) بفتح الراء وكر الميم وتشديد التحتية مفتوحة والمراد الصدي كالحمار الوحشي والغزالة ونحو ذلك والمعنى يخرجون من الدين بفتنة كخروج السهم من الرمية وهؤلاء هم الخوارج الذين خرجوا على علي فقاتلهم حتى قتل أكثرهم (تخريجه) (جه) وأورده الهيثمي وعزاه لأبي يعلي فقط وقال رجاله رجال الصحيح وكأنه غفل عن عزوه للامام احمد والله اعلم (3) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن حيوة أخبر بشير بن ابي عمرو والخولاني الخ (غريبه) (4) بفتح المعجمة وسكون اللام والخلف بفتح اللام الصالح وبسكونها الطالع قال مجاهد وقتادة هم قوم في هذه الامة (5) أي في أول خلافة يزيد بن معاوية فإن معاوية توفى في أول رجب سنة ستين وفي اليوم نفسه استخلف يزيد ومن ذلك الوقت كثر الفساد وسفك الدماء وتفرق الكلمة وهذا من معجزات النبوة (6) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس (فسوف يلقون غيا) أي خسرانا وقال قتادة شرا وقال سفيان الثوري وشعبة ومحمد بن اسحاق عن ابي اسحاق البيهقي عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود (فسوف يلقون غيا) قال واد في جهنم بعيد القعر خبيث الطعم (7) أي لا يجاوز تراقيهم كما في بعض الروايات والتراقي جمع ترقوة وهي عظام بين ثغرة النحر والعاتق والمعنى لا يخلص عن ألسنتهم وآذانهم إلى قلوبهم اي لا تعيه قلوبهم (8) اي يجعله مهنة يتعيش بها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله ثقات ورواه الطبراني في الأوسط كذلك (9) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا ليث قال حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن أبي الخطاب عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (10) هكذا بالأصل (لا يدعو) وجاء عند الحاكم والنسائي بلفظ (لا يرعوى) بوزن لا ينبغي وهو الظاهر ومعنى لا يرعوى أي لا ينكف ولا ينزجر من ارعوى اذا كف وقد ارعوى عن القبيح وقيل الارعواء الندم على الشيء وتركه والله أعلم (تخريجه) (نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (11) هذا الحديث والذي بعده تقدما في باب الإجارة

فليسأل الله تبارك وتعالى به فانه سيجيء قوم يقرؤن القرآن يسألون الناس به (عن عبد الرحمن ابن شبل) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرؤا القرآن ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به ولا تجفوا عنه ولا تغلوا فيه (عن عقبة بن عامر) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر منافقي أمتي قراؤها (2) (عن عبد الله بن عمرو) (3) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مثله (أبواب ما جاء في تحزيب القرآن وأورده وتأليفه وجمعه وكتابته في المصاحف) (باب تحزيب القرآن وأورده) (عن عثمان بن عبد الله بن أوس) (4) الثقفي عن جده أوس بن حذيفة قال كنت في الوافد الذين أتوا النبي صلى الله عليه وسلم اسلموا من ثقيف من بني مالك أنزلنا في قبة له فكان يختلف الينا بين بيوته وبين المسجد فإذا صلى العشاء الآخرة انصرف إلينا ولا نبرح

_ على القرب من كتاب الاجارة في الجزء الخامس عشر صحيفة 125 بسندهما وشرحهما وتخريجها (1) (سنده) حدثنا ابو سعيد حدثنا ابن لهيعة ثنا مشرح عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) (2) قال في النهاية معناه الذين يتأولون القرآن على غير وجه ويضعونه في غير مواضعه أو يحفظون القرآن تقية للتهمة عن أنفسهم وهم معتقدون خلافه فكان المنافقون في عصر النبي صلى الله عليه وسلم بهذه الصفة اهـ وبسطه بعضهم فقال أراد نفاق العمل لا الاعتقاد ولأن المنافق أظهر الايمان بالله لله وأضمر عصمة دمه وماله والمرائي أظهر بعمله الآخرة وأضمر ثناء الناس وعرض الدنيا والقارئ أظهر أنه يريد الله وحده وأضمر حظ نفسه وهو الثواب ويرى نفسه أهلا له وينظر إلى عمله بعين الاجلال فأشبه المنافق واستويا في مخالفة الباطن والظاهر والله أعلم (تخريجه) (طب) والبيهقي في شعب الايمان (قال الحافظ العراقي) في اسناده ابن لهيعة (قلت) نعم ولكنه قال حدثنا فحديثه حسن لا سيما وله شواهد أخرى تعضده منها حديث عبد الله بن عمرو الآتي بعده والله أعلم (3) (سنده) حدثنا علي بن اسحق حدثنا عبد الله يعني ابن المبارك اخبرنا عبد الرحمن ابن شريح المعافري حدثنا شراحيل بن يزيد عن محمد بن هدية عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر منافقي أمتي قراؤها (وله طريق ثان) قال حدثنا زيد بن الحباب من كتابه حدثنا عبد الرحمن بن شريح سمعت شرحبيل بن يزيد المعافري أنه سمع محمد بن هدية الصدفي قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اكثر منافقي أمتي قراؤها (قلت) هكذا جاء في الأصل في سند هذا الطريق (شرحبيل بن يزيد) وجاء في الطريق الأولى (شراحيل بن يزيد) قال الحافظ في التقريب شرحبيل بن يزيد المعافري قيل هو ابن شريك وانما تصحف وقيل هو شراحيل بن يزيد (يعني المعافري) (قلت) الصواب انه شراحيل بن يزيد المعافري كما في الطريق الأولى لأنه روى الحديث في هذين الطريقين عن محمد بن هدية والظاهر ان لفظ (شرحبيل) وقع في هذا الطريق خطأ والله أعلم (وله طريق ثالث) عند الامام احمد أيضا قال حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان أكثر منافقي أمتي قراؤها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجاله ثقات وكذلك رجال احد اسنادي احمد ثقات (باب) (4) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا

حتى يحدثنا ويشتكي قريشا ويشتكي أهل مكة ثم يقول لا سواء (1) كنا بمكة مستذلين مستضعفين فلما أخرجنا إلى المدينة كانت سجال (2) الحرب علينا ولنا فمكث عنا ليلة لم يأتنا حتى طال ذلك علينا بعد العشاء قال قلنا ما أمكثك عنا يارسول الله؟ قال طرأ علي حزبي (3) من القرآن فأردت أن لا أخرج حتى أقضيه قال فسألنا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبحنا قال قلنا كيف تحزبون القرآن؟ قالوا نحزبه ثلاث سور (4) وخمس سور وسبع سور وتسع سور وإحدى عشرة سورة وثلاثة عشرة سورة وحزب المفصل (5) من قاف حتى يختم (باب من فاته شيء من ورده متى يقضيه) (عن عبد الرحمن بن عبد) (6) عن عمرو بن الخطاب رضي الله عنه قال عبد الله (يعني ابن الامام احمد) وقد بلغ به أبي إلى النبي صلى الله عليه وسلم (7) قال من فاته شيء من ورده أو قال من جزئه (8) فقرأه ما بين صلاة الفجر إلى الظهر فكأنما قرأه من ليلته (باب كتابة القرآن في الأكتاف واللخاف على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم) (عن خارجة بن زيد) (9) قال قال ريد بن ثابت اني قاعد الى جنب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يوما إذ أوحى إليه قال وغشيته

_ عبد الله بن عبد الرحمن الطائفي عن عثمان بن عبد الله بن أوس الخ (غريبه) (1) أي لا مساواة بين أن كنا بمكة قبل الهجرة وبين أن كنا بالمدينة بعد الهجرة (2) سجال بكسر السين المهملة (علينا ولنا) أي مرة لنا ومرة علينا وأصله ان المستقين بالسجل وهي الدلو الملآى ماءا يكون لك واحد منهم سجل (3) الحزب ما يجعله الرجل على نفسه من قراءة أو صلاة كالورد يريد أنه كان أغفله عن وقته ثم ذكره فقرأه وأصله من قولك طرأ على الرجل اذا خرج عليك فجأة طروءا فهو طارئ (4) أي من أول سورة البقرة إلى آخر سورة النساء (وخمس سور) أي من أول سورة المائدة إلى آخر سورة التوبة (وسبع سور) أي من أول سورة يونس إلى آخر سورة النحل (وتسع سور) أي من أول سورة الاسراء إلى سورة الفرقان (واحدى عشرة سورة) أي من أول سورة الشعراء إلى آخر سورة يس (وثلاث عشرة سورة) اي من أول سورة الصافات إلى آخر سورة الحجرات (5) بضم الميم وفتح الفاء بعدها صاد مهملة مشددة مفتوحة عبارة عن السبع الأخير من القرآن وسمي مفصلا لأن سوره قصار كل سورة كفصل من الكلام وهو على ثلاثة أقسام طوال وأوساط وقصار وللفقهاء كلام في ذلك تقدم في الجزء الثالث في الشرح صحيفة 211 في باب قراءة سورتين أو اكثر من ركعة الخ من كتاب الصلاة فارجع اليه (تخريجه) (د جه طل) وسكت عنه أبو داود والمنذري وحسن اسناده الحافظ ابن كثير في فضائل القرآن والله اعلم (باب) (6) (سنده) حدثنا عتاب بن زياد حدثنا عبد الله يعني ابن المبارك أخبرنا يونس عن الزهري عن السائب بن يزيد وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الرحمن ابن عبد الخ (قلت) عبد الرحمن بن عبد بتنوين الدال من عبد هو القارئ بتشديد الياء التحتية نسبة إلى القارة بفتح الراء المخففة وهي قبيلة مشهورة بجودة الرمي (7) أي رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم (8) هكذا بالاصل بلفظ (جزئه) وفي الأصول الأخرى (حزبه) بالحاء المهملة بدل الجيم والموحدة بدل الهمزة وهو الظاهر والله أعلم (تخريجه) (م والأربعة) (باب) (9) (سنده) حدثنا سليمان

السكينة (1) ووقع فخذه على فخذي حين غشيته السكينة قال زيد فلا والله ما وجدت شيئا قط أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سرى (2) عنه فقال اكتب يا زيد فأخذت كتفا (3) فقال اكتب (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون) الآية كلها إلى قوله (أجرا عظيما) فكتبت ذلك في كتف فقام حين سمعها ابن أم مكتوم وكان رجلا أعمى فقام حين سمع فضيلة المجاهدين قال يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد ممن هو أعمى وأشباه ذلك؟ قال زيد فوالله ما مضى كلامه أو ما هو إلا أن قضى كلامه غشيت النبي صلى الله عليه وسلم السكينة فوقعت فخذه على فخذي فوجدت من ثقلها كما وجدت في المرة الأولى ثم سرى عنه فقال اقرأ فقرأت عليه (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون) فقال النبي صلى الله عليه وسلم (غير أولى الضرر) (4) قال زيد فألحقتها فوالله لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع (5) كان في الكتف (عن زيد بن أبي حبيب) (6) ان عبد الرحمن بن شماسة أخبره أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع (7) إذ قال طوبى للشام (8) قيل ولم ذلك يا رسول الله؟ قال ان ملائكة الرحمة باسطة أجنحتها عليه

_ ابن داود أنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن خارجة بن زيد الخ (غريبه) (1) يريد ما كان يعرض له من السكون والغيبة عند نزول الوحي (2) بضم المهملة وتشديد الراء مكسورة أي كشف وزال عند ما يجد من أثر الوحي (3) الكتف بفتح الكاف وكسر التاء الفوقية عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان من الناس والدواب كانوا يكتبون فيه لقلة القراطيس عندهم (4) أي غير أولى الزمانة والضعف في البدن والبصر فإنهم يساوون المجاهدين لأن العذر أقعدهم (5) اي شق كان بالكتف (تخريجه) (د ص عب) قال المنذري في اسناده عبد الرحمن بن أبي الزناد وقد تكلم فيه غير واحد ووثقه الامام مالك واستشهد به البخاري وقد أشار مسلم الى حديث زيد بن ثابت هذا في المتابعة وأخرجه (ق مذ نس) من حديث أبي اسحاق السبيعي عن البراء بن عازب اهـ (قلت) حديث البراء المشار إليه أخرجه أيضا الامام احمد وسيأتي في تفسير قوله تعالى (لا يستوي القاعدون الخ) من سورة النساء (6) حدثنا يحيى بن اسحاق أنا يحيى بن أيوب ثنا يزيد بن أبي حبيب الخ (غريبه) (7) الرقاع بكسر الراء مشددة جمع رقعة بضمها وهي الخرقة من الثياب والمعنى أنهم كانوا يجمعون ما كتب من القرآن في هذه الرقاع لقلة القراطيس عندهم (8) قال في النهاية طربى اسم الجنة وقيل هي شجرة فيها وأصلها فعلى من الطيب فلما ضمت الطاء انقلبت الياء واوا قال (وفيه) طوبى للشام لأن الملائكة باسطة أجنحتها عليها المراد بها وهنا فعلى من الطيب لا الجنة ولا الشجرة اهـ (قلت) وانما خصت الشام بذلك لأن فيها بيت المقدس الذي هو ثالث المساجد التي تشد اليها الرحال ولأنها مهاجر ابراهيم عليه السلام والله اعلم (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب انما نعرفه من حديث يحيى بن أيوب اهـ (قلت) قال في الخلاصة في ترجمة يحيى بن أيوب وثقه ابن معين ويعقوب بن سفيان قال احمد سيء الحفظ وقال ابو حاتم محله الصدق ولا يحتج به قال صاحب الخلاصة (قلت) قد احتج به الستة توفى سنة ثمان وستين ومائة اهـ (قلت) وفي التهذيب وثقة ابن حبان وأخرجه أيضا الحاكم في المستدرك من طريق يحيى بن أيوب أيضا وقال هذاحديث صحيح على شرط

(عن أنس) (1) (يعني ابن مالك) أن رجلا كان يكتب للنبي صلى الله عليه وسلم وقد كان قرأ البقرة وآل عمران وكان الرجل إذا قرأ البقرة وآل عمران جد فينا يعني عظم (2) فكان النبي صلى الله عليه وسلم يملي عليه غفورا رحيما فيكتب عليما حكيما فيقول النبي صلى الله عليه وسلم اكتب كذا وكذا اكتب كيف شئت (3) ويملي عليه عليما حكيما فيقول اكتب سميعا بصيرا؟ فيقول اكتب كيف شئت فارتد الرجل عن الاسلام فلحق بالمشركين وقال أنا أعلمكم بمحمد ان كنت لأكتب ما شئت فمات ذلك الرجل فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الأرض لم تقبله وقال انس فحدثني أبو طلحة أنه أتى الأرض التي مات فيها ذلك الرجل فوجده منبوذا فقال أبو طلحة ما شأن هذا الرجل؟ قالوا قد دفناه مرارا فلم تقبله الارض (وعنه من طريق ثان) (4) قال كان منا رجل من بني النجار قد قرأ البقرة وآل عمران وكان يكتب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق هاربا حتى لحق بأهل الكتاب قال فرفهوه وقالوا هذا كان يكتب لمحمد واعجبوا به فما لبث أن قصم الله عنقه فيهم فحفروا له فواروه فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها ثم عادوا فحفروا له فواروه فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها ثم عادوا فحفروا له فواروه فأصبحت الأرض قد نبذته على وجهها فتركوه مبنوذا (باب ما جاء في تأليف القرآن وجمعه في خلاف ابي بكر رضي الله عنه) (عن ابن السياق) (5) قال اخبرني زيد بن ثابت ان ابا بكر رضي الله عنه ارسل اليه مقتل أهل اليمامة (6) فإذا عمر رضي الله عنه عنده فقال أبو بكر أن عمر أتاني فقال ان القتل قد استحر (7) بأهل اليمامة من قراءة القرآن من المسلمين واني اخشى أن يستحر (8) القتل بالقراء في المواطن (9) فيذهب قرآن كثير لا يوعى

_ الشيخين (قلت) وأقره الذهبي قال الحاكم وفيه البيان الواضح أن جمع القرآن لم يكن مرة واحدة فقد جمع بعضه بحضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جمع بعضه بحضرة أبي بكر الصديق والجمع الثالث هو في ترتيب السور كان في خلافة أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين (1) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون أنا حميد عن أنس الخ (غريبه) (2) أي عظم قدره وصار ذا جد والجد الحظ والسعادة والغنى (3) انما قال له النبي صلى الله عليه وسلم اكتب كيف شئت ولم يزجره عن فعله لكونه علم إما بطريقة الوحي أو بطريق الإلهام أن هذا الرجل خبيث النية وان الله عز وجل سيعاقبه عقابا صارما وينكل به وقد كان ذلك فلما هلك لم تقبله الأرض أن يدفن فيها فنبذته مرارا حتى ترك منبوذا على وجه الأرض ليعتبر به غيره (4) (سنده) حدثنا هاشم حدثنا سليمان عن ثابت عن أنس بن مالك قال كان منا رجل الخ (تخريجه) (طل) وسنده صحيح ورجاله ثقات (باب) (5) (سنده) حدثنا عثمان بن عمر قال اخبرنا يونس عن الزهري قال اخبرني ابن السياق قال اخبرني زيد بن ثابت ان ابا بكر الخ (غريبه) (6) أي عقب مقتل أهل اليمامة أي من قتل بها من الصحابة في وقعة مسيلمة الكذاب لما ادعى النبوءة وقوى أمره بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بارتداد كثير من العرب فخذله الله وقتله بالجيش الذي جهزه أبو بكر رضي الله عنه وقتل بسبب ذلك من الصحابة سبعمائة وأكثر (7) بوزن استمر أي اشتد وكثر (8) بلفظ المضارع وكسر الحاء المهملة وتشديد الراء (9) أي في الأماكن التي يقع فيها القتال مع الكفار

وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن فقلت لعمر وكيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال هو والله خير فلم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح الله بذلك صدري ورأيت فيه الذي رآى عمر (1) قال زيد وعمر عنده جالس لا يتكلم فقال أبو بكر انك (2) شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحى لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعه قال زيد فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان أثقل علي مما أمرني به (3) من جمع القرآن فقلت كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) (ز) (عن أبي بن كعب) (5) أنهم جمعوا القرآن في مصاحف في خلافة أبي بكر رضي الله عنه فكان رجال يكتبون ويملى عليهم أبي بن كعب فلما انتهوا إلى هذه الآية من سورة براءة (ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون) فظنوا أن هذا آخر ما أنزل من القرآن فقال لهم أبي بن كعب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأني بعدها آيتين (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رؤف رحيم إلي وهو رب العرش العظيم) ثم قال هذا آخر

_ (1) كل ما تقدم من قوله (فقال أبو بكر ان عمر أتاني) إلى هنا من حكاية أبي بكر لزيد بن ثابت عما تم له مع عمر (2) يخاطب زيد بن ثابت (3) فإن قلت كيف عبر أولا بقوله (لو كلفوني) وأفرد في قوله (مما أمرني به) أجيب بأنه جمع باعتبار أبي بكر ومن وافقه وأفرد باعتبار أنه الآمر بذلك وحده وانما قال زيد ذلك خشية من التقصير في ذلك لكن الله عز وجل يسر له هذا الأمر تصديقا لقوله تعالى (ولقد يسرنا القرآن للذكر) (4) هذا آخر الحديث عند الامام احمد (وزاد البخاري) قال (يعني ابا بكر) هو والله خير فلم يزل أبو بكر يراجعني حتى شرح الله صدري للذي شرح له صدر أبي بكر وعمر رضي الله عنهما فتتبعت القرآن أجمعه من العسب (بضم العين والسين المهملتين بعدهما موحدة أي جريد النخل العريض العاري عن الخوص) واللخاف (بكسر اللام وفتح المعجمة وبعد الألف فاء الحجارة الرقاق) وصدور الرجال حتى وجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الانصاري لم أجدها مع أحد غيره (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم) حتى خاتمة براءة فكانت الصحف عند أبي بكر حتى توفاه الله ثم عند عمر حياته ثم عند حفصه بنت عمر رضي الله عنهما (تخريجه) (خ مذ نس) (قوله لم أجدها مع غيره) يعني آخر سورة التوبة لم يجدها مكتوبة عند غيره ممن كانوا يكتبون الوحي لا أنه لم يكن يحفظها غيره بل كان يحفظها الكثيرون ويتلونها في الصلاة وغيرها وفي هذا الحديث منقبة عظيمة لابي بكر وعمر رضي الله عنهما أما عمر فلكونه نبه أبا بكر لهذا العمل الجليل وأما أبو بكر فلكونه نفذ الفكرة بدون توان وهذا من أعظم ما فعله الصديق رضي الله عنه فإنه أقامه الله تعالى بعد النبي صلى الله عليه وسلم مقاما لا ينبغي لأحد من بعده قاتل الأعداء من مانعي الزكاة والمرتدين والفرس والروم ونفذ الجيوش وبعث البعوث والسرايا ورد الأمر الى نصابه بعد الخوف من تفرقه وذهابه وجمع القرآن العظيم من أماكنه المتفرقة حتى تمكن القارئ من حفظه كله وكان هذا من سر قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وإناله لحافظون) وقد روى عن علي باسناد صحيح انه قال أعظم الناس اجرا في المصاحف ابو بكر ان ابا بكر كان أول من جمع القرآن بين اللوحين رضي الله عنه وأرضاه (5) (ز) (سنده) حدثنا روح بن عبد المؤمن ثنا عمر بن شقيق ثنا ابو جعفر الرازي ثنا الربيع بن أنس عن أبي بن كعب الخ

ما أنزل من القرآن قال فختم بما فتح به بالله الذي لا إله إلا هو وهو قول الله تبارك وعالى (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا يوحى إليه (1) أنه لا إله إلا أنا فاعبدون) (باب كتابة عثمان رضي الله عنه للمصاحف في خلافته وتوزيعها في الافطار وحمل الناس على عدم الخروج عنها وحرق ما يخالفها من الصحف والمصاحف القديمة) (حدثنا عبد الرزاق) (2) أنا معمر عن الزهري عن خارجة بن زيد أو غيره (3) أن زيد بن ثابت رضي الله عنه قال لما كتبت المصاحف (4) فقدت آية كنت اسمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدتها عند خزيمة الانصار (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه إلى تبديلا) (5) قال فكان خزيمة يدعى ذا الشهادتين أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته رجلين (6) قال الزهري وقتل يوم صفين مع علي رضي الله عنهما (ومن طريق ثان) (7) عن خارجة أنه سمع زيد بن ثابت يقول فقدت آية من سورة الأحزاب حين

_ (غريبه) (1) قرأ حمزة والكسائي وحفص عن عاصم (نوحي اليه) بالنون وكسر الحاء على التعظيم وقرأ الآخرون بالياء وفتح الحاء على الفعل المجهول كما في هذه الرواية (تخريجه) لم أقف عليه لغير عبد الله بن الامام احمد وسنده حسن وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وقال هذا غريب اهـ (قلت) وأخرجه الحاكم مختصرا من طريق آخر عن يونس بن عبيد وعلي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس عن أبي بن كعب قال آخر ما نزل من القرآن (لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم حريص عليكم بالمؤمنين رءوف رحيم) وقال حديث شعبة عن يونس بن عبيد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي وللامام احمد مثله من طريق شعبة أيضا وسيأتي في آخر تفسير سورة التوبة هذا وقد اختلف علماء السلف في آخر ما نزل من القرآن اختلافا كثير وسيأتي بيان ذلك في باب آخر ما نزل من سور القرآن وآياته والله الموفق (باب) (2) (حدثنا عبد الرزاق الخ) (غريبه) (3) أو للشك من الراوي وقد جاء في الطريق الثانية عن خارجة بن زيد بدون شك وكذلك عند البخاري (4) أي في زمن عثمان لا في زمن أبي بكر لأن الذي فقده في خلافة أبي بكر الآيتان من آخر سورة براءة كما تقدم في الباب السابق (5) يعني الى قوله تعالى (ومابدلوا تبديلا) ونص الآية كاملا هكذا (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى تحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا) (6) سبب جعل شهادة بشهادة رجلين تقدم في باب البيع بغير اشهاد من كتاب البيوع والكسب في الجزء الخامس عشر صحيفة 54 رقم 178 فارجع اليه (7) (سنده) حدثنا أبو كامل ثنا ابراهيم ثنا ابن شهاب أخبرني خارجة بن زيد أنه سمع زيد بن ثابت الخ (تخريجه) أخرجه البخاري مطولا قال حدثنا موسى حدثنا ابراهيم حدثنا ابن شهاب ان انس بن مالك حدثه أن حذيفة بن اليمان قدم على عثمان وكان يغازي أهل الشام في فتح ارمينية وأذربيجان مع أهل العراق فأفزع حذيفة اختلافهم في القراءة فقال حذيفة لعثمان يا أمير المؤمنين أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى فأرسل عثمان إلى حفصة أن ارسلى الينا بالصحف ننسخها في المصاحف ثم نردها اليك فأرسلت بها حفصة إلى عثمان فأمر زيد بن ثابت وعبد الله بن الزبير وسعيد بن العاص وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام فنسخوها في المصاحف وقال عثمان للرهط القرشيين الثلاثة إذا اختلفتم أنتم وزيد بن ثابت في شيء من القرآن فاكتبوه بلسان قريش فإنما نزل بلسانهم ففعلوا حتى

نسخنا المصاحف قد كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بها (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)

_ إذا نسخوا الصحف في المصاحف رد عثمان الصحف إلى حفصة وأرسل إلى كل أفق بمصحف مما نسخوا وأمر بما سواه من القرآن في كل صحيفة أو مصحف أن يحرق قال ابن شهاب وأخبرني خارجة بن زيد ابن ثابت سمع زيد بن ثابت قال فقدت آية الخ الحديث بنحو ما هنا (قال الحافظ ابن كثير) عقب ذكر هذا الحديث المطول عند البخاري وهذا أيضا من مناقب أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه فإن الشيخين (يعني ابا بكر وعمر) سبقاه إلى حفظ القرآن أن يذهب منه شيء وهو جمع الناس على قراءة واحدة لئلا يختلفوا في القرآن ووافقه على ذلك جميع الصحابة وانما روى عن عبد الله بن مسعود شيء من التغضب بسبب أنه لم يكن ممن كتب المصاحف وأمر اصحابه بغل مصاحفهم لما أمر عثمان بحرق ما عدا المصحف الامام ثم رجع ابن مسعود إلى الوفاق حتى قال علي بن أبي طالب لو لم يفعل ذلك عثمان لفعلته أنا فاتفق الأئمة الأربعة أبو بكر وعمر وعثمان وعلى علي أن ذلك من مصالح الدين وهم الخلفاء الذين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي وكان السبب في هذا حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فإنه لما كان غازيا في فتح ارمينية واذربيجان وكان قد اجتمع هناك أهل الشام والعراق وجعل حذيفة يسمع منهم قراآت على حروف شتى ورأى منهم اختلافا وافتراقا فلما رجع إلى عثمان أعلمه وقال لعثمان أدرك هذه الأمة قبل أن يختلفوا في الكتاب اختلاف اليهود والنصارى الخ فلما قال حذيفة لعثمان ذلك أفزعه وأرسل إلى حفصة أم المؤمنين أن ترسل إليه بالصحف التي عندها مما جمعه الشيخان ليكتب ذلك في مصحف واحد وينفذه إلى الآفاق ويجمع الناس على القراءة به وترك ما سواه ففعلت حفصة وأمر عثمان هؤلاء الأربعة وهم زيد بن ثابت الانصاري أحد كتاب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الله بن الزبير بن العوام القرشي الأسدي احد فقهاء الصحابة ونجبائهم علما وعملا وأصلا وفضلا وسعيد بن العاص بن أمية القرشي الأموي وكان كريما جوادا وكان أشبه الناس لهجة برسول الله صلى الله عليه وسلم وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي فجلس هؤلاء النفر الأربعة يكتبون القرآن نسخا واذا اختلفوا في موضع الكتابة على اي لغة رجعوا إلى عثمان كما اختلفوا في التابوت ايكتبونه بالتاء أو الهاء؟ فقال زيد بن ثابت إنما هو التابوه وقال الثلاثة القرشيون إنما هو التابوت فتراجعوا إلى عثمان فقال اكتبوه بلغة قريش فإن القرآن نزل بلغتهم ثم ان عثمان رد الصحف إلى حفصة رضي الله عنها فلم تزل عندها حتى أرسل مروان بن ابن الحكم يطلبها فلم تعطه حتى ماتت فأخذها مروان بن الحكم حين كان أميرا على المدينة من عبد الله بن عمر فحرقها لئلا يدعى أحد بعد ذلك أن فيها ما يخالف هذه المصاحف الأئمة التي نفذها عثمان إلى الآفاق مصحفا إلى مكة ومصحفا إلى البصرة وآخر إلى الكوفة وآخر إلى الشام وآخر إلى اليمن وترك عند أهل المدينة مصحفا رواه أبو بكر بن داود عن أبي حاتم السجستاني سمعه يقوله وصحح القرطبي انه انما نفذ إلى الآفاق أربعة مصاحف وهذا غريب وأمر بما عدا ذلك من مصاحف الناس أن يحرق لئلا تختلف قراآت الناس في الآفاق وقد وافق الصحابة في عصره على ذلك ولم ينكره أحد منهم وانما نقم عليه ذلك الرهط اللذين تمالئوا عليه وقتلوه قاتلهم الله وذلك من حملة ما أنكروا مما لا أصل له وأما سادات المسلمين من الصحابة ومن نشأ في عصرهم ذلك من التابعين فكلهم وافقوه رضي الله عنه انتهى ملخصا

فالتمستها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت فألحقتها في سورتها في المصحف (باب رأي ابن مسعود رضي الله عنه في مصاحف عثمان) (عن خمير بن مالك) (1) قال أمر بالمصاحف أن تغير (2) قال قال ابن مسعود من استطاع منكم أن يغل مصحفة فليغله (3) فإن من غل شيئا جاء به يوم القيامة قال ثم قال قرأت من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة أفأترك ما أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (وفي رواية) قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم سبعين سورة (4) وان زيد بن ثابت له ذؤابة في الكتاب (5)

_ مما قاله الحافظ ابن كثير في فضائل القرآن (وقال في شرح السنة) في هذا الحديث البيان الواضح أن الصحابة رضي الله عنهم جمعوا بين الدفتين القرآن المنزل من غير أن يكونوا زادوا أو نقصوا منه شيئا باتفاق منهم من غير أن يقدموا شيئا ويؤخروه بل كتبوه في المصاحف على الترتيب المكتوب في اللوح المحفوظ بتوقيف جبريل عليه السلام على ذلك واعلامه عند نزول كل آية بموضعها وأين تكتب وقال ابو عبد الرحمن المسلمي كان قراءة أبي بكر وعمر وعثمان وزيد بن ثابت والمهاجرين والانصار واحدة وهي التي قرأها صلى الله عليه وسلم على جبريل مرتين في العام الذي قبض فيه وكان زيد يشهد العرضة الأخيرة وكان يقرئ الناس بها حتى مات ولذلك اعتمده الصديق في جمعه وولاه عثمان كتبة المصاحف قال السفاقسي فكان جمع أبي بكر خوف ذهاب شيء من القرآن بذهاب حملته إذ أنه لم يكن مجموعا في موضع واحد وجمع عثمان لما كثر الاختلاف في وجوه قراءته حين قرءوا بلغاتهم حتى أدى ذلك إلى تخطئة بعضهم بعضا فننسخ تلك الصحف في مصحف واحد مقتصرا من اللغات على لغة قريش اذ هي أرجحها والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا اسود بن عامر أنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن خمير بن مالك الخ (غريبه) (2) أي لما أمر عثمان رضي الله عنه بنسخ المصاحف على لغة قريش وحرق ما عداها من المصاحف ساء ذلك عبد الله بن مسعود لأن القرآن نزل بلغة قريش وغيرها من اللغات الأخرى فلماذا يحرق ما عدا لغة قريش؟ هذا كان رأيه أولا وقيل أنه رجع عنه بعد ذلك والله أعلم (3) أصل الغلول السرقة من الغنائم واخفائها وانكارها فكان عقاب الغال عند الله تعالى أن يأتي بما غل يوم القيامة ليظهر للناس ما أنكره وأخفاه ويفضحه الله على رءوس الأشهاد ومراد ابن مسعود بقوله (من استطاع منكم أن يغل مصحفه فليغله) يعني ينكره ويخفيه فإن كان اخفاؤه غلولا فسيأتي به يوم القيامة يشهد له انه من عند الله (4) معناه أنه حفظ هذا العدد من السور في مكة وفي أوائل الهجرة قبل أن يرشد زيد ويكتب القرآن ولا فهو قد كان يحفظ القرآن كله وكتبه (5) الذؤابة الشعر المضفور من شعر الرأس وكان من عادة العرب أن يجعلوا من شعر رأس الصبي ضفيرة أو ضفيرتين يريد أنه كان يحفظ الكثير من القرآن وزيد صبي في الكتاب وانما خص زيدا بذلك لأن ولاة الأمور أمروه أن يقرأ على قراءة زيد بن ثابت فقد روى أبو بكر بن داود في كتاب المصاحف قال حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد بن النضر ثنا سعيد بن النضر ثنا سعيد بن سليمان ثنا ابن شهاب عن الأعمش عن أبي وائل قال خطبنا ابن مسعود على المنبر فقال من يغلل يأت بما غل يوم القيامة غلوا مصاحفكم وكيف تأمروني أن اقرأ على قراءة زيد بن ثابت وقد قرأت القرآن من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة وان زيد بن ثابت ليأتي مع الغلمان

(عن عبد الرحمن بن عابس) (1) قال حدثنا رجل من همدان من أصحاب عبد الله (يعني ابن مسعود رضي الله عنه) وما سماه لنا قال لما أراد عبد الله أن يأتي المدينة جمع أصحابه فقال والله اني لأرجو أن يكون قد أصبح اليوم فيكم من أفضل ما أصبح في اجناد المسلمين (2) من الدين والفقه والعلم بالقرآن إن هذا القرآن أنزل على حروف (3) والله ان كان الرجلان ليختصمان أشد ما اختصما في شيء قط فإذا قال القارئ هذا أقرأني قال احسنت وإذا قال الآخر قال كلاكما محسن (4) فأقرأ أن الصدق يهدي إلى البر والبر يهدي إلى الجنة والكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار واعتبروا ذاك بقول أحدكم لصاحبه كذب وفجر وبقوله اذا صدقه صدقت وبررت (5) ان هذا القرآن لا يختلف ولا يستشن (6) ولا يتفه لكثرة الرد فمن قرأه على حرف فلا يدعه رغبة عنه ومن قرأه على شيء من تلك الحروف التي علم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يدعه رغبة عنه فإن من يجحد بآية يجحد به كله فإنما هو كقول أحدكم لصاحبه أعجل (7) وحيي هلا والله لو أعلم رجلا أعلم بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم مني لطلبته حتى أزداد علمه إلى علمي (8) إنه سيكون قوم يميتون الصلاة فصلوا الصلاة لوقتها واجعلوا صلاتكم معهم تطوعا (9) وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعارض بالقرآن في كل رمضان (10) واني عرضت في العام الذي قبض فيه مرتين

_ له ذؤابتان والله ما أنزل من القرآن شيء إلا وأنا أعلم في أي شيء نزل وما أحد أعلم بكتاب الله مني وما أنا بخيركم ولو أعلم مكانا تبلغه الإبل فيه من هو أعلم بكتاب الله مني لأتيته قال أبو وائل فلما نزل عن المنبر جلست في الخلق فما أحد ينكر ما قال وقول أبي وائل (فما أحد ينكر ما قال) يعني من فضله وحفظه وعلمه وأما أمره بغل المصاحف وكتمانها فقد أنكره عليه غير واحد قال الاعمش عن ابراهيم عن علقمة قال قدمت الشام فلقيت أبا الدرداء فقال كنا نعد عبد الله جبانا فما باله يواثب الامراء (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده صحيح ورجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عبد الرحمن بن عابس الخ (غريبه) (2) أي امرائهم (3) أي لغات متعددة رحمة بالناس (4) معناه أن الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم كانوا يختلفون في القراءة فبعضهم يقرأ خلاف ما يقرأ الآخر فيرفعون أمرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول كلاكما محسن لأنه كل واحد منهما قرأ على لغة أنزلها الله عز وجل (5) بفتح الراء الأولى وسكون الثانية اي صدقت في دعواك وصرت بارا دعاء له بذلك (6) من الشن والشنة بفتح الشين المعجمة فيهما وهي القربة الخلقة (ولا يتفه) بوزن يفرح قال في النهاية هو من الشيء التافه الحقير يقال تفه يتفه فهو تافه (7) أي أعجل بذكر القرآن وابدأ به (وحي هلا) قال في النهاية وهما كلمتان جعلتا كلمة واحدة وفيها لغات وهلا حث واستعجال (8) اي حتى أضم علمه الى علمي (9) تقدم الكلام على ذلك في باب وعيد من تهاون بالصلاة أو أخرها عن وقتها في الجزء الثاني صحيفة 228 (10) يعني كان جبريل عليه السلام يعارضه القرآن في كل رمضان مرة أي يدارسه جميع ما نزل من القرآن من المعارضة المقابلة والمعارضة مفاعلة من الجانبين كأن كلا منهما كان يقرأ والآخر يسمع والظاهر أن جبريل كان يسمع القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم ويقرئه إياه ليزداد حفظا واتقانا فلما كان العام الذي قبض فيه

فأنبأني أني محسن وقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة (عن فلفلة الجعفي) (1) قال فزعت فيمن فزع إلى عبد الله في المصاحف فدخلنا عليه فقال رجل من القوم إنا لم نأتك زائرين ولكن جئناك حين راعنا هذا الخبر (2) فقال ان القرآن نزل على نبيكم صلى الله عليه وسلم من سبعة أبواب (3) على سبعة أحرف أو قال حروف (4) وان الكتاب قبله كان ينزل من باب واحد على حرف واحد (5) (أبواب القراءات وجواز اختلافها والنهي عن المراء فيها) (باب ما جاء من ذلك عاما واختلاف الصحابة فيه) (ز) (عن زر بن حبيش) (6) قال قال عبد الله بن مسعود تمارينا (7) في سورة من القرآن فقلنا خمس وثلاثون آية ست وثلاثون آية

_ عرض عليه مرتين والظاهر أن عبد الله بن مسعود كان يفعل ذلك مع النبي صلى الله عليه وسلم ويؤيده ما سيأتي في باب معارضة جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم القرآن عن مجاهد عن ابن عباس قال قال أي القراءتين كانت أخيرا أقراءة عبد الله (يعني ابن مسعود) أو قراءة زيد؟ قال قلنا قراءة زيد قال لا ألا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القراءة على جبريل كل عام مرة فلما كان العام الذي قبض فيه عرضه عليه مرتين وكانت آخر القراءة قراءة عبد الله (زاد في رواية) فشهد عبد الله فعلم ما نسخ منه وما بدل (تخريجه) أورده الهيثمي مختصرا وقال رواه الامام أحمد في حديث طويل والطبراني وفيه من لم يسم وبقية رجاله رجال الصحيح (1) (سنده) حدثنا أبو كامل حدثنا زهير حدثنا أبو همام عن عثمان بن حسان عن فلفلة الجعفي الخ (2) يعني خبر نسخ المصاحف على لغة قريش وحرق ما عداها (3) جاء عند ابن جرير من وجه آخر عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله أمرني أن اقرأ القرآن على حرف واحد فقلت خفف على أمتي فقال اقرأه على حرفين فقلت رب خفف عن أمتي فأمرني أن اقرأه على سبعة أحرف من سبعة أبواب الجنة كلها شاف كاف (قال ابن جرير) والأبواب السبعة من الجنة هي المعاني التي فيها من الأمر والنهي والترغيب والترهيب والقصص والمثل التي إذا عمل بها العامل وانتهى إلى حدودها المنتهي استوجب به الجنة (4) الحكمة في كونه نزل على سبعة أحرف ان النبي صلى الله عليه وسلم بعث للناس كافة في جميع أقاليم الأرض واللغات تختلف باختلاف الأقاليم فلو نزل على حرف واحد لتعذرت عليهم قراءته وفهمه فجعل على سبعة أحرف تيسيرا لهم (5) معناه أن كتب الأنبياء المنزلة قبل النبي صلى الله عليه وسلم كانت على حرف وذلك لأن غيره من الأنبياء عليه وعليهم الصلاة والسلام كان يبعث إلى قومه خاصة فينزل كتابه على حرف واحد بلغة قومه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال له في الصحيح غير هذا رواه احمد وفيه عثمان ابن حسان العامري وقد ذكره ابن أبي حاتم ولم يجرحه ولم يوثقه (باب) (6) (ز) (سنده) حدثنا أبو محمد سعيد بن محمد الجرمي قدم علينا من الكوفة حدثنا يحيى بن سعيد الأموي عن الأعمش عن عاصم عن زر بن حبيش قال قال عبد الله وحدثني سعيد بن يحيى بن سعيد حدثنا ابي حدثنا الأعمش عن عاصم عن زر بن حبيش قال قال عبد الله بن مسعود الخ (غريبه) (7) يعني عبد الله بن مسعود وبعض الصحابة أي تجادلنا والمراء اجدال والتماري والمماراة المجادلة على مذهب الشك والريبة ويقال للمناظرة مماراة لأن كل واحد منهما يستخرج ما عند صاحبه ويمتريه كما يمتري الحالب اللبن من الضرع (نه)

قال فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدنا عليا رضي الله عنه يناجيه فقلنا إنا اختلفنا في القراءة فاحمر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) فقال علي رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تقرءوا كما علمتم (2) (عن أبي بن كعب) (3) قال كنت في المسجد فدخل رجل فقرأ قراءة أنكرتها عليه ثم دخل آخر فقرأ قراءة سوى قراءة صاحبه فقمنا جميعا فدخلنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن هذا قرأ قراءة أنكرتها عليه ثم دخل هذا فقرأ قراءة غير قراءة صاحبه فقال لهما النبي صلى الله عليه وسلم اقرآ فقرآ قال أصبتما فلما قال لهما النبي صلى الله عليه وسلم الذي قال كبر على ولا إذ كنت في الجاهلية (4) فلما رأى الذي غشيني ضرب في صدري فقضت عرقا (5) وكأنما أنظر إلى الله تبارك وتعالى فرقا فقال يا أبي ان ربي تبارك وتعالى أرسل إلي (6) أن اقرأ القرآن على حرف (7) فرددت إليه أن هون على أمتي (8) فأرسل إلي أن اقرأه على حرفين فرددت إليه أن هون على أمتي فأرسل إلي أن اقرأه على سبعة أحرف ولك بكل ردة (9) مسألة تسألنيها قال قلت اللهم اغفر لأمتي اللهم اغفر لأمتي وأخرت الثالثة (10) ليوم يرغب إلي فيه الخلق (11) حتى ابراهيم عليه الصلاة والسلام (عن أبي قيس) (12) مولى عمرو بن العاص قال سمع عمرو بن العاص رجلا يقرأ آية من القرآن فقال من أقرأكها؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقد أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (1) أي لأنه صلى الله عليه وسلم يكره الاختلاف والمراء (2) بضم أوله وتشديد اللام مكسورة أي كما علمكم النبي صلى الله عليه وسلم أو بعض الصحابة (تخريجه) لم أقف عليه لغير عبد الله بن الامام احمد وسنداه صحيحان ورجاله ثقات (3) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن اسماعيل بن ابي خالد حدثني عبد الله بن عيسى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي كعب الخ (غريبه) (4) جاء عند مسلم (فسقط في نفسي من التكذيب ولا إذا كنت في الجاهلية) قال القاضي عياض معنى قوله سقط في نفسي أنه اعترته حيرة ودهشة قال (وقوله ولا إذ كنت في الجاهلية) معناه أن الشيطان نزغ في نفسه تكذيبا لم يعتقده قال وهذه الخواطر إذ لم يستمر عليها لا يؤاخذ بها (قال القاضي عياض) قال المازري معنى هذا انه وقع في نفس أبي بن كعب نزغة من الشيطان غير مستقرة ثم زالت في الحال حين ضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده في صدره ففاض عرقا قال القاضي ضربه على صدره تثبتا له حين رآه قد غشيه ذلك الخاطر المذموم قال ويقال فضت عرقا وفصت بالضاد المعجمة والصاد المهملة قال وروايتنا هنا بالمعجمة اهـ (5) معنى قوله ففضت عرقا اي امتلأ عرقي استحياء منه صلى الله عليه وسلم حتى فاض أي سال من جميع جسدي (وقوله فرقا) بالتحريك أي خوفا وانتصابه على المفعول له وانتصاب عرقا على التمييز (6) أي أرسل الله تعالى إلى جبريل عليه السلام (7) أي قراءة واحدة (8) أي سهل على أمتي كما في المرقاة (9) بفتح الراء وتشديد المهملة مفتوحة أي لك بمقابلة كل دفعة رجعت إلي ورددتكها بمعنى ارجعتك اليها بحيث ما هونت على أمتك من أول الأمر (وقوله مسألة) يعني دعوة مستجابة تسألنيها أي ينبغي أن تسألنيها فأجيبك اليها (10) هي الشفاعة الكبرى يوم القيامة (11) اي يحتاجون ويبتهلون (وقوله حتى إبراهيم) بالرفع معطوف على الخلق وفيه دلالة على رفعة إبراهيم على سائر الأنبياء وتفضيل نبينا على الكل صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين (تخريجه) (م وغيره) (12) (سنده) حدثنا أبو سلمة الخزاعي

على غير هذا فذهبا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أحدهما يا رسول الله آية كذا وكذا ثم قرأها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا انزلت فقال الآخر يا رسول الله فقرأها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أليس هكذا يا رسول الله؟ قال هكذا أنزلت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا القرآن أنزل على سبعة أحرف (1) فأي ذلك قرأتم فقد أحسنتم ولا تماروا فيه فإن المراء فيه كفر (2) أو آية الكفر (عن أبي جهيم) (3) ان رجلين اختلفا في آية من القرآن فذكر نحوه (4) (عن أبي هريرة) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نزل القرآن على سبعة أحرف المراء في القرآن كفر ثلاث مرات (6) فما عرفتم منه فاعملوا وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه (7) (وعنه من طريق ثان) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل القرآن على سبعة أحرف عليما حكيما غفورا رحيما (9) (عن عمرو بن شعيب عن

_ قال انا عبد الله بن جعفر بن عبد الرحمن بن المسور بن مخرمة قال أخبرني يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن يسر بن سعيد عن ابي قيس مولى عمرو الخ (غريبه) (1) تقدم تفسيره وسيأتي لذلك مزيد بحث في باب نزول القرآن على سبعة أحرف قريبا بعد ثلاثة أبواب (2) قال أبو عبيد ليس وجه الحديث عندنا على الاختلاف في التأويل ولكنه على الاختلاف في اللفظ وهو أن يقول الرجل على حرف فيقول الآخر ليس هو هكذا ولكنه على خلافه وكلاهما منزل مقروء به فإذا جحد كل واحد منهما قراءة صاحبه لم يؤمن ان يكون ذلك يخرجه إلى الكفر لأنه نفى حرفا أنزله الله على نبيه (قلت) وجاء في بعض الروايات (فان مراءا فيه كفر) قال والتنكير في المراء ايذانا بأن شيئا منه كفر فضلا عما زاد عليه وقيل انما جاء هذا الجدال والمراء في الآيات التي فيها ذكر القدر ونحوه من المعاني على مذهب أهل الكلام وأصحاب الأهواء والآراء دون ما تضمنته من الأحكام وأبواب الحلال والحرام فإن ذلك قد جرى بين الصحابة فمن بعدهم من العلماء وذلك فيما يكون الغرض منه والباعث عليه ظهور الحق ليتبع دون الغلبة والتعجز والله أعلم (وقوله أو آية الكفر) أو للشك من الراوي وجاء في الحديث التالي بلفظ (فان مراءا في القرآن كفر) بغير شك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أنه مرسل اهـ (قلت) يؤيده ما بعده (3) (سنده) حدثنا سلمة الخزاعي ثنا سليمان بن بلال حدثني يزيد بن خصيفة اخبرني بسر بن سعيد قال حدثني أبو جهيم ان رجلين الخ (قلت) أبو جهيم بالتصغير ابن الحارث بن الصمة بكسر المهملة وتشديد الميم ابن عمرو الانصاري قيل اسمه عبد الله وقد ينسب لجده كذا في التقريب (4) ولفظه ان رجلين اختلفا في آية من القرآن فقال هذا تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الآخر تلقيتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألا النبي صلى الله عليه وسلم فقال القرآن يقرأ على سبعة أحرف فلا تماروا في القرآن فإن مراءا في القرآن كفر (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (5) (سنده) حدثنا أنس بن عياض حدثني أبو حازم عن أبي سلمة لا اعلمه إلا عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) تقدم الكلام على المراء قبل حديث في شرح حديث عمرو بن العاص (7) أي فتعلموه ممن هو أعلم منكم (8) (سنده) حدثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمرو ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (9) معناه أنه يجوز أن يقرأ غفورا بدل رحيما وعليما بدل حكيما وهذا وجه من أوجه القراءات فإن وافق رسم المصحف الامام وصح سنده جاز وإلا فلا

أبيه عن جده) (1) قال لقد جلست أنا وأخي (2) مجلسا ما أحب أن لي به حمر (3) النعم أقبلت أنا وأخي واذا مشيخة (4) من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم جلوس عند باب من أبوابه فكرهنا أن تفرق بينهم فجلسنا حجرة (5) إذ ذكروا آية من القرآن فتماروا فيها (6) حتى ارتفعت أصواتهم فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا قد احمر وجهه يرميهم بالتراب ويقول مهلا يا قوم بهذا هلكت الامم من قبلكم باختلافهم على أنبيائهم وضربهم الكتب بعضها ببعض إن القرآن لم ينزل يكذب بعضه بعضا بل يصدق بعضه بعضا فما عرفتم منه فاعملوا به وما جهلتم منه فردوه إلى عالمه (باب ما جاء من القراءة مفصلا واختلاف الصحابة فيه) (ما جاء في سورة المائدة) (عن أنس بن مالك) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها (وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس والعين بالعين) نصب النفس ورفع العين (8) (ما جاء في سورة هود) (عن أسماء بنت يزيد) (9) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرء (إنه عمل (10) غير صالح) وسمعته يقرأ (يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي إن هو الغفور الرحيم) (11)

_ (تخريجه) روى الطريق الأولى منه النسائي وأورده الهيثمي بطريقيه وقال رواه كله أحمد باسنادين ورجال احدهما رجال الصحيح ورواه البزار بنحوه اهـ (1) (سنده) حدثنا أنس بن عياض حدثنا أبو حازم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبه) (2) الظاهر أن أخا عبد الله بن عمرو هو محمد بن عمرو ابن العاص لأني لم أقف على أخ لعبد الله بن عمرو وغيره وهو من صغار الصحابة وله ترجمة في الاستيعاب والاصابة (3) بضم المهملة وسكون الميم جمع أحمر (والنعيم) بفتح النون والعين المهملة المراد بها هنا الإبل وانما خص الابل الحمر بالذكر لكونها أفضل الابل واصبرها على الهواجر والعرب تقول خير الابل حمرها وصهبها (4) أي جماعة من كبار الصحابة (5) بفتح المهملة وسكون الجيم أي ناحية منفردين (6) تقدم معنى المراء وهو الجدال (تخريجه) أخرج المرفوع منه البخاري ومسلم نحو معناه مختصرا (باب) (7) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا ابن المبارك عن يونس بن يزيد عن أبي علي ابن يزيد عن الزهري عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (8) أي بالرفع عطف على مجزان النفس قال البيضاوي في تفسيره رفعها الكسائي على انها جمل معطوفة على أن وما في حيزها باعتبار المعنى اهـ وقال البغوي في المعالم وقرأ الكسائي والعين وما بعدها بالرفع وقرأ ابن كثير وابن عامر وابو جعفر وعمرو والجروح بالرفع فقط وقرأها الآخرون كلها بالنصب كالنفس اهـ (تخريجه) (د مذ ك) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب قال محمد (يعني البخاري) تفرد ابن المبارك بهذا الحديث عن يونس ابن يزيد وهكذا قرأ أبو عبيد والعين بالعين اتباعا لهذا الحديث اهـ (قلت) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح للاحتجاج به وصححه الحاكم واقره الذهبي (9) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون انا حماد بن سلمة عن ثابت عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد الخ (غريبه) (10) بكسر الميم وفتح اللام بصيغة الماضي وفتح راء غير قال البغوي في تفسيره قرأ الكسائي ويعقوب عمل بكسر الميم وفتح اللام غير بتصب اللام على الفعل أي عم الشكر والتكذيب وقرأ الآخرون بفتح الميم ورفع اللام وتنوينه غير يرفع الراء معناه ان سؤالك إياي أن انجيه عمل غير صالح (11) سيأتي الكلام على هذه الآية فيما جاء في

(ما جاء في سورة مريم) (عن ابن عباس) (1) قال حفظت السنة الأولى كلها (2) غير اني لا أدري أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ في الظهر والعصر أم لا؟ (3) ولا أدري كيف كان يقرأ هذا الحرف (وقد بلغت من الكبر عتيا أو عسيا) (4) (ما جاء في سورة الفرقان) (عن عمر رضي الله عنه) (5) قال مررت بهشام بن حكيم بن حزام يقرء سورة الفرقان في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستمعت قراءته فإذا هو يقرء على حروف كثيرة لم يقرئنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فكدت أن أساوره (6) في الصلاة فنظرت (7) حتى سلم فلما سلم لببته (8) بردائه فقلت من أقرأك هذه السورة التي تقرؤها؟ قال أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت له كذبت فوالله ان النبي صلى الله عليه وسلم لهو أقرأني هذه السورة التي تقرؤها قال فانطلقت أقوده إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله اني سمعت هذا يقرأ سورة الفرقان على حروف لم تقرئنيها وانت اقرأتني سورة الفرقان فقال النبي صلى الله عليه وسلم أرسله (9) يا عمر اقرأ يا هشام فقرأ عليه القراءة التي سمعت فقال النبي صلى الله عليه وسلم هكذا أنزلت ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ يا عمر فقرأت القراءة التي اقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هكذا أنزلت (10)

_ سورة الزمر (تخريجه) روى الشطر الأول منه (د مذ) وسكت عنه أبو داود قال المنذري وشهر بن حوشب قد تكلم فيه غير واحد ووثقه الامام احمد ويحيى بن معين (1) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان حدثنا هشيم أخبرنا حصين عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) أي معظمها وكان يقال لابن عباس حبر الأمة والبحر لكثرة علمه ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة وحنكة بريقه حين ولد وله مناقب كثيرة ستأتي في باب مناقبه من كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالى (3) الكلام على القراءة في الظهر والعصر تقدم في بابه في الجزء الثالث صحيفة 220 رقم 566 (4) معناه ان ابن عباس شك أيضا في القراءة في قوله تعالى حكاية عن زكريا (وقد بلغت من الكبر عتيا) هل قرأها النبي صلى الله عليه وسلم بالتاء الفوقية أو بالسين المهملة لأن معناهما واحد يقال عتا الشيخ يعتو عتيا وعسيا إذا انتهى سنه وكبر وشيخ عات وعاس اذا صار الى حاله اليبس والجفاف ولم يبق فيه لقاح ولا جماع والعرب تقول للعود اذا يبس عتا يعتو عتيا وعتوا وعسى يعسو عسوا وعسيا واللغتان معروفتان بالتاء والسين والقراء الأربعة عشر قرءوا عتا بالتاء لا غير قال البغوي في تفسيره قرأ حمزة والكسائي عتيا وبكيا وصليا وجثيا بكسر أوائلهن (قلت وكذلك الأعمش وحفص الابكيا فبالضم) والباقون يرفعها وهما لغتان اهـ وأما قراءتها عسيا بالسين المهملة فقال أبو حيان في البحر عن عبد الله (يعني ابن مسعود) ومجاهد عسيا بضم العين وكسر السين وحكاها الداني عن ابن عباس وحكاها الزمخشري عن أبي ومجاهد (تخريجه) الحديث سنده صحيح وروى شطره الأول أبو داود وروى شطره الثاني الحاكم وصححه وأقره الذهبي (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن الزهري عن عروة عن المسور بن مخرمة وعبد الرحمن بن عبد القارى أنهما سمعا عمر يقول مررت بهشام الخ (غريبه) (6) بهمزة مضمومة وسين مهملة أي آخذ برأسه (7) اي انتظرت يقال نظرته وانتظرته بمعنى واحد (8) بفتح اللام وتشديد الموحدة الأولى كذا عند البخاري وقال القاضي عياض التخفيف أعرف (بردائه) أي جمعته عليه عند لبته لئلا ينفلت مني وهذا من عمر على عادته في الشدة بالأمر بالمعروف (9) بهمزة قطع أي أطلقه (10) لم يقف الحافظ ابن حجر على تعيين الأحرف التي

ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان القرآن انزل على سبعة أحرف فاقرءوا منه ما تيسر (1) (وعن أبي طلحة الأنصاري) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا عمر إن القرآن كله صواب مالم يجعل عذاب مغفرة أو مغفرة عذابا (ما جاء في سورة الروم) (عن عطية العوفي) (3) قال قرأت على ابن عمر (الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعف) (4) فقال (الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد قوة ضعفا) (5) ثم قال قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما قرأت علي فأخذ

_ اختلف فيها عمر وهشام من سورة الفرقان ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم تطييبا لقلب عمر لئلا ينكر تصويب الشيئين المختلفين (إن هذا القرآن انزل على سبعة أحرف) جمع حرف مثل فلس وأفلس أي لغات أو قراآت فعلى الأول يكون المعنى على أوجه من اللغات لأن حد الحرف في اللغة الوجه قال تعالى (ومن الناس من يعبد الله على حرف) وعلى الثاني يكون من اطلاق الحرف على الكلمة مجازا لكونه بعضا (1) أي من الأحرف المنزل بها فالمراد بالتيسير في الآية غير المراد به في الحديث لأن الذي في الآية المراد به القلة والكثرة والذي في الحديث ما يستحضره القارئ من القراآت والله أعلم (تخريجه) (ق والثلاثة) (2) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثنا حرب بن ثابت كان يسكن بني سليم قال ثنا اسحاق بن عبد الله ابن أبي طلحة عن أبيه عن جده قال قرأ رجل عند عمر فغير عليه (أي أراد تحويله عن هذه القراءة إلى قراءة أخرى) قال في القاموس (وغيره جعله غير ما كان وحوله وبدله والاسم الغير) فقال قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يغير على قال فاجتمعنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقرأ الرجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال له قد احسنت قال فكان عمر وجد من ذلك فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا عمر إن القرآن الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد ثم قال وهذا اسناد حسن وحرب بن ثابت هذا يكنى بأبي ثابت لا نعرف أحدا جرحه اهـ وأورده أيضا الهيثمي وعزاه للامام احمد فقط وقال رجاله ثقات (3) (سنده) حدثنا وكيع عن فضيل ويزيد قال اخبرنا فضيل بن مرزوق عن عطية العوفي الخ (غريبه) (4) بفتح الضاد المعجمة في الجميع (5) معناه ان ابن عمر قرأ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أولا بفتح الضاد فأخذ عليه النبي صلى الله عليه وسلم أن يقرأ بضمها وفي تفسير البغوي الضم لغة قريش والفتح لغة تميم ومعنى من ضعف أي من نطفه يريد من ذي ضعف أي من ماء ذي ضعف كما قال تعالى (الم نخلقكم من ماء مهين) (ثم جعل من بعد ضعيف قوة) أي من بعد ضعف الطفولية شبابا وهو وقت القوة (ثم جعل من بعد قوة ضعفا) هرما وقال ابن الجزري في النشر في القراآت العشر في هذا الحرف (واختلف عن حفص) فروى عنه عبيد وعمرو انه اختار فيها الضم خلافا لعاصم للحديث الذي رواه عن الفضيل بن مرزوق عن عطية العوفي عن ابن عمر مرفوعا وروينا عنه من طريق أنه قال ما خالفت عاصما في شيء من القرآن إلا في هذا الحرف ثم روى ابن الجزري هذا الحديث باسناده إلى الامام احمد (تخريجه) (د مذ) وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره بعد أن عزاه للامام احمد وقال رواه أبو داود والترمذي وحسنه من حديث فضيل به ورواه ابو داود من حديث عبد الله بن جابر عن عطية عن أبي سعيد بنحوه اهـ (قلت) في اسناده عطية العوفي ضعفه الجمهور واخرجه ايضا الحاكم وقال تفرد به

علي كما أخذت عليك (ما جاء في سورة الزمر) (عن أسماء بنت يزيد) (1) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ (يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي انه هو الغفور الرحيم) (ما جاء في سورة الأحقاف) (عن عبد الله) (2) قال سمعت رجلا (3) يقرأ حم الثلاثين يعني الأحقاف فقرأ خرفا وقرأ رجل آخر حرفا لم يقرأه صاحبه وقرأت أحرفا لم يقرأها صاحبي فانطلقنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرناه (وفي رواية أخرى فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أو عرفت في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم الكراهية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلاكما محسن) فقال لا تختلفوا فإنما هلك من كان قبلكم باختلاف (4) ثم قال انظروا اقرأكم رجلا فخذوا بقراءته (ما جاء في سورة محمد صلى الله عليه وسلم) (عن شقيق بن سلمة) (5) قال جاء رجل إلى عبد الله (يعني ابن مسعود رضي الله عنه) من بني بجبلة يقال له نهيك بن سنان فقال يا أبا عبد الرحمن كيف تقرأ هذه الآية أياء تجدها أو ألفا (من ماء غير آسن) (6) فقال له عبد الله وكل القرآن أحصيت غير هذه (7) قال اني لأقرأ المفصل في ركعتين فقال عبد الله هذا كهذا الشعر (8) إن من أحسن الصلاة الركوع والسجود وليقرأن القرآن أقوام لا يجاوز تراقبهم ولكنه إذا قرأه فرسخ في القلب

_ عطية العوفي ولم يحتجا به وأقره الذهبي على ذلك (1) هذا طرف من حديث تقدم بتمامه وسنده وتخريجه فيما جاء في سورة هود وروى هذا الطرف منه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث غريب قال ولم اذكر في كتابي هذا عن شهر غير هذا الحديث الواحد اهـ (قلت) وأقر الذهبي قول الحاكم ولم يتعقبه بشيء (2) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن همام عن عاصم عن أبي وائل عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (غريبه) (3) قال الحافظ يحتمل أن يكون هو أبي بن كعب فقد أخرج الطبري من حديث أبي بن كعب أنه سمع ابن مسعود يقرأ آية قرأ خلافها وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كلاكما محسن الحديث (4) في هذا الحديث الحض على الجماعة والألفة والتحذير من الفرقة والاختلاف والنهي عن المراء في القرآن بغير حق ومن شر ذلك أن تظهر دلالة الآية على شيء يخالف الرأي فيتوسل بالنظر وتدقيقه إلى تأويلها وحملها على ذلك الرأي ويقع اللجاج في ذلك والمناضلة عليه قاله الحافظ (تخريجه) (خ) (5) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق بن سلمة الخ (غريبه) (6) زاد مسلم (أو من ماء غير ياسن) أي غير متغير الرائحة والآسن من الماء مثل الآجن وقد أسن الماء يأسن ويأسن أسنا وأسونا إذا تغيرت رائحته وكذلك أجن الماء يأجن ويأجن أجنا وأجونا ويقال بالكسر فيهما أجن وأسن يأسن ويأجن أسنا وأجنا قاله اليزيدي وقرأه العامة آسن بالمد وقرأه ابن كثير وحميد أسن بالقصر وهما لغتان مثل حاذر وحذر وقال الأخفش أسن للحال وآسن مثل فاعل يراد به الاستقبال اهـ ولم اقف على قراءة في هذا الحرف بالياء ولا في الشواذ (7) هذا محمول على ان ابن مسعود فهم من السائل انه غير مسترشد في سؤاله اذ لو كان مسترشدا لوجب جوابه وهذا ليس بجواب (8) معناه ان الرجل اخبر بكثرة حفظه واتقانه فقال ابن مسعود تهذه هذا بتشديد الذال وهو شدة الافراط والاسراع في العجلة ففيه النهي عن الهذ والحث على الترتيل والتدبر وبه قال جمهور

نفع (1) إني لأعرف النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورتين في ركعة قال ثم قام فدخل فجاء علقمة فدخل عليه قال فقلنا له سله عن النظائر التي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ سورتين في ركعة قال فدخل فسأله ثم خرج إلينا فقال عشرون سورة من أول المفصل في تأليف عبد الله (يعني ابن مسعود) (ومن طريق ثان) (2) عن زر أن رجلا (3) قال لابن مسعود كيف تعرف هذا الحرف ماء غير ياسن أم آسن؟ فقال كل القرآن قد قرأت؟ قال اني لأقرأ المفصل أجمع في ركعة واحدة (4) فقال (يعني ابن مسعود) أهذا الشعر لا أبالك (5) قد علمت قرائن رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كان يقرن قرينتين قرينتين من أول المفصل وكان أول مفصل ابن مسعود الرحمن (6) (ما جاء في سورة الذاريات) (عن عبد الله بن مسعود) (7) قال أقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم (اني انا الرزاق ذو القوة المتين) (8) (ما جاء في سورة القمر) (وعنه أيضا) (9) قال اقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر) (10) فقال رجل يا أبا عبد الرحمن مدكر أو مذكر قال اقرأني رسول الله صلى الله عليه وسلم مدكر (ما جاء في سورة الطلاق) (عن ابن عمر) (11) قال قرأ النبي صلى الله عليه وسلم (يا أيها النبي إذا طلقتم

_ العلماء (كهذة الشعر) معناه في تحفظه وروايته لا في اسناده وترنمه لأنه يرتل في الانشاد والترنم في العادة (1) معناه أن قوما ليس حظهم من القرآن إلا مروره على اللسان فلا يجاوز تراقيهم ليصل قلوبهم وليس ذلك هو المطلوب بل المطلوب تعقله وتدبره بوقوعه في القلب (وقوله اني لأعرف النظائر) إلى آخر الحديث تقدم تفسيره والكلام عليه في باب قراءة سورتين أو أكثر في ركعة من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 212 رقم 554 فارجع اليه (2) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد ثنا عاصم عن زر (يعني ابن حبيش) ان رجلا الخ (3) هو نهيك (بوزن عظيم) ابن سنان المذكور في الطريق الأولى (4) جاء في الطريق الأولى أنه كان يقرأ المفصل في ركعتين فيحتمل انه كان يقرؤه في بعض الأحيان في ركعة وفي بعضها في ركعتين وفي رواية مسلم في ركعة والله أعلم (5) هذه الكلمة ظاهرها الدعاء عليه بفقد أبيه ولكنها كلمة جارية على السنة العرب لا يريدون بها الدعاء على المخاطب ولا وقوع الأمر به كما يقولون قاتله الله بل قد يراد بها المدح والله أعلم (6) في ذلك خلاف عند العلماء ذكرته في شرح الحديث الأول من باب قراءة سورتين أو أكثر في ركعة الخ من كتاب الصلاة في الجزء الثالث 211 فارجع اليه (تخريجه) (م مذ طل) و (خ د) مختصرا (7) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن عبد الرحمن ابن يزيد عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه) (8) هذه قراءة ابن مسعود وهي قراءة شاذه والقراءة المتواترة (ان الله هو الرزاق ذو القوة المتين) (تخريجه) (د نس مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح (9) (سنده) حدثنا حجاج حدثنا اسرائيل عن ابي اسحق عن الأسود عن ابن مسعود قال اقرأني الخ (غريبه) (10) بالدال المهملة كما هو قراءة حفص وسبب ذلك ان بعض السلف قرأها بالمعجمة وهو منقول أيضا عن قتادة وأصل مدكر بمثناه بعد ذال معجمة فأبدلت التاء دالا مهملة ثم أهملت المعجمة لمقاربتها ثم ادغمت وفي رواية للبخاري عن عبد الله قال قرأت على النبي صلى الله عليه وسلم (فهل من مذكر) فقال النبي صلى الله عليه وسلم (فهل من مدكر) وفي رواية أخرى له قال وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرؤها (فهل من مدكر) دالا (تخريجه) (ق والثلاثة) (11) (سنده) حدثنا روح بن عبادة حدثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع عبد الرحمن بن أيمن يسأل ابن عمر وأبو الزبير يسمع فقال ابن عمر قرأ

النساء فطلقوهن في قبل عدتهن (1) (باب ما جاء في سورة الليل) (عن علقمة) (2) أنه قدم الشام فدخل مسجد دمشق فصلى فيه ركعتين وقال اللهم ارزقني جليسا صالحا قال فجاء فجلس إلى أبي الدرداء فقال له أبو الدرداء ممن أنت؟ قال من أهل الكوفة قال كيف سمعت ابن ام عبد (3) يقرأ (والليل اذا يغشي والنهار اذا تجلى) قال علقمة (والذكر (4) والأنثى) فقال أبو الدرداء لقد سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما زال هؤلاء حتى شككوني (وفي رواية وهؤلاء يريدون أن اقرأ) (وما خلق) (5) فلا أتابعهم (6) ثم قال ألم يكن فيكم صاحب السواد (7) وصاحب

_ النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) قال في النهاية (وفي رواية في طهرهن) أي في اقباله وأوله حيث يمكنها الدخول في العدة والشروع فيها فتكون لها محسوبة وذلك في حالة الطهر يقال كان ذلك في قبل الشتاء أي اقباله اهـ (قال النووي) هذه قراءة ابن عباس وابن عمر وهي شاذة لا تثبت قرآنا بالاجماع ولا يكون لها حكم خبر الواحد عندنا وعند محققي الأصوليين اهـ وقال ابو حيان في تفسير البحر ما روى عن جماعة من الصحابة والتابعين رضي الله عنهم من أنهم قرءوا (فطلقوهن في قبل عدتهن) وعن عبد الله (لقبل طهرهن) هو على سبيل التفسير لاعلى أنه قرآن لخلافه سواد المصحف الذي اجمع عليه المسلمون شرقا وغربا والله أعلم (تخريجه) (م فع) (2) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون أنا سعبة عن مغيرة عن ابراهيم عن علقمة انه قدم الشام الخ (غريبه) (3) يعني عبد الله بن مسعود (4) بكسر الراء معطوف على النهار وعلى هذا فالمعنى أنه عز وجل أقسم بالليل والنهار والذكر والأنثى من جميع خلقه وهذه قراءة ابن مسعود وأبي الدرداء وعلقمة وفي رواية للبخاري من طريق سفيان عن الاعمش ان علقمة قال (فقرأت والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى والذكر والأنثى) قال انت سمعت من في صاحبك؟ قلت نعم (قال الحافظ) هذا صريح في ان ابن مسعود كان يقرؤها كذلك قال وهذه القراءة لم تنقل إلا عمن ذكر هنا (يعني ابن مسعود وأبا الدرداء وعلقمة) قال ومن عداهم قرءوا (وما خلق الذكر والأنثى) وعليها استقر الأمر مع قوة اسناد ذلك إلى أبي الدرداء ومن ذكر معه ولعل هذا مما نسخت تلاوته ولم يبلغ النسخ ابا الدرداء ومن ذكر معه والعجب من نقل الحفاظ من الكوفيين هذه القراءة عن علقمة وابن مسعود واليهما تنتهي القراءة بالكوفة ثم لم يقرأ بها أحد منهم وكذا أهل الشام حملوا القراءة عن أبي الدرداء ولم يقرء أحد منهم بهذا فهذا مما يقوى أن التلاوة بها نسخت (قلت) وقراءة الجمهور (وما خلق الذكر والأنثى) هي المتواترة قال الحسن معناه والذي خلق الذكر والانثى فيكون قد أقسم بنفسه عز وجل (وقال أبو عبيدة) (وما خلق) أي ومن خلق وكذا قوله (والسماء وما بناها ونفس وما سواها) (ما) في هذه المواضع بمعنى من اهـ (5) أي (وما خلق الذكر والأنثى) (6) أي لا أتابعهم على هذه القراءة قال ذلك لما تبينه من سماع ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولعله لم يعلم بنسخه ولم يبلغه مصحف عثمان المجمع عليه المحذوف منه كل منسوخ على أنه جاء في تفسير القرطبي ان حمزة وعاصما يرويان عن عبد الله بن مسعود ما عليه جماعة المسلمين (7) بكسر السين المهملة بعدها واو وقد جاء في الأصل (الوساد) بتقديم الواو على السين وهو خطأ من الناسخ والسواد بالكسر السرار وصاحب السواد هو عبد الله بن مسعود كما فسر في الحديث وسببه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له اذنك على أن ترفع الحجاب

السر الذي لا يعلمه أحد غيره (1) والذي أجير من الشيطان على لسان النبي صلى الله عليه وسلم (2) صاحب السواد ابن مسعود وصاحب السر حذيفة والذي أجير من الشيطان عمار (رضي الله عنهم) (وفي لفظ) أن أبا الدرداء قال لعلقمة هل تقرأ على قراءة ابن مسعود؟ قال قلت نعم قال فاقرأ والليل اذا يغشى قلت (والليل اذا يغشى والنهار اذا تجلى والذكر والانثى) قال هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها قال احسب قال فضحك (3) (أبواب كيفية نزول القرآن) (باب وقت نزول القرآن وغيره من الكتب السماوية وخوف الصحابة من نزول القرآن فيهم) (عن وائلة بن الأسقع) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انزلت صحف ابراهيم عليه السلام في أول ليلة من رمضان وأنزلت التوراة لست مضين من رمضان والانجيل لثلاث عشرة خلت من رمضان وأنزل الفرقان لأربع وعشرين خلت من رمضان (عن ابن عمر) (5) قال كنا نتقي كثيرا من الكلام والانبساط الى نسائنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مخافة أن ينزل فينا القرآن فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمنا (باب أول ما نزل من القرآن) (عن عائشة رضي الله عنها) (6)

_ وتستمع سوادي حتى أنهاك يقال ساودت الرجل مساودة اذا ساورته قيل هو من ادناء سوادك من سواده أي شخصك من شخصه (1) صاحب السر هو حذيفة بن اليمان كما فسر في الحديث أيضا والظاهر أنه وصف بذلك لأنه أكثر الصحابة سؤالا عن الغيبيات وعلامات الساعة وأحوال الآخرة فقد روى الامام احمد بسند جيد عن حذيفة أنه قال أخبرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة فما من شيء إلا قد سألته إلا أني لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة وسيأتي في باب ما رواه حذيفة في الفتن من كتاب الفتن وعلامات الساعة (2) الذي أجير من الشيطان هو عمار بن ياسر كما ذكر في الحديث فقد جاء عن أبي حيثمة بن عبد الرحمن قال جلست الى أبي هريرة وقلت حدثني فقال أبو هريرة ممن أنت؟ قلت من أهل الكوفة قال تسألني وفيكم علماء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والمجار من الشيطان عمار بن ياسر رواه ابن عساكر والظاهر ان ابا الدرداء خص هؤلاء الثلاثة بالذكر لأنهم كانوا يقرءون كقراءته والله سبحانه وتعالى أعلم (3) جاء عند مسلم فضحك ثم قال هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق مذ) (باب) (4) (سنده) حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عمران أبو العوام عن قتادة عن أبي المليح عن وائلة بن الأسقع الخ (تخريجه) أخرجه البيهقي في شعب الايمان وسنده حسن وأورده الحافظ في الفتح ثم قال وهذا كله مطابق لقوله تعالى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) ولقوله تعالى (إنا أنزلناه في ليلة القدر) فيحتمل أن يكون ليلة القدر في تلك السنة كانت تلك الليلة فأنزل فيها جملة الى سماء الدنيا ثم أنزل في اليوم الرابع والعشرين إلى الأرض أول اقرأ باسم ربك (5) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر الخ (تخريجه) (خ جه) (باب) (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري فذكر حديثا ثم قال قال الزهري

قالت أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي (1) الرؤيا الصادقة (2) في النوم وكان لا يرى رؤيا إلا جاءت مثل (3) فلق الصبح ثم حبب إليه الخلاء (4) فكان يأتي غار حراء (5) فيتحنث فيه وهو التعبد (6) الليالي ذوات العدد ويتزود لذلك ثم يرجع إلى خديجة فتزوده لمثلها (7) حتى فجئه الحق وهو في غار حراء فجاءه (8) الملك فيه فقال اقرأ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما أنا بقارئ (9) قال فأخذني فغطني (10) حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فأخذني فغطني الثانية حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني فقال اقرأ فقلت ما أنا بقارئ فغطني الثالثة حتى بلغ مني الجهد ثم أرسلني (11) فقال اقرأ باسم ربك الذي خلق حتى بلغ مالم يعلم (يعني علم الإنسان

_ فأخبرني عروة عن عائشة انها قالت أول ما بدئ به الخ (غريبه) (1) يحتمل أن يكون (من) تبعيضية أي من أقسام الوحي ويحتمل أن تكون بيانية ورجحة القزاز (2) هي التي ليس للشيطان فيها نصيب وبدئ بذلك ليكون تمهيدا وتوطئة لليقظة ثم مهد له في اليقظة ايضا رؤية الضوء وسماع الصوت وسلام الحجر (3) بنصب مثل على الحال أي مشبهة ضياء الصبح او على أنه صفة لمحذوف أي جاءت مجيئا مثل فلق الصبح والمراد بفلق الصبح ضياؤه وخص بالتشبيه لظهوره الواضح الذي لا شك فيه وانما ابتدئ بالرؤيا لئلا يفاجئ الملك ويأتيه بصريح النبوة فلا تحتمله القوى البشرية (4) أي الهمه الله تعالى حب الخلاء والخلاء بالمد الخلوة والسر فيه أن الخلوة فراغ القلب لما يتوجه له (5) بكسر الحاء المهملة والمد اسم جبل معروف بمكة والغار نقب فيه وخص حراء بالتعبد فيه لأنه يرى الكعبة منه وهو عبادة (وقوله فيتحنث) هي بمعنى يتحنف أي يتبعي الحنيفية وهي دين ابراهيم ووقع في رواية ابن هشام في السيرة يتحنف بالفاء والتحنث القاء الحنث وهو الاثم كما قيل يتأثم ويتحرج (6) وهو التعبد الخ هذه الجملة مدرجة في الحديث وهي من تفسير الزهري كما جزم به الطيبي وفي رواية للبخاري من طريق يونس عن الزهري في التفسير ما يدل على الادراج (قال الحافظ) وقوله الليالي ذوات العدد يتعلق بقوله يتحنث وابهم لاختلافه كذا قيل وهو بالنسبة الى المدد التي يتخللها مجيئه إلى أهل والا فاصل الخلوة عرفت مدتها وهي شهر وذلك الشهر كان رمضان رواه ابن اسحاق (والليالي) منصوبة على الظرف وذوات منصوبة أيضا وعلامة النصب فيه كسر التاء (7) أي الليالي والتزود استصحاب الزاد ويتزود معطوف على يتحنث وخديجة هي أم المؤمنين بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي (وقوله فجئه) بكسر الجيم أي جاءه الأمر الحق بغتة (8) قال الحافظ هذه الفاء تسمى التفسيرية وليست التعقيبية لأن مجيء الملك ليس بعد مجيء الوحي حتى تعقب به بل هو نفسه ولا يلزم من هذا التقرير أن يكون من باب تفسير الشيء بنفسه بل التفسير عين المفسر به من جهة الاجمال وغيره من جهة التفصيل (9) ما نافية والياء زائدة لتأكيد النفي أي ما أحسن القراءة (10) بغين معجمة وطاء مهملة مشددة والغط حبس النفس ومنه غطه في الماء أو أراد غمنى ومنه الخنق ولأبي داود الطيالسي في مسنده بسند حسن فأخذ بحلقى (وقوله حتى بلغ من الجهد) بفتح الجيم ونصب الدال المهملة أي بلغ الغط مني الجهد أي غاية وسعى فهو مفعول حذف فاعله ويروى الجهد بضم الجيم والدال أي بلغ الجهد مني مبلغه وكذا يقال فيما بعده وهذا الغط ليفرغه عن النظر إلى أمور الدنيا ويقبل بكليته إلى ما يلقى اليه وكرره للمبالغة وقيل الغطة الأولى ليتخلى عن الدنيا والثانية ليتفرغ لما يوحى اليه والثالثة للمؤانسة (11) اي اطلقني بعد أن قلت ما أنا بقارئ ثلاث مرات

ما لم يعلم (1) الحديث ذكر بتهامه في باب بدء الوحي من كتاب السيرة النبوية في قسم التاريخ (عن أبي سلمة) (2) قال سألت جابرا أي القرآن أنزل قبل؟ فقال يا أيها المدثر (3) فقلت أو اقرأ؟ فقال جابر أحدثكم ما حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال جاورت بحراء (4) شهرا فلما قضيت جواري نزلت فاستبطنت بطن الوادي (5) فنوديت فنظرت أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي فلم أر أحدا ثم نوديت فظرت فلم أر أحدا ثم نوديت فرفعت رأسي فإذا هو على العرش في الهواء (6) فأخذتني رجفة (7)

_ وعقب كل مرة يغطني ويقول اقرأ وفي الثالثة قال لي (اقرأ باسم ربك) اي لا تقرؤه بقوتك ولا بمعرفتك لكن بحول ربك واعانته فهو يعلمك كما خلقك (1) معناه انه قال (اقرأ باسم ربك الذي خلق) يعني الخلائق كلها (خلق الانسان) يعني ابن آدم (من علق) العلق جمع علقة وهي المنى ينتقل بعد طوره فيصير دما غليظا متجمدا ثم ينتقل طورا آخر فيصير لحما وهي المضعة سميت بذلك لأنها مقدار ما يمضغ (اقرأ) كرره تأكيدا ثم استأنف فقال (وربك الأكرم) أي الحليم عن جهل العباد لا يعجل عليهم بالعقوبة (الذي علم بالقلم) يعني الخط والكتابة (علم الإنسان مالم يعلم) من أنواع الهدى والبيان وقيل علم آدم الأسماء كلها وقيل الانسان هنا محمد لقوله تعالى (وعلمك مالم تكن تعلم) الحديث له بقية وسيأتي بتمامه في باب بدء الوحي من كتاب السيرة النبوية في قسم التاريخ ان شاء الله تعالى وانما ذكرت هذا الطرف منه هنا للاستدلال به على ان اول ما نزل من القرآن (اقرأ باسم ربك الذي خلق - الآيات) (تخريجه) (ق وغيرهما) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره أول شيء نزل من القرآن هذه الآيات الكريمات وهن أول رحمة رحم الله بها العباد وأول نعمة أنعم الله بها عليهم وفيها التنبيه على ابتداء خلق الانسان من علقة وانه من كرمه تعالى أن علم الانسان مالم يعلم فشرفه وكرمه بالعلم وهو القدر الذي امتاز به ابو البرية آدم على الملائكة والعلم تارة يكون في الأذهان وتارة يكون في اللسان وتارة يكون في الكتابة بالبنان ذهني ولفظي ورسمي والرسمي يستلزمهما من غير عكس فلهذا قال (اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان مالم يعلم) جل شأن الله (2) (سنده) حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا الأوزاعي انه سمع يحيى ووكيع حدثنا علي بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير المعنى قال سألت أبا سلمة (يعني ابن عبد الرحمن) أي القرآن أنزل قبل؟ فقال يا أيها المدثر قال يحيى فقلت لأبي سلمة أو اقرأ؟ فقال سألت جابرا الخ (غريبه) (3) اصله التدثر أدغمت التاء في الدال أي المتلفف بثيابه عند نزول الوحي عليه (وقوله أو اقرأ) اي اقرأ باسم ربك الذي خلق (4) بكسر الحاء المهملة وتخفيف الراء وبالمد وحكى الأصيلي فتحها والقصر وعزاها في القاموس للقاضي عياض قال وهي لغة وهو مصروف أن اريد المكان وممنوع ان اريد البقعة فهي أربعة التذكير والتأنيث والمد والقصر وكذا حكم قباء وقد نظم بعضهم أحكامهما في بيت فقال (حرا وقبا وانثهما معا * ومد أو قصر واصرفن وامنع الصرفا) وحراء جبل بينه وبين مكه نحو ثلاثة اميال على يسار الذاهب الى منى (5) معناه انه نزل من الجبل حتى صار في بطن الوادي (6) جاء في الطريق الثانية فرفعت بصري قبل السماء فاذا الملك الذي جاءني بحراء الآن قاعد على كرسي بين السماء والأرض وهي مفسرة لهذه الرواية والأحاديث يفسر بعضها بعضا والملك هو جبريل عليه السلام (7) أي رعشة واضطراب يقال رجفت يده ارتعشت من مرض أو كبر

شديدة فأتيت خديجة فقلت دثروني (1) فدثروني وصبوا علي ماءا فأنزل الله عز وجل (يا أيها المدثر قم فأنذر (2) وربك فكبر وثيابك فطهر) (وعنه من طريق ثان) (3) قال اخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثم فتر الوحي عني فترة (4) فبينا أنا أمشي سمعت صوتا من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك (5) الذي جاءني بحراء الآن قاعد على كرسي بين السماء والأرض فجششت (6) منه فرقا حتى هويت إلى الأرض فجئت أهلي فقلت زملوني زملوني زملوني فزملوني فأنزل الله عز وجل (يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر) قال أبو سلمة الرجز الأوثان ثم حمى الوحي (7) بعد وتتابع

_ ورجفته الحمى أرعدته (1) أي لفوني بالثيات (2) أي حذر من العذاب من لم يؤمن بك (وربك فكبر) أي عظمه عما يقوله عبدة الأوثان (وثيابك فطهر) قال قتادة ومجاهد نفسك فطهر من الذنب فكنى عن النفس بالثوب وهو قول ابراهيم والضحاك والشعبي والزهري وقال عكرمة سئل ابن عباس عن قوله (وثيابك فطهر) فقال لا تلبسها على معصية ولا على غدر ثم قال أما سمعت قول غيلان بن سلمة الثقفي (واني بحمد الله لا ثوب فاجر * لبست ولا من غدرة أتقنع) والعرب تقول في وصف الرجل بالصدق والوفاء انه طاهر الثياب وتقول لمن غدر إنه لدنس الثياب (3) (سنده) حدثنا حجاج ثنا ليث ثنا عقيل عن ابن شهاب قال سمعت أبا سلمة بن عبد الرحمن يقول أخبرني جابر الخ (4) أي انحبس مدة وقد اختلف في مدة فترة الوحي فقيل ثلاث سنين كما في تاريخ الامام احمد وجزم به ابن اسحاق وفي بعض الاحاديث انه قدر سنتين ونصف (قال الحافظ) وقد عارضه ما جاء عن ابن عباس ان مدة الفترة المذكورة كانت أياما والله اعلم (5) يعني جبريل عليه السلام وقد استدل بقوله (ثم فتر الوحي عني) (وقوله فإذا الملك الذي جاءني بحراء) على هذه القصة متأخرة عن قصة حراء التي نزل فيها اقرأ باسم ربك (6) بضم الجيم وكسر المثلثة الأولى وسكون الثانية أي فزعت وخفت وقيل معناه قلعت من مكاني من قوله تعالى اجتثت من فوق الأرض (7) أي جاء كثيرا (وتتابع) تأكيد معنوي ويحتمل أن يراد بحمى قوي (وتتابع) تكاثر (تخريجه) (ق وغيرهما) وقد اختلف العلماء في أول ما نزل من القرآن على أقوال (أحدها) وهو الصحيح اقرأ باسم ربك وإليه ذهب الجمهور مستدلين بحديث عائشة المذكور أول الباب وبما رواه الحاكم في المستدرك والبيهقي في الدلائل وصححاه عن عائشة قالت أول سورة نزلت من القرآن اقرأ باسم ربك وبأحاديث أخرى كثيرة وذهب جماعة إلى أن اول ما نزل من القرآن سورة يا أيها المدثر قم فأنذر واستدلوا على ذلك بحديث جابر المذكور في الباب وأجاب الأولون عن هذا الحديث أجوبة أحسنها ان السؤال كان عن نزول سورة كاملة فبين أن سورة المدثر نزلت بكمالها قبل نزول تمام سورة اقرأ فإنها أول ما نزل منها صدرها ويؤيد هذا ما في الطريق الثانية من حديث جابر حيث قال (ثم فتر الوحي عني فترة) وفيه ايضا (فإذا الملك الذي جاءني بحراء الخ) فقوله الملك الذي جاءني بحراء يدل على أن هذه القصة متأخرة عن قصة حراء التي نزل فيها اقرأ باسم ربك (واجابوا أيضا) بأن جابرا استخرج ذلك باجتهاده وليس هو من روايته فيتقدم عليه ما روته عائشة قاله الكرماني وهناك أجوبه غير ذلك لا نطيل الكلام بذكرها وقيل أول ما نزل من القرآن الفاتحة

(باب نزول القرآن على سبعة أحرف) (عن أبي بكرة) (1) أن جبريل عليه السلام قال يا محمد اقرأ القرآن على حرف (وفي لفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أتاني جبريل وميكائيل عليهما السلام فقال جبريل اقرأ القرآن على حرف) قال ميكائيل عليه السلام استزده فاستزاده قال اقرأه على حرفين قال ميكائيل استزده فاستزاده حتى بلغ سبعة أحرف (2) قال كل شاف (3) كاف ما لم تختم (4) آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب نحو قولك تعالى (5) وأقبل وهلم واذهب واسرع وأعجل (عن عمرو بن العاص) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال نزل القرآن على سبعة أحرف على اي حرف قرأتم فقد أصبتم فلا تماروا فيه فإن المراء فيه كفر (7)

_ وقيل بسم الله الرحمن الرحيم ذكر هذه الأقوال جميعها وغيرها الحافظ السيوطي في كتابه الاتقان في علوم القرآن (باب) (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة الخ (غريبه) (2) قال الخطابي اختلف الناس في تفسير قوله (سبعة أحرف) فقال بعضهم يعني الحروف اللغات يريد أنه نزل على سبعة لغات من لغات العرب من أفصح اللغات واعلاها في كلامهم قالوا وهذه اللغات متفرقة في القرآن غير مجتمعة في الكلمة الواحدة والى نحو من هذا أشار ابو عبيد (وقال القتي) لا نعرف في القرآن حرفا يقرأ على سبعة أوجه (وقال ابن الإنباري) هذا غلط وقد وجد في القرآن حروف تصح أن تقرأ على سبعة أحرف منها قوله تعالى (وعبد الطاغوت) وقوله تعالى (أرسله معنا غدا يرتع ويلعب) وذكر وجوهها كأنه يذهب في تأويل الحديث إلى ان بعض القرآن أنزل على سبعة أحرف لا كله (وقد ذكر بعضهم) فيه وجها آخر قال وهو من القرآن أنزل مرخصا للقارئ وموسعا عليه أن يقرأه على سبعة أحرف أي يقرؤه بأي حرف شاء منها على البدل من صاحبه ولو أراد ان يقرأ على معنى ما قاله ابن الانباري لقيل أنزل القرآن بسبعة أحرف فإنما قيل على سبعة أحرف ليعلم انه به هذا المعنى أي كأنه أنزل على هذا من الشرط أو على هذا من الرخصة والتوسعة وذلك لتسهل قراءته على الناس ولو أخذوا بأن يقرءوه على حرف واحد لشق عليهم ولكان ذلك داعية للزهادة فيه وسببا للنفور عنه (وقيل فيه وجه آخر) وهو أن المراد به التوسعة ليس حصر العدد اهـ (قلت) وسيأتي لذلك مزيد بحث في آخر الباب (3) أي شاف لأمراض القلوب والنفوس (كاف) لكل طالب من أحكام وأخلاق وتبشير وتحذير وغير ذلك (4) جاء في بعض الروايات مالم تخلط بدل تختم أي بحيث تغير المعنى فهو ممنوع (5) نحو قولك تعالى وأقبل الخ هذه الأمثلة ترجع إلى قوله (كل شاف كاف) أي يجوز أن تقول هلم بدل اقبل وهكذا اذ كلها بمعنى واحد لكن بشرط ان يصح سنده وان يوافق ما في المصحف الامام الذي أمر عثمان بنسخه وجمع الناس عليه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني بنحوه إلا أنه قال واذهب وادبر وفيه علي بن زيد بن جدعان وهو سيء الحفظ وقد توبع وبقية رجال احمد رجال الصحيح (6) (سنده) حدثنا سعيد مولى بني هاشم قال ثنا عبد الله بن جعفر يعني المخرمي قال ثنا يزيد بن عبد الله بن اسامة بن الهاد عن بسر بن سعيد عن ابي قيس مولى عمرو بن العاص عن عمرو بن العاص الخ (7) (غريبه) تقدم الكلام على المراء في القرآن وانه كفر في الحديث الثالث في الباب الأول من أبواب القراءات وجواز اختلافها صحيفة 38 رقم 93 (تخريجه) لم أقف

(عن أبي بن كعب) (1) قال قرأت آية وقرأ ابن مسعود خلافها (جاء في رواية وقرأ رجل خلافها) فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت ألم تقرئني آية كذا وكذا؟ قال بلى فقال ابن مسعود ألم تقرئنيها كذا وكذا؟ فقال بلى كلاكما محسن مجمل قال فقلت له (2) فضرب في صدري فقال يا أبي بن كعب اني اقرئت القرآن فقيل لي على حرف (3) أو على حرفين؟ فقال الملك الذي معى على حرفين فقلت على حرفين فقال على حرفين أو ثلاثة؟ فقال الملك الذي معي على ثلاثة فقلت على ثلاثة حتى بلغ سبعة أحرف (4) ليس منها إلا شاف كاف إن قلت غفورا رحيما أو سميعا عليما أو قلت عليما سميعا فالله كذلك مالم تختم آية عذاب برحمة أو آية رحمة بعذاب (زاد في رواية بعد قوله فضرب في صدري) قال اللهم اذهب عن أبي الشك ففضت عرقا (5) وامتلأ جوفي فرقا (6) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبي ان ملكين أتياني (7) فقال أحدهما اقرأ على حرف فقال الآخر زده فقلت زدني قال اقرأ على حرفين فقال الآخر زده فقلت زدني فقال اقرأ على ثلاثة فقال الآخر زده فقلت زدني فقال اقرأ على أربعة قال الآخر زده قلت زدني قال اقرأ على خمسة أحرف قال الآخر زده قلت زدني قال اقرأ على ستة قال الآخر زده (8) قال اقرأ على سبعة أحرف (عن حذيفة) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقيت جبريل عند أحجار المراء (10) فقلت يا جبريل اني ارسلت إلى أمة أمية (11)

_ عليه لغير الامام احمد وسنده جيد وأورده الهيثمي وسكت عنه وجود الحافظ ابن كثير اسناده وحسنه الحافظ في الفتح (1) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا همام عن قتادة عن يحيى بن يعمر عن سليمان بن صرد عن أبي بن كعب الخ (غريبه) (2) القائل فقلت له هو أبي بن كعب وجاء في رواية أخرى (فقلت بيدي قد أحسنت مرتين) ومعناه انه اشار بيده إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال كيف تقول لي قد أحسنت وتقول له قد أحسنت وجاء في رواية عند الطبري فقلت ما كلانا أحسن ولا أجمل قال فضرب النبي صلى الله عليه وسلم بيده في صدري ثم قال اللهم اذهب عن ابي الشك إلى آخر ما جاء في الرواية الثانية (3) القائل على حرف هو جبريل عليه السلام كما يستفاد من الحديث السابق (وقوله فقال الملك الذي معي) هو ميكائيل عليه السلام كما تقدم في الحديث السابق أيضا (4) حتى بلغ سبعة أحرف الخ قال في فتح الودود هذا يفيد أنه كما رخص في اللغات السبع كذلك رخص لهم في رءوس الآيات بما يناسب المقام من أسماء الله تعالى من غير تقييد ببعض والله أعلم اهـ (قلت) بشرط ان يصح سنده ويكون موافقا للمصحف الإمام (5) أي سال عرقي من جميع جسمي استحياءا منه صلى الله عليه وسلم (6) بفتح الراء أي خوفا ورعبا (7) هما جبريل وميكائيل عليهما السلام (8) لم يذكر في الأصل في هذا الموضع (قلت زدني) فاما ان تكون سقطت من الناسخ أو حذفت من الحديث للعلم بها كما تقدم والله أعلم (تخريجه) (م د) بسياق غير هذا والمعنى واحد وللنسائي في اليوم والليلة نحوه ورواه أيضا ابن جرير في تفسيره وسنده جيد (9) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد يعني ابن سلمة عن عاصم عن زر (يعني ابن حبيش) عن حذيفة (يعني ابن اليمان) الخ (غريبه) (10) قال في النهاية هي بكسر الميم قباء فأما المراء بضم الميم فهو داء يصيب النخل (11) قال تعالى (هو الذي بعث الأميين رسولا منهم) والأمي لا يكتب ولا يقرأ كتابا

الرجل والمرأة والغلام والجارية والشيخ الفاني الذي لا يقرأ كتابا قط (1) قال في القرآن نزل على سبعة أحرف (2) (وعنه من طريق ثان) (3) قال لقى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل وهو عند أحجار المراء فقال ان امتك يقرءون القرآن على سبعة أحرف فمن قرأ منهم على حرف فليقرأ كما علم ولا يرجع عنه قال أبي (4) وقال ابن مهدي ان من امتك الضعيف فمن قرأ منهم على حرف فلا يتحول منه إلى غيره رغبة عنه (عن أبي بن كعب) (5) قال لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل عند أحجار المراء (6) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل اني بعثت إلى أمة أميين فيهم الشيخ الفاني والعجوز الكبيرة والغلام قال فمرهم فليقرءوا القرآن على سبعة أحرف (عن سمرة بن جندب) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نزل القرآن على سبعة أحرف (عن أم أيوب) (8) قالت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نزل القرآن على سبعة أحرف أيها قرأت أجزاك (عن عبادة) (9) أن أبي بن كعب قال قال رسول

_ وقال صلى الله عليه وسلم (إنا أمة أمية لا نكتب ولا نحسب) أراد أنهم على أصل ولادة أمهم لم يتعلموا الكتابة والحساب فهم على جبلتهم الأولى (1) المعنى أني بعثت إلى أمة أميين منهم هؤلاء المذكورون فلو أقرأتهم على قراءة واحدة لا يقدرون عليها (2) أي رحمة بهم وتيسيرا لهم ليقرأ كل واحد منهم بما تيسر له (3) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن ابراهيم بن مهاجر عن ربعي بن حراش قال حدثني من لم يكذبني يعني حذيفة قال لقى النبي صلى الله عليه وسلم جبريل الخ (4) القائل قال أبي هو عبد الله بن الامام احمد وابن مهدي هو عبد الرحمن بن مهدي قال في رواية أخرى أن من أمتك الخ يحكي قول جبريل عليه السلام (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وأورده الحافظ ابن كثير في فضائل القرآن وقال هذا اسناد صحيح ولم يخرجوه (5) (سنده) حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن عاصم عن زر (يعني ابن حبيش) عن ابي الخ (غريبه) (6) بكسر الميم آخره همزة تقدم الكلام عليه في الحديث السابق (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح (7) (سنده) حدثنا بهز ثنا حماد بن سلمة أنا قتادة عن الحسن عن سمرة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد واورده الحافظ ابن كثير في فضائل القرآن وعزاه للامام احمد وقال اسناد صحيح ولم يخرجوه (8) (سنده) حدثنا سفيان (بن عيينة) ثنا عبيد الله (بن أبي يزيد) عن أبيه عن ام أيوب (يعني امرأة أبي أيوب الأنصارية كما جاء في بعض الروايات) قالت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نزل القرآن على سبعة أحرف أيها قرأت أجزاك (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في فضائل القرآن وقال هذا اسناد صحيح ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة وعزاه للامام أحمد فقط (قلت) واورده الحافظ الهيثمي وعزاه للطبراني في الكبير قال ورجاله ثقات وغفل عن عزوه للامام احمد (9) (سنده) حدثنا عفان قال ثنا حماد قال أخبرنا حميد عن أنس عن عبادة (يعني ابن الصامت) ان ابي بن كعب الخ (تخريجه) الحديث سنده صحيح وأورده الحافظ ابن كثير في فضائل القرآن مطولا ثم قال وقد رواه النسائي من حديث يزيد وهو ابن هارون ويحيى بن سعيد القطان كلاهما عن حميد الطويل عن أنس عن أبي بن كعب وكذا رواه ابن أبي عدي ومحمود بن ميمون الزعفراني ويحيى ابن ايوب كلهم عن حميد به ثم قال وقال ابن جرير ثنا محمد بن مرزوق ثنا أبو الوليد ثنا حماد بن سلمة

الله صلى الله عليه وسلم انزل القرآن على سبعة أحرف (عن ابن عباس) (1) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اقرأني جبريل عليه السلام على حرف فراجعته فلم أزل أستزيده ويزيدني فانتهى إلى سبعة أحرف (2) قال الزهري وانما هذه الأحرف في الأمر الواحد وليس يختلف في حلال ولا حرام (عن أبي هريرة) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل القرآن على سبعة أحرف عليما حكيما غفورا رحيما (وفي رواية) عليم حكيم غفور رحيم

_ عن حميد عن أنس عن عبادة بن الصامت عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزل القرآن على سبعة أحرف فأدخل بينهما عبادة بن الصامت (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق قال أخبرنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) معناه لم أزل أطلب من جبريل أن يطلب من الله الزيادة في الحرف للتوسعة والتخفيف ويسأل جبريل ربه عز وجل فيزيده حتى انتهى إلى السبعة (تخريجه) (ق وغيرهما) (3) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من أبواب القراءات وجواز اختلافها صحيفة 39 رقم 95 (تتمة في أقوال العلماء في معنى الأحرف السبعة) (قال العلماء) سبب انزال القرآن على سبعة أحرف التخفيف والتسهيل ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم هون على أمتي كما صرح بذلك في بعض الروايات (واختلف العلماء) في المراد بسبعة أحرف (قال القاضي عياض) قيل هو توسعة وتسهيل لم يقصد به الحصر قال وقال الأكثرون هو حصر للعدد في سبعة ثم قيل هي سبعة في المعاني كالوعد والوعيد والمحكم والمتشابه والحلال والحرام والقصص والأمثال والأمر والنهي ثم اختلف هؤلاء في تبيين السبعة (وقال آخرون) هي في أداء التلاوة وكيفية النطق بكلماتها من ادغام واظهار وتفخيم وترقيق وامالة لأن العرب كانت مختلفة اللغات في هذه الوجوه فيسر الله تعالى عليهم ليقرأ كل انسان بما يوافق لغته ويسهل على لسانه (وقال آخرون) هي الألفاظ والحروف ثم اختلف هؤلاء فقيل سبع قراءات وأوجه (وقال أبو عبيد) سبع لغات العرب يمنها ومعدها وهي أفصح اللغات وأعلاها وقيل بل السبعة لمضر وحدها وهي متفرقة في القرآن غير مجتمعة في كلمة واحدة وقيل بل هي مجتمعة في بعض الكلمات كقوله تعالى وعبد الطاغوت ونرتع ونلعب وباعد بين أسفارنا وبعذاب بئيس وغير ذلك (وقال القاضي أبو بكر الباقلاني) الصحيح أن هذه الأحرف السبعة ظهرت واستفاضت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضبطها عنه الأمة وأثبتها عثمان والجماعة في المصحف وأخبروا بصحتها وانما حذفوا منها ما لم يثبت متواترا وان هذه الأحرف تختلف معانيها تارة وألفاظها أخرى وليست متضاربة ولا متنافية (وذكر الطحاوي) ان القراءة بالأحرف السبعة كانت في أول الأمر خاصة للضرورة لاختلاف لغة العرب ومشقة أخذ جميع الطوائف بلغة فلما كثر الناس والكتاب وارتفعت الضرورة كانت قراءة واحدة قال المازري وأما قول من قال المراد سبعة معان مختلفة كالأحكام والأمثال والقصص فخطأ لأنه صلى الله عليه وسلم أشار إلى جواز القراءة بكل واحد من الحروف وابدال حرف بحرف وقد تقرر اجماع المسلمين أنه يحرم ابدال آية أمثال بآية أحكام قال وقول من قال خواتيم الأي فجعل مكان غفور رحيم سميع بصير فاسد أيضا للاجماع على منع تغيير

(باب آخر مانزل من سورة القرآن وآياته) (عن البراء) (1) قال آخر سورة نزلت على النبي صلى الله عليه وسلم كاملة براءة وآخر آية نزلت خاتمة سورة النساء يستفتونك الخ السورة (2) (عن جبير بن نفير) (3) قال دخلت على عائشة فقالت هل تقرأ سورة المائدة؟ قال قلت نعم قالت فإنها آخر سورة نزلت (4) فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه وما وجدتم فيها من حرام فحرموه وسألتها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت القرآن (عن سعيد بن المسيب) (5) قال قال عمر رضي الله عنه أن آخر ما نزل من القرآن آية الربا (6) وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض ولم يفسرها فدعوا الربا

_ القرآن للناس هذا مختصر ما نقله القاضي عياض في المسألة والله أعلم (فصل) قال القرطبي قال كثير من علمائنا كالمداووني وابن أبي صفرة وغيرهما هذه القراءات السبع (يعني التي يقرأ الناس اليوم بها) ليست هي الأحرف السبعة التي اتسعت الصحابة في القراءة بها وانما هي راجعة إلى حرف واحد من السبعة وهو الذي جمع عليه عثمان المصحف ذكره ابن النحاس وغيره (قلت) وزاد بعضهم ان عثمان رضي الله عنه رتب لهم المصاحف الأثمة على العرضة الأخيرة التي عارض بها جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر رمضان كان من عمره صلى الله عليه وسلم وعزم عليهم ألا يقرءوا بغيرها وأن لا يتعاطوا الرخصة التي كانت لهم فيها سعة لأنها أدنى إلى الفرقة والاختلاف وتكفير بعضهم بعضا كما ألزم عمر بن الخطاب الناس بالطلاق الثلاث المجموعة حين تتابعوا فيها وأكثروا منها قال فلو انا أمضيناه عليهم فأمضاه عليهم (قال القرطبي) وقد سوغ كل واحد من القراء السبعة قراءة الآخر واجازها وانما اختار القراءة المنسوبة اليه لأنه رآها أحسن وأولى عنده قال وقد أجمع المسلمون في هذه الأمصار على الاعتماد على ما صح عن هؤلاء الأئمة فيما رووه ورأوه من القراءات وكتبوا في ذلك مصنفات واستمر الاجماع على الصواب وحصل ما وعد الله من حفظه الكتاب والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا حجين ثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن البراء (يعني ابن عازب) الخ (غريبه) (2) يريد قوله تعالى يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة ان امرء هلك ليس له ولد وله أخت فلها نصف ما ترك وهو يرثها إن لم يكن لها ولد فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك وان كانوا أخوة رجالا ونساءا فللذكر مثل حظ الانثيين يبين الله لكم ان تضلوا والله بكل شيء عليم (تخريجه) (ق د نس) (3) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا معاوية عن أبي الزاهرية عن جبير بن نفير الخ (غريبه) (4) هذا ينافي ما تقدم في حديث البراء أن آخر سورة نزلت (براءة) ولا منافاة لأن في حديث البراء أن آخر سورة نزلت كاملة براءة فلا ينافي أن المائدة نزلت غير كاملة (تخريجه) (مذ ك) وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (5) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن أبي عروبة حدثنا قتادة عن سعيد بن المسيب الخ (غريبه) (6) هذا يعارض ما تقدم في حديث البراء أن آخر آية نزلت خاتمة سورة النساء (يستفتونك) ولا معارضة لأنه يحتمل أن يقال انها آخر آية نزلت باعتبار نزول أحكام الميراث وآية الربا آخر آية نزلت باعتبار أحكام الربا والله أعلم (تخريجه) (جه) وسنده ضعيف لانقطاعه لأن سعيد ابن المسيب لم يدرك عمر لكن يعضده ما رواه البخاري عن ابن عباس قال آخر ما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم آية الربا (وفي الباب) عن أبي بن كعب قال آخر آية نزلت (لقد جاءكم رسول من أنفسكم

والريبة (باب معارضة جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم للقرآن) (عن ابن عباس) (1) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض (2) الكتاب على جبريل عليه السلام في كل رمضان (3) فإذا أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليلة التي يعرض فيها ما يعرض أصبح وهو أجود من الريح المسلة (4) لا يسئل عن شيء إلا اعطاه فلما كان في الشهر الذي هلك (5) بعده عرض عليه عرضتين (6) عن مجاهد

_ الآية) رواه (حم ك) وصححه وسيأتي في آخر تفسير سورة التوبة (وأخرج مسلم) عن ابن عباس قال آخر سورة نزلت (اذا جاء نصر الله والفتح) قال البيهقي يجمع بين هذه الاختلافات ان صحت ان كل واحد أجاب بما عنده (وقال القاضي) أبو بكر في الانتصار هذه الأقوال ليس فيها شيء مرفوع إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكل ما قاله بضرب من الاجتهاد وغلبة الظن ويحتمل أيضا أن تنزل هذه الآية التي هي آخر آية تلاها الرسول صلى الله عليه وسلم مع آيات نزلت معها فيؤمر برسم ما نزل معها بعد رسم تلك فيظن أنه آخر ما نزل في الترتيب والله أعلم (تنبيه) قال الحافظ السيوطي في كتابه الاتقان في علوم القرآن بعد ذكر آثار كثيرة في آخر ما نزل من القرآن ما نصه من المشكل على ما تقدم قوله تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم) فإنها نزلت بعرفة عام حجة الوداع وظاهرها إكمال جميع الفرائض والأحكام قبلها وقد صرح بذلك جماعة منهم السدي فقال لم ينزل بعدها حلال ولا حرام مع أنه ورد في آية الربا والدين والكلالة أنها نزلت بعد ذلك وقد استشكل ذلك ابن جرير وقال الأولى أن يتأول على أنه أكمل لهم دينهم باقرارهم بالبلد الحرام وإجلاء المشركين عنه حتى حجه المسلمون لا يخالطهم المشركون ثم أيده بما أخرجه من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال كان المشركون والمسلمون فلما نزلت براءة نفى المشركون عن البيت وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين فكان ذلك من تمام النعمة (وأتممت عليكم نعمتي) والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يعلي حدثنا محمد بن اسحاق عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) بكسر الراء من العرض وهو بفتح العين وسكون الراء أي يقرأ والمراد يستعرضه ما أقرأه اياه والمعارضة مفاعلة من الجانبين كأن كلا منهما كان تارة يقرؤ والآخر يستمع (والكتاب) هو القرآن (3) يعني مرة كما يستفاد من الحديث التالي خص بذلك رمضان من بين الشهور لأن ابتداء الايحاء كان فيه ولهذا يستحب دراسة القرآن وتكراره فيه ومن ثم كثر اجتهاد الأئمة في تلاوة القرآن (4) أي المطلقة فهو من الاحتراس لأن الريح منها العقيم الضار ومنها المبشر بالخير فوصفها بالمرسلة ليعين الثاني قال تعالى (ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات) فالريح المرسلة تستمر مدة ارسالها وكذا كان عمله صلى الله عليه وسلم في رمضان ديمة لا ينقطع وفيه استعمال أفعل التفضيل في الاسناد الحقيقي والمجازي لأن الجود منه صلى الله عليه وسلم حقيقة ومن الريح مجاز فبمجموع ماذكر من رمضان ومدارسة القرآن وملاقات جبريل يتضاعف جوده لأن الوقت موسم الخيرات ونعم الله على عباده تربو فيه غيره وانما دارسه بالقرآن في كل سنة مرة لكي يتقرر عنده ويرسخ أتم رسوخ فلا ينساه وكان هذا انجاز وعده تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم حيث قال له (سنقرئك فلا تنسى) (5) اي توفي بعده يعني آخر رمضان من حياته صلى الله عليه وسلم (6) انما عرضه في هذا العام عرضتين ليبقى ما بقى ويذهب ما نسخ توكيدا واستثباتا وحفظا ولهذا اسر النبي صلى الله عليه وسلم إلى فاطمة كما في رواية للبخاري

(عن ابن عباس) (1) قال قال (2) أي القراءتين كانت أخيرا؟ أقراءة عبد الله (يعني ابن مسعود) أو قراءة زيد؟ (3) قال قلنا قراءة زيد قال لا ألا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعرض القرآن على جبريل كل عام مرة فلما كان في العام الذي قبض فيه عرضه عليه مرتين وكان آخر القراءة قراءة عبد الله (4) (ومن طريق ثان) (5) عن أبي ظبيان عن ابن عباس قال أي القراءتين تعدون أول؟ قالوا قراءة عبد الله قال لا بل هي الآخرة كان يعرض القرآن على رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل عام مرة فلما كان العام الذي قبض فيه عرض عليه مرتين فشهد عبد الله فعم ما نسخ منه وما بدل (عن أبي هريرة) (6) قال كان يعرض (يعني جبريل) على النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم القرآن في كل سنة مرة فلما كان العام الذي قبض فيه عرض عليه مرتين (7)

_ أن جبريل يعارضني بالقرآن كل سنة (يعني مرة) وانه عارضني العام مرتين ولا أراده (بضم الهمزة أي أظنه) إلا حضر أجلي (تخريجه) (مذ) في الشمائل وأخرجه الشيخان بسياق غير هذا والمعنى واحد (1) (سنده) حدثنا محمد بن سابق حدثنا اسرائيل عن ابراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) يعني ابن عباس (3) يعني ابن ثابت (4) يعني ابن مسعود رضي الله عنه وفيه منقبة لعبد الله بن مسعود وان قراءته من أثبت القراءات لأنه حضر العرضة الأخيرة فعلم ما ثبت منه وما نسخ كما في الطريق الثانية والله أعلم (5) (سنده) حدثنا يعلى ومحمد المعنى قالا حدثنا الأعمش عن ابي ظبيان الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) ورجال احمد رجال الصحيح وذكر ان في الصحيح بعضه يشير إلى الحديث السابق (6) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق أخبرني أبو بكر يعني ابن عياش قال ثنا أبو حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبه) (7) تقدم ذكر الحكمة في تكرار العرض في السنة الأخيرة (وقال الحافظ) ويحتمل أن يكون السر في ذلك أن رمضان من السنة الأولى لم يقع فيه مدارسة لوقوع ابتداء النزول في رمضان ثم فتر الوحي ثم تتابع فوقعت المدارسة في السنة الأخيرة مرتين ليستوى عدد السنين والعرض اهـ (تخريجه) (خ د نس جه) (وفي أحاديث الباب) تعظيم شهر رمضان غير ما تقدم في كتاب الصيام لاختصاصه بابتداء نزول القرآن فيه ثم معارضته ما نزل منه فيه ويلزم من ذلك كثرة نزول جبريل فيه وفي كثرة نزوله من توارد الخيرات والبركات ما لا يحصى ويستفاد منها أيضا أن فضل الزمان انما يحصل بزيادة العبادة (وفيها) أن مداومة التلاوة توجب زيادة الخير (وفيها) استحباب تكثير العبادة في آخر العمر ومذاكرة الفاضل بالخير والعلم وان كان هو لا يخفى عليه ذلك لزيادة التذكرة والاتعاظ (وفيها) ان ليل رمضان أفضل من نهاره وأن المقصود من التلاوة الحضور والفهم لأن الليل مظنة ذلك لما في النهار من الشواغل والعوارض الدنيوية والدينية ويحتمل أنه كان يقسم ما نزل من القرآن في كل سنة على ليالي رمضان اجزاءا فيقرء كل ليلة جزءا في جزء من الليلة والسبب في ذلك ما كان يشتغل به في كل ليلة من سوى ذلك من تهجد بالصلاة ومن راحة بدن ومن تعاهد أهل ولعله كان يعيد ذلك الجزء مرارا بحسب تعدد الحروف المأذون في قراءتها ولتستوعب بركة القرآن جميع الشهر ولوا التصريح بأنه كان يعرضه مرة واحدة وفي السنة الأخيرة عرضه مرتين لجاز أنه كان يعرض جميع ما نزل عليه كل ليلة ثم يعيده في بقية الليالي أفاده الحافظ

(باب جواز نسخ بعض القرآن والدليل على ذلك) (عن ابن عباس) (1) قال قال عمر على أقضانا (2) وأبي أقرؤنا (3) وإنا لندع كثيرا من لحن أبي (4) وأبي يقول سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية أخذت من فم رسول الله صلى الله عليه وسلم) فلا ادعه لشيء (5) والله تبارك وتعالى يقول (ما ننسخ من آية أو ننسها نأت بخير منها (6) أو مثلها) (وعنه من طريق ثان) (7) قال خطبنا عمر رضي الله عنه على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال علي أقضانا وأبي أقرؤنا وإنا لندع من قول أبي شيئا وان أبيا سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم أشياء وأبي يقول لا أدع ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نزل بعد أبي كتاب (8) (ز) (عن أبي بن كعب) (9) قال صلى بنا النبي صلى الله عليه وسلم الفجر

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) أي أعلمنا بالقضاء يعني علي بن أبي طالب رضي الله عنه (3) أي لكتاب الله تعالى وأبي هو ابن كعب رضي الله عنه (4) معناه انا نترك شيئا كثيرا من قول أبي أي من قراءته مما نسخ من كتاب الله عز وجل (5) اي كان لا يقول بنسخ تلاوة شيء من القرآن لكونه لم يبلغه النسخ فرد عليه عمر بقوله والله تبارك وتعالى يقول (ما ننسخ من آية أو ننسها) بضم النون وكسر المهملة فإنه يدل على ثبوت النسخ في البعض (والنسخ لغة) الإزالة أو النقل من غير إزالة ونسخ الآية بيان انتهاء التعبد بتلاوتها أو الحكم المستفاد منهما أو بهما جميعا فمثال نسخ قراءتها وابقاء حكمها نحو (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما) والحكم فقط نحو (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) والحكم والتلاوة نحو (عشر رضعات يحرمن) فقد روى مسلم والشافعي في مسنده عن عائشة (كان فيما أنزل عشر رضعات معلومات فنسخت بخمس) (ويكون بلا بدل) كالصدقة امام نجواه صلى الله عليه وسلم (وبيدل) مماثل كالقبلة (وأخف) كعدة الوفاة (وأثقل) كنسخ التخيير بين صوم رمضان والفية قال تعالى (وعلى الذين يطيقونه فدية) والله أعلم وقوله تعالى (أو ننسها) قرأ أبو عمرو وابن كثير (أو ننسأها) بفتح النون والسين والهمزة أي نؤخر نزولها أو نسخها وقيل نذهبها عنكم حتى لا تقرء ولا تذكر وقرأ الباقون (ننسها) بضم النون من النسيان الذي بمعنى الترك (قال أهل اللغة والنظر) ان معنى أو ننسها نبح لك تركها من نسى إذا ترك ثم تعدية قال أبو علي وغيره ذلك متجه لأنه بمعنى تجعلك تتركها وقيل من النسيان على بابه الذي هو عدم الذكر على معنى أو ننسكها يا محمد فلا تذكرها (6) أي بما هو أنفع لكم وأسهل عليكم وأكثر لأجركم لا أن ىية خير من آية لان كلام الله واحد وكله خير (وقوله تعالى أو مثلها) أي في المنفعة والثواب فكل ما نسخ إلى الأيسر فهو أسهل في العمل وما نسخ إلى الأشق فهو في الثواب أكثر (7) (سنده) حدثنا سويد بن سعيد في سنة ست وعشرين ومائتين ثنا علي بن مسهر عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال خطبنا عمر الخ (8) يعني قرآنا لم يبلغه (تخريجه) (خ) قال القسطلاني هذا الحديث موقوف وأخرجه الترمذي عن أنس مرفوعا وجاء عند البغوي مرفعا أيضا (أقضى أمتي علي بن أبي طالب) (9) (ز) (سنده) حدثنا يحيى بن داوود الواسطي ثنا اسحاق بن يوسف الأزرق عن سفيان عن سلمة بن كهيل عن زر عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبي بن كعب الخ

وترك آية فجاء أبي وقد فاته بعض صلاة فلما انصرف (1) قال يا رسول الله نسخت هذه الآية أو أنيستها؟ (2) قال لا بل أنسيتها (3) (باب ذكر آيات كانت في القرآن ونسخت) (ز) (عن زر بن حبيش) (4) عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال كم تقرءون (5) سورة الأحزاب؟ قال بضعا وسبعين آية قال لقد قرأتها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البقرة أو أكثر منها وان فيها آية الرجم (وعنه من طريق ثان) (6) (ز) عن أبي أيضا قال قال لي ابي بن كعب كأين (7) تقرأ سورة الأحزاب أو كأين (8) تعدها؟ قال قلت له ثلاثا وسبعين آية (9) فقال قط لقد رأيتها وإنها لتعادل سورة البقرة ولقد قرأنها فيها الشيخ والشيخة إذا زنيا فاجموهما البتة نكالا من الله والله عليم حكيم (10) (عن كثير بن الصلت) (11) قال كان ابن العاص (12) وزيد بن ثابت يكتبان المصاحف فمروا على هذه الآية فقال زيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البته (13) فقال عمر لما أنزلت هذه أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت اكتبنيها قال شعبة (14) فكأنه

_ (غريبه) (1) أي فلما انصرف أبي من صلاته قال يا رسول الله الخ (2) يعني انساك الله إياها (3) من النسيان الذي بمعنى الترك أي أباح الله له تركها وقيل من النسيان الذي هو عدم الذكر والله أعلم (تخريجه) الحديث من زوائد عبد الله بن الامام احمد على مسند أبيه ولم أقف عليه لغيره ورجاله كلهم ثقات (باب) (4) (سنده) (ز) حدثني وهب بن بقية أنا خالد بن عبد الله الصحابي عن يزيد بن أبي زياد عن زر بن جحيش الخ (غريبه) (5) أي كم آية تقرءون الخ (6) (سنده) (ز) حدثنا خلف بن هشام ثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن زر قال قال لي ابي بن كعب الخ (7) هو بمعنى كم كما تقدم في الطريق الأولى وكقوله تعالى (وكأين من دابة لا تحمل رزفها) (8) أو للشك من الراوي ومعناه كم تعدها (9) جاء في الطريق الأولى بضعا وسبعين آية والبضع في العدد بالكسر وقد يفتح ما بين الثلاث إلى التسع وقيل ما بين الواحد إلى العشر لأنه قطعة من العدد وبينت هذه الرواية أن المراد به الثلاث (وقوله فقال قط) قال في المصباح وقط بالسكون بمعنى حسب وهو الاكتفاء بالشيء اهـ وفي النهاية قال وسئل زر بن حبيش عن عدد سورة الأحزاب فقال إما ثلاثا وسبعين أو أربعا وسبعين فقال اقط بألف الاستفهام أي احسب (10) هذه الآية نسخت تلاوتها وبقي حكمها (اقرأ باب دليل رجم الزاني المحصن متنا وشرحا في الجزء السادس عشر صحيفة 81 من كتاب الحدود) (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهبي وأورده الحافظ ابن كثير في تفسير سورة الأحزاب وعزاه للامام احمد قال ورواه النسائي من وجه آخر عن عاصم وهو ابن أبي النجود وهو أبو بهدلة به وهذا اسناد حسن وهو يقتضي أنه قد كان فيها قرآن ثم نسخ لفظه وحكمه أيضا والله أعلم اهـ (قلت) يعني بالقرآن الذي نسخ لفظه وحكمه غير آية الرجم أما آية الرجم فقد نسخ لفظها وبقي حكمها كما تقدم (11) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن قتادة عن يونس بن جبير عن كثير بن الصلت الخ (غريبه) (12) هو سعيد بن العاص (13) ليس الحكم قاصرا على الشيخ والشيخة وهما من بلغا سن الشيخوخة بل العبرة بالاحصان سواء كانا شيخان أو شابان وانما خص الشيخ والشيخة بالذكر باعتبار الغالب لأنهما غالبا يكونا قد أحصنا أي سبق لهما زواج (14) شعبة أحد رجال السند يحكي قول عمر لأن القائل (فكأنه كره ذلك) هو عمر رضي الله عنه فقد جاء

كره ذلك فقال عمر ألا ترى أن الشيخ اذا لم يحصن (1) جلد وان الشاب اذا زنا وقد أحصن (2) (عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم) (3) قالت لقد أنزلت آية الرجم ورضعات الكبير عشرا (4) فكانت في ورقة تحت سرير في بيتي (5) فلما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم تشاغلنا بأمره ودخلت دويبة (6) لنا فأكلتها (ز) (عن زر) (7) عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله تبارك وتعالى أمرني أن أقرأ عليك (8) قال فقرأ علي لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب (9) والمشركين منفكين (10) حتى تأتيهم البينة (11) رسول من الله يتلو صحفا مطهرة فيها كتب قيمة (12) وما تفرق الذين أوتو الكتاب إلا من بعد ما جاءتهم البينة إن الدين عند الله الحنيفية (13)

_ عند الحاكم بلفظ (فقال عمر لما نزلت) أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت اكتبها فكأنه كره ذلك (1) أي لم يسبق له زواج (2) أي إن سبق له زواج رجم (قال الحافظ) فيستفاد من هذا الحديث السبب في نسخ تلاوتها لكون العمل على غير الظاهر من عمومها اهـ قال الحافظ السيوطي (قلت) وخطر لي في ذلك نكتة حسنة وهو أن سببه التخفيف على الأمة بعدم اشتهار تلاوتها وكتابتها في المصحف وان كان حكمها باقيا لأنه أثقل الأحكام وأشدها وأغلظ الحدود وفيه الاشارة إلى ندب الستر اهـ (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهبي (3) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن اسحاق قال حدثني عبد الله بن أبي بكر ابن محمد بن عمرو بن حزم عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) فيه دلالة على أن حكم الرضاع في الكبير كان بعشر مرات ولا يلزم منه أن يكون الحكم في الصغير ذلك (5) تعني هذه الآيات القرآنية بعد أن نسخت تلاوتها كانت مكتوبة في صحيفة تحت سريرها ولم ترد أنه كان مقروءا بعد إذا القول به يوجب وقوع التغيير في القرآن وهو خلاف النص أعني قوله تعالى (إنا نحن نزلنا الذكر وانا له لحافظون) (6) تصغير دابة وجاء عند ابن ماجه (دخل داجن فأكلها) والداجن هي الشاة يعلفها الناس في منازلهم وقد يقع على غير الشاة من كل ما يألف البيوت من الطير وغيرها (تخريجه) (جه) وسنده صحيح ورجاله ثقات (7) (سنده) (ز) حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ثنا مسلم بن قتيبة ثنا شعبة عن عاصم بن بهدلة عن زر (يعني ابن حبيش) عن أبي بن كعب الخ (غريبه) (8) انما خص ابي بقراءة النبي صلى الله عليه وسلم عليه للتنويه به في أنه أقرؤ الصحابة فإذا قرأ عليه صلى الله عليه وسلم مع عظيم منزلته كان غيره أولى بطريق التبع له (9) قال الحافظ ابن كثير وانما قرأ عليه صلى الله عليه وسلم هذه السورة تثبيتا له وزيادة لإيمانه لأنه كان أنكر على ابن مسعود قراءة شيء من القرآن على خلاف ما أقرأه رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقرأهما صلى الله عليه وسلم وقال لكل منها أصبت قال ابي فأخذني الشك وضرب صلى الله عليه وسلم في صدره قال ففضت عرقا وكأنما أنظر إلى الله فرقا وأخبره صلى الله عليه وسلم أن جبريل أتاه فقال إن الله يأمرك أن تقرئ أمتك على سبعة أحرف رواه (حم نس د م) (وتقدم في باب أنزل القرآن على سبعة أحرف) فلما نزلت هذه السورة قرأها النبي صلى الله عليه وسلم قراءة إبلاغ وإنذار لا قراءة تعلم واستذكار اهـ (10) أي منفصلين عن كفرهم وشركهم يقال فككت الشيء فانفك أي انفصل (11) أي الحجة الواضحة وهو القرآن (12) أي في الصحف آيات وأحكام (قيمة) أي عادلة مستقيمة غير ذات عوج (13) الحنيف

غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل خيرا فلن يكفره (1) قال شعبة (2) ثم قرأ آيات بعدها ثم قرأ لو أن لابن آدم واديين من مال لسأل واديا ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب قال ثم ختمها بما بقي منها (3) (وعنه من طريق ثان) (4) عن أبي بن كعب أيضا قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله تبارك وتعالى أمرني أن أقرأ عليك القرآن قال فقرأ لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب قال فقرأ فيها ولو أن ابن آدم سأل واديا من مال فأعطيه لسأل ثانيا فأعطيه لسأل ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب وان ذلك الدين القيم عند الله الحنيفية غير المشركة ولا اليهودية ولا النصرانية ومن يفعل خيرا فلن يكفره (عن أبي واقد الليثي) (5) رضي الله عنه قال كنا نأتي النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم إذا انزل عليه فيحدثنا فقال لنا ذات يوم ان الله عز وجل قال إنا أنزلنا المال لإقام الصلاة وايتاء الزكاة (6) ولو كان لابن آدم واد (7) لأحب أن يكون إليه ثان ولو كان له واديان لأحب أن يكون اليهما ثالث ولا يملأ جوف ابن آدم (8) إلا التراب ثم يتوب الله على من تاب

_ عند العرب من كان على دين إبراهيم عليه السلام والحنف الميل أي المائل إلى الاسلام الثابت عليه (1) أي فلن يعدم ثوابه بل يجازي عليه (2) شعبة أحد رجال السند يقول ثم قرأ آيات بعدها ثم قرأ لو أن لابن آدم الخ كل هذا نسخ تلاوة وحكما (3) يعني قوله تعالى (وما أمروا إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) الخ السورة لم يدخلها نسخ لا قراءة ولا حكما اما قوله ان الدين عند الله الحنيفية إلى قوله ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب فهذا منسوخ تلاوة وحكما والله أعلم (4) (سنده) حدثنا محمد ابن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن أبي بن كعب قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) الطريق الأولى من زوائد عبد الله بن الامام احمد على مسند أبيه ولذا رمزت لها بحرف (ز) والطريق الثانية رواية الامام احمد وأخرجه أيضا الحاكم وصححه وأقره الذهبي وروى الامام احمد والشيخان والترمذي والنسائي من طريق شعبة ايضا سمعت قتادة يحدث عن أنس ابن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لابي بن كعب ان الله أمرني أن اقرأ عليك (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب) قال وسماني لك؟ قال نعم فبكى وسيأتي هذا الحديث وغيره في تفسير سورة لم يكن وانما بكى أبي من شدة الفرح بهذه البشرى العظيمة وفيه منقبة عظيمة لأبي بن كعب رضي الله عنه (5) (سنده) حدثنا أبو عامر ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي واقد الليثي الخ (غريبه) (6) معناه انما أنزل المال ليستعان به على إقامة حقوق الله عز وجل لا للتلذذ والتمتع كما تأكل الأنعام فإذا خرج المال عن هذا المقصود فات الغرض والحكمة التي أنزل لأجلها وكان التراب أولى به فرجع هو والجوف الذي امتلأ بمحبته وجمعه إلى التراب الذي هو أصله فلم ينتفع به صاحبه ولا انتفع به الجوف الذي امتلأ به (7) أي من مال وجاء في الحديث التالي (لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة) (8) أي بطنه كما جاء في الحديث التالي وفي رواية (ولا يملأ عين ابن آدم إلا التراب) وليس المراد عضوا بعينه والغرض من العبادات كلها واحد وهو من التفنن في العبارة والمراد بابن آدم

(عن زيد بن أرقم) (1) قال لقد كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة لا ابتغى إليهما آخر ولا يملأ بطن ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب (عن يزيد بن الاصم عن ابن عباس) (2) قال جاء رجل إلى عمر رضي الله عنه يسأله فجعل ينظر إلى رأسه مرة وإلى رجليه أخرى هل يرى عليه من البؤس شيئا ثم قال له عمر كم مالك؟ قال أربعون من الابل قال ابن عباس فقلت صدق الله ورسوله لو كان لابن آدم واديان من ذهب لا ابتغى الثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب فقال عمر ما هذا؟ فقلت هكذا اقرأنيها أبي (بن كعب) قال فمر بنا إليه قال فجاء إلى أبي فقال ما يقول هذا؟ قال أبي هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفأثبتها أفأثبتها (3) (عن أنس بن مالك) (4) قال ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية ما وجد عليهم كانوا يسمون القراء قال سفيان نزل فيهم (بلغوا قومنا عنا أنا قد رضينا ورضى عنا) قيل لسفيان فيمن نزلت؟ قال في أهل بئر معونة (ومن طريق ثان عن أنس أيضا) قال إنا قرأنا بهم قرآنا (بلغوا عنا قومنا أنا قد لقينا ربنا فرضى عنا وأرضانا) ثم رفع ذلك بعد قال ابن جعفر ثم نسخ (5)

_ الجنس باعتبار طبعه والا فكثير منهم يقنع بما أعطى ولا يطلب زيادة لكن ذلك عارض له من الهداية إلى التوبة كما يشير إليه قوله (ثم يتوب الله على من تاب) والمعنى ان ابن آدم لا يزال حريصا على الدنيا حتى يموت ويمتلئ جوفه من تراب قربه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح (1) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد وأبو المنذر قالا ثنا يوسف بن صهيب قال ثنا المنذر في حديثه قال حدثني حبيب بن يسار عن زيد بن أرقم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب بز) ورجالهم ثقات (2) (سنده) حدثنا أبو معاوية عن أبي اسحاق الشيباني عن يزيد بن الأصم عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) انما أثبتها عمر رضي الله عنه لأجل الخبر فقط أما تلاوتها فقد نسخت (تخريجه) أخرج الشيخان المرفوع منه ورجاله عند الامام أحمد كلهم ثقات (4) هذا الحديث تقدم بطريقيه وسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من أبواب القنوت من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 296 (وقوله ما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم على سرية ما وجد عليهم) أي ما حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتل سرية مثل ما حزن على شهداء بئر معونة لأنهم كانوا من خواص الصحابة وقرائهم رضي الله عنهم (5) قال في الروض الأنف (فان قيل) هو خبر والخبر لا ينسخ (قلنا) لم ينسخ منه الخبر وانما نسخ الحكم فإن حكم القرآن أن يتلى في الصلاة ولا يمسه إلا طاهر ويكتب بين اللوحين وتعلمه فرض كفاية فما نسخ رفعت عنه هذه الأحكام وان بقى محفوظا فهو منسوخ فان تضمن حكما جاز أن يبقى ذلك الحكم معمولا به وان تضمن خبرا بقى ذلك الخبر مصدقا به وأحكام التلاوة منسوخه عنه كما نزل (لو أن لابن آدم واديين من ذهب لابتغى لهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب) ويروى ولا يملأ عيني ابن آدم وفم ابن آدم وكلها في الصحاح وكذا روى من مال فهذا خبر حق والخبر لا ينسخ وانما نسخت أحكام تلاوته قال وكانت هذه الآية في سورة يونس بعد قوله تعالى

(باب ما جاء في وعيد من جادل بالقرآن أو تأوله أو قال فيه برأيه من غير علم) (عن ابن عباس) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قال في القرآن بغير علم (2) فليتبوأ مقعده من النار (عن عائشة) (3) قالت قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات) (4) هن أم الكتاب (5) وأخر متشابهات (6) فأما الذين في قلوبهم زيغ (7) فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة (8) وابتغاء تأويله (9) وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون (10) في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر (11) إلا أولو الألباب (12) فإذا رأيتم الذين يجادلون فيه فهم الذين عنى الله عز وجل (13) فاحذروهم (عن عقبة بن عامر) (14) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما أخاف على أمتي الكتاب واللبن قال قيل يا رسول الله ما بال الكتاب؟ قال يتعلمه المنافقون ثم يجادلون به الذين آمنوا فقيل وما بال اللبن؟ قال أناس يحبون اللبن فيخرجون من الجماعات ويتركون

_ (كذلك نفصل الآيات لقوم يتفكرون) كما قاله ابن سلام اهـ (باب) (1) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن عبد الأعلى الثعلبي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) أي بغير دليل يقيني أو ظني نقلي أو عقلي مطابق للشرعي قاله القارى وقال المناوي أي قولا يعلم أن الحق غيره وقال في مشكلة بما لا يعرف (فليتبوأ مقعده من النار) أي ليهيء مكانه من النار قيل الأمر للتهديد والوعيد وقيل الأمر بمعنى الخبر (قال الحافظ) وأحق الناس بما فيه من الوعيد قوم من أهل البدع سلبوا لفظ القرآن مادل عليه وأريد به أو حملوه على مالم يدل عليه ولم يرد به في كلا الأمرين مما قصدوا نفيه أو اثباته من المعنى فهم مخطئون في الدليل والمدلول اهـ باختصار (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح قال في تحفة الأحوذي وأخرجه أحمد والنسائي وابن جرير اهـ (قلت) وفي اسناده عبد الأعلى بن عامر الثعلبي قال في الخلاصة قال أحمد ضعيف وفي التهذيب قال النسائي ليس بقوي ويكتب حديثه وقال ابن عدي قد حدث عنه الثقات (3) (سنده) حدثنا اسماعيل قال أنا أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة الخ (غريبه) (4) أي واضحات الدلالة (5) أي أصله العتمد عليه في الأحكام (6) أي لا تفهم معانيها كأوائل السور وجعله كله محكما في قوله (أحكمت آياته) بمعنى انه ليس فيه عيب ومتشابها في قوله (كتابا متشابها) بمعنى أنه يشبه بعضه بعضا في الحسن والصدق (7) أي ميل عن الحق (8) أي طلب الفتنة لجهالهم بوقوعهم في الشبهات واللبس (9) أي تفسيره (10) أي الثابتون المتمكنون في العلم مبتدأ خبره (يقولون آمنا به) أي بالمتشابه أنه من عند الله ولا نعلم معناه (11) بتشديد الذال المعجمة مفتوحة وأصله يتذكر أدغمت التاء في الذال تخفيفا أي يتعظ (12) أي أصحاب العقول (13) أي بقوله تعالى (فأما الذين في قلوبهم زيغ) الخ فاحذروهم أي لا تجالسوهم ولا تكالموهم أيها المسلمون والمقصود التحذير من الاصغاء إلى الذين يتتبعون المتشابه من القرآن وأول ما ظهر ذلك من اليهود كما ذكره ابن اسحاق في تأويلهم الحروف المقطعة وان عددها بالجمل مقدار مدة هذه الأمة ثم أو ل ما ظهر في الاسلام من الخوارج حتى جاء ابن عباس أنه فسر بهم الآية وقصة عمر في انكاره على ضبيع لما بلغه أن يتبع المتشابه وضربه على رأسه حتى أدماه أخرجها البخاري وغيره والله أعلم (تخريجه) (ق د مذ جه) (14) (سنده) حدثنا حسن بن موسى قال ثنا ابن لهيعة

الجمعات (1) (وعنه أيضا) (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هلاك أمتي في الكتاب واللبن قالوا يا رسول الله ما الكتاب واللبن؟ قال يتعلمون القرآن فيتأولونه على غير ما أنزل الله عز وجل ويحبون اللبن فيدعون الجماعات والجمع ويبدون (3) (وعنه أيضا) (4) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني أخاف على أمتي اثنتين القرآن واللبن أما اللبن فيبتغون الريف ويتبعون الشهوات ويتركون الصلوات وأما القرآن فيتعلمه المنافقون فيجادلون به المؤمنين (عن أبي سعيد الخدري) (5) قال كنا جلوسا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج علينا من بعض بيوت نسائه قال فقمنا معه فانقطعت نعله فتخلف عليها علي رضي الله عنه يخصفها (6) فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومضينا معه ثم قام ينتظره وقمنا معه فقال إن منكم من يقاتل على تأويل هذا القرآن كما قاتلت (وفي رواية كما قاتل) على تنزيله فاستشرفنا (7) وفينا أبو بكر وعمر رضي الله تبارك وتعالى عنهما فقال لا ولكنه خاصف النعل فجئنا نبشره قال وكأنه قد سمعه (8) (باب ما جاء في الاستعاذة قبل القراءة وقوله تعالى (فإذا قرأت القرآن (9) فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم)

_ قال ثنا أبو قبيل قال سمعت عقبة بن عامر الخ (غريبه) (1) أي يتركون الأمصار ويسكنون البوادي لتوفر اللبن فيها فيحرمون من الجماعات والجمعات (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه ابن لهيعة وفيه كلام اهـ (قلت) فيه كلام اذا عنعن وقد صرح بالتحديث في هذا الحديث فحديثه حسن (2) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن يزيد المقري) ثنا ابن لهيعة عن ابي قبيل قال لم أسمع من عقبة بن عامر الا هذا الحديث قال ابن لهيعة وحدثنيه يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخيرعن عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) أي يخرجون إلى البدو (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) وفيه ابن لهيعة وقال أبو قبيل لم أسمع من عقبة إلا هذا الحديث (4) (سنده) حدثنا زيد بن الحياب حدثني أبو السمح حدثني أبو قبيل أنه سمع عقبة بن عامر يقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام أحمد وسنده حسن (5) (سنده) حدثنا حسين بن محمد ثنا فطر عن اسماعيل بن رجاء الزبيدي عن أبيه قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول كنا جلوسا الخ (غريبه) (6) أي يخرزها من الخصف الضم والجمع (نه) (7) أي قطعنا وتوقعنا أنه يريد أبا بكر أو عمر (فقال لا ولكنه خاصف النعل) يعني عليا رضي الله عنه فإنه قاتل الكفار مع النبي صلى الله عليه وسلم عند تكذيبهم بالقرآن واعتقادهم أنه من عند غير الله وقولهم أساطير الأولين اكتتبها وقالوا غير ذلك وقاتل الخوارج على تأويل القرآن بغير ما أراده الله عز وجل وهذا من دلائل النبوة وفيه منقبة عظيمة لعلي رضي الله عنه (8) جاء في رواية أخرى فأتيته لأبشره قال فلم يرفع به رأسا كأنه قد سمعه أي لم يظهر الفرح بذلك كأنه قد سمعه قبل أن نبشره فلم تحصل مفاجأة بالبشرى والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير فطر بن خليفة وهو ثقة (باب) (9) أي فإذا أردت قراءة القرآن فاستعذ الخ كقوله (اذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا الخ) وقوله (فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم) أي المرجوم قال تعالى (ولقد زينا

(عن أبي أمامة الباهلي) (1) قال كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذا قام إلى الصلاة كبر ثلاث مرات ثم قال لا إله إلا الله ثلاث مرات وسبحان الله وبحمده ثلاث مرات ثم قال أعوذ بالله من الشيطان الرجيم من همزة ونفخة ونفثة (وعن أبي سعيد الخدري) (2) بأطول من هذا وفيه ثم يقول أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم من همزة ونفخة ونفثة (عن سليمان ابن صرد) (3) قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلين وهما يتقاولان (4) وأحدهما قد غضب واشتد غضبه وهو يقول (5) فقال النبي صلى الله عليه وسلم اني لأعلم كلمة لو قالها ذهب عنه الشيطان (6) قال فأتاه رجل فقال قل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (7) قال هل تر بأسا؟ (8) قال ما زاده على ذلك (9) (باب ما جاء في البسملة قبل القراءة وفضلها) (عن أبي تميمة الهجيمي) (10) عن ردف النبي صلى الله عليه وسلم أو من حدثه عن ردف النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان ردفه (خلفه على ظهر الدابة) فعثرت به دابته فقال

_ السماء الدنيا بمصابيح وجعلناها رجوما للشياطين) وهذا أمر ندب ليس بواجب حكى الإجماع على ذلك أبو جعفر بن جرير الطبري وغيره من الأئمة والمعنى في الاستعاذة عند ابتداء القراءة لئلا يلبس على القارئ قراءته ويختلط عليه ويمنعه من التدبر والتفكر قال الحافظ ابن كثير في تفسيره ولهذا ذهب الجمهور الى أن الاستعاذة إنما تكون قبل التلاوة وحكى عن حمزة وأبي حاتم السجستاني انها تكون بعد التلاوة واحتجا بهذه الآية ونقل النووي في شرح المهذب مثل ذلك عن ابي هريرة أيضا ومحمد بن سيرين وابراهيم النخعي والصحيح الأول اهـ (قلت) وأحاديث الباب تؤيد ما ذهب اليه الأولون (1) (هذا الحديث) تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب دعاء الافتتاح والتعوذ قبل القراءة من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 178 رقم 505 (2) (هذا الحديث) تقدم أيضا بسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار اليه آنفا في الجزء الثالث أيضا صحيفة 177 رقم 504 فارجع اليه أما لفظ الاستعاذة فهو أعوذ بالله من الشيطان الرجيم كما في حديث أبي أمامة أو أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم كما في حديث أبي سعيد (أما قوله من همزه نفخه ونفثه) فقد فسر العلماء همزه بالموتة بضم الميم والموتة الجنون (ونفخه) الكبر (ونفثه) الشعر والاستعاذة بالله هي الاعتصام به (3) (سنده) حدثنا حفص بن غياث قال ثنا الأعمش عن عدي بن ثابت الأنصاري عن سليمان بن صرد الخ (غريبه) (4) أي يستبان كما في رواية البخاري أي يسب بعضهما بعضا (5) أي يسب ويشتم صاحبه والظاهر أنه زاد في السب والشتم عن صاحبه لشدة غضبه (6) لم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم الكلمة التي أشار اليها في هذه الرواية وذكرها البخاري في روايته فقال (لو قال أعوذ بالله من الشيطان ذهب عنه ما يجد) أي لأن الغضب من نزغات الشيطان قال تعالى (واما ينزعنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله) (7) في سنن ابي داود ان الذي قال له ذلك معاذ ابن جبل (8) أي هل تر بي جنونا كما جاء في رواية البخاري (9) الظاهر انه لم يقل أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ظنا منه أنه لا يستعيذ من الشيطان إلا من به جنون ولم يعلم أن الغضب نوع من مس الشيطان قال النووي هذا كلام من لم يفقه في دين الله ولم يتهذب بأنوار الشريعة المطهرة ولعله كان من المنافقين أو من جفاة الأعراب والله أعلم (تخريجه) (ق د) والنسائي في اليوم والليلة (باب) (10) (سنده) حدثنا يزيد أنا سفيان عن عاصم الأحول عن أبي تميمة الهجيمي الخ

تعس الشيطان (1) فقال لا تفعل فإنه يتعاظم اذا قلت ذلك حتى يصير مثل الجبل ويقول بقوتي صرعته واذا قلت باسم الله تصاغر حتى يكون مثل الذباب (عن أم سلمة رضي الله عنها) (2) أنها سئلت عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت كان يقطع قراءته آية آية بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين (أبواب التفسير وأسباب النزول وفضائل السور والآيات مرتبا على ذلك على نظام السور) (باب سورة الفاتحة وما ورد في فضلها) (عن أبي هريرة) (3) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبي بن كعب وهو يصلي فقال يا أبي فالتفت فلم يجبه ثم صلى أبي فخفف ثم انصرف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال السلام عليك أي (4) رسول الله قال وعليك قال ما منعك أي أبي إذ دعوتك ان تجيبني؟ قال أي رسول الله كنت في الصلاة قال أفلست تجد فيما أوحى الله إلى أن استجيبوا لله وللرسول اذا دعاكم لما يحييكم؟ (5) قال قال بلى أي رسول الله لا أعود قال أتحب أن أعلمك سورة لم تنزل في التوراة ولا في الزبور ولا في الانجيل ولا في الفرقان مثلها؟ قال قلت نعم أي رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اني لأرجو أن لا تخرج من هذا الباب حتى تعلمها قال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدثني وأنا اتبطأ مخافة أن يبلغ قبل أن يقضي الحديث فلما أن دنونا من الباب قلت أي رسول الله ما السورة التي وعدتني؟ قال فكيف

_ (غريبه) (1) تعس بفتح أوله وكسر ثانيه من باب فرح اذا عثر وانكب لوجهه وقد تفتح العين وهو دعاء عليه بالهلاك (تخريجه) أخرجه النسائي في اليوم والليلة وابن مردويه في تفسيره من حديث خالد الحذاء عن أبي تميمة الهجيمي عن أبي المليح بن أسامة بن عمير عن أبيه قال كنت رديف النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وأورده النووي في كتابه الأذكار وصححه وفيه فضل البسملة وأن الشيطان يتصاغر عند ذكرها وذلك من تأثير بركتها ولهذا تستحب في كل عمل مشروع كما ورد في الحديث (كل امر ذي بال لا يبدأ فيه ببسم الله الرحمن الرحيم أقطع) أي ناقص وقليل البركة فالمشروع ذكر اسم الله في الشروع في العمل تبركا وتيمنا واستعانة على الاتمام ولهذا روى ابن جرير وبان أبي حاتم من حديث بشر بن عمارة عن أبي روق عن الضحاك عن ابن عباس قال أول ما نزل به جبريل على محمد صلى الله عليه وسلم قال يا محمد قل أستعيذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم ثم قال قل بسم الله الرحمن الرحيم قال قال له جبريل بسم الله يا محمد يقول اقرأ بذكر الله ربك وقم واقعد بذكر الله تعالى هذا لفظ ابن جرير ذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره (2) (عن ام سلمة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه وكلام العلماء في حكم البسملة في باب ما جاء في البسملة عند قراءة الفاتحة من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 188 رقم 519 فارجع اليه تجد ما يسرك (باب) (3) (سنده) حدثنا عفان قال ثنا عبد الرحمن بن ابراهيم ثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) أي حرف نداء بمعنى يا رسول الله (5) أي الى ما يحييكم من أمر الدين لأنه سبب الحياة الأبدية قال الطيبي وغيره من الشافعية دل الحديث على أن اجابة الرسول صلى الله عليه وسلم لا تبطل الصلاة كما أن خطابه بقول السلام عليك أيها النبي لا تقطعها

تقرأ في الصلاة؟ قال فقرأت عليه أم القرآن (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة ولا في الانجيل ولا في الزبور ولا في الفرقان مثلها وإنها للسبع من (2) المثاني (زاد في رواية) بلفظ (إنها السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أعطيت (3) (وعنه أيضا) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أم القرآن هي أم القرآن وهي السبع الثاني وهي القرآن العظيم (5) (وعنه من طريق ثان) (6) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب (7) والسبع

_ (1) يعني الفاتحة وسميت بذلك لاحتوائها واشتمالها على مافي القرآن اجمالا أو المراد بالأم الأصل فهي أصل قواعد القرآن ويدور عليها أحكام الايمان (2) يحتمل أن تكون من بيانية أو تبعيضية وفي هذا تصريح بأن المراد بقوله تعالى (ولقد آتيناك سبعا من المثاني) هي الفاتحة وقد روى النسائي باسناد صحيح عن ابن عباس ان السبع المثاني هي السبع الطوال أي السور من أول البقرة آخر الاعراف ثم براءة وقيل يونس وعلى الأول فالمراد بالسبع الآي لا، الفاتحة سبع آيات وهو قول سعيد بن جبير واختلف في تسميتها مثاني فقيل لأنها تثنى في كل ركعة أي تعاد وقيل لأنها يثنى بها على الله تعالى وقيل لأنها استثنيت لهذه الأمة لم تنزل على من قبلها والله أعلم (3) قيل هو من اطلاق الكل على الجزء للمبالغة (قال الخطابي) فيه دلالة على أن الفاتحة هي القرآن العظيم وان الواو ليست بالعاطفة التي تفصل بين الشيئين وانما هي التي تجيء بمعنى التفصيل كقوله تعالى (فاكهة ونخل ورمان) وقوله (وملائكته ورسوله وجبريل وميكال) اهـ قال الحافظ وفيه بحث لاحتمال أن يكون قوله والقرآن العظيم محذوف الخبر والتقدير ما بعد الفاتحة مثلا فيكون وصف الفاتحة انتهى بقوله هي السبع المثاني ثم عطف قوله (والقرآن العظيم) أي ما زاد على الفاتحة وذكر ذلك رعاية لنظم الآية ويكون التقدير والقرآن العظيم هو الذي ونيته زيادة على الفاتحة (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح اهـ وقال المنذري - الترغيب رواه ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم باختصار عن أبي هريرة عن أبي وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم (قلت) وأقره الذهبي (4) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون وهاشم بن القاسم عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال في أم القرآن الخ (غريبه) (5) تقدم الكلام على معنى هذا الحديث في شرح الحديث السابق (6) (سنده) حدثنا اسماعيل بن عمر قال ثنا ين أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (7) جاء في البخاري وسميت أم الكتاب أنه يبدء بكتابتها في المصاحف ويبدء بقراءتها في الصلاة قال القسطلاني هذا كلام أبو عبيد في المجاز وكره أنس والحسن وابن سيرين تسميتها بذلك قال الأولان انما ذلك اللوح المحفوظ (وأجيب) بأن في حديث أبي هريرة (يعني حديث الباب) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب صححه الترمذي لكن قال السفاقسي هذا التعليل مناسب لتسميتها بفاتحة الكتاب لا بأم الكتاب وقد ذكر بعض المحققين أن السبب في تسميتها أم الكتاب اشتمالها على كليات المعاني التي في القرآن من الثناء على الله تعالى وهو ظاهر ومن التعبد بالأمر والنهي وهو في إياك نعبد لأن معنى العبادة قيام العبد بما تعبد به وكلفه من امتثال الأوامر والنواهي وفي الصراط المستقيم أيضا ومن الوعد والوعيد وهو في الذين أنعمت عليهم وفي المغضوب عليهم وفي يوم الدين أي الجزاء أيضا واما كانت الثلاثة أصول مقاصد

المثاني (عن أبي سعيد المعلى) (1) قال كنت أصلي فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاني فلم آته حتى صليت ثم أتيته فقال ما منعك أن تأتيني؟ فقلت اني كنت أصلي قال ألم يقل الله تبارك وتعالى (يا أيها الذين آمنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم) ثم قال ألا أعلمكم أعظم سورة في القرآن (2) قبل أن أخرج من المسجد قال فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرجه فذكرته فقال الحمد لله رب العالمين هي السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته (عن عبد الله بن جابر) (3) قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم الا اخبرك يا عبد الله بن جابر بخير سورة في القرآن؟ قلت بلى يا رسول الله قال اقرأ الحمد لله رب العالمين حتى تختمها (ز) (عن أبي هريرة) (4) عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنزل الله في التوراة ولا في الانجيل مثل أم القرآن وهي السبع المثاني (5) وهي مقسومة بيني وبين عبدي (6) ولعبدي ما سأل

_ القرآن لأن الغرض الأصلي الارشاد إلى المعارف الإلاهية وما به نظام المعاش وتجاه المعاد والاعتراض بأن كثيرا من السور كذلك يندفع بعدم المساواة لأنها فاتحة الكتاب وسابقة السور وقد اقتصر مضمونها على كليات المعاني الثلاثة بالترتيب على وجه اجمالي لأن أولها ثناء وأوسطها تعبد وآخرها وعد ووعيد ثم يصير ذلك مفصلا في سائر السور فكانت منها بمنزلة مكة من سائر القوى على ما ورد من أنها مهدت ارضها ثم دحيث الأرض من تحتها فتستأهل أن تسمى أم القرآن كما سميت مكة أم القرى اهـ (تخريجه) (خ د مذ) (1) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد بن المعلى الخ (غريبه) (2) أي لعظم قدرها بالخاصية التي لم يشاركها فيها غيرها من السور لاشتمالها على فوائد ومعان كثيرة مع وجازة ألفاظها واستدل به على جواز تفضيل بعض القرآن على بعض وهو محكي عن أكثر العلماء منهم ابن راهويه وابن العربي ومنع من ذلك الأشعري والباقلاني وجماعة لأن المفضول ناقص عن درجة الأفضل وأسماء الله تعالى وصفاته وكلامه لا نقص فيها (وأجيب) بأن التفضيل انما هو بمعنى أن ثواب بعضه أعظم من بعض فالتفضيل انما هو من حيث المعنى لا من حيث الصفة (تخريجه) (خ د نس جه) وقد وقع لابي بن كعب مثل هذه القصة وهو الحديث الأول من أحاديث الباب قال الحافظ جمع البيهقي بأن القصة وقعت لأبي بن كعب ولأبي سعيد بن المعلى قال ويتعين المصير إلى ذلك لاختلاف مخرج الحديثين واختلاف سياقهما (3) (عن عبد الله بن جابر) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما يفعل المصلي والمتخلي إذا سلم أحد عليهما من كتاب السلام والاستئذان في الجزء السابع عشر صحيفة 335 رقم 16 وانما ذكرت هذا الجزء منه هنا لمناسبة الترجمة (4) (سنده) (ز) حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن عبد الله بن نمير قال ثنا أبو أسامة عن عبد الحميد بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب عن أبيه عن أبي هريرة الخ (5) زاد في رواية أخرى من رواية عبد الله بن الامام احمد أيضا (والقرآن العظيم الذي أوتيت بعد) قال عبد الله (يعني ابن الامام احمد) سألت أبي عن العلاء بن عبد الرحمن وسهيل بن أبي صالح فقدم العلاء على سهيل وقال لم أسمع أحدا ذكر العلاء بسوء وقال أبو عبد الرحمن (يعني بعد الله بن الامام احمد) وابن أبي صالح أحب إلي من العلاء اهـ (6) جاء معنى هذه القسمة في حديث أبي هريرة وتقدم في باب

(باب المغضوب عليهم والضالين) (حدثنا عبد الرزاق) (1) ثنا معمر عن بديل العقيلي أخبرني عبد الله بن شقيق أنه أخبره من سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو بوادي القرى (2) وهو على فرسه وسأل رجل من بني القين (3) فقال يا رسول الله من هؤلاء (4) قال المغضوب عليهم وأشار إلى اليهود فقال فمن هؤلاء؟ قال هؤلاء الضالون يعني النصارى قال وجاء رجل فقال استشهد مولاك أو قال غلامك فلان (5) قال بل هو يجر إلى النار في عباءة غلها (6) (عن عدي بن حاتم الظائي) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن المغضوب عليهم اليهود) وإن (الضالين) النصارى

_ تفسير سورة الفاتحة من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 190 رقم 520 وفيه قال أبو هريرة اقرءوا يقول فيقول العبد الحمد لله رب العالمين فيقول الله حمدني عبدي ويقول العبد الرحمن الرحيم فيقول الله أثنى على عبدي فيقول العبد مالك يوم الدين فيقول الله مجدني عبدي ويقول هذه بيني وبين عبدي يقول العبد إياك نعبد وإياك نستعين قال أجدها لعبدي ولعبدي ما سأل قال يقول عبدي اهدنا الصراط المستقيم صراط الذين انعمت عليهم غير المغضوب عليهم ولا الضالين يقول الله عز وجل هذا لعبدي ولعيدي ما سأل (تخريجه) (مذ نس) وقال الترمذي حديث حسن غريب (باب) (1) (حدثنا عبد الرزاق الخ) (غريبه) (2) قال يا قوت في معجمه هو واد بين المدينة والشام من أعمال المدينة كثير القرى والنسبة إليه وادي وإليه نسب عمر الوادي وفتحها النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع عنوة ثم صولحوا على الجزية (3) قال في القاموس والقين قرية باليمن من قرى عثر (بفتح العين وتشديد المثلثة مفتوحة) ونبات قين ماء وبلقين أصله بنو القين والنسبة قيني (4) يشير إلى سكان وادي القرى (5) أي مات مقتولا في سبيل الله (6) أي سرقها من الغنيمة قبل القسمة وهذا يفيد أنه ليس بشهيد بل يعذب بسبب سرقته (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه كله احمد ورجال الجميع رجال الصحيح اهـ (قلت) وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره ثم قال وقد رواه الجريري وعروة وخالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق فأرسلوه ولم يذكروا من سمع النبي صلى الله عليه وسلم ووقع في رواية عروة تسمية عبد الله ابن عمرو فالله أعلم قال وقد روى ابن مردويه من حديث إبراهيم بن طهمان عن بذيل بن ميسرة عن عبد الله بن شقيق عن أبي ذر قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المغضوب عليهم؟ قال اليهود قلت الضالين؟ قال النصارى وقال السدى عن ابي مالك وعن أبي صالح عن ابن عباس وعن مرة الهمذاني عن ابن مسعود وعن أناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (غير المغضوب عليهم) هم اليهود (ولا الضالين) هم النصارى وقال الضحاك وابن جرير عن ابن عباس (غير المغضوب عليهم ولا الضالين) النصارى وكذلك قال الربيع بن أنس وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغير واحد وقال ابن أبي حاتم ولا أعلم بين المفسرين في هذا اختلافا وشاهد ما قاله هؤلاء الأئمة من أن اليهود مغضوب عليهم والنصارى ضالون الحديث المتقدم ثم ذكر ما ورد في لعنهم وغضب الله عليهم من كتاب الله عز وجل هذا وتقدم تفسير سورة الفاتحة في الجزء الثالث في باب تفسير سورة الفاتحة من كتاب الصلاة صحيفة 191 و 192 (7) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في ترجمة عدي بن حاتم الطائي في حرف العين من كتاب فضائل الصحابة ان شاء الله تعالى وهو حديث حسن وأورده الحافظ ابن كثير

(باب سورة البقرة وما جاء في فضلها) (عن أبي أمامة) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اقرءوا (وفي رواية تعلموا) القرآن فإنه شافع لأصحابه يوم القيامة اقرءوا الزهراوين (2) البقرة وآل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان (3) أو كأنهما غيابتان (4) أو كأنهما فرقان (5) من طير صواف يحاجان عن أهلهما (6) ثم قال اقرءوا البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة (7) (عن النواس بن سمعان الكلابي) (8) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يؤتي بالقرآن يوم القيامة وأهله الذين كانوا يعملون به وتقدمهم سورة البقرة وآل عمران وضرب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاثة أمثال ما نسيتهن بعد قال كأنهما غمامتان أو ظلمتان سوداوان (9) بينها شرق أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما (10) (عن عبد الله بن بريدة عن أبيه) (11) قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول تعلموا سورة البقرة فإن أخذها بركة وتركها حسرة ولا يستطيعها البطلة قال ثم مكث ساعة ثم قال تعلموا سورة البقرة وآل عمران فإنهما الزهراوان يظلان صاحبهما يوم القيامة كأنها غمامتان أو غيابيان أو فرقان من طير صواف وان القرآن يلقى صاحبه يوم القيامة حين ينشق عنه قبره كالرجل الشاحب (12) فيقول له هل تعرفني؟ فيقول ما أعرفك فيقول له هل تعرفني؟ فيقول ما أعرفك فيقول أنا صاحبك القرآن الذي اظمأتك في الهواجر وأسهرت ليلك وان كل تاجر من وراء تجارته (13)

_ في تفسيره وقال قد روى حديث عدي هذا من طرق وله ألفاظ كثيرة يطول ذكرها اهـ (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الملك بن عمرو ثنا هشام عن يحيى بن أبي كثير عن سلام عن أبي أمامة الخ (غريبه) (2) تثنية الزهراء تأنيث الأزهر وهو المضيء الشديد الضوء سميتا زهراوين لكثرة أنوار الأحكام الشرعية والأسماء الحسنى العلية (3) أي سحابتان تظلان صاحبهما عن حر الموقف (4) هو كل شيء أظل الانسان فوق رأسه كالسحابة وغيرها (5) بكسر الفاء وسكون الراء أي جماعتان من طير صواف جمع صافة وهي من الطيور ما يبسط أجنحتها في الهواء قال تعالى (صافات ويقبضن) (6) أي تدافعان الجحيم والزبانية وهو كناية عن المبالغة في الشفاعة (7) بالتحريك أي السحرة عبر عن السحرة بالبطلة لأن أفعالهم باطلة أي لا يستطيعون حفظها وقيل لا يستطيعون النفوذ في قارئها والله أعلم (تخريجه) (م) في الصلاة وزاد قال معاوية (يعني ابن سلام) بلغني ان البطلة السحرة (8) (سنده) حدثنا يزيد ابن عبد ربه ثنا الوليد بن مسلم عن محمد بن مهاجر عن الوليد بن عبد الرحمن الجرشي عن جبير بن نفير قال سمعت النواس بن سمعان الكلابي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) أي لكثافتهما وارتكام البعض منهما على بعض وذلك من المطلوب في الظلال (وقوله بينهما شرق) بفتح الشين المعجمة وسكون الراء بعدها قاف أي ضوء (10) تقدم تفسير هذه الجملة في الحديث السابق (تخريجه) (م مذ) (11) (سنده) حدثنا أبو نعيم ثنا بشير بن المهاجر حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه قال كنت جالسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقول الخ (غريبه) (12) الشاحب المتغير اللون والجسم لعارض من مرض أو سفر ونحوهما وقد شحب يشحب شحوبا (13) أي يبتغي الربح من وراء تجارته

وأنك اليوم من وراء كل تجارة (1) فيعطى الملك بيمينه والخلد بشماله ويرضع على رأسه تاج الوقار ويكسى والداه حلتين لا يقوم لهما أهل الدنيا (2) فيقولان بم كسبنا هذه؟ فيقال بأخذ ولدكما القرآن ثم يقال له اقرأ واصعد في درجة الجنة وغرفها فهو في صعود ما دام يقرأ هذا (3) كان أو ترتيلا (عن معقل بن يسار) (4) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البقرة سنام (5) القرآن وذروته ونزل مع كل آية منها ثمانون ملكا واسخرجت (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) من تحت العرش فوصلت بها أو (6) فوصلت بسورة البقرة ويس قلب القرآن (7) لا يقرؤها رجل يريد الله تبارك وتعالى والدار الآخرة إلا غفر له واقرءوها على موتاكم (عن أبي هريرة) (8) قال لا تجعلوا بيوتكم مقابر (9) فإن الشيطان يفر من البيت الذي يقرء فيه سورة البقرة (التفسير وأسباب النزول) (باب أتجعل فيها من يفسد فيها وقصة هاروت وماروت) (عن عبد الله بن عمر) (10) انه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول إن آدم عليه السلام لما أهبطه الله إلى الأرض قالت الملائكة أي رب (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك (11) قال إني أعلم مالا تعلمون) قالوا وإنا نحن أطوع لك من بني آدم قال الله تعالى

_ (1) معناه وأن ربحك اليوم أعظم من ربح كل تجارة (2) أي لا يمكن أهل الدنيا تحديد قيمتها (3) أي سواء كانت القراءة هذا بتشديد المعجمة اي بسرعة أو ترتيل (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد وقال وروى ابن ماجة من حديث بشير بن المهاجر بعضه وهذا اسناد حسن على شرط مسلم فإن بشيرا هذا خرج له مسلم ووثقه ابن معين وقال النسائي ما به بأس إلا أن الامام احمد قال فيه هو منكر الحديث قد اعتبرت أحاديثه فإذا هي تأتي بالعجب وقال البخاري يخالف في بعض حديثه وقال أبو حاتم الرازي يكتب حديثه ولا يحتج به وقال ابن عدي روى مالا يتابع عليه وقال الدارقطني ليس بالقوى قال الحافظ ابن كثير ولكن لبعضه شواهد فمن ذلك حديث أبي أمامة (يعني الحديث الأول من أحاديث الباب) فذكره وقال رواه مسلم والترمذي وذكر أحاديث أخرى تؤيده (4) (سنده) حدثنا عارم ثنا معتمر عن أبيه عن رجل عن أبيه عن معقل بن يسارالخ (غريبه) (5) السنام بفتح السين المهملة هو من كل شيء أعلاه وفي شعر حسان (وان سنام المجد من آل هاشم * بنو نبت مخزوم ووالدك) أي اعلى المجد ومنه سنام البعير لأنه أعلاه (وذروته) بكسر الذال العجمة هي أعلى سنام البعير (6) أو للشك من الراوي (7) قلب كل شيء لبه وخالصه (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه احمد عن رجل عن معقل وروى ابو داود والنسائي وابن ماجه منه ذكر يس اهـ (قلت) في اسناده عند الامام احمد مجهولان الرجل المبهم وأبوه (8) (سنده) حدثنا ابراهيم بن خالد حدثنا ربح عن معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (9) فيه الحث على قراءة القرآن في البيوت خصوصا سورة البقرة فإن الشيطان يفر الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (م نس مذ) (التفسير وأسباب النزول الخ) (باب) (10) (سنده) حدثنا يحيى بن بكير حدثنا زهير بن محمد عن موسى بن جبير عن نافع عن عبد الله بن عمر الخ (غريبه) (11) هذا جواب من الملائكة لقوله تعلى (اني جاعل في الأرض خليفة) أي يخلفني في تنفيذ أحكامي فيها وهو آدم (قالوا أتجعل فيها)

للملائكة هلموا ملكين (1) حتى نهبطهما إلى الأرض فننظر كيف يعملان قالوا ربنا هاروت وماروت فأهبطنا إلى الأرض ومثلت لهما الزهرة امرأة من أحسن البشر (2) فجاءتهما فسألاها نفسها فقالت لا والله حتى تتكلما بهذه الكلمة من الإشراك فقالا لا والله لا نشرك بالله شيئا أبدا فذهبت عنهما ثم رجعت بصبي تحمله فسألاها نفسها فقالت لا والله حتى تقتلا هذا الصبي فقالا لا والله لا نقتله أبدا فذهبت ثم رجعت بقدح خمر تحمله فسألاها نفسها فقالت لا والله

_ من يفسد فيها) بالمعاصي (ويسفك الدماء) يريقها بالقتل كما فعل بنو الجان وكانو فيها فلما أفسدوا أرسل الله عليهم الملائكة فطردوهم إلى الجزائر والجبال ذكره ابن جرير عن ابن عباس (ونحن نسبح) أي متلبسين (بحمدك) أي نقول سبحان الله وبحمده (ونقدس لك) ننزهك عما لا يليق بك فاللام زائدة والجملة حال أي فنحن أحق بالاستخلاف (قال) تعلى (اني أعلم ما لا تعلمون) من المصلحة في استخلاف آدم وان ذرتيه فيهم المطيع والعاصي فيظهر العدل بينهم (1) اي اختاروا ملكين من أفضلكم فاختاروا هاروت وماروت (2) هذا يفيد ان الله عز وجل مثل لهما كوكب الزهرة في صورة امرأة من أحسن النساء ويؤيده رواية ابن جرير عن ابن مسعود وابن عباس انهما قالا وانزلت الزهرة اليهما في صورة امرأة من أهل فارس يسمونها بيذخت لكن جاء في بعض الروايات عن ابن عباس ما يفيد انها امرأة حقيقية حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب فالله اعلم (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد ثم قال وهكذا رواه ابو حاتم وابن حبان في صحيحه عن الحسن عن سفيان عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يحيى بن بكير به وهذا حديث غريب من هذا الوجه ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين إلا موسى بن جبير هذا وهو الانصاري السلمي مولاهم المديني الحذاء وروى له أبو داود وابن ماجه وذكره ابن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل ولم يحك فيه شيئا من هذا ولا هذا فهو مستور الحال وقد تفرد به عن نافع مولى ابن عمر عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى له تابع من وجه آخر عن نافع كما قال ابن مردويه حدثنا دعلج بن احمد حدثنا هشام بن علي بن هشام حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا سعيد بن سلمة حدثنا موسى بن سرجس عن نافع عن ابن عمر سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول فذكره بطوله (قلت) ثم ذكر الحافظ ابن كثير رحمه الله تعالى له طرقا أخرى عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال (وأقرب ما يكون في هذا) أنه من رواية عبد الله بن عمر عن كعب الأحبار لاعن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال عبد الرزاق في تفسيره عن الثوري عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر عن كعب الاحبار قال ذكرت الملائكة أعمال بني آدم وما يأتون من الذنوب فقيل لهم اختاروا منكم اثنين فاختاروا هاروت وماروت فقال لهما اني ارسل إلى بني آدم رسلا وليس بيني وبينكم رسولا انزلا لا تشركا بي شيئا ولا تزنيا ولا تشربا الخمر قال كعب فوالله ما أمسيا من يومهما الذي اهبطا فيه حتى استكملا جميع ما نهيا عنه رواه ابن جرير من طريقين عن عبد الرزاق به ورواه ابن أبي حاتم عن احمد بن عصام عن مؤمل عن سفيان الثوري به ورواه ابن جرير ايضا حدثني المثنى أخبرنا المعلى وهو ابن أسد اخبرنا عبد العزيز بن الختار عن موسى بن عقبة حدثني سالم انه سمع عبد الله يحدث يحدث عن كعب الاحبار فذكره فهذا اصح وأثبت إلى عبد الله بن عمر من الاسنادين المتقدمين وسالم

حتى تشربا هذا الخمر فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتلا الصبي فلما أفاقا قالت المرأة والله ما تركتما شيئا أبيتماه علي إلا قد فعلتماه حين سكرتما فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الآخرة فاختارا عذاب الدنيا

_ اثبت في أبيه من مولاه نافع فدار الحديث ورجع الى نقل كعب الاحبار عن كتب بني اسرائيل والله أعلم (ثم ذكر الحافظ ابن كثير) رحمه الله جملة آثار وردت في ذلك عن الصحابة ثم قال (وأقرب ما ورد في ذلك) ما قال ابن أبي حاتم أخبرنا عصام بن رواد أخبرنا آدم أخبرنا أبو جعفر حدثنا الربيع بن أنس عن قيس بن عباد عن ابن عباس رضي الله عنهما قال لما وقع الناس من بعد آدم عليه السلام فيما وقعوا فيه من المعاصي والكفر بالله قالت الملائكة في السماء يا رب هذا العالم الذي انما خلقتهم لعبادتك وطاعتك وقد وقعوا فيما وقعوا فيه وركبوا الكفر وقتل النفس وأكل المال الحرام والزنا والسرقة وشرب الخمر فجعلوا يدعون عليهم ولا يعذرونهم فقيل انهم في غيب فلم يعذروهم فقيل لهم اختاروا من أفضلكم ملكين آمرهما وانهاهما فاختارا هاروت وماروت فأهبطا إلى الأرض وجعل لهما شهوات بني آدم وأمرهما الله أن يعبداه ولا يشركا به شيئا ونهيا عن قتل النفس الحرام وأكل المال الحرام وعن الزنا والسرقة وشرب الخمر فلبثا في الأرض زمانا يحكمان بين الناس بالحق وذلك في زمن ادريس عليه السلام وفي ذلك الزمان امرأة حسنها في النساء كحسن الزهرة في سائر الكواكب وانهما أتيا عليها فخضعا لها في القول وأراداها عن نفسها فأبت إلا أن يكونا على أمرها وعلى دينها فسألاها عن دينها فأخرجت لهما صنما فقالت هذا أعبده فقالا لا حاجة لنا في عبادة هذا فذهبا فعبرا ما شاء الله ثم أتيا عليها فأراداها على نفسها ففعلت مثل ذلك فذهبا ثم أتيا عليها فأراداها على نفسها فلما رأت أنهما قد أبيا أن يعبدا الصنم قالت لهما اختارا أحد الحلال الثلاث اما أن تعبدا هذا الصنم واما أن تقتلا هذه النفس واما ان تشربا هذه الخمر فقالا كل هذا لا ينبغي وأهون هذا شرب الخمر فأخذت فيهما فواقعا المرأة فخشيا ان يخبر الانسان عنهما فقتلاه فلما ذهب عنهما السكر وعلما ما وقعا به من الخطيئة أرادا أن يصعدا إلى السماء فلم يستطيعا وحيل بينهما وبين ذلك وكشف الغطاء فيما بينهما وبين أهل السماء فنظرت الملائكة إلى ما وقعا فيه فعجبوا كل العجب وعرفوا انه من كان في غيب فهو أقل خشية فجعلوا بعد ذلك يستغفرون لمن في الأرض فقيل لهما اختارا عذاب الدنيا أو عذاب الآخرة؟ فقالا أما عذاب الدنيا فإنه ينقطع ويذهب وأما عذاب الآخرة فلا انقطاع له فاختارا عذاب الدنيا فجعلا ببابل فهما يعذبان (قال الحافظ ابن كثير) وقد رواه الحاكم في مستدركه مطولا عن ابي زكريا العنبري عن محمد بن عبد السلام عن اسحاق بن راهوية عن حكام بن مسلم الرازي وكان ثقة عن أبي جعفر الرازي به ثم قال صحيح الاسناد ولم يخرجاه فهذا أقرب ما روى في شأن الزهرة والله أعلم قال وقد روى في قصة هاروت وماروت جماعة من التابعين كمجاهد والسدى والحسن البصري وقتادة وأبي العالية والزهري والربيع بن انس ومقاتل بن حيان وغيرهم وقصها خلق من المفسرين من المتقدمين والمتأخرين وحاصلها راجع في تفصيلها إلى أخبار بني اسرائيل إذ ليس فيها حديث مرفوع صحيح متصل الإسناد إلى الصادق المصدوق المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى وظاهر سياق القرآن إجمال القصة من غير بسط ولا اطناب فيها فنحن نؤمن بما ورد في القرآن على ما أراده الله تعالى والله أعلم بحقيقة الحال اهـ (قال العلامة) السيد محمد رشيد رضا في تعليقه على هذه القصة قال هذا هو الحق وجميع تلك الروايات

(باب ادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة) (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل (ادخلوا الباب سجدا) (2) قال ادخلوا زحفا (3) (وقولوا حطة) (4) قال بدلوا (5) فقالوا حنطة في شعرة (باب من كان عدوا لجبريل الخ) (عن ابن عباس) (6) قال أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا أبا القاسم انا نسألك عن خمسة أشياء فان أنبأتنا بهن عرفنا انك نبي واتبعناك فأخذ عليهم ما أخذ اسرائيل (7) على بنيه إذ قال الله على ما نقول وكيل (8) قال هاتوا قالوا خبرنا عن علامة النبي؟ قال تنام عيناه ولا ينام قلبه قالوا خبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر (9) قال يلتقي الماءان فإذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت واذا علا ماء المرأة ماء الرجل آنثت قالوا أخبرنا ما حرم اسرائيل على نفسه؟ قال كان يشتكي عرق النسا فلم يجد شيئا يلائمه إلا البان كذا وكذا قال أبي (10) قال بعضهم يعني الإبل فحرم لحومها قالوا صدقت قالوا أخبرنا ما هذا الرعد؟ قال ملك من ملائكة الله عز وجل موكل بالسحاب بيده أو في يده مخراق (11) من نار يزجر به

_ من خرافات اليهود التي كانوا يغشون بها المسلمين واذا كان بعض الصحابة قد صدق بعضها فلا عجب اذا اكثر التابعون القول فيها وشوه المفسرون كتبهم بها قال ومن المحقق ان هذه القصة لم تذكر في كتب اليهود المقدسة فإن لم تكن وضعت في زمن روايتها فهي من الكتب الخرافية ورحم الله ابن كثير الذي بين لنا ان الحكاية خرافة اسرائيلية وان الحديث المرفوع لا يثبت اهـ والله اعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا ابن مبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) قال البغوي أي ركعا خضعا منحنين وقال وهب فاذا دخلتموه فاسجدوا شكر لله تعالى اهـ وذلك انهم لما خرجوا من التيه بعد أربعين سنة مع يوشع بن نون عليه السلام وفتح الله تعالى عليهم بيت المقدس عشية جمعة وقد حبست لهم الشمس قليلا حتى أمكن الفتح قيل لهم ادخلوا الباب سجدا (3) هكذا بالأصل (قال ادخلوا زحفا) والظاهر انه وقع فيه تحريف من الناسخ وصوابه (قال فدخلوا زحفا) ويؤيد ذلك رواية البخاري قال (فدخلوا يزحفون على أستاهم) بفتح الهمزة وسكون المهملة أي أوراكهم (4) قال قتادة أي حطمنا خطايانا أمروا بالاستغفار وقال ابن عباس لا إله إلا الله لأنها تحط الذنوب ورفعها على تقدير مسألتنا حطة (5) أي غيروا السجود بالزحف وقالوا (حنطة) بكسر الحاء وسكون النون (في شعرة) بفتحات بدل أن يقولوا حطة قالوا ذلك استهزاءا وهذا في غاية ما يكون من المخالفة والمعاندة ولذلك قال تعالى (فبدل الذين ظلموا قولا غير الذي قيل لهم فأنزلنا على الذين ظلموا رجزا من السماء بما كانوا يفسقون) والمراد بالرجز الطاعون قيل انه مات به في ساعة أربعة وعشرون ألفا (تخريجه) (ق د نس عب) (باب) (6) (سنده) حدثنا أبو احمد ثنا عبد الله بن الوليد العجلي وكانت له هيئة رأيناه عند حسن عن بكير بن شهاب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (7) يعني نبي الله يعقوب (على بنيه) يعني اخوة يوسف (8) يريد قوله تعالى (فلما آتوه موثقهم قال الله على ما نقول وكيل) (9) معناه أخبرنا عن السبب في كون المرأة تأتي بالأنثى أحيانا وأحيانا تأتي بالذكر (10) القائل قال أبي هو عبد الله بن الامام احمد وجاء في الطريق الثانية (وكان احب الطعام اليه لحمان الإبل) ولحمان بضم اللام وسكون الحاء جمع لحم ويجمع أيضا على لحوم (11) قال

السحاب يسوقه حيث أمر الله قالوا فما هذا الصوت الذي يسمع؟ قال صوته قالوا صدقت انما بقيت واحدة وهي التي نبايعك ان اخبرتنا بها فإنه ليس من نبي إلا له ملك يأتيه بالخبر فأخبرنا من صاحبك؟ قال جبريل قالوا جبريل ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا (1) لو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان فأنزل الله عز وجل (من كان عدوا لجبريل الخ الآية) (2) (وعنه أيضا من طريق ثان) (3) قال حضرت عصابة من اليهود نبي الله صلى الله عليه وسلم يوما فقالوا يا أبا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنهن لا يعلمهن إلا نبي قال سلوني عما شئتم ولكن اجعلوا ذمة الله وما أخذ يعقوب عليه السلام على بنيه لئن حدثتكم شيئا فعرفتموه لتتابعني على الاسلام؟ قالوا فذلك لك قال فسلوني ما شئتم قالوا اخبرنا عن أربع خلال نسألك عنهن أخبرنا أي الطعام حرم اسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة وأخبرنا كيف ماء المرأة وماء الرجل كيف يكون الذكر منه وأخبرنا كيف هذا النبي الأمي في النوم ومن وليه من الملائكة؟ قال فعليكم عهد الله وميثاقه لئن أنا أخبرتكم لتتابعني؟ قال فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق قال فأنشدكم بالذي أنزل التوراة على موسى صلى الله عليه وسلم هل تعلمون ان اسرائيل يعقوب عليه السلام مرض مرضا شديدا وطال سقمه فنذر لله نذرا لئن شفاه الله تعالى من سقمه ليحرمن أحب الشراب اليه واحب الطعام اليه؟ وكان أحب الطعام اليه لحمان الإبل واحب الشراب اليه البانها؟ (4) قالوا اللهم نعم قال اللهم اشهد عليهم فانشدكم بالله الذي لا إله إلا هو الذي انزل التوراة على موسى هل تعلمون ان ماء الرجل أبيض غليظ وان ماء المرأة أصفر رقيق فأيهما علا كان له الولد والشبه بإذن الله إن علا ماء الرجل على ماء المرأة كان ذكرا باذن الله وان علا ماء المرأة على ماء الرجل كان أنثى بإذن الله؟ قالوا اللهم أشهد عليهم فأنشدكم بالذي انزل التوراة على موسى هل تعلمون

_ في النهاية أراد انه آلة تزجر بها الملائكة السحاب وتسوقه قال ويفسره حديث ابن عباس (البرق سوط من نور تزجر به الملائكة السحاب) (1) جاء عند ابن جرير من حديث عمر (فقالوا ذاك عدونا من أهل السماء يطلع محمدا على سرنا واذا جاء جاء بالحرب والسنة) السنة بفتح السين مشددة يعني الجدب (2) بقية الآية (فإنه نزله على قلبك بإذن الله مصدقا لما بين يديه وهدى وبشرى للمؤمنين) والمعنى ان من عادى جبريل فليعلم انه الروح الأمين الذي نزل بالذكر الحكيم على قلبك بإذن الله عز وجل فهو رسول من رسل الله ملكى ومن عادى رسولا فقد عادى جميع الرسل ومن عادى جبريل فقد عادى ميكائيل لأنه أيضا ينزل على أنبياء الله في بعض الأحيان كما قرن برسول الله صلى الله عليه وسلم في ابتداء الأمر ولكن جبريل أكثر وهي وظيفته وميكائيل موكل بالنبات والقطر فذاك بالهدى وهذا بالرزق (مصدقا لما بين يديه) أي من الكتب المتقدمة (وهدى وبشرى للمؤمنين) أي هدى لقلوبهم وبشرى لهم بالجنة ثم أنذرهم عز وجل بقوله (من كان عدوا لله وملائكته ورسله وجبريل وميكال فإن الله عدو للكافرين) (3) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا عبد الحميد ثنا شهر قال ابن عباس حضرت عصابة من اليهود الخ (4) قال الحسن حرم اسرائيل على نفسه لحم الجزور تعبدا لله تعالى فسأل ربه أن يجيز له ذلك فحرمها

أن هذا النبي الأمي تنام عيناه ولا ينام قلبه؟ قالوا اللهم نعم قال اللهم اشهد قالوا اللهم نعم قال اللهم اشهد قالوا وانت الآن فحدثنا من وليك من الملائكة فعندها نجامعك أو نفارقك قال فإن ولي جبريل عليه السلام ولم يبعث الله نبيا قط إلا وهو وليه قالوا فعندها نفارقك لو كان وليك سواه من الملائكة لتابعناك وصدقناك قال فما يمنعكم من أن تصدقوه؟ قالوا انه عدونا قال فعند ذلك قال الله عز وجل (قل من كان عدوا لجبريل فإنه نزله على قلبك بإذن الله (1) إلى قوله عز وجل كتاب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون) (2) فعند ذلك باءوا بغضب على غضب الآية (3) (باب فأينما تولوا فثم وجه الله) (عن ابن عمر) (4) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى على راحلته مقبلا من مكة إلى المدينة حيث توجهت به (5) وفيه نزلت هذه الآية (فأينما تولوا فثم وجه الله) (6)

_ الله على ولده اهـ (قلت) ولذلك مناسبة في شرعنا في قوله تعالى (ان تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) فهذا هو المشروع عندنا وهو الانفاق في طاعة الله مما يحبه العبد ويشتهيه كما قال تعالى (وآتى المال على حبه) وقال تعالى (ويطعمون الطعام على حبه) الآية (1) تقدم تفسير هذه الآية في شرح الطريق الأولى (ولما جاءهم رسول من عند الله) يعني محمد صلى الله عليه وسلم (مصدقا لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتاب كتاب الله وراء ظهورهم) يعني التوراة وقيل القرآن (كأنهم لا يعملون) قال قتادة ان القوم كانوا يعلمون ولكنهم نبذوا عليهم وكتموه وجحدوا به (3) يريد قوله تعالى (بئسما اشتروا به أنفسهم) أي بئس الذي اختاروا لأنفسهم حين استبدلوا الباطل بالحق وقيل الاشتراء هاهنا بمعنى البيع والمعنى بئش ما باعوا به حظ أنفسهم أي اختاروا الكفر وبذلوا انفسهم للنار (أن يكفروا بما أنزل الله) يعنى القرآن (بغيا) أي حسدا (أن ينزل الله من فضله) اي النبوءة والكتاب (على من يشاء من عباده) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم (فباءوا بغضب على غضب) أي رجعوا بغضب على غضب قال ابن عباس ومجاهد الغضب الأول بتضييعهم التوراة وتبديلهم (والثاني) بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم وقال قتادة الأول بكفرهم بعيسى والانجيل والثاني بكفرهم بمحمد صلى الله عليه وسلم والقرآن (وللكافرين) الجاحدين بنبوءة محمد صلى الله عليه وسلم من الناس كهلم (عذاب مهين) أي مخز يهانون فيه والله أعلم (تخريجه) أورده الطريق الأولى منه الحافظ ابن كثير في تفسيره وقال رواه (مذ نس) من حديث عبد الله بن الوليد العجلي به نحوه وقال الترمذي حديث حسن غريب اهـ (قلت) وأخرج الطريق الثانية ابن جرير وعبد الرحمن بن حميد في تفسيريهما والطبراني في الكبير والطيالسي (باب) (4) (سنده) حدثنا يحيى عن عبد الملك ثنا سعيد بن جبير ان ابن عمر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) يعني صلاة التطوع (6) قال العلماء سبب نزول هذه الآية طعن اليهود في نسخ القبلة أو في صلاة النافلة على الراحلة في السفر حيثما توجهت فأنزل الله عز وجل (ولله المشرق والمغرب) أي الأرض كلها لأنها ناحيتاها (فأينما تولوا) وجوهكم في الصلاة بأمره (فثم) بفتح المثلثة وتشديد الميم أي هناك (وجه الله) أي قبلته التي رضيها (تخريجه) أورد نحوه الحافظ ابن كثير في تفسيره بسند حديث الباب عن ابن عمر أنه كان يصلي حيث توجهت به راحلته ويذكر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك ويتأول هذه الرواية (فأينما تولوا فثم وجه الله) ورواه (م مذ نس) وابن أبي حاتم وابن مردويه من طرق عن عبد الملك ابن أبي سليمان وأصله في الصحيحين من حديث ابن عمر وعامر بن ربيعة من غير ذكر الآية وذكر

(باب واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى) (عن أنس) (1) قال قال عمر رضي الله عنه وافقت ربي في ثلاث قلت يا رسول الله لو اتخذنا من مقام ابراهيم مصلى (2) فنزلت (واتخذوا من مقام ابراهيم مصلى) وقلت يا رسول الله إن نساءك يدخل عليهن البر والفاجر فلو أمرتهن أن يحتجبن فنزلت آية الحجاب (3) واجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم نساؤه في الغيرة (4) فقلت لهن عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن قال فنزلت كذلك (5) (باب وكذلك جعلناكم أمة وسطا) (عن أبي سعيد الخدري) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) (7) قال عدلا (وعنه أيضا) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى نوح عليه السلام يوم القيامة فيقال له هل بلغت؟ فيقول نعم فيدعى قومه فيقال لهم هل بلغكم؟ فيقولون

_ الحافظ ابن كثير ان فريقا من العلماء قال نزلت هذه الآية على رسول الله صلى الله عليه وسلم إذنا من الله أن يصلي التصوع حيث توجه من شرق أو غرب في مسيره في سفره وفي حال المسابقة وشدة الخوف (باب) (1) (سنده) حدثنا هشيم أنبأنا حميد عن ا، س قال قال عمر الخ (غريبه) (2) قال ابراهيم النخعى الحرم كله مقام إبراهيم وقيل المسجد كله حرم إبراهيم وقيل أراد بمقام إبراهيم جميع مشاهد الحج مثل عرفة ومزدلفة وسائر المشاهد قال الامام البغوي والصحيح ان مقام ابراهيم هو الحجر الذي في المسجد يصلي اليه الأئمة وذلك الحجر الذي قام عليه ابراهيم عند بناء البيت وقيل كان أصابع رجليه بينا فيه فاندرس من كثرة المسح بالأيدي قال قتادة ومقاتل والسدى أمروا بالصلاة عند مقام ابراهيم ولم يؤمروا بمسحه وتقبيله (3) هي قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم الآية) (4) أي تألين عليه وأتين بأمور يكرهها بسبب الغيرة (5) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره قال ابن حاتم حدثنا أبي حدثنا الانصاري ثنا حميد عن أنس قال قال عمر بن الخطاب بلغني شيء كان بين أمهات المؤمنين وبين النبي صلى الله عليه وسلم فاستقريتهن أقول لتكفن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ليبدلنه أزواجا خيرا منكن حتى أتيت على آخر أمهات المؤمنين فقالت يا عمر أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهن؟ فأمسكت فأنزل الله عز وجل (عسى ربه ان طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا) وهذه المرأة التي ردته عما كان فيه من وعظ النساء هي أم سلمة كما ثبت ذلك في صحيح البخاري اهـ (قلت) (سائحات) أي صائمات قاله أبو هريرة وعائشة وابن عباس وجمع كثير من التابعين وفيه حديث مرفوع (سياحة هذه الأمة الصيام) والله أعلم (تخريجه) (ق مذ نس جه) وغيرهم (باب) (6) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) قال الامام البغوي نزلت في رؤساء اليهود قالوا لمعاذ بن جبل ما ترك محمد قبلتنا إلا حسدا وان قبلتنا قبلة الأنبياء ولقد علم محمد أنا عدل بين الناس فقال إنا على حق وعدل فأنزل الله (وكذلك) أي وهكذا وقيل الكاف للتشبيه وهي مردودة على قوله (ولقد اصطفيناه في الدنيا) أي كما اخترنا ابراهيم وذريته واصطفيناهم كذلك (جعلناكم أمة وسطا) أي عدلا خيارا (قال أوسطهم) أي خيرهم وأعدلهم وخير الأشياء أوسطها وقال الكلبي يعني أهل دين وسط بين الغلو والتقصير لأنهما مذمومان في الدين (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (8) (سنده) حدثنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد

ما أتانا من نذير أو ما أتانا من أحد قال فيقال لنوح من يشهد لك؟ فيقول محمد وأمته قال فذلك قوله عز وجل (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) قال الوسط العدل قال فيدعون فيشهدون له بالبلاغ قال ثم اشهد عليكم (باب وما كان الله ليضيع ايمانكم) (عن ابن عباس) (1) قال لما حولت القبلة قال أناس يا رسول الله أصحابنا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس (2) فأنزل الله (وما كان الله ليضيع إيمانكم) (باب قد نرى تقلب وجهك في السماء الخ) (عن أنس) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي نحو بيت المقدس فنزلت (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام) (4) قمر رجل من بني

_ الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (خ مذ نس جه) من طرق عن الأعمش (باب) (1) (سنده) حدثنا شاذان أخبرنا اسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال لما حرمت الخمر قال أناس يا رسول الله أصحابنا الذين ماتوا وهم يشربوها فأنزلت (ليس على آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا) قال ولما حولت القبلة الخ (غريبه) (2) قال الامام البغوي في تفسيره سبب نزول هذه الآية ان حيي بن أخطب وأصحابه من اليهود قالوا للمسلمين أخبرونا عن صلاتكم نحو بيت المقدس ان كانت هدى فقد تحولتم عنها وان كانت ضلالة فقد دنتم الله بها ومن مات منكم عليها فقد مات على الضلالة فقال المسلمون انما الهدى ما أمر الله به والضلالة ما نهى الله عنه قالوا انما شهادتكم على من مات منكم على قبلتنا وكان قد مات قبل أن تحول الى الكعبة من المسلمين أسعد بن زرارة من بني النجار والبراء بن معرور من بني سلمة وكانوا من النقباء ورجال آخرون فانطلق عشائرهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقالوا يارسول الله صرفك الله إلى قبلة إبراهيم فكيف بإخواننا الذين ماتوا وهم يصلون إلى بيت المقدس؟ فأنزل الله تعالى (وما كان الله ليضيع ايمانكم) يعني صلاتكم إلى بيت المقدس اهـ وقال الحافظ ابن كثير (وما كان الله ليضيع ايمانكم) أي بالقبلة الأولى وتصديقكم نبيكم واتباعه إلى القبلة الأخرى أي ليعطيكم أجرهما جميعا (ان الله بالناس لرءوف رحيم) الرأفة أشد الرحمة والله أعلم (تخريجه) (مذ طل) وصححه الترمذي وله شاهد عند البخاري من حديث أبي اسحاق السبيعي عن البراء قال مات قوم كانوا يصلون نحو المقدس فقال الناس ما حالهم في ذلك فأنزل الله تعالى (وما كان الله ليضيع ايمانكم) (باب) (3) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد عن ثابت عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (غريبه) (4) قال الامام البغوي في تفسيره هذه الآية وان كانت متأخرة في التلاوة فهي متقدمة في المعنى فإنها رأس القصة وأمر القبلة أول ما نسخ من أمور الشرع وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يصلون بمكة إلى الكعبة فلما هاجر إلى المدينة أمره عز وجل أن يصلي نحو صخرة بيت المقدس ليكون أقرب إلى تصديق اليهود اياه اذا صلى إلى قبلتهم مع ما يجدون من نعته في التوراة فصلى بعد الهجرة ستة عشرا أو سبعة عشر شهرا إلى بيت المقدس وكان يحب ان يوجه إلى الكعبة لأنها كانت قبلة أبيه ابراهيم عليه السلام وهذه رواية ابن عباس فكان صلى الله عليه وسلم يديم النظر إلى السماء ويدعو الله تعالى راجيا أن ينزل جبريل بما يحب من أمر القبلة فنزلت هذه الآية (قد نرى تقلب وجهك في السماء) اي دوام نظرك إلى السماء

سلمة (1) وهم ركوع في صلاة الفجر وقد صلوا ركعة فنادى الا ان القبلة قد حولت الا ان القبلة قد حولت إلى الكعبة قال فمالوا كما هم نحو القبلة (2) (عن البراء بن عازب) (3) قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نحو بيت المقدس ستة عشر شهرا (4) ثم وجه إلى الكعبة وكان يحب ذلك فأنزل الله عز وجل (قد نرى تقلب وجهك في السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام الآية) قال فمر رجل صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر على قوم (5) من الأنصار وهم ركوع في صلاة العصر (6) نحو بيت المقدس فقال هو يشهد أنه صلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه قد وجه إلى الكعبة قال فانحرفوا وهم ركوع في صلاة العصر (باب ان الصفا والمروة من شعائر الله) (عن عروة عن عائشة) (7) قال قلت أرأيت قول الله عز وجل (ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف بهما) قال فقلت فوالله ما على أحد جناح ان لا يطوف بهما فقالت عائشة بئسما قلت يا ابن اختي انها لو كانت على ما أولتها كانت فلا جناح

_ ودعائك (فلنولينك قبلة) أي فلنحولنك إلى قبلة (ترضاها) أي تحبها وتهواها (فول) أي حول وجهك (شطر المسجد الحرام) أي نحوه وأراد به الكعبة والحرام المحرم (وحيثما كنتم) من بر أو بحر شرق أو غرب (فولوا وجوهكم شطره) عند الصلاة (1) اسمه عباد بن بشر كما جاء في بعض الروايات (2) يعني الكعبة من غير أن تتوالى خطاهم (قال الخطابي) فيه من العلم ان ما مضى من صلاتهم كان جائزا ولولا جوازه لم يجز البناء عليه وفيه دليل على ان كل شيء له أصل صحيح في التعبد ثم طرأ عليه الفساد قبل أن يعلم صاحبه به فان الماضي منه صحيح وذلك مثل أن يجد المصلى بثوبه نجاسة لم يكن علمها حتى صلى ركعة فإنه اذا رأى النجاسة ألقاها عن نفسه (يعني ان كانت تلقى) وبنى على ما مضى من صلاته وكذلك هذا في المعاملات فلو وكل رجلا فباع الوكيل واشترى ثم عزله بعد أيام فان عقوده التي عقدها قبل بلوغ الخبر اليه صحيحة وفيه دليل على وجوب قبول أخبار الآحاد والله أعلم اهـ (تخريجه) (م د نس) (3) (سنده) حدثنا وكيع ثنا اسرائيل عن ابي اسحاق عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (4) جا من طريق ثان عن البراء عند الامام احمد ايضا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أول ما قدم المدينة على أجداده أو أخواله من الأنصار وانه صلى قبل بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا وكان يعجبه ان تكون قبلته قبل البيت وانه صلى أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلى معه قوم فخرج رجل ممن صلى معه فمر على أهل مسجد وهم راكعون الخ (5) على قوم الجار والمجرور متعلق بمر أي مر رجل صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم العصر على قوم الخ (6) جاء في الطريق الاولى (مر رجل من بني سلمة وهم ركوع في صلاة الفجر) ولا معارضة لاحتمال ان يكون هذا غير ذاك فهذا اخبر جماعة في صلاة العصر وذاك أخبر جماعة أخرى وهم في صلاة الفجر والله أعلم (تخريجه) (ق نس) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره روى ابن مردويه عن ابن عمر أن أول صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الكعبة صلاة الظهر وانها الصلاة الوسطى والمشهور ان اول صلاة صلاها إلى الكعبة صلاة العصر ولهذا تأخبر الخبر عن أهل قباء إلى صلاة الفجر والله أعلم (باب) (7) هذا الحديث تقدم مخرجا ومشروحا من طريق ثان في أول باب وجوب الطواف

عليه أن لا يطوف بهما ولكنها انما أنزلت أن الأنصار كانوا قبل أن يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدون عند المشلل وكان من أهل لها تحرج أن يطوف بالصفا والمروة فسألوا عن ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله انا كنا نتحرج أن نطوف في الصفا والمروة في الجاهلية فأنزل الله عز وجل (ان الصفا والمروة من شعائر الله إلى قوله: فلا جناح عليه أن يطوف بهما) قالت عائشة ثم قد سن رسول الله صلى الله عليه وسلم الطواف بهما فليس ينبغي لأحد أن يدع الطواف بهما (وعنه أيضا) (1) عن عائشة رضي الله عنها في قول الله عز وجل ان الصفا والمروة من شعائر الله قالت كان رجال من الانصار ممن يهل لمناة في الجاهلية ومناة صنم بين مكة والمدينة (2) قالوا يا نبي الله انا كنا نطوف بين الصفا والمروة تعظيما لمناة فهل علينا من حرج أن نطوف بهما؟ فأنزل الله عز وجل (ان الصفا والمروة من شعائر الله فمن حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطوف

_ بالصفا والمروة من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر صحيفة 74 رقم 276 وهو حديث صحيح رواه (ق لك نس) وغيرهم وقد ذكر فيه سبب واحد لتحرجهم من الطواف بين الصفا والمروة وهناك أسباب أخرى ذكرها الحافظ ابن كثير في تفسيره عقب ذكر هذا الحديث فقال وفي رواية عن الزهري انه قال فحدثت بهذا الحديث أبا بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال ان هذا العلم ما كنت سمعته ولقد سمعت رجالا من أهل العلم يقولون ان الناس (إلا من ذكرت عائشة) كانوا يقولون ان طوافنا بين هذين الحجرين من أمر الجاهلية وقال آخرون من الانصار انما امرنا بالطواف بالبيت ولم نؤمر بالطواف بين الصفا والمروة فأنزل الله تعالى (ان الصفا والمروة من شعائر الله) قال أبو بكر بن عبد الرحمن فلعلها نزلت في هؤلاء وهؤلاء ورواه البخاري من حديث مالك عن هشام ابن عروة عن أبيه عن عائشة (يعني ما تقدم) ثم قال البخاري حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن عاصم بن سليمان قال سالت أنسا عن الصفا والمروة قال كنا نرى أنهما من أمر الجاهلية فلما جاء الاسلام امسكنا عنهما فأنزل الله عز وجل (ان الصفا والمروة من شعائر الله) (وقال الشعبي) كان إساف على الصفا وكانت نائلة على المروة وكانوا يستلمونهما فتحرجوا بعد الاسلام من الطواف بينهما فنزلت هذه الآية وذكر محمد بن اسحاق في كتاب السيرة ان اسافا ونائلة كانا بشرين فزنيا داخل الكعبة فمسخا حجرين فنصبتهما قريش تجاه الكعبة ليعتبر بهما الناس فلما طال عهدهما عبدا ثم حولا إلى الصفا والمروة فنصبا هنالك فكان من طاف بالصفا والمروة يتسلمهما ويقول أبو طالب في قصيدته المشهورة (وحيث ينيخ الأشعرون ركابهم * لمفضى السيول من اساف ونائل) اهـ هذا وقد بسطنا الكلام على هذا الحديث وشرحه وتفسير الآية وأحكام الطواف بين الصفا والمروة ومذاهب العلماء في ذلك في الباب المشار اليه آنفا من كتاب الحج فارجع اليه تجد ما يسرك (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (2) جاء عند البخاري (وكانت مناة حذو فديد) بفتح الحاء المهملة وسكون الذال المعجمة وآخره واو أي مقابل قديد بضم القاف وفتح الدال المهملة موضع من منازل طريق مكة إلى المدينة وجاء في الحديث السابق (كانوا قبل ان يسلموا يهلون لمناة الطاغية التي كانوا يعبدون عند المشلل) بضم الميم وفتح المعجمة وتشديد اللام الأولى

بهما (باب يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام) (عن معاذ بن جبل) (1) قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام وصام يوم عاشوراء ثم ان الله عز وجل فرض عليه الصيام فأنزل الله عز وجل (يا أيها الذين آمنو كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم) إلى هذه الآية (وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) قال فكان من شاء صام ومن شاء أطعم مسكينا فأجزأ ذلك عنه قال ثم ان الله عز وجل انزل الآية الأخرى (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن) إلى قوله (فمن شهد منكم الشهر فليصمه) قال فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر وثبت الاطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام (فهذان حالان) قال وكانوا يأكلون ويشربون ويأتون النساء مالم يناموا فإذا ناموا امتنعوا قال ثم ان رجلا من الانصار يقال له صرمة ظل يعمل صائما حتى أمسى فجاء إلى أهله فصلى العشاء ثم نام فلم يأكل ولم يشرب حتى أصبح فأصبح صائما قال فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد جهد جهدا شديدا قال يا رسول الله اني عملت أمس فجئت حين جئت فألقيت نفسي فنمت وأصبحت حين أصبحت صائما قال وكان عمر قد أصاب من النساء من جارية أو من حرة بعد ما قام (2) وأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذلك فأنزل الله (احل لكم ليلة الصيام الرفث في نسائكم) إلى قوله (ثم اتموا الصيام إلى الليل) (باب أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) (عن البراء) (3) قال كان أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم اذا كان الرجل صائما فحضر الافطار فنام قبل ان يفطر لم يأكل ليلته ولا يومه حتى يمسي وان فلانا (4) الانصاري كان صائما فلما حضره الافطار اتى امرأته فقال هل عندك من طعام؟ قالت لا ولكن انطلق فاطلب لك فغلبته عينه وجاءته امرأته فلما رأته قالت خيبة لك فأصبح فلما انتصف النهار غشي عليه فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية

_ مفتوحة اسم موضع قريب من قديد من جهة البحر ويقال هو الجبل الذي يهبط منه إلى قديد من جهة البحر وقال البكري هي ثنية مشرفة على قديد وقال السفاقسي هي عند الجحفة والله أعلم (تخريجه) (خ وغيره) (باب) (1) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه وبيان احكامه في باب الأحوال التي عرضت للصيام من كتاب الصيام في الجزء التاسع صحيفة 239 رقم 31 فارجع اليه تجد ما يسرك والله الموفق (2) ستأتي قصة عمر في حديث مستقل بعد ثلاثة أحاديث (باب) (3) (سنده) حدثنا أسود بن عامر وأبو أحمد قالا ثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن البراء (يعني ابن عازب الخ) (غريبه) (4) جاء في آخر الحديث قال ابو احمد (يعني احد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث) قال في روايته (وان قيس بن صرمة الانصاري جاء فنام فذكره (قلت) قد اختلف في اسم هذا الرجلففي الحديث السابق ان اسمه صرمة وفي الحديث في رواية أبي احمد قيس بن صرمة وفي الطريق الثانية أبو قيس بن عمرو وجاء في اسمه روايات متعددة ذكرها الحافظ في الاصابة ثم قال فإن حمل هذا الاختلاف على تعدد أسماء من وقع له ذلك وإلا فيمكن الجمع برد جميع الروايات إلى واحد فإنه قيل فيه صرمة بن قيس وصرمة بن مالك وصرمة بن أنس وقيل فيه

(أحل لكم ليلة الصيام الرفث إلى نسائكم) (1) إلى قوله تعالى (حتي يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) (وعنه من طريق ثان) (2) ان احدهم كان إذا نام فذكر نحوا من حديث اسرائيل إلا أنه قال نزلت في ابي قيس بن عمرو (باب وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) (عن عدي بن حاتم) (3) قال لما نزلت هذه الآية (وكلوا

_ قيس بن صرمة وأبو قيس بن صرمة وابو قيس بن عمرو فيمكن أن يقال أن كان اسمه صرمة بن قيس فمن قال فيه قيس بن صرمة قلبه وانما اسمه صرمة وكنيته أبو قيس أو العكس وأما أبوه فاسمه قيس أو صرمة على ما تقرر من القلب وكنيته أبو أنس ومن قال فيه أنس حذف أداة الكنية ومن قال فيه ابن مالك نسبه إلى جد له والعلم عند الله اهـ (1) الرفث كناية عن الجماع قال ابن عباس ان الله حي كريم يكنى كل ما ذكر في القرآن من المباشرة والملامسة الافضاء والدخول والرفث فانما عنى به الجماع وقال الزجاج الرفث كلمة جامعة لكل ما يريده الرجال من النساء قال أهل التفسير كان في ابتداء الأمر اذا أفطر حل له الطعام والشراب والجماع الى ان يصلي العشاء الآخرة فان رقد قبلها حرم عليه الطعام والنساء الى الليلة القابلة ثم ان عمر بن الخطاب رضي الله عنه واقع أهله بعد ما صلى العشاء فلما اغتسل اخذ يبكي ويلوم نفسه فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اني اعتذر إلى الله واليك من نفسي هذه الخاطئة اني رجعت إلى أهلي بعد ما صليت العشاء فوجدت رائحة طيبة فسولت لي نفسي فجامعت أهلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما كنت جديرا بذلك يا عمر فقام رجال واعترفوا بمثله فنزل في عمر وأصحابه (أحل لكم ليلة الصيام الرفث) بمعنى الافضاء إلى نسائكم بالجماع نزل نسخا لما كان في صدر الاسلام من تحريمه وتحريم الأكل والشرب بعد العشاء وسيأتي حديث عمر بعد حديثين (هن لباس لكم وأنتم لباس لهن) كناية عن تعانقهما أو احتياج كل منهما إلى صاحبه وقيل سمي كل واحد من الزوجين لباسا للآخر لتجردهما عند النوم واجتماعهما في ثوب واحد حتى يصير كل منهما لصاحبه كالثوب الذي يلبسه (علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم) أي تخونونها وتظلمونها بالمجامعة بعد العشاء (فتاب عليكم) أي قبل توبتكم (وعفا عنكم) محا ذنوبكم (فالآن باشروهن) جامعوهن حلالا سميت المجامعة مباشرة لملاصقة بشرة كل واحد منهم صاحبه (وابتغوا) أي طلبوا (ما كتب الله لكم) أي ما أباحه من الجماع أو قدره من الولد (وكلوا واشربوا) الليل كله (حتى يتبين) يظهر (لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) أي الصادق بيان للخيط الأبيض وبيان الأسود محذوف أي من الليل شبه ما يبدو من البياض وما يمتد معه من الغبش بخيطين ابيض وأسود في الامتداد (ثم اتموا الصيام) من الفجر (إلى الليل) أي إلى دخوله بغروب الشمس (ولا تباشروهن) أي نسائكم (وأنتم عاكفون) مقيمون بنية الاعتكاف (في المساجد) متعلق بعاكفون نهى لمن كان يخرج وهو متعكف فيجامع امرأته ويعود (تلك) الأحكام المذكورة (حدود الله) حدها لعباده ليقفوا عندها (فلا تقربوها) ابلغ من لا تعتدوها المعبر به في آية أخرى (كذلك) كما بين لكم ما ذكر (يبين الله آياته للناس لعلهم يتقون) محارمه (2) (سنده) حدثنا احمد بن عبد الملك قال ثنا زهير ثنا أبو اسحاق عن البراء بن عازب أن أحدهم كان الخ (تخريجه) (خ د نس مذ) (باب) (3) (سنده) حدثنا هشيم اخبرنا حصين عن الشعبي

واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود) (1) قال عمدت إلى عقالين (2) أحدهما اسود والآخر أبيض فجعلتهما تحت وسادتي (3) قال ثم جعلت أنظر اليهما فلا تبين لي الأسود من الأبيض ولا الأبيض من الأسود فلما أصبحت غدوت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته بالذي صنعت فقال ان وسادك اذا لعريض (4) انما ذلك بياض النهار من سواد الليل (وعنه أيضا) (5) قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة والصيام قال صل كذا وكذا (6) وصم فاذا غابت الشمس فكل واشرب حتى يتبين لك الخيط الأبيض من الخيط الأسود (7) وصم ثلاثين يوما إلا أن تر الهلال قبل ذلك (8) فأخذت خيطين من شعر أسود وأبيض فكنت أنظرفيهما فلا يتبين لي

_ أنا عدي بن حاتم (يعني الطائي) قال لما نزلت الخ (غريبه) (1) قال أبو عبيد الخيط الأبيض الفجر الصادق والخيط الأسود الليل وفي قوله صلى الله عليه وسلم الا اتى انما هو بياض النهار وسواد الليل دليل على ان ما بعد الفجر هو من النهار لا من الليل ولا فاصل بينهما (قال النووي) وهذا مذهبنا وبه قال جماهير العلماء وحكى فيه شيء عن الأعمش وغيره لعله لا يصح عنهم اهـ (2) بكسر العين المهملة أي حبلين وفي رواية خيطين من شعر (3) جاء في بعض الروايات فجعلتهما وسادتي والوسادة المخدة وهي ما يجعل تحت الرأس عند النوم (والوساد) أعم فإنه يطلق على كل ما يتوسد به ولو كان من تراب كما جاء في النهاية والاساس (واما معنى الحديث) فالعلماء فيه شروح أحسنها كلام القاضي عياض رحمه الله تعالى قال انما أخذ العقالين وجعلهما تحت رأسه وتأول الآية لكونه سبق إلى فهمه ان المراد بها هذا وكذا وقع لغيره ممن فعل فعله حتى نزول قوله تعالى (من الفجر) فعلموا ان المراد به بياض النهار وسواد الليل وليس المراد ان هذا كان حكم الشرع أولا ثم نسخ بقوله تعالى (من الفجر) كما أشار اليه الطحاوي والداودي (قال القاضي) وانما المراد ان ذلك فعله وتأوله من لم يكن مخالطا للنبي صلى الله عليه وسلم بل هو من الاعراب لافقه عنده أو لم يكن من لغته استعمال الخيط في الليل والنهار لأنه لا يجوز تأخير البيان عن وقت الحاجة ولهذا انكر النبي صلى الله عليه وسلم على عدي بقوله ان وسادك لعريض انما هو بياض النهار وسواد الليل قال وفيه ان الالفاظ المشتركة لا يصار الى العمل بأظهر وجوهها وأكثر استعمالها إلا اذا عدم البيان وكان البيان حاصلا بوجود النبي صلى الله عليه وسلم (4) جاء في بعض الروايات ان وسادك لعريض وجاء في رواية البخاري (انك لعريض القفا) قال القاضي عياض (ان وسادك لعريض) معناه ان جعلت تحت وسادك الخيطين اللذبن ارادهما الله تعالى وهما الليل والنهار فوسادك يعلوهما ويغطيهما وحينذاك يكون عريضا وهو معنى الرواية الأخرى في صحيح البخاري انك لعريض القفا لأن من يكون هذا وساده يكون عظم قفاه من نسبته بقدره وهو معنى الرواية الاخرى انك لضخم وانكر القاضي قول من قال انه كناية عن الغباوة أو عن السمن لكثرة أكله إلى بيانا الخيطين وقال بعضهم ان المراد بالوساد النوم أي ان نومك كثير وقيل اراد به الليل أي من لم يكن النهار عنده إلا اذا بان له المقالان طال ليله وكثر نومه والصواب ما اختاره القاضي والله أعلم (تخريجه) (ق د مذ نس) (5) (سنده) حدثنا يحيى عن مجالد أخبرني عامر حدثني عدي بن حاتم قال علمني رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) يعني الصلوات الخمس وما يلزم لها (7) يعني فأمسك عن الطعام والشراب (8) معناه أن تر هلال شوال قبل تمام الثلاثين فأفطر فإن الشهر قد يكون تسعا

فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فضحك (1) وقال يا ابن حاتم انما ذاك بياض النهار من سواد الليل (باب علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم الخ) (عن عبد الله بن كعب بن مالك) (2) عن أبيه قال كان الناس في رمضان إذا صام الرجل فأمسى فنام حرم عليه الطعام والشراب والنساء حتى يفطر من الغد فرجع عمر بن الخطاب رضي الله عنه من عند النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وقد سهر عنده فوجد امرأته قد نامت فأرادها فقالت اني قد نمت قال ما نمت ثم وقع بها وصنع كعب بن مالك مثل ذلك فغدا عمر إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فأنزل الله تعالى (علم الله أنكم كنتم تختانون (3) أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم) (باب فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه الخ) (عن كعب بن عجرة) (4) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية ونحن محرمون وقد حصرنا

_ وعشرين (1) إنما ضحك النبي صلى الله عليه وسلم منه لكونه سبق إلى فهمه أن المراد بالآية حقيقة الخيط الأبيض والخيط الأسوط فبين له النبي صلى الله عليه وسلم أن المراد من الآية بياض النهار من سواد الليل (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام احمد وتقدم معناه في الحديث السابق وسنده صحيح (باب) (2) (سنده) حدثنا عتاب بن زياد قال أنا عبد الله قال انا ابن لهيعة قال حدثني موسى بن جبير مولى بني سلمة أنه سمع عبد الله بن كعب بن مالك يحدث عن أبيه قال كان الناس الخ (غريبه) (3) أي تظلمونها بتعريضها للعقاب وتنقيص حظها من الثواب (فتاب عليكم) حين تبتم بما ارتكبتم من المحظور (وعفا عنكم) يحتمل أنه يريد عن المعصية بعينها فيكون تأكيدا وتأنيسا زيادة على التوبة ويحتمل أن يريد عفا عما كان الزمكم من اجتناب النساء بمعنى تركه لكم كما تقول شيء معفو عنه أي متروك والله اعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمدوفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وقد ضعف اهـ (قلت) حديثه حسن اذا صرح بالتحديث وقد ضعف إذا عنعن وقد صرح بالتحديث في هذا الحديث فهو حسن وله شاهد من حديث البراءعند البخاري من طريق أبي اسحاق قال سمعت البراء قال (لما نزل صوم رمضان كانوا لا يقربونن النساء رمضان كله) زاد في الصيام عن البراء أيضا من طريق اسرائيل أنهم كانوا لا يأكلون ولا يشربون اذا ناموا ومفهوم ذلك ان الأكل والشرب كان مأذونا فيه ليلا ما لم يحصل النوم فيحمل قوله كانوا لا يقربون النساء على الغالب جمعا بين الأحاديث (وكان رجال يخونون أنفسهم) أي يجامعون ويأكلون ويشربون منهم عمر بن الخطاب وكعب بن مالك وقيس بن صرمة الانصاري (فأنزل الله تعالى علم الله أنكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره وقال علي بن طلحة عن ابن عباس قال كان المسلمون في شهر رمضان اذا صلوا العشاء حرم عليهم العشاء والطعام إلى مثلها من القابلة ثم ان اناسا من المسلمين أصابوا من النساء والطعام في شهر رمضان بعد العشاء منهم عمر بن الخطاب فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى (علم الله انكم كنتم تختانون أنفسكم فتاب عليكم وعفا عنكم فالآن باشروهن) الآية (باب) (4) هذا الحديث تقدم بطريقيه في أبواب ما يجوز للمحرم فعله من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر صحيفة 219 رقن 182 وترجعت له (بباب حديث كعب بن عجرة وتعدد طرقه) وذكرت له ثمان طرق رواها كلها الامام احمد في مسنده بأسانيدها وقد بسطت الكلام على شرحه وأحكامه وهو حديث صحيح رواه (ق لك طل والأربعة وغيرهم) فارجع اليه ترى ما يسرك أما

المشركون وكانت لي وفرة فجعلت الهوام تساقط على وجهي فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أيؤذيك هوام رأسك؟ قلت نعم فأمرني أن أحلق قال ونزلت (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) (ومن طريق ثان) (1) عن عبد الله بن معقل قال قعدت إلى كعب بن عجرة رضي الله عنه وهو في المسجد (2) فسألته عن هذه الآية (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) قال فقال كعب نزلت فيي فقد كان بي أذى من رأسي فحملت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والقمل يتناثر على وجهي فقال ما كنت أرى أن الجهد بلغ بك ما أرى أتجد شاة؟ فقلت لا فنزلت هذه الآية (ففدية من صيام أو صدقة أو نسك) قال صوم ثلاثة أيام أو اطعام ستة مساكين نصف صاع نصف صاع طعام لكل مسكين قال فنزلت في خاصة وهي لكم عامة (3) (باب ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) (عن أبي أمامة التيمي) (4) قال قلت لابن عمر رضي الله عنهما انا نكرى (5) فهل لنا من حج؟ قال أليس تطوفون بالبيت وتأتون المعروف؟ (6) وترمون الجمار وتحلقون رءوسكم؟ قال قلنا بلى فقال ابن عمر جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله عن الذي سألتني فلم يجبه حتى نزل عليه جبريل عليه السلام بهذه الآية (7) (ليس عليكم جناح أن

_ تفسير الآية فقد قال الامام البغوي في قوله تعالى (فمن كان منكم مريضا أو به أذى من رأسه) معناه لا تحلقوا رءوسكم في حال الاحرام إلا أن تضطروا إلى حلقه لمرض أو لأذى في الرأس من هوام أو صداع (ففدية) فيه اضمار أي فحلق فعليه فدية (من صيام) أي ثلاثة أيام (أو صدقة) أي ثلاثة آصع على ستة مساكين لكل مسكين نصف صاع (أو نسك) واحدتها نسيكة أي ذبيحة أعلاها بدنة وأوسطها بقرة وأدناها شاة أيتها شاء ذبح فهذه الفدية على التخيير والتقدير ويتخير بين أن يذبح أو يصوم أو يتصدق وكل هدى أو طعام يلزم المحرم يكون بمكة ويتصدق به على مساكين الحرم إلا هديا يلزم المحصر فإنه يذبحه حيث أحصر وأما الصوم فله أن يصوم حيث شاء (1) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عبد الرحمن بن الاصبهاني عن عبد الله بن معقل الخ (2) زاد في رواية يعني مسجد الكوفة (3) يريد أن هذه الآية نزلت بسببه خاصة وأما حكمها فهو عام لجميع المسلمين (تخريجه) (ق لك طل والأربعة) من طرق متعددة (باب) (4) (سنده) حدثنا اسباط حدثنا الحسن بن عمرو الفقيمي عن أبي أمامة التيمي الخ (غريبه) (5) بضم النون وكسر الراء بينها كاف ساكنة مضارع الرباعي يقال اكرى دابته فهو مكر وكرى من الكراء وهو أجسر المستأجر والمعنى اننا نكرى دوابنا للحجاج ونكون معهم في جميع المشاهد (6) بفتح الراء المشددة قال في النهاية الوقوف بعرفة وهو التعريف أيضا اهـ (وفي اللسان) وعرف القوم وقفوا بعرفة وهو المعرف للموقف بعرفات (7) هذا سبب من أسباب نزول هذه الآية ولها سببب آخر جاء عند البخاري بسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال كانت عكاظ ومجنة وذو المجاز أسواقا في الجاهلية فتأثموا أن يتجروا في المواسم فنزلت (ليس عليكم جناح أن تبتغوا فضلا من ربكم) في مواسم الحج ورواه أيضا البغوي في تفسيره وزاد بعد قوله في مواسم الحج (قرأ ابن عباس كذا) يعني ان لفظ في مواسم الحج من القرآن عند ابن عباس والتحقيق انها تفسير لا قرآن ومعنى قوله تعالى (ليس عليكم جناح) أي حرج (أن تبتغوا فضلا) أي رزقا (من ربكم) يعني بالتجارة في مواسم الحج

تبتغوا فضلا من ربكم) فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتم حجاج (1) (باب يسألونك عن الخمر والميسر الخ) (عن أبي هريرة) (2) قال حرمت الخمر ثلاث مرات قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر فسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم (يسألونك عن الخمر (3) والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما الخ الآية) فقال الناس ما حرم علينا إنما قال فيهما إثم كبير وكانوا يشربون الخمر (4) حتى اذا كان يوم من الايام صلى رجل من المهاجرين أم أصحابه في المغرب خلط في قراءته (5) فأنزل الله فيها آية أغلظ منها (يا ايها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) وكان الناس يشربون حتى يأنى أحدهم الصلاة وهو مفيق ثم انزلت آية أغلظ من ذلك (6) (يا أيها الذين آمنوا انما الخمر والميسر والأنصاب (7) والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) فقالوا انتهينا ربنا فقال الناس يا رسول الله ناس قتلوا في سبيل الله أو ماتوا على فراشهم كانوا يشربون الخمر ويأكلون الميسر وقد جعله الله رجسا ومن عمل الشيطان فأنزل الله (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح فيما طعموا اذا ما اتقوا وآمنوا) الخ الآية (8) فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم لو حرمت عليهم لتركوها كما تركتم (9)

_ أو اكراء دوابكم للحجاج (1) يعني كتب لكم ثواب الحج والله أعلم (تخريجه) (د طل عب) والطبري وعبد بن حميد في تفسيريهما وابن أبي حاتم وسنده جيد (باب) (2) (سنده) حدثنا سريج يعني ابن النعمان حدثنا أبو معشر عن أبي وهب مولى أبي هريرة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) هو كل مسكر خامر العقل (والميسر) يعني القمار (قل فيهما) أي في تعاطيهما (إثم كبير) أي عظيم لما يحصل بسببهما من المخاصمة والمشاتمة وفحش القول (ومنافع للناس) باللذة والفرح في الخمر واصابة المال بلا كد في الميسر (وإثمهما) أي ما ينشأ عنهما من المفاسد (أكبر) أي أعظم (من نفعهما) (4) جاء في رواية عند البغوي فتركها قوم لقوله (إثم كبير) وشربها قوم لقوله (ومنافع للناس) (5) جاء عند البغوي فقرأ (قل يا ايها الكافرون أعبد ما تعبدون) هكذا إلى آخر السورة بحذف لا (6) لم يذكر سبب تحريمها في هذه المرة الثالثة التي هي أغلظ الجميع وفيها حرمت الخمر بتاتا وسيأتي سبب ذلك عند قوله تعالى (يا ايها الذين آمنوا انما الخمر والميسر الآية) من سورة المائدة ان شاء الله تعالى (7) يعني الأوثان سميت بذلك لأنهم كانوا ينصبونها واحدها نصب بفتح النون وسكون الصاد ونصب بضم النون مخففا ومثقلا (والأزلام) يعني القداح التي كانوا يستقسمون بها واحدها زلم بالتحريك قال في النهاية كانت في الجاهلية عليها مكتوب الأمر والنهي افعل ولا تفعل كان الرجل منهم يضعها في وعاء له فإذا أراد سفرا أو زواجا أو أمرا مهما أدخل يده فأخرج منها زلما فإن خرج الأمر مضى لشأنه وان خرج النهي كف عنه ولم يفعله (رجس) أي خبيث مستقذر (من عمل الشيطان) أي تزيينه (فاجتنبوه) الضمير عائد على الرجس أي اتركوه (لعلكم تفلحون) (8) سأتي تفسيرها في سورة المائدة (9) معناه لو حرمت عليهم قبل موتهم لتركوها وحينئذ فلا إثم على من مات وهو يشربها قبل التحريم والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي

(عن أبي ميسرة) (1) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال لما نزل تحريم الخمر قال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت هذه الآية التي في سورة البقرة (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير) قال فدعى عمر فقرئت عليه فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في سورة النساء (يا ايها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) فكان منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقام الصلاة نادى أن لا يقربن الصلاة سكران فدعى عمر فقرئت عليه فقال اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا فنزلت الآية التي في المائدة فدعى عمر فقرئت عليه فلما بلغ (فهل أنتم منتهون) قال فقال عمر انتهينا انتهينا (باب وان تخالطوهم فاخوانكم) (عن ابن عباس) (2) قال لما نزلت (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) عزلوا أموال اليتامى حتى جعل الطعام يفسد واللحم ينتن فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت (وإن تخالطوهم فإخوانكم (3) والله

_ وقال رواه أحمد وأبو وهب مولى أبي هريرة لم يجرحه أحد ولم يوثقه وأبو نجيح ضعيف لسوء حفظه وقد وثقه غير واحد وسريج ثقة اهـ (قلت) وله شواهد كثيرة تعضده (1) (سنده) حدثنا خلف ابن الوليد حدثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن ابي ميسرة عن عمر بن الخطاب الخ (تخريجه) (ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه اهـ (قلت) وأقره الذهبي وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره ثم قال وهكذا رواه أبو داود والترمذي والنسائي من طرق عن اسرائيل عن أبي اسحاق وكذا رواه ابن أبي حاتم وابن مردوية من طريق الثوري عن أبي اسحاق عن أبي ميسرة واسمه عمرو ابن شرحبيل الهمذاني الكوفي عن عمر وليس له عنه سواه لكن قد قال أبو زرعه لم يسمع منه والله أعلم وقال علي بن المديني هذا اسناد صالح صحيح وصححه الترمذي وزاد ابن ابي حاتم بعد قوله انتهينا انها تذهب المال وتذهب العقل اهـ (باب) (2) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا اسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) هذه إباحة المخالطة أي وان تشاركوهم في أموالهم وتخلطوها بأموالكم في نفقاتكم ومساكنكم وخدمكم ودوابكم فتصيبوا من أموالهم عوضا من قيامكم بأمورهم أو تكافئوهم على ما تصيبون من اموالهم (فاخوانكم) أي فهم اخوانكم والاخوان يعين بعضهم بعضا ويصيب بعضهم من أموال بعض على وجه الاصلاح والرضا (والله يعلم المفسد) لأموالهم (من المصلح) لها يعني الذي يقصد بالمخالطة الخيانة وإفساد مال اليتيم وأكله بغير حق من الذي يقصد الاصلاح (تخريجه) الحديث سنده صحيح وأخرجه الحاكم من طريق اسرائيل عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس فذكره ثم قال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي وذكر نحوه الحافظ ابن كثير في تفسيره فقال قال ابن جرير حدثنا سفيان عن وكيع حدثنا جرير عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال لما نزلت (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) و (ان الذين ياكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا) انطلق من كان عنده يتيم فعزل طعامه من طعامه وشرابه من شرابه فجعل يفضل له الشيء من طعامه فيحبس له حتى يأكله أو يفسد فاشتد ذلك عليهم فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله (ويسألونك عن اليتامى قل اصلاح لهم خير وان تخالطوهم فاخوانكم) فخلطوا طعامهم بطعامهم وشرابهم بشرابهم وهكذا رواه أبو داود والنسائي

يعلم المفسد من المصلح) قال فخالطوهم (باب ويسألونك عن المحيض قل هو أذى الخ) (عن أنس بن مالك) (1) أن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة عندهم لم يآكلوهن ولم يجامعوهن (2) في البيوت فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل (ويسألونك عن المحيض (3) قل هو أذى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن) حتى فرغ من الآية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اصنعوا كل شيء إلا النكاح فبلغ ذلك اليهود فقالوا ما يريد هذا الرجل أن يدع من أمرنا شيئا إلا خالفنا فيه فجاء أسيد بن حضير وعباد بن بشر رضي الله عنهما فقالا يا رسول الله ان اليهود قالت كذا وكذا أفلا نجامعوهن؟ (4) فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ظننا أنه وجد عليهما فخرجا فاستقبلتهما هدية من لبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل في آثارهما فسقاهما فعرفا انه لم يجد عليهما (قال عبد الله بن الامام احمد رحمهما الله) سمعت أبي يقول كان حماد بن سلمة لا يمدح أو يثني على شيء من حديثه إلا هذا الحديث من جودته (باب نساؤكم حرث لكم) (عن عبد الرحمن بن سابط) (5) قال دخلت على حفصة ابنه عبد الرحمن فقلت اني سائك عن أمر وأنا استحي أن اسألك عنه فقالت لا تستحي يا ابن أخي قال عن إتيان النساء في أدبارهن قالت حدثتني أم سلمة أن الانصار كانوا لا يجبون (6) النساء وكانت اليهود تقول إنه من جبى امرأته كان ولده أحول فلما قدم المهاجرون المدينة نكحوا في نساء الانصار فجبوهن فأبت امرأة أن تطيع زوجها فقالت لزوجها لن تفعل ذلك حتى آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت على أم سلمة فذكرت ذلك لها فقالت اجلسي حتى يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ وابن أبي حاتم وابن مردوية والحاكم في مستدركه من طرق عن عطاء بن السائب به اهـ (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس الخ (غريبه) (2) أي لم يخالطوهن ولم يساكنوهن في بيت واحد فالمراد بالمجامعة هنا الاجتماع بهن لا الوقاع وهو المعنى الحقيقي واستعماله بالمعنى الآخر كناية (3) أي عن الحيض وهو مصدر حاضت المرأة تحيض حيضا ومحيضا كالسير والمسير وأصل الحيض الانفجار والسيلان (قل هو أذى) أي قذر والأذى ما يكره من كل شي (فاعتزلوا النساء في المحيض) أراد بالاعتزال ترك الوطء (ولا تقربوهن) أي لا تجامعوهن أما الملامسة والمضاجعة معها فجائزة لقوله صلى الله عليه وسلم (اصنعوا كل شيء الا النكاح) (حتى يطهرن) قرأ عاصم برواية أبي بكر وحمزة والكسائي بتشديد الطاء والهاء أي حتى يغتسلن وقرآ الآخرون بسكون الطاء وضم الهاء مخففا ومعناه حتى يطهرن من الحيض وينقطع دمهن (4) مرادهما بالجماع هنا الوطء لما جاء في رواية أخرى (أفلا ننكحهن في المحيض) اي لكي تحصل المخالفة التامة مع اليهود ولكن تحصيل المخالفة بارتكاب المعصية لا يجوز لأن الوطء في زمن الحيظ محظور ولذلك تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (م طل والأربعة) (باب) (5) (سنده) حدثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن سابظ الخ (غريبه) (6) المراد بالتجبية هنا الانكباب على الوجه تشبيها بهيئة السجود وأخرج الاسماعيلي من طريق يحيى بن أبي زائدة عن سفيان الثوري يلفظ باركة مدبرة في فرجها من ورائها ويؤيد ذلك قوله

استحت الأنصارية أن تسأله فخرجت فحدثت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ادعي الانصارية فدعيت فتلا عليها هذه الآية (نساؤكم حرث لكم (1) فأتوا حرثكم أنى شئتم) صماما واحدا (عن أم سلمة رضي الله عنها) (2) قالت لما قدم المهاجرون المدينة على الانصار تزوجوا من نسائهم وكان المهاجرون يجبون وكانت الانصار لا تجبي فأراد رجل من المهاجرين امرأته على ذلك فأبت عليه حتى تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستحيت أن تسأله فسألته أم سلمة فنزلت (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم انى شئتم) وقال لا (3) إلا في صمام واحد (عن ابن عباس) (4) قال أنزلت هذه الآية (نساؤكم حرث لكم) في أناس من الانصار أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه فقال النبي صلى الله عليه وسلم ائتها على كل حال اذا كان في الفرج (وعنه أيضا) (5) قال جاء عمر بن الخطاب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هلكت قال وما الذي أهلكك؟ قال حولت رحلي البارحة (6) قال فلم يرد عليه شيئا قال فأوحى الله إلى رسوله هذه الآية (نساؤكم حرث لكم فأتوا حرثكم أنى شئتم)

_ (من جبى امرأته كان ولده أحول) فإن الولد لا يكون إلا من الوطء في القبل (1) يعني موضع زرعكم الولد (فأتوا حرثكم) أي محله وهو القبل (أنى شئتم) أي مقبلات ومدبرات ومستلقيات وأنى حرف استفهام يكون سؤالا عن الحال والمحل معناه كيف شئتم وحيث شئتم بعد أن يكون في صمام واحد وقال عكرمة (أنى شئتم) انما هو الفرج ومثله عن الحسن وقيل (حرث لكم) أي مزرع لكم ومنبت الولد بمنزلة الأرض التي تزرع وفيه دليل على تحريم الوطء في الدبر لأن محل الحرث والزرع هو القبل والله أعلم (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح ثم قال وابن خثيم هو عبد الله بن عثمان بن خثيم وابن سابط هو عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط الجمحي المكي وحفصة هي بنت عبد الرحمن بن أبي بكر الصديق ويروى في سمام واحد اهـ بكسر السين أي في ثقب واحد وهو من سمام الإبرة أي ثقبها والله أعلم (2) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبد الرحمن بن عبد الله بن سابط عن حفصة بنت عبد الرحمن عن أم سلمة الخ (غريبه) (3) أي لا تفعلوا ذلك إلا في صمام واحد وهو الفرج (تخريجه) هو كالذي قبله في المعنى وقد رواه الترمذي وصححه ولأبي داود هذا المعنى من رواية ابن عباس وأورده الحافظ في التلخيص وسكت عنه (4) (سنده) حدثنا يحيى بن غيلان ثنا رشدين ثنا حسن بن ثوبان عن عامر بن يحيى المعافري حدثني حنش (فسألوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن ابن عباس قال أنزلت هذه الآية الخ (قلت) هذه الجملة التي جاءت بين قوسين في السند ليس لها معنى وهي خطأل من الناسخ أو جامع الحروف للطبع فربما اختلف نظره إلى حديث آخر فيه هذه الجملة فأثبتها هنا بدون قصد والصواب (حدثني جنش عن ابن عباس الخ) (تخريجه) أورده الهيثمي وعزاه للطبراني وغفل عن عزوه للامام احمد قال وفيه رشدين بن سعد وهو ضعيف (5) (سنده) حدثنا حسن ثنا يعقوب يعني القسمى عن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال جاء عمر بن الخطاب الخ (غريبه) (6) كنى برحله عن زوجته أراد به غشيانها في قبلها من جهة ظهرها لأن المجامع يعلو المرأة ويركبها مما يلي وجهها فحيث ركبها من جهة ظهرها كنى عنه بتحويل رحله إما نقلا من الرحل بمعنى المنزل

أقبل (1) وأدبر واتق الدبر والحيضة (2) (باب حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) (عن زيد بن ثابت) (3) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهاجرة (4) ولم يكن يصلي صلاة أشد على أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم منها قال فنزلت (حافظوا على الصلوات (5) والصلاة الوسطى) وقال ان قبلها صلاتين وبعدها صلاتين (6) (عن الزبرقان) (7) ان رهطا من قريش مر بهم زيد بن ثابت وهم مجتمعون فأرسلوا إليه غلامين لهم يسألانه عن الصلاة الوسطى فقال هي العصر فقام اليه رجلان منهم فسألاه فقال هي الظهر (8) ثم انصرفا إلى أسامة بن زيد فسألاه فقال هي الظهر (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالهجير ولا يكون وراءه إلا الصف والصفان والناس في قائلتهم وفي تجارتهم فأنزل الله تعالى (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لينتهين رجال (10) أو لأحرقن بيوتهم

_ أو من الرحل بمعنى الكور وهو للبعير كالسرج للفرس كذا في مجمع البحار (1) أي جامع من جانب القبل (وأدبر) أي أولج في القبل من جانب الدبر (واتق الدبر) أي إيلاجه فيه وقد تقدم تحريم الايلاج في الدبر في باب النهي عن اتيان المرأة في دبرها في الجزء السادس عشر صحيفة 224 (قال الطيبي) رحمه الله في تفسير قوله تعالى (فأتوا حرثكم أنى شئتم) قال الحرث يدل على اتقاء الدبر (وأنى شئتم) على اباحة الاقبال والإدبار والخطاب في التفسير خطاب عام وان كل من يتأتى منه الإقبال والإدبار فهو مأمور بهما (2) الحيضة بكسر الحاء اسم الحيض والحال التي تلزمها الحائض من التجنب كالجلسة والقعدة من الجلوس والقعود كذا في النهاية والمعنى اتق المجامعة في زمانها (تخريجه) (د مذ جه) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب (باب) (3) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة حدثني عمر بن الحكم قال سمعت الزبرقان يحدث عن عروة بن الزبير عن زيد بن ثابت الخ (غريبه) (4) أي في وقت اشتداد الحر في نصف النهار ولم يكن يصلى صلاة أشد وأسعب على أصحابه من صلاة الظهر وذلك لكونه يصلى وقت شدة الحر ثم أبرد بعد ذلك وأمر بالابراد أيضا (5) أي الخمس لا تتهاونوا في أدائها في وقتها (والصلاة الوسطى) خصه بالذكر لعظم فضلها (6) الظاهر أن القائل قبلها صلاتين وبعد صلاتين هو زيد بن ثابت لما في رواية الطحاوي عنه قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر بالهجير وكانت أثقل الصلوات على أصحابه فنزلت (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) لأن قبلها صلاتين وبعدها صلاتين وظاهر الحديث يدل على أن الصلاة الوسطى هي الظهر وهو قول زيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وأسامة بن زيد لأنها وسط النهار وهي أوسط صلاة النهار في الطول والله أعلم (تخريجه) (د طح هق) والبخاري في التاريخ (7) (سنده) حدثنا يزيد بن ابي ذئب عن الزبرقان الخ (غريبه) (8) تقدم انه قال للغلامين هي العصر وهنا قال هي الظهر فيحتمل أنه نسى فقال للغلامين هي العصر ويحتمل أن الغلامين أخطأ في التبليغ والله أعلم (9) قال على القارى الظاهر أن هذا اجتهاد من الصحابي نشأ من ظنه أن الآية نزلت في الظهر فلا يعارض نصه من أنها العصر اهـ (قلت) يعني قوله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق (حبسونا عن صلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا) وسيأتي الكلام على ذلك (10) يعني عن التخلف عن

(عن شقيق بن عقبة) (1) عن البراء بن عازب قال نزلت (حافظوا على الصلوات وصلاة العصر) فقرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شاء الله أن نقرأها لم ينسخها الله (2) فأنزل (حافظوا على الصلوات وصلاة (3) الوسطى) فقال له رجل كان مع شقيق يقال له أزهر وهي صلاة العصر؟ قال قد أخبرتك كيف نزلت وكيف نسخها الله تعالى والله أعلم (4) (عن أبي يونس) (5) مولى عائشة رضي الله عنها قال أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا قال اذا بلغت إلى هذه الآية (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى) فآذنى (6) فلما بلغتها آذنتها فأملت علي (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر (7) وقوموا لله قانتين) (8) قالت سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم (9)

_ الجماعة (تخريجه) (طل) وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره ثم قال والزبرقان هو ابن عمرو بن أمية الضمري لم يدرك أحدا من الصحابة والصحيح ما تقدم من روايته عن زهرة بن معبد وعروة بن الزبير (قلت) يعني الحديث المتقدم (1) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا فضيل يعني ابن مرزوق عن شقيق بن عقبة الخ (غريبه) (2) هكذا بالأصل (لم ينسخها الله فأنزل) وجاء عند مسلم بلفظ (ثم نسخها الله فأنزل) الخ وهو الصواب كما يدل عليه السياق (3) هكذا بالأصل (وصلاة الوسطى) بدون لام التعريف وجاء عند مسلم والصلاة الوسطى بلام التعريف وهو الصواب لأنه الثابت في القراءات والظاهر ان ما في المسند تحريف من الناسخ (4) إنما قال زيد ذلك لأن القرآن لم يصرح بأنها صلاة العصر وفوض علمها لله عز وجل بقوله والله أعلم (تخريجه) (م) (5) (سنده) حدثنا اسحاق قال اخبرني مالك عن زيد بن أسلم عن القعقاع بن حكيم عن أبي يونس مولى عائشة الخ (غريبه) (6) فآذنى بالمد أي أعلمني والظاهر أنها امرته ان يعلمها لأنها أرادت أن تملي عليه زيادة لم تكن ثابتة فيما كان ينسخ منه (7) قال ابن عبد البر فقوله (وصلاة العصر) بالواو الفاصلة التي لم يختلف في ثبوتها في حديث عائشة قال وثبوتها يدل على أنها ليست الوسطى قال الباجى لأن الشيء لا يعطف على نفسه قال وهذا يقتضي أن يكون بعد جمع القرآن في مصحف وقبل أن تجمع المصاحف على المصاحف التي كتبها عثمان وأنقذها إلى الأمصار لأن لم يكتب بعد ذلك في المصاحف إلا ما أجمع عليه وثبت بالتواتر أنه قرآن (8) أي مطيعين وقيل ساكتين وكلا التفسيرين جاء في الحديثين بعد هذا (9) قال الباجي يحتمل أنها سمعتها على أنها قرآن ثم نسخت كما في حديث البراء (يعني الحديث السابق) فلعل عائشة لم تعلم بنسخها أو اعتقدت انها مما نسخ حكمه وبقي رسمه والله أعلم (تخريجه) (م لك فع د مذ) كلهم رووه عن مالك وروى الامام مالك أيضا عن زيد بن أسلم عن عمرو بن رافع أنه قال كنت أكتب مصحفا لحفصة أم المؤمنين فقالت إذا بلغت هذه الآية فآذني (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين) فلما بلغتها آذنتها فأملت علي (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر وقوموا لله قانتين) قال الحافظ وحديث عائشة وحفصه من حجج من قال إنها غير العصر لأن العطف يقتضي المغايرة فتكون العصر غير الوسطى (وأجيب) باحتمال زيادة الواو ويؤيده ما رواه أبو عبيد باسناد صحيح عن أبي بن كعب أنه كان يقرؤها (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر) بغير الواو وباحتمال أنها عاطفة لكن عطف صفة لا عطف ذات بدليل رواية ابن جرير عن عروة كان في مصحف عائشة والصلاة

_ الوسطى وهي صلاة العصر (وقال الشوكاني) استدل بالحديث من قال إن الصلاة غير صلاة الوسطى لأن العطف يقتضي المغايرة وهو راجع إلى الخلاف الثابت في الأصول في القراءة الشاذة هل تنزل منزلة أخبار الآحاد فتكون حجة كما ذهبت إليه الحنفية وغيرهم أم لا تكون حجة لأن ناقلها لم ينقلها غلا على انها قرآن والقرآن لا يثبت إلا بالتواتر كما ذهبت إلى ذلك الشافعية والراجح الأول وقد غلط من استدل من الشافعية بحديث عائشة وحفصة على أن هذه الصلاة الوسطى ليست صلاة العصر لما عرفت من أن مذهبهم في الأصول يأبى هذا الاستدلال (وأجيب) عن الاستدلال بهذا الحديث من طرف القائلين بأنها العصر بوجهين (الأول) أن تكون الواو زائدة في ذلك على حد زيادتها في قوله تعالى (وكذلك نرى ابراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين) وقوله (وكذلك نصرف الآيات وليقولوا درست) وقوله (ولكن رسول الله وخاتم النبيين) وقوله (ان الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله) حكى عن الخليل أنه قال يصدون والواو مقحمة زائدة ومثله في القرآن كثير واستشهد على ذلك أيضا بشيء من أشعار العرب (والثاني) أن لا تكون زائدة وتكون من باب عطف إحدى الصفتين على الأخرى وهما لشيء واحد نحو قوله (إلى الملك القرم وابن الهمام * وليث الكتيبة في المزدحم) قال وهذا التأويل لا بد منه لوقوع هذه القراءة المحتملة في مقابلة تلك النصوص الصحيحة الصريحة وقد روى عن السائب بن يزيد أنه تلا هذه الآية (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى صلاة العصر) وهذا التأويل المذكور يجري في حديث عائشة وحفصة ويختص حديث حفصة بما روى يزيد بن هارون عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن عمرو بن رافع قال كان مكتوبا في مصحف حفصة بنت عمر حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وهي صلاة العصر ذكر ابن سيد الناس هذه الرواية والرواية السابقة عن السائب بن يزيد في شرح الترمذي اهـ (قال النووي رحمه الله) اختلف العلماء من الصحابة رضي الله عنهم فمن بعدهم في الصلاة الوسطى المذكورة في القرآن (فقال جماعة هي العصر) وممن نقل هذا عنه على ابن أبي طالب وابن مسعود وأبو أيوب وابن عمر وابن عباس وأبو سعيد الخدري وأبو هريرة وعبيدة السلماني والحسن البصري وابراهيم النخعي وقتادة والضحاك والكلبي ومقاتل وأبو حنيفة وأحمد وداود وابن المنذر وغيرهم رضي الله عنهم (قال الترمذي) وهو قول أكثر العلماء من الصحابة فمن بعدهم رضي الله عنهم وقال الماوردي من أصحابنا هذا مذهب الشافعي رحمه الله لصحة الأحاديث فيه قال وانما نص على أنها الصبح لأنه لم يبلغه الأحاديث الصحيحة في العصر ومذهبه اتباع الحديث (قلت) جاء في الأحاديث الصحيحة التصريح بأنها صلاة العصر منها ما رواه مسلم والامام احمد وغيرهما وتقدم في باب فضل صلاة العصر وبيان أنها الوسطى من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 261 رقم 124 عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الأحزاب (شغلونا عن الصلاة الوسطى صلاة العصر ملأ الله قبورهم وبيوتهم نارا) قال (وقالت طائفة هي الصبح) ممن نقل هذا عنه عمر بن الخطاب ومعاذ بن جبل وابن عباس وابن عمر وجابر وعطاء وعكرمة ومجاهد والربيع بن أنس والشافعي وجمهور أصحابه وغيرهم رضي الله عنهم (قلت) قالوا لأنها بين صلاتي جمع وهي لا تقصر ولا تجمع إلى غيرها (وذهب قوم غلى أنها صلاة الظهر) وهو قول زيد بن ثابت وأبي سعيد الخدري وأسامة ابن زيد لأنها في وسط النهار وهي أوسط صلاة النهار في الطول واحتجوا بحديث زيد بن ثابت المتقدم

(عن زيد بن أرقم) (1) قال كان الرجل يكلم صاحبه على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في الحاجة في الصلاة حتى نزلت هذه الآية (وقوموا لله قانتين) فأمونا بالسكوت (عن أبي سعيد) (2) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل حرف من القرآن يذكر فيه القنوت فهو الطاعة (3) (باب ما جاء في فضل آية الكرسي) (عن أسماء بنت يزيد) (4) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هاتين الآيتين (الله لا إله إلا هو الحي القيوم، والم الله لا إله إلا هو الحي القيوم) ان فيهما اسم الله الأعظم (حدثنا محمد بن جعفر) (5) ثنا عثمان بن غياث قال سمعت أبا السليل قال كان رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (6) يحدث الناس حتى يكثروا عليه فيصعد على ظهر بيت فيحدث الناس قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أي آية في القرآن أعظم؟ قال فقال رجل (7) (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) قال فوضع يده بين كتفي قال يهنك (8) يا أبا المنذر العلم العلم

_ وتقدم الكلام عليه (وقال قبيصة بن ذؤيب هي صلاة المغرب) لأنها وسط ليس بأقلها ولا أكثرها (وقال بعضهم إنها صلاة العشاء) ولم ينقل عن السلف فيها شيء وانما ذكرها بعض المتأخرين لأنها بين صلاتين لا تقصران (وقال بعضهم هي إحدى الصلواب الخمس) لا بعينها أبهمها الله تعالى تحريضا للعباد على المحافظة على أداء جميعها كما أخفى ليلة القدر في شهر رمضان وساعة اجابة الدعوى في يوم الجمعة وأخفى الاسم الأعظم في الاسماء ليحافظوا على جميعها والله أعلم (وأصح هذه الأقوال جميعها) وأقواها دليلا قول من قال ان الصلاة الوسطى صلاة العصر (قال الشوكاني) وهو المذهب الحق الذي يتعين المصير إليه ولا يرتاب في صحته من أنصف نفسه واطرح التقليد والعصبية وجود النظر إلى الأدلة والله الموفق (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب النهي عن الكلام في الصلاة من كتاب الصلاة في الجزء الرابع صحيفة 72 رقم 798 وهو حديث صحيح رواه البخاري والامام احمد وغيرهما (2) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد (يعني الخدري) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) انما صرفه إلى الطاعة لأنها اكشف الأشياء واشهرها عند الناس فالعامة انما تعرف الطاعة والمعصية فكل ما أمر الله به فهو طاعة وما نهى عنه فهو معصية (تخريجه) (عل) وفي اسناده ابن لهيعة حديثه حسن اذا قال حدثنا وقد صرح في هذا الحديث بالتحديث وفيه أيضا دراج بتشديد الراء السهمي قاضي مصر عن أبي الهيثم وثقه ابن منير وضعفه الدارقطني قال أبو داود حديثه مستقيم إلا عن أبي الهيثم وعلى هذا فالحديث ضعيف (باب) (4) (سنده) حدثنا محمد بن بكر أنا عبيد الله بن أبي زياد قال ثنا شهر بن حوشب عن اسماء بنت يزيد الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد وقال وكذا رواه أبو داود عن مسدد والترمذي عن علي بن حشرم وابن ماجه عن أبي بكر بن ابي شيبة ثلاثتهم عن عيسى بن يونس عن عبيد الله بن أبي زياد به وقال الترمذي حسن صحيح اهـ (قلت) ويستفاد منه أن اسم الله الاعظم هو (الله لا إله إلا هو الحي القيوم) والله أعلم (5) (حدثنا محمد بن جعفر الخ) (غريبه) (6) هو ابي بن كعب رضي الله عنه كما يدل عليه آخر الحديث والحديث التالي (7) هو أبي بن كعب أيضا وأبهم نفسه تواضعا (8) جاء في الحديث

(عن عبد الله بن رباح) (1) عن أبي أن النبي صلى الله عليه وسلم ساله أي آية في كتاب الله أعظم؟ قال الله ورسوله أعلم فرددها مرارا ثم قال أبي آية الكرسي قال ليهنك العلم أبا المنذر والذي نفسير بيده إن لها لسانا وشفتين تقدس (2) الملك عند ساق العرش (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) (3) عن أبي أيوب (الأنصاري رضي الله عنه) أنه كان في سهوة (4) له فكانت الغول (5) تجيء فتأخذ

_ التالي بلفظ (ليهنك العلم) بصيغة الأمر للغائب أي ليكن العلم هنيئا لك قال ابن الملك هذا دعاء له بتيسير العلم له ورسوخه فيه (وقوله يا أبا المنذر) كنية أبي بن كعب وبهذا يعلم أن راوي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم هو أبي بن كعب رضي الله عنه وكرر لفظ العلم مرتين للتأكيد (تخريجه) لم اقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام احمد واورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) ويؤيده ايضا الحديث التالي (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن سعيد الجريري عن أبي السليل عن عبد الله بن رباح عن أبي (ز) وحدثنا عبد الله حدثني عبيد الله القواريري ثنا جعفر بن سليمان ثنا الجريري عن بعض اصحابه عن عبد الله بن رباح عن أبي (يعني ابن كعب) أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أي تنزه ملك الملوك وهو الله عز وجل عن كل عيب ونقص والحديث محمول على ظاهره فإن الله عز وجل قادر على ايجاد النطق واللسان والشفتين بكل شيء كيف وهو القائل (ولقد الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين) ولذلك نظائر كثيرة منها حديث ابن عباس مرفوعا (يأتي الحجر (يعني الحجر الأسود) يوم القيامة له عينان يبصر بهما ولسان ينطق به يشهد لمن استلمه بحق) وهو حديث صحيح وتقدم في الجزء الثاني عشر في كتاب الحج صحيفة 25 رقم 231 فارجع اليه (تخريجه) (م) من طريق الجريري أيضا بسند الامام أحمد وليس عنده زيادة (والذي نفسي بيده) الخ وقد جاء هذا الحديث في المسند بسندين السند الأول للامام احمد والسند الثاني لعبد الله بن الامام احمد في زوائده على مسند أبيه وفي سند عبد الله رجل مبهم وأظنه ابا السليل والله أعلم والحديث صحيح وأورده الهيثمي وقال هو في الصحيح باختصار رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (قال ابن الملك) وفي هذا الحديث (يعني والذي قبله) حجة للقول بجواز تفضيل بعض القرآن على بعض وهو المختار فيكون جميع الآيات فاضلة وبعضها أفضل بمعنى أن يكون الثواب بها أكثر لمعنى فيها كما كان يقال في جميعها بليغ وبعضها ابلغ اهـ والله أعلم (3) (سنده) حدثنا أبو أحمد ثنا سفيان عن ابن ابي ليلى عن أخيه عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الخ (قلت) سفيان هو الثورى (عن أبن أبي ليلى) هو محمد بن عبد الرحمن بن ابي ليلى الأنصاري الكوفي (عن أخيه) هو عيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الانصاري الكوفي (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) الانصاري المدني ثم الكوفي ثقة من كبار التابعين والد محمد وعيسى المذكورين (فائدة) ابن ابي ليلى إذا اطلق في كتب الفقه فالمراد به محمد بن عبد الرحمن بن يسار الكوفي واذا اطلق في كتب الحديث فالمراد به أبوه كذا في جامع الاصول لابن الأثير (غريبه) (4) قال في النهاية السهوة بيت صغير منحدر في الأرض قليلا شبيه بالمخدع (بضم الميم وسكون المعجمة) والخزانة وقيل هو كالصفة تكون بين يدي البيت وقيل شبيه بالرف أو الطاق يوضع فيه الشيء اهـ (5) قال المنذري بضم الغين المعجمة

فشكاها إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال اذا رأيتها فقل بسم الله أجيبي رسول الله قال فجاءت فقال لها فأخذها فقالت له انى لا أعود فأرسلها فجاء فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ما فعل أسيرك؟ قال أخذتها فقالت لي اني لا أعود فأرسلتها فقال انها عائدة فأخذتها مرتين أو ثلاثا كل ذلك تقول لا أعود ويجيء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فيقول له ما فعل اسيرك؟ فيقول أخذتها فتقول لا اعود فيقول انها عائدة فأخذها فقالت أرسلني وأعملك شيئا تقول فلا يقربك شيء (1) آية الكرسي فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال صدقت وهي كذوب (2) (باب واذ قال ابراهيم رب ارني كيف تحيي الموتى) (عن أبي ابراهيم) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نحن أحق بالشك من إبراهيم عليه السلام (4) إذ قال (رب ارني كيف تحيي الموتى قال أو لم تؤمن؟ (5) قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله لوطا لقد كان يأوى إلى ركن شديد (6) ولو لبثت في السجن ما لبث يوسف لأجبت

_ هو شيطان يأكل الناس وقيل هو من يتلون من الجن اهـ وقال في النهاية الغول أحد الغيلان وهي جنس من الجن والشياطين كانت العرب تزعم أن الغول في الفلاة تتراءى للناس فتتغول تغولا أي تتلون تلونا في صور شتى وتغولهم أي تضلهم عن الطريق وتهلكهم فنفاه النبي صلى الله عليه وسلم وأبطله يعني بقوله (لا غول ولا صفر) قيل قوله لا غول ليس نفيا لعين الغول ووجوده وانما فيه ابطال زعم العرب في تلونه بالصور المختلفة واغتياله فيكون المعنى بقوله لا غول أنها لا تستطيع أن تضل أحدا ثم ذكر حديث (اذا تغولت الغيلان فبادروا بالأذان) أي ادفعوا شرها بذكر الله وهذا يدل على أنه لم يرد بنفيها عدمها (1) جاء عند الترمذي (فلا يقربك شيطان ولا غيره) أي مما يضرك (2) هو من التتميم البليغ لأنه لما أوهم مدحها بوصفه الصدق في قوله صدقت استدرك نفي الصدق عنها بصيغة مبالغة والمعنى صدقت في هذا القول مع أنها عادتها الكذب المستمر وهو كقولهم قد يصدق الكذوب وقد وقع أيضا لابي هريرة عند البخاري وأبي بن كعب عند النسائي وأبي أسيد الانصاري عند الطبراني وزيد بن ثابت عند ابن أبي الدنيا قصص في ذلك وهو محمول على التعدد والله أعلم (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب وأورده المنذري في الترغيب وذكر تحسين الترمذي وأقره (باب) (3) (سنده) حدثنا وهب ابن جرير ثنا أبي قال سمعت يونس عن الزهري عن سعيد بن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) معناه لو كان الشك في القدرة متطرقا إلى الأنبياء لكنت أنا أحق به وقد علمتم أني لم اشك فإبراهيم صلى الله عليه وسلم لم يشك وقيل لما نزلت هذه الآية قال قوم شك ابراهيم ولم يشك نبينا فقال صلى الله عليه وسلم هذا القول تواضعا منه وتقديما لابراهيم على نفسه ومعلوم أنه لا يجوز على الأنبياء صلوات الله عليهم مثل هذا الشك في إحياء الموتى لأنه كفر والأنبياء متفقون على الايمان بالبعث فقول ابراهيم عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام (رب ارني كيف تحيي الموتى) يريد أن يشاهد كيفية جمع أجزاء الموتى بعد تفريقها وايصال الأعصاب والجلود بعد تمزيقها فأراد أن يترقى من علم اليقين إلى عين اليقين (5) عطف على مقدر أي لم تعلم ولم تؤمن بأني قادر على الاحياء كيف أشاء (قال بلى ولكن ليطمئن قلبي) أي آمنت ولكن سألت ذلك ليزداد قلبي سكونا بانضمام العلوم بالبيان إلى المعلوم بالبرهان (6) يشير إلى الآية (لو أن لي بكم قوة أو آوى ركن شديد) يعني الاله القوي المتين فإنه لا ركن أقوى

الداعي (1) (باب لله ما في السموات وما في الأرض وان تبدو مافي أنفسكم أو تخفوه الخ) (عن أبي هريرة) (2) قال لما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم (لله ما في السموات وما في الأرض (3) وان تبدوا ما في أنفسكم (4) أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء (5) والله على كل شيء قدير) فاشتد ذلك على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم (6) فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جثوا على الركب فقالوا يا رسول الله كلفنا من الأعمال ما نطيق من الصلاة والصيام والجهاد والصدقة وقد أنزل الله عليك هذه الآية ولا نطيقها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتريدون أن تقولوا كما قال أهل الكتابين من قبلكم (7) سمعنا وعصينا بل قولوا سمعنا واطعنا غفرانك ربنا واليك المصير فقالوا سمعنا وأطعنا غفرانك ربنا واليك المصير فلما أقر بها القوم وذلت لها السنتهم أنزل الله عز وجل في اثرها (آمن الرسول (8) بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون كل آمن بالله وملائكته وكتبه ورسله لا نفرق (9) بين أحد من رسله) قال عفان (10) قرأها سلام أبو المنذر يفرق (11) (وقالوا سمعنا (12)

_ منه يركن اليه ويعتمد عليه جل شأنه (1) أي لأسرعت الاجابة في الخروج من السجن عند ما قال الملك (ائتوني به فلما جاءه الرسول قال ارجع الى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن) ولما قدمت طلب البراءة فرصفه بشدة الصبر والأناة حيث لم يبادر بالخروج وانما قال صلى الله عليه وسلم تواضعا والتواضع لا يحط مرتبة الكبير بل يزيده رفعة واجلالا وقيل هو من جنس قوله لا تفضلوني على يونس وقد قيل انه قاله قبل أن يعلم أنه أفضل من الجميع والله أعلم (تخريجه) (ق جه) (باب) (2) (سنده) حدثنا عفان قال ثنا عبد الرحمن بن ابراهيم قال ثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة الخ (التفسير) (3) أي ملكا وأهلها له عبيد وهو مالكهم (4) يعني ما في قلوبكم مما عزمتم عليه (5) قال الامام البغوي في تفسيره ومعنى هذه الآية (وان تبدوا ما في أنفسكم) فتعملوا به (أو تخفوه) مما اضمرتم ونويتم (يحاسبكم به الله) ويخبركم به ويعرفكم اياه ثم يغفر للمؤمن اظهارا لفضله ويعذب الكافرين اظاهرا لعدله وهذا معنى قول الضحاك ويروى عن ابن عباس ما يدل عليه انه قال يحاسبكم به الله ولم يقل يؤاخذكم به والمحاسبة غير المؤاخذة (والله على كل شيء قدير) ومنه محاسبتكم وجزاؤكم (6) انما اشتد ذلك عليهم وهمهم هذا الأمر جدا لكونهم فهموا أن الله عز وجل يحاسبهم ويؤاخذهم بكل شيء حتى ما حدثت به نفوسهم وما خطر بقلوبهم (7) يعني اليهود والنصارى (8) أي صدق محمد (بما أنزل اليه من ربه) أي من القرآن (والمؤمنون) عطف عليه (كل) تنوينه عوض من المضاف اليه يعني كل واحد منهم ولذلك وحد (9) فيه اضمار أي يقولون لا نفرق (بين أحد من رسله) فنؤمن ببعض ونكفر ببعض كما فعل اليهود والنصارى (10) يعني أحد رجال السند (11) أي بالياء التحتية بدل النون وهي قراءة يعقوب فيكون خبرا عن الرسول أو معناه لا يفرق الكل وانما قال بين أحد ولم يقل بين آحاد لأن الأحد يكون للواحد والجمع قال تعالى (فما منكم من أحد عنه حاجزين) (12) أي سمعنا ما أمرنا به سماع قبول (وأطعنا) أمرك روى عن حكيم عن جابر أن جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم حين نزلت هذه الآية ان الله عز وجل قد أثنى عليك وعلى أمتك فسل تعطه فسأل بتلقين الله تعالى فقال (غفرانك ربنا) بالنصب على المصدر أي اغفر غفرانك أو على المفعول به أي نسألك غفرانك (واليك المصير) أي

وأطعنا غفرانك ربنا وإليك المصير) فلما فعلوا ذلك نسخها (1) الله تبارك وتعالى بقوله (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها (2) لها ما كسبت وعليها وما اكتسبت) فصار له ما كسبت من خير وعليه ما اكتسبت من شر فسر العلاء هذا (3) (ربنا لا تؤاخذنا (4) ان نسينا أو أخطأنا) قال نعم (ربنا ولا تحمل علينا اصرا (5) كما حملته على الذين من قبلنا (6) قال نعم (ربنا ولا تحملنا مالا طاقة لنا به (7) قال نعم (واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين (8)

_ المرجع بالبعث (1) قال المازري رحمة الله في تسمية هذا نسخا نظر لأنه انما يكون نسخا اذا تعذر البناء ولم يكن رد احدى الآيتين إلى الأخرى وقوله تعالى (وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه) عموم يصح أن يشتمل على ما يملك من الخواطر دون ما لا يملك فتكون الآية الآخرى مخصصة إلا أن يكون قد فهمت الصحابة بقرينة الحال أنه تقرر تعبدهم بما لا يملك من الخواطر فيكون حينئذ نسخا لأنه رفع ثابت مستقر هذا كلام المازري (قال القاضي عياض) لا وجه لإبعاد النسخ في هذه القضية فإن راويها قد روى فيها النسخ ونص عليه لفظا ومعنى بأمر النبي صلى الله عليه وسلم لهم بالايمان والسمع والطاعة لما أعلمهم الله تعالى من مؤاخذته إياهم فلما فعلوا ذلك والقى الله تعالى الايمان في قلوبهم وذلت بالاستسلام لذلك السنتهم كما نص عليه في هذا الحديث رفع الحرج عنهم ونسخ هذا التكليف وطريق علم النسخ انما هو بالخبر عنه أو بالتاريخ وهما مجتمعان في هذه الآية (قال القاضي) وقوله المازري انما يكون نسخا اذا تعذر البناء كلام صحيح فيما لم يرد فيه النص بالنسخ فإن ورد وقفنا عنده (2) الوسع اسم لما يسع الانسان ولا يضيق عليه واختلفوا في تأويله فذهب ابن عباس وعطاء وأكثر المفسرين إلى أنه أراد به حديث النفس الذي ذكر في قوله (وان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه) وروى عن ابن عباس أنه قال هم المؤمنون خاصة وسع عليهم أمر دينهم ولم يكلفهم فيه إلا ما يستطيعون كما قال (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) وقال (وما جعل عليكم في الدين من حرج) وسئل سفيان بن عيينة عن قوله عز وجل (لا يكلف الله نفسا الا وسعها) قال الا يسرها ولم يكلفها فوق طاقتها وهذا قول حسن لأن الوسع ما دون الطاقة (3) يعني أن قوله فصار له ما كسبت الخ من تفسير العلاء أحد رجال السند ومعنى فصار له ما كسبت أي صار للعبد ما كسبت نفسه من الخير الأجر والثواب وعليه ما اكتسبت من الشر الوزر والعقاب (4) أي لا تعاقبنا (ان نسينا أو أخطأنا) جعله الأكثرون من الخطأ الذي هو الجهل والسهو لأن ما كان عمدا من الذنب فغير معفو عنه بل هو في مشيئة الله والخطأ معفو عنه قال صلى الله عليه وسلم (رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه) (5) أي أمرا يثقل علينا حمله (6) قيل معناه لا تشددوا ولا تغلظ الأمر علينا كما شددت على من قبلنا من اليهود وذلك أن الله فرض عليهم خمسين صلاة وأمرهم بأداء ربع أموالهم في الزكاة ومن أصاب ثوبه نجاسة قطعها ومن أصاب ذنبا أصبح وذنبه مكتوب على بابه ونحوها من الاثقال والأغلال (7) أي لا تكلفنا من الاعمال ما لا نطيقه من التكاليف والبلاء (واعف عنا) أي تجاوز وامح عنا ذنوبنا (واغفر لنا) أي استر علينا ذنوبنا ولا تفضحنا (وارحمنا) فاننا لا ننال العمل إلا بطاعتك ولا نترك معصيتك إلا برحمتك (أنت مولانا) سيدنا ومتولى أمورنا وحافظنا وناصرنا (فانصرنا على القوم الكافرين) باقامة الحجة والغلبة في قتالهم فان من شأن المولى أن ينصر مواليه على الأعداء (8) زاد مسلم قال نعم (تخريجه) (م) والبغوي في تفسيره

(عن ابن عباس) (1) قال لما نزلت هذه الآية (وإن تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) قال دخل قلوبهم منها شيء (2) لم يدخل قلوبهم من شيء فقال النبي صلى الله عليه وسلم قولوا سمعنا وأطعنا وسلمنا فألقى الله الايمان في قلوبهم فأنزل الله عز وجل (آمن الرسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون) (فذكر في الحديث الآيات إلى آخر السورة) (3) قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الامام احمد) آدم هذا (4) هو أبو يحيى بن آدم (عن مجاهد) (5) قال دخلت على ابن عباس رضي الله عنهما فقلت يا أبا عباس كنت عند ابن عمر رضي الله عنهما فقرأ هذه الآية فبكى قال أية آية؟ قلت (ان تبدوا ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) قال ابن عباس ان هذه الآية حين أنزلت غمت اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم غما شديدا وغاظتهم غيظا شديدا يعني وقالوا يا رسول الله هلكنا ان كنا نؤاخذ مما تكلمنا وبما نفعل فأما قلوبنا فليست بأيدينا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا سمعنا واطعنا قال فنسختها (6) هذه الآية (آمن رسول بما أنزل اليه من ربه والمؤمنون الى لا يكلف الله نفسا إلا وسعها لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت) فتجوز لهم عن حديث النفس (7) وأخذوا بالأعمال (عن علي بن زيد) (8) عن أمية أنها سألت عائشة رضي الله عنها عن هذه الآية (إن تبدوا

_ (1) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن آدم بن سلمان مولى خالد بن خالد قال سمعت سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) أي من الغم والغيظ كما سيأتي في الحديث التالي (وقوله لم يدخل قلوبهم من شيء) أي من شيء آخر مثله (3) زاد مسلم في روايته عند قوله (ربنا لا تؤاخذنا ان نسينا أو أخطأنا) قال قد فعلت وكذلك عند قوله (ربنا ولا تحمل علينا اصرا كما حملته على الذين من قبلنا) قال قد فعلت وكذلك عند قوله (ربنا ولا تحملنا ما لا طاقة لنا به) قال قد فعلت وكذلك عند قوله (واعف عنا واغفر لنا وارحمنا أنت مولانا فانصرنا على القوم الكافرين) قال قد فعلت (تخريجه) (م) وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد ومسلم (4) يعني المذكور في السند (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن حميد الأعرج عن مجاهد الخ (غريبه) (6) تقدم الكلام على النسخ في شرح الحديث السابق (7) لما كان حديث النفس مما لا يملكه أحد ولا يقدر عليه ولا يقدر عليه أحد عفا الله عنه والى ذلك ذهب جماهير العلماء وأهل السنة وهو الذي يفهم من هذه الآية ومن سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن أبي هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا ويعملوا رواه مسلم وغيره (وعن ابن عباس) عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروى عن ربه تبارك وتعالى قال ان الله عز وجل كتب الحسنات والسيئات ثم بين ذلك هم بحسنة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة وان هم بها فعملها كتبها الله عز وجل عنده عشر حسنات الى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة وان هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله عنده حسنة كاملة (يعني ان تركها خوفا من الله عز وجل كما صرح بذلك في رواية لمسلم بلفظ (فاكتبوها له حسنة انما تركها من جزاي (بفتح الجيم وتشديد الراء والمد والقصر أي من أجلي) فان عملها كتبت له سيئة واحدة رواه مسلم (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد وعزاه الحافظ السيوطي في الدر المنثور لعبد الرزاق وابن جرير وابن المنذر وقد مضى معناه في الحديث السابق وهذا الحديث سنده صحيح والله أعلم (8) (سنده) حدثنا بهز ثنا حماد

ما في أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله) وعن هذه الآية (من يعمل سوءا (1) يجزيه) فقالت ما سألني عنهما أحد منذ سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فقال يا عائشة هذه (2) معاتبة الله عز وجل العبد بما يصيبه من الحمى (3) والنكبة والشوكة حتى البضاعة (4) يضعها في كمه فيفقدها (5) فيفزع لها فيجدها في ضبنه حتى أن المؤمن (6) ليخرج من ذنوبه (7) كما يخرج التبر الأحمر من الكير (باب ما جاء في فضل خواتم البقرة) (عن النعمان بن بشير) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله كتب كتابا (9) قبل أن يخلق السموات والأرض بألفي عام (10) فأنزل منه آيتين فختم

_ عن علي بن زيد الخ (غريبه) (1) السوء القبيح من القول سواء كان ظاهرا أو باطنا صغيرا أو كبيرا (يجزيه) إما في الآخرة أو في الدنيا بالبلاء والمحن إلا ما شاء ممن شاء (2) اشارة إلى مفهوم الآيتين المسئول عنهما أي محاسبة العباد ومجازاتهم بما يبدون وما يخفون من الأعمال (معاتبة الله عز وجل العبد الخ) أي مؤاخذته العبد بما اقترف من الذنب (بما يصيبه) أي في الدنيا وهو صلة معاتبة ويصح كون الباء سببية (3) يعني وغيرها مؤاخذة المعاتب وانما خصت الحمى بالذكر لأنها من أشد الأمراض وأخطرها قال في المفاتيح العتاب أن يظهر أحد الخليلين في نفسه الغضب على خليله لسوء أدب ظهر منه مع أن في قلبه محبته يعني ليس معنى الآية أن يعذب الله المؤمنين بجميع ذنوبهم يوم القيامة بل معناها أن يلحقهم بالجوع والعطش والمرض وغير ذلك من المكاره حتى إذا خرجوا من الدنيا صاروا مطهرين من الذنوب (قال الطيبي) كأنها فهمت أن هذه مؤاخذة عقاب أخروي فأجابها بأنها مؤاخذة عتاب في الدنيا عناية ورحمة اهـ (وقوله والنكبة) بفتح النون أي المحنة وما يصيب الانسان من حوادث الدهر (4) البضاعة بالجر عطف على ما قبلها وبالرفع على الابتداء وهي بالكسر طائفة من مال الرجل (يضعها في كمه) جاء عند الترمذي بلفظ (يضعها في يد قميصه) اي كمه سمي باسم ما يحمل فيه ووقع في بعض نسخ الترمذي (في كم قميصه) (5) أي يتفقدها ويطلبها فلم يجدها فيتوهم أنها سقطت أو أخذها سارق (فيفزع لها فيجدها في ضبنه) الضين بكسر الضاد المعجمة وسكون الموحدة الجنب والناحية والناحية والحضن وما بين الكشح والإبط (قال الطيبي) يعني اذا وضع بضاعة في كمه ووهم أنها غابت فطلبها وفزع كفرت عنه ذنوبه وفيه من المبالغة مالا يخفى (حتى) أي لا يزال يكرر عليه تلك الأحوال (6) وفي رواية حتى أن العبد قال القارى بكسر الهمزة واظهر العبد موضع ضميره اظهارا لكمال العبودية المقتضى الصبر والرضا بأحكام الربوبية (7) أي بسبب الابتلاء بالبلاء (كما يخرج التبر الأحمر) أي الذهب يخرج من الكير صافيا نقيا (والكير) بالكسر الزق الذي ينفخ به النار (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة اهـ وأخرجه أيضا ابن جرير وابن أبي حاتم والبغوي وفي اسناده علي بن زيد ابن جدعان قال الامام احمد وأبو زرعة ليس بالقوي وقال ابن خزيمة سيء الحفظ وقال يعقوب بن شيبه ثقة وقال الترمذي صدوق إلا أنه ربما رفع الشيء الذي يوقفه غيره وقال شعبة حدثنا علي بن زيد قبل أن يختلط قرنه مسلم بآخر (باب) (8) (سنده) حدثنا روح وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن الأشعث بن عبد الرحمن الجرمي عن أبي قلابة عن أبي الأشعث الصنعاني عن النعمان بن بشير الخ (غريبه) (9) أي في اللوح المحفوظ فيه ما كان وما يكون ومن جملته القرآن (10) فائدة التوقيت تعريفه إيانا فضل

بهما سورة البقرة ولا يقرآن (1) في دار ثلاث ليال فيقربها (2) الشيطان (عن أبي مسعود) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ الآيتين من آخر سورة البقرة في ليلة كفتاه (4) (عن عقبة بن عامر) (5) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر اقرءوا هاتين الآيتين اللتين من آخر سورة البقرة (6) فإن ربي عز وجل أعطاهن أو أعطانيهن من تحت العرش (وعنه من طريق ثان) (7) قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ الآيتين من آخر سورة البقرة فإني أعطيتهما من تحت العرش (عن أبي ذر) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت خواتيم سورة البقرة من بيت كنز من تحت العرش (9) لم يعطهن نبي قبلي (باب ما جاء في تفسير سورة آل عمران وبيان اسم الله الأعظم)

_ الآيتين إذ سبق الشيء بالذكر على غيره يدل على اختصاصه بفضيلته قاله القاضي عياض (فأنزل منه) أي من جملة الكتاب المذكور (الآيتين) اللتين (ختم بهما سورة البقرة) أي جعلهما خاتمتها وأولهما (آمن الرسول) إلى آخرها وقيل (لله ما في السموات وما في الأرض) (1) جاء في رواية عفان أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث (فلا تقرءان في دار) اي في مكان دار أو خلوة أو مسجد أو مدرسة أو غيرها (ثلاث ليال) أي في كل ليلة منها وكذا في ثلاثة أيام فيما يظهر وانما خص الليل لأنه محل سكون الآدميين وانتشار الشياطين (2) عبر بنفي القرب ليفيد نفي الدخول بالأولى (تخريجه) (مذ نس مي حب) وقال الترمذي هذا حديث غريبه ولكن قال المنذري في الترغيب بعد ذكر هذا الحديث رواه الترمذي وقال حديث حسن غريب اهـ (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (3) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن عاصم عن المسيب بن رافع عن علقمة عن أبي مسعود (يعني البدري الانصاري) الخ (غريبه) (4) قال النووي قيل معناه كفتاه من قيام الليل وقيل من الشيطان وقيل من الآفات ويحتمل من الجميع (تخريجه) (ق والأربعة وغيرهم) (5) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق انا ابن لهيعة عن يزيد عن أبي الخير عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) (6) المراد بالآيتين في هذا الحديث وما قبله من أحاديث الباب هما (آمن الرسول بما أنزل إليه من ربه) إلى آخر السورة كما جاء ذلك صريحا عند الطبراني من حديث عقبة بن عامر أيضا موقوفا عليه قال ترددوا في الآيتين من آخر سورة البقرة (آمن الرسول) إلى خاتمتها فإن الله اصطفى بها محمدا صلى الله عليه وسلم أورده الهيثمي وقال فيه عمر بن الحارث سويد الحاسب المهري ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح (7) (سنده) حدثنا اسحاق بن ابراهيم الرازي ثنا سلمة بن الفضل قال حدثني محمد بن اسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن مرثد بن عبد الله اليزني عن عقبة بن عامر الجهني قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل طب) وفيه سلمة بن الفضل وثقه ابن حبان وقال يخطئ (قلت) ووثقه ايضا ابن معين وقال مرة (ليس به بأس يتشيع) قال الهيثمي وضعفه جماعة وقد تابعه ابن لهيعة فالحديث حسن اهـ (قلت) سلمة بن الفضل جاء في سند الطريق الثانية وتابعه ابن لهيعة في الطريق الأولى وأورده الحافظ ابن كثير الطريق الثانية في تفسيره وقال هذا اسناد حسن ولم يخرجوه في كتبهم (8) (سنده) حدثنا حسين حدثنا شيبان عن منصور عن ربعي عن خرشة بن الحر عن المغرور بن سويد عن أبي ذر الخ (غريبه) (9) جاء في رواية أخرى عنه أيضا بلفظ (من كنز من بيت تحت العرش) الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه كله أحمد بأسانيد ورجال احدها رجال الصحيح اهـ (قلت) وهو

(عن أسماء بنت يزيد) (1) (قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في هاتين الآيتين (الله لا إله إلا هو الحي القيوم، والم الله لا إله إلا هو الحي القيوم) ان فيها اسم الله الأعظم (باب قوله عز وجل هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات الخ) (عن عائشة رضي الله عنها) (2) ان النبي صلى الله عليه وسلم تلا هذه الآية هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات (3) هن أم الكتاب (4) وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ (5) فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله) (6) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رأيتم الذين يتبعون ما تشابه منه فألئك

_ الذي أثبته هنا وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد بهذا السند قال وقد رواه بن مردوية من حديث الأشجعي عن الثوري عن منصور عن ربعي عن زيد بن ظبيان عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت خواتيم سورة البقرة من كنز تحت العرش اهـ (1) (عن أسماء الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في فضل آية الكرسي صحيفة 92 رقم 196 (باب) (2) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال ثنا يزيد بن ابراهيم عن ابن ابي مليكة عن القاسم بن محمد عن عائشة الخ (غريبه) (3) قال الحافظ قيل المحكم في القرآن ما وضع معناه والمتشابه نقيضه وسمى المحكم بذلك لوضوح مفردات كلامه واتقان تركيبه بخلاف المتشابه وقيل المحكم ما عرف المراد منه إما بالظهور وإما بالتأويل والمتشابه استأثر الله بعلمه كقيام الساعة وخروج الدجال والحروف المقطعة في أوائل السور وقيل في تفسير المحكم والمتشابه أقوال أخرى غير هذه نحو العشرة ليس هذا موضع بسطها وما ذكرته أشهرها وأقربها إلى الصواب وذكر الاسناد أبو منصور البغدادي أن الأخير هو الصحيح عندنا وابن السمعاني أنه أحسن الأقوال والمختار على طريقة أهل السنة وعلى القول الأول جرى المتأخرون اهـ (4) أي عن أصل الكتاب الذي يعول عليه في الأحكام ويعمل به في الحلال والحرام (فإن قيل) كيف قال عن أم الكتاب ولم يقل هن أمهات الكتاب (فالجواب) أن الآيات في اجتماعها وتكاملها كالآية الواحدة وكلام الله كله شيء واحد وقيل إن كل آية منهن أم الكتاب كما قال (وجعلنا ابن مريم وأمه آية) يعني ان كل واحد منهما آية (فإن قيل) قد جعل الله الكتاب هنا محكما ومتشابها وجعله في موضع آخر كله محكما فقال في أول هود (الر كتاب أحكمت آياته) وجعله في موضع آخر كله متشابها فقال تعالى في الزمر (الله نزل أحسن الحديث كتابا متشابها) فكيف الجمع بين هذه الآيات (فالجواب) يقال حيث جعله كله محكما أراد أنه كله حق وصدق ليس فيه عبث ولا هزل وحيث جعله كله متشابها أراد أن بعضه يشبه بعضا في الحسن والحق والصدق (5) أي ميل عن الحق وقيل الزيغ الشك (فيبتغون ما تشابه منه) أي انما يأخذون منه بالمتشابه الذي يمكنهم أن يحرفوه إلى مقاصدهم الفاسدة وينزلوه عليها لاحتمال لفظه لا يصرفونه أما المحكم فلا نصيب لهم فيه لأنه دافع لهم وحجة عليهم ولهذا قال تعالى (ابتغاء الفتنة) أي الاحتلال لاتباعهم لأنهم يحتجون على بدعتهم بالقرآن وهو حجة عليهم (6) بقية الآية (والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا ألوا الألباب) وقد اختلف القراء في الوقف هاهنا فقيل الوقف على الجلالة من قوله تعالى (وما يعلم تأويله إلا الله) وهو قول ابن عباس ويروى هذا القول عن عائشة وعروة وغيرهم واختاره ابن جرير ومنهم من يقف على قوله

الذي سمى الله (1) أو فهم فاحذروهم (عن أبي غالب) (2) قال سمعت أبا أمامة يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل (فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه) قال هم الخوارج (3) وفي قوله

_ (والراسخون في العلم) وتبعهم كثير من المفسرين وأهل الأصول وقالوا الخطاب مما لا يفهم بعيد (ومن العلماء من فصل في هذا المقام) فقال التأويل يطلق ويراد به في القرآن معنيان (أحدهما) التأويل بمعنى حقيقة الشيء وما يؤول أمره إليه ومنه قوله تعالى (وقال يا ابت هذا تأويل رؤياي من قبل) فأن أريد بالتأويل هذا فالوقف على الجلالة لأن حقائق الأمور وكنهها لا يعلمها على الجلية إلا الله عز وجل ويكون قوله والراسخون في العلم مبتدأ ويقولون آمنا به خبره واما إن أريد بالتأويل المعنى الآخر وهو التفسير والبيان والتعبير عن الشيء كقوله (نبئنا بتأويله) أي بتفسيره فإن أريد به هذا المعنى فالوقف على الراسخون في العلم لأنهم يعملون ويفهمون ما خوطبوا به بهذا الاعتبار وعلى هذا فيكون في قوله (يقولون آمنا به) حال منهم وساغ هذا وأن يكون من المعطوف دون المعطوف عليه كقوله تعالى (وجاء ربك والملك صفا صفا) أي وجاء الملائكة صفوفا صفوفا وقوله أخبارا عنهم أنهم يقولون آمنا به أي المتشابه (وقوله كل من عند ربنا) أي الجميع من المحكم والمتشابه حق وصدق وكل واحد منهما بصدق الآخرون ويشهد له لأن الجميع من عند الله وليس شيء من عند الله بمختلف ولا متضاد (1) أي سماهم الله بقوله (فأما الذين في قلوبهم زيغ الخ) وقولهم (أوفهم) أو للشك من الراوي شك هل قال فأولئك الذين سمى الله أوفهم الذين سمى الله (فاحذروهم) أي لا تجالسوهم ولا تكالموهم أيها المؤمنون والمقصود التحذير من الاصغاء إلى الذين يتبعون المتشابه من القرآن وأول ما ظهر ذلك من اليهود كما ذكره ابن اسحاق في تأويلهم الحروف المقطعة وان عددها بالجمل مقدار مدة هذه الأمة ثم أول ما ظهر في الاسلام من الخوارج حتى جاء عن ابن عباس انه فسر بهم الآية وقصة عمر في انكاره على ضبيع لما بلغه انه يتبع المتشابه فضربه على رأسه حتى أدماه أخرجها الدارمي وغيره (تخريجه) (ق د جه وغيرهم) (2) (سنده) حدثنا أبو كامل ثنا حماد عن أبي غالب الخ (غريبه) (3) الخوارج قوم خرجوا على الدين وكان مبدؤهم بسبب الدنيا حين قسم النبي صلى الله عليه وسلم غنائم حنين فكأنهم رأوا بعقولهم الفاسدة انه صلى الله عليه وسلم لم يعدل فقد روى مسلم وغيره من حديث جابر بن عبد الله قال أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجعرانة منصرفه من حنين وفي ثوب بلال فضة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض منها يعطي الناس فقال يا محمد اعدل قال ويلك ومن يعدل اذا لم أكن أعدل لقد خبت وخسرت ان لم أكن أعدل فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه دعني يا رسول الله فأقتل هذا المنافق فقال معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي ان هذا وأصحابه يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون منه كما يمرق السهم من الرمية زاد في رواية من وجه آخر لئن أدركتهم لأقتلنهم قتل عاد وله في أخرى من حديث على أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فإذا لقيتموهم فاقتلوهم فإن في قتلهم أجرا لمن قتلهم عند الله يوم القيامة قال الحافظ ابن كثير في تفسيره كان ظهورهم أيام علي بن أبي طالب رضي الله عنه وقتلهم بالنهروان ثم تشعبت منهم شعوب وقبائل وآراء وأهواء ومقالات ونحل كثيرة منتشرة ثم انبعثت القدرية ثم المعتزلة ثم الجهمية وغير ذلك من البدع التي أخبر عنها الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم في قوله (وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة قالوا ومن هم يا رسول الله؟ قال من كان علي ما أنا عليه وأصحابي) أخرجه الحاكم

(يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) قال هم الخوارج (باب شهد الله انه لا إله إلا هو الخ) (عن الزبير بن العوام) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بعرفة يقرأ هذه الآية (شهد الله أنه لا إله إلا هو (2) والملائكة وأولو العلم (3) قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم) وأنا على ذلك من الشاهدين يا رب (باب إني أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) (عن أبي هريرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مولود يولد إلا نخسه الشيطان (5) فيستهل صارخا (6) من نسخة الشيطان إلا ابن مريم وأمه (7) قال أبو هريرة اقرءوا ان شئتم (8) (اني أعيذها بك (9) وذريتها من الشيطان الرجيم) (باب ان الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا) (عن عبد الله) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين هو فيها فاجر (11) ليقتطع مال امرئ مسلم لقى الله عز وجل وهو عليه

_ في مستدركه بهذه الزيادة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد قال وقد رواه ابن مردوية من غير وجه عن أبي غالب عن أبي أمامة فذكره وهذا الحديث أقل اقسامه أن يكون موقوفا من كلام الصحابي ومعناه صحيح (باب) (1) (سنده) حدثنا يزيد حدثنا بقية بن الوليد حدثني جبير بن عمرو عن أبي سعد الانصاري عن يحيى مولى آل الزبير بن العوام عن الزبير بن العوام الخ (غريبه) (2) أي بين لخلقه بالدلائل والآيات (أنه لا إله) أي لا معبود في الوجود بحق إلا هو (3) أي وشهد بذلك الملائكة بالاقرار وألوا العلم من الانبياء والمؤمنين بالاعتقاد واللفظ (وقوله قائما) نصب على الحال والعامل معنى الجملة أي تفرد (بالقسط) أي العدل (لا اله إلا هو) كرره تأكيدا (العزيز) في ملكه (الحكيم) في صنعه قال النبي صلى الله عليه وسلم وأنا على ذلك من الشاهدين يا رب (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني الا انه قال وسمعت رسول الله يقول حين تلا هذه الآية (شهد الله أنه لا إله إلا هو) إلى قوله العزيز الحكيم قال وأنا اشهد أن لا إله إلا هو العزيز الحكيم وفي اسانيدهما مجاهيل اهـ (قلت) فالحديث ضعيف (باب) (4) (سنده) حدثنا عبدالأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة الخ (غريبه) (5) أي طعنه الشيطان ابتداءا للتسليط عليه وفي رواية للبخاري بلفظ (كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه) (6) نصب على المصدر كقوله قم قائما لأن الاستهلال هو الصراخ (7) يعني عيسى بن مريم وأمه مريم عليهما السلام حفظهما الله تعالى ببركة دعوة أمها حيث قالت اني اعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم ولم يكن لمريم ذرية غير عيسى عليه السلام زاد البخاري في رواية في باب صفة ابليس (ذهب يطعن فطعن في الحجاب) والمراد به الجلدة التي يكون فيها الجنين وهي المشيمة (قال النووي) وظاهر الحديث اختصاصها بعيسى وأمه واختار القاضي عياض أن جميع الانبياء يتشاركون فيها (قال القرطبي) وهو قول مجاهد (8) هذه الجملة وهي قوله اقرءوا ان شئتم الخ من قول ابي هريرة يستشهد بها للحديث (9) أي امنعها وأجيرها (بك وذريتها) أي أولادها (من الشيطان الرجيم) أي الطريد اللعين والرجيم المرمي بالشهب (تخريجه) (ق عب) وابن جرير وغيرهم (باب) (10) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) أي كاذب متعمد الكذب (ليقتطع) أي يأخذه لنفسه متملكا وهو يفتعل من القطع (مال امرئ) أي انسان سواء كان ذكرا أو أنثى (مسلم) أو ذمي أو معاهد

غضبان (1) فقال الأشعث بن قيس فيى (2) كان والله ذلك كان بيني وبين رجل من اليهود أرض فجحدني فقدمته إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله بينة؟ قلت لا فقال لليهودي احلف فقلت يا رسول الله إذا يحلف فيذهب بمالي فأنزل الله تعالى (إن الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا (3) إلى آخر الآية) (عن شقيق بن سلمة) (4) عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقى الله عز وجل وهو عليه غضبان قال فجاء الأشعث بن قيس فقال ما يحدثكم ابو عبد الرحمن؟ (5) قال فحدثناه قال فيى كان هذا الحديث (6) خاصمت ابن عم لي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بئر كانت لي في يده فجحدني فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينتك أنها بئرك وإلا فيمينه قال قلت يا رسول الله مالي بيمينه (7) وان تجعلها بيمينه تذهب بئري ان خصمي امرؤ فاجر (8) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اقتطع مال امرئ مسلم بغير حق لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان قال وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (إن الذين يشترون بعهد الله وايمانهم ثمنا قليلا الآية) (9) (وعنه من طريق ثان) (10) عن عبد الله ابن مسعود قال من حلف على يمين صبر (11) يستحق بها مالا وهو فيها فاجر (12) لقى الله وهو عليه غضبان وإن تصديقها لقى القرآن (ان الذين يشترون بعهد الله وأيمانهم ثمنا قليلا) الخ الآية فخرج الأشعث وهو يقرؤها قال فيى أنزلت هذه الآية إن رجلا ادعى ركيا (13) لي فاختصمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال شاهداك أو يمينه فقلت أما انه ان حلف حلف فاجرا (14) فقال النبي صلى الله عليه وسلم من حلف على يمين صبر يستحق بها مالا (15) لقى الله وهو عليه غضبان (باب كيف يهدي الله قوما كفروا بعد ايمانهم)

_ أو حقا من حقوقهم (1) اسم فاعل من الغضب والمراد لازمه كالعذاب والانتقام (2) بكسر الفاء وتشديد التحتية (وقوله كان والله ذلك) أي كان سبب هذا الحديث قصتي مع اليهودي (3) أي يستبدلون ويعتاضون عما عاهدوا الله عليه من اتباع محمد صلى الله عليه وسلم وذكر صفته للناس وبيان أمره وعن أيمانهم الكاذبة الفاجرة الآثمة بالأثمان القليلة الزهيدة وهي عروض هذه الحياة الدنيا الفانية (وبقية الآية) (أولئك لاخلاق لهم في الآخرة) أي لا نصيب لهم فيها ولا حظ لهم منها (ولا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة) أي برحمة منه لهم يعني لا يكلمهم كلام لطف بهم ولا ينظر اليهم بعين الرحمن (ولا يزكيهم) أي لا يطهرهم من الذنوب والأدناس بل يأمر بهم إلى النار (ولهم عذاب أليم) أي شديد مؤلم (تخريجه) (ق وغيرهما) (4) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم بن أبي النجود عن شقيق بن سلمة الخ (غريبه) (5) كنية عبد الله بن مسعود (6) يعني أن هذا الحديث قيل بسببي فذكر القصة (7) أي مالي بيمينه من حاجة ولا مصلحة (8) يعني لا يتحاشى اليمين الكاذبة (9) تقدم تفسير الآية والحديث في شرح الحديث السابق (10) (سنده) حدثنا زياد بن عبد الله بن الطفيل البكائي ثنا منصور عن شقيق عن عبد الله بن مسعود الخ (11) باضافه يمين إلى إلى صبر لما بينهما من االملابسة أي الزم بها وحبس عليها وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم وقيل لها مصبورة وان كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور لأنه انما صبر من أجلها أي حبس فوصفت بالصبر واضيفت اليه مجازا (نه) (12) أي غير جاهل ولا مكره ولا ناس (13) بفتح الراء وكسر الكاف وتشديد الياء التحتية هي البئر وجمعها ركايا (14) أي كاذبا (15) أي ليس له

(عن ابن عباس) (1) أن رجلا (2) من الأنصار ارتد عن الاسلام ولحق بالمشركين فأنزل الله تعالى (كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم (3) إلى آخر الآية) فبعث بها قومه (4) فرجع تائبا فقبل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منه وخلى عنه (باب إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض ذهبا) (عن أنس بن مالك (5) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال يجاء بالكافر يوم القيامة فيقال له أرأيت لو كان لك ملء الأرض ذهبا اكنت مفتديا به؟ فيقول نعم يا رب قال فيقال لقد سئلت أيسر من ذلك (6) فذلك قوله عز وجل (إن الذين كفروا وماتوا كفار فلن يقبل من أحدهم ملء الأرض (7) ذهبا ولو افتدى به) (باب لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) (وعنه رضي الله عنه) (8) قال لما نزلت (لن تنالوا البر (9) حتى تنفقوا مما تحبون ومن ذا الذي يقرض الله (10)

_ ولا يستحقه (تخريجه) (ق والأربعة وغيرهم) (1) (سنده) حدثنا علي بن عاصم عن داود بن أبي هند عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) هو الحارث بن سويد كما جاء عند عبد الرزاق في جامعه (3) كيف لفظة استفهام ومعناه جحد أي لا يهدي وقيل معناه كيف يهديهم الله في الآخرة إلى الجنة والثواب وبقية الآية (وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات) اي قامت عليهم الحجج والبراهين على صدق ما جاءهم به الرسول ووضح لهم الأمر ثم ارتدوا إلى ظلمة الشرك فكيف يتمنى هؤلاء الهداية بعد ما تلبسوا به من العماية ولهذا قال تعالى (والله لا يهدي القوم الظالمين) ثم قال تعالى (أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين) أي يلعنهم الله ويلعنهم خلقه (خالدين فيها) أي في اللعنة أو النار المدلول بها عليها (لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون) أي لا يخفف عنهم ساعة واحدة ولا هم يمهلون (إلا الذين تابوا من بعد ذلك وأصلحوا فإن الله غفور رحيم) وهذا من لطفه وبره ورأفته ورحمته وعائدته على خلقه أنه من تاب اليه تاب عليه (4) أي بهذه الآية جاء عند عبد الرزاق قال فحملها اليه رجل من قومه فقرأها عليه فقال الحارث أنك والله ما علمت لصدوق وان رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصدق منك وان الله لأصدق الثلاثة قال فرجع الحارث فأسلم فحسن اسلامه (تخريجه) الحديث سنده صحيح ورواه الطبري من طريق يزيد بن زريع عن داود بن أبي هند كما نقله الحافظ ابن كثير في تفسيره ثم قال وهكذا رواه النسائي والحاكم وابن حبان من طريق داود بن أبي هند به قال الحاكم صحيح الاسناد ولم يخرجاه (باب) (5) (سنده) حدثنا روح ثنا سعيد عن قتادة ثنا أنس ابن مالك الخ (غريبه) (6) زاد في رواية أخرى قد أخذت عليك في ظهر أبيك آدم أن لا تشرك بي شيئا فأبيت الا أن تشرك وهذا معنى قوله في الحديث لقد سئلت أيس من ذلك يعني فأبيت (7) أي قدر ما يملأ الأرض من شرقها إلى غربها (ذهبا) نصب على التمييز كقولهم عشرون درهما (ولو افتدى به) قيل معناه لو افتدى به والواو زائدة مقحمة (أولئك لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين) أي ومالهم من أحد ينقذهم من عذاب الله أو ولا يجيرهم من أليم عقابة (تخريجه) (ق وغيرهم) (باب) (8) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن حميد عن أنس قال لما نزلت الخ (9) يعني الجنة قاله ابن عباس وابن مسعود ومجاهد وقال مقاتل بن حيان التقوى وقيل الطاعة وقيل الخير (حتى تنفقوا مما تحبون) أي من أحب أموالكم (10) القرض اسم لكل ما يعطيه الانسان ليجازي عليه فسمى الله تعالى عمل المؤمنين له على رجاء ما أعد لهم

قرضا حسنا) (1) قال أبو طلحة يا رسول الله وحائطي (2) الذي بمكان كذا وكذا (3) والله لو استطعت أن أسرها لم أعلنها (4) قال اجعله في فقراء أهلك (5) (باب كل الطعام كان حلا لبني اسرائيل) قال الله عز وجل (كل الطعام كان حلا لبني اسرائيل إلا ما حرم اسرائيل على نفسه من قبل تنزل التوراة) (6) (عن ابن عباس) (7) قال حضرت عصابة من اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا ابا القاسم حدثنا عن خلال نسألك عنها لا يعلمهن إلا نبي فكان فيما سألوه أي الطعام حرم اسرائيل على نفسه قبل أن تنزل التوراة؟ قال فانشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى هل تعلمون أن اسرائيل يعقوب عليه السلام مرض مرضا شديدا فطال سقمه فنذر لله نذرا لئن شفاه الله من سقمه ليحرمن من أحب الشراب إليه وأحب الطعام إليه فكان أحب الطعام إليه لحم الإبل وأحب الشراب إليه ألبانها فقالوا اللهم نعم (باب ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا) (عن علي رضي الله عنه) (8) قال لما نزلت هذه الآية (ولله على الناس حج البيت من

_ من الثواب قرضا لأنهم يعملونه لطلب ثوابه وفي الآية اختصار مجازه من ذا الذي يقرض عباد الله والمحتاجين من خلقه (1) قال الحسين بن علي الواقدي محتسبا طيبة به نفسه وقال ابن المبارك من مال مال حلال قال ولا يمن به ولا يؤذي وجواب الشرط (فيضاعفه له أضعافا كثيرة) قال السدي هذا التضعيف لا يعلمه إلا الله عز وجل وقيل سبعمائة ضعف (2) الحافظ هنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجدار (3) جاء في رواية أخرى للامام أحمد والشيخين (وان أحب أموالي إلي بئير حاء) بفتح الموحدة وسكون الياء التحتية وفتح الراء اسم مكان فيه البستان في قبلي المسجد النبوي (4) يريد أنه لا يقصد إلا وجه الله تعالى لا يقصد رياءا ولا سمعة ولو كان يمكنه ان يخفي ذلك حتى لا يعلم لفعل (5) جاء في رواية للبخاري فجعلها أبو طلحة في ذوي رحمة وكان منهم حسان وأبي بن كعب رضي الله عنهم أجمعين (تخريجه) (ق لك) والامام احمد بأطول من هذا وتقدم في باب مشروعية الوقف وفضله في الجزء الخامس عشر صحيفة 196 رقم 64 (باب) (6) سبب نزول هذه الآية أن اليهود قالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم انك تزعم أنك على ملة ابراهيم وكان ابراهيم لا يأكل لحوم الابل والبانها وانت تأكلها فلست على ملته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك حلالا لابراهيم عليه السلام فقالوا كل ما نحرمه اليوم كان ذلك حراما على نوح وابراهيم حتى انتهى الينا فأنزل الله تعالى هذه الآية (كل الطعام كان حلا لبني اسرائيل) يريد سوى الميتة والدم فإنه لم يكن حلالا قط (إلا ما حرم اسرائيل على نفسه) وهو يعقوب عليه السلام (من قبل أن تنزل التوراة) يعني ليس الأمر على ما قالوا من حرمة لحوم الإبل والبانها على ابراهيم بل كان الكل حلالا له ولبني اسرائيل وانما حرمها اسرائيل على نفسه قبل نزول التوراة يعني ليست في التوراة حرمتها وقد ذكر سبب تحريم اسرائيل الطعام على نفسه في حديث ابن عباس الآتي (7) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وطوله وتخريجه في باب قوله عز وجل من كان عدوا لجبريل من سورة البقرة ص 73 رقم 165 (باب) (8) الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب وجوب الحج من كتاب الحج في الجزء التاسع صحيفة 14 رقم 14 (أما تفسير الآية) فقوله عز وجل (ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا) هذه آية وجوب الحج عند الجمهور وقيل بل هي قوله (وأتموا الحج

استطاع اليه سبيلا قالوا يا رسول الله أفي كل عام؟ فسكت فقالوا أفي كل عام؟ فقال لا ولو قلت نعم لوجبت فأنزل الله تعالى (يا ايها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم تسؤكم الخ الآية) (1) (باب كنتم خير أمة الخ) (عن ابن عباس) (2) في قوله عز وجل (كنتم خير أمة أخرجت للناس) (3) قال هم الذين هاجروا مع النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة (4) (وعنه من طريق ثان) (5) بنحوه وفيه قال أصحاب محمد الذين هاجروا معه إلى المدينة (باب ليسوا سواءا) (عن ابن مسعود) (6) قال آخر رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء ثم خرج إلى المسجد فإذا الناس ينتظرون الصلاة قال أما

_ والعمرة لله) والأول أظهر وقد وردت الأحاديث المتعددة بأنه أحد اركان الاسلام ودعائمه وقوائمه وأجمع المسلمون على ذلك إجماعا ضروريا وانما يجب على المكلف في العمر مرة واحدة بالنص والاجماع (أما الاستطاعة) فقد روى الحاكم في حديث قتادة عن حماد بن سلمة عن قتادة (عن أنس) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن قول الله عز وجل (من استطاع إليه سبيلا) فقيل ما السبيل؟ قال (الزاد والراحلة) ثم قال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (وعن ابن عمر) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما يوجب الحج؟ قال الزاد والراحلة رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن والظاهر أن الترمذي حسنه لكثرة شواهده والا ففي سنده ابراهيم بن يزيد الخوزى وهو متروك الحديث كما صرح به الحافظ في التقريب وقد روى هذا الحديث من طرق أخرى عن أنس وابن عباس وابن مسعود وعائشة كلها مرفوعة ولكن في أسانيدها مقال (والاستطاعة نوعان) أحدهما أن يكون قادرا مستطيعا بنفسه والآخر أن يكون مستطيعا بغيره وقد بينت جميع أنواع الاستطاعة وما يتعلق بها من أدلة وأحكام في باب اعتبار الزاد والراحلة من الاستطاعة في كتاب الحج في الجزء التاسع صحيفة 32 فاقرأ جميع الباب مع شرحه وزوائده وأحكامه ترى ما يسرك والله الموفق (1) سيأتي تفسير قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء أن تبد لكم تسؤكم) وسبب نزولها في تفسير سورة المائدة ان شاء الله تعالى (باب) (2) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا اسرائيل عن سماك بن حرب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) قال عكرمة ومقاتل نزلت في ابن مسعود وأبي بن كعب ومعاذ بن جبل وسالم مولى أبي حذيفة رضي الله عنهم وذلك أن مالك بن الصيف ووهب بن يهوذ اليهوديين قالا لهم نحن أفضل منكم وديننا خير مما تدعوننا اليه فأنزل الله تعالى هذه الآية (كنتم خير أمة اخرجت للناس) يعني خير الناس للناس والمعنى أنهم خير الامم وانفع الناس للناس ولهذا قال (تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله) قاله ابن عباس ومجاهد وعطية العوفي وعكرمة وعطاء والربيع بن أنس (4) قال جويبر عن الضحاك هم أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم خاصة الرواة والدعاة الذين أمر الله المسلمين بطاعتهم وقال الحافظ ابن كثير الصحيح أن هذه الآية عامة في جميع الأمة كل قرن بحسبه وخير قرونهم الذين بعث منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم كما قال في الآية الأخرى (وكذلك جعلناكم أمة وسطا) أي خيارا (لتكونوا شهداء على الناس الآية) (5) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا اسرائيل عن سماك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس في قوله (كنتم خير أمة أخرجت للناس) قال أصحاب محمد الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجال احمد رجال الصحيح (باب) (6) (سنده) حدثنا أبو النضر وحسن بن موسى قالا حدثنا شيبان عن عاصم عن زر عن

أنه ليس من أهل هذه الأديان أحد يذكر الله هذه الساعة غيركم قال وأنزل هؤلاء الآيات (ليسوا سواءا من أهل الكتاب) حتى بلغ (وما تفعلوا من خير فلن تكفروه والله عليم بالمتقين) (1) (باب ليس لك من الأمر شيء الخ) (عن سالم عن أبيه) (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم العن الحارث بن هشام اللهم العن سهيل بن عمرو اللهم العن صفوان بن أمية قال فنزلت هذه الآية (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) (3)

_ ابن مسعود (التفسير) (1) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره قال ابن أبي نجيح زعم الحسن بن أبي يزيد العجلي عن ابن مسعود في قوله تعالى (ليسوا سواءا من أهل الكتاب أمة قائمة) قال لا يستوي أهل الكتاب وأمة محمد صلى الله عليه وسلم وهكذا قال السدى ويؤيده هذا القوم الحديث الذي رواه الامام أحمد ابن حنبل في مسنده (فذكر حديث الباب) قال والمشهور عند كثير من المفسرين كما ذكره محمد بن اسحاق وغيره ورواه العوفي ابن عباس أن هذه الآيات نزلت فيمن آمن من أحبار أهل الكتاب كعبد الله بن سلام وأسد بن عبيد وثعلبة بن شعبة وغيرهم أي لا يستوي من تقدم ذكرهم بالذم من أهل الكتاب وهؤلاء الذين اسلموا (قلت) يعني من تقدم ذكرهم بالذم في قوله تعالى (ضربت عليهم الذلة أينما ثقفوا الا بحبل من الله وحبل من الناس وباءوا بغضب من الله وضربت عليهم المسكنة ذلك بأنهم كانوا يكفرون بآيات الله ويقتلون الأنبياء بغير حق ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون) قال ولهذا قال تعالى (ليسوا سواءا) أي ليسوا كلهم على حد سواء بل منهم المؤمن ومنهم المجرم ولهذا قال تعالى (من أهل الكتاب أمة قائمة) أي قائمة بأمر الله مطيعة لشرعه متبعة لنبي الله فهي قائمة يعني مستقيمة (يتلون آيات الله آناء الليل وهم يسجدون) أي يقيمون الليل ويكثرون التهجد ويتلون القرآن في صلواتهم (يؤمنون بالله واليوم الآخر ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ويسارعون في الخيرات وأولئك من الصالحين) وهؤلاء هم المذكورون في آخر السورة وان من أهل الكتاب لمن يؤمن بالله وما أنزل اليكم وما أنزل اليهم خاشعين لله الآية ولهذا قال تعالى (وما يفعلوا من خير فلن يكفروه) أي لا يضيع عند الله بل يجزيهم به أوفر الجزاء (والله عليم بالمتقين) أي لا يخفى عليه عمل عامل ولا يضيع لديه أجر من أحسن عملا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل بز طب) وأورده الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وسنده صحيح (باب) (2) (سنده) حدثنا أبو النضر حدثنا أبو عقيل (قال عبد الله بن الامام أحمد) قال أبي وهو عبد الله بن عقيل صالح الحديث ثقة حدثنا عمر بن حمزة عن سالم عن أبيه (يعني عبد الله بن عمر) الخ (غريبه) (3) قال الامام البغوي في تفسيره اختلفوا في سبب نزول هذه الآية فقال قوم نزلت في أهل بئر معونة وهم سبعون رجلا من القراء بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل بئر معونة في صفر سنة أربع من الهجرة على رأس أربعة أشهر من أحد ليعلموا الناس القرآن والعلم أميرهم المنذر بن عمرو فقتلهم عامر بن الطفيل فوجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك وجدا شديدا وقنت شهرا في الصلوات كلها يدعو على جماعة من تلك القبائل باللعن والسنين فنزلت (ليس لك من الأمر شيء) (وقال قوم) نزلت يوم أحد واستدلوا بأحاديث منها حديث ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد اللهم العن أبا سفيان اللهم العن الحارث بن هشام فنزلت (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم) فأسلموا وحسن اسلامهم (ومنها حديث أنس) الآتي بعد هذا

قال فتيب عليهم كلهم (عن أنس بن مالك) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم كسرت رباعيته (2) يوم أحد وشج في جبهته حتى سال الدم على وجهه فقال كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلى ربهم فنزلت هذه الآية (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) (باب وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون) (عن البراء بن عازب) (3) قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرماة وكانوا خمسين رجلا عبد الله بن جبير يوم أحد وقال ان رأيتم العدو ورأيتم الطير تخطفنا فلا تبرحوا (4) فلما رأوا الغنائم قالوا عليكم الغنائم فقال عبد الله ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تبرحوا قال غيره فنزلت (وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون) يقول عصيتم الرسول من بعد ما أراكم

_ (قلت) تقدم الكلام على ذلك والجمع بين القولين في باب القنوت في الصبح من كتاب الصلاة في الجزء الثالث في الشرح صحيفة 299 (أما تفسير الآية) فمعنى قوله تعالى (ليس لك من الأمر شيء) أي ليس لك من الحكم شيء في عبادي إلا ما أمرتك به فيهم ثم ذكر بقية الأقسام فقال (أو يتوب عليهم) أي مما هم فيه من الكفر فيهديهم بعد الضلالة (أو يعذبهم) أي في الدنيا والآخرة على كفرهم وذنوبهم ولهذا قال (فإنهم ظالمون) أي يستحقون ذلك قال فتيب عليهم أي اسلموا وحسن اسلامهم (تخريجه) (خ نس مذ) وابن جرير والبيهقي في الدلائل (1) حدثنا هشيم أنا حميد الطويل عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) الرباعية بوزن الثمانية السن التي بين الثنية والناب والجمع رباعيات بالتخفيف أيضا قال الحافظ المراد بكسر الرباعية وهي السن التي بين الثنية والناب انها كسرت فذهب منها فلقة ولم تقلع من أصلها (وشج) على البناء للمفعول والشج ضرب الرأس خاصة وجرحه وشقه ثم استعمل في غيره (وهو يدعوهم إلى الله) جملة حالية فنزلت هذه الآية وتقدم تفسيرها (تخريجه) (ق مذ نس) (باب) (3) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا زهير عن أبي اسحاق عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (4) أي فلا تفارقوا هذا المكان ثم أقيل المشركون فأخذوا في القتال فجعل الرماة يرشقون خيل المشركين بالنيل والمسلمون يضربونهم بالسيوف حتى ولوا هاربين فقال بعض الرماة انهزم القوم فما مقامنا واقبلوا على الغنيمة وقال بعضهم لا تجاوزوا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وثبت عبد الله بن جبير في نفر يسير دون العشرة فلما رأى خالد بن الوليد وعكرمة بن أبي جهل ذلك حملوا على الرماة فقتلوا عبد الله بن جبير وأصحابه (وكان ذلك قبل اسلامهما) وأقبلوا على المسلمين ضربا وقتالا وانفضت صفوف المسلمين واختلطوا فجعلوا يقتتلون على غير شعار يضرب بعضهم بعضا ما يشعرون من الدهش ونادى إبليس أن محمدا قد قتل فكان ذلك سبب هزيمة المسلمين فنزل قوله تعالى (وعصيتم) يعني الرسول صلى الله عليه وسلم وخالفتم أمره من بعد (ماأراكم) الله عز وجل (ما تحبون) يا معشر المسلمين من النصر والظهر والغنيمة وبقية الآية (منكم من يريد الدنيا) يعني الذين تركوا المراكز وأقبلوا على النهب (ومنكم من يريد الآخرة) يعني الذين ثبتوا مع عبد الله بن جبير حتى قتلوا قال عبد الله بن مسعود ما شعرت أن أحدا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يريد الدنيا حتى كان يوم أحد ونزلت هذه الآية (ثم صرفكم عنهم) أي ردكم عنهم بالهزيمة (ليبتليكم) ليمتحنكم وقيل لينزل البلاء عليكم (ولقد عفا عنكم) فلم يستأصلكم بعد المعصية والمخالفة منكم لأمر نبيكم (والله ذو فضل على المؤمنين) إذ عفا عنكم بعد أن وليتم مدبرين (تخريجه) (خ)

الغنائم وهزيمة العدو (باب قوله عز وجل أولما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها قلتم أني هذا) الآية (1) (وقوله تعالى ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا) الآيات (عن ابن عباس) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أصيب أخوانكم بأحد جعل الله عز وجل أرواحهم في أجواف طير خضر تود أنهار الجنة تأكل من ثمارها وتأوي إلى قناديل من ذهب في ظل العرش فلما وجدوا طيب مشربهم ومأكلهم وحسن منقلبهم قالوا ياليت اخواننا يعلمون بما صنع الله لنا لئلا يزهدوا في الجهاد ولا ينكلوا (3) عن الحرب فقال الله عز وجل أنا أبلغهم عنكم فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء) (4)

_ (باب) (1) سبب نزول هذه الآية أنه لما كان يوم بدر قتل من المشركين سبعون وأسر منهم سبعون؟ فطلب المشركون من النبي صلى الله عليه وسلم قبول فداء أسراهم فاستشار أصحابه في أمرهم هل يقبل الفداء أو يقتل الأسرى؟ فكان من رأي أبي بكر قبول الفداء ومن رأي عمر قتل الأسرى فمال النبي صلى الله عليه وسلم إلى رأي أبي بكر وأخذ الفداء فقد جاء في حديث عمر عند الامام احمد مطولا وسيأتي بسنده وطوله وتخريجه في باب ما جاء في سياق غزوة بدر من حوادث السنة الثانية من كتاب السيرة النبوية قال لما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء فقتل منهم سبعون وفر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته وهشمت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه وأنزل الله عز وجل (أو لما أصابتكم مصيبة) وهي ما أصيب منهم يوم أحد من قتل السبعين منهم (قد أصبتم مثليها) يعني يوم بدر فإنهم قتلوا من المشركين سبعين قتيلا وأسروا سبعين أسيرا (قلتم أنى هذا) أي من أين جرى علينا هذا ونحن مسلمون ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا (قل هو من عند أنفسكم) أي بأخذكم الفداء يوم بدر وعصيانكم لرسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمركم أن لا تبرحوا من مكانكم يوم أحد فعصيتم يعني بذلك الرماة (ان الله على كل شيء قدير) أي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد لا معقب لحكمه (2) (سنده) حدثنا يعقوب حدثني أبي عن ابن اسحاق حدثني اسماعيل بن أمية ابن عمرو بن سعيد عن أبي الزبير المكي عن ابن عباس الخ (وله سند آخر) حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عبد الله بن ادريس عن محمد بن اسحاق عن اسماعيل بن أمية عن أبي الزبير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (غريبه) (3) بضم الكاف أي ولا يمتنعوا عن الحرب وقد (نكل) من باب نصر وفرح (عن الأمر) ينكل إذا امتنع ومنه النكول في اليمين وهو الامتناع منها وترك الإقدام عليها (4) زاد في هذا الحديث عند البغوي - إلى قوله (لا يضيع أجر المؤمنين) فقوله في حديث الباب فأنزل الله هؤلاء الآيات يعني الآيات الثلاث إلى قوله (لا يضيع أجر المؤمنين) (التفسير) (ولا تحسبن) أي ولا تظنن (الذين قتلوا) قرأ ابن عامر قتلوا بالتشديد والآخرون بالتخفيف (في سبيل الله) أي لأجل دينه واعلاء كلمته (أمواتا) كأموات من لم يقتل في سبيل الله (بل أحياء عند ربهم) أرواحهم في أجواف طيور خضر تسرح في الجنة حيث شاءت كما ورد في بعض روايات الحديث (يرزقون) يأكلون من ثمار الجنة وتحفها (فرحين بما آتاهم الله من فضله) رزقه وثوابه (ويستبشرون) ويفرحون (بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم) من اخوانهم الذين تركوهم أحياءا في الدنيا على مناهج الايمان والجهاد لعلمهم أنهم اذا استشهدوا لحقوا بهم ونالوا من الكرامة ما نالوا فهم لذلك مستبشرون

(باب وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس) الآية (عن ابن أبي مليكة) (1) أن حميد بن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أخبره أن مروان (2) قال اذهب يا رافع لبوابه إلى ابن عباس رضي الله عنهما فقل لئن كان كل امرئ منا فرح بما أوتي (3) وأحب أن يحمد بما لم يفعل لنعذبن (4) أجمعون فقال ابن عباس وما لكم وهذه إنما أنزلت هذه في أهل الكتاب ثم تلا ابن عباس (وإذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب لتبيننه للناس) هذه الآية (5) وتلا ابن عباس (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا (6) ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا)

_ (ألا خوف عليهم ولا هم يحزنون) يعني الذين لم يلحقوا بهم (يستبشرون بنعمة) ثواب (من الله وفضل) زيادة عليه (وان الله لا يضيع أجر المؤمنين) بل يأجرهم (تخريجه) (د ك) وابن جرير والبغوي وصححه الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي (باب) (1) (سنده) حدثنا حجاج عن ابن جريج قال أخبرني ابن أبي مليكة ان حميد بن عبد الرحمن بن عوف الخ (غريبه) (2) يعني ابن الحكم وكان يومئذ أميرا على المدينة من قبل معاوية (3) بضم الهمزة وكسر الفوقية أي أعطى (4) بفتح الذال المعجمة المشددة (وقوله أجمعون) بالواو أي لأن كلنا يفرح بما أوتى ويحب أن يحمد بما لم يفعل (فقال ابن عباس) منكرا عليهم السؤال عن ذلك (ومالكم وهذه) أي وللسؤال عن هذه المسألة ثم تلا ابن عباس الآية يستشهد بها على قوله (5) (التفسير) (وإذا أخذ الله) أي واذكر يا محمد وقت إذ أخذ الله (ميثاق الذين أوتوا الكتاب) يعني اليهود والنصارى والمراد منهم العلماء خاصة وقيل المراد بالذين أوتوا الكتاب العلماء والأحبار من اليهود خاصة وأخذ الميثاق هو التوكيد الالزام لبيان ما أوتوه من الكتاب وهو قوله تعالى (لتبيننه للناس) باتاء على حكاية مخاطبتهم كقوله وقضينا إلى بني اسرائيل في الكتاب لتفسدن في الأرض وبالياء مكى وأبو عمرو وأبو بكر لأنهم غيب والضمير للكتاب يعني لبينن ما في الكتاب وليطهرنه للناس حتى يعلموه وذلك أن الله أوجب على علماء التوراة والانجيل أن يشرحوا للناس ما في هذين الكتابين من الدلائل الدالة على نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وبقية الآية (ولا تكتمونه) بالتاء والياء أيضا يعني ولا يخفون ذلك على الناس (فنبذوه) يعني الميثاق وقيل الكتاب (وراء ظهورهم) أي طرحوه وضيعوه (واشتروا به ثمنا قليلا) يعني المآكل والرشا التي كانوا يأخذونها من عوامهم وسفلتهم (فبئس ما يشترون) ذمهم الله تعالى على فعلهم ذلك واعلم أن ظاهر هذه الآية وان كان مخصوصا بعلماء أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى فلا يبعد أن يدخل فيه علماء هذه الأمة الاسلامية لأنهم أهل كتاب وهو القرآن وهو أشرف الكتب قال قتادة هذا ميثاق أخذه الله تعالى على أهل العلم فمن علم شيئا فليعلمه واياكم وكتمان العلم فإنه هلكة اهـ (قلت) والأحاديث في ذم كتمان العلم كثيرة انظر باب وعيد من تعلم علما فكتمه من كتاب العلم في الجزء الأول صحيفة 161 (6) أي بما فعلوا وهي قراءة أبي وجاء وأتى يستعملان بمعنى فعل قال تعالى انه كان وعده ماتيا لقد جئت شيئا فريا وقرأ النخعي بما آتوا أي أعطوا والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وقرئ بالتاء على الخطاب أي لا تحسبن يا محمد الفارحين الذين يفرحون وقرئ بالياء على الغيبة يعني ولا يحسبن الفارحون والمعنى لا يحسبن الذين يفرحون فرحهم منجيا لهم من العذاب وفسر ذلك ابن عباس بقوله سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه قيل سألهم عن صفته بايضاح فكتموه اياه واخبروه بغيره أي بصفته صلى الله عليه وسلم في الجملة

وقال ابن عباس سألهم النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء فكتموه اياه وأخبروه بغيره فخرجوا قد أروه (1) ان قد أخبرنا بما سألهم عنه واستحمدوا (2) بذلك اليه وفرحوا بما أوتوا من كتمانهم إياه ما سألهم عنه (ما جاء في سورة النساء) (باب آية الميراث) (عن جابر بن عبد الله) (3) قال جاءت امرأة سعد بن الربيع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بابنتيها من سعد فقالت يا رسول الله هاتان ابنتا سعد بن الربيع قتل أبوهما سعد في أحد شهيدا وان عمهما أخذ مالهما فلم يدع لهما مالا ولا ينكحان إلا ولهما مال قال فقال يفضى الله في ذلك قال فنزلت آية الميراث (4) فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمهما فقال أعط ابنتي سعد الثلثين وأمهما الثمن وما بقي فهو لك (باب واللاتي يأتين الفاحشة من نسائكم) (ز) (عن عبادة بن الصامت) (5) قال نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم (واللاتي يأتين الفاحشة) الخ الآية (6)

_ (1) بفتح الهمزة والراء أي أظهروا له أنهم اخبروه بما سألهم عنه (2) بفتح الفوقية مبنيا للفاعل (بذلك اليه) أي طلبوا أن يحمدهم ولذلك قال تعالى (ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا) أي ويحبون أن يحمدهم الناس على شيء لم يفعلوه قال ابن عباس واذ أخذ الله ميثاق الذين أوتوا الكتاب إلى قوله ولهم عذاب اليم يعني فنحاص وأسيبع وأشباههما من الأحبار الذين يفرحون بما يصيبون من الدنيا على ما زينوا للناس من الضلالة ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا أي بقول الناس لهم علماء وليسوا بأهل علم وقيل فرحوا بما أتوا من تبديلهم التوراة وأحبوا أن يحمدهم الناس على ذلك وقيل غير ذلك وبقية الآية (فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب) أي فلا تظننهم بمنجاة من العذاب الذي أعده الله لهم في الدنيا من القتل والأسر وضرب الجزية والصغار (ولهم عذاب اليم) يعني في الآخرة وهذه الآية وان كانت نزلت في اليهود أو المنافقين خاصة فإن حكمها عامة في كل من أحب أن يحمد بما لم يفعل من الخير والصلاح أو ينسب إلى العلم وليس هو كذلك نسأل الله السلامة والعافية (تخريجه) (ق مذ نس ك) وغيرهم (باب) (3) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب البدء بذوي الفرائض من كتاب الفرائض في الجزء الخامس عشر صحيفة 195 رقم 16 ولنتكلم على مالم يذكر هناك فنقول (4) يعني قوله عز وجل (يوصيكم الله في أولادكم للذكر مثل حظ الانثيين - إلى قوله تعالى وصية من الله والله عليم حكيم) اعلم وفقني الله وإياك أن الوراثة كانت في الجاهلية بالذكورة والقوة فكانوا يورثون الرجال دون النساء والصبيان فأبطل الله ذلك بقوله (للرجل نصيب مما ترك الوالدان والأقربون الآية) وكانت أيضا في الجاهلية وابتداء الاسلام بالمخالفة قال الله تعالى (والذين عقدت أيمانكم فأتوهم نصيبهم) ثم صارت الوراثة بالهجرة قال تعالى (والذين آمنوا ولم يهاجروا مالكم من ولايتهم من شيء حتى يهاجروا) فنسخ ذلك كله وصارت الوراثة بأحد الأمور الثلاثة بالنسب أو النكاح أو الولاء والمعنى بالنسب أن القرابة يرث بعضهم من بعض لقوله تعالى (وألوا الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله) والمعنى بالنكاح أن أحد الزوجين يرث صاحبه وبالولاء أن المعتق بكسر التاء الفوقية وعصباته يرثون المعتق بالفتح وقد جاء ذلك مبينا في كتاب الله عز وجل وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتقدم كثير من أحكام الميراث في كتاب الفرائض في الجزء الخامس عشر فارجع اليه والله الموفق (5) (ز) (سنده) حدثنا شيبان بن أبي شيبة ثنا جرير بن حازم ثنا الحسن قال قال عبادة بن الصامت نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) (التفسير) (الفاحشة) يعني الزنا وبقية الآية (من نسائكم فاستشهدوا عليهن أربعة منكم) يعني من المسلمين وهذا

قال ففعل ذلك بهن رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ونحن حوله وكان إذا نزل عليه الوحي أعرض عنا وأعرضنا عنه وتربد (2) وجهه وكرب لذلك فلما رفع عنه الوحي قال خذوا عني (3) قلنا نعم يا رسول الله؟ قال قد جعل الله لهن سبيلا (4) البكر بالبكر جلد مائة ونفي سنة والثيب بالثيب جلد مائة ثم الرجم قال الحسن (5) فلا أدري أمن الحديث هو أم لا قال فإن شهدوا انهما وجدا في لحاف لا يشهدون على جماع خالطهما به جلد مائة وجزت رؤسهما (باب قوله عز وجل والمحصنات من النساء) وقوله (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) وقوله (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد الخ) (عن أبي سعيد الخدري) (6) قال أصبنا نساءا من سبى أو طاس ولهن أزواج (7) فكرهنا أن نقع عليهن ولهن أزواج) فسألنا النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية (والمحصنات من النساء) (8)

_ خطاب للحكام أي فاطلبوا عليهن أربعة من الشهود وفيه بيان أن الزنا لا يثبت إلا بأربعة من الشهود إذا لم يعترف الزاني (فان شهدوا فأمسكوهن) فاحبسوهن (في البيوت حتى يتوفاهن الموت أو يجعل الله لهن سبيلا) وهذا كان في أول الإسلام قبل نزول الحدود وكانت المرأة إذا زنت حبست في البيوت حتى تموت ثم نسخ ذلك في حق البكر بالجلد والتغريب وفي حق الثيب بالجلد والرجم (1) أي أجرى عليهن هذا الحكم مدة من الزمن (2) بوزن تغير أي علته غبرة والربد تغير البياض إلى السواد وانما حصل ذلك له صلى الله عليه وسلم لعظم موقع الوحي (وكرب) بضم الكاف وكسر الراء أي أصابته مشقة وكرب فهو مكروب (3) أي خذوا الحكم في حد الزنا عنى (4) أي جعل للنساء الزاني (سبيلا) اي خلاصا عن امساكهن في البيوت المذكور في قوله عز وجل (واللاتي يأتين الفاحشة ومن نسائكم الخ الآية) فالسبيل هو قوله عز وجل في سورة النور (الزانية والزاني فاجلدوا كل واحد منهما مائة جلدة) وآية الرجم (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة) وبين ذلك صلى الله عليه وسلم بقوله (البكر بالبكر جلد مائة) اي حد زنا البكر بالبكر مائة جلدة لكل واحد منهما (ونفى سنة) أي اخراجه عن البلد سنة (والثيب بالثيب) أي حد زنا الثيب بالثيب (جلد مائة ثم الرجم) قال النووي ليس هو على سبيل الاشتراط بل حد الثيب الرجم سواء زنى بثيب أم بكر وحد البكر الجلد والتغريب سواء زنى بكر أم ثيب فهو شبيه بالتقييد الذي يخرج على الغالب اهـ انظر هذه الأحكام في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 285 و 286 في الجزء الثاني تجد ما يسرك (5) هو البصري من كبار التابعين يشك الحسن هل قوله (فإن شهدوا أنهما وجدا في لحاف الخ) من الحديث المرفوع أم لا (قلت) الظاهر أنه ليس من الحديث المرفوع لأني لم أقف على هذه الزيادة لغير عبد الله بن الامام احمد والله أعلم (تخريجه) (م طل والأربعة) كلهم بدون الزيادة (باب) (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا سفيان عن عثمان التى عن أبي الخليل عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (7) زاد في رواية من أهل الشرك (8) (والمحصنات من النساء) أي وحرم عليكم من الاجنبيات المحصنات وهن المزوجات (إلا ما ملكت أيمانكم) يعني ما ملكتموهن بالسبي فإنه يحل لكم وطؤهن اذا استبرأتموهن فإن الآية نزلت في ذلك وقال عطاء أراد بقوله إلا ما ملكت أن يكون أمته في نكاح عبده فيجوز ان ينزعها منه وقال ابن مسعود أراد بيع الجارية المزوجة فتقع الفرقة بينها وبين زوجها فيكون بيعها طلاقا فيحل للمشتري وطؤها وقيل

إلا ما ملكت أيمانكم) قال فاستحللنا بها فروجهن (عن مجاهد) (1) قال قالت أم سلمة يا رسول الله يغزوا الرجال ولا نغزوا ولنا نصف الميراث (2) فأنزل الله (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) (3) (عن ابن مسعود) (4) قال قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم من سورة النساء فلما بلغت هذه الآية (فكيف إذا جئنا من كل أمة بشهيد وجئنا بك على هؤلاء شهيدا) (5) قال ففاضت (6) عيناه

_ أراد بالمحصنات الحرائر ومعناه ان ما فوق الأربع حرام منهن إلا ما ملكت ايمانكم فإن لا عدد عليكم في الجواري (كتاب الله عليكم) نصب على المصدر أي كتب الله عليكم وقيل نصب على الإغراء أي الزموا ما كتب الله عليكم اي فرض (وأحل لكم ما وراء ذلكم) قرأ أبو جعفر وحمزة والكسائي وحفص أحل بضم الهمزة وكسر الحاء لقوله حرمت عليكم وقرأ الآخرون بالنصب أي أحل الله لكم ما وراء ذلكم أي ما سوى ذلكم الذي ذكرت من المحرمات (أن تبتغوا) تطلبوا (بأموالكم) أن تنكحوا بصداق أو تشتروا بثمن (محصنتين) أي متزوجتين أو متعففين (غير مسافحين) أي غير زانيين مأخوذة من سفح الماء وصبه وهو المني (فما استمتعتم به منهن) اختلفوا في معناه فقال الحسن ومجاهد أراد ما انتفعتم وتلذذتم بالجماع من النساء بالنكاح الصحيح (فآتوهن أجورهن) أي مهورهن وقال آخرون هو نكاح المتعة وهو أن تنكح المرأة إلى مدة فإذا انقضت تلك المدة بانت منه بلا طلاق وتستبرئ رحمها وليس بينهما ميراث وكان ذلك في ابتداء الاسلام ثم نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وللعلماء خلاف في احكام نكاح المتعة انظر القول الحسن صحيفة 342 و 343 في الجزء الثاني روى عن أبي نضرة قال سألت ابن عباس عن المتعة فقال أما تقرء في سورة النساء (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) قلت لا اقرؤها هكذا قال ابن عباس هكذا أنزل الله ثلاث مرات (قلت) الظاهر أن هذه القراءة على سبيل التفسير والله أعلم (وقيل) ان ابن عباس رجع عن ذلك (فآتوهن أجورهن) أي مهورهن (فريضة ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة) فمن حمل ما قبله على نكاح المتعة قال أراد انهما اذا عقدا إلى أجل بمال فإذا تم الأجل فإن شاءت المرأة زادت في الأجل وزاد الرجل في المال وان لم يتراضيا فارقها ومن حمل الآية على الاستمتاع بالنكاح الصحيح قال المراد بقوله (ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به) من الايراء عن المهر والافتداء (إن الله كان عليما حكيما) (تخريجه) (م نس مذ جه عب) (1) (سنده) حدثنا سفيان ثنا ابن أبي نجيح عن مجاهد الخ (غريبه) (2) جاء عند البغوي في تفسيره قال مجاهد قالت أم سلمة يا رسول الله ان الرجال يغزون ولا تغزوا ولهم ضعف مالنا من الميراث فلو كنا رجالا غزونا كما غزوا واخذنا من الميراث مثل ما أخذوا فنزلت هذه الآية (3) (التفسير) (ولا تتمنوا ما فضل الله به بعضكم على بعض) من جهة الدنيا أو الدين لئلا يؤدي إلى التحاسد والتباغض (للرجال نصيب) ثواب (مما اكتسبوا) بسبب ما عملوا من الجهاد وغيره (وللنساء نصيب مما اكتسبن) من طاعة أزواجهن وحفظ فروجهن (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث مرسل أي منقطع (4) (سنده) حدثنا هشيم أنبأنا مغيرة عن أبي رزين عن ابن مسعود الخ (5) (التفسير) (فكيف اذا جئنا من كل أمة بشهيد) اي فكيف الحال وكيف يصنع هؤلاء الكفرة من اليهود وغيرهم (إذا جئنا من كل أمة بشهيد) يشهد عليهم بما فعلوا وهو نبيهم (وجئنا بك) يا محمد (على هؤلاء) أي أمتك (شهيدا) حال اي شاهدا على من كفر بالكفر وعلى من نفق بالنفاق (6) اي كثرت دموع عينيه من فاض الماء والدمع إذا

(باب يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (عن ابن عباس) (1) أنه قال نزلت (يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) (2) في عبد الله بن حذافة بن قيس بن عدي السهمي إذ بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم في السرية (3) (باب فلا وربك لا يؤمنون الخ الآية) (عن عروة بن الزبير) (4) ان الزبير كان يحدث أنه خاصم رجلا من الأنصار وقد شهد بدرا إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شراج الحرة كانا يستقيان بها كلاهما فقال النبي صلى الله عليه وسلم للزبير أسق ثم أرسل إلى جارك فغضب الأنصاري وقال يارسول الله كان ابن عمتك فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال للزبير اسق ثم احبس الماء حتى يرجع إلى الجدر فاستوعى النبي صلى الله عليه وسلم حينئذ للزبير حقه وكان النبي صلى الله عليه وسلم قيل ذلك أشار على الزبير برأي أراد فيه سعة له وللانصاري فلما أحفظ الأنصاري رسول الله صلى الله عليه وسلم استوعى رسول الله صلى الله عليه وسلم للزبير حقه في صريح الحكم قال عروة فقال الزبير رضي الله عنه والله ما أحسب هذه الآية انزلت إلا في ذلك (فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا مما قضيت

_ كثر أي بكى وبكاؤه صلى الله عليه وسلم على المفرطين أو لعظم ما تضمنته الآية من هول المطلع وشدة الأمر والله أعلم (تخريجه) (ق د نس مذ) (باب) (1) (سنده) حدثنا حجاج عن ابن جريج قال أخبرني يعلي بن مسلم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (2) (التفسير) اختلف العلماء في أولى الأمر الذين أوجب الله طاعتهم بقوله (وأولى الأمر منكم) قال ابن عباس وجابر هم الفقهاء والعلماء الذين يعلمون الناس معالم دينهم وهو قول الحسن ومجاهد والضحاك دليله قوله تعالى (ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولى الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم) وقال أبو هريرة هم الأمراء والولاة وهي رواية عن ابن عباس أيضا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه حق على الامام ان يحكم بما أنزل الله ويؤدي الأمانة فإذا فعل ذلك فحق على الرعية أن يسمعوا ويطيعوا روى الشيخان والامام احمد وغيرهما عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على المرء المسلم السمع والطاعة فيما أحب أو كره إلا أن يؤمر بمعصية الله فإن أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة (3) جاء عند البخاري إذ بعثه النبي صلى الله عليه وسلم في سرية وانتهى الحديث إلى هنا عند البخاري والامام احمد قال الحافظ كذا ذكره (يعني البخاري) مختصرا والمعنى نزلت في قصة عبد الله بن حذافة أي المقصود منها في قصته قوله (فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله الآية) وقد غفل الداودي عن هذا المراد فقال هذا وهم علي ابن عباس فإن عبد الله بن حذافة خرج على جيش فغضب فأوقدوا نارا وقال اقتحموها فامتنع بعضهم وهم بعض أن يفعل قال فإن كانت الآية نزلت قبل فكيف يخص عبد الله بن حذافة بالطاعة دون غيره؟ وان كانت نزلت بعد فإنما قيل لهم انما الطاعة في المعروف وما قيل لهم لم لم تطيعوه؟ اهـ وبالحمل الذي قدمته يظهر المراد وينتفى الاشكال الذي أبداه لأنهم تنازعوا في امتثال ما أمرهم به وسببه أن الذين هموا ان يطيعوه وقفوا عند امتثال الأمر بالطاعة والذين امتنعوا عارضه عندهم الفرار من النار فناسب ان ينزل في ذلك ما يرشدهم إلى ما يفعلونه عند التنازع وهو الرد إلى الله وإلى رسوله أي ان تنازعتم في جواز الشيء وعدم جوازه فارجعوا إلى الكتاب والسنة والله أعلم (تخريجه) (ق والثلاثة) (باب) (4) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب

ويسلموا تسليما) (باب فما لكم في المنافقين فئتين) (عن عبد الرحمن بن عوف) (1) أن قوما من العرب أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة فأسلموا وأصابهم وباء المدينة حماها فأركسوا (2) فخرجوا من المدينة فاستقبلهم نفر من أصحابه يعني أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا لهم مالكم رجعتم؟ فقالوا أصابنا وباء المدينة فاجتوينا (3) المدينة فقالوا أما لكم في رسول الله أسوة؟ فقال بعضهم (4) نافقوا وقال بعضهم لم ينافقوا هم مسلمون فأنزل الله عز وجل (فما لكم في المنافقين فئتين والله أركسهم بما كسبوا الآية) (5) (عن زيد بن ثابت) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج إلى أحد فرجع أناس خرجوا معه (7) فكان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين فرقة تقول بقتلهم (8) وفرقة تقول لا (9) فأنزل الله عز وجل (فما لكم في المنافقين فئتين) فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم انها طيبة (10) وأنها تنفي الخبث كما تنفي النار خبث الفضة (11) (باب ومن يقتل مؤمنا متعمدا الخ) (عن ابن عباس) (12)

_ المسلمون شركاء في ثلاث من كتاب أحياء الموات في الجزء الخامس عشر صحيفة 134 رقم 429 ما عدا تفسير الآية واليك (التفسير) (فلا) اي ليس الأمر كما يزعمون انهم يؤمنون ثم لا يرضون يحكمك ثم استأنف القسم (وربك لا يؤمنون) ويجوز أن يكون لا في قوله (فلا) صلة كما في قوله فلا أقسم (حتى يحكموك) أي يجعلوك حكما (فيما شجر بينهم) اي اختلف واختلط من أمورهم والتبس عليهم حكمه ومنه الشجر لالتفاف أغصانه بعضها ببعض (ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجا) قال مجاهد شكا وقال غيره ضيقا (مما قضيت) قال الضحاك اثما أو يأثمون بانكارهم ما قضيت (ويسلموا تسليما) أي ينقادوا إلى الأمر انقيادا (باب) (1) (سنده) حدثنا اسود بن عامر ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن اسحاق عن يزيد ين عبد الله بن قسيط عن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الرحمن بن عوف الخ (غريبه) (2) أي رجعوا وعادوا إلى الشرك (3) أي اصابهم الجوى وهو المرض وداء الجوف اذا تطاول وذلك اذا لم يوافقهم هراؤها واستوخموها ويقال اجتويت البلد اذا كرهت المقام فيه وان كنت في نعمة (نه) (4) يعني بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (5) (التفسير) (فما لكم) يا معشر المؤمنين (في المنافقين فئتين) أي صرتم فيهم فئتين أي فرقتين (والله اركسهم) أي نكسهم وردهم إلى الكفر (بما كسبوا) بأعمالهم غير الطيبة (اتريدون ان تهدوا) أي ترشدوا (من أضل الله) وقيل معناه اتقولون ان هؤلاء مهتدون وقد أضلهم الله (ومن يضلل الله) يعني عن الهدى (فلن تجد له سبيلا) أي طريقا إلى الحق (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه ابن اسحاق وهو مدلس (يعني اذا عنعن وقد عنعن) وأبو سلمة لم يسمع من أبيه (6) (سنده) حدثنا بهز ثنا شعبة قال عدي بن ثابت اخبرني عبد الله بن زيد عن زيد بن ثابت الخ (غريبه) (7) هم عبد الله بن أبي بن سلول المنافق واتباعه وكانوا ثلاثمائة وبقى النبي صلى الله عليه وسلم في سبعمائة (8) أي لأنهم منافقون (9) أي لأنهم تكلموا بكلمة الاسلام (10) بوزن حمزة يعني المدينة وكان اسمها يثرب والثرب الفساد فنهى أن تسمى به وسماها طيبة وطابة وهما تأنيث طيب وطاب بمعنى الطيب وقيل هو في الطيب بمعنى الطاهر لخلوصها من الشرك وتطهيرها منه (نه) (11) كذا في البخاري أيضا وله في رواية أخرى خبث الحديد بدل الفضة (تخريجه) (ق وغيرهما) (12) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة سمعت يحيى بن المجبر التميمي يحدث عن سالم بن أبي الجعد

أن رجلا أتاه فقال أرأيت رجلا قتل رجلا متعمدا (1) قال (جزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما) (2) قال لقد أنزلت في آخر ما نزل ما نسخها شيء حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) وما نزل وحي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أرأيت إن تاب وآمن وعمل صالحا ثم اهتدى؟ قال وأنى له بالتوبة (4) وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثكلته أمه رجلا قتل رجلا متعمدا يجيء يوم القيامة آخذا قاتله بيمينه أو بيساره وآخذا رأسه بيمينه أو شماله تشخب (5) أوداجه دما قبل العرش يقول يا رب سل عبدك فيم قتلني (باب ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمنا) (عن ابن عباس) (6) قال مر نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

_ عن ابن عباس الخ (1) أي بغير ذنب يستوجب ذلك القتل (2) (التفسير) أول الآية (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم الخ الآية) جاء عند أبي داود عن أبي مجلز (بوزن منبر) وهو لاحق بن حميد في قوله (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) قال هي جزاؤه فإن شاء الله ان يتجاوز عنه فعل (وقوله خالدا فيها) قيل ان الخلود لا يقتضي التأييد بل معناه دوام الحالة التي هو عليها ويدل عليه قول العرب للأيام خوالد وذلك لطول مكثها لا لدوام بقائها واذا ذكر الخلود في حق الكفار قرنه بذكر التأييد كقوله خالدين فيها ابدا فإذا قرن الخلود بهذه اللفظة علم ان المراد منه الدوام الذي لا ينقطع اذا ثبت هذا كان معنى الخلود المذكور في الآية ان الله تعالى يعذب قاتل المؤمن عمدا في النار الى حيث يشاء الله ثم يخرجه بفضل رحمته وكرمه (وغضب الله عليه ولعنه) أي انتقم منه وطرده من رحمته (وأعد له عذابا عظيما) لارتكابه أمرا عظيما وخطبا جسيما وهو قتل المؤمن (3) اختلف العلماء في حكم هذه الآية هل هي منسوخة أم لا؟ وهل لمن قتل مؤمنا متعمدا توبة ام لا؟ فروى عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس المن قتل مؤمنا متعمدا من توبة؟ قال لا فتلوت عليه الآية التي في الفرقان (والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق إلى آخر الآية) قال هذه آية مكية نسخها آية مدنية (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم) (وفي رواية) قال اختلف أهل الكوفة في قتل المؤمن فرحلت إلى ابن عباس فقال نزلت في آخر ما نزل ولم ينسخها شيء وذهب الأكثرون من علماء السلف والخلف إلى أن هذه الآية (يعني آية النساء) منسوخة واختلفوا في ناسخها فقال بعضهم نسختها التي في الفرقان وليس هذا القول بالقوى لأن آية الفرقان نزلت قبل آية النساء والمتقدم لا ينسخ المتأخر وذهب جمهور من قال بالنسخ الى ان ناسخها الآية التي في النساء أيضا وهي قوله تعالى (ان الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء) (4) هذا رأي ابن عباس قال المنذري وقال جماعة من العلماء ان له توبة منهم عبد الله بن عمر وهو أيضا مروى عن عبد الله بن عباس وزيد بن ثابت وهو الذي عليه جماعة من السلف وجميع ما روى عن بعض السلف مما ظاهره خلاف هذا فهو على التغليظ والتشديد والآية خبر والأخبار لا يدخلها النسخ وقد قيل ان ابن عباس انما افتى بأنه لا توبة للقاتل انه ظن أن السائل سأل ليقتل فاراد زجره عن مقدار التغليظ عليه ليمتنع وقيل أمره إلى الله تاب أو لم يتب وعليه الفقهاء أبو حنيفة وأصحابه والشافعي ايضا يقول في كثير في من هذا إلا أن يعفوا الله عنه أو معنى هذا وقيل معناه (ومن يقتل مؤمنا متعمدا مستحلا لقتله) والله أعلم (5) أي تسيل واصل الشخب ما يخرج من تحت يد الحالب عند كل غمزة وعصرة لضرع الشاة (تخريجه) (نس جه) وسنده حسن (باب) (6) (سنده) حدثنا

على رجل (1) من بني سليم معه غنم له فسلم عليهم فقالوا ما سلم عليكم إلا تعوذا (2) منكم فعمدوا إليه فقتلوه (3) وأخذوا غنمه فأتوا بها إلى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم فأنزل الله تبارك وتعالى (ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا إلى آخر الآية) (4) (عن عبد الله بن أبي حدود) (5) قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى إضم (6) فخرجت في نفر من المسلمين فيهم أبو قتادة الحارث بن ربعي ومحلم (7) بن جثامة بن قيس فخرجنا حتى إذا كنا ببطن إضم مر بنا عامر الأشجعي (8) على قعود له معه متيع (9) ووطب من لبن فلما مر بنا سلم علينا فأمسكنا عنه وحمل عليه محلم بن جثامة فقتله بشيء (10) كان بينه وبينه وأخذ بعيره ومتيعه فلما قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبرناه الخبر نزل فينا القرآن (11) (يا أيها الذين آمنوا إذا ضربتم في سبيل الله فتبينوا ولا تقولوا لمن ألقى إليكم السلام لست مؤمنا تبتغون عرض الحياة الدنيا فعند الله مغانم

_ يحيى بن آدم حدثنا اسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (1) اسمه عامر ابن الأضبط كما سيأتي في الحديث التالي (2) أي لاجئا إلى السلام معتصما به ليدفع عن نفسه القتل وليس بمخلص في ذلك (3) الذي قتله محلم بن جثامة كما سيأتي في الحديث التالي (4) (التفسير) أول الآية (يا أيها الذين آمنوا اذا ضرتم في سبيل الله) أي سرتم في طريق الغزو (فتبينوا) اي تثبتوا وهي قراءة حمزة وعلى من التثبيت وهو خلاف العجلة والمعنى فقفوا وتثبتوا حتى تعرفوا المؤمن من الكافر (ولا تقولوا لمن ألقى اليكم السلام) يعني التحية انما قالها تعوذا فتقدموا عليه بالسيف فتقتلوه وتأخذوا ماله ولكن كفوا عنه وأقبلوا منه ما أظهره وقوله (لسبت مؤمنا) في موضع النصب بالقول يعني لست من أهل الإيمان (تبتغون عرض الحياة الدنيا) تطلبون الغنيمة التي هي حطام سريع الفناء فهو الذي يدعوكم إلى ترك التثبت وقلة البحث عن حال من تقتلونه والغرض المال سمي به لسرعة فنائه وتبتغون حال من ضمير الفاعل في تقولوا (فعند الله مغانم كثيرة) يغنمكموها تغنيكم عن قتل رجل يظهر الإسلام ويتعوذ به من التعرض له لتأخذوا ماله (كذلك كنتم من قبل) أول ما دخلتم في الاسلام سمعت من افواهكم كلمة الشهادة فحصنت دماءكم وأموالكم من غير انتظار الاطلاع على مواطأة قلوبكم لألسنتكم (فمن الله عليكم) (بالاستقامة والاشتهار) بالإيمان فافعلوا بالداخلين في الاسلام كما فعل بكم (فتبينوا) كرر الامر بالتبين ليؤكد عليهم (ان الله كان بما تعملون خبيرا) فلا تتهافتوا في القتل وكونوا محترزين محتاطين في ذلك (تخريجه) (ق د نس مذ) (5) (سنده) حدثنا يعقوب حدثنا ابي عن اسحاق حدثني يزيد بن عبد الله بن قسيط عن القعقاع بن عبد الله بن أبي حدود عن أبيه عبد الله بن أبي حدرد الخ (6) بكسر الهمزة وفتح الضاد المعجمة اسم جبل وقيل موضع (7) بوزن معلم بتشديد اللام مكسورة بن جثامة بوزن علامة بفتح اللام مشددة (8) في بعض الروايات عامر بن الأضبط الأشجعي (9) تصغير متاع أي متاع قليل والمتاع كل ما ينتفع به من عروض الدنيا قليلها وكثيرها (ووطب من لبن) الوطب بفتح الواو وسكون الطاء المهملة الزق الذي يكون فيه السمن واللبن وهو جلد الجذع فما فوقه وجمعه أوطاب ووطاب (10) أي بسبب شيء آخر كان بينه وبينه ويستفاد منه أنه لم يقتله لمجرد كونه شك في اسلامه بل لذلك ولشيء آخر في نفسه والله أعلم (11) جاء في حديث آخر عند الامام احمد أيضا وتقدم في باب جامع دية النفس وأعضائها من كتاب القتل والجنايات

كثيرة كذلك كنتم من قبل فمن الله عليكم فتبينوا ان الله كان بما تعملون خبيرا) (1) (باب لا يستوي القاعدون الخ) (عن خارجة بن زيد) (2) قال قال زيد بن ثابت اني قاعد إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يوما إذ أوحى اليه قال وغشيته السكينة ووقع فخذه على فخذي حين غشيته السكينة قال زيد فلا والله ما وجدت شيئا قط أثقل من فخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سرى عنه فقال اكتب يا زيد فأخذت كتفا فقال اكتب (لا يستوي القاعدون (3) من المؤمنين والمجاهدون الآية كلها إلى قوله أجرا عظيما) فكتب ذلك في كتف فقام حين سمعها ابن أم مكتوم وكان رجلا أعمى فقام حين سمع فضيلة المجاهدين قال يا رسول الله فكيف بمن لا يستطيع الجهاد ممن هو أعمى وأشباه ذلك؟ قال زيد فوالله ما مضى كلامه أو ما هو إلا أن قضى كلامه غشيت النبي صلى الله عليه وسلم السكينة فوقعت فخذه على فخذي فوجدت من ثقلها كما وجدت في المرة الأولى ثم سرى عنه فقال اقرأ فقرأت عليه (لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدين) فقال النبي صلى الله عليه وسلم (غير أولي الضرر) قال زيد فألحقتها فوالله لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع كان في الكتف (عن ابي اسحاق) (4) أنه سمع البراء (بن عازب رضي الله عنه) يقول في هذه الآية (لا يستوى القاعدون من المؤمنين والمجاهدين في سبيل الله) قال فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ في الجزء السادس عشر صحيفة 49 رقم 128 أن النبي صلى الله عليه وسلم ودى القتيل وغضب على محلم بن جثامة غضبا شديدا وقال اللهم لا تغفر لمحلم ثلاث مرات انظر الحديث المشار إليه في الباب المذكور (1) تقدم تفسير هذه الآية في الحديث السابق (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات (باب) (2) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب كتابة القرآن في الأكتاف واللخاف من هذا الجزء صحيفة 29 رقم 82 ولنقتصر هنا على تفسير الآية فنقول (3) (التفسير) (لا يستوي القاعدون) عن الجهاد (من المؤمنين غير أولى الضرر) بنصب غير مدني وشامي وعلى لأنه استثناء من القاعدين أو حال منهم وبالجر عن حمزة صفة للمؤمنين وبالرفع غيرهم صفة للقاعدين والضرر المرض أو العاهة من عمى أو عرج أو زمانة أو نحوها (والمجاهدون في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم) عطف على القاعدون ونفى التساوي بين المجاهد والقاعد بغير عذر وان كان معلوما توبيخا للقاعد عن الجهاد وتحريكا له عليه ونحوه (هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون) فهو تحريك للعلم وتوبيخ على الرضا بالجهل (فضل الله المجاهدين بأموالهم وأنفسهم على القاعدين درجة) يعني لهم فضيلة في الآخرة قال ابن عباس أراد بالقاعدين هنا أولى الضرر وفضل الله المجاهدين على أولى الضرر درجة لأن المجاهد باشر الجهاد بنفسه وماله مع النية وأولو الضرر كانت لهم نية ولم يباشروا الجهاد فنزلوا عن المجاهدين درجة (وكلا) يعني كلا من المجاهدين والقاعدين (وعد الله الحسنى) يعني الجنة بإيمانهم (وفضل الله المجاهدين) يعني في سبيل اله (على القاعدين) يعني الذين لا عذر لهم ولا ضرر (أجرا عظيما) يعني ثوابا جزيلا (تخريجه) (د عب) قال المنذري في اسناده عبد الرحمن بن أبي الزناد وتكلم فيه غير واحد اهـ (قلت) قال ابن معين ما حدث بالمدينة فهو صحيح وقال يعقوب بن شيبة ثقة صدوق فيه ضعف (خلاصة) انظر الكلام على تخريجه في باب كتابة القرآن في الأكتاف واللخاف (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر

زيدًا فجاء بكتف (1) فكتبها فشكى اليه ابن أم مكتوم (2) ضرارته فنزلت (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولى الضرر) (3) (وعنه من طريق ثان) (4) قال سمعت البراء بن عازب رضي الله عنه يقول لما نزلت هذه الآية (5) (وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) أتاه ابن أم مكتوم فقال يا رسول الله ما تأمرني؟ اني ضرير البصر قال فنزلت (غير أولى الضرر) (6) (وفي رواية قبل أن يبرح) قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم ائتوني بالكتف والدواة أو اللوح والدواة (7) (باب ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة) (عن يعلي بن أمية) (8) قال سألت عمر بن الخطاب رضي الله عنه قلت (ليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) وقد أمن الله الله الناس فقال لي عمر رضي الله عنه عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك

_ ثنا شعبة عن أبي اسحاق الخ (غريبه) (1) الكتف بفتح الكاف وكسر الفوقية عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان من الناس والدواب كانوا يكتبون فيه لقلة القراطيس عندهم (2) اسمه عبد الله أو عمرو واسم أبيه زائدة (وقوله ضرارته) بفتح الضاد المعجمة أي عماه كما قال الراغب الضرر اسم عام لكل ما يضر الانسان في بدنه ونفسه وعلى سبيل الكناية عبر عن الأعمى بالضرير (3) تقدم تفسير الآية في الحديث السابق (4) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي اسحاق قال سمعت البراء بن عازب الخ (5) يعني الآية التي أولها لا يستوي القاعدون كما في الطريق الأولى (6) هنا في الطريق الثانية قال فنزلت (غير الى الضرر) يعني أنها نزلت مستقلة بعد نزول الآية بدونها وهناك في الطريق الأولى قال فنزلت (لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير الى الضر) فلم يقتصر الراوي على ذكر الكلمة الزائدة وهي قوله (غير الي الضرر) كما اقتصر عليها هنا كما في الطريق الثانية فيحتمل أن يكون الوحي نزل بإعادة الآية بالزيادة بعد أن نزل بدونها فحكى الراوي صورة الحال أو نزل بقوله (غير الي الضرر) فقط وأعاد الراوي الآية من أولها حتى يتصل المستثنى بالمستثنى منه قال ابن التين وأيد الأخير الحافظ برواية خارجة ابن زيد عن أبيه (يعني الحديث السابق) والله أعلم (7) يعني فكتبها زيد كما صرح بذلك في الحديث السابق قال زيد فألحقتها فوالله لكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع كان في الكتف (تخريجه) (ق مذ) (باب) (8) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب افتراض صلاة السفر وحكمها من كتاب الصلاة في الجزء الخامس صحيفة 94 رقم 208 وتقدم الكلام على قصر الصلاة في السفر ومذاهب الأئمة في ذلك في أحكام الباب المذكور فأرجع اليه ولنقتصر هنا على تفسير الآية فنقول أول الآية (واذا ضربتم في الأرض) أي سافرتم فيها فالضرب في الأرض هو السفر (فليس عليكم جناح) أي حرج أو إثم (ان تقصروا من الصلاة) يعني بين أربع ركعات إلى ركعتين وذلك في صلاة الظهر والعصر والعشاء وقيل معنى قصر الصلاة جعلها قصيرة بترك بعض ركعاتها أو بعض أركانها ترخيصا ولهذا السبب ذكروا في تفسير قصر الصلاة المذكورة في الآية قولين (أحدهما) أنه في عدد الركعات وهو رد الصلاة الرباعية إلى ركعتين (والثاني) المراد بالقصر ادخال التخفيف في أدائها وهو أن يكتفي بالإيمان والاشارة عن الركوع والسجود والقول الأول أصح ويدل عليه لفظ من في قوله (أن تقصروا من الصلاة) ولفظ من هنا للتبعيض وذلك يوجب جواز الاقتصار على بعض الصلاة فثبت بهذا ان تفسير القصر باسقاط بعض ركعات الصلاة أولى (ان خفتم أن يفتنكم الذين كفروا) أي ان خفتم ان يقصدكم الكفار بقتل أو جرح أو أخذ والخوف

فقال صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته (باب واذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) (عن مجاهد عن أبي عياش الرزقي) (1) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بعسفان باستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة فصلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر فقالوا قد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم ثم قالوا تأتي عليهم الآن صلاة هي أحب إليهم من أبنائهم ونفسهم قال فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات بين الظهر والعصر (واذا كنتم فيهم فأقمت لهم الصلاة) (2) قال فحضرت فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذوا السلاح قال فصففنا خلفه صفين قال ثم ركع فركعنا جميعا ثم رفع فرفعنا جميعا ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم باصف الذي يليه والآخرون قيام يحرسونهم فلما سجدوا وقاموا جلس الآخرون فسجدوا في مكانهم ثم تقدم هؤلاء إلى مصاف هؤلاء وجاء هؤلاء إلى مصاف هؤلاء قال ثم ركع فركعوا جميعا ثم رفع فرفعوا جميعا ثم سجد النبي صلى الله عليه وسلم والصف الذي يليه والآخرون قيام يحرسونهم فلما جلس جلس الآخرون فسجدوا فسلم عليهم ثم انصرف قال فصلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم مرتين بعسفان ومرة بأرض بني سليم (باب إن يدعون من دونه إلا اناثا) (ز) (عن أبي بن كعب) (3) أن يدعون من دونه إلا اناثا قال مع كل صنم جنية

_ شرط جواز القصر عند الخوارج والظاهرية بظاهر النص وعند الجمهور ليس بشرط واستدلوا بهذا الحديث اي حديث عمر لقوله للسائل (صدقة) أي قصر الصلاة في السفر صدقة (تصدق الله) أي تفضل (بها عليكم) أي توسعة ورحمة (فاقبلوا صدقته) أي سواء حصل الخوف أم لا قال النووي في هذا الحديث جواز القصر في غير الخوف وفيه أن المفضول اذا رأى الفاضل يعمل شيئا يشكل عليه دليله يسأل عنه اهـ (تخريجه) (م والأربعة) (باب) (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه واحكامه في الباب الأول من أبواب صلاة الخوف في الجزء السابع صحيفة 3 رقم 731 واليك تفسير الآيات المشار اليها في الحديث (2) (التفسير) (واذا كنت فيهم) هذا خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم يعني اذا كنت يا محمد في أصحابك وشهدت معهم القتال وأنتم تخافون العدو (فاقمت لهم الصلاة) وهذا جرى على عادة القرآن في الخطاب فلا مفهوم له (فلتقم طائفة منهم معك) أي فاجعلهم طائفتين فلتقم إحداهما معك فصل بهم وتقوم طائفة تجاه العدو (وليأخذوا أسلحتهم) اختلف في الذين يأخذون أسلحتهم فقيل هم الذين تجاه العدو وقيل المراد به هم المصلون يأخذون من السلاح مالا يشغلهم عن الصلاة كالسيف والخنجر ونحوهما (فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم) يعني اذا صلى الذين معك ركعة وفرغوا من صلاتها فليكونوا من ورائكم يعني فلينصرفوا الى المكان الذي هو في وجه العدو للحراسة (ولتأت طائفة أخرى لم يصلوا) يعني ولتأت الطائفة التي كانت في وجه العدو (فليصلوا معك) الركعة الثانية التي بقيت عليك ويتموا بقية صلاتهم (وليأخذوا حذرهم) أي ما يتحرزون به من العدو كالدرع ونحوه (واسلحتهم) جمع سلاح وهو ما يقاتل به (ود الذين كفروا) أي تمنى الكفار (لو تغفلون) يعني لو وجدوكم غافلين عن (اسلحتكم وامتعتكم) يعني حوائجكم التي بها بلاغكم في أسفاركم (فيميلون عليكم ميلة واحدة) أي يحملون عليكم حملة واحدة فيصيبون منكم غرة فيقتلونكم والله أعلم (باب) (3) (سنده) حدثنا

(باب ليس بأمانيكم) (عن أبي بكر رضي الله عنه) (1) أنه قال يا رسول الله كيف الصلاح (2) بعد هذه الآية (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب من يعمل سوءا يجز به) (3) فكل سوء عملناه جزينا به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض ألست تنصب (4) ألست تحزن الست تصيبك اللأواء (5) قال بلى قال فهو ما تجزون به (6) (وفي لفظ) قال فإن ذلك بذاك (7) (عن أبي هريرة) (8) قال لما نزلت (من يعمل سوءا يجز به) (9) شقت على

_ هدية بن عبد الوهاب ومحمود بن غيلان قال ثنا الفضل بن موسى انا حسين بن وافد عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب الخ يعني في قوله تعالى (ان يدعون من دون الا اناثا) (التفسير) (ان يدعون من دونه) أي ما يعبدون من دون الله (الا اناثا) جمع أنثى وهي اللات والعزى ومناة ونزلت في أهل مكة ولم يكن حيى من العرب الا ولهم صنم يعبدونه يسمونه انثى بني فلان في كل واحدة منهن جنية تتراءى للسدنة والكهنة وتكلمهم وهذا معنى قوله في الحديث مع كل صنم جنية وقيل كانوا يقولون في أصنامهم هن بنات الله يريدون الملائكة وهذا اعتقاد فريق منهم قال تعالى (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الله إناثا) هذا وبقية الآية (وان يدعون) أي يعبدون (الا شيطانا مريدا) أي متمردا خارجا عن الطاعة عاريا عن الخير (تخريجه) الحديث من زوائد عبد الله بن الامام احمد على مسند أبيه وأورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن احمد ورجاله رجال الصحيح (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الله بن نمير قال أخبرنا اسماعيل عن أبي بكر بن أبي زهير قال اخبرت ان ابا بكر قال يا رسول الله كيف الصلاح الخ (غريبه) (2) أي كيف يتصف الانسان بالصلاح بعد نزول هذه الآية (3) (التفسير) (ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتاب) أي ليس الأمر على شهواتكم وأمانيكم وفي المخاطب بهذه الآية قولان (احدهما) انه خطاب للمسلمين وأهل الكتاب واليهود والنصارى وذلك انهم افتخروا فقال أهل الكتاب نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم فنحن أولى بالله منكم وقال المسلمين نبينا خاتم الأنبياء وكتابنا يقضي على الكتب وقد آمنا بكتابكم ولم تؤمنوا بكتابنا فنحن أولى بالله منك (والقول الثاني) انه خطاب لمشركي مكة في قولهم لا نبعث ولا نحاسب وخطاب لأهل الكتاب في قولهم لن تمسنا النار إلا أياما معدودة والمعنى ليس بالأماني انما الأمر بالعمل الصالح (من يعمل سوءا يجزيه) أي سواء كان مسلما أو كافرا قال ابن عباس هي عامة في حق كل من عمل سوءا يجز به الا ان يتوب قبل أن يموت فيتوب الله عليه وقال الحسن وآخرون هي في حق الكفار خاصة بدليل قوله تعالى (ولا يجد له من دون الله وليا ولا نصيرا) وهذا هو الكافر وأما المؤمن فله ولي ونصير والله أعلم (4) النصب بفتح الصاد المهملة التعب (5) اللأواء الشدة وضيق المعيشة (6) معناه ان المسلم يجازي بأعماله السيئة في الدنيا بالمصائب والمحن حتى يخرج من الدنيا طاهرا من الذنوب (7) يعني أن الابتلاء في الدنيا يكفر ذنوب المسلم والله أعلم (تخريجه) (حب ك هب) والطبري وابن المنذر وابن السني وصححه الحاكم واقره الذهبي (قلت) في اسناده انقطاع وله شواهد صحيحة تؤيده وله ايضا طرق كثيرة وربما كان هذا سبب تصحيح من صححه (8) (سنده) حدثنا سفيان حدثنا ابن محيصن شيخ من قريش سهمى سمعه عن محمد بن قيس بن مخرمة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (9) بقية الآية (ولا يجد له من

المسلمين وبلغت منهم ما شاء الله أن تبلغ (1) فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قاربوا (2) وسددوا فكل ما يصاب به المسلم كفارة حتى النكبة (3) ينكبها (عن عائشة) (4) زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن رجلا تلا هذه الآية (من يعمل سوءا يجز به) قال إنا لنجزي (5) بكل عملنا هلكنا إذا فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم يجزي به المؤمنون في الدنيا في مصيبة في جسده فيما يؤذيه (6) (باب واتخذ الله ابراهيم خليلا) (حدثنا عبد الرزاق) (7) حدثنا معمر في قوله (واتخذ الله ابراهيم خليلا) (8) قال اخبرني عبد الملك بن عمير عن خالد بن ربعي عن ابن مسعود أنه قال ان الله اتخذ صاحبكم خليلا (9) يعني محمدا صلى الله عليه وسلم (عن ابن مسعود) (10) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن صاحبكم خليل الله عز وجل

_ دون الله وليا ولا نصيرا) (1) أي لما فيها من الوعيد الشديد (2) أي اقتصدوا فلا تغلوا ولا تقصروا بل توسطوا (وسددوا) أي اقصدوا السداد وهو الصواب (3) جاء عند الترمذي (حتى الشوكة يشاكها) الشوكة بالجر على ان حتى جاره ويجوز الرفع على انها ابتدائية والنصيب بتقدير حتى تجد (يشاكها) بصيغة المجهول أي يشاك المؤمن تلك الشوكة (والنكبة) هي ما يصيب الانسان من الحوادث سواء كان ذلك في بدنه أو ماله أو عياله (ينكبها) بصيغة المجهول أيضا (تخريجه) (م نس مذ) قال الترمذي وابن محيصن اسمه عمرو بن عبد الرحمن بن محيصن (4) (سنده) حدثنا هارون بن معروف قال ثنا ابن وهب قال اخبرني عمرو ان بكر بن سوادة حدثه ان يزيد بن أبي يزيد حدثه عن عبيد بن عمير عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) معناه ان كنا لنجزى بكل عملنا الخ (6) يشمل كل شيء يتأذى به المسلم في الدنيا وهذا من فضل الله تعالى بالمؤمن حيث كفر ذنوبه بتعجيل العقوبة له في الدنيا لأن العقوبة في الدنيا لا تذكر بالنسبة لعقوبة الآخرة نسأل الله السلامة والعافية (تخريجه) (ص) وأورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) ورجالهما رجال الصحيح (باب) (7) (حدثنا عبد الرزاق الخ) (8) (التفسير) (واتخذ الله ابراهيم خليلا) هذا من باب الترغيب في اتباعه لأنه امام يقتدى به حيث وصل إلى غاية ما يتقرب به العباد له فإن انتهى إلى درجة الخلة التي هي أرفع مقامات المحبة وما ذاك إلا لكثرة طاعته لربه كما وصفه به في قوله (وابراهيم الذي وفى) قال كثير من علماء السلف أي قام بجميع ما أمر به وفي كل مقام من مقامات العبادة فكان لا يشغله أمر جليل عن حقير ولا كبير عن صغير (9) قال الزجاج معنى الخليل الذي ليس في محبته خلل والخلة الصداقة فسمي خليلا لأن الله عز وجل أحبه واصطفاه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وهو موقوف على ابن مسعود ولكنه في حكم المرفوع فقد جاء مرفوعا في الحديث التالي ويؤيده ما جاء عند مسلم والامام احمد وغيرهما من حديث ابن مسعود أيضا وسيأتي في مناقب ابي بكر في كتاب الخلافة والامارة عن النبي صلى الله عليه وسلم لو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكنه أخي وصاحبي وقد اتخذ الله صاحبكم خليلا (وفي الصحيحين) عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال (لو كنت متخذا خليلا غير ربي لاتخذت أبا بكر خليلا) فقد ثبت بهذين الحديثين الخلة للنبي صلى الله عليه وسلم وزاد على ابراهيم عليه السلام بالمحبة فمحمد صلى الله عليه وسلم خليل الله وحبيبه فقد جاء في حديث عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (ألا وأنا حبيب الله ولا فخر) أخرجه الترمذي بأطول منه (10) (سنده) حدثنا عفان ثنا

(باب يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) (عن جابر بن عبد الله) (1) قال مرضت فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم يعودني هو وأبو بكر ماشيين وقد أغمي علي فلم أكلمه فتوضأ فصبه علي (2) فأفقت فقلت يا رسول الله كيف أصنع في مالي ولي أخوات؟ (3) قال فنزلت آية الميراث (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) (4) كان ليس له ولد وله أخوات (ان امرؤ هلك ليس له ولد وله اخت) (وعنه من طريق ثان) (5) قال دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وجع لا أعقل قال فتوضأ ثم صب علي أو قال صبوا عليه فعقلت فقلت انه لا يرثني إلا كلالة فكيف الميراث؟ قال فنزلت آية الفرض

_ أبو عوانة حدثنا عبد الملك بن عمير عن خالد بن ربعي الأسدي أنه سمع ابن مسعود يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده صحيح (باب) (1) (سنده) حدثنا سفيان عن ابن المنكدر أنه سمع جابرا يقول مرضت الخ (غريبه) (2) قال الحافظ يحتمل أن يكون المراد صب علي بعض الماء الذي توضأ به أو مما بقى منه والأول المراد فللمصنف يعني البخاري في الاعتصام ثم صب وضوءه علي ولأبي داود فتوضأ وصب علي اهـ (قلت) رواية أبي داود كرواية الامام احمد (وقوله فأفقت) أي من اغمائي (3) جاء في رواية عند الترمذي (وكان لي تسع أخوات) (4) (التفسير) (يستفتونك) أي يستخبرونك في الكلالة والاستفتاء طلب الفتوى (قل الله يفتيكم في الكلالة) معنى الكلالة أن يموت الرجل ولا يدع والدا ولا ولدا يرثانه وأصله من تكلله النسب إذا أحاط به وقيل الكلالة الوارثون الذين ليسوا فيهم ولد ولا والد فهو واقع على الميت وعلى الوارث بهذا الشرط وقيل الأب والابن طرفان للرجل فإذا مات ولم يخلفهما فقد مات عن ذهاب طرفيه فسمى ذهاب الطرفين كلالة وقيل كل ما احتف بالشيء من جوانبه فهو اكليل وبه سميث لأن الوراث يحيطون به من جوانبه (نه) (ان امرؤ هلك) يعني مات سمى الموت هلاكا لأنه اعدام في الحقيقة (ليس له ولد) يعني ولا والد فاكتفى بذكر احدهما عن الآخر ويدل على المحذوف أن السؤال في الفتيا انما كان في الكلالة وقد تقدم أن الكلالة من ليس له ولد ولا والد (وله أخت) أي لأب وأم أو لأب (فلها نصف ما ترك) وهو فرضها اذا انفردت وباقي المال لبيت المال اذا لم يكن للميت عصبة وهذا مذهب زيد بن ثابت وبه قال الشافعي وعند أبي حنيفة وأهل العراق يرد الباقي عليها فإن كان للميت بنت أخذت النصف بالفرض وتأخذ الأخت النصف الباقي بالتعصب لا بالفرض لأن الأخوات مع البنات عصبة (وهو يرثها ان لم يكن لها ولد) معناه ان الأخت إذا ماتت وتركت أخا من الأب والأم أو من الأب فإنه يستغرق جميع مالها اذا انفرد ولم يكن لها ولد وهذا أصل في جميع العصبات واستغراقهم جميع المال فأما الأخ من الأم فإنه صاحب فرض لا يستغرق جميع المال (فإن كانتا اثنتين فلهما الثلثان مما ترك) أراد أختين فصاعدا وهو أن من مات وترك أختين أو أخوات فلهن الثلثان مما ترك الميت (وان كانوا اخوة رجالا ونساء فللذكر مثل حظ الانثيين) يعني وان كان المتروكون من اخوة رجالا ونساءا فللذكر منهم نصيب اثنتين في اخواته الإناث (يبين الله لكم أن تضلوا) أي كراهة أن تضلوا وقيل لئلا تضلوا (والله بكل شيء عليم) أي علمه محيط بكل شيء (5) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج أنا شعبة قال سمعت محمد بن المنكدر قال سمعت جابر بن عبد الله قال دخل على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الخ (تخريجه) (ق والأربعة)

(عن أبي الزبير عن جابر) (1) قال اشتكيت وعندي سبع أخوات لي فدخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فنضح في وجهي فأفقت فقلت يا رسول الله أوصي لاخواتي بالثلثين؟ (2) قال أحسن قلت بالشطر؟ قال أحسن قال ثم خرج وتركني ثم رجع فقال يا جابر اني لا أراك ميتا من وجعك هذا فإن الله عز وجل قد أنزل فبين الذي لاخوتك فجعل لهن الثلثين فكان جابر يقول نزلت هذه الآية (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) (عن البراء بن عازب) (3) قال جاء رجل (4) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن الكلالة فقال تكفيك آية الصيف (5) (سورة المائدة) (باب ما جاء في فضلها) (عن عبد الله بن عمرو) (6) قال أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (1) (سنده) حدثنا أزهر بن القاسم وكثير بن هشام قالا ثنا هشام عن أبي الزبير عن جابر الخ (غريبه) (2) هكذا بالأصل (أوصي لأخوتي بالثلثين؟ قال أحسن قلت بالشطر؟ قال أحسن) وكذا في معظم الأصول وفيه أشكال وقد فسره بعض العلماء بأن اللام في قوله (لأخواتي) بمعنى على كما في قوله تعالى (ان احسنتم أحسنتم لأنفسكم وان أسأتم فلها) أي فعليها يعني أوثر المساكين على اخواتي وأوصي للمساكين بالثلثين؟ قال صلى الله عليه وسلم (أحسن) أي الى أخوتك وفي نسخة لأبي داود (أوصى لاخواتي بالثلث) بدل الثلثين وعلى هذا فلا اشكال لأن قوله صلى الله عليه وسلم (أحسن) أي زد عن الثلث (قلت بالشطر) أي النصف قال (أحسن) أي زد عن النصف والله أعلم (تخريجه) (د نس) وسكت عنه أبو داود والمنذري هذا ولم يتكلم الخطابي رحمه الله في شرح هذا الحديث إلا على مسألة الكلالة فقط ولم يتعرض لهذا الأشكال الذي فيه (قال رحمه الله) روى ان عبد الله بن حرام أبا جابر قتل يوم أحد ونزلت آية الكلالة في آخر عمر النبي صلى الله عليه وسلم ويقال إنه آخر ما نزل من القرآن فكان جابر يوم نزول الآية لا ولد له ولا والد فصار شأنه بيانا لمراد الآية فهذا قول بعض العلماء في بيان معنى الكلالة قال وفيه وجه آخر وهو أشبه بمعنى الحديث وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال للسائل عن الكلالة تجزيك آية الصيف (يعني الحديث الآتي بعد هذا) فوقعت الإحالة منه على الآية في بيان معنى الكلالة فوجب أن يكون ذلك مستنبطا من نفس الآية دون غيرها (يعني قوله تعالى ان امرؤ هلك ليس له ولد) الخ اهـ باختصار (3) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا أبو بكر عن أبي اسحاق عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (4) قال الخطابي قد روى أن هذا الرجل هو عمر بن الخطاب ويشبه أن يكون انما لم يفته عن مسألته ووكل الأمر في ذلك الى بيان الآية اعتمادا على علمه وفهمه اهـ ملخصا (5) يعني التي في آخر سورة النساء وهي قوله تعالى (يستفتونك قل الله يفتيكم في الكلالة) الآية قال الخطابي أنزل الله في الكلالة آيتين احداهما في الشتاء وهي الآية التي في أول سورة النساء يعني قوله تعالى (إن كان رجل يورث كلالة الخ) وفيها اجمال وإبهام لايكاد يتبين هذا المعنى من ظاهرها ثم أنزل الآية الأخرى في الصيف وهي التي في آخر سورة النساء فيها من زيادة البيان ما ليس في آية الشتاء فأحال السائل عليها ليتبين المراد بالكلالة المذكورة فيها اهـ (تخريجه) (د مذ) وجود الحافظ ابن كثيراسناده وسكت عنه أبو داود والمنذري (باب) (6) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثني حيي بن عبد الله ان ابا عبد الرحمن الحبلي حدثه قال سمعت

سورة المائدة وهو راكب على راحلته فلم تستطع أن تحمله (1) فنزل عنها (عن أسماء بنت يزيد) (2) قالت اني لآخذ بزمام العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أنزلت عليه المائدة كلها فكادت من ثقلها تدق بعضد الناقة (عن جبير بن نفير) (3) قال دخلت على عائشة رضي الله عنها فقالت هل تقرأ سورة المائدة؟ قال قلت نعم قالت فإنها آخر سورة نزلت (4) فما وجدتم فيها من حلال فاستحلوه وما وجدتم فيها من حرام فحرموه (5) وسألتها عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت القرآن (6) (باب اليوم أكملت لكم دينكم الخ) (عن طارق بن شهاب) (7) قال جاء رجل من اليهود (8) إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا أمير المؤمنين انكم تقرءون آية في كتابكم لو علينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيدا (9) قال وأي آية هي؟ قال عز وجل (اليوم أكملت لكم

_ عبد الله بن عمرو يقول أنزلت الخ (غريبه) (1) أي لثقله عليها من ضغط الملك ليعى ما يقال له ويحفظه (فنزل عنها) أي رحمة بها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث عبد الله بن عمرو وأورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه ابن لهيعة والأكثر على ضعفه وقد يحسن حديثه وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) حديثه هنا حسن لأنه صرح بالتحديث (2) (سنده) حدثنا ابو النضر ثنا أبو معاوية يعني شيبان عن ليث عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني بنحوه وفيه شهر بن حوشب وهو ضعيف وقد وثق (3) (سنده) حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي قال ثنا معاوية عن أبي الزهراء عن جبير بن نفير الخ (غريبه) (4) اختلفت الروايات في آخر سورة نزلت من القرآن وتقدم الكلام على ذلك والجمع بين الروايات المختلفة في باب آخر ما نزل من سورة القرآن وآياته في هذا الجزء صحيفة 55 في الشرح (5) (ان قيل) لم خصت هذه السورة من بين سور القرآن بتحليل حلالها وتحريم حرامها وكل سور القرآن يجب أن يحل حلالها ويحرم حرامها (فالجواب) ان هذه السورة خصت بذلك لأن فيها ثمانية عشر حكما لم تنزل في غيرها من سور القرآن (قال الا البغوي) روى عن ميسرة قال ان الله تعالى أنزل في هذه السورة ثمانية عشر حكما لم ينزل في غيرها وهي قوله تعالى (والمنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع إلا ما ذكيتم وما ذبح على النصب وأن تستقسموا بالأزلام وما علمتم من الجوارج مكلبين وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) وتمام بيان الطهر في قوله اذا قمتم إلى الصلاة والسارق والسارقة ولا تقتلوا الصيد وأنتم حرم ما جعل الله من بجيرة ولا سائبة ولا وصيلة ولا حام وقوله شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت (6) أي خلقه القرآن يعني التأديب بآدابه والعمل بما فيه (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهبي وهو موقوف على عائشة ولكن له حكم المرفوع لا سيما وقد روى بعض المسرين أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في خطبته يوم عرفة في حجة الوداع يا أيها الناس ان سورة المائدة من آخر القرآن نزولا فأحلوا حلالها وحرموا حرامها (قلت) وفي قوله ان سورة المائدة من آخر القرآن نزولا الخ اشارة إلى أنها كلها محكمة ليس فيها منسوخ والى ذلك ذهب الجمهور والله أعلم (باب) (7) (سنده) حدثنا جعفر بن عون أنبأنا أبو عميس عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب الخ (غريبه) (8) هو كعب الأحبار قبل أن يسلم وكان معه جماعة من اليهود وكان اسلامه في خلافة عمر على المشهور (9) أي لعظمناه

دينكم وأتممت عليكم نعمتي) (1) قال فقال عمر اني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه على رسول الله صلى الله عليه وسلم والساعة التي نزلت فيها نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم عشية عرفة في يوم الجمعة (2) (باب آية التيمم) (حدثنا ابن نمير) (3) ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها أنها استعارت من أسماء (4) قلادة فهلكت فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا في طلبها فوجدوها (5) فأدركتهم الصلاة وليس معهم ماء فصلوا بغير وضوء فشكوا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل التيمم (6) فقال أسيد بن حضير لعائشة جزاك الله خيرا فوالله ما نزلت بك أمر تكرهينه إلا جعل الله لك وللمسلمين فيه خيرا (7) (ومن طريق ثان) (8) (قر) عن عبد الرحمن عن القاسم عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها انها قالت خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفارنا (9) حتى إذا كنا بالبيداء (10) أو بذات الجيش انقطع عقد لي (11) فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم على التماسه وأقام الناس معه وليسوا على ماء وليس معهم ماء فجاء أبو بكر ورسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا رأسه على فخذي (12) فقال حبست رسول الله صلى الله عليه وسلم والناس وليسوا على ماء وليس معهم ماء؟ قالت فعاتبني أبو بكر وقال ما شاء الله ان يقول وجعل يطعن بيده في خاصرتي ولا يمنعني من التحرك إلا مكان رسول الله صلى الله عليه وسلم على فخذي فقام (13) رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أصبح الناس على غير ماء فأنزل الله عز وجل

_ وجعلناه عيدا لنا في كل سنة لعظم ما حصل فيه من اكمال الدين (1) (التفسير) (اليوم اكملت لكم دينكم) يعني بالفرائض والسنن والحدود والاحكام والحلال والحرام ولم ينزل بعد هذه الآية حلال ولا حرام ولا شيء من الفرائض هذا معنى قول ابن عباس (وأتممت عليكم نعمتي) يعني باكمال الشريعة لأنه لا نعمة أتم من الاسلام وقال ابن عباس حكم لهم بدخول الجنة وقيل معناه أنه تعالى أنجز لهم ما وعدهم في قوله ولأتم نعمتي عليكم فكان من تمام النعمة ان دخلوا مكة آمنين وحجوا مطمئنين لم يخالطهم أحد من المشركين (ورضيت لكم الاسلام دينا) أي اخترته لكم من بين الأديان لما فيه من التسامح وآذنتكم بأنه الدين المرضي (ومن يبتغ غير الاسلام دينا فلن يقبل منه) (2) يشير بذلك عمر رضي الله عنه الى أن ذلك اليوم يوم عيد لنا (وفي رواية) عن ابن عباس عند الترمذي وحسنه أنه قال فإنها نزلت في يوم عيدين في يوم الجمعة وفي يوم عرفة (تخريجه) (ق نس مذ) (باب) (3) (حدثنا ابن نمير الخ) (غريبه) (4) يعني بنت أبي بكر أختها (وقوله فهلكت) أي انقطعت فسقطت منها بدون أن تشعر بها (5) أي بعد قرب خروج الوقت ولذلك صلوا بغير وضوء وكان السبب في ذلك بحثهم عن القلادة ولولا ذلك لأدركوا الماء (6) يعني آية التيمم وسيأتي تفسيرها في الطريق الثانية (7) يعني الرخصة بالتيمم لفاقد الماء (8) (قر) (سنده) قال الامام احمد قرأت على عبد الرحمن عن مالك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة الخ (9) أي إلى غزوة بني المصطلق وكانت سنة ست أو خمس (10) بفتح الموحدة والمد (أو بذات الجيش) بفتح الجيم وبعد الياء الساكنة شين معجمة موضعين بين مكة والمدينة والشك من عائشة (11) بكسر العين وسكون القاف أي قلادة كما تقدم في الطريق الأولى واضافه لها باعتبار استيلائها لمنفعته والا فهو لأسماء استعارته منها كما صرحت بذلك في الطريق الأولى (12) زاد عند البخاري (قد نام) (13) جاء عند البخاري فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أصبح على غير ماء وله في رواية أخرى حتى أصبح على غير ماء

آية التيمم) (1) فتيمموا فقال أسيد بن الحضير ما هي بأول بركتكم يا آل أبي بكر قالت فبعثنا البعير الذي كنت عليه فوجدنا العقد تحته (باب انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله الخ)

_ (1) أول الآية قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اذا أقمتم الى الصلاة إلى قوله لعلكم تشكرون) (التفسير) (يا أيها الذين آمنوا اذا قمتم إلى الصلاة) أي اذا أردتم القيام إلى الصلاة كقوله فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله أي اذا أردت القراءة وظاهر الآية يقتضي وجوب الوضوء وعند كل صلاة لكن بين النبي صلى الله عليه وسلم بقوله وفعله ان المراد من الآية اذا قمتم الى الصلاة وأنتم على غير طهر قال صلى الله عليه وسلم (لا يقبل الله صلاة أحدكم اذا أحدث حتى يتوضأ) وقد جمع النبي صلى الله عليه وسلم يوم الخندق بين أربع صلوات بوضوء واحد (فاغسلوا وجوهكم) حد الوجه من منابت شعر الرأس إلى منتهى الذقن طولا ومن الأذن إلى الأذن عرضا لأنه مأخوذ من المواجهة فيجب غسل جميع الوجه في الوضوء (وأيديكم إلى المرافق) المرافق جمع مرفق كمنبر وهو من الإنسان أعلى الذراع وأسفل العضد وذهب جمهور العلماء إلى وجوب إدخال المرفقين في الغسل (وامسحوا برءوسكم) هذه الباء للالصاق على الأظهر والمراد الصاق المسح بالرأس فأخذ مالك وأحمد بالاحتياط فأوجبا مسح الرأس كله والشافعي باليقين فأوجب أقل ما يقع عليه اسم المسح وأبو حنيفة بما روى أن النبي صلى الله عليه وسلم مسح على ناصيته وقدرت الناصية بربع الرأس فأوجب المسح عليها على هذا المقدار (وأرجلكم إلى الكعبين) بالنصب شامي ونافع وعلى وحفص والمعنى فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وأرجلكم إلى الكعبين وامسحوا برءوسكم على التقديم والتأخير وقرأ غيرهم بالجر بالعطف على الرءوس لأن الأرجل من بين الأعضاء الثلاثة المغسولة تغسل بصب الماء عليها فكانت مظنة للاسراف المنهي عنه فعطف على المسموح لا لتمسح ولكن لينبه على وجوب الاقتصاد في صب الماء عليها وقيل إلى الكعبين فجيء بالغاية إماطة لظن ظان يحسبها ممسوحة لأن المسح لم تضرب له غاية في الشريعة وقال في جامع العلوم انها مجرورة للجوار اهـ والكعبان هما العظمان الناتئان من جانبي القدمين وهما بجمع مفصل الساق والقدم فيجب غسلهما مع القدمين كما تقدم في المرفقين وقال جمهور العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم والأئمة الأربعة وأصحابهم إن فرض الرجلين هو الغسل (وان كنتم جنبا فاطهروا) أي اغتسلوا فقد أمر الله بالاغتسال من الجنابة وذلك يجب على الرجل والمرأة بأحد شيئين اما بخروج المنى على اي صفة كان من احتلام أو غيره أو بالتقاء الختانين وان لم يكن معه انزال فاذا حصل وجب الغسل (وان كنتم مرضى) جمع مريض وأراد به مرضا يضره استعمال الماء مثل الجدري ونحوه أو كان على موضع الطهارة جراحة يخاف من استعمال الماء فيها التلف أو زيادة الوجع فإنه يصلي بالتيمم وان كان الماء موجودا (أو على سفر) سواء كان السفر طويلا أو قصيرا وعدم الماء فإنه يصلي بالتيمم ولا اعادة عليه (أو جاء أحد منكم من الغائط) أراد به اذا أحدث والغائط اسم للمطمئن من الأرض وكانت عادة العرب اتيان الغائط للحدث فكنى عن الحدث بالغائط (أو لامستم النساء) قرأ حمزة والكسائي هاهنا وفي سورة النساء أو لمستم وقرأ الباقون (أو لامستم) واختلفوا في معنى اللمس والملامسة فقال قوم هو المجامعة وهو قول ابن عباس والحسن ومجاهد وقتادة وكنى باللمس عن الجماع لأنه لا يحصل إلا باللمس وقال قوم هما التقاء البشرتين سواء كان بجماع أو بغير جماع وهو قول ابن مسعود وابن عمر والشعبي والنخعي واختلف الفقهاء في حكم

(عن قتادة عن أنس) (1) أن نفرا من عكل وعرينة تكلموا بالاسلام فأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم أهل ضرع (2) ولم يكونوا أهل ريف (3) وشكوا حمى المدينة فأمر لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بذود (4) وأمرهم أن يخرجوا من المدينة فيشربوا من ألبانها وأبوالها فانطلقوا فكانوا في ناحية الحرة (5) فكفروا بعد اسلامهم وقتلوا راعي رسول الله صلى الله عليه وسلم وساقوا الذود فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث الطلب في آثارهم فأتى بهم فسمل أعينهم وقطع أيديهم وأرجلهم وتركوا بناحية الحرة يقضمون (6) حجارتها حتى ماتوا قال قتادة فبلغنا أن هذه الآية نزلت فيهم (إنما جزاء (7) الذين

_ اللمس وتقدم الكلام عليه في الأحكام في باب الوضوء من لمس المرأة من أبواب نواقض الوضوء في الجزء الثاني صحيفة 91 فارجع اليه (فتيمموا) أي اقصدوا (صعيدا طيبا) أي ترابا طيبا نظيفا طاهرا (فامسحوا بوجوهكم وأيديكم منه) في قوله تعالى منه دليل على أنه يجب مسح الوجه واليدين بالصعيد وهو التراب وتقدم الكلام على التيمم وصفته وأحكامه وكل ما يتعلق به من كتاب التيمم في الجزء الثاني (ما يريد الله ليجعل عليكم من حرج) يعني من ضيق بما فرض عليكم من الوضوء والغسل والتيمم عند عدم الماء (ولكن يريد ليطهركم) يعني الأحداث والذنوب والخطايا لأن الوضوء تكفير للذنوب (وليتم نعمته عليكم) يعني بيان الشرائع والأحكام وما تحتاجون اليه من أمر دينكم (لعلكم تشكرون) نعمة الله عليكم بأن طهركم من الأحداث والذنوب وما جعل عليكم في الدين من حرج (تخريجه) (ق وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن قتادة عن أنس (يعني ابن مالك رضي الله عنه) الخ (غريبه) (2) أي أهل ماشية من ذوات الضرع كالابل والغنم يرعونها ويتعيشون بلبنها ولحمها (3) الريف كل أرض فيها زرع ونخل وقيل هو ما قارب الماء من أرض العرب والمعنى أنهم من أهل البادية لامن أهل المدن (4) الذود من الابل ما بين الثنتين إلى التسع وقيل ما بين الثلاث إلى العشر واللفظ مؤنثة ولا واحد لها من لفظها كالنعم (5) بفتح المهملة وتشديد الراء مفتوحة أرض ذات حجارة سود بضواحي المدينة (6) بفتح الضاد المعجمة أي يعضونها وهذا الحديث تقدم مثله مشروحا شرحا تاما في باب ما جاء في المحاربين وقطاع الطريق من كتاب الحدود في الجزء السادس عشر صحيفة 124 (7) (التفسير) (انما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله) المحاربة لله غير ممكنة وفي معناها للعلماء قولان (احدهما) أن المحاربين لله هم المخالفون أمره الخارجون عن طاعته لأن كل من خالف أمر انسان فهو حرب له فيكون المعنى يخالفون الله ورسول ويعصون أمرهما (والقول الثاني) معناه يحاربون أولياء الله وأولياء رسوله فهو من باب حذف المضاف (ويسعون في الأرض فسادا) يعني بحمل السلاح والخروج على الناس وقتل النفس وأخذ الأموال وقطع الطريق (ان يقتلوا) من غير صلب أن أفردوا القتل (أو يصلبوا) مع القتل إن جمعوا بين القتل وأخذ المال (أو تقطع أيديهم وأرجلهم) أن أخذوا المال (من خلاف) حال من الأيدي والأرجل (أو ينفوا من الأرض) أي ينفى من بلده إلى غيره ويحبس في السجن في البلد الذي نفى إليه حتى تظهر توبته (ذلك) الذي ذكر من الحد (لهم خزي) ذل وهوان وفضيحة (في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم) هذا الوعيد في حق الكفار الذين نزلت الآية فيهم فأما من أجرى حكم الآية على المحاربين من المسلمين فينفى العذاب العظيم عنهم في الآخرة لأن المسلم اذا عوقب بجناية في الدنيا كانت عقوبته

يحاربون الله ورسوله) (باب يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون في الكفر) إلى قوله (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) (عن البراء بن عازب) (1) قال مر على رسول الله صلى الله عليه وسلم بيهودي محمم (2) مجلود فدعاهم فقال أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ فقالوا نعم قال فدعا رجلا من علمائهم فقال أنشدك بالله الذي أنزل التوراة على موسى أهكذا تجدون حد الزاني في كتابكم؟ (3) فقال لا والله لولا أنك أنشدتني بهذا (4) لم أخبرك نجد حد الزاني في كتابنا الرجم ولكنه كثر على أشرافنا فكنا إذا أخذنا الشريف تركناه واذا أخذنا الضعيف أقمنا عليه الحد فقلنا (5) تعالوا حتى نجعل شيئا نقيمه على الشريف والوضيع فاجتمعنا (6) على التحميم والجلد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اني أول من أحيا أمرك إذ أماتوه (7) قال فأمر به فرجم فأنزل الله عز وجل (يا أيها الرسول لا يحزنك (8) الذي يسارعون في الكفر - إلى قوله - يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه) يقولون ائتوا محمدا فإن افتاكم بالتحميم والجلد فخذوه وان افتاكم بالرجم فاحذروا (9) إلى قوله (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون) قال في اليهود (10) إلى قوله (ومن لم

_ كفارة له وان لم يعاقب في الدنيا فهو في خطر المشيئة إن شاء عذبه بجنايته ثم يدخله الجنة وان شاء عفا عنه هذا مذهب أهل السنة والله أعلم (تخريجه) (ق وغيرها) (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عبد الله بن مرة عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (2) أي مسود وجهه بالحمم بضم الحاء وفتح الميم وهو الفحم (3) قال العلماء هذا السؤال ليس لتقليدهم ولا لمعرفة الحكم منهم فإنما هو لإلزامهم بما يعتقدونه في كتابهم ولاظهار ما كتموه من حكم التوراة وأرادوا تعطيل نصها ففضحهم بذلك ولعله صلى الله عليه وسلم قد أوحى اليه أن الرجم في التوراة الموجودة في أيديهم لم يغيروه كما غيروا أشياء أو أنه أخبره بذلك من أسلم منهم ولهذا لم يخفف ذلك عليه حين كتموه (4) أي لولا أنك سألتني مقسما علي بمنزل التوراة (5) يعني فيما بيننا (6) أي فأجمعنا أمرنا على التحميم والجلد (7) أي في وقت أماتت اليهود أمرك واسقطوه عن العمل (8) (التفسير) (يا ايها الرسول لا يحزنك) صنع (الذين يسارعون في الكفر) يقعون فيه بسرعة أي يظهرونه اذا وجدوا فرصة (من) للبيان (الذين قالوا آمنا بأفواههم) بألسنتهم متعلق بقالوا (ولم تؤمن قلوبهم) وهم المنافقون (ومن الذين هادوا) قوم (سماعون للكذب) الذي افترته احبارهم سماع قبول (سماعون) منك (لقوم) أي لاجل قوم (آخرين) من اليهود (لم يأتوك) وهم أهل خيبر زنى فيهم محصنان فكرهوا رجمهما فبعثوا قريظة ليسألوا النبي صلى الله عليه وسلم عن حكمهما (يحرفون الكلم) الذي في التوراة كآية الرجم (من بعد مواضعه) التي وضعه الله عليها أي يبدلونه (يقولون) لمن أرسلوهم (ان أوتيتم هذا) الحكم المحرف أي الجلد أي أن افتاكم به محمد (فخذوه) أي اقبلوه (وان لم تؤتوه) بل أفتاكم بخلافه (فاحذروا) أن تقبلوه (9) جاء عند مسلم بعد قوله فاحذروا فأنزل الله تعالى (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون (10)) يعني أن اليهود لما أنكروا حكم الله تعالى المنصوص عليه في التوراة وقالوا انه غير واجب عليهم فهم كافرون على الاطلاق بموسى والتوراة وبمحمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم والقرآن (واختلف العلماء) فيمن نزلت هذه الآيات الثلاث وهي قوله ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون ومن لم يحكم بما أنز الله فأولئك هم الظالمون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون فقال جماعة من المفسرين إن الآيات الثلاث

يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الظالمون ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) قال هي في الكفار كلها (عن ابن عباس) (1) في قوله تعالى (فإن جاءوك فاحكم بينهم أو أعرض عنهم (2) وان تعرض عنهم فلن يضروك شيئا وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط ان الله يحب المقسطين) قال كان بنو النضير اذا قتلوا قتيلا من بني قريظة أدوا اليهم نصف الدية واذا قتل بنو قريظة من بني النضير قتيلا أدوا اليهم الدية كاملا فسوى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بينهم الدية (3) (وعنه أيضا) (4) أن الله عز وجل أنزل (ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون وأولئك هم الظالمون وأولئك هم الفاسقون) قال قال ابن عباس أنزلها الله في الطائفتين من اليهود وكانت احداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كل قتيل قتله العزيزة (5) من الذليلة فديته خمسون وسقا وكل قتيل قتله الذليلة من العزيزة فديته مائة وسق فكانوا على ذلك حتى قدم النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فذلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ويومئذ لم يظهر (6) ولم يوطئهما

_ نزلت في الكفار ومن غير حكم الله من اليهود لأن المسلم وان ارتكب كبيرة لا يقال انه كافر وهذا قول ابن عباس وقتادة والضحاك ويدل على صحة هذا القول هذا الحديث الصحيح وفي آخره قال هي في الكفار كلها (وعن ابن عباس) قال ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون إلى قوله الفاسقون هذه الآيات الثلاث في اليهود خاصة قريظة والنضير أخرجه أبو داود وقال ابن عباس وعكرمة ومن لم يحكم بما أنزل الله جاحدا به فقد كفر ومن أقر به ولم يحكم به فهو ظالم فاسق (قلت) وهذا هو الظاهر والله أعلم (تخريجه) (م د جه) (1) (سنده) حدثنا محمد بن سلمة عن ابن اسحاق عن داود بن حصين عن عكرمة عن ابن عباس الخ (2) (التفسير) اختلف علماء التفسير في حكم هذه الآية على قولين (أحدهما) أنها منسوخة وذلك أن أهل الكتاب كانوا اذا ترافعوا الى النبي صلى الله عليه وسلم كان مخيرا فإن شاء حكم بينهم وان شاء أعرض عنهم ثم نسخ ذلك بقوله (وأن احكم بينهم بما أنزل الله) فلزمه الحكم بينهم وزال التخيير وهذا القول مروي عن ابن عباس وعطاء ومجاهد وعكرمة (القول الثاني) انها محكمة وحكام المسلمين بالخيار إذا ترافعوا اليهم فإن شاءوا حكموا بينهم وان شاءوا اعرضوا عنهم وهذا القول مروي عن الحسن والشعبي والنخعي والزهري وبه قال أحمد لأن لا منافاة بين الآيتين أما قوله فاحكم بينهم أو اعرض عنهم ففيه التخيير بين الحكم والاعراض وأما قوله (وان احكم بينهم بما أنزل الله) ففيه كيفية الحكم إذا حكم بينهم ويؤيده هذا القول ما روى ان رسورة المائدة كلها محكمة ليس فيها منسوخ (وان حكمت فاحكم بينهم بالقسط) يعني بالعدل والاحتياط (إن الله يحب المقسطين) يعني العادلين فيما ولوه وحكموا فيه وهذا معنى قوله في الحديث فسوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم الدية (3) يعني كاملة كما في نسخة أخرى (تخريجه) (د نس) وابن جرير وسنده صحيح (4) (سنده) حدثنا ابراهيم بن أبي العباس حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن ابن عباس أن الله عز وجل الخ (غريبه) (5) العزيزة هم بنو النضير والذليلة هم بنو قريظة (6) أي لم يظهر من إحدى الطائفتين تعد على الأخرى (ولم يوطئهما) أي لم يوافقهما النبي صلى الله عليه وسلم على ما اصطلحا

عليه وهو في الصلح فقتلت الذليلة (1) من العزيزة قتيلا فأرسلت العزيزة إلى الذليلة أن ابعثوا الينا بمائة وسق فقالت الذليلة وهل كان هذا في حيين قط دينهما واحد ونبيهما واحد وبلدهما واحد؟ دية بعضها نصف دية بعض إنا انما أعطيناكم هذا ضيما (2) منكم لنا وفرقا منكم فأما إذ قدم محمد فلا نعطينكم ذلك فكادت الحرب تهيج بينهم ثم ارتضوا أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بينهم (3) ثم ذكرت العزيزة فقالت والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم (4) ولقد صدقوا ما أعطونا هذا إلا ضيما منا وقهرا لهم فدسوا الى محمد من يخبر لكم رأيه أن أعطاكم ما تريدون حكمتموه وان لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه (5) فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر الله رسوله بأمرهم كله وما أرادوا فأنزل الله عز وجل (يا أيها الرسول لا يحزنك الذين يسارعون إلى الكفر من الذين قالوا آمنا - إلى قوله - ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الفاسقون) (6) ثم قال فيها والله نزلت واياهما عنى الله عز وجل (7) (باب وكتبنا عليهم فيها أن النفس بالنفس الخ) (عن أنس ابن مالك) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها (وكتبنا عليهم فيها (9) أن النفس بالنفس والعين بالعين

_ عليه من أمر الدية (1) أي بنو قريظة من العزيزة يعني بني النضير (2) أي ظلما منكم لنا (وفرقا) بفتحات أي خوفا منكم (3) يعني حكما (4) معنا أن محمدا لا يقر ما أنتم عليه بل يسوي بينكما في الدية (5) هذا معنى قوله تعالى (ان أوتيتم هذا فخذوه وان لم تؤتوه فاحذروا (6) تقدم تفسير الآية في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (7) تقدم في الحديث الأول من أحاديث الباب وهو حديث البراء بن عازب أن هذه الآيات نزلت في اليهوديين اللذين زنيا وفي هذا الحديث والذي قبله انها انزلت في الدية في بني قريظة وبني النضير قال الحافظ ابن كثير في تفسيره وقد يكون اجتمع هذان السببان في وقت واحد فنزلت هذه الآيات في ذلك كله والله أعلم ولهذا قال بعد ذلك (وكتبنا عليهم فيها ان النفس بالنفس والعين بالعين) إلى آخرها وهذا يقوي أن سبب النزل قضية القصاص والله أعلم (قلت) وهو وجيه ولا مانع من ذلك لأن أحاديث القصتين صحيحه فيحتمل أن بعض الصحابة علم قصة الزنا ولم يعلم قصة الدية وبعضهم علم قصة الدية ولم يعلم قصة الزنا فحكى كل واحد ما علمه أو علم القصتين فحكى احداهما وترك الأخرى والله أعلم (تخريجه) (د نس) وسكت عنه أبو داود والمنذري وعزاه الحافظ السيوطي في الدر المنثور لأبي داود وابن جرير وابن المنذر والطبراني وأبي الشيخ وابن مردوية وسنده صحيح (باب) (8) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا ابن المبارك عن يونس بن يزيد عن أبي علي بن يزيد أخي يونس ابن يزيد عن الزهري عن أنس بن مالك الخ (9) (التفسير) (وكتبنا عليهم فيها) أي وفرضنا على اليهود في التوراة (أن النفس) مقتولة بالنفس اذا قتلتها بغير حق قرأ على بنصف النفس ورفع العين وما بعدها للعطف على محل أن النفس لأن المعنى وكتبنا عليهم النفس بالنفس إجراءا لكتبنا مجرى قلنا ونصب نافع وعاصم وحمزة المعطوفات كلها للعطف على ما عملت في أن ونصب الباقون الكل ورفعوا الجروح (والعين) مفقوءة (بالعين) (والأنف) مجدوع (بالأنف والأذن) مقطوعة (بالأذن والسن) مقلوعة

نصب النفس ورفع العين (باب يا أيها الذين آمنوا انما الخمر والميسر الخ) (عن سعد بن أبي وقاص) (1) قال صنع رجل من الانصار طعاما فأكلوا وشربوا وانتشوا (2) من الخمر وذاك قبل أن تحرم فاجتمعنا عنده فتفاخروا وقالت الانصار الأنصار خير وقالت المهاجرين المهاجرين خير فأهوى له رجل بلحنى (3) جزور ففزر أنفه (4) فكان أنف سعد مفزورا فنزلت (يا أيها الذين آمنوا انما الخمر والميسر (5) إلى قوله - فهل أنتم منتهون) (عن ابن عباس) (6) قال لما نزل تحريم الخمر قالوا يا رسول الله كيف باخواننا الذين ماتوا وهم يشربونها؟ فنزلت (وفي رواية) فقال بعضهم قد قتل سهيل بن بيضا وهي في بطنه قال فأنزل الله عز وجل (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح (7) فيما طعموا) الخ الآية

_ (بالسن والجروح قصاص) أي ذات قصاص أي مقاصة وهذا تعميم للحكم بعد ذكر بعض التفاصيل والمراد منه كل ما يمكن المساواة فيه من أي طريق كالذكر والانثيين والقدمين واليدين ومن الجراحات المضبوطة كالموضحة مثلا وهي التي توضح العظم وتبدي وضحه وهو الضوء والبياض وكذا منافع الاعضاء والاطراف كالسمع والبصر فأما الذي لا يمكن القصاص فيه كرض في لحم أو كسرفي عظم أو خدش وادماء في جلد ففي ذلك أرش وحكومة وتفاصيلها تقدمت في القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 272 - 273 في الجزء الثاني فارجع اليه تجد ما يسرك (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره بسنده ولفظه وعزاه للامام احمد وقال وكذا رواه أبو داود والترمذي والحاكم في مستدركه من حديث عبد الله بن المبارك وقال الترمذي حسن غريب وقال البخاري تفرد ابن المبارك بهذا الحديث اهـ (باب) (1) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في مناقب سعد بن أبي وقاص من كتاب مناقب الصحابة وهو حديث صحيح رواه مسلم والبيهقي (غريبه) (2) أي سكروا (3) بفتح اللام وسكون الحاء المهملة هو عظم الحنك وهو الذي عليه الاسنان (جزور) أي بعير (4) فزر بفتحات وتقديم الزاي على الراء أي شقه (5) (التفسير) بقية الآية (والانصاب والأزلام رجس من عمل الشيطان فاجتنبوه لعلكم تفلحون) تقدم تفسير هذه الآية في باب يسألونك عن الخمر والميسر من سورة البقرة ثم قال عز من قائل (انما يريد الشيطان ان يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر) أما العداوة في الخمر أن الشاربين اذا سكروا عربدو وتشاجروا كما فعل الانصاري الذي شج سعد بن أبي وقاص بلحى الجمل وأما العداوة في الميسر وهو القمار فقد قال قتادة كان الرجل يقامر على الأهل والمال ثم يبقى حزينا مسلوب الأهل والمال مغتاظا على حرفائه (ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة) وذلك ان من اشتغل بشرب الخمر والقمار الهاه ذلك عن ذكر الله وشوه عليه صلاته كما فعل بأضياف عبد الرحمن بن عوف تقدم رجل ليصلي بهم بعد ما شربوا فقرأ (قل يا ايها الكافرون أعبد ما تعبدون) بحذف لا (فهل أنتم منتهون) أي انتهوا لفظه استفهام ومعناه أمر كقوله تعالى (فهل أنتم شاكرون) (تخريجه) (م هق) والبغوي (6) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا اسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (7) (التفسير) (ليس على الذين آمنوا وعملوا الصالحات جناح) أي حرج (فما طعموا) أكلوا من الخمر والميسر قبل التحريم (اذا ما اتقوا) الشرك والمحرمات

(باب يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء الخ) (عن علي رضي الله عنه) (1) قال لما نزلت هذه الآية (ولله على الناس حج البيت من استطاع اليه سبيلا) قالوا يا رسول الله أفي كل عام؟ فسكت فقالوا أفي كل عام؟ فقال لا ولو قلت نعم لوجبت (2) فأنزل الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم تسؤكم) الخ الآية (3) (عن أنس بن مالك) (4) قال قال رجل (5) يا رسول الله من أبي؟ قال أبوك فلان فنزلت (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم تسؤكم) إلى تمام الآية

_ (وآمنوا وعملوا الصالحات ثم اتقوا وآمنوا) ثبتوا على التقوى والايمان (ثم اتقوا وأحسنوا) العمل (والله يحب المحسنين) أي يثيبهم (تخريجه) (مذ ك) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (قلت) وصححه الحاكم أيضا (باب) (1) (سنده) حدثنا منصور بن وردان الأسدي حدثنا علي بن عبد الأعلى عن أبيه عن أبي البختري عن علي الخ (2) تقدم الكلام على ذلك في باب وجوب الحج في الجزء الحادي عشر صحيفة 14 (3) (التفسير) (يا ايها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء ان تبد لكم تسؤكم) أي ان تظهر لكم تسؤكم أي ان امرتم بالعمل بها فإن من سأل عن الحج لم يأمن أن يؤمر به في كل عام فيسوءه ومن سأل عن نسبه كما سيأتي في حديث أنس لم يأمن من أن يلحقه بغيره فيفتضح وقال مجاهد نزلت حين سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن البحيرة والسائية والوصيلة والحام الا تراه ذكرها بعد ذلك؟ (قلت) روى البخاري عن سعيد بن المسيب قال البحيرة التي يمنع درها للطواغيت فلا يحلبها أحد من الناس والسائبة التي كانوا يسيبونها لآلهتهم فلا يحمل عليها شيء والوصيلة الناقة البكر تبكر في أول نتاج الإبل بأنثى ثم تثنى بعد بأنثى وكانوا يسيبونها لطواغيتهم ان وصلت احداهما بأخرى ليس بينهما ذكر والحام فحل الابل يضرب الضراب المعدود فإذا قضى ضرابه ودعوه للطواغيت وأعفوه من الحمل عليه فلا يحمل عليه شيء وسموه الحامي (وان تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبدلكم) معناه ان صبرتم حتى ينزل القرآن بحكم من فرض أو نهي أو حكم وليس في ظاهره شرح ما بكم اليه حاجة ومست حاجتكم اليه فإذا سألتم عنها حينئذ (تبد لكم) المعنى اذا سألتم عن أشياء في زمنه صلى الله عليه وسلم ينزل القرآن بابدائها ومتى ابداها ساءتكم فلا تسألوا عنها (عفا الله عنها) عن مسألتكم فلا تعوذوا (والله غفور حليم قد سألها) أي الأشياء (قوم من قبلكم) كما سألت ثمود صالحا الناقة وسأل قوم عيسى المائدة (ثم اصبحوا بها كافرين) أي لم يؤمنوا بها فأهلكهم الله عز وجل (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد ثم قال وكذا رواه الترمذي وابن ماجه والحاكم من حديث منصور بن وردان به ثم قال الترمذي حسن غريب وفيما قال نظر لأن البخاري قال لم يسمع أبو البختري من علي اهـ (قلت) وفي اسناده عبد الأعلى ابن عامر الثعلبي قال الامام احمد ضعيف وقال النسائي ليس بقوي ويكتب حديثه وقال ابن عدي قد حدث عنه الثقات كذا في التهذيب (4) (سنده) حدثنا روح ثنا شعبة قال أخبرني موسى بن أنس قال سمعت أنس بن مالك يقول قال رجل الخ (غريبه) (5) هو عبد الله بن حذافة كما صرح بهذا في رواية من حديث أنس عند الامام أحمد أيضا وتقدم في باب ما جاء في ذم كثرة السؤال في العلم لغير حاجة من كتاب العلم في الجزء الأول صحيفة 159 رقم 24 وفيه فقال عبد الله بن حذافة يا رسول الله

(باب يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) (عن علي بن مدرك) (1) عن أبي عامر الأشعري رضي الله عنه قال كان رجل قتل منهم بأوطاس فقال له النبي صلى الله عليه وسلم يا أبا عامر ألا غيرت؟ (2) فتلا هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) (3) فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) وقال أين ذهبتم انما هي يا أيها الذين آمنوا لا يضركم من ضل من الكفار اذا اهتديتم (عن قيس) (5) قال قام أبو بكر رضي الله عنه فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس انكم تقرؤن هذه الآية (6) (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل اذا اهتديتم) وانا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الناس إذا رأوا المنكر ولا يغيروه (7) أوشك الله أن يعمهم بعقابه (8) قال وسمعت أبا بكر رضي الله عنه يقول إياكم والكذب فإن الكذب مجانب (9) للإيمان

_ من أبي قال أبوك حذافة فقالت امه ما أردت إلى هذا؟ قال أردت أن استريح قال وكان يقال فيه قال حميد واحسب هذا عن أنس قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر رضينا بالله ربا وبالاسلام دينا نعوذ بالله من غضب الله وغضب رسوله زاد عند الشيخين قالت أم عبد الله بن حذافة لعبد الله بن حذافة ما سمعت يا ابن أخي منك؟ أمنت أن تكون أمك قارفت بعض ما تقارب من أهل الجاهلية فتفضحها على أعين الناس؟ فقال عبد الله بن حذافة لو ألحقني بعبد أسود لحقته (تخريجه) (ق وغيرهما) (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال ثنا مالك بن مغول ثنا علي بن مدرك الخ (غريبه) (2) أي الا غيرت هذا المنكر (3) (التفسير) (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم) قال العلماء هذا أمر من الله تعالى ومعناه احفظوا أنفسكم من ملابسة الذنوب والاصرار على المعاصي لأنك إذا قلت عليك زيدا معناه الزم زيدا وقيل معناه عليكم أنفسكم فأصلحوها واعملوا في خلاصها من عذاب الله عز وجل وانظروا لها ما يقربها من الله عز وجل (لا يضركم من ضل اذا اهتديتم) يعني لا يضركم كفر من كفر اذا كنتم مهتدين وأطعتم الله عز وجل فيما أمركم به ونهاكم عنه قال سعيد بن جبير ومجاهد نزلت هذه الآية في أهل الكتاب اليهود والنصارى يعني عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل من أهل الكتاب فخذوا منهم الجزية واتركوهم (4) انما غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكون أبي عامر فهم من الآية عدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر فأفهمه أن المراد بها الكفار وقد فسرها بذلك سعيد ابن جبير ومجاهد (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجالهما ثقات إلا أني لم أجد لعلي بن مدرك سماعا من أحد من الصحابة (5) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا زهير يعني ابن معاوية قال ثنا اسماعيل بن أبي خالد قال حدثنا قيس الخ (قلت) قيس هو ابن أبي حازم (غريبه) (6) زاد أبو داود في روايته (وتضعونها على غير مواضعها) يعني تجرونها على عمومها وتمتنعون عن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مطلقا وليس كذلك (7) أي أن أمكنهم ذلك (8) أي عذابه (9) أي لا يتفق مع الايمان بمعنى أن الكاذب لا يكون مؤمنا (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد ثم قال وقد روى هذا الحديث أصحاب السنن الأربعة وابن حبان في صحيحه وغيرهم من طرق كثيرة عن جماعة كثيرة عن اسماعيل بن أبي خالد متصلا مرفوعا ومنهم من رواه عنه موقوفاً

(باب إن تعذبهم فإنهم عبادك الآية) (حدثني جسرة بنت دجانة) (1) انها انطلقت معتمرة فانتهت إلى الربذة (2) فسمعت أب ذر يقول قام النبي صلى الله عليه وسلم ليلة من الليالي في صلاة العشاء فصلى بالقوم ثم تخلف أصحاب له يصلون فلما رأى قيامهم وتخلفهم انصرف إلى رحله فلما رأى القوم قد أخلوا المكان رجع إلى مكانه فصلى فجئت فقمت خلفه فأومأ إلى بيمينه فقمت عن يمينه ثم جاء ابن مسعود فقام خلفي وخلفه فأومأ اليه بشماله فقام عن شماله فقمنا ثلاثتنا يصلي كل رجل منا بنفسه ويتلو من القرآن ما شاء الله أن يتلو فقام بآية من القرآن يرددها حتى صلى الغداة فبعد أن أصبحنا أومأت إلى عبد الله بن مسعود أن سله ما أراد إلى ما صنع البارحة؟ فقال ابن مسعود بيده لا اسأله عن شيء حتى يحدث إلي فقلت بأبي أنت وأمي (3) قمت بآية من القرآن ومعك القرآن لو فعل هذا بعضنا وجدنا عليه (4) قال دعوت لأمي قال فماذا أجبت أو ماذا رد عليك؟ قال أجبت بالذي لو اطلع عليه كثير منهم طلعة تركوا الصلاة قال أفلا أبشر الناس قال بلى فانطلقت معنقا (6) قريبا من قذفة بحجر فقال عمر يا رسول الله انك ان تبعث إلى الناس بهذا نكأوا (7) عن العبادة فنادى ان ارجع فرجع وتلك الآية (أن تعذبهم فإنهم عبادك (8) وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم)

_ على الصديق وقد رجع رفعه الدارقطني وغيره اهـ (قلت) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وروى الترمذي أيضا باسناد حسن عن أبي أمية الشعباني قال أتيت أبا ثعلبة الخشني فقلت له كيف تصنع في هذه الآية؟ قال أية آية؟ قلت قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) قال أما والله لقد سألت عنها خبيرا سألت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بل ائتمروا بالمعروف وتناهوا عن المنكر حتى إذا رأيت شحا مطاعا وهوى متبعا ودنيا مؤمرة واعجاب كل ذي رأى برأيه فعليك بخاصة نفسك ودع العوام فإن من ورائكم أياما الصبر فيهن مثل القبض على الجمر للعامل فيهن مثل أجر خمسين رجلا يعملون مثل عملكم قال عبد الله بن المبارك وزادني غير عتبة عتبة قيل يا رسول الله أجر خمسين رجلا منا أو منهم؟ قال لا بل أجر خمسين رجلا منكم قال الترمذي هذا حديث حسن غريب (قلت) وأخرجه (د جه) وابن جرير وابن أبي حاتم (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى (يعني ابن سعيد) حدثنا قدامة بن عبد الرحمن حدثني جسرة بنت دجانة الخ (غريبه) (2) الربذة بالتحريك هي منزل من منازل حاج العراق على ثلاث مراحل من المدينة قريبة من ذات عرق وبها قبر ابي ذر الغفاري رضي الله عنه لأنه توطنها في آخر حياته ومات بها (3) أي أفديك بأبي وأمي والقائل ذلك هو أبو ذر (4) أي غضبنا عليه (5) معنى هذا أنه عز وجل استجاب دعاءه بالمغفرة لأمته (6) أي مسرعا (7) بفتح الكاف أي امتنعوا (8) (التفسير) (ان تعذبهم فإنهم عبادك) تتصرف في شأنهم كيف شئت بعد لك (وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز) في الملك الغالب على أمره (الحكيم) في القضاء لا ينقص من عزك شيء ولا يخرج من حكمك تلا النبي صلى الله عليه وسلم قول عيسى بن مريم عليه السلام (ان تعذبهم فإنهم عبادك الآية) حينما سأل ربه الشفاعة لأمته فأعطاه إياها كما جاء في حديث آخر لأبي ذر عند الامام احمد أيضا وفيه قلت يا رسول الله ما زلت تقرؤ هذه الآية حتى اصبحت تركع بها وتسجد بها؟ قال اني سألت ربي عز وجل الشفاعة لأمتي فأعطانيها وهي نائلة ان شاء الله لمن لا يشرك بالله شيئا (وروى ابن أبي حاتم) بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم تلا قول عيسى

(سورة الأنعام) (باب وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه الآية) (عن عبيد الله بن زياد) (1) عن ابني يسر السلميين قال دخلت عليهما فقلت يرحمكما الله الرجل منا يركب دابته فيضربها بالسوط ويكفحها (2) باللجام هل سمعتما من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك شيئا؟ (3) قالا لا ما سمعنا منه في ذلك شيئا فإذا امرأة قد نادت من جوف البيت أيها السائل ان الله عز وجل يقول (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه (4) إلا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء) فقالا هذه أختنا وهي أكبر منا وقد أدركت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم

_ (إن تعذبهم فإنهم عبادك وان تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) فرفع يديه فقال اللهم أمتي وبكى فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد - وربك أعلم - فاسأله ما يبكيه فأتاه جبريل فسأله فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم بما قال وهو أعلم فقال الله يا جبريل اذهب إلى محمد فقل انا سنرضيك في أمتك ولا نسوءك (تخريجه) (نس جه) مختصرا وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده صحيح ورجاله ثقات ثم قال رواه النسائي في الكبرى واحمد في المسند وابن خزيمة في صحيحه والحاكم وقال صحيح (سورة الأنعام) (باب) (1) (سنده) حدثنا علي بن بحر قال حدثنا عيسى بن يونس قال ثنا عبد الرحمن بن يزيد يعني ابن جابر عن عبيد الله بن زياد الخ (غريبه) (2) أي يجذبها باللجام لتقف ويقال فيه أيضا (يكبحها) بالياء الموحدة المفتوحة بدل الفاء قال في النهاية في حديث الافاضة من عرفات (وهو يكبح راحلته) كبحت الدابة اذا جذبت راسها اليك وانت راكب ومنعتها من الجماع وسرعة السير (3) يريد أن الانسان يؤاخذ بذلك أم لا؟ (4) (التفسير) (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه) الدابة اسم لما يدب على الأرض وتقع على المذكر والمؤنث وقيد الطائر بالجناحين لنفي المجاز لأن غير الطائر قد يقال فيه طار اذا اسرع قال العلماء جميع ما خلق الله عز وجل لا تخرج عن هاتين الحالتين اما ان يدب على الأرض أو يطير في الهواء حتى الحقوا حيوان الماء بالطير لأن الحيتان تسبح في الماء كما ان الطير يسبح في الهواء وانما خص ما في الأرض بالذكر دون ما في السماء وان كان ما في السماء مخلوقا له لأن الاحتجاج بالمشاهد أظهر وأولى مما لا يشاهد (إلا أمم أمثالكم) قال مجاهد اي أصناف مصنفة تعرف بأسمائها يريد أن كل جنس من الحيوان أمة فالطير أمة والدواب أمة والسباع أمة تعرف بأسمائها مثل بني آدم يعرفون بأسمائهم كما يقال الانس والناس ويدل على أن كل جنس من الدواب أمة ما روى عن عبد الله بن مغفل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لولا ان الكلاب أمة من الأمم لأمرت بقتلها فاقتلوا منها كل أسود بهيم رواه الامام احمد والأربعة وصححه الترمذي وتقدم في باب الرخصة في عدم قتل الكلاب من كتاب القتل والجنايات في الجزء السادس عشر صحيفة 22 رقم 70 وقد اختلف العلماء في وجه هذه المماثلة فقيل ان هذه الحيوانات تعرف الله وتوحده وتسبحه وتصلي له كما أنكم تعرفونه وتوحدونه وتسبحونه وتصلون له قال تعالى (وان من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم) وقيل انها يفهم بعضها عن بعض ويألف بعضها بعضا كما أن جنس الانسان يألف بعضها بعضا ويفهم بعضهم عن بعض وقيل أمثالكم في طلب الرزق وتوقي المهالك ومعرفة الذكر والأنثى وقيل أمثالكم في الخلق والاحتياج إلى مدير يدبر أمرها وفي الموت والبعث بعد الموت للحساب حتى يقتص للجماء من للقرناء

(باب وأنذر به الذين يخالفون أن يحشروا إلى ربهم - إلى قوله - والله أعلم بالظالمين) (عن ابن مسعود) (1) قال مر الملأ من قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده خباب (2) وصهيب وبلال وعمار فقالوا يا محمد ارضيت بهؤلاء (3) فنزل فيهم القرآن (وأنذر به (4) الذين يخافون أن يحشروا إلى

_ كما ورد في الحديث (ما فرطنا في الكتاب من شيء) يعني في اللوح المحفوظ لأنه يشمل جميع أحوال المخلوقات وقيل أن المراد بالكتاب القرآن يعني أن القرآن مشتمل على جميع الأحوال (ثم إلى ربهم يحشرون) يعني الدواب والطير قال ابن عباس حشرها موتها وقال ابو هريرة يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة البهائم والدواب والطير وكل شيء فيأخذ للجماء من القرناء ثم يقول كوني ترابا وعن أبي هريرة أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقاد للشاة الجماء من الشاة القرناء (م حم وغيرهما) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (باب) (1) (سنده) حدثنا أسباط حدثنا أشعث عن كردوس عن ابن مسعود الخ (غريبه) (2) هو خباب بفتح أوله وتشديد الموحدة ابن الأرت بفتح الهمزة والراء بعدها تاء مثناة مشددة وهو عربي يلتقي نسبه مع النبي صلى الله عليه وسلم في الياس بن مضر لحقه سباء في الجاهلية فبيع بمكة وكان خباب من السابقين إلى الاسلام وممن عذبوا في الله وكان سادس ستة في الاسلام (قال مجاهد) أول من أظهر اسلامه من الصحابة أبو بكر وخباب وصهيب وبلال وعمار وسمية أم عمار وشهد بدرا ثم نزل الكوفة ومات بها في خلافة علي رضي الله عنه سنة سبع وثلاثين (وصهيب) هو ابن سنان أبو يحيى الرومي أصله من النمر يقال كان اسمه عبد الملك وصهيب لقب صحابي شهير من السابقين إلى الاسلام وممن عذبوا في الله مات بالمدينة سنة ثمان وثلاثين في خلافة علي وقيل قبل ذلك والله أعلم (وبلال) هو ابن رباح مؤذن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن حمامة وهي أمه أبو عبد الله مولى أبي بكر من السابقين الأولين شهد بدرا والمشاهد مات بالشام سنة سبع عشرة أو ثمان عشرة وقيل سنة عشرين وله بضع وستون سنة (وعمار) هو ابن ياسر أبو اليقظان مولى بني مخزوم صحابي جليل مشهور من السابقين الأولين ممن عذبوا في الله وممن شهدوا بدرا قتل مع علي رضي الله عنه بصفين سنة سبع وثلاثين (3) يعني العبيد الفقراء أرضيت أن يجلسوا معك ونحن أشراف قريش نجلس معهم وقد زاد ابن جرير في هذا الحديث نفسه (أرضيت بهؤلاء من قومك؟ أهؤلاء الذين من الله عليهم من بيننا؟ أنحن نصير تبعا لهؤلاء؟ اطردهم فلعلك ان طردتهم ان نتبعك) فنزلت (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى يريدون وجهه) الآية (4) (التفسير) (وأنذر به) أي بما يوحى اليك من القرآن (الذين يخافون ان يحشروا الى ربهم) هم المسلمون المقرون بالبعث إلا أنهم مفرطون في العمل فينذرهم بما أوحى إليه أو أهل الكتاب لأنهم مقرون بالبعث (ليس لهم من دونه ولي ولا شفيع) وفي موضع الحال من يحشروا أي يخافون أن يحشروا غير منصورين ولا مشفوعا لهم (لعلهم يتقون) يدخلون في زمرة أهل التقوى ولما أمر النبي صلى الله عليه وسلم بانذار غير المتقين ليتقوا أمر بعد ذلك بتقريب المتقين ونهى عن طردهم بقوله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشى) واثني عليهم بأنهم يواصلون دعاء ربهم أي عبادته ويواظبون عليها قيل يصلون صلاة الصبح والعصر أو الصلوات الخمس (يريدون وجهه) قال ابن عباس يطلبون ثواب الله نزلت في الفقراء بلال وصهيب وعمار واضرابهم حين قال رؤساء المشركين لو طردت هؤلاء السقاط لجالسناك فقال صلى الله عليه وسلم ما أنا بطارد المؤمنين فقالوا اجعل لنا يوما ولهم يوما وطلبوا بذلك

ربهم - إلى قوله - فتكون من الظالمين) (باب قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم الآية) (عن سعد بن أبي وقاص) (1) قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية (هو القادر (2) على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم أو من تحت أرجلكم) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) أما إنها كائنة ولم يأت على تأويلها بعد (عن عمرو) (4) سمع جابر بن عبد الله لما

_ كتابا فدعا عليا رضي الله عنه ليكتب فقام الفقراء وجلسوا ناحية وكان المشركون طعنوا فيهم وطلبوا أن يطردهم ليجالسوه وأراد النبي صلى الله عليه وسلم ذلك طمعا في اسلاما لا احتقارا للفقراء فنزلت (ولا تطرد الذين يدعون ربهم) الآية فرمى النبي صلى الله عليه وسلم بالصحيفة وأتى الفقراء فعانقهم (ما عليك من حسابهم من شيء وما من حسابك عليهم من شيء) ذلك ان كفار قريش طعنوا في دين الفقراء واخلاصهم والمعنى حسابهم عليهم لازم لهم لا يتعداهم اليك كما أن حسابك عليك لا يتعداك اليهم (فتطردهم) جواب النفي وهو ما عليك من حسابهم (فتكون من الظالمين) جواب النهي وهو لا تطرد ويجوز أن يكون عطفا على فتطردهم على وجه التسبيب لأن كونه ظالما مسبب عن طردهم والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني الا انه قال فقالوا يا محمد هؤلاء من الله عليهم من بيننا؟ لو طردت هؤلاء لاتبعناك فأنزل الله (ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي - إلى قوله - اليس الله بأعلم بالمشاكرين) ورجال احمد رجال الصحيح غير كردوس وهو ثقة اهـ ورواه الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد وابن جرير وذكره الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لابن أبي حاتم وابي الشيخ وابن مردوية وأبي نعيم في الحلية (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو اليمان حدثنا أبو بكر بن عبد الله عن راشد ابن سعد عن سعد بن أبي وقاص الخ (2) (التفسير) (هو القادر) أي هو الذي عرفتموه قادرا وهو الكامل القدرة فاللام يحتمل العهد والجنس (على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) كما أمطر على قوم لوط وعلى أصحاب الفيل الحجارة (أو من تحت أرجلكم) كما غرق فرعون وحسف بقارون وقوم شعيب أو حبس المطر والنبات هذا ما قاله المفسرون السابقون (ونزيد على قولهم هذا) في تفسير قوله تعالى (قل هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) كالطائرات التي حدثت في زماننا هذا ترمي بالقنابل المهلكة من الجو على المساكين فتهدمها على من فيها (أو من تحت أرجلكم) كالغواصات الحديثة التي تغوص البحار وتستقر في قاعها وتقذف بالمدمرات وهي في قاع البحر فتهلك من على ظهره في السفن وكآلات النسف التي توضع في أسفل المنازل والعمارات والمؤسسات ثم تنفجر فتجعل عاليها سافلها فيهلك من فيها وهذا من معجزات القرآن حيث قد أظهر العلم الحديث بعض أسراره قال تعالى (ويخلق مالا تعلمون) (أو يلبسكم شيعا) يعني أو يخلطكم فرقا مختلفين على أهواء شتى كل فرقة منكم مشايعة لامام ومعنى خلطهم أن ينشب القتال بينهم فيختلطوا ويشتبكوا في ملاحم القتال (ويذيق بعضكم بأس بعض) أي يقتل بعضكم بعضا والبأس آلة الحرب وقد حصل كل ذلك (3) اما بالتخفيف حرف تنبيه (انها) أي الخصلة المذكورة من بعث العذاب من الفوق أو من التحت (كائنة) أي واقعة فيما بعد (ولم يأت تأويلها) أي عاقبة ما فيها من الوعيد (وقوله بعد) بالبناء على الضم أي إلى الآن (قلت) قد وقع كل ذلك بعد النبي صلى الله عليه وسلم وهو من معجزات النبوة (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب (4) (سنده) حدثنا

نزلت (هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعوذ بوجهك فلما نزلت (أو من تحت أرجلكم) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعوذ بوجهك فلما نزلت (أو يلبسكم شيعا ويذيق بعضكم بأس بعض) قال هذه (1) أهون وأيسر (عن ابي بن كعب) (2) في قوله تعالى (هو القادر على أن يبعث عليكم عذابا من فوقكم) الآية قال هن أربع وكلهن عذاب وكلهن واقع لا محالة فمضت اثنتان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بخمس وعشرين سنة فألبسوا شيعا وذاق بعضهم بأس بعض (3)

_ سفيان عن عمرو (يعني ابن جابر الحضرمي) سمع جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (1) جاء عند الترمذي هاتان بدل هذه يعني خصلة الالباس وخصلة اذاقة بعضهم بأس بعض (أهون وأيسر) أي من بعث العذاب من الفوق أو التحت (تخريجه) (خ مذ نس حب) وابن جرير وابن مردويه وهو يفيد ان العذاب من الفوق أو من التحت لا يقعان لأن النبي صلى الله عليه وسلم استعاذ منهما ويؤيد ذلك حديث ابن عباس عند ابن مردويه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دعوت الله أن يرفع عن أمتي أربعا فرفع عنهم اثنتين وأبى أن يرفع عنهم اثنتين دعوت الله أن يرفع عنهم الرجم من السماء والخسف من الأرض وان لا يلبسهم شيعا ولا يذيق بعضهم بأس بعض فرفع الله عنهم الخسف والرجم وأبى أن يرفع عنهم الأخريين (فان قيل) جاء في حديث سعد بن أبي وقاص المتقدم أن الرجم والخسف كائنان في هذه الأمة فما وجه التوفيق (الجواب) ان الاعاذة المذكورة في حديث جابر وغيره مقيدة بزمان مخصوص وهو وجود الصحابة والقرون الفاضلة وأما بعد ذلك فيجوز وقوع ذلك فيهم ويحتم في طريق الجمع أن يكون المراد ان ذلك لا يقع لجميعهم وان وقع لأفراد منهم غير مقيدة بزمان كما في خصلة العدو الكافر والسنة العامة فإنه ثبت في صحيح مسلم من حديث ثوبان رفعه في حديث (ان الله زوى لي مشارق الأرض ومغاربها وسيبلغ ملك أمتي ما زوى لي منها) الحديث وفيه (واني سألت ربي أن لا يهلك أمتي بسنة عامة وان لا يسلط عليهم عدوا من غير أنفسهم وان لا يلبسهم شيعا ويذيق بعضهم بأس بعض فقال يا محمد اني اذا قضيت قضاءا فإنه لا يرد واني أعطيتك لأمتك ان لا اهلكهم بسنة عامة وان لا أسلط عليهم عدوا من غيرهم يستبيح بيضتهم حتى يكون بعضهم يهلك بعضا) وأخرج الطبري (قلت والامام احمد ايضا) من حديث شداد نحوه باسناد صحيح فلما كان تسليط العدو الكافر قد يقع على بعض المؤمنين لكنه لا يقع عموما فكذلك الخسف والقذف أفاده الحافظ (2) (سنده) حدثنا روح بن عبد المؤمن ثنا عمر بن شقيق ثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب الخ (غريبه) (3) يشير بذلك إلى قتل عثمان بن عفان رضي الله عنه فهو أول الفتن وتفرق المسلمين وقتال بعضهم بعضا وكان ذلك سنة خمس وثلاثين من الهجرة وكانت وفاة النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة فقد روى الشيخان والامام احمد وغيرهم عن ابن عباس قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لأربعين سنة فمكث ثلاث عشرة ثم أمر بالهجرة فهاجر عشر سنين يعني مدة مكثه بالمدينة ثم مات وهو ابن ثلاث وستين وهذه أصح الروايات فعلم من هذا ابتداء الفتن قتل عثمان رضي الله عنه (روى ابن عساكر) بسنده عن حذيفة بن اليمان قال أول الفتن قتل عثمان وآخر الفتن خروج الدجال والذي نفسي بيده لا يموت رجل وفي قلبه مثقال حبة من حب قتل عثمان الا تبع الدجال ان ادركه وان لم يدركه آمن به في قبره وقال زيد بن صوحان يوم

وثنتان واقعتان لا محالة الخسف والرجم (1) (وفي رواية الخسف) والقذف (باب الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم) (عن عبد الله) (2) قال لما نزلت هذه الآية (الذين آمنوا ولم يلبسوا ايمانهم بظلم) (3) شق ذلك على الناس وقالوا يا رسول الله فأينا لا يظلم نفسه؟ قال انه ليس الذي تعنون (4) الم تسمعوا ما قال العبد الصالح (5) (يا بني لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم) انما هو الشرك (وفي لفظ) الم تسمعوا ما قال لقمان لابنه (لا تشرك بالله ان الشرك لظلم عظيم) (باب ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) (عن ابن عباس) (6) قال لما نزلت (ولا تقربوا مال اليتيم الا بالتي هي أحسن) عزلوا أموال اليتامى حتى جعل الطعام يفسد واللحم ينتن فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت (وان تخالطوهم فاخوانكم والله يعمل المفسد من المصلح) قال فخالطوهم

_ قتل عثمان نفرت القلوب منافرها والذي نفسي بيده لا تتألف إلى يوم القيامة وقالت أم سليم لما سمعت بقتل عثمان رحمه الله أما انه لم يحلبوا بعده إلا دما تريد كثرة القتل وسفك الدماء ذكر هذه الآثار الحافظ ابن كثير في تاريخه البداية والنهاية (1) تقدم الكلام على ذلك في شرح الحديث السابق وقد ثبت في الأحاديث المرفوعة (ليكونن في هذه الأمة قذف وخسف ومسخ وسيأتي مع نظائره في كتاب علامات الساعة واشراطها وظهور الآيات قبل يوم القيامة (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد ابن أبي حاتم وابي جعفر الرازي (باب) (2) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال الخ (3) (التفسير) (الذين آمنوا أو لم يلبسوا) أي لم يخلطوا (ايمانهم بظلم) أي بشرك كالمنافقين اي يقول الذين اخلصوا العبادة لله وحده لا شريك له ولم يشركوا به شيئا (أولئك لهم الأمن) أي هم الآمنون يوم القيامة (وهم مهتدون) أي المهتدون في الدنيا والآخرة (4) أي ليس معناه الظلم كما تفهمون ان يفعل بعض ما نهى الله عنه أو يترك بعض ما أمر الله به إنما هو الشرك بالله (5) يعني لقمان كما نطق به القرآن وصرح به في اللفظ الآخر (تخريجه) (ق مذ) وابن جرير وغيرهم (باب) (6) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في اباب (وان تخالطوهم فاخوانكم) في تفسير سورة البقرة وهو يتضمن جزءا من الوصايا العشر التي جاء بها القرآن في سورة الانعام أولها قوله تعالى (قل تعالوا أتلوا ما حرم ربكم عليكم) الآيات (روى الترمذي) بسنده عن عبد الله بن مسعود قال من سره أن ينظر إلى الصحيفة التي عليها خاتم محمد صلى الله عليه وسلم فليقرأ هؤلاء الآيات (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم - إلى قوله لعلكم تتقون) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب (وقال ابن عباس) هذه الآيات محكمات في جميع الكتب لم ينسخهن شيء وهن محرمات على بني آدم وهن أم الكتاب من عمل بهن دخل الجنة ومن تركهن دخل النار ذكره البغوي في تفسيره وروى الحاكم المستدرك بسنده عن ابن عباس أيضا قال ان في الانعام آيات محكمات هن أم الكتاب ثم قرأ قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم الآيات وصححه الحاكم واقره الذهبي (وروى الحاكم أيضا) بسنده عن عبادة بن الصامت قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يبايعني على هؤلاء الآيات ثم قرأ (قل تعالوا أتل ما حرم ربكم عليكم) حتى ختم الآيات الثلاث فمن وفى فأجره على الله ومن انتقص شيئا أدركه الله بها في الدنيا كانت عقوبته ومن أخر إلى الآخرة كان أمره إلى الله إن شاء عذبه وان

(باب وأن هذا صراطي مستقيما الخ) (عن عبد الله بن مسعود) (1) قال خط لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطا ثم قال هذا سبيل الله ثم خط خطوطا عن يمينه وعن شماله ثم قال هذه سبل متفرقة على كل سبيل منها شيطان يدعو اليه ثم قرأ (وان هذا صراطي مستقيما (2) فاتبعوه ولا تتبعوا

_ شاء غفر له صححه الحاكم وأقره الذهبي لهذا رأيت أن أتي بهذه الآيات وتفسيرها للانتفاع بما فيها لأنها جامعة شاملة فأقول وبالله التوفيق لما بين الله تعالى في الآيات السابقة فساد قول هؤلاء المشركين الذين عبدوا غير الله وحرموا ما رزقهم الله وزعموا أن الله أمرهم بتحريم ما حرموه على أنفسهم وقتلوا أولادهم وكل ذلك فعلوه بآرائهم وتسويل الشياطين قال الله عز وجل (قل) لهم يا محمد (تعالوا) أي هلموا وأقبلوا (أتل ما حرم ربكم عليكم) أي أقرأ ما حرم ربكم عليكم حقا يقينا لا شك فيه ولا ظنا ولا كذبا كما تزعمون أنتم بل هو وحي أوحاه الله الي (أن لا تشركوا به شيئا) أن مفسرة لفعل التلاوة ولا للنهي ومعنى هذا الاشراك الذي حرمه الله ونهى عنه هو أن يجعل لله شريكا في خلقه أو يريد بعبادته رياءا وسمعة ومنه قوله تعالى (ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) (وبالوالدين إحسانا) أي وفرض عليكم ووصاكم بالوالدين إحسانا لأنهما السبب في وجود الانسان ولما لهما عليه من حق التربية والشفقة والحفظ من المهالك في حال صغره (ولا تقتلوا أولادكم) بالوأد (من املاق) من أجل فقر تخافونه وذلك أنهم كانوا يقتلون البنات خشية العار وربما قتلوا بعض الذكور خشية الافتقار (نحن نرزقكم وإياهم) أي لأن رزق العبيد على مولاهم (ولا تقربوا الفواحش) أي الكبائر كالزنا ونحوه وكذلك الصغائر وانما خص الكبائر بالذكر وعبر عنها بالفواحش لعظم ذنبها (ما ظهر منها) بدل من الفواحش أي ما بينك وبين الخلق (وما بطن) ما بينك وبين الله (ولا تقتلوا النفس التي حرم الله) انما أفرده بالذكر تعظيما لأمر القتل وانه من أعظم الفواحش والكبائر (إلا بالحق) كالقصاص والقتل على الردة والرجم على الزاني المحصن روى ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل دم امرئ مسلم شهد أن لا إله إلا الله واني رسول الله إلا بإحدى ثلاث الزاني (يعني المحصن) والنفس بالنفس والتارك لدينه المفارق للجماعة رواه (ق حم وغيرهم) (ذلكم وصاكم به) أي امركم به وأوجبه عليكم (لعلكم تتقون) أي لكي تفهموا وتتدبروا ما في هذه التكاليف من الفوائد والمنافع (ولا تقربوا مال اليتيم إلا بالتي هي أحسن) أي إلا بما فيه صلاحه وحفظه وتثميره (حتى يبلغ أشده) المراد بالأشد في هذه الآية هو ابتداء بلوغ الحلم مع ايناس الرشد وهذا هو المختار في تفسيرها (وأوفوا الكيل والميزان بالقسط) أي بالعدل وترك البخس (لا نكلف نفسا إلا وسعها) أي طاقتها وما يسعها في ايفاء الكيل والميزان واتمامه والمعنى من اجتهد في اداء الحق وأخذه فإن أخطأ بعد استفراغ وسعه وبذل جهده فلا حرج عليه (واذا قلتم فاعدلوا) أي في الحكم والشهادة (ولو كان ذا قربى) أي ولو كان المقول له أو عليه في شهادة أو غيرها من أهل قرابة القائل كقوله (ولو على أنفسكم أو الوالدين والأقربين) (وبعهد الله) يعني الميثاق وفي الأمر والنهي والوعد والوعيد والنذر واليمين (أوفوا) أي يجب الوفاء به (ذلكم) يعني الذي ذكر في هذه الآيات (وصاكم به) يعني بالعمل به (لعلكم تذكرون) أي تتعظون فتأخذون ما أمرتم به (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا يزيد أخبرنا حماد بن زيد عن عاصم بن ابي النجود عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود الخ (2) (التفسير) (وان هذا صراطي) يعني طريقي وديني الذي أرتضيه

السبل فتفرق بكم عن سبيله) (باب هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة أو يأتي ربك) الآية (عن أبي ذر) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال تغيب الشمس تحت العرش (2) فيؤذن لها فترجع فإذا كانت تلك الليلة التي تطلع صبيحتها من المغرب لم يؤذن لها (3) فإذا أصبحت قيل لها اطلعي من مكانك (4) ثم قرأ (هل ينظرون الا أن تأتيهم الملائكة (5) أو يأتي ربك أو يأتي بعض آيات ربك) (عن أبي سعيد الخدري) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم (يوم يأتي بعض آيات ربك (7) لا ينفع نفسا إيمانها)

_ لعبادي (مستقيما) يعني قويما لا اعوجاج فيه (فاتبعوه) يعني فاعملوا به وقيل ان الله تعالى لما بين في الآيتين المتقدمتين ما وصى به مفصلا أجمله في هذه الآية إجمالا يقتضي دخول جميع ما تقدم ذكره فيه ويدخل فيه أيضا جميع أحكام الشريعة وكل ما بينه رسول الله صلى الله عليه وسلم من دين الاسلام وهو المنهج القويم والصراط المستقيم (ولا تتبعوا السبل) الطرق المختلفة في الدين من اليهودية والنصرانية والمجوسية وسائر البدع والضلالات (فتفرق بكم عن سبيله) يعني فتميل بكم هذه الطرق المختلفة المضلة عن دينه وطريقه الذي ارتضاه لك (ذلكم وصاكم به) يعني باتباع دينة وصراطه الذي لا اعوجاج فيه (لعلكم تتقون) أي تجتنبون الطرق المختلفة والسبل الضلة والله أعلم (تخريجه) (ك نس) وابن جرير وابن مردوية وصححه الحاكم (باب) (1) (سنده) حدثنا مؤمل ثنا حماد يعني ابن سلمة ثنا يونس عن ابراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر الخ (غريبه) (2) جاء عند الشيخين والامام احمد من وجه آخر لأبي ذر قال فتخر ساجدة فال تزال كذلك حتى يقال لها ارتفعي ارجعي من حيث جئت فترجع طالعة من مطلعها (يعني المشرق) قال النووي سجود الشمس بتمييز وادراك يخلق الله تعالى فيها (3) أي لم يؤذن لها في الرجوع إلى المشرق بل تبقى في مغربها إلى الصباح (4) يعني المغرب (5) (التفسير) (هل ينظرون) أي ينتظرون بعد تكذيبهم الرسل وانكارهم القرآن وصدهم عن آيات الله وهو استفهام معناه النفي وتقدير الآية انهم لا يؤمنون بك إلا إذا جاءتهم إحدى هذه الأمور الثلاث فإذا جاءتهم احداها آمنوا وذلك يعني لا ينفعهم إيمانهم (إلا أن تأتيهم الملائكة) يعني لقبض أرواحهم وقيل أن تأتيهم بالعذاب (أو يأتي ربك) بلا كيف ولا تشبيه لفصل القضاء بين خلقه في موقف القيامة (أو يأتي بعض آيات ربك) قال جمهور المفسرين هو طلوع الشمس من مغربها ويؤيده حديث أبي سعيد الآتي وعن صفوان بن عسال المرادي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله فتح بابا قبل المغرب عرضه سبعون عاما للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وقال رواه الترمذي وصححه والنسائي وابن ماجه من حديث طويل (تخريجه) (ق مذ) بمعناه (6) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا ابن أبي ليلى عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري الخ (7) (التفسير) (يوم يأتي بعض آيات ربك) قيل طلوع الشمس من مغربها والدجال ودابة الأرض قال جمهور العلماء أصح الأقوال في ذلك ما تظاهرت عليه الأحاديث الصحيحة وثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه طلوع الشمس من مغربها انظر باب طلوع الشمس من مغربها وغلق باب التوبة من كتاب الفتن وعلامات الساعة في آخر جزء من كتابنا هذا تجد ما يسرك (لا ينفع نفسا إيمانها) أي لأنه ليس بإيمان اختياري بل هو إيمان دفع العذاب والبأس عن أنفسهم هذا وباقي الآية لم يذكر في الحديث وهو (لم تكن آمنت من قبل) يعني لا ينفع مشركا إيمانه ولا تقبل توبة فاسق عند ظهور هذه الآية العظيمة التي تضطرهم إلى الايمان والتوبة (أو كسبت إيمانهم) يعني

قال طلوع الشمس من مغربها (سورة الأعراف) (باب ونزعنا ما في صدورهم من غل) (حدثنا عفان) (1) حدثنا يزيد بن زريع ثنا سعيد بن أبي عروبة في هذه الآية (ونزعنا ما في صدورهم من غل) (2) قال حدثنا قتادة أن أبا المتوكل الباجي حدثهم أن أبا سعيد الخدري حدثهم قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يخلص المؤمنون من النار (3) فيحسبون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا (4) حتى إذا هذبوا ونقوا (5) أذن لهم في دخول الجنة قال فوالذي نفسي بيده لأحدهم أهدى لمنزله في الجنة منه لمنزله كان في الدنيا (6) قال قتادة وقال بعضهم ما يشبه لهم إلا أهل جمعة حين انصرفوا من

_ أو عملت قبل ظهور هذه الآية خيرا من عمل صالح وتصديق قال الضحاك من أدركه بعض الآيات وهو على عمل صالح مع ايمان قبل الله منه العمل الصالح بعد نزول الآية كما قبل منه قبل ذلك فأما من آمن من شرك أو تاب من معصية بعد ظهور هذه الآية فلا يقبل منه لأنها حالة اضطرار كما لو أرسل الله عذابا على أمة فآمنوا وصدقوا فإنهم لا ينفعهم ايمانهم ذلك لمعاينتهم الأهوال والشدائد التي تضطرهم الى الايمان والتوبة قال تعالى (فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأو بأسنا) (قل انتظروا) يعني ما وعدتم به من مجيء الآية ففيه وعيد وتهديد (انا منتظرون) يعني ما وعدكم ربكم من العذاب يوم القيامة وقبله في الدنيا (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث غريب ورواه بعضهم ولم يرفعه اهـ (قلت) جاء مجمع الزوائد نحوه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله (يوم يأتي بعض آيات ربك) قال طلوع الشمس من مغربها قال الهيثمي رواه الطبراني في الأوسط ورجاله ثقات قال وله طرق في امارات الساعة والله أعلم (باب) (1) حدثنا عفان الخ (2) (التفسير) لما ذكر الله تعالى وعيد الكفار وما أعد لهم في الآخرة في آية سابقة بقوله تعالى - ان الذين كذبوا بآياتنا واستكبروا عنها لا تفتح لهم أبواب السماء ولا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل في سم الخياط وكذلك نجزي المجرمين لهم من جهنم مهاد ومن فوقهم غواش وكذلك نجزي الظالمين - اتبعه بذكر وعد المؤمنين وما أعد لهم في الآخرة فقال (والذين آمنوا وعملوا الصالحات) يعني والذين صدقوا الله ورسوله وعملوا بما أمرهم به وتجنبوا ما نهاهم عنه (لا نكلف نفسا إلا وسعها) يعني لا نكلف نفسا إلا ما يسعها من الأعمال وما يسهل عليها ويدخل في طوقها وقدرتها ومالا حرج فيه عليه ولا ضيق (أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون ونزعنا ما في صدورهم من غل) أي وقلعنا وأخرجنا ما في صدور المؤمنين من غش وحسد وحقد وعداوة كانت بينهم في الدنيا فجعلناهم (اخوانا على سرر متقابلين) لا تحسد بعضهم بعضا على شيء خص الله به بعضهم دون بعض روى عن علي رضي الله عنه قال فينا والله أهل بدر نزلت - ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانا على سرر متقابلين - (3) يعني اذا نجوا من السقوط فيها حال جوزهم على الصراط المضروب على متنها والمراد بالمؤمنين بعضهم وهم الذين علم الله تعالى أن القصاص لا يستنفد صفاتهم أو تفضل عليهم بعضوه وخرج من هذا صنفان من الموحدين من دخل الجنة بغير حساب ومن أوبقه سوء عمله (4) استظهر الحافظ ان القتطرة طرف الصراط مما يلي الجنة ولغيره غير ذلك والقصاص مأخوذ من القص أي القطع أو من اقتصاص الأثر أي تتبعه لأن المقتص يتتبع جناية الجاني ليقابلها بالمثل والمراد هنا تتبع ما بينهم من التبعات واسقاط بعضهم ببعض (5) التنقية والتهذيب بمعنى التمييز والتخليص من ارجاس المظالم (6) معناه أن يكون أكثر

جمعتهم (1) (باب فلما تجلى ربه للجبل الخ) (حدثنا أبو المثنى) (2) معاذ بن معاذ العنبري قال ثنا حماد بن سلمة ثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى (فلما تجلى ربه للجبل) (3) قال هكذا يعني أنه أخرج طرف الخنصر (4) قال أبي أرانا معاذ (5) قال فقال له حميد الطويل ما تريد إلى هذا يا أبا محمد (6) قال فضرب صدره ضربة شديدة وقال من أنت يا حميد وما أنت يا حميد يحدثني به أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم فتقول أنت ما تريد إليه؟ (ومن طريق ثان) قال الامام احمد حدثنا روح ثنا حماد عن ثابت عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل (فلما تجلى ربه للجبل) قال فأومأ بخنصره (7) قال فساخ

_ معرفة بمنزله في الجنة من منزله في الدنيا وذلك لعرضه عليه بعد موته بالغداة والعشى كما في بعض الروايات وفيه أشارة إلى قوله تعالى (ويدخلهم الجنة عرفها لهم) (1) يريد أنهم يعرفون منازلهم من الجنة كما يعرف أهل القرية منازلهم بعد انصرافهم من صلاة الجمعة (تخريجه) (خ وغيره) (باب) (2) (حدثنا أبو المثنى الخ) (3) (التفسير) (فلما تجلى ربه للجبل) اي ظهر نور ربه للجبل وعن عكرمة عن ابن عباس في قوله تعالى فلما تجلى ربه للجبل قال ما تجلى منه إلا قد الخنصر وقال الحافظ السيوطي في تفسير الجلالين أي ظهر من نوره قدر نصف أنملة الخنصر كما في حديث صححه الحاكم وقال النسفي في تفسير قوله تعالى - فلما تجلى ربه للجبل - أي ظهر وبان ظهوره بال كيف (جعله دكا) قال ابن عباس جعله ترابا وقال سفيان ساخ الجبل حتى وقع في البحر فهو يذهب فيه ويروى عن سهل بن سعد الساعدي ان الله تعالى أظهر من سبعين الف حجاب نورا قدر الدرهم فجعل الجبل دكا يعني مستويا بالأرض (4) جاء في المستدرك للحاكم عن أنس أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل - فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا - قال حماد هكذا ووضع الابهام على الخنصر الايمن يعني على المفصل الأعلى من الخنصر كما جاء في رواية ابن جرير (5) القائل قال أبي هو عبد الله بن الامام احمد يريد أن معاذ بن معاذ شيخ الامام أحمد أراه بالتسلسل عن مشايخه كيفية اخراج طرف الخنصر وقد وضحته رواية الحاكم وابن جرير كما تقدم (6) كنية ثابت البناني الراوي عن أنس أي ما تقصد بذكر هذا الحديث وجاء في المستدرك للحاكم فقال حميد لثابت تحدث بمثل هذه؟ قال فضرب ثابت صدر حميد ضربة بيده وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث به وأنا لا أحدث به؟ وعن ابن جرير فضرب صدر حميد وقال يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقوله أنس وأنا اكتمه (7) أي أشار بخنصره قال الامام البغوي في تفسيره وقال السدي ما تجلى إلا قدر الخنصر يدل عليه ما روى ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية (يعني فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا) وقال هكذا ووضع الابهام على المفصل الأعلى من الخنصر فساخ الجبل وقال الامام البغوي أيضا قرأ حمزة والكسائي دكاء ممدودا غير منون هاهنا وفي سورة الكهف وافق عاصم في الكهف (وقرأ الآخرون) دكا مقصورا منونا فمن قصر فمعناه جعله مدقوقا والدك والدق واحد وقيل معناه دكه الله دكا أي فتقه كما قال إذا دكت الأرض دكا ومن قرأ بالمد أي بدل مستويا أرضا دكاء (وقيل) معناه جعله مثل دكاء وهي الناقة التي لا سنام لها والله أعلم (تخريجه) (مذ ك وغيرهما) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد اهـ (قلت) وصححه الحاكم واقره الذهبي والله سبحانه وتعالى أعلم

(باب وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم) (عن مسلم بن يسار الجهني) (1) أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن هذه الآية (2) (واذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم) الآية (3) فقال عمر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها (4) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله خلق آدم ثم مسح ظهره (5) بيمينه واستخرج منه ذرية (6) فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون (7) ثم مسح ظهره بيمينه فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للنار وبعمل أهل النار يعملون فقال رجل يا رسول الله ففيم العمل (8) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل اذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة (9) حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة واذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله به النار (10)

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا روح حدثنا مالك (ح) وحدثنا إسحاق أخبرني مالك قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد وحدثنا مصعب بن الزبير حدثني مالك عن يزيد بن أبي أنيسة أن عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب أخبره عن مسلم بن يسار الجهني الخ (غريبه) (2) أي عن كيفية أخذ الله ذرية بني آدم من ظهورهم المذكور في الآية (3) (التفسير) (وإذ) أي اذكر يا محمد حين (أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم) بدل اشتمال مما قبله باعادة الجار والتقدير واذ أخذ ربك من ظهور بني آدم (ذرياتهم) قرأ أهل المدينة وأبو عمرو وابن عامر ذرياتهم بالجمع وكسر التاء وقرأ الآخرون ذريتهم على التوحيد ونصب التاء (فإن قيل) ما معنى قوله (واذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم) وانما أخرجهم من ظهر آدم كما دل على ذلك الحديث (قيل) إن الله أخرج ذرية آدم بعضهم من ظهور بعض على نحو ما يتوالد الأبناء من الآباء في الترتيب فاستغنى عن ذكر ظهر آدم لما علم أنهم كلهم بنوه وأخرجوا من ظهره بنعمان بفتح النون وفسر في حديث ابن عباس بعرفة وستأتي الإشارة اليه ونصب لهم دلالئل على ربوبيته وركب فيهم عقلا (واشهدهم على أنفسهم) قال (ألست بربكم؟ قالوا بلى) أنت ربنا (شهدنا) بذلك (أن تقولوا) أي لئلا تقولوا (يوم القيامة إنا كنا عن هذا) أي التوحيد (غافلين) لا نعرفه (4) اي عن هذه الآية المتقدمة (5) أي ظهر آدم (بيمينه) فسره المتأخرون بحملة تأويلات لا حاجة إليها وقد تقدم غير مرة أن مثل هذه الألفاظ بالنسبة لله عز وجل نؤمن بها ونحملها على ظواهرها من غير تكييف ولا تمثيل وندع علمها لله عز وجل كما هو مذهب السلف رضي الله عنهم (6) قيل فبل دخول آدم الجنة بين مكة والطائف وقيل ببطن نعمان بفتح النون وأنه بقرب عرفة وقيل في الجنة وقيل بعد النزول منها في أرض الهند وقد جاء في حديث ابن عباس وتقدم بسنده وتخريجه في أول كتاب التوحيد من الجزء الأول صحيفة 32 عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان يعني عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فثرهمبين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا قال الست بربكم قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة إنا كنا عن هذا غافلين أو تقولوا إنما أشرك آباؤنا من قبلنا وكنا ذرية من بعدهم أفتهلكنا بما فعل المبطلون وهو حديث صحيح (7) أي من الطاعات (يعملون) إما في جميع عمرهم أو في خاتمة أمرهم (8) أي إذا كان كما ذكرت يا رسول الله من سبق القدر ففي أي شيء يفيد العمل أو فلأي شيء أمرنا بالعمل (9) اي جعله عاملا بعمل أهل الجنة ووفقه للعمل به (10) فيه إشارة إلى أن المدار على عمل مقارن بالموت (تخريجه) (لك د

(ز) (عن أبي بن كعب) (1) في قوله الله عز وجل (وإذ إخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم - الآية) (2) قال جمعهم فجعلهم أرواسا ثم صورهم فاستنطقهم فتكلموا ثم أخذ عليهم العهد والميثاق وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم؟ قالوا بلى قال فإني أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع وأشهد عليكم أباكم آدم عليه السلام أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا اعلموا أنه لا إله غيري ولا رب غيري فلا تشركوا بي شيئا اني سأرسل اليكم رسلي يذكرونكم عهدي وميثاقي وأنزل عليكم كتبي قالوا شهدنا بأنك ربنا وإلهنا لا رب لنا غيرك فاقروا بذلك ورفع عليهم آدم ينظر اليهم فرأى الغني والفقير وحسن الصورة ودون ذلك فقال رب لولا سويت بين عبادك (3) قال اني أحببت أن أشكر (4) ورأى الأنبياء فيهم مثل السرج عليهم النور (5) خصوا بميثاق آخر في الرسالة والنبوة وهو قوله تعالى (وإذ أخذنا من النبيين ميثاقهم) (6) إلى قوله (عيسى بن مريم) كان في تلك الأرواح (7) فأرسله إلى مريم فحدث (8) عن أبي أنه دخل من فيها (9)

_ نس مذ هب ك) وابن أبي حاتم وابن جرير وغيرهم وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال الترمذي هذا حديث حسن ومسلم بن يسار لم يسمع من عمر وقد ذكر بعضهم في هذا الاسناد بين مسلم بن يسار وبين عمر رجلا زاد ابن أبي حاتم وبينهما نعيم بن ربيعة وجاء عند أبي داود عن مسلم بن يسار عن نعيم بن ربيعة ومسلم بن يسار هذا وثقه ابن حبان وقال العجلي تابعي ثقة ونعيم بن ربيعة وثقه أيضا ابن حبان وقال الحافظ في التقريب مقبول (ز) (1) (سنده) حدثنا محمد بن يعقوب الزبالي ثنا المعتمر بن سليمان سمعت أبي يحدث عن الربيع بن أنس عن رفيع أبي العالية عن أبي بن كعب الخ (2) تقدم تفسيرها في شرح الحديث السابق (3) أي لولا جعلتهم على صورة واحدة في الغنى وحسن الصورة (4) بضم الهمزة وفتح الكاف أي يشكرني حسن الصورة حينما يرى من هو أقل منه في حسن المنظر ويشكرني الغنى حينما يرى الفقير وهكذا (5) أي ميزهم الله عز وجل عن سائرالناس بهذا النور وفضلهم عليهم بأن خصهم بميثاق آخر في الرسالة والنبوة (6) (التفسير) (واذ أخذنا من النبيين ميثاقهم) قيل أن المراد بهذا الميثاق الذي أخذ منهم حين أخرجوا في صورة الذر من صلب آدم عليه السلام كما يستفاد من هذا الحديث (ومنك ومن نوح وابراهيم وموسى وعيسى بن مريم) يقول تعالى مخبرا عن أولى العزم الخمسة وبقية الأنبياء أنه أخذ عليهم العهد والميثاق في اقامة دين الله تعالى وابلاغ رسالته والتعاون والتناصر والاتفاق ونص من بينهم على هؤلاء الخمسة وهم أولوا العزم وهو من باب عطف الخاص على العام وبدأ في هذه الآية بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم مع أنه خاتم الأنبياء لشرفه صلى الله عليه وسلم ثم رتبهم بحسب وجودهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين (وأخذنا منهم ميثاقا غليظا) أي عهدا شديدا على الوفاء بما حملوا (7) أي كان روح عيس في تلك الأرواح (وقوله فأرسله) يعني روح عيسى (8) أي فحدث الربيع بن أنس عن رفيع أبي العالية عن أبي بن كعب أن روح عيسى دخل في مريم من فمها والله أعلم (9) زاد الحاكم في المستدرك بعد ذكر هذه الآية (قال) وهو قوله تعالى فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله وذلك قوله (هذا نذير من النذر الأولى وقوله وما وجدنا لأكثرهم من عهد وان وجدنا أكثرهم لفاسقين وهو قوله - ثم بعثنا من بعده رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا من قبل كان في علمه بما أقروا به

(سورة الأنفال) (باب يسألونك عن الانفال الخ) (عن عبادة بن الصامت) (1) قال خرجنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدرا فالتقى الناس فهزم الله تبارك وتعالى العدو فانطلقت طائفة في آثارهم يهزمون ويقتلون فأكبت طائفة على العسكر يحوونه ويجمعونه وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منه غرة حتى اذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض قال الذين جمعوا الغنائم نحن الذين حويناها وجمعناها فليس لأحد فيها نصيب وقال الذين خرجوا في طلب العدو لستم بأحق بها منا نحن نفينا عنها العدو وهزمناهم وقال الذين أحدقوا برسول الله صلى الله عليه وسلم لستم بأحق بها منا نحن أحدقنا برسول الله صلى الله عليه وسلم وخفنا أن يصيب العدو منه غرة واشتغلنا به فنزلت (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله واصلحوا ذات بينكم) فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على فواق (يعني على السواء) بين المسلمين قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أغار في أرض العدو نفل الربع واذا أقبل راجعا وكل الناس نفل الثلث وكان يكره الأنفال ويقول ليرد قوى المؤمنين

_ من يكذب به ومن يصدق به فكان روح عيسى من تلك الأرواح التي أخذ عليها الميثاق في زمن آدم فأرسل ذلك الروح الى مريم حين انتبذت من أهلها مكانا شرقيا فاتخذت من دونهم حجابا فأرسلنا اليها روحنا فتمثل لها بشرا سويا - إلى قوله مقضيا فحملته قال حملت الذي خاطبها وهو روح عيسى عليه السلام قال أبو جعفر فحدثني الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب قال دخل من فيها (أي دخل الروح في مريم من طرف الفم) (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهبي وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وقال رواه عبد الله بن الامام احمد في مسند أبيه قال ورواه ابن أبي حاتم وابن جرير وابن مردوية في تفاسيرهم من رواية أبي جعفر الرازي به وروى عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير والحسن وقتادة والسدي وغير واحد من علماء السلف سياقان توافق هذه الأحاديث اكتفينا بايرادها عن التطوير في تلك الآثار كلها وبالله المستعان قال فهذه الأحاديث دالة على أن الله عز وجل استخرج ذرية آدم من صلبه وميز بين أهل الجنة وأهل النار ثم ذكر كلاما كثيرا ذكرته بنصه في شرح الحديث الأول من كتاب التوحيد في الجزء الأول صحيفة 32 فارجع اليه والله الموفق (سورة الأنفال) (باب) (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب سبب نزول قول الله عز وجل يسألونك عن الأنفال من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 73 رقم 232 (أما تفسير الآية) فمعنى قوله عز وجل (يسألونك عن الأنفال) أي يسألك أصحابك يا محمد عن حكم الأنفال وعلمها وهو سؤال استفتاء لا سؤال طلب وقال الضحاك وعكرمة هو سؤال طلب وقوله عن الأنفال أي من الأنفال وعن بمعنى من وقيل عن صلة أي يسألونك الأنفال والأنفال هي الغنائم في قوله ابن عباس وعكرمة ومجاهد وقتادة وأصله الزيادة سميت الغنائم أنفالا لأنها زيادة من الله عز وجل لهذه الأمة على الخصوص وأكثر المفسرين على أنها نزلت في غنائم بدر ويؤيد ذلك حديث الباب وقال عطاء هي ما شذ عن المشركين إلى المسلمين بغير قتال من عبد أو امرأة أو متاع فهو للنبي صلى الله عليه وسلم يصنع فيه ما يشاء (قل الأنفال لله والرسول) معنى الجمع بين ذكر الله والرسول ان حكمها مختص بالله ورسوله بأمر الله

على ضعيفهم (ومن طريق ثان) (1) عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال سألت عبادة بن الصامت رضي الله عنه عن الأنفال (يعني سورة الأنفال) فقال فينا معشر أصحاب بدر نزلت حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا فانتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمه رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن بواء يقول عن السراء (عن سعد بن أبي وقاص) (2) قال لما كان يوم بدر قتل أخي عمير وقتلت سعيد بن العاص وأخذت سيفه وكان يسمى ذا الكتيفة (3) فأتيت به النبي صلى الله عليه وسلم قال اذهب فاطرحه في القبض (4) قال فرجعت وبي مالا يعلمه إلا الله من قتل أخي وأخذ سلبى قال فما جاوزت إلا يسيرا حتى نزلت سورة الأنفال فقال لي رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اذهب فخذ سيفك (وعنه من طريق ثان) (5) قال يا رسول الله

_ بقسمتها على ما تقتضيه حكمته ويمتثل الرسول أمر الله فيها وليس الأمر في قسمتها مفوضا إلى رأي أحد (واختلف العلماء في حكم هذه الآية) فقال مجاهد وعكرمة السدي هذه الآية منسوخة فنسخها الله عز وجل بالخمس في قوله (واعلموا انما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول) الآية وقيل كانت الغنائم لرسول الله صلى الله عليه وسلم يقسمها كيف شاء ولمن يشاء ثم نسخها الله بالخمس (وقال بعضهم) هذه الآية ناسخة من وجه ومنسوخة من وجه وذلك أن الغنائم كانت حراما على الامم الذين من قبلنا في شرائع أنبيائهم فأباحها الله لهذه الأمة بهذه الآية وجعلها ناسخة لشرع من قبلنا ثم نسخت آية الخمس وقال عبد الرحمن ابن زيد أنها محكمة وهي احدى الروايات عن ابن عباس ومعنى الآية على هذا القول قل الأنفال لله والرسول يضعها حيث أمره الله وقد بين الله مصارفها في قوله (واعلموا انما غنمتم من شيء فأن لله خمسه وللرسول) الآية وصح من حديث ابن عمر قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية فغنمنا ابلا فأصاب كل واحد منا اثني عشر بعيرا رواه (ق حم وغيرهم) فعلى هذا تكون الآية محكمة وللامام أن ينفل من شاء من الجيش ما شاء قبل التخميس (فاتقوا الله) يعني اتقوا الله بطاعته واتقوا مخالفته واتركوا المنازعة والمخاصمة في الغنائم (وأصلحوا ذات بينكم) أي أحوال بينكم يعني ما بينكم من الأحوال حتى تكون أحوال ألفة ومحبة واتفاق وقال الزجاج معنى ذات بينكم حقيقة وصلكم والبين الوصل أي فاتقوا الله وكونوا مجتمعين على ما أمر الله ورسوله به (وأطيعوا الله ورسوله) فيما يأمرانكم به وينهيانكم عنه من الغنائم وغيرها (ان كنتم مؤمنين) أي مصدقين بوعد الله ووعيده (1) تقدم هذا الطريق بسنده وشرحه في الباب المشار إليه سابقا من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 32 رقم 331 (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهبي وأورده الهيثمي بطريقيه وقال رجال الطريقين ثقات (2) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا أبو اسحاق الشيباني عن محمد بن عبد الله الثقفي عن سعد بن أبي وقاص الخ (غريبه) (3) بفتح الكاف والكتيف السيف الصفيح أي العريض (4) القبض بالتحريك بمعنى المقبوض وهو ما جمع من الغنيمة قبل أن تقسم (نه) (5) (سنده) حدثنا أسود بن عامر أنبأنا أبو بكر عن عاصم بن أبي النجود عن مصعب بن سعد عن سعد بن مالك قال يا رسول الله الخ (قلت) مالك والد سعد كنيته أبو وقاص فنسب في الطريق الأولى الى كنية أبيه وفي الطريق الثانية الى اسمه وسعد هذا هو أحد العشرة المبشرين بالجنة وهو أول من رمى بسهم في سبيل الله ومناقبه كثيرة ومات بالعقيق سنة خمس وخمسين

قد شفاني (1) الله من المشركين فهب لي هذا السيف قال ان هذا السيف ليس لك ولا لي (2) ضعه قال فوضعته ثم رجعت قلت عسى أن يعطى (3) هذا السيف اليوم من لم يبل بلائي (4) قال فإذا رجل يدعوني من ورائي (5) قال قلت قد أنزل في شيء؟ قال كنت سألتني السيف وليس هو لي (6) وانه قد وهب لي (7) فهو لك قال وأنزلت هذه الآية (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول) (باب قوله عز وجل إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم) الآية (عن عمر ابن الخطاب) (8) رضي الله عنه قال لما كان يوم بدر قال نظر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف (9) ونظر إلى المشركين فإذا هم ألف وزيادة فاستقبل النبي صلى الله عليه وسلم القبل ثم مد يديه (10) عليه رداؤه وإزاره ثم قال اللهم أين ما وعدتني اللهم أنجز (11) ما وعدتني اللهم انك ان تهلك (12) هذه العصابة من أهل الاسلام فلا تعبد في الأرض أبدا قال فما زال يستغيث ربه عز وجل ويدعوه حتى سقط رداؤه فأتاه أبوبكر فأخذ رداءه فرداه ثم التزمه من ورائه ثم قال يا نبي الله كفاك (13) مناشدتك ربك فإنه سينجز لك ما وعدك وأنزل الله عز وجل (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب

_ على المشهور وهو آخر العشرة وفاة (1) اي شفا نفسي من المشركين ونصرني عليهم وهو من الشفاء البرء من المرض يقال شفاء الله يشفيه فنقله من شفاء القلوب والنفوس (2) أي لأنه من أموال الغنيمة التي لم تقسم (3) بصيغة المجهول (وقوله هذا السيف) نائب الفاعل ليعطي (4) مفعول ثان ليعطي أي من لم يعمل مثل عملي في الحرب كأنه يريد أن الحرب تظهر حال الرجل ان كان شجاعا أو جبانا وقد اختبرت أنا فظهر مني ما ظهر فأنا أحق لهذا السيف من الذي لم يختبر مثل اختباري (5) هذا الرجل هو رسول الله صلى الله عليه وسلم (6) جملة حالية أي سألتني السيف والحال أنه لم يكن لي (7) أي الآن (تخريجه) أورد الطريق الأولى منه الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه (حم ش) وابن جرير وابن مردوية وفيه انقطاع لأن محمد بن عبيد الله الثقفي لم يدرك سعدا وهو ثقة وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره بطريقيه وسكت عن الطريق الأولى وعزى الطريق الثانية لأبي داود والترمذي والنسائي من طرق عن أبي بكر ابن عياش به وقال الترمذي حسن صحيح (باب) (8) (سنده) حدثنا أبو نوح فراد أنبأنا عكرمة بن عمار حدثنا سماك الحنفي أبو زميل حدثني ابن عباس حدثني عمر بن الخطاب الخ (غريبه) (9) بفتح النون وتشديد التحتية مكسورة قال في النهاية ناف الشيء ينوف اذا طال وارتفع ونيف على السبعين في العمر اذا زاد وكل ما زاد على عقد فهو نيف بالتشديد وقد يخفف حتى يبلغ العقد الثاني (10) فيه استحباب استقبال القبلة في الدعاء ورفع اليدين وانه لا بأس برفع الصوت في الدعاء (11) من الانجاز أي احضر لي ما وعدتني من النصر يقال أنجز وعده اذا أحضره (12) قال النووي ضبطوا تهلك بفتح التاء وضمها فعلى الأول ترفع العصابة على أنها فاعل وعلى الثاني تنصب وتكون مفعولة والعصابة الجماعة اهـ قال الحافظ انما قال ذلك لأنه علم أنه خاتم النبين فلو هلك هو ومن معه حينئذ لم يبعث أحد ممن يدعون إلى الايمان ولا استمر المشركون يعبدون غير الله فالمعنى لا يعبد في الأرض بهذه الشريعة (13) جاء في بعض الروايات كذاك بالذال وفي رواية البخاري حسبك وكله بمعنى كما صرح به الجزري والنووي (وقوله مناشدتك ربك) المناشدة السؤال مأخوذة من النشيد وهو رفع الصوت وضبطوا

لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) (1) فلما كان يومئذ والتقوا فهزم الله عز وجل المشركين فقتل منهم سبعون رجلا وأسر منهم سبعون رجلا الحديث (2) (باب واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) (عن مطرف) (3) قال قلنا الزبير رضي الله عنه يا ابا عبد الله ما جاء بكم ضيعتم الخليفة حتى قتل (4) ثم جئتم تطلبون بدمه (5) قال الزبير رضي الله عنه إنا قرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر وعثمان رضي الله عنهم (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) (6)

_ مناشدتك بالرفع والنصب وهو الأشهر قال القاضي عياض من رفعه جعله فاعلا لكفاك ومن نصبه فعلى المفعول لما في حسبك وكفاك وكذاك من معنى الفعل من الكف قال العلماء هذه المناشدة انما فعلها النبي صلى الله عليه وسلم ليراه أصحابه بتلك الحال فتقوى قلوبهم بدعائه وتضرعه مع أن الدعاء عبادة وقد كان وعده الله تعالى إحدى الطائفتين إما العير وإما الجيش وكانت العير قد ذهبت وفاتت فكان على ثقة من حصول الأخرى ولكن سأل تعجيل ذلك من غير أذى يلحق المسلمين (1) (التفسير) (إذ تستغيثون ربكم) أي واذكر يا محمد إذ تستجيرون بربكم من عدوكم وتطلبون منه الغوث والنصر وفي المستغيثين قولان (أحدهما) أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه قال الزهري (والقول الثاني) أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده وانما ذكره بلفظ الجمع على سبيل التعظيم (فاستجاب لكم اني ممدكم) أي مرسل اليكم مددا وردءا لكم (بألف من الملائكة مردفين) قال البغوي قرأ أهل المدينة ويعقوب مردفين بفتح الدال أي أردف الله المسلمين وجاء بهم مددا وقرأ الآخرون بكسر الدال اي متتابعين بعضهم في إثر بعض يقال أردفته وردفته بمعنى تبعته يروى أنه نزل جبريل في خمسمائة وميكائيل في خمسة في صورة الرجال على خيل بلق عليهم ثياب بيض وعلى رءوسهم عمائم بيض قد أرخوا أطرفها بين أكتافهم وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم لما ناشد ربه عز وجل وقال أبو بكر أن الله سينجز لك ما وعدك خفق رسول الله صلى الله عليه وسلم خفقة وهو في العريش ثم انتبه فقال يا أبا بكر أتاك نصر الله هذا جبريل آخذ بعنان فرس يقوده على ثناياه النقع (اي الغبار) وروى البخاري والبغوي أيضا بسنده عن عكرمة عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم بدر هذا جبريل آخذ برأس فرسه عليه أداة الحرب وقال عبد الله بن عباس كانت سيما الملائكة يوم بدر عمائم بيض ويوم حنين عمائم خضر ولم تقاتل الملائكة في يوم سوى يوم بدر من الأيام وكانوا يكونون فيما سواه عددا ومددا وروى عن أبي أسيد مالك بن ربيعة وكان قد شهد بدرا أنه قال بعد ما ذهب بصره لو كنت معكم اليوم ببدر ومعي بصري لأريتكم الشعب الذي خرجت منه الملائكة (2) الحديث له بقية وسيأتي بطوله وشرحه في باب سياق قصة غزوة بدر في حوادث السنة الثانية من كتاب السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية (باب) (3) (سنده) حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا شداد يعني ابن سعيد حدثنا غيلان بن جرير عن مطرف الخ (غريبه) (4) يعني عثمان بن عفان رضي الله عنه (5) يعني يوم وقعة الجمل (6) (التفسير) (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) أي احذروا فتنة ان نزلت بكم لم تقتصر على الظالم خاصة بل تتعدى اليكم جميعا وتصل إلى الصالح والطالح وأراد بالفتنة الابتلاء والاختبار قال الحسن نزلت هذه الآية في علي وعمار وطلحة والزبير وقال الزبير لقد قرأنا هذه الآية زمانا وما ترى أنا من أهلها فإذا نحن المعنيون بها يعني ما كان

لم نكن نحسب أنا أهلها حتى وقعت منا حيث وقعت (ومن طريق ثان) (1) عن الحسن قال قال الزبير بن العوام نزلت هذه الآية ونحن متوافرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (واتقوا فتنة لا تصيبن الذين ظلموا منكم خاصة) فجعلنا نقول ما هذه الفتنة وما نشعر انها تقع حيث وقعت (باب وإذ يمكر بك الذين كفروا الخ) (عن ابن عباس) (2) في قوله تعالى (وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك) (3) قال تشاورت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبي صلى الله عليه وسلم وقال بعضهم بل اقتلوه وقال بعضهم بل أخرجوه فأطلع الله عز وجل نبيه على ذلك (4) فبات علي على فراش النبي صلى الله عليه وسلم تلك الليلة وخرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغاروبات

_ منهم في يوم الجمل وقال السدي ومجاهد والضحاك وقتادة هذا في قوم مخصوصين من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أصابتهم الفتنة يوم الجمل وقال ابن عباس أمر الله عز وجل المؤمنين أن لا يقروا المنكريين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب فيصيب الظالم وغير الظالم وتفسير ابن عباس هذا يشير إلى أن الفتنة ليست خاصة ببعض الصحابة بل هي عامة لجميع الأمة في كل زمان وهو تفسير حسن تؤيده الأحاديث الصحيحة الواردة في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قال الحافظ ابن كثير والقول بأن هذا التحذير يعم الصحابة وغيرهم وان كان الخطاب معهم هو الصحيح (1) (سنده) حدثنا اسود بن عامر حدثنا جرير قال سمعت الحسن قال قال الزبير بن العوام الخ (تخريجه) رواه الهيثمي وقال رواه أحمد باسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح يعني الطريق الأولى واورده أيضا الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام أحمد ثم قال قد رواه البزار من حديث مطرف عن الزبير وقال لا نعرف مطرفا روى عن الزبير غير هذا الحديث (قلت) وروى النسائي وابن جرير الطريق الثانية منه من طريق الحسن أيضا (باب) (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر قال وأخبرني عثمان الجزري أن مقسما مولى ابن عباس أخبره عن ابن عباس في قوله تعالى وإذ يمكر بك الخ (3) (التفسير) لما فتح الله على نبيه صلى الله عليه وسلم ونصره يوم بدر على كفار مكة ذكره مكر قريش به حين كان بمكة ليشكر نعمة الله في نجاته من مكرهم واستيلائه عليهم فقال عز من قائل (و) اذكر يا محمد (إذ يمكر بك الذين كفروا) وقد اجتمعوا للمشاورة في شأنك بدار الندوة (ليثبتوك) أي يوثقوك بالحيال ويحبسوك وقد اشار بذلك أبو البختري بن هشام (أو يقتلوك) كلهم قتلة رجل واحد أشار بذلك أبو جهل (أو يخرجوك) من مكة وقد أشار بذلك هشام بن عمرو من بني عامر بن لؤي (ويمكرون) بك (ويمكر الله) بهم بتدبير أمرك بأن أوحى الله إليك ما دبروه وأمرك بالخروج (والله خير الماكرين) أي أعلمهم به (4) أي بواسطة جبريل عليه السلام فأتى جبريل النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بذلك وأمره أن لا يبيت في مضجعه الذي كان يبيت فيه واذن الله عز وجل له بالخروج إلى المدينة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب أن يبيت في مضجعه وقال له اتشح ببردتي فإنه لن يخلص اليك منهم أمر تكرهه ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ قبضة من تراب وأخذ الله عز وجل أبصارهم عنه فخرج وجعل ينثر التراب على رءوسهم وهو يقرء (إنا جعلنا في أعناقهم أغلالا - إلى قوله فهم لا يبصرون) ومضى إلى الغار من ثور هو وأبو بكر وخلفه علي بمكة حتى يؤدي عنه الودائع التي كانت عنده للناس وكانت الودائع تودع عنده لصدقه وأمانته وسيأتي الكلام على ذلك مبسوطا في أبواب

المشركون يحرسون عليا يحسبونه النبي صلى الله عليه وسلم فلما أصبحوا ثاروا اليه فلما رأوا عليا رد الله مكرهم فقالوا أين صاحبك هذا؟ قال لا أدري فاقتصوا أثره فلما بلغوا الجبل خلط عليهم فصعدوا في الجمل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت فقالوا لو دخل ههنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه فمكث فيه ثلاث ليال (باب وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) (عن عقبة بن عامر) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) (2) ألا إن القوة الرمى ألا أن القوة الرمى (باب ما كان لنبي أن يكون له أسرى الخ) (عن أنس بن مالك) (3) قال استشار رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس في الأسارى يوم بدر فقال ان الله عز وجل قد أمكنكم منهم قال فقام عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال يا رسول الله اضرب أعناقهم قال فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم عاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ايها الناس ان الله قد أمكنكم منهم وإنما هم

_ هجرة النبي صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة من كتاب السيرة الذاتية (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه عثمان بن عمرو الجزري وثقة ابن حبان وضعفه غيره وبقية رجاله رجال الصحيح وأورده الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لعبد الرزاق وعبد بن حميد وابن المنذر وأبي الشيخ وابن مردوية وأبي نعيم في الدلائل والخطيب والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا هارون بن معروف وسريج قال حدثنا ابن وهب قال سريج عن عمرو وقال هارون أخبرني عمرو بن الحارث عن أبي تمامة بن شفى أنه سمع عقبة بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (2) (التفسير) (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة) الاعداد اتخاذ الشيء لوقت الحاجة اليه وللعلماء في المراد بالقوة أقوال (أحدها) أنها جميع أنواع الأسلحة والآلات التي تكون قوة في الحرب على قتال العدو (الثاني) أنها الحصون والمعاقل (الثالث) الرمى وقد جاءت مفسرة عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الباب بقوله صلى الله عليه وسلم ألا أن القوة الرمى مرتين وفي رواية لمسلم ثلاثا وقد جاء في الرمى وفضله والحث عليه أحاديث كثيرة تقدمت في باب الرمى بالسهام وفضله من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 128 (الرابع) أن المراد بالقوة جميع ما يتقوى به في الحرب على العدو فكل ما هو آلة يستعان بها في الجهاد فهو من جملة القوة المأمور باستعدادها (وقوله صلى الله عليه وسلم ألا أن القوة الرمى) لا ينافي كون غير الرمى من القوة فهو كقوله صلى الله عليه وسلم الحج عرفة وقوله الندم توبة فهذا لا ينفي اعتبار غيره بل يدل على أن هذا المذكور من أفضل المقصود وأجله في زمنه صلى الله عليه وسلم أما في زماننا فيحمل معنى الآية على الاستعداد للقتال في الحرب وجهاد العدو بالآلات الحديثه كالبنادق والمدافع والطائرات والغواصات ونحو ذلك انظر كلامنا في ذلك في شرح آخر حديث من باب الرمى بالسهام الخ من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 130 تجد ما يسرك (ومن رباط الخيل) يعني اقتناءها وربطها للغزو في سبيل الله والربط شد الفرس وغيره بالمكان للحفظ وسمى المكان الذي يخص بإقامة حفظه فيه رباطا والمرابطة إقامة المسلمين بالثغور للحراسة فيها وربط الخيل للجهاد من أعظم ما يستعان به وقد جاء في ذلك أحاديث كثيرة انظر أبواب ما جاء في صفات الخيل وفضل اقتنائها الخ من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 131 (وترهبون به) أي تخوفون بتك القوة وبذلك الرباط (عدو الله وعدوكم) يعني الكفار (تخريجه) (م د مذ جه) (باب) (3) (سنده)

-[قوله عز وجل {لولا كتاب من الله سبق} الآية]- إخوانكم بالأمس، قال فقام عمر فقال يا رسول الله اضرب أعناقهم، فأعرض عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال ثم عاد النبي صلى الله عليه وسلم فقال للناس مثل ذلك، فقام أبو بكر رضي الله عنه فقال يا رسول الله إن ترى أن تعفو عنهم وتقبل منهم الفداء، قال فذهب عن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان فيه من الغم، قال فعفا عنهم وقبل منهم الفداء، قال وأنزل الله عز وجل {لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم} إلى آخر الآية (1) (وعن عمر بن الخطاب) (2) رضي الله عنه بأطول من هذا وفيه أنزل الله عز وجل {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض- إلى قوله- لولا كتاب من الله سبق) الآية (قلت) بقيتها {لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم}

_ حدثنا علي بن عاصم عن حميد عن أنس قال استثار رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) سيأتي تفسير هذه الآية في الحديث التالي (تخريجه) لم أقف عليه من حديث أنس لغير الإمام أحمد وسنده صحيح وأورده الحافظ بن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد فقط (2) حديث عمر هذا تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب فداء أسرى بدر وما نزل من القرآن بسببه: من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 102 رقم 292 (أما تفسير الآية) فقوله عز وجل {ما كان لنبي أن يكون له أسرى} قرأ عاصم وأهل البصرة تكون بالتاء والباقون بالياء. وقرأ أبو جعفر أساري والآخرون أسرى والأسرى جمع أسير وأساري جمع الجمع، والمعنى ما كان ينبغي ولا يجب لنبي، وقال أبو عبيدة معناه لم يكن لنبي ذلك فلا يكون لك يا محمد، أي ما كان لنبي أن يحبس كافرًا قدر عليه وصار في يده أميرا للفداء والمن (حتى يثخن في الأرض) أي تخاف كثرة القتل والمبالغة فيه، والإثخان في كل شيء عبارة عن قوته وشدته يقال أثخنه المرض إذا اشتدت قوته عليه، والمعنى حتى يبالغ في قتال المشركين ويغلبهم ويقهرهم ويعز الإسلام بالاستيلاء والقهر، فإذا حصل ذلك فله أن يقدم على الأسر فيأسر الأساري بعد ذلك (تريدون عرض الدنيا) الخطاب لأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يعني تريدون أيها المؤمنون عرض الدنيا بأخذكم الفداء من المشركين وإنما سمى منافع الدنيا عرضا لأنه لا ثبات لها ولا دوام فكأنها تعرض ثم تزول، بخلاف منافع الآخرة فإنها دائمة لا انقطاع لها (والله يريد الآخرة) يعني أنه عز وجل يريد بكم ثواب الآخرة بقهركم المشركين ونصركم الدين لأنها دائمة لا زوال لها ولا انقطاع (والله عزيز) لا يقهر ولا يغلب (حكيم) في تدبير مصالح عباده (لولا كتاب من الله سبق) قال ابن عباس كانت الغنائم حراما على الأنبياء والأمم وكانوا إذا أصابوا شيئا من الغنائم جعلوه للقربان فكانت تنزل نار من السماء فتأكله، فلما كان يوم بدر أسرع المؤمن في الغنائم وأخذوا الفداء فأنزل الله عز وجل {لولا كتاب من الله سبق} يعني لولا قضاء من الله سبق في اللوح المحفوظ بأنه يحل لكم الغنائم، وقال الحسن ومجاهد وسعيد بن جبير لولا كتاب من الله سبق أن يعذب أحدا ممن شهد بدرا مع النبي صلى الله عليه وسلم (وقال ابن جرير) لولا كتاب من الله سبق أن لا يضل قوما بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون الآية وأنه لا يأخذ قوما فعلوا الأشياء بجهالة (وقال بعض السلف) لولا حكم من الله سبق أن لا يعذب أحد على العمل بالاجتهاد وكان هذا اجتهادا منهم لأنهم نظروا في أن استبقاءهم ربما كان سببا في إسلامهم وأن فداءهم يتقوى به على الجهاد وخفى عليهم أن قتلهم أعز للإسلام وأهيب لمن وراءهم، وهذا القول وجيه ينطبق على وجهة نظرهم رضي الله عنهم (لمسكم) أي

-[فداء أسرى بدر ومشاورة النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في شأنهم]- (سورة التوبة) (باب سبب عدم وجود البسملة في أولها) (عن ابن عباس) (1) قال قلت لعثمان بن عفان ما حملكم على أن عمدتم إلى الأنفال وهي من المثاني (2)

_ لنالكم وأصابكم (فيما أخذتم) من الفداء قبل أن تؤمروا به (عذاب عظيم) قال ابن إسحاق لمن يكن من المؤمنين أحد ممن حضر إلا أحب الغنائم إلا عمر بن الخطاب فإنه أشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الأسرى، وسعد بن معاذ قال يا رسول الله كان الإثخان في القتل أحب إلى من استبقاء الرجال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو نزل عذاب من السماء ما نجا منهم غير سعد بن معاذ (وفي الباب) عند الإمام أحمد أيضا قال حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن عبد الله قال لما كان يوم بدر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تقولون في هؤلاء الأسرى؟ قال فقال أبو بكر يا رسول الله قومك وأهلك استبقهم واسنأن بهم لعل الله أن يتوب عليهم، قال وقال عمر يا رسول الله أخرجوك وكذبوك قربهم فاضرب أعناقهم، قال وقال عبد الله بن رواحة يا رسول الله انظر واديا كثير الحطب فأدخلهم فيه ثم أضرم عليهم نارا، قال فقال العباس قطعت رحمك، قال فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يرد عليهم شيئا، قال فقال ناس يأخذ بقول أبي بكر، وقال ناس يأخذ بقول عمر، وقال ناس يأخذ بقول عبد الله بن رواحة، قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أن الله ليلين قلوب رجال فيه حتى تكون الين من اللبن، وإن الله ليشد قلوب رجال فيه حتى تكون أشد من الحجارة، وإن مثلك يا أبا بكر كمثل إبراهيم عليه السلام قال (من تبعني فإنه مني ومن عصاني فإنك غفور رحيم) ومثلك يا أبا بكر كمثل عيسى قال (إن تعذبهم فإنهم عبادك وإن تغفر لهم فإنك أنت العزيز الحكيم) وإن مثلك يا عمر كمثل نوح قال (رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا) وإن مثلك يا عمر كمثل موسى قال (رب اشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم) وإن مثلك يا عمر كمثل موسى قال (رب اشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم) أنتم عالة فلا ينفلتن منهم أحد إلا بفداء أو ضربة عنق، قال عبد الله فقلت يا رسول الله إلا سهيل بن بيضاء فإني قد سمعته يذكر الإسلام، قال فسكت، قال فما رأيتني في يوم أخوف أن تقع علي حجارة من السماء في ذلك اليوم حتى قال إلا سهيل بن بيضاء، قال فانزل الله عز وجل {ما كان لنبي أن يكون له أسرى حتى يثخن في الأرض تريدون عرض الحياة الدنيا والله يريد الآخرة والله عزيز حكيم، لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب اعظيم} (تخريجه) رواه أيضا الحاكم في المستدرك وصححه وأقره المذهبي ورواه الترمذي مختصرا وقال هذا حديث حسن وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، وأورده الحافظ ابن كثير في التفسير ولم يذكر له علة (قلت) له شواهد كثيرة تعضده (ملاحظة) جاء في هذا الحديث (قال عبد الله فقلت يا رسول الله الاسهيل بن بيضاء) وكذلك عند الحاكم والترمذي وغيرهم لكن نقل الحافظ في الإصابة عن ابن إسحاق ما يفيد إن سهل بن بيضاء أخو سهيل وفي الإصابة أيضا قال أبو عمر أسلم سهل بمكة فكتم إسلامه فأخرجته قريش من بدر فأسر يومئذ فشهد له بن مسعود أنه رآه يصلي بمكة، وعلى هذا فصاحب القصة في هذا الحديث هو سهل لا سهيل والله أعلم. (باب) (1) (سنده) حدثنا بن سعيد حدثنا سعيد حدثنا عوف حدثنا يزيد يعني الفارسي، قال أبي أحمد بن حنبل وحدثنا محمد بن جعفر حدثنا عوف عن يزيد قال قال لنا ابن عباس قلت لعثمان ابن عفان الخ (غريبه) (2) قال في النهاية المثاني السورة التي تقصر عن المئين وتزيد على المفصل كأن المئين

-[سبب عدم وجود البسملة في أول سورة التوبة]- وإلى براءة وهي من المئين (1) فقرنتم بينهما ولم يكتبوا، قال ابن جعفر (2) بينهما سطرا بسم الله الرحمن الرحيم ووضعتموها في السبع الطوال؟ ما حملكم على ذلك؟ قال عثمان: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان مما يأتي عليه الزمان (3) ينزل عليه من السور ذوات العدد، وكان إذا أنزل عليه الشيء يدعو بعض من يكتب عنده (4) بقول ضعوا هذه السورة التي يذكر فيها كذا وكذا: وينزل عليه الآية فيقول ضعوا هذه الآية في السورة التي يذكر فيها كذا وكذا (5) وكانت الأنفال من أوائل ما أنزل بالمدينة وبراءة من آخر القرآن (6) فكانت قصتها شبيهة بقصتها (7) فقبض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ولم يبين لنا أنها منها (8) وظنت أنها منها (9) فمن ثم قرنت بينهما ولم أكتب بينهما سطرا بسم الله الرحمن الرحيم (10) قال ابن جعفر ووضعتها في السبع الطوال (11)

_ جعلت مبادي والتي تليها مثاني (وقوله وإلى براءة) هي سورة التوبة وهي أشهر أسمائها ولها أسماء أخرى تزيد على العشرة قاله الحافظ (1) أي ذوات مائة آية، قال في مجمع بحار الأنوار أول القرآن السبع الطول ثم ذوات المثين أي ذوات مائة آية ثم المثاني ثم المفصل اهـ والمئين جمع مائة، ولو قلت مئات جاز (2) هو أحد رجال السند الثاني لهذا الحديث يعني أنه قال ولم تكتبوا بينهما سطرا بسم الله الرحمن الرحيم الخ (3) أي الزمان الطويل لم ينزل عليه شيء، وربما يأتي عليه الزمان (ينزل عليه) بصيغة المجهول (4) أي يكتب الوحي كزيد بن ثابت ومعاوية وغيرهما (5) يستفاد من هذا أن ترتيب الآيات توقيف وعليه الإجماع والنصوص المترادفة، وأما ترتيب السور فمختلف فيه (6) تقدم الكلام على ذلك في باب آخر ما نزل من سور القرآن وآياته في هذا الجزء ص 54 (7) يعني قصة براءة شبيهة بقصة الأنفال ويجوز العكس، ووجه كون قصتها شبيهة بقصتها أن في الأنفال ذكر المهود وفي براءة تبذها فضمت إليها (8) أي لم يبين لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن التوبة من الأنفال أو ليست منها (9) معناه ظن أن التوبة من الأنفال وكأن هذا مستند من قال إنهما سورة واحدة فعند أبي يعلى عن مجاهد وابن أبي حاتم عن سفيان وابن لهيعة كانوا يقولون إن براءة من الأنفال، ولهذا لم تكتب البسملة بينهما مع اشتباه طرقهما، وعن ابن عباس لم تكتب البسملة في براءة لأنها أمان وبراءة نزلت بالسيف: وعن مالك أن أولها لما سقط سقطت معه البسملة، فقد ثبت أنها كانت تعدل البقرة لطولها، وقيل إنها ثابتة أولها في مصحف ابن مسعود ولا يعول على ذلك كذا في المرقاة (10) أي لعدم العلم بأنها سورة مستقلة لأن البسملة كانت تنزل عليه صلى الله عليه وسلم للفصل ولم تنزل ولم أكتب (11) يعني أن ابن جعفر زاد في روايته أن عثمان قال ووضعتها في السبع الطوال (قال الطيبي) دل هذا الكلام على أنهما نزلتا منزلة سورة واحدة وكمل السبع الطوال بها، ثم قيل السبع الطوال هي البقرة وبراءة وما بينهما وهو المشهور (تخريجه) (د نس مذ حب ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وفي إسناده يزيد الفارسي ذكره البخاري في كتاب الضعفاء الصغير لاشتباهه في اسمه هل هو ابن هرمز أو غيره، وقال الترمذي بعد قوله هذا حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث عوف عن يزيد الفارسي عن ابن عباس: قال ويزيد الفارسي هو من التابعين من أهل البصرة اهـ (قلت) وحيث أنه انفرد بهذا الحديث فلا يحتج به في ترتيب القرآن الذي يطلب فيه التواتر، لا سيما وقد قال الخطيب في كتاب الكفاية لا يقبل خبر الواحد في منافاة حكم العقل وحكم

-[بعث النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر بسورة براءة لأهل مكة وتفسير الآية الأولى منها]- (عن زيد بن يثيع) (1) عن أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ببراءة (2) لأهل مكة لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان، ولا يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، من كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة فأجله إلى مدته (3) والله بريء من المشركين ورسوله (4) قال فسار بها ثلاثا ثم قال لعلي ألحقه، فرد علي أبا بكر وبلغها أنت، قال ففعل (5) قال فلما قدم علي النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر بكى. قال يا رسول الله حدث في شيء؟

_ القرآن الثابت المحكم والسنة المعلومة والفعل الجاري مجرى السنة وكل دليل مقطوع به اهـ وكثيرا ما يضعف أئمة الحديث راويا لانفراده برواية حديث يخالف المشهور من الروايات والله أعلم (1) (سنده) حدثنا وكيع قال قال إسرائيل قال أبو إسحاق عن يزيد بن يثيع عن أبي بكر الخ (قلت) يثيع بضم الياء التحتية وفتح الثاء المثلثة بعدها تحتية ساكنية ثم عين مهملة تابعي ثقة (غريبه) (2) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره أول هذه السورة الكريمة نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة تبوك وهم بالحج ثم ذكر أن المشركين يحضرون عامهم هذا الموسم على عادتهم في ذلك وأنهم يطوفون بالبيت عراة فكره مخالطتهم وبعث أبا بكر الصديق رضي الله عنه أميرا على الحج تلك السنة ليقيم للناس مناسكهم ويعلم المشركين أن لا يحجوا بعد عامهم هذا وأن ينادي في الناس (براءة من الله ورسوله) فلما قفل اتبعه بعلي بن أبي طال ليكون مبلغا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكونه عصبة له، وقال الإمام البغوي قال المفسرون لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك كان المنافقون يرجفون الأراجيف وجعل المشركون ينقضون عهودا كانت بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمره الله عز وجل بنقض عهودهم وذلك قوله عز وجل {وإما تخافن من قوم خيانة} الآية قال الزجاج (براءة) أي قد برئ الله ورسوله من إعطائهم العود والوفاء لهم بها إذا نكثوا {إلى الذين عاهدتهم من المشركين} الخطاب مع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأن كان النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي عاهدهم وعاهدهم لأنه عاهدهم وأصحابه راضون بذلك فكأنهم عاقدوا وعاهدوا (فسيحوا في الأرض) رجع من الخبر إلى الخطاب أي قل لهم سيحوا في الأرض أي سيروا فيها مقبلين ومدبرين آمنين غير خائفين أحدًا من المسلمين {أربعة أشهر واعلموا أنكم غير معجزي الله} أي غير فائتين ولا سابقين {وأن الله مخزي الكافرين} أي مذلهم بالقتل والعذاب في الآخرة (3) زاد الترمذي (من لم يكن له عهدا فأجله أربعة أشهر) قال الحافظ استدل بهذا على أن قوله تعالى {فسيروا في الأرض أربعة أشهر) يختص بمن لم يكن له عهد مؤقت أو لم يكن له عهد أصلا، أما من له عهد مؤقت فهو إلى مدته، فروى الطبري من طريق ابن إسحاق قال هم صنفان: صنف كان له عهد دون أربعة أشهر فأمهل إلى تمام أربعة أشهر، وصنف كانت له مدة عهده بغير أجل فقصرت على أربعة أشهر اهـ وكانت ابتداء هذا الأجل يوم الحج الأكبر أي يوم النحر على الأصح، وانقضاؤه إلى عشر من ربيع الآخر ثم هو بعد ذلك حرب لله ولرسوله يقتل حيث أدرك ويؤسر إلا أن يتوب ويرجع إلى الإيمان، وقيل إن المقصود من هذا التأجيل أن يتفكروا ويحتاطوا لأنفسهم ويعلموا أن ليس لهم بعد هذه المدة إلا الإسلام أو القتل فيصير هذا داعيا لهم إلى الدخول في الإسلام، ولئلا ينسب المسلمون إلى الغدر ونكث العهد (4) أي بعد انقضاء المدة إن لم يرجعوا إلى الإسلام (5) سيأتي في الحديث التالي عن علي قال نزلت عشر آيات من براءة على النبي صلى الله عليه وسلم دعا النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر فبعثه بها ليقرأ على أهل مكة ثم دعاني النبي

-[بعث النبي صلى الله عليه وسلم عليا إلى أهل مكة ليقرأ عليهم سورة براءة بدل أبي بكر وسبب ذلك]- قال ما حدث فيك إلا خير، أمرت (1) أن لا يبلغه إلا أنا أو رجل مني (ز) (عن علي رضي الله عنه) (2) قال لما نزلت عشر آيات (3) من براءة على النبي صلى الله عليه وسلم دعا النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة (4) ثم دعاني النبي صلى الله عليه وسلم فقال أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم، فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر رضي الله عنه (5) إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله نزل في شيء؟ قال لا ولكن جبريل

_ صلى الله عليه وسلم فقال أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه فاذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم فلحقته بالجحفة (بضم الجيم وسكون المهملة قرية على نحو سبع مراحل من المدينة ونحو ثلاث مراحل من مكة وهي ميقات أهل الشام ومصر) فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وسلم الحديث (قال الحافظ ابن كثير) ليس المراد أن أبا بكر رجعل من فوره بل المراد رجع من حجته (قال الحافظ) ولا مانع من حمله على ظاهره لقرب المسافة، وأما قوله عشر آيات فالمراد أولها إنما المشركون نجس اهـ (1) أي أمره الله عز وجل بطريق الوحي كما في الحديث التالي. ولا يعد هذا طعنا في الصديق، وسيأتي الكلام على ذلك في الحديث التالي (تخريجه) الحديث سنده صحيح ولم أقف عليه من حديث أبي بكر لغير الإمام أحمد، وله شواهد كثيرة تعضده (منها) عند البخاري والإمام أحمد أيضا من حديث أبي هريرة وسيأتي في حوادث السنة التاسعة في باب حج أبي بكر وبعث علي إلى أهل مكة براءة من كتاب السيرة النبوية (ومنها) حديث أنس عند الترمذي والإمام أحمد أيضا وسيأتي في الباب المشار إليه (ومنها) حديث ابن عباس عند الترمذي أيضا (ومنها) أحاديث الباب الآتية والله أعلم (ز) (2) (سنده) حدثنا محمد بن سليمان لوين حدثنا محمد بن جابر عن سماك عن حنش عن علي قال لما نزلت عشر آيات الخ (غريبه) (3) قال الحافظ أولها (إنما المشركون نجس) كما تقدم (4) جاء عند ابن جرير الطبري من طريق أبي معشر عن محمد بن كعب وغيره قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر أميرا على الحج سنة تسع وبعث عليا بثلاثين أو أربعين آية من براءة، وروى أيضا من طريق أبي الصهباء قال سألت عليا عن يوم الحج الأكبر فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث أبا بكر يقيم الناس الحج وبعثني بعده بأربعين آية من براءة حتى أتى عرفة فخطب ثم التفت إلي فقال يا علي قم فأد رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقمت فقرأت أربعين آية من أول براءة ثم صدرنا حتى رميت الجمرة فطفقت اتتبع بها الفساطيط اقرؤها عليهم لأن الجميع لم يكونوا حضروا خطبة أبي بكر يوم عرفة (5) قال الإمام البغوي في تفسيره فإن قال قائل كيف بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه ثم عزله وبعث عليا رضي الله عنه (قلنا) ذكر العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعزل أبا بكر رضي الله عنه وكان أميرا، وإنما بعث عليا رضي الله عنه لينادي بهذه الآيات، وكان السبب فيه أن العرب تعارفوا فيما بينهم في عقد العهود ونقضها أن لا يتولى ذلك إلا سيدهم أو رجل من رهطه. فبعث عليا رضي الله عنه إزاحة للعلة لئلا يقولوا هذا فلان ما نعرفه فينا في نقض العهد: واستدل على أن أبا بكر كان هو الأمير بحديث أبي هريرة عند البخاري والإمام أحمد وسيأتي في باب حج أبي بكر وبعث على إلى أهل مكة ببراءة في حوادث السنة التاسعة من

-[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لعلي وقوله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة- الحديث]- جاءني فقال لي أن يؤدى عنك إلا أنت أو رجل منك (1) (ز) (وعنه م طريق ثان) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه ببراءة قال يا نبي الله إني لست باللسن (3) ولا بالخطيب، قال ما بد أن أذهب بها أنا أو تذهب بها أنت: قال فإن كان ولابد فسأذهب أنا، قال فانطلق فإن الله يثبت لسانك ويهدي قلبك، قال ثم وضع يده على فمه (عن زيد بن أثيع) (4) رجل من همدان سألنا عليا رضي الله عنه بأي شيء بعثت؟ يعني يوم بعثه النبي صلى الله عليه وسلم مع أبي بكر رضي الله عنه في الحجة؟ قال بعثت بأربع، لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة (5) ولا يطرف بالبيت عريان ومن كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم

_ كتاب السيرة النبوية قال: بعثني أبو بكر رضي الله عنه في تلك الحجة في مؤذنين يوم النحر نؤذن بمنى ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان (قال حميد) ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا فأمره أن يؤذن ببراءة، قال أبو هريرة فأذن معنا على في أهل من يوم النحر (ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان) (1) زاد في رواية عند ابن إسحاق أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأبي بكر أما ترضى يا أبا بكر أنك كنت معي في الغار وأنك معي على الحوض؟ قال بلى يا رسول الله، فسار أبو بكر أميرا على الحج وعلي بن أبي طالب يؤذن ببراءة الحديث (2) (سنده) حدثني أبو بكر حدثنا عمرو بن حماد عن أسباط بن نصر عن سماك عن حنش عن علي أن النبي صلى الله عليه وسلم حين بعثه ببراءة الخ (3) بكسر السين المهملة ذو البيان والفصاحة (تخريجه) أورد الطريق الأولى منه الحافظ الهيثمي وقال رواه عبد الله بن أحمد وفيه محمد بن جابر السحيمي وهو ضعيف وقد وثق، وأورده الحافظ ابن كثير في التفسير وقال هذا إسناد فيه ضعيف قال وليس المراد أن أبا بكر رجع من فوره بل بعد قضائه للمناسك التي أمره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأورده أيضا الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لأبي الشيخ وابن مردويه، وأورده ابن جرير في تفسير عن علي أيضا وذكر له شواهد من حديث أبي سعيد وابن عمر، وروى نحوه الترمذي عن ابن عباس وأنس وحسنه، وأورده الطريق الثانية منه الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه لعبد الله بن الإمام أحمد فقط ولم أقف على من أخرجها غيره وسندها حسن والله أعلم (4) (سنده) حدثنا سفيان عن ابن إسحاق عن زيد بن اثيع الخ (قلت) اثيع بهمزة مضمومة ثم مثلثة مفتوحة بعدها ياء ساكنة ويقال فيه يثيع بالياء التحتية بدل الهمزة وتقدم الكلام عليه في شرح الحديث الثاني من أحاديث الباب قال في تهذيب التهذيب قال الأثرم عن أحمد المحفوظ بالياء وصوبه ابن معين (غريبه) (5) أن قيل ما فائدة قوله (لا يدخل الجنة إلا نفس مؤمنة) أجيب بأن الإعلام بأن المشرك بعدها لا يقبل منه بعد هذا غير الإيمان لقوله تعالى {فإذا انسلخ الأشهر الحرم فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) وليس المراد بالأشهر الحرم الأشهر المعلومة التي آخرها المحرم: بل المراد مضى المدة التي أبيح فيها للناكثين أن يسيحوا، قال مجاهد ومحمد ابن إسحاق هي شهور العهد سميت حر ما لحرمة نقص العهد فيها، وتقدم الكلام على ذلك مفصلا في شرح حديث أبي بكر قبل حديث (أما قوله ولا يطوف بالبيت عريان) فقد ذكر ابن إسحاق سبب هذا الحديث فقال أن قريشا ابتدعت قبل الفيل أو بعده أن لا يطوف بالبيت أحد لمن يقدم عليهم من غيرهم أول ما يطوف إلا في ثياب أحدهم فإن لم يجد طاف عريانا، فإن خالف وطاف بثيابه ألقاها إذا فرغ ثم لم ينتفع بها، فجاء الإسلام فهدم ذلك كله (قال في المرقاة) وفي الحديث رد لما كان يفعله أهل الجاهلية من الطواف بالبيت مع العري زعما منهم

-[سبب نزول قوله تعالى {أجعلتم سقاية الحاج} الآية وتفسيرها]- عهد فعهده إلى مدته (1) ولا يحج المشركون والمسلمون بعد عامهم هذا (2) (باب أجعلتم سقاية الحاج الخ) (خط) (عن النعمان بن بشير) (3) قال كنت إلى جانب منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رجل ما أبالي أن لا أعمل بعد الإسلام إلا أن أسقى الحاج، وقال آخر ما أبالي أن لا أعمل عملا بعد الإسلام إلا أن أعمر المسجد الحرام، وقال آخر الجهاد في سبيل الله أفضل مما قلتم (4) فزجرهم عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال لا ترفعوا أصواتكم عند منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوم الجمعة ولكن إذا صليت الجمعة دخلت فاستفتيته فيما اختلفتم فيه: فأنزل الله عز وجل {أجعلتم سقاية الحاج (5) وعمارة المسجد الحرام كمن أمن بالله واليوم الآخر) إلى آخر الآية كلها

_ أنهم لا يعبدون ربهم في ثياب أذنبوا فيها وللإيماء إلى كمال التجريد عن الذنوب أو تفاؤلا بالتعري عن العيوب (1) تقدم الكلام على ذلك في شرح الحديث الثاني من أحاديث الباب (2) قال الحافظ هو منتزع من قوله تعالى {فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) والآية صريحة في منعهم دخول المسجد الحرام ولو لم يقصدوا الحج، ولكن لما كان الحج هو المقصود الأعظم صرح لهم بالمنع منه فيكون ما وراءه أولى بالمنع، والمراد بالمسجد الحرام هذا الحرم كله، وأما ما وقع في حديث جابر فيما أخرجه الطبري وابن إسحاق في مسنده والنسائي والدرامي كلاهما عنه وصححه ابن خزيمة وابن حبان من طريق ابن جريج حدثني عبد الله بن عثمان بن خيئم عن أبي الزبير عن جابر ان النبي صلى الله عليه وسلم حين رجع من عمرة الجعرافة بعث أبا بكر على الحج فأقبلنا معه حتى إذا كنا بالعرج ثوب بالصبح فسمع رغوة ناقة النبي صلى الله عليه وسلم فإذا علي عليها فقال له أمير أو رسول؟ فقال بل أرسلني رسول الله صلى الله عليه سولم ببراءة اقرؤها على الناس فقدمنا مكة فلما كان قبل يوم التروية بيوم قام أبو بكر فخطب الناس بمناسكهم حتى إذا فرغ قام علي قرأ على الناس براءة حتى ختمها، ثم كان يوم النحر كذلك ثم يوم النفر كذلك: فيجمع بأن عليا قرأها كلها في المواطن الثلاثة، وأما في سائر الأوقات فكان يؤذن بالأمور المذكورة أن لا يحج بعد العام مشرك الخ وكان يستعين بأبي هريرة وغيره في الأذان بذلك (تخريجه) (مذ نس ص) وابن جرير، وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (باب) (خط) (3) (سنده) قال عبد الله بن الإمام أحمد وجنث في كتاب أبي بخط يده كتب إلى الربيع بن نافع أبو توبة يعني الحلبي فكان في كتابه حدثنا معاوين بن سلام عن أخيه زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام قال حدثني النعمان بن بشير قال كنت إلى جانب منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) لم يذكر في الحديث أسماء القائلين ذلك، وقد روى ابن جرير بسنده عن أبي صخر قال سمعت محمد بن كعب القرظي يقول افتخر طلحة بن شيبة من بني عبد الدار وعباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب فقال طلحة أنا صاحب البيت معي مفتاحه ولو أشاء بت فيه، وقال العباس أنا صاحب السقاية وللقائم عليها ولو أشاء بت في المسجد، فقال علي رضي الله عنه ما أدري ما تقولان، لقد صليت إلى القبلة ستة أشهر قبل الناس وأنا صاحب الجهاد، فأنزل الله عز وجل أجعلتم سقاية الحاج الآية كلها اهـ. (قلت) وكذلك قال الحسن والشعبي فالظاهر أن هؤلاء الثلاثة هم الذين أبهمت أسماؤهم في الحديث والله أعلم (5) (التفسير) (أجعلتم سقاية الحاج) السقاية مصدر كالرعاية والحماية وهي سقيي الحاج وكان العباس ابن عبد المطلب بيده سقاية الحاج، وكان يليها في الجاهلية، فلما جاء الإسلام وأسلم العباس أقره النبي صلى الله عليه وسلم

-[سبب نزول قوله تعالى {ومنهم من يلمزك في الصدقات} وذم الخوارج]- (باب ومنهم من يلمزك في الصدقات الخ) (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) (1) عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم قسما إذ جاءه ابن ذي الخويصرة (2) التيمي فقال اعدل يا رسول الله، فقال ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه يا رسول الله أتأذن لي فيه فأضرب عنقه؟ فقال النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم دعه فإن له أصحابا يحتقر أحدكم صلاته مع صلاته وصيامه مع صيامه يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية فينظر في قذذه (3) فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في نضيته (4) فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في رصانه (5) فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر في نصله فلا يوجد فيه شيء (6) قد سبق الفرث والدم، منهم رجل أسود

_ على ذلك (وعمارة المسجد الحرام) يعني بناءه وتشييده ومرمته (كمن آمن بالله واليوم الآخر) فيه حذف تقديره كإيمان من آمن بالله واليوم الآخر (وجاهد في سبيل الله) أي وكجهاد من جاهد في سبيل الله، وقيل السقاية والعمارة بمعنى الساقي والعامر تقديره أجعلتم ساقي الحاج وعامر المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله (لا يستوون عند الله) يعني لا يستوي حال هؤلاء الذين آمنوا بالله وجاهدوا في سبيل الله بحال من سقى الحاج وعمر المسجد الحرام وهو مقيم على شركه وكفره لأن الله سبحانه وتعالى لا يقبل عملا إلا مع الإيمان به (والله لا يهدي القوم الظالمين) الكافرين، وقال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس في تفسير هذه الآية قال قد نزلت في العباس بن عبد المطلب حين أسر ببدر قال لئن كنتم سبقتمونا بالإسلام والهجرة والجهاد لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونسقي ونفك العاني (يعني الأسير) قال الله عز وجل {أجعلتم سقاية الحاج- إلى قوله والله لا يهدي القوم الظالمين} يعني أن ذلك كله كان في الشرك ولا أقبل ما كان في الشرك، وقال الضحاك بن مزاحم أقبل المسلمون على العباس وأصحابه الذين أسروا يوم بدر يعيرونهم بالشرك فقال العباس أما والله لقد كنا نعمر المسجد الحرام ونفك العاني ونحجب بالبيت ونسقي الحاج فأنزل الله أجعلتم سقاية الحاج الآية (تخريجه) ورده الحافظ ابن كثير في تفسير بسند حديث الباب وقال رواه مسلم في صحيحه وأبو داود وابن جرير وابن مردويه وابن أبي حاتم في تفاسيرهم وابن حبان في صحيحه اهـ (قلت) وقد غفل الحافظ ابن كثير عن غزره للإمام أحمد مع حرصه الشديد على روايته والكمال لله وحده (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد الرحمن الخ (غريبه) (2) هكذا في الأصل (ابن ذي الخويصرة) وجاء عند الشيخين وغيرهما ذو الخويصرة بغير لعظ ابن وهو رجل من زعماء الخوارج اسمه حرقوص بن زهير السعدي من بني تميم (3) القذذ بضم القاف ريش السهم واحدتها قذة (نه) (4) جاء عند مسلم (نضيه) قال في القاموس النضي كغنى السهم بلا نصل ولا ريش وفسر في الحديث عن مسلم بالفدح بكسر القاف وسكون الدال المهملة قال في النهاية القدح بالكسر السهم الذي كانوا يستقسمون به أو الذي يرمي به عن القوس (قلت) (وهو المراد هنا) قال يقال السهم أول ما يقطع قطع ثم ينحت ويبرى فيسمى بريا ثم يقوم فيسمى قد حائم يراش ويركب نصله فيسمى سهما (5) قال النووي أما الرصاف فبكسر الراء وبالصاد المهملة وهو مدخل النصل من السهم (والنصل) هو حديدة السهم، والقدح عوده، والقذذ بضم القاف وبذالين معجمتين وهو ريش السهم (6) راجع لجميع ما تقدم

-[ما جاء في المؤلفة قلوبهم وقسم الصدقات]- في إحدى يديه (1) أو قال إحدى ثدييه مثل ثدي المرأة أو مثل البضعة (2) تدردر، يخرجون على حين فترة (3) من الناس فنزلت فيهم (4) {ومنهم من يلمزك في الصدقات} الآية (5) قال أبو سعيد رضي الله عنه أشهد أني سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن عليا حين قتله وأنا معه جيء بالرجل على النعت (6) الذي نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب المؤلفة قلوبهم) (عن أبي سعيد أيضا) (7) قال كان المؤلفة قلوبهم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعة، علقمة بن علاثة الجعفري والأقرع بن حايس الحنظلي وزيد الخيل (8) الطائي وعيينة بن بدر الفزاري (9) قال فقدم علي بذهبة (10) من

_ والمعنى فينظر في قذذه ونضيته ورصافه ونصله فلا يوجد فيه شيء أي من دم الصيد أو فرثه (وقوله قد سبق الفرث والدم) أي أن السهم قد جاوزهما ولم يعلق فيه منهما شيء، والفرث اسم ما في الكرش: وهذا تمثيل لخروجه من الدين بحيث لم يعلق به من الدين شيء كما لم يعلق السهم شيء من دم الرمية نعوذ بالله من ذلك (1) جاء عند مسلم (إحدى عضديه) (2) البضعة بفتح الباء الموحدة القطعة من اللحم وقوله (تدردر) معناه تضطرب وتذهب وتجيء (3) جاء عند مسلم وغيره على حين فرقة من الناس بضم الفاء أي في زمان افتراق الناس وهو الافتراق الواقع بين المسلمين بعد وقعة صفين (وجاء في رواية) على خير فرقة بكسر الفاء وخير الفرقة هم فرقة على رضى الله عنه فإنهم خرجوا عليه وهو قتلهم كما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم تقتلهم أولى الطائفتين بالحق رواه (م حم) وغيرهما (4) هذا سبب من أسباب نزول الآية (وقال قتادة) ذكر لنا أن رجلا من أهل البادية حديث عهد بأعرابية أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقسم ذهبا وفضة فقال يا محمد والله لئن كان الله أمرك أن تعدل فما عدلت، فقال صلى الله عليه وسلم ويلك فمن ذا يعدل يعدي، وقال ابن زيد قال المنافقون والله ما يعطيها محمد إلا من أحب، ولا يؤثر بها إلا من يهراه فأنزل الله تعالى ومنهم من يلمزك في الصدقات (5) (التفسير) (ومنهم) ومن المنافقين وغيرهم ممن تقدم ذكرهم (من يلمزك في الصدقات) قرأ يعقوب بضم الميم من يلمزك، وقرأ الباقون بكسرها، وهما لغتان أي يعيبك في قسم الصدقات وفي تفريقها ويطغى عليك في أمرها، يقال همزه ولمزه بمعنى واحد أي عابه (فإن أعطوك منها) يعني من الصدقات (رضوا) يعني (رضوا) يعني رضوا عنك في قسمتها (وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون) يعني وإن لم تعطهم منها عابوا عليك وسخطوا (6) أي على الصفة التي وصفها رسول الله صلى الله عليه وسلم بها (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (7) (سنده) حدثنا وكيع ثنا أبي عن سعيد بن مسروق عن ابن أبي نعم عن أبي سعيد الخ (غريبه) (8) جاء في رواية لمسلم "وزيد الخير" بالراء بدل اللام، وله في رواية أخرى "وزيد الخيل" باللام كما هنا قال النووي كذا في جميع النسخ الخير والراء وفي الرواية التي بعدها زيد الخيل باللام وكلاهما صحيح يقال بالوجهين، كما يقلل له في الجاهلية زيد الخيل فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم في الإسلام زيد الخير (9) هؤلاء الأربعة أسلموا وكانت نيتهم ضعيفة وكانوا من أشراف العرب، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطيهم لتقوى رغبتهم في الإسلام (10) أي بقطعة ذهب ولفظ البخاري (بذهيبة) على صيغة التصغير أي بقطعة صغيرة (وقوله بترتبها) صفة لذهبة يعني أنها غير مسبوكة لم تخلص من ترابها (تخريجه) (ق لك. وغيرهم) هذا واعلم أني عقدت هذا الباب لمناسبة ذكر المؤلفة قلوبهم في الحديث، وقد ذكرهم الله عز وجل في قوله تعالى {إنما الصدقات للفقراء والمساكين والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله

-[قوله تعالى {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} - وقوله {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا}]- اليمن بتربتها فقسمها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينهم (باب قوله عز وجل استغفر لهم أو لا تستغفر لهم الخ- قوله تعالى ولا تصل على أحد منهم مات أبدا) الآية (عن عمر بن الخطاب) (1) رضي الله عنه قال لما توفي عبد الله بن أبي (2) دعيى رسول الله صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه (3) فقام إليه فلما وقف عليه يريد الصلاة تحولت حتى قمت في صدره فقلت يا رسول الله أعلى عدو الله عبد الله بن أبي القائل يوم كذا وكذا يعدد أيامه (4) قال ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يبتسم حتى إذا أكثرت عليه قال أخر عني يا عمر (5) إني خيرت فاخترت وقد قيل (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) (6) لو أعلم أني إن زدت على الستين غفر له لزدت، قال ثم صلى عليه (7) ومشى معه فقام

_ وابن السبيل فريضة من الله، والله عليم حكيم} فهؤلاء ثمانية أصناف، وقد عقدت لكل صنف منهم بابا فيه ما يختص بكل واحد منهم من تفسير وأحكام ترجمت لها بأبواب تقسيم الصدقة من كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 48 فارجع إليه تجد ما يسرك، (أما سبب نزول الآية) فهو اعتراض المنافقين الجهلة والخوارج على النبي صلى الله عليه وسلم ولمزهم إياه في قسم الصدقات كما تقدم في الباب السابق، لما كان ذلك بين الله عز وجل أنه هو الذي قسمها وبين حكمها وتولى أمرها بنفسه ولم يكل قسمها إلى أحد غيره فجرأها لهؤلاء المذكورين كما رواه الإمام أبو داود في سننه بسنده عن زياد بن الحارث الصدائي قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فبايعته فأتى رجل فقال أعطني من الصدقة، فقال له إن الله لم يرض بحكم نبي ولا غيره في الصدقات حتى حكم فيها هو فجزأها ثمانية أصناف، فإن كنت من تلك الأجزاء أعطيتك والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يعقوب حدثني أبي عن ابن إسحاق حدثني الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود عن عبد الله بن عباس قال سمعت عمر بن الخطاب يقول ما توفي عبد الله بن أبي الخ (غريبه) (2) هو عبد الله بن أبي ابن سلول، قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات وسلول أم عبد الله، فلهذا قال العلماء الصواب في ذلك أن يقال عبد الله بن أبي ابن سلول بالرفع بتنوين أبي وكتابة ابن سلول بالألف ويعرب إعراب عبد الله لأنه صفة له لا لأبي، وكان عبد الله بن أبي رأس المنافقين ونزل في ذمه آيات كثيرة مشهورة، وهو والد عبد الله الرجل الصالح الصحابي الجليل، فسبحان من فرن بينهما فجعل هذا سعيدا وذاك شقيا وله في ذلك حكم (3) الذي دعا النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة عليه هو ابنه عبد الله الرجل الصالح الصحابي (4) أي يعدد مساويه (فمنها) نزول معظم سورة المنافقين فيه وفي أصحاب وهو رأسهم (ومنها) قوله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل (ومنها) أنه أول من خاض في مسألة الإفك وقذف عائشة وأول من أشاعه وغير ذلك كثير (5) أي تأخر عني، وقيل أخر عني رأيك (وقوله إني خيرت) أي بين الاستغفار وعدمه (6) (التفسير) (استغفر لهم) يا محمد (أو لا تستغفر لهم) تخير له في الاستغفار وتركه (إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم) قيل المراد بالسبعين المبالغة في كثرة الاستغفار، وقيل المراد العدد المخصوص لقوله صلى الله عليه وسلم لو أعلم أني زدت على السبعين غفر له لزدت، فبين له حسم المغفرة بقوله تعالى في آية أخرى {سواء عليهم استغفرت لهم أم لا تستغفر لهم} كما في رواية البخاري (7) إنما صلى النبي صلى الله عليه وسلم عليه إجراءا له على ظاهر حكم الاستغفار واستئلافا لقومه لاسيما ولم يقع نهي صريح عن الصلاة على المنافقين فاستعمل أحسن

-[صلاة النبي صلى الله عليه وسلم على عبد الله بن أبي وما نزل في ذلك]- على قبره (1) حتى فرغ منه قال فعجب لي وجراءتي (2) على رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ورسوله أعلم، قال فوالله ما كان إلا يسيرا حتى نزلت هاتان الآيتان (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا (3) ولا تقم على قبره، أنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) فما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده على منافق ولا قام على قبره حتى قبضه الله عز وجل (عن ابن عمر) (4) قال لما مات عبد الله ابن أبي (5) جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعطني قميصك حتى أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له فأعطاه قميصه (6) وقال آذني به (7) فلما ذهب ليصلي عليه قال يعني عمر رضي الله عنه قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين (8) فقال أنا بين خيرتين (استغفر لهم أو لا تستغفر لهم) فصلى عليه فأنزل الله عز وجل (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا) قال فتركت الصلاة عليهم (9) (باب ولا على الذين إذا ماتوا أتوك لتحملهم) الآية (عن عبد الله بن مغفل) (10) وكان أحد الرهط (11) الذين نزلت فيهم هذه الآية (ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم-

_ الأمرين في السياسة حتى كشف الله تعالى على الغطاء ونهى فانتهى (1) أي عند دفنه (3) بفتحات وجاء عند الترمذي بلفظ (فعجب لي وجرأتي) بضم الجيم وسكون الراء أي إقدامي عليه، وجاء عند البخاري (فعجبت بعد من جرأتي) (بضم الجيم وسكون الراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم) (3) (التفسير) (ولا تصل على أحد منهم) أي من المنافقين صلاة الجنازة (مات أبدا) وهذا النهي عام في كل من عرف نفاقه وإن كان سبب النزول خاصا بعبد الله بن أبي رأس المنافقين (ولا تقم على قبره) أي لدفن أو زيارة أي لا تقف عليه ولا تتول دفنه، من قولهم قام فلان بأمر فلان إذا كفاه أمره وناب عنه فيه {إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون} وهذا تعليل لسبب المنع من الصلاة عليه والقيام على قبره (تخريجه) (خ نس جه) (4) (سنده) حدثنا يحيى عن عبيد الله حدثني نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (5) كان موته في ذي القعدة سنة تسع بعد منصرفهم من تبوك وكان قد تخلف عنها، كذا نقله الحافظ عن الواقدي وإكليل الحاكم (6) الإعطاء إنما وقع لابنه العبد الصالح، وروى البغوي عن أبي هريرة قال كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصان، فقال له ابن عبد الله يا رسول الله ألبس أبي قميصك الذي يلي جلدك، قال البغوي وروى عن جابر قال لما كان يوم بدر أتى بالأسارى وأتى بالعباس ولم يكن عليه ثوب فودوا قميص عبد الله يقدر عليه (وفي رواية فلم يوجد على تفصيله إلا ثوب عبد الله ابن أبي لأنه كان ضخما طويلا) فكساه النبي صلى الله عليه وسلم إياه فلذلك نزع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه الذي ألبسه عبد الله، قال ابن عيينة كان له عند النبي صلى الله عليه وسلم يدفأ فأحب أن يكافئه: وروى أن النبي صلى الله عليه وسلم كلم فيما فعل بعبد الله بن أبي فقال وما يغني عنه قميصي وصلاتي من الله شيئا والله إني كنت أرجو أن يسلم به ألف من قومه، وروى أنه أسلم به ألف من قومه لما رأوه يتبرك بقميص النبي صلى الله عليه وسلم (7) أعلمني الذي تريد أن أًلي عليه فيه (8) قيل لعله قال ذلك بطريق الإلهام لأنه كان من الملهمين وإلا فلم يتقدم نهى عن الصلاة على المنافقين كما يرشد إليه قوله في آخر هذا الحديث فأنزل الله عز وجل (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا) (9) تقدم الكلام على ذلك في شرح الحديث السابق (تخريجه) (ق وغيرهما) (باب) (10) (سنده) حدثنا وكيع عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية أو عن غيره عن عبد الله بن مغفل الخ (غريبه) (11) الرهط من الرجال ما دون العشرة والرهط عشيرة الرجل وأهله (قال البغوي) في تفسيره

-[تفسير قوله تعالى (وجاء المعذرون من الأعراب- إلى قوله {أن لا يجدوا ما ينفقون}]- إلى آخر الآية) (1) قال إني لآخذ بغصن من أغصان الشجرة أظلل به على النبي صلى الله عليه وسلم وهم يبايعونه فقالوا أنبايعك على الموت قال لا ولكن لا تفروا (باب ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) إلى آخر الآيتين (حدثنا وكيع) (2) عن سفيان (ح) (3) وحدثنا عبد الرحمن قال ثنا سفيان عن أبي إسحق (4) عن أبي الخليل عن علي رضي الله عنه قال سمعت رجلا يستغفر لأبويه وهما مشركان (5) فقلت تستغفر لأبويك وهما مشركان؟ فقال أليس قد استغفر إبراهيم لأبيه وهو مشرك؟ قال فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فنزلت {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} (6) إلى آخرين الآيتين قال عبد الرحمن فأنزل الله (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن

_ هم سبعة نفر سموا البكائين معقل بن يسار. وصخر بن خنساء وعبد الله بن كعب الأنصاري وعليه بن زيد الأنصاري وسالم بن عمير. وثعلبة بن غنم وعبد الله بن مغفل المزني أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله إن الله قد ندبنا للخروج معك فاحملنا (1) (التفسير) أول هذه القصة قوله تعالى (وجاء المعذرون) بإدغام التام في الذال في الذال أي المعتذرون بمعنى المعذورين وقرئ به (من الأعراب) إلى النبي صلى الله عليه وسلم (ليؤذن لهم) في القعود لعذرهم فأذن لهم (وقعد الذين كذبوا الله ورسوله) في ادعاء الإيمان من منافقي الأعراب عن المجيء للاعتذار فأوعدهم الله بقوله {سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم} ثم ذكر أهل العذر فقال جل ذكره (ليس على الضعفاء) قال ابن عياض يعني الزمني والمشايخ والعجزة، وقيل هم الصبيان وقيل النسوان، ولا مانع من إرادة الجميع (ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون) يعني الفقراء (حرج) مأثم وقيل ضيق في القعود عن الغزو (إذا نصحوا لله ورسوله) في مغيبهم وأخلصوا الإيمان والعمل لله وبايعوا الرسول (ما على المحسنين من سبيل) أي من طريق بالعقوبة (والله غفور رحيم) ثم قال تعالى {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحملهم} معناه أنه لا سبيل على الأولين أي لا إثم ولا حرج على الأولين ولا على الذين أتوك لتحملهم وهم سبعة نفر تقدم ذكرهم (وقد اختلف العلماء) في قوله {لتحملهم} قال ابن عباس سألوه أن يحملهم على الدواب، وقيل سألوه أن يحملهم على الخفاف المرفوعة والنعال المخصوفة ليغزوا معه فأجابهم النبي صلى الله عليه وسلم كما أخبر عنه في قوله تعالى {قلت لا أجد ما أحملكم عليه تولوا} وهم يبكون فذلك قوله تعالى {تولوا وأعينهم تفيض من الدمع حزنا أن لا يجدوا ما ينفقون} ومثل هؤلاء لا يحرمون من ثواب الجهاد. فقد روى الشيخان والإمام أحمد من حديث أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن بالمدينة أقواما ما قطعتم واديا ولا سرتم سيرا إلا وهم معكم، قالوا وهم بالمدينة؟ قال نعم حبسهم العذر (تخريجه) أخرجه ابن جرير في تفسيره وابن إسحاق في سيرته وسنده لا بأس به (باب) (2) (حدثنا وكيع الخ) (غريبه) (3) رمز له بحرف حاء إشارة إلى تحويل السند ومعناه أن الإمام أحمد رحمه الله روى هذا الحديث من طريقين مرة عن وكيع عن سفيان ومرة أخرى عن عبد الرحمن يعني ابن مهدي عن سفيان بالسند المذكور، ورواه الترمذي عن محمود بن غيلان عن وكيع عن سفيان به (4) هو السبيعي: وأبو الخليل اسمه عبد الله، قال في التقريب عبد الله بن الخليل بن أبي الخليل الحضرمي أبو الخليل الكوفي مقبول (5) جملة حائلية (6) التفسير (ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين) أي لا يصح ولا يجوز لهم أن يستغفروا للمشركين: وتمام الآيتين مع تفسيرهما

قصة موت أبي طالب وما نزل في ذلك

_ موعدة وعدها إياها) (عن سعيد بن المسيب عن أبيه) (1) قال لما حضرت أبا طالب الوفاة دخل النبي صلى الله عليه وسلم وعنده أبو جهل (2) وعبد الله بن أبي أمية (3) فقال أي عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج بها لك عند الله عز وجل، فقال أبو جهل وعبد الله بن أبي أمية يا أبا طالب أترغب (4) عن ملة عبد المطلب؟ قال فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شيء كلمهم به على ملة عبد المطلب (5) فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تستغفرن لك ما لم أنه عنك (6) فنزلت {ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم} (7) قال فنزلت فيه {إنك لا تهدي من أحببت} (8) (باب لقد تاب الله على النبي المهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة) الخ الآيات (عن عبد الرحمن بن عبد الله) (9) بن كعب بن مالك أن عبد الله بن كعب بن مالك وكان قائد كعب من بنيه (10) حين عمى قال سمعت كعب بن مالك رضي الله عنه يحدث حديثه حين تخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك: فقال كعب بن مالك لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غيرها قط إلا في غزوة تبوك، غير أني كنت تخلفت في غزوة بدر ولم يعاتب أحدا تخلف عنها، وإنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير

-[حديث كعب بن مالك في تخلفه عن غزوة تبوك]- ميعاد، ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين توافقنا (1) على الإسلام ما أحب أن لي بها مشهد بدر وإن كانت بدر أذكر (2) في الناس منها وأشهر، وكان من خبري حين تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك إني لم أكن قط أقوى ولا أيسر حين تخلفت عنه في تلك الغزاة، والله ما جمعت قبلها راحلتين قط حتى جمعتهما في تلك الغزاة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزاة يغزوها إلا ورى (3) بغيرها حتى كانت تلك الغزاة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد واستقبل سفرا بعيدا ومفازا 4) واستقبل عدوا كثيرا فجلا (5) للمسلمين أمره ليتأهبوا أهبة عدوهم (6) فأخبرهم بوجهه (7) الذي يريد والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير لا يجمعهم كتاب حافظ (8) يريد الديوان، فقال كعب فقل رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أن ذلك سيخفى له (9) ما لم ينزل فيه وحي من الله عز وجل، وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزاة حين طابت الثمار والظل وأنا إليها أصعر (10) فتجهز إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنون معه وطفقت أغدوا لكي أتجهز معه فأرجع ولم أقض شيئا (11) فأقول في نفسي أنا قادر على ذلك إن أردت، فلم يزل كذلك يتمادى بي حتى أسرعوا وتفارط (12) الغزو فهممت أن أرتحل فأدركهم وليت إني فعلت (13) ثم لم يقدر ذلك لي فطفقت إذا خرجت في الناس بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم يحزنني أن لا أرى إلا رجلا

_ ومحمد. وعبيد الله (1) أي تبايعنا عليه وتعاهدنا، وليلة العقبة هي الليلة التي بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار فيها على الإسلام وأن يؤزوه وينصروه، وهي العقبة التي طرف مني التي يضاف إليها جمرة العقبة، وكانت بيعة العقبة مرتين في سنتين: في السنة الأولى كانوا اثنى عشر، وفي الثانية سبعين كلهم من الأنصار رضي الله عنهم (2) اذكر بوزن أفضل أي أشهر عند الناس بالفضيلة (3) أي أو هم غيرها، وأصله من وراء كأنه جعل البيان وراء ظهره، والحكمة في ذلك خشية أن يسبقه الجواسيس ونحوهم بالتحذير إلا إذا كانت سفرة بعيدة فيستحب أن يعرفهم البعد ليتأهبوا، وهذا من أعظم سياسة الحرب (4) أي برية طويلة قليلة الماء يخاف فيها الهلاك (5) هو بتخفيف اللام أي كشفه وبينه وأوضحه وعرفهم ذلك على وجهه من غير تورية، يقال جلوث الشيء كشفته (6) الأهبة بضم الهمزة وإسكان الهاء أي ليستعدوا بما يحتاجون إليه في سفرهم ذلك (7) أي بمقصده (8) عند البخاري بالتنوين فيهما، وعند مسلم بالإضافة أي بإضافة كتاب إلى حافظ (وقوله يريد الديوان) قال الحافظ من كلام الزهري وأراد بذلك الاحتراز عما وقع في حديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اكتبوا إلى من تلفظ بالإسلام، وقد ثبت أن من دون الديوان عمر بن الخطاب رضي الله عنه، ولابن مردويه ولا يجمعهم ديوان حافظ يعني كعب بذلك الديوان، يقول لا يجمعهم ديوان مكتوب، وهو يقوي رواية التنوين، وقد نقل عن أبي زرعة الرازي أنهم كانوا في غزوة تبوك أربعين ألفا، هذا ما نقله الحافظ (قال القسطلاني) وتعقبه شيخنا فقال بل المروي عن أبي زرعة أنهم كانوا سبعين ألفا: نعم الحصر بالأربعين في حجة الوداع فكأنه سبق قلم أو انتقال نظر اهـ (9) قال الأبي يريد بسبب كثرة الناس اهـ (10) بعين مهملة مفتوحة أي أميل (11) أي من جهازي (12) بالفاء والراء والطاء المهملتين أي فلت وسبق (13) عند البخاري (ليتني فعلت

-[اختيار كعب بن مالك قول الصدق واعترافه بالتقصير]- مغموصا (1) عليه في النفاق (2) أو رجلا ممن عذره الله: ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك: فقال وهو جالس في القوم بتبوك ما فعل كعب بن مالك؟ قال رجل من بني سلمة حبسه يا رسول الله براده (3) والنظر إلى عطفيه، فقال له معاذ بن جبل بئسما قلت: والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيرا: فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كعب بن مالك فلما بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد توجه قافلا (4) من تبوك حضرني نبي (5) فطفقت أتفكر الكذب وأقول بماذا أخرج من سخطه غدا أستعين على ذلك كل ذي رأى من أهلي، فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظل قادما (6) زاح عني الباطل وعرفت أني لن أنجو منه بشيء (7) أبدا فأجمعت صدقة وصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان إذا قدم من سفر بدًا بالمسجد فركع فيه ركعتين ثم جلس للناس، فلما فعل ذلك جاءه المتخلفون فطفقوا يعتذرون إليه ويحلفون له وكانوا بضعة وثمانين رجلا فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانية ويستغفر لهم ويكل سرائرهم إلى الله تبارك وتعالى حتى جئت فلما سلمت عليه تبسم تبسم المغضب (8) ثم قال لي تعال، فجئت أمشي حتى جلست بين يديه فقال ما خلفك (9) ألم تكن قد استمر ظهرك (10) قال فقلت يا رسول الله إني لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا لرأيت أني أخرج من سخطته بعذر لقد أعطيت جدلا (11) ولكني والله لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى عني به ليوشكن (12) الله تعالى يسخطك على ولئن حدثتك اليوم بصدق تجد (13) على فيه، إني لأرجو قرة عيني عفوا من الله تبارك وتعالى، والله ما كان لي عذر، والله ما كنت قط أفرغ ولا أيسر مني حين تخلفت عنك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله تبارك وتعالى فيك فقمت وقام إلي رجال من بني سلمة فأتبعوني فقالوا لي والله ما علمناك كنت أذنبت ذنبا قبل هذا ولقد عجزت أن لا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر به المتخلفون، لقد كان كافيك من ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك: قال فوالله ما زالوا يأنوبنني (14) حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي، قال ثم قلت لهم هل لقى هذا معي أحد (15) قالوا نعم لقيه معك رجلان قالا ما قلت

_ وفيه أن المرء إذا لاحت له فرصة في الطاعة فحقه أن يبادر إليها ولا يسوف بها لئلا يحرمها (1) بفتح الميم وسكون الغين المعجمة بعدها ميم أخرى مضمومة فواو فصاد مهملة (2) أي يظن به النفاق ويتهم (3) تثنية برد (والنظر إلى عطفيه) بكسر العين المهملة أي جانبيه كناية عن كونه معجبا بنفسه ذا زهو وتكبر (4) أي راجعا إلى المدينة (5) هو أشد الحزن، فطفقت أي أتفكر الكذب، وعند ابن أبي شيبة وطفقت أعد العذر لرسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء وأهيء الكلام (6) أي دنا قدومه (زاح) بالزاي المعجمة وبالحاء المهملة أي زال (7) أي من أنواع الكذب (فأجمعت صدقه) أي عزمت عليه يقال أجمع أمره وعلى أمره وعزم عليه بمعنى (8) بفتح الضاد المعجمة أي الغضبان (9) بوزن ما ودعك (10) معناه ألم يكن عندك ما تحمل عليه جهازك من الدواب وتركب (11) أي فصاحة وقوة في الكلام وبراعة بحيث أخرج عن عهدة ما ينسب إلي إذا أردت (12) هو بكسر الشين أي ليسرعن (13) بكسر الجيم وتخفيف المهملة أي تغضب (14) هو بهمز بعد الياء التحتية ثم نون ثم موحدة أي يلومونني أشد اللوم (15) معناه هل تخلف أحد

-[أمر النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة بهجر كعب بن مالك وصاحبيه حتى يقضي الله فيهما]- فقيل لهما مثل ما قيل لك، قال فقلت لهم من هما؟ قالوا مرارة (1) بن الربيع العامري وهلال بن أمية الواقفي (2) قال فذكروا لي رجلين صالحين قد شهدا بدرا: لي فيهما أسوة، قال فمضيت حين ذكروهما لي، قال ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا أيها الثلاثة (3) من بين من تخلف عنه فاجتنبنا الناس، قال وتغيروا لنا حتى تنكرت لي من نفسي الأرض فما هي بالأرض التي كنت أعرف (4) فلبثنا على ذلك خمسين ليلة فأما صاحباي فاستكنا (5) وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم (6) فكنت أشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف بالأسواق ولا يكلمني أحد وآتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في مجلسه بعد الصلاة فأسلم عليه فأقول في نفسي حرك شفتيه يرد السلام أم لا؟ ثم أصلي قريبا منه وأسارقه النظر فإذا أقبلت علي صلاتي نظر إلي فإذا التفت نحوه أعرض، حتى إذا طال علي ذلك من هجر المسلمين مشيت حتى تسورت (7) حائط أبي قتادة وهو ابن عمي وأحب الناس إلى فسلمت عليه فوالله مارة على السلام (8) فقلت له يا أبا قتادة أنشدك (9) الله هل تعلم أني أحب ورسوله؟ قال فسكت، قال فعدت فنشدته فسكت، فعدت فنشدته فقال الله ورسوله أعلم (10) فقاضت عيناي وتوليت حتى تسورت الجدار فبينما أنا أمشي بسوق المدينة إذا بنبطي (11) من أنباط أهل الشام ممن قدم بطعام يبيعه بالمدينة يقول من يدلني عن كعب بن مالك؟ قال فطفق الناس يشيرون له إلي حتى جاء فدفع إلى كتابا من ملك غسان وكنت كاتبا فإذا فيه (أما بعد) فقد بلغنا أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة (12)

_ مثل ما تخلفت (1) بضم الميم وتخفيف الراء المكررة (ابن الربيع) جاء في نسخ مسلم ابن ربيعة وكذا نقله القاضي عن نسخ مسلم، ووقع في البخاري ابن الربيع كما هنا، قال ابن عبد البر يقال بالوجهين (وقوله العامري) هكذا هو في جميع نسخ مسلم أيضا وأنكره العلماء وقالوا هو غلط، إنما صوابه العمري بفتح العين المهملة وإسكان الميم من بني عمرو بن عوف وكذا ذكره البخاري، وكذا نسبه محمد بن إسحاق وابن عبد البر وغيرهما من الأئمة (قال القاضي) هو الصواب وإن كان القابسي قد قال لا أعرفه إلا العامري فالذي قاله الجمهور أصح (2) بقاف ثم فاء منسوب إلى واقف بطن من الأنصار (3) قال القاضي عياض هو بالرفع وموضعه النصب على الاختصاص، وفي هذا هجران أهل البدع والمعاصي (4) معناه تغير على كل شيء حتى الأرض فإنها توحشت علي وصارت كأنها أرض لم أعرفها لتوحشها على (5) أي خضعا (6) أي أصغرهم سنا وأقواهم (7) معنى تسورته علوته وصعدت سوره وهو أعلاه ويستفاد منه جواز دخول الإنسان بستان صديقه وقريبه الذي يعرف أنه لا يكره ذلك بغير أذنه بشرط أن يعلم أنه ليس له هناك زوجة مكشوفة ونحو ذلك (8) أي لعموم النهي عن كلامهم، وفيه أنه لا يسلم على المبتدعة ونحوهم وفيه أن السلام كلام، وأن من حلف لا يكلم إنسانا فسلم عليه أو رد عليه السلام حنث قاله النووي (9) هو بفتح الهمزة وضم الشين المعجمة أي أسألك الله وأصله من النشيد وهو الصوت (10) قال القاضي لعل أبا قتادة لم يقصد بهذا تكليمه لأنه منهي عن كلامه، وإنما قال ذلك لنفسه لما ناشده الله فقال أبو قتادة مظهرا الاعتقاد لا يسمعه (11) بفتح النون والباء الموحدة وكسر الطاء المهملة يقال النبط والأنماط والنبيط وهم فلاحون العجم (12) المضيعة فيها لغتان إحداهما كسر الضاد وإسكان الياء التحتية والثانية بإسكان الضاد

-[أمر النبي صلى الله عليه وسلم كعب بن مالك وصاحبيه باعتزال نسائهم- وأول البشرى]- فالحق بنا نواسيك (1) قال فقلت حين قرآنها وهذا أيضا من البلاء قال فتيممت بها (2) التنور فسجرته بها، حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين إذا برسول رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك، قال فقلت أطلقها أم ماذا أفعل؟ قال بل اعتزلها فلا تقربها، قال وأرسل إلى صاحبي، بمثل ذلك قال فقلت لامرأتي ألحق بأهلك (3) فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر، قال فجاءت امرأة هلال بن أمية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له يا رسول الله إن هلالا شيخ ضائع ليس له خادم هل تكره أن أخدمه، قال لا ولكن لا يقربنك، قالت فإنه والله ما به حركة إلى شيء والله ما يزال يبكي من لدن أن كان من أمره ما كان إلى يومه هذا، قال فقال لي بعض أهلي لو استأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم بي امرأتك فقد أذن لامرأة هلال بن أمية أن تخدمه قال فقلت والله لا استأذن فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أدري ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استأذنته وأنا رجل شاب (4) قال فلبثنا بعد ذلك عشر ليال كمال خمسين ليلة حين نهى عن كلامنا، قال ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا فبينما أنا جالس على الحال التي ذكر الله تبارك وتعالى منا (5) قد ضاقت علي نفسي (6) وضاقت علي الأرض بما رحبت (7) سمعت صارخا، أوفى (8) على جبل سلع يقول بأعلى صوته يا كعب بن مالك أبشر (9) قال فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء فرج وآذن (10) رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله تبارك وتعالى علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروننا (11) وذهب قبل صاحبي مبشرون وركض إلي (12) رجل فرسا

_ وفتح الباب أي في موضع وحال يضاع فيه حقك (1) جاء عند مسلم نواسك بحذف الباء مجزوم في جواب الأمر (قال النووي) وفي بعض النسخ نواسيك بزيادة ياء وهو صحيح، أي ونحن نواسيك وقطعه عن جواب الأمر، ومعناه نشاركك فيما عندنا (2) أي قصدت ومعنى سجرته أي أوقدته بها وأنث الضمير لأنه أراد معنى الكتاب وهو الصحيفة (3) فيه دلالة على أن هذا اللفظ ليس صريحا في الطلاق وإنما هو كناية ولم ينو به الطلاق فلم يقع (4) يعني إني قادر على خدمة نفسي وأخاف أيضا على نفسي من حدة الشباب أن أصبت امرأتي وقد نهيت عنه (5) يعني قوله تعالى (وضاقت عليهم الأرض بما رحبت (6) أي قلبي لا يسعه أنس ولا سرور من فرط الوحشة والغم (7) أي مع سعتها وهو مثل للحيرة في أمره كأنه لم يجد فيها مكانا يقر فيه قلقا وجزعا، وإذا كان هؤلاء لم يأكلوا مالا حراما ولا سفكوا دما جراما ولا أفسدوا في الأرض وأصابهم ما أصابهم فكيف بمن واقع الفواحش والكبائر وجواب بينا (سمعت صارخا) (8) أي أشرف على (جبل سلع) أي صعده وارتفع عليه، وسلع بفتح السين المهملة وإسكان اللام وهو جبل بالمدينة معروف (9) بهمزة قطع وعند الواقدي وكان الذي أوفى على سلع أبا بكر الصديق فصاح قد تاب الله على كعب، وفيه دليل لاستحباب التبشير والتهنئة لمن تجددت له نعمة ظاهرة أو اندفعت عنه كربة شديدة ونحو ذلك سواء كانت من أمور الدين أو الدنيا (وقوله فخررت ساجدا) فيه دليل للشافعي ومن وافقه في استحباب سجود الشكر بكل نعمة ظاهرة حصلت أو نقمة ظاهرة اندفعت (10) أي أعلم الناس بذلك (11) أي يبشرون كعبا وصاحبيه مرارة وهلال (12) جاء عند مسلم وركض رجل إلي فرسا

-[فرح النبي صلى الله عليه وسلم بنزول توبة كعب وصاحبيه وتبشيرهم بذلك]- وسعى ساع من أسلم وأوفى الجبل (1) فكان الصوت أسرع من الفرس، فلما جاءني الذي سمعت صوته (2) يبشرني نزعت له ثوبي فكسوتهما إياه ببشارته (3) والله ما أملك غيرهما يومئذ فاستعرت ثوبين (4) فلبستهما فانطلقت أؤم رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) يلقاني الناس فوجا فوجا يهنئوني بالتوبة يقولون ليهنك توبة الله عليك حتى دخلت المسجد، فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في المسجد حوله الناس فقام إلي طلحة بن عبيد الله يهرول (6) حتى صافحني وهنأني (7) والله ما قام رجل من المهاجرين غيره؛ قال فكان كعب لا ينساها الطلحة (8) قال كعب فلما سلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يبرق وجهه من السرور أبشر بخير يوم يمر عليك منذ ولدتك أمك (9) قلت أمن عندك يا رسول الله أم من عند الله؟ قال لا بل من عند الله، قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سر استنار وجهه كأنه قطعة قمر حتى يعرف ذلك منه، قال فلما جلست بين يديه قال قلت يا رسول الله إن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله تعالى وإلى رسوله (10) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك بعض مالك فهو خير لك (11) قال قلت أني أمسك سهمي الذي بخيبر قال فقلت يا رسول الله إنما الله تعالى نجاني بالصدق وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقا ما بقيت، قال فوالله ما أعلم أحدا من المسلمين أبلاه الله من الصدق في الحديث مذ ذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن مما أبلاني (12) الله تبارك وتعالى والله ما تعمدت كذبة (13) مذ قلت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم إلى يومي هذا، وإني لأرجو أن

_ بتشديد الياء أي استحث رجل فرسا للعدو، وعند الواقدي أنه للزبير بن العوام (1) هو حمزة بن عمرو الأسلمي رواه الواقدي، وعند ابن عائدذ أن الذين سعيا أبو بكر وعمر رضي الله عنهما لكنه صدره بقوله زعموا (1) هو حمزة الأسلمي (3) فيه استحباب إجازة البشير بخلعة وإلا فبغيرها، والخلعة أحسن وهي المعتادة (4) أي من أبي قتادة كما عند الواقدي وفيه جواز العارية وجواز إعارة الثوب للبس (5) جاء عند مسلم فانطلقت أتأمم رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلقاني الناس فوجا فوجا الخ ومعنى أتأمم أي أقصد والفوج الجماعة (6) أي يسير بين المشي والعدو (7) فيه استحباب مصافحة القادم والقيام له إكراما والهرولة إلى لقائه بشاشة وفرحا (8) أي هذه الخصلة وهي بشارته إياه بالتوبة أي لا يزال يذكر إحسانه إليه بذلك (9) معناه سوى يوم إسلامك إنما لم يستثنه لأنه معلوم لابد منه (10) معنى انخلع منه أخرج منه وأتصدق به، وفيه استحباب الصدقة شكرا للنعم المتجددة لاسيما ما عظم منها (11) قال النووي إنما أمره صلى الله عليه وسلم بالاقتصار على الصدقة ببعضه خوفا من تضرره بالفقر وخوفا أن لا يصبر على الإضافة، ولا يخالف هذا صدقة أبي بكر رضي الله عنه بجميع ماله فإنه كان صابرا راضيا (فإن قيل) كيف قال انخلع من مالي فأثبت له مالا مع قوله أولا نزعت ثوبي والله ما أملك غيرهما (فالجواب) أن المراد بقوله أن انخلع من مالي الأرض والعقار، ولهذا قال فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، وأما قوله ما أملك غيرهما فالمراد به من الثياب ونحوها مما يخلع ويليق بالبشير، وفيه دليل على تخصيص اليمين بالنية وهو مذهبنا (يعني الشافعية) فإذا حلف لا مال له ونوى نوعا لم يحنث بنوع آخر من المال أو لا يأكل ونوى ثمرا لم يحنث بالخبز (12) أي أنعم عليه والبلاء والإبلاء يكون في الخير والشر، لكن إذا أطلق كان الشر غالبا فإذا أريد الخير قيد كما قيده هنا فقال أحسن مما أبلاني (13) بفتح الكاف وإسكان الذال وكسرها

-[نص آيات التوبة وتفسيرها ووصف ما لاقاه الصحابة في غزوة تبوك من المشقة]- يحفظني فيما بقى، قال وأنزل الله تبارك وتعالى {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين (1) والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ثم تاب عليهم أنه بهم رءوف رحيم، وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله لا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا أن الله هو التواب الرحيم يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين} قال كعب فوالله ما أنعم الله تبارك وتعالى علي من نعمة

_ (1) (التفسير) قال مجاهد وغير واحد نزلت هذه الآية في غزوة تبوك وذلك أنهم خرجوا إليها في شدة من الأمر في سنة مجدية وحر شديد وعسر من الزاد والماء (قال قتادة) خرجوا إلى الشام عام تبوك في لهبات الحر على ما يعلم الله من الجهد، أصابهم فيها جهد شديد حتى لقد ذكر لنا أن الرجلين كانا يشقان التمرة بينهما، وكان النفر يتداولون التمرة بينهما يمص هذا ثم يشرب عليها ثم يمصها هذا ثم يشرب عليها، فتاب الله عليهم واقفلهم من غزوتهم، روى ابن جرير بسنده عن عبد الله بن عباس أنه قيل لعمر بن الخطاب في شأن العسرة، فقال عمر خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك في قيظ شديد فنزلنا منزلا فأصابنا فيه عطش حتى ظننا أن رقابنا ستنقطع وحتى أن كان الرجل ليذهب يلتمس الماء فلا يرجع حتى يظن أن رقبته ستنقطع وحتى أن الرجل ينحر بعيره فيعصر فرثه فيشربه يوجعل ما بقى على كبده فقال أبو بكر الصديق يا رسول الله إن الله عز وجل قد عودك في الدعاء خيرا فادع لنا، فقال تحب ذلك؟ قال نعم فرفع يديه فلم يرجعهما حتى سالت السماء فأهطلت ثم سكنت فملئوا ما معهم ثم ذهبنا ننظر فلم نجدها جاوزت العسكر، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم وقد أزال الله عنهم الشدة وأنزل قوله تعالى {لقد تاب الله على النبي} تاب الله أي تجاوز وصفح ومعنى توبته على النبي صلى الله عليه وسلم بإذنه للمنافقين بالتخلف عنه في غزوة تبوك، وقال بعض العلماء الأحسن أن يكون من قبيل ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر، وقيل هو بعث على التوبة على سبيل التعريض لأنه صلى الله عليه وسلم ممن يستغنى عن التوبة فوصف بها ليكون بعثا للمؤمنين على التوبة على سبيل التعريض وإبانة لفضلها (والمهاجرين والأنصار) أي وتاب عليهم حقيقة لأنه لا ينفك غير المعصوم عن الزلات، أو كانوا يتوبون عن وساوس تقع في قلوبهم (الذين اتبعوه) حقيقة بأن خرج أولا وتبعوه، أو مجازا عن اتباعهم أمره ونهيه (في ساعة العسرة) أي في وقت الشدة الحاصلة لهم في غزوة تبوك، أي من عسر الزاد والماء والظهر والقيظ وبعد الشقة (من بعد ما كان يزيغ) قرأ حمزة وحفص يزيغ بالياء لقوله كاد، وقرأ الآخرون بالتاء والزيغ الميل أي من بعد ما كادت تميل (قلوب فريق منهم) أي قلوب بعضهم ولم يرد الميل عن الدين بل أراد الميل إلى التخلف والانصراف للشدة التي عليهم، قال الكلبي هم ناس بالتخلف ثم لحقوه (ثم تاب عليهم) فإن قيل كيف أعاد ذكر التوبة وقد قال في أول الآية {لقد تاب الله على النبي} قيل ذكر التوبة في أول الآية قبل ذكر الذنب وهو محض الفضل من الله عز وجل، فلما ذكر الذنب أعاد ذكر التوبة والمراد منه قبولها (إنه بهم رءوف رحيم) قال ابن عباس من تاب الله عليه لم يعذبه أبدا (وعلى الثلاثة الذين خلفوا) هذا معطوف على ما قبله تقديرها لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار وعلى الثلاثة الذين خلفوا، أي من غزوة تبوك، وقيل خلفوا أي أرجئ أمر توبتهم وفائدة هذا العطف بيان قبول توبتهم وهم كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة بن الربيع وكلهم من الأنصار وهم المرادون بقوله تعالى- وآخرون مرجون لأمر الله- (حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت)

-[اغتباط كعب بن مالك بكونه تحاشى الكذب وذم المنافقين الذين كذبوا الله ورسوله]- قط بعد أن هداني أعظم في نفسي من صدقي رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ أن لا أكون (1) كذبته فأهلك كما هلك الذين كذبوه حين كذبوه فإن الله تبارك وتعالى قال للذين كذبوه حين كذبوه شر ما يقال لأحد (3) فقال الله تعالى {سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم إنهم رجس ومأواهم جهنم جزاء بما كانوا يكسبون، يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين} (3) قال وكنا خلفنا أيها الثلاثة عن أمر أولئك الذين قبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حلفوا (4) فبايعهم واستغفر لهم فأرجأ (5) رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا

_ يرحبها أي سعتها وهو مثل للحيرة في أمرهم كأنهم لا يجدون فيها مكانا يقرون فيه قلقا وجزعا (وضاقت عليهم أنفسهم) أي قلوبهم لا يسعها أنس ولا سرور لأنها خرجت من فرط الوحشة والغم (وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه) وعلموا أن لا ملجأ من سخط الله إلا استغفاره والرجوع إليه بالتوبة (ثم تاب عليهم) بعد خمسين يوما (ليتوبوا) معناه إن الله عز وجل تاب عليهم في الماضي ليكون ذلك داعيا لهم إلى التوبة في المستقبل فيرجعوا ويداوموا عليها (إن الله هو التواب) على عباده (الرحيم) بهم وفيه دليل على أن قبول التوبة بمحض الرحمة والكرم والفضل والإحسان وإنه لا يجب على الله تعالى شيء والله أعلم {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله} يعني في مخالفة أمر الرسول (وكونوا مع الصادقين) في إيمانهم دون المنافقين أو مع الذين لم يتخلفوا عن الجهاد في غزوة تبوك، ومع الذين صدقوا في دين الله نية وقولا وعملا كأبي بكر وعمر، والآية تدل على أن الاجتماع حجة لأنه أمر بالكون مع الصادقين فلزم قبول قولهم (1) قال النووي هكذا هو في جميع نسخ مسلم وكثير من روايات البخاري (يعني أن لا أكون) قال العلماء لفظة لا في قوله (أن لا أكون) زائدة ومعناه أن أكون كذبته كقوله تعالى (ما منعك أن لا تسجد إذا أمرتك (وقوله فأهلك) بكسر اللام على الفصيح المشهور وحكى فتحها وهو شاذ ضعيف (2) أي قال قولا لا شر ما يقال بالإضافة أي شر القول الكائن لأحد من الناس (3) قال الإمام البغوي في تفسيره يروي أن المنافقين الذين تخلفوا عن غزوة تبوك كانوا بضعة وثمانين نفرا فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءوا يعتذرون بالباطل قال الله تعالى {قل لا تعتذروا لن نؤمن لكم} أي لن نصدقكم {وقد نبأنا الله من أخباركم} فيما سلف {وسيرى الله عملكم ورسوله} في المستأنف أتتوبون من نفاقكم أم تقيمون عليه {ثم تردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون، سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم} أي إذ انصرفتم إليهم من غزوكم {لتعرضوا عنهم} لتصفحوا عنهم ولا تؤنبوهم {فأعرضوا عنهم} فدعوهم وما اختاروا لأنفسهم من النفاق {إنهم رجس} نجس أي إن عملهم قبيح {ومأواهم} في الآخرة {جهنم جزاءا بما كانوا يكسبون} قال ابن عباس نزلت في جد بن قيس ومعتب بن قشير وكانوا ثمانين رجلا من المنافقين فقال النبي صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة لا تجالسوهم ولا تكلموهم، وقال مقاتل نزلت في عبد الله بن أبي (يعني ابن سلول رأس المنافقين) حلف للنبي صلى الله عليه وسلم بالله الذي لا إله هو لا يتخلف عنه بعدها، وطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يرضى عنه، فأنزل الله عز وجل هذه الآية {يحلفون لكم لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فإن الله لا يرضى عن القوم الفاسقين} أي فإن رضاكم وحده لا ينفعهم إذا كان الله ساخطا عليهم وكانوا عرضة لعاجل عقوبته وآجلها (4) أي حلفوا كذبا أن تخلفهم كان لعذر (5) بالجيم

-[قوله عز وجل {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم} الخ السورة]- حتى قضى الله تعالى: فلذلك قال الله تعالى {وعلى الثلاثة الذين خلفوا} وليس تخليفه إيانا (1) وأرجاؤه أمرنا مما خلفنا بتخلفنا عن الغزو، وإنما هو عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه. (باب لقد جاءكم رسول الله من أنفسكم إلى آخر السورة) (عن عباد بن عبد الله بن الزبير) (2) قال أتى الحارث بن خزمة (3) بهاتين الآيتين من آخر براءة {لقد جاءكم رسول الله من أنفسكم} (4) إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال من معك على هذا (5) قال لا أدري والله إني أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعيتها وحفظتها فقال عمر أشهد لسمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة على حدة (6) فانظروا سورة من القرآن فضعوها فيها فوضعتها في آخر براءة

_ آخره همزة: أي أخره (1) (وليس تخليفه إيانا) هذه الجملة إلى آخر الحديث جاءت هكذا في المسند، وجاءت عند الشيخين (وليس الذي ذكر الله مما خلفنا تخلفنا عن الغزو، وإنما هو تخليفه إيانا وإرجاؤه أمرنا عمن حلف له واعتذر إليه فقبل منه) وعبارة الشيخين أظهر، والمعنى يقول كعب في قوله تعالى {وعلى الثلاثة الذين خلفوا} ليس معناه أنهم تخلفوا عن الغزو، بل معناه أنه أخر النظر في أمرهم عمن حلف واعتذر وقبل اعتذاره (تخريجه) قال القسطلاني وقد أخرج المؤلف رحمه الله (يعني البخاري) حديث غزوة تبوك وتوبة الله على كعب في عشرة مواضع مطولا ومختصرا وسبق بعضها وباقي منها إن شاء الله تعالى في الاستئذان والأحكام (وأخرجه مسلم) في التوبة (وأبو داود في الطلاق وكذا النسائي والله أعلم (باب) (2) (سنده) حدثنا علي بن بحر حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يحيى بن عباد عن أبيه عباد بن عبد الله بن الزبير الخ (غريبه) (3) قال الحافظ في تعجيل المنفعة الحارث بن خزمة بن عدي أبو خزمة الأنصاري، ويقال أبو خزيمة، قال الطبري خزمة بالتحريك ويقال ابن خزيمة يكنى أبا بشر، شهد بدرا وأحدا وما بعدها: مات بالمدينة سنة أربعين وله سبع وستون سنة وهو الذي جاء بناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ضلت بتبوك (4) سيأتي تفسير الآية في الحديث التالي (5) أي من يشهد معك على أن هذا من القرآن، والظاهر أن عمر رضي الله عنه قال له ذلك من باب الملاطفة وإلا فإن عمر قد سمعها أيضا من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في الحديث (6) لنا تعقيب على هذه الجملة وما بعدها الخ الحديث سيأتي في التخريج (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن إسحاق وهو مدلس وبقية رجاله ثقات اهـ: وكذلك أورده الحفظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد ولم يتكلم واحد منهما في تعليله بشيء مع أن هذا الحديث معلول سندا ومتنا (أما السند) فلأن عباد بن عبد الله ابن الزبير لم يدرك قصة جمع القرآن فهو منقطع، ولأنه لم يرو هذه القصة عن الحارث بن خزمة بل أرسل القصة إرسالا، ولأن في إسناده محمد بن إسحاق ثقة لكنه مدلس إذا عنعن لا يحتج بحديثه وقد عنعن في هذا الحديث (وأما المتن) فلأن قوله (لو كانت ثلاث آيات لجعلتها سورة فانظروا سورة من القرآن فضعوها فيها) يفيد أن ترتيب السور ووضع الآيات كانت بإرادة الصحابة، وهذا يخالف المتواتر وما جاء في الأحاديث الصحيحة من أن القرآن بلغه النبي صلى الله عليه وسلم لأمته سرورا معروفة متصلة وآيات مرتبة معروفة الوضع (وقوله في المتن فوضعتها في آخر براءة) يفهم منه أن الذي وضعها هو الحارث بن خزمة مع أنه لم يكن ممن عهد إليه يجمع القرآن (والصحيح) ما جاء عند الإمام أحمد والبخاري والترمذي وغيرهم

-[الصحيح أن ترتيب السور والآيات أمر توقيفي لا مجال للرأي فيه]- (ز) (عن ابن عباس عن أبي) (1) قال آخر آية نزلت {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} الآية (2)

_ من حديث زيد بن ثابت في جمع القرآن قال فوجدت آخر سورة التوبة مع أبي خزيمة الأنصاري لم أجدها مع أحد غيره {لقد جاءكم رسول من أنفسكم عزيز عليه ما عنتم} حتى خاتمة سورة براءة (وما رواه الإمام أحمد أيضا) من حديث أبي بن كعب أن النبي صلى الله عليه وسلم اقرأه بعد قوله تعالى {ثم انصرفوا صرف الله قلوبهم بأنهم قوم لا يفقهون} قال أن النبي صلى الله عليه وسلم اقرأني بعدها آيتين لقد جاءكم رسول من أنفسكم إلى آخر السورة، ثم قال هذا آخر ما نزل من القرآن (وفي حديث زيد بن ثابت) رقم 87 صحيفة 33 من هذا الجزء قال زيد فقدت آية من سورة الأحزاب حين نسختا المصاحف قد كنت اسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرء بها (رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) فالتمستها فوجدتها مع خزيمة بن ثابت فألحقتها في سورتها بالمصحف، (قال في شرح السنة) في هذا الحديث البيان الواضح أن الصحابة رضي الله عنهم جمعوا بين الدفتين القرآن المنزل من غير أن يكونوا زادوا فيه أو نقصوا منه شيئا باتفاق منهم من غير أن يقدموا شيئا أو يؤخروه، بل كتبوه في المصاحف على الترتيب المكتوب في اللوح المحفوظ بتوقيف جبريل عليه السلام على ذلك وإعلامه عند نزول كل آية بموضعها وأين تكتب اهـ وقصارى القول أن حديث الباب لا يحتج به أصلا، انظر باب ما جاء في تأليف القرآن وجمعه صحيفة 31 من هذا الجزء واقرأه هو والباب الذي بعده متنا وشرحا تجد ما يسرك والله الموفق (ز) (1) (سنده) حدثنا محمد بن أبي بكر ثنا بشر بن عمر ثنا شعبة عن علي بن زيد عن يوسف المكي عن ابن عباس الخ (2) (التفسير) {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} أي منكم وبلغتكم تعرفون نسبه وحسبه كما قال جعفر بن أبي طالب للنجاشي والمغيرة بن شعبة لرسول كسرى: إن الله بعث فينا رسولا منا نعرف نسبه وصفته ومدخله ومخرجه وصدقه وأمانته لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية من زمان آدم عليه السلام، وقال سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه في قوله تعالى {لقد جاءكم رسول من أنفسكم} قال لم يصبه شيء من ولادة الجاهلية، وقال خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح، وقد وصل هذا من وجه آخر عن الطبراني في الأوسط وابن عدي في الكامل عن علي قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم إلى أن ولدني أبي وأمي ولم يمسني من سفاح الجاهلية شيء، وقرأ ابن عباس والزهري وابن محيصن (من أنفسكم) بفتح الفاء أي من أشرفكم وأفضلكم (عزيز عليه ما عنتم) أي يعز عليه الشيء الذي يعنت أمته ويشق عليها، ولهذا جاء في الحديث المروي من طرق عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (بعثت بالحنيفية السمحة) رواه الخطيب عن جابر، وفي الصحيح أن هذا الدين يسر وشريعته كلها سهلة سمحة كاملة يسيرة على من يسرها الله تعالى عليه (حريص عليكم) أي على هدايتكم ووصول النفع الدنيوي والأخروي إليكم (بالمؤمنين رؤوف رحيم بالمطيعين رحيم بالمؤمنين (فإن تولوا) أي أعرضوا عن الإيمان وناصبوك (فقل حسبي الله) كافئ (لا إله إل هو عليه توكلت) أي به وثقت لا بغيره (وهو رب العرش) الكرسي (العظيم) خصه بالذكر لأنه أعظم المخلوقات (تخريجه) (ك) وأورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن أحمد والطبراني وفيه علي بن زيد بن جدعان وهو ثقة شيء الحفظ وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) ورواه أيضا الحاكم في المستدرك من طريق شعبة عن يونس بن عبيد وعلي بن زيد عن يوسف بن مهران به وقال حديث شعبة

-[قوله عز وجل {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}]- (سورة يونس) (باب للذين أحسنوا الحسنى وزيادة) (عن صهيب) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا يا أهل الجنة إن لكم موعدا عند الله لم تروه (2) فقالوا وما هو؟ ألم تبيض وجوهنا وتزحزحنا عن النار (3) وتدخلنا الجنة؟ قال يكشف الحجاب فينظرون إليه (4) فوالله ما أعطاهم الله شيئا أحب إليهم منه (5) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} (6) (باب لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (عن عبادة بن الصامت) (7) أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت قول الله تبارك وتعالى {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} (8) فقال لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي أو أحد قبلك: قال تلك

_ عن يونس بن عبيد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (باب) (1) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنا حما بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب (يعني ابن سنان) الخ (غريبه) (2) أي بقى شيء زائد مما وعده الله لكم من النعم (وفي رواية مسلم) يقول الله تبارك وتعالى تريدون شيئا أزيدكم (3) أي تنجينا من دخولها، قال الطيبي رحمه الله تقرير وتعجيب من أنه كيف يمكن الزيادة على ما أعطاهم الله تعالى من سعة فضله وكرمه (4) لفظ مسلم فينظرون إلى وجه الله عز وجل، والظاهر أن المراد بالحجاب حجاب النور الذي وقع في حديث أبي موسى عند مسلم ولفظه (حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهى إليه بصره من خلفه) وفي رواية لمسلم أيضا والإمام أحمد وتقدمت في أول باب عظمة الله تعالى وكبريائه الخ في الجزء الأول صحيفة 38 رقم 10 بلفظ (حجابه النار لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شيء أدركه بصره) والحجاب أصله في اللغة المنع والستر، وحقيقة الحجاب إنما تكون للأجسام المحدودة والله تعالى منزه على الجسم والحد فالمراد هنا المانع من رؤيته، وسمى ذلك المانع نورا أو نارا لأنهما يمنعان من الإدراك في العادة لشعاعهما وقد ظهر من نصوص الكتاب والسنة أن الحالة المشار إليها في هذا الحديث هي في دار الدنيا المعدة للفناء دون دار الآخرة المعدة للبقاء، والحجاب في هذا الحديث وغيره يرجع إلى الخلق لأنهم هم المحجوبون عنه (5) أي من النظر إلى ربهم عز وجل (6) (التفسير) {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} يخبر الله عز وجل أن لمن أحسن العمل في الدنيا بالإيمان والعمل الصالح الحسنى في الدار الآخرة كقوله تعالى {هل جزاء الإحسان إلا الإحسان} وقوله (وزيادة) على تضعيف ثواب الأعمال بالحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف وزيادة على ذلك أيضا، ويشمل ما يعطيهم الله في الجنة من القصور والحور والرضا عنهم وما أخفاه لهم من قرة أعين، وأفضل من ذلك وأعلاه النظر إلى وجهه الكريم فإنه زيادة أعظم من جميع ما أعطوه لا يستحقونها بعملهم بل بفضله ورحمته وقد روى في تفسير الزيادة بالنظر إلى وجهه الكريم عن جمهور الصحابة منهم أبو بكر وحذيفة وعبد الله بن عباس، ومن التابعين منهم سعيد بن المسيب وعطاء والضحاك والحسن وغيرهم من السلف والخلف، وقد وردت فيه أحاديث كثيرة صحيحة منها حديث الباب وغيره كثير (تخريجه) (م مذ، وغيرهما) (باب) (7) (سنده) حدثنا عفان ثنا أبان حدثني يحيى (يعني ابن أبي كثير) عن أبي سلمة عن عبادة بن الصامت الخ (8) (التفسير) أول الآية {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة}

-[تفسير قوله عز وجل {ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم} الخ]- الرؤيا الصالحة (1) يراها الرجل الصالح (وفي لفظ يراها المسلم) أو ترى له (عن عطاء بن يسار) (2) عن رجل من أهل مصر عن أبي الدرداء قال أتاه رجل فقال ما تقول في قول الله عز وجل {لهم البشرى في الدنيا وفي الآخرة} قال لقد سألت عن شيء ما سمعت أحدا سأل عنه بعد رجل سأل عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بشراهم في الحياة الدنيا الرؤيا الصالحة يراها المسلم أو ترى له، وبشراهم في الآخرة الجنة (3) (باب قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل)

_ يخبر تعالى أن أولياءه هم الذين آمنوا وكانوا يتقون كما فسرهم بهم فكل من كان تقيا كان لله وليا: قيل هم الذين يتولونه بالطاعة ويتولاهم بالكرامة، أو هم الذين تولى الله هداهم بالبرهان الذي آتاهم فتولوا القيام بحقه والرحمة يخلقه، أو هم المتحابون في الله على غير أرحام بينهم ولا أموال يتعاطونها كما جاء في ذلك أحاديث ستأتي في أبواب الحب في الله من قسم الترغيب (لا خوف عليهم) يعني في الآخرة إذا خاف غيرهم (ولا هم يحزنون) يعني على كل شيء فاتهم من نعيم الدنيا ولذاتها، قال بعض المحققين زوال الخوف والحزن عنهم إنما يجعل لهم في الآخرة لأن الدنيا لا تخلو من غم وهم وحزن، وقال بعض العارفين إن الولاية عبارة عن القرب من الله ودوام الاشتغال بالله، وإذا كان العبد بهذه الحالة لا يخاف من شيء مولا يحزن على شيء لأن مقام الولاية والمعرفة منعه من أن يخاف أو يحزن، وأما قوله سبحانه وتعالى {الذين آمنوا وكانوا يتقون} فقد تقدم تفسيرها وأنه صفة لأولياء الله، وقوله عز وجل {لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة} اختلف العلماء في هذه البشرى، فقيل هي الرؤيا الصالحة: مستدلين بحديث الباب وبحديث أبي الدرداء الآتي بعده، وقيل المراد بالبشرى في الحياة الدنيا هي الثناء الحسن وفي الآخرة الجنة ويدل على ذلك ما روى عن أبي ذر قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت الرجل يعمل العمل في الخير ويحمده الناس عليه؟ قال تلك عاجل بشرى المؤمن أخرجه مسلم وغيره، وروى ابن جرير بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة) قال في الدنيا الرؤيا الصالحة يراها العبد أو ترى له، وهي في الآخرة الجنة، وقال الزهري وقتاة في تفسير البشرى هي نزول الملائكة بالبشارة من الله عند الموت، ويدل عليه قوله تعالى {تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون} وقال عطاء عن ابن عباس البشرى في الدنيا عند الموت تأتيهم الملائكة بالبشارة، وفي الآخرة بعد خروج نفس المؤمن يعرج بها إلى الله تعالى ويبشر برضوان الله تعالى وقال الحسن هي ما بشر الله به المؤمنين في كتابه من جنته وكريم ثوابه ويدل عليه قوله تعالى {لا تبديل لكلمات الله} يعني لا خلف لوعد الله (ذلك هو الفوز العظيم) يعني ما وعدهم به في الآخرة (1) الرؤيا الصالحة أو الحسنة أو الصادقة هي ما فيه بشارة أو تنبيه عن غفلة وأمثال ذلك (يراها الرجل الصالح) أو المسلم كما في الرواية الأخرى وهي أعم أي يراها لنفسه (أو ترى) بصيغة المجهول أي يراها مسلم آخر أي لأجله (تخريجه) (مذ طل جه) وابن جرير الطبري وسكت عنه الترمذي، قال الحافظ وحديث عبادة هذا أخرجه أيضا ابن ماجه وصححه الحاكم ورواته ثقات إلا أن أبا سلمة لم يسمعه من عبادة والله أعلم (2) (سنده) حدثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن أبي صالح عن عطاء بن يسار الخ (غريبه) (3) هذا الحديث صريح في أن بشرى الدنيا الرؤيا الصالحة وبشرى الآخرة الجنة (تخريجه)

-[قصة غرق فرعون وقومه وعدم قبول إيمانه]- (عن ابن عباس) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قال فرعون (آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل) (2) قال لي جبريل يا محمد لو رأيتني وقد أخذت حالا من حال البحر قدسيته في فيه مخافة أن تناله الرحمة (وعنه من طريق ثان) (3) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن جبريل كان

_ (مذ طل) وقال الترمذي هذا حديث حسن اهـ (قلت) وفي سنده رجل من أهل مصر غير معروف وإنما حسنه الترمذي لكثرة طرقه والله أعلم (1) (سنده) حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس الخ (2) (التفسير) أول الآية {وجاوزنا ببني إسرائيل البحر فأتبعهم فرعون وجنوده بغيا وعدوا حتى إذا أدركه الغرق قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين} (وجاوزنا ببني إسرائيل البحر) عبرنا بهم (فأتبعهم) لحقهم وأدركهم (فرعون وجنوده) يقال تبعه إذا أدركه، ولحقه وأتبعه بالتشديد إذا سار خلفه واقتدى به، وقيل هما واحد (بغيا وعدوا) أي ظلما واعتداءا، وقيل بغيا في القول وعدوا في الفعل، وكان البحر قد انفلق لموسى وقومه فلما وصل فرعون بجنوده إلى البحر هابوا دخوله فتقدمهم جبريل على فرس وديق (هي التي تشتهي الفجل) وخاض البحر فاقتحمت الخيول خلفه فلما دخل أخرهم وهم أوهم أن يخرج انطبق عليهم الماء (حتى إذا أدركه الغرق) أي غمره الماء وقرب هلاكه قال (آمنت أنه) قرأ حمزة والكسائي إنه بكسر الألف أي آمنت وقلت إنه، وقرآ الآخرون أنه بالفتح أي آمنت بأنه (لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل وأنا من المسلمين) قال ابن عباس لم يقبل الله إيمانه عند نزول العذاب به وقد كان في مهل، قال العلماء إيمانه غير مقبول، وذلك أن الإيمان والتوبة عند معاينة الملائكة والعذاب غير مقبولين، ويدل عليه قوله تعالى: فلم يك ينفعهم إيمانهم لما رأوا بأسنا، وقيل إن فرعون كان من الدهرية المنكرين لوجود الصانع الخالق سبحانه وتعالى، فلهذا قال آمنت أنه لا إله إلا الذي آمنت به بنو إسرائيل. فلم ينفعه ذلك لحصول الشك في إيمانه، ولما رجع فرعون إلى الإيمان والتوبة حين أغلق بأيهما بحضور الموت ومعاينة الملائكة قيل له (آلان وقد عصيت قبل وكنت من المفسدين) يعني الآن تتوب وقد أضعت التوبة في وقتها وآثرت دنياك الفانية على الآخرة الباقية. قيل القائل له الآن وقد عصيت الخ هو جبريل ثم دس في فيه من حمأ البحر أي من طينه كما جاء في الحديث (قال لي جبريل يا محمد لو رأيتني وقد أخذت حالا من حال البحر (أي من طينه الأسود) فدسيته في فمه (يعني في فم فرعون) مخافة أن تناله الرحمة) قال ابن عباس وغيره من السلب أن بعض بني إسرائيل شكوا في موت فرعون فأمر الله تعالى البحر في أن يلقيه بجسده سويا بلا روح، ولهذا قال تعالى (فاليوم ننجيك) أي نر فمك على نجوة من الأرض، وهو المكان المرتفع ليتحققوا موته وهلاكه (ببدنك) قال الحسن بجسم لا روح فيه، وقال عبد الله بن شداد سويا صحيحا أي لم يتمزق لتيحققوه ويعرفوه، وقال أبو صخر بدرعك: وكان له درع مشهور مرصع بالجواهر فرأوه في درعه فصدقوا موسى (لتكون لمن خلفك آية) عبرة وعظة (وإن كثيرا من الناس عن آياتنا لغافلون) (3) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عدي بن ثابت وعطاء بن السائب عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس قال رفعه أحدهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال إن جبريل الخ (قلت) وقوله رفعه أحدهما القائل ذلك هو الشعبي يريد أن أحد الراويين وهما عدي بن ثابت وعطاء بن السائب لم يرفعه

-[سورة هود وما جاء فيها من أحوال يوم القيامة وأهواله]- يدس في فم فرعون الطين مخافة أن يقول لا إله إلا الله (سورة هود) (باب ما جاء في سورة هود من ذكر القيامة وأهوالها) (عن ابن عمر) (1) رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سره أن ينظر إلى يوم القيامة كأنه رأى عين (2) فليقرأ إذا الشمس كورت (3) وإذا السماء انفطرت (4) وإذا السماء انشقت وأحسبه (5) أنه قال سورة هود (باب قال يا نوح ليس من أهلك إنه عمل غير صالح) (عن أم سلمة) (6) رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأها (إنه عمل غير صالح) (7)

_ وليس فيه طعن في الحديث (تخريجه) أورد الطريق الأولى منه الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد، ثم قال ورواه الترمذي وابن جرير وابن أبي حاتم في تفاسيرهم من حديث حماد بن سلمة به، وقال الترمذي حديث حسن اهـ وروى الطريق الثانية منه (مذ طل) وابن جرير من طريق شعبة عن عدي ابن ثابت وعطاء بن الثابت بسند الطريق الثانية وقال الترمذي حسن غريب صحيح اهـ. وهذا الحديث بطريقيه رواته ثقات ليس فيهم متهم وإن كان فيهم من هو سيء الحفظ فقد تابعه عليه غيره (فإن قلت) ففي الطريق الثانية شك في رفعه لأنه قال فيه رفعه أحدهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم (قلت) ليس يشك في رفعه، إنما هو جزم بأن أحد الرجلين رفعه وشك شعبة في تعيينه هل هو عطاء بن السائب أو عدي بن ثابت وكلاهما ثقة فإذا رفعه أحدهما وشك في تعيينه لم يكن هذا علة في الحديث والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا عبد الله بن بحير الصنعاني القاص أن عبد الرحمن بن يزيد الصنعاني أخبره أنه سمع ابن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) معناه من أعجبه أن ينظر إلى أحوال يوم القيامة وأهواله (كأنه يرى عين) تقول جعلت الشيء رأى عينك ويمرءا منك أي حذاءك ومقابلك بحيث تراه، وهو منصوب على المصدر أي كأنه يراه رأى العين (3) التكوير جمع الشيء بعضه، على بعض ومنه تكوير العمامة وجمع الثياب بعضها إلى بعض فمعنى قوله تعالى كورت أي جمع بعضها على بعض ثم لفت فرمى بها، وإذا فعل بها ذلك ذهب ضوءها وصوب هذا القول ابن جرير (4) أي انشقت كما فسر بذلك في اللفظ الآخر (5) بفتح السين المهملة وكسرها أي أظنه وإنما خص هذه السورة بالذكر لاشتمالها على ذكر أحوال يوم القيامة وأهواله ففي قراءتها عبرة وعظة وتخويف من هذه الأهوال ليرجع العبد إلى ربه ويعمل للنجاة من أهوال هذا اليوم (تخريجه) أخرجه الترمذي بدو ذكر سورتي الانفطار وهود، والحاكم مقصرا على سورة التكوير وصححه وأقره الذهبي: وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد بإسنادين ورجالهما ثقات، ورواه الطبراني بسناد أحمد اهـ وروى الترمذي عن ابن عباس قال قال أبو بكر يا رسول الله قد شبت؟ قال شيبتني هود والواقعة والمرسلات وعم يتساءلون وإذا الشمس كورت، قال الترمذي حديث حسن غريب أهو رواه أيضا الطبراني في الأوسط قال الهيثمي ورجاله رجال الصحيح (وعن عقبة بن عامر) أن رجلا قال يا رسول الله قد شبت قال شيبتني هود وأخواتها قال الهيثمي رواه الطبراني ورجاله الصحيح اهـ قال بعض العلماء سبب شيبه صلى الله عليه وسلم من هذه السور المذكورة في الحديث لما فيها من ذكرى القيامة والبعث والحساب والجنة والنار والله أعلم (باب) (6) (سنده) حدثنا وكيع ثنا هارون النحوي عن ثابت البناني عن شهر بن حوشب عن أم سلمة الخ (7) (التفسير) أول الآية (ونادى نوح ربه فقال رب أن ابني من أهلي) أي وقد وعدتني أن تنجني وأهلي (وأن وعدك الحق) لا خلف فيه (وأنت أحكم

-[ما جاء في قصة نوح ولوط عليهما السلام مع قومهما م سورة هود]- (باب قال لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد) (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم في قول لوط (لو أن ي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد) (2) قال النبي صلى الله عليه وسلم كان يأوى إلى ركن شديد إلى ربه عز وجل قال النبي صلى الله عليه وسلم فما بعث بعده نبي إلا في ثروة من قومه (وعنه من طريق ثان (3) بنحوه وفيه) قال قد كان يأوى إلى ركن شديد ولكنه عنى عشيرته فما بعث الله عز وجل بعده نبيا إلا بعثه في ذروة (4) قومه قال أبو عمر فما بعث الله عز وجل نبيا بعده إلا في منعة من قومه (باب وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من

_ الحاكمين) يعني أنك حكمت لقوم بالنجاة وحكمت على قوم بالهلاك (قال) الله عز وجل (يا نوح إنه ليس من أهلك) أي ليس من أهل بيتك، لأن أهل الرجل من يجمعه وإياهم نسب أو دين (إنه عمل غير صالح) قرأ الكسائي ويعقوب عمل بكسر الميم وفتح اللام غير بفتح الراء على عود الفعل على الابن، ومعناه أن عمل الشرك والكفر والتكذيب وكل هذا غير صالح، وقرأ الياقون عمل بفتح الميم ورفع اللام مع التنوين وغير بضم الراء، ومعناه أن سؤالك إياي أن أنجيه من الغرق عمل غير صالح لأن طلب نجاة الكافر بعدما حكم عليه بالهلاك بعيد (تخريجه) (د مذ) من حديث أسماء بنت يزيد وتقدم في باب ما جاء من القراءة مفصلا صحيفة 4 رقم 98 من هذا الجزء وسكت عنه أبو داود (وقال المنذري) شهر بن حوشب قد تكلم فيه غير واحد ووثقه الإمام أحمد ويحيى بن معين اهـ (قلت) وذكر الحافظ ابن كثير حديث أسماء بنت يزيد في تفسيرها ثم ذكر حديث أم سلمة وقال إعادة أحمد أيضا في مسند أم سلمة أم المؤمنين والظاهر والله أعلم أنها أسماء بنت يزيد فإنها تكنى بذلك والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (2) (التفسير) سبب قول لوط عليه السلام (لو أني لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد) إن جبريل عليه السلام جاء إلى لوط ومعه طائفة من الملائكة على صورة غلمان مرد حسان بصفة ضيوف فأدخلهم بيته وكان شديد الخوف عليهم من قومه الفسقة الذين كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء ولم يعلم أحد بمجيئهم إلا امرأته، فخرجت الخبيثة فأخبرت قومها وقالت إن في بيت لوط رجالا ما رأينا مثل وجوههم قط ولا أحسن منهم، فأسرعوا بالمجيء إليه فأغلق الباب دونهم والملائكة معه في الدار فجعلوا يعالجون فتسح الباب، وجعل لوط يناشدهم من وراء الباب بقوله (اتقوا الله ولا تخزون في ضيفي أليس منك رجل شديد) أي صالح عاقل، فلم يرجعوا عن معالجة الباب فعند ذلك قال (لو أن لي بكم قوة) أي لو أني أقدر أن أتقوى عليكم، يريد قوة البدن أو الأتباع (أو آوى إلى ركن شديد) جواب لو محذوف أي لفعلت بكم ولصنعت، والمعنى لو قويت عليكم بنفسي لقاتلتكم أو أنضم إلى عشيرة يمنعوني منكم أو قوي أستند إليه وأتمنع به فيحميني منكم فشبه القوي الشديد بالركن في الجبل في شدته ومنعته، وقد جاء في حديث الباب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (كان يأوي إلى ركن شديد إلى ربه عز وجل) قال النبي صلى الله عليه وسلم ما بعث بعده نبي إلا في ثروة من قومه (الثروة) العدد الكثير (3) (سنده) حدثنا أمية ابن خالد ثنا حماد بن سلمة وأبو عمر الضرير المعنى. قال ثنا حماد عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال لوط لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد، قال قد كان يأوي إلى ركن شديد يعني الله عز وجل ولكنه الخ (4) الذروة بكسر الذال المعجمة وسكون الراء من معانيها الثروة والجدة

-[قوله تعالى {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل} الآية وتفسيرها وسبب نزولها]- الليل) الخ الآية (عن ابن عباس) (1) أن امرأة مغببا (2) أنت رجلا تشتري منه شيئا فقال ادخلي الدولج (3) حتى أعطيك فدخلت فقبلها وغمزها (4) فقال ويحك أني مغيب فتركها وندم على ما كان منه، فأتى عمر فأخبره بالذي فعل فقال ويحك فلعلها مغيب؟ قال فإنها مغيب، قال فائت أبا بكر فاسأله، فأتى أبا بكر فأخبره، فقال أبو بكر ويحكم لعلها مغيب؟ قال فإنها مغيب، قال فائت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعلها مغيب؟ قال فإنها مغيب، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزل القرآن {وأقم الصلاة طرفي النهار زلفى من الليل (5) - إلى قوله للذاكرين} قال فقال الرجل يا رسول الله أهي في خاصة أو في الناس عامة؟ قال فقال عمر لا ولا تعمة عين لك (6) بل هي للناس عامة، قال فضحك النبي صلى الله عليه وسلم وقال صدق عمر (7)

_ والمال المراد هنا الجاه والمنعة كما فسرت في رواية أبي عمر أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث، وفسر الإمام النووي قول لوط (لو أن لي بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد) إنه لما اندهش- بحال الأضياف قال ذلك أو أنه التجأ إلى الله في باطنه وأظهر هذا القول الأضياف اعتذارًا اهـ فلما رأت الملائكة ما لقى لوط بسببهم (قالوا يا لوط) ركنك شديد وهو الله عز وجل {إنا رسل ربك لن يصلوا إليك} يعني بمكروه فافتح الباب ودعنا وإياهم ففتح الباب فدخلوا فاستأذن جبريل عليه السلام ربه عز وجل في عقوبتهم فأذن له فضرب بجناحه وجوههم فطمس أعينهم وأعماهم وهذا معنى قوله عز وجل في آية أخرى {ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم فذوقوا عذابي ونذر} ثم كان ما قصد الله عز وجل بقوله {فأسر بأهلك بقطع من الليل} إلى آخره القصة (تخريجه) (ق جه) وابن جرير وابن مردويه (1) (سنده) حدثنا مؤمل قال حدثنا حماد قال حدثنا علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) المغيب والمغيبة التي غاب زوجها (أتت رجلا) هو أبو اليسر بالتحريك كعب بن عمرو والأنصاري كما صرح بذلك ابن جرير في حديثه قال أتتني امرأة تبتاع مني بدرهم تمرا فقلت إن في البيت تمرا أجود من هذا فدخلت فأهويت إليها فقبلتها فأتيت عمر الحديث (3) بفتح المهملة وسكون الواو وفتح اللام، فسره في النهاية بالمخدع وهو البيت الصغير داخل البيت الكبير (4) جاء في رواية من حديث أبي هريرة أيضا عند الإمام أحمد قال فأدخلتها الدولج فأصبت منها ما دون الجماع (5) (التفسير) قال ابن عباس طرفا النهار الغداة والعشي يعني صلاة الصبح والمغرب (وزلفا من الليل) أي ساعاته واحدتها زلفة، وقال الحسن (طرفا النهار) الصبح والعصر (وزلفا من الليل) المغرب والعشاء، وقال مقاتل صلاة الفجر والظهر طرف، وصلاة العصر والمغرب طرف (وزلفا من الليل) يعني صلاة العشاء (إن الحسنات يذهبن السيئات) يعني أن الصلوات الخمس يذهبن الخطيئات الذنوب الصغائر. فقد روى مسلم والإمام أحمد (عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة كفارات لما بينهن) زاد في رواية ما لم تغش الكبائر (ذلك) إشارة إلى ما تقدم ذكره من الاستقامة والتوبة، وقيل هو إشارة إلى القرآن {ذكرى للذاكرين} يغني عظة المؤمنين المطيعين (6) زاد في رواية فضرب عمر صدره بيده فقال ولا نعمة عين ولا قرة عين لك والنون في نعمة بالحركات الثلاث كما في اللسان (7) يعني أنها للناس عامة (تخريجه) (طب طس)

-[تكفير الذنوب الصغائر بالصلوات الخمس وقوله تعالى {إن الحسنات يذهبن السيئات}]- (عن عبد الله بن مسعود) (1) قال جاء رجل (2) إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله إني أخذت امرأة في البستان ففعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها قبلتها ولزمتها (3) ولم أفعل غير ذلك فافعل بي ما شئت، فلم يقل له رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا، فذهب الرجل فقال عمر لقد ستر الله عليه لو ستر على نفسه، فأتبعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بصره فقال ردوه علي، فردوه عليه فقرأ عليه {وأقم الصلاة طرفي النهار وزلفا من الليل إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} (4) فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه أله وحده أم للناس كافة يا نبي الله (5) فقال بل للناس كافة (وعنه من طريق ثان (6) نحوه وفيه) فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم فنزلت هذه الآية {إن الحسنات يذهبن السيئات ذلك ذكرى للذاكرين} قال فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم فقرأها عليه فقال عمر يا رسول الله أله خاصة أم للناس كافة (7) فقال بل للناس كافة (سورة يوسف) (باب فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن) (عن أبي هريرة) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل {ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن}

_ وابن جرير عن أبي اليسر صاحب القصة ورجاله ثقات وله شواهد كثيرة تعضده (منها) ما رواه الشيخان والإمام أحمد عن عبد الله بن مسعود قال (جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله) الحديث سيأتي بعد هذا (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق حدثنا إسرائيل عن سماك أنه سمع إبراهيم يحدث عن علقمة والأسود عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه) (2) تقدم في شرح الحديث السابق أنه أبو اليسر (بفتحتين) كعب بن عمرو الأنصاري (3) أي احتضنها زاد في رواية (وباشرتها) أي باشر جسمه جسمها بغير حائل (4) تقدم تفسير هذه الآية في شرح الحديث السابق (5) معناه هل تكفير الذنوب الصغيرة بالصلوات الخمس خاص بهذا الرجل أم للناس كافة؟ فقال صلى الله عليه وسلم بل للناس كافة، هكذا تستعمل كافة حالات أي كلهم، ولا يضاف فيقال كافة الناس ولا الكافة بالألف واللام، وهو معدود في تصحيف العوام ومن أشبههم قاله النووي (6) (سنده) حدثنا وكيع ثنا إسرائيل عن سماك بن حرب عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني لقيت امرأة في البستان فضممتها إلي وباشترها وقبلتها وفعلت بها كل شيء غير أني لم أجامعها، قال فسكت عنه النبي صلى الله عليه وسلم الحديث (7) جاء في الطريق الأولى أن القائل ذلك معاذ بن جبل ولا مانع من أن السؤال صدر من معاذ وعمر لكون أحدهما لم يسمع سؤال الآخر والله أعلم (تخريجه) (ق. والأربعة) واستنبط ابن المنذر من حديث الباب أنه لا أحد على من وجد من أجنبية في لحاف واحد، وفيهما عدم الحد في القبلة ونحوها وسقوط التعذير عمن أتى شيئا منها وجاء تائبا نادما اهـ (قلت) وصاحب القصة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم تائبا نادما قائلا افعل بي ما شئت، بل قد صرح في بعض الروايات أنه ندم على فعله ذلك، نسأل الله أن يتوب علينا من جميع الذنوب وأن يعفو عن سيئاتنا إنه عفو غفور (باب) (8) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال أنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (قلت) سبب هذا الحديث ما ذكره الله عز وجل في قصة يوسف من رؤيا ملك مصر وعرضها على المعبرين فقالوا (أضغاث أحلام وما نحن بتأويل الأحلام بعالمين) فتذكر الساقي الذي كان مسجونا مع يوسف أن يوسف يحسن تأويل

-[قصة يوسف عليه السلام مع النسوة اللاتي قطعن أيديهن وتفسير ذلك]- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت أنا لأسرعت الإجابة (1) وما ابتغيت العذر (باب قوله عز وجل نرفع درجات من نشاء) (حدثنا عبيد بن أبي قرة) (2) قال سمعت مالك بن أنس (3)

_ الرؤى فأرسلوه إلى السجن حيث لا يزال يوسف مسجونا ليعبر رؤيا الملك فعبرها بما قصه الله عز وجل في كتابه، فرجع الساقي إلى الملك وأخبره بما أفتاه به يوسف من تأويل رؤياه وعرف الملك أن الذي قاله كائن قال ائتوني به (التفسير) (وقال الملك ائتوني به فلما جاءه الرسول) وقال له أجب الملك أبا أن يخرج مع الرسول حتى تظهر براءته ثم قال (للرسول) (ارجع إلى ربك) يعني سيدك الملك (فاسأله ما بال النسوة اللاتي قطعن أيديهن) ولم يصرح بذكر امرأة العزيز أذبا واحتراما (إن ربي بكيدهن عليم) وأبا أن يخرج مع الرسول وأجابه الملك حتى يعرف صحة أمره عندهم مما كانوا قذفوه به من شأن النساء: وحتى لا ينظر إليه بعين التهمة والخيانة، قال السدي قال ابن عباس لو خرج يوسف يومئذ قبل أن يعلم الملك بشأنه مازالت في نفس العزيز منه حاجة، يقول هذا الذي رواد امرأته اهـ فدعا الملك النسوة وامرأة العزيز (قال ما خطبكن) أي ما شأنكن وأمركن (إذ راودتن يوسف عن نفسه) خاطبهن والمراد امرأة العزيز، وقيل إن امرأة العزيز راودته عن نفسه وسائر النسوة أمرنه بطاعتها فلذلك خاطبهن جميعا (قلن حاش لله) معاذ الله (ما علمنا عليه من سوء) خيانة (قالت امرأة العزيز الآن حصحص الحق) أي ظهر وتبين، وقيل إن النسوة أقبلن على امرأة العزيز فقررنها فأقرت، وقيل خافت أن يشهدن عليها فأقرت وقالت أنا راودته عن نفسه وإنه لم الصادقين في قوله هي راودتني عن نفسي (ذلك ليعلم إني لم أخنه بالغيب) تقول إنما اعترفت بهذا على نفسي ليعلم زوجي إني لم أخنه بالغيب في نفس الأمر، ولا وقع المحذور الأكبر، وإنما راودت هذا الشاب مراودة فامتنع فلهذا اعترفت ليعلم أني بريئة (وأن الله لا يهدي كيد الخائنين وما أبرء نفسي) تقول المرأة ولست أبرئ نفسي فإن النفس تتحدث وتتمنى ولهذا راودته (إن النفس لأمارة بالسوء إلا ما رحم ربي) أي إلا من عصمه الله تعالى {إن ربي غفور رحيم} قال الحافظ ابن كثير في تفسيره وهذا القول هو الأشهر والأليق والأنسب بسياق القصة ومعاني الكلام، وقد حكاه الماوردي في تفسيره وانتدب لنصره الإمام أبو العباس بن تيمية رحمه الله فأفرده بتصنيف على حدة، وقد قيل إن ذلك من كلام يوسف عليه السلام يقول ذلك ليعلم إني أخنه في زوجته بالغيب الآيتين، أي إنما رددت الرسول ليعلم الملك براءتي وليعلم العزيز إني لم أخنه في زوجته بالغيب وإن الله لا يهدي كيد الخائنين الآية: قال وهذا القول هو الذي لم يحك ابن جرير ولا ابن أبي حاتم سواه، قال وهكذا قال مجاهد وسعيد ابن جبير وعكرمة وابن أبي الهزيل والضحاك والحسن وقتادة السدى، قال والقول الأول أقوى وأظهر لأن سياق الكلام كله من كلام امرأة العزيز بحضرة الملك، ولم يكن يوسف عليه السلام عندهم بل عبد ذلك أحضره الملك والله أعلم (1) أي إجابة الداعي بالخروج من السجن (وما ابتغيت العذر) أي ما طلبت البراءة ولا انتظرت ظهورها: يريد صلى الله عليه وسلم بذاك وصف يوسف عليه السلام بالأناة والصبر حيث لم يبادر إلى الخروج حين جاءه رسول الملك بل {قال ارجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة} الآية أراد أن يقيم الحجة في حبسهم إياه ظلما، وإنما قال نبينا صلى الله عليه وسلم ذلك على سبيل التواضع لا أنه لو كان مكانه كان منه مبادرة إلى الخروج: والتواضع لا يصغر كبيرا ولا يبطل لذي حق حقه لكنه يوجب لصاحبه فضلا يكسبه جلالا وقدرا والأناة وصف المؤمنين فضلا عن سيد المرسلين صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق جه وغيرهم) (باب) (2) حدثنا عبيد بن أبي قرة الخ) (غريبه) (3) هو الإمام

-[قصة يوسف مع أخوته واحتياله على أخذ أخيه وتفسير ذلك]- يقول (نرفع درجات من نشاء) قال بالعلم (1) قلت من حدثك؟ قال زعم (2) ذاك زيد بن أسلم (3)

_ الجليل عالم المدينة وأحد الأئمة الأربعة رحمهم الله (1) فسر رفع الدرجات بسبب العلم وهو مستنيط من قوله تعالى {يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين آتوا العلم درجات} والقرآن يفسر بعضه بعضا (2) الزعم يطلق بمعنى القول ومنه زعم سيبويه أي قال، وعليه قوله تعالى {أو تسقط السماء كما زعمت} أي كما أخبرت، ويطلق على الظن، يقال في زعمي كذا، وعلى الاعتقاد، ومنه قوله تعالى {زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا} قال الأزهري وأكثر ما يكون فيما يشك فيه اهـ (قلت) والمراد هنا القول لا الشك (3) هو العدوى المدني التابعي أحد الأعلام من مشايخ الإمام مالك، قال مالك كان زيد يحدث من تلقاء نفسه فإذا قام فلا يجترئ عليه أحد، وثقه الإمام أحمد ويعقوب بن شيبة: مات سنة ست وثلاثين ومائة في ذي الحجة (خلاصة) (تخريجه) إسناد هذا الأثر صحيح، وأورده الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لأبي للشيخ فقط، أما قوله عز وجل {نرفع درجات من نشاء} المذكور في الأثر فقد جاء في سياق قصة يوسف مع إخوته لما قدموا عليه ومعهم إخوة شقيقه بنيامين وأدخلهم كرامته ومنزل ضيافته وأفاض عليهم الصلة والألطاف والإحسان واختلى بأخيه فأطلعه على شأنه وما جرى له وعرفه أنه أخره وقال له لا تبتئس أي لا تأسف على ما صنعوا بي، وأمره بكتمان ذلك عنهم وأن لا يطلعهم على ما أطلعه عليه من أنه أخوه، وتواطأ معه أنه سيحتال على أن يبقيه عند معززا مكرما معظما، وتفصيل هذه الحيلة جاء في قوله تعالى {فلما جهزهم بجهازهم} أي حمل لهم أبعرتهم طعاما (جعل السقاية في رجل أخيه) أي أمر بعض فتيانه أن يضع السقاية وهي إناء من فضة في قول الأكثرين وقيل من ذهب قاله ابن زيد، وكان يشرب فيه ويكيل للناس به من عزة الطعام إذ ذاك، قاله ابن عباس ومجاهد وغيرهما. وقال عكرمة كان مشربة من فضة مرصعة بالجواهر، جعلها يوسف مكيالا لئلا يكال بغيره وكان يشرب منها: والسقاية والصواع واحد فوضعها في متاع بنيامين من حيث لا يشعر أحدهم (ثم أذن مؤذن) أي نادى مناد (أيتها العير) وهي القافلة التي فيها الأحمال (إنكم لسارقون) قالوا وما ذاك؟ قالوا سقاية الملك فقدناها ولانتهم عليها غيركم، فذلك قوله عز وجل (قالوا وأقبلوا عليهم) عطفوا على المنادى وأصحابه (ماذا تفقدون) أي ما الذي ضل عنكم؟ والفقدان ضد الوجدان (قالوا نفقد صواع الملك) أي صاعه الذي يكيل به (ولمن جاء به حمل بعير) من الطعام، وهذا من باب الجعالة (وأنابه زعيم) أي كفيل، يقول المنادي وهذا من باب الضمان والكفالة، ولما اتهمهم أولئك الفتيان بالسرقة قال لهم أخوه يوسف (تالله) أي والله وخصت هذه الكلمة بأن أبدلت الواو فيها بالتاء في اليمين دون سائرا سائرا سماء الله تعالى (لقد علمتم) أي لقد تحققتم وعلمتم منذ عرفتمونا لأنهم شاهدوا منهم سيرة حسنة أنا (ما جئنا لنفسد في الأرض وما كنا سارقين) أي ليست سجايانا تقتضي هذه الصفة فقال لهم الفتيان (فما جزاؤه) يعني ما جزاء السارق (إن كنتم كاذبين) في قولكم وما كنا سارقين يعني أي شيء يكون عقوبة السارق أن وجدناه منكم (قالوا جزاؤه من وجد في رحله فهو جزاؤه) أي فالسارق جزاؤه أن يسلم بسرقته إلى المسروق منه فيسترقه سنة، وكان ذلك سنة آل يعقوب في حكم السارق، وكان حكم ملك مصر أن يضرب السارق ويغرم ضعفي قيمة المسروق، فأراد يوسف أن يحبس أخاه عند فرد الحكم إليهم ليتمكن من حبسه عنده على حكمهم (كذلك نجزي الظالمين) الفاعلين

-[(سورة الرعد) وقوله تعالى {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد}]- (سورة الرعد) (باب قوله عز وجل إنما أنت منذر ولكل قوم هاد) (ز) (عن علي رضي الله عنه) (1) في قوله عز وجل {إنما أنت منذر ولكل قوم هاد} (2) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المنذر والهاد رجل من بني هاشم

_ ما ليس لهم فعله من سرقة مال الغير، فقال الرسول عند ذلك لابد من تفتيش أمتعتكم فأخذ في تفتيشها (وروى) أنه ردهم إلى يوسف فأمر بتفتيش أوعيتهم بين يديه (فبدأ بأوعيتهم) لإزالة التهمة (قبل وعاء أخيه) فكان يفتش أوعيتهم واحدا واحدا (ثم استخرجها من وعاء أخيه) وإنما أنث الكناية في قوله (ثم استخرجها) والصواع مذكر بدليل قوله ولمن جاء به حمل بعير) لأنه رد الكناية هنا إلى السقاية وقيل الصواع يذكر ويؤنث فلما أخرج الصواع من رحل بنيامين نكس أخوته رءوسهم من الحياء فأخذه منهم بحكم اعترافهم والتزامهم وإلزاما لهم بما يعتقدون (كذلك كدنا ليوسف) الكيد المبوب المراد الذي يحبه الله ويرضاه لما فيه من الحكمة والمصلحة المطلوبة، وقيل كدنا الهمنا، وقيل دبرنا، ومعناه صنعنا ليوسف حتى ضم أخاه إلى نفسه وحال بينه وبين أخوته (ما كان ليأخذ أخاه) فيضمه إلى نفسه (في دين الملك) أي في حكمه قاله قتادة، وقال ابن عباس في سلطانه (إلا أن يشاء الله) يعني أن يوسف لم يتمكن من حبس أخيه في حكم الملك لولا ما كدنا له بطلفنا حتى وجد السبيل إلى ذنب وهو ما أجرى على السنة الإخوة إن جزاء السارق الاسترقاق، فحصل مراد يوسف بمشيئة الله تعالى {نرفع درجات من نشاء} بالعلم كما رفعنا درجات يوسف على أخوته، وقرأ يعقوب يرفع ويشاء بالياء فيهما وإضافة درجات إلى من في هذه السورة، والوجه أن الفعل فيهما مسند إلى الله تعالى، أي يرفع الله درجات من يشاء، وقرأ الباقون بالنون فيهما إلا أن الكوفيين قرءوا درجات بالتنوين ومن سواهم بالإضافة أي نرفع به نحن والرافع أيضا هو الله عز وجل (وفوق كل ذي علم عليم) قال ابن عباس فوق كل عالم عالم إلى أن ينتهي العلم إلى الله تعالى، فالله تعالى فوق كل عالم: والله نسأل أن يعلمنا من لدنه ما لم نعلم وأن يوفقنا لخير العمل (باب) (1) (ز) (سنده) حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا مطلب بن زياد عن السدي عن عبد خير عن علي الخ (2) (التفسير) أول الآية {ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه يقول تعالى إخبارا عن المشركين إنهم يقولون كفرا وعنادا لولا يأتينا بآية من ربه كما أرسل الأولون كالناقة لصالح والعصا لموسى كما تعنتوا عليه أن يجعل لهم الصفا ذهبا وأن يزيح عنهم الجبال ويجعل مكانها مروجا وأنهارا علامة وحجة على نبوته قال الله تعالى {إنما أنت منذر} أي إنما عليك أن تبلغ رسالة الله التي أمرك بها وليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء (ولكل قوم هاد) قال العوفي عن ابن عباس في الآية يقول الله تعالى أنت يا محمد منذر، وأنا هادي كل قوم، وكذا قال مجاهد وسعيد بن جبير والضحاك وغير واحد، وعن مجاهد (ولكل قوم هاد) أي يعني كقوله وأن من أمة إلا خلا فيها نذير، وبه قال قتادة وعبد الرحمن بن زيد، وقال عكرمة والضحاك الهادي محمد يقول: إنما أنت منذر وأنت هاد لكل قوم أي داع، ويؤيد هذا القول قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث (المنذر والهاد رجل من بني هاشم) وقال الجنيد الهادي هو على بن أبي طالب، قال ابن أبي حاتم ورى عن ابن عباس في إحدى الروايات وعن أبي جعفر محمد بن على نحو ذلك (قلت) وروى ابن جرير بسنده عن ابن عباس قال لما نزلت

-[قوله عز وجل {ويسبح الرعد بحمده} وكلام العلماء في ذلك]- (باب قوله عز وجل ويسبح الرعد بحمده) (عن ابن عباس) (1) قال أقبلت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا أبا القاسم أنا نسألك عن خمسة أشياء فذكر الحديث، وفيه قالوا أخبرنا ما هذا الرعد؟ قال ملك من ملائكة الله عز وجل موكل بالسحاب بيداه وفي يده مخراق من نار (2) يزجر به السحاب يسوقه حيث أمر الله، قالوا فما هذا الصوت الذي نسمع؟ قال صوته، قالوا صدقت

_ (إنما أنت منذر ولكل قوم) هاد قال وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره وقال أنا المنذر ولكل قوم هاد وأومأ بيده إلى منكب علي فقال أنت الهادي يا علي، بك يهتدي المهتدون من بعدي، قال الحافظ ابن كثير وهذا الحديث فيه نكارة شديدة، وقد جمع الإمام ابن جرير في تفسيره بين هذه الأقوال فقال معنى الهداية إنه الإمام المتبع الذي يقدم القوم، فإذا كان ذلك فجائز أن يكون ذلك هو الله الذي يهدي خلقه ويتبع خلقه هداه ويأتمون بأمره ونهيه، وجائز أن يكون نبي الله الذي تأتم به أمته، وجائز أن يكون إماما من الأئمة يأتم به ويتبع منهاجه وطريقته أصحابه، وجائز أن يكون داعيا من الدعاة إلى خير أو شر وإذا كان ذلك كذلك فلا قول أولى في ذلك بالصواب من أن يقال كما قال جل ثناؤه إن محمدا هو المنذر من أرسل إليه بالإنذار وأن لكل قوم هاديا يهديهم فيتبعونه ويأتمون به والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن أحمد والطبراني في الصغير والأوسط ورجال المسند ثقات اهـ، وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه لابن أبي حاتم فقط وغفل عن عزوه للمسند، أو لم يطلع عليه والله أعلم (باب) (1) (عن ابن عباس الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب من كان عدوا لجبريل رقم 165 صحيفة 73 من هذا الجزء وهو حديث صحيح ورواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح غريب: وإنما ذكرت هذا الطرف منه هنا لمناسبة قوله تعالى في هذه السورة {ويسبح الرعد بحمده} وأول الآية قوله عز وجل {هو الذي يريكم البرق خوفا وطمعا وينشئ السحاب الثقال، ويسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته. ويرسل الصواعق فيصيب بها من يشاء وهم يجادلون في الله وهو شديد المحال} (التفسير) (هو الذي يريكم البرق) يخبر تعالى أنه هو الذي يسخر البرق وهو ما يرى من النور اللامع ساطعا من خلل السحاب (خوفا وطمعا) قيل خوفا من الصاعقة وطمعا في نفع المطر، وقيل الخوف المسافر يخاف منه الأذى والمشقة، والطمع المقيم يرجو منه البركة والمنفعة وقيل الخوف من المطر في غير مكانه وإبانة، والطمع إذا كان في مكانه وإبانه، ومن البلدان ما إذا أمطروا قحطوا وإذا لم يمطروا خصبوا (وينشئ السحاب الثقال) بالمطر أي ويخلقها منشأة جديدة وهي لكثرة مائها ثقيلة قريبة إلى الأرض، قال مجاهد السحاب الثقال الذي فيه الماء (ويسبح الرعد بحمده) كقوله تعالى {وإن من شيء إلا يسبح بحمده، والرعد هو الصوت الذي يسمع من السحاب قال علي وابن عباس وأكثر المفسرين الرعد اسم ملك يسوق السحاب، والبرق لمعان سوط من نور يزجر به الملك السحاب وقيل الصوت زجر السحاب، وقيل تسبيح الملك، وقيل صوت انهراق الريح بين السحاب، قال البغوي والأول أصح يعني قول علي وابن عباس وهو الموافق لحديث الباب، (2) (مخراق من نار) هو المعبر عن هنا في قول علي وابن عباس (بسوط من نور) وسواء كان من نار أو نور فالمراد به الضوء، روى عن ابن عباس أنه قال من سمع صوت الرعد فقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته وهو

-[قوله عز وجل {ويسقى من ماء صديد}]- (سورة إبراهيم) (باب قوله عز وجل ويسقى من ماء صديد الخ) (عن أبي أمامة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل {ويسقى من ماء صديد يتجرعه} (2) قال يقرب إليه فيتكرهه

_ على كل شيء قدير فإن إصابته صاعقة فعلي ديته (وعن عبد الله بن الزبير) عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمع الرعد والصواعق قال اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بعذابك وعافنا قبل ذلك رواه (حم م) والبخاري في الأدب والنسائي في اليوم والليلة (وقال الأوزاعي) كان ابن أبي زكريا يقول من قال حين يسمع الرعد سبحان الله وبحمده لم تصبه صاعقة (وعن عبد الله بن الزبير) أنه كان إذا سمع الرعد ترك الحديث وقال سبحان الذي يسبح الرعد بحمده والملائكة من خيفته، ويقول إن هذا الوعيد شديد لأهل الأرض: رواه مالك في الموطأ والبخاري في الأدب (والملائكة من خيفته) أي تسبح الملائكة من خيفة الله عز وجل وخشيته، وقيل أراد بهؤلاء الملائكة أعوان الرعد جعل الله تعالى له أعوانا فهم خائفون خاضعون طائعون (ويرسل الصواعق) جمع صاعقة وهي نار تخرج من السحاب (فيصيب بها من يشاء) كما أصاب أربد بن ربيعة، قال محمد بن علي الباقر الصاعقة تصيب المسلم وغير المسلم ولا تصيب الذاكر (وهم يجادلون) أي يخاصمون (في الله) نزلت في شأن أربد بن ربيعة حيث قال للنبي صلى الله عليه وسلم مم ربك؟ أمن در أم من ياقوت أم من ذهب؟ فنزلت صاعقة من السماء فأحرقته (وهو شديد المحال) أي شديد الأخذ، وقال مجاهد شديد القوة، وقال أبو عبيدة شديد المقوية، وقيل شديد المكر والمحال (والمماحلة) المماكرة والمغالبة والله أعلم. (سورة إبراهيم) (باب) (1) (سنده) حدثنا علي بن إسحاق أنا عبد الله أنا صفوان بن عمرو عن عبيد الله ابن يسر عن أبي أمامة الخ (2) (التفسير) أول الآية وقال الذين كفروا لرسلهم لنخرجنكم من أرضنا) بخبر الله تعالى عم توعدت به الأمم الكافرة رسلهم من الإخراج من أرضهم والنفي من بين أظهرهم كما قال قوم شعيب له ولمن أمن به لتخرجنك يا شعيب والذين آمنوا معك من قريتنا الآية، وكما قال قوم لوط: أخرجوا آل لوط من قريتكم الآية، وقال تعالى أخبارا عن مشركي قريش، وإن كادوا ليستفزونك من الأرض ليخرجوك منها الآية، وقال تعالى: {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين (أو لتعودن في ملتنا)} يعنون إلا أن ترجعوا أو حتى ترجعوا إلى ديننا {فأوحى إليهم ربهم لنهلكن الظالمين ولنسكننكم الأرض من بعدهم} أي بعد هلاكهم {ذلك لمن خاف مقامي} أي قيامه بين يدي كما قال: ولمن خاف مقام ربه جنتان: فأضاف قيام العبد إلى نفسه كما تقول ندمت على ضربك أي على ضربي إياك (وخاف وعيد) أي عقابي (واستفتحوا) قال مجاهد وقتادة يعني الرسل وذلك أنهم لما يئسوا من إيمان قومهم استنصروا الله ودعوا على قومهم بالعذاب كما قال نوح: رب لا تذر على الأرض من الكافرين ديارا: وقال موسى ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم الآية: (وخاب) خسر وقيل هلك (كل جبار عنيد) الجبار الذي يجبر الخلق على مراده: والعنيد المعاند للحق ومجانبه (من روائه جهنم) أي أمامه كقوله تعالى: وكان وراءهم ملك أي أمامهم، قال أبو عبيدة هو من الأضداد، وقال مقاتل من ورائه جهنم أي بعده (ويسقى من ماء صديد) أي من ماء هو صديد، وهو ما يسل من أبدان الكفار من القيح والدم، وقال محمد بن كعب ما يسيل من فروج الزناة يسقاه الكافر (يتجرعه) أي يتحساه ويشربه لا بمرة واحدة بل جرعة جرعة لمرارته

-[قوله تعالى {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة} الخ]- فإذا دنا منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه، وإذا شربه قطع أمعاءه (1) حتى خرج من دبره يقول الله عز وجل {وسقوا ماء حميما (2) فقطع أمعاءهم} ويقول الله عز وجل {وأن يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل (3) يشوي الوجوه بئس الشراب} (باب ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت الخ) (عن ابن عمر) (4) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في قوله (كشجرة طيبة) (5) قال هي التي لا تنفض ورقها فظننت أنها النخلة (6)

_ وحرارته (وقد فسر في الحديث بأنه يقرب إليه فيتكرهه فإذا دنا منه شوى وجهه ووقعت فروة رأسه: فروة الرأس والوجه جلدته (1) أي مصارينه وهو جمع معى بالقصر (2) أي شديد الحرارة (3) أي كعكر الزيت يشوي الوجوه من حره إذا قرب إليها (ولا يكاد يسيغه) أي يزدرده لقبحه وكراهته (ويأتيه الموت) أي أسبابه المقتضية له من أنواع العذاب (من كل مكان) من أعضائه، قال إبراهيم التيمي حتى من تحت كل شعرة من جسده (وما هو بميت) فيستريح (ومن ورائه) أي بعد ذلك العذاب (عذاب غليظ) قوي شديد متصل، وقيل العذاب الغليظ الخلود في النار يعوذ بالله من ذلك (تخريجه) الحديث رجاله ثقات وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم (قلت) وأورده البغوي أيضا في تفسيره والله سبحانه وتعالى أعلم. (باب) (4) (سنده) حدثنا حجاج حدثنا شريك عن سلمة بن كهيل عن مجاهد عن ابن عمر الخ (5) أول الآية {ألم تر كيف ضرب الله مثلا كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون} (6) (التفسير) {ألم تر كيف ضرب الله مثلا} أي لم تعلم، والمثل قول سائر لتشبيه شيء (كلمة طيبة) هي قول لا إله إلا الله (كشجرة طيبة) هي النخلة يريد كشجرة طيبة الثمرة (أصلها ثابت) في الأرض (وفرعها) أعلاها (في السماء) أي مرتفع إلى جهة السماء: كذلك أصل هذه الكلمة راسخ في قلب المؤمن بالمعرفة والتصديق فإذا تكلم بها عرجت فلا تحجب حتى تنتهي إلى الله عز وجل، قال تعالى: إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه (تؤتي أكلها) أي تعطى ثمرها (كل حين بإذن ربها) والحين في اللغة هو الوقت وفيه أقوال كثيرة والظاهر أن المراد به هنا كل غدوة وعشي لأن ثمر النخل يؤكل أبدًا ليلا ونهارا أما تمرا أو رطبا أو عجوة كذلك عمل المؤمن يصعد أول النهار وآخره هو بركة إيمانه لا تنقطع أبدًا بل تصل إليه في كل وقت، قيل والحكمة في تشبيهها بالنخلة من سائر الأشجار أن النخلة أشبه الأشجار بالإنسان من حيث أنها إذا قطع رأسها يبست وسائر الأشجار تتشعب من جوانبها بعد قطع رءوسها، ولأنها تشبه الإنسان في أنها لا تحمل إلا بالتلقيح، ولأنها خلقت من فضل طينة آدم عليه السلام، ولذلك يروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أكرموا عمتكم النخلة فإنها خلقت من فضيلة طينة أبيكم آدم الحديث رواه أبو يعلى وابن أبي حاتم والعقيلي وابن عدي وابن السني وأبو نعيم وابن مردويه عن علي وإن كان ضعيفا لكنه يعتضد بكثرة طرقه، وقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم إلى النخلة في حديث الباب بقوله هي التي لا تنفض ورقها أي لا يسقط ورقها صيفا ولا شتاء بخلاف غيرها من الشجر فإنه يسقط ورقه في زمن الشتاء (6) ظن ابن عمر أنها النخلة ولكنه لم يقل ذلك لصغره وتأدبا واحتراما لأبي بكر وعمر

-[قوله تعالى {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة}]- (باب يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (عن البراء بن عازب) (1) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال ذكر عذاب القبر يقال له (2) من ربك فيقول الله ربي ونبيي محمد (3) فذلك قوله تعالى {يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت (4) في الحياة الدنيا} يعني بذلك المسلم (زاد في رواية) وفي الآخرة (باب يوم تبدل الأرض غير الأرض الآية) (عن مسروق) (5) قال قالت عائشة أنا أول الناس سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار} (6) قالت فقلت أين الناس يومئذ يا رسول الله؟

_ لأنهما كانا بالمجلس فقد روى الإمام أحمد والبخاري وغيرهما عن نافع عن ابن عمر قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أخبروني بشجرة شبه أو كالرجل المسلم لا يتحات ورقها صيفا ولا شتاء وتؤتي أكلها كل حين بإذن ربها، قال ابن عمر فوقع في نفسي أنها النخلة ورأيت أبا بكر وعمر لا يتكلمان فكرهت أن أتكلم، فلما لم يقولوا شيئا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هي النخلة: فلما قمنا قلت لعمر يا أبتاه والله لقد كان وقع في نفسي أنها النخلة فقال ما منعك أن تتكلم؟ قلت لم أركم تتكلمون فكرهت أن أتكلم وأقول شيئا، قال عمر لأن تكون قلتها أحب إلي من كذا وكذا (تخريجه) حديث الباب أورده الهيثمي بدون قول ابن عمر (فظننت أنها النخلة) وقال رواه أحمد ورجاله ثقات وقال لابن عمر حديث في الصحيح غير هذا (قلت) هو الذي ذكرته آنفا، وحديث الباب أورده أيضا الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه للإمام أحمد وابن مردويه بسند جيد (باب) (1) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن علقمة بن مرثد عن سعيد بن عبيدة عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (2) أي يقول الملكان لصاحب القبر بعد إعادة روحه إلى جسده يسألانه عن ربه ونبيه (3) هكذا يقول العبد الصالح المسلم، وأما الكافر والمنافق فيتلعثم ولا يدري ما يقول (4) (التفسير) (يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت) أي كلمة التوحيد وهي شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله التي ثبتت بالحجة عندهم (في الحياة الدنيا) قبل الموت كما ثبت في الذين فتنهم أصحاب الأخدود والذين نشروا بالمناشير (وفي الآخرة) في القبر بعد إعادة روحه في جسده وسؤال الملكين له، وإنما حصل لهم الثبات في القبر يسبب مواظبتهم في الدنيا على هذا القول، ولا يخفى أن كل شيء كانت المواظبة عليه أكثر كان رسوخه في القلب أتم، وهذا قول أكثر المفسرين (وقيل) في الحياة الدنيا في القبر عند السؤال، وفي الآخرة عند البعث إذا سئلوا عن معتقدهم في الموقف فلا يتلعثمون ولا تدهشهم أهول القيامة، قال البغوي والأول أصح، وجاء في عذاب القبر أحاديث كثيرة تقدمت بسندها وشرحها وكلام العلماء في ذلك في أبواب عذاب القبر في الجزء الثامن صحيفة 601 فارجع إليه والله الموافق: اللهم ثبتنا على دينك بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة ونجنا من عذاب القبر وما بعده بمنك وكرمك وفضلك يا أكرم الأكرمين ويا أرحم الراحمين (تخريه) (ق. والأربعة) (باب) (5) (سنده) حدثنا ابن أبي عدي عن داود عن الشعبي عن مسروق قال قالت عائشة الخ (6) (التفسير) قال صاحب فتح البيان في تفسيره هذه الآية (يوم) أي اذكر وارتقب يوم (تبدل

-[قوله عز وجل {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين}]- قال على الصراط (1) (سورة الحجر) (باب ولقد علمنا المستقدمين منكم الخ) (عن ابن عباس) (2) قال كانت امرأة حسناء تصلي خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فكان بعض القوم يستقدم في الصف الأول لئلا يراها، ويتأخر بعضهم حتى يكون في الصف

_ الأرض) المشاهدة (غير الأرض والسماوات) والتبديل قد يكون في الذات كما في بدلت الدراهم بالدنانير، وقد يكون في الصفات كما في بدلت الحلقة خاتما والآية تحتمل الأمرين، وبالثاني قال الأكثر أي وتبدل السموات غير السموات لدلالة ما قبله عليه على الاختلاف الذي مر، وتقديم تبديل الأرض لقربانها ولكون تبديلها أعظم أثرا بالنسبة إلينا كما أخرج مسلم وغيره من حديث ثوبان قال جاء رجل من اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أين يكون الناس يوم تبدل الأرض غير الأرض؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظلمة دون الجسر، وأخرج مسلم وغيره من حديث عائشة فذكر. حديث الباب وفيه فقلت أين الناس يومئذ يا رسول الله؟ قال على الصراط، وللإمام أحمد عن عائشة أيضا أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول الله عز وجل: يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات: قالت قلت فأين الناس يومئذ؟ قال لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد من أمتي، ذاك إذ الناس على جسرهم، قال في فتح البيان والصحيح على هذا إزالة عين هذه الأرض (وأخرج البزار) وابن المنذر والطبراني في الأوسط والبيهقي وابن عساكر وابن مردويه عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في قول الله: يوم تبدل الأرض غير الأرض: قال أرض بيضاء، كأنها فضة لم يسفك فيها دم حرام، ولم يعمل بها خطيئة، قال البيهقي والموقوف أصح، وفي الباب رواايت وقد روى نحوها ذلك عن جماعة من الصحابة، وثبت في الصحيحين من حديث سهل بن سعد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يحشر الناس يوم القيامة على أرض بيضاء عفراء كقرصة النقي (قلت) قال النووي العفراء العين المهملة والمد بيضاء إلى حمرة والنقي بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء هو الدقيق الحوري وهو الدرمك وهو الأرض الجيدة قال القاضي كأن النار غيرض بياض وجه الأرض إلى الحمرة اهـ قال في فتح البيان وقد أطال القرطبي في بيان ذلك في تفسيره وفي تذكرته، وحاصله أن هذه الأحاديث نص في أن الأرض والسماوات تبدل وتزال ويخلق الله أرضا أخرى تكون عليها الناس بعد كونهم على الجسر وهو الصراط لا كما قال كثير من الناس أن تبديل الأرض عبارة عن تغيير صفاتها وتسوية آكامها ونسف جبالها ومد أرضها، ثم قال وذكر شبيب بن إبراهيم في كتاب الإفصاح إنه لا تعارض بين هذه الآثار وأنهما تبدلان كسرتين إحداهما هذه الأولى قيل نفخة الصعق، والثانية إذا وقفوا في المحشر وهي أرض عفراء من فضة لم يسفك عليها دم حرام ولا جرى عليها ظلم، ويقوم الناس على الصراط على متن جهنم، ثم ذكر في موضع آخر من التذكرة ما يقتضي أن الخلائق وقت تبديل الأرض تكون في أيدي الملائكة رافعين لهم عنها اهـ والله أعلم (وبرزوا) أي خرجوا من قبورهم (لله الواحد القهار) الذي يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد (1) قال الحافظ وعند مسلم من حديث ثوبان مرفوعا يكونون في الظلمة دون الجسر وجمع بينهما البيهقي بأن المراد بالجسر الصراط وأن في قوله على الصراط مجاز لكونهم يجاوزونه لأن في حديث ثوبان زيادة يتعين المصير إليها لثبوتها وكأن ذاك عند الزجرة التي تقع عند نقلهم من أرض الدنيا إلى أرض الموقف، ويشير إلى ذلك قوله تعالى {كلا إذا دكت الأرض دكا دكا وجاء ربك والملك صفا صفا وجيء يومئذ بجهنم} اهـ (تخريجه) (م مذ جه). (باب) (2) (سنده) حدثنا سريج حدثنا نوح بن قيس عن عمرو بن مالك النكري عن أبي الجوزاء

-[قوله تعالى {ولقد آتيناك سبعا من المثاني} وقوله {إن الله يأمر بالعدل} الخ]- المؤخرة، فإذا ركع نظر من تحت إبطيه، فأنزل الله في شأنها {ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين} (1) (باب) ولقد آتيناك سبعا من المثاني} (عن أبي هريرة) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أم القرآن هي أم القرآن وهي السبع المثاني وهي القرآن العظيم (وعنه بلفظ آخر) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحمد لله أم القرآن وأم الكتاب والسبع المثاني (ز) (وعنه أيضا) عن أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنزل الله عز وجل في التوراة ولا في الإنجيل مثل أم القرآن وهي السبع المثاني وهي مقسومة بيني وبين عبدي ولعبدي ما سأل (سورة النحل) (باب إن الهل يأمر بالعدل والإحسان الآية) (عن عبد الله بن عباس) (3) قال بينما رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بفناء بيته بمكة جالس إذ مر به عثمان بن مظعون فتكشر (4) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تجلس؟ قال بلى، قال فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ عن ابن عباس الخ (1) (التفسير) قال الإمام البغوي في تفسيره قال ابن عباس أراد بالمستقدمين الأموات وبالمستأخرين الأحياء، وقال الشعبي الأولين والآخرين، وقال عكرمة المستقدمون من خلق الله والمستأخرون من لم يخلق الله، قال مجاهد المستقدمون القرون الأولى، والمستأخرون أمة محمد صلى الله عليه وسلم وقال الحسن المستقدمون في الطاعة والخيرات والمستأخرون المبطئون فيها، وقيل المستقدمون في الصفوف في الصلاة، والمستأخرون فيها، وذلك أن النساء كن يخرجن إلى صلاة الجماعة فيقفن خلف الرجال فربما كان من الرجال من في قلبه ريبة فيتأخر إلى آخر صفوف الرجال ليقرب من النساء، ومن النساء من كانت في قلبها ريبة فتتقدم إلى أول صفوف النساء لتقرب من الرجال فأنزلت هذه الآية فقال النبي صلى الله عليه وسلم خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها: وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها: رواه (م حم والأربعة) وتقدم في باب الحث على تسوية الصفوف من أبواب صلاة الجماعة في الجزء الخامس صحيفة 307 رقم 1455، وقد صرح في حديث الباب أن سبب نزول هذه الآية قصة المرأة المذكورة ولذلك ذكره الحافظ السيوطي في كتابه لباب النقول في أسباب النزول ثم قال، وأخرج ابن مردويه عن داود بن صالح أنه سأل سهل بن حنيف الأنصاري: ولقد علمنا المستقدمين منكم ولقد علمنا المستأخرين: أنزلت في سبيل الله؟ قال لا ولكنها في صفوف الصلاة والله أعلم (تخريجه) (مذ نس جه طل ك جز حب هق) وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال عمرو بن علي (يعني الفلاس) لم يتكلم أحد في نوح ابن قيس الطاحي بحجة اهـ (قلت) وأقره الذهبي وقال هو صدوق خرج له مسلم (باب) (2) هذا الحديث والذي بعده تقدما بسنديهما وشرحهما وتخريجهما في باب سورة الفاتحة وما ورد في فضلها صحيفة 66 و 67 من هذا الجزء وإنما ذكرتهما هنا لمناسبة قوله تعالى {ولقد آتيناك سبعا من المثاني والقرآن العظيم} وتقدم الكلام في تفسير هذه الآية وما قاله العلماء في المراد بالسبع المثاني في الباب المشار إليه فارجع إليه. (باب) (3) (سنده) حدثنا أبو النضر قال حدثنا عبد الحميد حدثنا شهر حدثنا عبد الله بن عباس الخ (غريبه) (4) هكذا بالأصل المطبوع (فتكشر) وفي نسخة مخطوطة (فكشر) ومعناه تبسم وهو الموافق لسائر المصادر. قال في النهاية الكشر (بسكون المعجمة) ظهور الأسنان للضحك وكاشره إذا

-[تفسير {إن الله يأمر بالعدل والإحسان} الخ وسبب إسلام عثمان بن مظعون]- مستقبله فبينما هو يحدثه إذا شخص (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم ببصره إلى السماء فنظر ساعة إلى السماء فأخذ يضع بصره حتى وضعه على يمينه في الأرض فتحرف (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم عن جليسه عثمان إلى حيث وضع بصره وأخذ ينغض (3) رأسه كأنه يستفقه (4) ما يقال له وابن مظعون ينظر فلما قضى حاجته واستفقه ما يقال له شخص بصر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى السماء كما شخص أول مرة فأتبعه بصره حتى توارى في السماء فأقبل إلى عثمان بجلسته الأولى قال يا محمد فيم كنت أجالسك وآتيك ما رأيتك تفعل كفعلك الغداة، قال وما رأيتني فعلت؟ قال رأيتك تشخص ببصرك إلى السماء ثم وضعته حيث وضعته على يمينك فتحرفت إليه وتركتني فأخذت تنغض رأسك كأنك تستفقه شيئا يقال لك، قال وفطنت لذلك؟ قال عثمان نعم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني رسول الله (5) آنفا وأنت جالس قال رسول الله؟ قال نعم، قال فما قال لك؟ قال {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون} (6) قال عثمان (7) فذلك حين استقر الإيمان في قلبي وأحببت محمدا صلى الله عليه وسلم (عن عثمان بن العاص) (8) قال كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسا إذا شخص ببصره ثم صوبه حتى كاد أن يلزقه بالأرض

_ ضحك في وجهه وباسطه (1) أي نظر (2) أي انحرف بالفاء (3) بكسر الغين المعجمة أي يحركه ويميل إليه (4) أي يستفهم (5) يعني جبريل عليه السلام وقوله آنفا بمد الهمزة أي قريبا (6) (التفسير) (إن الله يأمر بالعدل) بالإنصاف في كل شيء (والإحسان) إلى الناس، وعن ابن عباس العدل التوحيد والإحسان أداء الفرائض، وعنه أيضا الإحسان الإخلاص في التوحيد وذلك معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (الإحسان أن تعبد الله كأنك تراه) وقال مقاتل العدل والتوحيد والإحسان العفو عن الناس (وإيتاء ذي القربى) صلة الرحم (وينهى عن الفحشاء) ما قبح من القول والفعل، وقال ابن عباس الزنا (والمنكر) ما لا يعرف في شريعة ولا سنة (والبغي) الكبر والظلم، وقال ابن عيينة العدل استواء السر والعلانية، والإحسان أن تكون سريرته أحسن من علانيته، والفحشاء والمنكر أن تكون علانيته أحسن من سريرته (يعظكم لعلكم تذكرون) لعلكم تتعظون، قال ابن مسعود أجمع آية في القرآن هذه الآية، وقال أيوب عن عكرمة أن النبي صلى الله عليه وسلم على الوليد إن الله يأمر بالعدل إلى آخر الآية فقال له يا ابن أخي أعد فعاد عليه فقال إن له والله لحلاوة وإن عليه لطلاوة. وإن أعلاه لمثمر. وإن أسفله لمغدق. وما هو بقول البشر. (7) عثمان هو ابن مظعون بن حبيب الجمحي من المهاجرين الأولين السابقين إلى الإسلام أسلم بمكة بعد ثلاثة عشر رجلا وهاجر الهجرة الأولى إلى الحبشة وشهد بدرا ثم مات عقبة في سنة اثنين من الهجرة، وهو أول من مات بالمدينة من المهاجرين وأول من دفن بالبقيع منهم، أثنى عليه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لبنته زينب حين ماتت (الحقي بسلفنا الصالح الخير عثمان بن مظعون) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني، وشهر وثقه أحمد وجماعة وفيه ضعف لا يضر وبقية رجاله ثقات اهـ وأورده أيضا الحافظ ابن كثير في تفسيره بسنده ومتنه وعزاه للإمام أحمد وقال إسناد جيد متصل حسن قيد بين فيه السماع المتصل، ورواه ابن أبي حاتم من حديث عبد الحميد بن بهرام مختصرا (8) (سنده) حدثنا أسود

-[قوله عز وجل {وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به} الآية]- قال ثم شخص ببصره فقال أتاني جبريل عليه السلام فأمرني أن أضع هذه الآية بهذا الموضع من هذه السورة (1) {إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون} (باب وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) الآية (ز) (عن أبي بن كعب) (2) قال لما كان يوم أحد قتل من الأنصار أربعة وستون رجلا ومن المهاجرين ستة (وفي رواية وحمزة فمثلوا (3) بقتلاهم) فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لئن كان لنا يوم مثل هذا من المشركين لنربين عليهم (4) فلما كان يوم الفتح قال رجل لا يعرف لا قريش بعد اليوم، فنادى مناد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن الأسود والأبيض إلا فلانا وفلانا سماهم (5) فأنزل الله تبارك وتعالى {وإن عاقبتم (6) فعاقبوا بمثل ما قوقبتم به ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} فقال

_ ابن عامر ثنا هريم عن ليث عن شهر بن حوشب عن عثمان بن أبي العاص الخ (1) فيه دلالة على أن وضع آيات القرآن وترتيبها في سورها كان في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وأنه أمر توقيفي لا مجال للرأي فيه، (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده حسن (باب) (ز) (2) (سنده) حدثنا أبو صالح هدية بن عبد الوهاب المروزي ثنا الفضل بن موسى عيسى بن عبيد عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب الخ (غريبه) (3) أي مثل الكفار بالذين أصيبوا من الأنصار والمهاجرين يقال مثلت بالحيوان أمثل به مثلا إذا قطعت أطرافه وشوهت به، ومثلت بالقتيل إذا جدعت أنفه وأذنه أو مذاكيره أو شيئا من أطرافه والاسم المثلة فأما مثل بالتشديد فهو للمبالغة (نه) (4) من الإرباء أي لنزيدن ولنضاعفن عليهم في التمثيل (5) جاء في حديث سعد عند النسائي قال لما كان يوم فتح مكة من الرسول صلى الله عليه وسلم الناس إلا أربعة نفر وامرأتين وقال اقتلوهم وإن وجدتموهم متعلقين بأستار الكعبة، عكرمة بن أبي جهل وعبد الله بن خطل. ومقيس بن صبابة. وعبد الله بن سعد بن أبي السرح الحديث (6) (التفسير) (وإن عاقبتم) أيها المؤمنون م ظلمكم واعتدى عليكم (فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) أي فعاقبوا الذي ظلمكم بمثل الذي نالكم به ظالمكم من العقوبة لا تزيدون شيئا، وهذه الآية لها أمثال في القرآن فإنها مشتملة على مشروعية العدل والندب إلى الفضل كما في قوله تعالى: {وجزاء سيئة سيئة مثلها: ثم قال فمن عفا وأصلح فأجره على الله}: وقال في هذه الآية وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به: ثم قال {ولئن صبرتم لهو خير للصابرين} أي ولئن عفوتم لهو خير للعافين، فقال النبي صلى الله عليه وسلم نصبر ولا نعاقب، قال ابن عباس والضحاك كان هذا قبل نزول براءة حين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتال من قاتله ومنع من الابتداء بالقتال، فلما أعز الله الإسلام وأهله نزلت براءة وأمروا بالجهاد ونسخت هذه الآية، قال النخعي والثوري ومجاهد وابن سيرين الآية محكمة، نزلت فيمن ظلم بظلامة فلا يحل له أن ينال من ظالمه أكثر مما نال الظالم منه، أمر بالجزاء والعفو ومنع من الاعتدء ثم قال عز من قائل {واصبر وما صبرك إلا بالله} تأكيدا للأمر بالصبر وإخبارا بأن ذلك لا ينال إلا بمشيئة الله وإعانته وحوله وقوته ثم قال (ولا تحزن عليهم) أي على من خالفك فإن الله قدر ذلك (ولا تك في ضيق) أي غم (مما يمكرون) أي مما يجهدون أنفسهم في عداوتك وإيصال الشر إليك فإن الله كافيك وناصرك ومؤيدك ومظفرك بهم {إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون} أي معهم بتأييده ونصره ومعونته وهديه (تخريجه) (نس مذ حب طب ك هق)

-[قوله تعالى {وما منعنا أن نرسل بالآيات} وقوله {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك} الخ]- رسول الله صلى الله عليه وسلم نصبر ولا نعاقب (سورة الإسراء) (باب وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون) (عن ابن عباس) (1) قال سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم الصفا ذهبا (2) وأن ينحى الجبال عنهم فيزدرعوا، فقيل له إن شئت أن تستأنثى بهم (3) وإن شئت أن تؤتيهم الذين سألوا فإن كفروا هلكوا كما أهلكت من قبلهم (4) قال لا بل استأنى بهم (5) فأنزل الله عز وجل هذه الآية {وما منعنا أن نرسل بالآيات (6) إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة) (باب وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة الناس) (عن عكرمة) (7) عن ابن عباس في قوله عز وجل {وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) (8) قال هي رؤيا

_ وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب من حيث أبي بن كعب اهـ (قلت) وصححه الحكم وأقره الذهبي وهو من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه رحمهما الله (باب) (1) (سنده) حدثنا عثمان بن محمد (قال عبد الله بن الإمام أحمد) وسمعته أنا من حدثنا جرير عن الأعمش عن جعفر بن إياس عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) أي طلبوا أن يحول لهم بل الصفا الموجود بمكة من حجر إلى ذهب (وأن ينحى الجبال عنهم) أي يزيلها من أماكنها (فيزدرعوا) أي فيزرعوا مكانها (3) أي تنتظر وتتربص، يقال أنيت وتأنيت واستأنيت (4) يعني مثل قوم نوح وعاد وثمود وغيرهم (5) إنما اختار ذلك صلى الله عليه وسلم رحمة بهم ورجاء إسلام كثير منهم (6) (التفسير) {وما منعنا أن نرسل بالآيات} أي التي سألها كفار قولك (إلا أن كذب بها الأولون) أي فأهلكناهم فإن لم يؤمن قومك بعد إرسال الآيات أهلكناهم، لأن من سنتنا في الأمم إذا سألوا الآيات ثم لم يؤمنوا بعد إتيانها إن تهلكهم ولا نمهلهم، وقد حكمنا بإمهال هذه الأمة إلى يوم القيامة: ثم ذكر من تلك الآيات التي اقترحها الأولون ثم كذبوا بها فأهلكوا فقال تعالى {وآتينا ثمود الناقة مبصرة} أي آية بينة وذلك لأن آثار إهلاكهم في بلاد العرب قريبة من حدودهم يبصرها صادرهم وواردهم (فظلموا بها) أي جحدوا بها من عند الله وعقروا الناقة، وقيل فظلموا أنفسهم بتكذيبها فعاجلناهم بالعقوبة (وما نرسل بالآيات) المقترحة (إلا تخويفا) أي وما نرسل بالآيات يعني العبر والدلالات إلا تخريفا أي إنذارا بعذاب الآخرة إن لم يؤمنوا، فإن الله تعالى يخوف الناس بما شاء من آياته لعلهم يرجعون (تخريجه) (نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح (باب) (7) حدثنا سفيان عن عمرو عن عكرمة عن ابن عباس الخ (8) (التفسير) الأكثرون من المفسرين على أن المراد من الرؤيا ما رأى النبي صلى الله عليه وسلم ليلة المعراج من العجائب والآيات وقد فسرها ابن عباس في حديث الباب بأنها رؤيا عين رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به، وجاء كذلك في صحيح البخاري أيضا وكان يقال لابن عباس حبر الأمة والبحر لكثرة علمه. دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحكمة، وثبت في صحيح البخاري وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم ضم ابن عباس إلى صدره وقال اللهم علمه الكتاب، وقال ابن مسعود نعم الترجمان القرآن ابن عباس، وجاء في الطريق الثانية من حديث ابن عباس أيضا قال شيء أمر به النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة رآه بعينه حين ذهب إلى بيت المقدس وهو قول سعيد بن جبير والحسن ومعروف وقتادة ومجاهد وعكرمة وابن جريج وغيرهم، والعرب

-[كلام العلماء في تفسير قوله تعالى {وما جعلنا الرؤيا} الخ والتحقيق أنها كانت بصرية]- عين رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به (وعنه من طريق ثان) (1) قال كان ابن عباس يقول (وما جعلنا الرؤيا التي أريناك إلا فتنة للناس) شيء أريه (3) النبي صلى الله عليه وسلم في اليقظة رآه بعينه حين ذهب به إلى بيت المقدس (باب وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) (عن أبي هريرة (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل {وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} (؛) قال تشهده

_ تقول رأيت بعيني رؤية ورؤيا، فلما ذكرها رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس أنكر بعضهم ذلك وكذبوا أفكانت فتنة للناس وازداد المخلصون إيمانا (1) (سنده) حدثنا روح حدثنا زكريا بن إسحاق حدثنا عمرو بن دينار أنه سمع عكرمة يقول كان ابن عباس الخ (2) بضم الهمزة وكسر الراء من الإراءة ولم يصرح بالمرثى، وفي قوله في اليقظة نفي لقول من قال إنها رؤيا منامية، بل جاء في سنن سعيد بن منصور عن سفيان في آخر الحديث قال وليست رؤيا منام، ومع هذه الحجج الواضحة فقد (ذهب قوم) إلى أن رؤيا الإسراء كانت منامية، وحجتهم في ذلك أنه يقال في البصرية رؤية وفي المنامية روؤيا، وقد جاء القرآن بلفظ رؤيا، واستدل القائلون بأنها بصرية بحديث ابن عباس أعني حديث الباب، وفيه رد صريح على من أنكر مجيء المصدر من رأى البصرية على رؤيا كالحريري وغيره، وبمن استعمل الرؤيا في اليقظة المتنبي في قوله (ورؤياك أحلى في العيون من الغمض) وأبلغ من ذلك في الرد عليهم قوله تعالى {سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله} فالتسبيح إنما يكون عند الأمور العظام. فلو كان مناما لم يكن فيه كبير شيء ولم يكن مستعظما ولم تبادر كفار قريش إلى تكذيبه ولا ارتدت جماعة ممن كان قد أسلم، وأيضا فإن العبد عبارة عن مجموع الروح والجسد، وقد قال تعالى {أسرى بعبده ليلا} (وقام قوم) أسرى بروحه دون جسده وهو ضعيف لقوله تعالى {ما زاغ البصر وما طغى} والبصر من آلات الذات لا الروح، وأيضا فإنه حمل على البراق وهو دابة بيضاء كما جاء عند مسلم والإمام أحمد وغيرهما في حديث الإسراء عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتيت بالبراق وهو دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه، فركبته فسار بي حتى أتيت بيت المقدس الحديث، والركوب لا يكون إلا للجسد لا للروح لأنها لا تحتاج في حركتها إلى مركب تركب عليه (وقال قوم) إنها الرؤيا التي رآها النبي صلى الله عليه وسلم في النوم عام الحديبية أنه دخل مكة هو وأصحابه فجعل المسير إلى مكة قبل الأجل فصده المشركون فرجع إلى المدينة فكان رجوعه في ذلك العام بعدما أخبر أنه يدخلها فتنة لبعضهم ثم دخل مكة في العام المقبل وأنزل الله عز وجل {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق} ويدفع هذا قول ابن عباس في حديث الباب هي رؤيا العين رآها النبي صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى به، وقصارى القول إن ما ذهب إليه ابن عباس ومن وافقه هو الصواب والله أعلم (تخريجه) (خ نس مذ حب ك). (باب) (3) (سنده) حدثنا أسباط قال ثنا الأعمش عن إبراهيم عن ابن مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وحدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (4) أول الآية {أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا} (التفسير) (أقم الصلاة، لدلوك الشمس) روى عن ابن مسعود أنه قال الدلوك الغروب، وهو قول النخعي ومقائل والضحاك والسدى، وقال ابن عباس وابن عمرو جابر هو زوال الشمس، وهو قول عطاء وقتادة ومجاهد والحسن وأكثر التابعين، ومعنى اللفظ

-[تفسير قوله تعالى {أقم الصلاة لدلوك الشمس} إلى قوله (مقاما محمودا وكلام العلماء في ذلك]- ملائكة الليل وملائكة النار (باب عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) (وعنه أيضا) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله عز وجل {عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} (2) قال هو المقام الذي أشفع لأمتي فيه (باب وقل رب أدخلني مدخل صدق) الآية (عن ابن عباس) (3) قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بمكة ثم أمر بالهجرة وأنزل عليه

_ يجمعهما لأن أصل الدلوك الميل والشمس تميل إذا زالت وإذا غربت، والحمل على الزوال أولى القولين لكثرة القائلين به، وإذا حملناه عليه كانت الآية جامعة لمواقيت الصلاة كلها: فدلوك الشمس يتناول صلاة الظهر والعصر (إلى غسق الليل) أي ظهور ظلمته وقال ابن عباس بدو الليل، وهذا يتناول المغرب والعشاء (وقرآن الفجر) معطوف على الصلاة أي وأقم قرآن الفجر يعني صلاة الفجر، سمى الصلاة قرآنا لأنها لا تجوز إلا بقرآن {إن قرآن الفجر كان مشهودا} أي يشهده ملائكة الليل وملائكة النهار كما جاء في حديث الباب، وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يتعاقبون فيكم ملائكة بالليل وملائكة بالنهار (يعني حفظة الأعمال) ويجتمعون في صلاة الصبح وفي صلاة العصر فيعرج الذين باتوا فيكم فيسألهم ربهم وهو أعلم بكم كيف تركتم عبادي فيقولون أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون (رواه حم ق نس) وتقدم في باب فضل صلاتي الصبح والعصر من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 221 رقم 59 (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد ثم قال ورواه (مذ نس جه) ثلاثتهم عن عبيد بن أسباط بن محمد عن أبيه به وقال الترمذي حسن صحيح (باب) (1) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد قال ثنا داود الأودي عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (2) أول الآية {ومن الليل فتهجد به نافلة لك عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا} (التفسير) (ومن الليل فتهجد به) أي قم بعد نومك، والتهجد لا يكون إلا بعد القيام من النوم، يقال تهجد إذا قام بعد ما نام، وهجد إذا نام (قال الإمام البغوي) في تفسيره والمراد في الآية قيام الليل للصلاة، وكانت صلاة الليل فريضة على النبي صلى الله عليه وسلم في الابتداء وعلى الأمة لقوله تعالى {يا أيها المزمل قم الليل إلا قليلا} ثم نزل التخفيف فصار الوجوب منسوخا في حق الأمة بالصلوات الخمس وبقى الاستحباب، قال تعالى {فاقرءوا ما تيسر منه} وبقى الوجوب في حق النبي صلى الله عليه وسلم (نافلة لك) أي زيادة لك يريد فريضة زائدة على سائر الفرائض التي فرضها الله عليك، وذهب قوم إلى أن الوجوب صار منسوخا في حقه كما في حق الأمة فصارت نافلة، وهو قول مجاهد وقتادة لأن الله تعالى قال نافلة لك ولم يقل عليك (فإن قيل) فما معنى التخصيص وهي زيادة في حق المسلمين كافة كما في حقه صلى الله عليه وسلم (قيل) التخصيص من حيث أن نوافل العبادة كفارة لذنوبهم والنبي صلى الله عليه وسلم قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فكانت نوافله زيادة في رفع الدرجات (عسى أن يبعثك ربك مقاما محمودا) أي افعل هذا الذي أمرتك به لتقيمك يوم القيامة مقاما محمودا يحمدك فيه الخلائق كلهم وخالقهم تبارك وتعالى، قال ابن جرير قال أكثر أهل التأويل ذلك هو المقام المحمود يقومه محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة للشفاعة للناس ليريحهم ربهم من عظيم ما هم فيه من شدة ذلك اليوم اهـ (قلت) ستأتي أحاديث الشفاعة في باب اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى من كتاب قيام الساعة والله الموفق (تخريجه) (مذ) وابن جرير في تفسيره وحسنه الترمذي (باب) (3) (سنده) حدثنا جرير عن قابوس عن

-[تفسير قوله تعالى {وقل رب أدخلني مدخل صدق} وقوله {ويسألونك عن الروح}]- (وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا) (1) (باب ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي الآية) (عن ابن عباس) رضي الله عنهما (2) قال قالت قريش لليهود أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل (3) فقالوا سلوه عن الروح فسألوه فنزلت {ويسألونك عن الروح (4) قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} قالوا أوتينا علما كثيرا أوتينا التوراة ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا قال فأنزل الله عز وجل {قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفذ البحر} (عن عبد الله) (5) قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم

_ ابن عباس الخ (1) (التفسير) {وقل رب أدخلني مدخل صدق وأخرجني مخرج صدق} قال الحسن البصري في تفسير هذه الآية أن كفار أهل مكة لما ائتمروا برسول الله صلى الله عليه وسلم ليقتلوه أو يطردوه أو يوثقوه فأراد الله قتال أهل مكة أمره أن يخرج إلى المدينة فهو الذي قال الله عز وجل {وقل رب أدخلني الخ الآية} وقال قتادة {وقل رب أدخلني مدخل صدق} يعني المدينة وأخرجني مخرج صدق يعني مكة، وكذا قال عبد الرحمن بن زيد أسلم، قال الحافظ ابن كثير وهذا القول هو أشهر الأقوال وأصحها وهو اختيار ابن جرير {واجعل لي من لدنك سلطانا نصيرا} قال مجاهد حجة بينة، وقال الحسن ملكا قويا تنصرني به على من ناوأني وعزا ظاهرا أقيم به دينك، فوعده الله لينزعن ملك فارس والروم وغيرهما فيجعله له، قال قتادة علم نبي الله أن لا طاقة له بهذا الأمر إلا بسلطان نصير فقال سلطانا نصيرا لكتاب الله وحدوده وإقامة دينه (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح (قلت) وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وأقر تصحيح الترمذي (باب) (2) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا يحيى بن زكريا عن داود عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) أي النبي صلى الله عليه وسلم (4) (التفسير) {ويسألونك عن الروح} الأكثر على أنهم سألوه عن حقيقة الروح الذي في الحيوان، وقيل عن جبريل، وقيل عن عيسى، وقيل عن القرآن، وقيل عن خلق عظيم روحاني، وقيل غير ذلك، والراجح الأول يعني روح الإنسان فقد أخرج الطبري من طريق العوفي عن ابن عباس في هذه القضية أنهم قالوا في الروح وكيف يعذب الروح الذي في الجسد وإما الروح من الله؟ فنزلت الآية: قاله الحافظ (قل الروح من أمر ربي) تكلم العلماء والحكماء والصوفية في ناحية الروح بكلام كثير وأقوال متعددة، وأولى الأقاويل أن يوكل علمه إلى الله عز وجل وهو قول أهل السنة، وقال عبد الله بن بريدة أن الله عز وجل لم يطلع على الروح ملكا مقربا ولا نبيا مرسلا بدليل قوله قل الروح من أمر ربي أي من علم ربي الذي استأثر به (وما أوتيتم من العلم) أي من علم ربي (إلا قليلا) أي في جنب علم الله عز وجل والخطاب عام، وقيل هو خطاب لليهود فإنهم كانوا يقولون أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا كما جاء في حديث الباب، فقيل لهم أن علم التوراة قليل في جنب علم الله وأنزل الله عز وجل {قل لو كان البحر} أي ماؤه (مدادا) هو ما يكتب به (لكلمات ربي) الدلالة على حكمه وعجائبه بأن تكتب به (لنفد البحر) في كتابتها، وبقية الآية (قبل أن تنفذ) قرئ بالتاء والياء أي تفرغ (كلمات ربي ولو جئنا بمثله) أي البحر (مدادا) أي زيادة لم تفرغ هي (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح، قال الحافظ بعد ذكر هذا الحديث في الفتح رجاله رجال مسلم وهو عند ابن إسحاق من وجه آخر عن ابن عباس نحوه (5) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال

-[تفسير قوله تعالى {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات} وما هي الآيات]- في حرث بالمدينة وهو متكئ (1) على عسيب قال فمر بقوم من اليهود فقال بعضهم لبعض سلوه عن الروح، قال بعضهم لا تسألوه عن الروح فقالوا يا محمد ما الروح؟ فقام فتوكأ على العسيب قال فظننت إنه يوحى إليه فقال {ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا} (2) قال فقال بعضهم قد قلنا لكم لا تسألوه (باب ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات) (حدثنا محمد بن جعفر) (3) حدثنا شعبة وحدثناه يزيد أنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت عبد الله ابن سلمة يحدث عن صفوان بن عسال قال يزيد المرادي (4) قال قال يهودي لصاحبه (5) اذهب بنا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال يزيد إلى هذا النبي حتى نسأله عن هذه الآية {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات} (6) فقال لا تقل له نبي فإنه أن سمعك لصارت له أربعة أعين (7) فسأله فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تشركوا بالله شيئا. ولا تسرقوا. ولا تزنوا. ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق. ولا تسحروا. ولا تأكلوا الربا. ولا تمشوا ببرييء (8) إلى ذي سلطان ليقتله. ولا تقذفوا محصنة (9) أو قال لا تفروا من الزحف شعبة الشاك (10) وأنت يا يهود عليكم خاصة أن لا تعتدوا

_ كنت أمشي الخ (غريبه) (1) جاء عند الترمذي (وهو يتوكأ) أي يعتمد (على عسيب) بمهلتين وآخره موحدة بوزن عظيم وهي الجريدة التي لا خوص فيها (2) تقدم تفسيرها في الحديث السابق (تخريجه) (ق نس مذ) قال القسطلاني ظاهر سياق هذا الحديث يقتضي أن هذه الآية مدنية وأن نزولها إنما كان حين سأل اليهود عن ذلك بالمدينة مع أن السورة كلها مكية وقد يجاب باحتمال أن تكون نزلت مرة ثانية بالمدنية كما نزلت بمكة قبل والله أعلم (باب) (3) (حدثنا محمد بن جعفر الخ) (غريبه) (4) هذه النسبة ترجع إلى صفوان بن عسال ومعناه أن يزيد قال في روايته صفوان بن عسال المرادي، ويزيد هذا الذي تكرر ذكره في الحديث هو ابن هرون أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث (5) أي رجل من اليهود (6) (التفسير) أي واضحات والآية العلامة الظاهرة تستعمل في المحسوسات كعلامة الطريق والمعقولات كالحكم الواضح والمسألة الواضحة، والمعجزة آية، وكل جملة دالة على حكم من أحكام الله آية، ولكل كلام منفصل بفصل لفظي آية، والمراد بالآيات هنا إما المعجزات التسع، وهي العصا واليد والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم والسنون ونقص من الثمرات، وعلى هذا فقوله الآتي (لا تشركو الخ كلام مستأنف ذكره عقب الواب، وهو المعجزات المقدسة ولم يذكر الراوي المعجزات النسع استغناءا بما في القرآن أو يغيره (وإما) الأحكام العامة الشاملة للملل الثابتة في كل الشرائع وهي قوله لا تشركوا الخ، سميت بذلك لكونها تدل على حال المكلف بها من السعادة والشقاوة (7) هكذا جاء بالأصل في هذه الرواية (أربعة أعين) وكذلك جاء عند الترمذي: وعند الإمام أحمد من طريق أخرى وفي المشكاة (أربع أعين) بغير التاء وهو الظاهر، والمعنى لا تقل له نبي فإنه يسر بقولك نبي سرورا يمد الباصرة فيزداد به نورًا على نور كذي عينين أصبح يبصر بأربع، فإن الفرح يمد الباصرة كما أن الهم والحزن يخل بها، ولذا يقال لمن أحاطت به الهموم أظلمت عليه الدنيا (8) الباء للتعدية أي لا تسعوا ولا تتكلموا بسوء فيمن ليس له ذنب (إلى ذي سلطان) أي صاحب قوة وقدرة وغلبة وشوكة (9) بفتح الصاد المهملة أي لا ترموا بالزنا عفيفة (10) جاء عند الترمذي من طريق شعبة أيضا بلفظ

-[سبب نزول قوله تعالى {ولا تجهر بصلاتك} الآية وتفسيرها]- قال يزيد تعدوا (1) في السبت فقبلا يده ورجله، قال يزيد فقبلا يديه ورجليه (2) وقال نشهد أنك نبي، قال فما يمنعكما أن تتبعاني؟ قالا أن داود عليه السلام دعا أن لا يزال من ذريته نبي وإنا نخشى قال يزيد إن أسلمنا (3) أن تقتلنا يهود (باب ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) (عن ابن عباس) (4) قال نزلت هذه الآية ورسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم متوار بمكة (5) (ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها) قال كان إذا صلى بأصحابه رفع صوته بالقرآن، قال فلما سمع ذلك المشركون سبوا القرآن ومن أنزله ومن جاء به فقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم (ولا تجهر بصلاتك) أي بقراءتك فيسمع المشركون فيسبون القرآن (6) (ولا تخافت بها) (7) عن أصحابك فلا تسمعهم القرآن حتى يأخذوه عنك (وابتغ بين ذلك سبيلا) (8) (باب الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك) الخ السورة

_ (ولا تقذفوا محصنة ولا تولوا الفرار يوم الزحف) ولم يشك، والزحف الحرب مع الكفار (1) جاء عند الترمذي (تعتدوا) (2) رواية الترمذي (فقبلا يديه ورجليه) كرواية يزيد هنا (3) معناه أن يزيد زاد في روايته (أن أسلمنا) وقولهم هذا افتراء محض على داود عليه السلام لأن داود وغيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام يعرفون نبوة محمد صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم النبيين وأنه ينسخ به الأديان (تخريجه) (مذ نس جه) وقال الترمذي حسن صحيح، هذا وقد فسر الحافظ ابن كثير الآيات التسع المذكورة في قوله تعالى {ولقد آتينا موسى تسع آيات بينات} فقال يخبر تعالى أنه بعث موسى بتسع آيات بينات وهي الدلائل القاطعة على صحة نبوته وصدقه فيما أخبر به عمن أرسله إلى فرعون وهي العصا واليد والسنين والبحر والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم آيات مفصلات قاله ابن عباس، وقال ابن عباس أيضا ومجاهد وعكرمة والشعبي وقتادة هي يده وعصاه والسنين ونقص من الثمرات والطوفان والجراد والقمل والضفادع والدم، وهذا القول ظاهر جلي حسن ثم أورد (أعني الحافظ ابن كثير) حديث الباب وعزاه للإمام أحمد وقال هكذا رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن جرير في تفسيره من طرق عن شعبة ابن حجاج به وقال الترمذي حسن صحيح، وهو حديث مشكل، وعبد الله بن سلمة في حفظه شيء، وقد تكلموا فيه ولعله اشتبه عليه التسع الآيات بالعشر الكلمات فإنها وصايا في التوراة لا تعلق لها بقيام الحجة على فرعون والله أعلم اهـ (باب) (4) (سنده) حدثنا هشيم أنبأنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (5) أي مخنف كما صرح بذلك في رواية البخاري وكان ذلك في أول الإسلام (6) جاء عند ابن جرير في تفسيره من وجه آخر عن سعيد بن جبير فقالوا له أي المشركون لا تجهر فتؤذي آلهتنا فنهجو إلاهك (7) أي لا تخفض صوتك (8) أي بين الجهر والمخافتة (سبيلا) أي وسطا (تخريجه) (ق مذ) وأوره الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد ثم قال أخرجاه في الصحيحين من حديث أبي بشر جعفر بن إياس به، قال وكذا رواه الضحاك عن ابن عباس وزاد فلما هاجر إلى المدينة سقط ذلك، يفعل أي ذلك شاء اهـ (قلت) وفي الباب عن عائشة رضي الله عنها قالت أنزل في الدعاء تريد قوله تعالى {ولا تجهر بصلاتك الخ} قال القسطلاني هو من باب إطلاق الكل على الجزء إذ الدعاء من بعض أجزاء الصلاة، قال وأخرج الطبري وابن خزيمة والحاكم من طريق حفص بن غياث عن هشام

-[آية العز {الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا} الآية وتفسيرها وفضل سورة الكهف]- (عن سهل عن أبيه) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال آية العز (2) (الحمد لله الذي يتخذ ولدًا) (3) الآية كلها (وعنه من طريق ثان) (4) عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه كان يقول إذا نفر (5) الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك (6) إلى آخر السورة (سورة الكهف) (باب ما جاء في فضلها) (عن سهل بن معاذ) (7) عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنه قال من قرأ أول سورة الكهف وآخرها (8) كأنت له نورا من قدمه إلى رأسه: ومن قرأها كلها كانت له نورا ما بين السماء والأرض (9)

_ الحديث، وزاد فيه في التشهد، وهو مختص لحديث عائشة إذ ظاهره أعلم من أن يكون داخل الصلاة وخارجها وعند ابن مردويه من حديث أبي هريرة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى عند البيت رفع صوته بالدعاء فنزلت، أو مراده معناها اللغوي على ما لا يخفى وهذا الحديث من أفراده اهـ والله أعلم (1) (سنده) حدثنا يحيى بن غيلان ثنا رشيدين عن زبان عن سهل عن أبيه (يعني معاذ بن أنس الجهني) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أي القوة والشدة والصلابة، والمراد هنا من العلامات الدالة على قوة إيمان الإنسان وشدته في دين الله ملازمته لتلاوة هذه الآية مع الإذعان لمدلولها وأنه بذلك يصير قويًا شديدًا وقيل المراد أن هذه الآية تسمى آية المز لتضمن قوله فيها، ولم يكن له ولي من الذل، لذلك لم يذل يحتاج إلى ناصر لأنه العزيز المعز (3) (التفسير) لما أثبت الله تعالى لنفسه الكريمة الأسماء الحسنى في قوله {قل ادعوا الله أو ادعوا الرحمن أيا ما تدعوا فله الأسماء الحسنى) نزه نفسه عن النقائص فقال {وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدًا ولم يكن له شريك في الملك} بل هو الله الأحد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد (ولم يكن لي ولى من الذل) أي ليس بذليل فيحتاج إلى أن يكون له ولى أو وزير أو مشير بل هو تعالى خالق الأشياء وحده لا شريك له: قال مجاهد لم يحالف أحدا ولم يبتغ نصر أحد (وكبره تكبيرا) أي عظمه ونزهه عما يقول الظالمون المعتدون من أن له شريكا أو ولدا تعالى الله عن ذلك (4) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زبان بن فايد عن سهل عن أبيه الخ (5) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم كان يقول ذلك إذا نفر من منى بعد رمي الجمار (6) بقية الآية {ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرًا} (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد من طريقين في إحداهما رشدين بن سعد وهو ضعيف، وفي الأخرى ابن لهيعة وهو أصلح منه، وكذلك الطبراني اهـ (قلت) وفي كلا الطريقين عند الإمام أحمد زبان ابن فايد وهو ضعيف أيضا (باب) (7) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل بن معاذ عن أبيه (يعني معاذ بن أنس الجهني) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) لم يعين في هذا الحديث مقدار ما يقرء من أولها وآخرها، وقد جاء بيان ذلك في حديثي أبي الدرداء الآتيين بعد هذا وهو عشر آيات من أولها وعشر آيات من آخرها (9) جاء في قراءتها كلها عن أبي سعيد مرفوعا من قرأ سورة الكهف يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين (ك هق) وصححه الحاكم والحافظ السيوطي (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وفي إسناد أحمد ابن لهيعة وهو ضعيف وقد يحسن اهـ (قلت) في إسناده أيضا زبان بن فايد وهو ضعيف (وفي الباب) عند الإمام أحمد أيضا وتقدم في باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن من هذا الجزء صحيفة 20 رقم 55 عن البراء بن عازب قال قرأ

-[تفسير قوله تعالى {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} وما هن]- (عن أبي الدرداء) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حفظ عشر آيات من أول سورة الكهف عصم من الدجال (2) (وعنه أيضا) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من قرأ العشر الأواخر من سورة الكهف عصم من فتنة الدجال (باب) قوله عز وجل {والباقيات الصالحات خير عند ربك ثوابا وخير أملا} (عن النعمان بن بشير) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ألا وإن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هن الباقيات الصالحات (5) (باب وإذ قال موسى لفتاة وقصة الخضر مع موسى عليهما السلام) (حدثنا عبد الله بن إبراهيم) (6) المروزي حدثني هشام بن يوسف في تفسير ابن جريج (7) الذي أملاه عليهم أخبرني يعلى بن مسلم وعمرو بن دينار عن سعيد بن جبير يزيد أحدهما على الآخر (8) وغيرهما قال قد سمعته يحدثه عن سعيد بن جبير (9) قال إنا لعند عبد الله بن عباس

_ رجل الكهف وفي الدار دابة فجعلت تنفر فنظر فإذا ضبابة أو سحابة قد غشيته قال فذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ فلان فإنها السكينة تنزلت عند القرآن أو تنزلت للقرآن: وتقدم شرحه وتخريجه هناك (1) (سنده) حدثنا يزيد أنا همام بن يحيى عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن سعدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء الخ (غريبه) (2) معناه أن من تدبرها لم يفتن بالدجال، قال الطيبي التعريف فيه للعهد وهو الذي يخرج آخر الزمان يدعي الإلاهية إما نفسه أو يراد به من شابهه في فعله، ويجوز أن يكون للجنس لأن الدجال من يكثر منه الكذب والتلبيس، ومنه حديث يكون في آخر الزمان دجالون كذابون (تخريجه) (م د نس مذ) ولفظ الترمذي (من حفظ ثلاث آيات من أول الكهف) وقال حسن صحيح (3) (سنده) حدثنا حجاج حدثنا شعبة عن قتادة سمعت سالم بن أبي الجعد يحدث عن معدان عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من قرأ الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد ثم قال رواه مسلم والنسائي من حديث قتادة به قال وفي لفظ للنسائي من قرأ عشر آيات من الكهف فذكره (باب) (4) (عن النعمان بن بشير الخ) هذا ظرف من حديث طويل سيأتي بسنده وشرحه وتخريجه في باب كراهية الإمارة من كتاب الخلافة والإمارة إن شاء الله تعالى (غريبه) (5) قال علي بن طلحة عن ابن عباس قوله (والباقيات الصالحات) قال هي ذكر الله قول لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمد لله وتبارك الله ولا حول ولا قوة إلا بالله واستغفر الله وصلى الله على رسول الله والصيام والصلاة والحج والصدفة والعتق والجهاد والصلة وجميع أعمال الحسنات وهن الباقيات الصالحات التي تبقى لأهلها في الجنة ما دامت السماوات والأرض (وعن سمرة بن جندب) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل الكلام بعد القرآن أربع وهي من القرآن لا يضرك بأيهن بدأت: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر (حم م نس جه) ولفظ مسلم أحب الكلام إلى الله أربع فذكره وليس فيه (وهي من القرآن) وذكرها النسائي، وتقدم هذا الحديث في آخر باب فضل سبحان والحمد لله الخ من كتاب الأذكار في الجزء الرابع عشر صحيفة 222 رقم 52 (باب) (6) (حدثنا عبد الله بن إبراهيم الخ) (غريبه) (7) اسمه عبد الملك بن عبد العزيز (8) معناه أن ابن جريج يقول أخبرني يعلي بن مسلم وعمرو بن ينار بهذا الحديث عن سعيد بن جبير حال كونهما يزيد أحدهما على الآخر في روايته (قلت) وهو ظاهر في سياق الحديث (9) يقول ابن جريج وسمعت غيرهما يعني غير يعلى

-[قصة موسى مع الخضر عليهما السلام]- في بيته إذ قال سلوني فقلت أبا عباس جعلني الله فداءك، بالكوفة رجل قاص (1) يقال له نوف (2) يزعم إنه ليس موسى بنى إسرائيل (3) أما عمرو بن دينار فقال كذب عدو الله (4) وأما يعلى بن مسلم فقال قال ابن عباس حدثني أبي بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن موسى رسول الله عليه السلام ذكر الناس (5) يوما حتى إذا فاضت العيون ورقت القلوب ولى فأدركه رجل فقال يا رسول الله هل في الأرض أحد أعلم منك؟ قال لا فعتب عليه إذ (6) لم يرد العلم إلى الله تبارك وتعالى (7) فأوحى الله إليه أن لي عبدا أعلم منك قال أي رب وأني (8) قال مجمع البحرين قال أي رب اجعل لي علما (9) اعلم ذلك به، قال لي عمرو (10) قال حيث يفارقك الحوت وقال يعلى (11) خذ حوتا ميتا حيث ينفخ فيه الروح (12) فأخذ حوتا فجعله

_ ابن مسلم وعمرو بن دينار حال كونه (يحدثه) أي يحدث الحديث المذكور (عن سعيد بن جبير) أيضا وكان الأصل أن يقول يحدث به لكنه عداه بغير الباء، ومثل ذلك في البخاري أيضا، ولأبي ذر عن الكشميهني (يحدث) يحذف الضمير، وقد عين ابن جريج بعض من أبهمه في قوله (وغيرهما) كعثمان ابن أبي سليمان كما سيأتي في سياق الحديث، وروى شيئا من هذه القصة عن سعيد بن جبير من مشايخ ابن جريج عبد الله بن عثمان ابن خثيم وعبد الله بن هرمز وعبد الله بن عبيد بن عمير، وممن روى هذا الحديث عن سعيد بن جبير أبو إسحاق السبيعي وروايته عند مسلم وأبي داود وغيرهما والحكم بن عتيبة وروايته في السيرة الكبرى لابن إسحاق كما نبه على ذلك الحافظ في الفتح (1) بتشديد الصاد المهملة يقص على الناس الأخبار من المواعظ وغيرها (2) بفتح النون وسكون الواو وبالفاء زاد البخاري (البسكالي) بكسر الموحدة وتخفيف الكاف وتشديد نسبة إلى بني بكال بن فضالة بفتح الفاء والمعجمة ابن امرأة كعب الأحبار (3) هكذا بالأصل (يزعم أنه ليس موسى بن إسرائيل) وكذا في البخاري من هذا الطريق وله من طريق سفيان بلفظ (يزعم أن موسى صاحب الخضر ليس هو موسى صاحب بني إسرائيل) وهذا أظهر (4) ظاهره أن عمرو بن دينار قال كذب عدو الله وليس كذلك، بل المراد أن ابن جريج يقول إن عمرو بن دينار قال له في روايته عن سعيد بن جبير إن ابن عباس قال كذب عدو الله، فالقائل كذب عدو الله هو ابن عباس يعني نوفا، خرج منه مخرج الزجر والتحذير لا القدح في نوف، لأن ابن عباس قال ذاك في حال غضبه وألفاظ الغضب تقع على غير الحقيقة غالبا وتكذيبه له لكونه قال غير الواقع، ولا يلزم منه تعمده والله أعلم (5) بفتح الذال المعجمة وتشديد الكاف من التذكير وفي بعض الروايات قام خطيبا في بني إسرائيل (6) بسكون الذال للتعليل (7) كأن يقول نحو الله أعلم كما قالت الملائكة لا علم لنا إلا ما علمتنا (8) أي وأني هو أو فأين أجده (قال مجمع البحرين) وفي رواية للبخاري (إن لي عبدا بمجمع البحرين هو أعلم منك) أي بحري فارس والروم، أو بحري المشرق والمغرب المحيطين بالأرض، أو العذب والملح والله أعلم (9) أي علامة (10) يقول ابن جريج قال لي عمرو يعني ابن دينار في روايته قال بمعنى العلم على ذلك المكان (حيث يفارقك الحوت) (11) يعني وقال يعلى في روايته خذ حوتا ميتا الخ ولمسلم وعبد الله ابن الإمام أحمد في رواية أبي إسحاق (وآية ذلك إن تزود حوتا مالحا فإذا فقدته فهو حيث تفقده) (12) معناه عند ما يحيى الله الحوت الميت ويذهب إلى البحر تجد صاحبك في هذا المكان، وهو معنى قوله في

-[تابع قصة موسى مع الخضر عليهما السلام]- في مكتل (1) قال لفتاه لا أكلفك إلا أن تخبرني حيث يفارقك الحوت، قال ما كلفتني كثيرا فذلك قوله تبارك وتعالى {وإذ قال موسى لفتاه} يوشع بن نون ليست عن سعيد بن جبير (2) قال فبينا هو في ظل صخرة في مكان ثريان (3) إذ تضرب الحوت وموسى نائم، قال فتاه لا أوقظه، حتى إذا استيقظ نسى أن يخبره وتضرب الحوت (4) حتى دخل البحر فأمسك الله تبارك وتعالى عليه جرية البحر (5) حتى كان أثره في حجر (6) فقال لي عمرو وكان أثره في حجر وحلق إبهاميه واللتين تليانهما (7) (لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) (8) قال قد قطع الله تبارك وتعالى عنك النصب، ليست هذه عن سعيد بن جبير (9) فأخبره فرجع فوجدا خضرا (10) عليه السلام فقال لي عثمان بن أبي سليمان على طنفسة (11) خضراء على كبد البحر، قال سعيد بن جبير مسجى ثوبه قد جعل طرفه تحت رجليه وطرفه تحت رأسه فسلم عليه موسى فكشف عن وجهه وقال هل بأرضك من سلام (12)

_ رواية عمرو حيث يفارقك الحوت (1) قال في المصباح المكتل بكسر الميم الزنبيل وهو ما يعمل من الخوص يحمل فيه التمر وغيره، والجمع مكاتل (2) معناه أن ابن جريج قال في تسمية الفتى (يوشع بن نون) هذه الجملة ليست عن سعيد بن جبير بل عن غيره من الرواة (وقوله فبينما هو) يعني موسى وفتاه (3) بمثلثة مفتوحة وراء ساكنة فتحتية مفتوحة وبعد الألف نون صفة لمكان مجرور بالفتحة لا ينصرف لأنه من باب فعلان، قال في النهاية يقال مكان ثريان وأرض ثريا إذا كان في ترابهما بلل وندى (إذ تضرب الحوت) بضاد معجمة وراء مشددة من الضرب في الأرض وهو السير (4) أي اضطرب وخرج من المكتل سائرا (حتى دخل البحر) (5) بكسر الجيم وفي رواية (جرية الماء) أي جريانه (6) قال الحافظ كذا فيه بفتح الحاء المهملة والجيم، وفي رواية جحر بضم الجيم وسكون المهملة وهو واضح (وقوله فقال لي عمرو) القائل هو ابن جريج (7) يعني السبابتين وفي رواية للبخاري وأمسك الله عن الحوت جرية الماء فصار عليه مثل الطاق) قال أهل اللغة الطاق ما عطف من الأبنية أي جعل كالقوس من قنطرة ونافذة وما أشبه ذلك (وفي رواية لمسلم) فاضطرب الحوت في الماء فجعل لا يلتئم عليه حتى صار مثل الكوة (8) قال الحافظ كذا وقع هنا مختصرا وفي رواية سفيان فانطلقا بقية يومهما وليلتها حتى إذا كان من الغد قال موسى لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا (9) (قوله قال قد قطع الله تبارك وتعالى عنك النصب ليست هذه عن سعيد بن جبير) هو مقول ابن جريج ومراده أن هذه اللفظة ليست في الإسناد الذي ساقه، قاله الحافظ (وقوله فأخبره) بفتح الهمزة وسكون المعجمة ثم موحدة من الأخبار أي أخبر الفتى موسى بالقصة بقوله أرأيت إذ آوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان إن أذكره واتخذ سبيله في البحر عجبا، قال فكان (يعني دخول الحوت في الماء) للحوت سريا (أي مسلكا) ولموسى ولفتاه عجبا، فقال موسى ذلك ما كنا نبقى فارتدا على آثارهما قصصا قال رجعا يقصان آثارهما حتى انتهيا إلى الصخرة فإذا رجل مسجي ثوبا، هكذا في البخاري (10) بفتح الخاء وكسر الضاد: روى البخاري بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما سمي الخضر أنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تهتز من خلفه خضراء (11) معناه أن عثمان بن أبي سليمان أحد رواة هذا الحديث عن سعيد بن جبير قال لابن جريج فوجدا خضرا جالسا على طنقسة الخ: والطنفسة بفتح الطاء وكسرها فرش صغير (وقوله على كبد البحر) أي على وجه الماء كما جاء في رواية البخاري (12) هو استفهام استبعاد بدل على أن أهل تلك الأرض لم يكونوا إذ ذاك مسلمين

-[تابع قصة موسى مع الخضر عليهما السلام]- من أنت؟ قال أنا موسى، قال موسى بني إسرائيل؟ قال نعم، قال فما شأنك؟ قال جئت لتعلمني مما علمت رشدا قال أما يكفيك أن أنباه التوراة بيدك وأن الوحي يأتيك، يا موسى أن لي علما لا ينبغي أن تعلمه (1) وإن لك علما لا ينبغي أن أعلمه (2) فجاء طائر فأخذ بمنقاره (3) فقال والله ما علمي وعلمك في علم الله إلا كما أخذ هذا الطائر بمنقاره من البحر (حتى إذا ركبا في السفينة) وجدا معابر (4) صغارا تحمل أهل هذا الساحل إلى هذا الساحل عرفوه (5) فقالوا عبد الله الصالح فقلنا لسعيد (6) خضر؟ قال نعم لا يحملونه بأجر فخرقها ودق فيها وتدا، قال موسى أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا) قال قال مجاهد (7) نكرا (قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا) وكانت الأولى نسيانا (8) والثانية شرطا والثالثة عمدا (قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا) (9) فلقيا غلاما فقتله، قال يعلى بن مسلم (10) قال سعيد بن جبير وجدا غلمانا يلعبون فأخذ غلاما كافرا كان ظريفا فأضجعه ثم ذبحه بالسكين (قال أقتلت نفسا زكية) (11) لم تعمل بالحنث فانطلقا (فوجدا جدارا يريد أن ينقض (12) فأقامه) قال سعيد بيده هكذا ورفع يده فاستقام قال يعلى فحسبت أن سعيدا قال فمسحه بيده فاستقام (13) (قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا) قال سعيد أجرا نأكله (14) قال

_ أو كانت تحيتهم غيره (1) أي جميعه (2) أي جميعه، قال الحافظ وتقدير ذلك متعين، لأن الخضر كان يعرف من الحكم الظاهر ما لا غنى بالمكلف عنه، وموسى كان يعرف من الحكم الباطن ما يأتيه بطريق الوحي (3) يعني من البحر كما جاء في رواية البخاري (4) المعابر جمع معبر كمنبر وهي السفن الصغار (5) أي أهل المدينة عرفوا الخضر (6) يحتمل أن يكون القائل يعلى بن مسلم، وسعيد هو ابن جبير (وقوله خضر) أي هو خضر (7) يعني فيما رواه ابن جريج عنه في قوله إمرا قال (نكرا) بدل إمرا، ووصله عبد بن حميد من طريق ابن أبي نجيح عنه مثله، قيل ولم يسمع ابن جريج من مجاهد (8) أي نسيانا من موسى حتى قال لا تؤاخذني بما نسيت (والثانية شرطا) حيث قال إن سألتك عن شيء بعدها (والثالثة عمدا) أي حيث قال لو شئت لاتخذت عليه أجرا (9) أي لا تشدد على (10) يعني بالإسناد السابق (11) بحذف الألف والتشديد وهي قراءة ابن عامر والكوفيين زاد عند البخاري (بغير نفس) لم تعمل بالحنث بالحاء المهملة المكسورة والنون الساكنة لأنها لم تبلغ الحلم وهو تفسير لقوله زكية أي قتلت نفسا زكية لم تعمل الحنث بغير نفس (12) أي يسقط والإرادة هنا على سبيل المجاز (وقوله قال سعيد) يعني من رواية ابن جريج عن عمرو بن دينار عنه (بيده هكذا) أي أشار إليه بيده وهو من إطلاق القول على الفعل وهذا في كلام العرب كثير أي مسحه الخضر بيده (13) جاء في كيفية إقامة هذا الجدار أقوال كثيرة، والذي دل عليه القرآن الإقامة لا الكيفية، وأحسن هذه الأقوال أنه مسحه أو دفعه بيده فاعتدل لأن ذلك أليق بحال الأنبياء وكرامات الأولياء إلا أن يصح عن الشارع أنه هدمه وبناه فيصار إليه (14) معناه أنك قد علمت أننا جياع وأن أهل القرية لم يطعمونا فكان ينبغي أن لا نعمل لهم مجانا بل تأخذ على عملك هذا أجرا نستعين به على الطعام الذي نأكله، وإنما قال موسى ذلك لأنه كان حصل له جهد كبير من فقد الطعام، عند ذلك، قال له الخضر كما جاء في كتاب الله عز وجل (قال هذا فراق بيني وبينك) أي هذا وقت فراق بيني وبينك وقيل هذا الإنكار على ترك أخذ الأجر هو المفرق بيننا، وقيل إن موسى أخذ بثوب الخضر وقال

-[تابع قصة موسى مع الخضر عليهما السلام]- وكان يقرؤها (وكان وراءهم) (1) وكان ابن عباس يقرؤها (وكان أمامهم (2) ملك) يزعمون (3) عن غير سعيد انه قال هذا الغلام المقتول يزعمون أن اسمه جيسور (4) قال {يأخذ كل سفينة غصبا} (5) وأراد إذا مرت به أن يدعها لعيبها فإذا جاوزوا أصلحوها فانتفعوا بها بعد، منهم من يقول سدوها بقارورة، ومنهم من يقول بالقار (6) وكان أبواه (7) مؤمنين) وكان كافرا {فخشينا أن يرهقهما طغيانا وكفرا} فيحملهما حبه على أن يتابعاه على دينه (8) {فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه (9) زكاة وأقرب رحما} هما به أرحم منهما بالأول الذي قتله خضر وزعم غير سعيد أنهما قالا جارية (10) وأما داود بن أبي عاصم (11) فقال عن غير واحد إنها جارية (12) وبلغني عن سعيد بن جبير أنها جارية ووجدته في كتاب أبي (13) عن يحيى بن معين عن هشام بن يوسف مثله (ز) (حدثنا عبد الله) (14) حدثني أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ثنا عبيد الله بن موسى عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال كنا عنده (15) فقال القوم أن نوفا الشامي (16) يزعم أن الذي ذهب يطلب العلم ليس موسى بني إسرائيل، وكان بن عباس متكئا فاستوى جالسا فقال

_ أخبرني بمعنى ما عملت قبل أن تفارقني فقال الخضر (سأنبئك بتأويل ما لم تستطع عليه صبرا، أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر فأردت أن أعيبها وكان وراءهم ملك الآية (1) هذه القراءة هي الموافقة للمصحف الإمام (2) هذه قراءة شاذة مخالفة للمصحف لكنها مفسرة كقوله من ورائه جهنم، والآية دالة على أن معنى وراء أمام، لأنه لو كان بمعنى خلف كانوا قد جاوزوه فلا يأخذ سفينتهم (3) القائل يزعمون هو ابن جريج (4) بجيم مفتوحة فتحتية ساكنة فسين مهملة وبعد الواو الساكنة راء (5) في قراءة أبيّ كل سفينة صالحة غصبا رواه النسائي، وكان أبن مسعود يقرأ كل سفينة صحيحة غصبا (6) هو الزفت والقارورة فاعوله من القار أيضًا (7) يعني وأما الغلام فكان أبواه الخ (8) هذه الجملة تفسير لقوله {فخشينا أن يرهقهما طغيانًا وكفرا} (9) أي يرزقهما بدله ولدًا خيرًا منه (زكاة) أي طهارة من الذنوب والأخلاق الرديئة (وأقرب رحما) فسره بقوله (هما) أي الأبوان (به) أي بالولد الذي سيرزقانه أرحم منهما بالأول الذي قتله خضر (10) أي مكان المقتول فولدت نبيًا من الأنبياء رواه النسائي، ولابن أبي حاتم عن طريق السدى قال ولدت جارية فولدت نبيًا وهو الذي كان بعد موسى، فقالوا له أبعث لنا ملكًا نقاتل في سبيل الله، واسم هذا النبي شمعون واسم أمه حنة، وفي تفسير ابن الكلى ولدت جارية ولدت عدة أنبياء فهدى الله بهم أممًا، وقيل عدة من جاء من ولدها من الأنبياء سبعون نبيًا، وعند ابن مردوية من حديث أبي بن كعب أنها ولدت غلامًا لكن إسناده ضعيف كما قال الحافظ في الفتح (11) القائل وأما داود بن أبس عاصم، هو ابن جريج (12) هذا هو المشور، وروى مثله عن يعقوب أبي داود مما رواه الطبري، وقال ابن جريج لما قتله الخضر كانت أمه حاملًا بغلام مسلم ذكره ابن كثير وغيره (13) القائل ووجدت في كتاب أبى إلى أخر الحديث هو عبد الله بن الإمام أحمد (تخريجه) (ق. مذنس) (ز ((14) حدثنا عبد الله) يعني ابن الإمام أحمد وهذا الحديث من زوائده على مسند أبيه (غريبه) (15) القائل كنا عنده هو سعيد بن جبير يقول كنا عند ابن عباس (16) هكذا جاء في هذه الرواية (نوفا الشامي: وفي أكثر الروايات البكالي وتقدم الكلام على نسبة وضبطه في الحديث السابق ولا منافاة

-[تابع قصة موسى مع الخضر عليهما السلام]- كذلك يا سعيد؟ قلت نعم أنا سمعته يقول ذاك، فقال بن عباس كذب نوف (1) حدثني أبيّ بن كعب انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول رحمة الله علينا وعلى صالح، رحمة الله علينا وعلى أخي عاد (2) ثم قال أن موسى عليه السلام بينا هو يخطب قومه ذات يوم إذ قال لهم ما في الأرض أحد أعلم منى (3) وأوحى الله تبارك وتعالى إليه أن في الأرض من هو أعلم منك وآية ذلك أن تزود حوتا (4) مالحا فإذا فقدته فهو حيث تفقده (5) فتزود حوتا مالحا فانطلق هو وفتاه حتى إذا بلغ المكان الذي أمروا به فلما انتهوا إلى الصخرة (6) انطلق موسى يطلب ووضع فتاه الحوت على الصخرة واضطرب {فاتخذ سبيله في البحر سربا} (7) قال فتاه إذا جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم حدثته فأنساه الشيطان فانطلقا فأصابهم ما يصيب المسافر من النصب (8) والكلال ولم يكن يصيبه ما يصيب المسافر من النصب والكلال (9) حتى جاوز ما أمر به (10) فقال موسى لفتاه {آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا} (11) قال له فتاه يا نبي الله {أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت} أن أحدثك {وما أنسانيه إلا الشيطان} {فاتخذ سبيله في البحر سربا} (12) {قال ذلك ما كنا نبٍغ} فرجعا على آثارهما قصصا يقصان الأثر حتى إذا انتهيا إلى الصخرة فأطاف بها فإذا هو مُسجى (13) بثوب له فسلم عليه فرفع رأسه فقال له من أنت؟ قال موسى، قال من موسى؟ قال موسى بني إسرائيل قال أخبرت (14) أن عندك علما فأردت أن أصحبك {قال إنك لن تستطيع معي صبرا. قال ستجدني إن شاء الله صابرا ولا أعصي لك أمرا، قال فكيف تصبر على ما لم تحط به خبرا} قال قد أمرت أن أفعله {قال ستجدني إن شاء الله صابرا} قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء حتى أحدث لك منه ذكرا، فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة} خرج من كان فيها وتخلف ليخرقها، قال فقال له موسى تخرقها {لتغرق أهلها لقد جئت شيئا إمرا (15) قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبرا؟ قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني (16)

_ بينهما فذاك نسبة إلى ابن بكال وهذا نسبه إلى الإقليم والجهة (1) تقدم الكلام على قوله كذب نوف في شرح الحديث السابق (2) يعني هودًا نبي الله عليه السلام (3) قال ذلك بالنسبة لاعتقاده وإلا فكان الخضر أعلم منه كما صرح في الحديث (4) الحوت السمكة (5) معناه إنك تجد مطلوبك في المكان الذي تفقد فيه الحوت (وتفقده) بكسر القاف أي يذهب منك (6) هي صخرة عند مجمع البحرين في المكان الذي يطلبه موسى (وقوله انطلق موسى يطلب) أي يطلب الخضر الذي جاء لأجله (7) أي مسلكا وروى عن أبس بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم إنجاب الماء عن مسلك الحوت فصار كوة لم يلتئم (8) أي التعب (9) معناه أنه لم يتأثر من تعب السفر إلا هذه المرة (10) قال الإمام البغوي وذلك أن يوشع حين رأى ذلك من الحوت قام ليدرك موسى فيخبره فنسي أن يخبره فمكثا يومهما حتى صليا الظهر من الغد (11) أي تعبا وشدة وذلك أنه ألقى على موسة الجوع بعد مجاوزة الصخرة ليتذكر الحوت ويرجع إلى مطلبه فقال له فتاه وتذكر أرأيت إلى الصخرة إلخ (12) هذه حكاية يوشع يحكى لموسى ما حصل من الحوت (13) يعني الخضر (مسجي) المسجي المغطى (14) قال يعني موسى قال للخضر أخبرت الخ (15) أي منكرا والأمر في كلام العرب الداهية واصله كل شيء شديد كثير وقال قتادة عجبًا (16) أي لا تشدد

-[تابع قصة موسى مع الخضر عليهما السلام]- أمري عسرا، فانطلقا حتى إذا أتوا على غلمان يلعبون على ساحل البحر وفيهم غلام ليس في الغلمان غلام أنظف يعنى منه فأخذه فقتله فنفر موسى عليه السلام عند ذلك وقال {أقتلت نفسا زكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا (1) قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبرا، قال فآخذته ذمامة (2) من صاحبه واستحى فقال {إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا فانطلقا) حتى إذا أتيا أهل قرية {لاما استطعما أهلها} وقد أصاب موسى عليه السلام جهد فلم يضيفوهما {فوجدا فيها جدارا يريد أن ينقض فأقامه} قال له موسى مما نزل بهم من الجهد {لو شئت لاتخذت عليه أجرا قال هذا فراق بيني وبينك} فأخذ موسى عليه السلام بطرف ثوبه فقال حدثني، فقال {أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر وكان وراءهم ملك (3) يأخذ كل سفينة غصبا} فإذا مر عليها فرآها منخرقة تركها ورقعها أهلها بقطعة خشبة فانتفعوا بها، وأما الغلام فإنه كان طبع يوم طبع كافرا وكان قد ألقى عليه محبة من أبويه ولو أطاعاه لأرهقهما طغيانا وكفرا (4)} فأردنا أن يبدلهما ربهما خيرا منه زكاة وأقرب رحما} (5) ووقع أبوه على أمه فعلقت فولدت منه خيرا منه زكاة (6) وأقرب رحما، وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة (7) وكان تحته كنز لهما

_ على وقيل لا تكلفني مشقة، يقال أرهقته عسرًا أي كلفته فذلك، يقول لا تضيق على أمري وعاملني باليسر ولا تعاملني بالعسر (1) أي منكرًا قال قتادة النكر أعظم من الإمر لأنه حقيقة الهلاك، وفي خرق السفينة كان خوف الهلاك (2) بفتح الذال المعجمة أي استحياء لتكرار مخالفته، زاد المسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند هذا المكان. رحمه الله علينا وعلى موسى، لولا أنه عجل لرأي العجب، ولكنه أخذته من صاحبه ذمامة (3) فيه حذف ولفظ القرآن يعملون في البحر فأردت أن عيبها وكان ملك الخ (4) أي حملهما عليهما وألحقهما بهما والمراد بالطغيان هنا الزيادة في الضلال (5) أي ويكون المبدل منه أقرب منه عطفًا ورحمة بأبويه بأن يبرعما ويشفق عليهما (6) تقدم الكلام على الذي ولدته في شرح الحديث السابق (7) (تفسير هذه الآية) قال الإمام البغوي في تفسيره كان اسم الغلامين أضرهم وصريم (وكان تحته كنز لهما) اختلفوا في ذلك الكنز روى عن أبي الدرداء، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال كان ذهبًا وفضة، وقال عكرمة كان مالًا، وعن سعيد بن جبير كان الكنز صحفًا فيها علم، وعن ابن عباس أنه قال لوحًا من ذهب مكتوب فيه عجبًا لمن أيقن بالموت كيف يفرح، عجبًا لمن أبقى بالحساب كيف يغفل، عجبًا لمن أيقن بالرزق كيف يتعب، عجبًا لمن أيقن بالقدر كيف ينصب، عجبًا لمن أيقن بزوال الدنيا وتقلبها بأهلها كيف يطمئن إليها، لا إله إلا الله محمد رسول الله، وفي الجانب الآخر مكتوب أنا الله لا إله إلا أنا وحدي لا شريك لي خلقت الخير والشر، فطوبى لمن خلقته للخير وأجريته على يديه، وهذا قول أكثر المفسرين، وروى ذلك مرفوعًا، قال الزجاج الكنز إذا أطلق يتصرف إلى كنز المال، ويجوز عند التقييد أ، يقال عنده كنز علم وهذا اللوح كان جامعًا لهما (وكان أبوهما صالحا) قيل كان اسمه كاشح وكان من الآتقياء. قال بن عباس حفظا بصلاح أبيهما، وقيل كان بينهما وبين الأب الصالح سبعة أباه: قال محمد ابن المنكدر أن الله يحفظ بصلاح العبد ولده وولد ولده وعترته وعشيرته وأهل دويرات حوله، فما يزالون في حفظ الله ما دام فيهم، وقال سعيد بن المسيب أني لأصلي فأذكر ولدي فأزيد في صلاتي (فأراد

-[قوله عز وجل (قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي)]- وكان أبوهما صالحا فأراد ربك أن يبلغا أشدهما ويستخرجا كنزهما رحمة من ربك وما فعلته عن أمري ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرا (باب قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني الآية) (وعن ابن عباس) (1) عن أبي 342 ابن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأ (لقد بلغت من لدني عذرا) يثقلها (2) (وعنه أيضًا) (3) عن أبي 343 ابن كعب قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا لأحد بدأ بنفسه فذكر ذات يوم موسى فقال رحمه الله علينا وعلى موسى، لو كان صبر لقص الله تعالى علينا من خبره ولكن قال (إن سألتك عن شيء بعدها (4) فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا) (باب قل لو كان البحر مدادًا لكلمات ربي الآية) (عن ابن عباس) (5) قال قالت قريش ليهود أعطونا شيئا نسأل عنه هذا الرجل فقالوا سلوه عن الروح فسألوه فنزلت (ويسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي وما أوتيتم من العلم إلا قليلا) قالوا أوتينا علما كثيرا، أوتينا التوراة، ومن أوتي التوراة فقد أوتي خيرا كثيرا فأنزل الله عز وجل (قل لو كان البحر مدادا لكلمات ربي لنفد البحر) (سورة مريم) (باب يا أخت هارون) (وعن المغيرة بن شهبة) (6) قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى نجران (7) قال فقالوا أرأيت ما تقرءون 345

_ ربك أن يبلغا أشهدهما) أي يبلغا ويعقلاه، وقيل أن يدركا شدتهما وقوتهما، وقيل ثماني عشرة سنة (ويستخرجا) حينئذ (كنزهما رحمة) نعمة (من ربك وما فعلته عن أمري) أي باختياري ورأيي بل فعلته بأمر الله والهامه (ذلك تأويل ما لم تسطع عليه صبرًا) أي لم تطق عليه صبرًا واستطاع واسطاع بمعنى واحد، وروى أن موسى لما أراد أن يفارقه قال له أوصني، قال لا تطلب العلم للتحدث به واطلبه لتعمل به اهـ (قلت) واختلف العلماء في أمر الخضر هل هو نبي أو ولي وهل هو حي أو ميت وسيأتي الكلام عليه في باب ذكر الخضر والياس من كتاب أحاديث الأنبياء إن شاء الله تعالى والله الموفق (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو عبد الله العنبري حدثنا أمية بن خالد حدثنا أبو الجارية العمدي عن شعبة عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) أي يثقل النون من لدني قال الإمام البغوي في تفسيره قرأ أبو جعفر ونافع وأبو بكر من لدني خفيفة النون، وقرأ الآخرون بتشديدها، قال ابن عباس أي قد أعذرت فيما بيني وبينك، وقيل قد عذروني أنى لا أستطيع معك صبرا، وقيل اتضح لك العذر في مفارقتي (تخريجه) ابن جرير والبغوي (3) (سنده) حدثنا يحيى بن أدم حدثنا حمزة بن حبيب الزيات عن أبي إسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (4) (التفسير) أي أن اعترضت عليك بشيء بعد هذه المرة (فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا) أي أعذرت إلى مرة بعد مرة (تخريجه) (م) والطبري والبغوي في تفسيريهما (باب) (5) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في تفسير وتخريجه في تفسير قوله عز وجل (ويسألونك عن الروح من سورة الإسراء في هذا الجزء صحيفة 169 رقم 332 فأرجع إليه (باب) (6) (سنده) حدثنا عبد الله بن ادرسي قال سمعت أبي يذكره عن سماك عن علقمة بن وائل عن المغيرة بن شعبة الخ (غريبه) (7) بفتح النون وإسكان الجيم وهي بلدة معروفة كانت منزلا للأنصار، وهي بين مكة واليمن على سبع مراحل من مكة، قال في المهذب وأما نجران فليست من الحجاز ولكن صالحهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا يأكلوا الربا

-[(سورة مريم) قوله عز وجل (يا أخت هارون) الآية]- (يا أخت هارون) (1) وموسى قبل عيسى بكذا وكذا (2) قال فرجعت فذكرت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألا أخبرتهم أنهم كانوا يسمون بالأنبياء والصالحين قبلهم (3) (باب وما نتنزل إلا بأمر ربك) 346 (عن ابن عباس) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجبريل ما يمنعك أن تزورنا (5) أكثر مما تزورنا؟ فنزلت (وما نتنزل إلا بأمر ربك (6) له ما بين أيدينا وما خلفنا وما بين ذلك وما كان ربك نسيا) قال وكان ذلك الجواب لمحمد صلى الله عليه وسلم (باب وأن منكم إلا واردها) (عن أم مبشر) (7) أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم عند حفصة يقول لا يدخل النار أن شاء الله (8) من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها (9) فقالت بلى يا رسول الله

_ فأكلوه ونقضوا العهد فأمر بإخراجهم فاجلاهم عمر رضي الله عنه (قال النووي) وهذا الذي قاله في المهذب هو الصواب، قال ونجران مذكورة في باب عقد الذمة في المهذب من قوله صلى الله عليه وسلم أخرجوا اليهود من الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب أهـ (1) بقية الآية (ما كان أبوك أمرأ سوء وما كانت أمك بغيا) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره أي يا شبيهة هارون في العبادة أنت من بيت طيب طاهر معروف بالصلاح والعبادة والزهادة فكيف صدر هذا منك؟ قال علي بن طلحة والسدى قيل لها أخت هارون أي أخي موسى وكانت من نسله كما يقال للتميمي يا أخا تميم وللمضرى يا أخل مضر، وقيل نسبت إلى رجل صالح كان فيهم اسمه هارون فكانت تتأسى به في الزهادة والعبادة اهـ (2) أي من طول الزمان مالا يمكن أن تكون مريم أختا لهرون أخى موسى (3) يعني أن هارون المذكور في قوله تعالى (يا أخت هارون) ليس هو هارون النبس أخا موسى بل المراد بهارون هذا رجل أخر مسمى بهرون لأنهم كانوا يسمون أولادهم بأسماء الأنبياء والصالحين قبلهم (تخريجه) (م نس مذ) (باب) (4) (سنده) حدثنا عبد الرحمن (يعني ابن مهدي) عن ابن ذر عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (5) أي ما يمنعك أن تجيئا وتتنزل علينا أكثر من ذلك، قيل سبب ذلك احتباس الوحي عنه صلى الله عليه وسلم أكثر من عادته (6) (والتفسير) (وما تتنزل إلا بأمر ربك) أي قال عز وجل قل يا جبريل وما تتنزل وقتا غب وقت إلا بإذن الله على ما تقتضيه حكمته (له ما بين أيدينا) قيل المراد به امر الدنيا (وما خلفنا) أمر الآخرة (وما بين ذلك) ما بين النفختين (قال الحافظ ابن كثير) هذا قول أبي العالية وعكرمة ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة في رواية عنهما والسدى والربيع بن أنس وقيل (ما بين أيدينا) ما يستقبل من أمر الآخرة (وما خلفنا) أي ما مضى من الدنيا (وما بين ذلك) أي ما بين الدنيا والآخرة يروي نحوه عن ابن عباس وسعيد بن جبير والضحاك وقتادة وابن جريج والنووي واختاره ابن جرير أيضًا (وما كان ربك نسيا) قال مجاهد والسدى معناه ما نسيك ربك، وقال وهذه الآية كالتي في الضحى يعني (والضحى والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى) (تخريجه) (خ نس مذ) (باب) (7) (سنده) حدثنا حجاج قال أخبرني ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا (يعني ابن عبد الله) قال حدثتني ام مبشر أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند حفصة يقول إلخ (غريبه) (8) قال العلماء لا يدخلها أحد منهم قطعًا كما صرح بذلك في أحاديث أخرى ستأتي في باب مناقب من شهد بدراو الحديبية من كتاب المناقب وإنما قال إن شاء الله للتمرك لا للشك (9) يعني بيعة الرضوان التي قال الله تعالى فيها (لقد رضي الله

-[تفسير قوله عز وجل (وإن منكم إلا واردها) وكلام العلماء في ذلك]- فانتهرها فقالت حفصة وإن منكم إلا واردها فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد قال الله عز وجل ثم ننجي الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا) (عن أبي سمية) (3) قال اختلفنا في الورود فقال بعضنا لا يدخلها مؤمن، وقال بعضنا يدخلونها جميعا ثم ينجي الله الذين اتقوا، فلقيت جابر بن عبد الله رضي الله عنهما فقلت له إنا اختلفنا في ذلك الورود فقال بعضنا لا يدخلها مؤمن، وقال بعضنا يدخلونها جميعا فأهوى بأصبعيه إلى أذنيه وقال صمتا إن لم أكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الورود الدخول، لا يبقى بر ولا فاجر إلا دخلها (4) فتكون على المؤمن بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيم حتى إن للنار أو قال لجهنم ضجيجا من بردهم: ثم ينجي الله الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا (حدثنا عبد الرحمن بن مهدي) عن شعبة عن السدى عن مُرَّة عن عبد الله 349 (يعني ابن مسعود) (وإن منكم إلا واردها) قال يدخلونها أو يلجونها ثم يصدرون منها بأعمالهم: قلت له إسرائيل حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم؟ (6) قال نعم هو عن النبي صلى الله عليه وسلم أو كلا ما هذا معناه (7)

_ عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة) وكانت بالحديبية وكان المبايعون وأربعمائة وقيل خمسمائة وبايعوا على الموت وعلى أن لا يفروا، وسيأتي تفصيل ذلك في الغزوات إن شاء الله تعالى (1) قال النووي أما قول حفصة بلى وانتهار النبي صلى الله عليه وسلم لها فقالت وان منكم إلا واردها فقال النبي صلى الله عليه وسلم وقد قال ثم ننجي الذين اتقوا، فيه دليل للمناظرة والاعتراض والجواب على وجه الاسترشاد وهو مقصود حفصة لا أنها أرادت رد مقالته صلى الله عليه وسلم، والصحيح أن المراد بالورود في الآية على الصراط وهو جسر منصوب على جهنم فيقع فيها أهلها وينجوا الآخرون (2) (التفسير) اختلف العلماء في معنى الورود فقيل الدخول وهو مروي عن علي وابن عباس والجمهور، فتكون على المؤمنين الطائعين بردًا وسلامًا كما كانت على إبراهيم، وصحح النووي أن المراد بالورود في الآية المرور على الصراط، وهو قول الحسن وقتادة، وقيل غير ذلك والله أعلم (كان على ربك حتمًا مقضيًا) أي كان ورود جهنم قضاءًا لازمًا قضاه الله تعالى عليكم (ثم ننجي الذين اتقوا) أي الشرك وهم المؤمنون (ونذر الظالمين فيها جثيا) أي جميعا وقيل جاثين على الركب، احتج بهذا القائلون بأن معنى الورود الدخول لأنه قال ونذر: ولم يقل وندخل ومذهب أهل السنة أن صاحب الكبيرة قد يعاقب بقدر ذنبه ثم ينجو لا محالة، وقالت المرجتة الخبيثة لا يعاقب لأن المعصية لا تضر مع الإسلام عندهم، وقالت المعتزلة يخلد العاصي، وكلا المذهبين فاسد حجوج بالأدلة القاطعة وهي معلومة لا نطيل بذكرها والله أعلم (تخريجه) (م) (3) (سنده) حدثنا سليمان بن حرب ثنا غالب بن سليمان أبو صالح عن كثير بن زياد البرساني عن أبي سمية الخ (غريبه) (4) هذا نص صريح في أن المراد بالورود الدخول وهو حجة للقائلين بذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات قال ولجابر في الصحيح في الورود شيء موقوف غير هذا (5) (حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي الخ) (غريبه) (6) معناه ان عبد الرحمن بن مهدي قال لشعبه إن إسرائيل روى هذا الحديث عن السدى مرفوعًا إلى النبس صلى الله عليه وسلم (7) يعني أن شعبه اعترف برفعه، أما حديث إسرائيل المشار إليه فقد رواه الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن مهدي عن إسرائيل عن السدى عن مرة عن عبد الله (وان منكم إلا واردها) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرد الناس النار كلهم ثم يصدرون عنها بأعمالهم (زاد الترمذي*

-[كلام العلماء في معنى الورود وتفسير قوله تعالى (أفرأيت الذي كفر بآياتنا) الآية]- (باب أفرأيت الذي كفر بآياتنا وقال لأوتينّ مالًا وولدا) (عن مسروق) (1) قال قال حبّاب بن الأرتّ (2) كنت قَيْنًا (3) بمكة فكنت أعمل للعاص بن وائل (4) فاجتمعت لي عليه دراهم فجئت أتقاضاه (5) فقال: لا أقضينك حتى تكفر بمحمد. قال: قلت والله لا أكفر بمحمد حتى تموت ثم تبعث (6) قال فإذا بعثت كان لي مال وولد (وفي لفظ مال فضحك ثم قال سيكون لي ثم (7) مال وولد فأعطيك حقك) قال فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى (أفرأيت (8) الذي كفر بآياتنا وقال لأوتين مالا وولدا حتى بلغ فردا

_ والحاكم (فأولهم كلمح البصر ثم كحُضر الفرس) أي جريه الشديد (ثم كالراكب في رحله ثم كشد الرجل (أي عدوه) ثم كمشيه (أي المعتاد) (تخريجه) (مذك حق ي) وابن أبي حاتم وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (هذا وقد ذكر العلماء) في معنى الورود أقوالًا كثيرة أصحها قولان الدخول والجواز على الصراط، قال الحافظ ولا تنافي بينهما كأن من عبر بالدخول تجوز به عن المرور، ووجهه أن المار عليها فوق الصراط في معنى من دخلها، لكن تختلف أحوال المارة باختلاف أعمالهم، فأعلاهم درجة من يمر كلمح البرق ويؤيد صحة هذا التأويل ما رواه مسلم من حديث أم مبشر فذكره (قلت) تقدم أول الباب (قال وفي هذا بيان ضعف من قال الورود مختص بالكفار، ومن قال معنى الورود الدنو منها، ومن قال معناه الإشراف عليها والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الرازق أنا سفيان عن الأعمش عن أبس الضحى عن مسروق (يعني ابن الأجداع) الخ (غريبه) (2) بفتح الراء وتشديد الفوقية 03) بفتح القاف وسكون التحتية أي حداد (4) هو والد وتشديد الفوقية (3) بفتح القاف وسكون التحتية أي حداد (4) هو والد عمر بن العاص الصحابي المشهور وكان له قدر في الجاهلية ولم يوفق للإسلام (5) جاء في رواية البخاري فعملت للعاص بن وائل سيفًا فجئت أتقاضاه (6) مفهومه أنه يكفر حينئذ لكنه لم يرد ذلك لأن الكفر حينئذ لا يتصور فكأنه قال لا أكفر أبدًا: والنكتة في تعبيره بالبعث تعبير العاص بأنه لا يؤمن به، زاد في رواية البخاري والترمذي قال وأني لميت ثم مبعوث. فقلت نعم، فقال أن لي هناك مالا وولدا فأقضيك (7) بفتح المثلثة وتشديد الميم أي هناك (8) (التفسير) (أفرأيت) لما كان مشاهدة الأشياء ورؤيتها طريقًا إلى الإحاطة بها علما وإلى صحة الخير عنها استعملوا أرأيت في معنى أخبره والتاء جاءت لإفادة معناها الذي هو التعقيب كأنه قال أخبر أيضًا بقصة هذا الكافر عقب قصة أولئك المذكورين قبل هذه الآية والتاء بعد همزة الاستفهام عاطفة على مقدر أي انظرت فرأيت (الذي كفر) يعني العاص بن وائل (بآياتنا) أي بالقرآن (وقال لأوتين) أي (أعطين مالًا وولدا) يعني في الجنة بعد البعث (اطلع الغيب) قال ابن عباس معناه انظر في اللوح المحفوظ، وقيل اعلم علم الغيب حتى يعلم في الجنة أم لا (أم اتخذ عند الرحمن عهدا) يعني قال لا إله الله محمد رسول الله، وقيل يعني عمل عملًا صالحًا قدمه، وقيل عهد إليه أن ديخله الجنة (كلا) ردُّ عليه أي لم يحصل ذلك (سنكتب ما يقول) أي سنحفظ عليه ما يقول فنجازيه به في الآخرة، وقيل يأمر الملائكة حتى يكتبوا ما يقول (ونمد له من العذاب مدا) أي نزيده بذلك عذابًا فوق عذاب كفره (ونرثه ما يقول) أي نزوي عنه ما زعم أ، هـ يناله في الآخرة: والمعني مُسَمّى ما يقول وهو المال والولد (ويأتينا) يوم القيامة (فردا) حال أي بلا مال ولا ولد، كقوله تعالى (ولقد جئتمونا فرادى) فما يجدي عليه تمنيه

-[تفسير قوله عز وجل (يوم نحشر إلى الرحمن وفدا) وقوله (يا أيها الناس) أول سورة الحج]- (باب يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا) (ز) (عن النعمان بن سعد) (1) قال كنا جلوسا عند علي رضي الله عنه فقرأ هذه الآية (يوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا) قال لا والله ما على أرجلهم يحشرون ولا يحشر الوفد على أرجلهم، ولكن بنوق لم ير الخلائق مثلها، عليها رحائل من ذهب فيركبون عليها حتى يضربوا أبواب الجنة (سورة الحج) (باب يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شيء عظيم) الخ الآيتين (عن عمران حصين) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال وهو في بعض أسفاره (5) وقد تفاوت بين أصحابه السير) رفع بهاتين الآيتين صوته (يا أيها الناس اتقوا ربكم أن زلزلة الساعة شيء عظيم يوم ترونها تذهل) حتى بلغ الآيتين (7) قال لما سمع أصحابه بذلك ----- وتأليه (تخريجه) (ق نس مذ) (باب) (1) (سنده) قال عبد الله بن الإمام أحمد حدثني سويد ابن سعبد أخبرنا على بن مسهر عن عبد الرحمن بن إسحاق حدثنا النعمان بن سعد قال كنا جلوسا الخ (2) (التفسير) (وفدا) أي جماعات جمع وافد مثل ركب وراكب وصحب وصاحب، قال ابن عباس ركبانا، وقال أبو هريرة على الإبل، وقال علي بن أبي طالب ما يحشرون والله على أرجلهم ولكن على نوق رحالها الذهب ونجانب جمع نجيب وهو الفاضل من كل حيوان، سُرُجها بواقيت أن هموا بها صارت وان هموا بها طارت (3) جمع رحل وهو للبعير كالسرج للفرس (وقد ذكر الحافظ ابن كثير) في تفسيره معنى الآية والتي بدعها فقال يخبر تعالى عن أوليائه المتقين الذين خافوه في الدار الدنيا واتبعوا رسله وصدقوهم فيما أخبروهم وأطاعوهم فيما أمروهم به وانتهوا عما عنه زجروهم انه (يحشرهم يوم القيامة وفدا) إليه والوفد هم القادمون ركبانًا ومنه الوفود، وركبوهم على نجائب من نور من مراكب الدار الأخرى وهم قادمون على خير موفود إليه إلى دار كرامته ورضوانه، وأما المجرمون المكذبون للرسل المخالفون لهم فإنهم (ليساقوا عنفًا إلى النار وردا) عطاشًا قاله عطاء وابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة وغير واحد، وها هنا يقال (أي الفريقين خير مقاما وأحسن نديا) اهـ (قلت) نديًا بمعنى النادي وهو مجتمع القوم يتحدثون فيه والظاهر أن هذه المزبة لمن لم يدخل النار من المؤمنين (تخريجه) الحديث في إسناده عبد الرحمن بن إسحاق وهو ضعيف، وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه لعبد الله بن الإمام أحمد وابن جرير وابن أبي حاتم، وأورده الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لابن أبي شيبة وابن المنذر وابن مردويه والحاكم وصححه والبيهقي في البعث وقال الحاكم في المستدرك صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) وتعقبه الذهبي فقال بل عبد الرحمن هذا لم يرو له مسلم ولا لخاله النعمان وضعفوه (باب) (4) (سنده) حدثنا يحيى عن هشام ثنا قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين الخ (غريبه) (5) جاء في رواية أخرى لعمران بن حصين أيضًا وأبي سعيد وغيرهما أن هاتين الآيتين نزلتا في غزوة بني المطصلق ليلا (6) أي وقع التفاوت والبعد (7) تكملة الآيتين (يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت، وتضع كل ذات حمل حملها: وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد) (التفسير) قال الإمام البغوي في تفسير قوله عز وجل (يا أيها الناس اتقوا ربكم) أي أحذروا عقابه بطاعته (أن زلزلة الساعة شيء عظيم) والزلزلة والزلزال شدة الحركة على الحالة الهائلة، واختلفوا في هذه الزلزلة فقال علقمة

-[تفسير الآيتين من أول سورة الحج وفيه فضل الآمة المحمدية]- حثو المضى (1) وعرفوا أنه عند قول يقوله (2) فلما تأشبوا حوله قال أتدرون أي يوم ذاك؟ قال ذلك يوم ينادى ادم فيناديه ربه تبارك وتعال يا أدم ابعث بعثا (3) إلى النار فيقول يا رب ما بعث النار؟ قال من كل ألف تسعمائة وتسعين (4) في النار وواحد في الجنة، قال: فأبلس (5) أصحابه، حتى ما أوضحوا بضاحكة (6) فلما رأى ذلك قال أعملوا وبشروا فو الذي نفس محمد بيده إنكم لمع خليقتين (7) ما كانتا مع شيء قط إلا كثرتاه (8) يأجوج ومأجوج ومن هلك من بني آدم وبني إبليس، قال فأسري (9) عنهم ثم قال اعملوا وبشروا فو الذي نفس محمد بيده ما أنتم في الناس إلا كالشامة (10) في جنب البعير أو الرقمة (11) ----- والشعبي هي من أشراط الساعة وقيام الساعة، وقان للحسن والسدى هذه الزلزلة تكون بيوم القيامة وقال ابن عباس زلزلة الساعة قيامها فتكون معها (يوم ترونها) يعنى الساعة وقيل الزلزلة (تذهل) قال ابن عباس تشغل وقيل تنسى، يقال ذهلت عن كذا إذا تركته واشتغلت بغيرة عنه (كل مرضعة عما أرضعت) أي كل امرأة معها ولد ترضعه، يقال امرأة مرضع بلاهاه. إذا أريد به الصفة مثل حائض وحامل، فإذا أريد به الفعل ادخلوا الها. (وتضع كل ذات حمل حملها) أي تسقط ولدها من هول ذلك اليوم، قال الحسن تذهل المرضعة عن ولدها بغير نظام، وتضع الحامل ما في بطنها بغير تمام، وهذا يدل على أن هذه الزلزلة تتكون في الدنيا لأن بعد البعث لا يكون حمل، ومن قال تكون في القيامة قال هذا على وجه تعظيم الأثر لا على حقيقته كقولهم أصابنا أمر يشيب منه الوليد يريد به شدته (وترى الناس سكارى وما هم بسكارى) قرأ حمزة والكسائي سكرى وما هم بسكرى بلا ألف وهما لغتان في جمع السكران مثل كسلى وكسالى، قال الحسن معناه وترى الناس سكارى من الخوف وما هم بسكارى من الثواب، وقيل معناه وترى الناس كأنهم سكارى (ولكن عذاب الله شديد) (1) بفتح الميم وكسر الطاء المهملة وتشديد الياء التحتية أي حضوها والمطى جمع مطية وهي الدابة تمطو في سيرها أي تجد وتسرع (2) أي يريد أن يقول قولا (وقوله فلما تأشبوا) أي اجتمعوا والتفوا حوله (3) بفتح الموحدة وسكون المهملة قال الحافظ البعث بمعنى المبعوث، وأصلها في السرايا التي سيبعثها الأمير إلى جهة من الجهات للحرب وغيرها ومعناها هنا مّيَّز أهل النار عن غيرهم، وإنما خص بذلك آدم لكونه والد الجميع ولكونه كان قد عرف أهل السعادة من أهل الشقاوة: فقد رآه النبي صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء وعن يمينه أسودة وعن شماله أسودة الحديث (4) هكذا بالأصل (وتسعين) ومثله عند البخاري وهو منسوب بفعل مضمر مفهوم من سياق متن الحديث أي تخرج من كل ألف إلخ (5) أي تحيروا ودهشوا لما اعتراهم من الحزن والخوف (6) أي ما تبسموا، والضواحك الأسنان التي تظهر عند التبسم (7) أي مخلوقتين (8) من التكثير أي جعتله كثيرًا (9) هكذا بالأصل (فأسرى) وعند الترمذي وغيره (فسُرَّى) وهو الظاهر أي كشف وأزيل ما اتعراهم من الشدة والكرب (10) قال في القاموس الشامة علامة تخالف البدن الذي هي فيه جمعة شام وشامات، والشامة أثر أسود في البدن وفي الأرض (11) بسكون القاف قال في النهاية الرقمة هنا الهنة الناتئة في ذراع الدابة من داخل، وهما رقمتان في ذراعيها أهـ وجاء عند البخاري ثم أنتم في الناس كالشعرة السوداء في جنب الثور الأبيض، أو كالشعرة البيضاء في جنب الثور الأسود (تخريجه) (مذ نس ك) وصححه الترمذي والحاكم وأقره الذهبي، وروى البخاري نحوه من حديث أبي سعيد الخدري

-[قوله تعالى (ومن يرد فيه بالحاد بظلم) وقوله (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا)]- في ذراع الدابة (باب ومن يرد فيه بالحاد بظلم) (حدثنا يزيد بن هرون) (1) 353 أنبأنا شعبة عن السدى (2) أنه سمع مُرَّة أنه سمه عبد الله قال لي شعبة ولا أرفعه لك (3) يقول في قوله عز وجل (ومن يرد فيه بإلحاد بظلم) (4) قالوا لو أن رجلًا هَمَّ فيه بالحاد وهو بعدن (5) أبين لأذاقه الله عز وجل عذابًا أليمًا (باب أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا) الآية (عن ابن عباس) 06) قال لما خرج النبي صلى الله عليه وسلم من مكة قال أبو بكر رضي الله أخرجوا نبيهم، إنا 354 لله وإنا إليه راجعون ليهلكنّ، فنزلت (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا إن الله على نصرهم لقدير) (8)

_ (باب) (1) (حدثنا يزيد بن هارون الخ) (غريبه) (2) اسمه إسماعيل بن عبد الرحمن ومرة هو ابن شراحيل الهمداني وعبد الله هو ابن مسعود (3) القائل قال لي شعبة هو يزيد بن هارون يريد أن شعبة قد حكى رفع الحديث عن شيخه، وجاء هذا الحديث نفسه عند ابن حاتم في تفسيره من طريق يزيد بن هارون عن شعبة أيضًا وفي أخره قال شعبة هو (يعني شيخه) رفعة لنا وأنا لا أرفعه لكم قال يزيد هو قد رفعه أهـ (قلت) يعني دق رفعه رواية وأن وقفه رأيا، والرفع زيادة من ثقة فتقبل (4) أول الآية (إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام الذي جعلناه للناس سواء العاكف فيه والباد: ومن يرد فيه بالحاد بظلم من عذاب أليم) (التفسير) (إن الذين كفروا) فيما تقدم (ويصدون عن سبيل الله) أي عن طاعته في الحال (والمسجد الحرام) أي ويصدون عن المسجد الحرام (الذي جعلناه للناس) قبلة لصلاتهم ومنسكًا ومتعبدًا كما قال (وضع للناس) (سواء العاكف فيه والباد) العاكف المقيم فيه والبادي الطاريء المنتاب إليه من غيره سواء في تعظيم حرمته وقضاء النسك فيه، وإليه ذهب مجاهد والحسن وجماعة، وقالوا المراد منه نفس المسجد الحرام: ومعنى التسوية هو التسوية في تعظيم الكعبة وفي فضل الصلاة في المسجد الحرام والطواف بالبيت (ومن يرد فيه بالحاد) أي بهم فيه بأمر فظيع من المعاصي الكبار وقوله (بظلم) أي عامدًا قاصدًا أنه ظلم ليس بمتاول كما قال ابن جريح عن ابن عباس هو التعمد، وقال العوفي عن ابن عباس (بظلم) هو أن تستحل من الحرم ما حرم الله عليك من إساءة أو قتل فتظلم من لا يظلمك وتقتل من لا يقتلك فإذا فعل ذلك فقد وجب له العذاب الأليم كما قال تعالى (نذقه من عذاب أليم) في الآخرة وخبران محذوف لدلالة جواب الشرط عليه تقديره أن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام نذيقهم من عذاب أليم، وكل من ارتكب فيه ذنبًا فهو كذلك، ولذلك قال في حديث الباب (لو أن رجلًا هم فيه بالحاد وهو بعدن أبين لأذاقه الله عز وجل عذابًا أليما (5) عدن بفتح العين والدال المهملتين مدينة معروفة باليمن يقال فيها عدن أبين، قال الحازمي في المؤتلف يقال نسب إلى أبين بن زهير بن أيمن بن الهميسع بن حمير بن سبأ (تخريجه) رواه ابن أبي حاتم في تفسيره وأورده الحافظ الهيثمي وقل رواه (حم عل بز) ورجال أحمد رجال الصحيح (باب) (6) (سنده) حدثنا إسحاق حدثنا سفيان عن الأعمش عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (7) (التفسير) (أذن) قرأ أهل المدينة والبصرة وعاصم أذن بضم الألف والباقون بفتحها أي إذن الله (للذين يقاتلون) قرأ أهل المدينة وابن عامر وحفص يقاتلون بفتح التاء يعني المؤمنين الذين يقاتلهم المشركون، وقرأ الآخرون بكسر التاء يعني الذين أذن لهم بالجهاد.

-[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأمته وفضل العشر الآيات من أول سورة (المؤمنون)]- قال فعرف أنه سيكون قتال، قال ابن عباس هي أول آية نزلت في القتال (1) (سورة المؤمنون) 355 (باب قوله عز وجل قد أفلح المؤمنون الآيات) (عن عبد الرحمن بن القارئَّ) (2) سمعت عمر بن الخطاب يقول كان إذا نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي يُسمع عند وجهه دوّي (3) كدومي النحل فمكثنا ساعة فاستقبل القبلة ورفع يديه فقال: اللهم زدنا (4) ولا تنقصنا، وأكرمنا ولا تهنا، وأعطنا ولا تحرمنا، وآثرنا (5) ولا تؤثر علينا، وارض عنا وأرضنا، ثم قال لقد أنزلت على عشر آيات من أقامهن (6) دخل الجنة ثم قرأ علينا (قد أفلح المؤمنون (7)

_ يقاتلون المشركين، قال المفسرون كان مشركوا أهل مكة يؤذون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يزالون محزونين من بين مضروب ومشجوج ويشكون ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقول لهم أصبروا فإني لم أومر بالقتال حتى هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل هذه الآية، وهي أول آية أذن الله فيها بالقتال (بأنهم ظلموا) يعني بسبب ما ظلموا واعتدوا عليهم بالإيذاء (وأن الله على نصرهم لقدير) فيه وعد من الله بنصر المؤمنين ولا يخلف الله وعده فقد كان ذلك وانتصر المؤمنون (1) قال العوفي عن ابن عباس نزلت في محمد وأصحاب حين أخرجوا من مكة، وقال مجاهد والضحاك وغير واحد من السلف كابن عباس ومجاهد وعروة بن الزبيبر وزيد بن أسلم ومقاتل بن حيان وقتادة وغيرهم هذه أول أية نزلت في الجهاد، واستدل بهذه الآية بعضهم على أن السور مدنية (تخريجه) (نس مذك) وابن جرير وابن حاتم وحسنة الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرني يونس بن سُليم قال أملي على يونس بن يزيد ألابلي عن ابن شهاب عن عروة بن الزبر عن عبد الرحمن بن عبد القاري الخ (غريبه) (3) بفتح الدال المهملة وكسر الواو وتشديد الياء أي سمع قرب وجهه دوى مثل دوى النحل والدوى صوت لا يفهم منه شيء، وهذا الصوت هو صوت جبريل عليه السلام يبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي لا يفهم الحاضرون من صوته شيئًا (4) أي من الخير والترقي وكثرنا (ولا تنقصنا) أي خيرنا ومرتبتنا وعددنا، قال الطيبي عطفت هذه النواهي على الأوامر للمبالغة والتأكيد، وحذف المفعولات للتعميم (5) بمد الهمزة من الإيثار أي اخترنا برحتمك وإكرامك وعنايتك (ولا تؤثر علينا) غيرنا بلطفك وحمايتك وقيل لا تسلط علينا أعداءنا (6) أي حافظ وداوم عليهن وعمل بهن (دخل الجنة) أي دخولا أوليا (التفسير) (قد أفلح المؤمنون) أي قد فازوا وسعدوا وحصلوا على الفلاح. قال ابن عباس قد سعد المصدقون بالتوحيد وبقوا في الجنة وقيل الفلاح البقاء والنجاة (الذين هم في صلاتهم خاشعون) قال ابن عباس مخبتون أذلاء خاضعون وقيل خائفون، وقيل متواضعون، وقيل الخشوع من أفعال القلب كالخوف والرهبة، وقيل هو من أفعال الجوارح كالسكوت وترك الالتفات وغض البصر، وقيل لابد من الجمع بين أفعال القلب والجوارح وهو الأولى: وقيل الخشوع في الصلاة هو جمع الهمة والإعراض عما سوى الله والتدبير فيما يجري على لسانه من القراءة والذكر (والذين عن اللغو معرضون) قال ابن عباس عن الشرك وقيل عن المعاصي؛ وقيل هو كل باطل ولهو ومالا يحمل من القول والفعل، وقيل هو معارضة الكفار بالشتم والسب (والذين للزكاة فاعلون) أي الزكاة الواجبة مؤدون فعبر عن التأدية بالفعل لأنها فعل (والذين هم

-[تفسير العشر الآيات من أول سورة (المؤمنون) وقوله تعالى (والذين يؤتون ما آتوا) الآيتين]- حتى ختم العشر (1) (باب والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة الآية) (عن إسماعيل المكي) (2) قال حدثني أبو خلف مولى بن يجميح أنه دخل مع عبيد بن عمير (3) 356 على عائشة أم المؤمنين في سفينة زمزم ليس في المسجد ظل غيرها فقالت مرحبا وأهلا بأبي عاصم تعني عبيد بن عمير، ما يمنعك أن تزورنا أو تلم بنا؟ فقال أخشى أن أمَّلك، فقالت ما كنت لتفعل، قال جئت أريد أن أسألك عن آية في كتاب الله عز وجل كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها؟ فقالت أية آية؟ فقال (الذين يؤتون ما آتوا (أو) الذين يؤتوا ما أتوا) (4) فقالت أيتهما أحب

_ لفروجهم حافظون) الفروح اسم لسوءة الرجل والمرأة وحفظه التعفف عن الحرام (إلا على أزواجهم) على بمعنى من (أ, ما ملكت أيمانهم) يعني الإماء والجوارى، والآية في الرجال خاصة لأن المرأة لا يجوز لها أن تتمتع بفرج مملوكها (فأنهم غير ملومين) يعني بعدم حفظ فرجه من أمرأته وأمته فأنه لا يلام على ذلك، وأمما لا يلام فيما إذا كان على وجه أذن فيه الشرع دون الإتيان غير المأني وفي حال الحيض والنفاس فأنه محظور ومن فعله فأنه ملوم (فمن ابتغى وراء ذلك) أي النمس وطلب سوى الأزواج والولائد وهن الجوارى المملوكة (فأولئك هم العادون) أي الظالمون المجاوزون الحد من الحلال والحرام (والذين لأمانتهم وعهدهم راعون) أي حافظون يحفظون ما ائتمنوا عليه والعقود التي عاقدوا الناس عليهم يقومون بالوفاء بها وألا كانت (فمنها) ما يكون بين العبد وبين الله تعالى كالصلاة والصوم وغسل الجنابة وسائر العبادات التي أوجبها الله تعالى على العبادات التي أوجبها الله تعالى على العباد فيجب الوفاء بجميعها (ومنها) ما يكون بين العباد كالودائع والصنائع والأسرار وغير ذلك فيجب الوفاء بجميعها (والذين هم على صلواتهم يحافظون) أي يداومون ويراعون أوقاتها أركانها وركوعها وسجودها وسائر شروطها (فإن قلت) كيف كرر ذكر الصلاة أولًا وأخرا (قلت) هما ذكران مختلفان مكررا، وصفهم أولًا بالخشوع في الصلاة وآخرا بالمحافظة عليها (أولئك) يعني أهل هذه الصفة (هم الوارثون) يعني يرثون منازل أهل النار من الجنة، وقيل معنى الوراثة هو أن يؤول أمرهم إلى الجنة وينالوها كما يؤول أمر الميراث إلى الوارث (الذين يرثون الفردوس) هو أعلى الجنة، وثبت في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سألتم الله الجنة فأسالوه الفردوس فأنه أعلا الجنة وأوسط الجنة ومنه تفجر أنهار الجنة نسأل الله أن ليوفقنا للعمل بهذه الآيات: وإن يجعلنا من أهل الفردوس في أعلى الجنات (1) يعني الآيات العشرة التي تقدم تفسيرها (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد والترمذي والنسائي وأورده أيضًا الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لعبد الرازق وعيد بن حميد وابن المنذر والعقيلي والبيهقي في الدلائل وأيضًا في المختارة والحديث جاء في المستدرك للحاكم وصححه وأقره الذهبي (باب) (2) (سنده) حدثنا عفان ثنا صخر بن جويرية قال ثنا إسماعيل المكي الخ (غريبه) (3) قال في التقريب عبيد بن عمير بن قتادة الليثي أبو عاضم المكي ولد عهد النبي صلى الله عليه وسلم قاله مسلم وعده غيره في كبار التابعين وكان قاص أهل مكة مجمع على ثقته مات قبل ابن عمر (4) (التفسير) (الذين يؤتون ما أتوا) يريد السائل أنها يمد الهمزة أو بقصرها، وبقية الآية (وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون) وقد فسر الإمام البغوي رواية المد بقوله

-[كلام علماء القراءات في مد الهمزة وقصرها من قوله تعالى (والذين يؤتوا ما أتوا)]- إليك؟ قال قلت والذي نفسي بيده لإحداهما أحب إلي من الدنيا جميعًا أو الدنيا وما فيها، قالت آيتهما؟ قلت (الذين يؤتون ما أتوا) قالت أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك كان يقرؤها (1) وكذلك أنزلت، أو قالت أشهد لكذلك أنزلت وكذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤ، ولكن الهجاء حرف (عن سعيد بن وهب) (2) عن عائشة رضي الله عنها أنها قال يا رسول الله في هذه الآية (3) والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجلة أنهم إلى ربهم راجعون) يا رسول الله هو الذي يسرق ويزني يشرب الخمر (4) وهو يخاف الله قال لا يا بنت أبى بكر يا بنت الصديق، ولكنه الذي يصلي

_ أي يعطون ما أعطوا من الزكاة والصدقات، قال وروى عن عائشة أنها كانت تقرأ (والذين يؤتون ما أتوا) يعني بالقصر أي يعملون ما عملوا من أعمال البر أهـ وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره (والذين يؤتون ما آتوا) (بمد الهمزة) أي يعطون العطاء (وقلوبهم وجلة) أي وهم خائفون وجلون أن لا يتقبل منهم لخوفهم أن يكونوا قصروا في القيام بشروط الإعطاء، وهذا من باب الإشفاق والاحتياط وكما قال الإمام أحمد، وذكر الحديث التالي أعني حديث سعيد بن وهب عن عائشة مؤيدًا به رواية المد ثم قال وهكذا قال ابن عباس ومحمد بن كعب القرظي والحسن البصري في تفسير هذه الآية، قال وقد قرأ آخرون هذه الآية (والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة) يعني بالقصر أي يفعلون ما يفعلون وهم خائفون قال وروى هذا مرفوعًا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قرأها كذلك (يعني بالقصر) ثم ذكر حديث الباب، قال والمعنى على القراءة الأولى (يعني قراءة المد) قال وهي قراءة الجمهور السبعة وغيرهم أظهر لأنه قال (أولئك يسارعون في الخيرات وهم لها سابقون فجعلهم من السابقين ولو كان المعنى على القراءة الأخرى لأوشك أن لا يكونوا من السابقين بل من المقتصدين أو المقصرين والله أعلم أهـ (أنهم إلى ربهم راجعون) أي لأنهم يوثقون أنهم يرجعون إلى الله عز وجل (أولئك يسارعون في الخيرات) يبادرون إلى الأعمال الصالحة (وهم لها سابقون) أي إليها سابقون كقوله تعالى لما نهوا أي إلى ما نهوا، وقال ابن عباس في معنى هذه الآية سبقت لهم من الله السعادة، وقال الكلى سبقوا الأمم إلى الخيرات (1) تعني بالقصر قال الإمام ابن جرير في تفسيره وكأنها تأولت في ذلك والذين يفعلون ما يفعلون من الخيرات وهم وجلون كالذي يذنب الذنب وهو وجل منه (قلت) وهذه القراءة أعني قراءة القصر حديثها ضعيف وتخالف ما اتفق عليه جمهور القراء من قراءة المد، قال الإمام ابن جرير وعلى هذه القراءة أعني على (والذين يؤتون ما آتوا) بلمد قراءة الأمصار وبه رسوم مصاحفهم وبه نقرأ لإجماع الحجة من القراء عليه ووفاقه خط مصاحف المسلمين والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الحافظ الهيثمي وعزاه للإمام أحمد فقط ثم قال: فيه إسماعيل بن مسلم المكي وهو ضعيف، وكذلك قال الحافظ ابن كثير في تفسيره، وعلى هذا فلا يحتج به والله أعلم (3) جاء عند الترمذي قالت سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن هذه الآية) والذين يؤتون ما أتوا وقلوبهم وجلة الخ (4) هذا ما كانت تفهمه عائشة أولا أن الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر وقلبه وجل داخل في هذه الآية، فأجابها النبي صلى الله عليه وسلم أنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله عز وجل يعني يخاف أن لا تقيل منه لآتهم

-[قوله تعالى (تلفح وجوههم النار) وقوله (الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك)]- ويصوم ويتصدق وهو يخاف الله عز وجل (باب تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون) (عن أبي سعيد الخدري) (1) عن النبس صلى الله عليه وسلم قال (وهم فيها كالحون) (2) قال تشويه النار 358 فتقلص شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلى حتى تضرب سرته (سورة النور) (باب الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) (عن عبد الله بن عمرو) (3) أن رجلًا من المسلمين استأذن نبي الله صلى الله عليه وسلم في امرأة يقال لها أم مهزول كانت تسافح وتشترط له أن تنفق عليه، وأنه استأذن فيها النبي صلى الله عليه وسلم أو ذكر له أمرها، فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم (الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) قال أنزلت (الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) (4) قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الإمام أحمد) قال أبي قال عارم سألت معتمرا عن الحضرمي فقال كان قاصًا وقد رأيته ----- يوقنون أنهم إلى الله صائرون وليس بعد تفسير النبي صلى الله عليه وسلم تفسير، وهذا الحديث حجة لمن قرأ أقر بمد الهمزة والله أعلم (تخريجه) (مذك) وابن أبي حاتم والبغوي في تفسيره وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (1) (سنده) حدثنا علي ابن اسحاق حدثنا عبد الله (سعني ابن المبارك) أنا سعيد بن يزيد أن شجاع عن أبي السمح عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (2) (التفسير) أول الآية (تلفح وجوههم النار وهم فيها كالحون) أي تحرق وجوههم النار يروي ابن مردويه بسنده عن أبس الدرداء في قول الله تعالى (تلفح وجوههم النار) قال تلفحهم لفحة تسيل لحومهم على أعقابهم (وهم فيها كالحون) قال علي بن أبي طلحة عن ابن عباس يعني عابسون، وقال الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحرص عن عبد الله بن مسعود (وهم فيها كالحون) قال ألم تر إلى الرأس المشيط الذي قد بدا أسنانه وقلصت شفتاه وقد فسره النبي صلى الله عليه وسلم في حديث الباب بقوله تشويه النار فتقلص أي ترتفع شفته العليا حتى تبلغ وسط رأسه وتسترخي شفته السفلي حتى تضرب سرته) يريد أن يكون من أقبح الناس منظرا نعوذ بالله من ذلك، وهذا الوعيد الشديد للكفار بدليل قوله تعالى بعد ذلك (ألم تكن آيلتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون) (تخريجه) (مذك) والبغوي في التفسير، وقال الترمذي هذل حديث حسن غريب صحيح (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (3) (سنده) حدثنا حازم حدثنا مستمرة قال قال أبى حدثنا الحضرمي عن القاسم بن محمد عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ، وهذا الحديث تقدم بهذا السند والمتن مشروحًا في باب في نكاح الزاني والزانية من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر صحيفة 197 رقم 156 إلى قوله (قال أنزلت الزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك) ثم قلت في شرحه عقب ذكر هذا الحديث هنا لأجل تفسير الآية لأنها لم تفسر هناك وهذا محل تفسيرها والله الموفق (4) (التفسير) أول الآية (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك وحرم الله ذلك على المؤمنين) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره هذا خبر من الله تعالى بأن الزاني لا يطأ إلا زانية أو مشركة أي لا يطارعه على مراده من الزنا إلا زانية عاصية أو مشركة لا ترى حرمة ذلك وكذلك (الزانية لا ينكحها إلا زان) أي عاص

-[بيان آيات اللعان وكلام العلماء في ذلك]- (باب آيات اللعان) (عن ابن شهاب عن سهل) (1) أهـ قال إن رجلًا من الأنصار (2) جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت رجلا وجد مع امرأته رجلا أيقتله؟ (3) قال فأنزل الله عز وجل في شأنه ما ذكر في القرآن من التلاعن (4) فقد قضي فيك وفي امرأتك، قال فتلاعنا وأنا شاهد ثم فارقها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم 361 - إلى قوله- ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) (عن عائشة رضي الله عنها) (5) في حديث الإفك قالت والله ما كنت أظن أن ينزل في شأني وحي يتلى ولشأني كان أحقر في ----- بزناه (أو مشرك) لا يعتقد تحريمه، قال سفيان الثوري عن حبيب بن أبي عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال (الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة) قال ليس هذا بالنكاح، إنما هو الجماع، لا يزني بها إلا زان أو مشرك وهذا إسناد صحيح، وقد روى عنه من غير وجه أيضًا، وروى عن مجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعروة بن الزبير والضحاك ومكحول ومقاتل بن حيان وغير واحد نحو ذلك، وقوله تعالى (وحرم ذلك على المؤمنين) أي تعاطيه والتزوج بالبغايا أو تزويح الصفائف بالرجال الفجار، وقال أبو داود الطيالسي حدثنا قيس عن أبي حصين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس (وحرم ذلك على المؤمنين) قال حرم الله الزنا على المؤمنين، وقال قتادة ومقاتل بن حيان حرم الله على المؤمنين نكاح البغايا وتقدم ذلك فقال (وحرم ذلك على المؤمنين) وهذه الآية كقوله تعالى (محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) وقوله محصنين غير مسافحين ولا متخذ اخدان) الآية، ومن هاهنا ذهب الإمام أحمد بن جنبل رحمه الله إلى أنه لا يصح العقد من الرجل العفيف على المرأة البغيَّ ما دامت كذلك حتى تستاب، فإن تابت صح العقد عليها وإلا فلا، وكذلك لا يصح تزويج المرأة الحرة العفيفة بالرجل الفاجر المسافح حتى يتوب توبة صحيحة لقوله تعالى (وحرم ذلك على المؤمنين) ثم ذكر حديث الباب وغيره انتهى ما قاله الحافظ ابن كثير باختصار (هذا) وقد ذكرت مذاهب الآئمة في حكم نكاح الزاني والزانية ووجهة نظرهم في تفسير الآية في شرح باب نكاح الزاني والزانية من كتاب النكاح في الجزء الثاني من كتابي القول الحسن شرح بدائع المنن صحيفة 345 و 346 و 347 فأراجع إليه تجد ما يسرك والله الموفي (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب طس) بنحوه ورجال أحمد ثقات (قلت) في إسناده الحضرمي شيخ مجهول، وأورده الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لعيد بن حميد والحاكم وصححه وابن المنذر وابن أبي حاتم وابن مردويه (قلت) رواه الحاكم والطبري في روايته نحو معناه مختصرًا بإسناد صحيح ليس فيه الحضرمي، وصححه الحاكم وأقره الذهبي والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا حجاج ثنا ليث بن سعد حدثني عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن سهل (يعني ابن سعد الساعدي) الخ (غريبه) (2) هو عويمر العجلاني كما صرح به في رواية أخرى (3) زاد في رواية أخرى (فتقتلونه أم كيف يفعل (4) يعني من آيات اللعان وهي قوله عز وجل (إن الذين يرمون أزواجهم ولم يكن لهم شهداء إلا أنفسهم فشهادة أحدهم أربع شهادات بالله أنه لمن الصادقين- إلى قوله- وأن الله تواب حكيم، وقد نقدم تفسير هذه الآيات وكيفية اللعان وحكمه من كتاب اللعان في الجزء السابع عشر صحيفة 26 و 27 فأرجع إليه (تخريجه) (ق د س جه) (باب) (5) (عن عائشة الخ) هذا

-[قوله عز وجل (إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم) الآيات]- نفسي من أن يتكلم الله عز وجل فيَّ بأمر يتلى ولكني كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم رؤيا يبرئني الله بها، قالت فو الله ما رام (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم وأخذه ما كان يأخذه من البرحاء (2) عند الوحي حتى انه كان ليتحدر (3) منه مثلُ الجمان من العرق في اليوم الشاتيّ من ثقل القول الذي أنزل عليه، قالت: فلما سُرىَّ (4) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكان أول (5) كلمة تكلم بها أن قال ابشري يا عائشة، أمّا الله فقد برأك، فقالت لي أمي قومي إليه (6) فقلت والله لا أقوم إليه ولا أحمد إلا الله هو الذي انزل براءتي قالت فانزل الله عز وجل: (إِنَّ الَّذين جاءوا بالإفك

_ طرف من حديث طويل سياي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب حديث الإفك ومحنة عائشة رضي الله عنها من أبواب ذكر ازواجه الطاهرات من كتاب السيرة النبوية، وسيأتي نحوه أيضًا في غزوة بني المطصلف إن شاء الله تعالى، ونكتفي هنا بهذا القدر منه وشرحه وتفسير الآيات المتعلقة به وتلخيص ما ترك منه فنقول كانت عائشة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة بني المصطلق بعد ما أنزل الحجاب حتى إذا فرغ من غزوته تلك ورجع ودنا من المدينة آذن ليلة بالرحيل وكانت عائشة قد ذهبت بقضاء حاجتها قبل أن يرتحل القوم ففقدت عقدها فحسها التماسه فحمل القوم هو دجها ووضعوه على بعيرها يحسبونها فيه ثم ساروا فجاءت عائشة بعد أن وجدت عقدها فلم تجد أحدًا فجلست في المنزل الذي كانت فيه، وكان صفوان بن المعطل من وراء الجيش كما جاء في حديث أبي هريرة عند البزار: وكان صفوان أن يتخلف عن الناس فيصيب القدح والجراب والإدارة يعني مما تركه الناس نسيانًا فيحمله فيقدم به فيعرفه في أصحاب فأصبح عند منزل عائشة فعرفها وكان يراها قبل الحجات، فقال (إن الله وإنا إليه راجعون) ولم يتكلم كلمة غيرها فأناخ راحته وغطت عائشة وجهها بخمارها وأدار وجهه فركبت عائشة وانطلق يقودها حتى أدرك الجيش نازلًا في وسط النهار في شدة الحر، فهناك قال أهل الإفك ما قالوا فيها، وكان الذي تصدى له وتقده رأس المنافقين عبد الله بن أبي سلول وكانت لا تشعر بما يقول الناس إلى أن خرجت هي وأم مسطح ليلًا إلى مكان خارج المدينة لقضاء حاجتهما وذلك قبل أن تتخذ الكنف فعئرت أم مسطح في مرئها فقالت تعس مسطح، فقالت لها عائشة بئس ما قلت أتسبين رجلًا شهد در!؟ فقالت أم تسمعي ما قالوا؟ فأخبرتها بقول الإفك فاستأذنت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم أن تكون عند أبويها فأذن لها، قالت وبت عند أوي لا يرقأ لي دمع وما اكتحل بنوم وهما يظنان أن الدمع فالق كبدي إلى أن قالت والله ما كنت أظن أن ينز في شأني وحي أي قرآن (الحديث) (1) أي ما قام سول الله صلى الله عيه وسلم من مجلسه الخ (2) بضم الموحدة وفتح الراء ثم مهملة ممدودا العرق من ضدة ثقل الوحي (3) بتشديد الدال، واللام للتأكيد أي ينز ويقطر (وقوله مثل الجمان) برفع مثل وضم الجيم وتخفيف الميم أي مثل اللؤلؤ (4) بضم السين المهملة وتشديد الراء مكسورة وفتح الياء التحتية أي كشف وأزيل عنه ما كان يحمد من ثقل الوحي (5) نصب أول خ كان: وأسمها أن قال أبشري يعني أن وما بعدها في تأويل مصدر أسم كان وتقديره فكان قوله أبشري يا عائشة أول كلمة تكلم بها (6) معناه قالت لها أمنها قومي فاحمديه وقبلي رأسه وأشكريه نعمة الله تعالى التي يبشرك، فقالت عائشة ما قالت أدلالا عليه وعتًا لكونهم شكوا في حالها مع علمهم حسن طرائفها وجميل أحوالها

-[قصة الإفك ومحنة عائشة وتفسير آيات الإفك]- عصبة منكم} عشر آيات فأنزل الله عز وجل هؤلاء الآيات براءتي. (1) فقال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره والله لا أنفق عليه شيئًا أبدًا بعد هذا الذي قال لعائشة، فأنزل الله عز وجل: (ولا يأْتل أُولو الفضل منكم والسّعة) إلى قوله: (أَلا تحبون أنْ يغْفِر اللَّه لكم) فقال أبو بكر الصديق والله إني لأحب أن يغفر الله لي. فرجع إلى مسطح لنفقته التي كان ينفق عليه وقال لا انزعها منه ابدًا قالت عائشة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم عن أمري وما ----- وارتفاعها عن هذا الباطل الذي افتراه قوم ظالمون ولا حجة لهم ولا شبهة فيه (1) أي من قوله تعالى (إن الذين جاءوا بالأفك عصبة منكم إلى قوله تعالى - ولولا فضل الله عليكم وحمته وأن الله رءوف رحيم) (التفسير) قوله عز وجل (إن الذين جاءوا بالإفك) الافك هو أ [لغ ما يكون من الكذب والافتراء، والمراد هنا أسوأ الكذب والافتراء على عائشة رضي الله عنها أم المؤمنين بقذفها (عصبة) جماعة من العشرة إلى الأربعين وهم عبد الله بن أبيَّ رأس النفاق وهو الذي تولى كبره منهم أي تحمل معظمه فبدأ بالخوض فيه وإشاعه، وزيد بن رفاعة وحسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش ومن ساعدهم (منكم) أي من جماعة المسلمين وهم ظنوا أن الإفك وقع من الكفار دون من كان من المؤمنين (لا تحسبوه) أ] ها المؤمنين غير العصبة (شرًا لكم بل هو خير لكم) يأجركم الله به ويظهر براءة عائشة والرجل الذي رميت به وهو صفوان بن المعطل رضي الله عنه (لكل أمريء منهم) أي عليه (ما اكتسب من الإثم) في ذلك (والذي تولى كبره منهم) أي تحمل معظمه فبدأ الخوض فيه وأشاعه وهو عبد الله ن أبي سلول رأس المنافقين (له عذاب عظيم) هو النار في الآخرة (لولا) هلا (إذ) حين (سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم) أي بإخوانهم وأهل دينهم، فالمؤمنون كنفس واحدة وهو كقوله ولا تلمزوا أنفسكم (خيرًا) أي عفانًا وصلاحًا، والمعنى كان الواجب على المؤمنين إذ سمعوا قو لأهل الأفك أن يكذبوه ويحسنوا الظن ولا يسرعوا في التهمة وقول الزور فيمن عفوا عليه بأربعة شهداء) أي هلا جاءوا على القذف لو كانوا صادقين بأربعة شهداء (فإذ لم يأتوا الشهداء) الأربعة (فالئك عند الله) أي في حكمه وشريعته (هم الكاذبون) أي القاذفون لأنهم م يأتوا ببينة على قولهم فكانوا كاذبين (ولو فضل الله عليكم ورحمته في الدنيا والآخرة لمسكم فيما أفضتم فيه عذاب عظيم) لولا هذه لامتناع الشيء لوجود غيره بخلاف ما تقدم، ومعناه لولا أني قضيت أن أتفضل عليكم في الدنيا بضروب النعم التي من جملتها الإمهال للتوبة وأن أترحم عليكم في الآخرة بالعفو والمغفرة لعاجلتكم بالعقاب على ما خضتم فيه من حديث الإفك، والخطاب للقذفة، وهذا الفضل هو تأخير العذاب وقبول التوبة ممن تاب (إن تلقونه بألسنتكم) أي يرويه بعضهم عن بعض وذلك أن الرجل منهم يلقي الرجل فيقول بلغني كذا وكذا فهل بلغك يعني حديث عائشة حتى شاع فيما بينهم وانتشر فلم يبق بيت ولا ناد إلا طار فيه (وتقولون بأفواهكم ما يس لكم به علم) أي من غير أن تعلموا أنه حق (وتحسونه هينًا) أي وتظنون أنه سهل لا إثم فيه (وهو عند الله عظيم) أي في الوزر (ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك) قيل هو للتعجب وقيل هو للتنزيه (هذا

-[قوله عز وجل (ولا يأتل أولوا الفض منكم) الآية وتفسيرها]- عَلِمْتِ أو ما رأيت أو ما بلغك؟ قالت يا رسول الله احمي سمعي وبصري (1) والله ما علمت إلا خيرًا، قالت عائشة: وهي التي كانت تساميني (2) من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فعصمها الله عز وجل

_ بهتان عظيم) أي كذب عظيم يبهت ويحيَّر من عظمه، وروى أن أم أبي أيوب الأنصاري قال لأبي أيوب ما بلغك ما يقول الناس في عائشة؟ فقال سبحانك هذا بهتان عظيم فنزلت الآية على وفق قوه (يعظكم الله) قال ابن عباس يحرم الله عليكم، وقيل ينهاكم الله (أن تعودوا لمثله أبدا إن كنتم مؤمنين ويبين الله كم الآيات) أي في الأمر والنهي (والله عليم) أي بأمر عائشة وصفوان (حكيم) أي حكم ببراءتهما (إن الذين يحبون أن تشيه الفاحشة) أي يظهر الزنا ويذيع (في الذين آمنوا) قيل الآية مخصوصة من قذف عائشة والمراد بالذين آمنوا عائشة وصفوان، وقيل الآية على العموم فكل من أحب أن تشيع الفاحشة أو تظهر على أحد فهو داخل في حكم هذه الآية، والمراد الذين أمنوا جميع المؤمنين (لهم عذاب أليم في الدنيا) يعني الحدود والذم على فعله (والآخرة) أي وفي الآخرة لهم النار (والله يعلم) كذبهم وبراءة عائشة وما خاضوا فيه من سخط الله (وأنتم لا تعلمون) وقيل معناه يعلم ما في قلب من يحب أن تشيع الفاحشة فيجازيه على ذلك وأنتم لا تعلمون (ولولا فضل الله عليكم ورحمته) أي لولا أنعامه عليكم لعاجلكم بالعقوبة، قال ابن عباس يريد مسطحًا وحسان ن ثابت وحمنة (وأن الله رءوف) حيث أظهر براءة المقذوف وأثاب (رحيم) بغفرانه جناية القاذف إذا تا (قوله عز وجل) (ولا يأتل) أي ولا يحلف من الآليّة وهي القسم وقرأ أو جعفر ولا يتأل بتقديم التاء وتأخير الهمزة وهو يتفعل من الآلية وهي القسم (أولوا الفضل منكم والسعة) يعني الغنى يريد أبى بكر رضي الله عنه (أن يؤتوا أولي القربى والمساكين والمهاجرين في سيل الله) يعني مسطحا وكان مسكينًا مهاجرًا بدريًا ابن خالة أبى بكر حلف أو كر أن لا نفق عليه (وليعفوا وليصفحوا) أي عما تقدم منهم من الإساءة والأذى في حق عائشة، وهذا من حلمه تعالى وكمه ولطفه خلقه مع ظلمهم لأنفسهم (قال الحافظ ابن كثير) وهذه الآية نزلت في الصديق رضي الله عنه حين حلف أن لا ينفع مسطح بن أثاثة بنافعة ابدًا عد ما قال في عائشة ما قال كما تقدم في الحديث، فلما أنزل الله براءة أم المؤمنين وطابت النفوس الآمنة واستقرت وتاب الله على من كان تكلم من المؤمنين في ذلك وأقيم الحد على من أقيم عليه، شرع تبارك وتعالى وله الفضل والمنة عطف الصديق على قريبه ونسيبه وهو مسطح ابن أثاثة فأنه كان ابنة خالة الصديق وكان مسكينًا لا مال له إلا ما ينفق عليه أبو بكر رضي الله عنه، وكان من المهاجرين في سبيل الله وقد زلق زلقة تاب الله عليه منها وضرب الحد عليها، وكان الصديق رضي الله عنه معروفًا بالمعروف: له الفضل والأيادي على الأقارب والأجانب، فلما نزت هذه الآية إلى قوله (ألا تحبون أن يغفر الله لكم) الآية فإن الجزاء من جنس العمل فكما تغفر ذنب من أذن إليك يغف الله لك، وكما تصفح يصفح عنك فعند ذلك قال الصديق لي والله إنا نحب أن تغفر لنا يا ربنا، ثم جع إلى مسطح ما كان يصله من النفقة وقال والله لا أنزعها منه أبدًا، في مقالة مت كان قال والله لا أنفعه بنافعة أبدًا، فلهذا كان الصديق هو الصديق رضي الله عنه وعن بنته (والله غفور رحيم) معناه اغفروا يُغفر كم (1) أي أصون سمعي وبصري من أن أقول سمعت ولم أسمع وأبصرت ولم أبصر (2) أي تفاخرني وتضاهيني بجمالها ومكانها عند النبي صلى الله عليه وسلم وهي

-[تسمية جماعة ممن رموا عائشة بالإفك وقولها في حسان بن ثابت]- بالورع (1) وطفقت أختها حَمْنَةُ بنت جحش تحارب لها (2) فهلكت فيمن هلك (3) قال ابن شهاب: فهذا ما انتهى الينا من أمر هؤلاء الرهط. (عن عروة من حديث عائشة) (4) أيضًا قال لم يسم من أهل الإفك إلا حسان بن ثابت. ومسطح بن أثاثة. وحمنة بنت جحش. في ناس آخرين لا علم لي بهم غير أنهم عصبة كما قال الله عز وجل: وإن كبر ذلك يقال له عبد الله بن أبي ابن سلول، قال عروة كانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان وتقول إنه الذي قال (فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء) (5) (عن عائشة رضي الله عنها) (6) قالت رميت بما رميت وأنا غافلة (7) فبلغني بعد ذلك رضخ (8) من ذلك فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم عندي إذ أوحى الله إليه وكان إذا أوحى إليه يأخذه شبه السبات (9) فبينما هو جالس عندي إذ نزل عليه فرفع رأسه وهو يمسح عن جبينه فقال أبشري يا عائشة: فقلت بحمد الله هز وجل لا بحمدك (10) فقرأ (الذين يرمون المحصنات) حتى بلغ (مبرءون مما يقولون) (11)

_ مفاعلة من السمو وهو الارتفاع (1) أي عصمها الله بتقواها من أن تقول كما قال أهل الإفك وما قالت في عائشة إلا خيرًا (2) أي جعت تتعصب لها أي لأختها زين وخاضت في حديث الإفك لتخفض منزلة عائشة وترفع منزلة أختها زينب (3) أي وقعت فيما وقع أهل الإفك لكنها تابت وأقيم عليها حد القذف، فقد روت عمرة عن عائشة أن النبس صلى الله عليه وسلم ما نزلت آيات الإفك حدّ أربعة نفر عد الله بن أبيَّ. وحسان ن ثابت. ومسح بن أثاثة. وحمنة بنت جحش (تخرجيه) (ق نس) وابن جرير والغوي وغيرهم (4) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وتخريجه في باب حديث الإفك ومحنة عائشة رضي الله عنها ضمن أبواب ذكر أزواجه الطاهرات من كتاب السيرة النبوية (5) جاء عند أن جرير عن عائشة أنها قات ما سمعت بشعر أحسن من شعر حسان ولا تمثلت به إلا رجوت له الجنة قوله لآبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب: هجوت محمدا فأجبتُ عنه ... وعند الله في ذاك الجزاء فإن أبي ووالده وعرضي ... لعرض محمد منكم وقاء أتشتمه ولستَ له بكفيء .... فشركما لخيركما الفداء لساني صارم لا عيب فيه ... وبجري لا تكدره الدلاء (6) (سنده) حدثنا أبو سعيد قال ثنا أبو عوانة قال ثنا عمر (يعني ابن أبي سلمة) عن أبيه عن عائشة الخ (غريه) (7) تريد ما قاله الناس فيها من حديث الإفك وهي غافلة أي لا تشعر ما يقولون (8) بفتح الراء وسكون المعجمة، قال في القاموس الرضح خبر تسمعه ولا تستيقنه (9) السبات نوم المريض والشيخ المسن وهو النومة الخفيفة (10) تريد أن الله عز وجل هو الذي أنزل براءتي وأنعم عليَّ بما لم أكن أتوقعه من أن يتكلم الله تعالى في شأني بقرآن يتلى، قات ذلك أدلالا عليهم وعتبًا لكونهم شكوا في حالها مع علمهم بحسن سيرتها وارتفاعها عما نسب إليها مما لا حجة عليه ولا شبهة (11) الآيات بتمامها هي قوله عز وج (إن الذين يرمون المحصنات الغافلات المؤمنات عنوا في الدنيا والآخرة ولهم عذاب عظيم، يوم تشهد عليهم ألسنتهم وأيديهم وأرجهم بما كانوا يعملون، يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق ويعلمون أن الله هو

-[تفسير قوله تعالى (أن الذين يرمون المحصنات) إلى قوله (لهم مغفرة ورزق كريم)]- (سورة الفرقان) (باب والذين لا يدعون مع الله آله آخر) الآية (عن عبد الله) (1) قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الذنب أكبر (2) قال أن تجعل لله ندأ (3) وهو خلقك، قال ثم أي قال أن تقتل ولدك أم يطعم معك (4) قال ثم أي؟ قال أن تزانى جليلة جارك، قال قال عبد الله

_ الحق المبين الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات والطيبات للطيبين والطيبون للطيبات أولئك مبرءون مما يقولون لهم مغفرة ورزق كريم) (التفسير) (أن الذين يرمون المحصنات) أي العفائف (الغافلات) أي عن الفاوحش والغافلة عن الفاحشة هي التي لا يقع في قلبها فعل الفاحشة، وكذلك كانت عائشة رضي الله عنها (المؤمنات) وصفها بالمؤمنات لعلو شأنها (لعنوا) أي عذبوا (في الدنيا) بالحد (والآخرة) أي وفي الآخرة بالنار (ولهم عذاب عظيم) هذا في حق عبد الله بن أبي ابن سلول المنافق، وروى عن خصيف قال قلت لسعيد بن جبير من قذف مؤمنة يلعنه الله في الدنيا والآخرة؟ قال ذاك لعائشة وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم خاصة دون سائر المؤمنات ليس في ذلك توبة (يعني من قذفهن بعد نزول القرآن) ومن قذف امرأة مؤمنة فقد جعل الله له توبة ثم قرأ (والذين يمون المحصنات) إلى قوله تابوا فجعل لهؤلاء توبة ولم يجعل لأولئك توبة، وقيل لهم توبة أيضًا للآية (يوم تشهد عليهم ألسنتهم) هذا قبل أن يختم على أفواههم (وأيديهم وأرجلهم) يروى أنه يختم على الأفواه فتتكلم الأيدي والأرجل بما عملت في الدنيا وهو قوله (بما كانوا يعملون يومئذ يوفيهم الله دينهم الحق) أي جزاءهم الواجب وقيل حسابهم العدل (ويعلمون أن الله هو الحق المبين) أي الموجود الظاهر الذي بقدرته وجود كل شيء، وقيل معناه يبين لهم حقيقة ما كان يعدهم في الدنيا، وقال ابن عباس وذلك أن عبد الله بن أبي بن سلول كان يشك في الدين فيعلم يوم القيامة أن الله هو الحق المبين (الخبيثات للخبيثين) قال أكثر المفسرين يعني الخبيثات من القول تقال (للخبيثين) من الناس ومثله (والخبيثون) أي من الناس يتعرضون (للخبيثان) من القول (والطيبات) أي من القول كذلك ومعنى الآية أن الخبيث من القول لا يليق إلا بالخبيث من الناس والطيب من القول لا يليق إلا بالطيب من الناس، وعائشة لا يليق بها الخبيث من القول لأنها طيبة فيضاف إليها طيب القول من الثناء والمدح وما يليق بها وقيل معناه لا يتكلم بالخبيث إلا الخبيث من الرجال والنساء، وهذا ذم للذين قذفوا عائشة، ولا يتكلم بالطيب من القول إلا الطيب من الرجال والنساء، وهذا مدح الذين بدءوها بالظهارة والمدح لها، وقيل معنى الآية الخبيثات من النساء للخبيثين من الرجال والخبيثون من الرجال للخبيثات من النساء أمثال عبد الله ابن أبي المنافق والشاكين في لدين والطيبات من النساء (للطيبين والطيبون للطيبات) يريد عائشة طيبها الله لرسول صلى الله عليه وسلم (أولئك مبرءون) يعني عائشة وصفوان ذكرهما الله بلفظ الجمع منزهون (مما يقولون) يعني أصحاب الأفك (لهم مغفرة) أي عفو لذنوبهم (ورزق كريم) يعني الجنة (تخريجه) (ابن جرير) وسنده جيد (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله (يعني ابن مسعود الخ) (غريبة) (2) جاء عند الترمذي أي الذنب أعظم، وعند البخاري أي الذنب عند الله أكبر (3) بكسر النون وتشديد الدال أي مثلًا ونظيرًا (وقوله وهو خلقك) الجملة حال من الله أو من فاعل أن تجعل وفيه إشارة إلى ما استحق به تعالى أن تتخذه ربا وتعبده فأنه خلقك، أو إلى مابه امتيازه تعالى عن غيرة في كونه إله، وإلى ضعف الند أي أن تجعل له ندا وقد خلقك غيره وهو لا يقدر على خلق شيء (4) أي من جهة إيثار نفسه عليه عند عدم ما يكفي أو من جهة البخل مع الوجدان (5) تزانى تفاعل وهو

-[تفسير قوله تعالى (والذين لا يدعون مع الله إله آخر) إلى قوله (فأنه يتوب إلى الله متابا)]- فأنزل الله تصديق ذلك (1) (والذين لا يدعون مع الله إله آخر (2) ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثاما)

_ يقتضي أن يكون من الجانبين، قال في المصابيح لعله نبه على شدة قبح الزنا إذا كان منه لا منها بأن يغشاها قائمة أو مكرهة فأنه إذا كان زناه بها مع المشاركة منها له والطواعية كبيرًا: كان زناه بدون ذلك أكبر وأقبح من باب أولى (وقوله حليلة جارك) بفتح الحاء المهملة وكسر اللام الأولى أي زوجته لأنها تحل له فهي فعلية بمعنى فاعلة أو من الحلول لأنها تحل معه ويحل معها وإنما كان ذلك لأنه زنا وأبطال لما أوصى الله به من حقوق الجيران (1) أي فأنزل الله تصديق قول رسول الله صلى الله عليه وسلم (والذين لا يدعون مع الله إلها آخر) الآية (2) (التفسير) أي لا يشركون بالله عز وجل (ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق) أي لا يقتلون النفس التي هي معصومة في الأصل لا محقين بقود أو رجم الزاني المحصن أو كفر بعد إسلام (ولا يزنون) الزنا وطؤ امرأة غير زوجته وأمته (ومن يفعل ذلك) أي واحدًا من الثلاثة (يلق أثاما) قال ابن عباس إنما يريد جزاء الإثم وبه قال الخليل وسيبويه وأبو عمر الشيباني وقال كثير من المفسرين الأثام واد في جهنم عافانا الله منها، هذا وقد انتهى الحديث إلى قوله أثاما (تخريجه) (ق د لس مذ) والبغوي وابن جرير وابن المنذر وغيرهم، وقد جاء في كتاب الله عز وجل بعد هذه الآية صفة جزاء من فعل ذلك فقال عز من قائل (يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا) الآيات، ولأجل تمام الفائدة أذكر ما قيل في تفسير هذه الآيات المتممة للآية المتقدمة فأقول (قوله عز وجل) (يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد) قرأ ابن عامر وأبو بكر يضاعف ويخلد برفع الفاء والدال وشدد ابن عامر يضعف، وقرأ الآخرون بجزم الفاء والدال على جواب الشرط (فيه) مكى وحفص بإشباع الها، وإنما خص حفص الإشباع بهذه الكلمة مبالغة في الوعيد والعرب تمد للمبالغة (مهانا) أي ذليلا (إلا من تاب وآمن وعمل صالحًا) قال قتادة إلا من تاب من ذنبه وآمن بربه وعمل عملًا صالحًا فيما بينه وبين ربه، روى البغوي بسنده عن ابن عباس قال قرأناها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم سنتين (والذين لا يدعون مع الله إليها آخر) الآية، ثم نزلت إلا من تاب وآمن وعمل عملًا صالحًا (فما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فرح بشيء قط كفرحه بها وفرحه بإنا فتحنا لك فتحًا مبينا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر (فألئك يبدل الله سيئاتهم حسنات) ذهب جماعة إلى أن هذا التبديل في الدنيا، قال ابن عباس وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد والسدى والضحاك يبدلهم الله بقبائح أعمالهم في الشرك محاسن الأعمال في الإسلام فيبدلهم بالشرك إيمانا وبقتل المؤمنين قتل المشركين وبالزنا عفة واحصانا، وقال قوم يبدل الله سيئاتهم التي عملوها في الإسلام حسنات يوم القيامة، وهو قول سعيد بن المسيب ومكحول وقيل إن الله عز وجل يمحوا بالندم جميع السيئات ثم يثبت مكان كل سيئة حسنة (ومن تاب وعمل صالحا) قال بعض أهل العلم هذا في التوبة عن غير ما سبق ذكره في الآية الأولى من القتل والزنا يعني من تاب من الشرك وعمل صالحًا أي أدى الفرائض ممن لم يقتل ولم يزن (فإنه يتوب إلى الله) أي يعود إليه بعد الموت (متابا) حسنا يفضل به على غيره ممن قتل وزنى، فالتوبة الأولى وهي قوله (ومن تاب) رجوع عن الشرك، والثاني رجوع إلى الله للجزاء والمكافأة، وقال بعضهم هذه الآية أيضًا في التوبة عن جميع السيئات،

-[قوله عز وجل (وأنذر عشيرتك الأقربين) وتفسيرها]- (سورة الشعراء) (باب أن سورة الشعراء من ذوات المائتين وكسر) (عن مَعدِ كربَ) (1) قال أتينا عبد الله (يعني ابن مسعود) فسألنا أن يقرأ علينا طسم المأنين (2) فقال ما هي معى ولكن عليكم من أخذها من رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم خبَّاب بن الارت (3) قال فأتينا خباب بن الأرت فقرأها علينا (باب وأذنر عشيرتك الأقربين) (عن ابن عباس) (4) قال لما أنزل الله عز وجل (وأنذر عشيرتك الأقربين) (5) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم الصفا فصعد عليه ثم نادى يا صباحاه (6) فاجتمع الناس إليه بين رجل يجيء إليه وبين رجل يبعث رسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بني عبد المطلب، يا بني فهر، يا بني لؤي، أرأيتم (7) لو أخبرتكم أن خيلًا بسفح (8) هذا الجبل تريد أن تغير عليكم صدقتموني؟ قالوا نعم (9) قال فإني نذير لكم (10) بين يدي عذاب شديد، فقال أبو لهب تبا لك (11) سائر اليوم ----- ومعناه ومن أراد التوبة وعزم عليها فليتب لوجه الله، وقوله (يتوب إلى الله) خبر بمعنى الأمر أي ليتب إلى الله، وقيل معناه فليعلم أن توبته ومصيره إلى الله، نسأله تعالى أن يجعلنا من التائبين الراجعين إليه (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا وكيع عن أبيه عن أبي إسحاق عن معد يكرب الخ (قلت) معد يكرب من الأسماء المركبة تركيبًا مزجيًا وهو كل كلمتين جعلتا أسما واحدًا، وهو ممنوع من الصرف للعلمية والتركيب المزجى: ترجمة البخاري في الكبير فقال معد يكرب الهمداني ويقال العبدى كوفى سمع ابن مسعود وخباب بن الأرت، روى عنه أبو إسحاق الهمداني (غريبه) (2) هي سورة الشعراء وعدد آيتها 227 فذكر عددها مع ترك الكسر (3) بتشديد الموحدة بن الأرت بفتح الهمزة والراء وتشديد المثناه فوق، كن خباب من السابقين إلى الإسلام وممن عذب في الله تعالى وكان سادس ستة في الإسلام قال مجاهد أول من أظهر إسلامه من الصحابة أبو بكر وخباب وصهيب وبلال وعمار وسمية أم عمار رضي الله عنهم أجمعين (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات، قال ورواه الطبراني (باب) (4) (سنده) حدثنا عبد الله بن نمير عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (5) (التفسير) (وأنذر عشيرتك الأقربين) خصهم لنفي التهمة إذ الإنسان يساهل قرايته او ليعلموا أنه لا يغني عنهم من الله شيئًا وأن النجاة في إتباعه دون قربه، ولما نزلت صعد الصفا ونادى الأقرب فالأقرب وقال يا بني عبد المطلب. يا بني هاشم يا بني عبد مناف يا عباس عم النبي صلى الله عليه وسلم يا صفية عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أني لا أملك لكم من الله شيئًا (زاد عند البخاري) (وأخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين) (واخفض جناحك) أي ألن جانبك وتواضعك، واصله إن الطائر إذا أراد أن ينحط للوقوع كسر جناحه وخفضه، وإذا أراد أن ينهض للطيران رفع جناحه: فجمل خفض جناحه عند الانحطاط مثلا في التواضع ولين الجانب (لمن اتبعك من المؤمنين) فإن قيل ما معنى التبعيض في وقوله من المؤمنين: فالجواب معناه لمن اتبعك من المؤمنين المصدقين بقلوبهم وألسنتهم دون المؤمنين بألسنتهم وهم المنافقون (6) هذه كلمة اعتادوها عند وقوع أمر عظيم فيقولونها ليجتمعوا ويتأهبوا له (7) أي أخبروني (8) قال في المصباح سفح الجبل مثل وجهه وزنا ومعنى (9) زاد البخاري ما جربنا عليك إلا صدقا (10) أي منذر لكم (بين يدي عذاب شديد) أي قدامه (11) أي خسرانا لك بقية اليوم، وتبا نصب

-[ما قاله النبي (صلى الله عليه وسلم) لأهل بيته وعشيرته عند نزول قوله تعالى {وأنذر عشيرتك الأقربين}]- أما دعوتنا (1) الا لهذا؟ وأنزل الله عز وجل {تبت (2) يدا أبي لهب} (عن قبيصة بن المخارق وزهير ابن عمرو) (3) قالا لما نزلت {وأنذر عشيرتك الأقربين} صعد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رضمة من جبل على أعلاها حجر (وفي رواية انطلق إلى رضمة (4) من جبل فعلا أعلاها) فجعل ينادى يابنى عبد مناف انما أنا نذير انما مثلى ومثلكم كرجل رأى العدّو فذهب يربأ أهله (5) فخشى أن يسبقوه فجعل ينادى ويهتف 368 (6) يا صباحاه (عن ابى هريرة) (7) قال لما نزلت هذه الآية {وأنذر عشيرتك الأقربين) دعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قريشًا فعم وخص (8) (وفي رواية جعل يدعو بطون قريش بطنًا بطنًا) فقال يا معشر قريش انقذوا (9) انفسكم من النار، يا معشر بنى كعب بن لؤى أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بنى عبد مناغ أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بنى هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بنى عبد المطلب أنقذوا أنفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد أنقذي نفسك من النار، فانى والله ما أملك لكم من الله 369 شيئًا، الا ان لمن رحما سأبلُّها ببلالها (10) (عن عائشة) (رضي الله عنها) (11) قالت لما نزلت (وأنذر عشيرتك الأقربين) قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال يا فاطمة (12) بنت محمد يا صفية بنت عبد المطلب يا بنى عبد المطلب لا أملك لكم من الله شيئًا سلوني من مالي ما شئتم

_ على المصدر باضمار فعل أى الزمك الله تبا أى خسرانا (1) بهمزة الاستفهام الاستنكارى (2) أى هلكت أو خسرت يدا أبى لهب (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وقال رواه البخارى ومسلم والترمذى والنسائى من طرق عن الأعمش به (3) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد حدثنا التيمى عن أبى عثمان عن قبيصة بن المخارق وزهير بن عمرو الخ (غريبه) (4) الرضمة بفتخ الراء وسكون الضاد المعجمة واحدة الرضم والرضام وهى صخور عظام بعضها فوق بعض، فقوله انطلق الى رضمة أى إلى صخرة من تلك الصخور (فعلا أعلاها) أى ارتقى الى الحجر الذى هو أعلاها كما يستفاد من الرواية الأولى (5) أى يحفظهم من عدوهم ويتطلع لهم، ومنه يقال للطليعة وبيئة بزنتها (6) أي يصيح ويصرخ وتقدم معنى قوله يا صباحاه فى شرح الحديث السابق (تخريجه) (م نس) (7) (سنده) حدّثنا معاوية ابن عمرو قال ثنا زائدة ثنا عبد الله بن عمير عن موسى بن طلحة عن ابى هريرة الخ (غرببه) (8) يفسر العموم قوله يا معشر قريش، والخصوص نداء قبائلها (9) الانقاذ التخليص من ورطة قال تعالى {وكنتم على شفا حفرة من النار فأنقذكم منها} (10) أى سأصلها بصلتها أى أصلكم فى الدنيا ولا أغنى عنكم من الله شيئا، ومنه بلوا أرحامكم أى صلوها: استعاروا البلل لمعنى الوصل كما استعاروا اليبس لمعنى القطيعة، وفى القاموس البلال ككتاب ويثلث وكل ما يبل به الحلق: وفى النهاية البلال جمع بلل قيل هو كل ما بل الحلق من ماء أو لبن أو غيره (تخريجه) (ق مذ) قال الحافظ ابن كثير ورواه النسائى من حديث موسى ابن طلحة الزهرى عن سعيد بن المسيب وأبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة (11) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غرببه) (12) المعروف فى المنادى الموصوف بالابن الفتح ويجوز الضم ولا يجوز فى صفته إلا النصب (13) يعنى فى الآخرة لا ينفعكم فيها إلا التقوى واما فى الدنيا فيمكننى أن انفعكم بمالى (تخريجه) (م) وأورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للإمام أحمد

-[قوله تعالى {انك لا تهدى من أحببت} ونصيحة النبى (صلى الله عليه وسلم) لأبى طالب عند موته]- (سورة القصص) (باب انك لا تهدى من أحببت) (عن ابى هريرة) (1) قال قال 370 رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعمه قل لا اله الا الله اشهد (2) لك بها يوم القيامة، قال لولا ان تعيرنى (3) قريش يقولون انما حمله على ذلك الجزع (4) لا قررت بها عينك (5) فانزل الله عز وجل {انك لا تهدى من احببت} (6) (سورة العنكبوت) (باب وتأتون في ناديكم المنكر) (عن ابى صالح) (7) 371 مولى ام هانى (بنت ابى طالب) (رضى الله عنها) قال حدثنى ام هانى قالت لى سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن قوله تعالى {وتأتون فى ناديكم المنكر} (8) قال كانوا يخذفون أهل الطريق ويسخرون

_ ثم قال فى آخره انفرد باخراجه مسلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا يحيى عن يزيد يعنى ابن كيسان قال حدثنى أبو حازم عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) اشهد بالجزم على أنه جواب قل وبالرفع على أنه خبر لمبتدأ محذوف (3) من التعيير أى ينسبونى الى العار (4) بفتح الجيم والزاى هو نقيض الصبر (5) قال النووى أحسن ما يقال فيه ما قاله أبو العباس، قال معنى أقر الله عينه أى بلغه الله أمنيته حتى ترضى نفسه وتقر عينه فلا تستشرف لشئ، وقال الأصمعى معناه أبرد الله دمعته لأن دمعة الفرح باردة، وقيل معناه أراه الله ما يسره (6) (التفسير) {انك لا تهدى من أحببت} قال الحافظ ابن كثير يقول تعالى لرسوله (صلى الله عليه وسلم) انك يا محمد {لا تهدى من أحببت} أى ليس إليك ذلك انما عليك البلاغ والله يهدى من يشاء وله الحكمة البالغة والحجة الدامغة كما قال تعالى {ليس عليك هداهم ولكن الله يهدى من يشاء} وقال تعالى {وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين} وهذه الآية أخص من هذا كله فإنه قال {انك لا تهدى من أحببت} أى أحببت هدايته وقيل أحببته لقرابته (ولكن الله يهدى من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) أى هو أعلم بمن يستحق الهداية ممن يستحق الغراية (قلت) حديث أبى هريرة هذا يدل على أن أبا طالب مات على الكفر، وحديث سعيد بن المسيب عن أبيه عند الشيخين والامام أحمد، وتقدم فى تفسير قوله تعالى {ما كان للنبى والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولى قربى} من سورة التوبة صريح فى ذلك، ففيه فقال أى عم قل لا إله إلا الله كلمة أحاج بها لك عند الله، فقال أبو جهل وعبد الله ابن أمية أترغب عن ملة عبد المطلب؟ فلم يزالا يكلمانه حتى قال آخر شئ كلمهم به على ملة عبد المطلب فقال النبى (صلى الله عليه وسلم) لأستغفرن لك ما لم أنه عنك: فنزلت فيه (انك لا تهدى من أحببت) أى نزلت فى أبى طالب عم النبى (صلى الله عليه وسلم) وقد كان يحوطه وينصره ويقوم فى صفه ويحبه حبًا شديدًا فلما حضرته الوفاة وحان أجله دعاه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى الايمان والدخول فى الاسلام فسبق القدر فيه واختطف من يده فاستمر على ما كان عليه من الكفر ولله الحكمة التامة: على أن حبه للنبى (صلى الله عليه وسلم) لم يضع عليه بل نفعه نفعًا كبيرًا فقد جاء عند مسلم والامام أحمد وسيأتى فى باب وفاة أبى طالب من كتاب السيرة النبوية عن العباس ابن عبد المطلب أنه قال يا رسول الله عمك أبو طالب كان يحوطك ويفعل، قال إنه فى ضحضاح من نار ولولا أنا لكان فى الدرك الأسفل من النار، وستأتى أحاديث غير هذا فى هذا المعنى فى الباب المشار إليه والله أعلم (تخريجه) (م مذ. وغيرهما) (باب) (7) (سنده) حدّثنا حماد بن أسامة قال أخبرنى حاتم بن أبى صغيرة وروح قال ثنا حاتم بن أبى صغيرة قال ثنا سماك بن حرب عن أبى صالح الخ (8) هذه الجملة جزء من آية مرتبطة بآية قبلها وهى قوله عز وجل {ولوطا إذ قال لقومه إنكم لتأتون

-[تفسير قوله تعالى {ولوطا إذ قال لقومه انكم لتأتون الفاحشة} الآية قوله {الم غلبت الروم}]- منهم فذاك المنكر الذى كانوا يأتون، قال روح (1) فذلك قوله تعالى {وتأتون فى ناديكم المنكر} 372 (سورة الروم) (باب الم غلبت الروم) (عن ابن عباس) (2) فى قول الله عز وجل {الم غلبت الروم} قال غُلبت (3) وغَلبت، قال كان المشركون يحبون ان تظهر فارس على الروم لأنهم اهل اوثان، وكان المسلمون يحبون ان تظهر الروم على فارس لأنهم أهل كتاب، فذكروه لأبى بكر (4) فذكره ابو بكر لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) (5) فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اما انهم سيغلبون (6) قال فذكره ابو بكر لهم (7) فقالوا اجعل بيننا وبينك اجلا فان ظهرنا كان لنا كذا وكذا، وان ظهرتم كان لكم كذا وكذا (8) فجعل أجلا خمس سنين

_ الفاحشة ما سبقكم بها من أحد من العالمين أئنكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل وتأتون فى ناديكم المنكر} (التفسير) {ولوطا إذ قال لقومه انكم لتأتون الفاحشة} وهى اتيان الرجال {ما سبقكم بها من أحد من العالمين} أى لم يسبقهم الى هذه الفعلة أحد من بنى آدم قبلهم {انكم لتأتون الرجال وتقطعون السبيل} وذلك أنهم كانوا يفعلون الفاحشة بمن يمر بهم من المسافرين فترك الناس الممر بهم، وقيل تقطعون سبيل النسل بايثار الرجال على النساء {وتأتون فى ناديكم المنكر} النادى والندى والمنتدى مجلس القوم ومتحدثهم، وقد فسر النبى (صلى الله عليه وسلم) المنكر الذى كانوا يأتونه فى ناديهم يخذف أهل الطريق وأنهم يسخرون منهم، قال الامام البغوى وروى أنهم كانوا يجلسون فى مجالسهم وعند كل رجل منهم قصعة فيها حصى فاذا مر بهم عابر سبيل خذفره فأيهم أصابه كان أولى به، وقيل انه كان يأخذ ما معه وينكحه ويغرمه ثلاثة دراهم ولهم قاض بذلك، وقال القاسم بن محمد كانوا يتضارطون فى مجالسهم، وقال مجاهد كان يجامع بعضهم بعضًا فى مجالسهم، وعن عبد الله بن سلام قال كان يبزق بعضهم على بعض، وعن مكحول قال كان من أخلاق قوم لوط مضغ العلك وتطريف الأصابع بالحناء وحل الازار والخذف واللوطية (1) بفتح الراء وسكون الواو هو ابن عبادة أحد رجال السند يعنى فهذا معنى قوله تعالى {وتأتون فى ناديكم المنكر} (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاء للامام أحمد، ثم قال ورواه الترمذى وابن جرير وابن أبى حاتم من حديث أبى أسامة حماد بن أسامة عن أبى يونس القشيرة عن حاتم بن أبى صغيرة عن سماك أهـ (قلت) وأخرجه البغوى من هذا الطريق أيضًا والله أعلم (باب) (2) (سنده) حدّثنا معاوية بن عمرو حدثنا أبو اسحاق عن سفيان عن حبيب بن أبى عمرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) بضم الغين المعجمة أى غلبت الروم أوّلا غلبتها فارس (وغلبت) بفتح المعجمة أى ثم غلبت الروم فارس آخرا (4) أى ذكر المشركون كفار مكة لأبى بكر أن كسرى ملك فارس بعث جيشًا الى قيصر ملك الروم فغلبت فارس الروم فشق ذلك على المسلمين وفرح به كفار مكة وقالوا للمسلمين انكم أهل كتاب والنصارى أهل كتاب (يعنى الروم) ونحن أميون وقد ظهر اخواننا من أهل فارس على اخوانكم من أهل الروم وانكم ان قاتلتمونا لنظهرن عليكم (5) أى فأنزل الله عز وجل {الم غلبت الروم فى أدنى الأرض وهم من بعد غلبهم سيغلبون فى بضع سنين- الى قوله ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله} (6) يعنى فارس (7) أى لكفار مكة قال لهم انكم فرحتم بظهور اخوانكم الفرس فلا تفرحوا فوالله لتظهرن الروم على فارس على ما أخبرنا بذلك نبينا فقام إليه أبى بن خلف الجحى فقال اجعل بيننا وبينك أجلا اله أى مدة (8) معناه إن ظهرت فارس

-[تفسير قوله تعالى {الم غلبت الروم} الآية وقوله {ووصينا الإنسان بوالديه} الآيات]- فلم يظهروا (1) فذكر ذلك أبو بكر لرسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقال الا جعلتها الى دون (2) قال أراه قال العشر، قال سعيد بن جبير البضع ما دون العشر ثم ظهرت الروم بعد (3) قال فذلك قوله {الم غلبت الروم} (4) الى قوله {ويومئذ يفرح المؤمنوم} قال يفرحون {بنصر الله} (سورة لقمان) (باب ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن) (عن سعد بن ابى وقاص) (5) قال قالت امى اليس الله يأمرك 373 بصلة الرحم وبر الوالدين؟ والله لا اكل طعامًا ولا اشرب شرابًا حتى تكفر بمحمد (صلى الله عليه وسلم) فكانت لا تأكل حتى يشجروا (6) فمها بعصا فيصبوا فيه الشراب، قال شعبة (احد الرواة) وأراه (7) قال والطعام فانزلت {ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن} (8) وقرأ حتى بلغ بما كنتم

_ على الروم فى تلك المدة كان لنا كذا وكذا من المال نأخذه منكم، وان ظهرت الروم على فارس فى تلك المدة كان لكم أن تأخذوا منا مقدار كذا وكذا من المال (1) أى فلم تظهر الروم على فارس (2) يعنى الا جعلت المدة إلى دون العشر لأن الله تعالى قال فى بضع سنين، والبضع من الثلاث إلى التسع فخرج أبو بكر ولقى أبيا فقال لعلك ندمت؛ قال لا، فتعال أزايدك فى الخطر يعنى المال (وكان ذلك قبل تحريم القمار) وأما دّك فى الأجل يعنى أزيدك، فجعل الأجل تسع سنين وقيل سبع، وجعل المال مائة قلوص يعنى ناقة شابة، ان ظهرت الروم على فارس فى تلك المدة تؤخذ من أبيّ، وان لم تظهر تؤخذ من أبى بكر (3) كان ظهور الروم على رأس سبع سنين يوم الحديبية وقيل يوم بدر وهذه آية بينة على صحة نبوته (صلى الله عليه وسلم) وأن القرآن من عند الله لأنها أنباء عن علم الغيب (4) (التفسير) {الم غلبت الروم فى أدنى الأرض} أى فى أقرب أرض العرب لأن الأرض المعهودة عند العرب أرضهم، والمعنى غلبوا فى أدنى أرض العرب فيهم وهى أطراف الشام، أو أرادوا أرضهم على انابة اللام مناب المضاف إليه أى فى أدنى أرضهم الى عدوهم أى أقرب أرض الشام الى أرض فارس، قال عكرمة هى أذرعات وكسكر، وقال مجاهد أرض الجزيرة، وقال مقاتل الأردن وفلسطين (وهم من بعد غلبهم) أى الروم من بعد غلبة فارس اياهم والغلب والغلبة لغتان (سيغلبون) فارس (فى بضع سنين) والبضع ما بين الثلاث إلى التسع (لله الأمر من قبل ومن بعد) أى من قبل ذلك ومن بعده فبنى على الضم لما قطع المضاف وهو قوله قبل عن الاضافة ونويت {ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله) أى للروم على فارس، قال السدى فرح النبى (صلى الله عليه وسلم) والمؤمنون بظهورهم على المشركين يوم بدر وظهور أهل الكتاب يعنى الروم على أهل الشرك يعنى فارس {ينصر من يشاء وهو العزيز} الغالب {الرحيم} بالمؤمنين (تخريجه) (مذنس ك) وابن جرير وابن أبى حاتم، وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح غريب انما نعرفه من حديث سفيان الثورى عن حبيب بن أبى عمرة اهـ (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبى (باب) (5) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بسنده وطوله وشرحه وتخريجه فى باب مناقب سعد بن أبى وقاص من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (غريبه) (6) الشجر بسكون الجيم فتح الفم فقوله حتى يشجروا فمها أى يفتحوه بعصا الخ (7) بضم الهمزة أى أظنه (8) (التفسير) {ووصينا الانسان بوالديه حملته أمه وهنا على وهن} قال ابن عباس شدة بعد شدة، وقال الزجاج المرأة إذا حملت توالى عليها الضعف والمشقة، ويقال الحمل ضعف. والطلق ضعف. والوضع ضعف. (وفصاله

-[قوله عز وجل {ان الله عنده علم الساعة} الى آخر السورة وتفسيرها]- تعلمون} (باب ان الله عنده علم الساعة) (عن ابن عباس) (1) فى حديث جبريل عليه السلام انه قال للنبى (صلى الله عليه وسلم) حدثنى متى الساعة؟ قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سبحان الله فى خمس من الغيب لا يعلمهن الا هو {ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما فى الأرحام، وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا، وما تدرى نفس باى ارض تموت، ان الله عليم خبير} 375 (عن بريدة الأسلمى) (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول خمس لا يعلمهن الا الله تعالى {ان الله عنده علم الساعة (3) وينزل الغيث، ويعلم ما فى الارحام، وما تدرى نفس ماذا تكسب غدا، وما تدرى نفس باى أرض تموت: ان الله عليم خبير}

_ في عامين} أى فطامه عن الرضاع لتمام عامين (ان اشكر لى ولوالديك) هو تفسير لوصينا: أى وصيناه بشكرنا وبشكر والديه، قال سفيان بن عيينة فى هذه الآية من صلى الصلوات الخمس فقد شكر الله، ومن دعا للوالدين فى أدبار الصلوات الخمس فقد شكر الوالدين (الىّ المصير) أى مصيرك الىَّ وحسابك علىّ اجازيك على ذلك أوفر جزاء {وان جاهداك على أن تشرك بى ما ليس لك به علم} اراد بنفى العلم به نفيه أى لا تشرك بى ما ليس بشئ يريد الأصنام (فلا تطعهما) قال النخعة يعنى أن طاعتهما واجبة فان أفضى ذاك الى الاشراك بى فلا تطعهما ما فى ذلك لأنه لا طاعة لمخلوق فى معصية الخالق {وصاحبهما فى الدنيا معروفا} صفة مصدر محذوف أى صحابا معروفا حسنا بخلق جميل وحلم واحتمال وبر وصلة (واتبع سبيل من أناب الىّ) أى اتبع دين من أقبل الىّ بطاعتى وهو النبى (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه وكل من تبعه باحسان {ثم الىّ مرجعكم} أى مرجعك ومرجعهما {فانبئكم بما كنتم تعلمون} فأجازيك على إيمانك وأجازيهما على كفرهما (باب) (1) (عن ابن عباس فى حديث جبريل الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب بيان الإيمان والاسلام الخ من كتاب الايمان فى الجزء الأول صحيفة 64 رقم 7 وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما، أما تفسير الآية فسيأتى فى الحديث التالى (2) (سنده) حدّثنا زيد بن الحباب حدثنا حسين بن واقد حدثنى عبد الله قال سمعت أبى بريدة يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخ (قلت) عبد الله المذكور فى السند هو ابن بريدة راوى الحديث (3) قال الامام البغوى فى تفسيره هذه الآية نزلت فى الحارث بن عمرو بن حارثة بن حفصة من أهل البادية أتى النبى (صلى الله عليه وسلم) فسأله عن الساعة ووقتها وقال ان ارضنا أجدبت فقل لى متى ينزل الغيث، وتركت امرأتى حبلى فما تلد ولقد علمت أين ولدت فبأى أرض أموت؟ فأنزل الله عز وجل هذه الآية (4) (التفسير) {إن الله عنده علم الساعة} أى وقت قيامها فى يدرى أحد من الناس متى تقوم الساعة فى أى سنة أو أى شهر أو أى يوم ليلًا أو نهارًا (وينزل الغيث) فى إبانه من غير تقديم ولا تأخير فلا يعلم أحد متى ينزل الغيث ليلًا أو نهارًا إلا الله {ويعلم ما فى الأرحام} أذكر أم أنثى أحمر أم أسود تام الخلقة أم ناقص {وما تدرى نفس} بارة أو فاجرة {ماذا تكسب غدًا} من خير أو شر، وربما كانت عازمة على خير فعملت شرًا أو عازمة على شر فعملت خيرًا {وما تدرى نفس بأى أرض تموت} أى أين تموت وربما أقامت بأرض وضربت أوتادها وقالت لا أبرجها فترمى بها رامى القدر حتى تموت فى مكان لم يخطر ببالها، أى ليس أحد من الناس يعلم أين مضجعه من الارض فى برًا أو بحر في سهل أو

-[قوله عز وجل {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} وكلام العلماء فى سجدة التلاوة]- (سورة السجدة) (باب تتجافى جنوبهم عن المضاجع) (عن معاذ بن جبل) (1) 376 عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال {تتجافى جنوبهم عن المضاجع} (2) قال قيام العبد من الليل

_ جبل (إن الله عليم) بهذه الأشياء وبغيرها من علم الغيب (خبير) أى ببواطن الأشياء كلها ليس علمه محيط بالظاهر فقط بل علمه بالظاهر والباطن وبما كان وبما يكون، قال ابن عباس هذه الخمسة لا يعلمها ملك مقرب ولا نبى مصطفى، فمن ادعى انه يعلم شيئًا من هذه فانه كفر بالقرآن لأنه خالفه والله تعالى أعلم بمراده وأسرار كتابه (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للامام احمد وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجوه، وأورده أيضًا الهيثمى وقال رواه احمد والبزار ورجال احمد رجال الصحيح اهـ (قلت) وفى الباب عند الامام احمد والبخارى عن ابن عمر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مفاتيح الغيب خمس لا يعلمهن إلا الله (إن الله عنده علم الساعة الخ السورة (وللامام احمد أيضًا) قال حدثنا يحيى عن شعبة حدثنى عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة قال قال عبد الله (يعنى ابن مسعود) أوتى نبيكم مفاتيح كل شئ غير خمس (إن الله عنده علم الساعة الخ السورة وكذا رواه عن محمد بن جعفر عن شعبة عن عمرو بن مرة وزاد فى آخره قال قلت له أنت سمعته من عبد الله؟ قال نعم أكثر من خمسين مرة (ورواه أيضًا) عن وكيع عن مسعر عم عمرو بن مرة به، قال الحافظ ابن كثير وهذا اسناد حسن على شرط السنن ولم يخرجوه (قلت) وروى الامام احمد أيضًا عن غندر عن شعبة عن عمرو بن محمد انه سمع أباه يحدث عن ابن عمر عن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال أوتيت مفاتيح كل شيء إلا الخمس: ان الله عنده علم الساعة الخ السورة والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا زيد بن الحباب حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل الخ (غريبه) (2) هذه الآية مرتبطة بالآية التى قبلها وهى قوله تعالى {انما يؤمن بآياتنا الذين اذا ذكروا بها خروا سجدًا وسبحوا بحمد ربهم وهم لا يستكبرون تتجافى جنوبهم عن المضاجع الخ (التفسير) {انما يؤمن بآياتنا} أى انما يصدق بها {الذين إذا ذكروا بها} أى وعظوا بها {خروا سجدًا} أى سجدوا لله تواضعًا وخشوعًا على ما رزقهم من الاسلام واستمعوا لها وأطاعوها قولًا وفعلًا {وسبحوا بحمد ربهم} أى ونزهوا الله عما لا يليق به وأثنوا عليه حامدين له، قيل قالوا سبحان الله وبحمده {وهم لا يستكبرون} عن الايمان به والسجود له (عن أبى هريرة) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اذا قرا ابن آدم السجدة فسجد اعتزل الشيطان يبكى ويقول يا ويلتا أمر ابن آدم بالسجود فسجد فله الجنة، وأمرت بالسجود فأبيت فلى النار، رواه (م حم) وتقدم فى باب فضل سجود التلاوة من كتاب الصلاة فى الجزء الرابع صحيفة 158 رقم 913 وهذه السجدة من عزائم سجود القرآن فتسن للقارى والمستمع وتقدم الكلام على حكمها وكلام الأئمة فى ذلك فى الباب المشار إليه (تتجافى) أى ترتفع وتنحى جنوبهم عن المضاجع، جمع مضجع وهو الموضع الذي يضطجع عليه يعنى الفرش، والمراد بذلك قيام الليل وترك النوم والاضطجاع على الفرش الوطيئة، وهو قول الحسن ومجاهد، عن أنس وعكرمة ومحمد بن المنكدر وأبى حازم وقتادة هو الصلاة بين العشاءين، وعن أنس أيضًا هو انتظار صلاة العتمة رواه ابن جرير باسناد جيد، وقال الضحاك صلاة العشاء فى جماعة وصلاة الغداة فى جماعة {يدعون ربهم خوفًا وطمعًا} قال ابن عباس خوفًا من النار وطمعًا فى الجنة {ومما رزقناهم ينفقون} قيل أراد به الصدقة المفروضة، وقيل بل هو عام فى الواجب والتطوع {فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين} أي

-[قوله عز وجل {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر} وتفسيرها]- (باب ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر) 377 (ز) (عن ابى ابن كعب) (رضى الله عنه) (1) فى هذه الآية {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى (2)

_ مما تقربه أعينهم فلا يلتفتون الى غيره، قال ابن عباس هذا مما لا تفسير له، وعن الحسن اخفى القوم أعمالًا فى الدنيا وأخفى الله لهم ما لا عين رأت ولا أذن سمعت (وعن أبى هريرة) عن النبى (صلى الله عليه وسلم) قال اعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر، واقرءوا ان شئتم فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين (ق حم) {جزاء بما كانوا يعملون} أى من الطاعات فى دار الدنيا (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد: وشهر لم يدرك معاذا وفيه ضعف وقد وثق، وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) ورواه (مذ نس جه) والامام احمد فى موضع آخر مطولًا من طرق عن معمر عن عاصم بن أبى النجود عن أبى وائل عن معاذ بن جبل، وقال الترمذى حسن صحيح اهـ وله شواهد كثيرة فى الصحيحين وغيرهما منها حديث أبى هريرة المتقدم ذكره، ومنها حديث سهل بن سعد الساعدى قال شهدت من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مجلسًا وصف فيه الجنة حتى انتهى ثم قال فى آخر حديثه وفيها ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ثم قرأ هذه الآية تتجافى جنوبهم عن المضاجع إلى قوله يعلمون: رواه مسلم ورواه أيضًا الامام احمد وسيأتى فى باب ذكر الجنة وأوصافها من كتاب قيام الساعة ان شاء الله تعالى والله الموفق (باب) (1) (ز) (سنده) حدّثنا عبيد الله بن عمر القواريرى حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة عن قتادة عن عزرة عن الحسن العدبى عن يحيى بن الجزار عن ابن ابى ليلى عن أبى بن كعب الخ (2) (التفسير) هذه الآية مرتبطة بالآيات المتقدمة قبلها وهى قوله تعالى {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون} أى لا يستوون عند الله يوم القيامة، وقد ذكر عطاء بن يسار والسدى وغيرهما أنها نزلت فى على بن أبى طالب والوليد بن عقبة بن أبى معيط أخى عثمان لأمه وذلك، أنه كان بينهما تنازع وكلام فى شئ فقال الوليد بن عقبة لعلى اسكت فانك صبى وأنا والله أنشط منك لسانا واحد سنانا واشجع منك جنانًا وأملًا منك حشوًا فى الكتيبة، فقال له علىّ اسكت فانك فاسق فأنزل الله تعالى {أفمن كان مؤمنًا كمن كان فاسقًا لا يستوون} ولم يقل لا يستويان لأنه لم يرد مؤمنًا واحدًا وفاسقًا واحدًا بل أراد جميع المؤمنين وجميع الفاسقين {أما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فلهم جنات المأوى} التى يأوى اليها المؤمنون {نزلا بما كانوا يعملون وأما الذين فسقوا} أى خرجوا عن الطاعة {فمأواهم النار كلما أرادوا أن يخرجوا منها أعيدوا فيها} قال الفضيل بن عياض والله إن الأيدى لموثقة وان الأرجل لمقيدة وان اللهب ليرفعهم والملائكة تقمعهم {وقيل لهم ذوقوا عذاب النار الذى كنتم به تكذبون} أى يقال لهم ذلك تقريعًا وتوبيخًا {ولنذيقنهم من العذاب الأدنى) قال ابن عباس يعنى بالعذاب الأدنى مصائب الدنيا وأسقامها رآفاتها وما يحل بأهلها مما يبتلى الله به عباده ليتوبوا، وهذا معنى قول أبىّ بن كعب فى الحديث (المصيبات) وروى مثله عن أبى العالية والحسن وابراهيم النخعى والضحاك وعلقمة ومجاهد وقتادة، وهذه واحدة من الآيات الأربع المذكورة فى الحديث التى أصيب بها كفار قريش (والثانية الدخان) على تفسير ابن مسعود قال تعالى {فارتقب يوم تأت السماء بدخان مبين يغشى الناس هذا عذاب أليم} قال ابن مسعود ان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما دعى قريشا (يعنى الى الاسلام) كذبوه واستعصوا عليه فقال اللهم أعنى عليهم بسبع كسبع يوسف فأصابتهم سنة حصت كل شئ (أي أذهبت

-[قوله عز وجل {ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه}]- دون العذاب الأكبر} (1) قال المصيبات والدخان قد مضيا (2) والبطشة (3) واللزام (4) (سورة الأحزاب) (باب) ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه) (عن قابوس بن ابى ظبيان) (5) ان اباه حدثه قال قلت لابن عباس (رضى الله عنهما) ارأيت قول الله عز وجل {ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه} ما عنى بذلك؟ قال قام نبى الله (صلى الله عليه وسلم) يوما يصلى قال فخطر خطرة (6) فقال المنافقون الذين يصلون معه الا ترون له قلبين

_ كل شئ لهم، حتى كانوا يأكلون الميتة وكان يقوم أحدهم فكان يرى بينه وبين السماء مثل الدخان من الجهد والجوع ثم قرأ (فارتقب يوم تأت السماء بدخان مبين "الى قوله" انكم عائدون) (خ حم وغيرهما) وسيأتى فى تفسير سورة الدخان (1) دون العذاب الأكبر) أى سوى العذاب الأكبر وهو عذاب الآخرة فى جهنم {لعلهم يرجعون} أى الى الايمان يعنى من بقى منهم بعد القحط وبعد بدر (2) روى البخارى عن ابن مسعود قال (مضى خمس الدخان) يعنى قوله تعالى: {يوم تأتى السماء بدخان مبين} (والروم) فى قوله: {آلم غلبت الروم} (والقمر) فى قوله تعالى: {اقتربت الساعة وانشق القمر} (والبطشة) فى قوله تعالى: {يوم نبطش البطشة الكبرى} (واللزام) فى قوله {فسوف يكون لزاما} ويستفاد منه ومن حديث الباب أن الدخان والبطشة واللزام كلها مضت، وانكر ابن مسعود قول من قال ان الدخان يجئ قبيل قيام الساعة (وقال الحافظ) هذا الذى أنكره ابن مسعود قد جاء عن على، فأخرج عبد الرزاق وابن أبى حاتم من طريق الحارث عن على قال آية الدخان لم تمض بعد يأخذ المؤمن كهيئة الزكام، وينفخ الكافر حتى ينفد، ويؤيد كون آية الدخان لم تمض ما أخرجه مسلم من حديث أبى شريحة رفعه لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات: طلوع الشمس من مغربها والدخان والدابة) الحديث، وروى الطبرى من حديث ربعى عن حذيفة مرفوعًا فى خروج الآيات والدخان، قال حذيفة يا رسول الله وما الدخان؟ فتلا هذه الآية، قال أما المؤمن فيصيبه منه كهيئة الزكمة، وأما الكافر فيخرج من منخريه وأذنيه ودبره: واسناده ضعيف: وذكر الحافظ روايات أخرى ضعيفة ثم قال لكن تضافر هذه الأحاديث يدل على أن لذلك أصلا أهـ قال العينى فى العمدة وقال ابن دحية الذى يقتضيه النظر الصحيح حمل أمر الدخان على قضيتين، احداهما وقعت وكانت: والأخرى ستقع أى بقرب القيامة اهـ (قلت وهذا جمع حسن) (3) قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره فسر ذلك ابن مسعود يعنى البطشة بيوم بدر وهو قول جماعة ممن وافق ابن مسعود على تفسيره الدخان بما تقدم وروى أيضًا عن ابن عباس (رضى الله عنهما) من رواية العوفى عنه، وعن أبي بن كعب (رضى الله عنه) وهو محتمل: والظاهر أن ذلك يوم القيامة وان كان يوم بدر يوم بطشة أيضًا (4) قال الترمذى اللزام يوم بدر اهـ وقد اختلف فيه فذكر ابن أبى حاتم فى تفسيره أنه القتل الذى أصابهم ببدر وروى ذلك عن ابن مسعود وأبى بن كعب ومجاهد وقتادة والضحاك، قال القرطبى فعلى هذا تكون البطشة واللزام واحد، وعن الحسن اللزام يوم القيامة، وعنه أنه الموت، وقيل يكون ذنبكم عذابًا لازمًا لكم كذا فى العمدة والله أعلم (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه لعبد الله بن الامام أحمد ثم قال ورواه مسلم من حديث شعبة به موقوفًا نحوه، وعند البخارى عن ابن مسعود نحوه والله أعلم (باب) (5) (سنده) حدّثنا حسن حدثنا زهير عن قابوس بن أبى ظبيان الخ (غريبه) (6) يريد الوسوسة التى تحصل للانسان فى صلاته، قال فى النهاية فى حديث سجود السهو حتى يخطر

-[ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه) وقوله {ادعوهم لابائهم} الخ]- قال قلب معكم (1) وقلب معهم فأنزل الله عز وجل {ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه} (2) 379 (باب ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله) (عن زيد بن حارثة الكلبى) (3) مولى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ان عبد الله بن عمر كان يقول ما كنا ندعوه الا زيد بن محمد (4) حتى نزل القرآن {ادعوهم لآبائهم هو اقسط عند الله} (5)

_ الشيطان بين المرء وقلبه يريد الوسوسة، ومنه حديث ابن عباس قام نبى الله (صلى الله عليه وسلم) يوما يصلى فخطر خطرة فقال المنافقون ان له قلبين اهـ وفى رواية صلى النبى (صلى الله عليه وسلم) صلاة فسها فيها فخطرت منه كلمة فسمعها المنافقون فقالوا ان له قلبين فنزلت (1) يعنى مع المنافقين (وقلب معهم) يعنى مع أصحابه (2) هذا الكلام مرتبط بما بعده وبقية الآية {وما جعل أزواجكم اللاتى تظاهرون منهن أمهاتكم وما جعل أدعياءكم أبناءكم ذلكن قولكم بأفواهكم والله يقول الحق وهو يهدى السبيل} (التفسير) {ما جعل الله لرجل من قلبين فى جوفه} اى ما جمع الله قلبين فى جوف، والمعنى انه تعالى لم يجعل للانسان قلبين لأنه لا يخلو إما أن يفعل الآخر فعلا من أفعال القلوب فأحدهما فضلة غير محتاج اليه، وإما أن يفعل بهذا غير ما يفعل بذاك فذلك يؤدى الى اتصاف الجملة بكونه مريدا كارها عالما ظانا موقنا شاكا فى حالة واحدة {وما جعل أزواجكم اللائى تظاهرون منهن امهاتكم} صورة الظهار أن يقول الرجل لامرأته انت علىَّ كظهر أمى يقول تعالى {ما جعل نساءكم اللائى تقولون لهن هذا فى التحريم كأمهاتكم ولكنه منكر وزور وفيه كفارة وتقدم الكلام على ذلك فى كتاب الظهار وما جاء فى لفظه صحيفة 21 فى الجزء السابع عشر {وما جعل أدعياءكم} يعنى من تبنيتموه (أبناءكم) فيه نسخ النبى وذلك أن الرجل فى الجاهلية كان يتبنى الرجل فيجعله كالابن المولود له يدعوه الناس اليه ويرث ميراثه وكان النبى (صلى الله عليه وسلم) أعتق زيد بن حارثة بن شراحيل الكلبى وتبناه قبل الوحى وأخى بينه وبين حمزة بن عبد المطلب، فلما تزوج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زينب بنت جحش وكانت تحب زيد بن حارثة قال المنافقون تزوج محمد امرأة ابنه وهو ينهى الناس عن ذلك فأنزل الله هذه الآية ونصح النبى {ذلكم قولكم بأفواهكم} لا حقيقة له يعنى قولهم زيد بن محمد كما سياتى فى الحديث التالى وادعاء نسب لا حقيقة له {والله يقول الحق} يعنى قوله الحق {وهو يهدى السبيل} أى يرشد الى سبيل الحق (تخريجه) (؟؟؟؟؟) وابن جرير وابن ابى حاتم وحسنه الترمذى وصححه الحاكم وتعقبه الذهبى فقال قابوس ضعيف اهـ (قلت) قابوس وثقه ابن معين وقال النسائى ليس بالقوى وقال ابن عدى أرجو انه لا باس به (قلت) ولذلك حسنه الترمذى والله أعلم (باب) (3) (سنده) حدّثنا عفان حدثنا وهيب حدثنى موسى بن عقبة قال حدثنى سالم عن عبد الله بن عمر عن زيد بن حارثة الكلبى الخ هكذا سنده عند الامام أحمد وجاء عند البخارى قال حدثنا معلىَّ بن أسد حدثنا عبد العزيز ابن المختار حدثنا موسى بن عقبه قال حدثنى سالم عن عبد الله بن عمر (رضى الله عنهما) ان زيد بن حارثة مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما كنا ندعوه إلا زيد بن محمد الحديث (4) أى لأن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان تبناه قبل النبوة (5) (التفسير) {ادعوهم لآبائهم} اى الذين ولدوهم فقولوا زيد بن حارثة (هو أقسط عند الله) أى أعدل عند الله {فان لم تعلموا اباءهم} أى فان لم تعلموا آباءًا تنسبوهم اليهم {فاخوانكم فى الدين ومواليكم} أى فهم اخوانكم فى الدين وأولياؤكم فى الدين، فقولوا هذا أخى وهذا مولاى ويا أخي ويا مولاي يريد

-[قوله تعالى {من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} وفيه منقبة لأنس بن النضر]- (باب من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه الآية) (عن ثابت) (1) قال انس (2) عمىِّ قال هاشم (3) أنس بن النضر سميت به لم 380 يشهد مع النبى (صلى الله عليه وسلم) يوم بدر قال فشق عليه وقال فى اول مشهد شهده رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غبت عنه (4) لئن ارانى الله مشهدا فيما بعد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليرين (5) الله ما اصنع قال فهاب ان يقول غيرها (6) قال فشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم أحد قال فاستقبل سعد بن معاذ قال فقال له انس يا أبا عمرو (7) أين؟ واهًا لريح الجنة (8) اجده دون احد: قال فقاتلهم حتى قتل فوجد فى جسده بضع وثمانون من ضربة وطعنة ورمية فقالت أخته عمتى الرُّبيِّع بنت النضر فما عرفت اخى الا ببنانه (9) ونزلت هذه الآية {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه (10)} فمنهم من قضى نحبه

_ الأخوة في الدين والولاية فيه {وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به} أى قبل النهى فنسبتموه الى غير أبيه {ولكن ما تعمدت قلوبكم} اى من دعائهم الى غير آبائهم بعد النهى، وقيل فيما أخطأتم به أن تدعوه الى غير أبيه وهو يظن أنه كذلك {وكان الله غفورًا رحيمًا} لا يؤاخذكم بالخطأ ويقبل التوبة من المتعمد (تخريجه) (ق مذ نس وغيرهم) (باب) (1) (سنده) حدّثنا بهز وحدثنا هاشم قال ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت الخ (غريبه) (2) هو ابن مالك خادم النبى (صلى الله عليه وسلم) (3) هاشم هو أحد الراويين الذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث، والثانى بهز فقال هاشم فى روايته قال أنس عمى أنس بن النضر سميت به لم يشهد الخ فذكر اسم عم أنس، أما بهز فقال فى روايته قال أنس عمى سميت به لم يشهد الخ فلم يذكر اسم عم أنس (ولفظ عمى) مبتدأ وخبره لم يشهد بدرًا وقوله (سميت به) جملة معترضة (4) يعنى غزوة بدر لأنها أول غزوة خرج فيها النبى (صلى الله عليه وسلم) بنفسه مقاتلا، وقد تقدمها غيرها لكن ما خرج فيها (صلى الله عليه وسلم) بنفسه مقاتلًا (5) النووى ضبطوه بوجهين أحدهما ليرين بفتح الياء والمراد أى يراه الله واقعًا بارزًا، والثانى ليرين بضم الياء وكسر الراء ومعناه ايرين الله الناس ما أصنعه ويبرزه الله تعالى لهم (وقوله ما أصنع) مفعول لقوله ليرين، ومراده أن يبالغ فى القتال ولو زهقت روحه (6) معناه قال أنس بن مالك فهاب أنس بن النضر أن يقول غير هذه الكلمة وذلك على سبيل الأدب منه والخوف لئلا يعرض له عارض فلا يفى بما يقول فيصير كمن وعد فأخلف (7) كنية سعد بن معاذ (أين؟) أى أين تذهب ولم ينتظر جواب سعد بن معاذ لشدة اشتياقه الى القتال (8) قال فى القاموس واهاله وبترك تنوينه كلمة تعجب من طيب كل شئ وكلمة تلهف اهـ وفى رواية للبخارى فقال يا سعد انى أجد ريح الجنة دون أحد، قال الحافظ يحتمل أن يكون ذلك على الحقيقة بأن يكون شم رائحة طيبة زائدة عما يعهد فعرف أنها ريح الجنة، ويحتمل أن يكون أطلق ذلك باعتبار ما عنده من اليقين حتى كأن الغائب عنه صار محبوسًا عنده، والمعنى أن الموضع الذى قاتل فيه يؤول بصاحبه الى الجنة (9) بفتح الباء الموحدة والنون جمع بنانة وهى الأصبع، وقيل طرفها (10) (التفسير) {رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه} المراد بالمعاهدة المذكورة ما تقدم ذكره من قوله تعالى {ولقد كانوا عاهدوا الله من قبل لا يولون الأدبار} وكان ذلك أول ما خرجوا الى أحد وهو قول ابن اسحاق، وقيل ما وقع ليلة العقبة من الأنصار إذ بايعوا النبى (صلى الله عليه وسلم) أن يؤووه وينصروه ويمنعوه والأول أقرب {فمنهم من قضى نحبه} أى مات أو قتل فى سبيل الله، وأصل النحب النذر، فلما كان كل حبى لابد له من الموت فكأنه نذر لازم له، فاذا مات فقد قضاه، والمراد هنا من مات على عهده لمقابلته بمن ينتظر

-[قوله تعالى {يا أيها النبى قل لأزواجك إن كنتن تردن الحياة الدنيا الخ} وتفسيرها]- ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلًا) فكانوا يرون انها نزلت فيه وفى أصحابه (1) 381 (باب يا ايها النبى قل لأزواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا الخ) (عن جابر بن عبد الله) (2) قال اقبل ابو بكر يستأذن على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والناس ببابه جلوس فلم يؤذن له، ثم اقبل عمر فاستأذن فلم يؤذن له، ثم اذن لابى بكر وعمر (رضى الله عنهما) فدخلا والنبى (صلى الله عليه وسلم) جالس وحوله نساؤه وهو ساكت، فقال عمر لا كلمن النبى (صلى الله عليه وسلم) لعله يضحك (3) فقال عمر يا رسول الله لو رأيت بنت زيد امرأة عمر فسألتنى النفقة آنفا فوجأت عنقهما (4) فضحك النبى (صلى الله عليه وسلم) حتى بدا نواجذه قال هن حولى كما ترى يسألننى النفقة، فقام ابو بكر (رضى الله عنه) الى عائشة ليضربها، وقام عمر الى حفصة كلاهما يقول تسألان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما ليس عنده؟ فنهاهما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلن نساؤه والله لا نسأل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد هذا المجلس ما ليس عنده، قال وانزل الله عز وجل الخيار فبدأ بعائشة فقال انى اريد ان اذكر لك أمرا ما أحب ان تعجلى فيه (5) حتى تستامرى ابويك قالت ما هو؟ قال فتلا عليها {يا ايها النبى قل لأزواجك} (6) الآية قالت عائشة افيك استأمر ابوى؟ بل اختار الله ورسوله (7) وأسألك ان لا تذكر لامرأة من نسائك ما اخترت، فقال إن

_ ذلك وأخرج ذلك ابن أبى حاتم باسناد حسن عن ابن عباس كذا قاله الحافظ (ومنهم من ينتظر) يعنى من بقى بعد هؤلاء المؤمنين ينتظرون أحد الأمرين، إما الشهادة أو النصر على الأعداء {وما بدلوا تبديلًا} أى ما غيروا عهد الله وما نقضوه (1) أى كحمزة وغيره ممن قتلوا فى غزوة أحد (تخريجه) (م نس مذ) وابن جرير وابن أبى حاتم (باب) (2) (سنده) حدّثنا عبد الملك بن عمرو أبو عامر: قال ثنا زكريا يعنى ابن اسحاق عن أبى الزبير عن جابر الخ (غريبه) (3) قال النووى فيه استحباب مثل هذا وان الانسان اذ رأى صاحبه مهمومًا حزينًا يستحب له أن يحدثه بما يضحكه أو يشغله ويطيب نفسه (4) أى طعنت والعنق الرقبة وهو مذكر والحجاز تؤنث، والنون مضمومة للاتباع فى لغة الحجاز وساكنة فى لغة تميم قاله الفيومى (5) أى ما أود ان تستعجلى ولا بأس عليك فى التأنى وعدم العجلة (حتى تستأمرى أبويك) أى تشاورى وتطلبى منهما أن يبينا لك رأيهما فى ذلك (6) (تفسير) {يا أيها النبى قل لأزواجك} وهن تسع وطلبن منه من زينة الدنيا وسعتها ما ليس عنده {ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها} أى السعة فى الدنيا وكثرة الأموال (فتعالين) أصل تعال ان يقوله من فى المكان المرتفع لمن فى المكان المستوطى، ثم كثر حتى استوى فى استعماله الأمكنة، ومعنى تعالين اقبلن بارادتكن واختياركن لأحد الأمرين، ولم يرد نهوضهن اليه بأنفسهن كقوله قام يهددنى (امتعكن) أى اعطكن متعة الطلاق وتستحب المتعة لكل مطلقة إلا المفرضة قبل الوطئ {واسرحكن سراحًا جميلًا} أى اطلقكن طلاقًا من غير اضرار، وكن أردن شيئًا من الدنيا من ثياب وزيادة نفقة وتغايرن، فغم ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فنزلت فبدأ بعائشة وكانت احبهن اليه فخيرها وقرأ عليها القرآن فاختارت الله ورسوله والدار الآخرة، فرؤى الفرح فى وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم اختار جميعهن احتيارها {وان كنتن تردن الله ورسوله والدار الآخرة} أى الجنة {فان الله أعد للمحسنات منكن} من للبيان لا للتبعيض {أجرًا عظيمًا} ثوابًا جزيلًا فى الجنة (7) معناه أن هذا الأمر لا يحتاج إلى مشاورة لأنى لا أوثر الدنيا وزينتها على رضا الله ورسوله

-[قوله عز وجل {انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت} الآية]- الله عز وجل لم يبعثنى معنفا (1) (وفى رواية معنتا أو مفتنا) ولكن بعثنيى معلمًا ميسرًا لا تسألنى امرأة منهن عما اخترت إلا أخبرتها (عن عائشة) (2) قالت لما أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بتخيير أزواجه 382 بد أبى فقال يا عائشة انى اذكر لك امرا ولا عليك أن لا تستعجلى حتى تذاكرى ابويك، قالت وقد علم ان ابوَّى لم يكونا ليأمرانى بفراقه، ثم قال ان الله عز وجل يقول {يا ايها النبى قل لازواجك ان كنتن تردن الحياة الدنيا وزينتها "حتى بلغ" اعد للمحسنات منكن اجرا عظيما} (3) فقلت فى اى هذا استأمر ابوى فإنى قد اخترت الله ورسوله والدار الآخرة، قالت ثم فعل ازواج النبي (صلى الله عليه وسلم) ما فعلت (وفى لفظ) فقلت قد اخترت الله ورسوله، قالت ففرح لذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (باب انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت) (عن عطاء بن ابى رباح) (4) قال حدثنى من سمع ام سلمة فذكر ان النبى (صلى الله عليه وسلم) كان فى بيتها فآتته فاطمة ببرمة (5) فيها خزبرة فدخلت بها عليه فقال ادعى زوجك وابنيك قالت فجاء على والحسين والحسن فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الخزبرة وهو على منامة له (6) على دكان تحته كساء له خيبررى قالت وانا اصلى فى الحجرة، فانزل الله عز وجل هذه الآية {انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا} (7)

_ ونعيم الآخرة ولذلك سر النبي (صلى الله عليه وسلم) منها سرورًا عظيمًا وفيه منقبة ظاهرة لعائشة (رضى الله عنها) (1) العنف هو بالضم الشدة والمشقة: وكل ما فى الرفق من الخير ففى العنف من الشر مثله: وكذا قوله معنتا أى مشددا على الناس وملزما اياهم ما يصعب عليهم (وقوله أو مفتنا) أى ممتحنا ومختبرا طالبا زلاتهم ولكن بعثنى معلما ميسرا وقد أخبرهن النبى (صلى الله عليه وسلم) باختيار عائشة فاخترن جميعهن ما اختارت رضى الله عنهن (تخريجه) (ق مذنس. وغيرهم) (2) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق أخبرنا أبو عوانة عن عمر بن أبى سلمة عن أبيه عن عائشة قالت الخ (غريبه) (3) تقدم شرح الحديث وتفسير الآية فى شرح الحديث السابق (تخريجه) (ق نس مذ) (باب) (4) (سنده) حدثنا عبد الله ابن نمير قال حدثنا عبد الملك يعنى ان أبى سليمان عن عطاء بن أبى رباح الخ (غريبه) (5) البرمة القدر مطلقا، وجمعها برام وهى فى الأصل المتخذة من الحجر المعروف بالحجاز واليمن (والخزيرة بخاء معجمة مفتوحة ثم زاى مكسورة لحم يقطع صغارا ويصب عليه ماء كثير فاذا نضج ذر عليه الدقيق، فان لم يكن فيها لحم فهى عصيدة، وقيل هى حسًا من دقيق ودسم، وقيل اذا كان من دقيق فهى حريرة بحاء مهملة ثم راءين، وإذا كان من نخالة فهى خزيرة (نه) (6) قال فى النهاية (وفى حديث على) دخل علىَّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا على المنامة) قال هى ها هنا الدكان (بتشديد الكاف) التي ينام عليها، وفى غير هذا هى القطيفة والميم الأولى زائدة، (وقال) فى موضع آخر الدكان الدكة المبنية للجلوس عليها والنون مختلف فيها فمنهم من يجعلها أصلا ومنهم من يجعلها زائدة اهـ يستفاد من هذا انه (صلى الله عليه وسلم) كان نائما على دكة مفروشة بكساء خيبرى نسبة الى خيبر والله أعلم (7) (التفسير) {انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس} قيل هو الشك وقيل هو الاثم الذى نهى الله النساء عنه، وقال ابن عباس يعنى عمل الشيطان وما ليس لله فيه رضا، وقيل الرجس اسم لكل مستقذر من عمل قاله النووى (أهل البيت) نصب على النداء (ويطهركم

-[كلام العلماء فى أهل البيت المذكورين فى الآية من هم؟]- قالت فأخذ فضل الكساء فغشاهم به (1) ثم اخرج يده فألوى (2) بها الى السماء ثم قال اللهم هؤلاء اهل بيتى وخاصتى فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قالت فأدخلت رأسى البيت فقلت وأنا معكم يا رسول الله؟ قال انك الى خير، انك الى خير (3) قال عبد الملك وحدثنى ابو ليلى عن ام سلمة مثل حديث عطاء سواء، قال عبد الملك وحدثنى داود بن ابى عوف الجحاف عن حوشب عن ام سلمة بمثله سواء (باب ان المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات: الى آخر الآية) (عن عبد الرحمن بن شيبة) (4) قال سمعت أم سلمة زوج النبى (صلى الله عليه وسلم) تقول

_ تطهيرا) من الأرجاس والأدناس ونجاسة الآثام (1) أى غطاهم (2) أى رفعها (3) كررها للتأكيد وجاء عند الترمذى بلفظ (أنت على مكانك وأنت على خير) والمعنى أنت على مكانك من كونك من أهل بيتى، وأنت على خير ولا حاجة لك فى الدخول تحت الكساء كأنه منعها عن ذلك لمكان على (تخريجه) الحديث فى اسناده عند الامام احمد رجل لم يسم لكن له طرق أخرى عنده ليس فيها مجهول كما صرح بذلك عبد الملك فى نفس الحديث، قال وحدثنى أبو ليلى عن أم سلمة مثل حديث عطاء سواء قال عبد الملك وحدثنى داود ابن أبى عوف الجحاف عن حوشب عن أم سلمة بمثله: ورواه أيضا ابن جرير من طرق كثيرة ليس فيها مجهول ويعضد بعضها بعضا، ورواه أيضا الحاكم وصححه وأقره الذهبى (وقد اختلف العلماء) فى أهل البيت المذكورين فى الآية (قال ابن عباس) وعكرمة وعطاء والكلبى ومقاتل وسعيد بن جبير إن أهل البيت المذكورين فى الآية هم زوجات النبى (صلى الله عليه وسلم) خاصة قالوا والمراد بالبيت بيت النبى (صلى الله عليه وسلم) ومساكن زوجاته لقوله تعالى {واذكرن ما يتلى فى بيوتكن من آيات الله والحكمة} (وذهب أبو سعيد الخدرى) وجماعة من التابعين منهم مجاهد وقتادة غيرهم الى أنهم على وفاطمة والحسن والحسين رضى الله عنهم (وتمسك الأولون) بما أخرجه ابن أبى حاتم وابن عساكر من طريقر عكرمة عن ابن عباس فى الآية قال نزلت فى نساء النبى (صلى الله عليه وسلم) خاصة، وقال عكرمة من شاء باهلته أنها نزلت فى أزواج النبى صلى الله عليه وسلم، وروى هذا عنه بطرق (وتمسك الآخرون) بحديث الباب وحديث أنس بن مالك أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يمر بباب فاطمة ستة أشهر إذا خرج لصلاة الفجر يقول الصلاة يا أهل البيت، إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت وبطهركم تطهيرا، رواه الترمذى والامام أحمد وسيأتى فى الباب الأول من أبواب مناقب آل البيت من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (وتوسطت طائفة ثالثة) بين الطائفتين فجعلت هذه الآية شاملة للزوجات ولعلى وفاطمة والحسن والحسين، أما الزوجات فلكونهن المرادات فى سياق هذه الآيات ولكونهن الساكنات فى بيوته (صلى الله عليه وسلم) النازلات فى منازله ويعضد ذلك ما تقدم عن ابن عباس وغيره: وأما دخول على وفاطمة والحسن والحسين فلكونهم قرابته وأهل بيته فى النسب: ولحديث زيد بن أرقم عند مسلم والإمام أحمد وتقدم فى أول أبواب الاعتصام بالكتاب والسنة فى الجزء الاول صحيفة 185 وفيه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال أذكركم الله فى أهل بيتى ثلاثا فقال له حصين ومن أهل بيته يا زيد! أليس نساؤه من أهل بيته قال نساؤه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال ومن هم؟ قال هم آل على وآل عقيل وآل عباس رضى الله عنهم وقد رجح هذا القول جماعة من المحققين منهم القرطبي وابن كثير وغيرهما والله أعلم (باب) (4) (سنده) حدثنا

-[قوله عز وجل (ان المسلمين والمسلمان) الآية وتفسيرها]- قلت للنبى (صلى الله عليه وسلم) ما لنا لا نذكر فى القرآن كما يذكر الرجال، قالت فلم يرعى (1) منه يومئذ الا ونداؤه على المنبر: قالت وانا اسرح شعرى فلففت شعرى ثم خرجت الى حجرة من حجر بيتى فجعلت سمعى عند الجريد (2) فاذا هو يقول عند المنبر يا ايها الناس ان الله يقول فى كتابه (ان المسلمين والمسلمات (3) والمؤمنين والمؤمنات "الخ الآية" اعد الله لهم مغفرة وأجرا عظيما) (باب واتق الله وتخفى فى نفسك الخ) (حدثنا مؤمَّل بن اسماعيل) (4) ثنا حماد بن زيد ثنا ثابت عن أنس (5)

_ عثمان قال ثنا عبد الواحد بن زياد قال عثمان بن حكيم قال ثنا عبد الرحمن بن شيبة الخ (غريبه) (1) بفتح أوله وضم ثانيه وسكون العين المهملة وكسر النون أى لم أشعر: كأنه فاجأها من غير موعد ولا معررفة ولا وقت خطبه فراعها ذلك وأفزعها (2) معناه أنها رفعت رأسها الى جهة الجريد الذى هو سقف المسجد إذ ذاك لقرب النبى (صلى الله عليه وسلم) وهو على المنبر لكونه غير مرتفع عن المنبر كثيرا (3) (التفسير) {إن المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات} فى هذا التعبير دلالة على أن الايمان غير الاسلام، والى ذلك ذهب جمهور العلماء لأن المسلم قد يكون مؤمنا فى بعض الأحوال ولا يكون مؤمنا فى بعضها، والمؤمن مسلم فى جميع الأحوال فكل مؤمن مسلم وليس كل مسلم مؤمنا، وأصل الاسلام الاستسلام والانقياد، وأصل الايمان التصديق، فقد يكون المرء مستسلما فى الظاهر غير منقاد فى الباطن، وقد يكون صادقا فى الباطن غير منقاد فى الظاهر، والمراد بالمسلم هنا المنقاد الذى لا يعاند أو المفوض أمره إلى الله المتوكل عليه من أسلم وجهه إلى الله وكذلك المسلمات (والمؤمنين) المصدقين بالله ورسوله وبما يجب أن يصدق به وكذلك (المؤمنات) (والقانتين) القائمين بالطاعة وكذلك (القانتات) (والصادقين) فى النيات والأقوال والأفعال وكذلك (الصادقات) والصابرين على الطاعات وعن السيئات وفى المحن والابتلاء وكذلك (الصابرات) (والخاشعين) المتواضعين لله بالقلوب والجوارح الخائفين من عذابه وكذلك (الخاشعات) والمتصدقين والمتصدقات فرضا ونفلا (والصائمين والصائمات) فرضا ونفلا (والحافظين فروجهم) مما لا يحل وكذلك (الحافظات) فروجهن (والذاكرين الله كثيرا) بالتسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وقراءة القرآن والاشتغال بالعلم من الذكر ايضا وكذلك (الذاكرات) (أعد الله لهم مغفرة) أى بمحو ذنوبهم (وأجرا عظيما) يعنى الجنة لا أحرمنا الله منها (تخريجه) (نس ك) وابن جرير وصححه الحاكم وأقره الذهبى (فائدة) عن عطاء بن ابى رباح قال من فورض أمره إلى الله فهو داخل فى قوله (إن المسلمين والمسلمات) ومن أقر بأن الله ربه ومحمدا رسوله ولم يخالف قلبه لسانه فهو داخل فى قوله (والمؤمنين والمؤمنات) ومن أطاع الله فى الفرض والرسول فى السنة فهو داخل فى قوله (والقانتين والقانتات) ومن صان قوله عن الكذب فهو داخل فى قوله (والصادقين والصادقات) ومن صبر على الطاعة وعن المعصية وعلى الرذية فهو داخل فى قوله (والصابرين والصابرات) ومن صلى فلم يعرف من عن يمينه وعن شماله فهو داخل فى قوله (والخاشعين والخاشعات) ومن تصدق فى كل أسبوع بدرهم فهو داخل فى قوله (والمتصدقين والمتصدقات) ومن صام ل شهر أيام البيض وهى الثالث عشر والرابع عشر والخامس عشر فهو داخل فى قوله (والصائمين والصائمات) ومن حفظ فرجه مما لا يحل فهو داخل فى قوله (والحافظين فروجهم والحافظات) ومن صلى الصلوات الخمس بحقوقها فهو داخل فى قوله (والذاكرين الله كثيرا والذاكرات) نسأل الله أن يجعلنا منهم آمين (باب) (4) (حدثنا مؤمل بن إسماعيل الخ) (غريبه) (5) (يعني ابن مالك

-[قوله تعالى (وإذ تقول للذى أنعم الله عليه- الى قوله- وكان أمر الله مفعولا) وتفسيرها]- قال أتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منزل زيد بن حارثه فرأى امرأته زينب وكأنه دخله (1) لالا أدرى من قول حماد أوفى الحديث فجاء زيد يشكوها اليه (2) فقال له النبى (صلى الله عليه وسلم) أمسك عليك زوجك 386 واتق الله، قال فنزلت (واتق الله وتخفى فى نفسك ما الله مبديه الى قوله زوجناكها يعنى زينب (3) (عن عائشة رضى الله عنها) (4) قالت لو كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كانما شيئا مما انزل الله عليه لكتم هذه الآيات على نفسه (5) (واذ تقول للذى أنعم الله عليه (6) وانعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله وتخفى فى نفسك ما الله مبديه وتخشى الناس والله احق ان تخشاه "الى قوله" وكان أمر الله مفعولا)

_ (1) أي دخله شئ من ميل القلب كما يستفاد من روايات أخرى لغير الامام أحمد، ولذلك قال الراوى إما مؤمّل أو الامام احمد لا أدرى (يعنى لفظ دخله من قول حماد أو فى الحديث) يعنى قول أنس، وهذا ليس فيه طعن على مقام النبوة، لأن الميل القلبي لا يملكه الانسان لاسيما بعد أن اعلمه الله عز وجل أنها ستكون زوجة له، وهذا على فرض صحة الأحاديث التي وردت بذلك. على أنها لا تخلو من علة، ونحو ذلك قال الامام البغوى فى نفسيره (2) روى الامام البغوى أن زيدا اتى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال انى أريد أن أفارق صاحبتى: قال مالك؟ أرابك منها شئ؟ قال لا والله يا رسول الله ما رأيت منها إلا خيررا ولكنها تتعظم على لشرفها وتؤذينى بلسانها، فقال له النبى (صلى الله عليه وسلم) أمسك عليك زوجك الخ (3) سيأتى تفسير الآية فى الحديث التالى (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث أنس وفى اسناده مؤمل (بوزن محمد) ابن اسماعيل العدوى مولاهم أبو عبد الرحمن، قال فى الخلاصة روى عن شعبة والثورى وجماعة وعنه أحمد واسحاق وابن المدينى وطائفة، وثقه ابن معين: وقال البخارى منكر الحديث مات سنة ست ومائتين أهـ وفى التهذيب قال أبو حاتم صدوق كثير الخطأ وأشار إليه الحافظ ابن كثير فقال وقد روى الامام احمد ها هنا أيضا حديثا من رواية حماد بن زيد عن ثابت عن أنس فيه غرابة تركنا سياقه، قال وقد روى البخارى بعضه مختصرا فذكر سند البخارى إلى أنس بن مالك قال ان هذه الآية وتخفى فى نفسك ما الله مبديه نزلت فى شأن زينب بنت جحش وزيد بن حارثه رضى الله عنهما (4) (سنده) حدثنا ابن أبى عدى عن داود عن عامر قال قالت عائشة لو كان الخ (غريبة) (5) أى لأن فيها عتابا شديدا من الله عز وجل لنبيه (صلى الله عليه وسلم) (6) (التفسير) يقول تعالى مخبرا عن نبيه (صلى الله عليه وسلم) (وإذ تقول للذى أنعم الله عليه) بالاسلام الذي هو أجل النعم، وأنعمت عليه بالاعتاق والتبنى، فهو متقلب فى نعمة الله ونعمة رسوله، وهو زيد بن حارثة كان من سبى الجاهلية اشتراه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى الجاهلية وأعتقه وتبناه (أمسك عليك زوجك) أى لا تطلق زوجك وهى زينب بنت جحش ابنة عمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأمها أميمة بنت عبد المطلب (واتق الله) فى أمر طلاقها (وتخفى) الواو للحال أى والحال انك تخفى (فى نفسك ما الله مبديه) أى مظهره وهو نكاحها بعد طلاقها من زيد، وقيل حبها والصحيح المعول عليهالأول، روى ابن أبى حاتم قال حدثنا على بن هاشم بن مرزوق حدثنا ابن عيينة عن على بن زيد بن جدعان قال سألنى على بن الحسين (يعنى زين العابدين) ما يقول الحسن (يعنى البصرى) فى قوله تعالى {وتخفى فى نفسك ما الله مبديه} قلت يقول لما جاء زيد إلى النبى (صلى الله عليه وسلم) فقال يا نبى الله انى أريد أن أطلق زينب فأعجبه ذلك فقال أمسك عليك زوجك واتق الله، فقال على بن الحسين ليس كذلك بل كان الله تعالى قد أعلمه

-[قوله عز وجل {يا أيها النبى انا أحللنا لك أزواجك} الآية]- (باب يا أيها النبى إنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن الخ) (عن ابن عباس) (1) قال نهى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أصناف النساء إلا ما كان من المؤمنات المهاجرات (2) ثم قال (لا يحل لك النساء من بعد ولا أن تبدل بهن من أزواج ولو أعجبك حسنهن إلا ما ملكت يمينك) (3) وأحل الله عز وجل فتياتكم المؤمنات (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبى) (4) وحرم كل ذات دين غير دين الاسلام (5) (قال ومن يكفر بالايمان فقد حبط عمله وهو فى الآخرة من الخاسرين) وقال (يا أيها النبى إنا أحللنا لك أوزاجك اللاتى آتيت أجورهن (6) وما ملكت يمينك -الى قوله (خالصة لك من دون المؤمنين) وحرم سوى ذلك من أصناف النساء

_ أنها ستكون من أزواجه وان زيدا سيطلقها، فلما جاء زيد وقال إنى أريد أن أطلقها قال له أمسك عليك زوجك، فعاتبه الله وقال لم قلت أمسك عليك زوجك وقد أعلمتك أنها ستكون من أزواجك؟ وهذا هو اللائق بحال الأنبياء وهو مطابق للتلاوة، وهكذا روى عن السدى انه قال نحو ذلك (وتخشى الناس) أي تستحييهم وقيل تخاف لائمتهم وأن يقول الناس تزوج محمد زوجة ابنه (والله أحق أن تخشاه) لم يرد به انه لم يكن يخشى الله فيما سبق فانه (صلى الله عليه وسلم) فقد قال (انا اخشاكم واتقاكم) ولكنه لما ذكر الخشية من الناس ذكر أن الله تعالى أحق بالخشية فى عموم الأحوال وفى جميع الأشياء، قال عمر وابن مسعود وعائشة ما نزلت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) آية هى أشد عليه من هذه الآية، ولذلك قالت عائشة فى حديث الباب لو كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كانما شيئا مما أنزل الله عليه لكتم هذه الآيات على نفسه (فلما قضى زيد منها وطرا) الوطر الحاجة، فاذا بلغ البالغ حاجته من شيء له فيه همة قيل قضى منه وطره، والمعنى فلما لم يبق الزيد فيها حاجة وتقاصرت عنها همته وطلقها وانقضت عدتها (زوجناكها) قال أنس كانت زينب تفتخر على أزواج النبى (صلى الله عليه وسلم) تقول زوجكن أولياؤكن وزوجنى الله من فوق سبع سماوات: وقال الشعبى كانت زينب تقول للنبى (صلى الله عليه وسلم) انى لأدل عليك بثلاثة ما من امرأة من نسائك تدل بهن، جدى وجدك واحد، رانى انكحنيك الله فى السماء، وان السفير جبريل عليه السلام (لكيلا يكون على المؤمنين حرج) أي ضيق علة للتزويج، وهو دليل على أن حكمه وحكم الأمة واحد إلا ما خصه الدليل (فى أزواج أدعيائهم) جمع دعى وهو المتبنى أى فى التزويج بأزواج من يجعلونه ابنا (إذا قضوا منهن وطرا) أى اذا طلق الأدعياء أزراجهم بخلاف ابن الصلب فان امرأته تحرم على أبيه بمجرد العقد (وكان أمر الله مفعولا) أى قضاء الله ماضيا وحكمه نافذا وقد قضى فى زينب ان يتزوجها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (تخريجه) (خ) والبغوى وابن جرير (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو النضر حدثنا عبد الحميد حدثنى شهر عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) يعنى المذكورات فى قوله تعالى {يا أيها النبى إنا أحللنا لك أزواجك اللاتى آتيت أجورهن} "الى قوله" خالصة لك من دون المؤمنين (3) هذه الآية جاءت فى الحديث متقدمة عن مكانها وسيأتى تفسيرها فى بابها (4) سيأتى تفسيرها قريبا فى هذا الباب (5) يعنى الكتابيات وغيرهن، وهذا فى حقه (صلى الله عليه وسلم) خاصة بخلاف غيره من أمته فيجوز له نكاح الكتابية (6) (التفسير) (يا أيها النبى إنا أحللنا لك أزواجك اللاتى آتيت أجورهن) أى مهورهن (وما ملكت يمينك مما أفاء الله عليك) أى أباح لك التسرى مما أخذت من الغنائم، وقد ملك صفية وجويرة فاعتقهما وتزجهما، وملك ريحانة بنت شمعون النضرية

-[قوله تعالى (ترجى من تشاء منهن وتؤوى اليك من تشاء)]- (باب ترجى من تشاء منهن وتؤوى إليك من تشاء) الخ (عن هشام بن عروة) (1) عن أبيه عن عائشة (رضى الله عنها) أنها كان تعير (2) النساء اللاتى وهبن (3) أنفسهن لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالت ألا تستحى المرأة أن تعرض نفسها بغير صداق؟ فنزل أو قال فأنزل الله (ترجى من تشاء منهن (4)

_ وماريه القبطية أم ابنه ابراهيم عليه السلام وكانت من السرارى (وبنات عمك وبنات عماتك وبنات خالك وبنات خالاتك اللاتى هاجرن معك، أى إلى المدينة فمن لم تهاجر منهن لم يجز له نكاحها، وروى أبو صالح عن أم هانئ أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لما فتح مكة خطبني فأنزل الله هذه الآية فلم أحل له لأنى لم أكن من المهاجرات وكنت من الطلقاء ثم فسخ شرط الهجرة فى النكاح (وامرأة مؤمنة ان وهبت نفسها للنبى أن أراد النبى أن يستنكحها خالصة لك من دون المؤمنين) اى احلل لك امراة مؤمنة وهبت نفسها للنبى (صلى الله عليه وسلم) بغير صداق. فأما غير المؤمنة فلا تحل له إذا وهبت نفسها منه، وكان النكاح ينعقد فى حقه بمعنى الهبة من غير ولى ولا شهود ولا مهر، وكان ذلك من خصائصه (صلى الله عليه وسلم) فى النكاح لقوله تعالى (خاصة لك من دون المؤمنين) كالزيادة على الأربع ووجوب تخيير النساء كان من خصائصه لا مشاركة لأحد معه فيه، واختلفوا فى التى وهبت نفسها لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهل كانت عنده امرأة منهن؟ فقال عبد الله بن عباس ومجاهد لم يكن عند النبى (صلى الله عليه وسلم) امرأة وهبت نفسها منه ولم يكن عنده امرأة إلا بعقد نكاح أو ملك يمين وقوله (ان وهبت نفسها على سبيل الفرض والتقدير، روى ابن جرير بسنده عن ابن عباس انه (صلى الله عليه وسلم) لم يقبل واحدة لمن وهبت نفسها له، وانه كان ذلك مباحا له ومخصوصا به لأنه مردود الى مشيئته كما قال تعالى "ان اراد النبى ان يستنكحها، أى ان اختار ذلك: وقال آخرون بل كانت عنده مرهونة واختلفوا فيها: "فقال الشعبى هى زينب بنت خزيمة هلالية يقال لها أم المساكين، قال الحافظ ابن كثير المشهوران زينب التى كانت تدعى ام المساكين هى زينب بنت خزيمة الانصارية وقد ماتت عند النبى (صلى الله عليه وسلم) قال قتادة هى ميمونه بنت الحارث وقال على بن الحسين والضحاك ومقاتل هى أم شريك بنت جابر؟ بنى أسد، وقال عروة بن الزبير هى خولة بنت حكيم من بنى سليم (قد علمنا ما فرضنا عليهم) أي ما أوجب من المهرر على امتك فى زوجاتهم وما اوجبنا عليهم (فى ازواجهم) من الحقوق والأحكام ان لا يتزوجوا أكثر من اربع ولا يتزوجوا إلا بولى وشهود ومهر (وما ملكت ايمانهم) أى ما أوجباه من الأحكام فى ملك اليمين بالشراء أو غيره (لكيلا يكون عليك حر) وهذا يرجع الى أول الآية أي أحللنا لك أزواجك وما ملكت يمينك والموهوبة لك لكى لا يكون عليك حرج وضيق (وكان الله غفورا رحيما)؟؟ على عباده (تخريجه) رواه الترمذى عن عبد بن حميد عن روح عن عبد الحميد بن بهرام؟ حديث حسن مما نعرفه من حديث عبد الحميد بن نبهرام سمعت احمد ابن الحميد يذكر عن احمد بن حنبل؟ لا بأس بحديث عبد الحميد بن بهرام عن شهور بن حوشب أهـ (قلت) عزاه الحافظ السيوطي فى الدر المنثور لعبد بن حميد وابن ابى حاتم والطبرانى وابن مردويه (باب)؟ حدثنا محمد بن بشر ثنا هشام بن عروة عن ابيه الخ (غريبه) (2) بعين مهملة تسديد التحيه؟ عند البخارى فى رواية، وله فى رواية أخرى قالت كتبمت اغار بالغين؟ سر الغيرة وهى لحميه؟ (3) ظاهر دوله وهبن ان الواعية اكثر من واحدة وتقدم الكلام على ذلك فى شرح الحديث السابق (4) (التفسير) (ترجة من تشاء منهن) أى تؤخر (وتؤوي إليك

-[تفسير قوله تعالى (ترجى من تشاء منهن) الآية]- وتؤوي اليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك) قالت انى أرى (1) ربك يسارع لك فى هواك (عن معاذة عن عائشة) (2) (رضى الله عنها) أن النبى (صلى الله عليه وسلم) كان يستأذن إذا 389 كان يوم المرأة منا (3) بعد أن نزلت هذه الآية (ترجى من تشاء منهن وتؤوى اليك من تشاء ومن ابتغيت ممن عزلت فلا جناح عليك) (4) تالت (5) فقلت لها ما كنت تقولين له؟ قالت كنت أقول له إن كان ذلك إلى (6) فانى لا أريد يا رسول الله أن أؤثر عليك أحدا

_ من تشاء) أى تضم والمراد بالارجاء والابناء القسم وعدمه لازواجه، وذلك أن التسوية بينهن فى القسم كانت واجبة عليه (صلى الله عليه وسلم) فلما نزلت هذه الآية سقط عنه الوجوب وصار الاختبار اليه فيهن، وقيل نزلت هذه الآية حين غار بعض أمهات المؤمنين على النبى (صلى الله عليه وسلم) وطلب بعضهن زيادة النفقة فهجرهن شهرا حتى نزلت آية التخبير فأمره الله تعالى أن يخبرهن فمن اختارت الدنيا فارقها، ويمسك من اختارت الله ورسوله على انهن أمهات المؤمنين لا ينكحن أبدا، وعلى أنه يؤوى اليه من يشاء منهن ويرى من يشاء فيرضين به سواء قسم لهن أو لم يقسم أو قسم لبعضهن دون بعض أو فتضل بعضهن فى النفقه والكسوة فيكن الأمر فى ذلك اليه يفعل كيف شاء، كان ذلك من خصائصه (صلى الله عليه وسلم) فرضين بذلك واخترنه على هذا الشرط روى ذلك عن ابن عباس ومجاهد والحسن وقتادة، ومع ذلك قسم لهن (صلى الله عليه وسلم) اختبارًا منه لا على سبيل الوجوب وسوى بينهن وعدل فهن كذلك، وقيل نزلت فى الواهبات المؤمنات اللاتى يهبن أنفسهن فتؤويها اليك وتترك من تشاء فلا تقبلها، اختار ابن جرير أن الآية عامة فى الواهبات واللاتى عنده وهو واختيار حسن جامع للأحاديث (ومن ابتغيت ممن نعزلت) أى ومن دعوت الى فراشك وطلبت صحبتها ممن عزلت عن نفسك بالأرجاء وعدم القسمة (فلا جناح عليك) أى لا أثم عليك ولا ضيق، فأباح الله له ترك القسم لهن حتى انه ليؤخر من يشاء منهن فى نوبتها ويطأ من يشاء منهن فى غير نوبتها، ويرد الى فراشه من عزل منهن تفضيلا له على سائر الرجال (ذلك) التفويض الى مشيئتك (أدنى ان تقر أعينهن ولا يحزن) أى أقرب الى رضاهن وأطيب لأنفسهن وأقل لحزنهن إذا علمن أن ذلك من الله تعالى (ويرضين بما آتيتهن) أى أعطيتهن (كلهن) من تقريب وأرجاء وغزل وايواء، وقرى. كلهن بالرفع تأكيد لنون يرضين، وقرى. (ويرضين كلهن بما آتيتهن على التقديم: وقرئ شاذا كلهن بالنصب تأكيدا لهن فى آتيتهن (والله يعلم ما فى قلوبكم) يعنى من رضى بحكمه وامتثل أمره ومن لم يرض وخالف (وكان الله عليما) أى مما فى ضمائركم (حليما، أى لا يعاجل بالعقوبة فهو حقيق بأن يُتقى ويحذر (1) بضم الهمزة أى أظن ربك يسارع أى يوجد لك مرادك بلا تأخير (تخريجه) (ق نس) (2) (سنده) حدثنا ابراهيم بن اسحاق قال ثنا ابن مبارك عن عاصم، وعلى بن اسحاق قال أنا عبد الله قال انا عاصم عن معاذة عن عائشة الخ (قلت) عبد الله هو ابن المبارك وعاصم هو بن سليمان الأحول (غريبه) (3) باضافة يوم الى المرأة أى يوم نوبتها اذا أراد أن يتوجه الى الأخرى (4) تقدم تفسيرها (5) يعنى قال معاذة بنت عبد الله العدوية لعائشة ما كنت تقولين له اذا استأذن (6) اى الاستئذان الخ وظاهره انه (صلى الله عليه وسلم) لم يرج أحدًا منهن، وهو قول الزهرى فيما أخرجه ابن أبى حاتم ما أعلم أنه أرجى أحدا من نسائه (تخريجه)

-[قوله عز وجل {لا يحل لك النساء من بعده) الآية وتفسيرها]- (باب لا يحل لك النساء من بعد) الآية (ز) (عن زياد الأنصارى) (1) قال قلت لأبي بن كعب لو متن نساء النبي (صلى الله عليه وسلم) كلهن كان يحل له أن يتزوج؟ قال وما يحرم ذاك عليه؟ قال قلت لقوله تعالى 391 (لا يحل لك النساء من بعد) (2) قال انما أحل لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ضرب من النساء (3) (عن عائشة) (4) قالت مامات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له النساء (باب يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا

_ (ق د نس) (باب) (1) (ز) (سنده) حدثنا عبيد الله بن عمر ثنا يزيد بن زربع وعبد الاعلى قالا ثنا داود عن محمد بن أبى موسى عن زياد الانصارى الخ (2) (التفسير) (لا يحل لك النساء) قرأ أبو عمرو ويعقوب لا تحل بالناء، وقرأ الآخرون بالباء (من بعد) يعنى من بعد هؤلاء التسع اللاتى خيرتهن فاخترنك. وذلك أن النبى صلى الله عليه وسلم لما خير فاخترن الله ورسوله شكر الله لهن وحرم عليه النساء سواهن ونهاه عن تطليقهن وعن الاستبدال بهن، هذا قول ابن عباس وقتادة (ولا ان تبدل بهن من أزواج) يعنى ولا أن تبدل بأزواجك اللاتى هن فى حبالتك أزواجا غيرهن بطلاق كلهن أو بعضهن كرامة لهن وجزاءا على ما اخترن ورضين، فقصر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهن وهن التسع اللاتى مات عنهن: عائشة وحفصة وأم حبيبة وسودة وأم سلمة وصفية وميمونة وزينب بنت جحش وجويريه رضى الله عنهن، وروى عن الضحاك انه صلى الله عليه وسلم نهى عن استبدالهن بغيرهن، فاما نكاح غيرهن مع بقائهن فلم يمنع عنه ويؤيده حديث عائشة الآتى، وقال ابن زيد فى قوله تعالى (ولا ان تبدل بهن من أزواج) كانت العرب فى الجاهلية يتبادلون بأزواجهن، يقول الرجل للرجل بادلنى بامرأتك وأبادلك بامرأتى فأنزل الله (ولا أن تبدل بهن من أزواج) يعنى لا تبادل بأزواجك غيرك (إلا ما ملكت يمينك) لا بأس ان تبدل بجاريتك ما شئت فأما الحرائر فلا، وروى عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة قال دخل عيينة بن حصن على النبى صلى الله عليه وسلم بغير اذن وعنده عائشة فقال له النبى صلى الله عليه وسلم يا عيينة فأين الاستئذان؟ قال يا رسول الله ما استأذنت على وجل من مضر منذ أدركت، ثم قال من هذه الحميراء الى جنبك؟ قال هذه عائشة أم المؤمنين، فقال عيينة أفلا أنزل لك عن أحسن الخلق وتنزل عن هذه؟ فقال (صلى الله عليه وسلم) إن الله قد حرم ذلك فلما خرج قالت عائشة من هذا يا رسول الله؟ فقال هذا احمق مطاع وانه على ما ترين لسيد قومه (ولو أعجبك حسنهن) يعني ليس لك أن تطلق أحدا من نسائك وتنكح بدلها أخرى ولو أعجبك جمالها، قال ابن عباس يعنى اسماء بنت عميس الخثعمية امرأة جعفر بن أبى طالب لما استشهد جعفر أراد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يخطبها فنهى عن ذلك (إلا ما ملكت يمينك) استثنى ممن حرم عليه الاماء، قال ابن عباس ملك بعد هؤلاء مارية (وكان الله على كل شئ رقيبا) أى حافظا وهو تحذير عن مجاوزة حدود (3) زاد ابن جرير بعد قوله ضرب من النساء (فقال تعالى يا أيها النبى إنا أحللنا لك أزواجك) الى قوله تعالى (ان وهبت نفسها للنبى) ثم قيل له لا يحل لك النساء من بعد (تخريجه) الحديث من زوائد عبد الله بن الامام احمد على مسند أبيه، وأورد. الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه لابن جرير وعبد الله بن الامام احمد وأورده الهيثمى وقال رواه عبد الله بن احمد وزاد كذا رأيت فى ثقات ابن حبان زياد أبو يحيى الانصارى يروى عن ابن عباس فان كان هو فهو ثقة والظاهر انه هو، ومحمد بن أبى موسى ذكره ابن حبان فى الثقات وبقية رجاله رجال الصحيح (4) (سنده) حدثنا سفيان ن عمرو عن عطاء عن عائشة الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للامام احمد والترمذى والنسائى فى سننيهما ثم ذكر حديثا

-[زواج النبي (صلى الله عليه وسلم) بزينب بنت جحش وسبب نزول آية الحجاب]- بيوت النبي الخ) (عن أبى عثمان) (1) عن أنس قال لما تزوج النبى (صلى الله عليه وسلم) زينب أهدت اليه 392 أم سليم حيسا (2) فى تور من حجارة (3) قال أنس فقال النبى (صلى الله عليه وسلم) فاذهب فادع من لقيت فجعلوا يدخلون يأكلون ويخرجون ووضع النبى (صلى الله عليه وسلم) يده على الطعام ودعا فيه وقال ما شاء الله أن يقول (4) ولم أدع أحدا لقيته إلا دعوته (5) فأكلوا حتى شبعوا وخرجوا فبقيت طائفة منهم فأطالوا عليه الحديث، فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يستحى منهم أن يقول لهم شيئا فخرج وتركهم فى البيت فأنزل الله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم (6) الى طعام غير ناظرين أناه ولكن اذا دعيتم فادخلوا- حتى بلغ- لقلوبكم وقلوبهن

_ لابن أبي حاتم بسنده عن أم سلمة أنها قالت لم يمت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى أحل الله له أن يتزوج النساء ما شاء إلا ذات محرم وذلك قول الله تعالى {ترجى من تشاء منهن} الآية فجعلت هذه ناسخة التى بعدها فى التلاوة كايتى عدة الوفاة فى البقرة، الأولى ناسخة للتى بعدها والله أعلم أهـ (1) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن أبى عثمان الخ (قلت) أبو عثمان اسمه الجعد بن دينار البشكرى (غريبه) (2) أم سليم بضم السين المهملة وفتح اللام هى أم أنس بن مالك وزوجة أبى طلحة رضى الله عنهم (والحيس) هو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن وقد يجعل عوض الافط الدقيق (والتور) بفتح التاء المشددة وسكون الواو اناء من حجارة وقد يتوضأ منه (3) زاد ابن أبى حاتم فقالت أذهب بهذا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقرئه منى السلام وأخبره ان هذا مناله قليل، قال أنس والناس يومئذ فى جهد فجئت به فقلت يا رسول الله بعثت بهذا أم سليم اليك وهى تقرئك السلام وتقول أخبره أن هذا مناله قليل: فنظر اليه ثم قال ضعه فوضعته فى ناحية البيت ثم قال اذهب فادع لى فلانا وفلانا فسمى رجالا كثيرا، وقال ومن لقيت من المسلمين الحديث (4) يعنى من الدعاء له بالبركة (5) زاد عند ابن أبى حاتم قال الراوى عن أبى عثمان فقلت يا أبا ثمان كم كانوا؟ فقال كانوا زهاء ثلاثمائة، وفيه أيضا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتحلق عشرة عشرة وليسموا وليأكل كل إنسان مما يليه فجعلوا يسمون ويأكلون حتى أكلوا كلهم، فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم ارفعه قال فجئت فأخذت النور فنظرت فيه فما أدرى أهو حين وضعت أكثر أم حين أخذت، قال وتخلف رجال يتحدثون فى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوج رسول الله التى دخل بها معهم مولية وجهها الى الحائط فأطالوا الحديث فشقوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أشد الناس حياءا ولو علموا كان ذلك عليهم عزيزا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم على حجره وعلى نسائه، فلما رأوه قد جاء ظنوا أنهم قد ثقلوا عليه ابتدروا الباب فخرجوا وجاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى أرخى الستر ودخل البيت وأنا فى الحجرة فمكث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فى بيته يسيرا وأنزل الله عليه القرآن فخرج وهو يتلو هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبى} الآية، قال أنس فقرأهن على قبل الناس فأنا أحدث الناس بهن عهدا (6) (التفسير) {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم} يعنى إلا أن تدعوا (الى طعام) فيؤذن لكم فتأكلون (غير ناظرين إناه) أى غير منتظرين إدراكه ووقت نضجه، يقال أنى الحميم إذا انتهى حره وأنى أن يفعل ذلك إذا حان (ولكن إذا دعيتم فادخلوا فاذا طعمتم) أى أكلتم الطعام (فانتشروا) أى فاخر؟ من منزله وتفرقوا (ولا مستأنسين لحديث) أى لا تطيلوا الجلوس ليستأنس بعضكم بحديث بعض، وكانوا يجلسون بعد الطعام يتحدثون فنهوا عن ذلك

-[وليمة النبي (صلى الله عليه وسلم) صبيحة بنى بزينب بنت جحش وتفسير آية الحجاب]- (حدثنا ابن أبى عدى) عن حميد (1) عن أنس قال دعوت المسلمين الى وليمة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صبيحة بنى بزينت بنت جحش فأشبع المسلمين خبزا ولحما (2) قال ثم رجع كما كان يصنع فى حجر نسائه فسلم عليهن فدعون له (3) قال ثم رجع الى بيته وأنا معه فلما انتهى الى البيت فاذا رجلان قد جرى بينهما الحديث فى ناحية البيوت فلما بصر بهما ولى راجعا فلما رأى الرجلان النبى صلى الله عليه وسلم قد ولى عن بيته قاما مسرعين فلا أدرى أنا أخبرته أو أخبر به (4) ثم رجع الى منزله وأرخى 394 الستر بينى وبينه وأنزلت آية الحجاب (عن سلم العلوى) (5) قال سمعت أنس بن مالك يقول لما نزلت آية الحجاب جئت أدخل كما كنت أدخل فقال النبى صلى الله عليه وسلم وراءك (6) يا بني

_ (إن ذلكم كان يؤذى النبى فيستحيى منكم) أي فيستحيى من إخراجكم (والله لا يستحيى من الحق) أى لا يغرك تأديبكم وبيان الحق حياءا، يعنى إخراجكم حق ما ينبغى أن يستحيا منه (وإذا سألتموهن) الضمير لنساء النبى (صلى الله عليه وسلم) لدلالة بيروت النبى لأن فيها نساءه (متاعا) عارية أو حاجة (فاسألوهن من وراء حجاب) أى من وراء ستر: فبعد آية الحجاب وهى التى تحن بصدد تفسيرها لم يكن لأحد أن ينظر الى امرأة من نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم متنقبة كانت أو غير متنقبة (ذلك أطهر لقلوبكم وقلوبهن) أى من الريب (وما كان لكم أن تؤذوا رسول الله) أى ليس لكم أذاه فى شيء من الأشياء (ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدا) نزلت فى رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال لئن قبض النبى (صلى الله عليه وسلم) لأنكحن عائشة قال مقاتل بن سليمان هو طلحة بن عبد الله فاخبره الله تعالى أن ذلك محرم وقال (إن ذلكم كان عند الله عظيما) أى ذنبا عظيما، وهذا من اعلام تعظيم الله عز وجل لرسوله (صلى الله عليه وسلم) وإيجاب حرمته ميتا (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وقال قال ابن أبى حاتم حدثنا أبى حدثنا أبو المظفر حدثنا جعفر بن سليمان عن الجعد أبى عثمان اليشكرى عن أنس بن مالك فذكره بالزيادة التى ذكرتها فى الشرح ثم قال وقد ويراه مسلم والترمذى والنسائى جميعا عن قتيبة عن جعفر بن سليمان به (أى بسند بن أبى حاتم) وقال الترمذى حسن صحيح وذكر له الحافظ ابن كثير طرقًا كثيرة عند البخارى ومسلم والترمذى وغيرهم (1) (حدثنا ابن أبى عدى الخ) (غريبه) (2) زاد فى رواية وككان يبعثنى فأدعو الناس (3) جاء فى رواية ثابت عن أنس فجعل يمر بنسائه ويسلم على كل واحدة سلام عليكم يا أهل البيت كيف أصبحتم فيقولون بخير يا رسول الله كيف وجدت أهلك فيقول بخير الحديث (4) جاء فى رواية ثابت عن أنس قال فوالله ما أدرى أنا أخبرته أو نزل عليه الوحى بأنهما قد خرجا فرجع ورجعت معه فلما وضع رجله فى أسكفة الباب (بضم الهمزة والكاف وتشديد الفاء مفتوحة بالعتبة التى يوطأ عليها) أرخى الحجاب بينى وبينه وأنزل الله الحجاب هذه الآيات {لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم الى طعام غير ناظرين إناه} حتى فرغ منها (تخريجه) (خ. وغيره) (5) (سنده) حدثنا ابو كامل مظفر بن مدرك ثنا حماد بن زيد عن سلم العلوى الخ (غريبه) (6) أى كن خلف الحجاب أى الستر، والمعنى أنه (صلى الله عليه وسلم) منعه من الدخول على نسائه كما كان يدخل قبل آية الحجاب (تخريجه) أورده الهيثمى وقال له حديث فى الصحيح غير هذا وقال رواه أبو يعلى وفيه سلم العلوى وهو ضعيف وغفل الحافظ الهيثمى عن عزوه للامام أحمد والكمال لله وحده

-[قوله تعالى (إن الله وملائكته يصلون على النبي) الآية وتفسيرها]- (عن عروة بن الزبير) (1) عن عائشة رضي الله عنها أن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم كن يخرجن بالليل إذا تبرزن (2) إلى المناصع وهو صعيد أفيح (3) وكان عمر بن الخطاب يقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم احجب نساءك (4) فلم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل فخرجت سودة بنت زمعة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ليلةً من الليالي عشاءً وكانت امرأة طويلة فناداها عمر ألا (5) قد عرفناك يا سودة حرصًا على أن ينزل الحجاب، قالت عائشة رضي الله عنها فأنزل الحجاب (6) (باب إن الله وملائكته يصلون على النبي إلخ) (حدّثنا محمد بن فضيل) (7) حدثنا يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن كعب (8) قال لما نزلت {إن الله وملائكته يصلون على النبي} (9) قالوا كيف نصلي عليك

_ (1) (سنده) حدثنا حجاج قال حدثنا ليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير إلخ (غريبه) (2) أي إذا خرجن على البراز للبوال والغائط (إلى المناصع) بفتح الميم والنون وكسر الصاد آخره عين مواضع آخر المدينة من جهة البقيع (3) بالفاء والحاء بوزن أفلح أي خلاء واسع (4) أي امنعهن من الخروج من البيوت (5) ألا بفتح الهمزة وتخفيف اللام حرف استفتاح ينبه به على تحقيق ما بعده (6) زاد أبو عوانة في صحيحه من طريق الترمذي عن ابن شهاب فأنزل الله تعالى آية الحجاب {يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي} الآية ففسر المراد من آية الحجاب صريحًا (تخريخه) (ق) وابن جرير وابو عوانة وغيرهم (باب) (7) (حدثنا محمد بن فضيل إلخ) (غريبه) (8) هو كعب بن عجرة الأنصاري المدني أبو محمد صحابي مشهور مات بعد الخمسين وله نيف وسبعون سنة وهذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عقب التشهد الأخير من كتاب الصلاة في الجزء الرابع صحيفة 23 رقم 731 وهو حديث صحيح رواه البخاري وغيره من طرقٍ متعددة، وفي الباب المشار إليه حكم الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في التشهد وغيره ومذاهب الأئمة في ذلك، وتقدم الكلام في فضل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم وثواب المصلي في آخر كتاب الأذكار في الجزء الرابع عشر ونقتصر هنا على تفسير الآية فنقول (التفسير) {إن الله وملائكته يصلون على النبي} عبر بصيغة المضارع ليدل على الدوام والاستمرار. أي أنه تعالى وجميع ملائكته الذي لا يحصون بالعد ولا يحصرون بالحد يصلون عليه، وفي الاعتناء بشرفه وتعظيم شأنه في الملأ الأعلى {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه} أي اعتنوا أيها الملأ الأدنى بشرفه وتعظيمه أيضًا فإنكم أولى بذلك وقولوا اللهم صل عليه، {وسلموا تسليمًا} أي وقولوا السلام عليك أيها النبي وأكد السلام بالمصدر وقد انتزع النووي من الآية الجمع بين الصلاة والسلام فلا يفرد أحدهما من الآخر. قال الحافظ ابن كثير والأولى أن يقال صلى الله وسلم تسليمًا اهـ (قال الحافظ) وقد سئلت عن اضافة الصلاة الى الله ون السلام وأمر المؤمنين بها وبالسلام (فقلت) يحتمل ان يكون السلام له معنيان لتحية والانقياد فأمر بهما المؤمنون لصحتهما منهم، والله وملائكته لا يحوز منهم الانقياد فلم يضف اليهم دفعًا للايهام والعلم عند الله اهـ. وقال الفسفى في تفسيره {يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه} أي قولوا اللهم صل على محمد وانقادوا لأمره وحكمه انقيادًا. قال وان صلى على غيره على سبيل التبع كقوله صلى الله عليه وسلم وآله فلا كلام فيه، وأما اذا أفرد غيره من أهل البيت بالصلاة فمكروه وهو من شعائر الروافض اهـ (وقال البخاري) قال أبو العالية صلاة الله تعالى ثناؤه عليه عند

-[قوله عز وجل {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى} الآية وتفسيرها]- يا نبي الله؟ قال قولوا اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على ابراهيم وعلى آل ابراهيم انك حميد مجيد، قال ونحن نقول وعلينا معهم، قال يزيد فلا ادري أشيء زاده ابن ابي ليلى من قبل نفسه أو شيء رواه كعب (باب يا ايها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى) الآية (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا} (2)

_ الملائكة، وصلاة الملائكة الدعاء، وقال ابن عباسٍ يصلون يبركون على النبي أي يدعون له هكذا علقه البخاري، وقال أبو عيسى الترمذي وروى عن سفيان الثوري وغير واحدٍ من أهل العلم قالوا صلاة الرب الرحمة، وصلاة الملائكة الاستغفار (وعن أبي بكرٍ القشيري) مما نقله القاضى عياض الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من الله تشريف وزيادة تكرمة، وعلى من دون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة، وبهذا التقرير يظهر الفرق بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين سائر المؤمنين حيث قال تعالى ان الله وملائكته يصلون على النبي- وقال قبل ذلك في السورة- هو الذي يصلى عليكم وملائكته- ومن المعلوم أن القدر الذي يليق بالنبي صبلى الله عليه وسلم من ذلك أرفع مما يليق بغيره اهـ (قلت) وهذا قول وجيه (تخريجه) (ق. والأربعة) (باب) (1) (سنده) حدثنا روح حدثنا عوف عن الحسن عن النبي صلى الله عليه وسلم، وخلاس ومحمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) هكذا جاء سند هذا الحديث عند الامام احمد، وجاء عند البخاري قال حدثنا اسحاق بن ابراهيم اخبرنا روح بن عبادة حدثنا عوف عن الحسن ومحمد وخلاص عن أبي هريرة الحديث (عوف) هو ابن أبي جميلة عرف بالأعرابي (والحسن) هو البصري (ومحمد) هو ابن سيرين (وخلاس) هو ابن عمرو الهجري البصري فرواية البخاري من طريق عوف عن الحسن ومحمد وخلاس الثلاثة عن أبي هريرة بخلاف ما في المسند، وقد روى الامام احمد هذا الحديث من طرقٍ متعددة غير هذا وستأتي في باب قصة موسى مع الحجر (2) (التفسير) {يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا} ما مصدرية أو موصولة وايهما كان فالمراد البراءة عن مضمون القول ومؤداه وهو الأمر المعيب، وأذى موسى عليه السلام هو ما ذكر في حديث الباب (وقيل غير ذلك) روى ابن أبي حاتم بسنده عن ابن عباسٍ عن على رضى الله عنهم في قوله عز وجل {فبرأه الله مما قالوا} قال صعد موسى وهارون الجبل فمات هارون عليه السلام، فقال بنو اسرائيل لموسى عليه السلام انت قتلته كان ألين لنا منك وأشد حياءً، فآذوه من ذلك فأمر الله الملائكة فحملته فمرت به على مجالس بني اسرائيل فتكلمت بموته فما عرف موضع قبره الا الرخم، وان الله جعله أصم أبكم، وهكذا رواه ابن جرير يرعن على بن موسى الطوسى عن عباد بن العوام به، وجائز أن يكون هذا هو المراد بالأذى وجائز ان يكون الأول هو المراد (يعني حديث الباب) فلا قول من قول الله عز وجل (قال الحافظ ابن كثير) يحتمل أن يكون الكل مرادًا وأن يكون معه غيره والله أعلم اهـ (قلت) وذكر الامام البغوى في تفسيره هذه الوجهين في أذى موسى وزاد وجهًا ثالثًا فقال أبو العالية هو أن قارون استأجر مومسة لتقذف موسى بنفسها على رأس الملأ فعصمها الله وبرَّأ موسى من ذلك وأهلك قارون (قلت) ولا مانع من أنه تكرار ايذاؤهم بهذه الأمور وغيرها كما تكرر إيذاء النبي صلى الله عليه وسلم من كفار قريش بأنواعٍ شتى، فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال

-[(سورة سبأ) وما جاء في ذكر سبأ وأولاده]- قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن موسى كان رجلًا حييًا (1) ستيرًا لا يكاد يرى من جلده شيء استحياءً منه: قال فآذاه من آذاه من بني اسرائيل قالوا ما يستتر هذا التستر الا من عيبٍ بجلده إما برص وإما أردة (2) وقال روح مرة أدرة وإما آفة (3) وان الله عز وجل أراد أن يبرءه مما قالوا، وان موسى خلا يومًا فوضع ثوبه على حجر (4) ثم اغتسل فلما فرغ أقبل الى ثوبه ليأخذه وإن الحجر عدا (5) بثوبه فأخذ موسى عصاه وطلب الحجر وجعل يقول ثوبي (6) حجر ثوبي حجر حتى انتهى الى ملاء من بنى اسرائيل فرأوه عريانًا كأحسن الرجال خلقًا وأبرأه مما كانوا يقولون له (7) وقام الحجر فأخذ ثوبه وطفق (8) بالحجر ضربًا بعصاه، قال فوالله ان في الحجر لندبًا (9) من أثر ضربه ثلاثًأ أو أربعًا أو خمسًا (سورة سبأ) (باب ذكر سبأ وأولاده) (عن ابن عباس) (10) قال ان رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبأ (11) ما هو أرجل أم امرأة أو أرض؟ فقال بل هو رجل ولد عشرة فسكن اليمن منهم ستة: وبالشام منهم أربعة: فأما اليمانيون (12) فمذحج

_ رحم الله موسى لقد أوذى بأكثر من هذا فصبر والله أعلم {وكان عند الله وجيهًا} أي له وجاهة وجاه عند ربه عز وجل، قال الحسن البصري كان مستجاب الدعوة عند الله، وقال غيره من السلف لم يسأل الله شيئًا إلا أعطاه ولكن منع الرؤية لما يشاء الله عز وجل، وقرأ ابن مسعود والأعمش (وكان عبدًا لله وجيهًا) (1) بوزن تقيًا أي كثير الحياء (ستيرًا) بكسر المهملة والفوقية المشددة أى من شأنه وارادته حب الستر (2) قال فى النهاية الأدرة بالضم نفحة في الخصية يقال رجل آدر (؟؟) الأدر بفتح الهمزة والدال (3) جاء عند البخارى بلفظ (إما برص وإما أدرة وإما آفة) والآفة هى كل مرض معيب فهو من عطف العام على الخاص (4) جاء من طريقٍ آخر للامام احمد عن أبى هريرة أيضًا وسيأتى في باب قصة موسى مع الحجر من كتاب أحاديث الأنبياء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت بنو اسرائيل يغتسلون عراة فينظر بعضهم الى سوأة بعض وكان موسى عليه السلام يغتسل وحده فقالوا والله ما يمنع موسى ان يغتسل معنا إلا انه آدر، قال فذهب مرةً يغتسل فوضع ثوبه على حجرٍ الخ الحديث (5) بالعين المهملة أى مضى مسرعًا (6) قال الحافظ هو بفتح الياء الأخيرة من ثوبى أى اعطنى ثوبى أو رد ثوبى حجر بالضم على حذف النداء (قلت) جاء في روايةٍ أخرى للبخارى والامام احمد بلفظ (ثوبى يا حجر) باثبات حرف النداء (7) جاء في روايةٍ أخرى للامام احمد وستأتى في الباب المشار اليه فقالت بنو اسرائيل (يعنى بعد ما نظروا اليه سليمًا من العيوب) قاتل الله أفاكى بنى اسرائيل فكانت براءته التي برأه الله عز وجل (8) بكسر الفاء أى جعل يضرب الحجر بعصاه (9) بفتح النون والمهملة أى أثرًا (والندب) أثر الجرح إذا لم يرتفع فشبه به أثر الضرب في الحجر (تخريجه) (ق مذ طل) وابن جرير والبغوى، قال النووى فيه معجزتان ظاهرتان لموسى عليه السلام مشى الحجر بثوبه وحصول الندب في الحجر بضربه (باب) (10) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمى أبو عبد الرحمن عن عبد الله ابن جبيرة السباتى عن عبد الرحمن بن وعلة قال سمعت ابن عباسٍ يقول إن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) بفتح السين والموحدة وبالهمز والمراد به القبيلة التى هى من أولاد سبأ وهو سبأ بن يشحب ابن يعرف بن قحطان بن هود (12) يعنى الذين سكنوا اليمن (فمذحج) بفتح الميم وسكون الذال المعجمة

-[ما جاء في قوله تعالى {ولا تنفع الشفاعة عنده} الآية وتفسيرها]- وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير عربًا كلها، وأما الشامية (1) فلخم وجذام وعاملة وغسان (باب ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له) الآية (عن ابن عباس) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال ربنا تبارك اسمه اذا قضى أمرًا (3) سبح حملة العرش ثم سبح أهل السماء الذين يلونهم حتى يبلغ التسبيح هذه السماء الدنيا: ثم يستخبر أهل السماء الذين يلون حمل العرش فيقول الذين يلون حملة العرش لحملة العرش {ماذا قال ربكم} (زاد في روايةٍ فيقولون الحق (4)

_ وكسر الحاء آخره جيم (وكندة) بكسر الكاف وسكون النون (والأزد) بفتح الهمزة وسكون الزاى آخره دالة مهملة (والاشعريون) قال في القاموس الأشعر ابو قبيلة باليمن منهم أبو موسى الأشعرى ويقولون جاءتك الأشعرون بحذف ياء الغيب (وأنمار) بفتح الهمزة وسكون النون، زاد عند الترمذى فقال رجل يا رسول الله ما أنمار؟ قال الذين منهم خثعم وبحيلة (قلت) خثعم بوزن جعفر (وبحيلة) كسفينة (وحمير) بكسر الحاء وسكون الميم بوزن درهم (1) يعنى الذين سكنوا الشام (فلخم) بفتح اللام وسكون الخاء المعجمة (وجذام) بضم الجيم والذال المعجمة بوزن غراب (وعاملة) بكسر الميم، قال في القاموس بنو عاملة بن ساجى باليمن (وغسان) بالغين المعجمة وتشديد السين المهملة بوزن شداد (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف (يعنى اذا عنعن وقد عنعن) قال وبقية رجالهما ثقات (قلت) الحديث رواه أيضًا الحاكم في المستدرك وليس فى اسناده ابن لهيعة، وصححه الحاكم وأقره الذهبى وأورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وقال رواه عبد (يعنى ابن حميد) عن الحسن بن موسى عن ابن لهيعة به وهذا إسناد حسن ولم يخرجوه اهـ وعزاه الحافظ السيوطى في الدر المنثور لابن أبي حاتم وابن عدى والحاكم وصححه وابن مردويه، وقصارى القول ان الحديث له طرق كثيرة وشواهد تنهضه إلى درجة الصحيح والله أعلم (باب) (2) هذا طرف من حديثٍ طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الكهانة من كتاب الحدود في الجزء السادس عشر صحيفة 131 رقم 320 وانما ذكرته هنا لمناسبة قوله في الحديث {ماذا قال ربكم} الخ الآية، واول الآية قوله تعالى {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن أذن له حتى إذا فزع عن قلوبهم قالوا ماذا قال ربكم قالوا الحق وهو العلي الكبير} (غريبه) (3) جاء عند البخارى من حديث أبى هريرة ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال (اذا قضى الله الأمر في السماء ضربت الملائكة بأجنحتها خضعانًا) أي خاضعين (لقوله كانه سلسلة على صفوان) يعنى كأن القول المسموع سلسلة من حديد يضرب بها على حجرٍ املس فيأخذهم الفزع ويلحون بالتسبيح ويرون أنه من أمر الساعة (وجاء عند الامام البغوى) من حديث النواس بن سمعان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد الله أن يوحى بالأمر تكلم بالوحى فاذا تكلم أخذت السماوات منه رجفة أو قال رعدة شديدة خوفًا من الله تعالى فاذا سمع بذلك أهل السماوات صعقوا وخروا لله سجدًا فيكون أول من يرفع رأسه جبريل فيكلمه الله من وحيه بما أراد، ثم يمر جبريل على الملائكة كلما مر على سماءٍ سأله ملائكتها ماذا قال ربنا يا جبريل؟ فيقول جبريل قال الحق وهو العلى الكبير، قال فيقولون مثل ما قال جبريل فينتهى جبريل بالوحى حيث أمره الله تعالى من السماء والأرض. وكذا رواه ابن جرير وابن خزيمة، وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وهو مفسر لحديث الباب لأن الأحاديث يفسر بعضها بعضًا (4) أي قال الله تعالى القول الحق

-[(سورة فاطر) وقوله تعالى {ثم أورثنا الكتاب} الآيات]- وهو العلي الكبير) (1) فيخبرونهم ويخبر أهل كل سماءٍ سماء حتى ينتهى الخبر الى السماء ويخطف (2) الجن السمع فيرمون (3) فما جاءوا به على وجهه (4) فهو حق ولكنهم يقذفون ويزيدون (5) قال عبد الله (6) قال أبى قال عبد الرزاق ويخطف الجن ويرمون (سورة فاطر) (باب ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا) الآيات (عن أبي الدرداء) (7) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قال الله عز وجل {ثم أورثنا الكتاب (8) الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} فأما الذين سبقوا بالخيرات فاؤلئك الذين يدخلون الجنة بغير

_ قيل المجيبون هم الملائكة المقربون كجبريل وميكائيل وحملة العرش، ويؤيد ذلك ما جاء في حديث ابن مسعود عند أبى داود قال اذا تكلم الله بالوحى سمع أهل السماوات صلصلة كجر السلسلة على الصفاة (أى الصخرة والحجر الأملس) فيصعقون فلا يزالون كذلك حتى يأتيهم جبريل فاذا جاء فزع عن قلوبهم (أى كشف عنهم الفزع وأزيل) فيقولون يا جبريل ماذاقال ربك؟ فيقول الحق (أى قال القول الحق) (1) أى ذو العلو والكبرياء (2) بفتح الطاء على المشهور وبه جاء القرآن، وفي لغةٍ قليلةٍ كسرها ومعنا استرقه وأخذه بسرعة (3) بصيغة المفعول أى يرمى الجن بالنجم وهو الشهاب قال تعالى {إلا من خطف الخطفة فأتبعه شهاب ثاقب} (4) أى من غير تصرفٍ فيه فهو ثابت وكائن، أى فما أصابوا به موافقًا للواقع فهو مسترق ومخطوف من السمع، وما لم يصيبوا فهو المزيد من طرف أوليائهم الكهنة والمنجمين (5) جاء في روايةٍ أخرى للامام احمد أيضًا بلفظ (ولكنهم يزيدون فيه ويقرفون) بالراء بدل الذال وكذلك جاء عند مسلم، قال النووى هذه اللفظة ضبطوها من رواية صالح على وجهين أحدهما بالراء والثانى بالذال ووقع في رواية الأوزاعى وابن معقل بالراء باتفاق النسخ، ومعناه يخلطون فيه الكذب وهو بمعنى يقذفون (6) هو ابن الامام احمد رحمه الله (أما تفسير الآية) فقد قال الامام البغوى في قوله تعالى {ولا تنفع الشفاعة عنده إلا لمن اذن له} يعنى إلا لمن اذن له الله في الشفاعة، قال تكذيبًا لهم حيث قالوا (هؤلاء شفعاؤنا عند الله) ويجوز أن يكون المعنى إلا لمن اذن الله له أن يشفع، وقرأ ابو عمرو وحمزة والكسائي أذن بضم الهمزة (حتى إذا فزع عن قلوبهم) قرأ ابن عامر ويعقوب بفتح الفاء والزاى، وقرأ الآخرون بضم الفاء وكسر الزاى أي كشف الفزع واخرج عن قلوبهم فالتفزيع إزالة الفزع كالتمريض والتفريد، واختلفوا في الموصوفين بهذه الصفة، فقال قوم هم الملائكة، ثم اختلفوا في ذلك السبب فقال بعضهم انما يفزع عن قلوبهم من غشيةٍ تصيبهم عند سماع كلام الله عز وجل ثم ذكر حديث أبى هريرة وحديث النواس بن سمعان المذكورين آنفًا، وقال بعضهم انما يفزعون حذرًا من قيام الساعة لأن محمدًا صلى الله عليه وسلم عند أهل السماوات بعثته من أشراط الساعة، وقال جماعة الموصوفون بذلك المشركون: قال الحسن وابن زيد حتى اذا كشف الفزع عن قلوب المشركين عند نزول الموت بهم اقامةً للحجة عليهم {قالوا ماذا قال ربكم} أي قالت الملائكة لهم ماذا قال ربكم فى الدنيا {قالوا الحق} أى قالوا قال القول الحق فاقروا به حين لا ينفهم الاقرار {وهو العلي الكبير} أى ذو العلو والكبرياء والله أعلم (باب) (7) (سنده) حدثنا اسحاق بن عيسى حدثنا أنس بن عياض الليثى أبو ضمرة عن موسى بن عقبة عن على ابن عبد الله الأزدى عن أبى الدرداء الخ (8) (التفسير) {ثم أورثنا الكتاب} أي أوحينا إليك الكتاب

-[قوله تعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} الآيات وتفسيرها وكلام العلماء في ذلك]- حساب، وأما الذين اقتصدوا فاولئك يحاسبون حسابًا يسيرًا، وأما الذين ظلموا أنفسهم فاولئك الذين يحبسون في طول المحشر ثم هم الذين تلافاهم الله برحمته فهم الذين يقولون الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور: الى قوله: لغوب) (حدثنا وكيع) (1) قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن ثابت أو عن أبى ثابت (2) أن رجلًا دخل مسجد دمشق فقال اللهم آنس وحشتى وارحم غربتى وارزقنى جليسًا حبيبًا صالحًا، فسمعه أبو الدرداء فقال لئن كنت صادقًا (3) لأنا أسعد بما قلت منك: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (فمنهم ظالم لنفسه) (4)

_ وهو القرآن ثم أورثناه يعنى حكمنا يتوريثه وقيل أورثناه بمعنى نورثه {الذين اصطفينا من عبادنا} قال ابن عباس يريد أمة محمد صلى الله عليه وسلم يعنى من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن بعدهم الى يوم القيامة: لأن الله اصطفاهم على سائر الأمم واختصهم بكرامته بأن جعلهم أتباع سيد الرسل وخصهم بحمل أفضل الكتب ثم قسمهم ورتبهم على مراتب فقال تعالى {فمنهم ظالم لنفسه} يعنى بالتقصير في العمل وأمرهم مرجأ الى الله عز وجل، ولذلك فسرهم في الحديث بقوله فاولئك الذين يحبسون في طول المحشر: وفي رواية من حديث أبى الدرداء أيضًا (وأما الظالم لنفسه فيحبس في المقام حتى يدخله الهم ثم يدخل الجنة) ومعناه انه يحبس طول مدة اقامته بالمحشر، وقوله (ثم هم الذين تلافاهم الله برحمته) أي تداركهم. وعن ابن عباس الظالم الكافر نعمة الله غير الجاحد لها لأنه حكم للثلاثة بدخول الجنة، وقيل الظالم لنفسه من رجحت سيئاته على حسناته {ومنهم مقتصد} هو الذي خلط عملًا صالحًا وآخر سيئًا، وقيل من استوت سيئاته وحسناته وذكرهم في الحديث بأنهم يحاسبون حسابًا يسيرًا {ومنهم سابق بالخيرات} قالت عائشة رضى الله عنها هو من معنى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وشهد له بالجنة، وقيل السابق القارئ للقرآن العالم به العامل بما فيه وهؤلاء يدخلون الجنة بغير حساب كما فسرهم بذلك في الحديث (باذن الله) أى بأمره وارادته وتوفيقه {ذلك هو الفضل الكبير} يعنى ايرائهم الكتاب واصطفاؤهم، ثم أخبر بثوابهم فقال {جنات عدنٍ يدخلونها} يعنى الأصناف الثلاثة {يحلون فيها من أساور من ذهبٍ ولؤلؤًا} أى من ذهبٍ مرصعٍ باللؤلؤ {ولباسهم فيها حرير} أى لما فيه من اللذة والزينة {وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن} خوف النار أو خوف الموت أو هموم الدنيا {إن ربنا لغفور} يغفر الجنايات وان كثرت {شكور} يقبل الطاعات وان قلت {الذي أحلنا دار المقامة} أى الاقامة لا نبرح منها ولا نفارقها، يقال أقمت اقامةً ومقامًا ومقامةً {من فضله} من عطائه وإفضاله ى باستحقاقنا وأعمالنا {لا يمسنا فيها نصب} أى لا يصيبنا فيها عناء ولا مشقة {ولا يمسنا فيها لغوب} أى إعياء من التعب وقرأ أبو عبد الرحمن السلمى لغوب بفتح اللام (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام احمد، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد بأسانيد رجال احدها رجال الصحيح وهي هذه ان كان على بن عبد الله الأزدى سمع من أبى الدرداء فانه تابعى (1) (حدثنا وكيع الخ) (2) أو للشك من الراوى، والظاهر انه ثابت بن عبيد الانصاري، قال في الخلاصة روى عنه الأعمش ومسعر والثوري وثقه احمد زابن معين (3) معناه ان كنت مخلصًا في دعائك واستجاب الله لك فأنا أسعد بصحبتك منك حيث قد جعلنى الله عز وجل من عباده الصالحين (4) أول الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه} الآية: قال الحافظ ابن كثير في تفسيره يقول تعالى ثم جعلنا

-[(سورة يس) وما جاء في فضلها]- قال الظالم يؤخذ منه في مقامه (1) فذلك الهم والحزن {ومنهم مقتصد} يحاسب حسابًا يسيرًا {ومنهم سابق بالخيرات} فذلك الذين يدخلون الجنة بغير حساب (عن أبي سعيدٍ الخدرى) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فى هذه الآية {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات} قال هؤلاء كلهم بمنزلةٍ واحدة (3) وكلهم في الجنة (سورة يس) (باب ما جاء في فضلها) (عن معقل بن يسار) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يس قلب القرآن (5) لا يقرؤها رجل يريد الله تعالى والدار الآخرة إلا غفر له (6) واقرءوها على موتاكم (7) (حدثنا أبو المغيرة) (8) ثنا صفوان: يعنى ابن عمرو: حدثنى المشيخة (9) انهم حضروا واغضيف بن الحارث الثمالى (10) حين اشتد سوقه (11) فقال هل منكم أحد يقرأ يس

_ القائمين بالكتاب العظيم المصدق لما بين يديه من الكتب الذين اصطفينا من عبادنا وهم هذه الامة، ثم قسمهم على ثلاثة أنواعٍ فقال تعالى {فمنهم ظالم لنفسه} وهو المفرط في فعل الواجبات المرتكب لبعض المحرمات {ومنهم مقتصد} وهو المؤدى للواجبات التارك للمحرمات وقد يترك بعض المستحبات ويفعل بعض المكروهات {ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله} وهو الفاعل للواجبات والمستحبات التارك للمحرمات والمكروهات وبعض المباحات، قال على بن أبى طلحة عن ابن عباسٍ في قوله تعالى {ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا} قال هم أمة محمد صلى الله عليه وسلم ورثهم الله تعالى كل كتابٍ انزل (يعنى الايمان به والتصديق) فظالمهم يغفر له ومقتصدهم يحاسب حسابًا يسيرًا وسابقهم يدخل الجنة بغير حساب (1) أى يعاقب بطول وقوفه في المحشر وبالهم والحزن الذى يصيبه من جراء ذلك (تخريجه) رواه ابن جرير وابن أبى حاتم والبغوى في تفاسيرهم، وأورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) قال وثابت ابن عبيد ومن قبله من رجال الصحيح، وفى اسناد الطبراني رجل غير مسمى (2) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن الوليدين العيزار انه سمع رجلًا من ثقيف يحدث عن رجلٍ من كنانة عن أبى سعيد الخ (غريبه) (3) أى في انهم من الأمة المحمدية وانهم من أهل الجنة وان كان بينهم فرق في المنازل فى الجنة (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث غريب حسن، ورواه أيضًا ابن جرير وابن أبى حاتم، وفي أسانيد كلهم من لم يسم فتحسين الترمذى له لشواهده والله أعلم (باب) (4) هذا طرف من حديثٍ طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب سورة البقرة وما جاء في فضلها في هذا الجزء صحيفة 70 رقم 161 فارجع اليه (غريبه) (5) أى لبه وخالصه وقلب كل شيء لبه (6) قال الطيبى لاحتوائها مع قصرها على البراهين الساطعة والآيات القاطعة والعلوم المكنونة والمعانى الدقيقة والمواعيد الفائقة والزواجر البالغة (7) قال بعض السلف من خصائص هذه السورة أنها لا تقرأ عند أمرٍ عسيرٍ إلا يسره الله وكأن قرائتها عند الميت لتنزل الرحمة والبركة وليسهل عليه خروج الروح والله أعلم (8) (حدثنا أبو المغيرة) الخ (غريبه) (9) جماعة من مشايخه من كبار علماء عصره (10) اختلف في اسمه وصحبته فقيل غضيف بالضاد كما هنا وقيل بالطاء بدل الضاد والصحيح الأول، وقيل انه صحابى وقيل تابعى والصحيح الأول أيضًا كما يستفاد مما ذكره الحافظ في الاصابة مات سنة بضع وستين (11) بفتح المهملة وسكون الواو أي

-[قوله تعالى {والشمس تجرى لمستقر لها} الآية وتفسيرها وكلام العلماء فى ذلك]- قال فقرأها صالح بن شريح السكوتى فلما بلغ أربعين منها قبض: قال فكان المشيخة يقولون اذا قرئت عند الميت خفف عنه بها (1) قال صفوان وقرأها عيسى بن المعتمر عند ابن معبد (عن أبى ذر) (2) قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى المسجد حين وجبت الشمس (3) فقال يا أبا ذر تدرى أين تذهب الشمس؟ (4) قلت الله ورسوله أعلم، قال فانها تذهب حيث تسجد (5) بين يدى ربها عز وجل فتستأذن فى الرجوع فيؤذن لها وكأنها قد قيل لها ارجعى من حيث جئت فترجع الى مطلعها فذلك مستقرها ثم قرأ {والشمس تجرى لمستقر لها} (6) (وعنه أيضًا) (7) قال سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى {والشمس تجرى لمستقر لها} (8) قال مستقرها تحت العرش (9)

_ نزعه كأن روحه تساق لتخرج من بدنه (1) أى لما تقدم فى شرح الحديث السابق (فائدة) قال ابن العربى تتأكد قراءة يس: واذا حضرت موت أحد فاقرأ عنده يس فقد مرضت وغشى علىَّ وعددت من الموتى فرأيت قومًا كرشَّ المطر يريدون أذيتى، ورأيت شخصًا جميلًا دفعهم عنى حتى قهرهم، فقلت من أنت؟ قال سورة يس فأفقت فاذا بأبى عند رأسى وهو يبكى ويقرأ يس وقد ختمها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الأمام احمد وأورده الحافظ فى الاصابة بسنده ولفظه وعزاه للامام احمد وحسن اسناده (2) (سنده) حدّثنا محمد بن عبيد ثنا الأعمش عن ابراهيم التيمى عن أبيه عن أبى ذر الخ (غريبه) (3) جاء عند البخارى (عند غروب الشمس (4) استفهام أريد به الابتلاء (5) رواية البخارى (حتى تسجد تحت العرش) أى تنقاد للبارى تعالى انقياد الساجدين المكلفين أو شبهها بالساجد عند غروبها، قال الحافظ ابن كثير والعرش فوق العالم مما يلى رءوس الناس، فالشمس اذا كانت فى قبة الفلك وقت الظهيرة تكون أقرب الى العرش، فاذا استدارت فى فلكها الرابع الى مقابلة هذا المقام وهو وقت نصف الليل صارت أبعد ما يكون من العرش، فحينئذ تسجد وتستأذن فى الطلوع أى من المشرق على عادتها فيؤذن لها اهـ (قلت) وهذا معنى قوله فى حديث الباب وكأنها قد قيل لها ارجعى من حيث جئت الخ (6) (التفسير) {والشمس تجرى لمستقر لها} الواو للعطف على ما تقدم واللام فى لمستقر بمعنى الى والمراد بالمستقر (إما الزمانى) وهو منتهى سيرها وسكون حركتها يوم القيامة حين تكور وينتهى هذا العالم الى غايته (وإما المكانى) وهو ما تحت العرش مما يلى الأرض من ذلك الجانب وهى أينما كانت فهى تحت العرش كجميع المخلوقات لأنه سقفها وليس بكرة كما يزعمه كثير من أهل الهيئة بل هو قبة ذات قوائم تحمله الملائكة: والمراد غاية ارتفاعها فى كبد السماء فان حركتها إذ ذاك يوجد فيها ابطاء بحيث يظن ان لها هناك وقفة، والثانى أنسب بحديث الباب (قال الحافظ) وظاهر الحديث ان المراد بالاستقرار وقوعه فى كل يوم وليلة عند سجودها ومقابل الاستقرار المسير الدائم المعبر عنه بالجرى اهـ، وبقية الآية {ذلك تقدير العزيز} الغالب بقدرته على كل مقدور (العليم) بكل معلوم (تخريجه) (ق د مذ نس) (7) (سنده) حدّثنا وكيع حدثنا الأعمش عن ابراهيم التيمى عن أبيه عن أبى ذر الخ (8) (هذه هى القراءة المتواترة (فان الحافظ ابن كثير) وقرأ ابن مسعود وابن عباس (والشمس تجرى لا نستقر لها أى لا فرار لها ولا سكون بل هى سائرة ليلًا ونهارًا لا تفتر ولا تقف كما قال تبارك وتعالى {وسخر لكم الشمس والقمر دائبين} أى لا يفتران ولا يقفان إلى يوم القيامة اهـ (9) قال الطيبى وأما قوله مستقرها تحت العرش فلا ينكر ان يكون لها استقرار

-[(سورة الصافات) وقوله تعالى {وناديناه أن يا ابراهيم} الآية]- (سورة الصافات) (باب قصة الذبيح وقوله تعالى- {وناديناه أن يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا} (عن ابن عباس) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان جبريل ذهب بابراهيم الى جمرة العقبة (2) فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ (3) ثم اتى الجمرة الوسطى (4) فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ: ثم أتى الجمرة القصوى (5) فعرض له الشيطان فرماه بسبع حصيات فساخ: فلما أراد ابراهيم أن يذبح ابنه اسحاق (6) قال لأبيه يا أبت أوثقنى لا اضطرب فينضج عليك من دمى إذا ذبحتنى فشده (7) فلما أخذ الشفرة فأراد أن يذبحه نودى من خلفه {أن يا ابراهيم قد صدَّقت الرؤيا} (8)

_ تحت العرش من حيث لا ندركه ولا نشاهده وانما أخبر عن غيب فلا نكذبه ولا نكيفه لأن علمنا لا يحيط به اهـ (قال الحافظ) وفى الحديث رد على من زعم ان المراد بمستقرها غاية ما تنتهى اليه فى الارتفاع وذلك أطول يوم فى السنة وقيل الى منتهى امرها عند انتهاء الدنيا اهـ قال فى اللمعات (قوله والشمس تجرى لمستقر لها} قد ذكر فى التفاسير وجوه غير ما فى الحديث ولا شك أن ما وقع فى الحديث المتفق عليه هو المعتبر والمعتمد والله أعلم (تخريجه) (خ نس وغيرهما) (باب) (1) (سنده) حدّثنا يونس أخبرنا حماد عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) قال الحافظ جمرة العقبة هى الجمرة الكبرى وليست من منى بل هى حد منى من جهة مكة، وهى التى بايع النبى صلى الله عليه وسلم الأنصار عندها على الهجرة، والجمرة اسم المجتمع الحصى سميت بذلك لاجتماع الناس بها، يقال تجمر بنو فلان إذا اجتمعوا، وقيل ان العرب تسمى الحصا الصغار جمارًا فسميت تسمية الشئ بلازمه (3) أى غاص فى الأرض يقال ساخت الأرض به تسوخ وتسيخ (4) هى التى بين جمرة العقبة والجمرة القصوى (5) هى التى تلى مسجد الخيف بفتح الخاء المعجمة وسكون التحتية ويقال لها الأولى لأنها أولى الجمرات من جهة عرفات، والقصوى لأنها أبعد الجمرات من مكة (6) هكذا جاء فى هذه الرواية ويستفاد منها أن الذبيح اسحاق وفى اسنادها عطاء بن السائب وقد اختلط، وهى تعارض الرواية الصحيحة من حديث أبى الطفيل عن ابن عباس أيضًا وتقدم فى باب ما رواه أبو الطفيل عن ابن عباس من كتاب الحج فى الجزء الحادى عشر صحيفة 100 رقم 70 وفيه (وثم تله للجبين وعلى اسماعيل قميص أبيض) الحديث وهو يفيد أن الذبيح اسماعيل، وسيأتى تحقيق المقام وكلام العلماء فى ذلك قريبًا (7) أى شد وثاقه (وقوله فلما أخذ الشفرة) يعنى السكين العريضة (8) أى قد حصل المقصود من رؤياك باضجاعك ولدك للذبح (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط، والظاهر أن قوله فى الحديث (فلما أراد اسماعيل أن يذبح ابنه اسحاق) جاء خطأ من عطاء بن السائب فالذبيح اسماعيل كما يستفاد من كتاب الله وصريح السنة الصحيحة وإلى ذلك ذهب جمهور العلماء من السلف والخلف (هذا) واعلم أن قصة ابراهيم عليه السلام مع ولده الذبيح عليهما وعلى نبينا الصلاة والسلام جاءت فى كتاب الله من قوله تعالى {وقال إنى ذاهب الر ربى سيهدين} - إلى قوله- {وباركنا عليه وعلى اسحاق ومن ذريتهما محسن وظالم لنفسه مبين} لهذا رأيت أن آتى بتفسير هذه الآيات لما فيها من العظة والعبرة فأقول: أورد هذه الآيات الحافظ ابن كثير فى تفسيره جملة واحدة ثم قال يقول تعالى مخبرًا عن خليله ابراهيم عليه الصلاة والسلام بعدما نصره الله تعالى على قومه وأيس من =

-[قصة الذبيح وكلام العلماء فى ذلك والتحقيق أن الذبيح اسماعيل لا اسحاق]- ......

_ = إيمانهم بعدما شاهدوا من الآيات العظيمة هاجر من بين أظهرهم وقال {انى ذاهب الى ربى سيهدين، رب هب لى من الصالحين} يعنى أولادًا مطيعين يكونون عوضًا عن قومه وعشيرته الذين فارقهم، قال الله تعالى {فبشرناه بغلام حليم} وهذا الغلام هو اسماعيل عليه السلام فانه أول ولد بشر به ابراهيم عليه السلام وهو أكبر من اسحاق باتفاق المسلمين وأهل الكتاب، بل فى نص كتابهم أن اسماعيل عليه السلام ولد ولإبراهيم عليه السلام ست وثمانون سنة: وولد اسحاق وعمر ابراهيم عليه الصلاة والسلام تسع وتسعون سنة وعندهم ان الله تبارك وتعالى أمر ابراهيم أن يذبح ابنه وحيده وفى نسخة أخرى بكرة فأقحموها هنا كذبًا وبهتانًا (اسحاق) ولا يجوز هذا لأنه مخالف لنص كتابهم، وانما اقحموا اسحاق لأنه أبوهم واسماعيل ابو العرب فحسدوهم فزادوا ذلك: وحرّفوا وحيده بمعنى الذى ليس عنده غيره فان اسماعيل كان ذهب به وبأمه الى مكة، وهو تأويل وتحريف باطل، فانه لا يقال وحيده الا لمن ليس له غيره، وأيضًا فان أول ولد له معزة ما ليس لمن بعده من الأولاد، فالأمر بذبحه أبلغ فى الابتلاء والاختبار، وقد ذهب جماعة من أهل العلم الى أن الذبيح هو اسحاق وحكى ذلك عن طائفة من السلف حتى نقل عن بعض الصحابة رضى الله عنهم أيضًا، وليس ذلك فى كتاب ولا سنة، وما أظن ذلك تلقى إلا عن أحبار أهل الكتاب وأخذ ذلك مسَّدًا من غير حجة، وهذا كتاب الله شاهد ومرشد الى أنه اسماعيل، فانه ذكر البشارة بغلام حليم، وذكر أنه الذبيح ثم قال بعد ذلك- وبشرناه باسحاق نبيًا من الصالحين- ولما بشرت الملائكة ابراهيم باسحاق قالوا- انا نبشرك بغلام عليم- قال تعالى- {فبشرناها باسحاق ومن وراء اسحاق يعقوب} أى يولد له فى حياتهما ولد يسمى يعقوب فيكون من ذريته عقب ونسل، فكيف يجوز بعد هذا أن يؤمر بذبحه وهو صغير لأن الله تعالى قد وعدهما بأنه سيعقب ويكون له نسل فكيف يحكى بعد هذا أن يؤمر بذبحه صغيرًا واسماعيل وصف هنا بالحليم لأنه مناسب لهذا المقام، انتهى كلام الحافظ ابن كثير (فلما بلغ معه السعى) قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وسعيد بن جبير وعطاء الخراسانى وزيد بن أسلم وغيرهم يعنى شب وارتجل وأطاق ما يفعله أبوه من السعى والعمل، قال الامام البغوى واختلفوا فى سنه، قيل كان ابن ثلاث عشرة سنة، وقيل كان ابن سبع سنين {قال يا بنى انى أرى فى المنام أنى أذبحك} قال محمد بن اسحاق كان ابراهيم اذا زار هاجر واسماعيل حمل على البراق فيغدو من الشام فيقيل بمكة ويروح من مكة، فيبيت عند أهله بالشام، حتى اذا بلغ اسماعيل معه السعى وأخذ يعمل بنفسه ورجاء لما كان يأمل فيه من عبادة ربه وتعظيم حرماته أمر فى المنام أن يذبحه: وذلك أنه رأى ليلة التروية كأن قائلًا يقول له إن الله يأمرك بذبح ابنك هذا، فلما أصبح روّى فى نفسه أى فكر فى الصباح الى الرواح أمن الله هذا الحكم أم من الشيطان؟ فمن ثم سعى يوم التروية فلما أمسى رأى فى المنام ثانيًا، فلما أصبح عرف أن ذلك من الله عز وجل، فمن ثم سعى يوم عرفة، قال مقاتل رأى ذلك ابراهيم ثلاث ليال متواليات فلما تيقن ذلك أخبر به ابنه فقال- {يا بنى انى أرى فى المنام أنى أذبحك فانظر ماذا ترى} قرأ حمزة والكسائى ترى بضم التاء وكسر الراء ماذا تشير: وانما أخبره ليعلم صبره على أمر الله تعالى وعزيمته على طاعته، وقرأ العامة بفتح التاء والراء إلا أبا عمرو فانه يميل الراء، قال ابن اسحاق وغيره فلما أمر ابراهيم بذبح ولده قال لابنه يا بنى خذ الحبل والمدية ننطلق الى هذا الشعب نحتطب، فلما خلا ابراهيم بابنه فى شعب ثبير اخبره بنا أمر {قال يا أبت افعل ما تؤمر ستجدنى إن شاء الله من الصابرين فلما أسلما} انقادا وخضعا لأمر الله تعالى، قال قتادة أسلم ابراهيم ابنه وأسلم الابن نفسه {وتله للجبين} أى صرعه على الأرض قال ابن عباس أضجعه على جبينه

-[بقية قصة الذبيح وتفسيرها ومن قال انه اسحاق]- .....

_ على الأرض، والجبهة بين الجبينين ووضع السكين على حلقه فلم يعمل، ثم وضع السكين على قفاه فانقلب السكين ونودى يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا: روى ان ذلك المكان عند الصخرة التى بمنىً، وجواب لما محذوف تقديره قبلنا منه {وناديناه أن يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا} أى حققت ما أمرناك به فى المنام من تسليم الولد للذبح {إنا كذلك نجزى المحسنين} تعليل لتخويل ما خولهما من الفرج بعد الشدة {إن هذا لهو البلاء المبين} الاختبار البين الذى يتميز به المخلصون من غيرهم أو المحنة البينة {وفديناه بذبح عظيم} هو ما يذبح سمينًا ضخم الجثة، وهى السنة فى الأضاحى، روى عن ابن عباس هو الكبش الذى قربه هابيل فقبل منه وكان يرعى فى الجنة حتى فدى به اسماعيل، وعنه لو تمت تلك الذبيحة لصارت سنة وذبح الناس أبناءهم، قال الامام البغوى نظر ابراهيم فاذا هو بجبريل ومعه كبش أملح أقرن فقال هذا فداء لابنك فاذبحه دونه فكبر جبريل وكبر الكبش وكبر ابراهيم وكبر ابنه فأخذ ابراهيم الكبش فأتى به المنحر من منى فذبحه قال مجاهد سماه عظيمًا لأنه متقبل، وقال الحسين بن الفضل لأنه كان من عند الله، وقيل عظيم فى الثواب {وتركنا عليه فى الآخرين} أى تركنا له فى الآخرين ثناءًا حسنًا {سلام على ابراهيم كذلك نجزى المحسنين} ولم يقل إنا كذلك هنا كما فى غيره لأنه قد سبق فى هذه القصة فاستخف بطرحه اكتفاءًا بذكره مرة عن ذكره ثانية {انه من عبادنا المؤمنين وبشرناه باسحاق نبيًا من الصالحين} فمن جعل الذبيح اسماعيل قال بشره بعد هذه القصة باسحاق نبيًا جزاء الطاعة، ومن جعل الذبيح اسحاق قال بشر ابراهيم بنبوة اسحاق ورواه عكرمة: وعن ابن عباس قال بشر به مرتين حين ولد وحين نبئ {وباركنا عليه} يعنى على ابراهيم فى أولاده {وعلى اسحاق} يكون أكثر الأنبياء من نسله، قيل أخرج الله من صلبه الف نبى أولهم يعقوب وآخرهم عيسى عليهم السلام {ومن ذريتهما محسن} مؤمن {وظالم لنفسه} كافر {مبين} ظاهر أو محسن الى الناس وظالم على نفسه بتعديه عن حدود الشرع، وفيه تنبيه على أن الخبيث والطيب لا يجرى أمرهما على العرف والعنصر فقد يلد البر الفاجر، والفاجر البر وهذا مما يهدم أمر الطبائع والعناصر، وعلى ان الظلم فى اعقابهما لم يعد عليهما بعيب ولا نقيصة، وان المرء إنما يعاب بسوء فعله ويعاقب على ما اجترحت يداه لا على ما وجد من أصله وفرعه، والى هنا قد انتهى ما أردنا تفسيره من هذه القصة، ويستفاد منها أن الراجح بل المتعين أن الذبيح اسماعيل، قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره وقد حكى البغوى القول بأنه اسحاق عن عمر وعلى وابن مسعود والعباس رضى الله عنهم ومن التابعين عن كعب الأحبار وسعيد بن جبير وقتادة ومسروق وعكرمة وعطاء ومقاتل والزهرى والسدى، قال وهو إحدى الروايتين عن ابن عباس، وقد ورد فى ذلك حديث لو ثبت لقلنا به على الرأس والعين ولكن لم يصح سنده اهـ (قلت) وحكى البغوى أيضًا القول بأنه اسماعيل عن عبد الله بن عمر قال وهو قول سعيد بن المسيب والشعبى والحسن البصرى ومجاهد والربيع بن أنس ومحمد بن كعب القرظى والكلى، وهى رواية عطاء بن أبى رباح ويوسف بن ماهك عن ابن عباس قال المفدى اسماعيل، وقال القرظى سأل عمر بن عبد العزيز رجلًا كان من علماء اليهود أسلم وحسن اسلامه أىّ ابنى ابراهيم أمر بذبحه؟ فقال اسماعيل: ثم قال يا أمير المؤمنين ان اليهود لتعلم ذلك ولكنهم يحسدونكم معشر العرب على أن يكون أباكم الذى أمر الله تبارك وتعالى بذبحه ويزعمون انه اسحاق بن ابراهيم، ومن الدليل عليه ان قرني الكبش كانا منوطين بالكعبة فى أيدى بنى اسماعيل الى ان احترق البيت واحترق القرنان فى أيام ابن الزبير والحجاج، قال الشعبى رأيت قرنى الكبش منوطين بالكعبة، وعن ابن عباس قال والذي نفسي

-[قوله تعالى {اجعل الآلهة الهًا واحدًا} الآيات وتفسيرها]- (سورة ص) (باب اجعل الآلهة الهًا واحدًا) الآية (من ابن عباس) (1) قال مرض أبو طالب فأتته قريش وأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده وعند رأسه مقعد رجل (2) فقام أبو جهل فقعد فيه (3) فقالوا إن ابن أخيك يقع فى الهتنا، قال ما شأن قومك يشكونك؟ قال يا عم أريدهم على كلمة واحدة تدين بها العرب وتؤدى العجم اليهم الجزية: قال ما هى؟ قال لا إله إلا الله، فقاموا فقالوا {اجعل الآلهة الهًا واحدًا} قال ونزل (ص والقرآن ذى الذكر) (4) فقرأ حتى بلغ {ان هذا لشئ عجاب} (5) قال عبد الله (يعنى ابن الإمام أحمد) قال أبى وحدثنا ابو أسامة حدثنا الأعمش حدثنا عباد (6)

_ بيده لقد كان اول الاسلام وان راس الكبش؟؟؟؟؟؟ بقرنيه فى ميزاب الكعبة وقد وحش يعنى يبس، قال الأصمعى سألت أبا عمرو بن العلاء عن الذبيح اسحاق كان أو اسماعيل، فقال يا اصيمع أين ذهب عقلك متى كان اسحاق بمكة؟ انما كان اسماعيل بمكة وهو الذى بنى البيت مع أبيه اهـ هذا وفيما نقلناه عن الحافظ ابن كثير فى أول القصة كفاية لمستزيد والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا يحيى عن سفيان حدثنى سليمان يعنى الأعمش عن يحيى بن عمارة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) يعنى خاليًا (3) الظاهر أن أبا جهل فعل ذلك خشية أن يجلس فيه النبى صلى الله عليه وسلم فيكون له صدارة المجلس ويؤثر على أبى طالب فيرق له، فوثب فجلس فى ذلك المجلس، زاد فى الحديث التالى فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجد مجلسًا إلا عند الباب فجلس (4) (التفسير) {ص. والقرآن ذى الذكر} أى البيان والشرف وجواب القسم محذوف، أى ما الأمر كما قال فان كفار مكة من تعدد الآلهة (بل الذين كفروا فى عزة) أى حمية وجاهلية وتكبر عن الحق {وشقاق} خلاف وعداوة لمحمد صلى الله عليه وسلم {كم اهلكنا من قبلهم من قرن} يعنى من الأمم الخالية {فنادوا} استغاثوا عند نزول العذاب وحلول النقمة {ولاة حين مناص} اى ليس الحين حين؟؟؟؟؟؟ القول {وعجبوا} يعنى الكفار الذين ذكرهم الله عز وجل فى قوله بل الذين كفروا {أن جاءهم منذر منهم} يعنى رسولًا من انفسهم ينذرهم {وقال الكافرون هذا ساحر كذاب: اجعل الآلهة إلهًا واحدًا} اى كيف يزعم محمد أن المعبود واحد لا إله إلا هو، أنكر المشركون ذلك قبحهم الله بعد ما فارقوا مجلس أبى طالب كما فى الحديث {إن هذا لشئ عجاب} أى عجيب والعجيب والعجاب واحد: كقولهم رجل كريم وكرام وكبير وكبار وطويل وطوال وعريض وعراض (5) نزلت هذه الآيات بعد قولهم هذا توبيخًا لهم واظهارًا للغضب عليهم ودلالة على أن هذا القول لا يحسر عليه إلا الكافرون المتوغلون فى الكفر المنهمكون فى الغى اذ لا كفر أبلغ من أن يسموا من صدّقه الله كاذبًا ساحرًا ويتعجبوا من التوحيد وهو الحق الابلج ولا يتعجبوا من الشرك وهو باطل لجلج (6) اختلف الرواة فى اسم هذا الراوى فسماه سفيان الثورى فى روايته عنه (يحيى بن عمارة) كما والسند المذكور أول الحديث وهذا هو الذى جزم به البخارى وابن حبان ويعقوب بن شيبة، وسماه أبو أسامة عن الأعمش (عبادًا) غير منسوب كما فى هذا السند الأخير، وسماه الأشجعى عن العمش (يحيى بن عباد) والمحفوظ المتداول (يحيى بن عمارة) كما فى السند المذكور أول الباب (تخريجه) (نس مذ ك) وابن أبى حاتم وابن جرير كلهم فى تفاسيرهم من حديث سفيان الثورى عن الأعمش عن يحيى بن عمارة الكوفى عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وقال الترمذى حديث حسن صحيح (قلت) وصححه أيضًا الحاكم وأقره الذهبي والله اعلم

-[قوله تعالى: (إنك ميت وإنهم ميتون) وكلام العلماء في ذلك]- فذكر نحوه، وقال أبي قال الأشجعي يحيى بن عباد (وعنه أيضاً) (1) قال لما مرض أبو طالب دخل عليه رهط (2) من قريش منهم أبو جهل فقالوا يا أبا طالب ابن أخيك يشتم آلهتنا بقوله ويقول ويفعل ويفعل، فأرسل إليه فانهه: قال فأرسل إليه أبو طالب وكان قرب أبي طالب موضع رجل فخشي إن دخل النبي صلى الله عليه وسلم على عمه أن يكون أرق له عليه فوثب فجلس، فلما دخل النبي صلى الله عليه وسلم لم يجد مجلسا إلا عند الباب فجلس، فقال أبو طالب يا ابن أخي إن قومك يشكونك يزعمون أنك تشتم آلهتك، تقول وتقول وتفعل: فقال: يا عم إنما أريدهم على كلمة واحدة تدين لهم بها العرب وتؤدي إليهم بها العجم الجزية، قالوا: وما هي؟ نعم وأبيك عشرا (قال لا إله إلا الله) قال: فقاموا وهم ينفضون ثيابهم وهم يقولون (أجعل الآلهة إلهاً واحداً إن هذا لشيء عجاب) (3) قال ثم قرأ حتى بلغ (لما يذوقوا عذاب) (4) (سورة الزمر) (باب إنك ميت وإنهم ميتون) (عن الزبير بن العوام) (5) قال لما نزلت هذه السورة على رسول الله صلى الله عليه وسلم (إنك ميت وإنهم ميتون (6) ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) (7) قال الزبير رضي الله عنه أي رسول الله

_ (1) (سنده) حدثنا حماد بن أسامة قال سمعت الأعمش قال حدثنا عباد بن جعفر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (7) الرهط هم عشيرة الرجل وأهله، والرهط من الرجال ما دون العشرة وقيل إلى الأربعين ولا XXX فيهم امرأة ولا واحد له من لفظه ويجمع على أرهط وأرهاط وأراهط جمع الجمع (3) تقدم تفسير هذه الآية مع ما قبلها من أول السورة في شرح الحديث السابق (4) زاد في هذه الرواية قال ثم قرأ حتى بلغ لما يذوقوا عذاب) وإليك تفسير هذه الزيادة وانطلق الملأ منهم وهم سادتهم وقادتهم ورؤساؤهم وكبراؤهم وانطلقوا من مجلسهم الذي كانوا فيه عند أبي طالب يقول بعضهم لبعض (أن امشوا) وأن بمعنى أي لأن المنطلقين عن مجلس التفاؤل لا بد من أن يتكلموا ويتفاوضوا فيما جرى لهم فكان انطلاقهم متضمنا معنى القول (واصبروا على آلهتكم) أي اثبتوا على عبادة آلهتكم ولا تستجيبوا لما يدعوكم غليه محمد من التوحيد (إن هذا بشيء يراد) قال ابن جرير إن هذا الذي يدعونا إليه محمد من التوحيد لشيء يريد به الشرف عليكم والاستعلاء وأن يكون له منكم أتباع ولسنا نجيبه إليه (ما سمعنا بهذا) اي بهذا الذي يقوله محمد من التوحيد (في الملة الآخرة) قال ابن عباس والكلبي ومقاتل يعنون النصرانية لأنها آخر الملل وهم لا يوحدون وهم لا يوحدون بل يقولون ثالث ثلاثة، وقال مجاهد وقتادة يعنون ملة قريش ودينهم الذي هم عليه (إن هذا أي ما هذا (الا اختلاق) أي كذب اختلقه محمد من تلقاء نفسه (أأنزل عليه الذكر) القرآن (من بيننا) وليس بأكبرنا ولا أشرفنا يقوله أهل مكة قال الله عز وجل (بل هم في شك من ذكري) أي وحي وما أنزلت (بل لم يذوقوا عذاب) أي لم يذوقوا عذاب، ولو ذاقوه لما قالوا هذا القول، والمعنى أنهم لا يصدقون به إلا أن يمسهم العذاب فيصدقون حينئذ (تخريجه) تقدم الكلام على من خرجه في الحديث السابق وهو حديث صحيح (باب) (5) (سنده) حدثنا ابن نمير حدثنا محمد يعني ابن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن عبد الله ابن الزبير بن العوام الخ (6) (التفسير) (إنك ميت) أي ستموت (وإنهم ميتون) أي سيموتون، قال الفراء والكسائي الميت بالتشديد من لم يمت وسيموت، والميت بالتخفيف من فارقه الروح ولذلك لم يخفف ما هنا (ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون) قال الحافظ ابن كثير معنى الآية إنكم

-[قوله تعالى {قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم}]- أيكرر علينا ما كان فى الدنيا (1) مع خواص الذنوب؟ قال نعم ليكررن عليكم حتى يؤدى الى كل ذى حق حقه، فقال الزبير والله ان الأمر لشديد (وعنه أيضًا) (2) قال لما نزلت {ثم انكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} قال الزبير أى رسول الله مع خصومتنا فى الدنيا؟ قال نعم، ولما نزلت {ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم} قال الزبير أى رسول الله أى نعيم نسأل عنه (3) وانما يعنى هما الأسودان التمر والماء، قال أما ان ذلك سيكون (4) (باب قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله) الآية (عن ثوبان) (5) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أحب أن لى الدنيا وما فيها بهذه الآية {قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم (6) لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعًا أنه هو الغفور الرحيم} فقال رجل

_ تنتقلون من هذه الدار لا محالة وستجتمعون عند الله تعالى فى الدار الآخرة وتختصمون فيما أنتم فيه فى الدنيا من التوحيد والشرك بين يدى الله عز وجل فيفصل بينكم ويفتح بالحق وهو الفتاح العليم، فينجى المؤمنين المخلصين الموحدين، ويعذب الكافرين الجاحدين المشركين المكذبين، ثم ان هذه الآية وان كان سياقها فى المؤمنين والكافرين وذكر الخصومة بينهم فى الدار الآخرة فانها شاملة لكل متنازعين فى الدنيا، فانها تعاد عليهم الخصومة فى الدار الآخرة (1) جاء عند الترمذى بلفظ أتكرر علينا الخصومة بعد الذى كان بيننا فى الدنيا) يعنى من المحبة والاخاء لأنهم كانوا فى حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم على أثم وفاق ولم يدر الزبير ما سيحصل من الخصومات بعد وفاته صلى الله عليه وسلم والحديث عام يشمل عصره صلى الله عليه وسلم وما بعده، ولذلك قال أبو سعيد فى هذه الآية كنا نقول ربنا واحد وديننا واحد ونبينا واحد فما هذه الخصومة؟ فلما كان يوم صفين وشد بعضنا على بعض بالسيوف قلنا نعم هو هذا، وعن ابراهيم قال لما نزلت قالوا كيف نختصم ونحن إخوان فلما قتل عثمان قالوا هذه خصومتنا (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للإمام احمد وقال رواه الترمذى من حديث محمد بن عمرو به وقال حسن صحيح (قلت) ورواه أيضًا الحاكم فى المستدرك وصححه وأقره الذهبى (2) (سنده) حدّثنا سفيان عن محمد بن عمرو عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن ابن الزبير عن الزبير قال لما نزلت الخ (غريبه) (3) معناه لسنا فى نعيم فان معيشتنا التمر والماء (4) أى سيكون ذلك لأصحاب النعيم (تخريجه) أورد الحافظ ابن كثير الشطر الأول منه فى تفسيره وعزاه لابن أبى حاتم، ثم قال وكذا رواه احمد عن سفيان وعنده زيادة {ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم} فذكر الشطر الثانى الى آخر الحديث: ثم قال وقد روى هذه الزيادة الترمذى وابن ماجه من حديث سفيان به وقال الترمذى حسن اهـ (قلت) هذه الزيادة رواها الترمذى حديثًا مستقلًا فى تفسير سورة ألهاكم التكاثر وقال حديث حسن وروى الشطر الأول منه حديثًا مستقلًا فى تفسير هذه السورة اعنى الزمر وكلاهما بسند حديث الباب، لكنه قال فى الشطر الأول حديث حسن صحيح والله اعلم (باب) (5) (سنده) حدّثنا حسن وحجاج قالا ثنا ابن لهيعة ثنا أبو قبيل قال سمعت أبا عبد الرحمن المرى يقول، قال حجاج عن أبى قبيل حدثنى أبو عبد الرحمن الجبلانى انه سمع ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) (التفسير) {قل يا عبادى} بسكون الياء بصرى وحمزة وعلى {الذين أسرفوا على أنفسهم} جنوا عليها بالاسراف فى المعاصى والغلو فيها {لا تقنطوا} لا تيأسوا وبكسر النون على وبصرى {من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعًا} بالعفو عنها إلا الشرك {إنه هو

-[قوله تعالى {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعًا قبضته} الخ]- يا رسول الله فمن أشرك فسكت النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال إلا (1) من أشرك ثلاث مرات (باب وما قدروا الله حق قدره) الآية (عن ابن عباس) (2) قال مر يهودى بالنبى صلى الله عليه وآله وسلم وهو جالس قال كيف تقول يا أبا القاسم يوم يجعل الله السماء على ذه (3) وأشار بالسبابة: والأرض على ذه: والماء على ذه: والجبال على ذه: وسائر الخلق على ذه: كل ذلك يشير بأصابعه (4) قال فأنزل الله عز وجل {وما قدروا الله حق قدره (5)

_ الغفور} بستر عظائم الذنوب {الرحيم} بكشف فظائع الكروب {وأنيبوا إلى ربكم} توبوا اليه {وأسلموا له} اخلصوا له العمل {من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون} ان لم تتوبوا قبل نزول العذاب (قال الحافظ ابن كثير) هذه الآية الكريمة دعوة لجميع العصاة من الكفرة وغيرهم الى التوبة والإنابة واخبار بأن الله تبارك وتعالى يغفر الذنوب جميعًا لمن تاب منها ورجع عنها وان كانت مهما كانت وان كثرت وكانت مثل زبد البحر، ولا يصح حمل هذه على غير توبة لأن الشرك لا يغفر لمن لم يتب منه، ثم ذكر حديث ابن عباس رضى الله عنهما أن ناسًا من أهل الشرك كانوا قد قتلوا وأكثروا وزنوا واكثروا فأتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم فقالوا ان الذى تقول وتدعو اليه لحسن لو تخبرنا أن لما عملنا كفارة، فنزل {والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون النفس التى حرم الله إلا بالحق}: الى قوله: {إلا من تاب وآمن وعمل عملًا صالحًا فاؤلئك يبدل الله سيئاتهم حسنات} الخ: ونزل {قل يا عبادى الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله} أخرجه البخارى ومسلم وأبو داود والنسائى، قال والمراد من الآية الأولى قوله إلا من تاب وآمن وعمل عملًا صالحًا الآية، ثم قال بعد ذكر أحاديث أخرى ما لفظه، فهذه الأحاديث كلها دالة على أن المراد انه يغفر جميع ذلك مع التوبة، ولا يقنطن عبد من رحمة الله وان عظمت ذنوبه وكثرت فان باب الرحمة والتوبة واسع اهـ (1) هكذا جاء فى الأصل بلفظ إلا اداة الاستثناء وكذلك فى مجمع الزوائد: وجاء فى تفسيرى الحافظ بن كثير والطبرى بلفظ (ألا) بفتح الهمزة التى هى للتنبيه {ومن أشرك} وعلى كلا اللفظين لابد من التوبة فان كان مشركًا وأسلم تائبًا أو مسلمًا عاصيًا ثم تاب غفر الله له بالتوبة والانابة اليه (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الأوسط واحمد بنحوه وقال إلا من أشرك ثلاث مرات وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن اهـ (قلت) وحديثه هنا حسن لنه صرح بالتحديث، ورواه أيضًا الطبرى فى تفسيره (باب) (2) (سنده) حدّثنا حسين بن حسن الأشقر حدثنا أبو كدينة عن عطاء عن أبى الضحى عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) يعنى يوم القيامة (وذه) بكسر المعجمة وسكون الهاء وبكسرها باختلاس وباشباع اسم اشارة للمؤنث ومثلها (ته) (4) جاء فى هذا الحديث عند الترمذى من طريق محمد بن الصلت عن أبى كدينة بسند حديث الباب بعد قوله وسائر الخلق على ذه ما لفظه (وأشار محمد بن الصلت أبو جعفر بخنصره أولًا ثم تابع حتى بلغ الابهام) (5) (التفسير) {وما قدروا الله حق قدره} وما عظموه حتى عظمته حين أشركوا به غيره وهو العظيم الذى لا أعظم منه، القادر على كل شئ المالك لكل شئ وكل شئ تحت قهره وقدرته، ثم نبههم على عظمته وجلالة شانه بقوله {والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه} هذه الآية من آيات الصفات التى نؤمن بها كما جاءت من غير تكييف ولا تشبيه كما هو مذهب السلف رضى الله عنهم، قال الإمام

-[كلام العلماء فى قوله تعالى {والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة} الخ]- (عن عبد الله) (1) قال جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم من أهل الكتاب (2) فقال يا أبا القاسم أبلغك أن الله عز وجل يحمل الخلائق على إصبع، والسماوات على إصبع، والأرضين على إصبع، والشجر على إصبع، والثرى على إصبع (3) فضحك النبى صلى الله عليه وآله وسلم حتى بدت نواجذه (4) فأنزل الله عز وجل {وما قدروا الله حق قدره} (5) الآية

_ النسفي في تفسيره والمراد بهذا الكلام اذا أخذته كما هو بجملته ومجموعه تصوير عظمته والتوقيف على كنه جلاله لا غير، من غير ذهاب بالقبضة ولا باليمين الى جهة حقيقة أو جهة مجاز، والمراد بالأرض الأرضون السبع يشهد لذلك قوله (جميعًا) وقوله (السماوات) ولأن الموضع موضع تعظيم فهو مقتضى للمبالغة، والأرض مبتدأ وقبضته الخبر منصوب على الحال أى والأرض إذا كانت مجتمعة قبضته يوم القيامة، والقبضة المرة من القبض، والقبضة المقدار المقبوض بالكف ويقال أعطنى قبضة من كذا تريد معنى القبضة تسمية بالمصدر وكلا المعنيين محتمل، والمعنى والأرضون جميعًا قبضته أى ذوات قبضته بقبضهن قبضة واحدة يعنى أن الأرضين مع عظمهن وبسطهن لا يبلغن إلا قبضة واحدة من قبضاته كأنه يقبضها قبضة بكف واحد اهـ (والمطويات) من الطيى الذى هو ضد النشر كما قال {يوم تطوى السماء كطى السجل للكتب} وعادة طاوى السجل أن يطويه بيمينه {سبحانه وتعالى عما يشركون} أى ما أبعد من هذه قدرته وعظمته وما أعلاها عما يضاف اليه من الشركاء (تخريجه) (مذ) عن الدارمى عن محمد بن الصلت عن أبى كدينة بسند حديث الباب: وقال الترمذى حديث حسن غريب صحيح لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وأبو كدينة اسمه يحيى بن المهلب ورأيت محمد بن اسماعيل روى هذا الحديث عن الحسن بن شجاع عن محمد بن الصلت اهـ (قلت) وفى اسناده عند الامام احمد حسين بن حسن الأشقر قال ابن أبى حاتم ليس بقوى وقال البخارى فيه نظر، وقال الحافظ فى التقريب صدوق يهم ويغلو فى التشبع (قلت) يعضده رواية الترمذى فليس فى اسنادها حسين المذكور ويعضده أيضًا حديث ابن مسعود الآتى (1) (سنده) حدّثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن ابراهيم عن علقمة عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) الخ (2) فى رواية الترمذى جاء يهودى إلى النبى صلى الله عليه وسلم وفى رواية للشيخين (جاء حبر من الأحبار الى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحبر بفتح الحاء المهملة عالم من علماء اليهود قال الحافظ لم أقف على اسمه (فقال يا محمد إنا نجد) أى فى التوراة (أن الله يجعل السماوات على اصبع الحديث (3) لفظ الإصبع الوارد فى هذا الحديث من المتشابه الذى نؤمن به كما جاء ونكل علمه إلى الله عز وجل من غير تكييف ولا تمثيل، وقد ثبت فى الصحيح (ما من قلب إلا وهو بين إصبعين من أصابع الرحمن) رواه مسلم والامام احمد وغيرهما (4) بالجيم والذال المعجمة أى أنيابه وهى الضواحك التى تبدو عند الضحك وقد جاء عند البخارى فضحك النبى صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه تصديقًا لقول الحبر، وجاء عند مسلم (تعجبًا بما قال الحبر وتصديقًا له) (5) جاء عند البخارى ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم- وما قدروا الله حق قدره- وقراءته صلى الله عليه وسلم هذه الآية تدل على صحة قول الحبر كضحكة (قال النووى) ظاهر الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم صدق الحبر فى قوله ان الله تعالى يقبض السماوات والأرضين والمخلوقات بالأصابع ثم قرأ الآية التى فيها الإشارة الى نحو ما يقول، قال القاضى وقال بعض المتكلمين ليس ضحكه صلى الله عليه وسلم وتعجبه وتلاوته للآية تصديقًا للحبر بل هو رد لقوله وانكار وتعجب من سوء اعتقاده، فان مذهب اليهود التجسيم ففهم منه ذلك: وقوله تصديقًا له إنما هو من

-[الأسلم عدم تأويل آيات الصفات المتشابهة والإيمان من غير تشبيه]- (عن ابن عمر) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية (وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعاً قبضته يوم القيامة والسماوات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون) (2) ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول هكذا بيده ويحركها يقبل ويدبر (3) يمجد الرب نفسه، أنا الجبار (4) أنا المتكبر أنا الملك أنا العزيز أنا الكريم، فرجف برسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر (5) حتى قلنا ليخزن به

_ (سورة فصلت) (باب وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم الخ) (عن عبد الله) قال كنت مستتراً بستار الكعبة فجاء ثلاثة نفر قرشي وختناه ثقفيان أو ثقفي

-[قوله عز وجل {قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة فى القربى}]- وختناه (1) قرشيان كثير شحم بطونهم قليل فقه قلوبهم (2) فتكلموا بكلام لم أسمعه فقال أحدهم أترون (3) الله يسمع كلامنا هذا؟ فقال الاخر أرانا (4) اذا رفعنا أصواتنا سمعه واذا لم نرفعها لم يسمع، فقال الآخر ان سمع منه شيئًا سمعه كله (5) قال فذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل {وما كنتم تستترون أن يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم} (6) الى قوله {ذلكم ظنكم الذى ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين} (سورة الشورى) (باب قل لا أسألكم عليه أجرًا الا المودة فى القربى) (عن ابن عباس) (7) وقد سئل عن معنى قوله عز وجل {قل لا أسألكم عليه أجرًا الا المودة فى القربى} فقال سعيد بن جبير قرابة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم (8) قال ابن عباس عجلت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش الا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة فنزلت

_ عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (غريبه) (1) بفتح الخاء المعجمة والفوقية بعدها نون كل من كان من قبل المرأة كالأب والأخ وهم الاختان بفتح الهمزة، وأو للشك من الراوى واخرجه عبد الرزاق من طريق وهب بن ربيعة عن ابن مسعود بلفظ ثقفى وختناه قرشيان فلم يشك (قال البغوى) قيل الثقفى عبد يا ليل وختناه قرشيان ربيعة وصفوان بن أمية (2) فيه اشارة الى أن الفطنة قلما تكون مع البطنة قال الشافعى ما رأيت سمينًا عاقلًا إلا محمد بن الحسن (3) بضم التاء الفوقية أى أتظنون (4) بضم الهمزة أى أظننا الخ (5) قال الحافظ فيه اشعار بأن هذا الثالث افطن أصحابه، واخلق به أن يكون صفوان بن أمية أو الاخنس بن شريف لانهما أسلما بعد ذلك (6) (التفسير) {وما كنتم تستترون ان يشهد عليكم سمعكم ولا أبصاركم ولا جلودكم} معناه انكم كنتم تستترون بالحيطان والحجب عند ارتكاب الفواحش، وما كان استتاركم ذلك خيفة أن يشهد عليكم جوارحكم لانكم تنكرون البعث والقيامة (ولكن) ذلك الاستنار لاجل انكم {ظننتم أن الله لا يعلم كثيرًا مما كنتم تعملون} من الاعمال التى تخفونها فلذلك اجترأتم على ما فعلتم، وفيه تنبيه على أن المؤمن ينبغى أن يتحقق انه لا يمر عليه حال إلا وعليه رقيب {وذلكم ظنكم الذى ظننتم بربكم أرداكم} أى ذلك الظن هو الذى اهلككم {فأصبحتم من الخاسرين} أى فى مواقف القيامة: وهذا آخر الحديث، ثم قال عز وجل {فان تصبروا} على العذاب لم ينفعهم الصبر ولم ينفكوا به من الثواء فى النار {وان يستعتبوا فما هم من المعتبين} أى وان يطلبوا الرضا فماهم من المرضيين وإن يسألوا العتبى وهى الرجوع جزمًا مما هم فيه لم يعتبوا أى لم يعطوا العتبى ولم يجابوا اليها (تخريجه) (ق مذ نس طل) والبغوى (باب) (7) (سنده) حدّثنا يحيى عن شعبة حدثنى عبد الملك بن ميسرة عن طاوس قال أتى ابن عباس رجل فسأله: وسليمان بن داود قال أخبرنا شعبة أنبأنى عبد الملك قال سمعت طاوسًا يقول سأل رجل ابن عباس المعنى عن قوله عز وجل قلا لا أسألكم الخ (غريبه) (8) لفظ البخارى فقال سعيد بن جبير قربى آل محمد صلى الله عليه وسلم فحمل الآية على أمر المخاطبين بأن يودوا أقاربه صلى الله عليه وسلم وهو عام لجميع المكلفين (قال ابن عباس عجلت) بفتح العين المهملة وكسر الجيم وسكون اللام أى أسرعت فى تفسيرها: ثم قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكن بطن من قريش إلا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم قرابة، وقال فى آخر الحديث إلا أن تصلوا قرابة ما بينى وبينكم، فحمل الآية على ان توادوا النبى صلى الله عليه وسلم واهل قرابته الذين هم قرابتكم ولا تؤذوهم ولم يقل الا المودة للقربى لأنهم جعلوا مكانًا للمودة ومقرًا لها

-[قوله عز وجل {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم} الآية وتفسيرها]- {قل لا أسألكم عليه أجرًا الا المودة فى القربى} (1) إلا أن تصلوا قرابة ما بينى وبينكم (باب وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم الخ) (عن أبى سخيلة) (2) قال قال علىّ رضى الله عنه ألا أخبركم بأفضل آية فى كتاب الله تعالى (3) حدثنا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم {وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم (4) ويعفو عن كثير} (5) وسأفسرها لك يا على: ما أصابكم من مرض أو عقوبة أو بلاء فى الدنيا فبما كسبت أيديكم والله تعالى أكرم من أن يثنى عليهم العقوبة فى الآخرة: وما عفا الله تعالى عنه فى الدنيا فالله تعالى أحلم من أن يعود بعد عفوه (6)

_ (1) (التفسير) {قل لا أسألكم عليه أجرًا الا المودة فى القربى} القربى مصدر كالزلفى والبشرى بمعنى القرابة والمراد فى أهل القربى، قال الحافظ ابن كثير أى قل يا محمد لهؤلاء المشركين من كفار قريش لا أسألكم على هذا البلاغ والنصح لكم ما لا تعطونيه، وانما اطلب منكم ان تكفوا شركم عنى وتذرونى أبلغ رسالات ربى ان لم تنصرونى فلا تؤذونى بما بينى وبينكم من القرابة، ثم ذكر حديث الباب وعزاه للبخارى والامام احمد، وهو يفيد انهم يوادون النبى صلى الله عليه وسلم من أجل القرابة التى بينه وبينهم فهو خاص بقريش ويؤيده أن السورة مكية، قال وهكذا روى عامر الشعبى والضحاك وعلى بن أبى طلحة والعوفى ويوسف ابن مهران وغير واحد عن ابن عباس رضى الله عنهما مثله، وبه قال مجاهد وعكرمة وقتادة والسدى وأبو مالك وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم وغيرهم اهـ وروى ابن أبى حاتم أنه لما نزلت قيل يا رسول الله من هؤلاء الذين أمر الله بمودتهم؟ قال فاطمة وولدها، قال الحافظ ابن كثير إسناده ضعيف فيه مبهم لا يعرف عن شيخ شيعى مخرف وهو حسين الأشقر ولا يقبل خبره فى هذا المحل، وذكر نزول الآية فى المدينة بعيد فانها مكية، ولم يكن إذ ذاك لفاطمة رضى الله عنها أولاد بالكلية فانها لم تتزوج بعلى رضى الله عنه إلا بعد بدر من السنة الثانية من الهجرة (قال) والحق تفسير هذه الآية بما فسرها به حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس كما رواه عنه البخارى (يعنى حديث الباب) قال ولا ننكر الوصاة بأهل البيت والأمر بالإحسان إليهم واحترامهم وإكرامهم فانهم من ذرية طاهرة من أشرف بيت وجد على وجه الأرض فخرًا وحسبًا ونسبًا ولا سيما إذا كانوا متبعين للسنة النبوية الصحيحة الواضحة الجلية كما كان عليه سلفهم كالعباس وبنيه وذريته رضى الله عنهم أجمعين (تخريجه) الحديث رواه الامام أحمد باسنادين أحدهما عن يحيى القطان عن شعبة والثانى عن أبى داود الطيالسى وكلاهما صحيح وأخرجه أيضًا البخارى والبغوى (باب) (2) (سنده) حدّثنا مروان بن معاوية الفزازى أنبأنا الأزهر ابن راشد الكاهلى عن الخضر بن الفواس عن أبى سخيلة الخ (غريبه) (3) أى أرجى آية يفرح بها المسلم (4) أى مهما أصابكم أيها الناس من المصائب فانما هى سيئات تقدمت لكم (5) {ويعفو عن كثير} أى من السيئات فلا يجازيكم عليها بل يعفو عنها أو عن كثير من الناس فلا يعاجلهم بالعقوبة قال تعالى: {ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة} وفى الحديث الصحيح (والذى نفس محمد بيده ما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب ولا هم ولا حزن إلا كفر الله عنه بها من خطاياه حتى الشوكة يشاكها) وقال عكرمة ما من نكبة أصابت عبدًا فما فوقها إلا بذنب لم يكن الله ليغفر له إلا بها أو درجة لم يكن الله ليبلغه إلا بها (6) هذا تفسير النبى صلى الله عليه وسلم وليس بعد تفسيره تفسير (تخريجه) أورده الهيثمي

-[قوله تعالى {ولما ضرب ابن مريم مثلًا} الآيات وتفسيرها]- (سورة الزخرف) (باب ولما ضرب ابن مريم مثلًا) الآية (عن أبى يحيى) (1) مولى بن عقيل الأنصارى قال قال ابن عباس لقد علمت آية من القرآن ما سألنى عنها رجل قط، فما أدرى أعلمها الناس فلم يسألوا عنها، أو لم يفطنوا لها فيسألوا عنها، ثن طفق يحدثنا فلما قام تلاومنا أن لا نكون سألناه عنها: فقلت أنا لها إذا راح غدا، فلما راح الغد قلت يا ابن عباس ذكرت أمس أن آية من القرآن لم يسألك عنها رجل قط فلا تدرى أعلمها الناس فلم يسألوا عنها أم لم يفطنوا لها: فقلت أخبرنى عنها وعن اللاتى قرأت قبلها؟ قال نعم، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقريش يا معشر قريش إنه ليس أحد يعبد من دون الله فيه خير: وقد علمت قريش أن النصارى تعبد عيسى بن مريم وما تقول فى محمد (2) صلى الله عليه وسلم فقالوا يا محمد ألست تزعم أن عيسى كان نبيًا وعبدًا من عباد الله صالحًا، فلئن كنت صادقًا فان الهتهم لكما يقولون (3) قال فأنزل الله عز وجل {ولما ضرب ابن مريم مثلًا اذا قومك منه يصدون} (4) قال قلت ما يصدون؟ قال يضجون (وإنه لعلم للساعة) قال هو خروج عيسى بن مريم عليه

_ وقال رواه أحمد وأبو يعلى إلا أنه قال فالله أكرم من ان يثنى عليكم العقوبة يدل عليهم وفيه أزهر بن راشد وهو ضعيف اهـ (قلت) ورواه أيضًا ابن أبى حاتم والبغوى وأورده الحافظ السيوطى فى الدر المنثور وعزاه لابن راهويه وابن منيع وعبد بن حميد والحكيم الترمذى وابن المنذر وابن مردويه والحديث له طرق كثيرة ترفعه إلى درجة الحسن والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا هاشم ابن القاسم حدثنا شيبان عن عاصم عن أبى رزين عن أبى يحيى مولى بن عقيل الخ (قلت) أبو يحيى هو المعرقب بفتح القاف اسمه مصدع كمبر (غريبه) (2) أى وما تقول النصارى فى محمد من عدم تصديقهم بنبوته (3) يريدون أن عيسى ابن الله: تعالى الله عن ذلك (4) (التفسير) قرأ نافع وابن عامر والكسائى وأبو جعفر وخلف (يصدون) بضم الصاد ووافقهم الحسن والأعمش: أى يصدون عن الحق ويعرضون عنه: وقرأ الباقون بكسرها أى يضجون ويعجبون، وهى قراءة ابن عباس أيضًا وفسرها بذلك، وسبب نزول هذه الآية أن النبى صلى الله عليه وسلم لما قرأ على قريش {إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم} فغضبوا فقال ابن الزبعرى يا محمد اخاصة لنا ولآلهتنا أم لجميع الأمم؟ فقال النبى صلى الله عليه وسلم هو لكم ولآلهتكم ولجميع الأمم، فقال: لست تزعم أن عيسى بن مريم نبى وتثنى عليه وعلى أمه خيرًا وقد علمت أن النصارى يعبدونهما؟ وعزيز يعبد والملائكة يعبدون؟ فلو كان هؤلاء فى النار فقد رضينا أن نكون نحن وآلهتنا معهم ففرحوا وضحكوا: وسكت النبى صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تعالى {إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون} ونزلت هذه الآية، والمعنى ولما ضرب ابن الزبعرى عيسى بن مريم مثلًا لآلهتهم وجادل رسول الله صلى الله عليه وسلم بعبادة النصارى إياه (إذا قومك) يعنى قريشًا (منه) من هذا المثل (يصدون) يرتفع لهم ضجيج وجلبة فرحًا وضحكًا بما سمعوا منه من إسكات النبى صلى الله عليه وسلم بجدله (وقالوا أآلهتنا خير أم هو) يعنون أن آلهتنا عندك ليست بخير من عيسى، فاذا كان عيسى من حصب جهنم كان أمر آلهتنا هنا (ما ضربوه) أى ما ضربوا هذا المثل (لك إلا جدلًا) إلا لأجل الجدل والغلبة فى القول لا لطلب التميز بين الحق والباطل {بل هم قوم خصمون}؟؟؟؟؟؟ الخصومة، وذلك أن قوله تعالى {إنكم وما تعبدون} لم يرد به إلا الأصنام، لأن ما لغير العاقل، إلا أن ابن الزبعرى يخادعه لما رأى كلام الله محتملًا لفظه وجه العموم مع

-[قوله تعالى {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك} الآية وتفسيرها]- السلام قبل يوم القيامة (باب ونادوا يا مالك الخ) (عن يعلى بن أمية) (1) قال سمعت النبى صلى الله عليه وسلم على المنبر يقول (ونادوا يا مالك) (2) (سورة الدخان) (باب فارتقب يوم تأتى السماء بدخان مبين الخ) (عن مسروق) (3) قال بينا رجل يحدث فى المسجد الأعظم (4) قال اذا كان يوم القيامة نزل دخان من السماء فأخذ بأسماع المنافقين وأبصارهم وأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام قال مسروق فدخلت على عبد الله (يعنى ابن مسعود) فذكرت ذلك له وكان متكئًا فاستوى جالسًا فأنشا يحدث فقال يا أيها الناس: من سئل منكم عن علم هو عنده فليقل به، فان لم يكن عنده فليقل الله أعلم، فان من العلم أن تقول لما لا تعلم الله أعلم: إن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم {قل ما أسألكم

_ علمه بأن المراد به أصنامهم لا غير، وجد للحيلة مساغًا فصرف اللفظ إلى الشمول وإلا XXX بكل معبود غير الله على طريق اللجاج والجدال وحب المغالبة والمكابرة، فتوقف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أجاب عنه ربه (إن هو) ما عيسى (إلا عبد) كسائر العبيد أنعمنا عليه بالنبوة وجعلناه) بوجوده من غير أب {مثلًا لبنى اسرائيل} أى صيرناه عبرة عجيبة كالمثل لغرابته يستدل به على قدرة الله تعالى {ولو نشاء لجعلنا منكم} أى ولو نشاء لأهلكناكم وجعلنا بدلًا منكم {ملائكة فى الأرض يخلفون} يكونون خلفًا منكم يعمرون الأرض ويعبدوننى، وقيل يخلف بعضهم بعضًا يعنى الملائكة {وإنه لعلم للساعة} أى وإن عيسى مما يعلم بنزوله مجئ الساعة، وقرأ ابن عباس لعلم بفتح العين واللام وهو العلامة (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى بنحوه إلا أنه قال فان كنت صادقًا فانه لكآلهتهم وفيه عاصم بن بهدلة وثقه أحمد وغيره وهو سئ الحفظ وبقية رجاله رجال الصحيح (قلت) ورواه أيضًا ابن أبى حاتم وابن مردويه وعاصم ثقة من رجال الكتب الستة (باب) (سنده) حدّثنا سفيان بن عيينة عن عمرو يعنى ابن دينار عن عطاء عن صفوان عن أبيه (يعنى يعلى بن أمية الخ) (2) (التفسير) أول الكلام (إن المجرمين) أى المشركين {فى عذاب جهنم خالدون لا يفتَّر عنهم} أى لا يخفف عنهم ولا ينقص ساعة واحدة (وهم فيه) فى العذاب (مبلسون) آيسون من الفرج متحيرون (وما ظلمناهم) بالعذاب {ولكن كانوا هم الظالمين} أى بأعمالهم السيئة بعد إقامة الحجة عليهم وإرسال الرسل اليهم فجوزوا بذلك جزاءًا وفاقًا وما ربك بظلام للعبيد {ونادوا يا مالك} يدعون خازن النار لما أيسوا من فتور العذاب، وقيل لابن عباس إن ابن مسعود قرأ يا مال فقال ما أشغل أهل النار عن الترخيم {ليقض علينا ربك} أى ليمتنا، من قضى عليه إذا أماته: فوكزه موسى فقضى عليه: والمعنى سل ربك أن يقضى علينا أى يقبض أرواحنا فيريحنا مما نحن فيه فانهم كما قال تعالى لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم من عذابها، فلما سألوا أن يموتوا أجابهم مالك {قال إنكم ماكثون} أى لابثون فى العذاب لا تتخلصون عنه بموت ولا فتور، قال ابن عباس مكث ألف سنة ثم قال إنكم ماكثون رواه ابن أبى حاتم (تخريجه) (خ) وأخرج الحاكم عن ابن عباس فى قوله عز وجل {ونادوا يا مالك ليقض علينا ربك قال مكث عنهم ألف سنة ثم قال انكم ماكثون} وصححه الحاكم وأقره الذهبى (باب) (3) (سنده) حدّثنا وكيع وابن نمير قالا ثنا الأعمش عن أبى الضحى عن مسروق الخ (قلت) أبو الضحى اسمه مسلم بن صبيح ومسروق هو ابن الأجدع (غريبه) (4) يعنى مسجد الكوفة عند أبواب كندة بكسر الكاف كما جاء فى بعض

-[قوله تعالى {فارتقب يوم تأت السماء بدخان مبين} الآيات وتفسيرها]- عليه من أجر (1) وما أنا من المتكلفين} (2) إن قريشًا لما غلبوا النبى صلى الله عليه وسلم واستعصوا عليه قال اللهم أعنى عليهم بسبع (3) كسبع يوسف قال فاخذتهم سنة (4) أكلوا فيها العظام والميتة من الجهد (5) حتى جعل أحدهم يرى ما بينه وبين السماء كهيئة الدخان (6) من الجوع فقالوا {ربنا اكشف عنا العذاب انا مؤمنون} قال فقيل له (7) انا ان كشفنا عنهم عادوا: فدعا ربه فكشف عنهم (8) فعادوا فانتقم الله منهم يوم بدر (9) فذلك قوله تعالى {فارتقب (10) يوم تأت السماء بدخان مبين} ((الى قوله)) {يوم نبطش البطشة الكبرى انا منتقمون} قال ابن نمير فى حديثه فقال عبد الله

_ الروايات (1) أي ما أسألكم عن تبليغ الرسالة من أجر أى جعل تعطونيه من عرض الدنيا (2) أى المتقولين القرآن من تلقاء نفسى، وكل من قال شيئًا من تلقاء نفسه فقد تكلفه: بل ما أمرت به أديته لا أزيد عليه ولا أنقص منه، وفى قول ابن مسعود هذا وفيما قبله تعريض بالرجل الذى يحدث فى المسجد يقول اذا كان يوم القيامة نزل دخان من السماء الخ فأنكر ابن مسعود ذلك وقال ان قريشًا لما غلبوا النبى صلى الله عليه وسلم واستعصوا عليه (أى أظهروا العصيان ولم يتركوا الشرك) قال اللهم أعنى عليهم الخ (3) أى بسبع سنين فيها حدب وقحط كسبع يوسف (4) بفتح السين المهملة وهى الجدب والقحط (5) بفتح الجيم أى من المشقة والجوع (6) جاء فى رواية للبخارى والترمذى وجعل يخرج من الأرض كهيئة الدخان وللبخارى رواية أخرى كما هنا: قال الحافظ ولا تدافع بينهما لأنه يحمل على أنه كان مبدؤه من الأرض ومنتهاه ما بين السماء والأرض بحسب تخليهم ذلك من غشاوة أبصارهم من فرط الجوع، وجاء فى رواية أخرى للامام أحمد عقب هذه الجملة (فأتاه أبو سفيان فقال أى محمد إن قومك قد هلكوا فادع الله عز وجل أن يكشف عنهم، قال فدعائم قال اللهم ان يعودوا فعد: ثم قرأ هذه الآية {فارتقب يوم تأت السماء بدخان مبين} (7) أى قيل للنبى صلى الله عليه وسلم بطريق الوحى (8) إنما دعا ربه عز وجل بالكشف عنهم بعد أن أعلمه أنهم يعودون ليكون عودهم حجة عليهم (9) هذا قول ابن مسعود واحتج بهذه الآيات وليس فيها تعيين لما قال بل هى محتملة (وإليك ما قاله علماء السلف فى تفسيرها) (10) (التفسير) (فارتقب) أى فأنتظر {يوم تأتى السماء بدخان} يأتى دخان من السماء قبل يوم القيامة يأخذ المؤمن كهيئة الزكام وبنفخ الكافر حتى ينفد، يدل على ذلك ما رواه الطبرانى وابن جرير من حديث أبى مالك الأشعرى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ربكم أنذركم ثلاثًا الدخان يأخذ المؤمن كالزكمة ويأخذ الكافر فينتفخ حتى يخرج من كل مسمع منه، والثانية الدابة والثالثة الدجال: أورده الحافظ ابن كثير وجوّد إسناده: وروى عن ابن عباس وابن عمر وزيد بن على والحسن انه دخان يجئ قبل الساعة، وقال ابن مسعود إنه دخان أصاب قريشًا حينما استعصوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كما فى حديث الباب (مبين) أى بين واضح يراه كل أحد ولا يشك فى أنه دخان: قال الحافظ ابن كثير وعلى ما فسر به ابن مسعود انما هو خيال رأوه فى أعينهم من شدة الجوع والجهد وهكذا قوله تعالى {يغشى الناس} أى يتغشاهم ويعميهم ولو كان أمرًا خياليًا يخص أهل مكة المشركين لما قيل فيه يغشى الناس وقوله تعالى {هذا عذاب أليم} أى يقال لهم ذلك تقريعًا وتوبيخًا أو يقول بعضهم لبعض ذلك وقوله تعالى {ربنا اكشف عنا العذاب} أى يقول الكافرون إذا عاينوا عذاب الله وعقابه سائلين رفعه وكشفه عنهم {انا مؤمنون} أي سنؤمن

-[اختلاف العلماء فى الدخان هل وقع فى عصر النبى صلى الله عليه وسلم أو يأتى يوم القيامة؟]- فلو كان يوم القيامة ما كشف عنهم (سورة الأحقاف) (باب قل أرأيتم ما تدعون من دون الله) الآية (حدّثنا يحيى) (1) عن سفيان ثنا صفوان بن سليم عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن ابن عباس قال سفيان لا أعلمه الا عن النبى صلى الله عليه وسلم (أو أثرة (2) من علم)

_ إن تكشف عنا العذاب (أنى لهم الذكرى) كيف يذكرون ويتعظون ويوفون بما وعدوه من الايمان عند كشف العذاب {وقد جاءهم رسول مبين ثم تولوا عنه وقالوا معلم مجنون} يقول كيف لهم بالتذكر وقد أرسلنا اليهم رسولًا بيِّن الرسالة جاءهم بما هو أعظم وأدخل فى وجوب التذكر من كشف الدخان وهو ما ظهر على رسول الله صلى الله عليه وسلم من الآيات البينات من الكتاب المعجز فلم يذكروا وتولوا عنه وبهتوه بان عداسًا غلامًا أعجميًا لبعض ثقيف هو الذى علمه ونسبوه الى الجنون {انا كاشفوا العذاب قليلًا} زمانًا قليلًا أو كشفًا قليلًا، قال ابن مسعود فى حديث الباب فلو كان يوم القيامة ما كشف عنهم يعنى الدخان {انكم عائدون} أى إلى الكفر الذى كنتم فيه على قول ابن مسعود أو الى العذاب على قول غيره، جاء فى رواية أخرى للامام أحمد من حديث ابن مسعود أيضًا قال فاتى (بضم الهمزة وكسر التاء) رسول الله صلى الله عليه وسلم (تقدم أن الذى أتاه هو أبو سفيان) فقيل يا رسول الله استسق الله لمضر فانهم قد هلكوا قال فدعا لهم فانزل الله عز وجل {انا كاشفوا العذاب} فلما أصابهم المرة الثانية عادوا فنزلت {يوم نبطش البطشة الكبرى انا منتقمون} يوم بدر وهو يفيد أن كفار مكة ابتلوا بالدخان والجدب فلما عادوا لكفرهم انتقم الله منهم بالبطشة الكبرى وهى وقعة بدر، هذا تفسير ابن مسعود قال الحافظ ابن كثير وقوله تعالى {انا كاشفوا العذاب قليلًا انكم عائدون} يحتمل معنيين (أحدهما) أنه يقول تعالى ولو كشفنا عنكم العذاب ورجعناكم إلى الدار الدنيا عدتم الى ما كنتم فيه من الكفر والتكذيب كقوله تعالى {ولو رحمناهم وكشفنا ما بهم من ضر للجوا فى طغيانهم يعمهون} وكقوله جلت عظمته {ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه وانهم لكاذبون} (والثانى) أن يكون المراد انا مؤخروا العذاب عنكم قليلًا بعد انعقاد أسبابه ووصوله اليكم وأنتم مستمرون فيما أنتم فيه من الطغيان والضلال ولا يلزم من الكشف عنهم أن يكون باشرهم كقوله تعالى {الا قوم يونس لما آمنوا كشفنا عنهم عذاب الخزى فى الحياة الدنيا ومتعناهم الى حين} ولم يكن العذاب باشرهم واتصل بهم بل كان قد انعقد سببه عليهم قال وقوله عز وجل {يوم نبطش البطشة الكبرى انا منتقمون} فسر ذلك ابن مسعود رضى الله عنه بيوم بدر، وهذا قول جماعة ممن وافق ابن مسعود على تفسير الدخان بما تقدم، وروى أيضًا عن ابن عباس من رواية العوفىّ عنه وعن أبى بن كعب وهو محتمل، والظاهر أن ذلك يوم القيامة وان كان يوم بدر يوم بطشة أيضًا (قال ابن جرير) حدثنى يعقوب حدثنا ابن علية حدثنا خالد الحذاء عن عكرمة قال قال ابن عباس قال ابن مسعود البطشة الكبرى يوم بدر: وأنا أقول هى يوم القيامة وهذا إسناد صحيح عنه: وبه يقول الحسن البصرى وعكرمة فى أصح الروايتين عنه والله أعلم اهـ (قلت) تقدم للعلماء كلام فى هذه المسألة والجمع بين كلام ابن مسعود ومن خالفه ذكرته مبسوطًا فى باب (ولنذيقنهم من العذاب الأدنى دون العذاب الأكبر) من تفسير سورة السجدة فى هذا الجزء صحيفة 232 رقم 377 فارجع اليه ترى ما يسرك والله الموفق (تخريجه) (ق مذ نس) وابن جرير وابن أبى حاتم (باب) (1) (حدثنا يحيى الخ) (غريبه) (2) هكذا بالأصل (أو أثرة) كقترة وفجرة وهى قراءة على وابن عباس بخلاف

-[قوله تعالى {قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أرونى} الخ وتفسير ذلك]- قال الخط (1) (باب قل أرأيتم ان كان من عند الله وكفرتم به) الآية (عن عوف بن مالك) (2) قال انطلق النبى صلى الله عليه وسلم يومًا وأنا معه حتى دخلنا كنيسة اليهود بالمدينة يوم عيد لهم فكرهوا دخولنا عليهم: فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر اليهود أنبأنا اثنا عشر رجلًا (3) يشهدون أنه لا اله الا الله وأن محمدًا رسول الله يحبط (4) الله عن كل يهودى تحت أديم السماء الغضب الذى غضب عليه (5) قال فاسكتوا ما جاوبه منهم أحد، ثم رد عليهم (6) فلم يجبه أحد، ثم ثلث فلم يجبه أحد، فقال أبيتم

_ عنهما وزيد بن على وعكرمة وقتادة والحسن والسلمى والأعمش وعمرو بن ميمون (وقرأها أثرة؟؟؟؟؟؟ المثلثة كثمرة) على والسلمى وقتادة أيضًا، حكاه ابن حبان فى تفسير البحر، وقراءة الجمهور المتواترة أثارة بألف بعد المثللثة كسحابة ومعناه البقية (قال ابن جرير) حدثنا أبو كريب قال سئل أبو بكر يعنى ابن عياش عن أثارة من علم قال بقية من علم لأن ذلك هو المعروف من كلام العرب، قال ابن جرير فأما من قرأه أو أثرة يعنى بغير ألف بعد المثلثة فانه جعله أثرة من الأثر كما قيل قترة وغبرة، وقد ذكر عن بعضهم أنه قرأه أو أثرة بسكون الثاء مثل الرجفة والخطفة، واذا وجه ذلك الى ما قلنا فيه من أنه بقية من علم جاز أن تكون تلك البقية من علم الخط ومن علم استثير من كتب الأولين ومن خاصة علم كانوا أو ثروا به: وقد روى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذلك خبر بانه تأوله بمعنى الخط (قلت يعنى حديث الباب) (1) المراد بالخط هنا علم الرمل وهو أن يخط انسان باصبعه السبابة والوسطى فى الرمل وهو ضرب من الكهانة، انظر حديث أبى هريرة فى باب ما جاء فى العيافة والطرق رقم 340 صحيفة 135 فى الجزء السادس عشر واقرأه مع شرحه تفهم المقصود والله أعلم (هذا) وقوله تعالى {أو أثارة من علم} هذه الجملة هى جزء من آية أولها {قل أرأيتم ما تدعون من دون الله أرونى ماذا خلقوا من الأرض أم لهم شرك فى السماوات إيتونى بكتاب من قبل هذا أو أثارة من علم ان كنتم صادقين} (التفسير) (قل أرأيتم) أخبرونى {ما تدعون من دون الله} تعبدونه من الأصنام {أرونى ماذا خلقوا من الأرض} أى شئ خلقوا مما فى الأرض ان كانوا آلهة {أم لهم شرك فى السماوات} شركة مع الله فى خلق السماوات والأرض {إيتونى بكتاب من قبل هذا} أى من قبل الكتاب وهو القرآن: يعنى ان هذا الكتاب ناطق بالتوحيد وابطال الشرك، وما من كتاب أنزل من قبله من كتب الله الا وهو ناطق بمثل ذلك، فائتوا بكتاب واحد منزل من قبله شاهد بصحة ما أنتم عليه من عبادة غير الله: أو أثارة من علم أو بقية من علم يؤثر عن الأولين أو يسند اليهم {ان كنتم صادقين} أن الله أمركم بعبادة الأوثان، أى لا دليل لكم لا فعليًا ولا عقليًا والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وعزاه للامام أحمد والطبرانى ثم قال ورجال أحمد رجال الصحيح (باب) (2) (سنده) حدّثنا أبو المغيرة قال ثنا صفوان قال ثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك الخ (غريبه) (3) هكذا بالاصل (يا معشر اليهود أنبأنا اثنا عشر رجلًا يشهدون الخ) ومعناه غير ظاهر وجاء فى مجمع الزوائد وعزاه للطبرانى بلفظ (يا معشر اليهود أرونى اثنى عشر رجلًا منكم يشهدون الخ، وكذلك عند ابن جرير ومعناه ظاهر (4) هكذا بالاصل يحيط ومعناه يبطل: وفى مجمع الزوائد عند الطبرانى يحط بدل يحبط ومعناه الازالة والالقاء أى يزيل من الازالة وهو أظهر (5) يشير الى قوله تعالى {وباءوا بغضب من الله} (6) أى عاد هذه الجملة عليهم مرة ثانية فلم يجبه

-[قوله تعالى {قل أرأيتم ان كان من عند الله وكفرتم به} ومنقبة لعبد الله بن سلام]- فو الله إني لأنا الحاشر (1) وأنا العاقب وأنا النبى المصطفى آمنتم أو كذبتم ثم انصرف وانا معه حتى اذا كدنا أن نخرج نادى رجل (2) من خلفنا كما أنت يا محمد قال فأقبل، فقال ذلك الرجل أى رجل تعلمون فيكم يا معشر اليهود؟ قالوا والله ما نعلم انه كان فينا رجل أعلم بكتاب الله منك ولا أفقه منك ولا من أبيك قبلك ولا من جدك قبل أبيك، قال فانى أشهد له بالله أنه نبى الله الذى تجدونه فى التوراة، قالوا كذبن ثم ردوا عليه قوله وقالوا فيه شرًا، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبتم لن يقبل قولكم، أما آنفًا فتثنون عليه من الخير ما اثنيتم، ولما آمن أكذبتموه وقلتم فيه ما قلتم فلن يقبل قولكم، قال فخرجنا ونحن ثلاثة: رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا وعبد الله بن سلام، وأنزل الله عز وجل فيه {قل أرأيتم (3) ان كان من عند الله وكفرتم به وشهد شاهد من بنى اسرائيل على مثله فآمن واستكبرتم إن الله لا يهدى القوم الظالمين} (باب فلما رأوه عارضًا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا) الخ (عن سليمان بن يسار) (4) عن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم أنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مستجمعًا (5) ضاحكًا قال معاوية (6) ضحكًا

_ أحد (ثم ثلث) أى اعادها مرة ثالثة فلم يجبه احد (1) أى الذى يحشر الناس خلفه وعلى ملته دون ملة غيره (نه) وقوله وأنا والعاقب يعنى آخر الأنبياء، والعاقب والعقوب الذى يخلف من كان قبله فى الخير (2) هو عبد الله بن سلام رضى الله عنه كما سيأتى فى الحديث (3) (التفسير) (قل أرأيتم) معناه أخبرونى ما تقولون (ان كان) يعنى القرآن {من عند الله وكفرتم به} أيها المشركون {وشهد شاهد من بنى اسرائيل} هو عبد الله بن سلام عند الجمهور: ولهذا قيل إن هذه الآية مدنية لأن إسلام ابن سلام كان بالمدينة وسيأتى قصة إسلامه مطولة فى مناقبه من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (على مثله) الضمير للقرآن أى مثله فى المعنى وهو ما فى التوراة من المعانى المطابقة لمعانى القرآن فى التوحيد والوعد والوعيد وغير ذلك وقال الامام البغوى المثل صلة يعنى عليه أى على أنه من عند الله (فآمن) يعنى الشاهد (واستكبرتم) عن الايمان به، وجواب الشرط محذوف تقديره إن كان من عند الله وكفرتم به ألستم ظالمين؟ ويدل على هذا المحذوف {إن الله لا يهدى القوم الظالمين} والمعنى قل أخبرونى إن اجتمع قول القرآن من عند الله مع كفركم به واجتمع شهادة أعلم بنى اسرائيل على نزول مثله فايمانه به مع استكباركم عنه وعن الايمان به ألستم أضل الناس واظلمهم (تخريجه) أورده الهيثمى وعزاه للطبرانى فقط وغفل عن عزوه للامام أحمد ثم قال ورجاله رجال الصحيح، ورواه ايضًا ابن جرير بسنده ولفظه (باب) (4) (سنده) حدّثنا هارون بن معروف ومعاوية بن عمرو قالا ثنا ابن وهب قال انا عمرو أنا أبا النضر حدثه عن سليمان بن يسار الخ (غريبه) (5) أى مجدًا فى الضحك آتيًا منه بغايته كما قالت بعد هذا انما كان يبتسم وكان صلى الله عليه وسلم فى أكثر أحواله يبتسم، وكان أيضًا يضحك أعلى من التبسم وأقل من الاستغراق الذى تبدو فيه لهواته، وهذا كان شأنه وكان فى النادر عند إفراط تعجبه، وربما ضحك حتى تبدو نواجذه أى أنيابه ويجرى على عادة البشر فى ذلك فسن لأمته بضحكه الذى بدت فيه أنيابه أنه غير محرم على أمته، وبحديث عائشة أن التبسم هو الذى ينبغى لأمته فعله والاقتداء به للزومه له صلى الله عليه وسلم فى أكثر أحواله (6) هو ابن عمرو احد الروايين اللذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث قال فى روايته ضحكًا بدل ضاحكًا

-[قوله تعالى {فلما رآه عارضًا مستقبل أوديتهم} الخ وهلاك قوم هود]- حتى أرى لهواته (1) إنما كان يتبسم، وقالت كان إذا رأى غيمًا أو ريحًا عرف ذلك فى وجهه، قالت يا رسول الله الناس إذا رأوا الغيم فرحوا رجاء أن يكون فيه المطر وأراك اذا رأيته عرفت فى وجهك الكراهة؟ قالت فقال يا عائشة ما يؤمنى (2) أن يكون فيه عذاب: قد عذب قوم (3) بالريح وقد رأى قوم العذاب (4) فقالوا {هذا عارض ممطرنا} (5) (باب واذ صرفنا اليك نفرًا من الجن) الخ

_ (1) معناه أنها ما رأته يحصل منه ذلك، واللهوات بتحريك الهاء جمع لهاء وهى اللجمة الحمراء المعلقة فى أعلى الحنك (2) بواو ساكنة ونون مشددة، وعند أبى داود ما يؤمننى بنونين، والمعنى لا آمن أن يكون فيه عذاب (3) هم عاد قوم هود أهلكوا بريح صرصر (4) هم عاد قوم هود أيضًا (فان قيل) قد تقرر أن النكرة إذا أعيدت نكرة كانت غير الأولى، وظاهر الحديث أن الذين عذبوا بالريح هم الذين قالوا هذا عارض ممطرنا (قلت) أجاب صاحب الكواكب الدرارى عن ذلك بأن القاعدة المذكورة إنما تطرد اذا لم يكن فى السياق قرينة تدل على الاتحاد، فان كان هناك قرينة كما فى قوله تعالى {وهو الذى فى السماء إله وفى الأرض إله فلا} (5) (التفسير) أول القصة قوله تعالى {واذكر أخا عاد اذ أنذر قومه بالأحقاف} الخ الآيات (قال الامام البغوى) رحمه الله قوله عز وجل {واذكر أخا عاد} يعنى هودًا {اذ أنذر قومه بالأحقاف} قال ابن عباس الأحقاف واد بين عمارة ومهرة، وقال مقاتل كانت منازل عاد باليمن فى حضرموت بموت يقال له مهرة واليها تنسب الابل المهرية، وكانوا أهل عمد سيارة فى الربيع فاذا هاج العود رجعوا الى منازلهم وكانوا من قبيلة ارم، قال قتادة ذكر لنا أن عادًا كانوا حيًّا باليمن وكانوا أهل رمل مشرفين على البحر بأرض يقال لها الشجر، والحقاف جمع حقف وهى المستطيل المعوج من الرمال، قال ابن زيد هى من الرمل كهيئة الجبل ولم يبلغ أن يكون جبلًا، قال الكسائى هى ما استدار من الرمال (وقد خلت النذر) مضت الرسل (من بين يديه) أى من قبل هود (ومن خلفه) ومن بعده الى قومهم {ألا تعبدوا إلا الله إنى اخاف عليكم عذاب يوم عظيم، قالوا أجئتنا لتأفكنا} لتصرفنا (عن آلهتنا) أى عن عبادتها (فائتنا بما تعدنا) من العذاب (إن كنت من الصادقين) ان العذاب نازل بنا (قال) هود (انما العلم عند الله) وهو يعلم متى ياتيكم العذاب (وأبلغكم ما أرسلت به) من الوحى اليكم {ولكنى أراكم قومًا تجهلون فلما رأوه} يعنى ما يوعدون به من العذاب (عارضًا) سحابًا يعرض أى يبدو فى ناحية من السماء ثم يطبق السماء {مستقبل أوديتهم} فخرجت عليهم سحابة سوداء من واد لهم يقال له المغيث وكانوا قد حبس عنهم المطر، فلما رأوه استبشروا {قالوا هذا عارض ممطرنا} أى سحاب يأتينا بالمطر (بل هو) أى قال هود بل هو: ويدل عليه قراءة من قرأ ((قال هود بل هو)) (ما استعجلتم به) من العذاب ثم فسره فقال {ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شئ} تهلك من نفوس عاد وأموالهم الجم فعبر عن الكثرة بالكلية فجعلت الريح تحمل الفسطاط وتحمل الظعينة حتى ترى كأنها جراده (بأمر ربها) رب الريح فأول ما عرفوا أنها عذاب رأوا ما كان خارجًا من ديارهم من الرجال والمواشى تطير بهم الريح بين السماء والاض فدخلوا بيوتهم وأغلقوا أبوابهم، فجاءت الريح فقلعت أبوابهم وصرعتهم وأمر الله الريح فاسالت عليهم الرمال وكانوا تحت الرمل سبع ليال وثمانية أيام لهم أنين ثم أمر الله الريح فكشفت عنهم الرمال فاحتملتهم فرمت بهم فى البحر {فاصبحوا لا يرى الا مساكنهم} قرأ عاصم وحمزة ويعقوب

-[تفسير قوله تعالى {واذ صرفنا اليك نفرًا من الجن} الخ وقصته صلى الله عليه وسلم معهم]- (عن الزبير) (1) فى قول الله تبارك وتعالى {واذ صرفنا اليك نفرًا (2) من الجن يستمعون القرآن}

_ بضم الياء مساكنهم برفع النون يعنى لا يرى شئ الا مساكنهم، وقرأ الآخرون بالتاء، ومساكنهم بفتح النون والخطاب للرائى من كان {كذلك نجزى القوم المجرمين} أى مثل ذلك نجزى من أجرم مثل جرمهم وهو تحذير لمشركى العرب والله أعلم (تخريجه) (ق د ك وغيرهم) (1) (سنده) حدّثنا سفيان قال عمرو (يعنى ابن دينار) وسمعت عكرمة (واذ صرفنا اليك) وقرئ على سفيان عن الزبير {نفرًا من الجن يستمعون القرآن} قال بنخلة رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى العشاء الخ (قلت) هذا السند جاء فى المسند هكذا وفيه تعقيد، وذكره الحافظ ابن كثير فى تفسيره فقال قال الامام أحمد حدثنا سفيان حدثنا عمرو سمعت عكرمة عن الزبير {واذ صرفنا اليك نفرًا من الجن يستمعون القرآن} قال بنخلة فذكر الحديث بلفظه، فكأن الحافظ ابن كثير استخلص هذا السند من السند المعقد باجتهاده أو بقرينة دلت على ذلك رحمه الله (2) (التفسير) {واذ صرفنا اليك نفرًا} أى أملناهم اليك وأقبلنا نحوك والنفر دون العشرة، وقد جاء فى بعض الروايات أنهم كانوا تسعة، وفى بعضها سبعة، روى ابن أبى شيبة بسند جيد عن عبد الله بن مسعود قال هبطوا على النبى صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ القرآن ببطن نخلة فلما سمعوه قالوا أنصتوا قال صه (كلمة زجر بمعنى اسكت) وكانوا تسعة أحدهم زوبعة: فأنزل الله عز وجل {واذ صرفنا اليك نفرًا من الجن يستمعون القرآن}: الى: {ضلال مبين} ورواه أيضًا الحاكم بهذا اللفظ وصححه وأقره الذهبى، وفى رواية للبخارى والامام أحمد وستأتى فى الباب الأول من سورة الجن عن ابن عباس قال (ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن ولا رآهم) قال الحافظ ابن كثير فهذا يعنى حديث ابن مسعود مع رواية ابن عباس يقتضى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يشعر بحضورهم فى هذه المرة، وإنما استمعوا قراءته ثم رجعوا الى قومهم، ثم بعد ذلك وفدوا اليه أرسالًا قومًا بعد قوم وفوجًا بعد فوج كما ستاتى بذلك الأخبار فى موضعها اهـ (قلت) سيأتى شئ من ذلك فى تفسير سورة الجن فى هذا الجزء وسيأتى شئ كثير من ذلك فى باب ما جاء فى اسلام طائفة من الجن من كتاب خلق العالم (من الجن) جن نصيبين قال ياقوت فى معجمه نصيبين مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل الى الشام (يستمعون القرآن) منه عليه الصلاة والسلام (فلما حضروه) أى الرسول أو القرآن أى كانوا منه بحيث يستمعون (قالوا أنصتوا) أى قال بعضهم لبعض اسكتوا مستمعين (فلما قضى) أى فرغ النبى صلى الله عليه وسلم من القراءة {ولوا الى قومهم منذرين} اياهم {قالوا يا قومنا انا سمعنا كتابًا أنزل من بعد موسى} وانما قالوا من بعد موسى لانهم كانوا على اليهودية، وعن ابن عباس أن الجن لم تكن سمعت بامر عيسى عليه السلام {مصدقًا لما بين يديه} من الكتب {يهدى الى الحق} الى الله تعالى {والى طريق مستقيم يا قومنا أجيبوا داعى الله} أى محمدًا {وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم} من صلة أى ذنوبكم كلها {ويجركم من عذاب أليم} قال ابن عباس فاستجاب لهم من قومهم نحو من سبعين رجلًا من الجن فرجعوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافوه فى البطحاء فقرأ عليهم القرآن وأمرهم ونهاهم، وفيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان مبعوثًا الى الجن والإنس جميعًا، قال مقاتل لم يبعث قبله نبى الا الى الانس والجن جميعًا {ومن لا يجب داعى الله فليس بمعجز فى الأرض} أى لا ينجى منه مهرب ولا يعجز الله فيفوته {وليس له من دونه أولياء} أنصار يمنعونه من الله {أولئك فى ضلال مبين} وهذا مقام تهديد وترهيب فدعوا قومهم بالترغيب

-[قوله تعالى {فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا فى الأرض} الآيات وتفسيرها]- قال بنخلة (1) ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى العشاء الآخرة {كادوا يكونون عليه لبدًا} (2) قال سفيان اللبد بعضهم على بعض كاللبد (3) بعضه على بعض (سورة محمد صلى الله عليه وسلم) (باب فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا فى الأرض) (عن أبى هريرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل لما خلق الخلق قامت الرحم (5) فاخذت بحقو الرحمن (6) قالت هذا مقام العائذ من القطيعة، قال أما ترضى أن أصل من وصلك وأقطع من قطعك: اقرءوا ان شئتم {فهل عسيتم أن توليتم أن تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم (7) أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون

_ والترهيب ولهذا نجح فى كثير منهم وجاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفردًا وفودًا كما تقدم بيانه ولله الحمد والمنة (1) بالافراد ويقال بطن نخل، فان فى المصباح فى نخلة XXX بواد يأخذ الى قرن والطائف وبها كانت ليلة الجن وبها صلى النبى صلى الله عليه وسلم صلاة الخوف لما سار الى الطائف (2) جمع لبدة بكسر اللام وسكون الموحدة أى جماعات تعجبًا مما رأو ومن عبادته واقتداء أصحابه به واعجابًا بما تلاه من القرآن لأنهم رأوا ما لم يروا مثله (3) اللبد على وزن ما تلبد من شعر أو صوف أو نحوه ويتعدى بالتضعيف فيقال لبدت الشئ تلبيدًا الزقت بعضه ببعض حتى صار كاللبد (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث الزبير وسنده صحيح وان كان معقدًا، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه أيضًا الحاكم من حديث زر بن حبيش عن ابن مسعود وتقدم لفظه وصححه الحاكم وأقره الذهبى، وله شواهد كثيرة فى الصحيحين وغيرهما تعضده (سورة محمد صلى الله عليه وسلم) (باب) (4) (سنده) حدّثنا أبو بكر الحنفى حدثنى معاوية بن أبى مزرِّد قال حدثنى عمى سعيد أبو الحباب قال سمعت أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) قامت حقيقة بأن تجسمت: وعند الامام احمد وسيأتى من حديث عبد الله بن عمرو فى باب ما جاء فى قطع صلة الرحم من قسم الترهيب انها تتكلم بلسان طلق ذاق (6) الحقو بفتح الحاء المهملة وسكون القاف، والاصل فيه معقد ازار، أى موضع عقده وهو الخصر، ثم سمى به الازار المجاورة، قال البيضاوى لما كان من عادة المستجير ان يأخذ بذيل المستجار به أو بطرف ردائه وازاره وربما أخذ بحقو ازاره مبالغة فى الاستجارة فكأنه يشير به الى أن الملطوب ان يحرسه ويذب عنه ما يؤذيه كما يحرس ما تحت ازاره ويذب عنه فانه لاصق به لا ينفك عنه استعير ذلك للرحم اهـ (قلت) واضافة الحقو الى الله عز وجل من المتشابه الذى نؤمن به كما جاء من غير تشبيه ولا تمثيل ونكل علمه الى الله عز وجل {ليس كمثله شئ} (7) (التفسير) أى فلعلكم ان توليتم عن الجهاد ونكلتم عنه واعرضتم عن دين رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنته، وقال بعضهم هو من الولاية، وقال المسيب بن شريك والفراء يقول فهل حسبتم ان وليتم أمر الناس ان تفسدوا فى الأرض النفار والتناهب وقطع الأرحام بمقاتلة بعض الأقارب بعضًا ووأد البنات، وخبر عسى: لعظ ان تفسدوا، والشرط اعتراض بين الاسم والخبر، والتقدير فهل عسيتم ان تفسدوا فى الأرض وتقطعوا أرحامكم ان توليتم (أولئك) اشارة الى المذكورين (الذين لعنهم الله) أبعدهم عن رحمته (فأصمهم) عن استماع الموعظة (وأعمى أبصارهم) طريق الهدى وهذا نهى عن الإفساد فى الأرض عمومًا وعن قطع الأرحام خصوصًا بل قد أمر الله تعالى بالإصلاح في

-[فضل سورة الفتح وتفسير قوله تعالى (انا فتحنا لك- الى قوله- وما تأخر)]- القرآن أم على قلوب أقفالها (سورة الفتح) (باب ما جاء فى فضلها ووقت نزولها) (عن عمر بن الخطاب) (1) رضى الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر (2) قال فسألته عن شئ ثلاث مرات فلم يرد على (3) قال فقلت لنفسى ثكلتك (4) أمك يا ابن الخطاب نزرت (5) رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات فلم يرد عليك: قال فركبت راحلتى فتقدمت مخافة أن يكون نزل فىَّ شئ، قال فاذا أنا بمناد ينادى يا عمر أين عمر، قال فرجعت وأنا أظن أنه نزل فىّ شئ: قال فقال النبى صلى الله عليه وسلم نزلت على ّ البارحة سورة هى أحب إلىَّ من الدنيا وما فيها (6) {انا فتحنا لك فتحًا مبينًا (7)

_ الأرض وصلة الأرحام وهو الإحسان الى الاقارب فى المقال والأفعال وبذل الأموال، وقد وردت الأحاديث الصحاح والحسان بذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من طرق عديدة ووجوه كثيرة ستأتى فى أبوابها من قسم الترغيب ان شاء الله تعالى {أفلا يتدبرون القرآن} فيعرفوا ما فيه من المواعظ والزواجر ووعيد البغاة حتى لا يجسروا على المعاصى {أم على قلوب أقفالها} أم بمعنى بل وهمزة التقرير للتسجيل عليهم بان قلوبهم مقفلة لا يتوصل لها ذكر: ونكرت القلوب لأن المراد على قلوب قاسية مبهم أمرها فى ذلك، والمراد بعض القلوب وهى قلوب المنافقين، واضيفت الاقفال الى القلوب لأن المراد الأقفال المختصة بها وهى أقفال الكفر استغلقت بالختم والطبع فلا تفتح نحو الدين نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (ق. وغيرهما) (سورة الفتح) (باب) (1) (سنده) حدّثنا أبو نوح حدثنا مالك بن أنس عن زيد أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب الخ (غريبه) (2) هو سفر الحديبية كما فى حديث أنس الآتى (3) أى لاشتغاله بما كان من نزول الوحى (4) بفتح المثلثة وكسر الكاف أى فقدتك، دعا على نفسه بسبب ما وقع منه من الالحاح (5) بفتح النون ثم زاى مخففة مفتوحة فراء ساكنة الححت عليه وبالغت فى السؤال (6) جاء عند البخارى (لقد أنزلت على ّ الليلة سورة لهى أحب إلى مما طلعت عليه الشمس) أى لما فيها من البشارة بالمغفرة والفتح وغيرهما (7) (التفسير) {انا فتحنا لك فتحًا مبينًا} الفتح الظفر بالبلدة عنوة أو صلحًا بحرب أو بغير حرب، لأنه مغلق ما لم يظفر به، فاذا ظفر به فقد فتح وقد نزلت هذه الآية مرجع النبى صلى الله عليه وسلم من مكة عام الحديبية عدة له بالفتح وجئ به على لفظ الماضى لأنها فى تحققها بمنزلة الكائنة، وفى ذلك من الفخامة والدلالة على علة شأن المخبر عنه وهو الفتح ما لا يخفى والخطاب للنبى صلى الله عليه وسلم وحده، واختلف فى تعيين هذا الفتح فقال الأكثر هو صلح الحديبية كما يدل على ذلك أحاديث الباب وقال قوم إنه فتح مكة، وقال آخرون إنه فتح خيبر: والأول أرجح ويؤيده أيضًا حديث البراءين عازب عند البخارى قال تعدون أنتم الفتح فتح مكة وقد كان فتح مكة فتحًا ونحن نعد الفتح بيعة الرضوان يوم الحديبية كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع عشرة مائة والحديبية يثر فنزحناها فلم تترك فيها قطرة (يعنى أنها لم تكف لشربهم) فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاها فجلس على شفيرها ثم دعا باناء من ماء فتوضأ ثم تمضمض ودعا ثم صبه فيها فتركناها ثم أنها أصدرتنا ما شئنا نحن وركائبنا يعنى أن ماءها بعد ذلك كفاهم جميعًا مع دوابهم، وفى هذا معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم وروى عن ابن مسعود وغيره أنه قال انكم تعدون الفتح فتح مكة ونحن نعد الفتح صلح الحديبية (وعن جابر) مثله، وعن مجمع بن جارية وسيأتى فى باب تقسيم غنيمة خيبر الخ فى حوادث السنة السابعة من كتاب السيرة

-[تفسير قوله تعالى (ويتم نعمته عليك- الى قوله- فوزًا عظيمًا)]- ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر} (عن أنس) (1) قال لما انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحديبية نزلت هذه الآية {انا فتحنا لك فتحًا مبينًا ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر (2) ويتم نعمته عليك ويهديك صراطًا مستقيمًا} قال المسلمون يا رسول الله هنيئًا لك ما أعطاك الله فما بالنا؟ فنزلت {ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزًا عظيمًا} (باب وهو الذى كف أيديكم عنهم) الآية (وعنه أيضًا) (3) قال لما كان يوم الحديبية هبط (4) على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه

_ النبوية أن النبي صلى الله عليه وسلم عند رجوعهم من الحديبية اجتمع الناس إليه فقرأ عليهم إنا فتحنا لك فتحًا مبينًا فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أى رسول الله وفتح هو؟ قال أى والذى نفس محمد بيده إنه لفتح وقال الزهرى لم يكن فتح أعظم من صلح الحديبية: وذلك أن المشركين اختلطوا بالمسلمين فسمعوا كلامهم فتمكن الإسلام فى قلوبهم أسلم فى ثلاث سنين خلق كثير وكثرتهم سواد الاسلام {ليغفر لك الله} قيل الفتح ليس بسبب للمغفرة، والتقدير انا فتحنا لك فتحًا مبينًا فاستغفر ليغفر لك الله، ومثله اذا جاء نصر الله إلى قوله فسبح بحمد ربك واستغفره {ما تقدم من ذنبك وما تأخر} اختلف فى معنى قوله تعالى {ما تقدم من ذنبك وما تأخر} فقيل ما فرط منك مما يصح أن تعاقب عليه قبل الرسالة وما بعدها: قاله مجاهد وسفيان الثورى وابن جرير والواحدى وغيرهم: وفيه أقوال أخرى ضعيفة والظاهر قول مجاهد ومن وافقه، ويكون المراد بالذنب بعد الرسالة ترك ما هو الأولى، وسمى فى حقه ذنبًا لجلالة قدره وإن لم يكن ذنبًا فى حق غيره (تخريجه) (خ مذ نس) (وفى الباب) حديث طويل عن ابن مسعود تقدم بطوله وشرحه وتخريجه فى باب من نام عن صلاة الصبح حتى طلعت الشمس من أبواب فضاء الفوائت فى الجزء الثانى صحيفة 305 رقم 210 وكنت اشرت هناك بانى ساذكره هنا غير أنى وجدت فى هذا الباب ما يغنى عنه فلا داعى للتكرار (1) (سنده) حدّثنا يزيد انا همام عن أنس (يعنى ابن مالك) الخ (التفسير) (2) تقدم تفسير هذه الجملة فى شرح الحديث السابق (أما تفسير بقية الآية) فقوله عز وجل {ويتم نعمته عليك} أى باعلاء دينك وفتح البلاد على يديك {ويهديك صراطًا مستقيمًا} ويثبتك على الدين المرضى {وينصرك الله نصرًا عزيزًا} قويًا منيعًا لا ذل بعده أبدًا {هو الذى أنزل السكينة فى قلوب المؤمنين} أى السكون والطمأنينة بسبب الصلح: وقيل السكينة الصبر على ما أمر الله والثقة بوعد الله {ليزدادوا إيمانًا مع إيمانهم} يقينًا على يقينهم بشرائع الدين كلما نزل واحدة منها آمنوا بها منها الجهاد {ولله جنود السموات والأرض} فلو أراد نصر دينه بغيركم لفعل {وكان الله عليمًا} بخلقه (حكيمًا) فى صنعه أى الم يزل متصفًا بذلك (ليدخل) متعلق بمحذوف أى أمر بالجهاد ليدخل {المؤمنين والمؤمنات جنات تجرى من تحتها الأنهار خالدين فيها} أى ماكثين فيها أبدًا {ويكفر عنهم سيئاتهم} أى خطاياهم وذنوبهم فلا يعاقبهم عليها بل يعفو ويصفح ويغفر ويستر ويرحم {وكان ذلك عند الله فوزًا عظيمًا} كقوله تعالى: {فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز}، لا أحرمنا الله من ذلك (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (3) (سنده) حدّثنا يزيد حدثنا حماد عن ثابت البنانى عن أنس قال لما كان يوم الحديبية الخ (غريبه) (4) أى نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ

-[قصة النبي صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش فى صلح الحديبية]- ثمانون رجلًا (1) من أهل مكة فى السلاح من قبل (2) جبل التنعم فدعا عليهم فأخذوا (3) ونزلت هذه الآية (4) {وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم} قال يعنى جبل التنعيم فى مكة (5) (عن عبد الله بن مغفل المزنى) (6) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالحديبية فى أصل الشجرة التى قال الله تعالى فى القرآن (7) وكان يقع من أغصان تلك الشجرة على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلىّ بن أبى طالب وسهيل بن عمرو (8) بين يديه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى رضى الله عنه اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فأخذ سهيل بن عمرو بيده، ما نعرف بسم الله الرحمن الرحيم اكتب فى قضيتنا ما نعرف: باسمك اللهم، فكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله أهل مكة: فأمسك سهيل بن عمرو بيده وقال لقد ظلمناك إن كنت رسوله، اكتب فى قضيتنا ما نعرف، فقال اكتب هذا ما صالح عليه محمد بن عبد الله ابن عبد المطلب وأنا رسول الله (10) فكتب فبينما نحن كذلك (يعنى نكتب شروط الصلح) إذ

_ (1) جاء عند الترمذي من حديث أنس قال أيضًا إن ثمانين هبطوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم والصحابة من جبل التنعيم عند صلاة الصبح وهم يريدون أن يقتلوه (يعنى النبى صلى الله عليه وسلم) فأخذوا أخذًا فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله وهو الذى كف أيديهم عنكم الخ (2) قيل بكسر القاف وفتح الموحدة أى من جهة جبل التنعيم، قال فى القاموس التنعيم موضع على ثلاثة أميال، أو أربعة من مكة اقرب اطراف الحلل الى البيت، سمى بذلك لأن على يمينه جبل نعيم وعلى يساره جبل ناعم والوادى اسمه نعمان اهـ وفى المصباح يعرف بمساجد عائشة (3) جاء فى الحديث التالى فأخذ الله بأبصارهم فقدمنا اليهم فأخذناهم، وفيه ان النبى صلى الله عليه وسلم خلى سبيلهم (4) (سيأتى تفسيرها فى الحديث التالى (5) الظاهر ان هذا تفسير لقوله تعالى {ببطن مكة} (تخريجه) (م د نس مذ) (6) (سنده) حدّثنا زيد بن الحباب قال حدثنى حسين بن واقد قال حدثنى ثابت البنانى عن عبد الله بن مغفل المزنى الخ (غريبه) (7) يعنى قوله تعالى {لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} وتسمى بيعة الرضوان لرضا الله عز وجل عن أصحابها وسيأتى الكلام عليها مستوفى فى القسم الثانى من كتاب السيرة النبوية (8) ابن عبد شمس بن عبدود العامرى أخو السكران بن عمرو زوج سودة قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم اسلم سهيل يوم الفتح واستشهد يوم اليرموك وقيل مات فى طاعون عمواس والله أعلم (9) جاء عند البخارى بعد هذه الجملة فقال النبى صلى الله عليه وسلم اكتب باسمك اللهم ثم قال هذا ما فاضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (10) يعنى وان كذبتمونى قال العلماء وافقهم النبى صلى الله عليه وسلم فى ترك كتابة بسم الله الرحمن الرحيم وانه كتب باسمك اللهم، وكذا وافقهم فى محمد ابن عبد الله وترك كتابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانما وافقهم فى هذه الأمور للمصلحة المهمة الحاصلة بالصلح مع أنه لا مفسدة فى هذه الأمور، اما البسملة باسمك اللهم فمعناها واحد: وكذا قوله محمد ابن عبد الله هو أيضًا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وليس فى ترك وصف الله سبحانه وتعالى فى هذا الموضع بالرحمن الرحيم ما ينفي

-[تفسير قوله تعالى (وهو الذى كف أيديهم عنكم- الى قوله- بصيرًا) وتفسرها]- خرج علينا ثلاثون شابًا (1) عليهم السلام فثاروا فى وجوهنا فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخذ الله عز وجل بأبصارهم (2) فقدمنا إليهم فأخذناهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل جئتم فى عهد أحد أو هل جعل لكم أحدًا أمانًا؟ (3) فقالوا لا، فخلى سبيلهم فأنزل الله عز وجل {وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم وكان الله بما تعملون بصيرًا} (4) (سورة الحجرات) (باب يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم) الآية (عن ابن أبى مليكة) (5) قال كاد الخيران (6) أن يهلكا أبو بكر وعمر رضى الله عنهما، لما قدم على النبى صلى الله عليه وسلم وقد بنى تميم (7) أشار أحدهما (8) بالأقرع بن حابس الحنظلى أخى بنى مجاشع وأشار الآخر (9) بغيره قال أبو بكر لعمر انما أردت خلافى (10) فقال عمر ما أردت خلافك فارتفعت أصواتهما عند النبي صلى الله عليه وسلم

_ ذلك ولا في ترك وصفه أيضًا صلى الله عليه وسلم هنا بالرسالة ما ينفيها فلا مفسدة فيما طلبوه وانما كانت المفسدة تكون لو طلبوا ان يكتب ما لا يحل من تعظيم آلهتهم ونحو ذلك (1) تقدم فى حديث أنس السابق انهم ثمانون رجلًا ولا منافاة فى ذلك لأن كل راو أخبر بما علم (2) أى لم يشعروا ولم يبصروا قدوم أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم لأخذهم فاخذوهم وجاءوا بهم الى النبى صلى الله عليه وسلم (3) انما سألهم النبى صلى الله عليه وسلم لأنه لو كان لهم عهد أو أمان من أحد الصحابة بعد فعلهم هذا لوجب العفو عنهم، وقد ظهر باعترافهم أنه ليس معهم أمان ولا عهد فكانوا يستحقون القتل أو الدخول فى الاسلام، ومع هذا فقد عفى عنهم وخلى سبيلهم وهذا من كرم أخلاقه ومزيد حلمه وحسن سياسته صلى الله عليه وسلم (4) (التفسير) {وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم} فى هذه الجملة امتنان من الله عز وجل على عباده المؤمنين حين كف أيدى المشركين عنهم فلم يصل اليهم منهم سوء، وكف أيدى المؤمنين عن المشركين فلم يقاتلوهم عند المسجد الحرام، بل صان كلا من الفريقين وأوجد بينهم صلحًا فيه خيرة للمؤمنين وعاقبة لهم فى الدنيا والآخرة (ببطن مكة) أى الحديبية لأن بعضها منسوب الى الحرم {من بعد أن أظفركم عليهم} كف الله النبى صلى الله عليه وسلم عنهم بعد أن اظفره عليهم لبقايا من المسلمين كانوا أبقوا فيه كراهية ان تطأهم الخيل {وكان الله بما تعملون} قرأ ابو عمرو بالياء التحتية وقرأ الآخرون بالياء الفوقية (بصيرًا) أى لم يزل متصفًا بذلك (تخريجه) (نس) وابن جرير والبغوى وابن اسحاق وسنده جيد (وقال عبد الله) بن الامام احمد رحمهما الله عقب هذا الحديث فى المسند: قال حماد بن سلمة فى هذا الحديث عن ثابت بن أنس: وقال حسين بن واقد عن عبد الله بن مغفل وهذا الصواب عندى ان شاء الله والله أعلم (باب) (5) (سنده) حدّثنا وكيع حدثنا نافع بن عمرو الجمحى عن ابن أبى مليكة الخ (غريبه) (6) بفتح المعجمة وتشديد التحتية أى الفاعلان للخير (7) كان ذلك سنة تسع وسألوا النبى صلى الله عليه وسلم ان يؤمِّر عليهم أحدًا (8) هو عمر بن الخطاب كما عند البخارى فى رواية أخرى من طريق ابن جريح (9) هو أبو بكر رضى الله عنه (بغيره) هكذا عند الامام احمد وفى رواية للبخارى لم يذكر اسم الغير (وللبخارى) من رواية ابن جريج (فقال أبو بكر أمِّر القعقاع بن معبد) بفتح الميم والموحدة ابن زرارة (10) أى ما أردت الا خلافى كما صرح بذلك

-[قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى} الخ وتفسيرها]- فنزلت (يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى (1): إلى قوله: عظيم) قال ابن أبى مليكة قال ابن الزبير فكان عمر بعد ذلك (ولم يذكر ذلك عن أبيه يعنى أبا بكر) (2) إذا حدث

_ في رواية للبخارى أى ليس مقصودك الا مخالفة قولى (1) (التفسير) {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى} أى إذا نطق ونطقتم فعليكم ان لا تبلغوا بأصواتكم وراء الحد الذى يبلغه بصوته وان تغضوا منها بحيث يكون كلامه عاليًا لكلامكم وجهره باهرًا لجهركم حتى تكون مزيته عليكم لائحة، وسابقته لديكم واضحة {ولا تجهروا له بالقول} أى اذا كلمتموه وهو صامت فاياكم والعدول عما نهيتم عنه من رفع الصوت، بل عليكم ان تتعمدوا فى مخاطبته القول اللين القريب من الهمس الذى يضاد الجهر: أو لا تقولوا يا محمد يا احمد، وخاطبوه بالنبوة والسكينة والتعظيم لا {كجهر بعضكم لبعض} الكاف كاف التشبيه فى محل النصب أى لا تجهروا له جهرًا مثل جهر بعضكم لبعض، وفى هذا دليل على انهم لم ينهوا عن الجهر مطلقًا حتى لا يسوغ لهم الا أن يكلموه بالهمس والمخافتة: وانما نهوا عن جهر مخصوص مقيد بصفة اعنى الجهر المنعوت بمماثلة ما قد اعتادوه منهم فيما بينهم وهو الخلو من مراعاة أبهة النبوة وجلالة مقدارها وانحطاط سائر الرتب وان جلت عن رتبتها {ان تحيط أعمالكم} أى لئلا تحبط حسناتكم، وقيل مخافة ان تحبط أى تبطل {وأنتم لا تشعرون} بذلك: ونزل فيمن كان يخفض عند النبى صلى الله عليه وسلم كأبى بكر وعمر وغيرهما رضى الله عنهم {ان الذين يغضون أصواتهم عن رسول الله أولئك الذين امتحن} أى اختبر {الله قلوبهم للتقوى} قال ابن عباس امتحن الله قلوبهم للتقوى طهرهم من كل قبيح وجعل فى قلوبهم الخوف من الله واخلصها للتقوى، كقولك امتحنت الفضة أى اختبرتها حتى خلصت {لهم مغفرة} لذنوبهم {وأجر عظيم} أى الجنة وما فيها من النعيم المقيم لا أحرمنا الله منها (2) هذه الجملة التى بين قوسين وهى قوله (ولم يذكر ذلك عن أبيه يعنى أبا بكر) وقعت فى الاصل هكذا مقحمة بين اسم كان وخبرها، وصل العبادة قال ابن الزبير فكان عمر بعد ذلك اذا حدث النبى صلى الله عليه وسلم حديثه كأخى السرار لم يسمعه حتى يستفهمه، ولم يذكر ذلك عن أبيه يعنى أبا بكر (واليك شرح هذا الكلام) (قال ابن الزبير) يعنى عبد الله (فكان عمر بعد ذلك) يعنى بعد نزول هذه الآية (اذا حدث النبى صلى الله عليه وسلم) كان (حديثه كأخى السرار) والسرار بكسر السين المهملة المساررة، أى كصاحب السرار أو كمثل المساررة لخفض صوته والكاف صفة لمصدر محذوف (لم يسمعه حتى يستفهمه) أى لم يسمعه من اول مرة حتى يطلب منه الاعادة لانخفاض صوته (لم يذكر ذلك) يعنى ان عبد الله بن الزبير لم يذكر ما حصل لعمر فى انخفاض صوته عند النبى صلى الله عليه وسلم (عن أبيه) يريد جده لأمه أسماء (يعنى أبا بكر) واطلاق الأب على الجد مشهور يدل على ذلك ما جاء فى رواية الترمذى بلفظ (وا ذكر ابن الزبير حده يعنى أبا بكر) اهـ (قلت) وان كان ابن الزبير لم يذكر عن أبى بكر مثل ما ذكر عن عمر فقد جاء عند القرطبى والبغوى فى تفسيريهما: قال أبو هريرة لما نزلت {لا ترفعوا أصواتكم} قال أبو بكر والله لا ارفع صوتى الا كاخى السرار (وروى الحاكم) بسنده عن أبى هريرة قال لما نزلت ان الذين يغضون اصواتهم عند رسول الله قال أبو بكر الصديق رضى الله عنه والذى أنزل عليك الكتاب يا رسول الله لا أكلمك إلا كأخى السرار حتى القى الله عز وجل، وصححه الحاكم وأٌره الذهبى (تخريجه) (خ مذ) قال القسطلانى وسيأتى هذا الحديث صورته صورة الارسال، لكن فى آخره انه حمله عن عبد الله بن الزبير

-[قصة ثابت بن قيس فى رفع الصوت ومنقبة عظيمة له]- النبي صلى الله عليه وسلم حديثه كاخى السرار لم يسمعه حتى يستفهمه (عن أنس بن مالك) (1) قال لما نزلت هذه الآية {يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى} - إلى قوله- {وأنتم لا تشعرون} (2) وكان ثابت بن قيس بن الشَّماس رفيع الصوت فقال أنا الذى كنت أرفع صوتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم حبط عملى، أنا من أهل النار، وجلس فى أهله حزينًا فتفقده رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) فانطلق بعض القوم إليه (4) فقالوا له تفقدك رسول الله صلى الله عليه وسلم مالك؟ فقال أنا الذى رفعت صوتى فوق صوت النبى صلى الله عليه وسلم وأجهر بالقول حبط عملى وأنا من أهل النار: فأتوا النبى صلى الله عليه وسلم فأخبروه بما قال (5) فقال لا بل هو من أهل الجنة (6) قال أنس وكنا نراه يمشى بين أظهرنا ونحن نعلم أنه من أهل الجنة (7) فلما كان يوم اليمامة (8) كان فينا بعض الانكشاف (9) فجاء ثابت بن قيس بن شماس وقد تحنط ولبس كفنه فقال بئسما تعوِّدون أقرانكم (10) فقاتلهم حتى قتل (11)

_ ويأتي في الباب اللاحق التصريح بذلك اهـ (قلت) يشير الى ما رواه البخارى من طريق ابن جريج عن ابن أبى مليكة ان عبد الله بن الزبير اخبرهم أنه قدم ركب من بنى تميم فذكره، ورواه أيضًا الترمذى عن ابن أبى مليكة قال حدثنى عبد الله بن الزبير فذكره وبهذا انتفى الارسال والله أعلم (قال الحافظ بن كثير) فة تفسيره قال العلماء يكره رفع الصوت عند قبره كما كان يكره فى حياته عليه الصلاة والسلام لأنه محترم حيًا، وفى قبره دائمًا، ثم نهى عن الجهر له بالقول كما يجهر الرجل لمخاطبه ممن عداه بل يخاطب بسكينة ووقار وتعظيم، ولهذا قال تبارك وتعالى {ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض} كما قال {لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا} (1) (سنده) حدّثنا هاشم حدثنا سليمان عن ثابت عن أنس ابن مالك الخ (غريبه) (2) تقدم تفسير هذه الآية فى شرح الحديث السابق (3) أى طلبه عند غيبته واحتباسه عن النبى صلى الله عليه وسلم (4) هو عاصم بن عدى كما صرح بذلك ابن جرير والبغوى (5) جاء عند البغوى فأتى عاصم رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبره خبره، ولعل عاصمًا كان معه بعض القوم وخصه بالذكر لأنه هو الذى أرسله النبى صلى الله عليه وسلم (6) زاد ابن جرير والبغوى ان النبى صلى الله عليه وسلم قال لعاصم اذهب فادعه لى فدعاه فأتيا النبى صلى الله عليه وسلم (وكان ثابت يبكى) فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يبكيك يا ثابت؟ فقال أنا صيِّت (يعنى رفيع الصوت) وأتخوف أن تكون هذه الآية نزلت فىّ {لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبى ولا تجهروا له بالقول} فقال له النبى صلى الله عليه وسلم أما ترضى أن تعيش حميدًا وتقتل شهيدًا وتدخل الجنة؟ فقال رضيت ببشرى الله ورسوله ولا أرفع صوتى أبدًا على صوت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل {ان الذين يغضون أصواتهم عن رسول الله} الآية (7) أى لأن النبى صلى الله عليه وسلم بشره بذلك رضى الله عنه (8) بفتح الياء التحتية مدينة من اليمن على مرحلتين من الطائف وأربع من مكة (9) أى الانكسار وانهزمت طائفة منهم (10) جمع قرن بكسر القاف وسكون الراء الكف أو النظير فى الشجاعة والحرب أى بئسما تعوِّدون نظراءكم وأكفاءكم فى القتال (11) كان رضى الله عنه فى الجيش الذى بعثه أبو بكر رضى الله عنه بقيادة خالد بن الوليد لقتال مسيلمة الكذاب فى أواخر العام الذى توفى فيه النبى صلى الله عليه وسلم سنة إحدى عشرة واستشهد فيه مع كثير من القراء الذين يحفظون القرآن

-[قوله تعالى {ان الذين ينادونك من وراء الحجرات} الآيتين وتفسيرهما]- (باب إن الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون) (عن أبى سلمة بن عبد الرحمن) (1) عن الأقرع بن حابس (2) أنه نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم من وراء الحجرات (3) فقال يا رسول الله فلم يجبه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ألا إن حمدى زين وإن ذمى شين (4) فقال رسول الله

_ وكان النصر أخيرًا للمسلمين وقتل مسيلمة الكذاب (تخريجه) (ق) وابن جرير والبغوى وغيرهم (باب) (1) (سنده) حدّثنا عفان ثنا وهيب قال حدثنى موسى بن عقبة قال حدثنى أبو سلمة ابن عبد الرحمن عن الأقرع بن حابس الخ (غريبه) (2) هو الاقرع بن حابس بن عقال بن محمد بن سفيان التميمى، قال ابن اسحاق وفد على النبى صلى الله عليه وسلم وشهد فتح مكة وحنينًا والطائف وهو من المؤلفة قلوبهم وقد حسن اسلامه، وقال الزبير فى النسب كان الأقرع حكمًا فى الجاهلية، وقيل انه كان شريفًا فى الجاهلية والاسلام (3) الوراء الجهة التى يواريها عنك الشخص من خلف أو قدام، والحجرات جمع حجرة والحجرة الرقعة من الأرض المحجورة بحائط يحوط عليها، وقرأ العامة الحجرات بضن الجيم وقرأ أبو جعفر بفتحها استثقالًا للضمتين، وقرى الحجرات بسكون الجيم تخفيفًا، والمراد حجرات نساء النبى صلى الله عليه وسلم وكانت لكل منهن حجرة: ومناداتهم من ورائها لعلهم تفرقوا على الحجرات متطلبين له أو نادوه من وراء الحجرة التى كان فيها ولكنها جمعت اجلالًا له صلى الله عليه وسلم (فان قيل) جاء فى الحديث ان الذى نادى الأقرع ابن حابس وحده وجاء فى القرآن بلفظ الجمع (ويجاب عن ذلك) بأن الفعل وان كان مسندًا الى جميعهم فانه يجوز أن يتولاه بعضهم، وكان الباقون راضين فكأنهم تولوه جميعًا، وحكى القرطبى عن مجاهد وغيره قال نزلت فى أعراب بنى تميم قدم الوفد منهم على النبى صلى الله عليه وسلم فدخلوا المسجد ونادوا النبى صلى الله عليه وسلم من وراء حجرته ان أخرج الينا فان مدحنا زين وذمنا شين، وكانوا سبعين رجلًا قدموا لفداء درارى لهم وكان النبى صلى الله عليه وسلم نام للقائلة، قال وروى ان الذى نادى الأقرع بن حابس وانه القائل ان مدحى زين وان ذمى شين، فقال النبى صلى الله عليه وسلم ذاك الله عز وجل (يعنى حديث الباب) والظاهر أن الأقرع بن حابس انضم الى وفد بنى تميم لأنهم من قبيلته مستشفعًا لهم عند النبى صلى الله عليه وسلم فى فداء أسراهم، ولذلك قال افرزدق يفخر بعمه الاقرع (وعند رسول الله قام ابن حابس ... بخطه أسوار الى المجد حازم) (له اطلق الاسرى التى فى قيودها ... مغلقة اعناقها فى الشكائم) (4) مقصود الرجل من هذا القول مدح نفسه واظهار عظمته يعنى ان مدحت رجلًا فهو محمود ومزين وان ذممت رجلًا فهو مذموم ومعيب: فقال له النبى صلى الله عليه وسلم (ذاك الله عز وجل) يعنى الذى حمده زين وذمه شين هو الله سبحانه وتعالى (تخريجه) أورده الحافظ الهيثمى وقال رواه احمد والطبرانى واحد اسنادى احمد رجاله رجال الصحيح ان كان أبو سلمة سمع من الأقرع والا فهو مرسل كاسناد احمد الآخر اهـ (قلت) قال الحافظ فى الاصابة وقع فى رواية ابن جرير التصريح بسماع أبى سلمة من الأقرع اهـ (قلت) يعنى ما رواه ابن جرير من طريق موسى بن عقبة عن أبى سلمة قال حدثنى الأقرع بن حابس التميمى انه أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا محمد اخرج الينا فنزلت {ان الذين ينادونك من وراء الحجرات} الحديث، ورواه أيضًا الترمذى من وجه آخر عن البراء بن عازب وقال هذا حديث حسن غريب (أما تفسير الآيتين) فقوله تعالى {ان الذين ينادونك من وراء الحجرات اكثرهم لا يعقلون} أى من جملة قوم الغالب عليهم الجهل وقله العقل {ولو انهم صبروا} اى انتظروا خروجك {لكان خيرًا لهم} أى أصلح لهم فى دينهم ودنياهم، وكان صلى الله عليه وسلم لا يحتجب عن الناس إلا في أوقات يشتغل فيها

-[قوله تعالى {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا} الآيات وسبب نزولها]- صلى الله عليه وسلم كما حدث أبو سلمة ذاك الله عز وجل (باب يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا- إلى- والله عليم حكيم) (حدّثنا محمد بن سابق) (1) ثنا عيسى بن دينار ثنا أبى أنه سمع الحارث بن ضرار الخزاعى (2) قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعانى الى الاسلام فدخلت فيه (3) وأقررت به فدعانى الى الزكاة فأقررت بها وقلت يا رسول الله أرجع الى قومى فأدعوهم لى الاسلام واداء الزكاة فمن استجاب لى جمعت زكاته فيرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم لإبان كذا وكذا (4) ليأتيك ما جمعت من الزكاة فلما جمع الحارث الزكاة ممن استجاب له وبلغ الإبَّان الذى أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبعث اليه احتبس عليه الرسول فلم يأته، فظن الحارث أنه قد حدث فيه سخطة (5) من الله عز وجل ورسوله، فدعا بسروات قومه فقال لهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان وقَّت لى وقتًا يرسل الىَّ رسوله ليقبض ما كان عندى من الزكاة وليس من رسول الله الخلف، ولا أرى حبس رسوله إلا من سخطة كانت فانطلقوا فنأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الوليد ابن عقبة (6) الى الحارث ليقبض ما كان عنده مما جمع من الزكاة، فما أن سار الوليد حتى بلغ بعض

_ بمهمات نفسه فكان انزعاجه فى تلك الحالة من سوء الأدب، وقيل هم وفد بنى تميم جاءوا شفعاء فى اسراهم فاعتق رسول الله صلى الله عليه وسلم نصفهم وفادى على النصف، ولو صبروا لاعتق جميعهم {والله غفور رحيم} بليغ الغفران والرحمة واسعهما فلن يضيق غفرانه ورحمته من هؤلاء ان تابوا وانابوا والله اعلم (باب) (1) (حدّثنا محمد بن سابق الخ) (غريبه) (2) جاء فى الاصابة وفى كتب الرجال ان اسمه الحارث ابن أبى ضرار، وذكره الحافظ ابن كثير فى تفسيره فقال هو الحارث بن ضرار بن أبى ضرار ملك بنى المصطلق ووالد جويرية بنت الحارث أم المؤمنين، والظاهر ان اسم والده ضرار ولكنه اشتهر باسم جده كما فى سعد بن؟؟؟؟؟؟ بن أبى وقاص فانه اشتهر باسم جده فقيل سعد بن ابى وقاص والله أعلم (3) سبب اسلامه كما ذكر ابن اسحاق فى المغازى انه جاء الى المدينة ومعه فداء ابنته بعد أن اسرت وتزوجها النبى صلى الله عليه وسلم قال فلما كان بالعصيو نظر الى الابل فرغب فى بعيرين منها فغيبهما فى شعب ثم جاء فقال يا محمد هذا فداء ابنتى، فقال فاين البعيران اللذان عيبتهما بالعقيق فقال الحارث أشهد ان لا إله إلا الله وأنك رسول الله، والله ما اطلع على ذلك الا الله، قال فاسلم واسلم معه ابنان له وناس من قومه (4) إبّان بكسر الهمزة وتشديد الموحدة اى وقت كذا وكذا كيوم كذا وكذا فى شهر كذا وكذا (5) أى غضب (6) يعنى عقبة بن ابى معيط الكافر الذى كان من أشد كفار مكة ايذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم قتل يوم بدر كافرًا أما ابنه الوليد هذا فهو اخو عثمان بن عفان فانه اسلم يوم فتح مكة هو وأخوه خالد بن عقبة قال ابن عبد البر ولا خلاف بين اهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت ان قوله عز وجل {إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة} نزلت فى الوليد بن عقبة ثم ذكر نحو حديث الباب، وهو الذى صلى صلاة الصبح بأهل الكوفة أربع ركعات فقال أزيدكم وكان سكران، قال ابن عبد البر وخبر صلاته بهم سكران وقوله أزيدكم بعد ان صلى بهم الصبح اربعًا مشهور من رواية الثقات من أهل الحديث، ولما شهدوا عليه بالشراب أمر به عثمان فجلد وعزل من الكوفة واستعمل عليه بعده سعيد بن العاص، ولما قتل عثمان اعتزل الوليد الفتنة واقام بالرّقة الى أن توفى، وله بها عقب، روى عنه ثابت بن الحجاج والشعبى وغيرهما، كذا

-[تفسير {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق} الآيات وقصة الحارث بن ضرار مع الوليد بن عقبة]- الطريق فرق (1) فرجع فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا رسول الله ان الحارث منعنى الزكاة وأراد قتلى: فضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم البعث (2) الى الحارث فأقبل الحارث بأصحابه اذ استقبل البعث وفصل من المدينة لقيهم الحارث (3) فقالوا هذا الحارث فلما غشيهم (4) قال لهم الى من بعثتم؟ قالوا اليك، قال ولم؟ قالوا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعث اليك الوليد بن عقبة فزعم انك منعته الزكاة وأردت قتله، قال لا والذى بعث محمدًا بالحق ما رأيته بتة (5) ولا اتانى، فلما دخل الحارث على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال منعت الزكاة وأردت قتل رسولى؟ قال لا والذى بعثك بالحق ما رأيته ولا اتانى، وما أقبلت إلا حين احتبس علىّ رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم خشيت أن تكون كانت سخطة من الله عز وجل ورسوله، فنزلت الحجرات (يا يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق (6) بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قومًا بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين- الى قوله تعالى- فضلًا من الله ونعمة والله عليم حكيم)

_ في تهذيب الاسماء للنووى (1) بالتحريك أى خاف لأن القوم لما علموا بقدومه خرجوا للقائه مسرعين فرحين مستبشرين بقدوم رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثه الشيطان انهم يريدون قتله لا سيما وقد كان بينه وبينهم عداوة فى الجاهلية كما يستفاد من رواية ابن جرير والبغوي: XXX ورجع من الطريق وقال فيهم ما قال (2) أى أسرع بتجهيز البعث الى الحارث وقومه، فقد جاء عند البغوى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالد ابن الوليد اليهم خفية فى عسكر وقال انظر فان رأيت منهم ما يدل على ايمانهم فخذ منهم زكاة أموالهم، وان لم تر ذلك فاستعمل فيهم ما يستعمل فى الكفار (3) معناه ان الحارث اقبل باصحابه قاصدًا المدينة فلما كان على مقربة منها لقى خالدًا وعسكره بعد خروجهم من المدينة (فقالوا هذا الحارث) يعنى الذى كنا نطلبه قد حضر (4) أى جاءهم وصار معهم فى مكان واحد (قال لهم الخ) (5) أى قطعًا (6) (التفسير) {يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق} يعنى الوليد بن عقبة (بنبأ) أى خبر، وفى تنكير الفاسق والنبأ شياع فى الفساق والنباء كأنه قال أى فاسق جاءكم بنبأ (فتبينوا) أى توثقوا فيه وتطلبوا بيان الأمر وانكشاف الحقيقة ولا تعتمدوا قول الفاسق، لأن من لا يتحامى جنس الفسوق لا يتحامى الكذب الذى يعد نوع منه: وقرأ حمزة والكسائى فتثبتوا من التثبيت: الباقين فتبينوا من التبيين (أن تصيبوا) كى لا تصيبوا بالقتل والقتال (قومًا) برآء (بجهالة) حال يعنى جاهلين بحقيقة الأمر وكنه القصة (فتصبحوا) فتصيروا {على ما فعلتم نادمين} الندم ضرب من الغم وهو ان تغتم على ما وقع منك تتمنى انه لم يقع: وهو غم يصحب الانسان صحبة لها دوام {واعلموا أن فيكم رسول الله} فاتقوا الله أن تقولوا باطلًا أو تكذبوه فان الله يخبره ويعرفه أحوالكم فتفتضحوا (لو يطيعكم) أى الرسول (فى كثير من الأمر) لما تخبرونه به فيحكم برأيكم (لعنتُّم) أى لائمتم وهلكتم، والعنت الاثم والهلاك (ولكن الله حبب اليكم الايمان) فجعله أحب الديان اليكم (وزينه) حسنه (فى قلوبكم) حتى اخترتموه وتطيعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم {وكرّه اليكم الكفر والفسوق} قال ابن عباس الكذب (والعصيان) ترك الانقياد لما أمر به الشارع {أولئك هم الراشدون} أى أولئك المستثنون هم الراشدون يعنى أصابوا طريق الحق ولم يميلوا عن الاستقامة، والرشد، والاستقامة على طريق الحق مع تصلب فيه، من الرشادة وهى الصخرة {فضلًا من الله ونعمة}

-[قوله تعالى {وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} الآية وتفسيرها]- (باب وإن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا) الآية (عن أنس) (1) قال قيل للنبى صلى الله عليه وسلم لو أتيت عبد الله بن أبىّ (2) فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وركب حمارًا وانطلق المسلمون يمشون وهى أرض سبخة (3) فلما انطلق اليه النبى صلى الله عليه وسلم قال اليك عنى (4) فوالله لقد آذانى ريح حمارك (5) فقال رجل من الانصار (6) والله لحمار رسول الله صلى الله عليه وسلم أطيب ريحًا منك: قال فغضب لعبد الله رجل من قومه (7) قال فغضب لكل واحد منهما أصحابه، قال وكان بينهم ضرب بالجريد والأيدى والنعال فبلغنا أنها نزلت فيهم (8) {وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا (9) فأصلحوا بينهما} (باب ولا تنابزوا بالألقاب) (عن أبى جبيرة بن الضحاك) (10) قال فينا نزلت في بني سلمة

_ الفضل والنعمة يعني XXX والانعام والانتصاب على المفعول له أى حبب وكره للفضل والنعمة (والله عليم) بأحوال المؤمنين وما بينهم من التمايز والتفاضل (حكيم) حين يفضل وينعم بالتوفيق على الافضال والله أعلم (تخريجه) أورد الهيثمة وقال رواه احمد والطبرانى إلا أنه قال الحارث بن سرار بدل ضرار ورجال احمد ثقات اهـ (قلت) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للامام احمد وابن أبى حاتم والطبرانى وقال الصواب انه الحارث بن ضرار والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا عارم حدثنا معتمر قال سمعت أبى يحدث أن أنسًا (يعنى ابن مالك) قال قيل للنبى صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) ابو معتمر اسمه سلمان بن طرخان (2) هو ابن سلول بفتح المهلمة الخزرجى قبل ان يظهر اسلامه، وكان منزله باعالية: والظاهر والله أعلم ان ذهاب النبى صلى الله عليه وسلم اليه كان لأجل ترغيبه فى الاسلام، وجواب لو محذوف أى لكان خيرًا ونحو ذلك (3) بفتح أوله وكسر ثانيىه أى ذات سباخ تعلوها الملوحة لا تكاد تنبت إلا بعض الشجر (4) أى تنح عنى (5) جاء فى تفسير مقاتل XXX النبى صلى الله عليه وسلم على الانصار وهو راكب حماره يعفور فبال فأمسك ابن أبى بأنفه وقال للنبى صلى الله عليه وسلم خل للناس سبيل الريح من نتن هذا الجمار (6) قيل هو عبد الله ابن رواحة (7) قال الحافظ لا أعرفه (8) استشكل ابن بطال نزول هذه الآية فى هذه القصة من جهة ان المخاصمة وقعت بين من كان معه صلى الله عليه وسلم من الصحابة وبين أصحاب عبد الله بن أبىّ وكانوا حينئذ كفارًا (واجيب) بأن قول أنس بلغنا أنها نزلت فيهم لا يستلزم النزول فى ذلك الوقت، يؤيده أن نزول آية الحجرات متأخر جدًا، وقال مغلطاى فيما نقله عنه فى المصابيح وفى تفسير ابن عباس واعان ابن ابى رجال من قومه وهم مؤمنون فاقتتلوا قال وهذا فيه ما يزيل استشكال ابن بطال والله أعلم (9) (التفسير) {وان طائفتان من المؤمنين اقتتلوا} روى أنها لما نزلت قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم فاصطلحوا وكف بعضهم عن بعض (فاصلحوا بينهما) بالدعاء الى حكم كتاب الله والرضا بما فيه لهما وعليهما {فان بغت إحداهما} تعدت إحداهما على الأخرى وأبت الاجابة الى حكم الله تعالى {فقاتلوا التى تبغى حتى تفئ} ترجع (الى أمر الله) فى كتابه وحكمه (فان فاءت) رجعت الى الحق {فأصلحوا بينهما بالعدل} بحملهما على الانصاف والرضا بحكم الله (وأقسطوا) اعدلوا وهو أمر باستعمال القسط على طريق العموم، بعد ما أمر به فى اصلاح ذات البين {إن الله يحب المقسطين} العادلين (تخريجه) (ق، وغيرهما) (باب) (10) (سنده) حدّثنا اسماعيل ثنا داود بن أبى هند عن الشعبى قال حدثنى أبو جبيرة

-[قوله تعالى (ولا تنابزوا بالألقاب) الآية وقوله (يوم نقول لجهنم هل امتلأت) الآية وتفسيرها]- (ولا تنابزوا بالألقاب) (1) قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وليس منا رجل إلا وله اسمان أو ثلاثة (2) فكان إذا دعي أحد منهم باسم من تلك الأسماء قالوا يا رسول الله إنه يغضب من هذا، قال فنزلت (ولا تنابزوا بالألقاب) (وعنه من طريق ثان) (3) عن عمومة له قدم النبي صلى الله عليه وسلم وليس أحد منا إلا لقب أو لقبان: قال فكان إذا دعا رجلًا بلقبه قلنا يا رسول الله إن هذا يكره هذا، قال فنزلت (ولا تنابزوا بالألقاب) (سورة ق) (باب يوم نقول لجهنم هل امتلأت) الآية (حدثنا يونس) (4) ثنا شيبان عن قتادة فذكر شيئًا من التفسير قال قوله عز وجل (يوم نقول لجهنم هل امتلأت) (5) قال حدثنا أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تزال

_ ابن الضحاك الخ) (1) (التفسير) ولا تنابزوا بالألقاب) أي لا يدعو بعضكم بعضًا بلقب يكرهه والتنابز التفاعل من النبز بالتسكين وهو المصدر، والنبز بالتحريك اللقب مطلقًا أي حسنًا كان أو قبيحًا، خص في العرف بالقبيح والجمع انباز، والألقاب جمع لقب وهو اسم غير الذي سمي به الإنسان، والمراد لقب السوء والتنابز بالألقاب هو أن يدعى الإنسان بغير ما سمي به مع كراهته لذلك، قال عكرمة وهو قول الرجل للرجل يا فاسق يا منافق يا كافر، وقال الحسن كان اليهودي والنصراني يسلم فيقال له بعد إسلامه يا يهودي يا نصراني فنهوا عن ذلك، قال عطاء هو أن تقول لأخيك يا حمار يا خنزير وروي عن ابن عباس قال التنابز بالألقاب أن يكون الرجل عمل السيئات ثم تاب عنها فنهي أن يعيَّر بما سلف من عمله وبقية الآية (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان) أي بئس الاسم أن يقول له يا يهودي أو يا فاسق بعد ما آمن وتاب، وقيل معناه أن من فعل ما نهي عنه من السخرية واللمز والنبز فهو فاسق وبئس الاسم الفسوق بعد الإيمان فلا تفعلوا ذلك فتسحقوا اسم الفسوق (ومن لم يتب) من ذلك (فأولئك هم الظالمون (2) كان يلقب بعضهم بعضًا في الجاهلية بألقاب متعددة بعضها حسن وبعضها قبيح وكان بعضهم يكره بعض تلك الألقاب وأن يدعى بها فأخبرهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك فنزلت (3) (سنده) حدثنا حفص بن غياث ثنا داود بن أبي هند عن الشعبي عن أبي جبيرة الضحاك الأنصاري عن عمومة له الخ (تخريجه) (د مذ جه ك) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (قلت) وصححه أيضًا الحاكم وأقره الدهبي (باب) (4) حدثنا يونس الخ) (غريبه) (5) روي عن ابن عباس أن الله تعالى سبقت كلمته (لأملأن جهنم من الجنة والناس أجمعين) فلما سيق أعداء الله إليها لا يلقى فيها فوج إلا ذهب فيها ولا يملؤها شيء، فتقول ألست أقسمت لتملأني؟ فيضع قدمه عليها تعالىلا عما يقول الظالمون، ثم يقول هل امتلأت؟ فتقول قط قط قد امتلأت فليس فيَّ مزيد (ويستفاد منه) ومن حديث الباب أنها لا تكف عن طلب الزيادة إلا بعد أن يضع الله عز وجل قدمه فيها (التفسير) (يوم نقول لجهنم) قرأ نافع وأبو بكر بالياء التحتية وقرأ الآخرون بالنون (هل امتلأت) وذلك لما سبق لها من وعده إياها أنه يملؤها من الجنة والناس وهذا السؤال من الله عز وجل لتصديق خبره وتحقيق وعده (وتقول) جهنم (هل من مزيد) قال ابن عباس في رواية أبي صالح هذا استفهام بمعنى الاستزادة، وقال الوليد بن مسلم عن يزيد بن أبي مريم أنه سمع مجاهدًا يقول لا يزال يقذف فيها حتى يقول قد امتلأت فتقول هل من مزيد، وعن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم نحو هذا، فعند هؤلاء أن قوله تعالى هل امتلأت إنما هو بعدما يضع عليها قدمه

-[قوله تعالى (وهو بالأفق الأعلى) الآيات وتفسيرها]- جهنم تقول (هل من مزيد) هل يضع فيها رب العزة قدمه (1) فتقول قطٍ قطٍ (2) وعزتك ويُزوى (3) بعضها إلى بعض (سورة النجم) (باب وهو بالأفق الأعلى - إلى قوله - لقد رأى من آيات ربه الكبرى) (عن ابن مسعود) (4) أنه قال إن محمدًا لم يرد جبريل في صورته (5) إلا مرتين، أما مرة فإنه سأله أن يريه نفسه في صورته فأراه صورته (6) فسد الأفق، وأما الأخرى فإنه صعد معه حين صعد به (7) وقوله (وهو الأفق الأعلى (8) ثم دنا فتدلى فكان قاب

_ فتنزوي وتقول حينئذ هل بقي فيّ مزيد يسع شيئًا، قال العوفي عن ابن عباس وذلك حين لا يبقى فيها موضع يسع إبرة، هذا والقول من جهنم غير مستنكر كإنطاق الجوارح، والسؤال لتوبيخ الكفرة لعلمه تعالى بأنها امتلأت أم لا (1) هذا الحديث من مشاهير أحاديث الصفات وقد سبق مرات الكلام على مثله، وللعلماء في ذلك كلام، وأقول كما قال جمهور السلف وطائفة من المتكلمين أنه لا يتكلم في تأويلها بل نؤمن أنها حق على من أراد الله ولها معنىً يليق به من غير تشبيه ولا تمثيل، وظاهرها غير مراد والله أعلم (2) معنى قط حبي أن يكفيني هذا، وفيه ثلاث لغات قط قط بإسكان الطاء فيهما وبكسرها منونة وغير منونة (3) بضم التحتية وسكون الزاي أي يضم بعضها إلى بعض فتجتمع وتلتقي على من فيها نعوذ بالله منها (تخريجه) (ق، وغيرهما) (باب) (4) (سنده) حدثنا أبو النضر حدثنا محمد بن طلحة عن الوليد بن قيس عن إسحاق بن أبي الكهتلة قال محمد أظنه عن ابن مسعود أنه قال أن محمدًا الخ (غريبه) (5) أي التي خلقه الله عليها (6) كانت هذه الرؤية في أوائل البعثة بعد ما جاءه جبريل عليه السلام أول مرة فأوحى الله إليه صدر سورة أقرأ ثم تر الوحي فترة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم فيها مرارًا ليتردى من رءوس الجبال فكلما هم بذلك ناداه جبريل من الهواء يا محمد أنت رسول الله حقًا وأنا جبريل، فيسكن لذلك جأشه وتقر عينه، وكلما طال عليه الأمر جاء لمثلها حتى تبدَّى له جبريل عليه السالم بالأبطح في صورته التي خلقه الله عليها له ستمائة جناح قد سد عظم خلقه الأفق فاقترب منه وأوحى إليه عن الله عز وجل ما أمره به فعرف عند ذلك عظمة الملك الذي جاءه بالرسالة وجلالة قدره وعلو مكانته عند خالقه الذي بعثه الله (7) يعني عند سدرة المنتهى ليلة الإسراء كما سيأتي في الحديث التالي عن ابن مسعود أيضًا: وفيه رأيت جبريل عن سدرة المنتهى وله ستمائة جناح (8) (التفسير) قال البغوي في تفسيره المراد بالأفق الأعلى جانب المشرق، وذلك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم كان بحراء فطلع له جبريل من المشرق فسد الأفق إلى المغرب فخر رسول الله صلى الله عليه وسلم مغشيًا عليه فنزل جبريل في صورة الآدميين وضمه إلى نفسه وجعل يمسح الغبار عن وجهه وهو قوله (ثم دنا فتدلى) اهـ وقال النسقي (ثم دنا) جبريل من رسول الله صلى الله عليه وسلم (فتدلى) فزاد في القرب والتدلي هو النزول بقرب الشيء (فكان قاب قوسين) مقدار قوسين عربيتين، وقد جاء التقدير الحديث لقاب قوس أحدكم من الجنة وموضع قِدَّه خير من الدنيا وما فيها، والقِد السوط وتقديره فكان مسافة قربه مثل قاب قوسين فحذفت المضافات (أو أدنى) أي على تقديركم كقوله أو يزيدون، ولأنهم خوطبوا على لغتهم ومقدار فهمهم، وهم يقولون هذا قدر رمحين أو أنقص وقيل بل أدنى (فأوحى) جبريل عليه السلام (إلى عبده) إلى عبد الله محمد صلى الله عليه وسلم قال ابن عباس في رواية عطاء والكلبي والحسن

-[صفة جبريل ورؤية النبي صلى الله عليه وسلم إياه مرتين على صورته الأصلية]- قوسين أو أدنى فأوحى إلى عبده ما أوحى) قال فلما أحس جبريل ربه (1) عاد في صورته وسجد

_ والربيع وابن زيد معناه أوحى جبريل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما أوحى) إليه ربه عز وجل، قال سعيد بن جبير أوحى إليه (الم يجدك يتيمًا فآوى) إلى قوله (ورفعنا لك ذكرك) وقيل أوحى إليه أن الجنة محرمة على الأنبياء حتى تدخلها أنت، وعلى الأمم حتى تدخلها أمتك (1) أي وجد عظمة ربه عز وجل (ما كذب الفؤاد ما رأى) قرأ أبو جعفر ما كذب بتشديد الذال أي ما كذب قلب م حمد ما رأى بعينه تلك الليلة بل صدقه وحققه، وقرأ الآخرون بالتخفيف أي ما كذب فؤاد محمد صلى الله عليه وسلم الذي رأى بل صدقه يقال كذبه إذا قال له الكذب، وصدقه إذا قال له الصدق ومجازه ما كذب الفؤاد فيما رأى، واختلفوا في الذي رآه فقال قوم رأى جبريل وهو قول ابن مسعود وعائشة، أما قول ابن مسعود فيستفاد من هذا الحديث وحديث آخر قال الإمام أحمد حدثنا حسن بن موسى حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود في هذه الآية (ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت جبريل وله ستمائة ألف جناح ينتثر من ريشه التهاويل (وهي الأشياء المختلفة الألوان) من الدر والياقوت، قال الحافظ بن كثير وهذا إسناد جيد قوي اهـ وسيأتي له أحاديث أخرى، 0 وأما قول عائشة) فقد جاء في غير حديث أيضًا (منها) ما رواه الشيخان والإمام أحمد عن مسروق عن عائشة قالت قلت أليس الله يقول (ولقد رآه بالأفق المبين الحديث سيأتي في هذا الباب، وروى مسلم والبغوي والإمام أحمد عن ابن عباس في قوله تعالى (ما كذب الفؤاد ما رأى) (ولقد رآه نزلة أخرى) قال رآه (يعني النبي صلى الله عليه وسلم رأى ربه عز وجل (بفؤاده مرتين) وروى عكرمة عن ابن عباس قال إن الله اصطفى إبراهيم بالخلة واصطفى موسى بالكلام واصطفى محمدًا بالرؤية فكانت عائشة رضي الله عنها تقول لم ير رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه: وتحمل الآية على رؤيته جبريل عليه السلام (قال الحافظ) والحاصل أن ابن مسعود كان يذهب في ذلك إلى أن الذي رآه النبي صلى الله عليه وسلم هو جبريل كما ذهبت إلى ذلك عائشة: والتقدير على رأيه فأوحى أي جبريل إلى عبده أي عبد الله محمد لأنه يرى أن الذي دنا فتدلى هو جبريل وأنه هو الذي أوحى إلى محمد صلى الله عليه وسلم وكلام أكثر المفسرين من السلف يدل على أن الذي أوحى هو الله أوحى إلى عبده محمد: ومنهم من قال إلى جبريل (قال الحافظ ابن القيم) في زاد المعاد، أما قوله تعالى في سورة النجم ثم دنى فتدلى فهو غير الدنو والتدلي في قصة الإسراء فأن الذي في سورة النجم هو دنو جبريل وتدليه كما قالت عائشة وابن مسعود والسياق يدل عليه فإنه قال، علمه شديد القوى وهو جبريل، ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنا فتدلى فالضمائر كلها راجعة إلى هذا المعلم الشديد القوى وهو ذو المرة أي القوة، وهو الذي استوى بالأفق الأعلى، وهو الذي دنا فتدلى فكان من محمد صلى الله عليه وسلم قدر قوسين أو أدنى، فأما الدنو والتدلي الذي في حديث الإسراء فذلك صريح في أنه دنو الرب تبارك وتعالى وتدليه ولا تعرض في سورة النجم لذلك، بل فيها أنه رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، وهذا هو جبريل رآه محمد صلى الله عليه وسلم على صورته مرتين مرة في الأرض ومرة عند سدرة المنتهى اهـ (قلت) مبحث رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل وكلام العلماء في ذلك سيأتي مستوفى في شرح حديث الإسراء من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (أفتمارونه على ما يرى) قرأ حمزة والكسائي ويعقوب أفتمرونه بفتح التاء بلا ألف أي أتجحدونه، تقول العرب مريت الرجل

-[قوله تعالى (ولقد رآه عند سدرة المنتهى - إلى قوله - لقد رأى من آيات ربه الكبرى)]- فقوله (ولقد رآه نزلة أخرى (1) عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى) قال خلق جبريل عليه السلام (عن عاصم بن بهدلة) (2) قال سمعت شقيق بن سلمة يقول سمعت ابن مسعود يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت جبريل على سدرة المنتهى (3) وله ستمائة جناح قال سألت عاصمًا عن الأجنحة فأبى أن يخبرني، قال فأخبرني بعض أصحابه أن الجناح ما بين المشرق والمغرب (عن عبد الرحمن بن يزيد) (4) عن عبد الله في قوله (ما كذب الفؤاد ما رأى) قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل

_ حقه إذا جحدته، وقرأ الآخرون أفتمارونه بالألف وضم التاء على معنى أفتجادلونه على ما يرى من المراء وهو المجادلة (1) (ولقد رآه نزلة أخرى) مرة أخرى من النزول نصبت النزلة نصب الظرف الذي هو مرة لأن الفعلة اسم للمرة من الفعل فكانت في حكمها أي نزل عليه جبريل عليه السلام نزلة أخرى في صورة نفسه فرآه عليها وذلك ليلة المعراج (عند سدرة المنتهى) الجمهور على أنها شجرة نبق بكسر الباء ويقال نبق بفتح النون وسكون الباء والأول أنصح، أصلها في السماء السادسة وأعلاها في السماء السابعة عن يمين العرش والمنتهى بمعنى موضع الانتهاء أو الانتهاء، كأنها في منتهى الجنة وآخرها، وفي بعض الروايات لم يجاوزها أحد وغليها ينتهي علم الملائكة وغيرهم ولا يعلم أحد ما وراءها، وقيل ينتهي إليها أرواح الشهداء، روى البغوي بسنده عن أسماء بنت أبي بكر قالت سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يذكر سدرة المنتهى قال يسير الراكب في ظل الغصن مائة عام، ويستظل في الغصن منها مائة ألف راكب: فيها فراش من ذهب كأن ثمرها القلال، وقال مقاتل هي شجرة تحمل الحلي والحلل والثمار من جميع الألوان، لو أن ورقة منها وضعت في الأرض لأضاءت لأهل الأرض، وهي طوبى التي ذكرها الله في سورة الرعد (عندها جنة المأوى) أي الجنة التي يصير إليها المتقون، وقال عطاء عن ابن عباس جنة المأوى جنة يأوي إليها جبريل والملائكة، وقال مقاتل والكلبي يأوي إليها أرواح الشهداء (إذ يغشى السدرة ما يغشى) قال ابن مسعود: فراش من ذهب (والفراش بفتح الفاء دويبة ذات جناحين تتهافت في ضوء السراج واحدتها فراشة: والمعنى رآه إذ يغشى السدرة ما يغشى وهو تعظيم وتكبير لما يغشاها فقد علم بهذه العبارة أن ما يغشاها من الخلائق الدالة على عظمة الله تعالى وجلاله أشياء لا يحيظ بها الوصف، وقيل يغشاها الجم الغفير من الملائكة يعبدون الله تعالى عندها (ما زاغ البصر وما طغى) قال ابن عباس أي ما عدل يمينًا ولا شمالًا ولا تجاوز الحد الذي رأى، وقيل ما جاوز ما أمر به، وقيل لم يمد بصره إلى غير ما رأى من الآيات، وهذا وصف أدب للنبي صلى الله عليه وسلم في ذلك المقام: إذ لم يلتفت يمينًا ولا شمالًا (لقد رأى من آيات ربه الكبرى) الآيات التي هي كبراها وعظماها يعني حين رقى به إلى السماء فأرى عجائب الملكوت، وفسره ابن مسعود في الحديث فقال: خلق جبريل يعني صورته الأصلية (تخريجه) غريب اهـ (قلت) الحديث سنده صحيح لولا الشك في وصله عن ابن مسعود وله شواهد كثيرة وطرق متعددة تعضده (2) (سنده) حدثنا زيد بن حباب حدثني حسين حدثني عاصم بن بهدلة الخ (غريبه) (3) هذه الرؤية في المرة الثانية ليلة الإسراء (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره بسنده ومتنه وعزاه للإمام أحمد وقال هذا إسناد جيد (4) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا إسرائيل عن

-[قوله تعالى (ولقد رآه بالأفق المبين) وقوله (اقترب الساعة وانشق القمر)]- في حلة من رفرف (1) قد ملأ ما بين السماء والأرض (عن مسروق) (2) قال كنت عند عائشة رضي الله عنها قال قلت أليس الله يقول (ولقد رآه بالأفق المبين - ولقد رآه نزلة أخرى) قالت أنا أول هذه الأمة سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهما فقال إنما ذاك جبريل لم يره في صورته التي خلق عليها إلا مرتين (3) رآه منهطبًا من السماء إلى الأرض سادَّا عظم خلقه ما بين السماء والأرض (عن ابن عباس) (4) في قوله تعالى (ما كذب الفؤاد ما رأى) قال رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل بقلبه مرتين (سورة القمر) (باب قوله تعالى اقتربت الساعة وانشق القمر) (عن أبي معمر عن عبد الله) (5) أنه قال في هذه الآية (اقتربت الساعة وانشق القمر) قال قد انشق (6) على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فرقتين أو فِلقين شعبة (7) الذي يشك فكان فلقة من وراء الجبل وفلقة على الجبل (8) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اشهد (9) (عن أنس) (10) سأل أهل

_ أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (غريبه) (1) هذه هي الرؤية الأولى في أوائل البعثة بعد ما جاءه جبريل عليه السلام أول مرة وتقدم الكلام على ذلك في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (وقوله من رفرف) أي ديباج رقيق حسنت صنعته جمعه رفارف (تخريجه) (مذك) وقال الترمذي حديث حسن صحيح: وصححه أيضًا الحاكم وأقره الذهبي، ورواه أيضًا عبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر والطبراني (2) (سنده) حدثنا محمد بن أبي عدي عن دارد عن الشعبي عن مسروق الخ (غريبه) (3) تقدمت الإشارة إلى هذا الحديث والكلام عليه في شرح الحديث الأول (تخريجه) (ق مذ نس) (4) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن زيد بن الحصين عن أبي العالية عن ابن عباس الخ (تخريجه) الحديث سنده صحيح وأورده الحافظ ابن كثير فير تفسيره، وعزاه لمسلم من طريق وكيع عن الأعمش، ثم قال وكذا رواه سماك عن عكرمة عن ابن عباس مثله، وكذا قال أبو صالح والسدي وغيرهما أنه رآه بفؤاده مرتين أو مرة وقد خالفه ابن مسعود وغيره، وفي رواية عنه أنه أطلق الرؤية وهي محمولة على المقيدة بالفؤاد، ومن روى عنه بالبصر فقد أغرب فإنه لا يصح في ذلك شيء عن الصحابة رضي الله عنهم، وقول البغوي في فسيره وذهب جماعة إلى أنه رآه بعينه وهو قول أنس والحسن وعكرمة فيه نظر والله أعلم اهـ (قلت) وفي الباب عند الإمام أحمد أحاديث غير ما ذكرنا ستأتي في أبواب الإسراء من كتاب السيرة النبوية وسنأتي في شرحها على تحقيق رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه عز وجل وكلام العلماء في ذلك والله الموفق (باب) (5) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سليمان عن إبراهيم عن أبي معمر عن عبد الله الخ (قلت) أبو معمر هو (غريبه) (6) يعني القمر (7) شعبة هو ابن الحجاج أحد رجال السند يشك هل قال فرقتين أو فلقتين ومعناهما واحد أي قطعتين لما سأله كفار قريش أن يريهم آية (8) أي جبل حراء (9) جاء في رواية أخرى من حديث ابن مسعود أيضًا عند الإمام أحمد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اشهدوا) أي اشهدوا على نبوتي ومعجزتي من الشهادة، وقيل معناه أحضروا وانظروا من الشهود (تخريجه) (ق مذ وغيرهم (10) (سنده) حدثنا

-[معجزة انشقاق القمر للنبي صلى الله عليه وسلم وتكذيب الكفار وكلام العلماء في ذلك]- مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية (1) فانشق القمر بمكة مرتين (2) فقال (اقتربت الساعة (3) وانشق القمر

_ عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن قتادة عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (غريبه) (1) أي معجزة تشهد لما ادعاه من نبوته (2) تكلم الحافظ ابن القيم على هذه الرواية فقال المرات يراد بها الأفعال تارة ويراد بها الأعيان أخرى، والأول أكثر، ومن الثاني انشق القمر مرتين، وقد خفي هذا على بعض الناس فادعى أن انشقاق القمر وقع مرتين، وهذا مما يعلم اهل الحديث والسير أنه غلط فإنه لم يقع إلا مرة واحدة، وقد وقع للعماد بن كثير في الرواية التي فيها مرتين نظر، ولعل قائلها أراد فرقتين (قلت) وهذا الذي لا يتجه غيره جمعًا بين الروايات (3) (التفسير) (اقتربت الساعة) أي قربت مثل أزفت الآزفة فهي بالإضافة إلى ما مضى قريبه لأنه قد مضى أكثر الدنيا كما روي قتادة عن أنس قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد كادت الشمس تغيب فقال ما بقي من دنياكم فيما مضى إلا مثل ما بقي من هذا اليوم فيما مضى: وما نرى من الشمس إلا يسيرًا رواه البزار بسند لا بأس به ويعضده ما جاء عند الإمام أحمد بسند جيد عن ابن عمر قال كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم والشمس على قعيقعان بعد العصر فقال ما أعماركم في أعمار من مضى إلا كما بقي من النهار فيما مضى (وما أخرجه الشيخان والإمام أحمد) عن سهل بن سعد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بشت أنا والساعة كهاتين وأشار بأصبعيه السبابة والوسطى: ومعناه أنه لم يبق من عمر الدنيا إلا كما بقي من الوسطى بالنسبة للسبابة (وانشق القمر) روى أبو نعيم عن ابن عباس قال لما اجتمع المشركون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم الوليد بن المغيرة وأبو جهل بن هشام والعاص بن وائل والأسود بن المطلب والنضر بن الحارث ونظراؤهم فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم إن كنت صادقًا فشق لنا القمر فرقتين: فسأل ربه فانشق (وإن يروا آية) أي دليلًا وحجة وبرهانًا (يعرضوا) أي لا ينقادوا له بل يعرضون عنه ويتركونه وراء ظهورهم (ويقولوا سحر مستمر) أي ويقولون هذا الذي شاهدناه من الحجج سحر سحرنا به، ومعنى مستمر أي ذاهب قاله مجاهد وقتادة وغيرهما أي باطل مضمحل لا دوام له (عن عبد الله بن مسعود) قال انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كفار قريس هذا سحر ابن أبي كبشة قال فقالوا انظروا ما يأتيكم به السُّفار فإن محمدًا لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم (دطل هق) زاد البيهقي قال وسئل السفار قال وقدموا من كل وجهة فقالوا رأينا (قال ابن عبد البر) قد روى هذا الحديث يعني حديث انشقاق القمر عن جماعة كثيرة من الصحابة، وروى ذلك عنهم أمثالهم من التابعين ثم نقله عنهم الجم الغفير إلى أن انتهى إلينا وتأييد بالآية الكريمة (تخريجه) (م وغيره) قال الخطابي انشقاق القمر آية عظيمة لا يكاد يعدلها شيء من آيات الأنبياء وذلك أنه ظهر في ملكوت السموات، خارجًا عن جملة طباع ما في هذا العالم المركب من الطبائع فليس مما يطمع في الوصول إليه بحيلة، فلذلك صار البرهان به أظهر: وقد أنكر ذلك بعضهم فقال لو وقع ذلك لم يجز أن يخفى أثره على عوام الناس لأنه أمر صدر عن حس ومشاهدة فالناس فيه شركاء، والجواب عن ذلك أن هذه القصة خرجت عن بقية الأمور التي ذكروها لأنه شيء طلبه خاص من الناس فوقع ليلًا لأن القمر لا سلطان له بالنهار، ومن شأن الليل أن يكون أكثر الناس فيه نيامًا مستكنين بالأبنية فلهذا لم يشعر به أكثر الناس وإنما رآه من تصدى لرؤية ممن اقترح وقوعه، اهـ باختصار، وقال الحافظ ذهب بعض أهل العلم من القدماء أن المراد بقوله وانشق القمر أي سينشق كما قال تعالى أتى أمر الله أي سيأتي والنكتة في ذلك إرادة المبالغة في تحقق

-[قوله تعالى (يوم يسحبون في النار على وجوههم) الخ]- وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) (عن أبي إسحاق) (1) قال رأيت رجلًا سأل الأسود بن يزيد وهو يُعَلم القرآن في المسجد فقال كيف تقرأ هذا الحرب (فهل من مذّكِر) أذال أم دال (2) فقال لا بل دال، ثم قال سمعت عبد الله بن مسعود رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها مدكر دالا (عن أبي هريرة) (3) قال جاء مشركوا قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم يخاصمونه (4) في القدر فنزلت (يوم يسحبون في النار على وجوههم ذوقوا مس سقر إنا كل شيء خلقناه بقدر) (5)

_ وقوع ذلك فنزل منزلة الواقع، قال والذي ذهب إليه الجمهور أصح كما جزم به ابن مسعود وحذيفة وغيرهما ويؤيده قوله تعالى بعد ذلك (وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر) فإن ذلك ظاهر في أن المراد بقوله وانشق القمر وقوع انشقاقه لأن الكفار لا يقولون ذلك يوم القيامة، وإذا تبين أن قولهم ذلك إنما هو في الدنيا تبين وقوع الانشقاق وأنه المراد بالآية التي زعموا أنها سحر اهـ وفي الباب أحاديث كثيرة للإمام أحمد ستأتي في باب (ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم انشقاق القمر) من أبواب المعجزات في كتاب السيرة النبوية (فائدة) وقع انشقاق القمر بمكة قبل الهجرة بنحو خمس سنين أفاده الحافظ (1) (سنده) حدثنا أبو كامل حدثنا زهير حدثنا أبو إسحاق قال رأيت رجلًا الخ (غريبه) (2) معناه تقرؤها بالدال المهملة المشددة أم بالذال المعجمة المشددة أيضًا فأجابه بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها بالدال المهملة أم بالذال المعجمة المشددة أيضًا فأجابه بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقرؤها بالدال المهملة ومعناه متعظ خائف يتعظ ويعتبر، وأصله مذتكر بالذال والتاء من الذكر فثقلت على الألسنة فقلبت التاء دالًا لتوافق الذال في الجهر وأدغمت الدال فيها، وأول الآية (ولقد تركناها آية فهل من مدكر) وتفسيرها (ولقد تركناها) يعني الفعلة التي فعلنا بقوم نوح من الغرق (آية) يعتبر بها، وقيل أراد السفينة: قال قتادة أبقاها الله بباقِردى من أرض الجزيرة عبرة وآية حتى نظرت إليها أوائل هذه الأمة واستظهر الحافظ ابن كثير أن المراد من ذلك جنس النفس كقوله تعالى (وآية لهم أنا حملنا ذريتهم في الفلك المشحون وخلقنا لهم من مثله ما يركبون) وقال تعالى (إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية لنجعلها لكم تذكرة وتعيها أذن واعية) ولهذا قال ها هنا (فهل من مدكر) أي فهل من يتذكر ويتعظ والله أعلم (تخريجه) (ق والثلاثة) (3) (سنده) حدثنا وكيع قال حدثنا سفيان عن زياد بن إسماعيل عن محمد بن عباد بن جعفر عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) أي يجادلونه في القدر (قال النووي) المراد بالقدر هنا القدر المعروف، وهو ما قدر الله وقضاءه وسبق به علمه وإرادته، وأشار الباجي إلى خلاف هذا وليس كما قال، وفي هذه الآية الكريمة والحديث تصريح بإثبات القدر وأنه عام في كل شيء فكل ذلك مقدر في الأزل معلوم لله مراد له (5) (التفسير) هذه الآية مرتبطة بالآية التي قبلها وهي قوله تعالى (إن المجرمين في ضلال) يخبر تعالى عن المجرمين أنهم في ضلال عن الحق (وسعر) بضم السين والعين المهملتين أي احتراق وقيل جنون مما هم فيه من الشكوك والاضطراب في الآراء: وهذا يشمل كل من اتصف بذلك من كافر ومبتدع ومكذب بالقدر من سائر الفرق، ثم قال تعالى (يوم يسحبون في النار على وجوههم) أي كما كانوا في سُعر وشك وتردد أورثهم ذلك النار، وكما كانوا ضلالًا يسحبون فيها على وجوههم لا يدرون أين يذهبون ويقال لهم تقريعًا وتوبيخًا (ذوقوا مس سقر) مسها ما يجدون من الألم عند الوقوع فيها (وسقر) اسم من أسماء جهنم لا ينصرف لأنه اسم مؤنث معرفة، وكذا لظى وجهنم،

-[قوله تعالى (فبأي ألاء ربكما تكذبان) وقوله (فيومئذ لا يسئل عن ذنبه أنس ولا جان)]- (سورة الرحمن جل جلاله) (باب فبأي آلاء ربكما تكذبان) (عن أسماء بنت أبي بكر) (1) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلي نحو الركن قبل أن يصدع (2) بما يؤمر والمشركون يستمعون (فبأي آلاء ربكما تكذبان) (3) (باب فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان) الخ (عن عائشة) (4) رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحاسب يوم القيامة أحد فيغفر له (5) يرى المسلم عمله في قبره (6) ويقول الله عز وجل (فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان (7) يعرف المجرمون بسيماهم)

_ وقال عطاء سقر الطبق السادس من جهنم، وقال قُطْرُب (سقر) من سقرته الشمس وصقرته لوّحته ويوم مسمقر ومصمقر شديد الحر (أنا كل شيء خلقناه بقدر) كل منصوب بفعل مضمر يفسره الظاهر وقرأ به العامة وقرئ بالرفع شاذًا والنصب أولى وتقديره أنا خلقنا كل شيء بقدر فيكون الخلق عامًا لكل شيء وهو المراد بالآية، والقدر التقدير أي بتقدير سابق أو خلقنا كل شيء مقدرًا محكمًا مرتبًا على حسب ما اقتضته الحكمة أو مقدرًا مكتوبًا في اللوح معلومًا قبل خلقه قد علمنا حاله وزمانه، وقد استدل بهذه الآية الكريمة أئمة السنة على إثبات قدر الله السباق لخلقه، وردوا بهذه الآية وما شاكلها من الآيات وما ورد في معناها من الأحاديث الثابتات على الفرقة القدرية الذين نبغوا في أواخر عصر الصحابة، وقد ورد في ذم المكذبين بالقدر ولعنهم أحاديث كثيرة تقدمت في باب هجر المكذبين بالقدر في كتاب القدر في الجزء الأول صحيفة 140 فارجع إليه والله الموفق (تخريجه) (م مذجه) (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى بن إسحاق قال أنا ابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبي بكر الخ (غريبه) (2) قال في المصباح صدعته صدعًا من باب نفع شفقته فانصدع وصدعت القوم صدعًا فتصدعوا فوسقتهم فتفرقوا وقوله تعالى (فاصدع بما تؤمر) قيل مأخوذ من هذا أي شق جماعاتهم بالتوحيد وقيل أفرق بذلك بين الحق والباطل، وقيل أظهر ذلك وصدعت بالحق تكلمت به جهارًا اهـ والمعنى قبل أن يؤمر بالجهر بالقراءة وإظهار الدعوة (3) (التفسير) (فبأي آلاء) أي نعم (ربكما) أيها الإنس والجن (تكذبان) ذكرت احدى وثلاثين مرة، والاستفهام فيها للتقرير لما روى الحاكم عن جابر قال قرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة الرحمن حتى ختمها ثم قال ما لي أراكم سكوتا؟ للجن كانوا أحسن منكم ردًا، ما قرأت عليهم هذه الآية في مرة (فبأي آلاء ربكما تكذبان) إلا قالوا ولا بشيء من نعمتك ربنا نكذب فلك الحمد (قلت) ورواه أيضًا البزار وصححه الحاكم وأقره الذهبي (تخريجه حديث الباب) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح (باب) (4) "سنده" (حدثنا) حسن حدثنا ابن لهيعة قال ثنا أبو الأسود عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (5) معناه من حوسب يوم القيامة ولفظه عن البخاري وليس أحد يحاسب إلا هلك، والمعنى واحد، والأحاديث يفسر بعضها بعضًا، وسيأتي الكلام عليه في تفسير السورة المذكورة (6) المعنى أن المؤمن يحاسب في القبر ليكون اهون عليه في الموقف فيمحص في الرزخ فيخرج وقد اقتص منه (7) (التفسير) هذه الجملة مرتبطة بما قبلها وهو قوله فإذا انشقت السماء

-[قوله تعالى (ولمن خاف مقام ربه جنتان) وقوله (ثلة من الأولين وقليل من الآخرين)]- (باب ولمن خاف مقام ربه جنتان) (وعن أبي الدرداء) (1) أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقص على المنبر (ولمن خاف مقام ربه جنتان) (2) فقلت وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الثانية (3) (ولمن خاف مقام ربه جنتان) فقلت الثانية (4) وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم الثالثة (ولمن خاف مقام ربه جنتان) فقلت الثالثة وإن زنى وإن سرق يا رسول الله؟ قال نعم وإن رغم أنف أبي الدرداء (5) (سورة الواقعة) (باب ثلة من الأولين وقليل من الآخرين) (عن أبي هريرة) (6) رضي الله عنه قال لما نزلت (ثلة من الأولين (7) وقليل من الآخرين) شق ذلك على المسلمين فنزلت (ثلة من الأولين وثلة من

_ فكانت وردة كالدِّهان ومعنى (انشقت) أي انفك بعضها من بعض لقيام الساعة أي انفرجت (فكانت وردة) فصارت كلون الورد الأحمر، وقيل أصل لون السماء الحمرة ولكن من بُعدها تُرى زرقاء (كالدهان) كدهن الزيت كما قال في المهل وهو دردى الزيت وهو جمع دهن وقيل الدهان الأديم الأحمر (فيومئذ) أي فيوم تنشق السماء (لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان) قال الحسن وقتادة لا يسئلون عن ذنوبهم لتعلم من جهتهم لأن الله عز وجل علمهما منهم وكتبت الملائكة عليهم، وهي رواية العوفي عن ابن عباس، وعنه أيضًا لا تسأل الملائكة المجرمين لأنهم يعرفونهم بسيماهم دليله ما بعده، وهذا قول مجاهد، وعن ابن عباس في الجمع بين هذه الآية وبين قوله تعالى (فوربك لنسألنهم أجمعين) قال لا يسألهم هل عملتم كذا وكذا لأنه أعلم بذلك منهم: ولكن يسألهم لم عملتم كذا وكذا؟ وعن عكرمة أنه قال إنها مواطن يسأل في بعضها ولا يسأل في بعضها: وعن ابن عباس أيضًا لا يسئلون سؤال شفقة ورحمة إنما يسئلون سؤال تقريع وتوبيخ (يعرف المجرمون بسيماهم) وهو سواد الوجوه وزرقة العيون كما قال جل ذكره (يوم تبيض وجوه وتسود وجوه) (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده جيد وإن كان فيه ابن لهيعة لكنه صرح بالسماع وله شواهد صحيحة تعضده (باب) (1) (سنده) (حدثنا) سليمان أنا إسماعيل بن جعفر أنا محمد بن حرملة عن عطاء ابن يسار عن أبي الدرداء الخ (التفسير) (ولمن خاف مقام ربه) أي موقفه الذي يقف فيه العباد للحساب يوم القيامة بين يدي الله عز وجل ونهى النفس عن الهوى ولم يطغ ولا آثر الحياة الدنيا وعلم أن الآخرة خير وأبقى فأدى فرائض الله واجتنب محارمه، وقيل خاف قيام ربه عليه أي إشرافه واطلاعه عليه بيانه قوله تعالى (أفمن هو قائم على كل نفس بما كسبت) من كان هذا حاله فله عند ربه (جنتان) جنة لخوفه من ربه وجنة لتركه شهوته (قال الحافظ بن كثير) في تفسيره وهذه الآية عامة في الإنس والجن فهي من أدل دليل على أن الجن يدخلون الجنة إذا آمنوا واتقوا ولهذا امتن الله على الثقلين بهذا الجزاء فقال: ولمن خاف مقام ربه جنتان: ثم نعت هاتين الجنتين فقال (ذواتا أفنان) أي أغصان نضرة حسنة تحمل من كل ثمرة نضيجة فائقة (3) يعني كرر الآية مرة ثانية غير المرة الأولى (4) يعني وإن زنى وإن سرق (5) أي إن تاب من ذنبه وأحسن التوبة لأنه لا يخاف مقام ربه إلا من تاب من ذنبه وندم على فعله والله أعلم (تخريجه) (نس) وابن جرير والبغوي ورجاله ثقات (باب) (6) حدثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن محمد بياع الملاء عن أبيه عن أبي هريرة الخ (7) هذه الآية مرتبطة بالآية التي قبلها وهي قوله تعالى (والسابقون السابقون أولئك المقربون في

-[تفسير قوله تعالى (والسابقون السابقون) إلى قوله (وقليل من الآخرين)]- الآخرين) فقال أنتم ثلث أهل الجنة بل أنتم نصف أهل الجنة وتقاسمونهم النصف الباقي (باب وظل ممدود) (حدثنا عبد الرزاق) (1) ثنا معمر عن قتادة في قوله تعالى (وظل ممدود) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أن في الجنة شجرة (2) يسير الراكب في ظلها (3) مائة عام لا يقطعها (4) قال معمر أخبرني محمد بن زياد أنه سمع أبا هريرة يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم

_ جنات النعيم، ثلة من الأولين وقليل من الآخرين) (التفسير) (والسابقون) مبتدأ (السابقون) خبره تقديره السابقون إلى الإيمان السابقون إلى الجنان، وقيل الثاني تأكيد للأول، والخبر (أولئك المقربون) والأول أوجه (في جنات النعيم) أي هم في جنات النعيم (ثلة من الأولين) أي هم ثلة: والثلة الأمة من الناس الكثيرة والمعنى أن السابقين كثير من الأولين وهم الأمم من لدن آدم إلى نبينا محمد عليهما الصلاة والسلام (وقليل من الآخرين) وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم وهذا مروي عن مجاهد والحسن البصري رواله عنهما ابن أبي حاتم وهو اختيار ابن جرير (قال القرطبي في تفسيره) وسموا قليلًا بالإضافة إلى من كان قبلهم لأن الأنبياء المتقدمين كثروا فكثر السابقون إلى الإيمان منهم فزادوا على عدد من سبق إلى التصديق من أمتنا، وقيل لما نزل هذا شق على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلت: ثلة من الأولين وثلة من الآخرين: فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني لأرجو أن ت كونوا ربع أهل الجنة بل ثلث أهل الجنة بل نصف أهل الجنة وتقاسمونهم في النصف الثاني رواه أبو هريرة ذكره الماوردي وغيره (قلت والإمام أحمد كما في حديث الباب) قال ومعناه ثابت في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن مسعود وكأنه أراد أنها منسوخة، والأشبه أنها محكمة لأنها خبر ولأن ذلك في جماعتين مختلفتين: قال الحسن سابقوا من مضى أكثر من سابقينا فلذلك قال (وقليل من الآخرين) وقال في أصحاب اليمين وهم سوى السابقين (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين) ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم إني لأرجو أن تكون أمتي شطر أهل الجنة ثم تلا قوله (ثلة من الأولين وثلة من الآخرين) اهـ (وقال النسفي في تفسيره) فإن قلت كيف قال قبل هذا (وقليل من الآخرين ثم قال هنا (وثلة من الآخرين) (قلت) ذاك في السابقين وهذا في أصحاب اليمين وأنهم يتكاثرون في الأولين والآخرين جميعًا وعن الحسن سابقوا الأمم أكثر من سابقي أمتنا وتابعوا الأمم مثل تابعي هذه الأمة اهـ (وقال القرطبي) قال مجاهد كل من هذه الأمة: وروى سفيان عن أبان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم (الثلثان جميعًا من أمتي) يعني ثلة من الأولين وثلة من الآخرين، وروى هذا القول عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال كلا الثلثين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم فمنهم من هو في أول أمته ومنهم من هو في آخرها وهو مثل قوله تعالى (فمنهم ظالم لنفسه ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله، وقيل ثلة من الأولين أي من أول هذه الأمة: وقليل من الآخرين يسارع في الطاعات حتى يلحق درجة الأولين ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم خيركم قرني ثم سوّى في أصحاب اليمين بين الأولين والآخرين اهـ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه لابن أبي حاتم والإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد من حديث بياع الملاء عن أبيه ولم أعرفها وبقية رجاله ثقات، (باب) (1) (حدثنا عبد الرزاق الخ) (غريبه) (2) قيل هي طوبى وقيل هي شجرة الخلد (3) الظل له معان كثيرة عند أهل اللغة، والمراد هنا نعيمها أو ناحيتها (4) المراد بقطعها عدم الانتهاء بالمسير إلى المنتهى، وهذا الحديث موقوف على أنس

-[قوله تعالى (وفرش مرفوعة) وقوله (فسيح باسم ربك العظيم)]- ويقول أبو هريرة واقرأوا إن شئتم (1) (وظل ممدود) (باب وفرش مرفوعة) (عن أبي سعيد الخدري) (2) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال (وفرش مرفوعة) (3) والذي نفسي بيده ارتفاعها كما بين السماء والأرض (4) وإن ما بين السماء والأرض لمسيرة خمسمائة سنة (باب) فسبح باسم ربك العظيم (عن عقبة بن عامر الجهني) (5) قال لما نزلت (فسبح باسم ربك العظيم) قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوها في ركوعكم فلما نزلت (سبح اسم ربك الأعلى) قال اجعلوها

_ ولكنه جاء مرفوعًا عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم كما قال معمر (1) معناه أن قوله اقرأوا إن شئتم وظل ممدود) من قول أبي هريرة لا من الحديث المرفوع (وظل ممدود) قال العلماء الجنة كلها ظل لا شمس معه وليس هو ظل الشمس بل ظل يخلقه الله تعالى، قال الربيع بن أنس ظل العرش (وروى عكرمة) عن ابن عباس في قوله (وظل ممدود) قال شجرة في الجنة على ساق العرش يخرج إليها أهل الجنة فيتحدثون في أصلها ويشتهي بعضهم لهو الدنيا فيرسل الله عز وجل عليها ريحًا من الجنة فتحرك تلك الشجرة بكل لهو في الدنيا (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (2) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (3) (التفسير) (وفرش مرفوعة) فسرت في الحديث بأن ارتفاعها كما بين السماء والأرض، وهو فيد أن بعضها فوق بعض فهي مرفوعة عالية وبهذا قال بعض المفسرين، وقال علي رضي الله عنه وفرض مرفوعة على الأسرة وقيل مرفوعة أي عالية وطيئة ناعمة (4) قال بعض أهل العلم ارتفاع الفرش في الدرجات وبعد ما بين الدرجتين كما بين السماء والأرض رواه ابن جرير عن أبي كريب عن رشدين بن سعد وفيه كلام، وروى ابن أبي حاتم بسنده عن الحسن (وفرش مرفوعة) قال ارتفاع فراش الرجل من أهل الجنة مسيرة ثمانين سنة (تخريجه) (مذ) والبغوي في تفسيره وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث رشدين وقال بعض أهل العلم معنى هذا الحديث وارتفاعها كما بين السماء والارض قال ارتفاع الفرش المرفوعة في الدرجات، والدرجات ما بين كل درجتين كما بين السماء والأرض اهـ قال الحافظ السيوطي وقد رأيته من حديث غيره (يعني غير رشدين) عند أحمد "يعني حديث الباب" قال فلو رأى الترمذي طريق أحمد أيضًا لصححه وقال وقد صححه ابن حبان فأخرجه في صحيحه من طريق ابن لهيعة وصححه الضياء المقدسي فأخرجه في المختارة من طريق رشدين قال وأخرجه أيضًا النسائي والبيهقي في البعث اهـ قال المحدث السيد محمد صبغة الله المدراسي في ذيل القول المسدد أورده ابن الجوزي في الموضوعات من طريق الخطيب حدثنا أحمد بن جعفر ثنا عبد الله بن محمد بن سنان ثنا جعفر بن جبر ثنا أبي عن الحسن عن أبي هريرة به قال لا يصح، جبر وابنه متروكان والمتهم به عبد الله بن محمد بن سنان قال ابن حبان يضع الحديث ويقلبه ويسرقه (قلت) أخرجه الإمام أحمد من وجه يصح قال حدثنا حسن فذكر حديث الباب بسنده ولفظه كما هنا وذكر ما قلناه عن الترمذي ثم قال دراج ضعفه أبو حاتم والدارقطني ووثقه يحيى بن معين وعلين بن المديني وغيرهما وصحح حديثه عن أبي الهيثم الترمذي واحتج به ابن خزيمة وابن حبان في صحيحهما والحاكم وغيرهما وأما رشيدين فيتكلموا فيه لكن قال أحمد ليس به بأس في الرقائق، وقال أيضًا ارجو أنه صالح الحديث وحسن له الترمذي والله أعلم (باب) (5) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الذكر في الركوع من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة

-[قوله تعالى (وتجلعون رقكم أنكم تكذبون) وقوله (فروح وريحان)]- في سجودكم (باب وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) (عن علي رضي الله عنه) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وتجعلون رزقكم) (2) يقول شكركم (أنكم تكذبون) يقولون مطرنا (3) بنوء كذا وكذا بنجم كذا وكذا (باب فروح وريحان) (عن عائشة رضي الله عنها) (4) أن النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم قرأ (فروح وريحان) (5)

_ رقم 634 وإنما ذكرته هنا لمناسبة الآية (باب) (1) (سنده) حدثنا حسين بن محمد حدثنا إسرائيل عن عبد الأعلى عن أبي عبد الرحمن عن علي الخ (2) أول الآية (أفبهذا الحديث أنتم مدهنون وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) (التفسير) (أفبهذا الحديث) يعني القرآن (أنتم مدهنون) متهاونون به كمن يدهن في بعض الأمر أي يلين جانبه ولا يتصلب فيه تهاونًا به، وقال ابن عباس وعطاء وغيرهما مدهنون أي مكذبون والمدهن الذي ظاهره خلاف باطنه كأنه شبه بالدهن في سهولة ظاهره وقيل المدهن المنافق أو الكافر الذي يلين جانبه ليخفي كفره (وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون) أي تجعلون شكر رزقكم التكذيب موضع الشكر، وفي قراءة علي رضي الله عنه وهي قراءة النبي صلى الله عليه ونسلم تجعلون شكركم أنكم تكذبون أي تجعلون شكركم لنعمة القرآن أنكم تكذبون به وسياق الحديث يدل على أنها نزلت في الأنواء ونسبتهم السقيا إليها والرزق المطر أي (تجعلون شكر ما يرزقكم الله من الغيث أنكم تكذبون بكونه من الله حيث تنسبونه إلى النجوم (3) بصيغة المجهول (وقوله بنوء كذا وكذا) بفتح النون وسكون الواو (بنجم كذا وكذا) وذلك أنهم كانوا إذا مطروا يقولون مطرنا بنوء كذا وكذا ولا يرون ذلك المطر من فل الله عليهم، فقيل لهم أتجعلون رزقكم أي شكركم بما رزقكم التكذيب، فمن نسب الإنزال إلى النجم فقد كذب برزق الله تعالى ونعمه، وكذب بما جاء به القرآن والمعنى أتجعلون بدل الشكر التكذيب وقد تقدم معنى النوء والكلام فيه مستوفى في باب اعتقاد أن المطر بيد الله الخ من أبواب صلاة الاستسقاء في الجزء السادس صحيفة 252 فارجع إليه (تخريجه) (مذ) وابن أبي ح اتم وابن جرير، وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب، وروى سفيان عن عبد الأعلى هذا الحديث بهذا الإسناد ولم يرفعه (باب) (4) (سنده) حدثنا وكيع عن هارون عن بديل عن عبد الله بن شقيق عن عائشة الخ (5) أول الآية (فأما إن كان من المقربين فروح وريحان وجنة نعيم) (التفسير) (فأما إن كان) يعني المختصر الذي حضرته الوفاة (من المقربين) من السابقين المذكورين في قوله (وكنتم أزواجًا ثلاثة في أول السورة وهم الذين فعلوا الواجبات والمستحبات وتركوا المحرمات والمكروهات وبعض المباحات (فروح) قرأ يعقوب بضم الراء وقرأ بها النبي صلى الله عليه وسلم كما قالت عائشة في حديث الباب: وقرأ الباقون بفتحها. فمن قرأ بالضم قال الحسن معناه تخرج روحه في الريحان، وقال قتادة الروح الرحمة أي له الرحمة، وقيل معناه فحياة لهم وبقاء لهم، ومن قرأ بالفتح معناه فله روح وهو الراحة وهو قول مجاهد وقال سعيد بن جبير فرحٌ وقال الضحاك مغفرة ورحمة (وريحان) استراحة، وقال مجاهد وسعيد بن جبير رزق، وقال آخرون هو الريحان الذي يشم، قال أبو العالية لا يفارق أحد من المقربين بين الدنيا حتى يؤتى بغصن من ريحان الجنة فيشمه ثم تقبض روحه: قال الحافظ ابن كثير وكل هذه الأقوال متقاربة صحيحة فإن من مات مقربًا حصل له جميع ذلك من الرحمة

-[قصة المجادلة وتفسير قوله تعالى (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها)]- (سورة المجادلة) (باب قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها الخ) (عن خولة بنت ثعلبة) (2) قالت والله فيّ وفي أوس بن صامت أنزل الله عز وجل من صدر سورة المجادلة (2) قالت كنت عنده وكان سيخًا كبيرًا قد ساء خلقه وضجر، قالت فدخل عليّ يومًا فراجعته بشيء فغضب فقال أنت عليّ كظهر أمي، قالت ثم خرج فجلس في ناد ي قومه ساعة ثم دخل عليّ فإذا هو يريدني على نفسي: قالت فقلت كلا والذي نفس خويلة بيده لا تخلص إليّ وقد قلت ما قلت حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه، قالت فواثبني وامتنعت منه فغلبته بما تغلب به المرأة الشيخ الضعيف فألقيته عني، قالت ثم خرجت إلى بعض جاراتي فاستعرت منها ثيابها ثم خرجت حتى جئت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فجلست بين يديه فذكرت له ما لقيت منه فجعلت أشكو إليه صلى الله عليه وسلم ما ألقى من سوء خلقه، قالت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا خويلة ابن عمك شيخ كبير فاتقي الله فيه، قالت فوالله ما برحت حتى نزل فيّ القرآن فتغشى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان يتغشاه ثم سُرِّي

_ والراحة والاستراحة والفرح والسرور والرزق والحسن (وجنة نعيم) قال محمد بن كعب لا يموت أحد من الناس حتى يعلم من أهل الجنة هو أم من أهل النار (تخريجه) (دمذنس) من حديث هارون وهو ابن موسى الأعور، قال الترمذي لا نعرفه إلا من حديثه (قلت) هارون بن موسى المشار إليه قال في الخلاصة رجال الصحيحين وغيرهما وثقه ابن معين والأصمعي وفي التهذيب وثقه أبو داود وأبو زرعة، وفي التقريب ثقة مقرئ إلا أنه رمى بالقدر (باب) (1) حديث خولة هذا تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في كتاب الظهار في الجزء السابع عشر صحيفة 21 رقم 44 وإنما أعدت ذكره هنا لأجل تفسير الآيات الخاصة بالظهار لأنها لم تفسر هناك (2) تعني قوله تعالى قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تجاوركما إن الله سميع بصير "إلى قوله" وللكافرين عذاب أليم (التفسير) قوله عز وجل (قد سمع الله قول التي تجادلك) تحاورك، وقرئ بها ومعناه تراجعك في زوجها المظاهر منها، وكان قد قال لها أنت عليّ كظهر أمي، وقد سألت النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك فأجابها بأنها حرمت عليه على ما هو المعهود عندهم من أن الظهار موجبه فرقة مؤبدة وهي خولة بنت ثعلبة وهو أوس بن الصامت كما جاء في الحديث (في زوجها) في شأنه وما وقع منه (وتشتكي إلى الله) تظهر ما بها من المكروه "والله يسمع تحاوركما" مراجعتكما الكلام من حوار إذا رجع (إن الله سميع) يسمع شكوى المضطر (بصبر) بحاله (الذين يظّهرن) بتشديد الظاء والهاء أصله يتظهرون أدغمت التاء في الظاء، وفي قراءة يظاهرون XXX والهاء المخففة وفي أخرى يظاهرون كيقاتلون: والموضع الثاني في القراءات كذلك وفي قوله تعالى (منكم) توبيخ للعرب لأنه كان في إيمان أهل جاهليتهم خاصة دون سائر الأمم (من نسائهم) زوجاتهم (ما هن أمهاتهم إن أمهاتهم إلا اللائي) بهمزة وياء وبلا ياء (ولدنهم) يريد أن الأمهات على الحقيقة الوالدات، والمرضعات ملحقات بالوالدات بواسطة الرضاع، وكذا أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم لزيادة حرمتهن، وأما الزوجات فأبعد شيء من الأمومة فلذا قال (وإنهم ليقولون منكرًا من القول) أي تنكره الحقيقة والأحكام الشرعية (وزورًا) كذبًا وباطلًا منحرفًا عن الحق (وإن الله لعفو غفور) لما سلف منهم (والذين يظاهرون من نسائهم) بين في الآية الأولى أن ذلك من قائله

-[بقية قصة المجادلة ومحاورتها مع النبي صلى الله عليه وسلم]- عنه فقال لي يا خويلة قد أنزل الله فيك وفي صاحبك، ثم قرآ عليّ (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تجاوركما إن الله سميع بصير - إلى قوله - وللكافرين عذا أليم) فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم مريه فيعتق رقبة: قالت فقلت والله يا رسول الله ما عنده ما يعتق قال فليصم شهرين متتابعين، قالت فقلت والله يا رسول الله إنه شيخ كبير ما به من صيام: قال فلطعم ستين مسكينًا وسقا من تمر، قالت فقلت والله يا رسول الله ما ذاك عنده، قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنا سنعينه فعرَق من تمر قالت فقلت وأنا يا رسول الله سأعينه بعرق آخر، قال قد أصبت وأحسنت فاذهبي بتصدقي عنه ثم استوصي بابن عمك خيرًا، قالت ففعلت: قال عبد الله قال أبي قال سعد العرق الصَّنُّ (عن عائشة رضي الله عنها) (1) قالت الحمد لله الذي وسع سمعه الأصوات (2)، لقد جاءت المجادلة (3) إلى النبي صلى الله عليه وسلم تكلمه وأنا في ناحية البيت ما أسمع ما تقول، فأنزل الله عز وجل (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها إلى آخر الآية) (4) (حدثنا أبو معاوية وابن نمير) (5)

_ منكر وزور، وبين في الثانية حكم الظهار (ثم يعودون لما قالوا) أي فيه بأن يخالفوه بإمساك المظاهر منها الذي هو خلاف مقصود الظهار من وصف المرأة بالتحريم (فتحرير رقبة) أي إعتاقها عليه من قبل أن يتماسا) بالوطء (ذلكم توعظون به والله بما تعملون خبير فمن لم يجد) رقبة (فصيام شهرين متتابعين من قبل أن يتماسا فمن لم يستطع) أي الصيام (فإطعام ستين مسكينًا) عليه أي من قبل أن يتماسا حملًا للمطلق على المقيد، لكل مسكين مد من غالب قوت البلد (ذلك) أي التخفيف في الكفارة (لتؤمنوا بالله ورسوله وتلك) أي الأحكام المذكورة (حدود الله وللكافرين) بها (عذاب أليم) أي مؤلم نعوذ بالله من ذلك (1) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (2) هو كقوله تعالى (وإن ت جهر بالقول فإنه يعلم السر وأخفى) (3) تعني المرأة التي كانت تجادل النبي صلى الله عليه وسلم في ظهار زوجها وهي خولة بنت ثعلبة (4) في هذه الآية والحديث دلالة على عظمة الله عز وجل وكبريائه وأنه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير، عائشة لم تسمع لكلام المرأة وهي معها في البيت والله تعالى يقول (قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها) سبحانك ما أعظم شأنك وأربع مكانك وأعز سلطانك لا إله إلا أنت وحدك لا شريك لك (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهكذا رواه البخاري في كتاب التوحيد تعليقًا فقال وقال الأعمش عن تميم بن سلمة عن عروة عن عائشة فذكره: وأخرجه النسائي وابن ماجه وابن أبي حاتم وابن جرير من غير وجه عن الأعمش به (5) (حدثنا أبو معاوية وابن نمير) الخ هذا الحديث تقدم نحوه عن عائشة أيضًا من وجه آخر في باب ما يقال في رد السلام على أهل الكتاب من كتاب السلام والاستئذان في آخر الجزء السابع عشر صحيفة 340 رقم 34 وتقدم شرحه هناك وليس فيه ذكر الآية وذكرت هذا الحديث هنا لما ذكر فيه من كتاب الله عز وجل وهو بعض آية أولهما قوله عز وجل (ألم تر إلى الذين نهوا عن النجوى ثم يعودون لما نهوا عنه ويتناجون بالإثم والعدوان ومعصية الرسول وإذا جاءوك حيَّوك بما لم يحيك به الله ويقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير) (التفسير) (ألم تر الذين نهوا عن النجوى) أي التحدث سرًا، نزلت في اليهود والمنافقين

-[نزول قوله تعالى (وإذا جاءوك حيَّوك بما لم يحِّك به الله) وتفسيرها مع آيات أخرى]- قالا حدثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة رضي الله عنه قالت أتى النبي صلى الله عليه وسلم ناس من ليهود فقالوا السام عليك يا أبا القاسم، فقال وعليكم، قالت عائشة فقلت وعليكم السام والذام (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة لا تكوني فاحشة، قالت فقلت يا رسول الله أما سمعت ما قالوا السام عليك؟ قال أليس قد رددت عليهم الذي قالوا قلت وعليكم؟ قال ابن نمير يعني في حديث عائشة أن الله عز وجل لا يحب الفحش ولا التفحش، وقال ابن نمير في حديثه فنزلت هذه الآية (وإذا جاءوك حيَّوك بما لم يحيك به الله) حتى فرغ (عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما) (2) أن اليهود كانوا يقولون لرسول الله صلى الله عليه وسلم سام عليكم (ثم يقولون في أنفسهم لولا يعذبنا الله بما نقول) فنزلت هذه الآية (وإذا جاءوك حيوك بما لم يحيك به الله) (3) (باب ويحلفون على الكذب وهم يعلمون، الآيات) (عن ابن عباس) (4) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل حجرة من حجره وعنده نفر من المسلمين قد كاد يقلص عنهم الظل (5) قال فقال إنه سيأتيكم إنسان ينظر إليكم بعيني شيطان فإذا أتاكم فلا تكلموه، قال فجاء رجل أزرق فدعاه

_ وذلك أنهم كانوا يتناجون فيما بينهم دون المؤمنين وينظرون إلى المؤمنين ويتغامزون بأعينهم يوهمون المؤمنين أنهم يتناجون فيما يسوءهم فيحزنون لذلك ويقولون ما نراهم إلا وقد بلغهم عن إخواننا الذين اخرجوا في السرايا قتل أو موت أو هزيمة فيقع ذلك في قلوبهم ويحزنهم، فلما طال ذلك عليهم وكثر شكوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم أن يتناجوا دون المسلمين فلم ينتهوا عن ذلك وعادوا إلى مناجاتهم فأنزل الله (ألم تر إلى الذين نُهوا عن النجوى) أي المناجاة (ثم يعودون لما نهوا عنه) أي يرجعون إلى المناجاة التي نهوا عنها (ويتنجاون) قرأ الأعمش وحمزة وينتجؤون على وزن يفتعلون، وقرأ الآخرون ويتناجون لقوله (إذا تناجيتم فلا تتناجوا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول) وذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان قد نهاهم عن النجوى فعصوه (وإذا جاءوك حيَّوك بما لم يحيِّك به الله)، وذلك أن اليهود كانوا يدخلون على النبي صلى الله عليه وسلم (ويقولون) السام عليك كما جاء في حديث الباب، والسام الموت وهم يوهمونه أنهم يقولون السلام عليك، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم فيقول عليكم، فإذا خرجوا قالوا في أنفسهم (لولا يعذبنا الله بما نقول) يريدون لو كان نبيًا حقًا لعذبنا الله بما نقول: قال الله عز وجل (حسبهم جهنم يصلونها فبئس المصير) (1) السام يعني الموت والذام بالذال المعجمة وتخفيف الميم هو الذم بمعنى العيب (تخريجه) (م) والبغوي وابن أبي حاتم وغيرهم (2) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو الخ (3) تقدم الكلام على شرحه وتفسيره في الحديث السابق (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد وقال إسناده حسن ولم يخرجوه يعني أصحاب الكتب الستة اهـ، وأورده أيضًا الهيثمي وقال رواه (حم بز طب) وإسناده جيد لأنه حمادًا سمع من عطاء في حالة الصحة، وأورده أيضًا الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لعبد بن حميد وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان (باب) (4) (سنده) حدثنا حسن بن موسى حدثنا زبير حدثنا سماك حدثني سعيد بن جبير أن ابن عباس حدثه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في ظل حجرة الخ (غريبه) (5) يقلص بكسر اللام

-[نزول قوله تعالى (فيحلفون له كما يحلفون لكم) في حق اليهود أيضًا]- رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه (1) قال علام تشتميني أنت وفلان وفلان نفر دعاهم بأسمائهم؟ (2) قال فذهب الرجل فدعاهم فحلفوا بالله واعتذروا إليه فأنزل الله عز وجل (فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون) الآية (3) (وعنه من طريق ثان (4 بنحوه وفيه) قال فنزلت هذه الآية في المجادلة (5) (ويحلفون على الكذب وهم يعلمون) والآية الأخرى (6)

_ كيضرب أي ينزوي ويذهب (1) أي كلمه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله علام تشتمني الخ (2) أي ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم بأسمائهم فأنكر الرجل ما نسب إليه ودعا أصحابه الذين ذكرهم النبي صلى الله عليه وسلم فحلفوا أنه لم يحصل منهم ما نسب إليهم واعتذروا إليه، فأنزل الله عز وجل تكذيبهم بقوله (يحلفون له الخ) وهذه الجملة مرتبطة بقوله تعالى (يوم يبعثهم الله جميعًا فيحلفون له كما يحلفون لكم) وقد يستدل بهذه الرواية على جواز حذف العطف ونحوه عند الاستشهاد بآية إذا لم يكن مغيرًا لمعنى الكلام (3) بقية الآية (ويحسبون أنهم على شيء ألا أنهم هم الكاذبون) وسيأتي تفسيرها وغيرها في الطريق الثانية (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر عليكم رجل ينظر بعين شيطان، أو بعين شيطان قال فدخل رجل أزرق فقال يا محمد علام سببتني أو شتتني أو نحو هذا قال وجعل يحلف قال فنزلت هذه الآية الخ (قلت) جاء في هذه الطريق عند الإمام أحمد (فقال يا محمد علام سببتني الخ) والظاهر أن زيادة يا محمد وقعت خطأ من بعض رواة المسند أو ناسخيه لأنها تنافي سياق الحديث لا سيما الطريق الأولى فإنها تدل على أن الذي نسب إليه السب والشتم هو الرجل الأزرق والنبي صلى الله عليه وسلم يسأله وبتهمة وهو يحلف كاذبًا يتبرأ وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا الرجل الأزرق (فقال علام تشتمني أنت وأصحابك؟ فقال ذرني آتك بهم فانطلق فدعاهم فحلفوا ما قالوا وما فعلوا) هذا لفظ الحاكم، ولفظ ابن أبي حاتم (فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فقال علام تشتمني أنت وفلان وفلان نفر دعاهم عاصم بأسمائهم، (5) يعني في سورة المجادلة (6) بيَّن ابن أبي حاتم الآية الأخرى أنها (يوم يبعثهم الله جميعًا فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء ألا إنهم هم الكاذبون 9 أما قوله تعالى (ويحلفون على الكذب وهم يعلمون) فأول الآية (الم تر إلى الذين تولوا قومًا غضب الله عليهم ما هم منكم ولا منهم ويحلفون على الكذب وهم يعلمون) وإليك تفسير هذه الآيات إلى قوله (ألا إنهم هم الكاذبون) (التفسير) قوله عز وجل (الم تر إلى الذين تولوا قومًا غضب الله عليهم) نزلت في المنافقين الذين تولوا اليهود المغضوب عليهم بقوله تعالى "من لعنه الله وغضب عليه" وناصروهم ونقلوا إليهم أسرار المؤمنين (ما هم منكم) يا مسلمون (ولا منهم) ولا من اليهود كقوله: مذبذبين بين ذلك لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، (ويحلفون على الكذب) اي يقولوا والله إنا لمسلمون لا منافقون (وهم يعلمون) أنهم كاذبون منافقون (أعد الله لهم عذابًا شديدًا) نوعًا من العذاب في غاية الشدة (إنهم ساء ما كانوا يعلمون) أي أنهم كانوا في الزمان الماضي مصرين على سواء العمل أو هي حكاية ما يقال لهم في الآخرة (اتخذوا أيمانهم) الكاذبة (جُنة) وقاية يتقون بها القتل ويدفعون بها عن أنفسهم وأموالهم (قصدوا عن سبيل الله) صدوا المؤمنين عن جهادهم بالقتل وأخذ أموالهم (فصدوا عن سبيل الله) صدوا المؤمنين عن جهادهم بالقتل وأخذ أموالهم (فلهم عذاب مهين) أي في مقابلة ما امتهنوا من الحلف باسم الله في

-[تفسير قوله تعالى (ما قطعتم من لينة) الآية وفضل أواخر سورة الحشر]- (سورة الحشر) (باب ما قطعتم من لينة) الآية (عن نافع عن عبد الله) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرَّق نخل بني النضير (2) وقطع وهي البوبرة (3) فأنزل الله تبارك وتعالى (ما قطعتم من لينة (4) أو تركتموها قائمة على اصولها فبإذن الله وليخزي الفاسقين) (باب ما جاء في أواخر سورة الحشر) (عن معقل بن يسار) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قال حين يصبح ثلاث مرات أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم وقرأ الثلاث آيات من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي وإن مات في ذلك اليوم مات شهيدًا، ومن قالها حين يمسي كان بتلك المنزلة (سورة الممتحنة) (باب لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين) الآية (عن عامر بن عبد الله بن الزبير) (6) عن أبيه قال قدمت قبيلة ابنة عبد العزى بن عبد أسعد من بني مالك

_ الأيمان الكاذبة ثم قال تعالى (لن تغني عنهم أموالهم ولا أولادهم من الله شيئًا) أي لن يدفع عنهم بأسًا إذا جاءهم (أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون) ثم قال تعالى (يوم يبعثهم الله جميعًا) يعني اليهود والمنافقين يحشرهم يوم القيامة عن آخرهم فلا يغادر منهم أحدًا (فيحلفون له كما يحلفون لكم ويحسبون أنهم على شيء) أي يحلفون لله عز وجل أنهم كانوا على الهدى والاستقامة كما كانوا يحلفون للناس في الدنيا ويعتقدون أن ذلك ينفعهم عند الله كما كان ينفعهم عند الناس: ولهذا قال (ويحسبون أنهم على شيء) أي حلفهم ذلك لربهم ثم قال منكرًا عليهم حسبانهم (ألا إنهم هم الكاذبون) فأكد الخبر عنهم بالكذب (تخريجه) (ك) وابن جرير وابن أبي حاتم وصححه الحاكم وأقره الذهبي وأورده الهيثمي وقال رواه (حم طب بز) ورجال الجميع رجال الصحيح (باب) (1) (سنده) حدثنا يونس حدثنا ليث عن نافع عن عبد الله (يعني ابن عمر) الخ (غريبه) (2) هم طائفة من اليهود أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقطع نخيلهم وتحريقها لأنهم نقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه وعزموا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم غيلة وقصتهم مشهورة ستأتي في حوادث السنة الرابعة في القسم الثاني من كتاب السيرة النبوية وإنما فعل ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ح اصرهم وأجلاهم من المدينة إهانة لهم وإرهابًا (3) بضم الموحدة وفتح الواو مصغرًا اسم موضع كان به نخل بني النضير (4) (التفسير) (ما قطعتم من لينة) من لينة بيان لما قطعتم، ومحل ما نصب بقطعتم كأنه قيل أن شيء قطعتم، وأنث الضمير الراجع إلى ما في قوله (أو تركتموها) لأنه في معنى اللينة، واللينة النخلة من الألوان وياءها عن واو قلبت لكسر ما قبلها، وقال البخاري اللينة نخلة ما لم تكن عجرة أو برنية، وقيل اللينة تمر شديدة الصفرة يرى نواه من خارج يغيب فيها الضرس، وقيل هي أغصان الشجر للينها (قائمة على أصولها) أي لم تقطعوها (فبإذن الله) أي فقطعها وتركها بإذن الله وأمره وحكمه يعني خيركم في ذلك (وليخزي الفاسقين) وليذل اليهود ويغيظهم إذن في قطعها، قال ابن إسحاق كان إجلاء بني النضير مرجع النبي صلى الله عليه وسلم من أحد (تخريجه) (ق مذجه) (باب) (5) (سنده) حدثنا أبو أحمد الزبيري حدثنا خالد يعني ابن طهمان أبو العلاء الخفاف حدثني نافع بن أبي نافع عن معقل بن يسار الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد ثم قال ورواه الترمذي عن محمود بن غيلان عن أبي أحمد الزبيري وقال غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، ورواه أيضًا البغوي في تفسيره وعزاه للترمذي ونقل عنه مثل ما نقل الحافظ ابن كثير والله أعلم (باب) (6) هذا الحديث تقدم بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في

-[سبب نزول قوله تعالى (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين) وبيعة النساء]- ابن حسل على ابنتها أسماء ابنة أبي بكر رضي الله عنهما بهدايا ضباب وأقط وسمن وهي مشركة، فأبت أن تقبل هديتها وتدخلها بيتها، فسألت عائشة النبي صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين (1) - الخ الآية) فأمرها أن تقبل هديتها وأن تدخلها بيتها (باب يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك الآية) (عن أم عطية) (2) قالت لما نزلت هذه الآية (يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا - إلى قوله - ولا يعصينك في معروف) قالت كان (منه النياحة فقلت يا رسول الله ألا آل فلان فإنهم قد كانوا أسعدونني في الجاهلية فلا بد لي من أن أسعدهم قالت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا آل فلان (عن أم سلمة رضي الله عنها) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم (ولا يعصينك في معروف) (4) قال النوح

_ باب ما جاء في قبول هدايا الكفار من كتاب الهبة والهدية في الجزء الخامس عشر صحيفة 168 رقم 27 وإنما ذكرته هنا فتسير الآية لأنها لم تفسر هناك وإليك تفسيرها (1) (التفسير) (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم) أي لا ينهاكم الله عن بر الذين لم يقاتلوكم بأن تكرموهم وتحسنوا إليهم قولًا وفعلًا (وتقسطوا إليهم) تقضوا إليهم بالقسط هو العدل ولا تظلموهم وإذا نهى عن الظلم في حق المشركة فكيف في حق المسلم (إن الله يحب المقسطين) العادلين، قال ابن عباس نزلت في خزاعة كانوا قد صالحوا النبي صلى الله عليه وسلم على أن لا تقاتلوه ولا يعينوا عليه أحدًا فرخص الله في برهم، وقال عبد الله بن الزبير نزلت في أسماء بنت أبي بكر وذلك أن ابا بكر الصديق رضي الله عنه طلق امرأته قتيله أو قبيلة في الجاهلية وهي أم أسماء بنت أبي بكر فقدمت عليهم في المدة التي كانت فيها المهادنة بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين كفار قريش بهدية لبنتها أسماء فذكر الحديث (قال القرطبي) وهذا قول أكثر المفسرين (باب) (2) (عن أم عطية الخ) أم عطية اسمها نسيبة بالتصغير ويقال بفتح أولها بنت كعب ويقال بنت الحارث: أم عطية الأنصارية صحابية مشهورة وحديثها هذا تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما لا يجوز من البكاء على الميت من كتاب الجنائز في الجزء السابع صحيفة 108 رقم 72 وإنما ذكرته هنا لمناسبة آية البيعة وهذه البيعة كانت بالمدينة عند قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إليها وقد عقدت لها بابا ترجمته ببيعة نساء أهل المدينة سيأتي في أبواب حوادث السنة الأولى من الهجرة من كتاب السيرة النبوية وإليك تفسير آية البيعة (التفسير) قال الله عز وجل (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن بالله شيئًا ولا يسرقن ولا يزنين ولا يقتلن أولا دهن) أراد بقتل الأولاد وأب البنات الذي كان يفعله أهل الجاهلية (ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن) ليس المراد منه نهيهن عن الزنا لأن النهي عن الزنا قد تقدم، بل المراد منه أن تلتقط مولودًا وتقول لزوجها هذا ولدي منك، كنى بالبهتان المفترى بين يديها ورجليها عن الولد الذي تلصقه بزوجها كذبًا لأن بطنها الذي تحمله فيه بين اليدين وفرجها الذي تلده به بين الرجلين (ولا يعصينك في معروف) أي في كل أمر وافق طاعة الله وفي كل نهي عن معصية الله (فبايعهن واستغفر لهن الله) عما مضى (إن الله غفور) بتحقيق ما سلف (رحيم) بتوفيق ما ائتنف (3) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا يزيد بن عبد الله مولى الصهباء عن شهر بن حوشب عن أم سلمة الخ (غريبه) (4) جاء معنى ذلك واضحًا عند الترمذي من حديث أم

-[تفسير آية البيعة وقوله تعالى (سبح لله ما في السموات وما في الأرض)]- (عن عائشة رضي الله عنها) (1) قالت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمتحن المؤمنات (2) إلا بالآية التي قال الله عز وجل (إذا جاءك المؤمنات يبايعنك على أن لا يشركن ولا ولا) (3) سورة الصف (باب ما جاء في سورة الصف) (حدثنا يعمر) (4) حدثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا الأوزاعي حدثنا يحيى بن أبي كثير حدثني هلال بن أبي ميمونة أن عطاء بن يسار حدثه أن عبد الله بن سلام حدثه: أو قال حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن سلام رضي الله عنه قال تذاكرنا بيننا فقلنا أيكم يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) فيسأله أي الأعمال أحب إلى الله وهبنا (6) أن يقوم منا أحد فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا رجلًا رجلًا حتى جمعنا (7) فجعل بعضنا يشير إلى بعض (8) فقرأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم (سبح الله (9) ما في

_ سلمة الأنصارية قالت قالت امرأة من النسوة (أي قالت امرأة للنبي صلى الله عليه وسلم) ما هذا المعروف الذي لا ينبغي لنا أن نعطيك فيه؟ قال لا تنحن أي من النوح وهو البكاء على الميت وتعديد محاسنه، وقيل النوح بكاء مع الصوت ومنه ناح الحمام نوحًا (قال الترمذي) قال عبد الله بن حميد أم سلمة الأنصارية هي أسماء بنت يزيد بن السكن وحسّن الترمذي حديثها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه شهر بن حوشب وثقه جماعة وفيه ضعف (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (2) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يختبر من هاجر إليه من مكة إلى المدينة قبل عام الفتح من المؤمنات بهذه الآية يعني (يا أيها النبي إذا جاءك المؤمنات الآية (3) يشير إلى قوله تعالى ولا يسرقن ولا يزنين الخ الآية زاد البخاري في روايته قال عروة قالت عائشة فمن أقر بهذا الشرط قال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بايعتك على ذلك والمراد بالشرط هنا شرط الإيمان من المؤمنات، وفي الطبراني من طريق العوفي عن ابن عباس قال كان امتحانهن أن يشهدن أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله (وفي كتاب الشروط) للبخاري كان يمتحنهن بهذه الآية يا أيها الذين آمنوا إذا جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن إلى غفور رحيم - وعن قتادة فيما أخرجه عبد الرزاق أنه صلى الله عليه وسلم كان يمتحن من هاجر من النساء بالله ما خرجت إلا رغبة في الإسلام وحبًا لله ورسوله: وزاد مجاهد ولا حرج بك عشق رجل منا ولا فرار من زوجك، وعند البزار أن الذي كان يحلفهن عن أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم له عمر بن الخطاب رضي الله عنه (تخريجه) (خ - وغيره) (باب) (4) حدثنا يعمر الخ (غريبه) (5) جاء عند الترمذي فتذاكرنا فقلنا لو نعلم أي الأعمال أحب إلى الله لعملناه فأنزل الله (سبح لله ما في السموات وما في الأرض) إلى قوله (يا ايها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون (6) من الهيبة يقال هاب الشيء يهابه إذا خافه وإذا وقره وعظمه (7) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم لم يرسل إليهم إلا بعد إطلاعه على ما عزموا عليه رجلًا رجلًا بطريق الوحي ونزول السورة بالإنكار عليهم، والظاهر أنهم كانوا عدة رجال، لما جاء في رواية الترمذي بلفظ (قعدنا نفرًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتذاكرنا الخ والنفر بفتحتين عدة رجال من ثلاثة إلى عشرة (8) جعل بعضهم يشير إلى بعض تعجبًا من معرفة النبي صلى الله عليه وسلم ما عزموا عليه (9) التفسير (سبح لله ما في السموات وما في الأرض) يخبر تعالى أنه يسبح له ما في السموات وما في الأرض أي من الحيوانات والنباتات كما قال في الآية الأخرى (تسبح له

-[تفسير صدر سورة الصف إلى قوله تعالى (كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون)]- السموات وما في الأرض - إلى قوله - كبر مقتًا عند الله) قال (1) فتلاها من أولها إلى آخرها قال (2) فتلاها علينا بن سلام من أولها إلى آخرها قال (3) فتلاها علينا عطاء بن يسار من أولها إلى آخرها قال يحيى فتلاها علينا هلال من أولها إلى آخرها، قال الأوزاعي فتلاها علينا يحيى من أولها إلى آخرها (ومن طريق ثان) (4) عن أبي سلمة عن عبد الله ين سلام (بنحوه، وفيه) فأرسل إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا فجمعنا فقرأ علينا هذه السورة يعني سورة الصف كلها (سورة الجمعة) (باب وآخرين منهم لما يحلقوا بهم) (عن أبي المغيث) (5) عن أبي هريرة قال كنا جلوسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ نزلت عليه سورة الجمعة

_ السموات السبع والأرض ومن فيهن وإن من شيء إلا يسبح بحمده ولكن لا تفقهون تسبيحهم إنه كان حليمًا غفورًا (وهو العزيز) أي الذي قد خضع له كل شيء (الحكيم) في خلقه: الآيات إلى قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لم تقولون ما لا تفعلون) هذا إنكار على من بعد وعدا ويقول قولًا لا يفي به، ولهذا استدل بهذه الآية الكريمة من ذهب من علماء السلف إلى أنه يجب الوفاء بالوعد مطلقًا سواء ترتب عليه عزن الموعود أم لا، وذهب الإمام مالك إلى أنه إذا تعلق بالوعد عزم على الموعود وجب الوفاء به، وذهب الجمهور إلى أنه لا يجب مطلقًا وحملوا الآية على أنها نزلت حين تمنوا فريضة الجهاد عليهم فلما فرض نكل عنه بعضهم، فقد روي عن ابن عباس قال كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون لوددنا أن الله عز وجل دلنا على أحب الأعمال إليه فنعمل به فأخبر الله نبيه أن أحب الأعمال إيمان به لا شك فيه وجهاد أهل معصيته الذي خالفوا الإيمان ولم يقروا به، فلما نزل الجهاد كره ذلك ناس من المؤمنين وشق عليهم أمره فقال الله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لم تقولوا ما لا تفعلون) وهذا اختيار ابن جرير ذكره الحافظ ابن كثير في تفسيره وهو الظاهر، وقيل أنزلت في شأن القتال يقول الرجل قاتلت ولم يقاتل وطعنت ولم يطعن وضربت ولم يضرب وصبرت ولم يصبر، وقال ابن زيد نزلت في قوم من المنافقين كانوا يعدون المسلمين النصر ولا يفون لهم بذلك، وقال مالك عن زيد بن أسلم لم تقولون ما لا تفعلون قال الجهاد (كبر مقتًا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون) فيه دلالة على أن قولهم ما لا يفعلون مقت خالص لا شوب فيه، والمعنى كبر قولكم ما لا تفعلون مقتًا عند الله، واختير المقت لأنه أشد البغض (1) يعني عبد الله بن سلام (فتلاها) يعني النبي صلى الله عليه وسلم قرأ سورة الصف من أولها إلى آخرها كما صرح بذلك في رواية الترمذي (2) يعني أبا سلمة (3) يعني هلال بن أبي ميمونة الخ، وهذا الحديث يسمى بالمسلسل بقراءة سورة الصف، قال في المنح هذا صحيح متصل الإسناد والتسلسل ورجاله ثقات وهو أصح مسلسل روي في الدنيا اهـ قال الحافظ في الفتح في تفسير سورة الصف وقد وقع لنا سماع هذه السورة مسلسلًا في حديث ذكر في أوله سبب نزولها وإسناده صحيح قل إن وقع في المسلسلات مثله مع مزيد عُلُوه (4) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا ابن المبارك عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة، وعن عطاء بن يسار عن أبي سلمة عن عبد الله بن سلام قال تذاكرنا أيكم يأتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسأله أي الأعمال أحب إلى الله تعالى فلم يقم أحد منا، فأرسل إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلًا الخ (تخريجه) (مذ ك حب طب عل هق) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (باب) (5) (سنده) حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز عن ثور عن أبي المغيث عن أبي هريرة الخ

-[قوله تعالى (وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) وقوله (وإذا رأوا تجارة أو لهوًا) الخ]- فلما قرأ (وآخرين منهم لما يلحقوا) قال من هؤلاء يا رسول الله؟ (1) فلم يراجعه صلى الله عليه وسلم حتى سأله مرة أو مرتين أو ثلاثًا وفينا سلمان الفارسي قال فوضع النبي صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي وقال لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال من هؤلاء (2) (باب وإذا رأوا تجارة أو لهوًا انفضوا إليها) الآية (عن جابر) (3) قال قدمت عير (4) مرة المدية ورسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فخرج الناس وبقي اثنا عشر (5) فنزلت (وإذا رأوا تجارة أو لهوًا انفضوا إليها وتركوك قائمًا)

_ (قلت) أبو المغيث اسمه سالم مولى عبد الله بن مطيع (غريبه) (1) السائل هو أبو هريرة فقد جاء في رواية البخاري (قلت من هم يا رسول الله) (وقوله فلم يراجعه) أي لم يجبه بل سكت (2) يعني أبناء فارس وهم العجم بدليل وضعه صلى الله عليه وسلم يده على سلمان الفارسي، وأصرح من ذلك ما جاء عند البغوي بلفظ (لو كان الدين عند الثريا لذهب إليه رجل أو قال رجال من أبناء فارس حتى يتناولوه (هذا) وقوله تعالى (وآخرين منهم الآية متعلقة بالآية التي قبلها) وهي قوله تعالى (هو الذي بعث في الأميين رسولًا منهم يتلو عليهم آياته ويزكيهم ويعلمهم الكتاب والحكمة وإن كانوا من قبل لفي ضلال مبين وآخرين منهم لما يلحقوا بهم) الآية، وإليك تفسير هاتين الآيتين قوله عز وجل (هو الذي بعث في الأميين) قال ابن عباس الأميون العرب كلهم من كتب منهم ومن لم يكتب لأنهم لم يكونوا أهل كتاب وقيل الأميون الذي لا يكتبون وكذلك كانت قريش (رسولا منهم) يعني محمدًا صلى الله عليه وسلم وقوله (منهم) كقوله من أنفسهم أي يعلمون نسبه وأحواله (يتلو عليهم آياته) يعني القرآن (ويزكيهم) أي يجعلهم أزكياء الطوب بالإيمان، قال ابن عباس وقيل يطهرهم من دنس الكفر والذنوب، قاله ابن جريج ومقاتل (ويعلمهم الكتاب) يعني القرآن (والحكمة) السنة قال الحسن وقال ابن عباس الكتاب الخط بالقلم لأن الخط فشا في العرب بالشرع لما أمروا بتقيده بالخط، وقال مالك بن أنس الحكمة الفقه في الدين (وإن كانوا من قبل) أي من قبله وقبل أن يرسل إليهم (لفي ضلال مبين) أي في ذهاب عن الحق (وآخرين منهم) هو عطف على الأميين أي بعث في الأميين وبعث في آخرين منهم، ويجوز أن يكون منصوبًا بالعطف على الهاء والميم في يعلمهم ويزكيهم أي يعلمهم ويعلم آخرين من المؤمنين، لأن التعليم إذا تناسق مع إلى آخر الزمان كان كله مسندًا إلى أوله، فكأنه هو تولى كل ما وجد منه (لما يحلقوا بهم) وقال عكرمة هم التابعون، وقال مجاهد هم الناس كلهم، وقيل غير ذلك (قال القرطبي) والقول الأول أثبت يعني قول ابن عمر ومن وافقه، وقد روي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال رأيتني أسقي غنمًا سودًا ثم أتبعتها غنمًا عفرًا؟؟؟؟؟ يا أبا بكر، فقال يا رسول الله أما السود فالعرب وأما العفر فالعجم تتبعك بعد العرب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم، كذا أوَّلها المَلَك يعني جبريل عليه السلام، رواه ابن أبي ليلى عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو علي بن أبي طالب (تخريجه) (قد مذ وغيرهم) (باب) (3) (سنده) حدثنا ابن إدريس عن حصين عن سالم بن أبي الجعد عن جابر (يعني ابن عبد الله) الخ (غريبه) (4) العير بكسر العين المهملة الإبل تحمل الميرة ثم غلب على كل قافلة (5) زاد أبو يعلي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو تتابعتم حتى لم يبق منكم أحد لسال بكم الوادي نارًا، قال وكان في الاثني عشر الذين ثبتوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره ولكن هاهنا

-[سبب نزول سورة (المنافقون) ومنقبة لزيد بن أرقم]- (سورة المنافقون) (باب سبب نزولها ومنقبة لزيد بن أرقم) (عن زيد بن أرقم) (1) قال خرجت مع عمي في غزاة (2) فسمعت عبد الله بن أُبي بن سلول يقول لأصحابه لا تنفقوا على من عند رسول الله: ولئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعملي (3) فذكره عمي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسل إليّ النبي صلى الله عليه وسلم فحدثته، فأرسل إلى عبد الله بن أبي ابن سلول وأصحابه فحلفوا ما قالوا فكذبني رسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه، فأصابني هم لم يصبني مثله قط وجلست في البيت (4) فقال عمي ما أردت إلى (5) أن كذبك النبي صلى الله عليه وسلم ومقتك (6) قال حتى أنزل الله عز وجل (إذا جاءك المنافقون) قال فبعث إليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأها ثم قال إن الله عز وجل قد صدقك (7) (وعنه من طريق ثان) (8) قال خرجنا مع رسول الله

_ شيء ينبغي أن يعلم، وهو أن هذه القصة قد قيل إنها كانت لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقدم الصلاة يوم الجمعة على الخطبة كما رواه أبو داود في كتاب المراسيل: حدثنا محمود بن خالد عن الوليد أخبرني أبو معاذ بكير بن معروف أنه سمع مقاتل بن حيان يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي يوم الجمعة قبل الخطبة مثل العيدين حتى إذا كان يوم والنبي صلى الله عليه وسلم يخطب وقد صلى الجمعة فدخل رجل فقال إن دحية بن خليفة قد قدم بتجارة يعني فانفضوا ولم يبق معه إلا نفر يسير (التفسير) (وإذا رأوا تجارة أو لهوًا) أراد باللهو الطبل، وقيل كانت العير إذا قدمت المدينة استقبلوها بالطبل والتصفيق وقوله (انفضوا إليها) رد الكناية إلى التجارة لأنها أهم، وقال علقمة سئل عبد الله بن عمر أكان النبي صلى الله عليه وسلم يخطب قائمًا أو قاعدًا؟ قال إما تقرأ (وتركوك قائمًا) فيه دلالة على أن الإمام يخطب يوم الجمعة قائمًا (قل ما عند الله خير من اللهو ومن التجارة) أي ما عند الله من الثواب على الصلاة والثبات مع النبي صلى الله عليه وسلم خير من اللهو ومن التجارة (والله خير الرازقين) لأنه موجد الأرزاق فإياه فاسألوه ومنه فاطلبوا (تخريجه) (ق مذ عل) (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ويحيى بن أبي بكير قالا ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق فإن سمعت زيد بن أرقم: قال ابن أبي بكير عن زيد بن أرقم الخ (قلت) إسرائيل هو ابن يونس، وأبو إسحاق اسمه عمرو بن عبد الله السبيعي (غريبه) (2) هي غزوة تبوك كما عند النسائي وعند أهل المغازي أنها غزوة بني المصطلق ورجحه ابن كثير بابن عبد الله بن أبيّ لم يكن ممن خرج في غزوة تبوك بل رجع بطائفة من الجيش، لكن أيد الحافظ القول بأنها غزوة تبوك بقوله في الطريق الثانية (خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فأصاب الناس شدة) (3) هو سعد بن عبادة كما عند الطبراني وابن مردويه، وليس هو عمه حقيقة وإنما هو سيد قومه الخزرج (4) أي مخافة إذا رآني الناس أن يقولوا كذبت (5) جاء في رواية عند البخاري والترمذي إلا بتشديد اللام ولهما في رواية أخرى إلى كما هنا، قال العيني معناه ما قصدت منتهيًا إليه أي ما حملك عليه (6) من المقت أي أبغضك، وعند النسائي والإمام أحمد وسيأتي في الحديث التالي ولا مني قومي (7) فيه منقبة عظيمة لزيد بن أرقم رضي الله عنه وفيه أنه ينبغي لمن سمع أمرًا بتعلق بالإمام أو نحوه من كبار ولاة الأمور ويخاف ضرره على المسلمين أن يبلغه إياه ليحترز منه (8) (سنده) حدثنا حسن بن موسى ثنا زهير ثنا أبو إسحاق أنه سمع زيد بن أرقم يقول خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر الخ: زاد مسلم قال زهير وهي قراءة من خفض حواله،

-[ما نزل من الآيات في ذم المنافقين وتفسيرها]- صلى الله عليه وسلم في سفر فأصاب الناس شدة فقال عبد الله بن أبي لأصحابه لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا من حوله (1) الحديث بنحو ما تقدم (2) وزاد فيه ودعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليستغفر لهم فلوّوا (3) رؤوسهم، وقوله تعالى (كأنهم خشب (4) مسندة) قال كانوا رجالًا أجمل شيء (وعنه أيضًا) (5) قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فقال عبد الله بن أبي لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل: قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته: قال فحلف عبد الله بن أبي أنه لم يكن شيء من ذلك: قال فلامني قومي وقالوا ما أردت إلى هذا؟ قال فانطلقت فنمت كئيبًا أو حزينًا، قال فأرسل إلي نبي الله صلى الله عليه وسلم أو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله عز وجل قد أنزل عذرك وصدقك، قال فنزلت هذه الآية (هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا (6) (حتى بلغ) لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل)

_ (1) قال النووي يعني قراءة من يقرأ من حوله بكسر ميم من ويجر حوله، واحترز به عن القراءة الشاذة من حوله بالفتح (2) يعني قول عبد الله بن أبي أئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل قال (يعني زيدًا) فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بذلك فأرسل إلى عبد الله بن أبي فسأله فاجتهد يمينه ما فعل فقالوا كذبَ زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فوقع في نفسي مما قالوا حتى أنزل الله عز وجل تصديقي في إذا جاءك المنافقون، قال ودعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (3) أي عطفوا رءوسهم وأعرضوا بوجوههم رغبة عن الاستغفار، قرا نافع ويعقوب لووا بالتخفيف، وقرأ الآخرون بالتشديد لأنهم فعلوها مرة بعد مرة (4) أي أشباح بلا أرواح وأجسام بلا أحلام: قرأ أبو عمرو والكسائي خشب بسكون الشين المعجمة وقرأ الباقون بضمها (مُسنَّدة) ممالة إلى جدار من قولهم أسندت الشيء إذا أملته والتثقيل للتكثير شبهوا في استنادهم وما هم إلا أجرام خالية عن الإيمان والخبر بالخشب المسندة إلى الحائط، لأن الخشب إذا انتفع به كان في سقف أو جدار أو غيرها من مظان الانتفاع، وما دام متروكًا غير منتفع به أسند إلى الحائط فتشبهوا به في عدم الانتفاع (قال الأبي في شرح مسلم) آية وإذا رأيتهم تعجبك أجسامهم نزلت توبيخًا لهم لأنهم كانوا رجالًا أجمل شيء وأفصحه: منظرهم بروق وقولهم مخلف، ولكن لم يغن ذلك عنهم بل كانوا كالخشب المسندة في أنها إجرام لا أفهام لهم نافعة ولا عقول لهم (تخريجه) أخرجه الطريق الأول منه (خ مذ) وأخرج الطريق الثانية مسلم والبخاري أيضًا بألفاظ مختلفة (5) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الحكم عن محمد بن كعب القرظي عن زيد بن أرقم قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة الخ (6) (التفسير) هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا) أي يتفرقوا (ولله خزائن السموات والأرض) أي وله الأرزاق والقسم فهو رازقهم منها وإن أبى أهل المدينة أن ينفقوا عليهم: فأعلمهم الله سبحانه أن خزائن السموات والأرض له ينفق كيف يشاء، وقال الجنيد خزائن السموات الغيوب: وخزائن الأرض القلوب: فهو علام الغيوب ومقلب القلوب (ولكن المنافقين لا يفقهون) ولكن عبد الله بن أبي وأضرابه جاهلون لا يفقهون ذلك فيهذون بما يزين لهم الشيطان (يقولون لئن رجعنا إلى المدينة) من غزوة بني المصطلق أو غزوة تبوك على الخلاف المتقدم (ليخرجن الأعز منها الأذل) توهموا أن العزة بكثرة الأموال والأتباع،

-[قوله عز وجل (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) الخ]- (سورة الطلاق) (باب يا أيها النبي إذا طلقتم النساء الخ) (عن ابن عمر) (1) قال قرأ النبي صلى الله عليه وسلم (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء فطلقوهن في قُبُلِ عدتهن) (2) (باب ومن يتق الله يجعل له مخرجا الخ) (عن أبي ذر) (3) قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلوا هذه الآية (ومن يتفق الله يجعل له مخرجا) (4) حتى فرغ من الآية: ثم قال يا أبا ذر لو أن الناس كلهم أخذوا بها

_ روي أن عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول قال لأبيه والذي لا إله إلا هو لا تدخل المدينة حتى تقول أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأعز وأنا الأذل، فقاله، على أنه لم يلبث إلا أيامًا يسيرة بعد رجوعه إلى المدينة حتى مات (ولله العزة ولرسوله وللمؤمنين) فعزة الله قهره من دونه وعزة رسوله إظهار دينه على الأديان كلها، وعزة المؤمنين نصر الله إياهم على أعدائهم (ولكن المنافقين لا يعلمون) ذلك ولو علموا ما قالوا هذه المقالة (تخريجه) (مذ نس ك) وصححه الترمذي والحاكم وأقره الذهبي ورواه الشيخان أيضًا بألفاظ مختلفة (باب) (1) (عن ابن عمر الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فيما جاء في سورة الطلاق صحيفة 44 رقم 108 من هذا الجزء في باب ما جاء من القراءات مفصلًا واختلاف الصحابة فيه، وإنما ذكرته هنا لأجل تفسير ما جاء فيه من كلام الله عز وجل (2) (التفسير) قال الإمام البغوي رحمه الله في قوله عز وجل (يا أيها النبي إذا طلقتم النساء) نادى النبي صلى الله عليه وسلم ثم خاطب أمته لأنه السيد المقدم فخاطب الجميع معه، وقيل مجازه يا أيها النبي قل لأمتك إذا طلقتم النساء أي إذا أردتم تطليقهن كقوله عز وجل "فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله" أي إذا أردت القراءة (فطلقوهن لعدتهن) أي لطهرهن الذي يحصينه من عدتهن، وكان ابن عباس وابن عمر يقرآن (فطلقوهن في قبل عدتهن) فنزلت هذه الآية في عبد الله بن عمر كان قد طلق امرأته في حال الحيض اهـ (قلت) قصة عبد الله بن عمر وطراقه امرأته في حال الحيض تقدمت في باب النهي عن الطلاق في الحيض الخ من كتاب الطلاق في الجزء السابع عشر صحيفة أربعة: وتقدم الكلام عليه ومذاهب الأئمة فيه فأرجع إليه إن شئت والله الموفق (باب) (3) (سنده) حدثنا يزيد أنا كهمس بن الحسن ثنا أبو السليل عن أبي ذر الخ: وهذا صدر حديث طويل سيأتي بطوله وشرحه وتخريجه في كتاب الخلافة والإمارة وإنما ذكرت هذا الجزء منه هنا لمناسبة الآية وتفسيرها (4) (التفسير) (ومن يتق الله يجعل له مخرجًا) قال البغوي أكثر المفسرين قالوا نزلت في عوف بن مالك الأشجعي أسر المشركون ابنًا له يسمى مالكًا فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أسر العد وابني وشكا إليه أيضًا القافلة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اتق الله واصبر وأكثر من قول لا حول ولا قوة إلا بالله: ففعل الرجل ذلك فبينا هو في بيته إذا أتاه ابنه وقد غفل عنه العدو فأصاب إبلًا وجاء بها إلى أبيه (وروى الكلبي) عن أبي صالح عن ابن عباس قال فغفل عنه العدو فاستاق غنمهم فجاء بها إلى أبيه وهي أربعة آلاف شاة فنزلت 0 ومن يتق الله يجعل له مخرجًا) في دينه (ويرزقه من حيث لا يحتسب) ما ساق من غنم، وفي تفسير القرطبي عن ابن عباس قال (يجعل له مخرجًا) ينجيه من كل كرب في الدنيا والآخرة، وقيل المخرج أن يقنعه الله بما رزقه، قال عليّ بن صالح وقال الكلبي (ومن يتق الله) بالصبر عند المصيبة (يجعل له مخرجًا) من النار إلى الجنة وقيل غير ذلك (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) أي يثق بالله فيما نابه كفاه ما أهمه، وجاء

-[قوله عز وجل (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) وسبب نزولها]- لكفتهم (1) قال فجعل يتلو بها ويرددها على حتى نعست (سورة التحريم) (باب يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لمك) (عن عبيد الله بن عمير) (2) قال سمعت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يمكث عند زينب بنت جحش ويشرب عندها عسلًا فتواصيت (3) أنا وحفصة أن أيتنا ما دخل عليها النبي صلى الله عليه وسلم فلتفل أني أجد منك ريح مغافير: أكلت مغافير؟ (4) فدخل على إحداهما (5) فقالت ذلك له (6) فقال بل شربت عسلًا عند زينب بنت جحش وأن أعود له (7) فنزلت (لم تحرم ما أحل الله لك، إن تتوبا) (8) لعائشة وحفصة (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه (9)

_ في الحديث الصحيح عن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو أنكم توكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير: تغدوا خماصًا وتروح بطانًا (حم مذ حب ك) (إن الله بالغ أمره) قرأ طلحة بن مصرف وحفص عن عاصم بالغ أمره بالإضافة، وقرأ الآخرون بالغ بالتنوين أمره بالنصب أي منفذ أمره ممض في خلقه قضاءه (قد جعل الله لكل شيء قدرًا) أي جعل الله لكل شيء من الشدة والرخاء أجلًا يلتهي إليه قال مسروق في هذه الآية (إن الله بالغ أمره) توكل عليه أو لم يتوكل: غير أن المتوكل عليه يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرًا (1) أي لكفتهم ما أهمهم من أمر دنياهم وآخرتهم، وروى ابن أبي حاتم بسنده عن ابن مسعود قال أن أجمع آية في القرآن "إن الله يأمر بالعدل والإحسان" وإن أكبر آية في القرآن فرجًا "ومن يتق الله يجعل له مخرجًا، اللهم اجعل لنا من كل هم فرجًا ومن كل ضيق مخرجًا ومن كل عسرًا يسرا وارزقنا من حيث لا نحتسب (باب) (2) (سنده) حدثنا حجاج قال قال ابن جريج زعم عطاء أنه سمع عبيد بن عمير يخبر قال سمعت عائشة الخ (قلت) حجاج هو ابن محمد الأعور وابن جريج هو عبد الملك بن عبد العزيز: وعطاء هو ابن أبي رباح (غريبه) (3) بالصاد المهملة وكذا في رواية للبخاري أيضًا: وجاء عند مسلم فتواطيت بالطاء بدل الصاد وأصله فتواطأت أي اتفقت (أن أيتنا) أي أيُّ زوجة منا ما دخل عليها وما زائدة وحذفت في بعض روايات البخاري (4) استفهام محذوف الأداة، ومغانير بفتح الميم والمعجمة وبعد الألف فاء جمع منفور بضم الميم، وليس في كلامهم مفعول بالضم إلا قليلًا: والمغفور صمغ حلو. له رائحة كريهة ينضحه شجر يسمى العرُفط بعين مهملة وفاء مضمومتين بينهما راء ساكنة آخره طاء مهملة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه أن يوجد منه الريح يعني الريح الخبيثة، ولهذا قلن له أكلت بغافير لأن ريحها فيه شيء (5) قال الحافظ لم أقف على تعيينها وأظنها حفصة (6) يعني القول الذي تواصيا عليه أكلت مغافير (7) أي لن أعود لشر به، زاد في رواية عند البخاري وقد حلفت: لاتخبري بذلك أحدًا (8) جاء عند البخاري فنزلت (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك) إلى أن تنوبا إلى الله (أي) لعائشة وحفصة يريد أن الخطاب لعائشة وحفصة لأنهما اللتان تواطأتا وتظاهرتا على النبي صلى الله عليه وسلم (9) جاء عند البخاري ومسلم وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثًا لقوله (بل شربت عسلًا) قال الحافظ هذا القدر أي وإذا أسر النبي إلى آخره بقية الحديث وكنت أظنه من ترجمة البخاري حتى وجدته مذكورًا في آخر الحديث عند مسلم، قال وكأن المغني وأما المراد بقوله تعالى وإذا أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثًا فهو لأجل قوله بل شربت عسلًا اهـ (قلت) وهذا ظاهر في أن الآية نزلت في سبب شرب العسل عند زينب بنت جحش لقوله صلى الله عليه وسلم في حديث الباب بل شربت عسلًا

-[كلام العلماء في تحقيق ما حرمه النبي صلى الله عليه وسلم على نفسه]- .....

_ عند زينب بنت جحش ولن أعود له، لكن روى مسلم في حديث آخر أن شرب العسل كان عند حفصة (قال القاضي عياض) ذكر مسلم في حديث حجاج عن ابن جريح (يعني حديث الباب) أن النبي شرب عندها العسل زينب وأن المتظاهرتين عليه عائشة وحفصة، وكذلك ثبت في حديث عمر بن الخطاب (سيأتي) وابن عباس أن المتظاهرتين عائشة وحفصة، وذكر مسلم أيضًا من رواية أبي أسامة عن هشام أن حفصة هي التي شرب العسل عندها وأن عائشة وسودة وصفية من اللواتي تظاهرن عليه؛ قال والأول أصح (يعني حديث الباب) قال النسائي إسناد حديث حجاج صحيح جيد غاية، وقال الأصيل حديث حجاج أصح وهو أولى بظاهر كتاب تعالى وأكمل فائدة يريد قوله تعالى (وإن تظاهرا عليه) فهما ثنتان لا ثلاث وأنهما عائشة وحفصة كما قال فيه وكما اعترف به عمر رضي الله عنه وقد انقلبت الأسماء على الراوي في الرواية الأخرى كما أن الصحيح في سبب نزول الآية أنها في قصة العسل لا في قصة مارية المروى في غير الصحيحين، ولم تأت قصة مارية من طريق صحيح (قال النسائي) إسناد حديث عائشة في العسل جيد صحيح غاية، ثم القاضي بعد هذا الصواب أن شرب العسل كان عند زينب اهـ (قلت) حديث تحريم مارية المشار إليه سيأتي في خلال التفسير وقد علمت الكلام فيه (التفسير) قوله عز وجل (يا أيها النبي لا تحرم ما أحل الله لك) ذكر العلماء في سبب نزول صدر هذه السورة قولان (أحدهما) أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب عسلًا في بيت زينب بنت جحش فتواطأت عائشة وحفصة وقالتا له أنا نشم منك ريح المغافير وكانت رائحته كريهة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يكره أن يوجد منه ريح كريهة فحرم العسل على نفسه بقوله لن أعود له كما في حديث الباب وزاد البخاري (وقد حلفت، لا تخبري بذلك أحدًا) (القول الثاني) أن التي حرم مارية القبطية فقد (روي الدارقطني) عن ابن عباس عن عمر قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بأم ولده مارية في بيت حفصة فوجدته حفصة معها وكانت حفصة غابت إلى بيت أبيها فقالت له تدخلها بيتي، ما صنعت بي هذا من بين نسائك إلا من هواني عليك، فقال لها لا تذكري هذا لعائشة فهي على حرام إن قرُبتها، قالت حفصة وكيف تحرم عليك وهي جاريتك؟ فحلف لها أن لا يقرَبها فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تذكريه لأحد، فذكرته لعائشة فآلى لا يدخل على نسائه شهرًا، فاعتزلهن تسعًا وعشرين ليلة فأنزل الله عز وجل لم تحرم ما أحل الله لك: الآية ورواه أيضًا ابن جرير في تفسيره، وروى الطبراني نحوه عن ابن عباس وفيه فقال لحفصة لا تخبري عائشة، حتى أبشرك ببشارة: أن أباك بلى الآمر من بعد أبي بكر إذا أنامت: فذهبت حفصة فأخبرت عائشة قال الحافظ ابن كثير إسناده فيه نظر، وقال الإمام القرطبي والصحيح أنه كان في العسل الذي شربه عند زينب وتظاهرت عليه عائشة وحفصة فحلف أن لا يشربه وأسر ذلك ونزلت الآية في الجميع (وقال الخطابي) الأكثر على أن الآية نزلت في تحريم مارية حين حرمها على نفسه: ورجحه الحافظ بأحاديث عند سعيد بن منصور والضياء في المختارة والطبراني في عشرة النساء وابن مردوية والنسائي ولفظه عن ثابت عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كانت له أمة يطأها فلم تزل به حفصة وعائشة حتى حرمها فأنزل الله (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك) حال من فاعل تحرم أي لم تحرم مبتغيًا به مرضاة أزواجك أو تفسير لتحرم أو مستأنف أو مرضاة اسم مصدر وهو الرضا (والله غفور رحيم) غفور لما أوجب المعاتبة (رحيم) برفع المؤاخذة وقد قيل إن ذلك كان ذنبًا من الصغائر، والصحيح أنه معاتبة على ترك الأولى وأنه صلى الله عليه وسلم لم يكن له صغيرة =

-[تفسير قوله تعالى (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم - إلى قوله- ثيبات وأبكارًا)]- .....

_ = ولا كبيرة (قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم) أي بين وأوجب أن تكفروها إذا حنثتم وهي ما ذكر في سورة المائدة، وعن مقاتل أن النبي صلى الله عليه وسلم أعتق رقبة في تحريم مارية، وعن الحسن أنه لم يكفر لأنه كان مغفورًا له ما تقدم من ذنبه وما تأخر وإنما هو تعليم للمؤمنين (والله مولاكم) سيدكم ومتولى أموركم وناصركم (وهو العليم) بما يصلحكم فيشرعه لكم (الحكيم) فيما أحل وحرم (وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه) يعني حفصة بنت عمر (حديثًا) قال البغوي هو تحريم فتاته (يعني مارية) على نفسه وقوله لحفصة لا تخبري بذلك أحدًا، وقال سعيد بن جبير أسر أمر الخلافة بعده فحدثت به حفصة: قال الكليى أسر إليها أن أباك وأبا عائشة يكونان خليفتين على أمتي من بعدي (فلما نبأت به) أفشته إلى عائشة (وأظهره الله عليه) اطلع النبي صلى الله عليه وسلم على إفشائها الحديث على لسان جبريل عليه السلام (عرّف بعضه) قرأ عبد الرحمن السلمي والكسائي عرف بتخفيف الراء أي عرف بعض الفعل الذي فعلته من إفشاء سره أي غضب من ذلك عليها وجازاها به، من قول القائل لمن أساء إليه لأعرفن لك ما فعلت أي لأجازينك عليه وجازاها: قيل طلقها (وقال مقاتل) لم يطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم حفصة وإنما هم بطلاقها فأتاه جبريل عليه السلام وقال لا تطلقها فإنها صوامة قوامة وإنها من جملة نسائك في الجنة فلم يطلقها، وقرأ الآخرون عرف بالتشديد أي عرف حفصة بعد ذلك الحديث أي أخبرها ببعض ما أخبرت به عائشة وهو تحريم الأمة (وأعرض عن بعض) يعني ذكر الخلافة: كره رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينتشر ذلك في الناس (فلما نبأها به) أي أخبر النبي صلى الله عليه وسلم حفصة بما أفشت من السر إلى عائشة (قالت) حفصة للنبي صلى الله عليه وسلم (من أنبأك هذا) أي من أخبرك بأني أفشيت السر (قال نبأني العليم) بالسرائر (الخبير) بالضمائر (إن تتوبا إلى الله) أي من التعاون على النبي صلى الله عليه وسلم بالإيذاء، يخاطب حفصة وعائشة (فقد صغت قلوبكما) أي زاغت ومالت عن الحق واستوجبتما التوبة، قال ابن زيد مالت قلوبهما بأن سرهما ما كره رسول الله صلى الله عليه وسلم من اجتناب جاريته (وإن تظاهرا عليه) بالتخفيف كوني والآخرون بالتشديد وإن تعاونا عليه بما يسوءه من الإفراط في الغيرة وإفشاء سره (فإن الله هو مولاه) وليه وناصره، وزيادة (هو) إيذان بأن يتولى ذلك بذاته (وجبريل) أيضًا وليه (وصالح المؤمنين) ومن صلح من المؤمنين أي كل من آمن وعمل صالحًا، وقيل من بريء من النفاق وقيل الصحابة (والملائكة) على تكاثر عددهم (بعد ذلك) بعد نصرة الله وجبريل وصالحي المؤمنين (ظهير) فوج مظاهر له فما يبلغ تظاهر امرأتين على هؤلاء ظهراؤه (عسى ربه إن طلقكن) أي واجب من الله إن طلقكن رسوله (أن يبدله) قرئ أن يبدله بالتشديد والتخفيف والتبديل والإبدال بمعنى كالتنزيل والإنزال (أزواجًا خيرًا منكن مسلمات) خاضعات لله بالطاعة (مؤمنات) مصدقات بتوحيد الله (قانتات) مطيعات، فالقنوت هو القيام بطاعة الله وطاعة الله في طاعة رسوله (تائبات) من الذنوب أو راجعات إلى أمر رسوله (عابدات) لله (سائحات) مهاجرات أو صائمات، وقيل للصائم سائح لأن السائح لا زاد معه فلا يزال ممسكًا إلى أن يجد ما يطعمه فشبه به الصائم في إمساكه إلى أن يجيء وقت الإفطار (ثيبات وأبكارًا) إنما وسط العاطف بين الثيبات والإبكار دون سائر الصفات لأنهما صفتان متنافيتان بخلاف سائر الصفات والله أعلم (تخريجه)

-[حديث عمر بن الخطاب فيمن قال الله فيهما (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما)]- لقوله بل شربت عسلا (حدثنا عبد الرزاق) (1) أنبأنا معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله ابن أبي ثور عن ابن عباس قال لم أزل حريصًا على أن أسأل عمر بن الخطاب عن المرأتين من أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم اللتين قال الله تعالى (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما) حتى حج عمر وحججت معه فلما كنا ببعض الطريق عدل عمر (2) وعدلت معه بإداوة فتبرز ثم أتاني فسكبت على يديه (3) فتوضأ فقلت يا أمير المؤمنين عن المرأتان من أزواج النبي صلى الله عليه وسلم اللتان قال الله تعالى (إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما)؟ فقال عمر واعجبا لك يا ابن عباس (4) قال الزهري كره والله ما سأله عنه ولم يكتمه عنه، قال هي حفصة وعائشة، قال ثم أخذ يسوق الحديث، قال كنا معشر قريش قومًا نغلب النساء فلما قدمنا المدينة وجدنا قومًا تغلبهم نساؤهم فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم، قال وكان منزلي في بني أمية بن زيد بالعوالي (5) قال فتغضبت يومًا على امرأتي فإذا هي تراجعني، فأنكرت أن تراجعني، فقالت ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره (7) إحداهن اليوم إلى الليل، قال فانطلقت فدخلت على حفصة فقلت أتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت نعم، قلت وتهجره إحداكن اليوم إلى الليل؟ قالت نعم، قلت قد خاب من فعل ذلك منكن وخسر، أفتأمن إحداكن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت، لا تراجعي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تسأليه شيئًا وسليني ما بدا لك، ولا يغرنك إن كانت جارتك هي أوسم (8) وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك: يريد عائشة: (9) قال وكان لي جار من الأنصار وكنا نتناوب النزول إلى رسول الله (10) صلى الله عليه وسلم ينزل يومًا وأنزل يومًا فيأتيني بخبر الوحي وغيره وآنية بمثل ذلك: قال وكنا نتحدث أن غسان تنعل الخيل (11)

_ (ق. وغيرهما) (1) (حدثنا عبد الرزاق الخ) (غريبه) (2) أي تنحى عن الطريق لأجل قضاء الحاجة وهو معنى قول ابن عباس فتبرز (والإداوة) بكسر الهمزة إناء صغير من جلد يتخذ للماء، وجمعه أداوى بفتح الهمزة والواو (3) فيه جواز الاستعانة في الوضوء إن كانت لعذر فلا بأس بها، وإن كانت لغيره فهي خلاف الأولى ولا يقال مكروعة على الصحيح قاله النووي (4) وجه تعجب عمر تأخير ابن عباس سؤاله عنهما إلى ذاك الحين هيبة له كما ذكر ذلك صريحًا في بعض الروايات (5) العوالي موضع قريب من المدينة وكأنه جمع عالية اهـ مصباح (6) أي شيء من مراجعتي إياك تراه منكرًا (7) أي وتقعد في بيتها مفارقة له، وليس ذلك لحق لها مُنعته، بل لمقتضى غيرتهن عليه صلى الله عليه وسلم (8) أي أحسن وأجمل منك (ولفظ البخاري) أوضًا بدل اسم من الوضاءة وهو الحسن والبهجة (وجاء عند مسلم) بلفظ أوسم كما هنا والمعنى واحد (9) قال الراوي يريد عائشة يعني أن مراد عمر بالجارة التي وصفها بالوسامة والأحبية إليه صلى الله عليه وسلم عائشة الصديقة والمعنى لا تفتري يا حفصة بكون عائشة تفعل ما نهيتك عنه فإن لها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحظوة والمنزلة ما ليس لك (10) معناه كنا نتناوب النزول من العوالي مهبط الوحي والتناوب أن تفعل الشيء مرة ويفعل الآخر مرة أخرى (11) أي يجعلون لخيولهم نعالًا لغزونا يعني يتأهبون لقتالنا، زاد عند البخاري (وكان من حول رسول الله صلى الله عليه وسلم قد استقام له فلم يبق إلا ملك غسان بالشام كنا نخاف

-[استئذان عمر على النبي صلى الله عليه وسلم وملاطفته إياه عند غضبه]- لتغزونا فنزل صاحبي يومًا ثم أتاني عشاء فضرب بابي ثم ناداني فخرجت إليه، فقال حدث أمر عظيم، قلت وماذا أجاءت غسان؟ قال لا بل اعظم من ذلك وأطول (1) طلق الرسول صلى الله عليه وسلم نساءه فقلت قد خابت حفصة وخسرت، قد كنت أظن هذا كائنًا حتى إذا صليت الصبح شددت عليّ ثيابي ثم نزلت فدخلت على حفصة وهي تبكي، فقلت أطلقكن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت لا أدري هو هذا معتزل في هذه المشربة (2) فأتيت غلامًا له أسود فقلت استأذن لعمر، فدخل الغلام ثم خرج إليّ فقال قد ذكرتك له فصمت، فانطلقت حتى أتيت المنبر فإذا عنده رهط جلوس يبكي بعضهم، فجلست قليلًا ثم غلبني ما أجد، فأتيت الغلام فقلت استأذن لعمر، فدخل الغلام ثم خرج إليّ فقال قد ذكرتك له فصمت فخرجت فجلست إلى المنبر ثم غلبني ما أجد، فأتيت الغلام فقلت استأذن لعمر، فدخل ثم خرج إليّ فقال قد ذكرتك له فصمت: فوليت مدبرًا فإذا الغلام يدعوني، فقال ادخل فقد أذن لكن فدخلت فسلمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو متكئ على رمل حصير (3) (ح) وحدثنا يعقوب في حديث صالح قال رمال حصير قد اثر في جنبه، فقلت أطلقت يا رسول الله نساءك؟ فرفع رأسه إليّ وقال لا فقلت الله أكبر (4) قال لو رأيتنا يا رسول الله وكنا معشر قريش قومًا تغلب النساء، فلما قدمنا المدينة وجدنا قومًا تغلبهم نساؤهم، فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم فتغضبت عليّ امرأتي فإذا هي تراجعني فقالت ما تنكر أن أراجعك فوالله إن أزواج النبي صلى الله عليه وسلم ليراجعنه وتهجره إحداهن اليوم إلى الليل فقلت قد خاب من فعل ذلك منهن وخسر، أفتأمن إحداهن أن يغضب الله عليها لغضب رسوله فإذا هي قد هلكت، فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله: فدخلت عليّ حفصة فقلت لا يغرك إن كانت جارتك هي أوسم وأحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منك: فتبسم أخرى فقلت استأنس يا رسول الله؟ (5) قال نعم، فجلست فرفعت رأسي في

_ أن يأتينا (1) كذا عند مسلم والبخاري في المظالم (وأطول) وله في باب موعظة الرجل ابنته لحال زوجها من كتاب النكاح (وأهول) بالهاء بدل الطاء يعني وأشد هولا (2) المشربة بضم الراء وفتحها الغرفة (نه) (3) هو بفتح الراء وإسكان الميم وفي الرواية الثانية رمال بكسر الراء، يقال رملت الحصير وأرملته إذا نسجته والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان متكئًا على نسج الحصير ليس له وطاء سواء، وجاء في بعض الروايات (وأنه لعلى حصير ما بينه وبينه شيء) ولذلك قال قد أثر في جنبه وكان حصيرهم من جريد النخل (4) قوله الله أكبر لو رأيتنا الخ قال ذلك كله وهو قائم يستأنس كما يفهم مما يأتي وتقدم في صحيفة 226 رقم 381 من هذا الجزء أن عمر قال لأكلمن النبي صلى الله عليه وسلم لعله يضحك (5) قوله فقلت استأنس يا رسول الله الظاهر من إجابته صلى الله عليه وسلم أن الاستئناس هنا هو الاستئذان في الأنس والمحادثة، ويدل عليه قوله فجلست ولا يبعد فيه تقدير الاستفهام، وفي صحيح البخاري ثم قلت وأنا قائم استأنس يا رسول الله؟ فسياق الكلام فيه يستدعي أن يكون المعنى ثم قلت وأنا قائم مستأنسًا أي متبصرًا هل يعود رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الرضا أو هل أقول قولًا أطيب به وقته وأزيل عنه غضبه، من قولهم استأنس الظبي أي تبصر هل يرى قانصًا

-[منقبة لعمر في نزول بعض القرآن على وفق رأيه وما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التقلل من الدنيا]- البيت فوالله ما رأيت فيه شيئًا يرد البصر إلا أهبةً (1) ثلاثة، فقلت ادع يا رسول الله أن يوسع على أمتك فقد وسع على فارس والروم وهم لا يعبدون الله فاستوى (2) جالسًا ثم قال أفي شك أنت يا عمر يا ابن الخطاب؟ أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا (3) فقلت استغفر لي يا رسول الله، وكان أقسم أن لا يدخل عليهن شهرًا من شدة موجدته (4) عليهن حتى عاتبه الله عز وجل (5) (عن أنس) (6) قال قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه وافقت ربي عز وجل في ثلاث أو وافقني ربي في ثلاث (7) قال قلت يا رسول الله لو اتخذت المقام مصلى قال فأنزل الله عز وجل (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) وقلت لو حجبت عن أمهات المؤمنين فإنه يدخل عليك البر والفاجر فأنزلت آية الحجاب قال وبلغني عن أمهات المؤمنين شيء فاستقريتهن أقول لهن لتكفنَّ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ليبدلنه الله بكن أزواجًا خيرًا منكن (8) مسلمات حتى أتيت على إحدى أمهات

_ فيحذره (1) بضم الهمزة وسكون الهاء وهو الجلد، وقيل إنما يقال للجلد اهاب قبل الدبغ فأما بعده فلا (نه) والمعنى أنه ما رأى في البيت شيئًا يحمله على تكرار الرؤية (2) أي عن اتكائه وقوله جالسًا معناه لم يكن استواؤه قائمًا بل جلس مستويًا غير متكئ (3) قال القاضي عياش هذا مما يحتج به من يفضل الفقر على الغنى لما في مفهومه أن بمقدار ما يتعجل من طيبات الدنيا يفوته من الآخرة مما كان مدخرًا لو لم يتعجله. قال وقد يتأوله الآخرون بأن المراد أن حظ الكفار هو ما نالوه من نعيم الدنيا ولا حظ لهم في الآخرة والله أعلم (4) أي غضبه يقال وجدت عليه وجدة أي غضبت (5) أي بقوله تعالى (يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك الخ) زاد الترمذي فجعل له كفارة اليمين (تخريجه) (ق مذ نس) وفي هذا الحديث ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التقلل من الدنيا والزهادة فيها (وفيه) جواز سكنى الغرفة ذات الدرج (وفيه) ما كانوا عليه من حرصهم على طلب العلم وتناوبهم فيه (وفيه) أخذ العلم عمن كان عنده وإن كان الآخذ أفضل من المأخوذ منه كما اخذ عمر عن هذا الأنصاري (وفيه) أن الإنسان إذا رأى صاحبه مهمومًا وأراد إزالة همه ومؤانسته بما يشرح صدره ويكشف همه ينبغي له أن يستأذنه في ذلك كما قال عمر رضي الله عنه استأنس يا رسول الله؟ ولأنه قد يأتي من الكلام بما لا يوافق صاحبه فيزيد هما، وربما أحرجه، وربما تكلم بما لا يرضيه وهذا من الآداب المهمة وفيه غير ذلك كثير والله أعلم (6) (سنده) حدثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (غريبه) (7) أو للشك من الراوي والمعنى واحد لأن من وافقك فقد وافقته، والمعنى أن بعض القرآن نزل على وفق ما أرى عمر، وليس في تخصيصه العدد بالثلاث ما ينفي الزيادة، فقد روي عنه موافقات بلغت الخمسة عشرة، أسارى بدر وقصة الصلاة على المنافقين وتحريم الخمر وغير ذلك (8) جاء هذا الحديث من طريق هشيم عن حميد عن أنس مختصرًا إلى قوله أزوجًا خيرًا منكن، قال فنزلت لذلك وتقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى من تفسير سورة البقرة في هذا الجزء صحيفة 76 رقم 167، وذكرت هذا الطريق هنا لما فيه من الزيادة وذكر صفات الزوجات (قال في الكشاف) فإن قلت كيف تكون المبدلات خيرًا منهن ولم يكن على وجه الأرض نساء خير من أمهات المؤمنين (وأجاب) بأنه عليه الصلاة والسلام إذا طلقهن لعصيانهن له وإيذائهن إياه لم يبقين على تلك الصفة وكان غيرهن من الموصوفات بهذه الأوصاف مع الطاعة لرسول الله

-[هل طلق النبي صلى الله عليه وسلم حفصة أم لا؟ وفضل سورة الملك: وما جاء في العُتُ الزنيم]- المؤمنين فقالت يا عمر أما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهن (1) فكففت فأنزل الله عز وجل (عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجًا خيرًا منكن مسلمات مؤمنات قانتات) الآية (2) (سورة الملك) (باب ما جاء في فضلها) (عن أبي هريرة) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أن سورة من القرآن ثلاثون آية (4) شفعت لرجل حتى غفر له وهي (تبارك (5) الذي بيده الملك) (سورة ن) (باب ما جاء في العُتُل الزنيم) عن عبد الرحمن بن غَنْم) (6) قال سئل

_ صلى الله عليه وسلم والنزول على هواه ورضاه خيرًا منهن (1) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره هذه ال مرأة التي ردته عما كان فيه من وعظ النساء هي أم سلمة كما ثبت ذلك في صحيح البخاري اهـ (2) تقدم تفسيرها في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب، وليس في الآية ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يطلق حفصة لأن تعليق طلاق الكل لا ينافي تطليق واحدة بل قيل أنه طلقها لقول عمر لها لو كان في آل الخطاب خير لما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم طلقك، فأمره جبريل بمراجعتها وشفع فيها واعتزل النبي صلى الله عليه وسلم نساءه شهرًا وقعد في مشربة مارية أم إبراهيم حتى نزلت آية التحريم على ما تقدم، وقيل لم يطلقها بل همّ بطلاقها حتى قال له جبريل لا تطلقها فإنها صوامة قوامة وإنها من نسائك في الجنة فلم يطلقها (تخريجه) (ق وغيرها) (باب) (3) (سنده) حدثنا محمد يعني ابن جعفر ثنا شعبة عن قتادة عن عباس الجشمي عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) خبر مبتدأ محذوف أي هي ثلاثون والجملة صفة لاسم إن (وقوله شفعت) بالتخفيف خبر إن وقيل خبر إن هو ثلاثون وقوله (شفعت) خبر ثان، وهو يحتمل أن يكون بمعنى المضي في الخبر يعني كان رجل يقرؤها ويعظم قدرها فلما مات شفعت له حتى دفع عنه عذابه، ويحتمل أن يكون بمعنى المستقبل أي تشفع لمن يقرؤها في القبر أو يوم القيامة، وقد استدل بهذا الحديث من قال البسملة ليست من السور وآية تامة منها، لأن كونها ثلاثين آية إنما يصح على تقدير كونها آية تامة منها والحال أنها ثلاثون من غير كونها آية تامة منها؛ فهي إما ليست بآية منها لمذهب أبي حنيفة ومالك والأكثرين وإما ليست بآية تامة بل هي جزء من الآية الأولى كرواية في مذهب الشافعي (5) يعني سورة (تبارك) أي تعالى عن كل النقائص (الذي بيده) بقبضته وتصرفه (الملك) السلطان والقدرة والتصرف في كل الأمور (تخريجه) (مذ ك حب) وابن عدي، وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وقد ورد في فضل هذه السورة أحاديث كثيرة صالحة للاحتجاج (منها) ما رواه الحافظ في أماليه عن عكرمة قال لرجل ألا أطرفك بحديث تفرح به اقرأ تبارك الذي بيده الملك احفظها وعلمها لأهلك وولدك وجيران بيتك فإنها المنجية والمجادلة تجادل وتخاصم يوم القيامة عند ربها وتطلب إليه أن ينجيه من النار إذا كانت في جوفه وينجي الله بها صاحبها عذاب القبر (قال ابن عباس) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وددت أنها في قلب كل إنسان من أمتي قال الحافظ حسن غريب وظاهر سياقه وقفه لكن آخره يشعر برفعه والله أعلم (باب) (6) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا عبد الرحمن عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم الخ (غريبه) فسر النبي صلى الله عليه وسلم (العهتل) بقوله هو شديد الخلق بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام أي العظيم الجسم (الصحيح) اي الذي صح في الأمراض والعاهات (الأكول الشروب) أي الذي عنده شراهة في الأكل والشرب (الواجد للطعام والشراب) معناه الغني بماله غير محتاج لغيره (الظلوم

-[تفسير قوله تعالى (تعرق الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة)]- رسول الله صلى الله عليه وسلم عن العُتُل الزنيم (1) فقال هو الشديد الخلق المصحح الأكول الشروب الواجد للطعام والشراب الظلوم للناس رحب الجوف (سورة المعارج) (باب تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) الآية (عن أبي سعيد الخدري) (2) قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا (3) (كان مقداره خمسين ألف سنة) (4) ما أطول هذا اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده أنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتوبة

_ للناس) الشديد الخصومة في الباطل (رحب الجوف) أي عظيم البطن، هذه الصفات كلها ترجع إلى معنى العتل (1) (أما الزنيم) فهو الدعيّ النسب الملحق بالقوم ولبس منهم، تشبيهًا له بالزنمة وهو شيء يقطع من أذن الشاة ويترك معلقًا بها، وروى عكرمة عن ابن عباس أنه قال في هذه الآية (يعني التي أولها ولا تطع كل حلاف مهين، إلى قوله: أساطير الأولين) نعت فلم يعرف حتى قيل زنيم فعرف، وكانت له زنمة في عنقه يعرف بها، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس قال يعرف بالشر كما تعرف الشاة بزنمتها، رواه الحاكم وصححه وأقره الذهبي، قال ابن قتيبة لا نعلم أن الله وصف أحدًا ولا ذكر من عيوبه ما ذكر من عيوب الوليد بن المغيرة فألحق به عارًا لا يفارقه في الدنيا والآخرة اهـ (قلت) وبهذا تعرف أن المقصود بهذه الصفات في هذه الآية التي أولها (ولا تطع كل حلاف مهين) الخ هو الوليد بن المغيرة (وإليك تفسيرها) قال تعالى (ولا تطع كل حلاف) كثير الحلف بالباطل، قال مقاتل يعني الوليد بن المغيرة، وقيل الأسود بن عبد يغوث، وقال عطاء الأخنس بن شريف والأول أرجح (مهين) ضعيف حقير، قيل هو فعيل من المهانة وهي قلة الرأي والتمييز، وقال ابن عباس كذاب وهو قريب من الأول، لأن الإنسان إنما يكذب لمهانة نفسه عليه (عمار) مغتاب يأكل لحوم الناس بالطعن والغيبة (مشاء بنميم) XXX يسعى بالنميمة بين الناس ليفسد بينهم (مناع للخير) بخيل بالمال قال ابن عباس (مناع للخير) أي للإسلام يمنع ولده الحق (أثيم) فاجر (عتل) تقدم معناه (بعد ذلك) قال عطاء عن ابن عباس يريد مع هذا هو دعيُّ في قريش وليس منهم، قال مرة الهمداني إنما ادعاه أبوه بعد ثماني عشرة سنة (زنيم) تقدم الكلام عليه والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه شهر (يعني ابن حوشب) وثقه جماعة وفيه ضعف وعبد الرحمن بن غنم ليس له صحبة اهـ (قلت) يعني أن الحديث مرسل (باب) (2) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (3) هكذا بالأصل (يومًا) والظاهر أنه مفعول لفعل محذوف تقديره ذكر الله عز وجل يومًا الخ (4) أول الآية (تعرج الملائكة والروح إليه في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) (التفسير) (تعرج الملائكة) أي تصمد في المعارج، أي الدرجات التي جعلها الله: وقرأ ابن مسعود وأصحابه والتُّسلمي والكسائي يعرج بالياء على إرادة الجمع ولقوله، ذكروا الملائكة ولا تؤنثوهم وقرأ الباقون بالتاء على إرادة الجماعة (والروح) هو جبريل عليه السلام قاله ابن عباس، دليله قوله تعالى: نزل به الروح الأمين: وقال قبيصة بن ذؤيب إنه روح الميت حين يقبض (إليه) أي إلى المكان الذي هو محلهم وهو في السماء لأنها محل بره وكرامته، وقيل هو كقول إبراهيم (إني ذاهب إلى ربي) أي إلى الموضع الذي أمرني به وقيل (إليه) أي إلى عرشه (في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة)

-[كلام العلماء في الجمع بين قوله تعالى خمسين ألف سنة وبين قوله في آية أخرى ألف سنة]- يصليها في الدنيا (باب يوم تكون السماء كالمهل) (عن ابن عباس) (1) قال آخر شدة يلقاها المؤمن (2) الموت وفي قوله (يوم تكون السماء كالمهل) (3) كدُرديِّ وفي قوله (آناء الليل) قال جوف الليل (4)، وقال هل تدرون ما ذهاب العلم قال هو ذهاب العلماء (5) من الأرض

_ قال وهب والكلبي ومحمد بن إسحاق أي عروج الملائكة إلى المكان الذي هو محلهم في وقت كان مقداره على غيرهم لو صعد خمسين ألف سنة، وقال وهب أيضًا ما بين أسفل الارض إلى العرض مسيرة خمسين ألف سنة وهو قول مجاهد، وجمع بين هذه الآية وبين قوله (في يوم كان مقداره ألف سنة) في سورة السجدة فقال: في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة) من منتهى أمره من أسفل الأرض إلى منتهى أمره من فوق السموات خمسون ألف سنة وقوله تعالى في (ألم تنزيل) يوم كان مقداره ألف سنة يعني بذلك نزول الأمر من سماء الدنيا إلى الأرض ومن الأرض إلى السماء في يوم واحد فذلك مقداره ألف سنة لأن ما بين السماء إلى الأرض مسافة خمسمائة عام، وعن مجاهد أيضًا والحكم وعكرمة هو مدة عمر الدنيا من أول ما خلقت إلى آخر ما بقي خمسون ألف سنة لا يدري أحد كم مضى ولا كم بقي إلا الله عز وجل، وقال ابن عباس هو يوم القيامة جعله الله على الكافرين مقدار خمسين ألف سنة ثم يدخلون النار للاستقرار (قال الإمام القرطبي) وهذا أحسن ما قيل في هذه الآية إن شاء الله بدليل ما رواه قاسم بن أصبغ من حديث أبي سعيد الخدري فذكر حديث الباب قال واستدل النحاس على صحة هذا القول بما رواه سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (ما من رجل لم يؤد زكاة ماله إلا جعل شجاعًا من نار تكوى به جبهته وظهره وجنباه في ويم كان مقداره خمسين ألف سنة حتى يقضي الله بين الناس) قال فهذا يدل على أنه يوم القيامة اهـ (وعن ابن عباس) أيضًا أنه سئل عن هذه الآية وعن قوله تعالى في يوم (كان مقداره ألف سنة) فقال أيام سماها الله عز وجل وهو أعلم بها كيف تكون وأكره أن أقول فيها ما لا أعلم (وقيل) معنى ذكر خمسين ألف سنة تمثيل وهو تعريف طول مدة القيامة في الموقف وما يلقى الناس فيه من الشدائد والله أعلم (هذا والقائل ما أطول هذا اليوم) هو أبو سعيد الخدري راوي الحديث كما يستفاد من رواية أخرى (تخريجه) رواه ابن جرير أيضًا وفي إسناده دراج السهمي وثقه ابن معين وضعفه الدارقطني، قال أبو داود حديثه مستقيم إلا عن أبي الهيثم فالحديث ضعيف على قول أبي داود لأن درّاجًا رواه عن أبي الهيثم والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) يعني من شدائد الدنيا (3) أي وقال ابن عباس في تفسيره قوله تعالى (يوم تكون السماء كالمهل) قال كدردى الزيت يعني عكارته التي ترسب في أسفله وبه قال عطاء وسعيد بن جبير وعكرمة والسدي وغير واحد، وقال ابن مسعود ما أذيب من الرصاص ألوانًا لأن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود، قيل وأول ما تتغير الجبال تصير رملًا مهيلا ثم عهنًا منقوشًا ثم تصير هباء منثورًا (ولا يسأل حميم حميما) قرأ البزي عن ابن كثير لا يسئل بضم الياء أي لا يسئل حميم عن حمي أي لا يطالب به ولا يؤخذ بذنبه، وقرأ الآخرون بفتح الياء أي لا يسئل قريب عن قريب لاشتغاله بنفسه "لكل امرئ منهم يومئذ شأن يغنيه" نسأل الله السلامة في هذا اليوم (4) أي ثلثه الآخر، وهو الجزء الخامس من أسداد الليل (5) يعني موتهم

-[قوله تعالى (قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن) الخ وتفسيرها وقصة النبي صلى الله عليه وسلم معهم]- (سورة الجن) (باب قل أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن الخ) (عن ابن عباس) (1) قال ما قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجن ولا رآهم (2)، انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم في طائفة من أصحابه عامدين إلى سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب (3) قال فرجعت الشياطين إلى قومهم فقالوا مالكم؟ قالوا حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب، قال فقالوا ما حال بينكم وبين خبر السماء إلى شيء حدث فاضربوا مشارق الأرض ومغاربها فانظروا ما هذا الذي حال بينكم وبين خبر السماء، قال فانطلقوا يضربون مشارق الأرض ومغاربها يبتغون ما هذا الذي حال بينهم وبين خبر السماء؟ قال فانصرف النفر الذين توجهوا نحو تهامة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بنخلة عامدًا إلى سوق عكاظ وهو يصلي بأصحابه صلاة الفجر حين رجعوا إلى قومهم فقالوا يا قومنا (إنا سمعنا قرآنًا عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به) الآية فأنزل الله على نبيه صلى الله عليه وسلم (قل أوحي إلي (4) أنه) وإنما أوحي إليه قول الجن

_ (تخريجه) أورده الهثيمي وقال رواه أحمد وفيه قابوس بن أبي ظبيان وثقه ابن معين وغيره، وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) صحح الترمذي والحاكم حديثه اعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة حدثنا أبو بشير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) قال الحافظ البيهقي وهذا الذي ذكره عباس (يعني عدم رؤيتهم وعدم قراءته لهم) إنما هو أول ما سمعت الجن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلمت حاله، وفي ذلك الوقت لم يقرأ عليهم ولم يرهم، ثم بعد ذلك أتاه داعي الجن فقرأ عليهم القرآن ودعاهم إلى الله عز وجل كما رواه عبد الله بن مسعود اهـ (قلت) حديث عبد الله بن مسعود سيأتي مطولًا في باب إسلام طائفة من الجن من كتاب خلق العالم، وتقدم مختصرًا من رواية ابن أبي شيبة في شرح باب (وإذ صرفنا إليك نفرًا من الجن) من سورة الأحقاف (3) أي كما قال تعالى في سورة الصافات (إنا زينا السماء الدنيا بزينة الكواكب وحفظًا من كل شيطان مارد، لا يسمَّعون إلى الملأ الأعلى ويقذفون من كل جانب (دحورًا ولهم عذاب واصب إلا من خطب الخطبة فأتبعه شهاب ثاقب) (4) (التفسير) قوله عز وجل (قل أوحي إليَّ) أي قل يا محمد لأمتك أوحى الله إلي على لسان جبريل (أنه استمع) إليّ (نفر من الجن) جماعة من الثلاثة إلى العشرة من جن نصيبين وهي مدينة عامرة من بلاد الجزيرة على جادة القوافل من الموصل إلى الشام، وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عالمًا بذلك قيل إن أوحي إليه كما يستفاد من حديث الباب (فقالوا) لقومهم حين رجعوا إليهم من استماع قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الفجر (إنا سمعنا قرآنًا عجبا) اي عجيبًا في فصاحة كلامه بديعًا مباينًا لسائر الكتب في حسن نظمه وصحة معانيه، وقيل عجيبًا في عظم بركته (يهدي إلى الرشد) أي إلى مراشد الأمور، وقيل إلى مع رفة الله تعالى والتوحيد والإيمان (فآمنا به) أي بالقرآن فاهتدينا به وصدقنا أنه من عند الله، ولما كان الإيمان به إيمانًا بالله وبوحدانيته وبراءة من الشرك قالوا (ولن نشرك بربنا أحدًا) أي لا نرجع إلى إبليس ولا نطيعه لأنه الذي كان بعثهم ليأتوه بالخبر حينما رمي الجن بالشهب، وقيل لا نتخذ مع الله إلهًا آخر لأنه المنفرد بالربوبية، وفي هذا تعجيب المؤمنين

-[قوله تعالى (يا أيها المدثر قم فأنذر) الآيات وتفسيرها]- (باب وأنه لما قام عبد الله يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا) (وعنه أيضًا) (1) قال في قول الجن (وأنه لما قام عبد الله يدعوه (2) كادوا يكونون عليه لبدا) قال لما رأوه يصلي بأصحابه ويصلون بصلاته ويركعون بركوعه ويسجدون بسجوده تعجبوا من طواعية أصاحبه له، فلما رجعوا إلى قومهم قالوا (إنه لما قام عبد الله) يعني النبي صلى الله عليه وسلم (يدعوه كادوا يكونون عليه لبدا (سورة المدثر) (باب يا ايها المدثر قم فأنذر - إلى قوله والرجز فاهجر) (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) (3) قال أخبرني جابر بن عبد الله أنه سمع ورسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثم فتر الوحي عني فترة فبينا انا أمشى سمعت صوتًا من السماء فرفعت بصري قبل السماء فإذا الملك الذي جاءني بجراء الآن قاعد على كرسي بين السماء والأرض فجثثت منه فرقًا حتى هويت إلى الأرض، فجئت أهلي فقلت زملوني زملوني زملوني فأنزل الله عز وجل (يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر والرجز فاهجر) قال أبو سلمة الرجز الأوثان ثم حمى الوحي وتتابع

_ بذهاب مشركي قريش عما أدركته الجن بتدبرها القرآن (تخريجه) (ق نس مذ) وعزاه الحافظ السيوطي في الدر المنثور لعبد بن حميد وابن المنذر والحاكم والطبراني وابن مردويه وأبي نعيم في الدلائل (باب) (1) (سنده) حدثنا مؤمل قال أبو عوانة حدثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (2) (التفسري) (وأنه) قرأ نافع وأبو بكر بكسر الهمزة وقرأ الباقون بفتحها (لما قام عبد الله) يعني النبي صلى الله عليه وسلم (يدعوه) يعني يعبده ويقرأ القرآن وذلك حين كان يصلي ببطن نخلة ويقرأ القرآن (كادوا) يعني الجن (يكونون عليه لبدا) أي يركب بعضهم بعضًا ويزدحمون حرصًا على استماع القرآن، هذا قول الضحاك ورواية عطية بن عباس، وقال سعيد بن جبير عن ابن عباس هذا من قول النفر الذين رجعوا إلى قومهم من الجن أخبروهم بما رأوا من طاعة أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم واقتدائهم به في الصلاة، وهو المذكور في حديث الباب، وقال الحسن وقتادة وابن زيد يعني لما قام عبد الله بالدعوة تلبدت الإنس والجن وتظاهروا عليه ليبطلوا الحق الذي جاءهم به ويطفئوا نور الله فأبى الله إلا أن يتم نوره ويتم هذا الأمر وينصره على من ناوأه، وهو مروي عن ابن عباس ومجاهد وسعيد بن جبير، وهو اختيار ابن جرير واستظهره الحافظ بن كثير في تفسيره، وقرأ هشام عن ابن عامر لبدا بضم اللام أي جماعات وهو من تلبد الشيء على الشيء أن تجمع ومنه اللبد الذي يفرش لتراكم صوفه وكل شيء الصقته إلصاقا شديدًا فقد لبدته وجمع اللبدة لبد مثل قربه وقرب (تخريجه) (مذك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (باب) (3) (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه وهو الطريق الثانية من حديث رقم 113 صحيفة 48 من هذا الجزء في باب أول ما نزل من القرآن وإنما ذكرته هنا لتفسير ما جاء فيه من كتاب الله عز وجل (التفسير) قال الله عز وجل (يا أيها المدثر) أي المتلفف بثيابه من الدثار وهو كل ما كان من الثياب فوق الشعار، والشعار الثوب الذي يلي الجسد وأصله المتدثر فادغم (قم) من مضجعك أو قم قيام عزم وتصميم (فأنذر) فحذر قومك من عذاب اليه إن لم يؤمنوا أو فافعل الإنذار من غير تخصيص له بأحد وقيل سمع من قريش من كرهه فاغتم فتغطى بثوبه يفكر كما يفعل المغموم، فقيل له يا أيها الصارف أذى

-[تفسير قوله تعالى (فإذا نقر في الناقور) وكلام العلماء في ذلك]- (باب ولا تمنن تستكثر) (عن القاسم بن أبي بزة) (1) في قوله تبارك وتعالى (ولا تمنن تستكثر) (2) قال لا تعط شيئًا تطلب أكثر منه (باب فإذا نقر في الناقور) الآية (عن ابن عباس) (3) في قوله تعالى (فغذا نقر في الناقور) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ الكفار عن نفسك بالدثار قم فاشتغل بالإنذار وإن آذاك الفجار (وربك فكبر) وا ختص ربك بالتكبير وهو التعظيم أي لا يكبر في عينك غيره وقل عندما يعروك من غير الله أكبر، وروى أنه لما نزل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر فكبرت خديجة وفرحت وأيقنت أنه الوحي، وقد يحمل على تبكير الصلاة ودخلت الفاء بمعنى الشرط كأنه قيل ومهما كان فلا تدع تكبيره (وثيابك فطهر) بالماء عن النجاسة لأن الصلاة لا تصح إلا بها، وقال ابن سيرين وابن زيد أمر بتطهير الثياب من النجاسات التي لا تجوز الصلاة معها وذلك أن المشركين كانوا لا يتطهرون ولا يطهرون ثيابهم، ويحتمل أن يكون المراد تقصير الثياب مخالفة للعرب في تطويلهم الثياب إذا وصفوه بالبقاء من المعايب، وفلان دنس الثياب للغادر، ولأن من طهر باطنه يطهر ظاهره (والرجز فاهجر) قرأ أبو جعفر وحفص عن عاصم ويعقوب الرجز بضم الراء وقرأ لآخرون بكسرها ومعناهما واحد قال مجاهد وعكرمة وقتادة والزهري وابن زيد وأبو سلمة المراد بالرجز الأوثان، قال فاهجرها ولا تقربها، وقال الكلبي يعني العذاب ومجاز الآية اهجر ما أوجب لك العذاب من الأعمال والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا داود بن عمر ثنا نافع عن ابن عمر الجمحي عن القاسم بن أبي بزة الخ (غريبه) (2) بالرفع وهو منصوب المحل على الحال وقرأ الحسيني تستكثر بالسكون جوابًا للنهي (التفسير) (ولا تمنن تستكثر) فسره الراوي بقوله لا تعط شيئًا تطلب أكثر منه، وبه قال ابن عباس وعكرمة وقتادة قال الضحاك هذا حرمه الله على رسوله لأنه مأمور بأشرف الآداب وأجل الأخلاق وإباحة لأمته، وقال الحسن لا تمنن على الله بعلمك فتسكثره، وعن مجاهد والربيع لا تعظم عملك في عينيك أن تستكثر من الخير فإنه مما أنعم الله عليك، وقيل غير ذلك وهذه الأقوال وإن كانت مرادة فأظهرها تفسير الراوي ومن وافقه، وهو قول أكثر المفسرين لا تعط لتأخذ أكثر مما أعطيت، ويقال للعطية المنة فكأنه أمر بأن تكون عطاياه لله لا لارتقاب ثواب من الخلق عليها (ولربك فاصبر) أي على طاعة الله وأوامره ونواهيه لأجل ثواب الله، وقال ابن زيد معناه حملت أمرًا عظيمًا فيه محاربة العرب والعجم فاصبر عليه لله عز وجل نسأله تعالى أن يجعلنا من الصابرين الموفقين (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن أحمد ورواه الطبراني عن ابن عباس قال لا تعط الرجل عطاء رجاء أن يعطيك أكثر منه ورجال المسند رجال الصحيح، وفي إسناده الطبراني عطية العوفي وهو ضعيف اهـ (قلت) قول الحافظ الهيثمي رواه عبد الله بن أحمد يشعر بأنه من زوائد عبد الله على مسند أبيه وليس كذلك فإنه من مسند الإمام أحمد لا من الزوائد فقد رواه عبد الله عن أبيه (باب) (3) (سنده) حدثنا اسباط حدثنا مطرف عن عطية عن ابن عباس الخ (4) (التفسير) قوله تعالى (فإذا نقر في الناقور) أي نفخ في الصور، قال ابن عباس ومجاهد والشعب وزيد بن أسلم والحسن وقتادة والضحاك والربيع بن أنس والسدي وابن زيد (الناقور) الصور قال مجاهد وغيره هو كهيئة البوق ويعني به النفخة الثانية وقيل الأولى لأنها أول الشدة الهائلة وقال البغوي هو

-[كلام العلماء في حقيقة الصور ومن ينفخ فيه]- كيف أنعم (1) وصاحب القرن (2) قد التقم القرن وحتى جبهته يسمع متى يؤمر فينفخ، فقال أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وكيف نقول؟ قال قولوا حسبنا الله (3) ونعم الوكيل على الله توكلنا (4) (باب هو أهل التقوى وأهل المغفرة) (عن أنس بن مالك) (5) قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية (هو أهل التقوى (6) وأهل المغفرة) وقال قال ربكم أنا أهلٌ أن أتقى (7) فلا يُجعل معي إله (8) فمن اتقى أن يجعل معي إله كان أهلًا أن أغفر له

_ القرن الذي ينفخ فيه إسرافيل يعني النفخة الثانية (فذلك) إشارة إلى وقت النقر أي النفخ في الصور وهو مبتدأ (ويومئذ) يعني يوم القيامة مرفوع المحل بدل من ذلك (يوم عسير) خبر، كأنه قيل فيوم النقر يوم عسير أي شديد (على الكافرين غير يسير) وأكد بقوله غير يسير ليؤذن بأنه يسير على المؤمنين أو عسير على الكافرين لا يرجى أن يرجع يسيرًا كما يرجى تيسير العسير من أمور الدنيا (1) بفتح العين المهملة أي كيف أتنعم من النعمة بالفتح ويه المسرة والفرح والترفة (2) هو إسرافيل عليه السلام أحد الملائكة الأربعة المقربين، والقرن هو الصور قال تعالى (ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) قال القرطبي ول اصور قرن من نور ينفخ فيه النفخة الأولى للفناء والثانية للإنشاء وليس جمع صورة كما زعم بعضهم أي ينفخ في صور الموتى على ما نبينه روى مسلم من حديث عبد الله بن عمرو (قلت والإمام أحمد وسيأتي في باب أحاديث جامعة لقصة الدجال من كتاب الفتن وعلامات الساعة) قال يوم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتًا ورفع ليتًا (بكسر اللام وفتح التاء منونًا، والليت صفحة العنق: وأصغى أي أمال وهماليتان، والمعنى يسمعه أحد إلا أمال إحدى صفحتي عنقه، وإذا مالت إحداهما ارتفعت الأخرى وهو كناية عن الصعق) قال وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله (اي يطينه ويصلحه) قال فيصعق ويصعق الناس ثم يرسل الله أو قال ينزل الله مطرًا كأنه الظل فتنبت منه أجساد الناس، ثم ينفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون، وذكر الحديث وكذا في التنزيل (ثم نفخ فيه أخرى) ولم يقل فيها فعلم أنه ليس جمع الصورة، والأمم مجمعة على أن الذي ينفخ في الصور إسرافيل عليه السلام، قال أبو الهيثم من أنكر أن يكون الصور قرنًا فهو كمن ينكر العرش والميزان والصراط اهـ (3) أي كافينا الله من كل سوء (4) قال تعالى (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) أي كافيه (تخريجه) رواه ابن أبي حاتم عن عزوه للإمام أحمد قال وفيه عطية وهو ضعيف (باب) (5) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب أخبرني سهيل أخو حمزة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك الخ (6) أي هو الحقيق بأن يتقيه المتقون بترك معاصيه والعمل بطاعته (وأهل المغفرة) أي هو الحقيق بأن يغفر للمؤمنين ما فرط منهم من الذنوب، والحقيق بأن يقبل توبة التائبين من العصاة فيغفر ذنوبهم (7) هو معنى قوله تعالى (هو أهل التقوى) (8) أي لا يشرك بي (وقوله فمن اتقى الخ) أي فمن خاف أن يجعل معي إله أي خاف الإشراك بي كان أهلًا، أي كان مستحقًا أن أغفر له (تخريجه) (نس مذجه بزعل ك) وابن أبي حاتم وابن مردويه، وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، والحديث روي عن غير واحد من الصحابة وخرّج نحوه ابن مردويه عن أبي هريرةوابن عباس مرفوعًا والله أعلم

-[قوله تعالى (لا تحرك به لسانك لتعجل به) وتفسير ذلك]- (سورة القيامة) (باب لا تحرك به لسانك لتعجل به) الآية (عن سعيد بن جبير) (1) عن ابن عباس في قوله تعالى (لا تحرك به لسانك لتعجل به) (2) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يعالج من التنزيل شدة (3) فكان يحرك شفتيه (4) قال فقال لي ابن عباس أنا أحرك شفتيّ كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك (5) وقال سعيد أنا أحرك كما رأيت ابن عباس يحرك شفتيه (6) فأنزل الله عز وجل (لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه) قال جمعه في صدرك ثم نقرؤه (فإذا قرأناه فاتبع قرآنه) فاستمع له وأنصت (ثم إن علينا بيانه) فكان بعد ذلك (7) إذا نطق جبريل فرآه كما قرأه (وعنه من طريق ثان) (8) قال قال ابن عباس كان إذا نزل على النبي صلى الله عليه وسلم قرآن يريد أن يحفظه قال الله عز وجل لا تحرك به لسانك لتعجل به إن علينا جمعه وقرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه (سورة المرسلات) (باب والمرسلات عرفا) (عن عبد الله) (9) قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غار (10) فنزلت عليه (والمرسلات عرفًا) (11) فأخذتها من فيه وإن فاه

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن أبي عوانة عن موسى بن أبي عائشة عن سعيد بن جبير الخ (2) (التفسير) قال الحافظ ابن كثير في تفسيره هذا تعليم من الله عز وجل لرسول الله في كيفيه تلقيه الوحي من الملك، فإنه كان يبادر إلى أخذه ويسابق الملك في قراءته فأمره الله عز وجل إذا جاءه الملك بالوحي أن يستمع له وتكفل الله له أن يجعله في صدره وأن ييسره لأدائه على الوجه الذي ألقاه إليه وأن يبينه له ويفسره ويوضحه، فالحالة الأولى جمعه في صدره، والثانية تلاوته، والثالثة تفسيره أو إيضاح معناه، ولهذا قال تعالى (لا تحرك به لسانك لتعجل به) أي بالقرآن كما قال تعالى، ولا تعجل بالقرآن من قبل أن يقضى إليك وحيه وقل رب زدني علمًا، ثم قال تعالى (إن علينا جمعه) أي في صدرك (وقرآنه) أي قرأه عليك جبريل فجعل قراءة جبريل قراءته لأنه نزل به من عند الله عز وجل (فاتبع قرآنه) أي فاستمع قراءته عليك ثم اقرأه كما أقرأك (ثم إن علينا بيانه) أي إذا أشكل عليك شيء من معانيه بعد حفظه وتلاوته نبينه لك ونوضحه ونلهمك معناه على ما أردنا وشرعنا (3) أي حالة نزول الوحي لثقله (4) قيل كان صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي حرك لسانه مع الوحي مخافة أن ينساه، وقال عامر الشعبي أنما كان يعجل بذكره إذا أنزل عليه من حبه له وحلاوته في لسانه فنهي عن ذلك حتى يجتمع، لأن بعضه مرتبط ببعض اهـ (5) أي يريهم كيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحرك شفتيه (6) قال العيني ومثل هذا الحديث يسمى بالمسلسل بتحريك الشفة لكن لم يتصل بسلسلة وقلّ في المسلسل الصحيح (7) أب بعد نزو قوله تعالى، لا تحرك به لسانك لتعجل به (8) (سنده) حدثنا سفيان قال وقال موسى بن أبي عائشة سمعت سعيد بن جبير يقول قال ابن عباس الخ (تخريجه) (ق مذ) وابن أبي حاتم وابن جرير والبغوي (باب) (9) (سنده) حدثنا سفيان عن عاصم عن يزيد عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال الخ (غريبه) (10) أي غار حراء كما يستفاد من الطريق الثانية (11) قال القرطبي جمهور المفسرين على أن المرسلات الرياح، وقال البغوي، والمرسلات عرفا يعني الرياح أرسلت متتابعة كعرف الفرس أن المرسلات الرياح، وقال البغوي: والمرسلات عرفًا يعني الرياح أرسلت متتابعة كعرف الفرس وقيل عرفًا أي كثيرًا، تقول العرب الناس إلى فلان عرف واحد إذ توجهوا إليه فأكثروا، هذا معنى قول

-[تفسير قوله تعالى (والمرسلات عرفا) وما جاء في سورة التكوير والمطففين]- لرطب بها (1) فلا أدري بأيها ختم (2) (فبأي حديث بعده يؤمنون أو وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون) سبقتنا حية (3) فدخلت في جحر فقال النبي صلى الله عليه وسلم قدر وقيتم (4) شرها ووقيت شركم (وعنه عن طريق ثان (5) قال نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (والمرسلات عرفا) ليلة الحية قال فقلنا وما ليلة الحية يا ابا عبد الرحمن قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بحراء ليلًا خرجت علينا حية من الجبل فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتلها فطلبناها فأعجزتنا فقال دعوها عنكم فقد وقاها الله شركم كما وقاكم شرها (سورة التكوير) (عن ابن عمر) (6) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سره أن ينظر إلي يوم القيامة كأنه رأي عين فليقرأ إذا الشمس كورت وإذا السماء انفطرت وإذا السماء انشقت وأحسبه أنه قال سورة هود (سورة المطففين) (عن ابن عمر) (7) أن النبي صلى الله عليه وسلم قرأ هذه الآية (يوم يقوم الناس لرب العالمين) (8) قال يقومون حتى بلغ الرشح آذانهم (وعنه من طريق

_ مجاهد وقتادة، قال مقاتل يعني الملائكة التي أرسلت بالمعروف من أمر الله ونهيه وهي رواية مسروق عن ابن مسعود، وهو قول أبي هريرة (1) أي فمه لم يجف ريقه لأنه كان أول زمان نزولها (2) يعني فلا يدري ابن مسعود بأن الآيتين ختم رسول الله صلى الله عليه وسلم قراءته حين خرجت عليهم الحية، وإليك تفسير هاتين الآيتين (وإذا قيل لهم اركعوا لا يركعون) أي إذا أمر هؤلاء الجهلة من الكفار أن يكونوا من المصلين مع الجماعة امتنعوا من ذلك واستكبروا عنه ولهذا قال تعالى (ويل يومئذ للمكذبين) أي ويل لهم من عذاب الله غدًا ثم قال تعالى (فبأي حديث بعده يؤمنون) أي إذا لم يؤمنوا بهذا القرآن فبأي كلام يومنون به؟ (3) تقع على الذكر والأنثى ودخلت الهاء لأنه واحد من جنس كبطة ودجاجة (4) بضم الواو وكسري القاف مخففة فيهما (5) (سنده) حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال وحدثني عبد الرحمن بن الأسود بن يزيد النخعي عن أبيه عن عبد الله بن مسعود قال نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) سورة التكوير) (6) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من تفسير سورة هود في هذا الجزء صحيفة 178 رقم 308 فارجع إليه. (7) (سنده) حدثنا حسن حدثنا حماد بن سلمة عن أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (8) هذه الآية متعلقة بما قبلها من الآيات في أول السورة وهو قوله تعالى للمطفيين (وإليك تفسير هذه الآية) يبخسون حقوق الناس في الكيل والوزن، قال الزجاج إنما قيل الذي ينقص المكيال والميزان مطفف لأنه لا يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء اليسير الطفيف (وعن ابن عباس) قال لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة كانوا من أخبث الناس كيلًا فأنزل الله عز وجل ويل للمطففين فأحسنوا الكيل والميزان (الذين إذا اكتالوا على الناس يستوفون) اي أخذوا بالكيل من الناس يأخذون حقوقهم وافية تامة، قال الفراء من وعلى يعتقبان في هذا الموضع لأنه حق عليه فإذا قال اكتلت عليك: فكأنه قال أخذت عليك، وإذا قال اكتلت منك فكأنه قال استوفيت منك، والضمير المنصوب في (وإذا كالوهم أو وزنوهم) راجع إلى الناس، أي كالوا لهم أو وزنوا لهم فحذف الجار وأوصل الفعل، ويحتمل أن المطففين كانوا لا يأخذون ما يكال ويوزن إلا بالمكاييل لتمكنهم بالاكتيال من الاستيفاء والسرقة لأنهم يدعون

-[قوله تعالى (يوم يقوم الناس لرب العالمين) وصعوبة الموقف والحساب]- ثان) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يوم يقوم الناس لرب العالمين) في يوم كان مقداره خمسين ألف سنة (2) في الرشح إلى إنصاف آذانهم (سورة الانشقاق) (باب فسوف يحاسب حسابًا يسيرًا) (عن عائشة) (3) رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حوسب يوم القيامة عذب (4) فقلت أليس قال الله عز وجل (فسوف يحاسب حسابًا يسيرا)؟ (5) قال ليس ذلك بالحساب ولكن ذلك العرض، (6) من نوقش الحساب يوم القيامة عذب (سورة البروج) (باب وشاهد ومشهود) (عن أبي هريرة) (7) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية (وشاهد ومشهود قال

_ ويحتالون في الملء، وإذا أعطوا كالوا ووزنوا لتمكنهم من البخس في النوعين (يخسرون) ينقصون يقل خسر الميزان وأخسره (ألا يظن أولئك أنه مبعوثون ليوم عظيم) يعني يوم القيامة ادخل همزة الاستفهام على لا النافية توبيخًا وليست ألا هذه للتنبيه، وفيه إنكار وتعجب عظيم من حالهم في الاجتراء على التطفيف كأنهم لا يخطر ببالهم ولا يخمنون تخمينًا إنهم يبعثون ويحاسبون على مقدار الذرة (يوم يقوم الناس لرب العالمين) أي يقومون من قبورهم حفاة عراة في موقف صعب حرج ضيق ضنك على المجرم ويغشاهم من أمر الله تعالى ما تعجز القوى والحواس عنه ولذلك قال في الحديث حتى يبلغ الرشح آذانهم (والرشح) بفتح الراء المشددة وسكون المعجمة هو العرق بالتحريك لأنه يخرج من بدنه شيئًا فشيئًا كما يترشح الإناء المتخلل الأجزاء (وحكى القاضي) أبو بكر بن العربي أن كل أحد يقوم عرقه معه وهو خلاف المعتاد في الدنيا، فإن الجماعة إذا وقفوا في الأرض المعتادة أخذهم الماء أخذًا واحدًا لا يتفاوتون فيه، وهذا من القدرة التي تخرق العادات: والإيمان بها من الواجبات (1) (سنده) حدثنا مؤمل حدثنا حماد يعني ابن زيد حدثنا أيوب عن نافع عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) تقدم الكلام على هذا اليوم في الباب الأول من تفسير سورة المعارج في هذا الجزء فارجع إليه (تخريجه) (ق لك وغيرهم) (باب) (3) (سنده) حدثنا إسماعيل قال أنا أيوب عن عبد الله بن أبي مليكة عن عائشة الخ (غريبه) (4) جاء في رواية للشيخين بلفظ (ليس أحد يحاسب يوم القيامة إلا هلك) وظاهره العموم في تعذيب كل من حوسب وهو يعارض الآية لأنها تدل على أن بعضهم لا يعذب، وهذا ما دعا عائشة رضى الله عنها إلى السؤال فأجابها النبى صلى الله عليه وسلم بأن مقصود الحديث من نوقش الحساب، والمناقشة في الحساب هي المعاصرة فيه واستقصائه فلم يترك قليلًا ولا كثيرًا إلا حاسبه عليه، أما ما جاء في الآية فالمراد به العرض وهو إبراز الأعمال وإظهارها فيعرف صاحبها ذنوبه ثم يتجاوز عنه، ولذلك عبر عنه في الآية بالحساب اليسير وحينئذ فلا معارضة (5) أول الآية (فأما من أوتي كتابه بيمينه فسوف يحاسب حسابًا يسيرا: وإليك تفسيرها (التفسير) (فأما من أوتي كتابه بيمينه) أي كتاب عمله فسوف يحاسب حسابًا يسيرا) أي سهلًا لينًا بلا تعسير وهو أن يجازي على الحسنات ويتجاوز عن السيئات وبقية الآية (وينقلب إلى أهله) إلى عشيرته إن كانوا مؤمنين أو إلى فريق المؤمنين أو إلى أهله في الجنة من الحور العين (مسرورا) أي فرحا (6) تقدم شرحه وكذلك شرح المناقشة والله أعلم (تخريجه) (قد مذ نس) وابن جرير والبغوي (باب) (7) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت على بن زيد ويونس بن عبيد يحدثان عم عمار مولى بني هاشم، أما علىّ فرفعه أن النبي صلى الله عليه وسلم، وأما يونس فلم يعدُ أبا هريرة أنه

-[قوله تعالى (وشاهد ومشهود) وتفسير ذلك]- يعني الشاهد يوم عرفة والموعود يوم القيامة (وبالسند المتقدم) عن يونس (1) قال سمعت عمارًا مولى بني هاشم يحدث عن أبي هريرة أنه قال في هذه الآية (وشاهد ومشهود) قال الشاهد يوم الجمعة والمشهود يوم عرفة والموعود يوم القيامة (سورة الأعلى) (باب ما جاء في فضلها وتفسير صدرها) (عن على رضى الله عنه) (2) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب هذه السورة (سبح اسم ربك الأعلى) (عن ابن عباس) (3) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ سبح اسم ربك الأعلى) قال سبحان ربي الأعلى (عن عقبة بن عامر الجهني) (4) قال لما نزلت فسبح باسم ربك العظيم، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم اجعلوها في ركوعكم فما نزلت (سبح اسم ربك الأعلى) قال اجعلوها في

_ قال في هذه الآية الخ (قلت) معنى هذا أن على بن زيد رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال في روايته عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في هذه الآية إلى آخره: أما يونس فلم يعدُ أي لما يجاوز أبا هريرة أي لم يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل قال عن أبي هريرة أنه قال في هذه الآية الخ، وقد فسر في الحديث بأن الشاهد يوم عرفة والموعود يوم القيامة: مع أن الموعود لم يتقدم له ذكر في الحديث ولم يفسر الشهود، وأول الآية (والسماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود: وإليك تفسيرها (التفسير) قوله عز وجل (والسماء ذات البروج) واليوم الموعود وشاهد ومشهود: وإليك تفسيرها (التفسير) قوله عز وجل (والسماء ذات البروج واليوم الموعود وشاهد ومشهود: وإليك تفسيرها (التفسير) قوله عز وجل (والسماء ذات البروج) وهي اثنا عشر برجًا وهي منازل الكواكب والشمس والقمر قاله أبو عبيد ويحيى بن سلام وقيل النجوم أو عظام الكواكب، قاله الحسن وقتادة ومجاهد والضحاك وقيل غير ذلك (واليوم الموعود) أي الموعود به وهو يوم القيامة من غير اختلاف بين أهل التأويل، قال ابن عباس وعد أهل السماء وأهل الأرض أن يجتمعوا فيه (وشاهد ومشهود) قال على وابن عباس وابن عمر وأبو هريرة رضى الله عنهم الشاهد يوم الجمعة لأنه يشهد لمن حضر صلاته، والمشهود يوم عرفة لأن الناس يشهدونه أي يحضرونه ويجتمعون فيه وهو قول الحسن، ويؤيده حديث الباب وقيل غير ذلك (1) معناه أن الإمام أحمد رواه مرة أخرى عن محمد بن جعفر عن شعبة عن يونس وحده ولم يذكر معه على بن زيد (تخريجه) هذا الحديث روى مرفوعًا وموقوفًا على أبي هريرة فرواه الإمام أحمد والحاكم من طريق شعبة عن على بن زيد بن جدعان الخ، وروياه مرة أخرى من طريق شعبة أيضًا عن يونس بن عبيد موقوفًا على أب هريرة وصحح الحاكم هذه الرواية الموقوفة واقره الذهبي (قلت) وكذلك الرواية المرفوعة صحيحة أيضًا لأن على بن زيد وثقه ابن معين والنسائي كذا في التهذيب، وفي الخلاصة قال شعبة حدثنا على بن زيد قبل أن يختلط وعلى هذا فالحديث صحيح: المرفوع منه والموقوف، ورواه الترمذي والبغوي وابن أبي حاتم وابن خزيمة مرفوعًا، وفي إسناده عندهم موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف ضعفه يحيى بن سعيد وغيره والله أعلم (حدثنا) (2) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن ثوير بن فاخثة عن أبيه عن علىّ الخ (تخريجه) (ز) وابن مردويه، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ثوير بن أبي فاخثة وهو متروك (3) (سنده) حدثنا وكيع ثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن مسلم البطين عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (تخريجه) (دك) والبغوي وصححه الحاكم وأقره الذهبي وأورده الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لابن مردويه والبيهقي (4) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الذكر في الركوع من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 261 رقم 634 وإنما ذكرته هنا لمناسبة

-[قوله تعالى (والفجر وليال عشر والشفع والوتر إذا يسر) الآية وتفسيرها]- سجودكم (سورة الفجر) (باب والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر) (عن جابر) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن العشر عشر الأضحى (2) والوتر يوم عرفة

_ الترجمة ولتفسير الآية (التفسير) قال الله عز وجل (سبح اسم ربك الأعلى) قال القرطبي أي عظم ربك الأعلى والاسم صلة قصد به تعظيم المسمى كما قال لبيد (إلى الحول ثم إلى السلام عليكما * ومن يبك حولًا كاملًا فقد اعتذر) وقيل نزه ربك عن السوء وعما يقول فيه الملحدون، وذكر الطبري أن المعنى نزه اسم ربك عن أن تسمى به أحدًا سواه، وروى أبو صالح عن ابن عباس ص بأمر ربك الأعلى، قال وهو أن تقول سبحان ربي الأعلى، وروى عن على وابن عباس وابن عمر وابن الزبير وأبي موسى وعبد الله بن مسعود رضى الله عنهم أنهم كانوا إذا فتحوا قراءة هذه السورة قالوا سبحان ربي الأعلى امتثالًا لأمره في ابتدائها فيختار الاقتداء بهم في قرائتهم لا أن سبحان ربي الأعلى من القرآن كما قاله بعض أهل الزيغ، وقيل إنها في قراءة أبي سبحان ربي الأعلى، وكان ابن عمر يقرؤها كذلك، وفي الحديث كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قرأها قال سبحان ربي الأعلى (قلت) يعني حديث ابن عباس المذكور في الباب، قال وهذا كله يدل على أن الاسم هو المسمى لأنهم لم يقولوا سبحان اسم ربي الأعلى، وقيل إن أول من قال سبحان ربي الأعلى ميكائيل عليه السلام، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لجبريل يا جبريل أخبرني بثواب من قال سبحان ربي الأعلى في صلاته أو في غير صلاته؟ فقال يا محمد ما من مؤمن ولا مؤمنة يقولها في سجوده أو في غير سجوده إلا كانت له في ميزانه أثقل من العرش والكرسي وجبال الدنيا، ويقول الله تعالى صدق عبدي أنا فوق كل شيء وليس فوقي شيء: اشهدوا يا ملائكتي إني قد غفرت له وأدخلته الجنة، فإذا مات زاره ميكائيل كل يوم: فإذا كان يوم القيامة حمله على جناحه فأوقفه بين يدي الله تعالى فيقول يارب شفعني فيه، فيقول قد شفعتك فيه فاذهب به إلى الجنة، هكذا ذكره القرطبي في تفسيره بغير سند ولم يعزه إلى أحد ولم أقف عليه لغيره والظاهر أن هذا الحديث إن لم يكن موضوعًا فهو ضعيف جدًا والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب حدثنا عياش بن عقبة حدثني خير بن نعيم عن أبي الزبير عن جابر الخ (غريبه) (2) فسره النبي صلى الله عليه وسلم بعشر الأضحى يعني العشر الأول من شهر ذي الحجة وأضيفت إلى الأضحى لأن يوم عيد الأضحى منها، وفسر الوتر بيوم عرفة لكونه التاسع، وفسر الشفع بيوم النح لكونه العاشر: وللعلماء كلام في ذلك سيأتي في التفسير وأول الآية قوله تعالى (والفجر وليال عشر والشفع والوتر والليل إذا يسر) أقسام خمسة أقسم الله بها، فقد يقسم الله تعالى بأسمائه وصفاته لعلمه، ويقسم بأفعاله لقدرته، كما قال تعالى (وما خلق الذكر والأنثى) ويقسم بمفعولاته لعجائب صنعه كما قال: (والشمس وضحاها) (والسماء وما بناها) (والسماء والطارق) ولم يذكر في الحديث الفجر والليل وإليك تفسير الجميع (التفسير) قال الله عز وجل (والفجر) أقسم الله تعالى بالفجر وهو الصبح كقوله: والصبح إذا أسفر: أو بصلاة الفجر، وقيل غير ذلك، وهذا أشهر الأقوال (وليال عشر) عشر ذي الحجة وهو تفسير النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث، وإنما نكرت لزيادة فضلها، وقيل العشرة الأول من المحرم أو الأواخر من رمضان ولا قول لأحد بعد قول النبي صلى الله عليه وسلم (والشفع والوتر) فسر الشفع في الحديث بيوم النحر لأنه العاشر، والوتر بيوم عرفة لأنه التاسع، وقيل شفع كل الأشياء ووترها أو شفع هذه الليالي ووترها أو

-[كلام العلماء في الشفع والوتر وقوله تعالى (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد)]- والشفع يوم النحر (عن عمران بن حصين) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن الشفع والوتر فقال هي الصلاة بعضها شفع (2) وبعضها وتر (باب فيومئذ لا يعذب عذابه أحد الخ) (حدثنا محمد بن جعفر) (3) حدثنا شعبة عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عمن سمع النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقرأ (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد) (4)

_ شفع الصلاة ووترها، وهذا القول جاء في الحديث التالي (والليل إذا يسر) أي إذا سار وذهب، وهو قول ابن عباس كما قال تعالى (والليل إذا أدبر) وقال قتادة إذا داء وأقبل وأراد كل ليلية، وقال مجاهد وعكرمة والكلبي هي ليلة المزدلفة، والظاهر العموم، قرأ أهل الحجاز والبصرة يسري بالياء في الوصل ويقف ابن كثير ويعقوب بالياء أيضًا والباقون يحذونها في الحالين، في حذف فلو فاق رءوس الآي، ومن أثبت فلأنها لام الفعل، والفعل لا يحذف منه في الوقف نحو قوله هو يقضي وأنا أقضي، وسئل الأخفش عن العلة في سقوط الياء فقال الليل لا يسري ولكن يسري فيه فهو مصروف فلما صرفه بخسه حقه من الإعراب كقوله (وما كانت أمك بغيا) ولم يقل- بغية- لأنه صرف من باغية، وهذه الأسماء كلها مجرورة بالقسم والجواب محذوف وهو لتعذبن يا كفار مكة، يدل عليه قوله تعالى (ألم تر كيف فعل ربك بعاد) إلى قوله تعالى (فصب عليهم ربك سوط عذاب) وقال ابن الأنباري هو: إن ربك لبالمرصاد (هل في ذلك قسم لذي حجر) قال مقاتل (هل) هنا في موضع أن تقديره أن في ذلك قسمًا لذي حجر، فلفظ هل على هذا في موضع جواب القسم، وقيل هي على بابها من الاستفهام الذي معناه التقرير كقولك ألم أنعم عليك إذا كنت قد أنعمت، وقيل المراد بذلك التأكيد لما أقسم به وأقسم عليه، والمعنى بل في ذلك مقنع لذي حجر، والجواب على هذا (إن ربك لبالمرصاد) أو مضمر محذوف، ومعنى (لذي حجر) أي لذي لب وعقل وكذا قال عامة المفسرين، سمي به لأنه يحجر صاحبه عما لا يحل ولا يجمل كما يسمى عقلًا لأنه يعقله عن القبائخ، ونُهَي، لأنه ينهى عما لا ينبغي وأصل الحجر المنع والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) ورجالهما رجال الصحيح غير عياش بن عقبة وهو ثقة (1) (سنده) حدثنا أبو داود هو الطيالسي حدثنا همام عن قتادة عن عمران بن عصام أن شيخنا حدثه من أهل البصرة عن عمران بن حصين الخ (غريبه) (2) أي كالرباعية والثنائية (وبعضها وتر) كالمغرب فإنها ثلاث وهي وتر النهار وكذلك صلاة الوتر في آخر التهجد من الليل، قاله أبو العالية والربيع بن أنس وغيرهما (تخريجه) (مذ طل) وفي إسناده عندهما رجل مبهم، وكذلك عند الإمام أحمد فقد رووه جميعًا من طريق قتادة عن عمران بن عصام عن شيخ من أهل البصرة عن عمران بن حصين، ورواه ابن أبي حاتم والحاكم من طريق قتادة أيضًا عن عمران بن عصام شيخ من أهل البصرة فجعلا الشيح البصري هو عمران بن عصام وصححه الحاكم وأقره الذهبي، وكذلك رواه ابن جرير بسنده عن عمران بن عصام عن عمران بن حصين ولم يجزم ابن جرير بشيء من هذه الأقوال في الشفع والوتر والله أعلم (باب) (3) (حدثنا محمد بن جعفر الخ) (غريبه) (4) أول الآية (وجيء يومئذ بجهنم يومئذ يتذكر الإنسان وأنى له الذكرى يقول يا ليتني قدمت لحياتي فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد) (التفسير) (وجيء يومئذ بجهنم) روى مسلم بسنده عن ابن مسعود قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بجهنم يومئذ (يعنى يوم القيامة) لها سبعون ألف

-[قوله عز وجل (والضحى والليل إذا سجى) وتفسير ذلك]- يعني يفعل به (1) قال خالد وسألت عبد الرحمن ابن أبي بكرة قال فيومئذ لا يعذب أي يفعل به (سورة الضحى) (باب والضحى والليل إذا سجى الخ) (عن جندب بن سفيان) (2) قال اشتكى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فلم يقم ليلتين أو ثلاثًا فجاءته امرأة (3) فقالت يا محمد لم أره فربك منذ ليلتين أو ثلاث (وفي لفظ) فقالت يا محمد ما أرى شيطانك إلا قد تركك (وفي لفظ) ما أرى صاحبك (4) إلا قد أبطأ عليك) فأنزل الله عز وجل (والضحى (5) والليل إذا سجى ما ودعك ربك وما قلى)

_ زمام مع كل زمام سبعون ألف ملك يجرونها، وهكذا رواه الترمذي أيضًا (يومئذ) يعني يوم يحاء بجهنم (يتذكر الإنسان) أي عمله وما كان أسلفه في قديم دهره وحديثه (وأنى له الذكرى) قال الزجاج يظهر التوبة ومن أين له التوبة (يقول يا ليتني قدمت لحياتي) أي قدمت الخير والعمل الصالح لحيات في الآخرة أي لآخرتي التي لا موت فيها (فيومئذ لا يعذب عذابه أحد ولا يوثق وثاقه أحد) قرأ الكسائي ويعقوب لا يعذب ولا يوثق بفتح الذال والثاء على معنى لا يعذب أحد في الدنيا كعذاب الله يومئذ ولا يوثق كوثاقه يومئذ، وقيل هو رجل بعينه وهو أمية بن خلف يعني لا يعذب كعذاب هذا الكافر أحد ولا يوثق كوثاقه أحد، وقرأ الآخرون بكسر الذال والثاء أي لا يعذب أحد في الدنيا كعذاب الله للكافر يومئذ ولا يوثق كوثاقه أحد يعني لا يبلغ أحد في الخلق كبلاغ الله في العذاب والوثاق وهو الإسار في السلاسل والأغلال نعوذ بالله من ذلك (1) أي يفعل به العذاب (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (باب) (2) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا زهير عن الأسود بن قيس قال سمعت جندب بن سفيان يقول اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) قال الحافظ في التقريب جندب بن عبد الله بن سفيان البجلي ثم العلقي بفتحتين ثم قاف أو عبد الله وربما نسب إلى جده له صحبة ومات بعد الستين اهـ (قلت) وقد نسبه الإمام أحمد هنا إلى جده فقال جندب بن سفيان (غريبه) (3) هي العوراء بنت حرب أخت أبي سفيان وهي حمالة الحطب وهي أم جميل امرأة أبي لهب كما عند الحاكم (4) هو جبريل عليه السلام وقد عبرت عنه في اللفظ السابق بالشيطان قاتلها الله، وهذا اللفظ ثابت في رواية البخاري أيضًا (5) (التفسير) قال الله عز وجل (والضحى) المراد وقت الضحى وهو صدر النهار حين ترتفع الشمس، وإنما خص وقت الضحى بالقسم لأنها الساعة التي كلم اله فيها موسى عليه السلام وألقى السحرة سجدًا: بيانه قوله تعالى: وأن يحشر الناس ضحى، والنهار كله لقوله: والليل إذا سجى فقابله بالليل، (وقال أهل المعاني) فيه وفي أمثاله فيه إضمار مجازه ورب الضحى (والليل إذا سجى) أي سكن فأظلم وأدلهم، قال مجاهد وقتادة والضحاك وابن زيد وغيرهم، وذلك دليل ظاهر على قدرة خالق هذا: وهذا كما قال تعالى والليل إذا يغشى والنهار إذا تجلى: وقال تعالى فالق الإصباح وجعل الليل سكنًا: وقيل المراد سكون الناس والأصوات فيه وجواب القسم (ما ودعك ربك) وعدك بالتشديد قراءة العامة من التوديع وذلك كتوديع المفارق وروى عن ابن عباس وابن الزبير أنهما قرآه ودعك بالتخفيف ومعناهما واحد أي ما تركك منذ اختارك (وما قلى) أي ما أبغضك ربك منذ أحبك، وتأويل الآية ما ودعك ربك وما قلاك فترك الكاف لأنه رأس آية كما قال عز وجل: والذاكرين الله كثيرًا والذاكرات

-[قوله تعالى (أرأيت الذي ينهى عبدًا إذا صلى) نزلت في أبي جهل]- (سورة العلق) (باب أرأيت الذي ينهى عبدًا إذا صلى) (عن عكرمة عن ابن عباس) (1) قال جاء أبو جهل (2) إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي (3) فنهاه فتهدده النبي (4) صلى الله عليه وسلم فقال أنهددني؟! أما والله أني لأكثر أهل الوادي ناديًا (5) فأنزل الله (أرأيت الذي ينهى عبدًا إذا صلى (6) أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى) قال ابن عباس والذي نفسي بيده لو دعا ناديه لأخذته الزبانية (7) (عن أبي حازم عن أبي هريرة) (8) قال قال أبو جهل هل يغفر محمد وجهه بين أظهركم؟ (9) قال فقيل نعم، قال واللات والعزى يمينًا (10) يحلف بها لئن رأيته يفعل ذلك (11) لأطأن على رقبته أو لأعفرن وجهه في التراب، قال فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلي زعم ليطأ على رقبته (12) قال فما فاجأهم منه إلا وهو بنكِص على عقبيه (13) ويتفى بيديه، قال قالوا له مالك؟ قال إن بيني وبينه لخندقًا من نار (14) وهولًا وأجنحة، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ أي والذاكرات الله، قال الحافظ ابن كثير في تفسيره قال العوفي عن ابن عباس لما نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن (يعني بعض القرآن في أول الأمر وهو بمكة) أبطأ عنه جبريل أيامًا فنغير بذلك، فقال المشركون ودعه ربه وقلاه، فأنزل الله: ما ودعك ربك وما قلى (وقال البغوى) اختلفوا في مدة احتباس الوحي عنه، فقال ابن جريج أثنا عشر يومًا، وقال ابن عباس خمسة عشر يومًا، وقال مقاتل أربعون يومًا والله أعلم (تخريجه) (قد مذ نس) وابن أبي حاتم وابن جرير والبغوي من طرق عن الأسود بن قيس عن جندب بن عبد الله البجلي (باب) (1) (سنده) حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا داود (يعني ابن أبي هند) عن عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) هو عمرو بن هشام، ولم يدرك ابن عباس القصة فيحمل على سماعه ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم أو من صحابي آخر (3) أي عند المقام كما في رواية ابن جرير (وقوله فنهاه) يعني عن الصلاة (4) يعني نهره النبي صلى الله عليه وسلم وأغلظ له في القول (5) قال في النهاية النادي يجتمع القوم وأهل المجلس فيقع على المجلس وأهله اهـ والمعنى أنه يهدد النبي صلى الله عليه وسلم بكثرة أتباعه وعشيرته وأهل مجلسه (6) سيأتي تفسيرها في الحديث التالي (7) أي الملائكة الغلاظ الشداد وهم خزنة جهنم سموا بذلك لأنهم يدفعون أهل النار إليها بشدة، مأخذ من الزبن وهو الدفع (تخريجه) (قد مذ نس) (8) (سنده) حدثنا عارم قال حدثنا معتمر بن سليمان قال قال أبي حدثنا نعيم بن أبي هند عن أبي حازم عن أبي هريرة الخ (غريبه) (9) هو كغاية عن كونه صلى الله عليه وسلم يصلي لأن التراب يلصق بوجه المصلى إذا سجد لاسيما وقد كانوا يصلون في الحرم على الأرض بغير فراش (10) بالنصب مفعول لفعل محذوف تقديره أقسم يمينًا الخ (11) جاء عند البخاري لئن رأيت محمدًا يصلي عند الكعبة لأطأن الخ (وقوله لأطأن) بصيغة المضارع المتكلم مؤكدة باللام والنون الثقيلة من الوطأ وهو الدرس من باب سمع (12) أي عازمًا على أن ينفذ ويطأ رقبة النبي صلى الله عليه وسلم (13) أي فرجع القهقهري وجعل يشير بيديه كأنه يتقى شيئًا يخافه (14) أي حفرة من نار حالت بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم (وهولًا) أي شيئًا مخوفًا أفزعني لخطفته الملائكة عضوًا عُضوا: ومعناه أن الملائكة لم تخطفه برمته بل تخطف أعضاءه عضوًا بعد عضو بقصد التمثيل به، وجاء عند الترمذي فقال النبي صلى الله عليه وسلم لو فعل لأخذته الملائكة عِيانًا (يعني أمام الناس

-[قوله تعالى (كلا إن الإنسان لطغى) وتفسير ذلك]- لو دنا مني لخطفته الملائكة عُضوًا عضوا قال فأنزل الله لا أدري (1) في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه (إن الإنسان ليطغى (2) أن رآه استغنى إن إلى ربك الرجعى أرأيت الذي ينهى عبدًا إذا صلى أرأيت إن كان على الهدى أو أمر بالتقوى أرأيت إن كذب وتولى (يعني أبا جهل) ألم يعلم بأن الله يرى، كلا لئن لم ينته لنسفعًا بالناصية ناصية كاذبة خاطئة فليدع ناديه (قال يدعوا قومه) سندع

_ يقال لقيه ورآه عيانًا أي مشاهدة لم يشك في رؤيته، وإنما شدد الأمر في حق أبي جهل ولم يقع مثل ذلك لعقبة بن أبي معيط حيث طرح سلى الجزور على ظهره صلى الله عليه وسلم وهو يصلي لأنهما اشتركا في مطلق الأذية حالة صلاته، لكن زاد أبو جهل بالتهديد وبدعوى أهل طاعته وبإرادة وطئ العنق الشريف، وفي ذلك من المبالغة ما اقتضى تعجيل العقوبة له لو فعل ذلك، ولأن سلى الجزور لم يتحقق نجاستها، وقد عوقب عقبة بدعائه صلى الله عليه وسلم عليه وعلى من شاركه في فعله فقتلوا يوم بدر: قال الحافظ (1) جاء عند مسلم قال فأنزل الله عز وجل لا ندري في حديث أبي هريرة أو شيء بلغه: كلا إن الإنسان ليطغى: وشقط من أصل المسند لفظ (كلا) (2) (التفسير) (كلا إن الإنسان ليطغى) لفظ كلا ردع لمن كفر بنعمة الله عليه بطغيانه وإن لم يذكر لدلالة الكلام عليه، يخبر تعالى عن الإنسان أنه ذو فرح وأشر وبطر وطغيان إذا رأى نفسه قد استغنى وكثر ماله، قال مقاتل نزلت في أبي جهل كان إذا أصاب مالًا زاد في ثيابه ومركبه وطعامه فذلك طغيانه (قلت) طغيانه أنه تجاوز حده واستكبر علىربه، قال النسفي نزلت في أبي جهل إلى آخر السورة (أن رآه) أن رآ نفسه، يقال في أفعال القلوب رأيتني وعلمتني، ومعنى الرؤية العلم ولو كانت بمعنى الإبصار لامتنع في فعلها الجمع بين الضميرين (استغنى) هو المفعول الثاني (إن إلى ربك الرجعى) هذه الآية سقطت من الحديث عند الإمام أحمد وهي ثابتة فيه عند مسلم وغيره والمعنى إن إلى الله المصير والمرجع وسيحاسبك على مالك من أين جمعته. وفيم صرفته. ويجازيك على طغيانك (أرأيت الذي ينهى عبدًا إذا صلى) نزلت في أبي جهل توعد النبي صلى الله عليه وسلم على الصلاة عند البيت كما في الحديث فوعظه تعالى بالتي هي أحسن أولًا فقال (أرأيت إن كان على الهدى) أي فما ظنك إن كان هذا الذي تنهاه على الطريقة المستقيمة في فعله (أو أمر بالتقوى) بقوله وأنت تزجره وتتوعده على صلاته ولهذا قال (ألم يعلم بأن الله يرى) أي أما علم هذا الناهي لهذا المهتدي أن الله يراه ويسمع كلامه وسيجازيه على فعله أتم الجزاء، وقال الفراء المعنى أرأيت الذي ينهى عبدًا إذا صلى، وهو على الهدى وآمر بالتقوى والناهي مكذب متول عن الذكر أي فما أعجب هذا، ثم يقول ويله ألم يعلم أبو جهل بأن الله يرى أي يراه ويعلم فعله فهو تقرير وتوبيخ، وقيل كل واحد من أرأيت بدل من الأول (وألم يعلم بأن الله يرى) الخبر (كلا) لا يعلم ذلك (لئن لم ينته) عن إيذاء محمد وتكذيبه (لنسفعًا بالناصية) لنأخذن بناصيته فلتجرنه إلى النار كما قال: فيؤخذ بالنواصي والأقدام: يقال سفعت بالشيء إذا أخذته وجذبته جذبًا شديدًا: والناصية شعر مقدم الرأس واكتفى بلام العهد عن الإضافة للعلم بأنها ناصية المذكور (ناصية كاذبة خاطئة) أي صاحبة كاذب خاطئ، قال ابن عباس لما نهى أبو جهل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصلاة انتهره رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو جهل تنتهرني فوالله لأملأن عليك هذا الرادي إن شئت خيلًا جردًا ورجالًا لا مردًا، قال الله عز وجل (فليدع ناديه) أي أهل مجلسه وقومه

-[سورة (لم يكن) وتفسيرها ومنقبة لأبي بن كعب رضى الله عنه]- الزبانية (قال يعني الملائكة كلا لا تطعه واسجد واقترب (سورة لم يكن) (باب تفسيرها ومنقبة لأبي بن كعب) (عن أنس بن مالك) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بن كعب أن الله أمدني أن اقرأ عليك (لم يكن الذين كفروا) (2) قال وسماني لك؟ (3) قال نعم فبكى (4) (عن أبي حبة البدري) (5) قال لما نزلت لم يكن (وفي رواية) (لم يكن الذين كفروا من أهل الكتاب إلى آخرها) قال جبريل عليه السلام يا محمد إن ربك يأمرك أن تقرئ هذه السورة أبي بن كعب فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أبي إن ربي عز وجل أمرني أن اقرئك (6) هذه السورة فبكى وقال ذُكِرت ثمة (7)

_ وعشيرته فليتنصر بهم (سندع الزبانية) جمع زنبي مأخوذ من الزبن وهو الدفع (قال ابن عباس) يريد زبانية جهنم، سموا بذلك لأنهم يدفعون أهل النار إليها، قال الزجاج هم الملائكة الغلاظ الشداد، قال ابن عباس لو دعا ناديه لأخذته زبانية الله (كلا) ردع لأبي جهل (لا تطعه) أي أثبت على ما أنت عليه من عصيانه كقوله: فلا تطع المكذبين: وداوم على العبادة وصل حيث شئت ولا نباله فإن الله حافظك وناصرك وهو يعصمك من الناس (واسجد) ودم على سجودك يريد الصلاة (واقترب) وتقرب إلى ربك بالسجود فإن أقرب ما يكون العبد إلى ربه وهو ساجد كما ورد والله أعلم (تخريجه) (م نس) وابن جرير والبغوي وابن أبي حاتم (باب) (1) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم خص أبيًا للتنويه به في أنه أقرؤ الصحابة فإذا قرأ عليه صلى الله عليه وسلم مع عظيم منزلته كان غيره بطريق التبع له: وفيه منقبة عظيمة لأبي بن كعب رضى الله عنه (3) استفسره لأنه جوز أن يكون أمره أن يقرأ على رجل من أمته غير معين فيؤخذ منه الاشتبات في المحتملات (4) إنما بكى أبي رضى الله عنه فرحًا وسرورًا أو خشوعًا وخوفًا من التقصير في شكر تلك النعمة، ويستأنس لتخصيص هذه السورة بحديث مرفوع جاء عند أبي نعيم في أسماء الصحابة لفظه (إن الله ليسمع قراءة لم يكن الذين كفروا فيقول أبشر عبدي فوعزتي لأمكنن لك في الجنة حتى ترضى) لكن قال الحافظ ابن كثير إنه حديث غريب جدًا (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد وقال رواه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي من حديث شعبة به (5) (سنده) حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال حدثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن عمار بن أبي عمار عن أبي حبة البدري الخ (غريبه) (6) أي أعلمك بقراءتي عليك كيف تقرأ فلا منافاة بين قوله اقرأ عليك المذكور في الحديث السابق وبين قوله هنا أقرتك، وقد يقال كأن في قراءة أبي قصور فأمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم أن يقرئه على التجويد وأن يقرأ عليه ليتعلم منه حسن القراءة وجودتها (7) أي هناك معين والنسائي، وقال الإمام أحمد وأبو زرعة ليس بالقوى (قلت) يعضده حديث أنس السابق، وفي الباب أحاديث أخرى تقدمت في باب ذكر آيات كانت في القرآن ونسخت صحيفة 59 من هذا الجزء، وإليك تفسير هذه السورة جميعها (التفسير) قال الله عز وجل (لم يكن الذين كفروا) بمحمد صلى الله عليه وسلم (من أهل الكتاب) أي اليهود والنصارى (والمشركين) عبدة الأصنام والنيران ونحوها من العرب والعجم (منفكين) أي منفصلين عن الكفر، يقال فككت الشيء فانفك أي انفصل (حتى تأتيهم البينة) أي

-[(سورة الزلزلة) وما جاء في فضلها]- قال نعم (سورة الزلزلة) (باب ما جاء في فضلها) (عن أنس بن مالك) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قل يا أيها الكافرون ربع القرآن (2) وإذا زلزلت الأرض ربع القرآن (3) وإذا جاء نصر الله ربع القرآن (4)

_ الحجة الواضحة والمراد محمد صلى الله عليه وسلم يقول لم يتركوا كفرهم حتى يبعث محمد صلى الله عليه وسلم فلما بعث أسلم بعض وثبت على الكفر بعض، ثم فسر البينة فقال (رسول من الله) أي محمد صلى الله عليه وسلم وهو بدل من البينة (يتلو) يقرأ عليهم (صحفًا) كتبًا يريد ما تضمنته الصحف من المكتوب فيها وهو القرآن لأنه كان يتلوا عن ظهر قلبه لا عن كتاب (مطهرة) من الباطل والكذب والزور (فيها) أي في الصحف (كتب) مكتوبات يعني الآيات والأحكام المكتوبة فيها (قيمة) أي عادلة مستقيمة غير ذات عوج ناطقة بالحق والعدل: ثم ذكر من لم يؤمن من أهلي الكتاب فقال (وما تفرق الذين أوتوا الكتاب) في أمر محمد صلى الله عليه وسلم (إلا من بعد ما جاءتهم البينة) فمنهم من أنكر نبوته بغيًا وحسدًا من عند أنفسهم من بعد ما تبين لهم الحق، ومنهم من آمن به: وإنما أفرد أهل الكتاب بعد ما جمع أولًا بينهم وبين المشركين لأنهم كانوا على علم به لوجوده في كتبهم، فإذا وصفوا بالتفرق عنه كان من لا كتاب به أدخل في هذا الوصف (وما أمروا) يعني في التوراة والإنجيل (إلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين) من غير شرك ونفاق (حنفاء) مؤمنين بجميع الرسل مائلين عن الأديان كلها إلى دين الإسلام (ويقيموا الصلاة) أي المكتوبة في أوقاتها (يؤتوا الزكاة) عند محلها (وذلك) الذي أمرنا به (دين القيمة) أي دين الملة الشريفة المستقيمة (إن الذين كفروا من أهل الكتاب والمشركين في نار جهنم خالدين فيها أولئك هم شر البرية) قرأ نافع وابن عامر البريئة بالهمز في الحرفين لأنه من قولهم برأ الله الخلق، وقرأ الآخرون مشددًا بغير همز كالذرية ترك همزها في الاستعمال، والمعنى هم سر الخليقة التي برأها وذرأها، ثم أخبر تعالى عن حال الأبرار بقوله (إن الذين آمنوا) بقلوبهم (وعملوا الصالحات) بأبدانهم (أولئك هم خير البرية) وقد استدل بهذه الآية أبو هريرة وطائفة من العلماء على تفضيل المؤمنين من البشر على الملائكة لأن البرية الخلق واشتقاقها من برأ الله الخلق، وقيل اشتقاقها من البرا وهو الغراب ولو كان كذلك لما قرئ والبريئة بالهمزة كذا قال الزجاج (جزاؤهم عند ربهم) يوم القيامة (جنات عدن تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبدا) أي بلا انفصال ولا انقضاء ولا فراغ (رضى الله عنهم) ومقام رضاه عنهم أعلى مما أوتوه من النعيم المقيم (ورضوا عنه) بما منحهم من الفضل العميم: وقوله تعالى (ذلك لمن خشي ربه) أي هذا الجزاء حاصل لمن خشي ربه وأتقاه حق تقواه وعبده كأنه يراه وعلم أنه إن لم يره فإنه يراه نسأله تعالى أن يحشرنا في زمرتهم إنه واسع المغفرة جل شأنه (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الله بن الوليد حدثنا سفيان قال حدثني سلمة بن ودان قال سمعت أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أي مثل ربع القرآن لأن القرآن كله يشتمل على أحكام الشهادتين في التوحيد والنبوة وأحوال النشأتين الدنيا والآخرة وذلك أربعة أقسام، وهذه السورة مقصورة على التوحيد لتضمنها البراءة من الشرك والتدين بدين الحق، وهذا هو التوحيد الصرف (3) أي لاقتصارها على النشأة الأخرى وهي ذكر المعاد مستقلة ببيان أحواله وهو أحد الأقسام الأربعة المتقمة (4) أي لأنها تضمنت المقصود من إرسال الرسل عليهم الصلاة والسلام وهو دخول الناس في دين الله أفواجا وهو أحد الأقسام الأربعة المتقدمة (تخريجه) (مذ نس) وفي إسناده

-[قصة الرجل الذي قال اقرئني يا رسول الله فاقرأ (إذا زلزلت الأرض)]- (عن عبد الله بن عمرو) (1) قال أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أقرئني (2) يا رسول الله قال له اقرأ ثلاثًا من ذات الر (3) فقال الرجل كبرت سني واشتد قلبي وغلظ لساني، قال فاقرأ من ذات حم (4) فقال مثل مقالته الأولى، فقال اقرأ ثلاثًا من المسبحات (5) فقال مثل مقالته فقال الرجل ولكن اقرئني يا رسول الله سورة جامعة (6) فاقرأه (إذا زلزلت الارض) حتى إذا فرغ منها قال الرجل والذي بعثك بالحق لا أزيد عليها أبدًا ثم أدبر الرجل: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلح الرويجل (7) أفلح الرويجل ثم قال علىّ به، فجاءه فقال له أمرت بيوم الأضحى (8) جعله الله عيدًا لهذه الأمة، فقال الرجل أرأيت إن لم أجد إلا منيحة ابني أفأضحي بها؟ قال لا، ولكن تأخذ من شعرك وتقلم أظفارك وتقص شاربك وتحلق عانتك فذلك تمام أضحيتك عند الله (باب يومئذ تحدث أخبارها) (عن أبي هريرة) (9) قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية (يومئذ تحدث أخبارها) قال أتدرون ما أخبارها؟ (10) قالوا الله ورسوله، أعلم قال فإن

_ سلمة بن وردان ضعفه الإمام أحمد وغيره، وحسنه الترمذي: وأهل تحسين الترمذي له لكثرة طرقه والله أعلم (1) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا سعيد حدثني عياش بن عباس عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو الخ (قلت) أبو عبد الرحمن اسمه عبد الله بن يزيد من مشايخ الإمام أحمد (وسعيد) هو ابن أبي أيوب (غريبه) (2) من الإقراء وهو تعليم القرآن (3) أي من السور التي تبدأ بهذه الحروف الثلاثة التي تقرأ مقطعة هكذا، ألف. لام. راء، والذي في القرآن منها خمس سور يونس وهود ويوسف وإبراهيم والحجر (4) أي من السور التي تبدأ بهذين الحرفين حا، ميم، وهي سبع سور، غافر، وفصلت، والشورى، والزخرف، والدخان، والجاثية، والأحقاف (5) أي من السور التي تبدأ بمادة التسبيح مطلقًا وهي سبع سور: الإسراء، والحديث، والحشر، الصف، والجمعة، والتغابن، والأعلى (6) يريد سورة جامعة لأهم الأمور مع كونها قصيرة (فأقرأه النبي صلى الله عليه وسلم إذا زلزلت الأرض) لأنها جمعت أهم أحوال الآخرة من القيامة والبعث والنشور والجزاء، وهي تناسب حال الرجل الذي كبر وأشرف على الموت (7) تصغير رجل، قال في اللسان وتصغيره رجيل ورويجل على غير قياس حكاه سيبويه (8) هذه الجملة وهي قوله أمرت بيوت الأضحى إلى آخر الحديث تقدمت في باب ما يجتنبه في العشر من أراد التضحية الخ صحيفة 69 رقم 58 في الجزء الثالث عشر وتقدم شرحها هناك وقد وقع فيها (إلا منيحة أنثى) وهي خطأ والصواب (إلا منيحة ابني) كما هنا وإن جاء في رواية أبي داود والنسائي بلفظ أنثى إلا أن لفظ ابني أنسب بسياق الحديث وهو الذي وقع في رواية الإمام أحمد والله أعلم (تخريجه) (د ك) مختصرًا إلى قوله أفلح الرويجل، وقال الحاكم صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي فقال بل صحيح، يريد أنه صحيح ولكن ليس على شرطهما فإن عياش بن عباس روى له مسلم فقط، وعيسى بن هلال لم يرو له واحد منهما، وروى الشطر الثاني منه من قوله (أمرت بيوم الأضحى) الخ أبو داود والنسائي منفصلًا في كتاب الضحايا باب (9) (سنده) حدثنا إبراهيم حدثنا ابن مبارك عن سعد بن أبي أيوب حدثني يحيى بن أبي سليمان عن سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ (غريبه) (10) بفتح الهمزة جمع

-[قوله تعالى (فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره) الخ وتفسير السورة كلها]- أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة (1) بما عمل على ظهرها أن تقول (2) عملت علىّ كذا وكذا (3) يوم كذا وكذا (4) قال فهو أخبارها (باب فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره الخ السورة) (عن صعصعة بن معاوية) (5) عم الفرزدق أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ عليه (فمن يعمل مثقال ذرة خيرًا يره ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره) قال حسبي لا أبالي أن لا أسمع غيرها (6)

_ خبر أي تحديثها (1) أي ذكر أو أنثى (2) بدل بعض من أن تشهد أو بيان أو خبر مبتدأ محذوف تقديره شهادتها أن تقول الخ (3) يعني من الطاعة أو المعصية (4) من شهر كذا وعام كذا (تخريجه) (مذ نس ك) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب: وقال الحاكم هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وتعقبه الذهبي فقال يحيى بن أبي سليمان منكرًا لحديث قاله البخاري (قلت) وثقه ابن حبان والحاكم كذا في الخلاصة وفي التهذيب قال أبو حاتم مضطرب الحديث ليس بالقوي يكتب حديثه، ورواه أيضًا عبد بن حميد وابن جرير والبغوي وابن المنذر وابن مردويه والبيهقي في شعب الإيمان (صلى الله عليه وسلم) (5) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون أنا جرير بن حازم حدثنا الحسن عن صعصعة بن معاوية عم الفرزدق الخ وله طريق أخرى عند الإمام أحمد قال حدثنا أسود بن عامر ثنا جرير بالسند المتقدم قال قدمت على النبي صلى الله عليه وسلم فسمعته يقرأ هذه الآية فذكر معناه (6) أي يكفيني ذلك وإنما قال ذلك لأن هاتين الآيتين جمعتا كل ما يثاب الإنسان عليه من أعمال الخير وما يعاقب عليه من أعمال الشر (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني مرسلًا ومتصلًا ورجال الجميع رجال الصحيح اهـ (قلت) المرسل الطريق الأول والمتصل الطريق الثانية: وإليك تفسير هذه السورة المباركة (التفسير) قال الله عز وجل (إذا زلزلت الأرض) حركت الأرض حركة شديدة لقيام الساعة وليس بعدها زلزال قال تعالى: إن زلزلة الساعة شيء عظيم (إلى قوله) ولكن عذاب الله شديد) (زلزالها) تحريكها قرئ بفتح الزاي: فالمكسور مصدر: والمفتوح اسم (وأخرجت الأرض أثقالها) أي كنوزها وموتاها جمع ثقل بكثر المثلثة وسكون القاف وهو متاع البيت جعل ما فيها من الدفائن أثقالها (وقال الإنسان ما لها) زلزلت هذه الزلزلة الشديدة ولفظة ما في بطنها، وذلك عند النفخة الثانية حتى تزلزل وتلفظ موتاها أحياء فيقولون ذلك لما يبهرهم من الأمر الفظيع كما يقولون: من بعثنا من مرقدنا: وقيل هذا قول الكافر لأنه كان لا يؤمن بالبعث، فأما المؤمن فيقول هذا ما وعد الرحمن وصدق المرسلون (يومئذ) بدل من إذا وناصبها (تحدث) أي تحدث الخلق (أخبارها) فحذف أول القولين لأن المقصود ذكر تحديثها الأخبار لا ذكر الخلق، قيل ينطقها الله وتخبر بما عمل عليها من خير وشركما في حديث أبي هريرة المذكور هنا (بأن ربك أوحى لها) أي تحدث أخبارها بسبب إيحاء ربك لها، أي إليها وأمره إياها بالتحديث (يومئذ يصدر الناس) يصدرون عن مخارجهم من القبور إلى الموقف متفرقين بيض الوجوه آمنين وسود الوجوه فزعين أو يصدرون عن الموقف أشتاتًا متفرقين فآخذ ذات اليمين إلى الجنة وآخذ ذات الشمال إلى النار (ليروا أعمالهم) جزاء أعمالهم (فمن يعمل مثقال ذرة) نملة صغيرة أصغر ما تكون من النمل (خيرًا) تمييز (يره) أي ير جزاءه (ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره) قال ابن عباس ليس مؤمن ولا كافر عمل خير أو شرًا في الدنيا إلا أراه الله له يوم القيامة، فأما المؤمن فيرى حسناته وسيئاته فيغفر الله سيئاته ويثبته بحسناته وأما الكافر فنرد حسناته ويعذب بسيئاته، قال محمد بن كعب في هذه الآية: فمن يعمل مثقال ذرة

-[سورة ألهاكم التكاثر وتفسيرها وقوله تعالى (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم)]- (سورة ألهاكم) (باب ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) (عن محمود بن لبيد) (1) قال لما نزلت (ألهاكم التكاثر) فقرأها حتى بلغ (لتسألن يومئذ عن النعيم) (2) قالوا يا رسول الله عن أي نعيم نسأل (3) وإنما هما الأسودان الماء والتمر وسيوفنا على رقابنا والعدو حاضر (5) فعن أي نعيم نسأل؟ قال إن ذلك سيكون (6) (عن الزبير ابن العوام) قال لما نزلت (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم)

_ خيرًا يره: من كافر يرى ثوابه في الدنيا في نفسه وماله وأهله وولده حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله خير، ومن يعمل مثقال ذرة شرًا يره: من مؤمن يرى عقوبته في الدنيا في نفسه وماله وأهله وولده حتى يخرج من الدنيا وليس له عند الله شر: روى ابن جرير بسنده عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال لما نزلت إذا زلزلت الأرض زلزالها، وأبو بكر الصديق رضى الله عنه قاعد فبكى حين نزلت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يبكيك يا أبا بكر؟ قال يبكيني هذه السورة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا أنكم تخطئون وتذنبون فيغفر الله لكم لخلق أمة يخطئون ويذنبون فيغفر لهم اللهم، اغفر لنا بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين (باب) (1) (سنده) حدثنا يزيد أنا محمد يعني ابن أبي عمرو عن صفوان بن سليم عن محمود بن لبيد الخ (غريبه) (2) سيأتي تفسيرها ضمن تفسير السورة (3) معناه لسنا في نعيم فإن معيشتنا التمر والماء (4) بيان لقوله الأسودان، أما التمر فأسود وهو الغالب على تمر المدينة فأضيف الماء إليه ونعت بنعته إتباعًا والعرب تفعل ذلك في الشيئين يصطحبان فيسميان معًا باسم الأشهر فيهما كالقمرين والعمرين (نه) (5) معناه، إن من كان هذا شأنه فلا يعد منعمًا بل خائفًا وجلًا (6) هذا يحتمل وجهين أحدهما أن النعيم الذي تسألون عنه سيكون (والثاني) أن السؤال سيكون عن الأسودين فإنهما نعمتان من نعم الله تعالى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وحديثه حسن وفيه ضعف أسوء حفظه وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ وإليك تفسير هذه السورة (التفسير) قال الله عز وجل (ألهاكم التكاثر) أي شغلكم حب الدنيا ونعيمها وزهرتها والتباري في الكثرة والتباهي بها في الأموال والأولاد عن طاعة الله وطلب الآخرة وابتغائها (حتى زرتم المقابر) حتى أدرككم الموت على تلك الحال أو حتى زرتم المقابر وعددتم من يها من موتاكم مفتخرين بهم، روى سعيد عن قتادة قال كانوا يقولون نحن أكثر من بني فلان ونحن أعد من بني فلان وهم كل يوم يتساقطون إلى آخرهم والله مازالوا كذلك حتى صاروا من أهل القبور كلهم، وعن مطرف بن عبد الله عن أبيه قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ ألهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر قال فقال يقول ابن آدم مالي مالي، وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت أو لبست فأبليت أو تصدقت فأمضيت رواه (م حم) وسيأتي في باب ذم المال من كتاب المدح والذم (كلا) ردع وتنبيه على أنه لا ينبغي للناظر لنفسه أن تكون الدنيا جميع همه ولا يهتم بدينه (سوف تعلمون) عند النزع سوء عاقبة ما كنتم عليه (ثم كلا سوف تعملون) في القبور (كلا) تكرير للإنذار والتخويف (لو تعلمون جواب لو محذوف أي لو تعلمون ما بين أيديكم (علم اليقين) علم الأمر اليقين أي كعلمكم ما تستيقنونه من الأمور لما ألهاكم التكاثر أو لفعلتم مالا يوصف ولكنكم ضلال جهلة (لترون الجحيم هو جواب قسم محذوف والقسم لتوكيد الوعيد وقرأ الكسائي وابن عامر لترون بضم التاء من إراية الشيء

-[سورة لإيلاف قريش وتفسيرها وقصة قريش]- قال الزبير أي رسول الله أي نعيم نسأل عنه؟ فذكر نحو الحديث المتقدم (1) (سورة قريش) (باب تفسيرها وقصة قريش) (عن أسماء بنت يزيد) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (لإيلاف قريش (3) إيلافهم رحلة الشتاء والصيف) ويحكم يا قريش اعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمكم

_ أي يحشرون اليها فترونها، والجحيم اسم من أسماء النار وكل نار عظيمة في مهواة فهي جحيم (ثم أترونها) كرره معطوفًا بثم تغليظًا في التهديد وزيادة في التهويل أو الأول بالقلب والثاني بالعين (عين اليقين) أي الرؤية التي هي نفس اليقين وخالصته (ثم لتسئلن يومئذ عن النعيم) عن الأمن والصحة فيم أفنيتموها، وقيل عن النعيم الذي شغلكم الالتذاذ به عن الدين وتكاليفه، وعن الحسن ما سوى كن يؤويه. وأثواب تواريه وكسرة تقوية، وهذا معنى الحديث مطرف بن عبد الله الذي تقدم آنفًا (عن جابر بن عبد الله) قال أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فأطعمتهم رطبًا وأسقيتهم ماءًا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا من النعيم الذي تسألون عنه، رواه الإمام أحمد والنسائي وسيأتي في كتاب الزهد والتقليل من الدنيا رزقنا الله القناعة والعفاف والزهد في الدنيا (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب أنك ميت وأنهم ميتون من سورة الزمر في هذا الجزء صحيفة 260 رقم 411 والله الموفق. (باب) (2) سنده حديثنا علي بن يحي ثنا عيسى بن يونس ثنا عبيد اله بن أبي زياد القداح عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد الخ (3) (التفسير) قال تعالى (لإيلاف قريش) قرأ أبو جعفر ليلاف بغير همز، إلا فيهم طلبًا للخفة، وقرأ ابن عامر لإلاف بهزة مختلسة من غير ياء بعدها، وقرأ الآخرون بهمزة مشعبة وياء بعدها، واتفقوا غير أبي جعفر في إيلافهم أنها بياء بعد الهمزة إلا عبد الوهاب ابن فليح عن ابن كثير فإنه قرأ الفهم ساكنة اللام بغير ياء، وعد بعضهم سورة الفيل وهذه السورة واحدة، منهم أبي بن كعب لأفصل بينهما في مصحفه، وقالوا اللام في الإيلاف تتعلق بالسورة التي قبلها؛ وذلك إن الله تعالى ذكر أهل مكة عظيم نعمته عليهم فيما صنع بالحبشة فجعلهم كمصحف مأكول لإيلاف قريش أي أهلك أصحاب الفيل لتبقى قريش وما ألفوا من رحلة الشتاء والصيف، وذهب الجمهور إلى أنهما سورتان (قال الحافظ ابن كثير) هذه السورة مفصولة عن التي قبلها في المصحف الإمام كتبوا بينهما سطر بسم الله الرحمن الرحيم وإن كانت متعلقة بما قبلها كما صرح بذلك محمد بن إسحاق وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم؛ لأن المعنى عندهم حبسنا عن مكة الفيل وأهلكنا أهله لإيلاف قريش أي لائتلافهم واجتماعهم في بلدهم آمنين، وقال جماعة: لإيلاف قريش متعلق بقوله فليعبدوا، أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلتين ودخلت الفاء كما في الكلام من معنى الشرط، أي أن نعم الله عليهم لا تحصى فإن لم يعبدوه لسائر نعمه فليعبدوه لهذه الواحدة التي هي نعمة ظاهرة (إيلافهم بدل من الإيلاف الأول (رحلة الشتاء والصيف) رحلة نصب على المصدر أي ارتحالهم رحلة الشتاء والصيف، روى عكرمة وسعيد ابن جبير عن ابن عباس قال كانوا يشتون بمكة ويصيفون بالطائف، فأمرهم الله تعالى أن يقيموا بالحرم ويعبدوا رب هذا البيت، وقال آخرون كانت لهم رحلتان في كل عام للتجارة، أحداهما في الشتاء إلى اليمن؛ لأنها أدفأ، والأخرى في الصيف إلى الشام، وكان الحرم واديًا جدبًا لا زرع فيه ولا ضرع وكانت قريش تعيش بتجارتهم ورحلتهم وكان لا يتعرض لهم أحد بسوء، كانوا يقولون قريش سكان حرم الله

-[سورة الكوثر وتفسيرها]- من جوع وآمنكم من خوف (سورة الكوثر) (باب تفسيرها وصفة الكوثر) (عن عطاء بن السائب) (باب قال قال لي محارب بن دثار ما سمعت سعيد بن جبير يذكر عن ابن عباس رضي الله عنهما في الكوثر؟ (2) فقلت سمعته يقول قال ابن عباس هذا الخير الكثير (3) فقال محارب سبحان الله (4) ما أقل ما يسقط لابن عباس قول، سمعت ابن عمر يقول لما أنزلت (إنا أعطيناك الكوثر) (5) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو نهر في الجنة حافتاه من ذهب يجري على

_ وولاة بيته فلولا الرحلتان لم يكن لهم مقام بمكة، ولولا الأمن بجوار البيت لم يقدروا على التصرف وشق عليهم الاختلاف إلى اليمن والشام فأخصبته تبالة وجرش من بلاد اليمن فحمل الطعام إلى مكة أهل الساحل من البحر على السفن وأهل البر على الإبل والحمير، فألقى أهل الساحل بجدة وأهل البر بالمحصب، وأخصب الشام فحملوا الطعام إلى مكة فألقوا بالأبطح فأمتاروا من قريب وكفاهم الله مؤتة الرحلتين وأمرهم بعبادة رب البيت فقال (فليعبدوا رب هذا البيت) أي الكعبة ولهذا جاء في حديث الباب: ويحكم يا قريش ابعدوا رب هذا البيت: أي بعد أن أراحكم الله من مشقة السفر وأقيموا بمكة واشتغلوا بعبادة الله (الذي أطعمهم من جوع) أي من بعد جوع بحمل المبرة إلى مكة (وآمنهم من خوف) أي تفضل عليهم بالأمن والرخص فيفردوه بالعبادة وحده لا شريك له ولا يعبدوا من دونه صمًا ولا ندا وا وثنا، ولهذا من استجاب لهذا الأمر جمع الله له بين أمن الدنيا والآخرة، ومن عصاه سلبهما منه، وقيل آمنهم من خوف الجذام فلا يصيبهم ببلدهم، وقيل ذلك كله لدعاء إبراهيم عليه وعلى نبينا وسائر الأنبياء الصلاة والسلام. (باب) (1) (سنده) حدثنا مؤل حدثنا حماد يعني ابن زيد حدثنا عطاء بن السائب الخ (غريبه) (2) يعني في معنى الكوثر الذي أعطاه الله لنبيه صلى الله عليه وسلم وذكر في قوله (إنا أعطيناك الكوثر) (3) معناه أن ابن عباس فسر الكوثر بالخير الكثير (4) لفظ سبحان الله هنا فيه معنى التعظيم والتعجب لما اشتمل الكلام عليه، ففيه معنى التعجب مما خص به ابن عباس من قلة خطئه، وفيه معنى التعظيم بكمال قدرة الله تعالى فإنه يخص من شاء بما شاء (5) (التفسير) (إنا أعطيناك الكوثر) فسر النبي صلى الله عليه وسلم الكوثر وصفته بما لا تفسير بعده وتفسير ابن عباس الموقوف عليه هنا الكوثر بأنه الخير الكثير رواه عنه البخاري من رواية سعيد بن جبير ما هنا، ونقله ابن كثير في تفسيره ثم قال وهذا التفسير يعم النهر وغيره؛ لأن الكوثر من الكثرة وهو الخير الكثير، ومن ذلك النهر كما قال ابن عباس وعكرمة وسعيد بن جبير ومجاهد ومحارب بن دثار والحسن بن أبي الحسن البصري، ثم قال وقد صح عن ابن عباس أنه فسر بالنهر أيضًا، ونقل ذلك من تفسير ابن جرير بإسناده إلى ابن عباس ثم ساق الأحاديث في نهر الكوثر وقال بل قد تواتر من طريق تفيد القطع عند كثير من أئمة الحديث؛ وكذلك أحاديث الحوض، ثم ذكر كثيرًا مما جاء في الحوض (قلت) جاء كثير من ذلك في مسند الإمام أحمد رحمه الله وسيأتي في أبواب ما جاء في الحوض والكوثر من كتاب قيام الساعة والنفخ في الصور والبعث والنشور، وإنما اقتصرت هنا عل ما يناسب السورة (فصلِ لربك وانحر) قال محمد بن كعب إن أنلسا كانوا يصلون لغير الله وينحرون لغير الله فأمر الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يصلي وينحر لله عز وجل، وقال عكرمة وعطاء وقتادة فصلٍ لربك صلاة العيد يوم النحر وانحر لسكنك، وقال سعيد بن عبيد ومجاهد

-[صفة الحوض ومن يطرد عنه ومن قال أن محمد أبثر]- جنادل (1) الدر والياقوت شرابه أحلى من العسل وأشد بياضًا من اللبن وأبرد من الثلج وأطيب من ريح المسك قال صدق ابن عباس (2) هذا والله الخير الكثير (عن أبي عبيدة بن عبد الله) (3) قال قلت لعائشة رضي الله عنها ما الكوثر قالت نهر أعطيه النبي صلى الله عليه وسلم في بطنان الجنة قال قلت وما بطنان الجنة؟ قالت وسطها حافتاه (4) درة مجوف (عن أنس بن مالك) (5) قال أغفى النبي صلى الله عليه وسلم إغفاءة (6) فرفع رأسه مبتسمًا إما قال لهم وإما قالوا له (7) لم ضحكت؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه نزلت على آنفًا سورة فقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم (إنا أعطيناك الكوثر) حتى ختمها: قال هل تدرون ما الكوثر؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال هو نهر أعطانيه ربي عز وجل في الجنة عليه خير كثير يرد عليه أمتي يوم القيامة آنيته عدد الكواكب يحتاج (8) العبد عنهم فأقول يا رب إنه من أمتي فقال لي إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (9) (وعنه أيضًا) (10) في قوله عز وجل (إنا أعطيناك الكوثر) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هو نهر في الجنة

_ فصل الصلوات المفروضة بجمع وانحر البدن يمنى، وقيل فأخلص لربك صلاتك المكتوبة والناقلة ونحرك، فاعبده وحده لا شريك له وانحر على اسمه وحده لا شريك له كما قال تعالى: (قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له)؛ وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين: وهذا التفسير أعم يدخر فيه كل ما تقدم والله أعلم (إن شانئك) أي من أبغضك وعادك من قومك بمخالفتك لهم (هو الأبتر) كامن العرب تسمى من كان له بنون وبنات ثم مات البنون وبقي البنات أبتر، واختلف فيمن وصف النبي صلى الله عليه وسلم بالأبتر من كفار قريش: فقيل العاص بن وائل وقيل أبو جهل وقيل عقبة بن أبي معيط وقيل غير ذلك، وقيل لما مات لرسول الله صلى الله عليه وسلم ابنه القاسم بمكة وإبراهيم بالمدينة قالوا بتر محمد فليس له من يقوم بأمره من بعده، فنزلت هذه الآية، والمعنى أن مبغضك يا محمد ومبغض ما جئت به من الهدى والبرهان هو الأبتر الأقل الأذل المنقطع ذكره لا أنت؛ لأن كل من يولد إلى يوم القيامة من المؤمنين فهم أولادك وأعقابك، وذكرك مرفوع على ....... وعلى كل عالم وذاكر إلى آخر الدهر يبدأ بذكر الله ويثنى بذكرك، ولك في الآخرة مالا يدخل تحت حصر ولا يحيط به وصف (1) الجنادل جمع جندل وهو الصخرة مثل رأس الإنسان أو ما يستطيع الرجل رفعه من الحجارة (2) القائل صدق ابن عباس هو محارب بن دثار يريد أن قول ابن عباس لم يخرج عن حديث ابن عمر (تخريجه) الجزء الأول الموقوف على ابن عباس رواه البخاري وحديث ابن عمر رواه (مذجه) وابن أبي حاتم وابن جرير وقال الترمذي حسن صحيح (3) (سنده) حدثنا أسباط بن محمد قال حدثنا مطرف عن أبي إسحاق السبيعي عن أبي عبيدة بن عبد الله الخ (4) أي جانباه (وقوله: درة مجوف) هكذا بالأصل وعند البخاري در مجوف وهو المناسب (تخريجه) (خ. نس. قط) وابن جرير (5) (سنده) حدثنا محمد بن فضيل عن المختار بن فلفل قال سمعت أنس بن مالك يقول أغفى النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أي نام نومة خفيفة (7) جاء عند مسلم قلنا له ما أضحكك يا رسول الله الحديث بدون تردد (8) بضم أوله مبني للمفعول أي يجتذب ويقطع (9) معناه أنهم لم يتبعوا طرقتك وسنتك التي كنت عليها (تخريجه) (م. دنس) (10) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا عمر عن قتادة عن أنس في قوله عز وجل الخ

-[سورة الكافرون وما جاء في فضلها وتفسيرها]- قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت نهرًا في الجنة حافتاه (1) قباب الؤلؤ (2) فقلت ما هذا يا جبريل؟ قال هذا الكوثر الذي أعطاك الله عز وجل (3) (سورة الكافرون) (باب تفسيرها وما جاء في فضلها) (عن أنس بن مالك) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (قل يا أيها الكافرون) (5) ربع القرآن (عن مهاجر أبي الحسن) (6) عن شيخ أدرك النبي صلى الله عليه وسلم قال خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فمر برجل يقرأ (قل يا أيها الكافرون) قال أما هذا فقد برئ من الشرك قال وإذا آخر يقرأ (قل هو الله أحد) فقال النبي صلى الله عليه وسلم بها وجبت له الجنة (عن فروة بن نوفل) (7) الأشجعي عن أبيه قال دفع إلى النبي صلى الله عليه وسلم ابنة أم سلمة (8) وقال إنما أنت ظثرى (9) فمكثت ما شاء الله ثم أتيته فقال ما فعلت الجارية أو الجويرية؟ (10) قال قلت عند أمها قال فمجيئي (11) قال قلت تعلمني ما أقول عند منامي: فقال اقرأ عند منام

_ (غريبه) (1) بتخفيف الفاء أي جانباه (2) زاد البخاري المجوف (3) زاد البيهفي فأهوى الملك بيده فاستخرج من طينه مسكًا أذفر (تخريجه) (ق. هق) ولفظه عند البخاري عن أنس قال لما عرج بالنبي صلى الله عليه وسلم إلى السماء قال أتيت على نهر حافتاه قباب اللؤلؤ المجوف فقلت ما هذا يا جبريل؟ قال هذا الكوثر (باب) (4) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب فضل سورة الزلزلة (5) (التفسير) (قل يا أيها الكافرين) المخاطبون كفرة مخصوصون قد علم الله أنهم لا يؤمنون روى أن رهطا من قريش قالوا يا محمد هلم فاتبع ديننا ونتبع دينك: تعبد آلهتنا سنة ونعبد إلاهك سنة فقال معاذ اله أن أشرك به غيره، قالوا فاستلم بعض آلهتنا تصدقك ونعبد إلاهك؟ فقال حتى أنظر ما يأتي من عند ربي، فأنزل الله عز وجل (قل يا أيها الكافرون) إلى آخر السورة فغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المسجد الحرام وفيه الملأ من قريش فقام على رءوسهم ثم قرأها عليهم حتى فرغ من السورة فأيسوا منه عند ذلك وآذوه وأصحابه (لا أعبد ما تعبدون) في الحال أي لست في حالي هذه عابد ما تعبدون (ولا أنتم عابدون) في الحال (ما أعبد) يعني الله عز وجل (ولا أنا عابد ما عبدتم) أي ولا أعبد فيما استقبل من الزمان ما عبدتم (ولا أنتم) فيما تستقبلون (عابدون ما أعبد) أي من أعبد وذكر بلفظ ما؛ لأن المراد به الصفة أي لا أعبد الباطل ولا تعبدون الحق، أو ذكر بلفظ ما ليتقابل اللفظان ولم يصح في الأول، من وصح في الثاني ما بمعنى الذي (لكم دينكم ولي دين) لكم شرككم ولي توحيدي، قرأ ابن كثير ونافع وحفص ولي بفتح الياء والآخرون بإسكانها والله أعلم. (6) (سنده) حدثنا أبو النصر قال حدثنا المسعودي عن مهاجر أبي الحسن عن شيخ أدرك النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد وجهالة الصحابي لا تضر. (7) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا إسرائيل عن إسحاق عن فروة بن نوفل الأشجعي عن أبيه الخ (غريبه) (8) يعني زينب بنت أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وكانت في سن الرضاع دفعها إليه صلى الله عليه وسلم لترضعها زوجته (9) الظئر بكسر المعجمة وسكون الهمزة زوج المرضعة غير ولدها ويقال للمرضعة أيضًا (10) أو للشك من الراوي يشك هل قال الجارية أو الجويرية بالتصغير (11) معناه شيء جاء بك أو ما جاء بك كما في بعض الروايات (تخريجه)

-[سورة النصر وسبب نزولها ومنقبة لابن عباس رضي الله عنهما]- (قل يا أيها الكافرون) ثم نم على خاتمتها فإنها براءة من الشرك (سورة النصر) (باب أنها نزلت لنعي النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نفسه (عن ابن عباس) (1) قال لما نزلت (إذا جاء نصر الله والفتح) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعيت (2) إلى نفسي بأنه مقبوض في تلك السنة (وعنه أيضًا) (3) قال كان عمر بن الخطاب رضي الله عنه يأذن لأهل بدر ويأذن لي معهم (4) فقال بعضهم يأذن لهذا الفتى معنا ومن أبنائنا من هو مثله (5) فقال عمر أنه لمن (6) قد علمتم قال فأذنت لهم ذات يوم وأذن لي معهم (7) فسألهم عن هذه السورة (إذا جاء نصر الله والفتح) فقالوا أمر نبيه صلى الله عليه وسلم إذا فتح عليه أن يستغفره ويتوب إليه، فقال لي ما تقول يا ابن عباس؟ قال قلت ليست كذلك ولكنه أخبر نبيه صلى الله عليه وسلم بحضور أجله (8) فقال (إذا جاء نصر الله والفتح) فتح مكة (ورأيت الناس يدخلون في دين اله أفواجا) فذلك علامة موتك (فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) فقال لهم كيف تلوموني على ما ترون (9)

_ قال الحافظ في الإصابة أخرجه أصحاب السين وأحمد وابن حيان والحاكم من طريق أبي إسحاق السبيعي عن قروة بن نوفل عن أبيع مرفوعًا في فضل (قل يا أيها الكافرون) وزعم أن عبد البر بأنه حديث مضطرب وليس كما قال، بل الرواية التي فيها عن أبيه أرجح وهي الموصولة ورواته ثقات فلا يضره مخالفة من أرسله، وشرط الاضطراب أن تتساوى الوجوه في الاختلاف، وأما إذا تفاوتت فالحكم للراجح بلا خلاف اهـ. (قلت) هذا الحديث صححه أيضًا الحاكم وأقره الذهبي (باب). (1) (سنده) حدثنا محمد بن فضيل حدثنا عطاء عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) بضم النون وكسر المهملة مبنيًا للمفعول من نعي الميت ينعاه نعيا إذا أذاع موته وأخبر به (روى) أنها نزلت في أيام النشريق بمنى وحجة الوداع (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وروى البخاري حدثنا آخر مطولًا بمعناه نقله ابن كثير أيضًا وقال تفرد به البخاري (3) (سنده) حدثنا هشيم أخبرنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (4) أي في حضور مجلسه (وقوله فقال بعضهم) هو عبد الرحمن بن عوف كما صرح به البخاري في علامات النبوة (5) يعني في السن فلم لم تدخلهم (6) بفتح اللام والميم (قد علمتم) أي من جهة قرابته من رسول الله صلى الله عليه وسلم أو من جهة علمه؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا له بالفقه في الدين والتأويل (7) يعني أشياخ بدر زاد البخاري (فما رؤيت: بضم الراء وكسر الهمزة: إنه دعاني يومئذ إلا ليريهم) يعني إلا ليريهم مني مثل ما رأى هو منى من العالم (وعند ابن سعد) فقال أما إني سأريكم اليوم ما تعرفون به فضيلته (8) إنما قال ذلك ابن عباس؛ لأنه علمه من النبي صلى الله عليه وسلم كما في حديثه السابق ولم يعلمه الأشياخ (9) معناه أني أذنت له معكم لغزارة فقد علم ما لم تعلموا وصوب عمر قول ابن عباس؛ لأنه أي عمر كان سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولذلك جاء في آخر الحديث عند البخاري (فقال عمر: يعني لابن عباس: ما أعلم منها إلا ما تقول) (تخريجه) (خ مذ) والبغوى، وأورده الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه للبخاري وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه وسعيد بن منصور والبيهقي، وقد فسر ابن عباس رضي الله عنهما بعضها وإليك تفسير السورة جميعها (التفسير) قوله عز وجل (إذا جاء) قال القرطبي إذا

-[فضل سورة النصر وتسبيح النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزولها وأنها تشير إلى قرب أجله]- (باب ما جاء في فضلها وتسبيح النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزولها) (عن أنس بن مالك) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إذا جاء نصر الله والفتح) ربع القرآن (عن أبي عبيدة) (2) عن عبد الله قال لما أنزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم (إذا جاء نصر الله والفتح) كان يكثر إذا قرأها وركع أن يقول سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم ثلاثًا (عن عائشة) (3) رضي الله عنها قالت لما أنزلت (إذا جاء نصر الله والفتح) إلى آخرها ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى صلاة (4) إلا قال سبحانك اللهم وبحمدك اللهم اغفر لي

_ بمعنى قد أي جاء نصر الله؛ لأن نزولها بعد الفتح، ويمكن أن يكون معناه إذا يجيئك (نصر الله) النصر الإظهار والإعانة على العدو، قيل المراد بهذا النصر نصر النبي صلى الله عليه وسلم على قريش قاله الطبري، وقيل نصره على من قائله من الكفار، وقيل المراد جنس نصر الله فتح بلاد الشرك عليهم وهو أعلم (والفتح) قال الحافظ ابن كثير المراد بالفتح هاهنا فتح مكة قولًا واحدًا، فإن أحياء العرب كانت تلوم بإسلامها فتح مكة، يقولون أن ظهر على قومه فهو نبي، فلما فتح الله عليه مكة دخلوا في دين الله أفواجًا فلم تمض سنتان حتى استوسقت جزيرة العرب إيمانًا ولم يبق في سائر قبائل العرب إلا مظهر للإسلام ولله الحمد والمنة اهـ. وقيل المراد فتح البلاد مطلقًا ويدخل فيه مكة وغيرها (ورأيت الناس يدخلون) هو حال من الناس على أن رأيت بمعنى أبصرت أو عرفت أو مفعول ثان على أنه بمعنى علمت (في دين الله أفواجًا) هو حال من فاعل يدخلون، وجواب إذا: فسبح: أي إذا جاء نصر الله إياك على من ناو أك وفتح البلاد ورأيت أهل اليمن يدخلون في ملة الإسلام جماعات كثيرة بعدما كانوا يدخلون فيه واحدًا واحدًا واثنين اثنين، فسبح الخ، وقال مقاتل وعكرمة أراد بالناس أهل اليمن، وذلك أنه ورد من اليمن سبعمائة إنسان مؤمنين طائعين بعضهم يؤذنون وبعضهم يقرءون القرآن وبعضهم يهللون فسر النبي صلى الله عليه وسلم بذلك (فسبح بحمد ربك) أي فقل سبحان الله حامدًا له أو فصل له، وسيأتي في حديث ابن مسعود وعائشة ذكر تسبيحه وتحميده عقب نزول هذه السورة (واستغفره) تواضعًا وهضما للنفس أو دم على الاستغفار (أنه كان) ولم يزل (توابا) التواب الكثير القبول للتوبة، وفي صفة العباد الكثير الفعل للتوبة، ويروي أن عمر رضي الله عنه لما سمعها بكى وقال الكمال دليل الزوال، والله الباقي (باب) (1) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب فضل سورة الزلزلة. (2) (سنده) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي عبيدة عن عبد الله الخ قلت عبد الله هو ابن مسعود والد أبي عبيدة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل بن طس) وفي إسناده أبو عبيدة عن أبيه ولم يسمع منه ورجال الطبراني رجال الصحيح خلا حماد بن سليمان وهو ثقة ولكنه اختلط اهـ (قلت) ورواه أيضًا الحاكم من طريق أبي عبيدة عن أبيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن بقول سبحانك ربنا وبحمدك فلما نزلت إذا جاء نصر اله والفتح قال سبحانك ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي إنك أنت التواب الرحيم وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي والله أعلم. (3) (سنده) حدثنا ابن نمير عن الأعمش ويعلي حدثنا الأعمش عن مسلم ن مسروق عن عائشة الخ (غريبه) (4) لفظ البخاري قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر (أي بعد نزول

-[سورة المسد وتفسيرها وسبب نزولها وقصة النبي صلى الله عليه وسلم مع كفار قريش]- (سورة المسد) (باب سبب نزولها وتفسيرها) (عن ابن عباس) (1) قال صعيد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما الصفا فقال يا صباحاه يا صباحاه (2) قال فاجتمعت إليه قريش فقالوا له مالك؟ فقال أرأيتم لو أخبرتكم أن العدو مصبحكم أو ممسيكم أما كنتم تصدقوني؟ فقالوا بلى، قال فقال إني نذير لكم بين يدي عذاب شديد، قال فقال أبو لهب ألهذا جمعتنا تبا لك (3) قال فأنزل الله عز وجل (تبت يدا أبي لهب وتب) إلى آخر السورة (4) (سورة الإخلاص)

_ سورة إذا جاء نصر الله والفتح) يقول في ركوعه وسجوده سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم أعفر لي يتأول القرآن) أي يعمل بما أمر به من التسبيح والاستغفار فيه في قوله تعالى (فسبح بحمد ربك واستغفره) في أشرف الأوقات والأحوال (تخريجه) (ق د نس جه) والبغوى وابن جرير (وفي الباب) عن مسروق عن عائشة أيضًا قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر من قول سبحان الله وبحمده استغفر الله وأتوب إليه، قالت فقلت يا رسول الله أراك تكثر من قول سبحان الله وبحمده واستغفر الله وأتوب إليه، فقال أخبرني ربي أتى سأرى علامة في أمتي فإذا رأيتها أكثر من قول سبحان الله وبحمده أستغفر الله وأتوب إليه فقد رأيتما (إذا جاء نصر الله والفتح) فالفتح مكة (ورأيت الناس يدخلون في دين الله أفواجًا، فسبح بحمد ربك واستغفره إنه كان توابا) رواه مسلم والبغوي، قال ابن عباس لما نزلت هذه السورة علم النبي صلى الله عليه وسلم أنه نعيت إليه نفسه، قال الحسن أعلم أنه قد اقترب أجله فأمر بالتسبيح والتوبة ليختم له بالزيادة في العمل الصالح، قال قتادة مقاتل عاش النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول هذه السورة سبعين يومًا نسأل الله سبحانه وتعالى حسن الخاتمة (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن سعيد بن عبيد عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) قال في النهاية هذه كلمة يقولها المستغيث وأصلها إذا صاحوا للغارة؛ لأنهم أكثر ما كانوا يغيرون عند الصباح ويسمون يوم الغارة يوم الصباح، فكان القاتل يا صباحاه يقول قد غشينا العدو (3) هذا الحديث تقدم مثله من رواية ابن عباس أيضًا في باب وأنذر عشيرتك الأقربين من تفسير سورة الشعراء في هذا الجزء صحيفة 225 رقم 366 والغرض من ذكره هنا تفسير سورة المسد وتقدم شرحه هناك (تخريجه) (ق مذ نس) (4) (التفسير) قوله عز وجل (تبت يد أبي لهب) أي خابت وخسرت وهلكت جعلت يداه هالكتين، والمراد إهلاك نفسه على عادة العرب في التعبير ببعض الشيء عن كله، وقيل المراد به المال، والتباب الخسار والهلال، وأبو لهب هو ابن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم واسمه عبد العزى، قال مقاتل كنى أبو لهب لحسنه وإشراق وجهه، وقرأ ابن كثير أبي لهب ساكنة الهاء وهي لغة مثل نهر ونهر واتفقوا في ذات لهب أنها مفتوحة الخاء لو فاق الفواصل (وتب) أو لهب وقرأ ابن مسعود: وقد تب: قال الفراء الأول دعا والثاني خبر، كما يقال أهلكه الله وقد فعل (ما أعنى عنه ماله وما كسب) قال ابن مسعود لما دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفر باءه إلى الله عز وجل قال أبو لهب إن كان ما يقول ابن أخي حقا فأتى افتدي نفسي بمالي وولدي فأنزل الله تعالى: ما أغني عنه ماله: أي ما يدفع عنه عذاب الله ما جمع من المال وكان صاحب مواش: وما كسب: قيل يعني ولده؛ لن ولد الإنسان من كسبه كما جاء في الحديث (أطيب ما يأكل أحدكم من كسبه وإن ولده من كسبه) ثم أوعده بالنار فقال (سيصلي

-[سورة الإخلاص وسبب نزولها وتفسيرها]- (باب سبب نزلها وتفسيرها) (عن أبي بن كعب) (1) إن المشركين قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم أنسب (2) لنا ربك فأنزل الله تبارك وتعالى (قل هو الله أحد الله الصمد (3) لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد) (4)

_ نار ذات لهب) أي نارا تلهب عليه (وامرأته) أم جميل بنت حرب بن أمية أخت أبي سفيان (حمالة الحطب) قال ابن زيد والضحاك كانت تحمل الشوك والعضاه فتطرحه في طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه لتعقرهم، وهي رواية عطية عن ابن عباس، وقال قتادة ومجاهد والسدى كانت تمشي بالنميمة وتنقل الحديث فتلقى العداوة بين الناس وتوقد نارها كما توقد النار بالحطب، يقال فلان يحطب على فلان إذا كان يغرى به، وقال سعيد بن جبير حمالة الخطايا: دليله قوله تعالى: (وهم يحملون أوزارهم على ظهورهم، قرأ عاصم حمالة بالنصب على الذم كقوله معلونين، وقرأ الآخرون بالرفع وله وجهان (أحدهما سيعلى نارا هو وامرأته حمالة الحطب (والثاني) وامرأته حمالة الحطب في النار أيضًا (في جيدها) في عنقها وجمعه أجياد (حبل من مسد (اختلفوا فيه قال ابن عباس وعروة بن الزبير سلسلة من حديد ذرعها سبعون ذراعًا تدخل في فيها وتخرج من دبرها ويكون سائرها في عنقها، وأصله من المسد هو الفتل بالفاء: والمسد ما قتل وأحكم من أي شيء كان يعني السلسلة التي في عنقها فتلت من الحديد فتلا محكمًا، وروى الأعمش عن مجاهد: من مسد: أي من حديد، والمسد الحديدة التي تكون في البكرة يقال لها المحرر، وقال الشعبي ومقاتل من ليف، وقال الضحاك وغيره في الدنيا من ليف وفي الآخرة من نار، وذاك الليف هو الحبل الذي كانت تحتطب به فبينما هي ذات يوم حاملة حزمة فأعيت فقعدت على حجر تستريح فأتاها ملك فجذبها من خلفها فأهلكها اختنافا بحبلها، وأما أبو لهب فرماه الله بالعدسة وهي بئرة تخرج بالبدن فتقتل، وذلك لعد وقعة بدر بسبع ليال فمات وأقام ثلاثة أيام لم يدفن حتى أنتن، ثم أن ولده غسلوه بالماء قذفًا من بعيد مخلفة عدوى العدسة، كانت قريش تتقيها كما يتقى الطاعون ثم احتملوه إلى أعلى مكة فأسندوه إلى جدار ثم رضموا عليه الحجارة أي جعلوا الحجارة بعضها على بعض، ذكره القرطبي وهذا مصير الظالمين المتكبرين والكبرياء لله وحده (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو سعد محمد بن ميسر الصاغاني حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية عن أبي بن كعب الخ (غريبه) (2) بصيغة الأمر من باب نصر وضرب أي صفة لنا، يقال نسب الرجل إذا وصفه وذكر نسبه (3) جاء عند الترمذي وابن جرير بعد قوله: الله الصمد: والصمد الذي لم يلد ولم يولد؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله عز وجل لا يموت ولا يورث: ولم يكن له كفوًا أحد: ولم يكن شبيه ولا عدل وليس كمثله شيء (4) (التفسير) (قل هو الله أحد) أي واحد ولا فرق بين الواحد والأحد، يدل عليه قراءة عبد الله بن مسعود قل هو الله الواحد الله الصمد، ومعنى الواحد الوتر الذي لا شبيه له ولا نظير ولا صاحبه ولا ولد ولا شريك (الله الصمد) فسره الراوي كما جاء في حديث الباب عند الترمذي بأنه الذي لم يلد ولم يولد قال الحافظ ابن كثير وهو تفسير جيد اهـ وروى الضحاك عن ابن عباس قال الذي يصمد إليه في الحاجات كما قال عز وجل: ثم إذا مسكم الضر فإليه تجأرون: قال أهل الفقه الصمد السيد الذي يصمد إليه في النوازل والحوائج وهو بئر قول ابن عباس واختاره القرطبي وقال ابن عباس أيضًا ومجاهد والحسن

-[ما جاء في فضلها وأنها تعدل ثلث القرآن]- (باب ما جاء في فضلها) (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) (1) عن أبي بن كعب أو عن رجل من الأنصار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرأ بقل هو الله أحد فكأنما قرأ بثلث (2) القرآن

_ وسعيد بن جبير الصمد الذي لا جوف، له قال الشعبي الذي لا يأكل ولا يشرب، ولابن عباس أيضًا هو السيد الذي قد كمل في سؤدده ورواه عاصم عن أبي وائل عن ابن مسعود مثله وقيل غير ذلك كثير، (قال الحافظ) أبو القاسم الطبراني في كتاب السنة له بعد إيراده كثيرًا من هذه الأقوال في تفسير الصمد وكل هذه صحيحة، وهي صفات ربنا عز وجل، وهو الذي يصمد إليه في الحوائج وهو الذي قد انتهى سؤدده وهو الصمد الذي لا جوف له ولا يأكل ولا يشرب وهو الباقي بعد خلقه، وقال البيهقي نحو ذلك والله أعلم (لم يلد)؛ لأنه لا يجانس حتى تكون له من جنسه صاحبة فيتوالدا، وقد دل على هذا المعنى بقوله إنى يكون له ولد ولم تكن له صاحبة (ولم يولد)؛ لأن كل مولود محدث وجسم وهو قديم لا أول لوجوده أذلو لم يكن قديمًا لكان حادثا لعدم الواسطة بينهما، ولو كان حادثا لافتقر إلى محدث وكذا الثاني والثالث فيؤدي إلى التسلسل وهو باطل، وليس بحسم؛ لأنه اسم متركب ولا يخلو حينئذ من أن يتصف كل جزء منه بصفات الكمال فيكون كل جزء إلهًا فيفسد القول به كما فسد بإلهين، أو غير متصف بها بل باعتدادها من سمات الحدوث وهو محال (ولم يكن له كفوًا أحد) أي لم يكن لع مثلًا أحد وفيه تقديم وتأخير، تقديره ولم يكن له أحد كفوًا، فقدم خبر كان على اسمها لينساق أواخر الآي عل ى نظم واحد، قرأ حمزة وإسماعيل ساكنة الفاء مهموزًا، وقرأ حفص عن عاصم بضم الفاء من غير همزة، وقرأ الآخرون بضم الفاء مهموزًا: وكلها لغات صحيحة، ومعناه المثل قال مقاتل قال مشركوا العرب الملائكة بنات الله، وقالت اليهود عزيز بن الله، وقالت النصارى المسيح ابن الله، فأكذبهم الله ونفى عن ذاته الولادة والمثل (تخريجه) (مذ) وابن جرير وابن أبي حاتم من طريق أبي سعد محمد بن ميسر (بوزن محمد) بسند حديث الباب ثم رواه الترمذي عن عبد بن حميد عن عبيد الله بن موسى عن أبي جعفر عن الربيع عن أبي العالية فذكره مرسلا ولم يذكر فيه عن أبي، ثم قال هذا أصح من حديث أبي سعد اهـ (قلت)؛ لأن عبيد الله بن موسى ثقة واياس ضعيف لكن أخرجه الحاكم من طريق محمد بن سابق عن أبي جعفر الرازي بسند حديث الباب وصححه وأقره الذهبي، والحديث له طرق كثيرة تعضده والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا هشيم عن حصين عن هلال بن يساف منه وعدو وعيد، وثلثا منه أسماء وصفات، وقد جمعت قل هو الله أحد الثلث الأخير وهو الأسماء والصفات، ودل على هذا للتأويل ما في صحيح مسلم من حديث أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل جزأ القرآن ثلاثة أجزاء، فجعل قل هو الله أحد جزءًا من أجزاء القرآن وهذا نص وبهذا المعنى سميت سورة الإخلاص (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد ثم قال ورواه النسائي في اليوم والليلة من حديث هشيم عن حصين عن ابن أبي ليلى ولم يقع في روايته هلال بن يساف اهـ (قلت) وأورده أيضًا الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح

-[ما جاء في فضل سورة الإخلاص وأنها تعدل ثلث القرآن]- (عن عبد الله بن عمرو) (1) أن أبا أيوب كان في مجلس وهو يقول ألا يستطيع أحدكم أن يقوم بثلث القرآن كل ليلة؟ قالوا وهل نستطيع ذلك؟ قال فإن (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن (2) قال فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وهو يسمع أبا أيوب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق أبو أيوب (عن أبي أمامة) (3) قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل وهو يقرأ قل هو الله أحد فقال أوجب هذا أو وجبت لهذا الجنة (عن أبي الدرداء) (4) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أما يستطيع أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ قالوا نحن أضعف من ذلك وأعجز، قال إن الله عز وجل جزأ القرآن ثلاثة أجزاء (5) فجعل قل هو الله أحد جزءًا من أجزءا القرآن (عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف (6) عن أمه) أنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن (عن أبي أيوب) (7) عن النبي صلى الله تعالى عليه وعلى آله وصحبه وسلم

_ (1) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله ابن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (غريبه) (2) الحديث إلى هنا موقوف على أبي بن كعب ولكن له حكم الرفع؛ لأن مثله لا يقال من قبل الرأي فلما جاء النبي صلى الله عليه وسلم وسمعه عن أبي وصدقه صار الحديث مرفوعًا حقيقة بهذا التصديق (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف اهـ (قلت) من الغريب أن الحافظ الهيثمي رحمه الله قرر في مواضع كثيرة أن ابن لهيعة إذا صرح بالتحديث يكون حديثه حسنًا؛ وكذلك الحافظ ابن كثير وهنا قد صرح بالتحديث فحديثه حسن وأن كان كلام الحافظ الهيثمي يشعر بضعفه، ولعل ذلك نشأن عن مهومنه: على أن هذا الحديث له شواهد كثيرة صحيحة تعضده، أقربها حديث أبي بن كعب السابق وغيره كثير. (3) (سنده) حدثنا أبو المغيرة حدثنا معان بن رفاعة حدثني علي بن رفاعة حدثني علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده من لم أعرفه، وفيه أيضًا علي لبن يزيد بن ابي زياد الالهابي الدمشقي قال البخاري منكر الحديث، وله شاهد عند الترمذي والإمام أحمد من حديث أبي هريرة، وسيأتي في هذا الباب أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقرؤ قل هو الله أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وجبت، قيل يا رسول الله ما وجبت؟ قال الجنة، وصححه الترمذي (4) (سنده) حدثنا محمد بن بكر وعبد الوهاب قالا أنا سعيد عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن أبي الدرداء الخ (غريبه) (5) تقدم الكلام على تجزئة القرآن في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب فارجع إليه (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد ثم قال ورواه مسلم والنسائي من حديث قتادة به (6) (سنده) حدثنا أمية بن خالد قال حدثنا محمد بن عبد الله بن مسلم بن أخي الزهري عن عمه الزهري عن حميد ابن عبد الرحمن عن أمه الخ (قلت) أمه هي أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط من المهاجرات الأول اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (نس) في اليوم والليلة وأورده الهيثمي وقال رواه (حم طس) ورجال أحمد رجال الصحيح (7) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن زائدة بن قدامة عن منصور عن هلال بن يساف عن الربيع بن خيثم عن عمرو بن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن

-[حديث الرجل الذي أحب سورة الإخلاص فأدخله الله الجنة]- قال أيعجب (1) أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ فإنه من قرأ قل هو الله أحد الله الصمد في ليلة فقد قرأ ليلتئذ ثلث القرآن (2) (عن أنس بن مالك) (3) قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقال إني أحب هذه السورة (قل هو الله أحد) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حبك إياها أدخلك الجنة (عن أبي سعيد الخدري) (4) قال بات قتادة بن النعمان (5) يقرأ الليل كله (قل هو الله أحد) (6) فذكر ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لتعدل نصف القرآن أو ثلثه (7) (وعنه أيضًا) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قال أيعجز (9) أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة؟ قال فشق ذلك على أصحابه فقالوا من يطيق ذلك؟ قال يقرأ (قل هو الله أحد) فهي ثلث القرآن (عن أبي مسعود) (10) (يعني البدري الأنصاري)

_ امرأة من الأنصار عن أبي أيوب الخ (قلت) الظاهر أن هذه المرأة التي من الأنصار هي امرأة أبي أيوب فقد رواه الترمذي بهذا السند نفسه إلى قوله عن عبد الرحمن بن أبي ليلى فقال عن امرأة أبي أيوب فذكر الحديث (غريبه) (1)؛ هكذا بالأصل (أيعجب) بباء موحدة بعد الجيم من التعجب، وجاء عند الترمذي (أيعجز (بالرأي من العجز، وله في أخرى عند الإمام أحمد بلفظ أيعجز كما عند الترمذي (2) تقدم الكلام على كونها ثلث القرآن (تخريجه) (مذ) وقال هذا الحديث حسن لا نعرف أحد روي هذا الحديث أحسن من رواية زائدة وتابعة على روايته إسرائيل والفضيل بن عياض، وقد روى شعبة وغير واحد من الثقات هذا الحديث عن منصور واضطربوا فيه اهـ (3) (سنده) حدثنا أبو النضر حدثنا المبارك عن ثابت البنائي عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) (خ مذ) من حديث طويل معلقًا مجزومًا له وأخرجه أيضًا (بزهق) وقال الترمذي حسن غريب (4) (سنده) حدثنا يحيى بن إسحاق أنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (5) قتادة بن النعمان أخو أبي سعيد لأمه وكانا متجاورين، قاله ابن عبد البر (6) يعني السورة كلها (7) أو للشك من الراوي، وجاء عند البخاري ثلث القرآن بغير شك؛ وكذلك في جميع الروايات الأخرى عند الإمام أحمد وغيره (تخريجه) (خ لك منس). (8) (سنده) حدثنا عبد الله بن محمد قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الإمام أحمد) وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة حدثنا أبو خالد الأحمر عن الأعمش عن الضحاك المشرقي عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) بكسر الجيم من باب ضرب يضرب والهمزة للاستفهام الاستخباري (تخريجه) (خ) (10) (سنده) حدثنا عبد الرحمن هو ابن مهدي عن سفيان عن أبي قيس عن عمرو بن ميمون عن أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أيعجز أحدكم أن يقرأ ثلث القرآن في ليلة الله الواحد الصمد (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد من حديث أبي مسعود وسنده جيد، وروى البخاري نحوه من حديث أبي سعيد وكذلك الإمام أحمد وهو الحديث المتقدم وللبخاري رواية أخرى من حديث أبي سعيد أيضًا وفيها الله الواحد الصمد ثلث القرآن كما في حديث أبي مسعود، قال الحافظ فكان رواية الباب بالمعنى ويحتمل أن يكون بعض رواية الباب بالمعنى ويحتمل أن يكون بعض رواته يقرؤها كذلك كما جاء أن عمر كان يقره الله أحد الله الصمد بغير قل في أولها أو سمي السورة بهذا الاسم لاشتمالها على

-[من قرأ (قل هو الله أحد) حتى يختمها عشر مرات بني الله له قصرًا في الجنة]- عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (عن أبي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احشدوا (2) فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن، قال فحشد من حشد ثم خرج فقرأ (قل هو الله أحد) ثم دخل (3) فقال بعضنا لبعض هذا أخبر جاء من السماء فذلك الذي أدخله ثم خرج، فقال إني قد قلت لكم أني سأقرأ عليكم ثلث القرآن وأنها تعدل ثلث القرآن (وعنه أيضًا) (4) إن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلًا يقرأ قل هو الله أحد حتى ختمها فقال وجبت: قيل يا رسول الله ما وجبت؟ (5) قال الجنة قال أبو هريرة فأردت أن آتية فأبشره فآثرت الغداء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرقت (6) أن يفوتني الغداء مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم رجعت إلى الرجل فوجدته قد ذهب (عن معاذ بن أنس الجهني) (7) صاحب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من قرأ (قل هو الله أحد) حتى يختمها عشر مرات بنى الله له قصرًا في الجنة، فقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه إذا استكثر يا رسول الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكثر وأطيب (عن أبي مسعود الأنصاري) (8) قال قال رسول الله

_ الصفتين المذكورتين والله أعلم (1) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا يزيد بن كيسان قال حدثني أبو حازم عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) اجتمعوا واستحضروا الناس، والحشد الجماعة واحتشد القوم لفلان تجمعوا له وتأهبوا كذا في النهاية، وقال في الصراح الحشد من باب ضرب يضرب ونر ينصر وحشدوا أي اجتمعوا واحتشدوا وتحشدوا كذلك اهـ (3) أي الحجرة الشريفة (تخريجه) (م مذ) (4) (سنده) حدثنا عثمان بن عمر أنا مالك عن عبد الله بن عبد الرحمن أن ابن حنين أخبره عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) ابن حنين اسمه عبيد: قال الحافظ في التقريب عبيد بن حنين بنونين مصغرًا المدنى أبو عبد الله ثقة قليل الحديث من الثالثة (غريبه) (5) القائل ما وجبت هو أبو هريرة كما صرح بذلك عند الترمذي بقوله (قلت ما وجلت) أي ما معنى قولك جزءًا لقراءته وجبت أو ما فاعل وجبت (قال الجنة) أي بمقتضى وعد الله وفصله الذي لا يخلفه كما قال تعالى (إن الله لا يخلف الميعاد) (6) أي خفت وخشيت أن يفوتني الغداء، والظاهر أن أبا هريرة كان جائعًا جدًا ولذلك أثر الغداء على تبشير الرجل، على أنه لم ينس أن يبشر الرجل فقد ذهب إليه بعد الغداء قلم يجده (تخريجه) (لك نس مذ ك) وقال الترمذي هذا حديث صحيح غريب اهـ (قلت) وصححه أيضًا الحاكم وأقره الذهبي (7) (سنده) حدثنا حسن ابن لهيعة قال حدثنا يحيى بن غيلان حدثنا رشيدين حدثنا زبان بن فايد الحمراوي عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه معاذ بن أنس الجهني (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (طب حم) وفي إسنادهما رشيدين بن سعد وزبان وكلاهما ضعيف وفيهما توثيق لين اهـ (قلت) ورواه أبو محمد الدارمي في مسنده فقال حدثنا عبد الله بن زيد حدثنا حيوة حدثنا عقيل وغيره عن معبد قال الدرامي وكان من الأبدال أنه سمع سعيد بن المسيب يقول أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال من قرأ قل هو الله أحد عشر مرات بني الله له قصر في الجنة، ومن قرأها عشرين مرة بني الله له قصرين في الجنة ومن قرأها ثلاثين مرة بني الله له ثلاثة قصور في الجنة فقال عمر بن الخطاب إذا تكثروا قصورنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله واسع من ذلك: قال الحافظ ابن كثير وهذا مرسل جيد (8) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي قيس عن عمرو بن ميمون عن أبي مسعود الخ (قلت) أبو مسعود هو البدري الأنصاري (تخريجه) (جه) والنسائي في اليوم والليلة وسنده جيد (هذا) وأحاديث الباب

-[كلام العلماء في معنى أن (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن]- الله صلى الله عليه وسلم (قل هو الله أحد) تعدل ثلث القرآن (باب ما جاء في فضل سورة قل هو الله أحد والمعوذتين) (عن عقبة بن عامر) (1) قال لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأني فأخذ بيدي فقال يا عقبة بن عامر ألا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة والإنجيل والزبور والفرقان

_ تدل على فضل سورة الإخلاص وأنها تعدل ثلث القرآن، وقد اختلف العلماء في المراد من ذلك (قال الحافظ) حمله بعض العلماء على ظاهره فقال هي ثلث باعتبار معاني القرآن؛ لأنه أحكام وأخبار وتوحيد وقد اشتملت عي على القسم الثالث فكانت ثلثًا بهذا الاعتبار، ويستأنس لهذا بما أخرجه أبو عبيد من حديث أبي الدرداء اهـ (قلت) تقدم في هذا الباب من رواية الإمام أحمد جزأ النبي صلى الله عليه وسلم القرآن ثلاثة أجزاء فجعل قل هو الله أحد جزءًا من أجزاء القرآن، وقال القرطبي اشتملت هذه السورة على اسمين من أسماء الله يتضمنان جميع أوصاف الكمال لم يوجد في غيرها من السور، وهما الأحد الصمد؛ لأنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال، وبيان ذلك أن الأحد يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره، والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال؛ لأنه الذي انتهى إليه سؤدده فكان مرجع الطلب منه وإليه، ولا يتم ذلك على وجه التحقيق إلا لمن جاز جميع خصال الكمال؛ وذلك لا يصلح إلا الله تعالى، فلما اشتملت هذه السورة على معرفة الذات المقدسة كانت بالنسبة إلى تمام المعرفة بصفات الذات وصفات الفعل ثلثًا اهـ (ومنهم) من حمل المثلية على تحصيل الثواب فقال معنى كونها ثلث القرآن أن ثواب قراءتها يحصل للقارئ مثل ثواب من قرأ ثلث القرآن، وقيل مثله بغير تضعيف وهي دعوى بغير دليل، ويؤيد الإطلاق ما أخرجه مسلم والإمام أحمد من حديث أبي الدرداء وتقدم البخاري والإمام أحمد من حديث أبي سعيد وتقدم أيضًا وفيهما أن قل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، وما أخرجه مسلم والإمام أحمد من حديث أبي هريرة وتقدم أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احشدوا فإني سأقرؤ عليكم ثلث القرآن فخرج فقرأ قل هو الله أحد ثم قال إلا أنها تعدل ثلث القرآن، ولأبي عبيد والإمام أحمد من حديث أبي بن كعب وهو الحديث الأول من أحاديث الباب (من قرأ قل هو الله أحد فكأنما قرأ ثلث القرآن، وإذا حمل ذلك على ظاهره فهل ذلك لثلث من القرآن معين أو لأي ثلث فرض منه؟ فيه نظر، ويلزم على الثاني من قرأها ثلاثًا كان كمن قرأ ختمة كاملة، وقيل المراد من عمل بما تضمنته من الإخلاص والتوحيد كان كمن قرأ ثلث القرآن، وادعى بعضهم أن قوله تعدل ثلث القرآن يختص بصاحب الواقعة؛ لأنه لما رددها في ليلة كان كمن قرأ ثلث القرآن بغير ترديد، قال القابسي لعل الرجل الذي جرى له ذلك لم يكن يحفظ غيرها فذلك استقل عمله فقال له الشارع ذلك ترغيبًا له في عمل الخير وأن قل (قلت) ظاهر الأحاديث ناطق بتحصيل الثواب مثل من قرأ ثلث القرآن والقول الجامع فيه ما ذكره الشيخ التوربشتي رحمه الله من قوله نحن وإن سلكنا هذا المسلك بمبلغ علمنا نعتقد ونعترف أن بيان ذلك على الحقيقة إنما يتلقى من قبل الرسول صلى الله عليه وسلم فإنه هو الذي ينتهي إليه في معرفة حقائق الأشياء والكشف عن خفيات العلوم، فأما القول الذي نحن بصدده ونحوم حوله على مقدار فهمنا فهو وإن سلم من الخلل والزلل لا يتعدى عن ضرب من الاحتمال، نقله الطيبى في شرح المشكاة (باب) (1) (عن عقبة بن عامر الخ) هذا جزء من حديث طويل سيأتي بسنده وشرحه وتخريجه في باب الثلاثيات من كتاب جامع للأدب والمواعظ والحكم من قسم الترغيب وإنما ذكرت هذا الجزء منه هنا لمناسبة ترجمة الباب وهو يدل على عظم فضل هذه السور الثلاث والحث على

-[ما جاء في فضل (قل هو الله أحد) والمعوذتين]- العظيم قال قلت بلى جعلني الله فداك، قال فأقر أني (قل هو الله أحد، وقل أعوذ برب الفلق، وقل أعوذ برب الناس) ثم قال يا عقبة لا تنساهن ولا تبيت ليلة حتى تقرأهن، قال فما نسيتهن من منذ قال لا تنساهن، وما بت ليلة قط حتى أقرأهن () (عن معاذ بن عبد الله) (1) بن خبيب عن أبيه قال أصابنا عطش وظلمة فانتظرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي لنا فخرج فأخذ بيدي فقال قل فسكت قال قل: قلت ما أقول؟ قال قل هو الله أحد والمعوذتين حين تمسي وحين تصبح ثلاثًا يكفيك كل يوم مرتين (سورتي الفلق والناس) (باب ما جاء في فضلهما) (عن عقبة بن عامر) (2) قال بينما أنا أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم (3) في نقب من تلك النقاب إذ قال لي يا عقبة ألا تركب؟ قال فأجللت برسول الله صلى الله عليه وسلم أن أركب مركبة (4) ثم قال يا عقبة ألا تركب؟ (5) قال فأشقت أن تكون معصيا (6) قال فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبت هنية (7) ثم ركب ثم قال يا عقيب (8) ألا أعلمك سورتين من خير سورتين قرأ بهما الناس؟ قال قلت بلى يا رسول الله، قال فأقرأني (قل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس) (9) ثم أقيمت الصلاة فتقدم رسول الله فقرأ بهما ثم مر بي قال كيف رأيت يا عقيب (10) أقرأ بهما كلما نمت وكلما قمت (11) قال أبو عبد الرحمن (12) هو عقبة بن عامر بن عاب ويقال ابن عبس الجهني (رضي الله تبارك وتعالى عنه وأرضاه)

_ حفظهن وقراءتهن كل ليلة قبل النوم. (1) (ز) (سنده) حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا الضحاك بن مخلد حدثنا ابن أبي ذئب عن أسيد بن أبي أسيد عن معاذ عبد الله بن خبيب الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه لعبد الله بن الإمام أحمد؛ لأنه من زوائده على مسند أبيه ولذا رمزت له بحرف زاي في أوله كما ذكرت ذلك في مقدمة الكتاب، ثم قال ورواه أبو داود والترمذي والنسائي من حديث ابن أبي ذئب به وقال الترمذي حديث صحيح غريب من هذا الوجه وقد رواه النسائي من طريق أخرى عن معاذ بن عبد الله بن خبيب عن أبيه عن عقبة بن عامر فذكره، ولفظه تكفك كل شيء (باب). (2) (سنده) حدثنا الوليد بن مسلم قال حدثنا ابن جابر عن القاسم أبي عبد الرحمن عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) (3) أي يقود راحلته (وقوله في نقب) النقب الطريق بين الجبلين جمعة نقاب وأنقاب وجاء عند أبي داود بلفظ (كنت أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته في السفر (4) معناه أنه استصغر نفسه بالنسبة لمقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلو منزلته أن يركب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي (5) أعاد عليه السؤال مرة ثانية وذلك لمزيد شفقته ورحمته بأصحابه وتواضعه وكرم أخلاقه صلى الله عليه وسلم (6) خشى عقبة مخالفة النبي صلى الله عليه وسلم في هذه المرة فيكون عاصيًا (7) أي زمنا يسير امتثالًا لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم (8) تصغير عقبة (9) زاد عند أبي داود (فلم يرني سررت بهما جدًا)؛ لأنه كان يرغب أن يعلمه سورة هود وسورة يوسف كما صرح بذلك في بعض رواياته وستأتي لما فيهما من القصص والطول (10) معناه علمت يا عقبة أمرهما وأنهما من القرآن لجواز الصلاة بهما 11) فيه دلالة على استحباب قراءتهما عند اللزوم وعند اليقظة من النوم (12) هو عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله يريدان الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عقيب هو عقبة بن عامر الخ (تخريجه) (د نس) ورجاله ثقات ورواه أيضًا الحاكم مختصرًا وصححه، واقره الذهبي

-[ما جاء في فضل المعوذتين]- (وعنه أيضًا) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنزلت علي سورتان (وفي رواية أنزل علي آيات لم ير (2) مثلهن) فتعوذوا بهن فإنه لم يتعوذ بمثلهن (3) يعني المعوذتين (وعنه أيضًا) (4) أنه قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقرأ بالمعوذات في دبر كل صلاة (وعنه أيضًا) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقرأ بالمعوذتين (6) لن تقرًا بمثلهما (عن أبي العلاء) (7) قال قال رجل (8) لنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر والناس يتعقبون (9) وفي الظهر قلة فحانت نزلة رسول الله صلى الله عليه وسلم ونزلتي فلحقني من بعدي (10) فضرب منكي فقال قل أعوذ برب الفلق، فقلت أعوذ برب الفلق فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأتها معه ثم قال قل أعوذ برب الناس فقرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقرأتها معه قال إذا أنت صليت فاقرأ بهما

_ (1) (سنده) حدثنا حفص بن غياث عن إسماعيل عن قيس عن عقبة بن عامر الخ (قلت) إسماعيل هو ابن أبي خالد: وقيس ابن أبي حازم (غريبه) (2) بصيغة المجهول وبرفع مثلهن أي في بابهما وهو التعوذ لقوله فتعوذوا بهن فإنه لم يتعوذ بمثلهن (3) معناه لم يأت في القرآن سورة كلها تعويذ للقارئ سوى هاتين السورتين؛ ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ من عين الجان وعين الإنسان، فلما نزلت المعوذتان أخذ بهما وترك ما سواهما؛ لأنهما من الجوامع في هذا الباب رواه (مذ نس جه) عن أبي سعيد: وقال الترمذي حسن صحيح (وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى يقرأ على نفسه بالمعوذتين وينفث فلما اشتد وجعه كنت أقرأ عليه بالمعوذات وأمسح بيده عليه رجاء بركتها، رواه الشيخان والإمام أحمد وأصحاب السنن (تخريجه) (م دنس مذ). (4) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا سعيد يعني ابن أيوب حدثني يزيد بن عبد العزيز الرعيفي وأبو مرحوم عن يزيد بن محمد القرشي عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ج نس مذ) والبيهقي في الدعوات الكبير، وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب. (5) (سنده) حدثنا يحيى بن إسحاق قال حدثنا ابن لهيعة عن مشرح بن عاهان عن عقبة بن عامر قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أيهم القراءة في هذه الرواية، والظاهر أن المراد في دبر كل صلاة أي عقبها أخذا من الرواية السابقة والأحاديث يفسر بعضها بعضًا (وقوله لن تقرأ بمثلهما يعني من الأذكار الأخرى عقب الصلاة والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وفي إسناده ابن لهيعة ضعيف حيث عنعن وبقية رجاله ثقات ويؤيده ما قبله. (7) (سنده) حدثنا إسماعيل أنا الجريري عن أبي العلاء الخ قلت أبو العلاء هو يزيد بن عبد الله بن الشخير (غريبه) (8) قال الحافظ ابن كثير الظاهر أن هذا الرجل هو عقبة بن عامر والله أعلم (قلت) وهو كما قال لأن سياق الحديث كسياق حديث عقبة المذكور أول الباب (9) المعقب من كل شيء ما جاء عقيب ما قبله، والمراد هنا أنهم كانوا يتعاقبون البعير في الركوب يركبه الرجل مدة من الزمن ثم يزل فيركبه الآخر وهكذا وذلك لقلة الظهر أي الرواحل (10) الظاهر أن قوله من بعدي بضم الباء الموحدة وسكون العين المهملة من البعد ضد القرب، والمعنى فلحقني مع كوني كنت بعيدًا عنه (وقوله فضرب منكبي) أي لينبهه إلى ما يلقي إليه (وقوله إذا أنت صليت فأقرأ بهما) ليس المراد لا يقرأ بغيرهما بل المراد أن يقرأ بهما في بعض الصلوات، ويحتمل أن هذا الرجل كان إذ ذاك لا يحفظ غيرهما فأمره النبي صلى الله عليه وسلم

-[رأي ابن مسعود في المعوذتين]- (باب رأي ابن مسعود رضي الله عنه أن المعوذتين ليستا من كتاب الله ورد ذلك) (ز) (عن الأعمش) (1) عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن يزيد قال كان عبد الله (2) بحك المعوذتين من مصاحفه ويقول أنهما ليستا من كتاب الله تبارك وتعالى (3) قال الأعمش وحدثنا عاصم عن زر عن أبي بن كعب قال سألنا عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقيل لي فقلت (4) (حدثنا سفيان بن عيينة) (5) عن عبدة وعاصم عن زر بن حبيش قال قلت لأبي (6) إن أخاك يحكهما من المصحف فلم ينكر (7) قيل لسفيان ابن مسعود؟ قال نعم (8) وليسا في مصحف

_ أن يصلي بهما لأنهما من القرآن وتجز أنه عن غيرهما والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله الصحيح اهـ (قلت) وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد ثم قال ورواه النسائي عن يعقوب إبراهيم عن ابن علية به (هذا) وفي أحاديث الباب بيان عظم فضل هاتين السورتين (وفيهما) دليل واضح على كونهما من القرآن (وفيها) أن لفظة (قل) من القرآن ثابتة من أول للسورتين بعد البسملة وقد أجمعت الأمة على هذا كله والله الموفق (باب) (1) (ز) (سنده) حدثنا محمد بن الحسن بن اشكاب حدثنا محمد بن أبي عبيدة ابن معن ثنا أبي عن الأعمش الخ (غريبه) (2) يعني ابن مسعود رضي الله عنه (3) المشهور عند كثير من القراء والفقهاء أن ابن مسعود كان لا يكتبهما في مصحفه: وروى الحافظ أبو يعلي عن علقمة قال كان عبد الله يحك المعوذتين من المصحف ويقول إنما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتعوذ بهما ولم يكن عبد الله يقرأ بهما اهـ وقال البزار لم يتابع ابن مسعود على ذلك أحد من الصحابة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم إنه قرأ بهما في الصلاة اهـ (قلت) تقدم ذلك في الباب السابق وقد تأول القاضي أبو بكر الباقلاني ذلك بأن ابن مسعود لم ينكر قرآ نيتهم وإنما أنكر إثباتهما في المصحف فإنه كان يرى أن لا يكتب في المصحف شيء إلا أن كان النبي صلى الله عليه وسلم أذن فيه وكأنه لم يبلغه الإذن في ذلك فليس فيه جحد لقرآنيتهما، وتعقب مما في حديث الباب من قوله أنهما ليستا من كتاب الله (وأجيب) بإمكان حمل لفظ كتاب الله على المصحف فيتمشى التأويل المذكور، ذكره الحافظ قال القسطلاني ويحتمل أيضًا أنه لم يسمعهما من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يتواتر عنده، ثم لعله قد رجع عن قوله ذلك غلى قول الجماعة، فقد أجمع الصحابة عليهما وأثبتوهما في المصاحف التي بعثوها إلى سائر الآفاق (4) هكذا جاء في هذه الرواية وفيها غموض، وجاء في رواية أخرى ستأتي بعد حديث أن أبيا قال أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني أن جبريل عليه السلام قال له. قل أعوذ برب الفلق: فقلتها: فقال قل أعوذ برب الناس فقلتها: فنحن نقول ما قال النبي صلى الله عليه وسلم وهذه الرواية مفسرة للرواية التي نحن بصدد شرحها وليس في جواب أبي تصريح بالمراد إلا أن في الإجماع على كونهما من القرآن غنية عن تكلف الأسانيد وأخبار الآحاد والله أعلم (تخريجه) روى الطرف الأول منه أبو يعلي وروى الطرف القاني المرفوع منه البخاري (5) حدثنا سفيان عيينة الخ (غريبه) (6) يعني ابن كعب رضي الله عنه (أن أخاك) يعني في الدين أو في حفظ القرآن وإتقانه لما ثبت عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال استقرءوا القرآن من أربعة: من عبد الله بن مسعود وسالم مولى أبي حذيفة ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب: وتقدم صحيفة 22 رقم 61 من هذا الجزء (7) أي لم ينكر أبي علي ابن مسعود بما قيل له عنه وكأنه كان يعلم ذلك منه (8) معناه أن سائلًا سأل سفيان عن الذي كان يحك المعوذتين من المصحف هل هو ابن مسعود؟ قال نعم، والظاهر أن ما بعد قوله نعم إلى آخر الحديث من قول سفيان

-[سورة الفلق وما جاء في فضلها]- ابن مسعود، كان يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ بهما الحسن والحسين ولم يسمعه يقرؤهما في شتى من صلاته فظن أنهما عوذتان فأصر على ظنه، وتحقق الباقون كونهما من القرآن فأودعوهما إياه (عن زر بن حبيش) (1) قال قلت لأبي بن كعب أن ابن مسعود كان لا يكتب المعوذتين في مصحفه قال أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرني أن جبريل عليه السلام قال له (قل أعوذ برب الفلق) فقلتها فقال (قل أعوذ برب الناس) فقلتها، فنحن نقول ما قال النبي صلى الله عليه وسلم (2) (سورة الفلق) (باب ما جاء في فضلها وتفسيرها) (عن عائشة) (3) رضي الله عنها قالت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فنظر إلى القمر فقال يا عائشة تعوذي بالله (من شر غاسق إذا وقب) هذا غاسق (4) إذا وقب

_ أيضًا والله أعلم (تخريجه) (خ نس). (1) (سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أنا عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش الخ (غريبه) (2) تقدم الكلام على ذلك في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب والله الموفق للصواب (تخريجه) (عل بن) والحميدي وأخرجه المرفوع منه (خ طل) (باب) (3) (سنده) حدثنا وكيع قال حدثنا ابن أبي ذئب عن خاله الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن عائشة الخ (غريبه) (4) قال في القاموس الغسق محركة ظلمة أول الليل، وغسق الليل غسقا اشتدت ظلمته، والغاسق القمر أو الليل إذا غاب الشفق، وقال في مادة (وقب) وقب الظلام دخل، والشمس وقيا ووقوبا غابت: والقمر دخل في الخسوف ومنه غاسق إذا وقب اهـ وجاء عند الترمذي بلفظ (هذا هو الغاسق إذا وقب) قال الطبيبي إنما استعاذ من كوفه؛ لأنه من آيات الله الدالة على حديث بلية ونزول نازلة كما قال صلى الله عليه وسلم (ولكن يخوف الله به عباده)؛ ولأن اسم الإشارة في الحديث كموضع اليد في التعيين وتوسيط ضمير الفصل بينه وبين الخبر المعرف يدل على أن المشار إليه هو القمر لا غير اهـ وقال الخازن في تفسيره بعد ذكر حديث عائشة هذا ما لفظه، فعلى هذا الحديث المراد به القمر إذا خسف وأسود ومعنى وقب دخل الخسوف أو أخذ في الغيبوبة وقيل سمي به لأنه إذا خبث أسود وذهب ضوؤه، وقيل إذا وقب دخل في المحاق وهو آخر الشهر وفي ذلك الوقت بثم السحر المورث للمرض وهذا مناسب لسبب نزول هذه السورة اهـ (تخريجه) (مذ نس ك) وقال الترمذي هذا حديث صحيح (قلت) وصححه أيضًا الحاكم وأقره الذهبي (تفسير سورة الفلق وسبب نزولها) عن زيد بن أرقم قال سحر النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود قال فاشتكى لذلك أيامًا قال فجاء جبريل عليه السلام فقال أن رجلا من اليهود سحرك عقد لك عقدًا عقدًا في بئر كذا وكذا فأرسل إليها من يجئ بها فبعث صلى الله عليه وسلم عليا رضي الله عنه فاستخرجها فجاء بها فحللها قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال، فما ذكر لذلك اليهودي ولا رآه في وجهه قط حتى مات وهذا الحديث رواه (حم نس) وابن سعد والبغوي في تفسيره، قال الحافظ وصححه الحاكم وعبد بن حميد اهـ (قلت) وتقدم هذا الحديث وغيره من رواية الشيخين في باب ما جاء في ثبوت السحر وتأثيره صحيفة 125 في الجزء السادس عشر، قال مقاتل والكلي كان في وتر عقدت عليه إحدى عشرة عقدة وقيل كانت العقد مغروزة بالإبرة فأنزل الله هاتين السورتين وهما إحدى عشرة آية: سورة الفلق خمس آيات: وسورة الناس ست آيات كلما قرأ آية انحلت عقدة حتى انحلت العقد كلها فقام النبي صلى الله عليه وسلم كأنما نشط من عقال، وروى أنه لبث فيه

-[ما جاء في فضل سورة الفلق وتفسير سورة الناس]- (عن جبير بن نفير) (1) عن عقبة بن عامر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهديت إليه بغلة شهباء فركبها فأخذ عقبة يقودها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقبة أقرأ، فقال وما أقرأ يا رسول الله؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم اقرأ (قل أعوذ برب الفلق) فأعادها عليه حتى قرأها فعرف أني لم أفرح بها جدًا (2) فقال لعلك تهاونت بها؟ فما قمت تصلي بشيء مثلها (3) (عن يزيد بن جبيب) (4) قال حدثني أبو عمران أنه سمع عقبة بن عامر يقول تعلقت بقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله اقرئني سورة هود وسورة يونس فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عقبة ابن عامر أنك لم تقرأ سورة أحب إلى الله عز وجل ولا أبلغ عنده من (قل أعوذ برب الفلق) قال يزيد لم يكن أبو عمران يدعها وكان لا يزال يقرؤها في صلاة المغرب

_ ستة أشهر واشتد عليه ثلاث ليال فنزلت المعوذتان (التفسير) قال تعالى (قل أعوذ برب الفلق) أراد بالفلق الصبح، وهو قول جابر بن عبد الله والحسن وسعيد بن جبير ومجاهد وقتادة وأكثر المفسرين، وهي رواية العوفي عن ابن عباس بدليل قوله فالق: الإصباح: وروى عن ابن عباس أنه سجن في جهنم، وقال الكلي واد في جهنم، وقال الضحاك يعني الخلق، وهي رواية الوالي عن ابن عباس، والأول هو الصحيح المعروف وهو اختيار البخاري في صحيحه (من شر ما خلق) أي من شر جميع المخلوقات، وقال ثابت البناني والحسن البصري جهنم وإبليس وذريته مما خلق (ومن شر غاسق إذا وقب) تقدم الكلام على هذه الآية (ومن شر النفاثات) السواحر تنفث (في العقد) التي تعقدها في الخيط تنفخ فيها بشيء تقوله من غير ربق معه، قال أبو عبيدة من بنات لبيد بن الأعصم سحرن النبي صلى الله عليه وسلم (ومن شر حاسد إذا حسد) الجسد تمني زوال نعمة المحسود وإن لم يصر للحاسد مثلها، والمنافسة عي تمني مثلها وإن لم تزل فالحسد شر مذموم، والمنافسة مباحة وهي الغبطة، والحسد أول ذنب عصى اله به في السماء، وأول ذنب عصى به في الأرض، فحسد إبليس آدم، وحسد قابيل هابيل، والحاسد مبغوض مطرود، ملعون نعوذ بالله منه (1) (سنده) حدثنا حيوة بن شريح قال حدثنا بقية حدثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير ابن نفير عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) (2) أي؛ لأنه كان يطلب من النبي صلى الله عليه وسلم أطول منها كهود ويوسف كما سيأتي في الحديث التالي (3) فيه استحباب القراءة في الصلاة بسورة الفلق ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يقرأ في الوتر بقل هو الله أحد والمعوذتين، وتقدم الحديث في ذلك في باب ما يقرؤ به في الوتر من كتاب الصلاة في الجزء الرابع صحيفة 306 رقم 1094 (تخريجه) (نس) وسنده جيد (4) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب القراءة في المغرب من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 228 رقم 580. (تفسير سورة الناس) قوله تعالى (قل أعوذ برب الناس) أي مالكهم ومصلح أمورهم، وإنما ذكر أنه رب الناس وإن كان ربا لجميع الخلق لأمرين (أحدهما)؛ لأن الناس معظمون فأعلم بذكرهم أنه ربا لهم وأن عظموا (الثاني)؛ لأنه أمر بالاستعاذة من شرهم فأعلم بذكرهم أنه هو الذي يعيذ منهم وإنما قال (ملك الناس إله الناس)؛ لأن في الناس ملوكًا فذكر أنه ملكهم، وفي الناس من يعبد غيره فذكر أنه إلهم ومعبودهم وإنه الذي يجب أن يستعاذ به ويلجًا إليه دون الملوك والعظماء (من شر الوسواس) هو اسم بمعنى الوسوسة كالزلزال بمعنى الزلزلة، وأما المصدر فوسواس بالكسر كالزلزال، والمراد به الشيطان سمي بالمصدر كأنه وسوسة في نفسه؛ لأنها شغله الذي هو عاكف

-[بقية تفسير سورة الناس وختام الجزء]- .....

_ عليه والوسواس والوسوسة الصوت الخفي، والوسوسة حديث النفس (الخناس الذي عادته أن يخنس منسوب إلى الخنوس وهو التأخر، ووصف بالخناس لأنه كثير الاختفاء، وقوله تعالى: فلا أقسم بالخنس يعني النجوم لاختفائها بعد ظهورها، وقيل لأنه يخنس إذا ذكر العبد ربه أي يتأخر (عن أنس بن مالك) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الشيطان واضع خطمه (أي فمه وأنفه) على قلب ابن آدم فإن ذكر الله خنس وأن نسى التقم قلبه فذلك الوسواس الخناس: أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه لأبي يعلي وقال غريب، والمراد بالوسواس الخناس الشيطان الموكل بالإنسان، فإنه ما من أحد من بني آدم إلا وله قرين يزين له الفواحش ولا يألوه جهدًا في الخبال، والمعصوم من عصمة الله، وقد ثبت في الصحيح أنه (ما منكم من أحد إلا قد وكل به قرينه: قالوا وأنت يا رسول الله؟ قال نعم إلا أن الله أعاني عليه فاسلم فلا يأمرني إلا بخير) (الذي يوسوس في صدور الناس) أي قلبوهم إذا غفلوا عن ذكر الله (من الجنة والناس) بيان للشيطان الموسوس أنه جني وأنسي كقوله تعالى (شياطين الإنس والجن) ومن الجنة بيان له والناس عطف على الوسواس، وعلى كل يشكل شر لبيد وبناته المذكورين آنفًا، واعترض الأول أن الناس لا يوسوس في صدورهم الناس، إنما يوسوس في صدورهم الجن، وأجيب بأن الناس يوسوسن أيضًا بمعنى يليق بهم في الظاهر، ثم تصل وسوستهم إلى القلب وتثبت فيه بالطريق المؤدي إلى ذلك، والله سبحانه وتعالى أعلم: إلى هنا قد انتهى الجزء الثامن عشر وهو القسم الثالث من الفتح الرباني وقد تضمن كل ما يتعلق بالقرآن الكريم من الفضائل والأحكام والقراآت وأسباب النزول والناسخ والمنسوخ والتفسير وغير ذلك وعدد أحاديثه 549 حديثًا ويليه الجزء التاسع عشر وهو أول القسم الرابع المتضمن أحاديث الترغيب مفتتحًا بكتاب النية والإخلاص في العمل فسأل الله تعالى الإعانة على التمام وحسن الختام

كتاب النية والاخلاص في العمل

بسم الله الرحمن الرحيم القسم الرابع من الكتاب - قسم الترغيب ((56)) كتاب النية والاخلاص في العمل (باب ما جاء في النية) (عن عمر بن الخطاب) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما الأعمال بالنية ولكل أمرء ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله عز وجل فهجرته إلى ما هاجر إليه ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه (عن أبي هريرة) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يبعث الناس وربما قال شريك (3) يحشر الناس على نياتهم (4)

_ (باب) (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب النية والتسميه عند الوضوء صحيفة 17 رقم 234 في الجزء الثاني فارجع إليه (2) (سنده) حدثنا أسود بن عامر أبو عبد الرحمن ثنا شريك عن ليث عن طاوس عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) شريك أحد رجال السنة (4) معناه إذا

(عن أبي الجويرية) (1) أن معن بن يزيد حدثه قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبي (2) وجدي وخطب على فأنكحني (3) فخاصمته إليه فكان أبي يزيد خرج بدنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل (4) في المسجد فأخذتها فأتيته بها (5) فقال والله ما اياك أردت بها فخاصمته (6) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لك ما نويت يا يزيد (7) ولك يا معن ما أخذت (8) (وعن أبي بن كعب) (9) قال كان رجل (وفي رواية أخرى) كان ابن عم لي) ما أعلم من الناس من انسان من أهل المدينة ممن يصلي إلى القبلة أبعد بيتا من المسجد منه قال فكان يحضر الصلوات كلهن من النبي صلى الله عليه وسلم فقلت له لو اشتريت حمارا تركبه في الرمضاء (10) والظلماء (زاد في رواية ويقيك من هوام الأرض) قال والله ما احب أن بيتي يلزق بمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية فقال ما يسرني أن بيتي مطنب (11) ببيت محمد صلى الله عليه وسلم

_ ظهر الفساد في قوم وفيهم الصالحون عمهم الله بعذاب من عنده كأن يسلط عليهم عدوهم فيهلك الطائع والعاصي ثم يبعثون يوم القيامة على نياتهم العاصي مع العاصي والطائع مع الطائع وكل يجازي بنيته والله أعلم (تخريجه) (جه) وفي أسناده ليث بن سليم ضعيف ولكن له شواهد كثيرة تعضده منها ما رواه الشيخان والإمام أحمد وسيأتي عن ابن عمر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا انزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم ومنها ما رواه جابر عند مسلم وابن ماجه بلفظ يحشر الناس على نياتهم (1) (سنده) حدثنا مصعب بن المقدام ومحمد بن سابق قالا ثنا اسرائيل عن أبي الجويرية الخ (غريبه) (2) أبوه يزيد السلمى بضم السين المهملة الصحابي وجده الأخنس بن حبيب السلمى الصحابي رضي الله عنهم (3) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم طلب من ولي المرأة أن يزوجها منه فزوجه إياها (وقوله وخاصمته إليه فكان أبي الخ) هكذا وقع في هذه الرواية عند الامام احمد وكذلك عند البخاري من طريق اسرائيل أيضا قال الزركشي والبرماوي كأنه سقط هنا من البخاري ما ثبت في غيره وهو (فأفلجني) بالجيم يعني حكم لي أي أظفرني بمرادي يقال فلج الرجل على خصمه إذا ظفر به أهـ قلت جاء هذا اللفظ وهو قوله فأفلجني من طرق أخرى عند الإمام أحمد مقتصرا إلى قوله وخطب على فأنكحني قال الإمام احمد رحمه الله حدثنا هشام بن عبد الملك وسريج بن النعمان قال ثنا أبو عوانة عن أبي الجويرية عن معن بن يزيد ح وحدثنا عفان قال ثنا أبوعوانة قال ثنا أبو الجويرية عن معن بن يزيد قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنا وأبي وجدي وخاصمت إليه فأفلجني وخطب على فأنكحني اهـ (4) لم يذكر اسم الرجل والمعنى أنه أذن لهذا الرجل أن يتصدق بها على المحتاج إليها إذنا مطلقا (5) أي أتيت أبي بالصدقة (6) يعني أنه خاصم أباه إلى النبي صلى الله عليه وسلم في أمر الصدقة وهذه المخاصمة تفسير لخاصمت الأول (7) يعني من أجر الصدقة على محتاج وابنك محتاج (8) أي لانك اخذت محتاجا إليها وإنما أمضاها النبي صلى الله عليه وسلم لأنه دخل في عموم الفقراء المأذون للوكيل في الصرف إليهم وكانت صدقة تطوع (تخريجه) (خ) وفيه أن العبرة بالنية وان للمتصدق أجر ما نواه سواء صادف المستحق أم لا وأن الأب لارجوع له في الصدق على ولده بخلاف الهبة والله أعلم (9) (سنده) حدثنا عبيد الله بن معاذ بن العنبري ثنا المعتمر قال قال أبي رحمه الله ثنا أبو عثمان عن أبي بن كعب الخ (غريبه) (10) شد الحر (11) بضم الميم وفتح الطاء المهملة وتشديد النون مفتوحة أي

قال فما سمعت كلمة أكره إلى منها قال فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن ذلك فقال يانبي الله لكيما يكتب أثري ورجوعي إلى أهلي وإقبالي إليه قال أنطاك (1) الله ذلك كله (وفي لفظ) إن له بكل خطوة درجة (وفي رواية فقال لك ما نويت أو قال لك أجر ما نويت) (عن عائشة أم المؤمنين) (2) رضي الله عنها قالت بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم نائم إذ ضحك في منامه ثم استيقظ فقلت يارسول الله مم ضحكت؟ قال إن أناسا من أمتي يؤمون هذا البيت لرجل من قريش قد استعاذ بالحرم فلما بلغوا البيداء خسف بهم ومصادرهم شتى (4) يبعثهم الله على نياتهم قلت وكيف يبعثهم الله عز وجل على نياتهم ومصادرهم شتى؟ قال جمعهم الطريق منهم المستبصر (6) وابن السبيل والمجبور يهلكون مهلكا واحدا ويصدرون مصادر شتى (عن ابن عمر) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا انزل الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم (عن عبد الله بن عمرو) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أحد من الناس يصاب ببلاء في جسده إلا أمر الله عز وجل الملائكة الذين يحفظونه فقال اكتبوا لعبدي كل يوم وليلة ماكان يعمل من خير (8) ماكان وثاقى (عن عائشة رضي الله عنها) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من

_ مشدود بالحبال ببيت محمد صلى الله عليه وسلم الخ يريد ما أحب أن يكون بيتي إلى جانب بيته لأني أحتسب عند الله كثرة الخطا من بيتي إلى المسجد (1) بالنون أي أعطاك وهي لغة أهل اليمن (تخريجه) (م جه) وتقدم نحوه في باب فضل المسجد الأبعد وكثرة الخطا إلى المساجد من كتاب الصلاة في الجزء الخامس صحيفة 208 رقم 1351 (2) (سنده) حدثنا أبو سعيد قال حدثنا القاسم بن الفضل الحداني قال سمعت محمد بن يزيد قال سمعت عبد الله بن الزبير يقول حدثتني عائشة أم المؤمنين الخ (غريبه) (3) أي يقصدون الكعبة لغزو رجل من قريش الخ (4) أي أغراضهم مختلفة (5) قال النووي رحمه الله تعالى المستبصر هو المستبين لذلك القاصد له عمدا وأما المجبور فهو المكره يقال أجبرته فهو مجبر هذه اللغة المشهورة ويقال أيضا جبرته فهو مجبور حكاها الفراء وغيره وجاء هذا الحديث على هذه اللغة وأما ابن السبيل فالمراد به سالك الطريق معهم وليس منهم (ويهلكون مهلكا واحدا) أي يقع الهلاك في الدنيا على جميعهم ويصدرون يوم القيامة مصادر شتى أي يبعثون مختلفين على قدر نياتهم فيجازون بحسبها وفي هذا الحديث من الفقه التباعد من أهل الظلم والتحذير من مجالستهم ومجالسة البغاة ونحوهم من المضلين لئلا يناله ما يعاقبون به وفيه أن كثر (بتشديد المثلثة) سواد قوم جرى عليه حكمهم في ظاهر عقوبات الدنيا (تخريجه) (ق وغيرهما) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد (6) (سنده) حدثنا إبراهيم بن إسحاق حدثنا ابن المبارك عن يونس عن ابن شهاب أخبره حمزة بن عبد الله بن عمر أنه سمع ابن عمر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) (7) (سنده) حدثنا إسماعيل بن يوسف الأزرق حدثنا سفيان الثورى عن علقمة بن مرثد عن القاسم يعنى ابن مخيمرة عن عبد الله بن عمرو الخ (غريبه) (8) أي من النوافل كصلاة بالليل أو صيام نفل بالنهار تعوده ونحو ذلك (وقوله ماكان في وثاقي) معناه مادام يمنعه المرض عن العمل (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم بز طب) ورجال أحمد رجال الصحيح (9) (سنده) حدثنا

رجل تكون له ساعة من الليل (وفي رواية صلاة من الليل) يقومها فينام عنها إلا كتب له أجر صلاته (1) وكان نومه عليه صدقة تصدق به عليه (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت الملائكة رب ذلك عبدك يريد أن يعمل سيئة وهو أبصر به (3) فقال ارقبوه فإن عملها فاكتبوها له بمثلها وان تركها فاكتبوها له حسنة إنما تركها جراى (4) (باب ما جاء في الإخلاص في العمل ومضاعفة الأجر بسببه) (عن أبي ذر) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قد أفلح من أخلص قلبه للإيمان وجعل قلبه سليما (6) ولسانه صادقا ونفسه مطمئنة (7) وخليقته مستقيمة وجعل أذنه مستمعة وعينه ناظرة فأما الأذن فقمع (9) والعين مقرة (10) لما يوعى القلب وقد أفلح من جعل قلبه واعيا (عن أبي هريرة) (11) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لا ينظر

_ وكيع حدثنا ابو جعفر الرازي عن محمد بن المنكدر عه سعيد بن جبير عن عائشة الخ (غريبه) (1) أي تفضلا من الله تعالى وهذه الفضيلة إنما تحصل لمن غلبه النوم أو منعه عذر من القيام مع أن نيته القيام لاسيما وقد جاء عن ابن ماجه من حديث أبي الدرداء مرفوعا (من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم فيصلي في الليل فغلبته عينه حتى يصبح كتب له ما نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه) فظاهره أن له أجرا مكملا مضاعفا لحسن نيته وصدق تلهفه وتأسفه وهو قول كثير من العلماء وقال بعضهم يحتمل أن يكون غير مضاعف والتي يصليها أكمل وافضل والظاهر هو الأول لأن الأجر يكتب بالنية وقد حصلت والله أعلم (تخريجه) (دنس طل) وسكت عنه أبو داود والمنذري وروى نحوه ابن ماجه من حديث أبي الدرداء (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن عمام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا أبو هريرة فذكر أحاديث منها عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) أي بنيته وقصده لا يحتاج إلى تبليغ الملائكة (4) بفتح الجيم والراء المشددة أي من أجلي وخشية عقابي وهذا من فضل الله تعالى ورحمته بهذه الأمة (تخريجه) (م) وغيره (باب) (5) (سنده) حدثنا إبراهيم بن أبي العباس ثنا بقية قال وأخبرني بحير بن سعيد عن خالد بن معدان قال قال أبو ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أي من الأمراض كحقد وحسد وغيرهما (7) أي راضية بالأقضية الإلهية (وخليقته) أي طريقته (8) وخص السمع والبصر لأن الآيات الدالة على وحدانية الله أما سمعية فالأذن هي التي تجعل القلب وعاء لها أو نظرية والعين هي التي تقرها في القلب وتجعله وعاءا لها (9) بفتح القاف وكسر الميم جمعه أقماع كضلع وأضلاع وهو الإناء الذي يترك في رءوس الظروف لتملأ بالمائعات من الأشربة والأدهان شبه أسماع الذين يستمعون القول ويحفظونه ويعملون به بالأقماع في حفظ ما يفرغ فيها من الاندلاق فإن سمعت ولم تع فكالاقماع التي لا تعى شيئا مما يفرغ فيها فكأنه يمر عليها مجازا كما يمر الشراب في الاقماع اجتيازا (10) أي ساكنة مطمئنة (لما يوعى القلب) أي لما يعقل ويحفظ من الخير والشر ولذا قال صلى الله عليه وسلم (وقد أفلح من جعل قلبه واعيا) أي للخير كالإيمان بالله ورسوله والأعمال الصالحة (تخريجه) (هق) وأورده الهيثمي وحسن أسناده وقال المنذري في أسناد أحمد احتمال للتحسين (11) (سنده) حدثنا محمد بن بكر البرسانى حدثنا جعفر يعنى ابن برقان قال سمعت يزيد بن الأصم عن أبي هريرة الخ

إلى صوركم وأموالكم (1) وإنما ينظر إلى قلوبكم (2) وأعمالكم (عن أبي عثمان) (3) قال بلغني عن أبي هريرة أنه قال أن الله عز وجل يعطي عبده المؤمن بالحسنة الواحده ألف ألف حسنة قال فقضى أنى انطلقت حاجا أو معتمرا فلقيته فقلت بلغني عنك حديث أنك تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل يعطى عبده المؤمن بالحسنة ألف ألف حسنة؟ (4) قال أبو هريرة لا بل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل يعطيه ألفي ألف حسنة (5) ثم (تلا يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) فقال إذا قال أجرا عظيما فمن يقدر قدره (وعنه في رواية أخرى بنحوه وفيها) فقال (يعنى أبا هريرة) وما أعجبك فوالله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله ليضاعف الحسنة ألفي ألف حسنة (باب ما جاء في العزم والنية على الشر) (عن أبي بكرة) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا تواجه المسلمان بسيفيهما (7) فقتل أحدهما صاحبه فالقاتل والمقتول في النار (8) قيل هذا القاتل فما بال المقتول (9)

_ (غريبه) (1) أي لا ينظر إلا حسن صوركم وكثرة أموالكم الخالية من الخيرات أي لا يثيبكم عليها ولا يقربكم منه (2) أي لأنها محل التقوى وأوعية الجواهر وكنوز المعرفة (وأعمالكم) الصالحة بالإخلاص (فمن كان يرجو لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا) بعمنى النظر هنا الإحسان والرحمة والعطف فأصلحوا أعمالكم وقلوبكم ولا تجعلوا همتكم متعلقة بالبدن والمال فإن الله تعالى لا يقبل المرء ولا يقربه بحسن الصورة وكثرة المال ولا يرده بضد ذلك وهو العليم الخبير جل شأنه (فائدة) قال الإمام الغزالي قد أبان هذا الحديث أن يحل القلب موضع نظر الرب فياعجبا ممن يهتم بوجهه الذي هو نظر الخلق فيغسله وينظفه من القذر والدنس ويزينه لئلا يطلع ربه على دنس أو غيره فيه اهـ (تخريجه) (م جه) (3) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا سليمان يعنى ابن المغيرة عن علي بن زيد عن أبي عثمان (يعني النهدي) قال بلغني عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) جاء عند أبي حاتم عن أبي عثمان قال قلت يا أبا هريرة سمعت أخواني بالبصرة يزعمون أنك تقول سمعت نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله يجزي بالحسنة ألف ألف حسنة الحديث (5) هذه المضاعفة تكون بقدر الإخلاص في العمل والخوف من الله عز وجل ثم استدل أبو هريرة بقوله تعالى (وإن تلك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرا عظيما) يعني أن الله تعالى أطلق المضاعفة ولم يقيدها بعدد معلوم ثم قال (ويؤت من لدنه أجرا عظيما) فوق المضاعفة فمن الذي يقدر (بضم الدال) أي يمكنه معرفة هذا الجزاء يقال قدرت الأمر أقدره بضم الدال وكسرها إذا نظرت فيه ودبرته قال المفسرون في قوله تعالى (ويؤت من لدنه أجرا عظيما) يعني الجنة والله أعلم (تخريجه) أخرجه أيضا ابن ابي حاتم في تفسيره ورجاله عند الإمام أحمد ثقات إلا على بن زيد ففيه خلاف بعضهم وثقه وبعضهم ضعفه والله أعلم (باب) (6) (سنده) حدثنا مؤمل بن إسماعيل ثنا حماد بن زيد ثنا المعلى بن زياد ويونس وأيوب وهشام عن الحسن عن الأحنف عن أبي بكرة الخ (غريبه) (7) أي ضرب كل منهما وجه الآخر أي ذاته (8) وفي رواية للبخاري (من أهل النار) أي إستحقانها وقد يغفر الله لهما أو ذلك محمول على من استحل ذاك (9) أي فما ذنبه يدخلها؟ والقاتل

قال قد أراد قتل صاحبه (1) (باب إحسان النية على الخير ومضاعفة الأجر بسبب ذلك وما جاء في العزم والهم) (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أحسن أحدكم اسلامه (3) فكل حسنة يعملها تكتب بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف (4) وكل سيئة يعملها تكتب له بمثلها حتى يلقى الله عز وجل (عن ابن عباس) (5) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما روى عن ربه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان ربك تبارك وتعالى رحيم (6) من هم بحسنة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له عشرة إلى سبعمائة إلى أضعاف كثيرة (7) ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبت له حسنة فإن عملها كتبت له واحده أو يمحوها الله ولا يهلك على الله تعالى إلا هالك (8) (وعنه عن طريق

_ ذلك هو أبو بكرة (1) وفي رواية للبخاري (أنه كان حريصا على قتل صاحبه) أي جازما بذلك مصمما عليه ناويا له وبه استدل من قال بالمؤاخذة بالعزم وإن لم يقع الفعل واجاب من لم يقل بذلك أن في هذا فعلا وهو المواجهة بالسلاح ووقوع القتال ولا يلزم من كون القاتل والمقتول في النار أن يكونا في مرتبة واحدة فالقاتل يعذب على القتال والقتل والمقتول يعذب على القتال فقط فلم يقع التعذيب على العزم المجرد (قال النووي) وأما كون القاتل والمقتول من أهل النار فمحمول على من لا تأويل له ويكون قتالهما عصبية ونحوها ثم كونه في النار معناه مستحق لها وقد يجازى بذلك وقد يعفو الله تعالى عنه هذا مذهب أهل الحق وعلى هذا يتأول كل ما جاء من نظائره (واعلم) ان الدماء التي جرت بين الصحابة رضي الله عنهم ليست بداخلة في هذا الوعيد ومذهب أهل السنة والحق احسان الظن بهم والإمساك عما شجر بينهم وتأويل قتالهم وأنهم مجتهدون متأولون لم يقصدوا معصية ولا محض النيا بل اعتقد كل فريق أنه الحق ومخالفه باغ فوجب عليه قتاله ليرجع إلى أمر الله وكان بعضهم مصيبا وبعضهم مخطئا معذورا في الخطأ لأنه لاجتهاد والمجتهد إذا أخطأ لا إثم عليه وكان علي رضي الله عنه هو المحق المصيب في تلك الحرب هذا مذهب أهل السنة وكانت القضايا مشتبهة حتى إن جماعة من الصحابة تحيروا فيها فاعتزلوا الظائفتين لم يقاتلوا ولم يتيقنوا الصواب ثم تأخروا عن مساعدته والله أعلم (تخريجه) (ق فس) وغيرهما (باب) (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة فذكر أحاديث (منها) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) معنى حسن إسلامه أسلم إسلاما حقيقيا ظاهرا وباطنا مخلصا لله عز وجل في عمله وليس كاسلام المنافقين ظاهره يخالف باطنه (4) سيأتي الكلام على معنى المضاعفة في شرح الحديث التالي (تخريجه) (ق. وغيرهما) (5) (سنده) حدثنا عفان حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا الجعد أبو عثمان عن أبي رجاء العطاردي عن ابن عباس الخ (غريبه) (6) أي بعباده خصوصا الأمة المحمدية فقد أكرمها الله تعالى وضاعف لها الحسنات وخفف عنها مما كان على غيرها من الإصر وهو الثقل والمشاق (7) قال النووي فيه تصريح بالمذهب الصحيح المختار عند العلماء أن التضعيف لا يقف على سبعمائة ضعف وحكى أبو الحسن أقضى القضاة الماوردى عن بعض العلماء أن التضعيف لا يتجاوز سبعمائة ضعف وهو غلط لهذا الحديث والله أعلم اهـ (8) قال القاضي عياض رحمه الله معناه من حتم هلاكه وسدت عليه أبواب الهدى مع سعة رحمة الله تعالى وكرمه وجعله السيئة حسنة إذا لم يعملها وإذا عملها واحدة والحسنة إذا لم يعملها واحدة وإذا

ثان) (1) يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم يرويه عن ربه عز وجل قال إن الله كتب الحسنات والسيئات فمن هم بحسنة فلم يعملها كتب الله له عنده حسنة كاملة وإن عملها كتبها الله عشرا إلى سبعمائة إلى اضعاف كثيرة أو إلى ماشاء الله أن يضاعف ومن هم بسيئة فلم يعملها كتبها الله له عنده حسنة كاملة فإن عملها كتبها الله سيئة واحدة (عن أبي هريرة) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (باب ما جاء في حديث النفس ووسوسة الشيطان وتجاوز الله عز وجل عنه) (حدثنا محمد ابن جعفر وحجاج) (3) قالا ثنا شعبة عن سليمان ومنصور عن ذر عن عبد الله بن شداد عن ابن

_ عملها عشرا إلى سبعمائة ضعف إلى أضعاف كثيرة فمن حرم هذه السعة وفاته الفضل وكثرت سيئاته حتى غلبت حسناته مع أن أفراد حسناته متضاعفة فهو الهالك المحروم والله أعلم (1) (سنده) حدثنا أبو كامل ثنا سعيد بن زيد اخبرنا الجعد أبو عثمان قال حدثني أبو رجاء العطاردي عن ابن عباس يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معتمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة فذكر أحاديث منها: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا أكتبها له حسنة ما لم يفعل فإذا عملها اكتبها له بعشرة أمثالها وإذا تحدث بأن يعمل سيئة فأنا أغفرها ما لم يفعلها فإذا عملها فأنا أكتبها له بمثلها (تخريجه) (ق. وغيرهما) هذا وأحاديث الباب جاءت من طرق كثيرة عند الشيخين والإمام أحمد وغيرهم اقتصرت منها هنا على أصحها وأجمعها وكلها بمعنى واحد (قال الإمام المازرى) رحمه الله مذهب القاضي أبي بكر بن الطيب ان من عزم على المعصية بقلبه ووطن نفسه علها أثم في اعتقاده وعزمه ويحمل ما وقع في هذه الأحاديث وأمثالها على أن ذلك فيمن لم يوطن نفسه على المعصية وإنما مر ذلك بفكره من غير استقرار ويسمى هذا هما ويفرق بين الهم والعزم هذا مذهب القاضي أبي بكر وخالفه كثير من الفقهاء والمحدثين وأخذوا بظاهر الحديث (قال القاضي عياض) رحمه الله: عامة السلف وأهل العلم من الفقهاء والمحدثين على ما ذهب إليه القاضي أبي بكر للأحاديث الدالة على المؤاخذة بأعمال القلوب لكنهم قالوا أن هذا العزم يكتب سيئة وليست السيئة هم بها لكونه لم يعملها وقطعه عنها قاطع غير خوف الله تعالى والإنابة لكن نفس الإصرار والعزم معصية فتكتب معصية فإذا عملها كتبت معصية ثانية فإن تركها خشية الله تعالى كتبت حسنة كما في الحديث (إنما تركها من جراى) فصار تركه لها لخوف الله تعالى ومجاهدته نفسه الأمارة بالسوء في ذلك وعصيانه هواه حسنة فأما الهم الذي لا يكتب فهي الخواطر التي لا توطن النفس عليها ولا يصحبها عقد ولا نية ولا عزم وذكر بعض المتكلمين خلافا فيما إذا تركها لغير خوف الله تعالى بل لخوف الناس هل تكتب حسنة قال لا لأنه إنما حمله على تركها الحياء وهذا ضعيف لا وجه له هذا آخر كلام القاضي وهو ظاهر حسن لا مزيد عليه وقد تظاهرت نصوص الشرع بالمؤاخذة بعزم القلب المستقر ومن ذلك قوله تعالى (ان الذين يحبون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم) الآية وقوله تعالى (اجتنبوا كثيرا من الظن إن بعض الظن إثم) والآيات في هذا كثيرة وقد تظاهرت نصوص الشرع وإجماع العلماء على تحريم الحسد وحتقار المسلمين وإرادة المكروه بهم وغير ذلك من أعمال القلوب وعزمها والله أعلم فأده النووي في شرح مسلم (باب) (3) (حدثنا محمد بن جعفر) وحجاج قالا ثنا شعبة عن سليمان ومنصور عن ذر الخ)

عباس أنهم قالوا (1) يا رسول الله إنا نحدث أنفسنا بالشيء (2) لأن يكون أحدنا حممة (3) أحب إليه من أن يتكلم به قال فقال أحدهما (4) الحمدلله الذي لم يقدر منكم (يعني الشيطان) إلا على الوسوسة وقال الآخر الحمدلله الذي رد أمره إلى الوسوسة (وعن ابن عباس أيضا من طريق ثان) (5) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أحدث نفسي بالشيء لأن أخر من السماء أحب إلي من أن أتكلم به قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم الله أكبر الحمدلله الذي رد كيده إلى الوسوسة (6)

_ (غريبه) (1) يعني أن ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا الخ (2) لعل هذا لشيء ما جاء في حديث أبي هريرة عند الشيخين والإمام أحمد وتقدم في باب صفاته عز وجل وتنزيهه عن كل نقص من كتاب التوحيد في الجزء الأول صحيفة 46 رقم 19 قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان يأتي أحدكم فيقول من خلق السماء؟ فيقول الله عز وجل فيقول من خلق الأرض؟ فيقول الله فيقول من خلق الله؟ فإذا أحس أحدكم بشيء من هذا فليقل آمنت بالله وبرسله وفي لفظ للشيخين فليستعذ بالله ولينته (3) بضم الحاء المهملة وفتح الميمين أي فحمة (4) يعني أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد في هذا الحديث وهما محمد بن جعفر وحجاج قال أحدهما في روايته أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحمد لله الذي لم يقدر منكم إلا على الوسوسة قال الآخر في روايته الحمد لله الذي رد أمره إلى الوسوسة (ولمسلم عن أبي هريرة) قال جاء ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألوه إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به قال وقد وجدتموه؟ قالوا نعم قال ذاك صريح من الإيمان ومعناه أن استعظام هذا وشدة الخوف منه ومن النطق به فضلا عن اعتقاده إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا وانتفت عنه الريبة والشكوك (وأما قوله) فمن وجد ذلك فليقل آمنت بالله ورسله (وفي اللفظ الآخير) فليستعذ بالله ولينته فمعناه الإعراض عن هذا الخاطر الباطل والالتجاء إلى الله تعالى في إذهابه (قال الإمام المازرى) رحمه الله أمرهم أن يدفعوا الخواطر بالإعراض عنها والرد لها من غير استدلال ولا نظر في ابطالها قال والذي يقال في هذا المعنى أن الخواطر على قسمين فأما التي ليست بمستقرة ولا اجتلبتها شبهة طرأت فهي التي تدفع بالإعراض عنها وعلى هذا يحمل الحديث وعلى مثلها ينطلق اسم الوسوسة فكأنه لما كان أمرا طارئا بغير أصل دفع بغير نظر في دليل إذ لا أصل له ينظر فيه وأما الخواطر المستقرة التي أوجدتها الشبهة فإنها لا تدفع إلا بالاستدلال والنظر في إبطالها والله أعلم (وأما قوله) فليستعذ بالله ولينته فمعناه إذا عرض له هذا الوسواس فليلجأ إلى الله تعالى في دفع شره وليعرض عن الفكرة في ذلك وليعلم أن هذا الخاطر من وسوسة الشيطان وهو إنما يسعى بالفساد والإغواء فليعرض عن الإصغاء إلى وسوسته وليبادر إلى قطعها بالاشتغال بغيرها والله أعلم (5) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن ذر بن عبد الله الهمداني عن عبد الله ابن شداد عن ابن عباس الخ (6) إنما قال ذلك صلى الله عليه وسلم لأن الشيطان إنما يوسوس بأن أيس من إغوائه فينكد عليه بالوسوسة لعجزه عن إغوائه وأما الكافر فأنه يأتيه من حيث شاء ولا يقتصر في حقه على الوسوسة بل يتلاعب به كيف أراد فعلى هذا معنى سبب الوسوسة محض الإيمان ويؤيد ذلك ما رواه الإمام أحمد أيضا عن عائشة رضي الله عنها وتقدم في باب صفات الله تعالى وتنزيه عن كل نقص من كتاب التوحيد في الجزء الأول صحيفة 46 رقم 20 قال: شكوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يجدون من الوسوسة

كتاب الاقتصاد

(عن أبي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجوز (2) لأمتي (وفي رواية أخرى أن الله تجاوز لأمتى) عما حدثت في أنفسها أو وسوست به أنفسها (3) مالم تعمل به (4) أو تكلم به ((57)) كتاب الاقتصاد (باب الاقتصاد في الأعمال) (حدثنا هشيم) (5) عن حصين بن عبد الرحمن ومغيرة الضي عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال زوجني أبي امرأة من قريش فلما دخلت على جعلت لا أنحاش (6) لها عما بي من القوة على العبادة من الصوم والصلاة فجاء عمرو بن العاص إلى كنته (7) حتى دخل عليها فقال لها كيف وجدت بعلك؟ قالت خير الرجال أو كخير البعولة (8) من رجل لم يفتش لنا كنفا (9) ولم يعرف لنا فراشا فأقبل علي فعذمني (10) وعضني بلسانه فقال انكحتك امرأة من قريش ذات حسب فعضلتها (11) وفعلت وفعلت ثم انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكاني فأرسل إلي النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته فقال لي أتصوم النهار؟ قلت نعم قال وتقوم الليل؟ قلت نعم قال لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأمس النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني قال اقرأ القرآن كل شهر قلت إني اجدني أقوى من ذلك قال فاقرأه في كل عشرة أيام

_ وقالوا يا رسول الله إنا لنجد شيئا لو أن احدنا خر من السماء كان أحب إليه من أن يتكلم به فقال النبي صلى الله عليه وسلم ذاك محض من الإيمان (تخريجه) أخرج حديث الباب (ق. وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا يزيد ******** عن قتادة عن زرارة بن أبي أوفى عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) بضم أوله وثانيه مبنى للمفعول وبكسر الواو مشددة وفي الرواية الأخرى تجاوز ومعناها واحد أي عفا (3) قال العلماء المراد به الخواطرالتي لا تستقر مطلقا ولو بالكفر وغيره من الكبائر فلو خطر له الكفر مجرد خطور من غير تعمد لتحصيله ثم صرفه في الحال فليس بكافر ولا شيء عليه (4) في العمليات بالجوارح (أو تكلم به) اصله تتكلم حذفت إحدى التاءين تخفيفا أي في القوليات باللسان على وفقه إذا لم يحصل كلام ولا عمل فلا مؤاخذة بحديث النفس مالم يبلغ حد الجزم وإلا أوخذ به والله أعلم (تخريجه) (ق والأربعة وغيرهم) (5) (حدثنا هشيم الخ) (غريبه) (6) بفتح الهمزة وسكون النون من الحوش وهو التجمع والجمع يقال ما ينحاش فلان من شيء إذا لم يتجمع له لقلة اكتراثه به والمعنى أنه لم يهتم بشأنها ولم يجعل لها وقتا للاختلاء بها ومؤانستها رغما عما به من القوة والشباب بل أفرغ كل وقته وقوته للعبادة من صلاة وصوم (7) بفتح الكاف وتشديد النون امرأة الابن وتطلق أيضا على امرأة الأخ (8) جمع بعل وهو الزوج (9) قال في النهاية بفتح الكاف والنون وهو الجانب تعني أنه لم يقربها (10) بالعين المهملة والذال المعجمة المفتوحتين قال الخليل أصل العذم العض ثم يقاله عذمه بلسانه يعذمه عذما (وقال الرمخشري) في الأساس ومن المستعار رأيته يعذم صاحبه أي يعضه بالملام والعذائم اللوائم فقوله بعد وعضني عطف تفسير (وبلسانه) قرينه للمجاز (11) قال في النهاية هو من العضل المنع أراد أنك لم تعاملها معاملة الأزواج لنسائهم ولم تتركها تتصرف في نفسها فكأنك منعتها (وقوله وفعلت وفعلت) يعدد إساءته لها

قلت إني أجدني أقوى من ذلك قال أحدهما أما حصين وإما مغيرة (1) قال فاقرأه في كل ثلاث (وفي رواية قال فاقرأه في كل سبع لا تزيدن على ذلك) قال ثم قال صم في كل شهر ثلاثة أيام فلت إني أقوى من ذلك قال فلم يزل يرفعني (2) حتى قال صم يوما وافطر يوما فإنه أفضل الصيام وهو صيام أخي داود قال حصين في حديثه ثم قال صلى الله عليه وسلم فإن لك عابد شرة (3) فترة فإما إلى سنة وإما إلى بدعة فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك قال مجاهد فكان عبد الله بن عمرو حيث قد ضعف وكبر يصوم الأيام كذلك يصل بعضها إلى بعض ليتقوى بذلك ثم يفطر بعد (4) تلك الأيام قال وكان يقرأ في كل حزب كذلك يزيد أحيانا وينقص أحيانا غير أنه يوفي العدد إما في سبع وإما في ثلاث قال ثم كان يقول بعد ذلك لأن أكون قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي مما عدل به (5) أو عدل لكني فارقته على أمر أكره أن أخالفه إلى غيره (عن جابر) (6) (يعني ابن عبدالله) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاربوا (7) وسددوا فإنه ليس أحد منكم ينجيه عمله (8) قالوا ولا إياك يا رسول الله؟

_ (1) هما الراويان اللذان رويا هذا الحديث عن مجاهد (2) أي يزيد في طلبه (3) الشرة بكسر الشين المعجمة وتشديد الراء المفتوحة النشاط والرغبة (والفترة) الانكسار والضعف والسكون بعد الحدة واللين بعد الشدة (4) بكسر الموحدة وفتح المهملة يعني بعدد تلك الأيام وفي نسخة بهامش مسلم (بعد) فعل مضارع (5) بضم أوله وكسر ثانيه مبني للمفعول أي وزن به كل شيء يقابل ذلك من الدنيويات قاله الحافظ (وقوله أو عدل) بفتح العين والدال بالبناء للفاعل كما ضبط في بعض النسخ أي ساوى والمعنى مقارب في الحرفين (تخريجه) لم أقف عليه مطولا بهذا السياق لغير الإمام أحمد وسنده صحيح وهو حديث مشهور معروف من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص رواه عنه كثير من التابعين وأخرجه أصحاب الكتب وغيرهم مقطعا بعضه بلفظ أو بمعناه من طرق كثيرة (قال النووي رحمه الله) وحاصل الحديث بيان رفق رسول الله صلى الله عليه وسلم بأمته وشفقته عليهم وإرشادهم إلى مصالحهم وحثهم على ما يطيقون الدوام عليه ونهيهم عن التعمق والإكثار من العبادات التي يخاف عليهم الملل بسببها أو تركها أو ترك بعضها وقد بين ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم عليكم من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا وبقوله صلى الله عليه وسلم لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل وفي الحديث الآخر أحب العمل إليه ما داوم صاحبه عليه وقد ذم الله تعالى قوما أكثروا العبادة ثم فرطوا فيها فقال تعالى (ورهبانية ابتدعوها ما كتبناها عليهم إلا ابتغاء رضوان الله فما رعوها حق رعايتها) أهـ (قلت) وسيأتي في هذا الباب كثير من ذلك (6) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان ثنا محمد بن طلحة عن الأعمش عن أبي سفيان عن جابر الخ (غريبه) (7) المقاربة القصد في الأمور التي لاغلو فيها ولا تقصير أي اقتصدوا في الأمور وتجنبوا الافراط والتفريط ولا تنهمكوا في أمر الدنيا فتعرضوا عن الطاعة رأسا (وسددوا) أي اقصدوا السداد أي الصواب أو بالغوا في التصويب من سدد الرجل إذا صار ذا سداد وسدد في رميته إذا بالغ في تصويبها واصابتها (8) قال القاضي عياض أراد أن النجاة من العذاب والفوز بالثواب بفضل الله ورحمته والعمل

قال ولا إياي إلا أن يتغمدني (1) الله برحمته (عن عبدالله بن عمرو) (2) قال ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجال ينصبون (3) في العبادة من أصحابه نصبا شديدا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك ضراوة (4) الإسلام وشرته (5) ولكل ضراوة شرة ولكل شرة فترة فمن كانت فترته إلى الكتاب والسنة (6) فلأم (7) ماهو ومن كانت فترته إلى معاصي الله (8) فذلك هو الهالك (عن ابي هريرة) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلفوا (10) من العمل ما تطيقون فإن خير العمل أدومه وإن قل (11)

_ غير مؤثر فيهما على سبيل الإيجاب والاقتضاء بل غايته أنه يعد العامل لأن يتفضل عليه ويقرب إليه الرحمة كما قال تعالى أن رحمة الله قريب من المحسنين وليس المراد توهين العمل ونفيه بل توقيف العباد على أن العمل إنما يتم بفضل الله وبرحمته لئلا يتكلوا على أعمالهم اغترارا بها اهـ. (قلت) لا تعارض بين هذا وقوله تعالى (وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) (1) أي يشملني بفضله ورحمته مأخوذ من غمد السيف يقال غمدته إذا ألبسته غمده وغشيته به (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث جابر لغير الإمام أحمد وسنده صحيح وروى نحوه الشيخان من حديث أبي هريرة ولفظ البخاري (لن يدخل أحدا عمله الجنة قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بفضله ورحمته فسددوا وقاربوا الحديث (وعن عائشة رضي الله عنها) عند البخاري والإمام أحمد مثله وسيأتي في هذا الباب (2) (سنده) حدثنا يعقوب ابي عن ابن اسحاق حدثني أبو الزبير المكي عن أبي العباس ولي بني الديل عن عبدالله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ وله طريق أخرى عند الامام أحمد قال حدثنا يزيد أخبرنا محمد بن اسحاق عن ابي الزبير عن ابي العباس مولى بني الديل عن عبدالله بن عمرو فذكر الحديث بنحو حديث الباب (غريبه) (3) بفتح الصاد المهملة من باب تعب أي يتعبون في العبادة الخ (4) بفتح الضاد المعجمية وتخفيف الراء من قولهم ضرى بالشيء ضرى وضراوة إذا اعتاده ولزمه وأولع به كما يضرى السبع بالصيد وهو من باب تعب (5) تقدم ضبط الشرة ومعناها في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب وهو النشاط والرغبة (والفترة) اللين بعد الشدة (6) أي إلى العمل بكتاب الله كقوله تعالى (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) (والسنة) كقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآتي (اكلفوا من العمل ما تطيقون) (7) بكسر اللام وفتح الهمزة وتشديد الميم المكسورة منونة (قال في النهاية) أي قصد الطريق المستقيم يقال أمه يؤمه أما واسممه وتيممه (8) أي كان انصرف من الاجتهاد في طاعة الله إلى الاجتهاد في معصية الله فذلك هو الهالك نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) الحديث سنده صحيح وأورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير واحمد بنحوه ورجال احمد ثقات وقد قال ابن اسحق حدثني أبو الزبير فذهب التدليس أهـ ومعنى ذلك أن ابن اسحاق روى هذا الحديث مرتين فقال في احداهما حدثني ابو الزبير وهي الرواية الصحيحة التي اثبتناها في المتن وقال في الثانية عن أبي الزبير لم يصرح بالتحديث في هذه المرة وهي التي أثبتنا سندها في الشرح وابن اسحاق ثقة مدلس فإذا عنعن لا يحتج بحديثه وإذا صرح بالتحديث فحديثه يحتج به والله أعلم (9) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيمة حدثنا عبد الرحمن الأعرج قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (10) (غريبه) بفتح اللام من كلف بكسرها أي تحملوا من العمل ما تطيقون المداومة عليه من غير عجز في المستقبل (11) معناه أن المداومة على عمل من أعمال البر ولو

(عن أبي صالح) (1) قال سئلت عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما أي العمل كان أعجب (2) إلى النبي صلى الله عليه وسلم قالتا ما دام وإن قل (ومن طريق ثان) (3) عن الأسود قال قلت لعائشة رضي الله عنها حدثيني بأحب العمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت كان أحب العمل إليه الذي يدوم عليه الرجل وإن كان يسيرا (عن عائشة رضي الله عنها) (4) أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها وعندها فلانه (5) لامرأة فذكرت من صلاتها فقال (6) عليكم بما تطيقون (7) فوالله لا يمل (8) الله عز وجل حتى تملوا إن أحب الدين (9) إلى الله ما داوم عليه صاحبه (وعنها أيضا) (10) قالت مرت برسول الله صلى الله عليه وسلم الحولاء بنت تويت (11) فقيل له يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها تصلى بالليل صلاة كثيرة فإذا غلبها النوم ارتبطت بحبل فتعلقت به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلتصل ما قويت على الصلاة فإذا نعست (12)

_ كان مفضولا أحب إلى الله عز وجل من عمل يكون أعظم أجرا لكن ليس فيه مداومة (تخريجه) (جه طل) وفي إسناده ابن لهيعة وقد صرح بالتحديث فحديثه حسن ويؤيده أحاديث عائشة الآتية وحديثها عند البخاري: قالت سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أحب إلى الله قال أدومها وإن قل وقال اكلفوا من الأعمال ماتطيقون (1) (سنده) حدثنا محمد بن فضيل قال ثنا الأعمش عن أبي صالح الخ (غريبه) (2) أي أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الطريق الثانية (3) (سنده) حدثنا ابو نعيم قال حدثنا يونس عن أبي اسحاق عن الأسود الخ (تخريجه) (خ) من طريق عروة بن الزبير عن عائشة ومن طريق مسروق عن عائشة أيضا بمعناه (4) (سنده) حدثنا يحيى ثنا هشام قال أخبرني أبي عن عائشة الخ (قلت) هشام هو ابن عروة بن الزبير بن العوام (غريبه) (5) لم يذكر اسمها في هذا الحديث وهي الحولاء بنت تويت بضم التاء الفوقية وفتح الواو كما صرح بذلك الحديث التالي وهو مروي عن طريق عروة عن أبيه عن عائشة أيضا (6) اسم مبني على السكون اسكت أي اسكتي عن مدحها (7) أي ما تطيقونه على الدوام والاستمرار والثبات لا ما تفعلونه أحيانا وتتركونه أحيانا (8) بفتح الياء التحتية والميم أي لا يقطع الثواب والرحمة عنكم ما بقي لكم نشاط الطاعة أو لا يترك فضله عنكم حتى تتركوا سؤاله ذكر بهذه العبارة للازدواج نحو نسوا الله فنسيهم وإلا فالملال فتور يعرض للنفس من كثرة مزاولة شيء فيورث الكلال في الفعل وهو محال على الله تعالى (حتى تملوا) بفتح الأول والثاني أي حتى تقطعوا أعمالكم (9) أي التعبد به من دان بالإسلام دينا بالكسر تعبد به وتدين به كذلك فهو دين مثل ساد فهو سيد (تخريجه) (جه) وسنده صحيح (10) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن اسحاق قال حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت الخ (غريبه) (11) قال الحافظ في الإصابة الحولاء بنت تويت بمثناتين مصغرا ابن حبيب بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشية الأسدية ذكرها ابن مسعد وقال أسلمت وبايعت وثبتت في الصحيحين وغيرهما في حديث الزهري عن عروة عن عائشة أن الحولاء بنت تويت مرت بها وعدها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت هذه الحولاء بنت تويت يزعمون أنها لا تنام الليل فقال النبي صلى الله عليه وسلم خذوا من العمل ما تطيقون الحديث وللحديث طرق بألفاظ ولم تسم في اكثرها اهـ وأشار الحافظ إلى حديث الباب عند الإمام أحمد (12) بفتح العين من بابي نفع وقتل أي أصابها بالنعاس وأل في الصلاة للجنس فتصدق بأي الصلاة كانت فرضا أو نفلا

فلتنم (عن أنس بن مالك) (1) قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وحبل ممدود بين ساريتين (2) فقال ما هذا؟ فقالوا لزينب فإذا كسلت (3) أو فترت أمسكت به فقال حلوه ثم قال ليصل أحدكم نشاطه فإذا كسل أو فتر فليقعد (4) (وفي لفظ) لتصل ما عقلت فإذا غلبت (5) فلتنم (عن عبدالرحمن) (6) قال رأى النبي صلى الله عليه وسلم حبلا ممدودا بين ساريتين فقال لمن هذا؟ قالوا لحمنة (7) بنت جحش فإذا عجزت تعلقت به فقال لتصل ما أطاقت فإذا عجزت فلتقعد (عن أبي سلمة عن عائشة) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خذوا من العمل ما تطيقون فإن الله عز وجل لا يمل حتى تملوا قالت عائشة وكان أحب الصلاة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة داوم عليها (9) قال أبو سلمة قال الله عز وجل (الذين هم على صلاتهم دائمون) (10) (عن الحكم ابن حزن الكلفي) (11) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أيها الناس إنكم لن تفعوا ولن تطيقوا كل ما أمرتم به ولكن سددوا وأبشروا (عن عائشة رضي الله عنها) (12) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أمرهم بما يطيقون من العمل يقولون يا رسول الله إنا لسنا كهيئتك إن الله عز وجل قد غفر لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر قالت فيغضب (13) حتى يعرف الغضب في وجهه

_ ليلا أو نهارا (فلتنم) أي ترقد كما في بعض الروايات (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا إسماعيل ثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) تثنية سارية وهي العمود (3) بكسر السين المهملة (أو فترت) شك من الراوي أي ضعفت عن القيام في الصلاة (4) أي يجلس حتى يذهب عنه الضعف والفتور (5) بضم أوله وكسر ثانيه مبني للمفعول أي غلبها النوم (تخريجه) (ق د نس جه) (6) (سنده) حدثنا عبدالرحمن (يعني ابن مهدى) ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبدالرحمن (يعني ابن ابي ليلى) قال رأى النبي صلى الله عليه وسلم الخ (7) بفتح الحاء المهملة وسكون الميم هي أخت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وقد جاء في الحديث السابق أن هذه القصة وقعت لزينب بنت جحش فيحتمل أنهما واقعتان أو أن بعض الرواة اختلف في الاسم والاختلاف في الاسم لا يؤدي إلى الاختلاف في الحكم والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (8) (سنده) حدثنا أبو المغيرة قال ثنا الأزواعى قال ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عائشة الخ (غريبه) (9) تعني من النوافل (10) جاء في الأصل (والذين هم على صلاتهم دائمون) ولابد أن تكون هذه الواو وقعت خطأ من الناسخ والصواب (إلا المصلين الذين هم على صلاتهم دائمون) كما في سورة المعارج (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير إلى قوله حتى تملوا وعزاه للبخاري ومسلم (11) (عن الحكم بن حزن الكلفي) حزن بفتح المهملة وسكون الزاي (الكافي) بضم الكاف وفتح اللام صحابي معروف وهذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الخطبتين يوم الجمعة الخ من كتاب الصلاة في الجزء السادس صحيفة 92 رقم 1595 وهو حديث حسن وصححه ابن خزيمة وابن السكن وأخرجه (د عل هق) (12) (سنده) حدثنا ابن نمير عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (13) إنما غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنه يريد بهم اليسر وهم يريدون لأنفسهم العسر لجهلهم بعاقبة ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام

(خط) (عن أنس بن مالك) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هذا الدين متين (2) فأوغلوا فيه برفق (عن أبي قتادة) (3) عن اعرابي سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن خير دينكم أيسره (4) إن خير دينكم أيسره (عن محجن بن الأدرع) (5) أنه كان آخذا بيد النبي صلى الله عليه وسلم في المسجد قال ثم أتى حجرة امرأة من نسائه فنفض يده من يدي قال إن خير دينكم أيسره أن خير دينكم أيسره (عن بريدة الأسلمي) (6) قال خرجت يوما لحاجة فإذا أنا بالنبي صلى الله عليه وسلم يمشى بين يدي فأخذ بيدي فانطلقنا نمشي جميعا فإذا نحن بين أيدينا برجل يصلي يكثر الركوع والسجود فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتراه يراني؟ فقلت الله ورسوله أعلم فترك يدي من يده ثم جمع بين يديه فجعل يصوبهما ويرفعهما ويقول عليكم هديا قاصدا (7) عليكم هديا قاصدا عليكم هديا قاصدا (8) فإنه من يشاد هذا الدين يغلبه (وفي لفظ) فأرسل يدي ثم طبق بين كفيه فجمعهما وجعل يرفعهما بحيال منكبيه ويضعهما ويقول عليكم هديا قاصدا ثلاث مرات فإنه من يشاد الدين يغلبه (عن مجاهد) (9) قال دخلت أنا ويحيى بن جعدة على رجل من الأنصار من أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم قال ذكروا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم مولاة لبني عبد المطلب (10) فقالوا أنها تقوم الليل وتصوم النهار قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لكني أنا أنام وأصلى وأصوم وأفطر فمن اقتدى بي فهو مني ومن رغب عن سنتي فليس مني ان لكل عمل شرة (11)

_ أحمد وسنده صحيح وهو من ثلاثيات الإمام أحمد (1) (خط) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب قال اخبرني عمرو بن حمزة ثنا خلف أبو الربيع أمام مسجد سعيد بن أبي عروبة ثنا أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) أي صلب شديد (فأوغلوا) أي سيروا (فيه برفق) من غير تكلف ولا تحملوا أنفسكم ما لا تطيقونه فتعجزوا وتتركوا العمل والإيغال كما في النهاية السير الشديد والوغول الدخول في الشيء (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للإمام أحمد فقط ورمز له بعلامة الصحة (3) (سنده) حدثنا أبو سلمة الخزاعي قال أخبرنا أبو هلال عن حميد بن هلال العدوي سمعه منه عن أبي قتادة الخ (غريبه) (4) أي الذي لا مشقة فيه والدين كله كذلك إذ لا مشقة فيه ولا إصر كالذي كان من قبل لكن بعضه أيسر من بعض فأمر بعدم التعمق فيه فإنه لن يغالبه أحد إلا غلبه وقد جاءت الأنبياء السابقة بتكاليف وآصار بعضها أغلظ من بعض (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (5) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في الباب الثاني من كتاب المدح والذم (6) (سنده) حدثنا اسماعيل ثنا عيينة ابن عبد الرحمن عن أبيه عن بريدة الأسلمى الخ (غريبه) (7) أي طريقا معتدلا غير شاق يعني الزموا القصد في العمل وهو استقامة الطريق أو الأخذ بالأمر الذي لا غلو فيه ولا تقصير (فإنه) أي الشأن (من يشاد هذا الدين يغلبه) أي من يقاومه ويكلف نفسه من العبادة فوق طاقته يؤدي به ذلك إلى التقصير في العمل وترك الواجبات (8) كرر هذه الجملة ثلاثا للتأكيد (تخريجه) (ك هق) وصححه الحاكم وأقره الذهي وقال الهيثمي رجاله موثقون وحسنه الحافظ (9) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد ثنا جرير عن منصور عن مجاهد الخ (غريبه) (10) جاء عند **** مولاة للنبي صلى الله عليه وسلم (11) تقدم شرح هذه

ثم فترة فمن كانت فترته إلى بدعة فقد ضل ومن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى (عن عائشة) رضي الله عنها (1) أن أناسا كانوا يتعبدون في عبادة شديدة (2) فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم فقال والله إني لأعلمكم بالله عز وجل وأخشاكم له وكان يقول عليكم من العمل ما تطيقون فإن الله عز وجل لا يمل حتى تملوا (وعنها أيضا) (3) أنها كانت تقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سددوا وقاربوا ويسروا فإنه لن يدخل الجنة أحدا عمله قالوا ولا انت يا رسول الله؟ قال ولا أنا إلا أن يتغمدني الله عز وجل رحمة واعلموا أن احب العمل إلى الله عز وجل أدومه وإن قل (وعنها أيضا) (4) قالت دخلت على خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية وكانت عند عمان بن مطعون قالت فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذاذة هيئتها فقال لي يا عائشة ما أبذ هيئة خويلة؟ قالت فقلت يا رسول الله امرأة لها زوج يصوم النهار ويقوم الليل فهي كمن لا زوج لها فتركت نفسها وأضاعتها قالت فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن مظعون فجاءه فقال يا عثمان أرغبة عن سنتي؟ قال فقال لا والله يا رسول الله ولكن سنتك أطلب قال فإني أنام وأصلى وأصوم وأفطر وانكح النساء فاتق الله يا عثمان فإن لأهلك عليك حقا فصم وافطر وصل ونم (عن عبدالله بن مسعود) (5) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال ألا هلك المتنطعون (6) ثلاث مرار (7)

_ الجملة الخ الحديث في شرح حديث عبدالله بن عمرو الثالث من أحاديث الباب (تخريجه) أورده الهيثمي وعزاه للبزار فقط وغفل عن عزوه للامام أحمد ثم قال ورجاله رجال الصحيح (1) (سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة قال أنا هشام عن عروة عن عائشة الخ (2) لعلها تشير بذلك إلى الحولاء بنت تويت وزينب بنت جحش وأختها حمنة كما تقدم آنفا في أحاديثهن والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (3) (سنده) حدثنا عفان قال ثنا وهيب قال ثنا موسى بن عقبة قال سمعت أبا سلمة بن عبدالرحمن ابن عوف يحدث عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها كانت تقول الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) وتقدم نحوه جابر بن عبد الله وهو الثاني من أحاديث الباب وتقدم شرحه هناك (4) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب حق الزوجة على الزوج من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر صحيفة 233 رقم 265 فارجع إليه (5) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد ثنا ابن جريج حدثني سليمان بن عتيق عن طلق بن حبيب عن الأحنف بن قيس عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه) (6) أي المتعمقون المتقعرون في الكلام الذي يرومون بجودة سبكه سي قلوب الناس يقال تنطع الرجل في علمه إذا تنطس فيه (وقال النووي) فيه كراهة التقعر في الكلام بالتشدق وتكلف الفصاحة واستعمال وحشي اللغة ودقائق الاعراب في مخاطبة العوام ونحوهم اهـ وقيل المتعنتون في السؤال عن عويص المسائل الذي يندر وقوعها وقيل الغالون في عبادتهم بحيث تخرج عن قوانين الشريعة ويسترسل مع الشيطان في الوسوسة والله أعلم (7) جاء عند مسلم قالها ثلاث مرات يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم كرر هذه الجملة ثلاث مرات للتأكيد وهو آخر الحديث عند مسلم وزاد عند الإمام أحمد بعد قوله ثلاث مرار (قال يحيى في حديث طويل) يعني أن هذا الحديث طرف من حديث طويل اهـ لم يذكر الحديث الطويل (تخريجه) (م د)

(1) (عن أنس) أن نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعضهم لا اتزوج وقال بعضهم أصلى ولا أنام وقال بعضهم أصوم ولا أفطر فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما بال أقوام قالوا كذا وكذا لكني أصوم وأفطر وأصلي وأنام وأتزوج من النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني (وعنه من طريق ثان) (2) أن ناسا سألوا أزواج النبي صلى الله عليه وسلم عن عبادته في السر قال فحمد الله وأثنى عليه ثم قال ما بال أقوام يسألون عما أصنع فذكر الحديث (3) (باب في استحباب الأخذ بالرخصة وعدم التشديد في الدين) (عن ابن عمر) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله يحب أن تؤتي رخصة كما يكره أن تؤتي معصيته (عن عقبة بن عامر) (5) الجهنى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يقبل رخصة الله عز وجل كان عليه من الذنوب مثل جبال عرفة (عن عائشة) (6) رضي الله عنها قالت رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في أمر فتنزه عنه ناس من الناس فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فغضب حتى بان الغضب في وجهه (7) ثم قال ما بال قوم يرغبون عما رخص لي فيه (8) فوالله لأنا أعلمهم بالله عز وجل واشدهم له خشية (باب الاقتصاد في الموعظة) (عن أبي وائل) (9) قال كان عبد الله (10) يذكر كل خميس أو اثنين الأيام قال فقلنا أو فقيل يا أبا عبد الرحمن إنا لنحب

_ (1) (سنده) حدثنا مؤمل حدثنا حماد ثنا ثابت عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (2) (سنده) حدثنا أسود ابن عامر ثنا حماد عن ثابت عن أنس أن ناسا الخ (3) (بقيته) أما أنا فأصلي وأنام وأصوم وأفطر وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني (تخريجه) (ق. وغيرهما) (4) (سنده) حدثنا قتيبه بن سعيد حدثنا عبد العزيز بن محمد عن عمارة بن غزية عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح والبزار والطبراني في الأوسط واسناده حسن (5) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق السيلحبني ثنا ابن لهيعة عن زريق الثقفي وقتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن زريق الثقفي عن ابن شماسة يحدث عقبة بن عامر الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث عقبة وفي اسناده ابن لهيعة وحديثه ضعيف إذا عنعن وقد عنعن ولكن يؤيده حديث ابن عمر بلفظ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من لم يقبل رخصة الله كان عليه من الاثم مثل جبال عرفة رواه الإمام أحمد والطبراني وحسنه الهيثمي والحافظ العراقي وقدم بشرحه وتخريجه في باب جواز الفطر والصوم في السفر من كتاب الصيام في الجزء العاشر صحيفة 108 رقم 168 فارجع إليه والله الموفق (6) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة الخ (غريبه) (7) قال النووي فيه الحث على الافتداء به صلى الله عليه وسلم والنهي عن التعمق في العبادة وذم التنزه عن المباح شكا في إتاحته وفيه الغضب عند انتهاك حرمات الشرع وإن كان المنتهك متأولا تأويلا باطلا (8) معناه أنهم توهموا أن رغبتهم عما رغبت فيه أقرب لهم عند الله تعالى وليس كما توهموا فإني أعلمهم بالله جل شأنه وبالقربات وأولاهم بالعمل وأشدهم لله خشية لأنها تكون بقدر ما أوتيه المرء من العلم (تخريجه) (ق. نس) (باب) (9) (سنده) حدثنا عبيدة يعني ابن حميد عن منصور عن أبي وائل الخ (غريبه) (10) يعنى ابن مسعود رضى الله عنه (يذكر) بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الكاف مكسورة أي يذكرنا بالموعظة والعلم

حديثك ونشتهيه ووددنا أنك تذكرنا كل يوم فقال عبد الله أن لا يمنعني من ذلك إلا أني اكره أن أملكم (1) واني لأتخولكم (2) بالموعظة كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا (عن شقيق) (3) قال كنا ننتظر عبدالله بن مسعود في المسجد يخرج علينا فجاء يزيد بن معاوية يعني النخمى قال فقال الا اذهب فانظر فإن كان في الدار لعلي أن اخرجه اليكم فجاءنا فقام علينا فقال أنه ليذكر لي مكانكم فما آتيكم كراهية أن أملكم لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخولنا بالموعظة كراهية السآمة علينا (4) (ز) (قال عبد الله) (5) سمعت القواريرى (يعني عبيد الله بن عمر القواريرى) يقول كنت أمر بناصح (يعني ابن العلاء أبو العلاء) فيحدثني فإذا سألته الزيادة قال ليس عندي غير ذا وكان ضريرا (6) (باب الاقتصاد في المعيشة) (قر) (قال عبد الله بن الإمام أحمد) (7) قرأت على أبي حدثنا أبو عبيدة الحداد حدثنا سكين بن عبد العزيز العبدي حدثنا ابراهيم الهجرى عن ابي الأحوص (عن عبدالله بن مسعود) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عال (8) من اقتصد (عن أبي الدرداء) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من فقه الرجل (10) رفقه في معيشه

_ (1) أي أتسبب في فتوركم عن طلب العلم والموعظة والاجتهاد والنفور بعد الرغبة (2) بالخاء المعجمة وتشديد الواو قال الخطابي الخائل بالمعجمة هو القائم المتعهد للمال يقال خال المال يخوله تخولا إذا تعهده وأصلحه والمعنى كان يراعى الأوقات في تذكيرهم ولا يفعل ذلك كل يوم لئلا يملوا (تخريجه) (ق. وغيرهما) (3) (سنده) حدثنا سفيان قال سليمان سمعت شقيقا يقول كنا ننتظر عبد الله بن مسعود الخ (غريبه) (4) قال الحافظ أي السآمة الطارئة علينا أو ضمن السآمة معنى المشقة فعداها بعلى والصلة محذوفة والتقدير من الموعظة ويستفاد من الحديث استحباب ترك المداومة في الجد في العمل الصالح خشية الملال وإن كانت المواظبة مطلوبة قال وتختلف باختلاف الأحوال والأشخاص والضابط الحاجة مع مراعاة وجود النشاط (تخريجه) (ق. وغيرهما) (ز) (5) (قال عبد الله) يعني ابن الامام احمد رحمهما الله (غريبه) (8) من العيلة وهي الفقر أي ما افتقر من انفق قصدا لم يبخل ولم يبذر قال تعالى: (والذين إذا انفقوا لم يسرفوا لم يقتروا وكانوا بين ذلك قواما) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط وفي أسانيدهم إبراهيم بن مسلم الهجرى وهو ضعيف (قلت) له شاهد من حديث ابن عباس أورده الهيثمي عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عال مقتصد قط ثم قال رواه الطبراني في الكبير والأوسط ورجاله وثقوا وفي بعضهم خلاف (9) (سنده) حدثنا عصام بن خالد حدثني أبو بكر بن عبد الله عن ضمرة عن أبي الدرداء الخ (غريبه) (10) أي من جودة فهمه وحسن تصرفه (رفقه في معيشته) أي ما يتعيش به بأن يسعى في اكتسابها من الحلال من غير كد ولا تهافت ويستعمل القد في الإنفاق من غير إسراف ولا تقتير (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام احمد والطبراني في الكبير ورمز

كتاب الترغيب في صالح الأعمال

(58) (كتاب الترغيب في صالح الأعمال) (باب ما جاء في الخوف من الله عز وجل) (عن أبي الدرداء) (1) أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقص على المنبر (ولمن خاف مقام ربه جنتان) فقلت وان زنى وإن سرق يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الثانية (ولمن خاف مقام ربه جنتان) فقلت الثانية وإن زني وإن سرق يا رسول الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم الثالثة (ولمن خاف مقام ربه جنتان) فقلت الثالثة وإن زنى وإن سرق يا رسول الله قال نعم وإن رغم أنف أبي الدرداء (عن سليمان بن سليم) (2) قال قال المقداد بن الأسود لا أقول في رجل خيرا ولا شرا حتى أنظر ما يختم له يعني بعد شيء سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم قيل وما سمعت؟ قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لقلب ابن آدم أشد انقلابا من القدر إذا اجتمعت عليه (3) (عن أنس بن مالك) (4) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكثر أن يقول يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك فقال له أصحابه وأهله يا رسول الله أتخاف علينا وقد آمنا بك وبما جئت به قال إن القلوب بيد الله عز وجل يقلبها (عن حكيم بن معاوية) (5) عن أبيه (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن رجلا كان فيمن قبلكم رغسه (7) الله تبارك وتعالى مالا وولدا (8) حتى ذهب عصره وجاء عصر فلما حضرته الوفاة قال أي بني أي أب كنت لكم؟ قالوا خير أب قال فهل أنتم مطيعي؟ قالوا نعم قال انذروا إذا أنا مت أن تحرقوني حتى تدعوني فحما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلوا والله ذلك ثم اهرسوني بالمهراس يومئ بيده (9) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلوا والله ذلك ثم أذروني في البحر في يوم ريح لعلي أضل الله تبارك وتعالى (10) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ففعلوا والله ذلك فإذا هو في قبضة الله تبارك وتعالى فقال يا ابن آدم ما حملك على ما صنعت؟ قال أي رب

_ له بعلامة الحسن (باب) (1) (عن أبي الدرداء الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في تفسير سورة الرحمن من كتاب فضائل القرآن الخ في الجزء الثامن عشر صحيفة 293 رقم 449 (2) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم حدثنا الفرج حدثنا سليمان بن سليم الخ (غريبه) (3) معناه أن التطارد لا يزال فيه جندي الملائكة والشياطين فكل منهما يغلبه إلى مرامه ويلفته إلى جهة فهو محل المعركة دائما أن يقع الفتح لأحد الحزبين فيسكن سكونا تاما (تخريجه) (ك طب) وقال الحاكم على شرط البخاري ورده الذهي بأن فيه معاوية بن صالح لم يرو له البخاري اهـ وقال الهيثمي رواه الطبراني بأسانيد رجال أحدها ثقات اهـ (قلت) لم يرده الذهي لجرح في معاوية بن صالح وإنما رد قول الحاكم على شررط البخارى مع هذا فإن معاوية بن صالح ليس في سند حديث الباب وهو ثقة (4) هذا الحديث تقدم بسنده وتخريجه في باب أدعية كان النبي صلى الله عليه وسلم يكثر الدعاء بها من كتاب الأذكار في الجزء الرابع عشر صحيفة 289 وتقدم الكلام عليه في شرح حديث أم سلمة رقم 235 صحيفة 288 في الباب المشار إليه (5) (سنده) حدثنا مهنى بن عبد الحميد أبو شبل ثنا حماد بن سلمة عن أبي قزعة عن حكيم بن معاوية الخ (غريبه) (6) أبوه معاوية بن حيدة الصحابي رضي الله عنه (7) بفتح الراء والغين المعجمة بعدها سين مهملة أي كثر ماله وأولاده وبارك له فيها والرغس بسكون المعجمة السعة في النعمة والبركة والنماء (8) جاء في رواية أخرى (كان لا يدين الله عز وجل دينا) الظاهر أنه كان في زمن الفترة (9) أي يشير بيده إلى هيئة الهرس والهرس دق الشيء (10) قال في النهاية لعلي أضل الله أي أفوته ويخفى

مخافتك (1) قال فتلافاه الله تبارك وتعالى بها (2) (وعن حذيفة بن اليمان) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه وفيه فجمعه الله إليه وقال له لم فعلت ذلك؟ قال من خشيتك قال فغفر له قال عقبة بن عمرو (4) أنا سمعته يقول ذلك (5) وكان نباشا (عن عبد الله) (6) أن رجلا لم يعمل من الخير شيئا قط إلا التوحيد فلما حضرته الوفاة قال لأهله إذا أنا مت فخذوني وأحرقوني حتى تدعوني حممة (7) اطحنوني ثم ذروني في البحر في يوم راح (8) قال ففعلوا به ذلك فإذا هو في قبضة الله قال فقال الله عز وجل له ما حملك على ما صنعت قال مخافتك قال فغفرالله له قال يحيى (9) حدثنا حماد عن ثابت عن أبي رافع (10) عن أبي هريرة بمثله (11) (وعن أبي سعيد الخدري) (12) عن

_ عليه مكاني وقيل لعلي أغيب عن عذاب الله يقال ضللت الشيء (بفتح اللام الأولى) وضللته (بكسرها) إذا جعلته في مكان ولم تدر أين هو وأضللته إذا ضيعته وضل الناس إذا غاب عنه حفظ الشيء اهـ باختصار (1) أي خوفي من عذابك حملني على ما صنعت وفي بعض الروايات قال من خشيتك قال فغفر له (2) أي تداركه برحمته وغفر له (فإن قيل) كيف يغفر الله له وقد اعتقد أن هروبه ينفعه وأنه يخفى على الله والله تعالى يقول (إن الله لا يخفى عليه شيء في الأرض ولا في السماء) (وأجيب عن ذلك) بأجوبة (منها) أنه كان مثبتا للصانع وكان في زمن الفترة فلم تبلغه شرائط الإيمان (ومنها) أنه قال ذلك في حال دهشته وغلبه الخوف عليه حتى ذهب بعقله لما يقول ولم يقله قاصدا لحقيقة معناه بل في حالة كان فيها كالغافل والذاهل والناسي الذي لا يؤاخذه بما يصدر منه والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير بنحوه والأوسط ورجال أحمد ثقات (3) (سنده) حدثنا عفان ثنا أبو عوانة حدثنا عبد الملك بن عمير عن ربعى قال قال عقبة بن عمرو لحذيفة ألا تحدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول؟ قال سمعته يقول أن رجلا حضره الموت فلما أيس من الحياة أوصى أهله إذا أنا مت فاجمعوا لي حطبا كثيرا جزلا (أي غليظا قويا) ثم اوقدوا فيه نارا حتى إذا أكلت لحمي وخلص إلى عظمي فامتحشت (أي صارت كالفحم) فخذوها فاذروها في اليم ففعلوا فجمعه الله عز وجل الخ (غريبه) (4) هو أبو مسعود البدري الأنصاري الصحابي (5) الظاهر أنه يعني النبي صلى الله عليه وسلم وزاد في روايته لفظ (وكان نباشا) وقد جاءت هذه الزيادة في صحيح ابن حبان من طريق ربعي بن خراش أنه كان نباشا للقبور يسرق أكفان الموتى (تخريجه) (خ حب وغيرهما) (6) (سنده) حدثنا يحيى ابن اسحاق أنبأنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (غريبه) (7) الحممة وزان رطبة ما أحرق من خشب ونحوه والجمع بحذف الهاء (8) أي ذي ريح كقولهم رجل مال وقيل يوم راح وليلة راحة إذا اشتدت الريح فيها (نه) (9) هو ابن اسحق الذي روى عنه الإمام أحمد هذا الحديث (10) هو نفيع بن رافع الصائغ تابعي كبير ثقة من كبار التابعين (11) معناه أنه روي مثل هذا الحديث عن أبي هريره (تخريجه) أوردهما الحافظ الهيثمي كما هنا وقال رواهما أحمد ورجال حديث أبي هريرة رجال الصحيح واسناد أبو مسعود حسن (12) (سنده) حدثنا معاوية بن هشام ثنا شيبان أبو معاوية ثنا فراس بن يحيى الهمداني عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد دخل رجل الجنة ما عمل خير قط قال لأهله حين حضره الموت إذا أنا

النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (عن أبي قتادة وأبي الدهماء) (1) قالا كانا يكثران السفر نحو هذا البيت (2) قالا اتينا على رجل من أهل البادية (وفي رواية فقلنا هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا) فقال البدوي أخذ بيدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يعلمني مما علمه الله تبارك وتعالى وقال أنك لن تدع شيئا (3) اتقاء الله عز وجل إلا اعطاك الله خيرا منه (باب في الترغيب في أعمال البر والطاعة مطلقا) (عن ابن عباس) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا أسألكم على ما اتيتكم به من البينات والهدى أجرا إلا أن توادوا الله ورسوله وأن تقربوا إليه بالطاعة (عن أبي هريرة) (5) قال قال النبي صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل يا ابن آدم تفرغ لعبادتي أملأ صدرك غنى وأسد فقرك والا تفعل ملأت صدرك شغلا ولم أسد فقرك (وعنه أيضا) (6) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال ربكم عز وجل لو أن عبادك أطاعوني لأسقيتهم المطر بالليل وأطلعت عليهم الشمس بالنهار ولما اسمعتهم صوت الرعد وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن حسن الظن بالله من حسن عبادة الله (عن عبد الله بن قيس) (7) قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة ثم قال على مكانكم اثبتوا ثم اتى الرجال فقال أن الله عز وجل يأمرني أن آمركم أن تتقوا الله وأن تقولوا قولا سديدا ثم تخلل إلى النساء فقال لهن أن الله عز وجل يأمرني أن آمركن أن تتقوا الله وأن تقولوا (8) قولا سديدا قال ثم رجع حتى اتى الرجال فقال إذا دخلتم مساجد المسلمين وأسواقهم ومعكم النبل (9) فخذوا بنصلها

_ مت فأحرقوني ثم اسحقوني ثم اذروا نصفي في البحر ونصفي في البر فأمر الله البر والبحر فجمعاه ثم قال ما حملك على ما فعلت؟ قال مخافتك قال فغفر له لذلك (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا اسماعيل ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد بن هلال عن أبي قتادة وأبي الدهماء الخ (غريبه) (2) الظاهر أنه يعني الكعبة (3) أي شيئا من الأمور المحرمة (اتقاء الله عز وجل) أي خوفا منه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات وأورده الهيثمي وقال رواه كله أحمد بأسانيد ورجالها رجال الصحيح (باب) (4) (سنده) حدثنا حسن بن موسى حدثنا قزعة يعني ابن سويد حدثني عبد الله بن أبي نجيح عن مجاهد عن ابن عباس الخ (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهي وأورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجال أحمد فيهم قزعة بن سويد وثقة ابن معين وغيره وفيه ضعف وبقة رجاله ثقات (5) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا عمران يعني ابن زائدة بن نشيط عن أبيه عن أبي خالد عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال راه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن وابن حبان في صحيحه باختصار إلا أنه قال ملأت بدنك شغلا والحاكم والبيهقي في كتاب الزهد وقال الحاكم صحيح الأسناد (6) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه في باب الأصل في الاجتماع على الذكر بقول لا إله إلا الله من كتاب الأذكار في الجزء الرابع عشر صحيفة 214 رقم 533 (7) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا يزيد يعني ابن ابراهيم أنا ليث عن أبي بردة عن عبدالله بن قيس الخ (قلت) عبدالله بن قيس هو أبو موسى الأشعري رضي الله عنه (غريبه) (8) هكذا بالأصل (أن تتقوا الله وأن تقولوا) الخ وجاء عند الطبراني أنه قال في النساء (أن الله أمرني أن آمركن أن تتقين الله وأن تقلن قولا سديدا) وهذه الرواية مناسبة للنساء (9) بفتح النون (وقوله فخذوا بنصها) أي أمسكوا بنصلها والنصل حديدة

لا تصيبوا بها أحدا فتؤذوه أو تجرحوه (عن شداد بن أوس) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الكيس (2) من دان نفسه (3) وعمل لما بعد الموت (4) والعاجز من اتبع نفسه هواها وتمنى على الله (5) (عن عقبة بن عامر) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن مثل الذي يعمل السيئات ثم يعمل الحسنات كمثل رجل كانت عليه درع (7) ضيقة قد خنقته (8) ثم عمل حسنة فانفكت حلقة ثم عمل حسنة أخرى فانفكت حلقة أخرى حتى تخرج إلى الأرض (9) (عن أبي ذر) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل من عمل حسنة فله عشر أمثاله أو أزيد ومن عمل سيئة فجزاؤه مثلها أو أغفر ومن عمل قراب (11) الأرض خطيئة ثم لقيني لا يشرك بي شيئا جعلت له مثلها مغفرة ومن اقترب إلي شبرا اقتربت إليه ذراعا ومن اقترب إلى ذراعا اقتربت إليه باعا

_ السهم وفيه اجتناب ما يخاف منه ضرر (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وفيه ليث بن أبي سليم وهو مضطرب الحديث وبقية رجالهما رجال الصحيح اهـ (قلت) الأمر بالأخذ بنصال النبل عند دخول المساجد أو الأسواق جاء في الصحيحين وغيرهما من عدة طرق عن كثير من الصحابة (1) (سنده) حدثنا على بن إسحاق قال أنا عبد الله يعني ابن المبارك قال أنا أبو بكر بن أبي مريم عن ضمرة بن حبيب عن شداد بن أوس الخ (غريبه) (2) على وزن السيد يعني العاقل وقال الزمخشري الكيس حسن التأني في الأمور (3) أي حاسبها وقهرها بأن جعل نفسه مطيعة منقادة لأوامر ربها (4) أي قبل نزوله ليصير على نور من ربه فالموت عاقبة أمور الدنيا فالكيس من أبصر العاقبة والأحمق من عمى عنها وحجبته الشهوات (والعاجز) المقصر في الأمور ومن اتبع نفسه هواها فلم يكفها عن الشهوات ولم يمنعها عن مفارقة المحرمات واللذات (5) زاد في بعض الروايات لفظ الأماني بتشديد الياء التحتية جمع أمنية أي فهو مع تقصيره في طاعة ربه واتباع شهوات نفسه لا يستعد ولا يعتذر ولا يرجع بل يتمنى على الله العفو والعافية والجنة مع الاصرار وترك التوبة والاستغفار (تخريجه) (مذ جه ك) وقال الحاكم صحيح على شرط البخاري وتعقبه الذهي فقال لا والله ابو بكر يعني أبا بكر بن أبي مريم أحد رجال السند ضعيف (6) (سنده) حدثنا علي ابن اسحاق قال أنا عبد الله يعني ابن المبارك قال انا ابن لهيعة قال حدثني يزيد بن أبي حبيب قال ثنا أبو الخير أنه سمع عقبة بن عامر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) الدرع بكسر الدال المهملة وسكون الراء أي من حديد يذكر ويؤنث وهو كالقميس يلبس حال الحرب لينجي صاحبه من ضربات العدر (8) أي عصرت حلقه وتر قوته من ضيق تلك الدرع (9) المعنى أن عمل السيئات يضيق صدر العامل ورزقه ويحيره في أمره ويبغضه الناس فإذا عمل الحسنات تزيل حسناته سيئاته فإذا زالت انشرح صدره وتوسع رزقه وسهل أمره وأحبه الخلق (ومعنى قوله حتى تخرج إلى الأرض) أي انحلت وانفكت حتى تسقط تلك الدرع ويخرج صاحبها من ضيقها فقوله تخرج إلى الأرض كناية عن سقوطها والله أعلم (تخريجه) (طب) وسنده حسن وإن كان فيه ابن لهيعة لكنه صرح بالتحديث فحديثه حسن (10) (سنده) حدثنا ابو معاوية ثنا الأعمش عن المعرور بن سويد عن أبي ذر الخ (غريبه) (11) بضم القاف ومعناه ما يقارب ملأها

ومن أتاني يمشي أتيته هرولة (1) (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل قال إذا تلقاني عبدي بشبر تلقيته بذراع وإذا تلقاني بذراع تلقيته بباع وإذا تلقاني بباع جئته بأسرع (3) (عن يزيد بن نعيم) (4) قال سمعت أبا ذر الغفاري وهو على المنبر بالفسطاط يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من تقرب إلى الله عز وجل شبرا تقرب إليه ذراعا ومن تقرب إلى الله ذراعا تقرب إليه باعا ومن أقبل على الله عز وجل ماشيا أقبل الله إليه مهرولا والله أعلى وأجل والله أعلى وأجل والله أعلى وأجل (عن معاذ) (5) قال كنت ردف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا معاذ أتدري ما حق الله على العباد؟ قال قلت الله ورسوله أعلم قال أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا قال فهل تدري ما حق العباد على الله إذا هم فعلوا ذلك؟ قال قلت الله ورسوله أعلم قال لا يعذبهم (زاد في رواية قال قلت يا رسول الله ألا أبشر الناس قال دعهم يعملوا) (عن أبي ذر) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تحقرن من المعروف شيئا فإن تجد فألق أخاك بوجه طلق (عن جابر) (7) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم والد النعمان بن قوفل (8) فقال يا رسول الله أرأيت إن حللت الحلال وحرمت الحرام (9) وصليت المكتوبات ولم أزد على ذلك أأدخل الجنة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم (عن عائشة) (10) رضي الله عنها قالت ما أعجب (11) رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء من الدنيا

_ (1) قال النووي معنى الحديث من تقرب إلي بطاعتي تقربت إليه برحمتي وإن زاد زدت فإن أتاني يمشي وأسرع في طاعتي لقيته هرولة أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم أحوجه إلى المشي الكثير في الوصول إلى المقصود والله أعلم (تخريجه) (م) وغيره (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة فذكر أحاديث منها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (3) معناه كالذي قبله (تخريجه) (ق. وغيرهما) (4) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو عن يزيد بن نعيم قال سمعت أبا ذر الغفاري الخ (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد والطبراني واسنادهما حسن (5) (سنده) حدثنا وكيع عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن معاذ (يعني ابن جبل) الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) وهذا الحديث فيه تشريف لأمة الإجابة حيث جعلوا مستحقين على الله أن لا يعذبهم فضلا منه جل شأنه فإن جانب العبودية مجرد عن الاستحقاق فهو كما في قوله تعالى (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) (6) (سنده) حدثنا روح حدثنا أبو عامر الخزاعي عن أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر الخ (تخريجه) (م. وغيره) (7) (سنده) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش وابن نمير أنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر (يعني ابن عبد الله) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم الخ (8) بقافين مفتوحتين بينهما واو ساكنة وآخره لام (9) قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله تعلى الظاهر أنه أراد به أمرين أن يعتقده حراما وأن لا يفعله بخلاف تحليل الحلال فإنه يكفي فيه مجرد اعتقاده حلالا (تخريجه) (م وغيره) (10) (سنده) حدثنا حسن قال ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الأسود عن القاسم بن محمد عن عائشة الخ (غريبه) (11) أي ما استحق شيئا من الدنيا ولا أحدا من الناس ولا أخبر عن رضاه به إلا رجل (ذو تقى) أي متمسك بتقوى الله فهذا هو الذي أعجبه ورضي عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات

ولا أعجبه قط إلا ذو تقى (عن عقبة بن عامر) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل ليعجب من الشاب ليست له صبوة (2) (باب في الترغيب في خصال مجتمعه من أفضل أعمال البر والنهي عن ضدها) (عن البراء بن عازب) (3) قال جاء إعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنة فقال لئن كنت اقصرت الخطبة لقد اعرضت المسألة (4) اعتق النسمة (5) وفك الرقبة فقال يا رسول الله أو ليستا بواحدة؟ قال لا أن عتق النسمة أن تفرد بعتقها (6) وفك الرقبة أن تعين في عتقها (7) والمنحة الوكوف (8) والفيء على ذي الرحم الظالم فإن لم تطق ذلك فأطعم الجائع واسق الظمآن وامر بالمعروف وانه عن المنكر فإن لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من الخير (عن عبد الله بن حبشي الخثعمي) (9) أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل أي الأعمال أفضل؟ قال إيمان لا شك فيه وجهاد لا غلول فيه وحجة مبرورة

_ وإن كان فيهم ابن لهيعة ولكنه صرح بالتحديث فحديثه حس (1) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن أبي عشانة عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) (2) أي عظم ذلك عند الله عز وجل وكبر لديه أمر هذا الشاب وقال في النهاية أعلم الله إنما يتعجب الآدمي من الشيء إذا عظم موقعه عنده وخفى عليه سببه فأخبرهم بما يعرفون ليعلموا موقع هذه الأشياء عنده اهـ (وقوله ليست له صبوة) أي ميل إلى الهوى بمعنى اعتياده للخير وقوة عزيمته في البعد عن الشر (قال حجة الإسلام) وهذا عزيز نادر فلذلك قرن بالتعجب (وقال القونوي) سره أن الطبيعة تنازع الشاب وتتقاضاه الشهوات من الزنا وغيره وتدعوه إليها وعلى ذلك ظهير وهو الشيطان فعدم صدور الصبوة منه من العجب العجاب (تخريجه) (طب عل) وحسنه الهيثمي والسيوطي وفي اسناده ابن لهيعة ضعفه الجمهور إذا عنعن وقد عنعن وربما كان له طرق أخرى صرح فيها بالتحديث أو لم يكن فيها ابن لهيعة حتى حسنه الحافظان الهيثمي والسيوطي والله أعلم باب (3) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم وأبو أحمد قال ثنا عيسى بن عبد الرحمن البجلي من بني بجلة من بني سليم عن طلحة قال أبو أحمد ثنا طلحة بن مصرف عن عبد الرحمن بن عوسجة عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (4) معناه جئت بالخطبة قصيرة والمسألة واسعة كثيرة (5) النسمة للنفس والروح أي من أعتق ذا روح وكل دابة فيها روح فهي نسمة وإنما يريد الناس (6) معناه أن تكون ملكا لك فتعتقها (7) كالمكاتب يكون مملوكا للغير فيكاتب سيده على عتقه فتعينه على كتابته (8) المنحة نوعان منحه ورق ومنحه لبن فمنحه الورق القرض ومنحه اللبن أي يعطيه ناقة أو شاة ينتفع بلبنها ويعيدها وكذلك إذا أعطاه لينتفع بوبرها وصوفها زمانا ثم يردها فقوله هنا (والمنحة الوكوف) أي غزيرة باللبن وقيل التي لا ينقطع لبنها سنتها جميعها وهو من قولهم وكف البيت بالمطر والعين بالدمع وكفا من باب وعد ووكوفا ووكيفا سال قليلا قليلا (وقوله والفئ على ذي الرحم الظالم) معناه العطف عليه والرجوع إليه بالبر وإن كان ظالما (تخريجه) أخرجه أيضا أبو داود والطيالسي ورجاله كلهم ثقات (9) (سنده) حدثنا حجاج قال قال ابن جريح حدثني عثمان بن أبي سليمان عن علي الأزدي

قيل فأي الصلاة أفضل قال طول القنوت (1) قيل أي الصدقة أفضل؟ قال جهد (2) المقل قيل فأي الهجرة أفضل؟ قال من هجر ما حرم الله عليه قيل فأي الجهاد أفضل؟ قال من جاهد المشركين بماله ونفسه قيل فأي القتل أشرف؟ قال من أهريق دمه وعقر جواده (3) (عن جابر) (4) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله أي الصلاة أفضل؟ قال طول القنوت قال يا رسول الله وأي الجهاد أفضل؟ قال من عقر جواده وأريق دمه قال يا رسول الله أي الهجرة أفضل؟ قال من هجر ما كره الله عز وجل قال يا رسول الله فأي المسلمين أفضل؟ قال من سلم المسلمون من لسانه ويده قال يا رسول الله فما الموجبتان! (5) قال من مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار (عن ماعز) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه سئل أي الأعمال أفضل؟ قال إيمان بالله وحده ثم الجهاد ثم حجة برة تفضل سائر العمل كما بين مطلع الشمس إلى مغربها (عن جابر بن عبد الله) (7) البجلي قال قلت يا رسول الله اشترط علي (8) قال تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتصلي الصلاة المكتوبة وتؤدي الزكاة المفروضة وتنصح المسلم وتبرأ من الكافر (عن أبي مراوح) (9) عن أبي ذر قال قلت يا رسول الله أي العمل أفضل قال إيمان بالله تعالى وجهاد في سبيله قلت يا رسول الله فأي الرقاب أفضل؟ قال أنفسها عند الله واغلاها ثمنا قال فإن لم أجد قال تعين صانعا أو تصنع لأخرق (10) وقال فإن لم استطع؟ قال كف أذاك عن الناس فإنها صدقة تصدق بها عن نفسك (عن أبي هريرة) (11) أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فسأله فقال يا نبي الله أي

_ عن عبيد بن عمير عن عبد الله بن حبشي الخثعمي الخ (غريبه) (1) المراد بالقنوت هنا القيام يعني طول القيام في الصلاة وأصل القنوت الطاعة ويقع على الصلاة والقيام والخشوع والعبادة والسكون والدعاء وغير ذلك (2) بضم الجيم وفتحها الوسع والطاقة وقيل بالضم الوسع والطاقة وبالفتح المشقة (والمقل) الفقير قليل المال والمعنى أفضل الصدقة صدقة الفقير بما في وسعه وطاقته (3) يعني في سبيل الله والله أعلم (تخريجه) (د نس) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح للاحتجاج به (4) (سنده) حدثنا لنضر ابن اسماعيل أبو المغيرة ثنا ابن أبي ليلى عن أبي الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله) الخ (غريبه) (5) يعني اللتان توجبان دخول الجنة أو النار (تخريجه) لم أقف عليه مطولا بهذا السياق لغير الإمام أحمد وفي اسناده النضر بن إسماعيل أبو المغيرة مختلف فيه وثقة جماعة ولينه آخرون وقال جماعة لا بأس به وبقية رجاله ثقات ورواه الشيخان وغيرهما مقطعا في أبواب مختلفة من طرق متعددة (6) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي مسعود يعني الجريري عن يزيد بن عبد الله بن الشخير عن ماعز الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجال أحمد رجال الصحيح (7) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد أنا عاصم بهدلة عن أبي وائل عن جرير بن عبد الله البجلي الخ (غريبه) (8) يعني عندما بايعه (تخريجه) (ق) بلفظ بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم (سنده) (9) حدثنا سفيان ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن أبي مراوح عن أبي ذر الخ (غريبه) (10) الأخرق هو الذي لا يحسن الصنعة (تخريجه) (م) (11) (سنده) حدثنا عفان ثنا خليفة بن غالب الليثي

الأعمال أفضل؟ فذكره (1) (وعنه أيضا) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخير البرية؟ قالوا بلى يا رسول الله قال قال رجل أخذ بعنان فرسه في سبيل الله عز وجل كلما كانت هيعة (3) استوى عليه ألا أخبركم بالذي يليه؟ قالوا بلى قال رجل في تلة (4) من غنمه يقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ألا أخبركم بشر البرية؟ قالوا بلى قال الذي يسأل بالله ولا يعطي به (عن ابن مسعود) (5) قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال الصلاة على وقتها قال قلت ثم أي قال ثم بر الوالدين قال قلت ثم أي؟ قال ثم الجهاد في سبيل الله قال فحدثني بهن ولو استزدته لزادني (عن الشفا بنت عبد الله) (6) وكانت امرأة من المهاجرات قالت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عن أفضل الأعمال فقال إيمان بالله وجهاد في سبيل الله عز وجل وحج مبرور (7) (وعن أبي هريرة) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن سليم بن عامر) (9) قال سمعت أبا أمامة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس في حجة الوداع وهو على الجدعاء واضع رجله في غراز الرحل يتطاول يقول ألا تسمعون فقال رجل من آخر القوم ما تقول؟ قال اعبدوا ربكم وصلوا خمسكم وصوموا شهركم وأدوا زكاة أموالكم وأطيعوا إذا أمركم (10) تدخلوا جنة ربكم قلت فمذ كم سمعت هذا الحديث يا أبا أمامة؟

_ قال حدثنا سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (1) أي ذكر نحو الحديث المتقدم بمعناه لا يختلف عنه شيئا (2) (سنده) حدثنا إسحاق بن عيسى قال ثنا أبو معشر عن ابن وهب مولى أبي هريرة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) الهيعة الصوت الذي تفزع منه وتخافه من عدو وقد هاع يهيع هيوعا إذا جبن (نه) (4) أي جماعة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال لأبي هريرة حديث في الصحيح بغير هذا السياق وقال في هذا الحديث رواه أحمد وأبو معشر نجيح ضعيف وابن وهب مولى أبي هريرة لم أعرفه اهـ (قلت) الحديث رواه الحاكم ما عدا قوله ألا أخبركم بشر البرية الخ وليس في اسناده من ذكرهما الهيثمي وقال الحاكم في هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهي وله شاهد من حديث ابن عباس عند الإمام أحمد والنسائي والترمذي وابن حبان وحسنه الترمذي وتقدم في باب فضل المجاهدين في سبيل الله من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 11 رقم 31 (5) (سنده) حدثنا عفان بن مسم حدثنا شعبة أخبرني الوليد بن العيزار بن حريث قال سمعت أبا عمرو الشيباني قال حدثنا صاحب هذه الدار واشار إلى دار عبد الله (يعني ابن مسعود) ولم يسمعه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه (خ م نس مذ) (6) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم قال ثنا المسعودي عن عبد الملك بن عمير عن رجل من آل أبي حثمة عن الشفا بنت عبد الله الخ (غريبه) (7) الحج المبرور هو الذي لم ترتكب فيه معصية (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي سنده رجل لم يسم (8) (سنده) حدثنا أبو كامل ثنا إبراهيم ثنا ابن شهاب عن سعيد بن المنيب عن أبي هريرة قال سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل قال إيمان بالله ورسوله قيل ثم ماذا؟ قال ثم الجهاد في سبيل الله قيل ثم ماذا؟ ثم حج مبرور (تخريجه) (ق. وغيرهما) (9) (سنده) حدثنا زيد ابن الحباب ثنا معاوية بن صالح حدثني سليم بن عامر قال سمعت أبا أمامة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (10) قال القارئ أي الخليفة والسلطان وغيرهما من الأمراء أو المراد العلماء أو أعم أي كل

قال وأنا ابن ثلاثين سنة (عن أبي مالك الأشعري) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطهور شطر الإيمان (2) والحمد لله تملأ الميزان (3) وسبحان الله (4) والله أكبر ولا إله إلا الله والله أكبر تملأ ما بين السماء (وفي رواية ما بين السموات) والأرض والصلاة نور (5) والصدقة برهان (6) والصبر ضياء (7) والقرآن حجة عليك أو لك (8) كل الناس يغذو فبائع نفسه فموبقها أو معتقها (9) (وعنه أيضا) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن في الجنة

_ من تولى أمرا من أموركم سواء كان السلطان ولو جائرا أو متغلبا وغيره من أمرئه وسائر نوابه إلا أنه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ولم يقل أميركم إذ هو خاص عرفا ببعض من ذكرو لأنه أوثق بقوله تعالى (واطيعوا الله واطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم) اهـ (قلت) انظر باب قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا اطيعوا الله واطيعوا الرسول الآية) من سورة النساء في الجزء الثاني عشر صحيفة 114 (تخريجه) (مذ حب ك) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (قلت) وصححه أيضا الحاكم وغيره (1) (سنده) حدثني يحيى بن اسحاق أخبرني أبان بن يزيد وحدثنا عفان قال قال أنا أبان بن يزيد ثنا يحيى بن أبي كثير عن أبي سلام عن أبي مالك الأشعري الخ (غريبه) (2) الطهور هنا بضم الطاء أي فعل الطهارة (وقوله شطر الإيمان) أي نصفه والمراد بالإيمان هنا على اطهر الاقوال الصلاة كما قال تعالى (وما كان الله ليضيع إيمانكم) والطهارة شرط في صحة الصلاة فصارت كالشطر وليس جزم في الشطر أن يكون نصفا حقيقيا وهذا أقرب الأقوال قاله النووي (3) قال النووي معناه عظم أجرها وأنه يملأ الميزان وقد تظاهرت نصوص القرآن والسنة على وزن الأعمال وثقل الموازين وخفتها (4) جاء عند مسلم (سبحان الله والحمد لله تملآن أو تملأ ما بين السموات والأرض) بدون ذكر التكبير والتهليل قال النووي معناه يحتمل أن يقال لو قدر ثوابهما جسما لملأ ما بين السموات والأرض وسبب عظم فضلها ما اشتملتا عليه من التنزيه لله تعالى بقول سبحان الله والتفويض والافتقار إلى الله تعالى بقوله الحمد لله والله أعلم (5) لأنها تمنع من المعاصي وتنهي عن الفحشاء والمنكر وتهدي إلى الصواب كما أن النور يستضاء به وقيل معناه أنها تكون نورا ظاهرا على وجهه يوم القيامة ويكون في الدنيا أيضا على وجهه البهاء بخلاف من لم يصل والله أعلم (6) أي حجة على إيمان فاعلها فإن المنافق يمتنع عنها لكونه لا يعتقدها فمن تصدق استدل بصدقته على صدق إيمانه (7) أي الصبر المحبوب في الشرع وهو الصبر على طاعة الله والصبر على معصيته والصبر أيضا على النائبات وأنواع المكاره في الدنيا والمراد أن الصبر محمود ولا يزال صاحبه مستضيئا مهتديا مستمرا على الصواب (قال الأستاذ أبو على الدقاق) رحمه الله تعالى حقيقة الصبر أن لا يعترض على المعذور فأما إظهار البلاء لا على وجه الشكوى فلا ينافي الصبر قال الله تعالى في أيوب عليه السلام (إنا وجدناه صابرا نعم العبد) مع أنه قال (إني مسني الضر) (8) معناه أن لم تقرأ ولم تعمل بما فيه يكون خصمك يوم القيامة وحجة عليك اما إذا قرأته وعملت به فيكون حجة لك يدافع عنك يوم القيامة (9) معنى هذه الجملة أن كل إنسان يسعى بنفسه فمنهم من يبيعها لله تعالى بطاعته فيعتقها من العذاب ومنهم من يبيعها للشيطان والهوى باتباعهما فيوبقهما أي يهلكها والله أعلم نسأل الله السلامة (تخريجه) (م مذ جه) (10) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن

غرفة يرى (1) ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها أعدها الله لمن أطعم الطعام وألان الكلام وتابع الصيام (2) وصلى والناس نيام (وعن عبد الله بن عمرو) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وفيه فقال أبو موسى الأشعري (رضي الله عنه) لمن هي يا رسول اللة قال لمن آلان الكلام وأطعم الطعام وبات لله قائما والناس نيام (وعن درة بنت أبي لهب) (4) قالت قام رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر فقال يا رسول الله أي الناس خير؟ فقال صلى الله عليه وسلم خير الناس أقرؤهم وأتقاهم وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم (عن أبي هريرة) (5) أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي الأعمال أفضل؟ قال الإيمان بالله والجهاد في سبيل الله قال فإن لم استطع ذلك قال احبس نفسك عن الشر فإنها صدقة تصدق بها على نفسك (عن عطاء ابن يسار) (6) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلى الصلوات الخمس وحج البيت الحرام وصام رمضان ولا أدرى أذكر الزكاة أم لا (7) كان حقا على الله أن يغفر أن هاجر في سبيله أو مكث بأرضه التي ولد بها فقال معاذ يا رسول الله

_ ابن معانق أو أبي معانق عن أبي مالك الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) هكذا بالأصل غرفة بالأفراد وفي بعض الروايات غرفا بالجمع (2) قال ابن العربي عنى بالصيام المعروف كرمضان والأيام المشهود لها بالفضل على الوجه المشروع مع بقاء القوة دون استيفاء الزمان كله واستيفاء القوة بأسرها وإنما يكسر الشهوة مع بقاء القوة اهـ (قلت) وهو وجيه وتقدم الكلام على الصيام المشروع وصيام الأيام الفاضلة في كتاب الصيام في الجزءين التاسع والعاشر (تخريجه) (حب هب) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال صحيح غير عبد الله ابن معانق ووثقه ابن حبان اهـ (قلت) وفي التقريب وثقة العجلى (3) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثني حيى بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي حدثه عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن في الجنة غرفة يرى ظاهرها من باطنها وباطنها من ظاهرها فقال أبو موسى الأشعري لمن هي يا رسول الله؟ قال لمن ألان الكلام وأطعم الطعام وبات لله قائما والناس نيام (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم وذكره أيضا قبل ذلك في باب صلاة الليل من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 254 وفيه فقال أبو مالك الأشعري بدل قوله هنا (فقال أبو موسى الأشعري) ثم قال رواه أحمد والطبراني في الكبير واسناده حسن واللفظ له قال وفي رواية أحمد فقال أبو موسى الأشعري اهـ (4) (سنده) حدثنا أحمد بن عبد الملك ثنا شريك عن سماك عن عبد الله بن عميرة عن زوج درة بنت أبي لهب عن درة بنت أبي لهب الخ (تخريجه) أورده المنذري بصيغة التمريض وقال رواه أبو الشيخ ابن حبان في كتاب الثواب والبيهقي في كتاب الزهد وغيره اهـ (قلت) وفي اسناده زوج درة لم يعرف (5) (سنده) حدثنا أبو سعيد ثنا خليفة يعني ابن غالب ثنا سعيد بن أبي سعيد المقبرى عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) بدون قوله أحبس نفسك الخ وسنده جيد (6) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان ثنا عبد العزيز يعني الدراوردي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار الخ (غريبه) (7) الظاهر أن

أفأخبر الناس (1) قال ذر الناس يا معاذ في الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مائة سنة الفردوس (2) أعلى الجنة وأوسطها ومنها تفجر أنهار الجنة (3) فإذا سألتم الله فاسألوه الالفردوس (عن أبي ذر) (4) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في المسجد فجلست فقال يا أبا ذر هل صليت؟ قلت لا قال قم فصل فقمت فصليت ثم جلست فقال يا أبا ذر تعوذ بالله من شر شياطين الأنس والجن قلت يا رسول الله وللانس شياطين؟ قال نعم (5) قلت يا رسول الله الصلاة قال خير موضوع (6) من شاء أقل ومن شاء أكثر قال قلت يا رسول الله الصوم قال فرض مجزئ وعند الله مزيد (7) قلت يا رسول الله فالصدقة قال أضعاف مضاعفة (8) قلت يا رسول الله فأيها أفضل؟ قال جهد من مقل (9) أو سر إلى فقير قلت يا رسول الله أي الأنبياء كان أولا؟ قال آدم قلت ونبيا كان؟ قال نعم نبي مكلم (10) قال قلت يا رسول الله كم المرسلون؟ قال ثلاثمائة وبضعة عشر وقال مرة وخمسة عشرة جما غفيرا (11) قال قلت يا رسول الله أيما أنزل عليك أعظم؟ قال آية الكرسي الله لا إله إلا هو الحي القيوم

_ قائل لا أدري هو عطاء بن يسار وفاعل ذكر هو معاذ بن جبل (1) معناه أفأبشر الناس بذلك حتى يفرحوا بهذه البشارة؟ فقال صلى الله عليه وسلم (ذر الناس) أي اتركهم بلا بشارة يعملون ويجتهدون في زيادة العبادة ولا يتكلوا على هذا الإجمال فإن في الجنة مائة درجة الخ (2) قال الحافظ الفردوس هو البستان الذي يجمع كل شيء وفي القاموس الفردوس الأودية التي تنبت ضروبا من النبت والبستان يجمع كل ما يكون في البساتين يكون فيه الكروم وقد يؤنث عربية أو رومية أو سريانية اهـ (3) يعني التي ذكرها الله عز وجل بقوله (فيها أنهار من ماء غير آسن وأنهار من لبن لم يتغير طعمه وأنهار من خمر لذة للشاربين وأنهار من عسل مصفى) (تخريجه) (مذ جه) وفيه انقطاع لأن عطاءا لم يدرك معاذا لكن رواه البخاري عن طريق هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة (4) (سنده) حدثنا وكيع ثنا المسعودي أنبأني أبو عمر الدمشقي عن عبيد بن الخشخاش عن أبي ذر الخ (غريبه) (5) قال تعالى (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الإنس والجن) (6) أي خير موضوع فرض على المكلف بعد الإسلام (من شاء أقل) أي اقتصر على الفرائض (ومن شاء أكثر) يعني من النوافل وكل بثوابه (7) أي غذا اداه كفاه المطالبة به وكفاه عذاب النار مع مزيد الثواب عليه من الله عز وجل بدون حصر مصداق ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (يقول الله عز وجل كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به) إنما يترك طعامه وشرابه من أجلي فصيامه لي وأنا اجزي به كل حسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فهو لي وأنا أجزي به رواه (ق حم والأربعة) عن أبي هريرة وتقدم في الباب الأول من كتاب الصيام في الجزء التاسع صحيفة 211 (8) أي يضاعف الله له ثوابها قال تعالى (من ذا الذي يقرض الله قرضا حسنا فيضاعفه له أضعافا كثيرة) (9) معناه أفضل الصدقات صدقة الفقير بما في وسعه وطاقته وهذا محمول على فقير رزق القناعة والرضا فصدقته ولو قليلة أكثر ثوابا من صدقة الغنى كثير المال ولو كثيرة (وقوله أو سر إلى فقير) معناه أن يتصدق على فقير محتاج سرا بدون أن يشعر بذلك أحد خشية الرياء قاصدا بذلك وجه الله تعالى (10) أي نبي يوحي إليه وفيه دلالة على ثبوت نبوة آدم عليه السلام وقد ظهر في عصرنا من ينكر نبوة آدم فهذا يرد عليه (11) يقال جاء القوم جما غفيرا أو الجماء الغفير وجماء غفير

(وفي رواية حتى ختم الآية) (1) (عن معاذ بن جبل) (2) قال احتبس علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات غداة عن صلاة الصبح حتى كدنا نتراءى قرن الشمس (3) فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم سريعا فثوب بالصلاة (4) وتجوز في صلاته فلما سلم قال كما أنتم على مصافحكم ثم أقبل إلينا فقال إني سأحدثكم ما حبسني عنكم الغداة إني قمت من الليل فصليت ما قدر لي فنعست في صلاتي حتى استيقظت فإذا أنا بربي عز وجل في أحسن صورة (5) فقال يا محمد أتدري فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت لا أدري يا رب؟ فرأيته وضع كفه بين كتفي حتى وجدت برد أنامله بين صدري (6) فتجلى لي كل شيء وعرفت فقال يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت في الكفارات قال وما الكفارات؟ قلت نقل الأقدام إلى الجمعات وجلوس في المسجد بعد الصلاة واسباغ الوضوء عند الكريهات قال وما الدرجات؟ قلت اطعام الطعام ولين الكلام والصلاة والناس نيام قال سل: قلت اللهم إني اسألك فعل الخيرات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تغفر لي وترحمني وغذا أردت فتنة في قومي فتوفني غير مفتون وأسألك حبك وحب من يحبك وحب عمل يقربي إلى حبك وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها حق (7) فادرسوها

_ أي مجتمعين كثيرين (1) تقدم الكلام على وجه تفضيل آية الكرسي على غيرها من القرآن في الجزء الثاني عشر في تفسير سورة البقرة صحيفة 93 فارجع اليه (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره بسنده ولفظه وعزاه للإمام أحمد ثم قال ورواه النسائي من حديث أبي عمر الدمشقي به وقد اخرج هذا الحديث مطولا جدا أبو حاتم وابن حبان في صحيحه بطريق آخر ولفظ آخر مطولا جدا فالله أعلم اهـ (قلت) حديث الباب في اسناده عند الإمام أحمد أبو عمر الدمشقي ضعيف وعبيد بن الخشخشاش لين الحديث (2) (سنده) حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا جهضم اليمامي ثنا يحيى يعني ابن ابي كثير ثنا زيد يعني ابن ابي سلام بتسديد اللام وهو زيد بن أبي سلام ينسبه إلى جده أنه حدثه عبد الرحمن ابن عائش الحضرمي عن مالك بن يخامر أن معاذ بن جبل قال احتبس علينا الخ (غريبه) (3) أي حتى قاربنا أن نرى طلوع الشمس المفوت لأداء الصبح (4) من التثويب أي أقيم بها (وتجوز في صلاته) أي خفف فيها واقتصر على خلاف عادته (5) ظاهره أنه صلى الله عليه وسلم رأى الله عز وجل في اليقظة لكن جاء في هذا الحديث نفسه عند الترمذي (فنعست في صلاتي فاستثقلت فإذا أنا بربي تبارك وتعالى في أحسن صورة) وهذا يدل على أن الرؤيا كانت منامية (قال أبو حجر المكي) والظاهر أن رواية حتى استيقظت تصحيف فان المحفوظ في رواية احمد والترمذي حتى استثقلت اهـ وقال الحافظ ابن كثير بعد نقل هذا الحديث عن مسند الامام أحمد وهو حديث المنام المشهور ومن جعله يقظة فقد غلط اهـ (6) تقدم الكلام على شرح هذا الحديث في شرح حديث ابن عباس الذي جاء بمعناه في باب رؤية النبي صلى الله عليه وسلم ربه من كتاب تعبير الرويا في الجزء السابع عشر صحيفة 223 رقم 50 فارجع إليه (7) أي أن هذه الرؤيا حتى إذ رؤيا الأنبياء وحي (فادرسوها) أي فاحفظوا الفاظها التي ذكرتها لكم والله أعلم (تخريجه) (مذ طب) ومحمد بن نصر وابن مردويه وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح سألت محمد بن اسماعيل (يعني

وتعلموها (عن عبد الرحمن بن عائش) (1) عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم ذات غذوة وهو طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه فقلنا يا رسول الله إنا نراك طيب النفس مسفر الوجه أو مشرق الوجه فقال وما يمنعني وأتاني ربي عز وجل الليلة في أحسن صورة قال يا محمد قلت لبيك ربي وسعديك قال فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قلت لا أدري أي رب قال ذلك مرتين أو ثلاثا قال فوضع كفيه بين كتفي فوجدت برها بين ثديي حتى تجلى لي ما في السمواقت وما في الأرض ثم تلا هذه الآية (وكذلك نري إبراهيم ملكوت السموات والأرض وليكون من الموقنين) ثم قال يا محمد فيم يختصم الملأ الأعلى؟ قال قلت في الكفارات قال وما الكفارات؟ قلت المشي على الأقدام إلى الجماعات والجلوس في المسجد خلاف الصلوات وابلاغ الوضوء في المكاره قال من فعل ذلك عاش بخير ومات بخير وكان من خطيئته كيوم ولدته أمه ومن الدرجات طيب الكلام وبذل السلام وإطعام الطعام والصلاة بالليل والناس نيام قال يا محمد إذا صليت فقل اللهم إني اسألك الطيبات وترك المنكرات وحب المساكين وأن تتوب علي وإذا أردت فتنة في الناس فتوفني غير مفتون (عن معاذ) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال سأنبئك بأبواب من الخير الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة كما يطفئ الماء النار وقيام العبد من الليل ثم قرأ (تتجافى جنوبهم عن المضاجع) الآية (وعن أبي تميمة) (3) عن رجل من قومه (4) أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتاه رجل فقال أنت رسول الله أو قال أنت محمد؟ فقال نعم قال فإلام تدعو؟ قال أدعو إلى عبادة الله وحده من

_ البخاري) عن الحديث فقال هذا صحيح (1) (سنده) حدثنا أبو عامر ثنا زهير بن محمد عن يزيد ابن يزيد يعني ابن جابر عن خالد بن اللجلاج عن عبد الرحمن بن عائش عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) قوله (عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) الظاهر أنه معاذ بن جبل رضي الله عنه لأن سياق هذا الحديث كالذي قبله وتقدم الكلام عليه شرحا وتخريجا والله أعلم (2) (سنده) حدثنا سريع ثنا حماد يعني ابن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن شهر بن حوشب عن معاذ (يعني ابن جبل) الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وشهر بن حوشب لم يسمع من معاذ (3) (سنده) حدثنا أبو النضر ثنا الحكم عن فضل عن خالد الحذاء عن أبي تميمة عن رجل من قومه الخ (قلت) أبو تميمه هو الهجيمي اسمه طريف بن مجالد كذا في الإصابة وعند أبي داود أيضا (غريبه) (4) هو أبو جري بضم الجيم وفتح الراء وتشديد الياء التحتية مصغرا فقد جاء هذا الحديث عن أبي داود قال حدثنا مسدد أخبرنا يحيى عن أبي غفار أخبرنا أبو تميمة الهجيمي وأبو تميمة اسمه طريف بن مجالد عن أبي جري جابر بن سليم قال رأيت رجلا يصدر الناس عن رأيه (أي يقبلون قوله) لا يقول قولا إلا صدورا عنه قلت من هذا؟ قالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت عليك السلام يا رسول الله مرتين قال لا تقل عليك السلام فإن عليك السلام تحية الميت قل السلام عليك قال قلت أنت رسول الله؟ قال أنا رسول الله الذي إذا اصابك ضر فدعوته كشفه عنك فذكر الحديث كما هنا والجزء المختص بالسلام

إذا كان بك ضر فدعوته كشفه عنك ومن إذا أصابك عام سنة (1) فدعوته أنبت لك ومن إذا كنت في أرض قفر فأضللت (2) فدعوته رد عليك قال فاسلم الرجل ثم قال أوصني يا رسول الله فقال له لا تسبن شيئا أو قال أحدا شك الحكم (أحد الرواة) قال فما سببت شيئا بعيرا ولا شاة منذ أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تزهد في المعروف (3) ولو ببسط وجهك إلى أخيك وأنت تكلمه وأفرغ من دلوك في إناء المستسقي واتزر إلى نصف الساق فإن أبيت فإلى الكعبين وإياك واسبال الأزرار قال فإنها من المخيلة والله لا يحب المخيلة (4) (عن أبي سعيد الخدري) (5) أن رجلا جاءه فقال أوصني فقال سألت عما سألت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبلك أوصيك بتقوى الله فإنه رأس كل شيء (6) وعليك بالجهاد فإنه رهبانية الإسلام (7) وعليك بذكر الله وتلاوة القرآن فإنه روحك (8) في السماء وذكرك في الأرض (9) (عن سهل بن معاذ) (10) بن أنس عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنه قال أفضل الفضائل (11) أن تصل من قطعك وتعطي من منعك (12) وتصفح عمن شتمك (13)

_ جاء في حديث إخرجه الامام أحمد تقدم في باب ما جاء في الفاظ السلام من كتاب السلام والاستئذان في الجزء السابع عشر صحيفة 322 رقم 10 فارجع إليه (1) بإضافة عام إلى سنة ومعني سنة أي جدب فكأنه قال إذا أصابك عام جدب فدعوته الخ (2) أي فقدت شيئا من حوائجك وجاء عند أبي داود (فضلت راحلتك فدعوته ردها عليك) (3) أي لا تحقرن من المعروف شيئا (4) زاد أبو داود في هذه الرواية (وان امره شتمك وعيرك بما يعلم فيك فلا تعيره بما تعلم فيه فإنما وبال ذلك عليه) (تخريجه) (د) قال المنذري واخرجه الترمذي والنسائي مختصرا وقال الترمذي حسن صحيح (5) (سنده) حدثنا حسين ثنا ابن عياش يعني اسماعيل عن الحجاج بن مروان الكلاعي وعقيل ابن مدرك السلمي عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (6) معناه ان التقوى وان قل لفظها جامعة لحقوق الله عز وجل وحقوق عبادة شاملة لخيري الدارين إذ هي تجنب كل منهي عنه وفعل كل مأمور به قال تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) وقال (ومن يتق الله يكفر عنه سيئاته ويعظم له أجرا) (7) الرهبانية هي ما يتكلفه النصارى من أنواع المجاهدات والتبتل والتخلى عن الدنيا والزهد فيها فلا تخلى ولا زهد أفضل من بذل النفس في سبيل الله فكما أن الرهبانية هي أفضل عمل أولئك فالجهاد أفضل عملنا (8) بفتح الراء أي راحتك (9) أي باجراء الله السنة الخلائق بالثناء الحسن عليك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وقال الهيثمي رجاله ثقات اهـ (قلت) وحسنه الحافظ السيوطي (10) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة قال ثنا زبان عن سهل بن معاذ بن انس عن أبيه (يعني معاذ بن أنس الجهني) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) الفضائل جمع فضيلة وهي الخصلة الجميلة التي يحصل لصاحبها بسببها شرف وعلو منزلة عند الخالق والمخلوق (12) أي لما فيه من المشقة في مجاهدة النفس وارغامها ومكابدة الطبع لميله إلى المؤاخذة والانتقام (13) وفي رواية عمن ظلمك وإنما كانت هذه الخصال أفضل الفضائل لأن ذلك أشق على النفس من سائر العبادات الشاقة فكان أفضل قال الراغب فالعفو عمن ظلمك نهاية الحلم والشجاعة وإعطاء من حرمك غاية الجود ووصل من قطعك نهاية الاحسان (تخريجه) (ك طب)

كتاب البر والصلة

(عن شيبة الحضرمي) (1) قال كنا عند عمر بن عبد العزيز فحدثنا عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاث أحلف عليهن لا يجعل الله عز وجل من له سهم في الاسلام كمن لا سهم له فاسهم الاسلام ثلاثة الصلاة (2) والصوم والزكاة ولا يتولى الله عز وجل عبدا في الدنيا فيوليه غيره يوم القيامة ولا يحب رجلا قوما إلا جعله عز وجل معهم (3) والرابعة لو حلفت عليها رجوت أن لا آثم لا يستر الله عز وجل عبدا في الدنيا إلا ستره يوم القيامة فقال عمر بن عبد العزيز إذا سمعتم مثل هذا الحديث من مثل عروة يرويه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم فاحفظوه (59) كتاب البر والصلة (باب ما جاء في تعريف البر والإثم) (عن وابصة) (يعني ابن معبد) (4) الأسدي قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أريد أن لا أدع شيئا من البر والإثم إلا سألته عنه وحوله عصابة من المسلمين يستفتونه فجعلت اتخطاهم فقالوا إليك يا وابصة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت دعوني فأدنو منه فإنه أحب الناس إلي أن أدنوا منه فقال دعوا وابصة أدن يا وابصة مرتين أو ثلاثا قال فدنوت منه حتى قعدت بين يديه فقال يا وابصة أخبرك أو تسألني؟ قلت لا بل أخبرني فقال جئت تسألني عن البر والإثم فقال نعم فجمع أنامله فجعل ينكت بهن في صدري ويقول يا وابصة استفت قلبك (5) واستفت نفسك ثلاث مرات البر ما اطمأنت إليه النفس (6) والإثم

_ وفي إسناده زبان بن فائد ضعيف وسهل بن معاذ قال في التقريب سهل بن معاذ بن أنس الجهني نزيل مصر لا بأس به إلا في روايات زبان عنه (1) (سنده) حدثنا يزيد أنا همام بن يحيى عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال حدثني شيبة الحضرمي الخ (غريبه) (2) يعني الأسهم الثلاثة الآتية الصلاة أي المفروضات الخمس (والصوم) أي صوم رمضان (والزكاة) بسائر أنواعها فهذه واحدة من الثلاث والثانية (لا يتولى الله عز وجل عبدا في الدنيا) أي يحفظه ويرعاه ويوفقه في الدنيا (فيوليه غيره يوم القيامة) بل كما يتولاه في الدنيا التي هي مزرعة الآخرة يتولاه يوم القيامة ولا يكله إلى غيره (3) أي والثالثة لا يحب رجلا قوما ما في الدنيا إلا حشره معهم في الآخرة فمن أحب أهل الخير كان معهم ومن أحب أهل الشر كان معهم والمرء مع من أحب (وقوله الرابعة) أي وخصلة رابعة لو حلفت عليها رجوت ألا آثم عليها وهي لا يستر الله عز وجل عبد الخ (تخريجه) (نس هق ك) وسنده حسن وأخرجه أيضا أبو يعلى عن ابن مسعود والطبراني عن أبي أمامة الباهلي قال الهيثمي رجاله ثقات (باب) (4) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا الزبير أبو عبد السلام عن أيوب بن عبد الله بن مكرز ولم يسمعه منه قال حدثني جلساؤه وقد رأيته عن وابصة الأسدي قال عفان حدثني غير مرة ولم يقل حدثني جلساؤه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) أي عول على مافيه لأن للنفس شعورا بما تحمد عاقبته أو تذم (واستفت نفسك) (6) أي النفس المطمئنة الموهوبة نورا يفرق بين الحق والباطل والصدق والكذب أو الخطاب لوابصة وهو يتصف بذلك والمعنى التزم العمل بما في نفسك والبر بكسر الموحدة أي الفعل المرضي الذي هو في تزكية النفس

ما حاك في النفس (1) وتردد في الصدر وأن أفتاك الناس وأفتوك (وعنه من طريق ثان) (2) قال جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أسأله عن البر والإثم فقال جئت تسأل عن البر والإثم فقلت والذي بعثك بالحق ما جئت أسألك عن غيره فقال البر ما انشرح له صدرك والإثم ما حاك في صدرك وإن افتاك عن الناس (عن أبي ثعلبة الخشني) (3) قال قلت يا رسول الله أخبرني بما يحل لي ويحرم علي قال فصعد (4) النبي صلى الله عليه وسلم وصوب في النظر فقال النبي صلى الله عليه وسلم البر ما سكنت إليه النفس واطمأن إليه القلب والإثم ما لم تسكن إليه النفس ولم يطمئن إليه القلب وأن أفتاك المفتون (5) وقال لا تقرب لحم الحمار الأهلي ولا ذا ناب من السباع (6) (عن النواس بن سمعان الأنصاري) (7) أنه سأل الرسول صلى الله عليه وسلم عن البر والإثم فقال البر حسن الخلق (8) والإثم ما حاك (9)

_ كالبر في تغذية البدن وضده الفجور والإثم ولذا قابله به وهو بهذا المعني عبارة عما اقتضاه الشارع وجوبا أو ندبا والإثم ما ينهي عنه (1) يقال حك الشيء في نفسي إذا لم تكن منشرح الصدر به وكان في قلبك منه شيء من الشك والريب وأوهمك أنه ذنب وخطيئة وهذا معنى قوله وتردد والصدر (وإن افتاك الناس وافتوك) افتوك بفتح التاء وسكون الواو تأكيد لأفتاك والمعنى وإن افتاك الناس بخلافه لأنهم إنما يطلعون على الظواهر (قال حجة الإسلام) ولم يرد كل أحد لفتوى نفسه وإنما ذلك لوابصة في واقعة تخصه وقال بعض العلماء وبفرض العموم فالكلام فيمن شرح الله صدره بنور اليقين فأفتاه غيره بمجرد حدس أو ميل من غير دليل شرعي والا لزمه اتباعه وان لم يشرح له صدره وهو وجيه (2) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية بن صالح عن أبي عبد الرحمن السلمي قال سمعت وابصة بن معبد صاحب النبي صلى الله عليه وسلم قال جئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (مي طب) والبخاري في التاريخ وحسنه الحافظ السيوطي والنووي في رياض الصالحين (3) (سنده) حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي قال ثنا عبد العلاء قال سمعت مسلم بن مشكم قال سمعت الخشني (يعني أبا ثعلبة) يقول قلت يا رسول الله الخ (غريبه) (4) بتشديد العين مفتوحة وكذا الواو في قوله وصوب ومعناه أنه صلى الله عليه وسلم رفع نظره إليه ثم خفضه (5) تقدم شرح هذه الجملة في شرح الحديث السابق (6) تقدم الكلام على ذلك في باب ما جاء في الحمر الأهلية والجلالة في الجزء السابع عشر صحيفة 79 وفي باب ما جاء في الهر وكل ذي ناب من السباع في الجزء المذكور صحيفة 111 من كتاب الأطعمة فارجع إليه (تخريجه) لم عليه إلا لغير الإمام أحمد من حديث أبي ثعلبة وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (7) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب ثنا معاوية بن صالح قال سمعت عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي يذكر عن أبيه عن النواس بن سمعان الخ (قلت) وله طريق آخر عند الإمام أحمد قال حدثنا عبد الرحمن ابن مهدي عن معاوية يعني ابن صالح بالسند المتقدم ومتنه (غريبه) (8) أي التخلق بالأخلاق الحسنة مع الخلق والخالق والمراد هنا المعروف وهو طلاقة الوجه وكف الأذى وبذل الندى وأنه يحب للناس ما يحب لنفسه وهذا راجع لتفسير البعض له بأنه الانصاف في المعاملة والموقف في المجادلة والعمل في الأحكام والاحسان في العسر واليسر إلى غير ذلك من الخصال الحميدة (9) بحاء مهملة وكاف

في صدرك وكرهت أن يطلع الناس عليه (1) (باب ما جاء في بر الوالدين وحقوقهما والترغيب في ذلك) (عن أنس بن مالك) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحب أن يمد له في عمره وأن يزاد له في رزقه (3) فليبر والديه وليصل رحمه (عن أبي هريرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه (5) (عن معاذ بن جبل) (6) أن الرسول صلى الله عليه وسلم أوصاه بعشر كلمات (منها) ولا تعقن والديك وإن أمراك أن تخرج من أهلك ومالك (عن عبد الله بن عمرو) (7) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال جئت لأبايعك (زاد في رواية أخرى (8) على الهجرة) وتركت أبوي يبكيان قال فارجع إليهما فأضحكهما كما أبكيتهما

_ (في صدرك) أي اختلج في النفس وتردد في القلب ولم يطمئن إليه (1) جاء في رواية وكرهت أن يعلمه الناس ومعناهما واحد والمراد أماثل الناس وأفاضلهم الذين يستحيا منهم والمراد بالكراهية هنا الدينية فخرج العادية كم يكره أن يرى آكلا لنحو حياء أو بخل وظاهر الحديث أن مجرد خطور المعصية اثم وللعلماء كلام في ذلك تقدم في باب ما جاء في حديث النفس وهو الباب الأخير من كتاب النية والإخلاص في العمل في هذا الجزء ص 9 وهذا الحديث من جوامع الكلم لأن البر كلمة جامعة لكل خير والاثم جامع للشر (تخريجه) (م مذ) والبخاري في الأدب (باب) (2) (سنده) حدثنا يونس ثنا حزم عن ميمون بن سياه قال سمعت أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) العمر والرزق مقدران في علم الله تعالى والإنسان في بطن أمه لا زيادة فيهما ولانقص عما قدر فالمراد بالزيادة هنا البركة وزيادة العمر كثرة الثواب وإن كان عمره قصيرا فيكون كمن عاش زمنا طويلا وزيادة الرزق البركة فيه بحيث يكفيه القليل وقيل يحتمل أن الحديث صدر في معرض الحث على الصلة بطريق المبالغة أن أنه يكتب في بطن أمه أن بر والديه ووصل رحمه فرزقه وأجله كذا وأن لم يصل فكذا والله أعلم (تخريجه) (ق د نس) (4) (سنده) حدثنا أبو كامل ثنا زهير عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (5) معناه لا يقوم ولد بمالأبيه عليه من حق ولا يكافئه بإحسانه به إلا أن يصادفه مملوكا فيعتقه والإعتاق يترتب عليه بنفس الشراء من غير حاجة إلى إنشاء العتق كما هو مقتضى حديث سمرة بن جندب رواه (حم مذ جه ك) وتقدم في باب من أعتق عبدا أو شرط عليه خدمة الخ من كتاب العتق في الجزء الرابع عشر صحيفة 155 رقم 45 ولفظه مرفوعا (من ملك ذا رحم محرم فهو عتيق) وفي لفظ فهو حر وتقدم حديث الباب في نفس الصحيفة رقم 46 وتقدم الكلام عليه هناك فارجع إليه والله الموفق (تخريجه) (ق. والأربعة) وغيرهم (6) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه وسنده وشرحه في باب العشاريات من كتاب الكبائر إن شاء الله تعالى (7) (سنده) حدثنا إسماعيل ابن ابراهيم ثنا عطاء بن السائب عن أبيه عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (8) يعني عند الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو أيضا وكذلك جاء عند أبي داود والظاهر أن هذه الهجرة كانت لأجل الجهاد ولذلك قال الخطابي في شرح هذا الحديث ما لفظه الجهاد إذا كان الخارج فيه متطوعا فان ذلك لا يجوز إلا بإذن الوالدين فأما إذا تعين عليه فرض الجهاد فلا حاجة به إلى إذنهما وإن منعاه من الخروج عصاهما وخرج في الجهاد وهذا إذا كانا مسلمين فإن كانا كافرين فلا سبيل لهما إلى منعه من الجهاد

وأبى أن يبايعه (وعنه أيضا) (1) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت هذه الشجرة إذ أقبل رجل من هذا الشعب فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا رسول الله إني قد أردت الجهاد معك ابتغي بذلك وجه الله تعالى والدار الآخرة قال هل من أبويك أحد حي؟ قال نعم يا رسول الله كلاهما قال فارجع أبرر أبويك قال فولى رجعا من حيث جاء (وعنه من طريق ثان) (2) أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في الجهاد فقال أحي والداك؟ قال نعم قال ففيهما فجاهد (عن أبي سعيد الخدري) (3) قال هاجر رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من اليمن فقال له يا رسول الله صلى الله عليه وسلم هجرت الشرك ولكنه الجهاد هل باليمن أبواك؟ قال نعم قال أذنا لك قال لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجع إلى أبويك فاستأذنهما فإن فعلا وإلا فبرهما (عن معاوية بن جاهمة) (4) قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أردت الغزو وجئتك أستشيرك فقال هل لك من أم؟ قال نعم فقال الزمها فإن الجنة عند قدميها (5) ثم الثانية ثم الثالثة في مقاعد شتى كمثل هذا القول

_ فرضا كان أو نفلا وطاعتهما حينئذ معصية لله ومعونة للكفار وإنما عليه أن يبرهما ويطيعهما فيما ليس بمعصية الله (قلت) والظاهر أن هذا الرجل كان متطوعا ولهذا لم يبايعه النبي صلى الله عليه وسلم ارضاءا لوالديه والله أعلم (تخريجه) (د نس جه) وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح للاحتجاج به (1) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد ثنا محمد بن اسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن ناعم مولى أم سلمة عن عبد الله بن عمرو قال حججت معه حتى إذا كنا ببعض طرق مكه رأيته تيمم حتى إستبانب (يعني استبانت له شجرة أخذا من سياق الحديث) جلس تحتها ثم قال رأيت رسو ل الله صلى الله عليه وسلم تحت هذه الشجرة الخ (2) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن حبيب قال سمعت أبا العباس يقول سمعت عبد الله بن عمرو يحدث رجلا الخ (تخريجه) (ق طل) والثلاثة (3) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) (د) قال المنذري في اسناده دراج أبو السمح المصرى ضعيف اهـ (قلت) أورده الهيثمي وعزاه للامام أحمد وقال اسناده حسن فربما وقف له على طرق توجب تحسينه والله أعلم (4) (سنده) حدثنا روح قال أنا جريج قال أخبرني محمد بن طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن عن أبيه طلحة بن عبد الله بن معاوية بن جاهمة جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) معناه أنه يكون في برها وخدمتها كالتراب تحت قدميها مقدما لها على هواه مؤثرا برها على بر كل عباد الله لتحملها شدائد حمله ورضاعه وتربيته فإذا فعل ذلك كان هذا الفعل سببا لدخوله الجنة قال الذهي فيه أن عقوق الأمهات من الكبائر وهو إجماع (وقوله ثم الثانية ثم الثالثة الخ) معناه والله أعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل هذه الجملة له ولغيره (في مقاعد شتى) أي مجالس متعددة والله أعلم (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه (جه نس ك) وقال صحيح الاسناد اه (قلت) جاء في رواية الحاكم فإن الجنة عند رجليها وقال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهي قال المنذري ورواه الطبراني باسناد جيد ولفظه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم استشيره في الجهاد فقال النبي صلى الله عليه وسلم الك والدان؟ قلت نعم قال الزمهما فإن الجنة تحت أرجلهما

(عن ابن مسعود) (1) رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أي العمل أحب إلى الله؟ قال الصلاة على وقتها قال قلت ثم أي؟ قال ثم بر الوالدين قال قلت ثم أي؟ قال ثم الجهاد في سبيل الله قال فحدثني بهن ولو استزدته لزادني (عن ابي هريرة) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال رغم (3) أنف رغم أنف رغم أنف رجل أدرك والديه أحدهما او كلاهما عنده الكبر لم يدخله الجنة (4) (وفي لفظ) فلم يدخلاه الجنة (عن أبي بن مالك) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من أدرك والديه أو أحدهما ثم دخل النار من بعد ذلك فأبعده الله واسحقه (6) (عن المقدام بن معديكرب) (7) الكندي عن النبي صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل يوصيكم بأمهاتكم (8) إن الله يوصيكم بآبائكم إن الله يوصيكم بالأقرب فالأقرب (عن خداش بن سلامة) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أوصى امرءا بأمه أوصى امرءا

_ (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الترغيب في أعمال من الطاعة مجتمعة ص 26 رقم 31 في هذا الجزء (2) (سنده) حدثنا عفان ثنا أبو عوانة حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) بكسر الغين المعجمة وتفتح أي لص أنفه بالتراب وهو كناية عن حصول غاية الذل والهوان (وقوله أنف رجل) أي إنسان سواء كان ذكرا أو انثى وكرر هذا اللفظ ثلاثا للتأكيد في التنفير والتحذير (4) رواية مسلم فلم يدخل الجنة وفي الرواية الأخرى للامام أحمد (فلم يدخلانه الجنة) وهذه الروايات كلها بمعنى واحد وهو أن من قصر في بر والديه عند كبرهما وضعفهما أو أحدهما بالخدمة أو النفقة أو غير ذلك لم يدخله الله الجنة أما من قام بخدمتهما وبرهما والانفاق عليهما كان ذلك سببا في دخوله الجنة وفيه الحث على بر الوالدين وعظم ثوابه والتحذير من عقوقهما وعظم عقابه (تخريجه) (م) وغيره ولأبي هريرة عند الامام أحمد ومسلم وغيرهما حديث آخر مولا تقدم في باب ذم تارك الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم في الجزء الرابع عشر صحيفة 308 رقم 284 (5) (سنده) حدثنا حجاج ثنا شعبة اخبرني قتادة وبهز قال وحدثني شعبة عن قتادة قال سمعت زرارة ابن اوفى يحدت عن أبي بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أي وأبعده فكأنه قال فأبعده الله وأبعده وكرره للتأكيد والزجر ومعناه ابعده الله عن رحمته بسبب عقوقه لوالديه نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (طل) وسنده جيد (7) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد قال ثنا ابن عياش عن بجير بن سعد عن خالد بن معدان عن المقدام بن معديكرب الكندي الخ (غريبه) (8) جاء عند ابن ماجه (أن الله يوصيكم بأماتكم ثلاثا) ويؤيد هذه الرواية حديث خداش بن سلامة ومعاوية بن حيدة الآتيين بعد هذا وإنما أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالأم ثلاثا لما عانته من الحمل والوضع والرضاعة ولأن كثيرا من الناس يتهاون في حقها بالنسبة إلى الأب فالتكرير للتأكيد وهذه الأمور تنفرد بها الأم ثم تشارك الأب في الرتبة وأوصى بالأب مرة (وفي رواية) مرتين لما له من حق الرعاية ولانفاق ثم أوصى بعد ذلك بالأقرب فالأقرب من النسب من ذوي الأرحام قال ذلك مرة واحدة إشارة إلى أن حقهن وأن كان متأكدا فهو دون تأكد حق الأبوين وكرر الفعل مع المؤكد حثا على الاهتمام بالوصية (تخريجه) (جه طب ك) وحسنه الحافظ السيوطي وقال الحافظ أخرجه البيهقي بإسناد حسن (9) (سنده) حدثنا حسين بن محمد ثنا شيبان عن منصور عن عبيد الله بن علي بن عرفطة السلمي عن خداش بن سلامة الخ (وله طريق ثان)

بأمه أوصى امرءا بأمه (1) أوصى امرءا بأبيه أوصى امرءا بأبيه أوصى امرءا بمولاه الذي يليه (2) وإن كانت عليه فيه أذاة تؤذيه (عن معاوية بن حيدة) (3) قال قلت يا رسول الله من أبر؟ (4) قال أمك قلت ثم من قال ثم أمك قال قلت يا رسول الله ثم من؟ قال أمك (5) (5) قال قلت ثم من؟ قال ثم أباك ثم الأقرب فالأقرب (6) (وعن أبي هريرة) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه إلا قوله ثم الأقرب فالأقرب (عن أبي أسيد الساعدي) (8) صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بدريا وكان مولاهم قال أبو أسيد بينما أنا جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاء رجل من الأنصار (9) فقال يا رسول الله هل بقي علي من بر أبوي شي بعد موتهما أبرهما به؟ قال نعم خصال أربعة الصلاة

_ عند الإمام أحمد أيضا قال حدثنا اسحاق بن يوسف عن سفيان عن منصور (الخ) (غريبه) (1) جاء في الطريق الثانية (أوصى الرجل بأمه) بدل امرءا في الجميع (2) أي مملوكا الذي في خدمته (وإن كانت عليه) أي على المرء (فيه) أي في المولى (أذاة) بتاء التأنيث وجملة تؤديه صفة لأذاة مؤكدة فإن عمل بهذه الوصية غفر الله له بعض معاصيه والله أعلم (تخريجه) قال الحافظ في الإصابة اخرج حديثه أحمد وابن ماجه والطبراني في الأوسط (قلت) قال العلامة السندي في حاشيته على ابن ماجه وقد نبه (يعني البوصيري) في الزوائد على أن الحديث انفرد به المصنف لكن لم يتعرض لاسناده وقال ليس لابن سلامة هذا عند المصنف (يعني ابن ماجه) سوى هذا الحديث وليس له شيء في بقية الكتب اهـ (قلت) لعله يعين الكتب الستة والا فقد رواه الامام أحمد كما ترى وليس لابن سلامة هذا عند الامام أحمد أيضا سوى هذا الحديث وفي اسناده عند الجميع عبيد الله بن علي بن عرفطة قال الحافظ في التقريب عبيد الله ابن علي بن عرفطة السلمي ويقال عبيد بلا إضافة مجهول (3) (سنده) حدثنا يزيد حدثنا بهز بن حكيم ابن معاوية عن أبيه عن جده (يعني معاوية بن حيدة) الخ (غريبه) (4) بفتح الموحدة وتشديد الراء على صيغة المتكلم أي من أحسن إليه ومن أصله؟ (قال أمك) بالنصب أي بر أمك وصلها أولا (5) قال العلماء سبب تقديم الأم كثرة تعبها عليه وشفقتها وخدمتها وفي التنزيل إشارة إلى هذا التأويل في قوله تعالى (ووصينا الإنسان بوالديه حملته أمه كرها ووضعته كرها وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) فالتثليث في مقابلة ثلاثة أشياء مختصة بالأم وهي تعب الحمل ومشقة الوضع ومحنة الرضاع (6) قال النووي فيه الحث على بر الأقارب وأن الأم أحقهم بذلك ثم بعدها الأب ثم الأقرب فالأقرب (تخريجه) (د مذ) وقال الترمذي هذا حديث حسن وقد تكلم شعبة في بهزبن حكيم وهو ثقة عن أهل الحديث وروى عنه معمر وسفيان الثوري وحماد بن سلمة وغير واحد من الأئمة (7) (سنده) حدثنا هاشم ثنا محمد عن عبد الله ابن شيرمة عن ابي زرعة بن عمرو عن أبي هريرة قال رجل يا رسول الله أي الناس أحق مني بحسن الصحبة؟ قال أمك قال ثم من؟ قال ثم أمك قال ثم من؟ قال ثم أمك قال ثم من قال أبك (تخريجه) (ق وغيرهما) (8) (سنده) حدثنا يونس بن محمد قال ثنا عبد الرحمن بن الغسيل قال حدثني أسيد بن علي عن أبيه علي بن عبيد عن أبي أسيد الساعدي الخ (قلت) أسيد بوزن شهيد اسمه مالك ابن ربيعة الساعدي (غريبه) (9) جاء عند أبي داود وابن ماجه (من بني سلمة) بكسر اللام بدل

عليهما والاستغفار لهما (1) وانفاذ عهدهما (2) واكرام صديقهما (3) وصلة الرحم التي لا رحم لك إلا من قبلهما (4) فهو الذي بقي عليك من برهما بعد موتهما (حدثنا محمد بن جعفر) (5) ثنا شعبة عن عطاء بن السائب قال سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يحدث أن رجلا أمرته أمه أو أبوه (6) أو كلاهما قال شعبة يقول ذلك أن يطلق امرأته فجعل عليه مائة محرر (7) فأتى أبا الدرداء فإذا هو يصلي الضحى يطيلها فصلى ما بين الظهر والعصر (8) فسأله فقال له أبو الدرداء أوف بنذرك وبر والديك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الوالد أوسط باب الجنة (9) فحافظ على الوالد أو اترك (ومن طريق ثانية) (10) عن أبي عبد الرحمن السلمي أيضا قال أتى رجل أبا الدرداء رضي الله عنه فقال إن امرأتي بنت عمي وأنا أحبها وإن والدتي تأمرني أن أطلقها فقال لا آمرك أن تطلقها ولا آمرك أن تعصي والدتك ولكن أحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الوالدة أوسط أبواب الجنة فإن شئت فأمسك وإن شئت فدع

_ قوله هنا من الأنصار (1) هذه إحدى الخصال والمراد بالصلاة عليهما والاستغفار لهما الدعاء لهما بالرحمة وأنه لم يكن بلفظ الصلاة لكن الظاهر شمول ما كان بلفظ الصلاة أيضا ويحتمل أن المراد صلاة الجنازة فينبغي أن يفعل ذلك كله (2) معناه أن يكون بين والديه وبين احد عهد في معونة وبر ولم يتمكنا من ذلك حتى ماتا فيقوم الولد به بعدهما (3) من تمام بر الأب أن يصل الرجل صديق أبيه كما قال صلى الله عليه وسلم (أن البر صلة المرء أهل ود أبيه بعد أن يولى) وسيأتي هذا الحديث في هذا الباب وقد كان صلى الله عليه وسلم يصل صدائق خديجة رضي الله عنها برا بها فكيف بصديق الأب (4) أي بسببها (تخريجه) (د جه) وسكت عنه أبو داود والمنذري وأورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أبو داود وابن ماجه وابن حبان في صحيحه وزاد في آخره قال الرجل ما أكثر هذا يا رسول الله وما أطيبه قال فاعمل به (5) (حدثنا محمد بن جعفر) الخ (غريبه) (6) أو للشك من شعبة يشك في الذي أمر الرجل هل هو أبوه أو أمه أو كلاهما ولذلك قال محمد بن جعفر شعبة يقول ذلك يعني يشك وقد جاء في الطريق الثانية والثالثة أنه أمه هي التي أمرته بغير شك (7) معناه أن ذلك الرجل نذر أن يعتق مائة عبد ان طلق زوجته يريد بذلك إشفاق أبيه أو أمه أو هما معا عليه من غرامة العتق وتنازلهما عن الزامه بطلاق زوجته التي يحبها والظاهر أن الآمر لم يتنازل عن أمره ولذلك جاء الرجل إلى أبي الدرداء يستفتيه في أمره فأجاب بما سيأتي (8) أي تطوعا غير صلاة الضحى لأن وقتها من ارتفاع الشمس قيد رمح إلى الزوال (9) قال القاضي عياض أي خير الأبواب وأحلاها والمعنى أحسن ما يتوسل به إلى دخول الجنة ويتوسل به إلى وصول درجتها العالية مطاوعة الوالد ومراعاة جانبه وقال غيره أن للجنة أبوابا وأن أحسنها دخولا اوسطها وأن سبب دخول ذلك الباب الأوسط هو المحافظة على حقوق الوالد وقال المراد بالوالد الجنس وإذا كان حكم الوالد هذا فحكم الوالدة أقوى وبالاعتبار أولى (وقوله فحافظ على الوالد) يعني على حقوقه (أو اترك) ليس المراد به التخيير بين الأمرين بل المراد التوبيخ على الإضاعة والحث على الحفظ مثل قوله تعالى (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر) قال الحافظ السيوطي ظاهره أنه من تتمة الحديث المرفوع وفي رواية الطبراني أن مندرج من كلام الراوي والله أعلم (10) (سنده) حدثنا حسين بن محمد

(وعنه من طريق ثالث) (1) قال كان فينا رجل لم تزل به أمه أن يتزوج حتى تزوج ثم أمرته أن يفارقها فرحل إلى أبي الدرداء بالشام فقال إن أمي (2) لم تزل بي حتى تزوجت ثم امرتني أن أفارق قال ما أنا بالذي آمرك أن تفارق وما أنا بالذي آمرك أن تمسك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الوالد أوسط أبواب الجنة فأضع ذلك الباب أو أحفظه قال فرجع وقد فارقها (عن ابن عمر) (3) قال كانت تحتى امرأة احبها وكان عمر يكرهها فأمرني أن اطلقها فأبيت فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن عند عبد الله بن عمر امرأة كرهتها له فأمرته أن يطلقها فأبى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الله طلق امرأتك فطلقتها (وفي رواية أخرى) فقال اطع أبك (عن عياض بن مرثد) (4) أو مرثد بن عياض عن رجل منهم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة قال هل من والديك من أحد حي؟ قال له مرات (5) قال لا قال فاسق الماء قال كيف اسقيه؟ قال اكفهم آلته إذا حضروه واحمله اليهم إذا غابوا عنه (أسماء بنت أبي بكر) (6) قالت قدمت أمي (وفي لفظ أتتني أمي) وهي مشركة في عهد قريش إذ عاهدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم (7) فاستفتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أمي قدمت وهي راغبة (8) أفأصلها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم صلي أمك (وعنها من طريق ثان) (9) قالت قدمت أمي في مدة قريش (وفي لفظ في عهد قريش ومدتهم التي كانت

_ ثنا شريك عن عطاء عن أبي عبد الرحمن السلمي قال أتى رجل أبا الدرداء الخ (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق قال أنا سفيان عن عطاء بن السائب عن أبي عبد الرحمن السلمي قال كان فينا رجل الخ (2) جاء عند الترمذي وربما قال سفيان أن أمي وربما قال أبي (تخريجه) (مذ جه حب طل ك) وصححه الحاكم وأقره الذهي وقال الترمذي هذا حديث صحيح وأبو عبد الرحمن السلمي اسمه عبد الله بن حبيب اهـ (3) (عن ابن عمر الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب جواز الطلاق للحاجة من كتاب الطلاق في الجزء السابع عشر صحيفة 3 رقم 5 فارجع إليه (4) (سنده) حدثنا عفان ثنا شعبة قال عاصم بن كليب أخبرني قال سمعت عياض بن مرثد أو مرثد بن عياض الخ (قلت) قوله في السند (قال عاصم بن كليب اخبرني) معناه أن شعبة قال اخبرني عاصم بن كليب (غريبه) (5) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم كرر لفظ (هل من والديك أحد حي) مرات متعددة للتأكيد والظاهر أنه لو قال نعم لأمره بخدمتهما والبر بهما فإن ذلك أفضل من سقي الماء فلما كانا قد ماتا أمره بقي الماء للمحتاج إليه لأنه من الأعمال التي تدخل صاحبها الجنة لاسيما إذا قصد بذلك الصدقة على والديه والله أعلم (تخريجه) (طب) ورجاله كلهم ثقات (6) (سنده) حدثنا حسن قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا أبو الأسود أنه سمع عروة يحدث عن أسماء بنت أبي بكر قالت قدمت أمي الخ (غريبه) (7) الظاهر أن هذه المعاهدة كانت بشأن صلح الحديبية (8) جاء عند أبي داود بلفظ (قدمت على أمي راغبة في عهد قريش وهي راغمة مشركة) قال المنذري راغبة أي طامعة فيما عندي تسألني الإحسان إليها (راغمة) أي كارهة للاسلام (9) (سنده) حدثنا أبو النضر هاشم بن القاسم قال ثنا أبو عقيل يعني عبد الله بن عقيل الثقفي قال

بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم) مشركة وهي راغبة يعني محتاجة فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن أمي قدمت علي وهي مشركة راغبة أفأصلها؟ قال صلى أمك (عن عبد الله ابن دينار) (1) عن ابن عمر أن اعرابيا مر عليه وهم في طريق الحج فقال له ابن عمر الست فلان بن فلان؟ قال بلى قال فانطلق إلى حمار كان يستريح عليه إذا مل راحلته (2) وعمامة كان يشد بها رأسه فدفعها إلى الأعرابي فلما انطلق قال له بعضنا انطلقت إلى حمارك الذي كنت تستريح عليه وعمامتك التي كنت تشد بها رأسك فأعطيتهما هذا الأعرابي وإنما كان يرضى بدرهم قال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أبر البر صلة المرء أهله ود أبيه بعد أن يولى (عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده) (3) قال إني أعرابي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن أبي يريد أن يجتاح مالي قال أنت ومالك لوالدك إن أطيب ما أكلتم من كسبكم وإن أموال أولادكم من كسبكم فكلوه هنيئا (عن عائشة رضي الله عنها) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم إن أولادكم من أطيب كسبكم فكلوا من كسب أولادكم (باب في بر الأولاد والأقارب والأقرب فالأقرب) (عن جابر بن عبد الله) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان أحدكم فقيرا فليبدأ بنفسه وإن كان فضلا فعلى عياله وإن كان فضلا فعلى ذوي قرابته أو قال ذوي رحمه وإن كان فضلا فههنا وهاهنا (عن المقدام بن معديكرب) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أطعمت نفسك فهو لك صدقة وما أطعمت ولدك فهو لك صدقة وما أطعمت زوجك فهو

_ ثنا هشام قال أخبرني أبي عن أمه أسماء بنت أبي بكر قالت قدمت على أمي الخ (تخريجه) (ق. د طل) وفيه دلالة على بر الوالدين وإن كانا كافرين قال تعالى (وإن جاهداك على أن تشرك بي ما ليس لك به علم فلا تطعهما وصاحبهما في الدنيا معروفا) (1) (سنده) حدثنا أبو نوح اخبره ليث عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) معناه أنه كان يستصحب حمارا ليستريح عليه إذا ضجر ركوب البعير (تخريجه) (م) قال النووي وفي هذا أفضل صلة أصدقاء الأب والإحسان إليهم وإكرامهم وهو متضمن لبر الأب وإكرامه لكونه بسببه وتلحق به أصدقاء الأم والأجداد والمشايخ والزوج والزوجة وقد سبقت الأحاديث في إكرامه صلى الله عليه وسلم خلائل خديجة رضي الله عنها اهـ (قلت) تقدمت الإشارة إلى ذلك في الشرح آنفا في هذا الباب (3) (عن عمرو بن شعيب الخ) هذا الحديث والذي بعده تقدما بسندهما وشرحهما وتخريجهما في باب أفضل الكسب الخ من كتاب البيوع في الجزء الخامس عشر صحيفة 7 (4) (عن عائشة) الخ تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار اليه آنفا (باب) (5) (عن جابر بن عبد الله الخ) هذا طرف من حديث تقدم بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في باب الصدقة على الزوج والأقارب وتقديمهم على غيرهم ومراتب المستحقين من

لك صدقة وما اطعمت خادمك فهو لك صدقة (عن ثوبان) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أفضل دينار دينار ينفقه الرجل على عياله دينار ينفقه على دابته في سبيل الله قال ثم قال أبو قلابة من قبلة برا بالعيال قال وأي رجل أعظم أجرا من رجل ينفق على عياله صغارا يعفهم الله به (عن المقدام بن معديكرب) (2) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل يوصيكم بالأقرب فالأقرب (عن ابن عمر) (3) قال اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله أذنبت ذنبا كبيرا فهل لي توبة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألك والدان؟ قال لا قال فلك خاله؟ قال نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فبرها إذا (عن سليمان بن يسار) (4) عن ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها قالت أعتقت جارية لي فدخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته بعتقها فقال آجرك الله أما أنك لو كنت أعطيتها أخوالك كان أعظم لأجرك (عن شعبة) (5) قال قلت لمعاوية بن قرة أسمعت أنسا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنعمان بن مقرن (6) ابن اخت القوم منهم (7) قال نعم (عن عبد الرحمن بن أبي ليل) (8) قال سمعت أمير المؤمنين عليا يقول اجتمعت أنا وفاطمة والعباس وزيد بن حارثة عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال العباس يا رسول الله كبر سني ورق عظمي وكثرت مؤنتي فإن رأيت يا رسول الله أن تامر لي بكذا وكذا وسقا من طعام فافعل فقال رسول

_ أبواب صدقة التطوع في الجزء التاسع صحيفة 90 رقم 238 (1) (عن ثوبان الخ) هذا الحديث تقدم في بسنده وشرحه وتخريجه في باب النفقة على الأقارب من كتاب النفقات في الجزء السابع عشر صحيفة 62 رقم 39 (2) (عن المقدام معديكرب الخ) هذا بعض حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب السابق ص 27 رقم 14 (3) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا محمد بن سوقة عن أبي بكر بن حفص عن ابن عمر الخ (تخريجه) (مذ ك حب) وصححه الحاكم وأقره الذهي وفيه الحث على بر أقارب الوالدين وتقدم الكلام على ذلك (4) (عن سليمان بن يسار الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب فضل العتق والحث عليه من كتاب العتق في الجزء الرابع عشر صحيفة 141 رقم 6 والظاهر أن أخوالها كانوا محتاجين إلى الجارية فبرهم حينئذ بإعطائهم الجارية أفضل من العتق والله أعلم (5) (سنده) حدثنا وكيع عن شعبة قال قلت لمعاوية بن قرة الخ (غريبه) (6) بضم الميم وفتح القاف وتشديد الراء مكسورة (7) المراد بذلك أنه مهم في الصلة والمعاونة والمدافعة عنه ولأنه ينسب إلى بعضهم وهي أمه فهو متصل بأقربائه في كل ما يجب أن يتصل به كنصرة ومشورة ومودة وافشاء سر ومعونة وشفقة واكرام ونحو ذلك قال الطيي فمن اتصالية ومن هذا التقرير تبين أنه لا حجة فيه لمن قال بتوريث ذوي الأرحام (قال ابن أبي جمرة) وحكمة ذكرها ذلك ابطال ما كان عليه أهل الجاهلية من عدم الالتفات إلى أولاد البنات فضلا عن أولاد الأخوات حتى قال قائلهم (بنونا بنو أبنائنا وبناتنا: بنوهن أبناء الرجال الأباعد) فقصد بالحديث التحريض على الألفة بين الأقارب والله أعلم (تخريجه) (مذ نس جه) وهو حديث صحيح رجاله من رجال الصحيحين (8) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد حدثنا هاشم بن البريد عن حسين بن ميمون عن عبد الله بن عبد الله قاضي الرى عن عبد الرحمن بن أبي ليلى

الله صلى الله عليه وسلم نفعل ذلك ثم قال زيد بن حارثه يا رسول الله كنت اعطيتني ارضا كانت معيشتي منها ثم قبضتها فإن رأيت أن تردها على فافعل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعل ذاك قال فقلت أنا يا رسول الله أن رأيت أن توليني هذا الحق الذي جعله الله لنا في كتابه من هذا الخمس فاقسمه في حياتك كيلا ينازعنيه أحد بعدك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نفعل ذاك فولانيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقسمته في حياته ثم ولانيه أبو بكر فقسمته في حياته ثم ولانيه عمر فقسمته في حياته حتى كانت آخر سنة من سني عمر فإنه أتاه مال كثير (1) (عن ابن عباس) (2) قال قدمت عير إلى المدينة فاشترى النبي صلى الله عليه وسلم فربح أواقي فقسمها في أرامل بني عبد المطلب (3) وقال لا اشتري شيئا ليس عندي ثمنه (4) (عن أنس بن مالك) (5) قال كان أبو طلحة أكثر أنصاري بالمدينة مالا وكان أحب أمواله إليه ببرحاء وكانت مستقبلة المسجد فكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب قال أنس فلما نزلت (لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون) وإن أحب أموالي إلى ببرحاء وإنها صدقة لله عز وجل أرجو برها وذخرها عند الله فضعها يا رسول الله حيث أراك الله فقال النبي صلى الله عليه وسلم بخ ذلك مال رابح ذلك مال رابح وقد سمعت وأنا أرى أن تجعلها في الأقربين فقال أبو طلحة أفعل يا رسول الله قال فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه (باب ما جاء في ثمرة الأولاد والترغيب في تأديبهم والعطف عليهم)

_ الخ (1) زاد أبو داود ما لفظه فعزل حقنا ثم أرسل إلى فقلت بنا العام غنى وبالمسلمين إليه حاجة فاردده عليهم فرده عليهم ثم لم يدعني إليه أحد بعد عمر فلقيت العباس بعد ما خرجت من عند عمر فقال يا علي حرمتنا الغداة شيئا لا يرد علينا أبدا وكان رجلا داهيا (أي ذا فطنة ورأي سديد) (تخريجه) (د) أخرج أبو داود منه القسم المختص بعلي مع الزيادة المذكورة وقال المنذري في اسناده حسين بن ميمون الخدفي قال أبو حاتم الرازي ليس بقوى الحديث يكتب حديثه وقال على بن المديني ليس بمعروف وذكر له البخاري في تاريخه الكبير هذا الحديث وقال وهو حديث لم يتابع عليه اهـ وفيه عطف النبي صلى الله عليه وسلم على أقاربه ومواليه والنظر إلى مصالحهم (2) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) أي لأنهم من أقرب الناس إليه (4) معناه أنه صلى الله عليه وسلم لم يشتر شيئا يريد التصدق به ليس عنده ثمنه أما إذا كان ضروريا لقوته ومن وجبت عليه نفقته فلا بأس بشرائه دينا فقد ثبت عن عائشة قالت توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرعه مرهونة عند يهودي في ثلاثين صاعا من شعير وراه الشيخان والامام أحمد وغيرهم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني ورجاله ثقات وغفل عن عزوه للامام أحمد واخرجه أيضا الحاكم من طريق شريك وقال (قد احتج مسلم بسماك وشريك) والحديث وصحيح ولم يخرجاه اهـ (قلت) واقره الذهي (5) (عن أنس بن مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه وفيه اختلاف في بعض الألفاظ والمعنى واحد تقدم في باب مشروعية الوقف وفضله من كتاب الوقف في الجزء الخامس عشر صحيفة 179 رقم 64 فارجع اليه وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان والامامان مالك وأحمد وغيرهم وإنما ذكرته هنا لأن النبي صلى الله عليه وسلم

(عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا مات ابن آدم انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة إلا من صدقة جارية أو علم ينتفع به أو ولد صالح يدعو له (ز) (عن الأشعث بن قيس) (2) قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد كندة فقال لي هل لك من ولد؟ قلت غلام ولد لي في مخرجي إليك من ابنة حمد ولوددت أن مكانه شبع القوم (3) قال لا تقولن ذلك فإن فيهم (4) قرة عين وأجرا إذا قبضوا ثم ولئن قلت ذاك (5) إنهم لمجبنة محزنة إنهم لمجبنة محزنة (عن عمر ابن عبد العزيز) (6) قال زعمت المرأة الصالحة خولة بنت حكيم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج محتضنا أحد ابني لبنته (7) وهو يقول والله أنكم لتجبنون وتبخلون (8) وأنكم لمن ريحان الله عز وجل وإن آخر وطأة وطئها الله بوج (9) وقال سفيان مرة انكم لتبخلون وإنكم لتجبنون

_ أمر أبي طلحة أن يجعل صدقته في الأقربين فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه (1) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الصدقة الجارية من كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 204 رقم 148 (2) (ز) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان ثنا هشيم أنبأنا مجاهد عن الشعبي ثنا الأشعث بن قيس الخ (غريبه) (3) الظاهر أن قومه كانوا مجدبين فتمنى شبع قومه بدل هذا الولد (4) يعني في الأولاد (قرة عين) أي إذا عاشوا (واجرا إذا قبضوا) أي ماتوا (5) أي ومع قولي (إن فيهم قرة عين واجرا إذا قبضوا) فإنهم لمجبنة محزنة (بوزن ميمنة) أي يجبن آباؤهم عن القتال لتربيتهم ويحزنون لفقدهم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وفيه مجالد بن سعيد وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجال أحمد رجال الصحيح (6) (سنده) حدثنا سفيان عن إبراهيم بن ميسرة عن ابن أبي سويد عن عمر بن عبد العزيز الخ (غريبه) (7) يعني فاطمة رضي الله عنها وهو إما الحسن وإما الحسين رضي الله عنهما (8) الصيغتان من باب التفعيل أي يحملون على الجبن والبخل وزاد الترمذي ويجهلون بصيغة التفعيل أيضا قال في النهاية في شرح هذا الحديث أي تحصلون على البخل والجبن والجهل يعني الأولاد فإن الأب يبخل بانفاق ماله ليخلفه لهم ويجبن عن القتال ليعيش لهم فيربيهم ويجهل لأجلهم فيلاعبهم وريحان الله رزقه وعطاؤه (ووج) من الطائف والوطء في الأصل الدوس بالقدم فسمى به الغزو والقتل لأن من يطأ على الشيء برجله فقد استقصى في هلاكه واهانته والمعنى أن آخر اخذة ووقعة أوقها الله بالكافر كانت بوج وكانت غزوة الطائف آخر غزوات رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه لم يغز بعدها إلا غزوة تبوك ولم يكن فيها قتال ووجه تعلق هذا القول بما قبله من ذكر الأولاد أنه إشارة إلى تقليل ما بقي من عمره فكنى عنه بذلك (9) وج فتح الواو وتشديد الجيم موضع بناحية الطائف وقيل هو اسم جامع لحصونها وقيل اسم واحد منها (نه) وقد جاء في آخر الحديث بعد لفظ وج (وقال سفيان مرة إنكم لتبخلون وانكم لتجبنون) وسفيان هو ابن عيينه أحد مشايخ الإمام أحمد الذي روى عنه هذا الحديث والمعنى واحد ولكن قال ذلك الامام أحمد رحمه الله محافظة على الرواية (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال حديث ابن عيينه عن إبراهيم بن ميسرة (يعني حديث الباب) لا نعرفه إلا من حديثه ولا نعرف لعمر بن عبد العزيز سماعا من خولة اهـ (قلت) قال الحافظ في تهذيب التهذيب في ترجمته روى عن خولة بنت حكيم مرسلا اهـ وعلى هذا فحديث عمر بن

(حدثنا علي بن ثابت) (1) الجزري عن ناصح بن عبد الله (2) عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لأن يؤدب الرجل ولده أو أحدكم ولده خير له من أن يتصدق كل يوم نصف صاع قال عبد الله (3) وهذا الحديث لم يخرجه أبي في مسنده من أجل ناصح لأنه ضعيف في الحديث وأملاه علي في النوادر (4) (حدثنا يزيد بن هرو) (5) قال أنا عامر بن صالح بن رستم المزني (6) ثنا أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص قال أو ابن سعيد بن العاص عن أبيه عن جده (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نحل (8) والد ولده أفضل من أدب حسن (9) قال أبو عبد الرحمن (10) حدثنا به خلف بن هشام البزار والقواريري قالا ثنا عامر بن أبي عامر بأسناده فذكر مثله (11)

_ عبد العزيز هذا عن خولة منقطع والله أعلم (1) (حدثنا علي بن ثابت الخ) (غريبه) (2) جاء في الأصل ناصح أبو عبد الله وهو خطأ من الناسخ وصوابه بن عبد الله كما في الأصول الأخرى وكتب الرجال (3) هو ابن الامام أحمد رحمهما الله تعالى (4) جاء هذا الحديث في المسند في موضع آخر مكررا بسنده ولفظه وفي آخره قال أبو عبد الرحمن (يعني ابن الامام أحمد) ما حدثني أبي عن ناصح بن عبد الله غير هذا الحديث (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال هذا حديث غريب وناصح بن علاء الكوفي ليس عند أهل الحديث بالقوى ولا يعرف هذا الحديث إلا من هذا الوجه وناصح شيخ آخر بصري يروى عن عمار بن أبي عمار وغيره وهو اثبت من هذا اهـ (قلت) قال الحافظ في تهذيب التهذيب بعد نقل كلام الترمذي ما لفظه (قال المزي) هكذا قال الترمذي وهو وهم وإنما ابن العلاء هو البصري الكوفي وسنذكره قال الحافظ وقال أبو عبد الله الحاكم ناصح بن العلاء هو البصري ثقة وإنما المطعون عليه ناصح بن عبد الله المحلى (بضم الميم وفتح المهملة وتشديد اللام مكسورة) فإنه روى عن سماك بن حرب المناكير وقال الحاكم أبو أحمد ناصح بن عبد الله ذاهب الحديث وقال الدار قطنى ضعيف وقال ابن حبان تفرد بالمناكير عن المشاهير انتهى كلام الحافظ (5) (حدثنا يزيد بن هارون الخ) (غريبه) (6) قال في التقريب عامر بن صالح بن رستم المزنى أبو بكر بن أبي عامر الخزاز بمعجمات البصرى صدوق سيء الحفظ افرط فيه ابن حبان فقال يضع (7) الذي جاء عند الترمذي حدثنا أيوب بن موسى عن أبيه عن جده قال الحافظ في التقريب أيوب بن موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص ثقة وقال في أبيه موسى بن عمرو بن سعيد بن العاص الأموي المكي أخو سعيد والد أيوب مستور (عن جده) يحتمل أن يعود على أيوب ويحتمل أن يعود على موسى وسيأتي في تفصيله في التخريج (8) بفتح النون والحاء المهملة أي ما أعطى (والد والده) قال في النهاية النحل العطية والهبة ابتداء من غير عوض ولا استحقاق (9) أي من تعليمه ذلك ومن تأديبه بنحو توبيخ أو تهديد أو ضرب على فعل الحسن وتجنب القبيح فإن حسن الأدب يرفع العبد المملوك إلى رتبة الملوك (10) أبو عبد الرحمن كنية عبد الله بن الامام أحمد يقول إن هذا الحديث حدثه به أيضا غير أبيه وهو خلف بن هشام الخ (11) هكذا في الأصل فذكر مثله وهي اختصار من الاصل لامنى (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال هذا الحديث غريب لا نعرف إلا من حديث عامر بن أبي عامر الخزاز وأيوب بن موسى هو ابن عمرو بن سعيد بن العاص وهذا عندي حديث مرسل اهـ (قال الحافظ) في تهذيب التهذيب في ترجمة عمرو بن سعيد بن العاص بعد نقل كلام

(عن معاذ بن جبل) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أوصاه بعشر كلمات (منها) وأنفق على عيالك من طولك ولا ترفع عنهم عصاك أدبا وأخفهم في الله (عن النعمان ابن بشير) (2) قال ان ابي بشيرا وهب لي وهبة فقالت أمي (3) أشهد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي فانطلق بي حتى أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن أم هذا الغلام سألتني أن أهب له هبة فوهبتها له فقالت أشهد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيتك لأشهدك فقال رويدك الك ولد غيره؟ قال نعم قال كلهم أعطيته كما أعطيته؟ قال لا قال فلا تشهدني إذا إني لا أشهد على جور (4) إن لبنيك عليك من الحق أن تعدل بينهم (5) (وفي لفظ آخر) فقال النبي صلى الله عليه وسلم فأشهد غيري ثم قال اليس يسرك أن يكونوا في البر سواء؟ قال بلى وفي لفظ إن لهم عليك من الحق أن تعدل بينهم كما إن لك عليهم من الحق أن يبروك (وعنه أيضا) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قاربوا بين أبنائكم يعني سووا بينهم (وفي لفظ) اعدلوا بين أبنائكم اعدلوا بين ابنائكم اعدلوا بين ابنائكم (عن أبي هريرة) (7) ابصر النبي صلى الله عليه وسلم الأقرع (8) يقبل حسنا فقال لي عشرة من الولد ما قبلت أحدا منهم قط قال أنه من لا يرحم (9)

_ الترمذي هذا الضمير في جده يعود على موسى فالحديث عن رواية سعيد وقد ولد في حياة النبي صلى الله عليه وسلم والظاهر أن له رؤية وأما عمرو وهو الأشدق فلا صحبة له ولم يولد إلا في زمان عثمان والحديث على كل حال مرسل (وقال) في ترجمة سعيد بن العاص قال ابن سعيد قبض النبي صلى الله عليه وسلم ولسعيد تسع سنين روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا وقال فيها ايضا يحتمل أن يكون ضمير الجد على أيوب وهذا ظاهرويحتمل أن يعود على موسى فيكون الحديث من مسند سعيد بن العاص فيستفاد منه أن الترمذي أخرج لسعيد أيضا وهو مع ذلك مرسل إذ لم يثبت سماع سعيد اهـ (1) (عن معاذ ابن جبل الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب العشاريات من كتاب الكبائر (2) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن مجالد ثنا عامر قال سمعت النعمان بن بشير يقول إن أبي بشيرا الخ (3) هي عمرة بنت رواحة كما صرح بذلك في بعض الروايات أخت عبد الله بن رواحة شاعر النبي صلى الله عليه وسلم (4) أي ميل عن الاستواء والاعتدال (5) يعني في العطية (تخريجه) (ق والامامان والاربعة وغيرهم) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد وتقدم نحوه ومن طرق متعددة في باب جواز هبة الرجل لأولاده من كتاب الهبة في الجزء الخامس عشر صحيفة 171 (6) (وعنه أيضا الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار اليه صحيفة 172 رقم 35 فارجع إليه (7) (سنده) حدثنا سفيان عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) الأقرع هو ابن حابس من المؤلفة قلوبهم شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة وحنينا وحصار الطائف وشهد مع خالد بن الوليد فتح العراق والأنبار قال ابن دريد اسم الأقرع فراس ولقب الأقرع بقرع كان في رأسه وكان شريفا في الجاهلية والإسلام ذكره النووي في تهذيب الأسماء (9) قال الحافظ في قوله صلى الله عليه وسلم (من لا يرحم لا يرحم) هو بالرفع فيهما على الخبر وقال عياض هو للأكثر وقال أبو البقاء من موصلة ويجوز أن تكون شرطية فيقرأ بالجزم فيهما اهـ (قلت) (من لا يرحم) بالبناء للفاعل (ولا يرحم) بالبناء للمفعول أي من لا يكون من

(وعنه أيضا) (1) قال دخل عيينة بن حصن (2) على رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فرآه يقبل حسنا أو حسينا فقال له لا تقبله يا رسول الله لقد ولد لي عشرة ما قبلت أحدا منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من لا يرحم لا يرحم (باب الترغيب في إكرام الإناث من الأولاد وفضل تربيتهن والعطف عليهن) (عن عقبة بن عامر) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تكرهوا (4) البنات فإنهن المؤنسات الغاليات (5) (عن عكرمة) (6) قال كنت جالسا عن زيد بن علي بالمدينة فمر شيخ يقال له شرحبيل أبو سعد فقال يا أبا سعد من أين جئت فقال من عند أمير المؤمنين حدثته بحديث فقال لأن يكون هذا الحديث حقا أحب إلى من أن يكون لي حمر النعم قال حدث به القوم قال سمعت ابن عباس يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم تدرك له ابنتان (7) فيحسن إليهما ما صحبتاه أو صحبهما إلا أدخلتاه الجنة (8)

_ أهل الرحمة لا يرحمه الله أو من لا يرحم الناس بالإحسان لا يثاب من قبل الرحمن (هل جزاء الإحسان إلا الاحسان) وقيل غير ذلك (تخريجه) رواه البخاري من طريق شعيب ومسلم من طريق ابن عيينة ومن طريق معمر وأبو داود والترمذي كلاهما من طريق ابن عيينة أيضا ثلاثتهم عن الزهري أي أبي سلمة عن ابي هريرة (1) (سنده) حدثنا هشيم عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال دخل عيينة الخ (غريبه) (2) هو من المؤلفة أسلم بعد الفتح وقيل فبله وشهد حنينا والطائف وكان من الأعراب الجفاة ارتد وتبع طليحة الأسدي وقاتل معه فأسرته الصحابة وحملوه إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه فأسلم فأطلقه قال النووي في تهذيب الأسماء (قلت) تقدم في الحديث السابق أن صاحب القصة الأقرع بن حابس وكلا الحديثين صحيح فيحتمل أن القصة وقعت لكليهما وكلاهما من المؤلفة والا فالحديث السابق ارجح (تخريجه) (ق د مذ) ولكن في روايتهم جميعا الأقرع بن حابس بدل عيينه بن حصن كما في الحديث السابق لأنه روى من ثلاث طرق شعيب وابن عيينه ومعمر وهذا روى من طريق هشيم فقط والله أعلم (باب) (3) (سنده) حدثنا قتيبة ثنا ابن لهيعة عن ابن عشانة عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) (4) بفتح التاء والراء بينهما كاف ساكنة من الكراهة التي هي ضد الحب ويحتمل أن يكون من الكره بضم الكاف وهي المشقة وبفتحها الاكراه يقال قام على كره على مشقة وإقامه فلان على كره أكرهه على القيام (قال الكسائي) هما لغتان بمعنى واحد وعلى هذا فيكون (لا تكرهوا) بضم التاء وكسر الراء بينهما كاف ساكنة (5) أي المؤمنات المحببات لأزواجهن قال تعالى (ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة) (6) (سنده) حدثنا يعلى حدثنا حجاج الصواف عن يحي عن عكرمة قال كنت جالسا الخ (غريبه) (7) من أدرك إذا بلغ إنما قيد بذلك لأن البنت تغفل عن الأب بعد البلوغ فربما تؤدي الكراهة إلى سوء المعاملة فبين أن حسن المعاملة أعظم أجرا (8) أي أدخله قيامه بالاحسان إليهما والانفاق عليهما الجنة (تخريجه) (جه حب ك) والبخاري في الأدب وصححه الحاكم (قال البوصيري) في زوائد ابن ماجه في اسناده أبو سعد اسمه شرحبيل وهو وان ذكره ابن حبان في الثقات فقد ضعفه غير واحد وقال ابن أبي ذئب كان منهما ورواه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح الاسناد اهـ (قلت) قال الحافظ في

(عن أبي سعيد الخدري) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يكون لأحد ثلاث بنات أو ثلاث أخوات أو بنتان أو أختان فيتقي الله فيهن ويحسن إليهن (2) إلا دخل الجنة (وعن جابر) (3) (يعني ابن عبد الله) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وزاد وجبت له الجنة البتة قال قيل يا رسول الله فإن كانت اثنتين؟ قال وإن كانت اثنتين قال فرأى بعض القوم أن لو قالوا له واحدة لقال واحدة (عن ثابت عن أنس أو غيره) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عال ابنتين أو ثلاث بنات أو اختين أو ثلاث أخوات حتى يمتن أو يموت عنهن كنت أنا وهو كهاتين وأشار بإصبعه السبابة والوسطى (5) (وعنه من طريق ثان) (6) يحدث عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان له ثلاث بنات وثلاث أخوات اتقى الله عز وجل وأقام عليهن كان معي في الجنة هكذا وأشار بأصابعه الأربع (7) (عن سراقة بن مالك) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا سراقة ألا أدلك

_ التقريب شرحبيل بن سعد أبو سعد المدني مولى الأنصار صدرق اختلط بآخرة من الثالثة مات سنة ثلاث وعشرين وقد قارب المائة (1) (سنده) حدثنا محمد بن الصباح ثنا اسماعيل بن زكريا عن سهيل عن سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل عن أيوب بن بشر الأنصاري عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (2) الاحسان اليهن يشمل كل الخصال المحمودة من أدب وانفاق وحسن معاشرة ونحو ذلك وجاء عند أبي داود بلفظ من عال ثلاث بنات فأدبهن وزوجهن وأحسن إليهن له الجنة (وله في رواية أخرى) قال ثلاث أخوات أو ثلاث بنات أو بنتان أو أختان كما هنا (تخريجه) (د مذ) قال المنذري واختلف في اسناده وأخرجه أبو داود من حديث سهيل بن أبي صالح عن سعيد بن عبد الرحمن بن مكمل عن أيوب ابن بشير الأنصاري المعادي عن أبي سعيد الخدري وأخرجه الترمذي من حديث سهيل عن سعيد ابن عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري وقال وقد زادوا في هذا الاسناد رجلا وأخرجه أيضا من حديث سفيان بن عيينه عن سهيل عن أيوب بن بشير عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبي سعيد وقال البخاري في تاريخه وقال ابن عيينه عن سهيل عن أيوب عن سعيد الأعشى ولا يصح اهـ (قلت) الحديث له شواهد كثيرة تعضده منها حديث جابر وحديث انس الآتيين بعده (3) (سنده) حدثنا هشيم أنا على بن زيد عن محمد بن المنكدر قال حدثني جابر (يعني ابن عبد الله) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كن له ثلاث بنات يؤويهن ويرحمهن ويكفلهن وجبت له الجنة البتة الحديث (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط بنحوه وزاد ويزوجهن من طرق واسناد أحمد جيد (4) (سنده) حدثنا يونس ثنا حماد يعني ابن زيد عن ثابت عن أنس أو غيره الخ (غريبه) (5) معناه أنه لا تنقص درجته عن درجة النبي صلى الله عليه وسلم إلا كما ينقص السبابة عن الوسطى (6) (سنده) حدثنا يونس ثنا محمد بن زياد البرجمي قال سمعت ثابتا البناني يحدث عن أنس بن مالك الخ (7) أي غير الابهام (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الأوسط بأسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح اهـ (قلت) غفل الحافظ الهيثمي عن عزوه للامام أحمد ورجال الطريق الأولى عند الامام أحمد ورجال الصحيح (8) (سنده) حدثنا عبد الله بن يزيد ثنا موسى بن علي قال سمعت أبي يقول بلغني

على أعظم الصدقة أو من أعظم الصدقة؟ قال بلى يا رسول الله قال ابنتك (1) مردودة إليك ليس لها كاسب غيرك (عن عوف بن مالك) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كن له بنات أو ثلاث أخوات أو ابنتان أو أختان اتقى الله فيهن واحسن إليهن حتى يبن (3) أو يمتن كن له حجابا من النار (عن ابن عباس) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولدت له ابنة فلم يئدها (5) ولم يهنها ولم يؤثر ولده عليها يعني الذكر اخله الله بها الجنة (عن عبد المطلب بن عبد الله المخزومي) (6) قال دخلت على أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا بني ألا احدثك بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت بلى يا أمه قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أنفق على ابنتين أو أختين أو ذواتي قرابة يحتسب النفقة عليهما حتى يغنيهما الله من فضله عز وجل أو ييكفيهما كانت له سترا من النار (عن أبي هريرة) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من كل ثلاث بنات فصبر على لأوائهن (8) وضرائهن وسرائهن أدخله الله الجنة بفضل رحمته اياهن فقال رجل أو اثنتان يا رسول الله؟ قال أو اثنتان فقال رجل أو واحدة؟ يا رسول الله قال أو واحدة (عن عائشة) (9) رضي الله عنها

_ عن سراقة بن مالك يقول أنه حدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) أي هي ابنتك يعني الصدقة عليها (مردودة) بالنصب حال أي حال كونها مردودة إليك بأن طلقها زوجها مثلا (تخريجه) (جه ك) وفي اسناده عند الامام أحمد رجل لم يسم (وقال البوصيري) في زوائد ابن ماجه رجال أسناده ثقات إلا أن ابن رباح (يعني عليا بضم المهملة وفتح اللام مصغرا) بن رباح والدموسى لم يسمع من سراقة اهـ (قلت) ومع هذا صححه الحاكم واقره الذهي (2) (سنده) حدثنا علي بن عاصم قال اخبرني النهاس بن قهم عن أبي عمار شداد عن عوف بن مالك (يعني الأشجعي) الخ (غريبه) (3) بفتح الياء التحتية والموحدة أو يزوجن يقال ابان فلان بنته وبينها إذا زوجها وبانت هي إذا تزوجت وكأنه من البين البعد أي بعدت عن بيت أبيها (تخريجه) أورده الهيثمي عن عوف بن مالك أيضا بلفظ (ما من مسلم يكون له ثلاث بنات فينفق عليهم حتى يبلغن أو يمتن إلا كن له حجابا من النار فقالت امرأة واثنتان فقال واثنتان) وقال رواه الطبراني وفيه النهاس ابن قهم وهو ضعيف اه (قلت) النهاس بتشديد النون والهاء مفتوحتين ابن قهم بالقاف وآخره ميم قال المنذري لا يحتج بحدثه (4) (سنده) حدثنا ابو معاوية عن أبي مالك الأشجعي عن ابن حدير عن ابن عباس الخ (غريبه) (5) بكسر الهمزة قال الخطابي معناه لم يدفنها حية وكانوا في الجاهلية يدفنون البنات أحياء يقال منه وأديئد وأدا ومنه قوله سبحان وتعالى (وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت) (تخريجه) (د) وسنده حسن (6) (سنده) حدثنا قران بن تمام أبو تمام الأسدي قال ثنا محمد بن أبي حميد عن المطلب بن عبد الله المخزومي الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه محمد ابن حميد المدني وهو ضعيف اهـ (قلت) وأورده أيضا المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه (حم طب) من رواية محمد بن أبي حميد المدني ولم يترك ومشاه بعضهم ولا يضر في المتابعات (7) (سنده) (8) قال في المختار اللأواه الشدة والضراء مرادف له والسراء والرخاء وهو ضد الضراء (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهي (9) (سنده) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهرى عن عروة عن عائشة الخ

أن امرأة دخلت عليها ومعها ابنتان لها قالت فاعطيتها تمرة فشققتها بينهما فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال من ابتلى (1) بشيء من هذه البنات فأحسن إليهن كن له سترا من النار (2) (وعنها أيضا) (3) أنها قالت جاءتني مسكينة تحمل ابنتين لها فأطعمتهما ثلاث تمرات فأعطت كل واحدة منهما تمرة ورفعت تمرة لتأكلها فاستطعمتها ابنتاها فشقت التمرة التي كانت تريد أن تأكلها قالت فأعجبني شأنها فذكرت ذلك الذي صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله عز وجل قد أوجب لها بها الجنة واعتقها بها من النار (باب الترغيب في صلة الرحم) (ز) (عن علي رضي الله عنه) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سره أن يمد له في عمره ويوسع له رزقه (5) ويدفع عنه منية السوء (6) فليتق الله وليصل رحمه (7) (عن أنس بن مالك) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

_ (غريبه) (1) بصيغة المجهول أي امتحن واختبر من الاختبار والمعنى من اختبر بشيء من البنات ينظر ما يفعل ايحسن اليهن أو يسيء وقال النووي تبعا لابن بطال أنما سماه ابتلاءا لأن الناس يكرهون البنات فجاء الشرع بزجرهم عن ذلك ورغب في ابقائهن وترك قتلهن بما ذكر من الثواب الموعود به من احسن اليهن وجاهد نفسه في الصبر عليهن (2) أي يكون جزاؤه على ذلك أن يجعل الله عز وجل له حائلا بينه وبين نار جهنم وفيه تأكيد حق البنات لما فيهن من الضعف غالبا عن القيام بمصالح أنفسهن بخلاف الذكور لما فيهم من قوة البدن وجزالة الرأي وامكان التصرف في الأمور المحتاج إليها في أكثر الأحوال (تخريجه) (ق مذ) (3) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد قال حدثنا بكر بن مضر عن ابن الهاد أن زياد بن أبي زياد مولى ابن عباس حدثه عن عراك بن مالك قال سمعته يحدث عمر بن عبد العزيز عن عائشة أنها قال جاءتني مكينة الخ (تخريجه) (م وغيره) (باب) (4) (ز) (سنده) حدثنا محمد بن عباد حدثنا عبد الله بن معاذ يعني الصنعاني عن معمر عن أبي اسحاق عن عاصم بن ضمرة عن الخ (غريبه) (5) من المعلوم أن الآجال والأرزاق مقدرة لا تزيد ولا تنقص (فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ولا يستقدمون) وأجاب العلماء بأجوبة أصحها أن قوله صلى الله عليه وسلم (يمد له في عمره) المراد به الزيادة بالبركة في عمره والتوفيق للطاعات وعمارة أوقاته بما ينفعه في الآخرة وصيانتها عن الضيع في غير ذلك والمراد بتوسيع الرزق البركة فيه بحيث يكفيه وان كان قليلا (6) أي موته السوء وهو سوء الخاتمة والعياذ بالله تعالى (7) قال القاضي عياض الرحم التي توصل وتقطع وتبر إنما هي معنى من المعاني ليست بجسم وإنما هي قرابة ونسب تجمعه رحم والدة ويتصل بعضه ببعض نسمي ذلك الاتصال رحما اهـ وقيل هم المحارم فقط والقول الجامع الراجع أن الرحم يطلق على الأقارب وهم من بينه وبين الآخر نسب سواء كان يرثه أم لا وسواء كان ذا محرم أم لا (قال ابن ابي جرة) فتكون صلة الرحم بالمال وبالعون على الحاجة وبدفع الضرر وبطلاقة الوجه وبالدعاء والمعنى الجامع ايصال ما امكن من الخير ودفع ما امكن من الشر بحسب الطاقة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن أحمد والبزار والطبراني في الأوسط ورجال البزار رجال الصحيح غير عاصم بن ضمرة وهو ثقة اهـ (قلت) وأخرجه ايضا الحاكم وصححه واقره الذهي (8) (سنده) حدثنا حسين بن محمد حدثنا مسلم يعني ابن خالد عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين المكي المقرى عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم

(عن ثوبان) (1) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نحوه (عن أبي هريرة) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تعلموا من أنسابكم ما تصلون به أرحامكم (3) فإن صلة الرحم محبة (4) في الأهل مثراة (5) في المال منسأة في أثره (عن عبد الله بن عمرو) (6) يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال الراحمون يرحمهم الرحمن (7) ارحموا أهل الأرض (8) يرحمكم أهل السماء والرحم شجنة (9) من

_ قال من سره أن يعظم الله رزقه وأن يمد في أجله فليصل رحمه (تخريجه) (ق وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا محمد بن بكر أنا ميمون أبو محمد المزني التميمي ثنا محمد بن عباد المخزومي عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سره النساء في الأجل والزيادة في الرزق فليصل رحمه (قلت) النساء بفتح النون المشددة بعدها سين مهملة وآخره همزه يقال نسأت الشيء نساءا وأنسأته إنساءا إذا اخرته والنساء الاسم وهو التأخير في العمر وتقدم الكلام في معناه في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث ثوبان وسنده جيد ويؤيده ما قبله (2) (سنده) حدثنا ابراهيم ثنا ابن مبارك عن عبد الملك بن عيسى الثقفي عن مولى المنبعث عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) أي مقدارا تعرفون به أقاربكم لتصلوها فتعليم النسب مندوب لمثل هذا وقد يجب أن تقف عليه واجب (4) مفعلة من الحب كمظنة من الظن (5) بفتح فسكون مفعلة من الثرى أي الكثرة (في المال) أي سبب لكثرته (منسأة في أثره) مفعلة من النسء في العمر أي مظنة لتأخيره وتقدم الكلام على ذلك في شرح الحديث الأول من أحاديث الباب وقيل دوام استمرار في النسل والمعنى أن بركة الصلة تقضي إلى ذلك ذكره البيضاوي وسمي الأجل أثرا لأنه يتبع العمر (قال ابن العربي) في عارضة الأحوذي أما المحبة فالإحسان اليهم وإما النساء في الأثر فيتمادى الثناء عليه وطيب الذكر الباقي له (تخريجه) (مذ ك) وصححه الحاكم واقره الذهي وأورده الهيثمي من حديث العلاء بن خارجة وعزاه للطبراني وقال رجاله قد وثقوا (6) (سنده) حدثنا سفيان عن عمرو (يعني ابن دينار) عن أبي قابوس عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (غريبه) (7) أي يحسن اليهم ويتفضل عليهم والرحمة مقيدة باتباع الكتاب والسنة فإقامة الحدود والانتقام لحرمة الله لا ينافي كل منهما الرحمة (8) قال الطيى أتى بصفة العموم ليشمل جميع أصناف الخلف فيرحم البر والفاجر والناطق والبهم والوحوش والطير اهـ وفيه اشارة إلى أن ايراد من لتغليب ذوي العقول على غيرهم لشرفهم على غيرهم أو للمشاكلة المقابلة بقوله (يرحمكم أهل السماء) وهو مجزوم على جواب الأمر والمراد بأهل السماء الملائكة ومعنى رحمتهم لأهل الأرض دعاؤهم لهم بالرحمة والمغفرة كما قال تعالى (والملائكة يسبحون بحمد ربهم ويستغفرون لمن في الأرض) (9) بكسر المعجمة وسكون الجيم بعدها نون وجاء بضم أوله وفتحه رواية ولغة وأصل الشجنة عروق الشجر المشتبكة والشجن بالتحريك واحد الشجون أعلى طرف الأودية (ومنه قولهم) الحديث ذو شجون أي يدخل بعضه في بعض (وقوله من الرحمن) اي أخذ اسمها من هذا الاسم كما في حديث عبد الرحمن عوف في السنن مرفوعا (أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها اسما من اسمي) والمعنى أنها أثر من آثار الرحمة مشتبكة بها فالقاطع لها منقطع من رحمة الله تعالى (وقال الاسماعيلي) معنى الحديث أن الرحم اشتق اسمها من اسم الرحمن فلها به علقة وليس معناه أنها من ذات الله تعالى الله عن ذلك ذكره الحافظ في الفتح

الرحمن من وصلها وصلته ومن قطعها بتته (وعنه أيضا) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الرحم معلقة بالعرش (2) وليس الواصل بالمكافئ (3) ولكن الواصل الذي اذا انقطعت رحمه وصلها (4) (عن عمرو بن شعيب) (5) عن أبيه عن جده قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لي ذوي أرحام أصل ويقطعون وأعفو ويظلموني وأحسن ويسيئون أفأكافئهم؟ (6) قال لا إذا تتركون (7) ولكن خذ بالفضل وصلهم فإنه لن يزال معك ظهير (8) من الله عز وجل ما كنت على ذلك (عن أبي هريرة) (9) أن رجلا قال يا رسول الله إن لي قرابة أصلهم ويقطعون واحسن إليهم ويسيئون إلي وأحلم عنهم (10) ويجهلون علي قال لئن كنت كما تقول كأنما تسفهم (11) المل ولا يزال معك من الله ظهير (12) عليهم مادمت على

_ (تخريجه) (مذ د ك) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وسكت عنه أبو داود ونقل المنذري تصحيح الترمذي وأقره وصححه الحاكم وأقره الذهبي (1) (سنده) حدثنا يعي حدثنا قطر عن مجاهد عن عبد الله ابن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) قال العلماء الرحم التي تقطع وتوصل معنى من المعاني فذكر تعلقها بالعرش استعارة واشارة إلى عظم شأنها قال العلائي ولا استحالة في تجسيدها بحيث تنقل وتنطق اهـ وعلى هذا فمتى تعلقها أنها متمسكة أخذت بقائمة من قوائم العرش وجاء عند مسلم عن عائشة قالت (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله) وسيأتي في حديث عبد الله بن عمرو ايضا في باب ماجاء في قطع صلة الرحم من قسم الترهيب، أنها تتكلم بلسان طلق ذلق (3) معناه أن الذي يكافئ من أعطاه لا يسمى واصلا (قال الحافظ) أي الذي يعطي لغيره نظير ما أعطاه ذلك الغير قد أخرج عبد الرزاق عن عمر موقوفا ليس الواصل أن تصل من وصلك ذلك القصاص ولكن الواصل أن تصل من قطعك ونقل الحافظ عن الطيبي قال المعنى ليست حقيقة الواصل ومن يعتد بصلته من يكافئ صاحبه بمثل فعله ولكنه من تفضل على صاحبه اهـ (4) أي إذا انقطع عنه ذو رحمة وصلهم هذا هو الواصل (تخريجه) (خ د مذ) ماعدا قوله (أن الرحم معلقة بالعرش) وثبت هذا اللفظ عند مسلم من حديث عائشة وتقدم آنفا في الشرح (5) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا الحجاج بن أرطاة عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (6) معناه أفأقاطعهم وأسيء إليهم كما أساءوا إلي (7) معناه إن فعلت ذلك تجعل القطعية ويترك بعضكم صلة بعض ويحتمل أن يكون المراد بالترك تركهم من رحمة الله عز وجل ويحتمل المعنيين والله أعلم (8) أي مساعد ومعين (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام احمد من حديث عمرو بن شعيب وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه حجاج بن ارطاة وهو مدلس وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) يؤيده حديث أبي هريرة الآتي بعده (9) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت العلاء بن عبد الرحمن يحدث عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (10) بضم اللام (ويجهلون) أي يسيئون والجهل هنا القبيح من القول (11) بضم التاء وكسر المهملة وتشديد الفاء (والمل) بفتح الميم الرماد الحار ومعناه كأنما تطعمهم الرماد الحار وهو تشبيه لما يلحقهم من الألم ولا شيء على هذا المحسن بل ينالهم الإثم العظيم في قطيعته وادخالهم الأذى عليه (12) الظهير

ذلك (عن درة بنت أبي لهب) (1) قالت قام رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر فقال يا رسول الله أي الناس خير؟ فقال صلى الله عليه وسلم خير الناس اقرؤهم واتقاهم وآمرهم بالمعروف وأنهاهم عن المنكر وأوصلهم للرحم (خط) (عن حكيم بن حزام) (2) أن رجلا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الصدقات أيهما أفضل؟ قال على ذي الرحم الكاشح (3) (عن أبي أيوب الأنصاري) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (وعنه أيضا) (5) أن اعرابيا عرض للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في مسيره فأخذ بخطام ناقته أو بزمام ناقته فقال يا رسول الله أو يا محمد أخبرني بما يقربني من الجنة ويباعدني من النار قال تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصل الرحم (عن سلمان بن عامر الضبي) (6) قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول صدقتك على المسكين صدقة وعلى ذي القربى الرحم اثنتان صدقة وصلة (عن عائشة رضي الله عنها) (7) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها أنه من أعطى من الرفق فقد أعطى

_ المعين الدافع لأذاهم (تخريجه) (م وغيره) (1) حديث درة بنت أبي لهب تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الترغيب في خصال من أفضل أعمال البر مجتمعة في هذا الجزء صحيفة 28 رقم 38 (خط) (2) (سنده) حدثنا سعيد يعني ابن سلمان حدثنا عباد يعني ابن العوام عن سفيان بن حسين عن الزهرى عن أيوب بن بشير الأنصاري عن حكيم بن حزام الخ (غريبه) (3) فسره صاحب النهاية فقال الكاشح العدو الذي يضمر عداوته ويطوي عليها كشحه أي باطنه والكشح الخصر أو الذي يطوى عنك كشحه ولا يألفك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير واسناده حسن (4) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الحجاج عن الزهرى عن حكيم بن بشير عن أبي أيوب الأنصاري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أفضل الصدقة على ذي الرحم الكاشح (تخريجه) لم أقف عليه من حديث أبي أيوب لغير الامام أحمد ورجاله ثقات ويؤيده ما قبله (5) (سنده) حدثنا يحيى ثنا عمرو بن عثمان قال سمعت موسى بن طلحة أن أبا أيوب أخبره أن اعرابيا عرض للنبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب وزاد فيه فلما ادبر (يعني الرجل) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تمسك بما أمرته به دخل الجنة وقال رواه البخاري ومسلم واللفظ له (6) (سنده) حدثنا وكيع قال ثنا ابن عون عن حفصة بنت سيرين عن الرباب أم الرائح بنت صليع عن سلمان بن عامر الضبي الخ (وله طريق أخرى) عند الامام أحمد قال حدثنا يزيد قال أنا هشام عن حفصة عن سلمان بن عامر الضبي قال قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الصدقة على المسكين صدقة والصدقة على ذي الرحم اثنتان صدقة وصلة (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه (نس مذ خز حب ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم ولفظ ابن خزيمة قال الصدقة على المسكين صدقة وعلى القريب صدقتان صدقة وصلة (7) (سنده) حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا محمد بن مهزم عن عبد الرحمن بن القاسم ثنا القاسم عن عائشة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي والمنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه احمد ورواته ثقات إلا أن عبد الرحمن بن القاسم لم يسمع من عائشة اهـ (قلت) عبد الرحمن ابن القاسم صرح في هذا السند بأن القاسم حدثه عن عائشة فالحديث متصل صحيح لأن سماع القاسم من عائشة معروف ومشهور لاشك فيه قال في الخلاصة القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق التيمي أبو محمد المدني أحد الفقهاء السبعة وأحد الأعلام عن عائشة وأبي هريرة وابن عباس وابن عمر وطائفة وقال في

حظه من الدنيا والآخرة وصلة الرحم وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الأعمار (باب الترغيب في كفالة اليتيم والإحسان إليه ومسح رأسه والسهر على الأرملة والمسكين) (عن أبي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كافل اليتيم له أو لغيره (2) أنا وهو كهاتين في الجنة إذا اتقى الله واشار مالك (أحد الرواة) بالسبابة والوسطى (3) (عن مالك بن الحارث) (4) أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من ضم يتيما بين أبوين (5) مسلمين إلى طعامه وشرابه

_ ترجمة عبد الرحمن عبد الرحمن بن القاسم بن محمد بن أبي بكر التيمي روى عن أبيه فثبت بذلك اتصال الحديث (باب) (1) (سنده) حدثنا اسحق انبأنا مالك عن ثور بن زيد الديلي قال سمعت أبا الغيث يحدث أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (غريبه) (2) اليتيم من الناس هو الذي مات أبوه وهو صغير يستوي فيه الذكر والأنثى ومن الدواب من ماتت أمه (قال النووي) كافل اليتيم القائم بأموره من نفقه وكسوة وتأديب وتربية وغير ذلك وهذه الفضيلة تحصل لمن كفله من مال نفسه أو من مال اليتيم بولاية شرعية وأما قوله (له أو لغيره) فالذي له أن يكون قريبا له كجده وأمه وجدته وأخيه وأخته وعمه وخاله وعمته وخالته وغيرهم من أقاربه والذي لغيره أن يكون أجنبيا (3) معناه أن يكون مصاحبا للنبي صلى الله عليه وسلم في الجنة وقد تطابقت الشرائع والأديان على الحث على الإحسان إلى اليتيم وحق على من سمع هذا الحديث أن يعمل ليكون رفيق النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة ولا منزلة أفضل من ذلك وفيه إشارة إلى أن بين درجة النبي صلى الله عليه وسلم وكافل اليتيم قدر تفاوت ما بين السبابة والوسطى (تخريجه) أخرجه مسلم وغيره (4) (سنده) حدثنا هشيم قال علي بن زيد انبأنا عن زرارة بن أوفى عن مالك بن الحارث رجل منهم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم الخ (وله طريق أخرى) عند الامام أحمد أيضا قال حدثنا وكيع ثنا سفيان عن علي بن زيد بن جدعان عن زرارة بن أوفى عن عمرو بن مالك أو مالك بن عمرو كذا قال سفيان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ضم يتيما بين أبويه فله الجنة البتة (هذا) وقد اختلف في اسم مالك بن الحارث (قال الحافظ في الإصابة) مالك بن عمرو القشيري ويقال العقيلي ويقال الكلابي ويقال الأنصاري وقيل فيه عمرو بن مالك وقيل أبى بن مالك بن الحارث والراجح أبى بن مالك لكون ذلك من رواية قتادة وهو أحفظ من رواية على بن زيد بن جدعان فإنه اضطرب فيه في روايته عن زرارة بن أوفى عنه فاختلف عليه في اسمه ونسبه ونسبته والحديث واحد وهو في فضل من اعتق رقبة مؤمنة أو فيمن ضم يتيما بين أبويه وقد جعله بعض من صنف عدة أسماء وساق في كل اسم حديثا مها وهو واحد اهـ باختصار (قلت) جاء عند الامام احمد في الطريق الأولى من هذا الحديث (مالك بن الحارث) وفي الطريق الثاني (عمرو بن مالك أو مالك بن عمرو) وجاء في الحديث التالي عن رجل من قومه يقال له مالك أو ابن مالك وجاء عند الامام أحمد أيضا (عن مالك بن عمرو القشيري) بمعنى حديث الباب وتقدم في باب فضل العتق من كتاب العتق في الجزء الرابع عشر صحيفة 142 رقم 9 وكل هذه الروايات من طريق علي بن زيد بن جدعان وجاء عنده أيضا من طريق قتادة يحدث عن زرارة ابن أوفى عن أبي بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من أدرك والديه أو أحدهما الحديث تقدم في هذا الجزء في باب بر الوالدين وحقوقهما ص 57 رقم 15 وقد رجع الحافظ في الإصابة هذه الرواية كما تقدم والله أعلم (غريبه) (5) أي من بين أبوين مسلمين كما صرح بذلك في الحديث رقم 9 ص 142 في الجزء

حتى يستغنى (1) عنه وجبت له الجنة البتة ومن اعتق امرءا مسلما (2) كان فكاكه من النار يجزي بكل عضو منه عضوا منه من النار (عن زرارة بن أوفى) (3) عن رجل من قومه يقال له مالك أو ابن مالك (4) يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال أيما مسلم ضم يتيما بين أبوين مسلمين إلى طعامه وشرابه حتى استغنى وجبت له الجنة البتة وأيما مسلم اعتق رقبة أو رجلا مسلما كانت فكاكه من النار ومن أدرك والديه أو احدهما فدخل النار فابعده الله (5) (عن أبي هريرة) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم إني ارج حتى الضعيفين اليتيم والمرأة (وعنه أيضا) (7) أن رجلا شكى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال امسح رأس اليتيم واطعم المسكين (عن أبي أمامة) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من مسح رأس يتيم لم يمسحه إلا الله وكان بكل شعرة مرت عليها يده حسنات ومن أحسن إلى يتيمة أو يتيم عنده كنت أنا وهو في الجنة كهاتين وفرق بين اصبعيه السبابة والوسطى (عن أبي هريرة) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الساعي على الأرملة والمسكين (10) كالمجاهد في سبيل الله

_ الجزء الرابع عشر (1) أي حتى يغنيه الله عنه (وقوله البتة) نصب على المصدر والمراد به القطع بالشيء والمراد أنه لا بد له من دخول الجنة وأن تقدم من عذاب وفيه بشارة عظيمة له بأن يموت على الإيمان لأنه لا يدخل الجنة إلى مؤمن كما في الحديث (2) هذا الجزء المختص بالعتق تقدم شرحه في الحديث رقم 9 ص 142 في الجزء الرابع عشر المشار إليه آنفا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه على بن زيد وهو حسن الحديث وبقية رجاله رجال الصحيح (3) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت علي بن زيد يحدث عن زرارة بن أوفى الخ (غريبه) (4) هو مالك بن الحارث المذكور في الحديث السابق (5) هذا الجزء المختص بالوالدين تقدم شرحه في هذا الجزء من باب بر الوالدين وحقوقهما ص 37 رقم 13 (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (عل حم طب) وهو حسن الاسناد (6) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب حق الزوجة على الزوج في الجزء السادس عشر صحيفة 132 رقم 263 (وقوله أحرج) بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء مكسورة أي أضيقه وأحرمه على من ظلمها (7) (سنده) حدثنا بهز حدثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران عن ابي هريرة أن رجلا شكى الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (8) (سنده) حدثنا أبو اسحاق الطالقاني حدثنا عبد الله بن المبارك عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن **** عن علي بن زيد عن القاسم عن أبي أمامة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه علي بن زيد الاءلهاني وهو ضعيف (9) (سنده) حدثنا أبو سلمة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن ثور بن زيد عن أبي الغيث عن أبي هريرة الخ (غريبه) (10) الساعي على الأرملة والمسكين أي الكاسب لهما العامل (لمؤنتهما) (والأرملة) براء مهملة وفتح الميم المرأة التي لا زوج لها وقد ارملت المرأة مات عنها زوجها والأرمل بفتح الميم أيضا الذي لا امرأة له (والمسكين) تقدم تعريفه هو والفقير في باب ما جاء في الفقير والمسكين من كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 51 رقم 11 فارجع إليه (تخريجه) (ق نس مذ جه) هذا وتقدم أحاديث تختص باليتيم أيضا في كتاب الوصايا في الجزء

أو كالذي يقوم الليل ويصوم النهار (باب الترغيب في الإحسان إلى الجار) (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره (2) ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت (عن عائشة) (3) رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله إلأا أن فيه فليقل خيرا أو ليصمت بدل يسكت (عن أبي شريح الخزاعي) (4) وكانت له صحبة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحسن إلى جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت (عن أبي هريرة) (5) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالها ثلاث مرات قالوا وماذاك يا رسول الله؟ قال الجار لا يأمن الجار بواتقه قالوا وما بواتقه؟ قال شره (عن علقمة بن عبد الله المزني) (6) عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليتق الله عز وجل وليكرم جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليتق الله وليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليتق الله وليقل حقا أو ليسكت (حدثنا محمد بن جعفر) (7) ثنا هشام ويريد قال أنا هشام عن حفصة عن أبي العالية عن الأنصاري قال يزيد رجل من الأنصار قال خرجت من أهلي أريد النبي صلى الله عليه وسلم فإذا أنا به قائم ورجل معه مقبل عليه فظننت أن لهما حاجة قال فقال الأنصاري والله لقد قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جعلت أرثي لرسول الله صلى الله عليه وسلم من طول القيام

_ الخامس عشر (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي حسين عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) جاء في رواية أخرى لمسلم والإمام أحمد وسيأتي بعد حديث بلفظ (فليحسن إلى جاره) بدل فلا يؤذ جاره (تخريجه) (ق. وغيرهما) (3) (سنده) حدثنا الحكم ابن موسى قال ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال قال قال أبي فذكره عن أمه عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر الحديث (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (4) (سنده) حدثنا روح بن عبادة قال أنا زكريا بن اسحاق قال حدثنا عمرو بن دينار عن نافع بن جبير ابن مطعم عن أبي شريح الخزاعي الخ (تخريجه) (م) إلا أنه قال فليقل خيرا أو ليسكت بدل أو ليصمت والمعنى واحد (5) (سنده) حدثنا حجاج وروح قال ثنا ابن ابي ذئب عن سعيد المقبرى عن أبي شريح الكعبي وقال روح عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب عن أبي هريرة إلى قوله بواثقه وعزاه للامام أحمد والبخاري ومسلم ثم قال وزاد أحمد (قالوا يا رسول الله وما بواتقه؟ قال شره) قال وفي رواية لمسلم (لا يدخل الجنة من لا يأمن جاره بواتقه) (6) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن علقمة بن عبد الله المزني عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير علقمة بن عبد الله المزني وهو ثقة (7) (حدثنا محمد بن جعفر الخ) (غريبه) (3) من رثى إذا رق

فلما انصرف قلت يا رسول الله لقد قام بك الرجل حتى جعلت أرثي لك من طول القيام قال ولقد رأيته؟ قلت نعم قال أتدري من هو؟ قلت لا قال ذاك جبريل عليه السلام مازال يوصيني بالجار (1) حتى ظننت أن سيورثه ثم قال أما أنك لو سلمت عليه رد عليك السلام (عن عائشة) (2) رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما زال جبريل عليه السلام يوصيني بالجارحتى أنه سيورثه (3) (عن عبد الله) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مازال جبريل عليه السلام يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورثه أو قال خشيت أن يورثه (عن عبد الله بن عمرو) (5) بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن أبي هريرة) (6) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نحوه (عن أبي أمامة) (7) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصي بالجار حتى ظننت أنه سيورثه

_ وتوجع أي اشفق عليك واتوجع لك (1) قال العلائي الظاهر أن المراد جار الدارلا جار الجوار لأن التوارث كان في صدر الإسلام بجوار العهد ثم نسخ (حتى) بعني أنه لما أكثر علي في المحافظة على رعاية حقه (ظننت أنه سيورثه) أي سيحكم بتوريث الجار من جاره بأن يأمرني عن الله به (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (2) (سنده) حدثنا يحيى عن يحيى عن رجل عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) جاء في آخر الحديث في الأصل بعد هذه الجملة قال يحيى أراه سمى لي أبا بكر بن محمد ولكن نسيت اسمه (قلت) قوله (قال يحيى) هو ابن سعيد الراوي عن يحيى الأول والظاهر أن يحيى الأول هو يحيى بن يحيى بن بكير (أراه) بضم الهمزة أي أظنه (سمى لي أبا بكر بن محمد) يعني ابن عمرو بن حزم ومما يؤيد ذلك أن مسلما رواه عن طريق يحيى بن سعيد أخبرني أبوبكر وهو ابن محمد بن عمرو بن حزم أن عمرة حدثته أنها سمعت عائشة تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه ليورثنه (تخريجه) (ق. والأربعة وغيرهم) (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عمر بن محمد بن زيد أنه سمع أباه محمدا يحدث عن عبد الله (يعني ابن عمر) الخ (تخريجه) (ق مذ) (5) (سنده) حدثنا سفيان عن داود يعني ابن شابور عن مجاهد وبشير أبي اسماعيل عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مازال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سورثه (تخريجه) (د مذ) والبخاري في الأدب المفرد وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب اهـ قال المنذري وقد روى هذا المتن من طرق كثيرة وعن جماعة من الصحابة رضي الله عنهم (6) (سنده) حدثنا أبو قطن ثنا يونس بن عمرو بن عبد الله يعني ابن أبي اسحاق عن مجاهد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاني جبريل عليه السلام فقال اني كنت اتيتك الليلة فلم يمنعني أن ادخل عليك البيت الذي أنت فيه إلا أنه كان في البيت تمثال رجل وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل فمر برأس التمثال يقطع فيصير كبيئة الشجرة ومر بالستر يقطع فيجعل منه وسادتان توطآن ومر بالكلب فيخرج ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا الكلب جرو كان للحسن والحسين عليه السلام تحت نضد لهما قال ومازال يوصيني بالجار حتى ظننت أو رأيت أنه سيورثه (تخريجه) (د مذ نس حب) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (7) (سنده) حدثنا حيوة بن شريح ثنا بقية ثنا محمد بن زياد الالهاني قال سمعت أبا أمامة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني بنحوه وصرح **** بالتحديث فهو حديث حسن

(عن عبد الله بن عمرو) (1) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره (عن أبي ذر) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا أبا ذر إذا طبخت فأكثر المرقد وتعاهد (3) جيرانك أو اقسم بين جيرانك (عن عمر بن الخطاب) (4) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا شبع الرجل دون جاره (أبواب الضيافة وآدابها) (باب الترغيب في إكرام الضيف وفضل ذلك وبركته) (عن عبد الله بن عمرو) (5) أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم أي الأعمال خير؟ قال أن تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرف (وعنه أيضا) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليحفظ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت (عن أبي سعيد الخدري) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه قالها ثلاثا قالوا وما كرامة الضيف يا رسول الله؟ قال ثلاثة أيام

_ (1) (سنده) حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا حيوة وابن لهيعة قالا اخبرن شرحبيل بن شريك أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلى يحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (مذ ك حب) وقال الترمذي حديث حسن غريب اهـ وصححه الحاكم وأقره الذهبي (2) (سنده) حدثنا عبد العزيز ابن عبد الصمد حدثنا أبو عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر الخ (غريبه) (3) قال في القاموس التعهد والتعاهد والاعتهاد أن يلتزم محافظة شيء ويتفقد أحواله ولا يغفل عنه أصلا قال العلماء هذا أمر ندب ويعد ارشاد إلى مكارم الأخلاق قال الأبى جيرانك جمع جار لكن يخصصه قوله في بعض الروايات ثم انظر أهل بيت من جيرانك فبالبيت الواحد يخرج من العهدة (تخريجه) (م مذ جه) (4) (عن عمر بن الخطاب الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وتخريجه في باب مناقب سعد بن أبي وقاص من كتاب مناقب الصحابة رضي الله عنهم (باب) (5) (سنده) حدثنا حجاج وأبو النضر قالا حدثنا ليث حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (تخريجه) (ق د نس جه) وغيرهم (6) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثني حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) واسنادهما حسن اهـ (قلت) وأورده أيضا المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد باسناد حسن (7) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) أورده الهيثمي والمنذري في الترغيب والترهيب وقالا رواه أحمد مطولا ومختصرا باسانيد احدها صحيح والبزار وأبو يعلي اهـ (قلت) من المطول حديث تقدم في باب الاستئذان ثلاث مرات من كتاب السلام والاستئذان في الجزء السابع عشر وسنده حسن ومن المختصر حديث لأبي سعيد أيضا مرفوعا بلفظ الضيافة ثلاث فما زاد على ذلك فهو صدقة وسنده صحيح وسيأتي بعد باب

فما جلس بعد ذلك فهو عليه صدقة (عن عقبة بن عامر) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا خير فيمن لا يضيف (عن مالك بن نضلة) (2) قال قلت يا رسول الله رجل نزلت به فلم يقرني (3) ولم يكرمني ثم نزل بي أقريه أو أجزيه (4) بما صنع قال بل أقره (5) (عن سنان بن سنة) (6) صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الطاعم الشاكر (7) له مثل أجر الصائم الصابر (8) (باب ما جاء في عدم التكلف للضيف) (عن عبد الله بن عبيد بن عمير) (9) قال دخل على

_ وفي حديث الباب دراج بن سمعان أبو السمح وحديثه عن أبي الهيثم ضعيف والله أعلم (1) (سنده) حدثنا حجاج وحسن بن موسى قالا ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن عقبة بن عامر الخ (تخريجه) (هب) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة وحديثه حسن اهـ (قلت) وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بعلامة الحسن (2) (سنده) حدثنا عفان ثنا شعبة قال ابو اسحاق انبأنا قال سمعت أبا الأحوص يحدث عن أبيه قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا قشيف الهيئة فقال هل لك مال؟ قال قلت نعم قال فما مالك؟ فقال من كل المال من الخيل والابل والرقيق والغنم قال فماذا آتاك الله عز وجل ما لا فلير عليك فقال هل تنتج ابل قومك صحاحا آذانها فتعمد إلى الموسى فتقطعها أو تقطعها وتقول هذا بحر وتشق جلودها وتقول هذه صرم فتحرمها عليك وعلى أهلك؟ قال قلت نعم قال كل ما آتاك الله عز وجل لك حل وساعد الله أشد من ساعدك وموسى الله أحد من موساك قال قلت يا رسول الله رجل نزلت به فلم يقرني الخ (غريبه) (3) بفتح أوله (ولم يكرمني) بضم أوله وجاء عند الترمذي بلفظ (قلت يا رسول الله الرجل امر به فلا يقريني ولا يضيفني) فقوله ولا يضيفني بضم أوله تفسير لقوله فلا يقريني (4) أقريه أو أجزيه كلاهما بفتح الهمزة ومعناه أكافئه ترك القرى ومنع الطعام كما فعل بي أم أقربه وأضيفه؟ (5) بفتح الهمزة وسكون القاف وكسر الراء أي أضفه وفيه حث على القرى الذي هو من مكارم الأخلاق ومنها دفع السيئة بالحسنة هذا وصدر هذا الحديث الذي لم نتعرض لشرحه هنا تقدم مثله من حديث أبي الأحوص أيضا في باب النهي عن قتل الحيوان أو الإنسان من كتاب القتل والجنايات في الجزء السادس عشر صحيفة 29 رقم 91 وتقدم شرحه هناك مستوفي فارجع إليه إن شئت (تخريجه) (مذ نس) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وأبو الأحوص اسمه عوف بن مالك بن نضلة الجشمي (6) (سنده) حدثنا هارون بن معروف قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الإمام أحمد) وسمعته أنا من هارون ثنا عبد العزيز بن محمد قال اخبرني محمد بن عبد الله بن أبي حرة عن عمه حكيم بن أبي حرة عن سنان بن سنة الخ (غريبه) (7) هو الذي يطعم الفقير والمسكين وابن السبيل ويقرى الضيف ونحو ذلك مع شكره لله عز وجل على نعمة الغنى وتصورها وإظهارها (8) أي لأن الطعم فعل والصوم كف عن فعل فالطاعم بطبعه يأتي ربه بالشكر والصائم بكفه عن الطعم يأتي ربه بالصبر (قال الإمام الغزالي) هذا دليل على فضيلة الصبر إذ ذكر ذلك في معرض المبالغة لرفع درجة الشكر فألحقه بالصبر فكان هذا منتهى درجته ولولا أنه فهم من الشرح علو درجة الصبر لما كان الحاق الشكر به مبالغة في الشكر (تخريجه) (مذ جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي باب (9) (سنده) حدثنا أسباط بن محمد ثنا عبيد الله بن الوليد الوصافى عن عبد الله بن عبيد بن

جابر بن عبد الله نفر من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقدم إليهم خبزا وخلا فقال كلوا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم نعم إلادام الخل أنه هلاك بالرجل أن يدخل عليه النفر من أخوانه فيحتقر ما في بيته أن يقدمه إليهم وهلاك بالقوم أن يحتقروا ما قدم اليهم (عن سلمان الفارسي) (1) أنه دخل عليه رجل فدعا له بما كان عنده فقال لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا ولولا أنا نهينا أن يتكلف أحدنا لصاحبه لتكلفنا لك (باب ما جاء مدة الضيافة وما للضيف من الحق وما عليه) (عن أبي هريرة) (2) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال حق الضيافة ثلاثة أيام فما أصاب بعد ذلك فهو صدقة (عن أبي سعيد الخدري) (3) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مثله (عن أبي شريح الخزاعي) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الضيافة ثلاثة أيام وجائزته يوم وليلة (5) ولا يحل للرجل أن يقيم عند أحد حتى يؤثمه (6) قالوا يا رسول الله فكيف يؤثمه؟ قال يقيم عنده وليس له

_ عمير الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (حم طب عل) إلا أن أبا يعلى قال وكفى بالمرء شرا أن يحتقر ما قرب إليه وبعض أسانيدهم حسن (ونعم الإدام الخل) في الصحيح ولعل قوله (أنه هلاك بالرجل) الخ من كلام جابر مدرج غير مرفوع والله أعلم (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا قيس بن الربيع ثنا عثمان بن سابور رجل من بني أسد عن شقيق أو نحوه شك قيس أن سلمان دخل عليه رجل الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط بأسانيد واحد أسانيد الكبير رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) يؤيدهما أورده الهيثمي أيضا وعزاه للطبراني عن شقيق بن سلمة قال دخلت أنا وصاحب لي إلى سلمان الفارسي فقال سلمان لولا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن التكلف لتكلفت لكم ثم جاء بخبز وملح فقال صاحبي لو كان ملحنا عنقز فبعث سلمان بمطهرته فرهنها ثم جاء بعنقز فلما أكلنا قال صاحبي الحمد لله الذي قنعنا بما رزقنا فقال سلمان لو قنعت بما رزقك لم تكن مطهرتي مرهونة قال الهيثمي رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن منصور الطوسى وهو ثقة وفي رواية عنده نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتكلف للضيف ما ليس عندنا اهـ (قلت) جاء في الحديث لفظ العنقز وفسره في النهاية بأصل القصب الغض والله أعلم (باب) (2) (سنده) حدثنا روح ثنا هشام عن محمد عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورواته ثقات سوى ليث بن أبي سليم اهـ (قلت) ليث بن أبي سليم ليس من رجال هذا الحديث عند الإمام أحمد بل رجاله عنده من رجال الصحيحين فالحديث صحيح (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الجريري عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الضيافة ثلاث فما زاد على ذلك فهو صدقة (تخريجه) (بز عل) وسنده عند الامام أحمد صحيح (4) (سنده) حدثنا وكيع ثنا عبد الحميد بن جعفر عن سعيد بن أبي سعيد المقبرى عن أبي شريح الخزاعي الخ (غريبه) (5) الجائزة العطية أي ليكلف في اليوم الأول بما اتسع له من بر قدر طاقته وفي اليوم الثاني والثالث يكفي الطعام المعتاد (6) أي يحرجه كما صرخ بذلك في بعض الروايات من الإحراج والتحريج والحرج هو الضيق أي حتى يضيق عليه (وقال الخطابي) معناه لا يحل للضيف أن يقيم عنده بعد ثلاثة أيام من غير استدعاء منه حتى يضيق صدره فيبطل أجره اهـ (قال الحافظ المنذري) وللعلماء في هذا الحديث تأويلان (أحدهما) أنه يعطيه ما يجوز به ويكفيه في يوم وليلة إذ اجتاز به وثلاثة

شيء يقريه (عن العباس الجريري) (1) قال سمعت أبا عثمان النهدي يقول تضيفت أبا هريرة سبعا (2) قال وسمعته يقول قسم النبي صلى الله عليه وآله وسلم بين أصحابه تمرا فأصابني سبع تمرات احداهن حشفة (3) فلم يكن شيء أعجب إلى منها شدت مضاغي (4) (عن أبي هريرة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل أحدكم على أخيه المسلم فأطعمه طعاما فليأكل من طعامه ولا يسأله عنه فإن سقاه شرابا من شرابه فليشرب من شرابه ولا يسأله عنه (عن المقدام بن معديكرب) (6) الكندي أبي كريمة رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول ليلة الضيف واجبة على كل مسلم (7) فإن اصبح بفنائه (8) محروما كان دينا له عليه إن شاء اقتضاه وان شاء تركه (وعنه من طريق ثان) (9) عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أيما مسلم أضاف قوما فأصبح الضيف محروما فإن حقا على كل مسلم نصره حتى يأخذ بقرى الليلة ليلته من زرعه وماله (10) (عن أبي هريرة) (11) أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال أيما ضيف نزل بقوم فأصبح الضيف محروما فله أن يأخذ بقدر قراه ولا حرج عليه (عن عقبة بن عامر) (12) أنه قال قلنا لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إنك تبعثنا فننزل بقوم لا يقرونا فما

_ أيام إذا قصده (والثاني) يعطيه ما يكفيه يوما وليلة يستقبلهما بعد ضيافته اهـ (تخريجه) (ق د مذ جه لك) (1) (سنده) حدثنا عفا حدثنا حماد بن يزيد ثنا العباس الجريري الخ (غريبه) (2) أي نزلت على أبي هريرة ضيفا سبع ليال وفيه جواز مكت الضيف زيادة على ثلاث برضا المضيف (3) الحشف بالتحريك اليابس الفاسد من التمر وقيل الضعيف الذي لا نوى له كالشيص (4) المضاغ بالفتح الطعام يمضغ وقيل هو المضغ نفسه يقال لقمة لينة المضاغ وشديدة المضاغ أراد أنه كان فيها قوة عند مضغها (نه) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله كلهم ثقات (5) (سنده) حدثنا حسين بن محمد قال ثنا مسلم يعني ابن خالد عن زيد بن أسلم عن سمى عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) وفي اسناده مسلم بن خالد الزنجى وثقه ابن معين وغيره وضعفه أحمد وغيره وبقية رجالهما رجال الصحيح (6) (سنده) حدثنا حيحى بن سعيد قال ثنا شعبة حدثني منصور عن الشعبي عن المقدام بن معديكرب الخ (غريبه) (7) قال الامام الخطابي وجه ذلك أنه رآها حقا من طريق المعروف والعادة المحمودة ولم يزل قرى الضيف وحسن القيام عليه من شيم الكرام وعادات الصالحين ومنع القرى مذموم على الألسن وصاحبه ملوم وقد قال صلى الله عليه وسلم من كان يومن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه (8) بكسر الفاء هو المتسع أما الدار ويجمع الفناء على أفنية (9) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت أبا الجودى يحدث عن سعيد بن المهاجر عن المقدام أبي كريمة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (10) قال الإمام الخطابي يشبه أن يكون هذا في المضطر الذي لا يجد ما يطعمه ويخاف التلل على نفسه من الجوع فإذا كان بهذه الصفة كان له أن يتناول من مال أخيه ما يقيم به نفسه قال وهذا يشبه مذهب الشافعي (تخريجه) (د جه ك) وصححه الحاكم وسكت عنه أبو داود والمنذري (11) (سنده) حدثنا قتيبة قال حدثنا ليث بن سعد عن معاوية ابن صالح عن أبي طلحة عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد ورواته ثقات والحاكم وقال صحيح الاسناد (12) (سنده) حدثنا حجاج انا ليث حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير

ترى في ذلك؟ فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزلتم بقوم فأمروا لكم بما ينبغي للضيف فاقبلوا وان لم يفعلوا فخذوا منهم حق الضيف الذي ينبغي لهم (باب اشتراك المسلمين وتعاونهم في قرى الأضياف إذا كثروا) (عن الحارث بن عبد الرحمن) (1) قال بينما أنا جالس مع أبي سلمة بن عبد الرحمن إذ طلع علينا رجل من بني غفار ابن لعيد الله بن طهفة فقال أبو سلمة ألا تخبرنا عن خبر أبيك؟ قال حدثني أبي عبد الله بن طهفة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كان إذا كثر الضيف عنده قال لينقلب كل رجل بضيفه حتى إذا كان ذات ليلة اجتمع عنده ضيفان كثير وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لينقلب كل رجل مع جليسه قال فكنت ممن انقلب مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما دخل قال يا عائشة هل من شيء؟ قالت نعم حويسة (2) كنت أعددتها لإفطارك قال فجاءت بها في قعيبة (3) لها فتناول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منها قليلا فأكله ثم قال خذوا باسم الله فأكلنا منها حتى ما تنظر إليها (4) ثم قال هل عندك من شراب؟ قالت نعم لبينة (5) كنت أعددتها لك قال هلميها (6) فجاءت بها فتناولها رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفعها إلى فيه فشرب قليلا ثم قال اشربوا بسم الله فشربنا حتى والله ما ننظر إليها (7) ثم خرجنا فأتينا المسجد (8) فاضطجعت على وجهي فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يوقظ الناس الصلاة الصلاة وكان إذا خرج يوقظ الناس للصلاة فمر بي وأنا على وجهي فقال من هذا؟ فقلت أنا عبد الله بن طهفة (9) فقال أن هذه ضجعة يكرهها الله عز وجل (عن عبد الرحمن بن أبي بكر) (10) رضي الله عنهما أن أصحاب الصفة كانوا أناسا فقراء وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مرة من كان عنده طعام اثنين فليذهب بثالث من كان عنده

_ عن عقبة بن عامر الخ (تخريجه) (ق د جه) قال المنذري واخرجه الترمذي من حديث ابن لهيعة وقال حسن (باب) (1) (سنده) حدثنا يزيد انا بن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن الخ (وله طريق أخرى) عند الامام أحمد أيضا قال حدثنا اسماعيل بن ابراهيم عن هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن يعيش بن طخفة الغفاري قال كان أبي من أصحاب الصفة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهم فجعل ينقلب الرجل بالرجل والرجلين حتى بقيت خمسة خمسة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلقوا فانطلقنا معه إلى بيت عائشة الخ (غريبه) (2) تصغير الحيس وهو الطعام المتخذ من التمر والإقط والسمن وقد يجعل عوض الإقط الدقيق (نه) (3) تصغير القعب بفتح القاف والعب اناء ضخم كالقصعة والجمع قعاب واقعب مثل سهم وسهام وأسهم والمراد هنا إناء صغير (4) يعني من كثرة الشبع (5) تعني شيئا قليلا من اللبن (6) أي ائتني بها (7) أي من كثرة الري والشبع وفي تكثير الطعام والشراب معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم (8) جاء في الطريق الثانية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن شئتم بتم وان شئتم انطلقتم إلى المسجد فقلنا لا بل ننطلق إلى المسجد (9) جاء في هذه الرواية طهفه بالهاء وجاء في الطريق الثانية طخمه بالخاء المعجمة بدل الهاء وتقدم الكلام على ذلك في باب هيئة الاضطجاع للنوم من كتاب الاذكار في الجزء الرابع عشر صحيفة 245 في شرح حديث رقم 119 فارجع إليه (تخريجه) (د نس جه) وسكت عنه أبو داود والمنذري وسنده جيد (10) (سنده) حدثنا عارم ثنا معتمر بن سليمان عن أبيه حدثنا أبو عثمان أنه حدثه عبد الرحمن

طعام أربعة فليذهب بخامس بسادس أو كما قال (1) وان أبا بكر جاء بثلاثة فانطلق نبي الله صلى الله عليه وسلم بعشرة (2) وأبو بكر بثلاثة قال فهو أنا وأبي وأمي (3) ولا أدري هل قال وامرأتي وخادم بين بيتنا وبيت أبي بكر وان أبا بكر تعشى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم لبث حتى صليت العشاء ثم رجع فلبث حتى نعس (4) رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء بعد ما مضى من الليل ما شاء الله قلت له امرأته ما حبسك على أضيافك أو قالت ضيفك؟ قال أو ما عشيتهم؟ قالت أبوا حتى تجيء قد عرضوا عليهم فغلبوهم (5) قال فذهبت أنا فاختبأت (6) قال يا غنثر أو يا عنتر (7) فجدع وسب وقال كلوا لا هنيئا (8) وقال والله لا أطعمه أبدا قال وحلف الضيف أن لا يطعمه حتى يطعمه أبو بكر (9) قال فقال أبو بكر هذه من الشيطان قال فدعا بالطعام فأكل قال فايم الله ما كنا نأخذ من لقمة ربا (10) من أسفلها أكثر منها قال حتى شبعوا وصارت أكثر مما كانت قبل ذلك فنظر إليها أبو بكر فاذا هي كما هي أو اكثر فقالى لامرأته (11) يا أخت بني فراس ما هذا؟ قالت لا وقرة عيني (12) لهي

_ ابن أبي بكر أن أصحاب الصفة الخ (غريبه) (1) فيه فضيلة الايثار والمواساة وانه إذا حضر ضيفان كثيرون ينبغي للجماعة أن يتوزعوهم ويأخذ كل واحد منهم من يحتمله وانه ينبغي لكبير القوم أن يأمر اصحابه بذلك ويأخذ هو من يمكنه (2) هذا مبين لما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الأخذ بأفضل الأمور والسبق إلى السخاء والجود فإن عيال النبي صلى الله عليه وسلم كانوا قريبا من عدد ضيفانه هذه الليلة فأتى بنصف طعامه أو نحوه وأتى أبو بكر رضي الله عنه بثلث طعامه أو أكثر وأتى الباقون بدون ذلك والله أعلم قاله النووي (3) القائل انا الخ عبد الرحمن بن أبي بكر راوي الحديث والقائل ولا أدري هو الراوي عن عبد الرحمن (4) بفتح العين المهملة (5) معناه أنهم عرضوا عليهم الطعام فأبوا حتى يحضر أبو بكر وانما فعلوا ذلك ادبا ورفقا بأبي بكر فيما ظنوه لأنهم ظنوا أنه لا يحصل له عشاء من عشائهم (6) القائل فذهبت أنا هو عبد الرحمن بن أبي بكر والقائل يا غنثر الخ هو ابو بكر رضي الله عنه وانما اختبأ عبد الرحمن خوفا من خصام أبيه له وشتمه إياه (وغنثر) بضم الغين المعجمة ثم بعدها نون ساكنة ثم ثاء مثلثة مفتوحة ومضمومة لغتان هذه هي الرواية المشهورة في ضبطه قالوا هو الثقيل الوخم وقيل هو الجاهل مأخوذ من الثغارة بفتح الغين المعجمة وهو الجهل والنون فيه زائدة وقيل هو السفيه وقيل هو ذباب أزرق وقيل هو اللئيم مأخذ من الغثر وهو اللؤم (7) أو للشك من الراوي هل قال يا غنثر أو يا عنتر وعنتر بعين مهملة وتاء مثناة مفتوحتين قالوا وهو الذباب وقيل هو الأزرق منه شبهه به تحقيرا له (8) إنما قال ذلك لما حصل له من الحرج والغيظ بتركهم العشاء بسببه وقيل أنه ليس بدعاء إنما أخبر أي لم تتهنئوا به وقته (9) بعد هذا الحلف من الطرفين قال أبو بكر هذه من الشيطان يعني يمينه كما سيأتي في الحديث ثم أكل بعد الحلف وفيه أن من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها فعل ذلك وكفر عنه يمينه كما جاءت به الأحاديث الصحيحة (10) أي زاد وفيه كرامة ظاهرة لأبي بكر الصديق رضي الله عنه وفيه اثبات كرامات الأولياء وهو مذهب أهل السنة خلافا للمعتزلة (11) هي أم رومان بنت عامر بن بني فراس بن غنيم بن غنيم بن مالك بن كنانة وهي أم عبد الرحمن وعائشة (12) قال أهل اللغة

الآن أكثر منها قبل ذلك بثلاث مرار فأكل منها أبو بكر وقال انما ذلك من الشيطان يعني يمينه ثم أكل لقمة ثم حملها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصبحت عنده قال وكان بيننا وبين قوم عقد فمضى الاجل فعرفنا (1) اثني عشر رجلا مع كل رجل أناس الله أعلم كم مع كل رجل غير أنه بعث معهم فأكلوا منها اجمعون أو كما قال (أبواب تعظيم حرمات المسلمين) (وبيان حقوقهم والشفقة عليهم والنصح لهم وحسن الظن لهم وستر عوراتهم وغير ذلك) (باب الترغيب في النصيحة للمسلمين) (عن ابن عباس) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم الدين النصيحة قالوا لمن؟ قال لله ولرسوله (3) ولأئمة المسلمين (4)

_ قرة العين يعبر بها عن المسرة ورؤية ما يحبه الإنسان ويوافقه قيل إنما قيل ذلك لأن عينة تقر لبلوغ أمنيته فلا يستشرف لشيء فيكون مأخوذا من القرار وقيل مأخوذ من القر بالضم وهو البرد أي عينه بارده لسرورها وعدم مقلقها قال الأصمعي وغيره أقر الله عينه أي ابرد دمعته لأن دمعة الفرح باردة ودمعة الحزن حارة ولهذا يقال في ضده أسخن الله عينه (قال صاحب المطالع) قال الداودي أرادت بقرة عينها النبي صلى الله عليه وسلم فأقسمت به ولفظه (لا) في قولها لا وقرة عيني زائدة ولها نظائر مشهورة ويحتمل أنها نافية وفيه محذوف أي لا شيء غير ما أقول وهو وقرة عيني لهى أكثر منها (1) بالعين المهملة وتشديد الراء أي جعلنا عرفاء والعريف النقيب وهو دون الرئيس (قال النووي) وفي هذا الحديث دليل لجواز تفريق العرفاء على العساكر ونحوها وفي سنن أبي داود (العرافة حق) لما فيه من مصلحة الناس وليتيسر ضبط الجيوش ونحوها على الامام باتخاذ العرفاء وأما الحديث الآخر (العرفاء في النار) فمحمول على العرفاء المقصرين في ولايتهم المرتكبين فيها ما لا يجوز كما هو معتاد لكثير منهم (تخريجه) (م د) (باب) (2) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب قال أخبرني عبد الرحمن بن ثوبان قال سمعت عمرو ابن دينار يقول اخبرني من سمع ابن عباس يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) جاء في حديث تميم الداري لله ولكتابه ولرسوله (4) زاد في حديث تميم الداري (وعامتهم) ومعنى الحديث ذكره صاحب النهاية فقال النصيحة كلمة يعبر بها عن جملة هي إرادة الخير للمنصوح له وليس يمكن أن يعبر هذا المعنى بكلمة واحدة تجمع معناه غيرها واصل النصح في اللغة الخلوص يقال نصحته ونصحت له ومعنى نصيحة الله صحة الاعتقاد في وحدانيته واخلاص النية في عبادته والنصيحة لكتاب الله هو التصديق به والعمل بما فيه ونصيحة رسوله التصديق بنبوته ورسالته والانقياد لما أمر به ونهى عنه ونصيحة الأئمة أن يطيعهم في الحق ولا يرى الخروج عليهم إذا جاروا ونصيحة عامة المسلمين ارشادهم إلى مصالحهم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) والطبراني في الكبير وقال ولأئمة المسلمين وعامتهم قال أحمد عن عمرو بن دينار اخبرني من سمع ابن عباس وقال الطبراني عن عمرو بن دينار عن ابن عباس فقتضى رواية أحمد الانقطاع بين عمرو وابن عباس ومع ذلك فيه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وقد ضعفه أحمد وقال أحاديثه مناكير ورواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح ولفظ أبي يعلي قالوا لمن يا رسول الله؟ قال لكتاب الله ولنبيه ولأئمة اهـ (قلت) يؤيده حديث أبي هريرة الآتي بعده وحديث تميم الداري

(عن أبي هريرة) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الدين النصيحة ثلاث مرات قال قيل يا رسول الله لمن؟ قال لله ولكتابه ولأئمة المسلمين (عن تميم الداري) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدين النصيحة الدين النصيحة ثلاثا (وفي رواية إنما الدين النصيحة) قالوا لمن يا رسول الله؟ قال لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (عن حكيم بن أبي يزيد) (3) عن أبيه عمن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول دعوا الناس فليصب بعضهم من بعض فماذا استنصح رجل أخاه فلينصح له (عن جرير) (4) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أبايعك على الإسلام فقبض يده وقال النصح لكل مسلم ثم قال صلى الله عليه وسلم أنه من لم يرحم الناس لم يرحمه الله عز وجل (عن زياد بن علاقة) (5) قال سمعت جرير ابن عبد الله رضي الله عنه قام يخطب يوم توفي المغيرة بن شعبة فقال عليكم باتقاء الله عز وجل الوقار والسكينة حتى يأتيكم أمير فإنما يأتيكم الآن ثم قال اشفعوا لأميركم (6) فإنه كان يحب العفو وقال أما بعد فإني أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت أبايعك على الإسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم واشترط على النصح لكل مسلم (7) وفي رواية (وتنصح للمسلم وتبرأ من الكافر) فبايعته على هذا ورب هذا المسجد (8) إني لكم لناصح جميعا (9) ثم استغفر ونزل (عن أبي أمامة) (10) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال

_ الآتي بعد حديث أبي هريرة رواه مسلم وغيره وهو الحديث السابع من الأربعين النووية (1) (سنده) حدثنا صفوان أنا ابن عجلان عن القعقاع عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن (2) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن سهيل بن أبي صالح عن عطاء بن يزيد المليئي عن تميم الدارى الخ (تخريجه) (م د نس) (3) (سنده) حدثنا عفان ثنا أبو عوانة عن عطاء ابن السائب عن حكيم بن أبي يزيد عن أبيه الخ (قلت) أبوه يزيد الكرخى قال الحافظ ذكره في الصحابة ابن منده وابو نعيم وابن عبد البر وابن الاثير (تخريجه) اخرجه ابو عوانة عن حكيم بن أبي يزيد أيضا بسنده ولفظه واخرجه الطبراني والقضاعي عن أبي السائب قال (مر النبي صلى الله عليه وسلم برجل وهو يساوم صاحبه فجاءه رجل فقال للمشترى دعه) فذكره (وقوله فإذا استنصح أحدكم أخاه) أي طلب منه أن ينصحه (فلينصح له) وجوبا أورده الهيثمي وعزاه للطبراني وفي اسناده عند الجميع عطاء بن السائب وقد اختلط في آخر عمره (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سماك بن حرب عن عبيد الله بن جرير عن جرير (يعني ابن عبد الله) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أخرج الجزء المختص بالنصح منه (ق د نس) وأخرج الجزء المختص بالرحمة منه حديثا مستقلا (ق مذ) (5) (سنده) حدثنا عفان ثنا أبو عوانة حدثنا زياد ابن علاقة الخ (غريبه) (6) أيالمتوفى ويعني بالشفاعة له الدعاء له بالرحمة والمغفرة (7) في هذا الحديث والذي قبله تأكيد النصح لكل مسلم (8) الظاهر أنه مسجد الكوفة لأن المغيرة بن شعبة كان أمير الكوفة ولا يزال كذلك حتى توفي بها سنة إحدى وخمسين (9) أي في أمرهم بالسكينة والوقار حتى يأتي أمير آخر وهو زياد ابن أبي سفيان وفي قوله اشفعوا لأميركم ولا يريد بذلك إلا النصح لهم (تخريجه) (ق د نس) بدون القصة (10) (سنده) حدثنا علي بن اسحاق انا عبد الله بن المبارك ثنا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر

قال الله عز وجل أحب ما تعبدني به عبدي إلى النصح لي (1) (عن أبي مسعود) (2) رفعه وقال شاذان مرة (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال المستشار مؤتمن (4) ذكر شاذان أيضا حديث الدال على الخير كفاعله (5) (باب الترغيب في اعانة المسلم وتفريج عنه كربه وقضاء حاجته وستر عورته) (عن أبي هريرة) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفس (7) عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما (8) ستره الله في الدنيا والآخرة ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ومن سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكية (9) وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله عز وجل فيمن عنده ومن أبطأ به عمله (10) لم يسرع به نسبه

_ عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة الخ (غريبه) (1) تقدم أن النصح لله صحة الاعتقاد في وحدانيته وإخلاص النية في عبادته (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد وكلاهما ضعيف (2) (سنده) حدثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن الأعمش عن أبي عمرو الشيباني عن أبي مسعود (يعني البدري الأنصاري) رفعه الخ (غريبه) (3) شاذان لقب للأسود بن عامر الذي روى عنه الامام أحمد هذا الحديث يعني ان اسود بن عامر قال مرة أبي مسعود عن النبي صلى الله عليه وسلم بدل قوله رفعه والمعنى واحد (4) أي أمين على ما استشرته فيه فمن افضى إلى أخيه بسره وأمنه على نفسه فقد جعله بمحلها فيجب عليه أن لا يشير عليه إلا بما يراه صوابا وفيهد حث على ما يحصل به معظم الدين وهو النصح لله ورسوله وعامة المسلمين وبه يحصل التحابب والائتلاف وبضده يكون التباغض والاختلاف (5) معناه أن حصل ذاك الخير فله مثل ثوابه وإلا فله ثواب دلالته (قال القرطبي) ذهب بعض الأئمة إلى أن المثل المذكور وإنما هو بغير تضعيف لأن فعل الخير لم يفعله الدال وليس كما قال بل ظاهر اللفظ المساواة ويمكن أن يصار إلى ذلك لأن الأجر على الأعمال إنما هو بفضل الله يهب لمن يشاء على أي فعل شاء وقد جاء في الشرح كثير اهـ (تخريجه) اخرج ابن ماجه حديث المستشار ومؤتمن بسنده ولفظه كما هنا وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناد حديث أبي مسعود صحيح ورجاله ثقات وأما حديث الدال على الخير كفاعله أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للبزار عن ابن مسعود وللطبراني عن سهل ابن سعد وعن أبي مسعود ورمز له بالصحة (باب) (6) (سنده) حدثنا ابو معاوية حدثنا الأعمش وابن نمير قال اخبرنا الأعمش عن ابي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبه) (7) بتشديد الفاء من التنفيس أي فرج عنه (8) أي في قبيح فعله وقوله فلم يفضحه بأن اطلع منه على ما يشينه في دينه أو عرضه أو ماله أو أهله فلم يهتكه ولم يكشفه بالتحدث ولم يرفعه للحاكم إن لم يعرف بأذى الناس ولم يجاهر بالفساد وإلا ندب رفعه للحاكم مالم يخف فتنة لأن الستر يقويه على فعله وليس في الحديث ما يقتضي ترك الانكار عليه فيما بينه وبينه (9) قيل المراد بالسكينة هنا الرحمة وهو الذي اختاره القاضي عياض قال النووي وهو ضعيف لعطف الرحمة عليه وقيل الطمأنينة والوقار وهو أحسن (10) معناه من كان عمله ناقصا لم يلحقه بمرتبة

(عن مسلمة بن مخلد) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ستر مسلمان في الدنيا ستره الله عز وجل في الدنيا والآخرة ومن نجى مكروبا فك الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن كان في حاجة أخية كان الله عز وجل في حاجته (عن ابن عمر) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه من كان في حاجة أخيه كان الله عز وجل في حاجته ومن فرج عن مسلم كربة فرج الله عز وجل عنه بها كربة من كرب يوم القيامة ومن ستر مسلما ستره الله يوم القيامة (عن سلام بن عمرو اليشكري) (3) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخوانكم (4) فأصلحوا إليهم (وفي رواية فأحسنوا إليهم) واستعينوهم على ما غلبكم (5) وأعينوهم على ما غلبهم (6) (عن ابن عباس) (7) قال جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم رجلان حاجتهما واحدة فتكلم أحدهما فوجد نبي الله صلى الله عليه وسلم من فيه إخلافا (8) فقال له ألاتستاك؟ فقال اني لأفعل ولكن لم أطعم طعاما منذ ثلاث فأمر به رجلا فآواه وقضى له حاجته (باب الترغيب في شد أزر المؤمن ووده والعطف عليه والتألم لألمه) (عن النعمان بن بشير) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه

_ أصحاب الأعمال فينبغي أن لا يتكل على شرف النسب وفضيلة الآباء ويقصر في العمل (تخريجه) (م د) وروى أبو داود والترمذي قطعا منه (1) (سنده) حدثنا محمد بن بكر أنا ابن جريج عن ابن المنكدر عن أبي أيوب عن مسلمة بن مخلد الخ (قلت) مسلمة بفتح الميم واللام بينهما مهملة ساكنة (ومخلد) بضم الميم وفتح المعجمة وكسر اللام مشددة ذكره الحافظ في الصحابة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد ورجاله ثقات ويؤيده الحديث السابق لأنه بمعناه (وعند الإمام) أحمد حديث آخر لمسلمة بن مخلد قال عبد الله ابن الامام احمد قرأت على أبي هذا الحديث حدثنا عباد بن عباد وابن أبي عدي عن ابن عون عن مكحول أن عقبة (قال ابن أبي عدي) أتى مسلمة بن مخلد بمصر وكان بينه وبين البواب شيء فسمع صوته فأذن له فقال إني لم آتك زائرا ولكني جئتك لحاجة اتذكر يوم (قال عباد في حديثه) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من علم من أخيه سيئة فسترها ستره الله عز وجل يوم القيامة؟ فقال نعم فقال لهذا جئت قال ابن أبي عدي في حديثه ركب عقبه ابن عامر إلى مسلمة بن مخلد وهو أمير على مصر اهـ (قلت) هذا الحديث ذكره الحافظ في الاصابة وعزاه لأبي نعيم (2) (سنده) حدثنا حجاج حدثنا ليث حدثني عقيل عن ابن شهاب ان سالم بن عبد الله اخبره أن عبد الله بن عمر أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق د) (3) (سنده) حدثنا عفان ثنا ابو عوانة عن أبي بشر عن سلام بن عمرو اليشكرى عن رجل الخ (غريبه) (4) منصرب بفعل محذوف أي احفظوا اخوانكم وفي تخصيص الاخوان بالذكر اشعار بصلة المواساة وان ذلك مندوب لأنه وارد على منهج التعطف والتلطف (وقوله فأصلحوا اليهم) اي فأحسنوا إليهم كما جاء في الرواية الثانية (5) أي ما يشق عليكم ولا تطيقونه (6) اي ما يشق عليهم ولا يطيقونه والظاهر أن هذا الحديث ورد في المماليك وان كان صالحا للعموم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أبو يعلي ورجاله ثقات وغفل عن عزوه للامام أحمد (7) (سنده) حدثنا حسن حدثنا زهير عن قابوس ان أباه حدثه عن ابن عباس قال جاء نبي الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) بكسر الهمزة من قولهم أحلف فمه إذا تغيرت رائحته ومنه خلوف فم الصائم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (باب) (9) (سنده) حدثنا اسحاق بن يونس قال ثنا زكريا عن الشعي عن النعمان بن بشير الخ

قال مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى سائر الجسد بالسهر والحمى (وعنه أيضا) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمنين كرجل واحد إذا اشتكى رأسه اشتكى كله إن اشتكى عينه اشتكى كله (عن أبي موسى) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا (عن سهل بن سعد الساعدى) (3) يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان المؤمن من أهل الايمان يمنزلة الرأس من الجسد يألم المؤمن لأهل الايمان كما يألم الجسد لما في الرأس (عن سيار) (4) أنه سمع خالد بن عبد الله التقسرى وهو يخطب على المنبر وهو يقول حدثني أبي عن جدي أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتحب الجنة؟ قال قلت نعم قال أحب لأخيك ما تحب لنفسك (عن أنس) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه المسلم ما يحبه لنفسه من الخير (باب الترغيب في نصرة المؤمن والرد عن عرضه) (عن أنس) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انصر اخاك ظالما أو مظلوما قيل يا رسول الله هذا ننصره مظلوما فكيف ننصره ظالما؟ قال تمنعه من الظلم (وفي لفظ) تحجزه تمنعه من الظلم فإن ذلك نصره (عن جابر) (7) قال اقتتل غلامان (8) غلام من المهاجرين وغلام من الانصار فقال المهاجري ياللمهاجرين وقال الأنصاري ياللانصار (9) فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أدعوى

_ (تخريجه) (ق وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا وكيع ثنا الأعمش عن خيثمة عن النعمان بن بشير قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م وغيره) (2) (سنده) حدثنا ابن ادريس عن يزيد عن جده أبي موسى (يعني الأشعري) الخ (تخريجه) (ق نس مذ) (3) (سنده) حدثنا احمد بن الحجاج حدثنا عبد الله انا مصعب بن ثابت حدثني أبو حازم قال سمعت سهل بن سعد الساعدي يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب طس) ورجال أحمد رجال الصحيح (4) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الله الرازي أبو جعفر قال ثنا روح بن عطاء بن أبي ميمونة قال ثنا سيار أنه سمع خالد بن عبد الله الخ (قلت) جاء في الاصل يسار بدل سيار وهو خطأ وصوابه سيار بتقديم السين على الياء وهو سيار العنزى بفتح النون أبو الحكم الواسطى روى عن هشيم وغيره وثقه الامام احمد وابن معين توفي سنة 122 (وله طريق أخرى) عند الامام أحمد جاءت على الصواب قال الامام احمد حدثنا ابو معمر ثنا هشيم قال ثنا سيار عن خالد بن عبد الله القشري ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لجده يزيد بن أسد أحب للناس ما تحب لنفسك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله والطبراني في الكبير والأوسط بنحوه ورجاله ثقات اهـ (قلت) لعله يريد عبد الله بن الامام أحمد في زوائده على مسند أبيه وليس كذلك فإن هذا الحديث رواه الامام احمد من عدة طرق ولم يروه عبد الله عن غير أبيه والله أعلم (5) (سنده) حدثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (تخريجه) (ق مذ نس جه) باب (6) (سنده) حدثنا يزيد انا حميد عن انس (يعني ابن مالك) الخ (تخريجه) (خ مذ) وروى مسلم معتاد عن جابر (7) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم وابو النضر قالا ثنا زهير انا ابو الزبير ثنا جابر (يعني ابن عبد الله) الخ (غريبه) (8) أي تضاربا (9) بفتح اللام فيهما وهي لام الاستغاثة ومعناها أدعو المهاجرين

الجاهلية (1) فقالوا لا والله إلا أن غلامين كسع (2) أحدهما الآخر فقال لا بأس (3) لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما فإن كان ظالما فلينهه فإن له نصرة وان كان مظلوما فلينصره (عن سهل بن حنيف) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من أذل (5) عنده مؤمن فلم ينصره وهو قادر على أن ينصره أذله الله عز وجل على رؤوس الخلائق يوم القيامة (عن أبي الدرداء) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من رد عن عرض أخيه المسلم (7) كان حقا على الله أن يرد عنه نار جهنم يوم القيامة (عن معاذ بن أنس الجهنى) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حمى مؤمنا من منافق يعيبه بعث الله تبارك وتعالى ملكا يحمي لحمه يوم القيامة من نار جهنم ومن رمى مؤمنا بشيء يريد شينه حبسه الله على جسر جهنم حتى يخرج مما قال (باب الترغيب في ستر عورات المسلمين وعد اشاعتها) (حدثنا محمد بكر) (9) قال قال ابن جريج ركب أبو أيوب الانصار إلى عقبة بن عامر إلى مصر فقال إني سائلك عن أمر لم يبق ممن حضره مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أنا وأنت كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في ستر المؤمن؟ فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ستر مؤمنا في الدناي على عورة ستره الله عز وجل يوم القيامة فرجع إلى المدينة فما حل رحله

_ وأستغيث بهم وادعوا الانصار واستغيث بهم (1) كره النبي صلى الله عليه وسلم هذا القول منهم لأنه مما كانت عليه الجاهلية من التعاضد بالقبائل في أمور الدنيا ومتعلقاتها وكانت الجاهلية تأخذ حقوقها بالعصبات والقبائل فجاء الإسلام بإبطال ذلك وفصل القضايا بالأحكام الشرعية فإذا اعتدى انسان على آخر حكم القاضي بينهما والزمه بمقتضى عدوانه كما تقرر من قواعد الاسلام (2) هو بعين مهملة مخففه أي ضرب دبره وعجيزته بيد أو رجل ونحو ذلك (3) معناه لم يحصل من هذه القصة بأس مما كنت خفته فإنه خاف أن يكون حدث أمر عظيم يوجب فتنة وفسادا وليس عائد إلى رفع كراهة الدعاء بدعوى الجاهلية (تخريجه) (م وغيره) (4) (سنده) حدثنا حسن بن موسى قال ثنا ابن لهيعة قال ثنا موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل ابن حنيف عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) بالبناء للمجهول (عنده) أي بحضرته أو بعلمه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وهو حسن الحديث وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) هو حسن الحديث إذا صرح بالتحديث وفيه ضعف إذا عنعن وهنا صرح بالتحديث فحديثه حسن (6) (سنده) حدثنا اسماعيل عن ليث عن شهر بن حوشب عن أم الدرداء عن ابي الدرداء الخ (وله في طريق أخرى عند الامام احمد) قال حدثنا علي بن اسحاق انا عبد الله يعني ابن مالك قال انا ابوبكر النهشلي عن مرزوق أبي بكير التيمي عن أم الدرداء عن أبي الدرداء عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من رد عن عرض أخيه رد الله عن وجهه النار يوم القيامة (غريبه) (7) أي رد على من اغتابه أو تكلم فيه بسوء ودافع عنه (تخريجه) (مذ) وحسنه (8) (سنده) حدثنا احمد بن الحجاج ويعمر بن بشر قال احمد انا عبد الله وقال يعمر ثنا عبد الله قال اخبرني يحيى بن أيوب عن عبد الله بن سليمان ان اسماعيل بن يحيى المعافري أخبره عن سهل بن معاذ بن أنس الجهنى عن أبيه (يعني معاذ بن أنس الجهنى) الخ (تخريجه) (د طب) وابن ابي الدنيا وفي اسناده اسماعيل بن يحيى المعافري المصري قال في التقريب مجهول وقال ابن حبان لا تحل رواية عنه باب (9) (حدثنا محمد بن بكرالخ) أورده الهيشمي بلفظه وقال أورده أحمد هكذا منقطع السند

يحدث بهذا الحديث (عن منيب عن عمه) (1) قال بلغ رجلا (2) من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة فرحل إليه وهو بمصر فسأله هذا الحديث قال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ستر أخاه المسلم في الدنيا ستره الله يوم القيامة فقال وأنا قد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم (قر) (عن مكحول) (3) أن عقبة أتى مسلمة بن مخلد (4) بمصر (وفي رواية ركب عقبة بن عامر غلى مسلمة بن مخلد وهو أمير على مصر) وكان بينه وبين البواب شيء فسمع صوته فأذن له فقال اني لم آتك زائرا ولكني جئتك لحاجة أتذكر يوم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من علم من أخيه سيئة فسترها ستره الله عز وجل يوم القيامة؟ فقال نعم فقال لهذا جئت (عن دخين كاتب عقبة بن عامر) (5) قال قلت لعقبة (رضي الله عنه) إن لنا جيرانا يشربون الخمروأنا داع لهم الشرط (6) فيأخذوهم فقال لا تفعل ولكن عظهم وتهددهم قال ففعل فلم ينتهوا قال فجاءه دخين اني نهيتهم فلم ينتهوا وأنا داع لهم الشرط فيأخذوهم فقال عقبة ويحك لا تفعل فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ستر عورة (7) مؤمن فكأنما استحيا موءودة (8) من قبرها (وفي رواية) كان كمن احيا موءودة من قبرها (عن أبي هريرة) (9) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يستر

_ (قلت) وهو كما قال (1) (سنده) حدثنا مؤمل بن اسماعيل أبو عبد الرحمن ثنا حماد ثنا عبد الملك ابن عمير عن منيب عن عمه الخ (غريبه) (2) الظاهر أن هذا الرجل هو أبو أيوب الانصاري (وقوله عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم) هو عقبة بن عامر أخذا من الحديث السابق والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ومنيب هذا ان كان ابن عبد الله فقد وثقه ابن حبان وان كان غيره فإني لم أر من ذكره اهـ (قلت) جاء في تعجيل المنفعة (منيب) عن عمه وعنه عبد الملك بن عمير لا يعرف وجاء في أصل المسند (هبيب عن عمه) بهاء ثم موحدة بدل الميم والنون وهو خطأ والصحيح منيب كما جاء في تعجيل المنفعة ومجمع الزوائد للهيثمي والله أعلم (قر) (3) (سنده) قال عبد الله بن الامام أحمد قرأت على أبي هذا الحديث حدثنا عباد بن عباد وابن ابي عدي عن ابن عون عن مكحول الخ (غريبه) (4) بضم الميم وفتح المعجمة وتشديد اللام مكسورة (تخريجه) أورده الهيثمي كما هنا وقال رواه الطبراني في الكبير هكذا وفي الأوسط عن محمد بن سيرين (قال خرج عقبة بن عامر) فذكره مختصرا ورجال الكبير رجال الصحيح (قلت) وغفل عن عزوه للامام أحمد (5) (سنده) حدثنا هاشم ثنا ليث عن إبراهيم بن نشيط الخولاني عن كعب بن علقمة عن أبي الهيثم عن دخين كاتب عقبة بن عامر الخ (قلت) دخين بوزن حسين (غريبه) (6) بضم الشين المعجمة وفتح الراء من نصبه الأمير لتنفيذ الأوامر وما يتعلق بذلك من حبس وضرب وأخذ ممن يستحقه (7) العورة ما يجب سترها من الأعضاء وما يكره الإنسان ظهوره ويستحي من كشفه من العيوب والنقائص وهذا هوالمراد في الحديث (8) الموءودة هي البنت الصغيرة التي دفنها أهلها حية خوفا من العار كانوا يفعلون ذلك في الجاهلية فقوله (فكأنما استحيا موءودة من قبرها) أي اخرجها من قبرها قبل موتها أو منع والديها من دفنها كذلك (تخريجه) (د نس) ورجاله كلهم ثقات (9) (سنده)

عبد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة (باب الترغيب في الدعوة إلى الهدى وأعمال الخير والدلالة عليها والشفاعة واصلاح ذات البين) (عن أبي هريرة) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من دعا إلى هدى (2) كان له من الأجر مثل أجور من يتبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا (3) ومن دعا إلى ضلالة (4) كان عليه من الاثم مثل آثام من يتبعه لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا (عن المنذر بن جرير عن أبيه) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينتقص من أجورهم شيء ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينتقص من أوزارهم شيء (عن حذيفة) (6) قال سأل رجل على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فأمسك القوم ثم أن رجلا أعطاه فأعطى القوم فقال النبي صلى الله عليه وسلم من سن خيرا فاستن به كان له أجره ومن أجور من تبعه غير منتقص من أجورهم شيئا ومن سن شرا فاستن به كان عليه وزره ومن أوزار من تبعه غير منتقص من أوزارهم شيئا (عن أبي مسعود الانصاري) (7) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال انى ابدع بي (8) فاحملني قال ما عندي ما أحملك عليه ولكن ائت فلانا فأتاه فحمله فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دل على خير فله مثل أجر فاعله (وعنه من طريق ثان) (9) نحوه وفيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس عندي فقال رجل يا رسول الله

_ حدثنا عفان ثنا وهيب حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (م وغيره) باب (1) (سنده) حدثنا سليمان بن داود الهاشمي قال انا اسماعيل يعني ابن جعفر قال انا العلاء عن ابيه عن ابي هريرة الخ (غريبه) (2) بضم الهاء وفتح المهملة منونة أي عمل من أعمال الخير المشروعة (3) دفع ما يتوهم ان اجر الداعي انما يكون بالتنقيص من اجر التابع وضمه إلى اجر الداعي فكما يترتب على الثواب والعقاب على ما يباشره وبزواله يترتب كل مهنما على ما هو سبب فعله كالارشاد إليه والحث عليه (4) أي عمل من أعمال الشر المنهي عنها شرعا (تخريجه) (م والأربعة) (5) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا شعبة عن عون بن أبي جحيفة عن المنذر بن جرير عن ابيه (يعني جرير بن عبد الله) الخ (تخريجه) (م) وغيره (6) (سنده) حدثنا وهب بن جرير ثنا هشام بن حسان عن محمد عن أبي عبيدة بن حذيفة عن حذيفة (يعني ابن اليمان) قال سأل رجل الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طس) ورجاله رجال الصحيح إلا أبا عبيدة ابن حذيفة وقد وثقه ابن حبان (7) (سنده) حدثنا ابن نمير ويعلى ومحمد يعني ابني عبيد قالوا انا الاعمش عن ابي عمرو الشيباني عن أبي مسعود الانصاري الخ (غريبه) (8) أبدع بضم الهمزة وكسر الدال المهملة مبني للمفعول أي انقطع بي لكلال راحلتي يقال ابدعت الناقة إذا انقطعت عن السير بكلال أو ظلع كأنه جعل انقطاعها عما كانت مستمرة عليه من عادة السير ابداعا أي انشاء أمر خارج عما اعتيد منها (نه) وجاء في آخر الحديث قال محمد فإنه قد بدع بي (قلت محمد هو أحد لرواة الثلاثة الذين روى عنهم الامام احمد هذا الحديث) قال في روايته بدع بي بدل ابدع بي والمعنى واحد وكلاهما جائز (9) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي عمرو الشيباني عن أبي مسعود الانصاري قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله اني ابدع بي فاحملني قال فقال ليس عندي الخ (تخريجه)

أفلا أدله على من يحمله؟ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من دل على خير فله مثل أجر فاعله (عن بريدة الأسلمي) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لرجل أتاه اذهب فإن الدال على الخير كفاعله (عن معاذ بن جبل) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يا معاذ أن يهدى (3) الله على يديك رجلا من أهل الشرك خير لك من أن يكون لك حمر النعم (عن أبي موسى الأشعري) (4) قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم وأنه سأله سائل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشفعوا (5) تؤجروا وليقض الله عز وجل على لسان نبيه ما أحب (6) (عن ابي الدرداء) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بأفضل من درجة الصلاة والصيام والصدقة (8)؟ قالوا بلى قال إصلاح ذات البين (9)

_ (م د مذ) ومعنى الحديث أن من دل على شيء من أي أنواع الخصال الحميدة فله ثواب كما لفاعله ثواب ولا يلزم تساوي قدرهما ذكره النووي والله أعلم (1) (سنده) حدثنا اسحق بن يوسف أنا ابو فلانة كذا قال أبي لم يسمه على عمد وحدثناه غيره فسماه يعني أبا حنيفة عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن أبيه (يعني بريدة الأسلمي) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ضعف ومع ضعفه لم يسم اهـ (قلت) أبو حنيفة المسمى في السند قال الحافظ في التقريب أبو حنيفة الكوفي والد عبد الأكرم مجهول اهـ فالحديث ضعيف لكن يؤيده ما قبله (2) (سنده) حدثنا حيوة بن شريح حدثني بقية حدثني ضبارة بن عبد الله عن دويد بن نافع عن معاذ بن جبل الخ (غريبه) (3) بفتح همزة ان على حذف لام القسم واصله لأن يهدى الخ وقد جاء بلام القسم في مجمع الزوائد وجاء في حديث على كذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات الا أن دريد ابن نافع لم يدرك معاذا (4) (سنده) حدثنا وكيع ثنا بريد بن أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عن جده (يعني ابا موسى الاشعري) قال كنا جلوسا الخ (غريبه) (5) أمر من الشفاعة وهي الطلب والسؤال بوسيلة أو ذمام (تؤجرو) أي يثبكم الله على الشفاعة وان لم تقبل والكلام فيما لا حد فيه من حدود الله لورود النهي عن الشفاعة في الحدود وتقدم ذلك في الباب الأول من كتاب الحدود في الجزء السادس عشر صحيفة 62 وفي هذا الحديث دلالة على استحباب الشفاعة إلى ولاة الأمر وغيرهم من ذي الحقوق مالم تكن في حد أو في أمر لا يجوز تركه كالشفاعة إلى ناظر طفل أو مجنون أو وقف في ترك بعض حق من في ولايته فهذه شفاعة محرمة (6) أي يظهر الله تعالى على لسان رسوله بوحي أو الهام ما قدره في علمه أنه يكون من اعطاء وحرمان أو يجرى الله على لسانه ما شاء من موجبات قضاء الحاجة وعدمها فإذا عرض صاحب حاجة حاجته علي فاشفعوا له يحصل لكم أجر الشفاعة أي ثوابها وان لم تقبل فإن قضيت حاجة من شفعتم له فبتقدير الله وان لم تقض فبتقدير الله وهذا من مكارم أخلاقه صلى الله عليه وسلم ليصلوا جناح السائل وطالب الحاجة (تخريجه) (ق والثلاثة) (7) (سنده) حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبي الجعد عن أم الدرداء عن ابي الدرداء الخ (غريبه) (8) أي بدرجة هي أفضل الخ (9) أي ازالة العداوة تكون بين القوم والمراد اسكان الثائرة حتى تكون أحوالهم أحوال صحبة وألفة وقد جاء في رواية (فان فساد البين هي الحالقة) أي الخصلة التي شأنها ان تحلق أي تهلك وتستأصل الدين كما يستأصل الموس الشعر والمراد المزيلة لمن وقع فيها لما يترتب عليها من الفساد والضغائن وإنما كان

وفساد ذات البين هي الحالقة (باب الترغيب في إماطة الأذى عن الطريق وارشاد الضال) (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كانت شجرة تؤذي اهل الطريق فقطعها رجل فنحاها (2) عن الطريق فأدخل بها الجنة (وعنه من طريق ثان) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مر رجل من المسلمين بجذل (4) شوك في الطريق فقال لأميطن (5) هذا الشوك عن الطريق أن لا يعقر رجلا مسلما (6) قال فغفر له (وعنه من طريق ثالث) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال دخل عبد الجنة بغصن شوك على ظهر طريق المسلمين فأماطه عنه (وعنه من طريق رابع) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل يمشي على طريق وجد غصن شوك فقال لارفعن هذا لعل الله عز وجل يغفر لي فرفعه فغفر الله له به وأدخله الجنة (عن أنس بن مالك) (9) قال كانت شجرة في طريق الناس تؤدي الناس فأتاها رجل فعزلها عن طريق الناس قال قال النبي صلى الله عليه وسلم فلقد رأيته يتقلب في ظلها في الجنة (عن أبي برزة الأسلمى) (10) قال قتلت عبد العزي بن خطل وهو متعلق بستر الكعبة وقلت لرسول الله صلى الله عليه وسلم يا رسول الله مرني بعمل أعمله (وفي رواية علمني شيئا انتفع به) فقال امط الأذي عن الطريق فهو لك صدقة (وفي لفظ) قلت يا رسول الله علمني شيئا ينفعني الله تبارك وتعالى به فقال انظر ما يؤذي الناس فاعزله عن طريقهم (وفي لفظ آخر) قلت يا رسول الله دلني على عمل يدخلني الجنة أو انتفع به قال اعزل الأذى عن طريق المسلمين

_ إصلاح ذات البين أفضل من نوافل الصلاة والصيام والصدقة لما فيه من عموم المنافع الدينية والدنيوية من التعاون والتناصر والألفة والاجتماع على الخير حتى أبيح فيه الكذي وكثرة ما يندفع من المضرة في الدنيا والدين بتشتت القلوب ووهن الأديان من العداوات وتسليط الأعداء وشماتة الحساد فلذلك صارت أفضل الصدقات والله أعلم (تخريجه) (د مذ) وصححه الترمذي والحافظ واخرجه البخاري في الأدب المفرد من هذا الوجه وغيره باب (1) (سنده) حدثنا أبو كامل ثنا حماد عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) أي أبعدها وعزلها عن الطريق (3) (سنده) حدثنا عفان ثنا وهيب ثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (4) الجذل بالكسر والفتح أصل الشجرة يقطع وقد يجعل العود جذلا (5) اماطة الأذي عن الطريق تنحيته أي عزله عن الطريق وابعاده (6) اي يؤذيه (7) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد قال ثنا ابن عياش يعني اسماعيل عن سهيل بن ابي صالح عن أبيه عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (8) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن زهير وابو عامر قال ثنا زهير عن العلاء عن أبيه عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق) ورواه ايضا أبو داود ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نزع رجل لم يعمل خيرا قط غصن شوك عن الطريق إما قال كان في شجرة فقطعه وإما كان موضوعا فأماطه عن الطريق فشكر الله ذلك له فأدخله الجنة (9) (سنده) حدثنا حسن ثنا أبو هلال ثنا قتادة عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد وابو يعلى ولا بأس باسناده في المتابعات (10) (سنده) حدثنا اسماعيل ثنا شداد بن سعيد حدثني جابر بن عمرو

(كتاب الأخلاق الحسنة ما جاء فيها)

(عن أبي ذر) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عرضت علي أعمال أمتي حسنها وسيئها فرأيت في محاسن أعمالها الأذى يماط عن الطريق ورايت في مساوئ أعمالها النخاعة (2) تكون في المسجد لا تدفن (عن أبي الدرداء) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من زحزح عن طريق المسلمين شيئا يؤذيهم كتب الله له به حسنة ومن كتب له عنده حسنة أدخله الله بها الجنة (عن موسى بن ابي عيسى) (4) أن مريم فقدت عيسى عليه السلام فدارت بطلبه فلقيت حائكا (5) فلم يرشدها فدعت عليه فلا تزال تراه تائها (6) فلقيت خياطا فارشدها فدعت له فهم يؤنس اليهم أي يجلس اليهم (7) (60) (كتاب الأخلاق الحسنة ما جاء فيها) (باب الترغيب في محاسن الأخلاق) (عن أبي هريرة) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا انبئكم بخياركم؟ قالوا بلى يا رسول الله قال خياركم أطولكم اعمارا (9) واحسنكم اخلاقا (10) (وعنه أيضا) (11) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أكمل المؤمنين ايمانا أحسنهم خلقا وخيارهم

_ الراسبي قال سمعت ابا برزة الأسلمى يقول قتلت عبد العزى الخ (تخريجه) (م جه) (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا مهدي ثنا واصل عن يحيى بن عقيل عن يحيى بن يعمر وكان واصل ربما ذكر ابا الأسود الديلي عن أبي ذر الخ (غريبه) (2) هي البزقة التي تخرج من اصل الفم مما يلي أصل النخاع تكون في المسجد ظاهرة على أرضه أو حائطه لا تدفن والسنة دفنها (تخريجه) (م جه) (3) (سنده) حدثنا أبو المغيرة قال ثنا أبو بكر بن ابي مريم قال حدثني حميد بن عقبة بن رومان عن ابي الدرداء الخ (تخريجه) (طس) وفي اسناده أبو بكر بن ابي مريم ضعيف وأورده نحوه المنذري عن أبي شيبه المروى قال كان معاذ يمشي ورجل معه فرفع حجرا من الطريق فقال ما هذا؟ فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رفع حجرا من الطريق كتبت له حسنة ومن كانت له حسنة دخل الجنة قال المنذري رواه الطبراني في الكبير ورواته ثقات (4) (سنده) حدثنا سفيان يعني ابن عيينة عن موسى بن أبي عيسى الخ (غريبه) (5) أي نساجا وهو الذي ينسج الثياب (6) يعني وحيدا لا مؤنس له (7) هذا موضع الدلالة منه وهو من دل انسانا على ضالته أو قضى حاجته استحق الخير ورضاء الصالحين عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وهو منقطع السند (باب) (8) (سنده) حدثنا أحمد بن عبد الملك ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن اسحاق عن محمد بن ابراهيم عن ابي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (9) أي لأن المرء كلما طال عمره وحسن عمله يغتنم من الطاعات ويراعي الأوقات فيتزود منها للآخرة ويكثر من الأعمال الموجبة للسعادة الأبدية (10) قال الطبي هذه إشارة إلى ما قاله في جواب من سأله أي الناس خير فذكره (وقوله أحسنكم اخلاقا) لقوله وحسن عمله في ارادة الجمع بين طول العمر وحسن الخلق (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه البزار وفيه ابن اسحاق وهو مدلس اهـ (قلت) وفي اسناده ابن اسحاق عند احمد ايضا وهو ثقة لكنه مدلس والمدلس لا يقوى حديثه إذا عنعن وقد عنعن في هذا الحديث وقد غفل الامام الهيثمي عن عزوه للامام أحمد والكمال لله وحده (11) (سنده) حدثنا ابن إدريس قال سمعت

خيارهم لنسائهم (1) (وعنه ايضا) (2) قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يلج الناس به النار؟ فقال الأجوفان الفم والفرج وسئل عن أكثر ما يلج به الناس الجنة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حسن الخلق (وعنه أيضا) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما بعثت لأتمم صالح الأخلاق (4) (عن عبد الله بن عمرو) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من أحبكم إلي أحسنكم خلقا (6) (عن عمرو بن شعيب) (7) عن أبيه عن جده أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ألا أخبركم بأحبكم إلى وأقربكم مني مجلسا يوم القيامة؟ فسكت القوم فأعادها مرتين أو ثلاثا قال القوم نعم يا رسول الله قال أحسنكم خلقا (عن عبد الله بن عمرو) (8) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان المسلم المسدد (9) ليدرك درجة الصوام الفوام بآيات الله بحسن خلقه وكرم ضريبته (10)

_ محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (1) اي من يعاملهن بالصبر على أخلاقهن ونقصان عقلهن وطلاقة الوجه والاحسان اليهن ولهذا كان المصطفى صلى الله عليه وسلم أحسن الناس معاشرة لعياله وهو شامل لكل من ينتمي إلى الرجل من زوجة واصول وفروع وأقارب أو من في نفقته منهن أو الكل والحمل على الأعم أتم تخريجه (مذ حب) وروى أبو داود شطره الأول فقط وصححه الترمذي وابن حبان والحاكم (2) (سنده) حدثنا يزيد عن المسعودي عن داود بن يزيد عن ابي هريرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده المنذري عن أبي هريرة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال تقوى الله وحسن الخلق وسئل عن أكثر ما يدخل الناس النار فقال الفم والفرج ثم قال رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه والبيهقي في الزهد وغيره وقال الترمذي حديث حسن صحيح غريب (قلت) ورواه أيضا الحاكم بهذا اللفظ وصححه وأقره الذهبي (3) (سنده) حدثنا سعيد بن منصور قال حدثنا عبد العزيز بن محمد عن محمد بن عجلان عن القعقاع ابن حكيم عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) قال الباجى كانت العرب أحسن الناس أخلاقا مما بقي عندهم من شريعة إبراهيم وكانوا ضلوا بالكفر عن كثير منها فبعث صلى الله عليه وسلم ليتمم محاسن الأخلاق ببيان ما ضلوا عنه وبما خص به في شرعه (قال ابن عبد البر) ويدخل فيه الصلاح والخير كله والدين والفضل والمروءة والاحسان والعدل فبذلك بعث ليتممه (تخريجه) (لك طب) قال ابن عبد البر وهو حديث صحيح مدني متصل من وجوه صحاح عن أبي هريرة وغيره (5) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان سمعت أبا وائل يحدث عن مسروق عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أي أكثركم حسن خلق وهو اختيار الفضائل وترك الرذائل (تخريجه) (خ) (7) (سنده) حدثنا يونس وأبو سلمة الخزاعي قالا ثنا ليث عن يزيد يعني ابن الهاد عن عمرو بن شعيب الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد واسناده جيد قال وله في الصحيح إن من أحبكم إلى أحسنكم خلقا فقط (8) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا الحارث عن يزيد عن علي بن رباح قال سمعت عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) اي الملازم للطريقة المستقيمة وهي القصد في الأمور والعدل فيه (10) أي طبيعته وسجيته (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني

(عن عائشة) (1) رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الرجل ليدرك يحسن الخلق بحسن الخلق درجة الصائم القائم (وفي لفظ) درجات قائم الليل صائم النهار (وعنها أيضا) (2) قالت إن النبي صلى الله عليه وسلم قال (وفي رواية كان يقول) اللهم احسنت خلقي فأحسن خلقي (عن أبي الدرداء) (3) قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نتذاكر ما يكون إذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا سمعتم بجبل زال عن مكانه (4) فصدقوا وإذا سمعتم برجل تغير عن خلقه (5) فلا تصدقوا به وأنه يصير إلى ما جبل عليه (عن أبي ثعلبة الخشنى) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان احبكم إلي واقربكم مني في الآخرة محاسنكم اخلاقا وان أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة مساويكم اخلاقا الثرثارون (7) المتفيهقون المتشدقون (8) (عن اسامة بن شريك) (9) قال جاء اعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله اي الناس خير؟ قال أحسنهم خلقا

_ في الكبير والأوسط وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) ابن لهيعة حديثه ضعيف إذا عنعن ولم يصرح بالتحديث وهنا صرح بالتحديث فحديثه حسن كذا قال الهيثمي نفسه في غير موضع من كتابه وكذلك قال الحافظ ابن كثير (1) (سنده) حدثنا سعيد بن منصور قال ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن عبد الله عن عائشه الخ (تخريجه) (د حب ك) وصححه الحاكم وسكت عنه أبو داود والمنذري (2) (سنده) حدثنا هاشم وأسود ابن عامر قالا ثنا اسرائيل عن عاصم عن عبد الله بن الحارث عن عائشه الخ (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد ورواته ثقات (3) (سنده) حدثنا وهب بن جرير قال ثنا أبي قال سمعت يونس يحدث عن الزهري أن أبا الدرداء قال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) أي إذا أخبركم مخبر بأن جلا من جبال الدنيا تحول وانتقل من محله الذي هو فيه إلى محل آخر (فصدقوا) يعني لا تكذبوا فإنه لا يخرج عن دائرة الامكان (5) بضمتين أو بضم فكون طبعه وسجيته بأن فعل خلاف ما يقتضيه وثبت عليه (فلا تصدقوا به) اي لا تعتقدوا صحة ذلك بخروجه عن الامكان اذ هو بخلاف ما يقتضيه جبلة الانسان ولذلك قال (وانه يصير إلى ما جبل) بالبناء للمجهول أي طبع عليه يعني وان فرط منه على سبيل الندرة خلاف ما يقتضيه طبعه فما هو إلا كطيف منام أو برق لاح ومادام (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غلا أن الزهري لم يدرك أبا الدرداء وقال السخاوى حديث منقطع والله أعلم (6) (سنده) حدثنا محمد بن عدى عن داود عن مكحول عن أبي ثعلبة الخشنى الخ (غريبه) (7) بثاءي مثلثتين مفتوحتين هموا الكثيروا الكلام تكلفا (المتفيهقون) المتفيهق أصله من الفهق وهو الامتلاء وهو بمعنى المتشدق لأنه الذي يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه اظهارا لفصاحته وفضله واستعلاءا على غيره ولهذا فسره النبي صلى الله عليه وسلم بالمتكبر في بعض الروايات (8) المتشدق هو المتكلم بملء شدقية تفاصحا وتعظما لكلامه قال المنذري (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد ورواته رواة الصحيح والطبراني وابن حبان في صحيحه (9) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من كتاب الطب

(عن جابر بن سمرة) (1) قال كنت في مجلس فيه النبي صلى الله عليه وسلم قال وأبي سمرة جالس أمامي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الفحش (2) والتفحش ليسا من الاسلام وأن احسن الناس اسلاما احسنهم خلقا (عن معاذ) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا معاذ أتبع (4) السيئة بالحسنة تمحها (5) وخالق الناس بخلق حسن (حدثنا وكيع) (6) ثنا سفيان عن حبيب عن ميمون بن أبي شبيب عن أبي ذر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له اتق الله (7) حيثما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن قال وكيع (8) وقال سفيان مرة عن معاذ

_ في الجزء السابع عشر رقم 45 (1) (سنده) حدثنا عبد الله بن محمد (قال عبد الله بن الامام احمد) وسمعته أنا من عبد الله بن محمد ثنا أبو أسامة عن زكريا بن سياه ابي يحيى عن عمران بن رباح عن علي ابن عمارة عن جابر بن سمرة الخ (غريبه) (2) الفحش والفاحشة والفواحش كل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي وقد يكون الفحش بمعنى التعدي في القول والجواب وقد يكون بمعنى الزيادة والكثرة والتفحش تفعل منه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني وأحمد وابنه وأبو يعلى بنحوه ورجاله ثقات (3) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن ابي شبيب عن معاذ (يعني ابن جبل الخ) وجاء في آخر هذا الحديث (قال عبد الله بن الامام احمد) حدثني أبي فقال وقال وكيع وجدته في كتابي عن أبي ذر وهو السماع الأول قال أبي وقال وكيع قال سفيان مرة عن معاذ (غريبه) (4) هكذا جاء هذا الحديث في مسند معاذ مختصرا بلفظ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا معاذ اتبع الخ اتبع بفتح الهمزة وسكون المثناة فوق وكسر الموحدة أي الحق (السيئة) الصادرة منك صغيرة أو كبيرة كما اقتضاه ظاهر الحديث وأياها كان فالحسنات تؤثر في السيئات بالتخفيف منها قال تعالى (إن الحسنات يذهبن السيئات) فلا يعجزك إذا فرطت منك سيئة ان تتبعها حسنة بعد التوبة منها كصلاة أو صدقة أو استغفار (5) أي السيئة المثبتة في صحف الكاتبين ثم ان ذا يخص من عمومه السيئة المتعلقة بآدمي فلا يمحها إلا الاستحلال مع بيان جهة الظلامة ان امكن ولم يترتب عليه مفسدة وإلا فالمرجو كفاية الاستغفار والدعاء وفضل الله واسع لاسيما إذا صلحت نية العبد وعزيمته (تخريجه) (مذ هب هق) وحسنه الترمذي وقال الذهبي في المهذب إسناده حسن (6) (حدثنا وكيع الخ) (غريبه) (7) اي بامتثال أمره واجتناب نهيه قال القيصري قد أكثر الناس القول في التقوى وحقيقتها تنزيه القلب عن الأدناس وطهارة البدن من الآثام وان شئت قلت الحذر من موافقة المخالفات (وقوله حيثما كنت) أي وحدك أو في جمع أو المراد في أي زمان ومكان كنت فيه رآك الناس أم لا والخطاب لكل من يتوجه اليه الأمر فيشمل كل مأمور وإفراد الضمير باعتبار كل فرد وما زائدة بدليل رواية حذفها وهذا من جوامع الكلم فإن التقوى وان قل لفظها كلمة جامعة ومن ثم شملت خيري الدنيا والآخرة إذ هي تجنب كل منهي عنه وفعل كل مأموربه فمن فعل ذلك فهو من المتقين الذين أثنى الله عليهم في كتابه المبين ثم نبه على تدارك ما عساه يفرط من تقصيره في بعض الأمور فقال (واتبع السيئة الحسنة الخ) وتقدم الكلام على ذلك في شرح الحديث السابق (8) (قال وكيع الخ) معناه ان وكيعا سمع هذا الحديث من سفيان عن حبيب عن ميمون عن أبي ذر فأثبته في كتابه ثم سمعه بعد ذلك من سفيان بهذا السند نفسه عن معاذ وتقدم حديث معاذ قبل هذا مع

فوجدت في كتابي عن أبي ذر وهو السماع الأول (عن أبي الدرداء) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أفضل شيء في الميزان قال ابن ابي بكير (2) أثقل شيء في الميزان يوم القيامة الخلق الحسن (عن أم الدرداء) (3) عن أبي الدرداء رضي الله عنه يبلغ به من أعطى حظه (4) من الرفق أعطى حظه من الخير (5) وليس شيء أثقل في الميزان من الخلق الحسن (باب الترغيب في كظم الغيظ وعدم الغضب) (عن ابن عباس) (6) من حديث طويل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من جرعة (7) أحب إلي من جرعة غيظ يكظمها عبد (8) ما كظمها عبد الله إلا ملأ الله جوفه إيمانا (عن ابن عمر) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تجرع عبد

_ الكلام عليه والله أعلم (تخريجه) (مذ ك هق) وصححه الترمذي والحاكم وأقره الذهبي (1) (سنده) حدثنا عبد الملك بن عمرو وابن أبي بكير قالا ثنا ابراهيم يعني ابن نافع عن الحسن بن مسلم عن خاله عطاء بن نافع أنهم دخلوا على أم الدرداء فأخبرتهم أنها سمعت أبا الدرداء يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (2) ابن ابي بكير بالتصغير هو يحيى الكرماني أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث يعني أنه قال في روايته أثقل بدل أفضل (تخريجه) أورده المنذري بلفظ (ما من شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن وان الله يبغض الفاحش البذيئ) وعزاه للترمذي وابن حبان في صحيحه قال وقال الترمذي حديث حسن صحيح وزاد في روايته له وان صاحب حسن الخلق ليبلغ به درجة صاحب الصوم والصلاة ورواه بهذه الزيادة البزار باسناد جيد لم يذكر فيه (الفاحش البذيئ) ورواه أبو داود مختصرا قال ما من شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق (البذيئ) بالذال المعجمة ممدودا هو المتكلم بالفحش رديئ الكلام (3) (سنده) حدثنا سفيان عن عمرو عن ابن ابي مليكة عن يعلى بن مملك عن أم الدرداء عن أبي الدرداء يبلغ به (يعني يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم) من أعطى حظه الخ (غريبه) (4) أي نصيبه من الرفق وهو الرأفة والرحمة والتلطف بما خلق الله (5) أي من الخير كله إذ به تنال المطالب الأخروية والدنيوية وبفوته يفوتان (تخريجه) (مذ) مرفوعا ولفظه من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من الخير ومن حرم حظه من الرفق فقد حرم حظه من الخير وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح وروى الشطر الثاني منه الترمذي أيضا في موضع آخر عن أبي الدرداء أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما شيء أثقل في ميزان المؤمن يوم القيامة من خلق حسن فإن الله تعالى يبغض الفاحش البذيئ وقال هذا حديث حسن صحيح (6) (عن ابن عباس الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب فضل من أنظر معسرا أو وضع له من كتاب البيوع والكسب في الجزء الخامس عشر صحيفة 96 رقم 317 (غريبه) (7) الجرعة تروى بالضم والفتح فالضم الاسم من الشرب اليسير والفتح المرة الواحدة منه (8) شبه جرع غيظه ورده إلى باطنه بتجرع الماء وهي أحب جرعة يتجرعها العبد وأعظمها ثوابا وأرفعها درجة كحبس نفسه من التشفى ولا يحصل هذا الحب إلا بكونه قادرا على الانتقام (وقوله يكظمها عبد) أي يحبس غيظه لله بنية سلامة دينه وقيل ثوابه (9) (سنده) حدثنا علي بن عاصم عن يونس بن عبيد أخبرنا الحسن عن ابن عمر الخ

جرعة أفضل عند الله عز وجل من جرعة غيظ يكظمها (1) ابتغاء وجه الله تعالى (عن معاذ ابن أنس الجهني) (2) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من كظم غيظه وهو يقدر على أن ينتصر دعاه الله تبارك وتعالى على رءوس الخلائق حتى يخيره في حور العين أيتهن شاء ومن ترك أن يلبس صالح الثياب وهو يقدر عليه تواضعا لله تبارك وتعالى دعاه الله تبارك على رءوس الخلائق حتى يخيره الله تعالى في حلل الإيمان ايتهن شاء (عن أبي هريرة) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس الشديد بالصرعة (4) ولكن الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب (عن عبد الله) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعدون فيكم الصرعة؟ قال قلنا الذي لا يصرعه الرجال قال قال لا ولكن الصرعة الذي يملك نفسه عند الغضب (عن ابن حصبة) (6) أو أبي حصبة عن رجل شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال تدرون ما الصرعة؟ قال قالوا الصريع قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصرعة كل الصرعة الصرعة كل الصرعة الرجل يغضب فيشتد غضبه ويحمر

_ (غريبه) (1) قال في النهاية كظم الغيظ تجرعه واحتمال سببه والصبر عليه والتجرع شرب في عجلة وقيل هو الشرب قليلا قليلا اهـ (تخريجه) (جه هق) وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده صحيح ورجاله ثقات اهـ وأورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه ابن ماجه ورواته محتج بهم في الصحيح (2) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا زبان عن سهيل بن معاذ عن أبيه (يعني معاذ بن أنس الجهني) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أخرج الشطر الأول منه (د مذ جه) كلهم من طريق ابي مرحوم واسمه عبد الرحيم بن ميمون عن سهل بن معاذ عن أبيه وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب اهـ (قلت) قال المنذري سهل بن معاذ عن أنس الجهني ضعيف والذي روى عنه هذا الحديث أبو مرحوم عبد الرحيم بن ميمون الليثي مولاهم المصرى ولا يحتج به اهـ (قلت) أبو مرحوم ليس عند الامام أحمد ولكن عنده زبان بن فائد ضعيف (3) (سنده) حدثنا عبد الرحمن حدثنا مالك عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) بضم الصاد المهملة وفتح الراء هو الذي يصرع الناس كثيرا بقوته وأما الصرعة بسكون الراء فهو الضعيف الذي يصرعه الناس حتى لا يكاد يثبت مع أحد والمعنى ليس الشديد الكامل الذي يصرع الناس كثيرا بقوته وبأسه إنما الشديد الذي يملك نفسه عند ثوران الغضب ويقاومها بحلمه ويصرعها بثباته فإن من ملك نفسه عند ذلك فقد قهر شر خصومه وأعدى أعدائه التي بين جنبيه (تخريجه) (ق د نس) (5) (سنده) حدثنا ابو معاوية حدثنا الأعمش عن ابراهيم التيمي عن الحارث بن سويد عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (تخريجه) (م - وغيره) وهو القسم الثاني من حديث عبد الله ابن مسعود وتقدم القسم الأول منه في الباب الأول من أبواب صدقة التطوع في كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 160 رقم 205 (6) (عن ابن حصبة الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب الترغيب في الصبر على موت الأولاد من كتاب الصبر في قسم الرغيب

وجهه ويقشعر شعره فيصرع غضبه وإنما تطفأ النار بالماء (عن جارية بن قدامة السعدي) (1) أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله قل لي قولا ينفعني وأقلل علي لعلي أعيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تغضب فأعاد عليه حتى أعاد عليه مرارا كل ذلك يقول لا تغضب (عن حميد بن عبد الرحمن) (2) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قال رجل يا رسول الله أوصني قال لا تغضب قال قال الرجل ففكرت حين قال النبي صلى الله عليه وسلم ما قال فإذا الغضب يجمع الشر كله (عن أبي هريرة) (3) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال مرني بأمر ولا تكثر علي حتى أعقله قال لا تغضب فأعاد عليه قال لا تغضب (عن عطيه السعدي) (4) قال قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استشاط (5) السلطان تسلط الشيطان (عن عبد الله بن عمرو) (6) أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا يباعدني من غضب الله عز وجل قال لا تغضب

_ (1) (سنده) حدثنا ابن نيمر حدثنا ابن هشام عن أبيه عن الاحنف بن قيس عن عم له يقال له جارية بن قدامة السعدي الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الأوسط إلا أنه قال عن الأحنف بن قيس عن عمه وعمه جارية بن قدامة أنه قال يا رسول الله صلى الله قل لي قولا ينفعني الله به فذكر نحوه ورواه في الكبير كذلك وفي رواية عنده عن جارية بن قدامة عن ابن عم له قال قلت يا رسول الله ورجال أحمد رجال الصحيح ورواه أبو يعلى إلا انه قال عن جارية بن قدامة أخبرني عم أبي أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه ورجاله رجال الصحيح (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن حميد بن عبد الرحمن الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (قلت) وأورده أيضا المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد ورجاله محتج بهم في الصحيح (3) (سنده) حدثنا زيد بن يحيى الدمشقى حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر قال سمعت القاسم مولى يزيد يقول حدثني أبو هريرة قال اتى النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (خ مذ) (4) (سنده) حدثنا ابراهيم بن خالد حدثني أمية بن شبل وغيره عن عروة بن محمد قال حدثني أبي عن جدي (يعني عطية السعدي) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) أي احتد في غضبه والتهب (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجاله ثقات (6) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن عبد الرحمن بن جبير عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وهو لين الحديث وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) ابن لهيعة حديثه يحتج به إذا صرح بالتحديث وقد صرح به هنا فحديثه حسن لا سيما ويؤيده ما تقدم بمعناه والله أعلم (هذا) وفي أحاديث الباب وصية وجيزة لمستوص طلب الاقلال من القول رغبة في أن يعيه ولعله كان غضوبا ولذا اقتصر صلى الله عليه وسلم في وصيته على ترك الغضب لان شأن الحكيم المرشد يخاطب كل شخص بما هو أولى به والنهي لا يتناول الغضب لأمر ديني كما لا يخفى وقد انطوت هذه الكلمة على خير ليس بالقليل فقد نهت عما له أثر سيء في تشويه الظاهر ومسخ الباطن فالغضب جماع الشر كله إذ بتوقده يتطور المرء بطور غير ويحول في متاه البغي فيتوسع في المعاصي القلبية والقالبية فهو لا ريب خلق يلزم صاحب التقية التطهر من رجسه وأقوى دافع له استحضار الفاعل الحقيقي

(باب ما وصفه النبي صلى الله عليه وسلم لإذهاب الغضب) (حدثنا ابراهيم بن خالد) (1) قال ثنا وائل صنعاني مرادى قال كنا جلوسا عند عروة بن محمد قال إذ دخل عليه رجل فكلمة بكلام أغضبه قال فلما أن غضب قام ثم عاد إلينا وقد توضأ فقال حدثني أبي عن جدي عطية (2) وقد كانت له صحبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الغضب من الشيطان وان الشيطان خلق من النار وانما تطفأ النار بالماء فإذا غضب أحدكم فليتوضأ (عن معاذ) (3) قال استب رجلان عند النبي صلى الله عليه وسلم فغضب أحدهما حتى إنه ليتخيل أن أنفه ليتمزع من الغضب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اني لأعلم كلمة لو يقولها هذا الغضبان لذهب عنه الغضب اللهم إني أعوذ بك من الشيطان الرجيم (عن أبي ذر) (4) قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنا إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس (5) فإن ذهب

_ المنفرد بالتأثير وبتذكره أيضا فضل كظم الغيظ والعفو عن الناس (ان في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد) (باب) (1) (حدثنا إبراهيم بن خالد الخ) (غريبه) (2) هو عطيه السعدي وترجم له في المسند بذلك قال الحافظ في الاصابة قيل هو من بني بكر بن سعد وقيل من بني جشيم بن سعد صحابي معروف له أحاديث نزل الشام وجزم ابن حبان بأنه عطية بن عروة بن سعد ووقع عند الطبراني والحاكم عطية بن سعد (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري وحسنه الحافظ السيوطي (3) حدثنا أبو سعيد ثنا زائدة ثنا عبد الملك عن ابن أبي ليلى عن معاذ (يعني ابن جبل) قال استب رجلان الخ (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه (د مذ نس) كلهم من رواية عبد الرحمن بن أبي ليلى عنه وقال الترمذي هذا حديث مرسل عبد الرحمن بن أبي ليلى لم يسمع من معاذ بن جبل مات معاذ في خلافة عمر بن الخطاب وعبد الرحمن بن أبي ليلى غلام ابن ست سنين والذي قاله الترمذي واضح فان البخاري ذكر ما يدل على أن مولد عبد الرحمن بن أبي ليلى سنة سبع عشرة وذكر غير واحد أن معاذ بن جبل توفي في طاعون عمواس سنة ثمان عشرة وقيل سنة سبع عشرة وقد روى النسائي هذا الحديث عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي ابن كعب وهذا متصل والله أعلم (4) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا داود بن أبي هند عن أبي حرب بن ابي الأسود عن أبي الأسود عن أبي ذر قال كان يسقى على حوض له فجاء قوم فقال أيكم يورد على أبي ذر ويحتسب شعرات من رأسه؟ فقال رجل انا فجاء الرجل فأورد عليه الحوض فدقه وكان أبو ذر قائما فجلس ثم اضطجع فقيل له يا أبا ذر لم جلست ثم اضطجعت؟ قال فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) قال الخطابي النائم متهيء للحركة والبطش والقاعد دونه في هذا المعنى والمضطجع ممنوع منهما فيشبه أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم إنما أمره بالقعود والاضطجاع لئلا تبدر منه في حال قيامه وقعوده بادرة يندم عليها فيما بعد والله أعلم (تخريجه) أورد المنذري الجزء المرفوع منه وقال رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه كلاهما من رواية أبي حرب بن الأسود عن أبي ذر وقد قيل أن أب حرب إنما يروى عن عمه عن أبي ذر ولا يحفظ له سماع من أبي ذر وقد رواه أبو داود أيضا عن داود وهو ابن أبي هند عن بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث أبا ذر بهذا الحديث ثم قال أبو داود وهو أصح الحديثين يعني أن هذا المرسل أصح من الأول والله أعلم اهـ (قلت) سنده عند الامام أحمد متصل فقد رواه أبو حرب بن أبي الأسود عن أبي الأسود عن أبي ذر

عنه الغضب والا فليضطجع (باب الترغيب في العفو عن المظالم وفضله) (عن عبد الرحمن ابن عوف) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاث والذي نفس محمد بيده ان كنت لحالفا عليهن لا ينقص مال من صدقة فتصدقوا ولا يعفو عبد عن مظلمة يبتغي بها وجه الله إلا رفعه الله بها وقال أبو سعيد مولى بني هاشم إلا زاده الله بها عزا يوم القيامة ولا يفتح عبد باب مسئلة إلا فتح الله عليه باب فقر (عن أبي هريرة) (2) أن رجلا شتم ابا بكر رضي الله عنه والنبي صلى الله عليه وسلم جالس فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يعجب (3) ويبتسم فلما أكثر رد عليه بعض قوله فغضب النبي صلى الله عليه وسلم وقام فلحقه أبو بكر فقال يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس فلما رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت قال إنه كان معك ملك يرد عنك فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان (4) فلم أكن لأقعد مع الشيطان ثم قال يا أبا بكر ثلاث كلهن حق ما من عبد ظلم بمظلمة فيغضى (5) عنها لله عز وجل إلا أعز الله بها نصره وما فتح رجل باب عطية يريد بها صلة (6) إلا زاده الله بها كثرة وما فتح رجل باب مسألة يريد بها كثرة (7) الا زاده الله عز وجل بها قلة (عن عقبة ابن عامر) (8) قال لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت بيده فقلت يا رسول الله أخبرني بفواضل الأعمال فقال يا عقبة صل من قطعك واعط من حرمك واعف عمن ظلمك (عن عبادة ابن الصامت) (9) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل يجرح في جسده جراحة

_ وأبو الأسود هو الدبلى قال في الخلاصة اسمه ظالم بن عمر أو عمرو بن سفيان قاضي البصرة قال الواقدى مخضرم وقال العجلى ثقة أول من تكلم في النحو وأورده الهيثمي وقال رواه أبو داود باختصار القصة ودون ذكر أبي الأسود رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (باب) (1) (سنده) حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه قال حدثني قاضي أهل فلسطين قال سمعت عبد الرحمن ابن عوف يقول ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل بز) وفيه رجل لم يسم وله عند البزار طريق عن أبي سلمة عن أبيه وقال ان الرواية هذه اصح والله أعلم (2) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن عجلان قال ثنا سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) يعجب من باب تعب أي يتعجب من شتم الرجل أبا بكر بحضرته صلى الله عليه وسلم ويبتسم لكونه رأى الملك يرد عن أبي بكر فلما أكثر الرجل (رد عليه أبو بكر بعض قوله) (4) أي حضر الشيطان مكان الملك (5) بالغين المعجمة قال في القاموس اغضى على الشيء سكت وتغاضى عنه تغافل والمعنى أنه لم يقابل المظلمة بمثلها بل يعفو عمن ظلمه (6) أي صلة أقاربه وذوى رحمه (7) أي لأجل التكثر في الدنيا لا لكونه محتاجا (تخريجه) أخرجه الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الأوسط بنحوه ورجال أحمد رجال الصحيح قال وروى أبو داود منه إلى قوله فلم أكن لأقعد مع الشيطان (8) (عن عقبة بن عامر الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب الثلاثيات في قسم الترغيب (9) (عن عبادة بن الصامت الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب فضل من استحق

فيتصدق بها إلا كفر الله عنه مثل ما تصدق به (خط) (عن ابن عباس) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمح يسمح (2) لك (عن حذيفة بن اليمان) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن قوما كانوا أهل ضعف ومسكنة قاتلهم أهل تجبر (4) وعدد فاظهر الله أهل الضعف عليهم فعمدوا إلى عدوهم فاستعملوهم (5) وسلطوهم فأسخطوا الله عليهم إلى يوم يلقونه (عن أبي هريرة) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أقال عثرة (7) أقاله الله يوم القيامة (8) (وعنه أيضا) (9) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما نقصت صدقة من مال ولا عفا رجل عن مظلمة إلا زاده الله عزا ولا تواضع أحد لله إلا رفعه الله عز وجل (باب الترغيب في الرفق وما جاء في فضله) (عن عبد الله بن مغفل) (10) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن الله عز وجل

_ القصاص وعفا من كتاب القتل والجنايات في الجزء السادس عشر صحيفة 38 رقم 113 (1) (خط) (سنده) حدثنا مهدى بن جعفر الرملى حدثنا الوليد يعني ابن مسلم عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) بالبناء للمفعول والفاعل هو الله عز وجل أي عامل الخلق بالمسامحة والمساهلة يعاملك ربك بمثله في الدنيا والآخرة (تخريجه) (طب هب) ورمز له الحافظ السيوطي في الجامع الصغير بعلامة الحسن قال شارحه المناوى قال الحافظ العراقي رجاله ثقات وقال تلميذه الهيثمي رواه أحمد عن شيخه مهدي بن جعفر الرملى وقد وثقه غير واحد وفيه كلام وبقية رجاله رجال الصحيح وقال في موضوع آخر فيه مهدي وثقه ابن معين وغيره وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح ورواه الطبراني في الأوسط والأخير ورجالهما رجال الصحيح اهـ (3) (سنده) حدثنا مصعب بن سلام حدثنا الأجلح عن قيس بن أبي مسلم عن ربعى بن حراش قال سمعت حذيفة بن اليمان يقول ضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمثالا واحدا وثلاثة وخمسة وسبعة وتسعة وأحد عشر قال فضرب لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم منها مثالا وترك سائرها قال ان قوما كانوا أهل ضعف الخ (غريبه) (4) أي نعمة وسعة (5) أي في اشغال شاقة عليهم ولم يرحموهم (وسلطوهم) أي تسلطوا عليهم وقهروهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده حسن (6) (سنده) حدثنا يحيى بن معين حدثنا حفص عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبه) (7) العثرة بفتح العين المهملة والراء بينهما مثلثة ساكنة أصلها المرة من العثار في المشي والمراد هنا فعل الإنسان شيئا يقدم على فعله وهو على حذف مضاف تقديره من أقال ذا عثرة الخ وجاء عند أبي داود وغيره بلفظ من أقال مسلما وهو عام يشمل الإقالة من البيع والبيعة والعهد وغير ذلك قال في النهاية يقال اقاله يقيله إقالة وتقاؤلا إذا فسخا البيع وعاد البيع إلى مالكه والثمن إلى المشترى إذا ندم أحدهما أو كلاهما وتكون الإقالة في البيعة والعهد اهـ قال ابن عبد السلام في الشجرة اقاله النادم من الاحسان المأمور به في القرآن لما له من الغرض فما ندم عليه سما في بيع العقار وتمليك الجوار (8) جاء عن أبي داود بلفظ (اقال الله عثرته) وهي تفسر قوله عند الامام احمد (اقاله الله يوم القيامة) والمعنى يزيل ذنبه ويغفر له ويرفعه من سقوطه يوم القيامة (تخريجه) (د جه ك) وغيرهم وسكت عنه أبو داود والمنذري وصححه الحاكم وأقره الذهبي (وقال ابن دقيق العيد) هو على شرطهما (يعني البخاري ومسلم) وصححه ابن حزم لكنه في اللسان نقل تضعيفه عن الدار قطنى اهـ (قلت) التحقيق ان الحديث صحيح (9) (سنده) حدثنا ابن ابي عدي عن شعبة عن العلاء عن أبيه عن ابي هريرة الخ (تخريجه) (م مذ) (باب) (10) (سنده) حدثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال أنا يونس وحميد عن الحسن عن

رفيق (1) يحب الرفق ويعطى على الرفق (2) ما لا يعطى على العنف (3) (عن علي بن أبي طالب) (4) رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن جرير بن عبد الله) (5) قال قال النبي صلى الله عليه وسلم من يحرم الرفق يحرم الخير (6) (عن المقدام بن شريح الحارثي عن أبيه) (7) قال قلت لعائشة رضي الله عنها هل كان النبي صلى الله عليه وسلم يبدو؟ (8) قالت نعم كان يبدو إلى هذه التلاع (9) فأراد البداوة مرة فأرسل الى نعم من ابل الصدقة فأعطاني منها ناقة محرمة (10) ثم قال لي يا عائشة عليك بتقوى الله عز وجل والرفق فإن الرفق لم يك شيء قط إلا زانه ولم ينزع من شيء إلا شأنه (عن عائشة) (11) رضي الله عنها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد الله عز وجل بأهل بيت خيرا أدخل عليهم الرفق

_ عبد الله بن مغفل الخ (غريبه) (1) الرفق ضد العنف وهو العطف وأخذ الأمر بأحسن الوجوه وايسرها فمعنى (إن الله عز وجل رفيق) أي لطيف بعباده يريد بهم اليسر ولا يريد بهم العسر كما قال في كتابه العزيز فلا يكلفهم فوق طاقتهم بل يسامحهم ويلطف بهم (يحب للرفق) بكسر الراء المشددة لين الجانب بالقول والفعل والأخذ بالأسهل أي يحب أي يرفق بعضكم ببعض (2) أي في الدنيا من الثناء الجميل ونيل المطالب وغيرها وفي الآخرة من الثواب الجزيل (3) بضم المهملة الشدة والمشقة وكل ما في الرفق من الخير ففي العنف من الشر مثله (تخريجه) (د) والبخاري في الأدب المفرد وسكت عنه أبو داود والمنذري واخرج مثله مسلم من حديث عمرة عن عائشة (4) (سنده) حدثنا علي بن بحر حدثنا عبد الله بن ابراهيم بن عمر بن كيسان قال اني سمعته يحدث عن عبد الله بن وهب عن أبي خليفة عن علي بن أبي طالب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق ما لا يعطي على العنف (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز عل) وابو خليفة لم يضعفه أحد وبقية رجاله ثقات (5) (سنده) حدثنا يحيى عن محمد بن اسماعيل ثنا عبد الرحمن بن هلال العبسي قال قال جرير بن عبد الله قال النبي صلى الله عليه وسلم من يحرم الرفق يحرم الخير (6) زاد أبو داود (كله) يعني يحرم الخير كله (تخريجه) (م د جه) ولفظ مسلم من حرم الرفق حرم الخير (7) (سنده) حدثنا ابن نمير حدثنا شريك عن المقدام بن شريح الحارثي عن أبيه الخ (غريبه) (8) أي يخرج إلى البدو وجاء في حديث آخر (كان صلى الله عليه وسلم إذا اهتم بشيء بدا) أي خرج إلى البدو يشبه أن يكون يفعل ذلك ليبعد عن الناس ويخلو بنفسه (9) التلاع مسايل الماء من علو إلى أسفل واحدها تلعة وقيل هو من الاضداد تقع على ما انحدر من الارض واشرف منها (10) بضم الميم وفتح المهملة وتشديد الراء مفتوحة (قال الخطابي) هي التي قد امتنعت عن ركوبها لم تذلل ولم ترض ومن هذا قولهم اعرابى محرم إذا كان أول ما يدخل المضر ولم يخالط الناس ولم يجالسهم اهـ (قلت) زاد أبو داود في رواية أخرى (محرمة يعني لم تركب) (تخريجه) (د) واخرجه مسلم بلفظ ان الرفق لا يكون في شيء الخ ثم زاد في رواية أخرى عن المقدام بن شريح أيضا عن أبيه ركبت عائشة بعيرا فكانت فيه صعوبة فجعلت تردده فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك بالرفق ثم ذكر مثله وروى البزار عن عائشة قالت أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقة سوداء كأنها فحمة ضعيفة لم تخطم فمسحها ثم دعا لي عليها بالبركة ثم قال يا عائشة ادبي وارفقي وفي رواية فجعلت اضربها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه البزار باسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح (11) (سنده) حدثنا هيثم بن خارجة قال ثنا حفص بن ميسرة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ

(وعنها أيضا) (1) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم من رفق بأمتي فارفق به ومن شق عليهم فشق عليه (باب الترغيب في الرفق بالحيوان) (عن سهل بن معاذ عن ابيه) (2) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه مر على قوم وهم وقوف على دواب ورواحل فقال لهم اركبوها سالمة (3) ودعوها سالمة (4) ولا تتخذوها كراسي لأحاديثكم في الطرق والأسواق (5) فرب مركوبة خير من راكبها وأكثر ذكر الله تبارك وتعالى منه (عن سوادة بن الربيع) (6) قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فسألته فأمر لي بذود (7) ثم قال إذا رجعت إلى بيتك فمرهم فليحسنوا غذاء رباعهم (8) ومرهم فليقلموا أظفارهم ولا يعبطوا (9) بها ضروع مواشيهم إذا حلبوا (عن ضرار بن الأزور) (10) قال اهدينا لرسول الله لقحة (11) (وفي رواية بعثني أهلي بلقوح إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأمرني أن أحلها) قال فحلبها قال فلما

_ (تخريجه) (هب) والبخاري في التاريخ وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (1) (سنده) حدثنا وكيع قال ثنا معاوية بن ابي مزرد عن يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير عن عائشة الخ (تخريجه) (م) بلفظ اللهم من ولى من أمر أمتي شيئا فشق عليهم فأشقق عليه ومن ولى من أمر أمتي شيئا فرفق بهم فارفق به (باب) (2) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل ابن معاذ عن أبيه (يعني معاذ بن أنس الجهني) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ ورواه الامام أحمد أيضا من طريق ثان عن حجاج (ومن طريق ثالث) عن ابي الوليد الطيالسي كلاهما قال ثنا ليث بن سعد عن يزيد عن أبي حبيب عن ابن معاذ بن أنس عن أبيه الحديث (غريبه) (3) أي خالصة عن الكد والاتعاب (4) اي اتركوها ورفهوا عنها إذا لم تحتاجوا إلى ركوبها (5) أي لا تجلسوا على ظهورها ليتحدث كل منكم مع صاحبه وهي موقوفة كجلوسكم على الكراسي للتحدث والمنهي عنه الوقوف الطويل بغير حاجة فيجوز حال القتال والوقوف بعرفة ونحو ذلك وعلل النهي عن ذلك بقوله (فرب) دابة (مركوبة خير من راكبها) عند الله (واكثر ذكر الله تبارك وتعالى) وفيه أن الدواب منها ما هو صالح ومنها ما هو طالح وانها تذكر الله تعالى (وان من شيء إلا يسبح بحمده) وأن بعضها أفضل من بعض الآدميين ولا ينافيه (ولقد كرمنا بني آدم) لأنه في الجنس (تخريجه) (طب عل ك) وأورده الهيثمي وقال أحد اسانيد احمد رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) يعني الطريق الثانية والثالثة المذكورتين آنفا في الشرح (6) (سنده) حدثنا أبو النضر قال ثنا المرجي ابن رجاء اليشكري قال حدثني مسلم بن عبد الرحمن قال سمعت سوادة بن الربيع قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) الذود من الابل ما بين الخمس إلى التسع (8) بكسر الراء جمع ربع وهو ما ولد من الابل في الربيع وقيل ما ولد أول النتاج واحسان غذائها ان لا يستقصى حلب امهاتها ابقاءا عليها (نه) (9) أي لا يشددوا الحلب فيعقروها ويدموها بالعصر من العبيط وهو الدم الطرى لا يستقصوا حلبها حتى يخرج الدم بعد اللبن (نه) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال إذا رجعت إلى بيتك فمرهم فليحسنوا أعمالهم ومرهم فليقلموا أظفارهم ولا يخدشو بها ضروع مواشيهم إذا حلبوا وفيه مرجي بن رجاء وثقه أبو زرعة وغيره وضعفه بن معين وغيره وبقية رجال أحمد ثقات (10) (سنده) حدثنا اسود بن عامر ثنا زهير عن الأعمش عن يعقوب بن بجير رجل من الحي قال سمعت ضرار ابن الأزور قال اهدينا لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) اللقحة بالكسر والفتح الناقة القريبة العهد

أخذت لأجهدها قال لا تفعل دع داعى اللبن (1) (وعنه من طريق ثان) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم مر به وهو يحلب فقال دع داعى اللبن (عن عائشة) (3) رضي الله عنها قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البادية إلى ابل الصدقة فأعطى نساءه بعيرا غيرى فقلت يا رسول الله اعطيتهن بعيرا بعيرا غيرى فأعطاني بعيرا آدد (4) صعبا لم يركب عليه (وفي رواية أخرى فجعلت اضر به) فقال يا عائشة ارفقي به فإن الرفق لا يخالط شيئا إلا زانه ولا يفارق شيئا إلا شانه (عن عبد الله بن زياد) (5) عن ابني بسر السلميين قال دخلت عليهما فقلت يرحكما الله الرجل منا يركب دابته فيضربها بالسوط ويكفحها باللجام هل سمعتما من رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك؟ قال ما سمعنا في ذلك شيئا فإذا امرأة قد نادت من جوف البيت أيها السائل إن الله عز وجل يقول (وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحه الا أمم أمثالكم ما فرطنا في الكتاب من شيء) فقال هذه اختنا وهي اكبر منا وقد ادركت رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن جابر بن عبد الله) (6) قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارا قد وسم (7) في وجهه فقال لعن الله من فعل هذا (عن سراقة بن مالك بن جعشم) (8) أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه قال فطفقت اسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ما أذكر ما اسأله عنه فقال اذكره قال وكان مما سألته عنه أن قلت يا رسول الله الضالة (وفي رواية الضالة من الإبل) تغشى حياضى (9) وقد ملأتها ماء لإبلي فهل لي من أجر أن اسقيها؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم في سقي كل كبد (10)

_ بالنتاج والجمع لقح وقد لقحت لقحا ولقاحا وناقة لقوح إذا كانت غزيرة اللبن واللقاح ذوات الألبان الواحدة لقوح (1) أي ابق في الضرع باقيا يدعوا ما فوقه من اللبن فينزله ولا تستوعبه فإنه إذا استقصى ابطأ الدر (2) (سنده) حدثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن سنان عن ضرار بن الأزور أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (حب مي ك) والبخاري في التاريخ وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد بأسانيد احدها رجاله ثقات اهـ (قلت) اصحها الطريق الثانية والله أعلم (2) (سنده) حدثنا حسين قال ثنا اسرائيل عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (4) بمد الهمزة أي قويا يهدر (تخريجه) (م) وغيره (5) (عن عبد الله بن زياد الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في (باب وما من دابة في الأرض ولا طائر يطير بجناحيه الآية) من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 126 رقم 267 (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن يحيى بن ابي كثير عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (7) اصله من السمة وهي العلامة بنحوكى فيحرم وسم الآدمي وكذا غيره في وجهه على الأصح ويجوز في غيره قال النووي وأما الوسم في الوجه فمنهي عنه بالاجماع وأما وسم غير الوجه من غير الآدمي فجائز على خلاف عندنا لكن يستحب في نعم الزكاة والجزية ولا يستحب في غيرها ولا ينهى عنه انتهى باختصار (تخريجه) (ق د) والترمذي عن جابر ايضا بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن الوسم في الوجه والضرب وقال هذا حديث حسن صحيح (8) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن صالح وحدث ابن شهاب ان عبد الرحمن بن مالك أخبره أن أباه أخبره ان سراقة بن جعشم دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) أي تنزلها (10) أي في سقى كل ذات كبد (وقوله

حرًا أجر الله عز وجل (عن عبد الرحمن بن عبد الله) (1) قال نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا فانطلق انسان إلى غيضة (2) فأخرج بيض حمرة فجاءت الحمرة (3) ترف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم ورءوس أصحابه فقال أيكم فجع هذه؟ فقال رجل من القوم أنا اصبت لها بيضا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أردده (وعنه في أخرى) رده رحمة لها (عن أبي هريرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما رجل يمشي وهو بطريق اشتد عليه العطش فوجد بئرا فنزل فيها فشرب ثم خرج فإذا كلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال لقد بلغ هذا الكلب من العطش مثل الذي بلغني فنزل البئر فملأ خفيه ماء ثم أمسكه بفيه حتى رقى به فسقى الكلب فشكر الله له فغفر له قالوا يا رسول الله وان لنا في البهائم لأجرا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم في كل ذات كبد رطبة أجر (وعنه أيضا) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم أن امرأة بغيا (6) رأت كلبا في يوم حار يطيف (7) ببئر قد أدلع لسانه (8) من العطش فنزعت موقها (9) فغفر لها (وعنه أيضا) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت امرأة (11) النار في هرة ربطتها فلم تطعمها ولم تسقها

_ حرا) بألف مقصورة (قال في النهاية) الحرا فعل من الحر وهي تأنيث حران وهما للمبالغة يريد أنها لشدة حرها قد عطشت ويبست من العطش والمعنى أن في سقى كل شيء غلبه العطش أجر وقيل أراد بالكبد الحرا حياة صاحبها لأنه إنما يكون كبده حرا إذا كان فيه حياة يعني في سقي كل ذي روح من الحيوان أجر (تخريجه) (جه حب) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه فيه محمد بن اسحاق وهو مدلس اهـ (قلت) محمد بن اسحاق لم يأت في هذه الرواية عند الامام أحمد وجاء في رواية أخرى للامام أحمد مختصرة كما جاء في ابن ماجه وسند الرواية الأولى عند الامام أحمد صحيح (1) (سنده) حدثنا ابو قطن حدثنا المسعودي عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (غريبه) (2) الغيضة بفتح الغين المعجمة وسكون الياء التحتية الشجر الملتف أي المتصل بعضه ببعض (3) الحمرة بضم الحاء المهملة وتشديد الميم مفتوحة ويجوز تخفيفها طائر صغير كالعصفور (نه) (تخريجه) الحديث اسناده صحيح لكنه مرسل لم يذكر فيه عن ابن مسعود ورواه أبو داود مطولا عن طريق أبي اسحاق الفزاري عن أبي اسحاق الشيباني عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن أبيه (قال المنذري) ذكر البخاري وعبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي أن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود سمع من أبيه وصحح الترمذي حديث عبد الرحمن عن أبيه في جامعه وعلى هذا فاسناد أبي داود صحيح متصل ورواه أيضا أبو داود الطيالسي قال حدثنا المسعودي عن الحسن بن سعد عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود عن عبد الله قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فذكر الحديث واسناده صحيح متصل (4) (سنده) حدثنا اسحاق اخبرني مالك عن سمي عن ابي صالح عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (ق د) وغيرهم (5) (سنده) حدثنا يزيد انا هشام بن حسان عن محمد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أي زانية والبغاء بالمد هو الزنا (7) بضم أوله وكسر ثانيه اي يطوف ويدور حول البئر (8) أي اخرجه (9) الموق الخف فارسي معرب (تخريجه) (م وغيره) (10) (سنده) حدثنا يزيد أخبرنا محمد وابن نمير قال حدثنا محمد عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) لم يذكر اسمها في كل الروايات (قال القرطبي) هل كانت كافرة أو مسلمة كل محتمل (قلت) يؤيد كونها كافرة ما سيأتي في الحديث التالي ففيه التصريح بذلك

ولم ترسلها فتأكل من خشاش (1) الأرض (حدثنا عبد الله) (2) حدثني ابي ثنا سليمان بن داود يعني الطيالسي (3) ثنا أبو عامر الخزاعي عن سيار عن الشعبي عن علقمة قال كنا عند عائشة فدخل أبو هريرة فقالت أنت الذي تحدث ان امرأة عذبت في هرة أنها ربطتها فلم تطعمها ولم تسقها؟ فقال سمعته منه يعني النبي صلى الله عليه وسلم قال عبد الله (4) كذا قال أبي فقالت هل تدري ما كانت المرأة؟ ان المرأة مع ما فعلت كانت كافرة وان المؤمن أكرم على الله عز وجل من أن يعذبه في هرة فإذا حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر كيف تحدث (5) (باب الترغيب في الرحمة بخلق الله تعالى وثواب فاعلها ووعيد من لم يرحم) (عن معاوية بن قرة عن أبيه) (6) ان رجلا قال يا رسول الله اني لأذبح الشاة واني ارحمها أو قال اني لأرحم الشاة أن أذبحها فقال والشاة ان رحمتها رحمك الله (عن جرير) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لا يرحم لا يرحم ومن لا يغفر لا يغفر له (عن عمرو بن شعيب) (8) عن أبيه عن جده قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا (9) من لم يرحم صغيرنا (10) ويعرف حق كبيرنا (عن ابي سعيد) (11) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان من لا يرحم الناس لا يرحمه الله (عن ابي اسحاق) (12) قال كان جرير

_ (وقوله في هرة) أي من جراء هرة كما صرح بذلك في بعض روايات مسلم اي بسببها (1) بفتح الخاء المعجمة أشهر من كسرها وضمها كما في الديباج وغيره أي حشرات الأرض وهوامها (تخريجه) (ق جه) (2) (حدثنا عبد الله الخ) (قلت) عبد الله هو ابن الامام احمد رحمهما الله (غريبه) (3) هو صاحب المسند ومن مشايخ الامام أحمد (4) يعني عبد الله بن الامام احمد رحمهما الله (5) لا لوم على أبي هريرة في ذلك لأنه حدث بما سمع من النبي صلى الله عليه وسلم ولم يكن فيما سمع تعيين دين المرأة ولعل عائشة سمعت التعيين من النبي صلى الله عليه وسلم ومن حفظ حجة على من لم يحفظ والله أعلم (تخريجه) (طل) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (باب) (6) (سنده) حدثنا اسماعيل بن ابراهيم ثنا زياد بن مخراق ثنا معاوية بن قرة عن أبيه الخ (قلت) أبوه هو قرة بن اياس المزنى صحابي رضي الله عنه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طب طس) كلهم من غير شك قالوا قال يا رسول الله اني لأذبح الشاة فأرحمها وله الفاظ كثيرة ورجاله ثقات (7) (سنده) حدثنا أبو احمد ثنا اسرائيل عن ابي اسحاق عن ابيه عن جرير (يعني ابن عبد الله) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (وله طريق أخرى) عند الامام أحمد قال حدثنا يحيى عن اسماعيل ثنا قيس ثنا جرير قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من لا يرحم الناس لا يرحمه الله عز وجل (تخريجه) (ق مذ) (8) (سنده) حدثنا اسحاق بن عيسى حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عبد الرحمن بن الحارث عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (9) أي ليس على سنتنا أو ليس من أهل الكمال منا (10) رحمة الصغير اعطاؤه حقه من الرفق به والرحمة والشفقة عليه (ويعرف حق كبيرنا) معناه أن يعطي الكبير ما يستحقه من التعظيم والتبجيل والتوقير (تخريجه) (د مذ ك) قال في الرياض حديث صحيح وقال الحاكم على شرط مالك وأقره الذهبي وقال العراقي سنده حسن وأخرجه أيضا البخاري في الأدب المفرد (11) (سنده) حدثنا معاوية ثنا شيبان عن فراس عن عطية عن ابي سعيد (يعني الخدري) الخ (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث غريب من هذا الوجه (12) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة

ابن عبد الله البجلى في بعث بأرمينية (1) قال فأصابتهم مخمصة أو مجاعة قال فكتب جرير إلى معاوية اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من لم يرحم الناس لا يرحمه الله عز وجل قال فأرسل اليه فأتاه فقال انت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم قال فأففلهم (2) ومتعهم قال ابو اسحاق وكان أبي في ذلك الجيش فجا بقطيفة مما متعه معاوية (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (3) أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم على منبره يقول ارحموا ترحموا واغفروا يغفرالله لكم ويل لأقماع (4) القول ويل للمصرين الذين يصرون على ما فعلو وهم يعلمون (عن أبي هريرة) (5) قال سمعت الصادق المصدوق أبا القاسم صاحب الحجرة صلى الله عليه وسلم يقول لا تنزع الرحمة إلا من شقى (وعنه أيضا) (6) قال دخل عيينة بن حصن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه يقبل حسنا أو حسينا فقال له لا تقبله يا رسول الله لقد ولد لي عشرة ما قبلت أحدا منهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لا يرحم لا يرحم (عن عائشة رضي الله عنها) (7) قالت أتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال يا رسول الله أتقبل الصبيان؟ فوالله ما نقبلهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أملك (8) أن الله عز وجل نزع من

_ قال سمعت أبا اسحاق قال كان جرير بن عبد الله في بعث الخ (غريبه) (1) قال ياقوت في معجمه أرمينية بكسر أوله وبفتح وسكون ثانية وكسر الميم وياء ساكنه وكسر النون وياء خفيفة مفتوحة اسم لصقيع عظيم واسع في جهة الشمال (يعني بلاد الروم) (2) اي أمرهم بالرجوع إلى بلادهم (ومتعهم) أي أعطاهم ما تمتعوا به من نفقة وكسوة (تخريجه) (ق مذ) (3) (سنده) حدثنا حسن بن موسى الأشيب حدثنا جرير يعني ابن عثمان الرحبي عن حبان بن زيد عن عبد الله بن عمرو بن العاص الخ (غريبه) (4) الاقماع بفتح الهمزة جمع قمع بكسر القاف وفتح الميم وتسكن الاناء الذي يجعل في رأس الظرف ليملأ بالمائع شبه استماع الذين يستمعون القول ولا يعونه ولا يعملون به بالأقماع التي لا تعى شيئا مما يفرغ فيها فكأنه يمر عليها مجتازا كما يمر الشراب في القمع كذلك (قال الزمخشري) من المجاز ويل لأقماع القول وهم الذين يستمعون ولا يعون (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير حبان بن زيد الشرعي ووثقه ابن حبان ورواه الطبراني كذلك اهـ (قلت) ورواه أيضا البخاري في الأدب المفرد والخطيب في تاريخ بغداد وعزاه السيوطي للبيهقي في الشعب (5) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن منصور عن أبي عثمان عن أبي هريرة الخ (وفي آخر الحديث) قال شعبة كتب به إلي وقرأته عليه يعني منصورا (تخريجه) (د مذ حب طل ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي ورواه البخاري في الأدب المفرد قال ابن الجوزي في شرح الشهاب واسناده صالح ورواه عنه أيضا البيهقي قال في المهذب واسناده صالح (6) (سنده) أخبرنا هشيم عن الزهري عن سلمة عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (ق د مذ) وفي روايتهم جميعا الأقرع بن حابس بدل عيينة بن حصن وكلاهما من المؤلفة قلوبهم وكلاهما له عشرة من الولد ورجح العلماء رواية الشيخين ومن وافقهما (7) (سنده) حدثنا ابن نمير ثنا هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (8) جاء عند البخاري بلفظ (أو أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة) قال الحافظ هو بفتح الواو والهمزة الأولى للاستفهام للاستفهام الانكاري ومعناه النفي أي لا أملك أي لا أقدر أن أجعل الرحمة في قلبك بعد أن نزعها الله منه ووقع عند مسلم بحذف الاستفهام وهي مرادة وعند الإسماعيلي

قلبك الرحمة (عن خالد بن حكيم بن حزام) (1) قال تناول أبو عبيدة رجلا بشيء فنهاه خالد بن الوليد رضي الله عنه فقالوا أغضبت الأمير فأتاه فقال اني لم ارد أن اغضبك ولكني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اشد الناس عذابا (2) يوم القيامة أشد الناس عذابا للناس في الدنيا (عن عروة بن الزبير) (3) عن هشام بن حكيم بن حزام أنه مر بأناس من أهل الذمة قد أقيموا في الشمس بالشام فقال ما هؤلاء؟ قالوا بقى عليهم شيء من الخراج فقال اني اشهد اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله عز وجل يعذب يوم القيامة الذين يعذبون الناس قال وأمير الناس يومئذ عمير بن سعد على فلسطين قال فدخل عليه فحدثه فخلى سبيلهم (باب الترغيب في الحياء وأنه لا يأتي إلا بخير) (عن عبد الله بن مسعود) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ذات يوم استحيوا من الله عز وجل حق الحياء قال قلنا يا رسول الله إنا نستحي والحمد لله قال ليس ذلك (5) ولكن من استحى من الله حق الحياء فليحفظ الراس (6) وما حوى والبطن وما وعى (7) وليذكر الموت والبيلي ومن اراد الآخرة (8) ترك زينة الدنيا (9) فمن فعل ذلك فقد استحيا من الله عز وجل حق الحياء (10) (عن أبي هريرة) (11) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحياء شعبة من الإيمان (وعنه أيضا) (12) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ وما أملك وله في أخرى ما ذنبي إن كان الخ اهـ (تخريجه) (ق وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا سفيان بن عيينه عن عمرو بن دينار عن ابن ابي نجيح عن خالد بن حكيم بن حزام الخ (غريبه) (2) أي من اشد الناس عذابا (تخريجه) (حب) وسنده صحيح ورجاله ثقات وصححه الحافظ للسيوطي (3) (سنده) حدثنا وكيع ثنا هشام بن عروة عن أبيه (يعني عروة بن الزبير) عن هشام بن حكيم الخ (تخريجه) (ك) وسنده صحيح ورجاله من رجال الصحيحين باب (4) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد حدثنا ابان بن اسحاق عن الصباح بن محمد عن مرة الهمداني عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه) (5) قال البيضاوي ليس حق الحياء من الله ما تحسبونه بل أن يحفظ نفسه بجميع جوارحه عما لايرضاه من فعل وقول (6) أي رأسه (وما حوى) أي جمعه من الحواس الظاهرة والباطنة كالسمع والبصر واللسان ونحو ذلك حتى لا يستعملها إلا فيما يحل (7) اي وما جمعه الجوف باتصاله به من القلب والفرج واليدين والرجلين فإن هذه الاعضاء متصلة بالجوف فلا يستعمل منها شيئا في معصية الله عز وجل (8) أي الفوز بنعيمها (9) أي لأن الآخرة خلقت لحظوظ الأرواح وقرة عين الإنسان والدنيا خلقت لمرافق النفوس وهما ضرتان إذا أرضيت احداهما غضبت الأخرى فمن أراد الله تعالى فليرفض جميع ما سواه استحياءا منه بحيث لا يرى إلا اياه (10) قال الطيبي المشار إليه بقوله ذلك جميع مامر فمن اهمل من ذلك شيئا لم يخرج من عهدة الاستحياء (تخريجه) (مذ ك هب) وأورده المنذري وقال رواه الترمذي وقال هذا حديث انما نعرفه من هذا الوجه من حديث ابان بن اسحاق عن الصباح بن محمد قال أعني المنذري وابان فيه مقال والصباح مختلف فيه وتكلم فيه لرفعه هذا الحديث وقالوا الصواب عن ابن مسعود موقوف والترمذي قال لا يعرف إلا من هذا الوجه اهـ (قلت) الجمهور على توثيق ابان وتضعيف الصباح (11) (عن ابي هريرة الخ) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب شعب الايمان من كتاب الايمان في الجزء الأول صحيفة 82 رقم 27 فارجع إليه (12) (سنده) حدثنا يزيد أخبرنا محمد عن

الحياء من الإيمان (1) والإيمان في الجنة (2) والبذاء من الجفاء (3) والجفاء في النار (4) (عن أنس بن مالك) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان الفحش في شيء قط إلا شانه ولا كان الحياء في شيء قط إلا زانه (عن يعلى بن أمية) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله يحب الحياء والستر (عن عمران بن حصين) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحياء خير كله (عن سالم عن أبيه) (8) أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يعظ أخاه في الحياء فقال الحياء من الإيمان (عن أبي أمامة الباهلي) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الحياء والعي (10) شعبتان من الإيمان (11) والبذاء والبيان شعبتان من النفاق (12) (عن قتادة) (13) قال سمعت ابا السوار (14) العدوي يحدث أنه سمع عمران

_ أبي سلمة عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) قال الزمخشري جعل كالبعض منه لمناسبته له في أنه يمنع من المعاصي كما يمنع الايمان اهـ (2) اي يوصل إليها والبذاء بذال معجمة ومد الفحش في القول (3) بالمد أي الطرد والأعراض وترك الصلة والبر (4) يفسره قوله صلى الله عليه وسلم في حديث آخر وهل يكب الناس في النار الا حصائد السنتهم (فائدة) سئل بعضهم هل يكون الحياء من الايمان مقيدا أو مطلقا؟ فقال مقيد بترك الحياء في المذموم شرعا وإلا فعدمه مطلوب في النصح ولأمر والنهي الشرعي فتركه في هذه الأشياء من النعوت الإلهية (إن الله لا يستحي أن يضرب مثلا ما) والله لا يستحي من الحق (تخريجه) (مذ ك حب هب) وأورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح والترمذي وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي حديث حسن صحيح (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن ثابت عن أنس الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه ابن ماجه والترمذي وقال حديث حسن غريب (6) (سنده) حدثنا وكيع عن ابن أبي ليلى عن عطاء عن يعلى بن أمية الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده جيد (7) حدثنا يحيى بن سعيد عن خالد بن رباح قال سمعت ابا السوار قال سمعت عمران بن حصين قال (تخريجه) (م د) وفي رواية عند البخاري ومسلم بلفظ الحياء لا يأتي إلا بخير (8) (سنده) حدثنا سفيان عن الزهري عن سالم عن أبيه (يعني عبد الله بن عمر) انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (ق والأربعة) (9) (سنده) حدثنا حسين بن محمد وغيره قالا ثنا محمد بن مطرف عن حسان ابن عطية عن أبي امامة الباهلي الخ (غريبه) (10) العي بكسر العين المهملة وتشديد الياء التحتية معناه العجز وبابه تعب يقال عيي بالأمر وحجته يعيا عيا عجز عنه قد يدعم الماضي فيقال عيي * لرجل عيى والمراد هو سكون اللسان تحرزا عن الوقوع في البهتان لا عيى القلب ولا عيى العمل ولا عيى اللسان لخلل (11) أي اثران من آثاره بمعنى أن المؤمن يحمله الإيمان على الحياء فيترك القبائح حياءا من الله ويمنعه من الاجتراء على الكلام شفقا من عثر اللسان والوقيعة في البهتان (والبذاء) بفتح الموحدة هو ضد الحياء وقيل فحش الكلام (والبيان) أي فصاحة اللسان والمراد به هنا ما يكون فيه اثم من الفصاحة كهجو أو مدح بغير حق (12) يعني انهما خصلتان منشأهما النفاق والبيان المذكور هو التعمق في المنطق والتفاصح واظهار التقدم فيه على الغير تيها وعجبا كما تقرر (تخريجه) (مذ ك) وحسنه الترمذي والحافظ العراقي في أماليه وقال الذهبي صحيح (13) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن قتادة الخ (غريبه) (14) بوزن عمار

ابن حصين الخزاعي (1) يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الحياء لا يأتي إلا بخير فقال بشير (2) ابن كعب مكتوب في الحكمة (3) أن منه وقارا (4) ومنه سكينة (5) فقال عمران أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدثني عن صحفك (عن حميد بن هلال) (6) عن بشير بن كعب عن عمران ابن حصين قال قال صلى الله عليه وسلم الحياء خير كله فقال بشير فقلت إن منه ضعفا وان منه عجزا (7) فقال أحدثك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجيئني بالمعاريض (8) لا أحدثك بحديث ما عرفتك فقالوا يا ابا نجيد إن طيب الهوى (9) وإنه وإنه فلم يزالوا به حتى سكن وحدث (باب الترغيب في الصدق والأمانة) (عن عبد الله) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله صديقا (عن عبد الله بن عمرو) (11) أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما عمل الجنة؟ قال الصدق وإذا صدق العبد بر وإذا بر آمن وإذا آمن دخل الجنة قالوا يا رسول الله ما عمل النار؟ قال الكذب إذا كذب فجر وإذا فجر كفر وإذا

_ ابن حريث مصغرا (1) كنيته أبو نجيد صحابي أسلم مع أبي هريرة رضي الله عنهما (2) بضم الموحدة وفتح المعجمة مصغرا العدوي البصري التابعي الجليل (3) قال في الكواكب الحكمة هي العلم الذي يبحث فيه عن أحوال حقائق الموجودات وقيل العلم المتقن الوافي (4) أي حلما ورزانة (5) أي دعة وسكونا وفي رواية لمسلم إن منه سكينة ووقارا لله ومنه ضعف (قال الحافظ) وهذه الزيادة متعبة ولأجلها غضب عمران اهـ وقال في الكواكب انما غضب لأن الحجة انما هي سنة انما هي في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم لا فيما يروى عن كتب الحكمة لأنه لا يدري ما في حقيقتها ولا يعرف صدقها وقال القرطبي انما انكر عليه من حيث أنه ساقه في معرض من يعارض كلام النبوة بكلام غيره وقيل لكونه خاف أن يخلط السنة بغيرها وإلا فليس في ذكر السكينة والوقار ما ينافي كونه خيرا (6) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون انا ابو عوانة عن حميد بن هلال الخ (7) معناه أنه قد يستحي أنه يواجه بالحق من يستحييه فيدع أمره بمعروف ونهيه عن منكر وقد يحمله على اخلاله ببعض الحقوق وغير ذلك مما يعرف عادة (والجواب عن ذلك) ان هذا المانع ليس من الحياء حقيقة بل هو عجز وخور ومهانة وإنما يطلق عليه أهل العرف حياء مجازا أما الحياء الحقيقي فهو خلق يبعث على ترك قبيح ويمنع من التقصير في حق كل ذي حق (8) جاء عند مسلم وأبي داود فغضب عمران حتى احمرت عيناه قال النووي واما انكار عمران رضي الله عنه فلكونه قال منه ضعف بعد سماعه قول النبي صلى الله عليه وسلم أنه خير كله (ومعنى قوله وتجيئني بالعاريض) اي تأتي بكلام في مقابلته وتعترض مما يخالفه (9) جاء عند مسلم أنه منايا أبا نجيد أنه لا بأس به ومعنى طيب الهوى أي طيب القلب لا يقصد سوءا (قال النووي) وقولهم انه منا لا بأس به معناه ليس هو ممن يتهم بنفاق أو زندقة أو بدعة وغيرها مما يخالف به أهل الاستقامة والله أعلم (تخريجه) (ق د) (باب) (10) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الاعمش عن شقيق عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق مذ) والبخاري في الأدب المفرد (11) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثني حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الخيلى عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) أن رجلا الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد

كفر دخل يعني النار (عن علقمة بن عبد الله المزني) (1) عن رجال من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليتق الله وليقل حقا أو ليسكت (حدثنا محمد بن أبي عدي) (2) عن حميد عن رجل من أهل مكه يقال له يوسف قال كنت أنا ورجل من قريش نلي مال أيتام قال وكان رجل قد ذهب عني بألف درهم قال فوقعت له في يدي الف درهم قال فقلت للقرشي أن قد ذهب لي بألف درهم وقد اصبت له ألف درهم قال فقال القرشي حدثني أبي أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول اد (3) الأمانة من ائتمنك (4) ولا تخن من خانك (عن أبي الدرداء) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع من رجل حديثا لا يشتهي أن يذكر عنه فهو أمانة (6) وان لم يستكتمه (باب الترغيب في شكر المنعم والمكافأة على المعروف)

_ وفيه ابن لهيعة واورده كذلك المنذري وقال رواه احمد من رواية ابن لهيعة اهـ (قلت) ابن لهيعة صرح بالتحديث فحديثه حسن كما تقدم غير مرة (1) (عن علقمة بن عبد الله المزني الخ) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وتخريجه في باب الترغيب في الاحسان إلى الجار في هذا الجزء صحيفة 56 رقم 72 (2) (حدثنا محمد بن أبي عدي الخ) (غريبه) (3) من الأداء وجوبا قال الراغب هو دفع ما يحق دفعه وتأديته (والأمانة) هي كل حق لزمك اذاؤه وحفظه قال القرطبي والأمانة تشمل اعدادا كثيرة لكن امهاتها الوديعة واللقطة والرهن والعارية (قال القاضي عياض) وحفظ الامانة اثر كمال الايمان فإذا نقص الايمان نقصت الأمانة في الناس وإذا زاد زادت (4) هذا لا مفهوم له بل غالبي والخاينة التفريط في الأمانة قال الحراني ولائتمان طلب الأمانة وهو ايداع الشيء لحفظه حتى يعاد إلى المؤتمن ولما كانت النفوس نزاعة إلى الخيانة رواغة عند مضايق الأمانة وربمان تأولت جوازها مع من يلتزمها أعقبة بقوله (ولا نحن من خانك) أي لا تعامله بمعاملته ولا تقابل خيانته بخيانتك فتكون مثله وليس منها ما يأخذه من مال من جحده حقه إذ لا تعدى فيه أو المراد إذا خانك صاحبك فلا تقابله بجزاء خيانته وان كان حسنا بل قابله بالأحسن الذي هو العفو وادفع بالتي هو احسن وهذا كما قاله أحسن (قال ابن العربي) وهذه مسألة متكررة على السنة الفقهاء ولهم فيها أقوال (الأول) لا تخن من خانك مطلقا (الثاني) خن من خانك قال الشافعي (الثالث) ان كان مما ائتمنك عليه من خانك فلا تخنه وان كان ليس في يدك فخذ حقك منه قاله مالك (الرابع) ان كان من جنس حقك فخذه وإلا فلا قاله أبو حنيفة قال والصحيح منها جواز الاعتداء بأن تأخذ مثل مالك من جنسه أو غير جنسه إذا عدلت لأن ماللحاكم فعله إذا قدرت تفعله إذا اضطررت (تخريجه) لم يذكر في هذا الحديث اسم الصحابي واريه وجهالة الصحابي لا تضر في سنده من لا يعرف ورواه (د مذ) والبخاري في التاريخ عن أبي هريرة وقال الترمذي حسن غريب ورواه أيضا الطبراني في الكبير والصغير باللفظ المذكور عن أنس قال الهيثمي رجاله ثقات وللحديث طرق كثيرة غير ما تقدم ولكنها لا تخلوا من مقال وبكثرة طرقه يتقوى (5) (سنده) حدثنا أبو معاوية قال ثنا عبيد الله بن الوليد الوصافي عن عبد الله بن عبيد بن عميرعن أبي الدرداء الخ (غريبه) (6) أي إذا فهم السامع من المحدث أنه لا يشتهي أن يذكر عنه هذا الحديث فهو أمانة لا ينبغي أنه يذكره لأحد وان لم يأمره المحدث بالكتمان (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفي اسناده عبيد الله بن الوليد الوصافي

(عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله عز وجل يوم القيامة يا ابن آدم حملتك على الخيل والابل وزوجتك النساء وجعلتك تربع (2) وترأس فأين شكر ذلك (عن المغيرة ابن شعبة) (3) قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) حتى تورمت قدماه فقيل يا رسول الله قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك قال أولا أكون عبدا شكورا (عن أبي هريرة) (5) رفعه قال ان الله عز وجل يحب أن يرى أثر نعمته على عبده (6) (وعنه أيضا) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الطاعم الشاكر كالصائم الصابر (عن أبي هريرة) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لم يشكر الناس لم يشكر الله عز وجل (عن أبي سعيد الخدري) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن الأشعث بن قيس) (10) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مثله

_ ضعيف (1) (سنده) حدثنا بهز وعفان قالا ثنا حماد قال عفان في حديثه قال انا اسحاق بن عبد الله عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) بفتح أوله وسكون ثانيه ثم موحدة مفتوحة أي تأخذ ربع الغنيمة يقال ربعت القوم أربعهم إذا أخذت ربع أموالهم يريد ألم أجعلك رئيسا مطاعا لأن الملك كان يأخذ الربع من الغنيمة في الجاهلية دون أصحابه ويسمى ذلك الربع الرباع (نه) (وترأس) بوزن تربع أي جعلتك رئيسا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده صحيح ورجاله من رجال الصحيحين (3) (سنده) حدثنا سفيان عن زياد بن علاقة سمع المغيرة بن شعبة قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) يعني في صلاة الليل (تخريجه) (ق نس مذ جه) وتقدم نحوه عن المغيرة أيضا وعائشة في باب فضل صلاة الليل من كتاب الصلاة في الجزء الرابع صحيفة 237 و 238 رقم 1005 و 1006 بشرحهما وتخريجهما (5) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن ابن موهب عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (6) معناه يرى مزيد الشكر لله عز وجل بالأعمال الصالحة واجتناب ضدها قال تعالى (وأحسن كما أحسن الله اليك) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه يحيى بن عبد الله بن موهب وهو ضعيف اهـ (قلت) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير بلفظ حديث الباب من حديث عبد الله بن عمرو وعزاه للترمذي والحاكم قال المناوى وحسنه الترمذي قال وفي الباب عمران بن الحصين وأبو هريرة وجابر وأبو الاحوص وأبو سعيد وغيرهم (7) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن رجل من بني غفار أنه سمع سعيد المقبري يحدث عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (مذ جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال العراقي علقه البخاري وأسنده الترمذي وغيره اهـ (قلت) وفي اسناده عند الامام احمد رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات وتقدم مثله مشروحا مخرجا من حديث سنان بن سنه صاحب النبي صلى الله عليه وسلم في باب الترغيب في اكرام الضيف من هذا الجزء ص 59 رقم 86 فارجع اليه (8) (سنده) حدثنا عبد الواحد (يعني ابن واصل الحداد) ثنا الربيع بن مسلم القرشي عن محمد بن زياد عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (د مذ حب طل هق) وصححه الترمذي (9) (سنده) حدثنا المطلب بن زياد ثنا ابن ابي ليلى عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من لم يشكر الناس لم يشكر الله (تخريجه) (مذ) والضياء المقدسي في المختارة وحسنة الترمذي والهيثمي (10) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن سلم بن عبد الرحمن عن زياد بن كليب عن الأشعث بن قيس

(عن النعمان بن بشير) (1) قال قال النبي صلى الله عليه وسلم على هذه الأعواد أو على هذا المنبر من لم يشكر القليل لم يشكر الكثير ومن لم يشكر الناس لم يشكر الله التحدث بنعمة الله شكر وتركها كفر والجماعة رحمة والفرقة عذاب قال فقال أبو أمامة الباهلي عليكم بالسواد الأعظم (2) قال فقال رجل ما السواد الأعظم فقال أبو أمامة هذه الآية في سورة النور (فإن تولوا فإنما عليه ما حمل وعليكم ما حملتم) (عن عائشة رضي الله عنها) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أتى إليه (4) معروف فليكافئ به ومن لم يستطع فليذكره (5) فمن ذكره فقد شكره ومن تشبع بما لم ينل (6) فهو كلابس ثوبي زور

_ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يشكر الله من لا يشكر الناس (وله طريق أخرى) عند الامام أحمد أيضا قال حدثنا بهز ثنا محمد بن طلحة بن مصرف عن عبد الله بن شريك العامري عن عبد الرحمن بن عدي الكندي عن الأشعث بن قيس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اشكر الناس لله عز وجل أشكرهم للناس (تخريجه) أورده الهيثمي بطريقيه وقال رواه كله أحمد والطبراني ورجال أحمد ثقات (قلت) وكذلك قال المنذري (1) (سنده) حدثنا يحيى بن عبد الرحمن مولى بني هاشم ثنا ابو وكيع (يعني الجراح بن مليح) عن أبي عبد الرحمن عن الشعبي عن النعمان بن بشير الخ (ورواه) أيضا عبد الله بن الامام أحمد كرواية أبيه بسنده ولفظه إلا أنه قال حدثنا يحيى بن عبد ربه مولى بني هاشم يدل قول أبيه حدثنا يحيى بن عبد الرحمن وذكره الحسيني في تعجيل المنفعة فقال يحيى بن عبد الله ويقال ابن عبد ربه البغدادي أبو محمد مولى بني هاشم (وتعقبه الحافظ) في تعجيل المنفعة فقال كذا وقع في خط الحسيني عبد ربه بالراء بعدها موحدة وزاد فيها تارة هاء وتارة حذفها وهو غلط والصواب عبد وبه بوزن را هويه وكذا هو في ميزان الذهبي قال وأثنى عليه أحمد وامر ابنه عبد الله بالأخذ عنه حيث منعه من الأخذ عن علي ابن الجعد قال روى عنه جعفر بن نزال اهـ قال الحافظ وفي ثقات ابن حبان محيى بن عبدويه شيخ يروى عن قيس بن الربيع روى عنه مجمد بن يحيى بن كثير فاظنه هو فإنه من هذه الطبقة وقد ذكر الحسيني في اكماله ان يحيى هذا يروى عن قيس بن الربيع اهـ (غريبه) (2) يعني الذين اتبعوا النبي صلى الله عليه وسلم واهتدوا بهديه واشار أبو أمامة إلى هذه الآية في سورة النور وهي قوله تعالى (فان تتولوا) يعني عن طاعة الله ورسوله (فانما عليه ما حمل) يعني على الرسول ما كلف وأمر به في تبليغ الرسالة (وعليكم ما حملتم) في الاجابة والطاعة وقد اطاعه واتبعه السواد الأعظم من الناس ولم يتخل عنه إلا المنافقون واليهود وهم قليلون بالنسبة لمن اتبعه ففي اتباعه كل خير وفي التخلي عنه كل شر (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله (يعني ابن الامام احمد) وأبو عبد الرحمن راويه عن الشعبي لم اعرفه وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) وكذلك رواه الامام احمد نفسه وهو ما ثبت في المتن وأورده أيضا الحافظ المنذري وقال رواه عبد الله بن أحمد في زوائده باسناد لا بأس به ورواه ابن ابي الدنيا في كتابه اصطناع المعروف باختصار (3) (سنده) حدثنا سكن بن نافع قال ثنا صالح بن أبي الأخضر عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (4) أتى بضم الهمزة وكسر التاء مبني للمجهول أي من ناله معروف من أحد فليكافئ صحاب المعروف بمثله قيل هو في الهدية وقيل السلام (5) أي يثني عليه كما جاء في رواية أخرى وفي الحديث إذا قال الرجل لأخيه جزاك الله خيرا فقد أبلغ في الثناء رواه (مذ طب) (6) أي المتكثر بأكثر مما عنده يفتخر بذلك

(عن أبي أمامة) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما هو يمشي في شدة حر انقطع شسع (2) نعله فجاءه رجل بشسع فوضعه في نعله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تعلم ما حملت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) لم تفعل ما حملت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب الترغيب في التواضع وفضله) (حدثنا يزيد) (4) انبأنا عاصم بن محمد عن أبيه عن ابن عمرو عن عمر قال لا أعلمه الا رفعه (5) قال يقول الله تبارك وتعالى من تواضع لي هكذا وجعل يزيد باطن كفه إلى الأرض وأدناها إلى الأرض رفعته هكذا وجعل باطن كفه إلى السماء ورفعها نحو السماء (عن أبي سعيد الخدري) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من تواضع لله درجة رفعه الله درجة حتى يجعله في طيين (7) ومن تكبر على الله درجة وضعه الله درجة حتى يجعله في أسفل السافلين (8) (عن شريح بن عبيد) (9) قال كان عتبة (10) يقول

_ كأن يقول عندي كذا من أحسن الملابس وأكلت كذا من أفخر المأكولات كالذي يرى أنه شبعان وليس كذلك ومن فعله فإنما يسخر من نفسه وهو من أفعال ذوى الزور بل هو في نفسه زور أي كذب (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طس) وفيه صالح بن أبي الأخضر وقد وثق على ضعفه وبقية رجال احمد ثقات (1) (سنده) حدثنا أبو المغيرة حدثنا معاذ بن رفاعة حدثني علي بن يزيد عن القاسم ابي عبد الرحمن عن أبي أمامة الخ (غريبه) (2) الشسع بكسر المعجمة سكون المهملة أحد سيور النعل وهو الذي يدخل بين الاصبعين ويدخل في طرفه في الثقب الذي في صدر العنل المشدود في الزمام والزمام السير الذي يعقد فيه الشسع (3) قال في القاموس (احتمل الصنيعة تقلدها وشكرها) فكأنه بصنعه الجميل كلف رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء لا يستطيع القيام بمكافئته ولو علم ذلك لم يفعله وهذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم ومبالغة في شكر صانع المعروف وهو معنى قوله صلى الله عليه وسلم (لو تعلم ما حملت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم لم تفعل ما حملت عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم) وقد جاء في هذا الحديث تحريف من الناسخ في لفظ (لم تفعل) حيث جاء في الأصل (لم يعل) بدل (لم تفعل) وهذا لا معنى له وصححناه من مجمع الزوائد وان كان جاء فيه (لم يفعل) بالياء التحتية بدل التاء الفوقية وهو خطأ أيضا هذا ما ظهر لي في هذا الحديث والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه علي بن يزيد الالهائي وهو ضعيف (باب) (4) (حدثنا يزيد الخ) (غريبه) (5) أي رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم يعني ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله تبارك وتعالى الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طس) ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح وفي اسناد الطبراني سعيد بن سلام العطار وهو كذاب (6) (سنده) حدثنا ثنا ابن لهيعة حدثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (7) قيل هو مكان في السماء السابعة تحت العرش وهو كناية عن رفع درجته وشرفه (8) السفل خلاف العلو وهو كناية عن انخفاضه وانحطاطه (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (جه حب) في صحيحه كلاهما من طريق دراج عن أبي الهيثم عنه اهـ (قلت) يشير بذلك إلى ضعف الحديث لأنه من رواية دراج عن ابي الهيثم وقد قال أبو داود في دراج حديثه مستقيم إلا عن أبي الهيثم (9) (سنده) حدثنا الحكم بن نافع ثنا اسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد الخ (غريبه) (10) هو ابن عبد السلمي أبو الوليد صحابي شهير أول مشاهده قريظه مات سنة سبع

عرباض خير مني وعرباض (1) يقول عقبة خير مني سبقني إلى النبي صلى الله عليه وسلم بسيفه (عن معاذ بن أنس الجهني) (2) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من ترك ان يلبس صالح الثياب وهو يقدر عليه تواضعا لله تبارك وتعالى دعاه الله تبارك وتعالى على رءوس الخلائق حتى يخيره الله تعالى في حلل الايمان ايتهن شاء (عن أبي هريرة) (3) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وما تواضع أحد إلا رفعه الله عز وجل (باب الترغيب في التوكل) (عن عمر بن الخطاب) (4) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو انكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصا (5) وتروح بطانا (وعنه من طريق ثان) (6) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو أنكم كنتم توكلون (وفي رواية لو أنكم توكلتم) على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير ألا ترون انها تغدو خماصا وتروح بطانا (عن عبد الله) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من نزل به حاجة (8) فأنزلها بالناس كان قمنا (9) من ان لا تسهل حاجته ومن أنزلها بالله آتاه الله برزق عاجل أو بموت آجل (10)

_ وثمانين ويقال بعد التسعين وقد قارب المائة رضي الله عنه (1) بكسر العين وسكون الراء بعدها موحدة وآخره معجمة ابن سارية السلمي أبو نجيح كان من أهل الصفة ونزل حمص ومات بعد السبعين (تخريجه) لم أقف على هذا الاثر لغير الامام احمد وسنده حسن (2) (عن معاذ بن أنس الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وطوله وتخريجه في باب الترغيب في كظم الغيظ من هذا الجزء صحيفة 79 رقم 20 فارجع إليه (3) (عن ابي هريرة الخ) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وتمامه وتخريجه في باب الترغيب في العفو عن المظالم وفضله رقم 38 صحيفة 83 ورواه مسلم وغيره (باب) (4) (سنده) حدثنا ابو عبد الرحمن ثنا حيوة اخبرني بكر بن عمرو انه سمع عبد الله بن هبيرة يقول إنه سمع أبا تميم الجيشاني يقول سمع عمر بن الخطاب يقول إنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول الخ (غريبه) (5) أي تغدو بكرة وهي جياع وتروح عشاءا وهي ممتلئة البطون (6) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق انبأنا ابن لهيعة حدثنا عبد الله بن هبيرة قال سمعت أبا تميم الجيشاني يقول سمعت عمر ابن الخطاب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (نس مذ جه لك) وقال الترمذي حسن صحيح اهـ (قلت) وصححه ايضا الحاكم واقره الذهبي (ويستفاد منه) أن المؤمن ينبغي أن لا يقصد لرزقه جهة معينة إذ ليس للطائر جهة معينة ومراتب الناس فيه مختلفة وما أحسن ما قال شيخ الاسلام الصابوني (توكل على الرحمن في كل حاجة- أردت فإن الله يقضى ويقدر- متى ما يرد ذو العرش أمرا بعبده- يصيبه وما للعبد ما يتخير- وقد يهلك الإنسان من وجه أمنه- وينجو بإذن الله من حيث يحذر) (7) (سنده) حدثنا وكيع حدثني بشير بن سلمان عن سيار أبي الحكم عن طارق ابن شهاب عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (غريبه) (8) الحاجة الفاقة والفقر (وقوله فأنزلها بالناس) اي عرضها عليهم وسألهم سد خلته (9) أي خليقا وجديرا (10) هكذا جاء في المسند بهذا اللفظ من هذا الطريق وكذلك ذكره الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام احمد وابي داود والحاكم إلا انه قال كما في الطريق الثاني هنا (غنى عاجل) بدل قوله (رزق عاجل) قال شارحه

(وعنه من طريق ثان) (1) قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أصابته فاقة فانزلها بالناس لم تسد فاقته (2) ومن أنزلها بالله عز وجل أوشك الله له بالغنى أما اجل عاجل أو غنى عاجل (عن ابن مسعود) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرى الأمم بالموسم (4) فراثت عليه أمته قال فاريت أمتي فأعجبني كثرتهم قد ملئوا السهل والجبل فقيل لي إن مع هؤلاء سبعين الفا يدخلون الجنة بغير حساب هم الذين لا يكسوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون قال عكاشة يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم فدعا له ثم قام يعني آخر فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلني معهم قال سبقك بها عكاشة (عن أنس بن مالك) (5) قال أهديث لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث طوائر فأطعم خادمه (6) طائرا فلما كان في الغد أتته به فقال لها ألم أنهك أن ترفعي شيئا فإن الله عز وجل يأتي برزق كل غد (عن سلام أبي شرحبيل) (7) قال سمعت حبة (8) وسواء ابني خالد رضي الله عنهما يقولان اتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعمل عملا أو يبني بناءا فأعناه عليه فلما فرغ

_ المناوي كذا في نسخ هذا الكتاب تبعا لما في جامع الأصول وأكثر نسخ المصابيح والذي في سنن أبي داود والترمذي بموت عاجل أو غنى عاجل وهو كما قال اصح اهـ (قلت) وهو الذي جاء في الطريق الثانية عند الامام احمد كما سيأتي (1) (سنده) حدثنا ابو أحمد الزبيري حدثنا بشير بن سلمان كان ينزل في مسجد المطمورة عن سيار أبي الحكم عن طارق بن شهاب عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصابته فاقة الخ (2) أي لتركه القادر على حوائج جميع الخلق الذي لا يغلق بابه وقد قال وهب بن منبه لرجل يأتي الملوك ويحك أتأتي من يغلق عنك بابه ويوارى عنك غناه وتدع من يفتح لك بابه نصف الليل ونصف النهار ويظهر لك غناه؟ فالعبد عاجز عن جلب مصالحه ودفع مضاره وليس معين له على مصالح دينه ودنياه إلا الله عز وجل (تخريجه) (د مذ ك) وقال الترمذي حسن صحيح غريب اهـ وصححه الحاكم وأقره الذهبي (3) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد عن عاصم عن زر عن ابن مسعود الخ (غريبه) (4) أي ليلة الاسراء كما يستفاد ذلك من رواية أخرى (وقوله فراثت) أي أبطأت (هذا) وشرح سائر الحديث تقدم في شرح حديث ابن عباس في باب مالا يجوز من الرقى والتمائم في الجزء السابع عشر صحيفة 185 رقم 144 فارجع إليه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد مطولا ومختصرا ورواه أبو يعلى ورجالهما في المطول رجال الصحيح اهـ (قلت) يعني بالمطول حديثا آخر لابن مسعود لا يختلف معناه عن حديث ابن عباس المشار إليه آنفا وحديث ابن عباس رواه البخاري ومسلم مطولا ومختصرا (5) (سنده) حدثنا مروان بن معاوية قال اخبرني هلال بن سويد أبو معلى قال سمعت أنس بن مالك وهو يقول اهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) الخادم يقال للذكر والأنثى والخادمة بالهاء في المؤنث قليل والجمع خدم وخدام والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم اعطاها طائرا لتأكله فادخرته لليوم التالي وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم (ألم أنهك أن ترفعي شيئا الخ) وجاء في بعض الروايات (ان ترفعي شيئا لغد) بزيادة لغد (تخريجه) أورده الهيثمي بلفظه وقال رواه أبو يعلى ورجاله ثقات اهـ (قلت) وأورده في موضع آخر وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير هلال ابي المعلى وهو ثقة (7) (سنده) حدثنا وكيع قال ثنا الأعمش عن سلام ابي شرحبيل الخ (غريبه) (8) بفتح الحاء

دعا لنا وقال لا تيأسا من الخير (وفي رواية من الرزق) ما تهززت (1) رؤسكما ان الانسان تلده امه أحمر (2) ليس عليه قشرة ثم يعطيه الله ويرزقه (عن أسماء بنت أبي بكر) (3) رضي الله عنهما قالت مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أحصي شيئا وأكيله قال يا أسماء لا تحصي فيحصى الله عليك (4) قالت فما أحصيت شيئا بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندي ولا دخل علي وما

_ بعدها موحدة هكذا جاء في المسند وفي كتب الرجال وقال الحافظ في الاصابة حبة بن خالد الخزاعي وقيل العامري اخر سواء بن خالد صحابي نزل الكوفة روى حديثه ابن ماجه باسناد حسن من طريق الأعمش عن أبي شرحبيل عن حبة وسواء ابني خالد قال دخلنا على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يعالج شيئا الحديث لكن جاء في حاشية السندى على ابن ماجه (قوله عن خبة) بخاء مفتوحة وباء موحدة مشددة (وسواء) بفتح السين ممدودا قال السيوطي قال القاسم البغوى في معجم الصحابة ليس لسواء غير هذا الحديث (قلت) وليس له ولأخيه في مسند الامام أحمد سوى هذا الحديث أما قوله خبة بخاء فهو تحريف من الناسخ وصوابه حبة بحاء مهملة (1) بزايين مفتوحتيين الأولى مشددة والثانية مخففة بعدهما تاء فوقية ساكنة أي تحركت وهو كناية عن الحياة أي مادمتما على قيد الحياة (2) أي كاللحم الذي لا قشر عليه لضعف الجلد ثم يقوى الله تعالى قشره أي جلده ويحتمل أن المزاد بالقشر الثوب أي يخرج عريانا بلا ثوب ثم يعطيه الله تعالى الثوب قاله السندي (تخريجه) (جه) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده صحيح وسلام ابو شرحبيل ذكره ابن حبان في الثقات اهـ (قلت) وحسنه الحافظ في الاصابة كما تقدم (3) (سنده) حدثنا أبو بكر الحنفي قال ثنا الضحاك بن عثمان قال حدثني وهب بن كيسان قال سمعت اسماء بنت أبي بكر قالت مر بي الخ (غريبه) (4) قال السندي هو من باب مقابلة اللفظ باللفظ للتجنيس كما قال تعالى (ومكروا ومكر الله) ومعناه يمنعك كما منعت ويقتر عليك كما قترت ويمسك فضله عنك كما امسكته (وقيل) يعني لا تحصي أي لا تعديه فتستكثريه فيكون سببا لانقطاع انفاقك (تخريجه) (ق والثلاثة) مختصرا ومطولا بنحوه وتقدم المطول في باب صدقة المرأة من بيت زوجها من كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 197 رقم 244 (هذا) وقد ورد في التوكل أحاديث كثيرة بعضها تقدم مع خصال أخرى في أبوابها وبعضها سيأتي وأبلغ ما ورد في التوكل قوله تعالى (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب ومن يتوكل على الله فهو حسبه الآية) قال أبو ذر قال النبي صلى الله عليه وسلم اني لأعلم آية لو أخذ بها الناس لكفتهم ثم ثلا (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) فما زال يكررها ويعيدها وإليك تفسير الآية (ومن يتق الله) أي من يقف عند حدود الله بامتثال امره واجتناب نواهيه (يجعل له مخرجا) اي يخرجه من الحرام إلى الحلال ومن الضيق إلى السعة ومن النار إلى الجنة وقال ابن عباس قرأ النبي صلى الله عليه وسلم (ومن يتق الله يجعل له مخرجا ويرزقه من حيث لا يحتسب) قال مخرجا من شبهات الدنيا ومن غمرات الموت ومن شدائد يوم القيامة وقال أبو سعيد الخدري ومن يبرأ من حوله وقوته بالرجوع إلى الله يجعل له مخرجا مما كلفه بالمعونة له (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) أي من فوض إليه أمره ووثق به فيما نابه كفاه ما أهمه وقيل أي من اتقى الله وجانب المعاصي وتوكل عليه فله فيما يعطيه في الآخرة من ثوابه كفاية ولم يرد الدنيا لأن المتوكل قد يصاب في الدنيا وقد يقتل وقال عبد الله ابن رافع لما نزل قوله تعالى (ومن يتوكل على الله فهو حسبه) قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فنحن إذا توكلنا عليه

نفذ عندي من رزق الله إلا أخلفه الله عز وجل (باب الترغيب في القناعة والعفة) (عن أبي هريرة) (1) يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم لا ينظر أحدكم إلى من فوقه في الخلق أو الخلق أو المال ولكن ينظر إلى من هو دونه (2) (وعنه من طريق ثان) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انظروا إلى من أسفل منكم ولا تنظروا إلى من هو فوقكم فإنه أجدر (4) أن لا تزدروا نعمة الله قال أبو معاوية عليكم (5) (عن نافع) (6) قال كنت اتجر إلى الشام أو إلى مصر قال فتجهزت إلى العراق فدخلت على عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها فقلت يا أم المؤمنين اني قد تجهزت إلى العراق فقالت مالك ولمتجرك (7) اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اذا كان لأحدكم رزق في شيء فلا يدعه حتى يتغير له أو يتنكر له (8) فأتيت العراق ثم دخلت عليها فقلت يا أم المؤمنين والله ما رددت الرأس مال (9) فأعادت عليه الحديث أو قالت الحديث كما حدثتك (عن فضالة بن عبيد) (10) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول طوبى (11) لمن هدى إلى الاسلام وكان عيشه كفافا وقنع (12)

_ نرسل ما كان لنا ولا نحفظه فنزلت (ان الله بالغ أمره) فيكم وعليكم وقال الربيع بن خيثم ان الله تعالى قضى على نفسه ان من توكل عليه كفاه ومن آمن به هداه ومن أفرضه جازاه ومن وثق به نجاه ومن دعاه أجاب له (قد جعل الله لكل شيء قدرا) أي لكل شيء من الشدة والرخاء أجلا ينتهي إليه وقيل تقديرا والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) أي في أمور الدنيا أي الأحق والأولى ذلك (3) أي أسفل منه كما جاء في الطريق الثانية لأن النظر إلى من هو أسفل لا إلى من هو فوق حقيق بأن لا يحتقر نعمة الله عليه فإن المرء إذا نظر إلى من فضل عليه في الدنيا طمحت له نفسه واستصغر ما عنده من نعم الله وحرص على الازدياد ليلحقه أو يقاربه وإذا نظر للدون شكر النعمة وتواضع وحمد (3) (سنده) حدثنا أبو معاوية ووكيع حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (4) أي أحق وأولى (وقوله ان لا تزدروا) قال في النهاية الازدراء الاحتقار والانتقاص والعيب (5) معناه أن أبا معاوية أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث زاد في روايته (لفظ عليكم) فقال ان لا تزدروا نعمة الله عليكم وقد جاءت هذه الرواية عن أبي معاوية عند مسلم وابن ماجه (تخريجه) (ق مذ جه) (6) (سنده) حدثنا الضحاك بن مخلد قال حدثني أبي قال حدثني الزبير بن عبيد عن نافع قال يعني أبا عاصم قال أبي ولا أدري من هو يعني نافعا هذا قال كنت اتجر إلى الشام الخ (غريبه) (7) أي لأي شيء تترك متجرك إلى الشام أو إلى مصر وقد بورك لك فيه وتذهب إلى العراق (8) أي كعدم رواج تجارته في هذه الجهة أو زيادة مشقة في السفر أو نحو ذلك (9) معناه أنه خسر تجارته في العراق حتى لم يبق له رأس المال وذلك لمخالفته حديث الرسول صلى الله عليه وسلم ونصيحة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفي سنده نافع مجهول (10) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة قال أخبرني أبو هانئ ان أبا علي أخبره أنه سمع فضالة بين عبيد انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) قال في النهاية طوبى اسم الجنة وقيل هي شجرة فيها واصلها فعلى من الطيب فلما ضمت الطاء انقلبت الياء واوا (12) الكفاف وهو الذي لا يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة اليه (وقنع) أي لم يتطلع إلى أكثر من ذلك

(كتاب الزهد والتقليل من الدنيا والرضا بالكفاف)

(عن أبي سعيد الخدري) (1) أن رجلا من الانصار كانت له حاجة فقال له أهله ائت النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فاسأله فأتاه وهو يخطب وهو يقول من استعف اعفه الله ومن استغنى اغناه الله ومن لجأ لنا فوجدنا له أعطيناه قال فذهب ولم يسأل (61) (كتاب الزهد والتقليل من الدنيا والرضا بالكفاف) (باب الترغيب في الزهد في الدنيا وزخرفها ونعيمها) (عن أبي أمامة) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عرض علي ربي عز وجل (3) ليجعل لي بطحاء مكة (4) ذهبا فقلت لا يارب اشبع يوما واجوع يوما أو نحو ذلك فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك وإذا شبعت حمدتك وشكرتك (عن أنس بن مالك) (5) قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على سرير مضطجع مرمل بشريط (6) وتحت رأسه وسادة من أدم (7) حشوها ليف فدخل عليه نفر من أصحابه ودخل عمر فانحرف رسول الله صلى الله عليه وسلم انحرافة فلم ير عمر بين جنبيه وبين الشريط ثوبا وقد اثر الشريط بجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى عمر فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما يبكيك يا عمر؟ قال والله الا أن اكون اعلم أنك أكرم

_ (تخريجه) (مذ حب ك) وصححه الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي (1) (سنده) حدثنا هشيم ثنا أبو بشر عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام أحمد ورجاله ثقات وتقدم نحوه بهذا المعنى في فصل (في التعفيف في المسألة) في آخر كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 111 رقم 161 رواه الشيخان والثلاثة وغيرهم والظاهر أن الرجل الذي ذكره أبو سعيد في الحديث هو أبو سعيد نفسه كما يستفاد من أحاديث الفصل المشار إليه والله سبحانه وتعالى أعلم (باب) (2) (سنده) حدثنا علي بن اسحاق ثنا عبد الله (يعني ابن المبارك) أنا يحيى بن أيوب ثنا عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم (زاد في الاصل بعد هذه الجملة) وحدثنا بهذا الاسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عرض علي ربي الخ (غريبه) (3) معناه شاورني ربي وخيرني بين الوسع في الدنيا واختيار البلغة لزاد العقبي من غير حساب ولا عتاب قاله القارى (4) أصل البطحاء مسيل الماء وأراد هنا عرصة مكة وصحاريها وأرضها وحجرها ورمالها (ذهبا) بدل أرضها وأحجارها ومدرها قال في اللمعت وجعلها ذهبا (إما بجعل حصاه ذهبا أو ملء مثله بالذهب) والأول أظهر وجاء في بعض الروايات جعل جبالها ذهبا اهـ (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن والقاسم هو ابن عبد الرحمن ويكني أبا عبد الرحمن وهو مولى عبد الرحمن بن خالد بن زيد بن معاويه وهو شامي ثقة وعلي بن يزيد يضعف في الحديث ويكني أبا عبد الملك اهـ وكذلك ضعفه الحافظ في التقريب (5) (سنده) حدثنا أبو النضر ثنا المبارك عن الحسن عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (6) هكذا جاء في الأصل (على سرير مضطجع مرمل بشريط) فلفظ مضطجع وقعت معترضة بين الموصوف وصفته ومعناه أن أنسا دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على سرير مرمل بشريط الخ ومعنى مرمل أي مصنوع (بشريط) الشريط حبل يفتل من الخوص (7) بفتحتين وبضمتين أيضا وهو القياس جمع أديم

على الله عز وجل من كسرى وقيصر وهما يعبثان (1) في الدنيا فيما يعبثان فيه وأنت يا رسول الله بالمكان الذي أرى فقال النبي صلى الله عليه وسلم أما ترضى أن تكون لهم الدنيا (2) ولنا الآخرة قال عمر بلى قال فإنه كذاك (عن أبي هريرة) (3) قال هجر رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه شهرا فأتاه عمر ابن الخطاب وهو في غرفة على حصير قد أثر الحصير بظهره فقال يا رسول الله كسرى يشربون في الذهب والفضة وأنت هكذا فقال صلى الله عليه وسلم إنهم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا (عن ابن عباس) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه عمر (رضي الله عنه) وهو على حصير قد أثر في جنبه فقال يا نبي الله لو اتخذت فراشا أوثر (5) من هذا فقال مالي وللدنيا ما مثلي ومثل الدنيا الا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها (عن علي ابن رباح) (6) قال سمعت عمرو بن العاص رضي الله عنه يقول لقد اصبحتم وأمسيتم ترغبون فيما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزهد فيه أصبحتم ترغبون في الدنيا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزهد فيها والله ما أتت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة من دهره إلا كان الذي عليه أكثر مما له قال فقال له بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسلف (وقال غير يحيى) (7) والله ما مر برسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الدهر إلا والذي عليه أكثر من الذي له (ومن طريق ثان) حدثنا عبد الله بن يزيد (8) قال حدثنا موسى (9) قال سمعت أبي يقول سمعت عمرو بن العاص يخطب الناس بمصر يقول ما أبعد هديكم من هدى نبيكم صلى الله عليه وسلم أما هو فكان أزهد الناس في الدنيا وأما أنتم فأرغب الناس فيها

_ على وزن بريد وبرد والأديم الجلد المدبوغ (1) العبث بالتحريك اللعب يقال عبث عبثا من باب تعب لعب وعمل ما لا فائدة فيه (2) أي لكسرى وقيصر ومن تبعها يتنعمون فيها ويتمتعون بزهرتها ونضرتها ولذتها (ولنا الآخرة) أي الأنبياء والمؤمنين ولم يقل لي مع كون السؤال عن حاله إشارة إلى أن الآخرة لأتباعه وفي بعض الروايات (انهم عجلت لهم طيباتهم في حياتهم الدنيا) كما في الحديث التالي (تخريجه) (ق جه) من حديث عمر (3) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في كتاب الايلاء في الجزء السابع عشر صحيفة 21 رقم 42 (4) (سنده) حدثنا عبد الصمد وأبو سعيد وعفان قالوا حدثنا ثابت حدثنا هلال عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (5) أي أوطأ وألين (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي اهـ (قلت) وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح غير هلال بن خباب وهو ثقة (6) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق قال ثنا ليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن علي بن رباح الخ (غريبه) (7) القائل وقال غير يحيى هو الامام أحمد كما جاء في الأصل عقب قوله يستسلف (قال عبد الله بن الامام احمد) حدثني أبي قال وقال غير يحيى والله مامر الخ والمعنى أن بعض الرواة غير يحيى أحد رجال السند من مشايخ الامام احمد قال والله مامر الخ (8) القائل حدثنا عبد الله بن يزيد هو الامام أحمد (9) موسى هو ابن علي بضم أوله مصغرا ابن رباح اللخمى أبو عبد الرحمن أمير مصر عن أبيه وابن المنكدر وثقة النسائي وأبو حاتم (خلاصة) زاد في التهذيب وابن معين واحمد والعجلي (تخريجه) أورده الهيثمي بجميع طرقه كما هنا وقال رواه كله أحمد والطبراني روى حديث عمر فقط ورجال أحمد رجال الصحيح

(عن أبي ذر) (1) قال كنت أمشي مع النبي صلى الله عليه وسلم في حرة (2) المدينة عشاء ونحن ننظر إلى أحد فقال يا أبا ذر قلت لبيك يا رسول الله قال ما أحب أن احد (3) ذاك عندي ذهبا (4) أمسى ثالثه وعندي منه دينار إلا دينار (5) أرصده لدين إلا أن أقول به في عباد الله هكذا وحثا عن يمينه وبين يديه وعن يساره قال ثم مشينا فقال يا أبا ذر إن الاكثرين هم الاقلون ليوم القيامة إلا من قال هكذا وهكذا وهكذا وحثا عن يمينه وبين يديه وعن يساره قال ثم مشينا فقال يا أباذر كما أنت حتى آتيك قال فانطلق حتى توارى عني قال فسمعت لغطا وصوتا قال فقلت لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض له قال فهممت ان اتبعه ثم تذكرت قوله لا تبرح حتى آتيك فانتظرته حتى جاء فذكرت له الذي سمعت فقال ذاك جبريل عليه السلام أتاني فقال من مات من أمتك لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة (6) قال قلت وان زنى وان سرق (7) قال وان زنى وان سرق (وعنه من طريق ثان) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر اي جبل هذا؟ قلت أحدد يا رسول الله قال والذي نفسي بيده ما يسرني أن لي ذهبا قطعا أنفقه في سبيل الله ادع منه قيراطا قال قلت قنطارا يا رسول الله قال قيراطا قالها ثلاث مرات ثم قال يا ابا ذر انما أقول الذي أقل (9) ولا اقول الذي هو أكثر (وعنه من طريق ثالث) (10) قال ما يسرني أن لي أحدا ذهبا أموت يوم أموت وعندي منه دينار أو نصف دينار إلا أن أرصده لغريم (11) (عن أبي أسماء) (12) أنه دخل على أبي ذر رضي الله وتبارك وتعالى عنه وهو بالربذة (13) وعنده امرأته سوداء مسغبة (14) ليس عليها أثر

_ (1) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن أبي ذر الخ (غريبه) (2) بفتح المهملة وتشديد الراء هي أرض ذات حجارة سود خارج المدينة (3) بضم الهمزة والحاء المهملة اسم جبل مشهور بجوار المدينة (4) أي ما أحب أنه تحول لي ذهبا كما صرح بذلك في رواية البخاري (5) بالرفع على البدل من دينار السابق (وقوله ارصده) بضم الهمزة وكسر الصاد من الارصاد أي أعده (6) هذا دليل قاطع على أنه من مات غير مشرك بالله دخل الجنة أر لا ان لم يكن صاحب كبيرة مات مصرا عليها فإن كان صاحب كبيرة مات مصرا عليها فهو تحت المشيئة فإن عفى عنه دخل أو لا والا عذب ثم خرج من النار وخلد في الجنة والله أعلم (7) فيه حجة لمذهب أهل السنة أن أصحاب الكبائر لا يقطع لهم بالنار وأنهم ان دخلوها اخرجوا منها وختم لهم بالخلود في الجنة والله أعلم (8) (سنده) حدثنا محمد بن فضيل ثنا سالم يعني ابن أبي حفصة عن سالم بن أبي الجعد عن أبي ذر وأبي منصور عن زيد بن وهب عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (9) معناه انى اخبر بالأقل فالأكثر من باب أولى (10) (سنده) حدثنا عفان ثنا شعبة اخبرني عمرو بن مرة عن سعيد بن الحارث عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما يسرني الخ (11) أي لصاحب دين علي كما يستفاد من الطريق الأولى (تخريجه) (ق نس مذ حب هق) (12) (سنده) حدثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن أبي قلابة عن أبي أسماء الخ (غريبه) (13) هي براء ثم باء موحدة ثم ذال معجمة مفتوحات ثم هاء وهو موضع قريب من مدينة النبي صلى الله عليه وسلم وهو منزل من منازل حاج العراق وبها قبر أبي ذر الغفاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم (14) الساغب الجائع ومسغبون

المجاسد (1) ولا الخلوق قال فقال لا تنظرون إلى ما تأمرني به هذه السويداء تأمرني أن آتي العراق فإذا اتيت العراق مالوا علي بدنياهم (2) وان خليلي صلى الله عليه وسلم عهد إلى ان دون جسر جهنم (3) طريقا ذا دحض (4) ومزلة وأنا نأتي عليه وفي أحمالنا اقتدار (5) أحرى أن ننجو عن أن تأتي عليه ونجن مواقير (6) (عن معاذ بن جبل) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث به إلى اليمن قال اياك والتنعيم (8) فإن عباد الله ليسوا بالمتنعمين (عن أبي عسيب) (9) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلا فمر بي فدعاني اليه فخرجت ثم مر بأبي بكر فدعاه فخرج إليه ثم مر بعمر فدعاه فخرج إليه فانطلق حتى دخل حائطا لبعض الأنصار فقال لصاحب الحائط اطعمنا بسرا (10) فجاه بعذق فوضعه فأكل فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه ثم دعا بماء بارد فشرب فقال لتسئلن عن هذا يوم القيامة قال فأخذ عمر العذق فضرب به الأرض حتى تناثر البسر قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال يا رسول أئنا لمسئولون عن هذا يوم القيامة؟ قال نعم إلا من ثلاث خرقة كف بها الرجل عورته (11) أو كسرة سد بها جوعته أو حجرا (12) يتدخل فيه من الحر والقر

_ داخلون في مسغبة وهي المجاعة وقيل لا يكون السغب إلا مع التعب (1) جمع مجسد بضم الميم وفتح السين المهملة بينهما جيم ساكنة وهو المصبوغ المشبع بالجسد وهو الزعفران أو العصفر (والخلوق) بفتح المعجمة طيب مركب يؤخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب يصفها بالفقر المدقع وعدم الزينة والطيب (2) خشى أن يصيبه من دنياهم وأموالهم شيء فيصبح غنيا يطول حسابه يوم القيامة (3) يعني الصراط (4) الدحض بفتح الدال وسكون الحاء المهملتين وبفتح الحاء أيضا وآخره ضاد معجمة هو الزلق (5) أي خفة وقلة نقدر على حملها (وقوله أحرى) أي أجدر وأحق (6) جمع وقر بكسر الواو الحمل واكثر ما يستعمل في حمل البغل والحمار (هذا) وقد جاء في الأصل بعد قوله (وفي احمالنا اقتدار) ما لفظه وحدث مطر أيضا بالحديث اجمع في قول أحدهما أن تأتي عليه وفي أحمالنا اقتدار وقال الآخر ان تأتي عليه وفي أحمالنا اقتدار وقال الآخر أن تأتي عليه وفي احمالنا اضطمار احرى أن ننجو عن أن نأتي عليه ونحن مواقير وإنما ذكرت هذا محافظة على ما في الأصل وإلا فالحديث مستقيم بدونه (تخريجه) أورده المنذري باللفظ الذي اثبته في المتن إلا أنه قال (وفي احمالنا اقتدار واضطماراحرى ان ننجو الخ) وقال رواه أحمد ورواته رواة صحيحة وكذلك قال الهيثمي (7) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان ويونس قالا ثنا بقية بن الوليد عن السرى بن ينعم عن مريح بن مسروق عن معاذ بن جبل الخ (غريبه) (8) حذره النبي صلى الله عليه وسلم من التنعيم وان كان التنعيم بالمباح جائزا لكنه يوجب الأنس به والغفلة عن الله عز وجل والتعلق بزخارف الدنيا وعباد الله الصالحين ليسوا كذلك فيقتدي بهم لا سيما النبي صلى الله عليه وسلم فإنه لم يتنعم في الدنيا (تخريجه) أورده المنذري وعزاه للامام احمد والبيهقي في الشعب وقال رواه احمد ثقات وكذلك قال الهيثمي (9) (سنده) حدثنا سريج ثنا حشرج عن أبي نصيرة عن أبي عسيب الخ (غريبه) (10) قال في المختار البسر أوله طلع ثم خلال بالفتح ثم بلح بفتحتين ثم يسر ثم رطب ثم ثمر الواحدة يسرة (وقوله فجاه بعذق) العذق بكسر المهملة المرجون بما فيه من الشماريخ يجمع على عذاق (11) أي سترها بها كالسراويل (12) بحاء مكسورة ثم جيم ساكنة معناه حجرة تقية الحر والبرد (تخريجه) الحديث

(عن جابر بن عبد الله) (1) قال أتاني النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فأطعمتهم رطبا واسقيتهم ماءا فقال النبي صلى الله عليه وسلم هذا من النعيم الذي تسألون عنه (باب الترغيب فيما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من التقليل في الدنيا والرضا منها بالكفاف) (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قد أفلح من اسلم ورزق كفافا (3) وقنعه الله بما آتاه (عن فضالة بن عبيد) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن عثمان بن عفان) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كل شيء سوي ظل بيت (6) وجلف الخبز وثوب يوارى عورته (7) والماء فما فضل عن هذا فليس لابن آدم فيهن حق (8) (عن عتبة بن عبد السلمي) (9) قال استكسيت (10) رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فكساني خيشتين (11) فلقد رأيتني البسهما وأنا من أكسي أصحابي (12)

_ سنده جيد واورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وقال تفرد به احمد اهـ (قلت) وله شواهد تؤيده منها حديث أبي هريرة بمعناه عند مسلم والأربعة (1) (سنده) حدثنا حسن بن موسى ثنا حماد يعني ابن سلمة عن عمار بن أبي عمار عن جابر الخ (تخريجه) (نس) وسنده جيد (باب) (2) (سنده) حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ من كتابه حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثني شرحبيل بن شربك عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو بن العاص الخ (غريبه) (3) بفتح الكاف هو الذي يكون بقدر الحاجة إليه لا يزيد ولا ينقص (تخريجه) (م مذ جه) (4) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة قال اخبرني أبو هانئ أن أبا علي أخبره أنه سمع فضالة بن عبيد أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول طوبى لمن هدى إلى الاسلام وكان عيشه كفافا وقنع (قلت) طوبى شجرة في الجنة مسيرة مائة عام ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها وهذا التفسير لفظ حديث رواه الامام احمد وابن حبان عن أبي سعيد (تخريجه) (مذ حب ك) وصححه الحاكم على شرط مسلم واقره الذهبي (5) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثنا حريث بن السائب قال سمعت الحسن يقول حدثني حمران عن عثمان بن عفان الخ (غريبه) (6) المراد بيت يسكنه كما صرح بذلك عند الترمذي أي محل يأوي إليه دفعا للحر والبرد (وقوله وجلف الخبز) بكسر الجيم وسكون اللام قال في النهاية الجلف الخبز وحده لا أدم معه وقيل الخبز الخليط اليابس ويروى بفتح اللام جمع جلفه وهي الكسرة من الخبز اهـ والمقصود غاية القناعة ونهاية الكفاية (7) أي يسترها عن أعين الناس (8) قيل أراد بالحق ما وجب له من الله من غير تبعه في الآخرة وسؤال عنه وإذا اكتفى بذلك من الحلال لم يسأل عنه لأنه من الحقوق التي لا بد للنفس منها واما ما سواه من الحظوظ يسأل عنه ويطالب بشكره وقال القاضي عياض أراد بالحق ما يستحقه الانسان لافتقاره إليه وتوقف تعيشه عليه وما هو المقصود الحقيقي من المال وقيل أراد به ما لم يكن له تبعة حساب إذا كان مكتسبا من وجه حلال اهـ (تخريجه) (مذ ك) وقال الترمذي هذا حديث صحيح وصححه أيضا الحاكم وأقره الذهبي (9) (سنده) حدثنا هيثم بن خارجة أنا اسماعيل بن عياش عن عقيل بن مدرك السلمي عن لقمان بن عامر الوصابي عن عتبة ابن عبد السلمي الخ (غريبه) (10) أي طلبت منه كسوة (11) قال في المختار الخيش ثياب من أردء الكتان (12) يعني من أحسنهم كسوة (تخريجه) (د) قال المنذري في اسناده اسماعيل بن عياش وفيه

(عن عبد الله بن عامر بن ربيعة) (1) عن أبيه وكان بدريا قال لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثنا في السرية يا بني مالنا زاد الا السلف من التمر فيقسمه قبضة قبضة حتى يصير إلى تمرة تمرة قال فقلت له يا أبت وما عسى أن تغني التمرة عنكم؟ قال لا تقل ذلك يا بني فبعد أن فقدناها فاختللنا اليها (2) (عن عبد الله بن شقيق) (3) قال أقمت بالمدينة مع أبي هريرة سنة فقال لي ذات يوم ونحن عند حجرة عائشة رضي الله عنها لقد رأيتنا وما لنا ثياب إلا البرد (4) المتفتقة وإنا ليأتي على أحدنا الأيام ما يجد طعاما يقيم به صلبه حتى ان كان أحدنا ليأخذ الحجر فيشده على أخمص بطنه ثم يشده بثوبه ليقيم به صلبه فقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بيننا تمرا فأصاب كل انسان منا سبع تمرات فيهن خشفة (5) فما سرني ان لي مكانها تمرة جيدة قال قلت لم؟ قال تشد لي من مضغى (6) (عن علي رضي الله عنه) (7) قال لقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإني لأربط الحجر على بطني من الجوع وان صدقتي اليوم لأربعون الفا (وفي رواية وإن صدقة مالي لتبلغ أربعين الف دينار) (8) (عن أبي هريرة) (9) قال انما كان طعامنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ مقال (1) (سنده) حدثنا يزيد انا المسعودي عن أبي بكر بن حفص بن عمر بن سعد بن أبي وقاص عن عبد الله بن عامر بن ربيعة عن أبيه الخ (غريبه) (2) أي احتجنا إليها فطلبناها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طب طس) وفيه المسعودي وقد اختلط وكان ثقة (3) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثني ابي ثنا الجريري عن عبد الله بن شقيق الخ (غريبه) (4) بضم الموحدة وفتح الراء جمع بردة بضم الموحدة وسكون الراء وهي كساء أسود مربع فيه صغر تلبسه الأعراب (وقوله المتفتقة) أي الممزقة (5) الحشف اليابس الفاسد من التمر وقيل الضعيف الذي لا نوى له كالشيص (6) هكذا بالأصل (تشدلي من مضغي) وجاء في النهاية بلفظ (لأنها شدت في مضاغي) قال صاحب النهاية المضاغ بالفتح الطعام يمضغ وقيل هو المضغ نفسه يقال لقمة لينة المضاغ وشديدة المضاغ أراد أنها كان فيها قوة عند مضغها اهـ وليس هذا آخر الحديث بل هذا هو الطرف الأول منه ذكرته هنا لمناسبة الترجمة (وبقيته) قال (يعني ابا هريرة) (لي) يعني لعبد الله بن شقيق (من أين أقبلت؟ قلت من الشام قال فقال لي هل رأيت حجر موسى؟ قلت وما حجر موسى؟ قال إن بني اسرائيل قالوا لموسى قولا تحت ثيابه في مذاكيره قال فوضع ثيابه على صخرة وهو يغتسل قال فسعت ثيابه قال فتبعها في أثرها وهو يقول يا حجر الق ثيابي حتى أتت به على بني إسرئيل فرأوه مستويا حسن الخلق فلجبه ثلاث لجبات فوالذي نفس أبي هريرة بيده لو كنت نظرت لرأيت لجبات موسى فيه اهـ) (تخريجه) لم أقف عليه هكذا لغير الامام أحمد وأورد المنذري في الترغيب والترهيب الطرف الأول منه وقال رواه أحمد ورواته رواة الصحيح (7) (سنده) حدثنا حجاج حدثنا شريك عن عاصم بن كليب عن محمد بن كعب القرظي ان عليا قال لقد رأيتني الخ (غريبه) (8) يريد أنهم كانوا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقراء جدا وبعد وفاته صلى الله عليه وسلم أقبلت عليهم الدنيا ومع هذا فقد كان علي رضي الله عنه من أزهد الناس في الدنيا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده جيد ليس بمنقطع لأن محمد بن كعب القرظى أدرك عليا قبل وفاته بعشر سنين (9) (سنده)

الأسودان التمر والماء والله ما كنا نرى سمراءكم (1) هذه ولا ندري ما هي وإنما كان لباسنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم النمار (2) يعني برود الأعراب (عن أبي حسبة) (3) مسلم بن أكيس مولى عبد الله بن عامر عن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قال ذكر من دخل عليه فوجده يبكي فقال ما يبكيك يا أبا عبيدة؟ فقال نبكي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر يوما ما يفتح الله على المسلمين ويفيء عليهم حتى ذكر الشأم فقال إن ينسأ في أجلك (4) يا أبا عبيدة فحسبك (5) من الخدم ثلاثة خادم يخدمك وخادم يسافر معك وخادم يخدم أهلك ويرد عليهم وحسبك من الدواب ثلاثة دابة لرحلك ودابة لثقلك (6) ودابة لغلامك ثم ها انذا انظر إلى بيتي قد امتلأ رقيقا وانظر إلى مربطي قد امتلأ دواب فكيف القى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد هذا وقد أوصانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن احبكم إلي وأقربكم مني من لقيني على مثل الحال الذي فارقني عليها (عن شقيق) (7) قال دخل معاوية على خاله أبي هاشم بن عتبة يعوده قال فبكى قال فقال له معاوية ما يبكيك يا خال أوجعا يشئزك (8) أم حرصا على الدنيا؟ قال فقال فكلا (9) لا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلينا فقال يا أبا هاشم انها علها تدرك أموالا يؤتاها أقوام وانما يكفيك في جمع المال خادم ومركب في سبيل الله تبارك وتعالى وانى اراني قد جمعت (ومن طريق ثان) (10) عن أبي وائل قال دخل معاوية على أبي هاشم بن عتبة وهو مريض يبكي فذكر معناه

_ حدثنا حسن حدثنا شيبان عن قتادة عن الحسن عن أبي هريرة الخ (غريبه) (1) يعني الحنطة وهي القمح (2) فسرها الراوي ببرود الأعراب وتقدم الكلام على البرد قريبا في شرح حديث عبد الله بن شقيق (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ورواه البزار باختصار (3) (سنده) حدثنا ابو المغيرة حدثنا صفوان بن عمرو حدثنا أبو حسبة مسلم بن أكيس الخ (غريبه) (4) اي يؤخر من النسئ وهو التأخير والمعنى ان طال أجلك (5) أي يكفيك (6) أي لحمل أثقالك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات (7) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شقيق الخ (غريبه) (8) أي يقلقك يقال شئز وشُئز فهو مشئوز وأشأزه غيره وأصله الشأز وهو الموضع الغليظ الكثير الحجارة (نه) (9) بضم الكاف وتشديد اللام (10) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن الأعمش وعن سفيان عن منصور عن أبي وائل الخ (تخريجه) (مذ) بسند الطريق الثاني عن أبي وائل قال جاء معاوية (يعني ابن ابي سفيان) إلى أبي هاشم بن عتبة وهو مريض يعوده فذكره بلفظ الطريق الأول ثم قال وقد رواه زائدة وعبيدة بن حميد عن منصور عن أبي وائل عن سمرة بن سهم قال دخل معاوية على أبي هاشم بن عتبة فذكر نحوه اهـ (قلت) سكت عنه الترمذي (وقال الحافظ) في الاصابة في ترجمة أبي هاشم بن عتبة روى حديثه الترمذي وغيره بسند صحيح من طريق منصور والأعمش عن أبي وائل فذكر حديث الترمذي وقال المنذري في الترغيب والترهيب بعد ذكر الحديث المذكور رواه الترمذي والنسائي ورواه ابن ماجه عن أبي وائل عن سمرة بن سهم عن رجل من قومه لم يسمه قال نزلت على ابي هاشم بن عتبة فجاءه معاوية فذكر الحيث بنحوه ورواه ابن حبان في صحيحه عن سمرة بن سهم قال نزلت على ابي هاشم ابن عتبة وهو مطعون فأتاه معاوية فذكر هذا الحديث وذكره رزين فزاد فيه فلما مات حصل ما خلف فبلغ

(عن حارثة بن مضرب) (1) قال دخلت على خباب (2) وقد اكتوى سبعا فقال ما أعلم أحدا لقي من البلاء ما لقيت (3) لولا اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يتمنى أحدكم الموت لتمنيته (4) ولقد رأيتني مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أملك درهما وان في جانب بيتي الآن لأربعين ألف درهم قال ثمم أتى بكفنه فلما رآه بكى وقال لكن حمزة (5) لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء إذا جعلت على رأسه قلصت (7) عن قدميه وإذا جعلت على قدميه قلصت على رأسه حتى مدت على رأسه (8) وجعل على قدميه الإذخر (عن شقيق عن خباب أيضا) (9) قال هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنا من مات لم يأكل من أجره شيئا (10) منهم مصعب بن عمير (11) لم يترك إلا نمرة (12) إذا غطوا بها راسه بدت رجلاه وإذا غطينا رجليه بدا رأسه فقال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم غطوا رأسه وجعلنا على رجليه إذخرا قال ومنا من اينع الثمار (13) فهو يهديها (عن خالد بن عمير) (14) قال خطب

_ ثلاثين درهما وحسبت فيه القصعة التي كان يعجن فيها وفيها يأكل اهـ (1) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن حارثة بن مضرب الخ (غريبه) (2) بموحدتين الأولى مثقلة بن الأرت بتشديد التاء المثناة مولى بني زهرة التميمي الصحابي ابو عبد الله من السابقين إلى الاسلام كان يعذب في الله وشهد بدرا ثم نزل الكوفة ومات بها سنة سبع وثلاثين (3) أي لأنه كان مريضا وقد اكتوى سبعا وكان في شدة الألم (4) انما لم يتمن الموت من شدة مع شدة تألمه من المرض لأنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وصاحبه النهي عن ذلك وقد تقدم الكلام على حكم تمنى الموت في أحكام باب كراهة تمني الموت من كتاب الجنائز في الجزء السابع صحيفة 49 فارجع إليه (5) هو ابن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم استشهد في غزوة أحد ولم يوجد له كفن إلا ما ذكره خباب (6) اي فيها خطوط سود وبيض (7) بفتح القاف واللام اي ارتفعت لقصرها (8) اي وضعت على رأسه وستروا قدميه بالاذخر بكسر الهمزة والخاء المعجمة بينهما ذال معجمة ساكنة نبات معروف بالحجاز ذكي الريح وإذا جف ابيض (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام أحمد واخرجه (ق والاربعة) مقطعا في مواضع متعددة من صحيحيهما (9) (سنده) حدثنا عبد الله بن ادريس قال سمعت الأعمش يروى عن شقيق عن خباب قال هاجرنا الخ (غريبه) (10) أي لم ينقص من أجره شيئا لأنه لم يتمتع بشيء من متاع الدنيا بعد اسلامه (11) كان رضي الله عنه من أفاضل الصحابة ومن السابقين إلى الاسلام اسلم بمكة ورسول الله صلى الله عليه وسلم بدار الارقم وكتم اسلامه خوفا من أمه وقومه وشهد بدرا وأحدا واستشهد بأحد ومعه لواء المسلمين قيل كان عمره أربعين سنة وأكثر قليلا (12) بفتح النون وكسر الميم (قال في النهاية) كل شملة مخططة من مآزر الأعراب فهي نمرة وجمعها أنمار كأنها أخذت من لون النمر لما فيها من السواد والبياض وهي من الصفات الغالبة اهـ يريد أنه لم يجز من متاع الدنيا شيئا غير هذه النمرة الحقيرة التي لا تستر الجسم وكان مصعب بن عمير رضي الله عنه من أفاضل الصحابة ومن السابقين إلى الاسلام (13) اي نضجت ثماره (فهو يهديها) قال النووي بفتح أوله وكسر الدال وضمها أي يجتنبها وهو إشارة إلى ما فتح الله عليهم من الدنيا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان مصعب زوج حمنة بنت جحش أخت زينب بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وأم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين (تخريجه) (ق د نس مذ) (14) (سنده) حدثنا بهز بن أسد ثنا سليمان بن المغيرة ثنا حميد يعني ابن هلال

عتبة بن غزوان فحمد الله وأثنى عليه ثم قال أما بعد فان الدنيا قد آذنت (1) بصرهم وولت حذاء ولم يبق منها إلا صبابة (2) كصبابة الاناء يتصابها صاحبها وانكم منتقلون منها إلى دار لا زوال لها فانتقلوا بخير ما بحضرتكم (3) فإنه قد ذكر لنا ان الحجر يلقى من شفير جهنم فيهوى فيها سبعين عاما ما يدرك لها قعرا (4) والله لتملؤنه (5) فعجبتم والله لقد ذكر لنا ان ما بين مصارع (6) الجنة مسيرة أربعين عاما وليأتين عليه يوم كظيظ (7) الزحام ولقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مالنا طعام إلا ورق الشجر حتى قرحت (8) أشداقنا واني التقطت بردة فشققتها بيني وبين سعد (9) فائتزر بنصفها وائتزت بنصفها فما اصبح منا أحد اليوم إلا أصبح أمير مصر من الامصار (10) واني أعوذ بالله أن اكون في نفسي عظيما وعند الله صغيرا (11) وانها لم تكن نبوة قط إلا تناسخت (12) حتى يكون عاقبتها ملكا وستبلون أو ستخبرون الأمراء (13) بعدنا (وعنه من طريق ثان) (14) قال سمعت عتبة بن غزوان يقول (وفي لفظ خطبنا عتبة بن غزوان على المنبر) لقد رأيتني سابع سبعة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لنا طعام إلا ورق الحبلة (15) حتى قرحت

_ عن خالد بن عمير قال خطب عتبة بن غزوان قال بهز وقال قبل هذه المرة خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فحمد الله وأثنى عليه الخ (قلت) جاء هذا الحديث عند مسلم قال شيبان بن فروح حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا حميد بن هلال عن خالد بن عمير العدوي قال خطبنا عتبة بن غزوان فحمد الله واثنى عليه فذكر الحديث كما هنا والمحفوظ ما رواه بهز في المرة الثانية وهو أن صاحب الخطبة عتبة بن غزوان وهي التي توافق رواية مسلم (غريبه) (1) بهمزة ممدودة وفتح الذال أي اعلمت (بصرم) الصرم بالضم الانقطاع والذهاب (وولت حذاء) بحاء مهملة مفتوحة ثم ذال معجمة مشددة والف ممدودة أي مسرعة الانقطاع (2) الصبابة بضم الصاد المهملة البقية اليسيرة من الشراب تبقى في أسفل الاناء (وقوله يتصابها) أي يشربها (3) أي بصالح الأعمال (4) قعر الشيء أسفله (5) معناه أن جهنم مع بعد عمقها وعظم اتساعها تملأ من الكفار والعصاة فلا تستبعدوا ذلك ولا تعجبوا منه (6) جمع مصراع بكسر الميم قال في المصباح المصراع من الباب الشطر وهما مصراعان اهـ (وفي القاموس) المصراعان من الابواب والشعر ما كانت قافيتان في بيت وبابان منصوبان ينضمان جميعا مدخلهما في الوسط منهما اهـ والمراد اتساع الباب من أبواب الجنة مسيرة أربعين عاما (7) الكضيظ الممتلئ والمعنى أن هذه الأبواب مع كثرتها واتساعها يأتي عليها يوم تزدحم فيه لكثرة الداخلين (8) بفتح القاف وكسر الراء أي صار فيها قروح وجراح من خشونة الورق الذي نأكله وحرارته (9) هو ابن أبي وقاص أحد العشرة المبشرين بالجنة (10) جاء في رواية لمسلم أنه كان أميرا على البصرة (11) يستعيذ بالله أن يدخل في نفسه الاغترار بالدنيا وعظمة الامارة فيظلم الناس فيكون (عند الله صغيرا) أي مرتكبا لذنوب يدخل بسببها النار وقد حفظه الله من ذلك (12) أي تحولت من حال إلى حال يعني أمر الأمة وتغاير أحوالها (13) جاء عند مسلم بلفظ (فستخبرون وتجربون الأمراء بعدنا) يشير إلى ظلم من يأتي من الأمراء بعدهم واغترارهم بالدنيا وزخرفها وقد كان ذلك (14) (سنده) حدثنا وكيع ثنا قرة بن خالد عن حميد بن هلال العدوي عن خالد بن عمير رجل منهم قال سمعت عتبة بن غزوان الخ (15) جاء في الاصل إلا ورق الخبة بخاء معجمة بعدها موحدة

أشداقنا (حدثنا عبد الله بن يزيد) (1) قال حدثنا موسى (2) قال سمعت أبي يقول كنت عند عمرو ابن العاص بالاسكندرية فذكروا ما هم فيه من العيش فقال رجل من الصحابة لقد توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما شبع أهله من الخبز الغليث (3) قال موسى يعني الشعير والسلت إذا خلطا (عن أبي حرب) (4) أن طلحة حدثه وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتيت المدينة وليس لي بها معرفة فنزلت في الصفة مع رجل فكان بيني وبينه كل يوم مد من تمر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فلما انصرف قال رجل من أصحاب الصفة يا رسول الله احرق بطوننا التمر وتخرقث عنا الخنف (5) فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطب ثم قال والله لو وجدت خبزا أو لحما لأطعمتكموه أنا أنكم توشكون أن تدركوا ومن أدرك ذلك منكم أن يراح عليكم بالجفان (6) وتلبسون مثل استار الكعبة (7) قال فمكثت أنا وصاحبي ثمانية عشر يوما وليلة ما لنا طعام البرير (8) حتى جئنا إلى اخواننا الانصار فواسونا وكان خير ما اصبنا هذا التمر (عن شقيق) (9) عن عقبة بن عمرو أبي مسعود (يعني

_ وآخره هاء وهو تحريف من الناسخ وصوابه (الحبلة) بحاء مهملة مضمونة ثم موحدة ساكنة قلام ثم هاء كما جاء عند مسلم من حديث سعد بن ابي وقاص بلفظ (مالنا طعام نأكله إلا ورق الحبلة وهذا السمر) هكذا جاء عند مسلم بهذا اللفظ والسمر بفتح السين وضم الميم وهما نوعان من شجر البادية كذا قاله أبو عبيد وآخرون وقيل الحبلة ثمر العضاه وهذا يظهر على رواية البخاري (إلا الحبلة وورق السمر) وفي هذا بيان ما كانوا عليه من الزهد في الدنيا والتقلل منها والصبر في طاعة الله تعالى على المشاق الشديدة (تخريجه) (ق مذ جه) (1) (حدثنا عبد الله بن يزيد الخ) (غريبه) (2) هو ابن علي بضم المهملة مصغرا ابن رباح (3) قال في المصباح غلثت الشيء بغيره غلثا من باب ضرب خلطته به كالحنطة بالشعير وهو يوافق تفسير الراوي (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد رحمه الله وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (4) (سنده) حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثني أبي ثنا داود يعني ابن أبي هند عن أبي حرب أن طلحة حدثه الخ (قلت) طلحة هذا غير طلحة ابن عبيد الله الصحابي المشهور (قال الحافظ في الاصابة) طلحة بن عمرو البصرى قال البخاري له صحبة وقال ابن السكن يقال كان من أهل الصفة وروى أحمد والطبراني وابن حبان والحاكم من طريق أبي حرب ابن أبي الأسود ان طلحة حدثه وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديث الباب وصححه ثم قال رووه كلهم من طرق عن داود بن أبي هند عنه منهم من قال عن طلحة ولم ينسب ومنهم من قال طلحة بن عمرو وقال ابن السكن ليس لطلحة غيره اهـ (غريبه) (5) جمع خنيف وهو نو غليظ من أردء الكتان أراد ثيابا تعمل منه كانوا يلبسونها (6) بكسر الجيم جمع جفنة بفتحها وهي القصعة (7) يعني من أفخر الملابس (8) البرير ثمرة الأراك إذا اسود وبلغ وقيل هو اسم له على كل حال (تخريجه) (طب حب ك) وأورده الهيثمي وقال رواه (طب) والبزار إلا أنه قال في أوله كان أحدنا إذا قدم المدينة فكان له عريف نزل على عريفه وان لم يكن له عريف نزل الصفة فقدمت المدينة فنزلت الصفة فوافقت رجلين فكان يجرى علينا كل يوم من رسول الله صلى الله عليه وسلم مدين اثنين والباقي بنحوه ورجال البزار رجال الصحيح غير محمد بن عثمان العقيلي وهو ثقة (9) (سنده) حدثنا أبو أسامة حدثنا زائدة عن الأعمش عن شقيق

أبا مسعود البدري) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمر بالصدقة فينطلق أحدنا فيحامل (1) فيجيء بالمدوان لبعضهم اليوم مائة الف (2) قال شقيق فرأيت أنه يعرض بنفسه (عن الحسن) (3) قال لما احتضر سلمان بكى وقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد الينا عهدا فتركنا ما عهد الينا أن يكون بلغة أحدنا من الدنيا كزاد الراكب (4) قال ثم نظرنا فيما ترك فإذا قيمة ما ترك بضعه وعشرون درهما أو بضعة وثلاثون درهما (5) (عن بريدة الأسلمي) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليكف أحدكم من الدنيا خادم ومركب (عن عراك بن مالك) (7) قال قال أبو ذر (رضي الله عنه) اني لأقربكم يوم القيامة من رسول الله صلى الله عليه وسلم اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اقربكم مني يوم القيامة من خرج من الدنيا كهيئته يوم تركته عليه (8) وانه والله ما منكم من احد إلا وقد تشبث منها بشيء غيري

_ عن عقبة بن عمرو أبي مسعود البدري الخ (غريبه) (1) أي يتكلف أحدنا الحمل على ظهره بمشقة ليحصل على أجرة يتصدق بها وهذا لشدة رغبتهم في الصدقة مع احتياطهم وقلة ذات يدهم مع انها ليست واجبة عليهم (2) يريد انهم كانوا في مدة النبي صلى الله عليه وسلم فقراء لا يملكون شيئا مدخرا ثم اغناهم الله عز وجل بعد عصر النبوة حتى صار الرجل منهم يملك مائة الف مدخرة يعني نفسه ولذلك قال شقيق فرأيت أنه يعرض بنفسه والله أعلم (تخريجه) (ق نس جه) (3) (سنده) حدثنا هشيم عن منصور عن الحسن الخ (غريبه) (4) يعني شيئا قليلا على قدر الحاجة لأن المسافر لا يتزود لسفره إلا بقدر الحاجة وفيه اشارة إلى أن الانسان في الدنيا كالمسافر لسرعة زوالها وعدم بقائها وانما يتزود منها لدار البقاء بالتقوى والعمل الصالح قال تعالى (وتتزودوا فإن خير الزاد التقوى) (5) يستفاد من هذا أن سلمان رضي الله عنه كان شديد الورع والزهد في الدنيا ومع هذا فهو يبكي خوفا من أن يكون ترك شيئا يزيد عما عهد إليه النبي صلى الله عليه وسلم فما بالك بمن يترك الآلاف ولم يخطر بباله الموت ولم يؤد زكاتها نسأل الله السلامة (تخريجه) أورده الحافظ المنذري من حديث عامر بن عبد الله وفيه فجمع مال سلمان فكان قيمته خمسة عشر درهما وعزاه لابن حبان في صحيحه وسنده عند الامام احمد جيد (6) (سنده) حدثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن عبد الله بن موله عن بريدة الأسلمي الخ (قلت) قال في الخلاصة عبد الله بن موله بضم أوله وفتح الواو واللام المشددة القشيري عن بريدة الأسلمي وعنه أبو نضرة وثقة ابن حبان (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للنسائي والضياء المقدسي ورمز له بعلامة الصحة وفيه الترغيب في عدم التوسع في ملذات الدنيا ونعيمها لأن التوسع في نعيمها يوجب الركون اليها والانهماك في لذاتها وحق على كل مسافر أن لا يحمل إلا بقدر زاده في السفر والباعث على هذا قصر الأمل ولهذا أشار صلى الله عليه وسلم في الحديث السابق بقوله (كزاد الراكب) تشبيها للانسان في الدنيا مجال المسافر (7) (سنده) حدثنا يزيد ثنا محمد بن عمرو عن عراك بن مالك الخ (غريبه) (8) يعني من الزهد في الدنيا وعدم التكثر منها والرضا بالكفاف وقد كان ابو ذر كذلك واقل من ذلك حتى لم يترك ما يكفنن فيه فقد كفنه رجل من المسلمين حين مات بالربذة بعيدا عن المدينة منقطعا عن خلق الله سنة اثنين وثلاثين (قال المدائني) وصلى عليه ابن مسعود ثم قدم ابن مسعود المدينة فأقام عشرة أيام ثم توفى وكان مذهب ابي ذر انه يحرم على الانسان ادخار ما زاد على حاجته وكان قوالا بالحق ولذلك

(باب قصة أبي هريرة رضي الله عنه في الجوع وفيها معجزة عظيمة للنبي صلى الله عليه وسلم) (عن مجاهد) (1) أن أبا هريرة رضي الله عنه كان يقول والله اني كنت لأعتمد بكبدي على الأرض من الجوع وان كنت لأشد الحجر على بطني من الجوع لقد قعدت يوما على طريقهم الذي يخرجو منه فمر أبو بكر فسألته عن آية من كتاب الله عز وجل ما سألته الا ليستتبعني (2) فلم يفعل فمر عمر فسألته عن آية من كتاب الله عز وجل ما سألته إلا ليستتبعني فلم يفعل فمر أبو القاسم صلى الله عليه وسلم فعرف ما في وجهي وما في نفسي فقال أبا هريرة قلت له لبيك يا رسول الله فقال ألحق (3) واستأذنت فأذن لي فوجدت لبنا في قدح قال من أين لكم هذا اللبن (4) فقالوا أهداه لنا فلان أو آل فلان قال أبا هريرة قلت لبيك يا رسول الله قال انطلق إلى أهل الصفة فادعهم لي قال واهل الصفة اضياف الاسلام لم يأووا إلى أهل ولا مال (5) إذا جاءت رسول الله صلى الله عليه وسلم هدية اصاب منها وبعث اليهم منها قال واحزنني ذلك وكنت ارجو أن اصيب من اللبن شربة اتقوى بها بقية يومي وليلتي (6) فقلت أنا الرسول فإذا جاء القوم كنت أنا الذي يعطيهم فقلت ما يبقى لي من هذا اللبن ولم يكن من طاعة الله وطاعة الرسول بد فانطلقت فدعوتهم فاقبلوا فاستأذنوا فأذن لهم فأخذوا مجالسهم من البيت ثم قال أباهر خذ فأعطهم (7) فأخذت القدح فجعلت أعطيهم فيأخذ الرجل القدح فيشرب حتى يروى ثم يرد القدح فأعطيه الآخر فيشرب حتى يروى ثم يرد القدح حتى أتيت على آخرهم ودفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ القدح فوضعه في يده وبقي فيه فضلة (8)

_ قال أبو الدرداء والذي نفس أبي الدرداء بيده لو أن أبا ذر قطع يميني ما أبغضته بعد الذي سمعت. سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما اظلت الخضراء ولا اقلت الغبراء اصدق لهجة من أبي ذر وروى مثل ذلك عن عمرو بن العاص وسيأتي في مناقبه شيء كثير من كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالى (تخريجه) أورده الهيثمي عن أبي ذر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن احبكم إلي وأقربكم مني الذي يلحقني على ما عاهدته عليه وقال رواه البزار وفيه موسى بن عبيدة الربذي وهو ضعيف اهـ (قلت) سنده عند الامام أحمد جيد وليس فيه موسى بن عبيدة (باب) (1) (سنده) حدثنا روح ثنا عمر بن ذر عن مجاهد الخ (غريبه) (2) معناه أنه لم يسأله عن الآية لاحتياجه إلى السؤال عنها وانما جعل ذلك سببا لكونه يتفطن لحالته فيأخذه إلى منزله فيطعمه ما يسد رءق الجوع فلم يفطن أبو بكر رضي الله عنه لذلك وكذلك عمر رضي الله عنه (3) أي اتبعني (4) يسأل النبي صلى الله عليه وسلم أهل بيته عمن جاء باللبن (5) أي ليس لهم مال يأكلون منه ولا أهل ولا عشيرة تواسيهم ولا يمكنهم التكسب لذلك كان مأواهم المسجد وكان أهل المدينة يتصدقون عليهم وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اتته صدقة بعث بها إليهم ولم يتناول منها شيئا وإذا اتته هدية ارسل إليهم وأصاب منها وأشركهم فيها (6) انما حزن أبو هريرة لأنه رأى اللبن قليلا في قدح وأهل الصفة كثيرون ففهم أن اللبن لا يبقى منه شيء له يسد به ثورة الجوع ولكن لم يسعه إلا الطاعة فذهب إلى أهل الصفة يدعوهم إلى النبي صلى الله عليه وسلم (7) من المتبع أن الساقي يشرب آخر القوم فازداد لذلك خوف أبي هريرة لأنه خشي أنه لا يبق له شيء (8) شرب جميع القوم من القدح حتى رووا وشبعوا وبقيت فيه فضلة قليلة فدفعه أبو هريرة

(كتاب الفقر والغنى)

ثم رفع رأسه فنظر إليه وتبسم فقال أباهر قلت لبيك يا رسول الله قال بقيت أنا وأنت فقلت صدقت يا رسول الله قال فاقعد فاشرب قال فقعدت فشربت ثم قال لي اشرب فشربت فما زال يقول لي اشرب فأشرب حتى قلت لا والذي بعثك بالحق ما أجد لها في مسلكا قال ناولني القدح فرددت اليه القدح فشرب من الفضلة صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (62) (كتاب الفقر والغنى) (باب الترغيب في الفقر مع الصلاح) (عن ابي أمامة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أغبط أوليائي (وفي رواية ان اغبط الناس) عندي (2) مؤمن خفيف الحاذ (3) ذو حظ من صلاة أحسن عبادة ربه وكان في الناس غامضا (4) لا يشار إليه بالأصابع (5) فعجلت منيته (6) وقل تراثه وقلت بواكيه (عن البراء السليطي) (7) عن نقادة الأسدي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان بعث نقادة الأسدي إلى رجل يستمنحه (8) ناقة له وأن الرجل رده فأرسل به إلى رجل آخر سواه فبعث إليه بناقة فلما أبصر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جاء بها نقادة يقودها قال اللهم بارك فيها وفيمن أرسل بها قال نقادة يا رسول الله وفيمن جاء بها قال وفيمن جاء بها

_ إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليشربها وكأنه يقول في نفسه ما خشيته قد وقع وفهم النبي صلى الله عليه وسلم منه ذلك فنظر إليه وتبسم وقال له بقيت أنا وأنت ومعناه أن نصيبنا هذه الفضلة القليلة ثم أمره بالجلوس وأذن له أن يشرب فشرب وأبان القدح عن فيه ليشرب النبي صلى الله عليه وسلم فأذن له في الشرب ثانية وثالثة وهكذا حتى أقسم أبو هريرة أنه لم يجد لها مسلكا ومعناه أنه شرب حتى روى وشبع وامتلأ بطنه وفي هذا الحديث دلالة على شدة عطفه صلى الله عليه وسلم على الفقراء ومواساتهم وايثارهم على نفسه وفيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم فقد بارك الله في الشيء القليل حتى أشبع جميع القوم وفيه ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من التواضع حيث لم يشرب إلا آخر القوم وفيه غير ذلك والله أعلم (تخريجه) (خ ك) وغيرهما (باب) (1) (سنده) حدثنا وكيع ثنا علي بن صالح عن أبي المهلب عن عبيد الله بن زحر عن علي ابن يزيد عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبي أمامة الخ (غريبه) (2) اي أحسنهم جمالا (3) بحاء مهملة وذال معجمة مخففة أي قليل المال خفيف الظهر من العيال (ذو حظ من صلاة) (وفي رواية من الصلاة) أي ذو راحة من مناجاة الله فيها واستغراقه في المشاهدة ومنه حديث (ارحنا يابلال بالصلاة) (4) أي مغمورا غير مشهور (5) أي لا يشير الناس إليه بأصابعهم وفيه بيان وتقرير لمعنى الغموض (6) أي سلت روحه بالتعجيل لقلة تعلقه بالدنيا وغلبة شغفه بالآخرة (وقل تراثه) أي ميراثه وماله الذي خلفه (وقلت بواكيه) أي لقلة عياله وهوانه على الناس وعدم احتفالهم به (تخريجه) (مذ جه ك) وفي اسناده علي بن يزيد ضعيف (7) (سنده) حدثنا يونس وعفان قالا ثنا غسان بن برزين ثنا سيار بن سلامة الرباحي عن البراء السليطي الخ (غريبه) (8) أي يطلب منه أن يمنحه ناقة أي يعطيه الانتفاع

فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلبت فدرت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم أكثر مال فلان وولده يعني المانع (1) الأول اللهم اجعل رزق فلان يوما بيوم يعني صاحب الناقة الذي ارسل بها (عن أبي هريرة) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم (3) أجعل رزق آل بيتي (4) قوتا (وعنه من طريق ثان) (5) بلفظ اللهم اجعل رزق آل محمد (6) قوتا (عن أنس) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أحد يوم القيامة غني ولا فقير الا ود انما كان أوتي من الدنيا قوتا قال يعلي في الدنيا (8) (عن فضالة بن عبيد) (9) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى بالناس

_ بها لعله طلبها لبعض المحتاجين إلى ذلك (1) كأنه رده لقلة ما له فطلب له الاكثار لينال بذلك فضيلة التصدق أو أنه غضب عليه فدعا له باكثار المال في الدنيا ليقل به حظه من الآخرة وهو الظاهر لمقابلته بقوله اللهم اجعل رزق فلان يوما بيوم إذ الظاهر أنه دعا له بذلك لأنه رأى كثرة ماله فخاف عليه الافتتان بذلك فدعا له بتقليل المال والله أعلم بحقيقة الحال (تخريجه) (جه) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه في اسناده البراء قد ذكره ابن حبان في الثقات وقال الذهبي مجهول وباقي رجال الاسناد ثقات وقال ليس لنقادة شيء في بقية الكتب الستة سوى هذا الحديث الذي انفرد به ابن ماجه اهـ (قلت) وليس ابن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) أصله ياالله حذفت ياؤه وعوض عنها الميم وشددت لتكون على حرفين كالمعوض عنه (4) أي زوجاته ومن في نفقته وبنو عبد المطلب (وقوله قوتا) أي كفافا كما صرح بذلك في بعض الروايات ومعناه بلغة تسد رمقهم وتمسك قوتهم بحيث لا ترهقهم الفاقة ولا تذلهم المسألة والحاجة ولا يكون فيهم فضول يصل إلى ترفه وتبسط ليسلموا من آفات الغنى والفقير والكفاف مالا يفضل عن الشيء ويكون بقدر الحاجة والقوت ما يسد الرمق سمي قوتا لحصول القوة به (5) (سنده) حدثنا وكيع قال ثنا الأعمش عن عمارة بن القعقاع عن أبي زرعة عن أبي هريرة الخ (6) جاء في هذه الرواية آل محمد وهو يشمل كل تقي من أمته صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (م مذ جه) (7) (سنده) حدثنا ابن نمير انا اسماعيل ويعلي بن عبيد قال ثنا اسماعيل عن نفيع عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (غريبه) (8) معناه أن يعلي بن عبيدة زاد في روايته لفظ (في الدنيا) بعد قوله قوتا يعني قوتا في الدنيا (تخريجه) (جه) وعبد بن حميد وأبو نعيم في الحلية وأورده ابن الجوزي في الموضوعات لأن في اسناده نفيع بن الحارث ابو داود الأعمى متروك وله شاهد من حديث ابن مسعود عند الخطيب في تاريخه قال أنبأنا عبد الملك بن محمد بن عبد الله الواعظ أنبأنا عبد الباقي بن قانع ثنا عمر بن إبراهيم الحافظ ثنا أحمد بن ابراهيم القطيعي ثنا عباد بن العوام ثنا سفيان بن حسين عن يسار عن أبي وائل عن عبد الله (يعني بن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من أحد إلا وهو يتمنى يوم القيامة أنه كان يأكل في الدنيا قوتا اهـ وقال أبو نعيم حدثنا عبد الملك بن محمد بن أبي سهل ثنا عبد الله بن محمد العيسى ثنا عباد بن العوام فذكره موقوفا وحديث مثل هذا جاء من طرق متعددة ليس في بعضها نفيع المتروك لا يحكم عليه بالوضع بل يقال إنه ضعيف والله سبحانه وتعالى أعلم (9) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة قال اخبرني أبو هانئ عن عمرو بن مالك حدثه أنه سمع فضالة بن عبيد يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ

خر رجال من قامتهم (1) في الصلاة لما بهم من الخصاصة (2) وهم من أصحاب الصفة (3) حتى يقول الأعراب إن هؤلاء مجانين فإذا قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة انصرف إليهم فقال لهم لو تعلمون مالكم عند الله عز وجل لأحببتم لو أنكم تزدادون حاجة وفاقة قال فضالة وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ (عن محمود بن لبيد) (4) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اثنتان يكرهما ابن آدم (5) الموت والموت خير للمؤمن من الفتنة ويكره قلة المال وقلة المال أقل للحساب (6) (عن أبي سعيد الخدري) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن موسى عليه الصلاة والسلام قال أي رب عبدك المؤمن تقتر عليه في الدنيا قال فيفتح له باب الجنة (8) فينظر إليها قال يا موسى هذا ما أعددت له فقال موسى أي رب وعزتك وجلالك لو كان أقطع اليدين والرجلين يسحب على وجهه منذ يوم خلقته إلى يوم القيامة وكان هذا مصيره لم ير بؤسا قط قال ثم قال موسى أي رب عبدك الكافر توسع عليه في الدنيا قال فيفتح له باب من النار (9) فيقال يا موسى هذا ما أعددت له فقال موسى أي رب وعزتك وجلالك لو كانت له الدنيا منذ يوم خلقته إلى يوم

_ (غريبه) (1) أي من قيامهم فيها قال القاموس قام قوما وقومة وقياما وقامة انتصب (2) بفتح المعجمة أي الجوع والضعف واصلها الفقر والحاجة (3) بضم الصاد المهملة وتشديد الفاء وهم زهاد من الصحابة فقراء غرباء وكانوا سبعين ويقلون حينا ويكثرون حينا يسكنون صفة المسجد وهو موضع مظلل في مسجد المدينة لأنهم لا مسكن لهم ولا مال ولا ولد وكانوا متوكلين ينتظرون من يتصدق عليهم بشيء يأكلونه ويلبسونه (تخريجه) (مذ حب) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (4) (سنده) حدثنا أبو سلمة ثنا عبد العزيز يعني بن محمد عن عمرو عن عاصم ابن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد الخ (وله طريق أخرى) عند الامام احمد قال حدثنا سليمان بن أحمد انا اسماعيل اخبرني عمرو بن أبي عمرو عن عاصم عن محمود بن لبيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فذكر مثله (5) أي غالبا وكأنه قيل وما هما؟ فقال (الموت) أي نزوله به (والموت) أي موته (خير للمؤمن من الفتنة) والظاهر أن المراد بالمؤمن هنا الموحد ضد المشرك والفتنه الكفر أو الضلال أو الاثم أو الاختبار والامتحان ونحوهما وذلك لأنه ما دام حيا لا يأمن الوقوع في ذلك (فإنه لا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) ومن غير الغالب من اتحفه الله بلطف من عنده فحبب إليه الموت كالأولياء والصالحين (6) يعني السؤال عنه كما في حديث (لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع وفيه عن ماله من أين اكتسبه وفيم انفقه أي ولو حلالا) (تخريجه) (ص) وأورده المنذري وقال رواه أحمد باسنادين رواة أحدهما محتج بهم في الصحيح قال ومحمود له رواية ولم يصح له سماع وقال الهيثمي أخرجه أحمد باسنادين أحدهما رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) يعني الطريق الثانية وعلى قول المنذري فالحديث مرسل والله أعلم (7) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق ثنا ابن لهيعة عن دراج عن ابي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (8) أي يفتح لموسى باب الجنة لينظر ما أعده الله لهذا العبد المؤمن (9) أي يفتح لموسى باب من النار لينظر ما أعده الله لهذا الكافر أيضا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفي اسناده ابن لهيعة حديثه ضعيف إذا عنعن وقد عنعن ودراج بتثقيل

القيامة وكان هذا مصيره كان لم ير خيرا قط (عن سماك بن حرب) (1) قال حدثنا النعمان ابن بشير يقول على منبر الكوفة والله ما كان النبي صلى الله عليه وسلم أو قال نبيكم عليه السلام يشبع من الدقل (2) وما ترضون دون الوان التمر والزبد (وعنه من طريق ثان) (3) أنه سمع النعمان بن بشير يخطب وهو يقول أحمد الله تعالى فربما أتى على رسول الله صلى الله عليه وسلم الشهر يظل يتلوى ما يشبع من الدقل (عن أبي أمامة) (4) قال ما كان يفضل (5) على أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم خبز الشعير (عن أبي العلاء بن الشخير) (6) حدثني أحد بني سليم ولا أحسبه إلا قد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم (7) أن الله تبارك وتعالى يبتلي عبده بما أعطاه (8) فمن رضى بما قسم الله عز وجل له بارك الله له فيه ووسعه ومن لم يرض لم يبارك له (باب ما جاء في فضل فقراء المهاجرين والمستضعفين) (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم ونحن عنده طوبى (10) للغرباء فقيل من الغرباء يا رسول الله؟ قال أناس صالحون في أناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم قال وكنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما آخر حين

_ الراء آخره جيم ابن سمعان ابو السمح ضعيف في حديثه عن أبي الهيثم قال أبو داود حديثه مستقيم إلا عن أبي الهيثم وقصارى القول أن هذا الحديث ضعيف والله أعلم (1) (سنده) حدثنا أبو كامل ثنا زهيرثنا سماك بن حرب ثنا النعمان بن بشير الخ (غريبه) (2) بفتح الدال المهملة والقاف قال في المصباح هو اردء التمر الواحدة دقلة (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا اسرائيل عن سماك انه سمع النعمان بن بشير الخ (تخريجه) (م مذ) في الزهد (4) حدثنا حجاج أنا جرير حدثني سليم عن عامر عن أبي غالب عن أبي أمامة الخ (غريبه) (5) قال في المصباح فضل فضلا من باب قتل بقى وفي لغة فضل يفضل من باب تعب اهـ والمعنى لم يتيسر لهم من دقيق الشعير ما إذا خبزوه يفضل عنهم (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه واخرجه أيضا في الشمائل (6) (سنده) حدثنا اسماعيل عن يونس حدثني أبو العلاء بن الشخير الخ (قلت) ابن الشخير هذا اسمه مطرف بضم أوله وفتح ثانيه ثم راء مشددة مسكورة وكنيته ابو العلاء وابو عبد الله بن الشخير بكسر الشين المعجمة بعدها خاء معجمة مشددة مكسورة وقد نسب إلى جده (غريبه) (7) يقول ابن الشخير لا احسبه إلا قد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وايهام الصحابي لا يقدج في الحديث لأنهم كلهم عدول (8) أي يمتحنه ويختبره بما أعطاه من الرزق (تخريجه) (هب) وابن قانع في معجم الصحابة وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ وصححه أيضا الحافظ السيوطي (باب) (9) (سنده) حدثنا حسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا الحارث بن يزيد عن جندب بن عبد الله أنه سمع سفيان بن عوف يقول سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (10) تقدم تفسير لفظ طوبى غير مرة وهي اسم للجنة وقيل هي شجرة فيها (تخريجه) أورده الحافظ الهيثمي في موضعين فذكر الحديث من أوله في الموضع الأول إلى قوله أكثر ممن يطيعهم وقال رواه أحمد والطبراني في الأوسط وقال أناس صالحون قليلون وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف (وذكر بقيته في الموضع الثاني وقلل) رواه (حم طب طس) ثم قال وزاد في الكبير (ثم قال طوبى للغرباء طوبى للغرباء قيل ومن الغرباء؟ قال ناس صالحون

طلعت الشمس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيأتي اناس من أمتي يوم القيامة نورهم كضور الشمس قلنا من أولئك يا رسول الله؟ (وفي رواية فقال أبو بكر نحن هم يا رسول الله؟ قال لا ولكم خير كثير) فقال فقراء المهاجرين الذين تتقى بهم المكارة يموت أحدهم وحاجته في صدره يحشرون من أقطار الأرض (وعنه أيضا) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا (2) قال عبد الله فإن شئتم أعطيناكم مما عندنا وان شئتم ذكرنا أمركم للسلطان قالوا فإنا نصبر فلا نسأل شيئا (حدثنا الهذيل بن ميمون) (3) الكوفي الجعفي كان يجلس في مسجد المدينة يعني مدينة أبي جعفر قال عبد الله (4) هذا شيخ قديم كوفي عن مطرح (5) بن يزيد عن عبيد الله بن زحر (6) عن علي بن يزيد عن القاسم (يعني ابن عبد الرحمن) عن أبي أمامة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فرجدت فيها خشفة (7) بين يدي فقلت ما هذا؟ قال بلال قال فمضيت فإذا أكثر أهل الجنة فقراء المهاجرين وذرارى المسلمين ولم أر أحدا أقل من الأغنياء والنساء والنساء فقيل لي أما الأغنياء فهم هاهنا بالباب يحاسبون ويمحصون وأما النساء فألهاهن الأحمران الذهب والحرير قال ثم خرجنا من أحد أبواب الجنة الثمانية فلما كنت عند الباب أتيت بكفة فوضعت فيها ووضعت أمتي في كفة فرجحت بها ثم أتى بأبي بكر (رضي الله عنه) فوضع في كفة وجيئ بجميع أمتي في كفة فوضعوا فرجح أبو بكر (رضي الله عنه) وجيئ بعمر فوضع في كفة وجيء بجميع أمتي فرجح عمر (رضي الله عنه) وعرضت أمتي رجلا رجلا فجعلوا يمرون فاستبطأت عبد الرحمن بن عوف ثم جاء

_ في أناس سوء كثير من يعصيهم أكثر ممن يطيعهم وفي رواية فقال ابو بكر وعمر نحن هم؟ وله في الكبير أسانيد ورجال احدها رجال الصحيح اهـ (قلت) قول الهيثمي في ابن لهيعة فيه ضعف لعله يريد إذا عنعن اما إذا قال حدثنا فحديثه حسن ذكر ذلك الهيثمي نفسه في غير موضع من كتابه مجمع الزوائد وكذلك الحافظ ابن كثير وقد صرح ابن لهيعة بالتحديث في هذا الحديث فهو حسن والله أعلم (1) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن حدثنا حيوة اخبرني ابو هانئ أنه سمع ابا عبد الرحمن الحبلي يقول سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) اي اربعين سنة وقوله (قال عبد الله) يعني ابن عمرو بن العاص وسبب قوله ذلك ذكره مسلم في صحيحه من طريق أبي عبد الرحمن الحبلي أيضا قال جاء ثلاثة نفر غلى عبد الله بن عمرو بن العاص وانا عنده فقالوا يا أبا محمد انا والله نقدر على شيء لا نفقه ولا دابة ولا متاع فقال لهم ما شئتم ان شئتم رجعتم إلينا فأعطيناكم ما يسر الله لكم وان شئتم ذكرنا امركم للسلطان وان شئتم صبرتم فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة إلى الجنة بأربعين خريقا قالوا فانا نصبر لا نسأل شيئا (تخريجه) (م) (3) (حدثنا الهذيل بن ميمون الخ) (غريبه) (4) يعني ابن الامام احمد رحمهما الله (5) بضم الميم وفتح المهملة وتشديد الراء مكسورة (6) بفتح الزاي وسكون المهملة آخره راء (7) الخشفة بالسكون الحس

بعد الإياس فقلت عبد الرحمن فقال بأبي وأمي يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما خلصت إليك حتى ظنن أني لا أنظر إليك أبدا إلا بعد المشيبات قال وما ذاك؟ قال من كثرة مالي أحاسب وأمحص (1) (عن العباس بن سالم اللخمي) (2) قال بعث عمر بن عبد العزيز إلى أبي سلام الحبشي فحمل إليه على البريد ليسأله عن الحوض فقدم به عليه فسأله فقال سمعت ثوبان (3) يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن حوضى من عدن إلى عمان البلقاء ماؤه أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل وأكاويبه عدد النجوم من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدا أول الناس ورودا عليه فقراء المهاجرين فقال عمر بن الخطاب من هم يا رسول الله؟ قال هم الشعث (4) رءوساء الدنس ثيابا الذين لا ينكحون المتنعمات (5) ولا تفتح لهم أبواب السدد (6) فقال عمر بن عبد العزيز لقد نكحت المتنعمات وفتحت لي السدد (7) إلا ان يرحمني الله والله لا جرم أن لا أدهن

_ والحركة وقيل هو الصوت والخشفة بالتحريك الحركة وقيل هما بمعنى وكذلك الخشف (نه) (1) معناه أن الذي أخره عن دخول الجنة مع أصحابه طول حسابه على كثرة ماله (روى الترمذي) أن عبد الرحمن ابن عوف اوصى لأمهات المؤمنين بحديقة بيعت بأربعمائة الف قال الترمذي حديث حسن صحيح وقال عروة بن الزبير أوصى عبد الرحمن بخمسين الف دينار في سبيل الله تعالى وقال الزهري أوصى عبد الرحمن لمن بقي ممن شهد بدرا لكل رجل أربعمائة دينار وكانوا مائة فأخذوها واخذها عثمان فيمن أخذ وأوصى بألف فرس في سبيل الله وخلف مالا عظيما من ذهب قطع بالفؤوس حتى مجلت أيدي الرجال منها وترك الف بعير ومائة فرس وثلاثة آلاف شاة ترعى وكان له أربع نسوة صالحت امرأة منهن عن نصيبها بثمانين الف وهذا قليل من كثير ذكره النووي في تهذيب الأسماء واللغات وسيأتي لذلك مزيد في مناقبة من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (تخريجه) أورده الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب مختصرا وقال رواه أبو الشيخ ابن حبان وغيره من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عنه اهـ (قلت) يشير إلى أن علي بن يزيد الإلهاني ضعيف وعبيد الله بن زخر قال في التقريب صدوق يخطئ (قلت) وفيه أيضا مطرح ابن يزيد ضعفه في التقريب أيضا وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني بنحوه وفيهما مطرح بن يزيد وعلي بن يزيد وهما مجمع على ضعفهما وعبد الرحمن بن عوف أحد أصحاب بدر والحديبية وأحد والعشرة المشهود لهم بالجنة وهم أفضل الصحابة رضي الله عنهم اهـ (2) (سنده) حدثنا حسين بن محمد ثنا ابن عياش عن محمد بن المهاجر عن العباس بن سالم اللخمي ال (غريبه) (3) يعني مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) بضم الشين المعجمة وسكون المهملة جمع اشعث بالمثلثة أي المتفرقوا الشعر (ورءوسا) تمييز (الدنس) بضم المهملة والنون وقد يكن جمع الدنس وهو الوسخ (5) هن بنات الأغنياء والمعنى لو خطبوهن لم يجابوا (6) بضم السين المهملة بعدها دال مهملة مفتوحة جمع سدة وهي باب الدار سمي بذلك لأن المدخل يسد به والمعنى لو دقوا الأبواب واستأذنوا للدخول لم يفتح لهم ولم يؤذن (7) جاء في رواية ابن ماجه (فبكى عمر حتى اخضلت لحيته ثم قال لكني نكحت الخ) وقد كان نكح فاطمة بنت عبد الملك وهي بنت الخليفة وجدها خليفة وهو مروان واخوتها الأربعة سلمان ويزيد وهشام والوليد خلفاء وزوجها خليفة فهذا من الغرائب وفيها قال الشاعر (بنت الخليفة جدها خليفة: زوج الخليفة أخت الخلائف)

رأسي حتى يشعث ولا أغسل ثوبي الذي يلي جسدي حتى يتسخ (عن أبي الدرداء) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ابغوني (2) ضعفائكم فإنكم انما ترزقون وتنصرون بضعفائكم (عن عائد بن عمرو) (3) أن سلمان وصهيبا وبلالا كانوا قعودا في أناس فمر بهم أبو سفيان ابن حرب فقالوا ما أخذت سيوف الله تبارك وتعالى من عنق عدو الله مأخذها بعد (4) فقال أبو بكر اتقولون هذا لشيخ قريش وسيدها؟ قال فاخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا بكر لعلك أغضبتهم فلئن كنت أغضبتهم لقد اغضبت ربك تبارك وتعالى (5) فرجع إليهم فقال أي أخوتنا لعلكم غضبتم؟ فقالوا لا يا أبا بكر يغفر الله لك (باب ما جاء في فضل الفقراء والمساكين والترغيب في حبهم ومجالستهم) (حدثنا محمد بن جعفر) (6) ثنا شعبة عن زيد أبي الحوارى عن أبي الصديق (7) عن اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال يدخل فقراء المؤمنين الجنة قيل أغنيائهم بأربعمائة عام قال فقلت ان الحسن يذكر أربعين عاما (8) فقال عن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم أربعمائة عام قال حتى يقول الغني يا ليتني كنت عيلا

_ (تخريجه) (مذ جه ك) وقال الترمذي هذا حديث غريب من هذا الوجه وقد روى هذا الحديث عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان عن النبي صلى الله عليه وسلم وابو سلام الحبشي اسمه ممطو اهـ (قلت) وصححه الحاكم واقره الذهبي وأورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه الطبراني ورواته رواة الصحيح وهو في الترمذي وابن ماجه نحوه (3) (سنده) حدثنا ابن اسحاق ثنا ابن المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد قال أبي وعلي بن اسحاق انا عبد الله بن المبارك ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني زيد بن ارطاة عن جبير بن نفير عن أبي الدرداء الخ (غريبه) (2) بالوصل من الثلاثي فهو مكسور الهمزة أي اطلبو لي طلبا حثيثا (يقال ابغنى مطالبي اطلبها لي) (قال القاضي عياض) أي اطلبوا لي وتقربوا لي بالتقرب اليهم وتفقد حالهم وحفظ حقوقهم والاحسان اليهم قولا وفعلا واستنصارا بهم اهـ والمراد بالضعف هنا ضعفاء الحال أي الفقراء (تخريجه) (م حب ك) (3) (سنده) حدثنا مهنى بن عبد الحميد ابو شبل وحسن يعني ابن موسى قال ثنا عمار بن سلمة المعني عن ثابت بن معاوية بن قرة عن عائد بن عمرو الخ (غريبه) (4) قال ذلك سلمان وصاحباه لأبي سفيان زمن الهدنة بعد صلح الحديبية وهو كافر قبل أن يسلم ومعناه أنه نجا من القتل بسبب الصلح (5) فيه فضيلة ظاهرة لسلمان ورفقته هؤلاء وفيه مراعاة قلوب الضعفاء وأهل الدين واكرامهم وملاطفتهم (تخريجه) (م) في الفضائل (باب) (6) (حدثنا محمد بن جعفر الخ) (غريبه) (7) بتشديد الدال المكسورة هو بكر بن عمر والناجى بالنون والجيم ثقة (8) تقدم في الحديث الثاني من الباب السابق عن عبد الله بن عمرو اربعين خريفا يعني عاما وهو يؤيد رواية الحسن ولكن جاء في هذا الحديث اربعمائة عام وفي الحديث التالي خمسمائة عام فكيف التوفيق بين هذه الروايات؟ وقد جمع العلماء بين هذه الروايات بأن الفقير الحريص يتقدم على الغني بأربعين سنة والفقير الزاهد يتقدم عليه بخمسمائة أو يقال المراد بأربعين خريفا التكثير لا التحديد فلا منافاة أو يقال الذي ذكر فيه أربعمائة أو خمسمائة يحتمل أن يكون متأخرا عن هذا الحديث ويكون الشارع قد زاده في زمان سبق الدخول ترغيبا إلى الصبر على الفاقة والله أعلم تخريجه أورده الهيثمي وقال رواه أحمد

قال قلنا يا رسول الله سمهم لنا بأسمائهم؟ قال هم الذين إذا كان مكروه بعثوا له وإذا كان مغتم بعث إليه سواهم وهم الذين يحجبون عن الأبواب (عن أبي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل فقراء المسلمين الجنة قبل أغنيائهم بنصف يوم وهو خمسمائة عام (عن أنس بن مالك) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ألا أخبركم بأهل النار وأهل الجنة؟ أما أهل الجنة فكل ضعيف متضعف أشعث ذي طمرين (3) لو أقسم على الله لأبره وأما أهل النار فكل جعظرى (4) جواظ جماع مناع ذي تبع (5) (عن أبي سعيد الخدري) (6) قال كنت في حلقة من الأنصار وإن بعضنا ليستتر ببعض من العرى وقارئ لنا يقرؤ علينا فنحن نسمع إلى كتاب الله اذ وقف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وقعد فينا ليعد نفسه معهم فكف القارئ فقال ما كنتم تقولون؟ فقلنا يا رسول الله كان قارئ لنا يقرؤ علينا كتاب الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده وحلق بها يرمئ اليهم أن تحلقوا فاستدارت الحلقة فما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عرف منهم أحدا غيري قال فقال ابشروا يا معشر الصعاليك (7) تدخلون الجنة قبل الأغنياء بنصف يوم وذلك خمسمائة عام (عن أبي ذر) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر انظر ارفع رجل (9) في المسجد فنظرت فإذا رجل عليه حلة قال قلت هذا قال قال لي انظر أوضع رجل (10) في المسجد قال فنظرت فإذا رجل عليه أخلاق (11) قال قلت هذا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا عند الله أخير يوم القيامة من ملء الأرض مثل هذا (وفي رواية خير من قراب (12) لأرض مثل هذا)

_ ورجاله رجال الصحيح غير زيد بن ابي الحواري وقد وثق على ضعفه (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه وقال الترمذي حديث حسن صحيح اهـ قال المنذري ورواته محتج بهم في الصحيح ورواه ابن ماجه بزيادة من حديث موسى بن عبيدة عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر (2) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة عن أبي النضر عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (3) بكسر الطاء المهملة وسكون الميم قال في النهاية الطمر الثوب الخلق (بفتح اللام) (4) بفتح الجيم وسكون المهملة الجعظرى الفظ الغليظ المتكبر وقيل هو الذي ينتفخ بما ليس عنده وفيه قصر (نه) (والجواظ هو الجماع المتاع) جماع للمال والدنيا متاع للخير وقيل الكثير اللحم المختال في مشيته وقيل القصير البطين (5) أي له اتباع وعشيرة يتبعه كثير من الناس (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه يعتضد (6) (سنده) حدثنا سيار ثنا جعفر ثنا المعلي بن زياد ثنا العلاء بن بشير المزنى وكان والله ما علمت شجاعا عند اللقا بكاءا عند الذكر عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (7) الصعاليك جمع صعلوك بالضم وهو الفقير (تخريجه) (تخريجه) أورده صاحب راموز الأحاديث وعزاه للامام أحمد (د عل ص) والبيهقي في الدلائل وفي اسناده العلاء بن بشير المزني قال ابن المدينى مجهول والله أعلم (8) (سنده) حدثنا وكيع ثنا الأعمش عن سليمان بن مسهر عن خرشة بن لحر عن أبي ذر الخ (غريبه) (9) أي أغنى رجل (10) أي أفقر رجل (11) أي ثياب بالية مقطعة (12) بضم القاف أي بما يقارب ملأها وهو مصدر قارب يقارب (نه) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد بأسانيد

(عن عبد الله بن عمرو) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها الأغنياء والنساء (عن أبي ذر) (2) قال قلت يا رسول الله ذهب الأغنياء يصلون ويصومون وحجون قال وأنتم تصومون وتصلون وتحجون قلت يتصدقون ولا نتصدق قال وأنت فيك صدقة رفعك العظم عن الطريق صدقة وهدايتك الطريق صدقة وعونك الضعيف بفضل قوتك صدقة وبيانك عن الأرتم (3) صدقة ومباضعتك امرأتك صدقة (4) قال قلت يا رسول الله نأتي شهوتنا ونؤجر؟ قال أرأيت لو جعلته في حرام اكان تأثم؟ قال قلت نعم قال فتحتسبون بالشر ولا تحتسبون بالخير؟ (عن سعيد بن أبي سعيد الخدري) (5) عن أبيه أنه شكا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجته فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اصبر ابا سعيد (6) فإن الفقر إلى من يحينى منكم اسرع من السبل على أعلى الوادي ومن أعلى الجبل إلى أسفله (عن أسامة بن زيد) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قمت على باب الجنة فإذا عامة من دخلها المساكين وإذا أصحاب الجد (8) وقال يحيى بن سعيد وغيره أن أصاحب الجد محبوسون إلا أصحاب النار فقد أمر بهم إلى النار وقمت على باب النار فإذا عامة من يدخلها النساء (عن ابن عباس) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء (وعنه أيضا) (10) قال قال النبي صلى الله عليه وسلم التقى مؤمنان على باب الجنة مؤمن غني ومؤمن فقير كانا في الدنيا فأدخل الفقير الجنة وحبس الغني ما شاء الله أن يحبس ثم ادخل الجنة فلقيه الفقير فيقول أي أخي ماذا حبسك؟ والله لقد احتبست حتى خفت عليك فيقول أي

_ ورجالها رجال الصحيح (1) حدثنا عبد الله بن محمد (قال عبد الله بن الامام احمد) وسمعته انا من عبد الله ابن محمد بن أبي شيبة حدثنا شريك عن أبي اسحاق عن السائب بن مالك عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد واسناده جيد (2) (سنده) حدثنا يعلى بن عبيد ثنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البخترى عن أبي ذر الخ (غريبه) (3) أي الأرت وهو الذي لا يفصح الكلام ولا يصححه ولا يبينه (4) يعني الجماع (تخريجه) (م وغيره) (5) (سنده) حدثنا هارون بن معروف حدثنا ابن وهب اخبرني عمرو عن سعيد بن أبي سعيد الخدري عن أبيه الخ (قلت) عمرو هو ابن الحارث ثقة (غريبه) (6) فيه الأمر بالصبر على الفقر وان الفقر لازم للصالحين لا سيما من كان أكثرهم محبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومعلوم أن المرء مع من أحب وفي الحديث (من أحب قوما حشره الله في زمرتهم) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد ورجاله ثقات (7) (سنده) حدثنا اسماعيل بن ابراهيم عن سليمان التيمي عن أبي عثمان النهدي عن أسامة بن زيد الخ (غريبه) (8) بفتح الجيم هو الحظ وللغنى (وقوله وقال يحيى ابن سعيد الخ) لم يذكر يحيى بن سعيد في السند والظاهر أنه قاله في رواية أخرى (تخريجه) (ق وغيرهما) (9) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا حماد بن نجيح سمعه من أبي رجاء (يعني العطاردي) عن ابن عباس الخ (تخريجه) (نس) وسنده صحيح (10) (سنده)

أخي إني حبست بعدك محبسا (1) فظيعا كريها وما وصلت إليك حتى سال مني العرق مالو ورده الف بعير كلها آكلة حمض (2) لصدرت عنه رواءا (3) (باب في ذكر قصة الرجل وزوجته الفقيرين المتعففين وما أكرمهما الله به) (عن شهر بن حوشب) (4) قال قال أبو هريرة بينما رجل وامرأة في السلف الخالى (5) لا يقدران على شيء (6) فجاء الرجل من سفره فدخل على امرأته جائعا قد أصابته مسغبة (7) شديدة فقال لامرأته أعندك شيء؟ قالت نعم أبشر أتاك رزق الله فاستحثها فقال ويحك ابتغي ان كان عندك شيء قالت نعم هنية (8) نرجو رحمة الله حتى إذا طال عليه الطوى (9) قال ويحك قومي فابتغي ان كان عندك خبر فأتيني به فإني قد بلغت وجهدت فقالت نعم الآن ينضج التنور فلا تعجل فلما ان سكت عنها ساعة وتحينت أيضا أن يقول لها قالت هي من عند نفسها لو قمت فنظرت إلى تنوري فقامت فوجدت تنورها ملآى جنوب (10) الغنم ورحييها تطحنان إلى الرحى فنفضتها واخرجت ما في تنورها من جنوب الغنم قال أبو هريرة فوالذي نفس أبي القاسم بيده عن قول محمد صلى الله عليه وسلم لو أخذت ما في رحييها ولم تنفضها لطحنتها إلى يوم القيامة (وعنه من طريق ثان) (11) قال دخل رجل على أهله فلما رأى ما بهم من الحاجة خرج إلى البرية (12) فلما رأت امرأته قامت إلى الرحى فوضعتها والى التنور فسجرته (13) ثم قالت اللهم ارزقنا فنظرت فإذا الجفنة قد امتلأت (14) قال وذهبت إلى التنور فوجدته ممتلئا (15) قال فرجع الزوج قال اصبتم بعدي شيئا؟ قالت امرأته

_ حدثنا حسن حدثنا دويد عن سلم بن بشير عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (1) المحبس بكسر الياء الموحدة مصدر كالحبس كما ذكره صاحب اللسان عن بعضهم وهذا الحديث يؤيده (2) الحمض بفتح الحاء وسكون الميم من النبات وهو كل نبت في طعمه حموضة وهو للابل كالفاكهة للانسان وذلك ان الابل إذا ملت رعى الخلة وهو الحلو من النبات اشتهت الحمض فتحولت إليه فإذا أكلته شربت عليه (3) بكسر الراء وتخفيف الواو آخره همزة جمع ريان وريا للمذكر والمؤنت يقال رجل ريان وامرأة ريا من قوم رواء (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه دويد غير منسوب فإن كان هو الذي روى عن سفيان فقد ذكره العجلى في كتاب الثقات وان كان غيره لم اعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح غير مسلم بن بشير وهو ثقة اهـ هكذا قال الهيثمي مسلم بن بشير بزيادة ميم في أوله ولم أقف لسلم ولا لمسلم على ترجمة في كتب الرجال فالله أعلم (باب) (4) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم قال ثنا عبد الحميد يعني ابن بهرام قال ثنا شهر بن حوشب قال قال ابو هريرة الخ (غريبه) (5) ظاهره ان هذه القصة كانت قبل عصر النبوة (6) أي لا يملكان شيئا من حطام الدنيا (7) أي تعب شديد وجوع (8) اي اصبر زمنا قليلا (9) أي شدة الجوع (وقوله ويحك) معناه عذاب لك لأن ويح قد تكون بمعنى الرحمة وقد تكون بمعنى العذاب وقد قالها الرجل وهو في ثورة الغضب فيراد بها العذاب أي عذاب لك والله أعلم (10) الجنوب جمع جنب يريد جنب الشاة أي انه كان في التنور جنوب كثيرة لا جنب واحد (11) (سنده) حدثنا أبن عامر انا ابو بكر عن هشام عن محمد بن ابي هريرة قال دخل رجل على أهله الخ (12) البرية بفتح الموحدة وتشديد الراء مكسورة ثم ياء مشددة مفتوحة وآخره هاء الصحراء وجمعه البراري (13) أي أوقدته (14) الجفنة القصة الكبيرة تكون تحت الرحى لتلقى ما يطحن من الدقيق (15) يعني

نعم من ربنا قام إلى الرحى (1) فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال أما انه لو لم يرفعها لم تزل تدور إلى يوم القيامة شهدت النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول والله لأن يأتي أحدكم صبيرا (2) ثم يحمله يبيعه فيستعف منه خيرا له من أن يأتي رجلا يسأله (باب الترغيب في الغنى الصالح للرجل الصالح) (عن معاذ بن عبد الله بن خبيب) (3) عن أبيه عن عمه (4) قال كنا في مجلس فطلع علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى رأسه أثر ماء (5) فقلنا يا رسول الله نراك طيب النفس قال أجل قال ثم خاض القوم في ذكر الغنى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بأس بالغنى لمن اتقى الله عز وجل (6) والصحة لمن اتقى الله خير من الغنى (7) وطيب النفس من النعم (8) (عن عمرو بن العاص) (9) قال بعث إلي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خذ عليك ثيابك وسلاحك ثم ائتني فاتيته وهو يتوضأ

_ من جنوب الغنم كما مر في الطريق الأولى (1) هكذا بالأصل (قام إلى الرحى) فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم الخ ولا بد أن يكون هنا سقط وربما كان فقام إلى الرحى فرفعها كما صرح بذلك في مجمع الزوائد (2) اي جبلا قال في القاموس الصبير الكفيل ومقدم القوم في أمورهم والجبل (وقوله ثم يحمله) أي يحمل حطبا منه يبيعه الخ (تخريجه) أورد الطريق الأولى منه الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله وثقوا (وأورد الطريق الثانية) منه الهيثمي أيضا وقال رواه أحمد والبزار وقال فقالت امرأته اللهم ارزقنا ما نطحن وما نعجن ونخبز فإذا الجفنة ملآى خبزا والرحا تطحن والتنور ملآى جنوب شواء فجاء زوجها فقال عندكم شيء؟ قالت رزق الله أو قد رزق الله فرفع الرحا فكنس حولها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تركها لطحنت إلى يوم القيامة ورواه الطبراني في الأوسط بنحوه ورجالهم رجال الصحيح غير شيخ البزار وشيخ الطبراني وهما ثقتان (باب) (3) (سنده) حدثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو ثنا عبد الله بن أبي سليمان مدينى ثنا معاذ بن عبد الله بن خبيب الخ (غريبه) (4) اسمه يسار بن عبد فقد جاء هذا الحديث في الجامع الصغير وعزاه الحافظ السيوطي ليسار بن عبد قال الحافظ في التقريب يسار بن عبد أبو عزة بفتح المهملة وتشديد الزاي الهدلى صحابي مشور بكنيته (5) جاء في بعض الروايات (وعليه اثر غسل وهو طيب النفس فظننا انه الم بأهله فقلنا نراك اصبحث طيب النفس قال أجل والحمد لله) الحديث (6) أي فالغنى بغير تقوى هلكه بجمعه من غير حقه ويمنعه ويضعه في غير حقه فإذا كان مع صاحبه تقوى فقد ذهب البأس وجاء الخير قال محمد بن كعب الغني اذا اتقى الله اتاه اجره مرتين لأنه امتحنه فوجده صادقا وليس من امتحن كمن لا يمتحن (7) أي لأن صحة البدن عون على العبادة فالصحة مال ممدود والسقيم عاجز والصحة مع الفقر خير من الغني مع العجز (8) طيب النفس هو السرور بما أعطاه الله لعبده من التوفيق لطاعته وعدم تكبد العيش وتعب الجسم وأمنه من المخاوف فإذا أضاء له الصبح ووضح له الطريق وذهبت المخاوف وزالت العسرة ارتاح القلب واطمأنت النفس وصارت في نعيم (تخريجه) (جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وصححه الحافظ السيوطي أيضا (9) (سنده) حدثنا عبد الرحمن ثنا موسى بن علي عن أبيه قال سمعت عمرو بن العاص يقول بعث إلي رسول الله

فصعد في النظر (1) ثم طأطأ فقال إني أريد أن أبعثك على جيش فيسلمك الله ويغنمك وارغب لك من المال رغبة صالحة قال قلت يا رسول الله ما أسلمت من أجل المال ولكني اسلمت رغبة في الاسلام وأن أكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عمرو نعم المال الصالح للمرء الصالح (2) (عن عبد الله بن مسعود) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله مالا فسلطه على هلكته في الحق ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها الناس (عن عمرو بن شعيب) (4) عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا غير مخيلة (5) ولا سرف وقال يزيد (6) مرة في غير اسراف ولا مخيلة (وعنه من طريق ثان) (7) بنحوه وزاد بعد قوله ولا سرف ان الله يجب ان ترى نعمته على عبده (عن أبي الأحوص عن أبيه) (8) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى شملة أو شملتان (وفي رواية فرآني في رث الهيئة) فقال لي هل لك من مال؟ قلت نعم قد أتاني الله عز وجل من كل ماله من خيله وأبله وغنمه ورقيقه فقال فإذا أتاك الله مالا فليرى عليك نعمته (وفي رواية فلير أثر نعمة الله عليك) فرحت إليه في حلة وفي رواية فغدوت إليه في حله حمراء (وعنه من طريق ثان) أن أباه أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو أشعث سيء الهيئة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أمالك مال قال من كل المال قد آتاني الله عز وجل قال فإن الله عز وجل إذا انعم على عبد نعمة أحب أن ترى عليه (وعنه أيضا عن أبيه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأيدي ثلاثة فيد الله العليا ويد المعطي التي

_ صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) أي رفع نظره إلى (2) أي نعم المال الحلال للرجل الذي ينفقه في حاجته ثم في ذوي رحمه وأقاربه الفقراء ثم في أعمال البر (تخريجه) (طب طس عل) قال الهيثمي ورجال احمد وابي يعلى رجال الصحيح (3) (عن عبد الله بن مسعود الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في أول الباب الأول من كتاب العلم في الجزء الأول صحيفة 144 رقم 1 فارجع إليه (4) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون اخبرنا همام عن قتادة عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (5) المخيلة والخيلاء بضم الخاء المعجمة وكسرها الكبر والعجب يقال اختال فهو مختال وفيه خيلاء ومخيلة أي كبر (6) هو ابن هارون الذي روى عنه الامام أحمد هذا الحديث قال مرة في روايته في غير اسراف بدل سرف ومعناهما واحد ولكن محافظة على اللفظ أتى الامام احمد رحمه الله بالروايتين ومعنى الاسراف تجاوزه الحد في الانفاق حتى يدخل في حد التبذير وقد قال الله عز وجل (ان المبذرين كانوا اخوان الشياطين) وقال قوم الاسراف النفقة في معصية الله وان قلت (بتشديد اللام مفتوحة) (7) (سنده) حدثنا بهز حدثنا همام عن قتادة عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كلوا واشربوا وتصدقوا والبسوا في غير مخيلة ولا سرف ان الله يحب أن يتم نعمته على عبده (تخريجه) (نس جه) وسنده صحيح (8) هذا الحديث بطريقيه تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من كتاب اللباس في الجزء السابع عشر صحيفة 335 رقم 20 فارجع اليه ان شئت (9) (وعنه أيضا عن أبيه) يعني مالك بن نضلة الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في اليد العليا واليد السفلى الخ من كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 102 رقم 147 وإنما

تليها ويد السائل السفلى فأعطين الفضل ولا تعجز عن نفسك (عن معبد الجهنى) (1) قال كان معاوية (رضي الله عنه) قلما يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم شيئا ويقول هؤلاء الكلمات فلما يدعهن أو يحدث بهن في الجمع (وفي رواية يوم الجمعة) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين وإن هذا المال حلو خضر (2) فمن يأخذه بحقه (3) يبارك له فيه وإياكم والتمادح فإنه الذبح (4) (عن عامر بن سعد) (5) أن أخاه عمر انطلق إلى سعد في غنم له خارجا من المدينة فلما رآه سعد قال أعوذ بالله من شر هذا الراكب (6) فلما أتاه قال يا أبت أرضيت أن تكون اعرابيا في غنمك والناس يتنازعون في الملك بالمدينة؟ فضرب سعد صدر عمر وقال اسكت إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل يحب العبد التقي (7) الغني الخفنى (8) (ومن طريق ثان) (9)

_ ذكرته هنا لقوله في آخره ولا تعجز عن نفسك اي لا تحرم نفسك من اظهار نعمته عليك بالغني كما قال له في الحديث السابق (إذا آتاك الله مالا فلير عليك نعمته وفي الرواية الأخرى فلير اثر نعمة الله عليك) ثم امره في هذا الحديث ان يعطى الفضل يعني بعد كفاية نفسه ومن تلزمه نفقته من الزوجة والأولاد والأقارب في الصدقة وأعمال البر والله أعلم (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا شعبة قال أنبأني سعد بن إبراهيم عن معبد الجهنى الخ (غريبه) (2) أي غض ناعم طرى (3) اي يكون مستحقا لأخذه كالفقير والمسكين وابن السبيل ونحو ذلك (4) الذبح هنا مجاز عن الهلاك فانه من أسرع أسبابه وفيه التحذير من التمادح وهو أن يمدح الناس بعضهم بعضا لأغراض دنيوية وقد جاءت أحاديث كثيرة في جواز المدح والنهي عنه وللعلماء كلام في ذلك سيأتي في كتاب المدح والذم في هذا الجزء ان شاء الله تعالى (تخريجه) (ق وغيرهما) بألفاظ مختلفة وليس فيها لفظ التمادح (5) (سنده) حدثنا ابو بكر الحنفي عبد الكبير بن عبد المجيد حدثنا بكير بن مسمار عن عامر بن سعد (يعني ابن أبي وقاص) أن اخاه عمر الخ (غريبه) (6) استعاذ سعد من ابنه لكونه يعلم منه التطلع إلى الفتن السياسية والطمع في الامارة وقد تحققت فراسة سعد في ابنه فقد استعمله عبد الله بن زياد وكان على رأس الجيش الذي قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما وقد انتقم الله منه حيث قتله المختار بن عبيد وقتل ابنه حفصا حينما تغلب المختار على الكوفة (7) يعني المؤمن التقي بمثناة فوقيه من يترك المعاصي امتثالا للمأمور به واجتنابا للمنهي عنه (الغنى) قال جماعة المراد بالغنى هنا غنى النفس لقوله صلى الله عليه وسلم في الحديث الآتي (ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس) وجزم به في الرياض وهو الغنى المحبوب وأشار البيضاوي والقاضي عياض والطيى إلى أن المراد غنى المال والمال غير محظور لعينه بل لكونه يعوق عن الله فكم من غني لم يشغله غناه عن الله وكم من فقير شغله فقره عن الله فالتحقيق أنه لا يطلق القول بتفضيل الغنى على الفقير وعكسه (8) بالخاء المعجمة قال النووي هذا هو الموجود في النسخ والمعروف في الروايات وذكر القاضي أن بعض رواة مسلم رواه بالمهملة فمعناه بالمجمة الخامل المنقطع إلى العبادة والاشتغال بأمور نفسه ومعناه بالمهملة الوصول للرحم اللطيف بهم وغيرهم من الضعفاء والصحيح بالمعجمة وفي هذا الحديث حجة لمن يقول الاعتزال أفضل من الاختلاط وحمله من قال بالتفضيل للاختلاط على الاعتزال على وقت الفتنة ونحوها والله أعلم (9) (سنده) حدثنا عبد الملك بن عمرو حدثنا كثير بن زيد الأسلمي عن المطلب (يعني ابن

(كتاب الصبر والترغيب فيه)

عن عمر بن سعد عن أبيه أنه قال جاءه ابنه عامر فقال أي بني أفي الفتنة تأمرني أن أكون رأسا لا والله حتى أعطى سيفا إن ضربت به مؤمنا نبا عنه (1) وان ضربت كافرا قتله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل يحب الغني الخفي التقي (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الغنى عن كثرة العرض (3) ولكن الغنى غنى النفس (وعنه من طريق ثان) (4) مثله وزاد والله ما أخشى عليكم الفقر ولكن اخشى عليكم العمد (وفي لفظ) ما أخشى عليكم الخطأ ولكن أخشى عليكم العمد (6) (63) (كتاب الصبر والترغيب فيه) وما أعده الله لصاحبه من الأجر العظيم والفضل الجسيم (باب أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الصالحون) (عن مصعب بن سعد عن أبيه) (7)

_ عبد الله بن المطلب) عن عمر بن سعد عن أبيه الخ (قلت) جاء في الطريق الأولى أن الراوي عامر بن سعد والموجه اليه القول عمر بن سعد عكس ما في الطريق الثانية فلعلهما قصتان والا فما في الطريق الأولى اصح لأنها توافق رواية مسلم والله اعلم (1) أي لم يقطع فيه فكأنه يقول لا أكون رأسا في الفتنة إلا إذا أعطيب سيفا يميز بين المؤمن والكافر فلا يقطع في المؤمن ويتباعد عنه ويدنو من الكافر فيقتله وهذا لم يسبق له نظير فلا أكون رأسا في الفتنة (تخريجه) اخرج الطريق الأولى مسلم ولم أقف على من أخرج الطريق الثانية وسنده جيد والأولى أصح (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام ابن عقبة قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة فذكر أحاديث منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الغنى الخ (غريبه) (3) بفتح المهملة والراء أي متاع الدنيا من الأموال ونحوها وان كثيرا ممن وسع الله عليه وانتفع بما اوتى بل هو متجرد في الزيادة ولا يبالي من أين يأتيه فكأنه فقير لشدة حرصه فالحريص فقير دائما (ولكن الغنى) المحمود المعتبر عند أهل الكمال (غنى النفس) أي استغناؤها بما قسم لها وقناعتها ورضاها بغير الحاح في طلب ولا الحاف في سؤال (تخريجه) (ق مذ جه) (4) (سنده) حدثنا كثير ثنا جعفر قال سمعت يزيد بن الاصم يقول قال ابو هريرة حديث لا احسبه إلا رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس والله ما اخشى عليكم الفقر الخ (غريبه) (5) معناه ليس خوفي عليكم من الفقرولكن خوفي من الغنى الذي هو مطلوبكم (قال العلماء) أشار بهذا إلى أن مضرة الفقر دون مضرة الغنى لأن ضرر الفقر دنيوي وضرر الغنى ديني وذلك أن معظم الأغنياء مشغلهم مالهم عن الله عز وجل وعن تذكر الموت والآخرة وكثير منهم لا يؤدي زكاة ماله ولا يعطف على الفقراء والمساكين فالغنى وبال عليه (6) جاء في هذه الرواية بلفظ (وما أخشى عليكم الخطأ) يعني في الأمور المحظورة (ولكن اخشى عليكم العمد) أي تعمد فعل المحظور والمنهي عنه شرعا والعمد بوجب العقاب (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (ق مذ جه) وأخرج الطريق الثانية (ك هق) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال المنذري والهيثمي ورجاله رجال الصحيح (باب) (7) (سنده) حدثنا وكيع

قال قلت يا رسول الله أي الناس أشد بلاء؟ قال الأنبياء ثم الصالحون ثم الأمثل فالأمثل (1) يبتلى الرجل على حسب دينه فإن كان في دينه صلابة (2) زيد في بلائه وان كان في دينه رقة (3) خفف عنه وما يزال البلاء بالعبد حتى يمشي على ظهر الأرض ليس عليه خطيئة (عن أبي هريرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في جسده وفي ماله وفي والده حتى يلقى الله وما عليه خطيئة (وعنه أيضا) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن مثل الزرع (6) لا تزال الريح تميله ولا يزال المؤمن يصيبه البلاء ومثل المنافق كشجرة الأرز (7) لا تهتز حتى تحصد (وعنه من طريق ثان) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثل المؤمن مثل خامة (9) الزرع من حيث انتهي الريح كفتها (10) فاذا سكنت اعتدلت وكذلك مثل المؤمن يتكفأ بالبلاء (11) ومثل الكافر كمثل الأرزة جاء معتدلة يقصمها الله إذا شاء (وعنه أيضا) (12) عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من يرد الله به خيرا يصب (13) منه

_ حدثنا سفيان عن عاصم بن أبي النجود عن مصعب بن سعد عن أبيه (يعني سعد بن أبي وقاص) قال قلت الخ (غريبه) (1) أي الاشرف فالأشرف والأعلى فالأعلى في الرتبة والمنزلة يقال هذا امثل من هذا أي أفضل وأدنى إلى الخير (نه) (2) أي قوة (3) أي ضعف (تخريجه) (نس جه حب مي ك) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (4) (سنده) حدثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمرو ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (حب ك هق) وأبو نعيم في الحلية وصححه الترمذي والحاكم واقره الذهبي (5) (سنده) حدثنا عبد الأعلى ثنا معمر عن الأزهري عن سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن الخ (غريبه) (6) أي كالحنطة ونحوها من النبات اللين الذي لم يشتد بعد (لا تزال الريح تميله) أي تحركه يمنه ويسره ومعناه أن المؤمن لا يخلو من بلاء يصيبه فهو يميله تارة كذا وتارة كذا فهو كثير الآلام في بدنه وماله فيعرض ويصاب غالبا ويخلو من ذلك أحيانا ليكفر عنه سيئاته ويفعل الله ذلك بالمؤمن ليصرفه إليه في كل حال فكلما سكنت نفسه إلى شيء أمالها عنه ليدعوه بلسانه وجنانه لأنه يحب صوته (7) بفتح الهمزة وسكون الراء شجر معروف بالشام وهي شجر الصنوبر والصنوبر ثمرتها لا تهتز حتى تحصد بمنجل الموت فشبه بها المنافق لقساوة قلبه وعدم ميله إلى الايمان فنفسه كالخشب المسندة لا تميل لشيء وقلبه كالحجر بل أشد ليس فيه رطوبة الايمان ولا تعتريه الأمراض والمصائب في الغالب ليجئ بسيئاته كاملة يوم القيامة نعوذ بالله من ذلك (8) (ستنده) حدثنا عبد الملك بن عمرو وسريج المعنى قالا ثنا فليح عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال الخ (9) هي الطاقة الغضة اللينة من الزرع وقيل مالها ساق واحد (10) أي امالتها يمنة ويسرة (11) اي يصاب به تارة في بدنه وتارة في أهله وتارة في ماله لتكفير ذنوبه ورفع درجاته والكافر قليلها وان حل به شيء لم يكفر بل يأتي بها تامة يوم القيامة وفي أحاديث هذا الباب اشارة إلى انه ينبغي للمؤمن أن يرى نفسه في الدنيا عارية معزولة عن استيفاء اللذات والشهوات معروضة للحوادث والمصيبات مخلوقة للآخرة لأنها جنته ودار خلوده وثباته والله أعلم (تخريجه) (ق وغيرهما) (12) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن مالك عن محمد بن عبد الله ابن أبي صعصعة عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة الخ (غريبه) (13) بكسر الصاد عند الأكثر والفاعل الله

(عن أبي سعيد الخدري) (1) قال وضع رجل يده على النبي صلى الله عليه وسلم فقال والله ما أطيق أن أضع يدي عليك من شدة حماك فقال النبي صلى الله عليه وسلم إنا معشر الأنبياء يضاعف لنا البلاء كما يضاعف لنا الأجر إن كان النبي صلى الله عليه وسلم من الأنبياء يبتلى بالقمل حتى يقتله وإن كان النبي من الأنبياء ليبتلى بالفقر حتى يأخذ العباءة فيجوبها (2) وان كانوا ليفرحون بالبلاء كما تفرحون بالرخاء (عن أنس بن مالك) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أوذيت في الله تعالى (4) وما يؤذى أحد واخفت في الله وما يخاف أحد (5) ولقد اتت على ثلاثة (وفي رواية ثلاثون) من بين يوم وليلة (6) ومالي ولعيالي طعام يأكله ذو كبد الا ما يوارى ابط (7) بلال (عن أبي عبيدة) (8) بن حذيفة عن عمته فاطمة انها قالت اتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم نعوده في نساء فإذا سقاه معلق نحوه يقطر ماؤه عليه من شدة ما يجد من حر الحمى قلنا يا رسول الله لو دعوت الله فشفاك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أشد الناس بلاء الأنبياء ثم الذين يلونهم (9) ثم الذين يلونهم

_ عز وجل وروي بفتحها واستحسنه ابن الجزري ورجحه الطيبي قال القاضي عياض أي يوصل إليه المصائب ليطهره من الذنوب ويرفع درجته (تخريجه) (خ للـ نس) (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن زيد بن اسلم عن رجل عن أبي سعيد الخ (غريبه) (2) قال المناوي في شرح الجامع الصغير بجيم وواو فموحدة أي يخرقها ويقطعها وكل شيء قطع وسطه فهو مجوب اهـ زاد عند الحاكم فيلبسها وفي النهاية اجتبت القميص والظلام أي دخلت فيهما وكل شيء قطع وسطه فهو مجوب ومجوب وبه سمي جيب القميص اهـ وجاء في الأصل (حتى يأخذ العباءة فيخونها) بالخاء المعجمة والنون وهو تحريف مطبعي أو من الناسخ وصوابه كما اثبتناه هنا وهو الذي في الجامع الصغير وشرحه (تخريجه) (جه ك) وصححه الحاكم واقره الذهبي قال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده صحيح ورجاله ثقات (3) (سنده) حدثنا وكيع ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (4) أي في اظهار دينه واعلاء كلمته (وما يؤذي) بالبناء للمفعول (احد) أي من الناس في ذلك الزمان بل كنت المخصوص بالايذاء لنهيى إياهم عن عبادة الأوثان وأمري لهم بعبادة الرحمن (وأخفت) ماضي مجهول من الاخافة (في الله) أي هددت وتوعدت بالتعذيب والقتل بسبب اظهار الدعاء إلى الله تعالى واظهار دين الاسلام (5) حال أي خوفت في الله وجدى وكنت وحيدا في ابتداء اظهاري للدين فإذا أتى الكفار بالتهديد والوعيد الشديد فكنت المخصوص بينهم بذلك في ذلك الزمان ولم يكن معي أحد يساعدني في تحمل أذيتهم (6) تأكيد لشمول أي ثلاثون يوما وليلة متواترات لا ينقص منها في الزمان (7) أي يستره والمعنى ما كان لنا من الطعام إلا شيء قليل بقدر ما يأخذه بلال تحت ابطه (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذي حسن صحيح (8) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن حصين عن أبي عبيدة بن حذيفة عن عمته فاطمة الخ (غريبه) (9) أي في الرتبة والمنزلة وقوة الدين وهكذا (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للطبراني في الكبير ورمز له بعلامة الحسن وأورده أيضا الهيثمي وقال رواه (حم) والطبراني في الكبير بنحوه وقال فيه انا معاشر الأنبياء يضاعف علينا البلاء وإسناد أحمد حسن

(عن صهيب) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبت من أمر المؤمن إن أمر المؤمن كله له خير وليس ذلك لأحد إلا للمؤمن إن اصابته سراء فشكر كان ذلك له خير وإن اصابته ضراء فصبر كان ذلك له خيرا (عن عمر بن سعد بن ابي وقاص عن أبيه) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبت من قضاء الله عز وجل للمؤمن إن اصابه خير حمد ربه وشكره وان اصابته مصيبة حمد ربه وصبر المؤمن يؤجر في كل شيء حتى اللقمة يرفعها إلى في امرأته (عن عبد الرحمن بن شيبه) (3) أن عائشة رضي الله عنها أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طرقه فجعل يشتكي ويتقلب على فراشه فقالت عائشة لو صنع هذا بعضنا لوجدت عليه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن الصالحين يشدد عليهم وإنه لا يصيب مؤمنا نكبة من شوكة فما فوق ذلك إلا حطت به عنه خطيئة ورفع بها درجة (عن محمود بن لبيد) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل إذا أحب قوما ابتلاهم فمن صبر فله الصبر ومن جزع فله الجزع (عن عبد الله بن مغفل) (5) أن رجلا لقي امرأة كانت بغيا (6) في الجاهلية فجعل يلاعبها حتى بسط يده إليها فقالت المرأة مه (7) إن الله عز وجل قد ذهب بالشرك وقال عفان مرة ذهب بالجاهلية (8) وجاءنا بالإسلام فولى الرجل فأصاب وجهه الحائظ فشجه ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال أنت عبد أراد الله بك خيرا إذا أراد الله عز وجل بعبد خيرا عجل له عقوبة ذنبه وإذا أراد بعبد شرا أمسك عليه بذنبه حتى يوفى (9) به يوم القيامة كأنه عير (10) (عن عائشة رضي الله عنها) (11) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كثرت

_ (1) (سنده) حدثنا بهز وحجاج قالا ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب (يعني ابن سنان) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م حب مى) (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انبأنا معمر عن أبي اسحاق عن الميزار بن حريث عن عمر بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد بأسانيد ورجالها كلها رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه ايضا (هب طل) (3) (سنده) حدثنا هشام بن سعيد انا معاوية يعني ابن سلام قال سمعت يحيى بن أبي كثير قال اخبرني أبو قلابة ان عبد الرحمن بن شيبة اخبره ان عائشة الخ (تخريجه) (حب ك هب) وصححه الحاكم واقره الذهبي (4) (سنده) حدثنا أبو سعيد ثنا سليمان عن عمر وابي عمرو عن عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد الخ (تخريجه) أورده الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد ورواته ثقات ومحمود بن لبيد رأى النبي صلى الله عليه وسلم واختلف في سماعه منه (5) (سنده) حدثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن يونس عن الحسن عن عبد الله بن مغفل الخ (غريبه) (6) أي من المومسات في الجاهلية ثم أسلمت وحسن اسلامها (7) اسم فعل بمعنى اكفف (8) عفان أحد رجال السند روى الحديث مرتين مرة قال قد ذهب بالشرك ومرة قال ذهب بالجاهلية بدل الشرك (9) معناه لا يجازيه بذنبه حتى يجيئ في الآخرة مستوفي الذنوب وافيها فيستوفي حقه من العذاب (10) بفتح العين المهملة وسكون الياء التحتية قال في النهاية العير الحمار الوحشي وقيل أراد الجبل الذي بالمدينة اسمه عير شبه عظم ذنوبه به (تخريجه) (طب ك هب) وصححه الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي (11) (سنده) حدثنا حسن

ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها من العمل ابتلاه الله عز وجل بالحزن (1) ليكفرها عنه (باب الترغيب في الصبر على المكاره مطلقا وفضل ذلك) (عن أبي هريرة وأبي سعيد الخدري) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما يصيب المؤمن من وصب (3) ولا نصب ولا هم ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها إلا كفر الله من خطاياه (عن أبي هريرة أيضا) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مؤمن يشاك بشوكة في الدنيا يحتسبها الا قصر بها (5) من خطاياه يوم القيامة (عن أبي سعيد الخدري) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان المؤمن لا يصيبه وصب ولا نصب ولا حزن ولا سقم ولا أذى حتى الهم يهمه إلا يكفر الله عنه من سيئاته (عن أبي موسى) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أحد أصبر (8) على أذى يسمعه من الله عز وجل إنه يشرك به ويجعل له الولد وهو يعافيهم ويدفع عنهم ويرزقهم (عن خباب) (9) قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل الكعبة متوسدا بردة له فقلنا

_ ابن علي عن زائدة عن ليث عن مجاهد عن عائشة الخ (غريبه) (1) أي بمصيبة توجب له الحزن (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام أحمد فقط ورمز له بعلامة الحسن وقال المناوى شارحه قال المنذري رواته ثقات الا الليث بن أبي سليم وقال العراقي فيه ليث بن أبي سليم مختلف فيه وقال الهيثمي فيه ليث وهو مدلس وبقية رجاله ثقات والله أعلم (باب) (2) (سنده) حدثنا عبد الرحمن ثنا زهير يعني ابن محمد عن محمد بن عمر بن حلحل عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة وأبي سعيد الخ (غريبه) (3) الوصب المرض والنصب التعب (تخريجه) (ق وغيرهما) (4) (سنده) حدثنا علي بن اسحاق قال انا عبيد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن موهوب قال حدثني عمي عبيد الله بن عبد الله بن موهوب قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) جاء عند مسلم بلفظ (الا قص الله بها من خطيئته) قال النووي هكذا هو في معظم النسخ وفي بعضها نقص وكلاهما صحيح متقارب المعنى اهـ (أقول) وكذلك قصر فإنها بمعنى قص والله أعلم (تخريجه) (م) بمعناه مطولا من طريق أخرى وفي اسناده عند الامام احمد عبيد الله بن عبد الله بن موهوب فيه كلام ووثقه بن حبان وله شاهد عند مسلم من حديث عائشة (6) (سنده) حدثنا اسماعيل بن ابراهيم انا محمد بن اسحاق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه ابن أبي الدنيا والترمذي وقال حديث حسن (7) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن سعيد بن جبير عن أبي عبد الرحمن السلمي عن أبي موسى (يعني الأشعري) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) الصبر معناه حبس النفس عما تشتهيه وهو في حق الله تعالى حبس العقوبة عن مستحقها إلى وقت (والأذى) معناه المكروه المؤلم ظاهرا كان أو باطنا وهو في حق الله عز وجل ما يخالف رضاه وأمره (تخريجه) (ق وغيرهما) (9) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد الله ثنا اسماعيل عن قيس عن خباب الخ (قلت) خباب بفتح أوله وتشديد الموحدة هو ابن الأرت بفتح الهمزة والراء وتشديد التاء الفوقية من السابقين إلى الاسلام وكان مملوكا وله مناقب

يا رسول الله أدع الله تبارك وتعالى لنا واستنصره (1) قال فاحمر لونه أو تغير (2) فقال لقد كان من كان قبلكم (3) يحفر له حفرة ويجاء بالمنشار (4) فيوضع على رأسه فيشق (5) ما يصرفه عن دينه ويمشط بأمشاط (6) الحديد ما دون عظم (7) من لحم أو عصب ما يصرفه عن دينه وليتمن (8) الله تبارك وتعالى هذا الأمر (9) حتى يسير الراكب ما بين صنعاء (10) إلى حضرموت لا يخشى إلا الله تعالى والذئب على غنمه (11) ولكنكم تعجلون (عن عائشة كانت تقول) (12) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مصيبة يصاب بها المسلم إلا كفربها عنه (13) حتى الشوكة يشاكها (وعنها من طريق ثان) (14) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم يشاك بشوكة فما فوقها إلا حطت من خطيئة (وعنها من طريق ثالث) (15) مثله وفيه إلا كتب له بها درجة وكفر عنه بها خطيئة (باب الترغيب في الصبر على المرض مطلقا في أي عضو وكان من الانسان وفضله) (عن عبد الله) (16) قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يوعك فمسسته فقلت يا رسول الله انك لتوعك (17) وعكا شديدا قال أجل اني أوعك كما يوعك رجلان منكم قلت ان لك اجرين؟ قال نعم والذي نفسي بيدهما على الأرض مسلم يصيبه أذى من

_ سيأتي ذكرها في بابها من كتاب مناقب الصحابة (غريبه) (1) أي اطلب لنا من الله عز وجل النصر على الكفار وانما طلب ذلك خباب من النبي صلى الله عليه وسلم حينما اشتد إيذاء الكفار بالصحابة وقد جاء عند البخاري ان خبابا قال لقد لقينا من المشركين شدة فقلت ألا تدعو الله (2) يعني من الغضب (3) يعني من الأنبياء وأممهم (4) بكسر الميم (5) اي فيشق رأسه بالمنشار (6) بضم التحتية وسكون الميم وفتح المعجمة مبنيا للمفعول (بأمشاط الحديد) جمع مشط بضم الميم (7) جاء عند البخاري (ما دون عظامه من لحم أو عصب) وفي رواية أخرى للبخاري (ما دون لحمه من عظم أو عصب) أي ما تحته أو عنده (8) بضم التحتية وكسر الفوقية من الاتمام والاكمال واللام للتوكيد (9) أي ليكملن الله أمر الاسلام (10) بوزن زهراء قاعدة اليمن إذ ذاك ومدينته العظمى (إلى حضرموت) بفتح الحاء المهملة وسكون الضاد المعجمة وفتح الراء والميم وسكون الواو بعدها فوقية بلدة باليمن أيضا بينها وبين صنعاء مسافة بعيدة قيل أكثر من أربعة أيام أو المراد صنعاء الشام فيكون أبلغ في البعد والمراد يعني الخوف من الكفار على المسلمين كما قال (لا يخشى إلا الله والذئب على غنمه) (11) بنصب الذئب عطفا على المستثنى منه لا المستثنى قاله في الكواكب (تخريجه) (خ د نس) (12) (سنده) حدثنا ابراهيم بن أبي الياس قال ثنا أبو أويس قال قال الزهري حدثني عروة عن عائشة كاننت تقول الخ (غريبه) (13) يعني من سيئاته (سنده) حدثنا سفيان عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (15) (سنده) حدثنا حسين ثنا شيبان عن منصور عن ابراهيم عن الاسود عن عائشة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من مؤمن يشاك بشوكة فما فوقها إلا كتب له الخ (تخريجه) أخرجه مسلم بجميع طرقه باب (16) (سنده) حدثنا ابو معاوية حدثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن الحارث ابن سويد عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (17) الوعك

مرض فما سواه الا حط الله عنه به خطاياه كما تحط الشجر ورقها (عن خالد بن عبد الله) (ز) (1) من جده أسد بن كرز سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول المريض تحات (2) خطاياه كما يحات ورق الشجر (3) (عن معاوية) (4) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من شيء يصيب المؤمن في جسده يؤذيه (5) الا كفر الله به من سيئاته (عن أبي الأشعث الصنعاني) (6) أنه راح إلى مسجد دمشق وهجر (7) بالرواح فلقى شداد بن أوس رضي الله عنه والصنابحى معه فقلت أين تريدان يرحكما الله؟ قالا نريد هاهنا إلى أخ لنا مريض نعوده فانطلقت معهما حتى دخلا على ذلك الرجل فقالا له كيف اصبحت؟ قال اصبحت بنعمة فقال له شداد أبشر بكفارات السيئات وحط الخطايا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل يقول إذا ابتليت عبدا من عبادي مؤمنا فحمدني على ما ابتليته (8) فإنه يقوم من مضجعه كيوم ولدته أمه من الخطايا (9) ويقول الرب عز وجل أنا قيدت عبدي وابتليته (10) وأجروا له كما كنتم تجرون له وهو صحيح (11) (عن عائشة) (12) رضي الله عنها قالت ما رأيت الوجع على أحد أشد منه على

_ مرض الحمى (تخريجه) (ق وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا عقبة بن مكرم العجمي قال ثنا مسلم ابن قتيبة عن يونس بن أبي اسحاق عن اسماعيل بن أوسط عن خالد بن عبد الله عن جده أسد ابن كرز الخ (غريبه) (2) أصله تتجأت بتاءين حذفت إحداهما تخفيفا أي تسقط (خطاياه) أي ذنوبه عنه (3) أي من هبوب الريح فإن مات من مرضه ذلك مات وقد خلصت سبيكة إيمانه من الخبث فلقى الله طاهرا مطهرا صالحا لجواره بدار كرامته (تخريجه) (هب عل) والضياء المقدسي والبغوى وهو من زوائد عبد الله بن الامام احمد على مسند أبيه وأورد الهيثمي وقال اسناده حسن وكذا حسنه الحافظ السيوطي لكن قال الحافظ في الاصابة فيه انقطاع بين خالد وأسد والله أعلم وأورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه عبد الله بن احمد في زوائده وابن ابي الدنيا باسناد حسن (4) (سنده) حدثنا يعلي بن عبيد قال ثنا طلحة يعني ابن يحيى عن أبي بردة عن معاوية (يعني ابن ابي سفيان) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) أي فصبر واحتسب كما في رواية (تخريجه) (ك طب) وابن أبي الدنيا وصححه الحاكم على شرطهما وأقره الذهبي وقال الهيثمي رجال أحمد رجال الصحيح (6) (سنده) حدثنا هيثم بن خارجة ثنا اسماعيل بن عياش عن راشد بن داود الصنعاني عن أبي الأشعث الصنعاني الخ (غريبه) (7) بفتح الهاء وتشديد الجيم التهجير التبكير إلى كل شيء والمبادرة إليه (8) أي وصبر ولم يضجر (9) معناه أنه يقوم من مرضه وقد محيت ذنوبه (10) أي منعته بسبب المرض عما كان يعمله وهو صحيح من أعمال الخير وهذا القول للحفظة (11) أي اكتبوا له ثواب العامل في المدة التي حبسته فيها عن العمل وقد جاء معنى ذلك في حديث عبد الله بن عمرو عند الحاكم وغيره وصححه الحاكم وأقره الذهبي قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يصاب ببلاء في جسده إلا أمر الله الحفظة الذين يحفظونه ان اكتبوا لعبدي في كل يوم وليلة من الخير على ما كان يعمل مادام محبوسا في وثاقي (تخريجه) (طب طس) وأورده المنذري وقال رواه أحمد من طريق اسماعيل بن عياش عن راشد الصنعاني والطبراني في الكبير والأوسط وله شواهد كثيرة اهـ (12) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان عن أبي وائل عن

رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن محمد بن خالد عن أبيه عن جده) (1) وكان لجده صحبة أنه خرج زائرا لرجل من أخوانه (2) فبلغه بشكائه قال فدخل عليه فقال أتيتك زائرا عائدا (3) ومبشرا قال كيف جمعت هذا كله؟ قال خرجت وأنا أريد زيارتك فبلغني شكاتك فكانت عيادة وابشرك بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سبقت للعبد من الله منزلة لم يبلغها بعمله (4) ابتلاه الله في جسده أو في ماله أو في ولده ثم صبره (5) حتى يبلغه المنزلة التي سبقت له منه (6) (حدثنا يحيى) (7) عن سعد بن اسحاق (8) قال حدثتني زينب ابنة كعب بن عجرة عن أبي سعيد الخدري قال قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت هذه الأمراض التي تصيبنا ما لنا (9) بها قال كفارات قال أبي (10) وان قلت؟ قال وان شوكة فما فوقها قال فدعا أبي على نفسه أن لا يفارقه الوعك (11) حتى يموت في أن لا يشغله عن حج ولا عمرة ولا جهاد في سبيل الله ولا صلاة مكتوبة في جماعة فما مسه إنسان إلا وجد حره حتى مات أبواب الترغيب في الصبر على أمراض معينة (باب الترغيب في الصبر على مرض الحمى والصداع) (عن أبي بن كعب) (12) أنه دخل

_ مسروق عن عائشة الخ (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح اهـ (قلت) رواه بن سعد في طبقاته فقال أخبرنا قبيصة بن عقبة قال حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبي وائل عن مسروق عن عائشه فذكره ورجاله عند الجميع من رجال الصحيح (1) (سنده) حدثنا حسين بن محمد ثنا أبو المليح عن محمد بن خالد عن أبيه عن جده الخ (غريبه) (2) أي يريد زيارته ولم يعلم بشكاته أي مرضه (3) أي لأنه في الأصل كان يقصد الزيارة فلما بلغه مرضه قصد عيادته أيضا (4) معناه إذا منحه الله في الأزل مرتبة متعالية في الآخرة لم ينلها بعمله لقصوره عن ابلاغه إياها لضعفه وقلته وسموها ورفعتها (5) بتشديد الموحدة (6) أي بسبب الصبر وعدم الضجر وفي هذا الحديث الاعلام بفضل الباء وانه مظنة لرفع درجات العبد وان قل (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للبخاري في التاريخ وأبي داود في رواية ابن داسة وابن سعد وأبي يعلي ورمز له بعلامة الحسن وقال الحافظ في الفتح رواه أحمد وأبو داود ورجاله ثقات الا أن خالدا لم يرو عنه غير ابنه محمد وأبوه اختلف في اسمه لكن ابهام الصحابة لا يضر هكذا في الفتح وقضيته تصحيح الحديث والله أعلم (7) (حدثنا يحيى) الخ (غريبه) (8) اسحاق هو ابن كعب بن عجرة وزينب بنت كعب عمة سعد بن اسحاق وزوجة أبي سعيد الخدري (9) يعني ما فائدتها لنا؟ قال كفارات يعني تكفر الذنوب (10) بضم الهمزة وفتح الموحدة وتشديد التحتية هو أبي بن كعب الأنصاري أبو المنذر سيدا القراء من السابقين إلى الإسلام وكان من أصحاب العقبة الثانية وشهد بدرا والمشاهد (وقوله وإن قلت) بضم القاف وتشديد اللام مفتوحة يعني وإن كانت قليلة (11) بسكون العين المهملة يعني الحمى (تخريجه) أورده الحافظ في الاصابة وقال رواه أحمد وأبو يعلي وابن أبي الدنيا وصححه ابن حبان ورواه الطبراني من حديث أبي بن كعب بمعناه واسناده حسن (باب) (12) (سنده) حدثنا سفيان بن عيينة عن اسماعيل بن أمية عمن حدثه عن أم ولد

رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال متى عهدك بأم ملدم (1) وهو حر بين الجلد واللحم؟ قال ان ذلك لوجع ما أصابني قط قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن مثل الخامة (2) تحمر مرة وتصفر أخرى (3) (عن سهل بن معاذ عن أبيه) (4) عن ابي الدرداء أنه أتاه عائدا (5) فقال أبو الدرداء لأبي بعد أن سلم عليه بالصحة لا بالوجع ثلاث مرات يقول ذلك (6) ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما يزال المرء المسلم به المليلة (7) والصداع وأن عليه من الخطايا لأعظم من أحد (8) حتى يتركه وما عليه من الخطايا مثقال حبة من خردل (9) (عن أبي أمامة) (10) عن النبي صلى الله عليه وسلم

_ أبي بن كعب عن أبي بن كعب الخ (غريبه) (1) هي كنية الحمى والميم الأولى مكسورة زائدة والدمت عليه الحمى أي دامت وبعضهم يقولها بالذال المعجمة (نه) (2) هي الطاقة الغضة اللينة من النبات التي لم تشتد بعد وقيل ما لها ساق واحد وانها منقلبة عن واو (3) معناه أنه ليس على حالة واحدة بل تعتريه الأمراض فتارة يكون صحيحا وتارة يكون مريضا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفي اسناده رجل لم يسم (4) (سنده) حدثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل بن معاذ عن أبيه (يعني معاذ بن أنس الجهنى) عن أبي الدرداء الخ (وله طريق أخرى) عند الامام أحمد أيضا قال حدثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة حدثني يزيد بن أبي حبيب عن معاذ بن سهل بن أنس الجهني عن أبيه عن جده أنه دخل على أبي الدرداء فقال بالصحة لا بالمرض فقال أبو الدرداء سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الصداع والمليلة لا تزال بالمؤمن وان ذنبه مثل أحد فما تدعه وعليه من ذلك مثقال حبة من خردل اهـ (قلت) جاء في هذه الرواية (عن معاذ بن سهل بن أنس الجهني عن أبيه عن جده) وهو خطأ من الناسخ أو الطابع وصوابه عن سهل بن معاذ بن أنس الجهني عن أبيه لا عن جده كما جاء في الطريق الأولى (غريبه) (5) يعني أن معاذ بن أنس اتى أبا الدرداء يعوده لمرض ألم به (6) صريح هذه الرواية أن القائل بالصحة لا بالوجع هو أبو الدرداء لكن ظاهر الرواية الثانية أن القائل ذلك هو معاذ ابن أنس ويمكن الجمع بينهما بأن القائل ذلك أولا هو معاذ بن أنس ثم رد عليه أبو الدرداء بقوله ذلك ثلاث مرات (7) المليلة حرارة الحمى ووهجها وقيل هي الحمى التي تكون في العظام (نه) (والصداع) بضم الصاد المهملة وجع بعض أعضاء الرأس أو كله فما منه في أحد شقي الرأس لازما سمي شقيقة أو شامل لكلها لازما سمي بيضة وخوذة وأنواعه كثيرة وأسبابه مختلفة وحقيقة الصداع سخونة الرأس واحتقان البخار فيها وهو مرض الأنبياء عليهم الصلاة والسلام كان أكثر مرض النبي صلى الله عليه وسلم منه (8) بضم الهمزة والحاء المهملة الجبل المعروف بالمدينة (9) معناه أن الله عز وجل يكفر عنه جميع ذنوبه وخص الخردل بالذكر لكمال المبالغة إذ هو أصغر الحبوب قدرا (تخريجه) (طب) وابن ابي الدينا قال المنذري فيه ابن لهيعة وسهل بن معاذ اهـ وقال الهيثمي فيه ابن لهيعة وهو ضعيف اهـ (قلت) ذكرنا غير مرة ان ابن لهيعة إذا قال حدثنا فحديثه حسن وقد قال حدثنا في هذين الطريقين وأما سهل بن معاذ فقد قال الحافظ في التقريب لا بأس به إلا في روايات زبان عنه ولم يذكر زبان في الطريق الثانية وله شاهد من حديث أبي هريرة عند أبي يعلى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تزال المليلة والصداع بالعبد والأمة وان عليهما من الخطايا مثل أحد فما تدعهما وعليهما مثقال خردلة أورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أبو يعلي ورواته ثقات (عن أبي أمامة) (10) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء

قال الحمى من كير جهنم فما أصاب المؤمن منها كان حظه من النار (عن أبي صالح الأشعري) (1) عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عاد مريضا ومعه أبو هريرة من وعك (أي حمى) كان به فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ابشر أن الله عز وجل يقول ناري أسلطها على عبدي المؤمن في الدنيا لتكون حظه من النار في الآخرة (عن جابر بن عبد الله) (2) قال استأذنت الحمى على النبي صلى الله عليه وسلم فقال من هذه؟ فقالت أم ملدم قال فأمر بها إلى أهل قباء فلقوا منها ما يعلم الله فأتوه فشكوا ذلك إليه فقال ما شئتم إن شئتم أن ادعو الله لكم فيكشفها عنكم وان شئتم ان تكون لكم طهورا قالوا يا رسول الله أو تفعل؟ قال نعم قالوا فدعها (باب الترغيب في الصبر على مرض الصرع وثواب ذلك) (عن أبي هريرة) (3) قال جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بها لمم (4) فقالت يا رسول الله ادع الله أن يشفيني قال إن شئت دعوت الله أن يشفيك وان شئت فاصبري ولا حساب عليك؟ قالت بل أصبر ولا حساب علي (عن عطاء بن أبي رباح) (5) قال قال لي ابن عباس ألا أريك امرأة من أهل الجنة؟ قال قلت بلى قال هذه السوداء أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت إني أصرع واتكشف فادع الله لي قال إن شئت صبرت ولك الجنة وان شئت دعوت الله لك ان يعافيك قالت بل اصبر فادع الله أن لا انكشف أو لا ينكشف عني قال فدعا لها (باب الترغيب في الصبر على فقد للعينين وثواب ذلك) (عن زيد بن أرقم) (6) قال أصابني رمد فعادني النبي صلى الله عليه وسمل قال فلما برأت خرجت قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرأيت لو كانت عيناك لما بهما (7) ما كنت صانعا؟ قال قلت لو كانتا عيناي لما بهما صبرت واحتسبت قال لو كانت عيناك لما بهما ثم صبرت واحتسبت للقيت الله عز وجل ولا ذنب لك قال اسماعيل (8) ثم صبرت واحتسبت

_ في الحمى وعلاجها في الجزء السابع عشر صحيفة 160 رقم 61 (1) (سنده) حدثنا أبو أسامة قال أخبرني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن اسماعيل بن عبيد الله عن أبي صالح الأشعري الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغيرالامام احمد ويؤيده حديث أبي أمامة المتقدم وله شاهد أيضا من حديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (الحمى حظ كل مؤمن من النار) أورده الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه البزار باسناد حسن (2) (عن جابر بن عبد الله الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الحمى وعلاجها في الجزء السابع عشر صحيفة 159 رقم 59 وأورده الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد ورواته رواة الصحيح وأبو يعلي وابن حبان في صحيحه (باب) (3) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد قال ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) اللمم طرف من الجنون يلم بالإنسان أي يقرب منه ويعتريه (نه) (تخريجه) (ق وغيرهما) (5) (سنده) حدثنا يحيى عن عمران أبي بكر قال حدثنا عطا بن أبي رباح الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) باب (6) (سنده) حدثنا حجاج عن يونس بن أبي اسحاق واسماعيل بن عمر قال ثنا يونس بن ابي اسحاق عن أبي اسحاق عن زيد بن ارقم الخ (غريبه) (7) أي اصيبتا بسوء كفقد إبصارهما (8) هو ابن عمر أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث قال في روايته الا أوجب الله تعالى

إلا أوجب الله تعالى لك الجنة (عن أنس بن مالك) (1) قال دخلت مع النبي صلى الله عليه وسلم تعود زيد ابن أرقم وهو يشتكي عينيه فقال له يا زيد لو كان بصرك لما به فذكر مثله (عن أنس بن مالك) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال ربكم عز وجل من اذهبت كريمتيه (3) ثم صبر واحتسب (4) كان ثوابه الجنة (5) (عن أبي أمامة) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ياابن آدم إذا أخذت كريمتيك فصبرت واحتسبت عند الصدمة الأولى (7) لم أرض لك بثواب دون الجنة (عن عائشة بنت قدامة) (8) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عزيز على الله عز وجل (9) ان يأخذ كريمتي مسلم ثم يدخله النار قال يونس (10) يعني عينيه (عن أبي هريرة) (11) رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول الله عز وجل من أذهبت عينيه فصبر واحتسب لم أرض له بثواب دون الجنة (باب من حبسه المرض عن عمل الخير يكتب له ثواب العامل) (عن عبد الله بن عمرو) (12) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أحد من الناس يصاب ببلاء في جسده إلا أمر الله عز وجل الملائكة الذين يحفظونه

_ لك الجنة يدل قوله للقيت الله عز وجل ولا ذنب لك والله أعلم (تخريجه) (د) وحسنه المنذري (1) (سنده) حدثنا حسين بن محمد ثنا شريك عن جابر عن خيثمة عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه الجعفي (يعني جابرا) وفيه كلام كثير وقد وثقه الثوري وشعبه (2) (سنده) حدثنا عفان ثنا نوج بن قيس ثنا الأشعث بن جابر الحراني عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (3) أي أعميت عينيه الكريمتين عليه وانما سميتا بذلك لأنه لا أكرم عند الانسان في حواسه منهما (4) قال الحافظ المراد انه يصبر مستحضرا ما وعد الله به الصابر من الثواب لا أن يصبر مجردا عن ذلك لأن الأعمال بالنيات وابتلاء الله عبده في الدنيا ليس من سخطه عليه بل اما لدفع مكروه أو لكفارة ذنوب أو لرفع منزلة فإذا تلقى ذلك بالرضا ثم له المراد (5) أي دخولها مع السابقين أو بغير عذاب لأن العمى من أعظم البلايا وهو مقيد بما إذا صبر واحتسب (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه البخاري والترمذي (6) (سنده) حدثنا ابراهيم بن مهدي ثنا اسماعيل بن عياش عن ثابت ابن عجلان عن القاسم عن أبي أمامة الخ (غريبه) (7) أي عند أول المصيبة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث أبي أمامة وسنده جيد ويؤيده ما قبله (8) (سنده) حدثنا ابراهيم ويونس قالا ثنا عبد الرحمن قال وحدثني أبي عن أمه عائشة بنت قدامة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) أي أمر كبير لمن ابتلى به ثواب عظيم عند الله ومن كانت منزلته كذلك عند الله لم يدخله النار (10) أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث فسر كريمتيه بعينيه وتقدم الكلام على ذلك (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد والطبراني من رواية عبد الرحمن بن عثمان الحاطبي اهـ (قلت) يشير إلى ضعفه قال في الميزال ضعفه ابو حاتم الرازي (قلت) قال الهيثمي وذكره ابن حبان في الثقات (11) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا سفيان عن الأعمش عن ذكوان عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (مذ حب) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (باب) (12) (سنده) حدثنا اسحاق بن يوسف الأزرق حدثنا سفيان النوري عن علقمة ابن مرسد عن القاسم يعني

فقال اكتبوا لعبدي كل يوم وليلة ما كان يعمل من خير ما كان في وثاقي (1) (وعنه أيضا) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن العبد إذا كان على طريقه حسنة من العبادة ثم مرض قيل للملك الموكل به اكتب له مثل عمله إذا كان طليقا حتى أطلقه أو أكفته الى (3) (عن عقبة بن عامر) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس من عمل (5) ألا وهو يختم عليه (6) فإذا مرض المؤمن قالت الملائكة يا ربنا عبدك فلان حبسته؟ فيقول الرب عز وجل اختمو له على مثل عمله حتى يبرأ أو يموت (عن أنس بن مالك) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ابتلى الله العبد المسلم ببلاء في جسده قال الله أكتب له صالح عمله الذي كان يعمله فإن شفاه غسله وطهره وإن قبضه غفر له ورحمه (باب عدم قبول من لم يبتل في الدنيا) (عن أبي هريرة) (8) قال مر برسول الله صلى الله عليه وسلم اعرابي اعجبه صحته وجلده قال فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال متى احسست أم ملدم قال؟ قال وأي شيء أم ملدم؟ قال الحمى قال وأي شيء الحمى؟ قال سخنه تكون تكون بين الجلد والعظام قال ما بذلك لي عهد (وفي رواية قال ما وجدت هذا قط) قال فمتى احسست بالصداع؟ قال وأي شيء الصداع؟ قال ضربان يكون في الصدغين والرأس قال مالي بذلك عهد (وفي رواية

_ ابن مخيمرة عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (غريبه) (1) الوثاق بفتح الواو وكسرها هو في الأصل قيد يشد به الأسير والدابة فاستعير لمن منعه المرض عن أداء ما كان يعمل من أعمال الخير (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طب) ورجال احمد رجال الصحيح (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن عاصم بن أبي النجود عن خيثمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) قال المنذري بكاف ثم فاء مثناة فوق معناه اضمه إلي واقبضه اهـ وفي النهاية كل من ضممته إلى شيء فقد كفته (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد واسناده صحيح (4) (سنده) حدثنا علي بن اسحاق قال حدثنا عبد الله أخبرني ابن لهيعة قال حدثني يزيد ان ابا الخير حدثه أنه سمع عقبة بن عامر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) أي من الأعمال الصالحة (6) أي يطبع عليه بطابع معنوي ويستوثق به (تخريجه) (ك طب طس) وصححه الحاكم وتعقبه الذهبي بأن في سنده عند الحاكم رشدين واهـ وأورده الهيثمي وتعقب مسند الامام أحمد والطبراني بأن فيه ابن لهيعة قال وفيه كلام اهـ (قلت) فيه كلام إذا عنعن ولكنه صرح بالتحديث في هذا الحديث فسنده حسن والله أعلم (7) (سنده) حدثنا حسن وعفان قالا حدثنا حماد بن سلمة عن سنان بن ربيعة قال عفان في حديثه قال انا أبو ربيعة قال سمعت أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (هل حم) ورجاله ثقات باب (8) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد قال ثنا أبو معشر عن سعيد عن أبي هريرة الخ (وله طريق أخرى) عند الامام احمد ايضا قال حدثنا محمد بن بشير ثنا محمد بن عمرو ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة فذكر نحوه بمعناه ماعدا بعض ألفاظ مغايرة للفظ حديث الباب في اللفظ لا في المعنى ذكرتها هنا في صلب حديث الباب بين دائرتين (تخريجه) أورده الهيثمي

قال ما وجدت هذا قط) قال فلما قفا أو ولى الأعرابي قال من سره أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إليه (وفي لفظ من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا) (عن أنس ابن مالك) (1) أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ابنة لي كذا وكذا وذكرت من حسنها وجمالها فآثرتك بها فقال قد قبلتها فلم تزل تمدحها حتى ذكرت أنها لم تصدع (2) ولم تشتك شيئا قط قال لا حاجة لي في ابنتك (3) (باب الترغيب في الصبر على موت الأولاد وثواب ذلك) (عن أبي هريرة) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول الله عز وجل ما لعبدي المؤمن عندي جزاء إذا قبضت صفيه (5) من أهل الدنيا ثم احتسبه (6) إلا الجنة (وعنه أيضا) (7) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من مات له ثلاثة (زاد في رواية من الولد) لم يبلغوا الحنث (8) لم تمسه النار الا تحلة القسم (9) يعني الورود (وعنه أيضا) (10) قال جاء نسوة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلن يا رسول الله ما نقدر عليك في مجلسك من الرجال فواعدنا منك يوما نأتيك فيه قال موعدكن بيت فلان وأتاهن في ذلك اليوم ولذلك الموعد قال فكان مما قال لهن يعني ما من امرأة تقدم ثلاثا من الولد تحتسبهن (11) إلا دخلت الجنة فقالت امرأة أو اثنان؟ قال أو اثنان (عن أبي سعيد الخدري) (12) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهن ما منكن امرأة يموت لها ثلاثا من الولد إلا كانوا لها حجابا من النار فقالت امرأة الخ (عن جابر) (13)

_ وقال رواه (حم بز) واسناده حسن (1) (سنده) حدثنا عبد الله بن بكر أبو وهب ثنا سنان بن ربيعة عن الحضرمي عن أنس بن مالك الخ (غريبة) (2) أي لم تصب بمرض الصداع ولا غيره (3) يستفاد من هذا الحديث والذي قبله أن من لم يبتل في الدنيا لم يكن مقبولا عند الله عز وجل وهذا سبب رفض النبي صلى الله عليه وسلم الزواج بابنة المرأة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) ورجاله ثقات (باب) (4) (سنده) حدثنا قتيبة ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن عمرو بن ابي عمرو عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة الخ (غريبه) (5) قال في النهاية صفى الرجل الذي يصافيه الود ويخلصه له فعيل بمعنى فاعل أو مفعول (6) اي صبر على فقده ابتغاء مرضاة الله (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد ورجاله ثقات (7) (سنده) حدثنا عبد الرزاق قال قال معمر أخبرني الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) أي لم يبلغوا مبلغ الرجال ويجرى عليهم القلم فيكتب عليهم الحنث وهو الاثم وقال الجوهري بلغ الغلام الحنث أي المعصية والطاعة (9) فسر في الحديث بالورود يعني قوله تعالى (وان منكم إلا واردها) والورود وهو العبور على الصراط وهو جسر منصوب على ظهر جهنم عافانا الله منها (تخريجه) (ق وغيرهما) (10) (سنده) حدثنا سفيان حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال جاء نسوة الخ (غريبه) (11) أي تحتسب اجرها على الله في الصبر على المصيبة (تخريجه) (ق وغيرهما) (12) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عبد الرحمن بن الاصبهاني عن ذكوان عن أبي سعيد الخدري ان النساء قلن غلبنا عليك الرجال فذكر نحو الحديث المتقدم (تخريجه) (ق وغيرهما) (13) (سنده) حدثنا محمد بن أبي عدي عن محمد بن إسحاق

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مات له ثلاثة من الولد فاحتسبهم دخل الجنة قال قلنا يا رسول الله واثنان قال واثنان قال محمود (1) فقلت لجابر أراكم لو قلتم وواحد لقال وواحد قال وانا والله أظن ذلك (عن عبد الله بن مسعود) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلمين يموت لهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الخنث (3) إلا كانوا له حصنا حصينا من النار (4) فقيل يا رسول الله فان كانا اثنين؟ قال وان كانا اثنين فقال أبو ذر يا رسول الله لم أقدم إلا اثنين؟ قال وإن كانا اثنين قال فقال أبي بن كعب أبو المنذر سيد القراء لم أقدم إلا واحدا قال فقيل له وإن كان واحدا فقال إنما ذاك عند الصدمة الأولى (5) (حدثنا علي بن عبد الله) (6) ثنا حفص بن غياث بن طلق بن معاوية النخعي قال سمعت طلق بن معاوية (7) قال سمعت أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم بصبي لها فقالت يا رسول الله ادع الله له فقد دفنت ثلاثة فقال لقد احتظرت (8) بحظار شديد من النار قال حفص سمعت هذا الحديث من ستين سنة ولم

_ حدثني محمد بن ابراهيم عن محمود بن لبيد عن جابر (يعني ابن عبد الله) الخ (غريبه) (1) يعني ابن لبيد احد الرواة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات (2) (سنده) حدثنا هشيم انبأنا العوام عن محمد بن أبي محمد مولى لعمر بن الخطاب عن أبي عبيدة ابن عبد الله عن عبد الله بن مسعود الخ (وله طريق ثان) بهذا السند إلى قوله مولى لعمر بن الخطاب فقال عن أبيه عن أبي عبيده فذكر معناه (وله طريق ثالث) قال حدثنا محمد ويزيد (يعني ابن هارون) قالا حدثنا العوام قال حدثني ابو محمد مولى عمر بن الخطاب عن أبي عبيدة خالفا هشيما فقالا أبو محمد مولى عمر بن الخطاب اهـ (غريبه) (3) تقدم معنى الحنث في شرح الحديث الثاني من احاديث الباب (4) أي حجابا يحجب من النار (5) معناه أن الصبر الذي يحمد عليه صاحبه ويترتب عليه الثواب ما كان عند مفاجأة المصيبة بخلاف ما بعد ذلك فإنه على طول الأيام يسلو كما يقع لكثير من أهل المصائب (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذي هذا حديث غريب وابو عبيدة لم يسمع من أبيه اهـ فالحديث ضعيف لا نقاطعه وقال الحافظ في تعجيل المنفعة أخرجه الترمذي وابن ماجه وفيه اختلاف على العوام بن حوشب قيل عنه عن محمد بن أبي محمد وقيل عنه عن أبي محمد مولى عمر وقد أخرجه احمد على الوجهين أخرجه عن هشيم عن العوام بالقول الأول (يعني الطريق الأولى التي أثبتها في المتن) قال واخرجه عن يزيد بن هارون ومحمد بن يزيد الواسطي كلاهما عن العوام بالقول الثاني (قلت يعني الطريق الثالثة التي أثبتها الشرح) قال وأخرجه الترمذي وابن ماجه من رواية اسحاق الأزرق عنه كما قال يزيد فرواية ثلاثة أرجح من انفراد واحد وقد قال المزي في ترجمة أبي محمد عن أبي عبيدة في الكنى وقيل محمد بن أبي محمد إشارة إلى رواية أحمد هذه وقد أخرج ابن خزيمة في صحيحه الحديث الذي اخرجوه من طريق محمد بن يزيد فقال عن أبي محمد وبذلك جزم أبو احمد الحاكم في الكنى اهـ (6) (حدثنا علي بن عبد الله الخ) (غريبه) (7) يعني أبا غياث الكوفي تابعي كبير مخضرم وهو جد حفص بن سفيان (8) أراد لقد احتميت بحمى عظيم من النار يفيك حرها ويؤمنك دخولها (نه) (تخريجه) الحديث سنده جيد ولم

أبلغ عشر سنين وسمعت حفصا يذكر هذا الكلام سنة سبع وثمانين ومائة (عن محمد) (1) قال حدثتنا امرأة كانت تأتينا يقال لها ماوية كانت ترزأ (2) في ولدها فأتت عبيد الله بن معمر القرشي ومعه رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فحدث ذلك الرجل أن امرأة اتت النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها فقالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ادع الله تبارك وتعالى أن يبقيه لي فقد مات لي قبله ثلاثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمنذ أسلمت؟ فقالت نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم جنة حصينة (3) قالت ماوية قال لي عبد الله ابن معمر اسمعي يا ماوية (4) قال محمد (يعني محمد بن سيرين) فخرجت من عند ابن معمر فأتتنا فحدثتنا هذا الحديث (عن ابن سرين) (5) عن امرأة يقال لها رجاء قالت كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءته امرأة بابن لها فقالت يا رسول الله ادع لي فيه البركة فإنه قد توفي لي ثلاثة (6) فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أمنذ أسلمت؟ قالت نعم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم جنة حصينة فقال لي رجل اسمعي يا رجاء ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن عتبة بن عبد السلمى) (7) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من رجل مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا تلقوه من أبواب الجنة الثمانية من أيها شاء دخل (عن عمرو بن عبسة السلمى) (8) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيما رجل مسلم قدم لله عز وجل من صلبه ثلاثة لم يبلغوا الحنث أو امرأة فهم

_ أقف عليه لغير الامام أحمد من حديث أبي هريرة وأورده الهيثمي من حديث زهير بن علقمة وعزاه للطبراني في الكبير وقال رجاله رجال الصحيح والبزار وقال رجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا يزيد أنا هشام عن محمد (يعني ابن سيرين) قال حدثتنا امرأة الخ (غريبه) (2) بضم أوله مبني للمفعول أي تصاب بفقد أولادها والرزء المصيبة بفقد الأعزة (3) أي تحفظ من فيها وتحميه من دخول النار ومن كل مكروه يقال تحصن العدو إذا دخل الحصن واحتمى به (4) أي اتعظي بما ذكره الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم واصبري لتنالي هذه الدرجة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح خلا ماوية شيخة ابن سيرين (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا هشام عن ابن سيرين الخ (غريبه) (6) الظاهر أن هذه المرأة هي التي ذكر قصتها الصحابي في الحديث السابق لأن سياق الحديثين متحد ورواية الحديث عن غير واحد من الصحابة تزيده قوة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير إلا أنه سماها رحما ورجاله رجال الصحيح (7) (سنده) حدثنا اسماعيل بن عمر وحسن بن موسى قالا ثنا حريز عن شرحبيل بن شفعة الرجبي قال سمعت عتية بن عبد السلمي صاحب النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من يموت له وقال حسن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما رجل مسلم الخ (قلت) قوله وقال حسن يعني في روايته ان عتبة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (جه) وسنده جيد وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه في اسناده شرحبيل بن شفعة ذكره ابن حبان في الثقات وقال أبو داود شرحبيل وحريز (يعني ابن عثمان) كلهم ثقات قال العلامة السندي وباقي رجال الاسناد على شرط البخاري (8) (عنعمرو بن عبسة السلمي الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وشرحه وتخريجه في باب العشاريا من كتاب جامع للمواعظ والحكم والخ من هذا القسم

له سترة من النار (وعن أم سليم) (1) بنت ملحان وهي أم أنس ابن مالك أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نحوه (عن أبي سنان) (2) قال دفت ابنا لي واني لفي القبر إذ أخذ بيدي أبو طلحة (3) فأخرجني فقال ألا أبشرك؟ قال قلت بلى قال حدثني الضحاك بن عبد الرحمن (4) عن أبي موسى الأشعري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى يا ملك الموت قبضت ولد عبدي؟ (5) قبضت قرة عينه وثمرة فؤاده؟ (6) قال نعم قال فما قال؟ قال حمدك واسترجع (7) قال ابنو له بيتا في الجنة وسموه بيت الحمد (8) (عن ابن حصبة أو أبي حصبة) (9) عن رجل شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال تدرون ما الرقوب؟ (10) قالوا الذي لا ولد له فقال الرقوب كل الرقوب الرقوب كل الرقوب الرقوب كل الرقوب (11) الذي له ولد فمات ولم يقدم منهم شيئا قال أتدرون ما الصعلوك؟ (12) قالوا الذي ليس له مال قال النبيص صلى الله عليه وسلم الصعلوك كل

_ (1) (سنده) حدثنا ابن نمير قال ثنا عثمان يعني ابن حكيم قال حدثني عمرو الأنصاري عن أم سليم بنت ملحان وهي أم أنس بن مالك أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من امرأين مسلمين يموت لهما ثلاثة أولاد لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهم الله الجنة بفضل الله ورحمته اباهم اهـ (قلت) قوله (إلا أدخلهم الله الجنة) أي الأبوين والأولاد بفضل الله ورحمته اباهم أي الأولاد والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي بلفظ إلا أدخلهما الله الجنة بفضله ورحمته قالها ثلاثا قلت يا رسول الله واثنان؟ قال واثنان والظاهر ان هذا اللفظ للطبراني لأنه عزاه للامام أحمد والطبراني في الكبير قال وفيه عمرو بن عاصم الانصاري ولم أجد من وثقه ولا جرحه وبقية رجاله رجال الصحيح (2) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق يعني السالحيني قال انا حماد بن سلمة عن أبي سنان الخ (وله طريق أخرى عند الامام احمد) قال حدثنا علي بن اسحاق قال انا عبد الله يعني ابن المبارك فذكره الا أنه قال أبو طلحة الخولاني وقال الضحاك ابن عبد الرحمن بن عزرب (قلت) عزرب بفتح المهملة وسكون الراء وفتح الزاي ثم موجدة ثقة (غريبه) (3) يعني الخولاني كما جاء في الطريق الثانية (4) يعني ابن عزرب كما في الطريق الثانية (5) أي روحه قال ذلك على تقدير الاستفهام وهو أعلم (6) قال ذلك ثانيا اظهارا لكمال الرحمة وسمى الولد ثمرة فؤاده لأنه نتيجة الأب كالثمرة للشجرة (7) أي قال إنا لله وإنا إليه راجعون (8) أضاف البيت إلى الحمد الذي قاله عند المصيبة لأنه جزاء ذلك الحمد قاله القارئ (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب (9) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت عروة بن عبد الله الجعفي يحدث عن ابن حصبة أو أبي حصبة عن رجل الخ (غريبه) (10) بفتح الراء قال في النهاية الرقوب في اللغة الرجل والمرأة إذا لم يعيش لهما ولد لأنه يرقب موته ويرصده خوفا عليه فنقله النبي صلى الله عليه وسلم إلى الذي لم يقدم من الولد شيئا أي يموت قبله تعريفا ان الاجر والثواب لمن قدم شيئا من الولد وان الاعتداد به اكثر والنفع فيه أعظم وان فقدهم وان كان في الدنيا عظيما فان فقد الاجر والثواب على الصبر والتسليم للقضاء في الآخرة أعظم وان المسلم ولده في الحقيقة من قدمه واحتسبه ومن لم يرزق ذلك فهو كالذي لا ولد له (11) كررها ثلاثا للتأكيد (12) قال في القاموس الصعلوك كعصفور الفقير اهـ (قلت) هذا معناه اللغوي وهو كما قال الصحابة الذي ليس له مال والفقر في الدنيا ليس عيبا يشين صاحبه وإنما الفقير حقيقة الذي يشينه الفقر ويقال له صعلوك في الآخرة هو الذي له مال فمات ولم يقدم منه شيئا ينفعه في ذلك اليوم

الصعلوك الصعلوك كل الصعلوك الذي له مال فمات ولم يقدم منه شيئا قال ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم ما الصرعة؟ (1) قال قالوا الصريع قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الصرعة كل الصرعة الصرعة كل الصرعة الرجل يغضب فيشد غضبه ويحمر وجهه ويقشعر شعره فيصرع غضبه (عن ابن مسعود) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تعدون فيكم الرقوب؟ قال قلنا الذي لا ولد له قال لا ولكن الرقوب الذي لم يقدم من ولده شيئا (عن ابن عباس) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان له فرطان (4) من أمتى دخل الجنة فقالت عائشة بأبي فمن كان له فرط؟ فقال ومن كان له فرط يا موفقه (5) قالت فمن لم يكن له فرط من أمتك؟ قال فانا فرط أمتي (6) لم يصابوا بمثلي (7) (عن معاذ) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلمين يتوفى لهما ثلاثة إلا أدخلهما الله الجنة بفضل رحمته اياهما فقالوا يا رسول الله أو اثنان؟ قال أو اثنان قالوا أو واحد؟ قال أو واحد ثم قال والذي نفسي بيده إن السقط ليجرامه بسرره (9) إلى الجنة إذا احتسبته (10) (ز) (عن الحارث بن أقيش) (11) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلمين يموت لهما أربعة

_ وهذا معنى قول النبي صلى الله عليه وسلم (1) الصرعة بضم الصاد المهملة وفتح الراء المبالغ في الصرعة الذي لا يغلب وتقدم الكلام عليه في باب الترغيب والترهيب في كظم الغيظ من كتاب الأخلاق الحسنة في هذا الجزء صحيفة 79 رقم 21 (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفيه أبو حصبة أو ابن حصبة (قال الحافظ) في تعجيل المنفعة أبو حصبة أو ابن حصبة عن رجل شهد النبي صلى الله عليه وسلم يخطب وعنه عروة بن عبد الله الجعفي مجهول قال الحسيني وضبطه بمهملتين وموحدة اهـ باختصار (قلت) وبقية رجاله ثقات (2) (عن ابن مسعود الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وشرحه وتخريجه في باب الثلاثيات من كتاب جامع للمواعظ والحكم الخ (3) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا عبد ربه بن بارق الحنفي حدثنا سماك ابو رميل الحنفي قال سمعت ابن عباس يقول سمعت رسول الله الخ (غريبه) (4) بفتحتين أي ولدان لم يبلغا أو ان الحلم بل ماتا قبله يقال فرط فرط إذا تقدم وسبق فهو فارط وسمي الولد فرطا لأنه يتقدم ويهيئ لوالديه نزلا ومنزلا في الجنة كما يتقدم فراط القابلة إلى النازل فيعدون لهم ما يحتاجون إليه من الماء والمرعى وغيرهما (5) إنما قال لها ذلك لأنها وفقت إلى الأسئلة الواقعة موقعها شفقة على الأمة (6) أي سابقهم وإلى الجنة بالشفاعة سائقهم (7) أي بمثل مصيبتي لهم فإن مصيبتي أشد عليهم من سائر المصائب (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب ولا نعرفه إلا من حديث عبد ربه بن بارق وقد روى عنه غير واحد من الأئمة اهـ (قلت) يريد ان الحديث غير مطعون فيه وعبد ربه بن بارق الحنفي ثقة ذكره ابن حبان في الثقات (8) (سنده) حدثنا عفان ثنا خالد يعني الطحان انا يحيى التيمي عن عبد الله ابن مسلم عن معاذ (يعني ابن جبل) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) بفتحتين وتكسر السين هو ما تقطعه القابلة وهو السر بالضم أيضا وأما السرة فهي ما يبقى بعد القطع (10) أي صبرت عليه طلبا للاجر من الله (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه يحيى بن عبيد الله التيمي ولم أجد من وثقه ولا جرحه قال وروى ابن ماجة منه أن السقط ليجر أمه الخ (11) (ز) (سنده) حدثنا محمد ابن أبي بكر المقدمي ثنا بشر بن الفضل عن داود بن أبي هند عن عبد الله بن قيس عن الحارث بن أقيش الخ

أولاد إلا أدخلهما الله الجنة قالوا يا رسول الله وثلاثة؟ قال وثلاثة قالوا يا رسول الله واثنان قال واثنان وان من امتي (1) لمن يعظم للنار (2) حتى يكون أحد زواياها وان من امتي (3) لمن يدخل بشفاعته الجنة أكثر من مضر (عن ابي ثعلبة الأشجعي) (4) قال قلت مات لي يا رسول الله ولدان في الاسلام فقال من مات له ولدان في الاسلام أدخله الله عز وجل الجنة بفضل رحمته اياهما فلما كان بعد ذلك لقيني أبو هريرة قال فقال أنت الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم في الولدين ما قال؟ قلت نعم قال فقال لئن قاله لي أحب إلى مما غلقت عليه حمص وفلسطين (5) (عن صعصعة بن معاوية) (6) قال أتيت أبا ذر قلت ما بالك؟ قال لي عملي قلت حدثني قال نعم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة من أولادهما لم يبلغوا الحنث إلا غفر الله لهما (عن أبي سعيد الخدري) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قدم ثلاثة من ولده حجبوه من النار (عن أبي هريرة) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يموت له ثلاثة أولاد

_ (غريبه) (1) قال العلماء يحتمل أن يكون المراد من الأمة (أمة) الدعوة أو الذين ارتدوا بعد الاسلام أو الذين اختلطوا مع أهل الشرك في زيهم وعادتهم واعمالهم والله أعلم (2) المراد زيادة مقدار أعضائه حتى يسد فراغ بعض جوانبها وقد ورد في الحديث أن الكافر يعظم حتى ان ضرسه لأعظم من أحد وفضيلة جسده على ضرسه كفضيلة جسد أحكم على ضرسه رواه (حم جه) وللامام احمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد وعرض جلده سبعون ذراعا الحديث (وللامام أحمد أيضا) عن ابن عمر نحوه وسيأتي كل ذلك في باب ما جاء في أهل النار وصفاتهم من كتاب قيام الساعة قال القاضي عياض يزاد في مقدار أعضاء الكافر زيادة في تعذيبهم بسبب زيادة المساسة (3) أي أمة الاجابة يعني الصالحين منهم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن احمد والطبراني في الكبير وابو يعلي ورجاله ثقات (قلت) وأخرجه ايضا الحاكم من حديث الحارث بن اقيش أيضا وصححه على شرط مسلم واقره الذهبي وجاء في محمع الزوائد عن الحارث بن قيس واطنه تحريفا من الناسخ وصوابه عن الحارث ابن أقيش بهمزة قبل القاف الساكنة وفتح الياء التحتية بعدها بعدها شين معجمة والله أعلم (4) (سنده) حدثنا حماد بن مسعدة قال ثنا ابن جريج عن أبي الزبير عن عمر بن نبهان عن أبي ثعلبة الأشجعي الخ (غريبه) (5) معناه لو حدث لي مثل ما حدث لك وقال لي النبي صلى الله عليه وسلم مثل ما قال لك لكان أحب إلي من أن املك حمص وفلسطين وما اغلقت عليه ابوابهما من متاع ومال ونحو ذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجاله ثقات (6) (عن صعصعة بن معاوية الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب فضل الصدقة في سبيل الله من كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 171 رقم 218 وهو حديث صحيح اخرج البخاري نحوه عن أنس مرفوعا ولفظه (مامن الناس من مسلم يتوفى له ثلاثة لم يبلغوا الحنث إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته اياهم) (7) (سنده) حدثنا حسين بن محمد ثنا سليمان بن قرم عن عبد الرحمن يعني الاصبهاني عن أبي صالح عن أبي سعيد الخ (تخريجه) هذا الحديث مختصر من حديث طويل لأبي سعيد تقدم في هذا الباب رواه الشيخان وغيرهما (8) (سنده) حدثنا إسحاق

لم يبلغوا الحنث إلا أدخلهما الله واياهم بفضل رحمته الجنة وقال يقال لهم ادخلوا الجنة قال فيقولون حتى يجيء أبوانا قال ثلاث مرات فيقولون مثل ذلك (1) فيقال لهم ادخلوا الجنة أنتم وأبواكم (عن أبي حسان) (2) قال توفي ابنان لي فقلت لأبي هريرة سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا تحدثناه يطيب بأنفسنا عن موتانا؟ قال نعم صغارهم دعاميص (3) الجنة يلقى أحدهم اباه أو قال أبويه فيأخذ بناحية ثوبه أو يده كما أخذ بصنفه (4) ثوبك هذا فلا يفارقه حتى يدخله الله واباه الجنة (عن معاوية بن قرة) (5) عن أبيه أن رجلا كان يأتي النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابن له فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أتحبه؟ فقال يا رسول الله أحبك الله كما أحبه ففقده النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما فعل ابن فلان؟ قالوا يا رسول الله مات فقال النبي صلى الله عليه وسلم لأبيه أما تحب أن لا تأتي بابا من أبواب الجنة الا وجدته ينتظرك؟ فقال الرجل يا رسول أله خاصة أو لكلنا؟ قال بل لكلكم (عن حسان بن كريب) (6) أن غلاما منهم توفي فوجد عليه أبواه أشد الوجد فقال حوشب صاحب النبي صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول؟ يقول في مثل ابنك ان رجلا من أصحابه كان له ابن قد أدب أودب (7)

_ انا عوف عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبخ) (1) معناه أنه يقال لهم ادخلوا الجنة ثلاثة مرات فيكون جوابهم في كل مرة حتى يجيء ابوانا (تخريجه) الجزء الأول منه إلى قوله الجنة اخرجه الشيخان وغيرهما عن غير واحد من الصحابة ولم أقف على من اخرج الجزء الثاني منه من حديث أبي هريرة سوى الامام أحمد واورد نحوه الهيثمي عن حبيبة انها كانت عند عائشة فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى دخل عليها فقال ما من مسلمين يموت بينهما ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلا جيء بهم يوم القيامة حتى يوقفوا على باب الجنة فيقال لهم ادخلوا الجنة فيقولون حتى يدخل آباؤنا فيقال لهم ادخلوا الجنة أنتم وآباؤكم (قال الهيثمي) رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح خلا يزيد بن أبي بكرة ولم أجد من ترجمه واعاده باسناد آخر ورجاله ثقات وليس فيه يزيد بن أبي بكرة والله اعلم اهـ (2) (سنده) حدثنا محمد بن أبي عدي عن سليمان عن أبي السليل عن أبي حسان الخ (غريبه) (3) أي صغار أهلها وهو بفتح الدال المهملة جمع دعموص يضمها الصغير واصله دويبه صغيرة يضرب لونها إلى سواد تكون في الغدران لا تفارقها شبه الطفل بها في الجنة لصغره وسرعة حركته لكثرة دخوله وخروجه وقيل الدعموص اسم للرجل الزوار للملوك الكثير الدخول عليهم والخروج ولا يتوقف على اذن ولا يبالي أين يذهب من ديارهم شبه طفل الجنة به لكثرة ذهابه في الجنة حيث شاء لا يمنع من أي مكان منها (4) بفتح الصاد المهملة وكسر النون وفتح الفاء معناه الطرف أي طرف ثوبك (تخريجه) (م) والبخاري في الأدب المفرد (5) (سنده) حدثنا وكيع ثنا شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه الخ (قلت) أبوه هو قرة بن اياس الصحابي رضي الله عنه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح قال ورواه النسائي باختصار وقوله الرجل أله خاصة (6) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق من كتابه قال أنا ابن لهيعة عن عبد الله بن هبيرة عن حسان بن كريب الخ (غريبه) (7) أي بلغ من السن مبلغ تأديب الطفل أو بلغ مبلغ سعي الغلام مع والده (واو) للشك

وكان يأتي مع أبيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ثم ان ابنه توفي فوجد عليه (1) أبوه قريبا من ستة أيام لا يأتي النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا أرى فلانا قالوا يا رسول الله ان ابنه توفي فوجد عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا فلان أتحب لو ان ابنك عندك الآن كأنشط الصبيان نشاطا؟ أتحب ان ابنك عندك أجرأ الغلمان جراءة؟ اتحب ان ابنك عندك كهلا كأفضل الكهول أو يقال لك ادخل الجنة ثواب ما أخذ منك (عن أنس بن مالك) (2) قال انطاق حارثة بن عمتي (3) يوم بدر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غلاما نظارا (4) ما انطلق للقتال فأصابه سهم فقتله قال فجاءت أمه عمتي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ابني حارثة ان يكن في الجنة اصبر واحتسب والا فسيرى الله ما اصنع (5) قال يا أم حارثة إنها جنان كثيرة وإن حارثة في الفردوس (6) الأعلى (باب قصة أم سليم مع زوجها أبي طلحة الأنصاري رضي الله عنهما عندما توفي ولدهما) (عن أنس) (7) قال مات ابن لأبي طلحة (8) من أم سليم فقالت لأهلها لا تحدثوا أبا طلحة بابنه حتى أكون انا أحدثه قال فجاء فقربت إليه عشاءا فأكل وشرب قال ثم تصنعت له أحسن ما كانت تصنع قبل ذلك (9) فوقع بها فلما رأت أنه قد شبع وأصاب منها قالت يا أبا طلحة أرأيت أن قوماً أعاروا

_ من الراوي (1) أي حزن (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة فيه كلام اهـ (قال النووي) رحمه الله وفي هذه الأحاديث (يعني أحاديث الباب) دليل على كون أطفال المسلمين في الجنة وقد نقل جماعة فيهم اجماع المسلمين وقال المازرى أما أولاد الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم فالاجماع متحقق على انهم الجنة وأما أطفال من سواهم من المؤمنين فجماهير العلماء على القطع لهم بالجنة ونقل جماعة الاجماع في كونهم من أهل الجنة قطعا لقوله تعالى (والذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بإيمان الحقنا بهم ذريتهم) وتوقف بعض المتكلمين إلى أنه لا يقطع لهم كالمكلفين والله أعلم (2) (سنده) حدثنا عفان ثنا سليمان بن المغيرة ثنا ثابت عن أنس بن مالك الخ (3) هي الربيع بفتح الموحدة وتشديد الياء التحتية مكسورة بنت النضر عمة أنس بن مالك وأم حارثة بن سراقة فقد روى الترمذي وابن خزيمة من حديث أنس أن الربيع بنت النضر أتت النبي صلى الله عليه وسلم وكان ابنها حارثة بن سراقة أصيب يوم بدر الحديث (4) أي ينظر إلى القتال ليقاتل قال في المختار النظاره مشددا القوم ينظرون إلى شيء (5) تعني من البكاء والحزن عليه فقد جاء عند البخاري بلفظ (اجتهدت عليه في البكاء) بدل فسيرى الله ما أصنع (قال الخطابي) أقرها النبي صلى الله عليه وسلم على هذا فيؤخذ منه الجواز وتعقبه الحافظ بقوله كان ذلك قبل تحريم النوح فلا دلالة فيه فإن تحريمه كان عقب غزوة أحد وهذه القصة كانت عقب غزوة بدر (6) قال في النهاية الفردوس هو البستان الذي فيه الكرم والأشجار والجمع فراديس ومنه جنة الفردوس (تخريجه) (خ مذ خز نس) وغيرهم (7) (سنده) حدثنا بهز ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس (يعني ابن مالك) قال مات ابن لأبي طلحة الخ (غريبه) (8) أبو طلحة هو الأنصاري زوج أم سليم بضم السين المهملة وفتح اللام أم أنس ابن مالك (9) يعني انها تزينت ومست من الطيب ثم دخلت معه في فراشه كما سيأتي في الطريق الثانية

عاريتهم أهل بيت وطلبوا عاريتهم الهم أن يمنعوهم؟ قال لا (1) قالت فاحتسب ابنك فانطلق حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بما كان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بارك الله لكما في غابر (2) ليلتكما قال فحملت قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وهي معه وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أتى المدينة من سفر لا يطرقها طروقا (3) فدنوا من المدينة فضربها المخاض (4) واحتبس عليها أبو طلحة (5) وانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو طلحة يا رب إنك لتعلم أنه يعجبني أن أخرج مع رسولك إذا خرج وادخل معه إذا دخل وقد احتبست بما ترى (6) قال تقول أم سليم يا أبا طلحة ما اجد الذي كنت أجد (7) فانطلقنا قال وضربها المخاض حين قدموا فولدت غلاما (8) فقالت لي أمي يا أنس لا يرضعنه أحد حتى تغدوا به على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فصادفته ومعه ميسم (9) فلما رآني قال لعل أم سليم ولدت؟ قلت نعم فوضع الميسم قال فجئت به فوضعته في حجره قال ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بعجوة من عجوة المدينة فلاكها في فيه حتى ذابت ثم قذفها في الصبي (10) فجعل الصبي يتلمظ (11) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انظروا إلى حب الأنصار التمر قال فمسح وجهه وسماه عبد الله (12) (ومن طريق ثان) (13) (فر) عن ابن سيرين عن أنس بن مالك قال تزوج أبو طلحة من أم سليم وهي أم أنس (بن مالك) والبراء قال فولدت له بنيا قال فكان يحبه حبا شديدا قال فمرض الغلام مرضا شديدا فكان أبو طلحة يقوم صلاة الغداة يتوضأ ويأتي النبي صلى الله عليه وسلم فيصلي (14) معه ويكون معه إلى قريب من نصف النهار (15) ويجيئ يقيل ويأكل فإذا صلى الظهر تهيأ (16) وذهب فلم يجيئ إلى صلاة العتمة (17) قال فراح عشية ومات

_ (1) قال النووي ضربها لمثل العارية دليل لكمال علمها وفضلها وعظم إيمانها وطمأنينتها (2) أي ماضيها (3) أي لا يدخلها في الليل (4) أي الطلق ووجع الولادة (5) يعني أنه بقي مع زوجته حين ضربها المخاض وانطلق النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة (6) يعني باشتغاله بزوجته وهذا يدل على كمال محبته لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورغبته في الجهاد وتحصيل العلم والخير (7) تريد أن الطلق انجلى عنها وتأخرت الولادة وفيه كرامتها وقبول دعاء أبي طلحة (8) فيه قبول دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لهما حيث قال (بارك الله لكما في غابر ليلتكما) وهذا الغلام سماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله وجاء من ولده عشرة رجال علماء أخيار (9) هي الآلة التي يكوى بها الحيوان من الوسم وهو العلامة ومنه قوله تعالى (سنسمه على الخرطوم) أي سنجعل على أنفه علامة يعرف بها يوم القيامة والخرطوم من الإنسان الأنف وفيه جواز وسم الحيوان ليتميز وليعرف فيردها من وجدها وفيد تواضع النبي صلى الله عليه وسلم ووسمه بيده (10) أي حنكه بها أي دلك بها حنكه (11) أي يتتبع بلسانه بقيتها ويمسح به شفتيه وفيد تحنيك المولود وأنه يحمل إلى صالح ليحنكه (12) فيه جواز تسمية المولود في يوم ولادته واستحباب التسمية بعبد الله (13) (قر) (سنده) قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الامام أحمد) فرأت على أبي هذا الحديث وجده فأقر به وحدثنا ببعضه في مكان آخر قال (حدثنا) موسى بن هلال العبدي ثنا همام عن ابن سيرين عن أنس بن مالك الخ (14) أي يقوم لصلاة الصبح (15) أي لطلب العلم والاستفادة (16) أي تهيأ لشغله ومعاشه (17) أي صلاة العشاء

الصبي قال وجاء أبو طلحة قال نسجت عليه ثوبا وتركته (1) قال فقال لها أبو طلحة يا أم سليم كيف بيات بني الليلة؟ قالت يا أبا طلحة ما كان ابنك منذ اشتكى اسكن منه الليلة (2) قال ثم جاءته بالطعام فأكل وطابت نفسه قال فقام إلى فراشه فوضع رأسه قالت وقمت أنا فمسست شيئا من طيب ثم جئت حتى دخلت معه الفراش فما هو إلا أن وجد ريح الطيب كان منه ما يكون من الرجل إلى أهله قال ثم أصبح أبو طلحة يتهيأ كما كان يتهيأ كل يوم (3) قال فقالت له يا أبا طلحة أرأيت لو أن رجلا استودعك وديعة فاستمتعت بها ثم طلبها فأخذها منك تجزع من ذلك؟ قال لا قلت فإن ابنك قد مات قال أنس فجزع عليه جزعا شديدا وحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم بما كان من أمرها في الطعام والطيب وما كان منه اليها قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فبتما عروسين وهو إلى جنبكما؟ قال نعم يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بارك الله لكما في ليلتكما (4) قال فحملت أم سليم تلك الليلة قال فتلد غلاما قال فحين أصبحنا قال أبو طلحة احمله في خرقة حتى تأتي به رسول الله صلى الله عليه وسلم واحمل معك تمرة عجوة قال فحملته في خرقة قال ولم يحنك ولم يذق طعاما ولا شيئا (5) قال فقلت يا رسول الله ولدت أم سليم قال الله أكبر ما ولدت؟ قلت غلاما قال الحمد لله فقال هاته لي فدفعته إليه فحنكه (6) رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لي معك تمر عجوة؟ قلت نعم فأخرجت تمرات فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم تمرة والقاها في فيه فمازال رسول الله صلى الله عليه وسلم يلوكها حتى اختلطت بريقه ثم دفعه الصبي فما هو إلا أن وجد الصبي حلاوة التمر جعل يمص بعض حلاوة التمر وريق رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنس فكان أول من فتح أمعاء ذلك الصبي على ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حب الأنصار التمر فسمي عبد الله بن طلحة قال فخرج منه رجل كثير (7) قال واستشهد عبد الله بفارس (باب قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الصبر عند الصدمة الأولى) (عن ثابت البتانى) (8) قال سمعت انسا يقول لامرأة من أهله اتعرفين فلانه؟ فإن رسول الله

_ (1) يعني أن أم سليم أم الصبي غطته بثوب بعد موته وكتمت أمره عن أبي طلحة فلم تخبره بموته (2) أوهمته أنه استراح من مرضه وتريد أنه استراح منه بالموت فما كذبت (2) اي يذهب في الصباح إلى مجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعد الظهر إلى معاشه كما تقدم في الطريق الأولى (4) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم سر بفعل أم سليم مع زوجها لأن ذلك لا يصدر إلا من امرأة حازمة عاقلة تقية صابرة ولذلك دعا لهما النبي صلى الله عليه وسلم بأن يبارك الله لهما في ليلتهما وقد استجاب الله دعاءه فحملت في تلك الليلة بعبد الله الذي أوجد الله من ذريته الخير الكثير كما تقدم (5) كان ذلك بأمر أم سليم لأنها أرادت أول شيء يدخل جوفه ريق النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان ذلك (6) تقدم معنى التحنيك في الطريق الأولى (7) ثبت في صحيح البخاري عن ابن عيينه قال قال رجل من الانصار رأيت تسعة أولاد كلهم قد قرءوا القرآن يعني من أولاد عبد الله وفي غير البخاري عن علي بن المديني قال ولد لعبد الله بن أبي طلحة عشرة من الذكور كلهم قرءوا القرآن وروى أكثرهم العلم وروي عن عبد الله ابناه اسحاق وعبد الله وشهد مع علي صفين وقتل بفارس شهيدا رضي الله عنه (تخريجه) (م طل) (باب) (8) (عن ثابت البتانى الخ) هذا الحديث تقدم

(كتاب المحبة والصحبة)

صلى الله عليه وسلم مر بها وهي تبكي على قبر فقال لها اتقي الله واصبري فقالت له اياك عني فانك لا تبالي بمصيبتي قال ولم تكن عرفته فقيل لها إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ بها مثل الموت فجاءت إلى بابه فلم تجد عليه بوابا فقالت يا رسول الله اني لم أعرفك فقال ان الصبر عند أول صدمة (باب ما يقول المصاب عن المصيبة) (عن أم سلمة) (1) أن أبا سلمة حدثها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا اصابت أحدكم مصيبة فليقل إنا لله وإنا اليه راجعون اللهم عندك احتسب مصيبتي فآجرني فيها (2) وابدلني بها خيرا منها فلما قبض أبو سلمة خلفني الله عز وجل في أهلي خيرا منه (وعنها أيضا) (3) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من عبد تصيبه مصيبة فيقول إنا لله وانا اليه راجعون اللهم اؤجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها الا أجره الله في مصيبته واخلف له خيرا منها قالت فلما توفي أبو سلمة قلت من خير من أبي سلمة صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ثم عزم الله عز وجل لي فقلتها اللهم أؤجرني في مصيبتي واخلف لي خيرا منها قالت فتزوجت رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن الحسين بن علي) (4) رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلم ولا مسلمة يصاب بمصيبة فيذكرها وان طال عهدها (وفي لفظ) وان قدم عهدها فيحدث لذلك استرجاعا (5) الا جدد الله له عند ذلك فأعطاه مثل اجرها يوم اصيب بها (64) (كتاب المحبة والصحبة) (باب وجوب محبة الله ورسوله والترغيب في ذلك) (عن أنس بن مالك) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يؤمن أحدكم (7) حتى يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وحتى يقذف

_ بسنده وشرحه وتخريجه في باب تعزية المصاب وثواب صبره الخ من كتاب الجنائز في الجزء الثامن صحيفة 87 رقم 271 فارجع اليه (باب) (1) (سنده) حدثنا روح قال ثنا حماد بن سلمة عن ثابت قال حدثني ابن عمر عن أبيه عن أم سلمة الخ (غريبه) (2) بمد الهمزة قال في النهاية آجره يوجره إذا أثابه وأعطاه الأجر والجزاء وكذلك أجره (يعني بغير مد الهمزة) بأجره والأمر منهما آجرني وأجرني (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه لأبي داود والحاكم عن أم سلمة وللترمذي وابن ماجه عن أبي سلمة ورمز له بعلامة الصحيح وأخرجه أيضا (طل) عن أبي سلمة (3) (سنده) حدثنا ابن نمير قال ثنا سعد بن سعيد قال أخبرني عمر بن كثير عن أبي سفينة مولى أم سلمة عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م) (4) (سنده) حدثنا يزيد وعباد بن عباد قالا أنبأنا هشام بن أبي هشام قال عباد بن زياد عن أمه عن فاطمه ابنة الحسين عن أبيها الحسين ابن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) قوله في السند (قال عباد بن زياد) معناه أن عبادا قال في روايته أنبأنا هشام بن زياد واما يزيد بن هارون فقد قال في روايته (أنبأنا هشام بن أبي هشام) (غريبه) (5) يعني يقول (إنا لله وإنا إليه راجعون) (تخريجه) (جه) وفي أسناده هشام بن زياد قال في التقريب متروك قال وقال الامام أحمد وأبو زرعة ضعيف (باب) (6) (سنده) حدثنا روح ثنا شعبة ثنا قتادة عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (7) أي إيمانا كاملا (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله من

في النار أحب إليه أن يعود في الكفر بعد أن نجاه الله منه ولا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب اليه من ولده ووالده والناس أجمعين (عن زهرة بن معبد (1) عن جده (2) قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وهو آخذ بيد عمر بن الخطاب فقال والله أنت يا رسول الله أحب إلي من كل شيء إلا نفسي (3) فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا يؤمن أحدكم حتى أكون عنده أحب إليه من نفسه فقال عمر فلأنت الآن والله أحب إلي من نفسي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن يا عمر (4) (عن عبد الله ابن فيروز) (5) الديلمى عن أبيه أنهم أسلموا وكان فيمن أسلم فبعثوا وفدهم غلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببيعتهم واسلامهم فقبل ذلك رسول الله منهم فقالوا يا رسول الله نحن من قد عرفت (6) جئنا من حيث قد علمت (7) وأسلمنا فمن ولينا؟ (8) قال الله ورسوله قالوا حسبنا (9) رضينا (عن أبي ذر) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد أمتي لي حبا قوم يكونون أو يخرجون بعدي يود أحدهم أنه أعطى أهله وماله (11) وأنه رآني (عن ثوبان) (12) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن

_ رجال الصحيحين وروى الشطر الأخير منه الخاص بالنبي صلى الله عليه وسلم الشيخان والنسائي وابن ماجه وروى معناه الشيخان وغيرهما عن أنس أيضا والامام أحمد بلفظ (ثلاثة من كن فيه وجد حلاوة الايمان من كان الله ورسوله أحب إليه مما سواهما ومن أحب عبدا لا يحبه إلا لله ومن يكره ان يعود في الكفر بعد أن أنقذه الله منه كما يكره أن يلقى في النار) (1) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا بن لهيعة عن زهرة بن معبد عن جده الخ (غريبه) (2) جده عبد الله بن هشام (كما صرح بذلك في رواية البخاري) القرشي التيمي له ولأبيه صحبة قال البغوى سكن المدينة (3) ذكر حبه لنفسه بحسب الطبع (4) معناه الآن عرفت فنطقت بما يجب عليك (تخريجه) (خ) وفي اسناده عند الامام احمد بن لهيعة وقد عنعن وهو ضعيف إذا عنعن لكن رواه البخاري من طريق حيوة بفتح المهملة والواو بينهما تحتية ساكنة آخره هاء تأنيث ابن شريح عن زهرة بن معبد به وعلى هذا فالحديث صحيح (5) (سنده) حدثنا يزيد بن عبد ربه قال ثنا الوليد بن مسلم قال ثنا الأوزاعي عن عبد الله بن فيروز الديلمى عن أبيه الخ (غريبه) (6) يعني أسلمنا دون قومنا (7) جاء في رواية أخرى (ونحن نزول بين ظهرانى من قد علمت) معناه أنهم نزول بين قوم كفار (8) يعني فمن يحفظنا من أذاهم (9) أي كافينا رضينا بذلك (تخريجه) هذا الحديث مختصر من حديث أطول من هذا رواه (د نس) والامام أحمد أيضا وتقدم في الباب الأول من أبواب الأنبذة الجائزة والمحرمة من كتاب الأشربة في الجزء السابع عشر صحيفة 117 رقم 51 فارجع إليه وسكت عنه أبو داود والمنذري (10) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن يحيى حدثني أبو صالح عن رجل من بني أسد (ح) ويعلى ثنا يحيى عن ذكوان أبي صالح عن رجل من بني أسد أن أبا ذر أخبره قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) أي فقد أهله وماله كما في بعض الروايات وفي هذا بيان لشدة حبهم له (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وقد رواه الامام احمد من طريقين كما هو ظاهر في السند وأورده الهيثمي وقال لم يسم التابعي (يعني الرجل الذي من بني أسد) قال وبقية رجال إحدى الطريقين رجال الصحيح اهـ (قلت) يعني الطريق الأولى وحسنه الحافظ السيوطي (12) (سنده) حدثنا

العبد ليلتمس مرضاة الله ولا يزال بذلك فيقول الله عز وجل لجبريل إن فلانا عبدي يلتمس أن يرضيني ألا وإن رحمتي عليه فيقول جبريل رحمة الله على فلان ويقولها حملة العرش ويقولها من حولهم حتى يقولها أهل السموات السبع ثم تهبط له إلى الأرض (1) (عن حميد عن أنس) (2) رضي الله عنه قال كان يعجبنا أن يجيئ الرجل من أهل البادية فيسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أعرابي فقال يا رسول الله متى قيام الساعة؟ وأقيمت الصلاة فصلى رسول الله فلما فرغ من صلاته قال أين للسائل عن الساعة؟ قال أنا يا رسول الله قال وما اعددت لها؟ قال ما أعددت لها من كثير عمل لا صلاة ولا صيام إلا أني أحب الله ورسوله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحب (وفي رواية فإنك مع من أحببت ولك ما أحببت) قال أنس فما رأيت المسلمين فرحوا بعد الاسلام بشيء ما فرحوا به (ومن طريق ثان) (3) عن ثابت عن أنس بنحوه وفيه قال أنس فما فرحنا بشيء بعد الاسلام فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم إنك مع من أحببت قال فأنا أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر (4) وأنا ارجو ان أكون معهم لحبي إياهم وان كنت لا أعمل بعملهم (باب حب الله عز وجل لعباده الصالحين) (عن أبي هريرة) (5) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا أحب الله عبدا قال يا جبريل اني احب فلانا فأحبوه فينادي جبريل في السموات إن الله عز وجل يحب فلانا فأحبوه فيلقي حبه على أهل الأرض فيحب وإذا أبغض عبدا قال يا جبريل اني ابغض فلانا فأبغضوه فينادي جبريل في السموات ان الله عز وجل يبغض فلانا فأبغضوه فيوضع له البغض لأهل الأرض فيبغض (وعنه من طريق ثان) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله إذا إحب عبدًا قال لجبريل

_ محمد بن بكر اتا ميمون (أبو محمد المزني التميمي) ثنا محمد بن عباد عن ثوابان (يعني مولى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم) الخ (1) المراد بالرحمة في هذا الحديث رضا الله عنه ودعاء الملائكة له وحب أهل الأرض ورحمتهم اياه (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد فقط ثم قال غريب ولم يخرجوه من هذا الوجه اهـ (قلت) وأورده نحوه الهيثمي بزيادة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي الآية التي أنزل الله عليكم في كتابه (إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات سيجعل لهم الرحمن ودا) وان العبد ليلتمس سخط الله فيقول الله عز وجل يا جبريل ان فلانا يستسخطنى الاوان غضبي عليه فيقول جبريل غضب الله على فلان وتقول حملة العرش ويقول من دونهم حتى يقوله أهل السموات السبع ثم يهبط إلى الأرض وعزاه للطبراني في الأوسط وقال رجاله ثقات (2) (سنده) حدثنا ابن ابي عدي عن حميد عن أنس (يعني ابن مالك الخ) (3) (سنده) حدثنا يونس ثنا حماد يعني ابن زيد عن ثابت عن أنس بن مالك أن رجلا قال يا رسول الله متى الساعة؟ قال وماذا اعددت لها؟ قال لا إلا اني أحب الله ورسوله قال فإنك مع من أحببت قال أنس الخ (غريبه) (4) القائل فأنا أحب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر الخ هو أنس بن مالك كما صرح بذلك عند مسلم (تخريجه) (ق مذ) (باب) (5) (سنده) حدثنا يزيد انا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة ثنا سهيل بن ابي صالح سمع أباه قال سمعت أبا هريرة يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال الخ (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق عن معمر

إني أحب فلانا فأحبه فيقول جبريل لأهل السماء ان ربكم يحب فلانا فأحبوه قال فيحبه أهل السماء قال ويوضع له القبول في الأرض قال وإذا ابغض فمثل ذلك (عن ابي سعيد الخدري) (1) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله إذا رضى عن العبد أثنى عليه (2) سبعة أصناف من الخير (3) لم يعمله وإذا سخط على العبد أثني عليه سبعة أصناف من الشر لم يعمله (حدثنا أسود بن عامر) (4) ثنا شريك عن محمد بن سعد الواسطي عن أبهي طيبة عن أبي امامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المقة (5) من الله قال شريك (6) هي المحبة والقيت من السماء فإذا أحب الله عبدا قال لجبريل إني أحب فلانا فينادي جبريل إن الله عز وجل يمق يعني يحب فلانا فأحبوه أرى شريكا قد قال فينزل له المحبة في الأرض (7) وإذا بغض عبدا قال لجبريل اني ابغض فلانا فأبغضه قال فينادي جبريل إن ربكم يبغض فلانا فأبغضوه قال أرى شريكا قد قال فيجرى له البغض في الأرض (عن أنس) (8) قال كان صبي على ظهر الطريق فمر النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ناس من أصحابه فلما رأت

_ عن سهيل بن ابي صالح عن ابيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة أخبرني سالم بن غيلان أنه سمع دراجا أبا السمح يحدث عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (2) أي أعلم ملائكته فيثنون عليه ثم يقذف ذلك في قلوب أهل الأرض فيثنون عليه (3) جاء ف في الجامع الصغير (بسبعة أصناف من الخير) بزيادة باء موحدة في سبعة في الموضعين قال شارحه المناوى يعني انه يقدر له التوفيق لفعل الخير في المستقبل ويثني عليه به قبل صدوره منه بالفعل (قلت) ويقال عكس ذلك في قوله وإذا سخط على العبد الخ وفيه أن الثناء يستعمل في الخير والشر يقال اثنى علي فلان خيرا واثنى علي فلان شرا (فئدة) يقال الدقاق رحمه الله تعالى بشر الحافى بجمع من الناس فقالوا هذا رجل لا ينام الليل ولا يفطر إلا في كل ثلاثة أيام رة فبكى وقال اني لا أذكر اني سهرت ليلة كاملة ولا صمت يوما لم افطر من ليلته ولكن الله يلقى في القلوب أكبر مما يفعله العبد تفضلا وتكرما (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي وعزاه للامام احمد وابن حبان ورمز له بعلامة الحسن وأورده الهيثمي وفي لفظه عنده (سبعة اضعاف) بدل سبعة أصناف في الموضعين وقال رواه احمد وابو يعلى إلا أنه قال تسعة أضعاف ورجاله وثقوا على ضعف في بعضهم اهـ (قلت) في اسناده دراج عن أبي الهيثم قال في التقريب ضعيف في حديثه عن أبي الهيثم (4) (حدثنا اسود ابن عامر الخ) (غريبه) (5) المقه بكسر الميم وفتح القاف المحبة وقد ومق يمق مقة والهاء فيه عوض عن الواو المحذوفة وبابه الواو (نه) (6) القائل قال شريك هو اسود بن عامر الراوي عن شريك يقول ان لفظ (هي المحبة) من قول شريك (7) يرى اسود بن عامر ان قوله (فينزل له المحبة في الأرض) وكذلك قوله (فيجرى له البغض في الأرض) يرى أن هذه الألفاظ مدرجة من قول شريك لا من الحديث المرفوع ولكن سياق حديث أبي هريرة المتقدم قبل حديث يستفاد منه أن ذلك من الحديث المرفوع والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب طس) ورجاله وثقوا (8) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري حدثنا حميد عن أنس (يعني ابن مالك) قال كان صبي الخ

أم الصبي القوم خشيت أن يوطأ ابنها فسعت وحملته وقالت ابني ابني قال فقال القوم يا رسول الله ما كانت هذه لتلقى ابنها في النار فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا ولا يلقى الله حبيبه في النار (باب الترغيب في محبة الصالحين وصحبتهم والجلوس معهم وزيارتهم واكرامهم وعدم إيذائهم) (عن ثابت البناني عن أنس بن مالك) (1) قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله الرجل يحب الرجل ولا يستطيع أن يعمل كعمله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحب فقال انس فما رأيت أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرحوا بشيء قط الا أن يكون الاسلام ما فرحوا بهذا من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنس فنحن نحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا نستطيع أن نعمل كعمله فإذا كنا معه فحسبنا (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المرء على دين خليله (3) فلينظر أحدكم من يخالط (4) وقال مؤمل من يخالل (عن أبي سعيد الخدري) (5) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تصحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك الا تقي (عن أبي ذر) (6) قال قلت يا رسول الله الرجل يحب القوم لا يستطيع أن يعمل بأعمالهم قال انت يا أبا ذر مع من أحببت؟ قال قلت فإني أحب الله ورسوله يعيدها مرة أو مرتين (عن عبد الله) (7) قال اتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول أرأيت رجلا أحب قوما ولما يلحق بهم (8) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المرء مع من أحب (9) (عن أبي موسى) (10) رواية قال المؤمن للمؤمن كالبنيان يشد بعضه بعضا

_ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) ورجالهما رجال الصحيح اهـ (قلت) هذا الحديث من ثلاثيات الامام أحمد رحمه الله (باب) (1) (سنده) حدثنا هاشم ثنا سليمان عن ثابت البناني الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) بمعناه عن أنس أيضا (2) (سنده) حدثنا عبد الرحمن ومؤمل قالا حدثنا زهير بن محمد قال مؤمل الخراساني ثنا موسى بن وردان عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) أي صاحبه (4) أي فليتأمل أحدكم بعين بصيرته إلى امرئ يريد صداقته فمن رضى دينه وخلقه صادقه والا تجنبه (وقال مؤمل) هو ابن اسماعيل العدوي أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث قال غب روايته فلينظر أحدكم من يخالل بدل من يخالط والمعنى واحد (تخريجه) (د مذ حب) وحسنه الترمذي وقال النووي في رياض الصالحين اسناده صحيح (5) (سنده) حدثنا ابو عبد الرحمن ثنا حيوة اخبرنا سالم بن غيلان أن الوليد بن قيس التجيبي أخبره أنه سمع أبا سعيد الخدري أو عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) (د مذ حب ك) وقال الحاكم صحيح وأقره الذهبي (6) (سنده) حدثنا بهز ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد عن عبد الله بن الصامت قال قال أبو ذر قلت يا رسول الله الخ (تخريجه) (م د جه) (7) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سلمان عن أبي وائل عن عبد الله (يعني ابن قيس) اسم أبي موسى الأشعري (غريبه) (8) معناه أنه لا يستطيع أن يعمل كعملهم (9) قيل المراد هنا من أحب قوما باخلاص فهو في زمرتهم وان لم يعمل عملهم لثبوت التقارب مع قلوبهم وفيه حث على حب الأخيار رجاء اللحاق بهم في دار القرار والخلاص من النار والقرب من الجبار (تخريجه) (ق وغيرهما) (10) (سنده) حدثنا سفيان عن بريد بن أبي بردة عن أبي بردة عن

ومثل الجليس الصالح مثل العطار (1) ان لم يحذك من عطره علقك من ريحه (2) ومثل الجليس السوء مثل الكير (3) ان لم يحرقك نالك من شروره والخازن الأمين (4) الذي نؤدي ما أمر به مؤتجرا أحد المتصدقين (ومن طريق ثان) (5) عن أبي كبشة قال سمعت أبا موسى الأشعري يقول على المنبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل الجليس الصالح كمثل العطار فكر نحوه مختصرا (6) (عن زر بن حبيش) (7) قال وفدت في خلافة عثمان بن عفان وانما حملني على الوفادة لقي أبي بن كعب واصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيت صفوان بن عسال (رضي الله عنه) فقلت له هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم وغزوت معه اثنتي عشرة غزوة (عن قيس بن سعد بن عبادة) (8) قال أتانا النبي صلى الله عليه وسلم فوضعنا له غسلا فاغتسل ثم أتينا بملحقة (9) ورسية فاشتمل بها فكأني أنظر إلى أثر الورس على عكنه (10) ثم اتيناه بحمار ليركب فقال صاحب الحمار أحق بصدر حماره (11) فقال يا رسول الله

_ أبي موسى رواية الخ (قلت) أبو موسى هو الاشعري وقوله رواية هكذا جاء بالأصل (غريبه) (1) جاء في رواية كحامل المسك (وقوله ان لم يحذك) كيعطك وزنا ومعنى (2) أي تعلق بثيابك شيء من ريحه وشممت منه رحا طيبة (3) أي نافخ الكير كما صرح بذلك في بعض الروايات والكير بالياء التحتية آلة الحداد الذي ينفخ بها (4) أي الذي يشتغل عند رب المال بالأجرة إذا تصدق بشيء بإذن رب المال (أحد المتصدقين) أي له أجر عند الله كما لرب المال أجر ولا يلزم التساوي في الاجر بل المراد أن الاجر يكون مقسوما بينهما لهذا نصيب بماله ولهذا نصيب بعمله فلا يزاحم صاحب المال العامل في نصيب عمله ولا يزاحم العامل صاحب المال في نصيب ماله أما إذا تصرف العامل في مال غيره بغير اذنه فلا أجر له مطلقا بل عليه وزر بتصرفه في مال غيره بغير اذنه والله أعلم (5) (سنده) حدثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عاصم الأحول عن أبي كبشة الخ (6) اي لم يذكر فيه سوى الجليس الصالح والجليس السوء (تخريجه) (ق نس) بدون ذكر الخازن الأمين الخ (7) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا عاصم بن بهدلة حدثني زر بن حبيش الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عاصم بن بهدلة وحديثه حسن اهـ (قلت) وموضع الدلالة منه أن زر بن حبيش جاء من بلده لا لشيء إلا لملاقاة بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والتبرك بهم وفيه منقبة لصفوان بن عسال حيث قد غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة غزوة (8) (سنده) حدثنا وكيع ثنا ابن أبي ليلى عن محمد ابن عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن محمد بن شرحبيل عن قيس بن سعد الخ (غريبه) (9) بكسرالميم وسكون اللام هي الملاءة وكل شيء تغطيت به فقد التحفت به (وقوله ورسية) بفتح الواو وسكون الراء بوزن شرقية اي مصبوغة بالورس وهو نبت أصفر يصبغ به (10) جمع عكنة كغرفة وغرف وهي الطي في الطن من السمن (11) أي فلا يركب غيره معه عليه الا رديفا الا أن يؤثره فلا يأبى الكرامة (قال ابن العربي) انما كان الرجل أحق بصدر دابته لأنه شرف والشرف حق المالك ولأنه يصرفها في المشي حيث شاء وعلى أي وجه أراد من اسراع وابطاء وطول وقصر بخلاف غير المالك (قلت) فيه دلالة على اكرام الصالحين وحبهم ومبالغة الصحابة في اكرام رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه حتى ان صاحب الحمار تنازل عن حماره وملكه اياه لما علم أن صاحب الحمار احق بصدر حماره لتكون الصدارة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفيه

فالحمار لك (عن عائشة) (1) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل من أذل لي وليا (2) (وفي رواية من آذى لي وليا) فقد استحل محاربتي وما تقرب الي عبدي بمثل أداء الفرائض وما يزال العبد يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه ان سألني أعطيته وان دعاني اجبته ما ترددت عن شيء أنا فاعله (3) ترددي عن وفاته لأنه يكره الموت واكره مساءته (باب الترغيب في الحب في الله والبغض في الله والحث على ذلك) (عن البراء بن عازب) (4) قال كنا جلوسا عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال اي عرى (5) الاسلام أوسط؟ قالوا الصلاة قال حسنة وما هي بها قالوا الزكاة قال حسنة وما هي بها قالوا صيام رمضان قال حسن وما هو به قالوا الحج قال حسن وما هو به قالوا الجهاد قال حسنة وما هو به قال إن أوسط عرى الايمان ان تحب في الله وتبغض في الله (6) (عن أبي ذر) (7) قال خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتدرون أي الأعمال احب إلى الله؟ قال قائل الصلاة والزكاة وقال قائل الجهاد قال ان احب الأعمال إلى الله عز وجل الحب في الله والبغض في الله (عن أبي الطفيل) (8) عامر بن واثلة أن رجلا مر على قوم فسلم عليهم فردوا عليه السلام فلما

_ دلالة على تواضعه صلى الله عليه وسلم وكرم أخلاقه (تخريجه) (طب) قال الهيثمي فيه ابن ابي ليلى سيء الحفظ اهـ (قلت) وفي الباب عن بريدة الأسلمي عند الامام احمد وابي داود والترمذي وابن حبان وحسنه الترمذي وتقدم في باب ما يقوله المسافر عند ركوب دابته من أبواب صلاة المسافر صحيفة 72 رقم 1175 وعن عمر بن الخطاب عند الامام احمد في الباب المشار إليه رقم 1176 (1) (سنده) حدثنا حماد وأبو المنذر قالا ثنا عبد الواحد مولى عروة عن عروة عن عائشة الخ وفي آخر هذا الحديث قال عبد الله بن الامام احمد قال أبي وقال أبو المنذر قال حدثني عروة قال حدثتني عائشة وقال أبو المنذر آذى لي اهـ (غريبه) (2) الولي هو المؤمن التقي الذي يفعل ما أمر الله به ويجتنب ما نهى الله عنه قال تعالى (ألا أن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة) (3) معنى التردد هنا بالنسبة لله عز وجل التلطف بعبده المؤمن وليس المراد معناه اللغوي وهو الشك فإن ذلك خاص بالمخلوق لا الخالق تنزه الله عن ذلك (تخريجه) (عل طس هق) وابن عساكر والحكيم والترمذي وأورده الهيثمي مختصرا وقال رواه البزار واللفظ له وأحمد والطبراني في الأوسط وفيه عبد الواحد بن قيس وقد وثقه غير واحد وضعفه غيرهم وبقية رجال أحمد رجال الصحيح ورجال الطبراني في الأوسط رجال الصحيح غير شيخه هارون بن كامل (باب) (4) (سنده) حدثنا اسماعيل ثنا ليث عن عمرو بن مرة عن معاوية بن سويد بن مقرن عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (5) جمع عروة أي احكامه والعروة من الدلو والكرز المقبض الذي يستمسك به (وقوله أوسط) أي أوثق كما صرح بذلك في رواية أخرى أي أحكم وأقرب إلى الوصول إلى الله عز وجل لمن تمسك بها (6) معناه أن تحب الرجل الصالح لكونه صالحا لا لعلة أخرى وتبغض الفاسق لفسقه لا لعلة أخرى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه ليث بن أبي سليم وضعفه الأكثر (7) (سنده) حدثنا حسين ثنا يزيد يعني ابن عطاء عن يزيد يعني ابن أبي زياد عن مجاهد عن رجل عن أبي ذر الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفي اسناده رجل لم يسم (8) (سنده) حدثنا أبو كامل مظفر

جاوزهم قال رجل منهم والله اني لأبغض هذا في الله فقال أهل المجلس فبئس والله ما قلت أما والله لننبئنه قم يا فلان رجل منهم فأخبره قال فأدركه رسولهم فأخبره بما قال فانصرف الرجل حتى اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله مررت بمجلس من المسلمين فيهم فلان فسلمت عليهم فردوا السلام فلما جاوزتهم أدركني رجل منهم فأخبرني أن فلانا قال والله اني لأبغض هذا الرجل في الله فادعه فسله على ما يبغضني؟ فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عما أخبره الرجل فاعترف بذلك وقال قد قلت له ذلك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم تبغضه؟ قال أنا جاره وأنا به خابر والله ما رأيته يصلي صلاة قط إلا هذه الصلاة المكتوبة التي يصليها البر والفاجر قال الرجل سله يا رسول الله هل رآني قط أخرتها عن وقتها أو أسأت الوضوء لها؟ أو أسأت الركوع والسجود فيها؟ فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لا ثم قال والله ما رأيته يصوم قط إلا هذا الشهر الذي يصومه البر والفاجر قال فسله يا رسول الله هل رآني قط أفطرت فيه أو انتقصت من حقه شيئا؟ فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا ثم قال والله ما رأيته يعطي سائلا قط ولا رأيته ينفق من ماله شيئا في شيء من سبيل الله بخير الا هذه الصدقة التي يؤديها البر والفاجر قال فسله يا رسول الله هل كتمت من الزكاة شيئا قط أو ما كست فيها طالبها؟ قال فسأله رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال لا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قم ان ادرى (1) لعله خير منك (عن أبي هريرة) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الأرواح جنود مجندة (3) فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف (وعنه ايضا) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال من أحب وقال هاشم (5) (من سره) أن يجد طعم الإيمان فليحب

_ ابن مدرك ثنا ابراهيم بن سعد ثنا بن شهاب عن أبي الطفيل الخ (غريبه) (1) أي ما ادرى لعله خير منك عند الله عز وجل وفيه ان من حافظ على الفرائض بشروطها وحقوقها كان مقبولا عند الله عز وجل وان لم يزد عليها شيئا من النوافل والله اعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجاله رجال الصحيح إلا مظفر بن مدرك وهو ثقة ثبت (2) (سنده) حدثنا عبد الصمد وحسن بن موسى قالا ثنا حماد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) الأرواح التي تقوم بها الاجساد جموع متجمعة وأنواع مختلفة (فما تعارف) أي توافق في الصفات وتناسب في الأخلاق (منها ائتلف) أي ألف قلبه قلب الآخر وان تباعدا (وما تناكر منها) أي لم يتوافق ولم يتناسب (اختلف) أي نافر قلبه قلب الآخر وان تقاربا جسدا فالائتلاف والاختلاف للقلوب والأرواح البشرية التي هي النفوس الناطقة مجبولة على ضرائب مختلفة وشواكل متباينة فكل ما تشاكل منها في عالم الأرواح تعارف في عالم الخلق وكل ما كان غير ذلك في عالم الأرواح تناكر في عالم الخلق فتعارف الأرواح يقع على حسب الطباع التي خطرت عليها من موجبات السعادة أو قضايا الشقاوة فما توافق في الصفات ائتلف وما تباين في ذلك تنافر واختلف والله الموفق (تخريجه) (م د) وأخرجه البخاري عن عائشة والطبراني عن ابن مسعود قال الهيثمي رجال الطبراني رجال الصحيح (4) (سنده) حدثنا محمد يعني ابن جعفر وهاشم قالا ثنا شعبة قال هاشم أخبرني يحيى بن أبي سليم سمعت عمرو بن ميمون وقال محمد عن ابي بلج (بفتح الموحدة وسكون اللام) عن عمرو بن ميمون عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) هاشم احد الراويين اللذين روي

المرء ولا يحبه لله عز وجل (وعنه أيضا) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل يقول أين المتحابون بحلالى (2) اليوم أظلهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي (وعنه أيضا) (3) يرفعه قال لا تدخلون الجنة حتى تؤمنوا ولا تؤمنوا حتى تحابوا ألا أدلكم على رأس ذلك أو ملاك ذلك افشوا السلام بينكم (وفي رواية) ألا ادلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ افشوا السلام بينكم (عن عمرو بن الجموح) (4) أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لا يحق العبد حق صريح الايمان (5) حتى يحب لله ويبغض لله فإذا أحب لله تبارك وتعالى وأبغض لله تبارك وتعالى فقد استحق الولاء من الله تعالى وان أوليائي من عبادي وأحبابي من خلقي الذين يذكرون بذكري (6) واذكرهم بذكرهم (7) (باب ثواب المتحابين في الله وما اعده الله لهم من الأجر العظيم والنعيم المقيم) (عن أبي سعيد الخدري) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان المتحابين لترى غرفهم في الجنة كالكوكب الطالع الشرقي والغربي فيقال من هؤلاء؟ فيقال هؤلاء المتحابون في الله عز وجل (عن العرباض بن سارية) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل المتحابون بحلالي في ظل عرشي يوم لا ظل إلا ظلي (10) (عن أبي أمامة) (11) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ما أحب عبد عبد الله عز وجل إلا أكرم ربه عز وجل (12)

_ عنهما الإمام أحمد هذا الحديث يعني انه قال في روايته من سره بدل من أحب (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) ورجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا فليح عن عبد الله بن عبد الرحمن عن سعيد ابن يسار عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) بسبب عظمتي ولأجل تعظيمي أو الذين يكون التحابب بينهم لأجل رضا جنابي وجزاء ثوابي قاله في المرقاة (تخريجه) (م وغيره) (3) (وعنه أيضا الخ) هذا الحديث تقدم مثله بسنده وشرحه وتخريجه في أول كتاب السلام والاستئذان في الجزء السابع عشر صحيفة 330 رقم 1 فارجع اليه (4) (سنده) حدثنا الهيثم بن خارجة قال أبو عبد الرحمن وسمعته أنا من الهيثم ثنا رشدين بن سعد عن عبد الله بن الوليد عن ابي منصور ومولى الأنصار عن عمرو ابن الجموح الخ (غريبه) (5) معناه لا يبلغ العبد حقيقة الايمان حتى يحب لله ويبغض لله (6) أي الذين يشتغلون بذكرى عبادتي (7) اي بسبب ذكرهم اياي وذكر الله لعبده رضاه ورحمته واظهار ذلك على الملأ الأعلى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه رشدين بن سعد وهو منقطع ضعيف (قلت) وكذلك هو عند الطبراني في الأوسط (باب) (8) (سنده) حدثنا علي بن عياش ثنا محمد ابن مطرف ثنا أبو حازم عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله ثقات (9) (سنده) حدثنا هيثم بن خارجة قال ثنا ابن عياش يعني اسماعيل عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن ميسرة عن العرباض بن سارية الخ (10) جاء في الأصل بعد هذه الجملة قال عبد الله (يعني ابن الامام احمد) واحسبني قد سمعته منه ومعناه يظن عبد الله انه سمع هذا الحديث ايضا من هيثم ابن خارجه كما سمعته من أبيه الامام احمد رحمهما الله (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) واسنادهما جيد (11) (سنده) حدثنا ابراهيم بن مهدي ثنا اسماعيل بن عياش عن يحيى بن الحارث عن القاسم عن أبي أمامة الخ (غريبه) (12) اكرام العبد لربه عز وجل امتثال امره واجتناب نواهيه

(عن سهل بن سعد الساعدي) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن مألفة (2) ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف (عن أبي مسلم الخولاني) (3) قال دخلت مسجد حمص فإذا فيه نحو من ثلاثين كهلا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فإذا فيهم شاب أكحل العينين براق الثنايا (وفي رواية حسن الوجه ادعج العينين اغر الثنايا) ساكت فإذا امترى (4) القوم في شيء اقبلوا عليه فسألوه (وفي رواية فإذا اختلفوا في شيء فقال قولا انتهوا إلى قوله) (5) فقلت لجليس لي من هذا؟ قال هذا معاذ بن جبل فوقع له في نفسي حب فكنت معهم حتى تفرقوا ثم هجرت (6) إلى المسجد فإذا معاذ بن جبل قائم يصلي إلى سارية فسكت لا يكلمني فصليت ثم جلست فاحتبيت برداء لي ثم جلس فسكت لا يكلمني وسكت لا اكله ثم قلت والله اني لأحبك قال فيم تحبني؟ قال قلت في الله تبارك وتعالى فأخذ بحبوني فجرني اليه هنية (7) ثم قال ابشر ان كنت صادقا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المتحابون في جلالي لهم منابر من نور يغبطهم النبيون (8) والشهداء (وفي رواية) احب انه قال في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله (وفي أخرى) يوضع لهم كراسي من نور يغبطهم بمجلسهم من الرب النبيون والصديقون والشهداء قال فخرجت فلقيت عبادة بن الصامت فقلت يا أبا الوليد ألا أحدثك بما حدثني معاذ بن جبل في المتحابين؟ قال فأنا احدثك عن النبي صلى الله عليه وسلم يرفعه إلى الرب عز وجل قال حقت محبتي (9) للمتحابين في وحقت

_ والحب في الله والبغض في الله من الأمور التي حث عليها الشارع فمن أحب انسانا لله عز وجل امتثل أمره وبهذا الاعتبار يكون قد أكرم ربه والله أعلم (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام احمد فقط ورمز له بعلامة الصحيح لكن قال شارحه المناوي رمز لحسنه وهو كما قال أو اعلى فقد قال الهيثمي وغيره رجاله وثقوا اهـ (قلت) يحتمل أن النسخة التي وقعت للمناوي كان الرمز فيها بعلامة الحسن والله أعلم (1) (سنده) حدثنا علي بن بحر ثنا عيسى بن يونس عن الحسن بن ثابت عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي الخ (غريبه) (2) معناه يألف ويؤلف كما جاء في بعض الروايات فو يألف الناس لكرم أخلاقه وسهوله طباعه ونيته وتألفه الناس لأن الإيمان هذبه واما ضعيف الايمان فلا تألفه الناس لسوء خلقه وشذوذ طباعه ولا يألفهم لعدم اقبالهم عليه ومن دواعي التآلف ترك الجدال والمراء وكثرة المزاح والاعتذار عند توهم شيء في النفس (تخريجه) لم أقف عليه من حديث سهل بن سعد لغير الامام احمد وصححه الحافظ السيوطي والهيثمي (3) (سنده) حدثنا كثير بن هشام ثنا جعفر يعني ابن برقان ثنا حبيب بن أبي مرزوق عن عطاء بن ابي رباح عن أبي مسلم الخولاني الخ (غريبه) (4) أي اختلفوا في شيء كما صرح بذلك في الرواية الأخرى (5) معناه أطاعوه واقتدوا به (6) بفتح أوله والجيم المشددة أي بكرت قال في النهاية التهجير التبكير إلى كل شيء والمبادرة إليه (7) أي شيئا قليلا (8) الغبطة بالكسر أن تتمنى مثل حال المغبوط من غير أن تريد زوالها عنه وليس بحسد (9) وفي رواية وجبت محبتي الخ معناه أن الله عز وجل أوجب على نفسه محبة المتحابين فيه كما قال تعالى (وكان حقا علينا نصر المؤمنين) (والمتزاورين) الذين يزور بعضهم بعضا لله (والمتباذلين) الذين يبذلون أموالهم ويتصدقون بها ابتغاء مرضاة الله (والمتواصلين) الذين يصل بعضهم

محبتي للمتزاورين في وحقت محبتي للمتباذلين في وحقت محبتي للمتواصلين في (عن أبي مالك الأشعري) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ايها الناس اسمعوا واعقلوا واعلموا أن لله عز وجل عبادا ليسوا بأنبياء ولا شهداء يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله فجاء رجل من الاعراب من قاصية الناس وألوى بيده إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال يا نبي الله ناس ليسوا بانبياء ولا شهدا يغبطهم الأنبياء والشهداء على مجالسهم وقربهم من الله انعتهم لنا يعني صفهم لنا فسر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لسؤال الأعرابي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هم ناس من أفناء الناس ونوازع القبائل لم تصل بينهم أرحام متقاربة تحابوا في الله وتصافوا يضع الله لهم يوم القيامة منابر من نور فيجلسهم عليها فيجعل وجوههم نورا وثيابهم نورا يفزع الناس يوم القيامة ولا يفزعون وهم أولياء الله تعالى الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون (باب من أحب انسانا فليخبره) (عن أنس بن مالك) (2) قال كنت جالسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر رجل فقال رجل من القوم يا رسول الله اني لأحب هذا الرجل قال هل أعلمته بذلك؟ قال لا قال قم فأعلمه قال فقام اليه فقال يا هذا والله اني لأحبك في الله قال أحبك الذي احببتني له (وفي لفظ) قم فأخبره تثبت المودة بينكما (عن أبي ذر) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا أحب احدكم صاحبه فليأته في منزله فليخبره انه يحبه لله وقد جئتك في منزلك (4) (باب حقوق الصحبة والمؤاخاة في الله تعالى) (عن ابن عمر) (5) ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ويقول والذي نفس محمد بيده ما تواد اثنان ففرق بينهما إلا بذنب يحدثه أحدهما (6) وكان يقول للمرء المسلم على أخيه ست يشتمه إذا

_ بعضا كصلة الرحم والأقارب الفقراء ونحو ذلك (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه مالك باسناد صحيح وابن حبان في صحيحه اهـ (قلت) ورواه الطبراني باختصار والبزار بعض حديث عبادة فقط وروى الترمذي طرفا من حديث معاذ وحده ورواه الحاكم بمعناه كما هنا وصححه على شرط الشيخين واقره الذهبي (1) (عن أبي مالك الأشعري الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب جامع صفة الصلاة من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 151 رقم 478 وأورد المنذري هذا الطرف منه وقال رواه (حم عل) باسناد حسن والحاكم وقال صحيح الاسناد (باب) (2) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب ثنا حسين بن واقد حدثني ثابت البناني حدثني أنس بن مالك الخ (تخريجه) (حب) في صحيحه والحاكم وصححه وأقره الذهبي (3) (سنده) حدثنا احمد بن الحجاج ثنا عبد الله انا بن لهيعة ثنا يزيد بن أبي حبيب ان ابا سالم الجيشاني اتى الى أبي أميه في منزله فقال اني سمعت ابا ذر يقول انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول الخ (غريبه) (4) الظاهر أن قرله وقد جئتك في منزلك مدرج من قوله أبي سالم الجيشاني يخاطب أبا أمية وقد أحبه في الله فأتاه إلى منزله كما سمع الحديث من أبي ذر والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد واسناده حسن اهـ (قلت) ورواه أيضا الضباء المقدسي (باب) (5) (سنده) حدثنا موسى بن داود حدثنا ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (6) معناه أن الله عز وجل لم يفرق بينهما ماداما على طاعة الله عز وجل

عطس ويعوده إذا مرض وينصحه إذا غاب ويشهده ويسلم عليه إذا لقيه ويجيبه إذا دعاه ويتبعه اذا مات ونهى عن هجرة المسلم أخاه فوق ثلاث (عن الحسن) (1) حدثني رجل من بني سليط قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم وهو في أزفلة (2) من الناس فسمعته يقول المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله التقوى ههنا قال حماد وقال بيده إلى صدره وما تواد رجلان في الله عز وجل فتفرق بينهما الا بحدث يحدثه أحدهما والمحدث شر والمحدث شر (3) (عن أبي ظبية) (4) قال ان شرحبيل بن السمط دعا عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه فقال يابن عبسة هل أنت محدثي حديثا سمعته أنت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه تزيد ولا كذب ولا تحدثنيه عن آخر سمعه منه غيرك؟ قال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله عز وجل يقول قد حقت (5) محبتي للذين يتحابون من اجلي وحقت محبتي للذين يتصافون من أجلي وحقت محبتي للذين يتزاورون من أجلي وحقت محبتي للذين يتباذلون من أجلي وحقت محبتي للذين يتنافرون من أجلي (باب الترغيب في زيارة الصاحب وعيادته إذا مرض) (عن ابي هريرة) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خرج رجل يزور أخاه في الله عز وجل في قرية أخرى فأرصد الله عز وجل بمدرجته (7) ملكا فلما مر به قال أين تريد؟ قال أريد فلانا قال لقرابة؟ قال لا قال فلنعمة له عندك تربها؟ (8) قال لا قال فلم تأتيه قال اني احبه في الله قال فإني رسول الله اليك انه يحبك بحبك اياه فيه (وعنه أيضا) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا زار المسلم اخاه في الله أوعاده قال الله عز وجل طبت وتبوأت من الجنة منزلا (زاد في رواية)

_ فإذا أحدث أحدهما ذنبا فرق الله بينهما (تخريجه) أورده الهيثمي كله ما عدا النهي عن هجرة المسلم أخاه وقال رواه أحمد واسناده حسن اهـ (قلت) النهي عن ظلم المسلم وخذلانه جاء في الصحيحين وغيرهما وكذلك النهي عن هجرة المسلم أخاه فوق ثلاث وقد عقدت لذلك بابا مخصوصا سيأتي في قسم الترهيب (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد انا علي بن زيد عن الحسن الخ (وله في طريق أخرى) عند الامام احمد قال حدثنا عفان ثنا المبارك بن فضالة ثنا الحسن أخبرني شيخ من بني سليط قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم لا كلمة في سببي أصيب لنا في الجاهلية فذكر نحوه باختصار إلى قوله التقوى هاهنا أي في القلب (غريبه) (2) أي جماعة فقد جاء في الطريق الثانية فإذا هو يحدث القوم وحلقة قد اطافت به (3) كررها ثلاثا للتأكيد ومعناه ان المحدث هو الذي أحدث الشر فهو آثم يعاقب على اثمه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد بأسانيد واسناده حسن ورواه أبو يعلي بنحوه (4) (سنده) حدثنا هاشم حدثني عبد الحميد حدثني شهر حدثني أبو ظبية قال ان شرحبيل الخ (غريبه) (5) أي وجبت وتقدم الكلام على ذلك في شرح حديث أبي مسلم الخولاني قبل باب (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد ورواته ثقات والطبراني في الثلاثة واللفظ له والحاكم وقال صحيح الأسناد (باب) (6) (سنده) حدثنا يزيد حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أبي رافع عن أبي هريرة الخ (غريبه) (7) أي بطريقه (8) بفتح أوله وضم الراء وتشديد الموحدة مضمومة أي تقوم بها وتسعى في صلاحها كما يربي الرجل ولده (تخريجه) (م) والبخاري في الأدب المفرد (9) (سنده) حدثنا موسى بن داود ثنا حماد بن سلمة عن أبي سنان

بعد قوله طبت (وطاب ممشاك) (عن ثوبان) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا عاد الرجل المسلم اخاه المسلم فهو في مخرفة الجنة وفي لفظ فهو في اخراف (2) الجنة حتى يرجع (وعنه من طريق ثان) (3) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من عاد مريضا لم يزل في خرفة الجنة قيل وما خرفة الجنة؟ قال جناها (باب الترغيب في عيادة المريض مطلقا وثواب ذلك) (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) (4) قال جاء أبو موسى الى الحسن بن علي يعوده فقال له علي اعائدا جئت أم شامتا؟ (5) قال لا بل عائدا (6) قال فقال له ان كنت جئت عائدا فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا عاد الرجل أخاه المسلم مشى في خرافة (7) الجنة حتى يجلس فإذا جلس غمرته الرحمة فان كان غدوة صلى عليه سبعون الف ملك حتى يمسي وان كان مساءا صلى عليه سبعون الف ملك حتى يصبح (ومن طريق ثانية) (8) عن عبد الله بن نافع قال عاد أبو موسى الأشعري الحسن بن علي فقال له علي اعائدا جئت ام زائرا؟ فقال أبو موسى بل جئت عائدا فقال علي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من عاد مريضا بكرا (9) شيعة سبعون الف ملك كلهم يستغفر له حتى يمسي وكان له خريف في الجنة (10) وان عاده مساءا شيعه سبعون الف ملك كلهم يستغفر له حتى يصبح وكان له خريف في الجنة (عن علي رضي الله عنه) (11)

_ عن عثمان بن أبي سودة عن أبي هريرة الخ (تخريجه) لم اقف عليه من حديث ابي هريرة لغير الامام احمد وله شاهد من حديث انس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال (مامن عبد مسلم اتى أخاه يزوره في الله إلا نادى مناد من السماء ان طبت وطابت لك الجنة والا قال الله تعالى في ملكوت عرشه عبدي زارني وعلى فراه فلم يرض له بثواب دون الجنة) أورده الهيثمي وقال رواه البزار وأبو يعلي ورجال أبي يعلي رجال الصحيح غير ميمون بن عجلان وهو ثقة (1) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عاصم الأحول عن أبي قلابة عن أبي اسماء الرحبي عن ثوبان (يعني مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) الخ (غريبه) (2) جمع خرفة كغرفة هو ما يخترف من نخلها أي يجتنى من الثمر أي لم يزل كأنه في بستان يجتنى منه الثمر شبه ما يحوزه العائد من الثواب بما يحوزه المخترف من الثمر (3) (سنده) حدثنا يزيد انا عياض عن عبد الله بن زيد عن أبي الأشعث الصنعاني عن أبي أسماء الرحبي عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م وغيره) (باب) (4) (سنده) حدثنا معاوية حدثنا الأعمش عن الحكم بن عتيبة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الخ (غريبه) (5) الظاهر والله أعلم انه كان بين أبي موسى وعلي أو الحسن أمور شخصية حتى قال علي ذلك لأبي موسى (6) لم تمنع الأمور التي كانت بينهما من عيادة أبي موسى للمريض لما يعلمه من الحث عليها وكثرة ثوابها (7) بكسر الخاء المعجمة أي اجتناء ثمر الجنة وتقدم الكلام على ذلك (8) (سنده) حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا شعبة عن الحكم عن عبد الله بن نافع الخ (9) بضم الموحدة وفتح الكاف أي مبكرا (10) أي طريق أو بستان من النخل يجنى ثماره (تخريجه) (د مذ جه حب ك) وقال الترمذي حسن غريب وقد روى عن علي موقوفا اهـ ورواه الحاكم مرفوعا كما هنا وقال هذا اسناده صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لأن جماعة من الرواة أوقفوه عن الحكم بن عتيبة ومنصور بن المعتمر عن ابن ابي ليلى عن علي من حديث شعبة عنهما قال وانا على أصلى في الحكم لراوي الزيادة وأقره الذهبي على ذلك (11) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه في باب المشي أمام الجنازة

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من مسلم عاد أخاه إلا ابتعث الله له سبعين ألف ملك يصلون عليه من أي ساعات النهار كان حتى يمسي ومن أي ساعات الليل كان حتى يصبح (ز) (عن علي رضي الله عنه) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من عاد مريضا مشى في خراف الجنة فإذا جلس عنده استنقع (2) في الرحمة فإذا خرج من عنده وكل به سبعون ألف ملك يستغفرون له ذلك اليوم (عن أبي هريرة) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم عن الله عز وجل انه قال مرضت فلم يعدني ابن آدم (4) وظمئت فلم يسقني ابن آدم فقلت اتمرض يا رب (5) قال يمرض العبد من عبادي ممن في الأرض فلا يعاد فلو عاده كان ما يعوده لي (6) ويظمأ في الأرض فلا يسقى فلو سقى كان ما سقاه لي (عن هارون بن أبي داود) (7) حدثني أبي قال أتيت أنس بن مالك فقلت يا أبا حمزة ان المكان بعيد ونحن يعجبنا أن نعودك فرفع رأسه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أيما رجل يعود مريضا فإنما يخوض في الرحمة فإذا قعد عند المريض غمرته الرحمة قال فقلت يا رسول الله هذا

_ وخلفها من كتاب الجنائز في الجزء الثامن صحيفة 15 و 16 رقم 210 (1) (ز) (سنده) حدثنا محمد ابن أبي بكر المقدمي حدثنا سعيد بن سلمة يعني ابن أبي الحسام حدثنا مسلم بن أبي مريم عن رجل من الأنصار عن علي الخ (غريبه) (2) بضم التاء وكسر القاف مبني للمجهول أي استقر فيها كما يستقر النقيع في الماء (تخريجه) الحديث من زوائد عبد الله بن الامام احمد على مسند أبيه ولم اقف عليه لغير عبد الله وسنده ضعيف لأن فيه رجلا لم يسم (3) (سنده) حدثنا موسى بن داود قال ثنا ابن لهيعة عن عبيد الله ابن ابي جعفر عن سعيد بن أبي سعيد عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) قال العلماء انما اضاف المرض اليه سبحانه وتعالى والمراد العبد تشريفا للعبد وتقريبا له (5) الظاهر من السياق أن القائل (اتمرض يارب) هو النبي صلى الله عليه وسلم (6) قال العلماء في قوله (كان ما يعوده لي) وفي وقوله (كان ما سقاه لي) أي تقربا الي أثيبه عليه (تخريجه) (م) وفي اسناده عند الامام احمد ابن لهيعة وقد عنعن وهذا يقتضى أن يكون الحديث ضعيفا ولكن رواه مسلم بسند آخر ولفظ اثم (قال رحمه الله) حدثنا محمد بن حاتم بن ميمون حدثنا بهز حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل يقول يوم القيامة يا ابن آدم مرضت فلم تعدني قال يارب كيف أعودك وأنت رب العالمين؟ قال أما علمت ان عبدي فلانا مرض فلم تعده؟ أما علمت أنك لو عدته لو جدتني عنده (أي وجدت ثوابي وكرامتي) ياابن آدم استطعمتك فلم تطعمني قال يارب وكيف اطعمك وانت رب العالمين؟ قال أما علمت أنه استطعمك عبدي فلم تطعمه؟ أما علمت أنك لو اطعمته لو جدت ذلك عندي؟ يا ابن آدم استسقيتك فلم تسقني قال يا رب كيف اسقيك وانت رب العالمين؟ قال استسقاك عبدي فلان فلم تسقه اما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي اهـ (7) (سنده) حدثنا حسن ابن موسى قال سمعت هلال بن ابي داود الحبطى ابا هشام قال قال أخي هارون بن أبي داود الحبطي أبا هشام قال قال أخي هارون بن أبي داود حدثني أبي قال أتيت أنس بن مالك الخ (تخريجه) أورده المنذري بصيغة التمريض ولم يبين علته وقال رواه احمد ورواه ابن أبي الدنيا والطبراني في الصغير والأوسط وزاد (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مرض العبد ثلاثة أيام خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه اهـ) (قلت) في اسناد حديث الباب ابو داود الحبطي قال الهيثمي

الصحيح الذي يعود المريض فالمريض ماله؟ قال تحط عنه ذنوبه (عن كعب بن مالك) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عاد مريضا خاض في الرحمة فإذا جلس عنده استنقع فيها (2) وقد استنقعتم ان شاء الله في الرحمة (عن أبي سعيد الخدري) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عودوا المريض وامشوا في الجنائز تذكركم الآخرة (عن أبي أمامة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عائد المريض يخوض في الرحمة ووضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على وركه ثم قال هكذا (5) مقبلا ومدبرا واذا جلس عنده غمرته (6) الرحمة (باب الترغيب في كلمات يدعى بهن للمريض وكلمات يقولهن المريض) (عن ابن عباس) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال ما من عبد مسلم يعود مريضا لم يحضر أجله فيقول سبع مرات اسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك إلا عوفى (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا جاء الرجل يعود مريضا قال اللهم

_ ضعيف جدًا اهـ ولذلك ذكره المنذري بصيغة التمريض والله أعلم (1) (سنده) حدثنا يونس قال ثنا ابو معشر عن عبد الرحمن بن عبد الله الانصاري قال دخل ابو بكر بن محمد بن عمرو بن حزم على عمر ابن الحكم بن ثوبان فقال يا أبا حفص حدثنا حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه اختلاف قال حدثني كعب بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أي استقر فيها (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه احمد باسناد حسن والطبراني في الكبير والأوسط ورواه فيهما ايضا من حديث عمرو بن حزم رضي الله عنه وزاد فيه (فإذا قام من عنده فلا يزال يخوض فيها حتى يرجع من حيث خرج) واسناده إلى الحسن أقرب (3) (سنده) حدثنا يحيى عن المثنى حدثنا قتادة عن أبي عيسى الأسواري عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) (بز حب) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار ورجاله ثقات (4) (سنده) حدثنا علي بن اسحاق انا عبد الله يعني ابن المبارك انا يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة الخ (غريبه) (5) أي ثم فعل هكذا يعني أمر يده على فخذه مقبلا ومدبرا لأن القول يطلق على معنى الفعل في كثير من الاحوال ومعناه أنه يخوض في الرحمة إلى وركه (6) أي علته وسترته (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام أحمد والطبراني في الكبير وزاد فيه (ومن تمام عيادة المريض أن يضع أحدكم يده على وجهه أو يده فيسأله كيف هو وتمام تحيتكم بينكم المصافحة) ورمز له بعلامة الضعف (قلت) قال شارحه المناوى ورواه أيضا ابن منيع والديلمى عن أبي أمامة (قال الهيثمي) فيه عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد وكلاهما ضعيف (تنبيه) جاء في شرح المناوى على الجامع الصغير عبد الله بن زحر وعلي بن يزيد وكلاهما خطأ من الناسخ وتصحيحهما كما ذكرنا عبيد الله بن زحر وعلي بن يزيد يعني الالهانى فتنبه (باب) (7) (سنده) حدثنا محمد ابن جعفر حدثنا شعبة عن يزيد أبي خالد قال سمعت المنهال بن عمرو يحدث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أبو داود والترمذي وحسنه والنسائي وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال صحيح على شرط البخاري اهـ (قلت) واقر الذهبي تصحيح الحاكم (8) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثني حيي بن عبد الله أن أبا عبد الرحمن احبلى حدثه عن عبد الله بن

اشف عبدك ينكأ لك (1) عدوا ويمشي لك إلى الصلاة (عن ابي امامة) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من تمام عيادة المريض ان يضع أحدكم يده على جبهته أو يده فيسأل كيف هو وتمام تحياتكم بينكم المصافحة (عن عائشة رضي الله عنها) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد مريضا قال اذهب البأس رب الناس واشف انك انت الشافي ولا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما (عن أم سلمة رضي الله عنها) (4) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا حضرتم الميت أو المريض فقولوا خيرا (5) فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون (6) (عن أنس بن مالك) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل على اعرابي يعوده وهو محموم فقال كفارة وطهور (8) فقال الأعرابي بل حمى تفور (9) على شيخ كبير تزيره القبور (10) فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركه (11)

_ عمرو بن العاص الخ (غريبه) (1) بفتح الياء التحتية وفتح الكاف بينهما نون ساكنة وآخره همرة مجزوم في جواب الأمر ويجوز رفعه على انه خبر لمبتدأ محذوف تقديره فهو ينكأ وفي المصباح نكأت القرحة انكؤها مهموز بفتحتين فشرتها ونكأت في العدو نكئا من باب نفع ايضا لغة في نكيت فيه اتكى من باب رمى والاسم النكاية بالكسر اذا قتلت واثخنت (تخريجه) (د ك حب) وابن السني في عمل اليوم الليلة وصححه الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي (2) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد ثنا ابن المبارك وعلي بن اسحاق انا ابن المبارك عن يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي امامة الخ (تخريجه) (مذ) وقال اسناده ليس بالقوي ونقل عن البخاري ان عبيد الله بن زحر وكذا القاسم ثقتان لكن علي بن يزيد ضعيف اهـ وقال الحاقظ حديث الترمذي سنده لين اهـ وقال الحافظ السيوطي له شواهد تعضده (منها) عن أبي رهم السمعي عند الطبراني (ومنها) عن أبي هريرة عند البيهق (ومنها) عن عائشة عند ابن السني وغير ذلك والله أعلم (3) (سنده) حدثنا سريج قال ثنا أبو عوانة عن منصور عن ابراهيم عن مسروق عن عائشة الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) (4) (سنده) حدثنا ابو معاوية قال ثنا الأعمش عن شقيق عن أم سلمة الخ (غريبه) (5) كأن يدعو للميت بالرحمة والمغفرة ويأمر أهله بالصبر وعدم الجزع والنوح ويدعو للمريض بالشفا ويبشره بالصحة والعافية ان شاء الله ونحو ذلك (6) ليس هذا آخر الحديث وبقيته قالت فلما مات ابو سلمة اتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ان أبا سلمة قد مات فقال قولي اللهم اغفر لي وله واعقبني منه عقبى حسنة قالت فأعقبني الله عز وجل من هو خير لي منه محمد صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (م حب ك والأربعة) (7) (سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا أبو ربيعة عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (8) هذا دعاء للمريض بتكفير ذنوبه وطهارته من دنسها (9) أي شديدة الحرارة كحرارة ما في القدر عند فورانه (10) أي تكون سببا في موته (11) جاء عند عبد الرزاق من حديث ابن عباس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنعم إذا ومعناه أنه سيموت بسببها ولهذا تركه النبي صلى الله عليه وسلم لأنه لم يجد عنده صبرا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد من حديث أنس وسنده جيد وله شاهد عند عبد الرزاق عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم دخل على اعرابي يعوده فقال طهور ان شاء الله فقال الاعرابي كلا بل هي حمى تفور على شيخ كبير كيما تزيره

(كتاب المجالس وآدابها)

(65) (كتاب المجالس وآدابها) (باب النهي عن الجلوس في الطرقات إلا بحقها) (عن أبي سعيد الخدري) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اياكم والجلوس في الطرقات قالوا يا رسول الله مالنا من مجالسنا بد نتحدث فيها قال فأما إذا ابيتم فأعطوا الطريق حقه قالوا يا رسول الله فما حق الطريق؟ قال غض النضر وكف الأذى (2) ورد السلام والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (عن ابي طلحة الانصاري) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه (عن البراء بن عازب) (4) قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم على مجلس من الأنصار فقال أن أبيتم الا ان تجلسوا فاهدوا السبيل (5) وردوا السلام واعينوا المظلوم (عن أبي شريح بن عمرو الخزاعي) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اياكم والجلوس على الصعدات فمن جلس منكم على الصعيد فليعطه حقه قال قلنا يا رسول الله وما حقه؟ قال غضوض البصر ورد

_ القبور فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فنعم إذا (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الرحمن ثنا زهير ابن محمد عن زيد بن اسلم عن عطاء بن يسار عن ابي سعيد الخدري الخ (غريبه) (2) يشير إلى السلامة من احتقار الناس والغيبة (تخريجه) (ق وغيرهما) (3) (سنده) حدثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عثمان بن حكيم قال حدثني اسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة قال حدثني أبي قال قال أبو طلحة كنا جلوسا بالأفنية فمر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما لكم ومجالس الصعدات اجتنبوا الصعدات قال قلنا يا رسول الله انا جلسنا لغير ما بأس نتذاكر ونتحدث قال فأعطوا المجالس حقها قلنا وما حقها؟ قال غض البصر ورد السلام وحسن الكلام (قلت) الأفنية جمع فناء بكسر الفاء ونون ومد وهو المكان المتسع أمام الدار (والصعدات) بضم الصاد والعين المهملتين جمع صعيد وهو المكان الواسع (تخريجه) (م وغيره) (4) (سنده) حدثنا حسين بن محمد ثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن البراء (يعني ابن عازب) الخ (غريبه) (5) أي الضال عن الطريق كالأعمى والجاهل بالطريق ونحو ذلك (تخريجه) (مذ) وحسنه مع أن الحديث منقطع كما صرح بذلك في طريق أخرى للامام احمد قال حدثنا عفان ثنا شعبة انا ابو اسحاق عن البراء قال شعبة ولم يسمعه من البراء ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بناس من الانصار فذكره (قلت) وانما حسنه الترمذي لكثرة شواهده الصحيحه والله أعلم (6) (سنده) حدثنا صفوان قال انا عبد الله بن سعيد عن أبيه عن أبي شريح بن عمرو الخزاعي الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه عبد الله بن سعيد المقبري وهو ضعيف جدا (فائدة) جاء في أحاديث الباب عند الامام احمد سبع خصال من حقوق الطريق وجاءت حقوق اخرى في أحاديث اخرى غير أحاديث الباب ذكرها الحافظ في شرحه على البخاري ثم قال ومجموع ما في هذه الأحاديث أربعة عشر أدبا وقد نظمتها في ثلاثة أبيات وهي: (جمعت آداب من رام الجلوس على الطريق من قول خير الخلق انسان) (افش السلام واحسن في الكلام وشمت عاطسا وسلاما رد احسانا) (في الحمل عاون ومظلوما أعن واغث لهفان واهد سبيلا واهد حيرانا)

التحية وأمر بمعروف ونهي عن منكر (باب ما جاء في خير المجالس وشرها) (عن عبد الرحمن ابن ابي عمرة) (1) الأنصاري قال أخبر أبو سعيد (2) بجنازة فعاد وقد تخلف حتى إذا أخذ الناس مجالسهم ثم جاء فلما رآه القوم تشذبوا (3) عنه فقام بعضهم ليجلس في مجلسه فقال لا اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان خير المجالس اوسعها (4) ثم تنحى وجلس في مجلس واسع (عن أبي عياض) (5) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يجلس بين الضح (6) والظل وقال مجلس الشيطان (عن أبي هريرة) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان أحدكم جالسا في الشمس فقلصت (8) عنه فليتحول من مجلسه (عن أي سعيد الخدري) (9) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن المجالس ثلاثة سالم (10) وغانم وشاجب (عن جابر بن عبد الله) (11) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المجالس بالأمانة (12) إلا ثلاثة مجالس مجلس يسفك فيه دم حرام ومجلس يستحل فيه فرج حرام ومجلس يستحل فيه مال من غير حق

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو عامر ثنا عبد الرحمن بن أبي الموالي حدثني عبد الرحمن ابن أبي عمرة الأنصاري الخ (قلت) قال أبو داود هو عبد الرحمن بن عمرو بن أبي عمرة الأنصاري (2) يعني الخدري رضي الله عنه (3) أي تفرقوا وقام بعضهم ليجلس في مجلسه (4) أي لأنها أبعد من تأذى أهلها وامكن للتفسيح المأمور به (تخريجه) (د ك حب) والبخاري في الأدب المفرد وسكت عنه أبو داود والمنذري وقال النووي في رياض الصالحين اسناده صحيح على شرط البخاري اهـ وصححه الحاكم وأقره الذهبي (5) (سنده) حدثنا بهز وعفان قالا ثنا همام قال عفان في حديثه ثنا قتادة عن كثير عن أبي عياض الخ (غريبه) (6) الضح بفتح المعجمة وتشديد المهملة ضوء الشمس (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير كثير بن أبي كثير وهو ثقة (7) (سنده) حدثنا عفان ثنا عبد الوارث ثنا محمد بن المتكدر عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) بفتحات يقال قلص الظل من باب ضرب ارتفع وقلص الماء اذا ارتفع في البئر (تخريجه) (د حب) ورجاله ثقات (9) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن ابي سعيد الخ (غريبه) (10) أي لم يرتكب فيه ذنب (وغانم) اي اشتمل على جانب من العبادة كذكر وتلاوة قرآن وكل ما هو ممدوح شرعا وشاجب بالجيم أي هالك يقال شجب من باب نصر فهو شاجب وشجب من باب فرح فهو شجب والمعنى أما سالم من الاثم واما غانم للأجر واما هالك آثم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وهو حديث ضعيف لأن في اسناده دراج عن أبي الهيثم ودراج صدوق في حديثه عن أبي الهيثم ضعيف كما في التقريب وغيره (11) حدثنا سريج بن النعمان ثنا عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن ابن أخي جابر بن عبد الله عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (12) بالأمانة متعلق بمحذوف أي المجالس انما تحسن أو حسن المجالس وشرفها بأمانة حاضريها على ما يقع من قول أو فعل (قال القاضي عياض) يزيد أن المؤمن ينبغي إذا حضر مجلسا ووجد أهله على منكر أن يستر عوراتهم ولا يشيع ما يرى منهم (إلا ثلاثة) اي إلا أن يكون أحد هذه الثلاثة فإنه فساد كبير واخفاؤه إضرار عظيم (تخريجه) (د) وحسنه الحافظ السيوطي وقال المنذري ابن اخي جابر مجهول قال وفيه ايضا عبد الله بن نافع الصائغ روى له مسلم وغيره وفيه كلام

(عن عبد الله بن عمرو) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من قوم جلسوا مجلسا لم يذكروا الله فيه إلا رأوه حسرة يوم القيامة (عن أبي هريرة) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما قعد قوم مقعدا لا يذكرون الله عز وجل ويصلون على النبي صلى الله عليه وسلم الا كان عليهم حسرة يوم القيامة وان دخلوا الجنة للثواب (3) (وعنه أيضا) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما اجتمع قوم ثم تفرقوا لم يذكروا الله كأنما تفرقوا عن جيفة حمار (5) (باب آداب تختص بالقادم على المجلس) (عن جابر بن سمرة) (6) قال كنا إذا جئنا إليه يعني النبي صلى الله عليه وسلم جلس احدنا حيث ينتهي (عن ابن عمر) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه فيجلس فيه ولكن تفسحوا وتوسعوا (عن أبي هريرة) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقيم الرجل الرجل من مجلسه ولكن افسحوا يفسح الله لكم (عن سعيد بن أبي الحسن البصري) (9) يحدث عن أبي بكرة أنه دعى إلى شهادة مرة فجاء إلى البيت فقام له رجل من مجلسه فقال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام الرجل للرجل من مجلسه أن يجلس فيه وعن أن يمسح الرجل يده بثوب من لا يملك (عن أبي الخصيب) (10) قال كنت قاعدا فجاء ابن عمر فقام رجل من مجلسه له فلم يجلس فيه وقعد

_ وقال الزين العراقي وابن أخيه غير مسمى عنده (1) (سنده) حدثنا أبو سعيد مولى بني هاشم حدثنا شداد ابو طلحة الراسي سمعت أبا الوازع جابر بن عمرو يحدث عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (تخريجه) لم أقف عليه من حديث عبد الله بن عمرو لغير الامام أحمد وأورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (2) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) أي الثواب على أعمال أخرى ولكنهم يتحسرون بسبب تفريطهم في ذكر الله تعالى وذلك لما يظهر لهم في موقف الحساب من أجور العامرين لمجالسهم بذكر الله تعالى (تخريجه) (حب ك) وصححه المنذري والحاكم وأقره الذهبي (4) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الرحمن عن محمد بن عمرو بن علقمة عن رجل عن أبي هريرة الخ (غريبة) (5) أي مثلها في النتن وفي هذا التشبيه غاية التنفير عن ترك ذكر الله تعالى في المجالس وانه ينبغي لكل احد ان لا يجلس فيه ولا يلامس أهله وان يفر عنه كما يفر عن جيفة الحمار (تخريجه) (د مذ حب ك) وحسنه الترمذي صححه الحاكم وأقره الذهبي وقال النووي في الأذكار والرياض اسناده صحيح (باب) (6) (سنده) حدثنا اسود بن عامر ثنا شريك عن سماك عن جابر بن سمرة الخ (تخريجه) (د نس مذ طل) وقال الترمذي حسن غريب (7) (سنده) حدثنا يحيى عن عبيد الله اخبرني نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) زاد في رواية وكان ابن عمر اذا قام له رجل من مجلسه لم يجلس فيه (8) (سنده) حدثنا يونس ثنا فليح عن أيوب بن عبد الرحمن عن يعقوب بن أبي يعقوب عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وقال تفرد به احمد اهـ (قلت) وسنده حسن (9) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا شعبة عن عبد ربه بن سعيد قال سمعت مولى لآ أبي موسى الأشعري يكنى أبا عبد الله قال سمعت سعيد ابن أبي الحسن البصري يحدث عن أبي بكرة الخ (تخريجه) (د طل ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (10) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عقيل بن طلحة سمعت أبا الخصيب قال كنت

في مكان آخر فقال الرجل ما كان عليك لو قعدت فقال لم أكن أقعد في مقعدك ولا مقعد غيرك بعد شيء شهدته من رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام له رجل من مجلسه فذهب ليجلس فيه فهناه رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن أبي المليح) (1) أنه قال لأبي قلابة دخلت أنا وأبوك على ابن عمر فدثنا أنه دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فألقى له وسادة من أدم (2) حشوها ليف فلم أقعد عليها بقيت بيني وبينه (عن سعيد المقبري) (3) قال جلست الى ابن عمر ومعه رجل يحدثه فدخلت معهما فضرب بيده صدري وقال أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا تناجى اثنان فلا تجلس اليهما حتى تستأذنهما (باب آداب تختص بمن في المجلس) (عن عبد الله) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنتم ثلاثة فلا يتناج (5) اثنان دون صاحبهما فان ذلك يحزنه (وفي لفظ) لا يتسار اثنان دون الثالث (عن ابن عمر) (6) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتناجى اثنان دون الثالث اذا لم يكن معهم غيرهم قال ونهى النبي صلى الله عليه وسلم أن يخلف الرجل الرجل في مجلسه وقال إذا رجع فهو أحق به (وعنه أيضا) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كنتم ثلاثة فلا ينتجى اثنان دون صاحبهما قال قلنا فان كانوا اربعا (8) قال فلا يضر (عن جابر ابن عبد الله) (9) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من حدث في مجلس بحديث ثم التفت (10) فهي أمانة

_ قاعدًا الخ (قلت) الخصيب بوزن الخطيب اسمه زياد بن عبد الرحمن كما صرح بذلك أبو داود في سننه (تخريجه) (د طل) وسنده صحيح (1) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد حدثنا خالد الحذاء أن أبا المليح قال لأبي قلابة الخ (غريبة) (2) بفتح الهمزة والدال المهملة الجلد وهو اسم جمع الواحد اديم أو هو جمع واحدته (ادمة) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله ثقات (3) (سنده) حدثنا سريج حدثنا عبد الله (يعني ابن عمر العمرى) عن سعيد المقبري الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد ورجاله ثقات (باب) (4) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) أي لا يتحدثان سرا بحضور الثالث وقد بين العلة بأن ذلك يحزنه (تخريجه) (ق مذ جه طل) (6) (سنده) حدثنا يزيد أخبرنا محمد بن اسحاق نافع عن ابن عمر قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم اقف عليه بهذا السياق لغير الامام احمد والطرف الأول منه تقدم معناه في الحديث السابق الذي رواه الشيخان وغيرهما والطرف الثاني أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) ورجاله ثقات إلا أن ابن اسحاق مدلس اهـ (قلت) ابن اسحاق ثقة امام يحتج بحديثه إذا صرح بالتحديث أما اذا عنعن فلا يحتج بحديثه لأنه منهم بالتدليس وقد عنعن في هذا الحديث لكن له شواهد كثيرة في الصحيحين وغيرهما تؤيده (7) (سنده) حدثنا يحيى عن الأعمش عن أبي صالح عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) القائل (قلنا فإن كانوا اربعا) هو أبو صالح الراوي عن ابنعمر فقد جاء في سنن أبي داود (وقال ابو صالح وهو ذكوان السماني) فقلت لابن عمر فأربعة؟ قال لا يضرك (تخريجه) (د) قال المنذري وقد اخرجه البخاري ومسلم من حديث نافع عن ابن عمر (9) (سنده) حدثنا ابو عامر ثنا ابن ابي ذئب عن عبد الرحمن بن عطاء عن عبد الملك بن جابر بن عتيك عن جابر بن عبد الله الخ (غريبة) (10) في التفاته

(عن أبي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام أحدكم من مجلسه ثم رجع إليه فهو أحق به (عن وهب بن حذيفة) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا قام الرجل من مجلسه فرجع اليه فهو أحق به وان كانت له حاجة فقام اليها ثم رجع فهو أحق به (عن جابر بن سمرة) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم انه خرج على أصحابه (وفي رواية دخل المسجد وهم حلق) فقال مالي اراكم عزبن وهم قعود (عن أبي مجلز عن حذيفة) (4) في الذي يقعد في وسط الحلقة قال مامون على لسان النبي صلى الله عليه وسلم أو لسان محمد صلى الله عليه وسلم (عن حرملة العنبري) (5) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أوصني قال اتق الله واذا كنت في مجلس فقمت منه فسمعتهم يقولون ما يعجبك فأنه وإذا سمعتهم يقولون ما تكره فاتركه (عن الشريد بن سويد) (6) قال مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا جالس هكذا وقد وضعت يدي اليسرى خلف ظهري واتكأت على ألية (7) يدي فقال أتقعد قعدت المغضوب عليهم

_ إعلام لمن يحدثه انه يخاف أن يسمع حديثه أحد آخر وأنه خصه بسره فكأن الالتفات قائم مقام قوله اكتم هذا عني وهو أمانة عندك والله أعلم (تخريجه) (د) قال المنذري وأخرجه الترمذي وقال حسن انما نعرفه من حديث ابن ابي ذئب هذا آخر كلامه وفي اسناده عبد الرحمن بن عطاء المدني قال البخاري عنده مناكير وقال ابو حاتم الرازي شيخ قيل له ادخله البخاري في كتاب الضعفاء قال يحول من هناك وقال الموصلى عبد الرحمن بن عطاء عن عبد الملك بن جابر لا يصح اهـ كلام المنذري (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (م وغيره) (2) (سنده) حدثنا عفان قال ثنا خالد الواسطى قال ثنا عمرو بن يحيى عن محمد بن يحيى عن عمه واسع ابن حبان عن وهب بن حذيفة الخ (تخريجه) (مذ) وصححه (3) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان قال سمعت المسيب بن رافع يحدث عن تميم بن طرفة عن جابر بن سمرة الخ (تخريجه) (م د) (4) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال ثنا قتادة عن أبي مجلز عن حذيفة (يعني اليمان) في الذي يقعد الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح والحاكم بنحوه وقال صحيح على شرطهما (5) (سنده) حدثنا روح ثنا قرة بن خالد عن ضرغامة بن علية بن حرملة العنبري قال حدثني أبي عن أبيه (يعني حرملة العنبري) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (طل) والبخاري في الأدب المفرد قال ابن حبان حرملة بن اياس (يعني العنبري) له صحبة عداده في اهل البصرة وحديثه في الأدب المفرد للبخاري ومسند أبي داود الطيالسي وغيرهما باسناد حسن (قلت) يعني حديث الباب وقد ينسب لجده فيقال حرملة بن اياس (قلت) جاء في الاصابة حرملة بن عبد الله ابن اياس وقيل ابن اوس العنبري (6) (سنده) حدثنا علي بن بحر حدثنا عيسى بن يونس انا ابن جريح عن ابراهيم بن ميسرة عن عمرو بن شريد عن ابيه الشريد بن سويد قال مربى الخ (غريبه) (7) الية اليد بفتح الهمزة وسكون اللام هي اللحمة التي في أصل الابهام وقال الاصمعي الآلية أصل الابهام والضرة (بفتح المعجمة وتشديد الراء مفتوحة) التي تقابلها اهـ ومنه حديث البراء السجود على أليتي الكف قال الزمخشري أراد اليتي الابهام وضرة الخنصر فغلب كقولهم العمران والقمران (تخريجه) (د ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح وأورده المنذري في الترغيب والترهيب

(عن جابر بن سمرة) (1) قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته فرأيته متكئا على وسادة (عن جابر) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا جلس أو استلقى احدكم فلا يضع رجليه احداهما على الأخرى (عن سمرة) (3) قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نعتدل في الجلوس وأن لا نستوفز (4) (عن أبي النضر) (5) أن أبا سعيد كان يشتكي رجليه فدخل عليه اخوه (6) وقد جعل احدى رجليه على الأخرى وهو مضطجع فضربه بيده على رجله الوجعية فأوجعه فقال أوجعتني أو لم تعلم أن رجلى وجعة؟ قال بلى قال فما حملك على ذلك؟ قال أولم تسمع أن النبي صلى الله عليه وسلم قد نهى عن هذه (7) (باب أذكار تقال عند القيام من المجلس) (عن اسماعيل بن عبد الله بن جعفر) (8) قال بلغني ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من انسان يكون في مجلس فيقول حين يريد أن يقوم سبحانك اللهم وبحمدك لا إله إلا أنت استغفرك وأتوب إليك إلا غفر له ما كان في ذلك المجلس فحدثت هذا الحديث (9) يزيد بن خصيفة قال هكذا حدثني السائب بن يزيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن أبي برزة الأسلمي) (10) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم بآخرة (11) إذا طال المجلس فقام قال سبحانك اللهم وبحمدك أشهد أن لا إله إلا انت استغفرك

_ وقال رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه وزاد قال ابن جريح (وضع راحتيك على الأرض) (1) (سنده) حدثنا وكيع ثنا اسرائيل عن سماك عن جابر بن سمرة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله ثقات (2) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله بن الأخنس عن أبي الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د) قال المنذري وأخرجه مسلم والترمذي مختصرا ومطولا (قلت) وأخرجه أبو داود والحاكم كما هنا وصححه الحاكم وأقره الذهبي (3) (سنده) حدثنا حسن بن موسى ثنا سعيد بن بشير ثنا قتادة عن الحسن عن سمرة (يعني ابن جندب) الخ (غريبه) (4) قال في القاموس استوفر في قعدته انتصب فيها غير مطمئن أو وضع ركبتيه ورفع اليتية أو استقل على رجليه ولما يستو قائما وقد تهيأ للوثوب اهـ (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام أحمد وفي اسناده سعيد بن بشير ضعيف (5) (سنده) حدثنا يونس ثنا ليث عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي النضر أن ابا سعيد الخ (قلت) أبو سعيد هو الخدري رضي الله عنه (غريبه) (6) يعني أخاه لأمه قتادة بن النعمان وهو الذي ضرب أبا سعيد كما جاء عند الحاكم (7) قال الخطابي يشبه أن يكون انما نهى عن ذلك من اجل انكشاف العورة اذا كان لباسهم الازر دون السراويلات والغالب أن ازرهم غير سابغة والمستلقي إذا رفع احدى رجليه على الأخرى مع ضيق الازار لم يسلم أن ينكشف شيء من فخذه والفخذ عورة فإذا كانت الازار سابغا أو كان لابسه عن التكشف متوقيا فلا بأس به والله أعلم (تخريجه) (ك) وسنده عند الامام احمد جيد (باب) (8) (سنده) حدثنا يونس ثنا ليث عن يزيد يعني ابن الهاد عن اسماعيل بن عبد الله بن جعفر الخ (غريبه) (9) القائل فحدثت هذا الحديث الخ هو اسماعيل بن عبد الله بن جعفر وبهذا صار الحديث مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجالهما رجال الصحيح (10) (سنده) حدثنا عبد الله بن نمير انبأنا حجاج عن أبي هاشم الواسطي عن ابي برزة الأسلمي الخ (غريبه) (11) بمد الهمزة

وأتوب إليك فقال له بعضنا إن هذا قول ما كنا نسمعه منك فيما خلا (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا (2) كفارة ما يكون في المجلس (عن أبي هريرة) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من جلس في مجلس كثر فيه لغطه (4) فقال قبل أن يقوم سبحانك ربنا وبحمدك لا إله إلا أنت استغفرك ثم اتوب اليك الا غفر الله له ما كان في مجلسه ذلك (عن عروة عن عائشة) (5) رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا جلس مجلسا أو صلى تكلم بكلمات فسألته عائشة عن الكلمات فقال ان تكلم بخير كان طابعا عليهن (6) إلى يوم القيامة وان تكلم بغير ذلك (7) كان كفارة سبحانك وبحمدك لا إله إلا أنت استغفرك واتوب اليك (باب هل الافضل العزلة عن الناس أو الاختلاط بهم) (عن أبي أمامة) (8) قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سرية من سراياه قال فمر رجل بغار فيه شيء من ماء قال فحدث نفسه بأن يقيم في ذلك الغار فيقوته ما كان فيه من ماء ويصيب ما حوله من البقلى ويتخلى من الدنيا ثم قال لو أني أتيت نبي الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فإن اذن لي فعلت والا لم أفعل فأتاه فقال يانبي الله اني مررت بغار فيه ما يقوتني من الماء والبقل فحدثني نفسي بأن اقيم فيه واتخلى عن الدنيا قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم اني لم ابعث باليهودية ولا النصرانية ولكن بعثت بالحنيفية السمحة والذي نفس محمد بيده لغدوة أو روحة في سبيل الله (9) خير من الدنيا وما فيها ولمقام أحدكم الصف (10) خير من صلاته ستين سنة (عن ابن عمر) (11) يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال المؤمن الذي يخالط الناس ويصبر على اذاهم اعظم أجرا من الذي لا يخالطهم

_ وفتح المعجمة أي في آخر جلوسه أو في آخر عمره صلى الله عليه وسلم (1) أي فيما مضى من مدة عمرك والسؤال لتحقيق فائدته (2) أي هذا القول كفارة ما يكون في المجلس يعني من لغظ أو غيبة أو نحو ذلك (تخريجه) (د نس) وسكت عنه أبو داود والمنذري (3) (سنده) حدثنا حجاج قال قال ابن جريج اخبرني موسى بن عقبة عن سهل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (4) اللغظ بفتحتين من باب نفع قال في المصباح وهو كلام فيه جلبة واختلاط ولا يتبين وفي النهاية اللغظ صوت وضجه لا يفهم معناه (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أبو داود والترمذي وابن حبان في صحيحه والحاكم وقال الترمذي حديث حسن صحيح غريب (5) (سنده) حدثنا ابو سلمة ثنا خالد بن سلمان الحضرمي عن خالد بن أبي عمران عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (6) الطابع بالفتح الخاتم يريد أنه يختم عليها وترفع كما يفعل الانسان بما يعز عليه أي تحفظ إلى يوم القيامة (7) جاء في بعض الروايات (وان تكلم بشر) الخ (تخريجه) (نس ك هق) وابن ابي الدنيا ورجاله ثقات (باب) (8) (سنده) حدثنا أبو المغيرة ثنا عفان عن رفاعة حدثني علي بن يزيد عن القاسم (يعني ابن عبد الرحمن) عن أبي امامة الخ (غريبة) (9) يعني في الجهاد في سبيل الله (10) أي في الصلاة مع الجماعة والظاهر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذلك لهذا الرجل لأنه رآى منه النفع في الجهاد ولا ضرر عليه في الخلط (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني وفيه علي بن يزيد الالهاني وهو ضعيف (11) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر وحجاج قال حدثنا شعبة سمعت سليمان الأعمش وقال حجاج عن

(كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)

ولا يصبر على أذاهم (1) (وفي رواية) خير من الذي لا يخالطهم (عن أبي سعيد الخدري) (2) قال قال رجل يا رسول الله اي الناس أفضل؟ قال مؤمن مجاهد بنفسه وماله في سبيل الله قال ثم من قال ثم رجل معتزل في شعب من الشعاب (3) يعبد ربه عز وجل ويدع الناس من شره (4) (كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر) (باب الترغيب فيه وما جاء في فضله وثواب فاعله) (عن أبي أمامة) (5) قال أتى رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يرمي الجمرة فقال يا رسول الله أي الجهاد أحب إلى الله عز وجل؟ قال فسكت عنه حتى إذا رمى الثانية عرض له فقال يا رسول الله اي الجهاد أحب إلى الله عز وجل؟ قال فسكت عنه ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اذا اعترض في الجمرة الثالثة عرض له فقال يا رسول الله أي الجهاد أحب إلى الله عز وجل؟ قال كلمة حق تقال لامام جائر قال محمد بن الحسن (6) في حديثه وكان الحسن يقول لامام ظالم (عن طارق) (7) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي الجهاد أفضل؟ قال كلمة حق عند امام (وفي رواية سلطان) جائر

_ الأعمش يحدث عن يحيى بن وثاب عن شيخ من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال وأراه ابن عمر قال حجاج قال شعبة قال سليمان وهو ابن عمر يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (1) قال حجة الاسلام الامام الغزالي وللناس خلاف طويل في العزلة والمخالطة أيهما أفضل مع أن كلا منهما لا ينفعك من غوائل تنفر عنها وفوائد تدعوا اليها وميل أكثر العباد والزهاد إلى اختيار العزلة وميل الشافعي واحمد إلى مقابلة واستدل كل لمذهبه بما يطول والانصاف ان الترجيح يختلف باختلاف الناس فقد تكون العزلة لشخص أفضل والمخالطة لآخر أفضل فالقلب المستعد للاقبال على الله المنتهى لاستغراقه في شهود الحضرة العزلة له أولى والعالم بدقائق الحلال والحرام مخالطته للناس ليعلمهم وينصحهم في دينهم أولى وهكذا الا ترى إلى تولية النبي صلى الله عليه وسلم لخالد بن الوليد وعمر بن العاص وغيرهما من امرائه وقوله لأبي ذر اراك رجلا ضعيفا واني احب لك ما احب لنفسي لا تتأمر على اثنين في الحديث (تخريجه) (مذ جه) والبخاري في الأدب المفرد وحسن اسناده الحافظ (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهرى عن عبيد الله ابن عبد الله أو عطاء بن يزيد معمر شك عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (3) قال النووي الشعب ما انفرج بين الجبلين وليس المراد نفس الشعب بل المراد الانفراد والاعتزال وذكر الشعب مثالا لأنه خال عن الناس غالبا (5) أي فلا يخاصمهم ولا ينازعهم في شيء (تخريجه) (ق ك والأربعة) باب (4) (سنده) حدثنا محمد بن الحسن بن انس ثنا جعفر يعني ابن سليمان عن معلى بن زياد عن أبي غالب عن أبي أمامة ح وثنا روح ثنا حماد عن أبي غالب عن أبي امامة الخ (غريبة) (6) يعني المذكور في السند الأول لأن الامام احمد رحمه الله ذكر هذا الحديث بسندين مفصولا بينهما بحرف حاء كما ترى في السند قال محمد بن الحسن في حديثه (وكان الحسن) الظاهر ان الحسن (يعني) البصري قال في غير هذا الحديث (لامام ظالم) بدل لفظ (لامام جائر) المذكور في حديث الباب والمعنى واحد (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه ابن ماجه باسناد صحيح (7) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن علقمة عن طارق

(عن عبد الرحمن بن الحضري) (1) قال أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول ان من امتي قوما (2) يعطون مثل اجور أو لهم (3) ينكرون المنكر (4) (باب وجوبه والحث عليه والتشديد فيه) (عن عبد الله) (5) قال انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبة حمراء قال عبد الملك (أحد الرواة) من أدم في نحو من أربعين رجلا (وفي رواية جمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربعون) قال عبد الله (يعني ابن مسعود) فكنت آخر من أتاه فقال انكم مفتوح عليكم منصورون ومصيبون فمن أدرك ذلك منكم فليتق الله وليأمر بالمعروف ولينه عن المنكر وليصل رحمه من كذب على متعمدا فليتبوأ مقعده من النار ومثل الذين يعين قومه على غير الحق كمثل بعير ردى في بئر فهو ينزع منها بذنبه (عن أسامة بن زيد) (6) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يؤتي بالرجل يوم القيامة فيلقى في النار فتندلق اقتاب بطنه فيدور بها في النار كما يدور الحمار بالرحى قال فيجتمع أهل النار عليه فيقول يا فلان أما كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر؟ قال فيقول بلى قد كنت آمر بالمعروف فلا آتيه وانهي عن المنكر وآتيه (عن طارق بن شهاب) (7) قال أول من قدم الخطبة قبل الصلاة مروان فقام رجل فقال يا مروان خالفت السنة قال ترك ما هناك يا أبا فلان فقال أبو سعيد (الخدري رضي الله عنه) أما هذا فقد قضى ما عليه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان (عن حذيفة بن اليمان) (8) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لتأمرن بالمعروف ولتنهون

_ (يعني ابن شهاب) الخ (تخريجه) قال المنذري رواه النسائي باسناد صحيح (1) (سنده) حدثنا يزيد بن الحباب قال أخبرني سفيان عن عطاء بن السائب قال سمعت عبد الرحمن بن الخضرمي يقول أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول الخ (غريبه) (2) أي جماعة لهم قوة في الدين (3) أي يثيبهم الله مع تأخر زمنهم مثل اثابة الأولين من الصدر الأول الذين نصروا الاسلام واسسوا قواعده (4) أي ما أنكره الشرع ولا يخافون في الله لومة لائم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وقال الهيثمي فيه عطاء بن السائب سمع منه الثوري في الصحة وعبد الرحمن الحضرمي لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح (باب) (5) (سنده) حدثنا عبد الملك بن عمرو ومؤمل قالا حدثنا سفيان عن سماك عن عبد الرحمن (يعني ابن عبد الله بن مسعود) عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال انتهيت الخ (تخريجه) (مذ) ما عدا قوله ومثل الذي يعين قومه الخ وقال حديث حسن صحيح وأخرج أبو داود وابن ماجه منه الجزء المختص بالكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم (6) (عن أسامة بن زيد الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب من تعلم علما وكتمه من كتاب العلم في الجزء الأول صحيفة 163 رقم 41 فارجع اليه وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (7) (عن طارق ابن شهاب الخ) هذا مختصر حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب خطبة العيدين في الجزء السادس صحيفة 151 رقم 1660 وتقدم الكلام عليه مستوفي هناك (8) (سنده) حدثنا سليمان الهاشمي انا اسماعيل يعني ابن جعفر اخبرني عمرو يعني ابن ابي عمرو عن عبد الله بن عبد الرحمن الأشهلي

عن المنكر (1) أو ليوشكن الله (2) أن يبعث عليكم عقابا من عنده ثم لتدعنه فلا يستجيب لكم (3) (عن عائشة رضي الله عنها) (4) قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفت في وجهه ان قد حفزه شيء فتوضأ ثم خرج فلم يكلم أحدا فدنوت من الحجرات فسمعته يقول يا أيها الناس ان الله عز وجل يقول مروا بالمعروف وانوا عن المنكر من قبل أن تدعوني فلا أجيبكم وتسألوني فلا أعطيكم وتستنصروني فلا أنصركم (عن أبي الرقاد) (5) قال خرجت مع مولاي وأنا غلام فدفعت إلى حذيفة (6) وهو يقول ان كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيصير منافقا واني لاسمعها من أحدكم في المقعد الواحد أربع مرات لتأمرون بالمعروف ولتنهون عن المنكر ولتحاضن (7) على الخير أو ليسحتنكم الله جميعا بعذاب أو ليؤمرن عليكم شراركم ثم يدعو خياركم فلا يستجاب لهم (عن عبادة بن الصامت) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جاهدوا الناس في الله تبارك وتعالى القريب والبعيد ولا تبالوا في الله لومة لائم واقيموا حدود الله في الحضر والسفر (عن أبي سعيد الخدري) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحقرن (10)

_ عن حذيفة بن اليمان الخ (غريبة) (1) قال في النهاية المعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب إليه والاحسان إلى الناس وكل ما ندب إليه الشرع ونهى عنه من المحسنات والمقبحات وهو من الصفات الغالبة أي أمر معروف بين الناس اذا رأوه لا ينكرونه والمعروف النصفة وحسن الصحبة مع الأهل وغيرهم من الناس والمنكر ضد ذلك جميع (2) اي ليسرعن (3) المعنى أن النبي صلى الله عليه وسلم يقسم ان أحد الأمرين واقع إما الامر والنهي منكم وإما انزال العذاب من ربكم ثم عدم استجابة الدعاء له في دفعه عنكم بحيث لا يجتمعان ولا يرتفعان فإن كان الأمر والنهي لم يكن عذابا وان لم يكونا كائن عذاب عظيم (تخريجه) (مذ) وحسنه وذكره المنذري في الترغيب والترهيب ونقل تحسين الترمذي له وأقره وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للبزار والطبراني في الأوسط عن أبي هريرة (4) (سنده) حدثنا ابو عامر ثنا هشام يعني ابن سعد عن عثمان بن عمرو بن هانئ عن عاصم بن عمر ابن عثمان عن عروة عن عائشة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) وفيه عاصم بن عمر أحد المجاهيل اهـ (قلت) وأورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه (جه حب) في صحيحه كلاهما من رواية عاصم بن عمر بن عثمان عن عروة اهـ (5) (سنده) حدثنا عبد الله بن نمير ثنا رزين الجهني حدثنا أبو الرقاد (بضم الراء) قال خرجت مع مولاي الخ (غريبة) (6) يعني ابن اليمان رضي الله عنه (7) اي يحض بعضكم بعضا على فعل الخير (أو ليسحتنكم) من السحت بضم السين المهملة وهو الهلاك والاستئصال (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد بهذا اللفظ وسنده جيد (8) (عن عبادة بن الصامت الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في أول باب فرض الخمس من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 74 رقم 235 بعضه في المتن وبعضه في الشرح (9) (سنده) حدثنا ابن نمير انبأنا الأعمش عن عمرو بن مرة عن أبي البخترى عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) (10) بفتح أوله وسكون المهملة وكسر القاف أي لا يستصغرن أحدكم نفسه وجاء عند ابن ماجة قالوا يا رسول الله

أحدكم نفسه أن يرى أمرا عليه فيه مقالا ثم لا يقوله (1) فيقول الله ما منعك أن تقول فيه (2) فيقول رب خشيت الناس فيقول وأنا أحق أن يخشى (3) (وعنه أيضا) (4) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله تبارك وتعالى ليسأل العبد يوم القيامة حتى يقول ما منعك إذ رأيت المنكر تنكره؟ فإذا لقن الله عبدا حجته قال يا رب وثقت بك (5) وفرقت من الناس (وعنه أيضا) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يمنعن رجلا منكم مخافة الناس أن يتكلم بالحق إذا رآه وعلمه (وفي رواية) إذا رآه أو علمه أو رآه أو سمعه (زاد في رواية) فإنه لا يقرب من أجل ولا يباعد من رزق أن يقول بحق أو يذكر بعظيم (عن أبي ذر) (7) قال بايعني رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسا واوثقني سبعا واشهد على تسعا اني لا أخاف في الله لومة لائم الحديث (باب هلاك كل أمة لم تقم بهذا الواجب) (عن اسماعيل بن أبي خالد) (8) عن قيس قال قام أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) وإنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الناس اذا رأوا المنكر فلم يغيروه أوشك أن يعمهم الله بعقابه (عن عبد الله) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما وقعت بنو اسرائيل في المعاصي نهتهم علماؤهم فلم ينتهوا فجالسهم في مجالسهم قال يزيد (10) احسبه قال وأسواقهم

_ كيف يحقر أحدنا نفسه؟ (1) هذه الجملة جواب السؤال المصرح به عند بن ماجه والمعنى أن يرى أمرا منكرا يجب عليه انكاره لله ثم لا ينكره (2) أي ما منعك أن تنكر المنكر وجاء عند ابن ماجه فيقول الله عز وجل له يوم القيامة ما منعك أن تقول في كذا وكذا؟ فيقول خشيت الناس (3) جاء عند ابن ماجه فيقول (يعني الله عز وجل) فإياي كنت احق أن تخشى (تخريجه) (جه) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده صحيح رجاله ثقات وابو البخترى اسمه سعيد بن فيروز الطائي اهـ وأورده المنذري وقال رواه ابن ماجه ورواته ثقات (4) (سنده) حدثنا ابو سلمة انا سليمان بن بلال عن عبد الله ابن عبد الرحمن عن نهار العبدي انه سمعه يحدث عن أبي سعيد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تبارك وتعالى الخ (غريبة) (5) أي برحمتك وعفوك عني (وفرقت) بكسر الراء أي خفت من الناس والظاهر أنه لم ينكر المنكر إلا لكونه خشى على نفسه ضررا بليغا من الناس وعلم ان انكاره لا يفيد عندهم ومثل هذا يعذر والله أعلم (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه لابن ماجه ثم قال واسناده لا بأس به (6) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي مسلمة انه سمع أبا نضرة يحدث عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (عل طب حب هق) وسنده حسن (7) (عن أبي ذر الخ هذا) طرف من حديث طويل تقدم بسنده وطوله وشرحه وتخريجه في باب البيعة على عدم السؤال من كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 143 رقم 163 (باب) (8) (عن اسماعيل بن أبي خالد الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم الآية) من تفسير سورة المائدة في الجزء الثامن عشر صحيفة 143 رقم 266 (9) (سنده) حدثنا يزيد انبأنا شريك بن عبد الله عن علي بن بذيمة عن أبي عبيدة عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (غريبه) (10) يزيد هو

وواكلوهم وشاربوهم فضرب الله قلوب بعضهم ببعض ولعنهم على لسان داود وعيسى بن مريم ذلك بما عصوا وكانوا يعتدون وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم متكئا فجلس فقال والذي نفسي بيده حتى تأطروهم (1) على الحق أطرا (عن المنذر بن جرير عن أبيه) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من قوم يعملون بالمعاصي وفيهم رجل أعز منهم وامنع (3) لا يغيرون الا عمهم الله عز وجل بعقات أو قال أصابهم العقاب (عن منذر الثوري) (4) عن الحسن بن محمد قال حدثتني امرأة من الانصار هي حية اليوم ان شئت ادخلتك عليها قلت لا حدثني قال دخلت على أم سلمة فدخل عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كانه غضبان فاستترت منه بكم درعى فتكلم بكلام لم أفهمه فقلت يا أم المؤمنين كأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل وهو غضبان فقالت نعم أو ما سمعت ما قال؟ قلت وما قال؟ قالت قال ان الشر اذا فشا في الأرض فلم يتناه (5) عنه أرسل الله عز وجل بأسه على أهل الأرض قالت قلت يا رسول الله وفيهم الصالحون قال نعم وفيهم الصالحون يصيبهم ما أصاب الناس ثم يقبضهم الله عز وجل إلى مغفرته ورضوانه أو إلى رضوانه ومغفرته (عن عبد الله بن عمرو) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا رأيت أمتى لا يقولون للظالم منهمم أنت الظالم

_ ابن هارون شيخ الإمام أحمد (احسبه) أي أظنه (1) بكسر الطاء المهملة من باب ضرب والأطرعطف الشيء وهو أن تقبض على أحد طرفيه فتثنيه يقال أطرت الشيء فاتأطر وتأطر أي انثنى ومعناه تقهرهم وتلزمهم باتباع الحق (تخريجه) (د مذ جه) وقال الترمذي حديث حسن غريب وكلهم رووه من طريق أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود ولم يسمع من أبيه وعلى هذا فالحديث ضعيف وقيل سمع ولذلك حسنه الترمذي والله أعلم (2) (سنده) حدثنا حجاج بن محمد انا شريك عن أبي اسحاق عن المنذر بن جرير عن أبيه الخ (قلت) جرير هو ابن عبد الله الصحابي رضي الله عنه (غريبه) (3) أي أعز من الفاعلين واضح منهم أي يمكنه أن يغير هذا المنكر ثم لا يفعل والظاهر أن المرأة اذا عملت المعصية فهو من هذا القبيل لأن الرجال أعز من النساء ويستفاد منه أن العقاب يكون عاما للصالح والطالح كما صرح بذلك في الحديث التالي فالصالحون يصيبهم ما أصاب الناس ثم يقبضهم الله عز وجل إلى مغفرته ورضوانه (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أبو داود عن أبي اسحاق قال اظنه عن ابن جرير ولم يسم ابنه ورواه ابن ماجة وابن حبان في صحيحه والأصبهاني وغيرهم عن أبي اسحاق عن عبيد الله بن جرير عن أبيه (4) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون قال انا شريك بن عبد الله عن جامع بن أبي رائد عن منذر الثوري الخ (وله طريق ثان) قال حدثنا حسين قال ثنا خلف يعني ابن خليفة عن ليث عن علقمة بن مرند عن المعروف ابن سويد عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا ظهرت المعاصي في أمتي عمهم الله عز وجل بعذاب من عنده فقلت يا رسول الله اما فيهم يزمئذ اناس صالحون؟ قال بلى قالت فكيف يصنع أولئك؟ قال يصيبهم ما أصاب الناس ثم يصيرون إلى مغفرة من الله ورضوانه (غريبه) (5) بضم أوله مبني للمجهول أي لم ينه الناس عنه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد باسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح اهـ (قلت) هو السند الأول من طريق يزيد بن هارون ورواه أيضا الطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية (6) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن محمد المحاربي حدثنا الحسن بن عمرو عن

فقد تودع منهم (1) (وعنه أيضا) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يأخذ الله شريطته (3) من أهل الأرض فيبقى فيها عجاجة (4) لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا (عن ابن عباس) (5) يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس منها (6) من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينهى (7) عن المنكر (عن النعمان بن بشير) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل القائم على حدود الله تعالى (9) والمدهن فيها (وفي رواية والواقع فيها) (10) كمثل قوم استهموا على سفينة (11) في البحر فأصاب بعضهم أسفلها وأصاب بعضهم أعلاها فكان الذين في أسفلها يصعدون فيستقون الماء فيصبون على الذين في أعلاها فقال الذين في أعلاها لا ندعكم تصعدون فتؤذوننا فقال الذين في أسفلها فأنا ننقبها من أسفلها فنستقى قال فإن أخذوا على أيديهم (12) فمنعوهم نجوا جميعا وان تركوهم غرقوا جميعا

_ أبي الزبير عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) بضم التاء والواو مبني للمجهول من التوديع قال الزمخشري في الفائق أي استربح منهم وخذلوا وخلى بينهم وبين ما يرتكبون من المعاصي (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) باسنادين ورجال أحد اسنادي البزار رجال الصحيح وكذلك رجال احمد إلا أنه وقع فيه في الاصل غلط فلذلك لم أذكره اهـ (قلت) الغلط الذي أشار اليه الهيثمي هو أنه جاء في النسخة التي وقعت له حدثنا الحسن عن عمرو والصواب حدثنا الحسن بن عمرو كما جاء في نسختنا وأورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه الحاكم وقال صحيح الاسناد اهـ (قلت) وأقره الذهبي وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام (حم طب ك) والبيهقي في الشعب (2) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثنا همام حدثنا قتادة عن الحسن عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) بفتح الشين المعجمة وكسر الراء قال في النهاية يعني أهل الخير والدين والاشراط من الاضداد يقع على الاشراف والارذال اهـ (قلت) ومعناه موت أهل الخير والدين (4) العجاج الغوغاء والارذال قال ومن لا خير فيه واحدهم عجاجة (نه) (تخريجه) (ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ان كان الحسن سمعه من عبد الله بن عمرو وأقره الذهبي (قلت) قال كثير من العلماء لا مانع من اتصال رواية الحسن البصري عن عبد الله بن عمرو لثبوت المعاصرة والله أعلم وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد مرفوعا وموقوفا ورجالهما رجال الصحيح (5) (سنده) حدثنا عثمان بن محمد (قال عبد الله بن الامام احمد) وسمعته أنا من عثمان بن محمد حدثنا جرير عن ليث عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن عكرمة عن ابن عباس يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) قال الترمذي قال بعض أهل العلم (ليس منا) أي ليس من سنتنا يقول ليس من أدبنا (7) هكذا بالأصل وينهى وجاء عند الترمذي (وينه) لعطفه على المجزوم وما هنا من اثبات المجزوم على صورة المرفوع وكلاهما صحيح له شواهد تؤيده (تخريجه) (مذ) وقال حديث غريب وفي بعض نسخه حسن غريب وحسنه الحافظ السيوطي وقال ابن القطان ضعيف فيه ليث بن أبي سليم ضعفوه وقال الهيثمي فيه ليث وهو مدلس والله أعلم (8) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن الشعبي عن النعمان بن بشير الخ (غريبه) (9) أي الآمر بالمعروف والناهي عن المنكر (والمدهن) بضم الميم وسكون المهملة وكسر الهاء آخره نون أي الذي يرائي في حدود الله ويضيعها (10) أي مرتكبها (11) أي اقترعوا سفينة مشتركة بينهم تنازعوا في المقام بها علوا أو سفلا فأخذ كل واحد منهم نصيبا من السفينة بالقرعة (12) أي منعوهم

(كتاب جامع للأدب والمواعظ والحكم وجوامع الكلم في الترغيبات)

(عن أنس بن مالك) (1) قال قيل يا رسول الله متى ندع الائتمار بالمعروف والنهي عن المنكر؟ قال إذا ظهر فيكم ما ظهر في بني اسرائيل إذا كانت الفاحشة في كباركم والملك في صغاركم والعلم في رذالكم (عن عائشة رضي الله عنها) (2) قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرفت في وجهه أن قد حفزه (3) شيء فتوضأ ثم خرج فلم يكلم أحدا فدنوت من الحجرات فسمعته يقول يا أيها الناس ان الله عز وجل يقول مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر من قبل أن تدعوني فلا أجيبكم وتسألوني فلا أعطيكم وتستنصروني فلا أنصركم (67) (كتاب جامع للأدب والمواعظ والحكم وجوامع الكلم في الترغيبات) مبدئا بالترغيبات المفردات في الباب الأول وبالثنائيات في الثاني وبالثلاثيات في الثالث وهكذا (باب ما جاء في المفردات) (حدثنا أبو النضر) (4) ثنا المبارك ثنا الحسن (5) أن شيخا من بني ترابط (6) أخبره قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكلمه في شيء أصيب لنا في الجاهلية فإذا هو قاعد وعليه حلقة قد أطافت به وهو يحدث القوم عليه أزار قطن له غليظ فأول شيء سمعته يقول وهو يشير بإصبعيه المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله (7) التقوى ها هنا التقوى ههنا يقول أي في القلب (8) (عن أبي ذر) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال لا تحقرن من المعروف شيئا فإن

_ من نقب السفينة وخرقها (قال الحافظ) وهكذا إقامة الحدود يحصل بها النجاة لمن اقامها واقيمت عليه وإلا هلك العاصي بالمعصية والساكت بالرضا بها قال المهلب وغيره في هذا الحديث تعذيب العامة بذنب الخاصة وفيه نظر لأن التعذيب المذكور إذا وقع في الدنيا على من لا يستحقه فإنه يكفر من ذنوب من وقع به أو يرفع من درجته وفيه استحقاق العقوبة بترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر (تخريجه) (خ مذ) (1) (سنده) حدثنا زيد بن يحيى الدمشقي ثنا أبو سعيد ثنا مكحول عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) (جه عل) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده صحيح ورجاله ثقات (2) (سنده) حدثنا ابو عامر ثنا هشام يعني ابن سعد عن عثمان بن عمرو بن هانئ عن عاصم بن عمر ابن عثمان عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (3) أي اقلقه شيء (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (جه حب) في صحيحه كلاهما من رواية عاصم بن عمر بن عثمان عن عروة عنها اهـ (قلت) قال في الخلاصة عاصم بن عمر بن عثمان عن عروة وعنه عمرو بن عثمان بن هانئ مجهول وثقه ابن حبان (باب) (4) (حدثنا أبو النضر الخ) (غريبه) (5) هو البصرى (6) هذا الشيخ صحابي وجهالة الصحابي لا تضر لأنهم كلهم عدول (7) بضم الذال المعجمة من الخذلان وهو ترك النصرة والإعانة قال النووى معناه إذا استعان به في دفع ظالم أو نحوه لزمه اعانته ان امكنه ولم يكن له عذر شرعي (8) جاء مسلم (ويشير إلى صدره ثلاث مرات) ومعناه أن الأعمال الظاهرة لا يحصل بها التقوى وانما تحصل بما يقع في القلب من عظمة الله تعالى وخشيته ومراقبته (تخريجه) (م مذ) مطولا من حديث أبي هريرة واخرجه (خ نس مذ) من حديث ابن عمر (9) (سنده) حدثنا روح ثنا أبو عامر الخزاز عن

لم تجد فالق اخاك بوجه طلق (1) (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل قال أعددت لعبادي الصالحين مالا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر (3) (عن سالم بن عبد الله عن أبيه) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما الناس كابل مائة لا يوجد فيها راحلة (5) (عن ابن مسعود) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حرم على النار كل هين لين قريب من الناس (وعنه أيضا) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال المرء مع من أحب (عن أبي هريرة) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام إذا فقهوا (9) في الدين (وعنه أيضا) (10) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سمعت الرجل

_ أبي عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت عن أبي ذر الخ (غريبه) (1) فيه الحث على فعل المعروف بما تيسر منه وان قل فإن لم يجد شيئا فليلق أخاه بوجه طلق (بفتح أوله وسكون اللام) أي سهل منبسط قال تعالى فمن يعمل مثقال ذرة خيرا يره (تخريجه) (م وغيره) (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به ابو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر احاديث منها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل الخ (غريبه) (3) زاد في رواية وامرء وان شثتم (فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة اعين) وتقدم الحديث بالزيادة في تفسير قوله تعال (تتجافى جنوبهم عن المضاجع الآية) من تفسير سورة السجدة في الجزء الثامن عشر صحيفة 232 (تخريجه) (ق نس مذ جه) (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا معمر اخبرنا الزهرى عن سالم بن عبد الله عن أبيه الخ (قلت) سالم هو ابن عبد الله بن عمر عن أبيه يعني عبد الله بن عمر (غريبه) (5) قال في النهاية الراحلة من الإبل البعير القوى على الأسفار والأحمال والذكر والأنثى فيه سواء والهاء فيه للمبالغة وفي التي يختارها الرجل لمركبه ورحله على الجابة وتمام الخلق وحسن المنظر فإذا كانت في جماعة من الابل عرفت قال والمعنى أن المرضي المنتخب من الناس في عزة وجوده كالجيب من الابل القوى على الأحمال والأسفار الذي لا يوجد في كثير من الإبل (تخريجه) (ق مذ جه) (6) (سنده) حدثنا سليمان بن داود الهاشمي حدثنا سعيد يعني ابن عبد الرحمن الجمحي عن موسى بن عقبة عن الأودى عن ابن مسعود الخ (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام احمد فقط ورمز له بعلامة الحسن ونقل المناوى شارحه عن الحافظ العراقي انه قال رواه الترمذي لكن بدون لفظ (لين) وقال حسن غريب (قلت) وأورد الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب حديثا بمعناه عن ابن مسعود ايضا وقال رواه الترمذي وقال حديث حسن وابن حبان في صحيحه والله أعلم (7) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان عن أبي وائل عن عبد الله (يعني ابن مسعود) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) (8) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق انا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن أبي علقمة عن أبي هريرة الخ (غريبة) (9) أي خيارهم في الجاهلية خيارهم في الاسلام ايضا (إذا فقهوا) بضم القاف يقال فقه الرجل بالضم إذا صار فقيها عالما وبالكسر إذا علم وفيه اشارة إلى أن شرف الاسلام لا يتم إلا بالتفقه في الدين (تخريجه) (م وغيره) وتقدم مثله عن جابر بن عبد الله في فصل من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين من كتاب العلم صحيفة 148 في الجزء الأول (10) (سنده) حدثنا اسحاق قال أنا مالك

يقول هلك الناس (1) فهو أهلكهم (باب ما جاء في الثنائيات) (عن أبي هريرة) (2) ان رجلا شكى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قسوة قلبه فقال له ان اردت تليين قلبك فأطعم المسكين وامسح رأس اليتيم (وعنه أيضا) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان اكثر ما يدخل الناس النار الأجوفان قالوا يا رسول الله وما الأجوفان؟ قال الفرج والفم قال أتدرون اكثر ما يدخل الناس الجنة تقوى الله وحسن الخلق (عن أبي سعيد الخدري) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وسئل أي الناس خير؟ فقال مؤمن مجاهد بماله ونفسه في سبيل الله قال ثم من؟ قال مؤمن في شعب من الشعاب يتقى الله ويدع الناس من شره (عن ابن عباس) (5) انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الصحة والفراغ (6) نعمتان من نعم الله مغبون (7) فيهما كثير من الناس (عن عبد الله بن عمر) (8) قال احذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض جسدي فقال اعبد الله كأنك تراه وكن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل (9) (عن أبي هريرة) (10) ان النبي صلى الله عليه وسلم وقف على ناس جلوس فقال ألا أخبركم

_ عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (1) معناه أنه قال ذلك اعجابا بنفسه وتيها بعلمه أو عبادته واستصغارا لشأن الناس وذكر عيوبهم أما لو قال تفجيعا واشفاقا عليهم فليس محل الذم (فهو أهلكهم) بضم الكاف أي أشدهم هلاكا وأحقهم بالهلاك لكونه أقنطهم عن رحمة الله وأيأسهم من غفرانه (تخريجه) (م لك د) والبخاري في الأدب المفرد (باب) (2) (سنده) حدثنا أبو كامل ثنا حماد عن أبي عمران الجونى عن رجل عن أبي هريرة أن رجلا الخ (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب قال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) في اسناده عند الامام احمد رجل لم يسم (3) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد قال ثنا داود عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه الترمذي وابن حبان في صحيحه والبيهقي في الزهد وغيره وقال الترمذي حديث حسن صحيح غريب اهـ (قلت) ورواه أيضا الحاكم وصححه وأقره الذهبي (4) (عن أبي سعيد الخدري الخ) هذا الحديث تقدم مثله بسنده وشرحه وتخريجه في باب هل الأفضل العزلة عن الناس أو الاختلاط في هذا الجزء ص 38 رقم 171 (5) (سنده) حدثني مكي بن ابراهيم حدثنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند أنه سمع أباه يحدث عن ابن عباس انه قال الخ (غريبه) (6) المراد بالفراغ هنا الفراغ من الشواغل الدنيوية المانعة للعبد عن الاشتغال بالأمور الأخروية فلا ينافي احتراف العبد بحرفة يتعيش منها لا تمنعه من القيام بطاعة الله عز وجل (7) أصل الغبن في البيع والشراء يقال غبنة غبنا من باب ضرب مثل غلبة فانغبن وغبته أي نقصه وغبن بالبناء للمفعول فهو مغبون أي منقوص في الثمن أو غيره شبه المكلف بالتاجر والصحة والفراغ برأس المال لكونهما من أسباب الارباح مقدمات النجاح فمن عامل الله بامتثال أوامره ربح ومن عامل الشيطان باتباعه ضيع رأس ماله والفراغ نعمة (غبن) أي نقص فيها كثير من الناس ونبه بكثير على أن الموفق لذلك قليل فالموفق كامل الايمان وهو قليل وغيره ناقص الايمان وهو كثير والله أعلم (تخريجه) (خ مذ جه منى) (8) (سنده) حدثنا ابو المغيرة ثنا الاوزاعي اخبرني عبدة بن أبي لبابة عن عبد الله بن عمر الخ (غريبه) (9) زاد في رواية وعد نفسك من أهل القبور (تخريجه) أخرج الطرف الأول منه البخاري وغيره من حديث عمر وغيره وتقدم في أول كتاب الايمان في الجزء الأول واخرج الطرف الثاني منه (خ مذ جه) (10) (سنده) حدثنا هيثم ثنا حفص بن ميسرة يعني

بخيركم من شركم؟ فسكت القوم فأعادها ثلاث مرات فقال رجل من القوم بلى يا رسول الله قال خيركم من يرجى خيره وشركم من لا يرجى خيره ولا يؤمن شره (عن أبي سعيد الخدري) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حليم إلا ذو عثرة (2) ولا حكيم إلا تجربة (3) (عن سمرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم االحسب المال (5) والكرم التقوى (عن أبي هريرة) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا بنو اسرائيل يخنز اللحم (7) ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها (8) (باب الثنائيات المبدوءة بعدد) (عن عقبة بن عامر الجهني) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غيرتان أحداهما يحبها الله عز وجل والأخرى يبغضها الله ومخيلتان احداهما يحبها الله عز وجل والأخرى يبغضها الله الغيرة في الريبة يحبها الله عز وجل (10) والغيرة في غيره

_ الصنعاني عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للترمذي وابن حبان ورمز له بعلامة الحسن وقال الذهبي في المهذب سنده جيد (1) (سنده) حدثنا قتيبة ثنا عبد الله بن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) (2) بفتح المهملة وسكون المثلثة قال القارى أي صاحب زلة قدم أو لغزة قلم في تقريره وتحريره وقيل أي لا حليم كاملا إلا من وقع في زلة وحصل منه الخطأ والتخجل فعفى عنه فعرف رتبة العفو فيحلم عند عثرة غيره لأنه عند ذلك يصير ثابت القدم اهـ وقد وقع في أصل المسند لا حليم إلا ذور عزة وهو خطأ من الناسخ أو جامع الحروف لأنه يخالف ما في الأصول الأخرى كجامع الترمذي والمستدك والجامع الصغير وغيرها ولا معنى له يطابق السياق (3) أي صاحب امتحان في نفسه أو غيره (قال العلماء) لا حكيم كاملا إلا من جرب الأمور وعلم المصالح والمفاسد قالوا ويمكن أن يقال المعنى لا حليم إلا وقد يعثر كما قيل نعوذ بالله من غضب الحليم ولا حكيم من الحكماء الطبية إلا صاحب التجربة في الأمور الدائية والذاتية (تخريجه) (مذ حب ك) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه (قلت) وصححه الحاكم واقره الذهبي مع أن في اسناده عندهم جميعا دراج عن أبي الهيثم وكل ما رواه دراج عن أبي الهيثم ضعيف كما ذكره ابو داود والحافظ في التقريب والله أعلم (4) (سنده) حدثنا يونس ابن محمد ثنا سلام بن ابي مطيع عن قتادة عن الحسن عن سمرة (يعني ابن جندب) الخ (غريبة) (5) يعني ان الشيء الذي يكون به الانسان عظيم القدر عند الناس هو المال والذي يكون به عظيما عند الله هو التقوى (تخريجه) (مد جه ك) وصححه الترمذي والحاكم واقره الذهبي (6) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن جلاس بن عمرو الهجري قال قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) أي ينتن واصل ذلك فيما روى عن قتادة أن بني اسرائيل ادخروا لحم السلوى وكانوا نهوا عن ادخاره فقوبلوا بذلك (8) يشير إلى ما وقع من حواء في قبولها تزيين ابليس لآدم عليه السلام وميلها إلى ذلك التسويل حتى وقعا في الأكل من الشجرة فعد ذلك خيانة منها ولما كانت هي أم بنات آدم اشتبهتها بالولادة ونزع العرق فلا تكاد امرأة تسلم من خيانة بعلها بالفعل أو القول وخيانة كل واحدة منهن بحسب ما يسرت له (تخريجه) (ق ك) (باب) (9) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن يحيى بن ابي كثير عن زيد بن سلام عن عبد الله بن زيد الأزرق عن عقبة بن عامر الجهني الخ (غريبة) (10) مثل ان يغتار الرجل على محارمه اذا رأى منهم فعلا مجرما

يبغضها الله (1) والمخيلة إذا تصدق الرجل يحبها الله (2) والمخيلة في الكبر يبغضها الله (3) (باب ما جاء في الثلاثيات) (حدثنا حسن) (4) ثنا زهير قال ثنا قابوس بن أبي ظبيان ان اباه حدثه عن ابن عباس عن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال زهير لاشك فيه قال ان الهدى الصالح (5) والسمت الصالح والاقتصاد جزء من خمسة وعشرين جزءا من النبوة (6) (عن أبي هريرة) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يجتمعان في النار اجتماعا يضر احدهما مسلم قتل كافرا ثم سدد (8) المسلم أو قارب ولا يجتمعان في جوف عبد غبار في سبيل الله ودخان جهنم ولا يجتمعان في قلب عبد الايمان والشح (عن عبد الله بن مسعود) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجيبوا الداعي (10) ولا

_ فإن الغيرة في ذلك ونحوه مما يحبه الله وجاء في اصل المسند الغيرة في الرمية بميم بعد الراء وهو خطأ من الناسخ أو جامع الحروف لأنه يخالف ما جاء في الأصول الأخرى بل ما جاء في مسند الامام احمد نحوه عن جابربن عتيك بمعنى هذا الحديث فالصواب (الغيرة في الريبة) والله أعلم (1) أي الغيرة في غير الريبة نحو أن يغتار الرجل على أمه ان ينكحها زوجها وكذلك سائر محارمه فإن هذا مما يبغضه الله تعالى لأن ما أحله الله فالواجب علينا الرضا به فإن لم نرض به كان من إيثار حمية الجاهلية على ما شرعه الله لنا (2) هذا إذا قصد المتصدق اقتداء غيره به وربما كان ذلك من أسباب الاستكثار منها والرغبة فيها (3) أي يقصد التكبر على الناس والخيلاء بحسبه وكثرة ماله ونحو ذلك فهذا يبغضه الله عز وجل والله أعلم وليس هذا آخر الحديث (وبقيته) وقال ثلاث مستجاب لهم دعوتهم المسافر والوالد والمظلوم وقال ان الله عز وجل يدخل بالسهم الواحد الجنة ثلاثة صانعه والممد به والرامي به في سبيل الله عز وجل (تخريجه) الحديث سنده جيد ولم أقف عليه بهذا السياق من حديث عقبة بن عامر لغير الامام احمد واخرجه أئمة الحديث في كتبهم مقطعا في أبواب متفرقة بعضه عند الشيخين وبعضه عند الطبراني وبعضه عند الدارمى والأربعة والحاكم وصححه وأقره الذهبي وتقدم نحوه عن عقبة أيضا بأطول من هذا في باب الرمي بالسهام وفضله في الجزء الرابع عشر صحيفة 129 رقم 361 (باب) (4) (حدثنا حسن الخ) (غريبه) (5) بفتح الهاء أي الطريقة الصالحة (قال الخطابي) وهدى الرجل حاله وسيرته (والسمت الصالح) بفتح السين المهملة أي الهيئة الحسنة (والاقتصاد) سلوك القصد في الأمور والدخول فيها برفق وعلى سبيل يمكن ادامته (6) معناه أن هذه الخصال منحها الله أنبياءه فهي من شمائلهم وفضائلهم فاقتدوا بهم فيها لا أن النبوءة تتجزأ ولا أن المتصف بها بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم يكون نبيا إذ أنه لا نبي بعده ولأن النبوة غير مكتسبة (تخريجه) (د) وفي اسناده قابوس ضعفه بعضهم ووثقه ابن معين ويعقوب بن سفيان وقال الحافظ في التقريب لا بأس به فالحديث حسن (7) (سنده) حدثنا يونس ثنا ليث عن محمد يعني ابن عجلان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة الخ (8) أي لازم الاستقامة وطاعة الله عز وجل بعد قتله إلى أن مات (أو قارب) يعني قارب السداد (تخريجه) أخرج الطرف الأول منه (م د) وأخرجه كله (نس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (9) (سنده) حدثنا محمد بن سابق ثنا اسرائيل عن الاعمش عن شقيق عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبة) (10) يعني الى وليمة العرس ان توفرت فيها الشروط التي تقدمت في باب الوليمة من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر (تخريجه) (طب هق)

تردوا الهدية ولا تضربوا المسلمين (عن أبي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لقى الله لا يشرك به شيئا وادى زكاة ماله طيبا بها نفسه محتسبا وسمع واطاع فله الجنة أو دخل الجنة (2) (وعنه أيضا) (3) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما نقصت صدقة من مال وما زاد الله رجلا بعفو الا عزا وما تواضع احد لله إلا رفعه الله عز وجل (عن أبي سعيد الخدري) (4) فعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال أيما مؤمن سقى مؤمنا شربة على ظمأ سقاه الله يوم القيامة من الرحيق المختوم وأيما مؤمن أطعم مؤمنا على جوع أطعمه الله من ثمار الجنة وأيما مؤمن كسا مؤمنا ثوبا على عرى كساه الله من خضر (5) الجنة (عن نافع بن عبد الحارث) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سعادة المرء الجار الصالح والمركب الهنئ والسكن الواسع (عن سهل بن معاذ بن أنس عن أبيه) (7) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال أفضل الفضائل أن تصل من قطعك وتعطي من منعك وتصفح عمن شتمك (وعنه أيضا) (8) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال من كان صائما وعاد مريضا وشهد جنازة غفر له من بأس (9)

_ والبخاري في الأدب المفرد قال الهيثمي رجال احمد رجال الصحيح (1) (سنده) حدثنا زكريا بن عدي انا بقية عن بحير بن سعيد عن خالد بن معدان عن أبي المتوكل عن أبي هريرة الخ (غريبة) (2) ليس هذا آخر الحديث (وبقيته) وخمس ليس لهن كفارة الشرك بالله عز وجل وقتل النفس بغير حق أو نهب مؤمن أو الفرار يوم الزحف أو يمين صابرة يقتطع بها مالا بغير حق وسيأتي هذا الطرف في الخماسيات من أبواب الترهيب من خصال من المعاصي معدودة (تخريجه) الحديث سنده جيد ورواه أبو الشيخ في التوبيخ وحسنه الحافظ السيوطي (3) (سنده) حدثنا عفان حدثنا عبد الرحمن بن ابراهيم قال ثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م مذ) (4) (سنده) حدثنا حسن ثنا زهير عن سعد ابي المجاهد الطائي عن عطية بن سعد العوفي عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) (5) بضم الخاء وسكون الضاد جمع أخضر أي من ثيابها الخضر فهو من اقامة الصفة مقام الموصوف كما ذكره الطيى (تخريجه) (د مذ) وفي اسناده عند الامام احمد عطية بن سعد العوفي قال في الخلاصة ضعفه الثورى وهشيم وابن عدى وحسن له الترمذي احاديث اهـ وأورده الحافظ السيوطي ورمز له بعلامة الحسن قال المناوى قال المنذري رواه أبو داود والترمذي من رواية أبي خالد بن يزيد الدالاني وحديثه حسن اهـ ولينه ابن عدى (6) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن حبيب بن أبي ثابت حدثني جميل انا مجاهد عن نافع بن عبد الحارث الخ (تخريجه) (حب ك) والبيهقي في شعب الايمان وصححه الحاكم واقره الذهبي (7) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة قال حدثنا زبان عن سهيل بن معاذ بن أنس عن أبيه (يعني معاذ بن أنس الجهني) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (طب) قال العراقي ضعيف وقال الهيثمي والمنذري في اسناده زبان بن فائد ضعيف (8) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل بن معاذ عن أبيه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) هكذا بالأصل (غفر له من بأس) والظاهر أنه سقط منه شيء يجوز أن يكون (غفر له ما كان من بأس) والله أعلم (وقوله الا أن يحدث من بعد) معناه إلا أن يحدث ذنبا بعد ذلك (تخريجه)

إلا أن يحدث من بعد (عن سهل بن حنيف) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أعان مجاهدا في سبيل الله أو غارما في عسرته أو مكاتبا في رقبته (2) أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله (عن أبي موسى) (3) قال قال رسول الله اطعموا الجائع وفكوا العانى (4) وعودوا المريض قال قال عبد الرحمن المرضى (5) (عن عبادة بن الصامت) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليس من أمتي (7) من لم يجل كبيرنا ويرحم صغيرنا ويعرف لعالمنا (8) قال عبد الله (يعني ابن الامام احمد) وسمعته انا من هرون (عن عبد الله بن عمرو) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اعبدوا الرحمن وافشوا السلام واطعموا الطعام تدخلون الجنان قال عبد الصمد (10) تدخلون الجنة (عن أبي هريرة) (11) عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال كرم الرجل دينه ومروءته عقله وحسبه خلقه (12) (وعنه أيضا) (13)

_ لم أقف عليه لغير الامام أحمد وهو ضعيف كالذي قبله لأن في اسناده زبان بن فائد والله أعلم (1) (سنده) حدثنا زكريا بن عدى قال أنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله بن سهل ابن حنيف عن أبيه (يعني سهل بن حنيف) الخ (غريبه) (2) أي في فك رقبته من الرق (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه عبد الله بن سهل بن حنيف لم اعرفه وبقية رجاله حديثهم حسن اهـ (قلت) وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام احمد والحاكم ورمز له بعلامة الصحة قال شارحه المناوى رواه الحاكم في باب المكاتب من حديث عمرو بن ثابت عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن عبد الله بن سهل بن حنيف وحديثه حسن اهـ (قلت) الحديث رواه الحاكم وصححه على شرط مسلم لكن تعقبه الذهبي فقال عمرو (يعني ابن ثابت) رافضى متروك فالله أعلم (3) (سنده) حدثنا وكيع وعبد الرحمن عن سفيان عن منصور عن أبي وائل عن أبي موسى (يعني الاشعري الخ) (غريبة) (4) يعني الاسير وكل من ذل واستكان وخضع فقد عنا (5) عبد الرحمن احد الراويين اللذي روى عنهما الامام احمد هذا الحديث يعني انه قال في روايته المرضى بد المريض (تخريجه) (خ د طل) (6) (سنده) حدثنا هارون ثنا ابن وهب حدثني مالك بن الخير الزيادي عن أبي قبيل المعافرى عن عبادة بن الصامت الخ (غريبة) (7) أي المتبعة لسنته صلى الله عليه وسلم (8) يعني لم يحترمه ولم يطع أمره في غيره معصية ومعرفة حق العالم هو حق العلم بأن يعرف قدره بما رفع الله من قدره فقد قال تعالى (يرفع الله الذين آمنوا منكم) ثم قال (والذين أوتوا العلم درجات) فيعرف له درجته بما آتاه الله من العلم (تخريجه) (ك طب) قال الهيثمي وسنده حسن (قلت) صححه الحاكم وأقره الذهبي (9) (سنده) حدثنا يحيى بن حماد حدثنا أبو عوانة وعبد الصمد قال حدثني ابي عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (غريبه) (10) يعني في روايته (تخريجه) (مذ جه مى) والبخاري في الأدب المفرد وقال الترمذي حديث حسن صحيح (11) (سنده) حدثنا حسين بن محمد ثنا مسلم يعني ابن خالد عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) (12) بضم الخاء واللام أي ليس شرفه بشرف آبائه بل بشرف أخلاقه وليس كرمه بكثرة ماله بل بمحاسن أخلاقه (تخريجه) (ك هق) وقال الحاكم على شرط مسلم وتعقبه الذهبي بأن فيه مسلما الزنجى ضعيف وقال البخاري منكر الحديث وقال الرازي لا يحتج به والله أعلم (13) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد قال ثنا ابن مبارك عن محمد بن عجلان

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المؤمن القوي (1) خير وأفضل وأحب إلى الله عز وجل من المؤمن الضعيف (2) وفي كل خير أحرص على ما ينفعك ولا تعجز (3) فإن غلبك أمر فقل قدر الله وما شاء صنع واياك واللو فإن اللو يفتح عمل الشيطان (عن أنس بن مالك) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يستقيم ايمان عبد حتى يستقيم قلبه ولا يستقيم قلبه حتى يستقيم لسانه ولا يدخل رجل الجنة لا يأمن جاره بوائقه (5) (عن عقبة بن عامر) (6) قال لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأته فأخذت بيده فقلت يا رسول الله ما نجاة المؤمن؟ قال يا عقبة املك لسانك (7) وليسعك بيتك (8) وابك على خطيئتك (9) قال ثم لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأني فأخذ بيدي فقال يا عقبة بن عامر الا أعلمك خير ثلاث سور أنزلت في التوراة والانجيل والزبور والفرقان العظيم؟ قال قلت بلى جعلني الله فداك قال فأقرأني قل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس ثم قال يا عقبة لا تنساهن ولا تبيتن ليلة حتى تقرأهن قال فما نسيتهن من منذ قال لا تنساهن وما بت ليلة قط حتى أقراهن (10) قال

_ عن ربيعة عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (1) أي الذي منحه الله صحة في بدنه وقوة في ايمانه (2) أي ضعيف الجسم ولكنه قوى الإيمان فالأول أفضل باعتبار ان نفعه متعد لأنه يمكنه الجهاد وكل ما يطلبه الشرع من الأمور التي تحتاج إلى قوة الجسم والثاني نفعه قاصر على نفسه وفي كل خير باعتبار قوة الايمان (3) أي لا تترك الحرص على ما ينفعك في دينك ودنياك فإن حاولت الحرص وغلبك أمر فاتركه وقل قدر الله وما شاء صنع لأنه لا يقع في ملكه إلا ما يريد ولذلك حذر النبي صلى الله عليه وسلم من اللو وهو قول المتندم على الفائت لو كان كذا لقلت وفعلت كذالك قول المتمني لأن ذلك من الاعتراض على الاقدار والاصل فيه لو ساكنة الواو وهي حرف من حروف المعاني يمتنع بها الشيء لامتناع غيره (وقوله فان اللو يفتح عمل الشيطان) يريد باب اللو يفتح عمل الشيطان عدو الانسان فإن فيه عدم الرضا بما قدره الله (تخريجه) رواه مسلم في باب الايمان بالقدر والاذعان له (4) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب قال اخبرني علي بن مسعدة الباهلي قال ثنا قتادة عن أنس بن مالك الخ (غريبة) (5) أي غوائله وشروره واحدها بائقة وهي الداهية (نه) (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه احمد وابن ابي الدنيا في الصمت كلاهما من رواية علي بن مسعدة اهـ (قلت) قال في الخلاصة علي بن مسعدة وثقه أبو داود الطيالسي وقال أبو حاتم لا بأس به وقال النسائي ليس بالقوي اهـ وقال في التهذيب لا بأس به (6) (سنده) حدثنا أبو المغيرة ثنا معاذ بن رفاعة حدثني علي بن يزيد عن القاسم (يعني ابن عبد الرحمن) عن أبي أمامة الباهلي عن عقبة بن عامر الخ (غريبة) (7) أي احفظه وصنه لعظم خطره وكثرة ضرره بأن لا تحركه في معصية بل ولا فيما لا يعنيك (8) أي تعرض لما هو سبب للزوم البيت من الاشتغال بالله والمؤانسة بطاعته والخلو عن الأغيار خصوصا في زمن الفتنة (9) أي ذنوبك ضمن بكى معنى الندامة وعداه بعلى أي اندم على خطيئتك باكيا فإن جميع أعضائك تشهد عليك في عرصات القيامة (10) هذا الجزء المختص بفضل قراءة قل هو الله أحد والمعوذتين تقدم في الجزء الثاني عشر صحيفة 348 رقم 537 (وله طريق ثان) عند الامام احمد قال حدثنا حسين بن محمد حدثنا ابن عياش عن أسيد بن عبد الرحمن الخثعمى عن عروة بن مجاهد اللخمي عن عقبة بن عامر

عقبة ثم لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فابتدأته فأخذت بيده فقلت يا رسول الله اخبرني بفواضل الأعمال فقال يا عقبة صل من قطعك واعط من حرمك واعف عمن ظلمك (عن معاذ) (1) انه قال يا رسول الله اوصني قال اتق الله حيثمان كنت أو أينما كنت قال زدني قال اتبع السيئة الحسنة تمحها قال زدني قال خالق الناس بخلق حسن (عن أبي أيوب الأنصاري) (2) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال عظني وأوجز فقال إذا قمت في صلاتك فصل صلاة المودع (3) ولا تكلم بكلام تعتذر منه غدا (4) واجمع الإيا مما في أيدي الناس (5) (باب الثلاثيات المبدوءة بعدد) (عن ابن عمر) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة على كثبان (5) المسك يوم القيامة رجل أم قوما وهم به راضون ورجل يؤذن في كل يوم وليلة خمس صلوات وعبد أدى

_ قال لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله سواه إلا بعض الفاظ من كلام عقبة وزاد في آخره وكان عروة بن مجاهد إذا حدث بهذا الحديث يقول ألا فرب من لا يملك لسانه ولا يبكي على خطيئة ولا يسعه بيته (تخريجه) الحديث لم أقف عليه لغير الامام أحمد بهذا الطول والسياق وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره بطوله كما هنا وقال تفرد به أحمد اهـ (قلت) ورواه الترمذي من أوله إلى قوله (وابك على خطيئتك) قولا هذا حديث حسن وأورده المنذري ف الترغيب في الصمت وقال رواه (د مذ) وابن أبي الدنيا في العزلة وفي الصمت والبيهقي في كتاب الزهد وغيرهم وكلهم من طريق عبيد الله بن زحر عن علي بن يزيد عن القاسم عن أبي أمامة عنه وقال الترمذي حديث حسن غريب اهـ (قلت) يشير إلى أن في اسناده علي بن يزيد الالهاني وهو ضعيف وأورد المنذري الجزء الأخير منه وهو قوله (صل من قطعك الخ) في الترغيب في صلة الرحم وقال رواه أحمد والحاكم ثم قال ورواة احد اسنادي احمد ثقات اهـ (قلت) يعني الطريق الثانية والله وأعلم (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من كتاب الأخلاق الحسنة في هذا الجزء صحيفة 77 رقم 14 (2) (سنده) حدثنا علي بن عاصم ثنا عبد الله ابن عثمان بن خثيم عن عثمان بن جبير عن أبي أيوب الأنصاري الخ (غريبة) (3) أي اذا شرعت في صلاتك فاقبل على الله وحده ودع غيره لمناجاة ربك (ولا تكلم) بحذف إحدى التاءين تخفيفا (4) أي لا تتكلم بشيء يوجب اللوم عليك فتضطر إلى الاعتذار منه في المستقبل (وأجمع) بقطع الهمزة وجيم ساكنة وميم مكسورة لأنه من أجمع الذي هو متعلق بالمعاني دون الأعيان لا من جمع فإنه مشترك بينهما قال في النهاية الاجماع احكام النية والعزيمة (5) أي أعزم وصمم على قطع الامل مما في يد غيرك من جميع الخلق فإنه يريح القلب والبدن وإذا سألت فاسأل الله واذا استعنت فاستعن بالله (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام احمد وابن ماجه ورمز لصحته (باب) (6) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي اليقظان عن زاذان عن ابن عمر الخ (غريبة) (7) جمع كثيب والكثيب الرمل المستطيل المحدودب (نه) (تخريجه) (مذ) وقال حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سفيان وأبو اليقظان اسمه عثمان بن قيس اهـ (قلت) قال في التقريب عثمان بن عمير بالتصغير ويقال ابن قيس والصواب ابن قيسا جد أبيه وهو عثمان بن أبي حميد أيضا البجلى أبو اليقظان الكوفي الأعمى ضعيف واختلط وكان يدلس ويغلو في التشيع من السادسة مات في حدود الخمسين ومائة اهـ (قلت) فالحديث ضعيف بابي اليقظان الذي سماه الترمذي عثمان بن قيس فنسبه إلى جده

حق الله تعالى وحق مواليه (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث كلهم حق على الله عونهم المجاهد في سبيل الله والناكح المستعفف والمكاتب يريد الأداء (وعنه أيضا) (2) قال ثلاث أوصاني بهن خليلي صلى الله عليه وسلم لا أدعهن أبدا (وفي رواية لا أدعهن حتى أموت) الوتر قبل أن انام وصيام ثلاثة أيام من كل شهر والغسل يوم الجمعة (3) (وعنه أيضا) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله كره لكم ثلاثا ورضى لكم ثلاثا رضى لكم ان تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وان تعتصموا بحبل الله جميعا وان تنصحوا لولاة الأمر وكره لكم قيل وقال (5) واضاعة المال وكثرة السؤال (وعنه ايضا) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة كلهن حق على كل مسلم عيادة المريض وشهود الجنازة وتشميت العاطس إذا حمد الله (عن أنس بن مالك) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال يتبع الميت ثلاث أهله وماله وعمله فيرجع اثنان ويبقى واحد (8) أهله وماله ويبقى عمله (عن أبي هريرة) رضي الله عنه (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عرض على أول ثلاثة يدخلون الجنة وأول ثلاثة يدخلون النار فإما أول ثلاثة يدخلون الجنة فالشهيد وعبد مملوك أحسن عبادة ربه ونصح لسيده وعفيف (10) متعفف ذو عيال وأما أول ثلاثة يدخلون النار فأمير مسلط (11) وذو ثروة من مال لا يعطي حق ماله وفقير فخور (عن سعد

_ الأعلى (1) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن عجلان حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (نس مذ جه حب ك) وقال الترمذي هذا حديث حسن وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم واقره الذهبي (2) (سنده) حدثنا اسود بن عامر ثنا جرير يعني ابن حازم قال سمعت الحسن قال قال أبو هريرة ثلاث أوصاني بهن خليلي الخ (غريبة) (3) (وفي رواية وصلاة الضحى بدل والغسل يوم الجمعة) (تخريجه) (طل) وابن جرير وابن عساكر وسنده جيده ورجاله ثقات (4) (سنده) حدثنا عبد الصمد عن حماد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (5) أكر كره فضول ما يتحدث به المتجالسون من قولهم قيل كذا وقال كذا والقالة بين الناس أي كثرة القول وايقاع الخصومة بين الناس مما يحكى للبعض عن البعض (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد بهذا السياق ورجاله ثقات وأورد صاحب الراموز الجزء الأخير منه وزاد ومنع ومات زواد البنات وعقوق الامهات وعزاه للطبراني عن عمار بن ياسر والمغيرة بن شعبة معاذ وللطبراني أيضا عن معقل بن يسار (6) (سنده) حدثنا اساحق بن عيسى حدثنا ابو عوانة عن عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (طل) وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للبخاري في الأدب المفرد ورمز له بعلامة الحسن (7) (سنده) حدثنا سفيان حدثني عبد الله بن أبي بكر سمع انسا يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) لفظ يبقى واحد وقع في الأصل هكذا بين البدل والمبدل منه والمعنى فيرجع اثنان اهله وماله ويبقى عمله لفظه عند الشيخين يتبع الميت ثلاثة فيرجع اثنان ويبقى واحد يتبعه أهله وماله وعمله فيرجع أهله وماله ويبقى عمله (تخريجه) (ق وغيرهما) (9) (سنده) حدثنا اسماعيل بن ابراهيم قال ثنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عامر العقيلى عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) (10) أي عفيف عن تعاطى ما لا يحل (متعفف) عن سؤال الناس (11) بضم الميم

ابن أبي وقاص) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سعادة ابن آدم ثلاثة ومن شقوة ابن آدم ثلاثة من سعادة ابن آدم المرأة الصالحة والمسكن الصالح والمركب الصالح ومن شقوة ابن آدم المرأة السوء والمسكن السوء والمركب السوء (عن سهل بن حنيف) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه قال أنت رسولي إلى أهل مكة قل ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلني يقرأ عليكم السلام ويأمركم بتلات لا تحلفوا بغير الله وإذا تخليتم فلا تستقبلوا القبلة ولا تستدبروها ولا تستنجوا بعظم ولا ببعرة (عن عقبة بن عامر) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مستجاب لهم دعوتهم المسافر والوالد والمظلوم (عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان) (4) عن رجل من الأنصار عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ثلاث حق على كل مسلم (5) الغسل يوم الجمعة والسواك ويمسس من طيب ان وجد (عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاث لا يغل عليهن قلب المؤمن اخلاص العمل والنصيحة لولي الأمر ولزوم الجماعة فإن دعوتهم تكون من ورائه (عن عبد الله بن حوالة) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من نجا من ثلاث فقد نجا ثلاث مرات

_ وفتح المهملة وتشديد اللام مفتوحة أي مسلطا على رعيته بالجور والظلم (تخريجه) (هق ك) وسنده جيد وحسنه الحافظ السيوطي (1) (سنده) حدثنا روح حدثنا محمد بن أبي حميد حدثنا اسماعيلى بن محمد ابن سعد بن أبي وقاص عن أبيه عن جده (يعني سعد بن أبي وقاص الخ) (تخريجه) (مذ) وقال حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث محمد بن أبي حميد ويقال له أيضا حماد بن أبي حميد وهو أبو ابراهيم المديني وليس بالقوى عند أهل الحديث اهـ (قلت) ضعفه ابن معين وأبو زرعة وأبو حاتم والنسائي وغيرهم (2) (سنده) حدثنا روح وعبد الرزاق قال انا ابن جريج قال حدثني عبد الكريم بن أبي المخارق أن الوليد ابن مالك بن عبد القيس أخبره وقال عبد الرزاق من عبد القيس أن محمد بن قيس مولى سهل بن خنيف من بني ساعدة أخبره ان سهلا اخبره أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه عبد الكريم بن أبي المخارق وهو ضعيف (3) (عن عقبة بن عامر) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب السابق فارجع اليه (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سعد بن ابراهيم قال سمعت محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان يحدث عن رجل من الانصار الخ (وله طريق ثانية) عند الامام احمد قال حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن سعد بن ابراهيم عن محمد بن عبد الرحمن بن ثوبان عن رجل من الانصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكره (قلت) جاء في الطريق الأولى عن رجل من الأنصار عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فكرر لفظ عن رجل مرتين وجاء في الطريق الثانية عن رجل من الانصار من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم والصحيح ما في الطريق الثانية وان لفظ عن رجل كرر في الطريق الأولى خطأ هذا ما ظهر لي والله أعلم (غريبة) (5) أي فعلهن متأكد كما تقدم في أبوابهن (تخريجه) (ش) الحديث الصحيح ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين (6) (عن محمد بن جبير بن مطعم الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب فضل تبليغ الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب العلم في الجزء الأول صحيفة 164 رقم 43 فارجع اليه (7) (سنده) حدثنا محمد بن اسحاق ثنا يحيى بن أيوب حدثني زيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط

موتى (1) والدجال وقتل خليفة مصطبر بالحق يعطيه (2) (عن أبي ذر) (3) قال أوصاني حيى بثلاث لا ادعهن ان شاء الله ابدا أوصاني بصلاة الضحى وبالوتر قبل النوم وبصيام ثلاثة أيام من كل شهر (عن أبي الدرداء) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وفيه وسبحة الضحى في الحضر والسفر (عن أبي هريرة) (5) قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم بثلاث ونهاني عن ثلاث أمرني بركعتي الضحى كل يوم والوتر قبل النوم وصيام ثلاثة أيام من كل شهر ونهانى عن نقرة كنقرة الديك (6) واقعاء كأقعاء الكلب (7) والتفات كالتفات الثعلب (8) (عن مطرف بن عبد الله بن الشخير) (9) قال بلغني عن أبي ذر حديث فكنت أحب أن القاه فلقيته فقلت له يا أبا ذر بلغني عنك حديث فكنت أحب أن القاك فاسألك عنه فقال قد لقيت فسل قال قلت بلغني أنك تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاثة يحبهم الله عز وجل وثلاثة يبغضهم الله عز وجل قال نعم فما اخالني اكذب على خليلي محمد صلى الله عليه وسلم ثلاثا يقولها قال قلت من الثلاثة الذي يحبهم الله عز وجل؟ قال رجل غزا في سبيل الله فلقى العدو مجاهدا محتسبا فقاتل حتى قتل وأنتم تجدون في كتاب الله عز وجل (إن الله يحب الذين يقاتلون في سبيله صفا) ورجل له جار يؤذيه فيصبر على أذه ويحتسبه حتى يكفيه الله إياه بموت أو حياة ورجل يكون مع قوم فيسيرون حتى يشق عليهم الكرى (10) والنعاس فينزلون في آخر الليل فيقوم إلى وضوئه وصلاته (وفي لفظ فيصلي حتى

_ عن عبد الله بن حوللة الخ (تخريجه) (1) أي موت النبي صلى الله عليه وسلم فقد افتتن قوم بعد وفاته وارتدوا عن الاسلام (والدجال) يعني المسيح الدجال فإن فتنته من أعظم الفتن ولذلك كان صلى الله عليه وسلم يتعوذ منها وامرنا بالتعوذ منها (2) الظاهر والله أعلم ان هذا الخليفة هو عثمان بن عفان رضي الله عنه فإن قتل مظلوما (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجال احمد رجال الصحيح غير ربيعة بن لقيط وهو ثقة (3) (سنده) حدثنا سليمان بن داود الهاشمي انا اسماعيل يعني ابن جعفر اخبرني محمد بن أبي حرملة عن عطاء بن يسار عن أبي ذر الخ (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله من رجال الصحيحين وأخرجه أيضا النسائي (4) (حديث أبي الدرداء) تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من أبواب صلاة الضحى من كتاب الصلاة في الجزء الخامس صحيفة 22 رقم 1123 وهو حديث صحيح رواه (م د نس) (5) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن ابن موهب عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبة) (6) النقرة بفتح النون والمراد بها ترك الطمأنينة في الصلاة وتخفيف السجود وأن لا يمكث فيه إلا قدر وضع الديك منقاره فيما يريد الأكل منه لأنه يتابع في النقر منها من غير تريث (7) الاقعاء هو ان يلصق البتية بالأرض وينصب ساقيه ويضع يديه على الأرض كاقعاء الكلب هكذا فسره أبو عبيدة معمر بن المثنى صاحبه أو عبيد القاسم بن سلام وآخرون من أهل اللغة وهذا النوع هو المكروه الذي ورد النهي عنه (8) يعني الالتفات في الصلاة وقد وردت بالمنع منه أحاديث (تخريجه) أخرج الشق الأول منه (ق والأربعة) واخرج الشق الثاني منه (هق عل طس) وأشار إليه الترمذي وقال في مجمع الزوائد اسناد احمد حسن (9) (سنده) حدثنا يزيد انا الاسود بن شيبان عن يزيد بن العلاء عن مطرف بن عبد الله ابن الشخير الخ (غريبه) (10) الكرى بفتح الكاف والراء هو النوم (والنعاس) أول النوم

يوقظهم لرحيلهم) قال قلت من الثلاثة الذين يبغضهم الله؟ قال الفخور المختال وأنتم تجدون في كتاب الله عز وجل (إن الله لا يحب كل مختال فخور) والبخيل المان والتاجر والبياع الحلاف قال (قلت) يا أبا ذر ما المال (1) قال فرق لنا (2) وذود يعني بالفرق غنما يسيره قال قلت لست عن هذا اسأل إنما اسألك عن صامت المال (3) قال ما أصبح لا امسى وما أمسى لا أصبح (4) قال قلت يا أبا ذر مالك ولأخوتك قريش؟ (5) قال والله لا اسألهم دنيا ولا استفتيهم عن دين الله تبارك وتعالى حتى القى الله ورسوله ثلاثا يقولها (باب ما جاء في الرباعيات) (عن أبي هريرة) (6) قال قلت يا رسول الله انبئني عن أمر إذا اخذت به دخلت الجنة قال افش السلام واطعم الطعام وصل الأرحام وقم بالليل والناس نيام ثم ادخل الجنة بسلام (وعنه أيضا) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذ استجمر احدكم فليوتر واذا ولغ الكلب في إناء أحدكم فليغسله سبع مرات ولا يمنع فضل ماء ليمنع به الكلأ (8) ومن حق الابل أن تحلب على الماء يوم وردها (9) (وعنه أيضا) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من اكتحل فليوتر ومن فعل فقد احسن ومن لا فلا حرج عليه

_ (1) يسأله عن ماله (2) الفرق بكسر الفاء وسكون الراء القطعة من الغنم وقد فسرها في الحديث بالغنم اليسيرة (والذود) بذال معجمة مفتوحة ثم واو ساكنة من الابل ما بين اثنتين إلى التسع وقيل ما بين الثلاث إلى العشر (3) صامت المال هو الذهب والفضة وضده الناطق وهو الحيوان كالأبل والغنم ونحو ذلك (4) معناه ما يأتيني منه في الصباح لا ابقيه إلى المساء وما يأتيني منه في المساء لا أبقيه الى الصباح يعني ينفقه في سبل البر (5) معناه ما الذي جرى بينك وبين اخوتك في الدين من قريش حتى فارقهم وصرت في معزل عنهم وكان أبو ذر رضي الله عنه ترك المدينة وسكن بالربذة موضع قريب من المدينة خال من الناس فقال والله لا اسألهم دنيا لأني لا مطمع لي في متاعها وزخرفها ولا استقتيهم عن دين الله فقد أغناني الله عنهم بما ورثته من علم رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك ثلاثا للتأكيد رضي الله عنه (تخريجه) (نس مذ حب ك) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد وقال الترمذي حديث صحيح (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وجود الحافظ العراقي اسناده (باب) (6) (سنده) حدثنا يزيد انا هشام عن قتادة عن ابي ميمونه عن أبي هريرة قال قلت يا رسول الله اني إذا رأيتك طابت نفسي وقرت عيني فأنبئني عن كل شيء فقال كل شيء خلق من ماء قال قلت يا رسول الله انبئني أمر الخ (تخريجه) (حب ك) وسنده جيد ورجاله ثقات (7) (سنده) حدثنا موسى بن داود ثنا فليح بن سليمان عن هلال بن علي عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (غريبة) (8) الكلا بفتح الكاف واللام بعدها همزة مقصورة وهو النبات رطبه ويابسه والمعنى أن يكون حول البئر كلأ ليس عنده ماء غيره ولا يمكن اصحاب المواشي رعيه إلا اذا مكنوا من سقى بهائمهم من تلك البئر لئلا يتضرروا بالعطش بعد الرعى فيستلزم منعهم من الرعي والي هذا التفسير ذهب الجمهور (9) بكسر الواو وسكون الراء أي يوم وردها للشرب والمراد يحلبها على الماء ليصيب الناس من لبنها (تخريجه) أخرجه الشيخان وأصحاب السنن مقطعا في أبواب متنوعة ورجاله ثقات (10) (سنده) حدثنا سريج قال ثنا عيسى بن يونس عن ثور عن الحصين كذا

ومن استجمر فليوثر ومن فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج ومن أكل فما تخلل فليلفظ (1) ومن لاك بلسانه فليبتلع من فعل فقد احسن ومن لا فلا حرج ومن أتى الغائط فليستتر فإن لم يجد إلا أن يجمع كثيبا (2) فليستدبره فإن الشيطان يلعب بمقاعد بني آدم (3) من فعل فقد أحسن ومن لا فلا حرج (عن أنس بن مالك) (4) قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لا شغار في الاسلام ولا حلف في الاسلام ولا جلب ولا جنب (عن جابر) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أغلقوا أبوابكم وخمروا آنيتكم (6) واطفئوا سرجكم وأوكئوا (7) اسقيتكم فإن الشيطان لا يفتح بابا مغلقا ولا يكشف غطاءولا يحل وكاء (8) وان الفويسقة (9) تضرم البيت على أهله يعني الفأرة (عن عائشه) (10) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها أنه من أعطى حظه من الرفق فقد أعطى حظه من خير الدنيا والآخرة وصلة الرحمن وحسن الخلق وحسن الجوار يعمران الديار ويزيدان في الاعمار (11) (عن أبي هريرة) (12) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدا (13) جفا ومن اتبع الصيد غفل (14)

_ قال عن أبي سعد الخير وكان من أصحاب عمر بن أبي هريرة الخ (غريبة) (1) بكسر الفاء ومعناه أن من تخلل يعني أخرج ما بين أسنانه يعود ونحوه فليلفظ أي فليرم به وليخرجه من فمه (ومن لاك) الوك ادارة الشيء في الفم يعني من أدار اللقمة في فمه ومضغها فليبتلعها (2) الكثيب هو التل من الرمل (3) معناه أن الشياطين تحضر تلك الأمكنة وترصدها بالأذى والفساد لأنها مواضيع نهجر فيها ذكر الله تعالى وتكشف فيها العورات وفيه الأمر بالتستر ما أمكن وان لا يكون قعود الانسان في براح من الأرض تقع عليه أبصار الناظرين فيتعرض لانتهاك الستر أو تهب عليه الريح فينتشر البول عليه فيلوث بدنه أو ثيابه وكل ذلك من لعب الشيطان به وقصده إياه بالأذى والفساد (تخريجه) (د جه) وقال الحافظ في الفتح اسناده حسن (4) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا سفيان عمن سمع أنس بن مالك يقول قال النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (نس) وفي اسناده عند الامام احمد رجل لم يسم انظر حديث عمران بن حصين في باب مشروعية السبق في الجزء 15 صحيفة 127 رقم 354 وصححه الترمذي أما شرحه فتقد مفي أبوابه (5) (سنده) حدثنا وكيع عن قطر عن أبي الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله) الخ (غريبه) (6) أي غطوا رءوس الآنية (7) الوكاء شيء يربط به فم القربة وأمثالها ومعناه أن تربط أفواه الأسقية بالوكاء (8) زاد عند مسلم (فإن لم يجد أحدكم إلا أن يعرض على انائه عودا أو يذكر اسم الله فليفعل) (9) تصغير فاسقه وقد فسرها في الحديث بالفأرة ومعنى اضرامها النار على أهل البيت أن يكون السراج موقدا فتعبث به فتقلبه فتضطرم النار على أهل البيت (تخريجه) (م) والبخاري في الأدب المفرد وغيرهم (10) (سنده) حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا محمد بن مهزم عن عبد الرحمن بن القاسم ثنا القاسم عن عائشة الخ (غريبة) (11) زيادة الاعمار بركتها وتقدم الكلام على ذلك غير مرة (تخريجه) (هب) وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بعلامة الحسن قال شارحه المناوى وهو كما قال فقد قال الحافظ في الفتح رواه احمد بسند رجاله ثقات (12) (سنده) حدثنا محمد قال حدثنا اسماعيل بن زكريا عن الحسن بن الحكم النخمي عن عدي بن ثابت عن أبي حازم عن أبي هريرة الخ (غريبه) (13) أي من قطن بالبادية صار فيه جفاء الأعراب (14) بفتحات أي من شغل الصيد قلبه والهاء صارت

ومن أتى أبواب السلطان افتتن (1) وما ازداد عبد من السلطان قربا إلا ازداد من الله بعدا (عن عثمان بن زفر) (2) عن بعض بني رافع بن مكيث وكان ممن شهد الحديبية ان النبي صلى الله عليه وسلم قال حسن الخلق نماء (3) وسوء الخلق شؤم (4) والبر زيادة في العمر (5) والصدقة تمنع ميتة (6) السود (عن ابن عمر) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من استعاذ بالله فأعيذوه ومن سألكم بالله فأعطوه ومن دعاكم فأجيبوه ومن أتى عليكم معروفا فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تعلموا ان قد كافأنموه (باب في الرباعيات المبدوءة بعدد) (عن أبي أيوب الأنصاري) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع من سنن المرسلين التعطر والنكاح والسواك والحياء (عن حفصة رضي الله عنها) (9) قالت أربع لم يكن يدعهن النبي صلى الله عليه وسلم صيام عاشوراء والعشر وثلاثة أيام من كل شهر والركعتين قبل الغداة (عن عبد الله بن عمرو) (10) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أربع اذا كن فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا حفظ أمانة وصدق حديث وحسن خليقة وعفة في طعمة (عن أبي كبشة الانصاري) (11) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله عز وجل مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله عز وجل فيه حقه قال فهذا بأفضل المنازل قال وعبد رزقه الله عز وجل علما ولم يرزقه مالا قال فهو يقول

_ فيه غفلة (1) أي لأن الداخل عليهم اما أن يلتفت إلى تنعمهم فيزدري نعمة الله عليه أو يهمل الانكار عليهم مع وجوبه فيفسق (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث ابي هريرة وروى مثله الطبراني عن ابن عباس وسند حديث الباب جيد قال المنذري والهيثمي واحد اسنادي احمد رجاله رجال الصحيح خلا الحسن بن الحكم النخمي وهو ثقة (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق قال انا معمر عن عثمان ابن زفر اخل (غريبة) (3) بالفتح والتخفيف والمد أي زيادة رزق وأجر وارتفاع مكانة عند الله عز وجل (4) أي والشؤم يورث الخذلان ودخول النيران (5) معنى زيادته بركته (6) الميتة الحالة التي يكون عليها الانسان من موته وميتة السوء أن يموت على وجه النكال والفضيحة ككونه شرب خمرا وبغير توبة أو قبل قضاء دينه وغير ذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وقال فيه رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (7) (سنده) حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة حدثنا سلمان الأعمش عن مجاهد عن ابن عمر الخ (تخريجه) (د نس ك حب) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال النووي في رياض الصالحين حديث صحيح (باب) (8) (عن أبي أيوب الأنصاري) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في آخر الباب الأول من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر صحيفة 141 رقم 7 (9) (عن حفصة رضي الله عنها) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب جامع لبعض ما يستحب صومه من كتاب الصيام في الجزء العاشر صحيفة 162 رقم 214 (10) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد الحضرمي عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح وأورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه (حم طب) واسنادهما حسن (11) (سنده) حدثنا عبد الله

لو كان لي مال عملت بعمل فلان قال فأجرهما سواء قال وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه عز وجل ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم فيه لله حقه فهذا بأخبث المناذل قال وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو كان لي مال لعملت بعمل فلان قال هي نيته فوزردهما فيه سواء (عن أبي هريرة) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله اصطفى من الكلام اربعا سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر فمن قال سبحان الله كتب الله له عشرين حسنة وحط عنه عشرين سيئة ومن قال الله أكبر فمثل ذلك ومن قال لا إله إلا الله فمثل ذلك ومن قال الحمد لله رب العالمين من قبل نفسه كتب له ثلاثون حسنة وحط أو حطت عنه ثلاثون سيئة (عن أبي سعيد الخدري) (2) قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي فقال يا أبا سعيد ثلاثة من قالهن دخل الجنة قلت ما هن يا رسول الله قال من رضى بالله ربا وبالاسلام دينا وبمحمد رسولا ثم قال يا أبا سعيد والرابعة لها من الفضل كما بين السماء إلى الأرض وهي الجهاد في سبيل الله (وعنه أيضا) (3) ان وفد عبد القيس لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا انا حي من ربيعة وبيننا وبينك كفار مضر ولسنا نستطيع أن نأتيك إلا في اشهر الحرم فمرنا بأمر إذا نحن أخذنا به دخلنا الجنة ونأمر به أو ندعو من وراءنا فقال آمركم بأربع وأنهاكم عن اربع اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا فهذا ليس من الأربع (4) واقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وصوموا رمضان واعطوا من الغنائم الخمس وانهاكم عن الدباء والنقر والحتم والمزفت (5) قالوا وما علمك بالنقير قال جذع ينقر

_ ابن محمد بن نمير ثنا عبادة بن مسلم حدثني يونس بن خباب عن سعيد أبي البختري الطائي عن أبي كبشه الانمارى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث اقسم عليهن وأحدثكم حديثا فاحفظوه قال فاما الثلاث الذي اقسم عليهن فإنه ما نقص مال عبد من صدقة ولا ظلم عبد بمظلمة فيصبر عليها إلا زاده الله عز وجل بها عزا ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله له باب فقر واما الذي احدثكم حديثا فاحفظوه فإنه قال انما الدنيا لأربعة نفر الحديث (تخريجه) (مذ) مطولا كما هنا وقال حديث حسن صحيح (قلت) ورواه ابن ماجه مختصرا بلفظ (مثل هذه الامة كمثل أربعة نفر رجل أتاه الله مالا وعلما فذكره) (1) (عن أبي هريرة) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب فضل سبحان الله والحمد لله من كتاب الأذكار في الجزء الرابع عشر صحيفة 220 رقم 47 (2) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق قال انا ابن لهيعة عن خالد ابن ابي عمران عن أبي عبد الرحمن الحبلى عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفي اسناده ابن لهيعة ضعيف اذا عنعن (3) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن ابن ابي عروبة ثنا قتادة عمن لقى الوفد وذكر قتادة ابا نضرة عن أبي سعيد ان وفد عبد القيس لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) معنى قوله (وذكر قتادة أبا نضرة عن أبي سعيد) ان قتادة حدث بهذا الحديث عن أبي نضرة عن أبي سعيد كما جاء مصرحا بذلك في بعض روايات مسلم (غريبه) (4) يعني قوله اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا ليس معدودا من الأربع (5) تقدم مثل هذا الحديث عن ابن عباس في باب ما جاء في وفد عبد القيس من كتاب الايمان في الجزء الأول صحيفة 70 رقم 14 إلى

ثم يلقون ليه من القطيعاء (1) أو التمر والماء حتى إذا سكن غليانه شربتموه حتى إن أحدكم ليضرب ابن عمه بالسيف (2) وفي القوم رجل أصابته جراحة (3) من ذلك فجعلت اخبؤها حياء من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا فما تأمرنا أن نشرب؟ قال في الأسقية التي يلاث (4) على أفواهها قال ان ارضنا ارض كثيرة الجرذان (5) لا تبقى فيها أسقية الأدم (6) قال وان أكلته الجرذان مرتين أو ثلاثا وقال لأشج عبد القيس (7) إن فيك خلقين يحبهما الله عز وجل الحلم والأناه (عن أبي مسعود) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال للمسلم على المسلم أربع خلال أن يجيبه إذا دعاه ويشتمه إذا عطس وإذا مرض أن يعوده وإذا مات أن يشهده (باب ما جاء في الخماسيات) (عن سهل بن معاذ عن أبيه) (9) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال من أعطى لله تعالى ومنع لله تعالى وأحب لله تعالى وأبغض لله تعالى وأنكح لله تعالى فقد استكمل ايمانه (عن أبي ذر) (10)

_ قوله المزفت قال وربما قال المقير قال احفظوهن واخبروا بهن من وراءكم وتقدم شرحه هناك واليك شرح الزائد هنا (1) بضم القاف وفتح الطاء وبالمد وهو نوع من التمر صغار يقال له الشهريز بالشين المعجمة والمهملة وبضمهما وبكسرهما قال النووي (2) يعني انه إذا شرب هذا الشراب سكر فلم يبق له عقل وهاج به الشر فيضرب ابن عمه الذي هو عنده من أحب أحبابه وهذا مفسدة عظيمة ونبه بها على ما سواها من المفاسد (3) قيل اسم هذا الرجل جهم وكانت الجراحة في ساقه (4) بضم الياء التحتية وفتح اللام مخففة وآخره ثاء مثلثة ومعناه يلف الخيط على أفواهها وتربط به (5) بكسر الجيم واسكان الراء وبالذال المعجمة جمع جرذ بضم الجيم وفتح الراء والجرذ نوع من الفأر كذا قاله لجوهري وغيره (6) بفتح الهمزة والدال جمع أديم وهو الجلد الذي تم دباغه (7) قال النووى أما الأشج فاسمه المنذر ابن عائد بالذال المعجمة العصرى بفتح العين والصاد المهملتين هذا هو الصحيح المشهور الذي قاله ابن عبد البر قال وأما الحلم فهو العقل وأما الاناة فهي التثبت وترك العجلة وهي مقصورة وسبب قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك له ما جاء في حديث الوفد أنهم لما وصلوا المدينة بادروا الى النبي صلى الله عليه وسلم واقام الاشج عند رجالهم فجمعها وعقل ناقته وليس احسن ثيابه ثم اقبل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقربه النبي صلى الله عليه وسلم واجلسه إلى جانبه ثم قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم تبايعون على أنفسكم وقومكم؟ فقال القوم نعم فقال الأشج يا رسول الله إنك لم تزاول الرجل عن شيء أشد عليه من دينه نبايعك على انفسنا ونرسل من يدعوهم فمن اتبعنا كان منا ومن أبى قاتلناه قال (صدقت ان فيك خصلتين) كما في رواية مسلم أو خلقين كما في رواية الامام احمد الخ (تخريجه) (م وغيره) (8) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن عبد الحميد بن جعفر حدثني أبي عن حكيم ابن افلح عن أبي مسعود (يعني البدري الانصاري) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناد حديث ابي مسعود صحيح واصل الحديث في الصحيحين وغيرهما من رواية غيره (قلت) يعني حديث أبي هريرة وسيأتي في الخماسيات (باب) (9) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة عن زبان عن سهل بن معاذ عن أبيه (يعني معاذ بن انس الجهنى) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (مذ) وفي اسناده ابن لهيعة ضعيف اذا عنعن وزبان بن فائد ضعيف أيضا (10) (سنده) حدثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ستة أيام (1) ثم اعقل يا أبا ذر ما أقول لك بعد فلما كان اليوم السابع قال اوصيك بتقوى الله في سر أمرك وعلانيته وإذا أسأت فأحسن (2) ولا تسألن أحدا شيئا وإن سقط سوطك (3) ولا تقبض امانة (وفي رواية ولا تووين أمانة) (4) ولا تقض بين اثنين (5) (عن أبي مريم) (6) أنه سمع ابا هريرة رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الملك في قريش والقضاء في الأنصار (7) والأذان في الحبشة (8) والشرعة في اليمن وقال زيد (9) مرة يحفظه والأمانة في الأزد (باب ما جاء في الخماسيات المبدوءة بعدد) (عن أبي هريرة) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يأخذ من أمتي خمس خصال فيعمل بهن أو يعلمهن من يعمل بهن؟ قال قلت أنا يا رسول الله قال فأخذ بيدي فعدهن فيها ثم قال اتق المحارم (11) تكن أعبد الناس وأرض بما قسم الله لك تكن أغنى الناس وأحسن إلى جارك تكن مؤمنا وأحب للناس ما تحب لنفسك تكن مسلما ولا تكثر الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب (وعنه أيضا) (12) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس من حق المسلم على المسلم أد التحية واجابة الدعوة وشهود الجنازة وعيادة المريض وتشميت العاطس إذا حمد الله عز وجل

_ أبي الهيثم عن أبي ذر الخ (غريبة) (1) الظاهر والله أعلم أن أبا ذر طلب من النبي صلى الله عليه وسلم أن يوصيه فأمهله هذه المدة لحكمة يعلمها (2) معناه اتبع السيئة الحسنة تمحها كما ورد في حديث آخر (3) مبالغة في النهي عن السؤال (4) أي وديعة أو نحوها والنهي للتحريم أن عجز عن حفظها وللكراهة أن قدر ولم يثق بأمانة نفسه فإن وثق بأمانة نفسه ندب بل أن تعين وجب (5) انما نهاه عن القضاء لخطر أمره وحسبك في خطره حديث (من ولى القضاء فقد ذبح بغير سكين) والخطاب الأبي ذر وكان يضعف من ذلك (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد والحديث ضعيف لأن في اسناده دراج عن أبي الهيثم (6) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب حدثنا معاوية بن صالح قال حدثني أبو مريم أنه سمع أبا هريرة الخ (غريبة) (7) خصهم به لأنهم اكثر فقها فمنهم معاذ بن جبل وأبي بن كعب وزيد بن ثابت وغيرهم (8) يعني الذين منهم بلال المؤذن (والشرعة) بكسر الشين المشددة وسكون الراء أي الشريعة يريد قوة الإيمان ولذلك ورد في الحديث (الايمان يمان) وسيأتي في كتاب الفضائل في فضل أهل اليمن (9) هو ابن الحباب الذي روى عنه الامام احمد هذا الحديث يعني انه قال في رواية أخرى محفوظة عنده (والأمانة في الأزد) بفتح الهمزة وسكون الزاي قال النووى في التهذيب يعني اليمن اهـ وجزم به الزين العراقي (تخريجه) (مذ) في فضل اليمن عن أبي هريرة مرفوعا وموقوفا قال الترمذي ووقفه اصح اهـ وقال الهيثمي رجال احمد ثقات (باب) (10) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا جعفر يعني ابن سليمان عن أبي طارق عن الحسن عن أبي هريرة الخ (غريبة) (11) أي احذر الوقوع في جميع ما حرم الله عليك (تخريجه) (مذ) في الزهد وقال غريب منقطع اهـ قال المنذري وبقية اسناده فيه ضعيف اهـ (قال المناوى) وفيه جعفر ابن سليمان الضبعي شيعي زاهد أورده الذهبي في الضعفاء وضعفه القطان ووثقه جمع وقال في الكاشف ثقة فيه شيء وفيه أيضا أبو طارق السعدي قال الذهبي مجهول (12) (سنده) حدثنا محمد بن بشر ثنا محمد

(عن أبي سلام) (1) عن مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بخ بخ (2) لخمس ما أثقلهن في الميزان (وفي رواية قال رجل ما هن يا رسول الله قال) لا إله إلا الله والله أكبر وسبحان الله والحمدلله والولد الصالح يتوفى فيحتسبه والده قال بخ بخ لخمس من لقى الله عز وجل مستيقنا بهن دخل الجنة يؤمن بالله واليوم الآخر وبالجنة والنار وبالبعث بعد الموت والحساب (عن معاذ) (3) قال عهد الينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في خمس من فعل منهن واحدة كان ضامنا (4) على الله من عاد مريضا أو خرج مع جنازة أو خرج غازيا في سبيل الله أو دخل على امام يريد بذلك تعزيره (5) وتوقيره أو قعد في بيت فيسلم الناس منه (6) ويسلم (عن أبي ذر) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أوصاني حيي بخمس أرحم المساكين وأجالسهم وانظر إلى من هو تحتي ولا أنظر إلى من هو فوقي وأن أصل الرحم وان ادبرت وأن اقول بالحق وان كان مرا وان أقول لا حول ولا قوة إلا بالله يقول مولى غفرة لا أعلم بقى فينا من الخمس إلا هذه قولنا لا حول ولا قوة إلا بالله قال أبو عبد الرحمن (8) وسمعته انا من الحكم بن موسى وقال عن محمد بن كعب

_ ابن عمرو ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (ق جه د نس) (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا أبان ثنا يحيى بن أبي كثير عن زيد عن أبي سلام عن مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) بخ بخ بفتح الموحدة وكسر المعجمة منون فيها صيغة تعظيم وهي كلمة تقال للمدح والرضا وتكرر للمبالغة فإن وصلت جرت ونونت (وقوله لخمس) بفتح اللام يعني من الكلمات (تخريجه) أورد الشطر الأول منه الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للبزار عن ثوبان وللنسائي وابن حبان والحاكم عن ابي سلمى وللامام احمد عن أبي أمامة ورمز له بعلامة الحسن وقال المناوى شارحه ابو سلمى راعى رسلو الله صلى الله عليه وسلم حصى له صحبة وحديث في أهل الشام ورواه عنه ايضا ابن عساكر وقال يعرف بكنيته ولم يقف على اسمه وقال غيره اسمه حريث اهـ قلت اخرج (ك طل) الشطر الأول من الحديث وصححه الحاكم وأقره الذهبي ورواه أيضا الامام أحمد من حديث أبي أمامة بسند صحيح ولم اقف على من اخرج الشطر الثاني غير الامام احمد (3) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعد ثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح عن عبد الله ابن عمرو بن العاص عن معاذ (يعني ابن جبل) قال عهد الينا الخ (غريبة) (4) أي ذو ضمان اي أجره مضمون على الله كقوله تعالى (فقد وقع أجره على الله) (5) التعزير هاهنا الاعانة على الحق والتوقير والنصر وأصل التعزير المنع والرد فكأن من نصرته قد رددت عنه اعداءه ومنعتهم من أذاه فمن أعداء الانسان النفس والشيطان والعدو المحارب ونحو ذلك فمن فعل ذلك قاصدا به وجه الله تعالى كاه أجره على الله (6) أي من شره (ويسلم) من شرورهم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طب طس) ورجال احمد رجال الصحيح خلا ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف (قلت) حديثه حسن اذا صرح بالتحديث وفيه ضعف اذا عنعن وقد عنعن هنا قال الهيثمي ايضا ورواه ابو داود باختصار (قلت) ورواه أيضا الحاكم في المستدرك من وجه آخر وقال هذا حديث رواته بصريون ثقات ولم يخرجاه (7) (سنده) حدثنا الحكم بن موسى ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال المدني انا عمر مولى غفرة عن ابن كعب عن ابي ذر الخ (قلت) ابن كعب اسمه محمد كما سيأتي في آخر الحديث (غريبه) (8) يعني

عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن الحارث الأشعري) (1) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا (2) بخمس كلمات يعمل بهن وأن يأمر بني اسرائيل ان يعملوا بهن فكاد ان يبطئ فقال له عيسى انك قد أمرت بخمس كلمات أن تعمل بهن وأن تأمر بني اسرائيل أن يعملوا بهن فإما إن تبلغهن وإما ابلغهن فقال له يا أخي اني اخشى ان سبقتني ان اعذب أو يخسف بي قال فجمع يحيى بنو اسرائيل في بيت المقدس حتى امتلأ المسجد وقعد على الشرف (3) فحمد الله واثنى عليه ثم قال ان الله عز وجل امرني بخمس كلمات ان أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن أولهن أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا فإن مثل ذلك مثل رجل اشترى عبدا من خالص ماله بورق أو ذهب فجعل يعمل ويؤدي عمله إلى غير سيده فايكم يسره ان يكون عبده كذلك وان الله عز وجل خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا وآمركم بالصلاة فإن الله عز وجل ينصب (4) وجهه لوجه عبده مالم يلتفت فإذا صليتم فلا تلتفتوا وآمركم بالصيام فإم مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك في عصابة (5) كلهم يجد ريح المسك وإن خلوف (6) فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك وآمركم بالصدقة فإن مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فشدوا يديه إلى عنقه وقربوه ليضربوا عنقه فقال هل لكم أن افتدي نفسي منكم فجعل يفتدى نفسه منهم بالقليل والكثير حتى فك نفسه وآمركم بذكر الله كثيرا وان مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا في أثره فإني حصنا حصينا (7) فتحصن فيه وان العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان في ذكر الله عز وجل قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انا آمركم بخمس الله أمرني بهن بالجماعة وبالسمع والطاعة والهجرة والجهاد في سبيل الله فإنه من خرج من الجماعة قيد (8) شبر فقد

_ عبد الله بن الإمام احمد رحمهما الله يقول سمع هذا الحديث من والده الامام احمد ومن الحكم ابن موسى ايضا لكن قال الحكم بن موسى في رواية عبد الله عنه قال محمد بن كعب وقال في رواية الامام احمد عنه عن ابن كعب بدون ذكر الاسم (تخريجه) أورده المنذري مختصرا وقال رواه الطبراني وابن حبان في صحيحه اهـ (قلت) في اسناده عمر مولى غفرة بضم المعجمة ضعيف (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا أبو خلف موسى بن خلف كان يعد من البدلا قال ثنا يحيى بن ابي كثير عن زيد بن سلام عن جده ممطور عن الحارث الأشعري الخ (قلت) قال في التقريب الحارث بن الحارث الأشعري الشامي صحابي يكنى أبا مالك تفرد بالرواية عنه ابو سلام (بتشديد اللام) وفي الصحابة أبو مالك الأشعري اثنان غير هذا اهـ (غريبه) (2) أي أوحى اليه كما في رواية ابن خزيمة (3) بضم الشين المعجمة وفتح الراء جمع شرفة يقال اشرف الموضع ارتفع فهو مشرف وشرفة القصر جمعها شرف مثل غرفة وغرف (4) أي يقبل بوجهه إلى وجه عبده كما صرح بذلك في رواية ابن خزيمة (5) بكسر العين المهملة أي جماعة (6) بضم المعجمة أي تغير ريح فم الصائم من الصيام يقال خلف فم الصائم خلوفا اذا تغيرت رائحته وكذا اللبن والطعام اذا تغير طعمه أو ريحه وبابه دخل (7) الحصن بالكسر كل مكان محمي منيع لا يوصل إلى جوفه والحصين من الاماكن المنيع (8) بكسر القاف وسكون التحتية أي قدره

خلع ربقة (1) الاسلام من عنقه إلى أن يرجع ومن دعا بدعوى الجاهلية (2) فهو من جثا (3) جهنم قالوا يا رسول الله صلى وان صام وصلى؟ قال وان صام وصلى وزعم أنه مسلم فادعوا المسلمين (4) بما سماهم المسلمين المؤمنين عباد الله عز وجل (باب ما جاء في السداسيات) (عن عياض بن غطيف) (5) قال دخلنا على أبي عبيدة بن الجراح نعوده من شكوى اصابه وامرأته تحيفه قاعدة عند رأسه قلت كيف بات أبو عبيدة؟ قالت والله لقد بات بأجر فقال أبو عبيدة ما بت بأجر وكان مقبلا بوجهه على الحائط فأقبل على القوم بوجهه فقال ألا تسألوني عما قلت؟ قالوا ما أعجبنا ما قلت فنسألك عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أنفق نفقه فاضلة في سبيل الله فسبعمائة ومن أنفق على نفسه وأهله أو عاد مريضا أو ماز (6) أذى فالحسنة بعشر أمثالها (والصوم جنة مالم يخرقها) ومن ابتلاه الله ببلاء في جسده فهو له حطة (7) (باب السداسيات المبدوءة بعدد) (عن علي رضي الله عنه) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمسلم على المسلم من المعروف ست يسلم عليه اذا لقيه ويشمته إذا عطس ويعوده اذا مرض ويجيبه اذا دعاه ويشهده اذا توفى ويحب له ما يحب لنفسه وينصح له بالغيب (عن عبادة بن الصامت) (9) ان النبي صلى الله عليه وسلم قال اضمنوا لي ستا من انفسكم اضمن لكم الجنة اصدقوا اذا حدثتم وأوفوا إذا وعدتم وأدوا إذا ائتمنتم واحفظوا

_ (1) بكسر الراء وسكون الموحدة وهي في الأصل عروة في حبل يجعل في عنق البهيمة او يدها تمسكها فاستعارها للاسلام يعني ما شد المسلم به نفسه من عرى الاسلام أو حدوده وأحكامه وأوامره ونواهيه (2) أي سننها وما اعتادوه فيها مما يخالف الاسلام (3) الجثا جمع جثوة بالضم وهو الشيء المجموع أي من جماعة جهنم (4) جاء عند الترمذي (فادعوا بدعوى الله الذي سماكم المسلمين المؤمنين عباد الله) (تخريجه) (مذ طل خز) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب قال محمد بن اسماعيل (يعني البخاري) الحارث الاشعري له صحبة وله غير هذا الحديث اهـ (5) (سنده) حدثنا زياد بن الربيع ابو خداش حدثنا واصل مولى ابي عبيدة عن بشار بن أبي سيف الجرمى عن عياض بن غطيف الخ (غريبة) (6) أي نحاه وأزاله وقد وقع في الاصل (أو مازاد أذى) وهو خطأ من الناسخ أو الطابع (7) أي تحط عنه خطاياه وذنوبه (تخريجه) أورده الحافظ الهيثمي وقال رواه (حم عل بز) وفيه يسار بن أبي سيف ولم أر من وثقه ولا جرحه وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) الظاهر ان النسخة التي وقعت للحافظ الهيثمي فيها يسار بالياء التحتية والسين المهملة وهو خطأ ولذلك لم يجد له ترجمة والصواب بشار بالباء الموحدة والشين المعجمة كما جاء في نسختنا وفي التقريب بشار بن أبي سيف الجرى بفتح الجيم الشامي نزل البصرة مقبول اهـ (باب) (8) (سنده) حدثنا أبو سعيد ثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن الحارث عن علي الخ (تخريجه) (مذ جه) كلاهما من طريق أبي اسحاق قال الترمذي حديث حسن قد روى من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد تكلم بعضهم في الحارث الاعور اهـ (قلت) الحارث الأعور ضعيف ولما كان الحديث له طرق عديدة وروى نحوه غير واحد من الصحابة وليس في بعض طرقه الحارث الأعور حسنة الترمذي لأجل ذلك (9) (سنده) حدثنا سليمان بن داود الهاشمي انا اسماعيل انا عمرو عن

فروجكم وغضوا ابصاركم وكفوا ايديكم (عن خريم بن فاتك) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعمال ستة (2) والناس أربعة (3) فموجبتان (4) ومثل بمثل وحسنة بعشر أمثالها (5) وحسنة بسبعمائة (6) فإما الموجبتان فمن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ومن مات يشرك بالله شيئا دخل النار ولما مثل بمثل فمن هم بحسنة حتى يشعرها قلبه (7) ويعلمها الله منه كتبت له حسنة ومن عمل سيئة كتبت عليه سيئة (8) ومن عمل حسنة فبعشر أمثالها (9) ومن انفق نفقة في سبيل الله فحسنه بسبعمائة (10) وأما الناس فموسع عليه في الدنيا مقتور عليه في الآخرة (11) ومقتور عليه في الدنيا موسع عليه في الآخرة (12) ومقتور عليه في الدنيا والآخرة وموسع عليه في الدنيا والآخرة (باب ما جاء في السباعيات) (عن أبي هريرة) (13) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سبعة يظلهم الله بظله يوم لا ظل إلا ظله (14) الامام العادل وشاب نشأ بعبادة الله ورجل فلبه متعلق بالمساجد ورجلان تحابا في الله عز وجل

_ المطلب عن عبادة بن الصامت الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طس) ورجاله ثقات الا ان المطلب لم يسمع من عبادة (1) (سنده) حدثنا يزيد انا المسعودي عن الركين بن الربيع عن رجل عن خريم بن فاتكالخ (غريبة) (2) يعني ستة أنواع (3) أي اربعة اصناف (4) هذا شروع في تفصيل الأعمال قال فموجبتان يعني من الأنواع الستة نوعان احداهما يوجب الجنة والثاني يوجب النار والثالث والرابع (مثل بمثل) أي يجازي فاعلهما بالمثل من غير تضعيف (5) هذا هو النوع الخامس ومعناه أن الحسنة الواحدة تضاعف بعشر أمثالها (6) هذا هو النوع السادس ومعناه أن الحسنة تضاعف بسبعمائة ضعف ثم أخذ يفصل كل نوع على حدة فقال (فإما الموجبتان الخ) (7) أي يعزم على فعلها ولم يفعلها (8) أي سيئة واحدة وهذا من لطف الله عز وجل بعباده (9) أي تضاعف له بعشر أمثالها وهذا من كرم الله وفضله على عباده (10) انما ضوعف ثواب النفقة في سبيل الله الى سبعمائة ضعف لأنها تعين على اعلاء كلمة الله ونصر دينه (11) هذا هو الصنف الأول من أصناف الناس وهم الذين اغتروا بالدنيا وزخرفها وشغلوا بها عن الآخرة كالكفار والفسقة (12) هذا هو الصنف الثاني من الناس وهم الصالحون الفقراء في الدنيا الصابرون على تحمل الفقر يوسع الله عليهم في الآخرة حتى يصبروا أغنياءها ثم ذكر الصنف الثالث بقوله (ومقتور عليه في الدنيا والآخرة) وهو يشمل فقراء الكفار وفقراء المسلمين الساخطين العصاة كل على قدر حاله ثم ذكر الصنف الرابع بقوله (وموسع عليه في الدنيا والآخرة) وهؤلاء هو الأغنياء الشاكرون الصالحون الذين يؤدون حقوق الله وزكاة أموالهم ويطعمون الفقير وينفقون في سبيل الله نسأل الله التوفيق لطاعته والعمل بكتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب طس) ورجال الصحيح الا انه قال عن الركين بن الربيع عن رجل عن خريم وقال الطبراني عن الركين بن الربيع عن أبيه عن عمه يسير بن عميلة ورجاله ثقات (باب) (13) (سنده) حدثنا يحيى عن عبد الله قال حدثني خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي عزيزة الخ (غريبة) (14) العدد لا مفهوم له فقد روى الاظلال لغير من نص عليهم في هذا الحديث قال القاضي عياض وقال ابن دينار المراد بالظل هنا الكرامة والكنف والكف من المكاره في ذلك الموقف قال وليس المراد ظل الشمس قال القاضي وما قاله معلوم في اللسان يقال فلان في ظل فلان أي

اجتمعا عليه وتفرقا عليه ورجل تصدق بصدقة أخفاها لا تعلم شماله ما تنفق يمينه (1) ورجل ذكر الله خاليا ففاضت عيناه ورجل دعته ذات منصب (2) وجمال إلى نفسها فقال أنا اخاف الله عز وجل (عن معاوية بن سويد بن مقرن) (3) عن البراء بن عازب قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ونهانا عن سبع قال فذكر ما أمرهم به من عيادة المريض واتباع الجنائز وتشميت العاطس ورد السلام وابرار القسم واجابة الداعي ونصر المظلوم ونهانا عن آنية الفضة أو قال حلقة الذهب والاستبرق (4) والحرير والديباج والميثرة والقسى (عن أبي كبشة الأنماري) (5) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث اقسم عليهن واحدثكم حديثا فاحفظوه قال فاما الثلاث الذي أقسم عليهن فإنه ما نقص مال عبد صدقة ولا ظلم عبد بمظلمة فيصبر عليها إلا زاده الله عز وجل بها عزا ولا يفتح عبد باب مسألة إلا فتح الله باب فقر (واما الذي احدثكم حديثا فاحفظوه) فإنه قال انما الدنيا لأربعة نفر عبد رزقه الله عز وجل مالا وعلما فهو يتقي فيه ربه ويصل فيه رحمه ويعلم لله عز وجل فيه حقه قال فهذا بأفضل المنازل قال وعبد رزقه الله عز وجل علما ولم يرزقه مالا قال فهو يقول لو كان لي مال عملت بعمل فلان قال فاجرهما سواء قال وعبد رزقه الله مالا ولم يرزقه علما فهو يخبط في ماله بغير علم لا يتقي فيه ربه عز وجل ولا يصل فيه رحمه ولا يعلم لله فيه حقه فهذا بأخبث المنازل قال وعبد لم يرزقه الله مالا ولا علما فهو يقول لو كان لي مال لعملت بعمل فلان قال هي نيته فوزرهما فيه سواء (عن أبي ذر) (6) قال أمرني خليلي صلى الله عليه وسلم بسبع أمرني بحب المساكين والدنو منهم وامرني ان انظر الى من هو دوني ولا انظر إلى من هو فوقي وامرني ان اصل الرحم وان ادبرت وامرني ان لا اسأل احدا شيئا وامرني ان اقول بالحق وان كان مرا وامرني ان لا اخاف في الله لومة لائم وأمرني أن أكثر من قول

_ في كنفه وحمايته قال وهذا أولى الاقوال وتكون اضافته إلى العرش لأنه مكان التقريب والكرامة والا فالشمس وسائر العالم تحت العرش وفي ظله (1) قال العلماء وهذا في صدقة التطوع فالسر فيها افضل لأنه أقرب إلى الأخلاص وابعد من الرياء وأما الزكاة الواجبة فاعلانها أفضل وهكذا حكم الصلاة فإعلان فرائضها أفضل واسرار نوافلها أفضل (2) أي دعته امرأة ذات حسب ونسب شريف ومعنى دعته أي دعته إلى الزنا بها (تخريجه) (ق لك وغيرهم) (3) (سنده) حدثنا بهز ثنا شعبة ثنا الاشعث بن سليم عن معاوية بن سويد بن مقرن الخ (قلت) مقرن بضم الميم وفتح القاف وكسر الراء مشددة (غريبة) (4) تقدم تفسير الاسترق وما بعده في الباب الأول من أبواب ما جاء في الذهب والفضة والحرير من كتاب اللباس ص 247 في الجزء السابع عشر (تخريجه) (خ نس مذ) (5) (سنده) حدثنا عبد الله بن محمد بن نمير ثنا عبادة بن مسلم حدثني يونس بن خباب عن سعيد أبي البختري الطائي عن أبي كبشة الانماري الخ (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذي حديث حسن صحيح (6) (سنده) حدثنا عفان ثنا سلام أبو المنذر عن محمد بن واسع عن عبد الله بن الصامت عن

لا حول ولا قوة إلا بالله فانهن من كنز تحت العرش (باب ما جاء في الثمانيات) (عن عمرو بن العاص) (1) قال قال رجل يا رسول الله أي العمل أفضل؟ قال ايمان بالله وتصديق وجهاد في سبيل الله وحج مبرور قال الرجل اكثرت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلين الكلام وبذل الطعام وسماح وحسن خلق قال الرجل أريد كلمة واحدة قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فلا تتهم الله على نفسك (باب ما جاء في العشاريات ومازاد عنها) (عن أبي طيبة) (2) قال ان شرحبيل بن السمط دعا عمرو بن عبسة السلمي فقال يا ابن عبسة هل انت محدثي حديثا سمعته انت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس فيه تزيد ولا كذب ولا تحدثنيه عن آخر سمعه منه غيرك؟ قال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله عز وجل يقول قد حقت محبتي للذين يتحابون من اجلي وحقت محبتي للذين يتصافون من أجلي وحقت محبتي للذين يتزاورون من أجلي وحقت محبتي للذين يتباذلون من أجلي وحقت محبتي للذين يتناصرون من اجلي وقال عمرو بن عبسة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ايما رجل رمى بسهم في سبيل الله عز وجل فبلغ مخطئا أو مصيبا فله من الأجر كرقبة يعتقها من ولد اسماعيل وايما رجل شاب شيبة في سبيل الله فهي له نور وايما رجل مسلم اعتق رجلا مسلما فكل عضو من المعتق بعضو من المعتق فداء له من النار وايما امرأة مسلمة اعتقت امرأة مسلمة فكل عضو من المعتقة بعضو من المعتقة فداء لها من النار وايما رجل مسلم قدم لله عز وجل من صلبه ثلاثة لم يبلغوا الحنث او امرأة فهم له سترة من النار وايما رجل قام إلى وضوء يريد الصلاة فأحصى الوصوء إلى أماكنه سلم من كل ذنب أو خطيئة له فإن قام إلى الصلاة رفعه الله عز وجل بها درجة وان قعد قعد سالما فقال شرحبيل بن السمط أنت سمعت

_ أبي ذر الخ (تخريجه) أخرجه الروياني وأبو نعيم وسنده عند الامام احمد جيد وأورده المنذري مختصرا وعزاه للطبراني وابن حبان في صحيحه (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى بن غيلان قال ثنا رشدين حدثني موسى بن علي عن أبيه عن عمرو بن العاص الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وأورده الهيثمي وقال رواه احمد وفي اسناده رشدين وهو ضعيف (باب) (2) (سنده) حدثنا هاشم حدثني عبد الحميد حدثني شهر حدثني ابو طيبة قال ان شرحبيل الخ (قلت) أبو طييه الأصح في اسمه أنه أبو ظبيه بالظاء المعجمة بدل الطاء قال في التقريب أبو ظبية بفتح أوله وسكون الموحدة بعدها تحتانية ويقال بالمهملة وتقديم التحتانية والأول أصح السلفى بضم المهملة الكلاعي بفتح الكاف اهـ وفي الخلاصة أبو ظبيه السلفي بضم المهملة الكلاعي الحمصي عن عمر المقداد وعنه شهر بن حوشب وثابت وثقه ابن معين (تنبيه) اعلم وفقني الله واياك اني اتيت بهذا الحديث هنا كاملا لأنه جمع احدى عشرة خصلة تقدمت جميعها متفرقة في أبوابها من هذا الطريق ومن طرق أخرى عند الامام احمد والشيخين واصحاب السنن وعزاه الهيثمي للامام احمد والطبراني في الثلاثة ثم قال ورجال احمد ثقات وذكره ايضا الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب مختصرا وقال رواه احمد ورجاله ثقات والطبراني في الثلاثة والحاكم

هذا الحديث من رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابن عبسة؟ قال نعم والذي لا إله إلا هو لو اني لم اسمع هذا الحديث من رسول اله صلى الله عليه وآله وسلم غير مرة أو مرتين أو ثلاث أو أربع أو خمس أو ست أو سبع فانتهى عند سبع ما حلفت يعني ما باليت ان لا أحدث به احدا من الناس ولكني والله ما أدري عدد ما سمعته من رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (عن أبي تميمة الهجيمي) (1) عن رجل من قومه (2) قال لقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض طرق المدينة فسألته عن المعروف (3) فقال لا تحقرن من المعروف شيئا (4) ولو أن تعطي صلة الحبل (5) ولو أن تعطى شسع النعل (6) ولو أن تفرع من دلوك في اناء المستسقي ولو أن تنحى الشيء من طريق الناس يؤذيهم ولو أن تلقى أخاك ووجهك إليه منطلق ولو أن تلقى أخاك فتتسلم عليه وولو أن تؤنس الوحشان في الأرض وان سبك رجل بشيء يعلمه فيك وانت تعلم فيه نحوه فلا تسبه فيكون أجره لك ووزره عليه وما سر اذنك أن تسمعه فاعمل به وما ساء اذنك ان تسمعه فاجتنبه (عن عمر بن الخطاب) (7) رضي الله عنه

_ وقال صحيح الإسناد (1) جاء في الأصل الهجيني بالنون بدل الميم وهو خطأ وصوابه الهجيمي بالميم قال الحافظ في الاصابة والتقريب وأبو داود في سننه أبو تميمه الهجيمي اسمه طريف بن مجالد (قلت) وما ذكرته في هذا الباب هو طرف من حديث طويل تقدم بسنده وطوله في باب ما جاء في الفاظ السلام والرد من كتاب السلام والاستئذان في الجزء السابع عشر رقم 10 صحيفة 333 بعضه في المتن وبعضه في الشرح وقد أشرت في آخره هناك إلى أن هذا الطرف سيأتي في باب العشاريات من كتاب جامع للآدب والمواعظ والحكم من قسم الترغيب وقد وقع هناك خطأ مطبعي في لفظ الترغيب فجاء الترهيب بالهاء بدل الغين وهو خطأ وصوابه الترغيب بالغين المعجمة فأصلح نسختك (غريبة) (2) هذا الرجل هو أبو جرى بضم الجيم وفتح الراء وتشديد التحتية مصغرا الهجيمي فقد جاء في سنن أبو داود (عن أبي جرى الهجيمي رضي الله عنه واسمه جابر بن سليم وقيل سليم بن جابر قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث مختصرا في باب كراهية أن يقول عليكم السلام ومطولا في باب ما جاء في اسبال الازار من كتاب اللباس (3) المعروف اسم جامع لكل ما عرف من طاعة الله والتقرب اليه والاحسان إلى الناس وكل ما تدب اليه الشرع ونهي عنه من المحسنات والمقبحات وهو من الصفات الغالبة أي أمر معروف بين الناس إذا رأوه لا ينكرونه (4) أي لا تستصغرن منه شيئا ولا تستهن به يقال حقر الشيء بضم الحاء وكسر القاف حقارة هان قدره فلا يعبأ به فهو حقير وبعدي بالحركة فيقال حقرته من باب ضرب واحتقرته (5) اي ما يطول الحبل القصير لصاحبك (6) شسع النعل بكسر المعجمة وسكون المهملة احد سيور النعل وهو الذي يدخل بين الاصبعين ويدخل طرفه في الثقب الذي في صدر النعل المشدود في الزمام والزمام السير الذين مقدفيه الشسع (تخريجه) (د) مطولا و (نس مذ) مختصرا وقال الترمذي حسن صحيح (7) (سنده) حدثنا يزيد حدثنا عاصم عن أبي عثمان النهدي عن عمر بن الخطاب الخ

أنه قال اتزروا وارتدوا وانتعلوا الخفاف والسراويلات (1) والقوا الركب (2) واتزوا تزوا (3) وعليكم بالمعدية (4) وارموا الأغراض وذوروا التنعم وزي العجم واياكم والحرير فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عنه وقال لا تلبسوا من الحرير إلا ما كان هكذا واشار رسول الله بإصبعيه (باب ما جاء في النساء وما يدخلهن الجنة) (عن عبد الرحمن بن عوف) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا صلت المرأة خمسها (6) وصامت شهرها (7) وحفظت فرجها (8) واطاعت زوجها قيل لها ادخلي الجنة من أي أبواب الجنة شئت (عن أبي أمامة) (9) أن امرأة اتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله ومعها صبيان لها فأعطاها ثلاث تمرات (10) فأعطت كل واحد منها تمرة قال ثم ان احد الصبين بكى قال فشقتها فأعطت كل واحد نصفها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حاملات والدات رحيمات بأولادهن لولا ما يصنعن بأزواجهن (11) لدخل مصلياتهن الجنة (12) (وعنه من طريق ثان) (13) قال أتت النبي صلى الله عليه وسلم امرأة ومعها

_ (غريبه) (1) أي اتركوا لبسهما والظاهر أن ذلك ما كان اول الأمر لأن أهل الكتاب كانوا يتخففون ولا ينتعلون ويتسرولون ولا يأتزرون فأمرهم بتركها لمخالفة أهل الكتاب ولكن ثبت في حديث أبي أمامة وتقدم في باب ما جاء في النعال ولبسها من كتاب اللباس في الجزء السابع عشر صحيفة 237 رقم 15 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لهم تسرولوا واتزروا وخالفوا أهل الكتاب قال فقلنا يا رسول الله أن اهل الكتاب يتخففون ولا ينتعلون قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم فتخففوا وانتعلوا وخالفوا أهل الكتاب (2) بضم الراء والكاف جمع (ركاب) يريدان يدعو الاستعانة بها على ركوب الخيل (3) أي ثبوا على الخيل وثبا لما في ذلك من القوة والنشاط (4) بفتح الميم والعين المهملة يريد خشونة اللباس والعيش تشبها بمعد بن عدنان جد العرب وكانوا أهل قشف وغلظ في المعيشة لأن في التنعيم اللين والطراوة وهما يورثان الضعف والذل (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (باب) (5) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق حدثنا ابن لهيعة عن عبيد الله بن أبي جعفر ان ابن قارظ اخبره عن عبد الرحمن ابن عوف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أي المكتوبات الخمس (7) يعني رمضان (8) أي عن الزنا وانما اقتصر على ذكر الصلاة والصيام ولم يذكر بقية الأركان الخمسة التي بني الاسلام عليها لغلبة تفريط النساء في الصلاة والصوم وغلبة الفساد فيهن وعصيان الحليل ولأن الغالب أن المرأة لا مال لها تجب زكاته ويتحتم فيه الحج فأناط الحكم بالغالب وحثها على مواظبة فعل ما هو لازم لها بكل حال (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طس) وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ وقال المنذري رواة احمد رواة الصحيح خلال ابن لهيعة وحديثه حسن في المتابعات (9) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة عن منصور قال سمعت سالما قال حجاج عن سالم بن أبي الجعد قال ابن جعفر سمعت سالم بن أبي الجعد قال ذكر لي عن أبي أمامة ان امرأة الخ (غريبة) (10) الظاهر أنه لم يكن لديه في ذلك الوقت غير التمرات الثلاث (11) أي من كفران العشرة ونحو ذلك (12) مفهومه ان غير مصلياتهن لا يدخلنها وهو وارد على منهج الزجر والتمويل والتخويف والا فكل من مات على الاسلام لابد أن يدخلها أو لا يدخلنها حتى يطهرن بالنار ان لم يعف عنهن والله أعلم (13) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون ثنا شريك عن منصور عن سالم بن أبي الجعد عن

صبي لها تحمله وبيدها آخر لا أعلمه إلا قال وهي حامل فلم تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا يومئذ إلا أعطاها اياه ثم قال حاملات والدات الحديث (عن أبي هريرة) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم انصرف من الصبح يوما (2) فأتى النساء في المسجد فوقف عليهن فقال يا معشر النساء ما رأيت من نواقص عقول ودين اذهب لقلوب ذوي الالباب (3) منكن فإني قد رأيتكن أكثر أهل النار يوم القيامة (4) فتقربن إلى الله ما استطعتن وكان في النساء امرأة عبد الله بن مسعود فأخبرته بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذت حليا لها فقال ابن مسعود فأين تذهبين بهذا الحلي؟ فقالت اتقرب به إلى الله عز وجل ورسوله لعل الله أن لا يجعلني من أهل النار فقال ويلك على فتصدقي به علي وعلى ولدي فأنا له موضع (5) فقالت والله حتى اذهب به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذهبت تستأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا للنبي صلى الله عليه وسلم هذه زينب تستأذن يا رسول الله فقال أي الزيانب هي؟ فقالوا امرأة عبد الله بن مسعود فقال ائذنوا لها فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني سمعت منك مقالة فرجعت إلى ابن مسعود فحدثته وأخذت حليا اتقرب به إلى الله واليك رجاء أن لا يجعلني الله من أهل النار فقال لي ابن مسعود تصدقي به علي وعلى ولدي فأنا له موضع فقلت حتى استأذن النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم تصدقي به عليه وعلى بنيه فإنهم له موضع ثم قالت يا رسول الله أرأيت ما سمعت منك حين وقفت علينا ما رأيت من نواقص عقول قط ولا دين اذهب بقلوب ذوي الألباب منكن قالت يا رسول الله فما نقصان ديننا وعقولنا؟ فقال أما ما ذكرت من نقصان دينكن فالحيضة التي تصيبكن تمكث احداكن ما شاء الله ان تمكث لا تصلى ولا تصوم فذلك من نقصان دينكن وأما ما ذكرت من نقصان عقولكن فشهادتكن انما شهادة المرأة نصف شهادة (عن ابن عمر) (6) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا معشر النساء تصدقن واكثرن فإني رأيتكن اكثر اهل النار لكثرة اللعن وكفر العشير ما رأيت من ناقصات عقل ودين اغلب لذي لب منكن قالت يا رسول الله وما نقصان العقل والدين؟ قال أما نقصان العقل

_ عن أبي أمامة قال اتت النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (جه ك) ورواه ايضا (طب طس) وزاد فيه (مرضعات) وصححه الحاكم والحافظ والسيوطي (1) (سنده) حدثنا سليمان انبأنا اسماعيل اخبرني عمرو يعني ابن أبي عمرو عن سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ (غريبة) (2) جاء في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري قال خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في أضحى أو فطر إلى المصلي ثم انصرف فوعظ النساء فذكره نحوه (3) أي ذوي العقول ومعناه ان المرأة مع نقصان عقلها تفتن ذوي العقول من الرجال (4) إنما كان النساء أكثر أهل النار لأنهن يكفون العشير كما جاء في بعض الروايات يعني نعمة الزوج (5) جاء في رواية أخرى من حديثها عند الامام احمد ايضا (قالت فكان عبد الله خفيف ذات اليد) أي فقيرا لا يملك شيئا يقوم بشأنه كله (تخريجه) (ق نس جه) (6) (سنده) حدثنا هارون بن معروف حدثنا ابن وهب وقال مرة حيوة عن ابن الهاد عن عبد الله بن دينار عن

والدين فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل فهذا نقصان العقل وتمكث الليالي لا تصلي وتفطر في رمضان فهذا نقصان الدين (عن أبي هريرة) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول يا نساء المسلمات لا تحقرن جارة لجارتها ولو فرسن شاة (2) (عن عمرو بن معاذ) (3) الاشهلي عن جدته (4) رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله إلا أن فيه ولو كراع شاة محرق (عن عائشة) (5) رضي الله عنها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا خير في جماعة النساء (6) إلا في مسجد أو في جنازة قتيل (وعنها أيضا) (7) قالت استأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الجهاد فقال جهادكن أو حسبكن الحج (وعنها من طريق ثان) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال عليكن بالبيت فإنه جهادكن (حدثنا اسماعيل) (9) انا ايوب عن حفصة بنت سيرين قالت كنا نمنع عواتقنا (10) ان يخرجن فقدمت امرأة فنزلت قصر بني خلف (11) فحدثت أن اختها كانت (12) تحت رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اثنتي عشرة غزوة قالت أختي غزوت

_ ابن عمر الخ (تخريجه) (م) (1) (سنده) حدثنا ابو كامل ثنا ليث حدثني سعيد عن ابيه عن ابي هريرة الخ (غريبة) (2) معناه لا تمنع جارة من الصدقة والهدية لجارتها شيئا من الموجود عندها لاحتقاره بل تجود بما تيسر وان كان قليلا كفرسن شاة والفرسن للبعير كالقدم للإنسان واستعير هنا لظلف الشاة وهو عظم قليل اللحم وأريد به المبالغة أي ولو شيئا يسيرا (تخريجه) (م) (3) (سنده) حدثنا روح قال ثنا مالك عن زيد بن أسلم عن عمرو بن معاذ الأشهلي عن جدته انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا نساء المؤمنات لا تحقرن احداكن لجارتها ولو كراع شاة محرق (غريبة) (4) اسمها حواء كما صرح بذلك في الموطأ (تخريجه) (لك) وأبو نعيم وابن اسحاق وابن سعد وسنده جيد (5) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا الوليد بن أبي الوليد قال سمعت القاسم بن محمد يخبر عن عائشة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (6) اي في اجتماعهن في أمور يشاركن فيها الرجال (إلا في مسجد) أي لأجل الصلاة بشروط تقدمت في صلاة الجماعة (أو جنازة قتيل) أو نقله من مكان المعركة وتجهيزه لاشتغال الرجال بالحرب والمراد بالجنازة الميت نفسه (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وسنده حسن (7) (سنده) حدثنا عبد الله بن الوليد ثنا سفيان ثنا معاوية بن اسحاق عن عائشة بنت طلحة عن عائشة أم المؤمنين قالت استأذنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (8) (سنده) حدثنا اسود قال ثنا شريك عن معاوية بن اسحاق عن عائشة بنت طلحة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (خ ذ نس جه) بالفاظ مختلفة والمعنى واحد وتقدم نحوه مطولا عن عائشة ايضا في باب وجوب الحج على النساء في الجزء العاشر ص 17 رقم 20 و 21 فارجع اليه ان شئت (9) (حدثنا اسماعيل الخ) (غريبة) (10) جمع عاتق وهي المرأة الشابه أول ما تدرك وقيل هي التي لم تبن من والديها ولم تتزوج بعد ادراكها وقال ابن دريد هي التي قاربت البلوغ (وقولها ان يخرجن) تعني الى المصلى يشهدن صلاة العيد فيه (11) قال الحافظ لم أقف على اسمها وقصر بني خلف كان بالبصرة وهو منسوب إلى طلحة بن عبد الله بن خلف الخزاعي المعروف بطلحة الطلحان وقد ولى امرة سجتان (12) قال الحافظ هي أم عطية وقيل غيرها وعليه مشى الكرماني وعلى

معه (1) ست غزوات قالت كنا نداوي الكلمى (2) ونقوم على المرضى فسألت أختي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت هل على احدانا بأس (3) لمن لم يكن لها جلباب (4) أن لا تخرج؟ فقال لتلبسها صاحبتها من جلبابها (5) ولتشهد الخير ودعوة المؤمنين قالت (6) فلما قدمت ام عطية فسألتها أو سألناها هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا وكذا؟ قالت وكانت لا تذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبدا إلا قالت بيبا (7) فقالت نعم بيبا قال لتخرج العواتق ذوات الخدور (8) أو قالت العواتق وذوات الخدور والحيض (9) فيشهدن الخير ودعوة المؤمنين ويعتزلن (10) الحيض المصلى فقلت لأم عطية آلحائض؟ (11) فقلت أو ليس يشهدن عرفة (12) وتشهد كذا وتشهد كذا (خاتمة في احاديث جرت مجرى الامثال) (عن عائشة) (13) رضي الله عنها قالت حدث رسول الله صلى الله عليه وسلم نساءه ذات ليلة حديثا فقالت امرأة منهن يا رسول الله كان الحديث حديث خرافة فقال اتدرون ما خرافة؟ ان خرافة كان رجلا من عذرة اسرته الجن في الجاهلية فمكث فيهن طويلا ثم ردوه إلى الإنس فكان يحدث الناس بما رأى فيهم من أعاجيب فقال الناس حديث خرافة (عن ابي مسعود) (14) قال قال

_ تقدير أن تكون أم عطيه فلم نقف على تسمية زوجها أيضا (1) أي مع زوجها أو مع النبي صلى الله عليه وسلم (2) بفتح الكاف أي الجرحى (3) أي حرج وإثم (4) بكسر الجيم وسكون اللام وبموحدتين بينهما الف أي خمار واسع كالملحفة تغطي به المرأة رأسها وظهرها وصدرها أو القميص (ان لا تخرج) أي لئلا تخرج وان مصدرية أي لعدم خروجها إلى المصلى للعيد (5) أي لتعرها من ثيابها مالا تحتاج المعيرة اليه (6) يعني حفصة بنت سيرين وأم عطية اسمها نسيبة بنت الحارث أو بنت كعب (7) بباءين موحدتين أولاهما مكسورة والثانية مفتوحة بينهما ياء تحتية ساكنة أي فديته بأبي أو هو مفدى بقلب الهمزة ياء وفتح الموحدة (8) بضم الخاء المعجمة والدال المهملة جمع خدر بكسرها وسكون الدال وهو ستر يكون في ناحية البيت تقعد البكر وراءه (9) بضم المهملة وتشديد الياء التحتية جمع حائض وهو معطوف على العواتق (10) هكذا جاء عند الامام احمد وهو على لغة اكلوني البراغيث وجاء عند البخاري ويعتزل الحيظ الخ وهو خير بمعنى الأمر (قال الحافظ) وحمل الجمهور الأمر المذكور على الندب لأن المصلى ليس بمسجد يمتنع الحيض من دخوله (11) بهمزة ممدودة على الاستفهام النعجي من اخبارها بشهود الحيض (12) أي يومها (وكذا وكذا) أي نحو المزدلفة ومنى وصلاة الاستسقاء (تخريجه) (ق والأربعة) (خاتمة) (13) (سنده) حدثنا ابو النضر ثنا ابو عقيل يعني الثقفي ثنا مجالد بن سعد عن عامر عن مسروق عن عائشة الخ وجاء في آخر الحديث (قال عبد الله بن الامام احمد) قال ابي ابو عقيل هذا (يعني المذكور في المسند) ثقه اسمه عبد الله بن عقيل الثقفي (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (14) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن منصور قال سمعت ربعي بن حراش يحدث عن ابي مسعود الخ (قلت) ابو مسعود هو البدري الأنصاري الصحابي

رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مما أدرك الناس (1) من كلام الجاهلية الأولى إذا لم تستح (2) فاصنع ما شئت (عن حذيفة بن اليمان) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المعروف كله صدقة وإن آخر ما تعلق به أهل الجاهلية (4) من كلام النبوة اذا لم تستح فافعل ما شئت (عن أبي الدرداء) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل شيء ينقص إلا الشر فإنه يزاد فيه (6) (عن عائشة) (7) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا استراث الخبز (8) تمثل به (9) ببيت طرفة (ويأتيك بالأخبار من لم تزود) (10) (عن أبي هريرة) (11) عن النبي صلى الله عليه وسلم لا يلدغ المؤمن من جحر واحد مرتين (12) (عن أبي الدرداء) (13)

_ رضي الله عنه (غريبة) (1) أي ان مما ادركه الأقوام من حكم الأولين مما اتفقوا عليه ولم ينسخ فيما نسخ من شرائعهم ولم يبدل فيما يدل منها للعلم بصوابه واتفاق العقول على استحسانه إذا لم تستخ الخ (2) أي إذا لم يكن ثمة حياء يكف عن الهوى ويردع عن مواقعة المرديات وملابسة المستهجنات فاعمل ما شئت مما تطوعه لك النفس ويسوله لك الشيطان فإنك ملاق جزاءه في الحياة الدنيا وفي يوم تشخص فيه الابصار فالأمر للتهديد كقوله تعالى (اعملوا ما شئتم انه بما تعملون بصير) (تخريجه) (خ طل جه) (3) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون انا ابو مالك حدثني ربعي بن حراش عن حذيفة (يعني ابن اليمان) الخ (غريبة) (4) أي آخر ما تمسك به أهل الجاهلية لاتفاق العقول على استحسانه كما تقدم (تخريجه) لم اقف عليه من حديث حذيفة لغير الامام احمد وارخرج ما يختص بالمعروف منه (م د) (5) (سنده) حدثنا محمد بن مصعب قال حدثني ابو بكر عن زيد بن ارطأة عن بعض اخوانه عن ابي الدرداء الخ (غريبة) (6) يحتمل معناه ان المراد كل زمان يأتي بعده أكثر شرا منه والله أعلم (تخريجه) (طب) وفي اسناده ابو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف ورجل آخر لم يسم (7) (سنده) حدثنا هشيم قال انا مغيرة عن الشعبي عن عائشة الخ (غريبة) (8) اي استبطأ الخبر وهو استفعل من الريث وهو الاستبطاء يقال راث ريثا ابطأ واسترثته استبطأته (9) قال في القاموس تمثل بشيء ضربه مثلا (10) أوله (ستبدى لك الأيام ما كنت جاهلا) وفي رواية أنه كان أبغض الحديث اليه الشعر غير انه تمثل مرة ببيت أخي قيس بن طرفة ستبدى الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح قال ورواه الترمذي أيضا لكن جعل مكانه طرفه بن رواحة (11) (سنده) حدثنا قتيبة حدثنا ليث يعني ابن سعد عن عقيل عن الزهري عن ابن المسيب عن ابي هريرة الخ (غريبة) (12) قال الحافظ قال أبو عبيدة معنا ولا ينبغي للمؤمن اذا نكب من وجه أن يعود اليه (قال الحافظ) قيل المراد بالمؤمن في هذا الحديث الكامل الذي قد أوقفته معرفته على غوامض الأمور حتى صار يحذر مما سيقع واما المؤمن المغفل فقد يلدغ مرارا اهـ وقال التور بشتى سبب هذا الحديث انه صلى الله عليه وسلم من على أبي عزة الشاعر الجمحي وشرط عليه ان لا يجلب عليه فلما بلغ مأمنه عاد إلى ما كان فأسر مرة أخرى فأمر بضرب عنقه وكلمه بعض الناس في المن عليه فقال لا يلدغ المؤمن الحديث (تخريجه) (ق د جه) كلهم من حديث عقيل عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة مرفوعا ورواه ايضا (حم طل جه) عن ابن عمر مرفوعا بلفظ لا يلدغ المؤمن من جحر مرتين لكن في اسناده زمعة بن صالح ضعيف (13) (سنده) حدثنا عصام بن خالد حدثني ابي بكر بن عبد الله بن أبي مريم الغساني عن خالد بن محمد الثقفي عن بلال بن أبي الدرداء عن

(كتاب جامع للأدب والمواعظ والحكم وجوامع الكلم في الترغيبات)

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال حبك الشيء يعمي ويصم (عن أبي قلابة) (1) قال قال أبو عبد الله لأبي مسعود أو قال أبو مسعود لأبي عبد الله يعني حذيفة رضي الله عنهما ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في زعموا (2) قال سمعته يقول بنس مطية الرجل (3) (عن ابن عباس) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس الخبر كالمعاينة ان الله عز وجل اخبر موسى بما صنع قومه في العجل فلم يلق الألواح فلما عاين ما صنعوا القى الألواح فانكسرت (القسم الخامس من الكتاب قسم الترهيب) (68) (كتاب الكبائر وأنواع اخرى من المعاصي) (باب ما جاء في الترهيب من المعاصي مطلقا وغيره الله (5) على مرتكبها) (عن أبي هريرة) (6)

_ أبي الدرداء الخ (تخريجه) (د) والبخاري في التاريخ قال المنذري في اسناده بقية بن الوليد (يعني عند أبي داود) وأبو بكر بكير بن عبد الله بن ابي مريم الغساني الشامي وفي كل واحد منهما مقال وروى عن بلال عن أبيه من قوله وهو أشبه بالصواب قال وروى من حديث معاوية بن أبي سفيان ولا يثبت وسئل ثعلب عن معناه فقال يعمى العين عن النظر إلى مساويه ويصم الاذن عن استماع العذل فيه وانشأ يقول (وكذبت طرفي فيك والطرف صادق واسمعت اذني فيك ما ليس تسمع) وقال غيره يعمى ويصم عن الآخرة وفائدته النهي عن حب مالا ينبغي الاغراق في حبه (1) (سنده) حدثنا الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن أبي قلابة الخ (غريبة) (2) زعم من باب قتل قال في المصباح ويطلق بمعنى القول ومنه زعمت الحنفية وزعم سبيويه أي قال وعليه قوله تعالى أو (تسقط السماء كما زعمت) أي كما اخبرت ويطلق على الظن يقال في زعمي كذا وعلى الاعتقاد ومنه قوله تعالى (زعم الذين كفروا ان لن يبعثوا) قال الازهري واكثر ما يكون الزعم فيما يشك فيه ولا يتحقق وقال بعضهم هو كناية عن الكذب وقال المرزوقي أكثر ما يستعمل فيما كان باطلا وفيه ارتياب (3) قال في النهاية معناه أن الرجل اذا اراد المسير إلى بلد والظعن في حاجة ركب مطيته وصار حتى يقضي اربه فشبه ما يقدمه المتكلم أمام كلامه ويتوصل به إلى غرضه من قوله زعموا كذا وكذا بالمطية التي يتوصل بها إلى الحاجة وانما يقال زعموا في حديث لا سند له ولا ثبت فيه وانما يحكى على الألسن على سبيل البلاغ فذم من الحديث ما كان هذا سبيله والزعم بالضم والفتح قريب من الظن (تخريجه) (د) قال المنذري قال أبو داود أبو عبد الله هذا حذيفة ابو قلابة عبد الله بن زيد الجري البصري ذكر الحافظ ابو القاسم الدمشقي في الاطراف انه لم يسمع منهما يعني حذيفة وابا مسعود رضي الله عنهما (4) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان حدثنا هشيم عن أبي بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (تخريجه) (ك حب طس بز) وصححه ابن حبان والحاكم واقره الذهبي وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح (باب) (5) الغيرة بفتح الغين المعجمة وسكون التحتية وفتح الراء والغيرة في حقنا هي الحمية والأنفة يقال رجل غيور وامرأة غيور بلا هاء لأن فعولا يشترك فيه الذكر والأنثى (6) (سنده) حدثنا اسود بن عامر انا كامل

قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم اما تغار؟ قال والله أني لأغار والله أغير منى (1) ومن غيرته نهى عن الفواحش (وعنه من طريق ثان) (2) ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال المؤمن يغار (3) والله يغار ومن غيرة الله أن يأتي المؤمن شيئا حرم الله (4) (وعنه أيضا) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال المؤمن المؤمن مرتين أو ثلاثا يغار يغار (6) والله أشد غيرا (عن المغيرة بن شعبة) (7) الله قال قال سعد بن عبادة لو رأيت رجلا مع امراتي لضربته بالسيف غير مصفح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اتعجبون من غيرة سعد واله لأنا أغير منه والله أغير مني (7) ومن أجل غيرة الله حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا شخص أغير من الله (9) ولا شخص أحب اليه العذر (10) من الله من أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشرين ومنذرين ولا شخص أحب إليه مدحة من الله (11) من أجل ذلك وعد الله الجنة (ومن طريق ثان) قال حدثنا عبيد الله القواريري ليس

_ عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (غريبة) (1) غيرة الله ان يأتي المؤمن ما حرم عليه أي غيرته منعه وتحريمه كما جاء في الحديث (ومن غيرته نهى عن الفواحش) وفي الطريق الثانية (ومن غيرة الله أن يأتي المؤمن شيئا حرم الله) (2) سنده حدثنا عفان ثنا ابان العطار قال ثنا يحيى بن أبي كثير قال حدثني ابو سلمة ابن عبد الرحمن عن ابي هريرة ان نبي الله صلى الله عليه وسلم الخ (3) المؤمن الذي يغار في محل الغيرة قد وافق ربه في صفة من صفاته ومن وافقه في صفة منها قادته تلك الصفة بزمامه وأدخلته عليه وأدنته منه وقربته من رحمته (4) غيرة الله على المؤمن الذي يأتي شيئا حرمه الله تعالى تعجل العقوبة له والانتقام منه (تخريجه) (م وغيره) (5) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت العلاء يحدث عن أبيه عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (6) قال النووي هكذا هو في النسخ (غيرا) بفتح الغين واسكان الياء منصوب بالألف وهو الغيرة قال اهل اللغة الغيرة والغير والغار بمعنى والله أعلم (تخريجه) (ق وغيرهما) (7) (سنده) حدثنا هشام بن عبد الملك ابو الوليد ثنا ابو عوانة عن عبد الملك عن وراد كاتب المغيرة عن المغيرة بن شعبة الخ (غريبة) (8) قال النووي قال العلماء الغيرة بفتح الغين واصلها المنع والرجل غيور على اهله أي يمنعهم من التعلق بأجنبي بنظر أو حديث أو غيره والغيرة صفة كمال فأخبر صلى الله عليه وسلم بأن سعدا غيور وأنه اغير منه وان الله اغير منه صلى الله عليه وسلم وانه من اجل ذلك حرم الفواحش فهذا تفسير لمعنى غيرة الله تعالى أي انها منعه سبحانه وتعالى الناس من الفواحش لكن الغيرة في حق الناس يقارنها تغير حال الانسان وانزعاجه وهذا مستحيل في غيرة الله تعالى (9) أي لا أحد وإنما قال لا شخص استعارة وقيل معناه لا ينبغي لشخص أن يكون أغير من الله تعالى ولا يتصور ذلك منه فينبغي أن يتأدب الانسان بمعاملته سبحانه لعباده فإنه لا يعالجهم بالعقوبة بل حذرهم وانذرهم وكرر ذلك عليهم وأمهلهم مع أنه لو عاجلهم كان عدلا منه سبحانه وتعالى (10) معناه ليس أحد أحب إليه الاعذار من الله تعالى فالعذر هنا بمعنى الاعذار والانذار قبل أخذهم بالعقوبة ولهذا بعث المرسلين كما قال سبحانه وتعالى (وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا) قال القاضي عياض ويحتمل أن المراد الاعذار أي اعتذار العباد اليه من تقصيرهم وتوبتهم من معاصيهم فيغفر لهم كما قال تعالى (وهو الذي يقبل التوبة عن عباده) (11) المدحة بكسر الميم وهو المدح بفتحها فإذا ثبتت الهاء كسرت الميم وإذا

ثنا أبو عوانة بإسناده مثله (1) سواء قال أبو عبد الرحمن (2) قال عبيد الله القواريري ليس حديث أشد على الجهمية (3) من هذا الحديث قوله لا شخص أحب إليه مدحة من الله عز وجل (عن أسماء بنت أبي بكر) (4) رضي الله عنهما ان نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لا شيء أغير من الله عز وجل (عن زينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم) (5) قالت استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم من نوم وهو محمر وجهه وهو يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب (6) فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه وحلق (7) قلت يا رسول الله انهلك وفينا الصالحون؟ قال صلى الله عليه وسلم نعم إذا كثر الخبث (8) (عن عائشة) (9) رضي الله عنها تبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم إذا ظهر السوء في الأرض (10) أنزل الله بأهل الأرض بأسه قالت وفيهم أهل طاعة الله عز وجل؟ قال نعم ثم يصيرون إلى

_ حذفت فتحت ومعنى (من أجل ذلك وعد الله الجنة) انه لما وعدها ورغب فيها كثر سؤال العباد اياها منه والثناء عليه والله أعلم (1) اي بإسناد الطريق الأولى (مثله سواء) اي سندا ومتنا (2) أي عبد الله بن الامام احمد رحمهما الله (3) هم أصحاب جهم بن صفوان وهو من الجبرية الخالصة ظهرت بدعته بترمذ وقتله سالم بن أحوز المارني بمرو في آخر ملك بني أمية يقولون بأن الانسان لا يقدر على شيء ولا يوصف بالاستطاعة وانما هو مجبور في أفعاله لا قدرة له ولا اختيار وإذا كان هذا قولهم فليس حديث أشد عليهم من هذا الحديث ففيه المجازاة على الفعل والوعد بالجنة التي يقولون بفنائها (تخريجه) (ق) بدون قول القواريري (4) (سنده) حدثنا يونس بن محمد قال ثنا أبان يعني ابن يزيد العطار عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن عروة بن الزبير عن أسماء بنت أبي بكر الخ (تخريجه) (ق) (5) (سنده) حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن زينب بنت أبي سلمة عن حبيبة بنت أم حبيبة بنت أبي سفيان عن أمها أم حبيبة عن زينب زوج النبي صلى الله عليه وسلم قال سفيان أربع نسوة قالت استيقظ النبي صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) زينب هي بنت جحش زوج النبي صلى الله عليه وسلم وقول سفيان أربع نسوة يعني اجتمعن في سند هذا الحديث قال النووي هذا الاسناد اجتمع فيه اربع صحابيات زوجتان لرسول الله صلى الله عليه وسلم وربيبتان له بعضهن عن بعض ولا يعلم حديث اجتمع فيه أربع صحابيات بعضهن عن بعض غيره واما اجتماع اربعة صحابيات أو اربعة تابعيين بعضهم عن بعض فوجدت منه أحاديث جمعتها في جزء قال وحبيبة هذه هي بنت أم حبيبة أم المؤمنين بنت أبي سفيان ولدتها من زوجها عبد الله بن جحش الذي كانت عنده قبل النبي صلى الله عليه وسلم (غريبة) (6) جاء من طريق ثان عن زينب أيضا قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليها فزعا يقول لا إله إلا الله ويل للعرب الخ (7) جاء في الطريق الثاني وحلق بإصبعيه الابهام والتي تليها (وجاء في طريق ثالث) من ردم يأجوج ومأجوج مثل موضع الدرهم (8) بفتح الخاء والباء الموحدة وفسره الجمهور بالفجور والفسوق وقيل المراد الزنا خاصة وقيل أولاد الزنا قال النووي والظاهر أنه المعاصي مطلقا قال ومعنى الحديث أن الخبث إذا كثر فقد يحصل الهلاك التام وان كان هناك صالحون (تخريجه) (ق مذ جه) (9) (سنده) حدثنا سفيان عن جامع بن أبي راشد عن منذر عن حسن بن محمد عن امرأته عن عائشة الخ (غريبة) (10) يعني المنكر وهو كل ما انكره الشرع من أنواع المعاصي (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفي اسناده امرأة لم تسم لكن يؤيده

رحمة الله تعالى (عن علي رضي الله عنه) (1) قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه والواشمة والمستوشمة والمحلل والمحلل له ومانع الصدقة وكان ينهى عن النوح (عن سمرة بن جندب الفزاري) (2) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يقوله لأصحابه هل رأى أحد منكم رؤيا؟ قال فيقص عليه من شاء الله أن يقص قال وإنه قال لنا ذات يوم غداة (3) إنه آتاني الليلة آيتان (4) وانهما ابتعثاني وانهما قالا لي انطلق واني انطلقت معهما (5) وانا اتينا على رجل مضطجع واذا آخر قائم عليه بصخرة واذا هو يهوي بالصخرة لرأسه فيثلغ (6) بها رأسه فيتدهده الحجر ههنا (7) فيتبع الحجر يأخذه (8) فما يرجع إليه (9) حتى يصح رأسه كما كان ثم يعود عليه فيفعل به مثل ما فعل المرة الأولى قال قلت سبحان الله ما هذان (10) قال قالا لي انطلق انطلق فانطلقت معهما فأتينا على رجل مستلق لقفاه وإذا آخر قائم عليه بكلوب (11) من حديد فإذا هو يأتي أحد شقي وجهه فيشرشر (12) شدقه إلى قفاه ومنخراه إلى قفاه وعيناه إلى قفاه قال ثم يتحول إلى الجانب الآخر فيفعل به مثل ما فعل بالجانب الأول حتى يصبح الأول كما كان ثم يعود فيفعل به مثل ما فعل به المرة الأولى قال قلت سبحان الله ما هذان؟ قال قالا لي انطلق انطلق قال فانطلقت فأتينا على مثل بناء التنور (13) قال عوف وأحسب

_ حديث أم سلمة المتقدم في باب هلاك كل أمة لم تقم بهذا الواجب) من كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا الجزء صحيفة 175 رقم 55 وسنده صحيح (عن علي رضي الله عنه) (1) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من أبواب الربا في الجزء الخامس عشر صحيفة 68 رقم 225 فارجع اليه (2) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا عوف (يعني الاعرابي) عن أبي رجاء العطاردي حدثنا سمرة بن جندب الفزاري الخ (غريبة) (3) أي بعد صلاة الصبح وقبل طلوع الشمس ولذلك ترجم له البخاري بقوله باب تعبير الرؤيا بعد صلاة الصبح (4) جاء في حديث علي عن ابن أبي حاتم ملكان وفي الجنائز عند البخاري انهما جبريل وميكائيل وسيأتي التصريح بأنهما جبريل وميكائيل في الطريق الثانية (وقوله ابتعثاني) أي ارسلاني وفي رواية عند البخاري انبعثا بي (5) أي حصل منهما القول ومني الانطلاق وزاد جرير بن أبي حازم في روايته إلى الأرض المقدسة وفي حديث علي فانطلقا بي إلى السماء (6) بفتح التحتية وسكون المثلثة وبعد اللام المفتوحة غين معجمة أي فيشدخ رأسه والشدخ كسر الشيء الأجوف (7) أي فيتدحرج الحجر ويندفع من علو إلى أسفل (هاهنا) أي إلى جهة الضارب (8) يتبع بفتح أوله وسكون ثانيه أي فيتبع الرجل الضارب الحجر فيأخذه ليصنع به كما صنع أولا (9) أي إلى الذي ثلغ رأسه (10) أي ما هذان الرجلان يعني الضارب والمضروب (11) بفتح الكاف وتضم وضم اللام المشددة له شعب وهو الذي يعلق به اللحم (12) بمعجمتين وراءين وضم أوله مبني للمجهول وفي بعض روايات البخاري (فيشق) بدل فيشرشر أي فيقطع (شدقه) بكسر المعجمة أي جانب فمه ويقطع (منخراه) بفتح الميم وكسر الخاء المعجمة ويقطع أيضا عيناه إلى قفاه وجاء عند البخاري بالافراد في الشدق والمنخر والعين (13) أي الذي يخبز فيه وفي رواية جرير في الجنائز للبخاري

أنه قال وإذا فيه لغط وأصواب قال فأطلعت فإذا فيه رجال ونساء عراة واذا هم يأتيهم لهب من اسفل منهم فإذا اتاهم ذلك اللهب ضوضوا (1) قال قلت من هؤلاء؟ قال قالا لي انطلق انطلق قال فانطلقنا فأثبنا على نهر حسبت أنه قال أحمر مثل الدم واذا في النهر رجل يسبح (2) ثم يأتي ذلك الرجل الذي جمع الحجارة فيفغر له (3) فاه فيلقمه حجرا حجرا قال فينطلق فيسبح ما يسبح ثم يرجع إليه كلما رجع إليه فغر له فاه والقمه حجرا قال قلت ما هذا؟ قال قالا لي انطلق انطلق قال فانطلقنا فأتينا على رجل كريه المرآة (4) كأكره ما أنت راه رجلا مرآة فإذا هو عند نار له يحشها (5) ويسعى حولها قال قلت لهما ما هذا؟ قال قالا لي انطلق انطلق قال فانطلقنا فأتينا على روضة معشبة (6) فيها من كل نور الربيع قال وإذا بين ظهراني الروضة رجل قائم طويل لا اكاد ان أرى رأسه طولا في السماء واذا حول الرجل من أكثر ولدان رأيتهم قط وأحسنه قال قلت لهما ما هذا وما هؤلاء؟ قال فقالا لي انطلق انطلق قال فانطلقنا فانتهينا إلى دوحة (7) عظيمة لم أر دوحة قط اعظم منها ولا أحسن فقالا لي ارق فيها (8) فارتقينا فيها فانتهينا إلى مدينة مبنية بلبن ذهب ولبن فضة (9) فأتينا باب المدينة فاستفتحنا ففتح لنا فدخلنا فلقينا فيها رجالا شطر (10) من خلقهم كأحسن ما أنت راه وشطر كأقبح ما انت راه قال فقالا لهم اذهبوا فقعوا في ذلك النهر فإذا نهر صغير معترض يجري كانما هو المحض (11) في البياض قال فذهبوا فوقعوا فيه ثم رجعوا الينا وقد ذهب ذلك السوء عنهم وصاروا في أحسن صورة قال فقالا لي هذه جنة عدن وهذاك منزلك قال فبينما بصري في صعدا (12) فإذا قصر مثل الربابة (13) البيضاء قالا لي هذاك منزلك قال قلت لهما بارك الله فيكما ذراني (14) فلأدخله قال قالا لي أما الآن فلا وأنت داخله (15) قال فإني

_ فانطلقت فأتيت إلى ثقب مثل التنور اعلاه ضيق وأسفله واسع يتوقد تحته نار قال الداودي ولعلي ذلك التنور على جهنم (1) بضادين معجمتين مفتوحتين بينهما واو ساكنة وآخره واو أخرى ساكنة ايضا بلا همز بلفظ الماضي أي صاحوا (2) أي يعود على ظهر الماء جاء عند البخاري بعد قوله يسبح (وإذا على شط النهر رجل قد جمع عنده حجارة كثيرة وإذا ذلك السابح يسبح ما يسبح ثم يأتي ذلك الذي قد جمع عنده الحجارة الخ) (3) بتحتية مفتوحة ففاء ساكنة فغين معجمة مفتوحة أي يفتح له (فاه) أي فمه (4) بفتح الميم وسكون الراء وهمزة ممدودة ثم هاء تأنيث أي كريه المنظر (وقوله كأكره) بفتح الهاء وكسرها (5) بحاء مهملة وشين معجمة مشددة مضمومتين أي يحركها ويوقدها (6) أي نبت فيها العشب الكثير والعشب بضم المهملة الكلأ بفتح الكاف واللام آخره همزة مادام رطبا (وقوله فيها) أي في الروضة (من كل نور الربيع) بفتح النون أي زهره (7) أي شجرة كبيرة (8) أي اصعد فيها (9) جمع لبنة بكسر الموحدة واصلها ما نبني به من الطين (10) أي نصف (من خلقهم) بفتح الخاء وسكون اللام بعدها قاف هيأتهم (كأحسن) خبر قوله شطر والطاف زائدة (11) بالحاء المهملة والضاد المعجمة اللبن الخالص (12) بضم المهملتين وتنوين الدال المهملة ارتفع كثيرا (13) بفتح الراء والموحدتين بينهما الف السحابة البيضاء (14) بفتح المعجمة والراء المخففة أي اتركاني (15) اي في الدار الآخرة وفي رواية جرير قالا انه بقي لك عمر لم تستكمله فلو استكملت أنت منزلك

رأيت منذ الليلة عجبا فما هذا الذي رأيت؟ قال قالا لي أما إنا سنخبرك (أما) الرجل الأول الذي أتيت عليه يثلغ رأسه بالحجر فإنه رجل يأخذ القرآن فيرفضه وينام عن الصلوات المكتوبة (وأما) الرجل الذي أتيت يشرشر شدقه إلى قفاه وعيناه إلى قفاه ومنخراه إلى قفاه فإنه الرجل يغدو من بيته فيكذب الكذبة تبلغ الآفاق (وأما) الرجال والنساء العراة الذين في بناء مثل بناء التنور فإنهم الزناة والزواني (وأما) الرجل الذي يسبح في النهر ويلقم الحجارة فإنه آكل الربا (وأما) الرجل الكريه المرآة الذي عند النار يحشها فإنه مالك خازن جهنم (وأما) الرجل الطويل الذي رأيت في الروضة غابة إبراهيم عليه السلام (وأما) الولدان الذين حوله فكل مولود مات على الفطرة؟ قال فقال بعض المسلمين يا رسول الله وأولاد المشركين؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولاد المشركين (وأما) القوم الذي كان شطر منهم حسنا وشطر منهم قبيح فإنهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا فتجاوز الله عنهم قال أبو عبد الرحمن (1) قال أبي سمعت من عباد بن عباد يخبر به عن عوف عن أبي رجاء عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيتدهده الحجر ههنا قال أبي فجعلت اتعجب من فصاحة عباد (2) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا صلى صلاة الغداة أقبل علينا بوجهه فقال هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟ فإن كان أحد رأى تلك الليلة رؤيا تشعها عليه فيقول فيها ما شاء الله أن يقول فسألنا يوما فقال هل رأى أحد منكم الليلة رؤيا؟ فقلنا لا قال لكن أنا رأيت رجلين أتياني فأخذا بيدي فأخرجاني إلى أرض فضاء أو أرض مستوية فرا بي على رجل فذكر نحو الحديث المتقدم وفيه فانطلقت معهما فإذا بيت مبني على بناء التنور أعلاه ضيق وأسفله واسع يوقد تحته نار فإذا فيه رجال ونساء عراة فإذا أوقدت ارتفعوا حتى يكادوا أن يخرجوا فإذا خمدت رجعوا فيها (وفيه) فانطلقت فإذا نهر من دم فيه رجل وعلى شط النهر رجل بين يديه حجارة فيقبل الرجل الذي في النهر فإذا دنا ليخرج رمى في فيه حجرا فرجع إلى مكانه (وفيه) فانطلقت فإذا روضه خضراء فإذا فيها شجرة عظيمة وإذا شيخ في أصلها حوله صبيان وإذا رجل قريب منه بين يديه نار يحششها ويوقدها فصعدا بي في الشجرة فأدخلاني دار لم أر دارا أحسن منها فإذا فيها رجال شيوخ وشبان وفيها نساء وصبيان فأخرجاني منها فصعدا بي في الشجرة فأدخلاني دارا هي أحسن وأفضل منها فيها شيوخ وشباب (وفيه) وأما الدار التي دخلت أولا فدار عامة المؤمنين وأما الدار الأخرى فدار الشهداء وانا جبريل وهذا ميكائيل ثم قالا لي ارفع رأسك فرفعت رأسي فإذا هي كهيئة السحاب فقالا لي وتلك دارك فقلت لهما دعاني ادخل داري فقالا إنه قد بقي لك عمل لم تستكمله فلو استكملته دخلت دارك

_ وسيأتي نحو ذلك في الطريق الثانية (1) كنية عبد الله بن الامام احمد رحمهما الله يخبر ان اباه الامام أحمد روى هذا الحديث ايضا عن طريق عباد بن عباد عن عوف بالسند المتقدم (2) أي لكونه روى الحديث بدون تغيير أو تبديل في لفظه والله أعلم (3) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون انا جرير بن حازم قال

(عن أبي سعيد الخدري) (1) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أن أحدكم يعمل (2) في صخرة سماء وليس لها باب ولا كوة (3) لخرج عمله للناس كائنا ما كان (عن علي بن خالد) (4) أن أبا امامة الباهلي مر على خالد بن يزيد بن معاوية فسأله عن الين كلمة سمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ألا كلكم دخل الجنة الا من شرد على الله (5) شراد البعير (6) على أهله (عن أبي هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل النار الا شقي قيل ومن الشقي؟ قال الذي لا يعمل بطاعة ولا يترك لله معصية (8) (باب ما جاء في الترهيب من خصال من كبريات المعاصي مجتمعة ووعيد فاعلها) (حدثنا بهز وعفان) (9) قالا ثنا همام عن قتادة عن الحسن وعطاء عن أبي هريرة رضي الله عنه ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يسرق حين يسرق وهو مؤمن ولا يزنى حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الخمر حين يشربها وهو مؤمن ولا يغل حين يغل وهو مؤمن (10) ولا ينتهب حين ينتهب وهو مؤمن وقال عطاء ولا ينتهب نهبة ذات شرف (11) وهو مؤمن قال بهز فقيل له قال إنه ينتزع منه الايمان (12) فإن تاب تاب الله عليه (عن أنس بن مالك) (13) قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الكبائر أو سئل عن الكبائر فقال

_ سمعت أبا رجاء العطار أي يحدث عن سمرة بن جندب قال كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الخ (تخريجه) (ق طل وغيرهم) (1) (سنده) حدثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبة) (2) المراد بالعمل هنا المعصية (3) اي نافذة ومعنى الحديث ان العبد إذا عمل ذنبا في قعر بيت مظلم في ليلة مظلمة في جحر لظهر للناس عمله فما بالك بمن يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بعلامة الصحة وعزاه للامام (حم عل حب ك) قال شارحه المناوي قال الحاكم صحيح وأقره الذهبي وقال الهيثمي اسناد احمد وابو يعلي حسن والله أعلم (4) (سنده) حدثنا قتيبة ثنا ليث عن سعيد بن أبي هلال عن علي بن خالد الخ (غريبة) (5) أي فارق الجماعة وخرج عن الطاعة التي يستوجب بها دخول الجنة (6) شبهه بالبعير في قوة نفاره وشدة فراره لأن من ترك التسبب إلى شيء لا يوجد بغيره فقد أباه ونفر عنه والأباء شدة الامتناع وخص البعير لأنه اشد الحيوانات نفار فإذا انفلت لا يكاد يلحق (تخريجه) (طس ك) وصححه الحافظ السيوطي وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح غير على بن خالد وهو ثقة (7) (سنده) حدثنا حسن بن موسى حدثنا ابن لهيعة حدثنا عبد ربه ابن سعيد عن المقبري عن أبي هريرة الخ (غريبة) (8) أي لا يترك معصية خوفا من الله نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (باب) (9) (حدثنا بهز وعفان الخ) (غريبة) (10) الغلول هو الخيانة في المعنم والسرقة من الغنيمة قبل القسمة يقال غل في الغنيمة يغل غلولا فهو غال وكل من خان في شيء خفية فقد غل (11) النهب الغارة والسلب بسكون اللام أي لا يختلس شيئا له قيمة عالية وهذا لا ينافي نهب ما قلت قيمته فكل ذنب له جزاء بحسب قيمته (12) معناه ان الله تعالى يسلب منه الايمان عند مباشرة خصلة من هذه الخصال ويبقى كذلك إلى أن يتوب فإن تاب وأحسن التوبة تاب الله عليه ورجع إليه الايمان (تخريجه) (ق والثلاثة) (13) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا

الشرك بالله عز وجل وقتل النقس وعقوق الوالدين وقال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر قال قول الزور أو قال شهادة الزور (1) قال شعبة أكبر ظني أنه قال شهادة الزور (عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه) (2) قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ثلاثا الاشراك بالله عز وجل قال وذكر الكبائر عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال الاشراك بالله عز وجل وعقوق الوالدين وكان متكئا فجلس وقال وشهادة الزور وشهادة الزور وشهادة الزور أو قول الزور وشهادة الزور (3) فما زال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكررها حتى قلنا ليته سكت (4) (عن عبد الله ابن أنيس الجهني) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من اكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين واليمين الغموس (6) وما حلف حالف بالله يمينا صبرا (7) فأدخل فيها مثل جناح بعوضة

_ شعبة حدثني عبيد الله بن أبي بكر قال سمعت أنس بن مالك قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (1) قال النووي رحمه الله تعالى واما قوله صلى الله عليه وسلم ألانبئكم بأكبر الكبائر قول الزور أو شهادة الزور فليس على ظاهره المتبادر إلى الافهام منه وذلك لأن الشرك أكبر منه بلا شك وكذا القتل فلا بد من تأويله وفي تأويله ثلاثة أوجة (احداهما) انه محمول على الكفر فإن الكافر شاهد الزور وعامل به (والثاني) أنه محمول على المستحل فيصير بذلك كافرا (والثالث) ان المراد من أكبر الكبائر وهذا الثالث هو الظاهر أو الصواب (قلت) والذي صوبه الامام النووي وجيه فقد ثبت في اشياء اخرى بالأحاديث الصحيحة انها من أكبر الكبائر (منها) حديث انس في قتل النفس وحديث عبد الله ابن انيس بلفظ ان من أكبر الكبائر الشرك بالله وعقوق الوالدين واليمين الغموس الخ وسيأتي بعد حديث وغير ذلك كثير (تخريجه) (ق طل وغيرهم) (2) (سنده) حدثنا اسماعيل ثنا عبد الرحمن بن ابي بكرة عن أبيه قال وقال اسماعيل مرة كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) اسماعيل هو ابن عليه بضم أوله وفتح اللام (وقوله كنا جلوسا الخ) يعني ان ابا بكرة قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم الخ (وقوله وذكر الكبائر عند النبي صلى الله عليه وسلم) معناه ان هذه الجملة جاءت في رواية اخرى بعد قوله (كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم) (غريبة) (3) إنما كرر النبي صلى الله عليه وسلم هذه الجملة مرارا بعد أن جلس لاهتمامه بهذا الامر وهو يفيد تأكيد تحريمه وعظم قبحه (4) قال النووي واما قولهم ليته سكت فإنما قالوه وتمنوه شفقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وكراهية لما يزعجه ويغضبه (تخريجه) (ق مذ) (5) (سنده) حدثنا عبد الله بن يونس قال ثنا ليث عن هشام بن سعد عن محمد بن زيد بن المهاجرين فنفذ التيمي عن أبي امامة الانصاري عن عبد الله بن أنيس الجهني الخ (غريبة) (6) قال في النهاية هي اليمين الكاذبة الفاجرة التي يقتطع بها الحاف مال غيره سميت غموسا لأنها تغمس صاحبها في الاثم ثم في النار (7) معنى صبرا أي الزم بها وحبس عليها وكانت لازمة لصاحبها من جهة الحكم وقيل لها مصبورة وان كان صاحبها في الحقيقة هو المصبور لأنه انما صبر من اجلها أي حبس فوصفت بالصبر وقيل يمين الصبر هي التي يكون فيها متعمدا للكذب قاصدا لاذهاب مال المسلم لأنه يصبر النفس على تلك اليمين أي محبسها عليها كذا في المرقاة (وقوله ادخل فيها) أي في تلك

إلا جعله الله (1) نكتة في قلبه إلى يوم القيامة (عن أبي أيوب الانصاري) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من جاء يعبد الله لا يشرك به شيئا ويقيم الصلاة ويؤتي الزكاة ويصوم رمضان ويجتنب الكبائر فإن له الجنة وسألوه ما الكبائر؟ قال الاشراك بالله وقتل النفس المسلمة وفرار يوم الزحف (عن عبد الله) (3) قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أي الذنب أكبر؟ قال أن تجعل لله ندا وهو خلقك قال ثم أي؟ قال ثم أن تقتل ولدك من أجل أن يطعم معك قال ثم أي؟ قال ثم أن تزاني بحليلة جارك قال فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك في كتابه (والذين لا يدعون مع الله إله آخر) إلى قوله (ومن يفعل ذلك يلق أثاما) (عن عبد الله بن عمرو) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الكبائر الاشراك بالله عز وجل وعقوق الوالدين أو قتل النفس شعبة الشاك واليمين الغموس (عن سلمة بن قيس الأشجعي) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع الا انما هن أربع (6) أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله الا بالحق ولا تزنوا ولا تسرقوا قال فما أنا بأشح عليهن مني اذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (7) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الظلم ظلمات يوم القيامة واياكم والفحش فإن الله لا يحب الفحش ولا التفحش واياكم والشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم أمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالفجور ففجروا قال فقام رجل فقال يا رسول أي الإسلام أفضل؟

_ اليمين (مثل جناح بعوضة) المراد أقل شيء والمعنى يسيرا من الكذب والخيانة (1) أي الذنب (نكتة) سوداء أي أثر قليلا كالنقطة تشبه الوسخ في نحو المرآة والسيف (إلى يوم القيامة) ثم بعد ذلك يترتب عليها وبالها والعقاب غلبها مالم يتب توبة صادق بشروطها (تخريجه) (مذ ك) وابن ابي حاتم وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب (2) (سنده) حدثنا المقرئ ثنا حيوة بن شريح ثنا بقية حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان ثنا أبو رهم السمعي أن ابا ايوب حدثه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (نس) وسنده حسن (3) (سنده) حدثنا وكيع وأبو معاوية المعنى قالا حدثنا الأعمش عن أبي وائل عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال جاء رجل الخ (تخريجه) (ق د نس) وغيرهم (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن فراس عن الشعبي عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (تخريجه) (خ مذ نس) وأبو نعيم في الحلية (5) (سنده) حدثنا هاشم قال ثنا ابو معاوية يعني شيبان ثنا منصور عن هلال بن يساف عن سلمة بن قيس الأشجعي الخ (غريبة) (6) جاء في بعض الروايات ان الكبائر سبع وفي بعضها ثلاث وفي هذه الرواية أربع (قال العلماء) ولا انحصار للكبائر في عدد مذكور وقد جاء عن ابن عباس انه سئل عن الكبائر سبع هي؟ فقال هي إلى سبعين ويروى إلى سبعمائة (قلت) فاقتصاره في هذه الرواية على الأربع لكونها من أفحش الكبائر مع كثرة وقوعها لا سيما فيما كانت عليه الجاهلية (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للنسائي ورجاله ثقات (7) (سنده) حدثنا ابن ابي عدي عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن أبي كثير عن عبد الله بن عمرو بن العاص الخ

قال إن يسلم المسلمون من لسانك ويدك الحديث (1) (باب ما جاء في الترهيب من عقوق الوالدين) (عن عبد الله بن عمرو) (2) رفعه سفيان ووقفه مسعر (3) قال من الكبائر أن يشتم الرجل والديه قالوا وكيف يشتم الرجل والديه؟ قال يسب أبا الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه (وعنه من طريق ثان) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أن أكبر الكبائر (5) عقوق الوالدين قال قيل ما عقوق الوالدين؟ قال يسب الرجل الرجل فيسب أباه ويسب أمه فيسب أمه (عن ابن عباس) (6) قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ملعون من سب أباه ملعون من سب أمه (عن انس بن مالك) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يلج حائط القدس (8) مدمن خمر ولا العاق لوالديه ولا المنان عطاءه (9) (عن أبي الدرداء) (10) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا مكذب بقدر (11) (عن معاذ ابن أنس الجهني) (12) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ان لله تبارك وتعالى عبادا لا يكلمهم الله يوم القيامة

_ (غريبة) (1) ليس هذا آخر الحديث وله بقية ستأتي في باب أحكام الهجرة (تخريجه) (طل) وسنده صحيح وروى أبو داود منه النهي عغن الشح وتأثيره بالبخل والقطيعة والفجور وروى الحاكم بعضه وصححه وأقره الذهبي (باب) (2) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا مسعر وسفيان عن سعد بن ابراهيم عن حميد ابن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (غريبة) (3) (قلت) الحديث جاء عند (م د مذ) مرفوعا فلا يعل بأن وقفه مسعر والرفع زيادة من ثقة بل من ثقات (4) (سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة حدثنا سعد بن ابراهيم عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن عبد الله ابن عمرو الخ (5) اي من أكبر الكبائر وتقدم الكلام على ذلك أول الباب السابق (تخريجه) (م د مذ) (6) (عن ابن عباس الخ) هذا جزء من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في كتاب اللعن والسب في باب من لعنهم الله ورسوله (7) (سنده) حدثنا هشيم ثنا محمد بن عبد الله المعي عن علي ابن زيد عن انس بن مالك الخ (غريبة) (8) الظاهر والله أعلم انه يريد بيت المقدس سمي بذلك لأنه الموضع الذي يتقدس فيه من الذنوب أي يتطهر منها فلا يقربه مذنب إلا اذا تاب من ذنبه أو المراد الجنة (9) هكذا بالأصل (ولا المنان عطاءه) بحذف حرف الجر أي بعطائه قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا صدقتكم بالمن والأذى) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفي اسناده علي بن زيد بن جدعان ضعيف (10) (سنده) حدثنا ابو جعفر السويدي قال ثنا ابو الربيع ثنا سليمان بن عتبة الدمشقي قال سمعت يونس ابن ميسرة عن أبي ادريس عائذ الله عن أبي الدرداء الخ (11) قال العلماء يحتمل أنه يخشى عليه سوء الخاتمة فلا يدخل الجنة بسببه أو انه لا يدخلها مع أول داخل حتى يطهر بعفو الله عنه (تخريجه) (طب هق) واخرج ابن ماجه الجزء المختص بالخمر منه بسند حديث الباب قال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده حسن وسليمان بن عتبة مختلف فيه وباقي رجال الاسناد ثقات (12) (سنده) حدثنا يحيى قال ثنا رشدين عن زبان عن سهل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) سهل هو ابن معاذ بن انس الجهني عن أبيه معاذ عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام إحمد وفي إسناده رشدين بن سعد

ولا يزكيهم ولا ينظر اليهم قيل له من أولئك يا رسول الله؟ قال متبر من والديه راغب عنهما ومتبر من ولده ورجل أنعم عليه قوم فكفر نعمتهم وتبرأ منهم (باب ما جاء في الترهيب من قطع صلة الرحم) (عن سعيد بن زيد) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال من ابى الربا الاستطالة ف عرض مسلم بغير حق وان هذه الرحم شجنة (2) من الرحمن فمن قطعها حرم الله عليه الجنة (عن ابراهيم بن عبد الله بن قارظ) (3) ان اباه حدثه انه دخل على عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وهو مريض فقال له عبد الرحمن وصلتك رحم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال قال الله عز وجل أنا الرحمن خلقت الرحم وشققت لها من اسمي فمن يصلها اصله ومن يقطعها اقطعه فأبته (4) أو قال من يبتها أبته (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توضع الرحم يوم القيامة لها حجنة (6) كحجنة المغزل تتكلم بلسان طلق (7) ذلق فتصل من وصلها وتقطع من قطعها وقال عفان (8) المغزل وقال بألسنة لها (عن أبي بكرة) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من ذنب أحرى أن يعجل الله بصاحبه العقوبة مع ما يؤخره (10) وفي

_ وزبان بن فائد ضعيفان (باب) (1) (سنده) حدثنا ابو اليمان انبأنا شعيب عن عبد الله بن عبد الرحمن ابن ابي حسين قال بلغني ان لقمان كان يقول يا بني لا تعلم العلم لتباهي به العلماء أو تمارى به السفهاء وترائي به في المجالس فذكره وقال حدثنا نوفل بن مساحق عن سعيد بن زيد عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (2) بكسر الشين المعجمة وضمها وسكون الجيم قال في النهاية أي قرابة مشتبكة كاشتباك العروق شبهه بذلك مجازا واتساعا واصل الشجنة بالكسر والضم شعبة في غصن من غصون الشجرة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والبزار ورجال احمد رجال الصحيح غير نوفل بن مساحق وهو ثقة (3) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا هشام الدستوائي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن قارظ الخ (غريبة) (4) بفتح الهمزة توكيد لأقطعه لأن معنى اليت القطع (تخريجه) (ك) وأشار الحافظ الى اسناد هذا الحديث في التهذيب وقال رواه أبو يعلي بسند صحيح من طريق عبد الله بن قارظ (5) (سنده) حدثنا بهز وعفان قالا حدثنا حماد بن سلمة أخبرنا قتادة عن أبي تمامة الثقفي عن عبد الله بن عمرو بن العاص الخ (غريبة) (6) أوله حاء مهملة مضمومة ثم جيم ساكنه بعدها نون مفتوحة قال في النهاية كحجنة المغزل أي صنارته وهي المعوجة التي في رأسه (7) بضم أوله وفتح اللام ومثله ذلق بضم أوله وفتح اللام قال في النهاية أي فصيح بليغ كذا جاء في الحديث على فعل بوزن صر د ويقال طلق ذلق وطلق ذلق (بفتح أوله وكسر اللام وضم أوله مع اللام فيهما) ويراد بالجميع المضاد والنفاذ (8) هو أحد الراويين الذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث يعني انه قال في روايته المغزل وهي كرواية بهز ولا أدري لتكريرها معنى وقال بألسنة لها يعني بدل قوله في رواية بهز بلسان (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجال احمد رجال الصحيح غير أبي تمامة الثقفي وثقه وثقه ابن حبان اهـ (قلت) وأخرجه أيضا الحاكم في المستدرك وصححه وأقره الذهبي (9) (سنده) حدثنا يحيى عن عبيدة قال حدثني أبي عن أبي بكرة ووكيع قال ثنا عيينة ويزيد انا عيينة عن أبيه عن أبي بكرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (10) معناه أن الله عز وجل يعجل له العقوبة غير ما يؤخره له من العقاب الشديد في الآخرة والبغي هو الجور والكبر والظلم نعوذ بالله من ذلك

رواية مع ما يدخر له في الآخرة من بغي أو قطيعة رحم (وعنه من طريق ثان) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذنبان لا يؤخران البغي وقطيعة الرحم (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل لما خلق الخلق قامت الرحم فأخذت بحقو الرحمن قالت هذا مقام العائذ من القطيعة قال أما ترضى أن اصل من وصلك وأقطع من قطعك اقرءوا ان شئتم (فهل مسيتم إن توليتم ان تفسدوا في الأرض وتقطعوا ارجامكم أولئك الذين لعنهم الله فأصمهم وأعمى أبصارهم أفلا يتدبرون القرآن أم على قلوب أقفالها) (وعنه أيضا) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان اعمال بني آدم تعرض كل خميس (4) ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم (وعنه أيضا) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال الرحم شجنة (6) من الرحمن عز وجل تجيء يوم القيامة تقول يا رب قطعت يارب ظلمت يارب اسيء إلي زاد في رواية قال فيجيبها الرب أما ترضين أن أصل من وصلك واقطع من قطعك (عن عائشة) (7) رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الرحمن من وصلها وصله الله ومن قطعها قطعه الله (باب الترهيب من ايذاء الجار والتغليظ فيه) (عن أبي هريرة) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذين جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت

_ (1) (سنده) حدثنا وكيع ثنا محمد بن عبد العزيز الراسي عن مولى لأبي بكرة عن أبي بكرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د مذ جه حب ك) والبخاري في الأدب المفرد وصححه الحاكم وأقره الذهبي (2) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في تفسير سورة محمد صلى الله عليه وسلم في كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 274 رقم 226 (3) (سنده) حدثنا يونس بن محمد قال حدثني الخزرج يعني ابن عثمان السعدي عن أبي أيوب يعني مولى عثمان عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (4) جاء في بعض الروايات بلفظ تعرض على الله عشية كل خميس الخ ومعنى العرض هنا الظهور وذلك ان الملائكة تقرأ الصحف في هذا الوقت وفيه اشارة الى أن الشخص ينبغي له تفقد نفسه في تلك العشية ليلقى ليلة الجمعة على وجه حسن وفيه زجر شديد لقاطع الرحم (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام احمد والبخاري في الادب المفرد ورمز له بعلامة الحسن قال شارحه المناوي قال الهيثمي كالمنذري رجاله ثقات (5) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون حدثنا شعبة بن الحجاج عن محمد بن عبد الجبار عن محمد بن كعب القرظي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (6) بضم الشين المعجمة وكسرها رواية ولغة بعدها جيم ساكنة ثم نون وتقدم شرحها في باب الترغيب في صلة الرحم من هذا الجزء صحيفة 51 رقم 51 في حديث عبد الله بن عمرو (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد باسناد جيد قوي وابن حبان في صحيحه (7) (سنده) حدثنا وكيع قال ثنا معاوية بن أبي مزرد عن يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير عن عائشة الخ (تخريجه) وله الشيخان عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ الرحم معلقة بالعرش تقول من وصلني وصله الله ومن قطعني قطعه الله (باب) (8) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في

(وفي رواية) أو ليصمت (وعنه أيضا) (1) قال قال رجل يا رسول الله ان فلانة يذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها غير انها تؤذي جيرانها بلسانها قال هي في النار (2) قال يا رسول الله صلى فإن فلانه يذكر من قلة صيامها وصدقتها وصلاتها (3) وأنها تصدق بالأثوار (4) من الأقط ولا تؤذي جيرانها قال هي في الجنة (عن عقبة بن عامر) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أول خصمين يوم القيامة جاران (6) (عن أبي هريرة) (7) ان النبي صلى الله عليه وسلم قال تعوذوا بالله من شر جار المقام فان جار المسافر اذا شاء ان يزال زال (وعنه أيضا) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والله لا يؤمن والله لا يؤمن والله لا يؤمن قالوا وماذاك يا رسول الله؟ قال الجار لا يأمن جاره بوائقه قالوا يا رسول الله وما بوائقه؟ قال شره (عن أنس بن مالك) (9) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة عبد لا يأمن جاره بوائقه (عن عبد الله بن مسعود) (10)

_ باب الترغيب في الاحسان الى الجار في هذا الجزء صحيفة 56 رقم 68 (1) (سنده) حدثنا الأعمش عن أبي يحيى مولى جعدة عن أبي هريرة الخ (غريبة) (2) معناه لها أجر صلاتها وصيامها وصدقتها ان لم يدخلها الرياء وعليها وزر ايذاء الجار تعاقب به في النار (3) فيه اشارة إلى انها كانت تقتصر على الفرائض دون النوافل اخذا من قوله من قلت صيامها الخ وعلى فرض انها كانت تقتصر في الفرائض يقال ان الله عز وجل اطلع نبيه على انها ستتوب وتؤدي ما فرض عليها وذلك ببركة احسانها الى جيرانها والله اعلم (4) جمع ثور بثاء مثلثة وهي قطعة من الاقط بكسر القاف وهو لبن جامد مستحجر ويتخذ من مخيض اللبن الغنمي (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (حم بز حب ك) وقال الحاكم صحيح الاسناد ورواه ابو بكر بن أبي شيبة باسناد صحيح ايضا (5) (سنده) حدثنا قتيبة ثنا ابن لهيعة عن أبي عشانة عن عقبة بن عامر الخ (غريبة) (6) أي لم يحسن احدهما جوار صاحبه ولم يف له بحقه ومقصود الحديث الحث على كف الأذى عن الجار وان جار وانه تعالى يهتم بشأنه وينتقم للجار المظلوم من الظالم بفضل القضاء بينهما (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه احمد والطبراني باسنادين احدهما جيد اهـ وأورده الهيثمي أيضا وقال رواه احمد والطبراني بنحوه وأحد اسنادي الطبراني رجاله رجال الصحيح غير أبي عشانة وهو ثقة (7) (سنده) حدثنا عفان ثنا وهيب حدثنا عبد الرحمن بن اسحاق عن سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أورده المنذري عن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول اللهم اني اعوذ بك من جار السوء في دار المقام فإن جار البادية يتجول وقال رواه ابن حبان في صحيحه اهـ (قلت) وسنده عند الامام احمد جيد (8) (وعنه ايضا) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الترغيب في الاحسان الى الجار في هذا الجزء صحيفة 56 رقم 71 (9) (سنده) حدثنا حسن ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد ويونس بن عبيد وحميد عن أنس يعني ابن مالك قال قال النبي صلى الله عليه وسلم المؤمن من أمنه الناس والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده والمهاجر من هجر السوء والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة عبد لا يأمن جاره بوائقه (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (حم عل بز) واسناد احمد جيد تابع علي بن زيد حميد ويونس بن عبيد (10) (سنده) حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن منصور عن أبي وائل عن عبد الله بن مسعود الخ (تخريجه) (جه حب طب) وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه

قال قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم كيف لي أن أعلم اذا أحسنت واذا اسأت؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم اذا سمعت جيرانك يقولون قد احسنت فقد احسنت واذا سمعتهم يقولون قد أسأت فقد أسأت (عن رجل من بني سدود) (1) يقال له ديسم قال قلنا لبشير بن الخصاصية قال وما كان اسمه بشيرا فسماه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بشيرا (2) إن لنا جيرة من بني تميم لا تشذ لنا قاصية إلا ذهبوا بها (3) وانها تخالفنا من اموالهم أشياء (4) افنأخذ؟ قال لا (باب ما جاء في الترهيب من الرياء وهو الشرك الخفي نعوذ بالله منه) (عن عبادة بن أنس) (5) من شداد بن أوس رضي الله عنه انه بكى فقيل له ما يبكيك؟ قال شيئا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله فذكرته فأبكاني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أتخوف على أمتي الشرك والشهوة الخفية قال قلت يا رسول الله اتشرك أمتك من بعدك؟ قال نعم أما انهم لا يعبدون شمسا ولا قمرا ولا حجرا ولا وثنا ولكن يراءون بأعمالهم (6) والشهوة الخفية أن يصبح أحدهم صائما فتعرض

_ حديث عبد الله بن مسعود هذا صحيح رجاله ثقات وأورده الهيثمي وقال رواه (طب) ورجاله رجال الصحيح وغفل عن عزوه للامام احمد (1) (سنده) حدثنا بهز وعفان قالا ثنا حماد بن زيد ثنا أيوب عن رجل من بني سدوس الخ (غريبة) (2) قال المنذري كان اسمه في الجاهلية زحما بفتح الزاي وسكون الحاء المهملة وبعدها ميم والخصاصية أمه بفتح الخاء المعجمة وبعدها صاد مهملة مفتوحة وبعد الألف صاد مهملة مكسورة وياء آخر الحروف مفتوحة وقيل مشددة وتاء تأنيث (قلت) قال الحافظ في التهذيب جزم ابن عبد البر وغيره أن الخصاصية أمه وليس كذلك بل هي إحدى جداته وهي والدة جده الأعلى ضبارى بن سدوس (3) معناه لا تذهب إليهم ضالة من مواشينا إلا أخذوها (4) أي تأتي الينا من مواشيهم أشياء وفيه عدم الاعتداء على الجار وان جار (تخريجه) هذا الاثر لم اقف عليه بهذا السياق لغير الامام احمد وسنده جيد وجاء عند ابي داود من طريق ديسم أيضا بشير بن الخصاصية قال وما كان اسمه بشيرا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه بشيرا قال قلنا ان اهل الصدقة يعتدون علينا افنكتم أموالنا بقدر ما يعتدون علينا؟ فقال لا هكذا جاء عند أبي داود من طريق ديسم السدوسي أيضا وسكت عنه أبو داود والمنذري ومعناه يرمى إلى عمال الزكاة والله أعلم (باب) (5) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثني عبد الواحد بن زيد أخبرنا عبادة بن نيس الخ (غريبة) (6) أي يظهرون الأعمال الصالحة للناس ليقال إنهم من الصالحين ويأتون ما تشتهيه انفسهم من المعاصي خفية ويؤيد ذلك تفسير النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث لأن الصوم طاعة فهو يظهر للناس انه صائم ويأتي ما تشتهيه نفسه من الطعام وغيره عندما يختلي بنفسه (تخريجه) (ك) وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي فقال عبد الواحد يعني ابن زيد أحد رجال السند متروك اهـ (قلت) قال الحافظ في تعجيل المنفعة ذكره ابن حبان في الثقات وقال له حكايات في الوعد والرقائق روى عنه أهل البصرة يعتبر حديثه إذا كان فوقه ثقة ودونه ثقة ويجتنب ما كان من رواية سعيد بن عبد الله بن دينار عنه فإنه يأتي عنه بمالا أصل له اهـ ورواه ابن ماجه من وجه آخر ليس فيه عبد الواحد قال البوصيرفي زوائد بن ماجه في اسناده عامر بن عبد الله لم ار من تكلم فيه

له شهوة من شهواته فيترك صومه (عن أبي سعيد) (1) بن أبي فضالة الانصاري وكان من الصحابة انه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا جمع الله عز وجل الأولين والآخرين ليوم لا ريب فيه ينادي مناد من كان أشرك في عمل عمله لله تبارك وتعالى احدا فليطلب ثوابه من عند غير الله عز وجل فإن الله عز وجل أغنى الشركاء عن الشرك (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل انا خير الشركاء من عمل لي عملا فأشرك غيري فأنا منه بريء وهو الذي أشرك (3) (حدثنا أبو النضر) (4) قال ثنا عبد الحميد يعني بن بهرام قال قال شهر بن حوشب قال ابن غنم لما دخلنا مسجد الجابية أنا وأبو الدرداء لقينا عبادة بن الصامت فأخذ يميني بشماله وشمال أبي الدرداء بيمينه فخرج يمشي بيننا ونحن نتنجى (5) والله أعلم فيما نتناجى (6) وذاك قوله فقال عبادة بن الصامت لئن طال بكما عمر أحدكما أو كلاكما لتوشكان أن تريا بالرجل من ثبج (7) المسلمين يعني من وسط قراء القرآن على لسان محمد (وفي رواية على لسان أخيه قراءة على لسان محمد صلى الله عليه وسلم) فأعاده وأبدله واحل حلاله وحرم حرامه ونزل عند منازله لا يحور فيكم (8) إلا كما يحور رأس الحمار الميت قال فبينا نحن كذلك إذ طلع شداد بن أوس وعوف بن مالك فجلسا الينا فقال شداد إن اخوف ما أخاف عليكم أيها الناس لما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من الشهوة الخفية والشرك فقال عبادة بن الصامت وأبو الدرداء اللهم غفرا (9) أو لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا ان الشيطان قد يئس أن يعبد في جزيرة العرب فأما الشهوة الخفية فقد عرفناها هي شهوات الدنيا من نسائها وشهواتها فما هذا الشرك الذي تخوفنا به يا شداد؟ فقال شداد أرأيتكم لو رأيتم رجلا يصلي لرجل أو يصوم له أو يتصدق له أترون أنه قد أشرك؟ قالوا نعم والله ان من صلى لرجل أو صام له أو تصدق له فقد أشرك فقال شداد فإني قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من صلى يرائي فقد أشرك ومن صام يرائي فقد اشرك ومن تصدق يرائي فقد أشرك فقال عوف بن مالك عند ذلك أفلا يعمد إلى ما ابتغي فيه وجهه من ذلك العمل كله فيقبل ما خلص له

_ وباقي رجال الإسناد ثقات (1) (سنده) حدثنا محمد بن بكر البرساني قال أنا عبد الحميد بن جعفر قال انا ابي عن زياد بن ميناء عن أبي سعيد بن أبي فضالة الخ (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه الترمذي في التفسير من جامعه وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والبيهقي اهـ (قلت) وسكت عنه المنذري فهو صالح للاحتجاج به (2) (سنده) حدثنا روح ثنا شعبة ثنا العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب سمعت أبي يحدث عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (3) هو تأكيد للرد وإلا فهو عمل باطل (تخريجه) (م جه) (4) (حدثنا ابو النضر الخ) (غريبة) (5) أي نتحدث سرا (6) الظاهر والله أعلم انهما كانا يتناجيان في آمر الرياء ولذلك قال عبادة قولته (7) أي من وسطهم وقبل من سراتهم وعليتهم (نه) (8) الحور بالحاء المهملة الرجوع أي لا يرجع منه بخير ولا ينتفع بما حفظه من القرآن كما لا ينتفع بالحمار الميت صاحبه (9) بفتح العين المعجمة وسكون القاء وأصـ لل غفر التغطية يقال

ويدع ما يشرك به؟ فقال شداد عند ذلك فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنا خير قسيم (1) لمن اشرك بي من أشرك بي شيئا فان حشده (2) عمله قليله وكثيره لشريكه الذي اشرك به وانا عنه غني (عن أبي بكرة) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمع (4) سمع الله به ومن راآ راآ (5) الله به (عن أبي هند الداري) (6) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قام مقام رياء وسمعة راآ الله به يوم القيامة وسمع (عن عبد الله بن عوف الكناني) (7) وكان عاملا لعمر بن عبد العزيز على الرملة انه شهد عبد الملك بن مروان قال لبشير بن عقربة الجهني يوم قتل عمرو بن سعيد بن العاص يا أبا اليمان قد احتجت اليوم الى كلامك فقم فتكلم قال اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قام بخطبة لا يلتمس بها إلا رياء وسمعة أوقفه الله عز وجل يوم القيامة موقف رياء وسمعة (عن عبد الله بن عمرو) (8) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سمع الناس بعمله سمع الله به سامع خلقه (9)

_ غفر الله لك غفرا وغفرانا ومغفرة والمغفرة الباس الله تعالى العفو للمذنبيين (نه) (1) اي خير شريك كما قال في الحديث السابق انا خير الشركاء ومعناه لو علم هذا الذي اشرك غيري معي وعلم ما عندي من القدرة والثواب الجزيل لمن أخلص لي لم يختر غيري ولم يشرك بي أحدا من خلقي (2) أي جميع عمله حيره وشره قل أو كثر لشريكه الخ (تخريجه) (هق) ورجاله عند الامام احمد ثقات وشهر بن حوشب وان تكلم فيه بعضهم فقد وثقه ابن معين والامام احمد وقال يعقوب شهر وان قال ابن عون تركوه فهو ثقة وقال ابن معين ثبت كذا في الخلاصة (3) (سنده) حدثنا احمد بن عبد الملك ثنا بكار قال حدثني أبي عن أبي بكرة الخ (غريبة) (4) بتشديد الميم مفتوحة أي من نوه بعلمه وشهر ليراه الناس ويمدحوه (سمع الله به) أي شهره بين أهل العرصات وفضحه على رءوس الاشهاد يوم القيامة وانما سمي فعل المرائي سمعة وياء لأنه يفعله ليسمع به (5) أي راءى بعمله والرياء اظهار العبادة بقصد رؤية الناس لها فيحمدوا صاحبها (راءى الله به) اي بلغ مسامع خلقه أنه مراء مزور وأشهره بذلك بين خلقه فيفتضح بين الناس (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب بز) وأسانيدهم حسنة (قلت) ورواه مسلم من حديث ابن عباس في الزهد بهذا اللفظ (6) (سنده) حدثنا ابو عبد الرحمن المقرى عبد الله بن يزيد ثنا حيوة ثنا أبو صخر أنه سمع مكحولا يقول حدثني أبو هند الداري انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم اهـ (قلت) وله شاهد من حديث أبي مالك الأشجعي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قام مقام رياء راءى الله به ومن قام مقام سمعة سمع الله به أورده المنذري وقال رواه الطبراني باسناد حسن (7) (سنده) حدثنا سعيد بن منصور قال عبد الله (يعني ابن الامام احمد) حدثنا ابي عنه وهو حيى قال ثنا حجر بن الحارث الغساني من أهل الرملة عن عبد الله بن عوف الكناني الخ (تخريجه) (ص طب) والبغوى ورجاله ثقات (8) (سنده) حدثنا يحيى يعني ابن سعيد عن شعبة حدثني عمرو بن مرة سمعت رجلا في بيت أبي عبيدة انه سمع عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) يحدث ابن عمر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (9) قال في النهاية وفي رواية (اسامع خلقه) يقال سمعت بالرجل تسميعا وتسمعه إذا شهرته ونددت به وسامع اسم فاعل من سمع واسامع جمع اسمع واسمع جمع قلة لسمع وسمع

وصغره وحقره قال (1) فذرفت عينا عبد الله (عن سليمان بن يسار) (2) قال تفرج الناس عن أبي هريرة (3) فقال له نأتل الشامي أيها الشيخ حدثنا حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اول الناس يقضي فيه يوم القيامة ثلاثة رجل استشهد فإني به فعرفه نعمه فعرفها فقال وما عملت فيها؟ قال قاتلت فيك حتى قتلت قال كذبت ولكنك قاتلت ليقال هو جريئي فقد قيل ثم أمر به فيسحب على وجهه حتى القي في النار ورجل تعلم العلم وعلمه وقرأ القرآن فأتى به ليعرفه نعمه فعرفها فقال ما عملت فيها؟ قال تعلمت منك العلم وعلمته وقرأت فيك القرآن فقال كذبت ولكنك تعلمت ليقال هو عالم فقد قيل وقرأت القرآن ليقال هو قارئ فقد قيل ثم أمر به فيسحب على وجهه حتى القي في النار ورجل وسع الله عليه وأعطاه من أصناف المال كله فأتى به فعرفه نعمه فعرفها فقال ما عملت فيها؟ قال ما تركت من سبيل تحب ان ينفق فيها إلا انفقت فيها لك قال كذبت ولكنك فعلت ذلك ليقال هو جواد فقد قيل ثم أمر به فيسجب على وجهه حتى القي في النار (عن ابي سعيد الخدري) (4) قال كنا نتناوب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنبيت عنده تكون له الحاجة ويطرقه أمر من الليل فيبعثنا فيكثر المحتسبون وأهل النوب فكنا نتحدث (5) فخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فقال ما هذه النجوى؟ الم أنهكم عن النجوى؟ قال قلنا نتوب إلى الله يا نبي الله إنما كان في ذكر المسيح فرقا (6) منه فقال ألا أخبركم بما هو أخوف عليكم من المسيح عندي؟ قال قلنا بلى قال الشرك الخفي ان يقوم الرجل يعمل لمكان رجل (7)

_ فلان بعمله إذا اظهره ليسمع فمن رواه سامع خلقه بالرفع جعله من صفة الله تعالى أي سمع الله تعالى سامع خلقه به الناس ومن رواه أسامع أراد أن الله يسمع به اسماع خلقه يوم القيامة اهـ باختصار (1) قال يعني الراوي عن عبد الله بن عمرو (وقوله ذرفت) بفتح الراء من باب ضرب يقال ذرفت العين ذرفا دميت وذرفت الدموع سال (تخريجه) أورده الهيثمي بأطول من هذا وعزاه للطبراني في الكبير والأوسط ثم ذكر انه رواه احمد باختصار ثم قال وسمى الطبراني الرجل المبهم في سند الامام احمد قال وهو خيثمة ابن عبد الرحمن فبهذا الاعتبار رجال احمد وأحد أسانيد الطبراني في الكبير رجال الصحيح (2) (سنده) حدثنا حجاج عن ابن جريج حدثني يونس بن يوسف عن سليمان بن يسار الخ (غريبة) (3) أي تركوه بعد أن كانوا مجتمعين عليه فلما خلا المجلس قال له نأتل الشامي الخ ونأتل هذا هو ابن قيس بن زيد الشامي الفلسطيني احد الامراء لمعاوية ذكره في التقريب (تخريجه) (مذ) مطولا بقصة فيه وقال هذا حديث حسن غريب اهـ (قلت) وأورده المنذري وعزاه لابن خزيمة في صحيحه (4) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا كثير بن زيد عن ربيح بن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه عن جده (يعني ابا سعيد الخدري) قال كنا نتناوب الخ (غريبة) (5) اي يتحدثون سرا وهو المعبر عنه بالنجوى (6) بالتحريك أي خوفا منه (7) أي يرائي في عمله للرجل صاحب المكانة وعند ابن ماجه قال يقوم الرجل فيصلى فيزين صلاته لما يرى من نظر رجل قال العلامة السندي معنى الشرك الخفي انه شرك لا يظهر للناس أنه شرك بل يظهر لهم انه صلاح (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (جه هق) اهـ وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده حسن وكثير بن زيد وربيح بن عبد الرحمن

(عن ابن الأدرع) (1) قال كنت احرس النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فخرج لبعض حاجته قال فرآني فأخذ بيدي فانطلقنا فمررنا على رجل يصلي يجهر بالقرآن فقال النبي صلى الله عليه وسلم عسى أن يكون مرائيا (2) قال قلت يا رسول الله يصلي يجهر بالقرآن (3) قال فرفض يدي (4) ثم قال انكم لن تنالوا هذا الأمر (5) بالمغالبة قال ثم خرج ذات ليلة وانا احرسه لبعض حاجته فأخذ بيدي فمررنا على رجل يصلي بالقرآن قال فقلت عسى أن يكون مرائيا (6) فقال النبي صلى الله عليه وسلم كلا إنه أواب قال فنظرت فإذا هو عبد الله ذو البجادين (7) (باب ما جاء في الترهيب من الكبر والخيلاء) (عن عبد الله بن مسعود) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل النار من كان في قلبه مثقال حبة من ايمان ولا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر فقال رجل يا رسول الله اني ليعجبني ان يكون ثوبي غسيلا ورأسي دهينا وشراك نعلي جديدا وذكر أشياء حتى ذكر علاقة سوطه افمن الكبر ذاك يا رسول الله؟ قال لا ذاك الجمال إن الله جميل يحب الجمال ولكن الكبر صفه الحق وازدرى الناس (عن عقبة بن عامر) (9) أنه سمع رسول الله صلى اللهعليه وسلم يقول

_ مختلف فيهما (1) (سنده) حدثنا وكيع انا هشام بن سعد عن زيد بن اسلم عن ابن الادرع الخ (غريبة) (2) الظاهر ان النبي صلى الله عليه وسلم رأى منه امارات الرياء (3) يعني انه رجل صالح (4) أي تركها من يده (5) أي الثواب على الأعمال ورضا الله عز وجل (بالمغالبة) أي بالغلبة والقهر والقوة واظهار الصلاح وانما تنال بالعجز والاخلاص والالتجاء إلى الله عز وجل (6) انما قال ذلك لأنه ظن ان هذا مثل ذاك فنفى النبي صلى الله عليه وسلم ظنه بقوله إنه أواب أي كثير الرجوع الله بالتوبة والاخلاص في العمل (7) البجاد الكساء وجمعه بجد بضم أوله وثانيه وقال ابن اسحاق حدثني محمد بن ابراهيم التيمي قال كان عبد الله رجلا من مزينة وهو ذو البجادين يتيما في حجر عمه وكان محسنا له فبلغ عمه أنه اسلم فنزع منه كل شيء اعطاه حتى جرده من ثوبه فأتى أمه فقطعت له بجادها باثنتين فاتزر نصفا وارتدى نصفا ثم اصبح فقال له النبي صلى الله عليه وسلم إن عبد الله ذو البجادين فالتزم بابي فألتزم بابه وكان يرفع صوته بالذكر فقال عمر أمراء هو؟ قال بل هو أحد الأواهين اهـ وقيل كان اسمه عبد العزى فغيره النبي صلى الله عليه وسلم وروى عمر بن شبة من طريق عبد العزيز بن عمران قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما هاجر وعزفت عليه الطريق فأبصره ذو البجادين فقال لأبيه دعني ادله على الطريق فأبى ونزع ثيابه عنه وتركه عريانا فاتخذ بجادا من شعر وطرحه على عورته ثم لحقهم فأخذ بزمام ناقة النبي صلى الله عليه وسلم وانشأ يرتجز (هذا أبو القاسم فاستقيمي * تعرض مدارجا وسومي * تعرض الجوزاء في النجوم) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث ابن الادرع وأورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وله شواهد كثيرة تعضده (باب) (عن عبد الله بن مسعود الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب استحباب اللباس الجميل والتواضع فيه من كتاب اللباس في الجزء السابع عشر صحيفة 288 رقم 186 (9) (سنده) حدثنا هاشم ثنا عبد الحميد ثنا شهر بن حوشب قال سمعت رجلا يحدث عن عقبة بن عامر انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (بقيته) اني لأحب الجمال واشتهيه حتى اني لأحبه في علاقة سوطي وفي شراك نعلي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس ذاك

ما من رجل يموت حين يموت وفي قلبه مثقال حبة من خردل من كبر تحل له الجنة ان يريح ريحها ولا يراها فقال رجل من قريش يقال له أبو ريحانه والله يا رسول الله اني لأحب الجمال وذكر نحو حديث عبد الله بن مسعود (عن أبي ريحانه) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل شيء من الكبر الجنة فقال قائل (2) يا نبي الله اني احب ان اتجمل بحبلان سوطي وشسع نعلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان ذلك ليس بالكبر ان الله عز وجل جميل يحب الجمال انما الكبر من سفه الحق وغمص الناس بعينيه (3) يعني بالحبلان سير السوط وشسع النعل (عن عبد الله بن عمرو) (4) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان نبي الله نوحا لما حضرته الوفاة قال لابنه اني قاص عليك الوصية آمرك باثنتين وانهاك عن اثنتين آمرك بلا إله إلا الله (فذكر فضلها) (5) وسبحان الله وبحمده فذكر فضلها ثم قال وانهاك عن الشرك والكبر قال قلت أو (6) قيل يارسول الله هذا الشرك قد عرفناه فما الكبر؟ قال ان يكون لأحدنا نعلان حسنتان لهما شراكان حسنان؟ قال لا قال هو أن قال هو ان يكون لأحدنا حلة يلبسها قال لا قال الكبر هو أن يكون لأحدنا دابة يركبها؟ قال لا قال أفهو ان يكون لأحدنا أصحاب يجلسون اليه؟ قال لا قيل يا رسول الله فما الكبر؟ قال سفه الحق (7) وغمص الناس

_ الكبر إن الله عز وجل جميل يحب الجمال ولكن الكبر من سفه الحق وغمص الناس بعينيه (وقوله سفه الحق) معناه الاستخفاف بالحق وان لا يراه حقا (وغمص الناس) أي احتقرهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفي اسناده رجل لم يسم (1) (سنده) حدثنا عصام بن خالد ثنا حريز بن عثمان عن سعد بن مرثد الرحبي قال سمعت عبد الرحمن بن حوشب يحدث عن ثوبان بن شهر الاشعري قال سمعت كريب بن ابرهة وهو جالس مع عبد الملك على سريره يدير المران وذكر الكبر فقال كريب سمعت ابا ريحانه يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (2) الظاهر ان هذا القائل هو ابو ريحانه نفسه راوي الحديث كما تقدم قي الحديث الساق (3) أي احتقرهم ولم يرهم شيئا (وقوله يعني بالحبلان الخ) هذا تفسير من الراوي للحبلان المتقدم ذكره في الحديث (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله كلهم ثقات (4) (سنده) حدثنا سليمان بن حرب حدثنا حماد بن زيد عن الصعقب بن زهير عن زيد ابن أسلم قال حماد أظنه عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رجل من أهل البادية عليه جبة سيجان مزرورة بالديباج فقال ألا إن صاحبكم هذا وضع كل فارس بن فارس قال يريد ان يضع كل فراس بن فارس ويرفع كل راع ابن راع قال فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمجامع جبنه وقال لا أرى عليك لباس من لا يعقل ثم قال نبي الله نوحا الخ (قلت) هذا الطرف تقدم نحوه من حديث عبد الله بن عمرو ايضا في باب ما جاء عاما في تحريم الذهب والحرير كتاب اللباس والزينة في الجزء السابع عشر ص 168 رقم 120 وتقدم شرحه هناك (غريبه) (5) تقدم الحديث في ذلك مشروحا في باب فضل لا إله إلا الله من كتاب الاذكار صحيفة 211 بعد حديث رقم 28 في الجزء الرابع عشر فارجع اليه (6) أو للشك من الراوي يشك هل قال عبد الله بن عمرو قلت يا رسول الله أو القائل غيره (7) تقدم تفسيره في الحديث السابق (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه كله احمد ورواه الطبراني بنحوه وزاد في رواية وأوصيك بالتسبيح فإنها عبادة الخلق وبالتكبير قال ورجال أحمد

(عن أبي حيان عن أبيه) (1) قال التقي عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) وعبد الله بن عمر ثم اقبل عبد الله بن عمر وهو يبكي فقال القوم ما يبكيك يا ابا عبد الرحمن؟ قال الذي حدثني هذا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة انسان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر (ومن طريق ثان) (2) عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال التقى عبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو بن العاص على المروة فتحدثا ثم مضى عبد الله بن عمرو وبقي عبد الله بن عمر يبكي فقال له رجل ما يبكيك يا أبا عبد الرحمن؟ قال هذا يعني عبد الله بن عمرو زعم انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر أكبه الله على وجهه في النار (عن حميد بن عبد الرحمن) (3) قال قال ابن مسعود كنت لا أحجب عن النجوى (4) ولا عن كذا ولا عن كذا قال ابن عون (5) فنسى واحدة ونسيت أنا واحدة قال فأتيته (6) وعنده مالك بن مراوة الرهاوى فأدركت من آخر حديثه وهو يقول يارسول الله قد قسم لي من الجمال ما ترى فما أحب أن أحدا من الناس فضلني بشراكين (7) فما فوقهما أفليس ذلك هو البغى؟ قال لا ليس ذلك البغى لكن البغى من بطر (8) قال أو قال سفه الحق وغمط (9) الناس (عن ابن عمر) (10) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من تعظم في نفسه أو اختال في مشيته لقى الله وهو عليه غضبان (عن عبد الرحمن بن غنم) (11) قال قال

_ ثقات (1) (سنده) حدثنا يعلي بن عبيد حدثنا ابو حيان عن ابيه الخ (2) (سنده) حدثنا مروان ابن شجاع ابو عمرو الجزري حدثني ابراهيم بن أبي عبلة العقيلي من أهل بيت المقدس عن أبي سلمة بن عبد الرحمن الخ (تخريجه) أورده الهيثمي الطريق الثانية عن أبي سلمة بن عبد الرحمن وقال رواه (حم طب) ورجاله رجال الصحيح قال وفي رواية أخرى عند أحمد صحيحه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يدخل الجنة إنسان في قلبه مثقال حبة من خردل من كبر (يعني الطريق الأولى) (3) (سنده) حدثنا اسماعيل عن ابن عون عن عمرو بن سعيد عن حميد بن عبد الرحمن الخ (غريبة) (4) أي عن سماع سر رسول الله صلى الله عليه وسلم بإذن منه كما في حديث آخر (5) هو أحد رجال السند والمعنى ان ابن مسعود كان لا يحجبه النبي صلى الله عليه وسلم عن ثلاث خصال منها عدم احتجابه عن سره وعبر ابن عون الراوي عن عمرو ابن سعيد عن الخصلتين الباقيتين بكذا وكذا لأنه نسي إحداهما ونسي الثانية ابن عمرو (6) القائل فأتينه هو ابن مسعود يعني انه اتى النبي صلى الله عليه وسلم فوجد عنده مالك بن مرارة بضم الميم وفتح الراء مخففة (الرهاوي) بفتح الراء نسبة إلى رهاء قبيلة من مذحج (7) تثنية شراك بكسر الشين وتخفيف الراء احد سيور النعل وتقدم الكلام عليه آنفا (8) بفتح أوله وكسر ثانيه هو ان يتكبر عن الحق فلا يقبله وأو للشك من الراوي (وقوله سفه الحق) أي جهله والسفه في الاصل الخفة والطيش (9) بالتحريك أي استهان بهم واحتقرهم (تخريجه) لحديث أشار إليه الحافظ في الاصابة فذكره مختصرا وعزاه للبغوى وأبي يعلي ورجاله ثقات (10) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق اخبرنا يونس بن القاسم الحنفي يماني سمعت عن عكرمة ابن خالد المخزومي يقول سمعت ابن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (طب) واللفظ له ورواته محتج بهم في الصحيح والحاكم بنحوه وقال صحيح على شرط مسلم اهـ (قلت) ورواه البخاري في الأدب المفرد وأورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (11) (سنده)

رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة الجواظ (1) والجعظري والعتل والزنيم (عن عمرو بن شعيب) (2) عن أبيه عن جده ان النبي صلى الله عليه وسلم قال يحشر المتكبرون يوم القيامة أمثال الذر في صور الناس يعلوهم كل شيء من الصغار (3) حتى يدخلوا سجنا في جهنم يقال له بولس (4) فتعلوهم نار الأنيار يسقون من طينة الخبال (5) عصارة أهل النار (عن عبد الله بن عمرو) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما رجل يتبختر في حلة إذ أمر الله عز وجل به الأرض فأخذته وهو يتجلجل (7) فيها أو يتجرجر (8) فيها إلى يوم القيامة (وعن أبي هريرة) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (باب ما جاء في الترهيب من التفاخر بالآباء في النسب وغير ذلك) (عن ابن عباس) (10) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تفتخروا بآبائكم الذين ماتوا في الجاهلية فوا الذي نفسي بيده لما يدهده (11) الجعل بمنخريه خير من آبائكم الذين

_ حدثنا وكيع ثنا عبد الحميد عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم الخ (غريبه) (1) الجواظ بفتح الجيم وتشديد الواو من جمع المال من كل مكان أو من لم يتصدق (والجعظري) على وزن الجعفري الفظ والغليظ والقبيح الاخلاق والشديد والخبيث (والعتل) بضمتين وتشديد اللام البخيل والأكول والمنوع والغليظ (والزنيم) بالفتح اللئيم والدنيء والمعروف بالشر والشناعة يقال زنيم أي معروف بلؤمه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده حسن قال الحافظ ابن كثير في تفسيره وقد أرسله غير واحد من التابعين (2) (سنده) حدثنا عن ابن عجلان عن عمرو بن شعيب الخ (غريبة) (3) بفتح الصاد المهملة والغين المعجمة الذل والهوان (4) بضم الباء الموحدة في هو الأصل الفساد وهو يكون في الافعال والأبدان والعقول والخبل بالتسكين الفساد وفسره في الحديث بعصارة أهل النار بضم العين المهملة وهو ما يسيل منهم من الدم والصديد نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه النسائي والترمذي واللفظ له وقال حديث حسن (6) (سنده) حدثنا عبد الله بن محمد قال عبد الله (يعني ابن الامام احمد) وسمعته انا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال حدثنا ابن فضيل عن عطاء ابن السائب عن ابيه عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص الخ) (غريبه) (7) أي يغوص في الأرض حين يخسف به والجلجلة حركة مع صوت (8) أو للشك من الراوي والتجرجر من الجر وهو الجذب (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات اهـ (قلت) واخرجه ايضا الترمذي وقال حديث حسن صحيح (9) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما رجل يتبختر في بردين وقد أعجبته نفسه خسفت به الأرض فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة (تخريجه) (ق وغيرهما) (باب) (10) (سنده) حدثنا سليمان بن داود حدثنا هشام يعني الدستوائي عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) (11) أي يدحرج وهو يدحرج العذر والقاذورات (الجعل) بضم الجيم وفتح العين المهملة آخره لام حيوان صغير قذر كالخنفسا واكبر منها في الجسم وفي اللسان قال هو ابو جعران بفتح الجيم (تخريجه) (طل) وأورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني في الأوسط والكبير بنحوه إلا أنه قال الذي

ماتوا في الجاهلية (عن أبي هريرة) (1) ان النبي صلى الله عليه وسلم قال ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفه بأنفها النتن وقال إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عيية (2) الجاهلية وفخرها بالآباء مؤمن تقي وفاجر شقي الناس بنو آدم وآدم من تراب (وعنه عن طريق ثان) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدعن الناس فخرهم في الجاهلية أو ليكونن أبغض الى الله عز وجل من الخنافس (عن أبي نضرة) (4) حدثني من سمع خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وسط أيام التشريق فقال يا أيها الناس ألا إن ربكم واحد وإن أباكم واحد ألا لا فضل لعربي على أعجمي ولا لعجمي على عربي ولا لأحمر على أسود ولا أسود على أحمر إلا بالتقوى أبلغت؟ قالوا بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن معاذ بن جبل) (5) قال انتسب رجلان من بني اسرائيل على عهد موسى عليه السلام احدهما مسلم والآخر مشرك فانتسب المشرك فقال انا فلان بن فلان حتى بلغ تسعة آباء ثم قال لصاحبه انتسب لا أم لك قال أنا فلان بن فلان وأنا بريء مما وراء ذلك فنادى موسى عليه السلام الناس فجمعهم ثم قال قد قضى بينكما أما الذي انتسب إلى تسعة آباء فأنت فوقهم العاشر في النار وأما الذي انتسب إلى ابويه فانت امرؤ من أهل الاسلام (ز) (عن أبي بن كعب) (6) قال انتسب رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال احدهما انا فلان بن فلان فمن انت لا أم لك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انتسب رجلان على عهد موسى عليه السلام فذكر نحو حديث معاذ (7) (عن أبي سعيد الخدري) (8) قال افتخر أهل

_ يدهده الجعلان بأنفه خير منهم ورجال احمد رجال الصحيح (1) (سنده) حدثنا عبد الملك بن عمرو ثنا هشام بن سعد عن المقبري عن أبي هريرة الخ (غريبة) (2) بضم العين المهملة وكسرها وتشديد الباء الموحدة مكسورة وبعدها ياء تحتية مشددة هي الكبر والفخر والنخوة (3) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد قال ثنا أبو معشر عن سعيد عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (طل) وأورده المنذري وقال رواه (د مذ) وحسنه البيهقي باسناد حسن ايضا (4) (عن أبي نضرة) الخ هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الخطبة أوسط أيام الشريف من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر صحيفة 226 رقم 427 فارجع اليه (5) (سنده) حدثنا احمد بن عبد الملك الحراني ثنا عبيد الله يعني ابن عمرو عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن معاذ بن جبل الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني واحمد موقوفا على معاذ واحد أسانيد الطبراني رجاله رجال الصحيح وكذلك رجال احمد (6) (ز) (سنده) حدثنا ابو بكر بن أبي شيبة ثنا ابن نمير ثنا يزيد بن زياد بن أبي الجعد عن عبد الملك بن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي بن كعب الخ (غريبة) أي نحو حديث معاذ السابق مختصرا وفي أما أنت أيها المنتمي أو المنتسب إلى تسعة في النار فأنت عاشرهم وأما أنت يا هذا المنتسب إلى اثنين في الجنة فأنت ثالثهما في الجنة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن أحمد ورجاله رجال الصحيح غير يزيد بن زياد بن أبي الجعد وهو ثقة (8) (عن أبي سعيد الخدري الخ) هذا الحديث تقدم بسنده

الإبل والغنم عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم الفخر والخيلاء في أهل الأبل والسكينة والوقار في أهل الغنم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث موسى عليه السلام وهو يرعى غنما على أهله وبعثت أنا وأنار أرعى غنما لأهلي بجياد (عن أبي ذر) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له أنظر فإنك ليس بخير من أحمر ولا أسود إلا أن تفضله بتقوى (عن عتي بن ضمرة) (2) عن ابي بن كعب أن رجلا اعتزى (3) بعزاء الجاهلية فأعضه (4) ولم يكنه فنظر القوم إليه (5) فقال للقوم إني قد أرى الذي في انفسكم (6) اني لم استطع إلا أن أقول هذا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا إذا سمعتم من يعتزي بعزاء الجاهلية فأعضوه ولا تكنوا (7) (ز) (عن أبي عثمان) (8) عن أبي بن كعب أن رجلا اعتزى فأعضه ابي بهن أبيه قالوا ما كنت فحاشا قال إنا أمرنا بذلك (9) (عن عقبة بن عامر) (10) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان انسابكم هذه ليست بسباب على أحد وانما أنتم ولد آدم علف الصاع (11) لم تملوه ليس لأحد فضل إلا بالدين أو عمل صالح حسب الرجل أن يكون فاحشا بذيا بخيلا

_ وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في اتخاذ الغنم وبركتها من كتاب البيوع والكسب في الجزء الخامس عشر صحيفة 12 رقم 34 (1) (سنده) حدثنا وكيع عن أبي هلال عن بكر عن أبي ذر الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات غلا أن بكر بن عبد الله المزني لم يسمع من أبي ذر (2) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن الحسن عن عتي بن ضمرة الخ (قلت) عتي بضم أوله وفتح ثانية ثم ياء تحتية مشددة مصغرا هو ابن ضمرة التيمي السعدي البصري ثقة (غريبه) (3) اي انتسب وانتمى وتعزى كذلك عزاء الجاهلية هو أنهم كانوا يقولون في الاستغاثه يالفلان وينادي أنا فلان بن فلان ينتمي إلى أبيه وجده لشرفه وعزه (4) أي قال له أعضض ذكر أبيك بصريح اللفظ لا بالكنية عنه وهي الهن والهن خفيف النون كناية عن كل اسم جنس والانثى هنة وكنى بهذا الاسم عن الفرج ويعرب بالحروف فيقال هنوها وهناها وهنيها مثل أخوها وأخاها وأخيها (5) أي نظروا إليه نظر انكار ودهشه (6) أي من الانكار علي وساذكر لكم السبب الذي حملني على ذلك فذكر الحديث (7) مما تقدم يقهم معنى قوله صلى الله عليه وسلم فأعضوه ولا تكنوا وهو أمر تأديب وفيه زجر عن دعوى الجاهلية (تخريجه) (نس حب طب) والضياء المقدسي ورمز له الحافظ السيوطي بعلامة الصحة (8) (ز) (سنده) حدثنا محمد بن عمرو بن العباس الباهلي ثنا سفيان عن عاصم عن أبي عثمان عن أبي الخ (غريبة) (9) أي امرنا النبي صلى الله عليه وسلم بذلك أخذا مما تقدم (تخريجه) هو كالذي قبله (10) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر الخ (غريبه) (11) أي قريب بعضكم من بعض يقال هذا طف المكيال وطفافه وطفافه أي ما قرب من ملئه وقيل هو ما علا فوق رأسه ويقال له أيضا طفاف بالضم والمعنى كلكم في الانتساب إلى اب واحد بمنزلة واحدة في النقص والتقاصر عن غاية التمام وشبههم في نقصانهم بالمكيل الذي لم يبلغ أن يملأ المكيال ثم أعلمهم أن التفاضل ليس بالنسب ولكن بالتقوى (نه) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه ابن لهيعة وبقية

جبانا (عن عبد الله بن بريدة) (1) عن أبيه (2) قال اجتمع عند النبي صلى الله عليه وسلم عيينة بن بدر والأقرع بن حابس وعلقمة بن علانة (3) فذكروا الجدود (4) فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان شئتم أخبرتكم جد بني عامر (5) جمل أحمر أو آدم (6) يأكل من أطراف الشجر قال وأحسبه قال في روضة وغطفان (7) أكمة خشاء تنفي الناس عنها قال فقال الأقرع بن حابس فاين جد بني تميم (8) قال لو سكت (باب ما جاء في الترهيب من النفاق وذكر المنافقين وخصالهم وذي الوجهين) (عن يزيد يعني ابن الهاد) محمد بن عبد الله (9) أنه حدثه أن عبد الله بن عمر لقى ناسا خرجوا من عند مروان فقال من أين جاء هؤلاء؟ قالوا خرجنا عن عند الأمير مروان قال وكل حق رأيتموه تكلمتم به وأنتم عليه؟ وكل منكر رأيتموه أنكرتموه ورددتموه عليه؟ قالوا لا والله بل يقول ما ينكر فنقول قد أصبت أصلحك الله فإذا خرجنا من عنده قلنا قاتله الله ما أظلمه وأفجره قال عبد الله كنا بعهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نعد هذا نفاقا لمن كان هكذا (عن ابن عمر) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المنافق مثل الشاة العائرة (11) بين الغنمين تعيرإلى هذه مرة وإلى هذه مرة لا تدرى أهذه تتبع أم هذه (عن ابن عبيد عن أبيه) (12) أنه

_ رجاله وثقوا اهـ (قلت) في ابن لهيعة لين اذا عنعن وقد عنعن في هذا الحديث (1) (سنده) حدثنا روح ثنا علي بن سويد عن عبد الله بن بريدة الخ (غريبة) (2) أبوه بريدة الأسلمي (3) هؤلاء الثلاثة كانوا من المؤلفة قلوبهم (4) زاد عند الطبراني فقالوا جد فلان أقوى (5) يريد المنتسب اليهم علقمة بن علاثة (6) بمد الهمزة الأدمة بفتح الهمزة في الأبل البياض مع سواد المقلتين وقيل هو من أدمة الأرض وهو لونها وبه سمي آدم (7) بفتحات يعني المنتسب اليهم عيينة بن بدر (وقوله اكمه) بفتح الهمزة وسكون الكاف تل وقيل شرفة كالرابية وهو ما اجتمع من الحجارة في مكان واحد (وقوله خشاء) كسراء وضراء (تنفي الناس عنها) أي تطردهم يقال خسأت الكلب أي طردته وأبعدته (8) يعني جده الأعلى المنتسب اليه فأجابه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله لو سكت أي لكان أولى ولم يذكر النبي صلى الله عليه وسلم جد بني تميم لمصلحة يعلمها وهذه أمثله ضربها النبي صلى الله عليه وسلم لجدودهم (تخريجه) أورده الحافظ في الاصابة وعزاه للطبراني من طريق علي بن سويد عن عبد الله بن بريدة عن أبهي كما هنا ورجاله ثقات (باب) (9) (سنده) حدثنا يعقوب سمعت أبي يحدث عن يزيد يعني ابن الهاد عن محمد بن عبد الله الخ (قلت) محمد بن عبد الله هو محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب نسب إلى جده يؤيد ذلك رواية البخاري من طريق عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله عن أبيه قال الناس لابن عمر انا ندخل على سلطاننا نقول لهم بخلاف ما نتكلم إذا خرجنا من عندهم قال كنا نعد هذا نفاقا (تخريجه) (خ طل) وذكر الحافظ طرقا اخرى لهذا الحديث تدل على تعدد الواقعة في عهد امراء آخرين (10) (سنده) قال عبد الله بن الامام احمد وجدت في كتاب أبي حدثنا اسحاق بن يوسف حدثنا عبيد اله عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (11) أي المترددة بين قطيعين من الغنم لا تدرى أيهما تتبع أنه مذبذب كالشاة الواحدة بين قطيعين من الغنم (تخريجه) (مذ نس حب) وحسنه الترمذي (12) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد حدثنا

جلس ذات يوم بمكة وعبد الله بن عمر رضي الله عنهما معه فقال أبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن مثل المنافق يوم القيامة كالشاة بين الربيضين (1) من الغنم إن اتت هؤلاء نطحتها وإن أتت هؤلاء نطحتها فقال له بن عمر كذبت فأثنى القوم على أبي خيرا أو معروفا فقال ابن عمر لا اظن صاحبكم إلا كما تقولون ولكني شاهد نبي الله صلى الله عليه وسلم إذ قال كالشاة بين الغنمين فقال هو سواء (2) فقال هكذا سمعته (وعن حذيفة بن اليمان) (3) رضي الله عنه قال إن كان الرجل ليتكلم بالكلمة على عهد النبي صلى الله عليه وسلم فيصير بها منافقا واني لاسمعها من أحدكم اليوم في المجالس عشر مرات (عن أبي مسعود) (4) قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن فيكم منافقين (5) فمن سميت فليقم ثم قال قم يا فلان قم يافلان قم يا فلان حتى سمى ستة وثلاثين رجلا ثم قال إن فيكم أو منكم (6) فاتقوا الله قال فمر عمر على رجل ممن سمى مقنع (7) قد كان يعرفه قال مالك؟ قال فحدثه بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعدا لك سائراليوم (9) (عن بريدة الأسلمي) (8) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لا تقولوا للمنافق سيدنا فإنه إن يك سيدكم فقد أسخطتم ربكم عز وجل (عن أبي هريرة) (10) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن للمنافقين علامات يعرفون بها تحيتهم لعنة وطعامهم نهية (11) وغنيمتهم غلول (12) ولا يقربون المساجد الا هجرا (13) ولا يأتون

_ الهذيل بن بلال عن ابن عبيد (يعني عبد الله) عن ابيه الخ (قلت) أبوه هو عبيد بن عمير بالتصغير فيهما ابن قتادة قاص أهل مكة تابعي قديم ثقة كان ابن عمر يجلس اليه ويقول لله در ابن قتادة ماذا يأتي به (1) بفتح الراء مشددة قال في النهاية الربيض الغنم نفسها والمربض موضعها الذي تربض فيه (2) يعني معناهما واحد ولكن ابن عمر حافظ على اللفظ الذي سمعه وجاء في رواية اخرى ان ابن عمر قال انما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كشاة بين غنمين قال فاحتفظ الشيخ وغضب فلما رأى ذلك عبد الله قال اما اني لو لم اسمعه لم أرد ذلك عليك (تخريجه) (م نس طل) (3) (سنده) حدثنا وكيع ثنا رزين بن حبيب الجهني عن أبي الرقاد العبسي عن حذيفة الخ (تخريجه) (طل) بلفظ آخر والمعنى واحد وسنده جيد (4) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن سلمة عن عياض بن عياض عن أبيه عن أبي مسعود (يعني عقبة بن عمرو الانصاري البدري) قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) الظاهر ان الله عز وجل أطلعه عليهم اما بوحي أو الهام أو رؤيا (6) أو للشك من الراوي يشك هل قال ان فيكم أو ان منكم يعني منافقين (7) على وزن جعفر أي كان يقنع به أو بحكمه أو بشهادته (8) هذا دعاء عليه أي هلاكا لك وسحقا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه عياض بن عياض عن أبيه ولم أر من ترجمهما (9) (سنده) حدثنا عفان حدثني معاذ بن هشام حدثني أبي عن قتادة عن عبد الله بن بريدة عن أبيه (يعني بريدة الأسلمي) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د نس هق) وابن السنى وسكت عنه أبو داود والمنذري فهو صالح (10) (سنده) حدثنا يزيد انا عبد الملك بن قدامة الجمحي عن اسحاق بن بكر بن أبي الفرات عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (11) أي اغتصاب (12) أي سرقة (13) بفتح الهاء وسكون الجيم يريد الترك لها والأعراض عنها يقال هجرت الشيء هجرا إذا تركته وأغفلته

الصلاة إلا دبرا (1) مستكبرين لا يألفون ولا يؤلفون حشب (2) بالليل صخب بالنهار وفي رواية سخب بالنهار (3) (وعنه أيضا) (4) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال آية المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد أخلف واذا ائتمن خان (وعنه أيضا) (5) يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم قال تجد من شر الناس ذو الوجهين الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه (وعنه من طريق ثان) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجد شر الناس وقال يعلي (7) تجد من شر الناس عند الله يوم القيامة ذا الوجهين قال ابن نمير (8) الذي يأتي هؤلاء بحديث هؤلاء وهؤلاء بحديث هؤلاء (وعنه أيضا) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما ينبغي لذي الوجهين أن يكون أمينا (عن جبير بن مطعم) (10) قال قلت يارسول الله انهم يزعمون انه ليس لنا اجر بمكة (11) قال لتأتينكم اجوركم ولو كنتم في جحر ثعلب (12) قال فاصغي الى رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسه فقال ان في اصحابي منافقين (13) (عن أبي عثمان النهدي) (14) قال اني لجالس تحت منبر عمر وهو يخطب الناس فقال في خطبته سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اخوف ما أخاف على هذه الأمة (وفي لفظ على أمتي) كل منافق عليم (15) اللسان

_ (1) يروى بفتح المهملة وضمها مع سكون الموحدة والمراد انه يأتي الصلاة حين أدبر وقتها أي بعدما يفوت وقتها (2) أراد انهم ينامون الليل كأنهم خشب مطرحة لا يصلون فيه ومنه قوله تعالى (كأنهم خشب مسنده) وتضم الشين وتسكن تخفيفا (3) الصخب والسخب الضجة واضطراب الأصواب للخصام والمراد انهم صياحون فيه ومتجادلون (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) وفيه عبد الملك ابن قدامة الجمحي وثقة يحيى بن معين وغيره وضعفه الدار قطنى وغيره (4) (سنده) حدثنا سليمان حدثنا اسماعيل اخبرني ابو سهل نافع بن مالك بن ابي عامر عن أبيه عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) (5) (سنده) حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم الخ (6) (سنده) حدثنا ابن نمير عن الاعمش ويعلى قال ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) هو أحد رجال السند قال في روايته من شر بزيادة من (8) هو أحد رجال السند ايضا زاد في روايته الذي يأتي هؤلاء الخ والظاهر ان هذه الزيادة تفسير من ابن نمير لقوله ذا الوجهين والله أعلم (تخريجه) (ق لك د مذ) (9) (سنده) حدثنا عبيد بن أبي قرة ثنا سليمان عن ابن عجلان عن عبيد الله بن سليمان الأغر عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (10) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن النعمان ابن سالم عن رجل عن جبير بن مطعم الخ (غريبه) (11) يعني في المقام بها بعد الفتح (12) مبالغة في أنهم يؤتون أجورهم (وقوله فأصغى إلى) أي أمال رأسه إلى (13) معناه ان هذا الزعم من المنافقين وغرضهم بذلك اساءة الصحابة المخلصين (تخريجه) (طل عل) وفي اسناده رجل لم يسم (14) (سنده) حدثنا يزيد أنبأنا ديلم بن غزوان العبدي حدثنا ميمون الكردي عن أبي عثمان النهدي الخ (غريبه) (15) أي كثير علم اللسان جاهل القلب والعمل اتخذ العلم حرفة يتأكل بها ذاهيية وأبهة يتعزز ويتعاظم بها يدعو الناس إلى الله ويفر هو منه قال الزمخشري رحمه الله والمنافقون أخبث الكفرة وأبغضهم إلى الله تعالى

(باب ما جاء في الترهيب من الغدر ونقض العهد وعدم الوفاء به) (عن أبي وائل) (1) عن عبد الله (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكل غادر لواء (3) يوم القيامة قال ابن جعفر (4) يقال هذه غدرة (5) فلان (عن ابن عمر) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الغادر يرفع له لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان بن فلان (وعنه أيضا) (7) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند حجرة عائشة رضي الله عنها يقول ينصب لكل غادر لواء يوم القيامة ولا غدرة أعظم من غدرة امام عامة (عن ابي هريرة) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال وذمه المسلمين واحدة يسعى بها ادناهم فمن اخفرمسلما فعليه لعنة الله والملائكة والناس اجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا (عن أنس بن مالك) (9) قال ما خطبنا نبي الله صلى الله عليه وسلم إلا قال لا ايمان لمن لا امانة له ولا دين لمن لا عهد له (عن عمرو بن عبسة) (10) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان بينه وبين قوم عهد فلا يشد عقده ولا يحل حتى يمضي امدها أو ينبذ اليهم على سواء (عن حذيفة) (11)

_ وأمقتهم عنده لأنهم خلطوا بالكفر تمويها وتدليسا وبالشكر استهزاءا وخداعا ولذلك انزل فيهم (ان المنافقين في الدرك الأسفل من النار) اهـ (تخريجه) (بز عل) قال المنذري ورواته محتج بهم في الصحيح وقال الهيثمي رجاله موثقون (باب) (1) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر وعفان قالا حدثنا شعبة عن سليمان قال عفان حدثنا سليمان عن أبي وائل الخ (غريبة) (2) عبد الله هو ابن مسعود رضي الله عنه (3) أي علامة يشهر بها في الناس لأن موضوع اللواء شهرة مكان الرئيس (نه) (4) ابن جعفر احد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث يعني انه زاد روايته لفظ يقال الخ (5) بفتح الغين المعجمة الغدر من باب ضرب نقض العهد كما تقدم في الترجمة (تخريجه) (ق جه) وغيرهم (6) (سنده) حدثنا يحيى عن عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (م) وغيره (7) (سنده) حدثنا حسن بن موسى حدثنا حماد بن زيد عن بشر بن حرب سمعت ابن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) تقدم القسم الأول منه في حديثه السابق وفي حديث ابن مسعود ايضا والقسم الثاني لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث ابن عمر ولكنه جاء عند مسلم والامام احمد عن ابي سعيد وتقدم في باب الوفاء بالعهد الخ من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 119 رقم 333 فارجع اليه (8) (عن ابي هريرة الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب من لعنهم الله ورسوله من كتاب اللعن والسب (وقوله فمن اخفر مسلما) أي نقض عهده وذمامه والهمزة فيه للازالة أي ازلت خفارته وبغير الهمزة معناه الحماية تقول خفرت الرجل اجرته وحفظته وخفرته اذا كنت له خفيرا اي حاميا وكفيلا (9) (سنده) حدثنا بهز ثنا ابو هلال ثنا قتادة عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) (هل حب طس هق) والضياء المقدسي في المختارة وعبد بن حميد وسنده حسن (10) (عن عمرو بن عبسة الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم من وجه آخر بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب الوفاء بالعهد الخ من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 117 رقم 327 وهو حديث صحيح أخرجه (د مذ نس) وقال الترمذي حسن صحيح (11) (سنده) حدثنا يزيد انا حجاج عن عبد الرحمن

قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من شرط لأخيه شرطا لا يريد أن يفي له به فهو كا المدلى جاره إلى غيره منعه (1) (عن الحسن) (2) قال جاء رجل إلى الزبير بن العوام رضي الله عنه فقال اقتل لك عليا؟ قال وكيف تقتله ومعه الجنود؟ قال الحق به فأفتك به (3) قال لا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الايمان قيد الفتك (4) لا يفتك مؤمن (عن معاوية بن أبي سفيان) (5) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الايمان قيد الفتك (عن ابي رفاعة البجلي) (6) قال دخلت المختار بن أبي عبيد (7) قصره فسمعته يقول ما قام جبريل إلا من عندي قبل قال فهممت أن أضرب عنقه فذكرت حديثا حدثناه سليمان بن صرد عن النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقول إذا أمنك (8) الرجل على دمه فلا تقتله قال وكان قد امني على دمه فكرهت دمه (عن رفاعة القتباني) (9) قال دخلت على المختار فألقى لي وسادة وقال لولا أن اخي جبريل قام عن هذه لالقيتها لك قال فأردت أن اضرب عنقه فذكرت حديثا حدثنيه أخي عمرو بن الحمق قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انما مؤمن أمن مؤمنا على دمه فقتله فأنا من القاتل بريء (وعنه من طريق ثان) (10)

_ ابن عباس عن أبيه عن حذيفه (يعني ابن اليمان) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) المنعة بالتحريك القوة ومعناه كالمرسل جاره إلى قوم ليس عندهم قوة ولا منعة يمنعون بها من يريدهم بسوء والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (2) (سنده) حدثنا عفان ثنا مبارك حدثنا الحسن قال جاء رجل إلى الزبير الخ (غريبه) (3) بضم التاء المثناة فوق من باب نصر ومناه اقتله على غفلة منه (4) أي يمنع الفتك الذي هو القتل بعد الامان غدرا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه مبارك بن فضالة وهو ثقة ولكن مدلس ولكنه قال حدثنا الحسن اهـ يعني فالحديث صحيح (5) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال انا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب ان معاوية دخل على عائشة فقالت له اما خفت ان اقعد لك رجلا فيقتلك؟ فقال ما كنت لتفعليه وأنا في بيت أمان وقد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يعني الايمان قيد الفتك كيف انا في الذي بيني وبينك وفي حوائجك؟ قالت صالح قال فدعينا واياهم حتى نلقى ربنا عز وجل (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) إلا أن الطبراني قال عن سعيد بن المسيب عن مروان قال دخلت مع معاوية على عائشة وفيه علي بن زيد وهو ضعيف (6) (سنده) حدثنا يونس بن محمد قال ثنا عبد الله بن ميسرة أو ليلى عن أبي عائشة الهمداني قال قال أبو رفاعة البجلي دخلت على المختار الخ (7) (غريبه) كان المختار بن أبي عبيد الثقفي أحد الكذابين وكان يزعم أن الوحي يأتيه على يد جبريل وقد روت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان في ثقيف كذابا ومبيرا وقد ذكر العلماء ان الكذاب هو المختار بن أبي عبيد الثقفي والمبير هو الحجاج الثقفي اي مهلك يسرف في اهلاك الناس (8) بفتح الهمزة وكسرالميم كسمع يقال امنته على كذا أو أئتمنته بمعنى (تخريجه) لم أقف عليه من حديث سليمان بن صرد لغير الامام احمد وفي اسناده عبد الله بن ميسرة ضعفه قوم ووثقه آخرون (9) (سنده) حدثنا ابن نيمر حدثنا عيسى القارى ابو عمر بن عمر ثنا السدى عن رفاعة القتباني الخ (10) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد

قال كنت أقوم على رأس المختار (1) فلما عرفت كذبه هممت ان اسل سيفي فأضرب عنقه فذكرت حديثا حدثناه عمرو بن الحمق قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أمن رجلا على نفسه فقتله أعطى لواه الغدر يوم القيامة (باب ما جاء في الترهيب من الظلم والباطل والاعانة عليهما) (عن أبي هريرة) (2) قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اياكم والظلم فإن الظلم ظلمات عند الله يوم القيامة واياكم والفحش فإن الله لا يحب الفحش والتفحش واياكم والشح فإنه دعا من قلبكم فاستحلوا محارمهم وسفكوا دماءهم وقطعوا أرحامهم (عن جابر بن عبد الله) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثله إلا أنه لم يذكر الفحش والتفحش (عن ابن عمر) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس اتقوا الظلم فإنه ظلمات يوم القيامة (عن أبي هريرة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسمل لا تحاسدوا ولا تناجشوا (6) ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع أحدكم على بيع أخيه وكونوا عباد الله اخوانا المسلم اخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره التقوى ههنا وأشار بيده إلى صدره ثلاث مرات حسب امرئ من الشر (وفي رواية من الشرك) ان يحقر أخاه المسلم كل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه (عن وائلة بن الأسقع) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله من قوله المسلم اخو المسلم الخ الحديث (عن أبي هريرة) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم

_ القطان عن حماد بن سلمة حدثني عبد الملك بن عمير عن رفاعة بن شداد (يعني القتباني) قال كنت أقوم على رأس المختار الخ (غريبه) (1) يعني حارسا له (تخريجه) (نس جه طل) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده صحيح ورجاله ثقات (باب) (2) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن عبيد الله قال حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (حب ك) وسكت عنه الحاكم والذهبي وسنده جيد (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا داود بن قيس عن عبد الله بن مقسم انه سمع جابر بن عبد الله يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اياكم والظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة واتقوا الشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم حملهم على أن سفكوا دماءهم واستحلوا محارمهم (تخريجه) (م وغيره) (4) (سنده) حدثنا حسين بن علي عن زائدة عن عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن ابن عمر الخ (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام (حم طب هق) ورمز له بعلامة الصحة (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا داود بن قيس عن أبي سعيد مولى عبد الله بن عامر قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) هو تفاعل من النجش وهو ان يمدح السلعة لينفقها ويروجها أو يزيد في ثمنها وهو لا يريد شراءها ليقع غيره فيها والأصل فيه تنفير الوحش من مكان إلى مكان (نه) (تخريجه) (م وغيره) (7) (سنده) حدثنا الحكم بن نافع قال ثنا اسماعيل بن عياش عن أبي شيبة يحيى بن يزيد عن عبد الوهاب المكي عن عبد الواحد بن عبد الله النصري عن وائلة بن الاسقع قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول المسلم على المسلم حرام دمه وعرضه وماله المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله والتقوى هاهنا وأو ما بيده إلى القلب قال وحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم (تخريجه) لم أقف عليه من حديث وائلة لغير الامام احمد وسنده جيد ويؤيده ما قبله (8) (سنده) حدثنا يحيى عن مالك قال حدثني سعيد وحجاج قال انا

قال من كانت يعني عنده مظلمة لأخيه في ماله أو عرضه (1) فليأته فليستحلها منه (2) قبل أن يؤخذ أو تؤخذ وليس عنده دينار ولا درهم فإن كانت له حسنات أخذ من حسناته فأعطيها هذا والا أخذ من سيئات هذا فألقى عليه (عن عباد بن كثير الشامي) (3) من أهل فلسطين من أمرأة منهم يقال لها فسيلة (4) أنها قالت سمعت أبي (وائلة بن الأسقع) يقول سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أمن العصبية أن يحب الرجل قومه؟ قال لا ولكن من العصبية أن ينصر الرجل قومه على الظلم (عن ابن مسعود) (5) رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثل الذي يعين عشيرته على غير الحق مثل البعير ردى (6) في بئر فهو يمد بذنبه (عن أبي هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن آدم اعمل كأنك ترى وعد نفسك مع الموتى واياك ودعوة المظلوم (وعنه أيضا) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دعوة المظلوم مستجابة وان كان فاجرا ففجوره على نفسه

_ ابن أبي ذئب عن سعيد المعنى عن أبي هريرة الخ (غريبه) (1) العرض موضع المدح والذم سواء كان ذلك في نفسه أو أصله وان علا أو فرعه وان سفل (2) يريد بالتحليل استبراء الذمة لا ان يحل ما حرم الله تعالى وجاء عند البخاري (فليتحلله منه اليوم) ويريد باليوم أيام الدنيا بدليل مقابلته بما بعده (تخريجه) (خ مذ) (3) (سنده) حدثنا زياد بن الربيع قال ثنا عباد بن كثير الشامي من أهل فلسطين الخ (غريبه) (4) بضم الفاء وفتح المهملة وسكون التحتية وبعد اللام المفتوحة تاء تأنيث ويقال فيها أيضا خصيلة بالخاء والصاد المهملة بدل التاء والسين المهملة (قال عبد الله) بن الامام احمد رحمهما الله في آخر هذا الحديث سمعت من يذكر من أهل العلم ان اباها يعني فسيلة وائلة بن الاسقع ورأيت ابي جعل هذا الحديث في آخر أحاديث وائلة فظننت انه الحقة في حديث وائلة اهـ (تخريجه) (د حب) قال المنذري واخرجه ابن ماجه وقال فيه عن عباد بن كثير الشامي عن امرأة منهم يقال لها فسيلة قالت سمعت أبي يذكره بمعناه قال وعباد بن كثير وثقه يحيى بن معين وتكلم فيه غير واحد واسناد حديث ابي داود امثل من هذا اهـ (قلت) قال ابو داود حدثنا محمود بن خالد الدمشقي قال انا الفريابي قال ناسمة بن بشير الدمشقي عن بنت وائلة بن الاسقع انها سمعت اباها يقول قلت يا رسول الله ما العصبية؟ قال أن تعين قومك على الظلم (5) (سنده) حدثنا محمد حدثنا شعبة عن سماك قال سمعت عبد الرحمن بن عبد الله يحدث عن أبيه (يعني عبد الله بن مسعود) قال شعبة واحسبه قد رفعه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثل الذي يعين عشيرته الخ (غريبه) (6) بهامش المنذري ردى وتردى بفتح الدال والراء المهملتين لغتان أي سقط في بئر أو نهر يريد أنه وقع في الاثم وهلك كالبعير الذي تردى في البئر وأريد أن ينزع بذنبه فلا يقدر على خلاصه (تخريجه) (د) ولفظه قال حدثنا النفيلي أنا زهير حدثنا سماك بن حرب عن عبد الرحمن عن عبد الله بن مسعود عن أبيه قال من نصر قومه على غير الحق الخ ثم رواه مرة أخرى فال حدثنا ابن بشار انا ابو عامر ناسفيان عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه قال انهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في قبة من أدم فذكر نحره قال المنذري الأول موقوف والثاني مسند وعبد الرحمن قد سمع من أبيه اهـ (قلت) فالحديث صحيح (7) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد يعني ابن سلمة عن علي بن زيد حدثني من سمع أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وفي اسناده علي بن زيد بن جدعان ضعيف ورجل لم يسم فالحديث ضعيف (8) (سنده)

(وعنه أيضا) (1) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا ترد دعوتهم الامام العادل والصائم حتى يفطر ودعوة المظلوم تحمل على الغمام وتفتح له أبواب السماء ويقول الرب عز وجل وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين (باب ما جاء في الترهيب من الحسد والبغضاء والغش) (عن الزبير بن العوام) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دب اليكم داء الامم قبلكم الحسد والبغضاء هي الحالقة حالقة الدين لا حالقة الشعر والذي نفسي بيده لا تؤمنوا حتى تحابوا أفلا أنبئكم بشيء إذا فعلتموه تحاببتم أفشوا السلام بينكم (عن ابي هريرة) (3) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا (عن أنس ابن مالك) (4) قال كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلع رجل من الانصار تنطف لحيته (5) من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال فلما كان الغد قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى فلما كان اليوم الثالث قال النبي صلى الله عليه وسلم مثل مقالته ايضا فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى فلما قام النبي صلى الله عليه وسلم تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال اني لاحيت (6) ابي فأقسمت أن لا أدخل عليه ثلاثا فإن رأيت أن تؤيني اليك حتى تمضى فعلت؟ قال نعم قال أنس وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئا غير أنه إذا تعار (7) وتقلب على فراشه ذكر الله عز وجل

_ حدثنا خلف قال ثنا أبو معشر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (بز طل) قال المنذري والهيثمي اسناده حسن وقال العامري البغدادي صحيح غريب (1) (وعنه أيضا الخ) هذا طرف من حديث طريل سيأتي بتمامه في باب اوصاف الجنة من كتاب القيامة وذكر بعضه في باب عدم قنوط المذنب من المغفرة وسيأتي في كتاب التوبة ان شاء الله تعالى والله الموفق (باب) (2) (عن الزبير بن العوام الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من كتاب السلام والاستئذان في الجزء السابع عشر صحيفة 331 رقم 5 فارجع اليه تجد ما يسرك (3) (عن أبي هريرة الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب السابق (4) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري قال أخبرني أنس ابن مالك قال كنا جلوسا الخ (غريبه) (5) من بابي نصر وضرب اي تقطر يقال نطف الماء ينطف بضم الطاء وينطف بكسرها اذا قطر قليلا قليلا (6) بالحاء المهملة بعدها ياء تحتية أي خاصمت (7) بتشديد الراء أي استيقظ (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه احمد باسناد على شرط البخاري ومسلم والنسائي ورواته احتجا بهم أيضا إلا شيخه سويد بن نصر وهو ثقة وأبو يعلى والبزار بنحوه وسمى الرجل الميهم سعدا وقال في آخره فقال سعد ما هو الا ما رأيت يا ابن اخي الا اني لم ابت ضاغنا على مسلم أو كلمة نحوها (زاد النسائي) في رواية له والبيهقي والاصبهاني فقال عبد الله هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق ورواه البيهقي أيضا عن سالم بن عبد الله (يعني ابن عمر) عن أبيه قال كنا جلوسا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال ليطلعن عليكم رجل من هذا الباب من أهل الجنة فجاء سعد بن مالك فدخل منه قال البيهقي فذكر الحديث قال فقال عبد الله بن عمر ما انا بالذي انتهى حتى أبايت هذا

وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر قال عبد الله غير اني لم اسمعه يقول الا خيرا فلما مضت الثلاث ليال وكدت ان احتقر عمله قلت يا عبد الله اني لم يكن بيني وبين ابي غضب ولا هجر ثم ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لك ثلاث مرار يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرار فاردت ان آوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به فلم أرك تعمل كثير عمل فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال ما هو إلا ما رأيت قال فلما وليت دعاني فقال ماهو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسليمن غشا ولا أحسد احدا على خير أعطاه الله اياه فقال عبد الله هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق (باب ما جاء في الترهيب من هجر المسلم وترويعه والاضرار به) (عن محمد بن سعيد بن مالك عن أبيه) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه (2) فوق ثلاث (عن أبي هريرة) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم لا هجرة فوق ثلاث فمن هجر أخاه فوق ثلاث فمات دخل النار (وعنه أيضا) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفتح أبواب الجنة في كل اثنين وخميس قال معمر وقال غير سهيل (5) وتعرض

_ الرجل فانظر عمله قال فذكر الحديث في دخوله عليه قال فناولني عباءة فاضطجعت عليها قريبا منه وجعلت ارمقه بعيني ليلة كلما تعار سبح وكبر وهلل وحمد الله حتى اذا كان في وجه السحر قام فتوضأ ثم دخل المسجد فصلى ثنتي عشرة ركعة باثنتي عشرة سورة من المفصل ليس من طواله ولا من قصاره يدعو في كل ركعتين بعد التشهد بثلاث دعوات يقول اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم اكفنا ما أهمنا من أمر آخرتنا ودنيانا اللهم إنا نسألك من الخير كله وأعوذ بك من الشر كله حتى اذا فرغ قال فذكر الحديث في استقلاله عمله وعوده اليه ثلاثا إلى ان قال فقال آخذ مضجعي وليس فيقلبي غمر على أحد (غمر) بكسر الغين المعجمة وسكون الميم هو الحقد انتهى ما اورده المنذري (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن محمد بن سعد بن مالك عن أبيه الخ (قلت) أوبوه هو سعد بن أبي وقاص نسب غلى جده (غريبه) (2) قال في النهاية الهجر ضد الوصل يعني فيما يكون بين المسلمين من عتب وموجدة أو تقصير يقع في حقوق العشرة والصحبة دون ما كان من ذلك في جانب الدين فإن هجرة أهل الأهواء والبدع دائمة على مر الأوقات ما لم تظهر منهم التوبة والرجوع الى الحق (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل بز طب) ورجال احمد رجال الصحيح (3) (سنده) حدثنا حسين ثنا شيبان عن منصور عن أبي حازم عن أبي هريرة قال واحسبه ذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا هجرة الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (د نس) باسناد على شرط البخاري ومسلم (4) (سنده) حدثنا عبد الرزاق اخبرنا معمر عن سهيل بن ابي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) هذا المبهم هو مسلم بن أبي مريم فقد رواه مالك عن مسلم بن أبي مريم عن ابي صالح السمان وهو والد سهيل عن أبي هريرة انه قال تعرض أعمال الناس كل جمعة مرتين يوم الاثنين ويوم الخميس فذكر نحوه هكذا موقوفا ورواه ابن وهب عن مالك مرفوعا الى النبي صلى الله عليه وسلم ورواه مسلم من طريق بن وهب عن مالك به مرفوعا وقال ابن عبد البر القول

الأعمال في كل اثنين وخميس فيغفر الله عز وجل لكل عبد لا يشرك به شيئا الا المتشاحنين (1) يقول الله عز وجل للملائكة ذروهما حتى يصطلحا (عن هشام بن عامر) (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل لمسلم أن يهجر مسلما فوق ثلاث ليال غإن كان تصادرا (3) فوق ثلاث فإنهما ناكبان (4) عن الحق ماداما على صرامهما (5) وأولهما فيئا فسبقه بالفيء كفارته (6) فإن سلم عليه فلم يرد عليه ورد عليه سلامه (7) ردت عليه الملائكة ورد على الآخر الشيطان فإن ماتا على صرامهما لم يجتمعا في الجنة ابدا (وله في رواية أخرى) لم يدخلا الجنة جميعا ابدا (عن أبي خراش السلمي) (8) أن سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من هجر أخاه سنة فهو كسفك دمه (9) (عن أنس بن مالك) (10) ان النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا وكونوا عباد الله اخوانا ولا يحل لمسلم ان يهجر اخاه فوق ثلاث ليال يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدا بالسلام (عن عطاء بن يزيد) (11) عن أبي أيوب يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيصد هذا ويصد هذا وخيرهما الذي يبدأ بالسلام (عن عوف بن الحارث) (12) وهو ابن اخي عائشة لأمها رضي الله عنها حدثته (13) أن عبد الله بن الزبير قال في بيع أو عطاء

_ قوله من رفعه (1) أي المتخاصمين (تخريجه) (م لك د مذ) وغيرهم (2) (سنده) حدثنا روح بن عبادة قال ثنا شعبة عن يزيد الرشك قال شعبة قرأته عليه قال سمعت معاذة العدوية قالت سمعت هشام بن عامر قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (الخ غريبه) (3) اي تهاجرا وبقيا على خصامهما (4) أي متنحيان ومعرضان عن الحق (5) أي هجرهما وانقطاعها (وأولهما فيئا) أي رجوعا (6) أي كفارة لذنبه (7) أي لم يقبله كما في رواية أخرى بلفظ (وان سلم فلم يقيل ورد عليه سلامه ردت عليه الملائكة) (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه احمد ورواته محتج بهم في الصحيح وابو يعلي والطبراني وابن حبان في صحيحه إلا انه قال لم يدخلا الجنة ولم يجتمعا في الجنة (8) (سنده) حدثنا عبد الله بن يزيد قال ثنا حيوة بن شريح ثنا أبو عثمان الوليد بن أبي الوليد المدني ان عمران بن أبي انس حدثه عن أبي خراش السلمي الخ (قلت) ابو خراش بكسر الخاء المعجمة بعدها راء وقد جاء في الاصل بالدال المهملة بدل الراء وهو خطأ من الناسخ أو الطابع انظر الاصابة وسنن أبي داود ليس له في المسند سوى هذا الحديث (9) بهامش المندري يحتمل ان معناه ان عليه الاثم بهذه الهجرة كالاثم على قتله وقد قيل هذا في الحديث الذي اخرجه البخاري ومسلم وفيه لعن المؤمن كقتله (تخريجه) (د هق) وسكت عنه ابوداود والمنذري فهو صالح (10) (سنده) حدثنا ابو اليمان انا شعيب عن الزهري قال اخبرني انس بن مالك الخ (تخريجه) (ق د مذ) (11) (سنده) حدثنا سفيان عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبي ايوب يذكر فيه النبي صلى الله عليه وسلم لا يحل الخ (قلت) هكذا جاء بالأصل وجاء عند البخاري وابي داود وغيرهما عن عطاء بن يزيد الليني عن أبي ايوب الانصاري ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل الخ (تخريجه) (ق د مذ) (12) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عوف بن الحارث الخ (غريبه) (13) جاء عند البخاري (ان عائشة حدثت) بضم الحاء المهملة مبنيا للمفعول قال الحافظ كذا للاكثر بضم أوله وبحذف المفعول ووقع في رواية الاصيل حدثته والأول أصح

أعطته (1) والله لتنتهين عائشة أو لا حجرن عليها فقالت عائشة أو قال هذا؟ قالوا نعم قالت هو لله على نذر ان لا أكلم ابن الزبير كلمة ابدا (2) فاستشفع عبد الله بن الزبير المسور بن مخرمة وعبد الرحمن ابن الاسود بن عبد يغوث وهما من بني زهرة فذكر الحديث وطفق المسور وعبد الرحمن يناشدان عائشة الا كلمته وقبلت منه ويقولان لها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نهى عما علمت من الهجر أنه لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث ليال (3) (عن عائشة) (4) رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أبغض الرجل الألد (5) الخصم (عن اسماعيل بن بشير) (6) مولى بني مغالة قال سمعت جابر بن عبد الله وابا طلحة بن سهل الانصاريين يقولان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من امرئ يخذل امرأ مسلما في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلا نصره الله في موطن (9) يحب فيه نصرته (عن وقاص بن ربيعة) (10)

_ ويؤيده أن في رواية الأوزاعي ان عائشة بلغها اهـ (قلت) وهذا هو الموافق لسياق الحديث (1) جاء في رواية الأوزاعي عند البخاري في دار لها باعتها فسخط عبد الله بن الزبير بيع تلك الدار وفي مناقب قريش عند البخاري من طريق عروة قال كانت عائشة لا تمسك شيئا فما جاءها من رزق الله تصدفت (قال الحافظ) وهذا لا يخالف الذي هنا لأنه يحتمل أن تكون باعت الرباع لتتصدق بثمنها (2) جاء في رواية الاوزاعي المذكورة بدل قولها ابدا حتى يفرق الموت بيني وبينه (3) زاد البخاري فلما أكثروا على عائشة من التذكرة والتحرج (أي لما ورد في القطيعة من النهي) طفقت تذكرهما (بضم الفوقية وفتح المعجمة وكسر الكاف مشددة أي تذكرهما تذرها وتبكي) وتقول اني نذرت والنذر شديد فلم يزالا بها حتى كلمت ابن الزبير واعتقت في نذرها ذلك أربعين رقبة فإن قيل كيف تفعل ذلك عائشة مع ان النذر لا يكون إلا في طاعة فإن كان في حرام أو مكروه فلا وعائشة لا تجهل أن التهاجر والقطيعة حرام (وقد أجاب العلماء) بأن عائشة رأت أن ابن الزبير ارتكب بقوله لأحجرن عليها أمرا عظيما لما فيه من تنقيصها ونسبته لها إلى التبذير الموجب لمنعها من التصرف مع ما يضاف الى ذلك من كونها ام المؤمنين وخالته اخت امه فكأنها رأت الذي صدر منه نوع من عقوق فهو معنى نهيه صلى الله عليه وسلم المسلمين من كلام كعب بن مالك وصاحبيه لتخلفهم عن غزوة تبوك بغير عذر عقوبة لهم (تخريجه) (خ) (4) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة الخ (غريبه) (5) بفتح الهمزة واللام وتشديد الدال أي الشديد الخصومة الآخذ في كل لدد أي في كل شيء من المراء والجدال لفرط لجاجة كذا قرره الزمخشري (الخصم) بفتح المعجمة وكسر المهملة أي المولع بها الماهر فيها الحريص عليها المتمادي في الخصام بالباطل (تخريجه) (ق مذ) (6) (سنده) حدثنا احمد بن حجاج قال انا عبد الله يعني ابن المبارك قال انا ليث بن سعد فذكر حديثا قال وحدثني ليث بن سعد قال حدثني يحيى بن سليم بن زيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم انه سمع اسماعيل ابن بشير الخ (غريبه) (7) اي لم يحل بينه وبين من يظلمه ولا ينصره (8) اي في موضع يكون فيه احوج لنصرته وهو يوم القيامة (9) هو يوم القيامة أيضا (تخريجه) (د) والضياء المقدسي وسكت عنه أبو داود والمنذري وصححه الحافظ السيوطي (10) (سنده) حدثنا روح قال ثنا ابن جريح قال قال سليمان

أن المستورد (1) حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اكل برجل مسلم أكلة وقال مرة أكلة (2) فإن الله عز وجل يطعمه مثلها من جهنم ومن اكتسى برجل مسلم ثوبا فإن الله عز وجل يكسوه مثله من جهنم ومن قام برجل مسلم مقام سمعة (3) فإن الله عز وجل يقوم به مقام سمعة يوم القيامة (عن أبي صرمة) (4) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال من ضار (5) اضر الله به ومن شاق (6) شق الله عليه (عن أبي بكرة) (7) قال اني رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم يتعاطون سيفا مسلولا فقال لعن الله من فعل هذا أو ليس قد نهيت عن هذا؟ ثم قال اذا سل احدكم سيفه فنظر اليه فأراد ان يناوله اخاه فليغمده ثم يناوله اياه (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) (8) قال حدثنا اصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم انهم كانوا يسيرون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير فنام رجل منهم فانطلق بعضهم إلى كبل معه فأخذها فلما استيقظ الرجل فزع فضحك القوم فقال ما يضحككم؟ فقالوا لا الا انا اخذنا نبل هذا ففزع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل لمسلم ان يروع (9) مسلما (باب ما جاء في الترهيب من التجسس وسوء الظن) (عن ثوبان) (10) مولى رسول الله

_ ثنا وقاص بن ربيعة الخ (غريبه) (1) هو المستورد بن شداد اخو بني فهر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم كما صرح بذلك في بعض الروايات (2) جاء بهامش المنذري معناه الرجل يذهب إلى عدو الرجل فيتكلم فيه بغير الجميل يجزه عليه بجائزة وهي بالضم اللقمة وبالفتح المرة الواحدة مع الاستيفاء اهـ (قلت) لعل قوله (وقال مرة اكلة) يريد انه قال مرة بضم الهمزة وهي اللقمة ومرة بفتحها وهي المرة الواحدة كما قال المندري والله اعلم (3) زاد عند ابي داود ورياء في الموضعين (تخريجه) (د) قال المنذري في اسناده بقية بن الوليد وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وهما ضعيفان اهـ (قلت) سنده عند الامام احمد جيد لأنه ليس في اسناده من ذكرهما المنذري وسليمان هو ابن موسى صدوق ثبت ووقاص بن ربيعة وثقه ابن حبان (4) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا ليث عن يحيى بن سعيد عن محمد بن يحيى بن حبان عن لؤلؤة عن أبي صرمة الخ (قلت) أبو صرمة بكسر الصاد المهملة قال المنذري له صحبة شهد بدرا واسمه مالك بن قيس وقيل مالك بن اسعد وقيل لبابة بن قيس انصاري تجاري (غريبه) (5) بتشديد الراء أي اوصل ضررا إلى مسلم بغير حق (ضار الله به) أي أوقع به الضرر البالغ وشدد عليه عقابه في العقبي (6) بتشديد القاف أو أوصل مشقه إلى احد بمحاربة أو غيرها (شق الله عليه) أي ادخل عليه ما يشق عليه مجازاة له على فعله بمثله (تخريجه) (الاربعة) وسكت عنه ابو داود والمنذري وقال الترمذي حسن غريب (7) (سنده) حدثنا المبارك قال سمعت الحسن يقول اخبرني ابو بكرة قال اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه مبارك بن فضالة وهو ثقة ولكنه مدلس وبقية رجال احمد رجال الصحيح (8) (سنده) حدثنا عبد الله بن نمير ثنا الأعمش عن عبد الله بن يسار الجهني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى الخ (غريبه) (9) بضم أوله وتشديد الواو مكسورة أي يخيفه ويفزعه وإن كان هازلا كاشارته بسيف أو حديده أو افعى أو أخذ متاعة فيفزع لما فيه من ادخال الاذى والضرر عليه والمسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده (تخريجه) (د) في الأدب قال الزين العراقي بعد ما عزاه للامام احمد والطبراني حديث حسن (باب) (10) (سنده) حدثنا محمد بن بكر ثنا ميمون ثنا محمد بن عباد

صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تؤذوا عباد الله ولا تعيروهم ولا تطلبوا عوراتهم فإنه من طلب عورة أخيه المسلم طلب الله عورته حتى يفضحه في بيته (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو أن رجلا (وفي رواية أمرآ) اطلع بغير اذنك فحذفته بحصاة ففقأت عينه ما كان عليك جناح (وعنه من طريق ثان) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من اطلع في بيت قوم بغير اذنهم ففقئوا عينه فلا دية له ولا قصاص (عن أنس) (3) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته فاطلع اليه رجل فأهوى إليه بممشقص (4) معه فتأخر الرجل (عن أبي هريرة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اياكم والظن فإن الظن اكذبت الحديث (6) ولا تجسسوا (7) ولا تحسسوا ولا تباغضوا ولا تدابروا (7) ولا تنافسوا وكونوا عباد الله اخوانا (وعنه أيضا) (9) أن رسول الله

_ عن ثوبان الخ (تخريجه) اورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح غير ميمون بن عجلان وهو ثقة (1) (سنده) حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (2) (سنده) حدثنا علي قال حدثنا معاذ حدثني ابي عن قتادة عن النضر بن أنس عن بشير بن تهيك عن ابي هريرة ان النبي صلى الله عليه وسلم قال من اطلع في بيت قوم الخ (تخريجه) (ق) وغيرهما (3) (سنده) حدثنا ابن ابي عدي عن حميد عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (غريبه) (4) المشقص بكسر الميم بعدها شين معجمة ساكنة وقاف مفتوحة هو سهم له نصل عريض وقيل طويل وقيل هو النصل العريض نفسه وقيل الطويل (تخريجه) (ق والثلاثة) (5) (سنده) حدثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (6) يعني حديث النفس لأنه يكون بالقاء الشيطان في نفس الانسان (قال الامام الغزالي) رحمه الله من مكايد الشيطان سوء الظن بالمسلمين (ان بعض الظن اثم) ومن حكم بشيء على غيره بالظن بعثه الشيطان على أن يطول فيه اللسان بالغيبة فيهلك أو يقصر في القيام بحقوقه أو ينظر إليه بعين الاحتقار ويرى نفسه خيرا منه وكل ذلك من المهلكات ولذلك منع الشرع من التعرض للتهم (7) قال الزمخشري التجسس ان لا يترك عباد الله تحت سترة فيتوصل إلى الاطلاع عليهم والتجسس على احوالهم وهتك الستر حتى ينكشف لك ما كان مستورا عنك (ولا تحسسوا) بالحاء المهملة بدل الجين اي لا تطلبوا الشيء بالحاسة كااستراق السمع وابصار الشيء خفية وقيل الأول التفحص عن عورات الناس وبواطن أمورهم بنفسه أو بغيره والثاني أن يتولاه بنفسه وقيل الأول يختص بالشر والثاني اعم (8) اي تتقاطعوا من الدبر فإن كلا منهما يولي صاحبه دبره (ولا تنافسوا) بفاء وسين من المنافسة وهي الرغبة في الشيء والانفراد به لمصلحة شخصية تعود عليه فإن كان لمصلحة دينية فهو ممدوح ومنه قوله تعالى (وفي ذلك فليتنافس المتنافسون) (تخريجه) (ق لك د مذ) (9) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن واسع عن شتير بن نهار عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال ان حسن الظن من حسن العبادة هكذا جاء عند الامام احمد بهذا اللفظ وهو عام يشمل حسن الظن بالله عز وجل وبعباده الصالحين ولا ينافي هذا حديث (احترسوا من الناس بسوء الظن) فإن ذلك خاص بشرار الناس ومن يجهل حالته الدينية ومعناه تحفظوا منهم تحفظ من أساء الظن بهم كذا قال مطرف التابعي الكبير وقيل أراد

صلى الله عليه وسلم قال إن حسن الظن من حسن العبادة (باب ما جاء في الترهيب من الغنى مع الحرص) (عن عقبة بن عامر) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم (فلما نسوا ماذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخدناهم بغتة فإذا هم مبلسون) (عن أبي حصبة أو أبي حصبة) (2) عن رجل شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فقال أتدرون ما الصعلوك؟ قالوا الذي ليس له مال قال النبي صلى الله عليه وسلم الصعلوك كل الصعلوك الصعلوك كل الصعلوك الذي له مال فمات ولم يقدم منه شيئا (عن حارثة بن النعمان) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخذ أحدكم السائمة (4) فيشهد الصلاة في جماعة فتتعذر عليه سائمته (5) فيقول لو طلبت لسائمتي مكانا هو أكلا من هذا فيتحول ولا

_ لا تثقوا بكل أحد فإنه اسلم لكم واما حديث الباب والحديث الذي قبله بلفظ (إياكم والظن الخ) فمعناه التحذير من اساءة الظن فيمن تحقق حسن سريرته وأمانته وأما حديث (احترسوا الخ) فهو خاص بمن ظهر من الخدام والمكر وخلف الوعد والخيانة والقرينة تغلب أحد الطفين فمن ظهرت عليه قرينة سوء أو جهل أمره يتحفظ منه تحفظ من أساء الظن به ومن لا فلا على أن حديث (احترسوا من الناس بسوء الظن) ضعيف رواه (طس) وابن عدي وضعفه أئمة الحديث فلا يعارض حديث الباب وان كانت التجارب دلت على صحة معناه والله أعلم (تخريجه) (مذ ك) وصححه الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير بلفظ (ان حسن الظن بالله من حسن عبادة الله) وعزاه للامام (حم مذ ك) ورمز له بعلامة الصحيح ومعناه ان حسن ظن العبد بربه من جملة حسن عبادته فيظن أنه يعطف على ضعفه وفقره ويكشف ضره ويغفر ذنبه بجميل صفحه فيعلق آماله به لا بغيره فهو مطلوب محبوب لكن مع ملاحظة مقام الخوف فيكون باعث الرجاء والخوف في قرن ان لم يغلب القنوط والا فالرجاء أولى ثم هذا كل في الصحيح أما المريض لا سيما المحتضر فالأولى في حقه الرجاء وتقدم للامام الغزالي كلام وجيه في حسن الظن بالناس في شرح الحديث السابق والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى بن غيلان قال ثنا رشدين يعني ابن سعد ابو الحجاج المهرى عن حرملة بن عمران التجيبي عن عقبة بن مسلم عن عقبة بن عامر الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد ثم قال ورواه ابن جرير وابن ابي حاتم من حديث حرملة وابن لهيعة عن عقبة ابن مسلم عن عقبة بن عامر به اهـ (قلت) في اسناده عند الامام احمد رشدين بن سعد ضعيف وأورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الاوسط عن شيخه الوليد بن العباس المصري وهو ضعيف (قلت) وغفل عن عزوه للامام احمد (2) (عن ابن حصبة أو أبي حصبة الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الصبر على موت الأولاد من كتاب الصبر في هذا الجزء صحيفة 141 رقم 58 (3) (سنده) حدثنا أبو سعيد ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال قال سمعت عمر مولى غفرة يحدث عن ثعلبة بن ابي مالك عن حارثة بن النعمان الخ (غريبه) (4) السائمة من المواشي هي التي ترعى بنفسها يقال سامت الماشية سوما من باب رعت بنفسها (5) معناه تكثر وتقل المرعى من ضواحي الحضر فيطلب مكانا أبعد بكثير فيه الكلأ وهو العشب الذي ترعاه المواشي وتقدم تفسيره

يشهد إلا الجمعة فتتعذر عليه سائمته فيقول لو طلبب لسائمتي مكانا هو أكلا من هذا فيتحول (1) فلا يشهد الجمعة ولا الجماعة فيطبع على قلبه (2) (عبد الملك بن أبي بكر) (3) بن عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام عن أبيه عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (4) قال يوشك أن يغلب على الدنيا (5) لكع بن لكع وأفضل الناس مؤمن بين كريمتين (6) لم يرفعه (عن أبي سعيد الخدري) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم ان موسى قال أي رب عبدك الكافر توسع عليه في الدنيا قال فيفتح له باب من النار فيقال يا موسى هذا ماأعددت له فقال موسى أي رب وعزتك وجلالك لو كانت له الدنيا منذ خلقته الى يوم القيامة وكان هذا مصيره كان لم ير خيرا قط (وعنه أيضا) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم هلك المثرون (9) قالوا الا من؟ قال هلك المثرون قالوا الا من؟ قال هلك المثرون قالوا الا من؟ قال حتى خفنا ان يكون قد وجبت (10) فقال الا من قال هكذا وهكذا وهكذا وقليل ما هم (عن أبي هريرة) (11) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان المكثرين (12) هم الارذلون (وفي لفظ هم الأقلون) (13) إلا من قال هكذا وهكذا

_ غير مرة (1) أي يتوغل جدا في البادية ليطلب المرعى كلما كثرت الماشية فيئول أمره إلى ترك الجمعة والجماعة (2) أي ختم الله عليه غشاه ومنعه ألطافه نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده لا بأس به (3) (سنده) حدثنا ابو كامل ثنا ابراهيم بن سعد ثنا ابن شهاب عن عبد الملك بن أبي بكر الخ (غريبه) (4) الظاهر انه أبو ذر رضي الله عنه بدليل ما سيأتي في التخريج (وقوله يوشك) أي يقرب ويدنوا ويسرع (5) أي تأتيه الدنيا ويكون صاحب الأمر والنهي (وقوله لكع بن لكع) بضم اللام وفتح الكاف فيهما أي عبد بن عبد (6) أي بين فرسين في ذلك الوقت يغزو عليهما أو بين بعيرين يستقي عليهما ويعتزل الناس (وقوله لم يرفعه) أي لم يرفعه الراوي إلى النبي صلى الله عليه وسلم بل هو موقوف على الصحابي (تخريجه) أخرجه العسكري في الامثال عن أبي ذر إلا انه قال (وأفضل الناس مؤمن بين كريمين) بدل قوله عند الامام احمد كريمتين وفسره بعض الشراح بكونه بين أبوين مؤمنين سخيين فيكون قد اجتمع له الايمان والكرم أو بين فرسين يغزو عليهما أو بين بعيرين يستقي عليهما ويعتزل الناس والله أعلم وسنده عند الامام احمد جيد ورجاله ثقات (7) (عن أبي سعيد الخدري الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من كتاب الفقر والغنى في هذا الجزء صحيفة 115 رقم 7 فارجع اليه (8) (سنده) حدثنا محمد ثنا محمد بن عبيد ثنا الأعمش عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخ (غريبه) (9) يقال ثرى القوم يثرون وأثروا اذا كثروا وكثرت أموالهم (10) اي وجب الهلاك على كل ثري (فقال الا من قال هكذا الخ) أي أكثر التصديق في جهات الخير كلها فالقول في الحديث بمعنى الفعل (تخريجه) (جه) وفي اسناده عطية العوفي ضعيف وجاء عند ابن ماجه بلفظ ويل للمكثرين (11) (سنده) حدثنا الاسود ثنا كامل ثنا ابو صالح عن أبي هريرة الخ (غريبه) (12) يعني من الاموال (13) معناه هم الفقراء في الآخرة وفي حديث أبي ذر عند الامام احمد والشيخين ولفظهما المكثرون هم الاخسرون قال أبو ذر من هم يا رسول الله؟ فقال هم الاكثرون أموالا إلا من قال هكذا وهكذا)

وهكذا (زاد في رواية وقليل ما هم) قال كامل بيده (1) عن يمينه وعن شماله وبين يديه (وعنه أيضا) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أخشى عليكم الفقر ولكن اخشى عليكم التكاثر (3) وما أخشى الخطأ ولكن أخشى عليكم العمد (4) (عن سعد بن الأخرم) (5) عن أبيه عن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تتخذوا الضيعة (6) فترغبوا في الدنيا قال ثم قال عبد الله وبراذان (7) ما براذان وبالمدينة ما بالمدينة (حدثنا حجاج) (8) حدثنا شعبة عن أبي التياح عن رجل من طيء عنعبد الله قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلمعن التبقر (9) في الأهل والمال فقال أبو جمرة وكان جالسا عنده نعم حدثني أحرم الطائي عن أبيه عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فقال عبد الله فكيف بأهل براذان وأهل بالمدينة وأهل بكذا قال شعبة فقلت لأبي

_ وإنما وصفهم بالخسران ونحوه لطول حسابهم وتوقع عقابهم (1) هو كامل ابن العلاء التميمي احد رجال السند ومعناه أشار بيده عن يمينه وعن شماله وبين يديه ولفظ القول يستعمل كثيرا في الاشارة بدل النطق (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه احمد ورواته ثقات وابن ماجه بنحوه (2) (سنده) حدثنا محمد بن بكر البرساني ثنا جعفر يعني ابن برقان قال سمعت يزيد بن الاصم عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) معناه ليس خوفي عليكم من الفقر ولكن خوفي عليكم من الغنى الذي هو مطلوبكم وفيه اشارة إلى أن مضرة الفقر دون مضرة الغنى لأن ضرر الفقر دنيوي وضرر الغنى ديني غالبا (كلا إن الانسان ليطغى أن رآه استغنى) وفيه حجة لمن فضل الفقر على الغنى قالوا قال ذلك لأصحابه وهم آية الشاكرين فما بالك بغيرهم من المساكين (4) تقدم تفسير هذه الجملة في شرح حديث لأبي هريرة أيضا في آخر باب الترغيب في الغنى الصالح للرجل الصالح في هذا الجزء صحيفة 126 رقم 38 (تخريجه) (ك هق) في شعب الايمان وصححه الحاكم على شرط مسلم واقره الذهبي ولهذا الحديث سبب سيأتي بعد حديثين في حديث المسور بن مخرمة والله الموفق (5) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شمر بن عطية عن مغيرة بن سعد بن الأخرم عن أبيه عن عبد الله (يعني ابن مسعود الخ) (غريبه) (6) أي الاسباب التي تكثر الدنيا والمعاش أي الاكثار منها كالصنعة والتجارة والزراعة بل اقتصروا على الضروري منها ولا تتوسعوا فيها (7) راذان براء مهملة وذال معجمة خفيفة مكان خارج الكوفة قاله الحافظ في تعجيل المنفعة قال ومعنى الحديث أن ابن مسعود حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بالنهي عن التوسع وعن اتخاذ الضيع ثم لما فرغ الحديث استدل على نفسه واشار إلى انه اتخذ ضيعتين احداهما بالمدينة والأخرى براذان واتخذ أهلين أخل بالكوفة وأهل براذان اهـ (قلت) يريد ابن مسعود انه يخشى ان يكون خالف هذا باتخاذه ضياعا براذان وبالمدينة والله أعلم (تخريجه) (مذ ك) وحسنه الترمذي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (8) (حدثنا حجاج الخ) (غريبه) (9) التبقر في الأهل والمال هو الكثرة والسعة كما قال أبو التياح في آخر الحديث والبقر بسكون القاف الشق والتوسعة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد بأسانيد وفيها رجل لم يسم اهـ (قلت) يشير غلى قوله عن رجل من طيء في السند الأول والى الاضطراب في اسم الراوي في السند الثاني حيث قال حدثني اخرم الطائي عن أبيه والصحيح سعد بن الأخرم عن أبيه كما جاء في الحديث السابق عند الامام احمد والحاكم والترمذي وهو

التياح ما التبقر قال الكثرة (عن عروة بن الزبير) (1) أن المسور بن محزمة أخبره أن عمرو بن عوف وهو حليف بني عامر بن لؤى وكان شهد بدرا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث ابا عبيدة بن الجراح إلى البحرين يأتي بجزيتها وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صالح أهل البحرين وامر عليهم العلاء بن الحضرمي فقدم أبو عبيدة بمال من البحرين فسمعت الأنصاربقدومه فوافت صلاة الفجر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر انصرف فتعرضوا له فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم فقال أظنكم قد سمعتم أن أبا عبيدة قد جاء وجاء بشيء؟ قالوا أجل يا رسول الله قال فأبشروا وأملوا ما يسركم فوالله الفقر ما أخشى عليكم ولكن أخشى أن تبسط الدنيا عليكم كما بسطت على من كان قبلكم فتنافسوها (2) كما تنافسوها وتلهيكم كما الهتهم (باب ما جاء في الترهيب من الحرص على المال) (عن ابن عباس) (3) قال جاء رجل إلى عمر رضي الله عنه يسأله فجعل ينظر إلى رأسه مرة وغلى رجليه أخرى هل يرى عليه من البؤس شيئا ثم قال له عمر كم مالك؟ قال أربعون من الابل قال ابن عباس فقلت صدق الله ورسوله لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى الثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب فقال عمر ما هذا؟ فقلت هكذا اقرأنيها أبي بن كعب قال فمر بنا إليه قال فجاء إلى أبي فقال ما يقول هذا؟ قال أبي هكذا اقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأثبتها قال فأثبتها (حدثنا روح) (4) حدثنا ابن جريج قال سمعت عطاءا يقول سمعت ابن عباس يقول قال نبي الله صلى الله عليه وسلم لو أن لابن آدم واديا مالا لأحب ان له اليه مثله ولا يملأ نفس ابن آدم الا التراب والله يتوب على من تاب فقال ابن عباس فلا أدرى أمن القرآن هو أم لا (5) (عن مسروق) (6) قال قلت لعائشة رضي الله عنها هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول شيئا

_ حديث صحيح سندا ومتنا (1) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن صالح قال ابن شهاب اخبرني عروة بن الزبير ان المسور بن مخرمة الخ (غريبه) (2) أي تتنافسوها حذفت احدى التاءين تخفيفا ومعناها تتسابقوا اليها (تخريجه) (ق وغيرهما) (باب) (3) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ذكر آيات كانت في القرآن ونسخت من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 61 رقم 138 فارجع اليه (4) (حدثنا روح الخ) (غريبه) (5) جاء عند البخاري عن أبي بن كعب قال (كنا نرى هذا من القرآن حتى نزلت الهاكم التكاثر) قال الحافظ روجه ظنهم ان الحديث المذكور من القرآن ما تضمنه من ذم الحرص على الاستكثار من جمع المال والتقريع بالموت الذي يقطع ذلك ولا بد لكل أحد منه فلما نزلت هذه السورة وتضمنت معنى ذلك مع الزيادة عليه علموا أن الأول من كلام النبي صلى الله عليه وسلم وهذا هو التوجيه الصحيح (6) (سنده) حدثنا يحيى عن مجالد قال حدثني عامر عن مسروق قال قلت لعائشة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وابو يعلي إلا انه قال انما جعلنا المال لتقضى به الصلاة وتؤتي به الزكاة قالت فكنا نرى انه مما نسمح من القرآن (والبزار) وفيه مجالد بن سعيد وقد اختلط ولكن يحيى القطان لا يروى عنه ما حدث به في

إذا دخل البيت؟ قالت كان اذا دخل البيت تمثل لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى واديا ثالث ولا يملاء فمه الا التراب وما جعلنا المال الا لاقام الصلاة وايتاء الزكاة ويتوب الله على من تاب (عن أنس) (1) قال كنت اسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فلا أدري أشيء نزل عليه أم شيء يقوله؟ وهو يقول لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى لهما ثالثا ولا يملاء جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب (عن جابر بن عبد الله) (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لو كان لابن آدم واد من نخل تمنى مثله ثم تمنى مثله حتى يتمنى أودية ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب (عن زيد بن أرقم) (3) قال لقد كنا نقرأ على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان لابن آدم واديان من ذهب وفضة لابتغى اليهما آخر ولا يملاء بطن ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب (عن أبي هريرة) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الشيخ يكبر ويضعف جسمه وقلبه شاب على حب اثنين طول العمر والمال (عن أنس) (5) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يهرم (6) ابن آدم وتبقى منه اثنتان (7) الحرص والأمل (عن كعب بن مالك) (8) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما ذئبان جائعان ارسلا في غنم أفسد لها من حرص المرء على المال والشرف لدينه (9)

_ اختلاطه والله اعلم اهـ (قلت) تقدم نحو هذا الحديث عن أبي واقد الليثي في باب ذكر آيات كانت في القرآن ونسخت من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 60 رقم 136 وتقدم شرحه وتخريجه هناك ورجاله رجال الصحيح (1) (سنده) حدثنا يزيد انا شعبة عن قتادة عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (تخريجهخ) (خ طل وغيرهما) (2) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا ابو الزبير انه سأل جابرا أقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان لابن آدم واد تمنى آخر؟ فقال جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل بز) ورجال أبي يعلي والبزار رجال الصحيح (3) (عن زيد بن أرقم الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ذكر آيات كانت في القرآن ونسخت من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر ص 61 رقم 137 (4) (سنده) حدثنا سريج ثنا ابو عامر ثنا فليح عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد واورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه لعبد الغني بن سعيد في كتاب الايضاح ورمز له بعلامة الحسن (5) (سنده) حدثنا يحيى عن شعبة ثنا قتادة عن أنس (يعني ابن مالك) أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أي يكبر (وتبقى منه) أي من شبابه ويؤيد ذلك مارواه البخاري عن أبي هريرة ايضا مرفوعا بلفظ لا يزال قلب الكبير شابا في اثنتين في حب الدنيا وطول الأمل أي العمر (7) أي خصلتان (الحرص) على المال (والأمل) أي طول الحياة (تخريجه) (ق نس) (8) (سنده) حدثنا علي بن بحر قال ثنا عيسى بن يونس عن زكريا عن محمد بن عبد الرحمن ابن سعد بن زرارة ان ابن كعب بن مالك حدثه عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخ (غريبه) (9) معنى الحديث ان الحرص على المال والشرف اكثر افساد للدين من افساد الذئبين للغنم لأن ذلك الأشر

(ز) (عن بريد بن أخرم) (1) قال سمعت عليا يقول مات رجل من أهل الصفة فقيل يا رسول الله ترك دينارا أو درهما فقال كيتات صلوا على صاحبكم (عن ابن عمر) (2) قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض جسدي فقال يا عبد الله كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل وأعدد نفسك في الموتى (عن أبي هريرة) (3) أن اعرابيا غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم خيبر فأصابه من سهمه ديناران فأخذهما الاعرابي فجعلهما في عباءته وخيط عليهما ولف عليهما فمات الاعرابي فوجدوا الدينارين فذكروا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كيتان (عن عبد الله) (4) قال لحق بالنبي صلى الله عليه وسلم عبد أسود فمات فأوذن النبي صلى الله عليه وسلم فقال انظروا هل ترك شيئا؟ فقالوا ترك دينارين فقال النبي صلى الله عليه وسلم كيتان (باب ما جاء في الأجل والأمل) (عن عبد الله بن مسعود) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم انه خطا خطا مربعا وخط خطا وسط الخط المربع وخطوطا إلى جنب الخط الذي وسط الخط المربع وخط خارج من الخط المربع (6) قال هل تدرون ما هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا الاسنان الخط الأوسط وهذا الخطوط التي الى جنبه الاعراض (7) تنهشه من كل مكان ان اخطأه هذا اصابه هذا والخط المربع الاجل المحبط به والخط الخارج

_ والبطر يستفز صاحبه ويأخذ به الى ما يضره وذلك مذموم لاستدعائه العلو في الارض والفساد المذمومين شرعا (تخريجه) (مذ) وصححه وقال المنذري اسناده جيد وأورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن عبد الله بن زنجويه وعبد الله بن محمد بن عقيل وقد وثقا (1) (ز) (سنده) قال عبد الله بن الامام احمد حدثني محمد بن عبيد بن حساب حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا عتيبة وهو الضرير عن بريد بن أخرم قال سمعت عليا يقول الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وابنه عبد الله وقال دينارا أو درهما والبزار كذلك وفيه عتيبة الضرير وهو مجهول وبقية رجاله وثقوا (2) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن ليث عن مجاهد عن ابن عمر الخ (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزى الشطر الأول منه للبخاري وهو (كن في الدنيا كأنك غريب أو عابر سبيل) ثم قال زاد (حم مذ جه) (وعد نفسك من أهل القبور) ورمز له بعلامة الصحة (3) (سنده) حدثنا يحيى حدثنا ابن لهيعة عن ابي يونس عن ابي هريرة الخ (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وفي اسناده بن لهيعة ضعيف اذا عنعن ولكن يعضده ماله من الشواهد من أحاديث الباب الصحيحة (4) (سنده) حدثنا معاوية حدثنا زائدة عن عاصم بن أبي النجود عن زر عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) ورجالهما رجال الصحيح غير عاصم بن بهدلة (وهو ابن ابي النجود) وقد وثق (باب) (5) (سنده) حدثنا يحيى عن سفيان حدثني ابي عن ابي يعلي عن ربيع بن خثيم عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه) (6) رسم شراح البخاري كالحافظ والقسطلاني وغيرهم من الأئمة المتقدمين رسوما توضح الغرض من ذلك اخترت منها هذا الرسم ... لأنه الذي يتفق مع سياق الحديث وقد زاده النبي صلى الله عليه وسلم ايضاحا بقوله هذا الانسان الخط الأوسط أي هذا الخط هو الانسان على سبيل التمثيل (7) الأعراض جمع عرض بفتحتين أي

الأمل (عن أبي سعيد الخدري) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم غرز بين يديه غرزا ثم غرز الى جنبه آخر ثم غرز الثالث فأبعده ثم قال هل تدرون ما هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم قال هذا الانسان وهذا أجله وهذا أمله (2) يتعاطى الأمل يختلجه الأجل دون ذلك (3) (عن أنس بن مالك) (4) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم جمع أصابعه فوضعها على الأرض فقال هذا ابن آدم ثم رفعها خلف ذلك قليلا وقال هذا أجله ثم رمى بيده أمامه قال وثم أمله (5) (وعنه من طريق ثان) (6) قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم أنامله فنكتهن (7) في الأرض فقال هذا ابن آدم وقال بيده خلف ذلك (8) وقال هذا اجله قال وأومأ بين يديه (9) قال وثم (10) أمله ثلاث مرار (وعنه من طريق ثالث) (11) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ ثلاث حصيات فوضع واحدة ثم وضع أخرى بين يديه ورمى بالثالثة (12) فقال هذا ابن آدم وهذا أجله وذاك أمله التي رمى بها (باب ما جاء في اعمار الأمة المحمدية) (عن عبد الله بن دينار) (13) سمعت ابن عمر رضي الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلكم في أجل من كان قبلكم (14) كما بين صلاة

_ الآفات العارضة له كمرض أو فقد مال أو غيرهما والمراد بالخطوط المثال لا عدد مخصوص معين (وقوله تتهمشه) بالشين المعجمة أي تصيبه وتأخذه فإن سلم من هذا لم يسلم من هذا وان سلم من الجميع ولم يصبه آفة من مرض أو فقد مال أو غير ذلك بغته الأجل والحاصل أن من لم يمت بالسبب مات بالأجل وفي الحديث الحض على قصور الأمل والاستعداد لبغته الأجل وعبر بالنهش وهو لدعة ذات السم مبالغة في الاصابة والاهلاك (تخريجه) (ق مذ جه) (1) (سنده) حدثنا عبد الملك بن عمرو ثنا علي بن علي عن أبي المتوكل عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (2) يريد الغرز البعيد (3) معناه أن الانسان يشغل نفسه بالأمل البعيد في المستقبل وينسى الموت القريب منه فما يشعر إلا وقد اخترمته المنية (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح غير علي بن علي الرفاعي وهو ثقة (4) (سنده) حدثنا يزيد انا حماد بن سلمة عن عبيد الله بن أبي بكر عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (5) فيه اشارة إلى بعد الامل وقرب الاجل (6) (سنده) حدثنا بهز ثنا حماد بن سلمة قال انا عبيد الله بن أبي بكر عن أنس قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم انامله الخ (7) أي ضرب بهن الأرض لتحدث أثرا فيها فعل المفكر المهموم (8) أي نكت بيده خلف الأثر الأول قريبا منه (9) أي أشار (10) بفتح المثلثة أي هناك وفيه اشارة إلى البعد (11) (سنده) حدثنا عبد الصمد بن حسان ثنا عمارة عن ثابت عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (12) أي بعيدا (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح وللبخاري نحوه عن أنس أيضا وأورده المنذري في الترغيب والترهيب وعزاه للترمذي وابن حبان في صحيحه قال ورواه النسائي أيضا وابن ماجه بنحوه (باب) (13) (سنده) حدثنا مؤمل حدثنا سفيان عن عبد الله بن دينار الخ (غريبه) (14) قال الحافظ معناه أن نسبة مدة هذه الأمة إلى مدة من تقدم من الامم مثل ما بين صلاة العصر وغروب الشمس إلى بقية النهار فكأنه انما بقاؤكم بالنسبة إلى ما سلف إلى آخره وحاصله ان في بمعنى ألى وحذف المضاف وهو لفظه نسبة

العصر إلى غروب الشمس (ومن طريق ثان) (1) عن مجاهد عن ابن عمر أيضا قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم والشمس على فعيفعان (2) بعد العصر فقال ما أعماركم في أعمار من مضى الا كما بقى من النهار فيما مضى منه (عن أبي هريرة) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقد أعذر الله إلى عبد أحياه حتى بلغ ستين أو سبعين سنة (4) لقد أعذر الله لقد أعذر الله اليه (وعنه طريق ثان) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمر ستين أو سبعين سنة فقد أعذر اليه في العمر (عن انس بن مالك) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ما من معمر يعمر في الإسلام أربعين سنة الا صرف الله عنه ثلاثة أنواع من البلاء الجنون والجذام والبرص فإذا بلغ خمسين سنة لين الله عليه الحساب فإذا بلغ ستين رزقه اللله الانابة اليه بما يحب فإذا بلغ سبعين سنة أحبه الله وأحبه أهل السماء فإذا بلغ الثمانين قبل الله حسناته وتجاوز عن سيئاته فإذا بلغ تسعين غفر الله له ما تقدم من ذنبه

_ (1) (سنده) حدثنا الفضل بن دكين حدثنا شريك سمعت سلمة بن كهيل يحدث عن مجاهد عن ابن عمر الخ (2) بضم القاف الأولى وكسر الثانية بلفظ التصغير وهو جبل بمكة الى جنوبها بنحو اثني عشر ميلا (تخريجه) (خ مذ) (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن رجل من بني غفار عن سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) معناه ان الله عز وجل لم يترك له شيئا في الاعتذار يتمسك به كأن يقول لو مد لي في الأجل لفعلت ما أمرت به وهذا اصل الاعذار من الحاكم والمحكوم عليه (5) (سنده) حدثنا خلف قال ثنا أبو معشر عن سعيد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (خ ك) وفي الطريق الأولى عند الامام احمد رجل لم يسم وهو معن بن محمد الغفاري كما جاء في رواية البخاري من طريق عمر بن المقدمي عن معن بن محمد الغفاري عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اعذر الله الى امرئ أخر حياته حتى بلغه (بتشديد اللام) ستين سنة ثم قال البخاري تابعه أبو حازم وابن عجلان عن المقبري وصرح الحافظ بأن الرجل المبهم في رواية المسند هذه هو معن بن محمد الغفاري وقال بشأن رواية المسند فهي متابعة قوية لعمر بن علي اهـ (قلت) وعلى هذا فالحديث صحيح (6) (سنده) حدثنا أنس بن عياض حدثني يوسف بن أبي بردة الانصاري عن جعفر بن عمرو بن اميه الضمري عن أنس بن مالك الخ (وله طريق أخرى) عند الامام احمد موقوفا على انس قال الامام احمد حدثنا ابو النضر ثنا الفرج ثنا محمد بن عامر عن محمد بن عبيد الله عن جعفر بن عمرو عن انس بن مالك قال اذا بلغ الرجل المسلم أربعين سنة أمنه الله من أنواع البلاء من الجنون والجذام والبرص فذكر الحديث المرفوع (قال الحافظ) في القول المسدد وعلة الحديث المرفوع يوسف ابن ابي ذرة (قلت) هكذا جاء في القول المسدد وفي ميزان الاعتدال للذهبي (يوسف بن أبي ذرة) بذال معجمة وجاء في تعجيل المنفعة يوسف بن أبي درة بدال مهملة بدل الذال وجاء في المسند (يوسف بن أبي بردة) وهو خطأ من الناسخ لأنه جاء في الخلاصة ان يوسف بن أبي بردة هو ابن أبي موسى الاشعري الكوفي عن أبيه وعنه اسرائيل وسعيد بن مسروق وثقه ابن حبان اهـ والظاهر ان الصحيح يوسف بن ابي ذرة بالذال المعجمة كما في الميزان والقول المسدد (قال الحافظ) في القول المسدد في ترجمته أورده ابن حبان في تاريخ الضعفاء وقال يرى المناكير التي لا اصل لها من كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحل

وما تأخر وسمي أسير الله في أرضه وشفع لأهل بيته (باب ما جاء في الترهيب من الشح والبخل) (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول اياكم والشح فإن الشح أهلك من كان قبلكم أمرهم بالقطيعة فقطعوا وأمرهم بالبخل فبخلوا وأمرهم بالفجور ففجروا (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجتمع شح وايمان في قلب رجل مسلم (عن عبد الله بن الصامت) (3) أنه كان مع أبي ذر فخرج عطاؤه ومعه جارية له فجعلت تقضي حوائجه قال ففضل معها سبعة (4) قال فأمرها أن تشتري بها فلوسا (5) قال قلت له لو ادخرته للحاجة تنوبك أو للضيف ينزل بك؟ قال إن خليلي عهد إلى أن ايما ذهب أو فضة أو كي عليه (6) فهو جمر على صاحبه حتى يفرغه في سبيل الله عز وجل (عن ابي هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل البخيل والمنفق كمثل رجلين عليهما جبتان (8) من حديد من لدن ثديهما (9) إلى تراقيهما (فأما المنفق) فلا ينفق منها إلا اتسعت

_ الاحتجاج به محال روى عن جعفر بن عمرو عن أنس ذاك الحديث وأورد ابن الجوزي في الموضوعات هذا الحديث من الطريقين المرفوع والموقوف وقال هذا الحديث لا يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم وأعل الحديث الموقوف بالفرج بن فضالة وحكى أقوال الائمة في تضعيفه قال وأما محمد بن عامر فقال ابن حبان يقلب الاخبار يروى عن الثقات ما ليس من أحاديثهم وأما محمد بن عبيد الله فهو العزرمى قال احمد ترك الناس حديثه (قال الحافظ) وقد خلط فيه الفرج بن فضالة فحدث به هكذا وقلب اسناده مرة اخرى فجعله من حديث ابن عمر مرفوعا ايضا رواه احمد اهـ كلام الحافظ في القول المسدد فهذا الحديث واه لا يحتج به محال والله أعلم (باب) (1) (عن عبد الله بن عمرو بن العاص الخ) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وتخريجه في الباب الثاني من كتاب الكبائر في هذا الجزء صحيفة 215 رقم 19 (2) (سنده) حدثنا يزيد أخبرنا محمد بن عمرو عن صفوان بن أبي يزيد عن حصين بن اللجلاج عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يجتمع غبار في سبيل الله ودخان جهنم في منخري رجل مسلم ولا يجتمع شح الخ (تخريجه) (خ نس ك) وتقدم نحو الجزء الأول منه في باب ماجاء في فضل المجاهدين من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 14 رقم 44 (3) (سنده) حدثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة عن سعيد بن أبي الحسن عن عبد الله بن الصامت الخ (غريبه) (4) أي سبعة دراهم من الفضة (5) جمع فلس بفتح الفا وسكون اللام أقل شيء قيمة يتعامل به من النحاس (6) بضم الهمزة اي ادخر وشد عليه بالوكاء وهو الخيط الذي تشد به الصرة والكيس وغيرهما (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح ورواه ايضا الطبراني باختصار القصة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أوكى على ذهب أو فضة ولم ينفقه في سبيل الله كان جمرا يوم القيامة يكوى به هذا لفظ الطبراني ورجاله ايضا رجال الصحيح (7) (سنده) حدثنا يزيد أخبرنا محمد بن اسحاق عن ابي الزناد عن الاعرج عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) جاء في بعض الروايات جنتان من حديد أي وقابتان ويروى بالياء الموحدة تثنية جبة اللباس (9) بضم المثلثة وكسر الدال المهملة وتشديد التحتية مكسورة

حلقة مكانها فهو يوسعها عليه (وأما البخيل) فإنها لا تزداد عليه إلا استحكاما (عن جابر) (1) أن رجلا اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن لفلان في حائطي (2) عذقا وانه قد اذاني وشق على مكان عذقة فأرسل إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال بعني عذقك الذي في حائط فلان قال لا قال فهبه لي قال لا قال فبعنيه بعذق في الجنة قال لا فقال النبي صل الله عليه وسلم ما رأيت الذي هو أبخل منك إلا الذي يبخل بالسلام (عن أبي بشر) (3) قال سمعت عباد بن شرحبيل وكان منا من بني غبر (4) قال اصابتنا سنة (5) فأتيت المدينة فدخلت حائطا من حيطانها فأخذت سنبلا ففركته وأكلت منه وحملت في ثوبي فجاء صاحب الحائط فضربني وأخذ ثوبي فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما علمته إذا كان جاهلا ولا أطعمته إذ كان ساغبا أو جائعا فرد علي الثوب وأمر لي بنصف وسق (6) أو وسق (عن أبي هريرة) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يقول العبد مالي ومالي وانما له من ماله ثلاث ما أكل فأنى أو لبس فأبلى أو أعطى فأقنى (8) ما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس (باب ما جاء في الترهيب من احتقار الذنوب الصغيرة) (عن عبد الله بن مسعود) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إياكم ومحقرات (10) الذنوب فانهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه

_ جمع ثدي (والتراقي) جمع ترقوة بفتح أوله وسكون الراء وضم القاف وفتح الواو وهي العظام التي بين ثغرة النحر والعاتق ومعنى الحديث أن المنفق كلما انفق طالت عليه وسبغت حتى تستر بنان رجليه ويديه والبخيل كلما أراد أن ينفق لزمت كل حلقة مكانها فهو يوسعها ولا تتسع شبه رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم الله تعالى ورزقه بالجنة أو الجبة فالمنفق كلما انفق اتسعت عليه والنعم سبغت ووفرت حتى تستره سترا كاملا شاملا والبخيل كلما أراد أن ينفق منعه الشح والحرص وخوف النقص فهو بمنعه يطلب أن يزيد ما عنده وان تتسع عليه النعم فلا تتسع ولا تستر منه ما يروم ستره والله أعلم (تخريجه) (ق وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا ابوا عامر العقدي حدثنا زهير عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر الخ (غريبه) (2) الحائط والبستان (والعذق) بكسر العين المهملة وسكون الذال النخلة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز) وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل وحديثه حسن ويه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وأورده أيضا المندري وقال رواه (حم بز) واسناد احمد لا بأس به (3) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي بشر قال سمعت عباد بن شرحبيل الخ (4) بضم الغين المعجمة وسكون الموحدة كما يستفاد من القاموس (5) السنة الجدب وهي من الاسماء الغالبة كالدابة في الفرس والمال في الابل وسنة سنهاء أي لا نبات بها ولا مطر (6) الوسق بفتح الواو وسكون المهملة ستون صاعا (تخريجه) (طل) وسنده صحيح ورجاله ثقات (7) (سنده) حدثنا هيثم انا حفص بن ميسرة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) بقاف بعد الهمزة أي تصدق ببعض ماله المتخذ قنية (تخريجه) (م) وغيره (باب) (9) (سنده) حدثنا سليمان بن داود حدثنا عمران عن قتادة عن عبد ربه عن أبي عياض عن عبد الله بن مسعود الخ (10) (غريبه) بتشديد القاف مفتوحة أي التي يحتقرها الناس لكونها صغيرة اي احذروا صغائرها لأن صغارها اسباب تؤدي إلى ارتكاب كبائرها

وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلا كمثل قوم نزلوا أرض فلاة فحضر صنيع القوم (أي طعامهم) فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود حتى جمعوا سوادا فأججوا نارا وانضجوا ما قذفوا فيها (1) (عن سهل بن سعد) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم ومحقرات الذنوب (3) كقوم نزلوا في بطن واد فجاء ذا بعود حتى انضجوا خبزتهم وإن محقرات الذنوب متى يأخذ بها صاحبها تهلكه (عن عائشة رضي الله عنها) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله عز وجل طالبا (عن أبي سعيد الخدري) (5) قال إنكم لتعملون أعمالا هي أدق في عينكم من الشعر كنا نعدها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الموبقات (عن أنس بن مالك) (6) رضي الله عنه قال انكم لتعملون اعمالا فذكر مثل الأثر المتقدم بلفظه (عن عبادة بن قرط) (7) رضي الله عنه قال انكم لتعملون اليوم أعمالا فذكر مثله (باب ما جاء في الترهيب من التفريق بين المرء وزوجه والخادم وسيده) (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه (8) عن عبد الله بن عمرو (بن العاص رضي الله عنهما)

_ كما أن صغار الطاعات أسباب مؤدية إلى تحري كبارها (1) معنى ذلك ان الصغائر اذا اجتمعت ولم تكفر أهلكت ولم يذكر الكبائر لندرة وقوعها من الصدر الأول لشدة تحرزهم عنها فأنذرهم بما قد لا يكترثون به (تخريجه) اورده الهيثمي وقال رواه (حم طس) ورجالهما رجال الصحيح غير عمران بن داور القطان وقد وثق اهـ وقال الحافظ العراقي اسناده جيد وقال العلائي حديث جيد على شرط الشيخين وقال الحافظ سنده حسن (2) (سنده) حدثنا أنس بن عياض أبو حازم لا اعمله إلا عن سهل بن سعد (يعني الساعدي) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (3) هكذا جاء بالاصل (اياكم ومحقرات الذنوب كقوم الخ) والظاهر ان هنا سقط وهو (فإنما مثل محقرات الذنوب كمثل قوم نزلوا في بطن واد الخ) كما جاء في مجمع الزوائد والجامع الصغير وكلاهما عزاه إلى الامام احمد والطبراني رحمهما الله (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام (حم طب هق) والضياء المقدسي كلهم عن سهل بن سعد ورمز له بعلامة الصحة قال شارحه المناوي قال الهيثمي كالمنذري رجال احمد رجال الصحيح ورواه الطبراني في الثلاثة من طريقين ورجال احدهما رجال الصحيح غير عبد الوهاب بن عبد الحكم وهو ثقة (4) (سنده) حدثنا الخزاعي وأبو سعيد قالا ثنا سعيد بن مسلم بن بانك قال ثنا عامر بن عبد الله بن الزبير عن عوف بن الحارث قال الخزاعي ابن اخي عائشة لأمها عن عائشة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (5) (سنده) حدثنا عبد الملك بن عمرو ثنا عمار يعني ابن راشد عن داود بن ابي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخ (تخريجه) هذا الاثر لم اقف عليه لأبي سعيد عند غير الامام احمد وفي اسناده عمار بن راشد لم اقف له على ترجمة وباقي رجاله ثقات (6) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق ثنا مهدي قال ثنا غيلان بن جرير عن انس بن مالك الخ (تخريجه) هو كالذي قبله وسنده جيد (7) (عن عبادة بن قرط) هذا الأثر تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب النهي عن الشهرة والاسبال من كتاب اللباس في الجزء السادس عشر صحيفة 291 رقم 195 واخرجه ايضا ابو داود الطيالسي في مسند (باب) (8) (سنده)

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل لرجل أن يفرق بين اثنين إلا بإذنهما (1) (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خبب خادما (3) على أهلها فليس منا (4) ومن أفسد امرأة على زوجها فليس هو منا (وعنه أيضا) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسأل المرأة طلاق أختها لتكتفئ ما في إنائها فإن رزقها على الله عز وجل (عن عبد الله بن بريدة عن أبيه) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منا من حلف بالأمانة (7) ومن خبب امرئ زوجته أو

_ حدثنا عفان حدثنا عبد الله أخبرنا أسامة بن زيد عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (1) هذا الحديث عام يشمل التفريق بين المرء وزوجه كالعبد المتزوج بأمة سيده لا يجوز للسيد أن يفرق بينهما إلا برضاهما يؤيد ذلك ما رواه ابن ماجه والدارقطنى ابن عباس قال اتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله سيدي زوجني أمته وهو يريد أن يفرق بيني وبينها قال فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم المنبر فقال (يا ايها الناس ما بال أحدكم يزوج عبده أمته ثم يريد أن يفرق بينهما إنما الطلاق لمن أخذ بالساق) يعني ساق المرأة فهو كناية عن الزوج لأنه لا يأخذ بساقها إلا زوجها (ويشمل ايضا) التفريق في مجلسهما يدل على ذلك ما رواه الامام احمد عن سعيد المقبري قال جلست غلى ابن عمر ومعه رجل يحدثه فدخلت بينهما فضرب بيده صدري وقال أما علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا تناجى اثنان فلا تجلس اليهما حتى تستأذنهما (وفي لفظ) فلا يدخل بينهما الثالث إلا بإذنهما وتقدم في باب آداب تختص بالقادم على المجلس من كتاب المجالس وآدابها في هذا الجزء صحيفة 167 رقم 119 (تخريجه) (د مذ) وحسنه الترمذي (2) (سنده) حدثنا ابو الجواب ثنا عمار بن رزيق عن عبد الله بن عيسى عن عكرمة عن يحيى بن يعمر عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) بخاء معجمة ثم موحدتين أولاهما مشددة والثانية مخففة اي افسدها على أهلها سواء كان الخادم ذكرا أم أنثى وانت الضمير لأن لفظ الخادم يستوي فيه المذكر والمؤنت ومعنى افساده ان يرغمه في خدمته ويزيد له في الأجرة ويبالغ في اكرامه فيسيء اخلاقه مع سيده فإن كان الخادم حرا طرده المخدوم وان كان عبدا باعه سيده فيشتريه المفسد ونحو ذلك من افسد امرأة على زوجها لكونه يرغب فيها ويرغبها في نفسه بالمال والشباب حتى تسيء أخلاقها مع زوجها فيطلقها (4) اي ليس على طريقتنا ولا من العاملين بقوانين احكام شريعتنا (تخريجه) (د نس) وسكت عنه أبو داود والمنذري (5) (وعنه ايضا الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في بابا الثمانيات من أبواب الترهيب من خصال معدودة في قسم الترهيب وتقدم شرح هذا الجزء منه في باب النهي ان يخطب الرجل على خطبة أخيه من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر صحيفة 152 رقم 36 وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (6) (سنده) حدثنا وكيع ثنا الوليد بن ثعلبة الطائي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه (يعني بريدة الاسلمي رضي الله عنه) الخ (غريبه) (7) الامانة لها معان كثيرة منها الطاعة والعبادة والوديعة والثقة والامان وقد جاء في كل منها حديث قال في النهاية وفيه (من حلف بالامانة فليس منا) يشبه أن تكون الكراهة فيه لأجل انه أمر أن يحلف بأسماء الله وصفاته والأمانة أمر من أموره فنهو عنها من أجل التسوية بينهما وبين أسماء الله تعالى كما نهوا ان يحلفوا بآبائهم واذا قال الحالف وأمانة الله كانت يمينا عند أبي حنيفة والشافعي لا يعدها

مملوكه فليس منا (باب ما جاء في الترهيب من مواقع الشبة ومواطن الريبة) (عن الشعبي) (1) قال سمعت النعمان بن بشير يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنت إذا سمعته يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أصغيت وتقربت وخشيت أن لا أسمع احدا يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حلال بين وحرام بين وشبهات بين ذلك من ترك ما اشتبه عليه من الاثم كان لما استبان له أترك ومن اجترأ على ما شك فيه أو شك أن يواقع الحرام وان لكل ملك حمى وان حمى الله في الأرض معاصيه أو قال محارمه (عن أنس بن مالك) (2) أن رجلا مر برسول لاله صلى الله عليه وسلم ومعه بعض أزواجه (3) فقال يا فلانة يعلمه أنها زوجته (4) فقال الرجل يا رسول الله أتظن بي؟ فقال اني خشيت أن يدخل عليك الشيطان (5) (وعنه من طريق ثان) (6) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مع امرأة من نسائه فمر رجل فقال يا فلان هذه امرأتي فقال يا رسول الله من كنت أظن به فإني لم أكن اظن بك قال ان الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم (7) (عن علي بن حسين) (8) عن صفية بنت حيي (زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنها) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معتكفا فأتيته أزوره ليلا فحدثته ثم قمت فانقلبت (9) فقام معي يقلبني وكان مسكنها في دار اسامة بن زيد فمر رجلان من الانصار فلما رأيا النبي صلى الله عليه وسلم أسرعا فقال النبي صلى الله عليه وسلم على رسلكما (10) إنها صفية بنت حيي فقالا سبحان الله يا رسول الله (11) فقال إن الشيطان

_ يمينا رضي الله عنهما (تخريجه) (حب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال الهيثمي رجال احمد رجال الصحيح خلا الوليد بن ثعلبة وهو ثقة (وقال المنذري في اسناد احمد صحيح) (باب) (1) (سنده) حدثنا سفيان قال حفظته من أبي فروة أولا ثم من مجالد سمعته من الشعبي قال سمعت النعمان بن بشيريقول الخ (تخريجه) (ق والأربعة وغيرهم) وتقدم نحو هذا الحديث بمعناه عن النعمان بن بشير ايضا في الباب الأول من كتاب البيوع والكسب في الجزء الخامس عشر صحيفة 4 رقم 6 وتقدم شرحه هناك فارجع اليه (2) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون انا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس ابن مالك الخ (غريبه) (3) هي صفية بنت حيي أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم كما سيأتي في حديثها الآتي وفيه سبب وجودها معه صلى الله عليه وسلم في ذاك المكان (4) انما قال ذلك صلى الله عليه وسلم لينفي ما عساهد ان يحصل للرجل من وسوسة الشيطان وتعليما لأمته (5) يعني بالوسوسة (6) (سنده) حدثنا سريج وينس بن محمد قالا ثنا حماد عن ثابت البناني عن أنس بن مالك قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (7) قال النووي قال القاضي وغيره قيل هو على ظاهره وأن الله تعالى جعل له قوة وقدرة على الجري في باطن الانسان مجاري دمه وقيل هو على الاستعارة لكثرة أعوانه ووسوسته فكأنه لا يفارق الانسان كما لا يفارقه دمه وقيل يلقى وسوسته في مسام لطيفه من البدن فتصل الوسوسة إلى القلب والله أعلم (تخريجه) (ق د) (8) (سنده) حدثنا عبد الرزاق قال انا معمر وعبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن علي بن حسين الخ (غريبه) (9) اي قامت عنده لترجع إلى المنزل (فقام معي يقلبني) اي يردني الى منزلي قال النووي فيه جواز تمشي المعتكف مع زوجته مالم يخرج من المسجد وليس في الحديث أنه خرج من المسجد (10) بكسر الراء وفتحها لغتان والكسر أفصح واشهر أي على هيئتكما في المشي فما هنا شيء تكرهانه (11) فيح جواز التسبيح تعظيما للشيء

يجري من الإنسان مجرى الدم واني خشيت أن يقذف في قلوبكما شرا أو قال شيئا (باب ما جاء في الترهيب من ترك العمل اتكالا على النسب) (عن عائشة) (1) رضي الله عنها قال لما نزلت (وأنذر عشيرتك الاقربين) قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا فاطمة يا بنت محمد يا صفية بنت عبد المطلب يا بني عبد المطلب لا أملك من الله شيئا سلوني من مالي ما شئتم (عن أبي هريرة) (2) قال قال النبي صلى الله عليه وسلم يا بني عبد المطلب يا بني هاشم اشتروا انفسكم من الله عز وجل لا املك لكم من الله شيئا يا أم الزبير عمة النبي صلى الله عليه وسلم يا فاطمة بنت محمد اشتروا (3) أنفسكم لا أملك لكم من الله شيئا سلاني (4) من مالي (عن أبي سعيد الخدري) (5) قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول على هذا المنبر ما بال رجال يقولون ان رحم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنفع قومه بلى والله ان رحمي موصولة في الدنيا والآخرة واني أيها الناس فرطك على الجوض فإذا جئتم قال رجل يا رسول الله انا فلان بن فلان وقال أخوه أنا فلان ابن فلان قال لهم أما النسب فقد عرفته ولكنكم احدثتم بعدي وارتددتم القهقرى

_ وتعجبا منه وقد كثر في الأحاديث وجاء به القرآن في قوله تعالى (لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا ان تتكلم بهذا) (سبحانك) (تخريجه) (ق د جه) قال الامام النووي رحمه الله الحديث فيه فوائد (منها) بيان كمال شفقته صلى الله عليه وسلم على أمته ومراعاته لمصالحهم وصيانة قلوبهم وجوارحهم (وكان بالمؤمنين رحيما) فخاف صلى الله عليه وسلم ان يلقى الشيطان في قلوبهما فيهلكا فإن ظن السوء بالانبياء كفر بالاجماع والكبائر غير جائزة عليهم (وفيه) ان من ظن شيئا من نحو هذا بالنبي صلى الله عليه وسلم كفر (وفيه) جواز زيادة المرأة لزوجها المعتكف في ليل أو نهار وأنه لا يضر اعتكافه لكن يكره الاكثار من مجالستها والاستلذاذ بحديثها لئلا يكون ذريعة إلى الوقاع أو إلى القبلة أو نحوها مما يفسد الاعتكاف (وفيه) استحباب التحرز من التعرض لسوء ظن الناس في الانسان وطلب السلامة والاعتذار بالأعذار الصحيحة وانه متى فعل ما قد ينكر ظاهره مما هو حق وقد يخفى أن يبين حاله ليدفع ظن السوء فيه (وفيه) الاستعداد للتحفظ من مكايد الشيطان فإنه يجري من الانسان مجرى الدم فيتأهب الانسان للاحتراز من وساوسه وشره والله أعلم (باب) (1) (عن عائشة رضي الله عنها الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب قوله تعالى (وانذر عشيرتك الأقربين) من سورة الشعراء من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 226 رقم 369 (2) (سنده) حدثنا معاوية بن عمرو قال ثنا زائدة قال ثنا عبد الله بن ذكوان يكنى أبا الزناد عن عبد الرحمن الاعرج عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) هكذا بالاصل بواو الجماعة يريد من تقدم ذكرهم من بني عبد المطلب ومن ذكر بعدهم (4) بألف التثنية يريد ام الزبير وفاطمة (تخريجه) (ق مذ) وغيرهم (5) (سنده) حدثنا أبو عامر ثنا زهير عن عبد الله بن محمد عن حمزة ابن ابي سعيد الخدري عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد

(كتاب آفات اللسان)

(69) (كتاب آفات اللسان) (باب ما جاء في الترهيب من كثرة الكلام وما جاء في الصمت) (عن تميم بن يزيد) (1) مولى بني زمعة عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم قال أيها الناس ثنتان من وقاه الله شرهما دخل الجنة قال فقام رجل من الانصار فقال يا رسول الله لا تخبرنا (2) ما هما ثم قال اثنان من وقاه الله شرهما دخل الجنة حتى إذا كانت الثالثة أجلسه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد يبشرنا فتمنعه؟ فقال اني اخاف ان يتكل الناس فقال ثنتان من وقاه الله شرهما دخل الجنة ما بين لحييه (3) وما بين رجليه (عن أبي الصبهاء) (4) قال سمعت سعيد بن جبير يحدث عن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) لا أعلمه الا رفعه قال اذا اصبح ابن آدم فإن أعضاءه تكفر (5) اللسان تقول اتق الله فينا فإنك إن استقمت استقمنا وان اعوججت اعوججنا (عن علي بن حسين) (6) عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم من حسن اسلام المرء تركه ملا يعنيه

_ وسنده حسن (باب) (1) (سنده) حدثنا ابن نمير عن عثمان يعني ابن حكيم اخبرني تميم بن يزيد الخ (غريبه) (2) بلفظ النهي وتخبرنا مجزوم بلا الناهية وقد أجاب الرجل في الحديث عن سبب النهي وهو قوله أني اخاف ان يتكل الناس (3) بفتح اللام وسكون المهملة مثنى هما العظمان في جانب الفم وما بينهما هو اللسان (وما بين رجليه) فرجه ولم يصرح به استهجانا له واستحياءا لأنه صلى الله عليه وسلم كان أشد حياء من البكر في خدرها وجاء في رواية مالك انه كرر ما بين لحييه وما بين رجليه ثلاث مرات للتأكيد (قال ابن بطال) دل الحديث على أن أعظم البلايا على المرء في الدنيا لسانه وفرجه فمن وقى شرهما وقى أعظم الشر اهـ وهذا سبب تخصيصهما بالذكر والحديث معدود من جوامع الكلم (تخريجه) (لك) عن عطاء بن يسار مرسلا ورواه (خ مذ) موصولا عن سهل بن سعد والعسكري وابن عبد البر وغيرهما عن جابر (مذ حب ك) عن أبي هريرة والبيهقي وابن عبد البر والديلمي عن أنس وجاء أيضا عن أبي موسى كلهم بمعناه (4) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن زيد ثنا ابو الصهباء الخ (غريبه) (5) بتشديد الفاء المكسورة أي تتذلل وتتواضع له من قولهم كفر اليهودي اذا خضع مطأطئا رأسه وانحنى لتعظيم صاحبه كذا قيل وقال في النهاية التكفير هو ان ينحني الانسان ويطأطئ رأسه قريبا من الركوع كما يفعل من يريد تعظيم صاحبه (تخريجه) رواه ابن خزيمة في صحيحه والبيهقي في شعب الايمان وابن ابي الدنيا ورواه الترمذي مرفوعا وموقوفا وقال الموقوف اصح ثم قال وهذا حديث لا نعرفه إلا من حديث حماد ابن زيد وقد رواه غير واحد عن حماد بن زيد ولم يرفعوه (6) (سنده) حدثنا موسى بن داود حدثنا عبد الله بن عمر عن ابن شهاب عن علي بن حسين عن أبيه (يعني الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني في الثلاثة ورجال احمد والكبير ثقات اهـ (قلت) الحديث تقدم من طريق ثان عن الحسين أيضا في باب خصال الايمان وآياته من كتاب الإيمان في

(عن سفيان بن عبد الله الثقفي) (1) قال قلت يا رسول الله حدثني بأمر اعتصم به (وفي لفظ) مرني في الاسلام بأمر لا أسأل عنه أحدا بعدك قال قل ربي الله (وفي لفظ آمنت بالله) ثم استقم قال قلت يا رسول الله ما أخوف (وفي لفظ ما أكبر) ما تخاف علي (وفي لفظ فأي شيء اتقي) قال فأخذ بلسان نفسه ثم قال هذا (عن عبد الله بن عمرو) (2) أن رجلا قال يا رسول الله اي الاسلام أفضل؟ قال من سلم المسلمون من لسانه ويده (عن البراء بن عازب) (3) أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أعرابيا بخصال من أنواع البر (فيها) وأمر بالمعروف وانه عن المنكر فان لم تطق ذلك فكف لسانك إلا من الخير (عن معاذ بن جبل) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له الا اخبرك برأس الأمر وعموده وذروة سنامه؟ (5) قال فقلت بلى يا رسول الله قال رأس الأمر وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد ثم قال ألا اخبرك بملاك (6) ذلك كله؟ فقلت بلى يا نبي الله فأخذ بلسانه فقال كف عليك هذا فقلت يا رسول الله وانا لمؤاخذون بما نتكلم به؟ فقال ثكلتك (7) أمك يا معاذ وهل يكب الناس على وجوههم في النار أو قال على مناخرهم الا حصائد (8) السنتهم (عن ابن مسعود) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا يسلم عبد حتى يسلم قلبه

_ الجزء الأول صحيفة 88 رقم 41 وتقدم الكلام عليه هناك فارجع اليه (1) (عن سفيان بن عبد الله الثقفي الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب خصال الايمان وآياته من كتاب الايمان في الجزء الأول صحيفة 84 رقم 29 وهو حديث صحيح (2) (عن عبد الله بن عمرو) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وتخريجه في باب خصال الايمان وآياته من كتاب الايمان أيضا في الجزء الأول صحيفة 87 رقم 37 (3) (عن البراء بن عازب) الخ هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الترغيب في خصال مجتمعة من أفضل أعمال البر الخ في هذا الجزء صحيفة 24 رقم 23 (4) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن عاصم بن أبي النجود عن أبي وائل عن معاذ بن جبل قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأصبحت يوما قريبا منه ونحن نسير فقلت يا نبي الله أخبرني بعمل يدخلني الجنة ويباعدني من النار قال لقد سألت من عظيم وانه ليسير على من يسره الله عليه تعبد الله ولا تشرك به شيئا وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت ثم قال الا ادلك على أبواب الخير؟ الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة وصلاة الرجل في جوف الليل ثم قرأ قوله تعالى (تتجافى جنوبهم عن المضاجع - حتى بلغ يعملون) ثم قال ألا أخبركم برأس الأمر وعموده الخ (غريبه) (5) سنام كل شيء أعلاه والذروة أعلى سنام البعير (6) بكسر الميم أي نظامه وما يعتمد عليه فيه (7) بكسر الكاف أي فقدتك وهي من الالفاظ التي تجري على السنة العرب ولا يراد بها الدعاء كقوله تربت يداك (8) اي ما يقطعونه من الكلام الذي لا خير فيه واحدتها حصيدة تشبيها بما يحصد من الزرع وتشبيها للسان وما يقتطعه من القول محد المنجل الذي يحصد به (نس طل مذ جه) وقال الترمذي حديث حسن صحيح وما ذكرته منه هنا في الشرح تقدم نحوه عن معاذ أيضا في الحديث الثالث من كتاب الايمان في الجزء الأول صحيفة 59 رقم 3 فارجع اليه (9) (عن ابن مسعود الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب خصال

ولسانه (عن سهل بن سعد) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من توكل لي (2) ما بين لحييه (3) وما بين رجليه توكلت (4) له بالجنة (عن محمد بن عبد الرحمن الطفاوى) (5) قال خرج أبو الغادية (6) وحبيب بن الحارث وأم أبي العالية مهاجرين الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلموا فقالت المرأة أوصني يا رسول الله قال إياك (7) وما يسوء الأذن (عن سليمان بن سحيم) (8) عن أمه ابنة أبي الحكم الغفاري قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الرجل ليدنو من الجنة حتى ما يكون بينه وبينها قيد (9) ذراع فيتكلم بالكلمة (10) فيتباعد منها أبعد من صنعاء (11) (عن أبي موسى الأشعري) (12) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حفظ ما بين فقميه (13) وفرجه دخل الجنة (حدثنا أبو معاوي) (14) ثنا محمد بن عمرو بن علقمة الليثي عن أبيه عن جده علقمة عن بلال بن الحرث المزني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل ليتكلم بالكلمة من رضوان الله عز وجل (15) ما يظن أن تبلغ ما بلغت (16) يكتب الله عز وجل له بها رضوانه إلى

_ الإيمان وآياته من كتاب الايمان في الجزء الأول صحيفة 84 رقم 30 (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا عمر بن علي قال سمعت أبا حازم عن سهل بن سعد الخ (غريبه) (2) قال في النهاية توكل بالأمر اذا ضمن القيام به وقيل هو بمعنى تكفل (3) بفتح اللام وسكون الحاء والتثنية هما العظمان اللذان ينبت عليهما الاسنان علوا وسفلا (وما بين رجليه) قال الحافظ والمراد بما بين اللحيين اللسان وما يتأنى به النطق وما بين الرجلين الفرج (4) (توكلت) جواب الشرط أي تكلفت له وهو من باب المقابة (بالجنة) أي دخولها أولا أو درجاتها العالية والله أعلم (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح غريب (5) (سنده) حدثنا الصلت بن مسعود الجحدري قال ثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي الخ (قلت) الطفاوي بضم الطاء وفتح الفاء وبعد الألف واو نسبة غلى طفاوة بطن من قيس بن غيلان (غريبه) (6) بالغين المعجمة (7) بكسر الكاف خطابا للمرأة يحذرها من النطق بكلام يسوء غيرها اذا سمع عنها ذلك فإنه موجب للتنافر والتقاطع والعداوة وربما أوقع في الشرور (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للامام احمد عن أبي الغادية ولأبي نعيم في المعرفة عن حبيب بن الحارث والطبراني في الكبير عن عمه العاص بن عمرو الطغاوي ولم يرمز لدرجته الحافظ السيوطي بشيء على غير عادته وسنده عند الامام احمد جيد (8) (سنده) حدثنا ابن أبي عدي عن محمد بن اسحاق عن سلمان بن سحيم الخ (غريبه) (9) بكسر القاف أي قدر ذراع (10) أي مما يسخط الله أي يغضبه كما سيأتي في الحديث التالي (11) صنعاء مدينة باليمن والمراد المبالغة في البعد نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده لا بأس به ويؤيده الحديث التالي (12) (سنده) حدثنا أحمد بن عبد الملك ثنا موسى ابن أعين عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن رجل عن أبي موسى الاشعري الخ (غريبه) (13) بفتح الفاء وسكون القاف (قال في النهاية) الفقم بالضم والفتح اللحى يريد من حفظ لسانه وفرجه (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (حم عل طب) ورواته ثقات اهـ (قلت) في اسناده عند الامام احمد رجل لم يسم وقد جاء عند الطبراني وأبي يعلي من وجه آخر سمي فيه الراوي عن أبي موسى والله أعلم (14) (حدثنا أبو معاوية الخ) (غريبه) (15) أي مما يرضيه ويحبه (16) يعني من رضا الله عز وجل عنه

يوم القيامة (1) وإن الرجل ليتكلم بالكلمة من سخط (2) الله عز وجل ما يظن أن تبلغ ما بلغت (3) يكتب الله عز وجل بها عليه سخطه إلى يوم القيامة (4) قال فكان علقمة يقول كم من كلام قد منعنيه حديث بلال بن الحرث (باب ما جاء في الصمت) (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من صمت نجا (عن ابي هريرة) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم ضيفه ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذ جاره ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليسكت (عن عائشة) (7) رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (وفيه) ومن كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرا أو ليصمت (باب ما جاء في الترهيب من الغيبة والبهت) (عن أبي هريرة) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال هل تدرون ما الغيابة (9) قالوا الله ورسوله أعلم قال ذكرك أخاك بما ليس فيه قال أرأيت ان كان في اخي ما أقول له؟ قال ان كان فيه ما تقول فقد اغتبته وان لم يكن فيه فقد بهته (10) (عن أبي برزة الأسلمي) (11) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (1) قال الطيبي ومعنى كتبه رضوانه توفيقه لما يرضى الله من الطاعات والمسارعة إلى الخيرات فيعيش في الدنيا حميدا والبرزخ بصان من عذاب القبر ويحشر يوم القيامة سعيدا (2) بضم فسكون أي مما يسخط الله عز وجل أي يغضبه (3) يعني من سخط الله (4) معناه أن يختم له بالشقاوة ويصير معذبا في قبره مهانا في حشره حتى يلقاه يوم القيامة فيورده النار نعوذ بالله من ذلك (قال الامام الشافعي) رحمه الله ينبغي للمرء أن يتفكر فيما يريدان يتكلم به ويتدبر عاقبته فإن ظهر له انه خير محقق لا يترتب عليه مفسدة ولا يجر إلى منهي عنه اتى به والا سكت واختلف في قوله تعالى (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد) فقيل يشمل المباح فيكتب وقيل الا يكتب إلا ما فيه ثواب أو عقاب (تخريجه) (لك مذ نس حب ك) وسنده صحيح (5) (سنده) حدثنا حسن واسحاق بن عيسى ويحيى بن اسحاق قالوا حدثنا ابن لهيعة حدثنا يزيد بن عمرو المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلي عن عبد الله بن عمرو بن العاص الخ (تخريجه) (مذ طب) وأورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه الترمذي وقال حديث غريب (قال المنذري) ورواه الطبراني ورواته ثقات وقال المناوي في شرح الجامع الصغير قال الزين العراقي سند الترمذي ضعيف وهو عند الطبراني بسند جيد وقال الحافظ رواته ثقات (6) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الترغيب في الاحسان الى الجار في هذا الجزء صحيفة 56 رقم 68 (7) (عن عائشة رضي الله عنها الخ) حديث عائشه تقدم أيضا بسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار إليه عقب حديث أبي مريرة رقم 69 (باب) (8) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت العلاء يحدث عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) هكذا جاء في الأصل المطبوع وفي بعض الأصول المخطوطة وفي بعضها (الغيبة) باللفظ المعروف (10) من البهتان وهو الكذب والافتراء أي كذبت وافتريت عليه (تخريجه) (م د مذ ذر وغيرهم) (11) (سنده) حدثنا اسود بن عامر شاذان أنا أبو بكر يعني ابن عياش عن الاعمش عن سعيد بن عبد الله بن جريج عن أبي برزة الأسلمي الخ (تخريجه) (د) قال المنذري

حتى أسمع العواتق فقال) يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الايمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من يتبع عوراتهم يتبع الله عورته ومن يتبع الله عورته يفضحه في بيته (عن أبي حذيفة) (1) أن عائشة رضي الله عنها حكت امرأة (2) عند النبي صلى الله عليه وسلم ذكرت قصرها فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد اغتبتها (ومن طريق ثان) (خط) (3) عن أبي حذيفة ايضا عن عائشة رضي الله عنها قالت حكيت للنبي صلى الله عليه وسلم رجلا فقال ما يسرني أني حكيت رجلا وان لي كذا وكذا (4) قالت فقلت يا رسول الله ان صفية امرأة وقال بيده (يعني الراوي) كأنه يعني قصيرة فقال (أي النبي صلى الله عليه وسلم) لقد مزحت (وفي لفظ لقد تكلمت) بكلمة لو مزج بها ماء البحر مزجت (5) (عن عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) (6) ان امرأتين صامتا وأن رجلا قال يا رسول الله ان هاهنا امرأتين قد صامتا وانهما قد كادتا أن تموتا من العطش فأعرض عنه أو سكت ثم عاد (قال الراوي) وأراه قال بالهاجرة قال يا نبي الله انهما والله قد ماتتا أو كادتا أن تموتا قال ادعهما قال فجاءتا قال فجيئي بقدح أوعس فقال لاحداهما قيئي فقاءت قيحا أو دما وصديدا ولحما حتى قاءت نصف القدح ثم قال للأخرى قيئي فقاءت من قيح ودم وصديد ولحم عبيط وغيره حتى ملأت القدح ثم قال ان هاتين صامتا عما احل الله وافطرتا على ما حرم الله عز وجل عليهما جلست إحداهما

_ سعيد بن عبد الله بن جريح مولى أبي برزة بصرى قال أبو حاتم الرازي هو مجهول وقال ابن معين ما سمعت أحد روى عنه إلا الأعمش من رواية أبي بكر بن عياش (1) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن علي بن الأقمر عن أبي حذيفة ان عائشة الخ (2) الظاهر انها صفية بنت حييى إحدى زوجاته صلى الله عليه وسلم كما يستفاد من الطريق الثانية والله أعلم (قال النووي) رحمه الله من الغيبة المحرمة المحاكاة بأن يمشي متعارجا أو مطأطأ رأسه أو غير ذلك من الهيئات وهو معنى قوله في الحديث حكت امرأة أي فعلت مثل فعلها أو قالت مثل قولها منقصة لها يقال حكاه وحاكاه (قال الطيبي) واكثر ما تستعمل المحاكاة في القبيح (3) (خط) (سنده) حدثنا عبد الرحمن قال سمعت سفيان يحدث قال ثنا علي ابن لأقمر عن أبي حذيفة وكان من أصحاب عبد الله وكان طلحة يحدث عنه عن عائشة قالت حكيت للنبي صلى الله عليه وسلم الخ (4) اي ولو أعطيت كذا وكذا من الدنيا أي شيئا كثيرا منها بسبب ذلك فهي جملة حالية وارده على التعميم والمبالغة (5) يعني مزجته كما جاء في بعض الروايات أي خالطته مخالطة يتغير بها طعمه وريحه لشدة نتنها وقبحها كذا قرره النووي وقال غيره معناه هذه غيبة منتنة لو كانت مما يمزج بالبحر مع عظمه لغيرته فكيف بغيره قال النووي هذا الحديث من أعظم الزواجر عن الغيبة أو أعظمها وما أعلم شيئا من الاحاديث بلغ في ذمها هذا المبلغ (وما ينطق عن الهوى إن هو وحي يوحى) (تخريجه) أورده النووي في رياض الصالحين وقال رواه (د مذ) وقال يعني الترمذي حديث حسن صحيح اهـ (قلت) جاء في آخر هذا الحديث في الاصل بعد قوله مزجت قال عبد الله (يعني ابن الامام احمد) وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يداه اهـ ولذلك رمزت له برمز (خط) في أوله كما أشرت إلى ذلك في المقدمة والله أعلم (6) (عن عبيد الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب تحذير الصائم من اللغو والرفث

إلى الأخرى فجعلتا يأكلان لحوم الناس (عن جابر بن عبد الله) (1) قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فارتفعت ريح جيفة منتنة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اتدرون ما هذه الريح؟ هذه ريح الذين يغتابون المؤمنين (عن أسماء بنت يزيد) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من ذب عن لحم أخيه في الغيبة كان حقا على الله أن يعتقه من النار (عن ابن عمر) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من قال في مؤمن ما ليس فيه أسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال (باب ما جاء في الترهيب من النميمة) (عن حذيفة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة (5) قتات (عن عبد الله) (6) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الا انبئكم ما العضه؟ قال هي النميمة القالة بين الناس وان محمد صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل يصدق حتى يكتب صديقا ويكذب حتى يكتب كذابا (عن أسما بنت يزيد) (7) الانصارية أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الا اخبركم بخياركم؟ قالوا بلى يا رسول الله قال الذين اذا رؤا ذكر الله تعالى ثم قال ألا أخبركم بشراركم؟ المشاؤون بالنميمة المفسدون بين الأحبة الباغون البرآء العنت (8)

_ وللغيبة من كتاب الصيام في الجزء العاشر صحيفة 77 رقم 143 فارجع اليه (1) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثني ابي حدثنا واصل مولى أبي عيينة حدثني خالد بن عرفطة عن طلحة بن نافع عن جابر ابن عبد الله الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه احمد وابن ابي الدنيا ورواة احمد ثقات اهـ (قلت) وكذلك وثق رجاله الحافظ الهيثمي (2) (سنده) حدثنا محمد بن بكر أنا عبيد الله بن أبي زياد ثنا شهر ابن حوشب عن اسماء بنت يزيد الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه احمد باسناد حسن وابن ابي الدنيا والطبراني وغيرهم (3) (عن ابن عمر الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الرباعيات من كتاب الكبائر (وردغه الخبال) بالغين المعجمة قال في النهاية جاء تفسيرها في الحديث انها عصارة أهل النار والردغة بسكون الدال وفتحها طين ووحل كثير وتجمع على ردغ ورداغ اهـ (وقوله حتى يخرج مما قال) أي يتوب ويرجع عن قوله والله أعلم (باب) (4) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن ابراهيم عن همام عن حذيفة (يعني ابن اليمان الخ) (غريبه) (5) أي بدون سبق عذاب أو لا يدخلها مطلقا ان احتل ذلك والقتات بفتح القاف والتاء الأولى مشددة هو النمام لأنهما بمعنى واحد وقيل النمام الذي يكون مع جماعة يتحدثون فينم عليهم والقتات الذي يتسع عليهم وهم لا يعلمون ثم ينم والله اعلم (تخريجه) (ق د مذ) (6) (عن عبد الله) يعني ابن مسعود الخ هذا طرف من حديث تقدم جميعه بسنده وشرحه وتخريجه بعضه في المتن وبعضه في الشرح في باب ما ورد في الفاظ التشهد من كتاب الصلاة في الجزء الرابع صحيفة 4 رقم 710 وهذا الطرف منه رواه مسلم وغيره (والعضه) بفتح العين والمهملة وسكون الضاد المعجمة فسر في الحديث بالنميمة قال في النهاية هكذا روى في كتب الحديث والذي جاء في كتب الغريب (ألا انبئكم ما العضة) بكسر العين وفتح الضاد والله أعلم (7) (سنده) حدثنا علي بن عاصم قال اخبرني عبد الله بن عثمان بن خثيم عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد الانصارية الخ (8) قال في النهاية الباغون البرآء العنت (العنت) المشقة والفساد والهلاك والإثم والغلظ والخطأ والزنا وكل ذلك قد جاء وأطلق العنت عليه والحديث يحتمل كلها والبرآء جمع بريئي

(عن ابن عباس) (1) قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بقبرين فقال إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير أما أحدهما فكان لا يستنزه من البول قال وكيع من بوله وأما الآخر فكان يمشي بالنمميمة (عن ابن مسعود) (2) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئا فإني أحب أن أخرج اليكم وأنا سليم الصدر قال وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مال فقسمه قال فمررت برجلين واحدهما يقول لصاحبه والله ما أراد محمد بقسمته وجه الله ولا الدار الآخرة فتثبت حتى سمعت ما قالا ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إنك قلت لنا لا يبلغني أحد عن أحد أصحابي شيئا واني مررت بفلان وفلان وهما يقولان كذا وكذا قال فاحمر وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وشق عليه ثم قال دعنا منك فقد أوذي موسى أكثر من ذلك ثم صبر (وعنه من طريق ثان) (3) قال تكلم رجل من الانصار كلمة فيها موجدة على النبي صلى الله عليه وسلم فلم تقرني نفسي أن أخبرت بها النبي صلى الله عليه وسلم فلوددت أني افتديت منها بكل أهل ومال فقال قد آذوا موسى عليه الصلاة والسلام أكثر من ذلك فصبر ثم أخبر أن نبيا كذبه قومه وشجوه حين جاءهم بأمر الله فقال وهو يمسح الدم عن وجهه اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون (باب ما جاء في الترهيب من الكذب) (عن عبد الله) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم والكذب فإن الكذب يهدي إلى الفجور وان الفجور يهدي إلى النار وما يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله عز وجل كذابا (عن عائشه) (5) رضي الله عنها

_ وهو والعنت منصوبان مفعولان للباغين يقال بغيت فلانا خيرا وبغيتك الشيء طلبته لك وبغيت الشيء طلبته (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه شهر بن حوشب وقد وثقه غير واحد وبقية رجال أحد أسانيده رجال الصحيح اهـ (قلت) هو ما ذكرته هنا (هذا) وقد جاء في مجمع الزوائد (الباغون للبرآء العيب) بدل العنت وهو خطأ من الناسخ أو الطابع والله أعلم (1) (عن ابن عباس) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في أبواب عذاب القبر من كتاب الجنائز صحيفة 127 رقم 308 في الجزء الثامن فارجع اليه تجد ما يسرك وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما وهناك في الباب المذكور أحاديث أخرى بهذا المعنى والله الموفق (2) (سنده) حدثنا حجاج قال سمعت اسرائيل بن يونس عن الوليد بن أبي هشام مولى الهمداني عن زيد بن أبي زائد عن عبد الله بن مسعود الخ (3) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال اخبرنا عاصم بن بهدلة عن أبي وائل عن ابن مسعود قال تكلم رجل الخ (تخريجه) (د) وسند الطريق الأولى حسن والثانية صحيح والله أعلم (باب) (4) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وان البر يهدي إلى الجنة وما يزال الرجل يصدق حتى يكتب عند الله عز وجل صديقا واياكم والكذب الخ (تخريجه) (ق د مذ) والبخاري في الأدب المفرد وتقدم صدره المختص بالصدق في باب الترغيب في الصدق والأمانة في هذا الجزء صحيفة 92 رقم 78 (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن أيوب عن ابن أبي مليكه وغيره أن عائشه قالت ما كان خلق الخ

قالت ما كان خلق أبغض إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من الكذب ولقد كان الرجل يكذب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم الكذبة فما يزال في نفسه عليه حتى يعلم أن قد احدث منها توبة (عن المغيرة) ابن شعبة (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين وقال عبد الرحمن (2) فهو أحد الكذابين (عن أبي أمامة) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يطبع المؤمن على الخلال كلها (4) إلا الخيانة والكذب (5) (عن عائشه) رضي الله عنها (6) ان امرأة جاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان لي زوجا ولي ضرة واني اتشبع من زوجي اقول أعطاني كذا وكساني كذا وهو كذب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم المتشبع بمالم يعط (7) كلابس ثوبي زور (8) (عن نواس بن سمعان) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم كبرت خيانة تحدث أخاك (10) حديثا هو لك مصدق وأنت به كاذب

_ (تخريجه) (بز حب ك) وصححه الحاكم (1) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان قال وحدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن حبيب عن ميمون بن أبي شبيب عن المغيرة بن شعبة الخ (غريبه) (2) هو أحد رجال السند يعني أنه قال في روايته أحد الكذابين بدل الكاذبين (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (3) (سنده) حدثنا وكيع قال سمعت الأعمش قال حدثت عن أبي أمامة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) أي يخلق المؤمن (على الخلال) أي الخصال كلها من خير وشر (5) أي فلا يطبع عليهما بل قد يحصلان تطبعا وتخلقا قال الطيبي وانما كانت الخيانة والكذب منافيين لحاله لأنه حكم بأنه مؤمن والايمان يضادهما اذ الخيانة ضد الامانة (لا ايمان لمن لا أمانة له) والكذب بجانب للايمان وليس من شرطه ان لا يوجد منه خيانة ولا كذب أصلا بل أن لا يكثر منه (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أحمد قال حدثنا وكيع سمعت الأعمش قال حدثت علي بن أمامة اهـ (قلت) يشير إلى انه منقطع وله شاهد يؤيده من حديث سعد بن أبي وقاص أورده المنذري عن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يطبع المؤمن على كل خلة غير الخيانة والكذب ثم قال رواه البزار وأبو يعلي ورواته رواة الصحيح (قلت) وقاله الهيثمي رجاله رجال الصحيح اهـ وقال الحافظ سنده قوي (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشه الخ (غريبه) (7) بضم أوله وفتح الطاء المهملة بينهما مهملة ساكنة مبني للمفعول وأصل المتشبع الذي يظهر أنه شبعان وليس بشبعان ومعناه هنا كما قاله النووي وغيره أنه يظهر أنه حصل له فضيلة وليست محاصلة (8) أي ذي زور وهو من يزور على الناس فيلبس لباس ذري التقشف ويتزيا بزي أهل الزهد والصلاح والعلم وليس هو بتلك الصفة وأضاف الثوبين إلى الزور لأنهما ليسا لأجله وثنى باعتبار الرداء والازار يعني أن المتحلي بما ليس له كمن لبس ثوبين من الزور فارتدى بأحدهما وتأزر بالآخر (تخريجه) (م) وغيره (9) (سنده) حدثنا عمر بن هارون عن ثور بن يزيد عن شريح عن جبير بن نفير الحضري عن نواس بن سمعان الخ (10) أي في الدين وان لم يكن أخاك من النسب قال الطيبي أخاك فاعل كبرت وأتت باعتبار المعنى لأنه نفس الخيانة وفيه معنى التعجب كما في (كبر مقتا عند الله) والمراد خيانة عظيمة له منك اذا حدثت أخاك المسلم بحديث وهو يعتمد عليك اعتمادا على أنك

(عن أسماء بنت عميس) (1) قالت قلت يا رسول الله إن قالت أحدانا لشيء تشتهيه لا اشتهيه يعد ذلك كذبا؟ قال إن الكذب يكتب كذبا حتى تكتب الكذيبة كذيبة (فصل منه في ذكر أناس اتصفوا بالكذب) (عن أبي هريرة) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أكذب الناس أو من أكذب الناس الصواغون والصباغون (وعنه أيضا) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أكذب الناس الصناع (فصل فيما يباح من الكذب) (عن أسماء بنت يزيد) (3) أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب يقول يا أيها الذين آمنوا ما يحملكم على أن تتابعوا في الكذب كما يتتابع الفراش في النار كل الكذب يكتب على ابن آدم إلا ثلاث خصال رجل كذب على امرأته ليرضيها أو رجل كذب في خديعة حرب أو رجل كذب بين أمرأين مسلمين ليصلح بينهما (4) (عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف) (5)

_ مسلم لا تكذب فيصدقك والحال أنك كاذب (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه احمد عن شيخه عمر بن هارون وفيه خلاف وبقية رواته ثقات اهـ وأورده أيضا الهيثمي وقال رواه احمد عن شيخه عمر ابن هارون وقد وثقه قتيبة وغيره وضعفه ابن معين وغيره وبقية رجاله ثقات اهـ وقال العراقي حديث النواس سنده جيد وعزاه الحافظ السيوطي للامام احمد والطبراني قال المناوي وكذا ابن دي والله اعلم (1) (عن اسماء بنت عميس الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بسنده وشرحه وتخريجه في باب بناته صلى الله عليه وسلم عائشه من أبواب ذكر أزواج النبي صلى الله عليه وسلم الطاهرات في القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (فصل) (2) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث والذي بعده تقدما بسندهما وشرحهما وتخريجها في باب كسب الحجام والاماء والقصاب والصائغ من كتاب البيوع والكسب في الجزء الخامس عشر ص 15 رقم 43 و 45 فارجع اليه (فصل) (3) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا داود بن عبد الرحمن عن ابن خثيم عن شهر بن حوشب عن اسماء بنت يزيد الخ (غريبه) (4) قال النووي في شرح مسلم قال القاضي لا خلاف في جواز الكذب في هذه الصور واختلفوا في المراد بالكذب المباح فيها ما هو (فقالت طائفة هو على اطلاقه) واجازوا قول ما لم يكن في هذه المواضع للمصلحة وقالوا الكذب المذموم ما فيه مضرة واحتجوا بقول ابراهيم صلى الله عليه وسلم بل فعله كبيرهم (واني سقيم) وقوله انها اختي وقول منادي يوسف صلى الله عليه وسلم أيتها العير إنكم لسارقون قالوا ولا خلاف انه لو قصد ظالم قتل رجل هو عنده مختف وجب عليه الكذب في أنه لا يعلم أين هو (وقال الآخرون) منهم الطبري لا يجوز الكذب في شيء أصلا قالوا وما جاء في الاباحة في هذا المراد به التورية واستعمال المعاريض لا صريح الكذب مثل ان يعد زوجته ان يحسن اليها أو يكسوها كذا وينوي أن قدر الله ذلك وحاصله أن يأتي بكلمات محتملة يفهم المخاطب منها ما يطيب قلبه واذا سعى في الاصلاح نقل عن هؤلاء إلى هؤلاء كلاما جميلا ومن هؤلاء الى هؤلاء كذلك وورى وكذا في الحرب أن يقول لعدوه مات إمامكم الا عظم وينوى امامهم في الأزمان الماضية وغدا يأتينا مدد أي طعام ونحو هذا من المعاريض المباحة فكل هذا جائز وقالوا قصة ابراهيم ويوسف وما جاء من هذا على المعاريض أما كذبه لزوجته وكذبها له فالمراد به في اظهار الود والوعد بما لا يلزم ونحو ذلك وأما المخادعة في منع حق عليه أو عليها أو أخذ ما ليس له أولها فهو حرام باجماع المسلمين انتهى كلام النووي (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن لا نعرفه من حديث أسماء الا من حديث ابن خثيم اهـ (قلت) يؤيده حديث ام كلثوم الآتي بعده (5) (سنده) حدثنا يعقوب قال حدثنا أبي عن

أن أمه أم كلثوم بنت عقبة أخبرته أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس الكذاب الذي يصلح بين الناس فينمى خيرا أو يقول خيرا (1) وقالت لم أسمعه يرخص في شيء مما يقول الناس (2) إلا في ثلاث في الحرب والاصلاح بين الناس وحديث الرجل امرأته وحديث المرأة زوجها وكانت أم كلثوم بنت عقبة (3) من المهاجرات (4) اللاتي بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب ما جاء في الترهيب من الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم والتغليظ في ذلك) (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كذب علي فهو في النار (عن عثمان بن عفان) رضي الله عنه (6) قال ما يمنعني أن أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا أكون أوعى أصحابه عنه ولكني اشهد لسمعته يقول من قال علي ما لم أقل فليتبوأ (7) مقعده من النار وقال حسين أوعى صحابته عنه (وعنه من طريق ثان) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تعمد علي كذبا فليتبوأ

_ صالح بن كيسان قال ثنا محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب ان حميد بن عبد الرحمن بن عوف أخبره أن امه ام كلثوم الخ (غريبه) (1) جاء في رواية أخرى ويقول خيرا بدون همزة قبل الواو (2) زاد في رواية (من الكذب) (3) يعني ابن أبي معيط (4) زاد في رواية (الأول) يعني من المهاجرات السابقات في الهجرة وأول من هاجر عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم الى الحبشة (تخريجه) (ق د مد نس طل) (باب) (5) (سنده) حدثنا ابو سعيد حدثنا دجين أبو الغصن بصرى قال قدمت المدينة فلقيت اسلم مولى عمر بن الخطاب فقلت حدثني عن عمر فقال لا استطيع أخاف أن أزيد أو انقص كنا اذا قلنا لعمر حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أخاف أن أزيد حرفا أو انقص ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كذب علي فهو في النار (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وأبو يعلي الا انه قال من كذب علي متعمدا فيتبوأ مقعده من النار وفيه دجين بن ثابت أبو الغصن وهو ضعيف ليس بشيء (6) (سنده) حدثنا اسحاق بن عيسى حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد (ح) وسريج وحسين قالا حدثنا ابن ابي الزناد عن أبيه عن عامر بن سعد قال حسين بن أبي وقاص قال سمعت عثمان بن عفان يقول ما يمنعني ان احدث الخ (قلت) حرف الحاء الموضوع في السند بين دائرتين هو علامة تحويل السند في اصطلاح المحدثين فالامام احمد رحمه الله روى هذا الحديث عن اسحاق بن عيسى وسريج بن النعمان وحسين فقال اسحاق في روايته حدثنا عبد الرحمن بن أبي الزناد فذكر اسمه عبد الرحمن أما سريج وحسين فقالا حدثنا ابن أبي الزناد فلم يذكر اسمه وفي السند ايضا (قال حسين ابن أبي وقاص) ومعناه ان حسينا قال في روايته عن عامر بن سعد بن أبي وقاص أما اسحاق وسريج فقالا عن عامر بن سعد فقط ولم يذكرا الفظ ابن ابي وقاص ولأجل المحافظة على اللفظ بيمن ذلك الامام احمد رحمه الله في المسند وهكذا تكون الامانة والتحري في رواية الحديث رحمه الله (غريبه) (7) أي فليتخذ مقعده من النار وكذلك فليتبوأ بيتا وقد تكرر هذا اللفظ في احاديث الباب ومعناه ما ذكر (8) (سنده) حدثنا عبد الكبير بن عبد المجيد ابو بكر الحنفي حدثنا عبد الحميد بن جعفر عن أبيه عن محمود بن عبيد عن عثمان ابن عفان قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي بطريقيه وقال رواهما (حم عل بز)

بيتا في النار (عن علي) (1) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا تكذبوا علي فإنه من يكذب علي يلج النار (2) (وعنه من طريق ثان) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من حدث عني حديثا يرى أنه كذب فهو أكذب الكاذبين (عن عامر بن عبد الله بن الزبير عن أبيه) (4) قال قلت للزبير مالي لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما اسمع ابن مسعود وفلانا وفلانا؟ قال أما إني لم أفارقه منذ اسلمت ولكني سمعت منه كلمة من كذب علي معتمدا فليتبوأ مقعده من النار (عن ابن عمر) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الذي يكذب علي يبنى له بيت في النار (عن أبي هريرة) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تقول علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار (7) (قط) (عن شعبة) (8) قال اخبرني قتادة وحماد بن أبي سليمان وسليمان التيمي سمعوا أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار (عن مسلم مولى خالد بن عرفطة) (9) أن خالد بن عرفطة قال للمختار هذا (10) رجل كذاب ولقد سمعت

_ وفي رواية البزار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وكذلك أبو يعلي وهو حديث رجاله رجال الصحيح والطريق الأولى فيها عبد الرحمن بن أبي الزناد وهو ضعيف وقد وثق (1) (سنده) حدثنا يحيى عن شعبة حدثنا منصور قال سمعت ربعيا قال سمعت عليا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أي يدخلها (3) (سنده) حدثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة حدثنا ابن فضيل عن الأعمش عن الحكم عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن علي (يعني ابن أبي طالب) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) اخرج الطريق الأولى الشيخان واخرج الطريق الثانية ابن ماجه والحديث صحيح بطريقيه (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن جامع بن شداد عن عامر ابن عبد الله بن الزبير عن أبيه الخ (تخريجه) (خ د نس جه) (5) (عن ابن عمر) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب تغليظ الكذب دلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب العلم في الجزء الأول صحيفة 181 رقم 75 (6) (سنده) حدثنا عبد الله بن يزيد من كتابه قال ثنا سعيد يعني ابن ابي أيوب ثنا بكر بن عمر الغافري عن عمرو بن أبي نعيمة عن أبي عثمان مسلم بن يسار عن أبي هريرة الخ (غريبه) (7) ليس هذا آخر الحديث (وبقيته) ومن استشاره اخوه المسلم فاشار عليه بغير رشد فقد خانه ومن أفتى بفتيا غير ثبت فإنما اثمه على من أفتاه (تخريجه) أخرجه الشيخان وغيرهما بلفظ كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من النار وأخرجه البخاري من حديث سلمة بن الاكوع قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من يقل علي ما لم أقل فليتبوأ مقعده من النار (8) (قط) (سنده) حدثنا ابو عبد الله السلمي قال حدثني حرمى بن عمارة ثنا شعبة قال اخبرني قتادة الخ (تخريجه) اخرجه الشيخان بلفظ (من تعمد علي كذبا فليتبوأ مقعده من النار) والمعنى واحد وهذا الحديث من زوائد القطيعي على مسند الامام احمد ولذلك رمزت له برمز (قط) كما سبق في المقدمة والله الموفق (9) (سنده) حدثنا عبد الله ابن محمد ثنا محمد بن بشر ثنا زكريا بن ابي زائدة ثنا خالد بن سلمة ثنا مسلم مولى خالد بن عرفطه الخ (غريبه) (10) المراد باسم الاشارة هو المختار يعني انه قال في المختار هذا رجل كذاب والمختار هو ابن عبيد وتقدم

النبي صلى الله عليه وسلم يقول من كذب علي متعمدا فليتبوأ مقعده من جهنم (عن قيس بن سعد بن عبادة الانصاري) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كذب علي كذبة متعمدا فليتبوأ مضجعا من النار أو بيتا في جهنم (2) (باب ما جاء في المزاح والترهيب من الكذب فيه) (عن أبي هريرة) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن العبد الايمان كله حتى يترك الكذب من المزاحة ويترك المراء وان كان صادقا (وعنه أيضا) (4) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال من قال لصبي تعال هاك ثم لم يعطه فهي كذبة (عن عبد الله بن عامر بن ربيعة) (5) أنه قال اتانا رسول الله صلى الله عليه وسل في بيتنا وانا صبي قال فذهبت اخرج لألعب فقالت أمي يا عبد الله تعال أعطك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما أردت أن تعطيه؟ قالت أعطيه تمرا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أنك لو لم تفعلي كتبت عليك كذبة (عن معاوية بن جيدة) (6) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ويل للذي يحدث القوم ثم يكذب ليضحكهم ويل له وويل لهم (عن أبي هريرة) (7) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الرجل ليتكلم بالكلمة يضحك بها جلساءه يهوي بها

_ الكلام عليه في شرح حديث أبي رفاعة البجلي في باب الترهيب من الغدر في هذا الجزء صحيفة 234 رقم 94 (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) ولفظه عند البزار (من قال علي مالم أقل فليتبوأ مقعده من النار) رواه الطبراني في الكبير نحو احمد وفيه مسلم مولى خالد بن عرفطة يرو عنه الا خالد بن سلمة (1) (سنده) حدثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة قال حدثنيه ابن هبيرة قال سمعت شيخا من حمير يحدث أبا تميم الجيشاني انه سمع قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) ليس هذا آخر الحديث (وبقيته) وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من شرب الخمر أتى عطشانا يوم القيامة ألا فكل مسكر خمر واياكم والغبيرا قال هذا الشيخ سمعت عبد الله بن عمر بعد ذلك يقول مثله فلم يختلف غلا في بيت أو مضجع (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة ورجل لم يسم اهـ (قلت) علته الرجل المجهول أم ابن لهيعة فقد صرح فيه بالتحديث (باب) (3) (سنده) حدثنا حجين أبو عمر وحدثنا عبد العزيز عن منصور بن زاذان عن مكحول عن ابي هريرة الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (حم طب) ورواه أبو يعلي من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يبلغ العبد صريح الايمان حتى يدع المزاح والكذب ويدع المراء وان كان محقا) وفي أسانيدهم من لا يحضرني حاله ولمتنه شواهد كثيرة (4) (سنده) حدثنا حجاج قال حدثنا ليث قال حدثني عقيل عن ابن شهاب عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد من رواية الزهري عن أبي هريرة ولم يسمعه منه (5) (سنده) حدثنا هاشم حدثنا الليث عن محمد بن عجلان عن مولى لعبد الله بن عامر بن ربيعة العدوي عن عبد الله بن عامر بن ربيعة الخ (تخريجه) (د) قال المنذري مولى عبد الله مجهول (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن بهز بن حكيم عن ابيه عن جده (يعني معاوية بن حيدة) (تخريجه) (د مذ نس) وحسنه الترمذي (7) (سنده) حدثنا علي بن اسحاق قال أنا عبد الله أنا الزبير

أبعد من الثريا (1) (وعنه من طريق ثان) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل يتكلم بالكلمة لا يرى بها بأسا (3) يهوى بها سبعين خريفا (4) في النار (وعنه من طريق ثالث) (5) يرفعها إن العبد يتكلم بالكلمة يزل بها في النار أبعد ما بين المشرق والمغرب (عن أبي سعيد الخدري) (6) يرفعه قال إن الرجل ليتكلم بالكلمة لا يريد بها بأسا الا ليضحك بها القوم فإنه ليقع منها أبعد من السماء (7) (عن عبد الله بن زمعة) (8) قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وعظهم في ضحكهم من الضرطة فقال علام يضحك أحدكم على ما يفعل (عن أبي هريرة) (9) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إني لا أقول إلا حقا قال بعض أصحابه فإنك تداعبنا (10) يا رسول الله فقال إني لا أقول إلا حقا (عن أنس ابن مالك) (11) أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فاستحمله (12) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا حاملوك على ولد ناقة (13) قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اصنع بولد ناقة؟ (14) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل تلد

_ ابن سعيد فذكر حديثا عن صفوان بن سليم أيضا عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) يعني في النار كما يستفاد من الطرق الآتية (2) (سنده) حدثنا ابن ابي عدي عن محمد بن اسحاق حدثني محمد بن ابراهيم عن عيسى بن طلحة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (3) أي في نفسه ولكنها مذمومة عند الله عز وجل (4) أي سبعين عاما قال في النهاية الخريف الزمان المعروف من فصول السنة ما بين الصيف والشتاء (5) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بكر بن مضر عن يزيد بن الهاد عن محمد بن ابراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان العبد الخ (تخريجه) (ق مذ نس جه لك ك) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد (6) (سنده) حدثنا أسود بن عامر قال انا ابو اسرائيل عن عطية عن أبي سعيد الخدري يرفعه الخ (غريبه) (7) اي يقع بها في النار أبعد من وقوعه من السماء إلى الأرض (قال الغزالي) المراد به ما فيه غيبة مسلم أو ايذاؤه دون محض المزاح أورده المنذري وقال رواه أبو الشيخ عن أبي اسرائيل عن عطية وهو العوفي عنه اهـ (قلت) يشير الحافظ المنذري بذلك إلى أن في اسرائيل وعطية كلام (8) (عن عبد الله بن زمعة الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه في باب خطب النبي صلى الله عليه وسلم في القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية (9) (سنده) حدثنا يونس حدثنا ليث عن محمد عن سعيد بن أبي سعيد عن أبي هريرة الخ (غريبه) (10) من الدعابة أي تمازحنا والمداعبة مطلوبة محبوبة لكن في مواطن مخصوصة فليس في كل آن يصلح المزاح ولا في كل وقت يحسن الجد ورحم الله من قال - (أهازل حيث الهزل يحسن بالفتى - واني إذا اجد الرجال لذو جد) وقال الراغب المزاح والمداعبة إذا كان على الاقتصاد محمود والافراط فيه يذهب البهاء ويجريء السفهاء ولا ينتج الا الشر (تخريجه) (مذ) وحسنه وقال الهيثمي إسناد احمد حسن (11) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد حدثنا خالد بن عبد الله عن حميد الطويل عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (12) أي سأله الحملان والمراد به أن يعطيه حمولة يركها (13) يعتى بعيرا من الابل وانما قال ولد ناقة مباسطا له (14) توهم الرجل أن الولد لا يطاق إلا على الصغير وهو

الإبل (1) إلا النوق (عن أم سلمة) (2) أن أبا بكر خرج تاجرا إلى بصرى ومعه نعيمان وسويبط ابن حرملة وكلاهما يدري وكان سويبط على الزاد فجاءه نعيمان فقال اطعمني فقال لا حتى يأتي أبو بكر وكان نعيمان رجلا مضحاكا مزاحا فقال لأغيظنك فجاء إلى أناس جلبوا ظهرا فقال ابتاعوا مني غلاما عربيا فارها (3) وهو ذو لسان ولعله يقول أنا حر فإن كنتم تاركيه لذلك فدعوني لا تفسدوا علي غلامي فقالوا بل نبتاعه منك بعشر قلائص (4) فاقبل بها يسوقها واقبل بالقوم حتى عقلها ثم قال للقوم دونكم هو هذا فجاء القوم فقالوا قد اشتريناك قال سويبط هو كاذب انا رجل حر فقالوا قد أخبرنا خبرك وطرحوا الحبل في رقبته فذهبوا به فجاء أبو بكر فاخبر فذهب هو أصحابه له فردوا القلائص وأخذوه فضحك منها النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا (5) (عن عبد الحميد بن صيفي عن أبيه عن جده) (6) قال ان صهيبا قدم على الرسول صلى الله عليه وسلم وبين يديه تمر وخبز فقال ادن فكل فأخذ يأكل من التمر فقال له النبي صلى الله عليه وسلم ان بعينك رمدا (7) فقال يا رسول الله إنما آكل من الناحية الأخرى (8) قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب ما جاء في الترهيب من الجدال والمراء) (عن أبي هريرة) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جدال

_ غير قابل للركوب (1) بالفتح مفعول للد أي جنس الابل من الصغار والكبار الا النوق بضم النون والقاف فاعل والنوق جمع الناقة وهي انثى الإبل والمعنى انك لو تدبرت لم تقل ذلك ففيه من المباسطة له الاشارة إلى ارشاده واشاد غيره بأنه ينبغي لمن سمع قولا أن يتأمله ولا يبادر إلى رده الا بعد أن يدرك معناه (تخريجه) (د مذ) وقال الترمذي هذا حديث صحيح غريب (2) (سنده) حدثنا روح حدثنا زمعة بن صالح قال سمعت ابن شهاب يحدث عن عبد الله بن وهب بن زمعة عن أم سلمة الخ (قلت) أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم احدى امهات المؤمنين رضي الله عنها (غريبه) (3) أي نشيطا قويا (وهو ذو لسان) اي فصيح بليغ في الكلام (4) أي بعشر نوق (5) أي عاما والظاهر أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يذكرون هذه القصة فيما بينهم أحيانا واستمرت هذه الذكرى مدة عام فإذا جاءت مناسبة لها عند النبي صلى الله عليه وسلم ضحك هو أيضا ضحكة المعلوم وهو التبسم والله أعلم (تخريجه) (جه) وفي اسناده زمعة ابن صالح قال في الخلاصة ضعفه احمد وابن معين وابو حاتم قال النسائي ليس بالقوى كثير الغلط عن الزهري قرئه مسلم بآخر له عنده فرد حديث (6) (سنده) حدثنا أبو النضر حدثنا عبد الله بن المبارك عن عبد الحميد ابن صيفي عن أبيه عن جده الخ (قلت) جده هو صهيب بن سنان الرومي صحابي مشهور شهد بدرا له أحاديث (غريبه) (7) جاء عند ابن ماجه (فقال النبي صلى الله عليه وسلم تأكل تمرا وبك رمد) فيحتمل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له ذلك من وجه المباسطة ويحتمل أن من به رمد لا يناسبه أكل التمر لأنه يحتاج إلى قوة في المضغ وهذا يؤلم العين (8) معناه اني امضغ من ناحية أخرى كما صرح بذلك عند ابن ماجه وهذا الجواب فيه غاية المباسطة أو يدل على بله الرجل ولذلك تبسم النبي صلى الله عليه وسلم لأن المضغ يؤلم العين مطلقا سواء كان من جهة العين الوجعه أو من غيرها والله أعلم (تخريجه) (جه) وسنده جيد (باب) (9) (سنده) حدثنا يزيد أخبرنا زكريا عن سعد بن ابراهيم عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبه)

في القرآن كفر (1) (عن أبي أمامة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل ثم تلا هذه الآية (ما ضربوه لك إلا جدلا بل هم قوم خصمون) (3) (عن أبي هريرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يؤمن العبد الايمان كله حتى يترك الكذب من المزاحة ويترك المراء وان كان صادقا (عن عائشة) (5) رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبغض الرجال إلى الله الألد الخصم (باب ما جاء في الترهيب من تشقيق الكلام والتشدق فيه وما جاء في البيان في القول) (عن عبد الله بن عمرو) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ان الله عز وجل يبغض البليغ من الرجال الذي يتخلل بلسانه كما تخلل (7) الباقرة بلسانها (عن أبي هريرة) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بشراركم؟ فقال هم الثرثارون (9) المتشدقون ألا أنبئكم بخياركم احسا منكم أخلاقا (عن معاوية) (10) قال لعن

_ (1) تقدم نحو هذا الحديث من وجه آخر عن أبي هريرة أيضا في الباب الأول من أبواب القراآت من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 39 رقم 95 وتقدم شرحه هناك (تخريجه) (د مذ ك) وصححه الحاكم على شرط مسلم وأقره الذهبي (2) (سنده) حدثنا عبد الواحد الحداد حدثنا شهاب بن خراش عن حجاج بن دنيار عن أبي غالب عن أبي أمامة الخ (غريبه) (3) أنظر تفسير هذه الآية في سورة الزخرف من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 266 (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد ثم قال وقد رواه الترمذي وابن ماجه وابن جرير من حديث حجاج بن دينار به ثم قال الترمذي حديث صحيح لا نعرفه إلا من حديثه كذا قال (4) (عن ابي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب السابق (5) سنده حدثنا وكيع حدثنا ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن عائشة الخ (غريبه) تقدم نحو هذا الحديث عن عائشه ايضا في باب الترهيب من هجر المسلم في هذا الجزء صحيفة 340 رقم 118 وتقدم شرحه هناك (تخريجه) (ق مذ) (باب) (6) (سنده) حدثنا يزيد حدثنا نافع بن عمر عن بشر بن عاصم بن سفيان عن أبهي عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (غريبه) (7) أصله تتخلل حذفت إحدى التاءين تخفيفا (وقوة الباقرة) يعني البقرة قال في النهاية هو الذي يتشدق في الكلام ويفحم به لسانه ويلفه كما تلف البقرة الكلأ (يعني العشب) بلسانها (تخريجه) (د مذ) وقال الترمذي حديث حسن غريب من هذا الوجه (8) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق قال حدثنا البراء قال حدثني عبد الله بن شقق عن أبي هريرة الخ (غريبه) (9) بثاءين مثلثتين ومفتوحتين هو الكثير الكلام تكلفا (والمتشدق) هو المتكلم بملئ شدقه تفاصحا وتعظيما لكلامه (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام احمد من حديث أبي هريرة وسنده جيد وله شاهد من حديث أبي ثعلبة الخشني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحبكم الي واقربكم مني في الآخرة محاسنكم أخلاقا وان ابغضكم إلي وابعدكم مني في الآخرة مساويكم اخلاقا الثرثارون المتفيقهون المتشدقون رواه الامام احمد وتقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من كتاب الأخلاق الحسنة في هذا الجزء صحيفة 76 رقم 11 وأورده المنذري وقال رواه احمد ورواته رواة الصحيح والطبراني وابن حبان في صحيحه (10) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن

رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين يشققون الكلام تشقيق الشعر (عن ابن عمر) (1) قال قدم رجلان من المشرق خطيبان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاما فتكلما ثم قعدا وقام ثابت بن قيس خطيب رسول الله صلى الله عليه وسلم فتكلم ثم قعد فعجب الناس من كلامهم فقام النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا أيها الناس قولوا بقولكم (2) فإنما تشقيق الكلام من الشيطان قال النبي صلى الله عليه وسلم أن من البيان سحرا (3) (وعنه من طريق ثان) (4) قال جاء رجلان من أهل المشرق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخطبا فعجب الناس من بيانهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان من البيان سحرا وان بعض البيان سحر (عن سهيل بن ذراع) (5) أنه سمع معن بن يزيد أو أبا معن قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجتمعوا في مساجدكم فإذا اجتمع قوم فليؤذنوني قال فاجتمعنا أول الناس فأتيناه فجاء يمشي معنا حتى جلس الينا فتكلم متكلم منا فقال الحمد الله الذي ليس للحمد دونه مقتصر وليس وراءه منفذ ونحوا من هذا فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم (6) فقام فتلاومنا ولام بعضنا بعضا فقلنا خصنا الله به أن أتانا أول الناس وأن فعل وفعل قال فأتيناه فوجدناه في مسجد بني فلان فكلمناه فاقبل يمشي معنا حتى جلس في مجلسه الذي كان فيه أو قريبا منه ثم قال ان الحمد لله ما شاء الله جعل بين يديه وما شاء جعل خلفه وان من البيان سحرا ثم اقبل علينا فامرنا وكلمنا وعلمنا (عن سعد بن أبي وقاص) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم يأكلون بالسنتهم (8) كما يأكل البقر بألسنتها

_ جابر بن عمرو بن يحيى عن معاوية (يعني بن أبي سفيان الخ) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه جابر الجعفي وهو ضعيف (1) (سنده) حدثنا ابو عامر عبد الملك بن عمرو حدثنا زهير عن زيد بن اسلم سمعت ابن عمر قال قدم رجلان من المشرق الخ (قلت) المنذري الرجلان هما الزبرقان بن بدر وعمرو بن الاهتم ولهما صحبة والاهتم بفتح التاء ثالث الحروف وكان قدومهما على رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة تسع من الهجرة (غريبه) (2) أي تكلموا على سجيتكم دون تعمل وتصنع للفصاحة والبلاغة (3) اختلف العلماء في قوله صلى الله عليه وسلم (ان من البيان سحرا) فقيل أورده مورد الذم لتشبيهه بعمل الساحر لقلبه القلوب وتزيينه القبيح وتقبيحه الحسن وقيل معناه إن صانعه يكسب به من الاثم ما يكسبه الساحر بعمله وقيل أورده مورد المدح أي أنه تمال به القلوب ويترضى به الساخط ويستنزل به الصعب (4) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن مالك عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال جاء رجلان الخ (تخريجه) (خ مذ) (5) (سنده) حدثنا يحيى بن حماد قال ثنا ابو عوانة عن عاصم بن كليب قال حدثني سهيل بن ذراع الخ (6) انما غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم لكون المتكلم بالغ في كلامه وحجر على الحمد فلم يجعل له منفذا ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم في آخر الحديث ان الحمد لله ما شار الله جعل بين يديه وما شاء جعل خلفه والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجاله رجال الصيح غير سهيل بن ذراع وقد وثقه ابن حبان (7) سنده حدثنا سريج بن النعمان ثنا عبد العزيز يعني الدراوردي عن زيد بن اسلم عن سعد بن أبي وقاص الخ (غريبه) (8) أي يجعلون التشدق بالكلام حرفة يتعيشون بها ويلفون الكلام كما يلف البقر العشب بألسنتها (تخريجه) أورده

(عن عروة بن الزبير) (1) أن عائشة رضي الله عنها اخبرته ان رجلا استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم فقال ائذنوا له فبئس ابن العشيرة أو بئس أخو العشيرة وقال مرة رجل (2) فلما دخل عليه ألان له القول فلما خرج قالت عائشة له الذي قلت ثم النت له القوم فقال أي عائشة شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه الناس أو تركه الناس اتقاء فحشه (وفي لفظ) ان من شرار الناس أو شر الناس الذين يكرمون اتقاء شرهم (عن أبي يونس مولى عائشه) (3) عن عائشة رضي الله عنها قالت استأذن رجل على النبي صلى الله عليه وسلم فقال بئس ابن العشيرة فلما دخل هش له (4) رسول الله صلى الله عليه وسلم وانبسط اليه ثم خرج ثم خرج فاستأذن رجل آخر فقال النبي صلى الله عليه وسلم نعم ابن العشيرة فلما دخل لم ينبسط اليه كما انبسط الى الآخر ولم يهش له كما هش فلما خرج قلت يا رسول الله استأذن فلان فقلت له ما قلت ثم هششت له وانبسطت اليه وقلت لفلان ما قلت ولم أرك صنعت به ما صنعت للآخر فقال يا عائشه إن من شرار الناس من اتقى لفحشه (باب ما جاء في الترهيب من الشعر ان كان فيه فحش أو كذب او انشغال عن الله) (عن سعد) (5) (يعني بن أبي وقاص) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يمتلئ جوف أحدكم قيحا حتى يريه (6) خير من أن يمتلئ شعرا (7)

_ الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن زيد بن أسلم لم يسمع من سعد (قلت) يعني فالحديث منقطع (1) (سنده) حدثنا سفيان انا ابن المنكدر قال اخبرني عروة بن الزبير ان عائشه الخ (غريبه) (2) معناه ان بعض الرواة قال مرة بئس أخو العشيرة وقال مرة بئس أخو العشيرة رجل فزاد في المرة الأخرى لفظ رجل (قال النووي) قال القاضي هذا الرجل هو عيينة بن حصن ولم يكن أسلم حينئذ وان كان قد اظهر الاسلام فأراد النبي صلى الله عليه وسلم ان يبين حاله ليعرفه الناس ولا يغتر به من لم يعرف حاله قال وكان منه في حياة النبي صلى الله عليه وسلم وبعده ما دل على ضعف ايمانه وارتد مع المرتدين وجيء به أسيرا إلى أبي بكررضي الله عنه ووصف النبي صلى الله عليه وسلم له بأنه بئس اخو العشيرة من أعلام النبوة لأنه ظهر كما وصف وانما الآن له القول تألقا له ولأمثاله على الاسلام وفي هذا الحديث مدارة من يتقي فحشه وجواز غيية الفاسق المعلن فسقه ومن يحتاج الناس الى التحذير منه ولم يمدحه النبي صلى الله عليه وسلم ولا ذكر انه اثنى عليه في وجهه وفي في قفاه انما تألفه بشيء من الدنيا مع لين الكلام واما بئس ابن العشيرة أو رجل منها اهـ (تخريجه) (ق مذ وغيرهم) (3) (سنده) حدثنا ابو عامر وسريج يعني ابن النعمان قالا ثنا فليح عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر عن أبي يونس مولى عائشه الخ (غريبه) (4) أي اظهر له الفرح به والسرور والارتياح له (تخريجه) أورده الهيمثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح وفي الصحيح بعضه اهـ (قلت) يشير الى الحديث المتقدم (باب) (5) (سنده) حدثنا حسن حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عمر بن سعد بن مالك عن سعد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) بفتح الياءين التحتيتين بينهما راء مكسورة قال في النهاية هو من الورى الداء قال الأزهري الورى مثال الرمي داء بداخل الجوف وقال الجوهري وى القيح جوفه يريه وريا أكله (7) قال النووي قالوا المراد منه أن يكون الشعر غالبا عليه مستول بحيث يشغله

(وعن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله (عن ابن عمر) (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأن يمتلئ جوف أحدكم قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا (عن أبي سعيد الخدري) (3) قال بينما نحن نسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعرج (4) إذ عرض شاعر ينشد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذو الشيطان أو امسكوا الشيطان (5) لأن يمتلئ جوف رجل قيحا خير له من أن يمتلئ شعرا (عن أبي نوفل بن أبي عقرب) (6) قال سألت عائشه هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسامع عنده الشعر؟ قالت كان أبغض الحديث اليه (7) (حدثنا يزيد بن هرون) (8) أنا قزعة بن سويد الباهلي عن عاصم بن مخلد عن أبي الأشعث الصنعاني قال أبي (9) ثنا الاشيب فقال عن ابي عاصم الاحول عن أبي الاشعث عن شداد بن أوس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قرض (10) بيت شعر بعد العشاء الآخرة لم تقبل له صلاة تلك الليلة

_ عن القرآن أو غيره من العلوم الشرعية وذكر الله تعالى اهـ وبالجملة فالشعر غالبا لا يخلو من ضرر ديني فالضرر الدنيوي خير منه (تخريجه) (م مذ جه طل) (1) (سنده) حدثنا المفضل بن دكين حدثنا سفيان عن الاعمش عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأن يمتلئ جوف الرجل قيحا يريه خير له من ان يمتلئ شعرا (تخريجه) (ق والأربعة) (2) (سنده) حدثنا اسحاق بن سليمان سمعت حنظلة بن أبي سفيان الجمحي سمعت سالم بن عبد الله يقول سمعت عبد الله بن عمر يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (خ) (3) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن ابن الهاد عن يحنس مولى مصعب ابن الزبير عن ابي سعيد الخدري الخ (غريبه) (4) قال النووي هو بفتح المهملة واسكان الراء وبالجيم وهي قرية جامعة من عمل الفرع على نحو ثمانية وسبعين ميلا من المدينة (5) سمي النبي صلى الله عليه وسلم هذا الرجل الذي سمعه ينشد شيطانا فلعله كان كافرا وكان الشعر هو الغالب عليه أو كان شعره هذا من المذموم وقد استدل بعض العلماء على كراهة الشعر مطلقا قليله وكثيرة وان كان لا فحش فيه بهذا الحديث وقال جمهور العلماء هو مباح مالم يكن فيه فحش ونحوه قالوا وهو كلام حسنه حسن وقبيحه فبيح قال النووي وهذا هو الصواب فقد سمع النبي صلى الله عليه وسلم الشعر واستنشده وامر به حسان في هجاء المشركين وانشده اصحابه بحضرته في الأسفار وغيرها وانشده الخلفاء وأئمة الصحابة وفضلاء السلف ولم ينكره أحد منهم على اطلاقه وانما انكروا المذموم منه وهو الفحش ونحوه (تخريجه) (م) (6) (سنده) حدثنا عفان قال ثنا الأسود ابن شيبان قال ثنا ابو نوفل بن أبي عقرب الخ (غريبه) (7) هذا محمول على ما كان فيه فحش ونحوه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه ايضا (طل) في مسنده (8) (حدثنا يزيد بن هارون) الخ (غريبه) (9) القائل قال أبي هو عبد الله بن الامام احمد والاشيب بوزن أحمد اسمه حسن وهذا اسناد ثان للحديث (10) القرض له معان منها القطع وقرضت الشعر نظمته فهو قريض فعيل بمعنى مفعول لأنه اقتطاع من الكلام قال ابن دريد وليس في الكلام يقرض البتة يعني بالضم وانما الكلام يقرض مثل يضرب (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طب) وفيه قزعة ابن سويد الباهلي وثقه ابن معين وضعفه غيره وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) قال الحافظ في القول المسدد في الذب عن المسند للامام احمد اورده ابن الجوزي في الموضوعات باسناد المسند وقال هذا حديث موضوع

(باب ما يجوز من الشعر لمصلحة شرعية) (عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب) عن كعب بن مالك (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اهجوا المشركين بالشعر ان المؤمن يجاهد بنفسه (2) وماله والذي نفس محمد بيده كأنما ينضحوهم (3) بالنبلى (وعنه من طريق ثان) (4) عن أبيه أنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل قد أنزل في الشعر ما أنزل فقال إن المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه والذي نفس محمد بيده لكأن ما ترمونهم به نضح النبل (5) (وعنه من طريق ثالث) (6) ان كعب بن مالك حين انزل الله تبارك وتعالى في الشعر ما أنزل اتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال ان الله تبارك وتعالى قد أنزل في الشعر ما قد

_ وعاصم في عداد المجهولين قال العقيلي لا يعرف إلا بعاصم ولا يتابع عليه وقزعة بن سويد قال احمد بن حنبل مضطرب الحديث وقال ابن حبان كان كثير الخطأ فاحس الوهم فلما كثر ذلك في روايته سقط الاحتجاج به اهت (قال الحافظ رحمه الله) قلت ليس في شيء من هذا ما يقضي على هذا الحديث بالوضع إلا أن يكون استنكر عدم القبول من أجل فعل المباح لأن قرض الشعر مباح فكيف يعاقب فاعله بأن لا تقبل له صلاة فلو علل بهذا لكان البق به من تعليله بعاصم وقزعة لأن عاصما ما هو من المجهولين كما قال بل ذكره ابن حبان في الثقات واما كونه تفرد برواية هذا عن أبي الأشعث فليس كذلك فقد تابعه عليه عبد القدوس حبيب عن أبي الأشعث رويناه في الجعديات عن أبي القاسم البغوي قال حدثني علي بن الجعد ثنا عبد القدوس ولكن عبد القدوس ضعيف جدا كذبه ابن المبارك فكأن العقيلي لم يعتد بمتابعته واما قزعة بن سويد فهو باهلي بصري يكنى أبا محمد روى أيضا عن جماعة من التابعين وحدث عنه جماعة من الأئمة واختلف فيه كلام يحيى بن معين فقال عباس الدورى عنه ضعيف وقال عثمان الدارمي عنه ثقة وقال أبو حاتم محله الصدق وليس بالمتين يكتب حديثه ولا يحتج به وقال ابن عدي له احاديث مستقيمة وارجو انه لا بأس به وقال البزار لم يكن بالقوي وقد حدث عنه أهل العلم وقال العجلي لا بأس به وفيه ضعف فالحاصل من كلام هؤلاء الأئمة فيه ان حديثه في مرتبة الحسن والله أعلم وقد وجدت هذا الحديث من طريق أخرى عن أبي الأشعث وذكره ابن أبي حاتم في العلل فقال سألت أبي عن حديث رواه موسى بن أيوب عن الوليد بن مسلم عن الوليد بن سليمان عن أبي الأشعث الصنعاني عن عبد الله بن عمرو يرفعه قال من قرض بيت شعر بعد العشاء لم تقبل له صلاة حتى يصبح فقال هذا خطأ الناس يروون هذا الحديث لا يرفعونه يقولون عن عبد الله بن عمرو وفقط يعني موقوفا فقلت له الغلط ممن؟ قال من موسى انتهى ما ذكره الحافظ في القول المسدد رحمه الله تعالى (باب) (1) (سنده) حدثنا علي بن بحر ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي عن محمد بن عبد الله بن اخي ابن شهاب عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب عن كعب بن مالك الخ (غريبه) (2) أي بلسانه كما يستفاد من الطريق الثانية (3) أي يرمونهم بالنبل (بفتح النون مشددة) (4) (سنده) حدثنا عبد الرزاق قال انا معمر عن الزهري عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه أنه قال قال النبي صلى الله عليه وسلم الخ (5) معناه ان ماترمونهم به من الشعر كرميكم اياهم بالنبل (6) (سنده) حدثنا أبو اليمان قال إنا شعيب عن الزهري قال حدثني عبد الرحمن ابن عبد الله بن كعب بن مالك ان كعب بن مالك الخ (تخريجه) أورده الهيثمي ببعض طرقه وقال رواه كله احمد بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح قال وروى الطبراني في الأوسط والكبير نحوه اهـ (قلت) وما أثبته

علمت وكيف ترى فيه؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم ان المؤمن يجاهد بسيفه ولسانه (عن أبي بن كعب) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان من الشعر حكمة (2) (عن ابن عباس) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن من الشعر حكما (4) ومن البيان سحرا (5) وفي لفظ وان من القول سحرا (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (6) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أبالي ما أتيت (7) وما ركبت اذا انا شربت ترياقا وتعلقت تميمة أو قلت الشعر من قبل نفسي (8)

_ هنا من طرقه فهو صحيح (1) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون انا ابراهيم بن سعد عن الزهري عن أبي بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام عن مروان بن الحكم عن ابن الأسود بن عبد يغوت عن أبي بن كعب الخ (غريبه) (2) أي قولا صادقا مطابقا للحق موافقا للواقع وذلك ما كان منه من قبيل المواعظ وذم الدنيا والتحذير من غرورها ونحو ذلك وجلس الشعر وان كان مذموما ففيه ما يحمد لاشتماله على الحكمة وعبر بمن اشارة إلى بعضه ليس كذلك وفيه رد على من كره مطلق الشعر (تخريجه) (خ د جه) (3) (سنده) حدثنا أبو سعيد حدثنا زائدة حدثنا سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (4) بضم الحاء وسكون الكاف الحكمة قال في النهاية أي من الشعر كلاما نافعا يمنع من الجهل والسفه وينهى عنهما قيل أراد بها المواعظ والامثال التي ينتفع بها الناس (5) البيان معناه جمع الفصاحة وفي اللفظ والبلاغة باعتبار المعنى فقد يبلغ من بيانه ان يمدح الانسان فيصدق فيه حتى يصرف القلوب الى قوله ثم يذمه فيصدق فيه حتى يصرف القلوب إلى قوله الآخر فكأنه سحر السامعين بفصاحته (وللعلماء خلاف في ذلك) فقيل أورده مورد الذم لتشبيهه بعمل السحر لقلبه القلوب وتزيينه القبيح وتقبيحه الحسن واليه اشار الامام مالك رحمه الله في الموطأ في باب ما يكره من الكلام (وقيل) أورده مورد المدح أي أنه تمال به القلوب ويترضى به الساخط والله أعلم (تخريجه) (د جه) والبخاري في الأدب المفرد وسكت عنه أبو داود والمنذري وروى الترمذي منه (ان من الشعر حكما) وقال حديث حسن صحيح (6) (سنده) حدثنا عبد الله بن يزيد حدثنا سعيد بن أبي أيوب حدثني شرحبيل بن شريك المعافري عن عبد الرحمن بن رافع التنوخي قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخ (غريبه) (7) ما الأولى نافيية والثانية موصوله والراجع محذوف والموصول مع الصلة مفعول أبالي (وقوله اذا انا شربت ترياقا) شرط حذف جوابه لدلالة الحال عليه أي أن فعلت هذا فما أبالي كل شيء أتيت به ولكني أبالي من أتيان بعض الأشياء والترياق بالكسر دواء السموم يعني حرام عليه شرب الترياق (قال الخطابي) ليس شرب الترياق مكروها من أجل ان التداوي محضور وقد أباح رسول الله صلى الله عليه وسلم التداوي والعلاج في عدة أحاديث ولكن من أجل ما يقع فيه من لحوم الأفاعي وهي محرمة والترياق أنواع فإذا لم يكن فيه لحوم الأفاعي فلا بأس بتناوله (والتميمة) تقدم الكلام عليها في باب ما لا يجوز من الرقى والتمائم من كتاب الطب في الجزء السابع عشر صحيفة 186 رقم 145 (8) أي من جهة نفسي بخلاف قوله على الحكاية وهذا وان اضافه إلى نفسه فمراده اعلام غيره بالحكم وتحذيره من ذلك الفعل (قال في اللمعات) ومعنى الحديث اني ان فعلت هذه الأشياء كنت كمن لا يبالي بما فعله من الافعال مشروعة وغيرها ولا يميز بين المشروع وغيره (تخريجه) (د ش) وابو نعيم في الحلية قال المنذري في اسناده عبد الرحمن بن رافع التنوخي قاضي افريقيا قال البخاري في حديثه بعض المناكير حديثه في المصريين وحكى ابن أبي حاتم

(باب ما جاء في شعر لبيد وأمية بن أبي الصلت) (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال على المنبر اشعر بيت قالته العرب (2) (الاكل شيء ما خلا الله باطل) (3) وكاد أمية بن أبي الصلت ان يسلم (وعنه من طريق ثان) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال اصدق بيت قال الشاعر (الاكل شيء الخ) (عن ابن عباس) (5) أن النبي صلى الله عليه وسلم صدق أمية في شيء من شعره فقال رجل وثور تحت رجل يمينه ... والنسر للاخرى وليث مرصد (6) فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق (7) وقال: والشمس تطلع كل آخر ليلة ... حمراء يصبح لونها يتورد تأتي فما تطلع لنا في رسلها (8) ... الا معذبة وإلا تجلد

_ عن أبيه نحو هذا اهـ (قلت) قال في التهذيب ذكره ابن حبان في الثقات وقال لا يحتج بخبره اذا كان من رواية عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الافريقي فإنما وقع المناكير في حديثه من أجله (قلت) ولم يقع هذا في حديث الباب فالحديث حسن والله اعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا اسود ثنا شريك عن ابن عمير يعني عبد الملك عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) جاء عند البخاري بلفظ (أصدق كلمة قالها الشاعر كلمة لبيد (الاكل شيء ما خلا الله باطل) ولبيد هو الشاعر المجيد وفد علي النبي صلى الله عليه وسلم مع وفود قومه بني جعفر فأسلم وحسن اسلامه (3) المراد بالباطل هنا الفناء وهو مطابق لقوله تعالى (كل من عليها فان ويبقى وجه ربك ذو الجلال والاكرام) ولذلك صدقه النبي صلى الله عليه وسلم (وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم) أي قرب من ان يدخل في دين الله تعالى لأنه أكثر في شعره من ذكر التوحيد روى أن اخته الفارعة أتت النبي صلى الله عليه وسلم فاستنشهدها من شعره فانشدته: (لك الحمد والنعماء والفضل ربنا ... ولا شيء أعلى منك جدا وأمجد) (ملك على عرش السماء مهيمن ... لعزته تعنو الوجوه وتسجد) وكان من شعراء الجاهلية وأدرك مبادئ الاسلام وبلغه خبر المبعث لكنه لم يوفق للايمان برسول الله صلى الله عليه وسلم (4) (سنده) حدثنا سفيان عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق مذ جه) (5) (سنده) حدثنا عبد الله بن محمد (قال عبد الله بن الامام احمد) وسمعته انا من عبد الله بن محمد قال حدثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن اسحاق عن يعقوب بن عتبة عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) (6) يشير بهذا البيت إلى صفة حملة العرض من الملائكة ان منهم من هو صورة في الرجل ومنهم من هو صورة في الثيران ومنهم من هو صورة النسور ومنهم من هو في صورة الأسود ذكر الامام البغوي في تفسيره عند قوله تعالى (ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية) قال أي ثمانية املاك جاء في الحديث انهم اليوم اربعة فإذا كان يوم القيامة امدهم الله بأربعة اخرى فكانوا ثمانية على صورة الأوعال بين اظلافهم إلى ركبهم كما بين سماء إلى سماء وجاء في الحديث لكل ملك مهم وجه رجل ووجه أسد ووجه ثور ووجه نسر اهـ (7) قال الحافظ في الاصابة بعد ذكر هذا البيت فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق هكذا صفة حملة العرش (8) الرسل بكسر الراء وسكون المهملة الرفق والنؤدة قال ابن قتيبة ويقولون ان الشمس اذا غربت امتنعت من الطلوع وقالت لا اطلع على قوم يعبدونني من

فقال النبي صلى الله عليه وسلم صدق (عن عمرو بن الشريد عن أبيه) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنشده من شعر أمية بن أبي الصلت قال فانشده مائة قافية قال فلم أنشده شيئا الا قال إيه إيه (2) حتى اذا استفرغت من مائة قافية قال كاد أن يسلم (وعنه من طريق ثان) (3) قال قال الشريد كنت ردفا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي أمعك من شعر أمية ابن أبي الصلت شيء؟ قلت نعم فقال انشدني فانشدته بيتا فلم يزل يقول لي كلما أنشدته بيتا إيه حتى انشدته مائة بيت قال ثم سكت النبي صلى الله عليه وسلم وسكت (باب ما جاء في شعر عبد الله بن رواحة وحسان بن ثابت رضي الله عنهما) (حدثنا وكيع) (4) عن شريك عن المقدام بن شريح عن أبيه عن عائشه رضي الله عنها قال قلت لها كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يروي شيئا من الشعر (5) قالت نعم شعر عبد الله بن رواحة (6) كان يروي هذا البيت (ويأتيك بالأخبار من لم تزود) (7) (عن عائشة رضي الله عنها) (8) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا استراث الخبر تمثل فيه ببيت طرفة (ويأتيك بالأخبار من لم تزود) (عن ابن المسيب) (9) ان حسان (10) قال في حلقة فيهم أبو هريرة رضي الله عنه أنشدك الله (11) يا أبا هريرة هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أجب عني (12) أيدك الله بروح القدس (13) قال نعم

_ دون الله حتى تدفع وتجلد فتطلع هكذا قال والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل طب) ورجاله ثقات إلا أن ابن اسحاق مدلس (1) (سنده) حدثنا ازهر بن القاسم ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يعلي بن كعب الطائفي عن عمرو بن الشريد عن أبيه الخ (غريبه) (2) هذه كلمة يراد بها الاستزادة وهي مبنية على الكسر فإذا وصلت نونت فقلت ايه حدثنا واذا قلت إيها بالنصب فإنما تأمره بالسكون (نه) (3) (سنده) حدثنا روح حدثنا زكريا بن اسحاق ثنا ابراهيم بن ميسرة انه سمع عمرو بن الشريد يقول قال الشريد كنت ردفا الخ (تخريجه) (م جه) (باب) (4) (حدثنا وكيع الخ) (غريبه) (5) أي يتمثل بشيء من الشعر كما جاء في رواية الترمذي قال في القاموس تمثل بشيء ضربه مثلا (6) هذا ينافي ما سيأتي في حديثها التالي من أن الشاعر الذي تمثل النبي صلى الله عليه وسلم بشعره في قوله (ويأتيك بالأخبار من لم تزود) هو طرفة بن العبد لا بعد الله بن رواحة واجاب العلماء عن ذلك بأن نسبة عائشة الشعر المذكور إلى ابن رواحة نسبة مجازية فإنه ليس له بل لطرفة بن العبد البكري في معلقته المشهورة وقد نسبته عائشه إلى طرفة أيضا كما في رواية احمد (قلت) يشير إلى حديثها التالي (7) من التزويد وهو اعطاء الزاد يقال ازاده وزوده أي اعطاه الزاد وهو طعام يتخذ للسفر وضمير المفعول محذوف أي من لم تزوده ومعناه وينقل اليك الاخبار من لم تعطه الزاد (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح (8) (عن عائشه الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في خاتمة في احاديث جرت مجرى الامثال في هذا الجزء صحيفة 206 رقم 105 (9) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب الخ (غريبه) (10) هو ابن ثابت بن المنذر بن حرام بفتح المهملة والراء الانصاري شاعر رسول الله صلى الله عليه وسلم (11) بفتح الهمزة وضم الشين المعجمة ونصب لفظ الجلالة أي سألتك بالله (12) اي دافع عني المعنى أجب الكفارعن رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ هجوه واصحابه (13) يعني جبريل

(عن عائشة رضي الله عنها) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع لحسان بن ثابت رضي الله عنه منبرك في المسجد ينافح (2) عنه بالشعر ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل ليؤيد حسان بروح القدس (3) يتافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (أبوب الترهيب من خصال من المناهي معدودة مبتدئا بالمفردات ثم الثنائيات ثم الثلاثيات وهكذا) (باب ما جاء في المفردات) (عن عبد الله بن مسعود) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله لم يحرم حرمة إلا وقد علم انه سيطلعها منكم مطلع (5) ألا واني آخذ بحجزكم (6) أن تهافتوا في النار كتهافت الفراش أو الذباب (عن ابن عمر) (7) قال سمعت ابا بكر رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يعمل سوءا يجز به في الدنيا (عن عائشه رضي الله عنها) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يقولن أحدكم خبثت نفسي ولكن ليقل لقست (9) (وعنها أيضا) (10)

_ عليه السلام (وسبب هذا الحديث) مارواه البخاري في بدء الخلق ان عمر رضي الله عنه مر في المسجد وحسان ينشد فزجره فقال كنت أنشد فيه وفيه من هو خير منك ثم التفت الى ابي هريرة فقال أنشك الله الحديث (تخريجه) (ق نس) (1) (سنده) حدثنا موسى بن داود ثنا ابن ابي الزناد عن أبيه عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (2) بنون ثم فاء فحاء مهملة أي يدافع عن النبي صلى الله عليه وسلم ويخاصم المشركين ويهجوهم مجازاة لهم على هجوهم اياه (3) أي بجبريل وتأييده امداده له بالجواب والهامه لما هو الحق والصواب (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب صحيح قال صاحب المشكاة بعد ذكر هذا الحديث أخرجه البخاري وقال الحافظ بعد ذكره وعزوه الى الترمذي ما لفظه وذكر المزي ف الأطراف ان البخاري اخرجه تعليقا نحوه وأتم منه لكني لم أره فيه اهـ والله أعلم (باب) (4) (سنده) حدثنا وكيع عن المسعودي عن عثمان الثقفي أو الحسن بن سعدشك المسعودي عن عبدة النهدي عن عبد الله بن مسعود الخ (وله سند آخر عند الامام احمد ايضا) قال حدثنا ابو قطن حدثنا المسعودي عن الحسن بن سعد عن عبدة النهدي فذكره وكذا قال يزيد وأبو كامل عن الحسن بن سعد قال روح حدثنا المسعودي حدثنا ابو المغيرة عن الحسن بن سعد وقال الفراش أو الذباب (غريبه) (5) أي إلا علم أن بعض الناس يعلمه ويتطلع إليه ويرتكبه (6) الحجز بضم الحاء المهملة جمع حجزة وهي موضع شد الازار ثم قيل للازار حجزة للمجاورة والمعنى ان النبي صلى الله عليه وسلم يمسك بازرهم خشية أن يقعوا في النار وهذا من رحمته صلى الله عليه وسل واشفاقه على أمته اللهم اجزه عنا احسن ما جازيت نبيا عن أمته (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وابو يعلي وفيه المسعودي وقد اختلط اهـ (قلت) المسعودي هو عبد الرحمن بن عبد الله بن عتبة المسعودي الكوفي احد الاعلام ثقة قال ابو حاتم تغير قبل موته بسنة أو سنتين اهـ وقد قرر العلماء أن وكيعا سمع منه قبل اختلاطه وتغيره فالحديث صحي ح (7) (سنده) حدثنا عبد الوهاب بن عطاء عن زياد الجصاص عن علي بن زيد عن مجاهد عن ابن عمر الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفي اسناده ضعيفان زياد بن أبي زياد الجصاص وعلى بن زيد بن جدعان فالحديث ضعيف (8) (سنده) حدثنا يحيى ثنا هشام حدثني ابي عن عائشه الخ (غريبه) (9) بكسر القاف وفتح المهملة أي غثت واللقيس السيء الخلق وقيل الشحيح ولقست نفسه الى الشيء اذا حرصت عليه ونازعته اليه (قال الخطابي) قوله لقست نفسي (خبثت) معناهما واحد وانما كره من ذلك لفظ الخبث وبشاعة الاسم ومنه علمهم الادب في النطق (تخريجه) (ق د نس) (10) (سنده) حدثنا أبو اليمان ومحمد بن مصعب ثالا ثنا أبو بكر بن

قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الشؤم سوء الخلق (1) (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقل أحدكم للعنب الكرم انما الكرم الرجل المسلم (3) (باب ما جاء في الثنائيا) (عن أبي هريرة) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال شر ما في رجل (5) شح هالع وجبن خالغ (6) (عن أبي برزة الأسلمي) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان مما اخشى عليكم شهوات الغيى (8) في بطونكم وفروجكم ومضلات الهوى (9) (وفي رواية ومضلات الفتن) (فصل منه في الثنائيات المبدوءة بعدد) (عن أبي هريرة) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثنتان هما بالناس كفر (11) نياحة على الميت وطعن في النسب

_ عبد الله بن حبيب بن عبيد قال قالت عائشه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) معناه ان سوء الخلق يوجد فيه ما يناسب الشؤم ويشاكله أو ان يتولد منه والله أعلم (تخريجه) (طس) وابو نعيم في الحلية وكذا العسكري كلهم عن عائشة وضعفه المنذري وقال الهيثمي فيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به ابو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر احاديث (منها) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقل أحدك الخ (غريبه) (3) قيل سمعت العرب الكرم كرما لأن الخمر المتخذ منه يحث على الكرم فلما حرمها الشرع نفى عنها اسم المدح ونهى عن تسميتها بذلك لئلا تتشوق لها النفوس التي عهدتها قبل وقصر هذا الاسم الحسن على الرجل المسلم وقيل أراد أن يقرر ما في قوله تعالى (إن أكرمهكم عند الله أتقاكم) اشار إلى أن المسلم جدير بأن لا يشارك فيما سماه الله به (تخريجه) (م د) وغيرهما (باب) (4) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن موسى يعني ابن علي عن أبيه عن عبد العزيز بن مروان عن أبي هريرة الخ (غريبه) (5) إنما قال شر ما في رجل ولم يقل في الانسان لأن الشح والجبن مما تحمد عليه المرأة ويذم به الرجل أو لأن الخصلتان يقعان موقع الذم من الرجال فوق ما يقعان من النساء والمعنى شر مساوئ أخلاقه (شح هالع) اي جازع يعني يحمل على الحرص على المال والجزع على ذهابه والشخ بخل مع حرص فهو أبلغ في المنع من البخل (والهلع) أفحش الجزع ومعناه انه يجزع في شحه اشد الجزع على استخراج الحق منه (6) أي شديد كأنه يخلع فؤاده من شدة خوفه والمراد به ما يعوض من أنواع الأفكار وضعف القلب عند الخوف من الخلع وهو نزع الشيء عن الشيء بقوة يعني حين يمنعه من محاربة الكفار والدخول في عمل الابرار فكأن الجبن يخلغ القوة والنجدة من القلب (تخريجه) (د) في الجهاد والبخاري في التاريخ قال ابن أبي حاتم اسناده متصل وقال الزين العراقي اسناده جيد (7) (سنده) حدثنا يزيد قال انا ابو الاشهب عن أبي الحكم البناني عن أبي برزة (يعني الاسلمي الخ) (غريبه) (8) الغيى بفتح الغين المعجمة وتشديد الياء التحتية اصله الضلال والانهماك في الباطل والظاهر ان المراد هنا أكل ما تشتهيه نفسه من ملذات الدنيا سواء كان حلالا أو حراما وعدم التعفف عن الزنا ارضاءا لشهوته (9) أي فعل ما تهواه نفسه من المعاصي فإنها تبطل عمله الصالح وتضيعه مأخوذ من الضلال الضياع ويقال مثل ذلك في الفتن والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وأورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (فصل) (10) (سنده) حدثنا محمد ابن عبيد قال ثنا الاعمش عن ابي صالح عن ابي هريرة الخ (غريبه) (11) جاء في رواية اخرى للامام احمد ايضا هما كفر ولفظ مسلم اثنتان الناس هما بهم كفر قال النووي فيه أقوال أصحها أن معناه هما من

(عن أبي بكرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذنبان معجلان لا يؤخران البغى وقطيعة الرحم (باب ما جاء في الثلاثيات) (عن ابن عباس) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تستقبلوا (3) ولا تحلفوا (4) ولا ينعق (5) بعضكم لبعض (عن سهل عن أبيه) (6) عن النبي صلى الله عليه وسمل انه قال ان لله عبادا لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر اليهم قيل له من اولئك يا رسول الله؟ قال متبر من والديه راغب عنهما ومتبر من ولده وجل أنعم عليه قوم فكفر نعمتهم وتبرأ منهم (عن أبي شريح الخزاعي) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم (8) قال إن من أمتي

_ أعمال الكفار واخلاق الجاهلية (والثاني) أن يؤدي إلى الكفر (والثالث) انه كفر النعمة والاحسان (يعني انكارهما) (والرابع) ان ذلك في المستحل وفي هذا الحديث تغليظ تحريم الطعن في النسب اهـ (قلت) وتقدم الكلام على ذلك في أبوابه والله أعلم (تخريجه) (م وغيره) (1) (عن أبي بكرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الترهيب من قطع صلة الرحم في هذا الجزء صحيفة 217 رقم 28 (باب) (2) (سنده) حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة (قال عبد الله بن الامام احمد) وسمعته أنا من عبد الله بن محمد ثنا ابو الأحرص عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) لعله يريد لا تستقبلوا القبلة يعني ببول أو غائط كما جاء في حديث أبي أيوب وابي هريرة وغيرهما وهي أحاديث صحيحه رواها الشيخان والامام احمد وغيرهم وتقدمت في باب النهي عن استقبال القبلة واستدبارها وقت قضاء الحاجة من كتاب الطهارة في الجزء الأول صحيفة 270 و 271 و 272 وتقدم الكلام على ذلك مستوفى هناك وحذف لفظ القبلة للعلم به ويحتمل أن يكون المراد بالاستقبال التلقى وهو تلقى البيع من الركبان قبل دخول السوق كما جاء في حديث أبي هريرة مرفوعا (لا تلقوا البيع ولا تصروا الغنم والابل للبيع) ففيه النهي عن تلقى البيع وبيع المصراة وتقدم في باب ما جاء في المصراة من كتاب البيوع والكسب في الجزء الخامس عشر صحيفة 60 رقم 306 والله أعلم (4) بفتح الحاء المهملة وتشديد الفاء مكسورة من التحفيل وهو التجمع أي تجميع اللبن في ضرع الشاة ونحوها أياما حتى يظنها المشتري غزيرة اللبن وتسمى المصراة أيضا وتقدم الكلام على معنى ذلك في الباب المشار اليه مستوفى (5) من النعيق وهو الصياح فيحتمل أن يكون من الصياح والنوح على الميت كما جاء في حديث ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم قال للنساء ابكين واياكن ونعيق الشيطان (يعني الصياح والنوح على الميت) وتقدم في باب الرخصة في البكاء من غير نوح من كتاب الجنائز في الجزء السابع صحيفة 129 رقم 94 ويحتمل ان يراد به دعاء الراعي الغنم يصيح بها ويزجرها فنهى أن ينادي بعضهم بعضا بمثل هذا الصوت المنكر والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (6) (سنده) حدثنا محسن قال حدثنا رشدين عن زبان عن سهل عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) أبوه معاذ بن أنس الجهني الصحابي رضي الله عنه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني وزاد (ولهم عذاب اليم) وفيه زبان بن فائد ضعفه احمد وابن معين وقال ابو حاتم صالح (7) (سنده) حدثنا علي بن عبد الله (قال عبد الله بن الامام احمد) واكبر علمي ان ابي حدثنا عنه قال حدثنا يزيد بن زريع قال ثنا عبد الرحمن بن اسحاق قال ثنا الزهري عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي شريح الخزاعي الخ (غريبه) (8) العتو التجبر

الناس على الله عز وجل من قتل غير قاتله أو طلب بدم الجاهلية من أهل الاسلام أو بصر عينيه في النوم مالم تبصر (عن رويفع بن ثابت الانصارب) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رويفع لعل الحياة ستطول بك فأخبر الناس أنه من عقد لحيته (2) أو تقلد وترا أو استنجى برجيع دابة أو عظم فإن محمد صلى الله عليه وسلم منه بريء (وفي لفظ) فقد برئ بما أنزل على محمد (عن أبي هريرة) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تقول علي مالم أقل فليتبوأ مقعده من النار ومن استشاره أخوه المسلم فأشار عليه بغير رشد (4) فقد خانه ومن أفتى بفتيا غير ثبت فإنما إثمه على من أفتاه (5) (وعنه أيضا) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشرب الرجل

_ والتكبر (تخريجه) (ك) من طريق الزهري أيضا بسند حديث الباب وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه إلا أن يونس بن زيد رواه عن الزهري باسناد آخر (ثم قال) أنبأنا يونس عن الزهري عن مسلم بن يزيد عن أبي شريح الكعبي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا الحديث اهـ (قلت) قال الذهبي صحيح لكن اختلف على الزهري فيه (ابن وهب) ثنا يونس عن الزهري عن مسلم بن يزيد عن أبي سريح بهذا هذا ما قاله الذهبي والله أعلم (1) (سنده) حدثنا حسن بن موسى الأشيب قال انا ابن لهيعة قال ثنا عياش بن عباس عن شييم بن بيتان قال ثنا رويفع بن ثابت قال كان أحدنا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأخذ جمل أخيه على أن يعطيه النصف مما يغنم وله النصف حتى أحدنا ليطير له النصل والريش والآخر القدح ثم قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا رويفع لعل الحياة الخ (غريبه) (2) قال الخطابي نهيه صلى الله عليه وسلم عن عقد اللحية يفسر على وجهين (أحدهما) ما كانوا يفعلونه من ذلك في الحروب كانوا في الجاهلية يعقدون لحاهم وذلك من زي الأعاجم يفتلونها ويعقدونها وقيل معناه معالجة الشعر لينعقد ويتجعد وذلك من فعل أهل التوضيع والتأنيب (وأما نهيه عن تقلد الوتر) فقد قيل ان ذلك من العوذ التي كانوا يعقلونها عليه والتمائم التي يشدونها بتلك الأوتار وكانوا يرون أنها تعصم من الآفات وتدفع عنهم المكاره فأبطل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك من فعلهم ونهاهم عنه وقد قيل ان ذلك من جهة الأجراس التي كانوا يعلقونها بها وقيل انه نهى عن ذلك لئلا تختنق الخيل بها عند شدة الركض (تخريجه) (د نس) وسكت عنه أبو داود والمنذري وتقدم منه الجزء المختص بالجهاد مشروحا في باب اخلاص النية في الجهاد وما جاء في أخذ الأجرة عليه من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 32 رقم 68 (3) (سنده) حدثنا عبد الله بن يزيد من كتابه قال ثنا سعيد يعني ابن أبي أيوب ثنا بكر بن عمرو المعافري عن عمرو بن أبي نعيمة عن أبي عثمان مسلم بن يسار عن أبي هريرة الخ (غريبه) (4) الرشد بالتحريك وبضم الراء وسكون المعجمة الهداية والدلالة على مافيه الخير والسداد فإذا أشار عليه بغير ما يراه صوابا فقد خانه ولذلك جاء في لفظ (فأشار عليه بأمر وهو يرى الرشد في غيره فقد خانه) (5) معناه أن من افتى رجلا جاهلا بحكم من غير حجة ولا تثبت فيه وكانت الفتيا على غير الصواب فإثم المستفتي على المفتي والثبت بالتحريك الحجة والبينة والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام احمد ورجاله كلهم ثقات وتقدم الكلام عن شرح الجزء الأول منه في باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب العلم في الجزء الأول صحيفة 177 (6) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا حماد عن أيوب عن عكرمة عن

قائما (1) وعن الشرب من في السقاء وأن يمنع الرجل جاره أن يضع الخشبة في حائطه (2) (عن وائلة بن الأسقع) (3) قال قال نبي الله صلى الله عليه وسلم أن من أعظم الفيرى (4) أن يدعي الرجل إلى غير أبيه أو يرى في المنام مالم تريا (5) أو يقول على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لم يقل (6) (حدثنا محمد بن جعفر) (7) ثنا شعبة عن أبي التياح قال سمعت رجلا من بني ليث قال أشهد على عمران بن حصين قال شعبة او (8) قال عمران اشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم انه نهى عن الحناتم أو قال الحنتم (9) (وفي لفظ) عن الشرب في الحناتم وخاتم الذهب والحرير (10) (عن ثوبان) (11) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يحل لامرئ من المسلمين أن ينظر في جوف بيت امرئ حتى يستأذن فإن نظر فقد دخل (12) ولا يؤم قوما فيختص نفسه بدعاء دونهم فإن فعل فقد خانهم (13)

_ أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) النهي عن شرب قائما تقدم الكلام عليه في بابه من كتاب الاشربة في الجزء السابع عشر صحيفة 110 وكذلك النهي عن الشرب من في السقاء تقدم الكلام على شرحه في بابه في الجزء المذكور صحيفة 111 (2) تقدم الكلام على ذلك في باب ما جاء في وضع الخشب على جدار الجار من كتاب الصلح وأحكام الجوار في الجزء الخامس عشر صحيفة 109 (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق من حديث أبي هريرة لغير الامام احمد وسنده جيد ورجاله ثقات وأخرجه الأئمة مقطعا في أبوابه والله أعلم (3) (سنده) حدثنا عصام بن خالد وابو المغيرة قالا حدثنا حريز بن عثمان قال سمعت عبد الواحد بن عبد الله النصري قال سمعت وائلة بن الأسقع يقول قال نبي الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) بكسر الفاء وفتح الراء جمع فرية يعني الكذب والاختلاق أي من أكذب الكذب وأشنعه انتساب المرء إلى غير أبيه (5) اي يدعي أن عينيه رأتا في المنام مالم ترياه (6) معناه أن يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كذا وكذا ولم يسمع كما صرح بذلك في رواية أخرى للامام احمد ايضا بلفظ (ويقول سمعني ولم يسمع مني) (تخريجه) (خ) (7) (حدثنا محمد بن جعفر الخ) (غريبه) (8) أو للشك من شعبة هل قال الرجل اشهد على عمران أو عمران هو الذي قال اشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم (9) الحنتم بوزن مريم الخزف الأخضر والمراد الجرة ويقال لكل اسود حنتم والأخضر عند العرب اسود وتقدم الكلام على ذلك في باب ما لا يجوز من الانبذة ونبيذ الجر من كتاب الاشربة في الجزء السابع عشر صحيفة 119 (10) تقدم الكلام على ذلك في أبواب ما جاء في الذهب والفضة والحرير من كتاب اللباس والزينة في الجزء السابع عشر صحيفة 247 (تخريجه) أخرج الترمذي والنسائي الجزء المختص بخاتم الذهب منه وفي اسناده عند الامام احمد رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (11) (سنده) حدثنا الحكم بن نافع ثنا اسماعيل بن عياش عن حبيب بن صالح عن يزيد بن شريح الحضرمي عن أبي حيى المؤذن عن ثوبان عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) ثوبان هو مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم (غريبه) (12) معناه ان من نظر إلى بيت غيره بغير اذن كان كمن دخل بغير اذن يعني انهما في الوزن سواء (13) يعني ان المطلوب من الامام أن يعمم الدعاء في صلاته ليتناول المصلين وراءه لأنهم يعتمدون على دعائه ويؤمنون جميعا اذا دعا اعتمادا على عمومه فكيف يخص بذلك الدعاء نفسه وهذا في القنوت ونحوه من كل ما يجهر به

ولا يصلي وهو حقن (1) حتى يخفف (فصل منه في الثلاثيات المبدوءة بعدد) (عن عبد الله بن عمر) (2) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة مدمن الخمر والعاق والديوث (3) الذي يقر في أهله الخبث (وعنه أيضا) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث لا يدخلون الجنة ولا ينظر الله اليهم يوم القيامة العاق والديه والمرأة المترجلة المتشبهة بالرجال والديوث وثلاث لا ينظر الله اليهم يوم القيامة العاق بوالديه والمدمن الخمر والمنان بما أعطى (عن عبد الله بن عمرو) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث اذا كن في الرجال فهو المنافق الخالص ان حدث كذب وان وعد اختلف وان ائتمن خان ومن كانت فيه خصلة منهن لم يزل يعني فيه خصلة من النفاق حتى يدعها (حدثنا عبد الرحمن) (6) يعني ابن اسحق عن سعيد عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثلاث من عمل أهل الجاهلية لا يتركهن اهل الاسلام النياحة (7) والاستسقاء بالأنواء وكذا (8) قلت لسعيد وما هو قال دعوى الجاهلية يا آل فلان يا آل

_ أما ما يسر فيه كدعاء الافتتاح ونحوه فلا كراهة (1) جاء في بعض الروايات وهو حاقن وهما سواء وهو الذي حبس بوله كالحاقب بالباء الموحدة للغائط والمعنى أنه يكره للرجل أن يصلي وهو حابس البول أو الغائط لأنه ينافي الخشوع وهذا اذا لم يمنعه عن اداء شيء من الاركان فإن منعه عن ذلك بطلت صلاته (تخريجه) (د مذ) وقال الترمذي حديث ثوبان حديث حسن (فصل منه) (2) (سنده) حدثنا يعقوب حدثنا ابي عن الوليد ابن كثير عن قطن بن وهب بن عويمر بن الاجدع عمن حدثه عن سالم بن عبد الله بن عمر انه سمعه يقول حدثني عبد الله بن عمر الخ (غريبه) (3) هو الذي لا يغار على أهله وقيل هو سرياني معرب وفسره في الحديث بأنه الذي يقر في أهله الخبث بضم الخاء المعجمة وسكون الموحدة وهو الفسق والفجور والمعنى انه يرضى بذلك من زوجته ومحارمه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) يؤيده ما بعده وأورده المنذري بهذا اللفظ وعزاه للامام احمد قال واللفظ له والنسائي والبزار والحاكم وقال صحيح الاسناد (4) (سنده) حدثنا يعقوب حدثنا عاصم بن محمد يعني ابن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أخيه عمر بن محمد عن عبد الله بن يسار مولى ابن عمر قال اشهد لقد سمعت سالما يقول قال عبد الله (يعني ابن عمر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه النسائي والبزار واللفظ له باسنادين جيدين والحاكم وقال صحيح الاسناد (قلت) روى الحاكم شطره الثاني وصححه وأقره الذهبي (قال المنذري) وروى ابن حبان في صحيحه شطره الأول والله أعلم (5) (سنده) حدثنا الوليد بن القاسم بن الوليد سمعت أبي يذكره عن أبي الحجاج عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث عبد الله بن عمرو لغير الامام احمد واخرجه بمعناه من حديث أبي هريرة الشيخان والامام احمد وتقدم في باب الترهيب من النفاق في هذا الجزء صحيفة 132 رقم 81 (حدثنا عبد الرحمن الخ) (غريبه) (7) تقدم الكلام على النياحة في باب ما لا يجوز من البكاء على الميت من كتاب الجنائز في الجزء السابع صحيفة 109 رقم 81 (حدثنا عبد الرحمن الخ) (غريبه) (7) تقدم الكلام على النياحة في باب ما لا يجوز من البكاء على الميت من كتاب الجنائز في الجزء السابع صحيفة 109 وعلى الاستسقاء بالأنواء في باب كفر من قال مطرنا بنوء كذا من أبواب الاستسقاء في الجزء السادس صحيفة 252 (8) الظاهر أن

فلان يا آل فلان (عن أبي هريرة) (1) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن دعوة المظلوم ودعوة المسافر ودعوة الوالد على ولده (وعنه أيضا) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث لا يكلمهم الله ولا ينظر اليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم رجل على فضل ماء بالفلاة (3) يمنعه من ابن السبيل ورجل بايع الامام ولا يبايعه إلا لدينا فإن اعطاه منها وفي له وان لم يعطه لم يف له قال ورجل بايع رجلا سلعة بعد العصر (4) فحلف له بالله لأخذها بكذا وكذا فصدقه وهو على غير ذلك (عن المغيرة بن شعبة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله كره لكم ثلاثا قيل وقال (6) وكثرة السؤال (7) واضاعة المال (8) وحرم عليكم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وأد البنات (9) وعقوق الأمهات (10) ومنع وهات (عن رجل من ثقيف) (11) قال سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث فلم يرخص لنا في شيء منهن سألناه أن يرد الينا ابا بكرة وكان مملوكا واسلم قبلنا فقال لا هو طليق الله ثم طليق رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم سألناه أن يرخص لنا في الشتاء وكانت أرضنا أرضا باردة يعني في الطهور فلم يرخص لنا (12)

_ سعيد الراوي عن أبي هريرة نسي الثالثة فقال له عبد الرحمن بن اسحاق الراوي عنه وما هو يعني الأمر الثالث فتذكر فقال دعوى الجاهلية ثم فسره بقوله يا آل فلان يا آل فلان يعني يستغيث بقبيلته وذويه (تخريجه) (مذ حب) وقال الترمذي هذا حديث حسن (1) (سنده) حدثنا عفان حدثنا ابان حدثنا يحيى بن أبي كثير قال حدثني أبو جعفر عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (د مذ) والبخاري في الأدب المفرد وحسنه الترمذي (2) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال الخ (غريبه) (3) الفلاة بفتح الفاء معناه المكان القفر الذي لا أنيس به (4) خص ما بعد العصر لشرفه بسبب اجتماع ملائكة الليل والنهار في ذلك الوقت فالحالف في ذلك الوقت كاذبا مستحق هذا الوعيد وهذا لا ينافي عقاب من حلف كاذبا في أي وقت لكنه في هذا الوقت أشد (تخريجه) (ق د نس جه) وغيرهم (5) (سنده) حدثنا حسين ثنا شيبان عن منصور عن الشعى عن وارد عن المغيرة بن شعبة الخ (غريبه) (6) يريد بذلك حكاية أقاويل الغير وفي الصحيح (كفى بالمرء إثما أن يحدث بكل ما سمع) (7) أي سؤال المال وعن المشكلات أو عما لا يعني وحمله على المعنى الأعم أو في يحق المقام (8) اضاعة المال تكون بانفاقه في غير ما خلق لأجله كالتبذير وسوء التدبير قال تعالى (وكلوا واشربوا ولا تسرفوا) (9) أي دفنهن أحياءا حين يولدن كما كان يفعل أهل الجاهلية خشية من لحوق العار بهم من أجلهن (10) وكذا الآباء لقوله تعالى (ولا تقل لهما أف) الآية وخص الامهات بالذكر لأن العقوق اليهن اسرع لضعفهن والتنبيه على أن برهن آكد لتضاعف حقوقهن فهو من تخصيص الشيء بالذكر اظهارا لتعظيم موقعه (ومنع وهات) جاء في بعض الروايات (ومنها) أي وحرم عليكم منع ما وجب من الحقوق لو طلب ما حرم عليكم من المحظورات (تخريجه) (ق وغيرهما) (11) (سنده) حدثنا علي بن عاصم انا المغيرة عن شباك عن عامر اخبرني فلان الثقفي قال سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (12) الظاهر والله أعلم أنهم طلبوا منه ان يرخص لهم في ترك الطهور بالماء فلم يرخص لهم وكأنه صلى الله عليه وسلم رأى أن الطهور بالماء

وسألناه أن يرخص لنا في الدباء (1) فلم يرخص لنا فيه (عن أبي موسى الأشعري) (2) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاثة لا يدخلون الجنة مدمن خمر وقاطع رحم ومصدق بالسحر ومن مات مدمنا للخمر سقاه الله عز وجل من نهر الغوطة قيل وما نهر الغوطة؟ قال نهر يجري من فروج المومسات (3) يؤذي أهل النار ريح فروجهم (عن أبي ذر) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة لا يكلمهم الله ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم قال قلت يا رسول الله من هم خسروا وخابوا قال فاعاده رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قال المسبل (5) والمنفق سلعته (6) بالحلف الكاذب أو الفاجر (7) والمنان (عن ثوبان) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من فارق الروح الجسد وهو بريء من ثلاث دخل الجنة الكبر والدين والغلول (9) (عن فضالة بن عبيد) (10) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ثلاثة لا تسأل عنهم (11) رجل فارق الجماعة وعصى إمامه ومات عاصيا وأمة أو عبد أبق فمات (12) وامرأة غلب عنها زوجها قد كفاها مؤنة الدنيا فتبرجت بعده (13) فلا تسأل عنهم (14) وثلاثة لا تسأل عنهم رجل نازع الله عز وجل رداءه فإن رداءه الكبرياء (15) وازاره العزة ورجل شك في أمر الله (16) والقنوط من رحمة الله عز وجل (17)

_ لا يضرهم والله أعلم (1) بضم المهملة وتشديد الموحدة مفتوحة يعني القرع وهو من الأوعية التي نهى عن الانتباذ فيها ثم رخص لهم فيها بعد ذلك بشرط أن لا يشتد ما فيها ويسكر (تخريجه) رواه ابن اسحاق في السيرة ورجاله ثقات (2) (سنده) حدثنا علي بن عبد الله ثنا المعتمر بن سليمان قال قرأت على الفضيل ابن ميسرة عن حديك أبي جرير ان ابا بردة حدثه عن حديث أبي موسى أن للنبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) يعني الزانيات (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (حم عل حب) والحاكم وصححه وفي رواية ابن حبان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة مدمن خمر ولا مؤمن بسحر ولا قاطع رحم (4) (سنده) حدثنا عفان ثنا شعبة قال علي بن مدرك أخبرني قال سمعت أبا زرعة يحدث عن خرشة بن الحر عن أبي ذر (غريبه) (5) يعني المسبل ازاره اسفل الكعب (6) أي المروجها (7) الكاذب أو الفاجر صفة للحلف وأو للشك من الراوي (والمنان) الذي لا يعطي شيئا الا منه واعتد به على من اعطاه وهو مذموم لأن المنة تفسد الصنيعة (تخريجه) (م والأربعة) (8) (سنده) حدثنا عفان ثنا همام وأبا قالا ثنا قتادة عن سالم عن معدان عن ثوبان (يعني مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) بضمتين الخيانة في الغنيمة (تخريجه) (مذ جه) وسنده جيد (10) (سنده) حدثنا ابو عبد الرحمن ثنا حيوة قال اخبرني أبو هانئ أن أبا علي عمرو بن مالك الجنسى حدثه فضالة بن عبيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) أي فإنهم من الهالكين (12) أي هرب من سيده أو سيدته فمات وهو هارب فإنه يموت عاصيا (13) أظهرت زينتها ومحاسنها للاجانب (14) فائدة ذكره ثانيا تأكيد العلم ومزيد بيان الحكم (15) معناه أن من تكبر من المخلوقين أو تعزز فقد نازع الله عز وجل في وصفه من صفاته وهي الكبرياء الخاص به من كان هذا شأنه فله في الدنيا الذل والصغار وفي الآخرة عذاب النار (16) أي في وجود الله عز وجل قال تعالى (أفي الله شك)؟ (17) اي ورجل قنط من رحمة الله والقنوط بالضم

(عن الشعبي) (1) قال قالت عائشه رضي الله عنها لابن ابي السائب قاص (2) أهل المدينة ثلاثا لتبايعني عليهن أو لأناجزنك (3) فقال ما هن؟ بل أنا ابايعك يا أم المؤمنين قالت اجتنب السجع من الدعاء فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا لا يفعلون ذلك وقال اسماعيل (4) مرة فقالت اني عهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم لا يفعلون ذاك وقص على الناس في كل جمعة مرة فإن أبيت فثنتين فان أبيت فثلاثا فلا تمل الناس هذا الكتاب (5) ولا الفينك تأتي القوم وهم في حديث من حديثهم فتقطع عليهم حديثهم ولكن اتركهم فإذا جرءوك (6) عليه وأمروك به فحدثهم (عن عائشه) (7) رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسل الدواوين (8) عند الله عز وجل ثلاثة ديوان لا يعباء الله به شيئا (9) وديوان لا يترك الله منه شيئا (10) وديوان لا يغفره الله فأما الديوان الذي لا يغفره الله فالشرك بالله قال الله عز وجل (ومن يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة) وأما الديوان الذي لا يعبأ الله به شيئا فظلم العبد نفسه فيما بينه وبين ربه من صوم يوم تركه أو صلاة تركها فإن الله عز وجل يغفر ذلك ويتجاوز إن شاء (11) وأما الديوان الذي لا يترك الله منه شيئا فظلم العباد بعضهم بعضا القصاص (12) لا محالة

_ أي اليأس من رحمة الله قال تعالى (أنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون) (تخريجه) اخرج الشطر الأول منه (ك عل طب حب) والبخاري في الأدب المفرد وقال الحاكم على شرطها ولا علم له علة وأقره الذهبي وقال رجاله ثقات وأخرج الشطر الثاني منه (طب عل) والبخاري في الادب المفرد وقال الهيثمي رجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا اسماعيل قال حدثنا داود عن الشعبي قال قالت عائشة الخ (غريبه) (2) القاص الذي يأتي بالقصة على وجهها بأخبار من مضى من الأمم السالفة كأنه يتتبع معانيها والفاظها (3) اي لأقاتلنك وأخاصمنك (4) اسماعيل شيخ الامام احمد الذي روى عنه هذا الأثر (5) انما حددت له ذلك عائشة رضي الله عنها لأنها خشيت ان يصرف الناس من مدارسه كتاب الله عز وجل (6) هو من الجراءة الاقدام على الشيء ومعناه ان قدموك وامروك بالحديث فحدثهم والله أعلم (تخريجه) لم أقف على هذا الاثر لغير الامام احمد وسنده جيد (7) (سنده) حدثنا يزيد قال انا صدقة بن موسى قال حدثنا ابو عمران الجوني عن يزيد بن بابنوس عن عائشة الخ (غريبه) (8) جمع ديوان بكسر الدال المهملة وقد تفتح فارسي معرب قال ابن العربي هو الدفتر قال في المغرب الديوان الجريدة من دون الكتب اذا جمعها لأنها قطعة من القراطيس مجموعة قال الطيبي والمراد هنا صحائف الأعمال ثلاثة (9) يقال ما عبأت به اذا لم ابال به وأصله من العبئ أي الثقل بكسر المثلثة وسكون القاف كأنه قال ما أرى له وزنا ولا قدرا قال تعالى (ما يعبأ بكم ربي لولا دعاؤكم) (10) اي بل يعمل فيه بقضية العدل بين أهله (11) اي لأنه حق كريم وشأن الكريم المسامحة (12) اي لا بد أن يطالب بها حتى يقع القصاص من بعضهم لبعض (قال الطيبي) انما قال في القرينه الأولى لا يغفره الله (يعني الشرك بالله) ليدل على أن الشرك لا يغفر اصلا وفي الثالثة لا يترك (يعني ظلم العباد بعضهم بعضا) ليؤذن بأن حق الغير لا يهمهل قطعا اما بأن يقتص من خصمه أو يرضيه الله عنه وفي الثانية (لا يعبأ) يعني حق الله عز وجل

(عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث من كن فيه فهو منافق وان صام وصلى وزعم أنه مسلم أذا حدث كذب واذا وعد أخلف واذا ائتمن خان (باب ما جاء في الرباعيات) (عن ابن عباس) (2) يرفعه الى النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس منا من لم يوقر الكبير ويرحم الصغير ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر (عن ابن عمر) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حالت شفاعته دون حد من حدود الله عز وجل فقد ضاد الله في أمره (4) ومن مات وعليه دين فليس بالدينار ولا بالدرهم ولكنها الحسنات والسيئات (5) ومن خاصم في باطل وهو يعلمه لم يزل في سخط الله حتى ينزع (6) ومن قال في مؤمن ما ليس فيه اسكنه الله ردغه الخبال (7) حتى يخرج مما قال (عن عبد الله بن عمرو) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحل أن ينكح المرأة بطلان أخرى ولا يحل لرجل أن يبيع على بيع صاحبه حتى يذره (9) ولا يحل لثلاث نفر يكونون بأرض فلاة الا أمروا عليهم أحدهم (10) ولا يحل لثلاثة نفر يكونون بأرض فلاة يناجي

_ ليشعر بأن حقه تعالى مبني على المساهلة فيترك كرما وجودا ولطفا (تخريجه) (ك) وصححه وتعقبه الذهبي بأن صدقة ضعفوه وابن بابنوس فيه جهالة اهـ وقال الهيثمي في سند احمد صدقه بن موسى ضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا حسن ثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند عن سعيد ابن المسيب عن أبي هريرة عن الننبي صلى الله عليه وسلم وحدثنا حماد بن سلمة عن حبيب بن الشهيد عن الحسن صح عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ثلاث من كن فيه الخ (تخريجه) الحديث تقدم نحوه عن أبي هريرة أيضا في باب الترهيب من النفاق في هذا الجزء صحيفة 132 رقم 81 ولفظه آيه المنافق ثلاث اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا ائتمن خان رواه الشيخان وغيرهما (2) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب هلاك كل أمة لم تقم بهذا الواجب من كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في هذا الجزء صحيفة 176 رقم 58 فارجع اليه (3) (سنده) حدثنا حسن بن موسى قال حدثنا زهير حدثنا عمارة بن غزية عن يحيى بن راشد قال خرجنا حجاجا عشرة من أهل الشام حتى أتينا مكة فذكر الحديث قال فأتينا فخرج الينا يعني ابن عمر فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من حالت شفاعته الخ (غريبه) (4) اي فقد خالف أمر الله عز وجل وعمل على تعطيل حدوده (5) معناه أنه يؤخذ من حسنات المدين وتدفع الى الدائن فإذا لم تف حسناته أخذ من سيئات الدائن ودفعت الى المدين (6) أي يكف عنه ويتوب منه (7) قال المنذري الردغة بفتح الراء وسكون الدال المهملة وتحريكها أيضا وبالغين المعجمة هي الوحل والخبال بفتح الخاء وبالباء الموحدة هي عصارة أهل النار أو عرقهم كما جاء مفسرا في صحيح مسلم وغيره (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أبو داود واللفظ له والطبراني باسناد جيد نحوه وزاد في آخره وليس بخارج (قلت) لفظ أبي داود الذي ذكره المنذري ليس فيه من مات وعليه دين قال ورواه الحاكم مطولا ومختصرا وقال في كل منهما صحيح الاسناد (8) (سنده) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة قال حدثنا عبد الله بن هبيرة عن أبي سالم الجيشاني عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (غريبه) (9) تقدم شرحه في باب النهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيخ من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر صحيفة 152 رقم 36 (10) قال الخطابي انا أمر بذلك ليكون

اثنان دون صاحبهما (1) (وعنه أيضا) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر ولا منان ولا ولد زنية (ز) (عن علي رضي الله عنه) (3) قال لي النبي صلى الله عليه وسلم يا علي اسبغ الوضوء وان شق عليك ولا تأكل الصدقة (4) ولا تنز الحمير على الخيل ولا تجالس أصحاب النجوم (5) (فصل منه في الرباعيات المبدوءة بعدد) (عن عبد الله بن عمرو) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أربع من كن فيه منافقا أو كانت فيه خصلة من الأربع كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها اذا حدث كذب واذا وعد اخلف واذا عاهد غدر واذا خاصم فجر (عن أبي هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اربع من امر الجاهلية لن يدعهن الناس التعيير (8) في الاحساب والنياحة على الميت والأتواء (9) وأجرب بعير فاجرب مائة من أجرب البعير

_ أمرهم جميعا ولا يتفرق بهم الرأي ولا يقع بينهم خلاف فيعنتوا وفيه دليل على أن الرجلين اذا حكما رجلا بينهما في قضية فقضى بالحق فقد نفذ حكمه (1) تقدم الكلام عليه في باب آداب تختص بمن في المجلس من كتاب المجالس في هذا الجزء صحيفة 167 رثم 20 و 21 و 22 (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه ابن لهيعة وهو لين وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) ابن لهيعة صرح بالتحديث فالحديث على أقل درجاته حسن لا سيما وقد رواه أئمة الحديث مقطعا في أبواب متفرقة بأسانيد صحيحه (2) (وعنه أيضا) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في ولد الزنا من كتاب الحدود في الجزء السادس عشر صحيفة 72 رقم 192 (3) (سنده) حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا هارون ابن مسلم حدثنا القاسم عن عبد الرحمن عن محمد بن علي عن أبيه عن علي الخ (غريبه) (4) أي لأنها محرمة على بني هاشم (ولا تنز الحمير على الخيل) أي لا تحملها عليها للنسل يقال نزوته على الشيء انزو نزوا إذا وثبت عليه وتقدم الكلام على ذلك في باب استحباب تكثير نسل الخيل في آخر كتاب الجهاد في الجزء الخامس عشر صحيفة 134 (5) أي لأن الكثير منهم يخبر بالمغيبات التي لا يعلمها إلا الله وهذا مناف لقوله تعالى (قل لا يعلم من السماوات والأرض الغيب إلا الله) (نخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن احمد وفيه هارون بن احمد وفيه هارون بن مسلم صاحب الحناء لينه أبو حاتم ووثقه الحاكم وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) محمد بن على المذكور في السنده هو الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب وهو ثقة إلا أن اباه زين العابدين لم يدرك علي بن أب يطالب جده فروايته عنه مرسلة والله أعلم (فصل منه) (6) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سليمان (قال عبد الله بن الامام احمد) قال أبي وابن نمير قال اخبرنا الاعمش عن عبد الله بن مرة عن مسروق عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق د مذ نس) (7) (سنده) حدثنا يزيد انا المسعودي عن علقمة ابن مرثد عن أبي الربيع عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) يعني الطعن في الاحساب كما صرح بذلك في رواية الترمذي (والاحساب) جمع حسب وهو ما يعده الرجل من الخصال التي تكون فيه كالشجاعة والفصاحة ونحو ذلك وقيل الحسب ما يعده الانسان من مفاخر آبائه (قال ابن السكيت) الحسب والكرم يكونان في الرجل وان لم يكن لآبائه شرف والشرف والمجد لا يكونان إلا بالآباء (9) كأن يقول مطرنا بنوء كذا وتقدم الكلام على ذلك في باب كفر من قال مطرنا بنوء كذا من أبواب صلاة

الأول؟ (عن أبي سعيد) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم القلوب أربعة قلب أجرد (2) فيه مثل السراج يزهر وقلب أغلف مربوط على غلافه (3) وقلب منكوس (4) وقلب مصفح (5) فأما القلب الأجرد فقلب المؤمن سراجه فيه نوره وأما القلب الأغلف فقلب الكافر وأما القلب المنكوس فقلب المنافق عرف ثم أنكر وأما القلب المصفح فقلب فيه إيمان ونفاق فمثل الايمان فيه كمثل البقلة (6) ممدها الماء الطيب ومثل النفاق فيه كمثل القرحة (7) يمدها القيح والدم فأي المدتين غلبت على الأخرى غلبت عليه (وعنه أيضا) (8) قال سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا فأعجبتني وأينقني قال عفان (9) وأنقني نهى أن تسافر المرأة مسيرة يومين قال عفان أو ليلتين الا ومعها زوج أو ذو محرم ونهى عن الصلاة في ساعتين بعد الغداة حتى تطلع الشمس وبعد العصرة حتى تغيب ونهى عن صيام يومين يوم النحر ويم الفطر وقال لا تشد الرحال إلا في ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجد الأقصى ومسجدي هذا (عن أبي مالك الأشعري) (10)

_ الاستسقاء في الجزء السادس صحيفة 252 (وقوله وأجرب بعير) أي صار ذا جرب (فأجرب مائة بعير) أي سرت منه العدوى إلى مائة بعير فأجربتها وسبق الكلام على ذلك في الباب الأول من أبواب ما جاء في العدوى والطيرة الخ في الجزء السابع عشر صحيفة 192 رقم 161 فارجع اليه تجد ما يسرك (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن (1) (سنده) حدثنا ابو النضر ثنا ابو معاوية يعني شيبان عن ليث عن عمرو بن مرة عن أبي البختري عن أبي سعيد (يعني الخدري) الخ (غريبه) (2) أي ليس فيه غل ولا غش فهو أصل الفطرة فتور الايمان فيه يزهر (3) أي عليه غشاء عن سماع الحق وقبوله (4) أي عرف الايمان ثم انكره ورجع إلى الكفر (5) المصفح بضم الميم وسكون الصاد المهملة وفتح الفاء الذي له وجهان يلقى أهل الكفر بوجه وأهل الايمان بوجه وصفح كل شيء وجهه وناحيته (6) البقل كل نبات أخضرت به الأرض قاله ابن فارس (7) بفتح القاف وضمها الجرح (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طس) وفي اسناده ليث بن ابي سليم اهـ (قلت) يشير الى انه متكلم فيه قال في الخلاصة قال احمد مضطرب الحديث وقال الفضيل بن عياض ليث أعلم اهل الكوفة بالمناسك وقال الدارقطني انما انكروا عليه الجمع بين عطاء وطاوس ومجاهد قرنه مسلم بآخر (8) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر وعفان قالا ثنا شعبة عن عبد الملك بن عمير عن قزعة قال سمعت أبا سعيد الخدري قال سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) جاء في آخر الحديث قال عفان (يعني احد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث) قال في حديثه قال عبد الملك بن عمير انبأني قال سمعت قزعة مولى زياد (غريبه) (9) عفان هو الذي اشرت اليه عقب السند (وقوله وأينقتني) هو عطف مرادف لأعجبنني إذ معناهما واحد (قال في النهاية) فأنقنني أي أعجبنني والأنق بالفتح الفرح والسرور والشيء الأنيق المعجب والمحدثون يروونه أينقنني وليس بشيء وقد جاء في صحيح مسلم لا أينق بحديثه أي لا أعجب وهي كذا تروى (تخريجه) هذا الحديث يتضمن أربعة احكام مهمة وهو حديث صحيح رواه الشيخان والأربعة إلا النسائي وهو عند الجميع في الصلاة والمساجد والصيام والحج وتقدم شرحه وغيره في هذه الابواب في الفتح الرباني والله الموفق (10) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق ثنا موسى اخبرني ابان بن يزيد عن يحيى

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع من الجاهلية لا يتركن الفخر في الأحساب والطعن في الأنساب والاستسقاء بالنجوم والنياحة والنائحة اذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال (1) من قطران أو درع (2) من جرب (عن أبي هريرة) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يتعوذ من أربع من عذاب جهنم ومن عذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة الدجال (باب ما جاء في الخماسيات) (عن عبد الله بن عمر) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم على أمتى الخمر والميسر والمزر (5) والكوبة والقنين (6) وزادني صلاة الوتر (7) قال يزيد (أحد الرواة) القنين البرابط (عن أبي هريرة) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يبع حاضر لباد ولا تناجشوا ولا يزيد الرجل على بيع أخيه ولا يخطب على خطبته ولا تسأل امرأة طلاق اختها (وعنه أيضا) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسرق سارق حين يسرق وهو مؤمن ولا يزني زان حين يزني وهو مؤمن ولا يشرب الشارب حين يشرب وهو مؤمن يعني الخمر (10) والذي نفس محمد بيده ولا ينهب أحدكم نهبة ذات شرف يرفع اليه المؤمنون أعينهم فيها وهو حين ينتهبها

_ ابن أبي كثير عن زيد بن أبي سلام عن أبي مالك الأشعري الخ (غريبه) (1) السربال القميص أو القطران بفتح القاف وكسر الطاء (قال ابن عباس) هو النحاس المذاب وقال الحسن هو قطران الابل (3) درع المرأة قميصها (قال في النهاية) النوائح عليهن سراييل من قطران وقد تطلق السرابيل على الدروع (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه مسلم وابن ماجه ولفظه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم النياحة من أمر الجاهلية وان النائحة اذا ماتت ولم تتب قطع الله لها ثيابا من قطران ودرعا من لهب النار نعوذ بالله من ذلك (3) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب حدثنا عبد الرحمن بن ثوبان حدثنا عبد الله بن الفضل عن الأعرج عن ابي هريرة الخ (تخريجه) (نس) وسنده صحيح (باب) (4) (سنده) حدثنا يزيد أخبرنا فرج بن فضالة عن ابراهيم بن عبد الرحمن بن رافع عن أبيه عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (غريبه) (5) المزر بكسر الميم وسكون الزاي وآخره راء نبيذ يتخذ من الذرة وقيل من الشعير والحنطة (والكوبة) بضم الكاف قال الخطابي يفسر بالطبل ويقال هو النرد ويدخل في معناه كل وتر ومزهر ونحو ذلكمن الملاهي والغناء (6) القنين بكسر القاف وتشديد النون المكسورة وآخره نون ايضا (قال في النهاية) لعبة الروم يقامرون بها وقيل هو الطنبور بالحبشية والتقنين الضرب بها (7) قال الخطابي معناه الزيادة في النوافل وذلك ان نوافل الصلاة تقع لا وتر فيها فقيل أمدكم بصلاة وزادكم صلاة لم تكونوا تصلونها قبل على تلك الهيئة والصورة وهي الوتر (قال يزيد) يعني الذي روى عنه الامام احمد هذا الحديث فسر القنين بالبرابط والبرابط جمع بربط قال في النهاية البربط ملهاة تشبه العود وهو فارسي معرب واصله بربت لأن الضارب به يضعه على صدره واسم الصدر (بر) (8) (سنده) حدثنا عبد الرزاق اخبرنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن ابي هريرة الخ (تخريجه) (ق وغيرها) وتقدم شرحه في أبوابه (9) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة فذكر أحاديث منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسرق سارق الخ (10) تقدم شرح هذا الجزء من الحديث

مؤمن ولا يغل أحدكم حين يغل وهو مؤمن (1) فأياكم واياكم (عن حنش الصنعائي) (2) قال غزونا مع رويفع بن ثابت الانصاري قرية من قرى المغرب يقال لها جربة فقام فينا خطيبا فقال ايها الناس اني لا أقول فيكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول قام فينا يوم حنين فقال لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسقى ماؤه زرع غيره يعني اتيان الحبالى من السبايا وان يصيب امرأة ثيبا من السبى حتى يسترها يعني اذا اشتراها وان يبيع مغنما حتى يقسم وأن يركب دابة من فيء المسلمين حتى اذا أعجفها ردها فيه وأن يلبس ثوبا من قيء المسلمين حتى اذا اخلقه رده فيه (حدثنا حجاج وروح) (3) عن ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تمش في نعل واحدة ولا تحتبين في إزار واحد ولا تأكل بشمالك ولا تشتمل الصماء ولا تضع احدى رجليك على الاخرى اذا استلقيت قلت لأبي الزبير أو ضعه (4) رجله على الركبة مستلقيا؟ قال نعم قال أما الصماء فهي احدى اللبستين تجعل داخله ازارك وخارجه على احدى عاتقيك قلت لأبي الزبير (5) فإنهم يقولون لا يحتبى في إزار واحد مفضيا قال كذلك سمعت جابرا يقول لا يحتبى في إزار واحد (6) قال حجاج عن ابن جريج قال عمرو لي مفضيا (7) (فصل منه في الخماسيات المبدوءة بعدد) (عن أيوب بن سلمان) (8) رجل من أهل صنعاء أنه جلس هو وآخرون إلى ابن عمر رضي الله عنهما فقال لهم الا أخبركم بخمس سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بلى قال من حالت شفاعته دون حد من حدود الله فهو مضاد الله في أمره ومن أعان على خصومة بغير حق فهو مستظل في سخط الله حتى يترك ومن قفا مؤمنا (9) أو مؤمنة حبسه الله في ردغة الخبال عصارة أهل النار ومن مات وعليه دين أخذ لصاحبه من حسناته لا دينار ثم

_ في باب ما جاء في التنفير من الزنا من كتاب الحدود في الجزء السادس عشر صحيفة 69 رقم 181 (1) تقدم شرح النهب والغلول في باب ما جاء في الترهيب من خصال من كبريات المعاصي الخ في هذا الجزء صحيفة 213 رقم 11 (تخريجه) (ق نس جه) (2) (عن حنش الصنعائي الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب حل الغنيمة من خصوصياته صلى الله عليه وسلم من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 70 رقم 227 فارجع اليه (3) (حدثنا حجاج وروح الخ) (غريبه) (4) أوضعه بهمزة الاستفهام وفتح الواو وسكون الضاد المعجمة ومعناه أوضعه رجله على الركبة مستلقيا داخل في النهي قال نعم (5) القائل قلت لأبي الزبير الخ هو ابن جريج (6) يعني بدون لفظ مفضيا (7) معناه أن حجاجا قال في رواية أخرى عن ابن جريج ان عمرا قال له أي لابن جريح مفضيا أي لا يحتبى في ازار واحد مفضيا والله اعلم (تخريجه) لم اقف عليه بهذا السياق لغير الامام احمد ورجاله رجال الصحيح وتقدم شرحه في ابواب متفرقة تناسبه والله الموفق (8) (سنده) حدثنا محمد بن الحسن بن أتش أخبرني النعمان بن الزبير عن أيوب ابن سليمان رجل من أهل صنعاء قال كنا بمكة فجلسنا الى عطاء الخراساني الى جنب جدار المسجد فلم نسأله ولم يحدثنا قال ثم جلسنا الى ابن عمر مثل مجلسكم هذا فلم نسأله ولم يحدثنا قال فقال ما بالكم لا تتكلمون ولا تذكرون الله قولوا الله اكبر والحمد لله وسبحان الله وبحمده بواحدة عشرا وبعشر مائة من زاد زاده الله ومن سكت غفر له ألا أخبركم بخمس سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) قفا

ولا درهم (1) وركعتا الفجر حافظوا عليهما فإنهما من الفضائل (عن أبي هريرة) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس ليس لهن كفارة الشرك بالله عز وجل وقتل النفس بغير حق أو نهب مؤمن أو الفرار يوم الزحف أو يمين صابرة يقتطع بها مالا بغير حق (عن أبي سعيد الخدري) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة صاحب خمس مدمن خمر ولا مؤمن بسحر ولا قاطع رحم ولا كاهن ولا منان (باب ما جاء في السداسيات) (عن أبي هريرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تحاسدوا ولا تناجشوا ولا تباغضوا ولا تدابروا ولا يبع أحدكم على بيع أخيه وكونوا عباد الله اخوانا (عن المغيرة بن شعبة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله كره لكم ثلاثا قيل وقال وكثرة السؤال واضاعة المال وحرم عليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأد البنات وعقوق الأمهات ومنع وهات (عن أنس) (6) قال أخذ النبي صلى الله عليه وسلم على النساء حين بايعهن أن لا ينحن فقلن يا رسول الله ان نساآ اسعدننا في الجاهلية أفنسعدهن في الاسلام؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا إسعاد (7) في الاسلام ولا شغار ولا عقر في الاسلام (8) ولا جلب في

_ مؤمنا إذا رماه بالبهتان والأمر القبيح (1) تقدم شرح هذه الخصلة والتي قبلها في شرح الحديث الثاني من الباب السابق (تخريجه) (طب طس) وروى بعضه (د مذ نس ك) وغيرهم والحديث صحيح لا جرح في رجاله وتقدم ما يختص بالذكر منه في باب فضل سبحان الله والحمد لله من كتاب الاذكار في الجزء الرابع عشر صحيفة 221 رقم 51 وقد جاء في سنده هناك محمد بن الحسن بن أقيش وهو خطأ وصوابه ابن أتش بفتح الهمزة والتاء المثناة بعدها شين معجمة كما هنا وكذلك في المشتبه والقاموس والله أعلم (2) (عن أبي هريرة الخ) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الثلاثيات من قسم الترغيب في هذا الجزء صحيفة 183 رقم 22 وتقدم شرح هذا الطرف في أبوابه (3) (سنده) حدثنا معاوية بن عمرو ثنا ابو اسحاق عن الأعمش عن سعد الطائي عن عطية بن سعد عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) أخرجه القاضي عبد الجبار وفي حديث آخر لا يدخل الجنة مدمن خمر ولا مصدق بسحر ولا قاطع رحم رواه الخرائطي عن أبي موسى وسند حديث الباب جيد (باب) (4) (عن أبي هريرة الخ) هذا صدر حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الترهيب من الظلم والباطل الخ من قسم الترهيب في هذا الجزء صحيفة 235 رقم 99 (5) (عن المغيرة بن شعبة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في فصل الثلاثيات المبدوءة بعدد من قسم الترهيب في هذا الجزء صحيفة 285 رقم 111 (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ثابت عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (غريبه) (7) الاسعاد المساعدة في النياحة خاصة (قال الخطابي) أما الاسعاد فخاض في هذا المعنى وأما المساعدة فعامة في كل معونة اهـ قال في النهاية الاسعاد هو اسعاد النساء في المناحاة تقوم المرأة فتقوم معها أخرى من جاراتها فتساعدها على النياحة وقيل كان نساء الجاهلية يسعد بعضهن بعضا على ذلك سنة فنهين عن ذلك (والاشغار) تقدم معنى الشغار والجلب والجنب في شرح حديث ابن عمر في الباب الأول من أبواب السبق والرمي من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 126 رقم 353 (8) معناه انهم كانوا في الجاهلية يعقرون الابل على قبور الموتى أن ينحرونها ويقولون ان صاحب القبر كان يعقر

الإسلام ولا جنب ومن انتهب فليس منا (1) (عن أبي سعيد الخدري) (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن صيام يومين وعن صلاتين وعن نكاحين سمعته ينهى عن الصلاة بعد الصبح حتى تطلع الشمس وبعد العصر حتى تغرب الشمس (3) وعن صيام يوم الفطر والاضحى وأن يجمع بين المرأة وخالتها وبين المرأة وعمتها (حدثنا يزيد بن هارون) (4) قال ثنا شريك ابن عبد الله عن عثمان بن عمير عن زاذان ابي عمر عن عليم قال كنا جلوسا على سطح معنا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال يزيد لا أعلمه الا عبسا الغفاري والناس يخرجون في الطاعون فقال عبس يا طاعون خذني ثلاثا يقولها فقال له عليم لم تقول هذا؟ ألم يقل رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يتمنى أحدكم الموت فإنه عند انقطاع عمله (5) ولا يرد فيستعتب (6) فقال اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بادروا بالموت ستا أمرة السفهاء وكثرة الشرط (7) وبيع الحكم واستخفافا بالدم (8) وقطيعة الرحم ونشئا (9) يتخذون القرآن مزامير (10) يقدمونه يغنيهم وان كان (11) أقل منهم فقها

_ للأضياف أيام حياته فنكافئه بمثل صنيعه بعد وفاته فنهوا عن ذلك في الاسلام (1) تقدم شرح النهب في باب ما جاء في الترهيب من خصال من كبريات المعاصي في هذا الجزء صحيفة 213 رقم 11 (تخريجه) (نس حب) وسنده صحيح ورجاله من رجال الصحيحين (2) (سنده) حدثنا يزيد انا محمد ومحمد بن عبيد قال ثنا محمد بن اسحاق عن يعقوب بن عتبة عن سليمان بن يسار عن أبي سعيد الخدري الخ (تخريجه) (3) هذا وما بعده تفصيل لما أجمله في أول الحديث (تخريجه) (ق د مذ) ما عدا الجمع بين المرأة وخالتها وبين المرأة وعمتها وهو ثابت من حديث أبي هريرة عند الشيخين والأربعة وتقدم الكلام على هذه الاحكام وشرحها في أبوابها والله الموفق (4) (حدثنا يزيد بن هارون الخ) (غريبه) (5) معناه ان بالموت ينقطع عمل الانسان (6) الاستعتاب طلب الرضا عنه وقد جاء في حديث آخر ولا بعد الموت من مستعتب أي ليس بعد الموت من استرضاء لأن الاعمال بطلت وانقضى زمانها وما بعد الموت دار جزاء لا دار عمل وقد جاء في حديث آخر (لا يتمنين أحدكم الموت إما محسنا فلعله يزداد واما مسيئا فلعله يستعتب) أي يرجع عن الاساءة ويطلب الرضا (7) بضم المعجمة وفتح الراء وهم أعوان الولاة والمراد كثرتهم بأبواب الأمراء والولاة وبكثرتهم يكثر الظلم (وبيع الحكم) يعني بأخذ الرشوة عليه فالمراد به هنا معناه اللغوي وهو مقابلة شيء بشيء (8) اي بحقه بأن لا يقتص من القاتل (9) بفتح النون والمعجمة جمع ناشئ كخادم وخدم يريد جماعة احداثا (10) جمع مزمار بكسر الميم آلة الزمر يتغنون به ويأتون فيه بنغمات مطربة وقد كثر ذلك في هذا الزمان وانتهى الأمر إلى التباهي باخراج الفاظ القرآن عن وضعها (وقوله يقدمونه) يعني الناس الذين هم أهل ذلك الزمان يقدمون ذلك النشأ (يغنيهم) بحيث يخرجون الحروف عن أوضاعها ويزيدون وينقصون لأجل موافات الالحان وتوفر النعمات (11) يعني المقدم بتشديد الدال المهملة مفتوحة (أقل منهم فقها) إذ ليس غرضهم إلا الالتذاذ والاستماع بتلك الالحان والاوضاع نسأل الله السلامة (تخريجه) (طب) وفي اسناده عثمان بن عمير (قال في التقريب) ويقال ابن قيس والصواب ان قيسا جد أبيه وهو عثمان بن أبي حميد ايضا البجلى أبو القيظان الكوفي الاعمى ضعيف واختلط وكان يدلس ويغلو في التشيع اهـ وفي الخلاصة ضعفه

(عن شداد أبي عمار الشامي) (1) قال قال عوف بن مالك يا طاعون خذني اليك قال فقالوا اليس قد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ماعمر المسلم كان خيرا له (وفي رواية إن المؤمن لا يزيده طول العمر إلا خيرا) قال بلى ولكني اخاف ستا امارة السفهاء وبيع الحكم وكثرة الشرط وقطيعة الرحم ونشئا ينشؤون يتخذون القرآن مزامير وسفك الدم (باب ما جاء في السباعيات) (عن ابن عباس) (2) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال لعن الله من غير تخوم (3) الأرض لعن الله من ذبح لغير الله (4) لعن الله من لعن والديه لعن الله من تولى غير مواليه (5) لعن الله من كمه (6) أعمى عن السبيل لعن الله من وقع على بهيمة (7) لعن الله من عمل عمل قوم لوط ثلاثا (8) (عن أبي ريحانة) (9) أنه قال بلغنا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن الوشر (10) والوشم والنتف والمشاغرة والمكامعة والوصال والملامسة (فصل منه في السباعيات المبدوءة بعدد)

_ أحمد وغيره وتركه ابن مهدي (1) (سنده) حدثنا وكيع قال ثنا النهاس بن قهم أبو الخطاب عن شداد أبي عمار الشامي الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث عوف بن مالك وفي اسناده النهاس بن قهم بالقاف ضعيف وهو في معنى الحديث السابق (باب) (2) (سنده) حدثنا حجاج أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) أي معالمها وحدودها وقال الزمخشري روى بضم أوله وفتحه وهي مؤنثة والتخوم جمع لا واحد له من لفظه وقيل واحدها تخم والمراد تغير حدود الحرم التي حددها ابراهيم وهو عام في كل حد ليس لأحد ان يزوى من حد غيره شيئا اهـ وقيل أراد المعالم التي يهتدي بها في الطريق (قال القرطبي) والمغير لها ان اضافها الى ملكه فغاضب والا فمعد ظالم مفسد لملك الغير (4) قال القرطبي ان كان المراد الكافر الذي ذبح للاصنام فلا خفاء بحاله وهي التي اهل بها والتي قال الله فيها (ولا تأكلوا مما لم يذكر اسم الله عليه) وأما ان كان مسلما فيتناوله عموم هذا اللعن لا تحل ذبيحته لأنه لا يقصد بها الاباحة الشرعية (5) أي انتسب الى غير سيده وولى نعمته (6) كمه بفتحات أي عمى عليه الطريق كما جاء في رواية اخرى وهما بمعنى أي لم يرشده الى الطريق الذي يقصده (7) أي واطأها (8) أي من وطئ الذكر بدل الانثى (وقوله ثلاثا) أي كرر هذا اللفظ ثلاث مرات لقبح هذا العمل وفضاعته نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام احمد وسنده حسن وروى بعضه مسلم والنسائي وغيرها (9) (سنده) حدثنا حجاج بن محمد ثنا ليث حدثني يزيد بن أبي حبيب عن أبي الحصين الحجري عن أبي ريحانة انه قال بلغنا الخ (غريبه) (10) الوشر بمعجمة وراء تحديد الاسنان وترقيقها ايهاما لحداثة السن لما فيه من تغيير خلق الله (والوشم) أي النقش وهو غرزالجلد بإبرة ثم يدر عليها ما يخضره أو يسوده (والنتف) للشيب فيكره لأنه نور الاسلام أو الشعر عند المصيبة أو اللحية أو الحاجب للزينة والمقتضى للنهي في الثلاثة تغيير الخلقة (والمشاغرة) يعني نكاح الشغار وهو أن يقول لآخر زوجني بنتك أو من تلي أمرها بغير صداق على أن أزوجك ابنتي أو من ألي امرها بغير صداق ايضا وتقدم توضيح ذلك في بابه من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر (والمكامعة) أي مضاجعة الرجل للرجل في ثوب واحد والمرأة للمرأة كذلك والكميع الضجيع ومحل النهي اذا كان ليس بينهما ثوب كما صرح بذلك في رواية أخرى (والوصال) اي وصل شعر المرأة بغيره

(عن أبي حريز) (1) مولى معاوية قال خطب الناس معاوية بحمص فذكر في خطبته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم سبعة أشياء وإني أبلغكم ذلك وأنهاكم عنه منهن النوح (2) والشعر والتصاوير والتبرج (3) وجلود السباع (4) والذهب والحرير (5) (عن عبد الله بن عمرو) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم انه استعاذ من سبع موتات موت الفجأة ومن لدع الحية ومن السبع ومن الغرق ومن الحرق ومن أن يخر على شيء أو يخر عليه شيء (7) ومن القتل عند فرار الزحف (باب ما جاء في الثمانيات) (عن أبي هريرة) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تناجشوا ولا تدابروا ولا تنافسوا ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا يستام الرجل على سوم أخيه ولا يبع حاضر لباد دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض ولا تشترط امرأة طلاق اختها (عن عبد الله) (9) قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الواشمة والمستوشمة والواصلة والموصلة والمحل

_ ليكثر شعرها وتقدم الكلام على ذلك في باب ما جاء في وصل الشعر من كتاب اللباس في الجزء السابع عشر صحيفة 297 (والملامسة) أي بيع الملامسة وهو أن يمس الثوب بيده ولا يلبسه ولا يقلبه اذا مسه وجب البيع وتقدم توضيح ذلك في بابه من كتاب البيوع في الجزء الخامس عشر صحيفة 35 (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله ثقات وان كان مرسل صحابي لقول أبي ريحانه بلغنا فهو في حكم الموصول المسند لأنه في الغالب لا يروي إلا عن صحابي والجهالة بالصحابة لا تضر لأنهم كلهم عدول ورواه أبو داود والنسائي والامام احمد عن أبي ريحانه ايضا من وجه آخر بزيادة خصال أخرى وسيأتي في باب العشاريات بعد باب وفي اسناده رجل لم يسم وسيأتي الكلام عليه في بابه والله اعلم (فصل منه) (1) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد قال ثنا ابن عياش يعني اسماعيل عن عبد الله بن دينار وغيره عن أبي حريز مولى معاوية الخ (غريبه) (2) يعني النياحة على الميت (والشعر) بفتح الشين المعجمة أي وصل شعر المرأة بغيره (3) أي تبرج المرأة بالزينة (4) جاء في بعض الروايات النمور بدل السباع أي نهى عن الركوب عليها من أجل انها مراكب اهل الترف والخيلاء (5) أي لبسهما للرجال (تخريجه) روى بعضه أبو داود وابن ماجه ورواه أئمة الحديث في كتبهم مقطعا في أبوابه بأسانيد صحيحة وفي اسناده عند الامام احمد ابو حريز قال في الخلاصة والتقريب مجهول (6) (سنده) حدثنا حسن بن موسى قال ثنا ابن لهيعة ثنا ابو قبيل عن خالد بن عبد الله عن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم وفي موضع آخر قال مالك بن عبد الله عن عبد الله ابن عمرو (يعني ابن العاص) (غريبه) (7) أو للشك من الراوي يشك هل قال ان يخر على شيء أو قال ان يخل عليه شيء (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طب طس) وفيه ابن لهيعة وفيه كلام اهـ (قلت) فيه كلام اذا عنعن وقد صرح بالتحديث في هذا الحديث فهو حسن والله اعلم (باب) (8) (سنده) حدثنا اسود بن عامر انا ابو بكر عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (ق لك مذ) مختصرا وأخرجه (ق والأربعة وغيرهم) مقطعا في جملة أبواب من حديث أبي هريرة وغيره وتقدم أيضا في الفتح الرباني كل حكم في بابه من حديث أبي هريرة وغيره وتقدم شرحه في أبوابه والحديث سنده جيد (9) (سنده) حدثنا اسود بن عامر اخبرنا سفيان عن ابي قيس عن هزيل عن عبد الله (يعني

والمحلل له وآكل الربا ومطعمه (1) (فصل منه في الثمانيات المبدوءة بعدد) (عن أنس بن مالك) (2) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من ثمان الهم والحزن والعجز والكسل والبخل والجبن وغلبة الدين وغلبة العدو (باب ما جاء في العشاريات) (عن علي رضي الله عنه) (3) قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وشاهديه وكاتبه والواشمة والمستوشمة للحسن ومانع الصدقة والمحال والمحلل له وكان ينهى عن النوح (حدثنا محمد بن أبي عدي) (4) عن ابن عون عن الشعبي قال لعن محمد صلى الله عليه وسلم آكل الربا وموكله وكاتبه وشاهده والواشمة والمستوشمة قال ابن عون قلت الا من داء قال نعم (5) والحال والمحلل له ومانع الصدقة وقال وكان ينهى عن النوح ولم يقل لعن فقلت من حدثك (6) قال الحارث الأعور الهمداني (7) (فصل منه في العشاريات المبدوءة بعدد) (عن عبد الله بن مسعود) (8) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره عشر خلال تختم الذهب وجر

_ ابن مسعود الخ) (غريبه) (1) زاد في رواية أخرى من طريق ثان وكاتبه وشاهداه وجاء فيها ايضا (ولاوى الصدقة والمرتد اعرابيا بعد الهجرة) بدل والواصلة والموصولة (والمحل والمحلل له) وتقدم شرح ذلك في أبوابه (تخريجه) روى الشيخان والنسائي بعضه ورواه أيضا (عل طب) وسنده حديث الباب جيد (فصل منه) (2) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون انا المسعودي عن عمرو بن ابي عمرو عن انس بن مالك الخ (تخريجه) (ق د نس) (باب) (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انبأنا سفيان عن جابر عن الشعبي عن الحارث عن علي الخ (تخريجه) (طل) من طريق الحارث ايضا عن عبد الله بن مسعود والحارث هو ابن عبد الله الاعور ضعيف ورواه الشيخان وغيرهما مقطعا وكذلك الامام احمد في ابواب متفرقة من طرق اخرى بأسانيد صحيحه (4) (حدثنا محمد بن أبي عدي الخ) (غريبه) (5) معناه أن الوشم يجوز اذا تعين دواآ لمرض (وقوله والحال) بتشديد اللام اسم فاعل وفي هذا اللفظ ثلاث لغات حللت بتشديد اللام الأولى وسكون الثانية فيهما وأحللت وحللت بفتح اللام الاولى وسكون الثانية فعلى الاولى جاء الحديث (لعن الله المحلل) بتشديد اللام الاولى مكسورة يقال حلل بفتح اللام الاولى مشددة فهو محلل بكسرها مشددة ومحلل له بفتحها مشددة (وعلى الثانية) جاء الحديث (لعن الله المحل) كقوله أحل فهو محل ومحل له (وعلى الثالثة) جاء الحديث (لعن الله الحال) تقول حللت بفتح اللام الأولى وسكون الثانية فانا حال وهو محلول له والمعنى في الجميع ان يطلق الرجل امرأته ثلاثا فيتزوجها رجل آخر على شريطة ان يطلقها بعد وطئها لتحل لزوجها الأول وقيل سمي محللا (بكسر اللام الاولى مشددة) بقصده الى التحليل كما يسمى مشتريا اذا قصد الشراء (نه) باختصار وتصرف (6) القائل فقلت من حدثك هو ابن عون يقول للشعبي من حدثك (7) لم يسنده الى صحابي ولكن سياق الحديث وسنده يدل على انه عن علي رضي الله عنه (تخريجه) هو كالذي قبله في الدرجة والسياق والتخريج (فصل منه) (8) (سنده) حدثنا جرير عن الركين عن القاسم بن حسان عن عمه عبد الرحمن بن حرملة عن عبد الله بن مسعود قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكره عشر خلال الخ

الإزار والصفرة يعني الخلوق (1) وتغيير الشيب قال جرير (2) انما يعني بذلك نتفه وعزل الماء عن محله (3) والرقى إلا بالمعوذات (4) وفساد الصبي غير محرمه (5) وعقد التمائم (6) والتبرج بالزينة لغير محلها (7) والضرب بالكعاب (8) (عن معاذ) (9) قال أوصاني رسول الله صلى الله عليه وسلم بعشر كلمات قال لا تشرك بالله شيئا وان قتلت وحرقت ولا تعقن والديك وان امراك أن تخريج من أهلك ومالك ولا تتركن صلاة مكتوبة متعمدا فإنه من ترك صلاة مكتوبة متعمدا فقد برئت منه ذمة الله (10) ولا تشربن خمر فإنه رأس كل فاحشة وإياك والمعصية فإن بالمعصية حل سخط الله عز وجل وإياك من الفرار يوم الزحف وان هلك الناس واذا أصاب الناس موتان (11) وأنت فيهم فأثبت وأنفق على عيالك من طولك (12) ولا ترفع عنهم عصاك أدبا وأخفهم في الله (عن عياش بن عباس) (13) عن أبي الحصين (14) الهيثم بن شفى أنه سمعه يقول خرجت أنا وصاحب لي يسمى أبا عامر رجل من المعافر (15) ليصلى بايلياء (16) وكان قاصهم رجلا من الأزد

_ (غريبه) (1) بفتح المعجمة نوع من الطيب وتقدم الكلام عليه في باب ما يكره من الطيب للرجال من كتاب اللباس في الجزء السابع عشر صحيفة 306 في شرح حديث رقم 345 (2) جرير هو شيخ الامام احمد الذي روى عنه هذا الحديث وتفسيره تغيير الشيب بنتفه هو الصواب لأن تفسيره بغير ذلك ينافي الأمر بتغييره بنحو الحنا (3) هو انه يعزل الرجل منيه وقت تزوله عن فرج المرأة خشية الحمل (4) هذا باعتبار الغالب والا فقد ثبتت الرقى بغير المعوذتين كالفاتحة وخواتيم سورة البقرة وغير ذلك من القرآن ومن غير القرآن انظر ابواب الرقى والتمائم في الجزء السابع عشر صحيفة 177 (5) بضم الميم وفتح المهملة وتشديد الراء مكسورة (قال في النهاية) هو ان يطأ المرأة المرضع فإذا حملت فسد لبنها وكان من ذلك فساد الصبي ويسمى الغيلة (وقوله غير محرمه) يعني انه كرهه ولم يبلغ حد التحريم (6) جمع تميمة وأصلها خرزات تعلقها العرب على رأس الولد لدفع العين ثم توسعوا فيها فسموا بها كل عوذة انظر باب ما لا يجوز من الرقى والتمائم في الجزء السابع عشر صحيفة 185 واقرأ فيه حديث رقم 145 وشرحه (7) يعني تبرج المرأة بزينتها لغير زوجها (8) قال في النهاية الكعاب فصوص الترد واحدها كعب وكعبة واللعب بها حرام وكرهها عامة الصحابة وقيل كان ابن مغفل يفعله من امرأته على غير قمار وقيل رخص فيه ابن المسيب على غير قمار ايضا اهـ (تخريجه) (د نس طس) (9) (سنده) حدثنا ابو اليمان انا اسماعيل بن عياش عن صفوان بن عمرو عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي عن معاذ (يعني ابن جبل) الخ (غريبه) (10) الذمة والذمام العهد والامان والضمان والحرمة والحق والمعنى ان من خالف ما أمر الله به أو فعل ما حرم الله عليه خذلته ذمة الله فيصير لا عهد له عند الله ولا حرمة وأي مخالفة اشنع من ترك الصلاة نعوذ بالله من ذلك (11) بضم الميم أي الموت الكثير كطاعون ونحوه (فاثبت) أي لا تفر منه إذا كنت في بلده (12) أي على قدر كسبك (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه (حم طب) واسناده احمد صحيح لو سلم من الانقطاع فإن عبد الرحمن بن جبير بن نفير لم يسمع من معاذ (13) (سنده) حدثنا يحيى بن غيلان ثنا المفضل بن فضالة حدثني عياش بن عباس الخ (قلت) زاد في رواية لفظ الفتيابي بعد قوله عياش بن عباس (غريبه) (14) زاد في رواية الحجري بفتح المهملة وسكون الجيم وترك لفظ الهيثم بن شفى (15) بفتح الميم أرض باليمن (16) بكسر الهمزة

(كتاب المدح والذم)

يقال له أبو ريحانة من الصحابة قال أبو الحصين فسبقني صاحبي إلى المسجد ثم ادركته فجلست الى جنبه فسألني هل أدركت قصص أبي ريحانة؟ فقلت لا فقال سمعته يقول نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عشرة عن الوشر والوشم (1) والنتف وعن مكامعة الرجل الرجل بغير شعار وعن مكامعة المرأة المرأة بغير شعار وأن يجعل الرجل في أسفل ثيابه حريرا مثل الأعلام (2) وان يجعل على منكبيه (3) مثل الأعاجم وعن النهي وركوب النمور (4) ولبوس الخاتم (5) إلا لذي سلطان (6) (70) (كتاب المدح والذم) (باب ما يجوز من المدح) (عن عبد الله) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أحد أغير من الله عز وجل فلذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد أحب إليه المدح من الله عز وجل (وعنه من طريق ثان مثله) (8) وزاد (ولذلك مدح نفسه) بعد قوله من الله عز وجل

_ واللام بينهما ياء ساكنة بالمد والقصر مدينة بيت المقدس (1) تقدم شرح الوشر والوشم وما عطف عليهما الى قوله بغير شعار في باب ما جاء في السباعيات في شرح الحديث الثاني منه صحيفة 295 رقم 146 في هذا الجزء (2) جاء في رواية اخرى وخطى حرير على أسفل الثوب وخطى حرير على العاتقين والاعلام جمع علم وجاء في القاموس من معانى العلم رسم الثوب ورقمه وفي المصباح اعلمت الثوب جعلت له علما من طراز وغيره وهي العلامة انظر باب اباحة اليسير من الحريركالعلم والرقعة ونحوها في الجزء السابع عشر صحيفة 274 (3) معناه وان يجعل على منكبيه ثوبا من حرير لأن الأعاجم كانوا يفعلون ذلك افتخارا وتكبرا (4) جمع نمر بفتح النون وكسر الميم ويجوز التخفيف بكسر النون وسكون الميم الانثى نمرة بالهاء وهو نوع معروف من السباع أقل من الاسد وأخبث وأجرأ منه والمراد جلودها التي تلقى على السرج والرحال وانما نهى عن استعمالها كذلك لما فيها من الزينة والخيلاء ولأنها زي العجم (5) بضم اللام مصدر بمعنى اللبس (6) المراد بذى سلطان من يحتاج اليه للمعاملة مع الناس ولغيره يكون زينة محضة فالأولى تركه فالنهي للتنزيه كما قال كثير من العلماء (تخريجه) (د نس جه) واعله بعض العلماء بأن في اسناده رجل مبهم (قلت) يعني صاحب ابي الحصين حيث قال في بعض الروايات وصاحب لي ولم يصرح باسمه ولكنه جاء عند الامام احمد من وجه آخر انه قال عن ابي حصين الحجري عن عامر الحجري وجاء في سند حديث الباب ان ابا الحصين قال خرجت انا وصاحب لي يسمى ابا عامر رجل من المعافر قال الحافظ في التقريب أبو عامر الحجري بفتح المهملة وسكون الجيم المصري اسمه عبد الله بن جابر وقيل اسمه عامر والصحيح أبو عامر مقبول اهـ وعلى هذا فليس فيه مبهم وسنده حسن والله اعلم (باب) (7) (سنده) حدثنا ابو معاوية حدثنا الاعمش عن شقيق عن عبد الله (يعني ابن مسعود الخ) (8) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت ابا وائل يقول سمعت عبد الله يقول (قلت) انت سمعته من عبد الله قال نعم وقد رفعه قال لا احد اغير من الله عز وجل ولذلك حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن ولا أحد احب اليه المدح الخ (تخريجه) (ق مذ) وتقدم نحوه عن

(عن الأسود بن سريع) (1) قال قلت يا رسول الله ألا أنشدك محامد حمدت بها ربي تبارك وتعالى؟ قال أما إن ربك عز وجل يحب المدح (عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه) (2) انه قد وفدالى النبي صلى الله عليه وسلم في رهط من بني عامر قال فأتيناه فسلمنا عليه فقلنا أنت ولينا وأنت سيدنا وأنت أطول علينا قال يونس (3) وانت أطول علينا طولا وانت أفضل علينا فضلا وانت الجفنة الغراء (4) فقال قولوا قولكم (5) ولا يستجرينكم الشيطان (6) قال وربما قال ولا يستهوينكم (وعنه من طريق ثان) (7) عن أبيه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال انت سيد قريش فقال النبي صلى الله عليه وسلم السيد الله فقال أنت أفضلها فيها قولا وأعظمها فيها طولا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليقل أحدكم بقوله ولا يستجرنه الشيطان أو الشياطين (عن أبي بكر بن زهير) (8) الثقفي عن أبيه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم

_ أبي هريرة والمغيرة بن شعبة في الباب الأول من كتاب الكبائر وأنواع اخرى من المعاصي في هذا الجزء صحيفة 207 و 208 وتقدم شرحه مستوفي هناك (1) (سنده) حدثنا روح قال حدثنا عوف عن الحسن عن الأسود بن سريع قال قلت يا رسول الله الخ (وله طريق ثان) عند الامام احمد ايضا قال حدثنا حسن ابن موسى ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة ان الاسود بن سريع قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله اني قد حمدت ربي تبارك وتعالى بمحامد ومدح واياك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اما ان ربك تبارك وتعالى يحب المدح هات ما امتدحت به ربك قال فجعلت انشده فجاء رجل فاستأذن او لم اصلح ايسر أعسر قال فاستنصتني له رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصف لنا ابو سلمة كيف استنصته قال كما صنع بالهر فدخل الرجل فتكلم ساعة ثم خرج ثم اخذت انشده ايضا ثم رجع بعد فاستنصتني رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفه أيضا فقلت يا رسول الله من ذا الذي استنصتني له؟ فقال هذا رجل لا يحب الباطل هذا عمر بن الخطاب (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني بنحوه بأسانيد ورجال احدها عند احمد رجال الصحيح اهـ (قلت) اصح طرقه سندا ما أثبتته في المتن واطولها واكثرها معنى ما ذكرته في الشرح غلا أن في سند المطول علي بن زيد بن جدعان وهو ضعيف (2) (سنده) حدثنا سويد بن عمرو وعبد الصمد قالا ثنا مهدي ثنا غيلان عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن أبيه الخ (غريبه) (3) لم يذكر يونس في السند ويريد انه زاد لفظ طولا في رواية أخرى والطول بفتح الطاء المهملة وسكون الواو الفضل والعلو على الاعداء (4) كانت العرب تدعو السيد المطعام جفنة لأنه يضعها ويطعم الناس فيها فسمى باسمها (والغراء) البيضاء اي انها مملوءة بالشحم والدهن (5) قال الخطابي يريد قولوا بقول اهل دينكم وملتكم وادعوني نبيا ورسولا كما سماني الله عز وجل في كتابه فقال (يا أيها النبي يا أيها الرسول) ولا تسموني سيدا كما تسمون رؤساءكم وعظماءكم ولا تجعلوني مثلهم فإني كنت كأحدهم اذ كانوا يسودونكم أسباب الدنيار وانا اسودكم بالنبوة والرسالة فسموني نبيا ورسولا (6) أي لا يستغلبكم فيتخذكم جريا أي رسولا ووكيلا (نه) والجرى الوكيل ويقال الاجير ايضا (7) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة عن قتادة وقال ابن جعفر سمعت قتادة عن مطرف بن عبد الله قال حجاج في حديثه قال سمعت مطرفا عن أبيه قال جاء رجل الى النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د نس) وسكت عنه أبو داود والمنذري وسنده جيد (8) (سنده) حدثنا عبد الملك بن عمرو وسريج المعنى قالا ثنا نافع بن عمر

بالنباءة أو النباوة (1) شك نافع من الطائف وهو يقول يا أيها الناس انكم توشكون ان تعرفوا اهل الجنة من اهل النار أو قال خياركم من شراركم قال فقال رجل من الناس بم يا رسول الله؟ قال بالثناء السيء والثناء الحسن (2) وأنتم شهداء الله بعضكم على بعض (عن عبد الله بن الصامت عن أبي الذر) (3) أنه قال يا رسول الله الرجل يعمل العمل فيحمده الناس عليه ويثنون عليه به فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك عاجل بشرى المؤمن (4) (باب مالا يجوز من المدح) (عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم انهم ذكروا رجلا عنده فقال رجل يا رسول الله ما من رجل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم افضل منه في كذا وكذا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ويحك قطعت عنق صاحبك (6) مرارا يقول ذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان كان احدكم مادحا اخاه لا محالة فليقل احسب فلانا ان كان يرى انه كذاك ولا ازكى على الله تبارك وتعالى احدا (7) وحسيبه الله احسبه كذا وكذا (وعنه من طريق ثان عن ابيه) (8) أن رجلا مدح صاحبا له عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال ويلك قطعت عنقه ان كنت مادحا لا محالة فقل احسبه كذا وكذا والله حسيبه ولا أزكى على الله تعلى احدا (عن عطاء بن ابي رباح) (9) قال كان رجل يمدح ابن عمر قال فجعل ابن عمر يقول هكذا يحثو في وجهه التراب قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ عن أمية بن صفوان عن أبي بكر بن أبي زهير عن أبيه الخ (غريبه) (1) النباوة بالواو هو موضع معروف بالطائف وأو للشك من نافع احد رجال السند (2) قيل هو مخصوص بالصحابة وقيل ممن كان على صفتهم في الايمان وقيل هذا اذا كان الثناء مطابقا لأفعالهم (وقال النووي) الصحيح انه على عمومه واطلاقه فكل مسلم مات فألهم الله الناس أو معظمهم الثناء عليه كان ذلك دليلا على أنه من أهل الجنة سواء كانت أفعاله تقتضي ذلك أم لا إذ العقوبة غير واجبة فإلهام الله الثناء عليه دليل انه يشاء المغفرة له (تخريجه) (جه) وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده صحيح ورجاله ثقات وليس لزهير هذا عند ابن ماجه سوى هذا الحديث وليس له شيء في بقية الكتب الستة اهـ وانا اقول ليس له في مسند الامام احمد ايضا سوى هذا الحديث (3) (سنده) حدثنا بهز ثنا حماد ثنا ابو عمران الجوني عن عبد الله بن الصامت الخ (غريبه) (4) قال العلماء معناه هذه البشرى المعجلة له بالخير وهي دليل على رضاء الله تعالى عنه ومحبته له فيحببه الى الخلق ثم يوضع له القبول في الارض (تخريجه) (م د جه) (باب) (5) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن خالد الحذاء عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه الخ (غريبه) (6) معناه أهلكته وهذه استعارة من قطع العنق الذي هو القتل لاشتراكهما في الهلاك لكن هلاك هذا الممدوح في دينه وقد يكون من جهة الدنيا لما يشتبه عليه من حاله بالاعجاب (7) أي لا اقطع على عاقبة أحد ولا ضميره لأن ذلك مغيب عنا ولكن احسب واظن لوجود الظاهر المقتضي لذلك (8) (سنده) حدثنا محبوب بن الحسن عن خالد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه ان رجلا الخ (تخريجه) (ق د جه) (9) (سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة اخبرنا علي بن الحكم

يقول إذا رأيتم المداحين فاحثوا (1) في وجوههم التراب (عن محجن بن الأدرع) (2) أنه كان مع النبي صلى الله عليه وسلم بباب المسجد إذا رجل يصلي قال اتقوله صادقا (3) قال قلت يا نبي الله هذا فلان وهذا من أحسن أهل المدينة أو قال أكثر أهل المدينة صلاة قال لا تسمعه فتهلكه (4) مرتين أو ثلاثا انكم امة أريد بكم اليسر (5) (عن أبي موسى الأشعري) (6) قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يثنى على رجل ويطريه في المدحة (7) فقال لقد أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل (عن مجاهد) (8) أن سعيد بن العاص بعث وفدا من العراق الى عثمان فجاءوا يثنون عليه فجعل المقداد يحثو في وجهوهم التراب (9) وقال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثوا في وجوه المداحين التراب وقال سفيان مرة فقام المقداد فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول احثوا في وجوه المداحين التراب قال الزبير أما المقداد فقد قضى ما عليه (10) (وعنه أيضا) (11) عن أبي معمر

_ عن عطاء بن أبي رياح الخ (غريبه) (1) أي ارموا يقال حثا يحثوا حثوا ويحثي حثيا يريد به الخيبة وان لا يعطوا عليه شيئا ومنهم من يجريه على ظاهره فيرى في وجهه التراب (نه) (قلت) هذا هو الصحيح المختار وقد فسره ابن عمر بفعله ذلم بمن مدحه وسيأتي كذلك في المقداد بن الاسود والصحابي ادرى بروايته من غيره (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب طس) ورجاله رجال الصحيح (2) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا كهمس ويزيد قال انا كهمس قال سمعت عبد الله بن شقيق قال محجن بن الادرع بعثني نبي الله صلى الله عليه وسلم في حاجة ثم عرض لي وانا خارج من طريق من طرق المدينة قال فانطلقت معه حتى صعدنا احدا فاقبل على المدينة فقال ويل أمها قرية يوم يدعها أهله قال يزيد كأبنع ما تكون قال قلت يا نبي الله من يأكل ثمرتها؟ قال عافية الطير والسباع قال ولا يدخلها الدجال كلما أراد أن يدخلها تلقاه بكل نقب منها ملك مصلتا قال ثم اقبلنا حتى اذا كنا بباب المسجد قال اذا رجل يصلي الخ (غريبه) (3) أي اتظنه صادقا في صلاته؟ (4) قال العلماء هذا فيمن يتغالى في المدح بحيث يصف الانسان بما ليس فيه أو فيمن يخاف عليه الاعجاب والفساد والا فقد مدح صلى الله عليه وسلم وامتدح بحضرته فلم ينكر (5) قال تعالى (يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر) (تخريجه) (طل ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (6) (سنده) حدثنا محمد بن الصباح قال عبد الله (يعني ابن الامام احمد) وسمعته انا من محمد بن الصباح ثنا اسماعيل بن زكريا عن بريد عن أبي بردة عن أبي موسى الاشعري الخ (غريبه) (7) هي بكسر الميم والاطراء مجاوزة الحد في المدح (تخريجه) (م وغيره) (8) (سنده) حدثنا سفيان عن ابن ابي نجيح عن مجاهدان سعيد بن العاص الخ (غريبة) (9) جاء عند مسلم فعمد المقداد (يعني ابن الاسود) فجثا على ركبتيه وكان رجلا ضخما فجعل يحثوا في وجهه الحصباء فقال له عثمان ما شأنك؟ فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا رأيتم المداحين فاحثوا في وجوههم التراب (قال النووي رحمه الله) قد حمل هذا الحديث على ظاهره المقداد الذي هو راويه ووافقه طائفة وكانوا يحثون التراب في وجهه حقيقة (وقال آخرون) معناه خيبوهم فلا تعطوهم شيئا لمدحهم (10) يعني انه فعل ما أمر به (قال الخطابي) المداحون هم الذين اتخذوا مدح الناس عادة وجعلوه بضاعة يستأكلون به الممدوح ويفتنونه فأما من مدح الرجل على الفعل الحسن والأمر المحمود يكون منه ترغيبا له في أمثاله وتحريضا للناس على الاقتداء به في أشباهه فليس بمداح وان كان قد صار مادحا بما تكلم به من جميل القول فيه (تخريجه) (م د مذ جه طل) (11) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن سفيان

قال قام رجل يثني على أمير من الأمراء (1) فجعل المقداد يحثى في وجهه التراب وقال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثي في وجوه المداحين التراب (عن أبي بكرة) (2) عن النبي قال لا يقولن أحدكم اني قمت رمضان كله أو صمته قال فلا ادري (3) أكره التزكية ام لا فلا بد من غفلة أو رقدة (باب ما جاء في ذم النساء) (عن أسامة بن زيد) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما تركت في الناس بعدي (5) فتنة أضر على الرجال من النساء (عن أبي سعيد الخدري) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر الدنيا فقال ان الدنيا خضرة حلوة فاتقوها واتقوا النساء ثم ذكر نسوة ثلاثا من بني اسرائيل امرأتين طويلتين تعرفان وامرأة قصيرة لا تعرف فاتخذت رجلين من خشب (7) وصاغت خاتما فحشبه من أطيب الطيب المسك وجعلت له غلقا فإذا مرت بالملاء أو المجلس قالت به (8) ففتحته ففاح ريحه قال المستمر بخنصره (9) اليسرى فأشخها دون أصابعه الثلاث شيئا وقبض الثلاثة (عن عبد الرحمن بن شبل) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الفساق هم أهل النار قيل يا رسول الله ومن الفساق؟ قال النساء وقال رجل يا رسول الله أو لسن أمهاتنا

_ عن حبيب عن مجاهد عن أبي معمر الخ (غريبه) (1) الظاهر انه عثمان بن عفان كما يدل عليه السياق والحديث الذي قبله ويحتمل أنه غيره وان الواقعة تعددت من المقداد والله أعلم (تخريجه) (م وغيره) (2) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن مهلب بن أبي حبيبة ثنا الحسن عن ابي بكرة الخ (غريبه) (3) هذا قول الراوي وجاء عند أبي داود (فلا أدري اكره التزكية أو قال لا بد من نومة الخ) قال في فتح الودود لا يخفى أن النوم لا ينافي الصوم فهذا التعليل يفيد منع ان يقول صمته وقمته جميعا لا أن يقول صمته ويمكن ان يكون وجه المنع ان مدار الصيام والقيام على القبول وهو مجهول (تخريجه) (د نس) وسكت عند أبو داود والمنذري فهو صالح (باب) (4) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد ثنا التيمي واسماعيل عن التيمي عن أبي عثمان عن أسامة بن زيد الخ (غريبه) (5) أي بعد وفاته صلى الله عليه وسلم لأن السواد الأعظم من النساء في زمنه كن صالحات متدينات ثم كثرت فتنتهن بعد عصره فصارت اظهروا ضر واشهر وهكذا كلما تقادم الزمن كلما ازداد فسادهن نعوذ بالله من فتنتهن (قيل) ان ابليس لما خلقت المرأة قال انت نصف جندي وانت موضع سري وانت سهمي الذي ارمي بك فلا اخطئ ابدا (تخريجه) (ق مذ نس جه) (6) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا المستمر بن الريان الأيادي ثنا ابو نضرة العبدي عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (7) أي نعلين من خشب مرتفعين بحيث تساوي غيرها من النسوة في الطول لتعرف (8) اي رفعت إصبعها الذي فيه الخاتم (9) أي رفع المستمر خنصره فيحكي المرأة والمستمر هو ابن الريان احد رجال السند (تخريجه) (م مذ نس جه) بدون ذكر قصة المرأة ورجاله عند الامام احمد ثقات (10) (سنده) حدثنا اسماعيل بن ابراهيم عن هشام يعني الدستوائي قال حدثني يحيى بن أبي كثير عن أبي راشد الحبراني قال قال عبد الرحمن بن شبل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اقرءوا القرآن ولا تغلوا فيه ولا تجفوا عنه ولا تأكلوا به ولا تستكثروا به وقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان التجار هم الفجار قال قيل يا رسول الله أو ليس قد أحل الله البيع؟ قال بلى ولكنهم يحدثون فيكذبون ويحلفون ويأثمون وقال قال

وأخواتنا وأزواجنا قال بلى ولكنهن إذا أعطين لم يشكرن (1) واذا ابتلين لم يصبرن (عن ابن عباس) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رأيت النار فلم أر كاليوم منظرا قط ورأيت أكثر أهلها النساء قالوا لم يا رسول الله؟ قال بكفرهن قيل أيكفرن بالله؟ قال يكفرن العشير ويكفرن الاحسان لو أحسنت إلى احداهن الدهر ثم رأت منك شيئا قالت ما رأيت منك خيرا قط (عن عمارة بن خزيمة بن ثابت) (3) قال كنا مع عمرو بن العاص (رضي الله عنه) في حج حتى اذا كنا يمر الظهران فإذ امرأة في هودجها (وفي رواية فإذا امرأة في يديها حبائرها (4) وخواتيمها) قد وضعت يديها على هودجها (5) قال فمال فدخل الشعب (6) فدخلنا معه فقال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا المكان فإذا نحن بغربان كثيرة فيها غراب أعصم (7) أحمر المنقار والرجلين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل الجنة من النساء الا مثل هذا الغراب في هذه الغربان (8) (عن عمران بن حصين) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلعت في النار فرأيت أكثر اهلها النساء واطلعت في الجنة فرأيت أكثر أهلها الفقراء (عن أبي التياح) (10) قال سمعت مطرفا يحدث انه كانت له امرأتان قال فجاء إلى احداهما قال فجعلت تنزع به عمامته (11) وقال جئت من عند امرأتك قال جئت من عند عمران بن حصين فحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم حسب (12) أنه قال ان أقل ساكني الجنة النساء (13) (فصل منه في قصة الأعشى (عبد الله بن الأعور) مع زوجته معاذة)

_ رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الفساق هم أهل النار الخ (غريبه) (1) أعطين بضم الهمزة وكسر المهملة مبني للمفعول ومثله ابتلين (تخريجه) (ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبي (2) (عن ابن عباس الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه في الباب الرابع من أبواب صلاة الكسوف في الجزء السادس صحيفة 330 رقم 1698 فارجع اليه (3) (سنده) حدثنا سليمان بن حرب وحسن بن موسى قالا ثنا حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة بن ثابت الخ (غريبه) (4) أي نوع من أنواع الزينة التي تتزين بها المرأة فتكسبها الجمال والهيئة الحسنة (5) يعني بادية زينتها (6) الشعب بكسر المعجمة الطريق في الجبل والجمع شعاب والمعنى انه عدل عن الطريق الذي فيه المرأة الى طريق آخر (7) هو الأبيض الجناحين واحذمى الرجلين (8) اراد قلة من يدخل الجنة من النساء لأن هذا الوصف في الغربان عزيز قليل (تخريجه) (ك) وصححه على شرط مسلم وأقره الذهبي (9) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن أبي رجاء عن عمران بن حصين الخ (تخريجه) (خ مذ) تقدم مثله عن عبد الله بن عمرو وابن عباس في باب ما جاء في فضل الفقراء في هذا الجزء صحيفة 121 (10) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن ابي النياح الخ (غريبه) (11) هكذا في الأصل (فجاءت تنزع به عمامته) وجاء عند الحاكم في المستدرك فجعلت تنزع عمامته (12) اي ظن أنه قال الخ وفي المستدرك فقال جئت من عند عمران بن حصين فحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم انه قال الخ (13) أي الصالحات منهن في أول الأمر قبل خروج عصاتهن من النار حيث تكون الكثرة لهن في النار ويؤيد ذلك حديث عمران بن حصين الذي قبل هذا بلفظ اطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء فلا ينافي كثرتهن

(عن نضلة بن طريف) (1) أن رجلا منهم يقال له الأعشى واسمه عبد الله بن الأعور كانت عنده امرأة يقال لها معاذة خرج في رجب يمير (2) أهله من هجر فهربت امرأته بعده ناشرا عليه (3) فعاذت برجل منهم يقال له مطرف بن بهصل بن كعب بن قميشع بن دلف بن أهصم بن عبد الله بن الحرماز فجعلها خلف ظهره فلما قدم ولم يجدها في بيته وأخبر انها نشزت عليه وانها عادت بمطرف بن بهصل فأتاه فقال يا ابن العم أعندك امرأتي معاذة فادفعها إلى؟ فقال ليست عندي ولو كانت عندي لم أدفعها اليك قال وكان مطرف أعز منه فخرج حتى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فعاذبه وأنشأ يقول: يا سيد الناس وديان (4) العرب ... اليك اشكو ذربة (5) من الذرب كالذئبة الغبشاء (6) في ظل السرب (7) ... خرجت أبغيها الطعام (8) في رجب فخلقتني (9) بنزاع وهرب ... أخلفت العهد ولطت (10) بالذنب وقذفتني بين عيص (11) مؤتشب ... وهن شر غالب لمن غلب (12)

_ في الجنة بعد عقات عصاتهن والله أعلم (تخريجه) (ك) وصححه على شرط الشيخين واقره الذهبي وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه لـ (م حم د) (فصل منه) (1) (سنده) حدثني العباس بن عبد العظيم العنبري حدثنا أبو سلمة عبيد بن عبد الرحمن الخنفي حدثني الجنيد بن امين بن ذروة بن طريف بن بهصل الحرماز حدثني أبي أمين بن ذروة عن أبيه ذروة بن نضلة عن أبيه نضلة بن طريف أن رجلا منهم الخ (غريبه) (2) أي يطلب لهم الميرة بكسر الميم وهي الطعام (وهجر) بفتح الهاء والجيم هي ناحية البحرين وقيل قاعدتها وهي غير هجر التي تنسب اليها قلال هجر فإن هذه قرية من قرى المدينة كما في النهاية وغيرها (3) أي خرجت عن طاعته (4) قال الزمخشري الديان من دان الناس اذا قهرهم على الطاعة يقال أدنتهم فدانوا أي قهرتهم فأطاعوا (5) قال في النهاية كنى عن فسادها وخيانتها بالذربة واصله من ذرب المعدة وهو فسادها وذربة منقولة من ذربة كمعدة من معدة وقيل أراد سلاطة لسانها وفساد منطقها من قولهم ذرب لسانه اذا كان حاد اللسان لا يبالي ما قال (6) بالغين والشين المعجمتين من الغبش وهو ظلمة الليل يخالطها بياض (7) بفتح السين والراء وهو جخر الثعلب والأسد والضبع والذئب كما في اللسان (8) قال الزمخشري بغاء الشيء طلبه له (9) في روايات كثيرة بتخفيف اللام قال في اللسان أي خالفت ظنى فيها وقال الزمخشري أي بقيت بعدي قال ولو روى فخلفتني (يعني بتشديد اللام) كان المعنى فتركتني خلفها بنزاع اليها وشدة حال من الصبوة اليها (10) بفتح اللام وتشديد الطاء المهملة (قال في النهاية) أراد منعته بضعها من لطت الناقة بذنبها اذا سدت فرجها به اذا أرادها الفحل وقيل أراد توارت وأخفت شخصها عنه كما تخفي الناقة فرجها بذنبها (11) قال في النهاية العيص أصل الشجر والمؤتشب الملتف وفي اللسان الأشب شدة التفاف الشجر وكثرته (وقال الزمخشري) المؤتشب الملتف الملتبس ضربه مثلا للتباس أمره عليه (12) قال الزمخشري اللام في قوله (لمن غلب) متعلق بشر كقولك أنت شر لهذا منك لهذا

فقال النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك وهن شر غالب لمن غلب فشكا اليه امرأته وما صنعت به وأنه عند رجل منهم يقال له مطرف بن بهصل فكتب له النبي صلى الله عليه وسلم إلى مطرف انظر امرأة هذا (1) معاذة فادفعها اليه فأتاه كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فقرئ عليه فقال لها يا معاذة هذا كتاب النبي صلى الله عليه وسلم فيك فأنا دافعك اليه قالت خذ لي عليه العهد والميثاق وذمة نبيه لا يعاقبني فيما صنعت فأخذ لها ذلك عليه ودفعها مطرف اليه فأنشأ يقول: لعمرك ما حبي معاذة بالذي ... يغيره الواشي (2) ولا قدم العهد ولا سوء ما جاءت به اذ أزالها ... غواة الرجال إذ يناجونها (3) بعدي (ومن طريق ثان) (4) عن صدقة بن طيسلة حدثني معن بن ثعلبة المازني والحي بعد (5) قال حدثني الأعشى المازني قال اتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأنشدته: يا مالك الناس وديان العرب ... اني لقيت ذربة من الذرب غدوت أبغيها الطعام في رجب ... فخلفتني بنزاع وهرب أخلفت العهد ولطت بالذنب ... وهن شر غالب لمن غلب قال فجعل يقول النبي صلى الله عليه وسلم عند ذلك وهن شر غالب لمن غلب (فصل منه أيضا في عدم صلاحية النساء لولاية الأمور) (عن أبي بكرة) (6) أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم أتاه بشير يبشر بظفر جند له

_ إذا أراد لمن عليه فحذف الضمير الراجع من الضلة الى الموصول (1) قال الزمخشري أي اطلبها يقال انظر فلانا نظرا حسنا وانظر الثوب اين هو (2) قال في النهاية وشي به يشي وشاية اذا نم عليه وسعى به فهو واش وجمعه وشاة والمعنى ان حبها لا زال عالقا بقلبي لا يغيره وشاية الواشين ولا طول مكثها عند من كانت عند (3) معناه أن معاذة وان كانت اساءت الي بهربها وتركها فراشي بسبب غواة الرجال الذين كانوا يناجونها أي يسرون اليها القول بهجري فإني لا زلت أحبها رغما عن ذلك كله (4) (سنده) حدثنا محمد بن أبي بكر المقدمي حدثنا ابو معشر البراه حدثن صدقة بن طيلة حدثني معن بن ثعلبة الخ (5) أي الذي هو حي الآن (تخريجه) هذا الحديث بطريقيه جاء سنده في الأصل هكذا حدثنا عبد الله حدثني أبي فهو يشعر بأن هذا الحديث من مسند الامام احمد ولكن ذكر كثير من أئمة الحديث أنه من رواية عبد الله بن الامام احمد يعني من زوائده على مسند أبيه منهم البخاري والحافظ وابن الاثير في أسد الغابة والهيثمي في مجمع الزوائد وغيرهم وذكر الطريق الأولى منه الحافظ ابن الكثير في التاريخ عن هذا الموضع من المسند قال قال عبد الله بن الامام احمد حدثني العباس بن عبد العظيم العنبري الخ وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه عبد الله بن احمد والطبراني وفيه جماعة لم أعرفهم وذكر الطريق الأولى ايضا ابن عبد البر في الاستيعاب مطولا بنحوه ثم قال وهو خبر مضطرب الاسناد ولكنه روى من وجوه كثيرة (قلت) الطريق الثانية تؤيد الطريق الأولى لأن سندها صحيح أخرجها البخاري في التاريخ وابن سعد في الطبقات وأوردها الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه عبد الله ابن احمد ورجاله ثقات (فصل منه أيضا) (6) (سنده) حدثنا أحمد بن عبد الملك الحراني ثنا

على عدوهم ورأسه في حجر عائشه رضي الله عنها فقام فخر ساجدا ثم أنشأ يسائل البشير فأخبره فيما أخبره انه ولى امرهم امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم الآن هلكت الرجال اذا أطاعت النساء هلكت الرجال اذا أطاعت النساء (1) ثلاثا (وعنه أيضا) (2) أن رجلا من أهل فارس أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال (أي النبي صلى الله عليه وسلم) إن ربي تبارك وتعالى قد قتل ربك (3) قال وقيل له يعني النبي صلى الله عليه وسلم انه قد استخلف ابنته قال فقال لا يفلح قوم تملكهم امرأة (4) (باب ما جاء في ذم المال) (حدثنا عفان) (5) قال ثنا همام انا قتادة عن مطرف بن عبد الله عن أبيه (6) قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ الهاكم التكاثر حتى زرتم المقابر قال فقال يقول ابن آدم مالي مالي (7) وهل لك يا ابن آدم من مالك إلا ما أكلت فأفنيت؟ أو لبست فأبليت (8) أو تصدقت فأمضيت (9) وكان قتادة يقول كل صدقة لم تقبض فليس بشيء (10) (عن كعب بن عياض) (11) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان لكل أمة فتنة (12) وأن فتنة أمتي المال (13)

_ أبو بكرة بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة قال سمعت أبي يحدث عن أبي بكرة انه شهد النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) أي فعلت ما يؤدي إلى الهلاك يعني حين أطاعت النساء فإنهن لا يأمرن بخير وروى ابن لال والديلمي عن أنس يرفعه لا يفعلن أحدكم أمرا حتى يستشير فإن لم يجد من يستشيره فليستشر امرأة ثم ليخالفها فإن خلافها البركة وروى العسكري عن معاوية عودوا النساء _لا_ فإنها ضعيفة وان اطعتها اهلكتك (تخريجه) (طب ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (2) (سنده) حدثنا اسود بن عامر ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن أبي بكرة ان رجلا الخ (غريبه) (3) معناه أن الله تعالى قد أهلك ملكهم ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم عليهم حينما ارسل كتابه الى كسرى فمزقه فدعا عليهم بأن يمزقوا كل ممزق فاستجاب الله تعالى دعاءه ولم يقم لهم بعد ذلك أمر نافذ وأدبر عنهم الاقبال واقبل عليهم الحين فقتل بعضهم بيد بعض حتى أفضى ذلك إلى تأمير المرأة فجر ذلك إلى تلاشي ملكهم ومؤقوا كل ممزق جزاءا وفاقا وتصديقا لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا يفلح قوم تملكهم امرأة) وجاء في رواية اخرى عند الامام احمد ايضا (لن يفلح قوم اسندوا أمرهم إلى امرأة) (تخريجه) (خ مذ نس) (باب) (5) (حدثنا عفان الخ) (غريبه) (6) أبوه هو عبد الله بن الشخير بكسر الشين والخاء المعجمتين مشدتين ابن عوف العامري صحابي من مسلمة الفتح كذا في التقريب (7) كأنه أفاد بهذا التفسير أن المراد التكاثر في الأموال (8) انكار منه صلى الله عليه وسلم على ابن آدم بأن ماله هو ما انتفع به في الدنيا بالأكل أو اللبس أو الآخرة بالتصدق وأشار بقوله فأفنيت فأبليت الى ان ما اكل أو لبس فهو قليل الجدوى لا يرجع الى عاقبة (9) أي أردت التصدق فأمضيت الوصية بذلك أو تصدقت بالفعل فقمت لآخرتك (10) يريد ان الأحوط ان لا يرتكن على الوصية بل يدفع الصدقة لمستحقها بالفعل (تخريجه) (م مذ نس) (11) (سنده) حدثنا ابو العلاء الحسن بن سوار ثنا ليث بن سعد عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن ابن جبير بن نفير عن أبيه عن كعب بن عياض الخ (غريبه) (12) اي امتحانا واختبارا قال القاضي عياض أراد بالفتنة الضلال والمعصية (13) أي الالتهاء به لأنه يشغل البال عن القيام بالطاعة وينسى

(عن أبي هريرة) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقول العبد مالي مالي وانما له من ماله ثلاث ما أكل فأقنى أو لبس فأبلى أو أعطى فأقنى ما سوى ذلك فهو ذاهب وتاركه للناس (عن ثوبان) (2) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما أنزلت (الذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض أسفاره فقال بعض أصحابه قد نزل في الذهب والفضة ما نزل فلو أنا علمنا أي المال خير اتخذناه فقال أفضله (3) لسانا ذاكرا وقلبا شاكرا وزوجة مؤمنة تعينه على ايمانه (عن عبد الله بن ابي الهذيل) (4) قال حدثني صاحب لي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تبا (5) للذهب والفضة قال فحدثني صاحبي انه انطلق مع عمر بن الخطاب فقال يا رسول الله قولك تبا للذهب والفضة ماذا ندخر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسانا (6) ذاكرا وقلبا شاكرا وزوجة تعين على الآخرة (7) (عن مطرف بن عبد الله بن الشخير) (8) يحدث عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال كان بالكوفة أمير قال فخطب يوما فقال في اعطاء هذا المال فتنة وفي امساكه فتنة (9) وبذلك قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته (10) حتى فرغ ثم نزل (عن عبد الله بن الحارث) (11) قال وقفت انا وابي بن كعب (رضي الله عنه) في ظل أجم (12) حسان فقال لي أبي ألا ترى

_ الآخرة قال تعالى (انما أموالكم وأولادكم فتنة) (تخريجه) (مذ ك) وقال الترمذي حسن غريب وصححه الحاكم واقره الذهبي (1) (سنده) حدثنا هيثم انا حفص بن ميسرة عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة الخ وقوله فأقنى بالقاف أي أرضى (تخريجه) (م) (2) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن اسرائيل عن منصور عن سالم بن ابي الجعد عن ثوبان الخ (غريبه) (3) يعني افضل من المال لسانا ذاكرا الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد ثم قال ورواه الترمذي وابن ماجه من غير وجه عن سالم بن أبي الجعد وقال الترمذي حسن وحكى عن البخاري أن سالما لم يسمعه من ثوبان (قال الحافظ ابن كثير) ولهذا رواه عنه بعضهم مرسلا والله اعلم (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة حدثني سالم قال سمعت عبد الله بن أبي الهذيل قال حدثني صاحب لي الخ (غريبه) (5) أي هلاكا لهما والتب الخسران والهلاك نصب على المصدر أو باضمار فعل أي الزمهما الله الهلاك والخسران (6) منصوب بفعل محذوف أي ادخروا لسانا ذاكرا الخ (7) أي صالحة لا ترهقه بطلب متاع الدنيا وزينتها فيتفرغ لعبادة الله عز وجل (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد ورواه البيهقي عن ابن عمر والطبراني وغيره عن ثوبان (8) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت اسحاق بن سويد قال سمعت مطرف بن عبد الله بن الشخير يحدث عن رجل الخ (غريبه) (9) معناه انه اذا اعطى لا يقنع الأخذ ويطلب المزيد والا سخط واذا امسك ينسب إلى البخل وعدم العدل (10) يشير إلى ان النبي صلى الله عليه وسلم قام خطيبا فذكر هذا المعنى في خطبته والله أعلم (تخريجه) أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله كلهم ثقات (11) (سنده) حدثنا شجاع بن مخلد وأبو حثمة زهير بن حرب قال ثنا عبد الله بن حمران الحمراني ثنا عبد الحميد بن جعفر اخبرني ابن جعفر بن عبد الله عن سليمان بن يسار عن عبد الله بن الحارث الخ (غريبه) (12) هو بضم الهمزة والجيم وهو الحضن

الناس مختلفة أعناقهم (1) في طلب الدنيا؟ قال قلت بلى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوشك (2) الفرات ان يحسر عن جبل من ذهب (3) فإذا سمع به الناس ساروا اليه فيقول من عنده والله لئن تركنا الناس يأخذون منه ليذهبن (4) فيقتتل الناس حتى يقتل من كل مائة تسعة وتسعون (5) وهذا لفظ حديث أبي عن عفان (6) (عن علي رضي الله عنه) (7) قال مات رجل من أهل الصفة وترك دينارين أو درهمين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيتان صلوا على صاحبكم (عن أبي أمامة) (8) أن رجلا من أهل الصفحة توفي وترك دينارا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له كية قال ثم توفي آخر فترك دينارين (وفي رواية فوجد في مئزره ديناران) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيتان (عن أم سلمة رضي الله عنها) (9) قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساهم الوجه (10) قالت فحسبت أن ذلك من وجع فقلت يا نبي الله مالك ساهم الوجه؟ قال قال من أجل الدنانير السبعة التي اتتنا أمس أمسينا وهي في خصم الفراش (11) (عن أبي سلمة) (12) قالت عائشة

_ وجمعه آجام وآطام في الوزن والمعنى (1) قال العلماء المراد بالاعناق هنا الرؤساء والكبراء وقيل الجماعات (قال القاضي) وقد يكون المراد بالأعناق نفسها وعبر بها عن أصحابها لاسيما وهي التي بها التطلع والتشوق للاشياء (2) أي يقرب والفرات يطلق على الماء العذب ومنه قوله تعالى (هذا عذب فرات) وعلى النهر المشهور بالكوفة وهو المراد (وقوله يحسر) بفتح أوله وكسر السين المهملة أي ينكشف لذهاب مائة (3) جاء في رواية أخرى (عن كنز من ذهب فمن حضره فلا يأخذ منه شيئا) يعني اتقاءا للفتنة وحقنا للدماء (4) معناه يفنى ولا يبقى لنا منه شيء (5) هذه من أعظم فتن المال حيث يقتل الناس بعضهم بعضا لأجل المال (6) هذا قول عبد الله بن الامام احمد يقول وهذا لفظ حديث أبي يعني أباه الامام احمد (تخريجه) (ق وغيرهما) (7) (سنده) حدثنا جعفر بن سليمان حدثنا عتيبة عن البريد بن اصرم قال سمعت عليا يقول مات رجل الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وابنه عبد الله وقال دينارا أو درهما والبزار كذلك وفيه عتيبة الضرير وهو مجهول وبقية رجاله وثقوا اهـ (قلت) حديث عبد الله بن الامام احمد تقدم في باب ما جاء في الترهيب من الحرص على المال في هذا الجزء صحيفة 248 رقم 148 (8) (سنده) حدثنا حجاج قال سمعت شعبة يحدث عن قتادة وهاشم قال حدثني شعبة انا قتادة قال سمعت ابا الجعد يحدث قال هاشم في حديثه ابو الجعد مولى لبني ضبيعة عن أبي أمامة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه كله احمد بأسانيد ورجال بعضها رجال الصحيح غير شهر بن حوشب وقد وثق اهـ (قلت) هذا السند الذي ذكرته هنا رجاله رجال الصحيح وليس فيه شهر بن حوشب (9) (سنده) حدثنا ابو الوليد ثنا ابو عوانة عن عبد الملك يعني ابن عمير عن ربعي بن حراش عن ام سلمة الخ (غريبه) (10) أي متغيره يقال سهم لونه يسهم اذا تغير عن حاله لعارض (11) يأسف النبي صلى الله عليه وسلم ويتغير وجهه أسفا لكونه نسى السبعة الدنانير فلم يتصدق بها قيل ان يدركها المساء عنده وفيه غاية الزهد في المال وعدم الاكتراث به (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) ورجالهما رجال الصحيح قال وفي رواية أتتنا ولم ننفقها (12) (سنده) حدثنا يحيى عن محمد بن عمرو قال حدثني أبو سلمة قال قالت

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه يا عائشه ما فعلت الذهب؟ فجاءت (1) ما بين الخمسة إلى السبعة أو الثمانية أو التسعة (2) فجعل يقلبها بيده ويقول ماظن محمد بالله عز وجل لو لقيه وهذه عنده أنفقها (عن شقيق) (3) قال دخل عبد الرحمن بن عوف على أم سلمة (رضي الله عنها) فقال يا أم المؤمنين اني اخشى ان اكون قد هلكت اني من اكثر قريش مالا بعث أرضا لي بأربعين الف دينار فقالت انفق يابني فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان من اصحابي من لا يراني بعد أن أفارقه فأتيت عمر فأخبرته فأتاها فقال بالله أنا منهم؟ قالت اللهم لا ولن ابرئ احدا بعدك (عن عبد الله بن بريدة) (4) عن أبيه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان احساب (5) أهل الدنيا الذين يذهبون اليه هذا المال (6) (عن زيد بن أسلم) (7) عن رجل من بني سليم عن جده انه اتى النبي صلى الله عليه وسلم بفضة فقال هذه من معدن لنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم ستكون معادن (8) يحضرها شرار الناس (9) (عن خولة بنت قيس) (10) امرأة حمزة بن عبد المطلب أن رسول

_ عائشة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) في رواية أخرى (فجاءت بها إليه) (2) أي دنانير (تخريجه) لم أقف عليه من حديث عائشة لغير الامام احمد ورجاله رجال الصحيح (3) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد قال ثنا الأعمش عن شقيق الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام احمد وسنده جيد وأورده الهيثمي مختصرا وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح وروى الحاكم في المستدرك عن أم بكر بنت المسور أن عبد الرحمن بن عوف باع أرضا له بأربعين الفا فقسمها في بني زهرة وفقراء المسلمين والمهاجرين وازواج النبي صلى الله عليه وسلم فبعث الى عائشة رضي الله عنها بمال من ذلك فقالت من بعث هذا المال؟ قلت عبد الرحمن بن عوف قال وقص القصة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يحنو عليكن من بعدي إلا الصابرون سقى الله بن عوف من سلسبيل الجنة وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) قال الذهبي صحيح عن عائشة وأم سلمة (4) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب حدثني حسين بن واقد حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه (يعني بريدة الأسلمي) الخ (غريبه) (5) جمع حسب بمعنى الكرم والشرف والمجد سماهم أهل الدنيا لشغلهم بها وطمأنينتهم اليها كما يشفق الرجل بأهله ويأنس اليهم (6) قال الحافظ العراقي يحتمل كون الحديث خرج مخرج الذم لأن الأحساب انما هي الانساب لا بالمال فصاحب النسب العالي هو الحسيب ولو فقيرا ووضع النسب غير حسيب وان اثرى وكثر ماله جدا (تخريجه) (نس ك حب) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (7) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن سفيان عن زيد يعني ابن أسلم عن رجل من بني سليم الخ (غريبه) (8) جمع معدن وهو الجوهر المستخدم من مكان خلقه الله ويسمى به مكانه أيضا (9) أي فاتر كوها ولا تقربوها لما يلزم على حضورها والتزاحم عليها من الفتن المؤدية الى القتل (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفيه راو لم يسم ورواه الخطيب عن ابن عمر بلفظ أتى النبي صلى الله عليه وسلم بقطعة من ذهب كانت أول صدقة جاءته من معدن فقال ما هذه؟ فقالوا صدقة من معدن كذا فذكره (10) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون قال انا يحيى بن سعيد ان عمر بن سعيد بن كثير بن افلح مولى أبي ايوب الانصاري اخبره انه سمع عبيد سنوطا يحدث عن خولة بنت قيس

الله صلى الله عليه وسلم دخل على حمزة فتذاكرا الدنيا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الدنيا خضرة حلوة (1) فمن أخذها بحقها (2) بورك له فيها ورب متخوض (3) في مال الله ومال رسول له النار يوم يلقى الله (عن خولة بنت ثامر الانصارية) (4) انها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الدنيا حلوة خضرة وان رجال يتخوضون في مال الله عز وجل بغير حق لهم النار يوم القيامة (باب ما جاء في ذم الدنيا) (عن أبي سعيد الخدري) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر ان اخوف ما اخاف عليكم ما يخرج الله من نبات الأرض وزهرة الدنيا فقال رجل أي رسول الله أو يأتي (6) الخير بالشر؟ فسكت حتى رأينا أنه ينزل عليه قال وغشيه بهر (7) وعرق فقال أين السائل؟ فقال ها أنا ولم ارد إلا خيرا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الخير لا يأتي إلا بالخير ان الخير لا يأتي إلا بالخير إن الخير لا يأتي إلا بالخير ولكن الدنيا خضرة حلوة وكان ما ينبت الربيع يقتل حبطا (8) أو يلم إلا آكله (9) الخضر فإنها أكلت حتى امتدت خاصرتاها (10) واستقبلت الشمس فثلطت (11) وبالت ثم عادت فأكلت (12) فمن أخذها بحقها بورك له فيه ومن اخذها بغير حقها

_ امرأة حمزة الخ (قلت) عبيد سنوطا بفتح السين المهملة وضم النون قال في التهذيب اسم فارسي (غريبه) (1) أي كفاكهة أو روضة أو شجرة متصفة بأنها (خضرة) في المنظر (حلوة) في المذاق وكل من الوصفين على انفراده تميل اليه النفس فكيف اذا اجتمعا (2) أي أخذ شيئا من مالها أو متاعها (بحقها) أي بحق كما جاء في بعض الروايات أي بقدر حاجته من الحلال (3) التخوض تكلف الخوض والأصل فيه المشي في الماء وتحريكه ثم استعمل في التلبس بالأمر والتصرف فيه والمراد بمال الله ما جعل لمصالح المسلمين وأضافه اليه جل شأنه تشريفا وتخويفا للتخوض فيه بما لا يرضيه والمعنى ان الذين يتصرفه فيما خصصه الله تعالى لمصلحة العامة بما تهوى أنفسهم فالئك لهم عذاب اليم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم (تخريجه) (مذ) وقال حسن صحي (4) (سنده) حدثنا عبد الله بن يزيد قال ثنا سعيد يعني ابن ابي ايوب قال حدثني ابو الاسود عن النعمان بن أبي عياش الرزقي عن خولة بنت ثامر الانصارية الخ (قلت) خولة بنت ثامر بالثاء المثلثة هي خولة بنت قيس راوية الحديث السابق وبذلك جزم علي بن المديني فهي واحدة (تخريجه) (خ) في باب قول الله تعالى (فأن لله خمسه الخ) من كتاب فرض الخمس (5) (سنده) حدثنا سفيان عن ابن عجلان عن عياض بن عبد الله بن سعد ابن ابي سرح سمع ابا سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أو يأتي الخ بفتح الواو معناه أن ما يخرج الله من نبات الأرض وزهرة الدنيا هو خير فكيف يأتي الخير بالشر (7) البهر بالضم ما يعتري الانسان عند السعي الشديد والعدو من النهج وتتابع النفس (8) الحبط بفتح الحاء المهملة والباء الموحدة التخمة (وقوله أو يلم) بضم اوله وكسر اللام معناه أو يقارب القتل (9) بهمزة ممدودة والخضر بفتح الخاء وكسر الضاد المعجمة (10) جاء عند مسلم حتى اذا امتلأت خاصرتاها (11) بفتح الثاء المثلثة أي القت الثلط وهو الرجيع الرقيق وأكثر ما يقال للابل والبقر والفيلة (12) معناه أن هذا الذي يحصل لكم من زهرة الدنيا ليس بخير وانما هو فتنة وتقديره (الخير لا يأتي إلا بخير) ولكن ليست هذه

لم يبارك له وكان كالذي يأكل ولا يشبع قال عبد الله (يعني ابن الامام احمد بن حنبل رحمهما الله) قال أبي قال سفيان وكان الأعمش يسألني عن هذا الحديث (1) (عن عقبة بن عامر) (2) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات ثم طلع المنبر فقال إني فرطكم وأنا عليكم شهيد وان موعدكم الحوض واني لأنظر اليه ولست اخشى عليكم ان تشركوا أو قال تكفروا ولكن الدنيا ان تنافسوا فيها (عن أبي موسى الأشعري) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحب دنياه أضر بآخرته (4) ومن أحب آخرته اضر بدنياه (5) فأثروا ما يبقى على ما يفنى (عن زيد بن ثابت) (6) انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان همه الآخرة جمع الله شمله وجعل هناه في قلبه وأتته الدنيا وهي راغمة ومن كان نيته الدنيا فرق الله عليه ضيعته وجعل فقره بين عينيه ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب له (عن عبيد الحضرمي) (7) ان أبا مالك الاشعري لما حضرته الوفاة قال يا سامع الاشعريين ليبلغ الشاهد منكم الغائب اني سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول حلوة الدنيا مرة الآخرة ومرة الدنيا حلوة الآخرة (8)

_ الزهرة بخير لما تؤدي اليه من الفتنة والمنافسة والاشتغال بها عن كمال الاقبال على الآخرة ثم ضرب لذلك مثلا فقال صلى الله عليه وسلم وكان ما ينبت الربيع يقتل حبطا أو يلم الا آكله الخضر الخ ومعناه ان نبات الربيع وخضره يقتل حبطا بالتخمة لكثرة الأكل أو يقارب القتل إلا إذا اقتصر منه على اليسير الذي تدعوا اليه الحاجة وتحصل به الكفاية المقتصدة فإن لا يضر وهكذا المال هو كنبات الربيع مستحسن تطلبه النفوس وتميل اليه فمنهم من يستكثر منه ويستغرق فيه غير صارف له في وجوهه فهذا يهلكه أو يقارب اهلاكه ومنهم من يقتصد فيه فلا يأخذ إلا يسيرا وان اخذ كثيرا فرقه في وجوهه كما تثلطه الدابة فهذا لا يضره هذا مختصر معنى الحديث (1) أي لما فيه من العظة والعبرة (تخريجه) (ق جه) (2) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم ثنا ابن مبارك عن حيوة بن شريح عن يزيد بن أبي حبيب عن ابي الخير عن عقبة بن عامر الخ (تخريجه) (ق د نس) (3) (سنده) حدثنا سليمان بن داود الهاشمي قال ثنا اسماعيل يعني ابن جعفر قال اخبرني عمرو (يعني ابن ابي عمرو) عن المطلب بن عبد الله عن أبي موسى الأشعري الخ (غريبه) (4) أي لأن من أحب دنياه عمل في كسب شهوتها واكب على معاصيه ولم يتفرغ لعمل الآخرة فأضر بنفسه في آخرته (5) من نظر الى فناء الدنيا وحساب حلالها وعذاب حرامها وشاهد بنور ايمانه جمال الآخرة أضر بنفسه في دنياه بحمل مشقة العبادات وتجنب الشهوات فصبر قليلا وتنعم كثيرا فمثل الدنيا والآخرة كمثل الضرتين اذا ارضيت احداهما اسخطت الأخرى (تخريجه) (ك) وصححه على شرط الشيخين وتعقبه الذهبي بأن فيه انقطاع وأورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طب) ورجالهم ثقات (6) (عن زيد بن ثابت الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه في باب فضل تبليغ العلم من كتاب العلم في الجزء الأول صحيفة 164 رقم 43 وجاء في هذا الحديث (فرق الله عليه ضيعته) معناه ما يكون منها معاشه كالصنعة والتجارة والزراعة وغير ذلك وتقدم شرح ذلك هناك (7) (سنده) حدثنا ابو المغيرة ثنا صفوان عن شريح عن عبيد الحضرمي الخ (غريبه) (8) معنى الحديث

(عن أبي هريرة) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لثوبان كيف أنت يا ثوبان اذا تداعت عليكم الأمم كتداعيكم على قصعة الطعام يصيبون منه؟ قال ثوبان بأبي وأمي يا رسول الله من قلة بنا؟ قال لا أنتم يومئذ كثير ولكن يلقى في قلوبكم الوهن قالوا وما الوهن يا رسول الله؟ قال حبكم الدنيا وكراهيتكم للقتال (وعنه أيضا) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر (3) (عن عبد الله بن عمرو) (4) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الدنيا سجن المؤمن وسنته (5) فإذا فارق الدنيا فارق السجن والسنة (عن عوف بن مالك) (6) قال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قام في اصحابه فقال الفقر تخافون أو العوز أو تهمكم الدنيا فإن الله فاتح لكم أرض فارس والروم وتصب عليكم الدنيا صبا حتى لا يزبغكم (7) بعدي إن أزاغكم ألا هي

_ أن الرغبة في الدنيا لا تجتمع مع الرغبة في الآخرة ولا يسكن هاتان الرغبتان في محل واحد إلا طردت احداهما الاخرى واستبدت بالمسكن فإن النفس واحدة والقلب واحد فإذا اشتغلت بشيء انقطع عن ضده ويحتمل أن يكون المراد (حلوة الدنيا) ما تشتهيه النفس في الدنيا (مرة الآخرة) اي يعاقب عليه في الآخرة (ومرة الدنيا) ما يشق عليه من الطاعات وحبس نفسه عما تشتهيه (حلوة الآخرة) اي يثاب عليه في الآخرة (تخريجه) (ك طب هق) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وقال الهيثمي رجال احمد والطبراني ثقات (1) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب وعيد من ترك الجهاد في سبيل الله من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 26 رقم 58 فارجع اليه (2) (سنده) حدثنا ابو عامر ثنا زهير عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) جاء شرح هذا الحديث في حكاية لطيفة ذكرها المناوي في شرح الجامع الصغير (قال رحمه الله) ذكروا ان الحافظ ابن حجر لما كان قاضي القضاة مر يوما بالسوق في موكب عظيم وهيئة جميلة فهجم عليه يهودي يبيع الزيت الحار وأثوابه ملطخة بالزيت وهو في غاية الرثاثة والشناعة فقبض على لجام بغلته وقال يا شيخ الاسلام تزعم أن نبيكم قال (الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر) فأي سجن أنت فيه واي جنة أنا فيها؟ فقال أنا بالنسبة لما أعده الله لي في الآخرة من النعيم كأني الآن في سجن وانت بالنسبة لما أعد لك في الآخرة من العذاب الأليم كأنك في جنة فأسلم اليهودي (تخريجه) (م مذ جه) (4) (سنده) حدثنا علي بن اسحاق اخبرنا عبد الله (يعني ابن المبارك) اخبرنا يحيى بن أيوب اخبرني عبد الله بن جنادة المعافري ان ابا عبد الرحمن الحبلي حدثه عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) حدثه عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) السنة بفتح السين والنون القحط والجدب (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني باختصار ورجال احمد رجال الصحيح غير عبد الله بن جنادة وهو ثقة (6) (سنده) حدثنا حيوة قال انا بقية بن الوليد قال حدثني بجير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير عن عوف بن مالك (يعني الاشجعي) الخ (غريبه) (7) الزيغ الجور والعدول عن الحق يخبر صلى الله عليه وسلم أصحابه ان الدنيا ستقبل عليهم وانها اعظم فتنة تحول الانسان عن الطاعة إلى المعصية نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد رحمه الله تعالى وفيه بقية بن الوليد فيه كلام

(عن أنس) (1) قال كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم تسمى العضبا وكانت لا تسبق فجاء أعرابي على قعود فسبقها فشق ذلك على المسلمين فلما رأى ما في وجوههم قالوا سبقت العضباء فقال ان حقا على الله ان لا يرفع شيئا من الدنيا إلا وضعه (عن عائشه رضي الله عنها) (2) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدنيا دار من لا دار له ولها يجمع من لا عقل له (3) (فصل منه في مثل الدنيا عند الله وهوانها عليه) (عن ابن عباس) (4) قال مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بشاة ميتة قد القاها اهلها فقال والذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها (عن أبي هريرة) (5) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بسخله جرباء قد اخرجها اهلها فقال أترون هذه هينة على أهلها؟ قالوا نعم قال للدنيا أهون على الله من هذه على أهلها (عن جابر) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتى العالية فمر بالسوق فمر بجدي أسك (7) ميت فتناوله فرفعه ثم قال بكم تحبون ان هذا لكم قالوا ما نحب انه لنا شيء وما نصنع به؟ قال بكم تحبون لنه لكم؟ قالوا والله لو كان حيا لكان عيبا فيه انه أسك فكيف وهو ميت قال فوالله للدينا أهون على الله من هذا عليكم (عن قيس بن أبي حازم) (8) عن المستورد بن شداد قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والله (وفي لفظ والذي نفسي بيده) ما الدنيا في الآخرة إلا كرجل وضع اصبعه في اليم ثم رجعت اليه (وفي لفظ فلينظر بما يرجع وأشار بالسبابة) (وفي لفظ يعني التي تلي الابهام) قال وقال المستورد أشهد اني كنت مع الركب الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مر بمنزل قوم قد ارتحلوا عنه فإذا سخلة (9) مطروحة فقال اترون هذه هانت على أهلها حين ألقوها؟ قالوا من هوانها عليهم القوها قال فوالله للدنيا اهون على الله عز وجل من هذه على أهلها (عن الحسن) (10) عن الضحاك

_ (1) (سنده) حدثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (تخريجه) (خ ذ نس) وفيه جواز المسابقة على الابل واتخاذها الركوب وفيه التزهيد في الدنيا للارشاد إلى ان كل شيء منها لا يرتفع إلا انصع (2) (سنده) حدثنا حسين بن محمد قال ثنا ذويد عن أبي اسحاق عن زرعة عن عائشه الخ (غريبه) (3) معناه أن من اتخذها دارا فكأنه لا دار له قال تعالى (وان الدار الآخرة لهي الحيوان لو كانوا يعلمون) (تخريجه) (هب) قال المنذري والحافظ العراقي اسناده جيد وقال الهيثمي رجال احمد رجال الصحيح غير ذويد وهو ثقة (فصل منه) (4) (سنده) حدثنا محمد بن مصعب حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن عبيد الله عن ابن عباس الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل بز) وفيه محمد بن مصعب وقد وثق على ضعفه وبقية رجالهم رجال الصحيح (5) (سنده) حدثنا يونس ثنا حماد ثنا ابو المهزم عن أبي هريرة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه ابو المهزم وضعفه الجمهور وبقية رجاله رجال الصحيح (6) (سنده) حدثنا عفان ثنا وهيب ثنا جعفر عن أبيه عن جابر (يعني ابن عبد الله) الخ (غريبه) (7) الأسك فتح الهمزة والسين المهملة أيضا وتشديد الكاف هو الصغير الأذن (تخريجه) (م وغيره) (8) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد ثنا عباد بن عباد يعني المهلبي ثنا المجاهد بن سعيد عن قيس بن ابي حازم الخ (غريبه) (9) السخلة بفتح السين المهملة يطلق على الذكر والأنثى من أولاد الضأن والمعز ساعة تولد والجمع سخال (تخريجه) اخرج الشطر الاول منه (م مذ جه) واخرج الشطر الثاني منه (مذ جه) وسنده صحيح (10) (سنده) حدثنا احمد بن عبد الملك ثنا حماد بن زيد عن علي بن جدعان

ابن سفيان الكلابي ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا ضحاك ما طعامك؟ قال يا رسول الله اللبن واللحم قال ثم يصير إلى ماذا؟ قال إلى ما قد علمت؟ قال (أي النبي صلى الله عليه وسلم) فإن الله تبارك وتعالى ضرب ما يخرج من ابن آدم مثلا للدنيا (عن أبي بن كعب) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان مطعم ابن آدم جعل مثلا للدنيا وان قزحة (2) وملحه فانظروا الى ما يصير (باب ما جاء في ذم البنيان) (عن أنس) (3) قال مررت مع النبي صلى الله عليه وسلم في طريق المدينة فرأى قبة من لبن فقال لمن هذه؟ فقلت لفلان فقال أما ان كل بناء (4) هد على صاحبه يوم القيامة إلا ما كان في مسجد أو في بناء مسجد شك أسود أو أو أو (5) ثم مر فلم يلقها فقال ما فعلت القبة؟ قلت بلغ صاحبها ما قلت فهدمها قال فقال رحمه الله (عن قيس) (6) قال دخلنا على خباب (بن الأرت) نعوده وهو يبني حائطا له فقال المسلم يؤجر في كل شيء خلا ما يجعل في هذا التراب (7) وقد اكتوى سبعا في بطنه وقال لولا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نهانا ان ندعو بالموت لدعوت به (8) (زاد في رواية) ثم قال أن أصحابنا الذين مضوا

_ عن الحسن عن الضحاك الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجال الطبراني رجال الصحيح غير علي بن زيد بن جدعان وقد وثق (1) (ز) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى البزار ثنا أبو حذيفة موسى بن مسعود ثنا سفيان عن يونس بن عبيد عن الحسن عن عتي عن أبي بن كعب الخ (غريبه) (2) قال في النهاية أي توبله من القزح وهو التابل الذي يطرح في القدر كالكمون والكزبرة ونحو ذلك يقال قزحت القدر اذا تركت فيها الأبازيروالمعنى ان المطعم وان تكلف الانسان التنوق في صنعته وتطييبه فإنه عائد إلى حال يكره ويستقذر فكذلك الدنيا المحروص على عمارتها ونظم أسبابها راجعة إلى خراب وادبار (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله (يعني ابن الامام احمد في زوائده على مسند أبيه) والطبراني ورجالهما رجال الصحيح غير عتيى وهو ثقة (باب) (3) (سنده) حدثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن عبد الملك بن عمير عن أبي طلحة عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (غريبه) (4) أي من القصور المشيدة والحصون المانعة والغرف المرتفعة (هد) بفتح الهاء وتشديد الدال المهملة أي هدم على صاحبه يوم القيامة أي يعذب بهدمه على رأسه يوم القيامة ويحتمل أن يكون المراد به شدة عذابه وجاء في بعض الروايات (أما ان كل بناء وبال على صاحبه الخ) أي سوء عقاب وطول عذاب في الآخرة لأن انما يبنيها كذلك رجاء التمكن في الدنيا وجمع المال والتفاخر والتطاول على الفقراء والتشبيه بمن يتمنى الخلود في الدنيا وقد ذم الله فاعليه بقوله (وتتخذون مصانع لعلكم تخلدون) (5) كرر لفظ أو ثلاثا اشعارا بأن سبل الخير كثيرة كبناء مدرسة لمدارسة العلم والقرآن أو لضيافة الغريب والفقير وابن السبيل أو نحو ذلك مما قصد ببنائه التقرب الى الله وما عدا ذلك فهو مذموم شرعا وعرفا (لطيفة) قيل خلق آدم من تراب فهمة أولاده في التراب وخلقت المرأة من الرجل فهمتها في الرجل (تخريجه) (د جه) قال الحافظ ورجاله موثقون إلا الراوي عن أنس وهو أبو طلحة الأسدي غير معروف وله شواهد عن وائلة عند الطبراني اهـ وقال المنذري رواه الطبراني بإسناد جيد مختصرا (6) (سنده) حدثنا وكيع ثنا ابن أبي خالد (يعني اسماعيل) عن قيس (يعني ابن أبي حازم) قال دخلنا على خباب الخ (غريبه) (7) يعني البناء (8) تقدم الكلام على ذلك في باب كراهة تمني الموت من كتاب الجنائز في باب

لم تنقصهم (1) الدنيا شيئا وانا أصبنا بعدهم ما لا نجد له موضعا إلا التراب (2) (عن عبد الله بن عمرو) (3) بن العاص قال مر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نصلح خصالنا (4) فقال ما هذا؟ قلنا خصالنا وهي (5) فنحن نصلحه قال فقال اما ان الأمر (6) اعجل من ذلك (عن أم مسلم الأشجعية) (7) ان النبي صلى الله عليه وسلم أتاها وهي في قبة فقال ما أحسنها ان لم يكن فيها منية (8) قالت فجعلت أتتبعها (9) (باب ما جاء في ذم الأسواق وأماكن أخرى) (عن محمد بن جبير) (10) بن مطعم عن أبيه أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أي البلدان شر؟ قال فقال لا أدري فلما أتاه جبريل عليه السلام قال يا جبريل أي البلدان شر؟ قال لا أدري حتى اسأل ربي عز وجل فانطلق جبريل عليه السلام ثم مكث ما شاء الله ان يمكث ثم جاء فقال يا محمد انك سألتني أي البلدان شر فقلت لا ادري اني سألت ربي عز وجل أي البلدان شر فقال أسواقها (عن ابن عمر) (11) ان النبي صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر (12) قال لا تدخلوا مساكن الذين ظلموا الا ان تكونوا باكين (13) أن يصيبكم ما أصابهم

_ كراهة تمني الموت الخ في الجزء السابع (1) بضم أوله وكسر القاف بينهما نون ساكنة أي لم تؤثر عليهم الدنيا ولم تغير من حالهم التي كانوا عليها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من التقشف والفقر (2) معناه أن اموالهم كثرت حتى صار الكثير منهم ينفقها في البناء الذي مآله إلى الخراب (تخريجه) اخرج الشيخان والترمذي الجزء الخاص بالكي والنهي عن تمنى الموت واخرجه ابن ماجه نحو رواية الامام احمد وسنده صحيح (3) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الاعمش عن ابي السفر عن عبد الله بن عمرو بن العاص الخ (غريبه) (4) بضم الخاء المعجمة وتشديد الصاد المهملة (قال في النهاية) بيت يعمل من الخشب والقصب وجمعه خصاص واخصاص سمي به لما فيه من الخصاص وهي الفرج والانقاب (5) بفتح الواو والهاء من البلى والتخرق يريد أن الخص خرب أو كاد يخرب (6) أي أمر الموت على وجه الاحتمال فلا ينبغي للعاقل الاشتغال بما يتعبه والله أعلم (تخريجه) (د مذ جه) وقال الترمذي حسن صحيح (7) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن حبيب يعني ابن أبي ثابت عن رجل عن أم مسلم الأشجعية الخ (غريبه) (8) المنية هي الموت وجمعها المنايا ومعناه ان لم تمت وتتركها (9) أي تنتظر الموت متى يأتيها والله أعلم (تخريجه) أورده الحافظ في الاصابة وعزاه لابن السكن من طريق سفيان ايضا بسند حديث الباب وليس فيه فجعلت أتتبعها قال وأخرجه ابن منده من وجهين أحدهما يعلو إلى الثورى وقال رواه قيس بن الربيع عن حبيب عن رجل من بني المصطلق عن أم مسلم الأشجعية نحوه وأخرجه ابن سعد في قبيصة عن الثوري اهـ (قلت) وفي اسناده عند الجميع رجل لم يسم (باب) (10) (عن محمد بن جبير) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ذم الكذب والحلف لترويج السلعة وذم الاسواق من كتاب البيوع في الجزء الخامس عشر صحيفة 22 رقم 64 فارجع اليه (11) (سنده) حدثنا يعمر ابن بشر اخبرنا عبد الله اخبرنا معمر عن الزهري اخبرني سالم بن عبد الله عن أبيه (يعني عبد الله بن عمر) الخ (غريبه) (12) وادى ثمود بين المدينة والشام وقد جاء ذكرهم في قوله تعالى (كذب اصحاب الحجر المرسلين) يعني نبيهم صالحا ومن كذب واحدا من المرسلين فكأنما كذب الجميع أو صالحا ومن معه من المؤمنين (13) زاد البخاري فإن لم تكونوا باكين فلا تدخلوا عليهم ان يصيبكم الخ ومعنى قوله إلا أن

وتقنع بردائه وهو على الرحل (1) (عن البراء بن عازب) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من بدا (3) جفا (باب ما جاء في النهي عن اللعن والترهيب منه) (عن سمرة بن جندب) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلاعنوا (5) بلعنة الله (6) ولا بغضبه (7) ولا بالنار (8) (عن جرموز الهجيمي) (9) قال قلت يا رسول الله أوصني قال أوصيك أن لا تكون لعانا (عن أبي زيد بن أسلم) (10) قال كان عبد الملك بن مروان يرسل إلى أم الدرداء فتبيت عند نسائه ويسألها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فقام ليلة فدعا خادمه فأبطأت عليه فلعنها فقالت لا تلعن فإن أبا الدرداء حدثني انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اللعانين لا يكونون يوم القيامة شهداء ولا شفعاء (11) (عن عبد الله) (12) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان المؤمن ليس باللعان (13) ولا الطعان ولا الفاحش ولا البذيء

_ تكونوا باكين أي من الخوف خشية ان يصيبكم مثل ما اصابهم من العذاب لأن من دخل عليهم ولم يبك اعتبارا بأحوالهم فقد شابههم في الاعمال ودل على قساوة قلبه فلا يأمن ان يجره ذلك إلى العمل بمثل أعمالهم فيصيبه مثل ما أصابهم (1) أي لئلا ينظر إلى هذا المكان وكان ذلك لما مر النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه من الصحابة في حال توجههم الى غزوة تبوك (تخريجه) (خ) والبغوى في تفسيره (2) (سنده) حدثنا عبد الله بن محمد قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الامام احمد) وسمعته انا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال ثنا شريك عن الحسن بن الحكم عن عدي بن ثابت عن البراء الخ (غريبه) (3) أي من سكن البادية (حفا) أي صار فيه جفاء الأعراب لتوحشه وانفراده وغلظ طبعه لبعده عن لطف الطباع ومكارم الأخلاق فيقوته الأدب ويتبلد ذهنه ويقف عن فهم دقيق المعاني ولطيف البيان فكره لأجل ذلك (د مذ) وقال الهيثمي رجاله رجال الصحيح غير الحسن بن الحكم النخعي وهو ثقه (باب) (4) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو داود قالا ثنا همام عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جندب الخ (غريبه) (5) أصله لا تتلاعنوا حذفت إحدى التاءين تخفيفا (6) معنى اللعنة الابعاد من الرحمن والمؤمنين رحماء بينهم (7) أي لا يدعو بعضكم على بعض بغضب الله كأن يقول عليه غضب الله (8) أي لا يقول أحدكم اللهم اجعله من أهل النار (د مذ ك) وقال الترمذي حسن صحيح (9) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا عبيد الله بن هوذة القريعي انه قال حدثني رجل سمع جرموز الهجيمي قال قلت يا رسول الله الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) من طريق عبيد الله بن هوذة عن رجل من جرموز وهي طريق رجالها ثقات وجرموز له صحبة اهـ (قلت) وأخرجه أيضا البخاري في التاريخ (10) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن زيد بن أسلم الخ (غريبه) (11) قال النووي فيه ثلاثة أقوال أصحها وأشهرها لا يكونون شهداء يوم القيامة على الامم بتبليغ رسلهم اليهم الرسالات (والثاني) لا يكونون شهداء في الدنيا أي لا تقبل شهادتهم لفسقهم (والثالث) لا يرزقون الشهادة بالقتل في سبيل الله (تخريجه) (م د) (12) (سنده) حدثنا اسود اخبرنا ابو بكر عن الحسن بن عمرو عن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد عن أبيه عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (غريبه) (13) لعل اختبار صيغة المبالغة فيها لأن المؤمن الكامل قل ان يخلو عن المنقصة بالكلية (ولا الطعان) أي عيابا للناس (ولا الفاحش) أي فاعل الفحش (ولا البذيء) هو الذي لا حياء له وفي النهاية البذاء بالمد الفحش في القول وهو بذيء اللسان وقد يقال بالهمز

(عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا ينبغي للصديق (2) أن يكون لعانا (حدثنا وكيع) (3) حدثنا عمر بن ذر عن العيزار بن جرول الحضرمي عن رجل منهم يكنى أبا عمير انه كان صديقا لعبد الله بن مسعود وان عبد الله بن مسعود زاره في أهله فلم يجده قال أستأذن على أهله وسلم فاستسقى (4) قال فبعثت الجارية (5) تجيئه بشراب من الجيران فأبطأت فلعنتها (6) فخرج عبد الله فجاء أبو عمير فقال يا أبا عبد الرحمن ليس مثلك يغار عليه هلا سلمت على أهل أخيك وجلست وأصبت من الشراب؟ قال قد فعلت فأرسلت الخادم فابطأت إما لم يكن عندهم وإما رغبوا فيما عندهم (7) فابطأت الخادم فلعنتها وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان اللعنة الى من وجهت اليه (8) فإن اصابت عليه سبيلا أو جدت فيه مسلكا (9) وإلا قلت يا رب وجهت إلى فلان فلم أجد عليه سبيلا ولم أجد فيه مسلكا (10) فيقال لها ارجعي من حيث جئت (11) فخشيت أن تكون الخادم معذورة فترجع اللعنة فأكون سببها (عن ثابت بن الضحاك) (12) الأنصاري

_ وليس بكثير (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب وقد روى عن عبد الله من غير هذا الوجه (قال شارحه) وأخرجه أحمد والبخاري في تاريخه وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه والبيهقي في شعب الايمان قال ميرك ورجاله رجال الصحيح سوى محمد بن يحيى شيخ الترمذي وثقه ابن حبان والدارقطني اهـ (1) (سنده) حدثنا منصور انا سليمان يعني بن بلال عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (2) بتشديد الصاد والدال المهملتين مكسورتين للمبالغة في الصدق ويكون الذي يصدق قوله بالعمل وانما قال لعانا ولم يقل لاعنا لأن هذا الذم في الحديث انما هو لمن كثر منه اللعن لا المرة ونحوها ولأنه يخرج منه أيضا اللعن المباح وهو الذي ورد الشرع به وهو لعنة الله على الظالمين لعن الله اليهود والنصارى ونحو ذلك بما هو مشهور في الكتاب والسنة (تخريجه) (م وغيره) (3) (حدثنا وكيع الخ) (غريبه) (4) أي طلب الماء ليشرب (5) أي فبعثتزوجة عمير جاريتها الخ (6) أي لعنت زوجة عمير الجارية لكونها ابطأت (7) معناه امالم يكن عند الجيران ماء واما ان يكون على قدر حاجتهم فقط فرغبوا فيه ولم يعطوها شيئا (فأبطأت) بسبب البحث عنه عند غيرهم والله أعلم (8) جاء في رواية أخرى للامام احمد من حديث ابن مسعود أيضا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اذا وجهت اللعنة توجهت الى من وجهت اليه فإن وجدت فيه مسلكا ووجدت عليه سبيلا حلت به وإلا جاءت الى ربها فقالت يا رب ان فلانا وجهني الى فلان واني لم اجد عليه سبيلا ولم اجد فيه مسلكا فما تأمرني فقال ارجعي من حيث جئت (9) أي ان كان يستحق اللعن حلت به (10) معناه انها وجدته لا يستحق اللعن (11) معناه انها ترجع الى من وجهها وتحل به وتصيبه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وأبو عمير لم اعرفه وبقية رجاله ثقات ولكن الظاهر ان صديق ابن مسعود الذي يزوره هو ثقة والله اعلم (12) (عن ثابت بن الضحاك الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وتخريجه في باب وعيد من قتل نفسه بأي شيء كان من كتاب القتل والجنايات في الجزء السادس عشر صحيفة 11 رقم 30 بعضه في المتن وبعضه في الشرح قال النووي جاء في الحديث الصحيح (لعن المؤمن كقتله) لأن القاتل يقطعه من منافع الدنيا وهذا يقطعه

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعن المؤمن كقتله (وعنه أيضا) (1) رفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال من قتل نفسه بشيء عذب به (2) ومن شهد على مسلم (3) أو قال مؤمن بكفر فهو كقتله ومن لعنه فهو كقتله ومن حلف على ملة غير الاسلام كاذبا فهو كما حلف (باب ما جاء فيمن لعنهم الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم) (عن أبي حسان) (4) ان عليا رضي الله عنه كان يأمر بالأمر فيؤتي فيقال قد فعلنا كذا وكذا فيقول صدق الله ورسوله قال فقال له الأشتر ان هذا الذي تقول قد تفشغ (5) في الناس فشيء عهده اليك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال علي رضي الله عنه ما عهد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا خاصة دون الناس إلا شيء سمعته منه فهو في صحيفة في قراب (6) سيفى قال فلم يزالوا به حتى أخرج الصحيفة قال فإذا فيها من أحدث حدثا أو آوى محدثا (7) فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل (8) قال واذا فيها ان ابراهيم حرم مكة الحديث (9) (ز) (عن أبي الطفيل) (10) قال قلنا لعلي أخبرنا بشيء أسره اليك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أسر الي شيئا كتمه الناس ولكن سمعته يقول لعن الله من ذبح لغير الله ولعن الله من آوى محدثا ولعن الله من لعن والديه ولعن الله من غير تخوم الأرض (11) يعني المنار

_ عن نعيم الآخرة ورحمة الله تعالى وقيل معنى لعن المؤمن كقتله في الإثم وهذا أظهر اهـ (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن ثابت بن الضحاك رفع الحديث الى النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) تقدم شرح هذه الجملة في باب وعيد من قتل نفسه المشار اليه آنفا (3) أي شهادة زور وقوله (أو قال مؤمن) يشك الراوي هل قال على مسلم أو على مؤمن (فهو كقتله) أي لأنه يحكم عليه بالقتل بمقتضى شهادته فكأنه قتله (ومن لعنه فهو كقتله) تقدم الكلام عليه (ومن حلف على ملة غير الاسلام الخ) تقدم الكلام على ذلك في بابه من كتاب اليمين والنذر في الجزء الخامس عشر صحيفة 168 (تخريجه) (ق وغيرهما) (باب) (4) (سنده) حدثنا بهز حدثنا همام أنبأنا قتادة عن ابي حسان الخ (غريبه) (5) بفاء مفتوحة ثم شين معجمة مشددة مفتوحة ثم غين معجمة أي فشا وانتشر (6) قال في النهاية هو شبه الجرلب يطرح فيه الراكب سيفه بغمده وسوطه وقد يطرح فيه زاده من تمر وغيره (7) الحدث الآمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة (والمحدث) يروى بفتح الدال وكسرها على الفاعل والمفعول فمعن الكسر من نصر جانيا أو آواه وأجاره من خصمه وحال بينه وبين أن يقتض منه والفتح هو الأمر المبتدع نفسه ويكون معنى الايواء فيه الرضا به والصبر عليه فإنه اذا رضى بالبدعة واقر فاعلها ولم ينكر عليه فقد آواه (نه) (8) الصرف التوبة وقيل النافلة والعدل الفدية وقيل الفريضة (9) الحديث له بقية وسيأتي بتمامه في باب فضائل المدينة من كتاب الفضائل إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق د مذ نس) (10) (ز) (سنده) حدثنا ابو بكر بن أبي شيبة حدثنا ابو خالد الاحمر عن منصور بن حيان عن أبي الطفيل الخ (غريبه) (11) بضم التاء الفوقية أي معالمها وحدودها واحدها تخم بفتح التاء وسكون المعجمة وقيل أراد بها حدود الحرم خاصة وقيل هو عام في جميع الأرض وأراد المعالم التي يهتدي بها في الطرق وقيل هو أن يدخل الرجل في ملك غيره فيقتطعه ظلما ويروى تخوم الأرض

(عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) في سبيل الله (3) (ز) (قال عبد الله بن الامام احمد) (4) حدثني نصر بن علي وعبيد الله بن عمر (يعني القواريري) قال ثنا عبد الله بن داود عن نعيم بن حكيم عن أبي مريم عن علي رضي الله عنه ان امرأة الوليد بن عقبة (5) أتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان الوليد يضربها وقال نصر بن علي في حديثه تشكوه قال قولي له قد اجارني قال علي فلم تلبث الا يسيرا حتى رجعت فقالت ما زادني الا ضربا فأخذ هدبة من ثوبه فدفعها اليها وقال قولي له إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أجارني فلم تلبث الا يسيرا حتى رجعت فقالت ما زادني إلا ضربا فرفع يديه وقال اللهم عليك الوليد أثم بي مرتين وهذا لفظ حديث القواريري (6) ومعناهما واحد (عن ابن عباس) (7) قال قال النبي صلى الله عليه وسلم ملعون من سب أباه ملعون من سب أمه ملعون من ذبح لغير الله ملعون من غير تخوم الأرض ملعون من كمه أعمى عن طريق ملعون من وقع

_ بفتح التاء على الافراد وجمعه تخم بضم التاء والخاء (نه) (تخريجه) (م نس) (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به ابو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشتد غضب الله عز وجل على قوم فعلوا برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ يشير الى رباعيته وقال اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله صلى الله عليه وسلم في سبيل الله (قلت) يشير الى رباعيته يعني حينما كسرت في غزوة احد (غريبه) (2) قال العلماء يحتمل أن يراد به جنس الرسول ويحتمل ان يراد به نبينا صلى الله عليه وسلم قيل الذي قتله نبينا صلى الله عليه وسلم هو أبي بن خلف قتله النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة أحد بحرية تناولها من الحارث بن الصمة الصحابي كما في سيرة ابن هشام (3) احترز بقوله في سبيل الله ممن يقتله في حد أو قصاص لأن من يقتله في سبيل الله كان قاصدا قتل النبي صلى الله عليه وسلم قاله النووي (تخريجه) (ق وغيرهما) (4) (ز) (قال عبد الله بن الامام احمد الخ) (غريبه) (5) يعني عقبة بن أبي معيط الكافر الذي اكثر من ايذاء النبي صلى الله عليه وسلم قتل يوم بدر كافرا اسلم الوليد يوم فتح مكة هو وأخوه خالد بن عقبة والوليد هو الذي نزل فيه قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا ان جاءكم فاسق بنبأ) الآية وهو الذي صلى صلاة الصبح بأهل الكوفة أربع ركعات فقال أزيدكم وكان سكران (قال ابن عبد البر) وخبر صلاته بهم سكران وقوله أزيدكم بعد ان صلى بهم الصبح اربعا مشهور من رواية الثقات من أهل الحديث ولما شهدوا عليه بالشرب أمر عثمان فجلد وعزل من الكوفة ولما قتل عثمان اعتزل الوليد الفتنة وأقام بالرقة إلى أن توفى بها وله بها عقب ذكره النووي في التهذيب وليس غريبا ان يرد شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم في عدم ضرب امرأته والله أعلم (6) جاء في المسند ان عبد الله بن الامام احمد روى هذا الحديث عن نصر بن علي وعبيد الله بن عمر القواريري ثم ساق الحديث بلفظ القواريري وهذا معنى قوله وهذا لفظ القواريري (وقوله ومعناهما واحد) يعني ان رواية نصر بن علي لا تختلف عن معنى رواية القواريري (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله بن احمد والبزار وابو يعلي ورجاله ثقات (7) (سنده) حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن اسحاق عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس الخ وتقدم مثله في باب السباعيات من قسم

على بهيمة ملعون من عمل بعمل قوم لوط (عن أبي برزة) (1) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فسمع رجلين يتغنيان (2) وأحدهما يجيب الآخر وهو يقول (لا يزال حوارى تلوح عظامه * زوى الحرب عنه أن يجن فيقبرا) (3) فقال النبي صلى الله عليه وسلم انظروا من هما؟ قال فقالوا فلان وفلان فقال النبي صلى الله عليه وسلم اللهم أركسهما (4) ركسا ودعهما الى النار (5) دعا

_ الترهيب في هذا الجزء صحيفة 295 رقم 145 وتقدم شرحه وتخريجه هناك (1) (سنده) حدثنا عبد الله ابن محمد (قال عبد الله بن الامام احمد) وسمعته انا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة ثنا محمد بن فضيل عن يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الاحوص قال اخبرني رب هذه الدار ابو هلال قال سمعت ابا برزة (يعين الاسلمي) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) هما معاوية بن رافع وعمرو بن رفاعة كما سيأتي بيان ذلك (3) جاء هذا البيت في المسند هكذا بلفظه وحروفه وجاء في ذيل القول المسدد في الذب عن المسند للشيخ محمد صبغة الله المدراسي المطبوع بحيدر اباد الدكن سنة 1319 هـ نقلا عن المسند هكذا (لا يزال حواي تلوح عظامه روى الحر عنه أن يحن فيقبرا) وكتب في مصححه بدل لفظ حواري (جوادي) وكتب ايضا بدل قوله روى الحر (ذوى الموت) (4) بضم الكاف قال في المصباح ركست الشيء ركسا من باب قتل قلبته ورددت أوله على آخره وأركسته بالألف رددته على رأسه وفي النهاية ركست الشيء وأركسته اذا رددته ورجعته قال ومنه الحديث (اللهم اركسهما في الفتنة ركسا) (5) الدع الطرد والدفع (تخريجه) (عل) (وله شواهد ستأتي وأورده العلامة الشيخ محمد صبغة الله المدراسي) في ذيل القول المسدد ولفظه وعزاه لعبد الله بن الامام احمد ثم قال أورده ابن الجوزي في الموضوعات من طريق ابي يعلي ثنا علي بن المنذر ثنا ابن فضيل ثنا يزيد بن أبي زياد عن سليمان بن عمرو بن الاحوص عن ابي برزة رضي الله عنه قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم فسمع صوت غناء فقال انظروا ما هذا فصعدت فنظرت فإذا معاوية وعمرو بن العاص يتغنيان فجئت فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم فقال اللهم اركسهما في الفتنة ركسا اللهم دعهما الى النار دعا (قال ابن الجوزي) لا يصح يزيد بن أبي زياد كان يلقن بالآخرة فيتلقن (قلت) يزيد بن أبي زياد احتج به الأربعة وروى له مسلم مقرونا وقد مر عن الحافظ العسقلاني انه قال يزيد وان ضعفه بعضهم من قبل حفظه فلا يلزم ان كل ما يحدث به موضوع (قال الجلال السيوطي) ما قاله ابن الجوزي لا يقتضي الوضع قال وله شاهد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما رواه الطبراني في الكبير حدثنا احمد بن علي بن الجارود الاصبهاني ثنا عبد الله بن عباد عن سعيد الكندي حدثنا عيسى ابن الاسود النخعي عن ليث عن طاوس عن ابن عباس رضي الله عنها قال سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت رجلين وساق نحو سياق احمد وسمى الرجلين معاوية وعمرو بن العاص (ورواه ابن نافع) في معجمه حدثنا محمد ابن عبدوس بن كامل ثنا عبد الله بن عمر ثنا سعيد ابو العباس التيمي ثنا سيف بن عمر حدثني ابو عمر مولى ابراهيم بن طلحة عن زيد بن أسلم عن صالح شقران رضي الله عنه قال بينما نحن ليلة في سفر إذ سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوتا فذكر الحديث وسمى الرجلين معاوية بن رافع وعمرو بن رفاعة وقال في آخر الحديث فمات عمرو بن رفاعة قبل أن يقدم النبي صلى الله عليه وسلم من السفر (قال الجلال) هذه الرواية ازالت الاشكال وبينت ان الوهم وقع في الحديث في لفظة واحدة وهي قوله ابن العاص

(عن عبد الله بن عمرو) (1) قال كنا جلوسا عند النبي صلى الله عليه وسلم وقد ذهب عمرو بن العاص يلبس ثيابه ليلحقني فقال ونحن عنده ليدخلن عليكم رجل لعين فوالله ما زلت وجلا (2) اتشوف داخلا وخارجا حتى دخل فلان يعني الحكم (3) (عن أبي هريرة) (4) قال لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم مخنثي الرجال الذين يتشبهون بالنساء والمترجلات من النساء المتشبهين بالرجال والمتبتلين من الرجال الذي يقول لا يتزوج والمتبتلات من النساء اللاتي يقلن ذلك وراكب الفلاة وجده (5) فاشتد على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حتى استبان ذلك في وجوههم وقال البائت وحده (6) (عن عبد الله بن رافع) (7) مولى أم سلمة قال سمعت ابا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول ان طال بك مدة أوشكت أن ترى قوما يغدون في سخط الله عز وجل ويروحون في لعنته في أيديهم مثل أذناب البقر (8)

_ وإنما هو ابن رفاعة احد المنافقين وكذلك معاوية بن رافع احد المنافقين انتهى (1) (سنده) حدثنا ابن نمير حدثنا عثمان بن حكيم عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف عن عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص) الخ (غريبه) (2) أي خائفا فزعا (اتشوف داخلا وخارجا) أي انظر الداخل والخارج وانما فزع عبد الله بن عمرو خشية أن يكون والده هو المقصود باللعن لأنه تركه يلبس ليلحق به الى النبي صلى الله عليه وسلم فلم يزل خائفا أن يكون أول من يدخل والده (3) جاء عند ابن عبد البر في الاستيعاب بسند صحيح قال فدخل الحكم بن أبي العاص اهـ والحكم هو ابن ابي العاص بن أمية بن عبد شمس وهو عم عثمان بن عفان وأبو مروان بن الحكم وبنيه من خلفاء بني أميه أسلم يوم فتح مكة وسكن المدينة ثم نفاه النبي صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ومكث بها حتى اعاده عثمان في خلافته ومات بها (قال ابن الاثير) في أسد الغابة وقد روى في لعنه ونفيه أحاديث كثيرة لا حاجة الى ذكرها إلا أن الأمر المقطوع به أن النبي صلى الله عليه وسلم مع حلمه واغضائه على ما يكره ما فعل به ذلك إلا لأمر عظيم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ وأورده ابن عبد البر في الاستيعاب بسند صحيح (4) (سنده) حدثنا أيوب بن النجار عن طيب بن محمد عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة الخ (غريبه) (5) أي المسافر في الصحراء وحده (6) تقدم الكلام على البائت وحده والمسافر وحده في باب اتخاذ الرفيق في السفر من أبواب صلاة السفر في الجزء الخامس صحيفة 63 وتقدم شرح الحديث جميعه في أبوابه لأن كل مسئلة منه لها باب تقدم (تخريجه) أخرجه (ق والأربعة وغيرهم) مقطعا في أبواب متعددة وفي سند حديث الباب طيب بن محمد اليمامي ضعفه العقيلي وقال أبو حاتم لا يعرف ووثقه ابن حبان (7) (سنده) حدثنا ابو عامر ثنا أفلح بن سعيد شيخ من أهل قباء من الانصار ثنا عبد الله بن رافع مولى أم سلمة قال سمعت ابا هريرة الخ (غريبه) (8) تسمى في ديار العرب بالمقارع جمع مقرعة وهي جلد طرفها مشدود عرضها كالاصبع (زاد في رواية يضربون بها الناس) يعني ممن اتهم في شيء ليصدق في اقراره وقيل هم أعوان والى الشرطه المعروفون بالجلادين فإذا امروا بالضرب تعدوا المشرع في الصفة والمقدار (تخريجه) (م) وأورده الحافظ بسنده ومتنه كما هنا في القول المسدد في الذب عن المسند للامام احمد وعزاه للإمام احمد ثم قال ذكره ابن الجوزي في الموضوعات باسناد المسند أيضا ونقل عن

(حدثنا أبو سعيد) (1) ثنا عبد الله بن بجير ثنا سيار أن ابا امامه رضي الله عنه ذكر أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال يكون في هذه الأمة في آخر الزمان رجال أو قال يخرج رجال من هذه الأمة في آخر الزمان معهم أسياط كأنها أذناب البقر يغدون

_ ابن حبان أنه قال ان هذا الخبر باطل وافلح كان يروى عن الثقات الموضوعات اهـ وهذا الحديث اخرجه مسلم عن جماعة من مشايخة عن أبي عامر العقدي بهذا وأخرجه من وجه آخر كما سيأتي ولم أقف في كتاب الموضوعات لابن الجوزي على شيء حكم عليه بالوضع وهو أحد الصحيحين غير هذا الحديث وانها لغفلة شديدة منه وافلح المذكور يعرف بالقبائي مدني من أهل قباء ثقة مشهور وثقه ابن معين وابن سعد وقال ابن معين ايضا والنسائي لا بأس به وقال أبو حاتم شيخ صالح الحديث واخرج له مسلم في صحيحه وقد روى عنه عبد الله بن المبارك وطبقته ولم أر للمنقبين فيه كلاما إلا ان العقيلي قال لم يرو عنه ابن مهدي (قلت) وليس هذا يجرح وقد غفل ابن حبان فذكره في الطبقة الرابعة من الثقات وقد اخطأ ابن الجوزي في تقليده لابن حبان في هذا الموضوع خطأ شديدا وغلط ابن حبان في افلح فضعفه بهذا الحديث وعقبه بأن قال هذا بهذا اللفظ باطل والمحفوظ عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة بلفظ اثنان من أمتي لم ارهما رجال بأيديهم سياطمثل اذناب البقر ونساء كاسيات عاريات (وتعقب الذهبي) في الميزان كلام ابن حبان هذا فقال حديث أفلح حديث صحيح غريب ورواية سهيل شاهدة له وابن حبان ربما جرح الثقة حتى كأنه لا يدري ما يخرج من رأسه اهـ (قلت) وقد صححه من طريق افلح ايضا الحاكم في المستدرك وصححه من طريق سهيل عن أبيه عن أبي هريرة قال حدثنا أبو خيثمة ثنا جرير عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صنفان من أهل النار لم ارهما قوم معهم سياط كأذناب البقر يضربون بها الناس ونساء كاسيات عاريات مميلات مائلات وسبن كأسنمة البخت المائلة لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها وان ريحها ليوجد من مسرة كذا وكذا واخرجه البيهقي في دلائل النبوة من طريق الحسن بن سفيان عن محمد بن عبد الله بن نمير ثنا زيد ابن الحباب حدثنا افلح بن سعيد فذكره ولفظه (يوشك ان طالت بك مدة ان ترى قوما في أيديهم مثل أذناب البقر يغدون في غضب الله ويروحون في سخطه قال البيهقي رواه مسلم عن محمد بن عبد الله بن نمير وهو كما قال ابن حبان في النوع التاسع والمائة من القسم الثاني من صحيحه انا عبد الله بن شيرويه انا اسحاق بن راهويه انا جرير عن سهيل فذكره واخرجه احمد ايضا من وجهين عن شريك بن عبد الله القاضي عن سهيل نحوه (قلت) تقدم هذا الحديث في باب نهي المرأة ان تلبس ما يحكي بدنها من كتاب اللباس في الجزء السابع عشر صحيفة 302 رقم 230) قال فلقد اساء ابن الجوزي لذكره في الموضوعات حديثا من صحيح مسلم وهذا من عجائبه انتهى ما أورده الحافظ رحمه الله تعالى (1) (حدثنا ابو سعيد الخ) هذا الحديث أورده الحافظ في القول المسدد في الذب عن المسند للامام احمد بسنده ومتنه وعزاه للامام احمد ثم قال اورده ابن الجوزي في الموضوعات من طريق المسند ايضا ونقل عن ابن حبان انه قال عبد الله ابن مجاهد يروي العجائب التي كأنها معمولة لا يحتج به اهـ (قال الحافظ قلت) وهذا شاهد لحديث أبي هريرة المتقدم وقد غلط ابن الجوزي في تضعيفه لعبد الله بن بجير فإن عبد الله بن بجير المذكور بضم الموحدة

في سخط الله ويروحو في غضبه (باب ما جاء فيمن لعنه النبي صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهل لذلك كان له زكاة وأجرا ورحمة) (عن أبي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اني اتخذ عندك عهدا لن تخلفنيه إنما انا بشر فإي المؤمنين آذيته أو شتمته أو جلدته أو لعنته (2) فاجعلها له صلاة وزكاة وقربة تقربه بها يوم القيامة (عن عمرو بن أبي قرة) (3) قال كان حذيفة (يعني ابن اليمان رضي الله عنه) بالمدائن فكان يذكر أشياء قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) فجاء حذيفة الى سلمان فيقول سلمان يا حذيفة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ بعدها جيم بصيغة التصغير يكنى أبا حمدان بصري قيسي ويقال تميمي وقد وقع في رواية الطبراني انه قيسى وثقه احمد وابن معين وابو داود وابو حاتم وروى الآجرى عن أبي داود ان ابا الوليد الطيالسي روى عنه ووثقه وذكره ابن حبان في الثقات وانما قال ابن حبان ما نقله ابن الجوزي عنه في عبد الله بن بجير القاص الصنعاني الذي يكنى ابا وائل وأبو بجير بفتح الموحدة وكسر الحاء المهملة على ان المذكور قد وثقه غير ابن حبان ولكن ليس هو راوي حديث أبي امامة لأنه صنعاني يروى عن أهل اليمن وصاحب الحديث المذكور يروى عن البصريين وسيار شيخه شامي نزل البصرة فروى عنه اهلها (وقد اخرج أيضا المقدسي) حديث أبي اسامة من طريق المسند ومن طريق الطبراني في الأحاديث المختارة ولم ينفرد به عبد الله بن بجير المذكور فقد رويناه في المعجم الكبير للطبراني ايضا قال ثنا احمد بن محمد بن يحيى بن حمزة ثنا حيوة بن شريح ثنا اسماعيل بن عياش عن شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يكون في آخر الزمان شرط يغدون في غضب الله ويروحون في سخط الله فإياك ان تكون منهم وهذا اسناد صحيح لأن رواية اسماعيل بن عياش عن الشاميين قوية وشرحبيل شامي وله شاهد آخر من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص (قال ابن ابي شيبة) ثنا عبيد الله هو ابن موسى حدثنا شيبان عن الاعمش عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله بن عمرو قال انا لنجد في كتاب الله المنزل صنفين في النار قوم يكونون في آخر الزمان معهم سياط كأنها أذناب البقر يضربون بها الناس على غير جرم لا يدخلون بطونهم إلا خبيثا ونساء كاسيات عاريات مائلات مميلات لا يدخلن الجنة ولا يجدن ريحها انتهي ما اورده الحافظ رحمه الله تعالى (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اني اتخذ عندك عهدا الخ (غريبه) (2) جاء عند مسلم من حديث أنس (ايما احد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل أن يجعلها له طهورا وزكاة الخ) (تخريجه) (م وغيره) ورواه الامام احمد من وجه آخر عن أبي سعيد وأبي هريرة معا بلفظ حديث الباب (3) (سنده) حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة ثنا عمر بن قيس الماصر عن عمرو بن أبي قرة الخ (غريبه) (4) جاء عند ابي داود قالها رسول الله صلى الله عليه وسلم لأناس من أصحابه في الغضب فينطلق ناس ممن سمع ذلك في حذيفة فيأتون سلمان فيذكرون له قول حذيفة فيقول سلمان حذيفة اعلم بما يقول فيرجعون الى حذيفة فيقولون له قد ذكرنا قولك لسلمان فما صدقك ولا كذبك فأتى حذيفة سلمان وهو في مبقلة (أي مزرعة البقل) فقال يا سلمان ما يمنعك ان تصدقني بما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال

كان يغضب فيقول ويرضى ويقول (1) لقد علمت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب فقال أيما رجل من أمتي سببته سبة في غضبي أو لعنته لعنة فإنما أنا من ولد آدم أغضب كما يغضبون واما بعثني رحمة للعالمين فاجعلها صلاة عليه يوم القيامة (عن أنس بن مالك) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دفع الى حفصة ابنة عمر رجلا (3) فقال احتفظي به قال فغفلت حفصه ومضى الرجل فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال يا حفصة ما فعل الرجل؟ قالت غفلت عنه يا رسول الله فخرج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قطع الله يدك فرفعت يديها هكذا فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما شأنك يا حفصة؟ فقالت يا رسول الله قلت قبل لي كذا وكذا فقال لها صفي يديك فإني سألت الله عز وجل أي انسان من امتي دعوت الله عز وجل عليه ان يجعلها له مغفرة (عن ذكوان مولى عائشة) (4) عن عائشة رضي الله عنها قالت دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم بأسير فلهوت فنه فذهب بجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما فعل الأسير؟ قالت لهوت عنه مع النسوة فخرج فقال مالك قطع الله يدك أو يديك فخرج فآذن به الناس (5) فطلبوه فجاءوا به فدخل علي وأنا أقلب يدي فقال مالك أجننت؟ قلت دعوت علي فأنا أقلب يدي أنظر ايتهما يقطعان فحمد الله وأثني عليه ورفع يديه مدا وقال اللهم اني بشر اغضب كما يغضب البشر فأيما مؤمن أو مؤمنه دعوت عليه فاجعله له زكاة وطهرا (وعنها من طريق ثان) (6)

_ سلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغضب فيقول في الغضب لناس من أصحابه ويرضى فيقول في الرضي لناس من أصحابه اما تنتهي حتى تورث رجالا حب رجال ورجالا بغض رجال وحتى توقع اختلافا وفرقة ولقد علمت ان رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الخ (1) زاد أبو داود والله لتنتهين أو لأكتبن الى عمر اهـ ومعنى الحديث ان حذيفة بن اليمان رضي الله عنه كان يذكر للناس بعض أحاديث صدرت من النبي صلى الله عليه وسلم فيها مدح لبعض أصحابه في حالة الرضا عنهم لأمور يستحقون عليها المدح ويذكر أحاديث اخرى صدرت من النبي صلى الله عليه وسلم لبعض أصحابه فيها ذم لهم في حالة غضبه عليهم لأمور يستحقون عليها الذم فنهاه سلمان الفارسي رضي الله عنه عن ذكر هذه الاحاديث لأن ذكرها للناس يجر الى حب بعض الصحابة وكراهة بعضهم لا سيما وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يذذمهم إلا في حالة الغضب وقد قال صلى الله عليه وسلم ايما رجل من أمتي سببته الخ (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري قال المنذري وهذا الفصل الأخير قوله صلى الله عليه وسلم (فإيما مؤمن سببته) قد أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث سعيد بن المسيب عن ابي هريرة (2) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب حدثني حسين بن واقد حدثني ثابت البناني حدثني انس ابن مالك الخ (غريبه) (3) الظاهر ان هذا الرجل كان اسيرا كما يستفاد ذلك من حديث عائشه الآتي بعده (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله ثقات (4) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن ابي ذتب قال حدثني محمد بن عمرو بن عطاء عن ذكوان مولى عائشة عن عائشة قالت دخل الخ (غريبه) (5) أي اعلمهم بهربه (6) (سنده) حدثنا عفان وبهز قالا ثنا حماد عن سماك عن عكرمة عن عائشة انها قالت قال بهز ان عائشة قالت دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث وفي آخره قال بهز يعني في روايته فلا تعاقبني فيه بدل قوله في رواية عفان فلا تعاقبني به (تخريجه) لم أقف عليه

قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في ازار ورداء فاستقبل القبلة وبسط يديه فقال اللهم انما انا بشر فأي عبد من عبادك ضربت أو آذيت فلا تعاقبني به قال بهز فيه (عن عروة بن الزبير) (1) أن عائشة قالت ان امداد (2) العرب كثروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غموه (3) وقام المهاجرون يفرجون عنه حتى قام على عتبة عائشه فرهقوه (4) فأسلم رداءه في أيديهم ووثب (5) على العتبة فدخل وقال اللهم اللعنهم (6) فقالت عائشة يا رسول الله هلك القوم فقال كلا والله يا بنت أبي بكر لقد اشترطت على ربي عز وجل شرطا لا حلف له (7) فقلت انما انا بشر أضيق كما يضيق به البشر فأي المؤمنين بدرت اليه مني بادرة فاجعلها له كفارة (وعنها ايضا) (8) قالت دخل على النبي صلى الله عليه وسلم رجلان فأغلظ لهما وسبهما قالت فقلت يا رسول الله لمن أصاب منك خيرا ما أصاب هذان منك خيرا (9) قالت فقال أو ما علمت ما عهدت عليه ربي عز وجل قال قلت اللهم ايما مؤمن سببته أو جلدته أو لعنته فاجعلها له مغفرة وعافية وكذا وكذا (عن حذيف) (10) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غزوة تبوك قال فبلغه أن في الماء قلة الذي يرده (11) فأمر مناديا فنادى في الناس

_ لغير الإمام أحمد ورجال الطريقين ثقات (1) (سنده) حدثنا سريج ثنا ابن ابي الزناد عن عبد الرحمن ابن الحارث عن محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير الخ (غريبه) (2) الأمداد جمع مدد وهم الأعوان والأنصار الذين كانوا يمدون المسلمين في الجهاد (3) أصل التغمية السنر والتغطية أي ازدحموا عليه حتى ستروه عن أعين الناس والظاهر والله أعلم انهم كانوا يطلبون شيئا من أموال الغنيمة زيادة عن حقهم (4) أي دنوا منه وقاربوه (5) اي قفز مسرعا (6) قال الطبري ان قيل كيف يتفق ذلك وهو صلى الله عليه وسلم معصوم في حالتي الرضا والغضب؟ فعن ذلك أجوبة (منها) أنه علهي السلام انما يغضب لمخالفة الشرع فغضبه هو لله سبحان وتعالى وله ان يؤدب على ذلك مما يرى من سب أو لعن أو جلد أو دعاء اهـ (7) قال الطبري كأنه صلى الله عليه وسلم خاف ان يصدر عنه شيء في حال غضبه من تلك الأمورفدعا ربه إن وقع منه شيء لغير مستحقيه أن يعوضه مغفرة ورفع درجة فأجابه تعالى لذلك ووعده الصدق وعن هذا عبر عليه السلام بقوله شارطت ربي وبقوله شرطي على ربي (يعني كما في رواية مسلم) وإلا فليس لأحد ان يشترط على الله شيئا ولا يجب عليه سبحانه لأحد حق (تخريجه) اخرج الجزء الاخير منه (ق وغيرهما) (8) (سنده) حدثنا ابو معاوية وابن نمير المعنى قالا ثنا الاعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت دخل على النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) جاء عند مسلم قلت يا رسول الله من اصاب من الخير شيئا ما اصابه هذان (قال الطبري) هذا الكلام من السهل الممتنع ومعناه ان هذين الرجلين ما اصابا مثك خيرا وان غيرهما قد اصابه لكن في تنزيله على هذا المعنى صعوبة ويتضح بمعرفة الاعراب فمن موصولة مبتدء واصاب صلتها وخبره محذوف والتقدير الذي اصاب منك شيئا من الخير ففائز واما الرجلين فلم يصيباه (تخريجه) (م وغيره) (10) (سنده) حدثنا ابو نعيم ثنا الوليد يعني ابن جميع ثنا ابو الطفيل عن حذيفة (يعني ابن اليمان) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (11) هكذا جاء في الاصل (فبلغه ان في الماء قلة الذي يرده) فقوله الذي يرده يصح ان يكون صفة الماء فيكون هكذا فبلغه أن

أن لا يسبقني الى الماء احد فأتى الماء وقد سبقه قوم فلعنهم (1) (عن أبي السوار) (2) عن خاله قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأناس يتبعونه فاتبعته معهم (3) قال ففجئني القوم يسعون (4) قال وأبقى القوم (5) قال فأتى على رسول الله فضربني ضربة إما بعسيب (6) أو قضيب أو سواك أو شيء كان معه قال فوالله ما أوجعني قال فبت بليلة (7) قال وقلت ما ضربني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا لشيء علمه الله في قال وحدثتني نفسي ان آتي رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا اصبحت قال فنزل جبريل عليه السلام على النبي صلى الله عليه وسلم فقال انك راح لا تكسرن قرن رعيتك (8) قال فلما صلينا الغداة أو قال صبحنا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم ان اناسا بيتبعوني واني لا يعجبني ان يتبعوني اللهم فمن ضربت أو سببت فاجعلها له كفارة وأجرا أو قال مغفرة ورحمة أو كما قال (عن عبد الله ابن عثمان بن خثيم) (9) قال دخلت على أبي الطفيل فوجدته طيب النفس فقلت لاغتنمن ذلك منه فقلت يا أبا الطفيل النفر الذين لعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من؟ بينهم (10) من هم فهم أن يخبرني بهم فقالت له امرأته سودة مه (11) يا أبا الطفيل أما بلغك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم إنما أنا بشر فايما عبد من المؤمنين (12) دعوت عليه دعوة فاجعلها له زكاة ورحمة

_ في الماء الذي يرده قلة (1) هؤلاء القوم كانوا من المنافقين كما يستفاد ذلك من روايات أخرى والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير وفيه يحيى بن محمد بن السكن عن بكر بن بكار ولم ار من ترجمها اهـ (قلت) غفل الحافظ الهيثمي عن عزوه للامام احمد ورجاله عند الامام احمد وثقا ومعروفون (2) (سنده) حدثنا عارم ثنا معتمر بن سلمان عن أبيه ثنا السميط عن أبي السوار حدثه أبو السوار عن خاله الخ (قلت) لم أقف على اسم خاله ومع ذلك فهو صحابي وجهالة الصحابي لا تضر (3) الظاهر ان النبي صلى الله عليه وسلم كان ذاهبا لأمر لا ينبغي ان يكون معه احد أو يكون معه بعض افراد قليلين فاتبعه جمهرة من الناس فأغضبه ذلك والله اعلم (4) أي يسرعون في المسير (5) هكذا بالأصل (قال وابقى القوم) ومعناه غير ظاهر فربما سقط شيء من الناسخ أو الطابع كفوله وابقى بعض القوم أو وبقى بعض القوم أو نحو ذلك والله أعلم (6) العسيب جريدة من النخل وهي السعفة بفتح العين المهملة مما لم ينبت عليه الخوص جمعه عسب بضمتين والقضيب العصا (7) يعني مشغول الفكر (8) معناه الرفق بالرعية وعدم العنف (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله كلهم ثقات (9) (سنده) حدثنا ابراهيم بن خالد ثنا رباح بن زيد حدثني عمر بن حبيب عن عبد الله بن عثمان بن حثيم الخ (غريبه) (10) أي من هم (بينهم) بفتح الموحدة وتشديد الياء التحتية مكسورة وسكون النون هي أمر من البيان وجاء في مجمع الزوائد بلفظ (من هم سمهم من هم) (11) اسم فعل أمر بمعنى أكف (12) جاء عند مسلم من حديث انس بلفظ (فأيما احد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل) الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله ثقات اهـ (قال النووي) رحمه الله هذه الاحاديث (يعني احاديث الباب) مبنية ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من الشفقة على أمته والاعتناء أي بصالحهم والاحتياط لهم والرغبة في كل ما ينفعهم وهذه الرواية المذكورة آخرا (يعني قوله عند مسلم) (ايما احد دعوت عليه من أمتي بدعوة ليس لها بأهل الخ) تبين المراد بباقي الروايات المطلقة وانه انما يكون دعاؤه عليه رحمة وكفارة وزكاة

(باب ما جاء في لعن الابل والديكة) (عن أبي برزة) (1) قال كانت راحلة أو ناقة أو بعير عليها بعض متاع القوم وعليها جارية فأخذوا بين جبلين (2) فتضايق بهم الطريق فأبصرت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت حل حل (3) اللهم العنها فقال النبي صلى الله عليه وسلم من صاحب هذه الجارية؟ لاتصحبنا راحلة أو ناقة أو بعير عليها من لعنه الله تبارك وتعالى (عن عمران بن حصين) (5) قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض اسفاره وامرأة من الانصار على ناقة فضجرت فلعنتها فسمع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خذوا ما عليها (6) ودعوها فإنها ملعونة قال عمران فكأني انظر اليها الآن تمشي في الناس ما يعرض لها أحد يعني الناقة (عن أبي هريرة) (7) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم في سفر يسير فلعن رجل ناقة فقال اين صاحب الناقة؟ فقال الرجل أنا قال اخرها فقد أجبت فيها (8)

_ ونحو ذلك اذا لم يكن أهلا للدعاء عليه والسب واللعن ونحوه وكان مسلما ولا فقد دعا صلى الله عليه وسلم على الكفار والمنافقين ولم يكن ذلك لهم رحمة (فإن قيل) كيف يدعو على من ليس هو أهل للدعاء عليه أو يسبه أو يلعنه ونحو ذلك (فالجواب) ما أجاب به العلماء ومختصره وجهان أحدهما ان المراد ليس بأهل لذلك عند الله تعالى وفي باطن الامر ولكنه في الظاهر مستوجب له فيظهر له صلى الله عليه وسلم استحقاق لذلك بأمارة شرعية ويكون في باطن الأمر ليس أهلا لذلك وهو صلى الله عليه وسلم مأمور بالحكم بالظاهر والله يتول السرائر (والثاني) ان ما وقع من سبه ودعائه ونحوه وليس بمقصود بل هو مما جرت عادة العرب في وصل كلامها يلانية كقوله تربت يمينك وعقرى وحلقى لا يقصدون بشيء من ذلك حقيقة الدعاء فخاف صلى الله عليه وسلم ان يصادف شيء من ذلك اجابة فسأل ربه سبحانه وتعالى ورغب اليه في ان يحصل ذلك رحمة وكفارة وقربة وطهورا واجرا وانما كان يقع منه ذلك في النادر والشاذ من الأزمان ولم يكن صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا ولا لعانا صلى الله عليه وسلم (باب) (1) (سنده) حدثنا ابن ابي عدي بن سليمان عن ابي عثمان عن ابي برزة (يعني الاسلمي) الخ (غريبه) (2) أي فأخذوا يسيرون بين جبلين (3) حل كلمة زجر للابل واستحثاث يقال حل حل باسكان اللام فيهما (قال القاضي) ويقال أيضا حل حل بكسر اللام فيهما بالتنوين وبغير تنوين قاله النووي (4) جاء في رواية عند مسلم (لا تصاحبنا راحلة عليها لعنة من الله) قال النووي انما قال هذا زجرا لها ولغيرها وكان قد سبق نهيها ونهى غيرها عن اللعن فعوقبت بارسال الناقة والمراد النهي عن مصاحبته لتلك الناقة في الطريق وأما بيعها وذبحها وركوبها في غير مصاحبته صلى الله عليه وسلم وغير ذلك من التصرفات التي كانت جائزة قبل هذا النهي فهي باقية على الجواز لأن الشرع انما ورد بالنهي عن المصاحبة فبقى الباقي كما كان (تخريجه) (م) (5) (سنده) حدثنا اسماعيل ثنا أيوب عن ابي قلابة عن أبي المهلب عن عمران بن حصين الخ (غريبه) (6) أي ما على الناقة (ودعوها) أي اتركوها تسير وحدها لا تصاحبنا في الطريق وفي رواية لمسلم (فقال خذوا ما عليها وأعروها) بقطع الهمزة وضم الراء يقال أعريته وعريته اعراء وتعرية (قال النووي) والمراد هنا القاء ما عليها من المتاع ورحلها وآتها (تخريجه) (م د) (7) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن عجلان قال سمعت ابي يحدث عن أبي هريرة قال كان النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) معناه ان الله عز وجل قد استجاب دعاءه عليها فصارت ملعونة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد واورده المنذري وقال رواه أحمد

(عن أبي الجوزاء) (1) عن عائشة رضي الله عنها انها كانت مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فلعنت بعيرا لها فأمر به النبي صلى الله عليه وسلم أن يرد وقال لا يصحبني شيء ملعون (وفي رواية) فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تركبيه (عن زيد بن خالد الجهني) (2) لعن رجل ديكا صاح عند النبي صلى الله عليه وسلمفقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تلعنه فإنه يدعو إلى الصلاة (باب ما جاء في الترهيب من سب المسلم وقتاله وان إثم ذلك على البادئ مالم يعتد المظلوم) (حدثنا يحيى عن شعبة) (3) حدثني زبيد عن أبي وائل عن عبد الله (يعني ابن مسعود) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال سباب المسلم فسوق (4) وقتاله كفر قال قلت لأبي وائل انت سمعت من عبد الله قال نعم (قر) (وعنه أيضا) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سباب المسلم أخاه فسوق وقتله كفر وحرمة ماله كحرمة دمه (6) (عن أبي هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المستبان (8) ما قالا فعلى البادئ مالم يعتد المظلوم (9)

_ بإسناد جيد (1) (سنده) حدثنا عارم ثنا سعيد بن زيد عن عمرو بن مالك عن أبي الجوزاء الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجاله رجال الصحيح غير عمرو بن مالك البكري وهو ثقة (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن صالح بن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن زيد بن خالد الجهني الخ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه أبو داود وابن حبان في صحيحه إلا انه قال فإنه يدعو للصلاة ورواه النسائي مسندا ومرسلا اهـ (قلت) لفظ ابى داود فإنه يوقظ للصلاة وسند حديث الباب جيد (باب) (3) (حدثنا يحيى عن شعبة الخ) (غريبه) (4) أي مسقط للعدالة والمروة (وقتاله) أي مقاتله كفر (قال العلماء) لما كان القتال اشد من السباب لافضائه الى ازهاق الروح عبر عنه بلفظ اشق من لفظ الفسق وهو الكفر ولم يرد حقيقته التي هي الخروج من المة واطلق عليه الكفر مبالغة في التحذير معتمدا على ما تقرر من القواعد أو أراد ان كان مستحلا أو ان قتال المؤمن من شأن الكافر (تخريجه) (ق مذ نس جه) (5) (قر) (سنده) قال عبد الله بن الامام احمد قرأت على ابي حدثك علي بن عاصم قال حدثنا ابراهيم الهجري عن أبي الاحوص عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (غريبه) (6) أي كما حرم قتله حرم أخذ ماله بغير حق كما في الحديث المشهور (وكل المسلم على المسلم حرام دمه وماله وعرضه) فإذا قاتله فقد كفر ذلك الحق فإن حمل الكفر على ظاهره تعين تأويله والله اعلم (تخريجه) أورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير وعزاه للطبراني فقط عن ابن مسعود ورمز له بعلامة الصحة وقال شارحه المناوي رمز المصنف لصحته وهو كما قال قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) في اسناده عند الامام احمد ابراهيم بن مسلم العبدي الهجري بفتح الهاء والجيم قال في الخلاصة ضعفه النسائي وغيره قال وقال ابن عدي انما انكروا عليه كثرة روايته عن أبي الاحوص عن عبد الله وعامتها مستقيمة اهـ (7) (سنده) حدثنا ابن ابي عدي عن شعبة عن العلاء ومحمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت العلاء يحدث عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) اي المتشاتمان وهما اللذان سب كل منهما الآخر (وقوله ما قالا) أي اثم قولهما على البادي لأنه المتسبب في ذلك (9) بأن جاوز الحد كأن اكثر المظلوم شتم البادئ وايذاءه فيكون الاثم عليهما كل بحسبه البادي لكونه تسبب والمظلوم لكونه تجاوز الحد واعتدى

(وعنه أيضا) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمشين (2) أحدكم الى اخيه بالسلاح فإنه لا يدري أحدكم لعل الشيطان ينزع (3) في يده فيقع في حفرة من نار (عن عياض بن حمار) (4) رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله رجل من قومي يشتمني وهو دوني على بأمور أن انتصر منه؟ قال المستبان شيطانان (5) يتهاذيان ويتكاذبان (وفي لفظ) يتكاذبان ويتهاتران (6) (وعنه أيضا) (7) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اثم المستبين ما قالا على البادي (8) حتى يعتدي المظلوم أو الا ان يعتدي المظلوم (عن أبي ذر) (9) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يرمي رجل رجلا بالفسق أو يرميه بالكفر إلا ارتدت عليه (10) إن لم يكن صاحبه كذلك (عن النعمان بن مقرن) (11) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سب جل رجلا عنده قال فجعل الرجل المسبوب يقول عليك السلام

_ والله أعلم (تخريجه) (م د مذ) والبخاري في الأدب المفرد (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمشين أحدكم الخ (غريبه) (2) وقع عند مسلم بلفظ (لا يشير) بدل لا يمشين قال النووي هكذا هو في جميع النسخ لا يشير بالياء بعد الشين وهو صحيح وهو نهي بلفظ الخبر كقوله تعالى (لا تضار والدة) وقد قدمنا مرات ان هذا ابلغ من لفظ النهي (3) بكسر الزاي بعدها عين مهملة (قال النووي) ضبطناه بالعين المهملة وكذا نقله القاضي عن جميع روايات مسلم وكذا هو في نسخ بلادنا ومعناه يرمي في يده ويحقق ضربته ورميته وروى في غير مسلم بالغين المعجمة وهو بمعنى الاغراء أي يحمل على تحقيق الضرب ويزين ذلك (تخريجه) (م وغيره) (4) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد ثنا سعيد عن قتادة عن مطرف عن عياض بن حمار الخ (قلت) حمار بكسر الحاء المهملة (غريبه) (5) أي كل منهما يتسقط صاحبه وينتقصه ويكيد له كما يفعل الشيطان (6) قال في النهاية أي يتقاولان ويتقابحان في القول من الهتر بالكسر الباطل والسقط من الكلام وفيه كما قال الامام الغزالي انه لا يجوز مقابلة السب بالسب وكذا سائر المعاصي وانما القصاص والغرامة على ما ورد به الشرع وقال قوم تجوز المقابلة بما لا كذب فيه ونهيه عن التعبير بمثله نهى تنزيه والافضل تركه لكنه لا يعصي (تخريجه) (طل) والبخاري في الأدب قال الزين العراقي اسناده صحيح وقال الهيثمي رجال احمد رجال الصحيح (7) (سنده) حدثنا بهز وعفان قالا ثنا همام قال عفان في حديثه ثنا قتادة عن يزيد عن مطرف عن عياض بن حمار أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) معناه أثم قول المستبين على البادي الخ وقد تقدم الكلام على ذلك في شرح حديث ابي هريرة قبل حديثين (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طب طس) ورجال احمد رجال الصحيحين (9) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثني أبي حدثني حصين قال قال ابن بريدة حدثني يحيى بن يعمرأن أبا الاسود حدثه عن أبي ذر الخ (غريبه) أي الرمية المفهومة من المقام ان لم يكن المرمي فاسقا أو كافرا فيكون الرامي هو الفاسق أو الكافر وظاهره غير مراد فلا يصير الرامي كما وصف المرمي لأن مذهب أهل الحق لا يكفر مؤمنا بالوزر وهو مؤول بارتداد نقيصته ورجوع معصيته (تخريجه) (ق وغيرهما) (11) (سنده) حدثنا أسود بن عامر أنا

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما إن ملكا بينكما يذب عنك كلما يشتمك هذا قال له بل أنت وأنت احق به (1) واذا قال له عليك السلام قال لا بل لك انت احق به (2) (عن عبد الله ابن سلمة) (3) قال قال عمار بن ياسر لما هجانا المشركون شكونا ذلك الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قولوا لهم كما يقولون لكم قال فلقد رأيتنا نعلمه إماء أهل المدينة (عن المغيرة بن شعبة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الأموات فتؤذوا الأحياء (باب ما جاء في النهي عن سب الدهر والريح والديكة) (عن ابي هريرة) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يسب أحدكم الدهر فإن الله هو الدهر (6) ولا يقولن احدكم للعنب الكرم فإن الكرم هو الرجل المسلم (7) (وعنه من طريق ثان) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل يؤذيني ابن آدم (9) يقول يا خيبة الدهر فإني أنا الدهر أقلب ليله ونهاره فإن شئت قبضتهما (ز) (عن أبي بن كعب) (10) عن

_ أبو بكر عن الأعمش عن أبي خالد الوالي عن النعمان بن مقرن الخ (غريبه) (1) معناه كلما يتلفظ الساب بكلمة سب قال له الملك بل أنت وأنت احق به (2) معناه اذا قال المسبوب للساب عليك السلام قال له الملك لا بل أنت يعني أنت الذي عليك السلام وأنت احق به (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح غير أبي خالد الوالي وهو ثقة (3) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثنا شريك عن محمد بن عبد الله المرادي عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن سلمة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بز طب) ورجالهم ثقات (4) (عن المغيرة بن شعبة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب النهي عن سب الاموات من كتاب الجنائز في الجزء الثامن صحيفة 49 رقم 244 وتقدم هناك أحاديث كثيرة في النهي عن سب الاموات فارجع اليه (باب) (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري عن أيوب عن ابن سيرين عن ابي هريرة (غريبه) (6) قال في النهاية (لا تسبو الدهر فإن الدهر هو الله وفي رواية فإن الله هو الدهر) كان من شأن العرب ان تذم الدهر وتسبه عند النوازل والحوادث ويقولون أبادهم الدهر واصابتهم قوارع الدهر وحوادثه ويكثرون ذكره بذلك في أشعارهم وذكر الله عنهم في كتابه العزيز فقال (وقالوا ما هي إلا حياتنا الدنيا نموت ونحيا وما يهلكنا إلا الدهر) والدهر اسم للزمان الطويل ومدة الحياة الدنيا فنهاهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذم الدهر وسبه أي لا تسبوا فاعل هذه الاشياء فإنكم اذا سببتموه وقع السب على الله تعالى لأنه الفعال لما يريد لا الدهر فيكون تقدير الرواية الأولى فإن جالب الحوادث ومنزلها هو الله لا غير فوضع الدهر موضع جالب الحوادث لاشتهار الدهر عندهم بذلك وتقدير الرواية الثانية فان الله هو جالب للحوادث لا غيره الجالب ردا لاعتقادهم ان جالبها الدهر (7) شرح هذه الجملة تقدم في الباب الأول من الترهيب من خصال من المناهي معدودة في هذا الجزء صحيفة 180 رقم 91 (تخريجه) (ق وغيرهما) (8) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن ابي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (9) نقل الحافظ في الفتح عن القرطبي قال معناه يخاطبني في القول بما يتأذى من يجوز في حقه التأذي والله منزه عن أن يصل اليه الاذى وانما هذا من التوسع في الكلام والمراد ان من وقع ذلك منه تعرض لسخط الله عز وجل (تخريجه) (ق د وغيرهم) (10) (ز) (سنده) (قال عبد الله بن الامام احمد) حدثني ابو موسى محمد بن المثنى حدثنا أسباط بن محمد

النبي صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الريح (وفي رواية فإنها من روح الله) فإذا رأيتم منها ما تكرهون (1) فقولوا اللهم انا نسألك من خير هذه الريح ومن خير ما فيها ومن خير ما ارسلت به ونعوذ بك من شر هذه الريح ومن شر ما فيها ومن شر ما أرسلت به (حدثنا يزيد) (2) بن عبد العزيز ابن عبد الله بن أبي سلمة ثنا صالح بن سفيان (3) وأبو النضر قال ثنا عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة عن ابن كيسان عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن زيد بن خالد الجهني قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الديك فإنه يدعو إلى الصلاة (4) قال أبي قال ابو النضر نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سب الديك وقال إنه يؤذن (5) بالصلاة (باب ما جاء في النهي عن ضرب الوجه وتقبيحه والوسم فيه) (عن أبي هريرة) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال اذا ضرب احدكم فليجتنب الوجه ولا تقل قبح (7) الله وجهك ووجه من أشبه وجهك فإن الله تعالى خلق آدم على صورته (8)

_ القرشي حدثنا الاعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن عبد الرحمن بن ابزي عن أبيه عن أبي بن كعب الخ (غريبه) (1) أي ريحا تكرهونها لشدة حرارتها أو برودتها أو تأذيتم لشدة هبوبها فقولوا الخ (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح وللامام احمد ايضا عن ابي هريرة مرفوعا لا تسبوا الريح فإنها من روح الله تعالى تأتي بالرحمة والعذاب ولكن سلوا الله من خيرها وتعوذوا بالله من شرها ورواه أيضا ابن ماجه ورجاله ثقات (2) (حدثنا يزيد الخ) (غريبه) (3) هذا الحديث سمعه الامام احمد مرتين مرة من يزيد بن عبد العزيز بن عبد الله ومرة من أبي النضر عن عبد العزيز بن عبد الله ايضا (غريبه) (4) ليس في معنى دعاء الديك الى الصلاة انه يقول بصراحة صلوا أو حانت الصلاة بل معناه ان العادة جرت بأنه يصرخ صرخات متتابعة عند طلوع الفجر وعند الزوال فطرة فطره الله عليها فيذكر الناس بصراخه الصلاة ولا تجوز الصلاة بصراخه من غير دلالة سواء وهذه رواية يزيد أما رواية أبي النضر فقد قال عبد الله ابن الامام احمد قال ابي قال ابو النضر (يعني في روايته نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ) (5) أي يدل على مواقيت الصلاة كما صرح بذلك في بعض الروايات والله أعلم (تخريجه) (د) قال النووي في الاذكار ورياض الصالحين اسناده صحيح (باب) (6) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن عجلان عن سعيد عن أبي هريرة الخ (غريبه) (7) بفتح القاف والياء مخففة قال في النهاية يقال قبحت فلانا (يعني بتشديد الموحدة) قلت له قبحك الله (يعني بتخفيفها) من القبح وهو الابعاد اهـ وقال أبو زيد قبح الله فلانا قبحا وقبوحا أي اقصاه وباعده من كل خير (8) هو ظاهر في عود الضمير على آدم أي خلقه تاما مستويا وقيل الضمير لله عز وجل لما في بعض الطرق على صورة الرحمن أي على صفته من العلم والحياة والسمع والبصر وغير ذلك وان كانت صفات الله تعالى لا يشبهها شيء وجاء في رواية البخاري بعد قوله على صورته (طوله ستون ذراعا) (قال التوربتشي) وأهل الحق في ذلك على طبقتين (احداهما) المتنزهون عن التأويل مع نفي التشبيه واحالة العلم الى علم الله تعالى الذي احاط بكل شيء علما وهذا اسلم الطريقتين (والطبقة الأخرى) يرون الاضافة فيها اضافة تكريم وتشريف وذلك ان الله تعالى خلق آدم على صورة لم يشاكلها شيء من الصور في الجمال والكمال وكثرة ما احتوت عليه من الفوائد الجليلة (وقال الطيبي) تأويل الخطابي في هذا المقام حسن يجب المصير اليه لأن قوله طوله بيان لقوله على صورته كأنه قيل خلق آدم على ما عرف من صورته

(عن جابر بن عبد الله) (1) قال نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوسم (2) في الوجه والضرب في الوجه (وعنه أيضا) (3) قال مر النبي صلى الله عليه وسلم بحمار قد وسم في وجهه يدخن (4) منخراه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من فعل هذا (زاد في روية لعن الله الذي وسمه) لا يسمن أحد الوجه ولا يضربن أحد الوجه (عن سالم عن أبيه) (5) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تضرب الصور (6) يعني الوجه (وعنه من طريق ثان) (7) عن عبد الله بن عمر انه كان يكره العلم (8) في الصور وقال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ضرب الوجه (عن أبي هريرة) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا قاتل أحدكم أخاه (10) فليجتنب الوجه (عن أبي سعيد الخدري) (11) عن النبي

_ الحسنة وهيئته من الجمال والكمال وطول القامة وانما خص الطول منها لأنه لم يكن متعارفا بين الناس (وقال القرطبي) كأن من رواه على صورة الرحمن أورده بالمعنى متمسكا بما توهمه فغلط في ذلك وقوله ستون ذراعا يحتمل ان يريد بذراع نفسه أو الذراع المتعارف يومئذ عند المخاطبين الأول أظهر لأن ذراع كل أحد ربعه فلو كان بالذراع المعهود كانت يده قصيرة في جنب طول جسده والله أعلم (تخريجه) (خز هق) والبخاري في الأدب المفرد والخطيب في تاريخ بغداد وسنده صحيح (1) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن جريج اخبرني ابو الزبير قال سمعت جابر بن عبد الله يقول نهانا الخ (غريبه) (2) الوسم بفتح الواو وسكون المهملة يقال وسمه يسمه سمة ووسما اذا اثر فيه بكى وذلك انهم كانوا يسمون ابل الصدقة أي يعلمون عليها بالكي وهو يدل على تحريم وسم الحيوان في وجهه وهو معنى النهي حقيقة ويؤيد ذلك المعنى الوارد في الحديث الآتي فإنه صلى الله عليه وسلم لا يلعن إلا من فعل محرما وكذلك ضرب الوجه (قال النووي) وأما الضرب في الوجه فمنهي عنه في كل الحيوان المحترم من الآدمي والحمير والخيل والابل والبغال والغنم وغيرها لكنه في الآدمي أشد لأنه مجمع المحاسن مع أنه لطيف يظهر فيه أثر الضرب وربما شأنه وربما آذى بعض الحواس قال وأما الوسم في الوجه فمنهي عنه بالاجماع واما وسم غير الوجه من غير الآدمي فجائز بلا خلاف عندنا لكن يستحب في نعم الصدقة والجزية ولا يستحب في غيرها ولا ينهى عنه (تخريجه) (م مذ) (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا الثوري عن ابي الزبير عن جابر بن عبد الله قال مر النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) قال في النهاية اصل الدخن أن يكون في لون الدابة كدورة الى سواد والمعنى أن ذلك يغير لون منخريه ويشوه خلقته (تخريجه) (م د) (5) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا حنظلة عن سالم عن ابيه (يعني عبد الله بن عمر) قال نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) فسر الصور بالوجه يعني من كل شيء وتقدم الكلام على ذلك آنفا (7) (سنده) حدثنا عبد الله بن الحارث حدثني حنظلة عن سالم بن عبد الله عن عبد الله بن عمر الخ (8) العلم بالتحريك الوسم والصور هنا الوجه كما تقدم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد من حديث ابن عمر ومعناه جاء في حديث جابر المتقدم عند الامام احمد ومسلم وغيرهما وسنده صحيح (9) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا حماد عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة الخ (غريبه) (10) المراد من القتل هنا الضرب وبه ورد وتقدم النهي عن ضرب الوجه والحكمة في ذلك (تخريجه) (ق وغيرهما) (11) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا سفيان عن الاعمش عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري قال قال النبي صلى الله عليه وسلم اذا قاتل احدكم أخاه فليجتنب الوجه (تخريجه) أورده

(كتاب التوبة)

صلى الله عليه وسلم مثله (فصل منه في النهي عن الكسع ولطم خدود الدواب والخدم وحد الضرب) (عن جابر بن عبد الله) (1) قال كسع (2) رجل من المهاجرين رجلا من الانصار فقال الانصاري يا للانصار (3) وقال المهاجري يا للمهاجرين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا ما بال دعوى الجاهلية (4) دعوا الكسعة فإنها منتنة (5) (عن المقدام بن معد يكرب) (6) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن لطم خدود الدواب وقال ان الله عز وجل قد جعل لكم عصيا وسياطا (71) (كتاب التوبة) (باب في الأمر بالتوبة وفرح الله عز وجل بها لعبده المؤمن) (عن أبي بردة) (7) قال سمعت الاغر رجلا من جهينة يحدث ابن عمر انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يا أيها الناس توبوا الى ربكم فإني أتوب اليه في اليوم مائة مرة (عن أبي هريرة) (8) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والله اني لاستغفر الله وأتوب اليه في اليوم أكثر من سبعين مرة (عن أبي بردة) (9) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس توبوا الى الله واستغفروه فإني أتوب إلى الله واستغفره في كل يوم مائة مرة فقلت له اللهم اني استغفركم اللهم اني اتوب اليك اثنتان أم واحدة (11) فقال هو ذاك أو نحو هذا (وعنه من طريق ثان) (12)

_ الهيثمي وقال رواه احمد والبزار بنحوه وفيه عطية العوفي ضعفه جماعة ووثقه ابن معين وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) يؤيده حديث أبي هريرة الذي قبله (1) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان ثنا سعيد يعني ابن زيد عن عمرو بن دينار حدثني جابر بن عبد الله قال الخ (غريبه) (2) أي ضرب دبره بيده (3) بفتح اللام للاستغاثة (4) معناه أنهم كانوا يقولون ذلك في الجاهلية (5) أي اتركوها فإنها مذمومة في الشرع مجتنبة مكروهة كما يجتنب الشيء النتن (تخريجه) (ق مذ) (6) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان ثنا بقية بن الوليد عن أرطأة بن المنذر عن بعض اشياخ الجند عن المقدام بن معد يكرب الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه راو لم يسم وبقية (يعني ابن الوليد) مدلس (باب) (7) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد ثنا شعبة قال ثنا عمرو بن مرة قال سمعت أبا بردة قال سمعت الأغر (يعني المزني) الخ (تخريجه) (م طل) (8) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب من حلف باسم من اسماء الله عز وجل الخ من كتاب اليمين والنذر في الجزء الرابع عشر صحيفة 168 رقم 14 (9) (سنده) حدثنا اسماعيل ثنا يونس عن حميد بن هلال عن أبي بردة عن رجل من اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (10) الظاهر ان هذا الرجل هو الاغر المزني كما جاء في الحديث الاول من احاديث الباب والله أعلم (11) معناه ان السائل يقول اذا قلت هذه الجملة وهي اللهم اني استغفرك الخ تحسب مرتين أو مرة؟ فقال هو ذاك والظاهر انه يريد مرة واحدة لأنه لم يذكر لفظ الاستغفار إلا مرة وكذلك التوبة وهذا أحوط أما السائل فيحتمل انه ابو بردة يسأل الصحابي ويحتمل انه الصحابي يسأل النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم (12) (سنده) حدثنا معتمر قال سمعت ايوب قال وحدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي قال ثنا

عن رجل من المهاجرين مثله وفيه بعد قوله مائة مرة أو أكثر من مائة مرة (عن أبي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان المؤمن اذا اذنب كانت نكتة سوداء (2) في قلبه فإن تاب ونزع (3) واستغفر صقل قلبه وان زاد زادت حتى يعلو قلبه ذاك الرين (4) الذي ذكر الله عز وجل في القرآن (كلا بل وان على قلوبهم ما كانوا يكسبون) (عن الحرث بن سويد) (5) قال حدثنا عبد الله (يعني ابن مسعود رضي الله عنه) حديثين احدهما عن نفسه والآخر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال عبد الله ان المؤمن يرى ذنوبه كأنه في اصل جبل يخاف ان يقع عليه وان الفاجر يرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه فقال له هكذا فطار قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أفرح بتوبة أحدكم من رجل خرج بأرض دوية (6) مهلكه معه راحلته عليها طعامه وشرابه وزاده وما يصلحه فأضلها فخرج في طلبها حتى اذا ادركه الموت فلم يجدها قال ارجع الى مكاني الذي اضللتها فيه فأموت فيه قال فأتى مكانه فغلبته عينه فاستيقظ فإذا راحلته عند رأسه عليها طعامه وشرابه وزاده وما يصلحه (7) (عن النعمان بن بشير) (8) نحوه وفيه فإذا هو بها تجر خطامها فما هو بأشد بها فرحا من الله بتوبة عبده اذا تاب (9) (عن ابي هريرة) (10) قال قال رسول الله

_ أيوب المعنى عن حميد بن هلال عن أبي بردة عن رجل من المهاجرين يقول سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول يا أيها الناس توبوا الى الله واستغفروه فإني اتوب إلى الله واستغفره في كل يوم مائة مرة أو أكثر من مائة مرة (تخريجه) لم أقف عليه من هذا الوجه لغير الامام احمد ورجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا صفوان بن عيسى انا محمد بن عجلان عن القعقاع بن حكيم عن ابي صالح عن ابي هريرة الخ (غريبه) (2) أي اثر قليل كالنقطة شبه الوسخ في المرآة والسيف ونحوهما (قال القارئ) أي كقطرة مداد تقطر في القرطاس (3) أي نزع نفسه عن ارتكاب المعاصي (وقوله صقل قلبه) بالبناء للمفعول أي نظف وانجلى (وإن زاد) أي عاد إلى الذنب (زادت) أي انتشرت (4) أصل الران والرين الغشاوة وهو كالصدى على الشيء الصقيل (تخريجه) (نس مذ جه) وابن جرير قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (5) (سنده) حدثنا ابو معاوية حدثنا الاعمش عن ابراهيم التيمي عن الحارث بن سويد الخ (غريبه) (6) بفتح الدال المهملة وتشديد الواو مكسورة وتشديد الياء مفتوحة (قال في النهاية) الدو الصحراء والدوية منسوبة اليها وقد تبدل من احدى الواوين الف فيقال داوية على غير قياس نحو طائي في النسب الى طي (مهلكة) بفتح الميم واللام أي موضع الهلاك أو الهلاك نفسه وتفتح لامها وتكسر وهما أيضا المفازة اهـ ونقل الحافظ في الفتح أن في بعض نسخ البخاري بضم الميم وكسر اللام من الرباعي أي تهلك هي من يحصل فيها (7) زاد مسلم في رواية له ثم قال اللهم انت عبدي وانا ربك اخطأ من شدة الفرح (تخريجه) (ق نس مذ) (8) (سنده) حدثنا حسن وبهز المعنى قالا ثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير قال أظنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سافر رجل بأرض تنوفة قال حسن في حديثه يعني فلاة فقال تحت شجرة ومعه راحلته وعليها سقاؤه وطعامه فاستيقظ فلم يرها ثم علا شرفا فلم يرها ثم التفت فإذا هو بها تجر خطامها الخ (غريبه) (9) جاء بعد قوله اذا تاب قال بهز عبده اذا تاب اليه قال بهز قال حماد اظنه عن النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (م ك) وفي آخره عنده مسلم قال سماك فزعم الشعبي ان النعمان رفع هذا الحديث الى النبي صلى الله عليه وسلم واما أنا فلم اسمعه (10) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن

الله صلى الله عليه وسلم أيفرح أحدكم براحلته اذا ضلت منه ثم وجدها؟ قالوا نعم يا رسول الله قال والذي نفس محمد بيده لله أشد فرحا بتوبة عبده اذا تاب من أحدكم براحلته اذا وجدها (عن ابي موسى) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلمان الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها (2) (عن أبي ذر) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله تبارك وتعالى يقول يا عبادي كلكم مذنب الا من عافيت فاستغفروني اغفر لكم ومن علم منكم أني ذو قدرة على المغفرة فاتسغفرني بقدرتي غفرت له ولا أبالي وكلكم ظال الا من هديت فسلوني الهدى أهدكم وكلكم فقير إلا من أغنيت فسلوني أرزقكم ولو أن حيكم وميتكم وأولاكم واخراكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا على قلب اتقى عبد من عبادي لم يزيدوا في ملكي جناح بعوضة ولو أن حيكم وميتكم وأولا كم وأخراكم ورطبكم ويابسكم اجتمعوا فسأل كل سائل منهم ما بلغت أمنيته وأعطيت كل سائل ما سأل لم ينقصني الا كما لو مر أحدكم على شفه البحر فغمس ابرة ثم انتزعها (4) وذلك لأني جواد ما جد واجد افعل ما اشاء عطائي كلامي وعذابي كلامي (5) إذا اردت شيئا فإنما أقول له كن فيكون (وعنه أيضا) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله عز وجل يقول يا عبدي ما عبدتني ورجوتني فإني غافر لك على ما كان فيك ويا عبدي ان لقيتي بقراب الارض خطيئة ما لم تشرك بي لقيتك بقرابها مغفرة الحديث نحو ما تقدم (وعنه أيضا) (8) عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروى عن ربه عز وجل اني حرمت الظلم على نفسي

_ همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر احاديث منها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ايفرح احدكم الخ (تخريجه) (م مذ) (1) (سنده) حدثنا عبد الرحمن ثنا شعبة وابن جعفر انا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى الاشعري قال ابن جعفر في حديثه سمعت ابا عبيدة يحدث عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) معناه ان باب التوبة مفتوح الى ان تطلع الشمس من مغربها لا تنفع التوبة حينئذ قال تعالى (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا ايمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في ايمانها خيرا) وفسرت في هذه الآية بطلوع الشمس من مغربها (تخريجه) (م طل) (3) (سنده) حدثنا ابن نمير ثنا موسى يعني ابن المسيب الثقفي عن شهر عن عبد الرحمن بن غنم الاشعري عن أبي ذر الخ (غريبه) (4) هذا تمثيل للتقريب إلى الافهام وليس على حقيقته فكيف والبحر محدود ومتناه وينفد وما عنده سبحانه غير محدود ولا متناه ولا ينفد (5) فسر في الحديث بأنه سبحانه وتعالى اذا اراد شيئا أن يقول له كن فيكون (تخريجه) (جه) ورواه مسلم من وجه آخر بمعناه وتقدم مثله في باب عظمة الله تعالى وكبريائه من كتاب التوحيد في الجزء الاول صحيفة 42 رقم 14 (6) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا عبد الحميد ثنا شهر حدثني ابن غنم ان ابا ذر حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله عز وجل الخ (غريبه) (7) بقيته وقال ابو ذر ان الله عز وجل يقول يا عبادي كلكم مذنب الا من انا عافيته فكذر نحوه الا انه قال ذلك بأني جواد واجد ماجد إنما عطائي كلام (تخريجه) (جه) (8) هذا الحديث

وعلى عبادي ألا فلا تظالموا كل بني آدم يخطئ بالليل والنهار ثم يستغفرني فأغفر له ولا أبالي فذكر نحو ما تقدم (عن أبي اسحاق) (1) عن الأغر قال أشهد على أبي هريرة وأبي سعيد الخدري رضي الله عنهما انهما شهدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ان الله عز وجل يمهل حتى يذهب ثلث الليل ثم ينزل (2) فيقول هل من سائل (3) هل من تائب هل من مستغفر هل من مذنب قال فقال له رجل حتى يطلع الفجر قال نعم (عن أنس) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ابن آدم خطاء فخير الخطائين التوابون ولو ان لابن آدم واديين من مال لا ابتغى لهما ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم الا التراب (زاد في رواية) ويتوب الله على من تاب (ز) (عن محمد بن الحنيفة عن أبيه) (5)

_ تقدم تاما بسنده وشرحه وتخريجه في باب عظمة الله تعالى المشار اليه سابقا في الطريق الثانية من حديث رقم 14 صحيفة 42 في الجزء الأول وهو حديث صحيح أخرجه مسلم وغيره (1) (سنده) حدثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن أبي اسحاق عن الأغر الخ (غريبه) (2) النزول بالنسبة لله عز وجل لا كنزول المخلوقين لأنه تعالى ليس كمثله شيء قال النووي رحمه الله هذا الحديث من احاديث الصفات وفيه مذهبان مشهوران للعلماء ومختصرهما ان احدهما هو مذهب جمهور السلف وبعض المتكلمين انه يؤمن بأنها حق على ما يليق بالله تعالى وان ظاهرها المتعارف في حقنا غير مراد ولا يتكلم في تأويلها مع اعتقاد تنزيه الله تعالى عن صفات المخلوق وعن الانتقال والحركات وسائر سمات الخلق (والثاني) مذهب أكثر المتكلمين وجماعات من السلف وهو محكي هنا عن مالك والاوزاعي انها تناول على ما يليق بها بحسب مواطنها فعلى هذا تأولوا هذا الحديث تأويلين (أحدهما) تأويل مالك بن أنس وغيره ومعناه تنزل رحمته وأمره وملائكته كما يقال فعل السلطان كذا إذا فعله اتباعه بأمره (والثاني) انه على الاستعارة ومعناه الاقبال على الداعين بالاجابة واللطف والله اعلم اهـ (قلت) مذهب السلف اسلم وهو مذهبي (3) يعني فاستجيب له كما صرح بذلك عند مسلم وكذلك قوله (هل من تائب) يعني فأتوب عليه وجاء عند مسلم بلفظ من ذا الذي يدعوني فأستجيب له من ذا الذي يسألني فأعطيه من ذا الذي يستغفرني فأغفر له فلا يزال كذلك حتى يضيء الفجر (تخريجه) (م وغيره) (4) (سنده) حدثنا يزيد بن الحباب قال أخبرني علي بن مسعدة الباهلي عن قتادة عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (تخريجه) أورده المنذري بدون قوله ولو ان لابن آدم الخ وقال رواه (مذ جه ك) كلهم من حديث علي بن مسعدة وقال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث علي بن مسعدة عن قتادة وقال الحاكم صحيح الاسناد اهـ (قلت) علي بن مسعدة قال في الخلاصة وثقه أبو داود الطيالسي وقال أبو حاتم لا بأس به وقال النسائي ليس بالقوي وفي التهذيب قال النسائي لا بأس به اهـ أما قوله ولو ان لابن آدم الخ الحديث فتقدم حديثا مستقلا في باب الترهيب من الحرص على المال صحيفة 247 رقم 142 في هذا الجزء (5) (ز) (سنده) قال عبد الله بن الامام احمد حدثني عبد الأعلى بن حماد الترسي حدثنا داود بن عبد الرحمن حدثنا ابو عبد الله مسلمة الرازي عن أبي عمر والبجلي عن عبد الملك بن سفيان الثقفي عن أبي جعفر محمد بن علي عن محمد بن الحنفية عن أبيه (يعني علي بن أبي طالب

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله يحب العبد المؤمن المفتن (1) التواب (عن أبي هريرة) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم اني لاستغفر الله عز وجل وأتوب اليه كل يوم مائة مرة (عن حذيفة) (3) قال كان في لساني ذرب (4) على أهلي لم أعده إلى غيرهم (5) (وفي رواية وكان ذلك لا يعدوهم الى غيرهم) فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم قال أين انت من الاستغفار يا حذيفة اني لاستغفر الله كل يوم مائة مرة وأتوب اليه قال فذكرته لابي بردة بن أبي موسى (يعني الاشعري) فحدثني عن أبي موسى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اني لاستغفرالله كل يوم وليلة مائة مرة وأتوب اليه (باب ما جاء في حد الوقت الذي تقبل فيه التوب) (حدثنا عفان) (6) قال ثنا شعبة قال ابراهيم بن ميمون أخبرني قال سمعت رجلا من بني الحرث قال سمعت رجلا منا يقال له أيوب (7) قال سمعت عبد الله بن عمرو يقول من تاب قبل موته عاما (8) تيب عليه ومن تاب قبل موته بشهر تيب عليه حتى قال يوما حتى قال ساعة حتى قال فواقا (9) قال قال الرجل أرأيت ان كان مشركا اسلم قال انما احدثكم كما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (عن ابن عمر) (10) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله يقبل توبة عبده مالم يفرغر (11) (عن أبي هريرة) (12) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها قبل منه

_ رضي الله عنه) الخ (غريبه) (1) بضم الميم وفتح الفاء وتشديد التاء الفوقية مفتوحة الذي يفتن ويمتحن بالذنوب (تخريجه) لم أقف عليه لغير عبد الله بن الامام احمد وفي اسناده ابو عبد الله مسلمة الرازي قال ابن حبان لا يحل الاحتجاج به ونقل المناوي عن الزين العراقي انه قال سنده ضعيف (2) (سنده) حدثنا يزيد قال انا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (تخريجه) رواه البخاري الا انه قال اكثر من سبعين مرة (3) (سنده) حدثنا ابو احمد ثنا اسرائيل عن ابي اسحاق عن ابي المغيرة عن حذيفة (يعني ابن اليمان) الخ (غريبه) (4) الذرب بالتحريك فساد اللسان وبذاؤه اراد سلاطة لسانه وفساد منطقه من قولهم ذرب لسانه اذا كان حاد اللسان لا يبالي ما يقول (5) معناه ان لسانه حاد على أهله فقط لا يتعداهم إلى غيرهم من الناس (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام احمد واخرجه ابن ماجه بدون ذكر حديث ابي موسى وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه في اسناده ابو المغيرة البجلي مضطرب الحديث عن حذيفة قاله الذهبي في الكاشف اهـ (قلت) يعضده حديث أبي هريرة الذي قبله وما تقدم في هذا المعنى من أحاديث الباب (باب) (6) (حدثنا عفان الخ) (غريبه) (7) أيوب تابعي لم يعرف نسبه (8) أي بعام (9) أي قدر فواق ناقة وهو ما بين الحلبتين من الراحة وتضم فاؤه وتفتح (نه) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وأورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات (10) (سنده) حدثنا سليمان بن داود اخبرنا عبد الرحمن بن ثابت حدثني ابي عن مكحول عن جبير بن نفير عن ابن عمر الخ قلت (يعني عبد الله بن عمر بن الخطاب) (غريبه) (11) من الغرغرة أي مالم تبلغ الروح الى الحلقوم يعني مالم يتيقن بالموت فإن التوبة بعد التيقن بالموت لم يعتد بها (تخريجه) (مذ جه حب ك هب) وقال الترمذي هذا حديث حسن غريب (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (12) (سنده) حدثنا عبد الرزاق

(وعنه من طريق ثان) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تاب قبل طلوع الشمس من مغربها تاب الله عليه (عن عبد الرحمن بن البيلماني) (2) قال اجتمع اربعة من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال احدهم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله تبارك وتعالى يقبل توبة العبد قبل أن يموت بيوم فقال الثاني انت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم قال وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله تبارك وتعالى يقبل توبة العبد قبل أن يموت بنصف يوم فقال الثالث انت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم قال وانا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله تبارك وتعالى يقبل توبة العبد قبل أن يموت بضحوة قال الرابع أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم قال وأنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله يقبل توبة العبد مالم يفرغر بنفسه (وعنه من طريق ثان) (3) عن بعض اصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه (عن أبي ذر) (4) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله يقبل توبة عبده أو يغفر لعبده مالم يقع الحجاب قالوا يا رسول الله وما الحجاب؟ قال ان تموت النفس وهي مشركة (5) (باب ما جاء في كيفية التوبة وما يفعل من اراد أن يتوب) (حدثنا وكيع) قال حدثنا مسعر وسفيان عن عثمان بن المغيرة الثقفي عن علي بن ربيعة الوالي عن اسماء بن الحكم الفزاري عن علي رضي الله عنه قال كنت اذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا نفعني الله بما شاء منه واذا حدثني عنه غيري استحلفته فإذا حلف لي صدقته وان ابا بكر حدثني وصدق ابو بكر انه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال ما من رجل يذنب ذنبا فيتوضأ فيحسن الوضوء قال مسعر ويصلي وقال سفيان ثم يصلي ركعتين فيستغفر الله عز وجل إلا غفر له (ومن طريق ثان عن علي أيضا) (6) قال كنت اذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ عن أبي عروة معمر (يعني ابن راشد) عن أيوب عن ابن سيرين عن أبي هريرة الخ (1) (سنده) حدثنا ابو معاوية عن هشام بن حسان عن ابن سيرين عن ابي هريرة الخ (تخريجه) (م هب) والطبراني في التفسير والطبراني في الاوسط (2) (سنده) حدثنا حسين بن محمد انا محمد بن مطرف عن زيد بن اسلم عن عبد الرحمن بن البيلماني عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه بمعناه لا يختلف عنه إلا في بعض الالفاظ المعنى واحد (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله ثقات إلا انه اختلف في عبد الرحمن بن البيلماني ففي الخلاصة قال ابو حاتم لين ووثقه ابن حبان وقال الحافظ عبد العظيم لا يحتج به اهـ (قلت) يعضده أحاديث الباب (4) (سنده) حدثنا سليمان بن داود ابو داود ثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان حدثني ابي عن مكحول بن أبي نعيم حدثه عن اسامة بن سلمان ان أبا ذر حدثهم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) يعني كأنها حجبت بالموت عن الايمان (تخريجه) (طل ك) وقال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (باب) (6) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا شعبة عن عثمان بن المغيرة قال سمعت علي بن ربيعة من بني أسد يحدث عن أسماء أو ابن اسماء من بني فزارة قال قال علي كنت اذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا

حديثا فذكر نحوه وفيه ثم يستغفر الله تعالى لذلك الذنب الا غفر له وقرأ هاتين الآيتين (ومن يعمل سوء أو يظلم نفسه ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما) (والذين اذا فعلوا فاحشة أو ظلموا أنفسهم الآية) (عن عبد الله بن معقل بن مقرن) (1) قال دخلت مع أبي على عبد الله بن مسعود فقال أنت (2) سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول الندم توبة قال نعم وقال مرة سمعته يقول الندم توبة (عن ابن عباس) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كفارة الذنب الندامة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو لم تذنبوا لجاء الله عز وجل يقوم يذنبون ليغفر لهم (قر) (عن عبد الله) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم التوبة من الذنب أن يتوب منه ثم لا يعود فيه (عن عائشة) (5) رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة ان كنت الممت بذنب فاستغفري الله فإن التوبة من الذنب

_ نفعني الله بما شاء ان ينفعني منه وحدثني أبو بكر وصدق أبو بكر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من مسلم يذنب ذنبا ثم يتوضأ فيصلي ركعتين ثم يستغفر الله تعالى الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد بطريقيه ثم قال وهكذا رواه علي بن المدني والحميدي وابو بكر بن أبي شيبة وأهل السنن وابن حبان في صحيحه والبزار والدارقطني من طرق عن عثمان بن المغيرة به وقال الترمذي هو حديث حسن (قال الحافظ ابن كثير) وهو من رواية أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عن خليفة النبي صلى الله عليه وسلم أبي بكر رضي الله عنهما ومما يشهد بصحة هذا الحديث ما في الصحيحين عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه انه توضأ لهم وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول من توضأ نحو وضوئي هذا ثم صلى ركعتين لا يحدث فيهما نفسه غفر له ما تقدم من ذنبه فقد ثبت هذا الحديث من رواية الأئمة الأربعة الخلفاء الراشدين عن سيد الأولين والآخرين ورسول ورب العالمين كما دل عليه الكتاب المبين من أن الاستغفار من الذنب ينفع العاصين اهـ (قلت) حديث عثمان الذي اشار اليه الحافظ ابن كثير رواه أيضا الامام احمد وتقدم ف باب فضل الوضوء والمشي إلى المساجد والصلاة بهذا الوضوء في الجزء الأول صحيفة 308 رقم 198 (1) (سنده) حدثنا سفيان عن عبد الكريم قال اخبرني زياد بن أبي مريم عن عبد الله بن معقل بن مقرن الخ (غريبه) (2) فقال يعني معقل بن مقرن والد عبد الله يستفهم من عبد الله ابن مسعود (تخريجه) (جه ك) وأبو نعيم والحميدي وصححه الحاكم وأقره الذهبي (3) (سنده) حدثنا احمد بن عبد الملك الحمراني قال حدثنا يحيى بن عمرو بن مالك النكري قال سمعت ابي يحدث عن ابي الجوزاء عن ابن عباس الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني باختصار قوله كفارة الذنب الندامة في الكبير والأوسط والبزار وفيه يحيى بن عمرو بن مالك النكري وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) النكري بضم النون المشددة وسكون الكاف (4) (قر) (سنده) قال عبد الله بن الامام احمد قرأت على أبي حدثنا علي بن عاصم قال اخبرنا الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله (يعني ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد واسناده ضعيف (5) (سنده) حدثنا محمد بن يزيد يعني الواسطي عن سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال في الصحيح طرف من أوله رواه أحمد ورجاله

الندم والاستغفار (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من كانت عنده مظلمة من أخيه من عرضه أو ماله فليتحلله اليوم قبل أن يؤخذ (2) حين لا يكون دينار ولا درهم وان كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته وان لم يكن له أخذ من سيئات صاحبه فجعلت عليه (3) (باب ما جاء في عدم قنوط المذنب من المغفرة لكثرة ذنوبه ما دام موحدا) (عن أبي الزبير) (4) قال قلنا لجابر بن عبد الله رضي الله تعالى عنهما أكنتم تعدون الذنوب شركا؟ قال معاذ الله

_ رجال الصحيح غير محمد بن يزيد الواسطي وهو ثقة (1) (سنده) حدثنا يزيد انا ابن ابي ذئب عن المقبري عن ابي هريرة الخ (غريبه) (2) يعني قبل أن يؤخذ منه كما في رواية اخرى يريد قبل ان يؤخذ من حسناته لصاحب الحق اذا كان له عمل صالح فإن لم يكن له عمل صالح أخذ من سيئات صاحب الحق فضمت الى سيئاته (3) جاء في الاصل بعد هذا قال عبد الله يعني ابن الامام احمد حدثني ابي قال وقال ببغداد (قبل أن يأتي يوم ليس هناك دينار ولا درهم وحدثناه روح باسناده ومعناه وقال من قبل ان يؤخذ منه حين لا يكون دينار ولا درهم) (تخريجه) (طل) ورجاله ثقات (قال النووي رحمه الله) أصل التوبة في اللغة الرجوع يقال تاب وثاب بالمثلثة وآب بمعنى رجع والمراد بالتوبة هنا الرجوع عن الذنب ولها ثلاثة أركان الاقلاع والندم على فعل تلك المعصية والعزم على انه لا يعود اليها ابدا فإن كانت المعصية لحق آدمي فلها ركن رابع وهو التحلل من صاحب ذلك الحق واصلها الندم وهو ركنها الاعظم واتفقوا على أن التوبة من جميع المعاصي واجبة وانها واجبة على الفور لا يجوز تأخيرها سواء كانت المعصية صغيرة أو كبيرة والتوبة من مهمات الاسلام وقواعده المتأكدة ووجوبها عند أهل السنة بالشرع وعند المعتزلة بالعقل ولا يجب على الله قبولها بالشرع والاجماع خلافا لهم واذا تاب من ذنب ثم ذكره هل يجب تجديد الندم فيه خلاف لأصحابنا وغيرهم من أهل السنة قال ابن الانباري يجب وقال امام الحرمين لا يجب وتصح التوبة من ذنب وان كان مصرا على ذنب آخر واذا تاب توبة صحيحه بشروطها ثم عاود ذلك الذنب كتب عليه ذلك الذنب الثاني ولم تبطل توبته هذا مذهب أهل السنة في المسألتين وخالفت المعتزلة فيهما قال اصحابنا ولو تكررت التوبة ومعاودة الذنب صحت ثم توبة الكافر من كفره مقطوع بقبولها وما سواها من أنواع التوبة هل قبولها مقطوع به أم مظنون؟ فيه خلاف لأهل السنة واختار امام الحرمين انه مظنون وهو الاصح والله اعلم (باب) (4) (سنده) حدثنا سريج ثنا ابن ابي الزناد عن موسى بن عقبة عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين الرجل وبين الشرك أو الكفر ترك الصلاة وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تباشر المرأة المرأة في الثوب الواحد ولا يباشر الرجل الرجل في الثوب الواحد قال فقلنا لجابر كنتم تعدون الذنوب شركا قال معاذ الله (تخريجه) أخرج الجزء الأول منه الخاص بكفر تارك الصلاة الامام احمد ومسلم والأربعة إلا النسائي وتقدم في باب حجة من كفر تارك الصلاة من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 231 رقم 79 وتقدم الكلام عليه هناك وأخرج الجزء الثاني منه المختص بالمباشر (طس ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي وتقدم في باب النهي عن مباشرة الرجل الرجل والمرأة المرأة من أبواب حد الزنا من كتاب الحدود في الجزء السادس عشر صحيفة 77 رقم 308 وهو حديث صحيح صححه

(عن أنس بن مالك) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والذي نفسي بيده أو والذي نفس محمد بيده لو أخطأتم حتى تملأ خطاياكم ما بين السماء والأرض ثم استغفرتم الله عز وجل لغفر لكم والذي نفس محمد بيده أو والذي نفسي بيده لو لم تخطئوا لجاء الله عز وجل بقوم يخطئون ثم يستغفرون الله فيغفر لهم (عن أبي هريرة) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو لم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون كي يغفر لهم (عن أبي أيوب الانصاري) (3) انه قال حين حضرته الوفاة قد كنت كتمت عنكم شيئا (4) سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لولا أنكم تذنبون لخلق الله تبارك وتعالى قوما يذنبون فيغفر لهم (عن ابي هريرة) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم ان رجلا أذنب ذنبا فقال رب اني اذنبت ذنبا أو قال عملت عملا ذنبا فاغفره فقال عز وجل عبدي عمل ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر أو أذنب ذنبا آخر فقال رب اني عملت ذنبا فاغفره فقال تبارك وتعالى علم عبدي ان له ربا يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي ثم عمل ذنبا آخر أو أذنب ذنبا آخر فقال رب اني عملت ذنبا فاغفره فقال علم عبدي ان له رب يغفر الذنب ويأخذ به قد غفرت لعبدي فليعمل ما شاء (6) (عن الأسود بن سريع) (7)

_ الحاكم وأقره الذهبي وفي قول جابر رد على من ذهب الى تكفير المسلم بارتكاب الذنوب (قال النووي) رحمه الله واعلم ان مذهب اهل الحق انه لا يكفر أحد من أهل القبلة بذنب ولا يكفر أهل الأهواء والبدع وأن جحد ما يعلم من دين الاسلام ضرورة حكم بردته وكفره إلا أن يكون قريب عهد بالاسلام أو نشأ ببادية بعيده ونحوه ممن يخفى عليه فيعرف ذلك فإن استمر حكم بكفره والله اعلم (1) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان حدثنا ابو عبيدة يعني عبد المؤمن بن عبيد الله السدوسي حدثني اخشم السدوسي قال دخلت على أنس بن مالك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخ (قلت) أخشم جاء في المسند بالميم بعد الشين المعجمة وجاء في تعجيل المنفعة اخشن بالنون بدل الميم ذكره ابن حبان في الثقات (تخريجه) لم اقف عليه من حديث انس بهذا السياق لغير الامام احمد ورجاله ثقات وروى الترمذي الشرط الأول منه وقال هذا حديث حسن غريب (2) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في أوصاف الجنة من كتاب القيامة ان شاء الله تعالى (3) (سنده) حدثنا اسحاق بن عيسى حدثني ليث حدثني محمد بن قيس انا قاص عمر بن عبد العزيز عن ابي صرمة عن أبي ايوب الانصاري الخ (غريبه) (4) انما كتمه او لا مخافة اتكالهم على سعة رحمة الله تعالى وانهماكهم في المعاصي وانما حدث به عند وفاته لئلا يكون كاتما للعلم وربما لم يكن احد يحفظه غيره فتعين عليه أداؤه (تخريجه) (م مذ) (5) (سنده) حدثنا يزيد انا همام عن يحيى عن اسحاق بن عبد الله بن ابي طلحة عن عبد الرحمن بن ابي عمرة عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) قال الحافظ المنذري قوله فليعمل ما شاء معناه والله اعلم انه ما دام كلما اذنب ذنبا استغفر الله وتاب منه ولم يعد اليه بدليل قوله ثم أصاب ذنبا آخر (فليفعل ما شاء) اذا كان هذا دأبه لأنه كلما اذنب كانت توبته واستغفاره كفارة لذنبه فلا يضره لا انه يذنب الذنب فيستغفر منه بلسانه من غير اقلاع ثم يعاوده فإن هذه توبة الكذابين اهـ (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه البخاري ومسلم (7) (سنده) حدثنا محمد بن مصعب ثنا سلام

أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بأسير فقال اللهم اني اتوب اليك ولا اتوب الى محمد فقال النبي صلى الله عليه وسلم عرف الحق لأهله (فصل منه في قصة الرجل الذي قتل تسعة وتسعين نفسا ثم أكمل المائة) (1) (حدثنا يزيد) (2) أنبأنا همام بن يحيى ثنا قتادة عن أبي الصديق الناجي عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال لا أحدثكم الا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته أذناي ووعاه قلبي إن عبدا قتل تسعة وتسعين نفسا (3) ثم عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل (4) على رجل فأتاه فقال اني قتلت تسعة وتسعين نفسا فهل لي من توبة؟ قال بعد قتل تسعة وتسعين نفسا؟ قال فانتضى سيفه فقتله به فأكمل به مائة ثم عرضت له التوبة فسأل عن أعلم أهل الأرض فدل على رجل (5) فأتاه فقال اني قتلت مائة نفس فهل لي من توبة؟ فقال ومن يحول بينك وبين التوبة أخرج من القرية الخبيثة التي انت فيها الى القرية الصالحة كذا وكذا (6) فاعبد ربك فيها قال فخرج الى القرية الصالحة فعرض له أجله في الطريق قال فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب (7)

_ ابن مسكين والمبارك عن الحسن عن الاسود بن سريع الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفيه محمد بن مصعب وثقه احمد وضعفه غيره وبقية رجاله رجال الصحيح (فصل منه) (1) قال النووي ان رجلا قتل تسعة وتسعين نفسا ثم قتل المائة ثم أفتاه العالم بأن له توبة هذا مذهب أهل العلم واجماعهم على صحة توبة القاتل عمدا ولم يخالف احد منهم إلا من ابن عباس وأما ما نقل عن بعض السلف من خلاف هذا فمراد قائله الزجر عن سبب التوبة لا أنه يعتقد بطلان توبته وهذا الحديث ظاهر فيه وهو وان كان شرعا لمن قبلنا وفي الاحتجاج به خلاف فليس موضع الخلاف وانما موضعه اذا لم يرد شرعنا بموافقته وتقريره فإن ورد كان شرعا لنا بلا شك وهذا قد ورد شرعنا به وهو قوله تعالى (والذين لا يدعون مع الله إله آخر ولا يقتلون) إلى قوله إلا من تاب الآية (وأما) قوله تعالى (ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها) فالصواب في معناها أن جزاءه جهنم وقد يجازي به وقد يجازي بغيره وقد لا يجازي بل يعفى عنه فإن قتل عمدا مستحلا له بغير حق ولا تأويل فهو كافر مرتد يخلد به في جهنم بالاجماع وان كان غير مستحيل بل معتقدا تحريمه فهو فاسق عاص مرتكب كبيرة جزاؤه جهنم خالدا فيها لكن يفضل الله تعالى ثم اخبر انه لا يخلد من مات موحدا فيها فلا يخلد هذا ولكن قد يعفى عنه فلا يدخل النار أصلا وقد لا يعفى عنه بل يعذب كسائر العصاة الموحدين ثم يخرج معهم إلى الجنة ولا يخلد في النار فهذا هو الصواب في معنى الآية اهـ (2) (حدثنا يزيد الخ) (غريبه) (3) جاء عند مسلم عن أبي سعيد أيضا ان نبي الله صلى الله عليه وسلم قال كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفسا (وعند البخاري بلفظ كان في بني اسرائيل رجل قتل تسعة وتسعين نفسا الخ) (4) فدل بضم الدال المهملة مبني للمجهول وجاء عند مسلم (فدل على راهب فأتاه الخ) (5) جاء عند مسلم فدل على رجل عالم الخ (6) جاء عند مسلم (انطلق إلى أرض كذا وكذا فإن فيها أناسا يعبدون الله فاعبد الله معهم ولا ترجع الى ارضك فإنها أرض سوء) قال العلماء في هذا استحباب مفارقة التائب المواضع التي أصاب بها الذنوب والأخدان المساعدين له على ذلك ومقاطعتهم ماداموا على حالهم وان يستبدل بهم صحبة أهل الخير والصلاح والعلماء والمتعبدين الورعين ومن يقتدي بهم وبنتفع بصحبتهم وتتأكد بذلك توبته (7) زاد مسلم فقالت

قال فقال ابليس فأنا أولى به أنه لم يعصني ساعة قط (1) قال فقالت ملائكة الرحمة إنه خرج تائبا قال همام فحدثني حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني عن أبي رافع (2) قال فبعث الله عز وجل ملكا فاختصموا اليه (3) ثم رجع الى حديث قتادة قال فقال انظروا أي القريتين كان أقرب اليه فالحقوه بأهلها قال قتادة فحدثنا الحسن قال لما عزف الموت احتفز بنفسه (4) فقرب الله عز وجل منه القرية الصالحة وباعد عنه القرية الخبيثة (5) فألحقوه بأهل القرية الصالحة (أبواب ما جاء في رحمة الله عز وجل لعباده الموحدين) (باب في أن رحمة الله تعالى سبقت غضبه) (عن أبي هريرة) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ان الله عز وجل كتب كتابا بيده لنفسه (7) قبل أن يخلق السموت والأرض فوضعه تحت عرشه فيه رحمتي سبقت غضبي (وعنه من طريق ثان) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما فرغ الله من الخلق كتب على عرشه رحمتي سبقت غضبي (وعنه من طريق ثالث) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي (وفي لفظ) غلبت غضبي (10) (ومن طريق رابع) (11) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما خلق الله الخلق كتب بيده على نفسه ان رحمتي غلبت غضبي (باب ما جاء في أن الرحمة التي أودعها الله في قلوب خلقه جزء من مائة من رحمته لخلقه) (حدثنا روح ومحمد بن جعفر) (12) قالا ثنا عوف عن الحسن قال بلغني أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ ملائكة الرحمة جاء تائبا مقبلا بقلبه إلى الله وقالت ملائكة العذاب انه لم يعمل خيرا قط (1) قول ابليس لم يرد في رواية الشيخين (2) هذا سند آخر للحديث (3) جاء عند مسلم فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم فقال قيسوا ما بين الأرضين فالى ايتهما كان ادنى فهو له فقاسوا فوجدوه ادنى إلى الأرض التي اراد فقبضته ملائكة الرحمة (4) الحفز الحث والاقبال أي استعجل كأنه يريد القيام والتقرب من القرية الصالحة وعند مسلم فقال الحسن ذكر لنا انه لما اتاه الموت ناء بصدره أي نهض (قال النووي) وأما قياس الملائكة ما بين القريتين وحكم الملك الذي جعلوه بينهم بذلك فهو محمول على أن الله تعالى أمرهم عند اشتباه امره عليهم واختلافهم فيه ان يحكموا رجلا ممن يمر بهم فمر الملك في صورة رجل فحكم بذلك (5) جاء في رواية عند مسلم فأوحى الله إلى هذه ان تباعدي والى هذه أن تقربي (وله في رواية أخرى) فكان الى القرية الصالحة أقرب منها بشبر فجعل من أهلها (تخريجه) (ق جه) (باب) (6) (سنده) حدثنا محمد بن سابق ثنا شريك عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) أي موجبا إياه على نفسه بمقتضى وعده قال تعالى (كتب ربكم على نفسه الرحمة) (8) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (9) (سنده) حدثنا يزيد انا محمد بن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قضى الله الخلق الخ (10) قال في النهاية هو اشارة إلى سعة الرحمة وشمولها الخلق كما يقال غلب على فلان الكرم اذا كان هو أكثر خصاله وإلا فرحمة الله وغضبه لا يوصف بغلبة إحداهما على الأخرى وانما هو سبيل المجاز للمبالغة (11) (سنده) حدثنا يحيى عن ابن عجلان قال سمعت أبي عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لما خلق الله الخلق الخ (تخريجه) (ق جه) (باب) (12) (حدثنا روح ومحمد بن جعفر قال ثنا عوف الخ)

قال لله عز وجل مائة رحمة وأنه قسم رحمة واحدة بين أهل الأرض فوسعتهم إلى آجالهم (1) وذخر تسعة وتسعين رحمة لأوليائه والله عز وجل قابض تلك الرحمة التي قسمها بين أهل الأرض إلى التسعة والتسعين فيكملها مائة رحمة لأوليائه يوم القيامة قال محمد (2) في حديثه وحدثني بهذا الحديث محمد بن سيرين وخلاص كلاهما عن أبي هريرة (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثل ذلك (عن جندب البجلي) (4) قال جاء أعرابي فأناخ راحلته ثم عقلها ثم صلى خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى راحلته فأطلق عقالها ثم نادى اللهم ارحمني ومحمدا ولا تشرك في رحمتنا أحدا (5) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتقولون هذا أضل أم بعيره؟ الم تسمعوا ما قال؟ قالوا بلى قال لقد حظرت (6) رحمة الله واسعة ان الله خلق مائة حمة فأنزل الله رحمة واحدة يتعاطف بها الخلائق جنها وانسها وبهائمها وعنهد تسع وتسعون أتقولون هو أضل أم بعيره؟ (عن أبي هريرة) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم لله مائة رحمة انزل منها رحمة واحدة بين الانس والجن والهوام فبها يتعاطون وبها يتراحمون وبها تعطف الوحش على أولادها وأخر تسعة وتسعين إلى يوم القيامة يرحم بها عباده (8) (عن سلمان) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل خلق مائة رحمة فمنها رحمة يتراحم بها الخلق فيها تعطف الوحوش على أولادها وأخر تسعة وتسعين إلى

_ (غريبه) (1) أي الى انتهاء آجالهم في الدنيا (وذخر) أي ادخر تسعة وتسعين الخ (2) يعني ابن جعفر أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث (3) هذا السند جعل الحديث متصلا (تخريجه) أخرجه الحاكم بسند محمد بن جعفر المتصل وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذا اللفظ انما اتفقا على حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن عن أبي هريرة وسليمان التيمي عن أبي عثمان عن سلمان مختصرا ثم أخرجه مسلم من حديث عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء بن أبي رباح عن أبي هريرة أكمل الحديثين اهـ (قلت) وأقره الذهبي ورواه أيضا ابن ماجه عن أبي هريرة فذكر معناه (4) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا أبي انا الجريري عن أبي عبد الله الجثمي ثنا جندب قال جاء اعرابي الخ (غريبه) (5) انما قال الاعرابي ذلك لأنه من سكان البوادي الذين عندهم جفاء ولا علم عندهم ولذلك قال النبي صلى الله عليه وسلم هذا أضل أم بعيره مبالغة في الجهل (6) بفتح الحاء المهملة والظاء المعجمة أي منعت وضيقت (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجال احمد رجال الصحيح غير أبي عبد الله الجثمي ولم يضعفه أحد ورواه أبو داود باختصار (7) (سنده) حدثنا يحيى عن عبد الملك عن عطاء عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) أي عباده المؤمنين كما تقدم في الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد وقال تفرد باخراجه مسلم فرواه من حديث سليمان هو ابن طرخان وداود بن أبي هند كلاهما عن أبي عثمان واسمه عبد الرحمن ابن مل عن سلمان هو الفارسي عن النبي صلى الله عليه وسلم به اهـ (قلت) حديث سلمان الذي اشار اليه الحافظ بن كثير رواه ايضا الامام احمد وهو الآتي بعد هذا (9) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن سليمان عن أبي

يوم القيامة (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لو يعلم المؤمن ما عند الله من العقوبة (2) ما طمع في الجنة أحد ولو يعلم الكافر ما عند الله من الرحمة (3) ما قنط من الجنة أحد خلق الله مائة رحمة فوضع رحمة واحدة بين خلقه يتراحمون بها وعند الله تسعة وتسعون (4) رحمة (باب قوله صلى الله عليه وسلم لا ينجي أحدكم عمله) (عن أبي هريرة) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا ينجي أحدكم عمله (6) قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا انا إلا ان يتغمدني الله منه برحمة (7) فسددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة والقصد القصد (8) تبلغوا (وعنه من طريق ثان) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليس أحد منكم ينجيه عمله قالوا ولا أنت يا رسول الله؟ قال ولا أنا الا ان يتغمدني ربي منه بمغفرة ورحمة ولا انا الا ان يتغمدني ربي منه بمغفرة ورحمة مرتين أو ثلاثا (وعنه من طريق ثالث بنحوه وفيه) (10) وقال رسول الله

_ عثمان عن سلمان (يعني الفارسي) عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م) (1) (سنده) حدثنا أبو عامر ثنا زهير عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أي من غير التفات إلى الرحمة (3) أي من غير التفات إلى العقوبة (4) يعني ادخرها لعباده المؤمنين يوم القيامة كما تقدم في الحديث الأول من أحاديث الباب (تخريجه) (ق مذ) (باب) (5) (سنده) حدثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) يدل بظاهره على أنه لا يستحق أحد الثواب والجنة بطاعته وهو معارض لقوله تعالى (ادخلوا الجنة بما كنتم تعملون - وتلك الجنة التي أورثتموها بما كنتم تعملون) ونحوهما من الآيات (قال النووي رحمه الله) لا معارضة بل معنى الآيات أن دخول الجنة بسبب الأعمال وثم التوفيق للاعمال والهداية للاخلاص فيها وقبولها برحمة الله تعالى وفضله فيصبح انه لم يدخل بمجرد العمل وهو مراد الاحاديث ويصح انه دخل بالاعمال أي بسببها وهي من الرحمة والله أعلم (7) اي يلبسنيها ويغمدني بها ومنه أغمدت السيف وغمدته اذا جعلته في غمده وسترته به ومعنى (سددوا وقاربوا) اي اطلبوا السداد واعملوا به وان عجزتم عنه فقاربوا أي اقربوا منه والسداد الصواب وهو بين الافراط والتفريط فلا تغلوا ولا تقصروا (واغدوا) من الغدو وهو سير أول النهار (وروحوا) من الرواح وهو السير آخر النهار (وشيء من الدلجة) بضم الدال المهملة مشددة وسكون اللام وهو السير بالليل يقال ادلج بتخفيف المهملة اذا سار من أول الليل وادلج بتشديدها اذا سار من آخر الليل والاسم الدلجة والدلجة بالضم والفتح (والمعنى) إذا اردتم السفر لجهاد أو غيره فبكروا فإن في البكور بركة ونشاطا فإن منعكم شيء عن التبكير فسافروا في آخر النهار عند انتهاء شدة الحر مع زمن من الليل لأن الأرض تطوى بالليل كما جاء في حديث جابر وتقدم في باب فضل السفر من أبواب صلاة السفر في الجزء الخامس صحيفة 56 رقم 1158 (8) معناه التوسيط في كل شيء حتى في العبادة فإن الإفراط يوجب السآمة والتفريط يوجب الحسرة والندامة وكأنه صلى الله عليه وسلم يقول اذا فعلتم ما آمرتكم به (تبلغوا) أي تبلغوا ما تريدون من الراحة في الدنيا والثواب في الآخرة والله اعلم (9) (سنده) حدثنا ابن أبي عدي عن ابن عون عن محمد عن ابي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (10) (سنده) حدثنا وهب بن جرير ثنا ابي قال سمعت محمد بن سيرين قال ثنا أبو هريرة

صلى الله عليه وسلم بيده هكذا وأشار وهب (1) يقبضها ويبسطها (عن ابي سعيد الخدري) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يدخل الجنة أحد إلا برحمة الله قلنا يا رسول الله ولا أنت؟ قال ولا انا إلا أن يتغمدني الله برحمته وقال بيده فوق رأسه (3) (عن ضمضم بن جوس اليمامي) (4) قال قال لي ابو هريرة رضي الله عنه يا يماني لا تقولن لرجل والله لا يغفر لك أو لا يدخلك الله الجنة أبدا قلت يا أبا هريرة إن هذه الكلمة يقولها احدنا لأخيه وصاحبه اذا غضب قال فلا تقلها فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول كان في بني اسرائيل رجلان كان احدهما مجتهدا في العبادة وكان الآخر مسرفا على نفسه فكانا متآخيين فكان المجتهد لا يزال يرى الآخر على ذنب فيقول يا هذا اقصر فيقول خلني وربي أبعثت علي رقيبا؟ قال إلى ان رآه يوما على ذنب استعظمه فقال له ويحك اقصر قال خلني وربي ابعثت علي رقيبا؟ قال فقال والله لا يغفر لك أو لا يدخلك الله الجنة ابدا قال احدها (5) قال فبعث الله اليهما ملكا فقبض أرواحهما واجتمعا (6) فقال للمذنب اذهب فادخل الجنة برحمتي وقال للآخر أكنت بي عالما؟ أكنت على ما في يدي خازنا؟ اذهبوا به إلى النار قال فوالذي نفس أبي القاسم بيده (7) لتكلم بالكلمة أو بقت دنياه وآخرته (باب ما جاء في عدم قنوط الموحدين من رحمة الله تعالى وفيه بشرى للامة المحمدية) (عن ابي رزين) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ضحك (9) ربنا

_ قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مامنكم احد يدخله عمله الجنة ولا ينجيه من النار قالوا ولا أنت يا رسول الله قال ولا انا إلا أن يتغمدني ربي برحمة منه وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده هكذا الخ (1) وهب شيخ الامام احمد الذي روى عنه هذا الحديث (تخريجه) (ق وغيرهما) (2) (سنده) حدثنا يحيى بن آدم حدثني فضيل بن مرزوق مولى بني عنز عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (3) أي اشار بيده فوق رأسه اشارة إلى ان الرحمة نعمه من مفرقه الى قدمه (تخريجه) أورده المنذري وقال رواه احمد باسناد حسن ورواه البزار من حديث أبي موسى والطبراني ايضا من حديث أسامة بن شريك والبزار ايضا من حديث شريك بن طارق باسناد جيد (4) (سنده) حدثنا ابو عامر ثنا عكرمة بن عمار عن ضمضم بن جوس اليمامي قال قال لي ابو هريرة الخ (غريبه) (5) يعني احد الكلمتين وأو للشك من الراوي (6) يعني عند الله عز وجل يوم القيامة (7) القائل فوالذي نفس أبى القاسم بيده هو أبو هريرة يقول ان الرجل تكلم بكلمة وهي قوله (والله لا يغفر الله لك أو لا يدخلك الجنة أبدا) هذه الكلمة (أو بقيت دنياه وآخرته) اي اهلكتهما ومعنى ذلك انه خسر أعماله الصالحة في الدنيا وكان مصيره في الآخرة الى النار نعوذ بالله من ذلك (تخريجه) (د) ورجاله ثقات (باب) (8) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون قال انا حماد بن سلمة عن يعلي بن عطاء عن وكيع بن حدس عن عمه ابي رزين الخ (غريبه) (9) قال الامام السندي رحمه الله في حاشيته على ابن ماجه ما نصه (قوله ضحك) كفرح (ربنا) بالرفع فاعل ضحك قيل الضحك من الله الرضا وارادة الخير وقيل بسط الرحمة بالاقبال وبالاحسان أو بمعنى امر ملائكته بالضحك واذن لهم فيه كما يقال السلطان قتله إذا أمر بقتله قال ابن حبان في صحيحه هو من نسبة الفعل الى الآمر وهو في كلام العرب كثير (قلت) والتحقيق ما أشار اليه بعض المحققين أن الضحك وأمثاله مما هو من قبيل

من قنوط عباده (1) وقرب غيره (2) قال قلت يا رسول الله أو يضحك الرب عز وجل؟ قال نعم قال لن نعدم من رب يضحك خيرا (ز) (حدثني ابراهيم بن الحجاج) (3) الناجي قال ثنا عبد القاهر بن السرى قال حدثني ابن لكنانة بن عباس بن مرادس عن أبيه ان أباه العباس بن مرادس حدثه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا عشية عرفة لامته بالمغفرة والرحمة فأكثر الدعاء فأجابه الله عز وجل أن قد فعلت وغفرت لأمتك إلا من ظلم بعضهم بعضا فقال يا رب انك قادر ان تغفر للظالم وتثيب للمظلوم خيرا من مظلمته فلم يكن في تلك العشية إلا ذا يعني فلم يجبه تلك العشية شيئا كما في بعض

_ الانفعال إذا نسب الى الله تعالى يراد به غايته وقيل بل المراد به ايجاد الانفعال في الغير فالمراد هاهنا الاضحاك (ومذهب أهل التحقيق) انه صفة سمعية يلزم اثباتها مع نفي التشبيه وكما التنزيه كما اشار الى ذلك مالك وقد سئل عن الاستواء فقال الاستواء معلوم والكيف غير معلوم والايمان به واجب والسؤال عنه بدعة (قلت) وهذا مذهبي (1) القنوط كالجلوس وهو اليأس ولعل المراد هاهنا هو الحاجة والفقر أي يرضى عنهم ويقبل بالاحسان اذا نظر الى فقرهم وفاقتهم وذلتهم وحقارتهم وضعفهم وإلا فالقنوط من رحمته يوجب الغضب لا الرضا قال تعالى (لا تقنطوا من رحمة الله) وقال (لا تيأسوا من روح الله: أنه لا ييأس من روح الله الا القوم الكافرون) إلا أن يقال ذلك هو القنوط بالنظر غلى كرمه واحسانه مثل ان لا يرى له كرما واحسانا أو يرى قليلا فليقنط كذلك فهذا هو الكفر والنهي عنه أشد النهي وأما القنوط بالنظر إلى أعماله وقبائحه فهو مما يوجب للعبد تواضعا وخشوعا وانكسارا فيوجب الرضا ويجلب الاحسان والاقبال من الله تعالى ومنشأ هذا القنوط هو الغيبة عن صالح الاعمال واستعظام المعاصي الى العاية وكل منهما مطلوب ومحبوب ولعل هذا سبب مغفرة ذنوب من أقر أهله بإحراقه بعد الموت حين أيس من المغفرة فليتأمل (2) قال الامام السندي ضبط بكسر المعجمة ففتح ياء بمعنى فقير الحال وهو اسم من قولك غيرت الشيء فتغير حاله من القوة إلى الضعف ومن الحياة الى الموت وهذه الاحوال مما تجلب الرحمة لا محالة في الشاهد فكيف لا تكون اسبابا عادية لجلبها من أرحم الراحمين سهل ذكره وثناؤه والأقرب ان الغير بمعنى تغير الحال وتحويله وبه تشعر عبارة القاموس والنهاية والضمير لله والمعنى انه تعالى يضحك من ان العبد يصير مأيوسا من الخير بأدنى شر وقع عليه مع قرب تغيير الله عز وجل الحال من شر إلى خير ومن مرض إلى عافية ومن بلاء ومحنة إلى سرور وفرحة لكن الضحك على هذا لا يمكن تفسيره بالرضا (وقوله لن نعدم) من عدم كعلم اذا فقده يريد ان الرب الذي من صفاته الضحك لا نفقد خيره بل كلما احتجنا الى خير وجدناه فانا اذا اظهرنا الفاقة لديه يضحك فيعطي والله أعلم (تخريجه) (جه طب طل قط) قال البوصيري في زوائد ابن ماجه وكيع ذكره ابن حبان في الثقات وباقي رجاله احتج بهم مسلم اهـ (قلت) وصححه الحافظ السيوطي (3) (ز) (حدثني ابراهيم بن الحجاج الخ) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الامام احمد وقد ذكره الحافظ بسنده ومتنه في كتابه القول المسدد في الذب عن المسند للامام احمد ثم قال أورده ابن الجوزي في الموضوعات من طريق المسند ايضا ونقل عن ابن حبان انه قال كنانه منكر الحديث جدا ولا أدري التخليط منه أو من أبيه قلت وحديث العباس بن مرادس هذا قد اخرجه ابو داود في السنن في أواخر كتاب الأدب منه في باب

الروايات فلما كان من الغد دعا غداة المزدلفة فعاد يدعو لأمته فلم يلبث النبي صلى الله عليه وسلم أن تبسم فقال بعض أصحابه يا رسول الله بأبي أنت وأمي ضحكت في ساعة لم تكن تضحك فيها فما أضحكك أضحك الله سنك؟ قال تبسمت من عدو الله ابليس حين علم أن الله عز وجل قد استجاب لي في أمتي وغفر للظالم أهوى يدعوى بالثبور والويل ويحثوا التراب على رأسه فتبسمت مما يصنع جزعه

_ قول أضحك الله سنك قال حدثنا عيسى بن ابراهيم وسمعته من أبي الوليد وانا لحديث عيسى احفظ قالا اخبرنا عبد القاهر بن السرى يعني السلمي ثنا ابن كنانة بن عباس بن مرداس عن ابيه عن جده قال ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابو بكر وعمر اضحك الله سنك وساق الحديث انتهى كلام ابي داود ولم يذكر في الباب غيره وسكت عليه فهو صالح عند (واخرجه ابن ماجه) في كتاب الحج قال ثنا ايوب بن محمد الهاشمي حدثنا عبد القاهر بن السري السلمي ثنا عبد الله بن كنانة بن عباس بن مرادس السلمي ان اباه اخبره عن ابيه نحو سياق ابراهيم بن الحجاج وقال في آخره فأضحكني ما رأيت من جزعه انتهى (واخرجه الطبراني) من طريق أبي الوليد وعيسى بن ابراهيم بتمامه (واخرجه ايضا) من طريق ابوب بن محمد به واما اعلال ابن الجوزي له تبعا لابن حبان بكنانة فلم يصب ابن الجوزي في تقليده لابن حبان في ذلك فإن ابن حبان تناقض كلامه فيه فقال في الضعفاء ما نقله عنه ابن الجوزي وذكره في كتاب الثقات في التابعين (وقال) ابن منذه في تاريخه يقال ان له رواية وعبد الله بن كنانة اكثر ما يقع في الروايات مبهما وقد سمى في رواية ابن ماجه وغيرها ولم ار فيه كلاما إلا أن البخاري ذكر الحديث المذكور وقال لم يصح اهـ ولا يلزم من كون الحديث لم يصح ان يكون موضوعا (وقد وجدت له شاهدا قويا) اخرجه أبو جعفر بن جرير في التفسير من سورة البقرة من طريق عبد العزيز بن ابي داود عن نافع عن ابن عمر فساق حديثا فيه المعنى المقصود من حديث العباس بن مرداس وهو غفران جميع الذنوب لمن شهد الموقف وليس فيه قول ابي بكر وعمر وقد اوسعت الكلام عليه في مكان غير هذا واورد ابن الجوزي الطريق المذكور ايضا واعلها ببشار بن بكير الحنفي راويها عن عبد العزيز فقال انه مجهول قلت ولم اجد للمتقدمين فيه كلاما وقد تابعه عبد الرحيم بن هانئ الغساني فرواه عن عبد العزيز نحوه وهو عند الحسن بن سفيان في مسنده والحديث على هذا قوي لأن عبد الله بن كنانة لم يتهم بالكذب وقد روى حديثه من وجه آخر وليس ما رواه شاذا فهو على شرط الحسن عند الترمذي وقد اخرجه الحافظ ضياء الدين المقدسي في الاحاديث المختارة مما ليس في الصحيحين والله الموفق (ثم وجدت له طريقا أخرى) من مخرج آخر بلفظ آخر وفيه المعنى المقصود وهو عموم المغفرة لمن شهد الموقف اخرجه عبد الرزاق في مصنفه ومن طريقه اخرجه الطبراني في معجمه عن اسحق بن ابراهيم الدبري عنه عن معمر عن من سمع قتادة يقول حدثنا خلاس ابن عمرو عن عبادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة ايها الناس ان الله عز وجل قد تطول عليكم في هذا اليوم فغفر لكم الا (التبعات فيما بينكم ووهب سيئاتكم لمحسنكم واعطى محسنكم ما سأل فاذهبوا باسم الله فلما كان يجمع قال ان الله قد غفر لصالحكم وشفع صالحيكم في طالحيكم ينزل المغفرة فيعممها ثم يفرق المغفرة في الارض فتقع على كل تائب ممن حفظ لسانه ويده وابليس وجنوده على جبل عرفات ينظرون ما يصنع الله بهم فإن انزلت المغفرة دعا هو وجنوده بالويل فيقول كيف استفز بهم حقبا من الدهر

(عن عمرو بن مالك الجنبي) (1) أن فضالة بن عبادة وعبادة بن الصامت حدثاه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا كان يوم القيامة وفرغ الله من قضاء الخلق فيبقى رجلان فيؤمر بهما الى النار فيلتفت احدهما فيقول الجبار تعالى ردوه فيردونه قال له لم التفت؟ قال ان كنت ارجو ان تدخلني الجنة قال فيؤمر له الى الجنة فيقول لقد اعطاني الله عز وجل حتى اني لو اطعمت اهل الجنة ما نقص ذلك ما عندي شيئا قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا ذكره يرى السرور في وجهه (عن ثوبان) (2) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أحب ان لي الدنيا وما فيها بهذه الآية (يا عبادي الذين اسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا انه هو الغفور الرحيم) فقال رجل يا رسول الله فمن أشرك؟ فسكت النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال الا من اشرك ثلاث مرات

_ ثم جاءت المغفرة فعمتهم يتفرقون وهم يدعون بالويل والثبور رجاله ثقات اثبات معروفون إلا الواسطة الذي بين معمر وقتادة ومعمر قد سمع من قتادة غير هذا ولكن بين هنا انه لم يسمعه إلا بواسطة لكن اذا انضمت هذه الطريق الى حديث بن عمر عرف ان لحديث عباس بن مرداس اصلا (ثم وجدت لاصل الحديث طريقا اخرى) اخرجها ابن منده في الصحابة من طريق ابن ابي فديك عن صالح بن عبد الله بن صالح عن عبد الرحمن بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن جده زيد قال وقف النبي صلى الله عليه وسلم عشية عرفة فقال أيها الناس ان الله قد تطول عليكم في يومكم هذا فوهب سيئكم لمحسنكم واعطى محسنكم ما سأل وغفر لكم ما كان منكم وفي رواية هذا الحديث من لا يعرف حاله الا ان كثرة الطرق اذا اختلفت المخارج تزيد المتن قوة والله اعلم اهـ كلام الحافظ (1) (سند) حدثنا يعمر بن بشر ثنا عبد الله بن المبارك انا رشدين بن سعد حدثني أبو هايئ الخولاني عن عمرو بن مالك الجنبي الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله وثقوا على ضعفه في بعضهم (2) (عن ثوبان الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب قل يا عبادي الذين اسرفوا على انفسهم في تفسير سورة الزمر من كتاب التفسير وفضائل القرآن في الجزء الثامن عشر صحيفة 260 رقم 412 وانما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة ولأختتم الجزء بهذه الآية الكريم المبشرة التي فرح بنزولها النبي صلى الله عليه وسلم وكانت احب اليه من الدنيا وما فيها جعلنا الله تعالى ممن تقبل عملهم وغفر ذنوبهم واباح لهم النظر إلى وجهه الكريم آمين أمين أمين

(كتاب خلق العالم)

بسم الله الرحمن الرحيم الله خالق كل شئ وهو على كل شئ وكيل " (القسم السادس من الكتاب) " وهو قسم التاريخ من أول بدء الخلق (72) (كتاب خلق العالم) " (باب أول المخلوقات وفيه ذكر الماء والعرش واللوح والقلم) " (عن عمران بن حصين) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقبلوا البشرى

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن جامع بن شداد عن صفوان بن محرز

يا بني تميم (1) قال قالوا قد بشرتنا فأعطنا (2) (وفي رواية فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم) (3) قال اقبلوا البشرى يا أهل اليمن (4) (زاد في رواية إذ لم يقبلها بنو تميم) قال قلنا قد قبلنا فأخبرنا عن أول هذا الأمر كيف كان (5) قال كان الله تبارك وتعالى قبل كل شئ وكان عرشه على الماء وكتب في اللوح (6) ذكر كل شئ قال وأتانى آت فقال يا عمران (7) انحلت ناقتك من عقالها، قال فخرجت فإذا السراب (8) ينقطع بيني وبينها (8) قال فخرجت فى أثرها فلا أدرى ما كان بعدى (10) (عن وكيع بن حدس) (11) عن عمه أبى رزين العقيلى أنه قال يا رسول الله أين كان ربنا عز وجل أن يخلق السماوات والأرض؟ قال كان في عماء (12)

_ عن عمران بن حصين الخ (غريبه) (1) جاء عند البخارى من طريق الثورى عن الأعمش به عن عمران بن حصين قال جاء نفر من بنى تميم إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا بنى تميم أبشروا (وله فى رواية أخرى) عن عمران بن حصين أىضا قال دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم وعقلت ناقتى بالباب فأتاه ناس من بنى تميم فقال اقبلوا البشرى يا بنى تميم الخ، ومعناه اقبلوا منى ما يقتضى ان تبشروا بالجنة من التفقه فى الدين (2) معناه انما جئنا للاستعطاء فأعطنا من المال (3) انما تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم أسفا عليهم كيف آثروا الدنيا، أو لكونه لم يكن عنده ما يعطيهم فىتألفهم به (4) جاء عند البخارى (ثم دخل عليه ناس من أهل اليمن) هم الأشعريون (5) الظاهر والله أعلم انهم سألوا عن أحوال هذا العالم فأجابهم النبى صلى الله عليه وسلم بقوله (كان الله تبارك وتعالى قبل كل شئ) أى كان فى الأزل منفردا ولم يكن شئ غيره كما صرح بذلك فى رواية البخارى (وكان عرشه على الماء) والمراد بكان فى الأول الأزلية: وفى الثانى الحدوث بعد العدم، ويستفاد من حديث أبى رزين الآتى بعد هذا ان الماء خلق قبل العرش، وروى السدى فى تفسيره بأسانيد متعددة ان الله لم يخلق شيئا مما خلق قبل الماء: ومعناه انه عز وجل خلق الماء سابقا ثم خلق العرش على الماء (6) يعنى اللوح المحفوظ (ذكر كل شئ) أى قدر فيه كل شئ من الكائنات، زاد عند البخارى (وخلق السموات والأرض) (7) جاء فى رواية البخارى فجاء رجل فقال يا عمران الخ (8) السراب بالمهملة معروف وهو ما يرى نهارا فى الفلاة كانه ماء (9) معناه فاذا هى يحول بينى وبين رؤيتها السراب (10) أى من الحديث، وجاء فى رواية البخارى (فو الله لوددت انى كنت تركتها) يعنى ود انه لم يقم، لانه قام قبل ان يكمل رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه فتأسف على ما فاته من ذلك (تخريجه) (خ مذ) (11) (سنده) مدثنا بهز ثنا حماد بن سلمة قال أخبرنى يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس عن عمه أبى رزين العقيلى انه قال يا رسول الله الخ (قلت) أبو رزين اسمه لقيط بن عامر العقيلى كما جاء مصرحا بذلك فى بعض الروايات عند الامام احمد (غريبة) (12) كثرت أقوال العلماء فى شرح هذا الحديث، فبعضهم أوله وبعضهم قال نحن نؤمن به ولا نكيف صفته، وأحسن ما قيل فى ذلك ما ذكره أبو بكر البيهقى فى كتاب الاسماء والصفات قال (قوله صلى الله عليه وسلم كان الله ولم يكن شئ قبله) يعنى لا الماء ولا العرش ولا غيرهما (وقوله وكان عرشه على الماء) يعنى خلق الماء وخلق العرش على الماء ثم كتب فى الذكر كل شئ (وقوله فى عماء) وجدته فى كتاب عماء مقيدا بالمد، فان كان فى الاصل ممدودا فمعناه سحاب رقيق، ويريد بقوله فى عماء أى فوق سحاب مدبرا له وعاليا عليه كما قال سبحانه وتعالى (أأمنتم من فى السماء) يعنى من فوق السماء، وقال

ما فوقه هواء وما تحته هواء ثم خلق عرشه على الماء (عن أبى هريرة) (1) قال قلت يا رسول الله أنى إذا رأيتك طابت نفسى وقرت عينى فأنبئنى عن كل شئ؟ فقال كل شئ خلق من ماء: قال قلت يا رسول الله أنبئنى عن أمر إذا أخذت به دخلت الجنة؟ قال أفش السلام وأطعم الطعام وصل الأرحام وقم بالليل والناس نيام ثم ادخل الجنة بسلام (عن عبادة بن الصامت) (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه آله وصحبه وسلم يقول أول ما خلق الله تبارك وتعالى القلم (3) ثم قال له أكتب (4) فجرى في تلك الساعة بما هو كائن الى يوم القيامة (عن العباس بن عبد المطلب) (5) قال كنا جلوسا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبطحاء (6) فمرت سحابة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ تعالى (لأصلبنكم فى جذوع النخل) يعنى على جذوعها (وقوله ما فوقه هواء) أى ما فوق السحاب هواء وكذلك قوله (وما تحته هواء) أى ما تحت السحاب هواء، وقد قيل ان ذلك العمى مقصور، والعمى اذا كان مقصورا فمعناه لا شئ ثابت، لأنه عما عمى عن الخلق لكونه غير شئ: فكأنه قال فى جوابه كان قبل أن يخلق خلقه ولم يكن شئ غيره ثم قال (ما فوقه وما تحته هواء) أى ليس فوق العمى الذى هو لا شئ موجود هواء ولا تحته هواء لأن ذلك إذا كان غير شئ فليس يثبت له هواء بوجه اهـ (قلت) ان صحت رواية عمى بالقصر فلا اشكال فى هذا الحديث وهو حينئذ فى معني ما جاء فى الحديث السابق كان الله تبارك وتعالى قبل كل شئ (وفى رواية البخارى) ولم يكن شئ غيره وكان عرشه على الماء، وان صحت الرواية عماء بالمد فلا حاجة إلى تأويل بل يقال نحن نؤمن به ولا نكيفه بصفة أى نجرى اللفظ على ما جاء عليه فى غير تأويل كما قال جمهور السلف والله أعلم (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذى هذا حديث حسن (1) (عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وتخريجه فى باب ما جاء فى الرباعيات المرغب فيها فى الجزء التاسع عشر صحيفة 189 رقم 52 فارجع اليه (2) (عن عبادة بن الصامت الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وطوله فى باب الايمان بالقدر من كتاب القدر فى الجزء الاول صحيفة 134 رقم 23 وانما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة (غريبة) (3) ظاهره ينافى ما يستفاد من حديث أبى رزين الثانى من احاديث الباب من ان أول ما خلق الله الماء ثم العرش، ولا منافاة لأنه يمكن الجمع بينهما بان أو ليلة القلم بالنسبة الى ما عدا الماء والعرش وبالنسبة إلى ما منه صدر من الكتابة، أى انه قيل له أكتب أول ما خلق الله والله أعلم (4) جاء فى رواية أخرى للامام احمد بعد قوله (اكتب) قال وما أكتب؟ قال فاكتب ما يكون وما هو كائن الى أن تقوم الساعة (تخريجه) (د منـ جه طل طب طس) وسنده جيد وسكت عنه أبو داود والمنذرى وحسنه الترمذى (وفى الباب) عند الطبرانى بسنده عن ابن عباس ان نبى الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل خلق لوحا محفوظا من درة بيضاء صفحاتها من ياقوتة حمراء قله نور وكتابه نور وله فيه كل يوم ستون وثلاثمائة لحظة يخلق ويرزق ويميت ويحيى ويعز ويذل ويفعل ما يشاء وروى نحوه البغوى أىضا (5) (سنده) حدثنا عبد الرازق أنيانا يحيى بن العلاء عن عمه شعيب ابن خالد حدثنى سماك بن حرب عن عبد الله بن عميرة عن عباس بن عبد المطلب الخ (وله طريق أخرى) عند الامام احمد قال حدثنا محمد بن الصباح البزار ومحمد بن بكار قالا حدثنا الوليد بن أبى ثور عن سماك ابن حرب عن عبد الله بن عميرة عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه (غريبة) (6) ويقال الأبطح أيضا، قال فى المصباح والأبطح بمكة هو المحصب (قلت) هو مكان معروف

أتدرون ما هذا؟ قال قلنا السحاب، قال والمزن (1) قلنا والمزن، قال والعنان، قال فسكتنا، فقال هل تدرن كم بين السماء والأرض؟ قال قلنا الله ورسوله أعلم، قال بينهما مسيرة خمسمائة سنة، ومن كل سماء مسيرة خمسمائة سنة، وكيف كل سماء (2) مسيرة خمسمائة سنة، وفوق السماء السابعة بحر بين أسفله كما بين السماء والأرض، ثم فوق ذلك ثمانية أو عال (3) بين ركبهن واظلافهن (4) كما بين السماء والارض ثم فوق ذلك العرش بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والارض والله تبارك وتعالى فوق ذلك، وليس يخفى عليه من أعمال بنى آدم شئ (عن أبى هريرة) (5) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا سألتم الله عز وجل فسلوه الفردوس، فانه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوق (6) عرش الرحمن عز وجل ومنه تفجر أو تفجر أو تنفجر أنهار الجنة شك أبو عامر (احد الرواة) (وعنه من طريق ثان) (7) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره (8) وقال فوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة (عن ابن عباس) (9) أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صدق أمية (بن أبى الصلت) في شئ من شعره فقال: (رجل وثور تحت رجل يمينه، والنسر للأخرى وليث مرصد) فقال النبى صلى الله عليه وسلم صدق:

_ بمكة، وفي النهاية أبطح مكة مسيل واديها ويجمع على البطاح والاباطح، ومنه قيل قريش البطاح هم الذين ينزلون أباطح مكة وبطحاها (1) يريد ان السحاب والمزن (بضم الميم وسكون الزاى) معناهما واحد، وكذلك العنان بفتح العين المهملة السحاب أيضا (2) هكذا بالاصل (وكيف كل سماء) ولم أجد لهذا اللفظ معنى فى كتب اللغة يناسب سياق الحديث، والظاهر انه خطأ من الناسخ أو الطابع، وجاء عند البغوى بلفظ (غلظ كل سماء) وهذا هو الصواب المناسب والله أعلم (3) جمع وعل بفتح الواو وكسر العين المهملة، ويجمع أيضا على وعول وهم تيوس الجبل (قال فى النهاية) أى ملائكة على صورة الأوعال (4) جمع ظلف بكسر المعجمة وسكون اللام، والظلف للبقر والغنم كالحافر للفرس والبغل، والخف للبعير (تخريجه) الحديث رواه الامام احمد من طريقتين كما تقدم وفى اسناد الطريق الأولى يحيى بن العلاء الرازى البجلى، وفى الطريق الثانية الوليد بن أبى ثور وكلاهما ضعيف لكن رواه (د مذ جه) والبيهقى فى الاسماء والصفات من طرق أخرى ليس فيها الضعيفان المذكوران آنفا وسكت عنه أبو داود والمنذرى وحسنه الترمذى (5) (عن أبى هريرة الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بسنده وطوله فى باب ما جاء فى صفة جنات الفردوس من كتاب قيام الساعة (غريبه) (6) بضم القاف وجاء فى الطريق الثانية وفوقه بالفتح على الظرفية (قال الحافظ المزى) والضم أحسن أى وأعلاها عرش الرحمن، وقد جاء في بعض الآثار ان أهل الفردوس يسمعون أطيط العرش وهو تسبيحه وتعظيمه وما ذاك إلا لقربهم منه (7) (سنده) حدثنا سريج قال حدثنا فليح عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (8) يعنى الحديث المتقدم وهذا اختصار من الأصل وليس منى (تخريجه) (ق) وغيرهما (9) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى شعر لبيد وأمية بن أبى الصلت من كتاب آفات اللسان فى الجزء التاسع عشر صحيفة 277 رقم 81 فارجع إليه وإنما

وقال: والشمس تطلع كل آخر ليلة

_ حمراء يصبح لونها يتورد تأتى فما تطلع لنا فى رسلها

وإن أعطين لم يشكرن، ورأيت فيها لحى بن عمرو (1) يجر قصبه (2) فى النار وأشبه ما رأيت به معبد بن أكثم الكعبى، قال يا رسول الله أيخشى على من شبهه وهو والد؟ (3) فقالا لا، أنت مؤمن وهو كافر، وكان أول من حمل العرب على عبادة الآوثان (4) (باب ما ورد في خلق السماوات السبع والأرضين السبع وما بينهن) (عن أبى هريرة) (5) قال بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم اذ مرت سحابة فقال أتدرون ما هذه؟ قال قلنا الله ورسوله أعلم، قال العنان (6) وروايا الارض يسوقه الله الى من لا يشكره من عباده ولا يدعونه (7) أتدرون ما هذه فوقكم؟ (8) قلنا الله ورسوله أعلم، قال الرقيع (9) مرج مكفوف وسقف محفوظ، أتدرون كم بينكم وبينها؟ قلنا الله ورسوله أعلم، قال مسيرة خمسمائة عام، قال أتدرون ما التى فوقها؟ قلنا الله ورسوله أعلم، قال سماء أخرى، أتدرون كم بينها وبينها؟ (10) قلنا الله ورسوله أعلم، قال مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع سموات (11) ثم قال أتدرون ما فوق ذلك؟ قلنا الله ورسوله أعلم، قال العرش، قال أتدرون كم بينه وبين السماء السابعة؟ قلنا الله ورسوله أعلم، قال مسيرة خمسمائة عام ثم قال

_ أعطين لم يشكرن) بضم الهمزة وكسر الطاء المهملة (1) هكذا بالأصل لحى بن عمرو والمحفوظ عمرو بن لحى بضم اللام وفتح المهملة وتشديد الياء التحتية، وقد جاء فى كتب السنة كلها عمرو بن لحى، فلعل ما هنا جاء خطأ من الناسخ أو الطابع (قال العلماء) عمرو بن لحى هو عمرو بن عامر الخزاعى ولحى لقب لوالده عامر وقد تكرر ذكره فى الحديث، أحيانا ينسب لوالده باسمه وأحيانا بلقبه (2) القصب بالضم المعنى وجمعه أقصاب، وقيل اسم للأمعاء كلها، وقيل هو ما كان أسفل البطن من الأمعاء (نه) (3) الظاهر أن عمرو بن لحى كان جدا أعلى لمعبد بن أكثم كما يستفاد من بعض الروايات ولذلك قال وهو والد (وفى لفظ فانه والد) والله أعلم (4) قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره عمرو هذا هو ابن لحى بن قمعة أحد رؤساء خزاعة الذين ولوا البيت بعد جرهم، وكان أول من غير دين ابراهيم الخليل فأدخل الأصنام إلى الحجاز ودع الرعاع من الناس إلى عبادتها والتقرب بها وشرع لهم هذه الشرائع الجاهلية فى الأنعام وغيرها كما ذكره الله تعالى فى سورة الأنعام عند قوله تعالى (وجعلوا لله مما ذرأ من الحرث والأنعام نصيبا) الخ الآيات فى ذلك (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد، وروى عن أبى بن كعب عن النبى صلى الله عليه وسلم قال بمثله، وفى الاسنادين عبد الله بن محمد بن عقيل وفيه ضعف وقد وثق اهـ (قلت) له شواهد كثيرة فى الصحيحين وغيرهما تعضده وفيه دلالة على ان الجنة والنار مخلوقتان موجودتان اليوم وان فى الجنة ثمارا وهذا كله مذهب أهل السنة خلافا للمعتزلة (باب) (5) (سنده) حدثنا سريج قال حدثنا الحكم بن عبد الملك عن قتادة عن الحسن عن أبى هريرة الخ (غريبه) (6) كسحاب وزنا ومعنى من عن أى ظهر (وقوله وروايا الأرض) جمع رواية: قال فى النهاية الروايا من الابل العوامل الماء واحدتها رواية فشبهها بها (7) أى لا يعبدونه بل يعبدون غيره، وذلك لأن الله تعالى يرزق كل بر وفاجر (8) يشير إلى السماء الدنيا (9) الرقيع اسم لسماء الدنيا وقيل لكل سماء (وقوله موج مكفوف) أى ممنوع من الاسترسال حفظها الله ان تقع على الارض، قال تعال (ويمسك السماء ان تقع على الأرض إلا باذنه) وهى معلقة بلا عمد كالموج المكفوف (10) أى كم بين سماء الدنيا والسماء التي فوقها (11) يعنى بين كل سماء والتي فوقها

أتدرون ما هذا تحتكم؟ قلنا الله ورسوله أعلم، قال أرض (1) أتدرون ما تحتها؟ قلنا الله ورسوله أعلم، قال أرض أخرى، أتدرون كم بينها وبينها، قال الله ورسوله أعلم، قال مسيرة خمسمائة عام حتى عد سبع أرض (2) ثم قال وأيم الله لودليتم أحدكم بحب الى الارض السفلى السابعة لهبط (3) ثم قرأ هو الأول والآخر والظاهر (4) والباطن وهو بكل شئ عليم (عن أبى هريرة) (5) قال أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدى فقال خلق الله التربة (6) يوم السبت، وخلق الجبال فيها يوم الأحد، وخلق الشجر فيها يوم الاثنين، وخلق المكروه (7) يوم الثلاثاء، وخلق النور يوم الاربعاء، وبث فيها الدواب (8) يوم الخميس، وخلق آدم عليه السلام بعد العصر يوم الجمعة آخر الخلق

_ مسيرة خمسمائة عام (1) يعنى الأرض العليا (2) يعنى بين كل أرض والتى تحتها مسيرة خمسمائة عام (3) جاء عند الترمذى لهبط على الله (4) أى بالأدلة عليه (والباطن) أى عن ادراك الحواس (وهو بكل شئ عليم) أى بالغ فى كمال العلم به محيط علمه بجوانبه (تخريجه) (مذ بز) وابن أبى حاتم (قال الحافظ) ابن كثير فى تفسيره ورواه ابن جرير عن بشر عن يزيد عن سعيد عن قتادة هو الأول والآخر والظاهر والباطن، ذكر لنا ان النبى صلى الله عليه وسلم بينما هو جالس فى أصحابه إذ مر عليهم سحاب فقال هل تدرون ما هذا وذكر الحديث مثل سياق الترمذى والامام احمد سواء إلا انه مرسل من هذا الوجه، ولعل هذا هو المحفوظ اهـ (قلت) وقال الترمذى بعد ذكر الحديث هذا حديث غريب من هذا الوجه ويروى عن أبوب ويونس ابن عبيد وعلي بن زيد، قالوا لم يسمع الحسن من أبى هريرة: وفسر بعض أهل العلم هذا الحديث فقالوا انما هبط على علم الله وقدرته وسلطانه، وعلم الله وقدرته وسلطانه فى كل مكان وهو على العرش كما وصف فى كتابه انتهي والله أعلم (5) (سنده) حدثنا حجاج قال ابن جريج قال أخبرنى اسماعيل بن أمية عن أيوب بن خالد عن عبد الله بن رافع مولى لأم سلمة عن أبى هريرة الخ (غريبه) (6) يعنى الارض (وقوله يوم السبت) فيه رد زعم إليهود انه ابتدأ فى خلق العالم يوم الاحد وفرغ يوم الجمعة واستراح السبت، قالوا ونحن نستريح فيه كما استراح الرب، وهذا من جملة غباوتهم وجهلهم إذا التعب لا يتصور إلا على حادث قال تعالى (انما أمرنا لشئ إذا أردناه أن نقول له كن فيكون) (7) فسر العلماء المكروه بالشر وهو الظاهر الملائم للسياق بقرينه قوله بعده (وخلق النور يوم الأربعاء) والنور خير، ذكره ابن الاثير وانما سمى الشر مكروها لأنه ضد المحبوب (8) من البث وهو تفرقة آحاد متكثرة فى جهات مختلفة (تخريجه) (م نس) وأورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه لمسلم والنسائى أيضا من حديث ابن جريج ثم قال وهو من غرائب الصحيح، وأورده أيضا فى تاريخه البداية والنهاية ثم قال اختلف فيه علي ابن جريج قال وقد تكلم فى هذا الحديث علي بن المدبى والبخارى والبيهقى وغيرهم من الحفاظ، قال البخارى فى التاريخ وقال بعضهم عن كعب وهو أصح يعنى ان هذا الحديث مما سمعه أبو هريرة وتلقاه عن كعب الأحبار فانهما كانا يصطحبان ويتجالسان للحديث فهذا يحدثه عن صحفه وهذا يحدثه بما يصدقه عن النبى صلى الله عليه وسلم فكان هذا الحديث مما تلقاه ابو هريرة عن كعب عن صحفه فوهم بعض الرواة فجعله مرفوعا الى النبى صلى الله عليه وسلم وأكد رفعه بقوله أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدى، ثم فى متنه غرابة شديدة، فمن ذلك انه ليس فيه ذكر خلق السموات وفيه ذكر خلق الأرض وما فيها فى سبعة أيام، وهذا خلاف القران لأن الأرض

في آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر الى الليل (عن أنس بن مالك) (1) قال كنا قد نهينا ان نسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن شئ فكان يعجبنا أن يجئ الرجل من أهل البادية العاقل فيسأله ونحن نسمع، فجاء رجل من أهل البادية فقال يا محمد أتانا رسولك فزعم لنا أنك تزعم أن الله أرسلك، قال صدق، قال فمن خلق السماء؟ قال الله، قال فمن خلق الأرض؟ قال الله، قال فمن نصب هذه الجبال وجعل فيها ما جعل؟ قال الله، قال فبا الذى خلق السماء والأرض ونصب هذه الجبال الله أرسلك؟ قال نعم (عن أبى سلمة عبد الرحمن) (2) أنه دخل على عائشة رضى الله عنها وهو يخاصم فى أرض، فقالت عائشة يا أبا سلمة اجتنب الأرض: فان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ظلم قيد شبر من الأرض طوقه يوم القيامة من سبع أرضين (عن سعيد بن زيد) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخذ من الأرض ما ليس له طوقه الى السابعة من الأرض يوم القيامة، ومن قتل دون ماله فهو شهيد (عن ابن مسعود) (4) قال قلت يا رسول الله أى الظلم أعظم؟ قال ذراع من الأرض يلتقصه من حق أخيه: فليست حصاة من الأرض أخذها الا طوفها يوم القيامة الى قعر الأرض ولا يعلم قعرها الا الذى خلقها (عن عمارة بن خزيمة) (5) يحدث عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يأتي الشيطان الإنسان

_ خلقت في أربعة أيام ثم خلقت السماوات فى يومين من دخان وهو بخار الماء الذي ارتفع حين اضطرب الماه العظيم الذى خلق من زبدة الاارض بالقدرة البالغة (1) (عن أنس بن مالك الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى الباب الثالث من كتاب الايمان فى الجزء الأول صحيفة 66 (2) (عن أبى سلمة بن عبد الرحمن الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب من اغتصب أو سرق شيئا من الأرض من كتاب الغصب فى الجزء الخامس عشر صحيفة 145 رقم 14 (3) (عن سعيد بن زيد الخ) هذا الحديث تقدم أيضا بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب المشار اليه من كتاب الغصب صحيفة 145 رقم 16 (4) (عن ابن مسعود الخ) هذا الحديث تقدم أيضا بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب المشار اليه من كتاب الغصب أيضا صحيفة 144 رقم 10 (هذا) وانما أعدت ذكر هذه الاحاديث هنا لكونها تدل على أن لا ارضين سبع بعضها فوق بعض كما أن السماوات سبع بعضها فوق بعض قال تعالى (الله الذى خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن يتنزل الأمر بينهن) (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه، وأما ما ذهب اليه بعض المتكلمين على حديث (مطوقه من سبع أرضين) انهما سبعة أقاليم فهو قول يخالف ظاهر الآية والحديث الصحيح وصريح كثير من الفاظه مما يعتمد من الحديث الذى أوردناه من طريق الحسن عن أبى هريرة (قلت) هو الحديث الأول من أحاديث الباب: والآية هى قوله تعالى (الله الذى خلق سبع سماوات ومن الأرض مثلهن الآية) قال ثم إنه حمل الحديث والآية على خلاف ظاهر هما بلا مستند ولا دليل والله أعلم (5) (سنده) حدثنا الحسن بن موسى الأشيب ثنا ابن لهيمة حدثنا أبو الأسود انه سمع عروة عن عمارة بن خزيمة يحدث عن أبيه الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) باسناد فيه ابن لهيعة اهـ (قلت) ابن لهيمة فيه كلام إذا عن أما إذا صرح بالتحديث

فيقول من خلق السموات؟ فيقول الله، ثم يقول من خلق الأرض؟ فيقول الله، حتى يقول من خلق الله، فاذا وجد أحدكم ذلك فليقل آمنت بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم (عن أنس) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى قال لى أن أمتك لا يزالون يتساءلون فيما بينهم حتى يقولوا هذا الله خلق الناس فمن خلق الله؟ (باب ما جاء في خلق الجبال والحديد والنار والماء والريح والدهر والليل والنهار) (وعنه ايضا) (2) قال لما خلق الله عز وجل جعلت تميد فخلق الجبال فالفاها عليها فاستقرت: فتعجبت الملائكة من خلق الجبال فقالت يارب هل من خلقك شئ أشد من الجبال؟ قال نعم الحديد، قالت يارب هل من خلقك شئ أشد من الحديد؟ قال نعم النار، قالت يارب هل من خلقك شئ أشد من النار؟ قال نعم الماء، قالت يارب فهل من خلقك شئ أشد من الماء؟ قال نعم الريح قالت يارب فهل من خلقك شئ أشد من الريح؟ قال نعم ابن آدم يتصدق بيمينه يخفيها من شماله (عن أبى هريرة) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل يؤذيني ابن آدم (4) يسب الدهر (5) وأنا الدهر (6) بيدي الأمر أقلب الليل والنهار (وعنه أيضا) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الدهر فان الله عز وجل قال أنا الدهر

_ فحديثه حسن وقد صرح بالتحديث فى هذا الحديث فهو حسن، وله شاهد من حديث أبى هريرة عند الشيخين والامام احمد وتقدم فى باب صفات الله عز وجل وتنزيهه عن كل نقص فى الجزء الأول صحيفة 46 رقم 19 من كتاب التوحيد وأصول الدين (وفى الباب) عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أحدكم يأتيه الشيطان فيقول من خلقك؟ فيقول فمن خلق الله؟ فإذا وجد ذلك أحدكم فليقل آمنت بالله ورسله فان ذلك يذهب عنه (رواه الامام احمد أيضا) وأورده الهيثمى وقال رواه (حم عل بز) ورجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا محمد بن فضيل عن المختار بن فلفل عن أنس (يعنى ابن مالك) الخ (تخريجه) (م) (باب) (2) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون انا العوام بن حوشب عن سليمان بن أبى سليمان عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) أورده المنذرى فى الترغيب والترهيب وقال رواه الترمذى والبيهقى وغيرهما، وقال الترمذى حديث غريب اهـ (قلت) وأورده الحافظ فى الفتح فى شرح حديث سبعة يظلهم الله فى باب من جلس فى المسجد ينتظر الصلاة وعزاه للامام احمد وحسن اسناده (3) (سنده) حدثنا سفيان عن الزهرى عن سعيد عن أبى هريرة الخ (غريبه) (4) أى يقول فى حقي ما أكره، قال الطبي والأيذاء أيصال مكروه إلى الغير وان لم يؤثر فيه، وأيذاؤه تعالى عبارة عن فعل ما لا يرضاه (5) الدهر اسم لمدة العالم من مبدئ تكوينه الى انقراضه، ويعبر به عن مدة طويلة (6) أى مقليه ومدبره ولهذا عقبه بقوله (بيدى الأمر اقلب الليل والنهار) أى أجددهما وابليهما، قال المنذرى معنى الحديث ان العرب كانت إذا نزل بأحدهم مكروه بسبب الدهر اعتقدوا ان الذى أصابه فعل الدهر، فكان هذا اللعن الفاعل ولا فاعل لكل شئ إلا الله عز وجل فنهاهم عن ذلك (تخريجه) (ق د نس) (7) (سنده) حدثنا ابن نمير ثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن ذكوان عن أبى هريرة الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير

الأيام والليالي لي أجددها وأبليها وآنى بملوك بعد ملوك (باب ما جاء فى البحار والانهار) (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فجرت أربعة أنهار من الجنة الفرات والنيل وسيحان وجيحان (2) (وعنه أيضا) (3) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيحان وجيحان والنيل والفرات وكل من أنهار الجنة (عن صباح بن أشرس) (4) قال سئل ابن عباس عن المد

_ الإمام أحمد وسنده جيد ويؤيده ما قبله (باب) (1) (سنده) حدثنا ابن تمير ويزيد قالا أخبرنا محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) قال النووى رحمه الله إعلم ان سيحان وجيحان غير سيحون وجيحون، فأما سيحان وجيحان المذكوران فى هذا الحديث اللذان هما من أنهار الجنة فى بلاد الارمن فجيحان نهر المصيصة وسيحان نهر إذنة، وهما نهران عظيمان جدا أكبرهما جيحان فهذا هو الصواب فى موضعهما، واما قول الجوهري فى صحاحه جيحان نهر بالشام فغلط، أو أنه أراد المجاز من حيث انه ببلاد الأرمن وهي مجاورة للشام، قال الحازمي سيحان نهر عند المصيصة، قال وهو غير سيحون وقال صاحب نهاية الغريب سيحان وجيحان نهران بالعواصم عند المصيصة وطرسوس، واتفقوا كلهم على أن جيحون بالواو نهر وراء خرسان عند بلخ، واتفقوا على أنه غير جيحان وكذلك سيحون غير سيحان وأما قول القاضى عياض هذه الأنهار الأربعة أكبر أنهار بلاد الاسلام فالنيل بمصر والفرات بالعراق وسيحان وجيحان ويقال سيحون وجيحون ببلاد خراسان ففى كلامه انكار من أوجه (أحدها) قوله الفرات بالعراق وليس بالعراق بل هو فاصل بين الشام والجزيرة (والثانى) قوله سيحان وجيحان ويقال سيحون وجيحون فجعل الاسماء مترادفة وليس كذلك، بل سيحان غير سيحون وجيحان غير جيحون باتفاق الناس كما سبق (الثالث) انه ببلاد خراسان، وأما سيحان وجيحان ببلاد الأرمن بقرب الشام والله أعلم، وأما كون هذه الأنهار من ماء الجنة ففيه تأويلان ذكرهما القاضى عياض (أحدهما) أن الايمان عم بلادها أو الاجسام المتغذية بمائها صائرة الى الجنة (والثانى) وهو الأصح انها على ظاهرها وان لها مادة من الجنة والجنة مخلوقة موجودة اليوم عند أهل السنة، وقد ذكر مسلم فى كتاب الإيمان فى حديث الاسراء ان الفرات والنيل يخرجان من الجنة، وفى البخارى من أصل سدرة المنتهي اهـ (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه البداية والنهاية وكأن المراد والله أعلم من هذا (يعنى قوله صلى الله عليه وسلم فجرت أربعة أنهار من الجنة) ان هذه الانهار تشبه أنهار الجنة فى صفاتها وعذوبتها وجريانها، ومن جنس تلك فى هذه الصفات ونحوها كما قال فى الحديث الآخر الذى رواه الترمذى وصححه (قلت والامام احمد ايضا) عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال العجوة من الجنة وفىها شفاء من السم أى تشبه ثمر الجنة لا أنها مجتناه من الجنة، فان الحس يشهد بخلاف ذلك فتعين ان المراد غيره اهـ باختصار (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه بسنده ولفظه وعزاه للامام احمد ثم قال وهذا اسناد صحيح على شرط مسلم، وأورده أيضا الحافظ السيوطي فى الجامع الصغير وعزاه للامام احمد فقط ورمز له بعلامة الصحة وقال شارحه المناوى ورواه ابن منيع والحارث والديلى (قلت) وهو فى صحيح مسلم بلفظ سيحان وجيحان والفرات والنيل كل من أنهار الجنة وهو الحديث التالى عند الامام احمد (3) (سنده) حدثنا ابن نمير ثنا عبيد الله عن خيبب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبى هريرة الخ (تخريجه) (م) فى صفة الجنة (4) (سنده) حدثنا

والجزر (1) فقال إن ملكا موكل بقاموس البحر (2) فاذا وضع رجله فاضث (3) وإذا رفعها غاضت (4) (عن عمر بن الخطاب) (5) رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ليس من ليلة الا والبحر يشرف فيها ثلاث مرات على الارض يستأذن الله فى أن ينفضح (6) عليهم فيكفه الله عز وجل (عن صفوان بن يعلى) (7) عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال البحر هو جهنم (8) قالوا ليعلى (9) فقال ألا ترون أن الله عز وجل يقول نارا أحاط بهم سرادقها قال لا والذى نفس يعلى بيده لا أدخلها أبدا حتى أعرض على الله عز وجل ولا يصيبنى منها قطرة حتى ألقى الله عز وجل (عن أبى هريرة) (10) قال سأل رجل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إنا نركب البحر ونحمل معنا القليل من الماء فان توضأنا به عطشنا أفنتوضأ من ماء البحر؟ فقال صلى الله عليه وسلم هو الطهور

_ معتمر بن سليمان عن صباح بن اشرس الخ (قلت) هكذا بالاصل (صباح بن اشرس) وهو خطأ وصوابه صباح عن أشرس فتصحفت عن وكانت ابن كما جاء فى تعجيل المنفعة وليس أشرس والد صباح وانما هو شيخه ويؤيد ذلك السند الآتى فى آخر الحديث (غريبه) (1) أى الزيادة والنقص (2) قاموس البحر أى وسطه ومعظمه (نه) (3) يعنى زادت المياه (وقوله غاضت) أى نقصت (4) جاء فى الأصل بعد هذه الجملة: وقال حدثنى ابراهيم بن دينار ثنا صالح بن صباح عن أبيه عن اشرس عن ابن عباس مثله اهـ (قلت) القائل (وقال حدثنى) هو عبد الله بن الامام احمد وهذا السند هو الصواب (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفى اسناده صباح مجهول غير منسوب (5) (سنده) حدثنا يزيد أنبأنا العوام حدثنى شيخ كان مرابطا بالساحل قال لقيت أبا صالح مولى عمر بن الخطاب فقال حدثنا عمر بن الخطاب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) هكذا بالأصل المطبوع (ينفضح) بالحاء المهملة وفى بعض الأصول المخطوطة (ينفضخ) بالخاء المعجمة ومعناه أنه ينفتح ويسيل، يقال انفضخ الدلو إذا دفق ما فيه من الماء ومعنى الحديث ان البحر يشرف أى يطلع كل ليلة ثلاث مرات يستأذن الله عز وجل فى اغراق الآدميين لكثرة معاصيهم، ولكنه سبحانه وتعالى يمسكه بقدرته وحمله وصبره، وهذا من آثار مدافعة رحمته لغضبه وغلبتها له وسبقها اياه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد قال ابن الجوزي فيه العوام عن شيخ كان مرابطا بالساحل والعوام ضعيف والشيخ مجهول (7) (سنده) حدثنا عبد الله بن أمية قال حدثنى محمد بن يحيى قال حدثني صفوان بن يعلى عن أبيه الخ (غريبه) (8) جاء فى بعض الروايات (من جهنم) والمراد بالبحر هنا الملح، وقوله هو جهنم أو من جهنم المراد به تهويل شأن البحر وتهويل خطر ركوبه وتجنبه إلا لأمر ديني كحج ونحوه فان راكبه متعرض للآفات المتراكمة فان أخطأته ورطة جذبته أخرى بمخاليها فكان الغرق رديف الحرق والغرق حليف الحرق، والآفات تسرع إلى راكبه كما يسرع الهلاك من النار لمن لابسها ودنا منها (9) جاء عند ابن جرير الطبري فى تفسيره (فقيل له كيف ذلك)؟ فقلا هذه الآية أو قرأ هذه الآية (نارا أحاط بهم سرادقها) أى سورها ثم قال والله لا أدخلها أبدا أو ما دمت حيا لا يصيبنى منها قطرة (تخريجه) (ك هق) وابن جرير وصححه الحاكم وأقره الذهبى (عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى أول كتاب الطهارة في الجزء الأول

ماؤه الحل ميتته (باب ما جاء فى الشمس والقمر والكواكب) (عن عائشة) (1) رضى الله عنها فى صفة صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى كسوف الشمس قالت فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد تجلث الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال ان الشمس والقمر من آيات الله وإنهما لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته، فإذا رأيتموها فكبروا وادعوا الله عز وجل وصلوا وتصدقوا الحديث (عن أسماء بنت أبى بكر) (2) رضى الله عنهما بنحوه وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أيها الناس ان الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا يخسفان لموت أحد ولا لحياته فاذا رأيتم ذلك فافزعوا الى الصلاة والى الصدفة والى ذكر الله (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (3) قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم الشمس حين غربت فقال فى نار الله الحامية (4) لولا ما يزعها (5) من أمر الله لأهلكت ما على الأرض (عن أبى ذر) (6) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال تغيب الشمس تحت العرض فيؤذن لها فترجع فإذا كانت الليلة التى تطلع صبيحتها من المغرب لم يؤذن لها فاذا أصبحت قيل لها اطلعى من مكانك ثم (قرأ هل ينظرون الا أن تأتيهم الملائكة أو يأتى ربك أو يأتى بعض آيات ربك) (عن أبى هريرة) (7) عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال ما طلع النجم (8) صباحا قط وبقوم عاهة (9) الا رفعت أو خففت (10)

_ صحيفة 201 رقم 1 فارجع اليه تجد ما يسرك (باب) (1) (عن عائشة الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى أبواب كسوف الشمس فى الجزء السادس صحيفة 225 رقم 1712 (2) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الجزء المشار اليه صحيفة 222 رقم 1810 وهو خطأ وصوابه 1710 (3) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون أخبرنا العوام حدثنى مولى لعبد الله بن عمرو عن عبد الله بن عمرو بن العاص الخ (غريبه) (4) قرأ ابن عباس حتى اذا بلغ مغرب الشمس وجدها تغرب فى عين حامية أى حارة انظر كلام المفسرين فى ذلك (5) أى يكفها ويمنعها، يقال وزعته عن الأمر أزعه وزعا من باب وهب منعته عنه وحبسته (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره من رواية الطبرى ثم قال ورواه الامام احمد عن يزيد بن هارون وفى صحة رفع هذا الحديث نظر ولعله من كلام عبد الله بن عمرو من زاملتيه اللتين وجدهما يوم اليرموك: يريد انه وجد زاملتين مملوءتين كتبا من علوم أهل الكتاب، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه راو لم يسم وبقية رجاله ثقات وعزاه الحافظ السيوطى فى الدر المنثور لابن أبى شيبة وابن منيع وأبى يعلى وابن مردودية والله أعلم (6) (عن أبى ذر الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب هل ينظرون إلا أن تأتيهم الملائكة فى آخر سورة الانعام من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 142 رقم 275 فارجع اليه تجد ما يسرك (7) (سنده) حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا عسل بن سفيان عن عطاء بن أبى رباح عن أبى هريرة الخ (غريبه) (8) يعنى الثريا فانه اسمها بالغلبة لعدم خفائها لكثرتها (وقوله صباحا) أى عند الصبح (9) العاهة تشمل المرض والوباء فى النفس أو المال (10) أى رفعت نهائيا أو أخذت فى النقص والانحطاط (قال العلماء) ومدة مغيبها نيف وخمسون ليلة لانها تخفى لقربها من الشمس قبلها وبعدها فإذا

(وعنه من طريق ثان) (1) قال قال رسول صلى الله عليه وسلم إذا طلع النجم ذا صباح رفعت العاهة (حدثنا يزيد بن هرون) (2) ثنا هشام عن محمد قال كنا مع أبى قتادة على ظهر بيتنا فرأى كوكبا انقض فنظروا اليه فقال أبو قتادة رضى الله عنه إنا قد نهينا أن نتبعه أبصارنا (عن عائشة) (3) رضي الله عنها قالت أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدى فأرانى القمر حتى طلع فقال تعوذى بالله من من شر هذا الغاسق اذا وقب (عن أبى هريرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم تروا الى ما قال ربكم عز وجل؟ قال ما أنعمت على عبادى من نعمة ألا أصبح فريق منهم بها كافرين يقولون الكوكب (5) وبالكوكب (باب ما جاء فى السحاب والرعد والرياح) (حدثنا يزيد) (6) أنا ابراهيم بن سعد أخبرنى أبى قال كنت جالسا إلى جنب حميد بن عبد الرحمن فى المسجد فمر شيخ جميل من بنى غفار وفى اذنيه صمم أو قال وفر، أرسل اليه حميد فلما أقبل قال يا ابن أخى أوسع له فيما بينى وبينك فانه قد صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حتى جلس فيما بينى وبينه، فقال له حميد هذا الحديث الذى حدثنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال الشيخ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله عز وجل بشئ السحاب فينطق أحسن النطق (7) ويضحك أحسن الضحك (عن ابن عمر) (8)

_ بعدت عنها ظهرت فى الشرق وقت الصبح، قيل أراد بهذا الخير أرض الحجاز لأن الحصاد يقع بها فى ابار وتدرك الثمار وتأمن من العاهة فالمراد عاهة، الثمار خاصة والله أعلم (1) (سنده) حدثنا أبو سعيد ثنا وهيب ثنا عسل بن سفيان عن عطاء عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفى اسناده عسل بكسر العين وسكون السين المهملتين ويجوز فتحها ابن سفيان اليربوعى ضعفه النسائى ووثقه ابن حيان (2) (حدثنا يزيد بن هارون الخ) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (3) (سنده) حدثنا أبو داود الحضرمى عن ابن أبى ذئب عن الحارث عن أبى سلمة قال قالت عائشة أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدى الخ (تخريجه) (مذ نس ك) وصححه الترمذى والحاكم وأقره الذهبى، وتقدم نحوه عن عائشة أيضا فى تفسير سورة الفلق من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 352 رقم 547 وتقدم شرحه هناك (4) (سنده) حدثنا هارون هو ابن معروف قال حدثنا عبد الله بن وهب حدثنى يونس عن ابن شهاب حدثنى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) أى أمطر الكوكب ومطرنا الكوكب (تخريجه) (ق، وغيرهما) وتقدم نحوه من حديث زيد بن خالد الجهنى فى باب اعتقاد أن المطر بيد الله من أبواب صلاة الاستسقاء فى الجزء السادس صحيفة 252 رقم 1726 وتقدم الكلام على شرحه مستوفى هناك فارجع اليه (باب) (6) (حدثنا يزيد الخ) (غريبه) (7) روى موسى بن عبيدة بن سعد بن ابراهيم انه قال ان نطقه الرعد وضحكه البرق، قاله ابن كثير فى تاريخه (تخريجه) أورده الحافظ السيوطى فى الجامع الكبير وعزاه للامام احمد والبيهقى فى الاسماء: ورجاله عند الامام احمد ثقات، وله شاهد من حديث أبى هريرة مرفوعا ينشئ الله عز وجل السحاب ثم ينزل فىه الماء فلا شئ أحسن من ضحكه ولا شئ أحسن من منطقه، وضحكة البرق ومنطقة الرعد، أورده الحافظ السيوطى فى الجامع الكبير أيضا وعزاه العقيلى والرامهرمزى والحاكم فى تاريخه وابن مردويه (8) (عن ابن عمر الخ) هذا الحديث تقدم

قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا سمع الرعد والصواعق قال اللهم لا تقتلنا بغضبك ولا تهلكنا بذعابك وعافنا قبل ذلك (عن ابن عباس) (1) قال اقبلت يهود الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا أبا القاسم أنا نسألك عن خمسة أشياء فذكر الحديث وفيه قالوا أخبرنا ما هذا الرعد؟ قال ملك من ملائكة الله عز وجل موكل بالسحاب بيده أو فى يده مخراق من نار يزجر به السحاب يسوقه حيث أمر الله، قالوا فما هذا الصوت الذى نسمع قال صوته قالوا صدقت (عن أبى هريرة) (2) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال قال ربكم عز وجل لو أن عبادى أطاعونى لأسقيتهم المطر بالليل وأطلعت عليهم الشمس بالنهار ولما أسمعتهم صوت الرعد: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان حسن الظن بالله من حسن عبادة الله (وعنه أيضا) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا الريح فانها تجئ بالرحمة (4) والعذاب ولكن سلوا الله خيرها وتعوذوا به من شرها (وعنه أيضا) (5) قال أخذت الناس ريح بطريق مكة وعمر بن الخطاب حاج فاشتدت عليهم فقال عمر لمن حوله من يحدثنا عن الريح؟ فلم يرجعوا اليه شيئا، (6) فبلغنى الذى سأل عنه عمر من ذلك، فاستحثثت راحلتى حتى أدركته فقلت يا أمير المؤمنين أخبرت أنك سألت عن الريح، وانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الريح من روح (7) الله تأتى بالرحمة وتأتى بالعذاب، فاذا رأيتموها فلا تسبوها وسلوا الله خيرها واستعيذوا به من شرها (عن جابر) (8) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر قال فهبت ريح شديدة فقال هذه لموت منافق (9) قال فلما قدمنا المدينة اذا هو قد مات منافق عظيم من عظماء المنافقين (10)

_ بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما يقال عند نزول المطر وسماع الرعد من كتاب الأذكار فى الجزء الرابع عشر صحيفة 258 رقم 154 (1) (عن ابن عباس الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب من كان عدوا لجبريل الخ من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 73 رقم 165 فارجع اليه (2) (عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الترغيب فى أعمال البر والطاعة فى الجزء التاسع عشر صحيفة 31 رقم 11 (3) (سنده) حدثنا يحيى حدثنا الأوزاعى حدثنى الزهر يحدثنى ثابت الزرقى قال سمعت أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) أى بالغيث والراحة والنسيم (والعذاب) باتلاف الزرع والشجر وهلاك الماشية وعدم البناء فلا تسبوها فانها مأمورة لا ذنب لها (تخريجه) (جه) والبخارى فى الأدب المفرد وسنده صحيح (5) (سنده) حدثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهرى حدثنى ثابت بن قيس ان أبا هريرة قال أخذت الناس ريح الخ (غريبه) (6) أى لم يفيدوه بشئ عن الريح والقائل فبلغنى هو أبو هريرة رضى الله عنه (7) بفتح الراء وسكون الواو أى من رجمته بعباده (تخريجه) (د جه ك) والبخارى فى الأدب المفرد وصححه الحاكم على شرط الشيخين وأقره الذهبى (8) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبى سفيان عن جابر (يعنى ابن عبد الله) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) أى عقوبة له وعلامة لموته (10) ثم أقف على اسم هذا المنافق (تخريجه) (م) باطول من هذا ولفظه عن جابر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم من سفر فلما كان قرب المدينة هاجت ريح شديدة تكاد أن تدفن الراكب فزعم

(عن أنس بن مالك) (1) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان إذا هبت الريح عرف ذلك في وجهه (2) (باب ما جاء فى الغيم والمطر والبرد وزمن الشتاء) (عن عائشة) (3) رضى الله عنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى غيما إلا رأيت فى وجهه الهيج (4) فاذا أمطرت سكن (وعنها من طريق ثان) (5) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا رأى مخيلة (6) تغير وجهه ودخل وخريج وأقبل وأدبر فاذا أمطرت سرى عنه فذكر ذلك له فقال ما أمنت أن يكون كما قال (فلما رأوه عارضا مستقبل أو ديتهم الى ريح فيها عذاب أليم) (وعنها أيضا) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ناشئا من أفق من أفاق السماء ترك عمله وأن كان فى صلاته ثم يقول اللهم انى أعوذ بك من شر ما فيه، فان كشف الله حمد الله، وان مطرت قال اللهم صيبا نافعا (عن معاوية الليثى) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون الناس مجدبين (9) فينزل الله تبارك وتعالى عليهم رزقا من رزقه (10) فيصبحون بمشركين، فقيل له وكيف ذاك يا رسول الله؟ فقال يقولون مطرنا بنوء كذا (11) (عن أنس بن مالك) (12) قال مطرنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فخرج فحسر ثوبه حتى أصابه المطر قال فقيل له يا رسول الله لم صنعت هذا قال لأنه حديث عهد ربه (قط) (وعنه أيضا) (13) قال مطرنا بردا وابو طلحة صائم فجعل يأكل منه

_ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعثت هذه الريح لموت منافق فلما قدم المدينة فاذا منافق عظيم من المنافقين قد مات اهـ وفىه معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم (1) (سنده) حدثنا ابراهيم بن اسحاق حدثنا الحارث بن عمير عن حميد الطويل عن انس بن مالك الخ (غريبه) (2) الظاهران وجهه صلى الله عليه وسلم كان يتغير عند هبوب الريح خوفا من أن تكون ريح عذاب والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله ثقات (باب) (3) (سنده) حدثنا عبد الصمد قال ثنا عبيد الله بن عوذة الفريعى قال حدثنى عمرو بن عبد الرحمن ان أم هلال حدثته أنها سمعت عائشة تقول ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) أى الخوف والفزع (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق انا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) قال فى النهاية المخيلة موضع الخيل وهو الظن كالمظنة وهي السحابة الخليقة بالمطر ويجوز ان تكون مسماه بالمخيلة التي هي مصدر كالمحبسة من الحبس (تخريجه) (م فع ك) (7) (وعنها أيضا) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما يقال عند نزول المطر وسماع الرعد الخ من كتاب الأذكار فى الجزء الرابع عشر صحيفة 257 رقم 153 (8) (سنده) حدثنا سليمان بن داود الطيالسى ثنا عمران يعنى القطان عن قتادة عن نصر بن عاصم الليثى عن معاوية الليثي الخ (غريبه) (9) يعنى أصابهم القحط والجدب من عدم المطر (10) يعنى المطر (11) تقدم الكلام على شرح هذه الجملة مستوفى فى باب اعتقاد أن المطر بيد الله الخ من أبواب الاستسقاء فى الجزء السادس صحيفة 252 رقم 1726 (تخريجه) (طل) وسنده جيد واخرج الجملة الأخيرة منه الشيخان وغيرهما، (12) (عن أنس بن مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما يقول ويصنع إذا رأى المطر من أبواب الاستسقاء فى الجزء السادس صحيفة 253 رقم 1727: (12) (وعنه أيضا) هذا الأثر تقدم بسنده

قيل له أتأكل منه وأنت صائم؟ فقال انما هذا بركة (عن أبى سعيد) (1) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال الشتاء ربيع المؤمن (2) (عن أبى هريرة) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان السنة (4) ليس بأن لا يكون فيها مطر، ولكن السنة أن تمطر السماء ولا تنبت الأرض (5) (باب ما جاء فى خلق الملائكة) (عن عائشة) (6) رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلقت الملائكة من نور وخلقت الجان (7) من مارج من نار وخلق آدم عليه السلام مما وصف (8) لكم (عن أبى ذر) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنى أرى مالا ترون وأسمع مالا تسمعون، أطت السماء وحق لها أن تنط مت فيها موضع أربع أصابع الا عليه ملك ساجد لو علمتم ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ولا تلذذتم بالنساء على الفرشات ولخرجتم على أو إلى الصعدات تجأرون الى الله، قال أبو ذر والله لوددت أنى شجرة تعضد (عن جابر) (10) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عرض على الأنبياء (11) فاذا موسى عليه السلام رجل ضرب (12) من الرجال كأنه من رجال سنوءة (13) فرأيت عيسى بن مريم عليه السلام فإذا أقرب من رأيت به

_ وشرحه وتخريجه فى الباب المشار اليه عقب الحديث السابق وهو من زوائد القطبى على مسند الامام احمد ولذلك رمزت له برمز (قط) (1) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد (يعنى الخدرى) الخ (غريبه) (2) قال العسكرى انما قال ربيع المؤمن لأن احمد الفصول عند العرب فصل الربيع، لأن فيه الخصب ووجود المياء والزرع، ولهذا كانوا يقولون للرجل الجواد هو ربيع اليتامى فيقيمونه مقام الخصب، والخير كثير الوجود فى الربيع (قلت) زاد البيهقى فى روايته وقصر نهاره فصام، وطال ليلة فقام، وهذا ثمرة كونه ربيع المؤمن (تخريجه) أورده الحافظ السيوطى فى الجامع الصغير وعزاه للامام احمد وأبى يعلى وحسنه، قال المناوى شارحه رمز المصنف لحسنه وهو كما قال فقد قال الهيثمى اسناده حسن اهـ، وأورده ابن الجوزى فى الواهيات وقال لا يصح انتهى ما قاله المناوى (قلت) فى اسناده دراج بتثقيل الراء صدوق لكن حديثه عن أبى الهيثم ضعيف كذا فى التقريب (3) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن سهيل عن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة الخ (غريبه) (4) السنة بفتحات يعنى القحط والجدب (5) سبب ذلك كثرة المعاصى وعدم المبالاة بها نسأل الله السلامة (تخريجه) (م فع طل) (باب) (6) (سنده) حدثنا عبد الرازق انا معمر عن الزهرى عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (7) يعنى أبا الجن أو ابليس (من مارج من نار) أى من نار مختلطة بهواء مشتعل والمرج الاختلاط فهو من عنصرين من هواء وماء كما ان آدم من عنصرين تراب وماء عجن به فحدث له اسم الطين كما حدث للجن اسم المارج (8) بالبناء للمفعول أى مما وصفه الله لكم فى مواضع من كتابه (تخريجه) (م) (9) (عن أبى ذر الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب عظمة الله تعالى وكبريائه من كتاب التوحيد فى الجزء الأول صحيفة 14 رقم 13 (10) (سنده) حدثنا يونس وحجين قالا ثنا ليث عن أبى الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد الله الخ) (غريبه) (11) يعنى ليلة الاسراء (12) باسكان الراء قال القاضي عياض هو الرجل بين الرجلين فى كثرة اللحم وقلته (13) جاء في رواية أخرى

شبها عروة بن مسعود، ورأيت ابراهيم عليه السلام فاذا أقرب من رأيت به شبها صاحبكم يعنى نفسه صلى الله عليه وسلم ورأيت جبريل عليه السلام فاذا أقرب من رأيت به شبها دحية (1) (عن عبد الله) (2) قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل وله ستمائة جناح كل منها قد سد الأفق يسقط من جناحه من التهاويل (3) والدر والياقوت ما الله أعلم به (وعنه أيضا) (4) قال أن محمدا صلى الله عليه وسلم لم ير جبريل فى صورته إلا مرتين: أما مرة فإنه سأله أن ريه نفسه فى صورته فأراه صورته فسد الأفق (وأما الأخرى) فانه صعد معه حين صعد به وموله (وهو بالافق الأعلى ثم دنا فتدلى فكان تاب قوسين أو دنى فاوحى الى عبده ما أوحى) قال فلما أحس جبريل ربه عاد فى صورته وسجد، فقوله (ولقد رآه نزلة أخرى عند سدره المنتهى عندها جنة المأوى اذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى) قال خلق جبريل عليه السلام (عن ابن عباس) (5) قال جاءت يهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا انه ليس من نبى الا له ملك يأتيه بالخير فأخبرنا من صاحبك؟ قال جبريل عليه السلام، قالوا جبريل ذاك الذى ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا لو قلت ميكائيل الذى ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان، فأنزل الله عز وجل (من كان عدوا لجبريل) الى آخر الآية (عن أبى سعيد الخدرى) (6) قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الصور (7) فقال عن يمينه جبريل وعن يساره ميكائيل عليهم السلام (عن أنس بن مالك) (8)

_ (آدم طوال كأنه من رجال شنوءة) فقوله آدم بمد الهمزة وفتح المهملة قيل هو من أدمة الأرض وهو لونها وبه سمى آدم عليه السلام (نه) (طوال) بضم الطاء وتخفيف الواو ومعناه طويل وهما لغتان، وأما (شنوءة) فبشين معجمة مفتوحة ثم نون ثم واو ثم همزة ثم هاء رهى قبيلة معروفة قاله النووى (1) زاد فى رواية ابن خليفة ودحية بكسر الدال وفتحها لغتان مشهورتان (تخريجه) (م مذ) (2) (سنده) حدثنا حجاج ثنا شريك عن عاصم عن أبى وائل عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) الخ (غريبة) (3) أى الأشياء المختلفة الألوان، ومنه يقال لما يخرج فى الرياض من الوان الزهر التهاويل وكذلك لما يعلق على الهوادج من الوان العهن والزينة، وكأن واحدها تهوال واصلها مما يهول الانسان ويحيره (نه) (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للامام احمد وحسن اسناده وعزاه الحافظ السيوطى فى الدر المنثور لعبد بن حميد وابن المنذر والطبرانى وأبى الشيخ وابن مردويه وأبى نعيم والبيهقى فى الدلائل، وروى الشيخان والترمذى منه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبريل وله ستمائة جناح (4) (وعنه أيضا) الح هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب وهو بالأفق الأعلى فى تفسير سورة النجم فى الجزء الثامن عشر صحيفة 286 رقم 438 (5) (عن ابن عباس الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب من كان عدوا لجبريل الخ من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 73 رقم 165 فارجع اليه (6) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن سعد الطائى عن عطية العوفى عن أبى سعيد الخدرى الخ (7) يعنى اسرافيل عليه السلام (تخريجه) (د) وفى اسناده عطية العوفى ضعيف (8) (سنده) حدثنا أبو اليمان ثنا ابن عياش عن عمارة بن غزية الأنصاري أنه

عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لجبريل عليه السلام مالى لم أر ميكائيل ضاحكا قط؟ قال ما ضحك ميكائيل منذ خلقت النار (عن أم سلمة) (1) رضى الله عنها قالت قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم أصلحى لنا المجلس فانه ينزل ملك الى الارض لم ينزل اليها قط (عن أبى العالية) (2) قال حدثنى ابن عم نبيكم (3) صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل ما ينبغى لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ونسبه الى أبيه، قال وذكر أنه أسرى به وأنه رأى موسى عليه السلام آدم طوالا كأنه من رجا شنوءة (4) وذكر أنه رأى عيسى مربوعا (5) الى الحمرة والبياض جعدا (6) وذكر أنه رأى الدجال ومالكا خازن النار (عن البراء بن عازب) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن العبد اذا كان فى انقطاع من الدنيا وإقبال من الآخرة نزل اليه ملائكة من السماء بيض الوجوه وكان وجوههم الشمس، معهم كفن من اكفان الجنة وحنوط من حنوط الجنة حتى يجلسوا منه مد البصر، ثم يجئ ملك الموت عليه السلام حتى يجلس عند رأسه فيقول أيتها النفس الطيبة اخرجى الى مغفرة من الله ورضوان، قال فتخرج تسيل كما الفطرة من فى السقاء فيأخذها فاذا أخذها لم يدعوها فى يده طرفة عين حتى يأخذوها فيجعلوها فى الكفن وفى ذلك الحنوط ويخرج منها كأطيب نفخة مسك وجدت على وجه الأرض، قال فيصعدون بها فلا يمرون يعنى بها على ملأ من الملائكة إلا قالوا ما هذا الروح الطيب؟ فيقولون فلان بن فلن بأحسن أسمائه التى كانوا يسمونه بها فى الدنيا حتى ينتهوا بها الى السماء الدنيا فيستفتحون له فيفتح لهم، فيشيعه من كل سماء مقربوها الى السماء التى تليها حتى ينتهى بها الى السماء السابعة، فيقول الله عز وجل اكتبوا كتاب عبدى فى عليين وأعيدوه الى الأرض فأنى منها خلقتهم وفيها أعيدهم ومنها أخرجهم تارة أخرى، قال فتعاد روحه فى جسده فيأتيه ملكان فيجلسانه فيقولان له من ربك؟ فيقول ربى الله، فيقولان ما دينك؟ فيقول دينى الاسلام، الحديث (عن أبى هريرة) (8) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال تجتمع

_ سمع حميد بن عبيد مولى بنى المعلى يقول سمعت ثابتا البنانى يحدث عن أنس بن مالك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده حسن (1) (سنده) حدثنا سيار قال ثنا جعفر يعنى ابن سليمان قال ثنا المغيرة ابن حبيب ختن مالك بن دينار قال حدثنى شيخ من المدينة عن أم سلمة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفى اسناده رجل لم يسم (2) (سنده) حدثنا حجاج حدثنى شعبة عن قتادة عن أبى العالية الخ (غريبه) (3) يعنى ابن عباس رضى الله عنهما (4) تقدم تفسير هذه الجملة فى شرح حديث جابر المتقدم فى هذا الباب (5) قال أهل اللغة هو الرجل بين الرجلين فى القامة ليس بالطويل البائن ولا بالقصير الحقير (6) قال النووى قال العلماء المراد بالجعد هنا جعودة الجسم وهو اجتماعه واكتنازه وليس المراد جعودة الشعر (تخريجه) (م، وغيره) (7) (عن البراء بن عازب) الخ هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما يراه المحتضر ومصير الروح بعد مفارقة الجسد من كتاب الجنائز فى الجزء السابع صحيفة 74 رقم 73 فارجع اليه وانما ذكرت بعضه هنا لما فيه من ذكر الملائكة (8) (عن أبى هريرة) الخ هذا الحديث تقدم بسنده

ملائكة الليل والنهار فى صلاة الفجر وصلاة العصر، قال فيجتمعون فى صلاة الفجر قال فتصعد ملائكة الليل وتثبت ملائكة النهار، قال ويجتمعون فى صلاة العصر قال فيصعد ملائكة النهار وتثبت ملائكة الليل، قال فيسألهم ربهم كيف تركتم عبادى؟ قال فيقولون أتيناهم وهم يصلون وتركناهم وهم يصلون، قال سليمان (يعنى الأعمش أحد الرواة) ولا اعلمه إلا قد قال فيه فاغفر لهم يوم الدين (عن عبد الله) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقربته من الملائكة، قالوا واياك يا رسول الله؟ قال واياى ولكن الله أعاننى عليه فلا يأمرنى إلا بحق (عن عبد الله بن عمر) (2) أنه سمع نبى الله صلى الله عليه وسلم يقول أن آدم صلى الله عليه وسلم لما اهبطه الله تعالى الى الارض قالت الملائكة أى رب اتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك، قال انى اعلم ما لا تعلمون، قالوا ربنا نحن اطوع لك (3) من بنى آدم، قال الله تعالى للملائكة هلموا ملكين من الملائكة حتى يهبط بهما الى الأرض (4) فننظر كيف يعملون، قالوا ربنا هاروت وماروت فأهبطا الى الأرض ومثلت لهما الزهرة بامرأة من أحسن البشر فجاءتهما فسألاها نفسها، فقالت لا والله حتى تكلما بهذه الكلمة من الإشراك، فقالا والله لا نشرك بالله أبدا فذهبت عنهما ثم رجعت بصبى تحمله فسألاها نفسها، قالت لا والله حتى تقتلا هذا الصبى، فقالا والله لا تقتله أبدا، فذهبت ثم رجعت بقدح خمر تحمله فسألاها نفسها، قالت لا والله حتى تشربا هذا الخمر فشربا فسكرا فوقعا عليها وقتلا الصبى، فلما أفاقا قالت المرأة والله ما تركتما شيئا مما ابيتماه علي إلا قد فعلتما

_ وشرحه وتخريجه فى باب فضل صلاة العصر وبيان أنها الوسطى من كتاب الصلاة فى الجزء الثانى صحيفة 260 رقم 123 (1) (سنده) حدثنا يحيى عن سفيان حدثنى منصور عن سالم بن أبى الجعد عن أبيه عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م. وغيره) (2) (عن عبد الله ابن عمر الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب أتجعل فيها من يفسد فيها من تفسير سورة البقرة فى الجزء الثامن عشر صحيفة 70 رقم 163 وتقدم الكلام على شرحه مستوفى، وقد وقع فى متنه خطأ مطبعى فى كلمتين نبهت عليهما هنا لتصوب نسختك كما هنا (3) جاء هناك (قالوا وانا نحن اطوع لك) وهو خطأ والصواب ما هنا (4) وقع هناك (هلموا ملكين حتى نهبطهما الى الأرض) وهو خطأ والصواب ما هنا، وهذا الحديث أورده الحافظ فى القول المسدد فى الذب عن المسند للامام احمد فقال (قال الامام احمد) حدثنا يحيى ابن بكير ثنا زهير بن محمد ثنا موسى بن جبير عن نافع عن ابن عمر انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان آدم الخ فذكر الحديث كما هنا ثم قال، أورده ابن الجوزى من طريق الفرج بن فضالة عن معاوية بن صالح عن نافع وقال لا يصح، والفرج بن فضالة ضعفه يحيى، وقال ابن حبان يقلب الأسانيد ويلزق المتون الواهية بالأسانيد الصحيحة (قال الحافظ) وبين سياق معاوية بن صالح وسياق زهير تفاوت، وقد أخرجه من طريق زهير بن محمد أيضا أبو حاتم وابن حبان فى صحيحه وله طرق كثيرة جمعتها فى جزء مفرد يكاد الواقف عليه ان يقطع بوقوع هذه القصة لكثرة الطرق الواردة فيها وقوة مخارج أكثرها والله أعلم انتهى كلام الحافظ رحمه الله (قلت) ارجع إلى شرح هذا الحديث

حين سكرتما فخيرا بين عذاب الدنيا والآخرة فاختارا عذاب الدنيا (عن أبى هريرة أو أبى سعيد) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لله وملائكته سياحين فى الأرض فضلا عن كتاب الناس، فاذا وجدوا قوما يذكرون الله تنادوا هلموا إلى بغيتكم، فيجيئون فيحون بهم الى السماء الدنيا، فيقول الله أى شئ تركتم عبادى يصنعون؟ فيقولون تركناهم يحمدونك ويمجدونك ويذكرونك، فيقول هل رأونى؟ فيقولون لا، فيقول فكيف لو رأونى؟ فيقولون لو رأوك لكانوا أشد تحميدا وتمجيدا وذكرا، فيقول فأى شئ يطلبون؟ فيقولون يطلبون الجنة، فيقول وهل رأوها؟ فيقولن لا، فيقول فكيف لو رأوها؟ كانوا أشد عليها حرصا وأشد لها طلبا، قال فيقول ومن أى شئ يتعوذون؟ فيقولون من النار، فيقول وهل رأوها؟ فيقولان لا، قال فيقول فكيف لو رأوها؟ فيقولون لو رأوها كانوا أشد منها هربا وأشد منها خوفا، قال فيقول انى قد غفرت لهم، قال فيقولون فان فيهم فلانا الخطاء لم يردهم، إنما جاء لحاجة، فيقول هو القوم لا يشفى جليسهم (باب ما جاء فى خلق الجن وأمور تتعلق بهم) (عن عائشة) (2) رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلقت الملائكة من نور، وخلقت الجان من مارج من نار، وخلق آدم عليه السلام مما وصف لكم (عن جابر) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أبليس يضع عرشه (4) على الماء (وفى رواية فى البحر) ثم يبعث سراياه (5) فأدناهم منه منزلة (6) أعظهم فتنة يجئ أحدهم فيقول فعلت كذا وكذا (7) فيقول ما صنعت شيئا (8) قال ويجئ أحدهم فيقول ما تركته حتى فرقت بينه وبين أهله قال فيدينه منه (9) أو قال فيلتزمه أو يقول نعم أنت (10)

_ والكلام عليه فى الجزء الثامن عشر صحيفة 70 رقم 163 كما أشرت الى ذلك تجد ما ترتاح اليه نفسك ويطمئن اليه قلبك والله الموفق (1) (عن أبى هريرة أو أبى سعيد الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب فضل الذكر مطلقا والاجتماع عليه من كتاب الاذكار فى الجزء الرابع عشر صحيفة 198 رقم 4 (باب) (2) (عن عائشة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى أول الباب السابق فارجع اليه (3) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الاعمش عن أبى سفيان عن جابر يعنى (ابن عبد الله) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) أى سرير ملكه يحتمل أن يكون سريرا حقيقة ويحتمل أن يكون تمثيلا لشدة عتوه ونفوذ أمره بين أعوانه، والظاهر ان استعمال هذه العبارة الهائلة وهو قوله عرشه تهكما وسخرية فانها استعملت فى الجبار الذى لا يغالب (وكان عرشه على الماء) والغرض ان ابليس مسكنه البحر كما فى رواية (يضع عرشه فى البحر) (5) جمع سريه كعطية واصلها القطعة من الجيش، والمراد هنا جنوده واعوانه أى يرسلهم إلى اغواء بنى آدم وافتتانهم وأيقاع البغضاء والشرور بينهم (6) أى أقربهم وأحبهم اليه (7) أى وسوست بنحو قمار أو سرقة أو شرب (8) يعنى استخفافا بفعله (9) أى يقربه منه (أو قال فيلتزمه) أو للشك من الراوى أى يضمه الى صدره فرحا وسرورا بفعله، وهذا تهويل عظيم فى ذم التفريق: قال تعالى (واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا) وقال (ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) (10) أى ويقول مادحا شاكرا له (نعم انت) بفتح النون من قوله نعم على انه حرف إيجاب، ومعناه أنت الذي تستحق مدحي

قال أبو معاوية مرة فيدينه منه (1) (عن أبى سعيد الخدرى) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن صائد ما ترى؟ قال أرى عرشا على البحر حوله الحيات، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرى عرش ابليس (عن سيرة بن أبى فاكه) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الشيطان قعد لابن آدم بأطرقه (4) فقعد له بطريق الاسلام فقال له أتسلم (5) وتذر دينك ودين أبائك وآباء أبيك؟ قال فعصاه فأسلم، ثم قعد له بطريق الهجرة فقال أتهاجر وتذر أرضك وسماءك؟ وإنما مثل المهاجر كمثل الفرس فى الطول (6) قال فعصاه فهاجر، قال ثم قعد له بطريق الجهاد فقال له هو جهد (7) النفس والمال فتقاتل فتقتل فتنكح المرأة ويقسم المال، قال فعصاه فجاهد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن فعل ذلك منهم فمات كان حقا على الله ان يدخله الجنة، أو قتل كان حقا على الله عز وجل أن يدخله الجنة، وان غرق كان حقا على الله أن يدخله الجنة أو قصته (8) دابته كان حقا على الله أن يدخله الجنة (عن أبى هريرة) (9) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ان الشيطان قد أيس ان يعبد بأرضكم (10)

_ والقرب مني (1) معناه أن أبا معاوية روى الحديث مرة مقتصرا على قوله فيدنيه منه ولم يذكر (أو قال فيلتزمه) (تخريجه) (م. وغيره) (2) (عن أبى سعيد الخدرى) الخ سيأتى هذا الحديث بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء بخوارق العادات لابن صياد من أبواب ظهور العلامات الكبرى قبل قيام الساعة من كتاب الفتن (3) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم قال ثنا أبو عقيل يعنى الثقفى عبد الله بن عقيل ثنا موسى ابن المثنى أخبرنى سالم بن أبى الجعد عن سيرة بن أبى فاكه الخ (قلت) جاء فى الأصل حدثنا موسى بن المثنى وهو خطأ وصوابه بن المسيب كما فى النسائى، وجاء عند الامام احمد وكذلك النسائى سيرة بن أبى فاكه وجاء فى الخلاصة والتقريب سيرة بن الفاكه وهو يفتح المهملة وسكون الموحدة (غريبه) (4) قال فى النهاية جمع طريق على التأنيث لأن الطريق تذكر وتؤنث فجمعه على التذكير أطرقة كرغيف وأرغفة وعلى التأنيث أطرق كيمين وأيمن (5) أى كيف تسلم الخ (6) بكسر الطاء المهملة وفتح الواو وهو الحبل الذى يشد أحد طرفيه فى وتد والطرف الآخر فى يد الفرس، وهذا من كلام الشيطان، ومقصوده ان المهاجر يصير كالمقيد فى بلاد الغربة لا يدور إلا فى بيته ولا يخالطه إلا بعض معارفه فهو كالفرس فى طوله لا يدور ولا يرعى إلا بقدره بخلاف أهل البلاد فى بلادهم فانهم مبسوطون لا ضيق عليهم، فاحدهم كالفرس المرسل (7) بفتح الجيم يعنى المشقة والتعب والمراد بالمال الجمال والعبيد ونحوهما أو المال مطلقا واطلاق الجهد للمشاكلة أى تنقيصه واضاعته والله أعلم (8) الوقص كسر العنق وقصت عنقه أقصها وقصا، ووقصت به راحلته كقولك خذ الخطام وخذ بالخطام ولا يقال وقصت العنق نفسها ولكن يقال وقص الرجل فهو موقوص (نه) (تخريجه) (نس) فى الجهاد وسنده جيد (9) (سنده) حدثنا معاوية ثنا ابو اسحاق عن الاعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (10) جاء فى حديث جابر الآتى بلفظ إن الشيطان قد أيس ان يعبده المصلون، زاد عند مسلم فى جزيرة العرب فالمراد بقوله هنا بأرضكم هذه يعنى جزيرة العرب ومعنى الحديث إن الشيطان علم انه لا يؤثر كيده لعباد الله المؤمنين المصلين المستوطنين بجزيرة العرب ولا يمكنه ان يغير عقيدتهم فى وحدانية الله عز وجل بحيث يعبدون الأصنام

هذه ولكنه قد رضى منكم بما تحقرون (1) (عن جابر) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ابن نمير (3) فى حديثه سمعت النبى صلى الله عليه وسلم قال ان الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون ولكن فى التحريش بينهم (4) (وعنه ايضا) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ترسلوا فواشيكم (6) وصبيانكم اذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء (7) فان الشياطين تعبث اذا غابت الشمس حتى تذهب فحمة العشاء (عن عروة بن الزبير) (8) ان عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم حدثت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من عندها ليلا قالت فغرت، عليه قالت فجاء فرأى ما أصنع فقال مالك يا عائشة أغرت؟ قالت فقلت ومالى أن لا يغار مثلى على مثلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفأخذك شيطانك؟ قالت يا رسول الله أو معى شيطان؟ قال نعم، قلت ومع كل انسان؟ قال نعم، قلت ومعك يا رسول الله؟ قال نعم ولكن، ربى عز وجل أعاننى عليه حتى أسلم (9) (عن ابن عباس) (10)

_ وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم أيس ان يعبد بأرضكم هذه (1) يعنى بالأمور التى تعدونها حقيرة صغيرة فى نظركم (تخريجه) لم أقف عليه من حديث أبى هريرة لغير الامام احمد ورجاله ثقات (2) (سنده) حدثنا أبو معاوية وابن نمير قالا ثنا الاعمش عن أبى سفيان عن جابر (يعنى ابن عبد الله الخ) (غريبه) (3) ابن نمير أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث قال فى روايته سمعت النبى صلى الله عليه وسلم الخ (4) يعنى فى الخصومات والشحناء والحروب والفتن ونحوها (تخريجه) (م ك) (5) (سنده) حدثنا زهير عن أبى الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد الله) الخ (غريبه) (6) بالفاء أى مواشيكم وزنا ومعنى قال فى النهاية جمع فاشية وهى الماشية التى تنتشر من المال كالابل والبقر والغنم السائمة لأنها تفشو أى تنتشر فى الأرض وقد أفشى الرجل اذا كثرت مواشيه (7) هى إقبال الليل وأول سواده يقال للظلمة التى بين صلاتى العشاء الفحمة، وللظلمة التى بين العتمة والغداة العسعسة قال تعالى (والليل اذا عسعس) (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهبى (8) (سنده) حدثنا هارون ثنا عبد الله بن وهب قال أخبرنى أبو صخر عن أبى قسيط حدثه ان عروة بن الزبير حدثه ان عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم حدثته الخ (قلت) هارون هو ابن سعيد الأيلى وقسيط بضم القاف وفتح السين المهملة واسكان الياء واسمه يزيد بن عبد الله بن قسيط واسم أبى صخر هذا حميد بن زياد الخراط المدنى سكن مصر ذكره النووى (غريبه) (9) جاء فى رواية أخرى من حديث ابن مسعود عند مسلم والامام احمد وغيرهما وسيأتى بلفظ ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن قالوا وإياك يا رسول الله؟ قال واياى إلا ان الله أعاننى عليه فأسلم فلا يأمرنى إلا بخير (قال النووى) فأسلم برفع الميم وفتحها وهما روايتان مشهورتان، فمن رفع قال معناه اسلم انا من شره وفتنته، ومن فتح قال ان القرين اسلم من الاسلام وصار مؤمنا لا يأمرنى إلا بخير، واختلفوا فى الارجح منهما فقال الخطابى الصحيح المختار الرفع، ورجح القاضى عياض الفتح وهو المختار لقوله صلى الله عليه وسلم فلا يأمرنى إلا بخير، واختلفوا على رواية الفتح، قيل اسلم بمعنى استسلم وانقاد، وقد جاء هكذا فى غير صحيح مسلم فاستسلم، وقيل معناه صار مسلما مؤمنا وهو الظاهر (قال القاضى) واعلم ان الأمة مجتمعة على عصمة النبى صلى الله عليه وسلم من الشيطان فى جسمه وخاطره ولسانه، وفى هذا الحديث اشارة الى التحذير من فتنة القرين ووسوسته واغوائه فاعلمنا بأنه معنا لنحترز منه بحسب الامكان (تخريجه) (م) بسنده ولفظه (10) (سنده) حدثنا عثمان بن محمد قال عبد الله (يعنى ابن الامام احمد) وسمعته أنا من عثمان بن

قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس منكم من أحد ألا وقد كل به قرينه من الشياطين، قالوا وأنت يا رسول الله؟ قال نعم ولكن الله أعانني عليه فأسلم (عن ابن مسعود) (1) عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله وفيه ولكن الله أعاننى عليه فلا يأمرنى الا بحق (خط) (عن جابر بن عبد الله) (2) قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلجوا على المغيبات فان الشيطان يجرى من أحدكم مجرى الدم قلنا ومنك يا رسول الله؟ ومنى ولكن الله أعاننى عليه فأسم (عن عبد الله) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مره على الشيطان فأخذته فخنقته حتى لأجد برد لسانه فى يدى، فقال أوجعتنى (عن أبى هريرة) (4) فى حديث الاسراء عن النبى صلى الله عليه وسلم قال فلما نزلت الى السماء الدنيا نظرت أسفل منى فاذا أنا برهج ودخان وأصوات، فقلت ما هذا يا جبريل؟ قال هذه الشياطين يحومون على أعين بنى آدم ان لا يتفكروا فى ملكوت السموات والأرض ولولا ذلك لرأوا العجائب (وعنه أيضا) (5) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ان عفريتا (6) من الجن تفلت على البارحة ليقطع على الصلاة فامكننى الله منه فدعته (7) وأردت أن أربطه إلى جنب سارية من سواري المسجد

_ محمد حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب يز) ورجاله رجال الصحيح غير قابوس بن أبى ظبيان وقد وثق على ضعفه (قلت) وثقه ابن معين، ويعقوب ابن سفيان والترمذى والحاكم يصححان حديثه (1) (سنده) حدثنا يحيى عن سفيان حدثنى منصور عن سالم بن أبى الجعد عن أبيه عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد إلا وقد وكل به قرينه من الجن وقرينه من الملائكة، قالوا واياك يا رسول الله؟ قال واياى ولكن الله أعاننى عليه فلا يأمرنى إلا بحق (م. وغيره) (2) (خط) (عن جابر بن عبد الله الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب النهى عن الدخول على المغيبة من أبواب صلاة السفر فى الجزء الخامس صحيفة 83 رقم 1194 (3) (سنده) حدثنا اسود بن عامر انبانا اسرائيل قال ذكر أبو اسحاق عن أبى عبيدة عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وهو منقطع لأن أبا عبيدة بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه والله أعلم (4) (عن أبى هريرة الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بطوله وسنده وشرحه فى باب الاسراء من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (وقوله فاذا انا برهج (الرهج) بفتحتين الغبار (5) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) العفريت النافذ فى الأمر المبالغ فيه مع خبث ودهاء ويطلق على المتمرد من الجن والانس ولذا خصصه هنا بالأول (وقوله تفلت) بمعنى تعرض لى فلتة أى بغتة (والبارح) كل زائل ومنه سميت البارحة (7) بفتح المهملتين وتشديد التاء الفوقية مضمومة أى دفعته وجاء عند مسلم بالذال المعجمة بدل الدال المهملة ومعناه خنقته قال مسلم وفى رواية أبى بكر ابن أبى شيبة فدعته يعنى بالدال المهملة قال النووى وهو صحيح أيضا ومعناه دفعته دفعا شديدا والدعت والدع الدفع الشديد وانكر الخطابى المهملة وقال لا تصح وصححها غيره وصوبوها وان كانت المعجمة أوضح وأشهر (قلت) قال تعالى (يوم يدعون الى نار جهنم دعا) وفيه دلالة على أن الجن موجودون وأنهم

حتى تصبحوا فتنظروا إليه كلكم أجمعون، قال فذكرت دعوة أخى سليمان (رب هب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى) (1) قال فرده خاسئا (2) (باب ما جاء فى إسلام طائفة من الجن ومقابلتهم للنبى صلى الله عليه وسلم واستماعهم القرآن منه) (حدثنا اسماعيل) (3) أنا داود وابن أبى زائدة المعنى قالا ثنا داود عن الشعبى عن علقمة قال قلت لابن مسعود هل صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن منكم أحد؟ فقال ما صحبه منا أحد، ولكن قد فقدناه ذات ليلة فقلنا اغتيل استطير ما فعل؟ قال فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما كان فى وجه الصبح أو قال فى السحر إذ نحن به يجئ من قبل حراء، فقلنا يا رسول الله فذكروا الذى كانوا فيه، فقال انه أنانى داعى الجن فأتيتهم فقرأت عليهم، قال فانطلق بنا فأرانى آثارهم وأثار نيرانهم، قال وقال الشعبى سألوه الزاد قال ابن أبى زائدة قال عامر فسألوه ليلتئذ الزاد وكانوا من جن الجزيرة، فقال كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع فى أيديكم أو فر ما كان عليه لحما، وكان بعرة أوروثة علف لدوابكم: فلا تستنجوا بهما فانهما زاد أخوانكم من الجن (عن عبد الله بن مسعود) (4) قال كنت مع النبى صلى الله عليه وسلم ليلة وفد الجن فلما انصرف تنفس، فقلت ما شأنك؟ فقال نعيت الى نفسى يابن مسعود (5) (وعنه ايضا) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة الجن خط حوله (أى حول ابن مسعود) فكان يجيئ أحدهم مثل سواد النخل وقال لى لا تبرح مكانك، فأقرأهم كتاب الله عز وجل، فلما رأى الرط (7) قال كأنهم هؤلاء، وقال النبى صلى الله عليه وسلم أمعك ماء؟ قلت لا، قال أمعك نبيذ؟ قلت نعم فتوضأ به (وعنه أيضا) (8) أن رسول الله

_ قد يراهم بعض الآدميين (1) قال القاضى معناه انه (يعنى سليمان عليه السلام) مختص بهذا فامتنع نبينا صلى الله عليه وسلم من ربطه إما انه لم يقدر عليه لذلك، وإما لكونه لما تذكر ذلك لم يتعاط ذلك لظنه انه لم يقدر عليه، أو تواضعا وتأدبا (2) جاء عند الشيخين (فرده الله خاسئا) أى ذليلا صاغرا مطرودا مبعدا (تخريجه) (ق. نس) (باب) (3) (حدثنا اسماعيل الخ) هذا الحديث تقدم بشرحه وتخريجه فى الفصل الثالث من باب ما جاء فى الاستجمار وآدابه من كتاب الطهارة فى الجزء الاول صحيفة 280 رقم 139 فارجع اليه (4) (سنده) حدثنا عبد الرازق أخبرنى أبى عن مينا عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه) (5) يستفاد من هذا الحديث ان وفود الجن كانت متعددة وان هذا الوفد كان فى آخر حياته صلى الله عليه وسلم كما صرح بذلك الحافظ ابن كثير فى تفسيره (تخريجه) وأورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه مينا بن أبى مينا وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات (6) (سنده) حدثنا أبو سعيد حدثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن أبى رافع عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) بتشديد الزاى والطاء المهملة: الزاى مضمومة والطاء مفتوحة، هم جنس من السودان والهنود (تخريجه) (قط) وفى اسناده على بن زيد بن جدعان: قال فى الخلاصة قال احمد وأبو زرعة ليس بالقوى، وقال ابن خزيمة سئ الحفظ وفى التهذيب وثقه يعقوب بن أبى شيبة، وقال الترمذى صدوق إلا أنه ربما رفع الشئ الذى يوقفه غيره (8) (سنده) حدثنا عثمان بن عمر حدثنا يونس عن الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن

صلى الله عليه وسلم قال بت الليلة أقرأ على الجن رفقاء (1) بالحجون (حدثنا عارم وعفان) (2) قالا حدثنا معتمر قال قال أبى حدثنى أبو تميمة عن عمرو لعله أن يكون قد قال البكالى يحدثه عمرو عن عبد الله بن مسعود قال عمرو أن عبد الله قال اسبعثنى (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فانطلقنا حتى أتيت مكان كذا وكذا فخط لى خطة (4) فقال لى كن بين ظهرى هذه لا تخرج منها فانك ان خرجت هلكت، قال فكنت فيها قال فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم خذفه (5) أو أبعد شيئا أو كما قال ثم أنه ذكر هنينا (6) كأنهم الزط قال عفان أو كما قال عفان ان شاء الله ليس عليهم ثياب ولا أرى سؤاتهم طوالا قليل لمهم، قال فأتوا فجعلوا يركبون رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وجعل نبى الله صلى الله عليه وسلم يقرأ عليهم، قال وجعلوا يأتونى فيخيلون حولى ويعترضون لى، قال عبد الله فأرعبت منهم رعبا شديدا، قال فجلست أو كما قال: قال فلما انشق عمود الصبح جعلوا يذهبون أو كما قال، قال ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ثقيلا وجعا أو يكاد أن يكون وجعا مما ركبوه، قال انى لأجدنى ثقيلا أو كما قال، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فى حجرى أو كما قال، ثم ان هنينا (7) أتوا، عليهم ثياب بيض طوال أو كما قال وقد أغفى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عبد الله فأرعبت أشد مما أرعبت المرة الأولى قال عارم فى حديثه فقال بعضهم لبعض لقد أعطى هذا العبد خيرا أو كما قالوا، ان عينه نائمتان أو قال عينه أو كما قالوا، وقلبه يقظان، ثم قال قال عارم وعفان قال بعضهم لبعض هلم فلنضرب مثلا أو كما قالوا، قال بعضهم لبعض اضربوا له مثلا وتؤول نحن أو نضرب نحن وتؤولون أنتم، لعلك بعضهم لبعض مثله كمثل سيد ابنتى بنيانا ثم أرسل الى الناس بطعام أو كما قال، فمن لم يأت طعامه أو قال لم يتبعه عذبه عذابا شديدا أو كما قالوا قال الآخرون أما السيد فهو رب العالمين، وما البنيان فهو الاسلام، والطعام الجنة، وهو الداعى فمن اتبعه كان فى الجنة، قال عارم في حديثه أو كما قالوا

_ ابن مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) معناه انهم كانوا جماعة رفقة، (والحجون) بفتح الحاء المهملة هو الجبل المشرف مما يلى شعب الجزار بمكة (نه) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وهو منقطع لأن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود لم يدرك عم أبيه عبد الله بن مسعود، وفى الخلاصة حديثه عنه مرسل (2) (حدثنا عارم وعفان الخ) (غريبه) (3) من البعث وهو اثارة البارك أو القاعد يقال بعثت البعير فانبعث أى أثرته فثار (4) الحطة بكسر المعجمة هى الارض يختطها بأن يعلم عليها علامة ويخط عليها خطا (5) ضبط فى بعض النسخ بفتح الخاء والذال المعجمتين، والظاهر انه من الخذف بمعنى الرمي يريد مقدار رمية الحصى (6) الظاهر أنه أراد بهذا اللفظ الكناية عن أشخاصهم (والزط) بضم الزاى وتقدم ضبطه ومعناه (7) معناه كالذى قبله إلا ان هؤلاء من الملائكة كما سيأتى فى آخر الحديث (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح غير عمر البكالى وذكره العجلى فى ثقات التابعين وابن حبان وغيره فى الصحابة، واخرجه أيضا الطحاوى فى كتابه المسمى بالرد على الكرابيسى، وروى الترمذى نحوه من طريق جعفر بن ميمون عن أبى تميمة الهجيمى عن أبى عثمان النهدى عن ابن مسعود مختصرا، وقال حديث حسن غريب صحيح من هذا الوجه، وهذ يدل على أن

ومن لم يتبعه عذب أو كما قال، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استيقظ فقال ما رأيت يا ابن أم عبد؟ فقال عبد الله رأيت كذا وكذا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم وما خفى على مما قالوا شئ قال نبى الله صلى الله عليه وسلم هم نفر من الملائكة أو كما قال هم من الملائكة أو كما شاء الله (عن صفوان ابن العطل) (1) قال خرجنا حجاجا فلما كنا بالعرب (2) اذا نحن بحية تضطرب فلم تلبث ان ماتت فأخرج لها رجل خرقة من عيبته (3) فلفها فيها ودفنها وخدلها فى الأرض فلما أتينا مكة فانا لبا لمسجد الحرام اذ وقف علينا شخص فقال ايكم صاحب عمرو بن جابر؟ قلنا ما نعرفه، قال ايكم صاحب الجان؟ قالوا هذا، قال أما إنه جزاك الله خيرا، أما إنه قد كان من آخر التسعة موتا الذين أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمعون القرآن (باب ما جاء فى خلق الأرواح وآدم وذريته) (عن عبد الله بن عمرو) (4) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله خلق خلقه ثم جعلهم فى ظلمة ثم أخذ من نوره ما شاء فالقاه عليهم فأصاب النور من شاء أن يصيبه وأخطأ من شاء، فمن أصابه النور يومئذ فقد اهتدىـ ومن أخطأ يومئذ ضل، فلذلك قلت جف القلم بما هو كائن (عن أبى موسى) (5) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال ان الله عز وجل خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض جاء منهم الأبيض والأحمر والأسود وبين ذلك والخبيث (6) والطيب والسهل والحزن وبين ذلك

_ أبا تميمة سمعه من شيخين عمرو البكالى وابى عثمان النهدى كلاهما عن ابن مسعود والله أعلم (1) (سنده) حدثنا أبو حفص عمرو بن على بن بحر بن كثير السقا حدثنا أبو قتيبة ثنا عمر بن نبهان ثنا سلام أبو عيسى ثنا صفوان بن المعطل الخ (غريبه) (2) بفتح العين المهملة وسكون الراء قرية جامعة من عمل الفرع على أيام من المدينة (3) بفتح المهملة وسكون التحتية ما يجعل فيه الثياب للمسافر وغيره (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفى اسناده سلام أبو عيسى لا يعرف، وعمر بن نبهان ضعيف أو مجهول وأورد نحوه الحافظ بن كثير فى تفسيره وعزاه للحافظ أبى نعيم ثم قال وهذا حديث غريب جدا (باب) (4) (سنده) حدثنا ابو المغيرة حدثنا محمد بن مهاجر أخبرنى عروة بن زويم عن ابن الديلمى الذى كان يسكن بيت المقدس قال ثم سألته هل سمعت يا عبد الله بن عمرو رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شارب الخمر بشئ؟ قال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يشرب الخمر أحد من أمتى فيقبل الله منه صلاة أربعين صباحا: قال وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان الله خلق خلقه الخ (تخريجه) (نس) وأخرجه من وجه آخر (مذ هق طب) وحسنه الترمذى وأخرجه أيضا (ك) مطولا وقال صحيح على شرط الشيخين وتقدم مثله فى الباب الأول من كتاب القدر فى الجزء الأول صحيفة 122 رقم 2 وتقدم الكلام عليه هناك (5) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد ومحمد بن جعفر قالا ثنا عوف قال حدثنى قسامة ابن زهير قال ابن جعفر عن قسامة بن زهير عن أبى موسى (يعنى الأشعرى) عن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أى فالخبيث من الأرض السبخة والطيب من العذبة (والسهل) بفتح فسكون أى الذى فيه رفق ولين (والحزن) بفتح وسكون أى الذى فيه عنف وغلظة، فالسهل من الارض السهلة، والفظ الغليظ الجافى من ضدها (تخريجه) (د مذ ك هق) وقال الترمذى حسن صحيح (قلت) وصححه أيضا ابن حبان

(عن أبي هريرة) (1) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال الأرواح جنود مجندة فما تعارف منها ائتلف وما تناكر منها اختلف (وعن أيهما) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلق الله عز وجل آدم على صورته (3) طوله ستون ذراعا (4) فلما خلقه قال له اذهب فسلم على أولئك النفر: وهم نفر من الملائكة جلوس واستمع ما يحييونك فانها تحيتك وتحية ذريتك، قال فذهب فقال السلام عليكم: فقالوا السلام عليك ورحمة الله، فزادوا رحمة الله، قال فكل من يدخل الجنة على صورة آدم وطوله ستون ذراعا فلم يزل ينقص الخلق بعد حتى الآن (وعنه أيضا) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان طول آدم ستين ذراعا فى سبعة أذرع عرضا (وعنه أيضا) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل ابن آدم تأكله الأضر (7) الا عجب الذنب (8) فانه منه خلق (9) ومنه يركب (عن أنس) (10) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لما خلق الله عز وجل آدم (11) تركه ما شاء الله ان يدعه فجعل ابليس يطيف به (12) ينظر اليه فلما رآه أجوف (13) عرف أنه خلق لا يتمالك (عن أبى هريرة) (14) عن النبى صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل خلق آدم عليه السلام بعد العصر يوم

_ والحاكم وأقره الذهبي (1) (عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الترغيب فى الحب فى الله والبغض فى الله من كتاب المحبة والصحبة فى الجزء التاسع عشر صحيفة 155 رقم 23 وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما (2) (سنده) حدثنا عبد الرازق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة فذكر أحاديث (منها) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خلق الله عز وجل آدم الخ (غريبه) (3) تقدم الكلام على شرح هذه الجملة فى باب النهى عن ضرب الوجه وتقبيحه والرسم فيه فى الجزء التاسع عشر صحيفة 322 رقم 108 فارجع اليه (4) أى بذراع نفسه (تخريجه) (ق. وغيرهما) (5) (سنده) حدثنا روح ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام احمد وفى اسناده على ابن زيد بن جدعان وثقه بعضهم وضعفه آخرون (6) (سنده) حدثنا على بن حفص انا ورقاء عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) أى كل أجزاء ابن آدم تبلى وتنعدم بالكلية (8) بفتح العين المهملة وسكون الجيم العظم الذى فى أصل صلبه فانه قاعدة البدن كقاعدة الجدار (9) يعنى ابتداء خلقه (ومنه يركب) خلقه عند قيام الناس من قبورهم وقت قيام الساعة (قال العلماء) هذا عام خص منه نحو عشرة أصناف كالأنبياء والشهداء والصديقين والعلماء العاملين والمؤذن المحتسب وحامل القرآن العامل به كما جاء فى بعض الأحاديث (والمعنى) كل بن آدم مما يأكله التراب وان كان التراب لا يأكل أجسادا كثيرة فعجب الذنب لا تأكله الأرض من أحد والله أعلم (تخريجه) (م د نس) (10) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا حماد عن ثابت عن أنس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبه) (11) جاء عنه مسلم (لما صور الله آدم فى الجنة تركه ما شاء الله ان يتركه (12) قال أهل اللغة طاف بالشئ يطوف طوفا، وأطاف يطيف إذا استدار حواليه (13) الأجوف صاحب الجوف، وقيل هو الذى داخله خال، (وقوله خلق) أى مخلوق (لا يتمالك) لا يملك نفسه ويحبسها عن الشهوات، وقيل لا يملك دفع الوسواس عنه، وقيل لا يملك نفسه عند الغضب، والمراد جنس ابن آدم (تخريجه) (م ك) (14) (عن أبى هريرة) الخ

الجمعة آخر الخلق فى آخر ساعة من ساعات الجمعة فيما بين العصر الى الليل (باب ما جاء فى خلق حواء) (عن سمرة بن جندب) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ان المرأة خلقت من ضلع وانك ترد اقامة الضلع لكسرها فدارها تعش بها (باب قوله صلى الله عليه وسلم أن اول من جحد آدم) (عن ابن عامر) (2) أنه قال لما نزلت آية الدين قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان أول من جحد آدم عليه السلام، أول من جحد آدم، ان الله عز وجل لما خلق آدم مسح ظهره فاخرج منه ما هو من ذراى الى يوم القيامة، فجعل يعرض ذريته عليه فرأى فيهم رجلا يزهر (3) فقال أى رب من هذا؟ قال هذا أنك داود، قال أى رب كم عمره؟ قال ستون عاما: قال رب زد فى عمره، قال لا إلا أن أزيده من عملاك، وكان عمر آدم الف عام فزاده أربعين عاما، فكتب الله عز وجل عليه بذلك كتابا وأشهد عليه الملائكة، فلما احتضر آدم وأتته الملائكة لتقبضه قال إنه قد بقى من عمرى أربعون عاما، فقيل انك قد وهبتها لابنك داود، قال ما فعلت: وابرز الله عز وجل عليه الكتاب وشهدت عليه الملائكة (زاد فى رواية) قائمتها لداود مائة سنة وأتمها لآدم عمره الف سنة (باب قول الله عز وجل وإذا خذر ربك من بنى آدم من ظهورهم ذرياتهم) (عن مسلم ابن يسار الجنى) (4) ان عمر بن الخطاب رضى الله عنه سئل عن هذه الآية (وإذ أخذ ربك

_ هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما ورد فى خلق السماوات السبع الخ فى هذا الجزء صحيفة 8 رقم 11 (باب) (1) (عن سمرة بن جندب الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب فضل احسان العشرة وحسن الخلق مع الزوجة فى الجزء السادس عشر صحيفة 234 رقم 270 فارجع اليه إن شئت (وفى الباب عن أبى هريرة) مرفوعا ان الله خلق آدم من تراب فجعله طينا ثم تركه حتى اذا كان حمأ مسنونا (أى طينا متغيرا منتنا) خلقه وصوره ثم تركه حتى اذا كان صلصالا (أى يابسا) كالفخار كان ابليس يمر به فيقول لقد خلقت لأمر عظيم ثم نفخ الله فيه من روحه، وكان أول ما جرى فيه الروح بصره وخياشيمه فعطس فقال الحمد لله فقال الله يرحمك ربك الحديث أورده الحافظ فى شرح البخارى وقال رواه (مذ نس بز) وصححه ابن حبان من طريق سعيد المقبرى وغيره اهـ (قلت أما حواء) فقد ذكر الامام البغوى فى تفسيره عند قوله تعالى (يا آدم اسكن انت وزوجك الجنة) قال ان آدم لم يكن له فى الجنة من يجالسه، فنام نومة فخلق الله زوجته حواء من قصيراء شقه الأيسر، وسميت حواء لأنها خلقت من حى، خلقها الله عز وجل من غير أن أحس به آدم ولا وجد له ألما، ولو وجد ألما لما عطف رجل على امرأة قط، فلما هب من نومه رآها جالسة عند رأسه كأحسن ما خلق الله، فقال لها من أنت؟ قالت زوجتك خلقنى الله تسكن الى وأسكن اليك (باب) (2) (سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) بفتح الياء التحتية والهاء بينهما زاى ساكنة أى يضئ وجهه حسنا عن الزهرة وهى الحسن والبياض واشراق الوجه (تخريجه) (طل عل هق) وفى اسناده على بن زيد بن جدعان وثقه بعضهم وضعفه آخرون ويعضده حديث أبى هريرة عند الحاكم بمعناه وصححه الحاكم وأقره الذهبى (باب) (4) (عن مسلم بن يسار الجهنى الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه

من بني آدم من ظهورهم ذرياتهم الآية) فقال عمر رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله خلق آدم ثم مسح ظهره بيمينه واستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء للجنة وبعمل أهل الجنة يعملون: ثم مسح ظهره فاستخرج منه ذرية فقال خلقت هؤلاء النار وبعمل أهل النار يعملون، فقال رجل يا رسول الله فقيم العمل؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل اذا خلق العبد للجنة استعمله بعمل أهل الجنة حتى يموت على عمل من أعمال أهل الجنة فيدخله به الجنة، وإذا خلق العبد للنار استعمله بعمل أهل النار حتى يموت على عمل من أعمال أهل النار فيدخله به النار (عن ابن عباس) (1) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال أخذ الله الميثاق من ظهر آدم بنعمان يعنى عرفة فأخرج من صلبه كل ذرية ذرأها فنثرهم بين يديه كالذر ثم كلمهم قبلا قال (الست بربكم؟ قالوا بلى شهدنا أن تقولوا يوم القيامة انا كنا عن هذا غافلين، أو تقولوا انما أشرك أباؤنا من قبل وكنا ذرية من بعدهم، افتهلكنا بما فعل المبطلون) (ز) (عن رفيع أبى العالية) (2) عن أبى بن كعب رضى الله عنه فى قول الله عز وجل واذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذرياتهم وأشهدهم على أنفسهم الآية: قال جمعهم فجعلهم أرواحا ثم صورهم فاستنطقهم فتكلموا، ثم أخذ عليهم العهد والميثاق وأشهدهم على أنفسهم الست بربكم؟ قالوا بلى، الآية: قال فانى أشهد عليكم السموات السبع والأرضين السبع: وأشهد عليكم أباكم آدم عليه السلام أن تقولوا يوم القيامة لم نعلم بهذا: اعلموا انه لا اله غيرى، فلا تشركوا بى شيئا، انى سأرسل اليكم رسلى يذكرونكم عهدى وميثاقى وأنزل عليكم كتبى، قالوا شهدنا بأنك ربنا وإلا هنا لا رب لنا غيرك فأقروا بذلك، ورفع اليهم آدم ينظر اليهم فرأى الغنى والفقير وحسن الصورة ودون ذلك، فقال رب لولا سويت بين عبادى؟ قال انى أحببت أن أشكر، ورأى الأنبياء فيهم مثل السرج عليهم النور، خصوا بميثاق آخر فى الرسالة والنبوة، وهو قوله تعالى (وإذا أخذنا من النبيين ميثاقهم الى قوله عيسى بن مريم) كان فى تلك الأرواح فأرسله الى مريم فحدث عن أبى أنه دخل من فيها (باب ما جاء فى خلق الجنين وتكوينه فى الرحم) (عن عبد الله) (3) قال مر يهودي

_ وتخريجه في باب واذ اخذ ربك من بنى آدم الخ من تفسير سورة الاعراف فى الجزء الثامن عشر صحيفة 145 رقم 279 (1) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه وهو، الحديث الأول من باب وجوب معرفة الله تعالى وتوحيده من كتاب التوحيد فى الجزء الأول صحيفة 32 رقم 1 (2) (ز) (عن رفيع أبى العالية الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب (واذ أخذ ربك من بنى آدم من ظهورهم ذرياتهم فى آخر سورة الاعراف فى الجزء الثامن عشر صحيفة 146 رقم 280 وتقدم الكلام عليه مستوفى هناك فارجع اليه تجد ما يسرك (باب) (3) (سنده) حدثنا حسين بن الحسن حدثنا أبو كدينه عن عطاء بن السائب عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله

برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث أصحابه فقالت قريش (1) يا يهودى أن هذا يزعم أنه بنى، فقال لأسألنه عن شئ لا يعلمه الا نبى، قال فجاء حتى جلس ثم قال يا محمد مم يخلق الانسان؟ قال يا يهودى من كل يخلق، من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة، فأما نطفة الرجل فنطفة غليظة منها العظم والعصب وأما نطفة المرأة فنطفة رقيقة منها اللحم والدم، فقال اليهودي فقال هكذا كان يقول من قبلك (2) (وعنه أيضا) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان النطفة تكون فى الرحم أربعين يوما على حالها لا تغير، فاذا مضت الأربعون صارت علقة ثم مضغة كذلك ثم عظاما كذلك: فاذا أراد الله أن يسوى خلقه بعث اليها ملكا فيقول الملك الذى يليه (4) أى رب اذكر أم انثى؟ اشقى أم سعيد؟ اقصير أم طويل؟ أناقص أم زائد؟ قوته وأجله، أصحيح أم سقيم؟ قال فيكتب ذلك، كله: فقال رجل من القوم فقيم العمل اذا وقد فزغ من هذا كله؟ قال اعملوا فكل سيوجه لما خلق له (باب ما جاء فى سبب خطيئة آدم وخروجه من الجنة والدليل على نبوته) (عن أبى هريرة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا بنو اسرائيل لم يخنز اللحم (6) ولم يخبث الطعام: ولولا حواء لم تخن انثى زوجها (7) (عن ابن عباس) (8) فى حديث الشفاعة قال

_ (يعني ابن مسعود) قال مر يهودى الخ (غريبه) (1) يعنى كفار قريش (2) الظاهر انه يعنى نبى الله موسى عليه السلام فى التوراة وهذا تصديق من اليهودى للنبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) والبزار باسنادين وفى أحد اسناديه (يعنى فى أحد اسنادى البزار) عامر بن مدرك وثقه ابن حبان وضعفه غيره وفى اسناد الجماعة (يعنى فى اسنادهم جميعا) عطاء بن السائب وقد اختلط (3) (سنده) حدثنا هشيم أنبانا على بن زيد قال سمعت أبا عبيدة بن عبد الله يحدث قال قال عبد الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (4) أى الذى أرسل اليه (تخريجه) أورده الهيثمى وقال هو فى الصحيح باختصار عن هذا رواه احمد، وأبو عبيدة لم يسمع من أبيه، وعلى بن زيد سئ الحفظ هو معناه ان الحديث ضعيف، لكن يؤيده ما رواه الشيخان والامام احمد من طريق الاعمش عن زيد بن وهب عن ابن مسعود وتقدم فى باب تقدير حال الانسان وهو فى بطن أمه من كتاب القدر فى الجزء الأول صحيفة 128 رقم 17 وهو الحديث الذى أشار اليه الحافظ الهيثمى بقوله فى الصحيح والله أعلم (باب) (5) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن خلاس بن عمرو الهجرى قال قال أبو هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) بفتح الياء التحتية والنون بينهما خاء معجمة ساكنة أى لم ينتن (ولم يخبث الطعام) أى لم يفسد بحيث يصير لا تقبله النفس، والاصل فى ذلك ما روى عن قتادة ان بنى اسرائيل ادخروا لحم السلوى وكانوا نهوا عن ادخاره فقوبلوا بذلك (7) يشير إلى ما وقع من حواء أم البشر فى قبولها اغواء الشيطان العدو المبين لآدم وذريته وتزيينه لها الأكل من الشجرة حتى لابست الأكل منها وتبعها آدم فعد ذلك خيانة منها، ولما كانت هى أم بنات آدم اشبهنها بالولادة ونزع العرق فلا تكاد امرأة تسلم من خيانة بعلها بالفعل أو القول، وخيانة كل واحدة منهن بحسب ما تيسرت له والله أعلم (تخريجه) (ق. ك وغيرهم) (8) (عن ابن عباس الخ) هذا جزء من حديث طويل لابن عباس

ويطول يوم القيامة على الناس فيقول بعضهم لبعض انطلقوا بنا الى آدم أبى البشر فليشفع لنا الى رنا عز وجل فليقض بيننا، فيأتون آدم صلى الله عليه وسلم فيقولون يا آدم أنت الذي خلقك الله بيده وأسكنك جنته وأسجد لك وملائكته اشفع لنا الى ربنا فليقض بيننا، فيقول انى لست هناكم، انى قد أخرجت من الجنة يخطينى، وإنه لا يهمنى اليوم الا نفسى الحديث (ومما روى عن أبى هريرة) (1) فى حديث الشفاعة أيضا قال فيقول آدم عليه السلام ان ربى عز وجل قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله، ولن يغضب بعده مثله، وإنه تهانى عن الشجرة فعصيته، نفسى نفسى نفسى (عن أبى أمامة الباهلى) (2) أن أبا ذر رضى الله عنه قال قلت يا نبى الله فأى الأنبياء كان أول؟ قال آدم عليه السلام، قال يا نبى الله أو نبى كان آدم؟ قال نعن نبى مكلم، خلقه الله بيده، ثم نفخ فيه روحه ثم قال له يا آدم قبلا (3) (عن أبى هريرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير يوم طلعت فيه الشمس يوم الجمعة، فيه خلق آدم، وفيه أدخل الجنة، وفيه أخرج منها، زاد فى أخرى وأهبط الله فيه آدم الى الارض وفيه توفى الله آدم (باب ما جاء فى احتجاج آدم وموسى عليهما السلام) (عن أبى هريرة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احتج آدم وموسى عليهما السلام فقال موسى يا آدم أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة (وفى رواية أنت آدم الذي أخرجتك خطيئتك

_ سيأتي بسنده وشرحه وتخريجه فى باب اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى لأهل الموقف من كتاب قيام الساعة إن شاء الله تعالى (1) هذا طرف من حديث روى عن أبى هريرة فى الشفاعة العظمى وسيأتى الحديث بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى الباب المشار اليه انفا والله الموفق (2) (عن أبى أمامة الباهلى الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب مناقب أبى ذر من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى: وانما ذكرت هذا الطرف منه هنا للاستدلال به على نبوة آدم عليه السلام، وتقدم مثله عن أبى ذر من وجه آخر فى باب الترغيب فى خصال مجتمعة من أفضل أعمال البر فى الجزء التاسع عشر صحيفة 29 رقم 41 ولكن ما هنا أصح (غريبه) (3) بضم القاف والموحدة أى مقابلة وعيانا ويجوز فتح القاف وكسرها مع فتح الموحدة (4) (عن أبى هرير الخ) هذا طرف من حديث تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب فضل يوم الجمعة من كتاب الصلاة فى الجزء السادس صحيفة 5 رقم 1507 (وروى الحاكم) فى المستدرك عن ابن عباس قال ما سكن آدم الجنة إلا ما بين صلاة العصر الى غروب الشمس، وصححه الحاكم وأقره الذهبى: وقال عبد بن حميد فى تفسيره حدثنا روح عن هشام عن الحسن قال لبث آدم فى الجنة ساعة من نهار تلك الساعة ثلاثون ومائة سنة من أيام الدنيا (وعن ابن عباس) قال ان أول ما أهبط الله آدم الى أرض الهند (ك) وصححه وأقره الذهبى (وعنه أيضا) قال قال على بن أبى طالب اطيب ريح فى الأرض الهند هبط بها آدم عليه الصلاة والسلام فعلق شجرها من ريح الجنة (ك) وصححه وأقره الذهبى (وعن أبى بكر بن أبى موسى الاشعرى) قال ان الله لما أخرج آدم من الجنة زوده من ثمار الجنة وعليه صنعة كل شئ فثماركم هذه من ثمار الجنة غير أن هذه تغير وتلك لا تغير (ك) وصححه وأقره الذهبى (باب) (5) (عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى فصل محاجة آدم وموسى من كتاب القدر

من الجنة) فقال له آدم يا موسى أنت الذي اصطفاك الله بكلامه، وقال مرة برسالته وخط لك بيده أتلومنى على أمر قدره الله على قبل أن يخلقنى بأربعين سنة؟ قال حج آدم موسى (باب ما جاء فى ابنى آدم قابيل وهابيل وغيرهما) (عن بسر بن سعيد) (1) ان سعد ابن أبى وقاص رضى الله عنه قال عند فتنة عثمان بن عفان رضى الله عنه أشد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم خير من الماشى، والماشى خير من الساعى، (2) قال افرأيتنى ان دخل على بيتى فبسط الى يده ليقتلنى قال كن كابن آدم (3) (عن عبد الله بن مسعود) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول من سن القتل (عن سمرة) (5) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لما حملت حواء طاف بها ابليس (6) وكان لا يعيش لها ولد فقال سميه عبد الحارث (7) فإنه يعيش

_ في الجزء الأول صحيفة 127 رقم 13 (باب) (1) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث بن سعد عن عياش بن عباس عن بكير بن عبد الله عن بسر بن سعيد الخ (غريبه) (2) قال الحافظ قال بعض الشراح فى قوله والقاعد فيها خير من القائم أى القاعد فى زمانها عنها، قال والمراد بالقائم الذى لا يستشرفها أى يتطلع اليها، وبالماشى من يمشى فى أسبابه لأمر سواها فربما يقع بسبب مشيه فى أمر يكرهه (قال افرأيت) أى أخبرنى (ان دخل على) بتشديد الياء التحتية (فبسط الى يده) أى مدها (3) يعنى هابيل المقتول المظلوم حيث قال لأخيه قابيل القاتل الظالم (لئن بسطت الى يدك لتقتلنى ما انا بباسط يدى اليك لأقتلك انى أخاف الله رب العالمين) (قال النووى رحمه الله) هذا الحديث وما فى معناه مما يحتج به من لا يرى القتال فى الفتنة بكل حال، وقد اختلف العلماء فى قتال الفتنة فقالت طائفة لا يقاتل فى فتن المسلمين، وان دخلوا عليه بيته وطلبوا قتله فلا يجوز له المدافعة عن نفسه لان الطالب متأول وهذا مذهب أبى بكرة رضى الله عنه وغيره، وقال ابن عمر وعمران بن الحصين رضى الله عنهم وغيرهما لا يدخل فيها لكن ان قصد الدفع عن نفسه، فهذان المذهبان متفقان على ترك الدخول فى جميع فتن الإسلام، وقال معظم الصحابة والتابعين وعامة علماء الاسلام يجب نصر الحق فى الفتن والقيام معه بمقاتلة الباغين كما قال تعالى (فقاتلوا التى تبغى حتى تفئ الى أمر الله الآية) وهذا هو الصحيح وتتأول الاحاديث على من لم يظهر له الحق أو على طائفتين ظالمتين لا تأويل لواحدة منهما، ولو كان كما قال الأولون لظهر الفساد واستطال أهل البغى والمبطلون اهـ (تخريجه) (د مذ) وحسنه الترمذى وسكت عنه أبو داود والمنذرى (4) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب التغليظ والوعيد الشديد فى قتل المؤمن من كتاب القتل والجنايات فى الجزء السادس عشر صحيفة 5 رقم 11 (5) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا عمر ابن ابراهيم ثنا قتادة عن الحسن عن سمرة (يعنى ابن جندب عن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) أى جاءها (وكان لا يعيش لها ولد) أى كانت كلما ولدت ولدا يموت (7) قال كثير من المفسرين انه جاء ابليس إلى حواء وقال لها ان ولدت ولدا فسميه باسمى، فقالت ما اسمك قال الحارث ولو سمى نفسه لعرفته فسمته عبد الحارث فكان هذا شركا فى التسمية ولم يكن شركا فى العبادة، وقد روي هذا بطرق وألفاظ

فسموه عبد الحرث فعاش وكان ذلك من وحى الشيطان وأمره (1)

_ عن جماعة من الصحابة ومن بعدهم كذا فى تفسير فتح البيان (1) أى من وسوسته وحديثه (تخريجه) (مذ ك) وابن جرير وابن مردويه فى تفسيريهما (وقال الترمذى) هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عمرو بن ابراهيم عن قتادة، رواه بعضهم عن عبد الصمد ولم يرفعه اهـ (قلت) وأورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للامام احمد ومن ذكرنا ثم قال وهذا الحديث معلول من ثلاثة أوجه (أحدها) ان عمر بن ابراهيم هذا هو البصرى وقد وثقه بن معين ولكن قال أبو حاتم الرازى لا يحتج به، ولكن رواه ابن مردويه من حديث المعتمر عن أبيه عن الحسن عن سمرة مرفوعا والله أعلم (الثانى) انه قد روى من قول سمرة نفسه ليس مرفوعا كما قال ابن جرير حدثنا ابن عبد الأعلى حدثنا المعتمر عن أبيه حدثنا بكر بن عبد الله عن سليمان التيمى عن أبى العلاء بن الشخير عن سمرة بن جندب قال سمى آدم ابنه عبد الحارث (الثالث) أن الحسن نفسه فسر الآية بغير هذا فلو كان هذا عنده عن سمرة مرفوعا لما عدل عنه، قال ابن جرير حدثنا وكيع حدثنا سهل بن يوسف عن عمرو عن الحسن (جعلا له شركاء فيما آتاهما) قال كان هذا فى بعض أهل الملل ولم يكن بآدم، وحدثنا محمد بن عبد الأعلى حدثنا محمد بن ثور عن معمر قال قال الحسن عنى بها ذرية آدم ومن أشرك منهم بعده يعنى (جعلا له شركاء فيما آتاهما) وحدثنا بشر حدثنا يزيد حدثنا سعيد عن قتادة قال كان الحسن يقول هم اليهود والنصارى رزقهم الله أولادا فهودوا ونصروا وهذه أسانيد صحيحة عن الحسن رضى الله عنه انه فسر الآية بذلك وهو من أحسن التفاسير وأولى ما حملت عليه الآية، ولو كان هذا الحديث عنده محفوظا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عدل عنه هو ولا غيره ولاسيما مع تقواه لله وروعه فهذا يدلك على انه موقوف على الصحابى، ويحتمل انه تلقاه من بعض أهل الكتاب من آمن منهم مثل كعب أو وهب بن منبه وغيرهما كما سيأتى بيانه إن شاء الله إلا اننا برثنا من عهدة المرفوع والله أعلم: ثم ذكر الحافظ ابن كثير آثارا تدل على ان الآية جاءت فى آدم وحواء منها أثر لابن عباس، قال وقد تلقى هذا الأثر عن ابن عباس جماعة من السلف وجماعة من الخلف: ومن المفسرين من المتأخرين جماعة لا يحصرون كثرة وكأنه والله أعلم أصله مأخوذ من أهل الكتاب فان ابن عباس رواه عن أبى بن كعب كما جاء عند ابن أبى حاتم (قال الحافظ ابن كثير) واما نحن فعلى مذهب الحسن البصرى رحمه الله فى هذا وأنه ليس المراد من هذا السياق آدم وحواء، وانما المراد من ذلك المشركون من ذريته، ولهذا قال الله (فتعالى الله عما يشركون) قال فذكر آدم وحواء أولا كالتوطئة لما بعدهما من الوالدين وهو كالاستطراد من ذكر الشخص إلى الجنس كقوله (ولقد زينا السماء الدنيا بمصابيح) الآية ومعلوم ان المصابيح هى النجوم التى زينت بها السماء ليست هى التى يرمى بها وانما هذا استطراد من شخص المصابيح الى جنسها ولهذا نظائر فى القرآن والله أعلم اهـ كلام الحافظ ابن كثير (قلت) ويؤيد ذلك أيضا ما ذكره الرازى فى تفسيره عن القفال قال انه تعالى ذكر هذه القصة على تمثيل ضرب المثل وبيان أن هذه الحالة صورة حالة هؤلاء المشركين فى جهلهم وقولهم بالشرك وتقرير هذا الكلام كانه تعالى يقول (هو الذى خلق كل واحد منكم من نفس واحدة وجعل من جنسها زوجها انسانا يساويه فى الانسانية) فلما تغشى الزوج الزوجة وظهر الحمل دعا الزوج والزوجة ربهما لئن آتينا ولدا صالحا سويا لنكونن من الشاكرين لآلائك ونعمائك، فلما آتاهما الله ولدا صالحا سويا جعل الزوج

(كتاب أحاديث الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام)

(باب ما جاء في وفاة آدم عليه السلام وغسله وتكفينه والصلاة عليه ودفنه) (ز) (عن عتبى) (1) قال رأيت شيخا بالمدينة يتكلم فسألت عنه فقالوا هذا أبى بن كعب رضى الله عنه فقال ان آدم عليه السلام لما حضره الموت قال لبنيه اى بنى إنى أشتهى من ثمار الجنة فذهبوا يطلبون له فاستقبلهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه (2) ومعهم الفؤس والمساحى والمكاتل فقالوا لهم يا بنى آدم ما تريدون وما تطلبون أو ما تريدون وأين تذهبون؟ قالوا أبونا مريض قالوا فاشتهى من ثمار الجنة، قالوا لهم ارجعوا فقد قضى قضاء أبيكم (3) فجاؤا فلما رأتهم حواء عرفتهم (4) فلاذت بآدم فقال اليك عنى فانى انما أوتيت من قلبك (5) خلى بينى وبين ملائكة ربى تبارك وتعالى، فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه وحفروا له والحدوا له وصلوا عليه، ثم دخلوا قبره فوضعوه فى قبره ووضعوا عليه اللبن (6) ثم خرجوا من القبر ثم حثوا عليه التراب ثم قالوا يا بنى آدم هذه سنتكم (7) (73) (كتاب أحاديث الأنبياء عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام) (باب ما جاء فى عدد الأنبياء والرسل وأمور تتعلق بهم) (عن أبى امامى الباهلى) (8) قال قال أبو ذر رضى الله عنه يا رسول الله كم وفى عدة الانبياء؟ قال مائة الف وأربعة وعشرون

_ والزوجة شركاء فيما آتاهما لأنهم تارة ينسبون ذلك الى الطبائع كما هو قول الطبائعيين، وتارة الى الكواكب كما هو قول المنجمين، وتارة الى الاصنام والأوثان كما هو قول عبدة الأصنام، ثم قال تعالى (فتعالى الله عما يشركون) أى تنزه الله عن ذلك الشرك، قال الرازى وهذا جواب فى غاية الصحة والسداد اهـ باختصار نسأل الله تعالى ان يوفقنا الى سبيل الرشاد والله أعلم (باب) (1) (ز) (سنده) حدثنا هدبة بن خالد ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن عتى (يعنى ابن ضمرة) الخ (غريبه) (2) الحنوط بفتح الحاء المهملة والحناط بكسرها واحد وهو ما يخلط من الطيب لأكفان الموتى وأجسامهم خاصة (3) معناه ان هذا اليوم آخر أيام حياة أبيكم (4) أى عرفت ملك الموت وأعوانه (وقوله فلاذت بآدم أى التزمته وتعلقت به حزنا عليه من الموت (5) معناه ان الموت ما جاءنى الا بسببك حيث صدقتى قسم ابليس عدو الله وعدونا واكلتى من الشجرة التى نهانا الله عنها ثم زينتى لى الأكل منها فأكلت فطردنا من الجنة التى لا موت فيها، روى الامام البغوى فى تفسير عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ان آدم لما أكل من الشجرة التى نها الله عنها قال الله عز وجل ما حملك على ما صنعت؟ قال يارب زينت لى حواء، قال فانى اعقبتها ان لا تحمل إلا كرها ولا تضع إلا كرها وأدميتها فى الشهر مرتين فرنت حواء عند ذلك، قيل عليك الرنة وعلى بناتك (6) بفتح اللام وكسر الموحدة جمع لبنة وهى التى يبنى بها الجدار (7) معناه ما تقدم من الغسل والكفن وما بعده الى آخر الحديث سنتكم فى شأن ميتكم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه عبد الله بن احمد ورجاله رجال الصحيح غير عتى بن ضمرة وهو ثقة (باب) (8) (عن ابى امامة الباهلى الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب مناقب أبى ذر من كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالى وذكر هذا الطرف منه الحافظ فى شرح البخارى فى أول كتاب أحاديث الأنبياء

الفا: الرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا (وفى لفظ) ثلاثمائة وبضعة عشر (عن أبى سعيد الخدرى) (1) قال قال الله صلى الله عليه وسلم لا تخيروا بين الأنبياء (2) (عن أبى ذر) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبعث الله نبينا الا بلغة قومه (عن أوس بن أبى أوس) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء صلوات

_ قال وصححه ابن حبان (1) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبى سعيد الخدرى الخ (غريبه) (2) جاء عند مسلم بلفظ لا تفضلوا بين الانبياء (قال النووى) الجواب عن ذا من خمسة أوجه (أحدهما) انه صلى الله عليه وسلم قاله قبل ان يعلن انه سيد ولد آدم فلما علم أخبر به (والثانى) قاله أدبا وتواضعا (والثالث) ان النهى انما هو عن تفضيل يؤدى الى تنقيص المفضول (والرابع) إنما نهى عن تفضيل يؤدى الى الخصومة والفتنة كما هو المشهور فى سبب الحديث (قلت) سببه ان يهوديا قال والذى اصطفى موسى على البشر فسمعه رجل من الأنصار فلطم وجهه وقال تقول والذى اصطفى موسى على البشر ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين اظهرنا فاختصما الة النبى صلى الله عليه وسلم فذكره (قال) (والخامس) ان النهى مختص بالتفضيل فى نفس النبوة فلا تفاضل فيها، وانما التفاضل بالخصائص وفضائل أخرى، ولابد من اعتقاد التفضيل، فقد قال تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) اهـ (قلت) وأفضلهم جميعا نبينا صلى الله عليه وسلم لقوله صلى الله عليه وسلم (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة) وهو حديث صحيح رواه (حم د مذ م جه) وغيرهم ولأدلة أخرى كثيرة (تخريجه) (م) وغيره (3) (سنده) حدثنا وكيع عن عمر بن ذر قال قال مجاهد عن أبى ذر الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد، وقال الهيثمى رجاله رجال الصحيح إلا أن مجاهدا لم يسمع من أبى ذر اهـ (قلت) مصداقه فى كتاب الله عز وجل (وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه) وكفى بذلك حجه (4) (عن أوس بن أبى أوس) الخ هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى فضل الحث على الاكثار من الصلاة على النبى صلى الله عليه وسلم يوم الجمعة من أبواب صلاة الجمعة فى الجزء السادس صحيفة 9 رقم 1511 وتقدم الكلام عليه مستوفى فى أحكام الباب هناك والله الموفق (هذا) وقد ذكرت ما جاء فى المسند من أحاديث الانبياء مرتبا على حسب وجودهم وارسالهم، وما لم يذكر فى المسند ذكرته فى الشرح مع ذكر بعض أوصيائهم وبعض حوادث الفترات التى كانت بينهم لتكون سلسلة التاريخ متصلة من آدم الى نبينا عليهم الصلاة والسلام، فأولهم آدم أبو البشر وقد جاء عنه الشيء الكثير فى المسند وتقدم ذلك (والثانى) شيث علي السلام (والثالث) ادريس ومن بعده على الترتيب كما سيأتى ولكى تكون على المام باتصال السلسلة بين آدم وشيث أقول (قال الحافظ) ابن كثير فى تاريخه لما مات آدم عليه السلام قام باعباء الأمر بعده ولده شيث عليه السلام وكان نبيا بنص الحديث الذى رواه ابن حبان فى صحيحه عن أبى ذر مرفوعا انه انزل عليه خمسون صحيفة، فلما حانت وفاته أوصى الى ابنه أنوش فقام بالأمر بعده، ثم بعده ولده قينن ثم من بعده ابنه مهلاييل وهو الذى يزعم الأعاجم من الفرس انه ملك الاقاليم السبعة وانه أول من قطع الاشجار وبنى المدائن والحصون الكبار، وانه هو الذى بنى مدينة بابل ومدينة السوس الأقصى، وانه قهر ابليس وجنوده وشردهم عن الارض الى اطرافها وشعاب جبالها، وانه قتل خلقا من مردة الجن والغيلان وكان له تاج عظيم وكان يخطب الناس ودامت

الله وسلامه عليهم (باب ذكرا نبى الله درس عليه السلام وقول الله عز وجل ورفعناه مكانا عليا) (عن أنس بن مالك) (1) فى حديث الاسراء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ثم عرج

_ دولته أربعين سنة فلما مات قام بالأمر بعده ولده يرد فلما حضرته الوفاة أوصى الى ولده خنوخ وهو ادريس عليه السلام على المشهور اهـ (قلت) وما ألطف ما نظم العلامة الشيخ محمد الدمنهورى فى ذكر اسماء الرسل على حسب ترتيبهم فى الارسال حيث قال: ألا ان ايمانا برسل تحتما

بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل فقيل من أنت؟ قال جبريل، فقيل ومن معك؟ قال محمد صلى الله عليه وسلم فقيل وقد أرسل اليه؟ قال قد أرسل اليه، ففتح الباب فاذا أنا بادريس فرحب بى ودعا لى بخير، ثم قال يقول الله عز وجل ورفعناه مكانا عليا (باب ما جاء فى ذكر نبى الله نوح عليه السلام وقول الله عز وجل وكذلك جعلناكم أمة وسطا) (عن أبى سعيد الخدرى) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى نوح عليه السلام يوم القيامة فيقال له هل بلغت؟ فيقول نعم، فيدعى قومه فيقال لهم هل بلغكم؟ فيقولون ما أتانا من نذير أو ما أتانا من أحد، قال فيقال لنوح من يشهد لك فيقول محمد صلى الله عليه وسلم وأمته (2) قال فذلك قوله تعالى {وكذلك جعلناكم أمة وسطا} (3) قال الوسط العدل قال فيدعون فيشهدون له بالبلاغ (4) قال ثم أشهد عليكم (5)

_ ابن مالك الخ) هذا طرف من حديث الاسراء الطويل وسيأتى بسنده وطوله وشرحه فى القسم الأول من كتاب السيرة النبوية وإنما ذكرته هنا لمناسبة ذكر ادريس عليه وعلى نبينا وجميع الأنبياء الصلاة والسلام ونتكلم على ما قاله العلماء فى شأن ادريس عليه السلام، قال الله تعالى (واذكر فى الكتاب ادريس انه كان صديق نبيا ورفعناه مكانا عليا) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه ادريس عليه السلام قد أثنى الله عليه ووصفه بالنبوة والصديقية وهو فى عمود نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم على ما ذكره غير واحد من علماء النسب، وكان أول بنى آدم أعطى النبوة بعد آدم وشيث عليهما السلام، وذكر ابن اسحاق أنه أول من خط بالقلم وقد أدرك من حياة آدم ثلاثمائة سنة وثمان سنين وقال الأمام البغوى فى تفسيره هو جد أبى نوح واسمه أخنوح سمى إدريس لكثرة درسه الكتب وكان خياطا وهو أول من خط بالقلم وأول من خاط الثياب ولبس الثياب المخيطة وكانوا من قبله يلبسون الجلود، وأول من اتخذ السلاح وقاتل الكفار، وأول من نظر فى علم النجوم والحساب ثم فسر قوله تعالى (ورفعناه مكانا عليا) فقال قيل هى الجنة وقيل هى الرفعة بعلة الرتبة فى الدنيا، وقيل إنه رفع الى السماء الرابعة (روى انس) ابن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبى صلى الله عليه وسلم انه رأى ادريس فى السماء الرابعة ليلة المعراج اهـ (قلت) أما رؤية النبى صلى الله عليه وسلم ادريس ليلة الاسراء فى السماء الرابعة فقد رأى غيره من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام وليس فيه حجة لكونه مستقرا فى السماء، ولا اشكال فى رؤية الانبياء غير عيسى عليهم السلامبالسماء مع استقرار أجسامهم فى قبورهم بالأرض لأنه إما حضرت أجسامهم لملاقاته صلى الله عليه وسلم تلك الليلة تشريفا له صلى الله عليه وسلم ويعضده حديث أنس ففيه وبعث له آدم فمن دونه من الانبياء فأمهم، أو تشكلت أرواحهم بصور أجسامهم لأن الأرواح فى غاية اللطافة وقد أودع فيها قوة التجسد كما يشعر به ما وقع للروح الأمين والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا وكيع عن الاعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد الخدرى الخ (غريبه) (2) أى يشهدون بما علموه من قوله تعالى (إنا أرسلنا نوحا الى قومه ان انذر قومك من قبل أن يأتيهم عذاب أليم) (3) فسر الوسط من الحديث بالعدل أى عدولا وهو فى الاصل اسم لما يستوى نسبة الجوانب اليه كالمركز للدائرة، ثم استعير للخصال المحمودة البشرية لكونها أوساطا للاخلاق الذميمة المكتنفة بها من طرفى التفريط والافراط وبقية الآية (لتكونوا شهداء على الناس ويكون الرسول عليكم شهيدا) (4) جاء فى بعض طرق الحديث فيقال وما علمكم؟ فيقولون جاءنا نبينا فاخبرنا ان الرسل قد بلغوا (5) معناه

(عن أبي هريرة مرفوعا) (1) ان أهل الموقف يأتون نوحا فيقولون يا نوح أنت أول الرسل (2) إلى أهل الأرض وسماك الله عبدا شكورا (3) فاشفع لنا عند ربك ألا ترى ما نحن فيه ألا ترى ما قد بلغنا؟ فيقول نوح ان ربى قد غضب اليوم غضبا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله (4) وانه كانت لى دعوة على قومى (5) نفسى نفسى نفسى اذهبوا الى غيرى (عن ابن عباس) (6) فى حديث الشفاعة أيضا قال فيقول (يعنى نوحا) انى لست هنا كم انى دعوت بدعوة أغرقت أهل الأرض وإنه لا يهمنى اليوم الا نفسى (باب ذكر أولاده ووصيته لهم عند وفاته) (حدثنا روح من كتابه) (7) ثنا سعيد بن أبى عروبة عن قتادة قال حدث الحسن عن سمرة بن جندب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سام أبو العرب، ويافث أبو الروم، (8) وحام أبو الحبش وقال روح ببغداد من حفظه (9)

_ أنه يسئل عن حال امته فيزكيهم ويشهد بصدقهم، وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم ثم أشهد عليكم (تخريجه) (خ مذ نس جه) (1) (عن أبى هريرة الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب الشفاعة من كتاب القيامة إن شاء الله تعالى وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان والترمذى وغيرهم واليك شرح هذا الطرف منه (غريبه) (2) استشكلت الأولية بأن آدم نبى مرسل وكذا شيث وادريس وهم قبل نوح (واجيب) بأن الأولية مقيدة بقوله الى أهل الأرض لأن آدم ومن بعده لم يرسلوا الى أهل الأرض واستشكل بقوله فى حديث جابر اعطيت خمسا, وفيه وكان النبى يبعث الى قومه خاصة وبعثت الى الناس كافة (وأجيب) بأن بعثة نوح الى أهل الأرض باعتبار الواقع لصدق أنهم قومه بخلاف عموم بعثة نبينا صلى الله عليه وسلم لقومه ولغير قومه (3) أى فى قوله تعالى (ذرية من حملنا مع نوح انه كان عبدا شكورا) (4) قال النووى المراد ما يظهره تعالى من انتقامه فيمن عصاه وما يشاهده أهل الجمع من الاهوال التى لم تكن ولا يكون مثلها ولا ريب انه لم يتقدم قبل ذلك اليوم مثله ولا يكون بعده مثله (5) قال الحافظ فى رواية هشام ويذكر سؤال ربه ما ليس له به علم، وفى حديث أبى هريرة انى دعوت بدعوة اغرقت أهل الأرض، ويجمع بينه وبين الأول بأنه اعتذر بأمرين (أحدهما) نهى الله له أن يسأل ما ليس له به علم فخشى ان يكون شفاعته لأهل الموقف من ذلك (ثانيهما) ان له ان له دعوة واحدة محققة الاجابة وقد استوفاها بدعائه على أهل الأرض فخشى ان يطلب فلا يجاب اهـ (وقوله نفسى) أى نفسى هى التى تستحق أن يشفع لها وكررها ثلاثا للتأكيد والله أعلم (6) (عن ابن عباس) الخ هذا طرف من حديث طويل سيأتى بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب الشفاعة من كتاب القيامة أيضا (باب) (7) (حدثنا روح من كتابه الخ) (غريبه) (8) قال ابن عبد البر وقد روى عن عمران بن حصين عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله قال والمراد بالروم هنا الروم الأول وهم اليونان المنتسبون الى رومى بن لبطى بن يونان بن يافث بن نوح عليه السلام (9) معناه ان روح شيخ الامام احمد حدثه أولا بهذا الحديث من كتابه ثم حدثه مرة أخرى ببغداد من حفظه (تخريجه) (مذ ك) وصححه الحاكم واقره الذهبى، وحسنه العراقى والحافظ السيوطى (وفى الباب) عن ابن مسعود انه ذكر قول الله تعالى (إنا أرسلنا نوحا إلى قومه) فذكر ان نوحا اغتسل فرأى ابنه ينظر اليه فقال تنظر إلى وأنا اغتسل؟ خار الله لونك، قال فاسود فهو أبو السودان (ك) وصححه وتعقبه الذهبى فقال محمد ضعفوه (قلت) يعنى محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة: وفي الخلاصة

ولد نوح ثلاثة سام وحام ويافث (عن عبد الله بن عمرو) (1) قال انى النبى صلى الله عليه وسلم اعرابى عليه جبة من طيالسة مكفوفة بديباج أو مزرورة بديباج، فقال ان صاحبكم هذا يريد أن يرفع كل راع ابن راع ويضع كل فارس ابن فارس، فقام النبى صلى الله عليه وسلم مغضبا فأخذ بمجامع جبته فاجتذبه وقال لا أرى عليك ثياب من لا يعقل، ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس فقال ابن نوحا عليه السلام لما حضرته الوفاة دعا ابليه فقال انى قاصر عليكما الوصية، آمركما باثنتين

_ وثقه ابن حبان: ليس حديثه بشيء (وقال ابن جرير) روى أن نوحا دعا لسام ان يكون الأنبياء من ولده، ودعا ليافث أن يكون الملوك من ولده، ودعا على حام ان يتغير لونه ويكون ولده عبيدا وانه رق عليه بعد ذلك فدعا له بأن يرزق الرأفة من أخويه، ذكره البغوى فى تفسيره (وقال الحافظ بن كثير فى تاريخه) قيل إن نوحا عليه السلام لم يولد له هؤلاء الثلاثة الأولاد إلا بعد الطوفان وانما ولد له قبل السفينة كنعان الذى غرق وعابر مات قبل الطوفان، والصحيح أن الأولاد الثلاثة كانوا معه فى السفينة هم ونساؤهم وأمهم وهو نص التوراة، وقد ذكر ان حاما واقع امرأته فى السفينة فدعا عليه نوح ان تشوه خلقة نطفته فولد له ولد أسود وهو كنعان بن حام جد السودان (1) (عن عبد الله بن عمرو الخ) هذا الحديث تقدم طرفه الأول المختص باللباس بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء عاما فى تحريم الذهب والحرير من كتاب اللباس فى الجزء السابع عشر صحيفة 268 رقم 120 وتقدم طرفه الثانى المختص بوصية نوح ولا إله إلا الله فى باب فضل لا إله إلا الله من كتاب الأذكار فى الجزء الرابع عشر صحيفة 211 بعد حديث رقم 28 وتقدم شرحه هناك وهو حديث صحيح أخرجه (نس هق بزك) وصححه الحاكم ورجال البزار ثقات، وقال الهيثمى رجال احمد ثقات اهـ (هذا) ما جاء فى المسند من ذكرنى الله نوح عليه السلام (أما نسبه وتاريخ حياته) فقد ذكره الحافظ ابن كثير فى تاريخه واليك تلخيص ما ذكره (قال رحمه الله) هو نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ وهو ادريس بن يرد بن مهلاييل بن قينن بن أنوش بن شيث بن آدم أبى البشر عليه السلام، وكان مولده بعد وفاة آدم بمائة سنة وست وعشرين سنة فيما ذكره ابن جرير وغيره وعلى تاريخ أهل الكتاب يكون بين مولد نوح وموت آدم مائة وست وأربعون سنة، وكان بينهما عشرة قرون اهـ هكذا جاء فى تاريخ الحافظ ابن كثير بهذه الألفاظ نفسها وهذا التركيب (وفى صحيح البخارى) عن ابن عباس قال كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الاسلام (قال الحافظ) ابن كثير فأن كان المراد بالقرن مائة سنة كما هو المتبادر عند كثير من الناس فبينهما الف سنة لا محالة، لكن لا ينفى ان يكون اكثر باعتبار ماقيد به ابن عباس بالاسلام إذ قد يكون بينهما قرون أخر متأخرة لم يكونوا على الاسلام، لكن حديث أبى أمامة يدل على الحصر فى عشرة قرون وزادنا ابن عباس انهم كانوا على الاسلام، وهذا يرد قول من زعم من أهل التاريخ وغيرهم من أهل الكتاب ان قابيل وبنيه عبدوا النار والله أعلم (وان كان المراد بالقرن الجيل) من الناس كما فى قوله تعالى (وكم ألكنا من القرون من بعد نوح) وقوله (ثم أنشأنا من بعدهم قرنا آخرين) وقال تعالى (وقرونا بين ذلك كثيرا) وقال (وكم أهلكنا قبلهم من قرن) وكقوله عليه السلام خير القرون قرنى الحديث فقد كان الجيل قبل نوح يعمرون كثيرا فعلى هذا يكون بين آدم ونوح الوف من السنين والله أعلم، وبالجملة

وأنها كما عن اثنتين، أنها كما عن الشرك والكبر، وآمركما بلا آله الا الله فان السموات والأرض وما فيهما لو وضعت فى كفة الخيرات ووضعت لا اله إلا الله في الكفة الأخرى كانت أرجح، ولو أن السماوات والأرض كانتا حلقة فوضعت لا إله إلا الله عليهما لقصمتهما أو لقصمتهما وآمركما بسبحان الله

_ فنوح عليه السلام إنما بعثه الله تعالى لما عبدت الاصنام والطواغيث وشرع الناس فى الضلالة والكفر فبعثه الله رحمة للعباد فكان أول رسول بعث إلى أهل الأرض كما يقول له أهل الموقف يوم القيامة (قلت) تقدم الكلام على قولهم وشرح ذلك فى الباب السابق (قال) وكان قومه يقال لهم بنور راسب فيما ذكره ابن جبير وغيره (قال) واختلفوا فى مقدار سنه يوم بعث فقيل كان ابن خمسين سنه، وقيل ابن ثلاثمائة وخمسين سنة وقيل ابن أربعمائة وثمانين سنة حكاها ابن جرير وعزا الثالثة منها الى ابن عباس أهو قد ذكر الحافظ ابن كشير رحمه الله فى تاريخه كل ما جاء فى كتاب الله عز وجل فى ذكر نوح وقصته مع قومه وأطال فى ذلك ثم قال (ومضمون ما جرى له مع قومه) مأخوذ من الكتاب والسنة والآثار فقد قدمنا عن ابن عباس انه كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الاسلام رواه البخارى (وذكرنا) أن المراد بالقرن الجيل أو المدة على ما سلف، ثم بعد تلك القرون الصالحة حدثت أمور أقتضت ان آل الحال بأهل ذلك الزمان الى عبادة الاصنام، وكان سبب ذك ما رواه البخارى من حديث ابن جريج عن عطاه ابن عباس عند تفسير قوله تعالى (وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن وداً ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا) قال هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح فلما هلكرا أوحى الشيطان إلى قومهم ان انصبوا إلى مجالسهم التى كانوا يجلسون فيها انصابا وسموها باسمائهم ففعلوا، فلم تعبد حتى اذا هلك أولئك وتنسخ العلم عبدت، قال ابن عباس وصارت هذه الأوثان التى كانت فى قوم نوح فى العرب بعدُ، وهكذا قال عكرمة والضحاك وقتادة ومحمد بن اسحاق (قلت) لم يتعظ العرب الذين عبدوا الاصنام بما جرى لكفار قوم نوح حيث أهلكم الله جميعا بالغرق، وهكذا مصير كل باغ الى الهلاك بأى نوع من أنواع العذاب (قال جماعة من المفسرين) ارتفع الماء على أعلى جبل بالأرض خمسة عشر ذرعا وهو الذى عند أهل الكتاب، وقيل ثمانين ذراعا وعم جميع الأرض طولها والعرض سهلها وحزنها وجبالها وقفارها ورمالها ولم يبق على وجه الأرض ممن كان بها من الأحياء عين تطرف ولا صغير ولا كبير، أما نوح ومن كان معه بالسفينة فقد أخبر الله تعالى عنهم بقوله (فنجيناه ومن معه فى الفلك وجعلناهم خلائف وأغرقنا الذين كذبوا بآياتنا فانظر كيف كان عاقبة المنذرين) (أما مدة عمر نوح عليه السلام) فقد ذكر القرآن انه لبث فى قومه الف سنة إلا خمسين عاما فأخذهم الطوفان وهم ظالمون، ثم الله أعلم كم عاش بعد ذاك، فان كان ما تقدم عن ابن عباس من انه بعث وله أربعمائة وثمانون سنة وأنه عاش بعد الطوفان ثلاثمائة وخمسين سنة فيكون قد عاش على هذا ثمانين وسبعمائة والف سنة (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) وأما قبره عليه السلام فروى ابن جرير والأزرقى عن عبد الرحمن بن سابط، وغيره من التابعين مرسلا إن قبر نوح عليه السلام بالمسجد الحرام، وهذا أقوى وأثبت من الذى يذكره كثير من المتأخرين من انه ببلدة بالبقاع تعرف اليوم بكرك نوح وهناك جامع قد بنى قد بنى بسبب ذلك فيما ذكر والله أعلم

وبحمده فإنها صلاة كل شئ وبها يرزق كل شئ (باب ذكر نبى الله هود (1) عليه السلام) (عن ابن عباس) (2) قال لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بوادى عسفان حين حج قال يا أبا بكر أى واد هذا؟ قال وادى عسفان (3) قال لقد مر به هود وصالح على بكرات (4) حمر خطمها الليف أزرهم العباء وأرديتهم النمار يلبون يحجون البيت العتيق (عن أبى وائل) (5) عن الحرث

_ (باب) (1) هو هود بن عبد الله بن الخلود بن عاد بن غوص ارم بن سام بن نوح كما فى الطبقات الكبرى لابن سعد (2) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا زَمعة بن صالح عن سلمة بن وهر أم عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) بضم العين وسكون المهملة قرية جامعة بين مكة والمدينة على نحو مرحلتين من مكة (4) جمع بكرة بفتح الموحدة وسكون الكاف وهى الثنية من الابل (وقوله خطهما) بضمتين جمع خطام (أمزرهم) بضم الهمزة والزاى جمع ازار (والعباء) بحذف الهاء جمع عباءة بالمد (والأردية) جمع رداء بكسر الراء (والنمار) جمع نمرة بفتح النون وكسر الميم وهى الشملة المخططة من مآزر الأعراب كأنها أخذت من لون النمر (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفى اسناده زمعة بن صالح فيه كلام، وله عند مسلم فرد حديث قرنه مسلم بآخر لكن أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه بسنده ومتنه وقال اسناد حسن اهو انما ذكرت هذا الحديث هنا لذكر هود عليه السلام فيه (أما ما يختص بقصته) مع قومه فقد جاء مفصلا فى غير موضع من كتاب الله عز وجل فمن ذلك قوله تعالى (واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاق وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه ألا تعبدوا إلا الله إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم، قالوا أجئتنا لتأفكنا عن آلهتنا فأننا بما تعدنا ان كنت من الصادقين، قال إنما العلم عند الله وأبلغكم ما أرسلت به ولكنى أراكم قوما تجهلون: فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض عطرنا، بل هو ما استعجلتهم به ربح فيها عذاب أليم تدمر كل شئ بأمر ربها فاصبحوا لا يرى إلا مساكنهم كذلك نجزى القوم المجرمين) وتقدم الكلام على قصته مفصلا فى تفسير هذه الآيات من سورة الأحقاق فى باب فلما رأوه عارضا فى الجزء الثامن عشر صحيفة 271 رقم 424 وتقدم هناك أيضا ذكر نشاته وبلده فارجع اليه (هذا) (وفى صحيح ابن حبان) عن أبى ذر فى حديثه الطويل فى ذكر الأنبياء والمرسلين قال فيه منهم أربعة من العرب هود وصالح وشعيب ونبيك يا أبا ذر، ويقال ان هودا عليه السلام أول من تكلم بالعربية، وزعم وهب بن منبه أن أباه أول من تكلم بها، وقال غيره أول من تكلم بها نوح وقيل آدم وهو الأشبه، وقيل غير ذلك والله أعلم: ويقال للعرب الذين كانوا قبل اسماعيل عليه السلام العرب العاربة وهم قبائل كثيرة، منهم عاد وثمود وجرهم وطسم وجديس وأميم ومدين وعملاق وعبيل وجلم وقحطان وبنو يقطن وغيرهم (وأما) العرب المستعربة فهم من ولد اسماعيل بن ابراهيم الخليل، وكان اسماعيل بن ابراهيم عليهما السلام أول من تكلم بالعربية الفصيحة البليغة، وكان قد أخذ كلام العرب من جرهم الذين نزلوا عند أمه هاجر بالحرم كما سياتى بيانه فى موضعه ان شاء الله تعالى ولكن أنطقه الله بها فى غاية الفصاحة والبيان وكذلك كان يتلفظ بها رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) (سنده) حدثنا زيد بن الحباب قال حدثنى أبو المنذر سلام بن سليمان النحوى قال ثنا عاصم بن أبي النجود عن

ابن يزيد (1) البكري قال خرجت اشكوا العلاء بن الحضرمى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فمررت بالربذة (2) فاذا عجوز من بنى تميم منقطع بها (3) فقالت لى يا عبد الله ان لى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة فهل أنت مبلغى إليه؟ قال فحملتها فأتيت المدينة فاذا المسجد غاص بأهله واذا راية سوداء تخفق وبلال متقلد السيف بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت ما شأ، الناس؟ قالوا يريد أن يبعث عمرو ابن العاص وجها (4) قال فجلست قال فدخل منزله أو قال رحله فاستأذنت عليه فاذن لى فدخلت فسلمت، فقال هل كان بينكم وبين بنى تميم شئ؟ قال فقلت نعم، قال وكانت لنا الدبرة (5) عليهم ومررت بعجوز من بنى تميم سنقطع بها فسألتنى ان احملها اليك وها هى بالباب، فأذن لها فدخلت فقلت يا رسول الله أن رأيت أن تجعل بيننا وبين بنى تميم حاجزا فاجعل الدهناء (6) فحميت العجوز واستوفزت قالت يا رسول الله فالى اين تضطر مضرك؟ قال قلت انما مثلى ما قال الأول معزى حملت حتفها (7) حملت هذه ولا أشعر أنها كانت لى خصما: أعوذ بالله ورسوله أن أكون كوافد عاد، قال هيه (8) وما وافد عاد؟ وهو أعلم بالحديث منه ولكنه يستطعمه (9) قلت أن عادا افحطوا فبعثوا وافدا لهم يقال له قيل فمر بمعاوية بن بكر فأقام عنده شهرا يسقيه الخمر وتغنيه جاريتان يقال لهما الجرادتان، فلما مضى الشهر خرج الى جبال تهامة فنادى اللهم انك تعلم انى لم أجئ الى مريض فأداويه، ولا الى أسير فأفاديه، اللهم اسق عادا ما كنت تسقيه، فمرت، به سحابات سود فنودى منها أختر: فأومأ الى سحابة منها سوداء فنودى منها خذها رمادا (10) رمدداً لا تبقى من عاد احدا، قال فما بلغنى أنه بعث عليهم من الريح الا قدر ما يجرى فى خاتمى هذا حتى هلكوا، قال أبو وائل وصدق قال فكانت المرأة والرجل إذا بعثوا وأقدالهم قالوا

_ أبي وائل الخ (غريبه) (1) ويقال فى اسمه حديث بالتصغير وفى اسم أبيه حسان (2) بالربذة بالتحريك قرية معروفة قرب المدينة بها قبر أبى ذر الغفارى رضى الله عنه (3) أى ليس معها من يرافقها فى السفر (4) قال الحافظ فى الاصابة كان أيام بعث رسول صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص فى غزوة السلاسل (5) الدبرة محركة والقائل وكانت لنا الدبرة هو الحارث بن يزيد يعنى الغلبة والنصر والظفر وتفتح للباء وتسكن ويقال على من (بفتح الميم) الدبرة أيضا؟ أى الهزيمة (نه) (6) موضع معروف ببلاد تميم وكأن خصومتهم كانت على حدود أملاكهم (7) هذا مثل يقال لمن تسبب فى أمر كان فيه ضرورة وهو لا يشعر (8) هيه بمعنى إيه فأبدل من الهمزة هاء وإيه اسم سمى به للفعل ومعناه الأمر تقول للرجل إيه بغير تنوين إذا استزدته من الحديث المعهود بينكما فان توّنت استزدته من حديث مّا غير معهود لأن التنوين للتنكير، فاذا سكنته وكففته قلتُ إيها بالنصب (نه) (9) القائل وهو أعلم بالحديث منه الرواى عن الحارث ومعناه ان النبى صلى الله عليه وسلم أعلم بقصة وافد عاد من الحارث ولكنه يستطعمه أى يذيقه طعم حديثه (10) أى هلاكا بالنار والرمدد بالكسر المتناهى فى الاحتراق والدقة كما يقال ليل أليل ويوم أيوم اذا أرادوا المبالغة (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال وهكذا رواه الترمذى عن عبد بن حميد عن زيد بن الحباب، ورواه النسائى من حديث سلام أبي المنذر عن

لا تكن كوافد عاء (باب ذكر نبى الله صالح عليه السلام) (عن جابر) (1) قال لما مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجر (2) قال لا تسألوا الآيات وقد سألها قوم صالح فكانت ترد (3) من هذا الفج وتصدر من هذا الفج فعتوا (4) عن أمر ربهم فعقروها فكانت تشرب ماءهم يوما ويشربون لبنها يوما فعقروها فأخذتهم صيحة أهمد الله عز وجل من تحت اديم السباء منهم (5) إلا رجلا واحدا كان فى حرم الله عز وجل، قيل من هو يا رسول الله. قال أبو رغال (6) فلما خرج من الحرم

_ عاصم بن بهدلة ومن طريقه رواه ابن ماجه، قال وقد يكون هذا السياق لإهلاك عاد الآخرة فان فيما ذكره ابن اسحاق وغيره ذكر لمكة ولم تبن إلا بعد إبراهيم الخليل حين اسكن فيها هاجر وابنه اسماعيل فنزلت جرهم عندهم، وعاد الأولى قبل الخليل، وفيه ذكر معاوية بن بكر وشعره وهو من الشعر المتأخر عن زمان عاد الأولى لا يشبه كلام المتقدمين، وفيه ان تلك السحابة شرر نار وعاد الأولى إنما أهلكوا بريح صرصر، وقد قال ابن مسعود وابن عباس وغير واحد من أئمة التابعين هى الباردة: والعاتية الشديدة الهبوب (سخرها عليهم سبع ليال وثمانيه أيام حسوما) أى كوامل متتابعات، قيل كان أولها الجمعة وقيل الأربعاء (فترى القوم فيها صرعى كأنهم أعجاز نخل خاوية) شبههم بأعجاز النخل التى لا رءوس لها، وذلك لأن الريح كانت تجئ الى أحدهم فتحمله فترفعه فى الهواء ثم تنكسه على أم رأسه فنشدخه فيبقى جثة بلا رأس كما قال (إنا أرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى يوم نحر مستمر) أى فى يوم نحس عليهم مستمر عذابه عليهم (تنزع الناس كانهم أعجاز نخل منقعر) ومن قال ان اليوم النحس المستمر هو يوم الاربعاء وتشاءم به لهذا الفهم فقد أخطأ وخالف القرآن، فانه قال فى الآية الأخرى (فأرسلنا عليهم ريحا صرصرا فى أيام نحسات) ومعلوم أنهما ثانية متتابعات: فلو كانت نحسات فى نفسها لكانت الأيام السبعة المندرجة فيها وهذا لا يقوله أحد وانما المراد فى أيام نحسات أى عليهم، ويحتمل أن هذه الريح أثارت فى آخر الأمر سحابة ظن من بقى منهم انها سحابة فيها رحمة بهم وغياث لمن بقى منهم فارسلها الله عليهم شرراً ونارا كما ذكره غير واحد، ويكون هذا كما أصاب اصحاب الظلة من أهل مدين وجمع لهم بين الريح الباردة وعذاب النار، وهو أشد ما يكون من العذاب بالأشياء المختلفة المتضادة مع الصيحة التى ذكرها الله فى سورة قد افلح المؤمنون والله اعلم (روى عن أمير المؤمنين) على بن ابى طالب رضى الله عنه انه ذكر صفة قبر هود عليه السلام فى بلاد اليمن. وذكر آخرون انه بدمشق وبجامعها مكان فى حائطه القبلى يزعم بعض الناس أنه قبر هود عليه السلام والله أعلم أم مخلصا من تاريخ الحافظ ابن كثير رحمه الله (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن أبى الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد الله) الخ (غريبه) (2) بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم اسم مدينة ثمود قوم صالح وكان ذلك فى عودته من غزوة تبوك (3) يعنى ناقة صالح (والفج) معناه الطريق الواسع (4) أى تجبروا وتكبروا وعصوا أمر ربهم (5) أى أهلكهم جميعا إلا رجلا واحذا (6) قال عبد الرزاق قال معمر أخبرنى اسماعيل بن أمية أن النبى صلى الله عليه وسلم مر بقبر ابى رغال فقال أتدرون من هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال هذا قبر ابى رغال رجل من ثمود كان فى حرم الله فمنعه حرم الله عذاب الله فلما خرج أصابه ما أصاب قومه فدفن هاهنا ودفن معه غصق فنزل القوم فابتدروه بأسيافهم

.

_ فبحثوا عنه فاستخرجوا الغصن، قال عبد الرزاق قال معمر قال الزهرى، أبو رغال أبو نقيف وهو حديث مرسل (تخريج حديث الباب) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للامام احمد وقال هذا الحديث على شرط مسلم وليس هو فى شئ من الكتب الستة والله أعلم اه (قلت) وفى هذا الحديث اشارة إلى مكان ورود الناقة وصدورها وقد عقرها ثمود قوم نبى الله صالح وهم قبيلة مشهورة يقال ثمود باسم جدهم ثمود أخى حديس وهما ابنا عابر بن إرم بن سام بن نوح وكانوا عربا من العاربة يسكنون الحجر الذى بين الحجاز وتبوك، وقد مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو راجع من غزوة تبوك بمن معه من المسلمين كما سيأتى بيانه وكانوا بعد قوم عاد وكانوا يعبدون الاصنام كألئك فبعث الله فيهم رجلا منهم وهو عبد الله ورسوله صالح فدعاهم الى عبادة الله وحده لا شريك له وان يخلعوا الأصنام والأنذاد ولا يشركوا به شيئاً فآمنت به طائفة منهم وكفر جمهورهم ونالوا منه بالمقال والفعال وهموا بقتله وقتلوا الناقة التى جعلها الله حجة عليهم فأخذهم أخذ عزيز مقتدر وقد جاء ذكرهم وعنادهم لنبيهم صالح فى غير موضع من كتاب الله تعالى فمن ذلك قوله عز وجل (والى ثمود أخاهم صالحا) يعنى فى النسب لا فى الدين (قال يا قوم اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرض) أى خلقكم منها وذلك انهم أولاد آدم وآدم خلق من الارض (واستعمركم فيها) أى جعلكم عمارها وسكانها وقال الضحاك أطال عمركم فيها حتى كان الواحد منهم يعيش ثلاثمائة سنة الى الف سنة وكذلك قوم عاد وقال قتادة أسكنكم فيها (فاستغفروه ثم توبوا اليه ان ربى قريب مجيب) أى قريب من المؤمنين مجيب لدعائهم (قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجوا قبل هذا) يعنى قبل هذا القول أى كنا نرجو أن تكون سيدا فينا وقيل كنا نرجو ان تعود الى ديننا، وذلك انهم كانوا يرجعون رجوعه الى دين عشيرته فلما اظهر دعاءهم الى الله عز وجل وترك الاصنام زعموا أن رجاءهم انقطع عنه فقالوا (اتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا اننا لفى شك مما تدعونا اليه مريب) أى موقع للريبة والتهمة، يقال اربته ارابة اذا فعلت به فعلا يوجب له الريبة (قال يا قوم أرأيتم ان كنت على بينة من ربى وآتان منه رحمة فمن ينصرنى من الله ان عصيته فما تزيدوننى غير تخسير) قال ابن عباس معناه ما تزيدوننى غير بصارة فى خسارتكم (ويا قوم هذه ناقة الله لكم آية) نصب على الحال والقطع وذلك ان قوما طلبوا منه ان يخرج ناقة عشراء من هذه الصخرة وأشاروا الى صخرة، فدعا صالح عليه السلام فخرجت منها ناقة وولدت فى الحال ولدا مثلها، فهذا معنى قوله هذه ناقة الله لكم آية (فذروها تأكل فى أرض الله) من العشب والنبات فليس عليهم مؤنتها (ولا تمسوها بسوء) أى لا تصيبوها بعقر (فياخذكم) ان قتلتموها (عذاب قريب فعقروها فقال) لهم صالح (تمتعوا) أى عيشوا (فى داركم) وقد جاء فى آية أخرى دياركم (ثلاثة أيام) ثم تهلكون (ذلك وعد غير مكذوب) أى غير كذب، روى انه قال لهم يأتيكم العذاب بعد ثلاثة أيام فتصبحون اليوم الاول ووجوهكم مصفرة، وفى اليوم الثانى محمرة، وفى اليوم الثالث مسودة فكان كما قال وأتاهم العذاب اليوم الرابع قال تعالى (فلما جاء أمرنا نجينا صالحا والذين آمنوا معه برحمة منا ومن خزى يومئذ) أى من عذابه وهو إنه (إن ربك هو القوى العزيز، وأخذ الذين ظلموا الصيحة) وذلك ان جبريل عليه السلام صاح عليهم صيحة واحدة فهلكوا جميعا، وقيل أتتهم صيحة من السماء فيها صوت كل صاعقة وصوت كل شئ فى الأرض فتقطعت قلوبهم فى صدورهم وانما قال أخذ (والصيحة مؤنثة) لأن الصيحة بمعنى الصياح (فأصبحوا فى ديارهم جاثمين) باركين على ركبهم هلكى (كأن لم يغنوا فيها) أى كأن لم يقيموا ويكونوا

أصابه ما أصاب قومه (عن عمار بن ياسر) (1) قال كنت أنا وعلى رفيقين فى غزوة ذات العشيرة فذكر نصة وذكر انهما ناما على التراب، قال فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى يا أبا تراب لما يرى عليه من التراب، قال ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟ قال قلنا بلى يا رسول الله، قال أحيمر ثمود الذى عقر الناقة والذى يضربك يا على على هذه يعنى قرنه حتى تبل منه هذه يعنى لحيته (عن عبد الله بن زمعة) (2) قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر الناقة وذكر الذى عقرها فقال اذا انبعث أشقاها لها رجل عارم (3) عزيز منيع فى رهطه مثل ابن زمعة ثم ذكر النساء فوعظهم فيهن الحديث (4) (عن ابن عباس) (5) قال لما مر النبى صلى الله عليه وسلم بوادى عسفان حين حج قال يا أبا بكر أى واد هذا؟ قال واد هذا؟ قال وادى عسفان قال لقد مر به هود وصالح على بكرات حمر حطمها الليف ازرهم العباء وأرديتهم النمار يلبون يحجون البيت العتيق (باب مرور النبى صلى الله عليه وسلم بوادى الحجر من أرض ثمود عام تبوك) (عن نافع عن ابن عمر) (6) قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس عام تبوك نزل بهم الحجر عند بيوت ثمود فاستقى الناس من الآبار التى كان يشرب منها ثمود فعجنوا منها ونصبوا القدور باللحم فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهراقوا القدور وعلقوا العجين الإبل ثم ارتحل بهم حتى نزل بهم على البتر التى كانت تشرب منها الناقة، ونهاهم ان يدخلوا على القوم الذين عذبوا، قال انى أخشى أن يصيبكم مثل ما أصابهم فلا تدخلوا عليهم (عن سالم بن عبد الله عن أبيه) (7) أن النبى صلى الله عليه وسلم لما مر بالحجر قال لا تدخلوا أماكن الذين ظلموا إلا أن تكونوا باكين

_ (ألا إن ثمود كفروا ربهم إلا بعد الثمود) أى سحقا وهلاكا (وفى تاريخ الكامل) لابن الأثير ان صالحا عليه السلام بعد هلاك قومه سار الى الشام فنزل فلسطين ثم انتقل الى مكة فاقام بها يعبد الله حتى مات وهو ابن ثمان وخمسين سنة، وكان قد أقام فى قومه يدعوهم عشرين سنة (قيل) يوجد بحضر موت قبر يدعونه قبر صالح ويقولون ان ثمود ارتحلوا من حضر موت الى الشمال فلما هلكوا جاء صالح الى موطن قومه الأول والله أعلم (1) (عن عمار بن ياسر الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب مناقب على رضى الله عنه من كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالى (2) (سنده) حدثنا ابن نمير قال ثنا هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعة الخ (غريبه) (3) أى خبيث شرير (عزيز) أى رئيس منيع أى مطاع فى قومه (4) ليس هذا آخر الحديث وبقيته فقال علام يجلد أحدكم امرأته جلد العبد ولعله يضاجعها من آخر يومه ثم وعظهم فى ضحكهم من الضرطة فقال علام يضحك أحدكم على ما يفعل وسيأتى هذا الحديث بتمامه فى باب خطب النبى صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله تعالى وتقدم الجزء المختص منه بالنساء حديثا مستقلا فى باب حق الزوجة على الزوج من كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر صحيفة 231 رقم 260 (تخريجه) (ق. والأربعة) (5) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى أول الباب السابق وانما ذكرته عنا لمناسبة حج نبى الله صالح عليه السلام (باب) (6) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثنا صخر ابن جوبرية عن نافع عم ابن عمر الخ (تخريجه) (ق، وغيرهما) (7) (سنده) حدثنا يَعمُر بن بشر

أن يصيبكم ما أصابهم وتقنع بردائه وهو على الرحل (زاد فى رواية) فان لم تكونوا باكين فلا تدخلو عليهم ان يصيبكم مثل ما أصابهم (عن محمد أبى كبشة الانمارى عن أبيه) (1) قال لما كان فى غزوة تبوك تسارع الى أهل الحجر يدخلون عليهم فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فنادى فى الناس الصلاة جامعة، قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعيره وهو يقول ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم، فناداه رجل منهم تعجب منهم يا رسول الله، قال أفلا أنذركم بأعجب من ذلك؟ رجل من أنفسكم ينبئكم بما كان قبلكم وما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا فان الله عز وجل لا يعبأ بعذابكم شيئا، وسيأتى قوم لا يدفعون عن أنفسهم بشئ (باب ذكر ابراهيم الخليل وفضله (2) عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام) (عن أنس) (3) قال قال رجل النبى صلى الله عليه وسلم يا خير البرية

_ أخبرنا عبد الله أخبرنا معمر عن الزهرى أخبرنى سالم بن عبد الله عن أبيه (يعنى عبد الله بن عمر) أن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وقال رواه البخارى من حديث عبد الله بن المبارك وعبد الرزاق كلاهما عن معمر باسناده نحوه (1) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون أنا المسعودى عن اسماعيل بن أوسط عن محمد بن أبى كبشة الأنمارى عن أبيه الخ (قلت) أبوه اسمه عمر بن سعد ويقال عامر بن سعد (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للامام احمد وقال اسناد حسن ولم يخرجوه (باب) (2) تقدم نسبة فى باب ما جاء فى عدد الانبياء والرسل وأمور تتعلق بهم صحيفة 37 من هذا الجزء (أما مكان ميلاده) فقد صحح أهل السير والتواريخ والأخبار أنه ولد ببابل أرض الكلدانيين، وروى ابن عساكر عن ابن عباس قال ولد ابراهيم بغوطة دمشق فى قرية يقال لها برزة فى جبل يقال له قاصيون ثم قال والصحيح أنه ولد ببابل، وإنما نسب اليه هذا المقام لأنه صلى فيه اذ جاء معينا للوط عليه السلام قالوا فنزوج ابراهيم سارة قالوا وكانت سارة عاقرا لا تلد، قالوا وانتقل تارخ ابنه ابراهيم وامرأته سارة وابن أخيه لوط بن هاران فخرج بهم من أرض الكلدانيين الى أرض الكنعانيين فنزلوا حَرَّان فمات فيها تارخ وله مئتان وخمسون سنة، وهذا يدل على أنه لم يولد بحران وإنما مولده بارض الكلدانيين وهى أرض بابل وما والاها، ثم ارتحلوا قاصدين أرض الكنعانيين وهى بلاد بيت المقدس فأقاموا بحران وهى أرض الكشدانيين فى ذلك الزمان وكذلك أرض الجزيرة والشام أيضا، وكانوا يعبدون الكواكب السبعة، والذين عمروا مدينة دمشق كانوا على هذا الدين يستقبلون القطب الشمالى ويعبدون الكواكب السبعة بانواع من الفعال والمقال، وهكذا كان أهل حران يعبدون الكواكب والأصنام: وكل من كان على وجه الأرض كانوا كفار سوى ابراهيم الخليل وامرأته وابن أخيه لوط عليهم السلام وكان الخليل عليه السلام هو الذى أزال الله به تلك الشرور وأبطل به ذاك الغلال فان الله سبحانه وتعالى أتاه رشده فى صغره وابتعثه رسولا واتخذه خليلا فى كبره قال تعالى (ولقد آتينا ابراهيم رشده من قبل وكنا به عالمين) أى كان أهلا لذلك ذكره الحافظ ابن كثير فى تاريخه، ثم ذكر كل ما جاء فى شأنه من كتاب الله عز وجل من مناظرته لأبيه وقومه ودعوتهم الى الاسلام وقصته مع ملك مصر ومع نمرود وتكسيره اصنامهم وأمرهم بتحريقه وغير ذلك كثير وسأذكر بعض ذلك لمناسبة ما جاء منه فى المسند والله الموفق (3) (سنده) حدثنا أبو

فقال ذاك إبراهيم أبى (عن عبد الله) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لكل نبى ولاة وان وليي منهم أبى وخليل ربى ابراهيم قال ثم قرأ (أن أولى الناس بابراهيم) الخ الآية (عن أبى هريرة) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نحن أحق بالشك من ابراهيم عليه السلام إذ قال (ربى أرنى كيف تحىى الموتى قال أو لم نؤمن؟ قال بلى ولكن يطمئن قلبى) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحم الله لوطا لقد كان يأوى الى ركن شديد، ولو لبث فى السجن ما لبثت يوسف لاجبت الداعى (عن ابن عباس) (3) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال يحشر الناس حفاة عراة غرلا (4) فأول من يكسى ابراهيم عليه السلام ثم قرأ (كما بدأنا أول خلق نعيده) (عن أبى هريرة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أختن ابراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة واختن بالقدوم مخففة (عن ابن عباس) (6) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص شاربه وكان أبوكم ابرهيم من قبله يقص شاربه

_ نعيم ثنا سفيان عن المختار بن فلفل عن أنس (يعنى ابن مالك الخ) (تخريجه) (م مذ) (1) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أبيه عن أبى الضحى عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) الخ (تخريجه) (مذ ص) وسنده منقطع عند الامام احمد لأن أبا الضحى مسلم بن صبيح لم يدرك ابن مسعود ولكنه جاء متصلا عند الترمذى وسعيد بن منصور عن مسروق عن عبد الله فالحديث صحيح فى ذاته (2) (عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب وإذ قال ابراهيم رب أرنى كيف تحي الموتى من تفسير سورة البقرة فى الجزء الثامن عشر وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (3) (سنده) حدثنا يحي بن سعيد عن سفيان قال حدثنى المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (4) بضم العين المعجمة وسكون الراء جمع أغرل وهو الأقلف الذى لم يختن (تخريجه) (ق. وغيرهما) وفيه ان ابراهيم الخليل عليه السلام أفضل الأنبياء بعد نبينا صلى الله عليه وسلم (5) (عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الختان من أبواب سنن الفطرة فى الجزء السابع عشر صحيفة 313 رقم 8 وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما (6) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم أيضا فى الجزء المشار اليه صحيفة 313 أيضا رقم 10 وتقدم شرحه وتخريجه هناك، ونزيد هنا أن الامام مالك روى فى الموطأ عن يحي بن سعيد بن المسيب انه قال كان ابراهيم صلى الله عليه وسلم أول الناس ضيّف الضيف، وأول الناس اختتن، وأول الناس قص شاربه وأول الناس رأى الشيب، فقال يارب ما هذا: فقال الله تبارك وتعالى وقارٌ يا ابراهيم، فقال رب زدنى وقارا وهذا الحديث منقطع لكن وصله ابن عدى والبيهقى عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم ويؤيده حديث أبى هريرة السابق بلفظ اختتن ابراهيم خليل الرحمن بعد ما أتت عليه ثمانون سنة واختتن بالقدوم مخفضة ورواه الشيخان وغيرهما والبخارى فى الأدب المفرد وأبن حبان عن أبى هريرة وابن السماك مرفوعا وهو إبن مائة وعشرين وزادوا وعاش بعد ذلك ثمانين سنة وأعل بأن عمره مائة وعشرين، ورّد بأن مثله عند ابن أبى شيبة وابن سعد والحاكم والبيهقى وصححاه وأبى الشيخ فى العقيقة من وجه آخر زادوا أيضا وعاش بعد ذلك ثمانين: فعلى هذا عاش مائتين، وجمع بأن الأول حسب من منذ نبوته والثانى حسب من مولده، وبأن المراد وهو ابن ثمانين من وقت فراق قومه وهجرته من العراق الى الشام وقوله وهو

_

(باب هجرة إبراهيم عليه السلام الى بلاد الشام ودخوله الديار المصرية وقصة سارة مع ملك مصر) (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكذب ابراهيم إلا ثلاث كذبات (3) قوله حين دعى الى آلهتهم (3) انى سقيم (4) وقوله مقلد كبيرهم هذا (5) وقوله لسارة أنها أختي

_ منهم بعد أن أقام عليهم الحجج والبراهين ولم يؤمن به إلا بعض رجال من قومه منهم لوط بن هاران وهو ابن أخى ابراهيم وكان لهم أخ ثالث يقال له ناخور بن تارخ وهو أبو بتويل وبتويل أبو لابان وأبرر بقا امرأة اسحاق بن ابراهيم أم يعقوب ولا بان أبو ليئة وراحيل زوجتى يعقوب وآمنت به سارة وهى ابنة عمه وهى سارَّة ابنة هاران الأكبر عم ابراهيم (أما جمهورهم) فلم تنفعهم الحجة ولم تغنهم النذر، ولما أعرضوا عن دعوته ولازالوا متمسكين بعبادة أصنامهم بَيَّت الشر لها واقسم ليكيدنها حتى يروا أنها لا تضر ولا تنفع ولا تدفع الأذى عن نفسها. فقال (وتا الله لأكيدن أصنامكم بعد ان تولوا مدبرين فجعلهم جذاذا) أى قطعا متفرقة (الا كبيرا لهم لعلهم اليه يرجعون) وسيأتى تفصيل ذلك وقصته مع نمرود فى شرح الحديث التالى (باب) (1) (سنده) حدثنا على بن حفص قال ثنا ورقاء عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) لم يرد النبى صلى الله عليه وسلم ان هذا من باب الكذب الحقيقى الذى يذم فاعله حاشا وكلا، وانما أطلق الكذب على هذا تجوزا، وانما هو من المعاريض فى الكلام لمقصد شرعى دينى كما جاء فى بعض الأحاديث (أن فى المعاريض لمندوجة عن الكذب) (3) تقدم فى شرح الحديث السابق ان ابراهيم قال (وتا لله لأكيدن اصنامكم بعد ان تولوا مدبرين) وقد كان من عادة القوم ان يقيموا عيدا لهم فى كل عام يقضون ايامه خارج المدينة، وكلهم يهرعون اليه بعد ان يضعوا طعاما كثيرا فى بيت العبادة حتى اذا ما رجعوا من عيدهم أكلوه فرحين فقد باركته الآلهة، فاذا انصرفوا من عيدهم أكلوه، فقالوا لابراهيم ألا تخرج غدا معنا الى عيدنا؟ وهذا معنى قوله فى الحديث (حين دعي إلى آلهتهم) أى الى حضور عيد آلهتهم (4) وترى بقوله انى سقيم ولم تكن به علة ولا مرض ولكنه كان سقيم النفس كاسف البال حزينا على إشراك قومه لأنهم لم يلبوا نداءه ولم يصيخوا الى دعوته، وكانوا يعتقدون ان السقيم هو المطعون، وكانوا يفرون من الطاعون فرارا عظيما فتركوه ومضوا، وفى التنزيل قال تعالى (فنظر نظرة فى النجوم فقال انى سقيم فتولوا عنه مدبرين) قال ابن عباس كان قومه يتعاطون علم النجوم فعاملهم من حيث كانوا لئلا ينكروا عليه (فتولوا عنه مدبرين) الى عيدهم فدخل ابراهيم على الأصنام فكسرها ثم وضع القدوم فى يد كبيرهم لعلهم يعتقدون أنه هو الذى غار لنفسه وأنف أن تعبد معه هذه الأصنام الصغار فكسرها، فلما رجعوا من عيدهم وجدوا اصنامهم مكسرة (قالوا أأنت فعلت هذا بآلهتنا يا ابراهيم؟) لأنه لم يتخلف عن حضور العيد غيره (قال بل فعله كبيرهم هذا) أى غضب من أن يعبد معه الصغار وهو أكبر منها فكسرها وأراد بذلك إقامة الحجة عليهم فذلك قوله (فاسألوهم إن كانوا ينطقون) حتى يخبروا من فعل ذلك بهم، قال ألقنيى معناه بل فعله كبيرهم ان كانوا ينطقون على سبيل الشرط فجعل النطق شرطا للفعل، أى ان قدروا على النطق قدروا على الفعل فأراهم عجزهم عن النطق وفى ضميره أنا فعلت، فارعووا ورجعوا عنه فيما ادعوا عليه من كسرها ألى أنفسهم فيما بينهم فقالوا لقد ظلمناه وما تراه إلا كما قال، وعرفوا أنها لا تضر ولا تنفع ولا تبطش

_

(1) قال ودخل إبراهيم قرية فيها ملك من الملوك أو جبار من الجبابرة فقيل دخل إبراهيم الليلة

_ صلى الله عليه وسلم بقتله وهذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب استحباب قتل الوزغ من كتاب القتل والجنايات فى الجزء السادس عشر صحيفة 19 رقم 58 فأرجع اليه قال الله تعالى (قلنا يا نار كونى برداً وسلاما على ابراهيم) قال ابن عباس لو لم يقل سلاما لمات ابراهيم من بردها (قال الامام البغوى) فى تفسيره ومن المعروف فى الآثار انه لم يبق يومئذ نار فى الأرض الا طفئت فلم ينتفع فى هذا اليوم بنار فى العالم، ولو لم يقل (على ابراهيم) بقيت ذات برد أبداً (قال السدى) فاخذت الملائكة بضبعى ابراهيم فأقعدوه على الارض فاذا عين ماء عذب وورد احمر ونرجس، قال كعب ما احرقت النار من ابراهيم الاوثاقه، قالوا وكان ابراهيم فى ذلك الموضع سبعة أيام، قال المنهال بن عمرو قال ابراهيم ما كنت قط أياما أنهم منى من الايام التى كنت فيها فى النار، قال ابن يسار وبعث الله جبريل اليه بقميص من حرير الجنة وطنفسة فألبسه القميص واقعده على الطنفسة وقعد معه يحدثه، وقال جبريل يا ابراهيم ان ربك يقول لك أما علمت ان النار لا تضر احبائى، ثم نظر نمرود واشرف على ابراهيم من صرح له فرآه جالسا فى روضة والملك قاعد الى جنبه وما حوله نار تحرق الحطب، فناداه يا ابراهيم كبير إلهك الذى بلغت قدرته أن حال بينك وبين ما أرى، يا ابراهيم هل تستطيع ان تخرج منها؟ قال نعم، قال هل تخشى إن اقمت فيها أن تضرك؟ قال لا، قال فقم فأخرج منها، فقام ابراهيم يمشى فيها حتى خرج منها، فلما خرج اليه قال له يا أبراهيم من الرجل الذى رأيته معك فى مثل صورتك قاعدا الى جنبك؟ قال ذاك ملك الظل أرسله الىّ ربى ليؤنسنى فيها، فقال نمرود يا ابراهيم انى مقرب الى الاهك قربانا لما رأيت من قدرته وعزته فينا صنع بك حيث أبيت الا عبادته وتوحيده، انى ذابح أربعة آلاف بقرة، فقال له أبراهيم اذا لا يقبلها منك ما كنت على دينك حتى تفارقه الى دينى، فقال لا استطيع ترك ملتى وملكى ولكن سوف أذبحها فذبحها له نمرود ثم كف عن ابراهيم ومنعه الله منه (فصل فى هلاك نمرود) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه قال زيد بن أسلم وبعث الله الى ذلك الملك الجبار ملكا يأمره بالايمان بالله فأبى عليه، ثم دعاه الثانية فأبى عليه، ثم الثالثة فأبى عليه، وقال اجمع جموعك وأجمع جموعى، فجمع النمرود جيشه وجنوده وقت طلوع الشمس فارسل الله عليه ذبابا من البعوض بحيث لم يروا عين الشمس وسلطها الله عليهم فاكلت لحومهم ودماءهم وتركتهم عظاما بادية ودخلت واحدة منها فى منخر الملك فمكثت فى منخره أربعمائة سنة عذبه الله تعالى بها فكان يضرب رأسه بالمزراب فى هذه المدة كلها حتى أهلكه الله عز وجل بها (فصل فى هجرة ابراهيم عليه السلام إلى الشام) قال الله عز وجل (ونجيناه ولوطا) أى من نمرود وقومه من أرض العراق (الى الآرض التى باركنا فيها للعالمين) يعنى الشام بارك الله فيها بالخصب وكثرة الأشجار والثمار، والأنهار ومنها بعث أكثر الانبياء، وقال أبىّ بن كعب سماها مباركة لأنه ما من ماء عذب إلا وينبع أصله من تحت الصخرة التى هى فى بيت المقدس (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) وذكر أهل الكتاب انه لما قدم الشام أوحى الله اليه انى جاعل هذه الأرض لخلفك من بعدك، فابتنى ابراهيم مذبحا لله شكرا على هذه النعمة، وضرب قبته شرقى بيت المقدس ثم انطلق مرتحلا الى التيمن يعنى أرض بيت المقدس وانه كان جوع أى قحط وشدة وغلاء فارتحلوا إلى مصر (فصل فى قصة سارّة زوج الخليل عليه السلام مع ملك مصر) (1) سبب ذلك انه عم القحط وشمل الجدب والغلاء وضاقت سبل العيش في الشام رحل إبراهيم عليه

بامرأة من أحسن الناس (1) قال فأرسل اليه الملك أو الجبار من هذه معك قال أختى (2) قال أرسل بها: قال فأرسل بها اليه قال لها لا تكذبى قولى فانى قد أخبرته أنك أختى (3) إن ما على الأرض مؤمن غيرى وغيرك (4) قال فلما دخلت اليه قام اليها. قال فاقبلت توضأ وتصلى وتقول اللهم إن كنت تعلم إنى آمنت بك وبرسولك وأحصلت فرجى إلا على زوجى فلا تسلط على الكافر قال فغط (5) حتى ركض برجله، قال أبو الزناد (6) قال أبو سلمة بن عبد الرحمن عن أبى هريرة أنها قالت اللهم إن يمت يقل هى قتلته. قال فأرسل ثم قام اليها، فقامت توضأ وتصلى وتقول اللهم إن كنت تعلم أنى آمنت بك وبرسولك وأحصلت فرجى الا على زوجى فلا تسلط على الكافر، قال فغط حتى ركض برجله، قال أبو الزناد قال أبو سلمة عن أبى هريرة انها قالت اللهم أن يمت يقل إنها قتلته قال فأرسل، فقال فى الثالثة والرابعة ما أرسلتم الى إلا شيطانا (7) أرجعوها الى ابراهيم وأعطوها هاجر، قال فرجعت فقالت لابراهيم شعرت أن الله عز وجل رد كيد الكافر (8)

_ السلام إلى مصر وهذا معنى قوله فى الحديث ودخل ابراهيم قرية الخ تصحبه زوجه سارة وهبط أرضها حين كان القابض على زمامها والمسيطر على أمورها أحد ملوك العرب العماليق الذين استبدوا بالملك آونة من الدهر وكانت سارة ذات جمال باهر (1) معناه وشى بها أحد بطانة السوء الى الملك واغراه بجمالها وزين له حسنها وحبب اليه الاستحواذ عليها فصادفت هذه المقالة رغبة فى نفسه (فارسل اليه) وسأله عما يربطهما من سبب (2) يعنى فى دين الله عز وجل، والاخت كما تكون فى النسب تكون فى الدين واللغة والانسانية (3) معناه اذا سألك الملك ما يكون ابراهيم منك فقولى أخبرك ابراهيم بأنى أخته، وليس فى هذا كذب أصلا (4) يعنى زوجين مؤمنين غيرى وغيرك ويتعين حمله على هذا لأن لوطا كان معهم وقد آمن به بنص القرآن بل وآمن به نفر قليل تقدم ذكرهم (5) أصل الغطيط الذى يخرج مع نفس النائم وهو ترديده حيث لا يجد مساغا، والمراد هنا انه أصيب بنوبة شديدة حتى صار يركض برجله أى يضرب برجله الارض من شدة النوبة وألمها حتى فهمت سارة انه سيموت من هول ما أصابه (6) معناه ان أبا الزناد روى هذا الحديث مرة أخرى عن زيد بن أسلم عن أسلم أبى هريرة وزاد فى هذه المرة أن سارة قالت (اللهم إن سمت يقل) بضم أوله وفتح القاف أى يقول الناس (هى قتلته) يعنى سارة فدعت الله ان يخفف عنه هذه النوبة (فارسل) بضم الهمزة أى أزال الله عنه ما وجد ثم أفاق وهكذا يقال فى كل مرة مما سيأتى (7) قال ذلك لمن أحضروها اليه ومن تسبب فى حضورها فرأى ان لا مناص من أطلاق سراحها فوهبها هاجر خادما لها وأسلمها الى زوجها (8) زاد عند البخارى لفظ (فى نحره) وهذا مثل تضربه العرب لمن رام أمرا باطلا فلم يصل اليه (تخريجه) (ق. وغيرهما) وفى هذا الحديث كرامة لسارة رضى الله عنها ومعجزة لابراهيم عليه السلام حيث حفظه الله وزوجه من وصمة العار ونجاه من الظلم والعدوان، ثم خرج ابراهيم من مصر مع زوجته سارة وجاريتها هاجر ولوط مهاجرا الى الشام خوفا من فرعون فنزل السبع من أرض فلسطين ونزل لوط بالمؤتفكة وهى من السبع مسيرة يوم وليلة فبعثه الله نبيا وستأتى قصته مع قومه فى باب ذكر لوط عليه السلام، وأقام ابراهيم وسط أهله وعشيرته وبين

وخدم وليدة (باب ذكر مهاجرة ابراهيم بابنه اسماعيل وأمه هاجر الى جبال قاران وهى أرض مكة وسبب وجود زمزم وبنائه البيت العتيق) (حدثنا عبد الرزاق) (1) ثنا معمر عن أيوب وكثير بن كثير بن المطلب بن أبى وداعة يزيد أحدهما على الآخر عن سعيد بن جبير قال ابن عباس أول ما اتخذت النساء المنطق (2) من قبل أم أسماعيل اتخذت منطقا (3) لتنفى أثرها على سارة فذكر الحديث (4) قال ابن عباس رحم الله أم اسماعيل لو تركت زمزم أو قال

_ الطائفة القليلة التى آمنت به، وكانت سارة عقيما لا تلد وكان يحزنها ان ترى زوجها الوفى يتطلع الى النسل فاشارت على زوجها ان يدخل بأمتها هاجر وهى الوفية الكريمة الأمينة علها تنجب ولدا تشرق به حياتهما فانصاع لأمرها وخضع لأشارتها فلما وهبته إياها ودخل بها انجبت غلاما زكيا هو اسماعيل فانتعشت نفس ابراهيم عليه السلام وقرت عينه وكذلك سارة شايعته زمنا فى بهجته ولكن الغيرة لم تلبث ان دبت الى قلبها فحرمت الهدوء والهجوع واصبحت لا تطيق النظر الى الغلام ولا تحتمل رؤية هاجر فتمنت على زوجها ان يذهب بهاجر وطفلها أقصى الأماكن حتى لا يصل صوتهما الى سمعها، أذعن ابراهيم عليه السلام لإدارتها وكأن الله تعالى أوحى اليه أن يطيع أمرها ويستجيب الى رجائها لحكمة يعلمها الله عز وجل، فركب دابته واصطحب الغلام وأمه وسار ترشده ارادة الله وتحدوه عنايته حتى وقف عند مكان البيت فأنزل هاجر وطفلها فى هذا المكان القفر وتركهما فى تلك البقعة الجرداء وستاتى بقية القصة فى الحديث التالى وشرحه (باب) (1) (حدثنا عبد الرزاق الخ) (غريبه) (2) بكسر الميم وفتح الطاء بينهما نون ساكنة ما تشد به المرأة على وسطها عند الشغل لئلا تعثر فى ذيلها (وقوله من قبل أم اسماعيل) بكسر القاف وفتح الموحدة أى من جهة أم اسماعيل) (3) قال الحافظ سبب ذلك ان سارة وهبتها للخليل عليه السلام كما تقدم فحملت منه باسماعيل فلما وضعته غارت فحلفت لتقطعن منها ثلاثة أعضاء فاتخذت هاجر منطقا فشدت به وسطها وهربت وجرّت ذيلها لتخفى أثرها على سارة ويقال ان ابراهيم شفع فيها وقال لسارة حللى يمينك بأن تثقى أذنيها وتخفضيها وكانت أول من فعل ذلك ووقع فى رواية ابن علية عند الاسماعيلى أول ما أحدث العرب جر الذيول عن أم اسماعيل، وذكر الحديث، ويقال ان سارة اشتدت بها الغيرة فخرج ابراهيم باسماعيل وأمه الى مكة لذلك، وروى ابن اسحاق عن ابن أبى نجيح عن مجاهد وغيره ان الله لما برّأ لابراهيم مكان البيت خرج باسماعيل وهو طفل صغير وأمه قال وحملوا على البراق (4) هكذا جاء عند الامام أحمد مختصرا فذكر منه مواضع متفرقة وقد ذكره البخارى تاما: لذلك آثرت نقله جميعه هنا لاشتماله على جميع القصة (قال البخارى) عقب قوله لتعفى أثرها على سارة (قال) ثم جاء بها أبراهيم وبابنها اسماعيل وهى ترضعه حتى وضعهما عند البيت (أى عند مكان البيت الحرام قبل ابن يبنيه) عند دّوْحة (أى شجرة عظيمة) فوق زمزم فى أعلى المسجد (أى أعلى مكان المسجد) وليس بمكة يومئذ أحد وليس بها ماء فوضعهما هنالك ووضع عندهما جرابا فيه تمر وسقاعا فيه ماء ثم قضَّى منطلقا فتبعته أم اسماعيل فقالت يا ابراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادى الذى ليس فيه إنس (بكسر الهمزة ضد الجن وفى رواية أنيس) ولا شئ: فقالت له ذاك مرارا وجعل لا يلتفت اليها، فقالت له الله الذى أمرك بهذا؟ قال نعم، قالت اذا لا يضيعنا ثم رجعت فانطلق

لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا، قال ابن عباس قال النبى صلى الله عليه وسلم فألفى ذلك أم أسماعيل وهى تحب الأنس فنزلوا وأرسلوا الى أهليهم فنزلوا معهم، وقال فى حديثه فهبطت من الصفا حتى اذا بلغت الوادى رفعت طرف درعها ثم سعت سعى الانسان المجهود حتى جاوزت الوادى، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا فلم تر أحداً ففعلت ذلك سبع مرات

_ إبراهيم حتى اذا كان عند الثنية (بالمثلثة وكسر النون وتشديد التحتية بأعلى مكة حيث دخل النبى صلى الله عليه وسلم مكة) حيث لا يرونه استقبل بوجهه البيت (أى موضعه) ثم دعا بهؤلاء الكلمات ورفع يديه فقال (رب انى أسكنت من ذريتى بواد غير ذى زرع عند بيتك المحرم حتى بلغ يشكرون) وجعلت أم اسماعيل ترضع اسماعيل وتشرب من ذلك الماء حتى اذا نفذ ما فى السقاء عطشت وعطش ابنها وجعلت تنظر اليه يتلوى أو قال يتلبط (بالموحدة المشددة بعد اللام آخره طاء مهملة أى يتمرغ ويضرب بنفسه على الارض) فانطلقت كراهية ان تنظر اليه فوجدت الصفا أقرب جبل فى الأرض يليها فقامت عليه ثم استقبلت الوادى تنظر هل ترى أحدا فلم تر أحدا، فهبطت من الصفا حتى اذا بلغت الوادى رفعت طرف درعها ثم سعت سعى الانسان الجهود حتى جاوزت الوادى، ثم أتت المروة فقامت عليها ونظرت هل ترى أحدا ففعلت ذلك سبع مرات: قال ابن عباس قال النبى صلى الله عليه وسلم فلذلك سعى الناس بينهما (هذه الجملة من قوله فهبطت من الصفا الى قوله فلذلك سعى الناس بينهما جاءت فى حديث الباب عند الامام أحمد) فلما أشرفت على المروة سمعت صوتا فقالت صَهٍ (بفتح الصاد وكسر الهاء منونة وفى بعض الروايات بسكونها أى اسكتى) تريد نفسها (لتسمع ما فيه فرج لها) ثم تسمعت فسمعت أيضا فقالت قد أسمعت أن كان عندك غَواث (أى فأغثنى) فاذا هى بالملك (أى جبريل عليه السلام) عند موضع زمزم فبحث بعقبه (أى حفر بمؤخر رجله) أو قال بجناحه حتى ظهر الماء فجعلت تُحوّضُه وتقول بيدها هكذا (أى تصيره كالحوض لئلا يذهب الماء) وجعلت تغرف من الماء فى سقائها وهو يفور بعد ما تغرف: قال ابن عباس قال النبى صلى الله عليه وسلم يرحم الله أم اسماعيل لو تركت زمزم أو قال لو لم تغرف من الماء لكانت زمزم عينا معينا (أى جاريا على وجه الأرض (وهذه الجملة من قوله قال ابن عباس الى قوله عينا معينا جاءت عند الامام أحمد فى حديث الباب موقوفة على ابن عباس ولكنها جاءت عند البخارى مرفوعة الى النبى صلى الله عليه وسلم) قال فشربت وارضعت ولدها، فقال لها الملك لا تخافوا الضيعة (بفتح الضاد المعجمة وسكون التحتية يعنى الهلاك وعبّر بالجمع على القول بأن أقل الجمع اثنان، أو هما وذرية اسماعيل، أو أعم، وفى حديث أبى جهم لا تخافى ان ينفد الماء: وعند الفاكهى من رواية على بن الوازع عن ايوب لا تخافى على أهل هذا الوادى ظمأ فانها عين يشرب منها ضيفان الله) فان هاهنا بيت الله يبنى وفى لفظ يبنيه هذا الغلام وأبوه وان الله لا يضيّع أهله، وكان البيت مرتفعا من الأرض كالرابية تأتيه السيول فتأخذ عن يمينه وشماله فكانت كذلك (يعنى كانت هاجر تشرب وترضع ولدها ولعلها كانت تغتذى بماء زمزم فيكفيها عن الطعام والشراب) حتى مرت بهم رُفقة من جرهم (بضم الجيم والهاء بينهما راء ساكنة غير منصرف حي من اليمن وكانت جرهم يومئذ قريبا من مكة) وأهل بيت من جرهم مقبلين من طريق كداء (وهو اعلى مكة) فنزلوا فى أسفل مكة فرأوا طائرا عائفا (بالعين المهملة والفاء وهو الذى يتردد على الماء ويحوم حوله)

_

قال ابن عباس قال النبى صلى الله عليه وسلم فلذلك سعى الناس بينهما (عن ابن عباس) (1) رضى الله تعالى عنهما ان ابراهيم جاء باسماعيل عليهما الصلاة والسلام وهاجر فوضعها بمكة فى موضع زمزم فذكر الحديث (2) ثم جاءت من المروة الى اسماعيل وقد نبعت العين فجعلت تفحص العين بيدها هكذا حتى اجتمع الماء من شقه ثم تأخذه بقدحها فتجعله فى سقائها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تركتها لكانت عينا سائحة تجرى الى يوم القيامة (حدثنا اسماعيل) (3) ثنا أيوب قال أنبئت عن سعيد بن جبير قال قال ابن عباس فجاء الملك بها (4) حتى انتهى الى موضع زمزم فضرب بعقبة ففارت عينا فعجلت الإنسانة فجعلت تقدح فى شفتها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رحم الله أم اسماعيل لولا أنها عجلت لكانت زمزم عينا معينا (عن عبد الله بن عمر) (5) أن عبد الرحمن بن محمد بن أبى بكر الصديق أخبره أن عائشة رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألم ترى الى قرمك حين بنوا الكعبة اقتصروا عن قواعد ابراهيم عليه السلام؟ قالت قلت يا رسول الله أفلا تردها على قواعد أبراهيم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا حدثان قومك بالكفر قال عبد الله بن عمر فوالله لئن كانت عائشة سمعت ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرى رسول الله

_ بأمر قال فاصنع ما أمرك ربك، قال وتعيننى؟ قال وأعينك، قال فان الله أمرنى ان أبنى هاهنا بيتا وأشار الى أكمة مرتفعة على ما حولها، قال فعند ذلك رفعا القواعد من البيت فجعل اسماعيل يأتى بالحجارة وابراهيم يبنى حتى اذا ارتفع البناء (زاد أبو جهم وجعل طوله فى السماء تسعة أذرع وعرضه فى الأرض يعنى دوره ثلاثين ذراعا كان ذلك بذراعهم) بهذا الحجر فوضعه له فقام عليه وهو يبنى واسماعيل يناوله الحجارة وهما يقولان (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) قال فجعلا يبنيان حتى يدورا حول البيت وهما يقولان (ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم) الى هنا انتهى حديث البخارى، وقد جمع هذا الحديث ما تفرق عند الامام أحمد وغيره، وقد قيل ليس فى العالم بناء اشرف من الكعبة لأن الآمر بعمارته رب العالمين: والمبلغ والمهندس جبريل الأمين. والبانى هو الخليل، والتلميذ المعين اسماعيل. عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام (1) (سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد أخبرنا عطاء بن السائب عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) هكذا جاء عند الامام أحمد مختصرا، وذكره البخارى مطولا كما مر (تخريجه) أخرجه البخارى مطولا كما تقدم، وهذا الحديث جزء منه وأخرجه مختصرا أيضا (3) (حدثنا اسماعيل الخ) (غريبه) (4) يعنى جاء جبريل عليه السلام بهاجر بعد ان اشتد عطشها وأخذت تسعى بين الصفا والمروة لعلها تجد احدا يفرج كربها فجاءها جبريل عليه السلام بهاجر بعد ان اشتد عطشها واخذت تسعى بين الصفا والمروة لعلها تجد احدا يفرج كربها فجاءها جبريل عليه السلام الخ كما تقدم فى الحديث الأول من احاديث الباب وكما جاء فى حديث البخارى أيضا (تخريجه) جاء هذا الحديث أيضا ضمن حديث البخارى الطويل الذى ذكرته آنفا (5) (عن عبد الله بن عمر) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى أول باب الطائف يخرج فى طوافه عن الحِجر الخ من كتاب الحج فى الجزء الثاني عشر

صلى الله عليه وسلم ترك استلام الركنين اللذين يليان الحجر الا أن البيت لم يتمم على قواعد ابراهيم عليه السلام إرادة أن يستوعب الناس الطواف بالبيت كله من وراء قواعد ابراهيم عليه السلام (عن أبى ذر) (1) قال قلت يا رسول الله أى مسجد وضع فى الأرض أول؟ قال المسجد الحرام، قال قلت ثم أى؟ قال ثم المسجد الأقصى، قال قلت كم بينهما؟ قال أربعون سنة، ثم قال أربعون سنة، ثم قال اينما أدركتك الصلاة فصل فهو مسجد (عن صفية بنت شيبة) (2) أم منصور قالت أخبرتنى امرأة من بنى سليم ولدت عامة أهل دارنا أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم آل عثمان بن طلجة وقال مرة (يعنى الراوى عن صفية) أنها سألت عثمان بن طلحة لم دعاك النبى صلى الله عليه وسلم؟ قال قال لى كنت رأيت قرنى الكبش حين دخلت البيت فنسيت أن آمرك أن تخمرها فخمرها فأنه لا ينبغى أن يكون فى البيت شئ يشغل المصلي

_ صحيفة 49 رقم 253 فارجع اليه (1) (عن أبى ذر الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجِه فى باب أول مسجد وضع فى الأرض من كتاب الصلاة فى الجزء الثالث صحيفة 45 رقم 299 ويستفاد منه ان أول من بنى البيت وهو الكعبة ابراهيم الخليل عليه السلام (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه ولم يجئ فى خبر صحيح عن معصوم ان البيت كان مبنيا قبل الخليل عليه السلام، ومن تمسك فى هذا بقوله (مكان البيت) يعنى قوله تعالى (واذ بوّأنا لابراهيم مكان البيت) فليس بناهض ولا ظاهر لأن المراد مكانه المقدر فى علم الله المقرر فى قدرته المعظم عند الأنبياء موضعه من لدن آدم الى زمان ابراهيم، قال وقد ذكرنا أن آدم نصب عليه قبة وان الملائكة قالوا له قد طفنا قبلك بهذا البيت وان السفينة طافت به أربعين يوما أو نحو ذلك، ولكن كل هذه الاخبار عن بنى اسرائيل، وقد قررنا انها لا تصدق ولا تكذب فلا يحتج بها، فاما ان ردعا الحق قهى مردودة، وقد قال الله (ان أول بيت وضع للناس الذى ببكة مباركا وهدى للعالمين) أى أول بيت وضع لعموم الناس للبركة والهدى، البيت الذى ببكة، قيل مكة وقيل محل الكعبة (فيه آيات بينات) أى على انه بناء الخليل والد الأنبياء من بعده وامام الحنفاء من ولده الذين يقتدون به ويتمسكون بسنته ولهذا قال (مقام ابراهيم) أى الحَجر الذى كان يقف عليه قائما لما أرتفع البناء وعظم الفناء كما تقدم فى حديث ابن عباس الطويل (قال) وعند أهل الكتاب ان يعقوب عليه السلام هو الذى أسس المسجد الأقصى وهو مسجد إيلياء بيت المقدس شرفه الله، قال وهذا منجه ويشهد له ما ذكرناه من الحديث (يعنى حديث الباب عند أبى ذر) قال فعلى هذا يكون بناء يعقوب وهو اسرائيل عليه السلام بعد بناء الخليل وابنه اسماعيل المسجد الحرام باربعين سنة سواء، وقد كان بناءهما ذلك بعد وجود اسحاق، لأن ابراهيم عليه السلام لما دعا قال فى دعائه كما قال تعالى (وإذا قال ابراهيم رب اجعل هذا البلد آمنا الى قوله يوم يقوم الحساب) وما جاء فى الحديث من ان سليمان بن داود عليهما السلام لما بنى بيت المقدس سأل الله خلالا ثلاثا فالمراد من ذلك والله أعلم انه جدد بناءه كما تقدم من ان بينهما أربعين سنة، ولم يقل أحد إن بين سليمان وابراهيم أربعين سنة سوى ابن حبان فى تقاسيمه وانواعه وهذا القول لم يوافق عليه ولا سُبق اليه (2) (عن صفية بنت شيبة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب جامع ما تصان عنه المساجد من كتاب الصلاة فى الجزء الثالث صحيفة 66 فى الطريق الثانية من حديث رقم 344 فارجع اليه تجد ما يسرك وتعرف سبب حرق البيت ومن حرقه

قال سفيان لم تزل قرنا الكبش فى البيت حتى احترق البيت فاحترقا (باب ما جاء فى صفته وميلاد اسحاق ووفاة سارة ثم وفاته) (وذكر أولاده عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام) (عن ابن عباس) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت عيسى بن مريم وموسى وابراهيم (2) فاما عيسى فأحمر جعد (3) عريض الصدر، وأما موسى فإنه جسيم، قالوا له فابراهيم؟ قال انظروا الى صاحبكم يعنى نفسه (4) (وعنه أيضا) (5) قال قال النبى صلى الله عليه وسلم ونظرت الى ابراهيم فلا أنظر الى إرب من آرابه الا نظرت اليه منى كأنه صاحبكم

_

_

(باب ذكر نبي الله لوط عليه السلام وقوله تعالى: قال لو أن لى بكم قوة أو آوى الى ركن شديد) (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم خليل الرحمن عز وجل، وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لو لبثت فى السجن ما لبث يوسف ثم جاءنى الداعى لأجبته اذ جاء الرسول فقال (ارجع الى ربك فاساله ما بال النسوة اللاتى قطعن أيديهن إن ربى بكيدهن عليم) (2)، ورحمة الله على لوط إن كان ليأوى إلى ركن شديد إذ قال لقومه (لو أن لى بكم قوة أو آوى إلى ركن شديد) وما بعث الله من بعده من نبى إلا فى ثروة من قومه (3) (وعنه طريق ثان) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يغفر الله للوط إنه

_ السلام ببلد حبرون وهو البلد المعروف بالخليل اليوم، وهذا تلقى بالتواتر أمة بعد أمة وجيلا بعد جيل من زمن بنى اسرائيل، والى زماننا هذا ان قبره بالمربعة تحقيقا، فأما تعيينه منها فليس فيه خبر صحيح عن معصوم: فينبغى ان تراعى تلك المحلة وان تحترم احترام مثلها وان تبجل وان تجل ان يداس فى ارجائها خشية أن يكون قبر الخليل أو أحد من أولاده الأنبياء عليهم السلام تحتها، وتولى دفنه اسماعيل واسحاق صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين (وقد ورد) ما يدل على انه عاش مائتى سنة كاملة كما قاله ابن الكلبى (ذكر أولاده وزواجه بعد موت سارة عليهما السلام) نقل الحافظ ابن كثير فى تاريخه عن أبى القاسم السهيلى فى كتابه التعريف والاعلام ان أول من ولد لابراهيم عليه السلام اسماعيل من هاجر القبطية المصرية ثم ولد له اسحاق من سارّة بنت عم الخليل، ثم تزوج بعدها قنطوراء بنت يقطن الكنعانية فولدت له ستة: مدين وزمران وسرج ويقشان ونشق ولم يسم السادس، ثم تزوج بعدها حجون بنت أمين فولدت له خمسة كيسان وسورح وأميم ولوطان ونافس والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمرو ثنا أبو سلمة عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) تقدم شرح هذه الجملة والكلام عليها فى باب فاسأله ما بال النسوة اللاتى قطعن ايديهن فى سورة يوسف من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 181 رقم 313 (3) تقدم شرح ذلك فى الجزء الثامن عشر أيضا صحيفة 179 رقم 310 (4) (سنده) حدثنا على بن حفص انا ورقاء عن أبى الزناد عن الاعرج عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) وقد ذكرت هذا الحديث هنا لمناسبة قصة لوط عليه السلام مع قومه (واليك ما جاء فى ذلك) تقدم ان لوطا قد نزح عن محلة عمه الخليل عليهما السلام بامره له واذنه فنزل بمدينة سدوم من أرض غور زغر وكان أمَّ تلك المحلة ولها أرض ومعتملات وقرى مضافة اليها ولها أهل من أفجر الناس وأكفرهم وأسوءهم طوية وأرداهم سريرة وسيرة، يقطعون السبيل ويأتون فى ناديهم المنكر، ولا يتناهون عن منكر فعلوه لبئس ما كانوا يفعلون، ابتدعوا فاحشة لم يسبقهم اليها أحد من بنى آدم وهى إتيان الذكران من العالمين وترك ما خلق الله من النسوان لعباده الصحالين، فدعاهم لوط الى عبادة الله تعالى وحده لا شريك له، ونهاهم عن تعاطى هذه المحرمات والفواحش المنكرات، فتمادوا على ضلالهم وطغيانهم واستمروا على فجورهم وكفرانهم فأحل الله بهم من البائس الذى لا يرد ما لم يكن فى خلدهم وحسبانهم، وجعلهم مثله فى العالمين، ولهذا ذكر الله تعالى قصتهم فى غير ما موضع من كتابه المبين

_

أوي إلى ركن شديد (أبواب ذكر ذرية ابراهيم الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام وقول الله

_ العذاب الأليم ولذلك قال صلى الله عليه وسلم فى حديث الباب (رحمة الله على لوط ان كان ليأوى الى ركن شديد) يعنى الله عز وجل الحديث، حينئذ قالت الملائكة وهم جبريل وميكائيل واسرافيل عليهم السلام (يا لوط انا رسل ربك لن يصلوا اليك) قيل ان جبريل عليه السلام خرج عليهم فضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه فطمست أعينهم حتى قيل إنها غارت بالكلية ولم يبق لها محل ولا عين ولا أثر، فرجعوا يتجسسون مع الحيطان ويتوعدون رسول الرحمن ويقولون اذا كان الغد كان لنا وله شأن، وجاء مصداق ذلك فى قوله تعالى (ولقد راودوه عن ضيفه فطمسنا أعينهم) ثم أمره الله عز وجل بوحى من الملائكة بقوله (فأسر باهلك بقطع من الليل ولا يلتفت منكم أحد) يعنى عند سماع صوت العذاب اذا حل بقومه وأمره الملائكة ان يكون سيره فى آخرهم كالساقة لهم (إلا امرأتك) قرئ بالنصب والرفع فعلى قراءة النصب يحتمل ان يكون مستثنى من قوله فأسر باهلك كأنه يقول إلا امرأتك فلا تسربها، وعلى قراءة الرفع يحتمل أن يكون مستثنى من ولا يلتفت منكم أحد إلا امرأتك أى فانها ستلتفت فيصيبها ما أصابهم ويقوى هذا الاحتمال قراءة الرفع ولكن الأول اظهر فى المعنى: قاله الحافظ بن كثير والله أعلم، وانما أصاب امرأته ما أصابهم لأنها كانت على دينهم وكانت عينا لهم على من يكون عند لوط فانتقم الله منها (انه مصيبها ما أصابهم) روى ان لوطا قال أهلكوهم الساعة، فقالوا (إن موعدهم الصبح أليس الصبح بقريب)؟ فخرج لوط عليه السلام بأهله إلى الشام وهم ابنتاه ولم يتبعه منهم رجل واحد، ويقال ان امرأته خرجت معه والله أعلم: فلما خلصوا من بلادهم وطلعت الشمس فكان عند شروقها جاءهم من أمر الله ما لا يرد ومن البأس الشديد ما لا يمكن ان يصد، قال تعالى (فلما جاء أمرنا جعلنا عاليها سافلها وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل منضود مسومة عند ربك وما هى من الظالمين ببعيد) قالوا اقتلعهن جبريل بطرف جناحيه من قرارهن وكن سبع مدن بمن فيهن من الامم، فقالوا كانوا أربعمائة نسمة وقيل أربعة آلاف نسمة وما معهم من الحيوانات وما يتبع تلك المدن من الآراضى والأماكن فرفع الجميع حتى بلغ بهن عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم ثم قلبها عليهم فجعل عاليها سافلها (وأمطرنا عليهم حجارة من سجيل) السجيل فارسى معرب وهو الشديد الصلب القوى (منضود) أى يتبعِ بعضه بعضا فى نزولها عليهم من السماء (مسومة) أى معلمة مكتوب على كل حجر اسم صاحبه الذى يهبط عليه فيدمغه (عند ربك وما هى من الظالمين ببعيد) وجعل الله مكان تلك البلاد بحرة منتنة لا ينتفع بمائها ولا بما حولها من الأرض المتاخمة بفنائها لرداأتها ودنائتها فصارت عبرة ومثلة وعظة وآية على قدرة الله تعالى وعظمته فى انتقامه ممن خالف أمره وكذب رسله وابتع هواه وعصى مولاه، وقيل فى ذلك عبرة وعظة لمن يتشبهون بقوم لوط فى زماننا ويعملون كعملهم وقد ورد فى الحديث (ومن تشبه بقوم فهو منهم) وان لم يكن من كل وجه فمن بعض الوجوه كما قال بعضهم (فان لم تكونوا قوم لوط بعينهم فما قوم لوط منكم ببعيد) فالعاقل اللبيب من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى وانقاد لما أمره الله به وأمتثل ما أرشده اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من إتيان ما خلق له من الزوجات الحلال، واياه أن يتبع كل شيطان مريد فيحق عليه الوعيد ويدخل فى قوله تعالى (وما هى من الظالمين ببعيد) نسأله تعالى الهداية والسداد والسلوك بنا إلى سبيل الرشاد

تعالى وجعلنا فى ذريته النبوة والكتاب) (باب ذكر نبى الله اسماعيل عليه السلام وما جاء فى فضله) (عن سلمة بن الأكوع) (1) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم من أسلم وهم يتناضلون فى السوق فقال أرموا يا بنى اسماعيل فان أباكم كام راميا: أرموا وأنا مع بنى فلان لأحد الفريقين، فأمسكوا أيديهم، فقال أرموا، قالوا يا رسول كيف نرمى وأنت مع بنى فلان؟ قال

_ (باب) (1) (عن سلمة بن الاكوع الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الرمى بالسهام من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر صحيفة 128 رقم 357 وهو يدل على شجاعة أبى العرب نبى الله اسماعيل عليه السلام، روى ابن سعد بسنده عن على بن رباح قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل العرب من ولد اسماعيل ذكر علماء النسب وأيام الناس ان اسماعيل عليه السلام أول من ركب الخيل وكانت قبل ذاك وحوشا فاّنسها وركبها، وقد قال سعيد بن يحي الأموى فى مغازيه حدثنا شيخ من قريش حدثنا عبد الملك بن عبد العزيز عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اتخذوا الخيل واعتبقوها (أى أو لعوا بها واقتنوها) فانها ميراث أبيكم اسماعيل معناه أنه كان مولعا بركوب الخيل واقتنائها وانتم أبناؤه ترثون ذلك عنه، وأنه عليه السلام أول من تكلم بالعربية الفصيحة وكان قد تعلمها من العرب العاربة الذين نزلوا عندهم بمكة من جُرهُم والعماليق وأهل اليمن من الأمم المتقدمين من العرب قبل الخليل، قال الأموى حدثنى على بن المغيرة حدثنا أبو عبيدة حدثنا مسمع بن مالك عن محمد بن على بن الحسين عن أبائه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال أوّل من فتق لسانه بالعربية البينة اسماعيل وهو ابن أربع عشرة سنة، فقال له يونس صدقت يا أبا سيار هكذا أبو جرى حدثنى، وهو الابن البكر لابراهيم عليهما السلام وقد كان للخليل بنون كما تقدم ولكن أشهرهم الاخوان النبيان العظيمان الرسولان: أسنهما وأجلهما الذى هو الذبيح على الصحيح اسماعيل بكر ابراهيم الخليل من هاجر القبطية المصرية: ومن قال ان الذبيح هو اسحاق فانما تلقاه من نقلة بنى اسرائيل الذين بدلوا وحرفوا وأوّلوا التوراة والانجيل وخالفوا ما بأيديهم فى هذا من التنزيل، وأيّا ما كان فهو اسماعيل بنص الدليل ففى نص كتابهم ان اسماعيل ولد ولابراهيم من العمر ست وثمانون سنة، وانما ولد اسحاق بعد مضى مائه سنة من عمر الخليل، فاسماعيل هو البكر لا محالة وقصة ذبحه تقدمت وتحقيق أنه الذبيح فى كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 255 رقم 407 فارجع اليها، وقد أثنى الله تعالى عليه فى كتابه العزيز فى غير موضع ووصفه بالحا والصبر وصدق الوعد والمحافظة عل الصلاة والأمر بها لأهله ليقيهم العذاب مع ما كان يدعو اليه من عبادة رب الأرباب: قال تعالى (واذكر فى الكتاب اسماعيل إنه كان صادق الوعد وكان رسولا نبيا وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة وكان عند ربه مرضيا) وغير ذلك كثير مما لو ذكرناه لطال بنا المقام، وقد قدمنا أنه تزوج لما شب من العماليق امرأة وأن أباه أمره بفراقها ففارقها، قال الأموى هى عمارة بنت سعد بن أسامة بن أكيل العمليقى، ثم نكح غيرها فأمره أن يستمر بها فاستمر بها وهى السيدة بنت مضاض بن عمر الجرهمى فولد له اثنى عشر ولدا ذكرا وقد سماهم محمد بن اسحاق رحمه الله وهم نابت وقيذر وفى نسخة قيذار. وازيل وميشى ومسمع وماش. ودوصا. وأرر وفى نسخة وأزر. ويسطور، وفى نسخة ورطور. ونبش وطيما. وفى نسخة وطمبا.

ارموا وأنا معكم كلكم (باب ذكر نبى الله اسحاق ثم يعقوب ثم يوسف عليهم السلام) (عن ابن عمر) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم صلى الله عليه وسلم

_ وقيذما، وكان اسماعيل عليه السلام رسولا الى أهل تلك الناحية وما والاها من قبائل جُرهُم والعماليق وأهل اليمن، ولما حضرته الوفاة أوصى الى أخيه اسحاق وزوّج ابنته نسمة من ابن أخيه العيص بن اسحاق فولدت له الروم ويقال لهم بنو الأصفر لصفرة كانت فى العيص، وولدت له اليونان فى أحد الأقوال، ومن ولد العيص الأشبان قيل منهما، أيضا وتوقف ابن جرير رحمه الله (قال الحافظ بن كثير) فى تاريخه قال وعرب الحجاز كلهم ينتسبون الى ولديه نابت وقيذار، وفى الكامل لابن الأثير ومن نابت وقيذار ابنى اسماعيل نشر الله الرب اه قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه ودفن اسماعيل نبى الله بالحِجر مع أمه هاجر وكان عمره يوم مات مائة وسبعا وثلاثين سنة، وروى عن عمر بن عبد العزيز أنه قال شكى اسماعيل عليه السلام الى ربه حٌر مكة فأوحى الله اليه انى سأفتح لك بابا الى الجنه الى الموضع الذى تدفن فيه تجرى عليك روحها الى يوم القيامة والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثنا عبد الرحمن عن أبيه عن ابن عمر الخ (تخريجه) (خ) ونقله الحافظ السيوطى فى الدور المنثور وعزاه للامام احمد والبخارى فقط، وقد تضمن هذا الحديث الثناء على أربعة من الانبياء وهو ابراهيم خليل الرحمن ثم ولده اسحاق ثم يعقوب بن اسحاق ثم يوسف بن يعقوب عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام، أما قصة ابراهيم فقد قدمت مستوفاة، ولما كان الكلام على قصص هؤلاء الثلاثة مرتبطا بعضه ببعض جعلته تحت ترجمة واحدة مبتدئا بنبى الله إسحاق ثم يعقوب عليهما السلام فأقول (قال الحافظ بن كثير فى تاريخه) قد قدمنا أنه ولد ولأبيه مائة سنة بعد أخيه اسماعيل بأربع عشرة سنة وكان عمر أمه سارّة حين بشرت به تسعين سنة قال الله تعالى (وبشرناه بإسحاق نبيا من الصالحين وباركنا عليه وعلى اسحاق ومن ذرتهما محسن وظالم لنفسه مبين) وقد ذكره الله تعالى بالثناء فى غير ما آية من كتابه العزيز وقدمنا فى حديث أبى هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الكريم بن الكريم ابن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم (قلت) تقدم حديث أبى هريرة فى أول باب ذكر لوط عليه السلام وسيأتى أيضا فى أول باب ذكر يوسف عليه السلام قال وذكر أهل الكتاب أن اسحاق لما تزوج رفقا بنت بتواييل فى حياة أبيه كان عمره أربعين سنة، وأنها كانت عاقرا فدعا الله لها فحملت فولدت غلامين توأمين أولهما سموه عيصو، وهو الذى تسميه العرب العيص وهو والد الروم، والثانى خرج وهو آخذ بعقب أخيه فسموه يعقوب وهو اسرائيل الذى ينتسب اليه بنو اسرائيل، قالوا وكان اسحاق يحب العيصو أكثر من يعقوب لأنه بكره، وكانت أمهما رفقا تحب يعقوب أكثر لأنه الأصغر، قالوا فلما كبر اسحاق وضعف بصره اشتهى على ابنه العيص طعاما وأمره ان يذهب فيصطاد له صيدا ويطبخه له ليبارك عليه ويدعو له وكان العيص صاحب صيد فذهب يبتغى ذلك، فأمرت رفقا ابنها يعقوب ان يذبح جديين من خيار غنمه ويصنع منهما طعاما كما اشتهاه أبوه ويأتى اليه به قبل أخيه ليدعو له فقامت فألبسته ثياب أخيه وجعلت على ذراعيه وعنقه من جلد الجديين لأن العيص كان أشعر الجسد ويعقوب ليس كذلك فلما جاء به

_

_

(باب ذكر نبي الله يوسف عليه السلام) (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الكريم بن الكريم بن الكريم بن الكريم يوسف بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم خليل الرحمن، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو لبثت في السجن مالبث يوسف ثم جاءنى الداعى لأجبته إذ جاءه الرسول صلى الله عليه وسلم فقال أرجع إلى ربك فاسأله ما بال النسوة اللاتى قطعن أيديهن إن ربى بكيدهن عليم

_ والعبيد قاصدين جبال سأعير فلما مر بساحور ابتنى له بيتا ولدوا به ظلالا، ثم مر على أورشليم قرية شخيم فنزل قبل القربة واشترى مزرعة شخيم بن جمهور بمائة نعجة فضرب هنالك فسطاطه وابتنى ثَمَّ مذبحا فسماه إيل إلاه اسرائيل وأمره الله ببنائه ليستعلن له فيه، وهو بيت المقدس اليوم الذى جدده سليمان ابن داود عليهما السلام، وهو مكان الصخرة التى أعلمها بوضع الدهن عليها قبل ذلك كما ذكرنا أولا، ثم حملت راحيل فولدت غلاما وهو بنيامين إلا أنها جهدت فى طلقها به جهدا شديدا وماتت عقبه فدفنها يعقوب فى افراث وهى بيت لحم ووضع يعقوب على قبرها حجرا وهى الحجارة المعروفة بفبر راحيل الى اليوم، وكان أولاد يعقوب الذكور اثنى عشر رجلا فمن ليا روبول وشمعون ولاوى ويهوذا وايساخر وزابلون، ومن راحيل راحيل وبنيامين، ومن أمة راحيل دان ونفتالى، ومن أمة ليا حاد واشير عليهم السلام، وجاء يعقوب الى أبيه اسحاق فأقام عنده بقرية حبرون التى فى أرض كنعان حيث كان يسكن ابراهيم ثم مرض اسحاق وماتت عن مائة وثمانين سنة ودفنه ابناء العيص ويعقوب مع مع أبيه ابراهيم الخليل فى المغارة التى اشتراها كما قدمنا والله أعلم (باب) (1) (عن أبى هريرة) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى أول باب ذكر لوط عليه السلام وانما ذكرته هنا لمناسبة قصة يوسف عليه السلام وقد ذكرها الحافظ ابن كثير فى تاريخه مطولة جدا فقد أتى بسورة يوسف جميعها وفسرها آية آية وأطال فى ذلك، ولما كانت قصة يوسف عليه السلام أحسن وأطول ما قص الله علينا فى كتابه من ذكر أنبيائه عليهم الصلاة والسلام اقتصرت على ما ذكره الحافظ ابن الأثير فى تاريخه الكامل فقد أتى بملخص ما جاء فيها من القرآن الكريم (قال رحمه الله) ذكروا أن اسحاق توفى وعمره ستون ومائة سنة وقبره عند أبيه ابراهيم دفنه ابناه يعقوب وعيص فى مزرعة حبرون (قلت) جاء فى تاريخ ابن كثير أن اسحاق مات وعمره ثمانون ومائة سنة والله أعلم) وكان عمر يعقوب مائة وسبعا وأربعين سنة، وكان ابنه يوسف قد قسم له ولامه شطر الحسن وكان يعقوب قد دفعه الى أخته ابنة اسحاق تحضنه فأحبته حبا شديدا وأحبه يعقوب أيضا حبا شديدا فقال لأخته يا أخية أ-لِى الىَّ يوسف فوالله ما أقدر أن يغيب عنى ساعة، فقالت والله ما أنا بتاركته ساعة فأصر يعقوب على أخذه منها فقالت اتركه عندى أياما لعل ذلك يسلينى، ثم عمدت الى منطقة اسحاق وكانت عندها لأنها كانت أكبر ولده فحزمتها على وسط يوسف ثم قالت قد فقدت المنطقة فانظروا من أخذها، فالتمست فقالت أكشفوا أهل البيت فكشفوهم فوجدوها مع يوسف وكان من مذهبهم أن صاحب السرقة يأخذ السارق له لا يعارضه فيه أحد فأخذت يوسف فأمسكته عندها حتى ماتت وأخذه يعقوب بعد موتها فهذا الذى تأول أخوة يوسف (إن يسرق فقد سرق أخ له من قبل) وقيل فى سرقته غير هذا، فلما رأى أخوة يوسف محبة أبيهم له واقباله عليه حسدوه وعظم عندهم، ثم إن

_

_

_

_

_

_

(عن أنس بن مالك) (1) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى (2) يوسف عليه الصلاة والسلام شطر الحسن (3)

_ سنة من قدومه الى مصر وكانت مدة غيبته عن يعقوب اثنتين وعشرين سنة، وكان مقام يعقوب بمصر وأهله معه سبع عشرة سنة وقيل غير ذلك والله أعلم (ولما مات يعقوب) أوصى الى يوسف ان بدفنه مع أبيه اسحاق، ففعل يوسف فسار به الى الشام فدفنه عند أبيه ثم عاد الى مصر، وأوصى يوسف ان يحمل من مصر ويدفن عند آبائه فحمله موسى لما خرج ببنى اسرائيل، وولد يوسف افرايم ومنشا فولد افرايم نون، ولنون يوشع فتى موسى، وولد لمنشا موسى بن عمران، وزعم أهل التوراة انه موسى الحاضر، وولد له رحمة امرأة أيوب فى قول انتهى ما ذكره الحافظ ابن الأثير فى تاريخه الكامل، وذكر الحافظ ابن كثير فى تاريخه فى آخر قصة يوسف قوله تعالى (أم كنتم شهداء إذ حضر يعقوب الموت إذ قال لبنيه ما تعبدون من بعدى؟ قالوا نعبد الهك وإله آبائك ابراهيم واسماعيل واسحاق الاها واحدا ونحن له مسلمون) قال يوصى بنبيه بالاخلاص وهو دين الاسلام الذى بعث الله به الانبياء عليهم السلام (قال) وقد يذكر أهل الكتاب انه اوصى بنبيه واحدا واحد واخبرهم بما يكون من أمرهم وبشر يهوذا بخروج نبى عظيم من نسله تطيعه الشعوب وهو عيسى بن مريم والله أعلم (قال) وذكروا انه لما مات يعقوب بكى عليه أهله أربعين يوما وأمر يوسف الاطباء فطيبوه بطيب ومكث فيه أربعين يوما ثم استأذن يوسف ملك مصر فى الخروج مع أبيه ليدفنه عند أهله فاذن له وخرج معه أكابر مصر وشيوخها فلما وصلوا حبرون دفنوه فى المغارة التى كان اشتراها ابراهيم الخليل من عفرون بن صخر الحيثى وعملوا له عزاء سبعة أيام قالوا ثم رجعوا الى بلادهم وعزى أخوة يوسف يوسف فى أبيهم وترفقوا له فاكرمهم واحسن منقلبهم فأقاموا ببلاد مصر ثم حضرت يوسف عليه السلام الوفاة فأوصى ان يحمل معهم اذا خرجوا من مصر فيدفن عند آبائه فحنطوه ووضعوه فى تابوت فكان بمصر حتى أخرجه معه موسى عليه السلام فدفنه عند آبائه. قالوا فمات وهو ابن مائة سنة وعشر سنين هذا نصهم فيما رأيته وفيما حكاه ابن جرير ايضا، وقال مبارز بن فضالة عن الحسن القى يوسف فى الجب وهو ابن سبع عشرة سنة وغاب عن أبيه ثمانين سنة وعاش بعد ذلك ثلاثا وعشرين سنة ومات وهو ابن مائة سنة وعشرين سنة وقال غيره أوصى الى أخيه يهوذا صلوات الله عليه وسلامه انتهى ما ذكره الحافظ ابن كثير فى تاريخه والله أعلم (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال انا ثابت عن أنس الخ (غريبه) (2) بضم أوله مبنى للمجهول ويوسف هو ابن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم الخليل عليهم الصلاة والسلام (3) أى نصفه وقد يراد به الجزء من الشئ: والمعنى انه أعطى حظا عظيما من حسن أهل الدنيا وجاء فى بعض الروايات ثلثى الحسن، ولكن الروايات الصحيحة جاءت بلفظ شطر الحسن، فعند مسلم فى قصة الاسراء فاذا انا. بيوسف واذا هو قد أعطى شطر الحسن (تخريجه) (م) ورواه الحاكم بلفظ (اعطى يوسف وأمه شطر الحسن) وصححه الحاكم وأقره الذهبى، وجاء فى مجمع الزوائد عن عبد الله يعنى ابن مسعود قال اعطى يوسف وامه ثلثى حسن الناس فى الوجه والبياض وغير ذلك، فكانت المرأة اذا أتته غطى وجهه مخافة ان تفتتن، قال الهيثمى رواه الطبرانى موقوفا ورجاله رجال الصحيح، قال ورواه الطبرانى أيضا فقال أعطى

_

_

(باب ذكر نبي الله أيوب عليه السلام) (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلي الله عليه وسلم قال أرسل على أيوب جراد من ذهب (2) فجعل يلتقط (3) فقال ألم أغنك يا أيوب قال يارب ومن يشبع من رحمتك أو قال من فضلك (4) (وعنه عن طريق ثان) (5) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم بينما أيوب يغتسل عرياناً خرَ عليه جراد من ذهب فجعل أيوب يحْثي في ثوبه فناداه ربه يا أيوب ألم أكن أغنيتك عما تري؟ قال بلي يارب ولكن لا غني بي عن بركتك (6).

_ قائلا (ياقوم لقد أبلغتكم رسالات ربى ونصحت لكم) أى قد أديت ما كان واجبا علىَّ من البلاغ التام والنصح الكامل وحرصت على هدايتكم بكل ما أقدر عليه فلم ينفعكم ذلك لأن الله لا يهدى من يضل ومالهم من ناصرين (ذكر ابن عساكر فى تاريخه) عن ابن عباس أن شعيبا كان بعد يوسف عليه السلام (وعن وهب بن منبه) أن شعيبا عليه السلام مات بمكة ومن معه من المؤمنين وقبورهم غربى الكعبة بين دار الندوة ودار نبى سهم والله أعلم. (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو داود ثنا همام عن قتادة عن النضر يعنى ابن أنس بن مالك عن بشير بن نهيك عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) أرسل الله عز وجل هذا الجراد على أيوب عند ما كان يغتسل كما فى الطريق الثانية حيث عافاه الله من مرضه كما جاء عند ابن أبى حاتم عن أبى هريرة أيضا أن النبى صلي الله عليهم وسلم قال لما عافى الله أيوب أمطر عليه جرادا من ذهب الحديث، وانما سمى الجراد جرادا لأنه يجرد الأرض فيأكل ما عليها، وهل كان جرادا حقيقة ذا روح إلا أن اسمه ذهب أو كان على شكل الجراد وأيس فيه روح؟ قال فى شرح التقريب الأظهر الثاني (3) جاء فى الطريق الثانية وعند البخارى أيضا (فجعل أيوب يحثى فى ثوبه فناداه ربه يا أيوب ألم أكن أغنيتك) (4) أى نعمتك وخيرك (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام أبن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلي الله عليه وسلم فذكر أحاديث منها: وقال رسول الله صلي الله عليه وسلم بينما أيوب يغتسل الخ (6) أى خيرك: وغنى بكسر الغين المعجمة والقصر من غير تنوين على أن لا لنفي الجنس وروى بالتنوين والرفع على أن لا بمعنى ليس، ومعناهما واحد لأن النكرة فى سياق النفى تفيد العموم وخبر لا يحتمل أن يكون بى أو عن بركتك واستنبط منه فضل الغنى لأنه سماه بركة، ومحال أن يكون أيوب صلّوات الله وسلامه عليه أخذ هذا المال حبا للدنيا، وانما أخذه كما أخبر هو عن نفسه لأنه بركة من ربه تعالى لأنه قريب العهد بتكوين الله عز وجل، أو انه نعمة جديدة خارقة للعادة فينبغى تلقيها بالقبول ففى ذلك شكر لها وتعظيم لشأنها، وفى الإعراض عنها كفر بها، وفيه جواز الاغتسال عريانا اذا كان منفردا لأن الله تعالى عاتبه على جمع الجراد ولم يعاتبه على الاغتسال عريانا والله أعلم (تخريِجه) (خ، طل) وأنما ذكرت هذا الحديث تحت هذه الترجمة لمناسبة ذكر نبى الله أيوب عليه السلام فيه (أما نسبه) فقد ذكره الحافظ أبن كثير فى تاريخه قال قال أبن اسحاق كان رجلا من الروم وهو أيوب بن موسى ابن زراح بن العيص بن اسحاق بن إبراهيم الخليل، وقال غيره هو أيوب بن عوص بن رهويل بن العيص ابن اسحق بن إبراهيم وقيل غير ذلك فى نسبه، قال الحافظ أبن كثير وهو من الأنبياء المنصوص على الإيحاء اليهم فى سورة النساء فى قوله تعالى (إنا أوحينا اليك كما أوحينا الى نوح والنبيين من بعده وأوحينا الى إبراهيم وإسماعيل واسحاق ويعقوب والأسباط وعيسى وأيوب الآية) فالصحيح أنه من

.

_ سلالة العيص بن اسحق، وامرآته قيل أسمها ليا بنت يعقوب وقيل رحمة بنت افرائيم وقيل منشا ابن يوسف بن يعقوب وهذا أشهر (قلت) وقد ذكر الله عز وجل قصته فى كتابه العزيز وختمها بالثناء عليه حيث قال عز من قائل (واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه أنى مسنى الشيطان بِنُصْب وعذاب إلى قوله تعالى (أنا وجدناه صابرا نعم العبد أنه أواب) قال الحافظ أبن كثير فى تفسيره يذكر تبارك وتعالى عبده ورسوله أيوب عليه الصلاة والسلام وما كان أبتلاه تعالى به من الضر فى جسده وماله وولده حتى لم يبق فى جسده مغرز ابرة سليما سوى قلبه، ولم يبق له من الدنيا شئ يستعين به على مرضه وما هو فيه غير أن زوجته حفظت وده لإيمانها بالله تعالى ورسوله، فكانت تخدم الناس بالأجرة وتطعمه وتخدمه نحوا من ثمانى عشرة سنة، وقد كان قبل ذلك فى مال جزيل وأولاد وسعة طائلة من الدنيا فسلب جميع ذلك حتى آل به الحال إلى أن ألقى على مزبلة من مزابل البلدة هذه المدة بكمالها، ورفضه القريب والبعيد سوى زوجته رضى الله عنها فأنها كانت لا تتركه صباحا ومساءا الا بسبب خدمة الناس ثم تعود اليه قريبا فلما طال المطال واشتد الحال واتتهى القدرة وتم الأجل المقدر تضرع لرب العالمين وإلاه المرسلين فقال (انى مسنى الضر وأنت أرحم الراحمين) وفى هذه الآية الكريمة: قال تعالى (واذكر عبدنا أيوب إذ نادى ربه انى مسنى الشيطان بنصب وعذاب قيل بنصب فى بدنى وعذاب فى مالى وولدى، فعند ذلك استجاب له أرحم الراحمين وأمره أن يقوم من مقامه ويركض الأرض برجله ففعل، فأنبع الله عينا وأمره أن يغتسل منها فأذهبت جميع ما كان فى بدنه من الأذى، ثم أمره فضرب الأرض فى مكان آخر فأنبع له عينا أخرى وأمره ان يشرب منها فأذهبت جميع ما كان فى باطنه من السوء وتكاملت العافية ظاهرا وباطنا ولهذا قال تبارك وتعالى (اركض برجلك هذا مغتسل بارد وشراب) قال وكان قبل شفائه يخرج الى حاجته فاذا قضاها أمسكت أمرأته بيده حتى يبلغ (يعنى مكانه) ومعناه أنها كانت تنتظره حتى يقضى حاجته فلما كان ذات يوم أبطا عليها فالتفتت تنظر، فاقبل عليها قد أذهب الله ما به من البلاء وهو على أحسن ما كان، فلما رأته قالت أى بارك الله فيك هل رأيت نبى الله هذا المبتلى فوالله مارايت رجلا أشبه به منك أذ كان صحيحا، قال فانى أنا هو قال وكان له اندران اندر للقمح واندر للشعير (هو المكان الذى يوضع فيه القمح والشعير) فبعث الله تعالى سحابتين فلما كانت إحداهما على اندر القمح افرغت فيه الذهب حتى فاض وأفرغت الأخرى فى اندر الشعير حتى فاض، هذا لفظ ابن جرير رحمه الله قال تعالى (ووهبنا له أهله ومثلهم معهم). قال الحسن وقتادة احياهم الله تعالى له بأعيانهم وزلدهم مثهم معهم، وقال ابن عباس رد الله عليه ماله وولده عيانا ومثلهم معهم، وقال مجاهد قيل له يا أيوب أن املك لك فى الجنة فان شئت اتيناك بهم، وان شئت تركناهم لك فى الجنة وعوضاك مثلهم، قال لا بل اتركهم فى الجنة وعوض مثلهم فى الدنيا (رحمة منا) اى به على صبره وإنابته وتواضعه (وذكرى لأولى الألباب) أى لذوى العقول ليعلموا أن عاقبة الصبر الفرج والخرج والراحة (وخذ بيدك ضغئا فاضرب به ولا تحنث) وذاك ان ايوب عليه السلام كان قد غضب على زوجنه ووجد عليها فى أمر فعلته قيل باعث ضغيرتها نخبز فأطعمته إياه فلامها على ذلك وحلف إن شفاه الله تعالى ليضربنها مائة جلدة، وقيل لغير ذلك من الأسباب فلما شفاه الله عز وجل وعافاه ما كان جزاؤها مع هذه الخدمة التامة والرحمة والشفقة والاحسان ان تقابل بالضرب فافناه الله عز رجل ان يأخذ ضغثا وهو الشمراخ فيه مائة قضيب فيضربها به ضربة

(باب ذكر نبي الله يونس عليه السلام) (عن أبي العالية) (1) قال حدثني ابن عم نبيكم (2) صلي الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم قال الله عز وجل ما ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من يونس (3) بن منىّ ونسبه إلى أبيه (4) (وعنه من طريق ثان) (5) عن أبن عباس قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لا ينبغي لأحد أن يقول إني خير من يونس بن منى نسبة إلى أبيه أصاب ذنبا (6) ثم اجتباه ربه (عن عبد الله بن جعفر) (7) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ما ينبغي لنبي أن يقول إني خير من يونس بن منى قال أبو عبد الرحمن (8) وحدثنا هارون بن معروف مثله (عن أبي هريرة) (9) عن النبي صلي الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم أنه قال لعبد بدل نبي

_ راحدة وقد برت يمينه وخرج من حنثه ووفى بنذره، وهذا من الفرج والمخرج لمن اتقى الله تعالى وأناب أليه، ولهذا قال جل وعلا (أنا وجدناه صابرا نعم العبد أنه أواب) اى رجاع منيب: عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام (باب) (1) (سنده) حدثنا حجاج حدثنا شعبة عن قتادة عن أبى العالية الخ (غريبه) (2) يعنى ابن عباس رضى الله عنهما (3) النهى مختص بالتفضيل، فى نفس النبوة فلا تفاضل فيها، وإنما التفاضل بالخصائص وفضائل أخرى، ولابد من أعتقاد التفضيل فقد قال الله تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) وأفضلهم جميعا نبينا صلي الله عليه وسلم لقوله صلي الله عليه وسلم (انا سيد ولد آدم يوم القيامة) وهو حديث صحيح رواه (حم م د مذجه) وغيرهم ولأدلة أخرى يطول ذكرها (4) يريد أن أباه اسمه متى وليس هذا أخر الحديث (وبقيته) وذكر انه أسرى به وأنه رآى موسى عليه السلام آدم طُوالا كانه من رجال شَنوءة، وذكر أنه رأى عيسى مربوعا الى الحمرة والبياض جعدا، وذكر انه رأى الدجال ومالكا خازن النار، وتقدم شرح هذه الجملة فى باب صفة إبراهيم وميلاد أسحاق وسيأتى أيضا فى باب الاسراء (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن قتادة عن أبى العالية عن ابن عباس الخ (غريبه) (6) ذنبه هو إنه لما دعا قومه الى الله عز وجل كذبوه وتمردوا على كفرهم وعنادهم فخرج من بينهم مغاضبا لهم قبل ان يامره الله عز وجل بالخروج ولم يستخر الله فى ذلك ووعدهم بحلول العذاب بهم بعد ثلاث، ثم تاب من ذنبه واعترف بخطئه فقال (لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين) فتاب الله عليه وإختاره وعفا عنه (قال تعالى فاجتباه ربه فجعله من الصالحين) (تخريجه) (ق د) وغيرهم (7) (سنده) حدثنا أحمد بن عبد الملك حدثنا محمد بن سلمة عن محمد بن اسحاق عن اسماعيل بن حكيم عن القاسم عن عبد الله ابن جعفر الخ (غريبه) (8) أبو عبد الرحمن هو عبد الله بن الأمام أحمد يريد إنه حدثه به محمد بن سلمة بهذا الاسناد (تخريجه) الحديث سنده جيد ورواه (د) ايضا (9) (سنده) حدثنا عفان وبهز قالا ثنا شعبة قال أخبرنى سعد بن ابراهيم قال سمعت حميد بن عبد الرحمن يحدث عن ابى هريرة عن النبي صلي الله عليه وسلم قال ما ينبغى لعبد ان يقول أنا خير من يونس بن متى: والامام أحمد ايضا قال حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن الأعمش عن أبى وائل عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لا ينبغى لعبد ان يقول أنا خير من يونس بن متى أخرجه البخارى من حديث سفيان أيضا (تخريجه) اخرج حديث أبى هريرة الشيخان وغيرهما وهذه الأحاديث تدل على فضله وإنه من الانبياء المرسلين، قال تعالى فى سورة الصافات (وان يونس لمن المرسلين) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه قال أهل التفسير بعث الله

.

_ يونس إلى أهل نينوى من أرض الموصل فدعاهم الى الله عز وجل فكذبوه وتمردوا على كفرهم وعنادهم فلما طال ذلك عليه من أمرهم خرج من بين اظهرهم ووعدهم حلول العذاب بهم بعد ثلاث، قال أبن مسعود ومجاهد وسعيد بن جبير وقتادة وغير واحد من السلف والخلف فلما خرج من بين ظهرانيهم وتحققوا نزول العذاب بهم قذف الله فى قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم الى نبيهم فلبسوا المسوح وفّرقوا بين كل بهيمة وولدها، ثم عجوا الى الله عز وجل وصرخوا وتضرعوا اليه وتمسكنوا لديه وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والأمهات وجارت الأنعام والدواب والمواشى: فرغت الابل وفصلانها وخارت البقر وأولادها وثغت الغنم وحملانها وكانت ساعة عظيمة هائلة فسكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذى كان قد أتصل بهم بسببه ودار على رءوسهم كقطع الليل المظلم (قال ابن عباس) ووهب كان يونس وعد قومه العذاب فلما تأخر عنهم العذاب خرج كالمستور منهم فقصد البحر فركب السفينة فاحتبست السفينة، فقال الملاحون ها هنا عبد آبق، وكان من عادتهم ان من وقعت عليه القرعة يلقى فى البحر فزج، يونس نفسه فى الماء وأمر الله تعالى حوتا من البحر الأخضر أن يلتقمه وان لا ياكل له لحما ولا يهشم له عظما فليس لك برزق، فأخذه فطاف به البحار كلها، وقيل انه ابتلع ذلك الحوت حوت آخر أكبر منه، وهذا معنى قوله تعالى (اذ أبق الى الفلك المشحون) أى هرب (فساهم) فقارع، والمساهمة القاء السهام على جهة القرعة (فكان من المدحضين) أى المقروعين (فالنقمه الحوت) ابتلعه (وهو مليم) أى بما يلام عليه (فلولا انه كان من المسبحين) من الذاكرين الله قبل ذلك وكان كثير الذكر، وقال ابن عباس من المصلين، وقال وهب من العابدين، وقال الحسن ما كانت له صلاة فى بطن الحوت ولكنه قدْم عملا صالحا، وقال الضحاك شكر الله له طاعته القديمة، وقيل فلولا أنه كان من المسبحين فى بطن الحوت، قال سعيد بن جبير يعنى قوله (لا إله إلا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين) ويؤيد ذلك قوله تعالى فى سورة الأنبياء (وذا النون أذ ذهب مغاضبا فظن أن لن نقدر عليه فنادى فى الظلمات أن لا إله إلا أنت سبحانك إنى كنت من الظالمين) فال إبن مسعود ظلمة بطن الحوت وظلمة البحر وظلمة الليل، قال ابن مسعود وابن عباس وغيرهما وذلك أنه ذهب به الحوت فى البحار يشقها حتى انتهى الى قرار البحر فسمع يونس تسبيح الحصى فى قراره، فعند ذلك وهنا لك قال لا اله إلا أنت سبحانك انى كنت من الظالمين (البث فى بطنه الى يوم يبعثون) أى لصار بطن الحوت له قبرا الى يوم القيامة (فنبذناه) طرحناه (بالعراء) يعنى على وجه الأرض، قال السدى بالساحل، والعراء الأرض الخالية عن الشجر والنبات (وهم سقيم) عليل كالفرخ الممعط وقيل كان قد بلى لحمه ورق عظمه ولم يبق له قوة، واختلفوا فى مدة لبثه فى بطن الحوت، فقال مقاتل بن حيان ثلاثة أيام، وقال عطاء سبعة أيام وقال الضحاك عشرين يوما، وقال السدى والكلبى ومقاتل بن سليمان أربعين يوما، وقال الشعبى التقمه ضحى ولفظه عشية والله أعلم (وانبتنا عليه) أى له وقيل عنده (شجرة من يقطين) يعنى القرع على قول جميع المفسرين، وذكر بعضهم فى القرع فوائد، منها سرعة نباته وتظليل ورقه لكبره ونعومته وأنه لا يقربه الذباب وجودة تغذية ثمره وانه يؤكل نيئا ومطبوخا وقشره أيضا، وقد ثبت ان رسول الله صلي الله عليه وسلم كان يحب الدبّاء (يعنى القرع) ويتتبعه من حواشى الصفحة، وقال الحسن ومقاتل كل نبت يمد

(باب ما جاء في دعوة ذي النون يعني يونس عليه السلام وحجه) (حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعد) (1) حدثني والدي محمد عن أبيه سعد قال مررت بعثمان بن عفان في المسجد فسلمت عليه فملأ عينيه منى ثم لم يرد علىّ السلام. فأتيت أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فقلت يا أمير المؤمنين هل حدث فى الاسلام شيء مرتين؟ قال لا، وما ذاك؟ قال قلت لا: إلا أنى مررت بعثمان آنفا فى المسجد فسلمت عليه فملأ عينيه منى ثم لم يرد علىّ السلام، قال فأرسل عمر إلى عثمان فدعاه فقال ما منعك أن لا تكون رددت على أخيك السلام؟ قال عثمان ما فعلت، قال سعد قلت بلى، قال حتى حلف وحلفت، قال ثم أن عثمان ذكر فقال بلى وأستغفر الله وأتوب إليه، انك مررت بى آنفا وأنا أحدث نفسى بكلمة سمعتها من رسول الله صلي الله عليه وسلم لا والله ما ذكرتها قط الا تغشى بصرى وقلبى غشاوة، قال قال سعد فانا أنبئك بها، إن رسول الله صلي الله عليه وسلم ذكر لنا أول دعوة ثم جاء أعرابى فشغله حتى قام رسول الله صلي الله عليه وسلم فاتبعته فلما أشفقت أن يسبقنى الى منزله ضربت بقدمى الأرض فالتفت الىّ رسول الله صلي الله عليه وسلم فقال من هذا؟ أبو اسحاق؟ قال قلت نعم يا رسول الله، قال فمه (2) قال قلت لا والله الا أنك ذكرت لنا أول دعوة ثم جاء هذا الأعرابى فشغلك، قال نعم، دعوة ذى النون إذ هو فى بطن الحوت (لا إله إلا أنت سبحانك أنى كنت من الظالمين) فأنه لم يدع

_ وينبسط على وجه الأرض ليس له ساق ولا يبقى على الشتاء نحو القرع والقثاء والبطيخ فهو يقطين، قال مقاتل بن حيان فكان يونس يستظل بالشجرة وكانت وعلة تختلف اليه فيشرب من لبنها بكرة وعشيا حتى اشتد لحمه ونبت شعره وقوى (الوعلة انثى الوعل بكسر العين المهملة والوعل تيس الجبل) ثم نام نومة فاستيقظ وقد يبست الشجرة فحزن حزنا شديدا وأصابه أذى الشمس فجعل يبكى فبعث الله تعالى اليه جبريل فقال انخزن على شجرة ولا تحزن على مائة ألف من أمتك وقد أسلموا وتابو؟ (فان قيل) قال ها هنا فنبذناه بالعراء وقال في موضع آخر (لولا إن تداركه نعمة من ربه لنبذ بالعراء) فهذا يدل على أنه لم ينبذ (قيل) لولا هناك يرجع معناه إلى الذم معناه لولا نعمة من ربه لتنبذ بالعراء وهو مذموم ولكن تداركه النعمة فنبذ وهو غير مذموم (وأرسلناه الى مائة الف) أى وقد أرسلناه وقيل كان إرساله بعد تداركه النعمة فنبذ وهو غير مذموم (وأرسلناه الى مائة الف) أى وقد أرسلناه وقيل كان أرساله بعد خروجه من بطن الحوت اليهم، وقيل الى قوم آخرين (قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره) ولا مانع أن يكون الذين أرسل اليهم أولا أمر بالعود اليهم بعد خروجه من الحوت فصدقوه كلهم وآمنوا به (أو يزيدون) قال أبن عباس فى رواية عنه بل يزيدون وكانوا مائة وثلاثين ألفا، وقال مقاتل وابن عباس فى رواية أخرى كانوا عشرين الفا. ورواه أبىّ بن كعب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال الحسن بضعا وثلاثين الفا، وقال سعيد بن جبير سبعين الفا والله أعلم (فآمنوا) يعنى الذين أرسل اليهم يونس بعد معاينة العذاب (فمتعناهم الى حين) أى حين انقضاء آجالهم والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا إسماعيل بن عمر حدثنا يونس بن أبى أسحاق الهمدانى حدثنا إبراهيم بن محمد بن سعد الخ (غريبه) (2) أى فماذا وتقدم شرح كلام النبى صلي الله عليه وسلم وتخريج الحديث أيضا فى باب دعوات يستجاب بها الدعاء من كتاب الأذكار فى الجزء الرابع عشر صحيفة 278 قبل حديث رقم 206

بها مسلم ربه فى شئ إلا استجاب له (عن ابن عباس) (1) أن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما مر بثنية هرشاء حين حج قال أى ثنية هذه؟ قالوا ثنية هرشاء، قال كأنى أنظر إلى يونس بن متى على ناقة حمراء جعدة عليه جبة من صوف، خطام ناقتهُ خلبة (قال هشيم يعنى ليفا وهو يلبى). (أبواب ذكر نبى الله موسى بن عمران عليه السلام) (باب ما جاء فى فضل نبى الله موسى وشئ من فضل نبينا عليهما الصلاة والسلام) (عن أبى هريرة) (2) قال أستب رجل من المسلمين ورجل من اليهود فقال المسلم والذى أصطفى محمداً على العالمين، وقال اليهودى والذى أصطفى موسى على العالمين، فغضب المسلم فلطم عين اليهودى، فأتى اليهودى رسول الله صلي الله عليه وسلم فأخبره بذلك، فدعاه رسول الله صلي الله عليه وسلم فسأله فاعترف بذلك، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم لا تخيرونى على موسى (3) فان الناس يصعقون (4) يوم القيامة فأكون أول من يفيق فأجد موسى ممسكا بجانب العرش فما أدرى أكان فيمن صعق فأفاق قبلى أم كان ممن استثناه الله عز وجل (5) (عن أبى سعيد الخدرى) (6) عن النبى صلي الله عليه وسلم مثله.

_ (1) (عن ابن عباس الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى صفة نبى الله موسى عليه السلام وحجه وصومه، وهو حديث صحيح أخرجه مسلم وغيره (باب) (2) (سنده) حدثنا أبو كامل حدثنا ابراهيم حدثنا بن شهاب عن أبى سلمة بن عبد الرحمن وعبد الرحمن الاعرج عن أبى هريرة الخ (غريبه) (3) نقدم الكلام على ذلك فى شرح حديث أبى سعيد وهو الحديث الثانى من كتاب أحاديث الأنبياء فى هذا الجزء صحيفة 36 رقم 3 فارجع اليه (4) قال النووى الصعق والصعقة الهلاك والموت، ويقال منه صعق الانسان وصعق بفتح الصاد وضمها وانكر بعضهم الضم وصعقتهم الصاعقة، بفتح الصاد والعين وأصعقتهم، وبنو تميم يقولون الصاقعة بتقديم القاف قال القاضى وهذا من أشكل الأحاديث لأن موسى قد مات فكيف تدركه الصعقة وانما تصعق الأحياء (5) ظاهر هذا يدل على أنه كان حيا ولم يأت أن موسى رجع الى الحياة ولا أنه حى كما جاء فى عيسى وسيأتى فى باب قصة موسى مع ملك الموت ووفاته أنه صلي الله عليه وسلم قال فلو كنت ثمْ لأريتكم قبره الى جانب الطريق عند الكثيب الأحمر (قال القاضى عياض) يحتمل أن هذه الصعقة صعقة فزع بعد البعث حين تنشق السماوات والأرض فتنتظم حينئذ الآيات والأحاديث، ويؤيده قوله صلي الله عليه وسلم فافاق لأنه ائما يقال أفاق من الغشى، وأما الموت فيقول بعث منه، وصعقة الطور لم تكن موتا يعنى قوله فى رواية لمسلم (فلا أدرى أحو سب بصعقة يوم الطور أو بعث قبل) قال وأما قوله ص فلا أدرى أفاق قبلى فيحتمل انه صلي الله عليه وسلم قال قبل أن يعلم أنه أول من تتشق عنه الأرض ان كان هذا اللفظ على ظاهره، وأن نبينا صلي الله عليه وسلم أول شخص تنشق عنه الأرض على الاطلاق، قال ويجوز أن يكون معناه أنه من الزمرة الذين هم أول من تنشق عنهم الأرض فيكون موسى من تلك الزمرة وهى والله أعلم زمرة الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم هذا آخر كلام القاضى (تخرجه) (ق: وغيرهما) (6) (سند) حدثنا ابو النضر ثنا ورقاء قال سمعت عمرو بن يحي المازنى يحدث عن أبيه عن أبى سعيد الخدرى قال جاء يهودى الى رسول الله صلي الله عليه وسلم قد ضرب فى وجهه فقال له ضربنى رجل من أصحابك، فقال له النبي صلي الله عليه وسلم لم فعلت؟ قال يا رسول الله

(عن عبد الله) (1) قال قسم رسول الله صلي الله عليه وسلم ذات يوم قسما قال فقال رجل من الأنصار إن هذه لقسمة ما أريد بها وجه الله عز وجل، قال فقلت يا عدو الله أما لأخبرن رسول الله صلي الله عليه وسلم بما قلت، قال فذكر ذلك للنبى صلي الله عليه وسلم فاحمر وجهه، قال ثم قال رحمة الله على موسى فقد أوذى باكثر من هذا فصبر (2) (عن أنس بن مالك) (3) من حديث الأسراء أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل فقيل من أنت؟ قال جبريل، قيل ومن معك؟ قال محمد صلي الله عليه وسلم فقيل وقد بعث اليه؟ قال قد بعث اليه، ففتح لنا فاذا أنا بموسى عليه السلام فرحب ودعا بخير (وفيه أيضا) أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال فأوحى الله عز وجل اليّ ما أوحى، وفرض علىّ فى كل يوم وليلة خمسين صلاة فنزلت حتى انتهيت الى موسى، فقال ما فرض ربك على أمتك؟ قال قلت خمسين صلاة فى كل يوم وليلة، قال أرجع الى ربك فاسأله التخفيف فان أمتك لا تطيق ذلك فانى قد بلوت بنى اسرائيل وخبرتهم، قال فرجعت الى ربى عز وجل فقلت أى رب خفف عن أمتى فحط عنى خمسا، فرجعت الى موسى فقال ما فعلت؟ قلت حط عنى خمسا، قال أن أمتك لا تطيق ذلك فارجع الى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال فلم أزل أرجع بين ربى وبين موسى ويحط عنى خمسا خمسا حتى قال يا محمد هى خمس صلوات فى كل يوم وليلة بكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة، ومن هم بحسنة فلم يفعلها كتبت له حسنة، فان عملها كتبت عشرا ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئا، فان عملها كتبت سيئة واحدة، فنزلت حتى أنهيت الى موسى فأخبرته فقال أرجع الى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فان أمتك لا تطيق ذلك، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم لقد رجعت الى ربى حتى لقد أستحيت (عن سعيد بن جبير) (4) قال حدثنا ابن عباس رضى الله عنهما عن النبي صلي الله عليه وسلم قال عرضت علىّ الأمم فرأيت النبى صلي الله عليه وسلم ومعه الرهط والنبى ومعه الرجل والرجلين والنبى وليس معه أحد إذ رفع لى سواد عظيم فقلت هذه أمتى؟ فقيل هذا موسى وقومه ولكن انظر الى الأفق، فاذا سواد عظيم ثم قيل انظر الى هذا الجانب الآخر، فاذا سواد عظيم

_ فضل موسى عليك، فقال النبى صلي الله عليه وسلم لا تفضلوا بعض الأنبياء على بعض، فان الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من يرفع رأسه من التراب فأجد موسى عليه السلام عند العرش لا أدرى أكان فيمن صعق أم لا (تخريجه) (خ وغيره) (1) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الاعمش عن شقيق عن عبد الله (يعنى بن مسعود) الخ (غريبه) (2) يشير الى قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا وكان عند الله وجيها) أى ذا جاه وقد صبر النبى صلي الله عليه وسلم على أذى قومه بل كان يشفع ذلك الصبر الجميل بالدعاء لهم المقرون بالمعذرة عنهم، فقد قال لما بالغت قريش فى ايذائه يوم أحد اللهم اغفر لقومى فانهم لا يعلمون، فأنزل الله سبحانه وتعالى قوله (وأنك لعلى خلق عظيم) (تخريجه) (ق، وغيرهما) (3) (عن انس بن مالك) هذا طرف من حديث طويل رواه انس بن مالك سيأتى بتمامه فى أبواب قصة الاسراء من السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (4) (عن سعيد بن جبير الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب مالا يجوز من الرقى والتمائم ونحوها من كتاب الطب

فقيل هذه أمتك ومعهم سبعون الفا يدخلون الجنة بغير حساب ولا عذاب: فقال بعضهم لعلهم الذين صحبوا النبى صلي الله عليه وسلم وقال بعضهم لعلهم الذين ولدوا فى الاسلام ولم يشركوا بالله شيئا قط وذكروا أشياء، فخرج اليهم النبى صلي الله عليه وسلم فقال ما هذا الذى كنتم تخوضون فيه؟ فأخبروه بمقالتهم فقال هم الذين لا يكتوون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون، فقام عكاشة بن محصن الأشعرى رضى الله عنه فقال أنا منهم يا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم سبقك بها عكاشة (باب ما جاء فى صفة نبى الله موسى عليه السلام وحجه وصومه) (عن ابن عباس) (1) أن رسول الله صلي الله عليه وسلم مر بوادى الأزرق (يعنى حين حج) فقال أى واد هذا؟ قالوا هذا وادى الأزرق، فقال كأنى أنظر الى موسى عليه السلام وهو هابط من الثنية (2) وله جؤار الى الله عز وجل بالتلبية حتى أتى على ثنية هرشاء (3) فقال أى ثنية هذه؟ قالوا ثنية هرشاء قال كأنى أنظر الى يونس بن متى على ناقة حمراء جعدة (4) عليه جبة من صوف خطام (5) ناقتهُ خلبة (6) قال هشيم يعنى ليفا وهو يلبى (7) (وعنه أيضا) (8) قال قال نبى الله صلي الله عليه وسلم رأيت ليلة أسرى بى موسى بن عمران رجلا آدم (9) طُوالا جعدا كأنه من رجال شَنوءة (10) ورأيت عيسى

_ في الجزء السابع عشر صحيفة 185 رقم 144 فارجع اليه (باب) (1) (سنده) حدثنا هشيم انبأنا داود بن أبى هند عن أبى العالية عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) الثنية بوزن هدية، قال فى النهاية الثنية فى الجبل كالعقبة فيه، وقيل هو الطريق العالى فيه، وقيل اعلى المسيل فى رأسه (وقوله وله جؤار) بضم الجيم والهمز وهو رفع الصوت (3) كذا فى الأصل بالمد وجاء فى مسلم والنهاية ومعجم ياقوت هرشى بالقصر وهو بفتح الهاء وسكون الراء وبالشين المعجمة جبل على طريق الشام والمدينه قريب من الجحفة (4) الجعدة هى مكتزة اللحم (5) بكسر الخاء هو الحبل الذى يقاد به البعير يجعل على خطمه (6) بضم الخاء المعجمة وبالباء الموحدة بينهما لام فيها لغتان مشهورتان الضم والاسكان وحكاهما ابن السكيت والجوهرى وآخرون، وهو الليضب كما فسرع عشيم شيخ الامام احمد (7) فان قيل كيف يحمون ويلبون وهم أموات وهم فى الدار الآخرة وليست دار عمل (قلت) أجاب العلماء عن ذلك باجوبة منها انه أرى أحوالهم التى كانت فى حياتهم ومثلوا له فى حال حياتهم كيف كانوا وكيف حجهم وتلبيتهم كما قال صلى الله عليه وسلم كأنى انظر الى موسى وكأنى أنظر الى يونس عليهما السلام: وهو الذى اميل اليه والله أعلم. (تخريجه) (م جه) (8) (سنده) حدثنا يونس حدثنا شيبان حدثنا قتادة عن أبى العالية حدثنا ابن عم نبيكم صلى الله عليه وسلم ابن عباس قال قال نبى الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) بمد الهمزة اى أسمر (طوالا) بضم أوله وتخفيف الواو هو الطويل (جعدا) قال النووى واما الجعد فى صفة موسى عليه السلام قال صاحب التحرير فيه معنيان (أحدهما) اكتناز الجسم واجتماعه (والثانى) جعودة الشعر قال والأول أصح لأنه قد جاء فى رواية أبى هريرة فى الصحيح انه رجل الشعر، هذا كلام صحاب التحرير، والمعنيات فيه جائزان وتكون جعودة الشعر على المعنى الثانى ليست جعردة القطط، بل معناه انه بين القطط والسبط والله أعلم (10) بفتح الشين المعحمة وضم النون وبعد الواو همزة وهم حي من اليمن ينسبون إلى

ابن مريم عليهما السلام مربوع الخلق الى الحمرة والبياض، سبط (1) الرأس (وله فى رواية أخرى) ورأيت موسى أسحم آدم كثير الشعر (قال حسن) الشعرة شديد الخلق (عن جابر) (2) عن النبى صلي الله عليه وسلم قال عرض علىّ الانبياء فاذا موسى رجل ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوأة (عن أبن عباس) (3) قال قدم رسول الله صلي الله عليه وسلم المدينة فرأى اليهود يصومون يوم عاشوراء، فقال ما هذا اليوم الذى تصومون؟ قالوا هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله فيه بنى اسرائيل من عدوهم، قال فصامه موسى، قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم أنا أحق بموسى منكم فصامه رسول الله صلي الله عليه وسلم وأمر بصومه. (باب قصته مع الحجر) (عن أبى هريرة) (4) أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال أن بنى اسرائيل كانوا يغتسلون عراة (وفى رواية ينظر بعضهم الى سوأة بعض) وكان نبى الله موسى عليه السلام منه الحياء والستر، وكان يتستر اذا اغتسل فطعنوا فيه بغورة (وفى رواية فقالوا والله ما يمنع موسى أن يغتسل معنا إلا أنه آدر) قال فبينما نبى الله يغتسل يوما وضع ثيابه على صخرة فانطلقت الصخرة بثيابه، فاتبعها نبى الله ضربا بعصاه وهو يقول ثوبى يا حجر ثوبى يا حجر، حتى انتهى به الى ملأ من بنى اسرائيل وتوسطهم فقامت (أى الصخرة) وأخذ نبى الله ثيابه فنظروا فاذا أحسن الناس خلقا وأعدلهم، صورة، فقالت بنوا اسرائيل قاتل الله أفاكى (5) بنى اسرائيل فكانت براءته التى برأه الله عز وجل بها (6) (وفى رواية) فأخذ ثوبه وطفق بالحجر ضربا: فقال أبو هريرة رضى الله عنه والله أن بالحجر نَدَبَا ستة أو سبعة ضرب موسى بالحجر (ومن طريق ثان) (7) عن عبد الله بن شقيق قال قال لى أبو هريرة رضى الله عنه من أين أقبلت؟ قلت من الشام، قال فقال لى هل رأيت حجر موسى؟ قلت وما حجر موسى؟ قال أن بنى أسرائيل قالوا لموسى قولا تحت ثيابه فى مذاكيره (8) قال فوضع ثيابه على صخرة وهو يغتسل قال فسع ثيابه قال

_ شنوءة وهو عبد الله بن كعب بن عبد الله بن مالك بن نصر بن الأزد ولقب (شنوءة) لشنآن كان بينه وبين أهله قال الحافظ (1) بفتح المهملة وسكون الموحدة وهو الشعر المنبسط المسترسل (تخريجه) (ق، وغيرهما) (2) (عن جابر) يعنى ابن عبد الله الخ هذا طرف من حديث ذكر بتمامه وسنده وشرحه وتخرجه فى باب ما جاء فى خلق الملائكة فى هذا الجزء صحيفة 17 رقم 22 (3) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم لسنده وشرحه وتخريجه فى فضل يوم عاشوراء وتأكد صومه من كتاب الصيام فى الجزء العاشر صحيفة 178 رقم 228 (باب) (4) (سنده) حدثنا حسين بن محمد فى تفسير شيبان عن قتادة قال حدث الحسن عن أبى هريرة الخ (غريبه) (5) جمع أفاك والأفاك كثير الكذب، والمعنى كثرة كذب بنى اسرائيل على موسى عليه السلام (6) يعنى قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذوا موسى فبرأه الله مما قالوا) الآية (7) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثنى أبى ثنا الجريرى عن عبد الله بن شقيق قال أقمت بالمدينة مع أبى هريرة سنة فذكر حديثا تقدم فى باب الترغيب فيما كان عليه النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه من التقليل فى الدنيا الخ من كتاب الفقر فى الجزء التاسع عشر صحيفة 106 رقم 15 وفيه (قال فقال لى يعنى أبا هريرة) من أين أقبلت الخ (8) يريدون

فتبعها في أثرها وهو يقول يا حجر الق ثيابى حتى أتت به على بنى اسرائيل فرأوا مستويا حسن الخلق فلجبه ثلاث لجبات (1) فو الذى نفس أبى هريرة بيده لو كنت نظرت لرأيت لجبات موسى فيه.

_ بذلك أن به أدرة بضم الهمزة وسكون الدال المهملة الخصية (1) بفتحات، قال فى النهاية وفى قصة موسى عليه السلام والحجر (فلجبه ثلاث لجيات، قال أبو موسى كذا فى مسند أحمد بن حنبل ولا أعرف وجبه إلا أن يكون بالحاء والتاء من اللحت وهو الضرب ولحته بالعصا ضربه (تخريجه) (ق. مذ طل) وابن جرير والبغوى وتقدم نحوه من طريق أخرى عن أبى هريرة أيضا فى باب يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذرا موسى من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثانى عشر صحيفة 248 رقم 397 وفيه شرح ما لهم يشرح هنا (قال النووى) فيه معجزتان ظاهرتان لموسى عليه السلام، مشى الحجر بثوبه وحصول الندب فى الحجر بضربه (باب ذكر ولادة موسى ونسبه ونشأته) قيل هو موسى بن عمران بن يصهر بن قاهث بن لاوى ابن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم عليهم الصلاة والسلام (قال الحافظ بن الأثير) فى تاريخه الكامل ولد لاوى ليعقوب وهو ابن تسع وثمانين سنة، وولد قاهث للاوى وهو ابن ست وأربعين سنة، وولد لقاهث يصهر وله ستون سنة، وكان عمره جميعه مائة وسبعا وأربعين سنة، وولد موسى ولعمران سبعون سنة وكان عمر عمران جميعه مائة وسبعا وثلاثين سنة، وأن موسى يوحانذ واسم امرأته صفورا بنت شعيب النبى وكان فرعون مصر فى زمنه الوليد بن مصعب وكان عمره طويلا وكان من أعتى خلق الله (قلت) وجاء ذكر موسى من أول نشأته الى أن بعثه الله رسولا الى فرعون مع أخيه هارون فى سورة القصص وجاءت قصته وأخيه هارون مع فرعون فى مواضع متعددة من كتاب الله عز وجل قال تعالى (واذكر فى الكتاب موسى انه كان مخلصا وكان رسولا نبيا، وناديناه من جانب الطور الأيمن وقربناه نجيا، ووهبنا له من رحمتنا أخاه هارون نبيا) وقال جل شأنه فى سورة القصص (نتلو عليك من نبأ موسى وفرعون بالحق لقوم يؤمنون، إن فرعون علا فى الأرض وجعل أهلها شيعا يستضعف طائفة منهم يذبح أبناءهم ويستحي نساءهم إنه كان من المفسدين، ونريد أن نمن على الذين استضعفوا فى الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين، ونمكن لهم فى الأرض ونرى فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون) (قال ابن عباس وغيره) دخل حديث بعضهم فى بعض ان الله تعالى لما قبض يوسف وهلك الملك الذى كان معه وتوارثت الفراعنة ملك مصر ونشر الله نبى اسرائيل لم يزل بنو اسرائيل تحت يد الفراعنة وهم على بقايا من دينهم مما كان يوسف ويعقوب واسحاق وابراهيم شرعوا فيهم من الأسلام حتى كمان فرعون موسى وكان أعتاهم على الله وأعظمهم قولا وأطولهم عمرا واسمه فيما ذكر الوليد بن مصعب وكان سيء الملكة على بنى اسرائيل يعذبهم ويجعلهم خولا ويسومهم سوء العذاب، فلما أراد الله أن يستنقذهم بلغ موسى الأشد وأعطاه الرسالة وكان شأن فرعون قبل ولادة موسى أنه رأى فى منامه كأن ناراً أقبلت من بيت المقدس حتى اشتملت على بيوت مصر فأحرقت القبط وتركت بنى اسرائيل وأخربت بيوت مصر فدعا السحرة والحزاة (¬1) والكهنة فسألهم عن رؤياه فقالوا يخرج من هذا البلد يعنون بيت المقدس الذى جاء بنو اسرائيل منه رجل يكون على وجهه أهلاك مصر فأمر أن

.

_ لا يولد لبنى إسرائيل مولود الا ذبح ويترك الجوارى، وقيل إنه لما تقارب زمان موسى أنى المنجمون فِرعون وحزائه اليه فقالوا اعلم انا نجد فى علمنا أن مولودا من بنى اسرائيل قد اظلك زمانه الذى يولد فيه يسلبك ملكك ويغلبك على سلطانك ويبدل دينك، فأمر بقتل كل مولود يولد فى بنى اسرائيل، وقضى الله الموت فى مشيخة بنى اسرائيل، فدخل رءوس القبط على فرعون وكلموه وقالوا ان هؤلاء القوم قد وقع فيهم الموت فيوشك أن يقع العمل على غلماننا تذبح الصغار وتفنى الكبار، فلو أنك كنت تبقى من أولادهم، فأمر أن يذبحوا سنة ويتركوا سنة، فلما كان فى تلك السنة التى تركوا فيها ولد هارون، وولد موسى فى السنة التى يقتلون فيها وهى السنة المقبلة فلما أتى أمه المخاض حزنت من شأنه فأوحى الله اليها أى ألهمها (أن أرضعيه فاذا خفت عليه فألقيه فى اليم) وهو النيل (ولا تخافى ولا تخزنى انا رادوه اليك وجاعلوه من المرسلين) فلما وضعته أرضعته ثم دعت نجارا فجعل له تابوتا وجعل مفتاح التابوت من داخل وجعلته فيه وألقته فى اليم، فلما توارى عنها أتاها إبليس فقالت فى نفسها ما الذى صنعت بنفسى، لو ذبح عندى فوارته وكفنته كان أحب الى من أن القيه بيدى الى حيتان البحر ودوا به، فلما القته (قالت لأخته) واسمها مريم (قصيه) يعنى قصِّى أثره (فبصرت به عن جنب وهم لا يشعرون) انها اخته فاقبل الموج بالتابوت يرفعه مرة ويخفضه اخرى حتى دخل بين أشجار عند دور فرعون، فخرج جوارى آسية امراة فرعون يغتسلن فوجدن التابوت فأدخلته الى آسية وظنن ان فيه ما لا فلما فتح ونظرت اليه آسية وقعت عليها رحمته واحبته، فلما اخبرت به فرعون وأتته به قالت هو (قرة عين لى ولك لا تقتلوه) فقال فرعون يكون لك وأما انا فلا حاجة لى فيه، قال النبى صلى الله عليه وسلم والذى يحلف به لو اقر فرعون ان يكون له قرة عين كما اقرت لهداه الله كما هداها: وأراد أن يذبحه فلم تزل آسية تكلمه حتى تركه لها، وقال انى اخاف أن يكون هذا من بنى اسرائيل وأن يكون هذا الذى على يديه هلاكنا: فذلك قوله عز وجل (فالتقطه آل فرعون ليكون لهم عدوا وحزنا) وأرادوا له المرضعات فلم يأخذ من أحد من النساء، فذلك قوله تعالى (وحَّرمنا عليه المراضع من قبل فقالت) أخته مريم (هل أدلكم على أهل بيت يكفلونه لكم وهم له ناصحون) فأخذوها وقالوا ما يدريك ما نصحهم له، هل يعرفونه؟ حتى شكوا فى ذلك، فقالت نصحهم له شفقتهم عليه ورغبتهم فى قضاء حاجة الملك ورجاء منفعته، فانطلقت الى أمه فأخبرتها الخبر فجاءت أمه، فلما أعطته ثديها أخذ منها، فكانت تقول هذا ابنى فعصمها الله، وإنما سمى موسى لأنه وجد فى ماء وشجر والماء بالقبطية مو. والشجر. سا. فذاك قوله تعالى (فرددناه الى أمه كى تقر عينها ولا تحزن) وكان غيبته عنها ثلاث أيام، وأخذته معها الى بيتها واتخذه فرعون ولداً فدعى ابن فرعون، فلما تحرك الغلام جملته امه الى آسية فأخذته ترقصه وتلعب به وناولته فرعون، فلما أخذه أليه اخذ الغلام بلحيته فنتفها، قال فرعون علىَّ بالذباحين يذبحونه، هو هذا: قالت آسية (لا تقتلوه عسى أن ينفعنا أو نتخذه ولداً) انما هو صبى لا يعقل، وانما فعل هذا من جهل وقد علمت أنه ليس فى مصر إمرأة أكثر حليا منى: أنا أضع له حليا من ياقوت وجمر فان أخذ الياقوت فهو يعقل فاذبحه، وان أخذ الجمر فإنما هو صبى، فأخرجت له ياقوتها ووضعت له طعنا من جمر فجاء جبريل فوضع يده فى جمرة فأخذها فطرحها موسى فى فمه فاحرقت لسانه: فهو الذى يقول الله تعالى (واحلل عقدة من لسانى يفقهوا قولى) فدرأت عن موسى

.

_ عليه السلام القتل وكبر موسى وكان يركب مركب فرعون ويلبس ويدعى موسى بن فرعون وامتنع به بنو اسرائيل ولم يبق قبطى يظلم اسرائيليا خوفا منه، ثم ان فرعون ركب مركبا وليس عنده موسى، فلما جاء موسى قيل له فرعون قد ركب فركب موسى فى أثره فأدركه المقبل بأرض يقال لها منف وهذه منف (بفتح الميم وسكون النون) مصر القديمة التى هى مصر يوسف الصديق، فدخل نصف النهار وقد أغلقت أسواقها على حين غفلة من أهلها (فوجد فيها رجلين يقتتلان هذا من شيعته) يقول هذا اسرائيلى قيل إنه السامرى (وهذا من عدوه) يقول من القبط (فاستغاثه الذى من شيعته على الذى من عدوه) فغضب موسى لأنه تناوله وهو يعلم منزلة موسى من بنى اسرائيل وحفظه لهم، وكان قد حماهم من القبط، وكان الناس لا يعلمون أنه منهم، بل كانوا يظنون أن ذلك بسبب الرضاع، فلما اشتد غضبه (وكزه موسى فقضى عليه، قال هذا من عمل الشيطان إنه عدوَّ مضل مبين، قال رب أنى ظلمت نفسى فاغفر لى فغفر له انه هو الغفور الرحيم) أوحى الله تعالى الى موسى وعزتى لو أن النفس التى قتلت أفرت لى ساعة واحدة انى خالق رازق لأذقتك العذاب (قال رب بما أنعمت علىِّ فلن أكون ظهير للمجرمين، فأصبح فى المدينة خائفا يترقب) أن يؤخذ (فاذا الذى استنصره بالأمس يستصرخه) يقول يستعينه (قال له موسى أنك لغوى مبين) ثم أقبل لينصره فلما نظر الى موسى وقد أقبل نحوه ليبطش بالرجل الذى يقال الإسرائيلى خاف أن يقتله من أجل أن موسى أغلظ فى الكلام بقوله إنك لغوى مبين (قال يا موسى أتريد أن تقتلنى كما قتلت نفسا بالأمس، إن تريد الا أن تكون جبارا فى الأرض وما تريد ان تكون من المصلحين) فترك القبطى فأفشى عليه أن موسى هو الذى قتل الرجل، فطلبه فرعون وقال خذوه فانه صاحبنا، فجاء رجل فأخبره وقال (ان الملأ يا تمرون بك ليقتلوك فاخرج) (باب خروج موسى من مصر الى مدين) قيل كان حزقيل مؤمن آل فرعون على بقية من دين ابراهيم عليه السلام، وكان أول من آمن بموسى، فلما أخبره خرج من بينهم (خائفا يترقب قال رب نجنى من القوم الظالمين) وأخذ فى ثنيات الطريق فجاء ملك على فرس وفى يده عَنَزة وهى الحربة الصغيرة، فلما رآه موسى سجد له من الفَرَق (يعنى الخوف) فقال له لا تسجد لى ولكن اتبعنى فهداه نحو مدين، وقال موسى وهو متوجه اليها (عسى ربى أن يهدينى سواء السبيل) فانطلق به الملك حتى انتهى به الى ميدن، فكان قد سار وليس معه طعام وكان ياكل ورق الشجر، ولم يكن له قرة على المشى، فما بلغ مدين حتى سقط خف قدميه (باب قصته مع بنتى شعيب عندما ورد ماء مدين) (فلما ورد ماء مدين) قصد الماء (وجد عليه أمة من الناس يسقون ووجد من دونهم امرأتين تذودان) أى تحبسان عنها، وهما ابنتا شعيب النبى، وقيل ابنتا يثرون وهو ابن أخى شعيب، فلما رآهما موسى سألهما (ما خطبكما؟ قالتا لا نسقى حتى يصدر الرعاه وأبونا شيخ كبير) فرخمهما موسى فأتى البئر فاقتطع صخرة عليها كان النفر من أهل مدين يجتمعون عليها حتى يرفعوها فسقى لهما غنمهما فرجعنا سريعا وكانتا انما تسقيان من فضول الحياض وقصد موسى شجرة هناك ليستظل بها (فقال رب انى لما أنزلت الى من خير فقير) (قال ابن عباس) لقد قال موسى ذلك ولو شاه انسان ان ينظر الى خضرة أمعائه من شدة الجوع لفعل، وما سأل إلا أكله فلما رجع الجاريتان الى أبيهما سريعا سألهما فأخبرتاه: فأعاد احداهما الى موسى تستدعيه فأتته وقالت

.

_ (إن أبي يدعوك ليجزيك أجر ما سقيت لنا) فقام معها فمشت بين يديه فضربت الريح ثوبها فحكى عجيرتها، فقال لها امش خلفى ودلينى على الطريق فانا أهل بيت لا ننظر فى اعقاب النساء (فلما جاءه وقص عليه القصص قال لا تخف نجوت من القوم الظالمين، قالت إحداهما) وهى التى احضرته (يا أبت استأجره ان خير من استأجرت القوى الأمين) قال لها أبوها القوة قدرأيتها فما يدريك بأمانته: فذكرت له ما أمرها به من المشى خلفه فقال له أبوها (انى اريد ان انكحك أحدى انتىَّ هاتين على ان تأجرنى) نفسك (ثمانى حجج فان أتممت عشرا فمن عندك) فقال له موسى (ذلك بينى وبينك ايّما الأجلين قضيت فلا عدوان علىّ والله على ما نقول وكيل) فأقام عنده يومه فلما أمسى أحضر شعيب العشاء فامتنع موسى من الأكل، فقال ولم ذلك؟ قال إنّا من أهل بيت لا نأخذ على اليسير من عمل الآخرة الدنيا بأسرها، فقال شعيب ليس لذلك أطعمتك، انما هذه عادتى وعادة آبائى، فأكل وازدادت رغبة شعيب فى موسى فزوجه انته التى احضرته واسمها صفورا وأمرها ان تأتيه بعصا، فأتته بعصا وكانت تلك العصا قد استودعها اياه ملك فى صورة رجل فدفعتها اليه، فلما رآها أبوها أمرها بردها والإتيان بغيرها، فالقتها وارادت ان تأخذ غيرها فلم تقع بيدها سواها وجعل برددها وكل ذلك لا يخرج فى يدها غيرها فأخذها موسى ليرعى بها فندم أبوها حيث أخذها وخرج اليه ليأخذها منه حيث هى وديعة، فلما رآه موسى يريد أخذها منه مانعه فحكما أول رجل يلقاهما فأتهما ملك فى صورة آدمى فقضى بينهما ان يضعها موسى فى الأرض فمن حملها فهى له فألقاها موسى فلم يطنى أبوها حملها وأخذها موسى بيده فتركها له وكانت من عوسج لها شعبتان وفى رأسها محجن، وقيل كانت من آس الجنة حملها آدم معه، وقيل فى أخذها غير ذلك. (باب رجوع موسى الى مصر مع زوجته) وأقام موسى عند شعيب يرعى له غنمه عشر سنين وسار باهله فى زمن شتاء وبرد فلما كانت الليلة التى أراد الله عز وجل لموسى كرامته وابتداءه فيها بنبوته وكلامه أخطأ فيها الطريق حتى لا يدرى أين يتوجه وكانت امرأته حاملا فأخذها الطلق فى ليلة شاتية ذات مطر ورعد وبرق فأخرج زنده ليقدح ناراً لأهله ليصطلوا وييتِوا حتى يصبح ويعلم وجه طريقه فأصاد زنده فقدح حى أعيا، فرفعت له نار فلما رآها ظن أنها نار وكانت من نور الله (فقال لأهله امكثوا انى آنست نارا سآتيكم منها بخبر) فان لم أجد خبرا (آتيكم بشهاب قبس لعلكم تصطلون) فحين قصدها رآها نورا ممتدا من السماء الى شجرة عظيمة من العوسج وقيل من العناب، فتحير موسى وخاف حين رأى نارا عظيمة بغير دخان وهى تلتهب فى شجرة خضراء لا تزداد النار إلا عظما ولا تزداد الشجرة إلا خضرة، فلما دنا منها استأخرت عنه ففزع ورجع (فنودى) منها فلما سمع الصوت استأنس فعاد (فلما أتاها نودى من شاطئ الواد الأيمن فى البقعة المباركة من الشجرة) أن بورك من فى النار ومن حولها (ان يا موسى انى انا الله رب العالمين) (باب أول نبوة موسى عليه السلام ومناجاته ربه بجبل الطور) فلما سمع النداء ورأى تلك الهيبة علم انه ربه تعالى، فخفق قلبه وكل لسانه وضعفت قوته وصار حيا كميت إلا آن الروح تردد فيه، فأرسل الله اليه ملكا يشد قلبه فلما ثاب الى عقله نودى (اخلع نعليك انك بالواد المقدس طوى) وانما أمر بخلع نعليه لأنهما كانتا من جلد حمار ميت وقيل لينال قدمه الأرض المباركة، ثم قبل له تسكينا لقلبه (وما تلك بيمينك يا موسى؟ قال هى عصاى أتوكأ عليها وأهش بها على غنمى) يقول أضرب الشجر فيسقط ورقه للغنم (ولى فيها مآرب أخرى) احمل عليها المزود والبقاء، وكانت تضئ لموسى في

..

_ الليلة المظلمة، وكانت اذا أعوزه الماء دلاها فى البئر ويصير فى رأسها شبه الدلو، وكان اذا اشتهى فاكهة غرسها فى الأرض فنبتت لها أغصان تحمل الفاكهة لوقتها قال له (ألقها يا موسى فألقاها فاذا هى حية تسعى) عظيمة لجثة فى خفة حركة الجان (فلما رآها) موسى (ولىّ مدبرا ولم يعقب) فنودى (يا موسى لا تخف انى لا يخاف لدى المرسلون) (اقبل ولا تخف) (سنعيدها سيرتها الأولى) عصا وانما أمره الله بالقاء العصا حتى اذا القاها عند فرعون لا يخاف منها فلما اقبل (قال خذها ولا تخف) وأدخل يدك فى فميها وكان على موسى جبة صوف فلف يده بكمه وهُوَلها هائب، فنودى التى كمك عن يدك فألقاه وأدخل يده بين لحييها فلما ادخل يده عادت عصا كما كانت لا ينكر منها شيئا، ثم قال له (أدخل يدك فى جيبك تخرج بيضاء من غير سوء) يعنى برصا فأدخلها وأخرجها بيضاء من غير سوء مثل الثلج لها نور، ثم ردها فعادت كما كانت فقيل له (فذانك برهانان من ربك الى فرعون وملئه انهم كانوا قوما فاسقين) قال (رب انى قتلت منهم نفسا فأخاف أن يقتلون: وأخى هارون هو أفصح منى لسانا فأرسله معى رداءا يصدقنى) أى يبين لهم عنى ما أكلهم به فانه يفهم عنى ما لا يفهمون (قال سنشد عضدك بأخيك وتجعل لكما سلطانا فلا يصلون اليكما بآياتنا انتما ومن اتبعكما الغالبون) (باب دخول موسى مصر واجتماعه بأمه وأخيه هارون واصطحاب هارون معه لتبليغ الرسالة الى فرعون) أقبل موسى الى أهله فسار بهم نحو مصر حتى أتاها فتضيف علىِ أمه وهو لا يعرفهم ولا يعرفونه، فجاء هارون فسألها عنه فاخبرته انه ضيف فدعاه فأكل معه وسأله هارون من أنت قال أنا موسى فاعتنقاه (وقيل) إن الله تعالى ترك موسى سبعة أيام ثم قال اجب ربك فيما كلمك فقال (رب اشرح صدرى) الآيات فامره بالمسير الى فرعون ولم يزل أهله مكانهم لا يدرون ما فعل حتى مر راع من أهل مدين فعرفهم فاحتملهم الى مدين فكانوا عند شعيب حتى بلغهم خبر موسى بعد فلق البحر فساروا اليه، وأما موسى فانه سار الى مصر واوحى الله الى هارون يعلمه بقفول موسى ويأمره بتلقيه فخرج من مصر فالتقى به، قال موسى يا هارون ان الله تعالى قد أرسلنا الى فرعون فانطلق معى اليه، قال سمعا وطاعة، فلما جاء الى بيت هارون وأظهر انهما ينطلقان الى فرعون سمعت ذلك ابنة هارون وصاحت أمهما فقالت انشدكما الله ان لا تذهبا الى فرعون فيقتلكما جميعا فأييا، فانطلقا اليه ليلا فضربا بابه فقال فرعون لبوابه من هذا الذى يضرب بابى هذه الساعة؟ فأشرف عليهما البواب فكلمهما، فقال له موسى انا رسول رب العالمين فاخبر فرعون فادخل اليه، وقيل ان موسى وهارون مكثا سنتين يغدوان الى باب فرعون ويروحان يلتمسان الدخول اليه فلم يجر أحد يخبره بشأنهما حتى أخبره مسخرة كان يضحكه بقوله، فأمر حينئذ فرعون بادخالهما، فلما دخلا قال له موسى انى رسول من رب العالمين، فعرفه فرعون فقال له (ألم تُرَ بِّك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين، وفعلت فعلتك التى فعلت وانت من الكافرين، قال فعلتها اذا وانا من الضالين، ففررت منكم لما خفتكم فوهب لى ربى حكما) يعنى نبوة (وجعلنى من المرسلين) فقال له فرعون (ان كنت جئت بآية فأتت بها أن كنت من الصادقين فألقى عصاه فاذا هى ثعبان مبين) قد فتح فاء فوضع اللحى الأسفل فى الأرض والأعلى على القصر وتوجه نحو فرعون لياخذه فخافه فرعون ووثب فزعا فأحدث فى ثيابه، ثم بقى بضعا وعشرين يوما يجئ بطنه حتى كاد يهلك، وناشده فرعون بربه تعالى ان يرد الثعبان فأخذه موسى فعاد عصا، ثم أدخل يده فى جيبه وأخرجها بيضاء كالثلج لها نور يتلألأ، ثم ردها فعادت الى ما كانت عليه من لونها، ثم أخرجها

.

_ الثانية لها نور ساطع فى السماء تكل منه الأبصار قد أضاءت ما حولها يدخل نورها البيوت ويرى من الكوى ومن وراء الحجب، فلم يستطع فرعون النظر إليها، ثم ردها موسى فى جيبه وأخرجها فاذا هى على لونها، وأوحى الله تعالى إلى موسى وهارون أن (قولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى) فقال له موسى هل لك فى أن أعطيك شبابك فلا تهرم، وملكك فلا ينزع، وارد اليك لذة المناكح والمشارب والركوب، فاذا مت دخلت الجنة وتؤمن بى؟ فقال لا حتى يأتى هامان، فلما حضر هامان عرض عليه قول موسى فعجزه وقال له تصير تَعبد بعد ان كنت تُعبد، ثم قال له أنا أرد عليك شبابك، فعمل له الوسمة فخضبه بها فهو أول من خضب بالسواد، فلما رآه موسى ماله ذلك فأوحى الله لايهولنك ما ترى فلن يلبث إلا قليلا، فلما سمع فرعون ذلك خرج الى قومه فقال ان هذا لساحر عليم وأراد قتله، فقال مؤمن آل فرعون واسمه حزقيل (اتقتلون رجلا ان يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم الآية) (باب اجتماع الملاه من قوم فرعون وارجائهم قتل موسى واستحضار السحرة من جميع البلاد) فقال تعالى (قالوا أرجه وأخاه وابعث فى المدانى حاشرين يأتوك بكل سحار عليم) ففعل وجمع السحرة فكانوا سبعين ساحرا، وقيل اثنين وسبعين وقيل خمسة عشر الفا، وقيل ثلاثين الفا، فوعدهم فرعون واتعدوا يوم عيد كان لفرعون، فصفهم فرعون وجمع الناس وجاء موسى ومعه أخاه هارون وبيده عصاه حتى أتى الجمع وفرعون فى مجلسه مع أشراف قومه، فقال موسى للسحرة حين جاءهم (ويلكم لا تفتروا على الله كذبا فيسحتكم بعذاب) فقال السحرة بعضهم لبعض ما هذا بقول ساحر: ثم قالوا لتأتينك بسحر لم تر مثله (وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون) فقال له السحرة (يا موسى اما ان تلقى واما ان نكون نحن الملقين) قال بل القوا (قالقوا حبالهم وعصيهم) فاذا هى فى رأى العين حيات أمثال الجبال قد ملأت الوادى يركب بعضها بعضا، فأوجس موسى خوفا فأوحى الله اليه ان (الق ما فى يمينك تلقف ما صنعوا) فألقى عصاه من يده فصارت ثعبانا عظيما فاستعرضت ما القوا من حبالهم وعصيهم وهى كالحيات فى أعين الناس فجعلت تلقفها وتبتلعها حتى لم تبق منها شيئا، ثم أخذ موسى عصاه فاذا هى فى يده كما كانت، وكان رئيس السحرة أعمى فقال له أصحابه ان عصا موسى صارت ثعبانا عظيما وتلقف حبالنا وعصينا، فقال لهم ولم يبق لها أثر ولا عادت الى حالها الأول؟ فقالوا لا، فقال هذا ليس بسحر فخر ساجدا وتبعه السحرة أجمعون (وقالوا آمنا برب العالمين رب موسى وهارون، قال فرعون آمنتم به قبل أن آذن لكم) وفى آية أخرى (انه لكبيركم الذى علمكم السحر، فلأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولاصلبنكم فى جذوع النخل) فقطعهم وقتلهم وهم يقولون (ربنا أفرغ علينا صبرا وتوفنا مسلمين) فكانوا أول النهار كفارا وآخر النهار شهداء (باب قتل مؤمن آل فرعون وماشطة بنت فرعون) وكان حزقيل مؤمن آل فرعون يكتم ايمانه، قيل كان من بنى اسرائيل، وقيل كان من القبط وقيل هو النجار الذى صنع التابوت الذى جعل فيه موسى والقى فى النيل، فلما رأى غلبة موسى السحرة أظهر إيمانه، وقيل أظهر إيمانه قبل ذلك وكان فرعون أراد قتل موسى فقال (أتقتلون رجلا ان يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم) فلما أظهر إيمانه قتل وصلب مع السحرة، وكان له امرأة مؤمنة تكتم إيمانها ايضا وكانت ماشطة ابنة فرعون فبينما هى تمشطها اذ وقع المشط من يدها فقالت باسم الله فقالت ابنة فرعون أبى، قالت لا بل ربى وربك ورب أبيك، فأخبرت أباها بذلك فدعا بها وبولدها وقال لها من ربك؟ قالت ربى وربك الله فامر بتنور من نحاس فأحمى ليعذبها وأولادها، فقالت له لي إليك حاجة

..

_ قال وما هي؟ قالت تجمع عظامى وعظام ولدى فندفنها، قال ذلك لك، فامر بأولادها فألقوا فى التنور واحدا واحدا وكان آخر أولادها صبيا صغيرا فقال اصبرى يا أماه فانك على الحق فالقيت فى التنور مع ولدها (باب قتل فرعون آسية وتعذيبها لأنها لم تكفر بإلاه موسى) وكانت آسية امرأة فرعون من بنى اسرائيل، وقيل كانت من غيرهم وكانت مؤمنة تكتم إيمانها، فلما قتلت الماشطة رأت آسية الملائكة تعرج بروحها، كشف الله عن بصيرتها وكانت تنظر اليها وهى تعذب، فلما رأت الملائكة قوى ايمانها وازدادت يقينا وتصديقا لموسى، فبينما هى كذلك اذ دخل عليها فرعون فأخبرها خبر الماشطة، قالت له آسية الويل لك ما اجرأك على الله، فقال لها لعلك اعتراك الجنون الذى اعترى الماشطة؟ فقالت ما بى جنون ولكنى آمنت بالله تعالى ربى وربك ورب العالمين، فدعا فرعون أمها وقال لها ان ابنتك قد أصابها ما أصاب الماشطة فأقسم لتذوقن الموت أو لتكفرن بإلاه موسى، فخلت بها أمها وأرادتها على موافقة فرعون فأبت وقالت أما ان اكفر بالله فلا والله، فأمر فرعون حتى مدت بين يديه أربعة أوتاد وعذبت حتى ماتت فلما عاينت الموت قالت (رب ابن لى عندك بيتا فى الجنة ونجنى من فرعون وعمله ونجنى من القوم الظالمين) فكشف الله عن بصيرتها فرأت الملائكة وما أعد لها من الكرامات فضحكت فقال فرعون انظروا الى الجنون الذى بها تضحك وهى فى العذاب ثم ماتت، (باب عجز فرعون وعناده وقوله لهامان اجعل لى صرحا لعلى أطلع الى إلاه موسى) لمّا رأى فرعون قومه قد دخلهم الرعب من موسى خاف أن يؤمنوا به ويتركوا عبادته فاحتال لنفسه وقال (أوقد لى يا هامان على الطين فاجعل له صرحا لعلى أطلع الى إلاه موسى وانى لاظنة من الكاذبين) فامر هامان بعمل الآجٌر وهو أول من عمله وجمع الصناع وعمله فى سبع سنين وارتفع البنيان ارتفاعا لم يبلغه بنيان آخر، فشق ذلك على موسى واستعظمه، فأوحى الله اليه ان دعه وما يريد فانى مستدرجه ومبطل ما عمله فى ساعة واحدة، فلما تم بناؤه امر الله جبريل فخر به وأهلك كل من عمل فيه من صانع ومستعمل، فلما رأى فرعون ذلك من صنع الله امر اصحابه بالشدة على بنى اسرائيل وعلى موسى ففعلوا ذلك وصاروا يكلفون بنى اسرائيل من العمل ما لا يطيقونه وكان الرجال والنساء فى شدة، وكانوا قبل ذلك يطمعون بنى اسرائيل اذا استعملوهم فصاروا لا يطعمونهم شيئا فيعودون باسوء حال لأنهم لا يجدون ما يقوتهم، فشكوا ذلك الى موسى فقال لهم استعينوا بالله واصبروا ان العاقبة للمتقين وان الله يستخلفكم فى الأرض فينظر كيف تعملون، فلما أبى فرعون وقومه الا الثبات على الكفر تابع الله عليه الآيات، فأرسل علهم الطوفان وهو المطر المتتابع فغرق كل شئ لهم، فقالوا يا موسى ادع ربك يكشف عنا هذا ونحن نؤمن بك ونرسل معك بنى اسرائيل، فكشف الله عنهم ونبتت زروعهم فاستمروا على كفرهم وعنادهم، فبعث الله عليهم الجراد فأكل زروعهم فسألوا موسى أن يكشف ما بهم ويؤمنون به فدعا الله فكشفه فلم يؤمنوا وقالوا قد بقى من زروعنا بقية، فأرسل الله عليهم الدَّبَا وهو القمل فأهلك الزروع والنبات أجمع وكان يهلك اطعمتهم ولم يقدروا ان يجترزوا منه، فسألوا موسى ان يكشفه عنهم ففعل فلم يؤمنوا، فارسل الله عليهم الضفادع وكانت تسقط فى قدورهم وأطعمتهم وملأت البيوت عليهم فسألوا موسى أن يكشفه عنهم ليؤمنوا به ففعل فلم يؤمنوا، فأرسل الله عليهم الدم فصارت مياه الفرعونيين دماءا وكان الفرعونى والاسرئيلى يستقيان من ماء واحد فيأخذ الاسرائيلى ماءا ويأخذ الفرعونى دما، وكان الاسرائيلى يأخذ الماء فى فمه فيمجه فى فم الفرعونى فيصير دما، فبقى ذلك سبعة أيام فسألوا موسى ان يكشفه عنهم ليؤمنوا ففعل فلم يؤمنوا،

(باب ذكر هلاك فرعون وجنوده ودس جبريل عليه السلام الطين في فيه) (عن ابن عباس) (1) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لما قال فرعون آمنت أنه لا اله الا الذى آمنت به بنوا اسرائيل، قال قال لى جبريل يا محمد لو رأيتنى وقد أخذت حالا من حال البحر فدسيته فى فيه مخافة أن تناله الرحمة (ومن طريق ثان) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عدى بن ثابت وعطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضى الله عنهما قال رفعه أحدهما إلى النبي

_ فلما يئس من ايمانهم ومن ايمان فرعون دعا موسى وأمَّن هارون فقال (ربنا انك آتيت فرعون وملأه زينة وأموالا فى الحياة الدنيا ربنا ليضلوا عن سبيلك، ربنا اطمس على أموالهم واشدد على قلوبهم فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الأليم) فاستجاب الله لهما فمسخ الله أموالهم ما عدا خليهم وجواهرهم وزينتهم حجارة والنخل والأطعمة والدقيق وغير ذلك فكانت إحدى الآيات التى جاء بها موسى، (باب خروج موسى مع بنى اسرائيل من مصر الى بيت المقدس وعبورهم البحر وغرق فرعون وقومه) لما طال الأمر على موسى أوحى الله اليه يامره بالمسير ببنى اسرائيل وان يحمل معه تابوت يوسف بن يعقوب ويدفنه بالأرض المقدسة، فسأل موسى عنه فلم يعرفه الا امرأة عجوز فأرته مكانه فى النيل فاستخرجه موسى وهو فى صندوق مرمر، فأخذه معه فسار وأمر بنى اسرائيل ان يستعيروا من حلى القبط ما أمكنهم ففعلوا ذلك وأخذوا شيئا، كثيرا وخرج موسى ببنى اسرائيل ليلا والقبط لا يعلمون، وكان موسى على ساقة بنى اسرائيل وهارون على مقدمتهم، وكان بنوا اسرائيل لما ساروا من مصر ستمائة الف وعشرين الفا، وتبعهم فرعون وعلى مقدمته هامان (فلما تراء الجمعان قال أصحاب موسى انا لمدركون) (يا موسى أوذينا من قبل أن تأتينا ومن بعد ما جئتنا) أما الأول فكانوا يذبحون أبناءنا ويستحيون نساءنا، وأما الآن فيدركنا فرعون فيقتلنا: قال موسى (كلا ان معى ربى سيهدين) وبلغ بنو اسرائيل الى البحر وبقى بين أيديهم وفرعون من ورائهم فأيقنوا بالهلاك، فتقدم موسى فضرب البحر بعصاه (فانفلق فكان كل فرق كالطود العظيم) وصار فيه اثنا عشر طريقا لكل سبط طريق، فقال كل سبط قد هلك أصحابنا فأمر الله الماء فصار كالشباك فكان كل سبط يرى من عن يمينه وعن شماله حتى خرجوا، ودنا فرعون وأصحابه من البحر فرأى الماء على هيئته والطريق فيه فقال لأصحابه ألا ترون البحر قد فَرَقَ منى (أى خاف) وانفتح لى حتى أدرك أعدائى، فلما وقف فرعون على أفواه الطرق لم تقتحمه خيله فنزل جبريل على فرس انثى وديف (¬1) فشمت اُلحُصن ريحها فاقتحمت فى أثرها حتى إذا هم أو لهم أن يخرج ودخل آخرهم أمر البحر أن يأخذهم، فمالتطم عليهم فأغرقهم وبنو اسرائيل ينظرون اليهم، حينئذ، قال فرعون أمنت انه لا إله إلا الذى آمنت به بنو اسرائيل فلم ينفعه ذلك (باب) (1) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث بطريقيه تقدم فى باب قال آمنت انه لا إله الا الذى آمنت به بنو اسرائيل من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى آخر سورة يونس فى الجزء الثامن عشر صحيفة 177 رقم 307 وتقدم الكلام عليه سندا وشرحا وتخريجا، وقد أشار الحافظ ابن الاثير فى تاريخه الكامل الى هذا الحديث فى قصة موسى وفرعون فقال وانفرد جبريل بفرعون يأخذ من حمأة البحر

صلى الله عليه وسلم قال إن جبريل كان يدس في فم فرعون الطين مخافة أن يقول لا إله إلا الله (باب قصة موسى عليه السلام مع بنى اسرائيل إذ قالوا يا موسى اجعل لنا إلها كما لهم آلهة) (عن أبى واقد الليثى) (1) رضى الله عنه أنهم خرجوا عن مكة مع رسول الله صلي الله عليه وسلم إلى حنين قال وكان للكفار سدرة يعكفون عندها ويعلقون بها أسلحتهم يقال لها ذات أنواط، قال فمررنا بسدرة خضراء عظيمة، قال فقلنا يا رسول أجعل لنا ذات أنواط، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم قلتم والذى نفسى بيده كما قال قوم موسى أجعل لنا إلها كما لهم آلهة، قال إنكم قوم تجهلون) انها لسنن، لتركبن سنن من قبلكم سنة سنة (باب قصة عبادتهم العجل فى غيبة كليم الله عنهم والقائه ألواح التوراة عندما عاين ذلك فانكسرت) (عن ابن عباس) (2) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ليس الخير كالمعاينة إن الله عز وجل أخبر موسى بما صنع قومه فى العجل فلم يلق الألواح، فلما عاين ما صنعوا

_ (أي طينه) فيجعلها فيه وقال حين أدركه الغرق آمنت انه لا الاه الا الذى آمنت به بنو إسرائيل وغرق فبعث الله اليه ميكائيل يعيره فقال له (آلان وقد عصيت قبلُ وكنت من المفسدين) وقال جبريل للنبى صلى الله عليه وسلم لو رأيتنى وأنا أدس من حمأة البحر فى فم فرعون بخافة أن يقول كلمة يرحمه الله بها: فلما نجا بنو اسرائيل قالوا ان فرعون لم يغرق، فدعا موسى فأخرج الله فرعون غريقا فأخذه بنو اسرائيل يتمثلون به (باب) (1) (عن أبى واقد الليثى الخ) هذا الحديث تقدم فى باب قوله صلى الله عليه وسلم لتتبعن سنن الذين من قبلكم من كتاب الإعتصام بالكتاب والسنة فى الجزء الأول صحيفة 198 رقم 27 وهو حديث صحيح رواه النسائى والترمذى وقال حديث حسن صحيح، قال تعالى (وجاوزنا ببنى اسرائيل البحر فأتوا على قوم يعكفون على أصنام لهم، قالوا يا موسى اجعل لنا الاها كما لهم آلهة قال انكم قوم تجهلون ان هؤلاء متبر (أى هالك) ما هم فيه وباطل ما كانوا يعملون) قال ذلك بنو اسرائيل بعد ان انفلق البحر وأغرق الله فرعون وقومه على مرءاً منهم ونجاهم جميعا وشاهدوا المعجزات الباهرات الدالة على قدرة الله تعالى ووحدانيته، ثم بعد ذلك يقولون اجعل لنا إلاها، ولذلك قال لهم نبيهم (انكم قوم تجهلون) وأى جهل أفظع من هذا؟ فرجعوا عن ذلك، ثم بعث موسى جندين عظيمين كل جند اثنا عشر الفا الى مدائن فرعون وهى يومئذ خالية من أهلها قد أهلك الله عظماءهم ورؤساءهم، ولم يبق غير النساء والصبيان والزمنى والمرضى والمشايخ والعاجزين، فدخلوا البلاد وغنموا الأموال وحملوا ما أطاقوا وباعوا ما عجزوا عن حمله على غيرهم، وكان على الجندين يوشع بن نون وكالب بن يوفنا وكان موسى قد وعده الله وهو بمصر أنه إذا خرج مع بنى اسرائيل منها وأهلك الله عدوهم أن يأتيهم بكتاب فيه ما يأتون وما يذرون (باب) (1) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وتخريجه فى خاتمة فى احاديث جرت مجرى الأمثال فى آخر قسم الترغيب فى الجزء التاسع عشر صحيفة 207 رقم 205 وهو حديث صحيح أخرجه (ك حب طس بن) وصححه ابن حبان والحاكم وأقره الذهبى، وقال الهيثمى رجاله رجال الصحيح، وسببه أن موسى عليه السلام كان أخبر قومه وهو بمصر ان الله وعده اذا خرج مع بنى اسرائيل من مصر وأهلك الله عدوهم أن يأتيهم بكتاب فيه ما يأتون وما يذرون كما تقدم فى الباب السابق فلما أهلك الله فرعون وأنجى بنى اسرائيل قالوا يا موسى أئتنا بالكتاب الذي وعدتنا

.

_ فسأل موسى ربه ذلك فامره أن يصوم ثلاثين يوما ويتطهر ويطهر ثيابه ويأتى الى الجبل جبل طور سيناء ليكلمه ويعطيه الكتاب، فصام ثلاثين يوما أولها ذى القعدة وسار الى الجبل واستخلف أخاه هارون على بنى اسرائيل، فلما قصد الجبل انكر ريح فمه فتسوك يعود خرنوب وقيل تسوك بلحاء شجرة، فأوحى الله اليه أما علمت ان خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك؟ وأمره أن يصوم عشرة أيام أخرى فصامها وهى عشر ذى الحجة (فتم ميقات ربه أربعين ليلة) ففى تلك الليالى العشر افتتن بنوا اسرائيل لأن الثلاثين انقضت ولم يرجع اليهم موسى، وكان السامرى من أهل باجرمَى (¬1) وقيل من بنى اسرائيل، فقال هارون يا بنى اسرائيل ان الغنائم لا تحل لكن والحى الذى استعرتموه من القبط غنيمة فاحفروا حفرة والقوه فيها حتى يرجع موسى فيرى فيها رأيه ففعلوا ذلك، وجاء السامرى بقبضة من التراب الذى أخذه من أثر حافر فرس جبريل فألقاه فيه فصار الحلى عجلا جسدا له خوار (¬2) وقيل ان الحلى القى فى النار فذاب فألقى السامرى ذلك التراب فصار الحلى عجلا جسدا له خوار، وقيل كان يخور ويمشى، وقيل ما خار إلا مرة واحدة ولم يعد، وقيل ان السامرى صاغ العجل من ذلك الحلى فى ثلاثة أيام ثم قذف فيه التراب فقام له خوار، فلما رأوه قال لهم السامرى هذا الاهكم والاه موسى فنسيه موسى وتركه ها هنا وذهب يطلبه، فعكفوا عليه يعبدونه فقال لهم هارون (ياقوم انما فتنتم به وان ربكم الرحمن فاتبعونى واطيعوا أمرى) فأطاعه بعضهم وعصاه بعضهم، فأقام بمن معه ولم يقاتلهم، ولما ناجى الله تعالى موسى قال له (ما أعجلك عن قومك يا موسى؟ قال هم أولاء على أثرى وعجلت اليك رب لترضى، قال فانا قد فتنا قومك من بعدك وأضلهم السامرى) فقال موسى يارب هذا السامرى قد أمرهم أن يتخذوا العجل من نفخ فيه الروح؟ قال انا، قال فأنت اذا أضللتهم، ثم ان موسى لما كلمه الله تعالى أحب ان ينظر اليه (قال رب أرنى انظر اليك، قال لن ترانى ولكن انظر الى الجبل، فان استقر مكانه فسوف ترانى) فتجلى الله تعالى للجبل (فلما تجلى ربه للجبل جعله دكا وخرّ موسى صعقا فلما أفاق قال سبحانك تبت أليك وأنا أول المؤمنين) وأعطاه الألواح فيها الحلال والحرام والمواعظ، وعاد موسى ولا يقدر أحد ان ينظر اليه وكان يجعل عليه حريره نحو أربعين يوما ثم يكشفها لما تغشاه من النور، فلما وصل إلى قومه ورأى عبادتهم العجل القى الألواح وأخذ برأس أخيه ولحيته بجره اليه (قال يا ابن أمَّ لا تأخذ بلحيتى ولا برأسى انى خشيت ان تقول فرّقت بين بنى اسرائيل ولم ترقب قولى) فترك هارون وأقبل على السامرى وقال (ما خطبك يا سامرى؟ قال. بصرت بما لم يبصروا به فقبضت قبضة من أقر الرسول فنبذتها، وكذلك سولت لى نفسى، قال فاذهب فان لك فى الحياة ان تقول لا مساس) ثم أخذ العجل برده بالمبارد وأحرقه وأمر السامرى فبال عليه وذراه فى البحر، فلما القى موسى الألواح ذهب ستة أسبعها وبقى سبع وطلب بنو اسرائيل التوبة فأبى الله ان يقبل توبتهم (يعنى الا بالقتل) وقال لهم موسى (يا قوم انكم ظلمتم أنفسكم باتخاذكم العجل فتوبوا الى بارئكم فاقتلوا أنفسكم) فاقتتل الذين عبدوه والذين لم يعبدوه فكان من قتل من الفريقين شهيدا فقتل منهم سبعون الفا، وقام موسى وهارون يدعوان الله، فعفا عنهم وأمرهم

ألقى الألواح فانكسرت (باب ما جاء فى جبن بنى اسرائيل وخوفهم من قتال الجبارين) (عن أنس) (1) قال لما سار رسول الله صلي الله عليه وسلم الى بدر خرج فاستشار الناس فأشار عليه أبو بكر رضى الله عنه، ثم استشارهم فأشار عليه عمر رضى الله عنه فسكت، فقال رجل من الأنصار إنما يريدكم (2) فقالوا يا رسول الله والله لا نكون كما قالت بنوا اسرائيل لموسى عليه السلام (اذهب أنت وربك فقاتلا أنا ههنا قاعدون) ولكن والله لو ضربت أكباد الابل حتى تبلغ بَرك الغِماد (3) لكنا معك

_ بالكف عن القتال وتاب عليهم، وأراد موسى قتل السامرى فأمره الله بتركه، ثم ان موسى اختار من قومه سبعين رجلا من أخبارهم وقال لهم انطلقوا معى الى الله فتوبوا مما صنعتم وصوموا وتطهروا، وخرج بهم الى طور سيناء للميقات الذى وقته الله له، فقالوا اطلب ان نسمع كلام ربنا فقال أفعل، فلما دنا موسى من الجبل وقع عليه الغمام حتى تغشى الجبل كله ودخل فيه موسى وقال للقوم ادنوا فدنوا حتى دخلوا فى الغمام فوقعوا سجدا فسمعوه وهو يكلم موسى يأمره وينهاه فلما فرغ انكشف عن موسى الغمام فأقبل اليهم فقالوا لموسى (لن نؤمن لك حتى نرى الله جهرة فأخذتهم الصاعقة) فماتوا جميعاً فقام موسى يناشد الله ويدعوه ويقول يارب اخترت أخيار بنى اسرائيل وأعود اليهم وليسوا معى فلا يصدقونى، ولم يزل يتضرع حتى رد الله اليهم أرواحهم فعاشوا رجلا رجلا ينظر بعضهم الى بعض كيف يحيون، فقالوا يا موسى أنت تدعو الله فلا تسأله شيئاً إلا أعطاك فادعه يجعلنا أنبياء فدعا الله فجعلهم أنبياء. وقيل أمرُ السبعين كان قبل أن يتوب الله على بنى اسرائيل، فلما مضوا للميقات واعتذروا قبل توبتهم وأمرهم أن يقتل بعضهم بعضا والله أعلم، ولما رجع موسى الى بنى اسرائيل ومعه التوراة أبوا أن يقبلوها ويعملوا بما فيها للأثقال والشدة التى جاء بها، وأمر الله جبريل فقطع جبلا من فلسطين على قدر عسكرهم وكان فرسخا فى فرسخ ورفعه فوق رءوسهم مقدار قامة الرجل مثل الظلة، وبعث نارا من قبل وجوههم وأتاهم البحر من خلفهم، فقال لهم موسى خذوا ما آتيناكم بقوة واسمعوا، فان قبلتموه وفعلتم ما أمرتم به والا رضختكم بهذا الجبل وغرقتكم فى هذا البحر وأحرقتكم بهذه النار، فلما رأوا أن لا مهرب لهم قبلوا ذلك وسجدوا على شق وجوعهم وجعلوا يلاحظون الجبل وهم سجود فصارت سنة فى اليهود يسجدون على جانب وجوههم وقالوا سمعنا وأطعنا. ولما رجع موسى من المناجاة بقي أربعين يوما لا يراه أحداً إلا مات من شدة النور، وقيل ما رآه الإعمى فجعل على وجهه ورأسه برنسا (باب) (1) (سنده) حدثنا ابن أبى عدى عن حميد عن أنس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبه) (2) يعنى انما يريد الآنصار فقال جماعة من الأنصار والله لا نكون كما قالت بنو اسرائيل الخ (3) قال فى النهاية بفتح الباء وتكسر وتضم الغين وتكسر وهو اسم موضع باليمن، وقيل هو موضع وراء مكة بخمس ليال ومعناه لو دعوتنا إلى الجهاد معك فى سفر طويل جدا تضرب فيه اكباد الأبل من طوله وبعده لكنا معك وسيأتى سبب قول بنى اسرائيل لموسى ذلك وقصتهم معه (تخريجه) (نس حب) وابن مردريه وروى نحوه البخارى والامام احمد من حديث ابن مسعود وسند حديث الباب جيد، أما سبب قول بنى اسرائيل لموسى (اذهب أنت وربك فقاتلا انا هاههنا قاعدون) أنه لما رجع موسى عليه السلام من المناجاة كما تقدم آنفا أمره الله تعالى أن يسير ببنى اسرائيل الى اريحيا بلد الجبارين وهي أرض بيت

.

_ فساروا حتى كانوا قريبا منهم فبعث موسى اثنى عشر نقيبا من سائر أسباط بنى اسرائيل فساروا ليأتوا بخير الجبارين فلقيهم رجل من الجبارين يقال له عوج بن عنان (¬1) فاخذ الاثنى عشر فحملهم وأنطلق بهم الى امرأته فقال انظرى إلى هؤلاء القوم الذين يزعمون أنهم يريدون أن يقاتلونا، وأراد أن يطأهم برجله فمنعته امرأته وقالت أطلقهم ليرجعوا ويخبروا اقومهم بما رأوا، ففعل ذلك، فلما خرجوا قال بعضهم لبعض انكم ان أخبرتم بنى اسرائيل بخبر هؤلاء لا يقدموا عليهم فاكتموا الأمر عنهم وتعاهدوا على ذلك ورجعوا، فنكث عشرة منهم العهد واخبروا بما رأوا، وكتم رجلان منهم وهما يوشع بن نون وكالب بن يوفنا ختن موسى ولم يخبروا الا موسى وهارون. فلما سمع بنو اسرائيل الخبر عن الجبارين امتنعوا عن السير اليهم، فقال لهم موسى (يا قوم ادخلوا الأرض المقدسة التى كتب الله لكم ولا ترتدوا على أدباركم فتنقلبوا خاسرين، قالوا يا موسى ان فيها قوما جبارين وإنا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فان يخرجوا منها فانا داخلون، قال رجلان) وهما يوشع بن نون وكالب (من الذين يخافون أنعم الله عليهماٌ ادخلوا عليهم الباب، فاذا دخلتموه فانكم غالبون، وعلى الله فتوكلوا إن كنتم مؤمنين: قالوا يا موسى إنا لن ندخلها ابدا ما داموا فيها، فاذهب أنت وربك فقاتلا إنا ها هنا قاعدون) فدعا عليهم موسى فقال (ربى إنى لا املك الا نفسى واخى فافرق بيننا وبين القوم الفاسقين) قال ابن عباس اقض بينى وبينهم (قال فانها محرمة عليهم اربعين سنة يتيهون فى الارض فلا تأس على القوم الفاسقين) عوقبوا على نكولهم بالتيهان فى الأرض يسيرون على غير مقصد ليلا ونهاراً وصباحاً ومساءاً (يقال إنه لم يخرج أحد من التيه ممن دخله بل ماتوا كلهم فى مدة أربعين سنة حتى هارون وموسى عليهما السلام، ولم يبق إلا ذراريهم سوى يوشع وكالب) فتقدوا الى موسى حينئذ فقالوا له كيف لنا بالطعام؟ فأنزل الله المن والسلوى، فاما المن فقيل هو كالصمغ وطعمه كالشهد يقع على الأشجار، وقيل النرجين وقيل هو الخبز الموفق، وقيل هو عسل كان ينزل لكل انسان صاع (وأما السلوى) فهو طائر يشبه السمانى، فقالوا أين الشراب؟ فامر موسى فضرب بعصاه الحجر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم) أى لكل سبط عين، فقالوا أين الظل؟ فظلل عليهم الغمام فقالوا أين اللباس؟

(باب قصته مع الخضر عليه السلام) (حدثنا الوليد بن مسلم) (1) ومحمد أبن مصعب القُرنُسائى قال الوليد حدثنى الأوزاعى وقال محمد ثنا الأوزاعى أن الزهرى حدثه عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس رضى الله عنهما أنه ثمارى هو والحر بن قيس بن حصن الفزارى فى صاحب موسى عليه السلام الذى سأل السبيل الى لقيه، فقال ابن عباس هو خضر إذ مر بهما ابيّ بن كعب رضى الله عنه، فناداه ابن عباس فقال انى تماريت أنا وصاحبى هذا فى صاحب موسى عليه السلام الذى سأل السبيل إلى لقيه، فهل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه؟ قال نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول بينا موسى عليه السلام فى ملأ من بنى اسرائيل إذ قام اليه رجل فقال هل تعلم أحد أعلم منك؟ قال لا، قال فأوحى الله تبارك وتعالى اليه عبدنا خضر، فسأل موسى عليه السلام السبيل الى لقيته وجعل الله تبارك وتعالى له الحوت آية فقيل له اذا فقدت الحوت فارجع، وكان من شأنهما ما قص الله تبارك وتعالى في كتابه

_ فكانت ثيابهم تطول معهم ولا يتمزق لهم ثوب، ثم قالوا يا موسى (لن نصبر على طعام واحد فادع لنا ربك يخرج لنا مما تنبت الأرض من بقلها وقثائها وقومها وعدسها وبصلها، قال (اتستبدلون الذى هو ادنى بالذى هو خير، اهبطوا مصر فان لكم ما سألتم) فلما خرجوا من التيه رفع عنهم المن والسلوى، (ذكر الحافظ ابن كثير) فى تاريخه أن الله تعالى أوحى الى موسى إنى متوف هارون فأت به جبل كذا وكذا فانطلق موسى وهارون نحو ذلك الجبل فاذا هم بشجرة لم تر شجرة مثلها، واذا هم ببيت مبنى وإذا هم بسرير عليه فرش واذا فيه ريح طيبة، فلما نظر هارون الى ذلك الجبل والبيت وما فيه أعجبه قال يا موسى انى أحب أن أنام على هذا السرير، قال له موسى فنم عليه، قال انى أخاف أن يأتى رب هذا البيت فيغضب علىّ، قال له لا ترهب أنا أكيفك رب هذا البيت فنم، قال يا موسى نم معى فان جاء رب هذا البيت غضب علّى وعليك جميعاً، فلما ناما أخذ هارون الموت فلما وجد حسه قال يا موسى خدعتنى، فلما قبض رفع ذاك البيت وذهبت تلك الشجرة ورفع السرير به الى السماء، فلما رجع موسى إلى قومه وليس معه هارون قالوا فان موسى قتل هارون وحسده على حب بنى اسرائيل له، وكان هارون ألين لهم من موسى، وكان فى موسى بعض الغلظة عليهم، فلما بلغه ذلك قال لهم ويحكم كان أخى افترونى اقتله؟ فلما اكثروا عليه قام فصلى ركعتين ثم دعا الله فنزل السرير حتى نظروا اليه بين السماء والأرض (زاد فى تاريخ الكامل لابن الاثير) فأخبرهم أنه مات وأن موسى لم يقتله فصدقوه وكان موته فى التيه أهو فى رواية ابن أبى حاتم وابن جرير عن ابن عباس أن الله أمر الملائكة فحملته فمرت به على مجالس بنى اسرائيل فتكلمت بموته فما عرف موضع قبره الا الرخم وأن الله جعله أصم وأبكم: انظر تفسير قوله تعالى (يا أيها الذين آمنوا لا تكونوا كالذين آذو موسى) فى الجزء الثامن عشر ص 248 رقم 397 (باب) (1) (حدثنا الوليد بن مسلم الخ) هذا الحديث تقدم مثله من طرق أخرى عن ابىَّ بن كعب ايضا فى باب واذ قال موسى لفتاه من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى سورة الكهف فى الجزء الثامن عشر صحيفة 200 رقم 340 وتقدم شرحه هناك وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما

(ز) (حدثني أبو عثمان) (1) عمر بن محمد بن بكير النافد ثنا سفيان بن عيينة عن عمرو يعنى ابن دينار عن سعيد بن جبير قال قلت لابن عباس إن نوفا الشامى يزعم أو يقول ليس موسى صاحب خضر: موسى نبى اسرائيل، قال كذب نوف عدو الله، حدثنى أبيّ بن كعب رضى الله عنه عن النبى صلي الله عليه وسلم أن موسى عليه السلام قام فى بنى اسرائيل خطيبا فقالوا له من أعلم الناس؟ قال أنا، فأوحى الله تبارك وتعالى اليه إن لى عبدا أعلم منك، قال رب فأرنيه؟ قال قيل تأخذ حوتا فتجعله فى مكتل فحيثما فقدته فهو ثَمّ، قال فأخذ حوتا فجعله فى مِكتل وجعل هو وصاحبه يمشيان على الساحل حتى أتيا الصخرة رقد موسى عليه السلام وأضطرب الحوت فى المكتل فوقع فى البحر، فحبس الله جرية الماء فاضطرب الماء فاستيقظ موسى فقال (لفتاه آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا) ولم يصب النصب حتى جاوز الذى أمره الله تبارك وتعالى فقال (أرأيت إذ أوينا الى الصخرة فإنى نسيت الحوت وما أنسانيه الا الشيطان) (فارتدا على آثارهما قصصا) فجعلا يقصان آثارهما (واتخذ سبيله فى البحر سربا) قال أمسك عنه جرية الماء فصار عليه مثل الطاق فكان للحوت سربا وكان لموسى عليه عجبا حتى انتهيا الى الصخرة فاذا رجل مسجى عليه ثوب فسلم موسى عليه، فقال وأنى بأرضك السلام، قال أنا موسى، قال موسى بنى اسرائيل؟ قال نعم، (أتبعك على أن تعلمن مما عُلمت رشداً) قال يا موسى انى على علم من الله تبارك وتعالى لا تعلمه، وأنت على علم من الله تعالى علمكه الله، فانطلقا يمشيان على الساحل فمرت سفينة فعرفوا الخضر فحمل بغير نول فلم يعجبه، ونظر فى السفينة فأخذ القدوم يريد أن يكسر منها لوحا، فقال حملنا بغير نول وتريد أن تخرقها لتغرق أهلها (قال ألم أقل إنك لن تستطيع معى صبرا) قال انى نسيت، وجاء عصفور فنقر فى البحر قال الخضر ما ينقص علمى ولا علمك من علم الله تعالى الا كما ينقص هذا العصفور من هذا البحر (فانطلقا حتى اذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوها) فرأى غلاما فأخذ رأسه فأنزعه (أقتلت نفسا زاكية بغير نفس لقد جئت شيئا نكرا، قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معى صبرا) قال سفيان قال عمرو وهذه أشد من الأولى: قال فانطلقا فاذا جدار يريد أن ينقض فأقامه، أرانا سفيان بيديه فرفع يده هكذا رفعا فوضع راحتيه فرفعهما لبطن كفيه رفقا فقال (لو شئت لاتخذت عليه أجرا، قال هذا فراق بيني وبينك) قال ابن عباس كانت الأولى نسيانا، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم رحم الله موسى لو كان صبر حتى يقص علينا من أمره

_ (ز) (1) (حدثني أبو عثمان الخ) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الامام احمد على مسند ابيه ولذا رمزت له بحرف زاى، وتقدم نحوه من طرق اخرى عن ابىّ بن كعب ايضا من زوائد عبد الله ابن الامام احمد على مسند ابيه فى الباب والجزء المشار اليه فى الحديث السابق صحيفة 204 رقم 341 وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما، وانما ذكرته هنا لبعض الفاظ جاءت فيه ليست هناك والمعنى واحد، وتقدمت القصة هناك مشروحه شرحا وافيا فارجع إليها والله الموفق.

(باب الخسف بقارون وقصة نبى الله موسى معه) (عن أبى سعيد الخدرى) (1) عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال بينا رجل يمشى بين بردين مختالا خسف الله به الأرض فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة (عن أبى هريرة) (2) قال حدثنى الصادق المصدوق خليلى أبو القاسم صلي الله عليه وسلم قال بينما رجل ممن كان قبلكم يتبختر بين بردين فغضب الله عليه فأمر الأرض فبلعته، فوا الذي نفسي بيده

_ (باب) (1) (عن أبي سعيد الخدري الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب النهى عن الشهرة والإسبال من كتاب اللباس فى الجزء السابع عشر صحيفة 290 رقم 192 (2) (عن أبى هريرة الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه فى الباب والجزء المشار اليهما فى الحديث السابق رقم 191 وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما، وفسر العلماء قوله صلى الله عليه وسلم (بينا رجل ممن كان قبلكم) بأنه قارون الذى ذكره الله عز وجل فى كتابه بقوله (إن قارون كان من قوم موسى فبغى عليهم) الى قوله تعالى (فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين) وجزم الكلابا ذى بأنه قارون، وكذا قال الجوهرى فى صحاحه (واليك قصته) ملخصة من تاريخ الحافظ ابن كثير (عن ابن عباس) قال كان قارون ابن عم موسى، وكذا قال ابراهيم النخعى وعبد الله بن الحارث ابن نوفل وسماك بن حرب وقتادة ومالك بن دينار وابن جريج، وزاد فقال هو قارون بن بصهر بن قاهث وموسى بن عمران بن قاهث. قال ابن جريج هذا قول أكثر أهل العلم أنه كان ابن عم موسى وَرَدّ قول ابن اسحاق أنه كان عم موسى، قال قتادة وكان يسمى النور لحسن صوته بالتوراة ولكن عدو الله نافق كما نافق السامرى فأهلكه البغى لكثرة ماله، وقال شهر بن حوشب زاد فى ثيابه شبرا طولا ترفعا على قومه، وقد ذكر الله تعالى كثرة كنوزه حتى إن مفاتحه كان يثقل حملها على الفئام (الجماعة) من الرجال الشداد، وقد قيل إنها كانت من الجلود وأنها كانت تحمل على ستين بغلا والله أعلم، وقد وعظة النصحاء من قومه قائلين لا تفرح أى لا تبطر بما أعطيت وتفخر على غيرك (ان الله لا يحب الفرحين، وابتغ فيما آتاك الله الدار الآخرة) يقولون لتكن همتك مصروفة لتحصيل ثواب الله فى الدار الآخرة فانه خير وابقى ومع هذا (لا تنس نصيبك من الدنيا) أى وتناول منها بمالك ما أحل الله لك فتمنع لنفسك بالملاذ الطيبة الحلال (وأحسن كما أحسن الله اليك) أى وأحسن الى خلق الله كما أحسن الله خالقهم وبارءهم اليك (ولا تبغ الفساد فى الأرض) أى ولا تسئ اليهم ولا تفسد فيهم فتقابلهم ضدها أمرت فيهم فيعاقبك ويسلبك ما وهبك (ان الله لا يحب المفسدين) فما كان جوابه لهذه النصيحة الصحيحة الفصيحة إلا أن قال (انما أوتيته على علم عتدى) يعنى أنا لا أحتاج الى استعمال ما ذكرتم ولا ما اليه اشرتم، فان الله انما أعظانى هذا لعلمه انى استحقه وان أهل له، ولولا انى حبيب ألأيه وحظى عنده لما أعطانى ما اعظانى، قال الله تعالى ردا على ما ذهب اليه (او لم يعلم ان الله قد أهلك من قبله من القرون من هو اشد منه قوة واكثر جمعا، ولا يسئل عن ذنوبهم المجرمون) أى قد أهلكنا من الأمم الماضين بذنوبهم وخطاياهم من هو اشد من قارون قوة وإكثر اموالا واولادا: فلو كان ما قال صحيحا لم نعاقب احدا ممن كان اكثر مالا منه ولم يكن ماله دليلا على محبتنا له واعتنائنا به كما قال تعالى (وما أموالكم ولا أولادكم بالتى تقربكم عندنا زلفى الامن آمن وعمل صالحا) وقال تعالى (أيحسبون أنما

إنه ليتجلجل الى يوم القيامة (باب ما جاء فى ذم قارون وفرعون وهامان) (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (1) عن النبى صلي الله عليه وسلم أنه ذكر الصلاة يوما فقال من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان وكان

_ نمدهم به من مال وبنين نسارع لهم فى الخيرات بل لا يشعرون) وهذا الرد عليه يدل على صحة ما ذهبنا اليه من معنى قوله (أنما أوتيته على علم عندى) وأما من زعم أن المراد من ذلك أنه كان يعرف صنعة الكيميا أو أنه كان يحفظ الأسم الأعظم فاستعمله فى جمع الأموال فليس بصحيح، لأن الكيمياء تخييل وصبغة لا تحيل الحقائق ولا تشابه صنعة الخالق والأسم الأعظم لا يصعد الدعاء به من كافر به، وقارون كان كافرا فى الباطن منافقا فى الظاهر (فخرج على قومه فى زينته) ذكر كثير من المفسرين أنه خرج فى تجميل عظيم من ملابس ومراكب وخدم وحشم فلما رآه من يعظم زهرة الحياة الدنيا تمنوا أن لو كانوا مثله وغبطوه بما عليه وله، فلما سمع مقالتهم العلماء ذوو الفهم الصحيح الزهاد الالباء قالوا لهم (ويلكم ثواب الله خير لمن آمن وعمل صالحا) أى ثواب الله فى الدار الآخرة خير وأبقى وأجل وأعلى قال الله تعالى (ولا يلقاها الا الصابرون) أى وما يلقى هذه النصيحة وهذه المقالة وهذه الهمة السامية الى الدار الآخرة عند النظر الى زهرة هذه الدنيا الدنية الا من هدى الله قلبه وثبت فؤاده، قال تعالى (فخسفنا به وبداره الأرض فما كان له من فئة ينصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين) لما ذكر الله تعالى خروجه فى زينته واختياله فيها وفخره على قومه بها قال فخسفنا به وبداره الارض، (وقد ذكر السدى وابن عباس) أن قارون أعطى امرأة بغيا مالا على أن تقول لموسى عليه السلام وهو فى ملأ من الناس انك فعلت بى كذا وكذا، فيقال إنها قالت ذلك فأرعد من الفرق (يعنى الخوف) وصلى ركعتين ثم أقبل اليها فاستحلفها من ذلك على ذلك وما حملك عليه؟ فذكرت أن قارون هو الذى حملها على ذلك وأستغفرت الله وتابت اليه، فعند ذلك خر موسى لله ساجدا ودعا الله على قارون، فأوحى الله اليه انى قد أمرت الارض أن تطيعك فيه، فأمر موسى الأرض أن تبتلعه وداره فكان ذلك والله أعلم وقد روى عن قتادة أنه يخسف كل يوم قامة الى يوم القيامة، (وعن ابن عباس) أنه قال فخسف بهم الى الارض السابعة، وقد ذكر كثير من المفسرين ها هنا اسرائيليات كثيرة اضربنا عنها صفحا وتركناها قصدا وقوله تعالى (فما كان له من فئة يتصرونه من دون الله وما كان من المنتصرين) لم يكون له ناصر من نفسه ومن غيره، ولما حل به ما حل من الخسف وذهاب الاموال وخراب الديار وأهلاك النفس والأهل والعقار ندم من كان تمنى مثل ما أوتى وشكروا الله تعالى الذى يدبر عباده بما يشاء من حسن التدبير، ولهذا قالوا (لولا أن من الله علينا لخسف بنا وى كأنه لا يفلح الكافرون) قال قتادة وى كأن بمعنى ألم تر أن وهذا قول حسن من حيث المعنى والله أعلم (قال) وقصة هارون هذه قد تكون قبل خروجهم من مصر لقوله فخسفنا به وبداره الارض فان الدار ظاهرة فى البنيان، وقد تكون بعد ذلك فى التيه وتكون الدار عبارة عن المحلة التى تضرب فيها الخيام كما قال عنترة: يا دار عبلة بالجواء تكلمى

يوم القيامة مع قارون وفرعون وهامان وابى بن خلف) (باب ذكر قصته مع ملك الموت ووفاته ومكان قبره عليه السلام) (عن أبى هريرة) (1) رضى الله عنه عن النبى صلي الله عليه وسلم قال قد كان ملك الموت يأتى الناس عيانا قال فأتى موسى فلطمه ففقأ عينه (2) فأتى ربه عز وجل فقال يارب عبدك موسى فقأ عينى ولولا كرامته عليك لعَنُفْت (3) به وقال يونس لشققت عليه (4) فقال له اذهب الى عبدى فقل له فليضع يده على جلد أو متن (5) ثور فله بكل شعرة وأرت يده سَنة، فأتاه فقال له ما بعد هذا؟ قال الموت، قال فالآن قال فشمه شمة (6) فقبض روحه قال يونس فرد الله عز وجل عينه وكان يأتى الناس خفية (وعنه من طريق ثان) (7) قال أرسل ملك الموت الى موسى فلما جاءه صكه غفقا عينه فرجع الى ربه عز وجل فقال أرسلنى الى عبد لا يريد الموت، قال فرد الله عز وجل اليه عينه وقال ارجع اليه فقل له يضع يده على متن ثور فله بما غطت يده بكل شعره سنة فقال أى يارب ثم مه (8) قال ثم الموت، قال فالآن فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية (9) بحجر قال فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم فلو كنت ثمَ

_ في باب حجة من كفر تارك الصلاة من كتاب الصلاة فى الجزء الثانى صحيفة 232 رقم 81 وفيه ذم من ذكروا فيه، وأن من لم يحافظ على الصلاة يكون معهم يعنى مخلدا فى النار، وقيده الجمهور بما إذا كان جاحدا لوجوبها، اما آذا كان مقر أبو جوبها وتركها كسلا فانه يكون معهم فى النار وان اختلفت المحامل وكيفية العذاب ثم يخرج منها، وقالوا ومجرد المعية والمصاحبة لا تدل على الاستمرار والتأبيد لصدق المعنى اللغوى بلبته معهم مدة والله أعلم (باب) (سنده) حدثنا امية بن خالد ويونس قال ثنا حماد بن سلمة بن أبى عمار عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال كان ملك الموت الخ (غريبه) (2) قال المازرى وقد أنكر بعض الملاحدة هذا الحديث وأنكر تصوره، قالوا كيف يجوز على موسى فتئ عين ملك الموت؟ قال وأجاب العلماء عن هذا باجوبة فذكرها (قلت) أحسنها أن موسى عليه السلام لم يعلم أنه ملك من عند الله وظن أنه رجل قصده يريد نفسه فدافعه عنها فأدت المدافعة الى فتئ عينه لا أنه قصدها بالفتئ وتؤيده رواية صكه (قال النووى) وهذا جواب الامام أبى بكر بن خزيمة وغيره من المتقدمين واختاره المازرى والقاضى عياض قال واو ليس فى الحديث تصريح بأنه تعمد فتئ عينه، فان قيل قد اعترف موسى حين جاءه ثانيا بأنه ملك الموت (فالجواب) انه أتاه فى المرة الثانية بعلامة علم بها انه ملك الموت فاستسلم، بخلاف المرة الأولى والله أعلم (قلت) وروى هذا الحديث أيضا ابن حبان فى صحيحه تم استشكله، وأجاب عته بما حاصله ان ملك الموت لما قال له هذا لم يعرف مجيئه له على غير صورة يعرفها موسى عليه السلام كما جاء جبريل فى صورة اعرابى، وكما وردت الملائكة على ابراهيم ولوط فى صورة شباب فلم يعرفهم ابراهيم ولا لوط أوّلا، وكذلك موسى لعله لم يعرفه لذلك ولطعه ففقأ عينه لأنه دخل داره بغير اذنه، وهذا موافق لشريعتنا فى جواز فقء عين من نظر اليك فى دارك بغير إذن (3) أى وبخته بشديد القول (4) أى أوقعته فى المشقة (5) أى ظهره (6) أى دنا منه أو اختبر ما عنده، أو من الشم كما يشم الرائحة الزكية والله أعلم (7) (سنده) حدثنا عبد الرازق انا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبى هريرة الخ (8) هى هاء السكتت وهو استفهام أى ثم ماذا (9) قال النووي

لأريتكم قبره إلى جانب الطريق تحت الكثيب (1) الأحمر (عن أنس) (2) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم مررت ليلة أسرى بى على موسى فرأيته قائما يصلى فى قبره (3) زاد فى رواية عند الكثيب الأحمر (باب ذكر نبوة يوشع بن نون وقيامه بأعباء بنى اسرائيل بعد وفاة موسى وهارون عليهم الصلاة والسلام ومعجزته) (عن أبى هريرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الشمس لم تحبس على بشر الا ليوشع بن نون (5) ليالى سار إلى بيت المقدس (6)

_ وأما سؤاله الا دناه من الأرض المقدسة فلشرفها وفضيلة من فيها من المدفونين من الأنبياء وغيرهم (1) الكثيب الرمل المستطيل المحدودب، وقد استدل الحافظ ابن كثير ابن كثير بهذا الحديث على ان موسى عليه السلام مات بالتيه قال وقد زعم بعضهم أن موسى عليه السلام هو الذى خرج بهم من التية ودخل بهم الارض المقدسة، وهذا خلاف ما عليه أهل الكتاب وجمهور المسلمين، قال ومما يدل على ذلك قوله لما اختار الموت رب ادننى الى الارض المقدسة رمية بحجر (أى قدر ما يبلغه الحجر عند رميه) ولو كان قد دخلها لم يسأل ذلك، ولكن لما كان مع قومه بالتيه وحانت وفاته عليه السلام أحب أن يتقرب الى الارض التى هاجر اليها وحث قومه عليها ولكن حال بينهم وبينها القدر رمية بحجر، ولهذا قال سيد البشر فلو كنت ثم لأريتكم قبره عند الكثيب الأحمر (تخريجه) (ق حب، وغيرهم) (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه وذكر وهب بن منبه أن موسى عليه السلام مر بملاء من الملائكة يحفرون قبرا فلم ير أحسن منه ولا أعزو ولا أبهج، فقال يا ملائكة الله لمن تحفرون هذا القبر؟ فقالوا لعبد من عباد الله كريم فان كنت تحب ان تكون هذا العبد فادخل هذا القبر وتمدد فيه وتوجه الى ربك وتنفس أسهل تنفس، ففعل ذلك فمات صلوات الله وسلامه عليه: فصلت عليه الملائكة ودفنوه، قال وذكر أهل الكتاب وغيرهم انه مات وعمره مائة وعشرون سنة (2) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن سليمان التيمى عن أنس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبه) (3) قال القاضى عياض قد تكون الصلاة هنا بمعنى الذكر والدعاء وهى من أعمال الآخرة، قال الله تعالى (دعواهم فيها سبحانك اللهم وتحيتهم فيها سلام) قال (فان قيل) كيف رأى موسى عليه السلام يصلى فى قبره وصلى النبى صلى الله عليه وسلم بالأنبياء ببيت القدس ووجدهم على مراتبهم فى السموات وسلموا عليه ورحبوا به (فالجواب) انه يحتمل أن تكون رؤيته موسى فى قبره عند الكثيب الاحمر كانت قبل صعود النبى صلى الله عليه وسلم الى السماء وفى طريقه الى بيت المقدس ثم وجد موسى قد سبقه الى السماء، ويحتمل انه صلى الله عليه وسلم رأى الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم وصلى بهم على تلك الحال لأول ما رآهم ثم سألوه ورحبوا به ويكون اجتماعه بهم وصلاته ورؤيته موسى بعد انصرافه ورجوعه عن سدرة المنتهى والله أعلم (باب) (4) (سنده) حدثنا أسود بن عامر أخبرنا أبو بكر بن عشام عن ابن سيرين عن أبى هريرة الخ (غريبه) (5) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخ هو يوشع بن نون بن افرائيم بن يوسف ابن يعقوب بن اسحق بن ابراهيم افحليل عليهم السلام وأهل الكتاب يقولون إن يوشع بن عم هود وقد ذكره الله تعالى فى القرآن غير مصرح باسمه فى قصة الخضر كما تقدم فى قوله (واذ قال موسى لفتاه) (فلما جاوزا قال لفتاه) وقد ثبت فى الصحيح من رواية أبىّ بن كعب رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه يوشع بن نون، وهو متفق عليه نبوته عند أهل الكتاب، فان طائفة منهم وهم السامرة لا يقرون بنبوة أحد بعد موسى إلا يوشع بن نون لأنه مصرح به فى التوراة (6) سبب حبس الشمس ليوشع بن نون

(وعنه أيضا) (1) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم غزا نبى من الأنبياء فقال لقومه لا يتبعنى رجل قد ملك بضع امرأة وهو يريد أن يبنى بها ولم يبن، ولا أحد قد بنى بنيانا ولما يرفع سقفها، ولا أحد قد اشترى غنما أو خلِفات وهو ينتظر أولادها، فغزا فدنا من القرية حين صلاة العصر أو قريبا من ذلك فقال الشمس أنت مأمورة وأنا مامور، اللهم أحبسها علىّ شيئا: فحبست عليه حتى فتح الله عليه، فجمعوا ما غنموا فأقبلت النار لتأكله فأبت أن تطعم، فقال فيكم غلول، فليبايعنى من كل قبيلة رجل، فبايعوه فلصقت يد رجل بيده فقال فيكم الغلول، فلتبايعنى قبيلتك، فبايعته قبيلته قال فلصق بيد رجلين أو ثلاثة بيده، فقال فيكم الغلول: أنتم غللتم، فأخر جوا له مثل رأس بقرة من ذهب، قال فوضعوه فى المال وهو بالصعيد فأقبلت النار فأكلته فلم تحل الغنائم لاحد من قبلنا، ذلك لأن الله عز وجل رأى

_ سيأتي في القصة بعد التخريج (تخريجه) رواه الحافظ ابن كثير فى تاريخه بسنده ولفظه وعزاه للإمام احمد، ثم قال انفرد به احمد من هذا الوجه، وهو على شرط البخارى، وفيه دلالة على أن الذى فتح بيت المقدس هو يوشع بن نون عليه السلام لا موسى وأن حبس الشمس كان فى فتح بيت المقدس لا أريحا وفيه أن هذا كان من خصائص يوشع عليه السلام إه (روى عن ابن عباس) أن موسى وهارون توفيا فى التيه وتوفى فيه كل من دخله وقد جاوز العشرين سنة غير يوشع بن نون وكالب بن يوفنا، فلما انقضى أربعين سنة أوحى الله الى يوشع بن نون بالسير الى مدينة الجبارين وفتحها ففتحها، ومثله قال قتادة والسدى وعكرمة، فلما ظفر يوشع بالجبارين أدركه المساء ليلة السبت فدعا الله فردّ الشمس عليه وزاد فى النهار ساعة فهزم الجبارين وجمع غنائمهم ليأخذها الغربان، وبقية القصة ستأتى فى الحديث التالى (1) (وعنه أيضا الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب تحريم الغلول من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر صحيفة 90 رقم 272 وهو حديث صحيح رواه مسلم وغيره، والمراد بقوله غزا نبى من الأنبياء هو يوشع بن نون كما يستفاد من الحديث السابق من أن الشمس لم تحبس على بشر الا ليوشع ابن نون، فيعلم من ذلك أن النبى ذكر فى هذا الحديث وحبست له الشمس هو يوشع بن نون (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) ذكر اهل الكتاب وغيرهم من اهل التاريخ أن يوشع بن نون مع بنى اسرائيل قطع نهر الأردن وانتهى الى اريحا وكانت من أحصن المدائن سورا وأعلاها قصورا وأكثرها أهلا فحاصرها ستة أشهر، ثم انهم احاطوا بها يوما وضربوا بالقرون يعنى الأبواق وكبروا تكبيرة رجل واحد فتفسخ سورها وسقط وجبة واحدة فدخلوها وأخذوا ما وجدوا فيها من الغنائم وقتلوا اثنى عشر الفا من الرجال والنساء، وحاربوا ملوكا كثيرة، ويقال ان يوشع ظهر على احد وثلاثين ملكا من ملوك الشام، وذكروا أنه انتهى محاصرته لها الى يوم جمعة بعد العصر فلما غربت الشمس أو كادت تغرب ويدخل عليهم السبت الذى جعل عليهم وشرع لهم ذلك الزمان: قال لها انك مأمورة وأنا مأمور اللهم احبسها علىَّ، فحبسها الله عليه حتى تمكن من فتح البلد، قال ولكن ذكرهم أن هذا فى فتح اريحا فيه نظر والأشبه والله أعلم أن هذا كان فى فتح بيت المقدس الذى هو المقصود الأعظم وفتح أريحا كان وسيلة اليه اه (قلت) يؤيد ذلك التصريح فى الحديث السابق بأنه بيت المقدس والله أعلم

ضعفنا وعجزنا فطيبها لنا (باب ما جاء فى دخول بنى اسرائيل بيت المقدس وقول الله تعالى لهم (وادخلوا الباب سجدا وقولوا حطة) (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم قيل لبنى اسرائيل ادخلوا الباب سجدا (2) وقولوا حطة يغفر لكم (3) خطاياكم، فبدلوا (4) فدخلوا الباب يزحفون على أستاهم (5) وقالوا حبة فى شعره (وعنه من طريق ثان) (6) عن النبى صلي الله عليه وسلم فى قوله عز وجل (وادخلوا الباب سجدا قال ادخلوه زحفا وقولوا حطة).

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره وهذا كان لما خرجوا من التيه بعد أربعين سنة مع يوشع بن نون عليه السلام وفتحها الله عليه يعنى مدينة الجبارين وهى بيت المقدس عشية جمعة وقد حبست الشمس يومئذ قليلا حتى أمكن الفتح، ولما فتحوها أمروا أن يدخلوا (الباب) باب البلد (سجداَ) أى شكرا لله تعالى على ما أنعم به عليهم من الفتح والنصر وردِّ بلدهم عليهم وانقاذهم من التيه والضلال: وعن ابن عباس فى قوله تعالى (أدخلوا الباب سجدا) قال ركعا من باب صغير، وحكى الرازى عن بعضهم أنه عنى بالباب جهة من جهات القبلة، وعن عبد الله بن مسعود قيل لهم ادخلوا الباب سجدا فدخلوا مقنعى رءوسهم أى رافعى رءوسهم خلاف ما أمروا (وقال البغوى) فى تفسير قوله تعالى (وادخلوا الباب) قال يعنى بابا من أبواب القرية وكان لها سبعة أبواب (سجداَ) أى ركعا خضعا منحنين: وقال وهب فاذا دخلتموه فاسجدوا شكراً لله تعالى (وقولو حطة) قال قتادة حط عنا خطايانا، أمروا بالاستغفار وقال ابن عباس لا إله إلا الله لأنها محط الذنوب (3) قرأ نافع بالياء التحتية وضمها وفتح الفاء من الغفر وهو الستر فالمغفرة تستر الذنوب (4) قال تعالى فبدل الذين ظلموا قولا غير الذى قيل لهم) وذلك أنهم بدّلوا قول الحطة بقولهم حبة فى شعرة استخفافا بأمر الله تعالى (وفى رواية) قالوا حنطة فى شعرة كما فى الطريق الثانية (5) أى افخاذهم، قال مجاهد طوطئ لهم الباب ليخفضوا رءوسهم فأبوا أن يدخلوها سجدا فدخلوا يزحفون على أستاهم مخالفة فى الفعل كما بدلوا القول وقالوا قولا غير الذى قيل لهم (6) هذا الطريق تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ادخلوا الباب سجدا فى تفسير سورة البقرة فى الجزء الثامن عشر صحيفة 73 رقم 164 والحديث بطريقيه صحيح رواه الشيخان وغيرهما واليك تفسير بقية الآية، قال الله تعالى (فأنزلنا على الذين ظلموا رجزاً من السماء) قال الضحاك عن أبن عباس كل شئ فى كتاب الله من الرجز يعنى به العذاب، وقال سعيد بن جبير هو الطاعون قيل أرسل الله عليهم طاعونا فهلك منهم فى ساعة واحدة سبعون الفا (بما كانوا يفسقون) أى بسبب عصيانهم وخروجهم عن أمر الله عز وجل (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) ولما استقرت يد بنى اسرائيل على بيت المقدس استمروا فيه وبين أزهرهم نبى الله يوشع يحكم بينهم بكتاب الله التوراة حتى قبضه الله اليه وهو ابن مائة وسبع وعشرين سنة فكان مدة حياته بعد موسى سبعا وعشرين سنة (وجاء فى تاريخ الكامل) لابن الأثير ان يوشع ملك الشام جمعه فصار لبنى اسرائيل، وفرق عماله فيه ثم توفاه الله، فاستخلف على بنى اسرائيل كالب بن يوفنا وكان عمر يوشع مائة وستا وعشرين سنة وكان قيامه بالامر بعد موسى سبعا وعشرين سنة والله اعلم.

.

_ (ذكر كالب بن يوفنا) قال ابن جرير فى تاريخه لا خلاف بين أهل العلم باخبار الماضين وأمور السالفين من أمتنا وغيرهم أن القائم بأمور بنى اسرائيل بعد يوشع كالب بن يوفنا يعنى أحد أصحاب موسى عليه السلام وهو زوج أخته مريم وهو أحد الرجلين الذين ممن يخافون الله وهما يوشع وكالب، وهما القائلان لبنى اسرائيل حين نكلوا عن الجهاد (ادخلوا عليهم الباب فاذا دخلتموه فانكم غالبون وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين) قال ابن جرير ثم من بعده كان القائم بأمور بنى اسرائيل حزقيل ابن بو ذى وهو الذى دعا الله فأحيا الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت. (قصة حزقيل) قال الله تعالى (آلم تر الى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثرهم لا يشكرون) فقوله تعالى ألم تر الى الذين خرجوا من ديارهم، قال على بن عاصم كانوا من أهل داور دان قرية على فرسخ قبل واسط (وهم ألوف) فاختلف العلماء فى عددهم فذكروا أقوالا من ثلاثة آلاف الى سبعين الفا (قال الامام البغوى) فى تفسيره وأولى الاقاويل قول من قال كانوا زيادة على عشرة آلاف لأن الله تعالى قال وهم ألوف والألوف جمع الكثير، وجمعه القليل آلاف والألوف لا يقال لما دون عشرة آلاف (حذر الموت) ذكر غير واحد من السلف ان هؤلاء القوم كانوا أهل بلدة فى زمن بنى اسرائيل استوخموا أرضهم وأصابهم بها وباء شديد فخرجوا فرارا من الموت هاربين الى البرية، فنزلوا واديا افيح فملئوا ما بين عدوتيه، فأرسل الله اليهم ملكين أحدهما من أسفل الوادى والآخر من أعلاه فصاحا بهم صيحة واحدة فماتوا عن آخرهم موتة رجل واحد، وماتت دوابهم، فخرج اليهم الناس فعجزوا عن دفنهم فحظروا عليهم حظيرة دون السباع وتركوهم فيها حتى صاروا عظاما بالية وفنوا وتمزقوا وتفرقوا: فلما كان بعد دهر مرّ بهم نبى من بنى اسرائيل يقال له حزقيل فسأل الله ان يحييهم على يديه فاجابه الى ذلك وأمره أن يقول آيتها العظام إن الله يأمرك أن تكتسى لحما وعصبا وجلداً فكان ذلك وهو يشاهده، ثم أمره فنادى أيتها الأرواح إن الله يأمرك ان ترجع كل روح الى الجسد الذى كانت تعمره فقاموا أحياءا ينظرون قد أحياهم الله بعد رقدنهم الطويلة وهم يقولون سبحانك لا إله إلا أنت، وكان فى أحيائهم عبرة ودليل قاطع على وقوع المعاد الجسمانى يوم القيامة، وهذا معنى قوله تعالى (فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس) فيما يريهم من الآيات الباهرة والحجج القاطعة (ولكن أكثر الناس لا يشكرون) أى لا يقومون بشكر ما أنعم الله به عليهم فى دينهم ودنياهم وفى هذه القصة عبرة ودليل على أنه لن يغنى حذر من قدر، وأنه لا ملجأ من الله الا اليه فان هؤلاء خرجوا فرارا من الوباء طلبا لطول الحياة فعوملوا بنقيض قصدهم وجاءهم الموت سريعا فى آن واحد، ومن هذا القبيل الحديث الصحيح الذى رواه الشيخان الامام احمد وتقدم فى باب النهى عن الإقدام على أرض بها الطاعون من أبواب الطاعون والوباء فى الجزء السابع عشر صحيفة 206 رقم 207 أن عمر بن الخطاب رضى الله عنه خرج الى الشام فلما جاء سرغ بلغه ان الوباء قد وقع بالشام فأخبره عبد الرحمن بن عوف ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اذا اسمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه: واذا اوقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارا منه، فرجع عمر بن خطاب من سرغ قال محمد بن اسحاق ولم يذكر لنا مدة لبث حزقيل فى بنى اسرائيل، ثم ان الله قبضه اليه فلما قبض نسى بنوا اسرائيل عهد الله اليهم وعظمت فيهم الأحداث وعبدوا الاوثان وكان

قال بدلوا فقالوا حنطة في شعره (باب ذكر الخضر والياس عليهما السلام) أحدثنا عبد الرزاق بن همام) (1) ثنا معمر عن همام عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لم يسم خضرا إلا لأنه جلس على فروة (2) بيضاء فإذا هي تهتز (3) خضراء، الفروة الحشيش الأبيض وما يشبهه (4) قال عبد الله أظن هذا تفسيرا من عبد الرزاق (5) (وعنه من طريق ثان) (6) عن همام بن منبه عن أبى هريرة عن النبى صلي الله عليه وعلى آله وسلم فى الخضر انما سمى خضرا أنه جلس على فروة بيضاء فاذا هى تحته خضراء.

_ في جملة ما يعبدونه من الأصنام صنم يقال له بعل فبعث الله اليهم الياس بن ياسين (واليك قصة الياس والخضر) لأنهما يقرنان فى الذكر غالبا ولماِ قيل إنهما أخَوان، فقد روى الحافظ بن عساكر بأسناده الى السدى أن الخضر والياس كانا أخوين وكان ابوهما ملكا فقال الياس لأبيه إن أخى الخضر لا رغبة له فى الملك فلو انك زوجته لعله يجئ منه ولد يكون الملك له، فزوجه أبوه بامرأة حسناء بكر، فقال لها الخضر انه لا حاجة لى فى النساء فان شئت اطلقت سراحك وان شئت اقمت معى تعبدين الله عز وجل وتكتمين علىّ سرى، فقالت نعم، وأقامت معه سنة فلما مضت السنة دعاها الملك فقال انك شابة وابنى شاب فأين الولد فقالت انما الولد من عند الله ان شاء كان وان لم يشأ لم يكن فأمره أبوه فطلقها وزوجه بأخرى ثيبا قد ولد لها، فلما زفت اليه قال لها كما قال للتى قبلها، فاجابت الى الإقامة عنده، فلما مضت السنة سألها الملك عن الولد فقالت له ان ابنك لا حاجة له بالنساء، فتطلبه أبوه فهرب فأرسل وراءه فلم يقدروا عليه، فيقال انه قتل المرأة الثانية لكونها أفشت سره فهرب من أجل ذلك وأطلق سراح الأخرى، فأقامت تعبد الله فى بعض نواحى تلك المدينة فمر بها رجل يوما فسمعته يقول باسم الله، فقالت له أنى لك هذا الاسم؟ فقال انى من الخضر فتزوجته فولدت له أولادا ثم صار من أمرها ان صارت ماشطة بنت فرعون فبينما هى يوما تمشطها إذ وقع المشط من يدها فقالت باسم الله، فقالت ابنة فرعون أبى فقالت لا: ربى وربك ورب أبيك الله، فأعلمت أباها فأمر بنقرة من نحاس فأحميت ثم أمر بها فالقيت فيها، فلما عاينت ذلك تقاعست ان تقع فيها فقال لها ابن معها صغير يا أمه اصبرى فانك على الحق، فألقت نفسها فى النار فماتت رحمها الله تعالى (باب) (1) (حدثنا عبد الرازق بن همام الخ) (غريبه) (2) بالفاء أى أرض يابسة (بيضاء) لا نبات بها (3) أى تتحرك ذات نبات أخضر ناعما بعد ما كانت جرداء (4) يعنى الهشيم اليابس (وقوله قال عبد الله) يعنى ابن الامام احمد رحمها الله (5) يعنى قوله الفروة الحشيش الأبيض وما يشبهه شبهه بالفروة، ومنه قيل فروة الرأس وهى جلدته بما عليها من الشعر، وقال الخطابى انما سمى الخضر خضرا لحسنه واشراق وجهه اه قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه قلت هذا لا ينافى ما فى الصحيحين، فان كان ولا بد من التعليل بأحدهما فى الصحيح أولى وأقوى بل لا يلتفت الى ما عداه (6) (سنده) حدثنا يحي بن آدم ثنا ابن مبارك عن معمر عن همام بن منبه عن أبى هريرة الخ (تخريجه) (ق طل عب) وغيرهم (قال النووى) فى تهذيب الأسماء واللغات الخضر بفتح الخاء وكسر الضاد ويجوز إسكان الضاد مع كسر الخاء وفتحها كما فى نظائره، والخضر لقب، قالوا واسمه بليا بموحدة مفتوحة ثم لام ساكنة ثم مثناة تحت ابن ملكان بفتح الميم وإسكان اللام، وقيل كليمان، قال ابن قتيبة فى المعارف قال وهب بن عقبة اسم الخضر

.

_ بلياء بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفحشد بن سام بن نوح، قالوا وكان أبوه من الملوك وأختلفوا فى سبب تلقيبه بالخضر، فقال الاكثرون لأنه جلس على فروة بيضاء فصارت خضراء، والفروة وجه الأرض، وقيل الهشيم من النبات، وقيل لانه كان اذا صلى اخضر ما حوله، والصواب الأول واستدل على هذا التصويب بحديث الباب، ثم قال فهذا نص صريح صحيح، وكنية الخضر أبو العباس وهو صاحب موسى النبى صلى الله عليه وسلم الذى سأل السبيل الى لقيه، وقد أثنى الله تعالى عليه فى كتابه بقوله تعالى (فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما) فاخبر الله عنه فى باقى الآيات بتلك الأعجوبات وموسى الذى صحبه هو موسى بنى إسرائيل كليم الله تعالى كما جاء به الحديث المشهور فى صحيحى البخارى ومسلم وهو مشتمل على عجائب من أمرهما، (واختلفوا فى حياة الخضر) ونبوته، فقال الأكثرون من العلماء هو حى موجود بين أظهرنا، وذلك متفق عليه عند الصوفية وأهل الصلاح والمعرفة وحكاياتهم فى رؤيته والاجتماع به والأخذ عنه وسؤاله وجوابه ووجوده فى المواضع الشريفة ومواطن الخير أكثر من أن تحصر واشهر من أن تذكر، قال الشيخ أبو عمر بن الصلاح فى فتاويه هو حى عند جماهير العلماء والصالحين والعامة معهم فى ذلك، قال وانما شد بإنكاره بعض المحدثين قال وهو نبى (واختلفوا فى كونه مرسلا) وكذا قاله بهذه الحروف غير الشيخ من المتقدمين، وقال أبو القاسم القشيرى فى رسالته فى باب الأولياء لم يكن الخضر نبيا وإنما كان وليا، وقال أقضى القضاة الماوردى فى تفسيره قيل هو ولى وقيل هو نبي وقيل انه من الملائكة، وهذا الثالث غريب ضعيف أو باطل، وفى آخر صحيح مسلم فى أحاديث الدجال انه يقتل رجلا ثم يحيا، قال ابراهيم بن سفيان صاحب مسلم يقال إن ذلك الرجل هو الخضر، وكذا قال معمر فى مسنده انه يقال انه الخضر، وذكر أبو اسحاق الثعلبى المفسر اختلافا فى أن الخضر كان فى زمن ابراهيم الخليل عليه السلام أم بعده بقليل أم بعده بكثير، قال والخضر على جميع الأقوال نبى معمر محجوب عن الأبصار، قال وقيل إنه لا يموت إلا فى آخر الزمان عند رفع القرآن انتهى ما ذكره النووى (قلت) وللمحافظ ابن كثير كلام فى تاريخه عن نبوته وموته (أما عن نبوته) فقد قال رحمه الله دلت قصته مع نبى الله موسى عليهما السلام التى ذكرها الله عز وجل فى كتابه على نبوته من وجوه (أحدها) قوله تعالى (فوجدا عبدا من عبادنا آتيناه رحمة من عندنا وعلمناه من لدنا علما) (الثانى) قول موسى له (هل اتبعك على أن تعلمن مما علمت رشدا: الى قوله تعالى (حتى أحدث لك منه ذكرا) فلو كان وليا وليس بنبي لم يخاطبه موسى بهذه المخاطبة ولم يرد على موسى هذا الرد، بل موسى انما سأل صحبته لينال ما عنده من العلم الذى اختصه الله به دونه، فلو كان غير نبى لم يكن معصوما ولم تكن لموسى وهو نبى عظيم ورسول كريم واجب العصمة كبير رغبة ولا عظيم طلبة فى علم ولىّ غير واجب العصمة، ولما عزم على الذهاب اليه والتفتيش عليه ولو انه يمضى حقبا من الزمان قيل ثمانين سنة، ثم لما اجتمع به تواضع له وعقله واتبعه فى صورة مستفيد منه دل على انه نبى مثله يوحى اليه، كما يوحى اليه، وقد خص من العلوم الدينية والأسرار النبوية بما لم يطلع عليه موسى الكليم نبى بنى اسرائيل الكريم، وقد احتج بهذا المسلك بعينه البرقانى على نبوة الخضر عليه السلام (الثالث) أن الخضر أقدم على قتل ذلك الغلام، وما ذاك إلا للوحى اليه من الملك العلام، وهذا دليل مستقل على نبوته وبرهان ظاهر على عصمته، لأن الولى لا يجوز له الاقدام على قتل النفوس بمجرد ما يلقى فى خلده لأن خاطره ليس بواجب العصمة إذ يجوز عليه الخطأ بالاتفاق، ولما أقدم الخضر على قتل ذلك الغلام الذى لم يبلغ الحلم علما بأنه اذا بلغ يكفر ويحمل أبويه على الكفر لشدة محبتهما له

_ فينا بعانة عليه ففى قتله مصلحة عظيمة تربو على بقاء مهجته صيانة لأبويه عن الوقوع فى الكفر وعقوبته دل ذلك على نبوته وأنه مؤيد من الله بعصمته، وقد رأيت الشيخ أبا الفرج بن الجوزى طرق هذا المسلك بعينه فى الاحتجاج على نبوة الخضر وصححه وحكى الاحتجاج الرمانى أيضا (الرابع) أنه فسر الخضر تأويل تلك الأفاعيل لموسى ووضع له عن حقيقة أمره، قال بعد ذلك كله (رحمة من ربك وما فعلته عن أمرى) يعنى ما فعلته من تلقاء نفسى بل امرت به وأوحى إلىّ فيه، فدلت هذه الوجوه على نبوته. ولا ينافى ذلك حصول ولايته بل ولا رسالته كما قاله آخرون (وأما كونه ملكا) من الملائكة فغريب جدا، واذا ثبت نبوته كما ذكرناه لم يبق لمن قال بولايته وأن الولى قد يطلع على حقيقة الأمور دون أرباب الشرع الظاهر مستند يستندون اليه ولا معتمد يعتمدون عليه (قال واما الخلاف فى وجوده) الى زماننا هذا فالجمهور على انه باق الى اليوم قيل لأنه دفن آدم بعد خروجهم من الطوفان فنالته دعوة ابيه آدم بطول الحياة، وقيل لأنه شرب من عين الحياة فحيي وذكروا اخبارا استشهدوا بها على بقائه الى الآن وسنوردها ان شاء الله تعالى وبه الثقة، ثم ذكر اخبارا وآثارا تدل على وجوده للآن ولكن تعقبها جميعا بأن بعضها موضوع وبعضها منقطع وبعضها واه لا تقوم به حجة، ثم قال وقد تصدى الشيخ ابو الفرج بن الجوزى رحمه الله فى كتابه عجالة المنتظر فى شرح حالة الخضر للأحاديث الواردة فى ذلك من المرفوعات تبين انها موضوعات ومن الآثار عن الصحابة والتابعين فمن بعدهم فبين ضعف اسانيدها ببيان احوالها وجهالة رجالها وقد اجاد فى ذلك وأحسن الانتقاء (قال واما الذين ذهبوا الى انه قد مات) ومنهم البخارى وابراهيم الحربى وأبو الحسين بن المنادى والشيخ ابو الفرج بن الجوزى وقد انتصر لذلك والف فيه كتابا اسماه عجالة المنتظر فى شرح حالة الخضر (يعنى الكتاب الذى أشار اليه آنفا) فيحتج لهم بأشياء كثيرة (منها) قوله تعالى (وما جعلنا لبشر من قبلك الخلد) فالخضر ان كان بشرا فقد دخل فى هذا العموم لا محالة، ولا يجوز تخصيصه من إلا بدليل صحيح اهو الاصل عدمه حتى يثبت، ولم يثبت ما فيه دليل على التخصيص عن معصوم يجب قبوله (ومنها) أن الله تعالى قال (واذ أخذ الله ميثاق النبيين لما آتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمن به ولتنصرنه، قال أأقررتم وأخذتم على ذلكم إصرى؟ قالوا أقررنا، قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين) فالخضر ان كان نبيا أو وليا فقد دخل فى هذا الميثاق فلو كان حياً فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكان أشرف أحواله أن يكون بين يديه يؤمن بما أنزل الله عليه وينصره أن يصل أحد من الأعداء اليه، هذا عيسى بن مريم عليه السلام اذا نزل آخر الزمان يحكم بهذه الشريعة المطهرة لا يخرج منها ولا يحيد عنها، وهو أحد أولى العزم الخمسة المرسلين وخاتم أنبياء بنى اسرائيل والمعلوم أن الخضر لم ينقل بسند صحيح ولا حسن تسكن النفس اليه أنه اجتمع برسول الله صلى الله عليه وسلم فى يوم واحد ولم يشهد معه قتالا فى مشهد من المشاهد، وهذا يوم بدر يقول الصادق المصدوق فيما دعا به ربه عز وجل واستنصره واستفتحه على من كفره اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعدها فى الأرض وتلك العصابة كان تحتها سادة المسلمين يومئذ وسادة الملائكة حتى جبريل عليه السلام كما قال حسان ابن ثابت فى قصيدة له فى بيت يقال إنه أفتخر بيت قالته العرب وثبير بدر اذ يردّ وجوههم .... جبريل تحت لوائنا ومحمد

_ فلو كان الخضر حيا لكان وقوفه تحت هذه الراية أشرف مقاماته وأعظم غزواته، قال القاضى أبو يعلى محمد بن الحسين بن الفراء الحنبلى سئل بعض أصحابنا عن الخضر ها مات؟ فقال نعم، قال وبلغنى مثل هذا عن أبى طاهر بن الغبارى، قال وكان يحتج بأنه لو كان حياً لجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نقله ابن الجوزى فى العجالة (ومن ذلك) ما ثبت فى الصحيحين وغيرهما (قلت والأمام احمد) عن عبد الله بن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى ليلة العشاء ثم قال أرأيتم ليلتكم هذه فانه إلى مائة سنة لا يبقى ممن هو على وجه الأرض اليوم أحد، وفى رواية عين تطرف، قال ابن عمر فوُهِل الناس فى مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه، وانما أراد انخرام قرئه، وروى الامام احمد بسنده عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بقليل أو بشهر ما من نفس منفوسة أو ما منكم من نفس اليوم منفوسة يأتى عليها مائة سنة وهى يومئذ حية (قلت ورواه الترمذى أيضا) قال الحافظ ابن كثير وهذا أيضاً على شرط مسلم، قال وقال ابن الجوزى فهذه الأحاديث الصحاح دابر دعوى حياة الخضر، قالوا فالخضر إن لم يكن أدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما هو المظنون الذى يترقى فى القوة إلى القطع فلا اشكال، وان كان قد أدرك زمانه فهذا الحديث يقتضى أنه لم يعش بعده مائة سنة فيكون الآن مفقوداً لا موجودا لأنه داخل فى هذا العموم والأصل عدم المخصص حتى يثبت بدليل صحيح يجب قبوله والله اعلم اه ببعض اختصار (قلت واما نبى الله الياس) عليه السلام فلم أجد له ذكرا فى مسند الامام احمد، وقد ذكره الله عز وجل فى كابه العزيز فى قوله تعالى (وان الياس لمن المرسلين) الآيات الى قوله (أنه من عبادنا المؤمنين) قال الحافظ بن كثير فى تفسيره قال وهب بن منبه هو الياس بن نسى بن فخاص بن العيزار بن هارون بن عمران، بعثه الله تعالى فى بنى اسرائيل بعد حزقيل عليهما السلام وكانوا قد عبدوا صنما يقال له بعل فدعاهم الى الله تعالى ونهاهم عن عبادة ما سواه، وكان قد آمن به ملكهم ثم ارتد، واستمروا على ضلالتهم ولم يؤمن به منهم أحد فدعا الله عليهم فحبس عنهم القطر ثلاث سنين ثم سألوه أن يكشف ذلك عنهم ووعدوه الايمان به ان أصابهم المطر، فدعا الله تعالى لهم فجاءهم الغيث فاستمروا على أخبث ما كانوا عليه من الكفر، فسأل الله أن يقبضه اليه، وكان قد نشأ على يديه اليسع بن أخطب فأمر الياس أن يذهب الى مكان كذا وكذا فمهما جاءه فليركبه ولا يهبه فجاءته فرس من نار فركب والبسه الله تعالى النور وكساه الريش، وكان يطير مع الملائكة ملكا إنسيا سماويا، أرضيا هكذا حكاه وهب بن منبه عن أهل الكتاب والله أعلم بصحته اه (قلت) زاد البغوى فى تفسيره وسلط الله تعالى على آجب الملك وقومه عدوا لهم فقصدهم من حيث لم يشعروا به حتى رهقهم فقتل آجب وامرأته ازبيل (أى لأنها كانت من أخبث خلق الله، وهى التى حملت زوجها الملك على الردة) فلم تزل جيفتاهما ملقاتين فى المكان الذى قتل فيه حتى بليت لحومها ورّمت عظامهما (واليك تفسير ما جاء فى شأن نبى الله الياس عليه السلام من كتاب الله عز وجل): قال تعالى (وان الياس لمن المرسلين) اذا ثبت أنه رسول فهو نبى قطعا لأن الرسالة أعم من النبوة فكل رسول نبى ولا كل نبى رسول (اذ قال لقومه الا تتقون) الله وتذرون عبادة الأصنام وتخافون عقابه على عبادتكم غيره (أتدعون بعلا) أى تعبدون بعلا وهو اسم صنم لهم كانوا يعبدونه، ولذلك سميت مدينتهم بعلبك وهى غربى دمشق، قال مجاهد وعكرمة وقتادة البعل الرب بلغة أهل اليمن (وتذرون أحسن الخالقين الله ربكم ورب آبائكم الأولين) أى هو المستحق للعبادة وحده لا شريك له (فكذبوه فإنهم

_ لمحضرون) أي العذاب يوم الحساب (الا عباد الله المخلصين) أى الموحدين منهم (وتركنا عليه فى الآخرين) أى أبقينا له من بعده ذكرا جميلا وثناءا حسنا ثم فسره بقوله (سلام على الياسين) كما يقال بنى اسماعيل اسماعين، وهى لغة بنى أسد، والمراد به الياس المتقدم ذكره، وقيل هو ومن آمن معه فجمعوا معه تغليبا كقولهم المهلب وقومه المهلبون (انا كذلك نجزى المحسنين انه من عبادنا المؤمنين (ذكر نبى الله اليسع) قال محمد بن اسحاق فيما ذكر له عن وهب بن منبه قال ثم تنبأ فيهم بعد ألياس وصيه اليسع بن أخطوب عليه السلام (قلت) وقد ذكره الله تعالى مع الأنبياء فى سورة الأنعام فى قوله تعالى (واسماعيل واليسع ويونس ولوطا وكلا فضلنا على العالمين) وقال تعالى فى سورة ص (واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار) (قال الحافظ أبو القاسم بن عساكر) فى حرف الياء من تاريخه أليسع وهو الأسباط بن عدى بن شوتلم بن افرائيم بن يوسف بن يعقوب بن اسحاق ابن ابراهيم الخليل، ويقال هو ابن عم ألياس النبى عليهما السلام، ويقال كان مستخفيا معه فى جبل قاسيون من ملك بعلبك ثم ذهب معه اليها فلما رفع الياس خلفه اليسع فى قومه ونبأه الله بعده، وعن الحسن قال كان بعد الياس اليسع عليهما السلام فمكث ما شاء الله ان يمكث يدعوهم الى الله مستمسكا بمنهاج الياس وشريعته حتى قبضه الله عز وجل اليه، ثم خاف فيهم الخلوف وعظمت فيهم الخطايا وكثرت الجبابرة وقتلو الأنبياء وكان فيهم ملك عنيد طاغ ويقال انه الذى تكفل له ذو الكفل ان هو تاب ورجع دخل الجنة فسمى ذا الكفل (ذكر نبى الله ذى الكفل) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه الظاهر من ذكره فى القرآن العظيم بالثناء عليه مقرونا مع هؤلاء السادة الأنبياء (يعنى قوله تعالى واذكر اسماعيل واليسع وذا الكفل الآية) انه نبى وهذا هو المشهور، وقد زعم آخرون أنه لم يكن نبيا وانما كان رجلا صالحا وحكما مقسطا عادلا، وتوقف ابن جرير فى ذلك، روى ابن جرير وابن أبى حاتم من طريق داود بن أبى هند عن مجاهد أنه قال لما كبر اليسع قال لو أنى استخلفت رجلا على الناس يعمل فى حياتى حتى أنظر كيف يعمل، فجمع الناس فقال من يتقبل لى بثلاث أستخلفه يصوم النهار ويقوم الليل ولا يغضب؟ قال فقام رجل تزدريه العين فقال أنا، فقال أنت تصوم الليل وتقوم النهار ولا تغضب؟ قال نعم، قال فردٌهم ذلك اليوم وقال مثلها اليوم الآخر، فسكت الناس وقام ذلك الرجل فقال أنا، فاستخلفه والله أعلم (مقدمة لذكر نبى الله داود عليه السلام وقصة طالوت من كتاب الله عز وجل) قال الله عز وجل فى كتابه العزيز (الم تر الى الملأ من بنى اسرائيل من بعد موسى اذ قالوا لنبى لهم ابعث لنا ملكا نقاتل فى سبيل الله) اختلف العلماء فى ذلك النبى فقال السدى هو شمعون، وقال مجاهد هو شمويل وكذا قال محمد بن اسحاق عن وهب بن منبه، وقال سائر المفسرين هو شمويل وهو بالعبرانية اسماعيل ابن بالى بن علقمة، وقال مقاتل هو من نسل هارون، وقال الأمام البغوى فى تفسيره وقال وهب وابن اسحاق والكلبى وغيرهم كان سبب مسألتهم اياه ذلك أنه لما مات موسى عليه السلام خلف بعده فى بنى اسرائيل يوشع بن نون يقيم فيهم التوراة وأمر الله تعالى حتى قبضه الله تعالى، ثم خلف فيهم كالب ابن يوفنا كذلك حتى قبضه الله تعالى، ثم خلف حزقيل حتى قبضه الله تعالى ثم عظمت الأحداث فى بنى اسرائيل ونسوا عهد الله حتى عبدوا الأوثان فبعث الله اليهم الياس نبيا فدعاهم الى الله تعالى وكانت الأنبياء من بنى اسرائيل من بعد موسى يبعثون اليهم بتجديد ما نسوا من التوراة

.

_ ثم خلف من بعد الياس اليسع فكان فيهم ما شاء الله، ثم قبضه الله وخلف فيهم الخلوف وعظمت الخطايا فظهر لهم عدو يقال له البلثائا، وهو قوم جالوت يسكنون ساحل بحر الروم بين مصر وفلسطين وهم العمالقة، فظهروا على بنى اسرائيل وغلبوا على كثير من أرضهم وسبوا كثيرا من ذرأريهم، وأسروا من أبناء ملوكهم أربعمائة وأربعين غلاما فضربوا عليهم بالجزية، واخذوا التوراة من بين أيديهم ولم يبق من يحفظها فيهم إلا القليل، وانقطعت النبوة من أسباطهم ولم يبق من سبط لاوى الذى يكون فيه الأنبياء إلا امرأة حامل من بعلها وقد قتل، فأخذوها فحبسوها فى بيت واحتفظوا بها لعل الله يرزقها غلاما يكون نبيا لهم، ولم تزل المرأة تدعوا الله عز وجل أن يرزقها غلاما: فسمع الله لها ووهبها غلاماً فسمته شمويل أى سمع الله دعائى، ومنهم من يقول شمعون وهو بمعناه، فشب ذلك الغلام ونشأ فيهم وأنبته الله نباتاً حسنا، فلما بلغ سن الانبياء أوحى الله اليه وأمره بالدعوة اليه وتوحيده فدعا بنى اسرائيل فطلبوا منه أن يقيم لهم ملكا يقاتلون معه أعداءهم، وكان الملك أيضا قد باد فيهم، فقال لهم النبى (هل عسيتم ان كتب عليكم القتال ان لا تقاتلوا؟) معناه يقول لعلكم إن فرض عليكم القتال مع ذلك الملك أن لا تقاتلوا أى لا تفوا بما تقولون ولا تقاتلوا معه (قالوا وما لنا أن لا نقاتل فى سبيل الله) قال الأخفش (أن) هنا زائدة ومعناها ومالنا لا نقاتل فى سبيل الله، وقال الفراء أى وما يمنعنا أن لا نقاتل فى سبيل الله (وقد اخرجنا من ديارنا وأبنائنا) أى وقد أخذت منا البلاد وسبيت الأولاد، والمعنى كنا نزهد فى الجهاد إذ كنا ممنوعين فى بلادنا لا يظهر علينا عدونا، فأما اذ بلغ ذلك منا فنطيع ربنا فى الجهاد ونمنع نساءنا وأولادنا قال تعالى (فلما كتب عليهم القتال تولوا) أعرضوا عن الجهاد وضيعوا أمر الله (إلا قليلا منهم) وهم الذين عبروا النهر مع طالوت واقتصروا على الغَرفة على ما سيأتى (والله عليم بالظالمين) أى الذين نكلوا ولم يفوا بما وعدوا (وقال لهم نبيهم ان الله قد بعث لكم طالوت ملكا) أى لما طلبوا من نبيهم ان يعين لهم ملكا منهم فعين لهم طالوت وكان رجلا من أجنادهم ولم يكن من بيت الملك فيهم، لأن الملك كان فى سبط يهوذا ولم يكن هذا من ذلك السبط، فلهذا قالوا (أنى يكون له الملك علينا) أى كيف يكون ملكا علينا (ونحن أحق بالملك منه ولم يؤت سعة من المال) أى ثم هو مع هذا فقير لا مال له يقوم الملَك: وقد ذكر بعضهم انه كان سقاء وقيل دباغا، وهذا اعتراض منهم على نبيهم وتعنت، وكان الأولى بهم طاعة وقول معروف، فأجابهم النبى قائلا (ان الله اصطفاه عليكم) أى اختاره لكم من بينكم والله أعلم به منكم، يقول لست أنا الذى عينته من تلقاء نفسى، بل الله أمرنى به لما طلبتم منى ذلك (وزاده بسطة فى العلم والجسم) أى وهو مع هذا أعلم منكم واقبل وأشكل منكم وأشد قوة وصبرا فى الحرب ومعرفة بها، أى اتم علما وقامة منكم: ومن هذا ينبغى ان يكون الملك ذا علم وشكل حسن وقوة شديدة فى بدنه ونفسه ثم قال (والله يؤتى ملكه من يشاء) أى هو الحاكم الذى ما شاء فعل ولا يسئل عما يفعل لعلمه وحكمته ورأفته بخلقه، ولهذا قال (والله واسع عليم) أى هو واسع الفضل يختص برحمته من يشاء، عليم بمن يستحق الملك ممن لا يستحقه (وقال لهم نبيهم ان آية ملكه ان يأتيكم التابوت) قال الامام البغوى فى تفسيره وكانت قصة التابوت ان الله تعالى أنزل تابوتا على آدم فيه صورة الانبياء عليهم الصلاة والسلام، وكان من عود الشمشاد نحوا من ثلاثة اذرع فى ذراعين، فكان عند آدم الى ان مات ثم بعد ذلك عند شيث، ثم توارثه أولاد آدم الى ان بلغ ابراهيم، ثم كان عند اسماعيل لأنه كان أكبر ولده، ثم عند يعقوب، ثم كان فى بنى اسرائيل إلى أن وصل إلى موسى

.

_ فكان موسى يضع فيه التوراة ومتاعا من متاعه، فكان عنده الى ان مات ثم تداولته أنبياء بنى اسرائيل الى وقت شمويل، وكان فيه ما ذكر الله تعالى بقوله (فيه سكينة من ربكم) اختلفوا فى السكينة ما هى؟ قال على ابن أبى طالب رضى الله عنه ربح خجوج خفاقة لهار أسان ووجه كوجه الانسان، وعن مجاهد شئ يشبه الهرة له رأس كرأس الهرة وذنب كذنب الهرة وله جناحان، وقيل له عينان لهما شعاع وجناحان من زمرد وزبرجد، فكانوا إذا سمعوا صوته تيقنوا بالنصرة، وكانوا اذا خرجوا وضعوا التابوت قدامهم، فاذا سار ساروا واذا وقف وقفوا، وعن وهب بن منبه قال هى روح من الله يتكلم اذا اختلفوا فى شئ يخبرهم ببيان ما يريدون، وقال عطاء بن أبى رباح هى ما يعرفون من الآيات فيسكنون اليها، وقال قتادة والكلبى السكينة فعلية من السكون اى طمأنينة من ربكم ففى اى مكان كان التابوت اطمأنوا اليه وسكنوا (وبقية مما ترك آل موسى وآل هارون) يعنى موسى وهارون نفسهما كان فيه لوحان من التوراة ورضاض الألواح التيكسرت، وكان فيه عصا موسى ونعلاه وعمامة هارون وعصاه وقفيز من المن الذى كان ينزل على بنى اسرائيل، فكان التابوت عند بنى اسرائيل، فلما عصوا وافسدوا سلط الله عليهم العمالقة فغلبهم على التابوت واخذوه مع التوراة كما تقدم، فلما اراد الله عز وجل ان يكون طالوت ملكا جعل رد التابوت اليهم برهانا لذلك فأمر الملائكة بحمله ورده اليهم، ولذلك قال (تحمله الملائكة) قال ابن عباس جاءت الملائكة تحمل التابوت بين السماء والأرض حتى وضعته بين يدى طالوت والناس ينظرون، وقال المهدى أصبح التابوت فى دار طالوت فآمنوا بنبوة شمعون وأطاعوا طالوت (إن فى ذلك لآية) لعبرة (لكم ان كنتم مؤمنين) قال ابن عباس رضى الله عنهما ان التابوت وعصى موسى فى بحيرة طبرية وانهما يخرجان قبل يوم القيامة والله أعلم: قوله تعالى (فلما فصل طالوت بالجنود) أى خرج بهم واصل الفصل القطع يعنى قطع مستقره شاخصا الى غيره فخرج طالوت من بيت المقدس بالجنود وهم يومئذ سبعون الف مقاتل، وقيل ثمانون الفا لم يتخلف عنه إلا كبير لهرمه أو مريض لمرضه أو معذور لعذره، وذلك أنهم لما رأوا التابوت لم يشكوا فى النصر فتسارعوا إلى الجهاد، فقال طالوت لا حاجة فى كل ما أزى، لا يخرج معى رجل يبنى بناء لم يفرغ منه، ولا صاحب تجارة يشتغل بها، ولا رجل عليه دين، ولا رجل تزوج امرأة ولم يبن بها، ولا يتبعنى إلا الشاب النشيط الفارغ: فاجتمع له أربعة آلاف ممن شرطه وكان فى حر شديد، فشكوا قلة الماء بينهم وبين عدوهم فقالوا ان المياه قليلة لا تحملنا فادع الله ان يجرى لنا نهرا (قال) طالوت (ان الله مبتليكم بنهر) مختبركم يرى طاعتكم، قال ابن عباس والسدى هو نهر فلسطين، وقال قتادة نهر بين اردن وفلسطين عذب (فمن شرب منه فليس منى) أى من أهل دينى وطاعتى (ومن لم يطعمه) أى لم يشرب منه (فانه منى إلا اغترف غرفة بيده) قال ابن عباس من اغترف منه بيده روى، ومن شرب منه لم يرو (فشربوا منه إلا قليلا منهم) واختلفوا فى القليل الذين لم يشربوا وجازو معه النهار، فقال السدى كانوا أاربعة آلاف، وقال غيره ثلاثمائة وبضعة عشر وهو الصحيح، ويؤيده الحديث الآتى عن البراء بن عازب رضى الله عنه، ولم يجاوزه معه إلا مؤمن كما سيأتى فى الحديث المشار اليه، فلما وصلوا إلى النهر وقد القى الله عليهم العطش فشرب منه الكل إلا هذا العدد القليل، فمن اغترف غرفة كما أمر الله قوى قلبه وصح ايمانه وعبر النهر سالما وكفته تلك الغرفة الواحدة لشربه وجمله ودوابه، والذين شربوا وخالفوا أمر الله اسودت شفاههم وغلبهم العطش فلم يروا وبقوا على شط النهر وجنبوا عن لقاء العدو فلم يجاوزوا ولم يشهدوا الفتح، وقيل لهم جاوزوا ولكن لم يحضر القتال إلا الذين لم يشربوا

(باب عدد من جاوز النهار مع طالوت) (عن البراء بن عازب) (1) قال كنا نتحدث أن عدة أصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم كانوا يوم بدر على عدة أصحاب طالوت يوم جالوت، ثلاثمائة وبضعة عشر (2).

_ (1) (سنده) حدثنا وكيع ثنا أبى وسفيان واسرائيل عن أبى اسحاق عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (2) هذا هو الصحيح فى عدد الذين جاوزوا النهر معه كما تقدم (تخريجه) (خ) وابن جرير والبغوى قال تعالى (فلما جاوزه) يعنى النهر (هو) يعنى طالوت (والذين آمنوا معه) يعنى القليل (قالوا) أى الذين شربوا وخالفوا أمر الله وكانوا أهل شك ونفاق (لا طاقة لنا اليوم بجالوت وجنوده) قال ابن عباس والسدى فأغرقوا ولم يجاوزوا (قال الذين يظنون) أى يتيقنون (أنهم ملاقوا الله) وهم الذين ثبتوا مع طالوت (كم من فئة) جماعة وهى جمع لا واحد له من لفظه وجمعها فئات وفئون فى الرفع وفئين فى الخفض والنصب (قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله) بقضائه وقدره وارادته (والله مع الصابرين) بالنصر والمعونة (ولما برزوا) يعنى طالوت وجنوده يعنى المؤمنين (لجالوت وجنوده) المشركين، ومعنى برزوا صاروا بالبراز فى الأرضوهو ما ظهر واستوى فيها (قالوا ربنا أفرغ علينا صبرا) أى أنزل واصبب (وثبت أقدامنا) أى قوّ قلوبنا (وانصرنا على القوم الكافرين) فهزموهم بإذن الله) تعالى (وقتل داود جالوت) (قصة نبى الله داود عليه السلام وقتل جالوت) ذكر السدى فيما يرويه أن داود عليه السلام كان أصغر أولاد أبيه وكانوا ثلاثة عشر ذكرا كان سمع طالوت ملك بنى اسرائيل وهو يحرض بنى اسرائيل على قتل جالوت وجنوده وهو يقول من قتل جالوت زوجته بابنتى وأشركته فى ملكى، وكان داود عليه السلام يرمى بالقذافة وهو المقلاع رميا عظيما، فبينما هو سائر مع بنى اسرائيل إذ ناداه حجر أن خذنى فان بى تقتل جالوت فأخذه ثم حجر آخر كذلك، ثم آخر كذلك فأخذ الثلاثة فى مخلاته فلما تواجه الصفان برز جالوت ودعا إلى نفسه فتقدم اليه داود فقال له ارجع فانى أكره قتلك، فقال لكنى أحب قتلك، وأخذ تلك الأحجار الثلاثة فوضعها فى القذافة ثم أدارها فصارت الثلاثة حجراً واحداً، ثم رمى بها جالوت ففلق رأسه وفر جيشه منهزما، فوفىّ له طالوت بما وعده وزوجه أبنته وأجرى حكمه فى ملكه وعظم داود عليه السلام عند بنى اسرائيل وأحبوه ومالوا اليه أكثر من طالوت، فذكروا أن طالوت حسده وأراد قتله واحتال على ذلك فلم يصل أليه، وجعل العلماء ينهون طالوت عن قتل داود فتسلط عليهم فقتلهم حتى لم يبق منهم الا القليل، ثم حصل له توبة وندم واقلاع عما سلف منه وجعل يكثر من البكاء ويخرج الى الجبانة فيبكى حتى يبل الثرى بدموعه، فنودى ذات يوم من الجبانة أن يا طالوت قتلتنا ونحن أحياء وآذيتنا ونحن أموات فازداد لذلك بكاؤه وخوفه واشتد وجله ثم جعل يسأل عن عالم يسأله عن أمره وهل له توبة فقيل له وهل أبقيت عالما؟ حتى دل على امرأة من العابدات فأخذته فذهبت به الى قبر يوشع عليه السلام، قالوا فدعت الله فقام يوشع من قبره فقال أقامت القيامة؟ فقالت لا، ولكن هذا طالوت يسألك هل له من توبة فقال نعم، ينخلع من الملك ويذهب ويقاتل فى سبيل الله حتى يقتل، ثم عاد ميتا، فترك الملك لداود عليه السلام وذهب ومعه ثلاثة عشر من أودلاه فقاتلوا فى سبيل الله حتى قتلوا: فذلك قوله تعالى (وآتاه الله الملك والحكمة ولعمه مما يشاء) هكذا ذكره ابن جرير، وفى بعض هذا نظر ونكارة، قال محمد بن اسحاق النبى الذى بعث فأخبر طالوت بتوبته هو اليسع بن أخطوب حكاه ابن جرير أيضا، وذكر الثعلبى أنها أتت به الى قبر

الذين جازوا معه النهر قال ولم يجاوز معه النهر إلا مؤمن (باب ما جاء فى فضله وقراءته وحسن صوته) (عن أبى هريرة) (1) عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال خفف على داود عليه السلام القراءة (2) وكان يأمر بدابته فسرج وكان يقرأ القرآن قبل أن تسرج دابته (3) وكان لا يأكل إلا من عمل يده (4) (عن عائشة رضى الله عنها) (5) أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم سمع صوت أبى موسى الأشعرى وهو يقرأ فقال أوتى أبو موسى من مزامير آل داود (6).

_ شمويل فعاتبه على ما صنع بعده من الأمور، قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه هذا أنسب، ولعله انما رآه فى المنام، لا أنه قام من القبر حياً، فان هذا إنما يكون معجزة لنبى، وتلك المرآة لم تكن نبية والله أعلم (ما جاء فى نسب داود عليه السلام) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه هو داود بن ايشا بن عويد بن عابر ابن سلمون بن تحثون بن عويناذب بن أرم بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن اسحاق ابن ابراهيم الخليل عبد الله ونبيه وخليفته فى أرض بيت المقدس، قال محمد بن اسحاق عن بعض أهل العلم عن وهب بن منبه كان داود عليه السلام قصيرا أزرق العينين قليل الشعر طاهر القلب ونقيه تقدم أنه لما قتل جالوت وكان قتله له فيما ذكر ابن عساكر عند قصر أم حكيم بقرب مرح الصفر فأحبته بنو اسرائيل ومالوا اليه والى ملكه عليهم فكان من أمر طالوت ما كان وصار الملك الى داود عليه السلام وجمع الله له بين الملك والنبوة بين خيرى الدنيا والآخرة، وكان الملك يكون فى سبط والنبوة فى آخر، فاجتمع فى داود هذا وهذا كما قال تعالى (وقتل داود جالوت وآتاه الله الملك والحكمة وعلمه مما يشاء ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الارض ولكن الله ذو فضل على العالمين) أى لولا إقامة الملوك حكاما على الناس لأكل قوى الناس ضعيفهم، ولهذا جاء فى بعض الآثار (السلطان ظل الله فى أرضه) وقال أمير المؤمنين عثمان بن عفان (ان الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن) (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام أبن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) هكذا جاء فى المسند القراءة: وجاء فى البخارى بلفظ (خفف على داود عليه السلام القرآن) وله فى رواية أخرى القراءة كما عند الامام احمد، قال التوربشتى أى الزبور، وانما قال القرآن لأنه قصد به إعجازه عن طريق القراءة، وقال غيره قرآن كل نبى يطلق على كتابه الذى أوحى اليه، قال العلماء وكان فى الزبور التحميد والتمجيد والثناء على الله، وقال القرطبى كان فيه مائة وخمسون سورة ليس فيها حكم ولا حلال ولا حرام، وانما هى حكم ومواعظ، وكان داود حسن الصوت اذا أخذ فى قراءة الزبور اجتمع عليه الأنس والجن والوحش والطير لحسن صوته (3) جاء عند البخارى فكان يأمر بدوابه فتسرح فيقرأ القرآن) يعنى الزبور (قبل ان تسرج دوابه) قال العلماء فيه دلالة على أن الله تعالى يطوى الزمان لمن شاء من عباده كما يطوى المكان لهم (4) قال ابن أبى حاتم حدثنا على بن الحسين حدثنا ابن سماعة حدثنا ابن ضمرة عن شوذب قال كان داود عليه السلام يرفع فى كل يوم درعا فيبيعها بستة آلاف درهم الغين له ولأهله: وأربعة آلاف درهم يطعم بها بنى اسرائيل خبز الحوارى (تخريجه) (خ. وغيره) (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهرى عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (6) تقدم مثله من حديث بريدة الأسلمي فى باب

(عن أبي هريرة) (1) ان النبى صلي الله عليه وسلم سمع عبد الله بن قيس فقال لقد أعطى هذا من مزامير آل داود النبى عليه السلام (وفى لفظ) لقد أعطى أبو موسى مزامير داود (باب ما جاء فى صومه وصلاته) (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) (2) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم أحب الصيام الى الله صيام داود، وأحب الصلاة الى الله صلاة داود (3) كان ينام نصفه ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوما ويفطر يوما.

_ ما جاء في الجهر بقراءة القرآن والتغنى به الخ فى الجزء الثامن عشر صحيفة 15 رقم 43 وتقدم شرحه هناك (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للإمام احمد وقال هذا على شرط الشيخين ولم يخرجاه من هذا الوجه إه (قلت) آخرجه الشيخان من حديث أبى موسى نفسه (1) (سنده) حدثنا روح حدثنا محمد بن أبى حفصة قال حدثنا الزهرى عن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ (تخريجه) (جه) وسنده جيد ورجاله تقات وتقدم مثله عن أبى هريرة أيضا فى الباب المشار أليه آنفا فى الجزء الثامن عشر صحيفة 15 رقم 42 وتقدم شرحه هناك (باب) (2) (سنده) حدثنا سفيان سمعت عمراً أخبرنى عمرو ابن أوس سمعه من عبد الله بن عمرو بن العاص الخ (غريبه) (3) المراد بالصيام والصلاة التطوع منهما (أما الصلاة) فقد بين كيفيتها المحبوبة بقوله (كان ينام نصفه) يعنى نصف الليل أعانة على قيام البقية المشار إليها بقوله تعالى (جعل لكم الليل لتسكنوا فيه) (ويقوم ثلثه) من أول النصف الثانى لكونه وقت التجلى وهو أعظم أوقات العبادة وافضل ساعات الليل والنهار (وينام سدسه) الأخير ليريح نفسه ويستقبل الصبح وأذكار النهار بنشاط، ولا يخفى ما فى ذلك من الأخذ بالأرفق على النفس التى يخشى سآمتها المؤدية لترك العبادة (وأما الصيام) فقد بين كيفيته المستحبة بقوله (وكان يصوم يوما ويفطر يوما) فهو أفضل من صوم الدهر لأنه أشق على النفس بمصادفة مألوفها يوما ومفارقته يوما (قال الامام الغزالى) وسره ان من صام الدهر صار الصوم له عادة فلا يحس بوقعه فى نفسه بالانكسار وفى قلبه بالصفاء وفى شهواته بالضعف، فان النفس انما تتأثر بما يرد عليها لا بما تمرنت عليه، ألا ترى أن الأطباء نهوا عن اعتياد شرب الدواء وقالوا من تعوده لم ينتفع به اذا مرض لالف مزاجه له فلا يتأثر به، وطب القلوب قريب من طب الأبدان أه (تخريجه) (ق دنس جه) وفى هذا الحديث دلالة على فضل داود عليه السلام (ومما ورد فى فضله) ما ذكر الله عز وجل فى كتابه بقوله (واذكر عبدنا داود ذا الأيد) قال ابن عباس أى القوة فى العبادة، وقال مجاهد الايدى القوة فى الطاعة، وقال قتادة أعطى داود عليه السلام قوة فى العبادة وفقها فى الاسلام، وقد ذكر لنا انه عليه السلام كان يقوم ثلث الليل ويصوم نصف الدهر (قلت) يعنى حديث الباب (إنه أوّاب) أى رجاع الى الله عز وجل بالتوبة عن كل ما يكره، قال ابن عباس مطيع، وقال سعيد بن جبير مسبح بلغة الحبش (إنا سخرنا الجبال معه يسبحن بالعشىِّ والاشراق) أى إنه تعالى سخر الجبال تسبح معه عند اشراق الشمس وآخر النهار كما قال عز وجل (يا جبال أوبى معه والطير) وكذلك كانت الطير تسبح بتسبيحه وترجع بترجيعه أذا مر به الطير وهو سابح فى الهواء تسمعه وهو يترنم بقراءة الزبور لا يستطيع الذهاب، بل يقف فى الهواء ويسبح معه وتجيبه الجبال الشامخات ترجع معه وتسبح تبعا له (والطير محشورة) أى وسخرنا له الطير محبوسة فى الهواء مجموعة أليه تسبح معه (كل له أوَّب) مطيع رجاع إلى طاعته بالتسبيح، وقيل أوَّب معه أى مسبح (وشددنا ملكه) أى جعلنا له ملكا كاملا من جميع ما يحتاج

_ إليه الملوك، قال أبن أبى نجيح عن مجاهد كان أشد أهل الدنيا سلطانا، وقال السدى كان يحرسه كل يوم أربعة آلاف، وقال بعض السلف ان كان يحرسه فى كل ليلة ثلاثة وثلاثون ألفا لا تدور عليهم النوبة فى مثلها من العام المقابل، وقد ذكر ابن جرير وأبن أبى حاتم من رواية علياء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس رضى الله عنهما ان نفرين من بنى اسرائيل استعدى أحمدهما على الآخر الى داود عليه الصلاة والسلام انه أغتصبه بقرا فأنكر الآخر ولم يكن للمدعى بينة فأرجأ أمرهما حتى ينظر فيه، فأوحى الله داود فى منامه ان يتقل الذى أستعدى عليه، فقال هذه رؤيا ولست أعجل حتى أتثبت، فأوحى اليه مرة أخرى فلم يفعل فأوحى الله أليه الثالثة ان يقتله أو تأتيه العقوبة، فأرسل داود أليه فقال له أن الله أوحى الىِّ أن أقتلك. فقال تقتلنى بغير بينة، فقال داود نعم والله لانفذن أمر الله فيك، فلما عرف الرجل أنه قاتله قال له لا تعجل حتى أخبرك، انى والله ما أخذت بهذا الذنب، ولكنى كنت اغتلت والد هذا فقتلته فلذلك أخذت، فأمر به داود فقتل فاشتدت هيبة بنى اسرائيل عند ذلك لداود واشتد به ملكه، فذلك قول الله عز وجل (وشددنا ملكه وأتيناه الحكمة) يعنى النبوة والإصابة فى الأمور، وقال مجاهد يعنى الفهم والعقل (وفصل الخطاب) قال شريح القاضى والشعبى فصل الخطاب الشهود والأيمان، وقال قتادة شاهدان على المدعى أو يمين المدعى عليه هو فصل الخطاب الذى به الانبياء والرسل، أو قال المؤمنون والصالحون، وهو قضاء هذه الأمة الى يوم القيامة (روى ابن أبى حاتم) بسنده عن أبى موسى رضى الله عنه قال أول من قال (أما بعد) داود عليه السلام وهو فصل الخطاب، وكذا قال الشعبى فصل الخطاب أما بعد (قلت) يعنى قول الانسان بعد حمد الله والثناء عليه (أما بعد) اذا أراد الشروع فى كلام آخر والله أعلم (باب ما جاء فى فتنة داود عليه السلام) ذكر بعض المفسرين واصحاب السير عن الاسرائيليات قصة منسوبة الى داود عليه السلام لا أساس لها من الصحة، ولم يثبت فيها عن المعصوم حديث يجب أتباعه لأنها تخل بشرف النبوة، ولا يصح وقوعها من المتسمين بالصلاح فضلا عن بعض أعلام الأنبياء وهو داود عليه السلام الذى أثنى الله عليه فى كتابه ثناءا جميلا، وتقدم بعض ذلك، قالوا ان داود نظر الى امرأة أو ريا فأعجبته فأرسله الى الغزو مرة بعد مرة ليقتل الرجل ويتزوج أمرأته، وفعلا قتل الرجل فى الغزو فتزوج امرأته فهذا كذب واختلاف على الأنبياء، على أن قصته قد جاءت فى كتاب الله عز وجل فى قوله تعالى (وهل أتاك نبأ الخصم إذ تسوروا المحراب: أذ دخلوا على داود ففزع منهم قالوا لا تخف، خصمان بغى بعضنا على بعض فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط وأهدنا الى سواء الصراط: ان هذا أخى له تسع وتسعون نعجة ولى نعجة واحدة فقال أكفلينها وعزنى فى الخطاب: قال لقد ظلمك بسؤال نعجتك الى نعاجه، وأن كثيرا من الخلطاء ليبقى بعضهم على بعض ألا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وقليل ما هم، وظن داود إنما فتناه فأستغفر ربه وخرّ راكعا وأناب، فغفرنا له ذلك وأن له عندنا لزلفى وحسن مآب) فما جاء فى كتاب الله عز وجل يشير الى أن داود عليه السلام طلب الى زوج المرأة أن ينزل له عنها، ويروى أن أهل زمانه كان يسأل بعضهم بعضا أن يتنازل له عن امرأته فيتزوجها أذا أعجبته، وكان لهم عادة فى المواساة بذلك وكان الأنصار فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم يواسون المهاجرين بمثل ذلك، فاتفق أن داود وقعت عينه على امرأة أوريا فاعجبته فسأله النزول له عنها فأستحى أن يرده ففعل فتزوجها داود، وقيل خطبها أوريا ثم غاب عنها فخطبها داود بعد أن طالت غيبة أوريا فآثره أهلها، فكانت زلته ان خطب امرأة مخطوبة لغيره على أنه لم يخطبها إلا بعد أن طالت غيبة أوريا، واختيار أهلها لداود لما له من الشرف والمكانة، وقد فهم

(باب ذكر وفاته وكيفيتها ومدة عمره (1) عليه السلام) (عن أبى هريرة) (2) أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال كان داود النبي فيه غيرة شديدة، وكان اذا خرج أغلقت الأبواب فلم يدخل على أهله أحد حتى يرجع، قال فخرج ذات يوم وغلقت الدار فأقبلت امرأته تطلع الى الدار فاذا رجل قائم وسط الدار، فقالت لمن فى البيت من أين دخل هذا الرجل الدار والدار مغلقة؟ والله لتفتضحن فجاء داود فاذا الرجل قائم وسط الدار، فقال له داود من أنت؟ قال أنا الذى لا أهاب الملوك ولا يمتنع منى شئ، فقال داود أنت والله ملك الموت فمرحبا بأمر الله، فرُمل (3) داود مكانه حيث قبضت روحه حتى فرغ من شأنه وطلعت عليه الشمس، فقال سليمان للطير أظلى على داود، فأظلت عليه الطير حتى أظلمت عليهما الأرض، فقال لها سليمان اقبضى جناحا جناحا، قال أبو هريرة، يرينا رسول الله صلي الله عليه وسلم كيف فعلت الطير وقبض رسول الله صلي الله عليه وسلم بيده، وغلبت عليه يومئذ المطر حيه (4)

_ داود من قصة الرجلين المتخاصمين أنه هو المقصود بذلك، وفطن الى حقيقة الحال فاستغفر ربه وخر راكعا وجاهد نفسه راغبا الى الله عز وجل فى العفو والصفح والغفران، فتاب الله عليه وغفر زلته وبقى له منزلة الأنبياء المكرمين حيث قال عز من قائل (فغفرنا له ذلك وان له عندنا لزلفى وحسن مآب) أى وان له يوم القيامة لقربة يقربه الله عز وجل بها وحسن مرجع، وهو الدرجات العالية فى الجنة لنبوته وعدله التام فى ملكه، وما كان يدور يخلد نبى الله داود أن ذلك الأمر يستوجب اللوم والعقاب ولكن الله حاسبه فألزمه الحجة على علو كعبه وعظم منزلته حتى يوقن الناس ان الله عز وجل لا يترك صغيرة ولا كبيرة ألا أحصاها، وأنه يؤاخذ الناس جميعا بأعمالهم سواء فى ذلك زعامتهم وأنبياؤهم فلا يدع مؤاخذة نبى لنبوته ولا يغفل عن حق مظلوم أقعده ضعفه عن بسط ظلامته نسأله تعالى التوفيق الى أقوم طريق (باب) (1) تقدم فى باب أول من جحد آدم من كتاب الخلق فى هذا الجزء صحيفة 29 رقم 94 أنه لما استخرج الله ذرية آدم من ظهره فرآى آدم فيهم الأنبياء عليهم السلام ورأى فيهم رجلا يزهر فقال اى رب من هذا؟ فقال هذا؟ فقال هذا ابنك داود، قال أى رب كم عمره؟ قال ستون عاما، قال أى رب زد فى عمره قال لا: إلا أن أزيد من عمرك، وكان عمر آدم ألف عام فزاده أربعين عاما، فلما إنقضى عمر آدم جاءه ملك الموت فقال بقى من عمرى أربعون سنة ونسى آدم ما كان وهبه لولده داود، فأتمها الله لآدم ألف سنة ولداود مائة سنة (2) (سنده) حدثنا قتيبة حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد يعنى القارى عن عمرو بن أبى عمرو عن المطلب عن أبى هريرة الخ (غريبه) (3) جاء فى رواية أخرى للامام أحمد ثم مكث حتى قبضت روحه، والظاهر أن معنى قوله رمل أى دفن والله أعلم (4) بالضاد المعجمة وجاء فى الأصل بالصاد المهملة وهو خطأ من الناسخ (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه ومعنى قوله (وغلبت عليه يومئذ المضر حية) أى وغلبت على التظليل عليه الصقور الطوال الأجنحة وأحدها مضر حيّ، قال الجوهرى وهو الصقر الطويل الجناح (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للامام احمد فقط وقال انفرد باخراجه الامام أحمد واسناده جيد قوى ورجاله ثقات، قال وقال ابن جرير وقد زعم بعض أهل الكتاب أن عمر داود كان سبعا وسبعين سنه (قلت) هذا غلط مردود عليهم، قالوا وكان مدة ملكه أربعين سنة وهذا قد يقبل نقله لأنه ليس عندنا ما ينافيه ولا ما يقتضيه، وقال السعدى

(باب ذكر نبى الله سليمان وعظم ملكه) (عن عبد الله بن عمرو) (1) قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول ان سليمان بن داود عليه السلام سأل الله ثلاثا فأعطاه اثنتين، ونحن نرجو أن تكون له الثالثة (2) فسأله حكما يصادف حكمه (3) فأعطاه إياه، وسأله ملكا لا ينبغى لأحد من بعده (4) فأعطاه إياه.

_ عن أبي مالك عن أبن عباس قال مات داود عليه السلام فجأة وكان بسبت (يعنى يوم السبت) وكانت الطير تظله، وقال اسحاق بن بشر عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن الحسن قال مات داود عليه السلام وهو ابن مائة سنة، وقال أبو السكن الهجرى مات ابراهيم الخليل فجأة وداود فجأة وابنه سليمان فجأة صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين (باب ذكر نبى الله سليمان بن داود عليهما السلام ونسبه) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه قال الحافظ ابن عساكر هو سليمان بن داود بن ايشا بن عويد بن عابر أبن سلمون بن نحشون بن عمينا داب بن أرم بن حصرون بن فارص بن يهوذا بن يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم أبى الربيع نبى الله بن نبى الله، (جاء فى بعض الآثار) أنه دخل دمشق، قال ابن ماكولا فارص بالصاد المهملة وذكر نسبه قريبا مما ذكره ابن عساكر قال الله تعالى (وورث سليمان داود وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير وأوتينا من كل شئ ان هذا لهو الفضل المبين) أى ورثه فى النبوة والملك، وليس المراد ورثه فى المال، لأنه قد كان له بنون غيره فما كان ليخص بالمال دونهم، ولأنه قد ثبت فى الصحاح من غير وجه عن جماعة من الصحابة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا فهو صدقة (وفى لفظ) (نحن معاشر الأنبياء لا نورث) فأخبر الصادق المصدوق أن الأنبياء لا تورث أموالهم عنهم كما يورث غيرهم، بل تكون أموالهم صدقة من بعدهم على الفقراء والمحاويج لا يخصون بها أقرباءهم، لأن الدنيا كانت أهون عليهم واحقر عندهم من ذلك، كما هى عند الذى أرسلهم وفضلهم واصطفاهم (وقال يا أيها الناس علمنا منطق الطير الآية) يعنى انه عليكم السلام كان يعرف لغة الطير وتخاطبه بلغاتها ويعبر للناس عن مقاصدها وارادتها، وكذلك ما عداها من الحيوانات وسائر صنوف المخلوقات، والدليل على هذا قوله بعد هذا من الآيات (وأوتينا من كل شئ) أى من كل ما يحتاج الملك أليه من العدد والآلات والجنود والجيوش والجماعات من الجن والانس والطيور والوحوش والشياطين السسارحات والعلوم والفهوم والتعبير عن ضمائر المخلوقات من الناطقات والصامتات ثم قال (لن هذا لهو الفضل المبين) أى من بارئ البريات وخالق الارض والسموات، وهو الذى جدد بناء بيت المقدس، وأول من جعله مسجدا يعقوب أبن اسحاق بن ابراهيم الخليل كما تقدم ذلك فى آخر باب ذكر نبى الله اسحاق ثم يعقوب ثم جدده سليمان بناه بناء محكما بأمر الله عز وجل، وكان سؤاله الملك الذى لا ينبغى لأحد من بعده بعد إكماله لبيت المقدس كما يشير الى ذلك الحديث الآتى (1) (سنده) حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا ابراهيم بن محمد أبو اسحاق الفزارى حدثنا الاوزاعى حدثنى وبيعة بن يزيد عن عبد الله بن الديلى عن عبد الله بن عمرو (يعنى ابن العاص) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) جاء فى رواية أخرى بلفظ إن سليمان لما بنى بيت المقدس سأل ربه عز وجل خلالا ثلاثا الخ (3) يعنى حكم الله عز وجل (فأعطاه إياه) وستأتى القصة فى ذلك فى الباب التالى (4) ذكر الحافظ ابن كثير فى تفسير قوله تعالى حكاية عن سليمان (قال رب اغفر لى وهب لى

وسأله إيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد (1) خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه فنحن نرجو أن يكون الله عز وجل قد اعطاه إياه (عن أبى هريرة) (2) عن النبى صلي الله عليه وسلم قال ان عفريتا من الجن تفلت علىّ البارحة ليقطع علىّ الصلاة فامكننى الله منه فدَعَتُه وأردت أن أربطه الى جنب سارية من سوارى المسجد حتى تصبحوا فتنظروا اليه كلكم أجمعون، قال وأردت أن أربطه الى جانب سارية من سوارى المسجد حتى تصبحوا فتنظروا اليه كلكم أجمعون، قال فذكرت دعوة أخى سليمان رب هب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى، قال فردُه خاسئاً.

_ ملكًا لا ينبغي لأحد من بعدي) ذكر فى ذلك أقوالا ثم قال الصحيح أنه سأل من الله ملكا لا يكون لأحد من بعده من البشر مثله، قال وهذا هو ظاهر السياق من الآية، وبذلك وردت الأحاديث الصحيحة من طرق عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرها (منها) الحديث التالى وعزاه للإمام أحمد (1) يعنى مسجد بيت المقدس الذى بناه وجدده (تخريجه) (ق، وغيرهما) قال العلماء إنما دعا سليمان ربه بهذه الدعوات بعد أن ابتلاه الله بالفتنة وبعد بناء بيت المقدس قال تعالى (ولقد فتنا سليمان وألقينا على كرسيه جسدا ثم أناب (قال رب اغفر لى الخ) (2) (عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى خلق الجن الخ فى هذا الجزء صحيفة 24 رقم 78 وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (هذا) وقد ذكر المفسرون وأصحاب السير فى فتنة سليمان قصصاً كثيرة كلها من الإسرائيليات، ومنهم الحافظ ابن كثير ولكنه نبه أنها من الإسرائيليات اخترت منها هذه القصة لأنها أقرب الى الصواب والعقل (باب فتنة سليمان عليه السلام) (قال السدى) فى قوله تعالى (ولقد فتنا سليمان) أى ابتلينا سليمان (وألقينا على كرسيه جسدا) قال شيطانا جلس على كرسيه أربعين يوما، قال كان لسليمان عليه الصلاة والسلام مائة امرأة، وكانت امرأة منهن يقال لها جرادة وهى آثر نسائه وآمنهن عنده وكان اذا أجنب أو أتى حاجة نزع خاتمه ولم يأمن عليه أحدا من الناس غيرها، فأعطاها يوما خاتمه ودخل الخلاء فخرج الشيطان فى صورته فقال هاتى الخاتم فأعطته فجاء حتى جلس على مجلس سليمان وخرج سليمان بعد ذلك فسألها أن تعطيه خاتمه، فقالت ألم تأخذه قبل؟ قال لا، وخرج من مكانه تائها ومكث الشيطان يحكم بين الناس أربعين يوما، قال فأنكر الناس أحكامه فاجتمع قراء بنى اسرائيل وعلماؤهم فجاءوا حتى دخلوا على نسائه فقالوا لهن إنا قد أنكرنا هذا فان كان سليمان: فقد ذهب عقله وأنكرنا أحكامه، قال فبكى النساء عند ذلك، قال فأقبلوا يمشون حتى أتوه فأحدقوا به ثم شرعوا يقرءون التوراة: قال فطار من بين أيديهم حتى وقع على شرفة والخاتم معه، ثم طار حتى ذهب إلى البحر فوقع الخاتم منه فى البحر فابتلعه حوت من حيتان البحر، قال وأقبل سليمان عليه السلام فى حالته التى كان فيها حتى انتهى إلى صيادى البحر وهو جائع وقد اشتد جوعه فسألهم عن صيدهم وقال إنى أنا سليمان، فقام أليه بعضهم فضربه بعصا فشجه فجعل يغسل دمه وهو على شاطئ البحر، فلام الصيادون صاحبهم الذى ضرب فقالوا بئس ما صنعت حيث ضربته، قال إنه زعم أنه سليمان قال فأعطوه سمكتين مما قد ندر عنذهم (أى تغيير) ولم يشغله ما كان به من الضرب حتى قام إلى شاطئ البحر فشق بطونهما فجعل يغسل فوجد خاتمه فى بطن إحداهما، فأخذه فلبسه فرد الله عليه بهاءه وملكه، فجاءت الطير حتى حامت عليه فعرف القوم أنه سليمان عليه السلام، فقام القوم يعتذرون مما صنعوا، فقال ما أحمدكم

(باب ما جاء في شيء من حكمه فى القضايا) (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم بينما امرأتان معهما ابنان لهما جاء الذئب فأخذ أحد الابنين (2) فتحاكما الى داود فقضى به الكبرى (3) فخرجتا فدعاهما سليمان فقال هاتوا السكين أشقه بينهما (4) فقالت الصغرى يرحمك الله هو أبنها لا تشقه، فقضى به الصغرى (5) قال أبو هريرة والله ان علمنا ما السكين إلا يومئذ (6).

_ على عذركم ولا ألومكم على ما كان منكم، كان هذا الأمر لابد منه، قال فجاء حتى أتى ملكه وأرسل الى الشيطان فجئ به فأمر به فجعل فى صندوق من حديد ثم أطبق عليه وقفل عليه بقفل وختم عليه بخاتمه، ثم أمر به فالقى فى البحر فهو فيه حتى تقوم الساعة، وكان اسمه حبقبق، قال وسخر الله له الريح ولم تكن سخرت له قبل ذلك، وهو قوله (وهب لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى إنك أنت الوهاب فسخرنا له الريح الآية) (باب) (1) (سنده) حدثنا على بن حفص أنا ورقاء عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) جاء عند الشيخين فتنازعتا فى الآخرة فقالت الكبرى انما ذهب بابنك وقالت الصغرى إنما ذهب بابنك، فتحا كمتا الخ (3) إنما قضى به للكبرى لأمارات ظهرت له وان كانت غير الحقيقة فى الواقع (4) أنما قال ذلك سليمان لما التبس عليه الأمر وهو يعلم أن الانسان يرضى باغتصاب ولده ويبقى حيا أولى من ذبحه أمامه فاراد ان يختبرهما بذلك، وهذا من حسن السياسة وتوفيق الله تعالى اله (5) حينئذ علم انه ابن الصغرى فقضى به لها (6) معناه انهم لم يعلموا ان المدية يقال لها سكين أيضا الا هذا اليوم من النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق، وغيرهما) ومن ذلك قول الله عز وجل (وداود وسليمان إذ يحكمان فى الحرث اذ تفشت فيه غم القوم وكنا لحكمهم شاهدين: ففناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما) وقد ذكر شريح القاضى وغير واحد من السلف أن هؤلاء القوم كان لهم كرم فنفشت فيه غم قوم آخريم أى رعته بالليل فأكلت شجره بالكلية، فتحاكموا إلى داود عليه السلام فحكم لأصحاب الكرم بقيمته، فلما خرجوا على سليمان قال بما حكم لكم نبى الله؟ فقالوا بكذا وكذا، فقال أما لو كنت أنا لما حكمت إلا بتسليم الغنم إلى أصحاب الكرم، فيستغلونها نتاجا ودرَّا حتى يصلح أصحاب الغنم كرم أولئك ويردوه إلى ما كان عليه ثم يتسلموا غنمهم، فبلغ داود عليه السلام ذلك فحكم به، ولعل كلا من الحكمين كان سائغا فى شريعتهم ولكن ما قاله سليمان أرجح، ولهذا النى الله عليه بما ألهمه إياه ومدح بعد ذلك إياه فقال (وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين وعلمناه صنعة لبوس) وهى الدرع لأنها تلبس، وهو أول من صنعها وكان قبلها صفائح (لنحصنكم من بأسكم) أى لتقيكم من حربكم مع أعدائكم (فهل أنتم شاكرون) نعمى عليكم أى أشكرونى بذلك (ولسليمان الريح عاصفة) أى وسخرنا لسليمان الريح عاصفة أى شديدة الهبوب وفى آية أخرى (رخاءاً) أى خفيفة الهبوب بحسب إراداته (تجرى بأمره الى الأرض التى باركنا فيها) وهى الشام (وكنا بكل شئ عالمين) ومن ذلك علمه تعالى بأن ما يعطيه سليمان يدعوه إلى الخضوع لربه ففعله تعالى على نقتضى علمه، وقال تعالى فى سورة ص (فسخرنا له الريح تجرى بأمره رخاءاً حيث أصاب) أى حيث أراد من البلاد (والشياطين كل بناء وغواص وآخرين مقَّرنين فى الأصفاد، هذا عطاءنا فامنن أو أمسك) أى إعط من شئت؟ وأمسك عمن شئت (بغير حساب) ولا حرج عليك فيما أعطيت وفيما أمسكت (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه كان له بساط مركب من أخشاب بحيث انه يسع جميع

وما كنا نقول إلا المدبة (باب ما جاء فى كثرة نسائه وسراريه) (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم قال سليمان بن داود لأطوفن الليلة بمائة امرأة تلد كل امرأة منهن غلاما.

_ ما يحتاج إليه من الدور المتينة والقصور والخيام والأمتعة والخيول والجمال والأثقال والرجال من الانس والجن وغير ذلك من الحيوان والطيور، فإذا أراد سفرا أو مستنزها أو قتال ملك أو أعداء من أى بلاد الله شاء حمل هذه الأمور المذكورة على البساط ثم أمر الريح فدخلت تحته فرفعته فإذا استقل بين السماء والأرض أمر الرخاء فسارت به، فان أراد أسرع من ذلك أمر العاصفة فحملته أسرع ما يكون فوضعته فى أى مكان شاء بحيث أنه كان يرتحل فى أول النهار من بيت المقدس فتغدو به الريح فتضعه باصطخر مسيرة شهر فيقيم هناك إلى آخر النهار، ثم يروح من آخره فترّده إلى بيت المقدس كما قال تعالى (ولسليمان الريح غدوّها، شهر ورواحها شهر وأسلنا له عين القطر ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه، ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير. يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل وجفان كالجواب وقدور راسيات، اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادى الشكور) قال الحسن البصرى كان يغدو من دمشق فبنزل باصطخر فيتغدى بها ويذهب رائحاّ منها فيبيت بكابل، وبين دمشق وبين اصطخر مسيرة شهر، وبين اصطخر وكابل مسيرة شهر (قال الحافظ ابن كثير) قد ذكر المتكلمون على العمران والبلدان أن اصطخر بنتها الجان لسليمان وكان فيها قرار مملكة الترك قديما وكذلك غيرها من بلدان شتى كتدمر وبيت المقدس وباب جبرون وباب البريد الذى بدمشق على أحد الأقوال (وإما للقِطر) فقال ابن عباس ومجاهد وعكرمة وقتادة وغير واحد هو النحاس، قال قتادة وكانت باليمن أنبعها الله له، قال السدى ثلاثة أيام فقط أخذ منها جميع ما يحتاج اليه للبنايات وغيرها وقوله تعالى (ومن الجن من يعمل بين يديه بإذن ربه ومن يزغ منهم عن أمرنا نذقه من عذاب السعير) أى وسخر الله له من الجن عمالا يعملون له ما يشاء لا يفترون ولا يخرجون عن طاعته، ومن خرج منهم عن الأمر عذبه ونكل به (يعملون له ما يشاء من محاريب) وهى الأماكن الحسنة وصدور المجالس (وتماثيل) وهى الصور فى الجدران، وكان هذا سائغا فى شريعتهم وملتهم (وجفان كالجواب) قال ابن عباس الجَفنة كالجوبة من الارض وعنه الحياض وكذا قال مجاهد والحسن وقتادة والضحاك وغيرهم، وعلى هذه الرواية يكون الجواب جمع جابية وهى الحوض يجيء فيه الماء، (وقدور راسيات) أى ثابتات لها قوائم لا تتحرك عن أماكنها وهكذا قال مجاهد وغير واحد: ولما كان هذا بصدد أطعام الطعام والاحسان إلى الخلق من إنس وجان قال تعالى (اعملوا آل داود شكرا وقليل من عبادى الشكور) وقال تعالى (والشياطين كل بناء وخواص وآخرين مقرنين فى الاصفاد) يعنى ان منهم من قد سخره فى البناء ومنهم من يأمره بالغوص فى الماء لاستخراج ما هنالك من الجواهر واللآلئ وغير ذلك مما لا يوجد إلا هناك (وقوله وآخرين مقرنين فى الاصفاد) أى قد عصوا فقيدوا مقرنين اثنين فى الأصفاد وهى القيود، هذا كله من جملة ما هيأه الله وسخر له من الاشياء التى هى من تمام الملك الذى لا ينبغى لأحد من بعده، ولم يكن أيضا لمن كان قبله (باب) (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه ذكر غير واحد من السلف انه كان لسليمان من النساء ألفى امرأة، سبعمائة بمهور وثلاثمائة سوارى، وقيل بالعكس ثلاثمائة حرائر وسبعمائة من الإماء، وقد كان يطيق من التمتع بالنساء أمرا عظيما جدا ثم ذكر حديث الباب (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق

يقاتل في سبيل الله، قال ونسى أن يقول إن شاء الله، فأطاف بهن قال فلم تلد منهن إلا واحد نصف انسان (1) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو قال إن شاء الله لم يحنث (2) وكان دركا لحاجته وفى لفظ لو أنه كان قال ان شاء الله لو لدت كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف فى سبيل الله عز وجل

_ حدثنا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبى هريرة الخ (غريبه) (1) الظاهر والله أعلم انه ضعيف لا يصلح ولا يغنى شيئا (2) أى لم يؤاخذ وكان دركا لحاجته أى ولدت كل امرأة منهن غلاما يضرب بالسيف فى سبيل الله كما فى الرواية الأخرى (تخريجه) (ق. وغيرهما) وقد كان له عليه السلام من أمور الملك وكثرة الجنود وتنوعها ما لم يكن لأحد قبله ولا يعطيه الله أحدا من بعده كما قال (وأوتينا من كل شئ وقال (رب اغفر لى ملكا لا ينبغى لأحد من بعدى أنك أنت الوهاب) وقد أعطاه الله ذلك بنص الصادق المصدوق، ولما ذكر تعالى ما انعم به عليه واسداه من النعم الكاملة العظيمة اليه قال (هذا عطاؤنا فامنن أو أمسك بغير حساب) أى أعط فيمن شئت وأحرم من شئت فلا حساب عليك، أى تصرف فى المال كيف شئت فان الله قد سوغ لك كل ما تفعله من ذلك ولا يحاسبك على ذلك، وهذا شأن النبى الملك بخلاف العبد الرسول فان من شأنه لا يعطى أحدا ولا يمنع احدا إلا باذن الله له فى ذلك، وقد خير نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بين هذين المقامين فاختار ان يكون عبدا رسولا، وفى بعض الروايات انه استشار جبريل فى ذلك فأشار أليه ان تواضع فاختار ان يكون عبدا رسولا صلوات الله وسلامه عليه: وقد جعل الله الخلافة والملك من بعده فى أمته الى يوم القيامة فلا تزال طائفة من أمته ظاهرين حتى تقوم الساعة والله الحمد والمنة: ولما ذكر تعالى ما وهبه لنبيه سليمان عليه السلام من خير الدنيا نبه على ما أعده له فى الآخرة من الثواب الجزيل والأجر الجميل والقربة التى تقربه أليه والفوز العظيم والاكرام بين يديه وذلك يوم المعاد والحساب حيث يقول تعالى (وان له عندنا لزلفى وحسن مآب) (باب ذكر وفاته عليه السلام) ذكر الامام البغوى فى تفسيره عند قوله تعالى (فلما قضينا عليه الموت) قال أى على سليمان وقال أهل العلم كان سليمان عليه السلام يتحرر أى يتعبد كثيرا حتى يدخل على نفسه المشقة والتعب فى بيت المقدس السنة والسنتين والشهر والشهرين وأقل من ذلك واكثر، يدخل فيه طعامه وشرابه فأدخل فى المرة التى مات فيها وكان بدء ذلك انه كان لا يصبح يوما إلا نبقت فى محراب بيت المقدس شجرة فيسألها ما اسمك؟ فتقول اسمىى كذا، فيقول لأى شئ أنت؟ فتقول لكذا وكذا، فيأمر بها فتقطع، فان كانت نبتت لغرس غرسها، وان كانت لدواه كتب حتى نبتت الخوربة فقال لها ما أنت؟ قالت الخروبة، قال لأى شئ نبتّ؟ قالت لخراب مسجدك، فقال سليمان ما كان الله ليخربه وأنا حى، أنت التى على وجهك هلاكى وخراب بيت المقدس، فنزعها وغرسها فى حائط له، ثم قال اللهم عمّ على الجن موتى حتى يعلم الانس ان الجن لا يعلمون الغيب، وكانت الجن تخبر الانس انهم يعلمون من الغيب أشياء ويعلمون ما فى غد، ثم دخل المحراب فقام يصلى متكئا على عصاه فمات قائما، وكان للمحراب كرسى بين يديه وخلفه وكانت الجن يعملون تلك الأعمال الشاقة التى كانوا يعملون فى حياته وينظرون اليه يحسبون انه حى ولا ينكرون احتباسه عن الخروج إلى الناس لطول صلاته قبل ذلك، فمكثوا يدأبون له بعد موته حولا كاملا حتى أكلت الأرضة عصا سليمان

(باب قصة العزيز وما جاء فى ذلك) (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم نزل نبى من الانبياء تحت شجرة فلدغته نملة فامر بجهازه فأخرج من تحتها ثم أمر بها فأحرقت بالنار فاوحى الله عز وجل اليه فقتلاّ نملة واحدة

_ فخر ميتا فعلموا بموته، قال ابن عباس فشكرت الجن الأرضة فهم يأتونها بالماء والطين فى جوف الخشب فذلك قوله تعالى (ما دلهّم على موته إلا دابة الأرض) وهى الأرضة التى (تأكل مِنْسَأتَه) يعنى عصاه وأصلها من نسأت الغنم أي زجرتها وسقتها، ومنه نسأ الله فى أجله أى أخره (فلما خر) أى سقط على الأرض (تبينت الجن) أى علمت الجن وأيقنت (ان لو كانوا يعملون الغيب ما لبثوا فى العذاب المهين) أى فى التعب والشقاء مسخرين لسليمان وهو ميت يظنونه حيا، أراد الله بذلك أن يعلم الجن أنهم لا يعلمون الغيب لأنهم كانوا يظنون أنهم يعملون الغيب لغلبة الجهل عليهم، وذكر الأزهرى ان معناه تبينت الجن أى ظهرت وانكشفت الجن للانس أى ظهر أمرهم أنهم لا يعلمون الغيب، لأنهم كانوا قد شبهوا على الانس ذلك، وذكر أهل التاريخ ان سليمان كان عمره ثلاثا وخمسين سنة، ومدة ملكه أربعون سنة، وملك يوم ملك وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وابتدأ فى بناء بيت المقدس لاربع سنين مضين من ملكه والله أعلم (باب) (1) (عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب النهى عن تحريق كل ذى روح بالنار فى الجزء السادس عشر صحيفة 30 رقم 95: وأورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وقال رواه الجماعة سوى الترمذى من حديث يونس بن يزيد عن الزهرى عن سعيد وأبى سلمة عن أبى هريرة، وكذلك رواه شعيب عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة فذكره بلفظة كما هنا ثم قال فى آخره فروى اسحاق بن بشر عن ابن جريح عن عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه انه عزير، وكذا روى عن ابن عباس والحسن البصرى أنه عزير فالله أعلم اه (قلت) لهذا ذكرته تحت هذا العنوان توطئه لذكر قصته وقد ذكره الله عز وجل فى كتابه العزيز فقال (وقالت اليهود عزير بن الله وقالت النصارى المسيح بن الله) هذا إغراء من الله تعالى للمؤمنين على قتال الكفار من اليهود والنصارى لمقالتهم هذه المقالة الشنيعة والفرية على الله تعالى: قال الامام البغوى رحمه الله فى تفسيره روى سعيد ابن جبير وعكرمة عن ابن عباس قال أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم جماعةُ من اليهود سلام بن مشكم والنعمان أبن أوفى وشماس بن قيس ومالك بن الصيف كيف نتبعك وقد تركت قبلتنا وأنت لا تزعم ان عزيرا ابن الله؟ فأنزل الله عز وجل (وقالت اليهود عزير بن الله) وقال عبيد بن عمير انما قال هذه المقالة رجل واحد من اليهود اسمه فنحاص ابن عازوراد وهو الذى قال ان الله فقير ونحن أغنياء، وروى عطية العوفى عن ابن عباس رضى الله عنهما قال انما قالت اليهود عزير بن الله من أجل أن عزيرا كان فيهم وكانت التوراة عندهم والتابوت فيهم فأضاعوا التوراة وعملوا بغير الحق فرفع الله عنهم التابوت وأنساهم التوراة ونسخها من صدورهم فدعا الله عزير وابتهل اليه ان يرد اليه الذى نسخ من صدورهم فبينما هو يصلى مبتهلا الى الله تعالى نزل النور من السماء فدخل جوفه فعادت اليه التوراة فأّذن فى قومه وقال يا قوم ان الله تعالى قد آتانى التوراة وردّها الىّ فعلق به الناس يعلمهم فمكثوا ما شاء الله تعالى، ثم ان التابوت نزل بعد ذهابه منهم، فلما رأو التابوت عرضوا ما كان فيه على الذى كان يعلمهم عزير فوجدوه مثله، فقالوا ما أوتى عزير هذا إلا إنه ابن الله (وقال الكلبى) ان بختنصر لما ظهر على بني إسرائيل وقتل

_ من قتل من قراء التوراة وكان عزير إذ ذاك صغيرا فاستصغره فلم يقتله. فلما رجع بنو اسرائيل إلى بيت المقدس وليس فيهم من يقرء التوراة بعث الله عزيرا ليجدد لهم التوراة وتكون لهم آية بعدما أمانه مائة عام (ستأتى قصة موته مائة عام بعد هذا) يقال أتاه ملك باناء فيه ماء فسقاه قمثلت التوراة فى صدره فلما أتاهم قال أنا عزير فكذبوه وقالوا ان كنت كما تزعم فأمل علينا التوراة فكتبها لهم، ثم ان رجلا قال ان أبى حدثنى عن جدى ان التوراة جعلت فى خابية ودفنت فى كرم فانطلقوا معه حتى اخرجوها فعارضوها بما كتب لهم عزير فلم يجدوه غادر منها حرفا، فقالوا ان الله لم يقذف التوراة فى قلب رجل الا أنه ابنه فعند ذلك قالت اليهود عزير بن الله (وأما النصارى) فقالوا المسيح بن الله، وكان السبب فيه أنهم كانوا على دين الاسلام إحدى وثمانين سنة بعد ما رفع عيسى عليه السلام يصلون الى القبلة ويصومون رمضان حتى وقع فيما بينهم وبين اليهود حرب وكان فى اليهود رجل شجاع يقال له بولص قتل جملة من أصحاب عيسى عليه السلام، ثم قال لليهود ان كان الحق مع عيسى فقد كفرنا به والنار مصيرنا فنحن مغبونون أن دخلوا الجنة ودخلنا النار، فأتى أحتال وأضلهم حتى يدخلوا النار، وكان له فرس يقال له العقاب يقاتل عليه فعرقب فرسه وأظهر الندامة ووضع على رأسه التراب، فقال له النصارى من أنت قال بولص عدركم نوديت من السماء ليس لك توبه إلا أن تنتصر وقد تبت، فأدخلوه الكنيسة ودخل بيتا سنة لا يخرج منه ليلا ولا نهارا حتى تعلم الإنجيل ثم خرج وقال نوديت أن الله قبل توبتك فصدقوه وأحبوه، ثم مضى الى بيت المقدس واستخلف عليهم نسطورا وعلمه أن عيسى ومريم والإله له كانوا ثلاثة ثم توجه إلى الروم وعلمهم اللاهوت والناسوت، وقال لم يكن عيسى بإنس ولا يجسم ولكنه إبن الله، وعلمّ ذلك رجلا يقال له يعقوب، ثم دعا رجلا يقال له ملكان فقال له إن الإله لم يزل ولا يزال عيسى، فلما استمكن منهم دعا هؤلاء الثلاثة واحدا واحداً وقال لكل واحد منهم أنت خالصتى وقد رأيت عيسى فى المنام فرضى عنى، وقال لكل واحد منهم انى غدا أذبح نفسى فادع الناس الى نحلتك، ثم دخل المذبح فذبح نفسه وقال أنما أفعل ذلك لمرضاة عيسى، فلما كان يوم ثالثة دعا كل واحد منهم الناس إلى نحلته فتبع كل واحد طائفة من الناس فاختلفوا واقتتلوا فقال الله عز وجل (وقالت النصارى المسيح) يعنى عيسى (أبن الله ذلك قولهم بأفواههم) لا مستند لهم عليه بل (يضاهئون) يشابهون به (قول الذين كفروا من قبل) من آبائهم تقليدا لهم (قاتلهم) أى لعنهم (الله أنى) كيف (يؤفكون) يصرفون عن الحق مع قيام الدليل (باب قصة موت العزير مائة عام ثم احيائه) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه: المشهور أن عزيرا نبى من أنبياء بنى اسرائيل وأنه كان فيما بين داود وسليمان وزكريا ويحي وأنه لما لم يبق فى بنى اسرائيل من يحفظ التوراة ألهمه الله حفظها فسردها على بنى اسرائيل، وقال اسحاق بن بشر عن سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن الحسن عن عبد الله بن سلام ان عزيرا هو العبد الذى أماته الله مائة عام ثم بعثه اه (قلت) قصة العبد الذى أماته الله مائة عام ثم بعثه جاءت فى كتاب الله عز وجل وأليك ما جاء فى ذلك (قال الله تعالى) فى سورة البقرة (أو كالذى مر على قرية) معناه أوّ رأيت كالذى مر على قرية على بيت المقدس راكبا على حمار ومعه سلة تين وقدح عصير وهو عزير (وهى خاوية) ساقطة (على عروشها) سقوفها لما خر بها بختنصر (قال أنىَّ) كيف (يحي هذه الله بعد موتها) فلم يشك أن الله يحيها ولكن قالها تعجبا واستعظاما لقدوته تعالى (فأماته الله) وألبثه (مائة عام ثم بعثه) أحياه لبريه كيفية ذلك، وكان فى مدة موته في بني

(أبواب ذكر أنبياء الله زكريا ويحي وعيسى وأمه مريم عليهم السلام) (باب ما جاء فى فضل زكريا ويحي عليها السلام) (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم كان زكريا عليه السلام نجارا (2) (عن ابن عباس) (3) ان رسول الله صلي الله عليه وسلم قال ما من أحد من ولد آدم الا قد أخطأ أو همّ بخطيئة ليس يحي بن زكريا وما ينبغى لأحد أن يقول أنا خير من يونس بن متى عليه السلام (باب وصية نبى الله يحي لبنى اسرائيل) (عن الحارث الأشعرى) (4) أن نبى الله صلي الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل يحي بن زكريا، بخمس كلمات أن يعمل.

_ إسرائيل أمور وأحداث فبعث الله أليه ملكا من الملائكة (قال) لعزير (كم لبثت) أى مكثت هنا فى هذا المكان (قال لبثت يوما أو بعض يوم) لأنه نام أول النهار فقبض واحي عند الغروب فظن أنه نام يوما أو بعض يوم (قال بل لبثت مائة عام فانظر إلى طعامك) يعنى التين الذى كان معه (وشرابك) العصير الذى اصطحبه معه أيضا (لم يتسنه) أى لم يتغير مع طول الزمان (وانظر إلى حمارك) كيف هو فرآه ميتا وعظامه بيض تلوج فعل الله به ذلك ليعلم قدرة الله عيانا (ولنجعلك آية) لبنى اسرائيل على البعث وذلك انه كان يجلس مع بنيه وهم شيوخ وهو شاب لأنه مات أبن أرعين سنة فبعثه الله شابا كهيئته يوم مات (للناس) لبنى اسرائيل وغيرهم (وأنظر إلى العظام) من حمارك (كيف ننشزها) نحييها (ثم نكسوها لحما) فنظر اليها وقد تركبت وكسيت لحما ونفخ فيه من الروح ونهق (فلما تبين له) ذلك بالمشاهدة (قال اعلم) علم مشاهدة (ان الله على كل شئ قدير) ثم قصد عزير منزله من بيت المقدس على وهم منه فرأى عنده عجوزا عمياء زمِنة كانت جارية له ولها من العمر مائة وعشرون سنة، فقال لها هذا منزل عزير؟ قالت نعم وبكت وقالت ما أرى أحدا يذكر عزيرا غيرك، فقال لها أنا عزير، فقالت ان عزيرا كان مجاب الدعوة فادع الله لى بالعافية، فدعا لها فعاد بصرها وقامت ومشت، فلما رأته عرفته وكان لعزير ولد وله من العمر مائه وثلاث عشرة سنة، وله أولاد شيوخ فذهبت اليهم الجارية وأخبرتهم به فجاءوا فلما رأوه عرفه ابنه بشامة كانت فى ظهره، وأقام عزير بين بنى اسرائيل فأحبوه حبا لم يحبوا شيئا قط مثله ثم قبضه الله اليه على ذلك وحدثت فيهم الأحداث حتى قال بعضهم عزير بن الله ولم يزل بنو اسرائيل ببيت المقدس وعادوا وكثروا حتى غلبت عليهم الروم زمن ملوك الطوائف فلم يكن لهم بعد ذلك جماعة (باب) (1) (سنده) حدثنا يزيد عن حماد بن سلمة عن ثابت عن أبى رافع عن أبى هريرة الخ) (2) أى يعمل بيده ويأكل من كسبها كما كان داود عليه السلام يأكل من كسب يده، والغالب ولاسيما من مثل حال الأنبياء أنه لا يجهد نفسه فى العمل إجهادا يستفضل منه مالا يكون زخيرة له يخلفه من بعده (تخريجه) (م جه) من غير وجه عن حماد بن سلمة (3) (سنده) حدثنا عثمان ثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا على بن زيد عن يوسف بن مهران عن أبن عباس الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم عل بز) وزاد يعنى البزار فانه لم يهم بها ولم يعلمها، والطبرانى وفيه على بن زيد وضعفه الجمهور وقد وثق وبقية رجال أحمد رجال الصحيح (وفى الباب) عن عبد الله بن عمرو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينبغى لأحد أن يقول أنا أخير من يحي بن زكريا ما هم بخطيئة، أحسبه قال ولا علمها أورده الهيثمى وقال رواه البزار ورجاله ثقات (باب) (4) (عن الحارث الأشعرى الخ) هذا الحديث تقدم

بهن وأن يأمر بنى اسرائيل أن يعملوا بهن فكاد أن يبطئ، فقال له عيسى إنك قد أمرت بخمس كلمات أن تعمل بهن وأن تأمر بنى اسرائيل أن يعملوا بهن، فأمَّا أن تبلغهن وإمِّا أبلغهن، فقال له يا أخى أنى أخشى إن سبقتنى أن أعذب أو يخسف بى، قال فجمع يحي بنى أسرائيل فى بيت المقدس حّى امتلأ المسجد وقعد على الشرف فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله عز وجل أمرنى بخمس كلمات أن أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن، أو لهن أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا، فان مثل ذلك متل رجل أشترى عبدا من خالص ماله بورق أو ذهب فجعل يعمل ويؤدى عمله الى غير سيده فأيكم يسره أن يكون عبده كذلك؟ وإن ربكم عز وجل خلقكم ورزقكم فاعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وآمركم بالصلاة فان الله عز وجل ينصب وجهه بوجه عبده ما لم يلتفت، فاذا صليتم فلا تلتفتوا، وآمركم بالصيام فان مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك فى عصابة كلهم يجد ريح المسك وان خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وآمركم بالصدقة فان مثل ذلك كمثل رجل أسره العدو فشدوا يديه الى عنقه وقربوه ليضربوا عنقه فقال هل لكم أن أفتدى نفسى منكم؟ فجعل يفتدى نفسه منهم بالقليل والكثير حتى فك نفسه، وآمركم بذكر الله كثيرا وإن مثل ذلك كمثل رجل طلبه العدو سراعا فى أثره فأتى حصنا حصينا فتحصن فيه، وإن العبد أحصن ما يكون من الشيطان إذا كان فى ذكر الله عز وجل، قال وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا آمركم بخمس: الله أمرنى بهن، بالجماعة والسمع والطاعة، والهجرة والجهاد فى سبيل الله، فأنه من خرج من الجماعة قِيد شبر فقد خلع ربقة الاسلام من عنقه الى أن يرجع، ومن دعا بدعوة الجاهلية فهو من حثاه جهنم، قالوا يا رسول الله وإن صام وصلى؟ قال وأن صام وصلى وزعم أنه مسلم، فادعوا المسلمين بما سماهم

_ بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الخماسيات المبدوءة بعدد من قسم الترغيب صحيفة 197 رقم 79 فارجع اليه (باب ما جاء فى نبى الله زكريا وابنه يحي ومريم ابنة عمران وأمها حنة من كتاب الله عز وجل) قال الله عز وجل فى كتابه العزيز (ان الله اصطفى آدم ونوحا وآل ابراهيم وآل عمران وعلى العالمين ذرية بعضها من بعض والله سميع عليم) قال الحافظ أبن كثير فى تفسيره يخبر تعالى أنه اختار هذه البيوت على سائر أهل الأرض فاصطفى آدم عليه السلام، خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وأسجد له ملائكته وعلمه أسماء كل شئ وأسكنه الجنة ثم أهبطه منها لما له فى ذلك من الحكمة، واصطفى نوحا عليه السلام وجعله أول رسول بعثه الى أهل الأرض لما عبد الناس الأوثان وأشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وانتقم له لما طالت مدته بين ظهرانى قومه يدعوهم الى الله ليلا ونهارا سراً وجهاراً فلم يزدهم ذلك إلا فرارا، فدعا عليهم فأغرقهم الله عن آخرهم ولم ينج منهم إلا من ابتعه على دينه الذى بعثه الله به واصطفى آل ابراهيم ومنهم سيد البشر خاتم الأنبياء على الأطلاق محمد صلى الله عليه وسلم، (وآل عمران) والمراد بعمران هذا هو والد مريم بنت عمران أم عيسى بن مريم عليهما السلام (قال محمد بن اسحاق) بن يسار رحمه الله هو عمران بن ياشم بن أمون بن ميشا بن حزقيا بن ابراهيم بن غرابا بن نوش بن أجر بن يهو أبن نازم ابن مفاسط بن أيشا بن أباز بن رخيعم بن سليمان بن داود عليهما السلام فعيسى عليه السلام من ذرية إبرهيم

.

_ كما سيأتي بيانه فى سورة الأنعام يعنى قوله تعالى (ومن ذريته داود وسليمان) الى قوله (ويحي وعيسى) الآية: قوله عز وجل (إذ قالت امرأة عمران) امرأة عمران هذه هى أم مريم عليها السلام وهى حنة بنت ناقوذ، قال محمد بن اسحاق وكانت امرأة لا تحمل فرأت يوما طائرا يزق فرخه فاشتهت الولد فدعت الله تعالى أن يهبها ولدا فاستجاب الله دعاءها، فواقعها زوجها فحملت منه فلما تحققت الحمل نذرت أن يكون محرراً أى خالصا مفرغا للعبادة لخدمة بيت المقدس فقالت (رب أنى نذرت لك ما فى بطنى محرراً فتقبل منى إنك أنت السميع العليم) أى السميع لدعائى العليم بنيتى، ولم تكن تعلم ما فى بطنها أذكر أم أنثى (فلما وضعتها قالت رب انى وضعتها انثى والله أعلم بما وضعت، وليس الذكر كالأنثى) أى فى القوة والجلد فى العبادة وخدمة المسجد الأقصى (وانى سميتها مريم وانى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) أى عوَذتها بالله عز وجل من شر الشيطان وعوَذت ذريتها وهو ولدها عيسى عليه السلام، فاستجاب الله لها ذلك، وسيأتى ما ورد فى فضلها وفضل ابنها فى الباب التالى قال تعالى (فتقبلها ربها بقبول حسن وأنبتها نباتا حسنا) أى يسَر لها أسباب القبول وقرنها بالصالحين من عباده تتعلم منهم العلم والخير والدين فلهذا قال (وكفلها زكريا) بتشديد الفاء ونصب زكريا على المفعوليه أى جعله كافلا لها: قال ابن اسحاق وما ذلك إلا لأنها كانت يتيمة، وذكر غيره ان بنى اسرائيل أصابتهم سنة جدب فكفل زكريا مريم لذلك ولا منافاة بين القولين والله أعلم، وانما قدر الله كون زكريا كفلها لسعادتها لتقتبس منه علما جما نافعا وعملا صالحا ولأنه كان زوج خالتها على ما ذكره ابن اسحاق وابن جرير وغيرهما، وقيل زوج أختها كما ورد فى الصحيح بلفظ (فاذا بيحي وعيسى وهما ابنا الخالة) وقد يطلق على ما ذكره ابن اسحاق توسعا، فعلى هذا كانت فى حضانة خالتها ثم أخبر تعالى عن سيادتها وجلادتها فى محل عبادتها فقال (فلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا) قال جماعة من السلف يعنى وجد عندها فاكهة الصيف فى الشتاء وفاكهة الشتاء فى الصيف، وفيه دلالة على كرامات الأولياء، وفى السنة لهذا نظائر كثيرة، فاذا رأى زكريا هذا عندها (قال يا مريم أنىَّ لك هذا؟) أى يقول من أين لك هذا؟ (قالت هو من عند الله: إن الله يرزق من يشاء بغير حساب، هنا لك دعا زكريا ربه) لما رأى زكريا عليه السلام أن الله يرزق مريم عليها السلام فاكهة الشتاء فى الصيف وفاكهة الصيف فى الشتاء طمع حينئذ فى الولد وان كان شيخا كبيرا قد وهن منه العظم واشتعل الرأس شيبا، وكانت امرأته مع ذلك كبيرة وعاقرا لكنه مع هذا كله سأل ربه وناداه نداءا خفيا وقال (رب هب لى من لدنك ذرية طيبة) أى ولدا صالحا (انك سميع الدعاء) قال الله تعالى (فنادته الملائكة وهو قائم يصلى فى المحراب) أى خاطبته الملائكة شفاها خطابا أسمعته وهو قائم يصلى فى محراب عبادته ومحل خلوتة ومجلس مناجاته وصلاته ثم أخبر تعالى عما بشرته به الملائكة (أن الله يبشرك بيحي) أى يوجد ويولد لك غلام من صلبك اسمه يحي، قال قتادة وغيره إنما سمى يحي لأن الله أحياه بالإيمان وقوله (مصدقا بكلمة من الله) أى بعيسى بن مريم وقال الربيع بن أنس هو أول من صدّق بعيسى بن مريم، وقال قتادة وعلى سنته ومناهجه، وهو أول من صدَق عيسى، بنى الله وكلمته وهو أكبر من عيسى عليه السلام، وسمى عيسى كلمة الله لأن الله تعالى قال له كن من غير أب فكان فوقع عليه اسم الكلمة، وقيل هى بشارة الله تعالى لمريم بعيسى عليه السلام بكلامه على لسان جبريل عليه السلام وقيل غير ذلك: قوله عز وجل (وسيدا) قال مجاهد وغيره هو الكريم على الله عز وجل، وقال قتادة سيدا فى العلم والعبادة وقيل غير ذلك (وحصوراً) قال القاضى عياض معناه أنه

.

_ معصوم من الذنوب أى لا يأتيها كأنه حصور عنها، وقيل مانع نفسه عن الشهوات، وقيل ليست له شهوة فى النساء، والمقصود أنه مدح ليحي بأنه حصور ليس انه لا يأتى للنساء، بل معناه كما قاله هو وغيره انه معصوم عن الفواحش والقاذورات، ولا يمنع ذلك من تزويجه بالنساء الحلال وغشيانهن وإيلادهن، وقوله تعالى (ونبيا من الصالحين) هذه بشارة ثانية بنبوة يحي بعد البشارة بولادته، وهى أعلى من الأولى كقوله تعالى لام موسى أنا راّدوه أليك وجاعلوه من المرسلين، فلما تحقق زكريا عليه السلام هذه البشارة أخذ يتعجب من وجود الولد منه بعد الكبر (قال رب انى يكون لى غلام وقد بلغنى الكبر وامرأتى عاقر، قيل كان عمره اثنين وتسعين سنة، وقيل مائة وعشرين وكانت امرأته ابنة ثمان وتسعين سنة كذا فى الكامل لابن الأثير (قال) أى الملك (كذلك الله يفعل ما يشاء) أى هكذا أمر الله عظيم لا يعجزه شئ ولا يتعاظمه أمر (قال رب اجعل لى آية) أى علامة استدل بها على وقت حمل امرأتى فأزيد فى العبادة شكرا لك (قال آيتك أن لا تكلم الناس ثلاثة أيام إلا رمزا) أى اشارة لا تستطيع النطق مع انك سوئ صحيح كما فى قوله ثلاث ليال سويا، ثم أمر بكثرة الذكر والتكبير فى هذه الحال فقال تعالى (واذكر ربك كثيرا وسبح بالعشىّ والأبكار) وقال تعالى فى سورة مريم (فخرج على قومه من المحراب) أى الذى بشر فيه بالولد (فأوحى اليهم) أى أشار اليهم إشارة خفية سريعة (أن سبحوا بكرة وعشيا) أى موافقة له فيما أمر به فى هذه الأيام الثلاثة زيادة على أعماله شكرا لله على ما اولاه: قوله عز وجل (يا يحي) قيل فيه حذف معناه وهبنا له يحي وقلنا له يا يحي (خذ الكتاب) يعنى التوراة (بقوة) يجد (وآتيناه الحكم) قال ابن عباس يعنى النبوة (صبيا) وهو ابن ثلاث سنين، وقيل أراد بالحكم فهم الكتاب فقرأ التوراة وهو صغير، وعن بعض السلف قال من قرأ القرآن قبل أن يبلغ فهو ممن أوتى الحكم صبيا (وحنانا من لدنا) رحمة من عندنا (وزكاة) قال ابن عباس يعنى بالزكاة الطاعة والاخلاص، وقال قتادة هى العمل الصالح وهو قول الضحاك، ومعنى الآية وآتيناه رحمة من عندنا وتحتنا على العباد ليدعوهم الى طاعة ربهم ويعمل عملا صالحا فى اخلاص (وكان تقيا) أى مسلما ومخلصا مطيعا، وكان من تقواه أنه لم يعمل خطيئة ولا همّ بها (وبرّأ بوالديه) أى بارْاَ لطيفا بهما محسنا إليهما (ولم يكن جبارا عصيا) الجبار المتكبر، وقيل الجبار الذى يضرب ويقتل على الغضب والعصىّ العاصى (وسلام عليه) أى سلام له (يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا) قال سفيان بن عيينة أوحش ما يكون الانسان فى هذه الأحوال يوم يولد فيخرج ما كان فيه، ويوم يموت فيرى قوما لم يكن عاينهم، ويوم يبعث حيا فيرى نفسه فى محشر لم ير مثله فخص يحي بالسلامة فى هذه المواطن (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) روى ابن عساكر ان أبوى يحي خرجا فى تطلبه فوجداه عند بحيرة الأردن فلما اجتمعا به أبكاهما بكاء شديدا لما هو فيه من العبادة والخوف من الله عز وجل. وقال ابن وهب عن مالك عن حميد بن قيس عن مجاهد قال كان طعام يحي بن زكريا العشب وانه كان ليبكى من خشية الله حتى لو كان القار على عينيه لخرقه (وعن ابن شهاب) قال جلست يوما الى أبى إدريس الخولانى وهو يقص فقال ألا أخبركم بمن كان أطيب الناس طعاما؟ فلما رأى الناس قد نظروا اليه قال ان يحي بن زكريا كان أطيب الناس طعاما، إنما كان يأكل مع الوحش كراهة ان يخالط الناس فى معايشهم، وقال ابن المبارك عن وهيب بن الورد قال فقد زكريا ابنه يحي ثلاثة أيام فخرج يلتمسه فى البرية فاذا هو قد احتقر قبرا وأقام فيه يبكى على نفسه، فقال يا بنى أنا أطلبك من ثلاثة أيام وانت فى قبر قد احتفر به قائم تبكي فيه،

.

_ فقال يا أبت الست أنت أخبرتنى أن بين الجنة والنار مفازة لا تقطع إلا بدموع البكائين، فقال له ابك يا بنى فيكيا جميعا: وهكذا حكاه وهب بن منبه ومجاهد بنحوه (باب سبب قتل يحي عليه السلام) اشتهر نبى الله يحي عليه السلام بين الناس بالعلم حتى احصى مسائل التوراة واستجلى غوامضها وأحاط باصولها وفروعها وعرف بين الناس أنه جريء فى الحق شديد على الباطل لا يخشى فى الله لومة لائم ولا صولة عات ظالم، وكان بعض ملوك ذلك الزمان بدمشق يريد أن يتزوج ببعض محارمه أو من لا يحل له تزويجها فنهاه يحي عليه السلام عن ذلك، فبقى فى نفس المرآة منه فلما كان بينها وبين الملك ما يحب منها استو هبت منه دم يحي فوهبه لها، فبعثت اليه من قتله وجاء برأسه ودمه فى طشت إلى عندها فيقال إنها هلكت من فورها وساعتها، وقيل بل أحبته امرأة ذلك الملك وراسلته فأبى عليها فلما يئست منه تحيلت فى أن أستوهبته من الملك فتمنع عليها الملك ثم أجابها إلى ذلك فبعثت من قتله وأحضر اليها رأسه ودمه فى طشت، قيل ان هذه المرأة لما رأت الرأس قالت اليوم قرت عينى، فصعدت إلى سطح قصرها فسقطت منه الى الأرض ولما كلاب ضارية تحته فوثبت الكلاب عليها فأكلتها وهى تنظر وكان آخر مَا أكل منها عيناها لتعتبر، وقد اختلف فى مقتل يحي بن زكريا هل كان فى المسجد الأقصى أم بغيره؟ فقال الثورى عن الأعمش عن شمر بن عطية قال قتل على الصخرة التى ببيت المقدس سبعون نبيا منهم يحي بن زكريا عليهما السلام، وروى الحافظ ابن عساكر من طريق الوليد بن مسلم عن زيد بن واقد قال رأيت رأس يحي بن زكريا حين أرادوا بناء مسجد دمشق أخرج من تحت ركن من أركان القبلة الذى على المحراب مما يلى الشرق، فكانت البشرة والشعر على حاله لم يتغير، وفى رواية كأنما قتل الساعة، وذكر فى بناء مسجد دمشق أنه جعل تحت العمود المعروف بعمود السكاسكة فالله أعلم (ذكر قتل نبى الله زكريا عليه السلام) ذكر المؤرخون أنه لما قتل يحي وسمع أبوه بقتله فر هاربا فدخل بستانا عند بيت المقدس فيه أشجار فأرسل الملك فى طليه فقتل فى هذا المكان وقد ذكروا انه نادته شجرة فقالت هلم الى يا نبى الله فلما أتاها انشقت فدخلها فانطبقت عليه فدلهم إبليس على ذلك فنشروا به الشجرة وذكروا كلاما كثيرا لا دليل عليه من معصوم بل هو من دم بنى اسرائيل وقد انتقم الله عز وجل منهم انتقاما فظيعا، فقد جاء فى الكامل لابن الأثير ان بنى اسرائيل لما رجعوا من بابل عمروا بيت المقدس وكثروا ثم عادوا يحدثون الاحداث ويعود الله سبحانه وتعالى عليهم ويبعث فيهم الرسل ففريقا يكذبون وفريقا يقتلون حتى كان آخر من بعث الله فيهم زكريا وابنه يحي وعيسى بن مريم عليهم السلام فقتلوا يحي وزكريا فابتعث الله عليهم ملكا من ملوك بابل يقال له جودرس فسار اليهم حتى دخل عليهم الشام فلما دخل عليهم بيت المقدس قال لقائد عظيم من عسكره اسمه نبوزاذان وهو صاحب الفيل انى كنت حلفت ان ظفرت ببنى اسرائيل لأقتلهم حتى تسيل دماؤهم فى وسط عسكرى، وأمره أن يدخل المدينة ويقتلهم حتى يبلغ ذلك منهم، فدخل نبوزاذان المدينة فأقام فى المدينة التى يقربون فيها قربانهم فوجد فيها دما يغلى، فقال يا بنى اسرائيل ما شأن هذا الدم يغلى؟ فقالوا هذا دم قربان لنا لم يقبل فلذلك هو يغلى، فقال ما صدقتمونى الخبز، فقالوا انه قد انقطع منا الملك والنبوة فلذلك لم يقبل منا فذبح منهم على ذلك الدم سبعمائة وسبعين رجلا من رءوسهم فلم يهدأ فأمر بسبعمائة من علمائهم فذبحوا على الدم فلم يهدأ، فلما رأى الدم لا يبرد قال لهم يا بنى اسرائيل أصدقونى واصبروا على أمر ربكم فقد طال ما ملكتم فى الأرض تفعلون ما شئتم قبل

المسلمين المؤمنين عباد الله عز وجل (باب ذكر نبى الله عيسى بن مريم عبد الله ورسوله وابن أمته مريم بنت عمران عليهما السلام) (عن أبى هريرة) (1) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ما من مولود يولد الا نخسه الشيطان (2) فيستهل صارخا من نخسة الشيطان الا ابنَ مريم وأمَّه: قال أبو هريرة اقرءوا إن شئتم (انى أعيذها بك وذريتها من الشيطان الرجيم) (3).

_ أن لا أدع منكم نافخ نار ولا ذكراً إلا قتلته، فلما رأوا الجهد وشدة القتل صدقوه الخبر وقالوا هذا نبى كان ينهانا عن كثير مما يسخط الله ويخبرنا بخبركم فلم نصدقه وقتلناه وهذا دمه، فقال ما كان اسمه؟ قالوا يحي بن زكريا: فقال الآن صدقتمونى، لمثل هذا انتقم ربكم منكم وخر ساجدا، وقال لمن حوله اغلقوا أبواب المدينة وأخرجوا مَن ها هنا من جيش جودرس ففعلو وخلا ببنى اسرائيل ثم قال للِدّم يا يحي قد علم ربى وربك ما قد أصاب قومك من أجلك وما قتل منهم فاهدأ باذن الله قبل ان لا يبقى من قومك أحد فسكن الدم، ورفع نبوزاذان عنهم القتل وقال آمنت بما آمنت به بنوا اسرائيل وصدقت به وأيقنت انه لا رب غيره ثم قال لبنى اسرائيل ان جودرس امرنى ان اقتل فيكم حتى تسيل دماؤكم فى عسكره ولست أستطيع أن أعصيه، قالوا افعل فأمرهم ان يحفروا حفيرة وأمر بالخيل والبغال والحمير والبقر والغنم والابل فذبحها حتى كثر الدم وأجرى عليه ماء فسال الدم فى العسكر فأمر بالقتلى الذين كان قتلهم فالقوا فوق المواشى فلما نظر جودرس الى الدم قد بلغ عسكره أرسل الى نبوزاذان ان أرفع المقتل عنهم فقد انتقمت منهم مما فعلوا. وهى الموقعة الأخيرة التى أنزل الله ببنى اسرائيل: يقول الله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم (وقضينا الى بنى اسرائيل فى الكتاب لتفسدن فى الأرض مرتين ولتعلّن علوّاَ كبيراَ) الى قوله (وجعلنا جهنم للكافرين حصيرا) وكانت الموقعة الأولى بختنصر وجنوده ثم رد الله عز وجل لهم الكرة ثم كانت الموقعة الأخيرة جودرس وجنوده كانت أعظم الوقعتين، فيها كان خراب بلادهم وقتل رجالهم وسبى ذراريهم ونسائهم يقول الله تعالى (وليتبروا) أى يدمروا ويخربوا (ما علوا) أى ما ظهروا عليه (تتبيرا) أى تخريبا ثم لم تقم لهم قائمة بعد ذلك وهذا جزاء الظالمين المفسدين قال تعالى (وأملى لهم أن كيدى متين) وقال صلى الله عليه وسلم ان الله تعالى ليملى للظالم حتى اذا أخذه لم يفلته رواه الشيخان وغيرهما عن أبى موسى (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهرى عن سعيد عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) أصل النخس الدفع والحركة، والمعنى انه يدفعه باصبعه حين يولد كما جاء فى بعض الروايات (3) يستدل أبو هريرة على صحة هذا الحديث بقوله تعالى أنى أعيذها بك الآية، ومعناه ان الله حفظهما من الشيطان حتى من النخسة عند الولادة (تخريجه) (ق) وغيرهما (وله طريق أخرى) عند الامام احمد قال حدثنا اسماعيل بن عمر حدثنا ابن أبى ذئب عن عجلان مولى المشمعل عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال كل مولود من بنى آدم يمسه الشيطان بأصبعه الا مريم ابنة عمران وأبنها عيسى رواه مسلم أيضا (وله طريق ثالث) عند الامام احمد أيضا قال حدثنا هشيم حدثنا حفص بن ميسرة عن العلاء عن أبيه عن أبى هريرة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال كل انسان تلده أمه يلكزه الشيطان فى حضينته (اللكز الدفع بالكف والحضينة الجنب والمعنى يضربه بكفه على جنبه) إلا ما كان من مريم وابنها، ألم تر الى الصبى حين يسقط كيف يصرخ؟ قالوا بلى يا رسول الله، قال ذلك حين يلكزه الشيطان بحضينته) اورده الحافظ ابن كثير في تاريخه

(باب ما جاء فى فضل مريم بنت عمران) (عن على رضى الله عنه) (1) قال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول خير نسائها مريم بنت عمران (2) وخير نسائها خديجة (3) (عن ابن عباس) (4) قال خط رسول الله صلي الله عليه وسلم فى الأرض أربعة خطوط قال تدرون ما هذا؟ فقالوا الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد صلي الله عليه وسلم وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون (5) ومريم بنت عمران (رضى الله عنهن) (عن أنس) (6) أن النبى صلي الله عليه وسلم قال حسبك (7) من نساء العالمين مريم أبنة عمران وخديجة بنت خويلد وفاطمة ابنة محمد صلي الله عليه وسلم وآسية امرأة فرعون (عن أبى سعيد الخدرى) (8) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم الحسن والحسين سيدا شباب أهل.

_ وعزاه للإمام أحمد وقال هذا على شرط مسلم ولم يخرجه من هذا الوجه (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الله بن نمير حدثنا هشام عن ابيه عن عبد الله بن جعفر عن على الخ (غريبه) (2) أى خير نساء عالمها فى زمانها مريم بنت عمران لما خصها الله تعالى بما لم يؤته أحدا من النساء، طهرها واصطفاها على نساء العالمين وكلمها روح القدس ونفخ فى درعها ولم يكن هذا لأحد من النساء وصدقت بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين (3) أى لأنها آمنت به حين كفر به القوم وصدقته حين صدّ عنه المتكبرون وجادت له صلى الله عليه وسلم بما لها حين بخل به الباخلون، فسبقها الى الاسلام وتأثيرها فى بدئه وقت ان كان غريبا ومؤازرتها ونضرتها وقيامها فى الدين لله تعالى بنفسها ونفيسها لم يشاركها فيه أحد من أمهات المؤمنين ففازت بذلك، وبه حازت التفضيل على النساء، ويستثنى من هذا العموم بَضعته صلى الله عليه وسلم فاطمة فأنها أفضل: يرشد الى ذلك ما رواه مسلم والامام أحمد وغيرهما (أما ترضين ان تكونى سيدة نساء المؤمنين وفى رواية للامام أحمد (أفضل نساء أهل الجنة) فاذا فضلت عليهم فى خير دار فلأن تكون خيرا منهن فى الدار الأولى بالطريق الأولى والله أعلم (تخريحه) (م مذ نس) (4) (سنده) حدثنا يونس حدثنا داود بن أبى الفرات عن علباء (بكسر العين المهملة يعنى أبن أحمر اليشكرى) عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (5) تقدم الكلام على خديجه وفاطمة ومريم فى شرح الحديث السابق (أما آسية بنت مزاحم امرأة فرعون) فمن اعظم مناقبها ذكرها فى كتاب الله عز وجل بالثناء عليها قال تعالى (وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لى عندك بيتا فى الجنة ونجنى من فرعون وعمله ونجنى من القوم الظالمين) (ومنها) أنه لم يؤمن من نساء فرعون سواها وماشطة أبنة فرعون وستأتى قصة الماشطة فى كتاب القصص إن شاء الله تعالى (ومنها) أنها ذبَّت عن نبى الله موسى بن عمران بكل قواها وكانت سببا فى عدم ذبحه كغيره من الصبيان، وورد أنها تكون من زوجات النبى صلى الله عليه وسلم فى الجنة (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) ورجالهم رجال الصحيح أه (قلت) ورواه أيضا الحاكم وصححه وأقره الذهبى: والنسائى وصحح الحافظ أسناده (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة عن أنس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبه) (7) أى يكفيك (من نساء العالمين) أى الواصلة الى مراتب الكاملين فى الاقتداء بهن، فحسبك مبتدأ ومن نساء العالمين متعلق به و (مريم) خبر المبتدأ (بنت عمران) الصديقة بنص القرآن (وخديجة بنت خويلد) زوج حبيب الرحمن (وفاطمة بنت محمد) خاتم الأنبياء (وآسية امرأة فرعون) الخطاب أما عام أو لأنس أى كافيك معرفة فضلهن على جميع النساء ذكره الطيبى (تخريجه) (مذ حب ك) وصححه الحاكم على شرطهما وأقره الذهبى (8) (سنده) حدثنا

الجنة وفاطمة سيدة نسائهم الا ما كان لمريم بنت عمران (1) (باب ما جاء فى فضل نبى الله عيسى بن مريم عليه السلام) (عن أبى هريرة) (2) عن النبى صلي الله عليه وسلم أنه قال كل بنى آدم يطعُن (3) الشيطان بإصبعه فى جنبه حين يولد إلا عيسى بن مريم ذهب يطعن فطعن فى الحجاب (4) (وعنه أيضا) (5) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم أنا أولى الناس بعيسى بن مريم فى الأولى (6) والآخرة، قالوا كيف يا رسول الله؟ قال الأنبياء أخوة من عَلاَت (7) وأمهاتهم شتى ودينهم واحد فليس بيننا نبى (8) (وعنه أيضا) (9) عن النبى صلي الله عليه وسلم أنه قال انى لأرجو إن طال بى عمر أن ألقى عيسى بن مريم عليه السلام فان عجل لى موت فمن لقيه منكم فليقرئه مني السلام (10).

_ عفان قال ثنا خالد بن عبد الله ثنا يزيد بن أبى زياد عن عبد الرحمن بن أبى نُعيم عن أبى سعيد الخدرى الخ (غريبه) (1) يعنى من الخصوصية التى خصها الله بها دون سائر النساء وتقدمت خصوصياتها فى شرح حديث على الأول من أحاديث الباب فهى تفضل فاطمة من هذه الجهة، وفاطمة تفضلها لكونها من البَضعة الشريفة وبهذا يجمع بين هذا الحديث وحديث (أما ترضين أن تكونى أفضل نساء أهل الجنة) والله أعلم (تخريجه) (حب عل طب ك) وصححه وأقره الذهبى (باب) (2) (سنده) حدثنا عبد الملك عمرو ثنا المغيرة عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة الخ (غريبه) (3) بضم العين المهملة أى يمس، قال الطيبى المس والطعن عبارة عن الاصابة بما يؤذيه ويؤلمه (4) أى المشيمة التى فيها الولد (تخريجه) (ق) وغيرهما (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام (يعنى ابن منبه) عن أبى هريرة فذكر احاديث: منها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) بعنى الدنيا كما صرح بذلك عند الشيخين، ومعناه انا اقربهم اليه لأنه بَشَرَ أنه يأتى من بعده ومهّد قواعد دينه ودعا الخلق الى تصديقه ولما كان ذلك قد لا يلازم الأولوية بعد الموت قال والآخرة (7) بفتح العين المهملة واللام مخففة، ومعناه الضرائر، أى هم كالأخوة لأب من الضرائر أبوهم واحد وأمهاتهم شتى، شبه ما هو المقصود من بعثة جملة الأنبياء من أصول الدين من التوحيد وغيره بالأب وشبه فروع الدين المختلفة بالأمهات فهم بعثوا متفقين فى أصول الدين وان اختلفوا فى فروع الشريعة، وقيل أراد ان الأنبياء يختلفون فى أزمانهم وان شملتهم النبوة فكأنهم أولاد عَلات لم يجمعهم زمن واحد كما لم يجمع أولاد العلات بطن واحد والله أعلم، (8) لما لم يكن بين عيسى والنبى عليهما الصلاة والسلام أحد من الأنبياء كان نبينا صلى الله عليه وسلم أقرب الناس به فكأنهما فى زمن واحد (تخريجه) (ق د) (9) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (10) كان صلى الله عليه وسلم يرجو ذلك ولكن عاجلته المنية فبقيت هذه الوصية فى عنق من يدرك عيسى عليه السلام من أمة محمد صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد مرفوعا وموقوفا ورجالهما رجال الصحيح أه (قلت) وفيه اشارة الى ان عيسى عليه السلام حى ويبعث آخر الزمان، وقد ورد ما هو اصرح من ذلك وأتم عن أبى هريرة أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا ان عيسى بن مريم ليس بينى وبينه نبى ولا رسول: انه خليفتى فى أمتى من بعدى، ألا أنه يقتل الدجال ويكسر الصليب ويضع الجزية وتضع الحرب أوزارها، ألا فمن أدركه منكم فليقرأ عليه السلام أورده الهيثمى أيضا وقال فى الصحيح بعضه، رواه الطبرانى فى الصغير والاوسط وفيه محمد بن عقبة السدوسي

_ وثقه ابن حبان وضعفه أبو حاتم (باب ما جاء فى حمله وولادته وما ظهر له من المعجزات وهو فى المهد من كتاب الله عز وجل) لما ذكر الله تعالى قصة زكريا عليه السلام وانه أوجد منه فى حال كبره وعقم زوجته ولدا زكيا طاهرا مباركا عطف بذكر قصة مريم فى إيجاده ولدها عيسى عليه السلام منها من غير أب: فان بين القصتين مناسبة ومشابهة، ولهذا ذكرهما فى سورة آل عمران كما تقدم، وها هنا فى سورة مريم يقرن بين القصتين لتقارب ما بينهما فى المعنى ليدل عباده على قدره وعظمة سلطانه وأنه على ما يشاء قدير فقال عز من قائل (واذكر فى الكتاب مريم) وهى مريم بنت عمران من سلالة داود عليه السلام، وكانت من بيت طاهر طيب فى بنى اسرائيل، وقد ذكر الله تعالى قصة ولادة أمها لها فى سورة آل عمران وانها نذرتها محررة أى تخدم بيت المقدس وكانوا يتقربون بذلك فتقبلها ربها بقبول حسن وانبتها نباتا حسنا ونشأت فى بنى اسرائيل نشأة عظيمة فكانت إحدى العابدات الناسكات المشهورات بالعبادة العظيمة والتبتل، وقد اتخذت لها محرابا وهو المكان الشريف من المسجد لا يدخله أحد عليها سوى زوج أختها أو خالتها نبى ذلك الزمان زكريا عليه السلام الذى كفلها، وكانت لا تخرج من المسجد إلا زمن حيضا أو لحاجة ضرورية لابد لها منها من أستقاء ماء أو تحصيل غداء أو نحو ذلك قال تعالى (إذا نتبذت من أهلها مكانا شرقيا) أى اعتزلتهم وتنحت عنهم وذهبت الى شرقى المسجد المقدس، قال السدى لحيض أصابها (فاتخذت من دونهم حجابا) أى استرت منهم وتوارت فبينما هى تغتسل من الحيض إذ عرض لها جبريل فى صورة شاب أمرد وضيء الوجه سوئ الخلق فلذلك قوله عز وجل (فأرسلنا أليها روحنا) يعنى جبريل عليه السلام فالروح هو جبريل، ويؤيد ذلك قوله تعالى فى آية أخرى (نزل به الروح الأمين) ومعلوم ان الذى نزل بالقرآن هو جبريل (فتمثل لها بشرا سويا) أى سوىّ الخلق، فلما رأت مريم جبريل يقصد نحوها نادته من بعيد و (قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا) أى مؤمنا مطيعا (فان قيل) إنما يستعاذ من الفاجر فكيف قالت إنى أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا (قيل) هذا كقول القائل إن كنت مؤمنا فلا تظلمنى أى ينبغى أن يكون إيمانك مانعا لك من الظلم، وكذلك ههنا معناه ينبغى ان تكون تقواك مانعة لك من الفجور (قال) لها جبريل (إنما أنا رسول ربك لأهب لك) اسند الفعل الى الرسول وان كانت الهبة من الله تعالى لأنه أرسل به (غلاما زكيا) ولدا صالحا طاهرا من الذنوب (قالت) مريم (أنى) من اين (يكون لى غلام ولم يمسسنى بشر) لم يقربنى زوج (ولم أك بغيا) زانية تريد ان الولد إنما يكون من نكاح أو سفاح ولم يكن هنا واحد منهما (قال) جبريل الأمر (كذلك) يعنى أمر الله ان يخلق غلاما منك من غير أب (قال ربك هو على هين) أى خلق ولد بلا أب (ولنجعله آية) علامة (للناس) دلالة على قدرتنا (ورحمة منا) ونعمة لمن تبعه على دينه (وكان) ذلك (أمرا مقضيا) محكوما به مفروغا منه لا يرد ولا يبدل، يقول تعالى مخبرا عن مريم أنها لما قال لها جبريل عن الله تعالى ما قال انها استلمت الله تعالى، فذكر غير واحد من علماء السلف أن الملك وهو جبريل عليه السلام عند ذلك نفخ فى جيب درعها فنزلت النفخة حتى ولجت فى الفرج فحملت بالولد بإذن الله تعالى فلما حملت به ضاقت ذرعا ولم تدر ماذا تقول الناس فأنها تعلم ان الناس لا يصدقونها فيما تخبرهم به (فانتبذت به) أى فلما حملته انتبذت به أى تنحت بالحمل وانفردت (مكانا قصيا) اى بعيدا عن أهلها، قال ابن عباس أقصى الوادى وهو وادى بيت لحم فرارا من قومها ان يعيروها بولادتها من غير زوج (واختلفوا فى مدة حملها) لفقا أبن عباس كان الحمل والولادة فى ساعة واحدة، وقبل كان مدة حملها تسعة أشهر كحمل سائر النساء

.

_ وقيل كان مدة حملها ثمانية أشهر، وكان ذلك آية اخرى لأنه لا يعيش ولد يولد لثمانية أشهر، وولد عيسى لهذه المدة وعاش، وقيل ولدت لستة أشهر، وقال مقاتل بن سليمان حملته مريم فى ساعة وصوَّر فى ساعة ووضعته فى ساعة حين زالت الشمس من يومها وهى بنت عشر سنين، وكانت قد حاضت حيضتين قبل أن تحمل بعيسى والله أعلم (فأجاءها) اى ألجأها وجاء بها (المخاض) وهو وجع الولادة (الى جذع النخلة) وكانت نخلة يابسة فى الصحراء فى شدة الشتاء لم يكن لها سعف، وقيل التجأت اليها لتستند اليها وتتمسك بها على وجع الولادة (قالت يا ليتنى مت قبل هذا) تمنت الموت استحياء من الناس وخوف الفضيحة (وكنت نسيا) وهو الشئ المنسى، والنسي فى اللغة كل ما القى ونسى ولم يذكر لحقارته (منسيا) أى متروكا (فناداها من تحتها) يعنى جبريل عليه السلام وكانت مريم على أكمة وجبريل وراء الأكمة تحتها وهو قول ابن عباس والسدى وقتاده والضحاك ان المنادى كان جبريل لما سمع كلامها وعرف جزعها ناداها (أن لا تحزنى قد جعل ربك تحتك سريا) السرى النهر الصغير أى جعله الله تحت أمرك إن أمرتيه يجرى جرى وأن أمرتيه بالامساك أمسك، قال ابن عباس ضرب جبريل عليه السلام ويقال عيسى ضرب برجله الأرض فظهرت عين ماء عذب وجرى، وقيل كان هناك نهر يابس أجرى الله تعالى فيه الماء وحييت النخلة اليابسة فأورقت وأثمرت وأرطبت، وقال الحسن تختك سريا يعنى عيسى وكان والله عبداً سريا يعنى رفيعا (وهزى اليك) يعنى قيل لمريم حركى (بجذع النخلة) تقول العرب هزه وهز به كما تقول حز رأسه وحز برأسه، وامداداً لحبل وأمدد به (تساقط عليك) أى تسقط عليك النخلة (رطبا جنيا) أى مجنيا وقيل الجنى هو الذى جاء أوان اجتنائه، قال الربيع بن خيثم ما للنفساء عندى خير من الرطب ولا للمريض خير من العسل (فكلى واشربى) يعنى فكلى يا مريم من المرطب واشربى من ماء النهر (وقرّى عينا) يعنى طيبى نفسا وقيل قرى عينك بولدك عيسى يقال أقرّ الله عينك يعنى صادف فؤادك ما يرضيك فتقر عينك من النظر أليه، وقيل أقر الله عينه يعنى أقامها يقال قر يقر بذا سكن (فاءمَّا تَرِينَّ من البشر أحداً) يعنى تَرّين فدخل عليه نون التوكيد فكسرت الياء لالتقاء الساكنين، معناه فإماَ ترين من البشر أحداً فيسألّك عن ولدك (فبقولى انى نذرت للرحمن صوما) يعنى صمتا، وكذلك كان يقرؤ ابن مسعود، والصوم فى اللغة الإمساك عن الطعام والشراب والكلام، قال السدى كان فى بنى اسرائيل اذا أراد أن يجتهد صام عن الكلام كما يصوم عن الطعام فلا يتكلم حتى يمسى، وقيل إن الله تعالى أمرها أن تقول هذا اشارة، وقيل أمرها أن تقول هذا القدر نطقا ثم تمسك عن الكلام بعده (فلن أكلم اليوم إنسيا) يقال كانت تكلم الملائكة ولا تكلم الإنس (فأتت به قومها تحمله) وقيل إنها ولدته ثم حملته فى الحال الى قومها فلما دخلت على أهلها ومعها الصبى بكوا وحزنوا وكانوا أهل بيت صالحين (قالوا يا مريم لقد جئت شيئا فريا) أى عظيما منكراً، قال أبو عبيدة كل أمر فائق من عجب أو عمل فهو فرىّ ثم تعجبوا كيف تأتى بولدهن غير أب (يا أخت هارون) يريد شبيهة هارون قال قتادة وغيره كان هارون رجلا صالحا عابدا فى بنى اسرائيل شبهوها به على معنى أننا ظننا أنك مثله فى الصلاح وليس المراد منه الأخوة فى النسب وقال السدى إنما عنوا به هارون أخاه موسى لأنها كانت من نسله كما يقال للتميمى يا أخا تميم (ما كان أبوك) عمران (امرأ سوء) قال ابن عباس زانيا (وما كانت أمك) هذه (بغيَّا) أى زانية فمن أين لك هذا الولد (فأشارت) مريم (اليه) أى الى عيسى عليه السلام أن كلموه، قال ابن عباس لما لم تكن لها حجة أشارت اليه ليكون كلامه حجة لها، وفى القصة لما أشارت اليه غضب القوم وقالوا مع ما فعلت

.

_ أتسخرين بنا؟ ثم (قالوا كيف نكلم من كان فى المهد صبيا) أى من هو فى المهد وهو حجرها، وقيل هو المهد بعينه وكان بمعنى هو، قال السدى فلما سمع عيسى كلامهم ترك الرضاع وأقبل عليهم، وقيل لما أشارت اليه ترك الثدى واتكأ على يساره وأقبل عليهم وجعل يشير بيمينه (قال إنى عبد الله) أقر على نفسه بالعبودية لله عز وجل أول ما تكلم لئلا يتخذ إلها (آتانى الكتاب وجعلنى نبيا) قيل معناه سيؤتينى الكتاب ويجعلنى نبيا وقيل هذا إخبار عما كتب له فى اللوح المحفوظ كما قيل للنبى صلى الله عليه وسلم متى كنت نبيا؟ قال كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد، وقال الأكثرون أوتى الإنجيل وهو صغير طفل وكان يعقل عقل الرجال، وعن الحسن أنه قال الهم التوراة وهو فى بطن أمه (وجعلنى مباركا أين ما كنت) أى نفَّاعا حينما توجهت، وقال عطاء ادعوا الى الله والى توحيده وعباداته وقيل مباركا على من تبعنى (وأوصانى بالصلاة والزكاة) أى أمرنى بهما، فان قيل لم يكن لعيسى مال فكيف يؤمر بالزكاة؟ قيل معناه أوصانى بالزكاة لو كان لى مال، وقيل اوصانى بالزكاة اى أمرنى ان أوصيكم بالزكاة وقيل الاستكثار من الخير (ما دمت حيا وبرا بوالدتى) اى جعلنى برا بوالدتى (ولم يجعلنى جبارا شقيا) اى عاصيا لربه، وقيل الشقى الذى يذنب ولا يتوب (والسلام علىّ يوم ولدت) اى السلامة عند الولادة من طعن الشيطان (ويوم أموت) أى عند الموت من الشرك (ويوم أبعث حيا) من الأهوال: فلما كلمهم عيسى بهذا علموا براءة مريم، ثم سكت عيسى عليه السلام فلم يتكلم بعد ذلك حتى بلغ المدة التى يتكلم فيها الصبيان والله أعلم (باب ذكر منشئه ومرباه وما أيده الله به من المعجزات) ذكر وهب بن منبه أنه لما ولد عبد الله ورسوله عيسى بن مريم عليهما السلام خرت الأصنام يومئذ فى مشارق الأرض ومغاربها وان الشياطين حارت فى سبب ذلك حتى كشف لهم إبليس الكبير أمر عيسى فوجدوه فى حجر أمه والملائكة محدقة به وأنه ظهر نجم عظيم فى السماء، وان ملك الفرس أشفق من ظهوره فسأل الكهنة عن ذلك فقالوا هذا لمولد عظيم فى الأرض، فبعث رسله ومعهم ذهب ومرّ ولبان هدية الى عيسى، فلما قدموا الشام سألهم ملكها عما أقدمهم؟ فذكروا له ذلك فسأل عن ذلك الوقت، فاذا قد ولد فيه عيسى بن مريم ببيت المقدس واشتهر أمره بسبب كلامه فى المهد، فأرسلهم اليه بما معهم وأرسل معهم من يُعَرَّفه له ليتوصل الى قتله اذ انصرفوا عنه، فلما وصلوا الى مريم بالهدايا ورجعوا قيل لها أن رسل ملك الشام أنما جاءوا ليقتلوا ولدك فاحتملته فذهبت به الى مصر، وقال اسحاق بن بشر عن جرير ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس قال وكان عيسى يرى العجائب فى صباه إلهاما من الله: ففشا ذلك فى اليهود وترعرع عيسى فهمت به بنوا اسرائيل فخافت امه عليه فأوحى الله الى أمه أن تنطلق به الى أرض مصر، قال وهب ابن منبه فأقامت معه بمصر حتى بلغ عمره اثنتى عشرة سنة وظهرت عليه كرامات ومعجزات فى حال صغره (فذكر منها) ان الدهقان الذى نزلوا عنده افتقد مالا من داره وكانت داره يأوى إليها الفقراء والمساكين والضعفاء والمحاويج فلم يدر من أخذه وعز ذلك على مريم عليها السلام وشق على الناس وعلى رب المنزل وأعياهم أمره، فلما رأى عيسى عليه السلام ذلك عمد الى رجل أعمى وآخر مقعد من جملة من هو منقطع اليه فقال للأعمى أحمل هذا المقعد وأنهض به، فقال انى لا استطيع ذلك، فقال بلى كما فعلت وهو حين أخذتما هذا المال من تلك الكوّة من الدار فلما قال ذلك صدقاه فيما قال وأتيَا بالمال فعظم عيسى فى أعين الناس وهو صغير جدا (ومن ذلك) ان ابن الدهقان عمل ضيافة للناس بسبب طهور أولاده فلما اجتمع الناس وأطعمهم أراد أن يسقيهم شرابا يعنى خمرا كما كانوا يصنعون في ذلك

.

_ الزمان لم يجد فى حراره شيئا فشق ذلك عليه، فلما رأى عيسى ذلك منه قام فجعل يمر على تلك الجرار ويمر يده على أفواهها فلا يفعل بجرة منها ذلك الا امتلأت شرابا من خيار الشراب، فتعجب الناس من ذلك جدا وعظموه وعرضوا عليه وعلى أمه مالا جزيلا فلم يقبلاه، وقال اسحاق بن بشر قال لما إدريس عن جده وهب بن منبه قال ان عيسى لما بلغ ثلاث عشرة سنة أمره الله عز وجل أن يرجع عن بلاد مصر الى بيت إيليا قال فقدم عليه يوسف بن خال أمه فحملهما على حمار حتى جاء بهما الى إيلياء وأقام بها حتى أحدث الله له الإنجيل وعلمه التوراة وأعطاه إحياء الموتى وإبراء الأسقام والعلم بالغيوب مما يدخرون فى بيوتهم وتحدث الناس بقدومه وفزعوا لما كان يأتى من العجائب فجعلوا يعجبون منه فدعاهم الى الله ففشا فيهم أمره (باب بعثته الى بنى اسرائيل وما أيده الله به من المعجزات الباهرات) (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) روى أبو حذيفة اسحاق بن بشر بأسانيده عن كعب الأحبار ووهب بن منبه وابن عباس وسلمان الفارسى دخل حديث بعضهم فى بعض قالوا لما بعث عيسى بن مريم وجاءهم بالبينات جعل المنافقون والكافرون من بنى اسرائيل يعجبون منه ويستهزئون به فيقولون ما أكل فلان البارحة وما أدخر فى منزله؟ فيخبرهم فيزداد المؤمنون أيمانا والكافرون والمنافقون شكا وكفرانا، وكان عيسى مع ذلك ليس له منزل يأوى أليه انما يسبح فى الأرض ليس له قرار ولا موضع يعرف به، فكان أول ما أحيا من الموى أنه مر ذات يوم على امرأة قاعدة عند قبر وهى تبكى فقال لما مالك أيتها المرأة؟ فقالت ماتت ابنة لى لم يكن لى ولد غيرهما وأنى عاهدت ربى أن لا أبرح من موضعى هذا حتى أذوق ما ذاقت من الموت أو يحييها الله لى فأنظر اليها، فقال لها عيسى ارأيت إن نظرت اليها أراجعة أنت؟ قالت نعم، قالوا فصلى ركعتين ثم جاء فجلس عند القبر فنادى يا فلانة قومى باذن الرحمن فاخرجى، قال فتحرك القبر، ثم نادى الثانية فانصدع القبر باذن الله، ثم نادى الثالثة فخرجت وهى تنفض رأسها من التراب، فقال لها عيسى ما أبطأ بك عنى؟ فقالت لما جاءتنى الصيحة الأولى بعث الله لى ملكا فركب خلقى، ثم جاءتنى الصيحة الثانية فرجع الى روحى، ثم جائتنى الصيحة الثالثة فجفت أنها صيحة القيامة فشاب رأسى وحاجباى وأشعار عينى من مخافة القيامة، ثم أقبلت على امها فقالت يا أماه ما حملك على أن أذوق كرب الموت مرتين؟ يا أماه اصبرى وأحتسبى فلا حاجة لى فى الدنيا، يا روح الله وكلمته سل ربى ان يردنى الى الآخرة وان يهوّن على كرب الموت، فدعا ربه فقبضها اليه واستوت عليها الأرض فبلغ ذلك اليهود فازدادوا عليه غضبا (قال الحافظ ابن كثير) وقد قدمنا فى عقيب قصة نوح أن بنى اسرائيل سألوه أن يحي لهم سام بن نوح فدعا الله عز وجل وصلى الله فأحياه الله لهم فحدثهم عن السفينة وأمرها، ثم دعا فعاد ترابا، قال (وقد روى السدى) عن أبى صالح وأبى مالك عن ابن عباس فى خبر ذكره وفيه أن ملكا من ملوك بنى اسرائيل مات وحمل على سريره فجاء عيسى عليه السلام فدعا الله عز وجل فأحياه الله عز وجل، فرأى الناس أمراً هائلا ومنظرا عجيبا اه (قلت) ويؤيد ذلك قوله عز وجل فى سورة المائدة (إذ قال الله يا عيسى ابن مريم أذكر نعمتى عليك) أى فى خلقى أياك من أم بلا أب وجعلى أياك آية ودلالة قاطعة على كمال قدرتى على الأشياء (وعلى والدتك) حيث جعلتك لها برهانا على براءتها مما نسبه الظالمون اليها من الفاحشة (اذ أيدنك بروح القدس) وهو جبريل عليه السلام وجعلتك نبيا داعيا الى الله فى صغرك فانطقتك فى المهد صغيرا فشهدت ببراءة أمك من كل عيب

.

_ واعترفت لي بالعبودية وأخبرت عن رسالتى أياك ودعوت الى عبادتى ولهذا قال (تكلم الناس فى المهد وكهلا) أى تدعوا الى الله الناس فى صغرك وكبرك (وإذ علمتك الكتاب والحكمة) أى الخط والفهم (والتوراة) وهى المنزلة على موسى بن عمران الكليم (والانجيل) وهو المنزل على عيسى عليه السلام (وأذ تخلق من الطين كهيئة الطير باذنى) أى تصوره وتشكله على هيئة الطائر باذنى لك (فتنفخ فيها فتكون طيراً باذنى) أى فتكون طيرا ذا روح بأذن الله وخلقه، قيل هو الخفاش (وتبرئ الأكمه) قال بعض السلف وهو الذى يولد أعمى ولا سبيل لأحد من الحكماء الى مداواته (والأبرص) هو الذى لا طب فيه بل قد مرض بالبرص وصار داؤه عضالا (واذ تخرج الموتى باذنى) أى تدعوهم فيقومون من قبورهم بأذن الله وقدرته (واذ كففت بنى اسرائيل عنك) أى منعت وصرفت عنك أذى اليهود حين هموا بقتلك وصلبك فنجيتك منهم ورفعتك اليّ وطهرتك من دنسهم (إذ جئتهم بالبينات) يعنى بالدلالات الواضحات والمعجزات وهى التى ذكرنا وسميت بالبينات لأنها ما يعجز عنها سائر الخلق الذين ليسوا بمرسلين (فقال الذين كفروا منهم أن هذا) ما هذا (ألا سحر مبين) يعنى ما جاءهم به من البينات (باب أسلام أهل أنطاكية جميعا بنبي الله عيسى عليه السلام) لما كذب اليهود نبى الله عيسى عليه السلام ونسبوا ما أتى به من المعجزات الى السحر ضاق بهم ذرعا وقال (من أنصارى الى الله) أى من يساعدنى فى الدعوة الى الله (قال الحواريون نحن أنصار الله) وكان ذلك فى قرية يقال لها الناصرة فسموا بذلك النصارى قال تعالى (فآمنت طائفة من بنى اسرائيل وكفرت طائفة) يعنى لما دعا عيسى بنى اسرائيل وغيرهم الى الله تعالى، منهم من آمن ومنهم من كفر، وكان من آمن أهل أنطاكية بكما لهم فيما ذكر، غير واحد من أهل السير والتواريخ والتفسير بعث اليهم رسلا ثلاثة أحدهم شمعون الصفا فآمنوا واستجابوا، وكفر آخرون من بنى اسرائيل وهو جمهور اليهود (فأيدنا الذين آمنوا) به بما جاء به من أنه عبد الله ورسوله (على عدوهم) يعنى اليهود ومن غلابه من النصارى فجعله إلاها: فكل من كان اليه أقرب كان عاليا فمن دونه، ولما كان قول المسلمين فيه هو الحق الذى لا شك فيه من انه عبد الله ورسوله كانو ظاهرين كما قال تعالى (فاصبحوا ظاهرين) على النصارى الذين غلوا فيه وأطروه وأنزلوه فوق ما انزله الله به، ولما كان النصارى أقرب فى الجملة مما ذهب اليه اليهود عليهم لعائن الله كان النصارى قاهرين لليهود فى ازمان الفترة الى زمن الاسلام وأهله حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم فظهرت الفرقة المؤمنة باظهار دين محمد صلى الله عليه وسلم على دين الكفار فأمة محمد صلى الله عليه وسلم لا يزالون ظاهرين على الحق حتى يأتى أمر الله وهم كذلك وحق يقاتل آخرهم الدجال مع المسيح عيسى بن مريم عليه السلام كما وردت بذلك الأحاديث الصحاح والله أعلم، ويستفاد من هذا الباب أن الحواريين هم أنصار عيسى عليه السلام، وهم أول من لبى الدعوة ولذلك قال تعالى فى كتابه العزيز (واذ أوحيت الى الحواريين أن آمنوا بى وبرسولى قالوا آمنا واشهد بأننا مسلمون) وهذا أيضا من الامتنان على عيسى عليه السلام بأن جعل الله له أصحابا وأنصاراَ، ثم قيل المراد بهذا الوحى وحى الهام كما قال تعالى وأوحينا الى أم موسى أن أرضعيه، وهو وحى الهام بلا خلاف، أى الهموا ذلك فامتثلوا ما ألهموا (قال الحسن البصرى) ألهمهم الله عز وجل ذلك، وقال السدى قذف فى قلوبهم ذلك، ويحتمل أن يكون المراد واذ أوحيت أليهم بواسطتك تدعوهم الى الأيمان بالله وبرسوله فاستجابوا لك وانقادوا وتابعوا

_ (باب ما جاء فى نزول المائدة من كتاب الله عز وجل) قال الله عز وجل (إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزل علينا مائدة من السماء) الآيات: هذه قصة المائدة وأليها تنسب السورة فيقال سورة المائدة وهى لمّا امتن الله به على عبده ورسوله عيسى لما أجاب دعاءه بنزولها فأنزلها الله آية باهرة وحجة قاطعة، وقد ذكر بعض الأئمة أن قصتها ليست مذكورة فى الانجيل ولا يعرفها النصارى إلا من المسلمين فالله أعلم فقوله تعالى (إذ قال الحواريون) وهم أتباع عيسى وخواص أصحابه (يا عيسى بن مريم هل يستطيع ربك) هذه قراءة كثيرين وعلى هذه القراءة لم يقولوا شاكين بقدرة الله عز وجل ولكن معناه هل ينزل ربك أم لا، وقرأ آخرون (هل تستطيع ربك) بالتاء وربك بنصب الباء الموحدة أى هل تستطيع أن تسأل ربك (أن ينزل علينا مائدة من السماء) والمائدة هى الخوان عليه طعام وذكر بعضهم أنهم أنما سألوه ذلك لحاجتهم وفقرهم فسألوه أن ينزل عليهم مائدة كل يوم يقتاتون منها ويتقوون بها على العبادة (قال اتقوا الله ان كنتم مؤمنين) أى فأجابهم عليه السلام قائلا لهم اتقوا الله ولا تسألوا هذا فعساه ان يكون فتنة لكم وتوكلوا على الله فى طلب الرزق أن كنتم مؤمنين (قالوا نريد أن نأكل منها) أى نحن محتاجون الى الأكل منها (وتطمئن قلوبنا) اذا شاهدنا نزولها رزقا لنا من السماء (ونعلم ان قد صدقتنا) أى ونزداد إيمانا بك وعلما برسالتك (ونكون عليها من الشاهدين أى ونشهد أنها آية من عند الله ودلالة وحجة على نبوتك (قال عيسى بن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عبداً) أى نتخذ ذلك اليوم الذى نزلت فيه عبدا نعظمه، وقال سفيان الثورى يوما ما نصلى فيه (لأولنا) اى لأهل زماننا (وآخرنا) أى لمن يجئ بعدنا، وقيل كافة لأولنا وآخرنا (وآية منك) أى دلالة وحجة على قدرتك على الأشياء وعلى إجابتك لدعوتى فيصدقونى فيما ابلغه عنك (وأرزقنا) أى من عندك رزقا هنيئا بلا كلفة ولا تعب (وأنت خير الرازقين قال الله) تعالى مجيبا لعيسى عليه السلام (إنى منزلهما عليكم فمن يكفر بعد منكم) أى فمن كذب بها من أمتك يا عيسى بعد نزولها (فانى أعذبه عذابا بالا أعذبه أحدا من العالمين) أى من عالمى زمانكم (قال الحافظ ابن كثير) فى تفسيره (روى ابن جرير) عن عبد الله بن عمر قال أن أشد الناس عذابا يوم القيامة ثلاثة، المنافقون ومن كفر من أصحاب المائدة وآل فرعون (باب ما جاء فى ذكر الآثار الواردة فى نزول المائدة) أعلم أنه وردت آثار عن أبن عباس وسلمان الفارسى وعمار بن ياسر وغيرهم من السلف ذكرها الحافظ ابن كثير فى تفسيره ثم قال فى تاريخه ومضمون ذلك أن عيسى عليه السلام أمر الحواريين بصيام ثلاثين يوما فلما أتموها سألوا عيسى أنزال مائدة من السماء عليهم ليأكلوا منها وتطمئن بذلك قلوبهم إذا قبل الله صيامهم وأجابهم الى طلبهم وتكون لهم عبادا يفطرون عليها يوم فطرهم وتكون كافية لأولهم وآخرهم لغنيهم وفقيرهم فوعظهم عيسى فى ذلك وخاف عليهم أن لا يقوه وابشكرها ولا يؤدوا حتى شروطها فأبوا عليه إلا ان يسال لهم ذلك من ربه عز وجل، فلما لم يقلعوا عن ذلك قام الى مصلاه ولبس مسحا من شعر وصف بين قدميه وأطرق رأسه وأسبل عينيه بالبكاء وتضرع إلى الله فى الدعاء والسؤال أن يجابوا الى ما طلبوا، فأنزل الله تعالى المائدة من السماء والناس ينظرون اليها تنحدر بين غمامتين وجعلت تدنوا قليلا قليلا وكلما دنت سأل عيسى ربه عز وجل أن يجعلها رحمة لا نقمة وأن يجعلها بركة وسلامة فلم تزل تدنو حتى أستقرت بين يدى عيسى عليه السلام وهى مغطاة بمنديل فقام عيسى يكشف عنها وهو يقول بسم الله خير الرازقين، فاذا عليها سبعة من الحيتان وسبعة أرغفة ويقال وخل ويقال ورمان وثمار ولها رائحة عظيمة جدا: قال الله لها كونى فكانت، ثم أمرهم بالآكل منها فقالوا الا نأكل حتى تأكل فقال أنكم الذين ابتدأتم السؤال لها فأبوا أن

.

_ يأكلوا منها أبتداءا فأمر الفقراء والمحاويج والمرضى والزمنى وكانوا قريبا من ألف وثلاثمائة فأكلوا منها فبرأ كل من به عاهة أو آفة أو مرض مزمن، فندم الناس على ترك الأكل منها لما رأو من إصلاح حال أولئك، ثم قيل أنها كانت تنزل كل يوم مرة فيأكل كل الناس منها يأكل آخرهم كما يأكل أولهم حتى قيل أنها كان يأكل منها نحو سبعة آلاف ثم كانت تنزل يوما بعد يوم كما كانت ناقة صالح يشربون لبنها يوما بعد يوم ثم أمر الله عيسى أن يقصرها على الفقراء والمحاويج دون الأغنياء فشق ذلك على كثير من الناس وتكلم منافقوهم فى ذلك فرفعت بالكلية ومسخ الذين تكلموا فى ذلك خنازير (روى أبن أبى حاتم وأبن جرير) جميعاً حدثنا الحسن بن قزعة الباهلى حدثنا سفيان بن حبيب حدثنا سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن خلاس عن عمار بن ياسر عن النبى صلى الله عليه وسلم قال نزلت المائدة من السماء خبز ولحم وأمروا أن لا يخونوا ولا يدخروا ولا يرفعوا لغد، فخانوا وادخروا ورفعوا فمسخوا قردة وخنازير، ثم رواه ابن جرير عن بندار عن أبن أبى عدى عن سعيد عن قتادة عن خلاس عن عمار موقوفا قال الحافظ ابن كثير وهذا أصح: قال وكذا رواه من طريق سماك عن رجل من بنى عجل عن عمار موقوفا وهو الصواب والله أعلم (باب سبب عزم اليهود على قتل نبى الله عيسى عليه السلام وصلبه وما قتلوه وما صلبوه) جاء فى تاريخ الكامل لابن الأثير قال قيل أن عيسى استقبله ناس من اليهود، فلما رأوه قالوا قد جاء الساحر أبن الساحرة الفاعل أبن الفاعلة وقذفوه وأمه فسمع ذلك ودعا عليهم فاستجاب الله دعاءه ومسخهم خنازير، فلما رأى ذلك رأس بنى اسرائيل فزع وخاف وجمع كلمة اليهود على قتله فاجتمعوا عليه فسألوه فقال يا معشر اليهود إن الله يبغضكم فغضبوا من مقالته وثاروا اليه ليقتلوه فبعث اليه جبريل فأدخله فى خوخة الى بيت فيها روزنة أى كوّة فى سقفها فرفعه الى السماء من تلك الروزنة فأمر رأس اليهود رجلا من أصحابه اسمه نطليانوس أن يدخل اليه فيقتله فدخل فلم ير أحداً وألقى الله عليه شبح المسيح فخرج اليهم فظنوه عيسى فقتلوه وصلبوه أه وقال الحافظ أبن كثير فى تاريخه قال أبن أبى حاتم حدثنا أحمد بن سنان حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن المنهال بن عمرو عن سعيد بن جبير عن أبن عباس قال لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء خرج على أصحابه وفى البيت أثنا عشر رجلا منهم من الحواريين يعنى فخرج عليهم من عين فى البيت ورأسه يقطر ماءاً فقال إن منكم من يكفر بى أثنى عشر مرة بعد أن آمن بى، ثم قال أيكم يلقى عليه شبهى فيقتل مكانى فيكون معى فى درجتى، فقام شاب من أحدثهم سناً فقال له أجلس، ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال أجلس، ثم أعاد عليهم فقام الشاب فقال أنا، فقال أنت هو ذاك فألقى عليه شبه عيسى ورفع عيسى من روزنة فى البيت إلى السماء، قال وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه ثم صلبوه فكفر به بعضهم أثنتى عشرة مرة بعد أن آمن به وافترقوا ثلاث فرق، فقالت طائفة كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء وهؤلاء اليعقوبية، وقالت فرقة كان فينا أبن الله ما شاء ثم رفعه الله أليه، وهؤلاء النسطورية، وقالت فرقة كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء ثم رفعه الله أليه، وهؤلاء المسلمون فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها فلم الأسلام طامسا حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم قال أبن عباس وذلك قوله تعالى (فأيدنا الذين آمنوا على عدوهم فأصبحوا ظاهرين) وهذا اسناد صحيح إلى أبن عباس على شرط مسلم ورواه النسائى عن أبى كريب عن أبى معاوية به نحوه وكذا ذكره غير واحد من السلف أنه قال لهم أيكم يلقى عليه شبهى فيقتل مكانى وهو رفيقى فى الجنة (وفى تاريخ الكامل لابن الأثير أن أحد الحواريين

(باب ما جاء في صفته وشمائله ونزوله آخر الزمان وحكمه ومدة مكثه فى الارض وحجه وفناء كل ملة غير الاسلام ووفاته) (عن أبى هريرة) (1) أن النبى صلي الله عليه وسلم قال الأنبياء إخوة.

_ أتى إلى اليهود فدلهم على المسيح وأعطوه ثلاثين درهما فأتى معهم الى البيت الذى فيه المسيح فدخله فرفع الله المسيح وألقى شبهه على الذى دلهم عليه فاخذوه وأوثقوه وقادوه وهم يقولون له أنت كنت تحيي الموتى وتفعل كذا وكذا فهلا تنجى نفسك؟ وهو يقول أنا الذى دللتكم عليه فلم يصغوا إلى قوله ووصله به إلى الخشبة فقتلوه وصلبوه عليها، وقيل إن اليهود لما دلهم عليه الحوارى أتبعوه وأخذوه من البيت الذى كان فيه ليصلبوه فأظلمت الأرض وأرسل الله ملائكته فخلوا بينهم وبينه وألقى شبه المسيح على الذى دلهم عليه فأخذوه ليصلبوه، فقال أنا الذى دللتكم عليه فلم يلتفتوا أليه، فقتلوه وصلبوه عليها، قال الأستاذ الشيخ عبد الوهاب النجار فى تعليقه على الكامل هذا هو الوجه المرضى والذى ذكره برنابا حوارىّ المسيح فى الفصل السابع عشر بعد المائتين من أنجيله وما عداه من الروايات باطل اه (وفى الكامل لابن الأثير) أيضا ورفع الله المسيح أليه بعد أن توفاه ثلاث ساعات وقيل سبع ساعات ثم أحياه ورفعه ثم قال له أنزل الى مريم فانه لم يبك عليك أحد بكاءها ولم يحزن أحد حزنها فنزل عليها بعد سبعة أيام فاشتعل الجبل حين هبط نورا وهى عند المصلوب تبكى ومعها امرأة كان أبرأها من الجنون فقال ما شأنكما تبكيان؟ قالتا عليك، قال انى رفعنى الله إليه ولم يصبنى الأخير وإن هذا شئ شبه لهم، وأمرها فجمعت له الحواريين فبثهم فى الأرض وسلا من الله وأمرهم أن يبلغوا عنه ما أمره الله به، ثم رفعه الله أليه وكساه الريش وألبسه وقطع عنه لذة المطعم والمشرب وطار مع الملائكة فهو معهم فصار إنسيا ملكيا سماويا أرضيا فتفرق الحواريون حيث أمرهم، فتلك الليلة كانت أهبطه الله فيها هى التى تدخن فيها النصارى، وتعدى اليهود على بقية الحواريين فسمع بذلك ملك الروم وأسمه هيردوس وكانوا تحت يده وكان صاحب وئن فقيل له إن رجلا كان فى بنى اسرائيل وكان يفعل الآيات فى إحياء الموتى وخلق الطير من الطين والإخبار عن الغيوب فعدوا عليه فقتلوه وكان يخبرهم أن رسول الله: فقال الملك ويحكم ما منعكم أن تذكروا هذا من أمره فوالله لو علمت ما خليت بينهم وبينه ثم بعث إلى الحواريين فانزعهم من يدى اليهود وسألهم عن دين عيسى فأخبروه وتابعهم على دينهم وأستنزل المصلوب الذى شبه لهم فغيبه وأخذ الخشبة التى صلب عليها فأكرمها وصانها، وعدا على بنى اسرائيل فقتل منهم قتلى كثيرة، فمن هناك كان أصل النصرانية فى الروم (وقيل) كان هذا الملك هيردوس ينوب عن ملك الروم الأعظم الملقب قيصر وأسمه طيباريوس وهذا أيضا يسمى ملكا وكان مُلك طيباريوس ثلاثا وعشرين سنة، منها الى ارتفاع المسيح ثمانى عشرة سنة وأياما إه (وجاء فى تاريخ الحافظ ابن كثير) عن أبن عساكر من طريق طريف أبن حبيب فيما بلغه أن عيسى عليه السلام لما نزل لمقابلة أمه بعد رفعه قال يا أمّه أن القوم لم يقتلونى ولكن الله رفّعنى أليه وأذن لى فى لقائك والموت يأتيك قريبا فاصبرى وأذكرى الله كثيرا ثم صعد عيسى فلم تلقه إلا تلك المرة حتى ماتت: قال بلغنى أن مريم بقيت بعد عيسى خمس سنين وماتت ولها ثلاث وخمسون سنة رضى الله عنها وأرضاها، وقال الحسن البصرى كان عمر عيسى عليه السلام يوم رفع أربعا وثلاثين سنة والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا عفان قال ثنا همام قال أنا قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة الخ

لعَلاَت، أمهاتهم شّى ودينهم واحد، وأنا أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه لم يكن بينى وبينه نبى (1) وأنه نازل فاذا رأيتموه فاعرفوه رجلا مربوعا الى الحمرة والبياض عليه ثوبان عصران (2) كأن رأسه يقطر وان لم يصبه بلل: فيدق الصليب (3) ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويدعو الناس الى الأسلام فيهلك الله فى زمنه الملل كلها إلا الأسلام ويهلك الله فى زمانه المسيخ الدجال وتقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الاسود مع الابل، والنمار مع البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات لا تضرهم، فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى ويصلى عليه المسلمون (زاد فى رواية) ويدفنونه (وعنه من طريق ثان) (4) يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم يوشك أن ينزل فيكم أبن مريم حكما مقسطا (وفى لفظ حكما عادلا وإماما مقسطا) يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد (عن الزهرى) (5) عن حنظلة عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم ينزل عيسى بن مريم فيقتل الخنزير ويمحو الصليب وتجمع له الصلاة ويعطى المال حتى لا يقبل، ويضع الخراج وينزل الروحاء (6) فيحج منها (7) أو يعتمر أو يجمعهما قال وتلا أبو هريرة وأن من أهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيدا) فزعم حنظلة (8) أن أبا هريرة قال يؤمن به قبل موت عيسى فلا أدرى هذا كله حديث النبى صلي الله عليه وسلم أو شيء قاله أبو هريرة

_ (غريبه) (1) هذه الجملة من أول الحديث إلى هنا تقدم شرحها فى باب ما جاء فى فضل نبى الله عيسى عليه السلام فى هذا الجزء صحيفة 134 رقم 90 (2) الممصرة من الثياب التى فيها صفرة خفيفة (نه) (3) أى يكسره كما فى بعض الروايات، قال فى شرح السنة وغيره أى فيبطل النصرانية ويحكم بالملة الحنيفية (ويقتل الخنزير) أى يحرم اقتناءه وأكله ويبيح قتله (ويضع الجزية) قال الحافظ المعنى أن الدين يصير واحدا فلا يبقى أحد من أهل الذمة يؤدى الجزية، وقيل معناه أن المال يكثر حتى لا يبقى من يمكن صرف مال الجزية له فتترك الجزية استغناءا عنها (قال النووى) ومعنى وضع عيسى الجزية مع أنها مشروعة فى هذه الشريعة أن مشروعيتها مقيدة بنزول عيسى لما دل عليه هذا الخبر، وليس عيسى بناسخ لحكم الجزية بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو المبين للنسخ، فأن عيسى عليه السلام يحكم بشرعنا فدل على أن الامتناع عن قبول الجزية فى ذلك الوقت هو شرع نبينا (4) (سنده) حدثنا سفيان عن الزهرى عن سعيد عن أبى هريرة يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق د جه طل) وأبن جرير (5) (سنده) حدثنا يزيد أنا سفيان عن الزهرى عن حنظلة الخ (غريبه) (6) قال النووى فى تهذيب الأسماء واللغات هى بفتح الراء وإسكان الواو وبالحاء المهملة ممدودة وهى موضع من عمل الفرع بضم الفاء وإسكان الراء وبينها وبين مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم سنة وثلاثون ميلا كذا جاء فى صحيح مسلم فى باب الأذان عن سليمان الأعمش قال قلت لأبى سفيان وهو طلحة بن نافع التابعى المشهور كم بينها وبين المدينة؟ قال ستة وثلاثون ميلا، وحكى صاحب المطالع أن بينهما أربعين ميلا وأن فى كتاب بن أبى شيبة بينهما ثلاثون ميلا والله تعالى أعلم اه (7) معناه يحرم بالحج من هذا المكان (أو يعتمر) معناه أو يحرم بعمرة (أو يجمعهما) أو يحرم بحج وعمرة معاً (8) حنظلة هو أبن على بن الاسقع الأسلمى المدنى وهو تابعى ثقة يقول ان أبا هريرة جعل الضمير فى قوله تعالى (قبل موته) راجعا الى عيسى يعنى قبل موت عيسى (وقوله فلا أدرى الخ) جوابه أن الحديث مرفوع

(وعنه من طريق ثان) (1) عن حنظلة الأسلمى سمع أبا هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذى نفس محمد بيده ليُهلنَّ أبن مريم بفج الروحاء (2) حاجا أو معتمرا أو ليُثنيهما (74) (كتاب قصص الماضين من بنى اسرائيل وغيرهم) (الى آخر زمن الفترة وذكر أيام العرب وجاهليتهم) (باب ما جاء فى القصاصين) (عن عبد الجبار الخولانى) (3) قال دخل رجل من أصحاب النبى صلي الله عليه وسلم المسجد فإذا كعب (4) يقص فقال من هذا؟ قالوا كعب يقص، فقال سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم يقول لا يقص (5) إلا أمير أو مأمور أو مختال، قال فبلغ ذلك كعب فما رؤى يقص بعد (عن عمرو بن شعيب) (6) عن أبيه عن جده أن النبى صلي الله عليه وسلم قال لا يقص على الناس إلا أمير أو مأمور أو مراء (عن عوف بن مالك الأشجعى) (7) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

_ إلى قوله أو يجمعها والظاهر أن قوله وتلا أبو هريرة الخ أن تلاوة الآية من قول أبى هريرة والله أعلم وقد أختلف العلماء فى معنى قوله تعالى (قبل موته) فذهب جماعة الى أن الضمير راجع الى جنس أصحاب الكتاب ومعناه كل صاحب كتاب لا يموت حتى يؤمن بعيسى، واحتجبوا بقراءة أبىِّ بن كعب (وأن من أهل الكتاب الا ليؤمنن به قبل موتهم) بميم الجمع وهو مروى عن ابن عباس، وقال آخرون معنى ذلك وأن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن بمحمد صلى الله عليه وسلم وحكاه أبن جرير عن عكرمة قال لا يموت النصرانى ولا اليهودى حتى يؤمن بمحمد صلى الله عليه وسلم اه وسياق الآية يدل على ان كل يهودى ونصرانى يؤمن بعيسى بعد نزوله قبل موته أى قبل موت عيسى فلا يكون هناك يهودى ولا نصرانى وكل هذه الأقوال جائزة ولا تناقض بينها لأن الواقع ان كل انسان يظهر له مصيرة عند موته وحينئذ يؤمن اليهودى والنصرانى بأن عيسى عبد الله ورسوله وأن محمدا عبد الله ورسوله ولكن لا ينفعه ذلك (قال تعالى وليست بتوبة للذين يعملون السيئات حتى اذا حضر أحدهم الموت قال أنى تبت الآن ولا الذين يموتون وهم كفار أولئك أعتدنا لهم عذابا أليما) وبهذا يجمع بين الأقوال والله أعلم بحقيقة الحال (1) (سنده) حدثنا سفيان عن الزهرى عن حنظلة الأسلمى الخ (2) فج الروحاء قال ياقوت بين مكة والمدينة كان طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم الى بدر والى مكة عام الفتح وعام الحج (تخريجه) (ق، وغيرهما) (باب) (3) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون انا العوام ثنا عبد الجبار الخولانى الخ (غريبه) (4) لم ينسب كعبا والظاهر أنه كعب الأحبار والقصص التحدث ويستعمل فى الوعظ (5) جاء فى الحديث التالى بلفظ لا يقص على الناس أى لا يتكلم عليهم بالقصص والإفناء قال الطيبى قوله لا يقص ليس بنهى بل هو نفى واخبار أن هذا الفعل ليس بصادر إلا من هؤلاء (وقوله إلا أمير) أى حاكم وهو الامام (قال حجة الاسلام) الغزالى وكانوا هم المفتين (أو مأمور) أى مأذون له فى ذلك من الحاكم (أو مختال) أى مراء، كما فى بعض الروايات وهو من عداهما سمى مرائيا لأنه طالب للرياسة متكلف ما لم يكلفه الشارع حيث لم يؤمر بذلك، لأن الامام نصب المصالح فمن رآه لائقا نصبه للقص أو غير لائق فلا، هذا ما قرره حجة الاسلام (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وإسناده حسن (6) (سنده) حدثنا هيثم بن خارجة حدثنا حفص بن ميسرة عن أبن حرملة عن عمرو بن شعيب الخ (تخريجه) (جه) قال الحافظ العراقى وإسناده حسن (7) (سنده) حدثنا هارون قال ثنا أبن وهب قال ثنا عمرو بن الحارث عن بكير بن عبد الله أن يعقوب

يقول لا يقص على الناس إلا أمير أو مأمور أو مختال (1) (وفى لفظ) لا يقص إلا أمير أو مأمور أو متكلف (عن السائب بن يزيد) (2) قال أنه لم يكن يقص على عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا أبى بكر وكان أول من قص تميما الدارىّ استأذن عمر بن الخطاب رضى الله عنه أن يقص على الناس قائما فأذن له عمر (حدثنا هاشم) (3) ثنا شعبة عن عبد الملك بن ميسرة قال سمعت كردوس أبن قيس وكان قاص العامة بالكوفة قال فأخبرنى رجل من أصحاب بدر أنه سمع النبى صلي الله عليه وسلم يقول لأن اقعد فى مثل هذا المجلس أحب إلى من ان أعتق أربع رقاب، قال شعبة فقلت أى مجلس تعنى؟ قال كان قاصا (4) (قال عبد الله) (5) سمعت مصعب الزبيرى قال جاء أبو طلحة القاص على مالك أبن أنس فقال يا أبا عبد الله أن قوما قد نهونى أن أقص هذا الحديث صلى الله على إبراهيم إنك حميد

_ أخاه وابن أبي خصيفة حدثاه أن عبد الله بن يزيد قاص مسلمة بالقسطنطينية حدثهما عن عوف بن مالك الأشجعى الخ (وله طريق أخرى) عند الامام أحمد أيضا قال حدثنا حماد بن خالد عن معاوية بن صالح عن ازهر يعنى أبن سعيد عن ذى الكلاع عن عوف بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول القصاص ثلاثة أمير أو مأمور أو مختال (غريبه) (1) قال الخطابى بلغنى عن ابن سريج أنه كان يقول هذا فى الخطبة، وكان الأمراء يتلون الخطب فيعظون الناس ويذكرونهم فيها، فأما المأمور فهو من يقيمه الامام خطيبا فيعظ الناس ويقص عليهم (وأما المختال) فهو الذى نصب نفسه لذلك من غي أن يؤمر به ويقص على الناس طلبا للرياسة فهو يراثى بذلك ويختال، وقد قيل أن المتكلمين على الناس ثلاثة أصناف، مذكر وواعظ وقاص، فالمذكر الذى يذكر الناس آلاء الله ونعماءه ويبعثهم بها على الشكر له، والواعظ يخوفهم بالله وينذرهم عقوبته فيردعهم به عن المعاصى، والقاص هو الذى يروى لهم أخبار الماضين ويسرد عليهم القصص فلا يؤمن أن يزيد فيها أو ينقص، والمذكر والواعظ مأمون عليهما هذا المعنى اه (تخريجه) (د طس) وسنده عند الامام أحمد جيد (2) (سنده) حدثنا يزيد بن عبد ربه ثنا بقية بن الوليد قال حدثنى الزبيدى عن الزهرى عن السائب بن يزيد الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفيه بقية بن الوليد وهو ثقة مدلس اه (قلت) قد صرح بالتحديث فانتفى التدليس (3) (حدثنا هاشم الخ) (غريبه) (4) معناه كان مجلس قصص، والظاهران هذا القاص كان مأذونا له فى القصص وكان حكيما فى قصصه ولذلك مدحه النبى صلى الله عليه وسلم والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه كردوس بن قيس وثقه أبن حبان وبقية رجاله رجال الصحيح (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن حميد الاعرج عن محمد بن ابراهيم النيمى عن عبد الرحمن بن معاذ عن رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال خطب النبى صلى الله عليه وسلم الناس بمنى ونزّلهم منازلهم وقال لينزل المهاجرون هاهنا وأشار الى ميمنة القبلة، والانصار هاهنا وأشار الى ميسرة القبلة، ثم لينزل الناس حولهم قال وعلمهم مناسكهم ففتحت أسماع أهل منى حتى سمعوه فى منازلهم، قال فسمعته يقول أرموا الحمرة بمثل حصى الخذف قال عبد الله (يعنى أبن الأمام أحمد) سمعت مصعبا الزبيرى الخ (تخريجه) أخرج أبو داود والنسائى الجزء المرفوع منه، وسكت عنه أبو داود والمنذرى ورجاله ثقات، وتقدم هذا الحديث أيضا بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الخطبة فى يوم النحر بمنى من كتاب الحج فى الجزء الثانى عشر صحيفة 212 رقم 414 مقتصرا على المرفوع منه لأن محله هناك وذكرت ما حكاه عبد الله بن الامام أحمد عن مصعب الزبيري هنا

مجيد وعلى محمد وعلى أهل بيته وعلى أزواجه، فقال مالك حدث به وقص به (عن أبى أمامة) (1) قال خرج رسول الله صلي الله عليه وسلم على قاص يقص فأمسك، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم قص فلأن أقعد غدوة (2) الى أن تشرق الشمس أحب الى من أن اعتق أربع رقاب: وبعد العصر حتى تغرب الشمس أحب الى من أن أعتق أربع رقاب (باب ما جاء فى الرواية والتحديث عن أخبار بنى أسرائيل). (عن أبى نملة الأنصارى) (3) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم إذا حدثكم أهل الكتاب فلا تصدقوهم ولا تكذبوهم، وقولوا آمنا بالله وكتبه ورسله، فان كان حقا لم تكذبوهم وان كان باطلا لم تصدقوهم (عن جابر بن عبد الله) (4) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لا تسألوا أهل الكتاب عن شئ فانهم لن يهدوكم وقد ضلوا، فانكم اما ان تصدقوا بباطل أو تكذبوا بحق، فانه لو كان موسى حيًا بين اظهركم ما حل له الا ان يتبعنى (عن عمر ابن بن حصين) (5) قال كان رسول الله صلي الله عليه سلم يحدثنا عامة ليله عن بنى اسرائيل (وفى رواية يحدثنا عن بنى اسرائيل حتى يصبح) لا يقوم إلا إلى عُظم (6) صلاة.

_ لمناسبة الترجمة والله الموفق (1) (سنده) حدثنا محمد ثنا شعبة عن أبى النباح قال سمعت أبا الجعد يحدث عن أبى أمامة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) الغدوة بالضم ما بين صلاة الغداة وطلوع الشمس (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير إلا أن لفظ الطبرانى أقص فلأن اقعد هذا المقعد من حين تصلى الى ان تشرق الشمس فذكر لحديث ورجاله موثقون إلا أنى فيه أبا الجعد عن أبى أمامة فان كان هو الغطفانى فهو من رجال الصحيح وأن كان غيره فلم أعرفه اه (قلت) يزيده حديث كردوس المتقدم قبل حديث وهو بمعناه وتقدم الكلام عليه هناك (باب) (3) (عن أبى نملة الاَنصارى الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وطوله وشرحه وتخريجه فى باب النهى عن التحدث عن أهل الكتاب والرخصة فى ذلك من كتاب العلم فى الجزء الأول صحيفة 176 رقم 564 وقوله فلا تصدقوهم أى فيما يخالف شريعتنا (ولا تكذبوهم) أى فيما وافق شريعتنا، ورواه أيضا أبو داود وسنده جيد (4) (عن جابر بن عبد الله الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى أول الباب المشار اليه آنفا من كتاب العلم (5) (سنده) حدثنا بهز ثنا أبو هلال ثنا قتادة عن أبى حسان عن عمران بن حصين الخ (غريبه) (6) عظم الشئ بضم العين المهملة وسكون الظاء أكثره ومعظمه كأنه أراد أنه صلى الله عليه وسلم لا يقوم إلا لصلاة الفريضة (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (بزحم طب) وإسناده اه (قلت) وفيه دلالة على جواز التحدث عن بنى اسرائيل، وتقدم فى الباب المشار اليه آنفا من كتاب العلم عن عبد الله بن عمرو قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بقول عنى ولو آية وحدثوا عن بنى اسرائيل ولا حرج، وجاء مثله عن أبى هريرة عند أبى داود والامام أحمد قال حدثنا يحي هو القطان عن محمد بن عمر حدثنا أبو سلمق عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال حدثوا عن بنى اسرائيل ولا حرج وصححه الحافظ ابن كثير (قال الامام الخطابى) ليس معناه أباحة الكذب فى أخبار بنى اسرائيل ورفع الحرج عمن نقل عنهم الكذب، ولكن معناه الرخصة فى الحديث عنهم على معنى البلاغ وان لم يتحقق صحة ذلك الاسناد: وذلك لأنه أمر قد نعذر فى أخبارهم لبعد المسافة وطول المدة ووقوع الفترة بين ما فى النبوة اه (قلت) ولأن كتبهم لم تحفظ كحفظ القرآن (قال تعالى إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون) وقال أيضاً

(باب ذكر ماشطة ابنة فرعون ومن تكلم فى المهد) (عن ابن عباس) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كانت الليلة التى أسرى بى فيها أتت علىّ رائحة طيبة، فقلت يا جبريل ما هذه الرائحة الطيبة؟ فقال هذه رائحة ماشطة أبنة فرعون وأولادها، قال قلت وما شأنها؟ قال بينا هى تمشط ابنة فرعون ذات يوم اذ سقطت المدرى (2) من يديها فقالت بسم الله، فقالت لها أبنة فرعون أبى؟ قالت لا ولكن ربى ورب أبيك الله، قالت أخبره بذلك؟ قالت نعم فأخبرته فدعاها فقال يا فلانة وإن لك ربا غيرى، قالت نعم، ربى وربك الله، (وفى رواية ربى وربك من فى السماء) فأمر ببقرة (3) من نحاس فأحميت ثم أمر بها أن تلقى هى وأولادها فيها، قالت له أن لى اليك حاجة، قال وما حاجتك؟ قالت أحب أن تجمع عظامى وعظام ولدى فى ثوب واحد وتدفننا قال ذلك لك علينا من الحق، قال فأمر بأولادها فالقوا بين يديها واحداً واحداً إلى أن انتهى ذلك إلى صبى لها مرضع وكأنها تقاعست (4) من أجله فقال يا أمَّه اقتحمى فان عذاب الدنيا أهون من من عذاب الآخرة فاقتحمت، قال قال أبن عباس تكلم أربعة صغار عيسى أبن مريم عليه السلام وصاحب جريج وشاهد يوسف وأبن ماشطة ابنة فرعون (باب ذكر قصة أصحاب الأخدود وفيها من تكلم فى المهد أيضاً) (عن عبد الرحمن بن أبى ليلى) (5) عن صهيب أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال كان ملِك فيمن كان قبلكم (6) وكان له ساحر فلما كبِر الساحر قال للملك أنى قد كبِرت سنى وحضر أجلى فادفع الىّ خادما فلأعلمه السحر، فدفع اليه غلاما فكان يعلمه السحر، وكان بين الساحر

_ بل هو قرآن مجيد فى لوح محفوظ، أما أهل الكتاب فقد غيروا فى كتبهم وبدلوا حسب أرادتهم ومصالحهم فقد جاء عن أبى موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن بنى اسرائيل كتبوا كتابا فاتبعوه وتركوا التوراة: أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الكبير ورجاله ثقات، فهذا الحديث يدل على أنهم صنعوا كتابا لمصالحهم الذاتية وتركوا التوراة التى هى كتاب الله، وقد ظهر اليوم كتابهم المصطنع وفيه أنه يباح دم ومال وعرض كل غير يهودى قاتلهم الله أنى يؤفكون (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو عمر الضرير اخبرنا حماد بن سلمة عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن أبن عباس الخ (غريبه) (2) قال الحافظ المدرى بكسر الميم وسكون المهملة عود تدخله المرأة فى رأسها لتضم بعض شعرها الى بعض وهو يشبه المسلة يقال مدرت المرأة سرحت شعرها (3) قال فى النهاية قال الحافظ أبو موسى الذى يقع لى فى معناه انه لا يريد شيئا مصوغا على صورة البقرة، ولكنه ربما كانت قدر كبيرة واسعة فسماها بقرة مأخوذا من التبقر التوسع أو كان شيئا يسع بقرة تامة بقوا بلها فسميت بذلك (4) أى ترددت وتباطأت عن اقتحام النار أى الدخول فيها (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم بز طب طس) وفيه عطاء بن السائب وهو ثقة ولكنه اختلط اه (قلت) قال العلماء ان حماد بن سلمة سمع من عطاء قبل اختلاطه وعلى هذا فالحديث صحيح وذكره الحافظ السيوطى فى الدر المنثور وعزاه للنسائى وابن مردويه وصحح اسناده (باب) (5) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة انا ثابت عن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن صهيب (يعنى ابن سنان) الخ (غريبه) (6) قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره اختلف أهل التفسير فى أهل هذه القصة من هم؟ فعن علي

وبين الملِك راهب فأتى الغلام على الراهب فسمع من كلامه فأعجبه نحوه وكلامه، فكان أذا أتى الساحر ضربه وقال ما حبسك؟ واذا أتى أهله ضربوه وقالوا ما حبسك؟ فشكى ذلك الى الراهب، فقال أذا أراد الساحر أن يضربك فقل حبسنى أهلى، وأذا أراد أهلك أن يضربوك فقل حبسنى الساحر وقال فبينما هو كذلك اذ أتى ذات يوم على دابة فظيعة عظيمة وقد حبست الناس فلا يستطيعون أن يجوزوا، فقال اليوم أعلم أمر الراهب أحب الى الله أم أمر الساحر، فأخذ حجراً فقال اللهم أن كان أمر الراهب أحب أليك وأرضى لك من أمر الساحر فاقتل هذه الدابة حتى يجوز الناس ورماها فقتلها ومشى الناس، فأخبر الراهب بذلك، فقال أى نبى أنت أفضل منى وأنك ستبتلى، فان ابتليت فلا تدل علىّ، فكان الغلام يبرئ الأكمة (1) وسائر الأدواء ويشفيهم، وكان يجلس للملك جليس فعمى فسمع به فأتاه بهدايا كثيرة فقال أشفنى ولك ما هنا أجمع، فقال ما أشفى أنا أحدا إنما يشفى الله عز وجل فان أنت آمنت به دعوت الله فشفاك، فآمن فدعا الله له فشفاه، ثم أتى الملك فجلس منه نحو ما كان يجلس، فقال له الملك يا فلان من رد عليك بصرك؟ فقال ربى فقال أنا؟ قال لا ولكن ربى وربك الله، قال لك رب غيرى؟ قال نعم، فلم يزل يعذبه حتى دله على الغلام فبعث اليه فقال أى بنى قد بلغ من سحرك أن تبرئ الأكمة والأبرص (2) وهذه الأدواء قال ما أشفى أنا أحدا، ما يشفى غير الله عز وجل، قال أنا؟ قال لا، قال أولك رب غيرى؟ قال نعم ربى وربك الله، فآخذه أيضا بالعذاب فلم يزل به حتى دل على الراهب، فأنى بالراهب فقال ارجع عن دينك فأبى، فوضع المنشار (3) فى مَفِرق رأسه حتى وقع شقاه

_ أنهم أهل فارس حين أراد ملكهم تحليل تزويج المحارم فأمتنع عليه علماؤهم فعمد الى حفر أخدود فقذف فيه من أنكر عليه منهم، واستمر فيهم تحليل المحارم الى اليوم، وعنه أنهم كانوا قوما باليمن أقتتل مؤمنوهم ومشركوهم فغلب مؤمنوهم على كفارهم، ثم اقتتلوا فغلب الكفار المؤمنين فخدّوا لهم الأخاديد وأحرقوهم فيها (قال الحافظ ابن كثير) وقد يحتمل أن ذلك قد وقع فى العالم كثيرا كما ابن أبى حاتم حدثنا أبى حدثنا أبو اليمان أخبرنا صفوان بن عبد الرحمن بن جبير قال كانت الاخدود فى اليمن زمان تبع، وفى القسطنطينية زمان قسطنطين حين صرف النصارى قبلتهم عن دين المسيح والتوحيد، فاتخذ أتونا وألقى فيه النصارى الذين كانوا على دين الله والتوحيد، وفى العراق فى أرض بابل بختنصر الذى صنع الصنم وأمر الناس أن يسجدوا له فأمتنع دانيال وصاحباه عزريا وميشائيل فأوقد لهم أتونا وألقى فيها الحطب والنار ثم ألقاهم فيه فجعلها الله تعالى عليهم بردا وسلاما وانقدهم منها وألقى فيها الذين بقوا عليه وهم تسعة رهط فأكلتهم النار، وقال أسباط عن السدى فى قوله تعالى (قتل أصحاب الأخدود) قال كانت الأخدود ثلاثة، خد بالعراق وخد بالشام وخد باليمن، رواه ابن أبى حاتم، وعن مقاتل قال كانت الأخدود ثلاثة واحدة بنجران باليمن والأخرى بالشام والأخرى بفارس حرَّقوا بالنار، أما التى بالشام فهو أنطنانوس الرومى، وأما التى بفارس فهو بختنصر: وأما التى بأرض العرب فهو يوسف ذو نواس، فما التى بفارس والشام فلم ينزل الله تعالى فيهم قرآنا وأنزل فى التى كانت بنجران: وذكر محمد بن اسحاق أن قصصهم كانت فى زمن الفترة التى بين عيسى ومحمد عليهما السلام (1) الأكمه الذى خلق أعمى (2) البرص محركة بياض يظهر فى ظاهر البدن لفساد مزاج، برص كفرح فهو أبرص وأبرصه الله (3) جاء عند مسلم المئشار بالهمزة بدل النون، قال النووى المئشار مهموز

وقال للأعمى أرجع عن دينك فأبى فوضع المنشار فى مَفْرِق رأسه حتى وقع شقاه على الأرض، وقال للغلام أرجع عن دينك فأبى فبعث مع نفرالى جبل كذا وكذا فقال أذا بلغتم ذروته (1) فان رجع عن دينه وألا فدهدهوه (2) من فوقه فذهبوا به فلما علوا به الجبل قال اللهم اكفنيهم بما شئت فرَجف (3) بهم الجبل فدهدهوا أجمعون، وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك فقال ما فعل أصحابك؟ فقال كفانيهم الله عز وجل فبعثه فى قرقور (4) فقال أذا لججتم به البحر (5) فان رجع عن دينه وألا فغرقوه، فلججوا به البحر فقال الغلام اللهم اكفنيهم بما شئت فغرقوا أجمعون وجاء الغلام يتلمس حتى دخل على الملك فقال ما فعل أصحابك؟ فقال كفانيهم الله عز وجل، ثم قال للملك إنك لست بقاتلى حتى تفعل ما آمرك به، فان أنت فعلت ما آمرك به قتلتنى والا فأنك لا تستطيع قتلى، قال وما هو؟ قال تجمع الناس فى صعيد (6) ثم تصلبنى على جزع فتأخذ سهما من كنانتى (7) ثم قل بسم الله رب الغلام فانت إذا فعلت ذلك قتلتنى، ففعل ووضع السهم فى كبد قوسه (8) ثم رمى فقال بسم الله رب الغلام فوقع السهم فى صدغه فوضع الغلام يده على موضع السهم ومات فقال الناس آمنا برب الغلام، فقيل للملك أرأيت ما كنت تحذر فقد والله نزل بك (9) قد آمن الناس كلهم فأمر بأفواه السكك فخدت فيها الأخاديد (10) وأضرمت فيها النيران وقال من رجع عن دينه فدعوه والا فأقحموه (11) فيها قال فكانوا يتعادون فيها ويتدافعون، فجاءت امرأة بابن لها ترضعه فكأنها تقاعست (12) أن تقع فى النار، فقال الصبى يا أسمه اصبرى فانك على حق (باب ذكر قصة جريج أحد عباد بنى اسرائيل وفيه من تكلم فى المهد أيضا) (عن أبى هريرة) (13) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتكلم فى المهد ألا ثلاثة (14) عيسى بن مريم: وكان من بني إسرائيل

_ في رواية الأكثرين ويجوز تخفيف الهمزة بقلبها ياءا: وروى المئشار بالنون وهما لغتنا صحيحتان (1) ذروة الجبل أعلاه وهى بضم الذال المعجمه وكسرها (2) أى دحرجوه يقال وهد هت الحجر أى دحرجته (3) رجف بالتحريك أى اضطرب وتحرك حركة شديدة (4) القر قور بضم القافين السفينة الصغيرة (5) لجة البحر معظمه، ومعناه اذا ولجتم به البحر حيث تتلاطم أمواجه (6) الصعيد هنا الأرض البارزة (7) الكنانة بالكسر جعبة السهام من أدم وبها سميت القبيلة (8) كبد القوس مقبضها عند الرمى (9) جاء عند مسلم (قد والله نزل بك حذرك) أى ما كنت تحذر وتخاف (10) جمع أخدود والأخدود الشق العظيم فى الأرض، وقوله وأضرمت فيها النيران أى أوقدت (11) أى اطرحوه فيها كرها (12) أى توقفت ولزمت موضعها وكرهت الدخول فى النار (تخريجه) (م مذ) وغيرهما (قال النووى) هذا الحديث فيه أثبات كرامات الأولياء وفيه جواز الكذب فى الحرب ونحوها وفيه انقاد النفس من الهلاك سواء نفسه أو نفس غيره ممن له حرمة (باب) (13) (سنده) حدثنا وهب بن جرير حدثنى أبى قال سمعت محمد بن سيرين يحدث عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (14) لم يذكر فيهم الصبى الذى كان مع المرأة فى حديث الساحر والراهب من قصة أصحاب الأخدود المذكورة فى الباب السابق (قال النووى) وصوابه أنه ذلك الصبى لم يكن فى المهد بل كان أكبر من صاحب المهد وإن كان صغيرا

رجل عابد يقال له جريج فابتنى صومعة (1) وتعبد فيها قال فذكر بنو اسرائيل يوما عبادة جريج فقالت بَغِيّ (2) منهم لئن شئتم لأصِيبَنَّه، قالوا قد شئنا: قال فأتته فتعرضت له فلم يلتفت اليها فأمكنت نفسها من راع كان يَؤوِى غنمه الى أصل صومعة جريج فحملت فولدت غلاما، فقالوا ممن؟ قالت من جريج، فأتوه استنزلوه فشتموه وضربوه وهدموا صومعته؟ فقال ما شأنكم؟ قالوا أنك زنيت بهذه البِغىِّ فولدت غلاما، قال وأين هو؟ قالوا ها هو ذا؟ قال فقام فصلى ودعا ثم أنصرف الى الغلام فطعنه بإصبعه وقال بالله يا غلام من أبوك؟ (3) قال أنا أبن الراعى، فوثبوا الى جريج فجعلوا يقلبونه وقالوا نبنى صومعتك من ذهب، قال لا حاجة لى فى ذلك، أبنوها من طين كما كانت، قال وبينما امرأة فى حرجها أين ترضعه إذ مر بها راكب ذو شارة (4) فقالت اللهم أجل أبنى مثل هذا، قال فترك ثديها وأقبل على الراكب فقال اللهم لا تجعلنى مثله، قال ثم عاد الى ثديها يمصه، قال أبو هريرة فكأنى أنظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكى على صنيع الصبى ووضعه إصبعه فى فمه فجعل يمصها، ثم مُر بامةُ تضربُ (5) فقالت اللهم لا تجعل ابنى مثلها، قال فترك ثديها وأقبل على الأمة فقال اللهم أجعلنى مثلها (6) يا أماه قال فذلك حين تراجعا الحديث (7) فقالت خَلقَى (8) مُرَّ الراكب ذو الشارة فقلتَ اللهم أجعل مثله فقلتَ اللهم لا تجعلنى مثله ومُرِّ بهذه الأمة فَقلت اللهم لا تجعل أبنى مثلها اللهم أجعلنى مثلها، فقال يا أماه أن الراكب ذو الشارة جبار من الجبابرة، وأن هذه الأمة يقولون زنت ولم تزن وسرقت ولم تسرق وهى تقول حسبى الله (وعنه من طريق ثان) (9) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لم يتكلم فى المهد إلا ثلاثة عيسى بن مريم عليه السلام وصبى كان فى زمان جريج وصى آخر (10) فذكر الحديث: قال (وأما جريج) فكان جلا عابدا فى بنى اسرائيل عابدا فى نبى اسرائيل وكانت له أم وكان يوما يصلي إذ اشتاقت إليه

_ (1) الصومعة مكان منقطع عن العمارة تنقطع فيها رهبان النصارى لتعبدهم وهى نحو المنارة ينقطعون فيها عن الوصول اليهم والدخول عليهم (2) البغى هى المرأة المشهورة بالزنا (3) أبا مجازا لأن الزانى لا يلحقه الولد ولعله كان فى شرعهم يلحق (4) أى ذو هيئة حسنه ولباس حسن (5) جاء عند مسلم ويقولون زنيت سرقت وهى تقول حسبنا الله ونعم الوكيل، يعنى ولم تزن ولم تسرق كما سيأتى فى آخر هذا الحديث عند الأمام أحمد (6) أى اللهم اجعلنى سالما من المعاصى كما هى سالمة وليس المراد مثلها فى النسبة الى باطل يكون منه بريا (7) معنى تراجعها الحديث أقبلت على الرضيع تحدثه وكانت أولا لا تراه أهلا للكلام فلما تكرر منه الكلام علمت أنه أهل له (8) حلقى كغضبى هى فى الأصل كلمة تقال لمن يستوجب الدعاء عليه أى أصابه وجع فى حلقه وتقال للأمر يعجب منه عقرا حلقا بالتنوين (قال فى النهاية) ومن مواضع التعجب قول أم الصبى الذى تكلم عقرى وكأنه جاء فى رواية أخرى عقرى بدل حلقى والله أعلم (9) (سنده) حدثنا حسين بن محمد ثنا جرير عن محمد عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (10) هو الصبى الذى قال فى الطريق الأول اللهم اجعلنى مثلها يعنى الأمة التى كانت تعذب (وقوله فذكر الحديث)

أمه فقالت يا جريج (1) فقال يارب الصلاة خير أم أمى آتيها، ثم صلى، ودعته فقال مثل ذلك ثم دعته فقال مثل ذلك وصلى، فاشتد على أمه وقالت (2) اللهم أرجريجا المومسات (3) ثم صعِد صومعة له وكانت زانية من بنى اسرائيل فذكره نحوه (4) (وعنه من طريق ثالث) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان رجل فى بنى اسرائيل تاجرا وكان ينقص مرة ويزيد أخرى (6) قال ما فى هذه التجارة خير التمس تجارة هى خير من هذه، فبنى صومعة ترهّب وكان يقال له جريج فذكر نحوه (7) (باب ذكر قصة الثلاثة الذين آوو الى الغار فانطبق عليهم) (عن ابن عمر) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم من أستطاع منكم أن يكون مثل صاحب

_ هكذا بالأصل يشير إلى الطريق الأولى (1) جاء فى رواية أخرى للامام أحمد أيضا فقالت يا جريج أنا أمك فكلمنى، قال وكان أبو هريرة يصف كما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصفها وضع يده على حاجبه الأيمن قال فصادفته يصلى فقال يارب أمى وصلاتى فاختار صلاته الخ (2) جاء فى الرواية الأخرى المشار اليها فقالت اللهم أن هذا جريج وإنه ابنى وانى كلمته فأبى أن يكلمنى اللهم فلا تمته حتى تريه المومسات؟ ولو دعت عليه أن يفتتن لا فتتن (يعنى أن يقع فى الزنا لوقع) قال وكان راع يأوى الى ديره (يعنى صومعة جريج) قال فخرجت امرأة فوقع عليها الراعى فولدت غلاما فقيل من هذا فقالت هو من صاحب الدير، فأقبلوا بفؤوسهم ومساحيهم وأقبلوا الى الدير فنادوه فلم يكلمهم فأخذوا يهدمون ديره فنزل اليهم فقالوا سل هذه المرأة، قال أراه تبسم قال ثم مسح رأس الصبى فقال من أبوك؟ قال راعى الضأن فقالوا يا جريج نبنى لك ما هدمنا من ديرك بالذهب والفضة قال لا ولكن أعبدوه ترابا كما كان ففعلوا (3) أى الزوانى البغايا المتجاهرات بذلك (4) يعنى نحو ما جاء فى الطريق الأولى (5) (سنده) حدثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم قال ثنا أبو عوانة عن عمرو بن ابى سلمة عن أبيه عن أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) معناه كان اذا اكتال من الناس يزيد واذا كالوه ينقص، ثم علم أن هذا لا يجوز فتاب الى الله وترك التجارة وترهب (7) يعنى نحو الرواية الأخرى التى ذكرناها فى الشرح (تخريجه) (ق. وغيرها) ويستفاد من الطريق الثالث أن جريجا كان أول أمره تاجراً ثم ترك التجارة وترهب (وفى الطريق الثانية) سبب ابتلائه وهو عدم إجابة أمه (وفى الطريق الأولى) قصة ابتلائه بالمومس (قال النووى رحمه الله) فى قصة جريج أنه آثر الصلاة على إجابة أمه فدعت عليه فاستجاب الله دعاءها، قال العلماء هذا دليل على أنه كان الصواب فى حقه إجابتها لأنه كان فى صلاة نفل والاستمرار فيها تطوع لا واجب، واجابة الأم وبرها واجب وعقوقها حرام، وكان يمكنه أن يخفف الصلاة ويجيبها ثم يعود لصلاته: فلعله خشى أن تدعوه إلى مفارقة صومعته والعود إلى الدنيا ومتعلقاتها وحظوظها وتضعف عزمه فيما نواه وعاهد عليه (قال) وفى حديث جريج هذا فوائد كثيرة منها عظم بر الوالدين وتأكد حق الأم وأن دعاءها يجاب، وأنه أذا تعارضت الأمور بدأ بأهمها وأن الله تعالى يجعل لأوليائه مخارج عند الشدائد غالبا (ومنها) إثبات كرامة الاولياء وهو مذهب أهل السنة خلاقا للمعتزلة (وفيه) أن الكرامات قد تكون بخوارق العادات على جميع أنواعها، ومنعه بعضهم وأدعى أنها تختص بمثل اجابة الدعاء وتحوه وهذا غلط من قائله وانكار للحس بل الصواب جريانها بقلب الاعيان واحضار الشئ من العدم ونحوه اه باختصار (باب) (8) (سنده) حدثنا مروان بن معاوية حدثنا عمر بن حمزة العمري حدثنا

فرق الأرز (1) فليكن مثله، قالوا يا رسول الله وما صاحب فرق الأرز؟ قال خرج ثلاثة فغّيمت عليهم السماء فدخلوا غارا فجاءت صخرة من أعلى الجبل حتى طبّقت الباب عليهم فعالجوها فلم يستطيعوها، فقال بعضهم لبعض لقد وقعتم فى أمر عظيم ليدع كل رجل بأحسن ما عمل لعل الله تعالى أن ينجينا من هذا (فقال أحدهم) اللهم أنت تعلم أنه كان لى أبوان شيخان كبيران وكنت أحلب حلابهما فأجيئهما وقد ناما، فكنت أبيت قائما وحلابهما على يدى أكره أن ابدأ باحد قبلهما أو أن أوقظهما من نومهما وصببّى يتضاّغْون حولى (2) فان كنت تعلم انى انما فعلته من خشيتك فافُرج عنا، قال فتحركت الصخرة، قال (وقال الثانى) اللهم أنك تعلم أنه كانت لى ابنة عم لم يكن شئ مما خلقت أحب الىّ منها فسمتها نفسها (3) فقالت لا والله دون مائة دينار فجمعتها ودفعتها اليها حى أذا جلست منها مجلس الرجل فقالت أتق الله ولا تفض الخاتم (4) ألا بحقه، فقمت عنها: فان كنت تعلم انما فعلته من خشيتك فافرج عنا، قال فزالت الصخرة حتى بدت السماء (وقال الثالث) اللهم أنك تعلم انى كنت استأجرت أجيرا بفرق من أرز فلما أمسى عرضت عليه حقه فأبى أن يأخذه وذهب وتركنى، فتحرجت منه وثمّرته له وأصلحته حتى أشتريت منه بقرا وراعيها فلقينى بعد حين فقال اتق الله وأعطنى أجرى ولا تظلمنى، فقلت أنطلق الى ذلك البقر وراعيها فخذها، فقال أتق الله ولا تسخر بى فقلت انى لست أسخر بك، فانطلق فأستاق ذلك، فان كنت تعلم أنى انما فعلته أبتغاء رضاتك خشية منك فافرُج عنا فتدحرجت الصخرة فخرجوا يمشون (عن النعمان بن بشير) (5) أنه سمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يذكر الرقيم (6) فقال أن ثلاثة كانوا فى كهف فوقع الجبل على باب الكهف فأوصد عليهم (7) قال قائل منهم تذاكروا ايكم عمل حسنة لعل الله عز وجل برحمته يرحمنا، فقال رجل منهم قد عملت حسنة مرة: كان لى أجراء يعملون فجاءنى عمال لى فاستأجرت كل رجل منهم بأجر معلوم، فجاءنى رجل ذات يوم وسط النهار فاستأجرته بشطر أصحابه فعمل فى بقية نهاره كما عمل كل رجل منهم فى نهاره كله، فرأيت علىّ فى الذمام (8) أن لا انقصه مما استأجرت به أصحابه لما جهد فى عمله، فقال رجل منهم أتعطى هذا مثل ما أعطيتنى ولم يعمل إلا نصف نهار؟ فقلت يا عبد الله لم ابخسك شيئا من شرطك وانما هو مالى أحكم فيه ما شئت، قال فغضب وذهب وترك أجره، قال فوضعت حقه فى جانب من البيت ما شاء الله

_ سالم بن عبد الله ابن عمر الخ (غريبه) (1) الفرق بالتحريك مكيال يسع ستة عشر رطلا وهى اثنا عشر مداَ أو ثلاثة آصع عند أهل الحجاز (نه) (2) بالضاد والغين العجميتين أى يصيحون من الجوع من الضغاء بالمد وهو الصياح (3) أى روادها عن نفسها فى نظير مال تأخذه (4) فض الخاتم كناية عن الجماع (تخريجه) (ق نس) وغيرهم (5) (سنده) حدثنا اسماعيل بن عبد الكريم بن معقل بن منبه حدثنى عبد الصمد يعنى بن معقل قال سمعت وهبا يقول حدثنى النعمان بن بشير أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) قال ابن عباس الرقيم الجبل الذى فيه الكهف والكهف مغارة أو بيت فى الجبل (7) أى أغلق عليهم (8) قال فى النهاية الذمة والذمام وهما بمعنى العهد والأمان والضمان والحرمة والحق اه (قلت) والمراد هنا.

ثم مرت بي بعد ذلك بقر فاشتريت به فصيلة (1) من البقر فبلغت ما شاء الله، فمر بي بعد حين شيخًا ضعيفًا لا أعرفه فقال أن لي عندك حقًا فذكرنيه متى عرفته، فقلت إياك أبغي (2) هذا حقك فعرضتها عليها جميعًا، فقال يا عبد الله لا تسخر بي أن لم تصدق علي فأعطني حقي، قال والله لا أسخر بك أنها لحقك مالي منها شيء، فدفعتها إليه جميعًا، اللهم إن كنت فعلتُ ذلك لوجهك فأخرج عنا، قال فنصدع الجبل حتى رأوا منه وأبصروا (قال الآخر) قد عملت حسنة مرة كان لي فضل (3) فأصابت الناس شدة (4) فجاءتني امرأة تطلب مني معروفًا (5) قال فقلت والله ما هو دون نفسك (6) فأبت علي فذهبت ثم رجعت فذكرتني بالله فأبيت عليها وقلت لا والله ما هو دون نفسك، فأبت علي وذهبت، فذكرت لزوجها فقال لها أعطيه نفسك وأغني عيالك فرجت إلي فناشدتني بالله فأبيت عليها وقلت والله ما هو دون نفسك، فلما رأت ذلك أسلمت إلي نفسها، فلما تكشفتها وهممت بها ارتعدت من تحتي، فقلت لها ما شأنك؟ قالت أخاف الله رب العالمين قلت لها خفتيه في الشدة ولم أخفه في الرخاء (7) فتركتها وأعطيتها ما بحق علي مما تكشفتها: اللهم إن كنت فعلت ذلك لوجهك فأفرج عنا، قال فانصدع حتى عرفوا وتبين لهم (قال الآخر) عملت حسنة مرة كان لي أبوان شيخان كبيران وكانت لي غنم فكنت أطعم أبوي وأسقيهما ثم رجعت إلي غنمي قال فأصابني يوما غيث (8) حبسني فلم أبرح حتى أمسيت فأتيت أهلي وأخذت محلبي (9) فحلبت وغنمي قاتمة فمضيت إلى أبوي فوجدتهما قد ناما فشق علي أن أوقظهما وشق علي أن أترك غنمي، فما برحت جالسًا ومحلبي على يدي حتى أيقظهما الصبح فسقيتهما، اللهم أن كنت فعلت ذلك لوجهك فأفرج عنا، قال النعمان فكان أسمع هذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الجبل طاق (10)

_ الضمان أو الحق (1) الفصيل ولد الناقة والبقرة لأنه يفصل عن أمه أي يفطم فهو فعيل بمعنى مفعول (2) أي انتظر حضورك (3) أي من مال فاضل عن حاجتي وهو كناية عن الغنى (4) أي جدب واحتياج (5) أي صدقة (6) يريد أن تسلم نفسها له ليزني بها (7) معناه خفتيه وأنت في غاية الشدة والاحتياج ولم أخفه وأنا غنى وفي بحبوحه من العيش فتركها خوفًا من الله عز وجل (8) أي مطر شديد (9) بكسر الميم وفتح اللام بينهما حاه ساكنة الوعاء الذي يحلب فيه (10) قال في القاموس الطاق ناشز يندر من الحبل وعلى هذا فمعناه أن قطعة مرتفعة بارزة من الجبل سقطت على فم الغار فسدته ففرج الله عنه ببركة دعائهم وأعمالهم الصالحة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب طس) رالبزار بنحوه من طرق ورجال أحمد ثقات أه قال الحافظ وروى عن النعمان بن بشير من ثلاثة أوجه حسان أحدها عند أحمد والبزار وكلها عند الطبراني أه (قلت) وفي الباب عن أنس عند الإمام أحمد أيضًا قال حدثنا يحيى بن حادثنا أبو عوانة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أن ثلاثة نفر فيما سلف من الناس انطلقوا يرتادون لأهلهم فأخذتهم السماء (يعني المطر) فدخلوا غارا فسقط عليهم حجر متجاف حتى ما يرون خصاصة (أي فرجة) فقال بعضهم لبعض قد وقع الحجر وعفا الأثر ولا يعلم بمكانكم إلا الله عز وجل، قال ادعوا الله تبارك وتعالى بأوثق أعمالكم، فقال رجل منهم اللهم أن كنت تعلم أنه كان لي والدان فكنت أحلب لهما في إنائهما

ففرج الله عنهم فخرجوا (باب ذكر قصة الكفل (1) وذي الكفل) (عن ابن عمر) (2) قال لقد سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا لو لم أسمعه إلا مرة أو مرتين حتى عد سبع مرات ولكن قد سمعته أكثر من ذلك قال كان الكفل من بني إسرائيل لا يتورع من ذنب عمله، فأتته امرأة فأعطاها ستين دينارًا على أن يطأها، فلما قعد منها مقعد الرجل من امرأته أرعدت وبكت فقال ما يبكيك أكرهتُكِ؟ قالت لا ولكن هذا عمل لم أعمله قط، وإنما حملني عليه الحاجة، قال فتفعلين هذا ولم تفعليه قط، قال ثم نزل فقال أذهبي فالدنانير لك، ثم قال والله لا يعصي الله الكفل أبدا فمات من ليلته فأصبح مكتوبا على بابه قد غفر الله للكفل (باب ذكر قصة الملكين اللذين تخليا عن الدنيا وزخرفها) (عن ابن مسعود) (3) قال بينما رجل فيمن كان قبلكم كان

_ فآتيهما فإذا وجدتهما راقدين على رؤسهما كراهية أن أراد سنتها في رءوسهما حتى يستيقظا متى استيقظا، اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك ففرج عنا، فزال الحجر (وقال الآخر) اللهم إن كنت تعلم إني استأجرت أجيرا على عمل يعمله فأتاني يطلب أجره وأنا غضبان فزبرته فانطلق فترك أجره ذلك فجمعته وثمرته حتى كان منه كل المال فأتاني يطلب أجره فدفعت إليه ذلك كله، ولو شئت لم أعطه إلا أجره الأول، اللهم إن كنت تعلم إني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك ففرج عنا، قال فزال ثلثا الحجر (وقال الثالث) اللهم إن كنت تعلم أنه أعجبته امرأة فجعل لها جعلًا فلما قدر عليها وفر لها نفسها (أي لم يهنها بهتك عرضها) وسلم لها جعلها (أي ما جعله أجرة لها) اللهم إن كنت تعلم أني إنما فعلت ذلك رجاء رحمتك ومخافة عذابك ففرج عنا، فزال الحجر وخرجوا معانيق يتماشون، قال أبو عبيد بن عبد الله حدثنا أبو بحر ئنا أبو عوانة عن قتادة قال عبد الله عن أنس فذكر نحوه (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد مرفوعًا كما تراه، ورواه أبو يعلى وكلاهما رجاله رجال الصحيح (باب) (1) الكفل رجل آخر غير ذي الكفل الذي ذكره الله تعالى في كتابه العزيز، فالكفل رجل كان مسرفًا على نفسه ثم تاب ورجع إلى الله عز وجل فقبل توبته وغفر له، وقد جاءت قصته في مسند الإمام أحمد وغيره من كتب السنة: وإليك ما جاء عند الإمام أحمد. (2) (سنده) قال الإمام أحمد رحمة الله حدثنا أسباط بن محمد حدثنا الأعشى عن عبد الله بن عبد الله عن سعد مولى طلحة عن ابن عمر الخ (تخريجه) أورده الحافظ المنذرى في الترغيب وقال رواه الترمذي وحسنه وابن حبان في صحيحه إلا أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من عشرين مرة يقول فذكر نحوه والحاكم والبيهقي من طريقه وغيرها، وقال الحاكم صحيح الاسناد أه (قلت) وأقره الذهبي (أما ذو الكفل) فقد ذكره الله تعالى في كتابه العزيز في سورة الأنبياء فقال (وادريس وذا الكفل كل من الصابرين وأدخلناهم في رحمتنا إنهم من الصالحين) وقال تعالى في سورة ص (واذكر عبادنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب أولى الأيدي والأبصار إنا أخلصناهم بخاصلة ذكرى الدار، وإنهم عندنا لمن لمن المصطفين الأخيار، واذكر إسماعيل واليسع وذا الكفل وكل من الأخيار) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه فالظاهر من ذكره في القرآن العظيم بالثناء عليه مقرونا مع هؤلاء السادة الأنبياء أنه نبي عليه من ربه الصلاة والسلام، وهذا هو المشهور، وقد زعم آخرون أنه لم يكن نبيًا وإنما كان رجلًا صالحًا وحكمًا مقسطًا عادلًا وتوقف ابن جرير في ذلك فالله أعلم (باب) (3) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون قال أخبرنا

في مملكته فتفكر فعلم إن ذلك منقطع عنه وأن ما هو فيه قد شغله عن عبادة ربه فتسرب فانساب ذات ليلة من قصره فأصبح في مملكة غيره، وأتى ساحل البحر وكان به يضرب اللبن (1) بالأجر فيأكل ويتصدق بالفضل، فلم يزل كذلك حتى رقى أمره إلى ملكهم وعبادته وفضله، فأرسل ملكهم إليه أن يأتيه فأبى أن يأتيه، فأعاد ثم أعاد إليه فأبى أن يأتيه وقال ماله ومالي، قال فركب الملك فلما رآه الرجل ولى هاربًا، فلما رأى ذلك الملك ركض في أثره فلم يدركه، قال فناداه يا عبد الله أنه ليس عليك مني بأس، فأقام حتى أدركه فقال له من أنت رحمك الله؟ قال أن فلان بن فلان صاحب ملك كذا وكذا تفكرت في أمري فعلمت أن ما أنا فيه منقطع فأنه قد شغلني عن عبادة ربي فتركته وجئت ههنا أعبد ربي عز وجل، فقال ما أنت بأحوج إلي ما صنعت مني، قال ثم نزل عن دابته فسيبها ثم تبعه فكانا جميعًا يعبدان الله عز وجل فدعوا الله أن يميتهما جميعا، قال فماتا، قال عبد الله لو كنت برميلة (2) مصر لأريتكم قبورهما بالنعت الذي نعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب ما جاء في العرب العاربة والمستعربة وإلى من يتسبون وذكر قحطان وقصة سبا) (عن عباس) (3) أن رجلا سال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبأ ما هو أرجل أم امرأة أم أرض؟ فقال بل هو رجل ولد عشرة فسكن اليمن منهم ستة، وبالشام منهم أربعة، فأما اليمانيون فمذحج وكندة والأزد والأشعريون وأنمار وحمير عربا كلها، وأما الشامية فلخم وجدام وعمالة وغسان (عن فروة بن مسيك) (4) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أقاتل بمقبل قومي مدبرهم (5)؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وصحبه وسلم نعم فقاتل بمقبل قومك مدبرهم، فلما وليت دعاني فقال لا تقاتلهم حتى تدعوهم إلى الإسلام (6) فقلت يا رسول الله

_ المسعودي عن سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن عبد الله عن أبيه ابن مسعود قال بينما رجل إلخ (غريبة) (1) بفتح اللام وكسر الموحدة هو الطين الذي يبنى به بعد تجفيفه مربعًا ومستطيلًا واحدته لينة بفتح اللم وكسر الموحدة (2) بضم الراء وفتح الميم مصغرًا هي ميدان تحت قلعة الجبل كانت ميدان أحمد ابن طولون وبها كانت قصوره وبساتينه وهي المعروفة الآن باسم ميدان صلاح الدين وباسم المنشية بالقاهرة: والقائل لو كنت برميلة مصر هو عبد الله بن مسعود راوي الحديث وأول الحديث يشعر بأنه موقوف عليه لكن قوله بالنعت الذي نعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يدل على رفعه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه وفي إسنادهما المسعودي وقد اختلط (باب) (3) (عن ابن عباس إلخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ذكر سبأ وأولاده من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 249 رقم 398 وقوله أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم الظاهر أنه فروة بن مسيك أخذا من الحديث التالي (4) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون حدثنا أبو خباب يحيى بن أبي حية الكلبي عن يحيى بن هارون عن عروة عن فروة بن مسيك إلخ (قلت) فروة بن مسيك بضم الميم وفتح المهملة ثم ياه ساكنة مصغرًا هو المرادى ثم الغطيفى صاحبي سكن الكوفة يكنى أبا عمير واستعمله عمر (غريبة) (5) معناه اقاتل من أدبر من قومى عن الإسلام بمن أقبل عليه يعني أسلم (6) يستفاد منه أن الدعوى إلى الإسلام قبل القتال واجبة

أرأيت سبأ (1) أواد هو أو جبل أو ما هو؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل هو رجل من العرب ولد له عشرة (2) فتيامن ستة وتشاءم أربعة (3) تيامن الأزد والأشعريون وحمير وكندة ومذحج وأنمار الذي يقال لهم

_ وهكذا كان يفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الكفار، وكذلك الصحابة لا يقاتلون الكفار إلا بعد الدعوة إلى الإسلام (1) بفتح السين المهملة والموحدة وبالهمز والمراد بها القبيلة التي هي من أولاد سبأ وهو سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود. (2) أي كان من نسله هؤلاء العشرة، لأنهم ولدوا من صلبه، بل منهم من بينه وبينه الأبوين والثلاثة والأقل والأكثر هو مقرر في كتب النسب (وقوله فتيامن ستة) أي أخذوا ناحية اليمن وسكنوا بها. (3) أي أخذوا جهة الشام وذلك بعد ما أرسل الله عليهم سيل العرم، ذكر أولًا إجمالا ثم ذكرهم تفصيلا، وقد تقدم شرج أسماء هذه القبائل وضبطها في الباب المشار إليه آنفًا في الجزء الثامن عشر (تخريجه) (د مذ) وقال الترمذي هذا حديث غريب حسن أهـ وأخرجه أيضًا ابن جرير وابن أبي حاتم، وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للأمام أحمد وعبد بن حميد وحسن إسناد، قال تعالى (يا أيها الناس إنا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبًا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم) قال علماء النسب يقال شعوب ثم قبائل ثم عمائر ثم بطون ثم أفخاذ ثم فصائل ثم عشائر، والعشيرة أقرب الناس إلى الرجل وليس بعدها شيء: والمقصود أن سبأ يجمع هذه القبائل كلها، وقد كان فيهم التبابعة بأرض اليمن وأحدهم تبع، وكان لملوكهم تيجان يلبسونها وقت الحكم كما كانت الأكاسرة ملوك الفرس يفعلون ذلك: وكانت العرب تسمى كل من ملك اليمن مع الشحر وحضر موت تبعًا كما يسمون من ملك الشام مع الجزيرة قيصر. ومن ملك الفرس كسرى، ومن ملك مصر فرعون، ومن ملك الحبشة النجاشي، ومن ملك الهند بطليموس، وقد كان من جملة ملوك حمير بأرض اليمن بلقيس، وقد ذكر الله عز وجل قصتها مع سليمان في كتابه العزيز في سورة النمل (قال الحافظ ابن كثير في تاريخه) قيل أن جميع العرب ينتسبون إلى إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، والصحيح المشهور أن العرب العاربة قبل إسماعيل: منهم عاد وثمود وطسم وجديس واميم وجرهم والعماليق وأمم آخرون لا يعلهم إلا الله كانوا قبل الخليل عليه السلام وفي زمانه أيضًا، فأما العرب المستعربة وهم عرب الحجاز فمن ذرية إسماعيل بن إبراهيم عليهما السلام، وأما عرب اليمن وهم حمير فالمشهور أنهم من قحطان واسمه مهزم قاله ابن ماكولا، وذكروا أنهم كانوا أربعة أخوة قحطان وقاحط ومقحط وفالغ، وقحطان بن هود وقيل هو هود، وقيل هود أخوة، وقيل من ذريته، وقيل أن قحطان من سلالة إسماعيل حكاه ابن إسحاق وغيره فقال بعضهم هو قحطان بن تيمن بن قيذر بن إسماعيل، وقيل غير ذلك في نسبه إلى إسماعيل والله أعلم، لكن الجمهور على أن العرب القحطانية من عرب اليمن وغيرهم ليسوا من سلالة إسماعيل وعندهم أن جميع العرب ينقسمون إلى قسمين قحطانية وعدنانية فالقحطانية شعبان سبأ وحضر موت، والعدنانية شعبان أيضًا ربيعة ومضر ابنا تزاد بن معد بن عدنان. والشعب الخامس وهو قضاعة مختلف فيهم، فقيل إنهم عدنانيون (قال ابن عبد البر) وعليه الأكثرون ويروى هذا عن ابن عباس وابن عمرو وجبير ابن مطعم وهو اختيار الزبير بن بكار وعمه مصعب الزبيري وابن هشام (والقول الثاني) إنهم من قحطان وهو قول ابن إسحاق والكلبي وطائفة من أهل النسب، قال ابن إسحاق وهو قضاعة بن مالك بن حمير

برجيلة وخثعم، وتشاءم لخم وجذام وعاملة وغسان (عن ذي مخمر) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وصحبه وسلم قال كان هذا الأمر في حمير (2) فنزعه الله عز وجل منهم فجعله في قريش (وس ي ع ود ال ي هـ م) (3) وكذا كان في كتاب أبي مقطع وحيث حدثنا به تكلم على الاستواء

_ ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان (وقد جمع بعضهم) بين هذين القولين بما ذكره الزبير بن بكار وغيره من أن قضاعة امرأة من جرهم تزوجها مالك بن جمير فولدت له قضاعة ثم خلف عليها معد بن عدنان، وابنها صغير، وزعم بعضهم أنه كان حملا فنسب إلى زوج أمه كما كانت عادة كثير منهم ينسبون الرجل إلى زوج أمه والله أعلم (1) (سنده) حدثنا عبد القدوس أبو المغيرة قال ثنا حريز يعني أبن عثمان الرحبي قال ثنا راشد بن سعد المقرائى عن أبي حي عن ذي مخمر الخ (قلت) قال الحافظ في التقريب ذو مخمر بكسر أوله وسكون المعجمة وفتح الموحدة وقيل بدلها ميم الحبشي سحابي نزل الشام وهو ابن أخي النجاشي (غريبة). (2) يوزن منبر وتقدم أن حمير عرب باليمن والمشهور أنهم من قحطان، والمراد بالأمر هنا الولاية والملك. (3) هذه الحروف المقطعة التي بين دائرتين جاءت في المسند هكذا مقطعة، ولذلك قال عبد الله بن الإمام أحمد وكذا كان في كتاب أبي مقطع، وحيث حدثنا به تكلم على الاستواء، يعني أن الإمام أحمد رحمة الله حدثهم بهذا الحديث وبين لهم معنى هذه الحروف المقطعة بقوله وسيعود إليهم أي سيعود الملك إلى قحطان آخر الزمان، فقد روى نعيم بن حماد في الفتن من طريق أرطاة بن المنذر أحد التابعين من أهل الشام أن القحطاني يخرج بعد المهدي ويسير على سيرة المهدي، وأخرج أيضًا من طريق عبد الرحمن بن قيس بن جابر الصدفي عن أبيه عن جده مرفوعًا يكون بعد المهدي القحطاني، والذي بعثني بالحق ما هو دونه (قال الحافظ) وهذا الثاني مع كونه مرفوعات ضعيف الإسناد والأول مع كونه موقوفًا أصلح اسنادًا منه، فإن ثبت ذلك فهو في زمن عيسى بن مريم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني باختصار الحروف ورجالها ثقات أهـ (قلت) ويؤيده ما رواه الشيخان عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه (قال الحافظ) لم أقف على اسمه ولكن جوز القرطبي أن يكون جهجاء الذي وقع ذكره في مسلم من طريق أخرى عن أبي هريرة بلفظ لا تذهب الأيام والليالي حتى يملك رجل يقال له جهجاه أخرجه عقب حديث القحطاني (وقوله يسوق الناس بعصاه) هو كناية عن الملك شبهة بالراعي وشبه الناس بالغنم، ونكتة التشبيه التصرف الذي يملكه الراعي في الغنم، قال وهذا الحديث يدخل في علامات النبوة في جملة ما أخبر به صلى الله عليه وسلم قبل وقوعه ولم يقع بعد (باب ما جاء في قصة سبأ في كتاب الله عز وجل) قال الله عز وجل (لقد كان لسبأ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال، كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور، فأعرضوا فأرسلنا عليهم سبل العرم- إلى قوله- إن في ذلك لآيات لكل صبار شكور) قال علماء النسب منهم محمد بن إسحاق اسم سبأ عبد شمس بن يشجب بن يعرب ابن قحطان، وإنما سمي سبأ لأنه أول من سبأ في العرب، وكان يقال له الرائش لأنه أول من غنم في الغزو فأعطى قومه فمسى الرائش، والعرب تسمى المال ريشا ورياشا، قال السهيلي ويقال أنه أول من تتوج وذكر بعضهم أنه كان مسلمًا وكان له شعر بشر فيه بوجوه رسول الله صلى الله عليه وسلم فمن ذلك قوله (سيملك بعدنا ملكًا عظيمًا. نبي لا يرخص في الحرام. ويملك بعده منهم ملوك

.

_ يدينون العباد بغير ذام. ويملك بعدهم منا ملوك. يصير الملك فينا باقتسام ويملك بعد قحطان نبي. تقي مخبت خير الأنام. يسمى أحمدًا ياليت أتى أعمر بعد مبعثه بعسام. فأعضده وأحبوه بنصرى. بكل مدجج وبكل رام متى يظهر فكونوا ناصريه. ومن يلقاه يبلغه سلامي) حكاه ابن دحية في كتابه التنوير في مولد البشير النذير: وكانت سبأ ملوك اليمن وأهلها وكانت التبايعة منهم وبلقيس صاحبة سليمان عليه السلام من جملتهم، وكانوا في نعمة وغبطة في بلادهم وعيشهم واتساع أرزاقهم وزروعهم وثمارهم، وبعث الله تبارك وتعالى إليهم الرسل تأمرهم أن يأكلوا من رزقه ويشكروه بتوحيده عبادته فكانوا كذلك ما شاء الله ثم أعرضوا عما أمروا فعوقبوا بإرسال السيل والتفرق في البلاد أيدي سبأ شذر مذر قال تعالى (لقد كان لسباء في مسكنهم) وفي قراءة مساكنهم وكانت مساكنهم بما رب من اليمن (آية) أي دلالة على وحدانيتنا وقدرتنا ثم فسر الآية فقال (جنتان) أي هي جنتان بستانان (عن يمين وشمال) أي عن يمين الوادي وشماله وقيل عن يمين من أتاهما وشماله، وكان لهم واد قد أحاطت الجنتان بذلك الوادي (كلوا من رزق ربكم) أي قيل لهم كلوا من ثمار الجنتين، قال السدى ومقاتل كانت المرأة تحمل مكتلها على رأسها وتمر بالجنتين فيمتلئ مكتلها من أنواع الفواكه من غير أن تمس شيئًا بيدها لكثرته واستائه ونضجه (واشكروا له) أي على ما رزقكم من النعمة، والمعنى أعملوا بطاعته (بلدة طيبة) أي أرض سبأ بلدة طيبة ليست بسبخة، قال ابن زيد لم يكن يرى في بلدتهم بعوضة ولا ذباب ولا برغوث ولا عقرب ولا حية، وكان الرجل يمر ببلدتهم في ثيابه القبل فيموت القمل كله من طيب الهواء فذلك قوله تعالى (بلدة طيبة) أي طيبة الهواء (ورب غفور) قال مقاتل وربكم إن شكرتموه فيما رزقكم رب غفور الذنوب، قال وهب أرسل الله إلى سبأ ثلاثة عشر نبيًا فدعوهم إلى الله وذكرهم نعمته عليهم وأنذروهم عقابه فكذبوهم وقالوا ما نعرف لله عز وجل علينا نعمة، فقولوا لربكم فليحبس هذه النعم عنا أن استطاع، فذلك قوله تعالى (فاعرضوا فأرسلنا عليهم سيل العرم) بفتح العين المهملة وكسر الراء جمع عيرمة وهو ما يمسك الماء من بناء وغيره إلى وقت الحاجة أي سيل واديهم الممسوك بما ذكر فأغرقه جنتيهم وأموالهم: قال ابن عباس ووهب وغيرهم كان ذلك المد بنته بلقيس وذلك أنهم كانوا يقتتلون على ماء واديهم فأمرت بواديهم فسد بالعرم فسدت بين الجبلين بالصخر والقار وجعلت له أبوابًا ثلاثة بعضها فوق بعض، وبنت من دونه بكرة ضخمة وجعلت فيها اثنى عشر مخرجًا على عدة أنهارهم يفتحونها إذا احتاجوا إلى الماء، وإذا استغنوا سدوها: فإذا جاء المطر اجتمع إليه ماء أودية اليمن فاحتبس السيل من وراء السد فأمرت بالباب الأعلى ففتح فجرى ماؤه، في البركة فكانوا يسقون من الباب الأعلى، ثم من الثاني، ثم من الثالث الباب الأسفل، فلا ينفذ الماء حتى يثوب الماء من السنة المقبلة فكانت تقسمه بينهم على ذلك، فبقوا على ذلك مدة فلما طغوا وكفروا سلط الله عليهم جرذا يسمى الخلد فثقب السد من أسفله حتى إذا ضعف ووهى وجاءت أيام السيول صدم الماء البناء فسقط فانساب الماء في أسفل الوادي وخرب ما بين يديه من الأبنية والأشجار التي في الجبلين عن يمين وشمال فيبست وتحطمت وتبدلت تلك الأشجار للثمرة الأنيقه النضرة ودفن بيوتهم الرمل فتفرقوا وتمزقوا حتى صاروا مثلا عند العرب، يقولون صار بنو فلان أيدي سبأ وأيادي سبأ أي تفرقوا وتبددوا، فذلك قوله تعالى فأرسلنا عليهم سيل العرم (وبدلناهم بجنتيهم جنتين

(باب ما جاء في ذكر تبع ملك اليمن وقصته مع أهل المدينة) (عن سهل بن سعد) (1) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم يقول لا تسبوا تبعًا (2) فإنه قد كان أسلم

_ ذواتي أكل خمط) الأكل بضم الهمزة والكاف الثمر والخمط الأراك، وثمره يقال له البربر، هذا قوله أكثر المفسرين، وقال المبرد والزجاج كل نبت قد أخذ طعمًا من المرارة حتى لا يمكن أكله هو خمط (وأثل وشيء من سد قليل) فالأثل هو الطرفا: وقيل هو شجر يشبه الطرفاء إلا أنه أعظم منه، والسدر شجر النبق ينتفع بورقه لغسل اليد ويغرس في البساتين ولم يكن هذا من ذلك، بل كان سدرًا بريًا لا ينتفع به ولا يصلح ورقه لشيء، قال قتادة كان شجر القوم من خير الشجر فصيره الله من شر الشجر بأعمالهم (ذلك جزيناهم بما كفروا) أي ذلك الذي فعلناه بهم جزيناهم بكفرهم (وهل نجازي إلا الكفور) أي وهل يجازي مثل هذا الجزاء إلا الكفور لله في نعمه (وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها) بالماء والشجر وهي قرى الشام (قرى ظاهرة) متواصلة تظهر الثانية من الأولى لقربها منها، وكان متجرهم من اليمن إلى الشام فكانوا يبيتون بقرية ويقيلون بأخرى، وكانوا لا يحتاجون إلى حمل زاه من سبأ إلى الشام (وقدرنا فيها السير) أي قدرنا سيرهم بين هذه القرى وكان سيرهم في الغدو والرواح على قدر نصف يوم فإذا ساروا نصف يوم وصلوا إلى قرية ذات مياه وأشجار (سيروا فيها ليالي وأياما آمنين) أي لا تخافون عدوا ولا جوعًا ولا عطشًا، فبطروا وطفوا ولم يصبروا على العافية وقالوا لو كانت جناتنا أبعد مما هي كان أجدل أن لتشتهيه (فقالوا ربنا باعد بين أسفارنا) فأجعل بيننا وبين الشام فلوات ومفاوز لنركب فيها الرواحل ونتزود الأزواد فعجل الله لهم الإجابة، وقال مجاهد بطروا النعمة وسئموا الراحة وظلموا أنفسهم بالبطر والطغيان (فجعلناهم أحاديث) عبرة لمن يتحدثون بأمرهم وشأنهم (ومزقناهم كل ممزق) فرقناهم في كل وجه من البلاد كل التفريق، قال الشعبي لما غرقت قراهم تفرقوا في البلاد، إما غسان فلحقوا بالشام ومر الأزد إلى عمان، وخزاعة إلى تهامة، ومر آل خزيمة إلى العراق، والأوس والخزرج إلى يثرب وكان الذي قدم منهم المدينة عمرو بن عامر وهو جد الأوس والخزرج (أن في ذلك لآيات) لعبر أو دلالات (لكل صبار) عن معاصي الله (شكور) لأنعمه (قال مطرف) هو المؤمن إذا أعطى شكر وإذا ابتلى صبر (باب). (1) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو زرعة عمرو بن جابر عن سهل ابن سعد الخ (غريبة) (2) اسمه تبان اسعد ابوكرب وهو أحد التبابعة الذين ملكوا اليمن: قال ابن اسحاق تبان أسعد تبع الآخر بن كلكيكرب بن زيد، وزيد تبع الأول بن عمرو ذي الأذعار وساق نسبه إلى حمير بن سبأ إلا كبر بن يعرب بن يشجب بن قحطان أهـ قال عبد الملك ابن هشام سبأ بن يشجب ابن يعرب بن قحطان اهـ وقال الزمخشري هو تبع الحميري كان مؤمنًا وقومه كافرين ولذلك ذم الله قومه ولم يذمه، وهو الذي سار بالجيوش وحير الحيرة وبنى سمرقند، وقيل هو الذي كسا الكعبة، وقيل لملوك اليمن التبابعة لأنهم يتبعونه وسمى الظل تبعًا لأنه يتبع الشمس أهـ وستأتي قصته بعد التخريج (تخريجه) (طب قط) والطبري والبغوى وفي إسناده عمرو بن جابر الحضرمي قال في الخلاصة قال النسائي ليس بثقه وفي التهذيب قال أبو حاتم صالح الحديث وقال ابن عدى هو من جملة الضعفاء أهـ (قلت) له شواهد من الأحاديث والآثار تعضده (منها) ما رواه عبد الرازق والبغوى عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

.

_ ما أدري تبع أكان نبيًا أو غير نبي (ومنها) ما رواه الطبراني عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تسبوا تبعًا فإنه قد أسلم (وقال قتادة) ذكر لنا أن كعبًا كان يقول في تبع نعت نعت الرجل الصالح، ذم الله تعالى قومه ولم يذمه (يعني قوله تعالى) في سورة الدخان (أهم خير أم قوم تبع والذين من قبلهم أهلكناهم أنهم كانوا مجرمين) قال وكانت عائشة رضي الله عنها تقول لا تسبوا تبعًا فإنه قد كان رجلًا صالحًا، وذكر أبو حاتم عن الرقاشي قال كان أبو كرب أسعد الحميري من التبابعة آمن بالنبي محمد صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث بسبعمائة سنة وغير ذلك كثير (أما قصته) فقد قال قتادة هو تبع الحميري وكان سار بالجيوش حتى مصر الحيرة وبني سمر قندو كان من ملوك اليمن سمى تبعًا لكثرة أتباعه، وكل واحد منهم يسمى تبعا لأنه يتبع صاحبه، وكان هذا الملك يعبد النار فأسلم ودعا قومه إلى الإسلام وهم حمير فكذبوه (وكان من خبره) ما ذكره فمحمد بن إسحاق وغيره، وذكر عكرمة عن ابن عباس قال كان تبع الآخر وهو أبو كرب أسعد ابن مالك بن يكرب حين أقبل من الشرق وجعل طريقه على المدينة وقد كان حين مر بها خلف بين أظهرهم ابنا له فقتل غيلة فقدمها وهو مجمع على خرابها واستئصال أهلها، فجمع له هذا الحي من الأنصار حين سمعوا ذلك من أمره فخرجوا لقتاله، وكان الأنصار يقاتلونه بالنهار ويقرونه بالليل فأعجبه ذلك وقال أن خؤلاء لكرام، فبينما هو كذلك إذ جاءه جبران اسمهما كعب وأسد من أحبار بني قريظة عالمان وكانا ابني عم حين سمعا ما يريد من أهلاك المدينة وأهلها، فقالا له أيها الملك لا تفعل فإنك أن أبيت ألا ما تريد حيل بينك وبينها ولم نأمن عليك عاجل العقوبة، فإنها مهاجر نبي يخرج من هذا الحمى من قريش أسمه محمد، وولده بمكة وهذه دار هجرته ومنزله الذي أنت به يكون به من القتل والجراح أمر كبير في أصحابه وعدوهم، قال تبع من يقاتله وهو نبي؟ قالا يسير إليه قومه فيقتلون ها هنا فتناهي لقولهما عما كان يريد بالمدينة، ثم أنهما دعواه إلى دينهما فاجابهما واتبعهما على دينهما وأكرمهما، وانصرف عن المدينة وخرج بهما ونفر من اليهود عامدين إلى اليمن، فأتاه في الطريق نفر من هذيل وقالوا أنا ندلك على بيت في كنزه من لؤلؤ وزبرجد وفضة، قال أي بيت؟ قالوا بيت بمكة، وإنما تريد هذيل هلاكه لأنهم عرفوا أنه لم يرده أحد قط بسوء إلا هلك، فذكر ذلك للأحبار فقالوا ما نعلم الله في الأرض بيتًا غير هذا البيت فاتخذه مسجداً وانسك عنده وانحر واحلق رأسك، وما أراد القوم إلا هلاكك لأنه ماناوأه أحد قط إلا هلك فأكرمه واصنع عنده ما يصنع أهله، فلما قالوا له ذلك أخذ النفر من هذيل فقطع أيديهم وأرجلهم وسمل أعينهم ثم صلبهم، فلما قدم مكة نزل الشعب شعب البطائح وكسا البيت الوصائل، وهو أو من كساء البيت ونحر بالشعب ستة آلاف بدنة، وأقام به ستة أيام وطاف به وحلق وانصرف، فلما دنا من اليمن ليدخلها حالت حمير بين ذالك وبينه، وقالوا لا تدخل علينا وقد فارقت ديننا فدعاهم إلى دينه وقال إنه دين خير من دينكم، قالوا فحا كمنا إلى النار، وكانت باليمن نار في أسفل جبل يتحاكمون إليها فيما يختلفون فيه فتأكل الظالم ولا تضر المظلوم، فقال تبع أنصفتم، فخرج القوم بأوثانهم وما يتقربون فه في دينهم وخرج الجبران بمصاحفهما في أعناقهما حتى قعدوا للنار عند مخرجها الذي تخرج منه، فخرجت النار فأقبلت حتى غشيتهم فأكلت الأوثان وما قربوا معها ومن حمل ذلك من رجال حمير، وخرج الحبران بمصاحفهما في أعناقهما يتلوان التوراة تعرق جباهما لم تضرهما، ونكصت النار حتى رجعت إلى مخرجها الذي خرجت منه، فأصفت عند ذلك حمير على دينهما، فمن هنالك كان أصل اليهودية في اليمن (قال الجاحظ ابن كثير) في تفسيره وقال سعيد بن جبير كما تبع الكعبة وكان سعيد ينهي عن سبه

.

_ وتبع هذا هو تبع الأوسط، واسمه اسعد أبو كريب بن مليكرب اليماني ذكروا أنه ملك على قومه ثلاثمائة سنة وستة وعشرين سنة ولم يكن من حمير أطول مدة منه، وتوفى قبل مبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحو من سبعمائة سنة، وذكروا أنه لما ذكر له الحبران من يهود المدينة أن هذه البلدة مهاجرني في آخر الزمان اسمه أحمد قال في ذلك شعرا واستودعه عند أهله المدينة، فكانوا يتوارثونه ويروونه خلفًا عن خلف، وكان ممن يحفظه أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد الذي نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في داره وهو (شهدت على أحمد أنه * رسول من الله باري النسم) (فلو مد عمري إلى عمره * لكنت وزيرًا له وابن عم) (وجاهدت بالسيف أعداده * وفرجت عن صدره كل غم) وذكر ابن أبي الدنيا أنه حفر قبر بصنعاء في الإسلام فوجدوا فيه امرأتين صحيحتين (يعني لم تأكلهما الأرض) وعند رءوسهما لوح من فضة مكتوب فيه بالذهب هذا قبر حي تميس، وروى حي وتماضر ابنتي تبع ماتتا وهما تشهدان أن لا إله إلا الله ولا تشركان به شيئًا، وعلى ذلك مات الصالحون قبلهما رحمهما الله (باب ذكر بني إسماعيل عليه السلام وقيامهم بالأمور والحكم في مكة: وخروجه منهم إلى بنى جرهم وخروجه من جرهم إلى خزاعة) تقدم في باب ذكر نبي الله اسماعيل أنه تزوج بالسيدة بنت مضاض ابن عمرو الجرهمي وجاءته بالبنين الأثنى عشر منهم نابت وقيذر وتقدم أيضًا أن جميع عرب الحجاز على اختلاف قبائلهم يرجعون في أنسابهم إلى ولديه نابت وقيذر (قال الحافظ ابن كثير في تاريخه) وكان الرئيس بعده والقائم بالأمور الحاكم في مكة والناظر في أمر البيت وزمزم نابت بن إسماعيل وهو ابن أخت الجرميين، ثم تغلبت جرهم على البيت طمعا في بني أختهم فحكموا بمكة وما والاها عوضًا عن بني إسماعيل مدة طويلة، فكان أو من صار إليه البيت بعد نابت مضاض بن عمروا بن سعد بن الرقيب ابن عبير بن نبت بن جرهم، وجرهم بن قحطان، ويقال جرهم بن يقطن بن عبير بن شالخ بن أرفخشذ ابن سام بن نوح الجرهمي وكان نازلًا بأعلى مكة بقعبقعان، وكان السميدع سيد قطوراء نازلًا بقومه من أسفل مكة، وكل منهما يعثر من مر به به مجتازًا إلى مكة، ثم وقع بين جرهم وقطوراء فاقتتلوا فقتل السميدع واستوثق الأمرض لمضاض وهو الحاكم بمكة والبيت لا ينازعه في ذلك ولد إسماعيل مع كثرتهم وشرفهم وانتشارهم بمكة وبغيرها وذلك لخؤولتهم له ولعظمة البيت الحرام، ثم صار الملك بعده إلى ابنه الحارث ثم إلى عمرو بن الحارث، ثم بغت جرهم بمكة وأكثرت فيها الفساد وألحدوا بالمسجد الحرام حتى ذكر أن رجلًا منهم يقال له إساف بن بغى وامرأة يقال لها نائله بنت وائل اجتمعا في الكعبة فسخهما الله حجرين فنصبهما الناس قريبًا من البيت ليعتبروا بهما فلما طال المطال بعد ذلك ممد عبدا من دون الله في زمن خزاعة كما سيأتي بيانه في موضعه فكان صنمين منصوبين يقال لهما اساق ونائلة فلما أكثرت جرهم البغي بالبلد الحرام تمالأت عليهم خزاعة الذين كانوا انزلوا حول الحرم وكانوا من ذرية عمر بن عامر الذي خرج من اليمن لأجل ما توقع من سيل العرم، وقيل إن خزاعه من بني إسماعيل فالله أعلم، والمقصود أنهم اجتمعوا لحربهم وآذنوهم بالحرب واقتتلوا واعتزل بنو إسماعيل كلا الفريقين فغلبت خزاعة وهم بنو بكر بن عبد مناة وغبشان وأجلوهم عن البيت فعمد عمرو بن الحارث بن مضاض الجرعمى وهو سيدهم إلى غزالي الكعبة وهما من ذهب، وحجر الركن وهو الحجر الأسود، وإلى سيوف

(باب قصة خزاعة وخروج ولاية البيت منهم إلى قصي بن كلاب وخبر عمر بن لحي وعبادة الأصنام) (قر) (عن عبد الله بن مسعود) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أول من سيب السوائب (2) وعبد الأصنام أبو خزاعه عمرو بن عامر وأني رأيته يجر أمعاءه في النار (عن أبي هريرة) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم يقول رأيت عمرو بن عامر (الخزاعي) يجر قصبه (4) في النار، وكان أو من سيب السائبة وبحر البحيرة (5).

_ محلاة وأشياء أخر فدفنها في زمزم وعلم زمزم وارتحل بقومه فرجعوا إلى اليمن، وفي ذلك يقول عمرو ابن الحارث بن مضاض. وقائلة والدمع سكب مبادر وقد شرقت بالدمع منها المحاجر كأن لم يكن بين الحجرين إلى الصفا أنيس ولم يسمر بمكة سامر فقلت لها والقلب متى كأنما يلجلجه بين الجناحين طائر بل نحن كنا أهلها فأزالنا صروف الليالي والجدود العوائر وكنا ولاة البيب من بعد نابت طوف بذاك البيت والخير ظاهر ونحن ولينا البيت من بعد نابت بعز فما يحظى لدينا المكائر ملكنا فعززنا فأعظم بملكنا فليس لحيى غيرنا ثم فاخر ألم تنكحوا من خير شخص علمته فأبناؤه منا ونحن الأصاهر فإن تنثنى الدنيا علينا بحالها فإن لها حالا وفيها التشاجر فأخرجنا منها المليك بقدرة كذلك ياللناس تجري المقادر أقول إذا نام الخلى ولم أنم إذا العرش لا يبعد سهيل وعامر وبدلتها منها أوجها لا أحبها قبائل منها حمير ويحابر وصرنا أحاديثا وكنا بغبطة بذلك عضتنا السنون الغوابر فسحت دموع العين تبكي لبلدة بها حرم أمن وفيها المشاعر وتبكي لبيت ليس يؤذي حمامه يظل به أمنا وفيه العصافر وفيه وحوش لا ترام أنيسة إذا خرجت منه فليست تغادر قال ابن هشام وحدثني بعض أهل العلم بالشعر أن هذه الآبيات أول شعر قيل في العرب وأنها وجدت مكتوبة في حجر باليمن ولم يسم قائلها (قر) (1) (سنده) قال عبد الله بن الأمام أحمد قرأت على أبي حدثنا عمرو بن مجتمع حدثنا إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص عن عبد الله بن مسعود الخ (غرببه) (2) كانوا إذا تابعت الناقة بين عشر إناث لم يركب ظهرها ولم يجز ويرها ولم يشرب لبنها إلا ولدها أو ضيف وتركوها مسيبة لسبيلها وسموها السائبة، فما ولدت بعد ذلك من انثى شقوا أذنها وخلوا سبيلها وحرم منها من أمها وسموها البحيرة (نه) وقد جاه النهى عن ذلك في قوله تعالى (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة الآية) وتقدم تفسير هذه الآية في باب يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم الآية) من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 133 بعد حديث رقم 264 (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث ابن مسعود وفي اسناده ابراهيم الهجري ضعف فالحديث ضعيف السند صحيح المتن لأنه جاء في طرق أخرى عن أبي هريرة عن الشيخين والإمام أحمد وهو الحديث التالي. (3) (سنده) حدثنا الخزاعي قال أنا ليث بن سعد عن يزيد بن الهاد عن ابن شهاب عن سعد بن المسيب عن أبي هريرة إلخ (غرببه) (4) بضم القاف وسكون الصاد المهملة يعني أمعاءه كما جاء مصرحًا بذلك في الحديث السابق. (5) تقدم معنى السائبة والبحيرة في شرح الحديث السابق (تخرجه) (ق، وغيرهما)

.

_ (ولمسلم) من طريق سهيل ابن أبي صالح عن أبيه مرفوعًا رأيت عمرو بن لحمى بن قمعة (بفتحات) ابن خندف بحر قصبه في النار (وللبخاري) من طريق أبي حصين عن أبي صالح عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمرو ابن لحي بن قمعة بن خندف أبو خزاعة (وله في رواية أخرى) عن أبي هريرة أيضًا قال النبي صلى الله عليه وسلم رأيت عمرو بن عامر بن لحي الخزاعي بحر قصبه في النار، فيستفاد من هذه الروايات أن عمرا هو ابن عامر بن لحي بن قمعة بن خندف وأنه أبو خزاعة وأنه تارة ينسب إليه أبيه أو تارة ينسب إلى جده لحي بضم اللام وفتح المهملة وتشديد التحتية مصغرا و (قمعه) بالقاف والميم والعين المهملة مفتوحات و (خندف) بكسر الخاء المعجمة وسكون النون وفتح الدال المهملة بعدها فاء (أما خزاعة) فقد اختلف في نسبهم فقيل ينسبون إلى اليمن وقيل إلى مضر مع الاتفاق على أنهم من ولد عمرو بن لحي، وجمع بعضهم بين القولين أعنى نسبة خزاعة إلى اليمن وإلى مضر فزعهم أن حارثة بن عمر لما مات قمعة بن خندف كانت امرأته حاملًا بلحى فولدته وهي عند حارثة فتبناه فنسب إليه، فعلى هذا فهو من مضر بالولادة ومن اليمن بالتبني (وذكر ابن إسحاق) أن سبب عبادة عمرو بن لحي الأصنام أنه خرج إلى الشام وبها يومئذ العماليق وهم يعبدون الأصنام فاستوهبهم واحدا منها وجاء به إلى مكة فنصبه إلى الكعبة وهو هبل، وكان قبل ذلك في زمن جرهم قد فجر رجل يقال له اساف بامرأة يقال لهما نائلة في الكعبة فمسخهما الله جل وعلا حجرين فأخذهما عمر بن لحيى فنصبهما حول الكعبة فصار من يطوف يتمسح بهما يبدأ باساف ويختم بنائله، (وذكر محمد بن حبيب) عن ابن الكلبي أن سبب ذلك أن عمرو بن لحيي كان له تابع من الجن يقال له أبو ثمامة فأتاه ليلة فقال أجب أبا ثمامة فقال لبيك من تهامة، فقال أدخل بلا علامة فقال ائت سيف جده، تجد آلهة معدة. فخذها ولا تهب، وادع إلى عبادتها تجب، قال فتوجه إلى جدة فوجد الأصنام التي كانت تعبد في زمن نوح وادريس وهي ود، وسواع، ويغوث ويعوق، ونسر، فحملها إلى مكة ودعا إلى عبادتها فانتشرت بسبب ذلك عبادة الأصنام في العرب، وذكر السهيلي أن سبب قيام عمر بن لحيي بأمر الكعبة ومكة أنه حين غلبت خزاعة على البيت ونفت جرهم عن مكة قد جعلته العرب ربا: لا يبتدع لهم بدعة إلا اتخذوها شرعة لأنه كان يطعم الناس ويكسو في الموسم فربما نحر في الموسم عشرة آلاف بدنة وكسى عشرة آلاف حلة أه وذكر أبو الوليد الأزرقى في أخبار مكة أن عمرو بن لحيى فقأ أعين عشرين بعيرًا، وكانوا يفقئون عين الفحل إذا بلغت الإبل الفا فإذا بلغت الفين فقئوا العين الأخرى قال الراجز (وكان شكر القوم عند المنن * كي الصحيحات وفقًا الأعين) (قال ابن اسحاق) واستبدوا بدين إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام غيره فعبدوا الأوثان وصاروا إلى ما كانت عليه الأمم قبلهم من الضلالات، وفيهم على ذلك بقايا من عهد إبراهيم عليه السلام يتمسكون بها من تعظيم البيت والطواف به والحج والعمرة والوقوف على عرفات والمزدلفة وهدى البدن والإهلال لا شريك لك الاشريكا هو تملكه وما ملك، فيوحدونه بالتلبية ثم يدخلون معه أصنامهم ويجعلون ملكها بيده: يقول الله تعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم (وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون) أي ما يوحدونني لمعرفة حقى، إلا جعلوا معي شريكًا من خلقي، وقد ذكر السهيلى وغيره أن أول من لبى هذه التلبية عمرو بن لحيي وأن أبليس تبدى له في صورة شيخ فجعل يلقنه ذلك فيسمع منه ويقول كما يقول واتبعه العرب في ذلك (وذكر ابن الكلبي) أن سبب قيام عمرو بن لحيى بأمر الكعبة ومكة أن أمه فهيرة بنت عمرو بن الحارث

(أبواب ذكر جماعة مشهورين كانوا في الجاهلية) (باب ما جاء في حاتم الطائي) (عن عدى بن حاتم) (1) قال قلت يا رسول الله أن أبي كان يصل الرحم وبقرى للضيف ويفعل كذا، قال أن أباك أراد شيئًا فأدركه (2)

_ ابن مضاض الجرهمي وكان أبوها آخر من ولى أمر مكة من جرهم فقام بأمر البيت سبطه عمرو بن لحيي فصار ذلك في خزاعة بعد جرهم ووقع بينهم في ذلك حروب إلى أن انحلت جرهم عن مكة ثم تولت خزاعة أمر البيت ثلاثمائة سنة إلى أن كان آخرهم يدعى أبا غبشان واسمه المحرش بن حليل بن خبشية بن سلول بن عمرو بن لحيى وهو خال قصي بن كلاب أخو أمه حي يضم المهلمة رتشديد الموحدة مع الامالة وكان في عقله شيء فخدعه قصى فاشترى منه أمر البيت بأذواد من الأبل (ويقال) بذق خمر فغلب قصي حينئذ على أمر البيت وجمع يطون بني فهر وحارب خزاعة حتى أخرجهم من مكة إلى غير رجعة، وفيه يقول الشاعر (أبوكم قصي كان يدعى مجمعًا * به جمع الله القبائل من فهر) وشرع قصي لقريش الساقية والرفادة فكان يصنع الطعام أيام منى والحياض للماء فيطعم الحج ويسقيه وهو الذي عمر دار الندوة بمكة فإذا وقع لقريش شيء اجتمعوا فيها وعقدوه بها ولا زالت ولاية البيت إلى قصي وبنيه واستمرار ذلك في أيديهم إلى أن بعث الله رسوله صلى الله عليه وسلم فأقر تلك الوظائف إلى ما كانت عليه والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى ثنا شعبة ثناسماك عن مرى بن فطرى عن عدي ابن حاتم الخ. (2) معناه أنه كان لا يقصد بكرمه وخلاله الممدوحة وجه الله تعالى، وإنما كان يقصد بذلك الشهرة والمدح وقد حصل (تخرجه) الحديث سنده جيد، وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهكذا رواه أبو يعلى عن القواريرى عن غندر عن شعبة عن سماك به، وقال ان أباك أراد أمرًا فأدركه يعني الذكر، وهكذا رواه أبو القاسم البغوى عن علي بن الجعد عن شعبة به سواء، وقد ثبت في الصحيح في الثلاثة الذين تسعر بهم جهنم منهم الرجل الذي ينفق ليقال أنه كريم فيكون جزاؤه أن يقال ذلك في الدنيا وكذا في العالم والمجاهد، وقد ذكر الحافظ ابن كثير نسب حاتم الطائي مع كثير من مآثره فقال هو حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن احزم بن أبي احزم واسمه هرومة بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيء ابو سفيانة الطائي، والدعدي ابن حاتم الصحابي، كان جواد ممدوحًا في الجاهلية، وكذلك كان ابنه في الإسلام، وكانت لحاتم مآثر وأمور عجيبة وأخبار مستغربة في كرمه بطول ذكرها ولكن لم يقصد بها وجه الله والدار الآخرة، وإنما كان قصده السمعة والذكر (روى البيهقي) عن علي رضى الله عنه قال لما أتى بسباياطيء وقعت جارية حمراء لعساء زلفاء عيطاء شماء الأنف معتدلة القامة والهامة درماء الكعبين خدلجة الساقين لفاء الفخذين خميصة الخصرين ضامرة الكشحين مصقولة المتنين، قال فلما رأيتها أعجبت بها وقلت لأطلبن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيجعلها في فيئى، فلما تكلمت انسيت جمالها لما رأيت من فصاحتها، فقالت يا محمد أن رأيت أن تخلى عني ولا تشمت بي أحياء العرب فأني ابنة سيد قومي، وأن أبي كان يحمي الذمار ويفك العاني ويشبع الجائع ويكسو العاري ويقرى الضيف ويطعم الطعام ويفشي السلام، ولم يرد طالب حاجة قط، وأنا ابنه حاتم طييء، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا جارية هذه صفة المؤمنين حقًا لو كان أبوك مؤمنًا لترحمنا عليه: خلوا عنها فأن أباها كان يحب مكارم الأخلاق والله تعالى يحب مكارم الأخلاق. فقام أبو بردة بن نيار فقال

.

_ يا رسول الله والله يحب مكارم الأخلاق؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا يدخل الجنة أحد إلا بحسن الخلق (وقال أبو بكر بن أبي الدنيا) حدثني عمرو بن بكر عن أبي عبد الرحمن الطائي هو القاسم ابن عدي عن عثمان عن عركى بن حليس الطائي عن أبيه عن جده وكان أخا عدي بن حاتم لأمه قال قيل لنوار امرأة حاتم حديثنا شيئًا عن حاتم، قالت كل أمره كان عجبًا، أصابتنا سنة حصت كل شيء فاقشعرت لها الأرض واغبرت لها السماء وضنت المراضع على أولادها وراحت الإبل حدبا حدابير ما تبض بقطرة، وحلقت المال وأنا لفي ليلة صنبر (بكسر الصاد المهملة وتشديد النون وسكون الموحدة ليلة شديد البرد من أطول ليالي الشتاء) بعيدة ما بين الطرفين إذ تضاغى الأصبية من الجوع، عبد الله وعدى وسفانة. فوالله إن وجدنا شيئًا نعللهم به، فقام إلى أحد الصبيان فحمله وقمت إلى الصبية فعللتها فوالله إن سكتا إلا بعد هدأة من الليل، ثم عدنا إلى الصبي الآخر فعللناه حتى سكت وما كاد، ثم افترقنا قطيفة لنا شامية ذات حمل فأضجعنا الصبيان عليها ونمت أنا وهو في حجرة والصبيان بيننا، ثم أقبل عل يعللني لأنام وعرفت ما يريد فتناومت فقال مالك أنمت؟ فسكت فقال ما أراها إلا قد نامت وما بي نوم فلما أدلهم الليل وتهورت النجوم وهدأت الأصوات وسكنت الرجل إذا جاب البيت قد رفع فقال من هذا؟ فولى حتى قلت إذًا قد أسحرنا أوكدنا فاعاد فقال من هذا؟ قالت جارتك فلانة يا أبا عدي ما وجدت على أحد معولًا غيرك، أتيتك من عند أصبية يتعاوون عواء الذئاب من الجوع، قال أعجليهم على، قالت النوارفو ثبت فقلت ماذا صنعت؟ اضطجع، والله لقد تضاغى صبيتك فما وجدت ما تعللهم فكيف بهذه وبولدها؟ فقال اسكتي فوالله لأشبعتك إن شاء الله، قالت فأقبلت تحمل اثنين وتمشي جنبتيها أربعة كأنها نعامة حولها رئالها، فقام إلى فرسه فوجأ بجربته في لبته ثم قدح زنده واورى ناره ثم جاء بمدية فكشظ عن جلده ثم دفع المدية إلى المرأة ثم قال دونك، ثم قال ابعثي صبيانك فبعثتهم، ثم قال سوءة أتأكلون شيئًا دون أهل الصوم؟ فجعل يطوف فيهم حتى هبوا وأقبلوا عليه والتفع في ثوبه ثم اضطجع ناحية ينظر إلينا، والله ما ذاق مزعة وأنه لأحوجهم إليه، فأصبحنا وما على الأرض منه إلا عظم وحافر (وعن الوضاح بن معبد الطائي) قال وفد حاتم الطائي على النعمان بن المنذر فاكرمه وأدناه ثم زوده عند انصرافه جملين ذهبًا وورقا غير ما أعطاه من طرائف بلده فرحل، فلما أشرف على أهله تلقته أعاريب طيء فقالت يا حاتم اتيت من عند الملك وأتينا من عند أهالينا بالفقر، فقال حاتم هلم فخذوا ما بين يدي فتوزعوه، فوثبوا إلى ما بين يديه من حباء النعمان فاقتسموه، فخرجت إلى حاتم طريفة جاريته فقالت له اتق الله وابق على نفسك فما يدع هؤلاء دينارًا ولا درهما ولا شاة ولا بعير فانشأ يقول: (قالت طريفة ما تبقى دراهمنا وما بنا سرف فيها ولا خرق أن يفن ما عندنا فالله يرزقنا ممن سوانا ولسنا نحن نرتزق ما يألف الدرهم الكارئ خرقتنا إلا يمر عليها ثم ينطلق (إنا إذا اجتمعت يوما دراهمنا ظلت إلى سبل المعروف تستبق) (وقال أبو بكر الخرائطي) حدثنا على بن حرب حدثنا عبد الرحمن بن يحيى العدوى حدثنا هشام بن محمد بن السائب الكلبي عن أبي مسكين يعني جعفر بن المحرر بن الوليد عن المحرر مولى أبي هريرة قال مر نفر من عبد القيس بقبر حاتم طيئ فنزلوا قريبًا منه، فقام إليه بعضهم يقال له أبو الخبيري فجعل يركض قبره برجله ويقول يا أبا جعد أقرنا، فقال له بعض أصحابه ما تخاطب من رمة وقد بليت وأجنهم الليل فناموا فقام صاحب القول فزعًا يقول يا قوم عليكم عطيكم فإن حاتما أتاني في النوم

(باب ما جاء في عبد الله بن جدعان) (عن عائشة رضي الله عنها) (1) قالت قلت يا رسول الله ابن جدعان (2) كان في الجاهلية يصل الرحم ويطعم المساكين فهل ذاك نافعه؟ قال لا يا عائشة، أنه لم يقل يومًا رب أغفر لي خطيئتي يوم الدين (3).

_ وأنشدني شعرا وقد حفظته يقول: (أبا الخبيرى وأنت أمرؤ ظلوم العشيرة شنامها) انيت بصحبك تبغي القرى لدى حفرة قد صدت هامها اتبغى لي الذئب عند الميـ يت وحولك ظيء وأنعامها وأنا لنشبع أضيافنا وتأتي المطيء فنعتامها قال وإذا ناقة صاحب القول تكوس عقيرًا فنحروها وقاموا يشترون ويأكلون وقالوا والله لقد أضافنا حاتم حيا وميتًا، قال وأصبح القوم واردفوا صاحبهم وساروا فإذا رجل وينوه بهم راكبًا جملًا ويقود آخر فقال أيكم أبا الخبيري؟ قال أنا، قال أن حاتمًا أتاتي في النوم فأخبرني أنه قرى أصحابك ناقتك وأمرني أن أحملك وهذا بعير فخذه ودفعه إليه، وبالجملة فمآثر حاتم كثيرة يطول ذكرها فنقتصر على هذا مختصرًا من تاريخ الحافظ ابن كثير والله أعلم. (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الله ابن محمد قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) وسمعته أنا من عبد الله بن محمد قال ثنا حفص عن داود عن الشعي عن مسروق عن عائشة الخ. (2) بضم الجيم وإسكان الدال المهملة أسمه عبد الله وكان من بني تيم بن مرة أقرباء عائشة وكان من رؤساء قريش (3) (قال النووي) معنى هذا الحديث أن ما كان يفعله من الصلة والاطعام ووجوه المكارم لا ينفعه في الآخرة لكونه كافرًا وهو معنى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقل رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين أي لم يكن مصدقًا بالبعث، ومن لم يصدق به كافر ولا ينفعه عمل، قال البيهقي وقد يجوز أن يكون حديث ابن جدعان وما ورد من الآيات والأخبار في بطلان خيرات الكافر إذا مات على الكفر ورد في أنه لا يكون لها موقع التخلص من النار وإدخال الجنة ولكن يخفف عنه من عذابه الذي يستوجبه على جنايات ارتكبها سوى الكفر بما فعل من الخيرات والله أعلم (تخريجه) (م) والبغوى وغيرهما وقد ترجم الحافظ ابن كثيرلابن جدعان في تاريخه فقال هو عبد الله بن جدعان بن عمرو بن كعب بن سعد بن تيم بن مرة سيد بني تيم وهو ابن عم والد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وكان من الكرماء الأجواد في الجاهلية المطعمين للمغيثين، ركان في بدء أمره فقيرًا مملقًا وكان شريرًا يكثر من الجنايات حتى أبغضه قومه وعشيرته وأهله وقبيلته وأبغضوه حتى أبوه، فخرج ذات يوم في شعاب مكة حائرًا بائرًا فرأى شقا في جبل فظن أن يكون به شيء يؤذيه فقصده لعله يموت فيستريح مما هو فيه، فلما اقترب منه إذا بثعبان يخرج إليه ويثب عليه، فجعل يحيد عنه ويثب فلا يغني شيئًا، فلما دنا منه إذا هو من ذهب وله عينان هما ياقوتتان فكسره وأخذه ودخل الغار فإذا فيه قبور لرجال من ملوك جرهم ومنهم الحارث بن مضاض الذي طالت غيبته فلا يدري أين ذهب، ووجد عند رءوسهم لوحًا من ذهب فيه تاريخ وفاتهم ومدد ولايتهم، وإذا عندهم من الجواهر واللآليء والذهب والفضة شيء كثير فأخذ منه حاجته ثم خرج وعلم باب الغار ثم انصرف إلى قومه فأعطاهم حتى أحبوه وسادهم وجعل بطعم الناس، وكلما قل ما في يده ذهب إلى ذلك الغار فأخذ منه حاجته ثم رجع (فمن ذكر هذا) عبد الملك بن هشان في كتاب النيجان وذكره أحمد بن عمار في كتاب رى العطشان وأنس الواحش وكانت له جفنة يأكل منها الراكب كل بعيره (يعني يأكل منها وهو راكب على بعيره لعظمها وارتفاعها) ووقع فيها صغير فغرق

(باب ما جاء في أمرئ القيس بن حجر الشاعر المشهور) عن ابي هريرة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم امرؤ القيس (2) صاحب لواء الشعراء (3) إلى النار

_ (وذكر ابن قتيبه وغيره) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد كنت استظل بظل جفنة عبد الله بن جدعان صكة عميي أي وقت الظهيرة، وفي حديث مقتل أبي جهل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه تطلبوه بين القتلى وتعرفوه بشجة في ركبته فأني تزاحمت أنا وهو على مأدبة لابن جدعان فدفعته فسقط على ركبته فانهشمت فأثرها باق في ركبته فوجدوه كذلك، وذكروا أنه يطعم التمر والسويق ويسقى اللبن حتى سمع قوله أمية بن الصلت. (ولقد رأيت الفاعلين وفعلهم. فرأيت أكرمهم بني الديان) (البر يلبك بالشهاد طعامهم. لا ما يعللنا بنو جدعان) فأرسل ابن جدعان إلى الشام الفيى بعير تحمل البر والشهد والسمن وجعل مناديًا ينادي كل ليلة على ظهر الكعبة أن هلموا إلى جفنة بن جدعان فقال أمية في ذلك. له داع بمكة مشمعل وآخر فوق كعبتها ينادي إلى ردح من الشيزى ملاى لباب البر يلبك بالشهاد (باب) (1) (سنده) حدثنا هشيم حدثنا أبو الجهيم الواسطى عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبة) (2) هو أبن حجر بضم الحاء المهملة ابن الحارث الكندي الشاعر الجاهلي المشهور وهو أول من قصد القصائد (3) أي حامل راية شعراء الجاهلية والمشركين قال د غفل ولا يقود الناس إلا أميرهم ورئيسهم (إلى النار) لأنه زعيمهم وعظيمهم في الدنياء فيكون قائدهم في العقى، قال ابن سلام ليس لكونه قال مالم يقولوا، ولكنه سبق إلى أشياء ابتدعها قاتبعوه عليها واقتدوا به فيها (وأخرج ابن عساكر) أنه ذكر أمرؤ القيس للنبي صلى الله عليه وسلم فقال ذلك رجل مذكور في الدنيا منسى في الآخرة يحيئ يوم القيامة معه لواء الشعراء يقودهم إلى النار. (قال أبو عبيد) سبق أمرؤ القيس العرب إلى أشياه ابتدعها فاستحسنوها وتبعهم فيها الشعراء (منها) استباق صحبه والبكاء على الديار ورقة التشبيب وقرب المآخذ وتشبيه النساء بالظباء البيض والخيل بالعقبان والعصى وقيد الآوابد وأجاد في التشبيه وفصل بين التشبيب: والمعنى هذا لواء الشهرة في الذم وتقبيح الشعر كما أن ألوية ثم للعز والمجد والافضال كما جاء أن المصطفى صلى الله عليه وسلم بيده لواء الحمد فثم ألوية خزى وفضيحة، (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (جم بز) وفي أسناده أبو الجهيم شيخ هيشم بن بشير ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح أهـ (قلت) لم يعرفه لأنه جاء عند الإمام أحمد أبو الجهيم بالتصغير وجاء في الأصول الأخرى أبو الجهم مكبرًا، وكذا في كتب الرجال قال أبو زرعة الرازي أبو الجهيم رواى هذا الحديث وأهـ وقال ابن عدي شيخ مجهول لا يعرف له اسم وخبره منكر ولا أعرف له غيره، وقال ابن عبد البر لا يصح حديثه وقد ترجمه ابن حبان في كتاب المجروحين من المحدثين المشهور بكتاب (الضعفاء) فجود ترجمته؛ وروى فيها هذا الحديث عن المسند قال أبو الجهيم شيخ من أهل واسط يروى عن الزهرى ما ليس من حديثه روى عنه هشيم بن بشير لا يجوز الاحتجاج بروايته إذا انفرد (هذا) وقد أطال المؤرخون في ترجمة أمرئ القيس وشعره نقتصر على شيء منها لئلا يخلو قسم التاريخ من ذلك فنقول (قال الحافظ ابن عساكر) هو امرؤ القيس ابن الحارث ابن عمرو بن حجر آكل المرار بن عمرو بن معاوية

_ ابن الحارث بن يعرب بن ثور بن مرتع بن معاوية بن كندة أبو يزيد ويقال أبو وهيب ويقال أبو الحارث الكندي كان باعمال دمشق وقد ذكر مواضع منها في شعره فمن ذلك قوله، (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوى بين الدخول فحومل) (فتوضح فالمقراة لم يعف رسمها لم نسجتها من جنوب رسمأل) قال وهذه مواضع معروفة بحوران، ثم روى من طريق هشام بن محمد بن السائب الكلى حدثني فروة ابن سعيد بن عفيف بن معد يكرب عن أبيه عن جده قال بينهما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبل وفد من اليمن فقالوا يا رسول الله لقد أحيانًا الله ببيتين من شعر أمرئ القيس، قال وكيف ذاك؟ قالوا اقبلنا نريدك حتى إذا كنا ببعض الطريق أخطأنا الطريق فمكثنا ثلاثا لا نقدر على الماء فتفرقنا إلى أصول طلح وسمر ليموت كل رجل منا في ظل شجرة، فبينا نحن بآخر رمق إذا راكب يوضع على بعير فلما رآه بعضنا قال والراكب يسمع، ولما رأت أن الشريعة همتها وأن البياض من فرائصها دامى تيممت العين الذي عند ضارج يفيء عليها الظل عرمضها طامي فقال الراكب ومن يقول هذا الشعر وقد رأى ما بنا من الجهد؟ قال قلنا أمرؤا القيس بن حجر، قال والله ما كذب، هذا ضارج عندكم، فنظرنا فإذا بيننا وبين الماء نحو خمسين ذراعًا فحبونا إليه على الركب فإذا هو كما قال أمرؤ القيس، عليه العرمض يفيئ عليه الظل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك رجل مذكور في الدنيا منسى في الآخرة. شريف في الدنيا خامل في الآخرة. بيده لواء الشعراء يقودهم إلى النار اهـ (قال القرطبي) هذا الحديث وما قبله (يعني حديث الباب) يدل على أن من كان أماما دراسًا في أمر ما هو معروف به فله لواء يعرف به خيرًا كان أو شرًا: فللأ ولياء والصالحين الوية تنموية وإكرام وإفضال، كما أن للظالمين الوية فضيحة وخزي ونكال اهـ (وقال ابن عبد البر) افتتح الشعر بامرئ القيس وختم بذي الرمة، وقيل لبعضهم من أشعر الناس؟ قال امرؤ القيس إذا ركب، والأعشى إذا طرب، وزهير إذا رغب. والنابغة إذا رهب وأول شعر قاله امرؤ القيس أنه راهق ولم يقل شعرًا، فقال أبوه هذا ليس يا بني إذا لو كان كذلك لقال شعرًا، فقال لاثنين من جماعته خذاء واذهبا به إلى مكان كذا فاذبحاه، فمضيًا به حتى وصلا المحل فشرعا ليذبحاه فبكى وقال: (قفا نبك من ذكرى حبيب ومنزل بسقط اللوابين الدخول فحومل) فرجعا به إلى أبيه وقالا هذا أشعر من على وجه الأرض، قد وقف واستوقف وبكى واستبكى ونعى الحبيب والمنزل في نصف بيت: فقام إليه واعتنقه وقبله وقال أنت ابني حقًا (وفي كتاب الأوائل لأبي عروبة) أن أول من نطق بالشعر آدم لما قتل ابنه أخاه، وأول من قصد القصائد أمرؤ القيس، وقيل عبد الأحوص، وقيل مبلبل، وقيل الأفوه الأودى، وقيل غير ذلك، ويجمع بينهما بأنه بالنسبة للقائل وقد تكلم امرؤ القيس بالقرآن قبل أن ينزل فقال: (يتمنى المرء في الصيف الشتاء حتى إذا جاء الشتاء أنكره) (فهو لا يرضى مجال واحد قتل الإنسان ما أكفره) وقال (اقتربت الساعة وانشق القمر من غزال صاد قلبي ونفر) وقال (إذا زلزلت الأرض زلزلها وأخرجت الأرض أثقالها)

(باب ما جاء في أمية بن أبي الصلت وشيء من شعره) (عن أبي هريرة) (1) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال على المنبر أشعر بيت (وفي رواية أصدق ببت) قالت العرب (الأكل شيء ما خلال الله باطل) وكاد أمية بن أبي الصلت أن يسلم (عن عمرو بن الشريد عن أبيه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استنشده من شعر أمية بن أبي الصلت قال فأنشده مائة قافية، قال أنشده شيئًا إلا قال إيهٍ حتى إذا استفرغت من مائة قافية قال كاد أن يسلم

_ (تقوم الآنام على رسلها ليوم الحساب ترى حالها) (يحاسبها ملك عادل فإما عليها وإما لها) (وذكر الكلبي) أن أمرأ القيس أقبل برايانه بريد قتال بني أسد حين قتلوا أباه فمر بنبالة بها ذو الخلصة (بضم الخاء واللام) وهو صنم، وكانت العرب تستقسم عنده فخرج القدح الناهي ثم الثانية ثم الثالثة كذلك فكسر القداح وضرب بها وجه ذي الخلصة وقال عضضت إبراء أبيك لو كان أبوك المقتول لما هو قتى، ثم أغار على بني أسد فقتلهم قتلًا ذريعًا، قال ابن الكلبي فلم يستقسم عند ذي الخلصة حتى جاء الإسلام (وذكر بعضهم) أنه امتدح قيصر ملك الروم يتسنجده في بعض الحروب ويسترفده فلم يجد ما يؤمله عنده فهجاء بعد ذلك، فيقال إنه سقاه سما فقتله فألجأه الموت إلى جنب قبر امرأة عند جبل يقال له عسيب (وقيل) إن آخر شعر قاله امرؤ القيس أنه وصل إلى جبل عسيب وهو يجود بنفسه فنزل إلى قبر فأخبر بأنها بنت ملك فقال (أجارتنا أن المزار قريب وإني مقيم ما أقام عسيب) (أجارتنا إنا غريبان هاهنا وكل غريب للغريب نسيب) (باب) (1) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث والذي بعده تقدما بسندهما وشرحهما وتخريجهما في باب ما جاء في شعر أميه بن أبي الصلت من كتاب آفات اللسان في الجزء التاسع عشر صحيفة 277 و 278 وإنما ذكرنهما هنا لمناسبة الترجمة (قال الحافظ ابن عساكر) هو أمية بن أبي الصلت عبد الله بن أبي ربيعة بن عوف بن عقدة بن عزة بن عوف بن ثقيف بن منبه بن بكر بن هو ازن أبو عثمان ويقال أبو الحكم الثقفي شاعر جاهلي، قدم دمشق قبل الاسلام، وقيل أنه كان مستقيمًا وأنه كان في أول أمره على الإيمان زاغ عنه وأنه هو الذي أراده الله تعالى بقوله (وأتل عليهم نبأ الذين أتيناه آياتنا فنسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين) أهـ وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره عن ابن مسعود قال نزلت في رجل من بني إسرائيل يقال له بلعم بن باعوراء، وكذا قال ابن عباس ومجاهد وعكرمة، كان من علماء بني إسرائيل وكان مجاب الدعوة يقدمونه في الشدائد، بعثه نبي الله موسى إلى ملك مدين يدعوه إلى الله فأقطعه وأعطاه فتبع دينه وترك دين موسى عليه السلام (وقالت ثقيف) هو أمية ابن أبي الصلت، وقال شعبة عن يعلى بن عطاء عن نافع بن عاصم عن عبد الله بن عمرو وفي قوله تعالى (وائل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا) الآية قال هو صاحبكم يعني أمية بن أبي الصلت (قال الحافظ ابن كثير) وقد روى عن غير وجه عنه وهو صحيح إليه، وكأنه إنما أراد أن أمية بن أبي الصلت يشبهه فأنه كان قد اتصل إليه علم كثير من علم الشرائع المتقدمة ولكنه لم ينتفع بعلمه فإنه أدرك زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم وبلغته أعلامه وآياته ومعجزاته وظهرت لكل من له بصيرة، ومع هذا اجتمع به ولم يتبعه وصار إلى

.

_ موالاة المشركين ومناصرتهم وامتداحهم ورئى أهل بدر من المشركين بمرئاة بليغة قبحة الله، وقد جاء في بعض الأحاديث أنه ممن آمن لسانه ولم يؤمن قلبه، فإن له أشعارًا ربانية وحكمًا وفصاحة ولكنه لم يشرح الله صدره للإسلام (وروى الحافظ ابن عساكر) عن الزهري إنه قال قال أمية بن أبي الصلت: ألا رسول لنا منا يخبرنا ما بعد غايتنا من رأس مجرانا قال ثم خرج أمية بن أبي الصلت إلى البحرين وتنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقام أمية بالبحرين ثمان سنين ثم قدم الطائف فقال لهم ما يقول محمد بن عبد الله؟ قالوا يزعم أنه نبي: هو الذي كنت تتمنى، قال فخرج حتى قدم عليه مكة فلقيه فقال يا أبن عبد المطلب ما هذا الذي تقول؟ قال أقول أني رسول الله وأن لا إله إلا هو، قال أني أريد أن أكلمك فعدني غدًا، قال فموعدك غدًا، قال فتحب أن آتيك وحدي أوفى جماعة من أصحابي؟ وتأتيني وحدك أو في جماعة من أصحابك؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي ذلك شئت، قال فأني آتيك في جماعة، قال فلما كان الغد غدا أمية في جماعة من قريش قال وغدا رسول الله صلى الله عليه وسلم معه نفر من أصحابه حتى جلسوا في ظل الكعبة، قال فبدأ أمية فخطب ثم سجع ثم أنشد الشعر حتى إذا فرغ الشعر قال أجبني يا ابن عبد المطلب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (بسم الله الرحمن الرحيم يس والقرآن الحكيم) حتى إذا فرغ منها وثب أمية بحر رجليه قال فتبعته قريش يقولون ما نقول يا أمية؟ قال أشهد أنه على الحق، فقالوا هل تتبعه؟ قال حتى انظر في امره، قال ثم خرج أمية إلى الشام وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم: فلما قتل أهل بدر قدم أمية من الشام حتى نزل بدرًا ثم ترحل يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قائل يا أبا الصلت ما تريد؟ قال أريد محمدًا، قال وما تصنع؟ قال أو من به وألقى إليه مقاليد هذا الأمر، قال اتدري من في القليب. قال لا، قال فيه عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وهما أبنا خالك وأمه ربيعة بنت عبد شمس قال فجدع أذنى ناقته وقطع ذنبها ثم وقف على القليب فرثى قتلى كفار قريش ببدر بقصيدة طويلة لا حاجة لذكرها: ومن شعره في مدح أهل الكرم قوله لا ينكثون الأرض عند سؤالهم **** كتطلب العلات بالعيدان بل يسفرون وجوههم فترى لها **** عند السؤال كأحسن الألوان وإذا المقل أقام وسط رحالهم **** ردوه رب صواهل وقيان وإذا دعوتهم لكل ملمة **** سدوا شعاع الشمس بالفرسان (وذكر الإمام البغوى في تفسيره) قال لها مات أمية أتت أخته فازعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألها رسول الله صلى الله عليه وسلم عن وفاة أخيها، فقالت بينما هو راقد أتاه آتيان فكشفا سقف البيت فزلا فقعد احدهما عند رجليه والآخر عند رأسه، فقال الذي عند رجليه للذي عند رأسه أوعى؟ قال وعى، قال أزكى؟ قال أبي، قالت فسألته عن ذلك؟ فقال خير أريد بي فضرب عني، فغشى عليه فلما أفاق قال شعراٍ. كل عيش وإن تتطاول دهرًا **** صائر مرة إلى أن يزولا ليتني كنت قبل ما قد بدا لي **** في تلال الجبال أرعى الوعولا أن يوم الحساب يوم عظيم **** شاب فيه الصغير يوما ثقيلًا ثم قال لها رسول الله صلى الله عليه أنشديني من شعر أخيك، فأنشدته بعض قصائده فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أله وصحبه وسلم أمن شعره وكفر قلبه، وفي هذا القدر كافية والله أعلم

(باب ما جاء في زيد بن عمرو بن نفيل) (عن سالم بن عبد الله بن عمر) (1) أنه سمع أباه يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لقى زيد بن عمرو بن نفيل بأسفل بيدح وذلك قبل أن ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحي، فقدم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم سفره فيها لحم فأبى أن يأكل منها، ثم قال أنى لا آكل ما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا ما ذكر أسم الله عليه، حدث هذا عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم

_ (باب) (1) (عن سالم بن عبد الله بن عمرا الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في التسمية والذبح لغير الله من كتاب الصيد والذبائح في الجزء السابع عشر صحيفة 120 رقم 23 وإنما ذكرته هنا لأني اقتصرت هناك على شرح الحديث وتخرجه فقط، ولما كان زيد بن عمرو ابن نفيل له مناقب عظيمة ناسب أن يذكر هذا الحديث هنا مع شيء من مناقبه في الشرح مما لم يأت في مسند الأمام أحمد فأقول (قال الحافظ بن كثير في تاريخه) هو زيد بن عمرو بن فيل بن عبد العزى ابن رباح بن عبد الله بن قرط بن رزاح بن عدى بن كعب بن لؤي القرشي العدوى، وكان الخطاب والد عمر بن الخطاب عمه وأخاه لأمه، وذلك لأن عمرو بن نفيل كان قد خلف هلى امرأة أبيه بعد أبيه وكان لها من نفيل أخوه الخطاب قاله الزبير بين بكار ومحمد بن اسحاق، وكان زيد بن عمرو قد ترك عبادة الأوثان وفارق دينهم، وكان لا يأكل إلا ما ذبح على اسم الله وحده، قال يونس بن بكير عن محمد ابن اسحاق حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر قالت لقد لقيت زيد بن عمرو بن نفيل مسندا ظهره إلى الكعبة يقول يا معشر قريش والذي نفس زيد بيده ما أصبح أحد منكم على دين إبراهيم غيري، ثم يقول اللهم أني لو أعلم أحدب الوجوه إليك عبدتك به ولكني لا أعلم، ثم يسجد على راحلته، وكذا رواه أبو أسامة عن هشام به وزاد وكان يصلى إلى الكعبة ويقول إلا هي إله إبراهيم وديني دين إبراهيم، وكان يحيى المومودة، ويقول للرجل إذا أراد أن يقتل ابنته لا تقتلها، ادفعها إلى أكفلها فإذا ترعرعت فإن شئت فخذها وإن شئت فادفعها، أخرجه النسائي من طريق أبي أسامة وعلقه البخاري فقال. وقال الليث كتب إلى هشام بن عروة عن أبيه به، وقال يونس بن بكير عن محمد بن إسحاق وقد كان نفر من قريش زيد بن عمرو بن نفيل وورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى وعثمان ابن الحويرث بن أسد بن عبد العزى وعبد الله بن جحش بن رباب بن يعمر بن صبرة ابن برة بن كبير ابن غنم بن دودان بن أسعد بن خزيمة وأمه أميمه بنت عبد المطلب وأخته زينب بنت عبد المطلب وأخته زينب بنت جحش التي تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد مولاه زيد بن حارثه حضروا قريضًا عند وثن لهم كانوا يذبحون عنده لعيد من أعيادهم، فلما اجتمعوا خلا بعض أولئك النفر إلى بعض قالوا تصادقوا وليكتم بعضكم على بعض، فقال قائلهم تعلمن والله ما قومكم على شيء: لقد أخطأوا دين إبراهيم وخالفوه، ما وثن يعبد؟ لا يضر ولا ينفع؟ فابتغوا لانفسكم، فخرجوا يطلبون ويسيرون في الأرض يلتمسون أهل كتاب من اليهود والنصارى والملل كلها الحنيفية دين إبراهيم، فأما ورقه بن نوفل فننصر واستحكم في النصرانية وابتغى الكتب من أهلها حتى علم علمًا كثيرًا من أهل الكتاب، ولم يكن فيهم أعدل أمرًا وأعدل ثباتًا من زيد بن عمرو ابن نفيل، اعتزل الأوثان وفارق الأديان من اليهود والنصارى والملل كلها إلا دين الحنيفة دين إبراهيم

.

_ يوحد الله ويخلع من دونه ولا يأكل ذبائح قومه، فأذاهم بالفراق لما هم فيه، قال وكان الخطاب قد أذاه أذى كثيرًا حتى خرج منه إلى أهلي مكة، ووكل به الخطاب شبابًا من قريش وسفهاء من سفهائهم فقال لا تتركوه يدخل، فكان لا يدخلها إلا سرًا منهم فإذا علموا به أخرجوه وآذوه كراهية أن يفسد عليهم دينهم أو يتابعه أحد إلى ما هو عليه (وقال موسى بن عقبة) سمعت من أرضى يحدث عن زيد بن عمرو ابن نفيل أنه كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول الشاة خلقها الله وانزل لها من السماء ماءًا وأنبت لها من الأرض، لم تذبحوها على غير أسم الله؟ إنكار لذلك وإعظامًا له، وقال يونس ابن إسحاق وقد كان زيد بن عمرو بن نفيل قد عزم على الخروج من مكة فضرب في الأرض يطلب الحنيفية دين إبراهيم وكانت امرأته صفية بنت الحضرمي كلما أبصرته قد نهض للخروج وأراده آذنت الخطاب بن نفيل، فخرج زيد إلى الشام يلتمس ويطلب في أهل الكتاب الأول دين إبراهيم ويسأل عنه، لم يزل في ذلك فيما يزعمون حتى أتى الموصل والجزيرة كلها، ثم أقبل حتى أتى الشام فجال فيها حتى أتى راهبًا ببيعة من أرض البلقاء كان ينتهي إليه علم النصرانية فيما يزعمون، فسأله عن الحنيفية دين إبراهيم، فقال له الراهب انك لتسأل عن دين ما أنت بواجد من يحملك عليه اليوم، لقد درس من علمه وذهب من كان يعرفه ولكنه قد أظل خروج نبي وهذا زمانه، وقد كان سام اليهودية والنصرانية فلم يرض شيئًا منها، فخرج سريعًا حين قال له الراهب ما قال يريد مكة حتى إذا كان بأرض لحم عدوا عليه فقتلوه فقالوا ورقة يرثيه بقصيدة منها رشدت وأنعمت ابن عمرو وإنما ... تجنبت تنورا من النار حاميًا بدينك ربًا ليس رب كمثله ... وتركك أوثان الطواغي كما هيا وقال أبو داود الطيالسي حدثنا المسعودي عن نفيل بن هشام بن سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل العدوى عن أبيه عن جده أن زيد بن عمرو وورقة بن نوفل خرجا يلتمسان الدين حتى انتهيا إلى راهب بالموصل فقال لزيد بن عمرو من أين أقبلت يا صاحب البعير؟ فقال من بنية ابراهيم، فقال وما تلتمس؟ قال التمس الدين، قال ارجع فإنه يوشك أن يظهر في أرضك فرجع وهو يقول لبيك حجًا حقًا، تعبدا ورقا، البر أبغى لا أنحال، فهل مهجر كمن قال (قلت قوله لبيك حجًا حقًا تبعد ورقا: كان من تلبية النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الأحيان، فمن أنس بن مالك قال كانت تلبية النبي صلى الله عليه وسلم (لبيك حجًا حقًا تعبدا ورقا) رواه البزار مرفوعًا وموقوفًا ولم يسم شيخه في المرفوع، ومعنى قوله فهل من مهجركمن قال أي هل من سار في القائلة: وهي شدة الحر كن أقام في العائلة: ثم قال آمنت بما آمن به إبراهيم وهو يقول. إنني لك عان راغم ... مهما تجشمني فإني جاشم ثم يخر فيسجد، قال وجاء ابنه يعني سعيد بن زيد أحد العشرة المبشرين بالجنة رضي الله عنه فقال يا رسول الله أن أبي كما رأيت وكما بلغك فاستغفر له، قال نعم فإنه يبعث يوم القيامة أمة واحدة (وقال محمد ابن سعد) حدثنا محمد بن عمرو وحدثني أبو بكر بن أبي سبرة عن موسى بن ميسرة عن ابن أبي مليكة عن حجر بن إهاب قال رأيت زيد بن عمرو وأنا عند صنم بوانة بعد ما رجع من الشام وهو يراقب الشمس فإذا زالت استقبل فصلى ركعة سجدتين ثم يقول هذه قبلة إبراهيم وإسماعيل لا أعبد حجرًا ولا أصلي له ولا آكل ما ذبح ولا أستقسم الأزلام، وإنما أصلي لهذا البيت حتى أموت، وكان يحج فيقف

.

_ بمعرفة، وكان يلي فيقول لبيك لا شريك لك ولا ند لك، ثم يدفع من عرفة ما شيًا وهو يقول لبيك متبعدًا مروقًا (وقال الواقدي) حدثني علي بن عيسى الحكمي عن أبيه عن عامر بن ربيعة قال سمعت زيد ابن عمرو بن نفيل يقول أنا انتظر نبيًا من ولد إسماعيل ثم من بني عبد المطلب ولا أراني أدركه، وأنا أمن به وأصدقه واشهد أنه نبي، فإن طالت بك مدة فرأيته فاقرئه منى السلام وسأخبرك ما نعته حتى لا يخفي عليك، قلت هلم: قال هو رجل ليس بالطويل ولا بالقصير ولا بكثير الشعر ولا بقليله وليست تفارق عينه حمرة، وخاتم النبوة بين كتفيه واسمه أحمد، وهذا البلد مولده ومبعثه ثم يخرجه قومه منها ويكرهون ما جاء به حتى يهاجر إلى يثرب فيظهر أمره، فأياك أن تخدع عنه فإني طفت البلاد كلها اطلب دين إبراهيم فكان من أسأل من اليهود والنصارى والمجوس يقولون هذا الدين وراءك وينعتونه مثل ما نعته لك ويقولون لم يبقى نبي غيره (قال عامر بن ربيعة) فلما أسلمت أخبرت النبي صلى الله عليه وسلم قول زيد بن عمرو واقرائه منه السلام فرد عليه السلام وترحم عليه وقال قد رأيته في الجنة يسحب ذيولًا (أي يجر ذيول الحلل التي يكسوه الله إياها في الجنة تبخترًا وفخرا) (وقال الباغندى) عن أبي سعيد الأشج عن أبي معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فرأيت لزيد بن عمرو بن نفيل دوحتين (أي شجرتين عظيمتين) قال الحافظ ابن كثير وهذا إسناد جيد وليس هو في شيء من الكتب، ومن شعره في التوحيد ما حكاه محمد بن إسحاق والزبير بن بكار وغيرهما وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له الأرض تحمل صخرًا ثقالًا دحاها فلما استوت شدها ... سواءا وأرسى عليها الجبالًا وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له المزن تحمل عذبًا زلالا إذا هي سيقت إلى بلدة ... أطاعت فصبت عليها سجالًا وأسلمت وجهي لمن أسلمت ... له الريح تصرف حالًا فحالًا (وروى ابن أبي شيبة) قال حدثنا يوسف بن يعقوب الصفار حدثنا يحيى بن سعيد الأموي عن مجاهد عن الشعبي عن جابر قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن زيد بن عمرو بن نفيل أنه كان يستقبل القبلة في الجاهلية ويقول ألا هي إله ابراهيم وديني دين إبراهيم ويسجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يحشر ذاك أمة وحدة، بيني وبين عيسى بن مريم: قال الحافظ ابن كثير اسناده جيد حسن (وقال الواقدى) حدثني موسى بن شيبة عن خارجة بن عبد الله بن كعب بن مالك قال سمعت سعيد بن المسيب يذكر زيد بن عمرو بن نفيل فقال توفى وقريس تبنى الكعبة قبل أن ينزل الوحي على رسول الله صلى الله عليه وسلم بخمس سنين، ولقد نزل به وإنه ليقول أنا على دين إبراهيم فأسلم ابنه سعيد بن زيد وابتع رسول الله صلى الله عليه وسلم واتى عمر بن الخطاب وسعيد بن زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن زيد بن عمرو بن نفيل فقال غفر الله له ورحمة فإنه مات على دين إبراهيم، قال فكان المسلمون بعد ذلك اليوم لا يذكره ذاكر منهم إلا ترحم عليه واستغفر له، ثم يقول سعيد بن المسيب رحمة الله وغفر له (وقال محمد بن سعد) عن الواقدى حدثني زكريا بن يحيى السعدي عن أبيه قال ما زيد بن عمرو بن نفيل بمكة ودفن بأصل حراء، وقد تقدم أنه مات بأرض البلقاء من الشام لما عدا عليه قوم من بني لحم فقتلوه بمكان يقال له بيفعه والله أعلم انتهى ملخصًا من البداية والنهاية في التاريخ للحافظ ابن كثير

(باب ما جاء في ورقة بن نوفل بن عم خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم ورضي الله عنهما). (عن عائشة رضي الله عنها) (1) أن خديجة سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ورقة بن نوفل (2) فقال قد رأيته في المنام فرأيت عليه ثياب بياض فأحسبه لو كان من أهل النار لم يكن عليه ثياب بياض (3)

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الأسود عن عروة عن عائشة إلخ. (2) هو ابن عم خديجة زوج النبي صلى الله عليه وسلم كان يكره عبادة الأوثان في زمان الفترة، ولذلك خرج هو وزيد بن عمرو بن نفيل لما كرها عبادة الأوثان إلى الشام وغيرها يسألون عن الدين، فأما ورقة فأعجبه دين النصرانية فتنصر وكان لقى من بقى من الرهبان على دين عيسى ولم يبدل، ولهذا أخبر بشأن النبي صلى الله عليه وسلم والبشارة به إلى غير ذلك مما أفسده أهل التبديل (3) معناه أنه من أهل الجنة لأنه شهد للنبي صلى الله عليه وسلم بالرسالة كما سيأتي في ترجمته (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات وأن كان في اسناده ابن لهيعة فقد صرح بالتحديث فالحديث حسن، وأورده الحافظ في الاصابة وعزاء للإمام أحمد فقط في ترجمة ورقة بن نوفل ولم يتعقبه بشيء واليك ترجمة ورقة بن نوفل نقلا عن الإصابة للحافظ ابن حجر العسقلاني (قال رحمة الله تعالى) ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي ابن عم خديجة زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكره الطبري والغوى وابن قانع وابن السكن وغيرهم في الصحابة، وأورد واكلهم من طريق روح بن مسافر أحد الضعفاء عن الأعمش عن عبد الله بن عبد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن ورقة بن نوفال وقال قلت يا محمد كيف يأتيك الذي يأتيك؟ قال ياتيتي من السماء، جناحاه لؤلؤ وباطن أخضر (قال ابن عساكر) لم يسمع ابن عباس من ورقة ولا أعرف أحدًا قال إنه أسلم، وقد غاير الطبري بين صاحب هذا الحديث وبين ورقة بن نوفل الأسدي لكن القصة مقاربة لقصة ورقة التي في الصحيحين من طريق الزهري عن عروة عن عائشة أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث في مجييء جبريل بحراء وفيه فانطلقت به خديجة إلى ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن عم خديجة وكان تنصر في الجاهلية الحديث (وفيه) فقال ورقة هذا الناموس الذي أنزل على موسى ياليتني فيها جذعًا، ليتني أكون حيًا حين يخرجك قومك، وفي آخره ولم ينشب ورقة بن أن توفى، فهذا ظاهرة أنه أقر بنبوته ولكنه مات قبل أن يدعو رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى الإسلام فيكون مثل بحيرا، وفي إثبات الصحبة له نظر، لكن في زيادات المغازي من رواية يونس بن بكير عن ابن إسحاق قال يونس بن بكير عن يونس بن عمرو وهو ابن أبي إسحاق السبيعي عن أبيه عن جده عن أبي ميسرة واسمه عمرو بن شرحبيل وهو من كبار التابعين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لخديجة أني إذا خلوت وحدي سمعت نداءًا فقد والله خشيت على نفسي، فقالت معاذ الله ما كان الله ليفعل بك، فوالله انك لتؤدي الأمانة الحديث، فقال له ورقة أبشر ثم أبشر فإنا أشهد أنك الذي بشر به ابن مريم وأنك على مثل ناموس موسى وأنك نبي مرسل وأنك سوف تؤمر بالجهاد بعد يومك هذا وإن يدركني ذلك لا جاهدن معك، فلما توفى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأيت القس في الجنة عليه ثياب الحرير لأنه آمن بي وصدقني، وقد أخرجه البيهقي في الدلائل من هذا الوجه وقال هذا منقطع (قال الحافظ) يعضده ما أخرجه الزبير بن بكار حدثنا عثمان عن الضحاك بن عثمان عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن عروة بن الزبير قال كان بلال لجارية من بني جمج وكانوا يعذبونه برمضاء

(كتاب سيرة أول النبيين وخاتم المرسلين نبينا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم) وذكر أيامه وغزواته وسراياه والوفود إليه وشمائله وفضائله إلى أن لحق بالرفيق الأعلى وهو ثلاثة أقسام (القسم الأول من ابتداء نسبه الشريف ومولده إلى هجرته من مكة إلى المدينة) (باب ذكر نسبة الشريف وطيبة أصله المنيف) (وعن وائلة بن الأسقع) (1) أن

_ مكة يلصقون ظهره بالرمضاء لكي يشكر فيقول أحد أحد، فيمر به ورقة وهو على تلك الحال فيقول أحد أحد يا بلال والله لئن قتلتموه لاتخذنه حنانًا وهذا مرسل جيد يدل على أن ورقة عاش إلى أن دعا النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام حتى أسلم بلال "والجمع بين هذا وبين حديث عائشة أن يحمل قوله ولم ينشب ورقة أن توفى أي قبل أن يشتهر الإسلام ريؤمر النبي صلى الله عليه وسلم بالجهاد، لكن يعكر على ذلك ما أخرجه محمد بن عائذ في المغازي من طريق عثمان بن عطا، الخراساني عن أبيه عن عكرمة عن ابن عباس في قصة ابتداء الوحي وفيها قصة خديجة مع ورقة بنحو حديث عائشة، وفي آخرها لئن كان هو، ثم أظهر دعاءه وأنا حيى لآبلين الله من نفس في طاعة رسوله وحسن مؤازرته فمات ورقة على نصرانيته، كذا قال لكن عثمان ضعيف (وقال الزبير) كان ورقة قد كره عيادة الأوثان وطلب الدين في الآفاق وقرأ الكتب وكانت خديجة تسأله عن أمر النبي صلى الله عليه وسلم فيقول لها ما أراه إلا نبي هذه الأمة الذي بشر به موسى وعيسى (وفي الغازي الكبرى لابن إسحاق) وساقة الحاكم من طريقه قال حدثني عبد الله ابن عبد الله بن أبي سفيان بن العلاء بن حارثة الثقفي وكان واعية قال قال ورقة بن نوفل فيما كانت خديجة ذكرت له من أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا للرجال وصرف الدهر والقدر) الأبيات وفيها (هذى خديجة تأتيني لأخبرها. وما لنا يخفي الغيب من خبر. بأن أحمد يأتيه فيخبره) (جبريل أنك مبعوث إلى البشر. فقلت هل الذي ترجين ينجزه. له الآلة فرجى الخير وانتظري) وأخرج بن عدى في الكامل من طريق اسماعيل بن مجالد عن أبيه عن الشعبي عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم رأيت ورقة في بطنان الجنة عليه السندس، قال ابن عدى تفرد به إسماعيل عن أبيه (قال الحافظ) قد أخرجه ابن السكن من طريق يحيى بن سعيد الأموي عن مجالد لكن لفظه (رأيت ورقة على نهر من أنهار الجنة لأنه كان يقول ديني دين زيد (يعني ابن عمرو بن نفيل) وإلا هي إله زيد، وأخرجه محمد بن عثمان بن أبي شبيه في تاريخه من هذا الوجه، وأخرج البزار من طريق أبي معاوية عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن سب ورقة، وهو في وزيادات المغازي ليونس بن بكير أخرجه عن هشام بن عروة عن أبيه قال ساب أخ لورقة رجلًا فتناول الرجل ورقة فسبه فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فقال هل علمت أني رأيت لورقة جنة أو جنتين فنهى عن سبه (وأخرجه البزار) من طريق أبي أسامة عن هشام مرسلًا (وأخرج أحمد) من طريق ابن لهيعة فذكر حديث الباب بسنده واختتم به الترجمة عفر الله لنا وله ولكافة المسلمين (قلت) وفي الباب عن أسماء بنت أبي بكر أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ورقة بن نوفل فقال ببعث يوم القيامة أمه وحده: أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح. (باب) (1) (سنده) حدثنا محمد بن مصعب قال ثنا الأوزاعي عن شداد أني عمار عن واثلة

النبي صلى الله عليه وسلم قال أن الله عز وجل أصطفى من ولد إبراهيم (1) إسماعيل واصطفى من بني إسماعيل كنانة (2) واصطفى من بني كنانة قريشًا (3) واصطفى من قريش بني هاشم (4) واصطفاني من بني هاشم (5) (عن عبد المطلب بن ربيعة) (6) بن الحارث بن عبد المطلب قال أتى ناس من الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا إنا لنسمع من قومك حتى يقول القائل منهم إنما مثل محمد مثل نخلة نبتت في كباء (7) قال حسين الكبا، الكناسة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس من أنا؟ قالوا أنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، قال فما سمعناه قط يلثمى قبلها (8) ألا أن الله عز وجل خلق خلقه (9) فجعلني من خير خلقه، ثم فرقهم فرقتين فجعلني من خير الفرقتين

_ ابن الأسقع الخ (وله طريق أخرى) قال حدثنا أبو المغيرة قال ثنا الأوزاعي بالسند المتقدم عن وائلة ابن الأسقع قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اصطفى كنانة من بني إسماعيل واصطفى من بني كنانة قريشا الخ (غريبه) (1) كانوا ثلاثة عشر اختار الله منهم واستخلص إسماعيل إلخ. (2) بكسر الكاف عدة قبائل أبوهم كنانة ابن خزيمة من ولد إسماعيل، ففيه فضل إسماعيل عليه السلام على جميع ولد إبراهيم حتى أسحق عليه السلام ولا يعارضه (وبشرناه بإسحاق نبياً من الصالحين) فقد قال تعالى في أية أخرى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) (3) وهم أولاد نضر بن كنانة كانوا تفرقوا في البلاد فجمعهم قصى بن كلاب في مكة فسموا قريشًا لأنه قرشهم أي جمعهم، ولكنانة ولد سوى النضر وهم لا يسمون قريشًا لأنهم لم يقرشوا (4) هاشم بن عبد مناف. (5) فإنه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم، ومعنى الإصطفاء والخيرة في هذه القبائل ليس باعتبار الديانة، بل باعتبار الخصالة الحميدة، وفيه أن غير قريش من العرب ليس كفؤا لهم ولا غير بني هاشم كفؤا لهم أي إلا بني المطلب وهو مذهب الشافعية (قال ابن تيمية) وقد أفاد الخبر أن العرب أفضل من جنس العجم وأن قريشًا أفضل العرب، وأن بني هاشم أفضل قريش وأن المصطفى صلى الله عليه وسلم أفضل بني هاشم: فهو أفضل الناس نفسًا ونسبًا، وليس فضل العرب فقريش فبني هاشم لكون النبي صلى الله عليه وسلم منهم وأن كل هذا من الفضل: بل هم في أنفسهم أفضل، وبذلك يثبت للنبي صلى الله عليه وسلم أنه أفضل نفسًا ونسبًا، وإلا لزم الدور (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث صحيح وأخرج الطريق الثانية مسلم (6) (سنده) حدثنا حسين بن محمد حدثنا يزيد بن عطاء عن يزيد عن عبد الله بن الحارث ابن نوفل عن عبد الطلب بن ربيعة إلخ (غريبة) (7) بكسر الكاف وجاء في المسند بالمد آخره همزة وجاء في غيره مقصورًا وقد فسر حسين بن محمد شيخ الإمام أحمد بالكناسة، قال في النهاية الكبا والكبة (بكسر الكاف في الأولى وضمها في الثانية مع تخفيف الموحدة) هي الكناسة والتراب الذي يكنس من البيت (قلت) والمعنى أنهم- طعنوا في حسب النبي صلى الله عليه وسلم (8) معناه أن النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يفتخر بآبائه قبل هذه الرابعة، وإنما حمله على ذلك رد قول المفترين ولإفادة الكفاءة والقيام بشكر النعم، أما نهيه صلى الله عليه وسلم عن التفاخر بالآباء فموضعه مفاخرة تفضي إلى التكبر أو احتقار مسلم (9) أي الإنس والجن (فجعلني من غير خلقه) وهم الأنس، ثم فرق الإنس فرقتين عربًا وعجمًا فجعلني من خير الفرقتين يعني العرب ثم جعل

ثم جعلهم قبائل فجعلني من خيرهم قبيلة ثم جعلهم بيوتًا (1) فجعلني من خيرهم بيتا (2) وأنا خيركم بيتاً (3) وخيركم نفسًا (4) صلى الله عليه وسلم (عن مسلم بن هيضم) (5) عن الأشعث بن قيس قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد لا يرون أني أفضلهم، فقلت يا رسول الله أننا نزعم أنكم منا، قال نحن بنو النضر بن كنانة لا نقفوا أمنا (6) ولا نلتقي من أبينا (7) قال فكان الأشعث يقول لا أوتي برجل نفى قريشًا من النضر بن كنانة إلا جلدته الحد (8).

_ العرب قبائل فجعلني من خيرهم قبيلة (يعني قريشًا) (1) أي بطونًا (2) يعني بطن بني هاشم (3) أي أصلا إذ جئت من طيب إلى طيب عبد الله بنكاح لا سفاح (4) أي روحًا وذاتا إذ جعلني الله نبيًا رسولًا خاتمًا للرسل صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (مذ) من طريق عبد الله بن الحارث عن عبد المطلب ابن أبي وداعة قال جاء العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه وقال حديث حسن صحيح غريب وللترمذي أيضًا طريق أخرى عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث عن العباس بن عبد المطلب فذكر نحوه وقال هذا حديث حسن (5) (سند) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا حماد بن سلمة عن عقيل بن طلحة بن هيضم عن الأشعث بن قيس الخ (غريبة) (6) أي لا نتهمها ولا نقذفها يقال قفا فلان فلانًا إذا قذفه بما ليس فيه، وقيل معناه لا نترك النسب إلى الآباء وننتسب إلى الأمهات (7) معناه لا تنتسب إلى رجل غير أبينا، وفي الصحيح أن من أعظم الفرسى أن يدعى الرجل إلى غير أبيه (8) يعني حد القذف (تخريجه) (جه) وقال البوصيرى في زوائد ابن ماجه هذا إسناد صحيح رجاله ثقات لأن عقيل بن طلحة وثقه ابن معين والنسائي وذكره ابن حبان في الثقات، وباقي رجال الإسناد على شرط مسلم والله أعلم اهـ (قلت) وروى نحوه البيهقي في الدلائل بسنده من طريق مالك بن أنس عن الزهري عن أنس بو عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وزاد قال وخطب النبي صلى الله عليه وسلم فقال أتا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي ابن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، وما افترق الناس فرقتين إلا جعلني الله في خيرها فأخرجت من بين أبوى فلم يصبني شيء من عهر الجاهلية، وخرجت من نكاح ولم أخرج من سفاح من لدن آدم حتى انتهيت إلى أبي وأمي فأنا خيركم نفسًا وخيركم أبًا: وفي إسناده ضعف وله شواهد تعضده (وفي شرح السنة) ذكر هذا النسب من عبد الله إلى عدنان، قال ولا يصح حفظ النسب فوق عدنان أهـ (قلت) وسأذكر تراجم رجال هذا النسب الشريف واحدًا واحدًا مبتدئًا بعبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم ثم عبد المطلب وهكذا إلى عدنان فاقول (ترجمة عبد الله والد النبي صلى الله عليه وسلم) هو عبد الله بن عبد المطلب وكان أصغر أولاده وأحبهم إليه وهو الذبيح الثاني المفدى بمائة من الإبل نحرها عبد المطلب وتركها للناس لا يصد عنها إنسان فقد روى الحاكم بسنده عن عبد الله بن سعيد الصنابحي قال حضرنا بمجلس معاوية بن أبي سفيان فتذاكرنا إسماعيل وإسحاق أبني إبراهيم، فقال بعضهم الذبيح، فقال معاوية سقطتم على الخبير، كمنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه الأعرابي فقال يا رسول الله خلفت البلاد يابسة والماء يابسًا هلك المال وضاع العيال فعد على بما أفاء الله عليك يا بن الذبيحين فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم

_ ينكر عليه، فقلنا يا أمير المؤمنين وما الذبيحان؟ فقال أن عبد المطلب لما أمر بحفر زمزم نذر الله أن سهل الله أمرها أن ينحر بعض ولده فأخرجهم فأسهم بينهم فخرج السهم لعبد الله فأراد ذبحه فمنعه أخواله من بني مخزوم وقالوا أرض ربك وافد ابنك، قال ففداه بمائة ناقة قال فهو الذبيح وإسماعيل الثاني (قال الزهري) وكان أجمل رجال قريش وهو أخو الحارث والزبير وحمزة وضرار وأبي طالب، واسمه عبد الله مناف. وأبي لهب وأسمه عبد العزى. والمقوم واسمه عبد الكعبة وقيل هما اثنان، وحجل واسمه المغيرة والغيداق وهو كبير الجود واسمه نوفل، ويقال إنه حجل فؤلاء أعمامه عليه الصلاة والسلام (وعماته) سمت، وهن أروى وبرة وصفية وعاتكة وأم حكيم وهي البيضاء كلهم أولاد عبد المطلب (ترجمة عبد المطلب) أسمه شيبة يقال لشيبة كانت في رأسه، ويقال له شيبة الحمد لجوده، وإنما قيل له عبد المطلب لأن أباه هاشمًا لما مر بالمدينة في تجارته إلى الشام نزل على عمرو بن زيد بن لبيد بن حرام ابن خداس بن خندق بن عدى بن النجار الخزرجي النجاري وكان سيد قومه فاعجبته ابنته سلمى فخطبها إلى أبيها فزوجها منه واشترط عليه مقامها عنده، وقيل بل اشترط عليه أن لا تلد إلا عنده بالمدينة فلما رجع من الشام بي بها وأخذها معه إلى مكة، فلما خرج في تجارة أخذها معه وهي حبلى فتركها بالمدينة ودخل الشام فمات بغزة، ووضعت سلمى ولدها فسمته شيبة، فأقام عند اخواله بني عدي بن النجار سبع سنين ثم جاء عمه المطلب بن عبد مناف فأخذه خفية من أمه فذهب به إلى مكة، فلما رآه الناس ورأوه على الراحلة قالوا من هذا معك؟ فقال عبدي، ثم جاءوا فهنؤوه به وجعلوا يقولون له عبد المطلب لذلك، فغلب عليه، وساد في قريش سيادة عظيمة وذهب بشرفهم ورأستهم، فكان جماع أمرهم عليه وكانت إليه السقاية والرفادة بعد المطلب، وهو الذي جدد حفر زمزم بعد ما كانت مطمومة من عهد جرهم وهو أو من طلى الكعبة بذهب في أبوابها من تينك الغزالتين اللتين من ذهب وجدهما في زمزم مع تلك الأسياف القلعية، قال ابن هشام وعبد المطلب أخو أسد وفضلة وأبي صيفي وحية وخالدة وراقية والشفا وضعيفة كلهم أولاد هاشم (ترجمة هاشم) اسمه عمرو وإنما سمى هاشمًا لهشمه الثريد مع اللحم لقومه في سنى المحل أي الجدب كمال قال مطرود بن كعب الخزاعي في قصيدة، وقيل للزبعرى والدعبة الله (عمرو الذي هشم الثريد لقومه ... ورجال مكة مسنتون عجاف) (سنت إليه الرحلتان كلاهما ... سفر الشتاء ورحلة الأصياف) وذلك لأنه أول من سن رحلتي الشتاء والصيف، وكان أكبر ولد أبيه، وحكى ابن جرير أنه كان توأم أخيه عبد شمس وأن هاشمًا خرج ورجله ملتصقة برأس عبد شمس فما تخلصت حتى سال بينهما دم فقال الناس لذلك يكون بين أولادهما حروب فكانت وقعة بني العباس مع بني أمية ابن عبد شمس سنة ثلاث وثلاثين ومائة من الهجرة، وشقيقهم الثالث المطلب وكان المطلب أصغر ولد أبيه وأمهم عاتكة بنت مرة بن هلال، ورابعهم نوفل من أم أخرى، وهي واقده بنت عمرو المازنية، وكانوا قد سادوا قومهم بعد أبيهم وصارت إليهم الرياسة: وكان يقال لهم المجيرون، وذلك لأنهم أخذوا لقومهم قريش الأمان من ملوك الاقاليم ليدخلوا في التجارات إلى بلادهم فكان هاشم قد أخذ أمانًا من ملوك الشام والروم وغسان وأخذ لهم عبد شمس من النجاشي الأكبر ملك الحبشة، وأخذ لهم نوفل من الأكاسرة، وأخذ لهم المطلب أمانًا من الملوك حمير ولهم يقول الشاعر: (يا أيها الرجل المحول رحله ... هلا نزل بآل عبد مناف)

.

_ وكان إلى هاشم السقاية والرفادة بعد أبيه، وإليه وإلى أخيه المطلب نسب ذوي القربى، وقد كانوا شيئًا واحد في حالتي الجاهلية والإسلام لم يفترقوا، ودخلوا معهم في الشعب وانخدل عنهم بنو عبد شمس ونوفل ولهذا يقول أبو طالب في قصيدته: جزى الله عنا عبد شمس ونوفلا ... عقوبة شر عاجلًا غير آجل ولا يعرف بنو أب تباينو في الوفاة مثلهم، فإن هاشمًا مات بغزة من أرض الشام، وعبد شمس مات بمكة ونوفل مات بسلامان من أرض العراق، ومات المطلب وكان يقال له القمر لحسنه بريمان من طريق اليمن، فهؤلاء الأخوة الأربعة المشاهير، وهم هاشم وعبد شمس ونوفل والمطلب، ولهم أخ خامس ليس بمشهر وهو أبو عمرو واسمه عبد: وأصل أسمه (عبد قصي) فقال الناس عبد بن قصي درج ولا عقب له (قال الزبير بن بكار) وغيره (وأخوات ست) وهن تماضر وحية وربطه وقلابه وام الأحثم وأم سفيان كل هؤلاء أولاد عبد مناف (ترجمة عبد مناف) مناف اسم صنم، وأصل اسم عبد مناف المغيرة، وكان قد رأس في زمن والده وذهب به الشرف كل مذهب، وهو أخو عبد الدار الذي كان أكبر ولد أبيه وإليه أوصى بالمناصب، وعبد العزى، وعبد. وبرة ونخمر. وأمهم كلهم حبى بنت حليل بن حبشي بن سلول بن كعب بن عمرو الخزاعي، وأبوها آخر ملوك خزاعة وولاة البيت منهم وكلهم أولاد قصى (ترجمة قصي) أسمه زيد وإنما سمي بذلك لأنه أمه تزوجت بعد أبيه بربيعة بن حزام بن عذرة فسافر بها إلى بلاده وابنها صغيرة فسمى قصيًا لذلك أي بعيدًا، لأنه بعد عنه قومه في بلاد قضاعة، ثم عاد إلى مكة وهو كبير ولم شعث قريش وجمعها من متفرقات البلاد وازاح يد خزاعة عن البيت واجلاهم عن مكة، ورجع الحق إلى نصابه وصار رئيس قريش على الإطلاق، وكانت إليه الرفادة والسقاية وهو سنها والسدانة والحجابة واللواء وداره دار الندوة ولهذا قال الشاعر: قصي لعمري كان يدعى مجمعًا ... به جمع الله القبائل من فهر وهو أخو زهرة كلاهما أولاد كلاب (ترجمة كلاب) كلاب بكسر الكاف والتخفيف منقول من المصدر بمعنى المكالبة، أو من الكلاب جمع كلب لقب به لحبه للصيد، اسمه حكيم أو حكيمة أو عروة وكنيته أبو زرعة، وهو أول من حلئ السيوف بالنقد وهو أخو تيم ويقظه، ويكنى بابي مخزوم ثلاثتهم ابناه مرة (ترجمة مرة) مرة بضم الميم كنيته أبو يقظة وهو أخو عدى وهصيص وهم أبناء كعب (ترجمة كعب) كعب كنيته أبو هصيص وهو أول من قال أما بعد، وأول من جمع يوم العروبة يعني الجمعة كان يجمع قريشًا يومها فيخطبهم ويذكرهم ويبشرهم بمبعث النبي صلى الله عليه وسلم وأنه من ولده وينشد في ذلك أشعارًا، وهو أخو عامر وسامة وخزيمة وسعد والحارث وعوف سبعتهم أولاد لؤي (ترجمة لؤي) لؤي بضم اللام وهمزة وتسهل وهو اخوتيم الأدرم (وهما ابنا غالب) وغالب أخو الحارث ومحارب (ثلاثتهم أبناء فهر) بكسر الفاء وسكون الهاء اسمه قريش وإليه ينسب قريش فما كان فوقه فكناني، وفهر أخو الحارث (وكلاهما ابنا مالك) اسم فاعل من ملك يملك يكني ابا الحارث وهو أخو الصلت ومخلد (وهم بنوالنضر) بفتح فسكون اسمه قيس لقب به النضارة بوجهه وجماله ويكني أبا مخلد أو عبد المطلب: رأى في منامه شجرة خضراء خرجت من ظهره ولها أغصان نور من نور فجذبت إلى السماء فأولت بالعز والسؤدد، وهو أخو مالك، وملكان وعبد مناة وغيرهم

_ (كلهم أولاد كنانة) كنانة لقب به لأنه كان سترًا على قومه كالكنانة أو الجمعة الساترة للسهام لأنه كان عظيم القدر يحج إليه العرب لعلمه وفضله وهو أخو أسد وأسدة والهون (كلهم أولاد خزيمة) تصغير خزمة يكني أبا أسد له مكارم وأفضال كثيرة وهو أخو هذيل (وهما ابنا مدركة) بضم فسكون اسمه عمرو، وحكى الرشاطي عليه الإجماع وكنيته أبو هذيل لقب به لأنه أدرك أرنبا عجز عنها رفقاؤه وهو أخو طابخة واسمه عامر وقميعة (ثلاثتهم أبناء الياس) بكسر الهمزة، وبفتحها ولامه للتعريف وهمزته للوصل عند الأكثر، كنيته أبو عمرو وهو أول من أهدى البدن للبيت، قيل وكان يسمع في صلبيه تلبية النبي صلى الله عليه وسلم بالحج، ولما مات أسفت زوجته خندف عليه فنذرت لا تقيم ببلد مات فيه ولا يظلها سقف وحرمت الرجال والطيب وخرجت سائحة حتى ماتت فضرب بها المثل، والياس أخو غيلان والد قيس كلها (وهما ولدا مضر) بضم ففتح معدول عن ماضر أسمه عمرو، ومن كلامه من يزرع شرًا يحصده وخير الخير أعجله، واحملوا أنفسكم على مكروهها فيما يصلحها، واصرفوها عن هواها فيما يفسدها وكانت له فراسة وقيافة، وهو أخو ربيعة ويقال لهما الصريحان من ولد إسماعيل وأخوهما أنمار وأياد تيامنا (أربعتهم أبناء نزار) بكسر النون والتخفيف قيل إن أباه حين ولد نظر إلى نور النبوة بين عينيه ففرح به وأطعم كثيرا، وهو أخو قضاعة في قول طائفة ممن ذهب إلى أن قضاعة حجازيه عدنانية (وكلاهما أبناء معد) بفتح الميم والعين المهملة وتشديد الدال المهلمة، قال النبي صلى الله عليه وسلم كان عمره زمن يختنصر ثنتى عشرة سنة، وقد ذكر أبو جعفر الطبري وغيره أن الله تعالى أوحى في ذلك الزمان إلى أرمياء بن حلقيا أن اذهب إلى يختنصر فأعلمه أنى قد سلطته على العرب، وأمر الله أرمياء أن يحمل معه معد بن عدنان على البراق كي لا تصيبه النقمة فيهم فإني مستخرخ من صلة نبيا كريمًا أختم به الرسل، ففعل أرمياء ذلك واحتمل معدًا على البراق إلى أرض الشام فنشأ مع بني إسرائيل ممن بقى منهم بعد خراب بيت المقدس، وتزوج هناك امرأة اسمها معانة بنت جرشن من بني دب بن جرهم قبل أن يرجع إلى بلاده، ثم عاد بعد أن هدأت الفتن وتمحضت جزيرة العرب، وكان رخيا كاتب ارميا قد كتب نسبه في كتاب عنده ليكون في خزانة أرمياء فيحفظ نسب معد كذلك والله أعلم (وهو ابن عدنان) (قال الحافظ ابن كثير في تاريخه) بعد ذكر هذا النسب (قال) وهذا النسب بهذه الصفة لا خلاف فيه بين العلماء فجميع قبائل عرب الحجاز ينتهون إلى هذا النسب، ولهذا قال ابن عباس وغيره في قوله تعالى (قل لا أسألكم عليه أجرًا إلا المودة في القربى) لم يكن بطن من بطون قريش إلا ولرسول الله صلى الله عليه وسلم نسب يتصل بهم وصدق ابن عباس فيما قال وأزيد مما قال، وذلك أن جميع قبائل العرب العدنانية تنتهي أليه بالأباء، وكثير منهم بالأمهات أيضًا كما ذكره محمد بن إسحاق وغيره في أمهاته وأمهات أبائه وأمهاتهم ما يطول ذكره انتهى (قلت) ولا خلاف عدنان من سلالة إسماعيل بن إبراهيم (واختلفوا في عدة الأباء) بينه وبين إسماعيل على أقوال كثيرة فأكثر ما قيل أربعون، وأقل ما قيل في ذلك أربعة وجاء في هذا الأخير حديث مرفوع في المستدرك للحاكم عن أم سلمة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول معد بن عدنان ابن أدد بن زندين البراء بن أعرق الثرى، قالت ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (أهلك عادا وثمود وأصحاب الرس وقرونًا بين ذلك كثيرا لا يعلمهم إلا الله) قالت وأعراق الثرى إسماعيل عليه السلام وزند مبسع وبراء نبت (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، ورواه أيضًا موسى بن يعقوب بسنده عن أم سلمة

(باب ما جاء في بعض فضائله صلى الله عليه وسلم وأنه خاتم النبيين لا نبي بعده) (عن العرباض بن سارية) (1) السلمى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم يقول إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين (2) وأن آدم لمنجدل في طينته (3) وسأنبئكم بتأويل ذلك دعوة أبي إبراهيم (4) وبشارة عيسى قومه (5) ورؤيا أمي التي رأت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام، وكذلك ترى أمهات النبيين صلوات الله عليهم (عن عبد الله بن شقيق) (6) عن ميسرة الفجر قال قلت يا رسول الله متى كنت (وفي لفظ جعلت) نبيا؟ قال وآدم عليه السلام بين الروح والجسد (عن حذيفة) (خط) (7) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم

_ عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال معد بن عدنان بن ادد بن زند بن اليرى (هكذا) بن أعراق الثرى قالت أمي سلمة فوند هو الهميسع واليرى هو نابت وأعراق الثرى هو إسماعيل لأنه ابن إبراهيم، وإبراهيم لم تأكله النار كما أن النار لا تأكل الثرى (قال السهيلي) وإنما تكلمنا في رفع هذه الأنساب على مذهب من يرى ذلك ولم يكرهه كابن إسحاق والبخاري والزبير بن بكار والطبري وغيرهم، وأما مالك رحمة الله فقد سئل عن الرجل يرفع نسبه إلى آدم فكره ذلك وقال من أين له علم ذلك، فقيل له فالي إسماعيل فانكر ذلك أيضًا وقال من يخبره به (قال أبو عمر بن عبد البر) رحمة الله والمعنى عندنا في هذا غير ما ذهبوا إليه، والمراد أن من ادعى احصاء بني آدم فإنهم لا يعلمهم إلا الله الذي خلقهم، وأما أنساب العرب فإن أهل العلم بأيامها وأنسابها قد وعوا وحفظوا جماهيرها وأمهات قبائلها، واختلفوا في بعض فروع ذلك (قال) والذي عليه أئمة هذا الشأن في نسب عدنان قالوا عدنان بن اددبن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب ابن يشخب بن ثابت بن إسماعيل بن إبراهيم الخليل عليهما، السلام وهكذا ذكره محمد بن إسحاق في السيرة والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ثنا أبو بكر عن سعيد عن سويد عن العرباض بن سارية الخ (غريبة) (2) جاء ذلك في كتاب الله عز وجل قال تعالى (ما كان محمدًا أبا أحدًا من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين) (3) أي ملقى على الجدالة وهي الأرض أي قبل أن ينفخ فيه الروح (4) يعني قوله في كتاب الله عز وجل (ربنا وابعث فيهم رسولًا منهم (أي من العرب) يتلو عليهم آياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم) (5) يعني قوله في كتاب الله عز وجل أيضًا (وإذا قال عيسى بن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يدي من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي أسمه أحمد) والمعنى أنه أراد بدء أمره بين الناس واشتهار ذكره فذكر دعوى إبراهيم الذي تنسب إليه العرب وكان يشاركه في هذا الدعاء ابنه إسماعيل ولم يوجد نبي من العرب بعد إسماعيل سوى نبينا صلى الله عليه وسلم ثم بشرى عيسى الذي هو خاتم أنبياء بني إسرائيل ويستفاد من هذا أن من بينهما من الأنبياء بشروا به أيضًا، أما في الملأ الأعلى فقد كان أمره مشهورًا مذكورًا معلومًا من قبل خلق آدم عليه السلام (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهبي (6) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا منصور بن سعد عن بديل عن عبد الله بن شقيق عن ميسرة الفجر إلخ (تخريجه) رواه الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجاله رجال الصحيح (قلت) ويستفاد معناه من الذي قبله (7) (خط) سنده حدثنا علي بن عبد الله ثنا معاذ يعني ابن هشام قال (يعني عبد الله)

قال في أمتي كذابون (1) ودجالون سبعة وعشرون منهم منهم أربع ونسوة وأني خاتم النبيين لانبي بعدي (عن أبي سعيد) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر (4) وأنا أول من تشق عنه الأرض (5) يوم القيامة ولا فخر (6) وأنا أول شافع يوم القيامة (7) ولا فخر (عن أبي بن كعب) (8) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم إذا كان يوم القيامة (9) كنت إمام النبيين وخطيبهم (10) وصاحب شفاعتهم (11) ولا فخر

_ ابن الإمام أحمد) وجدت في كتاب أبي بخط يده ولم أسمعه منه عن قتادة عن أبي معشر عن إبراهيم النخعي عن همام عن حذيفة (يعني ابن اليمان) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال في أمتي إلخ (غريبه) (1) صيغة مبالغة من الكذب وهو الخير الغير مطابق للواقع (زاد في رواية كلهم يكذب على الله ورسوله) (ودجالون) أي مكارون منسوبون من الدجل وهو التلبيس مبالغون في الكذب، وأفردهم عن الأولين باعتبار ما قام بهم من المبالغة في الزيادة فيه تنبيها على أنهم النهاية التي لا شيء بعدها، وظاهر هذا أن الدجال إذا جمع أربد به علم الجنس، وإذا أفرد فهو علم شخص (2) فإن قيل ثبت بالأحاديث الصحيحة أن عيسى عليه السلام ينزل آخر الزمان (فالجواب) أن عيسى إذا نزل يحكم بشريعة النبي صلى الله عليه وسلم وذلك ثابت بالأحاديث الصحيحة، وسيأتي الكلام على ذلك في موضعه إن شاء الله تعالى، وتقدم بعض ذلك في الباب الأخير من أبواب ذكر الأنبياء، وذكريا ويحيى وعيسى في هذا الجزء (تخريجه) رواه الهيثمي وقال رواه (حم طب بز) ورجال البزار رجال الصحيح (3) (سنده) حدثنا هشيم ثنا على بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد (يعني الخدري) إلخ (غريبة) (4) أي أقول ذلك شكرًا لا فخرًا فهو من قبيل قول سليمان (وعلمنا منطق الطير وأوتينا من كل شيء) أي لا أقول ذلك تكبرًا أو تفاخرًا على الناس وإنما قال ذلك التحدث بالنعمة وأعلامًا للامة ليعتقدوا فضله على جميع الأنبياء، وأما خبر لا فتضلوا بين الأنبياء فمعناه تفضيل مفاخرة وتقدم الكلام على ذلك (5) أي أو من يعجل الله أحياءه مبالغة في الأكرام وتعديلًا لجزيل الانعام (6) قال الطيبي قوله ولا فخر حال مؤكدة أي أقول هذا ولا فخر (7) يعني الشفاعة العظمة يوم الموقف، ثم أراد أن يتواضع لربه ويضهم نفسه لئلا يكون لها مزكيًا وبحالها في الشرف والسيادة معجبًا فقال (ولا فخر) أي لا أقوله افتخارًا وتبجحًا بل شكرًا وتحدثًا بالنعمة وأعلامًا للامة (وتخريجه) (مذجة) وقال الترمذي حسن صحيح (قلت) وروى نحوه (م د) عن أبي هريرة (8) (سنده) حدثنا هاشم ابن الحارث حدثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد ابن عقيل عن الطفيل (يعني بن أبي بن كعب) عن أبيه إلخ (قلت) أبوه أبي بن كعب (غريبة) (9) خصه لكونه يوم ظهور سؤدده (وقوله كنت أمام النبيين) بكسر الهمزة قال القاضي عياض والتوربتشي ولم يصب من فتحها ونصب على الظرفية، وذلك لأنه لما كان أفضل الأولين والآخرين كان أمامهم فهم به مقتدون وتحت لوائه داخلون (10) أي لما خصه الله به من الفصاحة والبلاغة فهو المتكلم بين الناس إذا سكنوا عن الاعتذار فيعتذر لهم عند ربهم فيطلق اللسان بالثناء على الله بما هو أهله، ولم يؤذن لأحد في التكلم غيره (11) أي الشفاعة العامة بينهم، وصاحب الشفاعة لهم ذكره الرافعي في تاريخ قزوين (ولا فخر) تقدم معناه (تخريجه) (مذ جه ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي

.

_ (تتمة في صفة مولده الشريف مما لم يذكر في مسند الإمام أحمد رحمه الله) تقدم أن عبد المطلب لما ذبح تلك الأبل المائة ولده عبد الله حين كان نذر ذبحه فسلمه الله تعالى لما كان قدر في الأزل من ظهور النبي الأمي خاتم الرسل وسيد ولد آدم صلى الله عليه وسلم من صلبه فذهب فزوجه أشرف عقيلة في قريش آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة الزهرية فحين دخل بها أفضى إليها حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد كانت أم قتال رقيقة بنت نوفل أخت ورقة بن نوفل أو سمت ما كان بين عيني عبد الله قبل أن يجامع آمنة من النور فودت أن يكون ذلك متصلًا بها لما كانت تسمع من أخيها من البشارات بوجود محمد صلى الله عليه وسلم وأنه قد أزف زمانه فعرضت نفسها عليه: قال بعضهم ليتزوجها وهو أظهر فامتنع عليها، فلما انتقل ذلك النور الباهر إلى آمنة بمواقعته إياها كأنه تندم على ما كانت عرضت عليه فتعرض لها لتعاوده، فقالت له فارقك النور الذي كان معك بالأمس فليس لي بك حاجة، وكانت تسمع من أخيها ورقة بن نوفل وكان قد تنصر واتبع الكتب أنه كائن في هذه الأمة نبي فطمعت أن يكون منها فجعله الله تعالى في أشرف عنصر وأكرم محتد وأطيب أصل كما قال تعالى (الله أعلم حيث يجعل رسالته)، والمقصود أن أمه حين حملت به توفى أبوه عبد الله وهو حمل في بطن أمه على المشهور (قال محمد بن سعد) حدثنا محمد بن عمر هو الواقدى حدثنا موسى بن عبيدة اليزيدي وحدثنا سعيد بن أبي زيد عن أيوب بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة قال خرج عبد الله بن عبد المطلب إلى الشام إلى غزة في عير من غير قريش يحملون تجارات ففرغوا من تجاراتهم ثم انصرفوا فمروا بالمدينة وعبد الله بن عبد المطلب يومئذ مريض فقال أتخلف عند إخوالى بن عدي بن النجار، فأقام عندهم مريضًا شهرًا ومضى أصحابه فقدموا مكة فسألهم عبد المطلب عن أبنه عبد الله، فقالوا خلفناه عند أخواله بني عدي بن النجار وهو مريض فبعث إليه عبد المطلب أكبر ولده الحارث فوجده قد توفى ودفن في دار النابغة، فرجع إلى أبيه فأخبره فوجد عليه عبد المطلب وأخوته واخواته وجدًا شديدًا، ورسول الله يومئذ حمل ولعبد الله بن عبد المطلب يوم توفى خمس وعشرون سنة، قال الواقدى هو أثبت الأقاويل في وفاة عبد الله وسنة عندنا (وقال محمد بن إسحاق) فكانت آمنة بنت وهب تحدث أنها أتيت حين حملت برسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وقع إلى الأرض فقولي أعيذه بالواحد من شر كل حاسد ثم سميه محمدًا، ورأت حين حملت به أنه خرج منها نور رأت به قصور بصرى من أرض الشام، ثم لم يلبث عبد الله بن عبد المطلب أبو رسول الله صلى الله عليه وسلم أن هلك وأم رسول الله صلى الله عليه وسلم حامل (وروى الواقدي) من عدة طرق عن كثير من الصحابة والتابعين أن آمنة بنت وهب قالت لقد علقت به تعني رسول الله صلى الله عليه وسلم فما وجدت له مشقة حتى وضعته فلما فصل مني خرج معه نور أضاء له ما بين المشرق إلى المغرب، ثم وقع إلى الأرض معتمدًا على يديه ثم أخذ قبضة من التراب فقبضها ورفع رأسه إلى السماء، وقال بعضهم وقع جاثيًا على ركبتيه وخرج منه نور أضاءت له قصور الشام وأسواقها حتى رؤيت أعناق الأبل ببصرى رافعًا رأسه إلى السماء. وروى البيهقى في الدلائل بسنده عن عثمان بن أبي العاص حدثتني أمي أنها شهدت ولادة آمنة بنت وهب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ولدته قالت فما شيء أنظره في البيت إلا نور، وأني انظر إلى النجوم تدنو حتى أني لأقول ليقعن علي، وذكر القاضي عياض عن الشفا أم عبد الرحمن بن عوف أنها كانت قابلته وأنها أخبرت به حين سقط على يديها واستهل سمعت قائلًا يقول يرحمك الله، وأنه سطع منه نور رؤيت منه

_ قصور الروم (وقال محمد بن إسحاق) فلما وضعته بعثت إلى عبد المطلب جاريتها فقالت قد ولد لك غلام فانظر إليه، فلما جاءها أخبرته وحدثته بما رأت حين حملت به وما قيل لها فيه وما امرت أن تسمية فأخذه عبد المطلب فأدخله على هبل في جوف الكعبة، فقام عبد المطلب يدعو ويشكر الله عز وجل ويقول (الحمد لله الذي أعطاني، هذا الغلام الطيب الأردان، قد ساد في المهد على الغلمان) (اعيذه بالبيت ذي الأركان، حتى يكون بلغة الفتيان، حتى أراه بالغ البيان) (اعيذه من كل ذي شآن، من حاسد مضطرب العنان، ذي همة ليس له عبان) (حتى أراه رافع اللسان، أنت الذي سميت في القرآن، في كتب ثابتة المثان) (أحمد مكتوب على اللسان) (روى البيهقي) بسنده عن ابن عباس عن أبيه العباس بن عبد المطلب قال ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم مختونا مسرورًا، قال فأعجب جده عبد المطلب وحظى عنده وقال ليكونن لأبني هذا شأن، وذكر الحافظ ابن كثير في تاريخه عدة آثار في هذا المعنى وقال فيها كلها نظر، ومعنى مختونًا أي مقطوع الختان ومسرورًا أي مقطوع السرة من بطن أمه: قال وروى الحافظ بن عساكر بسنده عن أبي بكرة أن جبريل ختن النبي صلى الله عليه وسلم حين طهر قلبه: قال وهذا غريب جدًا، وقد روى أن جده عبد المطلب ختنه وعمل له دعوة جمع قريشًا عليها والله أعلم (وروى البيهقي) بسنده عن العباس بن عبد المطلب قال قلت يا رسول الله دعاني إلى الدخول في دينك أمارة نبوتك، رأيتك في المهد تناغي القمر وتشير إليه بإصبعك فحيث أشرت إليه مال، قال إني كنت أحدثه ويحدثني ويلهيني عن البكاء وأسمع وجبته حين يسجد تحت العرش، ثم قال تفرد به الليثي وهو مجمول (باب ما وقع من الآيات ليلة ملوده صلى الله عليه وسلم) (روى الحافظ أبو نعيم) في كتابه دلائل النبوة بسنده عن أبي سعيد الخدري قال سمعت أبي مالك بن سنان يقول جئت بني الأشهل يومًا لأتحدث فيهم ونحن يومئذ في هدنة من الحرب، فسمعت يوشع اليهودي يقول أظل خروج نبي يقال له أحمد يخرج من الحرم، قال له خليفة بن ثعلبة الأشبلى كالمستهزئ، به ما صفته؟ فقال رجل ليس بالقصير ولا بالطويل في عينيه حمرة يلبس الشملة ويركب الحمار، سيفه على عاتقه وهذا البلد مهاجرة، قال فرجعت إلى قومي بني خدرة وأنا يومئذ أتعجب مما يقول يوشع فأسمع رجلا منا يقول ويوشع يقول هذا وجده؟ كل يهود يثرب يقولون هذا، قال أبي مالك بن سنان فخرجت حتى جئت بني قريظة فأجد جمعا فتذاكروا النبي صلى الله عليه وسلم فقال الزبير بن باطا قد طلع الكوكب الأحمر الذي لم يطلع إلا لخروج نبي أو ظهوره، ولم يبق أحد إلا أحمد وهذا مهاجرة، قال أبو سعيد فلما قدم النبي صلى الله عليه وسلم أخبره أبي هذا الخبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أسلم الزبير لأسلم ذووه من رؤساء اليهود إنما هم له تبع (وروى الحافظ أبو نعيم أيضًا) بسنده عن زيد بن ثابت قال كان أحبار يهود بني قريظة والنضير يذكرون صفة النبي صلى الله عليه وسلم فلما طلع الكوكب الأحمر أخبروا بظهور النبي صلى الله عليه وسلم لان نبي بعده واسمه أحمد ومهاجرة إلى يثرب؟ فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أنكروا وحسدوا وكفروا (وقال الحافظ أبو بكر محمد ابن جعفر بن سهل الخرائطي) في كتاب هواتف الجان حدثنا علي بن حرب حدثنا أبو أيوب بعلي بن عمران من آل جرير بن عبد الله البجلى حدثني مخزوم بن هانئ المخزومي عن أبيه وأتت عليه خمسون ومائة سنة قال لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس ايوان كسرى وسقطت فيه أربع عشرة شرفة وخمدت نار فارس ولم تخمد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة ساوة ورأى الموبذان

_ إبلا صعابا تقود خيلًا عرابًا قد قطعت دجلة وانتشرت في بلادهم، فلما أصبح كسرى أفزعه ذلك فتصبر عليه تشجعًا ثم رأي أنه لا يدخر ذلك عن مرازبته فجمعهم ولبس تاجه وجلس على سريره ثم بعث إليهم، فلما اجتمعوا عنده قال أتدرون فيم بعثت إليكم؟ قالوا لا، إلا أن يخبرنا الملك، فبينما هم كذلك إذ ورد عليهم كتاب خمود النيران فازداد غمًا إلى غمه ثم أخبرهم بما رأى وماهاله، فقال الموبذان وأنا أصلح الله الملك قد رأيت في هذه الليلة رؤيا ثم قص عليه رؤياه في الأبل، فقال أي شيء يكون هذا يا موبذان؟ قال حدث يكون في ناحية العرب وكان أعلمهم من أنفسهم، فكتب عند ذلك: من كسرى ملك الملوك إلى النعمان بن المنذر أما بعد فوجه إلي برجل عالم بما أريد أن أسأله عنه، فوجه إليه بعبد المسيح ابن عمرو بن حيان بن نفيلة الغساني، فلما ورد عليه قال له الملك ألك علم بما أريد أن أسألك عنه؟ فقال لتخبرني أو ليسألني الملك عما أحب فإن كان عندي منه علم وإلا أخبرته بمن يعلم فأخبره بالذي وجه به إليه فيه، قال علم ذلك عند خال لي يسكن شارف الشام يقال له سطيح، قال فأته فاسأله عما سألتك عنه ثم ائتني بتفسيره، فخرج عبد المسيح حتى انتهى إلى سطيح وقد اشفى على الضريح فسلم عليه وكلمه فلم يرد إليه سطيح جوابًا فاستحثه بشعر قاله، فلما سمع سطيح شعره رفع رأسه: يقول عبد المسيح على جمل مشيح. أتى سطيح وقد أوفى على الضريح، بعثك ملك بني ساسان لارتجاس الايوان وخمود النيران، وؤويا الموبذان رأى ابلا صابا، تقود خيلا عرابا، قد قطعت دجلة، وانشترت في بلادها، يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة. وظهر صاحب الهراوة. وفاض وادي السماوة، وغاضت بحيرة ساوه، وخمدت نار فارس فليس الشام لسطيح شاماً، يملك منهم ملوك وملكات، على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت، ثم قضى سطيح مكانه فنهض عبد المسيح إلى راحلته، فلما قدم عبد المسيح على كسرى أخربه بما قال له سطيح، فقال كسرى إلى أن يملك منا أربعة عشر ملكًا كانت أمور وأمور: فملك منهم عشرة في أربع سنين، وملك الباقون إلى خلافة عثمان رضي الله عنه، ورواه البيهقي من حديث عبد الرحمن بن محمد بن إدريس عن علي ابن حرب الموصلي بنحوه (قال الحافظ ابن كثير في تاريخه) كان آخر ملوكهم الذي سلب منه الملك يزدجر بن شهربار بن ابرويز بن هرمز بن أنو شروان وهو الذي انشق الايوان في زمانه، وكان لأسلافه في الملك ثلاثة آلاف سنة ومائة وأربعون وستون سنة، وكان أول ملوكهم خيومرت بن أميم ابن لاوذ بن سام بن نوح (فصل في أخبار سطيح ونسبة وصفته ومدة عمره ورفاته) (قال الحافظ ابن كثير في تاريخه) أما سطيح هذا فقال الحافظ ابن عساكر في تاريخه هو الربيع بن ربيعة بن مسعود بن مازن بن ذئب بن عدي بن مازن بن الأزد، ويقال الربيع بن مسعود وأمه ردعا بنت سعد بن الحارث الحجورى، وذكر غير ذلك في نسبه، قال وكان يسكن الجابية، ثم روى عن أبي حاتم السجستاني قال سمعت المشيخة منهم أبو عبيدة وغيره قالوا وكان من بعد لقمان بن عاد ولد في زمن سيل العرم، وعاش إلى ملك ذي نواس وذلك نحو من ثلاثين قرنًا وكان مسكنه البحرين، وزعمت عبد القيس أنه منهم، وتزعم الأزد أنه منهم، وأكثر المحدثين يقولون هو الأزد ولا ندرى ممن هو غير أن ولده يقولون أنه من الأزد (وروى عن ابن عباس) أنه قال لم يكن شيء من بني أدم يشبه سطحيًا إنما كان لحمًا على وضم ليس فيه عظم ولا عصب إلا في رأسه وعينيه وكفيه، وكان يطوي كما يطوي الثوب من رجليه إلى عنقه ولم يكن فيه شيء يتحرك إلا لسانه، وقال غيره أنه كان إذا غضب

.

_ انتفخ وجلس، ثم ذكر ابن عباس أنه قدم مكة فتلقاه جماعة من رؤسائهم منهم عبد شمس وعبد مناف أبناه قصي فامتحنوه في أشياء فأجابهم فيها بالصدق، فسألوه عمان يكون في آخر الزمان؟ فقال خذوا مني ومن إلهام الله إياي، أنتم الآن يا معشر العرب في زمان الهرم سواء بصائركم وبصائر العجم، لا علم عندكم ولا فهم وينشؤ من عقبكم ذو فهم يطلبون أنواع العلم فيكسرون الصم ويتبعون الروم، ويقتلون العجم، يطلبون الغنم، ثم قال والباقي الأبد، والبالغ الأمد. ليخرجن من ذا البلد، نبي مهتد، يهدي إلى الرشد، يرفض يغوث والفند، يبرئ عن عبادة الضدد، يعبد ربا انفرد، ثم يتوفاه الله بخير محمودًا. من الأرض مفقودًا وفي السماء مشهودًا، ثم بلى أمره الصديق إذا قضى صدق، وفي رد الحقوق لا خرق ولا نزق، ثم بلى أمره الحنيف، مجرب غطريف، قد أضاف المضيف، وأحكم التحنيف، ثم ذكر عثمان ومقتله وما يكون بعد ذلك من أيام بني أمية ثم بني العباس وما بعد ذلك من الفتن والملاحم ساقه ابن عساكر بسنده عن ابن عباس بطوله، وقد قدمنا قوله لربيعة بن نصر ملك اليمن حين أخبره برؤياه قبل أن يخبره بها ثم ما يكون في بلاد اليمن من الفتن وتغيير الدول حتى يعود إلى سيف بن ذي يزن فقال له أفيدوم ذلك من سلطانه أم ينقطع قال بل ينقطع، قال ومن يقطعه؟ قال نبي زكى، يأتيه الوحي من قبل العلى، قال وممن هذا النبي؟ قال من ولد غالب بن فهر بن مالك بن النضر، يكون الملكفي قومه إلى آخر الدهر، قال وهل للدهر من آخر؟ قال نعم، يوم يجمع فيه الأولون والآخرون يسعد فيه المحسنون ويشقى في المسيئون، قال أحق ما تخبرني؟ قال نعم والشفق والغسق، والقمر إذا اتسق، أن ما أنبأتك عليه لحق: ووافقه على ذلك شق سواء بسواء بعبارة أخرى كما تقدم ومن شعر سطيح قوله. (عليكم بتقوى الله في السر والجهر ... ولا تلبسوا صدق الأمانة بالغدر) (وكانوا لجار الجنب حصنًا وجنة ... إذا ما عرته النائبات من الدهر) وأورد ذلك الحافظ ابن عساكر، ثم أورد ذلك المعافي بن زكريا الجريري فقال وأخبار سطح كثيرة وقد جمعها غير واحد من أهل العلم، والمشهور أنه كان كاهًا وقد أخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن نعته ومبعثه (وروى لنا) بإسناد الله أعلم به أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن سطيح فقال نبي ضيقه قومه، (قال الحافظ ابن كثير) أما هذا الحديث فلا أصل له في شيء من كتب الإسلام المعهودة، ولم أره بإسناد أصلا، ويروى مثله في خير خالد بن سنان العبسي ولا يصح أيضًا، وظاهر هذه العبارات تدل على علم جيد لسطيح وفيها روائح التصديق لكنه لم يدرك الإسلام كما قال الجريري، فإنه قد ذكرنا في هذا الأثر أنه قال لابن أخته يا عبد المسيح إذا كثرت التلاوة وظهر صاحب الهراوة: وفاض وادي السماوة وغاضت بحيرة ساوة، وخمدت نار فارس، فليس الشام لسطيح شامًا، يملك منهم ملوك وملكات، على عدد الشرفات، وكل ما هو آت آت ثم قضى سطيح مكانه وكان ذلك بعد مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشهر أو شية (أي أقل منه) وكانت وفاته بأطراف الشام مما يلي أرض العراق فالله أعلم بأمره وما صار إليه، وذكر بن طرار الحريري أنه عاش سبعمائة سنة، وقال غيره خمسمائة سنة وقيل ثلاثمائة سنة فالله أعلم (وقد روى ابن عساكر) أن ملكًا سأل سطيحًا عن نسب غلام اختلف فيه فأخبره على الجلية في كلام طويل فصيح مليح فقال له الملك يا سطيح ألا تخبرني عن علمك هذا؟ فقال إن علمي هذا ليس من ولا بجزم ولا بظن، ولكن

(باب ذكر بعض أسمائه الشريفة وأنه أول النبيين وآخرهم وأفضلهم) (عن محمد بن جبير بن طعم) (1) عن أبيه عن النبي صلى الله علية وعلى آله وصحبه أجمعين وصحبه وسلم قال

_ أخذته عن أخ لي قد سمع الوحي بطور سيناء: فقال له أرأيت أخاك هذا الجني أهو معك لا يفارقك؟ فقال إنه يزول حيث أزول، ولا أنطق إلا بما يقول، وتقدم أنه ولد هو وشق بن مصعب بن يشكر بن رهم ابن بسرين عقبة السكاهن الأخر ولدًا في يوم واحد فحملًا إلى الكاهنة طريفة بنت الحسين الحميدية فتفلت في أفواههما فو ثامنها الكهانة وماتت من يومها وكان (يعني شقا) نصف إنسان، ويقال إن عبد الله القسرى من سلالته، وقد ماث شق قبل سطيح بدهر أهـ (قلت) جاء في القاموس السطيح القتيل المنبسط كالسطوح والمنبسط البطيء القيام لضعف أو زمانة، والمزادة كالسيحة وكاهن بن ذنب وما كان فيه عظم سوى رأسه اهـ ووجدت بهامشه شيئًا من ترجمة سطيح فيه توضيح بعض ما أجمل هنا وهذا نص ما وجدته بها مش القاموس (قوله وكاهن بني ذئب) كان يتمكبن في الجاهلية وأخبر بمبعثه صلى الله عليه وسلم عاش ثلاثمائة سنة ومات في أيام أنو شروان بعد مولده صلى الله عليه وسلم سمى بذلك لأنه كان إذا غضب قعد منبسط منسطحًا على الأرض لا يقدر على قيام ولا قعود، وهو خال عبد المسيح بعن عمرو بن بقيلة الغساني والمنسوب أن سطيحًا كان يطوى كما ثطوى الحصيرة وكان يتكلم بكل أعجوبة وكان ابن خالة شق الكاهن الذي كان نصف إنسان فكانت له يد واحدة ورجل واحدة، وكان من أعاجيب الدنيا وولادتهما في يوم واحد وفي ذلك اليوم توفيت طريفة ابنة الخير الحميرية الكاهنة زوجة عمرو مزيقيًا بن عامر ماء السماء ودعت لكل منهما وتفلت في فيه وزعمت أنه سيخلفها في علمها وكهانتها، ثم ماتت من ساعتها ودفنت الجحفة اهـ شارح بزيادة من ابن خلكان (قال الحافظ ابن كثير في تاريخه) حكى السهيلى عن تفسير بقى بن مخلد الحافظ أن إبليس رن أربع رنات، حين لعن، وحين اهبط، وحين ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحين نزلت الفاتحة، قال محمد بن إسحاق وكان هشام بن عروة يحدث عن أبيه عن عائشة قالت كان يهودي قد سكن مكة يتجر بها فلما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في مجلس من قريش يا معشر قريش هل ولد فيكم الليلة مولود؟ فقال القوم والله ما نعلمه، فقال الله أكبر، أما إذا أخطأتم فلا بأس انظروا واحفظوا ما أقول لكم، ولد هذه الليلة نبي هذه الأمة الأخيرة، بين كتفيه علامة فيها شعرات متواترات كأنهن عرف فرس، لا يرضع ليلتين لأن عفريتًا من الجن أدخل إصبعه في فمه فمنعه الرضاع فتصدع القوم من مجلسهم وهم يتعجبون من قوله وحديثه، فلما صاروا إلى منازلهم أخبر كل إنسان منهم أهله فقالوا قد والله ولد لعبد الله بن عبد المطلب غلام سموه محمدًا، فالتقى القوم فقالوا أهل" سمعتم حديث اليهودي وهل بلغكم مولد هذا الغلام؟ فانطلقوا حتى جاءوا اليهودي فأخبره الخير، قال فاذهبوا علي حتى أنظر إليه، فخرجوا به حتى أدخلوه على آمنة فقالوا أخرجي إلينا ابنك، فأخرجته وكشفوا له عن ظهره فرأى تلك الشامة فوقع اليهودي مغشيًا عليه، فلما أفاق قالوا له مالك ويلك؟ قال قد ذهبت والله النبوة من بني إسرائيل فرحتم بها يا معشر قريش، والله ليسطون بكم سطوة يخرج خبرها من المشرق والمغرب (وروى محمد إسحاق) بسنده عن حسان بن ثابت قال إني لغلام يفعة ابن سبع سنين أو ثمان سنين أعقل ما رأيت وسمعت إذا بيهودي في بئر يصرخ ذات غداة يا معشر يهود فاجتمعوا إليه وأنا اسمع، فقالوا ويلك مالك؟ قال قد طلع نجم أحمد الذي يولد به في هذه الليلة (باب) (1) (سنده)

أن لي أسماء (1) أنا محمد وأنا أحمد وأنا الحاشرالذي يحشر الناس على قدمى، أنا المحاي الذي يمحي به الكفر (2) وأنا العاقب والعاقب الذي ليس بعده (نبي) (عن أبي موسى الأِعري) (3) قال سمى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه أسماء، ومنها ما حفظنا فقال أنا محمد وأمحمد والمقفي (4) والحاشر ونبي الرحمة (5) قال يزيد (6) ونبي التوبة ونبي الملحمة (عن حذيفة) (7) قال بينما أنا أمشي في طريق المدينة أذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي فسمعته يقول أنا محمد وأنا أحمد ونبي الرحمة ونبي التوبة والحاشر والمقفي

_ حدثنا سفيان عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه الخ (غريبة) (1) جاء عند البخاوى بلفظ (إن لي خمسة أسماء) أي موجودة في الكتب السالفة أو مشهورة بين الأمم الماضية أو يعلمها أهل الكتابين أو مختص بها لم يتسم بها أحد قبلي، أو معظمة أم أمهات الأمساء وما عداها راجع إليها، لا أنه أراد الحصر: كيف وله أسماء أخر بلغها بعضهم كما قال النووي الفا لكن أكثرهم من قبيل الصفات، قال ابن القيم فبلوغها ذلك باعتبارها، ومسماها واحد باعتبار الذات، فهي مترادفة باعتبار، متباينة باعتبار (وقوله أنا محمد) قدمه لأنه، أشرفها ومن باب التفعيل للمبالغة، ولم يسم بها قبله غيره، لكن لما قرب مولده سموا به نحو خمسة عشر رجاء كونه هو، وقد نبأ بذلك أهل الكتاب من كتبهم (وأنا أحمد) أي أحمد الحامدين فالأنبياء حمادون وهو أحمدهم أي أكثرهم حمدًا: قال الحافظ السيوطي وتسميته بأحمد من خصائصه، (وأنا الحاشر) أي ذو الحشر (الذي يحشر الناس على قدمى بتخفيف الياء على الأفراد وبشدها على التثنية والمراد على أثر نبوتي أي زمنها أي لأنه صلى الله عليه وسلم ببعث في آخر الزمان وليس بعده نبي، (قال الحافظ) يحتمل أن المراد بالقدم الزمان وقت قيامي على قدمى بظهور علامات الحشر، إشارة إلى إنه ليس بعده نبي (وقال النووي) قال العلماء يحشرون على أثري وزمان نبوتي ورسالتي وليس بعدي نبي وقبل يتبعوني (2) قال العلماء المراد محو الكفر من مكة والمدينة وسائر بلاد العرب وما زوى له صلى الله عليه وسلم من الأرض ووعد أن يبلغه ملك أمته (أما العاقب) ففسره في الحديث بأنه ليس بعده نبي أي جاء عقبهم (تخريجه) (ق لك مذ نس) (3) (سنده) حدثنا وكيع عن المسعودي ويزيد قال انبأنا المسعودي عن عمرو بن مرة عن أبي عبيدة عن أبي موسى الأشعري إلخ (غريبه) (4) قال شمر هو بمعنى العاقب، وقال ابن الأعرابي هو المتبع للإنبياء يقال فقوته إقفوه وقفيته اقفيه إذا اتبعته وقافية كل شيء آخر (5) معناه أنه صلى الله عليه وسلم جاء بالتراحم قال تعالى (رحماء بينهم) (وتواصلوا بالصبر وتواصوا بالمرحمة) (6) يزيد أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث: زاد في روايته ونبي التوبة ونبي الملحمة، ومعناه أنه صلى الله عليه وسلم جاء بالتوبة وقبولها من العاصين (ونبي الملحمة معناه أنه صلى الله عليه وسلم بعث بالقتال، قال العلماء وإنما اقتصر على هذه الأسماء مع أن له صلى الله عليه وسلم أسماء غيرها كما سبق لأنها موجودة في الكتب المتقدمة وموجودة في الأمم السالفة (تخريجه) (م) (7) (سنده) حدثنا أسود بن عامر ثنا أبو بكر عن عاصم عن أبي وائل قال قال حديفة (يعني ابن اليمان) بينما أنا أمشي إلخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح غير عاصم بن بهدلة وهو ثقة وفيه سوء حفظ اهـ (قلت) يؤيده ما قبله والله أعلم (وروى البيهقي) في الدلائل بسنده عن أبي الحكم التنوخى قال كان المولود إذا ولد في قريش دفعوه إلى

ونبي الملاحم (باب ما جاء في ذكر مولده صلى الله عليه وسلم) (عن ابن عباس) (1) قال ولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين واستنبئ يوم الاثنين، وتوفى يوم الاثنين، وخرج مهاجرًا من مكة إلى المدينة يوم الاثنين، وقدم المدينة يوم الاثنين، ورفع الحجر الأسود (2) يوم الاثنين (عن أبي أمامة) (3) قال قلت يا نبي الله كان كان أول بدء أمرك؟ قال دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى، ورأت أمي

_ نسوة من قريش إلى الصبح يكفأن عليه برمة، فلما ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم دفعه عبد المطلب إلى نوسة فكفأن عليه برمة فلما أصبحن أتين فوجدن البرمة قد انفلقت عنه باثنتين ووجدنه مفتوح العينين شاخصا ببصره إلى السماء فأتاهن عبد المطلب فقلن له ما رأينا مولودًا مثله وجدناه قد انفلقت عنه البرمة ووجدناه فاتحًا عينيه شاخصًا ببصره إلى السماء، فقال أحفظنه فأني أرجو أن يكون له شأن أو أن يصيب خيرًا، فلما كان اليوم السابع ذبح عنه ودعا قريشًا فلما أكلوا قالوا يا عبد المطلب أرأيت ابنك هذا الذي أكرمتنا على وجهه ما سميته؟ قال سميته محمدًا، قالوا لم رغبت به عن أسماء أهل بيته؟ قال أردت أن يحمده الله في السماء وخلقه في الأرض، وقال بعض العلماء الهمهم الله أن سموه محمدًا لما فيه من الصفات الحميدة ليتلقى الاسم والفعل ويتطابق الاسم والمسمى في الصورة والمعنى كما قال عمه أبو طالب ويروي لحسان: (وشق له من أسمه ليجله * فذو العرش محمودًا وهذا محمد) (باب) (1) (سنده) حدثنا موسى بن داود قال حدثنا ابن لهيعة عن خالد بن أبي عمران عن حنش الصنعائى عن أبن عباس إلخ (غريبة) (2) ستأتي قصة رفعه صلى الله عليه وسلم الحجر الأسود في باب تحديد قريش بناء الكعبة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وزاد فيه وفتح بدرًا يوم الاثنين، ونزلت سورة المائدة يوم الاثنين (اليوم أكملت لكم دينكم) وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف (أي لأنه عنعن) وبقية رجاله ثقات من أهل الصحيح أهـ (قلت) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه لاخلاف في أنه ولد يوم الاثنين وأبعد بل أخطأ من قال ولد يوم الجمعة لسبع عشرة خلت من ربيع غير ذلك؟ فذكر أقولًا كثيرة للعلماء أرجحها قولان (أحدهما) أنه صلى الله عليه وسلم ولد لثمان خلون من ربيع الأول، حكاه الحميدى عن ابن حزم، ورواه مالك وعقيل ويونس بن يزيد وغيرهم عن الزهري عن محمد ابن جبير بن مطعم، ونقل ابن عبد البر عن أصحاب التاريخ أنهم صححوه: وقطع به الحافظ الكبير محمد ابن موسى الخوارزمي ورجحه الحافظ أبو الخطاب بن دحية في كتابه التنوير في مولد البشير النذير (والثاني) أنه صلى الله عليه وسلم ولد لثنتى عشرة خلت منه نص عليه ابن إسحاق، ورواه ابن أبي شيبة في مصنفه عن عفان عن سعيد بن مينا عن جابر وابن عباس أنهما قالا ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول، وفيه بعثه وفيه عرج إلى السماء، وفيه هاجر، وفيه مات وهذا هو المشهور عند الجمهور، قال والصحيح عن ابن حزم الأول أنه لثمان مضين منه كما نقله الحميدى وهو أثبت والله أعلم (3) (سنده) حدثنا أبو النضر ثنا الفرج ثنا لقمان بن عامر قال سمعت أبا أمامة قال قلت يا نبي الله الخ: وتقدم الكلام على شرحه في شرح الحديث الأول من باب ما جاء في بعض فضائله صلى الله عليه وسلم قبل باب (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده حسن وله شواهد تقوية ورواه

نورًا أضاءت منها قصور الشام (عن قيس بن مخرمة بن المطلب) (1) بن عبد مناف قال ولدت أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم عام الفيل فنحن لدان (2) ولدنا مولدًا واحدًا (باب ما جاء في ذكر رضاعه صلى الله عليه وسلم ومراضعه وحواضنه) (عن زينب بنت أبي سلمة) (3) عن أم سلمة قالت جاءت أم حبيبة فقالت يا رسول الله هل لك في أختى، قال فاصنع بها ماذا؟ قالت تزوجها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحبين ذلك؟ فقال نعم لست لك بمخلية وأحق من شر كنى في خيرٍ أختي، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها لا تحل لي، قالت فوالله لقد بلغني أنك تخطب درة أبنة أم سلمة بنت أبي سلمة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كانت تحل لي لما تزوجتها قد أرضعتني وأياها ثويبة مولاة بني هاشم فلا تعرضن على أخواتكن ولا بناتكن (باب ذكر رضاعة صلى الله عليه وسلم من حليمة السعدية وما ظهر عليه من آيات النبوة) (عن عتبة بن عبد السلمى) (4) أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كيف كان أول شأنك

_ الطبراني (1) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبى ابن إسحاق قال فحدثني عبد المطلب بن عبد الله بن قيس بن مخرمة بن المطلب بن عبد مناف عن أبيه من جده قيس بن مخرمة قال ولدت الخ (غريبه) (2) تثنية لدة بكسر اللام وفتح الدال المهملة لأنه جاء في بعض الروايات أنا ولدة رسول الله صلى الله عليه وسلم واصله وولدة فعوضت الهاء، من الواو، ومعناه أننا ولدنا في زمن واحد وسن واحد، وروى عن محمد بن جبير ابن معلم قال ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل، كانت بعده عكاظ بخمس عشرة سنة وبنى البيت على رأس خمس وعشرين سنة من الفيل، وتنبأ رسول الله صلى الله علي وسلم على رأس أربعين سنة من الفيل، قال السهيلى وذكروا أن الفيل جاء مكة في الحرم وانه صلى الله عليه وسلم ولد بعد مجيء الفيل بخمسين يوما وهو الأكبر والأشهر (وقال بن إسحاق) كان مولده عيه الصلاة والسلام عام الفيل وهذا هو المشهور عن الجمهور (قال إبراهيم) بن المنذر الحزامى وهو الذي لا يشك فيه احد من علمائنا انه عليه الصلاة والسلام ولد عام الفيل وبعث على رأس أربعين من الفيل (تخريجه) أخرجه ابن إسحاق في السيرة وسنده جيد (باب) (3) (عن زينب بنت أم سلمه الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من أبواب موانع النكاح في كتاب النكاح في الجزء السادس عشر صحيفة 179 رقم 107 وجاء الرقم 179 خطأ والصواب 107 وهو حديث صحيح رواه الشيخان والشافعي في مسنده وغيرهم (قال الحافظ ابن كثير في تاريخه) كانت أم أيمن واسمها بركة تحضنه، وكان قد ورثها عليه الصلاة والسلام من أبيه فلما كبر اعتقها وزوجها مولاه زيد بن حارثة فولدت له أسامة بن زيد رضي الله عنهم، وأرضعته مع أمه عليه الصلاة والسلام مولاة عمه أبى لهب ثوبية قبل حليمة السعدية، ثم ذكر حديث الباب وعزاه البخاري ومسلم الى قوله فلا تعرضن على إخواتكن ولا بناتكن قال زاد البخاري قال عروة وثويبة مولاة لأبى لهب اعتقها فأرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما مات أبو لهب اريه بعض أهله بشر خيبة، فقال له ماذا لقيت؟ فقال ابو لهب لم الق بعدكم خيرا غير إنى سقيت في هذه بعتاقتى ثوبية وأشار إلى النقرة التي بين الإبهام والتي تليها من الأصابع (وذكر السهيلى) وغيره أن الرائى هو أخوه العباس وكان ذاك بعد سنة من وفاة أبى لهب بعد وقعة بدر، وفيه أن أبا لهب قال للعباس انه ليخفف على في مثل يوم الاثنين، قالوا لأنه لما بشرته ثويبة بميلاد ابن أخيه محمد بن عبد الله اعتقها من ساعته فجوزى بذلك لذلك (باب) (4) (سنده) حدثنا حيوة ويزيد بن عبد ربه قالا ثنا بقية حدثني بحير بن سعد عن خالد

يا رسول الله؟ قال كانت حاضتي من بني سعد بن كعب فانطلقت أنا وأبن لها في سهم (1) لنا ولم نأخذ معنا زادا، فقلت يا أخي أذهب فأتنا بزاد من عندنا أمنا، فانطلق أخي ومكثت عند البهم فأقبل طيران ابيضان كأنهما نسران (2) فقال أحدهما لصاحبه أهو هو: قال فاقبلا يبتدراني فأخذاني فبطحاني إلى القفا (3) فشقا بطني ثم استخرجا قلبي، فشقاه فاخرجا منه علقتين سوداوين (4) فقال أحدهما لصاحبه أئتني بما ثلج (5) فغسلا به جوفي ثم قال ائتني بماء برد (6) فغسلا به قلبي ثم قال أئتني بالسكينة (7) فذارها في قلبي، ثم قال أحدهما لصاحبه حصة (8) فحاصه وختم عليه بخاتم النبوة: وقال حيوة (9) في حديثه حصة فحصه واختم عليه بخاتم النبوة (10) فقال أحدهما لصاحبه أجعله في كفه واجعل الفا من أمته في كفة، فإذا أنا أنظر إلى الألف فوقي أشفق أن يخر على بعضهم (11)

_ ابن معدان عن ابن عمرو السلمى عن عتبة عبد السلمى انه حدثهم ان رجلا الخ (غريبه) (1) بفتح الموحدة وسكون الهاء جمع بهمة وهى ولد الضأن الذكر والأنثى والمراد انه صلى الله عليه وسلم كان يرعى الغنم مع أخيه من الرضاع (2) هما ملكان من الملائكة (3) أي اضجماه على ظهره (4) جاء عند مسلم والامام احمد من حديث أنس وسيأتى في الإسراء (فأخرج علقة فقال هذا حظ الشيطان منك) قال في المواهب اللدينة والحكمة في شق صدره الشريف في حال صباه (يعنى وهو عند مرضعته) واستخراج العلقة منه تطهيره عن حالات الصبا حتى يتصف في سن الصبا بأوصاف الرجولية، ولذلك نشأ على أكمل الأحوال من العصمة (يعنى من الشيطان وغيره) (قال الزرقانى) في شرح المواهب وخلقت هذه العلقة لأنها من جملة الأجزاء الانسانية فخلقت تكلمه للخلق الإنساني ولابد، ونزعها كرامة ربانية طرأت بعده فأخراجها بعد خلقها ادل على مزيد الرفعة وعظيم الاعتناء والرعاية من خلقه بدونها قاله العلامة السبكى، وقال غيره لو خلق سليما منها لم يكن للآدميين اطلاع على حقيقته فأظهره الله على يد جبريل ليتحققوا كمال باطنه كما برز لهم مكمل الظاهر (5) الثلج هو ما ينزل من السماء ينعقد على وجهه الأرض (6) بفتح الموحدة والراء هو ما ينزل من السماء كالملح ثم يذوب (7) أي الطمأنينة والوقار (8) بضم الحاء المهملة أى خطه يقال حاص الثوب يحوصه حوصا اذا خاطه (9) حيوة بفتح الحاء المهملة وسكون التحتية وفتح الواو هو ابن شربح بن يزيد الحضرمى أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث (10) قال العلماء إضافته للنبوة لكونه من آياتها، قال القرطبي في المفهم سمى بخاتم النبوة لأنه أحد العلامات التي يعرفه بها علماء الكتب السابقة كما في قصة بحيرا الراهب وأني أعرفه بخاتم النبوة اه (قال السهيلى) وحكمة وضعه أنه لما شق صدره وأزيل منه مغمز الشيطان مليء قلبه حكمة وإيمانا فختم عليه كما يختم على الإناء المملوء مسكا اه (وقد جاء) في صفة خاتم النبوة روايات كثيرة صحيحة يستفاد منها أنه قطعة لحم بارزة عليها شعرات، قال الإمام القرطبي الأحاديث الثابتة دالة على أن خاتم النبوة كان شيئا بارزًا أحمر عند كتفه الأيسر اذا قلل قدر بيضة الحمامة، وإذا كثر جمع اليد أى قدره (11) قال شيخ الإسلام برهان الدين بن أبى شريف هذا الحديث يقتضى أن المعاني جعلها الله ذواتا فعند ذلك قال الملك لصاحبه اجعله في كفة واجعل الفا من أمته في كفة فرجح ماله صلى الله عليه وسلم رجحانا طاش منه ما للالف بحيث بخيل اليه أنه سقط بعضهم، ولما عرف المكان منه الرجحان وأنه معنى لو اجتمعت المعانى كلها التى كلامة ووضعت في كفة ووضع ماله صلى الله عليه وسلم رجح على الأمة قالوا لو أن

فقال لو أن أمته وزنت به لمال بهم، ثم انطلقا وتركاني، وفرقت فرفا (1) شديدًا، ثم انطلقت إلى أمي فأخربتها بالذي فأشفقت علي أن يكون البس بي (2) قالت أعيذك بالله فرحلت بعيرًا لها فجعلتني وقال يزيد (3) فحملتني على الرحل وركبت خلفي حتى بلغنا إلى أمي، فقالت أو أديت أمانتي وذمتي؟ وحدثتها بالذي لقيت فلم يروعها ذلك (4) فقال أني رأيت خرج من نور أضاءت منه قصور الشام (5) (عن ثابت عن أنس) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلعب مع الصبيان فأتاه آت فأخذه فشق بطنه فاستخرج منه علقة فرمى بها وقال هذه نصيب الشيطان منك، ثم غسله في طست من ذهب من ماء زمزم (7) ثم لأمه فاقبل الصبيان إلى ظهئره (8) قتل محمد قتل محمد فاستقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد انتقع لونه، قال أنس فلقد كنا نرى أثر المخيط في صدره

_ أمته وزنت به مال بهم لأن مآثر خير الخلق وما هبه الله تعالى له من الفضائل يستحيل أن يساومها غير (1) بفتح الفاء والراء اى خفت (2) معناه مسنى شئ من الشيطان (3) يزيد هو ابن عبد ربه أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث قال في روايته فحملتنى بدل قول حيوة فجعلتنى (4) أى لم يخفها ولم تجزع من ذلك الخبر (5) ومعناه أنه محفوف بعناية الله تعالى لا يخاف عليه من شئ وجاء في روايه رجالها ثقات عند الطبرانى وأنى يعلى أن أمه صلى الله عليه وسلم قالت لهما فتخو قنما عليه؟ كلا والله إن لا بى هذا لشأنا، ألا أخبركما عنه؟ انى حملت به فلم أرى حملا قط كان أخف ولا اعظم بركة منه، ثم رأيت نورا كأنه شهاب خرج متى حين وضعته أضاءت لى أعناق الأبل بيصرى، ثم وضعته فما وقع كما تقع الصبيان، وقع واضعا يده بالأرض رافعا رأسه الى السماء، دعاه وألحقا بشأنكما (تخريجه) أورد حديث الباب الهيثمى وقال رواه احمد والطبرانى ولم يسق المتن واسناد احمد حسن (6) (سنده) حدثنا يزيد ابن هارون أنا حماد عن ثابت عن انس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبه) (7) جاء في الحديث السابق أنهما غسلا جوفه بماء ثلج وبرد ولا مانع من أنهما غسلاه بالجميع فحكى كل راو ما بلغه (8) يعنى حليمة مرضعته فاستقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد انتقع لونه اى تغير من شدة الخوف (تخريجه) (ق. وغيرهما) (هذا وفي الباب) حديث طويل لحليمة فيه ذكر حضورها بمكة لأخذ رضيع وقصتها مع النبي صلى الله عليه وسلم وفيه معجزات باهرات له صلى الله عليه وسلم، وقبل أن نذكر الحديث نذكر نسبها ونسب زوجها أبى النبي صلى الله عليه وسلم من الرضاع وأولادها اخوته صلى الله عليه وسلم من الرضاع (قال ابن اسحاق) رحمه الله حليمة ابنة ابى ذؤيب اسمه عبد الله الحارث بن شحنة بن جابر بن رزام بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد ابن بكر بن هوازن بن منصور بن عكرمة بن خصفة بن قيس بن عيلان (واسم ابيه الذي أرضعته) صلى الله عليه وسلم الحارث بن عبد العزى بن رفاعة بن ملان بن ناصرة بن فصية بن نصر بن سعد بن بكر بن هوازن (قال ابن هشام) ويقال هلال بن ناصرة (قال ابن اسحاق) واخوته من الرضاعة عبد الله بن الحارث وانيسة بنت الحارث وخذامة بنت الحارث وهى الشيماء غلب ذلك على اسمها فلا نعرف في قومها الا به وهي لحليمة بنت ابى ذؤيب عبد الله بن الحارث أم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ويذكرون ان الشيماء كانت تحضنه مع امه إذ كانت عندهم (واليك هذا الحديث المشار اليه) قالت حليمة (فيما رواه ابن اسحاق وابن راهوية وابو يعلى والطبرانى والبيهقى وابو نعيم) قدمت مكة في نسوة من بنى سعد بن بكر نلتمس

.

_ الرضعاء في سنة شهباء (أى مجدبة) فقدمت على أتان لى ومعي صبي لنا وشارف لنا (اى ناقة مسنة) والله ما تبض بقطرة (اى ماتدر قطرة لبن) وما ننام ليلنا ذلك اجمع مع صبينا ولا نجد ثدييى ما يغذيه ولا في شارفنا ما يغذيه، فقدمنا مكة فهو الله ما علمت منا امرأة الا وقد عرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنأباه إذ قيل إنه يقيم من الأب، فهو الله ما بقى من صواجي امرأة الا أخذت رضيعًا غيره، فلما لم اجد غيره قلت لزوجي أني لأكره أن أرجع من بين صواحباتي وليس معي رضيع، لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه، فذهبت فإذا به مدرج في ثوب صوف أبيض من اللبن يفوح منه المسك وتحته حريرة خضراء راقدًا على قفاه يغط، قأشفقت أن أوقظه من نومه لحسنه وجماله قدنوت منه رويدًا فوضعت يدى على صدره فتبسم ضاحكًا، ففتح عينيه ينظر إلى فخرج من عينيه نور حتى دخل خلال السماء وأنا أنظر، فقبلته بين عينه وأعطيته ثديى الأيمن فأقبل عليه بما شاء من لبن، فحولته إلى الأيسر فأبى، وكانت تلك حاله بعد حمالت فروى وروى أخوه، أخذته فما هو الا أن جئت به الى رحلى فا تقبل عليه ثدياى بما شاء الله من لبن فنشرب حتى روى وشرب أخوه حتى روى، فقام صاحبي تعنى زوجها إلى شارفنا تلك فإذا فيها لحافل، فحلب ما شرب وشربت حتى روينا وبتنا بخير ليلة، فقال صاحى ياحليمة إني لأراك قد أخذت نسمة مباركة. ألم ما بتتا به الليلة من الخير والبركة حين أخذنا، فلم يزل الله يزيدنا خيرًا. قالت حليمة فودعت أم النبي صلى الله عليه وسلم ثم ركبت أتاني وأخذته بين يدى فسبقت دواب الناس الذين كانوا معي وهم يتعجبون منها، ثم قدمنا منازل بنى سعد ولا أعلم أرضا من أرض الله أجذب منها. وكانت غنمى تروح على حين قدمنا شباعا لبنًا فنحلب ونشرب وما يحلب انسان قطرة ولا يجدها في ضرع، حتى كان الحاضر من قومنا لرعايتهم اسرحوا حيث يسرح راعي غنم بنت أبى ذؤيب فتروح أغنامهم جياعًا ما تبض بقطرة لبن، وتروح أغنامي شباعًا لبنًا، فلم نتعرف من الله الزيادة والخير حتى مضت سنتاه وفصلته وكان يشب شبابًا لا يشبه الغلمان (وفي رواية) كان يشب في اليوم شباب الصبي في الشهر فلم يبلغ سنتيه حتى كان غلامًا جفرًا (يقال استجفر الصبي إذا قوى على الأكل) قالت فقدمنا به على امه ونحن أحرص شيء على مكثه فينا لما كنا نرى من بركته، فكلمنا أمه وقلت لها لو تركت بني عندي حتى يغلظ فإني أخشى عليه وباء مكة. قالت فلم نزل بها حتى ردته معنا، قالت فرجعنا به فهو الله إنه بعد مقدمنا باشهر مع أخيه لنا خاف بيوتنا إذا أتانا أخوه يشند فقال لي ولأبيه ذاك أخي القرشى قد أخذه رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاه فشقا بطنه فهما يسوطانه (أى يحركانه) قالت فخرجت أنا وأيوه نحوه فوجدناه قائمًا منتقعًا وجهه قالت فالتزمته والتزمته أبوه فقلنا له مالك بابني؟ قال جاءني رجلان عليهما ثياب بيض فأضجعاني وشقا بطني فالتمسا شيئًا لا أدري ما هو. قالت فرجعنا إلى خيامنا قالت وقال لي ابوه ياحليمة لقد خشيت أن يكون هذا الغلام قد أصيب فالحقيه بامله قبل أن يظهر ذلك به قالت فاحتملناه فقدمنا به على أمه فقالت به ياظئر وقد كنت حريصة عليه وعلى مكمئه عندك؟ قالت نعم قد بلغ الله با بنى وقضيت الذي على وتخوفت الأحداث عليه فقلت يكون في أهله. فقالت ما هذا شأنك فاصدقيني خبرك، قالت تدعني حتى أخبرتها، قالت اتخوفت على الشيطان؟ قالت قلت نعم، قالت كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل وإن لا بنى شأنًا أفلا أخبرك خبره؟ قالت بلى، قالت رأيت حين حملت به أنه يخرج مني نور أضاء لي به بصرى من أرض الشام، ثم حملت به فهو الله ما رأيت من حمل

(باب ما جاء في أنه صلى الله عليه وسلم كان يرعى الغنم في صغره وحفظ الله له وحياطته وصيانته من أقذار الجاهلية) (من جابر بن عبدالله) (1) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نجتني الكباث فقال عليكم بالأسود منه فأنه أطيبه، قال قلنا وكنت ترعى الغنم يارسول الله؟ قال نعم وهل من نبي إلا قد رعاها (عن أبى سعيد الخدري) قال افتخر أهل الأبل والغنم عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم الفخر والخيلاء في أهل الأبل، والسكينة والوقار في أهل الغنم، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث موسى عليه السلام وهو يرعى غنما على أهله، وبعثت أنا وأنا أرعى غنمًا لأهل بجياد

_ قط كان أخف ولا أيسر منه، ووقع حين ولدقه وانه لواضع يديه بالارض ورافع رأسه الى السماء دعيه عنك وانطلقى راشدة: اورده ايضًا الهثمى وقال رواه ابو يعلى والطيرانى بنحوه ورجالها ثقات (ما جاء في وفاة أمه صلى الله عليه وسلم وحضانة جده عبد المطلب إباه ثم وفاة عبد المطلب وحضانة عمه أبى طالب) (جاء في المواهب اللدينة) روى ابن سعد عن ابن عباس وعن الزهرى وعن عاصم بن عمر وعن قتادة دخل حديث بعضهم في بعض قالوا لما بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ست سنين خرجت به أمه الى أخواله بنى عدى بن النجار، بالمدينة تزورهم ومعه أم أيمن، فنزلت به دار التابعة فأقامت به عندهم شهرا فكان صلى الله عليه وسلم يذكر أمورًا كانت في مقامه ذلك، ونظر إلى الدار وقال ها هنا نزلت بى أمى، وأحسنت العوم في بئر بنى عدى بن النجار وكان قوم من اليهود يختلفون ينظرون إلى وقالت أم أيمن فسمعت أحدهم يقول هو نبى الأمة وهذه دار هجرته فوعيت ذلك كله من كلامهم، ثم رجعت به أمه الى مكة فلما كانت بالأبواء توفيت (وروى الزهرى) عن أسماء بنت رهم عن أمها قالت شهدت آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم في علتها التى ماتت ومحمد صلى الله عليه وسلم غلام يفع له خمس سنين عند رأسها فنظرت الى وجهه وقالت ابيات شعر، ثم قالت كل حي ميت وكل جديد بال وكل كثير يفنى وأنا ميتة وذكرى باق، وقد تركت خيرًا وولدت طهرا، ثم ماتت فكنا نسمع نوح الجن عليها، وقد كانت أم أيمن دايته وحضانته بعد موت أمه وكان صلى الله عليه وسلم يقول لها أنت امى بعد أمى، ومات عبد المطلب كافله وله ثمان سنين من عشرة ومائة سنة وقيل عن مائة وأربعين سنة. وكفله عمه أبو طالب واسمه عبد مناف وكان عبد المطلب قد أوصاه بذلك لكونه شقيق عبدالله والد النبي صلى الله عليه وسلم (وأخرج ابن عساكر) عن جلهمة بن عرفطة قال قدمت مكة وهم في قحط فقالت قريش يا أبا طالب أقحت الوادى وأجدب العيال فلهم فاستسق، فخرج أبو طالب ومعه غلام كأنه شمس تجلت عنها صحابة وحوله أغيلمة فأخذه أبو طالب فألصق ظهره بالكعبة ولاذ الغلام بإصبعه وما في السماء قزعة، فأقبل السحاب من ها هنا وأغدق وأغدو دق وانفجر له الوادى وأخصب النادى والبادى وفي ذلك يقول أبو طالب. (وابيض يستسقى الغمام بوجهه. ثمال اليتامى عصمة للارامل) والثمال بالكسر الملجأ وعصمة للارامل يمنعهم عن الضياع، والأرامل المساكين من رجال ونساء واستعماله بالنساء أكثر (ولما كان عمره صلى الله عليه وسلم عشر سنين واشهرا) جاءه ملكان فشقا صدره للمرة الثانية: أنظر حديث ابى بن كعب الآتى (باب) (1) (عن جابر بن عبد الله) الخ هذا الحديث وحديث أبى سعيد الذي بعده تقدما بسندهما وشرحهما وتخريجهما في باب ما يجوز الاستئجار

(باب شق صدره الشريف للمرة الثانية وهو ابن عشر سنين واشهر) (ز) (عن أبى بن كعب) (1) أن أبا هريرة رضي الله عنه كان جريئًا على أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أشياء لا يسأله عنهما غيره، فقال يارسول الله ما أول ما رأيت في أمر النبوة؟ فاستوى رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا وقال لقد سألت أبا هريرة (2)، أنى لفي صحراء ابن عشر سنين وأشهر (3) وإذا بكلام فوق برأسي وإذا رجل يقول لرجل أهو هو؟ قال نعم، فاستقبلاني بوجوه لم أراها لخلق قط وأرواح لم أجدها من خلق قط، وثياب لم أراها على أحد قط، فأقبلا الى يمشيان حتى أخذ كل واحد منهما بعضدى لا أجد

_ عليه من النفع المباح من كتاب الاجارة في الجزء الخامس عشر ص 127 رقم 405 و 406 فارجع إليه (قال العلماء) الحكمة في إلهام الأنبياء من رعىي الغنم قبل النبوة أن يجعل لهم التمرن برعيها على ما يكلفونه من القيام بأمر أمتهم: ولأن في مخالطتها ما يحصل لهم الحلم والشفقة، لأنهم إذا اصبروا على رعيها وجمعها بعد تفرقها في المرعى ونقلها من مسرح الى مسرح ودفع عدوها من سبع وغيره كالسارق وعلموا اختلاف طباعها وشدة تفرقها مع ضعفها واحتياجها الى المعاهدة ألفوا من ذلك الصبر على الأمة وعرفوا اختلاف طباعها وتفاوت عقولها فجبروا كسرها ورفقوا بضعيفها وأحسنوا التعاهد لها فيكون تحملهم لمشقة ذلك أسهل مما لو كلفوا القيام بذلك من أول وهلة لما يحصل لهم من التدريج على ذلك يرعى الغنم، وخصت الغنم بذلك لكونها أضعف من غيرها، ولأن تفرقوا أكثر من تفرق الإبل والبقر لا مكان ضبط الابل والبقر بالربط دونها في العادة المألوفة، ومع أكثرية تفرقها فهى أسرع انقيادًا من من غيرها، وفي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم لذلك بعد أن علم أنه أكرم الخلق على الله ما كان عليه من عظيم التواضع لربه والتصريح يمننه عليه وعلى اخوانه الأنبياء صلوات الله وسلامه عليه وعلى سائر الأنبياء (قال السهيلى) وذكر ابن اسحاق قول النبي صلى الله عليه وسلم ما من نبي الاوقد رعى الغنم، قيل وأنت يا رسول الله؟ قال وانا، وانما أراد ابن اسحق بهذا الحديث رعايته الغنم في بتى سعد مع أخيه من الرضاعة وقد ثبت في الصحيح أنه رعاها أيضاً على قراريط مكة ذكره البخاري، وذكر البخاري عنه أيضًا انه قال ما هممت بأمر من أمر الجاهلية الا مرتين وروى ان إحدى المرتين كان في غنم يرعاها هو وغلام من قريش فقال لصاحبه أكفنى امر الغنم حتى آنى مكة وكان بها عرس لهو وزمر، فلما دنا من الدار ليحضر ذلك ألقى عليه النوم فيها فنام حتى ضربته الشمس عصمة من الله له، وفي المرة الآخرة قال لصاحبه مثل ذلك والقى عليه النوم فيها كما القى في المرة الاولى: ذكر هذا المعنى ابن اسحاق في غير رواية البكائى (ز) (1) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الرحميم ابو يحيى البزاز ثنا يونس بن محمد ثنا معاذ بن محمد بن ابى بن كعب حدثنى أبى محمد بن معاذ عن معاذ عن محمد عن ابى بن كعب الخ (غريبه) (2) أى يا أبا هريرة منادى حذف منه حرف النداء (3) (قال في المواهب) وروى الشق أيضًا وهو ابن عشر أو نحوها مع قصة له مع عبد المطلب أبو نعيم في الدلائل، قال العلامة الزرقاني في شرح المواهب (او نحوها) يعنى اشهرا كما في الزوائد وهى المرة الثانية وقد جزم بها الحافظ في كتاب التوحيد، قال العلامة الزرقانى قال الشامي والحكمة فيه أن العشر قريب من سن التكليف فشق قلبه وقدس حتى لا يتلبس بشيء مما

لأحدهما مسًا، فقال أحدهما لصاحبه أضجمه فأضجماني بلا قصر (1) ولا هصر وقال أحدهما لصاحبه افلق صدره، فهوى أحدهما إلى صدري ففلقها فيما أرى بلا دم ولا وجع، فقال له أخرج الغل والحسد فأخرج شيئًا كهيئة العلقة ثم نبذها فطرحها، فقال له أدخل الرأفة والرحمة: فإذا مثل الذي أخرج يشبه الفضة، ثم هز ابهام الرجل اليمنى فقال اغد واسلم، فرجعت بها أغدو رقة على الصغير

_ يعاب على الرجال (1) بفتح القاف وسكون الصاد المهملة ومعناه هنا القهر والإجبار (والهصر) بوزن القصر وأصله أن تأخذ برأس العود فتثنيه اليك وتعطفه والمعنى أنهما لم يثنيا ظهرى ولم يكرهانى عندما أضجعانى وفي المواهب (وقد شق صدره الشريف واستخراج قلبه مرة أخرى عند مجيئ جبريل له بالوحي في غار حراء) قال العلامة الزرقانى في شرح المواهب هي ثالثة أخرجه أبو نعيم والبيهقى في دلائلهما والطيالسى والحارث في مسنديهما من حديث عائشة، قال الحافظ والحكمة فيه زيادة الكرامة ليتلقى ما يوحى اليه بقلب قوى في أكمل الأحوال من التطهر اهو في المواهب أيضًا (ومرة أخرى عند الاسراء) يعنى ووقع شق صدره الشريف مرة أخرى عند الاسراء وهي رابعة، أخرجه الشيخان والامام احمد وغيرهما من حديث أنس قلت سيأتى أبواب قصة الاسراء (قال الحافظ) والحكمة فيه الزيادة في اكرامه ليتأهب للمناجاة (تخريجه) الحديث من زوائد عبدالله بن الامام احمد على مسند أبيه ورجاله ثقات وأخرجه (حب ك) وابن عساكر والضياء في المختاره، وأورده أيضًا الهيثمى وقال رواه عبدالله (يعنى ابن الامام أحمد) ورجاله ثقات وثقهم ابن حبان (باب قصته صلى الله عليه وسلم مع بحيرا الراهب) جاء في المواهب اللدينة أنه بلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثنتى عشرة سنة خرج مع عمه أبى طالب الى الشام حتى بلغ بصرى فرآه بحيرا الراهب واسمه جرجيس فعرفه بصفته فقال وهو آخذ بيده هذا سيد العالمين، هذا يبعثه الله وحمية للعالمين، فقيل له وما عليك بذلك؟ فقال انكم حين أشرفم به من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدا ولا يسجدان الا لنبي، وانى أعرفه بخاتم النبوة في أسفل من غضروف كتفه مثل التفاحة، وانا نجده في كتبنا، وسال أبا طالب أن يرده خوفا عليه من اليهود، وأقبل سبعة من الروم يقصدون قتله عليه السلام فاستقبلهم محيرا فقال ما جاء بكم؟ قالوا ان هذا النبي خارج في هذا فلم يبق طريق الا بعث اليها با ناس، قال افرأيتم أمرا الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده قالوا لا، قال فبايعوه فأقاه ومعه ورده أبو طالب، وروى البيهقى وابو نعيم ان بحيرا رآه وهو في صومعته في الركب حين اقبلوا وغمامة بيضاء تظله من بين القوم، ثم اقبلوا حتى نزلوا بظل شجرة قريبا منه ونظر الى الغمامة حين أظلت الشجرة وتهصرت اغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها وان بحيرا قام فاحتضنه وجعل يساله عن اشياء من حاله من نومه وهيئته واموره ويخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم فيوافق في ذلك ما عند بحيرا من صفته، ورأى خاتم النبوة من بين كتفيه على موضعه من صفته التى عنده اه (ذكر حرب الفجار وحلف الفضول) قال الامام الفقيه عماد الدين يحيى بن ابى بكر العامرى من علماء القرن التاسع في كتابه بهجة الحافل وفي الرابعة عشرة (يعنى من عمره صلى الله عليه وسلم) في شوال منها كانت حرب الفجار بين كنانة وقيس عيلان، وكان على قريش عبدالله ابن جدعان وقيل حرب بن امية، وتطاول الحرب بينهم اياما فكانت لقيس على كنانة وحضر صلى الله عليه وسلم

ورحمة للكبير (باب ما جاء في ذكر زواجه صلى الله عليه وسلم بالسيدة المصونة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها) (عن ابن عباس) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر خديجة (2) وكان أبوها يرغب عن يزوجه (3) فصنعت طعامًا وشرابًا فدعت أباها وزمرًا من قريش فطعموا وشربوا حتى ثملوا، فقالت خديجة لأبيها إن محمد بن عبد الله يخطبنى فزوجنى إياه، فزوجها إياه

_ في أحد أيامهم فانقلبت لقريش وكنانة على قيس عيلان وهو ازن وسمى حرب الفجار لوقوعه في الشهر الحرام (أى في ذى القعدة) وبعد منصرفهم منه ذى القعدة كان حلف الفضول، وسببه أن رجلا من زبيد من أهل اليمن باع سلعة من العاص بن وائل السهمى قمطاله بالثمن فصعود على جبل ابى قبيس وصاح وذكر ظلامته في شعر حكاه، فحشدت قريش لذلك واجتموا في دار الندوة واتفقوا أنهم يمنعون الظالم من الظلم واحتلفوا (بالحاء المهملة من الحلف) على ذلك في دار عبدالله بن جدعان، وكان أول من سعى في ذلك الزبير بن عبد المطلب (سبب زواجه صلى الله عليه وسلم بخديجة) قال وفي الخامسة والعشرين خرج صلى الله عليه وسلم مع ميسرة غلام خديجة في تجارة لها قبل أن يتزوجها بشهرين وأربعة وعشرين يوما، وفيها كان من أمر نسطور الراهب ما ذكره بقوله لميسرة من هذا الرجل؟ فقال من قريش من أهل الحرم؛ فقال هذا نبي وهو آخر الأنبياء، وحكى ميسرة أنه كان اذا اشتد الحر ظللته غمامة، ولما رجعا باعت خديجة ما قدما به فأضعف، ولما أضعف الربح أضعفت خديجة ما سمت له من الأجرة وكانت أربع بكرات، (وروى الحاكم) بسنده أن خديجة أيضا استأجرته سفرتين الى جرش كل سفرة بقلوص (هى الناقة الشابة) ولما حكى ميسرة لخديجة ما رأى من البراهين والكرامات وتسرف في صحبته من البركات مع حسن السمت والهدى والدل (أى السيرة الحسنة) خطبته إلى نفسها وكانت رصي الله عنها من أفضل قريش حسبًا ونسبًا ومالًا وجمالًا كل من قومها قد كان حريصًا على ذلك منها لو كان يقدر عليه (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو كامل حدثنا حماد بن سلمة عن عمار بن أبى عمار عن ابن عباس الخ (غرييه) (2) هي أول زوجانه صلى الله عليع وسلم وهي بنت خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصى تجتمع مع النبي صلى الله عليه وسلم في قصى، وهي من أقرب نسائه اليه في النسب ولم يتزوج من ذرية قضى غيرها إلا أم حبيبة، وتزوجها سنة خمس وعشرين من مولده في قول الجمهور، وزوجه إياها أبوها خويلد، ذكره البيقهى من حديث الزهرى باسناده عن عمار بن ياسر، وقيل عمها عمرو بن أسد ذكره الكلبى، وقيل أخوها عمرو بن خويلد، ويؤيد القول الأول حديث الباب، وكانت قبله عند أبى هالة قيل اسمه النباش جزم به أبو عبيد وابنه هند، روى عنه الحسن بن على فقال حدثنى خالي لأنه أخو فاطمة لأمها، ومات ابو هالة في الجاهلية، وكانت خديجة قبله عند عتيق بن عائذ المخزومى ذكره الحافظ (وروى الفاكهى) في كتاب مكة عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان أبى طالب فاستأذنه أن يتوجه إلى خديجة فأذن له وبعث بعده جارية يقال لها نبعة فقال انظرى ما تقول له خديجة، قالت نبعة فرأيت عجبا ما هو إلا سمعت به خديجة فخرجت إلى الباب فأخذته بيدها فضمتها الى صدرها وتحرها (أى تبركا به) ثم قالت يأبى وأمى والله ما أفعل هذا الشيء ولكن أرجو أن تكون أنت النبي الذي ستبعث، فان تكن هو فاعرف حقى ومنزلتى وادع الإله الذي يبعثك لى، قالت فقال والله لئن كنت أنا هو قد اصطنعت عندى أضيعه أبدا، وإن يكن غيري فان الاءله الذي تصنعين هذا لأجله لا يضيعك أبدا نقله الحافظ (3) معناه لا يرغب أن يزوجه بخديجة ولكنها

فخلقته (1) وألبسته حلة وكذلك كانوا يفعلون بالأباء (2) فلما سرى عنه سكره نظر فإذا هو مخلق وعليه حلة، فقال ما شأنى ما هذا؟ قالت زوجتى محمد بن عبد الله، قال أزوج يتيم أبى طالب لا لعمرى (3) فقالت خديجة أما تستحى؟ تريد أن تسفة نفسك عند قريش تخبر الناس أنك كنت سكران، فلم تزل به حتى رضى (باب في ذكر تجديد قريش بناء الكعبة قبل البعث بخمس سنين واختلافهم في رفع الحجر وتحكيمه صلى الله عليه وسلم في رفعه وتسميته في الجاهلية بالأمين) (وعن أبى الطفيل) (4) وذكر بناء الكعبة في الجاهلية (5) قال فهدمتها قريش وجعلوا يبنونها

_ ترغب ذلك ولهذا عملت الحيلة على ابيها حتى زوجها به (1) بتشديد اللام أى ضمخته بالخلوق بفتح المعجمة وهو طيب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة (2) كان يهدى الزوج لولى الزوجة حملة وطيبا ونحو ذلك ليستعمله في مجلس الخطبة (فلما سرى عنه) بضم السين المهملة وتشديد الراء مكسورة مبنى للمجهول أى كشف عنه وذهب سكره (3) بفتح اللام والعين المهملة اى وحياتى لفظ يستعمل للقسم (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه احمد والطيرانى ورجال احمد والطيرانى رجال الصحيح اه (قلت) تقدم أن خديجة رضي الله عنها هي التي عرضت على النبي صلى الله عليه وسلم نفسها (قال في المواهب) فذكر ذلك لأعمامه فخرج معه منهم حمزة حتى دخل على خويلد بن اسد فخطبها اليه فتزوجها صلى الله عليه وسلم وحضر ابو طالب ورؤساء مضر، فخطب ابو طالب فقال الحمد لله الذي جعلنا من ذرية ابراهيم وذرية اسماعيل وضئضئ معد (معناه الأصل والمعدن) وعنصر مضر وجعلنا حضنة بيته وسواس حرمه وجعل لنا بيتا محجوجًا وحرمًا آمنًا وجعلنا الحكام على الناس، ثم إن ابن اخى هذا محمد بن عبدالله لا يوزن برجل الا رجح به، فان كان في المال قل فان المال ظل زائل وامر حائل، ومحمد من قد عرفتم قرايته وقد خطب خديجة بنت خويلد وبذل لها من الصداق م آجله وعاجله من مالى كذا، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم وخطر جليل، فزوجه إياها أبوها خويلد وكان الصداق ثنتى عشرة اوقية ذهبا ونشا والأوقية اربعون درهما والنش نصف أوقية والضئضئ الاصل وكذا العنصر اه (وفي تاريخ الحافظ ابن كثير) قال البيهقى عن الحاكم قرأت بخط ابى بكر بن ابى خيثمة حدثنا مصعب بن عبدالله الزبيرى قال اكبر ولده صلى الله عليه وسلم (يعنى من خديجة) القاسم (وبه يكنى) ثم زينب ثم عبد الله ثم ام كلثوم ثم فاطمة ثم رقية، وكان أول من مات ولده القاسم ثم عبدالله (وقال الزبير بن بكار) عبد الله هو الطيب وهو الطاهر سمى بذلك لانه ولد بعد النبوة (قال ابن هشام) وكان عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج خديجة خمسا وعشرين سنة فيما حدثنى غير واحد من أهل العلم منهم ابو عمرو المدنى اهو هكذا انقل البيهقى عن الحاكم أنه كان عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تزوج خديجة خمسا وعشرين سنة، وكان عمرها إذ ذاك خمسا وثلاثين وقيل خمسا وعشرين سنه اه وروى ابن سعد انها كان لها حين تزوجها النبي صلى الله عليه وسلم من العمر اربعون سنة واقتصر عليه اليعمرى وقدمه مغطاى والبرهان، قال في الغرر وهو الصحيح وقد وردت احاديث كثيرة في فضل خديجة ستأتى عند ذكر وفاتها قبل الهجرة رضي الله عنها (باب) (4) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن ابن خيئم عن أبى الطفيل الخ (غريبه) (5) (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه المشهور ان بناء الكعبة كان ورسول الله صلى الله عليه وسلم عمره خمس

بحجارة الوادي تحملها قريش على رقابها فرفعوها في السماء عشرين ذراعًا، فبينا النبي صلى الله عليه وسلم يحمل حجارة من أجياد (1) وعليه نمرة فضاقت عليه النمرة فذهب يضع النمرة على عاتقه فيرى عورته من صغر النمرة، فنودى يا محمد خمر عورتك (3) (وفي روايه فنودى لا تكشف عورتك فألقى

_ وثلاثون سنة وهو الذي نص عليه محمد بن اسحاق بن يسار رحمه الله: قال وقال موسى بن عقبة كان بين الفجار وبين بناء الكعبة خمس عشرة سنة (قال الحافظ ابن كثير) وكان الفجار وحلف الفضول في سنة واحدة إذ كان عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرون سنة، وهذا يؤيد ما قاله محمد بن اسحاق والله أعلم (1) اسم موضع بأسفل مكة معروف من شعابها (وقوله وعليه نمرة) هي ازار مخطط من صوف وهي بفتح النون وكسر الميم جمعها نمار (2) أى غط عورتك وهذا النداء من قبل الله عز وجل (تخريجه) أورده الهيثمى مظولا وقال رواه الطيرانى في الكبير بطوله وروى احد طرفا منه ورجالهما رجال صحيح اه (قلت) ولفظه عند الطيرانى عن أبى الطفيل قال كانت الكعبة في الجاهلية مبنية بالرخم (أى من صخور) وكانت قدر ما يفتحها العناق وكانت غير مسقوفة انما توضع ثيابها ثم تسدل سدلا عليها وكان الركن الأسود موضوعًا على سورها تأدبا وكانت ذات ركنين كهيئة الحلقة فأقبلت سفينة من أرض الروم حتى اذا كانوا قريبا من جدة تكسرت السفينة فخرجت قريش ليأخذوا خشبها فوجدوا روميا عندها فاخذوا الخشب، اعطاهم اياه وكانت السفينة تريد الجليثية وكان الرومى الذي في السفينة نجارا فقدموا وقدموا بالرومى فقالت قريش نبنى بهذا الخشب الذي في السفينة بيت ربنا، فلما أرادوا هدمه إذا هم بحية على سور البيت مثل قطعة الحائر سوداء الظهر بيضاء البطن فجعلت كلما دنا احد الى البيت لهدمه أو يأخذ من حجارته سعت اليه فاتحة فامها، فاجتمعت قريش عند المقام فمجوا الى الله عز وجل فقالوا ربنا لم نزع؟ أردنا تشريف بيتك وترتيبه فان كنت ترضى بذلك والا فافعل ما بدا لك، فسمعوا اخوارا في السماء فاذا هم أسود الظهر وأبيض البطن والرجلين أعظم من البشر فغزز في رأس الحية حتى انطلق بها يجر ذنبها أعظم من كذا وكذا ساقطا فانطلق نحو اجناد، فهدمتها قريش وجعلو يبنونها بحجارة الوادى تحملها قريش على رقابها فرفعوها في السماء عشرين ذراعًا فبينا النبي صلى الله عليه وسلم محمل حجارة من أجناد وعليه نمرة فضاقت عليه المرة فذهب يضع المرة على عانقه فترى عورته من صغر النمرة فنودى يامحمد خمر عورتك فلم ير عريانا بعد ذلك، وكان يرى بين بناء الكعبة وبين ما أنزل عليه خمس سنين، وبين مخرجه وبنياها خمس عشرة سنة (قال وفي رواية) رومى يقال له بعلوم، وقال فنودى يا محمد استر عورتك وذلك اول ما نودى والله أعلم اه (قلت) جاء في تاريخ الحافظ ابن كثير قال الأموى كانت هذه السفينة لقيصر ملك الروم تحمل آلات البناء من الرخام والخشب والحديد سرحها قيصر مع القوم الرومى الى الكنيسة التي أحرقها الفرس للحبشة، فلما بلغت مرساها من جدة بعث الله عليها ريحا فحطمها (وفيه أيضا) روى البيهقى من حديث سماك بن حرب عن خالد بن عرعرة قال سأل رجل عليا عن قوله تعالى (ان أول بيت وضع للناس الذى ببكة مباركا وهدى للعالمين) اهو أول بيت بنى في الأرض؟ قال لا ولكنه اول بيت وضع فيه البركة للناس والهدى ومقام ابراهيم ومن دخله كان آمنا، وان شئت نباتك كيف بناؤه، ان الله تعالى اوحى إلى إبراهيم أن ابن لي بيتا

الحجر ولبس ثوبه) فلم ير عريانًا بعد ذلك (عن عمرو بن دينار) (1) سمعت جابرًا يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ينقل معهم حجارة الكعبة وعليه إزار، فقال له العباس عمه ياابن أخي لو حللت إزارك فجعلنه على منكبيك دون الحجارة (2) قال فحله فجعله على منكبيه (3) فسقط مغشيًا عليه (4) فما رؤى بعد ذلك اليوم عريانًا (عن مجاهد عن مولاه) (5) (يعنى السائب ابن عبد الله) أنه حدثه أنه كان فيمن يبنى الكعبة في الجاهلية قال ولى لحته بيدى أعبده من دون الله تبارك وتعالى فاجئ باللبن الخاثر (6) الذي أنفسه على نفسي فأصبه عليه فيجئ الكلب فيلحسه ثم يشغر (7) فيبول فبنينا حتى بلغنا موضع الحجر (8) وما يرى الحجر أحد، فإذا هو وسط حجارتنا مثل رأس الرجل يكاد يتراءى منه وجه الرجل (9) فقال بطن (10) من قريش نحن نضعه، وقال آخرون نحن نضعه، فقالوا اجعلوا بينكم حكمًا، قالوا اول رجل يطلع من الفج (11) فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أتاكم الأمين (12) فقالوا له فوضعه في ثوب ثم دعا بطونهم (13)

_ فضاق به ذرعا فأرسل اليه السكينة وهي ريح خجوج لها راس فانبع أحدهما صاحبه حتى انتهت ثم تطوقت في موضع البيت تطوق الحية فبنى ابراهيم حتى بلغ مكان الحجر قال لابنه ابغنى حجرا فالتمس حجرا حتى أتاه به فوجد الأسود قد ركب، فقال لأبيه من أين لك هذا؟ قال جاء به من لا يشكل على بنائك، جاء به جبريل من السماء فائتمه، قال فمر عليه الدهر فأنهدم فبنته العمالقة، ثم انهدم فبننه جرهم، ثم انهدم فبنته قريش ورسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ رجل شاب، فلما أرادوا أن يرفعوا الحجر الأسود اختصموا فيه، فقالوا نحكم بيننا أول رجل يخرج من هذه السكة، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أول من خرج عليهم فقضى بينهم أن يجعلوه في مرط ثم ترفعه جميع القبائل كلهم (قلت) ورواه أيضًا الحاكم وصححه واقره الذهبى (1) (سنده) حدثنا روح ثنا زكريا بن اسحاق ثنا عمرو بن دينار الخ (غربيه) (2) أى ليلتقى به ما يحدثه الحجر من الضرر اذا كان مباشرا للجسم (3) أى ووضع الحجر فوقه فصار جسمه عاريًا (4) جاء في رواية الطيرانى واليزار من حديث العباس أنه قال له ما شأنك؟ فقام فاخذ إزاره وقال نهيت أن امشى عريانا، قال فكنت اكتمها الناس مخلفة أن يقولوا مجنون حتى اظهر الله نبوته، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم سقط مغشيا عليه حين سمع النداء بالنهى لأنه أول نداء سمعه من قبل الله عز وجل كما جاء في بعض الروايات والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (5) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا ثابت يعنى ابا زيد ثنا هلال يعنى ابن خياب عن مجاهد الخ (6) يقال خثر اللبن وغيره يخثر من باب قتل خثورة بمعنى ثخن واشتد فهو خائر (وقوله) أنفسه بكسر الفاء أى ابخل به على نفسى (7) يقال شفر الكلب شفرا من باب نفع رفع احدى رجليه ليبول (وقوله) فبنينا يعنى في الكعبة (8) يعنى الحجر الأسود (9) اى يكاد يرى وجه الرجل من نوره (10) البطن ما دون القبيلة (11) الفج الطريق الواضح الواسع (12) سمى الأيمن لأنهم كانوا يعرفون فيه الأمانة من صفره (13) جاء في بعض الروايات ثم اخرج سيد كل قبيلة فاعطاه ناحية من الثوب (وفي رواية اخرى) فقال لتأخذ كل قبيلة ناحية من الثوب ثم ارفعوه جميعا ففعلوا حتى اذا بلغوا به موضعه وضعه هو بيده صلى الله عليه وسلم ثم بنى عليه

فأخذوا بنواحيه فوضعه هو صلى الله عليه وسلم (عن سعيد بن مينا) (1) قال سمعت ابن الزبير رضي الله عنهما يقول حدثني خالتي عائشة (أم المؤمنين رضي الله عنها) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها لولا أن قومك حديث عهد بشرك أو بجاهلية لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض، وجعلت لها بابين، بابا شرقيا وبابا غربيا، وزدت فيها من الحجر ستة أذرع، فأن قريشا اقتصر بها حين بنت الكعبة (من عائشة) (2) رضى الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا حداثة عهد قومك بالكفر لنقضت ثم جعلتها على رأس ابراهيم (3) عليه السلام فان قريشل يوم بنتها استقصرت (4) ولجعلت لها خلفا (5) قال أبو أسامة خلفا (باب ما جاء في العلامات الدالة على نبوته والتبشير بمبعثه صلى الله عليه وسلم وصفته في التوارة) (عن جابر بن سمرة) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ وكانت قريش تسمى رسول الله صلى الله عليه وسلم الأمين (تخريجه) (ك) وصححه على شرط مسلم وأقره الذهى (1) (عن سعيد بن مينا الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الطائف يخرج بطوافه عن الحجر من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر صحيفة 51 رقم 255 وهو حديث صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما (2) (سنده) حدثنا ابن نمير ثنا هشام وأبو اسامة قال انا هشام المعنى عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (3) أى على الاساس الذي بناه ابراهيم عليه السلام: قال الحافظ ابن كثير في تاريخه وقد كانوا أخرجوا منها الحجر وهو ستة أذرع أو سبعة أذرع من ناحيه الشام (4) أى قصرت بهم النفقة أى لم يتمكنوا ان يبنوه على قواعد ابراهيم، وجعلوا للكعبة بابًا واحدًا من ناحية الشرق وجعلوه مرتفعا لئلا يدخل اليها كل أحد، فيدخلوا من شاءوا ويمنعوا من شاءوا، وقد ثبت في الضحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ألم ترى ان قومك قصرت بهم النفقة ولولا حدثان قومك بكفر لنقضت الكعبة وجعلت لها بابًا شرقيًا وبابًا غربيًا وأدخلت فيها الحجر (بكسر الحاء المهملة وسكون الجيم) ولهذا لما تمكن ابن الزبير بناها على ما أشار اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاءت في غاية البهاء والحسن والسناء، كاملة على قواعد الخليل، لها بابان ملتصقان بالأرض شرقيًا وغربيًا يدخل الناس من هذا ويخرجون من الآخر، فلما قتل الحجاج ابن الزبير كتب الى عبد الملك بن مروان وهو الخليفة يومئذ فيما صنعه ابن الزبير واعتقدوا انه فعل ذلك من تلقاء نفسه، فأمر باعادتها الى ما كانت عليه، فعمدوا الى الحائط الشامى فحصوه وأخرجوه منه الحجر ورصوا حجارته في ارض الكعبة فارتفع بابها، وسدوا الغربى واستمر الشرقى على ما كان عليه، فلما كان في زمن المهدى او أبيه المنصور استشار مالكا في اعادتها على ما كان صنعه ابن الزبير، فقال ماالك رحمه الله انى اكره ان يتخذها الملوك ملعبة فتركها على ما هى عليه: فهى الى الآن كذلك (5) يفتح الخاء المعجمة وسكون اللام الخلف الظهر: والجهة التي تقابل الباب الذي جعلته قريش من البيت ظهره، فكأنه اراد ان يجعل لها بابا آخر مقابلا للباب الذي جعلته قريش فاذا كان لها بابان فقد صار لها ظهران (وقوله قال ابو اسامة) يعنى في روايته (خلفا) بكسر الخاء المعجمة على ما يظهر كالثدى فانه يقال له خلف والله اعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) بألفاظ مختلفه والمعنى واحد (باب) (6) (سنده) حدثنا يحيى بن بكير ثنا ابراهيم بن طهمان حدثنى سماك عن جابر بن سمرة

إني لأعرف حجرًا بمكة يسلم على قبل أن أبعث (1) (وفي رواية ليالى بعثت) (2) إنى لأعرف الآن (عن أبى صخر العقيلى) (3) حدثنى رجل من الأعراب قال جلبت جلوبة إلى المدينة في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما فرغت من بيعى قلت لألقين هذا الرجل فلا سمعن منه قال فتلقاني بين أبى بكر وعمر يمشون فتبعهم في أقفائهم (4) حتى أتوا على رجل من اليهود ناشرًا التوراة يقرؤها يعزى بها نفسها على ابن له في الموت (5) كأحسن الفتيان وأجمله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنشدك بالذي أنزل التوراة هل تجد في كتابك ذا صفتى ومخرجى (6) فقال برأسه هكذا أى لا (7) فقال ابنه أنى والذي أنزل التوراة أنا لنجد في كتابنا صفتك ومخرجك وأشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال أقيموا اليهود عن أخيكم (8) ثم ولى كفنه وحنطه وصلى عليه (عن عطاء بن يسار) (9) قال لقيت عبدالله بن عمرو بن العاص فقلت أخبرني عن صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في التوراة، فقال أجل، والله إنه لموصوف في التوراة بصفته في القرآن (ياأيها النبي إنا أرسلناك شاهدًا ومبشرًا ونذيرًا) وحرزًا للاميين وأنت عبدى ورسولي سميتك

_ الخ (غريبه) (1) قال النووى فيه معجزة له صلى الله عليه وسلم وفي هذا اثبات التمييز في بعض الجمادات وهو موافق لقوله تعاالى في الحجارة (وان منها لما يهبط من خشية الله) وقوله تعالى (وان من شيء الا يسبح بحمده) وفي هذه الآية خلاف مشهور، والصحيح انه يسبح حقيقة ويجعل الله تعالى فيه تمييزا بحسبه كما ذكرنا، ومنه الحجر الذي فر بثوب موسى عليه السلام، وكلام الذراع المسمومة، ومشى احدى الشجرتين الى الأخرى حين دعاهما النبي صلى الله عليه وسلم واشياء ذلك اخ (قلت) قيل المراد بهذا الحجر هو الحجر الاسود وقيل البارز (بزقاق) المرفق وعليه اهل مكة سلفا وخلفا (وقوله قبل أن ابعث) اى قبل الرسالة: وقيد به لأن الحجارة كلها كانت تسلم عليه بعد الرسالة كما في حديث عائشة لما استقبلنى جبريل بالرسالة جعلت لا امر بحجر ولا مدر ولا شجر الا وسلم على، قال العلماء فان قيل محصول الخبر افادة العلم بغرفانه حجرا كان يسلم عليه وهو وهم كانوا يعلمون سلام الحجر وغيره عليه فلم خصه؟ (قلنا) يحتمل انه حجر ذو شأن عظيم، ولهذا نكره تنكير تعظيم، ومن ثم قيل هو الحجر الأسود كما تقرر وبهذا المعنى يلتم مع خبر عائشة المتقدم والله أعلم (2) جاء في الرواية الأولى قبل أن أبعث وفي هذه الرواية ليالى بعثت فيستفاد منهما أن هذا الحجر كان يسلم عليه صلى اله عليه وسلم قيل البعثة وبعدها، وأما غيره من الحجارة وغيرها فكانت تسلم عليه بعد البعثة والله أعلم (تخريجه) (م مذ) (3) (سنده) حدثنا اسماعيل عن الجريرى عن أبى صخر العقيلى الخ (غريبه) (4) يعنى مشيت خلفهم (5) أى قارب الموت وكان شابا جميلا (6) يخاطب اليهودى والد الشاب (7) أنكر اليهودى نبوة النبي صلى الله عليه وسلم وصفته في التوراة مع أن ذلك موجود فيها (8) أى ابعدوهم عن اخيكم في الدين لأنه ضار مسلما بنطقه بالشهادتين ثم مات الشاب وختم الله له بالايمان رضي الله عنه (تخريجه) اورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام احمد وقال هذا استاد جيد وله شواهد في الصحيح عن انس بن مالك (9) (سنده) حدثنا موسى بن داود ويونس بن محمد قالا حدثنا فليح بن سليمان عن هلال بن على عطاء بن يسار الخ

المتوكل لست بفظ ولا غيلظ ولا سخاب بالأسواق، قال يونس (1) ولا صخاب في الأسواق ولا يدفع السيئة بالسيئة، ولكن يعفو ويغفر، ولن يقبضه حتى يقيم به الملة العوجاء بأن يقولوا لا إله إلا الله: فيفتح بها أعينا وعميا وآذانا صما وقلوبا غلفا: قال عطاء لقيت كعبا فسألته فما اختلفا في حرف إلا أن كعبا يقول بلغته (2) اعينا عمومى وأذانا صمومى وقلوبا غلوفى، قال يونس غلفى (عن مجاهد) (3) قال حدثنا شيخ أدرك الجاهلية ونحن في غزوة رودس يقال له ابن عباس قال كنت أسوق لأل لنا بقرة، قال فسمعت من جوفها يا آل ذريح. قول فصيح. رجل يصيح. لا إله إلا الله، قال فقدمنا مكة فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم قد خرج بمكة (عن أبى سعيد الخدرى) (4) قال عدا الذئب على شاة فأخذها فطلبه الراعى فانتزعها منه فأقعى (5) الذئب على ذنبه قال ألا تتقى الله تنزع عنى رزقا ساقه الله إلى؟ فقال ياعجبى ياعجبى مقع على ذنبه يكلمنى كلام الإنس، فقال الذئب ألا أخبرك بأعجب من ذلك، محمد صلى الله عليه وسلم بيرب (6) يخبر الناس بانباء ما قد سبق (7) قال فأقبل الراعى يسوق غنمه حتى دخل المدينة فزواها (8) الى زواية من زواياها ثم إتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره: فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودى الصلاة جامعة: ثم خرج فقال للراعى أخبرهم (9) فأخبرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق، والذي نفسى بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الأنس، ويكلم الرجل عذبة (10) سوطه وشراك نعله ويخبره فخذه بما أحدث أهله (11) بعده (وعنه من طريق ثان) (12)

_ (غريبه) (1) يونس أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام احمد هذا الحديث قال في روايته ولاصخاب بالصاد بدل السين في رواية موسى بن داود (قال في النهاية) في حديث كعب قال في التوراة محمد عبدى ليس بفظ ولا غليظ لا صخوب في الأسواق وفي رواية ولا صخاب الصخب والسخب الضجة واضطراب الأصوات الخصام وفعول وفعال للمبالغة (2) يريد ان كعب الاحبار يقول بلغته يعنى والله اعلم العبرية أو السريانة (تخريجه) (خ) في صحيحه وفي الأدب المفرد والطبرى في تفسيره والبيهقى في دلائل النبوة (3) (سنده) حدثنا محمد بن بكر البرسانى قال انا عبدالله بن ابى زياد قال حدثنى عبدالله بن كثير الدارى عن مجاهد الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله ثقات (4) (سنده) حدثنا يزيد انا القاسم بن الفضل الحدائى عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدرى الخ (غريبه) (5) اى ألصق الييه بالارض ونصب ساقيه واعتمد على ذنبه أى جعله بين رجليه كما يفعل الكلب (6) اسم المدينة المنورة قديما وصح النهى عن تسميتها به (7) يعنى من الأمم السابقة واحوالهم وانما كان اعجب لأن الإخبار بالغيب معجزة فهو اعجب من نطق حيوان انطقه من انطق كل شيء ليس العجب واقعا على مجرد اخباره بذلك بل على جحدهم وتكذيبهم مع ظهور الآيات البينات على يديه (8) اى جمعها وضمها الى ناحية من نواحى المدينة (9) اى أخبر الناس بما شاهدته ليسروا ويزدادوا إيمانا (10) بالتحريك اى طرفه (وشراك نعله) الشراك أحد سيور النعل التى تكون على وجهها (11) هذه الأمور من علامة قرب الساعة فكأنه صلى الله عليه وسلم يقول لا تعجبوا من نطق الذئب فأنه لا تقوم الساعة الخ (12) (سنده) حدثنا أبو اليمان أنا شعيب حدثنى عبدالله بن أبى حسين حدثنى شهر أن أبا سعيد

عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بينا اعرابى فى بعض نواحى المدينة فى غنم له عدا عليه الذئب فأخذ شاة من غنمه (فذكر نحو الطريق الأولى، وفيه أن الذئب قال للأعرابى) رسول الله صلى الله عليه وسلم فى النخلتين بين الحرتين يحدث الناس عن نباء ما قد سبق وما يكون بعد ذلك قال فنعق الاعرابى بغنمه حتى الجأها الى بعض المدينة ثم مشى الى النبى صلى الله عليه وسلم حتى ضرب عليه بابه فلما صلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال أين الاعرابي صاحب الغنم؟ فقام الأعرابي فقال له النبي صلى الله عليه وسلم حدث الناس بما سمعت وما رأيت الحديث (وعنه من طريق ثالث) قال بينا رجل من أسلم فى غنيمة له يهش عليها فى بيداء ذى الحليفة إذ عدا عليه ذئب فانتزع شاة من غنمه فجهجأه الرجل فرماه بالحجارة حتى استنقذ منه شاته، ثم أن الذئب أقبل حتى أقعى مستثفرا بذنبه مقابل الرجل: فذكره نحو حديث شعيب بن أبي حمزة (باب ما جاء فى إخبار الكهان بظهور بعثته صلى الله عليه وسلم) (عن جابر بن عبد الله) قال إن أول خبر قدم علينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أمرأة كانت لها تابع قال فأتاها فى صورة طير فوقع على جذع لهم، قال فقالت ألا تنزل فنخبرك وتخبرنا؟ قال إنه قد خرج رجل بمكة حرم علينا الزنا ومنع من الفرار

_ الخدري حدثه النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) بفتح الحاء المهملة وتشديد الراء تثنية حرّة وهى أرض ذات حجارة سود حول المدينة يريد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة ذات النخيل التى بين الحرتين (2) اى من الحوادث التى لا يعلمها الا الله الى أن تقوم الساعة: اعلمه الله بها معجزة له عليه الصلاة والسلام (قال فنعق الاعرابى بغنمه) بفتح العين المهملة يقال نعق الراعى ينعق من باب ضرب نعيقا صاح بغنمه وزجرها (3) اى بعض جهاتها (4) (سنده) حدّثنا ابو النضر ثنا عبد الحميد حدثنى شهر قال ثنا أبو سعيد الخدرى قال بينا رجل من أسلم الخ (5) بضم الهاء اى يسوقها بعصاه (6) فى هذه الرواية بيان اسم قبيلة الرجل واسم المكان الذى كانت ترعى به الغنم، واختلف فى اسم الرجل فقيل اهبان بن أوس وقيل سلمة بن الأكوع وانه صاحب هذه القصة وكانت سبب اسلامه، وقيل غير ذلك (7) اى زجره وصاح به (8) بالسين المهملة والمثناة الفوقية ثم المثلثة تليها ثم فاء مكسورة وآخره راء بوزن متسفعلا أى جعل ذنبه بين رجليه كما يفعل الكلب (9) يعنى الطريق الثانية (تخريجه) أورده القسطلانى فى المواهب اللدنية وقال فأما حديث أبى سعيد فرواه الامام احمد باسناد جيد، قال الزرقانى فى شرحه أى مقبول وكذا رواه الترمذى والحاكم وصححاه اهـ (قلت) وأورده أيضا الحافظ الهيثمي وقال رواه احمد والبزار بنحوه باختصار، ورجال أحد اسنادى احمد رجال الصحيح اهـ (قلت) يعنى الطريق الأولى (وفى الباب) عن أبى هريرة أيضا عند الامام احمد وغيره وسيأتى فى باب قرب مبعث النبى صلى الله عليه وسلم من الساعة من كتاب الفتن وعلامات الساعة (باب) (10) (سنده) حدّثنا ابراهيم بن أبى العباس ثنا أبو المليح ثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (11) يعنى الجن (12) الظاهر من سياق الحديث ان هذا التابع كان يواقع المرأة، فلما علم ببعثة النبى صلى الله عليه وسلم آمن به ولذلك امتنع عن النزول اليها والله أعلم (وقوله ومنع من الفرار) يعنى يوم الزحف فى الجهاد (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد والطبرانى فى الأوسط ورجاله وثقوا (وفى الباب) عن جبير بن مطعم قال

.

_ كنا حول صنم قبل ان يبعث النبى صلى الله عليه وسلم بشهر وقد نحرنا جزورا اذ صاح صائح من جوفه، إسمعوا العجب، ذهب الشرك والرجز ورمى بالشهب. نبى بمكة اسمه أحمد ومهاجره الى يثرب) أورده الهيثمى وقال رواه البزار عن شيخه عبد الله بن شعيب وهو ضعيف اهـ (قال ابن اسحاق) وحدثنى من لا اتهم عن عبد الله بن كعب مولى عثمان بن عفان انه حدث ان عمر بن الخطاب بينا هو جالس فى الناس فى مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم اذ أقبل رجل من العرب داخلا المسجد يريد عمر بن الخطاب، فلما نظر اليه عمر رضي الله عنه قال ان هذا الرجل لعلى شركه ما فارقه بعد، أو لقد كان كاهنا فى الجاهلية، فسلم عليه الرجل ثم جلس فقال له عمر رضي الله عنه هل أسلت؟ قال نعم يا أمير المؤمنين، قال له فهل كنت كاهنا فى الجاهلية؟ فقال الرجل سبحان الله يا أمير المؤمنين: لقد خلت فىَّ واستقبلتنى بأمر ما أراك قلته لأحد من رعيتك منذ وليت ما وليت، فقال عمر اللهم غفرا، قد كنا فى الجاهلية على شر من هذا: نعبد الاصنام ونعتنق الأوثان حتى أكرمنا الله برسوله وبالاسلام، قال نعم والله يا أمير المؤمنين لقد كنت كاهنا فى الجاهلية، قال فأخبرنى ما جاءك به صاحبك؟ قال جاءنى قبل الاسلام بشهر أو شيعه (بفتح المعجمة وسكون التحتية وكسر العين المهملة، أى أو نحوا من شهر يقال اقمت به شهرا أو شيع شهر اى مقداره أو قريبا منه) فقال: ألم تر إلى الجن، وإبلاسها واياسها من دينها، ولحوقها بالقلاص واحلاسها، قال ابن هشام هذا الكلام سجع وليس بشعر. قال عبد الله بن كعب فقال عمر بن الخطاب عند ذلك يحدث الناس والله انى لعند وثن من أوثان الجاهلية فى نفر من قريش قد ذبح له رجل من العرب عجلا فنحن ننظر قسمه ليقسم لنا منه، اذ سمعت من جوف العجل صوتا ما سمعت صوتا قط انفذ منه، وذاك قبيل الاسلام بشهر أو شيعه يقول يا ذريح، أمر نجيح، رجل يصيح، يقول لا إله إلا الله، قال ابن هشام ويقال رجل يصيح بلسان فصيح يقول لا إله إلا الله، وأنشدنى بعض أهل الغلم بالشعر (عجبت للجن وابلاسها

_ (فارحل إلى الصفوة من هاشم

(باب في بدء الوحي وكيف كان يأتيه ورؤيته صلى الله عليه وسلم لجبريل عليه السلام) (عن ابن عباس) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لخديجة (رضي الله عنها) إنى أرى ضوءًا وأسمع صوتا وانى أخشى أن يكون بى جننٌ قالت لم يكن الله ليفعل ذلك بك يا ابن عبد الله: ثم أتت ورقة بن نوفل فذكرت ذلك له فقال ان يك صادقا فان هذا ناموسٌ مثل ناموس موسى، فان بعث وأنا حى فسأعززه وأنصره وأومن به (عن عائشة رضي الله عنها) قالت أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحى الرؤيا الصادقة فى النوم، وكان لا يرى رؤيا الا جاءت مثل فلق الصبح ثم حبب اليه الخلاء فكان يأتى غار حراء فيتحنث فيه وهو التعبد الليالى ذوات العدد ويتزود لذلك ثم يرجع الى خديحة فتزوده لمثلها حتى فجأه الحق وهو فى غار حراء فجاءه الملك فيه فقال اقرأ، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فقلت ما أنا بقارئ قال

_ وقتل كل ظالم، ثم قال هو البيان، أخبرنى به رئيس الجان، ثم قال الله أكبر، جاء الحق وظهر، وانقطع عن الجن الخبر، ثم سكت وأغمى عليه فما أفاق إلا بعد ثلاثة فقال لا إله إلا الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد نطق عن مثل نبوة وانه ليبعث يوم القيامة أمة وحده (باب) (1) (سنده) حدّثنا ابو كامل وحسن بن موسى قالا حدثنا حماد قال أخبرنا عمار ابن أبى عمار قال حسن عن عمار قال حماد وأظنه عن ابن عباس ولم يشك فيه حسن قال قال ابن عباس ان النبى صلى الله عليه وسلم قال لخديجة الخ (قلت) وله طريق أخرى عن الامام احمد مرسلة قال عبد الله بن الامام احمد قال أبى وحدثنا عفان حدثنا حماد عند عمار بن ابى عمار مرسل ليس فيه ابن عباس (غريبه) (2) قال فى القاموس الجنن بضمتين الجنون حذف منه الواو (3) بالنون والسين المهملة قال ابن دريد هو صاحب سر الوحى، والمراد به جبريل عليه السلام وأهل الكتاب يسمونه الناموس الأكبر (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد متصلا ومرسلا والطبرانى بنحوه وزاد (وأعينه) ورجال احمد رجال الصحيح (4) (سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهرى فذكر حديثا ثم قال قال الزهرى فأخبرنى عروة عن عائشة أنها قالت أول ما بدئ به الخ (غريبه) (5) قال أهل اللغة فلق الصبح وفرق الصبح بالتحريك هو ضياؤه، وانما يقال هذا فى الشئ الواضح البين، قال العلماء انما ابتدئ صلى الله عليه وسلم بالرؤيا لئلا يفجأه الملك ويأتيه صريح النبوة بغته فلا يحتملها قوى البشرية فبدئ بأول خصال النبوة وتباشير الكرامة من صدق الرؤيا وما جاء فى الاحاديث الأخرى من رؤية الضوء وسماع الصوت وسلام الحجر والشجر عليه بالنبوة (6) الخلاء ممدود وهو الخلوة وهى شأن الصالحين ليتفرغ لعبادة ربه ويتخشع قلبه (7) هو الكهف والنقب فى الجبل وحراء بكسر الحاء المهملة وتخفيف الراء وبالمد وهو مصروف ومذكر على الصحيح وهو جبل بينه وبين مكة نحو ثلاثة أميال عن يسار الذاهب من مكة الى منى (8) قوله وهو التعبد تفسير لقولها فيتحنث وهو تفسير صحيح لكنه جاء معترضا بين كلام عائشة، إذ كلامها فيتحنث فيه الليالى ذوات العدد: وأصل الحنث الائم فمعنى يتحنث الحنث، فكأنه بعبادته يمنع نفسه من الحنث، ولا يشترط فيه الليالى بل يطلق على القليل والكثير (9) أى جاءه الوحى بغتة فانه صلى الله عليه وسلم لم يكن متوقعا للوحى (10) معناه لا أحسن القراءة فما نا فيه، قال النووى هذا هو الصواب

فأخذني فغطني حتى بلغ منى الجهد ثم أرسلنى فقال اقرأ، فقلت ما أنا بقارئ فأخذنى فغطنى الثانية حتى بلغ منى الجهد، ثم أرسلنى فقال اقرأ، فقلت ما أنا بقارئ، فأخذنى فغطنى الثالثة حتى بلغ منى الجهد، ثم أرسلنى فقال اقرأ باسم ربك الذى خلق حتى بلغ ما لم يعلم: قال فرجع بها ترجف بواد حتى دخل على خديجة فقال زملونى زملونى فزملوه حتى ذهب عنه الروع فقال يا خديجة مالى فأخبرها الخبر، قال وقد خشيت على نفسى فقالت له كلا: ابشر فوالله لا يخزيك الله أبدا انك لتصل الرحم وتصدق الحديث وتحمل الكل وتقرى الضيف وتعين على نوائب الخق ثم انطلقت به خديجة حتى أتت به ورقة بن نوفل بن أسد بن عبد العزى بن قصى وهو ابن عم خديجة أخى أبيها وكان امرأ تنصر فى الجاهلية وكان يكتب الكتاب العربى فكتب بالعربية من الانجيل ما شاء الله أن يكتب، وكان شيخأ كبيرا قد عمى، فقالت خديجة اى ابن عم اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة ابن أخى ما ترى؟ فأخبره رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى، فقلا ورقة هذا الناموس الذى أنزل على موسى عليه السلام ياليتنى فيها جذعا أكون حيًا حين يخرجك قومك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أو مخرجى هم؟ فقال ورقة نعم، لم يأت رجل قط بما جئت به الا عودى وإن يدركنى يومك انصرك نصرا مؤزرا ثم لم ينشب ورقة أن توفي

_ (1) أي عصرني وضمنى (2) بفتح الجيم وضمها لغتان وهو الغاية والمشقة (ثم ارسلنى) أى اطلقنى قال العلماء والحكمة فى الغط شغله عن الالتقات والمبالغة فى امره باحضار قلبه (3) استدل به القائلون بأن أول ما أنزل من القرآن اقرأ وهذا هو الصواب الذى عليه الجماهير من السلف والخلف (4) قال أبو عبيد وسائر أهل اللغة والغريب هى اللحمة التى بين المنكب والعنق نرجف ونضطرب وتشتد حركتها عند فزع الانسان (5) هكذا فى الروايات مكرر مرتين ومعنى زملونى غطونى بالثياب ولفونى بها (6) يعنى الفزع (7) أى خشى ان لا يقوى على مقاومة هذا الأمر ولا يقدر على حمل اعباء الوحى فتزهق نفسه (8) بفتح الكاف وأصله الثقل ومنه قوله تعالى {وهو كل على مولاه} ويدخل فى حمل الكل الانفاق على الضعيف واليتيم والعيال وغير ذلك، وهو من الكلال وهو الاعياء (9) النوائب جمع نائبة وهى الحادثة، وانما قالت نوائب الحق لأن النائبة قد تكون فى الخير وقد تكون فى الشر، ومعنى كلام خديجة رضي الله عنها انك لا يصيبك مكروه لما جعل الله فيك من مكارم الاخلاق وكرم الشمائل، وفيه دلالة على أن مكارم الاخلاق وخصال الخير سبب السلامة من مصارع السوء (10) تقدم الكلام على ترجمته ونسبه واسلامه فى أبواب ذكر جماعة مشهورين كانوا فى الجاهلية من كتاب قصص الماضين من بنى اسرائيل وغيرهم الخ فى هذا الجزء فارجع اليه (11) تقدم تفسيره فى شرح الحديث السابق انه جبريل عليه السلام (12) أى شابا قويا والضمير فى قوله (فيها) يعود الى أيام النبوة ومدتها (13) بفتح الواو وتشديد الياء (14) أى وقت خروجك (انصرك نصرا مؤزرا) بفتح الزاى مشددة وبهمزة قبلها أى قويا بالغا (15) بفتح الشين المعجمة أى لم يلبث وأصل النشوب التعلق أى لم يتعلق بشئ من الأمور حتى مات، قال الحافظ وهذا بخلاف ما فى السيرة لابن اسحاق ان ورقة كان يمر ببلال وهو يعذب وذلك يقتضى أنه تأخر الى زمن الدعوة والى أن دخل بعض الناس في الاسلام فإن تمسكنا

وفتر الوحي فترة حتى حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما بلغنا حزنا غدا منه مرارا كى يتردى من رءوس شواهق الجبال فكلما أوفى بذروة جبل لكى يلقى نفسه منه تبدّى له جبريل عليه السلام فقال يا محمد انك رسول الله حقا فيسكن ذلك جأشه وتقر نفسه عليه الصلاة والسلام فيرجع فاذا طالبت عليه وفتر الوحى غدا لمثل ذلك، فاذا أوفى بذروة جبل تبدّى له جبريل فقال له مثل ذلك (عن ابن عباس) قال أنزل على النبى صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين، وكان بمكة ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة عشرا، فمات وهو ابن ثلاث وستين (وعنه أيضا) قال أقام النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم بمكة خمس عشرة سنة سبع سنين يرى الضوء ويسمع الصوت. وثمان سنين يوحى اليه، وأقام بالمدينة عشر سنين

_ بالترجيح فما فى الصيحيح أصح، وان لحظنا الجمع أمكن أن يقال الواو فى قوله وفتر الوحى ليست للترتيب فلعل الراوى لم يحفظ لورقة ذكرا بعد ذلك فى أمر من الامور فجعل هذه القصة انتهاء أمره بالنسبة الى علمه لا الى ما هو الواقع (1) قال الحافظ فتور الوحى عبارة عن تأخره مدة من الزمان، وكان ذلك ليذهب ما كان صلى الله عليه وسلم وجده من الروع وليحصل له التشوق الى العود اهـ (قلت) احتبس الوحى ثلاث سنين كما فى تاريخ الامام احمد وجزم به ابن اسحاق، وفى الأحاديث أنه قدر سنتين ونصف (2) لفظ فيما بلغنا معترض بين الفعل ومصدوه وهو (حزنا) والقائل هو محمد بن شهاب الزهرى من بلاغاته وليس موصولا، ويحتمل أن يكون بلغه بالاسناد المذكور، والمعنى ان فى جملة ما وصل الينا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذه القصة، وهو عند ابن مردويه فى لاتفسير باسقاط قوله فيما بلغنا ولفظه فترة حزن النبى صلى الله عليه وسلم منها حزنا (غدا) بغين معجمة من الذهاب غدوة (3) أى يسقط (4) أى الجبال العالية (5) بكسر الذال المعجمة وتفتح وتضم يعنى أعلاه (6) انما اراد ذلك اشفاقا ان تكون الفترة لامر أو سبب منه فتكون عقوبة من ربه، ففعل ذلك بنفسه ولم يرد بعد شرع بالنهى عن ذلك فيعترض به، أو حزن على ما فاته من الأمر الذى بشره به ورقة ولم يكن خوطب عن الله انك رسول الله ومبعوث الى عباده، وعند ابن سعد من حديث ابن عباس بنحو هذا البلاغ الذى ذكره الزهرى (ولفظه) مكث أياما بعد مجيء الوحى لا يرى جبريل فحزن حزنا شديدا حتى كان يغدو الى ثبير مرة والى حراء أخرى يريدان يلقى نفسه (7) جاء فى حديث ابن سعد المذكور فبينا هو عامد لبعض تلك الجبال إذ سمع صوتا فوقف فزعا ثم رفع رأسه فاذا جبريل على كرسى بين السماء والأرض متربعا يقول يا محمد أنت رسول الله حقا وأنا جبريل (8) بالجيم ثم الهمزة الساكنة ثم شين معجمة أى اضطراب قلبه (وتقر) بكسر القاف وفتحها (نفسه) أى تطمئن (تخريجه) (ق مذ نس) قال العلامة القسطلانى وهذا الحديث يحتمل أن يكون من مراسيل الصحابة فان عائشة لم تدرك هذه القصة، لكن الظاهر أنها سمعت ذلك لقوله صلى الله عليه وسلم فأخذنى فغطنى، فيكون قولها أول ما بدئ به حكاية ما تلفظ به النبى صلى الله عليه وسلم وحينئذ فلا يكون من المراسيل (9) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر حدثنا هشام عن عكرمة عن ابن عباس الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (10) جدّثنا أبو كامل حدثنا حماد أخبرنا عمار بن ابى عمار عن ابن عباس الخ (غريبه) (11) يعنى بعد أربعين سنة بعث لها أخذا من الحديث التالى (12) يستفاد منه أن

(عن عمار مولى بني هاشم) قال سألت ابن عباس كم أتى لرسول الله صلى الله عليه وسلم يوم مات؟ قال ما كنت أرى مثلك فى قومه يخفى عليك ذلك، قال قلت انى سألت فاختلف على، فاحببت أن أعلم قولك فيه، قال اتحسب؟ قلت نعم، قال أمسك أربعين بعث لها، وخمس عشرة أقام بمكة يأمن ويخاف، وعشرا مهاجرا بالمدينة (عن العلاء بن زياد العدوى) أنه قال لأنس بن مالك يا أبا حمزة من أى الرجال كان نبى الله صلى الله عليه وسلم إذ بعث؟ قال ابن أربعين سنة، قال ثم كان ماذا؟ قال كان بمكة عشرة سنين، وبالمدينة عشر سنين، فتمت له ستون سنة ثم قبضه الله عز وجل اليه قال سن أى الرجال هو يومئذ؟ قال كأشبّ الرجال وأحسنه وأجمله وألحمه، قال يا أبا حمزة هل غزوت مع نبى الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم غزوت معه يوم حنين (عن جابر بن عبد الله) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جاورت بحراء شهرا فلما قضيت جواوى نزلت فاستبطنت بطن الوادى فنوديت فنظرت أمامى وخلفى وعن يمينى وعن شمالى فلم أر أحدًا، ثم نوديت فنظرت فلم أر أحدًا: ثم نوديت فرفعت رأسى فاذا هو على العرش فى الهواء

_ النبي صلى الله عليه وسلم توفى وسنه خمس وستون سنة، وسيأتى الكلام على ذلك فى شرح حديث العلاء بن زياد الآتى (تخريجه) (ق، وغيرهما) (1) (سنده) حدّثنا عفان ثنا يزيد بن زريع حدثنا يونس عن عمار مولى بنى هاشم قال سألت ابن عباس الخ (تخريجه) (م) وهو يفيد ان النبى صلى الله عليه وسلم توفى وعمره خمس وستون سنة كالذى قبله (2) (سنده) حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا أبى نافع ابو غالب الباهلى شهد انس بن مالك فقال العلاء بن زياد العدوى يا أبا حمزة سن أى الرجال كان الخ (غريبه) (3) هذا بفيد ان النبى صلى الله عليه وسلم بعث لأربعين سنة وأقام بمكة عشرا وبالمدينة عشرا وتوفى وعمره ستون سنة: ورواية عمار بن أبى عمار عن ابن عباس تفيد انه صلى الله عليه وسلم أقام بمكة خمس عشرة سنة وتوفى وعمره خمس وستون سنة، ورواية عكرمة عن ابن عباس تفيد انه انزل على النبى صلى الله عليه وسلم وهو ابن اربعين فأقام بمكة ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة عشرا، وتوفى وهو ابن ثلاث وستين سنة، وهذه الروايات جاء مثلها عند الشيخين والترمذي: وقد جمع الامام النووى رحمه الله بين هذه الروايات المختلفة جمعا حسنا فقال: ذكر مسلم فى الباب ثلاث روايات (احداها) انه توفى وهو ابن ستين سنة (والثانية) خمس وستون (والثالثة) ثلاث وستون وهى أصحها وأشهرها رواها مسلم هنا من رواية عائشة وانس وابن عباس رضي الله عنهم، واتفق العلماء على أن أصحها ثلاث وستون وتأولوا الباقى، وعليه فرواية ستين اقتصر فيها على العقود وترك الكسر، ورواية الخمس متأولة أيضا وحصل فيها اشتباه، وقد أنكر عروة على ابن عباس قوله (خمس وستون) ونسبه الى الغلط وانه لم يدرك أول النبوة ولا كثرت صحبته بخلاف الباقين، واتفقوا انه صلى الله عليه وسلم أقام بالمدينة بعد الهجرة عشر سنين، وبمكة قبل النبوة أربعين سنة، وانما الخلاف فى قدر اقامته بمكة بعد النبوة وقبل الهجرة، والصحيح أنها ثلاث عشرة فيكون عمره ثلاثا وستين، وهذا الذى ذكرناه انه بعث على رأس أربعين سنة هو الصواب المشهور الذى اطبق عليه العلما، وحكى القاضى عياض عن ابن عباس وسعيد بن المسيب رواية شاذة انه صلى الله عليه وسلم بعث على رأس ثلاث وأربعين سنة، والصواب أربعون كما سبق والله أعلم (تخريجه) (ق مذ نس) (4) (عن جابر بن عبد الله الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب أول ما نزل من القرآن

(وفي رواية فاذا هو قاعد على عرش بين السماء والأرض) فأخذتنى رجفة شديدة فأتيت خديجة فقلت دثرونى: فدثرونى وصبوا على ماءا فأنزل الله عز وجل {يا أيها المدثر قم فأنذر وربك فكبر وثيابك فطهر} (عن عائشة رضي الله عنها) ان جبريل عليه السلام اتى النبى صلى الله عليه وسلم على برذون وعليه عمامة طرفها بين كتفيه فسألت النبى صلى الله عليه وسلم فقال رأيته؟ ذاك جبريل عليه السلام (عن موسى بن عقبة) قال حدثنى أبو سلمة عن الرجل الذى مر برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يناجى جبريل عليه السلام فزعم أبو سلمة أنه تجنب أن يدنو من رسول الله صلى الله عليه وسلم تخوفا أن يسمع حديثه، فلما أصبح قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منعك ان تسلم اذ مررت بى البارحة؟ قال رأيتك تناجى رجلا فخشيت أن تكره ان أدنو منكما، قال وهل تدرى من الرجل؟ قال لا، قال فذلك جبريل عليه السلام، ولو سلمت لرد السلام، وقد سمعت من غير أبى سلمة أنه حارثه بن النعمان (عن عبد الله بن عمرو) قال سألت النبى صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله هل تحس بالوحى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم، أسمع صلاصل ثم اسكت عند ذلك، فما من مرة يوحى الى الا ظننت ان نفسى تقبض (عن على أو عن الزبير) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا

_ من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 48 رقم 113 فارجع اليه (1) (سنده) حدثنا عبد الرحمن (يعنى ابن مهدى) عن عبد الله بن عمر عن أخيه عن القاسم عن عائشة الخ (قلت) عبد الله بن عمر يعنى ابن حفص بن عاصم العمرى عن أخيه يعنى عبيد الله (غريبه) (2) بكسر الموحدة وسكون الراء وفتح الذال المعجمة الخيل التركية الجفاة الخلقة، وأكثر ما تجلب من بلاد الروم ولها جلد على السير فى الشعاب والجبال والوعر بخلاف الخيل العربية (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفى اسناده عبد الله بن عمر العمرى فيه مقال، وبقية رجاله رجال الصحيح (3) (سنده) حدثنا عفان قال ثنا وهيب قال ثنا موسى بن عقبة قال حدثنى أبو سلمة الخ (غريبه) (4) يعنى الرجل الذى مر بالنبى صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل ولم يسلم هو حارثة بن النعمان، وقد ذكره موسى بن عقبه وابن سعد فيمن شهد بدرًا رضي الله عنه (تخريجه) أورده الحافظ فى الاصابة وعزاء للامام أحمد والطبرانى وقال اسناده صحيح: قال وروى ابن شاهين من طريق المسعودى عن الحكم عن القاسم أن حارثة أتى النبى صلى الله عليه وسلم وهو يناجى رجلا فجلس ولم يسلم، فقال جبرائيل اما انه لو سلم لرددنا عليه: فقال لجبرائيل وهل تعرفه؟ فقال نعم هذا من الثمانين الذين صبروا يوم حنين رزقهم ورزق أولادهم أعلى الجنة فى الجنة (5) (سنده) حدثنا قتيبة حدثنا ابن لهيعة عن يزيد بن ابى حبيب عن عمرو بن الوليد عن عبد الله بن عمرو (يعنى ابن العاص) قال سألت النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) جمع صلصلة أى يأتينى مشابها صوته صلصلة الجرس وهو بمهملتين مفتوحتين بينهما لام ساكنة، والجرس بالجيم والمهملة الجلجل الذى يعلق فى رءوس الدواب، قيل والصلصة المذكورة صوت الملك بالوحى: وقيل صوت حفيف اجنحة الملك، والحكمة فى تقدمه أن يقرع سمعه الوحى فلا يبقى فيه متسع لغيره (7) أى من شدة الوحى. وفائدة هذه الشدة ما يترتب على المشقة من زيادة الزلفى ورفع الدرجات (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه (حم حب) واسناده حسن (8) (سنده) حدثنا كثير بن هشام عن أبى الزبير عن عبد الله بن سلمة أو مسلمة قال كثير وحفظي سلمة عن علي

فيذكرنا بأيام الله حتى نعرف ذلك فى وجهه وكأنه نذير قوم يصبحهم الأمر غدوة وكان اذا كان حديث عهد بجبريل لم يبتسم ضاحكا حتى يرتفع عنه (عن عمر بن الخطاب) رضي الله عنه قال كان اذا نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم الوحى يسمع عند وجهه دوئ كدوى النحل (عن عائشة) رضي الله عنها قالت ان كان لينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الغداة الباردة ثم تفيض جبهته عرقا (وعنها أيضا) أنها قالت ان كان ليوحى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على راحلته فتضرب بجيرانها (وعنها أيضا) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا كان حديث عهد بجبريل يدارسه كان أجود بالخير من الريح المرسلة (وعنها أيضا) ان الحرث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف يأتيك الوحى؟ قال أحيانا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشد على ثم يغصم عمى وقد وعيت وأحيانا ياتينى ملك فى مثل صورة الرجل فأعى ما يقول (باب فى ذكر أول من آمن به صلى الله عليه وسلم قبل إظهار الدعوة)

_ أو عن الزبير الخ (غريبه) (1) أى بنعم الله عليهم ووقائع الله فى الأمم السالفة، يقال فلان عالم بأيام العرب أى بوقائعهم (وقوله حتى نعرف ذلك فى وجهه) أى بتغير وجهه من حالة البشر إلى حالة الخوف من الله عز وجل (2) معناه أنه كان صلى الله عليه وسلم يحذرهم ويخوفهم من غضب الله تعالى حتى كأن العذاب واقع بهم فى صباح اليوم التالى (3) أى تأدبا مع ما يلقيه الملك ولما يعتريه من شدة الوحى (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم بز) والطبرانى فى الكبير والأوسط بنحوه وأبو يعلى عن الزبير وحده ورجاله رجال الصحيح (4) (عن عمر بن الخطاب الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب قوله عز وجل قد أفلح المؤمنون من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 214 رقم 355 (5) (سنده) حدثنا أبو أسامة قال أنا هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (6) أى من ثقل الوحى عليه وشدته (تخريجه) (ق وغيرهما) (7) (سنده) حدثنا سليمان بن داود قال أنا عبد الرحمن عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (8) الجران بكسر الجيم وتخفيف الراء المفتوحة باطن العنق والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم إذا أتاه الوحى وهو راكب على راحلته بركت من ثقل الوحى وضربت الأرض بباطن عنقها أى مدت عنقها على الأرض لأن فى ذلك راحة لها (تخريجه) (طل) وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (9) (وعنها أيضا) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى خلقه العظيم فى القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية، وهذا الطرف تقدم نحوه من حديث ابن عباس فى باب معارضة جبريل والنبي صلى الله عليه وسلم للقرآن فى كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 55 رقم 127 وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (10) (سنده) حدّثنا محمد بن بشر حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة ان الحارث الخ (غريبه) (11) أى يأتينيى مشابها صوته صلصلة الجرس وتقدم ضبطه وتفسيره فى شرح حديث عبد الله بن عمرو فى هذا الباب (12) تقدم ان فائدة هذه الشدة ما يترتب على المشقة من زيادة الزلفى ورفع الدرجات (وقوله ثم يفصم عنى) بفتح المثناة التحتية وسكون الفاء وكسر المهملة من باب ضرب، والمراد قطع الشدة اى يقلع وينجلى ما يغشانى من الكرب والشدة (13) بفتح العين المهملة أى فهمت وحفظت (14) أى يتصور بصورة الرجل (تخريجه) (ق. وغيرهما)

(حدثنا يزيد بن هرون) أنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت أبا حمزة يحدث عن زيد ابن أرقم قال أول من صلى (وفى لفظ) أول من اسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على، قال عمرو فذكرت ذلك لابراهيم فأنكر ذلك وقال أبو بكر رضي الله عنه (زاد فى رواية) وقال أبو بكر أول من أسلم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن اسماعيل بن إياس) بن عفيف الكندى عن أبيه عن جده قال كنت امرءا تاجرا فقدمت الحج فأتيت العباس بن عبد المطلب لأبتاع منه بعض التجارة وكان امرءا تاجرا فوالله انى لعنده بمنى إذ خرج رجل من خباء قريب منه فنظر الى الشمس فلما رآها مالت يعنى قالم يصلى قال ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء الذى خرج منه ذاك الرجل فقامت خلفه تصلى: ثم خرج غلام حين راهق الحلم من ذلك الخباء فقام معه يصلى، قال فقلت للعباس من هذا يا عباس؟ قال هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخى، قال فقلت من هذه المرأة؟ قال هذه امرأته خديجة ابنة خويلد، قال قلت من هذا الفتى؟ قال هذا على بن أبى طالب بن عمه، قال فقلت فما هذا الذي يصنع؟ قال يصلى وهو يزعم أنه نبي

_ (1) (حدثنا يزيد بن هارون) الخ (غريبه) (2) يعنى ابن مرة أحد رجال السند (3) يعنى ابراهيم النخعى (4) يعنى أن أبا بكر أول من أسلم مع النبى صلى الله عليه وسلم ولا منافاة، فان أبا بكر أول من أسلم من الرجال، وعليا أول من أسلم من الصبيان، فقد روى انه كان حينذاك بين تسع سنين وعشر، وكان اسلامه قبل اسلام ابى بكر رضي الله عنهما (تخريجه) رواه ابن جرير فى تاريخه ورجاله ثقات، وروى ابن اسحاق فى السيرة قال أول ذكر آمن برسول الله صلى الله عليه وسلم وصدقه علىَّ بن أبى طالب وهو ابن عشر سنين وكان فى حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الاسلام، وقال محمد بن كعب أول من أسلم من هذه الأمة خديجة، وأول رجلين أسلما أبو بكر وعلىّ، وأسلم على قبل أبى بكر وكان على يكتم ايمانه خوفا من أبيه حتى لقيه أبوه قال أسلمت؟ قال نعم، قال وآزر ابن عمك وانصره، قال وكان أبو بكر الصديق أول من أظهره الاسلام، وروى الطبرانى عن أبى رافع صلى النبى صلى الله عليه وسلم أول يوم الاثنين وصلت خديجة آخره: وصلى علىَّ يوم الثلاثاء وروى الحاكم فى المستدرك من حديث بريدة الأسلمى قال أوحى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، وصلى علىّ يوم الثلاثاء وصححه الحاكم وأقره الذهبى (5) (سنده) حدّثنا يعقوب حدثنى أبى عن ابن اسحق حدثنى يحيى بن الأشعث عن اسماعيل بن اياس الخ (غريبه) (6) جده هو عفيف بن عمرو كما سماه الحاكم فى روايته وقيل ابن قيس، والراجح ما ذكره الحاكم (7) يعنى بعد الزوال إلى جهة المغرب، وجاء فى بعض الروايات أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى بهما حين زالت الشمس فهى تفسر ما هنا، ولا يعارضه قول مقاتل كانت الصلاة أول فرضها ركعتين بالغداة وركعتين بالعشى لقوله تعالى {وسبح بحمد ربك بالعشى والابكار} فقد قيل العشى ما بين الزوال إلى الغروب، ومنه قيل الظهر والعصر صلاتا العشى (قال الحافظ) كان صلى الله عليه وسلم قبل الاسراء يصلى قطعا وكذلك أصحابه، ولكن اختلف هل افترض قبل الخمس شئ من الصلاة أم لا؟ فقيل إن الفرض كان صلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، والحجة فيه قوله تعالى {وسبح} أى صل حال كونك متلبسا {بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل غروبها} (8) أى قارب البلوغ، قيل كانت سنة تسع سنين أو عشر سنين (تخريجه) (ك) وصححه

ولم يتبعه على امره إلا امرأته وابن عمه هذا الفتى، وهو يزعم أنه يفتح عليه كنوز كسرى وقيصر قال فكان عفيف وهو ابن عم الأشعث بن قيس يقول وأسلم بعد ذلك فحسن اسلامه لو كان الله رزقنى الاسلام يومئذ فاكون ثالثا مع على بن أبى طالب (عن ابن عباس) قال أول من صلى مع النبى صلى الله عليه وسلم بعد خديجة على، وقال مرة أسلم (عن عبد الله) قال أول من أظهر اسلامه سبعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمار بن ياسر وأمه سمية وصهيب وبلال والمقداد، فأما رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعه الله بعمه أبى طالب وأما أبو بكر فمنعه الله بقومه: وأما سائرهم فأخذهم المشركون فألبسوهم ادراع الحديد وصهروهم فى الشمس فما منهم انسان إلا وقد واتاهم على ما ارادوا الا بلال فانه هانت عليه نفسه فى الله وهان على قومه فأعطوه الولدان واخذوا يطوفون به شعاب مكة وهو يقول أحد احد (عن عبد الرحمن بن البيلماني)

_ وأقره الذهبي، ورواه أيضا ابن سعد فى الطبقات والنسائى فى الخصائص، وذكره الحافظ فى الاصابة وعزاه البغوى وابى يعلى، ورواه أيضا الطبرى فى تاريخه والبخارى فى تاريخه الكبير، وابن عبد البر فى الاستيعاب، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد وأبو يعلى بنحوه والطبرانى بأسانيد، ورجال احمد ثقات (1) (سنده) حدّثنا سليمان بن داود حدثنا أبو عوانة عن أبى بلج عن عمرو بن مسمون عن ابن عباس الخ (قلت) أبو بلح بفتح الموحدة وسكون اللام اسمه يحيى بن أبى سليم (غريبه) (2) يعنى وقال مرة أول من أسلم بعد خديجة على، ومعنى الروايتين أن عليا أول من أسلم وأول من صلى مع النبى صلى الله عليه وسلم بعد خديجة رضي الله عنهما (تخريجه) (مذ طل) وسنده جيد (3) (سنده) حدّثنا يحيى بن أبى بكير حدثنا زائدة عن عاصم بن أبى النجود عن زرّ عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) الخ (غريبه) (4) معناه أن من آمن بالنبى صلى الله عليه وسلم كانوا يخفون اسلامهم خوفا من أذى المشركين، وهؤلاء السبعة سبقوهم باظهار الإسلام (5) أى عصمه من أذاهم (6) من صهر كمنع أبى عذبوهم (7) قال فى المصباح آتيته على الأمر اذا وافقته، وفى لغة أهل اليمن تبدل الهمزة واوا فيقال واتيته على الأمر مواتاة: وهو المشهور على ألسنة الناس، ومعناه الا وقد وافقهم على ما أرادوا من ترك اظهار الاسلام (8) أى حقرت وصغرت عنده لأجله تعالى (9) معناه الله واحد (تخريجه) (ك جه) قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه اسناده ثقات رواه ابن حيان فى صحيحه، والحاكم فى المستدرك رواه من طريق عاصم ابن أبى النجودبه والله أعلم (قال ابن جرير) وقال آخرون كان أول من أسلم زيد بن حارثة، ثم روى من طريق الواقدى عن ابن أبى ذئب سألت الزهرى من أول من أسلم من النساء؟ قال خديجة، قلت فمن الرجال؟ قال زيد بن حارثة وكذا قال عروة وسليمان ابن يسار وغير واحد أول من أسلم من الرجال زيد بن حارثة: وقد أجاب الامام أبو حنيفة رحمه الله بالجمع بين هذه الأقوال بأن أول من أسلم من الرجال أبو بكر، ومن النساء خديجة، ومن الموالى زيد بن حارثة، ومن الغلمان على بن أبى طالب رضي الله عنهم أجمعين (وقال شيخ الاسلام) تقى الدين أبو عمر بن الصلاح والأروع (أى الأدخل فى الورع والأسلم) أن يقال أول من أسلم من الرجال الأحرار أبو بكر، ومن الصبيان أو الأحداث

(عن عمرو بن عبسة) السلمى قال قلت يا رسول الله من معك على هذا الأمر؟ قال حر وعبد ومعه أبو بكر وبلال ثم قال له ارجع الى قومك حتى يمكن الله عز وجل لرسوله، قال وكان عمرو بن عبسة يقول لقد رأتينى وانى لربع الاسلام (عن اسماء بنت أبى بكر) رضي الله عنهما قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقرأ وهو يصلى نحو الركن قبل أن يصدع لما يؤمر والمشركون يستمعون {فبا آلاء ربكما تكذبان} (باب فى أمر الله عز وجل نبىه صلى الله عليه وسلم باظهار الدعوة والصدع بها وما لاقاه من ايذاء كفار قريش له وتعذيبهم المستضعفين ممن اسلموا معه) (عن أبى هريرة) قال لما نزلت هذه الآية (وانذر عشيرتك الأقربين) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قريشا فعمّ وخصّ (وفى رواية جعل يدعو بطون قريش بطنا بطنا) فقال يا معشر قريش أنقذوا انفسكم من النار، يا معشر بنى كعب بن لؤى أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بنى عبد مناف أنقذوا أنفسكم من النار، يا معشر بنى هاشم أنقذوا أنفسكم من النار، يا بنى عبد المطلب أنقذوا انفسكم من النار، يا فاطمة بنت محمد أنقذى نفسك من النار، فإني والله

_ علي، ومن النساء خديجة، ومن الموالى زيد بن حارثة، ومن العبيد بلال والله أعلم (1) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن يعلى بن عطاء عن يزيد بن طلق عن عبد الرحمن بن البيلمانى عم عمرو بن عبسة الخ (غريبه) (2) يعنى على الاسلام، وفى رواية أخرى من أسلم معك؟ (3) زاد فى رواية أخرى قلت إنى متبعك، قال إنك لا تستطيع ذلك يومك هذا، ولكن ارجع إلى أهلك فاذا سمعت بى قد ظهرت فألحق بى، وانما قال له النبى صلى الله عليه وسلم ذلك لأنه كان مستخف بالاسلام فى أول الأمر ولم يؤمر باظهار الدعوة اليه، قال فرجعت إلى أهلى وقد أسلمت (4) معناه انا الرابع فى الاسلام بعد النبى صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وبلال (تخريجه) (م) مطولا وكذلك الامام احمد وسيأتى مطولا فى باب مناقب عمرو بن عبسة من كتاب فضائل الصحابة إن شاء الله تعالى (5) (سنده) حدّثنا يحيى بن اسحاق قال أنا ابن لهيعة عن أبى الأسود عن عروة عن أسماء بنت أبى بكر الخ (غريبه) (6) أى قبل ان يؤمر بالجهر بالدعوة ويستفاد منه ان اسلام اسماء بنت ابى بكر كان قبل الجهر بالدعوة (قال فى المواهب اللدنية) وأول أمرأة أسلمت بعد خديجة أم الفضل زوج العباس وأسماء بنت أبى بكر ودخل الناس فى الاسلام أرسالا من الرجال والنساء اهـ فهى ثالثة امرأة اسلمت رضي الله عنها وعن أبيها: فقد أسلم بدعاية أبى بكر عثمان بن عفان والزبير بن العوام وعبد الرحمن بن عوف وسعد بن أبى وقاص وطلحة بن عبيد الله وهؤلاء من العشرة المبشرين بالجنة جاء بهم أبو بكر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين استجابوا له فأسلموا وصلوا، ثم أسلم أبو عبيدة عامر بن عبد الله بن الجراح وأبو سلمة بعد تسعة أنفس والأرقم بن أبى الأرقم المخزومى وعثمان بن مظعون الجمحى واواه قدامة وعبد الله: وعبيدة بن الحارث بن المطلب وسعيد بن زيد وامرأته فاطمة بنت الخطاب: كذا فى المواهب اللدنية رضي الله عنهم أجمعين (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وأورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح (باب) (7) (عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب وأنذر عشيرتك الأقربين فى تفسير سورة الشعراء من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن صحيفة 226 رقم 366

ما أملك لكم من الله شيئا الا ان لكم رحما سأبلها ببلالها (عن ابن عباس) قال لما أنزل الله عز وجل (وأنذر عشيرتك الأقربين) قال أتى النبى صلى الله عليه وسلم الصفا فصعد عليه ثم نادى يا صاحباه، فاجتمع الناس اليه بين رجل يجئ اليه وبين رجل يبعث رسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بنى عبد المطلب. يا بنى فهر. يا بنى لؤى. أرايتم لو اخبرتكم ان خيلا بسفح هذا الجبل تريد ان تغير عليكم صدقتمونى؟ قالوا نعم، قال فانى نذير لكم بين يدى عذاب شديد، فقال ابو لهب تبالك سائرا، اليوم: اما دعوتنا الا لهذا؟ فأنزل الله عز وجل (تبت يدا أبى لهب) (عن ابى هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بنى عبد المطلب اشتروا انفسكم من الله يا صفية عمة رسول الله ويا فاطمة بنت رسول الله اشتريا انفسكما من الله لا اغنى عنكما من الله شيئا سلانى من مالى ماشئتما (أبواب ذكر من تولوا ايذاءه صلى الله عليه وسلم بعد اظهار الدعوة) (باب أن من تولى كبر ايذائه عمه ابو لهب) (عن عبد الرحمن بن ابى الزناد) عن ابيه عن ربيعة بن عباد الديلى وكان جاهليا اسلم فقال رايت رسول صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بصر عينى بسوق ذى المجاز يقول يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا: ويدخل فى فجاجها والناس متقصفون عليه فما رأيت أحدًا يقول شيئا وهو لا يسكت، يقول أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا: الا أن وراءه رجلا أحول وضيء الوجه ذا غديرتين يقول إنه صابئ كاذب، فقلت من هذا؟ قالوا، محمد بن عبد الله وهو يذكر النبوة، قلت من هذا الذى يكذبه؟ قالوا عمه ابو لهب، قلت إنك كنت يومئذ صغيرًا؟ قال لا والله انى يومئذ لأعقل (وعنه من طريق ثان) قال انى لمع أبى رجل شاب انظر الى رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبع القبائل ووراءه رجل أحول وضئ ذو جمة يقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على القبيلة ويقول يا بنى فلان إنى رسول الله اليكم آمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وأن تصدقونى حتى أنفذ عن الله ما بعثنى به، فإذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من مقالته قال الآخر من خلفه يا بنى فلان إن هذا يريد منكم أن تسلخوا اللات والعزى وحلفاءكم

_ (1) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب المشار اليه صحيفة 225 رقم 266 (2) (سنده) حدّثنا يزيد قال أنا محمد يعنى ابن اسحاق عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) معناها لا ينفعكم فى الآخرة إلا التقوى وقرابتى لكم لا تنفعكم فيها، اما فى الدنيا فيمكننى أن أنفعكم بمالى (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (4) (سنده) حدّثنا أبو سليمان الضبى داود بن عمرو بن زهير المسيبى قال ثنا عبد الرحمن بن أبى الزناد الخ (غريبه) (5) بفتح الموحدة وضم الصاد المهملة أى رأيته بعينى: وسوق المجاز مكان معروف بمكة (6) أى مزدحمون (7) أى حسن الوجه (وقوله ذا غديرتين) أى ضفيرتين (8) يقال صبأ فلان إذا خرج من دين إلى دين غيره، وكانت العرب تسمى النبى صلى الله عليه وسلم الصابئ لأنه خرج من دين قريش إلى دين الاسلام (9) (سنده) حدّثنا مسروق بن المرزبان الكوفى ثنا ابن أبى زائدة قال قال ابن اسحاق فحدثنى حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس قال سمعت ربيعة بن عباد الديلى قال إنى لمع أبي الخ (10) الجمة

من الحي بني مالك بن اقيش إلى ما جاء به من البدعة والصلالة فلا تسمعوا له ولا تتبعوه، فقلت لأبى من هذا؟ قال عمه أبو لهب (وعنه أيضًا من طريق ثالث) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف المدينة على الناس بمنى فى منازلهم قبل أن يهاجر إلى المدينة يقول يأيها الناس الخ الحديث كما تقدم (وعنه أيضًا من طريق رابع) أنه قال رأيت أبا لهب بعكاظ وهو يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول يا أيها الناس ان هذا قد غوى، فلا يغوينكم عن آلهة أبائكم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم يفر منه وهو على أثره ونحن نتبعه ونحن غلمان كأنى أنظر اليه أحول ذا غديرتين أبيض الناس وأجملهم (باب ومنهم أبو جهل) (عن ابن عباس) قال قال أبو جهل لئن رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى عند الكعبه آتينه حتى أطأ على عنقه، قال فقال لو فعل لأخذته الملائكة عيانا، ولو أن اليهود تمنوا الموت لماتوا ورأوا مقاعدهم فى النار ولو خرج الذين يباهلون رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجعو الا يجدون مالا ولا أهلا (عن أبى حازم) عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال أبو جهل هل يعفر محمد وجهه بين أظهركم؟ قال فقيل نعم، قال واللات والعزى يمينا يحلف بها لئن رأيته يفعل ذلك لأطأن على رقبته أو لأعفرن وجهه فى التراب، قال فاتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى زعم ليطأ على رقبته قال فما فاجأهم منه الا وهو ينكص على عقبيه ويتقى بيديه، قال قالوا له مالك؟ قال ان بينى وبينه لخندقا من نار وهؤلاء وأجنحة، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو دنا منى لخطفته الملائكة عضوا عضوا قال فأنزل الله لا أدرى فى حديث أبى هريرة أو شيئًا بلغه {إن الإنسان ليطغى أن رآه استغنى} إلى آخر

_ من شعر الرأس ما سقط على المنكبين (1) (سنده) حدّثنا سعيد بن أبى الربيع السمان قال حدثنى سعيد بن سلمة يعنى ابن أبى الحسام قال ثنا محمد بن المنكدر انه سمع ربيعة بن عباد الديلي يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (2) (سنده) حدّثنا مصعب بن عبد الله الزبيرى قال حدثنى عبد العزيز بن محمد ابن أبى عبيد عن ابن أبى ذئر عن سعيد بن خالد القرظى عن ربيعة بن عباد الديلى انه قال رأيت أبا لهب بعكاظ الخ (تخريجه) (هق طب) وسنده جيد (باب) (3) (سنده) حدّثنا اسماعيل بن يزيد الرقى أبو يزيد حدثنا فرات عن عبد الكريم عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (4) يعنى النبى صلى الله عليه وسلم فقد جاء عند البخارى فبلغ النبى صلى الله عليه وسلم فقال لو فعله لأخذته الملائكة، وعند الترمذى فقال النبى صلى الله عليه وسلم الخ (5) يشير إلى قوله تعالى {قل إن كانت لكم الدار الآخرة عند الله خالصة من دون الناس فتمنوا الموت إن كنتم صادقين ولن يتمنوا ابدا} (6) يشير إلى قوله تعالى {فمن حاجك فيه} اي جادلك من النصارى فى أمر عيسى حيث خلقه الله تعالى من غير أب {من بعد ما جاءك من العلم} بأمره {فقل تعالوا ندع ابناءنا وابناءكم ونساءنا ونساءكم وانفسنا وانفسكم ثم نبتهل} اى نتفرغ فى الدعاء {فنجعل لعنة الله على الكاذبين} بأن نقول اللهم العن الكاذبين فى شأن عيسى، فأبوا المباهلة وقال عقلاؤهم لقد عرفتم نبوته وأنه ما باهل قوم نبيا إلا هلكوا فصالحوه على الجزية (تخريجه) اورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للامام احمد، قال وقد رواه البخارى والترمذي والنسائى من حديث عبد الرازق عن عبد الكريم به قال الترمذى حسن صحيح (7) (عن ابى حازم الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه

السورة (عن ابن عباس) عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه (باب ومنهم عقبة بن أبى معيط) (عن عبد الله) قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم ساجد وحوله ناس من قريش إذ جاء عقبة ابن أبى معيط بلا جزور فقذفه على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يرفع رأسه فجاءت فاطمة فأخذته من ظهره ودعت على من صنع ذلك، قال فقال الله معليك الملأ من قريش أبا جهل بن هشام وعتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة وعقبة بن أبى معيط وأمية بن خلف أو أبى بن خلف شعبة الشاك قال فلقد رأيتهم قتلوا يوم بدر فألقوا فى بئر غير أن أمية أو أبية انقطعت أوصاله فلم يلق فى البئر (ومن طريق ثان) قال ثنا خلف ثنا اسرائيل فذكر الحديث الا أنه قال عمرو بن هشام وأمية بن خلف وزاد وعمارة بن الوليد (وعنه أيضا) قال استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت فدعا على نفر من قريش سبعة فيهم أبو جهل وأمية بن خلف وشيبة بن ربيعة وعقبة بن معيط فأقسم بالله لقد رأيتهم صرعى على بدر وقد غيرتهم الشمس وكان يوما حارًا

_ وتخريجه في باب أرأيت الذى ينهى عبدا إذا صلى من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 329 رقم 499 (1) (حديث ابن عباس) تقدم ايضا بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب المشار اليه فى الجزء الثامن عشر صحيفة 329 رقم 498 فارجع اليه (باب) (2) (سنده) حدّثنا محمد (يعنى ابن جعفر) حدثنا شعبة عن أبى اسحاق عن عمرو ابن ميمون عن عبد الله (يعنى ابن مسعود الخ) (غريبه) (3) بفتح السين المهملة، قال فى النهاية الجلد الرقيق الذى يخرج فيه الولد من بطن أمه ملفوفا فيه، وقيل هو فى الماشية السلا وفى الناس المشيمة والاول أشبه لأن المشيمة تخرج بعد الولد ولا يكون الولد حين يخرج اهـ (وقال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه السلا هو الذى يخرج مع ولد الناقة كالمشيمة لولد المرأة، وفى بعض الفاظ الصحيح أنهم لما فعلوا ذلك استضحكوا حتى جعل بعضهم يميل على بعض أى يميل هذا على هذا من شدة الضحك لعنهم الله، وفيه أن فاطمة لما ألقته عنه أقبلت عليهم فسبتهم وانه لما فرغ من صلاته رفع يديه يدعو عليهم فلما، رأوا ذلك سكن عنهم الضحك وخافوا دعوته (4) جاء فى بعض الروايات والوليد بن عتبة (5) معناه ان شعبة يشك هل قال امية بن خلف أو ابى بن خلف، قال الحافظ ابن كثير والصواب امية بن خلف فانه الذى قتل يوم بدر، واخاوه ابى انما قتل يوم احد (6) انما حصل لهم ذلك بدعاء النبى صلى الله عليه وسلم عليهم وقد استجاب الله دعاءه فلم يفلت منهم احد (7) هكذا بالأصل فذكر الحديث (قلت) يعنى الحديث المتقدم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (8) حدّثنا حسن بن موسى حدثنا زهير حدثنا ابو اسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود قال استقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم البيت الخ (غريبه) (9) ذكر منهم فى هذا الحديث خمسة والسادس الوليد بن عتبه كما جاء فى بعض الروايات والسابع، عمارة بن الوليد كما جاء فى الطريق الثانية من الحديث السابق (10) هو محمول على أكثرهم لأن عقبة بن أبى معيط لم يصرع بل أسر ثم قتل صبرا بعد أن رحلوا عن بدر مرحلة بمحل يقال له عرق الظبية، قتله علىَّ بأمر النبى صلى الله عليه وسلم وامية بن خلف لم يطرح فى القليب كما هو بل مقطعا، وعمارة بن الوليد هلك بأرض الحبشة بعد أن جن

(عن عروة بن الزبير) قال قلت لعبد الله بن عمرو بن العاص أخبرنى بأشد شئ صنعه المشركون برسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بفناء الكعبة إذ أقبل عقبة ابن أبى معيط فأخذ بمنكب النبى صلى الله عليه وسلم ولوى ثوبه فى عنقه فخنقه به خنقًا شديدا فأقبل أبو بكر رضي الله عنه فأخذ بمنكبه ودفعه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله وقد جاءكم بالبينات من ربكم (عن يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه عروة) عن عبد الله ابن عمرو بن العاص قال قلت له ما أكثر ما رأيت قريشا أصابت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما كانت تظهر من عداوته؟ قال حضرتهم وقد اجتمع أشرافهم يوما فى الحجر فذكروا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا ما رأينا مثل ما صبرنا عليه من هذا الرجل قط، سفه أحلامنا وشتم آباءنا وعاب ديننا وفرّق جماعتنا وسب آلهتنا، لقد صبرنا منه على أمر عظيم أو كما قالوا، قال فبينما هم كذلك إذ طلع عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل يمشى حتى استلم الركن ثم مر بهم طائفا بالبيت فلما أن مرّ بهم غمزوه ببعض ما يقول: قال فعرفت ذلك فى وجهه ثم مضى فلما مر بهم الثانية غمزوه بمثلها فعرفت ذلك فى وجهه، ثم مضى ثم مر بهم الثالثة فغمزوه بمثلها: فقال تسمعون يا معشر قريش أما والذى نفس محمد بيده لقد جئتكم بالذبح فاخذت القوم كلمته حتى ما منهم رجل الا كأنما على رأسه طائر واقع حتى إن أشدهم فيه وصاة قبل ذلك ليرفؤه باحسن ما يجد من القول حتى إنه ليقول انصرف يا أبا القاسم انصرف راشدا فوالله ما كنت جهولا، قال فانصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اذا كان الغد اجتمعوا فى الحجر وأنا معهم فقال بعضهم لبعض ذكرتم ما بلغ منكم وما بلغكم عنه حتى اذا بادئكم بما تكرهون تركتموه، فبينما هم فى ذلك إذ طلع رسول الله صلى الله عليه وسلم فوثبوا اليه وثبة رجل واحد فأحاطوا به يقولون أنت الذى تقول كذا وكذا كما كان يبلغهم عنه من عيب آلهتهم ودينهم، قال فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم أنا الذى أقول ذلك قال فلقد رأيت رجلا منهم أخذ بمجمع ردائه، وقام أبو بكر الصديق رضي الله عنه دونه

_ وتوحش وصار مع البهائم وهذا جزاء المعتدين (تخريجه) (ق، وغيرها) (1) (سنده) حدّثنا على بن عبد الله حدثنا الوليد بن مسلم حدثنى الاوزاعى حدثنى يحيى بن كثير حدثنى محمد بن ابراهيم ابن الحارث التيمى حدثنى عروة بن الزبير الخ (تخريجه) (خ) (2) (سنده) قال الامام احمد قال يعقوب حدثنا أبى عن ابن اسحاق قال وحدثنى يحيى بن عروة بن الزبير عن أبيه عروة الخ (غريبه) (3) أى حجر اسماعيل بجوار الكعبة (4) أى نسب عقلاءنا الى الجهل (5) أى أشاروا إلى قوله بأعينهم وحواجبهم استهزاءا به (6) يعنى أن وجهه صلى الله عليه وسلم تغير وظهرت عليه علامات الغضب (7) الذبح هنا مجاز من الهلاك فانه من أسرع أسبابه (8) أي لم ينطقوا ببنت شفة (9) هو بفتح الواو والصاد المهملة يعنى وصية على ايذائه (10) كيمدحه وزنا ومعنى، قال فى النهاية أى يسكنه ويرفق به ويدعو له (11) هو عقبة بن أبى معيط كما يستفاد من الحديث السابق (تخريجه) أخرجه ابن اسحاق في

يقول وهو يبكي أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله، ثم انصرفوا عنه، فان ذلك لأشد ما رأيت قريشا بلغت منه قط (باب ما جاء فى تعذيبهم المستضعفين وضربهم للنبى صلى الله عليه وسلم وسبه) (عن سالم بن أبى الجعد) قال دعا عثمان (بن عفان) رضي الله عنه ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم عمار بن ياسر رضي الله عنه (فذكر حديثا) ثم قال فقال عثمان رضي الله عنه ألا أحدثكما عنه يعنى عمارا، أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم آخذا بيدى نتمشى فى البطحاء حتى أتى على أبيه وأمه وعليه يعذبون، فقال أبو عمار يا رسول الله الدهر هكذا، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم اصبر ثم قال اللهم اغفر لآل ياسر وقد فعلت (عن أبى هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تعجبوا كيف يصرّف عنى شتم قريش، كيف يلعنون مذمما ويشتمون مذمما وانا محمد (عن أنس بن مالك) قال جاء جبريل إلى النبى صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو جالس حزينا قد خضب بالدماء ضربه بعض أهل مكة، قال فقال له مالك؟ قال فقال فعل بى هؤلاء وفعلوا، قال فقال له جبريل أتحب أن أريك آية؟ قال نعم، قال فنظر الى شجرة من وراء الوادى فقال ادع بتلك الشجرة، فدعاها

_ السيرة مطولا كما هنا ورواه البخارى مختصرا، وهو الحديث السابق، وقد أشار البخارى الى رواية ابن اسحاق، هذه وقال وصله احمد من طريق ابراهيم بن سعد والبزار من طريق بكر بن سليمان كلاهما عن ابن اسحاق بهذا السند اهـ وأورده الهيثمى وقال رواه احمد وقد صرح ابن اسحاق بالسماع وبقية رجاله رجال الصحيح، وقال أيضا فى الصحيح طرف منه يشير إلى الحديث السابق والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا عبد الصمد حدثنا القاسم يعنى ابن الفضل حدثنا عمرو بن مرة عن سالم بن أبى الجعد الخ (غريبه) (2) سيأتى الحديث بتمامه فى مناقب عمار بن ياسر من كتاب فضائل الصحابة إن شاء الله تعالى (3) يعنى أبا عمار واسمه ياسر بالتحتية والمهملة والراء بوزن فاعل وهو معروف (وأمه) اسمها سمية بنت خياط وكانت سابع سيدة فى الاسلام (قال فى بهجة المحافل) فكانوا يأخذون عمار بن ياسر وأباه وأمه وأخته (لم أقف على اسمها) فيقلبونهم فى الرمضاء وهى الأرض الشديدة الحمر ظهرا لبطن، فيمر عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم يعذبون فيقول صبرًا آل ياسر فان موعدكم الجنة، وماتت سمية أم عمار بذلك فكانت أول قتيل فى الاسلام فى ذات الله، ومات ياسر وابنته بعدها (قلت) جاء فى مسند الامام احمد قال حدثنا وكيع عن سفيان عن منصور عن مجاهد قال أول شهيد كان فى الاسلام استشهد أم عمار سمية طعنها أبو جهل فى قلبها، أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وقال هذا مرسل (4) يعنى استجاب الله دعاءه وغفر لهم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) نعم رجاله رجاله الصحيح إلا أنه منقطع لأن سالم بن ابى الجعد لم يدرك عثمان (5) (سنده) حدّثنا سفيان عن أبى الزناد عن الأعرح عن أبى هريرة الخ (غريبه) (9) قال الحافظ كان الكفار من قريش من شدة كراهتهم فى النبى صلى الله عليه وسلم لا يسمونه باسمه الدال على المدح فيعدلون الى ضده فيقولون مذمم، وإذا ذكروه بسوء قالوا فعل الله بمذمم وليس هو اسمه ولا يعرف به، فكان الذى يقع منهم فى ذلك مصروفا إلى غيره اهـ (قلت) وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم (الا تعجبوا كيف يصرف عنى شتم قريش) (تخريجه) (خ نس) (7) (سنده) حدّثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبى سفيان عن أنس

فجاءت تمشي حتى قامت بين يديه، فقال مرها فلترجع، فأمره فرجعت الى مكانها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبى (عن سليمان بن زياد الحضرمى) أن عبد الله بن الحرث بن جزء الزبيدى حدثه أنه مر وصاحب له بأيمن وفئة من قريش قد حلوا أزرهم فجعلوها مخاريق يجتلدون بها وهم عراة، قال عبد الله فلما مررنا بهم قالوا ان هؤلاء قسيسون فدعوهم، ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج عليهم فلما أبصروه تبددوا فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبا حتى دخل، وكنت أنا وراء الحجرة فسمعته يقول سبحان الله لا من الله استحيوا ولا من رسوله استتروا، وأم أيمن عنده تقول استغفر لهم يا رسول الله قال عبد الله فبلأى مما استغفر لهم (عن مسروق) قال قال خباب بن الأرت رضي الله عنه كنت قينًا بمكة فكنت أعمل للعاص بن واثل فاجتمت لى عليه دراهم فجئت اتقاضاه، فقال لا أقاضينك حتى تكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم قال قلت والله لا أكفر بمحمد صلى الله عليه وسلم حتى تموت ثم تبعث، قال فاذا بعثت كان لي مال

_ ابن مالك الخ (غريبه) (1) أراد جبريل عليه السلام تسلية النبى صلى الله عليه وسلم بهذه المعجزة فانصرف عن النبى صلى الله عليه وسلم ما يجد من الحزن وقال حسبى، يعنى كفانى هذه المعجزة (وما من نبى الا وقد آذاه قومه) وذلك من تمام حكمة الله عز وجلى ليظهر شرفهم فى هذه المقامات ويبين أمرهم وتتم كلمته فيهم وليحقق بامتحانهم بشريتهم ويرفع الالتباس على أهل الضعف فيهم لئلا يضلوا بما يظهر من العجائب على أيديهم ضلال النصارى بعيسى بن مريم، ولتكون فى محنتهم تسلية لأممهم ووفور لأجورهم عند ربهم تماما على الذى أحسن اليهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله من رجال الصحيحين (وعن أنس أيضا) قال لقد ضربوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى غشى عليه فقام أبو بكر فجعل ينادى ويلكم أتقتلون رجلا أن يقول ربى الله، فقالوا من هذا؟ فقالوا أبو بكر المجنون: اورده الهيثمى وقال رواه (عل بز) وزاد البزار فتركوه وأقبلوا على أبى بكر ورجاله رجال الصحيح (2) (سنده) حدّثنا هارون ثنا عبد الله بن وهب ثنا عمرو أن سليمان بن زياد الحضرمى حدثه أن عبد الله بن الحارث الخ (غريبه) (3) قال الحافظ فى التقريب هو آخر من مات من الصحابة بمصر سنة ست وثمانين على الأصح (4) ايمن بوزن احمد هو ابن عبيد، امه أم أيمن حاضنة رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمها بركة بفتح الباء الموحدة والراء وكنيت بابنها أيمن بن عبيد، وهو أخو اسامة بن زيد لأمه، استشهد أيمن يوم حنين، والظاهر أنه تصادف وجود أيمن فى هذا المكان فشاركهم فى عملهم، أو يكون ذلك قبل إسلامه والله أعلم (5) جمع مخراق قال فى النهاية وهو ثوب يلف ويضرب به الصبيان بعضهم بعضا، ومنه الحديث أن أيمن وفتية معه حلوا أزرهم وجعلوها مخاريق واجتلدوا بها اهـ أى صار يضرب بعضهم بعضا (وقوله وهم عراة) يفيد أنه لم يكن لهم ثوب سوى الازار (6) جمع قسيس وهو عالم للنصارى، والظاهر أنهم قالوا ذلك استهزاءا بهم (7) أى تفرقوا (8) انما قالت ذلك أم أيمن لأن ابنها كان معهم فخافت أن يصيبه شئ من غضب رسول الله صلى الله عليه وسلم (9) أبى بعد مشقة وجهد وإبطاء استغفر لهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله ثقات (10) (عن مسروق الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب أفرأيت الذى كفر بآياتنا الخ من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 210 رقم 350

وولد (وفي رواية فاتى إذا مت ثم بعثت ولى ثمَّ مال وولد فأعطيك) قال فذكرت ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فأنزل الله تبارك وتعالى {أفرأيت الذى كفر بآياتنا وقال لأوتينّ مالا وولدا حتى بلغ فردا} (عن خبّاب بن الأرت) أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى ظل الكعبة متوسدا بردة له فقلنا يا رسول الله ادع الله تبارك وتعالى لنا واستنصره، قال فاحمر لونه أو تغير، فقال لقد كان من كان قبلكم يحفر له حفرة ويجاء بالمنشار فيوضع على رأسه فيشق ما يصرفه عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظم من لحم أو عصب ما يصرفه عن دينه، وليتمن الله تبارك وتعالى هذا الأمر حتى يسير الراكب ما بين صنعاء الى حضرموت لا يخشى الا الله تعالى والذئب على غنمه ولكنكم تعجلون (باب ما جاء فى تعنت قريش فى طلب الآييات واصرارهم على العناد وتآمرهم على قتل سيد العباد صلى الله عليه وسلم) (عن انس بن مالك) قال سال أهل مكة النبى صلى الله عليه وسلم آية فانشق القمر بمكة مرتين فقال {اقتربت الساعة وانشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر} (عن جبير بن مطعم) قال انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فصار فرقتين فرقة على هذا الجبل وفرقة على هذا الجبل، فقالوا سحرنا محمد، فقالوا ان كان سحرنا فانه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم (عن ابن عباس) قال قالت قريش للنبى صلى الله عليه وسلم ادع لنا ربك أن

_ فارجع إليه (1) (عن خباب بن الأرت الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الصبر على المكاره مطلقا منم كتاب الصبر فى الجزء التاسع عشر صحيفة 130 رقم 18 وهو حديث صحيح رواه (خ دنس) وانما ذكرته هنا لمناسبة الترجمة (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه معناه انهم شكوا اليه ما يلقون من المشركين من التعذيب بحر الرمضاء وانهم يسحبونهم على وجوههم فيتقون بأكفهم وغير ذلك من انواع العذاب وسألوا منه ان يدعو الله لهم على المشركين او يستنصر عليهم فوعدهم ذلك ولم ينجزه لهم فى الحالة الراهنة واخبرهم عمن كان قبلهم انهم كانوا يلقون من العذاب ما هو اشد مما اصابهم ولا يصرفهم ذلك عن دينهم: ويبشرهم ان الله سيتم هذا الأمر ويظهره ويعلنه وينصره وينشره فى الاقاليم والآفاق حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت لا يخاف الا الله عز وجل والذئب على غنمه ولكنكم تعجلون (باب) (2) (عن انس بن مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب قوله تعالى {اقتربت الساعة وانشق القمر} من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 289 رقم 444 (3) (سنده) حدّثنا محمد بن كثير قال ثنا سليمان بن كثير عن حصين بن عبد الرحمن عن محمد بن جبير بن مطعم عن ابيه قال انشق القمر الخ (غريبه) (4) روى البيهقى بسنده عن مسروق عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) قال انشق القمر بمكة حتى صار فرقتين فقال كفار قريش أهل مكة هذا سحر سحركم به ابن ابى كبشة انظروا السفار فان كانوا رأوا ما رأيتم فقد صدق، وان كانوا لم يروا مثل ما رأيتم فهو سحر سحركم به، قال فسئل السفار قال وقدموا من كل وجهة فقالوا رأينا: ورواه أيضا ابو داود الطيالسى ورواه ابن جرير من حديث المغيرة به وزاه فأنزل الله عز وجل {اقتربت الساعة وانشق القمر} (تخريجه) رواه البيهقى وابن جرير وسنده جيد (5) (سنده) ِحدّثنا عبد الرحمن حدثنا سفيان عن سلة بن كهيل عن عمران بن الحكم

يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن بك، قال وتفعلون، قالوا نعم قال فدعا فأتاه جبريل فقال ان ربك عز وجل يقرأ عليك السلام ويقول ان شئت أصبح لهم الصفا ذهبا فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذابا لا أعذبه احدا من العالمين، وان شئت فتحت لهم أبواب التوبة والرحمة قال بل باب التوبه والرحمة (عن ابن عباس) أن الملأ من قريش اجتمعوا فى الحجر فتعاقدوا باللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى ونائلة وإساف لو قد رأينا محمدا لقد قمنا اليه قيام رجل واحد فلم نفارقه حتى نقتله، فاقبلت ابنته فاطمة (رضي الله عنها) تبكى حتى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت هؤلاء الملأ من قريش قد تعاقدوا عليك لو قد رأوك لقد قاموا اليك فقتلوك فليس منهم رجل الا قد عرف نصيبه من دمك، فقال يا بنية أرينى وضوءا فتوضأ ثم دخل عليهم المسجد، فلما رأوه قالوا ها هو ذا وخفضوا أبصارهم وسقطت أذقانهم فى صدورهم وعقروا فى مجالسهم فلم يرفعوا اليه بصرا ولم يقم اليه رجل، فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قام على رءوسهم فأخذ قبضة من التراب فقال شاهت الوجوه ثم حصبهم بها فما أصاب رجلا منهم من ذلك الحصى حصاة الا قتل يوم بدر كافرا (باب فى تخصيصه صلى الله عليه وسلم بني عبد المطلب بدعوة ليريهم بعض الآيات الدالة على نبوته رحمة بهم لانهم أقرب الناس اليه فلم يستجيبوا له) (عن على رضي الله عنه) قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم او دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى عبد المطلب فيهم رهط كلهم يأكل الجذعة ويشرب الفرق قال فصنع لهم مدا من طعام فأكلوا حتى شبعوا، قال وبقى الطعام كما هو كأنه

_ عن ابن عباس الخ (قلت) وله طريق آخر عن ابن عباس ايضا عند الامام احمد تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا ان كذب بها الأولون من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 193 رقم 327 (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رجال الروايتين رجال الصحيح الا ان فى احد طرقه عمران بن الحكم (يعنى طريق حديث الباب) وهو وهم وفى بعضها عمران ابو الحكم، وهو ابن الحارث وهو الصحيح، ورواه البزار بنحوه اهـ (قلت) واورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للامام احمد وابن مردويه والحاكم فى مستدركه من حديث سفيان الثورى وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبى (1) (سنده) حدّثنا اسحاق بن عيسى حدثنا يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) هذه أسماء أصنام لهم (3) قال فى النهاية العقر بفتحتين أن تسلم الرجل قوائمه فى الخوف، وقيل هو أن يفجأه الروع فيدهش ولا يستطيع أن يتقدم أو يتأخر (4) أى قبح منظرها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد ورجاله رجال الصحيح (باب) (5) (سنده) حدّثنا عفان حدثنا أبو عوانه عن عثمان بن المغيرة عن أبى صادق عن ربيعة بن ناجذ عن على الخ (غريبه) (6) الجذع من الابل ما دخل فى السنة الخامسة ومن البقر والمعز ما دخل فى السنة الثانية وقيل البقر فى الثالثة، ومن الضأن ما تمت له سنة، والظاهر ان المراد جذع الضأن أو المعز (7) الفرق بفتح الفاء والراء مكيال يسع ستة عشر رطلا وهو اثنا عشر مدًا أو ثلاثة آصع عند أهل الحجاز، وقيل الفرق خمسة اقساط والقسط نصف صاع (ته)

لم يمس ثم دعا بغمر فشربوا حتى رووا وبقى الشراب كانه لم يمس أو لم يشرب: فقال يا بنى عبد المطلب انى بعثت لكم خاصة والى الناس بعامة وقد رأيتم من هذه الأية ما رأيتم فأيكم يبايعنى على أن يكون أخى وصاحبى؟ قال فلم يقم اليه أحد، قال فقمت اليه وكنت أصغر القوم قال فقال أجلس قال ثلاث مرات كل ذلك أقوم اليه فيقول لى اجلس حتى كان فى الثالثه ضرب بيده على يدى (باب فى تكسيره صلى الله عليه وسلم الأصنام التى كانت لقريش على الكعبة مع على رضي الله عنه انتصارًا للحق وازهاقا للباطل) (عن على رضى الله عنه) قال انطلقت أنا والنبى صلى الله عليه وسلم حتى أتينا الكعبة فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلس وصعد على منكبى فذهبت لأنهض به فرأى منى ضعفا فنزل وجلس بنى الله صلى الله عليه وسلم وقال اصعد عل منكبى قال فصعدت على منكبه قال فنهض بى قال فانه يخيل الى أنى لو شئت لنلت أفق السماء حتى صعدت على البيت وعليه تمثال صفر أو نحاس فجعلت أزاوله عن يمينه وعن شماله وبين يديه ومن خلفه حتى إذا استمكنت منه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اقذف به فقذفت به فتكسر كما تنكسر القوارير ثم نزلت فنطلقنا انا ورسول الله صلى الله عليه وسلم نستبق توارينا بالبيوت خشية أن يلقانا أحد من الناس (وعنه أيضا) قال كان على الكعبة أصنام فذهبت لأحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم استطع فحملني فجعلت أقطعها ولو شئت لنلت السماء (باب ما جاء فى هجرة بعض الصحابة رضي الله عنه الى الحبشة فرارا بدينهم من الفتنة وهى أول هجرة فى الاسلام) (عن عبد الله بن عتبة) عن ابن مسعود قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الى النجاشى ونحن نحو من ثمانين رجلا فيهم عبد الله

_ (1) بضم الغين المعجمة وفتح الميم القدح الصغير (2) الآية هى ما وضعه الله عز وجل من البركة فى الطعام القليل وكذلك الشراب الذى لا يكفى رجلا واحدًا فقد أكل الجميع وبقى الطعام والشراب كما هو لم ينقص شيئًا، وهذه معجزة عظيمة ومع هذا فلم يبايعه إلا على رضي الله عنه (تخريجه) اورده الهيثمى مطولا وقال رواه البزار واللفظ له واحمد باختصار والطبرانى فى الأوسط باختصار أيضًا، ورجال احمد واحد إسنادى البزار رجال الصحيح غير شريك وهو ثقة (باب) (3) (سنده) حدّثنا اسباط بن محمد حدثنا نعيم بن حكيم المدائنى عن أبى مريم عن على الخ (غريبه) (4) بضم الفاء وسكونها ناحيتها (5) بضم الصاد المهملة وسكون الفاء ضرب من النحاس (6) اعالجه واحاوله (7) القوارير الزجاج (8) أى نعدوا كعدو المتسابقين أى خوفا من أن يراهما أحد من الناس، وذلك كان فى أول الدعوة قبل الهجرة (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه احمد وابنه وابو يعلى والبزار وزاد بعد قوله حتى استترنا بالبيوت فلم يوضع عليها بعد، يعنى شيئًا من تلك الأصنام ورجال الجميع ثقات (ز) (9) (سنده) حدّثنا نصر بن على حدثنا عبد الله بن داود عن نغيم بن حكيم حدثنى ابو مريم حدثنا على ابن ابى طالب قال كان على الكعبة الخ (تخريجه) هذا الحديث مختصر من الذى قبله وهو من زوائد عبد الله بن الامام أحمد على مسند ابيه واخرجه أيضًا (حم على بز) ورجاله ثقات (باب) (10) (سنده) حدّثنا حسن بن موسى قال سمعت حديجًا اخا زهير بن معاوية عن ابى اسحاق عن عبد الله بن عتبة الخ (غريبه) (11) قال فى المواهب اللدنية ثم اذن رسول الله صلى الله عليه وسلم

ابن مسعود وجعفر وعبد الله بن عرفطة وعثمان بن مظعون وأبو موسى فأتوا النجاشى وبعثت قريش عمرو بن العاص وعمارة بن الوليد بهدية فلما دخلا على النجاشى سجدا له ثم ابتدراه عن يمينه وعن شماله ثم قال له ان نفرا من بنى عمنا نزلوا أرضك ورغبوا عنا وعن ملتنا، قال فأين هم؟ قالوا هم فى أرضك فابعث اليهم، فبعث اليهم فقال جعفر انا خطيبكم اليوم فاتبعوه: فسلم ولم يسجد، فقالوا له مالك لا تسجد للملك؟ قال انا لا نسجد الا لله عز وجل، قال وما ذاك؟ قال ان الله عز وجل بعث الينا رسوله صلى الله عليه وسلم وأمرنا أن لا نسجد لأحد الا لله عز وجل وأمرنا بالصلاة والزكاة، قال عمرو بن العاص فانهم يخالفونك فى عيسى بن مريم، قال ما تقولون فى عيسى بن مريم وأمه؟ قالوا نقول كما قال الله عز وجل هو كلمة الله وروحه القاها الى العذراء البتول التى لم يمسها بشر ولم يفرضها ولد، قال فرفع عودا من الأرض ثم قال يا معشر الحبشة والقسيسين والرهبان، والله ما يزيدون على الذيى يقول ما يسوى هذا: مرحبا بكم وبمن جئتم من عنده، اشهد أنه رسول الله فانه الذى نجد فى الأنجيل وأنه الرسول الذى بشر به عيسى بن مريم، انزلوا حيث شئتم، والله لولا ما أنا فيه من الملك لأتيته حتى أكون أنا أحمل نعليه وأوضئه وأمر بهدية الآخرين فردت اليهما، ثم تعجل عبد الله بن مسعود حتى أدرك بدرًا وزعم أن النبى صلى الله عليه وسلم استغفر اله حين بلغا موته

_ لأصحابه في الهجرة إلى الحبشة وذلك فى رجب سنة خمس من النبوة فهاجر اليها ناس ذوو عدد منهم من هاجر بأهله ومنهم من هاجر بنفسه وكانوا أحد عشر رجلا وأربع نسوة وأميرهم عثمان بن مظعون، وكان أول من خرج عثمان بن عفان مع امرأته رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبطأ عليه خبرهما، فقدمت امرأة فقالت رأيتهما وقد حمل عثمان امرأته على حمار، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان عثمان لأول من هاجر بأهله بعد لوط، فلما رأت قريش استقرارهم فى الحبشة وأمنهم أرسلوا عمرو بن العاص الخ: وقوله فى المواهب وكانوا أحد عشر رجلا الخ يعنى أول دفعة ثم تتابع المسلمون حتى بلغوا نحوًا من ثمانين رجلا كما فى حديث الباب (1) هو ابن ابى طالب وابن عم النبى صلى الله عليه وسلم (2) انما بعثت قريش عمرو بن العاص قبل اسلامه مع عمارة بن الوليد ومعهما هدية للنجاشى ليسيئا من سمعة المهاجرين فيطردهم النجاشى، وقد وقع عكس ما ارادوا فقد رد النجاشى عليهم هديتهم واكرم المهاجرين واحسن وفادتهم (3) العذراء هى البكر (والبتول) هى المنقطعة عن الرجال لا شهوة لها فيهم (4) هكذا بالاصل ولم يفرضها ولد وجاء فى مجمع الزوائد وفى النهاية لم يفترضها ولد: قال فى النهاية اى لم يؤثر فيها ولم يحزَّها يعنى قبل المسيح (5) معناه أن ابن مسعود رضي الله عنه رجع من الحبشة الى المدينة فحضر غزوة بدر (6) أى للنجاشى حين بلغه موته وأمر الصحابة فصلى بهم صلاة الجنازة على النجاشى وهى الصلاة على الغائب وتقدم الكلام على ذلك فى باب صلاة الجنازة على الغائب فى كتاب الجنائز فى الجزء السابع (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى (قلت) وغفل عن عزوه للامام احمد قال وفيه حديج بن معاوية وثقه أبو حاتم وقال فى بعض حديثه ضعف، وضعفه ابن معين وغيره اهـ (قلت) وأورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه بسنده ولفظه وعزاه للامام احمد وقال هذا إسناد جسد قوى وسياق حسن، قال وفيه ما يقتضي

(عن أبي بكر بن عبد الرحمن) بن الحرث بن هشام المخزومى عن أم سلمة ابنة أبى أمية بن المغيرة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لما نزلنا أرض الحبشة جاورنا بها خير جار النجاشى، أمِّنا على ديننا وعبدنا الله لا نؤذى ولا نسمع شيئًا نكرهه؛ فلما بلغ ذلك قريشا ائتمروا أن يبعثوا إلى النجاشى فينا رجلين جلدين وان يهدوا للنجاشى هدايا مما يستطرف من متاع مكة؛ وكان من أعجب ما يأتيه منها اليه الأدم فجمعوا له ادما كثيرا ولم يتركوا من بطارقته بطريقا الا أهدوا له هدية ثم بعثوا بذلك مع عبد الله بن أبى ربيعة بن المغيرة المخزومى وعمرة بن العاص بن وائل السهمى وأمروهما أمرهم وقالوا لهما ادفعوا الى كلك بطريق هديته قبل أن تكلموا النجاشى فيهم، قم قدّموا للنجاشى هداياه ثم سلوه أن يسلمهم اليكم قبل أن يكلمهم، نالت فخرجنا فقد منا على النجاشى، ونحن عنده بخير دار وعند خير جار فلم يبق من بطارقته بطريق الا دفعا اليه هديته قبل أن يكلما النجاشى، ثم قالا لكل بطريق

_ أن أبا موسى كان ممن هاجر من مكة الى أرض الحبشة إن لم يكن ذكره مدرجا من الرواة والله أعلم ثم قال وقد روى عن ابى اسحاق السبيعى من وجه آخر ثم روى من كتاب الدلائل لأبى نعيم حديثا طويلا باسناده إلى أبى موسى وفى أوله أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتطلق مع جعفر بن أبى طالب إلى أرض النجاشى الخ، ثم قال بعد ذلك وهكذا رواه الحافظ البيهقى فى الدلائل من طريق أبى على الحسن بن سلام السواق بن عبيد الله بن موسى فذكر باسناده مثله الى قوله فأمر لنا بطعام وكسوة قال وهذا اسناد صحيح وظاهره يدل على أن أبا موسى كان بمكة وأنه خرج مع جعفر بن أبى طالب الى أرض الحبشة: والصحيح عن يزيد بن عبد الله بن أبى بردة عن جده عن أبى موسى أنه بلغهم مخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وهم باليمن فخرجوا مهاجرين فى بضع وخمسين رجلا فى سفينة فألقتهم سفينتهم الى النجاشى بأرض الحبشة فوافقوا جعفر بن أبى طالب وأصحابه عندهم، فأمره جعفر بالإقامة فأقاموا عنده حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن خيبر، قال وأبو موسى شهد ما جرى بين جعفر وبين النجاشى فاخبر عنه، قال ولعل الراوى وهم فى قوله أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ننطلق والله أعلم (1) (سنده) حدّثنا يعقوب حدثنا أبى عن محمد بن اسحاق حدثنى محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب عن ابى بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام المخزومى عن أم سلمة الخ (غريبه) (2) بفتح الجيم وسكون اللام أي قويين فى نفسهما وجسدهما (3) بفتح الهمزة والدال المهملة هو ما يؤتدم به الطعام (4) تقدم فى حديث ابن مسعود أن الذى كان مع عمرة بن العاص عمارة بن الوليد بن المغيرة (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) قيل إن قريشا بعثت الى النجاشى فى أمر المهاجرين مرتين: الأولى مع عمرو بن العاص وعمارة والثانية مع عمرو وعبد الله بن أبى ربيعة، نص عليه أبو نعيم فى الدلائل والله أعلم، وقد قيل إن البعثة الثانية كانت بعد وقعة بدر، قاله الزهرى لينالوا ممن هناك ثأرا فلم يجبهم النجاشى رضي الله عنه وارضاه الى شئ مما سألوا فالله أعلم (قلت) عمارة بن الوليد أحد الذين دعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين تضاحكوا يوم وضع سلا الجزور على ظهره صلى الله عليه وسلم وهو ساجد، وقد اوقع الله بينه وبين عمرو فتكايدا عند النجاشى فكاد عمرو عمارة عنده حتى اتهمه ببعض نسائه، فتحاشى النجاشى من قتله وامر السواحر فسحرته فتوحش من الإنس وهام على وجهه مع الوحش حتى هلك هناك (أما عبد الله بن أبي ربيعة)

منهم أنه قد صبا الى بلد الملك منا غلمان سفهاء وفارقوا دين قومهم ولم يدخلوا فى دينكم وجاؤا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا إلى الملك فيهم أشراف قومهم ليردّهم، اليهم، فاذا كلمان الملك فيهم فتشيروا عليه بأن يسلمهم الينا ولا يكلمهم فان قومهم أعلى بهم عينا واعلم بما عابو عليهم فقالوا لهما نعم، ثم انهما قرّبا هداياهم إلى النجاشى فقبلها منهما، ثم كلماه فقالا له أيها الملك أنه قد صبا إلى بلدك منا غلمان سفهاء فارقوا دين قومهم ولم يدخلوا فى دينك وجاءوا بدين مبتدع لا نعرفه نحن ولا أنت، وقد بعثنا اليك فيهم أشراف قومهم حتى آباؤهم وأعمامهم وعشائرهم لتردهم اليهم فهم أعلى بهم عينا وأعلم بم عابوا عليهم وعاتبوهم فيه، قالت ولم يكن شئ أبغض إلى عبد الله بن أبى ربيعة وعمروا بن العاص من أن يسمع النجاشى كلامهم، فقالت بطارقته حوله صدقوا أيها الملك، قومهم أعلى بهم عينا واعلم بما عابوا عليهم بأسلمهم اليهما فليرداهم إلى بلادهم وقومهم، قال فغضل النجاشى ثم قال لا ها الله ايم الله إذًا لا أسلمهم اليهما ولا أكاد قوما جاورونى ونزلوا بلادى واختارونى على من سواى حتى أدعوهم فأسالهم ما يقول هذان فى أمرهم، فان كانوا كما يقولون اسلمتهم اليهما ورددتهم الى قومهم، وان كانوا على غير ذلك منعتهم منهما وأحسنت جوارهم ما جاورونى، قالت، ثم أرسل إلى اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعاهم، فلما جاءهم رسوله اجتمعوا: ثم قال بعضهم لبعض ما تقولون للرجل إذا جئتموه؟ قالوا نقول والله ما علمنا وما أمرنا به نبينا صلى الله عليه وسلم كائن فى ذلك ما هو كائن، فلما جاءوه وقد دعا النجاشى اساقفته فنشروا مصاحفهم حوله سألهم فقال ما هذا الدين الذى فارقتم فيه قومكم ولم تدخلوا فى دينى ولا فى دين أحد من هذه الأمم؟ قالت فكان الذى كلمه جعفر بن أبى طالب فقال له أيها الملك كنا قوما أهل جاهلية نعبد الأصنام ونأكل الميتة وتأتى الفواحش ونقطع الأرحام ونسيئ الجوار، يأكل القوى منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله الينا رسولا منا نعرف نسبه وصدقه وامانته وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده ونخلع ما كنا نحن نعبد وأباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث وأداء الأمانة وصلة الرحم وحسن الجوار والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش وقول الزور وأكل مال اليتيم وقذف المحصنة، وأمرنا أن نعبد الله وحده لا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام قال فعدد عليه أمور الاسلام: فصدقناه وآمنا به واتبعناه على ما جاء به وعبدنا الله وحده فلم نشرك

_ ابن المغيرة المحزومى فقد اسلم فى فتح مكة فهو من مسلمة الفتح وهو أخو ابى جهل لأمه (1) صبا بدون همز اى مال ويجوز همزها أيضا، ومنه صبأ أى خرج من دين الى دين (2) قال السهيلى أى ابصر بهم يعنى عينهم وابصارهم فوق عين غيرهم فى امرهم، فالعين ها هنا بمعنى الرؤية، والابصار بمعنى العين التى هى الجارجة (3) (قال فى القاموس ولاة الله الخلق خلقهم) كأنه يقسم بخالق الخلق (وايم الله) من ألفاظ القسم كقولك لعمر الله وعهد الله وفيها لغات كثيرة، وتفتح همزتها وتكسر، وهمزتها وصل وقد تقطع، واهل الكوفة من النحاة يزعمون أنها جمع يمين، وغيرهم يقول هى اسم موضوع القسم (نه) (4) بضم الهمزة فعل مبنى للمجهول أى ولا يقدر احد على أن يكيدنى بسبب منعهم، والمعنى أنه لا يسلمهم

به شيئًا، وحرمنا ما حرِّم علينا وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومنا فعبونا وفتنونا عن ديننا ليردونا الى عبادة الأوثان من عبادة الله، وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وشقوا علينا حالوا بيننا وبين ديننا خرجنا إلى بلدك واخترناك على من سواك ورغبنا فى جوارك ورجونا أن لا نظلم عندك أيها الملك، قالت، فقال له النجاشى هل معك مما جاء به عن الله من شئ؟ قالت فقال له جعفر نعم، فقال له النجاشى فاقرأه على، فقرأ عليه صدرًا من كهيعص قالت فبكى والله النجاشى حتى أخضل لحيته وبكت أساقفته حتى اخضلوا مصاحفهم حين سمعوا ما تلاه عليهم ثم قال النجاشى ان هذا والله والذى جاء به موسى ليخرج من مشكاة واحدة، انطلقا فوالله لا اسلمهم اليكم أبدًا ولا أكاد: قالت أم سلمة فلما خرجنا من عنده قال عمرو بن العاص والله لأنبئنهم غدًا عيبهم عندهم ثم أستأصل به خضراءهم قالت فقال له عبد الله بن أبى ربيعة وكان أتقى الرجلين فينا لا تفعل فان لهم ارحاما وان كانوا قد خالفونا، قال والله لأخبرنه أنهم يزعمون أن عيسى بن مريم عبد: قالت ثم غدا عليه الغد فقال أيها الملك إنهم يقولون فى عيسى بن مريم قولا عظيما فأرسل اليهم فاسألهم عما يقولون فيه، قالت فأرسل اليهم يسألهم عنه، قالت ولم ينزل بنا مثله، فاجتمع القوم فقال بعضهم لبعض ماذا تقولون فى عيسى إذا سألكم عنه؟ قالوا نقول والله فيه ما قال الله وما جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم كائنا فى ذلك ما هو كائن، فلما دخلوا عليه قال لهم ما تقولون فى عيسى بن مريم؟ فقال له جعفر بن أبى طالب نقول فيه الذى جاء به نبينا صلى الله عليه وسلم هو عبد الله ورسوله وروحه وكلمته القاها إلى مريم العذراء البتول، قالت فضرب النجاشى بيده إلى الأرض فاخذ منها عودًا ثم قال ما عدا عيسى بن مريم ما قلت هذا العود: فتناخرت بطارقته حوله حين قال ما قال، فقال وإن نخرتم والله اذهبوا فأنتم سيوم بارضى والسيوم الآمنون من سبكم غرِّم ثم من سبكم غرم فما أحب أن لى دبرًا ذهبا وأنى آذيت رجلا منكم: والدبر بلسان الحبشة الجبل ردوا عليهما هداياهما فلا حاجة لنا بها، فوالله ما أخذ الله منى الرشوة حين رد على ملكى فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس فيَّ فأطيعهم فيه، قالت فخرجا من عنده مقبوحين مردودا عليهما ما جاءآ به وأقمنا عنده بخير دار مع خير جار، قالت فوالله إنا على ذلك إذ نزل به يعنى من ينازعه فى ملكه، قالت ما علمنا حزنا قط كان أشد من حزن حزناه عند ذلك تخوفا أن يظهر ذلك على النجاشى فيأتى رجل لا يعرف من حقنا ما كان النجاشى يعرف منه، قالت وسار النجاشى وبينهما عرّض النيل، قالت فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من رجل يخرج حتى يحضر وقعة القوم يأتينا بالخبر؟

_ أبدًا ولا يهمه فى ذلك شئ ولا يخشى أن يلقى فيه كيدًا (1) أى بلها بالدموع (2) أى دهماءهم وسوادهم (3) بالخاء المعجمه قال فى النهاية اى تكلمت، وكأنه كلام مع غضب ونفور واصله من النخر وهو صوت الأنف (4) بالسين المهملة قال فى النهاية اى آمنون كذا جاء فى تفسيره فى الحديث وهى كلمة حبشية وتروى بفتح السين، وقيل سيوم جمع سائم اى تسومون فى بلدى كالغنم السائمة لا يعارضكم احد (5) بفتح الذال المهملة وسكون الباء الموحدة الجبل بلسان الحبشة كما فسره الراوي في الحديث

قالت فقال الزبير بن العوام انا، قالت وكان من أحدث القوم سنا قالت فنفخوا له قربة فجعلها فى صدره ثم سبح عليها حتى خرج إلى ناحية النيل التى بها ملتقى القوم، ثم انطلق حتى حضرهم، قالت ودعونا الله للنجاشى بالظهور على عدوه والتمكين له فى بلاده، واستوسق عليه أمر الحبشة فكنا عنده فى خير منزل حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بمكة

_ (1) أي اجتمعوا على طاعته واستقر الملك فيه (نه) (تخريجه) الحديث صحيح ورواه ابن هشام فى سيرته بطوله عن ابن اسحاق، واورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح غير ابن اسحاق وقد صرح بالسماع (باب حديث عائشة رضي الله عنها فى تاريخ حياة النجاشى ونشأته وعدله رضي الله عنه) قال ابن اسحاق بعد رواية حديث أم سلمة بطوله (قال الزهرى) فحدثت عروة بن الزبير حديث ابى بكر ابن عبد الرحمن عن أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم فقال هل تدرى ما قوله ما أخذ الله منى الرشوة حين رد علىّ ملكى فآخذ الرشوة فيه، وما أطاع الناس فيّ فاطيع الناس فيه؟ قال قلت لا، قال فان عائشة أم المؤمنين حدثتنى أن أباه كان ملك قومه ولم يكن له ولد إلا النجاشى، وكان النجاشى، عم: له من صلبه اثنا عشر رجلا، وكانوا أهل بيت مملكة الحبشة، فقالت الحبشة بينها لو انا قتلنا أبا النجاشى وملكنا أخاه فانه لا ولد له غير هذا الغلام، وإن لأخيه من صلبه اثنى عشر رجلا فتوارثوا ملكه من بعده بقيت الحبشة بعده دهرًا فعدوا على أبى النجاشى فقتلوه وملكوا أخاه فمكثوا على ذلك حينًا ونشأ النجاشى مع عمه وكان لبيبا حازما من الرجال، فغلب على أمر عمه ونزل منه بكل منزلة، فلما رأت الحبشة مكانه قالت بينها والله لقد غلب هذا الفتى على امر عمه وانا انتخوف أن يملكه علينا، وان ملكه علينا ليقتلنا اجمعين، لقد عرف انا نحن قتلنا أباه، فمشوا إلى عمه فقالوا إما أن تقتل هذا الفتى وإما ان نخرجه من بين أظهرنا فانا قد خفناه على انفسنا، قال ويلكم قتلت أباه بالأمس وأقتله اليوم، بل أخرجه من بلادكم، قالت فخرجوا به الى السوق فباعوه من رجل من التجار بستمائة درهم فقذفه فى سفينة فانطلق به حتى اذا كان العشى من ذلك اليوم هاجب سحابة من سحاب الخريف فخرج عمه يستمطر تحتها فأصابته صاعقه فقتلته، قالت ففزعت الحبشة الى ولده فاذا هو محمق ليس فى ولده خير؛ فمرج على الحبشة أمرهم، فلما ضاق عليهم ما هم فيه من ذلك قال بعضهم لبعض تعلموا والله ان ملككم الذى لا يقيم امركم غيره للذى بعتم غدوة، فان كان لكم بأمر الحبشة حاجة فأدركوه، قالت فخرجوا فى طلبه وطلب الرجل الذى باعوه منه حتى ادركوه فأخذوه منه ثم جاءوا به فعقدوا عليه التاج واقعدوه على سرير الملك فملكوه، فجاءهم التاجر الذى كانوا باعوه منه فقال إما ان تعطونى مالى وإما ان اكلمه فى ذلك، قالوا لا نعطيك شيئا، قال اذًا والله اكلمه، قالوا فدونك واياه، قالت فجاءه فجلس بين يديه فقال ايها الملك ابتعت غلاما من قوم بالسوق بستمائة درهم فأسلموا الى غلامى واخذوا دراهمى حتى اذا سرت بغلامى ادركونى فأخذوا غلامى ومنعونى دراهمى، قالت فقال لهم النجاشى لتعطنَّه دراهمه او ليضعنَّ غلامه يده فى يده فليذهبنّ به حيث شاء، قالوا بل نعطيه دراهمه، قالت فلذلك يقول ما أخذ الله منى رشوة حين رد علىّ ملكى فآخذ الرشوة فيه، وما اطاع الناس فيّ فاطيع الناس فيه، قالت وكان ذلك اول ما خبر من صلابته فى دينه وعدله فى حكمه (قال ابن اسحاق) وحدثنى يزيد بن رومان عن عروة بن الزبير عن عائشة قالت لما مات النجاشى كان يتحدث انه لا يزال يرى على قبره نور، (قال ابن إسحاق) وحدثني

(باب ما جاء في إسلام عم بن الخطاب رضي الله عنه وسببه) (عن ابن عمر) رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال الله مأعز الاسلام بأحب هذين الرجلين اليك بأبى جهل أو بعمر بن الخطاب: فكان أحبهما الى الله عز وجل عمر بن الخطاب

_ جعفر بن محمد عن أبيه قال اجتمعت الحبشة فقالوا للنجاشى انك قد فارقت ديننا وخرجوا عليه، قال فأرسل الى جعفر وأصحابه فهيأ لهم سفنا وقال اركبوا فيها وكونوا كما أنتم، فان هزمت فامضوا حتى تلحقوا بحيث شئتم، وان ظفرت فاثبتوا، ثم عمد الى كتاب فكتب فيه هو يشهد ان لا اله الا الله وان محمدا عبده ورسوله، ويشهد أن عيسى بن مريم عبده ورسوله وروحه وكلمته القاها الى مريم، ثم جعله فى قبائه عند المنكب الأيمن وخرج الى الحبشة وصفوا له، فقال يا معشر الحبشة الست أحق الناس بكم؟ قالوا بلى قال فكيف رأيتم سيرتى فيكم؟ قالوا خير سيرة، قال فما لكم؟ قالوا فارقت ديننا وزعمت أن عيسى عبد، قال فما تقولون أنتم فى عيسى؟ قالوا نقول هو ابن الله، فقال النجاشى ووضع يده على صدره على قبائه هو يشهد أن عيسى بن مريم لم يزد على هذا شيئا، وإنما يعنى ما كتب: فرضوا وانصرفوا، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فلما مات النجاشى صلى عليه واستغفر له رضي الله عنه وأرضاه اهـ (قلت) وثبت فى الصحيحين وعند الامام احمد وغيرهم من حديث أبى هريرة ان النبى صلى الله عليه وسلم نعى النجاشى فى اليوم الذى مات فيه وخرج بهم الى المصلى فصف بهم وكبر أربع تكبيرات، وتقدم ذلك فى باب صلاة الجنازة على الغائب من كتاب الجنائز فى الجزء الرابع صحيفه 318 رقم 169 (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه وشهود أبى هريرة رضي الله عنه الصلاة على النجاشى دليل على أنه انما مات بعد فتح خيبر التى قدم بقية المهاجرين الى الحبشة مع جعفر بن أبى طالب رضي الله عنه يوم فتح خيبر، ولهذا روى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال والله ما أدرى بأيهما أنا أسر بفتح خيبر أم بقدوم جعفر بن أبى طالب، وقدموا معهم بهدايا وتحف من عند النجاشى رضي الله عنه الى النبى صلى الله عليه وسلم وصحبتهم أهل السفينة اليمنية أصحاب ابى موسى الأشعرى وقومه من الأشعريين رضي الله عنهم. ومع جعفر وهدايا النجاشى ابن اخى النجاشى ذو مخمر ارسله ليخدم النبى صلى الله عليه وسلم عوضا عن عمه رضي الله عنهما وارضاهما (وروى البيهقى) بسنده عن ابى امامة قال قدم وفد النجاشى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام يخدمهم، فقال اصحابه نحن نكفيك يا رسول الله، فقال انهم كانوا لاصحابى مكرمين وانى احب ان اكافئهم؛ (ونقل الحافظ ابن كثير) فى تاريخه عن السهيلى انه قال توفى النجاشى فى رجب سنة تسع من الهجرة قال وفى هذا نظر والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا ابو عامر حدثنا خارجة بن عبد الله الانصارى عن نافع عن ابن عمر الخ (تخريجه) (مذ) وقال حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر، ورواه ابن سعد فى الطبقات، ونقله الحافظ فى الفتح وذكر انه صححه ابن حبان ايضا، وروى الحاكم فى المستدرك من طريق شبابة بن سوّار عن المبارك بن فضالة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر مرفوعا بلفظ (اللهم ايد الدين بعمر ابن الخطاب) ثم رواه من طريق سعيد بن سليمان عن المبارك بن فضالة بهذا الاسناد ولكن جعله عن ابن عمر عن ابن عباس، وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبى (قال ابن اسحاق) وكان اسلام عمر بعد خروج من خرج من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الحبشة، حدثني عبد الرحمن

.

_ ابن الحارث بن عبد الله بن عياش بن اى ربيعه عن عبد العزيز بن عبد الله بن عامر بن ربيعه عن امه ام عبد الله بنت ابى حثمة قالت والله انا لنرتحل الى ارض الحبشة وقد ذهب عامر فى بعض حاجتنا اذا اقبل عمر فوقف علىّ وهو على شركه، فقالت وكنا نلقى منه أذى وشدة علينا، قالت فقال انه الانطلاق يا أم عبد الله؟ قلت نعم والله لنخرجن فى أرض من أرض الله اذ آذيتمونا وقهرتمونا حتى يجعل الله لنا مخرجا، قالت فقال صحبكم الله، ورأيت له رقة لم أكن أراها، ثم انصرف وقد احزنه فيما أرى خروجنا، قالت فجاء عامر بحاجتنا تلك فقلت له يا أبا عبد الله لو رأيت عمر آنفا ورقته وحزنه علينا. قال أطمعت فى اسلامه؟ قالت نعم، قال لا يسلم الذى رأيت حتى يسلم حمار الخطاب، قالت يأسا منه لما كان يرى من غلظته وقسوته على الاسلام (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) قلت هذا يرد قول من زعم انه كان (تمام الأربعين من المسلمين) فان المهاجرين الى الحبشة كانوا فوق الثمانين، اللهم الا ان يقال انه كان تمام الأربعين بعد خروج المهاجرين، ويؤيد هذا ما ذكره ابن اسحاق ها هنا فى سنة اسلام عمر وحده رضي الله عنه وسياقها، فانه قال وكان اسلام عمر فيما بلغنى ان أخته فاطمة بنت الخطاب وكانت عند سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل كانت قد أسلمت وأسلم زوجها سعيد بن زيد وهم مستخفون باسلامهم من عمر، وكان نعيم بن عبد الله النحام رجل من بنى عدى قد أسلم أيضا مستخفيا باسلامه من قومه، وكان خبّاب بن الأرت يختلف الى فاطمة بنت الخطاب يقرئها القرآن، فخرج عمر يوما متوشحا سيفه يريد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورهطا من أصحابه فذكروا له انهم قد اجتمعوا فى بيت عند الصفا وهم قربب من أربعين من بين رجال ونساء، ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه حمزة وابو بكر بن أبى قحافة الصديق وعلى بن ابى طالب رضي الله عنهم فى رجال من السلمين ممن كان اقام مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ولم يخرج فيمن خرج الى أرض الحبشة، فلقيه تميم بن عبد الله فقال اين تريد يا عمر؟ قال أريد محمدا هذا الصابئ الذى فرق أمر قريش وسفه أحلامها وعاب دينها وسب آلهتها فأقتله) فقال له نعيم والله لقد غرّتك نفسك يا عمر، أترى بنى عبد مناف تاركيك تمشى على الارض وقد قتلت محمدا، افلا ترجع الى اهل بيتك فتقيم أمرهم؟ قال واي اهل بيتى؟ قال ختنك وابن عمك سعيد بن زيد واختك فاطمة فقد والله أسلما وتابعا محمدا صلى الله عليه وسلم على دينه فعليك، بهما، فرجع عمر عائدا الى اخته فاطمة وعندها خبّاب بن الأرت معه صحيفه فيها طه يقرئها اياها، فلما سمعوا حس عمر تغيب خباب فى مخدع لهم او فى بعض البيت، واخذت فاطمة بنت الخطاب الصحيفة فجعلتها تحت فخذها، وقد سمع عمر حين اتى الى الباب قراءة خباب عليها، فلما دخل قال ما هذه الهيثمة التى سمعت؟ قالا له ما سمعت شيئا، قال بلى تالله لقد أخبرت انكما تابعتما محمدا على دينه وبطش بختنه سعيد بن زيد، فقامت اليه اخته فاطمة بنت الخطاب لتكفه عن زوجها فضربها فشجها، فلما فعل ذلك قالت له اخته وختنه نعم قد أسلمنا وآمنا بالله ورسوله فاصنع ما بدالك، فلما رأى عمر ما بأخته من الدم ندم على ما صنع وارعوى، وقال لأخته اعطينى هذه الصحيفة التى كنتم تقرءون آنفا انظر ما هذا الذى جاء به محمد: وكان عمر كاتبا. فلما قال ذلك قالت له اخته انا نخشاك عليها، قال لا تخافى وحلف لها بآلهته ليردنها اذا قرأها اليها، فلما قال ذلك طمعت فى اسلامه فقالت له يا أخى انك نجس على شركك وانه لا يمسها إلا الطاهر، فقام عمر فاغتسل فأعطته الصحيفة وفيها طه فقرأها فلما قرأ منها صدرا، قال ما أحسن هذا الكلام واكرمه، فلما سمع ذلك خباب خرج اليه فقال له يا عمر والله انى لأرجو ان يكون الله قد خصك بدعوة نبيه فانى سمعته وهو يقول اللهم ايد الاسلام بأبي الحكم بن هشام

(عن شريح بن عبيد) قال قال عمر بن الخطاب رضي الله تبارك وتعالى عنه خرجت اتعرض رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صلى الله عليه وسلم قبل أن أسلم فوجدته قد سبقنى إلى المسجد فقمت خلفه فاستفتح سورة الحاقة فجعلت أعجب من تأليف القرآن قال فقلت هذا والله شاعر كما قال قريش، قال فقرأ {انه لقول رسول كريم، وما هو بقول شاعر قليلا ما تؤمنون} قال قلت كاهن، قال {ولا بقول كاهن قليلا ما تذكرون، تنزيل من رب العالمين، ولو تقول علينا بعض الأقاويل لأخذنا منه باليمين ثم لقطعنا منه الوتين، فما منكم من أحد عنه حاجزين} الخ السورة

_ أو بعمر بن الخطاب فالله الله يا عمر، فقال له عند ذلك عمر فدلنى يا خباب على محمد حتى آتيه فأسلم، فقال له خباب هو فى بيت عند الصفا مغه فيه نفر من اصحابه، فأخذ عمر سيفه فتوشحه ثم عمد الى رسول الله صلى الله عليه وسلم واصحابه فضرب عليهم الباب، فلما سمعوا صوته قام رجل من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر من خلل الباب فرآه متوشحا السيف فرجع الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فزع فقال يارسول الله هذا عمر بن الخطاب متوشحا السيف، فقال حمزة بن عبد المطلب فأذن له فان كان جاء يريد خيرا بذلناه له، وان كان يريد شرا قتلناه بسيفه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ائذن له فأذن له الرجل ونهض اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لقيه بالحجرة فأخذ بحجزته أو بمجمع ردائه ثم جبذه جبذة شديدة وقال ما جاء بك يا ابن الخطاب، فوالله ما أرى ان تنتهى حتى ينزل الله بك قارعة، فقال عمر يا رسول الله جئتك لأومن بالله وبرسوله وبما جاء من عند الله، قال فكبر رسول الله صلى الله عليه وسلم تكبيرة عرف أهل البيت من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ان عمر قد أسلم، فتفرق اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكانهم وقد عزوا فى انفسهم حين أسلم عمر مع اسلام حمزة، وعرفوا أنهما سيمنعان رسول الله صلى الله عليه وسلم وينتصفون بهما من عدوهم، فهذا حديث الرواة من أهل المدينة عن اسلام عمر بن الخطاب حين أسلم (1) (سنده) ِحدّثنا ابو المغيرة حدثنا صفوان حدثنا شريح بن عبيد الخ (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الأوسط ورجاله ثقات إلا ان شريح بن عبيد لم يدرك عمر اهـ (قلت) غفل الحافظ الهيثمى عن عزوه للامام احمد والكمال لله وحده (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب صدر عمر بيده حين أسلم ثلاث مرات وهو يقول اللهم أخرج ما فى صدر عمر من غل وأيد له ايمانا، يقول ذلك ثلاث مرات: أورده الهيثمى ايضا وقال رواه الطبرانى فى الأوسط ورجاله ثقات اهـ (قلت) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه قال ابن اسحاق ولما قدم عمرو بن العاص وعبد الله بن أبى ربيعة على قريش ولم يدركوا ما طلبوا من اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وردهم النجاشى بما يكرهون واسلم عمر بن الخطاب وكان رجلا ذا شكيمة لا يرام ما وراء ظهره امتنع به اصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وبحمزة حتى غاظوا قريشا، فكان عبد الله بن مسعود يقول ما كنا نقدر على ان نصلى عند الكعبة حتى اسلم عمر، فلما اسلم عمر قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه، قال وثبت فى صحيح البخارى عن ابن مسعود انه قال ما زلنا اعزة منذ أسلم عمر بن الخطاب، وقال زياد البكائى حدثنى مسعر بن كدام عن سعد بن ابراهيم قال قال ابن مسعود ان اسلام عمر كان فتحا وان هجرته كانت نصرا، وان امارته كانت رحمة، ولقد كنا وما نصلى عند الكعبة حتى أسلم عمر فلما اسلم عمر قاتل قريشا حتى صلى عند الكعبة وصلينا معه اهـ

قال فوقع الإسلام فى قلبى كل موقع (باب ما جاء فى تحالف كنانة وقريش على بنى هاشم وبنى عبد المطلب أن لا يناكحوهم ولا يبايعوهم وحصرهم اياهم فى شعب أبى طالب) (عن أسامة ابن زيد) قال قلت يا رسول الله أين تنزل غدا فى حجته قال وهل ترك لنا عقيل منزلا ثم قال نحن نازلون غدا إن شاء الله بخيف بنى كنانة يعنى المحصب حيث قاسمت قريش الى الكفر، وذلك أن بنى كنانة حالفت قريشا على بنى هاشم ان لا يناكحوهم ولا يبايعوهم ولا يؤووهم ثم قال عند ذلك لا يرث الكافر المسلم ولا المسلم الكافر قال الزهرى والخيف الوادي

_ (باب) (1) (سنده) حدّثنا عبد الرازق انا معمر عن الزهرى عن على بن حسين عن عمرو ابن عثمان عن اسامة بن زيد الخ (غريبه) (2) يعنى حجة الوداع (3) المراد بالمنزل هنا الدار، زاد البخارى وكان عقيل ورث أبا طالب هو وطالب، ولم يرثه جعفر ولا على شيئا لأنهما كانا مسلمين وكان عقيل وطالب كافرين، والظاهر ان هذه الزيادة مدرجة فى الحديث من الراوى ولعله اسامة بن زيد (قال الحافظ) قوله وكان عقيل وطالب الخ محصل هذا ان النبى صلى الله عليه وسلم لما هاجر استولى عقيل وطالب على الدار كلها باعتبار ما ورثاه من ابيهما لكونهما كانا لم يسلما، وباعتبار ترك النبى صلى الله عليه وسلم حقه منها بالهجرة وفقد طالب ببدر، فباع عقيل الدار كلها اهـ (قلت) واخرجه هذا الحديث ايضا الفاكهى وقال فى آخره ويقال ان الدار التى أشار اليها كانت دار هاشم بن عبد مناف ثم صارت لعبد المطلب ابنه فقسمها بين ولده حين عمّر، فمن ثم صار للنبى صلى الله عليه وسلم حق أبيه عبد الله، وفيها ولد النبى صلى الله عليه وسلم (4) المراد بالنزول هنا النزول بعد رمى الجمار فى اليوم الثالث من أيام التشريق اثناء رجوعه الى مكة (وقوله بخيف بنى كنانة) الخيف بفتح الخاء وسكون التحتية وآخره فاء وهو ما انحدر من الجبل وارتفع عن المسيل، وقد فسره الزهرى فى آخر الحديث بالوادى (5) تفسير للخيف يريد أن خيف بنى كنانة هو المحصب والمحصب بمهملتين وموحدة على وزن محمد هو اسم لمكان مثسع بين جبلين وهو الى منى أقرب من مكة سمى بذلك لكثرة ما به من جر السيول، ويسمى بالأبطح والبطحاء أيضا (6) زاد فى رواية من حديث أبى هريرة حتى يسلموا اليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه الجملة من قوله (وذلك ان بنى كنانة) الى هنا من قول الزهرى ادرج فى الحديث كما قال الحافظ وسيأتى سبب ذلك بعد التخريج (7) تقدم الكلام على قوله صلى الله عليه وسلم لا يرث الكافر المسلم الخ فى باب موانع الارث من كتاب الفرائض فى الجزء السادس عشر (تخريجه) (ق فع هق والاربعة) وغيرهم (أما سبب قسم قريش وتحالفهم على بنى هاشم) فقد جاء فى المواهب اللدنية وغيرها من كتب السيرة النبوية ان قريشا لما رأت عزة النبى صلى الله عليه وسلم بمن معه واسلام عمر: وعزة اصحابه بالحبشة وفشو الاسلامفى القبائل اجمعوا على ان يقتلوا النبى صلى الله عليه وسلم فبلغ ذلك أبا طالب فجمع بنى هاشم وبنى المطلب فأدخلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم شعبهم ومنعوه ممن اراد قتله واجابه لذلك حتى كفارهم فعلوا ذلك حمية، فلما رأت قريش ذلك اجتمعوا وائتمروا ان يكتبوا كتابا يتعاقدون فيه على بنى هاشم وبنى المطلب ان لا ينكحوا اليهم ولا ينكحوهم ولا يبيعوا منهم شيئا ولايبتاعوا منهم ولا يقبلوا منهم صلحًا أبدا حتى يسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم للقتل وكتبوه فى صحيفة بخط بغيض بن عامر فشلت يده وعلقت الصحيفة فى جوف الكعبة هلال المحرم سنه سبع من النبوة فانحاز بنو هاشم وبنو المطلب

(باب ما جاء في مرض أبي طالب ووفاته ودفنه وما ورد فيه) (عن ابن عباس)

_ إلى أبي طالب فدخلوا معه فى شعبه الا أبا لهب فكان مع قريش فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا وكان لا يصل اليهم شئ إلا سرّا اهـ وقد أشار صاحب بهجة المحافل الى حديث الباب فقال وفى الصحيحين ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عام حجة الوداع مرجعه من منى منزلنا إن شاء الله غدا بخيف بنى كنانة حيث تقاسموا على الكفر وهو المحصب والأبطح وهو شعب أبى طالب المذكور، وفى نزوله صلى الله عليه وسلم حينئذ فيه وذكره لما جرى به اشارة الى الظهور بعد الخمول وامتثال لما أمر به من التحدث بالنعم، وفى ذلك الشكر لمنعمها، ولما رأى أبو طالب ما أجمعوا عليه من القطع والقطيعة قال فى ذلك فذكر له قصيدة طويلة يمدح فيها النبى صلى الله عليه وسلم ويحذر قريشا من البغى وقيام حرب بينهما بسبب ذلك اقتصرت منها على هذين البيتين طلبا للاختصار قال: الا بلغاغى علىّ ذات بيننا

قال مرض أبو طالب فأتته قريش وأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوده وعند رأسه مقعد رجل، فقام أبو جهل فقعد فيه فقالوا إن ابن اخيك يقع فى آلهتنا، قال ما شأن قومك يشكونك قال يا عم أريدهم على كلمة واحدة تدين لهم بها العرب وتؤدى العجم اليهم الجزية، قال ما هى؟ قال لا إله إلا الله: فقاموا فقالوا أجعل الآلهة الها واحدًا: قال ونزل {ص والقرآن ذى الذكر} فقرأ حتى بلغ {ان هذا لشئ عجاب} قال عبد الله قال ابى وحدثنا ابو اسامة وحدثنا الأعمش ثنا عباد فذكر نحوه، وقال ابى قال الأشجعى يحيى بن عباد (عن ابى هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمه قل لا إله إلا الله اشهد لك بها يوم القيامة، قال لولا أن تعيرنى قريش يقولون انما حمله على ذلك الجزع لأقررت بها عينك فأنزل الله عز وجل {انك لا تهدى من احببت} الآية (عن ابى عبد الرحمن السلمى عن على) رضي الله عنه قال لما توفى ابو طالب أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فقلت ان عمك الشيخ قد مات، قال اذهب فواره ثم لا تحدث شيئًا حتى تأتينى، قال فواريته ثم اتيته قال اذهب فاغتسل ثم لا تحدث شيئًا حتى تأتينى، قال فاغتسلت قم أتيته قال فدعا لى بدعوات ما يسرنى ان لى بها حمر النعم وسودها قال وكان على رضي الله عنه اذا غسَّل ميتا اغتسل (ومن طريق ثان) عن ناجية بن كعب يحدث عن على رضي الله عنه انه اتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال ان ابا طالب مات، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم اذهب فواره: فقال انه مات مشركا فقال اذهب فواره فلما واريته رجعت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال لى اغتسل (عن ابى سعيد الخدرى) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده عمه ابو طالب فقال لعله تنفعه شفاعتى يوم القيامة فيجعل فى ضخضاخ

_ بسنده وتخريجه فى باب أجعل الآلهة اله واحدا من سورة ص فى كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثالث عشر صحيفه 258 رقم 408 وهو حديث صحيح صححه الترمذى والحاكم (1) (عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الجزء الثامن عشر أيضا فى باب انك لا تهدى من أحببت صحيفة 227 رقم 370 وهو حديث صحيح رواه مسلم وغيره (2) (سنده) حدّثنا ابراهيم ابن أبى العباس حدثنا الحسن بن يزيد الأصم قال سمعت السدى اسماعيل بذكره عن أبى عبد الرحمن السُّلمى عن على الخ (غريبه) (3) أى ادفنه (4) يعنى الابل وكانت الابل المتصفة بهذه الصفة عزيزة الوجود عند العرب ومن أثمنها عندهم (5) القائل وكان على الخ هو ابو عبد الرحمن السلمى الراوى عنه وتقدم الكلام على الغسل من غسل الميت ومذاهب العلماء فى ذلك فى باب الاغتسالات المسنونة فى آخر ابواب الغسل من الجنابة فى الجزء الثانى صحيفة 146 فارجع اليه (6) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبى اسحاق قال سمعت ناجية بن كعب يحدث عن على الخ (7) فيه أن دفن الميت الكافر واجب على ولده المسلم (تخريجه) (نس ش عل بزهق) قال الحافظ ورواته ثقات اهـ (قلت) وان كان قد تكلم فيه بعضهم فكلامه لا يؤثر فقد قال الشوكانى ذكر الماوردى أن بعض أصحاب الحديث خرج لهذا الحديث مائة وعشرين طريقا اهـ (سنده) حدّثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ليث يعنى ابن سعد عن ابن الهاد عن عبد الله بن الخبّاب عن أبى سعيد الخدرى الخ (غريبه) (9) الضخضاخ فى الأصل مارق من الماء على وجه الأرض

من نار يبلغ كعبه يغلى منه دماغه (عن العباس بن عبد المطلب) انه قال يا رسول الله عمك أبو طالب كان يحوطك ويفعل قال انه فى ضخضاخ من نار ولولا انا كان فى الدرك الأسفل من النار (عن ابن عباس) ن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اهون أهل النار عذابا ابو طالب وهو متنعل نعلين من نار يغلى منهما دماغه (باب ما جاء فى تاريخ وفاة خديجة وزواجه صلى الله عليه وسلم بعائشة وسودة رضي الله عنهن) (عن عائشة رضي الله عنها) قال تزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم متوفى خديجة قبل مخرجه إلى المدينة

_ ما يبلغ الكعبين فاستعاره للنار (تخريجه) (ق، وغيرهما) (1) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن عمير عن عبد الله بن الحارث عن العباس بن عبد المطلب الخ (غريبه) (2) جاء فى رواية أخرى عن العباس بن عبد المطلب أيضا قال قلت يا رسول الله هل نفعت أبا طالب بشئ فانه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال إنه فى ضخضاخ من نار الخ (ومعنى قوله يحوطك أى يحفظك) ويصونك ويذبّ عنك وينظر مصالحك (3) بسكون الراء وفتحها أقصى قعرها جمعه أدراك ودركات وهى منازل أهل النار، والنار دركات والجنة درجات لا أحرمنا الله منها (تخريجه) (ق. وغيرهما) (4) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد قال اخبرنا ثابت عن أبى عثمان النهدى عن ابن عباس الخ (تخريجه) (م) وغيره (وفى الباب) أحاديث أخرى تختص بأبى طالب تقدمت فى باب قوله تعالى {انك لا تهدى من أحببت} من سورة القصص فى الجزء الثامن عشر صحيفة 227 وفى باب ما كان للنبى {والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين} الآية من سورة التوبة فى الجزء المشار اليه صحيفة 164 فارجع اليها والله الموفق: هذا وقد حكى (عن هشام بن السائب الكلبى) عن أبيه أنه قال لما حضرت ابا طالب الوفاة جمع اليه وجوه قريش فأوصاهم فقال يا معشر قريش أنتم صفوة الله من خلقه: الى أن قال وانى أوصيكم بمحمد خيرًا فانه الأمين فى قريش والصديق فى العرب، وهو الجامع لكل ما أوصيكم به، وقد جاء بأمر قبله الجنان وأنكره اللسان مخافة الشنآن، وأيم الله كأنى أنظر إلى صعاليك العرب وأهل الوبر والأطراف والمستضعفين من الناس قد أجابوا دعوته، وصدقوا كلمته، وعظموا أمره فخاض بهم غمرات الموت، فصارت رؤساء قريش وصناديدها أذنابا ودورها خرابا وضعفاؤها أربابا، واذا أعظمهم عليه أحوجهم اليه، وابعدهم منه أحظاهم عنده، قد محضته العرب ودادها، وأصفت له فؤادها، وأعطته قيادها، يا معشر قريش مونوا له ولاة ولحزبه حماة، والله لا يسلك أحد سبيله الا رشد، ولا يأخذ يهديه إلا سعد، ولو كان لنفسى مدى ولأجلى تأخير لكففت عنه الهزاهز (يعنى الفتن) ولدفعت عنه الدواهى ثم هلك، ومات فى السنة العاشرة من المبعث قبل هجرته صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين، وكان عمر النبى صلى الله عليه وسلم إذ ذاك تسع وأربعون سنة وثمانية أشهر واحد عشر يوما، ثم بعد ذلك بثلاثة أيام وقيل بخمسة فى رمضان بعد البعث بعشر سنين على الصحيح ماتت خديجة أم المومنين رضي الله عنها، وكان صلى الله عليه وسلم يسمى ذلك العام عام الحزن كذا فى المواهب اللدنية والله أعلم (باب) (5) (عن عائشة الخ) هذا طرف من حديث سيأتى بسنده وشرحه وتخريجه فى باب تاريخ العقد على عائشة رضي الله عنها وبنائه بها من أبواب ذكر أزواجه الطاهرات فى القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية وانما ذكرت هذا الطرف منه هنا لما فيه من تاريخ وفاة خديجة رضي الله عنها (قال الحافظ) قال الزبير وكانت خديجة تدعى فى الجاهلية الطاهرة، وماتت على

بسنتين أو ثلاث وأنا بنت سبع سنين (حدثنا أبو سلمة ويحيى) قال لما هلكت خديجة جاءت بنت حكم امرأة عثمان بن مظعون قالت يا رسول الله ألا تزوَّج؟ قال من؟ قالت إن شئت بكرًا وإن شئت ثيبا، قال فمن البكر؟ قالت ابنة أحب خلق الله عز وجل اليك عائشة بنت أبى بكر، قال ومن الثيب؟ قالت سودة ابنة زمعة قد آمنت بك واتبعتك على ما تقول قال فاذهبى فاذكريهما على، فدخلت بيت أبى بكر فقالت يا أم رومان ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة، قالت وما ذاك؟ قالت أرسلنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة، قالت انتظرى أبا بكر حتى يأتى فجاء أبو بكر فقالت يا أبا بكر ماذا أدخل الله عليكم من الخير والبركة؟ قال وما ذاك، قالت أرسلنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أخطب عليه عائشة، قال وهل تصلح له انما هى ابنة أخيه، فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت له ذلك، قال ارجعى اليه فقولى له أنا أخوك وأنت أخى فى الاسلام وابنتك تصلح لى، فرجعت فذكرت ذلك له قال انتظرى وخرج، قالت أم رومان ان مطعم بن عدى قد كان ذكرها على ابنه فوالله ما وعد وعدًا قط فأخلفه لأبى بكر، فدخل أبو بكر رضي الله عنه على مطعم بن عدى وعنده امرأته أم الفتى، فقالت يا ابن أبى قحافة لعلك مصب صاحبنا مدخله فى دينك الذي أنت عليه

_ الصحيح بعد المبعث بعشر سنين فى شهر رمضان وقيل بثمان وقيل بسبع فأقامت معه صلى الله عليه وسلم خمسا وعشرين سنة على الصحيح، وقال ابن عبد البر اربعا وعشرين سنة واربعة أشهر (قال الحافظ) وفى حديث عائشة ما يؤيد الصحيح فى أن موتها قبل الهجرة بثلاث سنين وذلك بعد المبعث على الصواب بعشر سنين، وقد روى البخارى عن عبيد بن اسماعيل عن أبى اسامة عن هشام بن عروة عن أبيه قال توفيت خديجة قبل مخرج النبى صلى الله عليه وسلم بثلاث ستين فلبث سنتين أو قريبًا من ذلك ونكح عائشة وهى بنت ست سنين، ثم بنى بها وهى بنت تسع سنين (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه وهذا مرسل فى ظاهر السياق ولكنه فى حكم المتصل فى نفس الأمر، لأنه من حديث عروة عن عائشة، وقوله تزوجها وهى ابنة ست سنين وبنى بها وهى ابنة تسع سنين مالا خلاف فيه بين الناس، وقد ثبت فى الصحاح وغيرها (1) (سنده) حدّثنا محمد بن بشير قال حدثنا محمد بن عمرو قال ثنا ابو سلمة ويحيى الخ (غريبه) (2) أصله تتزوج حذفت إحدى التاءين تخفيفا (3) قال النووى فى تهذيب الأسماء واللغات سودة أم المؤمنين رضي الله عنها بنت زمعة بن قيس بن عبد شمس بن عبد ودَّ بن نصر بن مالك بن حسل بن عامر ابن لؤى بن غالب القرشية العامرية أم المؤمنين، قيل كنيتها أم الأسود، كانت قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت بن عمها السكران بن عمرو أخى سهل بن عمرو، وكان السكران بن عمرو رضي الله عنه مسلما وهو من مهاجرة الحبشة، ثم قدما مكة فمات بها السكران مسلما، قاله ابن اسحاق وغيره، قال ابن قتيبةي ومات ولم يعقب، قال ابن سعد أسلمت سودة بمكة قديما وبايعت وأسلم زوجها السكران بن عمرو وخرجا جميعا مهاجرين إلى أرض الحبشة فى الهجرة، قال واسم أم سودة الشموس بنت قيس بن عمرو بن عبد شمس قال وتزوج النبى صلى الله عليه وسلم سودة رضي الله عنها فى رمضان سنة عشرة من النبوة بعد وفاة خديجة (4) قال الحافظ فى التقريب أم رومان الفراسية زوج أبى بكر الصديق وأم عائشة وعبد الرحمن صحابية

إن تزوج البك قال أبو بكر للمطعم بن عدى اقول هذه تقول، قال انها تقول ذلك فخرج من عنده وقد اذهب الله عز وجل ما كان فى نفسه من عدته التى وعده، فرجع فقال ادعى لى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعته فزوجها اياه وعائشة يومئذ بنت ست سنين، ثم خرجت فدخلت على سودة بنت زمعة فقالت ماذا أدخل الله عز وجل عليك من الخير والبركة؟ قالت وما ذاك؟ قالت أرسلنى رسول الله صلى الله عليه وسلم اخطبك عليه، قالت وددت: ادخلى إلى أبى فاذكرى ذاك له: وكان شيخا كبيرًا قد ادركه السن قد تخلف عن الحج فدخلت عليه فحييته بتحية الجاهلية، فقال من هذه؟ فقالت خولة بنت حكيم، قال فما شأنك؟ قالت أرسلنى محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم اخطب عليه سودة، قال كفء كريم، ماذا تقول صاحبتك؟ قالت تحب ذاك، قال ادعها الى فدعيتها قال أى بنية إن هذه تزعم أن محمد بن عبد الله بن عبد المطلب قد أرسل يخطبك وهو كفء كريم اتحبين أن أزوجك به؟ قالت نعم قال أدعيه لى فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم اليه فزوجها اياه، فجاءها أخوها عبد بن زمعة من الحج فجعل يحثى فى رأسه التراب فقال بعد أن أسلم لعمرك انى لسفيه يوم أحثى فى رأسى التراب ان تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة قالت عائشة فقدمنا المدينة فنزلنا فى بنى الحارث بن الخزرج في السُّنح قالت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل بيتنا واجتمع اليه رجال من الأنصار ونساء فجاءتنى أمى وانى لفى ارجوحة بين عذقين ترجح بى فانزلتنى من الأرجوحة ولى جميمة ففرقتها ومسحت وجهى بشى من ماء ثم أقبلت تقردنى حتى وقفت بى عند الباب وانى لانهج حتى سكن من نفسى ثم دخلت بى فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على سرير فى بيتنا وعنده رجال ونساء من الأنصار فاجلستنى فى حجرة ثم قالت هؤلاء أهلك فبارك الله لك فيهم وبارك لهم فيك، فوثب الرجال والنساء فخرجوا وبنى بى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيتنا ما نحرت على جزور ولا ذبحت على شاة حتى أرسل الينا يعد بن عبادة بجفنة

_ يقال اسمها زينب وقيل دعد، زعم الواقدى ومن تبعه انها ماتت فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم ونزل قبرها والصحيح أنها عاشت بعده اهـ (1) معناه إن تزوج ابننا بنتك نخشى أن تميله وتخرجه من دينه إلى دينك وكانت المرأة كافرة هى وزوجها وابنها وذلك قبل نزول تحريم زواج الكافر المسلمة (2) فهم أبو بكر رضي الله عنه من قوله هذا أنه موافق زوجته على قولها وأنها أثرت عليه وأنه لا رغبة لهما فى مصاهرته وحينئذ كره أبو بكر مصاهرتهما أيضا (3) ظاهر هذا السياق أن النبى صلى الله عليه وسلم عقد على عائشة قبل سودة والمحدثون يقولون تزوج سودة قبل عائشة، وقد يجمع بينهما بأنه عقد على عائشة ولم يدخل بها ودخل بسودة، وحديث الباب يؤيد ذلك والله أعلم (4) بضم السين والنون وقيل بسكونها موضع بعوالى المدينة فيه منازل بنى الحارث بن الخزرج (نه) (5) يضم الهمزة حبل بشد طرفاه فى موضع عال ثم يركبه الانسان ويحرك وهو فيه، سمي به لتحركه ومجيئه وذهابه (وقولها بين عذقين) العذق بفتح العين المهملة النخلة وبالكسر العرجون، والمراد هنا النخلة لأن الحبل كان مشدودا فى النخلتين (6) الجميمة تصغير الجمة بالضم وهى من شعر الرأس ما سقط على المنكبين (ففرقتها) أى أصلحتها (7) أى اتنفس تنفسا عاليا (8) تريد أنه لم يعمل لها وليمة عرس (9) بفتح الجيم وسكون الفاء أي قصعة فيها طعام

كان يرسل بها الى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا دار الى نسائه وأنا يومئذ بنت تسع سنين (باب ما ورد فى فضل أم المؤمنين خديجة بنت خويلد) رضي الله عنها وهى أول نفس آمنت بالنبى صلى الله عليه وسلم وصدقته (عن أبى زرعة) قال سمعت أبا هريرة يقول اتى جبريل النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هذه خديجة قد أتتك باناء معها فيه ادام أو طعام أو شراب فاذا أتتك فاقرأ عليها السلام من ربها ومنى وبشرها ببيت فى الجنة من قصب لا صخب فيه ولا نصب (عن عبد الله بن جعفر بن أبى طالب) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت ان ابشر خديجة ببيت من قصب لا صخب ولا نصب (عن اسماعيل) (يعنى ابن أبى خالد) قال قلت لعبد الله بن أبى أوفى صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (1) تقدم أنه لا خلاف بين العلماء فى أن النبى صلى الله عليه وسلم بنى بعائشة وهى بنت تسع سنين وكان بناؤه بها فى السنة الثانية من الهجرة، قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه وهذا (يشير الى حديث الباب) ان عقده على عائشه كان متقدما على تزويجه بسودة بنت زمعه، ولكن دخوله على سودة كان بمكة وأنا دخوله على عائشة فتأخر الى المدينة فى السنة الثانية، ولذلك قالت عائشة وهى أول امرأة (تعنى سودة) تزوجها بعدى (تخريجه) أورده الهيثمى وقال فى الصحيح طرف منه رواه احمد، بعضه فيه الاتصال عن عائشة وأكثره مرسل، وفيه محمد بن عمرو بن علقمة وثقة غير واحد، وبقية رجاله رجال الصحيح (باب) (2) (سنده) حدّثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبى زرعة قال سمعت أبا هريرة الخ (غريبه) (3) وهذه لعمر الله خاصة لم تكن لسواها زاد الطبرانى فى روايته فقالت هو السلام ومنه السلام وعلى جبريل السلام، زاد النسائى من حديث أنس وعليك يا رسول الله السلام ورحمة الله وبركاته، فجعلت مكان رد السلام على الله الثناء عليه تعالى ثم غايرت بين ما يليق بالله وما يليق بغيره، وهذا يدل على وفور فقهها كما لا يخفى (4) أى لؤلؤة مجوفة كما فى الكبير للطبرانى، وفى الأوسط من القصب المنظوم بالدر واللؤلؤ والياقوت الأحمر، وقال ابن التين المراد به لؤلؤة مجوفة واسعة كالقصر المنيف (لا صخب) بالصاد المهملة والخاء المعجمة والموحدة المفتوحات أى لا صياح فيه (ولا نصب) أى تعب نفى عنه ما فى بيوت الدنيا من آفة جلبة الأصوات وتعب تهيئتها واصلاحها: وقد أبدى السهيلى لنفى هاتين الصفتين حكمة لطيفة فقال: لأنه صلى الله عليه وسلم لما دعا الى الايمان أجابت خديجة رضي الله عنها طوعا فلم تحوجه الى رفع الصوت من غير منازعة ولا تعب، بل أزالت عنه كل تعب وآنسته من كل وحشة وهوّنت عليه كل عسير فناسب أن يكون منزلها الذى بشرها به ربها بالصفة المقابلة لفعلها وصورة حالها رضي الله عنها وأرضاها، ومن هواصها رضي الله عنها أنها لم تسؤه قط ولم تغاضبه (تخريجه) (ق طب طس) وغيرهم (5) (سنده) حدّثنا يعقوب حدثنى أبى عن ابن اسحاق قال فحدثنى هشام بن عروة بن الزبير عن ابيه عروة عبد الله بن جعفر الخ (غريبه) (6) اى امره الله عز وجل على لسان جبريل عليه السلام (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه (حم عل طب) ورجال احمد رجال الصحيح غير محمد ابن اسحاق وقد صرح بالسماع (قلت) ورواه ايضا الحاكم وصححه واقره الذهبى (7) (سنده) حدّثنا

أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر خديجة رضي الله عنها؟ قال نعم بشرها ببيت فى الجنه من قصب لا صخب فيه ولا نصب، قال يعلى وقال مرة لا صخب أولا لغو فيه ولا نصب (عن عائشة) رضي الله عنها قالت ما غرت على امرأة ما غرت على خديجة، ولقد هلكت قبل أن يتزوجنى بثلاث سنين لما كنت أسمعه يذكرها ولقد أمره ربه أن يبشرها ببيت من قصب فى الجنة: وان كان ليذبح الشاة ثم يهدى فى خلتها منها (عن ابن عباس) قال خط رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الأرض أربعة خطوط قال تدرون ما هذا؟ فقالوا الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد. وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم. وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون ومريم بنت عمران رضي الله عنهن (عن أنس بن مالك) رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم بمعناه (عن على رضي الله عنه) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خير نسائها مريم بنت عمران وخير نسائها خديجة (عن عائشة رضي الله عنها) قالت كان النبى صلى الله عليه وسلم اذا ذكر خديجة اثنى عليها فاحسن الثناء، قالت فغرت يوما فقلت ما اكثر ما تذكرها حمراء الشدق قد أبدلك الله

_ ابن أبي نمير ويعلى المعنى قال ثنا اسماعيل قال قلت لعبد الله بن ابى اوفى الخ (غريبه) (1) زاد الطبرانى يعنى قصب اللؤلؤ (2) اللغو الكلام بالمطرح من القول وما لا يعنى (والنصب) بالتحريك التعب (تخريجه) (ق) وأورده الهيثمى وقال فى الصحيح بعضه، ورواه الطبرانى فى الأوسط ورجاله رجال الصحيح غير محمد بن أبى سمينه وقد وثقه غير واحد اهـ (قلت) لفظه عند الطبرانى عن ابن أبى أوفى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال لى جبريل بشر خديجة ببيت فى الجنة الخ ولفظ رواية الامام احمد جاء عند البخارى (3) (سنده) حدّثنا أبو اسامة ثنا هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (4) أى من أزواجه صلى الله عليه وسلم مثل غيرتى على خديجة (5) إذ كثرة ذكر الشئ تدل على محبته وأصل غيرة المرأة من تخيل محبة غيرها أكثر منها، وعند النسائى من كثرة ذكره إياها وثنائه عليها (6) معناه أنه صلى الله عليه وسلم كان يذبح الشاة فيهدى منها لصديقات خديجة، وجاء فى رواية أخرى من حديثها عند الامام احمد ايضا بلفظ أن كنا نذبح الشاة فيبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم باعضائها الى صدائق خديجة (تخريجه) (ق نس. وغيرهم) (7) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم (بسنده) وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء ى فضل مريم بنت عمران فى هذا الجزء صحيفة 133 رقم 86 وتقدم الكلام على 1 لك هناك فارجع اليه (8) (عن انس بن مالك) الخ هذا الحديث تقدم أيضا بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب المشار اليه فى هذا الجزء صحيفة 133 أيضا رقم 87 (9) (سنده) حدّثنا عبد الله بن نمير حدثنا هشام عن أبيه عن عبد الله بن جعفر عن على الخ (غريبه) (10) جاء عند مسلم من رواية وكيع عن هشام فى هذا الحديث وأشار وكيع الى السماء والأرض (قلت) فكأنه أراد أن يبين أن المراد باشارته الى السماء نساء الآخرة يعنى الحور العين، وباشارته الى الارض نساء الدنيا، وقال القرطبى الضمير عائد على غير مذكور لكنه يفسره الحال والمشاهدة يعنى به الدنيا والله أعلم (تخريجه) (ق. مذ) (11) (سنده) حدّثنا على بن اسحاق انا عبد الله قال انا مجالد عن الشعبى عن مسروق عن عائشة الخ (غريبه) (12) جاء فى الطريق الثانية بلفظ (حمراء الشدقين) وكذلك جاء عند الشخين، قال أبو البقاء

عز وجل بها خيرًا منها، قال ما أبدلنى الله عز وجل خيرًا منها، قد آمنت بى إذ كفر بى الناس، وصدقتنى إذ كذبنى الناس، وواستنى بمالها إذ حرمنى الناس، ورزقنى الله عز وجل ولدها إذ حرمنى أولاد النساء (وعنها من طريق ثان) قالت ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما خديجة فأطنب فى الثناء عليها فادركنى ما يدرك النساء من الغيرة فقلت لقد أعقبك الله يا رسول الله من عجوز من عجائز قريش حمراء الشدقين، قالت فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تغيرا لم أره تغير عند شئ قط إلا عند نزول الوحى وعند المخيلة حتى يعلم رحمة أو عذاب

_ يجوز في حمراء الرفع على القطع والنصب على الصفة أو الحال (قال النووى) معناه عجوز كبيرة جدًا حتى قد سقطت أسنانها من الكب ولم يبق لشدقها بياض شئ من الأسنان، انما بقى فيها حمرة لثاتها (قال القاضى) قال المصرى وغيره من العلماء الغيرة مسامح للنساء فيها لا عقوبة عليهن فيها لما جبلن عليه من ذلك، ولهذا لم تزجر عائشة عنها (قال القاضى) وعندى أن ذلك جرى من عائشة لصغر سنها وأول شبيبتها ولعلها لم تكن بلغت حينئذ (1) (سنده) حدّثنا مؤمل ابو عبد الرحمن ثنا حماد ثنا عبد الملك عن موسى بن طلحة عن عائشة قالت ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أى لما كان يقاسيه من شدة الوحى وتجمع الفكر والوعى، وفى هذا زجر لعائشة عن قول مثل هذا فى حق خديجة (وفى رواية) فغضب حتى قلت والذى بعثك بالحق لا أذكرها بعد هذا الا بخير (3) أى السحابة الخليقة بالمطر، وانما كان وجهه صلى الله عليه وسلم يتغير عند ذلك خوفا من أن يكون رسول عذاب كما أرسل إلى قوم هود قال تعالى {فلما رأوه عارضا مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا، بل هو ما استعجلتم به ريح فيها عذاب أليم تدمر كل شئ بأمر ربها فأصبحوا لا يرى إلا مساكنهم} (تخريجه) أخرج الشيخان بعضه، وأورده الهيثمى وقال رواه احمد واسناده حسن، وأورد نحوه أيضا وعزاه الطبرانى ولفظه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر ذكر خديجة، فقلت ما أكثر ما تكثر من ذكر خديجة وقد أخلف الله تعالى لك من عجوز حمراء الشدقين وقد هلكت فى دهر، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضبا ما رأيته غضب مثله قط وقال إن الله رزقها منى ما لم يرزق أحدا منكن، قلت يا رسول الله اعف عنى والله لا تسمعنى أذكر خديجة بعد هذا اليوم بشئ تكرهه، قال الهيثمى وسنده حسن (وفى الباب) عند مسلم عن عائشة قالت ما غرت على نساء النبى صلى الله عليه وسلم الا على خديجة وانى لم أدركها، قالت وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا ذبح الشاة فيقول ارسلوا بها الى أصدقاء خديجة، قالت فأغضبته يوما فقلت خديجة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انى قد رزقت حبها (وعند مسلم أيضا) عن عائشة قالت لم يتزوج النبى صلى الله عليه وسلم على خديجة حتى ماتت (قال القرطبى) كان حبه لها لما تقدم ذكره من الأسباب وهى كثيرة كل منها كان سببا فى ايجاد المحبة ومما كافأ النبى صلى الله عليه وسلم خديجة فى الدنيا أنه لم يتزوج فى حياتها غيرها، فذكر حديث عائشة المتقدم عند مسلم قال وهذا مما لا اختلاف فيه بين أهل العلم بالأخبار، وفيه دليل على عظم قدرها عنده وعلى مزيد فضلها لأنها أغنته عن غيرها، واختصت به بقدر ما اشترك فيه غيرها مرتين لأنه صلى الله عليه وسلم عاش بعد أن تزوجها ثمانية وثلاثين عاما، انفردت خديجة منها بخمسة وعشرين عاما وهى نحو الثلثين من المجموع، ومع طول المدة فصان قلبها فيها من الغيرة ومن تكدر الضرائر الذى ربما حصل له هو منه ما يشوش عليه بذلك

(باب ما جاء في ذهابه صلى الله عليه وسلم إلى الطائف لما اشتد عليه ايذاء قريش بعد موت عمه أبى طالب مستنجدًا وردهم عليه أسوأ ردّ) (عن عبد الرحمن بن خالد العدوانى) عن ابيه انه أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ وهي فضيلة لم يشاركها فيها غيرها، (ومما اختصت به) سبقها نساء هذه الأمة الى الايمان فسنت ذلك لكل من آمنت بعدها فيكون لها مثل أجرهن، لما ثبت أن من سن سنة حسنة الحديث وقد شاركها فى ذلك أبو بكر الصديق بالنسبة الى الرجال، ولا يعرف قدر ما لكل منهما من الثواب بسبب ذلك الا الله عز وجل (قال النووى) فى هذه الأحاديث دلالة لحسن العهد وحفظ الود ورعاية حرمة الصاحب والمعاشر حيًا وميتًا واكرام معارف ذلك الصاحب والله أعلم (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) وقد روى الحافظ أبو الفرج بن الجوزى بسنده عن ثعلبة بن صعير وحكيم بن حزام أنهما قالا لما توفى أبو طالب وخديجة وكان بينهما خمسة أيام اجتمع على رسول الله صلى الله عليه وسلم مصيبتان ولزم بيتة وأقل الخروج ونالت منه قريش ما لم تكن تنال ولا تطمع فيه، فبلغ ذلك ابا لهب فجاءه فقال يا محمد امض لما ردت، ما كنت صانعا إذ كان أبو طالب حيا فاصنعه، لا واللات لا يوصل اليك حتى أموت، وسب ابن الغيطلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقبل أبو لهب فنال منه فولى يصيح يا معشر قريش صبأ أبو عتبة فأقبلت قريش حتى وقفوا على أبى لهب فقال ما فارقت دين عبد المطلب ولكنى أمنع ابن أخى أن يضام حتى يمضى لما يريد، فقال لقد أحسنت وأجملت ووصلت الرحم، فمكث رسول الله صلى الله عليه وسلم كذلك أياما يأتى ويذهب لا يعرض له أحد من قريش وهابوا أبا لهب إذ جاء عقبة بن أبى معيط وأبو جهل الى أبى لهب فقالا له اخبرك ابن أخيك أين مدخل أبيك؟ فقال له أبو لهب يا محمد اين مدخل عبد المطلب؟ قال مع قومه، فخرج اليهما فقال قد سألته فقال مع قومه، فقالا يزعم أنه فى النار، فقال يا محمد أيدخل عبد المطلب النار؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن مات على مامات عليه عبد المطلب دخل النار، فقال أبو لهب لعنه الله والله لا برحت لك الا عدوا أبدا وأنت تزعم أن عبد المطلب فى النار، واشتد عند ذلك ابو لهب وسائر قريش عليه، ثم اجتر أسفهاء قريش على رسول الله صلى الله عليه وسلم ونالوا منه ما لم يكونوا يصلون اليه ولا يقدرون عليه، كما قد (رواه البيهقى) بسنده عن عبد الله بن جعفر قال لما مات أبو طالب عرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم سفيه من سفهاء قريش فألقى عليه ترابا، فرجع إلى بيته فأتت امرأة من بناته تمسح عن وجهه التراب وتبكى، فجعل يقول أى بنية لا تبكين فان الله مانع أباك، ويقول ما بين ذلك ما نالت قريش شيئا أكرهه حتى مات أبو طالب ثم شرعوا، وقد رواه زياد البكائى عن محمد بن اسحاق عن هشام بن عروة مرسلا والله أعلم (وذكر ابن اسحاق) أن النفر الذين كانوا يؤذون رسول الله صلى الله عليه وسلم بجوار المنزل لم يسلم منهم أحد الا الحكم بن أبى العاص مع أن اسلامه كان مضطربا، فكان مدهم يطرح عليه رحم الشاة وهو يصلى ويطرحها فى برمته اذا تصبت له حتى اتخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حجرًا يستتر به منهم اذا صلى، وكان اذا طرحوا عليه ذلك خرج به على عود وقال يا بنى عبد مناف أى جوار هذا؟ ثم يلقيه اهـ (قال فى بهجة المحافل) وجميع ذلك انما هو أذى يتأذى به مع قيام العصمة لجملته ليناله حظه من البلاء وليحقق فيه مقام الصبر الذى أمر به كما صبر أولوا العزم من الرسل الأنبياء ومع ذلك فكل من قومه قد كان حريصا على الفتك به واستئصاله والفراغ منه لا يقدر على ذلك، فسبحان من كفاه ووقاه وآواه وأظهر دينه على الآيات كلها وأسماه (باب) (1) (سنده) حدّثنا عبد الله بن محمد

في مشرق ثقيف وهو قائم على قوس أو عصا حين أتاهم يبتغى عندهم النصر، قال فسمعته يقرأ أو السماء والطارق حتى ختمها، قال فوعيتها فى الجاهلية وأنا مشرك ثم قرأتها فى الاسلام، قال فدعتنى ثقيف فقالوا ماذا سمعت من هذا الرجل؟ فقرأتها عليهم، فقال من معهم من قريش نحن أعلم بصاحبنا، لو كنا نعلم ما يقول حقا لتبعناه (عند جندب البجلى) قال أصاب أصبع النبى صلى الله عليه وسلم بشئ وقال جعفر (احد الرواة) حجر فدميت فقال (هل أنت الا اصبع دميت. وفي سبيل الله ما لقيت)

_ قال عبد الله (يعنى ابن الامام احمد) وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبى شيبة ثنا مروان بن معاوية الفزارى عن عبد الله بن عبد الرحمن الطائفى عن عبد الرحمن بن خالد العدوانى الخ (غريبه) (1) أى فى الجانب الشرقى منها وثقيف بوزن رغيف، قال فى القاموس أبو قبيلة من هوازن واسمه قيسيّ بن منبه ابن بكر بن هوازن وهو ثقفى محركة اهـ وكانت هذه القبيلة تسكن الطائف فلما اشتد أذى قريش للنبى صلى الله عليه وسلم بعد موت أبى طالب كما تقدم خرج من مكة الى ثقيف بالطائف (قال ابن اسحاق) يلتمس النصر من ثقيف والمنعة، ورجاء أن يقبلوا منه ما جاء به من الله تعالى (قال المقريزى) لأنهم كانوا أخواله، قال غيره ولم يكن بينه وبينهم عداوة فأقام بها شهرا يدعوهم فردوا قوله واستهزءوا به وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ورموا عراقيبه بالحجارة حتى اختضبت نعلاه بالدماء: وكان اذا أزلقته الحجارة قعد الى الأرض فيأخذون بعضديه صلى الله عليه وسلم فيقيمونه، فاذا مشى رجموه وهم يضحكون، حتى لقد شج فى رأسه شجاجا فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم من عندهم، وقد يئس من خير ثقيف (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (2) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر وعفان قالا ثنا شعبة عن الأسود بن قيس عن جندب الى الخ (غريبه) (3) لفظ ما: هنا بمعنى الذى أى الذى لقيته محسوب فى سبيل الله، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم قال ذلك عندما رماه سفهاء ثقيف بالحجارة والله أعلم (تخريجه) (ق مذ) وقد روى الشيخان من حديث عائشة أنها قالت للنبى صلى الله عليه وسلم هل أتى عليك يوم أشد من أحد؟ قال قد لقيت من قومك وكان أشد ما لقيت منهم يوم العقبة اذ عرضت نفسى على ابن عبد يا ليل بن عبد كلال (كان من رؤساء ثقيف) فلم يجبنى الى ما اردت، فانطلقت وأنا مهموم على وجهى فلم استفق الا وأنا بقرن الثعالب فرفعت رأسى فاذا بسحابة قد اظلتنى فنظرت فاذا فيها جبريل عليه السلام فنادانى فقال ان الله قد سمع قول قومك وما ردوا به عليك وقد بعث اليك ملك الجبال لتأمره بما شئت: فنادانى ملك الجبال فسلم علىّ ثم قال يا محمد ان الله قد سمع قول قومك وما ردوا عليك، وأنا ملك الجبال وقد بعثنى ربك البك لتأمرنى بأمرك ان شئت ان أطبق عليهم الأخشبين، وهما جبلان قال النبى صلى الله عليه وسلم بل أرجو أن يخرج الله من اصلابهم من يعبد الله وحده لا يشرك به شيئا، ولما انصرف صلى الله عليه وسلم عن أهل الطائف مر فى طريقه بعتبة وشيبة ابنى ربيعه وهما فى حائط لهما، فلما رأيا ما لقى تحركت له رحمهما فبعثا له مع عداس النصرانى غلامهمها قطف عنب فلما وضع بين يديه ووضع صلى الله عليه وسلم يده فى القطف قال باسم الله، ثم أكل فنظر عداس الى وجهه ثم قال والله ان هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلدة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أى البلاد أنت وما دينك؟ قال نصرانى من نينوى، فقال صلى الله عليه وسلم من قرية الرجل الصالح يونس بن متى، فقال وما يدريك؟ قال ذاك أخى وهو نبى مثلى، فأكب عداس على يديه ورأسه ورجليه يقبلهما

(أبواب قصة الإسراء والمعراج برسول الله صلى الله عليه وسلم) (باب ما ورد فى ذلك عن انس بن مالك عن مالك بن صعصعة رضي الله عنهما) (حدّثنا عفان) قال ثنا همام بن يحيى قال سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك رضي الله عنه ان مالك بن صعصعه رضي الله عنه حدثه أن نبى الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم حدثهم

_ وأسلم، ولما نزل نخلة وهو موضع على ليلتين من مكة صرف اليه سبعة من جن نصيين وكان صلى الله عليه وسلم قد قام فى جوف الليل يصلى فاستمعوا له وهو يقرأ سورة الجن، والذى آذنه بهم شجرة، وفى طريقه هذه دعا صلى الله عليه وسلم بالدعاء المشهور (اللهم انى أشكوا اليك ضعف قوتى وقلة حيلتى وهوانى على الناس يا أرحم الراحمين، أنت أرحم الراحمين وأنت رب المستضعفين، الى من تكلنى الى عدو بعيد يتجهمنى أم الى صديق قريب ملكته أمرى، إن لم تكن غضبانا على فلا أبالى، غير أن عافيتك أوسع لى، أعوذ بنور وجهك الذى أضاءت له السموات وأشرقت له الظلمات وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة ان ينزل بى غضبك أو يحل بى سخطك ولك العتبى (أى أطلب رضاك) حتى ترضى ولا حول ولا قوة الا بك: ثم انتهى الى حراء يريد دخول مكة: فقال له زيد بن حارثة كيف تدخل عليهم وهم قد أخرجوك؟ فقال يا زيد ان الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا وان الله مظهر دينه وناصر نبيه. وبعث عبد الله بن الأريقط الى الأخسر بن قيس ليجيره، فقال أنا حليف والحليف لا يجير، فبعث الى سهيل بن عمرو فقال ان بنى عامر لا تجير على بنى كعب، فبعث الى المطعم بن عدى فأجابه فدخل صلى الله عليه وسلم مكة فبات عنده فلما أصبح تسلح المطعم هو وبنوه وهم ستة أو سبعة، فقالوا له صلى الله عليه وسلم طف: واحتبوا بحمائل سيوفهم بالمطاف فقال أبو سفيان للمطعم امجير أم تابع؟ قال بل مجير، قال اذا لا تخفر، قد أجرنا من أجرت، فقضى صلى الله عليه وسلم طوافه وانصرفوا معه الى منزله، ذكر ابن اسحاق هذه القصة مبسوطة وأوردها الفاكهى باسناد طوافه وانصرفوا معه الى منزله، ذكر ابن اسحاق هذه القصة مبسوطة وأوردها الفاكهى باسناد حسن مرسل ولذا قال صلى الله عليه وسلم فى أسارى بدر لو كان المطعم بن عدى حيا ثم كلمنى فى هؤلاء النِّتنى لتركتهم له ثم كانت الاسراء برسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة الى بيت المقدس ثم عرجوه الى السماوات واليك ما ورد فى ذلك (باب) (1) قال العلماء ولستة اشهر من الثانية عشرة بعد البعث وقبل الهجرة بسنة أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم بورحه وجسده يقظة من المسجد الحرام الى بيت المقدس ثم الى السماوات العلى، قاله مقاتل وغيره وجزم به النووى (وفى شرح مسلم للنووى) أنه كان ليلة الاثنين سبع وعشرين من شهر ربيع الأول وكذلك فى فتاواه، وفى سيرة الروضة أنه كان فى رجب، وقال غيره فى رمضان، واختلف هل كان بروحه وجسده يقظة أو بروحه فقط مناما، مع اتفاقهم أن رؤيا الأنبياء وحى، واختلافهم بحسب اختلاف الروايات فى ذلك والصحيح الأول أنه كان بالروح والجسد، وطريقة الجمع بينهما أن يقال كان ذلك مرتين أولاهما منا ما قبل الوحى كما فى حديث شريك، ثم أسرى به يقظة بعد الوحى تحقيقا لرؤياه كما رأى صلى الله عليه وسلم فتح مكة قبل عام الحديبية سنة ستة من الهجرة ثم كان تحقيقه سنة ثمان، ونزل فى ذلك قوله تعالى {لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق الآية} والله أعلم: أنظر تفسير قوله تعالى {وما جعلنا الريا التى أريناك إلا فتنة للناس} من سورة الاسراء فى الجزء الثامن عشر صحيفة 193

عن ليلة أسري به قال بينا أنا فى الحطيم وربما قال قتادة فى الحجر مضطجع إذ أتانى آت فجعل يقول لصاحبه الأوسط بين الثلاثة قال فاتانى فقده وسمعت قتادة يقول فشق ما بين هذه إلى هذه، قال قتادة فقلت للجارود وهو الى جنبى ما يعنى قال من ثغرة نحره الى شعرته وقد سمعته يقول من قصه إلى شعرته قال فاستخرج قلبى فأتيت بطست من ذهب مملوءة ايمانا وحكمة فغسل قلبى ثم حشى ثم أعيد ثم اتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار أبيض قال فقال الجارود هو البراق يا أبا حمزة قال نعم خطوه عند اقصى طرفه قال فحملت عليه فانطلق بى جبريل عليه السلام حتى أتى بى السماء الدنيا فاستفتح فقيل من هذا؟ قال جبريل، قيل ومن معك؟ قال محمد، قيل أو قد أرسل اليه، قال نعم، قيل مرحبا به ونعم المجيء جاء: قال ففتح فلما خلصت فاذا فيها آدم عليه السلام فقال هذا أبوك آدم فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح والنبى الصالح، ثم صعد حتى أتى إلى السماء الثانية فاستفتح فقيل من هذا؟ قال جبريل، قيل ومن معك؟ قال محمد، قيل أو قد أرسل اليه؟ قال نعم، قيل مرحبا به ونعم المجئ جاء: قال ففتح فلما خلصت فاذا يحيى وعيسى وهما ابنا الخالة، فقال هذا يحيى وعيسى فسلم عليهما، قال فسلمت فردا السلام ثم قالا مرحبا بالأخ الصالح والنبى الصالح، ثم صعد حتى أتى السماء الثالثه فاستفتح فقيل من هذا؟ قال جبريل، قيل ومن معك؟ قال محمد، قيل أو قد أرسل اليه؟ قال نعم، قيل مرحبا به ونعم المجئ جاء قال ففتح فلما خلصت فإذا يوسف عليه السلام، قال هذا يوسف فسلم

_ رقم 238 من كتاب فضائل القرآن وتفسير ففيه ما يسرك (غريبه) (1) هو ما بين الركن والمقام وقيل هو الحجر المخرج منها سمى، به لأن البيت رفع وترك هو محطوما (2) هو جبريل عليه السلام وقوله (لصاحبه) يعنى ميكائيل كما صرح بذلك فى رواية لابن جرير (3) كأنه صلى الله عليه وسلم كان مضطجعا بين اثنين من أصحابه فقال الملك لصاحبه هو الأوسط (4) بالفاء والقاف والمهملة المشددة المفتوحات أى شق طولا (5) هو ابن أبى سيرة باسكان الموحدة سالم بن سلمة الهذلى أبو نوفل البصرى التابعى من مشايخ قتادة وصاحب أنس (6) أى ما يعنى أنس بقوله ما بين هذه الى هذه (7) بضم المثلثه وسكون المعجمة الموضع المنخفض بين الترقوتين (الى شعرته) بكسر الشين المعجمة وسكون العين المهملة عانته، ومنبت شعرها قال قتادة (وقد سمعته) أى سمعت انسا (يقول من قصه) بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة رأس صدره (8) بفتح الطاء وسكون السين المهملتين اناء معروف (وقوله من ذهب) كان ذلك قبل تحريم استعمال الذهب والفضة (9) وفى رواية أخرى للبخارى ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وايمانا فأفرغه فى صدرى ثم أطبقه، فقوله ممتلئ حكمة وايمانا يحتمل أنه على الحقيقة وتجسيد المعانى جائز كتمثيل الموت كبشا أو مجاز من باب التمثيل كما مثلت له الجنة والنار فى عرض الحائط وفائدته كشف المعنوى بالحسى (10) كنية انس بن مالك والبراق بضم الموحدة قال أهل اللغة البراق اسم الدابة التى ركبها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ليلة الاسراء (11) بسكون الراء بأى بصره رجله عند منتهى ما يرى بصره (12) يعنى جبريل طلب فتح باب سماء الدنيا

عليه قال فسلمت عليه فرد السلام وقال مرحبا بالأخ الصالح والنبى الصالح، ثم صعد حتى أتى السماء الرابعة فاستفتح، فقيل من هذا؟ قال جبريل، قيل ومن معك؟ قال محمد، قيل أو قد أرسل اليه؟ قال نعم، فقيل مرحبا به ونعم المجئ جاء: قال ففتح فلما خلصت قال فاذا ادريس عليه السلام قال هذا ادريس فسلم عليه، قال فسلمت عليه فرد السلام، ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبى الصالح، قال ثم صعد حتى أتى السماء الخامسة فاستفتح، فقيل من هذا؟ قال جبريل قيل ومن معك؟ قال محمد، قيل أو قد أرسل اليه؟ قال نعم، قيل مرحبا به ونعم المجئ جاء: قال ففتح فلما خلصت فاذا هرون عليه السلام، قال هذا هرون فسلم عليه، قال فسلمت عليه، قال فرد السلام ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبى الصالح، قال ثم صعد حتى أتى السماء السادسة فاستفتح، فقيل من هذا؟ قال جبريل قيل ومن معك؟ قال محمد، قيل أو قد أرسل اليه؟ قال نعم، قيل مرحبا به ونعم المجئ جاء، ففتح فلما خلصت فاذا أنا بموسى عليه السلام، قال هذا موسى فسلم عليه، فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالأخ الصالح والنبى الصالح قال فلما تجاوزت بكى: قيل له ما يبكيك؟ قال أبكى لأن غلاما بعث بعدى ثم يدخل الجنة من أمته أكثر مما يدخلها من أمتى، قال ثم صعد حتى أتى السماء السابعة فاستفتح قيل من هذا؟ قال جبريل قيل ومن معك؟ قال محمد، قيل أو قد أرسل اليه؟ قال نعم، قيل مرحبا ونعم المجئ جاء، قال ففتح فلما خلصت فاذا ابراهيم عليه السلام، فقال هذا ابراهيم فسلم عليه فسلمت عليه فرد السلام ثم قال مرحبا بالابن الصالح والنبى الصالح: قال ثم رفعت إلى سدرة المنتهى فاذا نبقها مثل قلال هجر واذا ورقها مثل آذان الفيلة فقال هذه سدرة المنتهى، قال واذا أربعة أنهار نهران باطنان ونهران ظاهران، فقلت ما هذا يا جبريل؟ قال أما الباطنان فنهران فى الجنة وأما الظاهران

_ (1) لم يكن بكاء موسى عليه السلام حسدا معاذ الله فان الحسد فى ذلك العالم منزوع من آحاد المسلمين فكيف بمن اصطفاه الله تعالى برسالاته وبكلامه، بل كان أسفا على ما فاته من الأجر الذى يترتب عليه رفع الدرجة بسبب ما وقع من أمته من كثرة المخالفة المقتضية لتنقيص أجورهم، المستلزم لتنقيص أجره، لأن لكل نبى مثل أجر أمته (وقوله غلام) ليس المراد منه الحط من شرف المصطفى صلى الله عليه وسلم بل المراد أنه صغير السن بالنسبة اليه وقد أنعم الله عليه بما ينعم به عليه مع طول عمره (2) استشكل رؤية الانبياء فى السموات مع ان أجسادهم مستقرة فى قبورهم بالأرض (والجواب عن ذلك) ان رؤية الأنبياء غير عيسى عليه السلام بالسماء مع استقرار اجسامهم وقبورهم بالأرض لا اشكال فيها، فان ارواحهم تشكلت بصور اجسادهم لملاقاته صلى الله عليه وسلم فى تلك الليلة تشريفا له وتكريما (3) ظاهر فى انها شجر نبق حقيقة والنبات فى الشاهد يكون ترابيا ومائيا وهوائيا ولا يبعد على الله جلت قدرته ان يخلقه فى اى مكان شاء: وقد اخبر سبحانه عن شجرة الزقوم انها تنبت فى اصل الجحيم، وسميت بسدرة المنتهى لأنه ينتهى اليها علم كل عالم وما وراءها لا يعلمه الا العليم الخبير (4) بكسر القاف وهجر بفتح الهاء والجيم اسم بلد باليمن لا ينصرف للعلمية والتأنيث: ومراده ان ثمرها فى الكبر كالجرار التى تصنع بها وكانت معروفة عند المخاطبين هكذا وقع التمثيل بها، والقلة جرة عظيمة تسع قربتين أو اكثر (5) بكسر الفاء وفتح التحتية جمع فيل (6) أي تخرج

فالنيل والفرات قال ثم رفع إلى البيت المعمور قال قتادة وحدثنا الحسن عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه رأى البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون الف ملك ثم لا يعودون اليه، ثم رجع، إلى حديث أنس قال: ثم أتيت باناء من خمر واناء من لبن واناء من عسل، قال فأخذت اللبن، قال هذه الفطرة أنت عليها وأمتك، قال ثم فرضت الصلاة خمسين صلاة كل يوم، قال فرجعت على موسى عليه السلام فقال بماذا أمرت؟ قال أمرت بخمسين صلاة كل يوم، قال ان امتك لا تستطيع خمسين صلاة وانى قد خبرت الناس قبلك وعالجت بنى اسرائيل أشد المعالجة فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال فرجعت فوضع عنى عشرًا قال فرجعت فمررت على موسى فقال بما أمرت؟ قلت بأربعين صلاة كل يوم، قال ان أمتك لا تستطيع أربعين صلاة كل يوم، وإنى قد خبرت الناس قبلك وعالجت بنى اسرائيل أشدّ المعالجة فارجع الى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال فرجعت فوضع عنى عشرا أخر، فرجعت الى موسى فقال لى بما أمرت؟ قلت أمرت بثلاثين صلاة كل يوم، قال ان امتك لا تستطيع لثلاثين صلاة كل يوم وانى قد خبرت الناس قبلك وعالجت بنى اسرائيل أشد المعالجة فارجع الى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال فرجعت فوضع عنى عشرا أخر، فرجعت الى موسى فقال لى بما أمرت؟ قلت بعشرين صلاة كل، يوم فقال ان امتك لا تستطيع العشرين صلاة كل يوم وانى قد خبرت الناس قبلك وعالجت بنى اسرائيل أشد المعالجة فارجع الى ربك فاسأله

_ من أصل سدرة المنتهى كما فى رواية، وقوله نهران باطنان قال مقاتل السلسبيل والكوثر (1) يرشد بظاهره الى عنصر هذين النهرين والكلام فيه شاسع الطرفين ومحصوله تباين المشارب وتخالف المذاهب فمن ذاهب الى تأويل ولكنه يجافى الدليل، ومن وافق عندما يعطيه الظاهر غير مستبعد ذلك على قدرة القاهر، وظواهر البينات تعضده كقوله جل شأنه {الم تر أن الله أنزل من السماء ماء فسلكه ينابيع فى الأرض} الآية وغيرها من الآيات المتضافرة، على أن مادتهما سماوية، ومما يشير الى ذلك قوله عز وجل {وإن من شئ الا عندنا خزائنه وما ننزله إلا بقدر معلوم} وكون الماء يخرج من أصل السدرة ثم يسير حيث يشاء الله تعالى المستأثر بعلم ذلك ثم يسلكه ينابيع حتى يخرج من الأرض ثم يسير فى مجاريه أى مع ما يخالطه من وابل المطر وطله أمر لا يحيله عقل ولا يمنعه شرع، والقدرة لا يتعاصاها شئ: والله على كل شئ قدير (2) يعنى البصرى فى رواية أخرى عن أبى هريرة الخ (3) قيل هو فى السماء الثالثة أو السادسة أو السابعة بحبال الكعبة يزوره كل يوم سبعون الف ملك بالطواف والصلاة ثم لا يعودون اليه (4) أى الفطرة التى فطر عليها البشر وهى دين الاسلام كما قال تعالى {فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم} والمراد علامة الفطرة، لأن اللبن ليس هو نفس الاسلام بل علامة له ودالا عليه (5) معناه مارست بنى اسرائيل أشد الممارسة مع قوة أجسامهم فرأيت منهم الشدة وعدم الطاقة فكيف حال امتك (وقوله فارجع الى ربك) أى الى الموضع الذى ناجيت فيه ربك فلا حلول، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا، وقد وقع لموسى عليه السلام من العناية بهذه الأمة فى شان الصلاة ما لم يقع لغيره (6) أى فوضع عنى فى ضمن الوضع عن أمتى عشرا منها على أن

التخفيف لأمتك، قال فرجعت فأمرت بعشر صلوات كل يوم، فرجعت الى موسى فقال بما أمرت؟ قلت بعشرين صلاة كل، يوم فقال ان امتك لا تستطيع لعشر صلوات كل يوم فانى قد خبرت الناس قبلك وعالجت بنى اسرائيل أشد المعالجة فارجع الى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال فرجعت فأمرت بخمس صلوات كل يوم، فرجعت الى موسى فقال بما أمرت؟ قلت بخمس صلوات كل يوم، فقال ان امتك لا تستطيع خمس صلوات كل يوم، وانى قد خبرت الناس قبلك وعالجت بنى اسرائيل أشد المعالجة فارجع الى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال قلت قد سألت ربى حتى استحييت، منه ولكن ارضى واسلم فلما نفذت نادى مناد قد امضيت فريضتي وخففت عن عبادى (ومن طريق ثان) قال حدّثنا محمد بن جعفر قال ثنا سعيد بن أبى عروية عن قتادة بن دعامة عن أنس بن مالك عن مالك بن صعصعة عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال بينما أنا عند الكعبة بين النائم واليقظان فسمعت قائلا يقول أحد الثلاثة فذكر الحديث قال ثم رفع لنا البيت المعمور يدخله كل يوم سبعون الف ملك إذا خرجوا منه لم يعودوا فيه آخر ما عليهم قال ثم رفعت الى سدرة المنتهى فاذا ورقها مثل آذان الفيلة فذكر الحديث: قال فقلت لقد اختلفت الى ربى عز وجل حتى استحييت لا ولكن أرضى وأسلم، قال فلما جاوزته نوديت انى قد خففت على عبادى وأمضيت فرائضى وجعلت لكل حسنة عشر أمثالها (ومن طرييق ثالث) قال حدّثنا يحيى بن سعيد قال ثنا هشام الدستوائى قال ثنا قتادة عن أنس بن مالك عن مالك بن أبى صعصعة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال بينا أنا عند البيت بين النائم واليقظان إذ قيل أحد الثلاثة بين الرجلين، فأتيت بطست من ذهب ملأه حكمة وايمانا فشق من النحر الى مراق البطن فغسل القلب بماء زمزم ثم ملئ حكمة وايمانا ثم اتيت بدابة دون البغل وفوق الحمار ثم انطلقت مع جبريل عليه السلام فأتينا السماء الدنيا فقيل من هذا؟ قيل جبريل قيل ومن معك قال محمد قيل وقد أرسل اليه قال نعم قيل مرحبا به

_ الوضع عنه يستلزم الوضع عن أمته، ولم يقل عن أمتى لئلا يتوهم بقاء فرضية الخمسين عليه صلى الله عليه وسلم، هذا (وفى رواية) أن التخفيف كان خمسا خمسا واعتمده الحافظ وجعل حمل غيرها عليها من المتعين (1) جاء فى رواية البخارى فلما جاوزت أى جاوزت مكانى الذى أنا فيه نادى مناد الخ (2) هذه الجملة مما يستدل بها على أن التكليم ليلة الاسراء كان بغير واسطة والله أعلم (3) قال القاضى عياض يحتج بها من يجعلها رؤيا نوم ولا حجة فيه، اذ قد يكون ذلك حالة أول وصول الملك اليه، وليس فى الحديث ما يدل على كونه نائما فى القصة كلها (4) جاء فى الطريق الأولى بلفظ الأوسط بين الثلاثة وفى هذا الطريق أحد الثلاثه يعنى هو أحد الثلاثة النائمين، وجاء فى الطريق الثالثة أحد الثلاثه بين الرجلين، وهى رواية البخارى قال الحافظ والمراد بالرجلين حمزة وجعفر وأن النبى صلى الله عليه وسلم كان نائما بينهما، قال ويستفاد منه ما كان فيه صلى الله عليه وسلم من التواضع وحسن الخلق، وفيه جواز نوم جماعة فى موضع واحد (5) هكذا بالاصل مختصرا (6) جاء فى هذا الطريق بيان الماء الذى غسل به قلبه الشريف وهو ماء زمزم (قال الحافظ)

ونعم المجئ جاء فذكر الحديث بنحو ما تقدم (باب ما جاء فى ذلك من رواية أنس بن مالك عن أبى بن كعب رضي الله عنهما) (عن ابن شهاب) قال أنس بن مالك كان ابى بن كعب يحدث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فرج سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صدرى ثم غسله من ماء زمزم ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وايمانا فأفرغها فى صدرى ثم أطبقه ثم أخذ بيدى فعرج بى إلى السماء، فلما جاء السماء الدنيا فافتتح فقال من هذا؟ قال جبريل، قال هل معك أحد؟ قال نعم، معى محمد، قال أرسل اليه؟ قال نعم، ففتح فلما علونا السماء الدنيا اذا رجل عن يمينه أسودة وعن يساره أسودة، وإذا نظر قبل يمينه تبسم، وإذا نظر قبل يساره بكى، قال مرحبًا بالنبى الصالح والابن الصالح، قال لجبريل عليه السلام من هذا؟ قال هذا آدم وهذه الأسودة عن يمينه وشماله نسم بنيه فأهل اليمين هم أهل الجنة، والأسودة التى عن شماله أهل النار، فإذا نظر

_ وفيه فضيلة ماء زمزم على جميع المياه (1) أى نحو الطريق الاولى بشئ من الاختصار (تنبيه) لم يذكر فى هذا الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى بيت المقدس مع تعدد طرقه وكذلك عند البخارى، وظاهره انه صلى الله عليه وسلم استمر على البراق حتى عرج الى السماء، وتمسك به من زعم أن المعراج كان فى ليلة غير ليلة الاسراء، لكن ثبت عند مسلم والامام احمد وغيرهما وسيأتى من حديث أنس نفسه من مسنده أن النبى صلى الله عليه وسلم اتى بيت المقدس وربط البراق بالحلقه التى يربط بها الأنبياء ثم دخل المسجد فصلى فيه ركعتين ثم جاءه جبريل باناءين فذكر القصة، ثم عرج به إلى السماء (قال البيهقى) المثبت مقدم على النافى، يعنى من اثبت ربط البراق والصلاة فى بيت المقدس معه زيادة علم على من نفى ذلك فهو اولى بالقبول والله أعلم (تخريجه) اخرج الطريق الاولى منه ابخارى بهذا السباق، واخرج الطريق الثانية والثالثة منه مسلم واخرجه النسائى والترمذى مختصرًا جدًا (باب) (ز) (2) (سنده) حدّثنا محمد بن اسحاق ابن محمد المسيبى ثنا انس بن عياض عن يونس بن زيد قال ابن شهاب (يعنى الزهرى) قال انس ابن مالك الخ (غريبه) (3) جاء فى هذه الرواية فرج سقف بيتى وانا بمكة، وتقدم فى الحديث السابق فى الطريق الاولى منه بينا انا فى الحطيم وربما قال قتادة فى الحجر، وفى الطريق الثانية منه بينا انا عند البيت، وفى رواية الواقدى باسانيده انه اسرى به من شعب ابى طالب، وفى حديث ام هانئ عند الطبرانى انه بات فى بيتها قال فغقدته من الليل فقال ان جبريل اتانى (قال الحافظ) والجمع بين هذه الاقوال انه نائم فى بيت ام هانئ وبيتها عند شعب ابى طالب ففرج سقف بيته واضاف البيت اليه لكونه كان يسكنه فنزل منه الملك فأخرجه من البيت الى المسجد فكان به مضطجعًا وبه اثر النعاس، وقد وقع فى مرسل الحسن عند ابن اسحاق ان جبريل اتاه فأخرجه إلى المسجد فأركبه البراق وهو يؤيد هذا الجمع والله اعلم (4) الطست مؤنثة فقوله ممتلئ اراد معناها وهو الاناء وقوله فأفرغها اراد لفظها (5) بفتح الهمزة وسكون المهملة وكسر الواو: قال النووى فسر الأسودة فى الحديث بانها نسم بنيه، اما الأسودة فجمع سواد كزمان وازمنة وتجمع الأسودة على أساود، وقال اهل اللغة السواد الشخص، وقيل السواد الجماعات (6) بفتح النون والمهملة الواحدة نسمة (قال الخطابى) وغيره هي نفس الانسان والمراد ارواح بنى آدم، قال القاضى عياض رحمه الله فى هذا الحديث انه صلى الله عليه وسلم وجد آدم ونسم بنيه من أهل الجنة والنار

قبل يمينه ضحك، واذا نظر قبل شماله بكى، قال ثم عرج بى جبريل حتى جاوز السماء الثانية فقال لخازنها افتح، فقال له خازنها مثل ما قال خازن السماء الدنيا ففتح له، قال انس بن مالك فذكر انه وجد فى السموات آدم وادريس وموسى وعيسى وابراهيم عليهم الصلاة والسلام ولم يثبت لى كيف منازلهم غير أنه ذكر انه وجد آدم فى السماء الدنيا وابراهيم فى السماء السادسه قال أنس فلما مر جبريل عليه السلام ورسول الله صلى الله عليه وسلم بادريس قال مرحبا بالنبى الصالح والأخ الصالح، قلت من هذا؟ قال هذا ادريس، قال ثم مررت بموسى فقال مرحبا بالنبى الصالح والأخ الصالح، قلت من هذا؟ قال هذا موسى، ثم مررت بعيسى فقال مرحبا بالنبى الصالح والأخ الصالح، قلت من هذا؟ قال هذا عيسى بن مريم، قال ثم مررت بابراهيم فقال مرحبا بالنبى الصالح ولابن الصالح قلت من هذا؟ قال هذا ابراهيم عليه السلام، قال ابن شهاب وأخبرنى ابن حزم أن ابن عباس وأبا حبَّة الأنصارى يقولان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم عرج بى حتى ظهرت بمستوى أسمع صريف الاقلام، قال ابن حزم وانس بن مالك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فرض الله تبارك وتعالى على امتى خمسين صلاة، قال فرجعت بذلك حتى أمر على موسى عليه السلام فقال ماذا فرض ربك تبارك وتعالى على أمتك؟ قلت فرض عليهم خمسين صلاة، فقال لى موسى عليه السلام راجع ربك تبارك

_ وقد جاء أن أرواح الكفار فى سجين قيل فى الارض السابعة وقيل تحتها وقيل فى سجن، وان ارواح المؤمنين منعمة فى الجنة، فيحتمل انها تعرض على آدم اوقاتا فوافق وقت عرضها مرور النبى صلى الله عليه وسلم ويحتمل ان كونهم فى النار والجنة انما هو فى اوقات دون اوقات بدليل قوله تعالى {النار يعرضون عليها غدوا وعشيا} وبقوله صلى الله عليه وسلم فى المؤمن عرض منزله من الجنة عليه وقيل له هذا منزلك حتى يبعثك الله اليه، ويحتمل ان الجنة كانت فى جهة يمين آدم عليه السلام والنار فى جهة شماله وكلاهما حيث شاء الله والله أعلم (1) يعنى فى أى السموات هم (2) تقدم فى الحديث السابق أن ابراهيم فى السماء السابعة، قال النووى فان كان الاسراء مرتين فلا اشكال فيه، ويكون فى كل مرة وجده فى سماء واحداهما موضع استقراره ووطنه والأخرى كان فيها غير مستوطن، وان كان الاسراء مرة واحدة فلعله وجده فى السادسة ثم ارتقى ابراهيم أيضا السابعة والله أعلم (3) هو أبو بكر محمد بن عمرو بن حزم (4) قال النووى أبو حبة بالحاء المهملة والباء الموحدة هكذا ضطبناه هنا، وفى ضبطه واسمه اختلاف، فالأصح الذى عليه الأكثرون حبه بالباء الموحدة كما ذكرنا، وقيل حية بالياء التحتية وقيل حنة بالنون وهذا قول الواقدى، وروى عن ابن شهاب الزهرى، وقد اختلف فى امم أبى حبة فقيل عامر وقيل مالك وقيل ثابت وهو بدرى باتفاقهم واستشهد يوم أحد، وقد جمع الامام أبو الحسن بن الأثير الجزرى رحمه الله الأقوال الثلاثة فى ضبطه والاختلاف فى اسمه فى كتابه معرفة الصحابة رضي الله عنهم وبينها بيانا شافيا رحمه الله (5) معنى ظهرت علوت والمستوى بفتح الواو (قال الخطابى) المراد به المصعد، وقيل المكان المستوى، وصريف الاقلام بالصاد المهملة تصويتها حال الكتابة، قال الخطابى هو صوت ما تكتبه الملائكة من أقضية الله تعالى ووحيه وما ينسخونه من اللوح المحفوظ أو ما شاء الله تعالى من ذلك أن يكتب ويرفع لما أراده من أمره وتدبيره، قال القاضى عياض فى هذا حجة لمذهب أهل السنة في الإيمان

وتعالى فإن أمتك لا تطيق ذلك، قال فراجعت ربى عز وجل فوضع شطرها فرجعت الى موسى فاخبرته فقال راجع ربك فان أمتك لا تطيق ذلك، قال فراجعت ربى عز وجل فقال هى خمس وهى خمسون لا يبدل القول لدى، قال فرجعت الى موسى عليه السلام فقال راجع ربك فقلت قد استحييت من ربى تبارك وتعالى، قال ثم انطلق بى حتى أتى بى سدرة المنتهى، قال فغشيها الوان ما أدرى ما هى قال ثم ادخلت الجنة فاذا فيها جنابذ اللؤلؤ وإذا ترابها المسك (باب ما جاء فى ذلك من رواية أنس بن مالك رضي الله عنه من مسنده) (عن أنس بن مالك) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتيت بالبراق وهو دابة أبيض فوق الحمار ودون البغل يضع حافره عند منتهى طرفه، فركبته فسار بى حتى أتيت بيت المقدس فربطت الدابة بالحلقة التي يربط

_ بصحة كتابة الوحى والمقادير فى كتب الله تعالى من اللوح المحفوظ وما شاء بالاقلام التى هو تعالى يعلم كيفيتها على ما جاءت به الآيات من كتاب الله تعالى والاحاديث الصحيحة، وأن ما جاء من ذلك على ظاهره لكن كيفية ذلك وصورته وجنسه مما لا يعلمه إلا الله تعالى ومن أطلعه على شئ من ذلك من ملائكته ورسله، وما يتأول هذا ويحيله عن ظاهره إلا ضعيف النظر والايمان، إذ جاءت به الشريعة المطهرة ودلائل العقول لا تحيله، والله تعالى يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد حكمة من الله تعالى واظهارا لما يشاء من غيبة لمن يشاء من ملائكته وسائر خلقه، والا فهو غني عن الكتب والاستذكار سبحانه وتعالى (1) قال النووى المراد بحط الشطر هنا أنه حط فى مرات بمراجعات، وهذا هو الظاهر، وقال القاضى عياض رحمه الله المراد بالشطر هنا الجزء وهو الخمس وليس المراد به النصف وهذا الذى قاله محتمل ولكن لا ضرورة اليه، فان هذا الحديث مختصر لم يذكر فيه كرات المراجعة والله أعلم، واحتج العلماء بهذا الحديث على نسخ الشئ قبل فعله والله أعلم (2) أى لا يقدر على وصفها وسيأتى فى باب ما جاء فى أمور متفرقة تتعلق بالاسراء والمعراج من حديث ابن مسعود قال إذ يغشى السدرة ما يغشى، قال فراش من ذهب، وفى حديث أنس قال فلما غشيها من أمر الله ما غشيها تحولت ياقوتا أو زمردًا أو نحو ذلك (3) بالجيم المفتوحة بعدا نون مفتوحة ثم الف ثم باء موحدة ثم ذال معجمة وهى القباب واحدتها جنبذة واللؤلوء معروف: وفى هذا الحديث دلالة لمذهب أهل السنة أن الجنة والنار مخلوقتان وأن الجنة فى السماء قاله النووى (تخريجه) أخرجه مسلم من طريق يونس أيضا بسند حديث الباب ولفظه الا أنه جعله من حديث أبى ذر أبىّ بن كعب وسنده عند مسلم هكذا حدثنى حرملة بن يحيى التحبى أخبرنا ابن وهب قال أخبرنى يونس عن ابن شهاب عن أنس بن مالك قال كان أبو ذر يحدث ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فرج سقف بيتى فذكر الحديث بلفظه كما هنا، واورده الهيثمى عن أبىّ بن كعب أيضًا ثم قال رواه عبد الله من زياد انه على أبيه ورجاله رجال الصحيح والله اعلم (باب) (4) (سنده) حدّثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة انا ثابت الينانى عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (5) فيه إثبات أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى بيت المقدس فى ليلة المعراج وبه قال جمهور العلماء (6) قال النووى باسكنا اللام على اللغة الفصحية المشهورة وحكى الجوهرى وغيره فتح اللام أيضا قال وفى رابط البراق الأخذ بالاحتياط فى الأمور وتعاطى الأسباب، وأن ذلك لا يقدح في التوكل إذا كان

فيها الأنبياء ثم دخلت فصليت فيه ركعتين ثم خرجت فجاءنى جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن، فاخترت اللبن قال جبريل أصبت الفطرة ثم عرج بنا إلى السماء الدنيا فاستفتح جبريل فقيل ومن أنت؟ قال جبريل قيل ومن معك؟ قال محمد، فقيل وقد أرسل اليه؟ قال قد أرسل اليه، ففتح لنا فاذا أنا بآدم فرحب ودعا لى بخير، ثم عرج بنا الى السماء الثانية فاستفتح جبريل فقيل ومن أنت؟ قال جبريل، فقيل ومن معك؟ قال محمد، فقيل وقد أرسل اليه؟ قال قد أرسل اليه، قال ففتح لنا فاذا أنا بابنى الخالة يحيى وعيسى فرحبا ودعوا لى بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الثالثة فاستفتح جبريل فقيل من أنت؟ فقال جبريل، فقيل ومن معك؟ قال محمد، فقيل وقد أرسل اليه؟ قال قد أرسل اليه، ففتح لنا فاذا أنا بيوسف عليه السلام وإذا هو قد أعطى شطر الحسن فرحب ودعا لى بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل فقيل من أنت؟ قال جبريل، قيل ومن معك؟ قال محمد صلى الله عليه وسلم، فقيل وقد أرسل اليه؟ قال قد أرسل اليه، ففتح الباب فاذا أنا بادريس فرحب بى ودعا لى بخير، ثم قال يقول الله عز وجل ورفعناه مكانا عليا، ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة فاستفتح جبريل فقيل من أنت؟ قال جبريل، فقيل ومن معك؟ قال محمد، فقيل قد بعث اليه؟ قال قد بعث اليه، ففتح لنا فاذا أنا بهرون فرحب ودعا لى بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة فاستفتح جبريل فقيل من أنت؟ قال جبريل، قيل ومن معك؟ قال محمد،

_ الاعتماد على الله تعالى والله أعلم (1) يستفاد منه أن الأنبياء كانوا يركبون البراق فى بعض الأحيان لأمور خاصة قاله الزبيدى وصاحب التحرير رحمهما الله (2) جاء عند الامام احمد من حديث ابن عباس وسيأتى بعد باب أن النبى صلى الله عليه وسلم لما دخل المسجد الأقصى قام ليصلى فالتفت ثم التفت فاذا النبيون أجمعون يصلون معه (قال الحافظ) وفى رواية أبى عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ثم دخلت المسجد فعرفت النبيين من بين قائم وراكع وساجد ثم أقيمت الصلاة فأممتهم (وفى رواية يزيد) بن أبى مالك عن أنس عن ابن أبى حاتم فلم البث إلا يسيرا حتى اجتمع ناس كثير ثم أذن مؤذن فأقيمت الصلاة فقمنا صفوفا ننتظر من يؤمنا فاخذ بيدى جبريل فقدمنىفصليت بهم: وفى حديث ابن مسعود عند مسلم وجاءت الصلاة فأتممتهم (3) جاء عند مسلم من حديث أبى هريرة قال فاتيت باناءين فى أحدهما لبن وفى الآخر خمر، فقيل لى خذ أيهما شئت، فأخذت اللبن فشربته فقال هديت للفطرة أو أصبت الفطرة، أما إنك لو أخذت الخمر غوت أمتك، وسيأتى نحوه عند الامام احمد من حديث ابى هريرة أيضا فى باب ما جاء فى أمور متفرقة تتعلق بالاسراء والمعراج (4) قال النووى فروا الفطرة هنا بالاسلام والاستقامة، ومعناه والله أعلم اخترت علامة الاسلام والاستقامة، وجعل اللبن علامة لكونه سهلا طيبا طاهرًا سائغا للشاربين سليم العاقبة، وأما الخمر فانها أم الخبائث وجالبة لأنواع من الشر فى الحال والمآل والله أعلم اهـ (وقوله ثم عرج بنا بفتح العين والراء أى صعد) (5) قال النووى وقوله جبريل فيه بيان الأدب فيمن استأذن بدق الباب ونحوه فقيل له من أنت؟ فينبغى ان يقول زيد مثلا اذا كان اسمه زيدا ولا يقول أنا: فقد جاء الحديث بالنهى عنه ولأنه لا فائدة فيه قال القاضى وفيه أن

فقيل وقد بعص اليه؟ قال قد بعث اليه، ففتح لنا فاذا أنا بموسى عليه السلام فرحب ودعا لى بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السابعة فاستفتح جبريل فقيل من أنت؟ قال جبريل، قيل ومن معك؟ قال محمد، قيل وقد بعث اليه؟ قال قد بعث اليه، ففتح لنا فاذا أنا بابراهيم صلى الله عليه وسلم وإذا هو مستند الى البيت المعمور وإذا هو يدخله كل يوم سبوعن الف ملك لا يعودون اليه ثم ذهب بى إلى سدرة المنتهى وإذا ورقها كآذان الفيلة وإذا ثمرها كالقلال فلما غشيها من أمر ربى ما غشيها تغيرت فما أحد من خلق الله يستطيع أن يصفها من حسنها، قال فأوحى الله عز وجل إلى ما أوحى وفرض على فى كل يوم وليلة خمسين صلاة فنزلت حتى انتهيت إلى موسى فقال ما فرض ربك على أمتك؟ قال قلت خمسين صلاة فى كل يوم وليلة، قال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف، فان أمتك لا تطيق ذلك وانى قد بلوت بنى اسرائيل وخبرتهم، قال فرجعت إلى ربى عز وجل فقلت أى رب خفف عن أمتى فحط عنى خمسًا، فرجعت الى موسى فقال ما فعلت؟ قلت حط عنى خمسًا، قال إن أمتك لا تطيق ذلك فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال فلم أزل أرجع بين ربى وبين موسى ويحط عنلا خمسًا خمسا حتى قال يا محمد هى خمس صلوات فى كل يوم وليلة بكل صلاة عشر فتلك خمسون صلاة، ومن هم بحسنة فلم يعملها كتبت حسنة، فان عملها كتبت عشرا، ومن هم بسيئة فلم يعملها لم تكتب شيئًا، فان عملها كتبت سيئة واحدة، فنزلت حتى انهيت إلى موسى فأخبرته فقال ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك فان أمتك لا تطيق ذاك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رجعت الى ربى حتى لقد استحييت (باب إنكار حذيفة بن اليمان صلاة النبى صلى الله عليه وسلم ببيت المقدس ليلة الاسراء) (عن زر بن حبيش) قال أتيت على حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه) وهو يحدث عن ليلة اسرى بمحمد صلى الله عليه وسلم وهو يقول فانطلقت أو انطلقنا فلقينا حتى أتينا على بيت المقدس فلم يدخلاه، قال قلت بل دخله رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلتئذ وصلى فيه، قال ما اسمك يا أصلع فإني أعرف

_ للسماء أبوابا حقيقة وحفظة موكلين بها، وفيه إثبات الاستئذان والله أعلم (1) ذكر العلماء فى مكان البيت المعمور ثلاثة أقوال، أحدها أنه فى السماء الثالثة، والثانى أنه فى السادسة، والثالث أنه فى السابعة وهذا الحديث يؤيد القول الثالث (2) فيه دلالة على أن سدرة المنتهى فى السماء السابعة لقوله بعد ذكر السماء السابعة (ثم ذهب بى إلى سدرة المنتهى) وسيأتى فى حديث ابن مسعود فى باب ما جاء فى أمور متفرقة تتعلق بالاسراء والمعراج أنها فى السماء السادسة ولا تعارض فى ذلك، لأنه يحمل على أن أصلها فى السماء السادسة وأغصانها وفروعها فى السابعة وليس فى السادسة منها إلا أصل ساقها والله أعلم (3) هذه الجملة من قوله ومن هم بحسنة الى هنا تقدم الكلام على شرحها وكلام العلماء فيها فى باب احسان النية على الخير الخ من كتاب النية والاخلاص فى العمل فى الجزء التاسع عشر صحيفة 7 فارجع اليه (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (4) (سنده) حدّثنا أبو النضر ثنا شيبان عن عاصم عن زر بن حبيش الخ (غريبه) (5) هكذا بالأصل فلقينا ومعناه غير ظاهر، والظاهر أنه وقع فيه

وجهك ولا أدري ما اسمك، قال قلت أنا زر بن حبيش، قال فما علمك بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فيه ليلتئذ؟ قال قلت القرآن يخبرنى بذلك، قال من تكلم بالقرآن فلج اقرأ قال فقرأت سبحان الذى اسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام قال فلم أجده صلى فيه، قال يا أصلع هل تجد صلى فيه؟ قال قلت لا، قال والله ما صلى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلتئذ: لو صلى فيه لكتب عليكم صلاة فيه كما كتب عليكم صلاة فى البيت العتيق والله ما زايلا البراق حتى فتحت لهما أبواب السماء فرأيا الجنة والنار ووعد الآخرة اجمع: ثم عادا عودهما على بدئهما، قال ثم ضحك حتى رأيت نواجذه قال ويحدثون أنه ربطه لئلا يفر منه، وانما سخره له عالم الغيب والشهادة، قال قلت أبا عبد الله أى دابة البراق؟ قال دابة أبيض طويل هكذا خطوه مد البصر (ومن طريق ثان) عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن حذيفة بن اليمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أتيت بالبراق وهو دابة أبيض طويل يضع حافره منتهى طرفه فلم نزايل ظهره انا وجبريل حتى اتيت بيت المقدس ففتحت لنا أبواب السماء ورأيت الجنة والنار، قال حذيفة بن اليمان ولم يصل فى بيت المقدس، قال زر فقلت له بلى قد صلى، قال حذيفة ما اسمك يا أصلع؟ اننى اعرف وجهك ولا أعرف اسمك، فقلت أنا زر بن حبيش، قال وما يدريك أنه قد صلى؟ قال فقال يقول الله عز وجل {سبحان الذى أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام الى المسجد الأقصى الذى باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير} قال فهل تجده صلى لو صلى لصليتم فيه كما تصلون فى المسجد الحرام، قال زر وربط الدابة بالحلقة التى يربط بها الأنبياء عليهم السلام، قال حذيفة أو كان يخاف ان تذهب منه وقد آتاه الله بها (باب من روى انه صلى الله عليه وسلم صلى فى بيت المقدس ليلة الأسراء والمعراج بالنبيين أجمعين عليهم الصلاة وأتم التسليم) (عن ابن عباس) قال ليلة أسرى بنبى الله صلى الله عليه وسلم ودخل الجنة فسمع من جانبها وجساً

_ تحريف من الناسخ أو الطابع وصوابه فبقينا بالباء الموحدة بدل اللام ويؤيد ذلك قوله فى الطريق الثانية فلم نزايل ظهره (1) بفتح الفاء واللام آخره جيم أى غلب خصمه (2) جاء فى الطريق الثانية أنه قرأ الآية كلها إلى قوله تعالى إنه هو السميع البصير (3) حذيفة رضي الله عنه يحكى ما بلغه، وقد ثبت عند غيره من الصحابة أنه صلى الله عليه وسلم صلى فى بيت المقدس، ومن حفظ حجة على من لم يحفظ، وتقدم الكلام على ذلك (4) (سنده) حدّثناحدّثنا يونس حدثنا حماد يعنى ابن سلمة عن عاصم بن بهدلة الخ (5) أى لم نفارقه (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى تفسيره وعزاه للامام احمد ثم قال ورواه أبو داود الطيالسى عن حماد بنسلمة عن عاصم به، ورواه الترمذى والنسائى فى التفسير من حديث عاصم وهو ابن أبى النجود وقال الترمذى حسن، وهذا الذى قال حذيفة رضي الله عنه نفى ما أثبته غيره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربط الدابة بالحلقة ومن الصلاة ببيت المقدس مما سبق (يعنى الاحاديث) المتقدمة المصرح فيها بصلاته صلى الله عليه وسلم ببيت المقدس وربط الدابة الخ) قال وما سبق مقدم على قوله والله أعلم بالصواب اهـ (باب) (6) (سنده) حدّثنا عثمان بن محمد (قال عبد الله بن الامام احمد) وسمعته أنا منه حدثنا جرير عن قابوس عن أبيه عن ابن عباس الخ (غريبه) (7) الوجس بفتح الواو وسكون الجيم الصوت

قال يا جبريل ما هذا؟ قال هذا بلال المؤذن، فقال نبى الله صلى الله عليه وسلم حين جاء الى الناس قد أفلح بلال رأيت له كذا وكذا قال فلقيه موسى صلى الله عليه وسلم فرحب به وقال مرحبا بالنبي الأمي، قال فقال وهو رجل آدم طويل سبط شعره مع أذنيه أو فوقهما فقال من هذا يا جبريل؟ قال هذا موسى عليه السلام، قال فمضى فلقيه عيسى فلقيه عيسى فرحب به وقال من هذا يا جبريل؟ قال هذا عيسى، قال فمضى فلقيه شيخ جليل مهيب فرحب به وسلم عليه وكلهم بسلم عليه، قال من هذا يا جبريل؟ قال هذا أبوك ابراهيم، قال فنظر فى النار فاذا قوم يأكلون الجيف، فقال من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس، ورأى رجلا احمر أزرق جعدا شعثا اذا رأيته، قال من هذا يا جبريل؟ قال هذا عافر الناقة قال فلما دخل النبى صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى قام يصلى فالتفت ثم التفت فاذا النبيون أجمعون يصلون معه فلما انصرف فجئ احدهما عن اليمين والآخر عن الشمال فى احدهما لبن وفى الآخر عسل فأخذ اللبن فشرب منه فقال الذى كان معه القدح اصبت الفطرة (باب فى ذكر من رآهم النبى صلى الله عليه وسلم ليلة الإسراء والمعراج من الملائكة والنبيين وآخرين من الكفار والمذنبين وصفة بعضهم) (عن أبى العالية) حدثنى أبى حدثنى حجاج حدثنى شعبة عن قتادة عن أبى العالية قال حدثنى ابن عم نبيكم صلى الله عليه وسلم (يعنى ابن عباس رضي الله عنهما) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الله عز وجل ما ينبغى لعبد أن يقول أنا خير من يونس بن متى ونسبه الى أبيه، وذكر أنه أسرى به وأنه رأى موسى عليه السلام آدم طوالا كأنه من رجال شنوءة وذكر أنه رأى عيسى مربوعا الى الحمرة والبياض جعدًا وذكر أنه رأى الدجال ومالكا خازن النار (عن ابن عباس) قال قال نبى الله صلى الله عليه وسلم رأيت ليلة أسرى بى موسى بن عمر ان رجلا آدم طوال جعدا كأنه من رجال شنوءة ورأيت عيسى بن مريم عليهما السلام مربوع

_ الخفي (1) في هذا منقبة عظيمة لبلال المؤذن رضى عنه (2) بمد الهمزة أى أسمر وقوله سبط بفتح السين المهملة وسكون الموحدة وهو الشعر المنبسط المسترسل (3) اى محاذيا لأذنيه أو فوقهما بشئ يسير (4) يعنى الذين يغتابون الناس قال تعالى {ولا يغتب بعضكم بعضا أيحب أحدكم أن يأكل لحم أخيه ميتًا الآية} (5) الظاهر أزرق العينين (جعدا) قال فى النهاية الجعد فى صفات الرجال يكون مدحا وذما فالمدح أن يكون معناه شديد الأسر والخلق أو يكون جعد الشعر وهو ضد السبط لان السبوطة أكثرها فى شعور العجم، وأما الذم فهو القصير المتردد الخلق وقد يطلق على البخيل أيضا والمراد هنا الثانى (وقوله شعثا) أى منظره قبيح لوساخته (6) أى ناقة نبى الله ثالح عليه السلام (7) قيه ثبوت صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى المسجد الاقصى ليلة الاسراء (8) فيه تفضيل النبى صلى الله عليه وسلم على سائر الانبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير وعزاه للإمام احمد وصحح إسناده وقال لم يخرجوه (باب) (9) (عن أبى العالية الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتريجه فى باب ما جاء فى خلق الملائكة من كتاب خلق العالم فى هذا الجزء صحيفة 19 رقم 59 فارجع اليه (10) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب صفة نبى الله موسى وحجه وصومه من كتاب

الخلق إلى الحمرة والبياض سبط الرأس (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت عيسى ابن مريم وموسى وابراهيم فأما عيسى فأحمر جعد عريض الصدر، وأما موسى فانه جسيم، قالوا له فابراهيم، قال انظروا إلى صاحبكم يعنى نفسه (عن أبى هريرة) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليلة أسرى بى وصعدت قدمى (وفى نسخة) وضعت قدمى حيث توضع أقدام الأنبياء من بيت المقدس فعرض على عيسى بن مريم، قال فاذا أقرب الناس به شبها عروة بن مسعود، وعرض على موسى فاذا رجل ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوءة وعرض على إبراهيم قال فاذا هو أقرب الناس شبها بصاحبكم (عن أنس بن مالك) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما أسرى بى مررت على موسى وهو قائم يصلى فى قبره عند الكئيب الأحمر (عن جابر) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال عرض على الانبياء فاذا موسى رجل ضرب من الرجال كأنه من رجال شنوأة فرأيت عيسى بن مريم عليهما السلام فاذا أقرب من رأيت به شبها عروة بن مسعود ورأيت ابراهيم عليه السلام فاذا أقرب من رأيت به شبها صاحبكم يعنى نفسه صلى الله عليه وسلم ورأيت جبريل عليه السلام فاذا أقرب من رأيت به شبها دحية (عن أبى هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى بى لما انتهينا إلى السماء السابعة فنظرت فوق قال عفان، فوقى فاذا أنا برعد وبرق وصواعق، قال فاتيت على قوم بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم، قلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء اكلة الربا، فلما نزلت الى السماء الدنيا نظرت أسفل منى فاذا انا برهج ودخان وأصوات

_ أحاديث الأنبياء فى هذا الجزء صحيفة 85 رقم 51 (1) (وعنه أيضا) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى صفة ابراهيم واسحاق الخ من كتاب أحاديث الأنبياء فى هذا الجزء صحيفة 59 رقم 32 (2) (سنده) حدّثنا بكر بن عيسى أبو بشر الراسبى قال سمعت أبا عوانة ثنا عمر بن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ (غريبه) (3) بفتح المعجمة وسكون الراء قال القاضى عياض هو الرجل بين الرجلين فى كثرة اللحم وقلته وقال أهل اللغة الضرب هو الرجل الخفيف اللحم (4) بفتح الشين والهمزة بينهما نون مضمومة قال الجوهرى الشنوءة التقزز وهو التباعد من الادناس ومنه أزد شنوءة وهم حي من اليمن ينسب اليهم شنئى (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث أبى هريرة لغير الامام احمد ورجاله ثقات، ولمسلم نحوه من حديث جابر وسيأتى فى هذا الباب (5) (عن أنس ابن مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب قصه موسى مع ملك الموت ووفاته ومكان قبره من كتاب أحاديث الأنبياء فى هذا الجزء صحيفة 104 رقم 95 (وله طريق أخرى) عند الامام أحمد أيضًا قال حدثنا ابن أبى عدى عن سليمان يعنى التيمى عن أنس عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال ليلة أسرى بى مررت على موسى صلى الله عليه وسلم وهو يصلى فى قبره (6) (سنده) حدّثنا يونس وحجين قالا ثنا ليث عن أبى الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد الله) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م) (7) (سنده) حدّثنا حسن وعفان المعنى قالا حدثنا حماد عن على بن زيد وقال عفان حدثنا حماد أنبأنا على بن زيد عن أبى الصلت عن أبى هريرة الخ (غريبه) (8) الرهج بفتحتين الغبار

فقلت ما هذا يا جبريل؟ قال هذه الشياطين يحومون على أعين بنى آدم ان لا يتفكروا فى ملكوت السموات والأرض، ولولا ذلك لرأوا العجائب (عن أنس بن مالك) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مررت ليلة أسرى بى على قوم تقرض شفاههم بمقاريض من نار، قال قلت من هؤلاء قالوا خطباء من أهل الدنيا كانوا يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم وهم يتلون الكتاب أفلا يعقلون (وعنه أيضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرج بى ربى عز وجل مررت بقوم لهم اظفار من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم، فقلت من هؤلاء يا جبريل؟ قال هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون فى أعراضهم (باب ما ورد فى أمور متفرقه تتعلق بالاسراء والمعراج) (عن أنس) أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى بالبراق ليلة اسرى به مسرجا ملجما ليركبه فاستصعب عليه وقال له جبريل ما يحملك على هذا؟ فوالله ما ركبك أحد قط أكرم على الله عز وجل منه قال فارفض عرقا (عن أبى هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسرى بى أتيت بقدحين قدح لبن وقدح خمر فنظرت اليهما فأخذت اللبن، فقال جبريل

_ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه لابن أبى خاتم، ثم قال ورواه الامام احمد عن حسن وعفان كلاهما عن حماد بن سلمة به، ورواه ابن ماجه من حديث حماد اهـ (قلت) وفى إسناده على بن زيد ابن جدعان فيه كلام (1) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للامام أحمد وعبد بن حميد فى تفسيره وابن مردويه فى تفسيره وفى إسناده عند الجميع على بن زيد بن جدعان كسابقه قال وأخرجه ابن حبان فى صحيحه وابن أبى حاتم وابن مردويه أيضًا من حديث هشام الدستوائى عن المغيرة يعنى ابن حبيب ختن مالك بن دينار عن مالك بن دينار عن ثمامة عن أنس فذكره، وفى إسناده المغيرة بن حبيب الأزدى أبو صالح، قال ابن حبان فى الثقات يغرب، وقال الأزدى منكر الحديث ذكره الحافظ فى تعجيل المنفعة (2) (سنده) حدّثنا أبو المغيرة ثنا صفوان حدثنى راشد بن سعد وعبد الرحمن بن جبير عن أنس قا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما عرج بى الخ (غريبه) (3) كشربون وزنا ومعنى أى يجرحون ظاهر البشرة (4) يعنى يغتابون الناس (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للامام أحمد ثم قال وأخرجه أبو داود من حديث صفوان بن عمرو به، ومن وجه آخر ليس فيه أنس فالله أعلم اهـ (قلت) معناه أن أبا داود رواه مرفوعا ومرسلا، ولذلك قال أبو داود عقب المرفوع حدثنا ابن عثمان عن بقية ليس فيه أنس وسكت أبو داود والمنذرى على ذلك فهو صالح (باب) (5) (سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا معمر عن قتادة عن أنس (يعنى ابن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6)) أى صار البراق صعبا على النبى صلى الله عليه وسلم (7) فيه أن النبى صلى الله عليه وسلم أفضل الأنبياء وأكرمهم على الله عز وجل (8) أى جرى عرقهخجلا وسال ثم سكن وانقاد وترك الاستصعاب (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب قال الحافظ وصححه ابن حبان، وقد جزم السهيلى أن البراق إنما استصعب عليه لبعد عهده بركوب الأنبياء قبله (9) (سنده) حدّثنا روح ثنا صالح بن أبى الأخضر ثنا ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة الخ (غريبه) (10) اعلم أنه قد اختلفت الروايات في عدد الآنية

الحمد لله الذى هداك للفطرة لو أخذت الخمر غوت أمتك (عن عبد الله) قال لما أسرى برسول الله صلى الله عليه وسلم انتهى به إلى سدرى المنتهى وهى فى السماء السادسة: اليها ينتهى ما يعرج به من الأرض فيقبض منها، واليها ينتهى ما يهبط به من فوقها فيقبض منها قال {اذ يغشى السدرة ما يغشى} قال فراش من ذهب قال فاعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا أعطى الصلوات الخمس وأعطى خواتيم سورة البقرة وغفر لمن لا يشرك بالله من أمته المقحمات (عن أنس) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال رفعت لى سدرة المنتهى فى السماء السابعة نبقها مثل قلال هجر وورقها مثل آذان الفيلة يخرج من ساقها نهران ظاهران ونهران باطنان، فقلت يا جبريل ما هذان؟ قال اما الباطنان ففى الجنة واما الظاهران فالنيل والفرات (وعنه ايضا) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انتهيت الى السدرة فاذا نبقها مثل الجرار واذا ورقها مثل آذان الفيلة، فلما غشيها من امر الله ما غشيها تحولت ياقوتاً

_ ففي بعضها باء ناءين أحدهما لبن والآخر فيه خمر كما فى هذه الرواية، وفى بعض روايات البخارى ثم رفع إلىَّ البيت المعمور ثم أتيت بإناء من خمر وإناء من لبن وإناء من عسل، وفى حديث أبى سعيد عن ابن اسحاق فى قصه الاسراء فصلى بهم يعنى الأنبياء ثم أتى بثلاث آنية: إناء فيه لبن واناء فيه خمر وإناء فيه ماء فأخذت اللبن، واختلفت الروايات أيضا فى مكان عرض الآنية: ففى بعضها أنه كان فى بيت المقدس، وفى بعضها أنه كان فى السماء (قال الحافظ) بعد ذكر هذه الروايات وغيرها يجمع بين هذا الاختلاف إما بحمل ثم على غير بابها من الترتيب وانما هى بمعنى الواو، وإما بوقوع عرض الآنية مرتين مرة عند فراغه من الصلاة ببيت المقدس ومرة وصوله إلى سدرة المنتهى ورؤية الأنهار الأربعة، وأما الاختلاف غى عدد الآنية وما فيها فيحمل على أن بعض الرواة ذكر ما لم يذكره الآخر ومجموعها أربعة آنية فيها أربعة أشياء من الأنهار الأربعة التى رآها نخرج من أصل سدرة المنتهى (1) أى ضلت، نوعا من الغواية المترتبة على شربها بناءا على أنه لو شربها لأحل للامة شربها فوقعوا فى ضررها وشرها (تخريجه) (ق مذ) (2) (سنده) حدّثنا ابن نمير أخبرنا مالك بن مغول عن الزبير بن عدى عن طلحة عن مرة عن عبد الله (يعنى ابن مسعود) قال لما أسرى برسرول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) قال الحافظ كذا فسر المبهم فى قوله ما يغشى بالفراش (قال البيضاوى) وذكر الفراش وقع على سبيل التمثيل لأن من شأن الشجر أن يسقط عليه الجراد وشبهه، وجعلها من الذهب لصفاء لونها واضاءتها فى نفسها اهـ (قال الحافظ) ويجوز أن يكون من الذهب حقيقة ويخلق فيه الطيران، والقدرة صالحة لذلك (4) بكسر الحاء المهملة قال فى النهاية أى الذنوب العظام التى تقحم أصحابها فى النار أى تلقيهم فيها (تخريجه) اورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه لمسلم والبيهقى (5) (عن انس بن مالك الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم من رواية أنس عن مالك بن صعصعة وتقدم الكلام على شرحه وهو حديث صحيح رواه البخارى (6) (سنده) حدّثنا محمد بن أبى عدى عن حميد عن أنس (يعنى ابن مالك) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) هو فى الصحيحين ما عدا قوله تحولت ياقوتا أو زمردا أو نحو ذلك فانى لم أقف عليه لغير الامام احمد وهو حديث صحيح ورجاله من رجال

أو زمردا او نحو ذلك (باب رؤية النبى صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام فى صورته التى خلق عليها وهل رآى ربه عز وجل ليلة المعراج ام لا؟) (عن ابن عباس) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت ربى تبارك وتعالى (قال عبد الله بن الامام احمد) وقد سمعت هذا الحديث من ابى املى على فى موضع آخر (حدّثنا همام) ثنا قتادة عن عبد الله بن شقيق قال قلت لأبى ذر لو رايت رسول الله صلى الله عليه وسلم سألته، قال وما كنت تسأله؟ قال كنت اسأله هل رأى ربه عز وجل، قال فانى قد سألته فقال قد رأيته نورًا انّى أراه (ومن طريق ثان) قال حدّثنا وكيع وبهز قالا ثنا يزيد ابن ابراهيم عن قتادة قال بهز ثنا قتادة (عن عبد الله بن شقيق) قال قلت لأبى ذر لو ادركت رسول الله صلى الله عليه وسلم لسألته، قال عن أى شئ؟ قلت هل رايت ربك؟ قال قد سألته فقال نور رانيّ أراه يعنى على طريق الايجاب (حدّثنا يحيى) عن اسماعيل ثنا عامر قال اتى مسروق عائشة رضي الله عنها فقال يا أم المؤمنين هل رأى محمد صلى الله عليه وسلم ربه؟ قالت سبحان الله لقد قف شعرى لما قلت، اين انت من ثلاث من حدثكهن فقد كذب، من حدثك أن محمدًا صلى الله عليه وسلم رأى ربه فقد كذب، ثم قرات {لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار} {وما كان لبشر ان يكلمه الله إلا وحيا او من وراء حجاب} ومن أخبرك بما فى غد فقد كذب ثم قرات {ان الله عنده علم الساعة وينزل الغيث

_ الصحيحين وهو من ثلاثيات الامام أحمد (باب) (1) (سنده) حدّثنا اسود بن عامر حدثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) سيأتى كلام العلماء فى رؤية النبى صلى الله عليه وسلم ربه ليلة الاسراء والخلاف فى ذلك آخر الباب (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام احمد وأورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (3) (حدّثنا همام الخ) (غريبه) (4) جاء فى رواية عند مسلم فقال رأيت، نورا وله فى أخرى قال نور أنى آراه (قال النووى) رحمه الله أما قوله صلى الله عليه وسلم نور أنى أراه فهو بتنوين نور وبفتح الهمزة فى أنى وتشديد النون وفتحها أراه بفتح الهمزة هكذا رواه جميع الرواة فى جميع الأصول والروايات، ومعناه حجابه نور فكيف أراه، قال الامام أبو عبد الله المازرى رحمه الله الضمير فى أراه عائد على الله سبحانه وتعالى، ومعناه أن النور منع الرؤية كما جرت العادة باغشاء الأنوار الابصار ومنعها من ادراك ماحالت بين الرائي وبينه (وقوله صلى الله عليه وسلم رأيت نورا) معناه رأيت النور فسحب، ولم أر غيره، قال وروى نورانىّ اراه بفتح الراء وكسر النون وتشديد الياء (قلت) ستأتى هذه الرواية فى الطريق الثانية عند الامام احمد) قال ويحتمل أن يكون معناه رجاعا الى ما قلنا أى خالق النور المانع من رؤيته فيكون من صفات الأفعال (قال القاضى عياض) وما جاء فى الأحاديث من تسميته سبحانه وتعالى بالنور وقوله تعالى {الله نور السموات والارض} فمعناه ذو نورهما وخالقه، وقيل هادى أهل السموات والارض وقيل منور قلوب عباده المؤمنين وقيل معناه ذو البهجة والضياء والجمال والله أعلم (تخريجه) أخرجه مسلم بطريقيه، واخرج الطريق الاولى منه الطيالسى (5) (حدثنا يحيى الخ) (غريبه) (6) معنى قولها (سبحان الله) التعجب من جهل مثل هذا وكأنها تقول كيف يخفى عليك مثل هذا: وقد جاء لفظ سبحان الله للتعجب فى كثير من الأحاديث كقوله

ويعلم ما في الأرحام هذه الآية} ومن اخبرك ان محمدًا صلى الله عليه وسلم كتم فقد كذب ثم قرأت {يا ابها الرسول بلغ ما أنزل اليك من ربك} ولكنه راى جبريل فى صورته مرتين (ومن طريق ثان) عن مسروق ايضًا قال كنت متكئا عند عائشة رضي الله عنها فقالت يا أبا عائشة أنا اول من سأل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن هذه قال ذلك جبريل لم اره فى صورته التى خلق الا مرتين، رأيته منهبطا من السماء سادًا عظم خلقه ما بين السماء والارض (عن ابن عباس) قال سأل النبى صلى الله عليه وسلم جبريل أن يراه فى صورته فقال ادع ربك قال فدعا ربه فطلع عليه سواد من قبل المشرق قال فجعل يرتفع وينتشر قال فلما رآه النبي صلى الله عليه وسلم

_ صلى الله عليه وسلم سبحان الله المسلم لا ينجس وغير ذلك كثير (وأما قولها لقد قف شعرى) فهو بفتح القاف والفاء المشددة ومعناه قام شعرى من الفزع لكونى سمعت مالا ينبغى أن يقال، قال ابن الاعرابى تقول العرب عند انكار الشئ قف شعرى واقشعر جلدى واشمأزت نفسى (1) جاء فى رواية لمسلم عن مسروق قال قلت لعائشة فأين قوله (ثم دنا فتدلى فكان قوسين أو أدنى فأوحى الى عبده ما أوحى) قالت انما ذاك جبريل صلى الله عليه وسلم كان يأتيه فى صورة الرجال وإنه أتاه هذه المرة فى صورته التى هى صورته فسدأفق السماء (قلت) هذه هى المرة الأولى التى جاءت فى قوله تعالى {علمه شديد القوى ذو مرة فاستوى وهو بالأفق الأعلى ثم دنى فتدلى فكان قاب قوسين أو أدنى فأوحى الى عبده ما أوحى} قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه وكان ذلك بالأبطح تدلى جبريل عليه السلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسدّ عظم خلقه ما بين السماء والأرض حتى كان بينه وبينه قاب قوسين أو أدنى، هذا هو الصحيح فى التفسير كما دل عليه كلام أكابر الصحابة (اهـ) قلت انظر باب وهو بالأفق الاعلى فى سورة النجم من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 286 و 287 رقم 438 و 439 (2) (سنده) حدّثنا يزيد قال أنا داود عن عامر عن مسروق الخ (3) أى عن قوله تعالى {ولقد رآه بالأفق المبين ولقد رآه نزلة أخرى} كما يستفاد من رواية مسلم (4) زاد فى رواية عند الامام احمد وعليه ثياب سندس معلقا بها اللؤلؤ والياقوت، (قال النووى) رحمه الله هكذا هو فى الأصول ما بين السماء الى الأرض (يعنى رواية مسلم) قال وهو صحيح وأما عظم خلقه فضبط على وجهين احدهما بضم العين واسكان الظاء، الثانى بكسر العين وفتح الظاء وكلاهما صحيح اهـ (قلت) وهذه هى المرة الأولى التى عناها الله عز وجل بقوله {ولقد رآه بالأفق المبين}، (والمرة الثانية) هى المرادة بقوله تعالى ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه رأى هناك جبريل عليه السلام له ستمائة جناح ما بين كل جناح كما بين السماء والأرض وهو الذى يقول الله تعالى {ولقد رآه نزله أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى} أى ما زاغ يمينا ولا شمالا ولا ارتفع عن المكان الذى حدَّ له النظر اليه، وهذا هو الثبات العظيم والادب الكريم، وهذه الرؤيا الثانية لجبريل عليه السلام على الصفة التى خلقه الله تعالى عليها كما نقله ابن مسعود وأبو هريرة وأبو ذر وعائشة رضي الله عنهم أجمعين (تخريجه) أخرجه مسلم بطريقيه (5) (سنده) حدّثنا يحيى بن ادم حدثنا أبو بكر بن عياش عن ادريس بن منبه عن أبيه وهب بن منبه عن ابن عباس الخ (غريبه) (6) أى التى خلقه الله عليها (7) أي حتى

صعق فأتاه فنعشه ومسح البزاق عن شدقيه (عن أبى عبيدة عن أبى موسى) (يعنى الأشعرى) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الله عز وجل لا ينام ولا ينبغى له أن ينام، يخفض القسط ويرفعه، حجابه النار لو كشفها لأحرقت سبحات وجهه كل شئ أدركه بصره، ثم قرأ أبو عبيدة

_ سد عظم خلقه ما بين السماء والأرض اخذا من الحديث السابق (1) أى غشى عليه وسقط على الأرض وقوله (فأتاه) يعنى جبريل عليه السلام (فنعشه) أى أقامه ورفعه من مكانه وانما حصل ذلك النبى صلى الله عليه وسلم لأنه رأى منظرا هائلا لم يعهده، والظاهر ان هذه هى المرة الأولى (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد والطبرانى ورجالهما ثقات (2) (عن أبى عبيدة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب عظمة الله تعالى من كتاب التوحيد فى الجزء الأول صحيفة 39 وهو الطريق الثانية من حديث رقم 10 فارجع اليه (وقوله حجابه النار) جاء فى رواية لمسلم حجابه النور، وله فى أخرى حجابه النار كما هنا، وهو حديث صحيح اخرجه مسلم وابن ماجه وهذا الحديث يفيد انه لا يمكن لمخلوق أن يرى الله عز وجل فى الدنيا، وكذلك حديث عائشة وأبى ذر، وذلك يقتضى أن النبى صلى الله عليه وسلم لم ير ربه ليلة المعراج، لكن حديث ابن عباس يؤيد الرؤية لهذا اختلفت أنظار العلما، (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه واختلفوا فى الرؤية فقال بعضهم رآه بفؤاده مرتين، قاله ابن عباس وطائفة، واطلق ابن عباس وغيره الرؤية وهو محمول على التقييد، وممن أطلق الرؤية أبو هريرة واحمد بن حنبل رضي الله عنهما وصرح بعضهم بالرؤية بالعينين واختراه ابن جرير وبالغ فيه وتبعه على ذلك آخرون من المتأخرين وممن نص على الرؤية بعينى رأسه الشيخ أبو الحسن الأشعرى فبما نقله السهيلى عنه واختاره الشيخ أبو زكريا النووى فى فتاويه (وقالت طائفة) لم يقع ذلك لحديث أبى ذر فى صحيح مسلم (قلت يا رسول الله هل رأيت ربك؟ فقال نورٌ انَّى أراه وفى رواية (رأيت نورًا) قالوا ولم يكن رؤية الباقى بالعين الفانية: ولهذا قال الله تعالى لموسى فيما روى فى بعض الكتب الإلهية يا موسى إنه لا يرانى حى الا مات ولا يلبس الا تدهده، والخلاف فى هذه المسألة مشهور بين السلف والخلف والله أعلم اهـ (قال الامام النووى) رحمه الله وأما رؤية الله تعالى فى الدنيا فقد قدمنا أنها ممكنة، ولكن الجمهور من السلف والخلف من المتكلمين وغيرهم أنها لا تقع فى الدنيا، وحكى الامام أبو القاسم القشيرى فى رسالته المعروفة عن الامام أبى بكر بن فورك أنه حكى فيها قولين للامام أبى الحسن الأشعرى احدهما وقوعها والثانى لا تقع والله أعلم (فصل فى تلخيص ابواب قصة الاسراء والمعراج من تفسير الحافظ ابن كثير رحمه الله) قال رحمه الله تعالى عقب الأحاديث التى أوردها فى قصة الاسراء والمعراج لمناسبة قوله عز وجل (سبحان الذى اسرى بعبده الآية) قال (فصل) واذا حصل الوقوف على مجموع هذه الأحاديث صحيحها وحسنها وضعيفها يحصل مضمون ما اتفقت عليه من مسرى رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة إلى بيت المقدس وأنه مرة واحد وإن اختلفت عباراة الرواة فى ادائه أو زاد بعضهم فيه، او نقص منه، فان الخطأ جائز على من عدا الانبياء عليهم السلام، ومن جعل من الناس كل رواية خالفت الاخرى مرة على حدة فأثبت اسراءات متعددة فقد ابعد واغرب، وهرب الى غير مهرب ولم يتحصل على مطلب: وقد صرح بعضهم من المتأخرين بأنه عليه السلام اسرى به مرة من مكة إلى بيت المقدس فقط ومرة من مكة الى السماء فقط، ومرة

{نودي أن بورك من فى النار ومن حولها وسبحان الله رب العالمين} (باب رجوعه صلى الله عليه وسلم بعد الاسراء والمعراج إلى مكة وإخبار قريش بما رآى وتكذيبهم اياه) (عن ابن عباس) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كانت ليلة أسرى بى وأصبحت بمكة فظعت أمرى وعرفت أن الناس مكذبيّ فقعد معتزلا حزينا، قال فمر عدو الله أبو جهل فجاء حتى جلس اليه فقال له كالمستهزئ هل كان من شئ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم، قال ما هو؟ قال إنه أسرى به الليلة، قال الى أين؟ قال الى بيت المقدس، قال ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال نعم، قال فلم

_ إلى بيت المقدس ومنه الى السماء وفرح بهذا المسلك وانه قد ظفر بشئ يخلص به من الاشكالات، وهذا بعيد جدًا ولم ينقل هذا عن احد من السلف، ولو تعدد هذا التعدد لاخبر النبى صلى الله عليه وسلم به أمته ولنقله الناس على التعدد والتكرر، قال موسى بن عقبة عن الزهرى كان الاسراء قبيل الهجرة بسنة وكذا قال عروة، وقال السدى بستة عشر شهرا، والحق أنه عليه السلام أسرى به يقظة لامناما من مكة الى بيت المقدس راكبا البراق فلما انتهى الى باب المسجد ربط الدابة عند الباب ودخله فصلى فى قبلته تحية المسجد ركعتين، ثم أتى بالمعراج وهو كالسلم ذو درج يرقى فيها فصعد الى السماء الدنيا ثم الى بقية السماوات السبع فتلقاه من كل سماء مقربوها وسلم على الانبياء الذين فى السموات بحسب منازلهم ودرجاتهم حتى مر بموسى الكليم فى السادسة وابراهيم فى السابعة، ثم جاوز منزلتيهما صلى الله عليهما وعلى سائر الأنبياء حتى انتهى الى مستوى يسمع فيه صريف الأقلام أى أقلام القدر بما هو كائن، ورآى سدرة المنتهى وغشيها من أمر الله تعالى عظمة عظيمة من فراش من ذهب وألوان متعددة وغشيتها الملائكة، ورآى هناك جبريل على صورته وله ستمائة جناح ورأى رفرفا أخضر قد سد الأفق، ورأى البيت المعمور وابراهيم الخليل بانى الكعبة الأرضية مسندا ظهره اليه لأنه، الكعبة السماوية، يدخله كل يوم سبعون الفا من الملائكة يتعبدون فيه ثم لا يعودون اليه الى يوم القيامة، ورأى الجنة والنار وفرض الله عليه هنالك الصلوات خمسين ثم خففها الى خمس رحمة منه ولطفا بعباده: وفى هذا اعتناء عظيم بشرف الصلاة وعظمتها، ثم هبط الى بيت المقدس وهبط معه الانبياء فصلى بهم فيه لما حانت الصلاة، ويحتمل أنها الصبح من يؤمئذ، ومن الناس من يزعم أنه أمهم فى السماء. والذى تظاهرت به الروايات انه ببيت المقدس، ولكن فى بعضها انه كان اول دخوله اليه، والظاهر انه بعد رجوعه اليه لانه لما مر بهم فى منازلهم جعل يسأل عنهم جبريل واحدا واحدا وهو يخبره بهم، وهذا هو اللائق لأنه كان اوّلا مطلوبا الى الجناب العلوى ليفرض عليها وعلى امته ما يشاء الله تعالى، ثم لما فرغ من الذى اريد به اجتمع به هو واخوانه من النبيين ثم اظهر شرفه وفضله عليهم بتقديمه فى الامامة وذلك عن اشارة جبريل عليه السلام له فى ذلك، ثم خرج من بيت المقدس فركب البراق وعاد الى مكة بغلس، واما عرض الآنية عليه من اللبن والعسل او اللبن والخمر او اللبن والماء أو الجميع فقد ورد انه فى بيت المقدس وجاء انه فى السماء ويحتمل ان يكون ها هنا وها هنا لانه كالضيافة للقادم والله اعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر وروح المعنى قالا حدثنا عوف عن زرارة بن اوفى عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) بكسر الظاء المعجمه وسكون العين المهملة اى اشتد على وهبته (3) قال فى المصباح وهو نازل بين ظهرانيهم بفتح

ير أنه يكذبه مخافة ان يجحده الحديث اذا دعا قومه اليه، قال أرأيت إن دعوت قومك تحدثهم ما حدثتنى؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم، فقال هيا معشر بنى كعب بن لؤى، قال فانتفضت اليه المجالس، وجاءوا حتى جلسوا اليهما، قال حدث قومك بما حدثتنى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انى أسرى بى الليلة، قالوا الى أين؟ قلت الى بيت المقدس، قالوا ثم أصبحت بين ظهرانينا، قال نعم، قال فمن بين مصفق ومن بين واضع يده على رأسه متعجبا للكذب زعم قالوا وهل تستطيع ان تنعت لنا المسجد؟ وفى القوم من قد سافر الى ذلك البلد ورأى المسجد، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذهبت انعت فما زلت انعت حتى التبس على بعض النعت، قال فجيئ بالمسجد وأنا أنظر حتى وضع دون دار عقال أو عقيل فنعته وأنا أنظر اليه قال وكان مع هذا نعت لم احفظه قال فقال القوم اما النعت فوالله لقد اصاب (وعنه ايضا) قال اسرى بالنبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الى بيت المقدس ثم جاء من ليلته فحدثهم بمسيره وبعلامة بيت المقدس وبعيرهم فقال ناس نحن نصددق محمدا بما يقول فارتدوا كفارا، فضرب الله أعناقهم مع أبى جهل وقال أبو جهل يخوفنا محمد شجرة الزقوم هاتوا تمرا وزبدا فتمزقوا وراى الدجال فى صورته رؤيا عين ليس رؤيا منام وعيسى وموسى وابراهيم صلوات الله عليهم فسئل النبى صلى الله عليه وسلم عن الدجال فقال اقمر هجانا قال حسن قال رأيته فيلمانيا اقمر هجانا إحدى

_ النون قال ابن فارس ولا تكسر وقال جماعة الالف والنون زائدتان التأكد وبين ظهريهم وبين أظهرهم كلها بمعنى بينهم وفائدة إدخاله فى الكلام أن اقامته بينهم على سبيل الاستظهار بهم والاستناد اليهم وكأن المعنى ان ظهرا منهم قدامه وظهرا وراءه فكأنه مكنوف من جانبية هذا أصله ثم كثر حتى استعمل فى الاقامة بين القوم وان كان غير مكنوف بينهم (?) ير بضم الياء التحتية وكسر الراء أى لم يظهر (2) أى تركوا مجالسهم وحضروا الى النبى صلى الله عليه وسلم ومعه أبو جهل (?) بفتح الموحدة أى اختلط واشتبه (4) فيه معجزة عظيمة النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم بز طب طس) ورجال أحمد رجال الصحيح (5) (سنده) حدّثنا عبد الصمد وحسن قالا حدثنا ثابت قال حسن أبو زيد قال عبد الصمد قال حدثنا هلال عن عكرمة عن ابن عباس قال اسرى بالنبى صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) قوله فى السند قال حسن أبو زيد معناه ان حسنا أحد الراويين قال فى روايته حدثنا ثابت أبو زيد وهى كنية ثابت فذكره باسمه وكنيته أما عبد الصمد فذكره باسمه فقط (غريبه) (6) فغلبت عليهم الشقاوة فارتدوا كفارا (7) يعنى فى غزوة بدر (8) هى ما وصف الله فى كتابه العزيز فقال {انها شجرة تخرج فى أصل الجحيم طلعهاكأنه رءوس الشياطين} وهى فتعول من الرقم اللقم الشديد والشرب المفرط (9) أى كلوا، وقيل أكل الزبد والتمر بلغة أفريقية الزقوم (نه) (10) هذا مما يثبت أن الاسراء كانت يقظة لامناما (11) كأبيض وزنا ومعنى وهو الشديد البياض والانثى حمراء (وقوله هجانا كسر الهاء وفتح الجيم مخففه قال فى النهاية الهجان الأبيض ويقع على الواحد والاثنين والجمع والمؤنث بلفظ واحد وقوله قال حسن يعنى أحد الراويين اللذان روى عنهما الامام حمد هذا الحديث قال فى روايته (فيلمانيا اقمر هجانا) فزاد لفظ فيلمانيا ومعنى الفيلم العظيم الجثة

عينيه قائمة كأنها كوكب درى كأن شعر رأسه أغصان شجرة ورأيت عيسى شابا أبيض جعد الرأس حديد البصر مبطن الخلق ورأيت موسى أسحم آدم كثير الشعر قال حسن (الشعرة) شديد الخلق، ونظرت الى ابراهيم فلا أنظر اللا إرب من آرابه الا نظرت اليه منى كأنه صاحبكم فقال جبريل عليه السلام سلم على مالك فسلمت عليه (عن جابر بن عبد الله) يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لما كذبتنى قريش حين أسرى بى الى بيت المقدس قمت فى الحجر فجلا الله لى بيت المقدس فطفقت أخبرهم عن آياته وأنا أنظر اليه (باب ما جاء فى عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على احياء العرب فى مواسم الحج بمنى فى منازلهم على أن يأووه وينصروه ويمنعوه ممن كذبه وخالفه) (حدّثنا بن المنكدر) أنه سمع ربيعة بن عباد الديلى رضي الله عنه يقول رأيت

_ والفيلم الأمر العظيم والياء زائدة والفيلمانى منسوب اليه بزيادة الألف والنون المبالغة (نه) (1) أى بارزة ظاهرة كأنها كوكب درئ أى مطييه وعينه الاخرى ممسوحة لا وجود لها، ولذلك سمى المسيح أو لكونه ممسوح الوجه أى مشوه الخلقة (2) أى غزير الشعر طويله (3) المبطن بفتح الطاء المشددة الضامر البطن (4) الأرب بكسر الهمزة وسكون الراء العضو وأحد الآراب (5) يعنى نفسه صلى الله عليه وسلم (6) يريد الملك العظيم مالك خازن النار (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاء للامام احمد ثم قال ورواه النسائى من حديث أبى زيد ثابت بن يزيد عن هلال وهو ابن خواب به وهو اسناد صحيح، وأورده الهيثمى مختصرا الى قوله فتمزقوا ثم قال رواه احمد ورجاله ثقات إلا أن هلال ان خباب قال يحيى القطان إنه تغير قبل موته، وقال يحيى بن معين لم يتغير ولم يختلط ثقة مأمون، ورواه أبو يعلى وزاد قال رأى الرجال فى صورته الج الحديث هكذا جاء فى مجمع الزوائد، ذكر أقل من نصف الحديث وعزاه الامام احمد ثم جعل باقى الحديث زيادة عند أبى يعلى مع أن الحديث جميعه فى مسند الامام احمد فلا ندرى لما فعل ذلك والله أعلم (7) (سنده) حدّثنا يعقوب ثنا أبى عن صالح عن ابن شهاب قال أبو سلمة سمعت جابر بن عبدالله يحدث أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه الامام احمد شم قال أخرجاه فى الصحيحين من طرق من حديث الزهرى به ثم ذكر حديث عزاه البيهقى وفيه ما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى مكة فأخبر انه اسارى به فافتتن ناس كثير كانوا قد صلوا معه (قال ابن شهاب) قال ابو سلمة بن عبد الرحمن فتجهز أو كلمة نحوها ناس من قريش الى ابى بكر الصديق فقالوا هل لك فى صاحبك يزعم انه جاء الى بيت المقدس ثم رجع الى مكة فى ليلة واحدة، فقال ابو بكر او قال ذلك؟ قالوا نعم، قال فأنا اشهد لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا فتصدقه فى ان يأتى الشام فى ليلة واحدة ثم يرجع الى مكة قبل أن يصبح؟ قال نعم اصدقه بابعد من ذلك، صدقه اصدقه بخبر السماء، قال ابو سلمة فبها سمى ابو بكر الصديق، قال ابو سلمة فسمعت جابر بن عبد الله رضى الله عنهما يحدث انه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لما كذبنى قريش حين اسرى بى الى بيت المقدس قمت فى الحجر فجلى الله لى بيت المقدس فطفقت اخبرهم عن آياته وانا انظر اليه (باب) (8) (سنده)

رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف على الناس بمنى فى منازلهم قبل أن يهاجر الى المدينة يقول يا أيها الناس ان الله عز وجل يامركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، قال ووراءه رجل يقول هذا يأمركم أن تدّعوا دين أبائكم فسألت من هذا الرجل؟ فقيل هذا أبو لهب (ومن طريق ثان) عن ربيعة بن عباد ايضا قال والله انى لاذكره (يعنى النبى صلى الله عليه وسلم) يطوف على المنازل لمنى وأنا مع أبى غلام شاب ووراءه رجل حسن الوجه أحول ذو غديرتين فلما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على قوم قال أنا رسول الله يامركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، ويقول الذى خلفه ان هذا يدعوكم الى أن تفارقوا دين آبائكم وأن تسلخوا اللات والعزى وحلفاءكم من بنى مالك ابن اقيش الى ما جاء به من البدعة والضلال قال فقلت لابى من هذا قال عمه أبو لهب عبد العزى بن عبد المطلب (عن أشعث) قال حدثنى شيخ من بنى مالك بن كنانة قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بسوق ذى المجاز يتخللها يقول يا أيها الناس قولوا لا إله الا الله تفلحوا قال وأبو جهل يحثى عليه التراب ويقول يا أبها الناس لا يغرنكم هذا عن دينكم فانما يريد لتتركوا الهتكم وتتركوا اللات والعزى، قال وما يلتفت اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلنا أنعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بين بردين احمرين مربوع كثير اللحم حسن الوجه شديد سواد الشعر أبيض

_ حدّثنا سعيد بن أبي الربيع السمان قل حدى سعيد بن سلمة يعنى ابن أبى الحسام قال ثنا محمد ابن المنكدر أنه سمع ربيعة الخ (وله طريق أخرى) قال حدثنى أبو سليمان الضبى داود بن عمرو بن زهير المسيبى قال ثنا عبد الرحمن بن أبى الزناد عن أبيه عن ربيعة بن عياد الدّيلى وكان جاهليًا أسلم فقال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بصر عينى بسوق ذى المجاز يقول يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ويدخل فى فجاجها والناس منقصفون عليه فما رأيت أحدا يقول شيئا وهو لا يسكت، يقول أيها الناس قر لوا لا إله إلا الله تفلحوا: إلا أن وراءه رجلا أحول وضيء الوجه ذا غديرتين يقول إنه صابئ كاذب، فقلت من هذا؟ قالوا محمد بن عبد الله وهو يذكر النبوة، قلت من هذا الذى يكذب؟ قالوا عمه أبو لهب، قلت انك كنت يومئذ صغيرا؟ قال لا والله انى لأعقل (غريبه) (1) جاء فى رواية أخرى وهو يقول يا أيها الناس إن هذا قد غوى فلا يغوينكم عن آلهة آبائكم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يفر منه وهو على أثره ونحن نتبعه (2) (سنده) حدّثنا سعيد بن يحيى بن سعيد القرشى قال ثنا أبى عنا ابن اسحاق قال حدثنى حسين بن عبد الله عن ربيعة بن عباد الديلى عمن حدثه عن زيد بن أسلم عن ربيعة بن عباد قال والله انى لأذكره الخ (3) هكذا بالأصل (أنا رسول الله يأمركم الخ) اى الله عز وجل وجاء فى رواية أخرى بلفظ (انى رسول الله اليكم آمركم أن تعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وان تصدقونى حتى أنفذ عن الله ما بعثنى به (4) زاد فى رواية فلا تسمعوا له ولا تتبعوه (تخريجه) أخرجه ابن اسحاق فى السيرة والبيهقى وأبو نعيم فى الدلائل وسنده جيد (5) (سنده) حدّثنا أبو النضر قال ثنا شيبان عن أشعث الخ (قلت) اشعث هو ابن سليم (غريبه) (6) (قلت) جاء فى الحديث السابق أبو لهب وفى هذا الحديث أبو جهل (قال الحافظ ابن كثير) كذا قال فى هذا السياق أبو جهل وقد

شديد البياض سابغ الشعر (باب ما جاء فى عرضه صلى الله عليه وسلم الاسلام على فتية بنى الأشهل حينما جاءوا يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج ومنقبة لإياس بن معاذ وذكر وقعه بعاث) (عن محمود بن لبيد) أخى بنى عبد الأشهل قال لما قدم أبو الجليس أنس بن رافع مكة ومعه فتية من بنى عبد الأشهل فيهم إياس بن معاذ يلتمسون الحلف من قريش على قومهم من الخزرج سمع بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاهم فجلس اليهم، فقال لهم هل لكم الى خير مما جئتم له؟ قالوا وما ذاك؟ قال أنا رسول الله بعثنى الى العباد ادعوهم الى أن يعبدوا الله لا يشركوا به شيئا وأنزل على كتابا ثم ذكر الاسلام وتلا عليهم القرآن. فقال اياس بن معاذ وكان غلاما حدثا أى قوم هذا والله خير مما جئتم له، قال فأخذ أبو جليس أنس بن رافع حفنة من البطحاء فضرب بها فى وجه اياس بن معاذ، وقام رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم وانصرفوا الى المدينة فكانت وقعة بعاث بين الأوس والخزرج قال ثم لم يلبث اياس بن معاذ ان هلك، قال محمود بن لبيد فأخبرني من

_ يكون وهما ويحتمل أن يكون تارة يكون ذا وتارة يكون ذا واتهما كانا يتناوبان على ايذائه (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للبيهقى وسنده جيد: وتقدم حديث ربيعة بن عباد أيضًا من طرق أخرى فى باب أن من تولى كبر ايذائه صلى الله عليه وسلم عمه ابو لهب ص 216 رقم 58 (وعن ابى قتادة) انه صلى الله عليه وسلم مكث ثلاث سنين مستخفيا ثم أعلن فى الرابعة فدعا الناس الى الاسلام عشر سنين يوافى المواسم كل عام يتبع الحجاج فى منازلهم بعكاظ ومجنّة وذى المجاز يدعوهم الى أن يمنعوه حتى يبلغ رسالات ربه فلا يجد أحدا ينصره ولا يجيبه حتى انه ليسأل عن القبائل ومنازلها قبيلة قبيلة فيردون عليه اقبح الرد ويؤذنونه ويقولون قومك اعلم بك، فكان ممن سمى لنا من تلك القبائل بنو عامر بن صعصعة ومحارب وفزارة وغسان ومرة وحنيفة وسليم وعبس وبنو نضر والبكاء وكندة وكعب والحارث بن كعب وعذرة والحضارمة، وذكر تحوه ابن اسحاق بأسانيد متفرقة (وقال موسى بن عقبة) عن الزهرى كان قبل الهجرة يعرض نفسه على القبائل ويكلم كل شريف قوم لا يسألهم الا أن يؤووه ويمنعوه ويقول لا اكره احدا منك على شئ بل اريد ان تمنعوا من يؤذينى حتى ابلغ رسالات ربى، فلا يقبله احد بل يقولون قوم الرجل اعلم به (باب) (1) (سنده) حدّثنا يعقوب بن ابراهيم حدثنا أى عن ابن اسحاق حدثنى الحصين ابن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن معاذ أخو بنى عبد الأشهل عن محمود بن لبيد الخ (غريبه) (2) هكذا جاء فى الأصل (أبو الجليس أنس بن رافع) وجاء فى سيرة ابن هشام أبو الحيسر أنس بن رافع وكذلك نقله عنه الحافظ ابن كثير فى تاريخه ووافقهما على ذلك الحافظ فى القسم الرابع فى الكنى من الاصابة، لكنه قال فى القسم الأول من الأسماء فى الاصابة فى ترجمة إياس إن معاذ (أبو الحيس الحيسر أنس بن رافع) ثم راجعت القسم الرابع من الأسماء فى الاصابة فيمن اسمه أنس فوجدته قال أنس بن رافع أبو الجيش بالجيم والشين المعجمة فالله أعلم بالصواب، هذا وقد حكى الحافظ عن ابن منده أنه أسلم قال والذى ذكره ابن اسحاق فى المغازى يدل على أنه لم يسلم والله أعلم (3) بعاث بطم الموحدة وتخفيف العين المهملة وآخره مثلثة وحكى العسكرى أن بعضهم رواه عن الخليل بن أحمد وصحفه بالغين المعجمة، وذكر القاضى عياض ان الاصيلى رواه بالوجهين أى بالعين المهملة والمعجمة وأن الذي

حضره من قومي عند موته انهم لم يزالوا يسمعونه يهلل الله ويكبره ويحمده ويسبحه حتى مات فما كانوا يشكون ان قد مات مسلما، لقد كان استشعر الاسلام فى ذلك المجلس حين سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما سمع (عن عائشة رضي الله عنها) قالت كان يوم بعاث يوما قدمه الله عز وجل لرسوله صلى الله عليه وسلم فقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وقد افترق ماؤهم وقتلت سرواتهم ورفقوا لله عز وجل ولرسوله فى دخولهم فى الاسلام (عن جابر بن عبد الله) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على الناس بالموقف فيقول هل من رجل يحملنى الى قومه فان قريشا قد منعونى أن ابلغ كلام ربى عز وجل، فاتاه رجل من همدان فقال ممن أنت فقال الرجل من همدان، قا فهل عند قومك من منعة؟ قال نعم، ثم إن الرجل خشي أن

_ وقع في رواية أبى ذر بالغين المعجمة وجها واحدا ويقال ان أبا عبيدة ذكره بالمعجمة أيضا ذكره الحافظ، قال وهو مكان ويقال حصن وقيل مزرعة عند بنى قريظة على ميلين من المدينة كانت به وقعة بين الأوس والخزرج فقتل منها كثير منهم، وكان رئيس الأوس فيه حضير والد اسيد بن حضير، وكان يقال له حضير الكتائب وبه قتل، وكان رئيس الخزرج يومئذ عمرو بن النعمان البياضى فقتل فيها أيضا وكان النصر فيها أو لا الخزرج ثم ثبتهم حضير فرجعوا وانتصرت الأوس، وجرح حضير يومئذ فات فيها، وذلك قبل الهجرة بخمس سنين وقيل باربع وقيل باكثر والأول أصح اهـ (وجاء فى الكامل) لابن الاثير ان قريظة والنضير جددوا العهود مع الأوس على المؤازرة والتناصر ضد الخزرج فى يوم بعاث واستحك أمرهم وجدّوا فى حربهم ودخل معهم قبائل من اليهود. فكان ما كان من تغلب الأوس على الخزرج، وذكر ابو الفرج الأصبهانى ان سبب ذلك انه كان من قاعدتهم أن الأصيل لا يقتل بالحليف فقتل رجل من الأوس حليفا الخزرج فأرادو اان يقيدوه فامتنعوا فوقعت عليهم الحرب لاجل ذلك فقتل فيها من أكابرهم من كان لا يؤمن، أى يتكبر ويأنف أن يدخل فى الاسلام حتى لا يكون تحت حكم غيره: وقد كان بقى منهم من هذا النحو عبد الله بن أبىّ بن سلول (1) فيه منقبة عظيمة لإياس بن معاذ وانه صحابى ولذلك ذكر هـ الحافظ فى القسم الاول من الاصابه رضى الله تبارك وتعالى عنه (تخريجه) رواه محمد بن اسحاق فى المغازى وأورده الحافظ فى الاصابة وصححه (2) (سنده) حدّثنا أبو أسامة قال حدثنا هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (3) أى لأنه قتل فيه رؤساؤهم إذ لو كانوا أحياءا لاستكبروا عن متابعته صلى الله عليه وسلم ولمنع حبب رياستهم عن حب دخول رئيس عليهم (4) أى جماعتهم (وقتلت) بضم القاف مبنيا للمفعول (سروائهم) بفتح السين المهملة والراء. والواو أى خيارهم واشرافهم (5) بفتح الراء والفاء من باب قتل رفقا فأنا رفيق والرفق ضد العنف ومعناه انه زال ما عندهم من العنف ولان جانبهم بدخولهم فى الاسلام فكان فى قتل من قتل من أشرافهم ممن كان يأنف ان يدخل فى الاسلام مقدمات الخير، وقد كان بقى منهم من هذا النحو عبد الله بن أبى بن سلول وقصته فى انفته وتكبره مشهورة لا تخفى (تخريجه) (خ) (6) (عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما) (سنده) حدّثنا أسود بن عامر أخبرنا اسرائيل عن عثمان يعنى ابن المغيرة عنا سالم بن أبى الجعد عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (7) أى موقف الناس بعرفات فى موسم الحج (8) يعنى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل ممن أنت؟ فقال الرجل من همدان بفتح الهاء وسكون الميم قبيلة باليمن (9) بفتحات قال الزمخشري وهي

يحقره قومه فاتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاله آتيهم فأخبرهم ثم آتيك من عام قابل، قال نعم، فانطلق وجاء وفد الأنصار فى رجب (باب قدوم اثنى عشر رجلا من الأنصار الى المدينة وبيعة العقبة الأولى) (عن عبادة بن الصامت) قال كنت فيمن حضر العقبة الأولى وكنا

_ مصدر مثل الأنفة والعظمة، أو جمع مانع وهم العشيرة والحماة (1) معناه أن لا يجيبوا طلبه (تخريجه) (ك. والاربعة) وصححه الحاكم (ما جاء فى بدء اسلام الانصار رضى الله عنهم) قال ابن اسحاق وغيره لما أراد الله تعالى إظهار دينه واعزاز نبيه وانجاز وعده خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الموسم الذى لقيه فيه النفر من الأنصار فعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع فى كل موسم، فبينما هو عند العقبة لقى رهطا من الخزرج أراد الله بهم خيرا فقال لهم من أنتم؟ قالوا نفر من الخزرج، قال أفلا تجلسون أكلمك؟ قالوا بلى، فجلسوا معه فدعاهم الى الله وعرض عليهم الاسلام وتلا عليهم القرآن، وكان من صنع الله ان اليهود كانوا معهم فى بلادهم وكانوا أهل كتاب وكان الأوس والخزرج أكثر منهم فكانوا إذا كان بينهم شئ قالوا ان نبيا سيبعث قد أظل زمانه نتبعه فنقتلكم معه، فلا كلمهم النبى صلى الله عليه وسلم عرفوا النعت فقال بعضهم لبعض لا تسبقنا اليهود اليه، فأجابوه إلى ما دعاهم اليه وصدقوه وقبلوا منه ما عرض علهيم من الاسلام، فأسلم منهم ستة نفر، وهم أبو امامه أسعد بن زرارة وعوف بن الحارث بن رفاعة وهو ابن عفراء ورافع بن مالك بن المجلان وقطبة بن عامر بن حديدة وعقبة بن عامر بن نابي، وجابر ابن عبد الله بن رياب: فقال لهم النبى صلى الله عليه وسلم تمنعون ظهرى حتى ابلغ رسالة ربى؟ فقالوا يا رسول الله انما كانت بعاث عام أول يوم من أيامنا اقتتلنا به فان تقدم ونحن كذاك لا يكون لنا عليك اجتماع فدعنا حتى ترجع الى عشائرنا لعل الله يصلح ذات بيننا وندعوهم الى ما دعرتنا فعسى الله أن يجمعهم عليك، فان اجتمعت كلمتهم عليك واتبعوك فلا أحد أعز منك وموعدك الموسم القابل، وانصرفوا الى المدينة ولم يبق دار من دور الانصار الا وفيها ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كان العام المقبل لقيه اثنا عشر رجلا وهى العقبة الأولى فأسلموا، فيهم خمسة من الستة المذكورين ولم يكن فيهم جابر بن عبد الله بن رباب (والسبعة تتمة الاثنى عشر هم) معاذ بن الحارث بن رفاعة وهو ابن عفراء أخو عوف المذكور قبلا، وذكر ان بن عبد قيس، الزرقى وعبادة بن الصامت، ويزيد بن ثعلبة البلوى، والعباس ابن عبادة بن فضلة، وهؤلاء من الخزرج، (ومن الاوس) رجلان أبو الهيثم بن التيهان من بنى عبد الأشهل، وعويم بن ساعدة فأسلوا وبايعوا على بيعة النساء أى وفق بيعتهن التى أنزلت بعد ذلك عند فتح مكة وهى، أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزنى ولا نقتل اولادنا ولا ناتى ببهتان نفتريه بين أيدينا وارجلنا ولا نعصيه فى معروف والسمع والطاعة فى العسر واليسر والمنشط والمكره واثرته علينا وان لا ننازع الامر أهله، وان نقول الحق حيث كنا لا نخاف فى الله لومة لائم، ثم قال صلى الله عليه وسلم فان وفيتم فلكم الجنة، ومن غشى من ذلك شيئا كان امره الى الله ان شاء عذبه وان شاء عفا عنه، ولم يفرض يومئذ القتال، ثم انصرفوا الى المدينة فاظهر الله الاسلام، وستاتى هذه البيعة فى حديث عبادة بن الصامت الآتى (باب) (2) (سنده) حدّثنا يعقوب ثنا ابى عن ابن اسحاق حدثنى يزيد بن ابى حبيب عن مرئد بن عبد الله اليزنى عن ابى عبد الرحمن بن عسلة الصنابحى عن عبادة بن الصامت الخ

اثني عشر رجلا فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على بيعة النساء وذلك قبل أن يفترض الحرب على أن لا نشرك بالله شيئا ولا نسرق ولا نزنى ولا نقتل أولادنا ولا نأتى ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ولا نعصيه فى معروف فان وفيتم فلكم الجنة، وإن غشيتم من ذلك شيئا فأمركم الى الله ان شاء عذبكم وان شاء غفر لكم (ومن طري ثان) عن عبادة بن الوليد بن عبادة ابن الصامت عن أبيه الوليد عن جده عبادة بن الصامت وكان أحد النقباء قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الحرب وكان عبادة من الاثنى عشر الذين بايعوا فى العقبة الأولى على بيعة النساء فى السمع والطاعة فى عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا ولا ينازع فى الأمر أهله وأن نقول بالحق حيثما كان لا نخاف فى الله لومة لائم (باب قدوم سبعين رجلا وامرأتين من الأنصار بعد العقبه الأولى بعام وبيعة العقبة الثانية) (عن جابر) قال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين يتبع الناس فى منازلهم بعكاظ ومجنّة فى المواسم بمنى يقول من يؤوينى من ينصرنى حتى أبلغ رسالة ربى وله الجنة، حتى ان الرجل ليخرج من اليمن أو من مضر فيأتيه قومه فيقولون احذر

_ (غريبه) (1) تقدم ذكر اما نهم عقاب شرح حديث جابر السابق (2) تمال الحافظ ابن كثير فى تاريخه يعنى على وفق ما نزلت عليه بيعة النساء بعد ذلك عام الحديبية وكان هذا ما نزل على وفق ما بايع عليه أصحابه ليلة العقبة، وليس هذا عجيب فان القرآن نزل بموافقة عمر ان الخطاب فى غير ما موطن كما بيناه فى سيرته وفى التفسير وان كانت هذه البيعة وقعت عن وحى غير متلو فهو اظهر والله اعلم (3) أى ارتكبتم شيئا من ذلك (4) (سنده) حدّثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق حدثنى عبادة بن الوليد الخ (5) قال فى النهاية النقباء جمع نقيب وهو كالعريف على القوم المقدم عليهم الذى يتعرف أخبارهم وينقب عن أحوالهم أى يفتش، وكان النبى صلى الله عليه وسلم قد جعل ليلة العقبة كل واحد من الجماعة الذين بايعوه بها نقيبا عن قومه وجماعته ليأخذوا عليهم الاسلام ويعرفوهم شرائطه وكانو اثنى عشر نقيبا كلهم من الانصار وكان عبادة بن الصامت منهم اهـ (قلت) سيأتى ذكر النقباء فى الباب التالى (تخريجه) (ق. وغيرهما) (قال ابن اسحاق) فلما انصرف عنه القوم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير بن هاشم ابن عبد مناف ابن عبد الدارين قصىَّ وأمره ان يقرئهم القرآن ويعلمهم الاسلام ويفقههم فى الدين، قال فنزل مصعب على اسعد بن زرارة فكان يسمى بالمدينة المقرئ وأسلم على يده خلق كثير من الانصار منهم سعد بن معاذ واسيد بن حضير واسلم باسلامهما جميع بنى عبد الاشهل فى يوم واحد الرجال والنساء حاشا الاصيرم وهو عمرو بن ثابت ابن وقش فانه تأخر اسلامه الى يوم أحد فاسلم واستشهد ولم يسجد لله سجدة واحدة وأخبر صلى الله عليه وسلم أنه من أهل الجنة، ولم يكن فى بنى عبد الاشهل منافق ولا منافقة بل كانوا كلهم حنفاء مخلصين رضى الله عنهم أجمعين، ثم قدم على النبى صلى الله عليه وسلم فى العقبة الثانية فى العام المقبل فى ذى الحجة أوسط أيام التشريق منهم سبعون رجلا وامرأتان (انظر أحاديث الباب التالى) (باب) (6) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق انا معمر عن ابن خثيم عن أبى الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد الله الانصارى) قال مكث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) بضم العين المهملة اسم موضع

من غلام قريش لا يفتنك ويمشى بين رجالهم وهم يشيرون اليه بالاصابع حتى بعثنا الله اليه من يثرب فآويناه وصدقناه فيخرج الرجل منا فيؤمن به ويقرئه القرآن فينقلب الى أهله فيسلمون باسلامه حتى لم يبق دار من دور الانصار الا وفيها رهط من المسلمين يظهرون الاسلام ثم ائتمروا جميعا حتى متى نترك رسول الله صلى الله عليه وسلم يطرد فى جبال مكة ويخاف، فرحل اليه منا سبعون رجلا حتى قدموا عليه فى الموسم فواعدناه شعب العقبة فاجتمعنا عليه من رجل ورجلين حتى توافينا، فقلنا يا رسول الله نبايعك، قال تبايعونى على السمع والطاعة فى النشاط والكسل والنفقة فى العسر واليسر وعلى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، وأن تقولوا فى الله لا تخافون فى الله لومة لائم، وعلى أن تنصرونى فتمنعونى اذا قدمت عليكم مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة، قال فقمنا اليه فبايعناه وأخذ بيده اسعد بن زرارة وهو من أصغرهم فقال رويدا يا أهل يثرب فانا لم نضرب أكباد الإبل الا ونحن نعلم أنه رسول الله صلى الله عليه وسلم وان اخراجه اليوم مفارقة العرب كافة وقتل خياركم وان تعضكم السيوف فإما أنتم قوم تصبرون على ذلك وأجركم على الله، وإما أنتم قوم تخافون من أنفسكم جبنة فبينوا ذلك فهو عذر لكم عند الله: قالوا امط عنا يا أسعد فوالله لا ندع هذه البيعة ابدا ولا نسلبها ابدا قال فقمنا اليه فبايعناه فأخذ علينا وشرط يعطينا على ذلك الجنة رضي الله عنهم أجمعين (حدّثنا أبو سعيد وعفان) قال ثنا ربيعه بن كلثوم حدثنى أبى قال سمعت أبا غادية يقول بايعت

_ بقرب مكة كانت تقام به فى الجاهلية مدوف يقيمون فيه أياما (نه) (ومجنة) بفتح الميم وكسرها مع فتح الجيم والنون مشددة موضع بأسفل مكة على أميال وكان يقام بها للعرب سوق، وفتح الميم أكثر من كسرها (1) نشأ هذا من دعاية أبى جهل وأبى لهب وأعوانهما من قريش جازاهم الله بفعلهم ومع هذا فقد أبى الله عز وجل إلا ان يظهر دينه وينصر نبيه ولو كره الكافرون، وقد انتقم الله منهم جميعا فى الدنيا شر انتقام ولعذاب الآخرة أشد وابقى (2) يريد بيعة العقبة الأولى وما بعدها (3) تقدم ان مصعب ابن عمير كان يقرئهم القرآن وأسلم على يده خلق كثير (4) الرهط هم عشيرة الرجل واهله، والرهط من الرجال ما دون العشرة وقيل الى الاربعين ولا واحد له من لفظه ويجمع على رهط وارهاط، واراهط جمع الجمع (5) معناه ان فى اخراجه اليوم وبيعتكم إياه مفارقة العرب أى معاداتهم جميعا وربما قامت بينكم وبينهم حرب فيقتلون خياركم وتعمل فيكم سيوفهم (6) اى جبنا (7) معناه امط عنا يدك أى نحها وأبعدها عنا (8) اى لا نرفضها ولا نتركها (9) جاء عقب هذا الحديث فى المسند قال الامام احمد حدثنا داود بن مهران ثنا داود يعنى العطار عن ابن خثيم عنى أبى الزبير محمد بن مسلم انه حدثه عن جابر ابن عبد الله ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لبث عشر سنين فذكر الحديث وقال حتى ان الرجل ليرحل ضاحية من مضر ومن اليمن، وقال مفارقة العرب، وقال تخافون من أنفسكم خيفة، وقال فى البيعة لا نستقيلها (تخريجه) (ك هق) وقال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد جامع لبيعة العقبة ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى وقال الحافظ ابن كثير فى تاريخه هذا إسناد جيد على شرط مسلم (9) (حدّثنا ابو سعيد وعفان الخ)

رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو سعيد فقلت بيمينك قال نعم، قالا جميعا فى الحديث وخطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم العقبة فقال يا أيها الناس ان دمائكم وأموالكم عليكم حرام الى يوم تلقون ربكم عز وجل كحرمة يومكم هذا فى شهركم هذا فى بلدكم هذا، ألا هل بلغت؟ قالوا نعم، قال اللهم اشهد: ثم قال ألا لا ترجعوا بعدى كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (حدّثنا يعقوب) قال ثنا أبى عن ابن اسحاق قال فحدثنى معبد بن كعب بن مالك بن أبى كعب بن القين أخو بنى سلمة ان أخاه عبد الله بن كعب وكان من أعلم الانصار حدثه أن أباه كعب بن مالك وكان كعب ممن شهد العقبة وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها قال خرجنا فى حجاج قومنا من المشركين وقد صلينا وفقهنا ومعنا البراء بن معرور كبيرنا وسيدنا، فلما تواجهنا لسفرنا وخرجنا من المدينة قال البراء لنا يا هؤلاء انى قد رأيت والله رأيا وانى والله ما أدرى توافقونى عليه أم لا؟ قال قلنا له وما ذاك؟ قال قد رأيت ان لا أدع هذه البنية منى ظبهر، يعنى الكعبة وان أصلى اليها، قال فقلنا والله ما بلغنا أن نبينايصلى الا الى الشام وما نريد ان نخالفه، فقال انى أصلى اليها: قال فقلنا له لكنا لا نفعل، فكنا اذا حضرت الصلاة صلينا الى الشام وصلى الى الكعبة حتى قدمنا مكة

_ (غريبه) (1) روى الحاك فى المستدرك عن ابن شهاب الزهرى قال كان بين ليلة العقبة وبين مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر أو قريبا منها وكانت بيعة الانصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة فى ذى الحجة وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فى شهر ربيع الأول (2) يعنى شهر ذى الحجة كما تقدم وهو من الأشهر الحرم (3) أى بعد فراق من موقفى هذا، او بعد موتى وهو الأظهر، وفيه استعمال راجع كصار معنى وعملا: قال ابن مالك وهو مما خفى على أكبر النحويين أى لا تصيرو بعدى (كفارا) أى كالكفار او لا يكفر بعضكم بعضا فتستحلوا القتال، اولا تكن أفعالكم شبيهة بأفعال الكفار (وقوله يضرب)] برفع الباء الموحدة على أنها جملة مستأنفة مبينة لقوله (لا ترجعوا بعدى كفارا) ومجوز الجزم، قال ابو البقاء على تقدير شرط مضمر أى إن ترجعوا بعدى والله اعلم (تخريجه) أورده الحافظ فى الاصابة بتمامه وعزاه ليعقوب بن شيبة فى مسند عمار ورجاله ثقات وروى الشيخان وغيرهما هذه الخطبة من حديث ابن عباس عن النبى صلى الله عليه وسلم وتقدم فى باب ما جاء فى الخطبة يوم النحر بمنى فى الجزء الثانى عشر صحيفة 211 رقم 413 (4) (حدّثنا يعقوب الخ) (غريبه) (5) يعنى الخزرجى الأنصارى السَّلمى ابو بشر كان من النفر الذين بايعوا البيعة الثانية بالعقبة وهو أول من بايع وأول من استقبل القبلة وأول من أوصى بثلث ماله وهو أحد النقباء (قال ابن اسحاق) وغيره مات البراء بن معرور قبل قدوم النبى صلى الله عليه وسلم المدنية بشهرين، قال السهيلى والبراء بن معرور يكنى أبا بشر بابنه بشر بن البراء وهو الذى أكل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من الشاة المسمومة فات، ومعزور اسم أبيه والبراء هذا ممن صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على قبره بعد موته وكبر اربعا (6) قال السهيلى وفى الحديث دليل على أن النبى صلى الله عليه وسلم وكان يصلى بمكة الى بيت المقدس وهو قول ابن عباس، وقا لت طائفة، ما صلى إلى بيت المقدس إلا مذ قدم المدينة سبعة عشر شهرا أو ستة عشر شهرا، فعلى هذا يكون فى القبلة نسخان نسخ سنّة بسنة

قال أخي وقد كنا عبنا عليه ما صنع وأبى الا الأقامة عليه، فلما قدمنا مكة قال يا ابن أخى انطلق الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فاسأله عما صنعت فى سفرى هذا فانه والله قد وقع فى نفسى منه شئ لما رأيت من خلافكم إياى فيه، قال فخرجنا نسأل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكنا لا نعرفه لم نره قبل ذلك، فلقينا رجل من أهل مكة فسألناه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال هل تعرفانه، قال قلنا لا، قال فهل تعرفان العباس بن عبد المطلب عمه؟ قلنا نعم، قال وكنا نعرف العباس، كان لا يزال يقدم علينا تاجرا: قال فاذا دخلتما المسجد فهو الرجل الجالس مع العباس قال فدخلنا المسجد فاذا العباس جالس ورسول الله صلى الله عليه وسلم معه جالس فسلمنا ثم جلسنا اليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس هل تعرف هذين الرجلين يا أبا الفضل؟ قال نعم: هذا البراء بن معرور سيد قومه وهذا كعب بن مالك قال فوالله ما أنسى قول رسول الله صلى الله عليه وسلم الشاعر؟ قال نعم، قال فقال البراء بن معرور يا نبى الله انى خرجت من سفرى هذا وهدانى الله للاسلام فرأيت أن لا أجعل هذه البنية منى بظهر فصليت اليها وقد خالفنى أصحابى فى ذلك حتى وقع فى نفسى من ذلك شئ فماذا ترى يا رسول الله؟ قال لقد كنت على قبلة لو صبرت عليها قال فرجع البراء الى قبلة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى معنا الى الشام، قال وأهله يزعمون أنه صلى الى الكعبة حتى مات وليس ذلك كما قالوا، نحن أعلم به منهم قال وخرجنا الى الحج فوعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة من أوسط أيام التشريق فلما رفغنا الحج وكانت الليلة التى وعدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام أبو جابر سيد من ساداتنا

_ ونسخ سنة بقرآن، وقد بين حديث ابن عباس منشأ الخلاف فى هذه المسألة، فروى عنه من طرق صحاح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم التى كان اذا صلى بمكة استقبل بيت المقدس وجعل الكعبة بينه وبين بيت المقدس فلما كان عليه السلام يتحرى القبلتين جميعا لم يبن توجهه الى بيت المقدس للناس حتى خرج من مكة والله أعلم (1) هو العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف عم النبى صلى الله عليه وسلم وكان يومئذ على دين قومه (قال الحافظ) فى الاصابة حضر بيعة العقبة مع الانصار قبل أن يسلم وشهد بدرا مع المشركين مكرها فأسر فافتدى نفسه وافتدى ابن أخيه عقيل بن ابى طالب ورجع الى مكة فيقال انه اسلام وكمْ قومه ذلك وصار يكتب الى النبى صلى الله عليه وسلم بالاخبار ثم هاجر قبل الفتح بقليل وشهد الفتح وثبت يوم حنين، وقال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم من آذى العباس فقد آذانى فانما عم الرجال صنو ابيه اخرجه الترمذى اهـ (2) هو كعب بن مالك بن عمر بن القين بن سواد بن غنم بن كعب بن سلمة بكسر اللام ابن سعد بن على الانصارى الحزرجى السلمى بفتح السين واللام الصحابى شهد العقبة واحذا وسائر المشاهد إلا بدرا وتبوك وهو احد الثلاثه الذين خلفوا عن غزوة تبوك وضاقت عليهم انفسهم وظنوا ان لا ملجأ من الله الا اليه ثم تاب عليهم ليتوبوا (3) قال السهيلى فقه قوله (لو صبرت عليها) انه لم يأمره باعادة لأنه كان متأولا (4) هو عبد الله بن عمرو بن حرام ابن ثعلبة والد جابر بن عبد الله وهو صحابى مشهور شهد بدرا واحدا فاستشهد بأحد، وهو الذى حفر السيل عن قبره بعد ست وأربعين سنة فوجد لم يتغير كأنه مات بالأمس، وكاتب اسلامه ليلتئذ رضى الله تبارى وتعالى عنه

وكنا نكتم من معنا من قومنا من المشركين أمرنا فكلمناه وقلنا له يا أبا جابر انك سيد من ساداتنا وشريف من أشرافنا، وإنا نرغب بك عما أنت فيه ان تكون حطبا للنار غدا: ثم دعوته الى الاسلام وأخرته بميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وشهد معنا العقبة وكان نقيبا، قال فنمنا تلك الليلة مع قومنا فى رحالنا حتى اذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى الله عليه وسلم نتسلل مستخفين تسلل القطا حتى اجتمعنا فى الشعب عن دالعقبة ونحن سبعون رجلا ومعنا امرأتان من نسائهم: نسيبة بنت كعب أم عمارة احدى نساء بنى مازن بن النجار واسماء بنت عمرو بن عدى بن ثابت احدى نساء بنى سلمة وهى أم منيع، قال فاجتمعنا بالشعب ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى جاءنا ومعه يومئذ عمه العباس بن عبد المطلب وهو يومئذ على دين قومه إلا أنه احب ان يحضر امر ابن اخيه ويتوثق له، فلما جلسنا كان العباس بن عبد المطلب اول متكلم فقال يا معشر الخزرج، قال وكانت العرب مما يسمون هذا الحى من الانصار الخزرج أوسها وخزرجها: إن محمدا منا حيث قد علمتم وقد منعناه من قومنا ممن هو على مثل رأينا فيه وهو فى عز من قومه ومنعة فى بلده قال فقلنا قد سمعنا ما قلت فتكلم يا رسول الله فخذ لنفسك ولربك ما أحببت، قال فتكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلا ودعا الى الله عز وجل ورغّب فى الاسلام قال أبايعكم على أن تمنعونى مما تمنعون منه نساءكم وأبناءكم: قال فأخذ البراء بن معرور بيده ثم قال نعم والذى بعثك بالحق لنمنعنك مما نمنع منه أزرنا فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحن أهل الحروب

_ (1) بكسر الشين وسكرن المهملة قال الجوهرى الطريق فى الجبل، وقال غيره ما انفرج بن جبلين فهو شعب والجمع شعاب، والشعب بالفتح ما انقسمت فيه قبائل العرب والجمع شعوب (وقوله عند العقبة) بالتحريك وهو الجبل الطويل قال ياقوت العقبة التى بويع فيها النبى صلى الله عليه وسلم بمكة فهى عقبة بين منى ومكة، بينها وبين مكة نحو ميلين وعندها مسجد ومنها ترمى جمرة العقبة (2) قال السهيلى هى امرأة زيد بن عاصم شهدت بيعة العقبة وبيعة الرضوان وشهدت يوم اليمامة وباشرت القتال بنفسها وشاركت ابنها عبد الله فى قتل مسيلة فقطعت يدها وجرحت اثنا عشر جرحا ثم عاشت بعد ذلك دهرا، وكان الناس يأتونها بمرضاهم فتمسح بيدها الشلاء على العليل وتدعوا له، فقل ما مسحت بيدها ذا عاهة إلا برئ (قال السهيلى) يروى أن أم عمارة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرى كل شئ إلا للرجال وما أرى للنساء شيئا فأنزل الله تعالى {ان المسلمين والمسلمات الآية} (قلت) جاء عند الامام احمد ان القائلة ذلك هى أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم ورضى عنها، انظر باب (إن المسلين والمسلمات) من سورة الأحزاب فى الجزء الثامن عشر من الفتح الربانى صحيفة 238 رقم 384 (وروى البغوى) عن مقاتل قالت أم سلمة بنت أبى أمية وشيبة بنت كعب الأنصارية للنبى صلى الله عليه وسلم ما بال ربنا يذكر الرجال ولا يذكر النساء فى شئ من كتابه تخشى ان لا يكون فيهن خير، فنزلت هذه الآية (إن المسلمين والمسلمات الخ) وقيل أسماء بنت عميس هى القائلة، ولا منافاة فيحتمل انهن اشتركن فى ذلك والله أعلم (3) بضم الهمزة والزاى وفتح ما بعدهما واحده ازار يذكر ويؤنث أراد نساءنا والعرب تكنى عن المرأة بالإزار وتكنى أيضا بالازار عن النفس وتجعل الثوب عبارة عن لابسه كما قال (رموها بأثواب

وأهل الحلقة ورثناها كابرًا عن كابر، قال فاعترض القول والبراء يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو الهيثم ابن التيهان حليف بنى عبد الأشهل فقال يا رسول الله ان بينا وبين الرجال حبالا وانا قاطعوها يعنى العهود، فهل عسيت إن نحن فعلنا ذلك ثم أظهرك الله ان ترجع الى قومك وتدعنا؟ قال فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بل الدم الدم والهدم الهدم انا منكم وانتم منى أحارب من حاربتم وأسالم من سالمتم، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اخرجوا الى منكم اثني عشر نقيبا يكونون على قومهم فأخرجوا منهم اثنى عشر نقيبا منهم تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس، وأما معبد بن كعب فحدثني فى حديثه عن أخيه عن أبيه كعب بن مالك قال كان أول من ضرب على يد رسول الله صلى الله عليه وسلم البراء بن معرور ثم تتابع القوم، فلما بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صرخ الشيطان من رأس العقبة بأبعد صوت سمعته قط يا أهل الجباجب والجباجب المنازل هل لكم فى مذمّم. الصباة معه قد أجمعوا على حربكم، قال على يعنى ابن اسحاق ما يقول عدو الله محمد، ففال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا أزب العقبة هذا ابن ازيب اسمع أي عدو الله أما والله لا فرغن لك، ثم قال، رسول الله

_ خفاف فلا: نرى لها شبها إلا النعام المنفرا) أى بأبدان خفاف فقوله مما يمنع أزرنا يحتمل الوجهين جميعا (1) بفتح الحاء المهملة وسكون اللام: قال فى اللسان قال ابن سيدة الحلقة اسم لجملة السلاح والدروع وما أشبهها (2) المراد بالرجال هنا اليهود (وقوله حبالا) كناية عما بين الحيين من العهود (3) قال فى اللسان بعد أن ساق الحديث يروى بسكون الدال وفتحها فالهدم بالتحريك القبر يعنى اقبر حيث تقبرون، وقيل هو المنزل أى منزلكم منزلى اى لا أفارقكم، والهدم بالسكون وبالفتح أيضا هو اهدار دم الفتيل يقال دماؤهم بينهم هدم أى مهدرة، والمعنى إن طلب دمكم فقد طلب دمى، وان هدر دمكم فقد هدر دمى لاستحكام الإلفة بيننا، ثم قال وهو قول معروف والعرب تقول دمى دمك وهدمى هدمك وذلك عند المعاهدة والنصرة، ثم قال وكان أبو عبيدة يقول الهدم الهدم والدم الدم أى حرمتى مع حرمتكم وبيتى مع بيتكم وأنشد (ثم الحقى بهدمى ولدمى) اهـ (4) أى عريفا للقوم والجمع نقباء والعريف شاهد القوم وضمينهم (واليك أسماء النقباء) وهم أبو أمامة أسعد بن زرارة هو عبد الله بن رواحة، وسعد بن الربيع، ورافع اين مالك بن العجلان، والبراء بن معرور. وسعد بن عبادة. وعبد الله. بن عمرو بن حرام والد جابر وكان إسلامه يومئذ. والمنذر بن عمرو. وعبادة بين الصامث وهؤلاء من الخزرج (ومن الأوس) أسيد بن حضير. وسعد بن خيثمة، ورفاعة بن عبد المنذر، وعد بعضهم بدل رفاعة أبا الهيثم بن التيهان ونقّب رسول الله صلى الله عليه وسلم على النقباء أسعد بن زرارة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتم كفلاء عل قومكم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم وأنا الكفيل على قومى، قالوا نعم فبايعوه ووعدهم الوفاء على الجنة (قال السهيلى) وروى عن الزهرى انه قال قال النبى عليه السلام للأوس والخزرج حين قدَّم عليهم النقباء لا يغضبن أحدكم فانى أفعل ما أومر وجبريل عليه السلام إلى جنبه يشير اليهم واحد بعد واحد (5) قال السهيلى يعنى منازل ِمنًى وأصله أن الأوعية من الأدم كالزنبيل ونحوه يسمى جبجبة فجعل الخيام والمنازل لأهلها كالأوعية (6) بفتح الهمزة والزاى وتشديد الموحدة (قال فى القاموس) الأزب من أسماء الشياطين ومنه حديث بن الزبير مختصرا انه وجد رجلا طوله شيران فأخذ السوط فأتاه فقال من أنت

صلى الله عليه وسلم أرجعوا الى رحالكم، قال فقال له العباسي بن عبادة بن نضلة والذى بعثك بالحق لئن شئت لنميلن على أهل منى غدا بأسيافنا، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم أومر بذلك، قال فرجعنا فنمنا حتى أصبحنا فلما أصبحنا غدت علينا جلة قريش حتى جاءونا في منازلنا فقالوا يا معشر الخزرج انه قد بلغنا انکم قد جئتم الى صاحبنا هذا تستخرجونه من بين أظهرنا وتبايعونه على حربنا، والله انه ما من العرب أحد أبغض الينا ان تنشب الحرب بيننا وبينه منكم، قال فانبعث من هنالك من مشركى قومنا يحلفون لهم بالله ما كان من هذا شئ وما علمناه، وقد صدقوا لم يعلموا ما كان منا، قال فبعضنا ينظر الى بعض، قال وقام القوم وفيهم الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومي وعليه نعلان جديدان قال فقلت كلمة كأنى أريد أن أشرك القوم بها فيما قالوا: ما تستطيع يا أبا جابر وأنت سيد من ساداتنا أن تتخذ نعلين مثل نعلي هذا الفتى من قريش؟ فسمعهما الحرث فخلعهما ثم رمى بهما الى فقال والله لتنتعلنها: قال يقول أبو جابر أحفظت والله الفتى فاردد عليه نعليه، قال فقلت والله لا أردهما، قال والله صالح لئن صدق الفأل لاسلبنه فهذا حديث كعب بن مالك من العقبة وما حاضر منها (عن عامر) قال انطلق النبى صلى الله عليه وسلم ومعه العباس عمه الى السبعين من الأنصار عند العقبة تحت الشجرة فقال ليتكلم متكلمكم ولا يطل الخطبة فان عليكم من المشرکين عينا

_ قال ازبَّ قال وما ازب؟ قال رجل من الجن فمهب (ص 275 PDF) السوط فوضعه فى راس أزب حتى باص (قلت) أى هرب واستتر وفاته) قال ومنه حديث العقبة هو شيطان اسمه أزب العقبة اهـ (1) يعنى وفى كفار قريش الحارث بن هشام بن المغيرة المخزومى وكان يومئذ كافرا (قال الحافظ) فى الاصابة هو أبو عبد الرحمن القرشى المخزومى أخو أبى جهل وابن عم خالد بن الوليد وأمه فاطمة بنت الوليد بن المغيرة قال الزبير ثم شهد احدا مشركا حتى أسلم يوم فتح مكة ثم حسن اسلامه، قال وكان الحارث يضرب به المثل فى السؤدد: حتى قال الشاعر: أظننت ان أباك حين تسبنى

وأن يعلموا بكم يفضحوكم، فقال قائلهم وهو أبو امامة سل يا محمد لربك ما شئت، ثم سل لنفسك ولأسحابك ما شئت، ثم أخبرنا ما لنا من الثواب على الله عز وجل وعليكم اذا فعلنا ذلك، قال فقال أسألكم لربى عز وجل أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا: واسألكم لنفسى ولأصحابى أن تؤوونا وتنصرونا وتمنعونا مما منعتم منه أنفسكم، قالوا فما لنا اذا فعلنا ذلك؟ قال كم الجنة، قالوا فلك ذلك (وعنه من طريق ثان) عن أبى مسعود الأنصارى نحو هذا قال وكان أبو مسعود أصغرهم سنا (أبواب هجرة النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مكة الى المدينة) (باب اذنه صلى الله عليه وسلم لاصحابه بالهجرة من مكة الى المدينة) (عن أبى اسحاق) قال سمعت البراء بن عازب يقول أول من قدم علينا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم مصعب بن عمير وابن أم مكتوم قال فجعلا يقرآن الناس القرآن، ثم جاء عمار وبلال وسعد، قال ثم جاء عمر بن الخطاب فى عشرين، ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء قط

_ يراقبونكم (1) يعنى اسعد بن زرارة وابو امامة كنيته (2) (سنده) حدّثنا يحيى بن زكريا قال: ثنا مجالد عن عامر عن ابى مسعود الانصارى الخ (3) اسمه عقبة بن عمرو بن ثعلبة بن اسيرة بن عطية بن خدارة بن عوف بن الحارث بن الخزرج الانصارى أبو مسعود البدرى مشهور بكنيته اتفقوا على انه شهد العقبة (4) هكذا جاء بالاصل مختصرا (5) يعنى أصغر النفر الذين بايعو النبى صلى الله عليه وسلم بيعة العقبة الثانية (تخريجه) اورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للبيهقى والامام احمد ورجاله ثقات (باب) (6) (سنده) حدّثنا عفان ثنا شعبة عن أبى اسحاق الخ (غريبه) (7) يعنى ابن ابى وقاص قال (الحافظ ابن كثير) فى تاريخه فيه التصريح بأن سعد بن أبى وقاص هاجر قبل قدوم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة وقد زعم موسى بن عقبة عن الزهرى أنه إنما هاجر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصواب ما تقدم (تخريجه) (ق وغيرهما) قال ابن اسحاق لما أذن الله تعالى فى الحرب بقوله (أذن للذين يقاتلون بأنهم ظلموا وإن الله على نصرهم لقدير الذين أخرجوا من ديارهم بغير حق إلا أن يقولوا ربنا الله) الآية فلما أذن الله بالحرب وتابعه هذا الحى من الأنصار على الاسلام والنصرة له ولمن اتبعه وأوى اليهم من المسلمين: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه من المهاجرين من قومه ومن معه بمكة من المسلين بالخروج الى المدينة والهجرة اليها واللحوق باخوانهم من الأنصار، وقال إن الله قد جعل لك إخوانا ودارا تأمنون بها فخرجوا اليها أرسالا، وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ينتظر أن يأذن له ربه فى الخروج من مكة والهجرة الى المدينة (عن عائشة رضى الله عنها) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يومئذ بمكة للمسلمين قد أريت دار هجرتك أريت سبخة ذات نخل بين لابتين فهاجر من هاجر قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع إلى المدينة من كان هاجر الى أرض الحبشة من المسلمين أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وقال رواه البخارى (قلت والامام أحمد وسيأتى فى باب هجرة النبى صلى الله عليه وسلم الخ) قال وقال أبو موسى عن النبى صلى الله عليه وسلم رأيت فى المنام أنى أهاجر من مكة إلى أرض بها نخل، فذهب وهلى الى أنها اليمامة أو هجر فاذا هى المدينة يثرب، قال وهذا الحديث قد

فرحهم به حتى رأيت الولائد والصبيان يقولون هذا رسول الله قد جاء، قال فما قدم حتى قرأت {سبح اسم ربك الأعلى} فى سور من المفصل (باب تآمر كفار قريش على قتل النبى صلى الله عليه وسلم وأمر الله عز وجل له بالهجرة) (عن ابن عباس) فى قوله تعالى {وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك} قال تشاورت قريش ليلة بمكة فقال بعضهم إذا أصبح فأثبتوه بالوثاق يريدون النبى صلى الله عليه وسلم، وقال بعضهم بل اقتلوه، وقال بعضهم بل أخرجوه فأطلع الله عز وجل نبيه على ذلك فبات على على فراش النبى صلى الله عليه وسلم تلك الليلة، وخرج النبى صلى الله عليه وسلم حتى لحق بالغار، وبات المشركون

_ أسنده البخاري فى مواضع أخر طوله ور واه مسلم كلاها عن أبى كريب زاد مسلم وعبد الله بن مراد كلاهما عن أبى أسامة عن يزيد بن عبد الله بن أبى بردة عن جده ان ابى بردة عن أبى موسى عبد الله بن قيس الاشعرى عن النبى صلى الله عليه وسلم الحديث بطوله (باب) (1) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدّم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب واذ يمكر بك الذين كفروا من كتاب فضائل القرن وتفسيره فى سورة الانفال فى الجزء الثامن عشر صحيفة 151 رقم 285 فارجع اليه ففيه كلام، نفيس، وأورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للامام احمد وقال هذا اسناد حسن وهو من أجود ما روى فى قصة نسج العنكبوت على فم الغار وذلك من حماية الله رسول صلى الله عليه وسلم (قال ابن اسحاق) وأقام رسو ل الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر ان يؤذن له فى الهجرة ولم يتخلف معه بمكة الا من حبس أو فتن الا على بن أبى طالب وأبو بكر بن أبى قحافة رضى الله عنهما، وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الهجرة فيقول له لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا فيطمع أبو بكر ان يكونه، فلما رأت قريش ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صار له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين اليهم عرفوا انهم قد نزلوا دارا وأصابوا منهم منعة فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم اليهم وعرفوا انه قد اجمع لحربهم فاجتمعوا له فى دار الندوة وهى دار قصىّ بن كلاب التى كانت قريش لا تقضى أمرا الا فيها يتشاورون فيما يصنعون فى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خافوه (قال ابن اسحاق) حدثنى من لا أتهم من أصحابنا عن عبد الله بن ابى نجيح عن مجاهد بن جبر عن عبد الله بن عباس وغيره ممن لا اتهم، قال لما اجتمعوا لذلك واتعدوا ان يدخلوا فى دار الندوة ليتشاوروا فيها فى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم غدوا فى اليوم الذى اتعدوا له وكان ذلك اليوم يوم الرحمة فاعترضهم ابليس لعنه الله فى صورة شيخ جليل عليه طيلسان خز، فوقف على باب الدار، فلا رأوه واقفا على بابها قالوا من الشيخ؟ قال شيخ من أهل نجد سمع بالذى اقتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه رأيًا ونصحًا، قالوا اجل فادخل، فدخل معهم وقد اجتمع فيها اشراف قريش عقبة وشيبة وابو سفيان وطعيمة بن عدى وجبير بن مطعم بن عدى والحارث بن عامر بن نوفل والنضر بن الحارث وابو البخترى بن هشام وزمعة بن الأسو د وحكم بن حزام وابو جهل هشام ونبيه ومنبه ابنا الحجاج وامية بن خلف ومن كان منهم ومن غيرهم ممن لا يعد من قريش؟ فقال بعضهم لبعض ان هذا الرجل قد كان من امره ما قد رأيتم واننا والله ما نأمنه على الوثوب علينا بمن قد اتبعه من غيرنا فأجمعوا فيه رايًا، قال فتشاوروا، ثم قال قائل منهم قيل انه ابو البخترى بن هشام احبسوه فى الحديد وأغلقوا عليه بابا ثم تربصوا به ما اصاب اشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله زهيرا والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت حتى يصيبه

يحرسون عليا يحسبونه النبى صلى الله عليه وسلم فلما أصبحوا ثاروا اليه فلما رأوه عليا رد الله مكرهم، فقالوا اين صاحبك هذا؟ قال لا أدرى، فاقتصوا أثره، فلما بلغوا الجبل خلط عليهم، فصعدوا فى الجبل فمروا بالغار فرأوا على بابه نسج العنكبوت، فقالوا لو دخل ها هنا لم يكن نسج العنكبوت على بابه

_ ما أصابهم، فقال لشيخ النجدى لا والله ما هذا لكم برأى، والله لئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء هذا الباب الذى أغلقتم دونه إلى أصحابه فلأوشكوا أن يثبوا عليك فينتزعوه من أيديكم ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم، ما هذا لكم برأى، فتشاوروا ثم قال قائل منهم نخرجه من بين أظهرنا فن فيه من بلادنا فاذا خرج عنا فوالله ما نبالى أين ذهب ولا حيث وقع إذا غاب عنا وفرغوا منه فأصلحنا أمرنا والفتنا كما كانت، قال الشيخ النجدى لا والله ما هذا لكم برأى، ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتى به والله لو فعلتم ذلك ما أمنت أن يحل على حي من العرب فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه ثم يسير بهم اليكم حتى يطأكم بهم فيأخذ أمركم من أيديكم ثم يفعل بكم ما أراد، أديروا فيه رأيا غير هذا، فقال أبو جهل ابن هشام والله أن لى فيه رأيًا ما أراكم وقعتم عليه بعد، قالوا وما هو يا أبا الحكم؟ قال أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جليدًا نسيبًا وسيطا فينا ثم نعطى كل فتى منهم سيفًا صارما ثم يعمدوا اليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد سدد فيقتلوه فنستريح منه، فانهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه فى القبائل جميعها فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعًا فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم، قال يقول الشيخ النجدى القول ما قال الرجل هذا الرأى ولا أرى غيره، فتفرق القوم على ذلك وهم يجمعون، فأتى جبر بل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له لا تبت هذه الليلة على فراشك الذى كانت تبيت عليه قال فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه حتى ينام فيثبورن عليه، فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلى ابن أبى طالب نم على فراشى وتسج ببردى هذا الحضرمى الأخضر فم فيه فانه لن يخلص اليك شئ تكرهه منهم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام فى برده ذلك اذا نام (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه وهذه القصة التى ذكرها ابن اسحاق قد رواها الوافدى بأسانيده عن عائشة وابن عباس وعلى وسراقة ابن مالك بن جعشم وغيرهم دخل حديث بعضهم فى بعض فذكر نحوه (قال ابن اسحق) فحدثنى يزيد بن أبى زياد عن ابن كعب القرظى قال لما اجتمعوا له وفيهم أبو جهل قال وهم على بابه إن محمدا يزعم أنكم تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم، ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم جنات كجنات الأردن، وان لم تفعلوا كان فيكم ذبح ثم بعثتم بعد موتكم ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها، قال فخرج رسولى الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب فى يده ثم قال نعم أنا أقول ذلك أنت احدهم واخذ الله على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رءوسهم وهو يتلو هذه الآيات {يس والقرآن الحكيم، إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم} إلى قوله {وجعلنا من بين أيديهم سدًا ومن خلفهم سدًا فاغشيناهم فهو لا يبصرون} ولم يبق منهم رجل الا وقد وضع على رأسه ترابا ثم انصرف الى حيث أراد أن يذهب، فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال ما تنتظرون هنا؟ قالوا محمدًا، قال خيبكم الله قد والله خرج عليكم محمد ثم ما نزل منكم رجلا الا وقد وضع على رأسه ترابا ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيقولون والله ان هذا لمحمد نائمًا عليه

فمكث فيه ثلاث ليال (وعنه ايضا) قال ليس على ثوب النبى صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه، قال وكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو بكر وعلى نائم قال وأبو بكر يحسب أنه نبى الله، قال فقال يا نبى الله، قا فقال له على إن نبى الله صلى الله عليه وسلم قد انطلق نحو بئر ميمون فأدركه، قال فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار، قال وجعل على يرمى بالحجارة كما كان يرمى نبى الله وهو يتضور قد لف رأسه فى الثوب لا يخرجه حتى أصبح ثم كشف عن رأسه فقالوا انك للئيم، كان صاحبك نرميه فلا يتضور وأنت تتضور وقد استنكرنا ذلك (عن ابن عباس) كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة ثم أمر "بالهجرة" وأنزل عليه {وقل رب أدخلنى مدخل صدق وأخرجنى مخرج صدق واجعل لى من لدنك سلطانا نصيرًا} (باب هجرة النبى صلى الله عليه وسلم واختيار أبا بكر رضي الله عنه ليكون رفيقه فى الهجرة وتجهيزهما لذلك وخروجهما من مكة إلى أن دخلا غار ثور) (حدّثنا عبد الرزاق) عن معمر قال الزهرى وأخبرنى عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها قالت لم اعقل أبواى قط إلا وهم يدينان الدين ولم يمر علينا يوم إلا يأتينا فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم طرفى النهار بكرة وعشية، فلما ابتلى المسلمون خرج أبو بكر مهاجرا قبل أرض الحبشة حتى اذا بلغ برك الغماد لقيه ابن الدّغنة وهو سيد القارة فقال ابن الدغنة اين يا أبا بكر؟ فقال أبو بكر أخرجنى قومى فذكر الحديث قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم المسلمين قد رأيت دار هجرتكم

_ برده. فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام على عن الفراش فقالوا والله لقد كان صدقنا الذى كان حدثنا (قال ابن اسحق) فكان مما أنزل الله فى ذلك اليوم وما كانوا أجمعوا له قوله تعالى {واذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين} وقوله تعالى {أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون، قل تربصوافانى معكم من المتربصين} (قال ابن اسحاق) فاذن الله لنبيه صلى الله عليه وسلم عند ذلك بالهجرة (1) (وعنه أيضا) هذا جزء من تحديث طويل سيأتى بطوله وسنده وشارخه وتخريجه فى باب مناقب على رضى الله عنه فى ابواب خلافته من كتاب الخلافة والامارة واليك شرح هذا الجزء منه (2) أى يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحجارة حينما كان نائما فى هذا المسكان قبل خروجه من بينم (3) أى يتأوّه ويضج من اصابة الحجارة اياه والله أعلم (4) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب وقل ربى ادخلنى مدخل صدق الخ الآية من سورة الاسراء فى الجزء الثامن عشر صحيفة 195 رقم 231 فارجع اليه (باب) (5) (حدثنا عبدالرزاق الخ) (غريبه) (6) يعنى دين الاسلام (7) أى بأذى الكفار من قريش بحصرهم بنى هاشم وبنى المطلب فى شعب أبى طالب وأذن صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالهجرة الى الحبشة خرج أبو بكر الخ (8) بفتح الموحدة وسكون الراء بعدها كاف والغماد بكسر المعجمة وتخفيف الميم موضع على خمس ليال من مكة الى جهة اليمن (9) بفتح الدال المشددة وكسر المعجمة: قال الحافظ وهو امم أمه واسمه الحارث ابن يزيد (وهو سيد القارة) بالقاف وتخفيف الراء قبيلة مشهورة من بنى الهون بالضم والتخفيف أن خزيمة بن مدركه بن الياس بن مضر (10) هكذا بالأصل مختصرا، والحديث ذكره البخارى بطوله فقال

أريت سبخة ذات نخل بين لابتين وهما حرتان فخرج من كان مهاجرا قبل المدينة حين ذكر ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع إلى المدينة بعض من كان هاجر الى أرض الحبشة من المسلمين وتجهرز أبو بكر مهاجرا فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسلك فانى ارجو ان يؤذن لى، فقال أبو بكر وترجو ذلك بأبى أنت وأمى؟ قال نعم، فحبس أبو بكر نفسه على رسول الله صلى الله عليه وسلم لصحبته وعلف راحلتين كانتا عنده من ورق السمر أربعة اشهر قال الزهرى قال عروة قالت عائشة فبينا نحن يومًا جلوسا فى بيتنا فى نحر الظهيرة قال قائل لأبى بكر هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبلا متقنعا فى ساعة لم يكن ياتينا فيها، فقال أبو بكر فداء له أبى وأمى أن جاء به فى هذه الساعة إلا أمر؟ فجاء رسول الله

_ بعد قوله فقال أبو بكر أخرجنى قوى قال فاريد أن أسيح فى الأرض وأعبد ربى، قال ابن الدغنة فان مثلك يا أبا بكر لا يخرج ولا يخرج انك تكسب المعدوم وتصل الرحم وتحمل الكل وتقرى الضيف وتعين على نوائب الحق فانا لك جار، ارجع واعبد ربك ببلدك، فرجع وارتحل معه أن الدغنه فطاف ابن الدغنة عشية فى اشراف قريش فقال لهم أن أبا بكر لا يخرج مثله ولا يخرج، أتخرجون رجلا يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقرى الضيف ويعين على نوائب الحق؟ فلم تكذب قريش بجوار ابن الدغنة، وقالو لابن الدغنة مر أبا بكر فليعبد ربه فى داره فليصل فيها وليقرأ ما يشاء ولا يؤذينا بذلك ولا يستعان به فانا نخشى أن يفتن نساءنا وأبناءنا، فقال ذلك ابن الدغنة لأبى بكر فلبث أبو بكر بذلك يعبد ربه فى داره ولا يستعان بصلاته ولا يقرء فى غير داره، ثم بدا لأبى بكر فابتنى مسجدا بفناء داره وكان يصلى فيه ويقرء القرآن فينقذف عليه نساء المشركين وابناؤهم وهم يعجبون منه وينظرون اليه، وكان ابو بكر رجلا بكاءا لا يملك عينيه إذا قرأ القرآن، وافزع ذلك أشراف قريش من المشركين فارسلوا الى ابن الدغنة فقدم عليهم فقالوا انا كنا أجرنا أبا بكر بجوارك على أن يعبد ربه فى داره فقد جاوز ذلك فابتنى مسجدا بفناء داره فأعلن بالصلاة والقراءة فيه، وانا قد خشينا أن يفتن نساءنا وأبناءنا فانهه فان أحب أن يقتصر على أن يعبد ربه فى داره فعال: وان أن الا أن يعلن بذلك فله أن ير د اليك ذهنك فانا قد كرهنا أن تخفرك ولسنا مقرين لأبى بكر الاستعلان، قالت عائشة فأتى ابن الدغنة الى أبى بكر فقال قد علمت الذى عاقدت لك عليه، فاءما ان تقتصر على ذلك وإما أن ترجع الىّ ذمتى فانى لا أحب أن تسمع العرب انى أخفرت فى رجل عقدت له، فقال أبو بكر فانى أرد اليك جوارك وأرضى بجوار الله عز وجل، والنبى يومئذ بمكة فقال النبى صلى الله عليه وسلم إنى أريت دار هجرتكم ذات نخل بين لابتين الحديث كما هنا (1) هى الأرض التى تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبك إلا بعض الشجر (2) تثنية لابة بتخفيف الموحدة واللابة الحرة وهى الأرض ذات الحجارة السود والجمع لاب وفى الحديث حرم ما بين لابنيها لأن المدينة بين حرتين وقوله وهما حر تان من كلام الزهرى (3) بكسر الراء وسكون المهملة أى على مهلك ولابن حبان فقال اصبر (4) متعلق بمحذوف تقديره أفديك بابى انت وأمى وقوله (الحبس ابو بكر نفسه) أى منع ابو بكر نفسه من الهجرة الا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) بفتح المهملة وضم الميم قال الزهرى (وهو الخبط) بفتح الخام المعجمة والموحدة ما يخبط بالعصا فيسقط من ورق الشجر (6) أول الزال عند شدة الحار (7) أى مغطيا رأسه (8) معناه ماجاء به فى هذه الساعة إلا أمر حدث

صلى الله عليه وسلم فاستأذن فأذن له فدخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخل لأبى بكر أخرج من عندك فقال أبو بكر انما هم أهلك بأبى أنت وأمى يا رسول الله، فقال النبى صلى الله عليه وسلم فانه قد أذن لى فى الخروج فقال أبو بكر فالصحابة بأبى أنت يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فقال أبو بكر فخذ بأبى أنت يا رسول الله إحدى راحلتى هاتين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بالثمن قالت فجهزنا هما أحب الجهاز وصنعنا لهما سفرة فى جراب فقطعت اسماء بنت أبى بكر من نطاقها فأوكت الجراب فلذلك كانت تسمى ذات النطاقين ثم لحق رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وأبو بكر بغار فى جبل يقال له ثور فمكثا فيه ثلاث ليال

_ أمر حدث (1) يريد عائشة وأختها أسماء (2) معناه اذن الله لى بالهجرة الى المدينة (3) أى أريد مصاحبتك (4) أى لك الصحية التى تطلبها (5) أى لا آخذ إلا بالثمن، وعند الواقدى ان الثمن كان ثمانمائة وان الراحلة هى القصوى وانها كانت من بنى قشير، وعند ابن اسحاق أنها الجدعاء (6) أى زادا فى (جراب) بكسر الجيم، وعن الواقدى انه كان فى السفرة شاة مطبوخة (7) أى قطعت قطعة من نطاقها بكسر النون ما يشد به الوسط وربطت بها على فم الجراب (8) جاء فى صحيح البخارى فبذلك كنيت ذات النطاق، والمحفوظ انها شقت نطاقها نصفين فشدت بأحدهما الزاد وشدت قم القربة بالآخر فسميت ذات النطاقين (9) قال فى المصباح الغار ما ينحت فى الجبل شبه المغارة فاذا اتسع قيل كهف والجمع غير ان مثل مار ونيران والغار الذى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعبد فيه فى جبل حراء والغار الذى أوى اليه ومعه ابو بكر فى جبل ثور وهو مطل على مكة (10) بالمثلثة المفتوحة وكان خروجهما من مكة يوم الخميس (11) يعنى وخرجا منها يوم الاثنين زاد البخارى (يبيت فى الغار) يعنى عندهما (عبد الله بن أبى بكر وهو غلام شاب ثقف) بفتح المثلثة وكسر القاف أى حاذق (لقن) أى سريع الفهم (فيدلج) بضم الياء وسكون الدال اى يخرج (من عندهما بسحر فيصبح مع قريش بمكة كباثت فلا يسمع امرا يكتادان به) بضم التحتية وفوقية بعد الكاف اى يطلب لهما ما فيه المكروه (الا وعاه حتى يأتيهما بخبر ذلك حين يختلط الظلام، ويرعى عليهما عامر بن فهيرة مولى ابى بكر منحة) بكسر الميم وسكون النون وفتح المهملة شاة تحلب اناءا بالغداة واناءا بالعشى (من غنم) كانت لأبى بكر رضي الله عنه (فيريحها) اى الشاة أو الغنم (عليهما حين تذهب ساعة من العشاء) يعنى كل ليلة فيحلبان ويشربان (فيبيتان فى رسل) بكسر الراء بعدها مهملة ساكنة اللبن الطرى (وهو لبن منحتهما ورضيفهما) بفتح الراء وكسر المعجمة بوزن رغيف اى اللبن المرضوف التى وضعت فيه الحجارة المحماة بالشمس أو النار لينعقد وتزول رخاوته (حتى ينعق بها عامر بن فهيرة) ينعق بكسر العين المهملة اى يصيح بغنمه والنعيق صوت الراعى إذا زجر الغنم (بغلس) الغلس ظلمة آخر الليل اذا اختلطت بضوء الصباح، ووقع فى حديث ابن عباس عند ابن عائذ فى هذه القصة ثم يسرح عامر بن فهيرة فيصبح فى رعيان الناس كبائت فلا يفطن به، وفى رواية موسى بن عقبة عن ابن شهاب وكان عامر أمينا مؤتمنا حسن الاسلام (يفعل ذلك فى كل ليلة من تلك الليالى واستأجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلا من بنى الديل) بكسر الدال وسكون التحتانية (من بنى عبد بن عدى هاديا حزينا) بكسر المعجمة وتشديد الراء بعدها تحتانية ساكنة ثم

(عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير) ان أباه حدثه عن جدته أسماء بنت أبى بكر قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج معه أبو بكر احتمل أبو بكر ماله كله معه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف درهم، قالت وانطلق بها معه، قالت فدخل علينا جدى أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال والله انى لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه، قالت قلت كلا يا أبت انه قد ترك لنا خيرا كثيرا، قالت فأخذت أحجارًا فتركتها فوضعتها فى كوة ببيت كان أبى يضع فيها ماله، ثم وضعت عليها ثوبا ثم أخذت بيده فقلت يا أبت ضع يدك على هذا المال قالت فوضع يده عليه فقال لا بأس إن كان قد ترك لكم هذا فقد أحسن، وفى هذا لكم بلاغ، قالت لا والله ما ترك لنا شيئا

_ مثناة قال الزهري (والخريت الماهر بالهداية) هذه الجملة مدرجة فى الحديث من كلام الزهرى (قد غمس) بفتح الغين المعجمة والميم بعدها مهملة (حلفا) بكسر المهملة وسكون اللام أى كان حليفا وكانوا إذا تحالفوا غمسوا أيديهم فى دم أو خلوق، أو فى شئ يكون فيه تلويث فيكون ذلك تأكيدا للحلف (فى آل العاص بن وائل السّهمى وهو على دين كفار قريش فأمناه) بفتح الهمزة المقصورة وكسر الميم أى ائتمناه فدفعا اليه راحلتيهما وواعداه غار ثور بعد ثلاث لبال فأتاهما براحلتيهما صبح ثلاث وانطلق معهما عامر بن فهيرة والدليل) اسمه عبد الله بن اريقط (فاخذهم طريق السواحل) هى اسفل من عسفان (1) (سنده) حدّثنا يعقوب قال ثنا أبى عن اسحاق قال حدثنى بحى بن عباد بن عبد الله بن الزبير الخ (غريبه) (2) قال فى المصباح الكوة تفتح وتضم الثقبة فى الحائط وجمع المفتوح على لفظه كوات مثل حبة وحبات وكراء أيضا بالكسر والمد مثل ظبية وظباء وركوة وركاه بالضم والقصر مشل مدية ومدى، والكوة بلغة الحبشة الشكاة وقيل كل كوة غير نافذة مشكاة أيضا وعينها واو وأما اللام فقيل واو رقيل يا، (تخريجه) أورده بن هشام فى سيرته عن ابن اسحاق ورجاله ثقات (وروى بن اسحاق أيضا) قال حدثت أسماء بنت أبى بكر أنها قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو بكر رضى الله عنه أتانا نفر من قريش فيهم أبو جهل بن هشام فوقفوا على باب أبى بكر فخرجت اليهم، فقالوا ابن ابوك يا بنت أبى بكر؟ قالت قلت لا أدرى والله أين أبى، قالت فرفع ابو جهل لعنه الله يده وكان فاحشا خبيثا فلطم خدى لطمة فطرح منها قرطى قالت ثم انصارفوا فمكثنا ثلاث ليال وما ندرى أين وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى اقبل رجل من الجن من اسفل مكة يتغنى بأبيات من شعر غناء العرب وان الناس ليتبعونه يسمعون صوته وما يرونه حتى خرج من أعلى مكة وهو يقول جزى الله رب الناس خير جزائه

ولكني قد أردت أن أسكن الشيخ بذلك (عن أنس) أن أبا بكر حدثه قال قلت للنبى صلى الله عليه وآله وسلم وهو فى الغار وقال مرة ونحن فى الغار لو ان احدهم نظر الى قدميه لأبصرنا تحت قدميه، قال فقال يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما

_ ابن أريقط اهـ (قلت). اما قصته صلى الله عليه وسلم مع ام معبد الى اشار اليها ابن اسحاق فسأذكرها هنا اتماما للفائدة فأقول، تقدم فى حديث البخارى ان عبد الله بن اريقط (يعنى الدليل) اخذ بهما طريق الساحل (يعنى بعدد خروجها من الغار) قال فى المواهب اللدنية وكان معهما ايضا عامر بن فهيرة مولى ابى بكر فمروا بقديد على ام معبد عاتكة بفت خالد الخزاعية فطلبوا لبنا او لحما يشترونه منها فلم يجدوا عندها شيئا فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم الى شاة فى كسر الخيمة خلفها (بفتح اللام المشددة) الجهد (بفتح الجيم) عن الغنم فسالها هل بها من لبن؟ فقالت هى اجهد من ذلك، فقال أتأذنين لى أن احلبها؟ فقالت نعم بابى انت وامى ان رايت بها حلبا (بفتح اللام) فاحلبها (بضم اللام) فدعا بالشاة فاعتقلها ومسح ضرعها فدرت ودعا باناء يشبع الجماعة فحلب فيه وسقى القوم حتى رووا ثم شرب آخرهم، ثم حلب فيه مرة اخرى عللا بعد نهل ثم غادره عندها وذهبوا: فما لبث حتى جاء زوجها ابو معبد يسوق اعنزا عجافا، فلما راى اللبن عجب وقال ما هذا يا ام معبد؟ قالت انه مر بنا رجل مبارك من حاله كذا وكذا، فقال صفيه فوصفته بأحسن الأوصاف، فقال هذا والله صاحب قريش لو رأيته لاتبعته، وبقيت هذه الشاة الى خلافة عمر ابن الخطاب تحلب صباحا ومساءًا: ثم تعرض له سراقة بن مالك المدلجى (قلت) ستأتى قصته صلى الله عليه وسلم مع سراقة فى الباب التالى والله الموفق (قال عبد الله بن وهب) بلغنى ان ابا معبد اسلم وهاجر الى النبى صلى الله عليه وسلم وهكذا روى الحافظ ابو نعيم من طريق عبد الملك بن وهب المذحجى فذكر مثله سواء وزاد فى اخرى قال عبد الملك بلغنى أن أم معبد هاجرت وأسلمت ولحقت برسول الله صلى الله عليه وسلم والله أعلم (1) (سنده) حدّثنا عفان قال حدثنا همام قال أخبرنا ثابت عن أنس (يعنى ابن مالك) أن أبا بكر حدثه الخ (غريبه) (2) أى معاونهما وناصرهما وإلا فهو مع كل اثنين بعلمه كما قال تعالى {ما يكون من نحوى ثلاثة إلا هو رابعهم ولا خمسة إلا هو سادسهم الآية} (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم فى صحيحيهما من حديث همام به (وقد ذكر بعض أهل السير) ان أبا بكر لما قال ذلك قال النبى صلى الله عليه وسلم لو جاءونا من ها هنا لذهبنا من هذا فنظر الصديق إلى الغار وقد انفرج من الجانب الآخر وإذا البحر قد اتصل به وسفينة مشدودة إلى جانبه، وهذا ليس بمنكر من حيث القدرة الظيمة ولكن لم يرد ذلك باسناد قوى ولا ضعيف ولسنا نثبت شيئًا من تلقاء أنفسنا ولكن ما صح أو حسن سنده قلنا به والله أعلم (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) روى الحافظ ابن عساكر من طريق يحيى بن محمد ابن مساعد حدثنا عمرو بن على ثنا عون بن عمرو القيسى ويلقب عوين حدثنى أبو مصعب المكى قال أدركت زيد بن أرقم والمغيرة بن شعبه وأنس بن مالك يذكرون أن النبى صلى الله عليه وسلم ليلة الغار أمر الله شجرة فخرجت فى وجه النبى صلى الله عليه وسلم تستره، وأن الله بعث العنكبوت فنسجت ما بينهما فسترت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الله حمامتين وحشيتين فأبلتا يدفان حتى وقفتا بين العنكبوت وبين الشجرة وأقبلت فتيان قريش من كل بطن منهم رجل: معهم عصيهم وقسيهم وهراواتهم حتى اذا كانوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قدر مائتى ذراع قال الدليل وهو سراقة بن مالك بن جشم المدلجي هذا

(باب قصتهما مع سراقه بن مالك وما جرى لهما فى الطريق) (عن أبى اسحاق) عن البراء بن عازب قال اشترى أبو بكر رضي الله عنه من عازب سرجا بثلاثة عشر درهما، قال فقال أبو بكر لعازب مر البراء فليحمله الى منزلى فقال حتى تحدثنا كيف صنعت حين خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت معه، قال فقال أبو بكر خرجنا فأدلجنا فأحثثنا يومنا وليلتنا حتى أظهرنا وقام قائم الظهيرة فضربت ببصرى هل أرى ظلا نأوى اليه فاذا أنا بصخرة فاهويت اليها فاذا بقية ظلها فسوّيته لرسول الله صلى الله عليه وسلم وفرشت له فروة وقلت اضطجع يا رسول الله فاضطجع ثم خرجت انظر هل أرى أحدا من الطلب فاذ أنا براعى غنم فقلت لمن انت يا غلام؟ فقال لرجل من قريش فسماه فعرفته فقلت هل فى غنمك من لبن؟ قال نعم، قال قلت هل أنت حالب لى؟ قال نعم، فأمرته فاعتقل شاة منها ثم أمرته فنفض ضرعها من الغبار ثم أمرته فنفض كفيه من

_ الحجر ثم لا أدري اين وضع رجله فقال الفتيان أنت لم تخطئ منذ الليلة حتى اذا اصبح قال انظروا فى الغار فاستبقه القوم حتى اذا كانوا من النبى صلى الله عليه وسلم قدر خمسين ذراعا فاذا الحمامتين ترجع فرجع الدليل فقالوا ما ردك أن تنظر فى الغار؟ قال رأيت حمامتين وحشيتين بفم الغار فعرفت أن ليس فيه أحد فسمعهما النبى صلى الله عليه وسلم فعرف أن الله قد درأ عنهما بهما فسمت عليهما (أى برك عليهما) وأحدرهما الله الى الحرم فأفرخا كما ترى وهذا حديث غريب جدا من هذا الوجه قد رواه الحافظ ابو نعيم من حديث مسلم بن ابراهيم وغيره عن عون بن عمرو وهو الملقب بعوين باسناده مثله، وفيه أن جميع حمام مكة من نسل تينك الحمامتين، وفى هذا الحديث ان القائف الذى اقتفى لهم الأثر سراقة بن مالك المدلجى، وقد روى الواقدى عن موسى بن محمد بن ابراهيم عن أبيه ان الذى اقتفى لهم الاثر كرز بن علقمة (قلت) ويحتمل أن يكونا جميعا اقتفيا الاثر والله اعلم: وقد قال الله تعالى {الا تنصروه فقد نصره الله إذا اخرجه الذين كفروا ثانى اثنين إذ هما فى الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فانزل الله سكينته عليه وايده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هى العليا والله عزيز حكيم} يقول تعالى مؤنبا لمن تخلف عن الجهاد مع الرسول صلى الله عليه وسلم {الا تنصروه} انتم فان الله ناصره ومؤيده ومظفره كما نصره {إذ أخرجه الذين كفروا} من أهل مكة هاربا ليس معه غير صاحبه وصديقه أبى بكر ليس غيره ولهذا قال {ثانى اثنين إذ هما فى الغار} أى وقد لجآ الى الغار فأقاما فيه ثلاثة أيام ليسكن الطلب عنهما، وذلك لأن المشركين حين فقدوهما كما تقدم ذهبوا فى طلبهما كل مذهب فى سائر الجهات وجعلوا لمن ردهما أو أحدهما مائة من الابل واقتصوا آثارهما حتى اختلط عليهم، وكان الذى يقتص الأثر لقريش سراقة ابن مالك بن جعشم كما تقدم فصعدوا الجبل الذى هما فيه وجعلوا يمرون على باب الغار فتحاذى أرجلهم لباب الغار ولا يرونهما حفظا من الله لهما كما قال الامام احمد حدثنا عفان فذكر حديث الباب والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا عمرو بن محمد أبو سهيد يعنى العنقرى قال ثنا اسرائيل عن أبى اسحاق الخ (غريبه) (2) الظاهر ان هذه القصه كانت بعد خروجهم من الغار (وقوله فأدلجنا) أى سرنا من أول الليل يقال ادلج بالتخفيف اذا سار من أول الليل، وادلج التشديد إذا سار عن آخره (3) أى فاسرعنا السير (4) أى دخلنا فى وقت الظهر (5) أي شدة الحر نصف النهار

العبار ومعي اداواه على فمها خرقة فجلب لى كثبة من اللبن فصببت يعنى الماء على القدح حتى برد أسفله ثم أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافيته وقد استيقظ فقلت اشرب يا رسول الله، فشرب حتى رضيت ثم قلت أنى الرحيل؟ قال فارتحلنا والقوم يطلبونا فلم يدركنا أحد منهم الا سراقة بن مالك بن جعشم على فرس له فقلت يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا فقال لا تحزن ان الله معنا حتى اذا دما منا فكان بيننا وبينه قدر رمح أو رمحين أو ثلاثة، قال قلت يا رسول الله هذا الطلب قد لحقنا وبكيت قال لم تبكى؟ قال قلت أما والله ما على نفسى أبكى ولكن أبكى عليك، قال فدعا عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم اكفناه بما شئت فساخت قوائم فرسه الى بطنها فى أرض صلد ووثب عنها وقال يا محمد قد علمت أن هذا عملك فادع الله أن ينجينى مما أنا فيه، فوالله لأعمين على من ورائى من الطلب وهذه كنانتى فخذ منها سهما فانك بابلى وغنمى فى موضع كذا وكذا فخذ منها حاجتك، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا حاجة لى فيها، قال ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلق فرجع الى اصحابه ومضى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا معه حتى قدمنا المدينة فتلقاه الناس فخرجوا فى الطريق وعلى الاجاجير فاشتد الخدم والصبيان فى الطريق يقولون الله اكبر، جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء محمد صلى الله عليه وسلم قال وتنازع القوم ايهم ينزل علهي، قا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انزل الليلة على بنى النجار اخوال عبد المطلب لاكرمهم بذلك، فلما اصبح غدا حيث أمر، قال البراء بن عازب اول من كان قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير أخو بنى عبد الدار ثم قدم علينا ابن ام مكتوم الأعمى أخو بنى فهر ثم قدم علينا عمر بن الخطاب فى عشرين راكبا فقلنا ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هو على أثري

_ (1) بضم الكاف القليل منه قدر ملء القدح (2) أى طابت نفسى بكثرة شربه (3) بضم الجيم والشين المعجمة بينهما عين مهملة ساكنة وقد جاء السبب الذى حمل سراقة بن مالك على البحث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الحديث التالى (4) أى صلبة ملساء (5) معناه اكتم امركما ولا أخبر به أحدًا من الناس الجادين فى طلبكم: وفى حديث ابن عباس وعاهدهم ان لا يقاتلهم ولا يخبر عنهم وان يكتم عنهم ثلاث ليال (وقوله وهذه كنانتى) الكنانة الخريطة المستطيلة التى يجعل فيها السهام (فخذ منها سهما) أى يكون أمارة الى الراعى (6) فى هذا الحديث اختصار فقد جاء فى الحديث التالى ان سراقة سأل النبى صلى الله عليه وسلم ان يكتب به كتاب موادعة يأمن به فأمر النبى صلى الله عليه وسلم عامر بن فهيرة فكتب له ذلك (7) أى بعد نزولهم بقباء فى بنى عمرو بن عوف كمكا سيأتى فى حديث بن سعد الدليل وحديث أنس الذى يليه، قال لما قدم النبى صلى الله عليه وسلم نزل فى علم المدينة فى حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف فأقام فيهم أربع عشرة ليلة ورواه أيضا البخارى وسيأتى الكلام على ذلك (8) جمع اجار بكسر الهمزة وتشديد الجيم وهو السطح الذي ليس حواليه ما يرد الساقط عنه (9) سيأتى الكلام على ذلك فى باب قدومه صلى الله عليه وسلم الى المدينة (10) هو الذى أمره النبى صلى الله عليه وسلم ان يقرئهم القرآن ويعلمهم الاسلام ويفقههم فى الدين وكان يسمى بالمدينة المقرئ والقارئ (11) هو الأعمى الذى عاتب الله فيه نبيه صلى الله عليه وسلم بقوله {عبس وتولى أن جاءه الأعمى} واسمه عبد الله بن شريح بن مالك بن ربيعة

ثم قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر معه قال البراء ولم يقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قرأت سورا من المفصل قال اسرائيل وكان البراء من الأنصار من بنى حارثة (حدّثنا عبد الرازق) عن معمر عن الزهرى قال الزهرى واخبرنى عبد الرحمن بن مالك المدلجى وهو ابن أخى سراقة بن مالك بن جشعم ان اباه اخبره أنه سمع سراقة يقول جاءنا رسل كفار قريش يجعلون فى رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى أبى بكر رضي الله عنه دية كل واحد منهما لمن قتلهما أو أسرهما فبينا انا جالس فى مجلس من مجالس قومى بنى مدلج اقبل رجل منهم حتى قام علينا فقال يا سراقة انى رأيت آنفا اسودة بالساحل انى أراها محمدًا وأصحابه، قال سراقة فعرفت أنهم هم فقلت انهم ليسوا بهم ولكن رأيت فلانا وفلانا انطلق آنفا قال ثم لبثت فى المجلس ساعة حتى قمت فدخلت بيتى فأمرت جاريتى أن تخرج لى فرسى وهى من وراء أكمة فتحبسها على وأخذت رمحى فخرجت به من ظهر البيت فخططت برمحى الأرض وخفضت عالية الرمح حتى اتيت فرسى فركبتها فرفعتها تقرب بى حتى رايت أسودتهما فلما دنوت منهم حيث يسمعهم الصوت عثرت بى فرسى فخررت عنها فقمت فأهويت بيدى الى كنانتى فاستخرجت منها الأزلام فاستقسمت بها أضرهم أم لا

_ الفهري من بني عامر بن لؤى (1) يعنى ابن عاوب كنيته أبو عمارة، ويقال ابو عمرو، ويقال ابو الطفيل البراء بن عازب بن الحارث بن عدى بن مجدعة بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن الأوس الانصارى الأوسى الحارثى المدنى أمه حبيبة بنت أبى حبيبة، وقيل أم خالد بنت ثابت وأبوه عازب صحابى ذكره محمد بن سعد فى الطبقات انه اسلم يعنى أباه (2) أقرأنا إياها مصعب ابن عمير (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال أخرجاه فى الصحيحين من حديث اسرائيل بدون قول اليراء أول من قدم علينا الخ فقد انفرد به مسلم فرواه من طريق اسرائيل به (3) (حدثنا عبد الرزاق الخ) (غريبه) (4) بضم الميم وسكون المهملة وكسر اللام ثم جيم من بنى مداج ابن مرة بن عبد مناف بن كنانة وعبد الرحمن هذا نسب الى جده (5) بضم الجيم والشين المعجمة بينهما عين مهملة هو ابن مالك ابن عمرو، وكنية سراقة أبو سفيان وكان ينزل قديدا وعاش الى خلافة عثمان ذكره الحافظ (6) أى مائة من الابل كما صرح بذلك فى رواية موسى بن عقبة وصالح بن كبسان فى روايتهما عن الزهرى (7) أى فى هذه الساعة (أسودة) أى أشخاصا وفى رواية موسى بن عقبة وابن اسحاق لقد رأيت ركبة ثلاثة انى لأظنه محمدا وأصحابه (8) جاء عند البخارى (ولكنك رأيت فلانا وفلانا انطلقوا بأعيننا) أى فى نظرنا معاينة يبتغون ضالة لهم (9) أى رابية مرتفعة (10) أى لئلا يظهر بريقه لمن يعد منه فينذر به ويكسف أمره لأنه كره أن يتبعه أحد يشركه فى الحمالة (11) بالراء ولأبى ذر فرفعتها بتشديد الفاء أى أسرعت بها السير (وقوله تقرب بى) التقرب السير دون العدو وفوق العادة، وقيل ان ترفع الفرس يديها معا وتضعهما معا (12) اى اشخاصهما (13) أى سقطت (14) كيس السهام (15) جمع زلم بفتح الزاى واللام اقلام كانوا يكتبون على بعضها نعم وعلى بعضها لا، وكانوا اذا أرادوا أمرا استقسموا بها فاذا خرج السهم الذى عليه نعم خرجوا، واذا خرج الآخر لم يخرجوا:

فخرج الذي اكره أن لا أضرهم فركبت فرسى وعصيت الأزلام فرفتها تقرب لى حتى اا دنوت منهم عثرت بى فرسى فخررت عنها فقمت فأهوبت بيدى الى كنانتى فأخرجت الأزلام فاستقسمت بها فخرج الذى أكره ان لا اضرهم، فعصيت الأزلام وركبت فرسى فرفعتها تقرب بى حتى اذا سمعت قراءة النبى صلى الله عليه وسلم وهو لا يلتفت وأبو بكر رضي الله عنه يكثر الالتفات ساخت يدا فرسى فى الارض حتى بلغت الركبتين فخررت عنها فزجرتها فنهضت فلم تكد تخرج يديها فلما استوت قائمة اذ لا أثر بها عثان ساطع فى السماء مثل الدخان قلت لأبى عمرو بن العلاء مالعثان؟ فسكت ساعة ثم قال هو الدخان من غير نار قال الزهرى فى حديثه فاستقسمت بالازلام فخرج الذى اكره ان لا أضرهم فناديتهما بالأمان فوقفوا فركبت فرسى حتى جئتهم فوقع فى نفسي حين لقيت ما لقيت من الحبس عنهم انه سيظهر أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت له ان قومك قد جعلوا فيك الدية وأخبرتهم من أخبار سفرهم وما يريد الناس بهم وعرضت عليهم الزاد والمتاع فلم يرزءونى شيئًا ولم يسألونى الا ان أخف عنا فسألته ان يكتب لى كتاب موادعة آمن به، فأمر عامر ابن فهيرة رضي الله تبارك وتعالى عنه فكتب لى فى رقعة من أديم ثم مضى

_

(عن أنس بن مالك) قال اقبل نبى الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة وهو مردف ابا بكر وأبو بكر شيخ يعرف ونبى الله صلى الله عليه وسلم شاب لا يعرف قال فيلقى الرجل ابا بكر فيقول يا أبا بكر من هذا الرجل الذى بين يديك؟ فيقول هذا الرجل يهدينى الى السبيل فيحسب الحاسب انه انما يهديه الى الطريق وانما يعنى سبيل الخير فالتفت ابو بكر رضي الله عنه فاذا هو بفارس قد لحقهم فقال يا نبى الله هذا فارس قد لحق بنا قال فالتفت نبى الله صلى الله عليه وسلم فقال اللهم اصرعه: فصرعته فرسه ثم قامت تحمحم قال ثم قال يا نبى الله مرنى بما شئت قال قف مكانك لا تتركن احدا يلحق بنا قال فكان أول النهار جاهدا على نبى الله وكان آخر النهار مسلحة له قال فنزل نبى الله جانب الحرة ثم بعث الى الانصار فجاؤا نبى الله صلى الله عليه وسلم فسلموا عليهما وقالوا ركبا آمنين مطمئنين (باب حديث سعد الدليل فى طريق الهجرة واسلام اللصين من اسلم ونزوله صلى الله عليه وسلم بقباء على بنى عمرو بن عوف) (عن فائد) مولى عبادل قال خرجت مع ابراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبى ربيعة فأرسل ابراهيم بن عبد الرحمن الى ابن سعد حتى اذا كنا بالعرج اتانا ابن سعد وسعد: الذى دل رسول الله صلى الله عليه وسلم على طريق ركوبة فقال إبراهيم

_

أخبرني ما حدثك أبوك؟ قال ابن سعد حدثي أبى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاهم ومعه أبو بكر وكان لأبى بكر عندنا بنت مسترضعة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد الاختصار فى الطريق الى المدينة فقال له سعد الغائر من ركوبه وبه لصان من أسلم يقال لهما المهانان فإن شئت أخذنا عليهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم خذ بنا عليهما، قال سهل فخرجنا حتى أشرفنا اذا أحدهما يقول لصاحبه هذا اليمانى فدعاهما رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليهما الاسلام فاسلما ثم سألهما عن أسمائهما فقالا نحن المهانان فقال بل انتما المكرمان وأمرهما أن يقدما عليه المدينة فخرجنا حتى أتينا ظاهر قباء فتلقاه بنو عمرو بن عوف فقال النبى صلى الله عليه وسلم اين أبو امامة أسعد بن زرارة فقال سعد بن خثمة أنه أصاب قبلى يا رسول الله أفلا أخبره ذلك؟ ثم مضى حتى اذا طلع على النخل فاذا الشرب مملوء، فالتفت النبي صلى الله عليه وسلم الي أبي بكر رضي الله عنه فقال يا أبا بكر هذا المنزل رأيتني أنزل علي حياض کحياض بني مدلج (عن أنس بن مالك) قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نزل فى علو المدينة فى حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف فاقام فيهم أربع عشرة ليلة

_

(باب ما جاء في قدومه صلى الله عليه وسلم الى المدينة وخروج اهلها به واستقبالهم اياه جميعا رجالا ونساء ونزوله بدار أبى أيوب الانصارى) (عن أنس) قال لما هاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يركب وأبو بكر رديفه وكان أبو بكر يعرف فى الطريق لا ختلافه الى الشام وكان يمر بالقوم فيقولون من هذا بين يديك يا أبا بكر؟ فيقول هاد يهدينى فلما دنوا من المدينة بعث الى القوم الذين اسلموا من الانصار الى أبى امامة وأصحابه فخرجوا اليهما فقالوا ادخلا آمنين مطاعين فدخلا، قال انس فما رأيت يوما قط انور ولا احسن من يوم دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر المدينة. وشهدت وفاته فما رأيت يوما قط أظلم ولا اقبح من اليوم الذى توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه (وعنه أيضًا) قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المديمنة لعبت الحبشة

_

لقدومه بحرابهم فرحا بذلك (عن محارب بن دثار عن جابر) أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لما قدم المدينة نحروا جزورا او بقرة وقال مرة نحرت جزورا أو بقرة (عن ثابت عن أنس بن مالك) قال انى لاسعى فى الغلمان يقولون جاء محمد فأسعى فلا أرى شيئًا ثم يقولون جاء محمد فأسعى فلا أرى شيئًا قال حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه أبو بكر فى بعض حرار المدينة ثم بعثنا رجل من أهل المدينة ليؤذن بهما الانصار فاستقبلهما زهاء خمسمائة من الأنصار حتى انتهو اليهما فقالت الأنصار انطلقا آمنين مطاعين، فاقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحبه بين اظهرهم فخرج أهل المدينة حتى ان العواتق لفوق البيوت يتراءينه يقلن ايهم هو ايهم هو؟ قال فما رأينا منظرا مشبها به يومئذ فان أنس ولقد رأيته يوم دخل علينا ويوم

_

قبض فلم أر يومين مشبها بهما (عن جبير بن نفير) عن أبى أيوب الانصارى قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة اقترعت الأنصار ايهم يأوى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرعهم أبو أيوب فآوى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان اذا اهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام اهدى لأبى ايوب قال فدخل ابو ايوب يوما فاذا قصعة فيها بصل فقال ما هذا؟ فقالوا ارسل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فاطلع ابو ايوب الى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما منعك من هذه القصعة قال رأيت فيها

_ هي التي لم تبن من والديها ولم تزوج وقد أدركت وشبت وتجمع على العتّق والعواتق (1) معناه لم ير يومًا يشبه فى الفرح والسرور يوم دخوله المدينة ولم ير يوما يشبه فى الحزن والغم يوم وفاته صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (هق ك) وبعضه فى الصحيحين من حديث البزار ورجاله ثقات وسنده صحيح، وروى البيهقى فى الدلائل بسنده عن بن عائشة قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة جعل النساء والصبيان وربات الخدور يقلن: طلع البدر علينا

بصلا، قال ولا يحل لنا البصل؟ قال بلى فكلوه ولكن يغشانى مالا يغشاكم وقال حيوة إنه يغشانى ما يغشاكم (عن افلح مولى أبى أيوب) عن أبى ايوب رضي الله عنه ان رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عليه فنزل النبى صلى الله عليه وسلم أسفل وابو ايوب فى العلو فانتبه ابو أيوب ذات ليلة فقال نمشى فوق رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحول فباتوا فى جانب، فلما أصبح ذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم السَّفل أرفق بى، فقال أبو أيوب لا أعلو سقيفة أنت تحتها فتحول أبو أيوب فى السفل والنبى صلى الله عليه وسلم فى العلو فكان يصنع طعام النبى صلى الله عليه وسلم فيبعث اليه فاذا رد اليه سال عن موضع أصابع النبى صلى الله عليه وسلم فيتبع أثر أصابع النبى صلى الله عليه وسلم فيأكل من حيث أثر أصابعه فصنع ذات يوم طعاما فيه ثوم فأرسل به اليه فسأل عن موضع اثر أصابع النبى صلى الله عليه وسلم فقيل لم يأكل فصعد اليه فقال أحرام هو فقال النبى صلى الله عليه وسلم أكرهه قال فانى أكره ما تكره أو ما ككرهته وكان النبى صلى الله عليه وسلم يؤتى

_ والأربعة يحملون الطعام يتناوبون (قلت) زيد بن ثابت بن الضحاك ينتهى نسبه إلى مالك بن النجار الأنصارى النجارى المدلى فهو من بنى النجار وهو المقرض الكاتب كاتب الوحى والمصحف وكان عمره حين قدم النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة إحدى عشرة سنة وحفظ قبل قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة مهاجرا ستة عشرة سورة (أما سعد بن عبادة) فينتهى نسبة إلى الخزرج بن ساعدة بن كعب بن الخزرج فهو أنصارى خزرجى ساعدى مدنى اتفقوا على انه كان نقيب بنى ساعدة وكان صاحب راية الانصار فى كل المشاهد وكان سيدًا جوادًا وجيها فى الأنصار ذا رياسة وسيادة وكرم وكان مشهورًا بالكرم وكان يحمل كل يوم إلى النبى صلى الله عليه وسلم جفنه مملوءة ثريدًا ولحما رضى الله عنه (1) يعنى انه يأتيه الوحى والملائكة نكره كل ذى رائحة كريهة وتقدم الكلام على ذلك فى باب ما جاء فى الكرم والبخل من كتاب الأطعمة فى الجزء السابع عشر صحيفة 75 رقم 54 و 35 (2) بوزن طلحة هو ابن شريح يعنى انه قال فى رواية أخرى لأنه لم يذكر فى سند هذا الحديث قال انه يغشانى مالا يغشاكم والمعنى واحد يعنى الملك (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وفى إسناده بقية لبنى الوليد فيه كلام وله شاهد يؤيده من وجه آخر عن جابر بن سمرة عند مسلم والحاكم وصححه وأقره الذهبى (3) (سنده) حدثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا ثابت يعنى أبا زيد ثنا عاصم عن عبد الله بن الحارث عن أفلح مولى أبى يوب الخ (غريبه) (4) إنما نزل النبى صلى الله عليه وسلم أولًا فى السفل لأنه أرفق به وللزائرين له (5) يعنى اذا أرسل الى أبى أيوب فضله الطعام الذى أكل منه النبى صلى الله عليه وسلم يسأل عن موضع أصابعه الشريفه ويأكل منه تبركًا به ففيه التبرك بآثار أهل الخير فى الطعام وغيره (6) جاء عند مسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم لا ولكنى أكرهه ففيه دلاله على جواز أكله لغير النبى (7) فيه منقبة عظيمة لأبى أيوب رضى الله عنه فأنه شعر يكمال إتباع محبوبه، ومن حق المحب أن يطيع محبوبه فيما يحب ويكره كما قال تعالى: {قل أن كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله} الآية (8) أوله مبنى للمفعول ومعناه تائية الملائكة والوحى كما جاء فى بعض الروايات (فأنى أناجى من لا تناجى وأن الملائكة تتأذى ما يتأذى منه بنوم آدم) وكان النبى صلى الله عليه وسلم يترك النوم دائما لأنه يتوقع مجئ الملائكة والوحى كل ساعة الخ قاله النووى (تخريجه) (م هق)

(أبواب أحكام الهجرة) (باب ما ورد فى فضلها وأى الهجرة أفضل) (عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله) أن الطفيل بن عمرو الدوسى أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله هل لك فى حصن حصينة ومنعة قال فقال حصن كان لدوس فى الجاهلية فابى ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم للذى ذخر الله عز وجل للانصار فلما هاجر النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة هاجر اليه الطفيل بن عمرو وهاجر معه رجل من قومه فاجئووا المدينة فمرض فجزع فأخذ مشاقص له فقطع بها براجمه فشخبت يداه حتى مات فرآه الطفيل بن عمرو فى منامه فرآه فى هيئة حسنة ورآه مغطيا يده فقال له ما صنع بك ربك

_ (باب) (1) قال الحافظ أصل الهجرة هجرة الوطن وأكثر ما يطلق على من رحل من البادية الى القرية اهـ (قلت) جاء عند البخارى من طريق عطاء بن أبى رباح قال زرت عائشة مع عبيد بن عمير الليثى فسألناها عن الهجرة فقالت لا هجرة اليوم كان المؤمنون يفر أحدهم بدينة الى الله تعالى وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مخافة ان يفتن عليه فأما اليوم فقد أظهر الله الإسلام، واليوم يعبد ربه حيث شاء ولكن جهاد ونية (قال الحافظ) ووقع عند الأموى فى المغازى فى وجه آخر عن عطاء فقالت إنما كانت الهجرة قبل فتح مكة والنبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة (قلت ويؤيد ذلك ما سيأتى فى الباب التالى قوله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح) قال الحافظ وحديث عائشة يشير الى بيان مشروعيه الهجرة وأن سببها خوف الفتنة والحكم يدور مع علته فمقتضاه ان من قدر على عبادة الله فى أى موضع اتفق لم تجب عليه الهجرة منه وإلا وجبت، ومن ثم قال الماوردى اذا قدر على أظهار الدين فى بلد من بلاد الكفر فقد صارت البلد به دار أسلام فالإقامة فيها أفضل من الرحلة لما يترجى من دخول غيره فى الإسلام (قال الخطابي) وغيره كانت الهجرة فرضنا فى أول الإسلام على من أسلم لقلة المسلمين بالمدينة وحاجتهم الى الاجتماع فلما فتح الله مكة دخل الناسفى دين الله أفواجًا فسقط فرض الهجرة الى المدينة وبقى فرض الجهاد والنية على من قام به أو نزل به عدو أهـ قال الحافظ وكانت الحكمة أيضًا فى وجوب الهجرة على من أسلم ليسلم من أذى ذويه من الكفار فإنهم كانوا يعذبون من أسلم منهم الى ان يرجع عن دينه وفيهم نزلت (أن الذين توفاهم الملائكة ظالمى أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين فى الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها) الآية وهذه الهجر باقية الحكم فى حق من أسلم فى دار الكفر وقدر على الخروج منها وقد روى النسائى من طريق بهز بن حكيم بن معاوية عن أبيه عن جده مرفوعًا لا يقبل الله من مشرك عملًا بعد ما أسلم أو يفارق المشركين (ولابى داود) من حديث سمرة مرفوعًا أنا برئمن كل مسلم يقيم بين أظهر المشركين وهذا محمول على من لم يا من على دينه والله أعلم (2) (سنده) حدثنا سليمان بن حربثنا حماد بن زيد عن الحجاج الصراف عن أبى الزبير عن جابر الخ (غريبه) (3) بفتح النون أى فى عز قومه فلا يقدر عليه من يريده، عرض الطفيل ذلك على النبى صلى الله عليه وسلم قبل ان يهاجر الى المدينة وكان يريد ان يحظى بهجرته صلى الله عليه وسلم الى بلاده دوس ولكن أراد الله ان يكون ذلك الحظ والفوز للأنصار وأهل المدينة (4) هكذا بالأصل بواو الجمع أى أصابهم الجوى وهو المرض وداء الجوف اذا تطاول وذلك اذا لم يوافقهم هواءهم استوخموها والظاهر أنه أصيب بذلك آخرون معه (5) قال في النهاية

قال غفر لي بهجرتى الى نبيه صلى الله عليه وسلم قال فما لى أراك مغطيا يدك قال قال لى لن نصلح منك ما أفسدت قال فقصها الطفيل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم وليديه فاغفر (عن جابر بن عبد الله) قال أتى النبى صلى الله عليه وسلم رجل فقال يا رسول الله أى الهجرة أفضل قال من هجر ما كره الله عز وجل (عن عبد الله بن عمرو بن العاص) قال قام رجل فقال يا رسول الله أى الاسلام أفضل قال أن يسلم المسلمون من لسانك ويدك فقام ذاك وآخر فقال يا رسول الله أى الهجرة أفضل قال أن تهجر ما كره ربك والهجرة هجرتان الحاضر والبادى فهجرة البادى أن يجيب اذا دعى ويطيع اذا أمر والحاضر أعظمها بلية وأفضلها أجرا (باب ما جاء فى عدم انقطاع الهجرة ما دام العدو يقاتل) (عن شريح بن عبيد) يرده إلى مالك بن يخامر عن ابن السعدى أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل فقال معاوية وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرة بن العاص إن النبى صلى الله عليه وسلم قال ان الهجرة خصلتان أحداهما أن تهجر السيئات والأخرى أن تهاجر الى الله ورسوله ولا تنقطع

_ المشقص نصل السهم اذا كان طويلا غير عريض فاذا كان عريضا فهو العبلة (وقوله فقطع بها براجمه) البراجم العقد التى فى ظهور الاصابع (فشخبت يداه) اى سالت دماء يديه (1) معناه ان النبى صلى الله عليه وسلم وعلى اله وصحبه وسلم دعا له بالمغفرة فانما خص يديه بالذكر لان المعصية حصلت بسبب قطع براجمهما والله اعلم (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وسنده صحيح ورجاله من رجال الستة (2) (عن جابر بن عبد الله الخ) هذا طرف من حديث طويل ذكر بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب الترغيب فى خصال مجتمعه من افضل اعمال البر فى الجزء التاسع عشر صحيفة 35 رقم 23 (3) (سنده) حدثنا ابن ابى عدى عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن ابى كثير عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الظلم ظلمات يوم القيامة واياكم والفحش فان الله لا يحب الفحش والتفحش واياكم والشح فان الشح اهلك من كان قبلكم امرهم بالقطيعة فقطعوا امرهم بالبخل فبخلوا وامرهم بالفجور ففجر واقال فقام رجل فقال يا رسول الله اى الاسلام افضل الخ وهذا الطرف من الحديث تقدم فى باب ما جاء فى الترهيب من خصال من كبريات المعاصى مجتمعه فى الجزء التاسع عشر صحيفة 215 رقم 19 (غريبة) (4) الحاضر هو الذى سكن المدن والقرى والبادى هو الذى يسكن البادية كالاعراب (5) انما كانت هجرة الحاضر اعظم بلية لان مصالحه فى بلد، اهم من مصالح الاعرابى فى باديته وربما كان بين قوم كافرين فينا له منهم اذى كثير ولان الحواضر يطمع فيها العدو فيحارب اهلها، وحينئذ بجب على سكانها الدفاع عنها بخلاف سكان البوادى فانه لا يطمع فيها العدو ولا يوجب عليهم الدفاع عن سكان الحواضر الا اذا عجز أهلها عن الدفاع عنها وحينئذ تدعى سكان البوادى لمساعدتهم، ولهذا كان اجر سكان الحواضر افضل والله اعلم (تخريجه) (طل) وسنده صحيح وروى أبو داود منه النهى عن الشح وتأثيره بالبخل والقطيعة والفجور وروى الحاكم بعضه وصححه واقره الذهبى (باب) (6) (سنده) حدثنا الحاكم بن نافع حدثنا اسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد الخ (غريبة) (7) هو عبد الله بن السعدي صحابي يغني

الهجرة ما تقلبت التوبة ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب، فاذا طلعت طبع على كل قلب بما فيه وكفى الناس العمل (عن أبى هند البجلى) قال كنا عند معاوية (يعنى بن أبى سفيان) وهو على سريره وقد غمض عينيه فتذاكرنا الهجرة والقائل منا يقول قد انقطعت والقائل منا يقول لم تنقطع فانتبه معاوية فقال ما كنتم فيه؟ فأخبرنا وكان قليل الرد على النبى صلى الله عليه وسلم فقال تذاكرنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة ولا تنقطع التوبة حتى تطلع الشمس من مغربها (عن ابن محيريز) عن عبد الله بن السعدى رجل من بنى مالك بن حل انه قدم على النبى صلى الله عليه وسلم فى ناس من أصحابه فقالوا له احفظ رحالنا ثم تدخل وكان أحد القوم فقضى لهم حاجتهم قم قالوا له ادخل فدخل فقال حاجتك قال حاجتى تحدثنى انقضت الهجرة، فقال النبى صلى الله عليه وسلم حاجتك خير من حوائجهم لا تنقطع الهجرة ما قوتلك العدو (عن رجاء بن حيوة) عن أبيه عن الرسول الذي

_ (1) يعني ما دام العدو يقاتل كما فى حديث ابن السعدى وما دام باب التوبة مفتوحًا إلى أن تطلع الشمس من المغرب (2) أى ختم على كل قلب بما به من كفر أو أسلام (3) أى لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيرًا (تخريجه) أورد، الهيثمى وقال روى أبو داود وروى النسائى بعض حديث معاويه- رواه أحمد والطبرانى فى الأوسط والصغير من غى ذكر حديث بن السعدى والبزار من حديث عبد الرحمن بن عوف وابن السعدى فقط ورجال أحمد ثقات (4) (سنده) حدثنا يزيد ابن هارون قال أخبرنا جرير بن عثمان قال ثنا عبد الرحمن بن أبى عوف الجرشى عن أبى هند اليجلى الخ (5) أى أخذته سنة من النوم وهو النعاس أول النوم (6) معناه قليل الحديث عن النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه (د نس) قال الخطابى إسناد حديث معاوية فيه مقال اهـ (قلت) سنده عند الإمام أحمد جيد (7) (سنده) حدثنا إسحاق بن عيسى ثنا يحيى بن حمزة عن عطاء الخراسانى حدثنى ابن محيريز الخ (غريبة) (8) جاء فى بعض الروايات فخلفونى فى رحالهم وقضوا حوائجهم فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت حاجتى الخ (9) أى لأن حاجته تختص بحكم شرعى وأما حوائجهم فكانت دنيوية (10) قال الحافظ وقد أفصح ابن عمر بالمراد فيما أخرجه الاسماعيلى بلفظ انقطعت الهجرة بعد الفتح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تنقطع الهجرة ما قوتل الكفار أى ما دام فى الدنيا دار كفر فالهجرة واجبة منها على من أسلم وخشى أن يفتن عن دينه، ومفهومه أن لو قدر أن يبقى فى الدنيا دار كفر أن الهجرة تنقطع لانقطاع موجبها والله أعلم (تخريجه) أورده الحافظ فى الإصابة وعزاء للبخارى وأبى حاتم وابن حبان من طريق طريق عبد الله محيريز عن عبد الله بن السعدى قال وأخرجه الثنائى بنحوه من طريق أبى ادريس الخولانى عن عبد الله بن وقنان السعدى وفى رواية عن عبد الله بن السعدى قال أبو زرعة الدمشقى هذا الحديث عن عبد الله بن السعدى حديث صحيح متقن رواه الإثبات عنه اهـ (11) (سنده) حدثنا وكيع ثنا عاصم عن رجاه ابن حيوة عن أبيه الخ (غريبه)

سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الهجرة فقال لا تنقطع ما جوهد العدو (عن أبى الخير) ان جنادة بن ابى أمية حدثه أن رجالا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعضهم إن الهجرة قد انقطعت فاختلفوا فى ذلك، قال فانطلقت الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله ان أناسا يقولون إن الهجرة قد انقطعت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الهجرة لا تنقطع ما كان الجهاد (عن معاوية ابن حديج) قال هاجرنا على عهد أبى بكر فبينا نحن عنده طلع على المنبر (باب قوله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح يعنى فتح مكة) (عن ابن عباس) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية، واذا استنفرتم فانفروا (عن يحيى بن اسحاق عن مجاشع بن مسعود) انه أتى النبى صلى الله عليه وسلم بابن أخ له يبايعه على الهجرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بل يبايع على الاسلام فانه لا هجرة بعد الفتح ويكون من التابعين باحسان (وعنه من طريق ثان) قال قدمت بأخى معبد على النبى صلى الله عليه وسلم بعد الفتح فقلت يا رسول الله جئتك بأخى لتبايعه على الهجرة، فقال ذهب أهل الهجرة بما فيها

_ الظاهر والله أعلم أنه يريد عبد الله بن السعدى الذى روى الحديث السابق والله أعلم (تخريجه) أورده الههيثمى رواه أحمد وحيوة لم أعرفه وبقية رجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا حجاج ثنا ليث حدثنى يزيد ابن أبى حبيب عن أبى الخير أن جنادة بن أبى أمية الخ (غريبه) (2) قال النووى يريدان الخير الذى انقطع بانقطاع الهجر يمكن تحصيله بالجهاد والنية الصالحة، وإذا أمركم الإمام بالخروج إلى الجهاد ونحوه من الأعمال الصالحة فاخرجوا إليه (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (3) (سنده) حدّثنا عتاب بن زياد قال ثنا عبد الله قال ثنا ابن لهيعة قال حدثنى الحارث بن يزيد عن بن رباح قال سمعت معاوية بن حديج يقول هاجرنا الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام احمد ورجاله ثقات وأن كان فى سنده ابن لهيعة لكنه صرح بالتحديث فحديثه حسن، وأورده الحافظ فى الإصابة وعزاه للإمام أحمد بلفظ هاجرنا على عهد أبى بكر فبينا نحن عنده فذكر قصة زمزم ولم يذكر الحافظ القصة ولا قوله طلع على المنبر (باب) (4) (سنده) حدثنا يحيى عن سفيان عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس الخ (غريبه) (5) قال الحافظ أى فتح مكة إذا عم إشارة إلى أن حكم غير مكة فى ذلك حكمها فلا تجب من بلدة فتحها المسلمون، أما قبل فتح البلد فمن به من المسلمين إما قادر على الهجرة لا يمكنه إظهار دينه وإداء واجباته فالهجرة منه واجبه، وإما قدر لكنه يمكنه إظهار ذلك واداؤه فيندب لتكثير المسلمين ومعرفتهم والراحة من رؤية المنكر، وإما عاجز لنحو مرض فله الإقامة وتكلف الخروج (6) أى إذا طلب الإمام منكم الخروج إلى الجهاد فاخرجوا ثم قيل المراد بالهجرة المنفية هنا الهجرة من مكة لأنها صارت بعد الفتح دار أسلام، وقيل الهجرة التى تثبت لأصحابها المزية الظاهرة التى لا يشاركهم فيها غيرهم، أما الهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام فوجو بها باق إلى قيام الساعة (تخريجه) (م) (د) فال المنذرى وأخرجه (ق. مذ نس) (7) (سنده) حدثنا أبو النضر قال ثنا أبو معاوية يعنى شيبان عن يحيى بن أبى كثير عن يحيى بن إسحاق الخ (غريبه) (8) أى العاملين بما أمر الشرع به (9) (سنده) حدثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد قال ثنا زهير قال ثنا عاصم الأحول عن أبى عثمان الهدى عن مجاشع قال قدمت بأخى معبد الخ (10) جاء في الطريق الأولى أنه أتى

(وفي لفظ مضت الهجرة لأهلها) فقلت على أى شئ تبايعه قال على الاسلام والإيمان والجهاد قال فلقيت معبدا بعد وكان هو أكبرهما فسألنه فقال صدق مجاشع (عن يعلى بن أمية) قال جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى أميه يوم الفتح فقلت يا رسول الله بايع أبى على الهجرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل أبايعه على الجهاد فقد انقطعت الهجرة (عن صفوان بن عبد الله ابن صفوان) عن أبيه أن صفوان بن أمية بن خلف قيل له هلك من لم يهاجر قال فقلت لا أصل الى أهلى حتى آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فركبت راحلتى فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله زعموا أنه هلك من لم يهاجر قال كلا أبا وهب فارجع الى أباطح مكة (عن ابن طاوس عن أبيه) عن صفوان بن أمية قال قلت يا رسول الله إنهم يقولون لا يدخل الجنة الا من هاجر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية فاذا استنفرتم فأنفروا (عن جبير بن مطعم) قال قلت يا رسول الله أنهم يزعمون أنه ليس لنا أجر بمكة قال لتأتينكم أجوركم ولو كنتم فى جحر ثعلب قال فأصغى الى رسول الله صلى الله عليه وسلم برأسه فقال إن فى أصحابى منافقين (عن أبى سعيد الخدرى) قال جاء رجل الى النبى صلى الله عليه وسلم فسأله عن

_ النبي صلى الله عليه وسلم بابن أخ له وفى هذا الطريق قال قدمت بأخى معبد وجاء عند مسلم بلفظ جئت بأخى أبى معبد وله فى رواية أخرى أتيت النبى صلى الله عليه وسلم أبايعه على الهجرة ويجمع بين هذه الروايات بأنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم بأخيه وابن أخيه وطلب البيعه لفيه ولأخيه وابن أخيه على الهجرة وأخوه يقال له معبد وأبو معبد والله أعلم (1) جاء عند مسلم فقال أن الهجرة قد مضت لأهلها ولكن على الإسلام والجهاد والخير قال النووى معناه أن الهجرة الممدوحة الفاضلة التى لأصحابها المزية الظاهرة إنما كانت قبل الفتح ولكن أبايعك على الإسلام والجهاد وسائر أفعال الخير وهو من باب ذكر العام بعد الخاص فإن الخير أعم من الجهاد ومعتاه أبايعك على أن تفعل هذه الأمور (2) القائل تلقيت معبدًا هو أبو عثمان النهدى الراوى عن مجاشع (تخريجه) (ق) وغيرهما (3) (سنده) حدثنا حجاج بن محمد قال ثنا ليث يعنى ابن سعد قال حدثنى عقيل بن خالد عن ابن شهاب عن ابن شهاب عن عمرو بن عبد الرحمن بن أمية أن أباه أخبره أن يعلى (يعنى ابن أمية) قال سئلت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (نس) وسنده جيد (4) (عن صفوان بن عبد الله الخ) هذا الحديث تقدم إسنده وشرحه وتخريجه فى باب الحث على إقامة الحد من كتاب الحدود فى الجزء السادس عشر صحيفة 63 رقم 169 صدره فى الشرح فارجح إليه (5) (سند) حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا ابن طاوس عن أبيه عن صفوان بن أمية أنه قيل لهلا يدخل الجنة إلا من هاجر قال فقلت لا أدخل منزلى حتى آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسأله فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أن هذا سرق خميصة لى لرجل معه فأمر بقطعه فقلت يا رسول الله فأنى قد وهبتها له قال فهلا قبل أن تانينى قال قلت يا رسول الله أنهم يقولون لا يدخل الجنة الخ (تخريجه) روى الطرف المختص منه بالهجرة مسلم من حديث ابن عباس وحديث الباب صحيح ورجاله ثقات وروى الجزء المختص منه بالحدود (مذ نس جه لك) (6) (عن جبير بن مطعم الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الترهيب من النفاق من قسم الترهيب فى الجزء التاسع عشر صحيفة 132 رقم 83 (7) (سنده) حدثنا معاوية بن عمرو ثنا

الهجرة فقال ويحك إن الهجرة شأنها شديد فهل لك من ابل؟ قال نعم، قال هل تؤدى صدقتها؟ قال نعم، قال هل تمنح منها قال نعم، قال هل تحلبها يوم وردها قال نعم، قال فاعمل من وراء البحار فان الله لن يترك من عملك شيئا (عن أبى البخترى الطائى) عن أبى سعيد الخدرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم انه قال لما نزلت هذه السورة {اذا جاء نصر الله والفتح ورأيت الناس} قال قرأها رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ختمها وقال الناس حيز، وأنا وأصحابى حيز وقال لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونبة، فقال له مروان كذبت وعنده رافع بن خديج وزيد بن ثابت وهما قاعدان معه على السرير فقال ابو سعيد لو شاء هذان لحدثاك ولكن هذا يخاف أن تنزعه عن عرافة قومه، وهذا يخشى أن تنزعه عن الصدقة فسكتا فرفع مروان عليه الدرة ليضربه فلما رأيا ذلك قالا صدق

_ أبو إسحاق الفزاري عن الأوزاعي عن الزهري عن عطاء بن يزيد عن أبى سعيد الخدرى الخ (غريبة) (1) المراد بالهجرة التى سأل عنها هذا الأعرابى ملازمة المدينة مع النبى صلى الله عليه وسلم وترك أهله ووطنه فخاف النبى صلى الله عليه وسلم أن لا يقوى لها ولا يقوم بحقوقها ولمن ينكص على عقبيه فقال (ويحك) الخ وويح كلمة ترحم وتوجع وقد تأتى بمعنى المدح والتعجب (2) أى أمر هاشاق يوشك أن لا طيقه قاله صلى الله عليه وسلم اشفاقًا على الأعرابى ورحمه له (وكان بالمؤمنين رحمها) (3) يعنى زكاتها (4) من المنحة بكسر الميم وسكون النون وهى أن يعطى ناقة أو شاة لمحتاج ينتفع ويعيدها، وكذلك اذا أعطاه لينتفع بوبرها وصوفها زمانا ثم يردها (5) بكسر الواو وسكون الراء: الورد اسم من ورد الماء يرده اذا بلغه ووافاه، وقد كان العرب اذا اجتمعوا عند المورد حلبوا مواشيهم وسقوا المحتاجين المجتمعين هناك من لبنها (6) جمع بحرة وهى البلد قال فى النهاية والعرب تسمى المدن والقرى البحار أى أعمل بالخير فى وطنك أى فى البادية، والمعنى أفعل الخير حيثما كنت فهو ينفعك (7) بفتح أوله وكسر المثناة فوق وفتح الراء أى لن ينقصك من ثواب عملك شيئًا (تخريجه) (ق مذ نس حب) (8) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبى البخترى الخ (غريبه) (9) بفتح الحاء وسكون التحتية وآخره زاى ومعناه أن الناس الذين لم يدخلوا فى دين الإسلام وعدلوا عنه حيز أى فريق، وأما الذين دخلوا فى دين الله أفواجًا وتركوا الشرك وانضموا إليه صلى الله عليه وسلم فهووهم حيز أى فريق آخر، قال فى القاموس إنجاز عنه عدل والقوم تركوا مركزهم إلى آخر وتحاوز الفريقان أنحاز كل واحد عن الآخر اهـ وفى النهاية التحوز والتحيز والانحياز بمعنى ويحتمل أن يكون المراد أنه صلى الله عليه وسلم وأصحابه الذين هاجروا معه قبل فتح مكة حيز أى فريق فاز بثواب الهجرة، ومن لم يهاجر معه صلى الله عليه وسلم إلى أن فتحت مكة فلا ثواب له فى الهجرة إلا اذا دعى للجهاد وهؤلاء حيز أى فريق آخر والله أعلم (10) قال الحافظ ابن كثير فى تفسيره وهذا الذى أنكره مروان على أبى سعيد ليس بمنكر فقد ثبت من رواية ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم الفتح لا هجرة ولكن جهاد ونية ولكن اذا استنفرتم فانفروا أخرجه البخارى ومسلم فى صحيحيهما (قلت) والإمام أحمد أيضاُ وهو الحديث الأول من أحاديث الباب (11) أى رآستهم (12) أى عن عمالة الصدقة وهى جمع الزكاة من البلاد والقرى (13) الدرة بكسر الدال المهملة السوط (14) أي خشيًا

(باب ما جاء في بقاء ثواب الهجرة ان هاجر إلى المدينة قبل الفتح وإن أقام في غيرها بعد) حدّثنا (حماد بن مسعدة عن يزيد بن أبى عبيد) عن سلمة (يعنى ابن الاکوع رضى الله عنه) انه استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى البدو فأذن له (عن سعد بن إياس بن سلمة بن الاكوع) أن أباه حدثه أن سلمة رضى الله عنه قدم المدينة فلقيه بريدة بن الحصيب فقال ارتددت عن هجرتك يا سلمة، فقال معاذ الله انى فى اذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أبدوا يا أسلم تنسموا الرياح واسكنوا الشعاب، فقالوا إنا نخاف يا رسول الله أن يضرنا ذلك فى هجرتنا، فقال انتم مهاجرون حيث كنتم (عن عمر بن عبد الرحمن بن جرهد) قال سمعت رجلا يقول لجابر بن عبد الله رضى الله عنهما من بقى معك من أصحاب رسول الله؟ صلى الله عليه وسلم قال بقى أنس بن مالك وسلة بن الاكوع (رضى الله عنهما) فقال رجل أما سلمة فقد ارتد عن هجرته: فقال جابر لا تقل ذلك فانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ابدوا يا أسلم قالوا

_ أن يضربه وهو صادق لاسيما وقد استشهد بهما فخشيا إنكار الشهادة فصدقاه، وإنما سكنا أولا لأن أبا سعيد وجه إليهما كلامًا جارحًا والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى باختصار كثير، ورجال أحمد رجال الصحيح (باب) (1) (حدثنا حماد بن مسعدة الخ) (غريبة) (2) يعنى فى الإقامة بالبادية بعد أن هاجر إلى المدينة قبل الفتح (فأذن له) قال العلماء إنما أذن له النبى صلى الله عليه وسلم لان فرض المقام فى المدينة إنما كان فى زمنه صلى الله عليه وسلم أو إنما كان قبل فتح مكة فلما كان الفتح سقط فرض الهجرة من مكة إلى المدينة وجاز لمن بالمدينة أن يهاجر إلى أى شاء لمصلحة يراها والله أعلم (تخريجه) (م) من طريق يزيد بن أبى عبيد أيضًا عن سلمة بن الأكوع أنه دخل على الحجاج فقال يا ابن الأكوع أرتددت على عقبيك تعربت، قال لا ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذن لى فى البدو ورواه أيضًا البخارى (3) (سنده) حدثنا يحيى بن غيلان قال ثنا المفضل يعنى ابن فضالة قال حدثنى يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن حرملة عن سعيد بن إياس بن سلمة بن الأكوع الخ (غريبه) (4) معناه أنه رجع إلى ورائه وتعرب، والتعرب هوان يعود إلى البادية بعد الهجرة ويقيم مع الأعراب وكان من رجع بعد الهجرة إلى موضعه من غير عذر يعدونه كالمرتد، والإعراب ساكنوا البادية من العرب الذين لا يقيمون فى الأمصار ولا يدخلونها إلا لحاجة كما فى النهاية فلما أخبرهم سلمة بأن النبى صلى الله عليه وسلم أذن له فى ذلك اقتنعوا بذلك وكأنهم كانوا قبل ذلك يجهلون الحكم والله أعلم (5) معناه أن لكم ثواب الهجرة إلى المدينة أو لا وأن كنتم الآن فى غيرها (تخريجه) أورده الهيثمى وقال لسلمة حديث فى الصحيح بغير هذا السياق (قلت) يعنى حديث سلمة عند مسلم الذى ذكرته فى شرح الحديث السابق ثم قال رواه أحمد والطبرانى وفيه سعيد بن إياس ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات (6) (سنده) حدثنا يحيى بن غيان ثنا المفضل حديثنى يحيى بىن أيوب عن عبد الرحمن بن حرملة عن محمد بن عبد الله بن الحصين عن عمر بن عبد الرحمن بن جرهد الخ (غريبة) (7) ى أسكنوا البادية (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وعمر هذا لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) جاء فى تعجيل المنفعة للحافظ عمرو بن عبد الرحمن بن جرهد الأسلمى عن جابر بن عبد الله بن الحصين

يا رسول الله وانا نخاف أن نرتد بعد هجرتنا فقال انكم أنتم مهاجرون حيث كنتم (عن الفرزدق ابن حيان) القاص قال ألا احدثكم حديثا سمعته اذناى ووعاه قلبى لم انسه بعد، خرجت انا وعبد الله بن حيدة فى طريق الشام فمررنا بعبد الله بن عمرة بن العاص، فذكر الحديث فقال جاء رجل من قومكما اعرابى جاف جريئ فقال يا رسول الله اين الهجرة اليك حيثما كنت أم الى ارض معلومة أو لقوم خاصة أم اذا مت انقطعت؟ قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم ساعة ثم قال أين السائل عن الهجرة، قال ها انا ذا يا رسول الله قال اذا أقمت الصلاة وآتيت الزكاة فأنت مهاجر

_ فيه نظر قاله الحسينى قال الحافظ مضى الحديث عند أحمد بسنده إلى عمرو المذكور أنه سمع رجلا يقول لجابر من بقى معك من الصحابة قال سلمة بن الاكوع وأنس بن مالك وفيه قصة، وفيه حديث جابر أبدوا يا أسلم فأنتم مهاجرون حيث كنتم وهو حديث غريب وله شاهد من حديث سلمة بن الأكوع عند البخارى فى قصة له مع الحجاج وعمرو هذا قيل فيه عمر بضم العين كما تقدم وهو أخو زرعة المترجم له فى التهذيب أهـ، (1) (سنده) حدثنا أبو كامل حدثنا زياد بن عبد الله بن علاثه بن القاص أبو سهل ثنا العلاء بن رافع عن الفرزدق بن حيان القاص الخ (قلت) هذا السند فيه أخطاء كثيرة (أولًا) قوله حدثنا العلاء بن رافع وليس كذلك، بل هو العلاء بن عبد الله بن رافع. والخطأ من زباد ابن عبد الله بن علاثة الراوى عن العلاء نسبه إلى جده فالتبس أمره على الحافظ الحسينى فقال مجهول، وعقبه الحافظ فى تعجيل المنفعة فأبان وجه الصواب فيه فهو ثقة ذكره ابن حبان فى الثقات (ثانيًا) الفرزدق بن حيان كما جاء فى أصل المسند طيعة الحلبى وهو خطأ وصوابه حنان بالتحريك وبالنون بدل الياء التحتية ابن خارجه (ثالثًا) لفظ الفرزدق زائد لا أصل له وكذلك التبس أمره على الحسينى فقال مجهول وهذا الخطأ فى الإسناد جاء من زياد بن عبد الله بن علائة أيضًا إذ لا يوجد راو بهذا الاسم على أن هذا الحديث نفسه جاء فى مسند الإمام أحمد فى موضع آخر على الصواب بلفظ حدثنا عبد الرحمن بن مهدى حدثنا محمد بن أبى الوضاح حدثنى العلاء بن عبد الله بن رافع حدثنا حنان بن خارجة عن عبد الله ابن عمرو فذكر الحديث وسيأتى بسنده ومتنه فى باب ذكر أهل الجنة واكلهم وشربهم ونكاحهم ولباسهم من كتاب قيام الساعة فى الجزء الأخير من الفتح الربانى إن شاء الله تعالى، وقد جاء هذا الحديث أيضًا عند أبى داود الطيالسى، ومن طريقه البيهقى فى البعث والنشور عن محمد بن مسلم بن أبى الوضاح عن العلاء بن عبد الله بن رافع عن حنان بن خارجه كذلك (قال الحافظ) فى تعجيل المنفعة وأخرج أبو داود من طريق عبد الرحمن بن مهدى عن ابن أبى وضاح بهذا الاسناد الحديث الأول فى الهجرة نحوه، وقد أخرجه أحمد مطولًا عن عبد الرحمن بن مهدى كذلك وفيه قصة السؤال عن الهجرة والسؤال عن ثياب أهل الجنة ومن هذا الوجه أخرجه الحاكم فى المستدرك، وحنان بفتح المهملة وتخفيف النون قيده بن ماكولا وغيره، وأما الرواية التى من جهة زياد فلم يتابع عليها أهـ (غريبة) (2) من الجفاء فلظ الطبع أى غلظ طبعة لقلة مخالطة الناس (جريء) أى عنده جراءة فى القول والأقدام على الشيء بدون خوف (3) معناه أن من كان مطمئنًا فى بلده يقيم الصالة ويؤتى الزكاة كان كمن هاجر

وإن مت بالحضرمة يعنى ارضا باليمامة (عن الزبير بن العوام) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم البلاد بلاد الله والعباد عباد الله فحيثما اصبت خيرا فأقم (عن الفلوص) ان شهاب بن مدلج نزل البادية فسابَّ ابنه رجلا فقال يا ابن الذى تعرّب بهذه الهجرة فاتى شهاب المدينة فلقى ابا هريرة (رضي الله عنه) فسمعه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم افضل الناس رجىن. رجل غزا فى سبيل الله حتى يهبط موضعا يسوء العدو، ورجل بناحية البادية يقيم الصلوات الخمس ويؤدى حق ماله ويعبد ربه حتى يأتيه اليقين فجثا على ركبتيه قال انت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابا هريرة يقوله قال نعم فتى باديته فأقام بها

_ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد الفتح وإن كان فى أقصى بلاد (1) هكذا جاء بلفظ الحضرمة وفسرت فى الحديث بأنها أرض اليمامة يعنى وسط الجزيرة فهى غير حضر موت التى باليمن (تخريجه) (طل هق ك) وسنده صحيح على ما ذكرته من التصحيح وصححه الحاكم وأقره الذهبى (2) (سنده) حدثنا يزيد بن عبد ربه حدثنا بقية بن الوليد حدثنى جبير بن عمرو القرشى حدثنى ابو سعد الأنصارى عن أبى يحيى مولى آل الزبير بن العوام عن الزبير بن العوام الخ (غريبه) (3) معناه أن الإنسان متى تيسر له قوته وكان آمنا فيه على نفسه ودينه فلا يهاجر إلى غيره وإلا فيهاجر إلى بلد آخر يمكنه أن يعيش فيه آمنا على نفسه ودينه والله أعلم (تخريجه) أورده الحافظ السيوطى فى الجامع الصغير ورمز له بعلامة الضعف بعد عزوه للإمام أحمد، وقال شارحه المناوى قال الحافظ العراقى وسنده ضعيف، وقال تلميذه الهيثمى فيه جماعة لم أعرفهم وتبعه السخاوى وغيره، ورواه الدارقطنى عن عائشة وفيه أحمد بن عبيد بن ناصح له مناكيرو زمعة ضعفوه اهـ (4) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثنى عبد الله بن حسان يعنى العنبرى عن القلوص الخ (قلت) القلوص اسم امرأة هى هى جدة عبد الله بن حسان بنت دحيبه بوزن جهينة (غريبه) (5) يعنى أن هجرته إلى المدينة بطلت بهجرته إلى البادية (تخريجه) (خ) قال الحافظ فى تعجيل المنفعة أخرج البخارى من رواية عبد الله بن حسان العنبرى عن جدته القلوص بنت دحيبه حديثه عن حبيب ابن شهاب عن أبيه أنه أتى المدينة فلقى أبا هريرة قاله البخاري، قال وسمع أبا موسى الأشعرى وذكر الحسينى أن أبا زرعة قال روى عنه ابو القلوس ووهم فى ذلك، وإنما قال ابو زرعة أنه ثقة وأن القلوس امرأة وهى بنت دحيبة روت عنه كما ذكر البخاري، وقال ابن أبى حاتم عن ابن زرعه أنه وثقه وذكره ابن حبان فى الثقات فقال بصرى اهـ (قلت) وحديث الباب له شاهد من حديث أبى سعيد بمعناه تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب هل الأفضل العزلة عن الناس أو الاختلاط بهم فى كتاب المجالس وآدابها فى الجزء التاسع عشر صحيفة 171 رقم 38 وهو حديث صحيح رواه الشيخان والأربعة والحاكم والله أعلم

الفتح الرباني لترتيب مسند الأمام أحمد بن حنبل الشيباني {مع مختصر شرحه} بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني {... كلاهما تأليف أفقر العباد وأحوجهم إلى الله} احمد عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي {خادم السنة السنية بعطفة الرسام رقم 5 بشارع المعز لدين الله (الغورية سابقا) بمصر} {الجزء الحادي والعشرون} وقد جعلنا الفتح الرباني في أعلي الصحيفة ومختصر بلوغ الأماني في أدناها مفصولاً بينهما بجدول {تنبيه} للحافظ ابن حجر العسقلاني كتاب أسماء (القول المسدد، في الذب عن مسند الأمام أحمد) أدرجناه جميعه ضمن الشرح موزعاً علي كل حديث ذب عنه الحافظ مع عزوه إليه

_ اعادت طبعه بالأوفست دار إحياء التراث العربي بيروت

بسم الله الرحمن الرحيم {القسم الثاني من السيرة النبوية في حوادث ما بعد الهجرة الي ان لحق - صلى الله عليه وسلم - بالرفيق الأعلي} {أبواب حوادث السنه الأولي من الهجرة} {باب مبديء التاريخ واستشارة عمر رضي الله تبارك وتعالي عنه الصحابة في ذلك} (1)

_ (1) قال الجوهري التاريخ تعريف الوقت والتواريخ مثله، تقول أرخت وورخت، ويقال أول ما أحدث التاريخ من الطوفان اه وروي محمد بن اسحاق عن الزهري وعن محمد بن صالح عن الشعبي أنهما قالا أرخ بنو اسماعيل من نار ابراهيم، ثم، أوخوا من بنيان ابراهيم واسماعيل البيت، ثم أرخوا من موت كعب ابن لؤي، ثم أرخوا من الفيل، ثم أرخ عمر بن الخطاب من الهجرة وذلك سنة سبع عشرة أو ثماني عشرة اه (وقال الامام احمد) حدثنا روح بن عبادة ثنا زكريا بن اسحاق عن عمرو بن دينار قال إن

{عن ابن عباس} (1) قال بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو أنزل عليه القرآن (2) وهو ابن أربعين سنة، فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، وبالمدينة عشر سنين، قال فمات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثلاث وستين سنة (وعنه من طريق ثان) (3) قال أنزل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - وهو ابن ثلاث وأربعين (4) فمكث بمكة عشر أو بالمدينة عشرا وقبض.

_ أول من ورخ الكتب بعلي بن أمية باليمن وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة في ربيع الأول وأن الناس ارخوا لأول السنة (وروي البخاري) بسنده عن سهل بن سعد قال ماعدوا (يعني ما ارخوا) من مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا من وفاته، ما عدوا الا من مقدمه المدينة (قال الحافظ) قوله مقدمه أي زمن قدومه ولم يرد شهر قدومه، لأن التاريخ انما وقع من أول السنة، وقد أبدي بعضهم للبداءة بالهجرة مناسبة: فقال كانت القضايا التي اتفقت له ويمكن أن يؤرخ بها أربعة، مولده ومبعثه وهجرته ووفاته، فرجح عندهم جعلها من الهجرة لأن المولد والمبعث لايخلو واحد منهما من النزاع في تعيين السنة، وأما وقت الوفاة فأعرضوا عنه لما توقع بذكره من الأسف عليه فانحصر في الهجرة. وانما أخروه من ريبع الأول الي المحرم لأن ابتداء العزم علي الهجرة كان في المحرم إذ البيعة وقعت في أثناء ذي الحجة وهي مقدمة الهجرة، فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم علي الهجرة هلال المحرم، فناسب أن يجعل مبدءا، وهذا أقوي ما وقفت عليه من مناسبة الابتداء بالمحرم، (وروي الحاكم) عن سعيد بن المسيب قال جمع عمر الناس فسألهم عن أول يوم يكتب التاريخ فقال علي من يوم هاجر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وترك أرض الشرك ففعله عمر (وروي) ابن أبي خيثمة من طريق ابن سيرين قال قدم رجل من اليمن فقال رأيت باليمن شيئاً يسمونه التاريخ يكتبونه من عام كذا وشهر كذا، فقال عمر هذا حسن فأرخوا، ثم ذكر الحافظ آثارا تدل علي اختلافهم في البدء بالتاريخ وفي الشهر الذي يبدء به ثم قال فاستفدنا من مجموع هذه الآثار أن الذي أشار بالمحرم عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم (1) {سنده} حدثنا يزيد أنا هشام عن عكرمة عن ابن عباس الخ {غريبه} (2) أو للشك من الراوي (3) {سنده} حدثنا يحي عن هشام عن عكرمة عن ابن عباس قال انزل علي النبي - صلى الله عليه وسلم - الخ (4) تقدم في الطريق الآولي أنه - صلى الله عليه وسلم - أنزل عليه القرآن وهو ابن أربعين سنة فمكث بمكة ثلاث عشرة سنة، وفي هذا الطريق أنه - صلى الله عليه وسلم - أنزل عليه وهو ابن ثلاث وأربعين فمكث بمكة عشراً وجمع بينهما بأن المراد بالطريق الأولي أنه مكث بمكة ثلاث عشرة سنة من ابتداء نزول الوحي بالقرآن، وبالطريق الثانية أنه مكث بمكة عشراً يعني غير مدة فترة الوحي وهي ثلاث سنين، وهذا هو الأصح الموافق لما رواه أكثر الرواة والله أعلم؛ أنظر صحيفة 209 و 210 من الجزء العشرين {تخريجه} (ق وغيرهما) ومما يؤيد قول ابن عباس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مكث بمكة ثلاث عشرة سنة قول أبي صرمة بن أبي أنس أحد بني عدي بن النجار في قصيدة له ذكرها ابن هشام في سيرته عن ابن اسحاق بعد أن اطمأنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - داره وأظهر الله بهاديته واشتد سرور الانصار به وأظهروا الأسف علي ما فاتهم أولاً من نصره قال أبو قيس: تري في قريش بضع عشرة حجة ... يذكر لو يلقي صديقا مواتيا ويعرض في أهل المواسم نفسه ... فلم ير من يؤوي ولم ير داعيا

وهو ابن ثلاث وستين {باب ما جاء في اسلام عبد الله بن سلام} (عن أنس بن مالك) قال (1) نزل رسول - صلى الله عليه وسلم - جانب الحرة (يعني حين قدم المدينة هو وأبو بكر) ثم بعث الي الأنصار

_ فلما أتانا أظهر الله دينه ... فأصبح مسرورا بطيبة راضيا وألفي صديقاً واطمأنت به النوي ... وكان له عونا من الله باديا يقص لنا ما قال ... نوح لقومه ... وما قال موسي إذ أجاب المناديا فأصبح لايخشي من الناس واحدا ... قريبا ولا يخشي من الناس ... نائيا بذلنا له الأموال من حل ... ما لنا ... وأنفسنا عند الوغي ... والتآسيا ونعلم أن الله لاشئ ... غيره ... ونعلم ان الله افضل ... هاديا نعادي الذي عادي من الناس كلهم ... جميعا وإن كان الحبيب المصافيا فو الله ما يدري الفتي كيف يتقي ... إذا هو لم يجعل له الله ... واقيا ولا تحفل النخل المقيمة ... ربها ... إذا اصبحت ريا وأصبح ... ثاويا قال ابن اسحاق إن أبا قيس كان رجلا قد ترهب في الجاهلية وليس المسوح وفارق الأوثان واغتسل من الجنابة وتطهر من الحائض من النساء وهم بالنصرانية ثم امسك عنها ودخل بيتا له فاتخذه مسجداً لاتدخل عليه فيه طامث ولا جنب وقال أعبد رب ابرهيم حين فارق الأوثان وكرها حتي قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة فأسلم وحسن اسلامه وهو شيخ كبير، وكان قوالا بالحق معظما لله عز وجل في جاهليته يقول أشعارا في ذلك حسانا وهو الذي يقول: يقول أبو قيس وأصبح ... غاديا ... ألا ما استطعتم من وصايتي فافعلوا فاوصيكم بالله والبر والتقي ... واعراضكم والبر بالله ... أول وإن قومكم سادوا فلا تحسدونهم ... وان كنتم أهل الرياسة ... فاعدلوا وإن نزلت احدي الدواهي بقومكم ... فأنفسكم دون العشيرة ... فاجعلوا وان ناب غرم ... فادح ... فارفدوهم ... وما حملوكم في الملمات ... فاحملوا وان أنتم أمعرتم ... فتعففوا ... وان كان فضل الخير فيكم فأفضلوا قال المرزباني في معجم الشعراء عاش أبو قيس عشرين ومائة سنة، قال ابن اسحاق وهو الذي نزلت فيه (وكلوا واشربوا حتي يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر) (وقال الامام البغوي) في تفسيره نزلت في رجل من الأنصار اسمه أبو صرمه بن قيس بن صرمه، وقال عكرمة أبو قيس بن صرمة وقال الكلي أبو قيس صرمة، وذلك أنه ظل نهاره يعمل في أرض له وهو صائم فلما أمسي رجع الي أهله بتمر وقال لأهله قدمي الطعام، فأرادت المرأة أن تطعمه شيئاً سخينا فاخذت تعمل له سخينة وكان في الابتداء من صلي العشاء ونام حرم عليه الطعام والشراب، فلما فرغت من طعامه إذ هو به قد نام وكان قد أعيا وكل فأيقظته فكره أن يعصي الله ورسوله فأبي ان يأكل فاصبح صائما مجهودا، فلم ينتصف النهار حتي غشي عليه، فلما أفاق أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رأه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال له يا أبا قيس مالك أصبحت طليما؟ فذكر له حاله، فاغتم لذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأنزل الله عزوجل (وكلوا واشربوا) الآية رضي الله عنه باب (1) {عن أنس بن مالك الخ} نقدم سند هذا الحديث وصدره.

فجاءوا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فسلموا عليهما وقالوا اركبا آمنين مطمئنين، قال فركب نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وحفوا حولهما بالسلاح، قال فقيل بالمدينة جاء نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فاستشرفوا نبي الله - صلى الله عليه وسلم - ينظرون اليه ويقولون جاء نبي الله - صلى الله عليه وسلم - فأقبل يسير حتي جاء الي جانب دار أبي أيوب قالوا فانه ليحدث أهلها (1) إذ سمع عبد الله بن سلام (2) وهو في نخل لأهله يخترف (3) لهم منه فعجل ان يضع الذي يخترف فيها فجاء وهي معه فسمع من نبي الله - صلى الله عليه وسلم - (4) فرجع الي أهله فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي بيوت أهلنا أقرب؟ قال فقال أبو أيوب يا نبي الله هذه داري وهذا بابي، قال فانطلق فهيئ لنا مقيلا، قال فذهب فهيئ لهما مقيلا، ثم جاء فقال يا نبي الله قد هيأت لكما مقيلا فقوما علي بركة الله فقيلا، فلما جاء نبي الله - صلى الله عليه وسلم - جاءه عبد الله بن سلام فقال أشهد انك رسول الله حقا وأنك جئت بحق، ولقد علمت اليهود اني سيدهم وابن سيدهم وأعلمهم وابن أعلمهم فادعهم فاسألهم فدخلوا عليه فقال لهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يا معشر اليهود ويلكم اتقوا الله فو الله الذي لا إله إلا هو انكم لتعلمون أني رسول الله حقا وأني جئتكم بحق أسلموا، فقالوا ما نعلمه (5) {باب ماجاء في بناء مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة} {عن أنس بن مالك} (6) قال لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل في علو (7) المدينة في حي يقال لهم بنو عمرو بن عوف فأقام فيهم أربع عشرة ليلة ثم أنه أرسل الي ملأ (8) من بني النجار (9) قال فجاءوا متقلدين سيوفهم (10) قل فكأني أنظر الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -

_ مشروحا في باب قصتهما (أعني النبي - صلى الله عليه وسلم - وأبا بكر) مع سراقة بن مالك وما جري لهما في الطريق في الجزء العشرين صحيفة 384 رقم 147 إلي قوله ثم نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - جانب الحرة واليك شرح ما بقي هنا منه {غريبه} (1) يعني أهل دار أبي أيوب (2) هو عبد الله بن سلام بن الحارث الاسرائيلي ثم الانصاري الخرزجي الصحابي رضي الله عنه كان حليفا لبني الخزرج وكان اسمه في الجاهلية * فسماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله، أسلم أول قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة ونزل في فضله قوله تعالي (وشهد شاهد من بني اسرائيل علي مثله فأمن واستكبرتم) وستأتي ترجمته ومناقبه وقصة اسلامه بطولها في باب مناقبه من كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالي (3) أي يجني منه رطبا لأهله فتعجل عندما سمع بمجئ النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة فحضر اليه بوعائه الذي فيه الرطب (4) أي سمع منه دعوته الي الاسلام وذكر محاسنه وترغيبه الي الدخول فيه ونحو ذلك (5) معناه أنهم لايعلمون أنه - صلى الله عليه وسلم - رسول الله وقد كذبوا لسبق شقاوتهم قال تعالي (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبناهم وإن فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) {تخريجه} أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال وكذا رواه البخاري منفردا به عن محمد غير منسوب عن عبد الصمد به والله أعلم {باب} (6) {سنده} حدثنا عبد الصمد حدثني أبي ثنا أبو النياح يزيد بن حميد الضبعي قال حدثني أنس بن مالك الخ {غريبه} (7) جاء في رواية للبخاري في أعلي المدينة (8) الملأ اشراف الناس ورؤساؤهم ومقدموهم الذين يرجع الي قولهم (9) انما خص بني النجار لأنهم اخواله (10) انما تقلد بنو النجار سيوفهم خوفا من اليهود وليروه ما اعدوه لنصرته

على راحلته وأبو بكر ردفه وملأ بني النجار حوله حتي القي بفناء (1) أبي أيوب قال فكان يصلي حيث أدركته الصلاة ويصلي في مرابض (2) الغنم ثم امر بالمسجد فأرسل الي ملأ من بني النجار فجاءوا فقال يابني النجار ثامنوني (3) حائطكم هذا، فقالوا والله لانطلب ثمنه إلا الي الله (4) قال وكان فيه ما أقول لكم كانت فيه قبور المشركين وكان فيه حرث (5) وكان فيه نخل فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقبور المشركين فنبشت وبالحرث فسويت وبالنخل فقطع، قال فصفوا النخل الي قبلة المسجد (6) وجعلوا عضاد تيه حجارة قال وجعلوا ينقلون ذلك الصخر وهم يرتجزون (7) ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - معهم يقول {اللهم لاخير إلا خير الآخرة * فأنصر الأنصار (8) والمهاجرة}

_ - صلى الله عليه وسلم - (1) بكسر الفاء والمد أي بناحية متسعة امام دار أبي أيوب واسمه خالد بن زيد الأنصاري (2) جمع مربض كمجلس ماؤاها ليلا (3) بالمثلثة أي ساوموني (بحائطكم) اي ببستانكم (4) أي من الله عز وجل كما جاء في بعض الروايات (قال النووي) رحمه الله هذا الحديث كذا هو مشهور في الصحيحين وغيرهما، وذكر محمد بن سعد في الطبقات عن الوافدي ان النبي - صلى الله عليه وسلم - اشتراه منهم بعشرة دنانير دفعها عنه أبو بكر الصديق رضي الله عنه (وقوله وكان فيه) اي في الحائط (ما اقول لكم) اي ما سأذكره لكم (5) اي زرع وجاء عند البخاري (وفيه خرب) بدل قوله هنا حرث وهو بفتح الخاء وكسر الراء اسم جمع واحده خربة ككلم وكلمة، وهو ما تخرب من البناء (6) اي في جهتها (وجعلوا عضادتيه) تثنيه عضادة بكسر العين، قال أهل اللغة اعضاد كل شئ ما يشده من حواليه وعضادتا الباب ما كان عليهما يغلق الباب اذا أصفق (7) اي يقولون شعر الرجز بفتحتين نوع من أوزان الشعر تنشيطا لنفوسهم ليسهل عليهم العمل (8) يعني الأوس والخزرج الذين نصروه علي أعدائه (والمهاجرة) الذين هاجروا من مكة الي المدينة محبة فيه وطلبا للاجر، واستشكل قوله - صلى الله عليه وسلم - هذا مع قوله تعالي (وما علمناه الشعر) {وأجيب} بأن الممتنع عليه - صلى الله عليه وسلم - انشاء الشعر لا انشاده علي أن الخليل ماعد * المشطور من الرجز شعرا، هذا وقد قيل إنه - صلى الله عليه وسلم - قالهما بالتاء متحركة فخرج علي وزن الشعر {تخريجه} (ق دنس جه) وتأتي بقية مباحثه مع احاديث أخري في باب أصل مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - وبنائه في أبواب فضائل الأمكنة من كتاب الفضائل إن شاء الله تعالي (قال النووي) رحمه الله فيه جواز قطع الأشجار المثمرة للحاجة والمصلحة، وفيه جواز نبش القبور الدراسة وأنه اذا ازيل ترابها المختلط بصديدهم ودمائهم جازت الصلاة في تلك الأرض وجواز اتخاذ موضعها مسجدا اذا طيبت أرضه، وفيه ان الأرض التي دفن فيها الموتي ودرست يجوز بيعها، وأنها باقية علي ملك صاحبها وورثته من بعده اذا لم توقف، وفيه غير ذلك والله أعلم (قال الحافظ أبن كثير في تاريخه) {فصل} وبني لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - حول مسجده الشريف حجر لتكون مساكن له ولأهله وكانت مساكن قصيرة البناء قريبة الفناء قال الحسن بن ابي الحسن البصري وكان غلاما مع أمه خيرة مولاة أم سلمة لقد كنت أنال أطول سقف في حجر النبي - صلى الله عليه وسلم - بيدي، وقال السهيلي في الروض كانت مساكنه عليه السلام مبنية من جريد عليه طين بعضها من حجارة مرضومة (أي مصفوفة بعضها فوق بعض وسقوفها)

{باب جاء في المؤاخاة والمحالفة بين المهاجرين والأنصار} {عن أنس بن مالك} (1) قال لما قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة آخي النبي - صلى الله عليه وسلم - بينه وبين سعد بن الربيع فقال اقاسمك مالي نصفين ولي امرأتان فأطلق إحداهما فاذا انقضت عدتها فتزوجها، فقال بارك الله لك في أهلك ومالك، دلوني علي السوق، فدلوه فانطلق فما رجع الا ومعه شئ (2) من افط وسمن قد استفضله فرآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد ذلك وعليه وضر من صفرة (3) فقال مهيم؟ قال تزوجت امرأة من الانصار، قال ما اصدقتها؟ قال نواة من ذهب قال حميد أو وزن نواة من ذهب، فقال أولم ولو بشاة {وعنه أيضا} (4) قال حالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين قريش والأنصار في دار ي التي بالمدينة (5) (وعنه من طريق ثان) (6) قال حالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والانصار في دارنا قال سفيان (أحد الرواة) كأنه يقول آخي (7) {عن عاصم الأحول} (8) قال سمعت أنسا قال له

_ كلها من جريد، وقد حكي عن الحسن البصري ما تقدم، قال وكانت حجره من شعر مربوطة بخشب من عرعر، قال وفي تاريخ البخاري أن بابه عليه السلام كان يقرع بالأظافير فدل علي انه لم يكن لأبو اسحاق، قال وقد أضيفت الحجر كلها بعد مرت أزواج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الي المسجد (قال الوافدي) وابن جرير وغيرهما ولما رجع عبد الله بن اربقط الدئلي الي مكة بعث معه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابو بكر زيد بن حارثة وأبا رافع موليا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليأتوا بأهاليهم من مكة وبعثا معهم بحملين وخمسمائة درهم ليشتروا بها ابلا من قديد فذهبوا فجاءوا ببنتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فاطمة وأم كلثوم وزوجتيه سودة وعائشة وامها أم رومان وأهل النبي - صلى الله عليه وسلم - وآل أبي بكر صحبة عبد الله بن أبي بكر، وقد شرد بعائشة وأمها أم رومان الجمل في أثناء الطريق فجعلت أم رومان تقول واعروساه وأبنتاه: قالت عائشة فسمعت قائلا يقول أرسلي خطامه فأرسلت خطامه فوقف باذن الله وسلمتا الله عز وجل فتقدموا فنزلوا * ثم دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعائشة في شوال بعد ثمانية أشهر كما سيأتي، وقدمت معهم أسماء بنت أبي بكر امرأة الزبير بن العوام وهي حامل متم بعبد الله بن الزبير كما سيأتي بيانه في موضعه (وقد اختلف) في مدة مقامه - صلى الله عليه وسلم - بدار أبي أيوب فقال الوافدي سبعة أشهر وقال غيره أقل من شهر والله أعلم {باب} (1) {سنده} حدثنا اسماعيل ثنا جميد الطويل عن أنس بن مالك الخ {غريبه} (2) جاء في بعض الروايات فدلوه فذهب واشتري وباع فربح فجاء بشئ من اقمط وسمن (3) اي اثر من الزعفران وتقدم الكلام علي ذلك وعلي وزن النواة في الباب الأول من أبواب الصداق من كتاب النكاح في شرح حديث أنس بن مالك صحيفة 168 في الجزء السادس عشر (أما قوله مهيم) فهو بفتح الميم وسكون الهاء ثم ياء تحتيه مفتوحة فمعناه ما أمرك وشأنك؟ وهي كلمة يمانية (نه) {تخريجه} (ق، وغيرهما) (4) {سنده} حدثنا اسماعيل بن محمد وهو أبو ابراهيم المعقب ثنا عباد يعني ابن عباد عن عاصم عن أنس بن مالك قال حالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ {غريبه} (5) جاء في الأصل بعد هذه الجملة قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن الامام احمد) حدثناه أبو ابراهيم المعقب وكان من خيار الناس وعظم أبو عبد الرحمن أمره جدا (6) {سنده} قال الامام احمد قرئ علي سفيان سمعت عاصما عن أنس قال حالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (7) معناه أن المراد بالمحالفة هنا المؤاخاة (8) {سنده} حدثنا عفان ثنا حفص بن غياث

قائل بلغك أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لاحلف في الاسلام (1) قال فغضب ثم قال بلي بلي، قد حالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين قريش والأنصار في داره (2) (وعنه من طريق ثان) (3) عن أنس أيضا قال حالف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين المهاجرين والانصار في دار أنس بن مالك {عن جبير بن مطعم} (4) قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاحلف في الاسلام وأيما حلف كان في الجاهلية (5) لم يزده الاسلام الا شدة {عن قيس بن عاصم} (6) أنه سأل النبي - صلى الله عليه وسلم - عن الحلف، فقال ما كان.

_ ثنا عاصم الأحول الخ {غريبه} (1) قال في النهاية أصل الحلف المعاقدة والمعاهدة علي التعاضد والتساعد والأتفاق، فما كان فيه في الجاهلية علي الفتن والقتال بين القبائل والغارات فذلك الذي ورد للنهي عنه في الاسلام بقوله - صلى الله عليه وسلم - لا حلف في الاسلام، وما كان منه في الجاهلية علي نصر المظلوم وصلة الأرحام كحلف المطيبين وما جري مجراه فذلك الذي قال فيه - صلى الله عليه وسلم - وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلا شدة يريد من المعاقدة علي الخير ونصرة الحق، وبذلك يجتمع الحديثان، وهذا هو الحلف الذي يقتضيه الاسلام والممنوع منه ما خالف حكم الاسلام، وقيل المحالفة كانت قبل الفتح، وقوله لا حلف في الاسلام قاله زمن الفتح فكان ناسخا وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وابوبكر رضي الله عنه من المطيبين وكان عمر رضي الله عنه من الأحلاف والأحلاف ست قبائل: عبد الدار وجمح ومخزوم وعدي وكعب وسهم، سموا بذلك لأنهم لما أرادت بنو عبد مناف أخذ ما في أيدي عبد الدار من الحجابة والرفادة واللواء والسقاية وابت عبد الدار عقد كل قوم علي أمرهم حلفا مؤكدا علي أن لا يتخاذلوا، فأخرجت بنوا عبد مناف جفنة مملوءة طيبا فوضعتها لأحلافهم وهم أسد وزهرة وقيم في المسجد عند الكعبة ثم غمس القوم أيديهم فيها وتعاقدوا، وتعاقدت بنو عبد الدار وحلفاؤها حلفا آخر مؤكدا فسموا الأحلاف لذلك (2) أي آخي بينهم وعاهد قاله في النهاية (وقوله في داره) في دار أنس كما صرح بذلك في الطريق الثانية، قال الطبري ما استدل به أنس علي اثبات الحلف لا ينافي حديث جبير بن مطعم (يعني الأتي بعد هذا الحديث) في نفيه فأن الأخاء المذكور كان في أول الهجرة وكانوا يتوارثون به ثم نسخ من ذلك الميراث وبقي ما لم يبطله القرآن وهو التعاون علي الحق والنصر والأخذ علي يد الظالم كما قال ابن عباس الا النصر والنصيحة والرفادة ويوصي له وقد ذهب الميراث اه (وقال الامام الخطابي) قال ابن عيينة حااف بينهم أي آخي بينهم: يريدان معني الحاف في الجاهلية معني الأخوة في الاسلام لكنه في الاسلام، جار علي أحكام الدين وحدوده، وحلف الجاهلية جري علي ما كانوا يتواضعونه بينهم بآرائهم، فبطل منه ما خالف حكم الاسلام وبقي ما عدا ذلك علي حاله والله أعلم (3) {سنده} حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا عاصم الأحول عن أنس الخ {تخريجه} (ق، وغيرهما) (4) {سنده} حدثنا عبد الله بن محمد ثنا ابن نمير وأبو أسامة عن زكريا عن سعد بن ابراهيم عن ابيه عن جبير بن مطعم، الخ {غريبه} (5) أي علي الخير كصلة الأرحام ونصرة الحق والمظلوم وامثالها (لم يزده الاسلام إلا شدة) يعني توكيدا علي حفظ ذلك والله أعلم {تخريجه} (م - وغيره) (6) {سنده}.

من حلف في الجاهلية (1) فنمسكوا به ولا حلف في الاسلام {عن عبد الرحمن بن عوف} (2) عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال شهدت حلف المطيبين (3) مع عمومتي (4) وأنا غلام فما أحب ان لي حمر النعم وأني أنكئه (5) قال الزهري قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يصب الاسلام حلفا إلا زاده شدة، ولا حلف في الاسلام وقد ألف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين قريش والأنصار {عن عكرمة عن أبن عباس} (6) رفعه إلى

_ حدثنا هشيم قال مغيرة أخبر عن أبيه عن شعبة بن التوأم عن قيس بن عاصم الخ {غريبه} (1) يعني علي الخير كصلة الأرحام ونصر الحق والمظلوم وأمثالها كما تقدم في شرح الحديث السابق (فتمسكوا به) اعملوا به لأنه لا يخالف تعاليم الاسلام (ولا حلف في الاسلام) أي يخالف تعاليم الاسلام والله أعلم {تخريجه} قال الحافظ رواه أحمد وعمر بن شبة (قلت) وأورده الحافظ السيوطي في الجامع الصغير ورمز له بعلامة الحسن، ورواه أيضا الطيالسي في مسنده وهو بمعني حديث جبير بن مطعم السابق، وهوحديث صحيح رواه الامام احمد ومسلم وغيرهما والله اعلم {تنبيه} انظر ما كتبته في التعليق المحمود علي كتابي منحة المعبود في ترتيب مسند الطيالسي أبي داود علي هذا الحديث رقم 2338 في الجزء الثاني صحيفة 99 (2) {سنده} حدثنا بشر بن المفضل عن عبد الرحمن بن اسحاق عن الزهري عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه عن عبد الرحمن بن عوف عن النبي - صلى الله عليه وسلم - الخ {غريبه} (3) بتشديد الياء التحتية مفتوحه جمع مطيب بمعني متطيب، والتطيب استعمال الطيب، أي حضرت تعاهدهم وتعاقدهم علي أن يكون أمرهم واحدا في النصرة والحماية (4) متعلق بشهدت وهو جمع عم كما يجمع علي أعمام (وأنا غلام صغير) (5) معناه ما يسرني أن يكون لي الأبل الحمر التي هي أعز أموال العرب وأكرمها وأعظمها والحال اني أنقضه، والفاء في فما عاطفة أو سببية، والنكث والنقض يقال نكث الرجل العهد نكثا نقضه ونبذه فانتكث مثل نقضه فانتقض، وقصة حلف المطيبين أنه اجتمع بنو هاشم وزهرة وتميم في الجاهلية بمكة في دار ابن جدعان وتحالفوا علي أن لا يتخاذلوا ثم ملأوا جفنة طيبا ووضعوها في المسجد عند الكعبة وغمسوا أيديهم فيها وتعاقدوا علي التناصر والأخذ للمظلوم من الظالم: ومسحوا الكعبة بأيديهم المطيبة توكيدا فسموا المطيبين، وتعاقدت بنوعبد الدار وحلفاؤها حلفا آخر وتعاهدوا علي أن لا يتخاذلو اقسموا الأحلاف وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر من المطيبين، وكان عمر من الأحلاف فأخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه باق علي ما حضره من تحالف قومه المطيبين من التناصر علي الحق والأخذ للمظلوم من الظالم وأنه لا يتعرض له ينقض بل أحكامه باقية في الاسلام وبه صرح في حديث ابن عباس الأتي (كل حلف كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلا شدة) {تخريجه} الحديث اسناده صحيح والقسم الأخير منه الذي يقول فيه الزهري قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إسناده مرسل {والحديث} رواه الهيثمي وقال رواه (حم عل بز) ورجال حديث عبد الرحمن بن عوف رجال الصحيح وكذلك مرسل الزهري (6) {سنده} حدثنا حجاج أخبرنا شريك عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (تخريجه) أورده الهيثمي بلفظ عن ابن عباس قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (لا حلف في الاسلام وما كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلا شدة أو حدة) وقال رواه أبو بعلي وأحمد باختصار ورجالهما رجال الصحيح اه (قلت) فقوله رواه أحمد باختصار يريد هذا الحديث وقد مضي معناه مرسلا عن الزهري في حديث عبد الرحمن بن عوف المتقدم

النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كل حلف كان في الجاهلية لم يزده الاسلام إلا شدة أو حدة {عن أنس بن مالك} (1) قال قالت المهاجرون يا رسول الله ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن بذلا من كثير ولا أحسن مواساة في قليل، قد كفونا المؤنة وأشركونا في المهنأ (2) فقد خشينا أن يذهبوا بالأجر كله (3)، قال فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كلاما ما اثبتم عليهم به (4) ودعوتم الله عز وجل لهم - صلى الله عليه وسلم - عن عمرو بن شعيب} (5) عن أبيه عن جده أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كتب كتابا بين المهاجرين والانصار ان يعقلوا معاقلهم (6) وان يفدوا عانيهم (7) بالمعروف والاصلاح بين المسلمين

_ والله أعلم (1) {سنده} حدثنا معاذ ثنا حميد الطويل عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) أي في السرور قال في النهاية وكل أمر يأتيك من غير تعب فهو هنيئ وكذلك المهنأ والمهنأ والجمع المهانئ هذا هو الأصل بالهمزة وقد يخفف (3) معناه وليس لنا أجر في ذلك فانهم أصحاب الفضل (4) معناه لكم أجر ما أثنيتم عليهم به ودعوتم الله عز وجل لهم فهذه مكافأة تثابون عليها والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده صحيح وهو من ثلاثيات الامام أحمد رحمه الله، وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال هذا حديث ثلاثي الاسناد علي شرط الصحيحين ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة وهو ثابت في الصحيح، قال وقال البخاري أخبرنا الحكم بن نافع أخبرنا شعيب ثنا أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال قالت الأنصار اقسم بيننا وبين اخواننا النخيل، قال لا، قالوا افتكفوننا المؤنة ونشرككم في الثمرة قال سمعنا وأطعنا تفرد به وقال عبد الرحمن بن زيد بن اسلم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - للأنصار ان اخوانكم قد تركوا الأموال والأولاد وخرجوا اليكم، فقالوا أموالنا بيننا قطائع، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أو غير ذلك؟ قالوا وما ذاك يا رسول الله؟ قال هم قوم لا يعرفون العمل فتكفونهم وتقاسمونهم الثمر، قالوا نعم اه (قلت) سيأتي ما ورد من الأحاديث في فضائل الأنصار ومناقبهم من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالي (5) {سنده} حدثنا سريج حدثنا عباد عن حجاج عن عمرو بن شعيب الخ (6) المعاقل الدايات جمع معقلة بضم القاف والمراد ان الانصار والمهاجرين يتعاونون علي دفع الدية ان لزمت أحدهم (7) العاني الأمير وكل من ذل واستكان وخضع فقد عنا يعنو وهو عان المراة عانية وجمعها عوان (نه) (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وسنده صحيح، واورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال تفرد به أحمد (قال) وقال محمد بن اسحاق كتب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كتابا بين المهاجرين والانصار وادع فيه اليهود وعاهدهم واقرهم علي دينهم وأموالهم واشترط عليهم وشرط لهم بسم الله الرحمن الرحيم، هذا كتاب من محمد النبي الأمي بين المؤمنين والمسلمين من قريش ويثرب ومن تبعهم فلحق بهم وجاهد معهم أنهم أمة واحدة من دون الناس، المهاجرون من قريش علي ربعتهم يتعاقلون بينهم وهم يفدون عانيهم بالمعروف والقسط، وبنو عوف علي ربعتهم يتعاقلون معاقلهم الأولي، وكل طائفة تفدي عانيها بالمعروف والقسط بين المؤمنين، ثم ذكر كل بطن من بطون الأنصار وأهل كل دار بني: ساعدة وبني جثم وبني النجار وبني عمرو بن عوف وبني النبيت الي أن * وان المؤمنين لا يتركون مفرحا (8) بينهم ان يعظوه بالمعروف في فداء وعقل، ولا يحالف مؤمن مولي مؤمن دونه، وان المؤمنين المتقين على من بغى منهم

(باب ما جاء في بيعة نساء أهل المدينة) (حدثنا اسماعيل بن عبد الرحمن) (1) بن عطية الأنصاري عن جدته أم عطية قالت لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة جمع نساء الأنصار في بيت ثم بعث اليهن عمر بن الخطاب فقام علي الباب فسلم فرددن عليه السلام، فقال أنا رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليكن، قلنا مرحبا برسول الله وبرسول رسول الله. وقال تبايعن علي أن لا تشركن بالله شيئا ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن ولا تعصينه في معروف؟

_ أو أبتغي دسيسة ظلم أو إثم أو عدوان أو فساد بين المؤمنين، وأن أيديهم عليه جمعيهم ولو كان ولد أحدهم، ولا يقتل مؤمن مؤمنا في كافر ولا ينصر كافر علي مؤمن، وان ذمة الله واحدة يجير عليهم ادناهم، وأن المؤمنين بعضهم موالي بعض دون الناس، وانه من تبعنا من يهود فإن له النصر والأسوة غير مظلومين ولا متناصر عليهم، وان سلم المؤمنين واحدة لا يسالم، فمؤمن دون مؤمن في قتال في سبيل الله الاعلي سواء وعدل بينهم، وان كل غازية غزت معنا يعقب بعضها بعضا، وأن المؤمنين * (1) بعضهم بعضا بما نال دماؤهم في سبيل الله، وان المؤمنين المتقين علي أحسن هدي واقومه، وأنه لا يجير مشرك مالا لقريش ولا نفسا ولا يحول دونه علي مؤمن، وانه من اغتبط مؤمنا قتلا عن بينه فانه قودبه الي ان يرضي ولي المقتول، وان المؤمنين عليه كافة ولا يحل لهم الا قيام عليه، وأنه لا يحل لمؤمن أقر بما في هذه الصيحفة وآمن بالله واليوم الآخر ان ينصر محدثا ولا يؤويه، واما من نصره أو آواه فان عليه لعنة الله وغضبه يوم القيامة ولا يؤخذ منه صرف ولا عدل، وانكم مهما اختلفتم فيه من شئ فان مرده الي الله عز وجل والي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وان اليهود ينفقون مع المؤمنين ماداموا محاربين وان يهود بني عوف امانة مع المؤمنين: لليهود دينهم وللمسلمين دينهم مواليهم وانفسهم الا من ظلم واثم فانه لا يوتغ (2) الا نفسه وأهل بيته، وأن ليهود بني النجار وبني الحارث وبني ساعدة وبني جثم وبني الأوس وبني ثعلية وجفنة وبني * مثل ما ليهود بني عوف، وأن بطانة يهود كأنفسهم، وانه لا يخرج منهم أحد الا بإذن محمد ولا ينحجز علي ثار جرح، وانه من فتك فبنفسه فتك إلا من ظلم، وان الله علي أثر هذا، وأن علي اليهود نفقتهم وعلي المسلمين نفقتهم وان بينهم النصر علي من حارب من أهل هذه الصيحفة، وان بينهم النصح والنصيحة والبر دون الأثم، وانه لم يأثم أمرؤ بحليفه، وان النصر للمظلوم وأن يثرب حرام (حرمها) لأهل هذه الصحيفة، وان الجار كالنفس غير مضار ولا آثم، وانه لا تجار حرمة الا بإذن أهلها، وان ما كان بين أهل هذه الصحيفة من حدث او اشتجار يخاف فساده فان مرده الي الله والي محمد رسول الله، وان الله علي * ما في هذه الصحيفة وأبره وانه لا تجار قريش ولا من نصرها، وان بينهم النصر علي من دهم يثرب واذا دعوا الي صلح يصالحونه ويلبونه فانهم يصالحونه، وانهم اذا دعوا الي مثل ذلك فان لهم علي المؤمنين إلا من حارب في الدين علي كل اناس حقهم من جانبهم الذي قبلهم، وانه لايحول هذا الكتاب دون ظالم أو أثم. وانه من خرج آمن ومن قعد آمن بالمدينة إلا من ظلم أو أثم، وان الله جار لمن بروا تقي قال الحافظ ابن كثير في تاريخه كذا أورده ابن اسحاق بنحوه وقد تكلم عليه ابن عبيد القاسم بن سلام رحمه الله في كتابه الغريب وغيره مما يطول اه (باب) (1) (سنده) حدثنا ابو سعيد ثنا اسحاق بن عثمان الكلابي أبو يعقوب حدثنا اسماعيل

قلنا نعم (1) فممدنا أيدينا من داخل البيت ومديده من خارج البيت ثم قال اللهم أشهد وامرنا بالعيدين ان تخرج العتق (2) والحيض ونهي عن اتباع الجنائز ولا جمعة علينا (3) وسألتها عن قوله ولا يعصينك في معروف قالت نهينا عن النياحة (وعن أميمة بنت رقيقة) (4) قالت أتيت - صلى الله عليه وسلم - في نساء نبايعه فأخذ علينا ما في القرآن ان لا نشرك بالله شيئا الآية قال فيما استطتعن واطعتن، قلنا الله ورسوله ارحم بنا من أنفسنا، قلنا يا رسول الله ألا تصافحنا قال اني لا أصافح النساء، انما قولي لامرأة واحدة كقولي لمائة امرأة (عن عمرو بن شعيب) (5) عن أبيه عن جده قال جاءت أميمة بنت رقيقة الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تبايعه علي الاسلام فقال أبايعك علي أن لا تشركي بالله شيئا ولا تسرقي ولا تزني ولا تقتلي ولدك ولا تأتي ببهتان تفترينه بين يديك ورجليك ولا تنوحي ولا تبرجي تبرج الجاهلية الأولي (باب ذكر ما أصاب المهاجرين من حمي المدينة) (عن عائشة رضي الله عنها) (6) قالت قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهي أوبا (7) أرض الله

_ ابن عبد الرحمن الخ (غريبه) (1) يستفاد من سياق الحديث ان هذه البيعة كانت لنساء الأنصار خاصة عندما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وقد تعددت البيعة منه - صلى الله عليه وسلم - لأصحابه رجالا ونساءا، فقد بايع النبي - صلى الله عليه وسلم - الأنصار بيعة العقبة الأولي والثانية، ونقدم الكلام علي ذلك مستوفي في بابه قبل الهجرة - صلى الله عليه وسلم - في الجزء العشرين وهذه البيعة لنساء الأنصار، وهي وبيعة العقبة جاءتا موافقتان لما نزل به القرآن في بيعة النساء بعد ذلك عام الحديبية، وليس هذا عجيب فإن بعض القرآن نزل بموافقة عمر بن الخطاب في أمور من الأحكام، وبايع النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجال والنساء عقب فتح مكة أيضا وكان - صلى الله عليه وسلم - يتعاهد النساء بهذه البيعة يوم العيد انظر حديث ابن عباس رقم 1657 في باب خطبة العيدين واحكامهما ووعظ النساء الخ في الجزء السادس صحيفة 148: أما تفسير آية البيعة وشرحها فقد تقدم مستوفي في باب يا أيها النبي اذا جاءك المؤمنات يبايعنك الخ في سورة الممتحنة في الجزء الثامن عشر صحيفة 302 فارجع اليه (2) بضم العين المهملة وفتح المثناة فوق مشددة جمع عاتق وهي الشابة اول ما تدرك، وقيل التي لم تبن من والديها ولم تتزوج وقد ادركت وشبت، والحيض بوزن العتق جمع حائض وهي المرأة في زمن الحيض، والمراد أنهن يشهدن الخير ويكبرن مع المكبرين وان كن لا يصلين (3) تقدم الكلام علي ذلك في أبوابه (تخريجه) (ق _ وغيرهما) بالفاظ مختلفة وكلها تعظي بهذا المعني (4) (عن أميمة بنت رقيقة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب أول من أحدث المصافحة الخ من كتاب السلام والأستئذان في الجزء السابع عشر صحيفة 350 رقم 60 (5) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد حدثنا ابن عياش عن سليمان بن سليم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للامام احمد وذكره الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه للامام احمد وابن مروديه وسنده جيد ويؤيده حديثها السابق المروي عنها من مسندها وهو حديث صحيح صححه الحافظ ابن الكثير وعزاه للامام احمد والترمذي والنسائي وابن ماجه اه (قلت) والامام مالك في الموطأ والله أعلم (باب) (6) (سنده) حدثنا ابن نمير ثنا هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (7) الوباء بالقصر والمد والهمز الطاعون والمرض العام والمراد هنا مرض الحمي كما جاء مصرحا بذلك في رواية محمد بن اسحاق قال

عز وجل فأشتكي أبو بكر، قالت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وصححها وبارك لنا في مدها (1) وصاعها وانقل حماها فاجعلها في الجحفة (2) (وعن عروة عنها أيضا) (3) قالت لما قدم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة اشتكي اصحابه واشتكي أبو بكر وعامر بن فهيرة مولي أبي بكر وبلال فاستأذنت عائشة النبي - صلى الله عليه وسلم - في عيادتهم فاذن لها، فقالت لأبي بكر كيف نجدك (4)؟ فقال كل امرأي ومصبح في أهله ... والموت أدني من شراك نعله وسألت عامر افقال ... أني وجدت الموت قبل ذوقه (5) ... ان الجبان (6) حتفه من ... فوق وسألت بلالا فقال ... ياليت شعري هل ابيتن ... ليلة ... بفج (7) وحولي إدخر وجليل فاتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فاخبرته بقولهم، فنظر الي السماء فقال اللهم حبب الينا المدينة كما حببت الينا مكة أو أشد واللهم بارك لنا في صاعها وفي مدها وانقل وباءها الي مهيعة (8) وهي الجحفة كما زعموا

_ حدثني هشام بن عروة وعمرو بن عبد الله بن عروة بن الزبير عن عائشة قالت لما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة قدمها وهي أويأ ارض الله من الحمي فاصاب أصحابه منها بلاء وسقم وصرف الله ذلك عن نبيه قالت فكان أبو بكر وعامر بن فهيرة وبلال موليا أبي بكر في بيت واحد فاصابتهم الحمي عليهم أعودهم وذلك قبل أن يضرب علينا الحجاب (يعني بعد أن أستأذنت النبي - صلى الله عليه وسلم - كما في حديث الباب) فذكر نحو الحديث الآتي (1) الضمير يعود الي المدينة والمد بضم الميم وتشديد المهملة وهو في الأصل ربع الصاع وقيل أصل المد مقدر بأن يمد الرجل يديه فيملأ كفيه طعاما، والصاع أربعة امداد والمراد البركة في المكيل وقد أجبيت الدعوة ووهب لمكيلهم بركة محسوسة عند من كان بها من الثاوين (2) بضم الجيم وسكون الحاء المهملة تقدم الكلام عليها مستوفي في باب مواقيت الاحرام من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر صحيفة 105 رقم 71 وخصها لانها كانت اذ ذاك دار شرك ليشتغل أهلها بها عن معونة أهل الكفران والطغيان فكانت اكثر البلاد حمي، فلم يشرب أحد من مائها الا حم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (3) (سنده) حدثنا يونس ثنا ليث عن يزيد يعني ابن أبي حبيب عن أبي بكر ابن اسحاق بن يسار عن عبد الله بن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (4) أي كيف تجد نفسك؟ فقال كل امريء مصبح بفتح الموحدة المشددة (في أهله والموت أدني) أي أقرب (من شراك نعله) بكسر الشين المعجمة سيورها التي علي، وجهها، والمعني أن المرء يصاب بالموت صباحا اويقال له صبحك الله بالخير وقد يفجؤه الموت بقية نهار (5) يشير الي شدة الحمي كأنها الموت والحال أنه لم يمت (6) الجبان هو الذي لايقدم علي القتال خوفا من الموت ولكن لابد له من الموت وان كان من غير قتل ولا ضرب وهذا معني قوله (حتفه من فوقه) يعني أن الموت ينتظره وإن كان من غير قتل ولا ضرب (7) الفج هوالطريق الواسع وقد جاء في رواية للبخاري (بواد) بدل فج، وهو وادي مكة (وحولي إذخر) بكسر الهمزة وسكون الذال وكسر الخاء المعجمتين حشيش مكة ذو الرائحة الطيبة (وجليل) نبت ضعيف محشي به خصاص البيوت وهو للثمام (8). بوزن ميمنة وميسرة فسرها في الحديث بالجحفة بوزن تحفة ونقدم، الكلام عليها، وفي القاموس مهيعة الجحفة بين الحرمين ميقات الشاميين

(عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة) (1) قالت قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة وهي وبيئة ذكر أن الحمي صرعتهم فمرض أبو بكر وكان اذا أخذته الحمي يقول: كل امرئ مصبح في أهله ... والموت أدني من شراك نعله قالت وكان بلال اذا أخذته الحمي يقول: ألاليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد وحولي إذخر ... وجليل وهل أردن (2) يوما مياه مرجنة (3) وهل يبدون (4) لي شامة وطفيل اللهم العن عتبة بن ربيعة وشيبة بن ربيعة ومية بن خلف كما أخرجونا من مكة: فلما رأي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مالقوا قال اللهم حبب الينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، اللهم صححها وبارك لنا في صاعها ومدها وأنقل حماها الي الجحفة، قال فكان المولود يولد بالجحفة فما يبلغ الحلم حتي يقرعه الحمي (باب ماجاء في ميلاد عبد الله بن الزبير وبنائه - صلى الله عليه وسلم - بعائشة رضي الله عنهم) (عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما) (5) أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة قالت فخرجت (6) وأنا متم فأتيت المدينة فنزلت بقباء (7) فولدته بقباء ثم أتيت به النبي - صلى الله عليه وسلم - فوضعته في حجره ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل (8) في فيه فكان أول ما دخل في جوفه ريق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت ثم حنكه (9) بتمرة ثم دعا له وبرك (10) عليه، وكان أول مولود ولد في الاسلام (11)

_ (تخريجه) (ق) وابن اسحاق وغيرهم (1) (سنده) حدثنا يونس ثنا حماد يعني ابن زيد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (2) بنون التأكيد الخفيفة (3) بفتح الميم والجيم والنون المشددة وتكسر الجيم، اسم موضع علي أميال من مكة كان به سوق في الجاهلية (4) بنون التأكيد الخفيية أي يظهرن (لي شامة) بالشين المعجمة والميم المخففة (وطفيل) بطاء مهملة مفتوحة وفاء مكسورة بعدها ياء تحتية ساكنة جبلان بقرب مكة أو عينان (تخريجه) (خ) وابن اسحاق وفيه زيادة ورواه أيضا مسلم مختصرا (باب) (5) (سنده) حدثنا أبو اسامة عن هشام (يعني ابن عروة) عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر الخ (غريبه) (6) أي خرجت من مكة مهاجرة إلي المدينة (وقولها وأنا متم) بضم الميم الأولي وكسر الفوقية وتشديد الميم أي والحال إني قد أتممت مدة الحمل الغالبة وهي تسعة أشهر (7) بصرف لفظ قباء (8) بالفوقية والفاء أي رمي من ريقه (في فيه) أي في فم عبد الله بن الزبير (9) بحاء مهملة ونون مشددة وكاف مفتوحات (بتمرة) بالفوقية وسكون الميم بأن مضغها ودلك بها حنكه (10) بفتح الموحدة والراء المشددة بأن قال بارك الله فيه أو اللهم بارك فيه (11) أي بالمدينة من المهاجرين، فأما من ولد بغير المدينة من المهاجرين فقيل عبد الله بن جعفر بالحبشة، وأما من الأنصار بالمدينة فكان أول مولود لهم بعد الهجرة سلمة بن مخلد كما رواه ابن أبي شيبه وقيل النعمان بن بشير (قال الحافظ) وفي الحديث أن مولد عبد الله بن الزبير كان في السنة الأولي وهو المعتمد اه زاد في رواية لمسلم قالت أسماء ثم مسحه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (أي دعا له) وسماه عبد الله ثم جاء وهو ابن سبع سنين أو ثمان ليبايع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمره بذلك الزبير فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين رآه مقبلا اليه ثم بايعه، قال النووي هذه بيعة تبريك وتشريف لا بيعة تكليف: قال وفي هذا الحديث مناقب كثيرة لعبد

(عن عروة عن عائشة) (1) رضي الله عنها قالت تزوجني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في شوال (2) وبني بي في شوال، فأي نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أحظي عنده مني، وكانت عائشة تستحب أن تدخل نساءها في شوال (عن أسماء بنت عميس) (3) قالت كنت صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ومعى نسوة قالت فو الله ما وجدنا عنده قرى (4) الا قدحاً من لبن قالت فشرب منه ثم ناوله عائشة فاستحيت الجارية، فقلنا لا تردى يد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خذى منه، فأخذته على حياء فشربت منه ثم قال ناولى صواحبك، فقلنا لا نشتهيه فقال لا تجمعن جوعا وكذبا، قالت فقلت يا رسول الله ان قالت إحدانا لشئ تشتهيه لا أشتهيه يعد ذلك كذبا، قال أن الكذب يكتب كذبا حتى تكتب الكذيبة كذيبة (5) (عن شهر بن حوشب) (6) أن أسماء بنت يزيد بن السكن أحدى نساء بنى عبد الأشهل دخل

_ الله بن الزبير رضي الله عنه (منها) أن النبى - صلى الله عليه وسلم - مسح عليه وبارك عليه ودعا له، وأول شئ دخل جوفه ريق النبى - صلى الله عليه وسلم -، وأنه أول من ولد في الأسلام بالمدينة والله أعلم (تخريجه) (ق) وغيرهما (1) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن اسماعيل بن أمية عن عبدالله بن عروة عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (2) أى عقد عليها بمكة قبل الهجرة فى شوال (وبني بى) أى دخل بها بالمدينة فى السنة الأولي بعد الهجرة فى شوال (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه فعلي هذا يكون دخوله بها عليه السلام بعد الهجرة بسبعة أشهر أو ثمانية أشهر، وقد حكى القولين ابن جرير 1 هـ (قلت) وقد تقدم فى باب وفاة خديجة وزواجه - صلى الله عليه وسلم - بعائشة وسودة فى الجزء العشرين صحيفة 237 رقم 91 كيفية تزويجه ودخوله بعائشة بعد ما قدموا المدينة وأن دخوله بها كان * نهارا قال (الحافظ ابن كثير) وهذا خلاف ما يعتاده الناس اليوم، وفي دخوله عليه السلام بها في شوال رد لما يتوهمه بعض الناس من كراهية الدخول بين العيدين خشية المفارقة بين الزوجين، وهذا ليس بشئ لما قالته عائشة رادة على من توهمه من الناس في ذلك الوقت، تزوجني في شوال وبني بي في شوال أى دخل بى في شوال فأى نسائه كان أحظى عنده مني: فدل هذا على أنها فهمت منه عليه السلام أنها أحب نسائه اليه وهذا الفهم منها صحيح، لما دل على ذلك من الدلائل الواضحة، ولو لم يكن الحديث الثابت في صحيح البخارى (قلت ومسند الامام أحمد أيضا) عن عمرو بن العاص قلت يارسول الله أى الناس أحب إليك؟ قال عائشة، قلت ومن الرجال؟ قال أبوها 1 هـ (قال النووي) رحمه الله فيه استحباب التزويج والتزوج والدخول فى شوال، وقد نص أصحابنا على أستحبابه واستدلوا بهذا الحديث، وقصدت عائشة بهذا الكلام رد ما كانت الجاهلية عليه وما يتخيله بعض العوام اليوم من كراهة التزوج والتزويج والدخول في شوال، وهذا باطل لا أصل له، وهو من آثار الجاهلية كانوا يتطيرون بذلك لما في اسم شوال من الإشالة والرفع (تخريجه) (م نس مذجه) (3) (سنده) حدثنا عثمان بن عمر اليمان قال ثنا يونس يعنى ابن يزيد الأيلى قال ثنا ابو شداد عن مجاهد عن أسماء بنت عميس الخ (غريبه) (4) بكسر القاف وفتح الراء منونة ما يقدم للضيف (5) معناه أن الكذب يكتب على صاحبه مطلقا سواء كان من صغائر الكذب أو من كبائره (تخريجه) (طب هق) ورجاله ثقات (6) (سنده) حدثنا أبو اليمان إنا شعيب قال حدثنى عبدالله بن أبي حسين قال حدثنى شهر بن حوشب

عليها يوما فقربت اليه طعاما فقال لا أشتهيه فقالت أني قينت (1) عائشة رضي الله عنها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم جئته فدعوته لجلوتها (2) فجاء فجلس إلي جانبها فأتي بعس لبن (3) فشرب ثم ناولها النبي - صلى الله عليه وسلم - فخفضت رأسها وأستحيت: قالت أسماء فانتهزتها وقلت لها خذي من يد النبي - صلى الله عليه وسلم - قالت فاخذت فشربت شيئا، ثم قال لها النبي - صلى الله عليه وسلم - أعطي تربك (4) قالت أسماء فقلت يا رسول الله بل خذه فاشرب منه ثم ناولينه من يدك فاخذه فشرب منه ثم ناولنيه، قالت فجلست ثم وضعته علي ركبتي ثم طفقت أديره واتبعه بشفتي لاصيب منه مشرب (5) النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم قال لنسوة عندي ناوليهن فقلن لا نشتهيه فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لاتجمعن جوعا وكذبا، فهل أنت منتهية أن تقولي لا اشتهيه (6) قلت أي أمه لا أعود أبدا. (باب ما جاء في مشروعية الأذان وزيادة ركعتين في صلاة الحضر الخ) (عن نافع أن ابن عمر) كان يقول كان المسلمون حين قدموا المدينة يجتمعون فيتحينون الصلاة وليس ينادي بها أحد فتكلموا يوما في ذلك، فقال بعضهم اتخذوا ناقوسا مثل ناقوس النصاري، وقال بعضهم بل قرنا مثل قرن اليهود، فقال عمر أولا تبعثون رجلا ينادي بالصلاة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا بلال قم فناد بالصلاة

_ أسماء بنت يزيد الخ (غريبه) (1) بفتح القاف وتشديد التحيية بعدها نون ساكنة: أي زينتها لزفافها والتقيين التزيين (2) بكسر الجيم وتفتح أي للنظر اليها متزينة مكشوفة ظاهرة ومنه جلوت السيف ونحوه كشفت صدأه جلاءا أيضا (3) العس بالضم القدح الكبير والجمع عساس مثل سهام وربما قيل اعساس مثل قفل واقفال (4) أي قريننك وصاحبتك بربد اسماء (5) تريد التبرك بموضع شريه - صلى الله عليه وسلم - (6) هكذا بالأصل (فهل انت منتهية أن تقولي لا أشتهيه) وهو لا يتفق مع سياق الحديث والظاهر انه خطأ من الناسخ أو الطابع وصوابه هل فهل انت منته أن تقول لا أشتهيه) وهو من قول أسماء تخاطب مولاها شهر بن حوشب ولذك قال لها أي أمه لا اعود أبدا والله أعلم ومعني قوله أي أمه يقول باأمي وانما قال ذلك لأنها سيدته بمنزلة أمه، قال في المختار ويقال يا أمة لا تفعلي ويا أية افعل يجعلون علامة التأنيث عوضا عن ياء الاضافة ويوقف عليها بالهاء (تخريجه) (جه هق) وابن أبي الدنيا قال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده حسن لأن شهرا مختلف فيه (باب) (1) (عن نافع أن ابن عمر الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب بدء الأذان من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 13 رقم 243 هذا وفي الباب المشار اليه رؤيا عبد الله ابن زيد وتلقينه صيغة الآذان والفاظه المشروعة (قال ابن اسحاق) فلما أطمأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة واجتمع اليه أخوانه من الهاجرين واجتمع أمر الأنصار استحكم أمر الاسلام فقامت الصلاة وفرضت الزكاة والصيام وقامت الحدود وفرض الحلال والحرام وتبوأ الاسلام بين أظهرم، وكان هذا الحي من الانصار هم الذين تبوءوا الدار والايمان، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدمها انما يجتمع الناس اليه للصلاة لحين مواقيتها بغير دعوة، فهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجعل بوقا كبوق يهود الذين يدعون به لصلاتهم ثم كرهه، ثم أمر بالناقوس فنحت ليضرب به المسلمين للصلاة فبينما هم علي ذلك رأي عبد الله بن زيد بن ثعلبة بن عبد ربه أخو بلحارث بن الخزرج النداء فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله أنه طاف بي

(عن عائشة رضي الله عنها) (1) قالت فرضت الصلاة ركعتين ركعتين بمكة فلما قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة زاد مع كل ركعتين ركعتين الا المغرب فأنها وتر النهار، وصلاة الفجر لطول قراءتها وكان اذا سافر صلي الصلاة الأولي (باب ما جاء في مناوأة اليهود ومنافقي المدينة للنبي - صلى الله عليه وسلم -) (عن ابن عباس) (2) قال أقبلت يهود الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا يا أبي القاسم انا نسألك عن خمسة أشياء فإن أنبأتنا بهن عرفنا انك نبي واتبعناك، فأخذ عليهم ما أخذ اسرائيل علي بنيه اذ قال (الله علي ما نقول وكيل) قال هاتوا، قالوا أخبرنا عن علامة النبي؟ قال تنام عيناه ولا ينام قلبه، قالوا أخبرنا كيف تؤنث المرأة وكيف تذكر؟ يلتقي الما آن فاذا علا ماء الرجل ماء المرأة أذكرت واذا علا ماء المرأة ماء الرجل آنثت، قالوا أخبرنا ما حرم اسرائيل علي نفسه؟ قال كان يشتكي عرق النسا فلم يجد شيئا يلائمه الا البان كذا، وكذا قال أبي قال بعضهم يعني الأبل فحرم لحومها، فقالوا صدقت، قالوا أخبرنا ما هذا الرعد؟ قال ملك من ملائكة الله عز وجل موكل بالسحاب بيديه أو في يده مخراق من ناريز جر به السحاب يسوقه حيث أمر الله، قالوا فما هذا الصوت الذي يسمع؟ قال صوته قالوا صدقت، انما بقيت واحدة وهي التي نبايعك إن أخبرتنا بها فأنه ليس من نبي الا له ملك يأتيه بالخبر، فأخبرنا من صاحبك؟ قال جبريل عليه السلام، قالوا جبريل ذاك الذي ينزل بالحرب والقتال والعذاب عدونا، ولو قلت ميكائيل الذي ينزل بالرحمة والنبات والقطر لكان: فأنزل الله عز وجل (من كان عدوا لجبريل إلي آخر الآية (عن ابن مسعود) (2) قال سألنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن القردة والخنازير أهي من أصل اليهود؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ان الله لم يلعن قوما قط فمسخهم فكان لهم نسل حين يهلكهم، ولكن هذا خلق كان، فلما غضب الله علي اليهود (3) مسخهم فجعلهم مثلهم

_ هذه الليلة طائف فذكر رؤياه في الآذان وصيفته كما أشرنا الي ذالك في باب بدء الآذان المتقدم ذكره (1) (عن عائشة رضي الله عنها) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب افتراض صلاة السفر وحكمها من كتاب الصلاة في الجزء الخامس صحيفة 92 وهو الطريق الثانية من حديث رقم 1204 فارجع اليه (قال ابن جرير) وفي هذه السنة يعني السنة الأولي من الهجرة زيد في صلاة الحضر فيما قيل ركعتان وكانت صلاة الحضر والسفر ركعتين وذك بعد مقدم النبي - صلى الله عليه وسلم - بشهر في ربيع الآخر لمضي ثنتي عشرة ليلة مضت، قال وزعم الوافدي لا خلاف بين أهل الحجاز فيه اه (قلت) تقدم الكلام علي ذلك واختلاف العلماء فيه في أحكام الباب المشار اليه والله أعلم (باب) (2) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم من طريقين بسندهما وشرحهما وتخريجهما في باب من كان عدوا لجبريل الخ من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 73 رقم 165 (3) (سنده) حدثنا عبد الله بن يزيد ويونس قالا حدثنا داود عن محمد بن زيد عن أبي * العبدي عن أبي، الأحوص الجثمي عن ابن مسعود الخ (غريبه) (3) غضب الله عليهم بكفرهم وقتلهم الأنبياء بغير حق واعتدائهم في السبت وأخذهم الربا وقد نهوا عنه وأكلهم أموال الناس بالباطل، وقولهم ان الله فقير ونحن أغنياء: وقولهم علي مريم بهتانا عظيما وقولهم إنا قتلنا المسيح عيسي بن مريم رسول الله وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم، وغير ذلك كثير

(عن محمود بن لبيد) (1) أخي بني عبد الأشهل عن سلمة بن سلامة وقش وكان من أصحاب بدر قال كان لنا جار من يهود في بني عبد الأشهل قال فخرج علينا يوما من بيته قبل مبعث النبي - صلى الله عليه وسلم - بيسير فوقف علي مجلس عبد الأشهل، قال سلمة وأنا يومئذ أحدث من فيه سنا: علي بردة مضطجعا فيها بفناء أهلي فذكر البعث والقيامة والحساب والميزان والجنة والنار، فقال ذلك لقوم أهل الشرك أصحاب أوثان لا يرون أن بعثا كائن بعد الموت، فقالوا ويحك يا فلان تري هذا كائنا أن الناس يبعثون بعد موتهم الي دار فيها جنة ونار يجزون فيها بأعمالهم؟ قال نعم والذي يحلف به لود أن له له بحظه من تلك النار أعظم تنور في الدنيا يحمونه ثم يدخلونه إياه فيطبق به عليه وأن ينجو من تلك النار غدا، قالوا له ويحك وما آية ذلك؟ قال نبي يبعث من نحو هذه البلاد وأشار بيده نحو مكة واليمن، قالوا ومتي نراه؟ قال فنظر الي وأنا من أحدثهم سنا فقال أن يستنفذ هذا الغلام عمره يدركه، قال سلمة فوالله ماذهب الليل والنهار حتي بعث الله تعالي رسوله - صلى الله عليه وسلم - وهو حيي بين أظهرنا فآمنا به وكفر به بغيا وحسدا، فقلنا ويلك يا فلان الست بالذي قلت لنا فيه ما قلت؟ قال بلي وليس به (2) (عن المسور بن مخرمة الزهري) (3) قال مر بي يهودي وأنا قائم خلف النبي - صلى الله عليه وسلم - والنبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ قال فقال ارفع أو اكشف ثوبه عن ظهره (4) قال فذهبت به ارفعه قال

_ يطول ذكره (تخريجه) (طل) وأورده الحافظ السيوطي في الدر المنثور وعزاه لابن أبي حاتم وأبي الشيخ وابن مردويه وفي اسناده أبو * العبدي ضعيف ضعفه ابن معين وأبو حاتم، لكن رواه ابن مسعود من وجه آخر مطولا عند الامام احمد أيضا وليس في اسناده أبو الأعين وتقدم بطوله وسنده وشرحه في باب ما جاء في عذاب القبر من كتاب الجنائز في الجزء الثاني صحيفة 122 رقم 300 وفي آخره معني حديث الباب ذكرته في الشرح وهو حديث صحيح رواه مسلم وهو يؤيد حديث الباب والله أعلم بالصواب (1) (سنده) حدثنا يعقوب قال حدثني أبي عن ابن اسحاق قال حدثني صالح بن عبد الرحمن ابن عوف عن محمود بن لبيد الخ (غربيه) (2) أي ليس هو الذي ذكرته لكم، انكر اليهودي معرفة النبي - صلى الله عليه وسلم - والحال انه يعرفه كما يعرف ابنه وانما قال ذلك اليهودي بغيا وحسدا قال تعالي (الذين آتيناهم الكتاب يعرفونه كما يعرفون أبنائهم وان فريقا منهم ليكتمون الحق وهم يعلمون) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد والطبراني، قال وفي رواية عنده عن أم سلمة أيضا أن يهوديا كان في بني عبد الأشهل فقال لنا ونحن في المجلس قد أظل هذا النبي القرشي الحرمي، ثم التفت في المجلس فقال أن يدركه أحد يدركه هذا الفتي وأشار الي، فقضي الله ان جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة فقلت هذا النبي قد جاء، فقال اما والله انه لأنه (يعني انه النبي حقا) فقلت مالك عن الاسلام؟ فقال والله لا أدع اليهودية ورجال أحد رجال الصحيح غير ابن اسحاق وقد صرح بلسماع اه يعني ان الحديث صحيح (3) (سنده) حدثنا أبو عامر ثنا عبد الله بن جعفر عن أم بكر عن المسور بن مخرمة الخ (قلت) أم بكر هي بنت المسور ابن مخرمة (غريبه) (4) الحديث فيه اختصار وجاء عند البغوي يأتم من هذا قال الحافظ في الاصابة وأخرج للبغوي من طريق أم بكر بنت المسور عن أبيها قال مر بي يهودي والنبي - صلى الله عليه وسلم - يتوضأ وأنا خلفه فرفع أو به فاذا خاتم النبوة في ظهره فقال لي اليهودي ارفع رداءه عن ظهره فذهبت أفعل فنضح

فنضح النبي - صلى الله عليه وسلم - في وجهي من الماء (ز) (عن جابر بن سمرة) (1) قال جاء جرمقاني (2) الي أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فقال ابن صاحبكم الذي يزعم انه نبي؟ لئن سألته لأعلمن انه نبي أو غير نبي قال فجاء النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال الجرمقاني اقرأ علي أو قص علي فتلا عليه آيات من كتاب الله تبارك وتعالي، فقال الجرمقاني هذا والله الذي جاء به موسي عليه السلام: قال عبد الله بن أحمد هذا الحديث منكر (عن عروة بن الزبير) (3) ان أسامة بن زيد أخبره أن النبي - صلى الله عليه وسلم - ركب حمارا عليه إكاف (4) تحته قطيفة فدكية واردف وراءه أسامة بن زيد (5) وهو يعود سعد بن عبادة في بني الحرث بن الخزرج وذلك قبل وقعة بدر حتي مر بمجلس فيه اخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود فيهم عبد الله بن أبي، وفي المجلس عبد الله بن رواحة فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة (6) خمر عبد الله بن أبي انفه بردائه ثم قال لا تغيروا علينا: فسلم عليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - (7) ثم وقف فنزل فدعاهم الي الله وقرأ عليهم القرآن، فقال له عبد الله بن أبي أيها المرء لا أحسن من هذا؟ (8) ان كان ما تقول حقا فلا تؤذينا في مجالسنا وارجع الي رحلك فمن جاءك منا فاقصص عليه، قال عبد الله بن رواحة اغشنا في مجالسنا (9) فانا نحب ذلك، قال فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتي هموا ان يتواثبوا (10) فلم يزل النبي - صلى الله عليه وسلم - يخفضهم (11) ثم ركب دابته حتي نزل علي سعد بن عبادة،

_ في وجهي كفا من ماء (قلت) فكأن اليهودي طلب من المسور ذلك ليتحقق من خاتم النبوة، وزجر النبي - صلى الله عليه وسلم - المسور بنضحه الماء في وجهه لأنه علم بالهام أو وحي ان اليهودي لم يؤمن به مهما ظهر له من علامات النبوة والله أعلم (تخريجه) أخرجه البغوي وسنده جيد (ز) (سنده) حدثنا عبد الرحمن المعلم أبو مسلم ثنا أيوب بن جابر اليمامي ثنا سماك بن حرب عن جابر بن سمرة الخ (غريبه) (2) بضم الجيم والميم بينهما راء ساكنة نسبة الي الجرامقة (قال في القاموس) الجرامقة قوم من العجم صاروا بالموصل في أوائل الاسلام الواحد جرمقاني (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله (يعني ابن الامام احمد في زوائده علي مسند أبيه) وقال منكر قال الهيثمي ما فيه غير أيوب بن جابر وثقه احمد وغيره وضعفه ابن معين وغيره (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عروة بن الزبير الخ (غريبه) (4) بكسر الهمزة وفتح الكاف مخففة هو للحمار بمنزلة السرج للفرس والقطيفة دثار (بحمل جمعها قطائف وقطف (والفدكية) بوزن حنفية منسوبة إلي فدك بلدة معروفة علي مرحلتين أو ثلاث من المدينة (5) فيه جواز الارداف علي الحمار وغيره من الدواب إذا كان مطيقا، وفيه جواز العيادة راكبا، وفيه ان ركوب الحمار ليس بنقص في حق الكبار (6) هو ما أرتفع من غبار حوافرها (وقوله خمر أنفه) أي غطاه (7) فيه جواز الابتداء بالسلام علي قوم فيهم مسلمون وكفار (قال النووي) وهذا مجمع عليه (8) لا أحسن من هذا) قال النووي هكذا هو في جميع نسخ بلادنا بألف في احسن أي ليس شئ أحسن من هذا وكذا حكاه القاضي عن جماهير رواة مسلم، قال ووقع للقاضي أبي علي الأحسن من هذا بالقصر من غير الف (قال القاضي) وهوعندي أظهر وتقديره أحسن من هذا أن تقعد في بيتك ولا تأتينا (9) بقول عبد الله بن رواحة لعبد الله بن أبي اغشنا أنت في مجالسنا فانا نحب ذلك (10) أي سب بعضهم بعضا حتي قصدوا ان يساور بعضهم بعضا للمضاربة بالأيدي (11) أي يسكنهم ويسهل الأمر بينهم

فقال أي سعد ألم تسمع ما قال أبو حباب؟ يريد عبد الله بن أبي قال كذا وكذا، فقال اعف عنه يا رسول الله واصفح، فوالله لقد أعطاك الله الذى أعطاك ولقد اصطلح أهل هذه البحيرة (1) (وفي رواية البحيرة) أن يتوجوه فيعصبونه بالعصابة (2) فلما رد الله ذلك بالحق الذي اعظاك شرق (3) بذلك فذاك فعل به ما رأيت فعفا عنه النبي صلي الله عليه وسلم (4)

_ (1) بضم الباء علي التصغير قال القاضي وروينا في مسلم البحيرة مكبرة وكلاهما بمعني، وأصلها القرية، والمراد بها هنا مدينة النبي - صلى الله عليه وسلم - (2) معناه اتفقوا علي أن يجعلوه ملكهم وكان من عادتهم اذا ملكوا انسانا ان يتوجوه بالتاج والعمامة (3) بكسر الراء أي غص ومعناه حسد النبي - صلى الله عليه وسلم - وكان ذلك بسبب نفاقه (4) زاد في رواية أخري عند مسلم وذلك قبل ان يسلم عبد الله قال النووي معناه قبل ان يظهر الاسلام وإلا فقد كان كافرا منافقا ظاهر النفاق (تخريجه) (ق) وابن اسحاق وغيرهم. (تتمة في ذكر أسماء أعدائه - صلى الله عليه وسلم - من رؤساء اليهود ومن أنضم اليهم من المنافقين) لما تخلص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من أذي المشركين بمكة وصارو بالمدينة وقعوا في محنة أخري من اليهود ومنافقي الأنصار بالشنأن والبغض والمقت والغيبة والسم والسحر والغوائل، لكن من غير مجاهرة ولا مكابرة تنميما لامتحانهم ووفورا لأجورهم وتحقيقا لقوله تعالي (ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذي كثيرا) فكانت الغلبة لهم وكان اعداؤهم مكبوتين مقهورين يرون في طي الأيام والليالي أنواع المكاره من ارتفاع شأن الاسلام والمسلمين وتجدد فتوحهم وعلو كلمتهم وظهور دينهم، فكان اليهود منافقوا المدينة مخزيين في جميع ما ناوءوه فيه وكادوه به، ويجمل هنا أن نذكر أسماءهم علي ما حكاه ابن هشام عن ابن اسحاق (قال ابن اسحاق) نصبت عند ذلك أحبار يهود لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - العدواة بغيا وحسدا وضغنا لما خص الله تعالي به العرب من اخذ رسوله منهم وأضاف اليهم رجال من الأوس والخزرج ممن كان عسي علي جاهليته فكانوا أهل نفاق علي دين آبائهم من الشرك والتكذيب بالبعث، الا أن الاسلام قهرهم بظهوره واجتماع قومهم عليه، فظهروا بالاسلام واتخذوه جنة من القتل ونافقوا في السر، وكان هواهم مع يهود لتكذبيهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وجحودهم الاسلام، وكانت أحبار يهودهم الذين يسألون رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويتعنتونه ويأتونه باللبس ليلبسوا الحق بالباطل، فكان القرآن ينزل فيهم فيما يسألونه عنه الا قليلا من المسائل في الحلال والحرام، وكان المسلمون يسألون عنها، (منهم) حيي بن أخطب واخوه ابو ياسر بن اخطب وجدي بن أخطب وسلام بن مشكم وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وسلام بن أبي الحقيق وهو أبو رافع الأعور وهو الذي قتله أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بخيبر، والربيع بن أبي الحقيق وعمر بن جحاش وكعب بن الأشرف وهو من طئ ثم أحد بني نبهان وأمه من بني النضير، والحجاج بن عمرو حليف كعب بن الأشرف، وكردم بن قيس حليف كعب بن الأشرف فهؤلاء من بني النضير (ومن بني ثعلبة) ابن القطيون عبد الله بن صوريا الأعور ولم يكن بالحجاز في زمانه أعلم منه. وابن صلوبا ومخيربق وكان حبرهم (ومن بني قينقاع) زيد بن اللصيت. وسعد بن حنيف ومحمود بن سيحان وعزيز بن أبي عزيز وعبد الله بن صيف (قال) ابن هشام ويقال ابن ضيف، (قال ابن اسحاق) وسويد بن الحارث ورفاعة بن قبس وفنحاض، وأشيع ونعمان بن أضا

وبحرى بن عمرو، وشاس بن عدي وشاس بن قيس وزيد بن الحارث ونعمان بن عمرو، وسكين ابن أبي سكين وعدي بن زيد ونعمان بن أبي أوفي أبو أنسي ومحمود بن دحية ومالك بن الصيف قال ابن هشام ويقال ابن الضيف، قال ابن اسحاق وكعب بن راشد وعازر ورافع بن أبي رافع وخالد وأزار ابني أبي أزار قال ابن هشام ويقال آزر بن آزر (قال ابن اسحاق) ورافع بن حارثة، ورافع بن حريملة، ورافع بن خارجة، ومالك بن عوف ورفاعة بن زيد بن التابوت وعبد الله بن سلام بن الحارث وكان حبرهم وأعلمهم وكان اسمه الحصين فلما أسلم سماه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله فهؤلاء من بني قينقاع (ومن بني قريظة) الزبير بن باطا بن وهب، وعزال بن سمو أل وكعب بن أسذ وهو صاحب عقد بني قريظة الذي نقض عام الأحزاب. وسمويل بن زيد وجبل بن عمرو بن سكينة والنحام بن زيد وقردم ابن كعب ووهب بن زيد ونافع بن أبي نافع وأبو ناقع وعدي بن زيد والحارث بن عوف وكردم ابن زيد وأسامة بن حبيب ورافع بن زميلة وجبل بن أبي قشير ووهب بن يهوذا فهؤلاء من بني قريظة (ومن يهود بني زريق) لبيد بن أعصم وهو الذي أخذ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن نسائه (يعني سحره حتي كان لا يأتي النساء) (ومن يهود بني حارثة) كنانة بن صوريا (ومن يهود بني عمرو بن عوف) قردم ابن عمرو (ومن يهود بني النجار) سلسلة بن برهام، فهؤلاء أحبار اليهود وأهل العدواة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه وأصحاب المسألة والنصب لأمر الاسلام الشرور ليطفئوه. الا ما كان من عبد الله بن سلام ومخيريق ثم ذكر اسلام عبد الله بن سلام واسلام عمته خالدة وذكر اسلام مخيريق يوم أحد كما سيأتي وأنه قال لقومه وكان يوم السبت يا معشر يهود والله انكم لتعلمون ان نصر محمد عليكم لحق، قالوا ان اليوم يوم السبت، قال لا سبت لكم ثم اخذ سلاحه وخرج وعهد الي من وراءه من قومه ان قتلت هذا اليوم فاموالي لمحمد يري فيها ما أراه الله، وكان كثير الأموال ثم لحق برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقاتل حتي قتل رضي الله عنه، قال فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول فيما بلغني مخيريق خير يهود وقبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أمواله: فعامة صدقات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة منها (فصل) ثم ذكر ابن اسحاق من مال الي هؤلاء الأضداد من اليهود من المنافقين من الأوس والخزرج (فمن الأوس) زري بن الحارث وجلاس بن سويد بن الصلت الانصاري وفيه نزل (يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد اسلامهم) قال وقد زعموا انه تاب وحسنت توبته حتي عرف منه الاسلام والخير قال وأخوه الحارث بن سويد قال ومجاد بن عثمان بن عامر ونيتل بن الحارث وهو الذي قال ان محمدا اذن من حدثه بشئ صدقه فأنزل الله فيه (ومنهم الذين يؤذون النبي ويقولون هو أذن) الآية قال وابو حبيبة بن الأزعر وكان عمن بني مسجد الضرار وثعلبة بن حاطب ومعتب بن قشير وهما اللذان عاهدا الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ثم نكثا (قال ابن اسحاق) وعباد بن حنيف أخو سهل بن حنيف قال ووديعة بن ثابت وحذام ابن خالد ومربع بن قيظي وكان أعمي وحاطب بن أمية بن رافع وبشير بن ابيرق أبو طعمة (قال ابن اسحاق) ولم يكن في بني عبد الأشهل منافق ولا منافقة يعلم الا أن الضحاك بن ثابت كان يتهم بالنفاق وحب يهود فهؤلاء كلهم من الأوس (قال بن اسحاق ومن الخزرج) رافع بن وديعة وزيد بن عمرو وعمرو بن قيس وقيس بن عمرو بن سهل والجد بن قيس (وعبد الله بن أبي بن سلول) وكان رأس المنافقين ورئيس الخزرج والأوس أيضا وكانوا قد أجمعوا ان يملكوه عليهم في الجاهلية فلما هداهم الله للاسلام قبل ذلك شرق اللعين بريقه وغاظه، ذلك جدا وهو الذي قال (لئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأ ذل) وقد نزلت فيه آيات كثيرة جدا وفيه وفي وديعة رجل من بني عوف ومالك بن أبي نوفل وسويد وداعس

(أبواب حوادث السنة الثانية من الهجرة) (باب ما جاء في عدد غزواته - صلى الله عليه وسلم - وشئ من أداب الغزو (1)) (عن البراء بن عازب) (2) قال غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس عشرة غزوة (3) (ومن طريق ثان) (4) ثنا إسرائيل عن أبي اسحق عن البراء ابن عازب رضي الله تبارك وتعالي عنه غزونا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خمس عشرة غزوة وأنا وعبدالله بن عمر لدة (5) (عن أبي اسحق) (5) قال سألت زيد بن أرقم رضي الله عنه كم غزا النبي صلي الله عليه وسلم قال تسع غزوة وغزوت، معه سبع عشرة وسبقني بغزاتين (6)

_ وهم من رهطة نزل (لئن اخرجوا لا يخرجون معهم) الآيات حين مالوا في الباطن الي بني النضير (فصل) ثم ذكر ابن اسحاق من أسلم من أحبار اليهود علي سبيل التقية فكانوا كفارا في الباطن فأتبعهم بصنف المنافقين وهم من شرهم سعد بن حنيف. وزيد بن اللصيت ونعمان بن اوفي وعثمان بن أوفي ورافع بن حريملة وكنانة بن صوريا، فهؤلاء ممن أسلم من منافقي اليهود فكان هؤلاء المنافقون يحضرون المسجد ويسمعون أحاديث المسلمين ويسخرون ويستهزؤن بدينهم، فاجتمع في المسجد يوما منهم أناس فرآهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يتحدثون بينهم خافضي أصواتهم قد لصق بعضهم إلي بعض فأمر بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخرجوا من المسجد اخراجا عنيفا قاتلهم الله (انتهي ملخصا من سيرة ابن هشام والله أعلم (قال ابن جرير) وفي هذا السنة يعني الأول من الهجرة مات أبو أحيحة بالطائف ومات الوليد ابن المغيرة والعاصي بن وائل السهمي فيها بمكة (قال الحافظ ابن كثير) وهؤلاء ماتوا علي شركهم ولم يسلموا لله عز وجل (قال) وممن توفي في هذه السنة الأولي من الصحابة كلثوم بني الهدم الأوسي الذي نزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في مسكنه بقباء الي حين ارتحل منها الي دار بني النجار كما تقدم وتوفي بعده في هذه السنة ايضا أبو أمامة أسعد بن زرارة نقيب بني النجار توفي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبني المسجد رضي الله عنهما (باب) (1) قال في القاموس غزاة غزوا أراده وطلبه وقصده كاغتزاه والعدو سار الي قتالهم وانتهابهم غزوا وغزوانا وهو غاز (2) (سنده) حدثنا وكيع ثنا أبي اسحاق عن البراء بن عازب الخ (غريبه) (3) لعله يريد الغزوات التي حضرها معه أخذا من الطريق الثانية والا فالنبي - صلى الله عليه وسلم - غزا أكثر من ذلك كما سيأتي (4) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الله ثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن البراء قال غزونا الخ (5) معناه أنهما متحدان في السن ولدا في عام واحد، وقد ثبت عند الشيخين والامام احمد عن ابن عمر ان النبي - صلى الله عليه وسلم - عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة فلم بحزه، وعرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة فاجازه، فيستفاد من هذا أن البراء لم يلحق النبي - صلى الله عليه وسلم - في أول غزواته لصغره والله أعلم (تخريجه) (خ) (5) (سنده) حدثنا وكيع وأبي عن أبي اسحاق الخ (غريبه) (6) يحتمل أن تكونا الآبواء وبواط ولعلهما خفيتا عليه لصغره ويؤيد ما في الصحيحين وهذا لفظ مسلم عن أبي اسحاق قال قلت له (يعني لزيد بن أرقم) كم غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال تسع عشرة، فقلت كم غزوت أنت معه؟ قال سبع عشرة غزوة، قال فقلت فما أول غزوة غزاها؟ قال ذات العسيرة أو العشيرة، وقد ثبت في صحيح البخاري عن ابن اسحاق قال أول ما غزا النبي - صلى الله عليه وسلم - الابواء ثم بواط ثم العشيرة فينتج من ذلك أن غزوتا الابواء وبواط خفيتا علي زيد كما تقدم وسيأتي الكلام

(عن ابن بريدة عن أبيه) (1) قال غزا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ست عشرة غزوة (2) (عن جابر) (3) قال لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يغزو في الشهر الحرام إلا أن يغزي (4) أو يغزوا، فاذا حضر ذلك أقام حتي ينسلخ (عن أنس) (5) قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - اذا غزا قال اللهم أنت عضدي (6) وأنت نصيري

_ على هذه الغزوات وضبط أسمائها وتحديد أماكنها والله الموفق (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا معتمر عن كهمس عن ابن بريده عن أبيه الخ (غريبه) (2) تقدم في حديث زيد بن أرقم ان النبي - صلى الله عليه وسلم - غزا تسع عشرة غزوة، بل جاء في رواية لمسلم عن زيد نفسه قال غزا رسول - صلى الله عليه وسلم - تسع عشرة غزوة قاتل في ثمان منهن، وأما قوله في هذه الرواية ست عشرة غزوة فليس فيه نفي الزيادة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (قال النووي) رحمه الله ذكر في الباب (يعني هند مسلم) من رواية زيد بن أرقم وجابر وبريدة أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غزا تسع عشرة غزوة، وفي رواية بريدة قاتل في ثمان منهن، وقد اختلف أهل المغازي في عدد غزواته - صلى الله عليه وسلم - وسراياه فذكر ابن سعد وغيره عددهن مفصلات علي ترتبيهن فبلغت سبعا وعشرين غزاة وستا وخمسين سرية، قالوا قاتل في تسع من غزواته وهي بدر واحد والمريسيع والخندق وقريظة وخيبر والفتح وحنين والطائف، هكذا عدوا الفتح فيها وهذا علي قول من يقول فتحت مكة عنوة: قال وهل بريدة أراد بقوله قاتل في ثمان اسقاط غزاة الفتح ويكون مذهبه انها فتحت صلحا كما قاله الشافعي وموافقوه اهـ (قال الزرقاني) في شرح المواهب ويمكن الجمع علي نحو ما قال السهيلي بأن من عدها دون سبع وعشرين نظر الي شدة قرب بعض الغزوات من غيره فجمع بين غزوتين وعدهما واحدة فضم للابواء بواطا لقربهما جدا اذ الابواء في صفر وبواط في ربيع الأول، وضم حمراء الأسد لأحد لكونها صبيحتها، وقريظة للخندق لكونها ناشئة عنها وتلتها ووادي القري لخيبر لوقوعها في رجوعه من خيبر قبل دخوله المدينة، والطائف لحنين لانصرافه منها اليها فبهذا تصير اثنتين وعشرين، والي هذا أشار الحافظ والله اعلم (3) (سنده) حدثنا حجين بن المثني أبو عمرو ثنا ليث عن أبي الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله) الخ (غريبه) (4) بضم أوله مبني للمفعول (أو يغزوا) بفتح أوله يعني في غير الشهر الحرام (فاذا حضر اقام) بغير حرب حتي ينسلخ الشهر يعنى رجب وكان ذلك في أول الامر ثم * بقوله تعالى (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد واورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (5) (سنده) حدثنا عبدالرحمن بن مهدى ثناالمثنى بن سعيد عن قتاده عن انس (يعنى ابن مالك) عن النبى - صلى الله عليه وسلم - قال اذا رقد احدكم عن الصلاة أو اغفل عنها فليصلها اذا ذكرها فان الله عزوجل يقول اقم الصلاة لذكرى، قال وكان النبى - صلى الله عليه وسلم - اذا غزا الخ (غريبه) (6) اى معتمدى قال القاضى عياض العضد ما يعتمد عليه ويثق به المرء في الحرب وغيره في الأمور (وانت نصيرى) اى ومجولك وقوتك اقاتل عدوك وعدوى (تخريجه) (مذجه حبك) ورجاله ثقات وسنده صحيح: وأخرج الجزء الأول منه المختص بالصلاة مسلم وتقدم في باب من نسى صلاة فوقتها عند ذكرها في الجزء الثانى صحيفة 30 رقم 205 (غزوة ودان) (قال ابن اسحاق) وفي صفر على رأس اثني عشر شهرا من الهجرة غزا - صلى الله عليه وسلم - غزوة ودان (قلت قال ياقوت) بالفتح كانه فعلان قرية جامعة من نواحى الفرع بينها وبين هرشى ستة أميال وبينها وبين الأبواء نحو من ثمانية أميال قرية من الجحفة وهى لضمرة وغفار وكنانة اهـ (والأبواء)

وبك أقاتل (باب ماجاء في غزوة العشيرة) (1) (عن عمار بن ياسر) (2) قال كنت أنا وعلى (رضى الله عنه) رفيقين في غزوة ذات العشيرة فلما نزلها - صلى الله عليه وسلم - وأقام بها رأينا ناسا من بنى مدلج يعملون؟ في عين لهم في نخل، فقال لى على يا أبا اليقظان هل لك أن نأتى هولاء فننظر كيف يعملون فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة ثم غشينا النوم: فإنطلقت أنا وعلى فاضطجعنا في صور من النخل في دقعاء (3) من التراب فنمنا فو الله ما أهبنا (4) إلا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحركنا

_ بفتح الهمزة وسكون الموحدة ممدودا قرية من عمل الفرع بينها وبين الجحفة من جهه المدينة ثلاثة وعشرون ميلا وهى ودان المذكورة (قال ابن اسحاق) خرج - صلى الله عليه وسلم - يربد قريشا وبني ضمرة من كنانة فوادعة مخشى بوزن بكرى بن عمرو الضمرى ورجع وهى أول غزوة غزاها - صلى الله عليه وسلم - واستعمل على المدينة سعد بن عبادة وتسمى غزوة الابواء (وقال المحب الطبرى) في خلاصة السير كانت لسنة من الهجرة وشهرين وعشرة أيام والله أعلم اهـ (قال في بهجه المحافل (وفيها) يعنى في السنة الثانية كان من الغزوات والسرايا (سرية عبيد ابن الحارث بن المطلب بن عبد مناف) وهى أول راية عقدها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يعقد قبلها لأحد قبل بعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرجعه من غزوة الأيواء قبل أن يصل إلى المدينة، وكان عددهم ستين أو ثمانين راكبا من المهاجرين ليس فيهم انصارى، ولقوا جمعا من قريش بالحجاز فلم يكن بينهم قتال إلا أن سعد بن أبى وقاص رمى بسهم فكان أول سهم رمى به في سبيل الله ثم انصرفوا وللمسلمين حامية وفر إلى المسلمين يومئذ المقداد بن عمرو البهرانى وعتبة بن غزوان المازنى وكانا من المستضعفين بمكة وكان على المشركين يومئذ عكرمة بن أبى جهل وقيل مكرز بن حفص (ثم سرية حمزة بن عبدالمطلب إلى سيف البحر) من ناحية العيص في ثلاثين راكبا من المهاجرين فلقى أبا جهل بذلك الساحل في ثلاثمائة راكب فحجز بينهم مجدى بن عمرو الجهنى وكان موادعا للفريقين (ثم غزوة بواط) بضم الموحدة وتخفيف الواو آخرها طاء مهملة جبل من جبال جهينة بقرب ينبع وكانت في ربيع الأول سنة اثنتين قال البكرى وإليها انتهى النبى - صلى الله عليه وسلم - في غزوته الثانية ولم يلق كيدا، وذلك في شهر ربيع الأول واستعمل على المدينة السائب بن مظعون، وفي صحيح مسلم عن جابر قال سرنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يطلب فى غزوة بواط مجدى بن عمرو الجهنى وكان الناضح (يعنى البعير) يتعقبه منا الخمسة والستة والسبعة ثم ساق الحديث الطويل المشتمل على معجزات ظاهرة باهرة لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رجع منها أقام بالمدينة بقية شهر ربيع الآخر وبعض جمادى الأولى (باب) (1) العشيرة بالشين المعجمة والتصغير آخرها هاء تأنيث ببطن ينبع (قال ابن سعد) غزا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذا العشيرة في جمادى الثانية على رأس ستة عشرا من مهاجره في خمسين ومائة: وقيل مأتين من المهاجرين على ثلاثين بعيرا يعتقبونها، وحمل لواءه حمزة بن عبدالمطلب واستخلف على المدينة أبا سلمة المخزومى يطلب عبرا لقريش التى كانت وقعة بدر بسببها حين رجعت من الشام، فبلغ ذا العشيرة من بطن ينبع، وبين المدينة وينبع سبعة برد فوجد العير قد مضت إلى الشام قبل ذلك بأيام، فوادع بنى مدلج وحلفاءهم من بنى ضمرة ثم رجع ولم يلق كيدا (2) (سنده) حدثنا علي بن بحر ثنا عيسي بن يونس ثنا محمد بن اسحاق حدثني يزيد بن محمد بن خثيم المحاربي عن محمد بن كعب القرظي عن محمد بن خثيم أبي يزيد عن عمار بن ياسر الخ (غريبه) (3) هو التراب الكثير (4) اي ما أيقظنا الا رسول الله صلي الله عليه وسلم

برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء فيومئذ قال رسول - صلى الله عليه وسلم - لعلى يا أبا تراب لما يرى عليه من التراب قال ألا أحدثكما بأشقى الناس رجلين؟ قلنا بلى يارسول الله، قال أحيمر (1) ثمود الذى عقر الناقة والذى يضربك ياعلى (2) على هذه يعنى قرنه (3) حتى تبل منه هذه يعنى لحيته (باب ما جاء في سر ية عبدالله بن جحش وهو أول أمير أمر في الأسلام) (خط) (عن سعد بن ابى وقاص) (4) قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم المدينة جاءته جهينه فقالوا إنك قد نزلت بين أظهرنا فأوثق لنا حتى نأتيك وتؤمنا، فأوثق لهم فاسلموا، قال فبعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في رجب ولا نكون مائة وأمرنا أن نغير على حي من بنى كنانة إلى جنب جهينة فأغرنا عليهم وكانوا كثيرا فلجأنا إلى جهينة فمنعونا (5) وقالوا لم تقاتلون في الشهر الحرام؟ فقلنا إنما نقاتل من أخرجنا من البلد الحرام في الشهر الحرام، فقال بعضنا لبعض ما ترون؟ فقال بعضنا نأتى نبى الله - صلى الله عليه وسلم - فخبره، وقال قوم لا بل نقيم ههنا، وقلت أنا في أناس معى لا بل نأتى عير قريش فنقتطعها، فانطلقنا الى العير وكان

_ (1) تصغير أحمر وهو قدار بن سالف الذى عقر ناقة نبى الله صالح عليه السلام قال تعالى (فعقروها فاصبحوا نادمين فأخذهم العذاب) (2) هو عبدالرحمن بن ملجم المرادى قبحه الله (3) أى جانب رأسه حتى تبل بالدم منه لحيته رضى الله عنه، وفي هذا الحديث معجزة للنبى - صلى الله عليه وسلم - فقد وقع ما ذكره على الصفة المذكورة (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب بز) ورجال الجميع موثقون الا أن التابعى لم يسمع من عمار {تتمة في ذكر غزوة بدر الأولى} (قال ابن اسحاق) ثم لم يقم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم بالمدينة حين رجع من العشيرة الا ليال قلائل لا تبلغ العشرة حتى اغار كرز بن جابر الفهرى على مسرح المدينة (أى الابل والمواشى التى تسرح للرعى بالغداة) فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في طلبه حتى بلغ واديا يقال له سفوان من ناحية بدر وهى غزوة بدر الأولى وفاته كرز فلم يدركه (قال الواقدى) وكان لواءه مع على بن أبى طالب قال ابن هشام والواقدى وكان قد استخلف على المدينة زبد بن حارثة (قال ابن اسحاق) فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأقام جمادى ورجبا وشعبان وقد كان بعث بين يدى ذلك سعدا (يعنى ابن أبى وقاص) في ثمانية رهط من المهاجرين فخرج حتى بلغ الخرار من أرض الحجاز (الخرار) بمعجمة مضمومة على ما في القاموس ومفتوحة على ما في المعجم والنهاية فراء آخره (قال ياقوت) موضع بالحجاز قرب الجحفة وقيل واد من أودية المدينة، قال ابن هشام ذكر بعض أهل العلم أن بعث سعد هذا كان بعد حمزة ثم رجع ولم يلق كيدا (باب) (خط) (4) (سنده) حدثنا عبدالمتعالى بن عبدالوهاب حدثنى يحي بن سعيد الأموى قال أبو عبد الرحمن (يعنى عبدالله بن الامام احمد) وحدثنا سعيد بن يحي حدثنا أبى ثنا المجالد عن زياد بن علاقة عن سعد بن أبى وقاص الخ (غريبة) (5) من المنعة بالتحريك

الفيئ إذ ذاك من أخذ شيئا فهو له، فانطلقنا الي العير وانطلق أصحابنا الي النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبروه الخبر فقام غضبانا (1) محمر الوجه فقال ذهبتم من عندي جميعا وجئتم متفرقين؟ انما اهلك من كان قبلكم الفرقة، لأبعثن عليكم رجلا ليس بخيركم أصبركم علي الجوع والعطش فبعث علينا عبد الله بن جحش الأسدي، فكان أول أمير أمر في الاسلام (2)

_ وهي القوة، أي منعونا بقوتهم ممن يريدنا بسوء (1) هكذا بالأصل مصروفا والقواعد تفيد عدم صرفه فالله أعلم (2) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه هذا الحديث يقتضي أن أول السرايا عبد الله بن جحش الأسدي وهو خلاف ما ذكر هـ ابن اسحاق أن أول الرايات عقدت لعبيدة بن الحارث بن المطلب، (والواقدي) حديث زعم أن أول الرايات عقدت لحمزة بن عبد المطلب والله أعلم اهـ (قلت) سرية عبيدة ابن الحارث وسرية حمزة بن عبد المطلب تقدمنا عقب شرح أحاديث الباب الأول من حوادث السنة الثانية (تخريجه) اخرجه البهيقي في الدلائل من حديث يحيي بن أبي زائدة عن مجالديه نحو حديث الباب وهو منقطع، قال أبو زرعة زياد بن علاقة لم يسمع من سعد بن أبي وقاص اه (قلت) لكن رواه البهيقي من وجه آخر موصولا من حديث أبي اسامة عن مجالد عن زياد بن علاقة عن قطبة ابن مالك عن سعد بن أبي وقاص، وهذا الحديث سبب (في سرية عبد الله بن جحش) لقوله في آخره (فبعث علينا عبد الله بن جحش الأسدي (قال ابن اسحاق) وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عبد الله بن جحش ابن رئاب الأسدى في رجب مقفله من بدر الاولى، وبعث معه ثمانية رهط من المهاجرين ليس فيهم من الانصار أحد ثم ذكر أسماءهم، قال ابن اسحاق وكتب له كتابا وأمره أن لا ينظر فيه حتى يسير يومين ثم ينظر فيه فيمضى لما أمر به ولا يستكره من أصحابه أحدا، فلما سار بهم يومين فتح الكتاب فاذا فيه اذا نظرت في كتابى فامض حتى تنزل نخلة بين مكة والطائف فترصد بها قريشا وتعلم لناس أخبارهم، فلما نظر فى الكتاب قال سمعا وطاعة وأخبر أصحابه بما في الكتاب وقال قد نهانى أن استكره أحدا منكم، فمن كان منكم يريد الشهادة ويرغب فيها قلينطلق، ومن كره ذلك فليرجع، فاما أنا فماض لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: فمضى ومضى معه أصحابه لم يتخلف منهم أحد، وسلك على الحجاز حتى اذا كان بمعدن فوق الفرع يقال له بحران أضل سعد بن أبى وقاص وعتبة بن غزوات بعيرا لهما كان يعتقبانه فتخلفا في طلبه ومضى عبدالله بن جحش وبقية أصحابه حتى نزل نخلة فمرت عير لقريش فيها عمرو بن الحضر مى (قال بن هشام) واسم الحضرمى عبدالله بن عباد الصدف، وعثمان بن عبدالله بن المغيرة المخزومى وأخوه نوفل والحكم ابن كيسان مولى هشام بن المغيرة فلما رآهم القوم هابوهم وقد نزلوا قريبا منهم فأشرف لهم عكاشه بن محصن وكان قد حلق رأسه فلما رأوه أمنوا، وقال عمار لا بأس عليكم منهم وتشاور الصحابة فيهم وذلك في آخر يوم من رجب، فقالوا والله لئن تركتموهم هذه الليلة ليدخلن الحرم فليمتنعن به منكم، ولئن قتلتموهم لتقتلنهم في الشهر الحرام فتردد القوم وهابوا الإقدام عليهم، ثم شجعوا أنفسهم عليهم راجعوا على قتل من قدروا عليه منهم وأخذ ما معهم فرمى واقد بن عبدالله التميمى عمرو بن الحضرمى بسهم فقتله واستأسر عثمان بن عبد الله والحكم بن كيسان وافلت القوم نوفل بن عبد الله فأعجزهم، واقبل عبد الله بن جحش واصحابه بالعير والأسيرين حتي قدموا علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقد ذكر بعض آل عبد الله بن جحش أن عبد الله قال لأصحابه إن لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما غنمنا الخمس فعزله وقسم الباقي بين أصحابه وذلك قبل أن ينزل الخمس، قال ولما انزل الخمس نزل كما قسمه عبد الله بن جحش كما قاله ابن اسحاق، فلما قدموا

_ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام، فوقف العير والاسيرين وأبى أن يأخذ من ذلك شيئا، فلما قال ذلك رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اسقط في أيدى القوم وظنوا أنهم قد هلكوا وعنفهم اخوانهم من المسلمين فيما صنعوا، وقالت قريش قد استحل محمد واصحابه الشهر الحرام وسفكوا فيه الدم وأخذوا فيه الأموال وأسروا فيه الرجال، فقال من يرد عليهم من المسلمين ممن كان بمكة أنما اصابوا وما أصابوا في شعبان، وقالت يهود تفائل بذلك على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عمرو بن الحضرمى قتله واقدين عبدالله، عمرو عمرت الحرب، والحضرمى حضرت الحرب، وواقد بن عبدالله وقدت الحرب، فجعل الله ذلك عليهم لالهم، فلما أكثر الناس في ذلك انزل الله تعالى على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (يسألونك عن الشهر الحرام قتال فيه؟ قل قتال فيه كبير وصد عن سبيل الله وكفر به والمسجد الحرام واخراج أهله منه أكبر عند الله والفتنة أكبر من القتل، ولا يزالون يقاتلونكم حتى يرودكم عن دينكم ان استطاعوا) أى إن كنتم قتلتم في الشهر الحرام فقد صدوكم عن سبيل الله مع الكفر به، وعن المسجد الحرام واخراجكم منه وأنتم أهله اكبر عند الله من قتل من قتلتم منهم، والفتنة أكبر من القتل. أى قد كانوا يفتنون المسلم عن دينه حتى يردوه الى الكفر بعد إيمانه فذلك أكبر عند الله من القتل، ثم هم يقيمون على اخبث ذلك واعظمه غير تائبين ولا نازعين، ولهذا قال الله تعالى (ولا يزالون يقاتلونكم حتى يردوكم عن دينكم ان استطاعوا الآية) (قال ابن اسحاق) فلما نزل القرآن بهذا الآمر وفرج الله عن المسلمين مما كانوا فيه من الشفق قبض رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العير والأسيرين، وبعثت قريش في فداء عثمان والحكم ابن كيسان، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا نفديكموهما حتي يقدم صاحبانا يعنى سعد بن أبى وقاص وعتبة ابن غزوان فانا نخشاكم عليهما، فان تقتلوهما نقتل صاحبيكم، فقدم سعد وعتبة فأفداهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأما الحكم بن كيسان فأسلم فحسن اسلامه وأقام عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى قتل يوم بئر معونة شهيدا، واما عثمان بن عبدالله فلحق بمكة فمات بها كافرا (قال ابن اسحاق) فلما تجلى عن عبد الله بن جحش وأصحابه ما كانوا فيه حين نزل القرآن طمعوا في الأجر فقالوا يا رسول الله أنطمع ان تكون لنا غزاة نعطي فيها أجر المجاهدين؟ فانزل الله فيهم (إن الذين آمنوا والذين هاجروا وجاهدوا في سبيل الله أولئك يرجون رحمة الله والله غفور رحيم) فوصفهم الله في ذلك علي أعظم الرجال، وكان الحضرمي أول قتيل قتل بين المسلمين والمشركين (وقال عبد الملك بن هشام) هو أول قتيل قتله المسلمون، وهذه أول غنيمة غنمها المسلمون: وعثمان والحكم بن كيسان أول من أسره المسلمون (قال الزهري) عن عروة فبلغنا ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقل ابن الحضرمي وحرم الشهر الحرام حتي أنزل الله براءة: رواه البيهقي (قال ابن اسحاق) فقال أبو بكر الصديق في غزوة عبد الله بن جحش جوابا للمشركين فيما قالوا من احلال الشهر الحرام (قال ابن هشام) هي لعبد الله بن جحش. تعدون قتلا في الحرام ... عظيمة ... وأعظم ... منه لو يري الرشد راشد صدوكم عما ... يقول ... محمد ... وكفر ... به والله ... راء ... وشاهد واخراجكم من مسجد الله اهله ... لئلا ... يري ... لله ... في ... البيت ... ساجد فانا ... وان ... عيرتمونا ... بقتله ... وارجف ... بالاسلام ... باع ... وحاسد سقينا من ابن الحضرمي رماحنا ... بنخلة لما ... أوقه الحرب. ... واقد كما وابن ... عبد الله ... عثمان بيننا ... ينازعه ... اغل ... من ... القيد ... عاند

(باب ما جاء في تحويل القبلة الي الكعبة في السنة الثانية من الهجرة) (عن البراء بن عازب) (1) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان أول ما قدم المدينة نزل علي أجداده أو أخواله من الأنصار وأنه صلي قبل بيت المقدس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا، وكان يعجبه أن تكون قبلته قبل البيت وأنه صلي أول صلاة صلاها صلاة العصر وصلي معه قوم، فخرج رجل ممن صلي معه فمر علي أهل مسجد وهم راكعون فقال أشهد بالله لقد صليت مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل مكة قال فدارو اكماهم قبل البيت وكان يعجبه أن يحول قبل البيت، وكان اليهود قد أعجبهم إذ كان يصلي قبل المقدس وأهل الكتاب، فلما ولي وجهه قبل البيت انكروا ذلك (عن عائشة رضي الله عنها) (2) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال لها إنهم (يعني اليهود) لا يحسدونا علي شئ كما يحسدونا علي يوم الجمعة التي هدانا الله بها وضلوا عنها وعلي القبلة التي هدانا الله بها وضلوا عنها، وعلي قولنا خلف الامام آمين (باب ما جاء في فريضة صوم رمضان في الثانية أيضا قبل وقعة بدر (عن معاذ بن جبل) (3) قال أحيلت الصلاة

_ (باب) (1) (عن البراء بن عازب الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من أبوابه القبلة من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 115 رقم 421 فارجع اليه وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (2) (عن عائشة الخ) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه في باب ما يقال في رد السلام علي أهل الكتاب من كتاب السلام والأستئذان في الجزء السابع عشر صحيفة 340 رقم 34 ولم اقف عليه لغير الامام احمد، واورده الهيثمي وقال رواه احمد وفي اسناده علي بن عاصم شيخ احمد وقد تكلم فيه بسبب كثرة الغلط والخطأ، قال احمد أما أنا فأحدث عنه وحدثنا عنه وبقية رجال ثقات (قال ابن اسحاق) بعد غزوة عبد الله بن جحش ويقال صرفت القبلة في شعبان علي رأس ثمانية عشر شهرا من مقدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - المدينة، وحكي هذا القول ابن جرير من طريق السدي فسنده عن ابن عباس وابن مسعود وناس من الصحابة، قال الجمهور الأعظم انما عرفت في النصف من شعبان (قال الحافظ ابن كثير) وفي هذا التحديد نظر اه (وفي بهجة المحافل) قال وفيها يعني في السنة الثانية حولت القبلة وكان تحويلها في صلاة الظهر يوم الثلاثاء نصف شعبان وقيل في رجب علي رأس ستة عشر أو سبعة عشر شهرا من الهجرة، وكان ذلك في منازل بني سلمة: وذلك ان النبي - صلى الله عليه وسلم - زار امرأة منهم يقال لها أم بشر وصنعت له طعاما فجاءت صلاة الظهر فصلي بهم وأنزل عليه وهو راكع في الثانية قوله تعالي (قد نري تقلب وجهك في السماء الآية) فاستدار - صلى الله عليه وسلم - واستدارت الصفوف خلفه وتحول الرجال مكان النساء والنساء مكان الرجال، ثم صلي ما بقي من صلاته الي الكعبة ولم يستأنف، فسمي ذلك المسجد مسجد القبلتين، وأخبر أهل مسجد قباء بذلك وهم في صلاة الصبح فاستدارو اكماهم الي الكعبة، قال ولما حولت القبلة (يعني الي الكعبة) وقع في ذلك القالة من اليهود وارتد من رق إيمانه وقالوا رجع محمد الي دين آبائه ونزل في ذلك قوله تعالي (وماجعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب علي عقبيه وان كانت (أي التحويلة) لكبيرة الا علي الذين هدي الله) وكان قد مات علي القبلة الأولي ناس من المسلمين فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن حالهم في صلاتهم، قال فنزل قوله تعالي (وما كان الله ليضيع إيمانكم ان الله بالناس لرءوف رحيم) (باب) (3) (عن معاذ)

ثلاثة أحوال وأحيل الصيام ثلاثة أحوال (فذكر أحوال الصلاة) قال وأما أحوال الصيام فان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدم المدينة فجعل يصوم من كل شهر ثلاثة أيام (وفي رواية) فصام سبعة عشر شهرا من ربيع الأول إلي رمضان، من كل شهر ثلاثة أيام، وصام يوم عاشوراء ثم ان الله عز وجل فرض عليه الصيام فأنزل الله عز وجل (يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم - الي هذه الآية) وعلي الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) (1) {ابواب ما جاء في غزوة بدر الكبري (1) في رمضان} (باب ماجاء في استشارة النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه بشأنها) (عن أنس بن مالك) (2) قال لما سار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي بدر خرج فاستشار الناس فأشار عليه أبو بكر رضي الله عنه ثم استشارهم فأشار عليه عمر رضي الله عنه فسكت، فقال رجل من الأنصار إنما يريدكم

_ ابن جبل الخ) هذا طرف من حديث طويل تضمن أحوال الصلاة والصيام (أما أحوال الصلاة) فتقدمت بسندها وشرحها في كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 235 رقم 83 (وأما احوال الصيام) فتقدمت أيضا في باب الأحوال التي عرضت للصيام بشرحها وتخريجها من كتاب الصيام في الجزء التاسع صحيفة 239 رقم 31 فارجع اليه والله الموفق (قال ابن جرير) وفي هذه السنة (يعني الثانية من الهجرة) فرض صيام شهر رمضان، وقد قيل انه فرض في شعبان منها، ثم حكي ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قدم المدينة وجد اليهود يصومون يوم عاشوراء فسألهم عنه: فقالوا هذا يوم نجي الله فيه موسي، فقال نحن أحق بموسي منكم فصامه وأمر الناس بصيامه اه (قلت) هذا حديث ثابت عند الشيخين والامام احمد واصحاب السنن وغيرهم عن ابن عباس وتقدم في باب ما جاء في يوم عاشوراء من كتاب الصيام في الجزء العاشر ص 178 رقم 228 (1) " (ابواب غزوة بدر الكبري الخ) " وتسمي العظمي، وبدر الثانية وبدر القتال، لوقوعه فيها دون الأولي، وتسمي أيضا بدر الفرقان وهي قرية مشهورة بين مكة والمدينة علي نحو أربع مراحل من المدينة قاله النووي في تهذيب الاسماء واللغات (وفي معجم ما استعجم للبكري) علي ثمانية وعشرين فرسخا من المدينة: يذكر ولا يؤنث جعلوه اسم ماء (وفي معجم لياقوت) بدر بالفتح ثم السكون ماء مشهور بين مكة والمدينة أسفل وادي الصغراء (قال في المواهب) وكان خروجهم يوم السبت، وعن ابن جعد يوم الاثنين لثنتي عشرة ليلة خلت من رمضان علي رأس تسعة عشر شهراً، ويقال لثمان خلون منه قاله ابن هشام، واستخلف أبا لبابه وقيل رفاعة بن عبد المنذر الأوسي رده من الروحاء واليا علي المدينة قاله ابن اسحاق، وقال الحاكم لم يتابع علي ذلك، وقال ابن هشام واستعمل علي الصلاة واستعمل علي الصلاة ابن أم مكتوم، وقال ابن القيم استخلفه علي المدينة والصلاة معا حتي رد ابا لبابة من الروحاء اه (قلت) وكان عدد أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثلاثمائة ونيف وعدد المشركين الف وزيادة كما سيأتي في حديث عمر في باب سياق القصة والتحريض علي القتال (باب) (2) (عن أنس بن مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في جبن بني اسرائيل وخوفهم من قتال الجبارين من أبواب ذكر نبي الله موسي عليه السلام

فقالوا يا رسول الله والله لانكون كما قالت بنو اسرائيل لموسي عليه السلام أذهب أنت وربك فقاتلا إنا هاهنا قاعدون، ولكن والله لو ضربت أكباد الأبل حتي تبلغ برك الغماد لكنا معك (باب ما جاء في إرساله - صلى الله عليه وسلم - بسبسة عينا ينظر ما فعلت عير أبي سفيان ثم الإذن بالقتال) (عن ثابت عن أنس) (1) قال بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبسة عينا (2) ينظر ما فعلت عير أبي سفيان فجاء وما في البيت أحد غيري وغير رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لا أدري ما استثني بعض نسائه فحدثه الحديث، قال فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتكلم فقال ان لنا طلبة فمن كان ظهره حاضرا فليركب معنا، فجعل رجال يستأذنونه في ظهر لهم في علو المدينة قال لا إلا من كان ظهره حاضرا، فانطلق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه حتي سبقوا المشركين الي بدر (3) وجاء المشركون فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يتقدمن أحد منكم حتي أكون أنا أوذنه، فدنا المشركون فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قدموا إلي جنة عرضها السموات والأرض؟ قال نعم فقال بخ بخ (4) فقال رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم ما يحملك علي قولك بخ بخ قال لا والله يا رسول الله إلا رجاء ان اكون من أهلها، قال فانك من أهلها، قال فاخرج تمرات من قرنه فجعل يأكل منهن ثم قال لئن أنا حييت حتي آكل تمراتي هذه إنها لحياة طويلة، قال ثم رمي بما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قتل

_ من كتاب أحاديث الأنبياء في الجزء العشرين صحيفة 97 رقم 58 وسيأتي نحوه من طريق ثابت عن أنس بأطول من هذا في باب سياق القصة والله الموفق (باب) (1) (سنده) حدثنا هاشم ثنا سليمان عن أنس (يعني ابن مالك الخ) (غريبه) (2) أي جاسوسا قال الحافظ في الاصابة بسبسة بن عمر بن ثعلبة وهو بموحدتين مفتوحتين بينهما مهملة ساكنة ثم مهملة مفتوحة ويقال له بسبس بغير هاء، وهو قول ابن اسحاق وغيره، شهد بدرا باتفاق، ووقع ذكره في صحيح مسلم من حديث انس قال بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبسة عينا ينظر ما صنعت عير أبي سفيان، فذكر الحديث في وقعة بدر، وحكي عياض انه في مسلم بموحدة مصغرا اه (3) جاء عند ابن اسحاق أن سعد بن معاذ قال يا نبي الله الا نبي لك عريشا تكون فيه ونعد عندك ركائبك ثم نلقي عدونا فان أعزنا الله وأظهرنا علي عدونا كان ذلك ما أحببنا، وان كانت الأخري جلست علي ركائبك فلحقت بمن وراءنا من قومنا فقد تخلف عنك أقوام ما نحن بأشد حبا لك منهم، ولو ظنوا انك تلقي حربا ما تخلفوا عنك، يمنعك الله بهم يناصحونك ويجاهدون معك، فأثني عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خيرا ودعا له بخير، ثم بني لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - عربشا كان فيه (4) هي كلمة تقال عند المدح والرضا بالشئ وتكرر للمبالغة وهي مبنية علي السكون، فان وصلت جررت ونونت فقلت بخ بخ (نه) (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال ورواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة وجاعة عن أبي النضر هاشم بن القاسم عن سليمان بن المغيرة، وقد ذكر ابن جرير أن عميرا قاتل وهو يقول: ركضا الي الله بغير زاد ... الا التقي وعمل المعاد ... والصبر في الله علي الجهاد وكل زاد غرضه النفاد ... غير التقي والبر ... والرشاد

{باب ما جاء في سياق القصة والتحريض علي القتال} (عن علي رضي الله عنه) (1) قال لما قدمنا المدينة فاجتويناها (2) وأصابنا بها وعك (3) وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتخبر (4) عن بدر فلما بلغنا أن المشركين قد أقبلوا سار الرسول - صلى الله عليه وسلم - إلي بدر: وبدر بئر فسبقنا المشركون اليها فوجدنا فيها رجلين منهم، رجلا من قريش، ومولي لعقبة ابن أبي معيط، فاما القرشي فانفلت، وأما مولي عقبة فأخذناه فجعلنا نقول له كم القوم؟ فيقول هم والله كثير عددهم، شديد بأسهم، فجعل المسلمون إذ قال ذلك ضربوه حتي أنتهوا به الي النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له كم القوم؟ فقال هم والله كثير عددهم، شديد بأسهم، فجهد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يخبره كم هم فأبي ثم ان النبي - صلى الله عليه وسلم - سأله كم ينحرون من الجزور؟ (5) فقال عشرا كل يوم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القوم الف كل جزور لمائة و * ثم انه أصابنا من الليل طش (6) من مطر فانطلقنا تحت الشجر والحجف (7) نستظل تحتها من المطر وبات رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يدعو ربه عز وجل ويقول اللهم إن تهلك هذه الفئة لا تعبد، فلما أن طلع الفجر نادي الصلاة عباد الله، فجاء الناس من تحت الشجر والحجف فصلي بنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحرض علي القتال، ثم قال إن جمع قريش تحت هذا الضلع (8) الحمراء من الجبل، فلما دنا القوم منا وصاففناهم اذا رجل منهم علي جمل له أحمر يسير في القوم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يا علي ناد لي حمزة، وكان أقربهم من المشركين (9) من صاحب الجمل الأحمر؟ وماذا يقول لهم، ثم قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إن يكن في القوم أحد يأمر بخير فعسي أن يكون صاحب الجمل الأحمر، فجاء حمزة فقال هو عتبة بن ربيعة وهو ينهي عن القتال ويقول لهم يا قوم اني أري قوما مستميتين لا تصلون اليهم وفيكم خير: يا قوم اعصبوها اليوم برأسي (10) وقولو جبن عتبة بن ربيعة وقد علمتم أني لست باجبنكم، فسمع بذلك أبو جهل فقال أنت تقول

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا حجاج حدثنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي الخ (غريبه) (2) أي أصابنا الجوي وهو المرض وداء الجوف إذا تطاول وذلك إذا لم يوافقهم هواؤها او استوخموها (نه) (3) الوعك بسكون العين المهملة الحي والألم يجده الانسان من شدة التعب (4) أي يتعرف يقال تخبر الخبر واستخبر إذا سأل عن الاخبار ليعرفها (5) الجزور بفتح الجيم البعير ذكرا كان أو أنثي إلا ان اللفظة مؤنثة، تقول هذا الجزور وان أردت ذكر ا، والجمع جزر وجزائر (نه) (6) بفتح الطاء المهملة وتشديد الشين المعجمة منونة هو المطر الضعيف القليل (7) الحجف بفتحتين جمع حجفة وهي الترس بضم التاء الفوقية الذي يتقي به في الحرب، يقال تترس بالشئ جعله كالترس وتستر به، وكل شئ تترست به فهو مترسة لك (قال في الصباح) واذا كان الترس من جلود ليس فيه خشب ولا عقب سمي حجفة ودرقة (8) بكسر الضاد المعجمة وفتح اللام جبيل منفرد صغير ليس بمنقاد يشبه بالضلع (9) أي لأسأله من صاحب الجمل الأحمر (10) قال في النهاية يريد السبة التي تلحقهم بترك الحرب والجنوح إلى

هذا والله لو غيرك يقول هذا لأعضضته (1) قد ملأت رئتك جوفك رعبا، فقال عتبة إياي تعير يا مصفر استه (2) ستعلم اليوم آيانا الجبان، قال فبرز عتبة وأخوه شيبة وابنه الوليد حمية فقال من يبارز؟ فخرج فتية من الأنصار ستة، فقال عتبة لا نريد هؤلاء ولكن يبارزنا من بني عمنا من بني عبد المطلب، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قم يا علي وقم يا حمزة وقم يا عبيدة بن الحارث بن المطلب (3) فقتل الله تعالي عتبة وشيبة ابني ربيعة والوليد بن عتبة وجرح عبيدة فقتلنا منهم سبعين وأسرنا سبعين، فجاء رجل من الأنصار قصير بالعباس بن عبد المطلب أسيراً، فقال العباس يا رسول الله ان هذا والله ما أسرني، لقد أسرني رجل أجلح (4) من أحسن الناس وجها علي فرس أبلق (5) ما أراه في القوم، فقال الأنصاري أنا أسرته يا رسول الله: فقال اسكت فقد أيدك الله تعالي بملك كريم (6) فقال علي رضي الله عنه فأسرنا وأسرنا من بني عبد المطلب العباس وعقيلا ونوفل بن الحرث (عن عمر رضي الله عنه) (7) قال لما كان يوم بدر قال نظر النبي - صلى الله عليه وسلم - إلي أصحابه وهم ثلاثمائة ونيف ونظر إالي المشركين فاذا هم الف وزيادة فاستقبل النبي - صلى الله عليه وسلم - القبلة ثم مد يديه وعليه رداؤه وازاره ثم قال اللهم اين ما وعدتني، اللهم أنجز ما وعدتني، اللهم إن تهلك هذه العصابة

_ السلم فأضمرها اعتمادا علي معرفة المخاطبين، أي أقرنو هذه الحالة بي وانسبوها الي وان كانت ذميمة (1) اي قلت له أعضض بإير أبيك (3) الاست همزته وصل ولامه محذوفة والأصل ستة وهو العجز ويراد به حلقة الدير ويجمع علي أستاه مثل سبب وأسباب (قال في النهاية) رماه بالأبنة وانه كان يزعفر استه، وقيل هي كلمة تقال للمتنعم المترف الذي لم تحنكه التجارب والشدائد (3) هو عبيدة بن الحارث بن المطلب وجاء في الأصل بن عبد المطلب بزيادة عبد وهو خطأ من الناسخ وصوابه بن المطلب كما في جميع المراجع ابن عبد مناف أسلم قديما وكان أسن بني عبد مناف وهو أسن من النبي - صلى الله عليه وسلم - بعشر سنين جرح يوم بدر ثم مات رضي الله عنه (4) الأجلح هو الذي انحسر الشعر عن جانبي رأسه (5) الفرس الأبلق ارتفع التحجيل الي فخذيه (6) معناه ان الذي أسره حقيقة هو الملك بفتح اللام: وظاهرا هو الرجل القصير والله أعلم (تخريجه) اورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال هذا سياق حسن وفيه شواهد لما تقدم ولما سيأتي وقد تفرد بطوله الامام احمد، وروي أبو داود بعضه من حديث اسرائيل اه (قلت) واورده ايضا الهيثمي بطوله وقال رواه احمد والبزار ورجال احمد رجال الصحيح غير حارثة بن مضرب وهو ثقة اه (قال الأموي في مغازيه) وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - حين حرض المسلمين علي القتال قد نفل كل امرئ ما اصاب، وقال والذي نفسي بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر إلا ادخله الله الجنة، وذكر قصة عمير بن الحمام كما تقدم وقد قاتل - صلى الله عليه وسلم - بنفسه الكريمة قتالا شديدا ببدنه وكذلك ابو بكر الصديق كما كانا في العريش يجاهدان بالدعاء والتضرع ثم نزلا فحرضا وحثا علي القتال وقاتلا بالابدان جمعا بين المقامين الشريفين (7) (عن عمر رضي الله عنه الخ) هذا الحديث تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب فداء اسري بدر الخ من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 102 رقم 292 وهو حديث صحيح رواه مسلم وغيره: وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال

من أهل الاسلام فلا تعبد في الأرض ابداً، قال فما زال يستغيث ربه عز وجل ويدعوه حتي سقط رداؤه فأتاه أبو بكر رضي الله عنه فأخذ رداءه فرداه ثم التزمه من ورائه ثم قال يا نبي الله كفاك مناشدتك ربك فانه سينجز لك ما وعدك وانزل الله عز وجل (إذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم بألف من الملائكة مردفين) فلما كان يومئذ والتقوا فهزم الله عز وجل المشركين فقتل منهم سبعون رجلا وأسر منهم سبعون رجلا، فاستشار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبا بكر وعليا وعمر رضي الله عنه فقال أبو بكر يا نبي الله هؤلاء بنوا العم والعشيرة والأخوان فإني أري أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذنا منهم قوة لنا علي الكفار وعسي الله أن يهديهم فيكونون لنا عضداً: فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما تري يا ابن الخطاب؟ قال قلت والله ما أري ما رأي أبو بكر ولكني أري أن تمكنني من فلان قريبا لعمر فأضرب عنقه وتمكن عليا من عقيل فيضرب عنقه وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه حتي يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين: هؤلاء صناديدهم وائمتهم وقادتهم، فهوي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما قال أبو بكر ولم يهو ما قلت، فأخذ منهم الفداء، فلما كان من الغد قال عمر رضي الله عنه غدوت الي النبي - صلى الله عليه وسلم - فاذا هو قاعد وأبو بكر رضي الله عنه واذا هما يبكيان: فقلت يا رسول الله أخبرني ماذا يبكيك أنت وصاحبك؟ فان وجدت بكاء بكيت، وان لم أجد بكاء تباكيت لبكائكما، قال فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي عرض علي أصحابك من الفداء لقد عرض علي عذابكم أدني من هذه الشجرة لشجرة قريبة: وأنزل الله عز وجل (ماكان لنبي أن يكون له أسري حتي يثحن في الأرض الي قوله) (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم) من الفداء، ثم أحل لهم الغنائم، فلما كان يوم أحد من العام المقبل عوقبوا بما صنعوا يوم بدر من أخذهم الفداء، فقتل منهم سبعون وفر أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وكسرت رباعيته وهشمت البيضة علي رأسه وسال الدم علي وجهه وأنزل الله تعالي (أو لما أصابتكم مصيبة قد أصبتم مثليها) الآية بأخذكم

_ وقد رواه مسلم وابو داود والترمزي وابن جرير وغيرهم من حديث عكرمة بن عمار اليماني وصححه علي ابن المديني والترمذي، وهكذا قال غير واحد عن ابن عباس والسدي وابن جرير وغيرهم ان هذاه الآية نزلت في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر، وقد ذكر الأموي وغيره ان المسلمين عجو الي الله عز وجل في الا ستغانة بجنابه والاستعانة به، وقوله نعالي (بالف من الملائكة مردفين) اي ردفا لكم ومددا لفئتكم رواه العوفي عن ابن عباس، وقاله مجاهد وابن كثير وعبد الرحمن بن زيد وغيرهم، وقال ابو كدينة عن قابوس عن ابن عباس (مردفين) وراء كل ملك ملك، وقد روي علي بن أبي طلحة الوالي عن ابن عباس وامد الله نبيه والمؤمنين بألف من الملائكة وكان جبريل في خمسمائة بجنية وميكائيل في خمسمائة بجنية وهذا هو المشهور، ولكن روي ابن جرير بسنده عن محمد بن جبير عن علي فزاد ونزل اسرافيل في ألف من الملائكة علي ميمنة النبي - صلى الله عليه وسلم - وفيها ابوبكر، ونزل ميكائيل في ألف من الملائكة علي ميسرة النبي - صلى الله عليه وسلم - وانا في الميسرة (وروراه البهيقي) في الدلائل من حديث محمد بن جبير عن علي فزاد ونزل اسرافيل في ألف من الملائكة وذكر انه طعن يومئذ بالحربة حتي اختضبت ابطه من الدماء فذكر انه نزلت ثلاثة الاف من الملائكة

الفداء (عن أنس بن مالك) (1) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شاور الناس يوم بدر فتكلم ابو بكر فاعرض عنه، ثم تكلم عمر فأعرض عنه (2) فقالت الأنصار يا رسول الله إيانا تريد؟ فقال المقداد ابن الأسود (وفي رواية سعد بن عبادة) (3) يا رسول الله والذي نفسي بيده لو أمرتنا أن نخيضها البحر (4) لأخضناها ولو أمرتنا أن نضرب أكبادها (5) إلي برك الغماد فعلنا فشأنك يا رسول الله فندب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه (6) فانطلق حتي نزل بدراً وجاءت روايا قريش (7) وفيهم غلام لبني الحجاج أسود فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فسألوه عن أبي سفيان وأصحابه؟ فقال أما أبو سفيان فليس لي به علم ولكن هذه قريش وأبو جهل وأمية بن خلف قد جاءت، فيضربونه فاذا ضربوه قال نعم هذا أبو سفيان، فاذا تركوه فسألوه عن أبي سفيان قال مالي بأبي سفيان من علم ولكن هذه قريش قد جاءت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصلي فانصرف (8) فقال إنكم لتضربونه اذا صدقكم وتدعونه إذا كذبكم: وقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيده فوضعها فقال هذا مصرع فلان غدا وهذا مصرع فلان غدا إن شاء الله تعالي: فالتقوا فهزمهم الله عز وجل فو الله ما أماط (9) رجل منهم عن موضع كفي النبي - صلى الله عليه وسلم - قال فخرج اليهم النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد ثلاثة أيام وقد جيفوا (10) فقال يا أبا جهل يا عتبة يا شيبة يا أمية قد وجدتم ما وعدكم ربكم حقا. فاني قد وجدت ما وعدني ربي حقا. فقال له عمر يا رسول الله تدعوهم بعد ثلاثة أيام وقد جيفو؟ فقال ما أنتم باسمع لما أقول منهم غير أنهم لا يستطيعون جوابا، فامر بهم فجروا بارجلهم فألقوا في قليب بدر (11)

_ وهذا غريب وفي اسناده ضعف ولو صح لكان فيه تقوية لما تقدم من الأقوال ويؤيدها قراءة من قرأ (بالف من الملائكة مردفين) بفتح الدال والله أعلم (1) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا حماد عن ثابت عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) انما اعرض النبي - صلى الله عليه وسلم - عن أبي بكر وعمر رضي الله عنهما لانه كان يقصد بالمشاورة اختيار الأنصار لانه لم يكن بايعهم علي ان يخرجوا معه للقتال وطلب العدو، وانما بايعهم علي أن يمنعوه ممن يقصده، فلما عرض الخروج لعير أبي سفيان أراد أن يعلم انهم يوافقون علي ذلك قاله النووي (3) سعد بن عبادة من سادة الأنصار وجيه فيهم فأجاب أحسن جواب بالموافقة (4) يعني الخيل (لأخضناها) أي لو أمرتنا بادخال خيولنا في البحر وتمشينا اياها فيه لفعلنا (5) كناية عن ركضها: فان الفارس اذا أراد ركض مركوبه يحرك رجليه من جانبيه ضاربا علي موضع كبده (وقوله الي برك الغماد) قال في القاموس (برك الغماد) موضع أو هو أقصي معمور الأرض (6) أي دعاهم ووجهم (7) أي ابلهم التي كانوا يستقون عليها فهي الأبل الحوامل للماء واحدتها رواية كما في النهاية (8) قال النووي فيه استحباب تخفيفها إذا عرض أمر في أثنائها (9) أي ما عدل ففيه معجزة للنبي - صلى الله عليه وسلم - (10) أي انتنوا (11) القليب البئر التي لم تطو أي لم تبن (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام أحمد ثم قال ورواه مسلم عن أبي مسلم عن أبي بكر عن عفان به نحوه، قال وقد روي بن أبي حاتم في تفسيره وابن مردويه واللفظ له من طريق عبد الله بن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أسلم عن أبي عمران أنه سمع أبا أيوب الأنصاري يقول قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونحن بالمدينة إني أخبرت عن عير أبي سفيان انها مقبلة فهل

(باب ما جاء في اهتمام النبي - صلى الله عليه وسلم - بوقعة بدر واستغاثته بالله عز وجل ونزوله معممة القتال بنفسه وشجاعته واتقاء المحاربين به وتأييد الله له بالملائكة) (عن ابن عباس) (1) أن رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم قال وهو في قبة (2) يوم بدر اللهم اني أنشدك عهدك ووعدك، اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم فأخذ ابو بكر بيده فقال حسبك يا رسول الله لقد الححت علي ربك وهو يثب في الدرع وهو يقول سيهزم الجمع ويولون الدبر (3)

_ لكم أن تخرج قبل هذا العير لعل الله يغنمناها؟ فقلنا نعم، فخرج وخرجنا فلما سرنا يوما أو يومين قال لنا ما ترون في القوم فانهم قد أخبروا بمخرجكم؟ فقلنا لا والله ما لنا طاقة بقتال القوم ولكنا أردنا العير، ثم قال ما ترون في قتال القوم؟ فقلنا مثل ذلك، فقام المقداد بن عمرو فقال اذا لا نقول لك يا رسول كما قال قوم موسي لموسي (اذهب أنت وربك فقاتلا انا ها هنا قاعدون) قال فتمنينا معشر الأنصار لو أنا قلنا مثل ما قال المقداد أحب الينا من أن يكون لنا مال عظيم فأنزل الله عز وجل (كما أخرجك ربك من بيتك بالحق وإن فريقا من المؤمنين لكارهون) وذكر تمام الحديث اه {سبب غزوة بدر الكبري} أما سبب غزوة بدر فاليك تلخيصه علي ما ذكره ابن اسحاق وغيره ان النبي - صلى الله عليه وسلم - سمع بابي سفيان صخر بن حرب شرع في تجارة الي الشام معه ثلاثون أو أربعون رجلا، فلما فاتته في ذهابها طمع بها في ايابها وجعل العيون عليها، فحين جاءه عينه بسبة (بموحدتين مفتوحتين بينها سين مهملة ساكنة أو بسبة بضم الموحدة وفتح المهملتين بينهما تحتية ساكنة مصغرا) وتقدم حديث بسبة وانه جاء النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبره بخبر العير فخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - ممن خف معه من المسلمين واستعمل علي الصلاة ابن أم مكتوم وعلي المدينة أبا لبابة كما تقدم، ودفع لواءه وكان أبيض الي مصعب بن عمير العبدي وكان له رايتان سوداوان أحداهما مع علي رضي الله عنه والأخري بيد رجل من الأنصار، ثم إن أبا سفيان لما قارب الحجاز اشتد خوفه وجعل يتجسس الأخبار، فلما أخبر بمخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - بعث الي قريش يستنفرهم فأوعبت قريش في الخروج فلم يتخلف من بطونها إلا بنو عدي ولا من أشرافها الا أن أبا لهب استأجر مكانه العاص بن هشام بن المغيرة فقتل العاص فيمن قتل، ولم تمتد حياة أبي لهب بعده: رماه الله بالعدسة بعد مصاب أهل بدر بليال كما تقدم ذلك في تفسير سورة تبت يدا أبي لهب في الجزء الثامن عشر ولما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - ببعض الطريق وصح له نفير قريش بهذه الكثرة استشار أصحابه في طلب العير وحرب النفير وكانت العير أحب اليهم كما قال الله تعالي (وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم) فتكلم المقداد بما تقدم في هذا الحديث فأحسن القول وأجاده وتكلم أيضا سعد بن عبادة بما يحب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ ما تقدم والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا وهيب حدثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) هو العريش الذي بناه له سعد بن عبادة عندما نزولوا ببدر وتقدم ذكره في شرح حديث أنس في باب ارساله - صلى الله عليه وسلم - بسبسة عينا الخ (3) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه هذه الآية مكية وقد جاء تصديقها يوم بدر كما رواه ابن أبي حاتم حدثني أبي ثنا أبو الربيع الزهراني ثنا حماد عن أيوب عن عكرمة قال لما نزلت (سيهزم الجمع ويولون الدبر) قال عمر أي جمع يهزم وأي جمع يغلب؟ قال عمر فلما كان يوم بدر رأيت الله - صلى الله عليه وسلم - يثب في الدرع وهو يقول سيهزم الجمع ويولون

(عن علي) (1) قال ما كان فينا فارس (2) يوم بدر غير المقداد ولقد رأيتنا وما فينا الانائم الا رسول - صلى الله عليه وسلم - تحت شجرة يصلي ويبكي حتي اصبح (3) (وعنه أيضا) (4) قال لما حضر البأس (5) يوم بدر التقينا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكان من أشد الناس (6) ما كان أو لم يكن أحد أقرب الي المشركين منه (وعنه من طريق ثان) (7) لقد قال رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو أقربنا الي العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأسا (عن أبي صالح الحنفي) (8) عن علي رضي الله عنه قال قيل لعلي ولابي بكر يوم بدر مع احدكما جبريل ومع الآخر ميكائيل، واسرافيل ملك عظيم يشهد القتال أو قال يشهد الصف (عن أبي داود المازني) (9) وكان شهد بدرا قال أني لا تبع رجلا من المشركين لأضربه اذ وقع رأسه قبل أن يصل اليه سيفي فعرفت أنه قد قتله غيري (10) (باب ما جاء في مقتل اللعين أبي جهل فرعون هذه الأمة وفرح النبي - صلى الله عليه وسلم - بذلك) (عن عبد الرحمن بن عوف) (11) أنه قال أني لواقف

_ الدبر بل الساعة موعدهم والساعة أدهي وأمر) فعرفت تأويلها يومئذ (تخريجه) الحديث صحيح وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للبخاري من طريق عفان عن وهيب أيضا، ثم قال وكذا رواه البخاري والنسائي في غيره موضع من حديث خالد وهو ابن مهران الحذاء به (1) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن شعبة عن أبي اسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي الخ (غريبه) (2) يعني صاحب فرس يركبه (قال في بهجة المحافل) وكان معهم ثمانون بعيرا يعتقبونها وفرس واحد للمقدادين الأسود قيل وآخران الزبير وأبي مرئد الغنوي (3) فيه دلالة علي تيقظه - صلى الله عليه وسلم - وشدة اهتمامه بهذه الغزوة والتجائه الي ربه فان في الالتجاء اليه النصر وقد حصل ولله الحمد (تخريجه) (طل) بلفظ وما فينا فارس الا المقداد، وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه لأبي بعلي عن زهير عن عبد الرحمن بن مهدي وغفل عن عزوه للامام أحمد وسنده صحيح (4) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن اسرائيل عن أبي اسحاق عن حارثة بن مضرب عن علي الخ (غريبه) (5) يعني الحرب (6) يعني بأسا وشجاعة وعدم اكتراث بالعدو، وقوله (ماكان أو لم يكن) أو للشك من الرواي يشك هل قال ما كان أحد اقرب الي المشركين أو قال لم يكن أحد أقرب الخ (7) (سنده) حدثنا وكيع ثنا اسرائيل عن حارثة ابن مضرب عن علي الخ (تخريجه) (نس) من حديث أبي اسحاق عن حارثة وسنده صحيح ورجاله ثقات (8) (سنده) حدثنا أبو نعيم حدثنا مسعر عن أبي عون عن أبي صالح الحنفي عن علي الخ (تخريجه) أورده الهيثمي عن علي بلفظ قال قال لي النبي - صلى الله عليه وسلم - ولابي بكر فذكر الحديث كما هنا وقال رواه احمد بنحوه والبزار واللفظ له ورجالهما رجال الصحيح ورواه أبو يعلي اه (9) (سنده) حدثنا يزيد أنا محمد بن اسحاق عن ابيه قال قال ابو داود المازني وحدثنا يزيد أنا محمد بن اسحاق عن ابيه قال فحدثني أبي عن رجل من بني مازن عن ابي داود المازني الخ (غريبه) (10) قتله ملك من الملائكة الذين أمدهم الله بهم في هذه الغزوة كما تقدم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد واورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه رجل لم يسم، يعني الرجل الذي من بني مازن والله أعلم (باب) (11) (سنده) حدثنا ابو سلمة يوسف بن يعقوب الماجشون عن صالح بن ابراهيم بن

يوم بدر في الصف نظرت عن يميني وعن شمالي فاذا أنا بين غلامين من الأنصار حديثة أسنانهما تمنيت لوكنت بين أضلع (1) منهما فغمزني أحدهما فقال يا عم هل تعرف أبا جهل؟ قال قلت نعم وماحاجتك بابن أخي؟ قال بلغني أنه سب رسول الله صلي الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لو رأيته لم يفارق سوادي سواده (2) حتي يموت الأعجل منا، قال فغمزني الآخر فقال لي بمثلها فتعجبت لذلك، قال فلم أنشب (3) أن نظرت الي أبي جهل يجول في الناس فقلت لهما الا تريان؟ هذا صاحبكما الذي تسألان عنه، فابتدراه فاستقبلهما فضرباه حتي قتلاه ثم انصرفا الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأخبراه فقال ايكما قتله؟ فقال كل واحد منهما أنا قتلته قال هل مسحتما سيفيكما؟ قالا لا، فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في السيفين فقال كلا كما قتله (4) وقضي بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح (5) وهما معاذ بن عمر ابن الجموح ومعاذ بن عفراء (عن أنس) (6) قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر من ينظر ما فعل أبو جهل؟ فانطلق ابن مسعود فوجد ابني عفراء قد ضرباه حتي برد (7) (وفي رواية حتي برك) فأخذ

_ عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جده عبد الرحمن بن عوف الخ (غريبه) (1) بفتح اللام المهملة أي بين أقوي منهما وأعظم وأشد (2) أي شخصي شخصه وكل شخص من متاع أو انسان أو غيره سواد لأنه يري من بعيد أسود (وقوله الأعجل منا) أي الأقرب أجلا إصرار علي قتله أو يموت دونه (3) اي لم البث ان نظرت الي أبي جهل الخ (4) قال المهلب نظره - صلى الله عليه وسلم - في السيفين ليري ما بلغ الدم من سيفيهما ومقدار عمق دخولهما في جسم المقتول ليحكم بالسلب لمن كان في ذلك ابلغ ولذلك سألهما أولا هل مسحتما سيفيكما أم لا؟ لأنهما لو مسحاهما لما تبين المراد من ذلك، وانما قال كلا كما قتله وان كان احدهما هو الذي أثخنه ليطيب نفس الآخر (5) كونه - صلى الله عليه وسلم - قضي بسلبه لمعاذ بن عمرو بن الجموح دون معاذ بن عفراء يدل علي ان ابن الجموح هو الذي اثخنه اه (قلت) وفي استحقاق السلب للقاتل خلاف بين الأئمة ذكرته مبسوطا في كتابي بدائع المنن، في جمع وترتيب مسند الشافعي والسنن مع تفسير السلب وضبطه في الجزء الثاني منه في باب ان السلب للقاتل من كتاب الجهاد في شرح حديث أبي قتادة رقم 1667 صحيفة 115 فارجع اليه ففيه ما يسرك والله الموفق (تخريجه) (ق) وغيرهما (6) (سنده) حدثنا يحي عن شعبة ثنا التيمي عن أنس (يعني ابن مالك الخ) (غريبه) (7) أي مات قال الحافظ هما معاذ ومعوذ كما سيأتي بيانه (قلت) وتقدم في الحديث السابق عند الامام احمد وعند الشيخين أيضا ان اللذين قتلاه معاذ بن عمرو بن الجموح ومعاذ بن عفران وهو ابن الحارث، وعفراء أمه وهي ابنة عبيد بن ثعلبة النجارية (قال الحافظ) وأما ابن عمرو بن الجموح فليس اسم أمه عفراء وانما اطلق عليه تغليبا، ومحتمل ان تكون أم معوذ أيضا تسمي عفراء أو أنه لما كان لمعوذ أخ يسمي معاذا باسم الذي شركه في قتل أبي جهل ظنه الراوي أخاه (وقد اخرج الحاكم) من طريق أبي اسحاق حدثني ثور بن يزيد عن عكرمة عن ابن عباس (قال ابن اسحاق) وحدثني عبد الله بن أبي بكر حزم قال قال معاذ بن عمرو بن الجموح سمعتهم يقولون وابو جهل في مثل الحرجة (بالتحريك شجرة من الأشجار لا يوصل اليها) أبو جهل الحكم لا يخلص اليه فجعلته من شأني فعمدت نحوه فلما امكنني حملت عليه فضربته ضربة أطنت قدمه (أي قطعته) وضربني ابنه عكرمة علي عاتقي فطرح يدي، قال ثم عاش معاذ الي زمن عثمان، قال ومر بأبي جهل معوذ بن عفراء

بلحيته فقال أنت أبو جهل! فقال وهل فوق رجل قتلتموه او قتله أهله (عن أبى سحاق عن أبى عبيدة) (1) قال قال عبدالله (يعنى ابن مسعود رضى الله عنه) انتهيت الى أبى جهل يوم بدر وقد ضربت رجله وهو صريع وهو يذب الناس عنه بسيف له، فقلت الحمد لله الذى اخزاك ياعدو الله، فقال هل هو الا رجل قتله قومه؟ قال فجعلت أتناوله بسيف لى غير طائل فأصبت يده فندر (2) سيفه فاخذته فضربته به حتى قتلته، قال ثم خرجت (3) حتى أتيت النبى - صلى الله عليه وسلم - كانما أقل من الارض (4) فأخبرته، فقال الله الذى لا اله الا هو؟ قال فرددها ثلاثا (5) قال قلت الله الذى لا اله الا هو، قال فخرج يمشى معى حتى قام عليه فقال الحمد لله الذى أخزاك ياعدو الله، هذا كان فرعون هذه الأمة قال وزاد فيه أبى (6) عن أبى اسحاق عن أبى عبيدة قال قال عبد الله فنفلنى سيفه (وعنه من طريق ثان) (7) عن أبى عبيدة عن عبدالله (8) قال أتيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقلت يارسول الله ان الله قد قتل أباجهل، فقال الحمد الله الذى نصر عبده وأعز دينه وقال مرة يعنى أمية (9) صدق عبده وأعز

_ فضربه حتى أثبته وبه رمق ثم قاتل معوذ حتى قتل فمر عبدالله بن مسعود بأبى جهل فوجد بآخر رمق فذكر ماتقدم، فهذا الذى رواه ابن اسحاق يجمع بين الأحاديث لكنه يخالف ما في الصحيح من حديث عبدالرحمن بن عوف انه رأى معاذا ومعوذا شدا عليه جميعا حتى طرحاه، وابن اسحاق يقول ان ابن عفراء هو معوذ وهو بتشديد الواو، والذى فى الصحيح معاذ وهما اخوان فيحتمل ان يكون معاذ ابن عفراء شد عليه مع معاذ بن عمرو كما فى الصحيح وضربه بعد ذلك معوذ حتى اثبته ثم حز رأسه ابن مسعود فتجمع الاقوال كلها، واطلاق كونهما قتلاه يخالف فى الظاهر حديث ابن مسعود انه وجده وبه رمق هو محمول على انهما بلغا به بضربهما اياه بسيفهما منزله المقتول حتى لم يبق به الا مثل حركة المذبوح وفى تلك الحالة لقيه ابن مسعود فضرب عنقه والله أعلم (تخريجه) (ق، وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا وكبع ثنا اسرائيل عن أبى اسحاق عن أبى عبيدة الخ (غريبه) (2) بفتحات اى سقط (3) زاد عند الطيالسى في يوم حار (4) أقل من الأرض بضم الهمزة وفتح القاف أى كأن شيئا يرفعنى عن الأرض فلم أشعر بحرولا تعب من شدة فرحى وسرورى بقتل أبى جهل (5) استحلفه النبى - صلى الله عليه وسلم - ثلاثا لكونه استبعد قتله مع شدة تحصنه فحلف له (6) الظاهر أن القائل وزاد فيه أبى هو عبدالله بن الأمام احمد يعنى أن أبا مزاد في هذا الحديث من طريق آخر عن أبى اسحاق أن ابن مسعود قال فنفلنى يعنى النبى - صلى الله عليه وسلم - سيفه والله أعلم (7) (سنده) حدثنا أمية بن خالد حدثنا شعبة عن أبى اسحاق عن أبى عبيدة الخ (غريبة) (8) يعنى ابن مسعود رضى الله عنه (9) اى ابن خالد الذى روى عنه الامام احمد هذا الحديث (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه كله احمد والبزار باختصار وهو من رواية أبى عبيدة عن أبيه ولم يسمع منه وبقية رجال احمد رجال الصحيح اهـ (قلت) وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه من طريق ابى اسحاق عن ابى عبيدة عن ابن مسعود وعزاه للامام احمد ثم قال ورواه ابو داود والنسائى من حديث ابى اسحاق السبيعى به قال (وقال الواقدى) وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على مصرع ابنى عفراء فقال رحم الله ابنى عفراء لهما شركاء في قتل فرعون هذه الأمة ورأس أثمة الكفر فقيل يارسول الله ومن قتله معهما؟ فقال الملائكة وابن مسعود قد شرك في قتله رواه البيهقى (وعن ابى اسحاق) قال لما رجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - البشير يوم بدر

دينه (وفي لفظ آخر) الحمد الله الذى صدق وعده ونصر عبده وهزم الاحزاب وحده باب إخبار النبى - صلى الله عليه وسلم - بمصارع صناديد قريش قبل موتهم ورمى جثثهم في بئر ثم ندائه اياهم بالتقريع والتوبيخ (عن عمر رضى الله عنه) (1) وكان يحدث عن أهل بدر قال إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليرينا مصارعهم بالأمس يقول هذا مصرع فلان غدا ان شاء الله تعال: وهذا مصرع فلان غدا ان شاء الله تعال، قال فجعلوا يصرعون عليها: قال قلت والذى بعثك بالحق ما أخطأ وا تيك (2) كانوا يصرعون عليها ثم أمر بهم فطرحوا في بئر، فانطلق اليهم فقال يافلان يافلان هل وجدتم ما وعدكم الله حقا فأنى وجدت ما وعدنى الله حقا: قال عمر يا رسول الله أتكلم قوما قد جيفوا (3) قال ما أنتم بأسمع لما أقول منهم ولكن لا يستطعون أن يجيبوا (عن أنس) (4) قال سمع المسلمون النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو ينادى على قليب (5) بدر يا أبا جهل بن هشام ياعتبة بن ربيعة يا شيبة بن ربية يا أمية بن خلف

_ بقتل أبي جهل استحلفه ثلاثة أيمان بالله الذى لا إله إلا هو لقد رأيته فحلف له فخر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساجدا (وعن عبدالله بن ابى أو في) ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى ركعتين حين بشر بالفتح وحين جيء يرأس ابى جهل: أورد هذه الأحاديث الثلاثة الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاها للبيهقى، وعزى الأخير لابن ماجه أيضا، وأورد الهيثمى حديثا مطولا فيه معنى هذا الحديث بجميع طرقه وزيادة عن ابن مسعود ايضا، وقال رواه الطبرانى ورجاله الصحيح غير محمد بن وهب بن ابى كريمة وهو ثقة (وعن ابن عمر رضى الله عنهما) قال بينما انا سائر بجنيات بدر اذ خرج رجل من حفر ة في عنقه سلسلة فنادانى ياعبد الله اسقنى ياعبد الله اسقنى فلا ادرى عرف اسمى أو دعانى بدعاية العرب، وخرج رجل من ذلك الحفير في يده سوط فنادانى ياعبد الله لا تسقه فانه كافر ثم ضربه بالسيف (هكذا في مجمع الزوائد والظاهر انه بالسوط بدل السيف والله أعلم) فعاد الى حفرته فأتيت النبى - صلى الله عليه وسلم - مسرعا فأخبرته فقال لى وقد رأيته؟ قلت نعم، قال ذاك عدو الله أبو جهل وذاك عذابه الى يوم القيامة، أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه الطبرانى فى الأوسط وفيه من لم أعرفه اهـ (وقال الأموى فى مغازيه) سمعت أبى ثنا المجالد بن سعيد عن عامر قال جاء رجل الى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال انى رأيت رجلا جالسا فى بدر ورجل يضرب رأسه بعمود من حديد حتى يغيب فى الأرض: زاد فى رواية ثم يخرج فيفعل به مثل ذلك مرارا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذلك أبو جهل وكل به ملك يفعل به كلما خرج فهو يتجلجل فيها الى يوم القيامة أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد وانا سألته حدثنا سليمان بن المغيرة حدثنا ثابت عن أنس قال كنا مع عمر بين مكة والمدينة فتراءينا الهلال وكنت حديد البصر فرأيته فجعلت أقول لعمر اما تراه؟ قال سأراه وانا مستلق علي فراشي، ثم أخذ يحدثنا عن أهل بدر قال ان كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليرينا مصارعهم الخ (غريبه) (2) اسم أشارة الي المكان الذي أشار اليه النبي - صلى الله عليه وسلم - (3) بفتح الجيم وتشديد الياء آخر الحروف مفتوحة اي انتنوا يقال جافت الميتة وجيفت واجتافت والجيفة جثة الميت اذا انتن (نه) (تخريجه) (م. وغيره) (4) (سنده) حدثنا ابن أبي عدي عن حميد عن انس (يعني ابن مالك) قال سمع المسلمون الخ (غريبه) (5) القليب هي البئر كما صرح بذلك في الحديث السابق وعند مسلم أيضا (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه لابن اسحاق

خلف هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ قالوا يا رسول الله تنادي قوما قد جيفوا قال ما أنتم باسمع لما أقول منهم ولكنهم لا يستطيعون ان يجيبوا (عن ابن عمر) (1) قال وقف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي القليب يوم بدر فقال يا فلان يا فلان هل وجدتم ما وعدكم بكم حقا؟ أما والله إنهم الآن ليسمعون كلامي، قال يحي فقالت عائشة غفر الله لابي عبد الرحمن انه وهل إنما، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله إنهم ليعلمون الآن ان الذي كنت أقول لهم حقا، وان الله تعالي يقول (انك لاتسمع الموتي: وما أنت بمسمع من في القبور) (عن قتادة عن أنس) (2) قال وحدث أنس بن مالك أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أمر ببضعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فألقوا في طوي (3) من أطواء بدر خبيث مخبث قال وكان اذا ظهر علي قوم أقام بالعرصة (4) ثلاث ليال، قال فلما ظهر علي بدر أقام ثلاث ليال حتي اذا كان الثالث أمر براحلته فشدت برحلها ثم مشي واتبعه أصحابه قالوا فما نراه ينطلق الا ليقضي حاجته قال حتي قام علي شفة الطوي فجعل يناديهم باسمائهم وأسماء آبائهم يا فلان بن فلان أسركم انكم اطعتم الله ورسوله هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ قال عمر يا نبي الله ما تكلم من اجساد لا أرواح فيها؟ قال والذي نفس محمد بيده ما أنتم بأسمع لما أقول، منهم، قال قتادة أحياهم الله عز وجل له حتي سمعوا قوله توبيخا وتصغيرا ونقمة (عن عائشة رضي الله عنها) (5) انها قالت لما مر النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر باولئك الرهط فألقوا في الطوي عتبة وأبو جهل وأصحابه وقف عليهم فقال جزاكم الله شرا من قوم نبي ما كان أسوأ الطرد وأشد التكذيب (6) قالوا يا رسول الله

_ إسحاق ثم قال وقد رواه الامام احمد عن ابن ابي عدي عن حميد عن أنس فذكر نحوه وهذا علي شرط الشيخين اه (قلت) وهو من ثلاثيات الامام احمد (1) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما يقال عند زيارة القبور وهل يسمع الميت قول الحي؟ من كتاب الجنائز في الجزء الثامن صحيفة 176 رقم 340 فارجع اليه (2) (سنده) حدثنا يونس ثنا شيبان عن قتادة عن أنس الخ (غريبه) (3) بفتح الطاء المهملة وكسر الواو وتشديد الياء التحتية أي بئر مطويه من آبار بدر والطوي في الأصل صفة فعيل بمعني مفعول فلذلك جمعوه علي الاطواء كشريف واشراف ويتيم وأيتام وان كان قد انتقل الي باب الاسمية (نه) وقوله خبيث مخبث بكسر الموحدة فيهما أي فاسد مفسد لما يقع فيه (4) العرصة كل موضع واسع لا بناء فيه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال هو في الصحيح باختصار، رواه احمد ورجاله رجال الصحيح اه (قلت) وله طريق أخري عند الامام احمد ايضا قال حدثنا روح ثنا سعيد عن قتادة قال ذكر لنا أنس بن مالك عن أبي طلحة ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - امر يوم بدر بأربعة وعشرين رجلا من صناديد قريش فقذفوا في طوي من اطواء بدر فذكره، وفيه قال قتادة احياهم الله تعالي حتي اسمعهم قوله توبيخا وتصغيرا ونقمة وحسرة وندامة، ورواه أيضا مسلم من مسند انس ومن مسند أبي طلحة ايضا كما رواه الامام احمد الا انه ليس فيه قول قتادة والله أعلم (5) (سنده) حدثنا هشيم قال انا مغيرة عن ابراهيم عن عائشة الخ (غريبه) (6) يعني لنبيكم (قال ابن اسحاق) وحدثني بعض أهل العلم ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يا أهل القليب بئس عشيرة النبي - صلى الله عليه وسلم - كنتم لنبيكم كذبتموني وصدقني الناس،

تكلم قوما جيفو فقال ما أنتم بأفهم لقولى منهم أو (1) لهم أفهم لقولى منكم (وعن عروة عنها أيضا) (2) قالت أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالقتلى أن يطرحوا فى القليب (3) فطرحوا فيه الا ما كان من أمية ابن خلف فانه انتفخ فى درعه فملأها فذهبوا يحركوه فتزايل (4) فأقروه والقوا عليه ما غيبه فى التراب والحجارة فلما ألقاهم فى القليب وقف عليهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا أهل القليب هل وجدتم ما وعد ربكم حقا؟ فانى وجدت ما وعدنى ربى حقا، قال فقال اصحابه يارسول الله أتكلم قوما موتى؟ قال فقال لهم لقد علموا أن ما وعدتهم حق، قالت عائشة والناس يقولون لقد سمعوا ما قلت لهم وانما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد علموا (5) (باب إخبار النبى - صلى الله عليه وسلم - بمصرع أمية بن خلف فى وقعة بدر وتبليغه ذلك قبل حصوله ولذلك قصة) (عن عبدالله) (6) قال أنطلق سعد بن معاذ معتمرا فنزل على صفوان ابن أمية بن خلف وكان أمية اذا انطلق الى الشام فمر بالمدينه نزل على سعد، فقال امية لسعد انتظر حتى اذا انتصف النهار وغفل الناس انطلقت فطفت، فبينما سعد يطوف اذ أتاه ابو جهل فقال من هذا يطوف بالكعبة آمنا؟ قال سعد أنا سعد، فقال أبو جهل تطوف آمنا وقد آويتم محمدا فتلاحيا (7) فقال أمية لسعد لا ترفعن صوتك على ابى الحكم فانه سيد أهل الوادى، فقال له سعد والله أن منعتنى أن أطوف بالبيت لآقطعن اليك متجرك الى الشام فجعل أمية يقول لا ترفعن صوتك على أبى الحكم وجعل يمسكه، فغضب سعد فقال دعنا منك فانى سمعت محمدا - صلى الله عليه وسلم - يزعم انه قاتلك، قال اياى؟ قال نعم قال والله ما يكذب محمد، فلما خرجوا رجع

_ وأخرجتموني وآرانى الناس، وقاتلتمونى ونصرنى الناس، هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا؟ فانى قد وجدت ما وعدنى ربى حقا (1) او للشك من الراوى (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله ثقات إلا أن ابراهيم لم يسمع من عائشة ولكنه دخل عليها (2) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا ابى عن ابن اسحاق قال حدثنى يزيد بن رومان عن عروة عن عائشة قالت أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبة) (3) تقدم تفسيره فى أول الباب (4) أى تمزق لحمه (5) تريد ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بلغهم عن ريه سوء مصيرهم اذا تمادوا على الكفر لا انه اسمعهم ذلك بعد موتهم، وهذا مذهبها رضى الله عنها، ولكنه جاء فى احاديث الباب ايضا وغيرها انهم سمعوا كلامه بذلك - صلى الله عليه وسلم - بعد موتهم وتقدم الكلام على ذلك (تخريجه) رواه ابن اسحاق فى المغازى، واورده الهثيمى وقال رواه احمد ورجاله ثقات (باب) (6) (سنده) حدثنا ابو سعيد حدثنا اسرائيل حدثنا ابو اسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبدالله (يعني ابن مسعود الخ) وله طريق آخر عند الامام احمد ايضا قال حدثنا خلف بن الوليد حدثنا اسرائيل عن أبى اسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبدالله قال انطلق سعد بن معاذ معتمرا فنزل على امية بن خلف بن صفوان وكان امية إذا انطلق إلى الشام ومر بالمدينة نزل على سعد فذكر الحديث الا انه قال فرجع الى ام صفوان فقال اما تعلمى ما قال اخى اليثربى؟ قالت وما قال؟ قال زعم انه سمع محمدا يزعم انه قاتلى، قالت فو الله ما يكذب محمد، فلما خرجوا الى بدر وساق الحديث (غريبة) (2) الملاحاة واللحاء المنازعة

إلى امرأته فقال أما علمت ما قال اليثربى؟ فأخبرها به، فلما جاء الصريخ (1) وخرجوا الى بدر قالت امرأته أما تذكر ما قال أخوك اليثربى؟ فأراد أن لا يخرج فقال له أبو جهل انك من اشراف الوادى فسر معنا يوما او يومين، فسار معهم فقتله الله عزوجل (باب ما جاء فى تاريخ غزوة بدر وعدد رجالها من المهاجرين والأنصار رضى الله عنهم وأمور متفرقة تتعلق بها) (عن ابن عباس) (2) انه قال ان أهل بدر كانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا. وكان المهاجرون ستة وسبعين، وكان هزيمة أهل بدر لسبع عشرة * يوم الجمعة فى شهر رمضان (وعنه أيضا) (3) قال قيل للنبى - صلى الله عليه وسلم - حين فرغ من بدر عليك العير (4) ليس دونها شئ (5) قال فناداه العباس (6) وهو أسير فى وثاقه لا يصلح (وفى رواية إنه لا يصلح لك) (7) قال فقال له النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم لم؟ قال لأن الله عز وجل وعدك (وفى روايه انما وعدك) احدى الطائفتين (8) وقد أعطاك ما وعدك (9) (عن عباس بن سهل) (10) وحمزة بن أبى أسيد عن أبيه قال لما التقينا نحن والقوم يوم بدر قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ... يومئذ لنا اذا اكثبوكم (11) يعنى غشوكم فارموهم بالنبل، وأراه قال

_ والمخاصمة يقال لحيت الرجل الحاه لحيا اذا لمته وعذلته ولاحيته ملاحاة ولحاءا اذا نازعته (1) أى النذير بالحرب (تخريجه) اورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه البخارى من طريق ابي اسحاق وقال تفرد به البخارى، وقد رواه الامام احمد عن خلف بن الوليد وعن ابى سعيد كلاهما عن اسرائيل يريد اسنادا حديث الباب والطريق الثانية التى ذكرتها فى الشرح وكلاهما صحيح والله اعلم (باب) (2) (سنده) حدثنا نصر بن باب عن الحجاج عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس الخ (تخريجه) اورده الهثيمى وقال رواه احمد والبزار الا انه قال ثلاثمائه وبضعة عشر وقال وكانت الانصار مائتين وستا وثلاثين، وكان لواء المهاجرين مع على، رواه الطبرانى كذلك وفيه الحجاج بن أرطاة وهو مدلس (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا اسرائيل عن سماك عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبة) (4) العير يكسر العين الابل باحمالها يعنى عير ابى سفيان التى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج بالمسلمين من المدينة يريدها فبلغ ذلك أهل مكة فأسرعوا اليها وسبقت العير المسلمين، فلما فاتهم العدو نزل النبى - صلى الله عليه وسلم - ... بالمسلمين بدرا فوقع القتال، وهذه العير يقال كانت الف بعير وكان المال خمسين الف دينار وكان فيها ثلاثون رجلا من قريش وقيل أربعون وقيل ستون (5) أى ليس دون العير شئ يزاحمك (6) يعنى ابن عبد المطلب وكان اذ ذاك أسيرا (فى وثاقه) بكسر الواو وفتحها ما يشد به من قيد وحيل ونحوهما (7) اى لا ينبغى لك (8) المراد بالطائفتين العير والنفير فكان فى العير ابو سفيان ومن معه كعمرو بن العاص ومخرمة بن نوفل وما معه من الأموال، وكان فى النفير ابو جهل وعقبة بن ربيعة وغيرهم من رؤساء قريش (9) زاد الترمذى قال أى النبى - صلى الله عليه وسلم - (صدقت) أى فيما قلت (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للامام احمد أو قال اسناده جيد، ورواه الترمذى من طريق عبدالرزاق عن اسرائيل وقال حديث حسن: وعزاه الحافظ السيوطى فى الدر المنثور للمقربابى وابن أبى شيبة وعبد بن حميد وأبى يعلى وابن جرير وابن المنذر وابن ابى حاتم والطبرانى وابى الشيخ وابن مروديه (10) (سنده) حدثنا بحمد بن عبدالله بن الزبير قال انا عبد الرحمن بن الغسيل عن عباس بن سهل أو حمزة بن ابى أسيد عن أبيه الخ (غريبة) (11) ابوه هو اسيد بضم الهمزة على الارجح (12) * المكث

واستبقوا نبلكم (عن أبى أيوب الآنصارى) (1) قال صففنا يوم بدر فندرت منا ناد ة (2) (وفى رواية فبدرت منا باردة) (3) أمام الصف فنظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليهم فقال معى معى (4) (عن أنس بن مالك) (5) أن أبا طلحة قال غشينا النعاس ونحن فى مصافنا يوم بدر (6) قال أبو طلحة فكنت فيمن غشية النعاس يومئذ فجعل سيفى يسقط من يدى وآخذه ويسقط وآخذه (عن البراء بن عازب) (7) قال استصغرنى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا وابن عمر (8) فرددنا يوم بدر (9)

_ القرب: والنبل السهام قاله - صلى الله عليه وسلم - يوم بدر حين اصطف المسلمون لكفار قريش، ومعناه اذا دنوا امنكم وقاربوكم قربا نسبيا بحيث تنالهم السهام لآقرب التحام يفضى الى المطاعنة بالرماح والمضاربة بالسيوف فعليكم أن ترموهم بالنبل، وحكمة الأمر بالرمى عند القرب انهم إذا رموهم على بعد قد لا تصيبهم السهام وتخطئ الغرض المقصود مع ما فيه من ضياعها فاستبقاؤها أولى وجعلها من العدة أحزم (تخريجه) (خ) (1) (سنده) حدثنا عتاب بن زياد ثنا عبدالله انا عبدالله بن لهيعة حدثنى يزيد بن أبى حبيب ان اسلم أبا عمران * حدثه انه سمع أبا أيوب الانصارى يقول صففنا يوم بدر الخ (غريبة) (2) أى خرجت عن الصف (3) يعنى بالباء الموحدة بدل النون اى سبقت الصف والمعنى واحد (4) أى لا تخرجوا عن الصف وتسبقونى بل كونوا معى: وفيه دلالة على حسن النظام فى الحرب وأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان يحارب معهم (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وقال تفرد به أحمد وهذا اسناد حسن (5) (سنده) حدثنا يونس ثنا شيبان وحسين فى تفسير شيبان عن قتاده قال وثنا انس بن مالك أن أبا طلحة الخ (غريبة) (6) هكذا بالاصل (يوم بدر) وجاء فى البخارى وغيره (يوم أحد) بدل يوم بدر فيحتمل ان الواقعة تكررت فى الغزوتين لاسيما وقد قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه إن أحدا وقع فيها اشياء مما وقع فى بدر، فذكر منها حصول النعاس حال التحام الحرب، قال وهذا دليل على طمأنينة القلوب بنصر الله وتأييده وتمام توكلها على خالقها وبارئها، قال تعالى فى غزوة بدر (اذ يغشيكم النعاس أمتة منه الآية، وقال فى غزوة أحمد (ثم أنزل عليكم من بعد الغم امتة نعاسا يغشى طائفة منكم) يعنى المؤمنين الكمل فهو أمنة لاهل اليقين فينامون من غير خوف جازمين بان الله سينصر رسوله وينجز له مأموله (وعند ابن أبى حاتم) عن عبدالله بن مسعود انه قال النعاس فى القتال من الله وفى الصلاة من الشيطان (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه البخارى فى التفسير: قال وقد رواه الترمذى والنسائى والحاكم من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس عن أبى طلحه قال رفعت رأسى يوم أحد وجعلت انظر وما منهم يومئذ احد الا يميل تحت جحفته من النعاس لفظ الترمذى صحيح ورواه النسائى ايضا والبهيقي اهـ (قلت) وعندهم جميعا يوم أحد والله أعلم (7) (سنده) حدثنا يزيد أنا شعبة أنا شريك ابن عبدالله عن أبى اسحاق عن البراء بن عازب الخ (غريبة) (8) أى عند حصول القتال وعرض من يقاتل (9) أى لانهما لم يبلغا، وكان من عادته - صلى الله عليه وسلم - رد من لم يبلغ عن مواطن القتال لانها تحتاج الى قوة وجلد وعقل، وهذه الشروط لا تتوفر فيمن لم يبلغ، ولا تنافى بين قول ابن عمر استصغرت يوم أحد وبين قول البراء هنا، لانه عرض فيهما واستصغر، وقد جاء عن ابن عمر نفسه انه عرض يوم بدر وهو ابن ثلاث عشرة سنة فاستصغر وعرض يوم احد وهو ابن اربع عشرة سنة فاستصغر (تخريجه) (خ)

(عن عبد الله بن ثعلبة) (1) بن صعير أن أبا جهل قال حين التقى القوم (2) اللهم أقطعنا الرحم وأتانا بما لا نعرفه فأحنه الغداة (3) فكان المستفتح (4) (باب ما جاء فى زوراج على بفاطمة الزهراء رضى الله عنهما) (عن على رضى الله عنه) (5) قال أردت أن أخطب الى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابنته فاطمة رضى الله عنها فقلت مالى من شئ فكيف، ثم ذكرت صلته وعائدته فخطبتها اليه، فقال هل لك من شئ؟ قلت لا، فقال فأين درعك * التى أعطيتك يوم كذا كذا؟ قال هى عندى، قال فأعطها اياها (عن عطاء بن السائب) (6) عن أبيه عن على رضى الله عنه أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما زوجه فاطمة بعث معه بخميلة ووسادة من أدم حشوها ليف (وفى لفظ ليف الاءذخر) ورحيين وسقاء وجرتين (7) فقال على لفاطمة ذات يوم والله لقد سنوت (8)

_ (1) (سنده) حدثنا يزيد انا محمد يعنى ابن اسحاق حدثنى الزهرى عن عبدالله بن ثعلبة الخ (غريبة) (2) يعنى يوم بدر (3) ذكر الحافظ ابن كثير فى تفسيره قال محمد بن اسحاق وغيره عن الزهرى عن عبدالله بن ثعلبة بن صعير ان أبا جهل قال يوم بدر اللهم اينا كان اقطع الرحم وأتانا بما لا نعرف فأحنه الغداة وكان استفتاحا منه، فنزلت (ان تستفحوا فقد جاءكم الفتح إلى آخرالآية) ثم ذكر حديث الباب (قلت) ومعنى الحديث ان أبا جهل كان يدعو الله تعالى ويستنصره ويستحكمه فيمن كان أقطع الرحمن وأنى بما لا يعرف ان يصرعه ويخذله فى أقرب وقت (4) جاء عند ابن اسحاق والبغوى بلفظ فكان هو المستفتح على نفسه أى كأنه كان يدعو على نفسه فانه هو الذى قطع الرحم وأتى بما لا يعرف اصلا من عبادة الآوثان ولذلك أهلكه الله تعالى وقتله فى أقرب وقت، ونقل الحافظ ابن كثير فى تفسيره عن السدى قال كان المشركون حين خرجوا من مكة الى بدر أخذوا باستار الكعبة فاستنصروا الله وقالوا اللهم انصر أعلى الجندين وأكرم الفئتين وخير القبيلتين فقال الله (ان تستفتحوا فقد جاءكم الفتح) يقول قد نصرت ماقلتم وهو محمد - صلى الله عليه وسلم - (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تفسيره وعزاه للامام احمد ثم قال وأخرجه النسائى فى التفسير من حديث صالح بن كيسان عن الزهرى به، وكذا رواه الحاكم فى مستدركه من طريق الزهرى به وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وروى نحو هذا عن ابن عباس ومجاهد والضحاك وقتادة ويزيد بن رومان وغير واحد (تنبيه) جاء فى مسند الامام احمد رحمه الله أحاديث كثيرة تتعلق بغزوة بدر غير ما ذكرهنا ذكرت بعضها فى بابى المن والفدا ومعاملة الاسرى من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر، وفى التفسير فى الجزء الثامن عشر فى سورتى آل عمران والأنفال وغيرهما والله الموفق (باب) (5) (عن على رضى الله عنه الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى تقديم شئ من المهر قبل الدخول من كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر صحيفة 174 رقم 94 وإنما ذكرته هنا لوقوع الخطبة فى السنة الثانية عقب غزوة بدر كما يدل عليه حديث على بن حسين على الآتى بعد حديث (6) (سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد انبأنا عطاء بن السائب عن أبيه عن علي (يعني بن أبي طالب) رضى الله عنه الخ (غريبة) (7) هذا الطريق من أول الحديث الى هنا تقدم شرحه فى حديث آخر لعلى أيضا من طرق متعدة فى باب ما جاء فى الجهاز من كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر صحيفة 136 رقم 98 (8) أى استقينا، ومنه السانية

حتى لقد اشتكيت صدري، قال وقد جاء الله أباك بسبي فاذهبي فاستخدميه (1) فقالت وأنا والله قد طحنت حتي مجلت (2) يدي، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال ما جاء بك أي بنية؟ قالت جئت لأسلم عليك وأستحيت أن تسأله ورجعت، فقال ما فعلت؟ قالت استحييت أن أسأله، فأتيناه جميعاً فقال علي يا رسول الله والله سنوت حتي اشتكيت صدري، وقالت فاطمة قد طحنت حتي مجلت يداي وقد جاءك الله بسبي وسعة فأخدمنا، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله لا أعطيكما وأدع أهل الصفة تطوي (3) بطونهم لا أجد ما أنفق عليهم، ولكني أبيعهم وأنفق عليهم أثملنهم، فرجعا فأتاهما النبي - صلى الله عليه وسلم - وقد دخلا في قطيفتهما اذا غطت رءوسهما تكشفت أقدامهما، واذا غطيا أقدامهما تكشفت روءسهما فثارا، فقال مكانكما، ثم قال ألا أخبركما بخير مما سألتماني؟ قالا بلي، فقال كلمات علمنيهن جبريل عليه السلام: فقال تسبحان في دبر كل صلاة عشرا، وتحمدان عشرا، وتكبران عشرا، واذا أويتما الي فراشكما فسبحا ثلاثا وثلاثين واحمدا ثلاثا وثلاثين وكبرا أربعا وثلاثين: قال فو الله ما تركتهن منذ علمنيهن رسول الله صلي الله عليه وسلم: قال فقال له ابن الكواء (4) ولا ليلة صفين (5) فقال قاتلكم الله يا أهل العراق نعم ولا ليلة صفين (6) (حدثنا عبد الرازق) (7) أنبأنا ابن جريح حدثني ابن شهاب عن علي بن حسين ابن علي عن أبيه حسين بن علي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال قال علي أصبت شارفا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في المغنم يوم بدر وأعطاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - شارفا أخري فأنختهما يوما عند باب رجل من الأنصار وأنا أريد أن أحمل عليهما إذخرا لأبيعه ومعي صائغ من

_ وهي الناقة التي يستقي عليها (1) أي اسأليه خادما ولفظ الخادم يقع علي الذكر والأنثي (2) بفتح الميم مع فتح الجيم وكسرها أي ثخن جلدها وتعجر وظهر فها ما يشبه البئر من العمل بالأشياء الصلبة الخشنة (نه) بفتح التاء المثناة فوق والواو بينها طاء ساكنة يقال طوي من الجوع يطوي طوي فهو طاو أي خالي البطن جائع لم يأكل (4) هو عبد الله بن الكواه كان من روءس الخوارج قال البخاري لم يصح حديثه، وقال الحافظ له أخبار كثيرة مع علي وكان يلزمه و* في الأسئلة وقد رجع عن مذهب الخوارج وعاد لصحبة علي (5) صفين بكسر المهملة بعدها فاء مشددة مكسورة، موضع بقرب الفرات كانت فيه حرب عظيمة بين علي وبين أهل الشام بسبب قتل عثمان رضي الله عنه (6) أي لم يمنعني منهن ذلك الأمر والشغل الذي كنت فيه منذ سمعتهن (تخريجه) (ق. وغيرهما) (7) (حدثنا عبد الرازق) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب مفاسد الخمر وقصة حمزة مع ناقتي علي الخ من كتاب الأشربة في الجزء السابع عشر صحيفة 134 رقم 115 وقد وقع في سنده خطأ هناك فقيل عن علي بن حسين بن علي عن علي بن أبي طالب، وهو خطأ وصوابه عن علي بن حسين بن علي عن أبيه حسين بن علي عن علي بن أبي طالب كما هنا وانما ذكرته هنا لتصحيح هذا الخطأ ولأنه يدل علي ان زواج علي بفاطمة رضي الله عنهما كان في السنة الثانية من الهجرة عقب غزوة بدر ولأنه جاء عند مسلم

بني قينقاع لأستعين به علي وليمة فاطمة، وحمزة بن عبد المطلب يشرب في ذلك البيت (1) فثار (2) اليهما حمزة بالسيف فجب اسنمتها وبقر خواصرهما ثم أخذ من أكبادهما، قلت لابن شهاب ومن السنام؟ قال جب اسنمتها فذهب بها (3)، قال فنظرت الي منظر أفظعني (4) فأتيت نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وعنده زيد بن حارثة فأخبرته الخبر: فخرج ومعه زيد فانطلق معه فدخل علي حمزة فتغيط عليه (5) فرجع حمزة بصره (6) فقال هل أنتم الا عبيد لأبي فرجع رسول الله.

_ بزيادة توضحه أكثر مما هنا رأيت اثباتها وشرحها اتماما للفائدة والله الموفق واليك ما أردت (1) زاد مسلم (معه قينة تغنيه فقالت الا يا حمز ... للشرف النواء) قال النووي رحمه الله تعالي القينة بفتح القاف الجارية المغنية: قوله (الا يا حمزة للشرف النواء) الشرف بضم الشين والراء وتسكين الراء أيضا جمع شارف وهي الناقة المسنة (والنواء) بكسر النون وتخفيف الواو وبالمد أي السمان جمع ناويه بالتخفيف وهي السمينة وقد نوت الناقة تنوي كرمت ثرمي يقال لها ذلك اذا سمنت: هذا الذي ذكرناه في النواء انها بكسر النون وبالمد هو الصواب المشهور في الروايات في الصحيحين وغيرهما، ويقع في بعض النسخ النوي بالياء وهو تحريف، وقال الخطابي رواه ابن جرير للشرف النوي بفتح الشين والراء وبفتح النون مقصور، قال وفسره بالبعد، قال الخطابي وكذا رواه أكثر المحققين: قال وهو غلط في الرواية والتفسير وقد جاء في غير مسلم تمام هذا الشعر، ألا يا حمز ... للشرف ... النواه ... وهن ... معقلات ... بالفناء ضع السكين ... في اللبات ... منها ... وضرجهن ... حمزة ... بالدماء وعجل ... من اطايبها ... لشرءب ... قديدا ... من طبيخ أو ... شواء قال الحافظ وحكي المرزباني في معجم الشعراء ان هذا الشعر لعبد الله بن السائب بن أبي السائب المخزومي المدني قال والفناء بكسر الفاء والمد الجانب اي جانب الدار التي كانوا فيها (والقديد) اللحم المطبوخ (والضربج) بمجمة وجيم * فان كان ثابتا فقد عرف بعض المبهم في قوله في شرب من الانصار لكن المخزومي ليس من الانصار، وكأن قائل ذلك أطلقه عليهم بالمعني الأعم وأراد الذي نظم هذا الشعر وأمر القينة أن تغني به ان يبعث همة حمزة، لما عرف من كرمه علي نحر الناقتين ليأكلوا من لحمهما، وكأنه قال انهض الي الشرف فانحرها وقد تبين ذلك من بقية الشعر، وفي قولها للشرف بصيغة الجمع مع أنه لم يكن هناك الا ثنتان دلالة علي جواز اطلاق صيغة الجمع علي الاثنين وقوله يا حمز ترخيم وهو بفتح الزاء ويجوز ضمها اه (2) أي نهض اليهما مسرعا (3) تقدم شرح هذه الجملة في الباب المشار اليه (4) جاء عند الشيخين (فلم أملك عيني حين رأيت ذلك المنظر منهما، قلت من فعل هذا؟ قالوا فعله حمزة بن عبد المطلب وهو في هذا البيت في شرب من الانصار (قوله فلم أملك عيني) معناه انه بكي أسفا وحزنا علي ما أصابه ولأنه خاف من تقصيره في حق فاطمة رضي الله عنها وجهازها والاهتمام بأمرها (وقوله في شرب من الانصار) الشرب بفتح الشين المعجمة واسكان الراء وهم الجماعة الشاربون (5) جاء عند الشيخين فطفق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يلوم حمزة فيما فعل (6) جاء عند البخاري فاذا حمزة قد ثمل محمرة عيناه فنظر الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ثم صعد النظر فنظر الي ركبتيه ثم صعد الي سرته ثم صعد النظر الي وجهه ثم قال

_ حمزة هل أنتم إلا عبيد لأبي، فعرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قد ثمل فنكص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي عقبيه القهقري وخرجنا معه) قال الحافظ في رواية بن جريح لآباء (يعني هل انتم الا عبيد لأبائي) قيل أراد أن أباه عبد المطلب جد للنبي - صلى الله عليه وسلم - ولعلي أيضا والجد يدعي سيدا وحاصله أن حمزة أراد الأفتخار عليهم بأنه أقرب الي عبد المطلب منهم (وقوله القهقري) هو المشي الي الخلف وكأنه فعل ذلك خشية ان يزداد عبث حمزة في حال سكره فينتقل من القول الي الفعل، فاراد أن يكون ما يقع من حمزة بمرآي منه ليدفعه ان وقع منه شئ والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه نقل البيهقي عن كتاب المعرفة لأبي عبد الله بن منده أن عليا تزوج فاطمة بعد سنة من الهجرة وابتني بها بعد ذلك بسنة أخري (قال الحافظ ابن كثير) فعلي هذا يكون دخوله بها في أوائل السنة الثالثة من الهجرة، وظاهر سياق حديث الشارفين يقتضي ان ذلك عقب وقعة بدر بيسير، فيكون ذلك كما ذكرناه في أواخر السنة الثانية والله أعلم اه (قلت) وقد ذكر أصحاب المغازي أشياء كثيرة وقعت في غزوة بدر ذكرتها في كناب الجهاد في الجزء الرابع عشر: وفي كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر لمناسبتها هناك وذكروا أيضا فضائل أهل بدر وما خصهم الله عز وجل به من المكارم وسيأتي في كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالي في باب خاص بهم (قال في المواهب اللدنيه) وقد استشهد بيوم بدر من المسلمين أربعة عشر رجلا ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار، وقتل من المشركين سبعون وأسر سبعون، قال ولما فرغ - صلى الله عليه وسلم - من بدر آخر رمضان وأول يوم من شوال بعث زيد بن حارثة بشيرا فوصل المدينة ضحي وقد نفضوا أيديهم من تراب رقية بنت النبي - صلى الله عليه وسلم -، وكان عثمان رضي الله عنه قد تخلف عن بدر لتمريضها فضرب له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسهمه وأجره (ومما وقع في هذه السنة غزوة بني قينقاع) قال في (المواهب اللدنيه) بطن من يهود المدينة وكانت يوم السبت نصف شوال علي رأس عشرين شهرا من الهجرة، وقد كان الكفار بعد الهجرة مع النبي - صلى الله عليه وسلم - علي ثلاثة أقسام، قسم وادعهم علي ان لا يحاربوه ولا يألبوا عليه عدوه وهم طوائف اليهود الثلاثة قريظة والنضير وبنو قينقاع: وقسم حاربوه ونصبوا له العدواة كقريش، وقسم تركوه وانتظروا ما يؤول اليه أمره كطوائف من العرب، فمنهم من كان يحب ظهوره ومنهم من كان معه ظاهرا ومع عدوه باطنا وهم المنافقون، وكان اول من نقض العهد من اليهود بنو قينقاع فحاربهم النبي - صلى الله عليه وسلم - في شوال بعد وقعة بدر فحاصرهم أشد الحصار خمسة عشر ليلة وكان اللواء بيد حمزة بن عبد المطلب وكان أبيض، فقذف الله في قلوبهم الرعب ونزلوا علي حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي ان له أموالهم وان لهم النساء والذرية، وأمر أن يجلوا من المدينة فلحقوا باذرعات، واخذ من حصتهم سلاحا وآلة كثيرة (غزوة بني سليم) ومما وقع في هذه السنة ايضا غزوة بني سليم (قال ابن اسحاق) وكان فراغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من بدر في عقب شهر رمضان أو في أول شوال، ولما قدم المدينة لم يقم بها الا سبع ليالي حتي غزا بنفسه يريد بني سليم، قال ابن هشام واستعمل علي المدينة سباع بن عرقطه الغفاري او ابن ام مكتوم الأعمي (فات وفي بهجة المحافل) كان لواء النبي - صلى الله عليه وسلم - مع علي رضي الله عنه واستخلف علي المدينة ابن مكتوم وغنم النبي - صلى الله عليه وسلم - فيها خمسمائة بعير فقسم اربعمائة علي الفاتحين فأصاب كل واحد بعيرين، واخذ - صلى الله عليه وسلم - مائة وكانت مدة غيبته عن المدينة خمس عشرة ليلة (قال ابن اسحاق) ثم اقام بالمدينة بقية شوال وذو القعدة وأفدي في اقامته تلك * الأساري من قريش والله أعلم (غزوة السويق) قال في المواهب ثم غزوة السويق في ذي الحجة يوم الأحد لخمس خلون منها علي رأس اثنين وعشرين شهرا

_ من الهجرة وسميت بذلك لأنه كان أكثر زاد المشركين السويق، وغنمه المسلمون، وكان سبب هذه الغزوة إن ابا سفيان حين رجع بالعير من بدر الي مكة نذر ان لا يمس النساء والدهن حتي يغزوا محمدا - صلى الله عليه وسلم - فخرج في مائتي راكب من قريش ليبر بيمينه حتي أتو العريض علي ثلاثة اميال من المدينة فحرقوا نخلا وقتلوا رجلا من الأنصار وانصرفوا راجعين، وخرج النبي - صلى الله عليه وسلم - في طلبهم في مئتين من المهاجرين والأنصار، وجعل ابو سفيان واصحابه يلقون جرب السويق وهي عامة أزوادهم يتخففون للهرب فيأخذها المسلمون، ولم يلحقهم النبي - صلى الله عليه وسلم - فرجع الي المدينة: وكانت غيبته خمسة أيام. {ابواب حوادث السنة الثالثة} قال ابن اسحاق في أولها كانت غزوة نجد ويقال لها (غزوة ذي أمر) بفتح الهمزة والميم بعدها راء، موضع من ديار غطفان بفتح المعجمة والطاء قبيلة من مضر اضيفت لها الغزوة، لان بني ثعلبة الذين قصدهم من غطفان وسماها الحاكم غزوة أنمار فلها ثلاثة أسماء، وهي بناحية نجد عند واسط الذي بالبادية كما في معجم البكري (قال في المواهب) وسببها أن جمعا من بني ثعلبة ومحارب تجمعوا يريدون الاغارة، جمعهم دعثور بن الجارث المحاربي وكان شجاعا فندب - صلى الله عليه وسلم - المسلمين وخرج في اربعمائة وخمسين فارسا واستخلف علي المدينة عثمان بن عفان فلما سمعوا بمهبطه - صلى الله عليه وسلم - هربوا في رءوس الجبال فاصابوا رجلا منهم من بني ثعلبة يقال له هبان فأدخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدعاه الي الاسلام فأسلم واصابه - صلى الله عليه وسلم - مطر فنزع ثوبيه ونشرهما علي شجرة ليجفا واضطجع تحتها وهم ينظرونه، فقالوا لدعثور قد انفرد محمد فعليك به، فأقبل ومعه سيف حتي قام علي رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال من يمنعك مني اليوم؟ فقام - صلى الله عليه وسلم - فدفعه جبريل في صدره فوقع السيف من يده فأخذه النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال من يمنعك مني اليوم؟ فقال لا أحد وانا أشهد ان لا اله الا الله وانك رسول الله، ثم اتي قومه فدعاهم الي الاسلام (قال الواقدي) فاهتدي به خلق كثير وانزل الله (يا أيها الذين آمنوا اذ ذكروا نعمة الله عليكم اذ هم قوم ان يبسطوا اليكم أيديهم الآية) ثم رجع - صلى الله عليه وسلم - ولم يلق كيدا، وكانت غيبته احدي عشرة ليلة وقيل خمس عشرة ليلة وقيل شهرا والله أعلم (سرية زيد بن حارثة الي عير قريش) قال ابن اسحاق كانت بعد وقعة بدر بستة أشهر قال وكان من حديثها ان قريشا خافوا طريقهم التي كانوا يسلكون الي الشام حين كان من وقعة بدر ما كان، فسلكوا طريق العراق فخرج منهم تجار فيهم ابو سفيان ومعه فضة كثيرة وهي عظم تجارتهم، واستأجروا رجلا من بكر بن وائل يقال له فرات بن حيان يعني العجل حليف بني سهم ليدلهم علي تلك الطريق، (قال ابن اسحاق) فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة في مائة راكب فلقيهم علي ماء من مياه نجد يقال له القردة بفتح القاف وسكون الراء فأصاب تلك العير وما فيها واعجزه الرجال هربا فقدم بها علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال في ذلك حسان بن ثابت بعير قريشا باخذهم تلك الطريق. دعوا فلجات الشام قد حال دونها ... جلاد كأفواه المخاض الأوارك بايدي رجال هاجروا نحو ربهم ... وانصاره حقا وأيدي الملائك اذا سلكت الغور من بطن عااج ... فقولا لها ليس الطريق هنالك واليك شرح غريب هذه الأبيات (قوله فلجات) بالفاء والجيم جمع فلجة وهي الطريق بين الجبلين كالفج.

- صلى الله عليه وسلم - يقهقر حتي خرج عنهم وذلك قبل تحريم الخمر (باب ما جاء في قتل كعب بن الأشرف) (عن ابن عباس) (1) قال مشي رسول الله صلي الله عليه وسلم الي بقيع الغرقد ثم وجههم وقال انطلقوا علي اسم الله وقال اللهم أعنهم يعني النفر الذين وجههم الي كعب بن الأشرف

_ (جلاد) بكسر الجيم أي قوة (المخاض) جمع ما خض وهي قريبة بالعهد بالنتاح (الأوارك) نوع من الأبل لونها أبيض (الغور) بفتح المعجمة المطمئن من الأرض اي المنخفض (عالج) بالمهملة والجيم موضع ذو رمال كثيرة (وقال الواقدي) كان خروج زيد بن حارثة في هذه السرية مستهل جمادي الأول علي رأس ثمانية وعشرين شهرا من الهجرة، وكان رئيس هذه العير صفوان بن امية، وكان سبب بعثه زيد بن حارثه أن نعيم بن مسعود قدم المدينة ومعه خبر هذه العير وهو علي دين قومه واجتمع بكنانة بن ابي الحقيق في بني النضير ومعهم سليط بن النعمان بن أسلم فشربوا وكان ذلك قبل أن تحرم الخمر، فتحدث بقصة العير نعيم بن مسعود وخروج صفوان بن امية فيها وما معه من الأموال، فخرج سليط من ساعته فأعلم رسول - صلى الله عليه وسلم - فبعث من وقته زيد بن حارثة فلقوهم فأخذوا الأموال واعجزهم الرجال، وانما اسروا رجلا أو رجلين وقدموا بالعير فحسبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبلغ خمسها عشرين الفا، وقسم اربعة أخماسها علي السرية وكان فيمن اسر الدليل فرات بن حبان فأسلم رضي الله عنه (باب) (1) (عن ابن عباس) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب تشييع الغازي واستقباله الخ من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 52 رقم 167 وانما ذكرته هنا لما فيه من ذكر كعب بن الأشرف اليهودي واليك تلخيص قصته كما رواه البخاري وابن اسحاق وموسي بن عقبة ونقله الحافظ ابن كثير في تاريخه في وقائع السنة الثالثة من الهجرة (قال ابن اسحاق) وكان كعب بن الأشرف رجلا من طئ ثم أحد بني نبهان وامه من بني النضير، وكان من حديثه ان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما انتصر ببدر اشتد حسده وبغضه وقدم مكة وجعل يحرضهم ويرثي من قتل منهم، ثم رجع الي المدينة فشبب بنساء المسلمين، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - من لكعب بن الأشرف؟ فانه قد آذي الله ورسوله، قال محمد بن سلمة يا رسول الله اتحب ان اقتله؟ قال نعم قال فأذن لي أن أقول شيئا، يعني مما يسر كعبا وان كان فيه شئ بالنسبة للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال قل، فرجع محمد بن مسلمة فمكث أياما مشغول النفس بما وعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قتل ابن الأشرف، فأتي ابا نائلة سلكان ابن سلامة بن وقش وكان أخا كعب بن الأشرف من الرضاعة وعباد بن بشر بن وقش، والحارث بن أوس ابن معاذ، وابا عيسي بن جبر فأخبرهم بما وعد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من قتل ابن الأشرف فاجابوه الي ذلك فقالوا كلنا نفعله، ثم أتوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالوا يا رسول الله انه لابد لنا أن نقول، قال قولوا ما بدا لكم فأنتم في حل من ذلك، فانطلقوا حتي أتوا حصن ابن الأشرف فقدموا بين أيديهم سلكان بن سلمان أبا نائلة الي عدو الله كعب بن الأشرف فجاءه فتحدث معه ساعة فتناشدا شعرا، وكان أبو نائلة يقول الشعر ثم قال ويحك يا ابن الأشرف اني قد جئتك لحاجة اريد ذكرها لك فاكتم عني قال افعل، قال كان قدوم هذا الرجل علينا بلاءا، عادتنا العرب ورمتنا عن قوس واحدة وقطعت عنا السبيل حتي ضاع العيال وجهدت الأنفس واصبحنا قد جهدنا وجهد عيالنا، فقال كعب أنا ابن الأشرف اما والله لقد كنت اخبرك يا ابن سلامة ان الأمر يصير الي ما أقول، فقال له سلكان اني قد اردت أن تبيعنا طعاما ونرهنك ونوثق

{أبواب ما جاء في غزوة احد} (باب ما رآه النبي صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم قبل وقعة أحد) (1)

_ لك وتحسن في ذلك، قال ترهنوني ابنائكم، قال لقد أردت أن تفضحنا، ان معي اصحابا لي علي مثل رأيي وقد أردت أن آتيك بهم فتبيعهم وتحسن في ذلك ونرهنك من الحلقة ما فيه وفاء، واراد سلكان ان لا ينكر السلاح اذا جاءوا بها، فقال انه في الحلقة لوفاء، قال فرجع سلكان الي أصحابه فأخبرهم خبره وأمرهم أن يأخذوا السلاح ثم ينطلقوا فيجتمعوا اليه، فاجتمعوا عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (قال ابن اسحاق) فحدثني ثور بن زيد عن عكرمة عن ابن عباس قال مشي معهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الي بقيع الغرقد فذكر حديث الباب، قال ثم رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي بيته وهو في ليلة مقمرة فانطلقوا حتي انتهوا إلي حصنه فهتف به أبو نائلة وكان حديث عهد بعرس، فوثب في ملحفته فأخذت امرأته بناحيتها وقالت انت امرؤ محارب وان أصحاب الحرب لا ينزلون في هذه الساعة، قال انه أبو نائلة لو وجدني نائما ما أيقظني، فقالت والله اني لأعرف في صوته الشر (وفي رواية البخاري) قالت (يعني امرأته) اسمع صوتا كأنه يقطر منه الدم قال انما هو أخي محمد بن سلمة ورضيعي أبو نائلة، ان الكريم لودعي الي طعنة بليل لأجاب، فنزل اليهم متوحشا وهو ينفح منه ريح الطيب، فقال محمد ما رأيت كاليوم ريحا اطيب، قال كعب عندي أعطر نساء العرب، فقال أتأذن لي أن أشم رأسك؟ قال نعم فشمه ثم اشم اصحابه، ثم قال اتأذن لي؟ قال نعم، فلما استمكن منه قال دونكم فقتلوه وأتوا النبي - صلى الله عليه وسلم - واخبروه (وجاء عند ابن اسحاق البغوي وغيرهم) ان الحارث ابن اوس اصيب بجرح في رأسه اصابه بعض اسياف اصحابه فخرجوا وقد ابطأ عليهم الحارث بن اوس ونزف الدم، فوقفوا له ساعة ثم اتي يتبع آثارهم فاحتملوه فجاءوا به الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - آخر الليل وهو قائم يصلي فسلموا عليه فخرج اليهم فاخبروه بقتل كعب وجاءوا برأسه اليه: وتفل علي جرح صاحبهم (وفي هذه السنة اعني الثالثة من الهجرة) تزوج رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم بحفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وتقدمت القصة في ذلك من حديث عمر رضي الله عنه في باب الترغيب في التزويج من ذي الدين الخ (من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر صحيفة 148 رقم 28 فارجع اليه (قال في بهجةالمحافل) وفيها تزوج عثمان أم كلثوم بنت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد أختها رقيه (قال وفيها تزوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت خزيمة) أم المساكين الهلالية ولبثت عنده شهرين أو ثلاثة وماتت، قال الشمني تزوجها في شهر رمضان علي رأس أحد وثلاثين شهرا من الهجرة ولبثت عنده صلي الله عليه وسلم ثلاثة أشهر علي الأصح، وماتت ودفنت بالبقيع رضي الله عنها (باب) (1) كانت هذه الغزوة في شوال سنة ثلاث من الهجرة، قاله الزهري وقتاد وموسي بن عقبة ومحمد بن اسحاق ومالك (قال ابن اسحاق) للنصف من شوال، وقال قتادة يوم السبت الحادي عشر منه، قال مالك وكانت الوقعة في أول النهار وهي علي المشهور التي انزل الله فيها قوله تعالي (واذ غدوت من أهلك تبوء المؤمنين مقاعد للقتال والله سميع عليم) الي قوله (وما كان الله ليطلعكم علي الغيب) وكان من حديث غزوة أحد علي ما ذكره علماء السير والمغازي انه لما أصيب يوم بدر كفار قريش أصحاب القليب ورجع فلهم الي مكة ورجع أبو سفيان بعيره مشي عبد الله بن أبي ربيعة وعكرمة بن أبي جهل وصفوان بن أمية في رجال من قريش ممن اصيب آباؤهم وابناؤهم واخوانهم يوم بدر فكلموا أبا سفيان.

(عن أبن عباس) (1) قال تنفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سيفه ذا الفقار يوم بدر وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد، فقال رأيت في سيفي ذي الفقار فلافأولته فلا (بفتح الفاء وتشديد اللام منونة) يكون فيكم (أي انهزاما) ورأيت أني مردف كبشا فأولته كبش الكتيبة، ورأيت أني في درع حصينة فأولتها المدينة ورأيت بقرا تذبح فبقر والله خير فبقر والله خير، فكان الذي قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (عن جابر بن عبد الله) (2) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال رأيت كأني في درع حصينة ورأيت بقرا منحرة (3) فأولت أن الدرع الحصينة المدينة وأن البقر هو والله خير (4)، قال فقال لأصحابه لو انا أقمنا بالمدينة فان دخلوا علينا فيها قاتلناهم؟

_ ومن كانت له في تلك العير من قريش تجارة فقالوا يا معشر قريش ان محمدا قد وتركم وقتل خياركم فاعينونا بهذا المال علي حربه لعلنا ندرك منه ثأرا ففعلوا، (قال ابن اسحاق) ففيهم كما ذكر لي بعض أهل العلم أنزل الله تعالي (ان الذين كفروا ينفقون أموالهم ليصدوا عن سبيل الله قسينفقونها ثم تكون عليهم حسرة ثم يغلبون: والذين كفروا الي جهنم يحشرون) قالوا فاجتمعت قريش لحرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين فعل ذلك ابو سفيان واصحاب العير وخرجت بحدها وحديدها وجدها واحابيشها ومن تابعها من بني كنانة وأهل تهامة وخرجوا معهم بالظعن التماس الحفيظة وان لا يفروا، وخرج ابو سفيان صخر بن حرب وهو قائد الناس ومعه زوجته هند بنت عتبة بن ربيعة، وخرج عكرمة بن ابي جهل بزوجته ابنة عمه ام حكيم بنت الحارث بن هشام بن المغيرة، وخرج عمه الحارث بن هشام بزوجته فاطمة بنت الوليد بن المغيرة، وخرج صفوان بن أمية ببرزة بنت مسعود بن عمرو بن عمير الثقفية، وخرج عمرو بن العاص بربطة بنت منية بن الحجاج، وهي ام ابنة عبد الله بن عمرو، وذكر غيرهم ممن خرج بامرأته وسار ابو سفيان في جمع من قريش حتي نزلوا ببطن الوادي الذي قبلي أحد، وكان رجال من المسلمين لم يشهدوا بدرا قد ندموا علي ما فاتاهم من السابقة وتمنوا لقاء العدو ليبلوا ما أبلي اخوانهم يوم بدر، فلما نزل ابوسفيان والمشركون باصل احد فرح المسلمون الذين لم يشهدوا بدرا بقدوم العدو عليهم وقالوا قد ساق الله الينا أمنيتنا: ثم إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أري ليلة الجمعة رؤيا منامية وهي التي ذكرها ابن عباس في حديث الباب ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال رأيت في سيفي ذي الفقار فلا (بفتح الفاء وتشديد اللام منونة) أي كسروا وذلك ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما جاءه المشركون يوم أحد كان رأيه أن يقيم بالمدينة فيقاتلهم فيها فقال له ناس لم يكونوا شهدوا بدرا نخرج يا رسول الله اليهم نقاتلهم باحد ورجوا ان يصيبهم من الفضيلة ما أصاب أهل بدر، فما زالو برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتي لبس أداته يعني أداة الحرب وهو السلاح، ثم ندموا وقالوا يا رسول الله أقم فالرأي رأيك، فقال ما ينبغي لنبي ان يضع أداته بعد ما لبسها حتي يحكم الله بينه وبين عدوه (1) (عن ابن عباس) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب رؤي النبي - صلى الله عليه وسلم - من كتاب تفسير الرؤيا في الجزء السابع عشر صحيفة 221 رقم 44 فارجع اليه ففيه (فبقر والله خير مرة واحدة وهو خطأ، وصوابه فبقر والله خير مرتين كما هنا فأصلح نسختك، وتأويل البقر ما أصاب أصحابه يوم أحد من استشهاد سبعين (وقوله ورأيت اني مردف كبشا فأولت كبش الكتيبة) (وفي رواية فأولت اني اقتل صاحب الكتيبة) يعني طلحة بن ابي طلحة صاحب لواء المشركين وقد كان ذلك (2) (سنده) حدثنا عبد الصمد وعفان قال حماد قال عفان في حدثيه أنا ابو الزبير وقال عبد الصمد في حديثه حدثنا ابو الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (3) اي مذبوحة (4) معناه استشهاد.

فقالوا يا رسول الله والله ما دخل علينا فيها في الجاهلية فكيف يدخل علينا فيها في الاسلام؟ قال عفان في حديثه فقال شأنكم اذاً (1) قال فلبس لامته قال فقالت الأنصار رددنا علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيه فجاءوا فقالوا يا نبي الله شأنك اذا، فقال إنه ليس لنبي إذا لبس لامته أن يضعها حتي يقاتل (عن أنس بن مالك) (2) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال رأيت فيما يري النائم كأني مردف كبشا وكأن ظبة (3) سيفي انكسرت فأولت أني أقتل صاحب الكتيبة (4) وأن رجلا من أهل بيتي يقتل (5) (باب خبر موقعة أحد وتنظيم الصفوف والقيادة ووجوب طاعة الامام وسوء مخالفته) (عن أبي أسحق) (6) أن البراء بن عازب قال جعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي الرماة (7) يوم أحد وكانوا خمسين رجلا عبد الله بن جبير (8) قال ووضعهم موضعاً وقال إن رأيتمونا تخطفنا الطير فلا تبرحوا حتي أرسل اليكم (9) ان رأيتمونا ظهرنا على العدو

_ أصحابه كما تقدم (1) قال ابن اسحاق لما قص رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رؤياه علي أصحابه قال لهم ان رأيتم ان تقيموا بالمدينة وتدعوهم حيث نزلوا فان اقاموا اقاموا بشر مقام، وان دخلوا علينا قاتلناهم فيها، وكان رأي عبد الله بن ابي بن سلول مع رأي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أن لا يخرج اليهم، فقال رجال من المسلمين ممن أكرم الله بالشهادة يوم أحد وغيرهم ممن كان فاته بدر يا رسول الله اخرج بنا الي أعدائنا لا يرون أنا جبنا عنهم وضعفنا، فلم يزل الناس برسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتي دخل فلبس لامته اي سلاح الحرب وذلك يوم الجمعة حين فرغ من الصلاة فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في الف من اصحابه، قال ابن هشام واستعمل علي المدينة ابن ام مكتوم، قال ابن اسحاق حتي اذا كان بالشوط بين المدينة وأحد انخزل عنه عبد الله ابن ابي بثلث الناس ممن تبعه من أهل النفاق، وقال اطاعهم وعصاني، فرجع بمن اتبعه من قومه من أهل النفاق والريب، ومضي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتي نزل الشعب من أحد في عدوة الوادي وفي الجبلي وجعل ظهره وعسكره الي أحد، وقال لا يقاتلن أحد حتي آمره، وسيأتي تفصيل ذلك في الباب التالي (تخريجه) لم أقف عليه من حديث جابر لغير الامام احمد ورواه الهيثمي وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (2) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس الخ (غريبه) (3) بضم الظاء المعجمة وفتح الموحدة ظبة السيف طرفه وحده (4) هذا تأويل قوله كأني مردف كبشا وصاحب الكتيبة هو طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين (5) هذا تأويل قوله كأن ظبة سيفي انكسرت يعني قتل حمزة رضي الله عنه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه البزار وأحمد باختصار وفيه علي بن زيد وهو ثقة سئ الحفظ وبقية رجالهما ثقات اه قلت ولفظ البزار أورده الهيثمي عن أنس قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رأيت فيما يري النائم كأن ظبة سيفي انكسرت وكأني مردف كبشا فأولت ان كسر ظبة سيفي قتل رجل من قومي واني مردف كبشا وأني اقتل كبش القوم فقتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طلحة بن أبي طلحة صاحب لواء المشركين وقتل حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه (باب) (6) (سنده) حدثنا حسن بن موسي ثنا زهير ثنا أبو اسحاق ان البراء بن عازب الخ (غريبه) (7) بضم الراء الذين يرمون بالنبل (8) هو عبد الله بن جبير بن النعمان اخو بني عمرو بن عوف أي جعله عليهم أميرا (9) معناه لا تتركوا

وأوطأناهم فلا تبرحوا حتي أرسل اليكم، قال فهزموهم قال فانا والله رأيت النساء يشتددن (1) علي الجبل وقد بدت سوقهن (2) وخلا خلهن رافعات ثيابهن؛ فقال أصحاب عبد الله بن جبير الغنيمة أي قوم الغنيمة (3) ظهر أصحابكم فما تنظرون؟ قال عبد الله بن جبير أنسيتم ما قال لكم رسول الله (4) - صلى الله عليه وسلم - قالوا انا والله لنأتين الناس فلنصيبن من الغنيمة (5) فلما أتوهم صرفت وجوهم (6) فأقبلوا منهزمين فذلك الذي يدعوهم الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أخراهم (7) فلم يبق مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غير اثني عشر رجلا (8) فأصابوا منا سبعين رجلا وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أصاب من المشركين يوم بدر أربعين ومائة، سبعين أسيرا وسبعين قتيلا، فقال أبو سفيان أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟ أفي القوم محمد؟ ثلاثا فنهاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يجيبوه، ثم قال أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن أبي قحافة؟ أفي القوم ابن الخطاب؟ أفي القوم ابن الخطاب؟ ثم أقبل علي أصحابه فقال أما هؤلاء فقد قتلوا وقد كفيتموهم، فما ملك عمر نفسه ان قال كذبت والله يا عدو الله ان الذين عددت لأحياء كلهم وقد بقي لك ما يسوءك، فقال يوم بيوم بدر (9) والحرب سجال، انكم ستجدون في القوم مثلة (10) لم آمر بها ولم تسؤني (11) ثم أخذ يرتجز أعل هبل أعل هبل (12) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا تجيبونه؟ قالوا يا رسول الله ما نقول؟ قال

_ مكانكم سواء رأيتم العدو تغلب علينا أو تغلبنا عليه (وقوله فهزموهم) يعني ان الرماة هزموا المشركين (1) بفتح التحتية وسكون الشين المعجمة وفتح الفوقية وكسر المهملة الأولي وسكون الثانية بعدها نون أي يسر عن المشي علي الجبل (2) أي ظهرت سوقهن جمع ساق (رافعات ثيابهن) ليعينهن ذلك علي سرعة الهرب، وتقدم ذكر اسمائهن في شرح الباب الأول (3) مفعول لفعل محذوف أي خذوا الغنيمة (4) يعني قوله - صلى الله عليه وسلم - (لا تبرحوا حتي أرسل اليكم) (5) وفي رواية فأبوا وقالوا لم يرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا قد انهزم المشركون فما مقامنا هاهنا؟ ووقعوا ينتهبون العسكر ويأخذون ما فيه من الغنائم، وثبت أميرهم عبد الله في نفر يسير دون العشرة مكانه وقال لا أجاوز امر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (6) أي عن قتال الكفار بالاشتغال بجمع الغنائم ونظر خالد بن الوليد الي خلاء الجبل وقلة أهله فكر بالخيل وتبعه عكرمة ابن أبي جهل وحملوا علي من بقي من الرماة فقتلوهم وقتلوا أميرهم عبد الله بن جبير وانهزم الذين اشتغلوا بجمع الغنائم وفروا هاربين لا يدرون أين يذهبون (7) يشير الي قوله تعالي (اذ تصعدون ولا تلوون علي أحد والرسول يدعوكم في اخراكم) (8) وفي رواية أربعة عشر رجلا سبعة من المهاجرين منهم أبو بكر الصديق وسبعة من الأنصار، وكان يوم بلاء وتمحيص اكرم الله فيه من أكرم من المسلمين بالشهادة حتي خلص العدو الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقذف بالحجارة حتي وقع لشقه وأصيبت رباعيته وشج في وجهه وكلمت شفته وجعل الدم يسيل علي وجهه (9) أي هذا يوم بمقابلة يوم بدر (والحرب سجال) أي توب توبة لك وتوبة لنا (10) بضم الميم وسكون المثلثة اي بمن استشهد من المسلمين كجدع الآذان والأنوف (11) معناه ما أمرت بفعلها ولم يسؤني فعلها (12) بضم الهمزة وسكون المهملة وضم اللام (هبل) أي يا هبل بضم الهاء وفتح الموحدة بعدها لام، اسم صنم كان في الكعبة اي أظهر دينك أو زد

قولوا الله أعلي وأجل، قال إن العزي (1) لنا ولا عزي لكم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا تجيبونه؟ قالوا يا رسول الله وما نقول؟ قال قولوا الله مولانا (2) ولا مولي لكم (عن عبيد الله) (يعني ابن عتبة) عن (ابن عباس) (3) أنه قال ما نصر الله تبارك وتعالي في موطن كما نصر في يوم أحد قال فأنكرنا ذلك: فقال ابن عباس بيني وبين من أنكر ذلك كتاب الله تبارك وتعالي ان الله عز وجل يقول في يوم أحد (ولقد صدقكم الله وعده (4) إذ تحسونهم باذنه) يقول ابن عباس والحس القتل (حتي اذا فشلتم _ الي قوله _ ولقد عفا عنكم والله ذو فضل علي المؤمنين) عني بهذا الرماة، وذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - اقامهم في موضع ثم قال احموا ظهورنا فان رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا وان رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا، فلما غنم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأباحوا عسكر المشركين اكب الرماة جميعا فدخلوا العسكر ينهبون وقد التفت صفوف أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهم كذا وشبك أصابع يديه والتبسوا (5) فلما أخل الرماة تلك الخلة (6) التي كانوا فيها دخلت الخيل من ذلك الموضع علي أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - فضرب بعضهم بعضا والتبسوا، وقتل من المسلمين ناس كثير، وقد كان لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه أول النهار حتي قتل من أصحاب لواء المشركين سبعة أو تسعة: وجال المسلمون جولة نحو الجبل ولم يبلغوا حيث يقول الناس الغاث وانما كانوا تحت المهراس (7) وصاح الشيطان قتل محمد فلم يشك فيه أنه حق فما زلنا كذلك ما نشك أنه قد قتل حتي طلع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بين السعدين (8) نعرفه بتكفئه (9) اذا مشي، قالوا ففرحنا حتي كأنه لم يصبنا ما أصابنا، قال فرقي نحونا وهو يقول اشتد غضب الله علي قوم دموا (10) وجه رسوله، قال ويقول مرة أخري اللهم إنه ليس لهم أن يعلونا حتي أنتهي الينا فمكث ساعة

_ علوا أي ليرتفع أمرك ويعز دينك فقد غلبت (1) تانيث الأعز بالزاي اسم صنم لقريش (2) أي ولينا وناصرنا (ولا مولي لكم) اي لا ناصر لكم فالله تعالي مولي العباد جميعا من جهة الأختراع وملك التصرف ومولي المؤمنين خاصة من جهة النصرة (تخريجه) (خ طل) (3) (سنده) حدثنا سليمان بن دواد انا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه عن عبيد الله عن ابن عباس الخ (غريبه) (4) اي بالنصر والظفر وذلك ان النصر كان للمسلمين في الابتداء (إذ تحسونهم) اي تقتلونهم قتلا ذريعا (بإذنه) أي بتسليطه اياكم عليه (حتي اذا فشلتم) قال ابن عباس الفشل الجبن (وتنازعتم في الأمر وعصيتم) كما وقع للرماة (من بعد ما أراكم ما تحبون) وهو الظفر بهم (منكم من يريد الدنيا) وهم الذين رغبوا في المغنم حين رأو الهزيمة (ومنكم من يريد الآخرة) يعني الذين ثبتوا مع عبد الله بن جبير حتي قتلوا (ثم صرفكم عنهم) أي ردكم عنهم بالهزيمة (ليبتليكم) ليمتحنكم وقيل لينزل البلاء عليكم (ولقد عفا عنكم) فلم يستاصلكم بعد المعصية والمخالفة منكم لأمر نبيكم (5) أي اختلطوا خالط بعضهم بعضا (6) بفتح الخاء المعجمة الفرجة (7) ماه بجبل أحد دفن بجواره حمزة عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (8) هكذا بالأصل والظاهر انهما مكانان في ذاك الموضع والله أعلم (9) التكفؤ التمايل الي قدام (10) أي أسالوا دمه يقال دماه

فإذا أبو سفيان يصيح في أسفل الجبل أعل هبل مرتين يعني آلهته أين ابن أبي كبشة (1) أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر يا رسول الله ألا أجيبه؟ قال بلي، قال فلما قال أعل هبل قال عمر الله أعلي وأجل، قال فقال أبو سفيان يا ابن الخطاب إنه قد أنعمت عينها (2) فعاد عنها أو فعال عنها، فقال أين ابن أبي كبشه؟ أين ابن أبي قحافة؟ أين ابن الخطاب؟ فقال عمر هذا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهذا أبو بكر وهذا أنا ذا عمر، قال فقال أبو سفيان يوم بيوم بدر، الأيام دول وإن الحرب سجال (3) قال فقال عمر لا سواء، قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، قال انكم لتزعمون ذلك لقد خبنا اذا وخسرنا، ثم قال أبو سفيان أما إنكم سوف تجدون في قتلاكم مثلا (4) ولم يكن ذاك عن رأي سراتنا (5) قال ثم أدركته حمية الجاهلية قال فقال أما إنه قد كان ذاك ولم نكرهه (عن ابن مسعود) (6) أن النساء كن يوم أحد خلف المسلمين يجهزن علي جرحي المشركين فلو حلفت يومئذ رجوت أن أبر إنه ليس أحد منا يريد الدنيا حتي أنزل الله عز وجل (منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة: ثم صرفكم عنهم ليبتليكم) فلما خالف أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وعصوا ما أمروا به أفر د رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في تسعة: سبعة من الأنصار ورجلين من قريش وهو عاشرهم فلما رهقوه (7) أيضا قال رحم الله رجلا ردهم عنا، فلم يزل يقول ذا حتى قتل

_ يدميه بتشديد الميم (1) قال في النهاية كان المشركون ينسبون النبي الي أبي كبشه وهو رجل من خزاعة خالف قريشا في عبادة الأوثان الشعري العبور فلما خالفهم النبي صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم في عبادة الأوثان شبهوه به، وقيل انه كان جد النبي - صلى الله عليه وسلم - من قبل امه فارادوا انه نزع في الشبه اليه (2) أي قرت قال في النهاية كان الرجل من قريش اذ أراد ابتداء أمر عمد الي سهمين فكتب علي احداهما نعم وعلي الآخر لا، ثم يتقدم الي الصنم ويجيل سهامه فان خرج سهم نعم اقدم، وان خرج سهم لا امتنع، وكان أبو سفيان لما أراد الخروج الي أحد أستفتي هبل فخرج له سهم الانعام فذلك قوله لعمر أنعمت فعال عنها أي تجاف عنها ولا تذكرها بسوء يعني آلهتهم، وقال في موضع آخر أنعمت فعال عنها أي أترك ذكرها فقد صدقت في فتواها وأنعمت أي أجابت بنعم، وأما قوله فعاد عنها فلم يذكره في النهاية، ومعناه ايضا تجاف عن ذكرها كما تقدم (3) بكسر السين المهملة جمع سجل بفتحها وسكون الجيم أي مرة لنا ومرة علينا (4) بفتح الميم وسكون الثاء المثلثة مصدر مثل بالقتيل من بابي ضرب ونصر اذا نكل به بجدع أنفه أو قطع اذنه أو نحو ذلك كمثل به تمثيلا (5) السراة بفتح المهملة جمع سري وهم الأشراف والكبراء (تخريجه) (ك طب) وصححه الحاكم وأقره الذهبي، ورواه ايضا ابن أبي حاتم والبيهقي في دلائل النبوة واورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه عبد الرحمن بن ابي الزناد وقد وثق علي ضعفه اه قال الحافظ ابن كثير وهو من مرسلات ابن العباس فانه لم يشهد احدا ولا أبوه قال وله شواهد من وجوه كثيرة (يعني في الصحاح) اشار الي بعضها في التفسير وفي التاريخ والله أعلم (6) (سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد حدثنا عطاء بن السائب عن الشعبي عن ابن مسعود الخ (غربيه) (7) يقال رهق بالكسر يرهقه رهقا أي غشيه وارهقه اي أغشاه اياه (نه) وقال النووي أي غشوه

السبعة، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - لصاحبيه ما أنصفنا أصحابنا (1) فجاء أبو سفيان فقال أعل هبل فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم قولوا الله أعلي وأجل، فقالوا الله أعلي وأجل، فقال أبو سفيان لنا عزي ولا عزي لكم، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قولوا الله مولانا والكافرون لا مولي لهم، ثم قال أبو سفيان يوم بيوم بدر، يوم لنا ويوم علينا ويوم نساء ويوم نسر، حنظلة بحنظلة وفلان بفلان وفلان بفلان فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا سواءا أما قتلانا فاحياء يرزقون، وقتلاكم في النار يعذبون، قال أبو سفيان قد كانت في القوم مثله وإن كانت لعن غير ملاء (2) منا، ما أمرت ولا نهيت ولا أحببت ولا كرهت ولا ساءني ولا سرني، قال فنظر وا فاذا حمزة قد بقر بطنه (3): فاخذت هند (4) كبده فلا كتها فلم تستطع أن تأكلها، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكلت منه شيئا؟ قالوا لا، قال ما كان الله ليدخل شيئا من حمزة النار، فوضع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمزة فصلي عليه وجئ برجل من الأنصار فوضع الي جنبه فصلي عليه، فرفع الأنصاري وترك حمزة، ثم جئ بآخر فوضع الي جنب حمزة فصلي عليه ثم رفع وترك حمزة، حتي صلي عليه يومئذ سبعين صلاة (باب ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد من كسر رباعيته وشج وجهه ووقاية الله عز وجل له بالملائكة وشدة غضبه علي من فعل به ذلك) (عن أنس بن مالك) (5) أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كسرت رباعيته (6) يوم أحد وشج في جبهته حتي سال الدم علي وجهه، فقال كيف يفلح قوم فعلوا هذا بنبيهم وهو يدعوهم إلي ربهم فنزلت الآية (ليس لك من الآمر شئ أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون) (7)

_ قربوا منه (1) أي ما أنصفت قريش الأنصار لكون القرشيين لم يخرجوا للقتال بل خرجت الأنصار واحدا بعد واحدا فقتلوا عن آخرهم هذه هي الرواية المشهورة ورواه بعضهم ما أنصفنا بفتح الفاء ورفع أصحاب فيكون الكلام راجعا الي الذين فروا أفاده النووي (2) أي عن غير تشاور من اشرافنا وجماعتنا (3) أي شق وفتح (4) هي هند بنت عتبة بن ربيعه زوجة ابي سفيان (فلاكتها) أي مضغتها (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه احمد وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط، وأورده أيضا الحافظ بن كثير في التفسير: وقال في التاريخ تفرد به احمد، وهذا إسناد فيه ضعف أيضا من جهة عطاء بن السائب (قلت) قال في التهذيب وثقه احمد والنسائي، وقال ابن معين جميع من روي عن عطاء في الاختلاط الا شعبة وسفيان. قال ابن عدي واختلاطه في آخر عمره اه تهذيب (وفي المواهب اللدنية) نظر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي حمزة وقد بقر بطنه عن كبده وجدع أنفه واذناه فلم ينظر إلي شئ أوجع لقلبه منه، فقال رحمة الله عليك فقد كنت فعولا للخير وصولا للرحم، وممن مثل به كما مثل بحمزة ابن أخته عبد الله بن جحش ودفن معه في قبر واحد (باب) (5) (سنده) حدثنا هشيم أنا حميد الطويل عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (6) هي بتخفيف الياء التحتية وهي السن التي تلي الثنية من كل جانب، وللانسان أربع رباعيات، وفي هذا وقوع الابتلاء بالأنبياء عليهم الصلاة والسلام لينالوا جزيل الأجر وشرف أممهئم وغيرهم مما أصابهم (قال القاضي عياض) وليعلم أنهم من البشر تصيبهم محن الدنيا ويطرأ علي أجسامهم ما يطرأ علي أجسام البشر ليتيقنوا أنهم مخلوقات مربوبون ولا يفتتن بما ظهر علي أيديهم من المعجزات وتلبيس الشيطان من أمرهم ما لبسه علي للنصاري وغيرهم (7) قيل أراد النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يدعوا عليهم

(وعنه من طريق ثان بنحوه وفيه) (1) ورمي رمية علي كتفه فجعل الدم يسيل علي وجهه وهو يقول كيف تفلح أمة فعلوا هذا بنبيهم الحديث (2) (عن أبي هريرة) (3) قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اشتد غضب الله علي قوم فعلوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو حيئذ يشير الي رباعيته (4) وقال اشتد غضب الله عز وجل علي رجل يقتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبيل الله (5) (عن سعد بن أبي وقاص) (6) قال لقد رأيت عن يمين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وعن يساره يوم أحد

_ ـبالاستئصال فنزلت هذه الآية، وذلك لعلم الله عز وجل بان كثيرا منهم يسلمون (1) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون انا حميد عن أنس ان النبي - صلى الله عليه وسلم - شج في وجهه يوم واحد وكسرت رباعيته ورمي رمية علي كتفه الخ (2) يعني بقيته كما نقدم في الطريق الأولي (تخريجه) (ق. وغيرهما) (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به ابو هريرة عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فذكر احاديث منها قال قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (4) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه قال الواقدي ثبت عندي ان الذي رمي في وجنتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ابن قمئة، والذي رمي في شفته وأصاب رباعيته عتبة بن أبي وقاص قال وقد تقدم عن ابن اسحاق نحو هذا وان الرباعية التي كسرت له عليه السلام هي اليمني السفلي (قلت) اما ابن قمئة فقد جاء في المواهب اللدنية عن ابي امامة قال رمي عبد الله بن قمئة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد فشج وجهه وكسر رباعيته فقال خذها وانا ابن قمئة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يمسح الدم عن وجهه أقمأك الله فسلط الله عليه تيس جبل فلم يزل ينطحه حتي قطعه قطعة قطعة (وأما عتبة بن ربيعة بن أبي وقاص) فقد روي عبد الرزاق بسنده عن مقسم ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا علي عتبة بن أبي وقاص حين كسر رباعيته ودمي وجهه فقال اللهم لا يحول عليه الحول حتي يموت كافراً. فما حال عليه الحول حتي مات كافراً الي النار (5) يعني ابي بن خلف قتله النبي - صلى الله عليه وسلم - في غزوة احد، قال الحافظ ابن كثير في تاريخه قال أبو الأسود عن هروة بن الزبير قال كان ابي بن خلف أخو جمح قد حلف وهو بمكة ليقتلن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما بلغت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حلفته قال بل أنا أقتله ان شاء الله: فلما كان يوم أحد أقبل ابي في الحديد مقنعا وهو يقول لا نجوت ان نجا محمدا فحمل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يريد قتله فاستقبله مصعب بن عمير اخو بني عبد الدار يقي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بنفسه فقتل مصعب بن عمير وأبصر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترقوة ابي بن خلف من فرجة بين سابغه الدرع والبيضة فطعنه فيها بالحربة فوقع الي الارض عن فرسه ولم يخرج من طعنه دم، فاتاه أصحابه فاحتملوه وهو يخور خوار الثور، فقالوا له ما اجزعك انما هو خدش فذكر لهم قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا اقتل ابيا، ثم قال والذي نفسي بيده لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون، فمات الي النار فسحقا لاصحاب السعير، (قال الواقدي) وكان ابن عمر يقول مات ابي بن خلف ببطن رابغ فاني لأسير ببطن رابغ بعد هوي من الليل اذا أنا بنار تأججت فهبتها واذا برجل يخرج منها بسلسلة يجذبها يهيهجه العطش، فاذا رجل يقول لا تسقه فانه قتيل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذا ابي بن خلف (تخريجه) (ق. وغيرهما) وذكر ابن اسحاق ان النبي - صلى الله عليه وسلم - خدش ابي بن خلف (يعني بالحربة) خدشا غير كبير فاحتقن الدم فقال قتلني والله محمد، فقالوا له ذهب والله فؤادك والله ان بك بأس (اي ما بك بأس) قال انه قد كان، قال لي بمكة أنا أقتلك، فوا الله لو بصق علي لقتلني فمات عدو الله * وهم قافلون الي مكة (6) (سنده)

رجلين عليهما ثياب بيض يقاتلان عنه كأشد القتال، ما رأيتهما قبل ولا بعد (1) (باب ما جاء في أمور شتي تتعلق بالقتال والمقاتلين وشهداء أحد) (عن أنس) (2) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أخذ سيفا يوم أحد فقال من يأخذ هذا السيف؟ فأخذه قوم فجعلوا ينظرون اليه، فقال من يأخذه بحقه؟ فأحجم القوم، فقال أبو دجانه (3) سماك أنا آخذه بحقه ففلق هام المشركين (عن السائب بن يزيد) (4) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ظاهر بين درعين (5) يوم أحد (عن جابر ابن عبد الله) (6) قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول اذا ذكر أصحاب أحد اما والله لوددت أني غودرت مع أصحابي نخص (7) الجبل يعني صفح الجبل (وعنه أيضا) (8) أن قتلي أحد حملوا من مكانهم فنادي منادي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ردوا القتلي الي مضاجعها (وعنه ايضا) (9) قال استشهد أبي بأحد فأرسلني اخواتي اليه بناضح لهن فقلن اذهب فاحتمل أباك علي هذا الجمل فادفنه في مقبرة بني سلمة، قال فجئته وأعوان لي فبلغ ذلك نبي الله - صلى الله عليه وسلم - وهو جالس بأحد فدعاني

_ حدثنا سليمان بن دواد الهاشمي أنبأنا ابراهيم بن سعد عن أبيه عن أبيه عن سعد بن أبي وقاص الخ (وقوله في السند عن أبيه عن أبيه معناه) ان ابراهيم بن سعد يرويه عن أبيه سعد بن ابراهيم وأبوه سعد يرويه عن ابيه ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف وابراهيم بن عبد الرحمن يرويه عن سعد بن أبي وقاص (غريبه) (1) زاد عند مسلم هما جبريل وميكائيل، وهذا يرد قول من قال ان الملائكة لم تقاتل معه الا يوم بدر وكانوا يكونون فيما سواه عددا ومددا (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (2) (سنده) حدثنا يزيد ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس: وعفان ثنا حماد ثنا ثابت عن انس (يعني ابن مالك) الخ (3) هو سماك بن خرشة (بفتحات) اخو بني ساعدة، جاء عند ابن اسحاق فقال (يعني أبا دجانه) وماحقه يا رسول الله؟ قال ان تضرب به في العدو حتي ينحني قال أنا آخذه يا رسول الله بحقه فأعطاه اياه: هكذا ذكره ابن اسحاق منقطعا (تخريجه) (م) (4) (سنده) حدثنا يزيد بن خصيفة عن السائب بن يزيد ان شاء الله ان النبي - صلى الله عليه وسلم - ظاهر بين درعين يوم احد وحدثنا به مرة أخري فلم يستثن فيه (غريبه) (5) أي جمع بينهما ولبس احداهما فوق الأخري وكأنه من التظاهر بمعني التعاون والتساعد كأن جعل احداهما ظهارة والأخري بطانة، ومنه يعلم أن مباشرة الأسباب لا تنافي التوكل (وقوله في الحديث فلم يستثن) أي لم يقل ان شاء الله (تخريجه) (اخرجه ابن ماجه) هكذا حدثنا هشام بن سوار ثنا سفيان بن عيينة عن يزيد ابن خصيفة عن السائب بن يزيد ان شاء الله تعالي ان النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم احد أخذ درعين كأنه ظاهر بينهما قال البوصيري في زوائد ابن ماجه اسناده صحيح علي شرط البخاري (6) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا ابي عن ابن اسحاق حدثني عاصم بن عمرو بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر بن عبد الله عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (7) بضم النون وسكون المهملة بعدها صاد مهملة مفتوحة (قال في النهاية) النحص أصل الجبل وسفحه واراد باصحاب نحص الجبل قتلي أحد وغيرهم من الشهداء اي يا ليتني استشهدت معهم والمغادرة الترك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، غير ابن اسحاق وقد صرح بالسماع اه يعني ان الحديث صحيح (8) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن الأسود بن قيس عن نبيح عن جابر ان قتلي أحد الخ (تخريجه) (الأربعة) وابن حبان وحسنه الترمذي (9) (وعنه ايضا الخ) هذا الحديث

وقال والذي نفسي بيده لا يدفن الا مع اخوته فدفن مع أصحابه بأحد (عن ابن عباس) (1) قال امر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد بالشهداء أن ينزع عنهم الحديد والجلود وقال ادفنوهم بدمائهم وثيابهم (باب ما جاء في مقتل حمزة بن عبد المطلب عم النبي - صلى الله عليه وسلم - ومن قتله وسبب ذلك) (حدثنا حجين بن المثني ابو عمر) (2) قال حدثنا عبد العزيز يعني ابن عبد الله بن أبي سلمة (3) عن عبد الله بن الفضل عن سليمان بن يسار عن جعفر بن عمرو الضمري (4) قال خرجت مع عبيد الله بن عدي بن الخيار (5) إلي الشام فلما قدمنا حمص قال لي عبيد الله هل لك في وحشي (6) نسأله عن قتل حمزة؟ قلت نعم، وكان وحشي يسكن حمص فسألنا عنه فقيل لنا هو ذاك في ظل قصره كانه حميت (7) قال فجئنا حتي وقفنا عليه فسلمنا فرد علينا السلام، قال وعبيد الله معتجر (8) بعمامة ما يري وحشي الا عينيه ورجليه، فقال عبيد الله يا وحشي أتعرفني؟ قال فنظر اليه ثم قال لا والله الا اني أعلم أن عدي بن الخيار تزوج امرأة يقال لها أم قتال ابنة أبي العيص فولدت له غلاما بمكة فأسترضعه (9) فحملت ذلك الغلام مع أمه فناولتها اياه فلكأني نظرت الي قدميك (10) قال فكشف عبيد الله وجهه ثم قال ألا تخبرنا بقتل حمزة؟ قال نعم، إن حمزة قتل طعيمة بن عدي ببدر فقال لي مولاي جبير بن مطعم ان قتلت حمزة بعمي فأنت حر، فلما خرج الناس يوم عينين (11) قال وعينين جبل تحت أحد (12) وبينه وبينه واد خرجت الناس الي القتال فلما أن اصطفوا للقتال خرج سباع (13) فقال هل من مبارز؟ (14) قال فخرج اليه حمزة بن عبد المطلب فقال سباع بن أم انمار؟ (15) يا ابن مقطعة البظوز (16) اتحاد الله ورسوله؟ ثم شد عليه فكان كأمس

_ تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الميت ينقل الخ من كتاب الجنائز في الجزء الثامن صحيفة 149 رقم 230 فارجع اليه (1) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب تكفين الشهيد في ثيابه التي قتل فيها من كتاب الجنائز في الجزء السابع صحيفة 186 رقم 140 فارجع اليه (باب) (2) (حدثناحجين بن المثني أبو عمر الخ) (غريبه) (3) في الأصل اسامة وهو خطأ وصوابه سلمة كما عند البخاري وغيره (4) يعني ابن عمرو بن أمية الضمري بفتح الضاد المعجمة مشددة (5) بكسر المعجمة وتخفيف التحتية بن عدي بن نوفل بن عبد مناف القرشي (6) بفتح الواو وسكون الحاء المهملة وكسر الشين المعجمة وتشديد التحتية ابن حرب الحبشي مولي جبير بن مطعم (7) بحاء مهملة مفتوحة فميم مكسورة فتحتية ساكنة ففوقيه علي وزن رغيف كبير زق كبير للسمن يشبه به الرجل السمين (8) بضم الميم وسكون العين المهملة وفتح الفوقية وبعد الجيم المكسورة راء (بعمامته) أي لفها علي رأسه من غير ان يديرها تحت حنكه (9) أي اطلب له من يرضعه (10) يعني انه شبه قدميه بقدمي الغلام الذي حمله فكان هو هو وكان بين الرؤيتين نحو من خمسين سنة (11) تثنية عين أي عام وقعة أحد (12) أي من ناحيته (13) بكسر السين المهملة وتخفيف الموحدة ابن عبد العزي الخزاعي (14) جاء في الأصل فقال من مبارز وهو خطأ سقط لفظ هل من الناسخ أو الطابع وصححناه من البخاري وغيره (15) جاء عند البخاري فقال (يا سباع يا ابن أنمار) قال القسطلاني بفتح الهمزة وسكون النون وفتح الميم وبعد الالف راء هي أمه وكانت مولاة لشريف بن عمرو الثقفي والد الأخنس (16) بضم الموحدة والظاء

الذاهب واكمنت لحمزة تحت صخرة (1) حتي اذا مر علي فلما أن دنا مني رميته فأضعها في ثنته (2) حتي خرجت من بين وركيه، قال فكان ذلك العهد به (3) قال فلما رجع الناس رجعت معهم قال فأقمت بمكة حتي فشا فيها الاسلام، قال ثم خرجت الي الظائف (4) قال فأرسل إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - (5) قال وقبل له انه لا يهيج (6) الرسل قال فخرجت معهم حتي قدمت علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فلما رآني قال أنت وحشي؟ قال قلت نعم، قال أنت قتلت حمزة؟ قال قلت قد كان في الأمر ما بلغك يا رسول الله اذ قال ما تستطيع أن تغيب عني وجهك؟ قال فرجعت، فلما توفي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وخرج مسيلمة (7) الكذاب قال قلت لاخرجن الي مسيلمة لعلي اقتله فاكافئ به حمزة، قال فخرجت مع الناس فكان من امرهم ما كان، قال فاذا رجل قائم في ثلمة (8) جدار كأنه جمل أورق (9) ثائر رأسه قال فأرميه بحربتي فاضعها بين ثدييه حتي خرجت من كتفيه؛ قال ودب اليه رجل من الأنصار (10) قال فضربه بالسيف علي هامته (11) قال عبد الله بن المفضل فاخبرني سليمان بن يسار انه سمع عبد الله بن عمر فقالت جارية علي ظهر بيت وأمير المؤمنين (12) قتله العبد الأسود {حوادث السنة الرابعة من الهجرة} {باب ما جاء في سرية عاصم بن ثابت واستشهاده مع خبيب (1)}

_ المعجمة جمع بظر وهو اللحمة التي تقطع من فرج المرأة الكائنة بين اسكيتها عند ختانها وكانت تختن النساء بمكة فعيره بذلك (ومقطعة بكسر الطاء المهملة) (وقوله اتحاد الله ورسوله) بفتح الهمزة وضم الفوقية وفتح الحاء المهملة وبعد الالف دال مهملة مشددة اي اتعاندهما وتعاديهما (1) اي اختبأت (2) بضم المثلثة وتشديد النون بعدها فوقية في عانته (3) يعني مات (4) أي هاربا لما افتتح رسول الله مكة (5) هكذا الاصل (فارسل الي النبي ص) وجاء عند البخاري في هذا الحديث نفسه (فارسلوا إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رسولا، وفي رواية رسلا، فقيل لي إنه لا يهيج الرسل الخ والله أعلم (وعند ابن اسحاق) فلما خرج وفد أهل الطائف الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليسلموا ضاقت علي الأرض وقلت الحق بالشام أو باليمن أو ببعض البلاد فاني في ذلك اذ قال رجل ويحك انه والله ما يقتل أحداً من الناس دخل في دينه (6) بفتح الياء التحتية اي لا ينالهم من مكروه (7) بكسر اللام صاحب اليمامة علي أثر وفاة النبي - صلى الله عليه وسلم - وادعي النبوة وجمع جموعا كثيرة لقتال الصحابة، وجهز له ابو بكر الصديق رضي الله عنه جيشا وأمر عليهم خالد بن الوليد (8) بفتح المثلثة وسكون اللام اي خلل جدار (9) اي اسمر لونه كالرماد (ثائر رأسه) أي مننشر شعره (10) جزم الحاكم والواقدي واسحاق بن راهويه انه عبد الله بن زيد بن عاصم المازني، وجزم سيف في كتاب الردة انه عدي بن سهل، وقيل أبو دجانة والأول أشهر (11) أي رأسه (12) ذكرته بلفظ الامرة وان كان يدعي الرسالة لما رأته من أن أمور أصحابه الذين آمنوا به كلهم كانت اليه وأطلقت علي أصحابه المؤمنين باعتبار ايمانهم به ولم تقصد الا تلقيبه بذلك والله أعلم (هذا) وفي الباب احاديث أخري تتعلق بحمزة رضي الله عنه تقدمت في أبواب الغسل والتكفين من كتاب الجنائز فارجع اليها (باب) (1) ترجم لها البخاري فقال باب غزوة الرجيع، والرجيع بفتح الراء وكسر الجيم اسم موضع من بلاد هذيل كانت الوقعة بالقرب منه سنة أربع قاله القسطلاني (وفي بهجة المحافل) هو ماء لهذيل

(عن أبي هريرة) (1) بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة رهط عينا (2) وأمر عليهم عاصم بن ثابت بن أبي الأفلج جد عاصم بن عمرو بن الخطاب (3) رضي الله عنه فانطلقوا حتي اذا كانوا بالهدة (4) بين عسفان ومكة ذكروا حيا من هذيل يقال لهم بنو لحيان فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم حتي وجدوا مأكلهم التمر في منزل نزلوه، قالوا نوي تمر يثرب فاتبعوا آثارهم، فلما أخبر بهم عاصم وأصحابه لجأوا إلي فدفه (5) فاحاط بهم القوم فقالوا لهم انزلوا وأعطونا ما بايديكم ولكم العهد والميثاق أن لا نقتل منكم أحدا، فقال عاصم بن ثابت أمير القوم أما أنا والله لا أنزل في ذمة كافر: اللهم أخبر عنا نبيك - صلى الله عليه وسلم - (6) فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما في سبعة ونزل اليهم ثلاثة نفر علي العهد والميثاق، منهم خبيب الأنصاري وزيد بن الدثنة ورجل آخر، فلما تمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها، فقال الرجل الثالث هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لي بهؤلاء لأسوة، فجرروه وعالجوه فأبي أن يصحبهم فقتلوه، فانطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة حتي باعوهما بمكة بعد وقعة بدر، فابتاع بنو الحارث بن عامر بن نوفل بن عبد مناف خبيبا وكان خبيب هو قتل الحارث بن عامر بن نوفل يوم بدر فلبث خبيب عندهم أسيراً حتي أجمعوا قتله، فاستعار من بعض. بنات الحارث موسي يستحد بها للقتل فاعارته إياها، فدرج بني لها قالت وأنا غافلة حتي أتاه فوجدته يجلسه علي فخذه والموسي بيده، قالت ففزعت فزعة عرفها خبيب، قال اتخشين أني أقتله؟ ما كنت لأفعل؛ فقالت والله مارأيت أسيرا قط خير اً من خبيب، قالت والله لقد وجدته يوما يأكل قطفا من عنب في يده وإنه لموثق في الحديد وما بمكة من ثمرة، وكانت تقول انه لرزق رزقه الله خبيبا

_ ـبين عسفان ومر الظهران: وعسفان علي مرحلتين من مكة (1) (سنده) حدثنا سليمان بن دواد انا ابراهيم ابن سعد عن الزهري: ويعقوب قال حدثنا أبي عن ابن شهاب قال ابي وهذا حديث سليمان الهاشمي عن عمرو ابن اسيد بن جارية الثقفي حليف بني زهرة وكان من أصحاب أبي هريرة ان أبا هريرة قال بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عشرة رهط الخ (غريبه) (2) أي يتجسسون له أخبار قريش سمي منهم عاصم وحبيب ابن عدي ومرثد بن أبي مرتد الغنوي وخالد بن بكير وعبد الله بن طارق وزيد بن الدثنة ومعتب بن عبيد بن اياس البلوي (وفي تفسير البغوي وغيره) ان قريشا بعثوا الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو بالمدينة أنا قد أسلمنا فابعث الينا نفرا من علماء اصحابك يعلموننا دينك، وكان ذلك مكرا منهم، فبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحاب السرية اليهم (3) قال الحافظ عبد العظيم غلط عبد الرزاق وابن عبد البر فقالا في عاصم هذا هو جد عاصم بن عمرو بن الخطاب وذلك وهم، وانما هو خال عاصم، لأن أم عاصم بن عمر جميلة بنت ثابت وعاصم هو أخو جميلة: ذكر ذلك الزبير القاضي وعمه مصعب الامامان في علم النسب (4) كذا بالاصل الهدة وفي المعجم لياقوت الهدأة قال كما ذكره البخاري في قتل عاصم قال وهو موضع بين عسفان ومكة وكذا ضبطه ابو عبيد البكري الاندلسي، وقال أبو حاتم يقال لموضع بين مكة والطائف الهدة بغير الف وهو غير الأول ذكر معه لنفي الوهم اه (5) بفتح الفائين بينهما دال مهملة ساكنة آخره دال أخري أي رابية مشرفة (6) سيأتي في الحديث فاستجاب الله تعالي لعاصم فأخبر رسوله خبره فاخبر أصحابه بذلك

فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه في الحل قال لهم خبيب دعوني أركع ركعتين، فركع ركعتين ثم قال والله لولا أن تحسبوا أن ما بي جذعا من القتل لزدت، اللهم أحصهم (1) عددا واقتلهم بددا (2) ولا تبق منهم أحدا فلست أبالي حين أقتل مسلماً ... علي أي جنب كان لله مصرعي وذلك في ذات الإله (3) وإن يشأ ... يبارك علي أوصال (4) شلو ممزع ثم قال اليه أبو سروعة عقبة بن الحارث فقتله: وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل صبرا الصلاة (5) واستجاب الله عز وجل لعاصم بن ثابت يوم أصيب فاخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصحابه يوم أصيبوا اخبرهم وبعث ناس من قريش الي عاصم بن ثابت حين حدثوا أنه قتل ليؤتي بشئ منه يعرف (5) وكان قتل رجلا من عظمائهم (6) يوم بدر فبعث الله عز وجل علي عاصم مثل الظلة من الدبر (7) فحمته من رسلهم فلم يقدروا علي أن يقطعوا منه شيئاً

_ يوم أصيب (1) بقطع الهمزة والحاء والصاد المهملتين أي اهلكهم بحيث لا تبقي من عددهم أحدا (2) روي بفتح الباء الموحدة أي متفرقين وبكسرها جمع بدة وهي القرحه والقطعة من الشئ المبدد ونصبه علي الحال من المدعو عليهم (3) أي طاعته وفيه دليل علي جواز اطلاق الذات عليه تعالي (4) أي أعضاء جمع وصل وهو العضو (شلو) بكسر المعجمة الجسد (ممزع) بزاي ثم مهملة أي مقطع وقيل مفرق (5) قال السهيلي وانما صار فعل خبيب سنة حسنة والسنة انما هي أقوال من النبي - صلى الله عليه وسلم - وأفعال وإقرار لانه فعلها في حياته عليه السلام فاستحسن ذلك من فعله واستحسنه المعلمون مع أن الصلاة خير ما ختم به عمل العبد (قال ابن اسحاق) وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية ليقتله بابيه فبعثه مع مولي له يقال له نسطاس الي التنعيم واخرجه من الحرم ليقتله واجتمع رهط من قريش فيهم أبو سفيان بن حرب فقال له ابو سفيان حين قدم ليقتل انشدك بالله يا زيد أتحب أن محمدا الآن عندنا مكانك تضرب عنقه وانك في أهلك؟ قال والله ما أحب أن محمدا الآن في مكانه الذي هو فيه تصيبه شوكة تؤذيه وإني جالس في أهلي، قال يقول أبو سفيان ما رأيت من الناس أحدا يحب أحدا كحب أصحاب محمد محمدا، قال ثم قتله نسطاس (5) أي يعرف به أنه قتل، وعند البخاري بشئ من جسده يعرفونه (6) قيل هو عقبة بن أبي معيط فان عاصما قتله صبرا بأمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أن أنصرفوا من بدر (وفي تفسيره البغوي) فلما قتلوه أرادوا حز رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعد بن سهيل وكانت قد نذرت حين أصاب ابنها يوم احد لئن قدرت علي رأس عاصم لتشربن في قحفه الخمر (7) بفتح المهملة وسكون الموحدة وهي الزنابير، وقيل ذكور النحل وقيل جماعة النحل (روي ابن اسحاق) عن محمد بن ابي محمد عن سعيد أو عكرمة عن ابن عباس قال لما قتل أصحاب الرجيع قال ناس من المنافقين يا ويح هؤلاء المفتونين هلكوا هكذا لاهم اقاموا في اهلهم ولاهم ادوا رسالة صاحبهم، فانزل الله فيهم (ومن الناس من يعجبك قوله في الحياة الدنيا ويشهد الله علي ما في قلبه وهو ألد الخصام) وما بعدها (وانزل الله في أصحاب السرية) (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله والله رءوف بالعباد) اه انظر تفسير ابن كثير والبغوي تجد شيئا كثيرا

(باب سرية بئر معونة (1) وهي التي قتل فيها القراء رضي الله عنهم) (عن أنس) (2) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما بعث حراما خاله اخا أم سليم في سبعين رجلا فقتلوا يوم بئر معونة (3) وكان رئيس المشركين يومئذ عامر بن الطفيل (4) وكان هو أني النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال اختر مني ثلاث خصال: يكون لك أهل السهل (5) ويكون لي أهل الوبر (6) أو أكون خليفة من بعدك أو أغزوك بغطفان (7) بالف أشقر والف شقراء (8) قال نطعن في بيت امرأة من بني فلان (9) فقال غدة كغدة البعير (10) في بيت امرأة من بني فلان، إيتوني بفرسي، فأتي به فركبه فمات وهو علي ظهره (11) فانطلق حرام أخو أم سليم رضي الله عنهما ورجلان معه (12)، رجل من بني أمية

_ (تخريجه) (خ طل) والغبوي وابن اسحاق وغيرهم (باب) (1) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه كانت في صفر منها (يعني من السنة الرابعة من الهجرة) قال وأغرب مكحول رحمه الله حيث قال انها كانت بعد الخندق (وفي رواية) عن ابن اسحاق قال فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعني بعد أحد بقية شوال وذا القعدة وذا الحجة والمحرم ثم بعث اصحاب بئر معونة في صفر علي رأس أربعة أشهر من احد (2) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا اسحاق عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (غريبه) سببه كما رواه الأمام احمد والبخاري وغيرهما من حديث انس ايضا أن نبي الله - صلى الله عليه وسلم - اتاه رعل وذ كوان وعصية وبنو لحيان فزعموا انهم قد اسلموا فاستمدوه علي قومهم فأمدهم نبي الله - صلى الله عليه وسلم - يومئذ بسبعين من النصار، قال انس كنا نسميهم في زمانهم القراء كانوا يحتطبون بالنهار ويصلون بالليل فانطلقوا بهم حتي اذا أتوا بئر معونة غدروا بهم فقتلوهم الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في أول أبواب القنوت من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صحيفة 296 رقم 691 فارجع اليه (4) بضم الطاء المهملة وفتح الفاء يعني ابن مالك بن جعفر بن كلاب العامري وهو غير عامر بن الطفيل الأسلي فان هذا مات كافرا وذاك (يعني الأسلمي) كان صحابيا (5) اي سكان البوادي (6) هكذا بالأصل (أهل الوبر) وجاء عند البخاري (اهل المدر) بفتح الميم والدال المهملة وهم سكان البلاد والمدن، اما اهل الوبر فهم سكان البوادي والظاهر انه وقع تحريف من الناسخ او الطابع في قوله الوبر بدل المدر والله أعلم (7) اي باهل غطفان كما صرح بذلك في رواية البخاري وغطفان بفتحات قبيلة من العرب (8) الشقرة من الألوان حمرة تعلو بياضا في الأنسان، وحمرة صافية في الخبل قاله ابن فارس، فقوله الف اشقر والف شقراء يعني من ذكور الخيل واناثها، روي ان النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عند ذلك اللهم اكفني عامرا (9) اي اصابه الطاعون (في بيت أمرأة من بني فلان) اي من بني سلول كما عند الطبراني (10) قال أهل الغة الغدة طاعون الابل تأخخذهم في مراقيهم (بتشديد القاف مكسورة) اي في اسفل بطونهم وقلما تسلم منه (11) كانت اصابته هذه بعد استشهاد حرام خال انس وصحبه، قال الدوادي وكانت هذه من حماقات عامر فأماته الله بذلك ليصغر اليه نفسه (12) الظاهر من السباق ان النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أرسل حرام بن ملحان ومن معه اعني السبعين رجلا الي عامر بن الطفيل ساروا حتي نزلوا بئر معونة (وقال ابن اسحاق) وهي بين أرض بني عامر وحرة بني سليم قال فلما نزلوا بعثوا حرام بن ملحان بكتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الي عامر بن الطفيل فلما أتاه لم ينظر في الكتاب حتي عدا علي الرجل فقتله، هكذا ذكره ابن اسحاق، وهذا يوضح قوله هنا فانطلق حرام

ورجل أعرج (1) فقال لهم كونوا قريبا مني حتي آتيهم، فان آمنوني والا كنتم قريبا فان قتلوني أعلمتم أصحابكم قال فأتاهم حرام فقال أتومنوني أبلغكم رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليكم (2) قالوا نعم فجعل يحدثهم واومئوا (3) الي رجل منهم من خلفه فطعنه حتي أنفذه (4) بالرمح قال الله أكبر فزت ورب الكعبة (5) قال ثم قتلوهم كلهم (6) غير الأعرج كان في رأس جبل، قال أنس فأنزل علينا وكان مما يقرأ فنسخ (7) (أن بلغوا قومنا أنا لقينا ربنا فرضي عنا وأرضانا) قال فدعا النبي - صلى الله عليه وسلم - عليهم أربعين صباحا علي رعل وذكوان وبني لحيان (8) وعصية الذين عصوا الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم - (عن ثابت) (9) قال كنا عند أنس بن مالك (رضي الله عنه) فكتب كتابا بين أهله فقال اشهدوا يا معشر القراء قال ثابت فكأني كرهت ذلك فقلت يا أبا حمزة لو سميتهم باسمائهم؟ قال وما بأس ذلك إن أقل لكم قراء، أفلا أحدثكم عن اخوانكم الذين كنا نسميهم علي عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - القراء؟ فذكر أنهم كانوا سبعين فكانوا اذا جنهم الليل انطلقوا الي معلم لهم بالمدينة فيدرسون الليل (10) حتي يصبحوا فاذا أصبحوا فمن كانت له قوة استعذب من الماء وأصاب من الحطب (11) ومن كانت عنده سعة اجتمعوا فاشتروا الشاة وأصلحوها فيصبح ذلك معلقا بحجر (12) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما أصيب خبيب (13) بعثهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأتوا علي حي من بني سليم وفيهم خالي حرام (14) فقال حرام لأميرهم (15) دعني فلأخبر هؤلاء أنا لسنا إياهم نريد

_ اخوام سليم ورجلان معه الخ (1) عند ابن هشام في زيادات السير ان الاعرج اسمه كعب بن زيد وهو من بني دينار بن النجار، واسم الآخر المنذر بن محمد بن عقبة بن احيحة ابن الجلاح الخزرجي (2) أي اتعطوني الأمان (ابلغكم) بالجزم جواب الاستفهام (3) أي أشاروا (4) بالذال المعجمة أي انفذه من الجانب الي الجانب الآخر، قال الحافظ لم أعرف اسم الرجل الذي طعنه اه والظاهر من كلام ابن اسحاق المتقدم انه عامر بن الطفيل والله اعلم (5) أي فزت بالشهادة (6) أي بعد ان قتلوا حرام ابن ملحان أتوا علي سائر أصحابه فقتلوهم جمعيا عدا الاعرج الخ (7) أي نسح تلاوة، وهذه الجملة معترضة بين قوله فأنزل علينا وبين قوله - أن بلغوا قومنا الخ (8) بكسر اللام وفتحها وهذا يوهم ان بني لحيان ممن أصاب القراء يوم بئر معونة وليس كذلك: وإنما أصاب هؤلاء القراء رعل وذكوان وعصية ومن صحبهم من سليم، وأما بنو لحيان فهم الذين أصابوا بعث الرجيع وانما أتي الخبر الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عنهم كلهم في وقت واحد فدعا علي الذين أصابوا أصحابه في الموضعين دعاءا واحدا والله أعلم، قاله القسطلاني في المواهب، وانظر الباب الأول من أبواب القنوت المشار اليه أول شرح هذا الحديث (تخريجه) (ق طل) والبغوي وابن اسحاق وغيرهم (9) (سنده) حدثنا هاشم وعفان المعني قالا حدثنا سليمان عن ثابت قال كنا عند أنس بن مالك الخ (غريبه) (10) أي يقرءون القرآن بالليل (11) أي ليبيعه ويقتات بثمنه (12) بضم الحاء وفتح الجيم جمع حجرة أي حجر نسائه معناه انهم يبعثون بها هدية الي النبي - صلى الله عليه وسلم - (13) يعني في سرية عاصم المسماة بغزوة الرجيح وتقدم الكلام عليها في الباب السابق (14) يعني ابن ملحان أخا أم سليم زوجة أبي طلحة الأنصاري (15) أي

حتى يخلوا وجهنا (1). وقال عفان فيخلون وجهنا (2) فقال لهم حرام إنا لسنا إياكم نريد فخلوا وجهنا، فاستقبله رجل بالرمح فانفذه منه، فلما وجد الرمح في جوفه قال الله أكبر فزت ورب الكعبة، قال فانطووا عليهم فما بقي أحد منهم، فقال أنس فما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجد علي شئ (3) قط وجده عليهم، فلقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في صلاة الغداة رفع يديه فدعا عليهم، فلما كان بعد ذلك اذا أبو طلحة (4) يقول لي هل لك في قاتل حرام (5) قال قلت له ماله فعل الله به وفعل (6) قال مهلا فانه قد أسلم (7) وقال عفان رفع يديه يدعو عليهم، وقال أبو النضر رفع يديه {باب ما جاء في غزوة بني النضير (8) واجلائهم عن المدينة}

_ لأمير البعثة (1) كأنهم كانوا يريدون بني لحيان الذين قتلوا خبيبا وصحبه فتعرض لهم هؤلاء في الطريق (2) معناه ان عفان قال في روايته فيخلون وجهنا بدل قوله حتي يخلوا وجهنا (3) أي حزن (4) هو الأنصاري زوج ام سليم أم انس رضي الله عنهم (5) اي هل لك ان اخبرك عن قاتل حرام بن ملحان خالك (6) اي دعا عليه (7) هذا يعارض قول ابن اسحاق المتقدم في شرح الحديث السابق ان الذي قتل حرام بن ملحان هو عامر بن الطفيل لأن عامر بن الطعيل مات كافرا كما تقدم، وهذا قد أسلم، ويمكن الجمع بينهما بأنه نسب لعامر بن الطفيل باعتبار انه الذي امر بذلك لأنه كان رئيس المشركين يومئذ: كما ثقول بني الأمير المدينة، اي امر ببنائها والباني غير الامير، فكذلك الذي قتله غير مثم هداه الله للاسلام فأسلم والله اعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام احمد وسنده صحيح ورجاله من رجال الصحيحين (باب) (1) قال في المواهب اللدنية (النضير) بفتح النون وكسر الضاد المعجمة قبيلة كبيرة من اليهود وكانت في ربيع الأول سنة أربع ذكرها ابن اسحاق هنا أي بعد أحد وبئر معونة اه قال ابن عباس ومجاهد والزهري وغير واحد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما قدم المدينة هادنهم وأعطاهم عهدا وذمة علي ان لا يقاتلهم ولا يقاتلوه فنقضوا العهد الذي كان بينهم وبينه (قال الحافظ ابن كثير في تفسيره) وكان سبب ذلك فيما ذكره أصحاب المغازي والسير انه لما قتل أصحاب بئر معونة من أصحاب رسول - صلى الله عليه وسلم - ورضي الله عنهم وكانوا سبعين وأفلت منهم عمرو بن أمية الضمري، فلما كان في أثناء الطريق راجعا الي المدينة قتل رجلين من بني عامر وكان معهما عهد من رسول - صلى الله عليه وسلم - وأمان لم يعلم به عمرو، فلما رجع أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد قتلت رجلين لأد ينهما: وكان بين بني النضير وبني عامر حلف وعهد فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الي بني النضير ليستعينهم في دية ذينك الرجلين، وكانت منازل بني النضير ظاهر المدينة علي أميال منها (قال محمد بن اسحاق بن يسار) في كتابه السيرة ثم خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الي بني النضير يستعينهم في دية ذينك القتيلين من بني عامر اللذين قتلهما عمرو بن أمية الضمري للجوار الذي كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عقد لهما فيما حدثني يزيد بن رومان وكان بين بني النضير وبني عامر عقد وحلف فلما أتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يستعينهم في دية ذينك القتيلين قالوا نعم يا أبا القاسم نعينك علي ما أحببت مما استعنت بنا عليه، ثم خلا بعضهم ببعض فقالوا انكم لن تجدوا الرجل علي مثل حاله هذه، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - الي جنب جدار من بيوتهم فمن رجل يعلو علي هذا البيت فيلقي عليه صخرة فيريحنا منه؟ فانتدب لذلك عمرو بن جحاش بن كعب أحدهم فقال أنا لذلك فصعد ليلقي عليه صخرة كما قال ورسول الله

(عن ابن عمر) (1) أن يهود بني النضير وقريظة حاربوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (2) فأجلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بني النضير واقر قريظة (3) (ومن عليهم حتي حاربت قريظة) بعد ذلك فقتل رجالهم وقسم نسائهم وأولادهم وأموالهم بين المسلمين الا بعضهم لحقوا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأمنهم وأسلموا وأجلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يهود المدينة كلهم بني قينقاع (4) وهم قوم عبد الله بن سلام (5) ويهود بني حارثة وكل يهودي كان بالمدينة

_ - صلى الله عليه وسلم - في نفر من أصحابه فيهم أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم فأتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخبر من السماء بما أراد القوم، فقام وخرج راجعا الي المدينة، فلما استلبث النبي - صلى الله عليه وسلم - أصحابه قاموا في طلبه فلقوا رجلا مقبلا من المدينة فسألوه عنه، فقال رأيته داخلا المدينة، فأقبل أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتي انتهوا اليه فأخبرهم الخبر مما كانت يهود أرادت من الغدر به، وأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالتهيئ لحربهم والمسير اليهم، ثم سار حتي نزل بهم فتحصنوا منه بالحصون، فأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بقطع النخل والتحريق فيها فنادوه أن يا محمد قد كنت تنهي عن الفساد في الأرض وتعيبه علي من يصنعه، فما بال قطع النخل وتحريقها؟ وقد كان رهط من بني عوف بن الخزرج منهم عبد الله بن أبي سلول ووديعة بن مالك ابن أبي قوقل وسويد ودامس قد بعثوا إلي بني النضير ان اثبتوا وتمنعوا فانا لن نسلمكم، ان قوتلتم قاتلنا معكم، وان خرجتم خرجنا معكم، فتربصوا ذلك من نصرهم فلم يفعلوا، وقذف الله في قلوبهم الرعب فسألوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ان يجليهم ويكف عن دمائهم علي ان لهم ماحملت الابل من أموالهم الا الحلقة (بسكون اللام أي السلاح) ففعلوا، فاحتملوا من أموالهم ما استقلت به الأبل فكان الرجل منهم يهدم بيته عن ايجاف بابه فيضعه علي ظهر بعيره فينطلق به، فخرجوا الي خيبر، ومنهم من سار الي الشام وخلوا الأموال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فكانت لرسول الله خاصة يضعها حيث يشاء: فقسمها علي المهاجرين الأولين دون الأنصار إلا سهل بن حنيف وابا دجانة سماك بن خرشة ذكرا فقرا فأعطاهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال ولم يسلم من بني النضير إلا رجلان يامين بن عمير بن كعب عم عمرو بن جحاش، وابو سعد بن وهب أسلما علي أموالهما فاحرزاها (قال ابن اسحاق) وقد حدثني بعض آل يامين ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ليامين ألم تر ما لقيت من ابن عمك وما هم به من شأني (يعني القاء الصخرة عليه) فجعل يامين لرجل جعلا علي ان يقتل عمرو بن جحاش فقتله فيما يزعمون (قال ابن اسحاق) ونزل في بني النضير سورة الحشر بأسرها: وهكذا روي يونس بن بكير عن ابن اسحاق بنحو ما تقدم فقوله تعالي (هو الذي أخرج الذين كفروا من أهل الكتاب) يعني بني النضير (من ديارهم لأول الحشر الخ) اه (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا ابن جريح عن موسي بن عقبة عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) تقدم سبب حربهم اياه وهو نقضهم العهد وارادتهم الغدر به - صلى الله عليه وسلم - (3) جاء بالأصل (واقر قريظة بعد ذلك فقتل رجالهم وقسم نسائهم) والكلام بهذا السياق غير ظاهر المعني، وجاء عند الشيخين وأبي دواد من طريق عبد الرزاق أيضا بلفظ واقر قريظة ومن عليهم حتي حاربت قريظة بعد ذلك فقتل من رجالهم الخ وهذا معناه مستقيم جدا، فالظاهر ان هذه الجملة وهي قوله (ومن عليهم حتي حاربت قريظة) التي جعلناها في المتن بين دائرتين سقطت من الناسخ أو الطابع والله أعلم: وسيأتي سبب حرب النبي - صلى الله عليه وسلم - بني قريظة في باب ما جاء مشتركا في غزوة الخندق وبني قريظة (4) بفتح القاف وسكون الياء التحتية وضم النون، بطن من بطون يهود المدينة (5) بفتح السين المهملة واللام كان من أحبار اليهود وعلمائهم

(وعنه أيضا) (1) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حرق نخل بني النضير وقطع وهي البويرة فانزل الله تبارك وتعالي (ما قطعتم من لينة أو تركتوها قائمة علي أصولها فباذن الله وليخزي الفاسقين)، (باب ما جاء في زواجه - صلى الله عليه وسلم - بأم سلمة رضي الله عنها) (عن أم سلمة) (2) رضي الله عنها قالت أتاني أبو سلمة يوما من عند رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال لقد سمعت من رسول الله قولا فسررت به، قال لا تصيب أحدا من المسلمين مصيبة فيسترجع عند مصيبته ثم يقول اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منها الا فعل ذلك به، قالت أم سلمة فحفظت ذلك منه، فلما توفي أبو سلمة استرجعت وقلت اللهم أجرني في مصيبتي وأخلف لي خيرا منه، ثم رجعت الي نفسي قلت من أين لي خير من أبي سلمة، فلما انقضت عدتي استأذن علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنا أدبغ إهابا لي فغسلت يدي من القرظ وأذنت له فوضعت له وسادة أكم حشوها ليف فقعد عليها فخطبني الي نفسي، فلما فرغ من مقالته قلت يا رسول الله ما بي أن لا تكون بك الرغبة في ولكني امرأة في غير شديدة فأخاف أن تري مني شيئا يعذبني الله به، وأنا أمرأة قد دخلت في السن، وأنا ذات عيال، فقال اما ما ذكرت من الغيرة فسوف يذهبها الله عز وجل منك، وأما ما ذكرت من السن فقد أصابني مثل الذي أصابك، وأما ما ذكرت من عيال فانما عيالك عيالي، قالت فقد سلمت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت أم سلمة فقد أبدلني الله بأبي سلمة خيرا منه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (وعنها أيضا) (3) قالت قال أبو سلمة، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اذا أصاب أحدكم مصيبة فليقل انا لله وانا اليه راجعون، اللهم عندك أحتسب مصيبتي وأجرني فيها وأبدلني ما هو خير منها فلما احتضر أبو سلمة قال اللهم أخلفني في أهلي بخير، فلما قبض قلت إنا لله وإنا إليه راجعون اللهم عندك أحتسب مصيبتي فأجرني فيها، قالت وأردت أن أقول وأبدلني خيرا منها فقلت ومن

_ وحليف بني عوف بن الخزرج صحابي جليل أسلم عند قدوم النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة وتقدم الكلام علي ذلك في حوادث السنة الأولي من الهجرة صحيفة 4 رقم 182 من هذا الجزء (تخريجه) (ق د) وابن اسحاق وغيرهم (1) (وعنه ايضا الخ) هذا الحديث تقدم بسنده شرحه وتخريجه في باب ما قطعتم من لينة في كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثاني عشر صحيفة 301 رقم 463 (باب) (2) (سنده) حدثنا يونس قال ثنا ليث يعني ابن سعد عن يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد عن عمرو يعني ابن أبي عمرو عن المطلب عن أم سلمة الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال وقد رواه الترمذي والنسائي من حديث حماد بن سلمة عن ثابت عن عمر بن أبي سلمة عن أمه أم سلمة عن أبي سلمة به وقال الترمذي حسن غريب، وفي رواية النسائي عن ثابت عن ابن عمر بن أبي سلمة عن أبيه، ورواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة عن يزيد بن هارون عن عبد الملك بني قدامة الجمحي عن أبيه عن عمر بن أبي سلمة به (3) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا

خير من أبي سلمة، فما زلت حتي قلتها، فلما أنقضت عدتها خطبها أبو بكر فردته ثم خطبها عمر فردته فبعث اليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت مرحبا برسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبرسوله، أخبر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني امرأة غيري واني مصيبة وأنه ليس أحد من أوليائي شاهدا، فبعث اليها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما قولك اني مصيبة فان الله يكفيك صبيانك، وأما قولك اني غيري سأدعو الله أن يذهب غيرتك، وأما الأولياء فليس أحد منهم شاهد ولا غائب الا سير ضاني: قلت يا عمر (1) قم فزوج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أما أني لا انقصك شيئا مما أعطيت أختك فلانة رحبين وجرتين ووسادة من أدم حشوها ليف، قال وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يأتيها فاذا جاء أخذت زينب في حجرها لترضعها؛ وكان رسول الله حييا كريما يستحي فرجع، ففعل ذلك مرارا ففطن عمار بن ياسر لما تصنع، فأقبل ذات يوم وجاء عمار وكان أخاها لأمها فدخل عليها فانتشطها من حجرها وقال دعي هذه المقبوحة المقشوحة التي آذيت بها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل فجعل يقلب بصره في البيت ويقول أين زناب مافعلت زناب؟ قالت جاء عمار فذهب بها، قال فبني باهله ثم قال ان شئت أن اسبع لك سبعت للنساء (عن عبد العزيز بن بنت أم سلمة) (2) عن أم سلمة بنحوه وفيه قال فتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال فأتاها فوجدها ترضع فانصرف، ثم أتاها فوجدها ترضع فانصرف. قال فبلغ ذلك عمار بن ياسر فأتاها فقال حلت بين رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وبين حاجته هلم الصبية، قال فاخذها فاسترضع لها، فأتاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال اين زناب؟ يعني زينب، قالت يا رسول الله اخذها عمار، فدخل بها وقال ان بك علي أهلك كرامة، قال فأقام عندها الي العشي ثم قال ان شئت سبعت لك، وان سبعت لك سبعت لسائر نسائي؟ وان شئت قسمت لك؟ قالت لا بل اقسم لي (عن أبي بكر بن عبد الرحمن) (3) أن أم سلمة رضي الله عنها زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبرته

_ ثابت قال حدثني ابن عمر بن أبي سلمة بمتي عن أبيه ان ام سلمة قالت قال ابو سلمة الخ (غريبه) (1) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه توهم بعض العلماء انها تقول لابنها عمر بن ابي سلمة وقد كان إذ ذاك صغيرا لا يلي مثله العقد، وقد جمعت في ذلك جزءا مفردا بينت فيه الصواب في ذلك ولله الحمد والمنة، وان الذي ولي عقدها ابنها سلمة بن أبي سلمة وهو اكبر ولدها، وساغ هذا الان اباه ابن عمها فللابن ولاية امه اذا كان سببا لها من غير جهة البنوة بالاجماع وكذا اذا كان معتقا او حاكما، فاما محض البنوة فلا يلي بها عقد النكاح عند الشافعي وحده وخالفه الثلاثة ابوحنيفه ومالك واحمد رحمهم الله (تخريجه) (نس مذك) وصححه الحاكم واقره الذهبي (2) (سنده) حدثنا وكيع ثنا اسماعيل بن عبد الملك بن أبي الصغيراء قال حدثني عبد العزيز بن بنت أم سلمة أن أبا سلمة لما توفي عنها وانقضت عدتها خطبها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقالت يا رسول الله ان في ثلاث خصال، أنا امرأة كبيرة، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنا أكبر منك قالت وأنا امرأة غيور، قال ادعوا الله عز وجل فيذهب غيرتك، قالت يا رسول الله واني امرأة مصيبة قال هم الي الله ورسوله قال فتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (تخريجه) (م. جه) (3) (سنده) حدثنا

أنها لما قدمت المدينة أخبرتهم أنها أبنة أبي أمية بن المغيرة فكذبوها ويقولون ما أكذب الغرائب، حتي أنشأ ناس منهم إلي الحج، فقالوا ما تكتبين إلي أهلك؟ فكتبت معهم، فرجعوا الي المدينة يصدقونها، فازدادت عليهم كرامة. قالت فلما وضعت زينب جاءني النبي - صلى الله عليه وسلم - فخطبني، فقلت ما مثلي نكح، أما أنا فلا ولد في (1) وأنا غيور وذات عيال، فقال: أنا أكبر منك، وأما الغيرة فيذهبها الله عز وجل، وأما العيال فالي الله ورسوله، فتزوجها، فجعل يأتيها فيقول أين زناب؟ حتي جاء عمار بن ياسر يوما فاختلجها، وقال هذه تمنع رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وكانت ترضعها، فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال أين زناب؟ فقالت قريبة ابنة أبي أمية ووافقها عندها أخذها عمار بن ياسر، فقال رسول الله صلي الله عليه وسلم اني آتيكم الليلة، قالت فقمت فأخرجت حبات من شعير كانت في جر وأخرجت شحما فعصدته له، قالت فبات النبي - صلى الله عليه وسلم - ثم أصبح، فقال حين أصبح، ان لك علي أهلك كرامة: فان شئت سبعت لك، فان أسبع لك أسبع لنسائي

_ عبد الرزاق انا ابن جريج قال أخبرني حبيب بن أبي ثابت ان عبد الحميد بن عبد الله بن أبي عمرو والقاسم أخبراه أنهما سمعا أبا بكر بن عبد الرحمن يخبر أن أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - اخبرته انها لما قدمت المدينة الخ (غريبه) (1) تعني أنها كبيرة (تخريجه) (ك) وأخرجه (م دجه) ما عدا الطرف الأول منه الي قولها فلما وضعت زينب وسنده جيد ورجاله ثقات (وفي الباب) للحاكم في المستدرك قال حدثني أبو بكر محمد بن احمد بن بالويه ثنا ابراهيم بن اسحاق الحربي ثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال كانت أم سلمة اسمها رملة وهي أول ظعينة دخلت المدينة مهاجرة، وكانت قبل النبي - صلى الله عليه وسلم - عند أبي سلمة عبد الله بن عبد الاسد بن هلال ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وهو أول من هاجر الي أرض الحبشة وشهد بدرا وتوفي علي عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فولدت لأبي سلمة عمر ودرة وزينب امهم أم سلمة زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - فخلف عليها النبي - صلى الله عليه وسلم - بعد أبي سلمة، وقدروي ابنها عمر بن أبي سلمة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: هكذا في المستدرك واقره الذهبي (وفيه أيضا) حدثنا أبو عبد الله الأصبهاني ثنا الحسن بن الجهم ثنا الحسين بن الفرج ثنا محمد بن عمر قال وأم سلمة اسمها هند بنت أبي أمية واسم أبي أمية سهيل بن المغيرة بن عبد الله بن عبد عمر بن مخزوم وأمها عائكة بنت عامر بن ربيعة بن مالك بن خزيمة بن علقمة بن فراس بن غنم بن مالك بن كنانة تزوجها ابو سلمة عبد الله بن عبد الاسد بن هلال وهاجر بها الي أرض الحبشة في الهجرتين جميعا (وفيه أيضا) قال ابن عمر حدثنا عمر بن عثمان عن عبد الملك بن عبيد عن سعيد بن عبد الرحمن بن يربوع عن عمر بن أبي سلمة بن عبد الأسد قال خرج أبي الي أحد فرماه أبو أسامة الحبشي في عضده بسهم فمكث شهرا يداوي جرحه ثم برئ الجرح وبعثه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الي أبي قطن في المحرم علي رأس خمسة وثلاثين شهرا فغاب تسعا وعشرين ليلة ثم رجع فدخل المدينة لثمان خلون من صفر سنة أربع والجرح ينتقض فمات فيها لثمان خلون من جمادي الآخرة سنة أربع من الهجرة فاعتدت أمي وحلت لعشر ليالي بقين من شوال سنة أربع وتزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ليال بقين من شوال سنة أربع ثم ان اهل المدينة قالوا دخلت ايم العرب علي سيد الاسلام والمسلمين أول العشاء عروسا، وقامت من آخر الليل تطحن وهي أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها: هكذا في المستدرك وأقره الذهبي والله أعلم

{أبواب حوادث السنة الخامسة} (باب ما جاء في غزوة بني المصطلق (1) أو المريسيع) (عن جابر بن عبد الله) (2) قال كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في غزوة، قال يرون أنها غزوة بني المصطلق فكسع (3) رجل من المهاجرين رجلا من الأنصار، فقال الأنصاري ياللانصار، وقال المهاجرين ياللمهاجرين، فسمع ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال ما بال دعوي الجاهلية؟ فقيل رجل من المهاجرين كسع رجلا من الأنصار، فقال

_ (باب) (1) ترجم البخاري لهذه الغزوة بقوله باب غزوة بني المصطلق من خزاعة وهي غزوة المريسيع قال ابن اسحاق وذلك سنة ست اه وروي البيهقي من رواية قتادة وعروة وغيرهما انها كانت في شعبان سنة خمس، وكذا ذكرها ابو معشر قبل الخندق، وقال الحاكم في الاكليل قول غزوة وغيره انها كانت في سنة خمس اشبه (قال الحافظ ويؤيده ما ثبت في حديث الافك ان سعد بن معاذ تنازع هو وسعد بن عبادة في أصحاب الافك كما سياتي، فلو كان المريسيع في شعبان سنة ست مع كون الافك كان فيها لكان ما وقع في الصحيح من ذكر سعد بن معاذ غلطا، لان سعد بن معاذ مات أيام قريظة وكانت سنة خمس علي الصحيح فيظهر ان المريسيع كانت سنة خمس في شعبان وتكون قد وقعت قبل الخندق لان الخندق كانت في شوال من سنة خمس ايضا فتكون بعدها، وعليه فيكون سعد بن معاذ موجودا في المريسيع ورمي بعد ذلك بسهم في الخندق ومات من جراحته في قريظة والله أعلم اه قال القسطلاني (المصطلق) بضم الميم وسكون الصاد وفتح الطاء المشالة المهملتين وكسر اللام بعدها قاف، لقب جذيمة بن سعد بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بطن (من بني خزاعة) بضم الخاء المعجمة وقتح الزاي المخففة، قال في القاموس حي من الأزد وسمو بذلك لأنهم تخزعوا أي تخلفوا عن قومهم وأقاموا بمكة وسمي جذيمة بالمصطلق لحسن صوته، وهم أول من غني من خزاعة، والأصل في مصطلق مصتلق بالتاء الفوقية فأبدلت طاء لأجل الصاد قال (والمريسيع) بضم الميم وفتح الراء وسكون التحتية وكسر السين المهملة بعدها تحتية ساكنة فعين مهملة، قال في القاموس مصغر مرسوع بئر أو ماء لخزاعة بينه وبين الفرع مسيرة يوم واليه تضاف غزوة بني المصطلق، وفيه سقط عقد عائشة ونزلت آية التيمم اه وقال (الحافظ ابن كثير) في تاريخه قال محمد بن اسحاق بن يسار بعد ما أورد قصة ذي قرد فأقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بعض جمادي الآخرة ورجب ثم غزا بني المصطلق من خزاعة في شعبان سنة ست قال ابن هشام واستعمل علي المدينة أبا ذر الغفاري ويقال نميلة بن عبد الله الليثي (وقال ابو اسحاق) حدثني عاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله ابن أبي بكر ومحمد بن يحي بن حبان كل قد حدثني بعض حديث بني المصطلق قالوا بلغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ان بني المصطلق يجمعون له وقائدهم الحارث بن أبي ضرار ابو جويرية بنت الحارث التي تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد هذا، فلما سمع بهم خرج اليهم حتي لقيهم علي ماء من مياهم يقال له المريسيع من ناحية قديد الي الساحل، فتزاحم الناس واقتتلوا فهزم الله بني المصطلق وقتل من قتل منهم ونفل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أبناءهم ونسائهم وأموالهم فافاءهم عليه (2) (سنده) حدثنا حسين بن محمد ثنا سفيان يعني ابن عيينة عن عمرو قال سمعت جابر بن عبد الله يقول كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (3) تقدم شرح هذه الجملة الي قوله فانها منتنه في فصل في النهي عن الكسع ولطم الخدود في الجزء

النبي - صلى الله عليه وسلم - دعوها فانها منتنة، قال جابر وكان المهاجرون حين قدموا المدينة أقل من الأنصار ثم ان المهاجرين كثروا فبلغ ذلك عبد الله بن أبي، فقال أفعلوها؟ والله لئن رجعنا الي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فسمع ذلك عمر، فأتي النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال يا رسول الله: دعني أضرب عنق هذا المنافق (1)، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - يا عمر: دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل أصحابه، (عن زيد بن أرقم) (2) قال خرجت مع عمي في غزاة، فسمعت عبد الله بن أبي بن سلول يقول لأصحابه، لا تنفقوا علي من عند رسول الله، ولئن رجعنا إلي المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل، فذكرت ذلك لعمي، فذكره لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسل إلي النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثته، فأرسل إلي عبد الله بن أبي سلول وأصحابه، فحلفوا ما قالوا، فكذبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصدقه فأصابني هم لم يصبني مثله قط، وجلست في البيت، فقال عمي، ما أردت إلي أن كذبك النبي - صلى الله عليه وسلم - ومقتك، قال حتي أنزل الله عز وجل (إذا جاءك المنافقون)، قال فبعث إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقرأها، ثم قال إن الله عز وجل قد صدقك. (باب ما جاء في زواجه - صلى الله عليه وسلم - بجويرية بنت الحارث رضي الله عنها في هذه الغزوة) (عن عروة بن الزبير) (3) عن عائشة أم المؤمنين رضي الله عنها قالت: لما قسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سبايا بني المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث

_ التاسع عشر صحيفة 334 رقم 114 (1) جاء عند ابن اسحاق حدثني عاصم بن عمر بن قتادة ان عبد الله بن عبد الله بن أبي بن سلول أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال يا رسول الله انه بلغني انك تريد قتل عبد الله بن ابي فيما بلغك عنه، فان كنت فاعلا فمر لي به فانا أحمل اليك رأسه، فو الله لقد علمت الخزرج ما كان بها من رجل ابر بوالده مني، وأني أخشي ان تأمر به غيري فيقتله فلا تدعني نفسي ان انظر الي قاتل عبد الله بن أبي يمشي في الناس فأقتله فاقتل مؤمنا بكافر فأدخل النار، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بل نترفق به وتحسن صحبته ما بقي معنا، وجعل بعد ذلك اذا أحدث الحدث كان قومه هم الذين يعاتبونه ويأخذونه ويعتقونه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لعمر بن الخطاب حين بلغه ذلك من شأنهم كيف تري يا عمر؟ أما والله لو قتلته يوم قلت لي لأرعدت له ألف لو أمرتها اليوم بقتله لقتلته، فقال عمر قدر الله علمت، لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أعظم بركة من أمري، وقد ذكر عكرمة وابن زيد وغيرهما ان ابنه عبد الله رضي الله عنه وقف لابيه عبد الله بن أبي بن سلول عند مضيق المدينة فقال قف فو الله لا تدخلها حتي يأذن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذلك، فلما جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استأذنه في ذلك فأرسله حتي دخل المدينة (قال ابن اسحاق) وأصيب يومئذ من بني المصطلق ناس، وقتل علي بن أبي طالب منهم رجلين مالكا وابنه (قال ابن هشام) وكان شعار المسلمين يا منصور امت امت (تخريجه) (ق. والبيهقي وغيرهم) (2) (عن زيد بن أرقم) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب سبب نزول سورة المنافقين من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 309 رقم 469 فارجع اليه والله الموفق (وقوله في غزاة) قال أهل المغازي انها غزوة بني المصطلق ورجحه الحافظ ابن كثير (باب) (3) (عن عروة بن الزبير الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وتخريجه وشرحه في باب ان الأسير اذ 1 أسلم لم يزل ملك المسلمين عنه الخ من كتاب الجهاد

في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له وكاتبته علي نفسها، وكانت امرأة حلوة ملاحة لا يراها رجل إلا أخذت بنفسه، فأتت النبي - صلى الله عليه وسلم - تستعينه في كتابتها. قالت فو الله ما هو إلا أن رأيتها علي باب حجرتي فكرهتها وعرفت أنه سيري منها ما رأيت، فدخلت عليه، فقالت يا رسول الله: أنا جويرية بنت الحارث بن أبي ضرار سيد قومه، وقد أصابني من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت في السهم لثابت بن قيس بن الشماس أو لابن عم له، فكاتبته علي نفسي، فجئت أستعينك علي كتابتي. قال فهل لك في خير من ذلك؟ قالت: وما هو يا رسول الله؟ قال أقضي كتابتك وأتزوجك. قالت نعم يا رسول الله. قال قد فعلت. قالت وخرج الخبر إلي الناس أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تزوج جويرية بنت الحارث. فقال الناس أصهار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأرسلوا ما بايديهم، قالت فلقد أعتق بتزويجه إياها مائة أهل بيت من بني المصطلق. فما أعلم امرأة كانت أعظم بركة

_ في الجزء الرابع عشر صحيفة 109 رقم 309 فأرجع اليه (وفي هذه الغزوة أيضا) كان مشروعية رخصة التيمم بسبب عائشة رضي الله عنها، وتقدم الحديث في ذلك بسنده وشرحه في أول الباب الأول من كتاب التيمم في الجزء الثاني صحيفة 181 رقم 1 (وفيها أيضا) كانت محنة عائشة بحديث الافك، وتقدم بعضه في (باب إن الذين جاءوا بالافك عصبة منكم) من سورة النور في الجزء الثامن عشر صحيفة 218 وقد جاء رقم الصحيفة 128 وهو خطأ وصوابه 218 رقم 361 وقد ذكرت بعض طرقه في الباب التالي، وسيأتي الحديث الطويل في ذلك في باب حديث الافك ومحنة عائشة في مناقبها من أبواب ذكر أزواجه الطاهرات في القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية ان شاء الله تعالي (وقد ذكر الحديث مطولا أيضا محمد بن اسحاق في المغازي) باسانيده عن الثقات عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فايتهن خرج سهمها خرج بها معه، فلما كان في غزوة بني المصطلق أقرع بين نسائه كما كان يصنع، فخرج سهمي عليهن معه، فخرج بي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قالت وكان النساء إذ ذاك يأكلن العلق لم يهجهن اللحم فيثقلن، وكنت اذا رحل لي بعيري جلست في هودجي، ثم يأتي القوم الذين كانوا يرحلون لي فيحملونني ويأخذون بأسفل الهودج فيرفعونه فيضعونه علي ظهر البعير فيشدونه بحباله، ثم يأخذون برأس البعير فينطلقون به. قالت فلما فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سفره ذلك وجه قافلا، حتي إذا كان قريبا من المدينة نزل منزلا فبات به بعض الليل، ثم أذن مؤذن في الناس بالرحيل، فارتحل الناس، وخرجت لبعض حاجتي وفي عنقي عقد لي فيه جزع ظفار، فلما فرغت انسل من عنقي ولا أدري، فلما رجعت الي الرحل ذهبت ألتمسه في عنقي فلم أجده، وقد أخذ الناس في الرحيل، فرجعت إلي مكاني الذي ذهبت اليه فالتمسته حتي وجدته، وجاء القوم خلافي الذين كانوا يرحلون لي البعير وقد كانوا فرغوا من رحلته، فاخذوا الهودج وهم يظنون أني فيه كما كنت أصنع، فاحتملوه فشدوه علي البعير ولم يشكوا أني فيه، ثم أخذوا برأس البعير فانطلقوا به، فرجعت الي العسكر وما فيه داع ولا بحيب قد انطلق الناس، قالت قتلففت بجلبابي ثم اضطجعت في مكاني وعرفت أن لو افتقدت لرجع الناس الي، قالت فو الله إني لمضطجعة إذ مر بي صفوان بن المعطل، وكان قد تخلف عن العسكر لبعض حاجاته فلم يبت مع الناس، فرأي سوادي

على قومها منها (باب ما جاء في محنة عائشة رضي الله عنها بحديث الإفك في هذه الغزوة) (حدثنا أبو سلمة) (1) ثنا هشام عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت لما ذكر من شأني الذي ذكر (2) وما علمت به قام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في خطيبا وما علمت به فتشهد فحمد الله عز وجل واثني عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد أشيروا علي في ناس أبنوا (3) أهلي وايم الله ما علمت علي أهلي سوءا قط وأبنوهم بمن؟ (4) والله ما علمت عليه من سوء قط، ولا دخل بيتي قط إلا وأنا حاضر، ولا غبت في سفر إلا غاب معي، فقام سعد بن معاذ (5) فقال تري يا رسول الله أن نضرب أعناقهم؟ فقام رجل من الخزرج (6) وكانت أم حسان بن ثابت من رهط ذلك الرجل (7) فقال كذبت، أما والله لو كانوا من الأوس ما أحببت أن تضرب أعناقهم، حتي كادوا أن يكون بين الأوس والخزرج في المسجد شر وما علمت به: فلما كان مساء ذلك اليوم خرجت لبعض حاجتي ومعي أم مسطح فعثرت فقالت تعس مسطح، فقلت علام تسبين ابنك؟ فسكتت فعثرت الثانية فقالت تعس مسطح، فقلت علام تسبين ابنك؟ ثم عثرت الثالثة فقالت تعس مسطح (8) فانتهرتها فقلت علام تسبين ابنك؟ فقالت والله ما أسبه إلا فيك، فقلت في أي شأني؟ فذكرت لي الحديث، فقلت وقد كان هذا؟ قالت نعم والله، فرجعت إلي بيتي فكأن الذي خرجت لم أخرج له (9) لا أجد منه قليلا ولا كثيرا ووعكت (10) فقلت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسلني إلي بيت أبي، فأرسل معي الغلام فدخلت الدار

_ فأقبل حتى وقف علي وفد كان يراني قبل أن يضرب علينا الحجاب، فلما رآني قال انا لله وانا اليه راجعون ظعينة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وأنا متلففة في ثيابي، قال ما خلفك يرحمك؟ قالت فما كلمته ثم قرب الي البعير فقال اركبي واستأخر عني، قالت فركبت وأخذ برأس البعير فانطلق سريعا يطلب الناس، فو الله ما أدركنا الناس وما افتقدت حتي أصبحت ونزل الناس، فلما اطمأنوا طلع الرجل يقود بي فقال أهل الافك ما قالوا وارتج المعسكر ووالله ما أعلم بشئ من ذلك ثم قدمنا المدينة فلم ألبث أن اشتكيت شكوي شديدة لا يبلغني من ذلك شئ وقد أنتهي الحديث الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والي أبوي لا يذكرون لي فيه قليلا ولا كثيرا: الحديث معناه كما هنا: أنظر حديث الباب باب (1) (حدثنا أبو سلمة الخ) (غريبة) (2) تعني قذفها بصفوان بن المعطل (3) بفتح الهمزة والموحدة يعني اتهموا عائشة والأبن بسكون الموحدة التهمة (4) يعني صفوان بن المعطل والله ما علمت عليه من سوء قط الخ (5) هو سيد الأوس وهذا يؤيد ان غزوة بني المصطلق كانت قبل غزوة الخندق كما تقدم (6) هو سعد بن عبادة سيد الخزرج (7) أي من عشيرته وكان حسان متهما مع من قذف عائشة، فقام سعد بن عبادة ليدافع عنه لأنه من عشيرته (8) تعني مسطح ابنها وأبوه أثاثه وانما كررت سبه لأنه كان ممن قذفوا عائشة ومنهم حمنة بنت جحش ويزيد بن رفاعة والذي تولي كبره منهم عبد الله بن أبي سلول (9) تعني أن ما كانت تريد من قضاء الحاجة ذهب عنها، وفي بعض الروايات قالت فو الله ما قدرت علي أن أقضي حاجتي ورجعت (10) أي

فإذا أنا بأم رومان (1) فقالت ما جاء بك يا أمته؟ فاخبرتها، فقالت خفضي عليك الشأن فانه والله لقلما كانت امرأة جميلة تكون عند رجل يحبها ولها ضرائر الا حسدنها وقلن فيها، قلت وقد علم به أبي؟ قالت نعم، قلت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ (2) قالت ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستعبرت (3) فبكيت فسمع أبو بكر صوتي وهو فوق البيت يقرأ فنزل فقال لأمي ما شأنها؟ فقلت بلغها الذي ذكر من أمرها ففاضت عيناه، فقال أقسمت عليك يابته إلا رجعت إلي بيتك، فرجعت وأصبح أبواي عندي فلم يزالا عندي حتي دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعد العصر وقد اكتنفني أبواي عن يميني وعن شمالي، فتشهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فحمد الله واثني عليه بما هو أهله ثم قال أما بعد يا عائشة إن كنت قارفت سوءا وظلمت توبي إلي الله عز وجل فان الله عز وجل يقبل التوبة عن عباده، وقد جاءت امرأة من الأنصار فهي جالسة بالباب فقلت الا تستحي من هذه المرأة أن تقول شيئا؟ فقلت لأبي أجبه، فقال أقول ماذا؟ فقلت لأمي أجيبيه، فقالت أقول ماذا؟ فلما لم يجيباه تشهدت فحمدت الله عز وجل وأثنيت عليه؟ بما هو أهله ثم قلت أما بعد فو الله لئن قلت لكم إني لم أفعل والله جل جلاله يشهد أني لصادقة ما ذاك بنافعي عندكم، لقد تكلمتم به وأشربته قلوبكم، (4) ولئن قلت لكم إني قد فعلت والله عز وجل يعلم اني لم أفعل لتقولن قد باءت به علي نفسها (5) فاني والله ما أجد لي ولكم مثلا إلا أبا يوسف وما أحفظ اسمه صبر جميل والله المستعان علي ما تصفون، فأنزل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساعتئذ فرفع عنه وإني لأتبين السرور في وجهه وهو يمسح جبينه وهو يقول ابشري يا عائشة، فقد أنزل الله عز وجل براءتك، فكنت أشد ما كنت غضبا فقال لي أبواي قومي اليه، قلت والله لا أقوم اليه ولا أحمدكما، لقد سمعتموه فما أنكرتموه ولا غيرتموه، ولكن احمد الله الذي أنزل براءتي، (6) ولقد جاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بيتي فسأل الجارية عني فقالت لا والله ما أعلم عليها عيبا إلا أنها كانت تنام حتي تدخل الشاة فتأكل خميرتها، وعجينتها شك هشام فانهرها بعض أصحابه وقال أصدقي رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم حتي أسقطوا لها به (7) قال

_ أصيبت بمرض الحمي (1) هي أم عائشة رضي الله عنها يقال اسمها زينب (2) أي ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - علم به (3) هو استفعل من العبرة وهي تحلب الدمع (4) أي وقرو وثبت عندكم قالت هذا وان لم يكن علي حقيقته علي سبيل المقابلة لما وقع من المبالغة في التنقيب عن ذلك، وهي كانت لما تعلمه من براءتها ورفعة منزلتها تعتقد أنه كان ينبغي لكل من سمع عنها ذلك أن يقطع بأنه افك أفاك أثيم، لكن العذر لهم عن ذلك انهم أرادوا اقامة الحجمة علي من خاض في ذلك ولا يكفي فيها مجرد نفي ما قالوا والسكوت عليه، بل تعين التنقيب عنه لقطع ما ألقوه من الشبهات (5) أي لأن المرء مؤاخذ باقراره (6) أي لأنه جل شأنه هو الذي أنزل براءتي وأنعم علي بما لم أكن أتوقعه في أن يتكلم الله في شأني بقرآن يتلي: قالت ذلك ادلالا عليهم وعتبا لكونهم شكوا في حالتها مع علمهم بحسن طرائقها وجبل أحوالها وارتفاعها عما نسب اليها مما لا حجة عليه ولا شبة (7) يعني الجارية وهي بريرة

عروة فعيب ذلك علي من قاله، فقالت لا والله أعلم عليها الا ما يعلم الصائغ علي تبر الذهب الأحمر (1) وبلغ ذلك الرجل الذي قيل له (2) فقال سبحان الله والله ما كشفت كف (3) أنثي قط فقتل شهيدا في سبيل الله، قالت عائشة فأما زينب بنت جحش فعصمها الله عز وجل بدينها فلم تقل الا خيرا، وأما أختها حمنة (4) فهلكت فيمن هلك، وكان الذين تكلموا فيه المنافق عبد الله بن أبي كان يستوشيه ويجمعه، وهو الذي تولي كبره منهم، ومسطح وحسان بن ثابت، فحلف أبو بكر أن لا ينفع مسطحا بنافعة أبداً (5) فانزل الله عز وجل (ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة) يعني أبا بكر (أي يؤتوا أولي القربي والمساكين) يعني مسطحا (ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم) فقال أبو بكر بلي والله انا لنحب أن يغفر لنا وعاد أبو بكر رضي الله عنه لمسطح بما كان يصنع. (عن مسروق عن أم رومان) (6) وهي أم عائشة قالت كنت أنا وعائشة قاعدة فدخلت امرأة من الأنصار فقالت فعل الله بفلان وفعل تعني ابنها (7) قالت فقلت لها وما ذلك؟ قالت ابني كان فيمن حدث الحديث، قالت فقلت لها وما الحديث؟ قالت كذا وكذا (8) فقالت عائشة أسمع بذلك أبو بكر؟ قالت نعم، قالت أسمع بذلك رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم؟ قالت نعم، فوقعت أو سقطت عليها فأفاقت بحمي ناقض (9) فالقيت عليها الثياب فدخل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم فقال ما لهذه؟ قالت فقلت يا رسول الله أخذتها حمي بناقض، قال لعله من الحديث الذي تحدث به؟ قالت نعم، يا رسول الله، فرفعت عائشة رأسها وقالت ان قلت (10) لم تعذروني وان حلفت لم تصدقوني ومثلي ومثلكم كمثل يعقوب (11) وبنيه حين قال (فصبر جميل والله المستعان علي ما تصفون): فلما نزل عذرها أتاها النبي صلي الله تبارك وتعالى عليه

_ مولاة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أي سبوها وقالوا لها من سقط الكلام وهو رديئه بسبب حديث الافك (نه) وقال ابن الجوزي أي صرحوا بذلك (1) هذه أعظم مبالغة في المدح، والتبر هو الذهب والفضة قبل ان يضربا دنانير فاذا ضربا كانا عينا (2) يعني صفوان بن المعطل الذي رموها به (3) بفتح الكاف والنون من الكنف بفتحات وهو الجانب يعني انه لم يقرب امرأة قط، قيل انه كان حصورا ليس له حظ في النساء (4) بفتح الحاء المهملة وسكون الميم أخت زينب بنت جحش زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - (5) معناه أنه لا ينفق عليه لأنه كان ينفق عليه لقرابته وفقره لأنه كان ابن خالة الصديق رضي الله عنه وفي رواية (فقال والله لا أنفق علي مسطح شيئا أبدا بعد الذي قال لعائشة ما قال (تخريجه) (اق وغيرهما) (6) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم قال حدثنا أبو جعفر يعني الرازي عن حصين عن شقيق بن سلمة عن مسروق عن أم رومان الخ (غريبه) (7) الظاهر أنها ام مسطح (8) تعني حديث الافك (9) جاء في رواية أخري (فخرت مغشيا عليها فما أفاقت الا وعليها حمي بناقض) أي برعدة (10) أي ان قلت اني برئية لم تعذروني بفتح التاء الفوقية وكسر المعجمة أي لم تقبلوا مني العذر (11) جاء في الحديث السابق انها قالت (والله ما أجد لي ولكم مثلا الا أبا يوسف وما أحفظ اسمه) وقد صرحت في هذه الرواية باسمه، فيحتمل انها من شدة دهشتها نسيت اسم يعقوب في الرواية السابقة ثم تذكرته

وعلى آله وصحبه وسلم وأخبرها بذلك فقالت بحمد الله لا بحمدك أو قالت ولا بحمد أحد (وعنه من طريق ثان) (1) عن أم رومان. قالت بينا أنا عند عائشة اذ دخلت علينا امرأة من الأنصار (فذكرت نحو الحديث المتقدم وفيه) قالت وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال وأنزل الله عذرها، فرجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معه أبو بكر فدخل فقال يا عائشة ان الله عز وجل قد أنزل عذرك، قالت بحمد الله لا بحمدك، قالت قال لها أبو بكر تقولين هذا لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -؟ قالت نعم، قالت فكان فيمن حدث الحديث (2) رجل كان يعوله أبو بكر (3) فحلف أبو بكر أن لا يصله فأنزل الله عز وجل (ولا يأتل ألوا الفضل منكم والسعة) الي آخر الآية، قال أبو بكر بلي فوصله (باب ما جاء في غزوة الخندق أو الاحزاب (4) وغزوة بني قريظة) واهتمامه - صلى الله عليه وسلم -

_ في هذه الرواية (1) (سنده) حدثنا علي بن عاصم قال حدثنا حصين عن أبي وائل عن مسروق عن أم رومان قالت بينا أنا عند عائشة الخ (2) تعني فيمن حدث حديث الافك (3) هو مسطح بن أثاثه (تخريجه) (خ وغيره) (باب) (4) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه وقد أنزل الله صدر سورة الأحزاب في هذه الغزوة فقال تعالي (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحا ً وجنوداً لم تروها - إلي قوله - واورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضاً لم تطئوها وكان الله علي كل شئ قديرا) قال وقد كانت غزوة الخندق سنة خمس من الهجرة، نص علي ابن اسحاق وعروة بن الزبير وقتادة والبيهقي وغير واحد من العلماء سلفا وخلفا، قال ولا شك أن المشركين لما انصرفوا عن أحد واعدوا المسلمين إلي بدر العام القابل، فذهب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه كما تقدم في شعبان سنة أربع ورجع أبو سفيان بقريش لجدب ذلك العام فلم يكونوا ليأتوا إلي المدينة بعد شهرين، فتعين أن الخندق في شوال سنة خمس فحدثني يزيد بن رومان عن عروة ومن لا أتهم عن عبيد الله بن كعب بن مالك ومحمد بن كعب القرظي والزهري وعاصم بن عمر بن قتادة وعبد الله بن أبي بكر وغيرهم من علمائنا وبعضهم يحدث ما لا يحدث بعض، قالوا إنه كان من حديث الخندق أن نفراً من اليهود منهم سلام بن أبي الحقيق النضري وحيي بن اخطب النضري وكنانة بن الربيع بن أبي الحقيق وهوذة بن قيس الوائلي وأبو عمار الوائلي في نفر من بني النضير ونفر من بني وائل وهم الذين حربوا الأحزاب علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - خرجوا حتي قدموا علي قريش بمكة فدعوهم إلي حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقالوا إنا سنكون معكم عليه حتي نستأصله، فقالت لهم قريش يا معشر يهود إنكم أهل الكتاب الأول والعلم بما أصبحنا نختلف فيه نحن ومحمداً فديننا خير أم دينه؟ قالوا بل دينكم خير من دينه وأنتم أولي بالحق منه، فهم الذين أنزل الله فيهم (ألم تر إلي الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يؤمنون بالجبت والطاغوت ويقولون الذين كفروا هؤلاء أهدي من الذين آمنوا سبيلا، أولئك الذين لعنهم الله ومن يلعن الله فلن تجد له نصيرا) الآيات، فلما قالوا ذلك لقريش سرهم ونشطوا لما دعوا إليه من حرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاجتمعوا لذلك واتعدوا له، ثم خرج ألئك النفر من يهود حتي جاءوا غطفان من قيس عيلان فدعوهم إلي حرب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبروهم أنهم يكونون معهم عليه وأن قريشاً قد تابعوهم علي ذلك واجتمعوا معهم فيه، فخرجت

بهذه الغزوة وحفر خندق حول المدينة واشتراكه - صلى الله عليه وسلم - مع الأنصار والمهاجرين في حفره وظهور بعض معجزاته (عن أبي اسحاق) (1) قال قال رجل للبراء بن عازب وهو يمزح معه قد فررتم عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأنتم أصحابه، قال البراء اني لأشهد علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما فر يومئذ، وقد رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يوم حفر الخندق وهو ينقل مع الناس التراب (زاد في رواية حتي واري التراب جلد بطنه) (2) وهو يتمثل كلمة ابن رواحه اللهم لولا أنت ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا ... فأنزلن سكنية علينا وثبت الأقدام إن لاقينا ... أن الألى (3) قد بغوا علينا ... وأن أرادوا فتنة أبينا يمد بها صوته (4) (عن انس بن مالك) (5) قال خرج النبى - صلى الله عليه وسلم - فى غداة قرة أو باردة (6) فاذا المهاجرون والانصار يحفرون الخندق فقال اللهم أن الخير خير الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة فاجابوه ... نحن الذين بايعوا محمدا ... على الجهاد ما بقينا أبدا (وعنه من طريق ثان) (7) قال خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والمهاجرين يحفرون الخندق فى غداة باردة قال أنس ولم يكن لهم خدم (8) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللهم إنما الخير الخ (9) فأجابوه

_ قريش وقائدها أبوسفيان، وخرجت غطفان وقائدها عيينة بن حصن بن حذيفة من بدر فى بنى فزارة والحارث بن أبى حارثة المرى من بنى مرة ومسعر بن رخيلة بن نويرة بن طريف بن سمحة بن عبد عبدالله بن هلال بن خلاوة بن أشجع بن ريث بن عطفان فيمن تابعه من قومه من أشجع، فلما سمع بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وما أجمعوا له من الأمر ضرب الخندق على المدينة، قال ابن هشام يقال إن الذى أشار به سلمان (قال الطبرى) والسهيلى أول من حفر الخنادق منو شهر بن إيرج بن أفريدون وكان فى زمن موسى عليه السلام، (وقال ابن إسحاق) فعمل فيه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ترغيبا للمسلمين فى الأجر، وعمل معه المسلمون وتخلف طائفة من المنافقين يعتذورن بالضعف، ومنهم من ينسل خفية بغير إذنه ولا علم - صلى الله عليه وسلم -، وقد أنزل الله تعالى فى ذلك قوله (إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله وإذا كانوا معه على أمر جامع لم يذهبوا حتى يستأذنوه ـ إلى قوله ـ ويوم يرجعون إليه فينبئهم بما عملوا والله بكل شئ عليم) (قال ابن اسحاق) فعمل المسلمون فيه حتى أحكموه، أنظر هذا الباب ففيه صفه عملهم فى الخندق. (1) (سنده) حدثنا عفان حدثنا عمر بن أبى زائدة قال سمعت أبا اسحاق قال قال رجل البراء بن عازب الخ (غربية) (2) أى ستره (3) يعنى إن إشراف القوم قد أبوا الدخول فى ديننا (4) لفظ البخارى (ثم يمد صوته بأخرها) يعنى أبينا (تخريجه) (ق ـ وغيرهما) (سنده) (5) حدثنا عبيدة عن حميد الطويل عن أنس بن مالك الخ (غربية) (6) أو للشك من الراوى يشك هل قال قرة أو باردة والمعنى واحد، فان معنى القر البرد ولكن أتى بأو محافظة على اللفظ، وفى الطريق الثانية بلفظ باردة بغير شك (7) (سنده) (حدثنا) ابن أبى عدى عن حميد عن أنس قال خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (8) أى أنهم عملوا فيه بأنفسهم لاحيتاجهم إلى ذلك لا لمجرد الرغبة فى الأجر قاله الحافظ (9) لفظه إنما الخير

بنحو ما تقدم وزاد فيه ولا نفر ولا نفر ولا نفر (عن سهل بن سعد) (1) رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخندق وهم يحفرون ونحن ننقل التراب علي أكتافنا فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اللهم لا عيش الا عيش الآخرة (2) ... فاغفر للمهاجرين والأنصار (3) (عن ابن عون) (4) عن الحسن عن أمه عن أم سلمة رضي الله عنها قالت ما نسيت قوله - صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق وهو يعاطيهم اللبن وقد أغبر شعر صدره وهو يقول. اللهم ان الخير خير الآخرة ... فاغفر للأنصار والمهاجرة قال فرأي عمارا فقال ويحه ابن سمية تقتله الفئة الباغية، قال فذكرته لمحمد يعني ابن سيرين فقال عن أمه؟ (5) قلت نعم، أما انها كانت تخالطها تلج عليها (عن البراء بن عازب) (6) رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفر الخندق قال وعرض لنا صخرة في مكان من الخندق لا تأخذ فيها المعاول، قال فشكوها الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال عوف واحسبه قال وضع ثوبه ثم هبط الي الصخرة فأخذ المعول فقال بسم الله فضرب ضربة فكسر ثلث الحجر، وقال الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام والله اني لأبصر قصورها الحمر من مكاني هذا، ثم قال بسم الله وضرب أخري فكسر ثلث الحجر، فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس والله اني لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، ثم قال بسم الله وضرب ضربة أخري فقلع بقية الحجر، فقال الله أكبر اعطيت مفاتيح اليمن والله اني لأبصر ابواب صنعاء من مكاني هذا {باب فيما ابداه المجاهدون من الشجاعة والاستبسال في القتال} حتي فاتتهم الصلاة ودعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - علي الأحزاب (عن عامر بن سعد) عن أبيه

_ خير الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجره. قال فأجابوه نحن الذين بايعوا محمدا. علي الجهاد ما بقينا أبدا. ولا نفر ولا نفر ولا نفر. (تخريجه) (ق. وغيرها) (1) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد الخ (غريبه) (2) جاء في حديث أنس عند البخاري (فلما رأي ما بهم من النصب والجوع قال (اللهم إن العيش عيش الآخرة) قال الحافظ فيه بيان لسبب قوله اللهم إن العيش عيش الآخرة (3) قال الحافظ في حديث أنس فأغفر للأنصار والمهاجرة وكلاهما غير موزون ولعله - صلى الله عليه وسلم - تعمد ذلك ولعل أصله فأغفر للأنصار وللمهاجرة بتسهيل لام الأنصار وباللام المهاجرة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (4) (سنده) حدثنا ابن أبي عدي عن ابن عون عن الحسن الخ (5) قال النووي في تهذيب الأسماء واللغات أمه اسمها خيرة مولاة لأم سلمة (قلت) وهذا معني قوله أنها كانت تخالطها تلج عليها (تخريجه) أورده الهيثمي ماعدا ما يختص بعمار وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ورواه أبو بعلي اه (قلت) ما يختص بعمار رواه الشيخان وغيرهما (6) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن ميمون أبي عبد الله عن البراء بن عازب الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ميمون أبو عبد الله وثقه ابن حبان وضعفه جماعة ورجاله ثقات (باب) (7) (سنده) حدثنا ابن عون عن محمد بن محمد بن الأسود عن عامر بن سعد

قال لما كان يوم الخندق ورجل يتمرس (1) جعل يقول بالترس هكذا فوضعه فوق أنفه ثم يقول هكذا يسفله بعد قال فأهويت الي كنانتي فأخرجت منها سهما مدماً (2) فوضعته في كبد القوس فلما قال هكذا يسفل الترس رميت فما نسيت وقع القدح (3) علي كذا وكذا من الترس قال وسقط فقال برجله (4) فضحك نبي الله - صلى الله عليه وسلم - أحسبه قال حتي بدت نواجذه قال قلت لم؟ قال لفعل الرجل (عن أبي اسحق) (5) قال سمعت سليمان بن صرد (رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم الأحزاب اليوم نغزوهم ولا يغزونا (6) (ز) (عن علي رضي الله عنه) (7) قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم الأحزاب شغلونا عن الصلاة الوسطي صلاة العصر ملأ الله قبورهم وبيوتهم ناراً (عن أبي سعيد الخدري) (8) قال حبسنا يوم الخندق عن الصلاة حتي كان بعد المغرب هوياً (وفي رواية حتي ذهب من الليل ما شاء الله) وذلك قبل أن ينزل في القتال ما نزل (وفي رواية وذلك قبل أن ينزل صلاة الخوف فرجالا أو ركباناً) فلما كفينا القتال وذاك قوله (وكفي الله المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً) أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - بلالا فأقام الظهر فصلاها كما يصليها في وقتها (عن جابر بن عبد الله) (9) أن النبي صلي الله عليه وسلم أتي إلي مسجد يعني الأحزاب (10) فوضع رداءه وقام ورفع يديه مداً يدعو عليهم ولم يصل ثم جاء ودعا عليهم وصلى

_ عن أبيه (يعني سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه الخ (غريبه) (1) أي يتترس يعني يتوقي بالترس بضم التاء المثناة فوق وهو من آلات الحرب التي يتقي بها (2) بضم الميم الأولي وفتح المهملة وتشديد الميم الثانية مفتوحة قال في النهاية المدمي من السهام الذي أصابه الدم فجصل في لونه سواد وحمرة مما رمي به العدو ويطلق علي ما تكرر الرمي به والرماة يتبركون به (3) بكسر القاف وسكون المهملة عود السهم (4) أي صار يحرك رجله (تخريجه)، أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار إلا أنه قال كان رجل معه ترسان وكان سعد راميا فكان يقول كذا وكذا بالترسين ينطي جبهته فنزع له سعد بسهم فلما رفع رأسه رماه فلم يخط هذه منه يعني جهته والباقي بنحوه ورجالهما رجال الصحيح غير محمد بن محمد بن الأسود وهو ثقة (5) (سنده) حدثنا يحيي بن سعيد عن سفيان قال حدثني أبو إسحاق قال سمعت سليمان الخ (غريبه) (6) معناه لا يغزونا مرة ثانية بعد هذه الغزوة بل نحن نغزوهم (تخريجه) (خ) وروي البزار عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال يوم الأحزاب وقد جمعوا له جموعا كثيرة فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا يغزوكم بعدها أبدا ولكن نغزوهم أورده الهيثمي وقال رواه البزار ورجاله ثقات (7) (ز) (عن علي رضي الله عنه الخ) هذا طرف من حديث تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب فضل صلاة العصر وأنها الوسطي من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 261 رقم 124 فارجع إليه (8) (عن أبي سعيد الخدري الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب تأخير الصلاة لعذر الاشتغال بالحرب الخ من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 309 رقم 266 (9) (سنده) حدثنا حسين ثنا ابن أبي ذنب عن رجل من بني سليمة عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (10) هكذا بالأصل (أتي مسجد يعني الأحزاب) ونقله

(عن عبد الله بن أبي أوفي) (1) قال دعا رسول الله صلي الله عليه وسلم علي الأحزاب فقال اللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم الأحزاب اهزمهم وزلزهم (باب ماجاء في استجابة الله تعالي دعاء نبيه - صلى الله عليه وسلم - وفشل الأحزاب وتفرقهم واندحارهم ورجوعهم بالخيبة والندامة) (عن محمد بن كعب القرظي) (2) قال قال فتي منا من أهل الكوفة لحذيفة بن اليمان يا أبا عبد الله رأيتم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وصحبتموه؟ قال نعم يا أبن أخي، قال فكيف كنتم تصنعون؟ قال والله لقد كنا بحهد (3) قال والله لو أدركنا ما تركناه يمشي علي الأرض ولجعلناه علي أعناقنا، قال فقال حذيفة يا أبن أخي والله لقد رأيتنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالخندق وصلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الليل هويا (4) ثم التفت الينا فقال من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم يشترط له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه يرجع أدخله الله الجنة، فما قام رجل ثم صلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هوياً من الليل ثم التفت إلينا فقال من رجل يقوم فينظر لنا ما فعل القوم ثم يرجع يشرط له رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الرجعة أسأل الله أن يكون رفيقي في الجنة، فما قام رجل من القوم مع شدة الخوف وشدة الجوع وشدة البرد، فلما يقم أحد دعاني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلم يكن لي بد في القيام حين دعاني، فقال يا حذيفة فاذهب فادخل في القوم فانظر ما يفعلون ولا تحدثن شيئاً حتي تأتينا، قال فذهبت فدخلت في القوم والريح وجنود الله تفعل ما تفعل لا تقر لهم قدر ولا نار ولا بناء، فقام أبو سفيان بن حرب فقال يا معشر قريش لينظر امرؤ من جليسه، فقال حذيفة فأخذت بيد الرجل الذي إلي جنبي فقلت من أنت، قال أنا فلان بن فلان، ثم قال أبو سفيان يا معشر قريش إنكم والله ما أصبحتم بدار مقام: لقد هلك الكراع (5) واخلفتنا بنو قريظة، بلغنا منهم الذي نكره ولقينا من هذه الريح ما ترون: والله ما تطمئن لنا قدر ولا تقوم لنا نار ولا يستمسك لنا بناء فارتحلوا فإني مرتحل، ثم قام إلي جمله وهو معقول فجلس عليه ثم ضربه فوثب علي ثلاث فما أطلق عقله إلا وهو قائم، ولولا عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لا تحدث شيئاً حتي تأتيني ثم شئت (6) لقتلته بسهم، قال حذيفة ثم رجعت إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو قائم يصلي في مرط (7) لبعض نسائه

_ الحافظ ابن كثير عن الإمام أحمد في تاريخه بلفظ (أتي مسجد الأحزاب) (قلت) لعله المسجد الذي أعده النبي - صلى الله عليه وسلم - في بني قريظة أيام حصارهم والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي أسناده رجل لم يسم (1) (سنده) حدثنا وكيع وبعلي هو ابن عبيد قالا ثنا ابن أبي خالد وهو اسماعيل قال سمعت ابن أبي أوفي يقول دعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (2) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن محمد بن إسحاق حدثني يزيد بن زياد عن محمد بن كعب القرظي الخ (غريبه) (3) بفتح الهاء أي كنا في مشقة شديدة (وقوله لو أدركنا) بفتح الكاف أي لو كان في زماننا (4) بفتح الهاء وكسر الواو قال في النهاية الهوي بالفتح الحين الطويل من الزمان وقيل هو مختص بالليل (5) الكراع بضم الكاف إسم لجميع الخيل (6) أي ثم شئت قتله لقتلته (7) المرط بكسر الميم وسكون الراء كساء من صوف أو خز يؤنز به وتتلفع المرأة به والجمع مروط

مرجل (1) فلما رآني أدخلني إلي رحله وطرح علي طرف المرط ثم ركع وسجد وإنه لفيه (2) فلما سلم أخبرته الخبر، وسمعت غطفان بما فعلت قريش وانشمروا (3) إلي بلادهم (باب ما جاء مشتركا في غزوة الخندق وبني قريظة وجرح سعد بن معاذ رضي الله عنه) (حدثنا يزيد) (4) قال أنا محمد بن عمرو عن أبيه عن جده علقمة بن وقاص قال أخبرتني عائشة قالت خرجت يوم الخندق أقفوا آثار الناس قالت فسمعت وئيد الأرض ورائي يعني حس الأرض، قالت فالتفت فاذا أنا بسعد بن معاذ ومعه ابن أخيه الحارث بن أوس يحمل مجنة (5) قالت فجلست إلي الأرض فمر سعد وعليه درع من حديد قد خرجت منها أطرافه (6) فأنا أتخوف علي أطراف سعد، قالت وكان سعد من أعظم الناس وأطولهم قالت فمر وهو يرتجز ويقول ليت قليلا يدرك الهيجاء جمل ... ما أحسن الموت إذا حان الأجل قالت فقمت فاقتحمت حديقة فاذا فيها نفر من المسلمين واذا فيهم عمر بن الخطاب وفيهم رجل عليه يعني سبغة له مغفراً (7) فقال عمر ما جاء بك؟ لعمري والله إنك لجربثة، وما يؤمنك أن يكون بلاء أو يكون تحوز (8) قالت فما زال يلومني حتي تمنيت أن الأرض انشقت لي ساعتئذ فدخلت فيها، قالت فرفع الرجل للسبغة عن وجهه فاذا طلحة بن عبيد الله، فقال يا عمر ويحك انك قد أكثرت منذ اليوم: وأين التحوز أو الفرار إلا إلي الله عز وجل، قالت ويرمي سعداً رجل من المشركين من قريش يقال له ابن العرقة بسهم له فقال له خذها وأنا ابن العرقة فأصاب أكحله (9)

_ (1) مرجل بضم الميم وتشديد الجيم مفتوحة كمعظم أي فيه أرقام وخطوط (2) أي لفي المرط (3) أي قصدوا وصمموا وأرسلوا إبلهم إلي بلادهم (تخريجه (م ك). والبيهقي في الدلائل وابن اسحاق، وجاء عند البيهقي وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا حز به امر صلي فأخبرته خبر القوم، أخبرته أني تركتهم يرحلون، قال وأنزل الله تعالي (يا أيها الذين آمنوا اذكروا نعمة الله عليكم إذ جاءتكم جنود فأرسلنا عليهم ريحاً وجنوداً لم تروها - الي قوله - وكفي الله المؤمنين القتال وكان الله قويا عزيزا) أي صرف الله عنهم عدوهم بالريح التي أرسلها عليهم والجنود من الملائكة وغيرهم التي بعثها الله إليهم (وكفي الله المؤمنين القتال) أي لم يحتاجوا إلي منازلتهم بل صرفهم القوي العزيز بحوله وقوته ولم ترجع قريش بعدها إلي حرب المسلمين (قال محمد بن إسحاق رحمه الله) فلما انصرف أهل الخندق قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فيما بلغنا لن تغزوكم قريش بعد عامكم ولكنكم تغزونهم، قال فلم تغز قريش بعد ذلك وكان - صلى الله عليه وسلم - يغزوهم بعد ذلك حتي فتح الله عليه مكة، وهذا بلاغ من ابن اسحاق (قلت) وتقدم حديث سليمان ابن صرد في الباب السابق أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال يوم الأحزب اليوم نغزوهم ولا يغزونا رواه البخاري أيضا (باب) (4) (حدثنا يزيد الخ) غريبه (5) بكسر الميم وفتح الجيم هو الترس لأنه يواري حامله أي يستره والميم زائدة (6) أي يديه ورجليه (7) المغفر بوزن المنبر هو ما يلبسه الدراع علي رأسه من الزرد ونحوه والسبغة شئ من حلق الدروع والزرد يعلق بالمغفر دائرا معه يستر الرقبة وجيب الدرع (8) أي حرب أو أسر (9) الأكحل عرق في وسط الذراع في كل عضو منه شعبة إذا ...

فقطعه فدعا الله عز وجل سعد فقال اللهم لاتمتني حتي تقر عيني من قريظة، قالت وكانوا حلفاءه ومواليه في الجاهلية، قالت فرقي كلمه (1) وبعث الله عز وجل الربح علي المشركين فكفي الله عز وجل المؤمنين القتال وكان الله قوياً عزيزاً، فلحق أبو سفيان ومن معه بتهامة، ولحق عيينة بن بدر ومن معه بنجد ورجعت بنو قريظة فتحصنوا في صيامهم (2) ورجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي المدينة فوضع السلاح وامر بقبة من أدم فضربت علي سعد في المسجد، قالت فجاءه جبريل عليه السلام وإن علي ثناياه لنقع الغبار (3) فقال أقد وضعت السلاح؟ والله ما وضعت الملائكة بعد السلاح أخرج إلي بني قريظة فقاتلهم، قالت فلبس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأمته (4) وأذن في الناس بالرحيل أي يخرجوا فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فمر علي بني غنم وهي جيران المسجد حوله فقال من مر بكم؟ فقالوا مر بنا دحية الكلبي، وكان دحية الكلبي تشبه لحيته وسنه ووجهه جبريل عليه السلام، فقالت فأتاهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فحاصرهم خمسا وعشرين ليلة، فلما اشتد حصرهم واشتد البلاء قيل لهم انزلوا علي حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاستشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر (5) فاشار اليهم انه الذبح (6) قالوا ننزل علي حكم سعد بن معاذ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انزلوا علي حكم سعد بن معاذ فنزلوا وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي سعد بن معاذ فاتي به علي حمار عليه إكاف (7) من ليف قد حمل عليه وحف به قومه، فقالوا يا أبا عمرو حلفاؤك ومواليك وأهل النكاية ومن قد علمت، قالت وأني (8) لا يرجع اليهم شيئا ولا يلتفت اليهم حتي اذا دنا من دورهم التفت إلي قومه فقال قد أبي (9) لي أن لا أبالي في الله لومة لائم، قال قال أبو سعيد فلما طلع علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال قوموا إلي سيدكم

_ قطع لم يرقأ الدم (1) بفتح الكاف وسكون اللام أصل الكلم الجرح والكليم الجريح (2) أي حصونهم جمع صيصة وكل شئ امتنع به وتحصن به فهو صيصة (3) النقع هو الغبار كما فسره الراوي والمعني ان أثر غبار الحرب باق عليه (4) أي آلة الحرب من السلاح (5) إنما استشاروا أبا لبابة بن عبد المنذر لأنهم كانوا حلفاءه (6) معناه يريهم أنه يراد بهم القتل، وجاء عند ابن اسحاق أنهم بعثوا إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ان ابعث إلينا ابا لبابة بن عبد المنذر أخا بني عمرو بن عوف وكانوا حلفاء الأوس نستشيره في أمرنا، فأرسله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فلما رأوه قام إليه الرجال وجهش إليه النساء والصبيان يبكون في وجهه فرق لهم، وقالوا يا أبا لبابة أتري أن ننزل علي حكم محمد؟ قال نعم، وأشار بيده إلي حلقه أنه الذبح، قال أبو لبابة فو الله ما زالت قدماي من مكانهما حتي عرفت أني قد خنت الله ورسوله، ثم انطلق أبو لبابة علي وجهه ولم يأت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتي ارتبط في المسجد إلي عموده وقال لا أبرح مكاني حتي يتوب الله علي مما صنعت، وعاهد الله أن لا أطأ بني قريظة أبداً ولا أري في بلد خنت الله ورسوله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم فيه أبداً (7) إلاء كاف هو ما يشد علي ظهر الحمار كالرحل للبعير والسرج للفرس (8) أي أبطأ في الجواب وسكت عنهم فلم يرد عليهم (9) معناه آن لي أن لا أبالي فهي بمعني آن، قال في النهاية هل أني الرحيل أي حان وقته، تقول اني يأني وفي رواية هل آن

فأنزلوه، فقال عمر سيدنا الله عز وجل، قال أنزلوه فأنزلوه (1) قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أحكم فيهم قال سعد فاني أحكم فيهم أن تقتل مقاتلتهم وتسبي ذراريهم وتقسم اموالهم، وقال يزيد ببغداد (2) ويقسم فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل وحكم رسوله، قالت ثم دعا سعد قال اللهم ان كنت أبقيت علي نبيك - صلى الله عليه وسلم - من حرب قريش شيئا فأبقني لها، وان كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضني اليك، قالت فانفجر كلمه (3) وكان قد برئ حتي ما يري منه إلا مثل الخرص (4) ورجع إلي قبته التي ضرب عليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قالت عائشة فحضره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر وعمر، قالت فو الذي نفس محمد بيده إني لأعرف بكاء عمر من بكاء أبي بكر وانا في حجرتي، وكانوا كما قال الله عز وجل (رحماء بينهم) قال علقمة قلت أي امه فكيف كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يصنع؟ قالت كانت عينه لا تدمع علي احد ولكنه كان إذا وجد (5) فانما هو آخذ بلحيته (عن جابر) (6) أنه قال رمي يوم الأحزاب سعد بن معاذ فقطعوا أكحله فحسمه (7) رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالنار فانتفخت يده، فحسمه فانتفخت يده، فحسمه أخري فانتفخت يده فنزفه (8) فلما رأي ذلك قال اللهم لا تخرج نفسي حتي تقر عيني من بني قريظة فاستمسك عرقه فما قطر قطرة حتي نزلوا علي حكم سعد فأرسل اليه فحكم أن نقتل رجالهم وتستحيا نساؤهم وذراريهم ليستعين بهم المسلمون. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أصبت حكم الله فيهم، وكانوا أربعمائة فلما فرغ من قتلهم اتفتق عرقه فمات (رضي الله عنه) (عن عبد الله بن الزبير) (9) قال لما كان يوم الخندق كنت انا وعمر بن أبي سلمة في الأطم (10) الذي فيه نساء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطم حسان فكان يرفعني وأرفعه فاذا رفعني عرفت أبي حبن يمر إلي بني قريظة وكان يقاتل مع رسول الله

_ الرحيل أي قرب (1) تقدم الكلام علي ذلك في باب القيام في آخر كتاب السلام والاستئذان صحيفة 352 رقم 66 في الجزء السابع عشر (2) معناه أن يزيد شيخ الإمام احمد حدثه مرة أخري ببغداد بلفظ (وبقسم) بالباء التحتية بدل التاء الفوقية (3) أي جرحه (4) بضم الخاء المعجمة وسكون الراء الحلقة الصغيرة من الحلي وهو حلي الأذن، والمعني أنه لم يبق من جرح سعد إلا مثل حلقة الخرص في قلة ما بقي منه (5) أي حزن (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه ثم قال وهذا الحديث إسناده جيد وله شواهد من وجوه كثيرة. وفيه التصريح بدعاء سعد مرتين مرة قبل حكمه في بني قريظة ومرة بعد ذلك كما قلنا أولا ولله الحمد والمنة. (6) (سنده) حدثنا حجين ويونس قالا حدثنا الليث بن سعد عن أبي الزبير عن جابر أنه قال رمي يوم الأحزاب سعد الخ (غريبه) (7) أي كواه ليقطع دمه وأصل الحسم القطع (8) أي خرج منه الدم بكثرة فلما رأي ذلك سعد قال اللهم لا تخرج نفسي أي لا تمتني الخ فاستجاب الله دعاءه واستمسك عرقه فما قطر قطرة دم (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وقد رواه الترمذي والنسائي جميعا عن قتيبة عن الليث به وقال الترمذي حسن صحيح. (9) (سنده) حدثنا أبو أسامة أنبأنا هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير الخ (غريبه) (10) الأطم بضم الهمزة والطاء بناء مرتفع كالحصن وهو

- صلى الله عليه وسلم - يوم الخندق فقال من يأتي بني قريظة فيقاتلهم؟ فقلت له حين رجع يا أبت تالله ان كنت لأعرفك حين تمر ذاهباً إلي بني قريظة، فقال يا بني أما والله إن كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليجمع لي أبويه جميعا يفديني بهما، يقول فداك أبي وأمي (1) (عن جابر بن عبد الله) (2) قال اشتد الامر يوم الخندق فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ألا رجل يأتينا بخبر بني قريظة؟ فانطلق الزبير فجاء يخبرهم؛ ثم اشتد الأمر أيضاً فذكر ثلاث مرات، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ان لكل نبي حواري (3) والزبير حواري (باب ما جاء خاصا بغزوة بني قريظة) (عن عائشة رضي الله عنها) (4) قالت لما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من الخندق ووضع السلاح واغتسل فأتاه جبريل عليه السلام وعلي رأسه الغبار قال قد وضعت السلاح؟ فو الله ما وضعتها، اخرج اليهم، قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأين؟ قال ها هنا فأشار إلي بني قريظة، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم، قال هشام (5) فأخبرني أبي انهم نزلوا علي حكم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فرد الحكم فيهم إلي سعد، قال فاني أحكم أن تقتل المقاتلة وتسبي النساء والذرية وتقسم أموالهم، قال هشام قال أبي فأخبرت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لقد حكمت فيهم بحكم الله بحكم الله عز وجل (عن أنس بن مالك) (6) قال كأني أنظر إلي غبار موكب جبريل (7) عليه السلام ساطعا (8) في سكة بني غنم حين سار إلي قريظة (عن عائشة) أم المؤمنين (9) رضي الله عنها قالت لم يقتل من نسائهم (10) إلا امرأة واحدة قالت والله انها لعندي تحدث معي تضحك ظهراً وبطنا (11) ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقتل رجالهم بالسوق إذ هتف هاتف باسمها أين فلانة؟ قالت أنا والله، قالت قلت ويلك ومالك؟ قالت أقتل، قالت قلت ولم؟ قالت حدثا أحدثته (12)

_ مفرد جمعه آطام (1) فيه دلالة علي شجاعة الزبير بن العوام رضي الله عنه ومنقبة عظيمة له لقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - له فداك أبي وأمي (تخريجه) (ق مذ جه) (2) (سنده) حدثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد قال هشام وحدثت به وهب بن كيسان فقال أشهد علي جابر بن عبد الله لحدثني قال اشتد الأمر يوم الخندق الخ (غريبه) (3) أي وزيراً أو ناصراً أو خالصاً أو خليلا او خاصة من اصحابه، وحواري الرجل صفوته وخالصته اي صاحب سره سمي به لخلوص نيته وصفاء سريرته من الحور بفتحتين شدة البياض (تخريجه) (ق مذ) (باب) (4) (سنده) حدثنا ابن نمير عن هشام قال أخبرني ابي عن عائشة الخ (غريبه) (5) هشام هو ابن عروة بن الزبير وعروة هو الذي روي الحديث عن عائشة رضي الله عنها (تخريجه) (خ. وغيره) (6) حدثنا وهب ثنا ابي قال سمعت حميد بن هلال يحدث عن انس بن مالك انه قال كأني انظر الخ (غريبه) (7) يشير إلي انه يستحضر القصة حتي كأنه ينظر إليها مشخصة له بعد تلك المدة الطويل (8) أي مرتفعا (تخريجه) (خ. وغيره) (9) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا ابي عن ابن إسحاق قال حدثني محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة ام المؤمنين الخ (غريبه) (10) تعني من نساء بني قريظة (11) اي لم يبد علي ملامحها اثر للحزن (12) قال ابن اسحاق هي التي طرحت الرحا علي خلاد بن سويد فقتلها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - به (قال ابن اسحاق) في موضع آخر وسماها

قالت فانطلق بها فضربت عنقها، وكانت عائشة رضي الله تبارك وتعالي تقول والله ما أنسي عجبي من طيب نفسها (1) وكثرة ضحكها وقد عرفت أنها تقتل

_ نبانة امراة الحكم القرظي (1) اي منشرحة الصدر (تخريجه) رواه ابن إسحاق وسنده صحيح ورجاله ثقات (قلت) هذا الحديث ذكر فيه قصة المرأة اليهودية وقتلها أما الرجال فقد قال ابن اسحاق ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حبسهم في المدينة في دار بنت الحارث امرأة من بني النجار ثم خرج - صلى الله عليه وسلم - إلي سوق المدينة فخندق بها خنادق (يعني ليسيل دمهم فيها) ثم بعث اليهم فضربت أعناقهم في تلك الخنادق، فخرج بهم اليه أرسالا وفيهم عدو الله حيي بن أخطب وكعب بن أسد رأس القوم وهم ستمائة أو سبعمائة والمكئر لهم يقول كانوا ما بين الثمانمئة والتسعمئة (قلت) وقد تقدم فيما رواه الليث عن جابر انهم كانوا أربعمائة فالله أعلم (قال ابن اسحاق) وقد قالوا لكعب بن أسد وهم يذهب بهم إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسالا dاكعب ما تراه يصنع بنا؟ قال أفي كل موطن لا تعقلون ألا ترون الداعي لا ينزع، ومن ذهب به منكم لا يرجع، هو والله القتل، فلم يزل ذلك الدأب حتي فرغ منهم، وأتي بحيي بن أخطب وعليه حلة له فقاحية (قال ابن هشام فقاحية ضرب من الوشي) قد شقها عليه من كل ناحية قدر انملة لئلا يسلها مجموعة يداه إلي عنقه بحبل، فلما نظر إلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال أما والله ما لمت نفسي في عداوتك، ولكنه من يخذل الله يخذل، ثم أقبل علي الناس فقال أيها الناس انه لا بأس بامر الله كتاب وقدر وملحمة كتبها الله علي بني إسرائيل، ثم جلس فضربت عنقه وهكذا أنفذ فيهم حكم سعد بن معاذ بحضوره ومشاهدته وأقر الله عينه وشفي صدره منهم بقتلهم جميعا: ثم عاد الي خيمته من المسجد النبوي صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ودعا الله أن تكون شهادة واختار الله له ما عنده فانفجر جرحه في الليل فلم يزل يخرج منه الدم حتي مات رضي الله عنه (قال ابن اسحاق) ثم ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قسم أموال بني قريظة ونسائهم وأبناهم علي المسلمين بعد ما أخرج الخمس وقسم للفارس ثلاثة أسهم سهمين للفرس وسهما لراكبه وسهما للراجل وكانت الخيل يومئذ ستا وثلاثين، قال وكان أول شئ وقعت فيه السهمان وخمس، (قال اين اسحاق) وبعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بسبايا من بني قريظة الي نجد فابتاع بها خيلا وسلاحا، وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اصطفي من نسائهم ريحانة بنت عمرو بن خنافة إحدي نساء بني عمرو بن قريظة وكان عليها حتي توفي عنها وهي في ملكه، وقد كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عرض عليها الاسلام فامتنعت ثم أسلمت بعد ذلك فسر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - باسلامها، وقد عرض عليها أن يعتقها ويتزوجها فاختارت أن تستمر علي الرق ليكون أسهل عليها، فلم تزل عنده حتي توفي عليه الصلاة والسلام (قال ابن اسحاق) واستشهد من المسلمين يوم بني قريظة خلاد بن سويد بن ثعلبة بن عمرو الخزرجي طرحت عليه رحي فشدخته شدخا شديدا فزعموا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال ان له لأجر شهيدين (قلت) والظاهر أن الذي ألقي عليه الرحي تلك المرأة التي لم يقتل من بني قريظة امرأة غيرها كما تقدم والله أعلم (قال ابن اسحاق) ومات ابو سنان بن محصن بن حرثان من بني أسد بن خزيمة ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - محاصر بني قريظة فدفن في مقبرتهم اليوم (قلت) وتقدم وفاة سعد بن معاذ رضي الله عنه وله مناقب كثيرة ستأتي في ترجمته من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى

(باب ما جاء في زواجه - صلى الله عليه وسلم - بزينب بنت جحش (1) رضي الله عنها ونزول آية الحجاب)

_ (ما جاء في قتل ابن أبي الحقيق اليهودي في قصر له في أرض خيبر) وكان تاجرا مشهورا بارض الحجاز (قال ابن اسحاق) ولما انقضي شأن الخندق وامر بني قريظة وكان سلام بن أبي الحقيق وهو ابو رافع فيمن حزب الأحزاب علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت الأوس قبل أحد قد قتلت كعب بن الأشرف فأستأذن الخزرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في قتل سلام بن أبي الحقيق وهو بخيبر فاذن لهم اه (قلت) روي البخاري بسنده عن البراء قال بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلي رافع اليهودي رجالا من الأنصار وامر عليهم عبد الله بن عتيك وكان ابو رافع يؤذي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ويعين عليه وكان في حصن له بارض الحجاز، فلما دنوا منه وقد غربت الشمس وراح الناس بسرحهم قال عبد الله اجلسوا مكانكم فإني منطلق متلطف للبواب لعلي أن أدخل، فأقبل حتي دنا من الباب ثم تقنع بثوبه كأنه يقضي حاجته وقد دخل الناس فهتف به البواب يا عبد الله ان كنت تريد أن تدخل فادخل فاني أريد أن أغلق الباب، فدخلت فكمنت فلما دخل الناس أغلق الباب ثم علق الاغاليق علي ود قال فقمت الي الأقاليد واخذتها وفتحت الباب وكان ابو رافع يسمر عنده وكان في علالي له فلما ذهب عنه اهل سمره صعدت اليه فجعلت كلما فتحت بابا اغلقت علي من داخل فقلت إن القوم هو سدر وإلي لم يخلصوا إلي حتي اقتله، فانتهيت اليه فاذا هو في بيت مظلم وسط عياله لا أدري اين هو من البيت، قلت ابا رافع قال من هذا؟ فاهويت نحو الصوت فاضربه بالسيف ضربة وانا دهش فما أغنيت شيئا، وصاح فخرجت من البيت فأمكث غير بعيد ثم دخلت اليه فقلت ما هذا الصوت يا أبا رافع؟ (قال وغيرت صوتي كما في رواية أخري) فقال لأمك الويل، ان رجلا في البيت قتل بالسيف قال فأضربه ضربة اثخنته ولم أقتله ثم وضعت صبيب السيف في بطنه حتي اخذ في ظهره فعرفت إني قتلته فجعلت افتح الابواب بابا بابا حتي انتهيت الي رحبة له فوضعت رجلي وانا اري اني قد انتهيت فعرفت اني قتلته فجعلت افتح الأبواب بابا بابا حتي انتهيت الي رحبة له فوضعت رجلي وانا اري قد انتهيت فوقعت في ليلة مقمرة فانكسرت ساقي، فعصبتها بعمامة حتي انطلقت حتي جلست علي الباب فقلت لا أخرج الليلة حتي أقتله فلما صاح الديك قام الناعي علي السور فقال انعي ابا رافع ناصر اهل الحجاز فانطلقت إلي أصحابي فقلت النجاة فقد قتل الله ابا رافع، فانتهيت الي النبي - صلى الله عليه وسلم - فحدثته، فقال ابسط رجلك فبسطت رجلي فكأنما لم أشكها قط (باب) (1) أمها أميمة بنت عبد المطلب عمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وكانت قبله عند مولاه زيد بن حارثة، (قال قتادة والواقدي) وبعض أهل المدينة تزوجها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سنة خمس زاد بعضهم في ذي القعدة (قال الحافظ البيهقي) تزوجها بعد بني قريظة، وقال خليفة بن خياط وأبو عبيد معمر بن المثني وابن منده تزوجها سنة ثلاث (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه والأول أشهر، وهو الذي سلكه ابن جرير وغير واحد من أهل التاريخ اه (قلت)، وسبب تزويجه إياها ذكره الامام البغوي في تفسيره قال إن زيدا أتي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال إني أريد أن أفارق صاحبتي، قال مالك؟ أرابك منها شئ؟ قال له والله يا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ما رأيت منها الا خيرا ولكنها تتعظم علي لشرفها وتؤذيني بلسانها، فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم - أمسك عليك زوجك واتق الله في أمرها ثم طلقها زيد فذلك قوله تعالي (وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه أمسك عليك زوجك واتق الله) الآية (قلت) مر تفسيرها في سورة الأحزاب من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 240 (قال الامام البغوي) في تفسيره عن علي بن الحسين ان الله تعالي قد أعلمه أنها ستكون من أزواجه وان زيدا سيطلقها، فلما جاء زيد وقال اني أريد أن أطلقها قال له امسك عليك

(حدثنا بهز) (1) وحدثنا هاشم قال ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس بن مالك رضي الله تبارك وتعالي عنه قال لما انقضت عدة زنيب رضي الله عنها قال رسول الله صلي الله عليه وسلم لزيد اذهب فاذكرها علي (2) قال فانطلق حتي أتاها قال وهي تخمر عجينها فلما رأيتها عظمت في صدري حتي ما أستطيع أن أنظر إليها (3) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرها فوليتها ظهري ونكصت علي عقبي فقلت يا زينب أبشري أرسلني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يذكرك قالت ما أنا بصانعة شيئا حتي أؤامر ربي عز وجل، فقامت إلي مسجدها (4) ونزل يعني القرآن وجاء رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فدخل عليها بغير إذن (5) قال ولقد رأيتنا أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أطعمنا الخبز واللحم قال هاشم حين عرفت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطبها (6) قال هاشم في حديثه لقد رأيتنا (7) حين ادخلت علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اطعمنا الخبز واللحم، فخرج الناس وبقي رجال يتحدثون في البيت بعد الطعام، فخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - واتبعته فجعل يتتبع حجر نسائه فجعل يسلم عليهن ويقلن يا رسول الله كيف وجدت أهلك (8) قال فما أدري أنا اخبرته أن القوم خرجوا أو أخبر قال فانطلق حتي دخل البيت فذهبت أدخل معه فالقي الستر بيني وبينه ونزل الحجاب (9) قال

_ زوجك فعاتبه الله وقال لم قلت أمسك عليك زوجك وقد اعلمتك أنها ستكون من أزواجك اه (1) (حدثنا يهز الخ) (غريبه) (2) أي فاخطبها لي من نفسها (قال النووي) فيه دليل علي انه لا بأس أن يبعث الرجل لخطبة المرأة له من كان زوجها اذا علم أنه لا يكره ذلك كما كان حال زيد مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (3) معناه أنه هابها واستجلها من أجل ارادة النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها فعاملها معاملة من تزوجها - صلى الله عليه وسلم - في الأعظام والاجلال والمهابة (وقوله ان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذكرها) قال النووي هو بفتح الهمزة من أن أي من أجل ذلك (وقوله نكصت) أي رجعت وكان جاء اليها ليخطبها وهو ينظر اليها علي ما كان من عادتهم، وهذا قبل نزول الحجاب، فلما غلب عليه الاجلال تأخر وخطبها وظهره اليها لئلا يسبقه النظر اليها (4) أي موضع صلاتها من بيتها (5) يعني نزل قوله تعالي (فلما قضي زيد منها وطرا زوجها كها) فدخل عليها بغير اذن لأن الله تعالي زوجه اياها بهذه الآية (6) هكذا جاء في أصل المسند هذه الجملة في هذا الموضع وهي قوله (قال هاشم حين عرفت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطبها) ولم تأت هذه الجملة في صحيح مسلم ولا فيما ... نقله الحافظ ابن كثير عن المسند، والظاهر أنها ترجع الي قول زيد (فلما رأيتها عظمت في صدري) والمعني أن هاشما قال في روايته بسنده عن أنس أن زيدا قال (فلما رأيتها عظمت في صدري حين عرفت أن النبي - صلى الله عليه وسلم - خطبها) والله أعلم (7) القائل لقد رايتنا الخ هو أنس بن مالك وهشام يحكي عنه (8) قال النووي في هذه القصة فوائد (منها) انه يستحب للانسان اذا اتي منزله ان يسلم علي امرأته واهله، وهذا مما يتكبر عنه كثير من الجاهلين المترفعين (ومنها) انه اذا سلم علي واحد قال سلام عليكم، أو السلام عليكم بصيغة الجمع قالوا ليتناوله وملكيه (بفتح الميم واللام) (ومنها) سؤال الرجل اهله عن حالهم فربما كانت في نفس المرأة حاجة فتستحي ان تبتدئ بها فاذا سألها انبسطت لذكر حاجتها، (ومنها) أنه يستحب ان يقال للرجل عقب دخوله كيف حالك ونحو هذا (9) يعني قوله تعالى

ووعظ القوم بما وعظوا به قال هاشم في حديثه (لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذن لكم إلي طعام غير ناظرين إناه ولكن إذا دعيتم فادخلوا: فاذا طعمتم فانتشروا ولا مستأنسين لحديث: ان ذلكم كان يؤذي النبي فيستحي منكم والله لا يستحي من الحق) (عن عبد العزيز بن صهيب) (1) قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه يقول ما أولم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علي امرأة من نسائه أكثر وأفضل مما أولم علي زينب، فقال ثابت البناني فما أولم؟ قال اطعمهم خبزا ولحما حتي تركوه (2) (ومن طريق ثان) (3) عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال ما رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أولم علي امرأة من نسائه ما أولم علي زينب بنت جحش قال فأولم بشاة أو ذبح شاة (عن حميد عن أنس) (4) قال أولم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لزينب فأشبع المسلمين خبزا ولحما ثم خرج كما كان يصنع إذا تزوج فيأتي حجر أمهات المؤمنين فيسلم عليهن ويدعو لهن ويسلمن عليه ويدعون له، ثم رجع وأنا معه فلما انتهي إلي الباب إذا رجلان قد جري بينهما الحديث في ناحية البيت، فلما أبصرهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انصرف، فلما رأي الرجلان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد رجع وثبا فزعين فخرجا فلا أدري أنا أخبرته أو من أخبره فرجع النبي - صلى الله عليه وسلم - (عن أنس) (5) قال كانت زينب بنت جحش تفخر علي نساء النبي - صلى الله عليه وسلم - تقول ان الله عز وجل أنكحني من السماء (6) {ابواب حوادث سنة ست من الهجرة} (باب ما جاء في سرية محمد بن سلمة (7) رضي الله تبارك وتعالي عنه قبل نجد) {وأسر ثمامة بن أثال وإسلامه رضي الله عنه}

_ (ياأيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوت النبي الا ان يؤذن لكم إلي طعام غير ناظربن إناه ولكن اذا دعيتم فادخلوا: الي قوله: ان ذلكم كان عند الله عظيما) وتقدم تفسير هذه الاية في سورة الأحزاب من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 245 رقم 392 (تخريجه) (م نس) (1) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عبد العزيز بن صهيب الخ (غريبه) (2) أي حتي شبعوا وتركوه لشبعهم (3) (سنده) حدثنا يونس ثنا حماد يعني ابن زيد عن ثابت عن أنس الخ (تخريجه) (م - وغيره) (4) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون أنا حميد عن أنس (يعني ابن مالك) قال أولم الخ (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله من رجال الصحيحين وهو من ثلاثيات الامام احمد وروي معناه الشيخان وغيرهما (5) (سنده) حدثنا هاشم ثنا محمد بن عبد الله ثنا عيسي بن طهمان قال سمعت أنسا قال كانت زينب الخ (غريبه) (6) تعني قوله تعالي (فلما قضي زيد منها وطرا زوجنا كها) وليس هذا آخر الحديث ويقينه وأطعم عليها يومئذ خبزا ولحما وكان القوم جلوسا كما هم في البيت فقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فخرج فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم رجع والقوم جلوس كما هم فشق ذلك عليه وعرف في وجهه فنزل آية الحجاب (تخريجه) (خ) وغيره (باب) (7) قال في المواهب اللدنية (ثم سرية محمد بن مسلمة) قال الزرقاني يعني الانصاري الاشهلي أكبر من اسمه محمد من الصحابة وكان من الفقهاء مات بعد الأربعين (إلي القرطاء) بضم القاف وسكون الراء آخره حمزة (بطن)

(عن أبي هريرة) رضي الله عنه (1) قال بعث رسو ل الله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم خيلا قبل نجد فجاءت برجل من بني حنيفة ثمامة بن أثال (2) سيد أهل اليمامة فربطوه بسارية من سواري المسجد (3) فخرج اليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له ماذا عندك يا ثمامة؟ (4) قال عندي يا محمد خير، إن تقتل ذام دم (5) وان تنعم تنعم علي شاكر، وان كنت تريد المال فسل تعط منها ما شئت، فتركه رسو ل الله - صلى الله عليه وسلم - حتي إذا كان الغد قال له ما عندك يا ثمامة؟ قال ما قلت لك ان تنعم تنعم علي شاكر وان تقتل تقتل ذا دم، وان كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فتركه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتي كان بعد الغد فقال له ما عندك يا ثمامة؟ فقال عندي ما قلت لك ان تنعم تنعم علي شاكر وان تقتل تقتل ذا دم، وان كنت تريد المال فسل تعط منه ما شئت فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - انطلقوا بثمامة: فانطلقوا به إلي نخل قريب من المسجد فاغتسل ثم دخل المسجد فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمد ارسول الله: يا محمد والله ما كان علي وجه الأرض أبغض إلي من وجهك فقد أصبح وجهك أحب الوجوه كلها الي، والله ما كان من دين أبغض الي من دينك فأصبح دينك أحب الأديان الي، والله ما كان بلد أبغض الي من بلدك فاصبح بلدك أحب البلاد الي: وان خيلك أخذتني واني أريد العمرة فماذا تري؟ فبشره رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأمره أن يعتمر

_ من بني بكر وهم ينزلون بناحية ضرية) قال البرهان بفتح الضاد المعجمة وكسر الراء ثم تحتية مفتوحة مشددة ثم تاء تانيث قال في الصحاح قرية لبني كلاب علي طريق البصرة إلي مكة وهي إلي مكة أفرب (بالبكرات) بفتح الموحدة وسكون الكاف موضع بناحية ضرية (وبين ضرية والمدينة سبع ليال) خرج (لعشر خلون من المحرم سنة ست علي رأس تسعة وخمسين شهراً من الهجرة) يعني من أول دخول النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة في شهر ربيع الأول (وقوله سنة ست) يعني من أول المحرم السابق لربيع الأول، لانهم اتفقوا علي أنه أول التاريخ، لان بيعة العقبة كانت في ذي الحجة وهي مقدمة الهجرة فكان أول هلال استهل بعد البيعة والعزم علي الهجرة هلال المحرم فناسب ان يجعل ذلك مبتدءاً (بعثه في ثلاثين راكبا) يعني إبلا وخيلا (فلما أثار عليهم هرب سائرهم، وعند الدمياطي فقتل منهم نفرا) النفر ما دون العشرة، لكن قال الواقدي فقتل منهم عشرة (وهرب سائرهم واستاق نعما وشاء وقدم المدينة لليلة بقيت من المحرم ومعه ثمامة بن أثال) اه واليك قصة ثمامة بن أثال في هذا الحديث (1) (سنده) حدثنا حجاج قال ثنا ليث قال حدثني سعيد انه سمع أبا هريرة يقول بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (2) بضم الهمزة وبمثلثة خفيفة ولام ابن النعمان الحنفي (3) في المواهب بأمره - صلى الله عليه وسلم - (قلت) والظاهر أن الحكمة في ربطه في المسجد لينظر حسن صلاة المسلمين واجتماعهم عليها فيرق قلبه (4) كأنه - صلى الله عليه وسلم - يريد منه الاسلام (5) الظاهر من قوله إن تقتل تقتل ذا دم انه يريد أنه عزيز في قومه يحفظون دمه ويأخذون بثأره ان قتل وأنه من أهل الوفاء والشكر شأن العربي الكريم إذا أسديت اليه نعمة شكرها وحفظها، ومن ذلك إباؤه أن يسلم حتي اطلق من الإسار لئلا يقال إنه أسلم رهبة من السيف وكان من حسن إسلامه ووفائه أن ثبت علي الحق حين ارتد قومه من أهل اليمامة مع مسيلمة الكذاب

فلما قدم مكة قال له قاتل صبأت (1) فقال لا ولكن أسلمت مع محمد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والله لا يأتيكم من اليمامة حبة حنطة حتى يأذن فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (باب ما جاء فى غزوة بنى لحيان (2) التى صلى فيها النبى - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف بعسفان) (عن أبى عياش الزرقى) (3) قال كنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بعسفان فاستقبلنا المشركون عليهم خالد بن الوليد وهم بيننا وبين القبلة فصلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الظهر فقالوا قد كانوا على حال لو أصبنا غرتهم، ثم قالوا تأتى عليهم الآن صلاة هى أحب اليهم من ابنائهم وأنفسهم، قال فنزل جبريل عليه السلام بهذه الآيات بين الظهر والعصر (وإذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة) قال فحضرت فأمرهم رسول الله ... فأخذوا السلاح الحديث (4)

_ وكان له شأن فى قتال المرتدين (1) أى ملت عن دينك إلى دين محمد - صلى الله عليه وسلم - فأغضبه ذلك وأقسم أن لا يأتيهم من اليمامة، حبة حنطة حتي يأذن فيها رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (جاء عند ابن عبد البر) وكانت ميرة قريش ومنافعهم من اليمامة، ثم خرج فحبس عنهم ما كان يأتيهم منها من ميرتهم ومنافعهم، فلما أضر بهم كثيرا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن عهدنا بك وأنت تأمر بصلة الرحم وتحض عليها وان ثمامة قد قطع عنا ميرتنا وأضر بنا فان رأيت أن تكتب اليه أن يخلى بيننا وبين ميرتنا فافعل، فكتب اليه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن خل بين قومى وبين ميرتهم (تخريجه) (ق. د) وابن اسحاق (باب) (2) بكسر اللام وفتحها: (وسبب هذه الغزوة) ما نقله الحافظ ابن كثير فى تاريخه عن البيهقي قال أخبرنا أبو عبد الله الحافظ حدثنا أبو العباس الأصم حدثنا احمد بن عبد الجبار وغيره قالوا لما أصيب خبيب وأصحابه خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - طالبا بدمائهم ليصيب فى بنى لحيان غرة فسلك طريق الشام ليرى أنه لا يريد لحيان حتى نزل بارضهم، فوجدهم قد حذروا وتمنعوا فى رءوس الجبال، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لو أنا هبطنا عسفان لرأت قريش أنا قد جئنا مكة فخرج فى مائتى راكب حتى نزل عسفان ثم بعث فارسين حتى جا آكراع الغميم ثم انصرفا: فذكر أبو عياش الزرقى أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صلى بعسفان صلاة الخوف، ثم ذكر الحافظ ابن كثير حديث الباب وعزاه للآمام احمد (3) (عن ابى عياش الزرقى الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب الأول من أبواب صلاة الخوف فى الجزء السابع صحيفة 3 رقم (73) وتقدم أيضا فى باب (وإذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلاة) من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 120 رقم 244 وفى هذه الصحيفة وقع خطأ فى موضعين الموضع الاول فى السطر الرابع فى قوله (هى احب اليهم من أبنائهم ونفسهم) وهو خطأ وصوابه (وأنفسهم) والموضع الثانى فى السطر الحادى عشر فى قوله (فصلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين بعسفان) وهو خطأ وصوابه مرتين مرة بعسفان الخ فصحح نسختك كالحديث المذكور فى أول أبواب صلاة الخوف المشار اليه فليس فيه خطأ (4) الحديث له بقية ذكرت فى الباب الاول من أبواب صلاة الخوف وفى آخره قال فصلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مرتين، مرة بعسفان ومرة بارض بنى سليم اهـ (قلت) القائل فصلاها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ هو أبو عياش الزرقى يفتي أن النبى - صلى الله عليه وسلم - صلى صلاة الخوف بهذه الكيفية مرتين مرة بعسفان ومرة بأرض بنى سليم وأرض بنى سليم على ثمانية برد من المدنية: وعسفان اول غزوة شرعت فيها صلاة الخوف على الراجح

(عن أبي هريرة) (1) أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل بين ضجنان وعسفان فقال المشركون ان لهم صلاة هي أحب اليهم من آبائهم وأبنائهم وهي العصر فأجمعوا أمركم فميلوا عليهم ميلة واحدة، وان جبريل عليه السلام أتي النبي - صلى الله عليه وسلم - فامره أن يقسم أصحابه شطرين فيصلي ببعضهم وتقوم الطائفة الأخري وراءهم وليأخذوا حذرهم وأسلحتهم ثم تأني الأخري فيصلون معه ويأخذ هؤلاء حذرهم وأسلحتهم لتكون لهم ركعة ركعة مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتان (باب) ما جاء في غزوة ذات الرقاع (2) وفيها صلي النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاة الخوف)

_ ويقال لها غزوة بني لحيان والله اعلم (تخريجه) (د نس حب هق ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (1) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب النوع الثالث من أبواب صلاة الخوف في الجزء السابع صحيفة 14 رقم 1740 (وضجنان) بوزن سهران (قال في النهاية) جبل أو موضع بين مكة والمدينة: وعسفان تقدم الكلام عليه في الحديث السابق، وأورد هذا الحديث الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام أحمد ثم قال ورواه الترمذي والنسائي من حديث عبد الصمد به وقال الترمذي حسن صحيح، وقال الحافظ ابن كثير ان كان أبو هريرة شهد هذا فهو بعد خيبر والإ فهو من مرسلات للصحابي ولا يضر ذلك عند الجمهور والله أعلم: ثم قال بقي الشأن في أن غزوة عسفان قبل الخندق أو بعدها فان من العلماء منهم الشافعي من يزعم أن صلاة الخوف إنما شرعت بعد يوم الخندق فإنهم أخروا الصلاة يومئذ عن ميقاتها لعذر القتال، ولو كانت صلاة الخوف مشروعة إذ ذاك لفعلوها ولم يؤخروها، ولهذا قال بعض أهل المغازي ان غزوة بني لحيان التي صلي فيها صلاة الخوف بعسفان كانت بعد بني قريظة، وقد ذكر الواقدي باسناده عن خالد بن الوليد قال لما خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأصحابه إلي الحديبية لقيته بعسفان فوفقت بازائه وتعرضت له فصلي باصحابه الظهر فهممنا أن نغير عليه ثم لم يعزم لنا، فأطلعه الله علي ما في أنفسنا من الهم به فصلي بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف، قال الحافظ ابن كثير وعمرة الحديبية كانت في ذي القعدة سنة ست بعد الخندق وبني قريظة كما سيأتي وفي سياق حديث أبي عياش الزرقي ما يقتضي أن آية صلاة الخوف نزلت في هذه الغزوة يوم عسفان فاقتضي ذلك أنها أول صلاة خوف صلاها والله أعلم اه (باب) (2) ترجم لها ابن هشام في سيرته هكذا (غزوة ذات الرقاع سنة أربع) قال ابن اسحاق ثم أقام رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالمدينة بعد غزوة بني النضير شهر ربيع الآخر وبعض جمادي ثم غزا نجداً يريد بني محارب وبني ثعلبة من غطفان واستعمل علي المدينة أبا ذر الغفاري ويقال عثمان بن عفان فيما قال ابن هشام (قال ابن اسحاق) حتي نزل نخلا وهي غزوة ذات الرقاع، قال ابن هشام وانما قيل لها غزوة ذات الرقاع لأنهم رقعوا فيها راياتهم ويقال ذات الرقاع شجرة بذلك الموضع يقال لها ذات الرقاع (قال ابن اسحاق) فلقي بها جمعا عظيما من غطفان فتقارب الناس ولم يكن بينهم حرب وقد خاف الناس بعضهم بعضا حتي صلي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالناس صلاة الخوف ثم أنصرف بالناس (قال الزرقاني في شرح المواهب وتسمي أيضا غزوة محارب وغزوة بني ثعلبة وغزوة أنمار وغزوة صلاة الخوف لوقوعها فيها اه وفي المواهب اللدنية اختلف فيها متي كانت فعند ابن إسحاق بعد بني النضير سنة أربع في شهر ربيع الآخر وبعض جمادي، وعند ابن سعد وابن

(عن جابر بن عبد الله) رضي الله تبارك وتعالي عنهما (1) قال خرجنا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في غزوة ذات الرقاع فاصيبت امرأة من المشركين (2) فلما انصرف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قافلا وجاء زوجها وكان غائبا فحلف أن لا ينتهي حتي يريق دما في أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم - فخرج يتبع أثر النبي - صلى الله عليه وسلم - فنزل النبي - صلى الله عليه وسلم - منزلا فقال من رجل يكلؤنا (3) فانتدب رجل من المهاجرين ورجل من الأنصار فقالا نحن يا رسول الله، قال فكونا بفم الشعب (4) قال وكانوا نزلوا إلي شعب من الوادي، فلما خرج الرجلان إلي فم الشعب قال الأنصاري للمهاجري أي الليل أحب اليك أن اكفيكه أوله أو آخره؟ قال اكفني أوله، فاضطجع المهاجري فنام وقام الأنصاري يصلي وأتي الرجل فلما رأي شخص الرجل عرف انه ربيئة (5) القوم فرماه بسهم فوضعه فيه، فنزعه فوضعه وثبت قائما، ثم رماه بسهم آخر فوضعه فيه فنزعه فوضعه وثبت قائماً، ثم عادله بثالث فوضعه فيه فنزعه فوضعه ثم ركع وسجد ثم أهب صاحبه (6) فقال أجلس فقد أوتيت فوثب فلما رآهما الرجل عرف أن قد نذروا به (7) فهرب فلما رأي المهاجري ما بالأنصاري من الدماء قال سبحان الله ألا أهببتني (8) قال كنت في سورة أقرؤها فلم أحب أن أقطعها حتي أنفذها (9) فلما تابع الرمي ركعت فأريتك، وايم الله لولا أن أضيع ثغراً أمرني رسول الله صلي الله عليه وعلي آله وصحبه وسلم بحفظه لقطع نفسي قبل أن أقطعها أو أنفذها (10)

_ حبان في المحرم سنة خمس، وجزم أبو معشر بأنها بعد بني قريظة في ذي القعدة في سنة خمس فتكون ذات الرقاع في آخر السنة الخامسة وأول التي تليها (قال في فتح الباري) قد جنح البخاري إلي أنها كانت بعد خيبر واستدل لذلك بأمور، ومع ذلك فذكرها قبل خيبر (أي عقب بني قريظة) فلا أدري هل تعمد ذلك تسليما لأصحاب المغازي أنها كانت قبلها، أو أن ذلك من الرواة عنه أو إشارة إلي احتمال أن تكون ذات الرقاع اسم لغزوتين مختلفتين كما أشار إليه البيهقي: علي أن أصحاب المغازي مع جزمهم بأنها كانت قبل خيبر مختلفون في زمنها اه كلام الحافظ (قال في المواهب) والذي جزم به ابن عقبة تقدمها لكن تردد في وقتها فقال لا تدري أكانت قبل بدر أو بعدها أو قبل أحد أو بعدها (قال الحافظ ابن حجر) وهذا التردد لا حاصل له بل الذي ينبغي الجزم به أنها بعد غزوة بني قريظة لأن صلاة الخوف في غزوة الخندق لم تكن شرعت وقد ثبت وقوع صلاة الخوف في غزوة ذات الرقاع فدل علي تأخرها بعد الخندق اه (1) (سنده) حدثنا إبراهيم بن اسحاق ثنا ابن المبارك عن محمد بن اسحاق قراءة حدثني صدقة بن يسار عن عقيل بن جابر عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (2) قال الواقدي وكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد أصاب في محالهم نسوة وكان في السبي جارية وضيئة وكان زوجها يحبها فحلف ليطلبن محمداً ولا يرجع حتي يصيب دما ويخلص صاحبته (3) أي يحرسنا (4) زاد ابن اسحاق وهما عمار بن ياسر وعباد بن بشر (5) قال في النهاية الربيئة هو العين والطليعة الذي ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو: ولا يكون إلا علي جبل أو شرف ينظر منه (6) أي أيقظه (7) قال في النهاية المنذر المعلم الذي يعرف القوم بما يكون قد دهمهم من عدواً وغيره وهو المخوف أيضا (8) أي ألا أيقظتني زاد ابن اسحاق أول ما رماك (9) أي أفرغ منها (10) معناه لولا أن نيتي المحافظة علي ما أمرني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بحفظه لزهقت نفسي

ــــــ (وعنه أيضاً) (1) قال قاتل رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم محارب خصفة (2) بنخل فرأوا من المسلمين غرة فجاء رجل منهم يقال له غورث بن الحارث حتي قام علي رأس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بالسيف فقال من يمنعك مني؟ قال الله عز وجل، فسقط السيف من يده فأخذه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال من يمنعك مني؟ قال كن كخير آخذ قال أتشهد أن لا إله إلا الله؟ قال لا، ولكني أعاهدك أن لا أقاتلك ولا أكون مع قوم يقاتلونك فخلي سبيله، قال فذهب إلي أصحابه قال قد جئتكم من عند خير الناس، فلما كان الظهر أو العصر صلي بهم صلاة الخوف فكان الناس طائفتين طائفة بازاء عدوهم وطائفة صلوا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فصلي بالطائفة الذين كانوا معه ركعتين ثم انصرفوا فكانوا مكان أولئك الذين كانوا بازاء عدوهم، وجاء أولئك فصلي بهم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ركعتين، فكان للقوم ركعتان وركعتان ولرسول الله - صلى الله عليه وسلم - أربع ركعات (عن صالح بن خو ات) (3) بن جبير عمن صلي مع رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم يوم ذات الرقاع صلاة الخوف أن طائفة صفت معه وطائفة وجاء العدو فصلي بالتي معه ركعة ثم ثبت قائما وأتموا لأنفسهم الحديث:

_ أي مت قبل أن أفرغ من قراءة السورة (تخريجه) (د) وابن اسحاق وسنده جيد ورجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا ابو عوانة ثنا ابو بشر عن سليمان بن قيس عن جابر بن عبد الله قال قاتل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الخ (غريبه) (2) بالخاء المعجمة والصاد المهملة والفاء المفتوحات وبإضافة محارب لتاليه للتمييز عن غيرهم من المحاربين، لأن محارب في العرب جماعة كأنه قال محارب الذين ينسبون الي خصفة بن قيس بن عيلان بن الياس بن مضر لا الذين ينسبون الي قهر والي غيرهم قاله القسطلاني (وقوله بنخل) هو اسم مكان من المدينة علي يومين بواد يقال له شذخ بمعجمتين بينهما مهملة وبذلك الوادي طوائف من قيس من بني فزازة واشجع وانمار (تخريجه) رواه البيهقي وابن اسحاق وسنده جيد ورواه مسلم عن جابر أيضا قال اقبلنا مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتي اذا كنا بذات الرقاع وكنا اذا اتينا علي شجرة ظليلة تركناها لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - فجاءه رجل من المشركين وسيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - معلق بشجرة، فأخذ سيف رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فاختر طه وقال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - تخافني؟ قال لا؛ قال فمن يمنعك مني؟ قال الله يمنعني منك، قال فهدده اصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فأغمد السيف وعلقه، قال ونودي بالصلاة فصلي بطائفة ركعتين ثم تأخروا وصلي بالطائفة الأخري ركعتين، قال فكانت لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - اربع ركعات وللقوم ركعتان (3) (عن صالح ابن خو ات الخ) هذا الحديث تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب النوع الرابع من صلاة الخوف في الجزء السابع صحيفة 16 رقم 1742 فارجع اليه ان شئت (هذا) وقد جاء في تاريخ الحافظ ابن كثير بعد هذه الغزوة ترجمة بلفظ (غزوة بدر الاخرة) قال وهي بدر الموعد التي تواعدوا أليها من احد كما تقدم (قال ابن اسحاق) ولما رجع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الي المدينة من غزوة ذات الرقاع أقان بها بقية جمادي الأول وجمادي الاخرة ورجبا ثم خرج في شعبان الي بدر لمعياد ابي سفيان (قال ابن هشام) واستعمل علي المدينة عبد الله بن عبد الله بن ابي سلول قال ابن اسحاق فنزل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بدراً واقام عليه ثمانيا ينتظر ابا سفيان وخرج ابو سفيان في اهل مكة حتي نزل مجنة من ناحية الظهران وبعض الناس يقول قد بلغ

باب ما جاء في عمرة الحديبية (1) وصد قريش النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه عن دخول مكة وإجراء الصلح)

_ عسفان ثم بدا له في الرجوع فقال يا معشر قريش انه لا يصلحكم الا عام خصيب ترعون فيه الشجر وتشربون فيه اللبن فإن عامكم هذا عام جدب واني راجع فارجعوا: فرجع الناس فسماهم اهل مكة جيش السويق يقولون انما خرجتم تشربون السويق، ثم رجع رسو ل الله - صلى الله عليه وسلم - الي المدينة ولم يلق كيدا: قال ابن اسحاق وقد قال عبد الله بن رواحة يعني في انتظارهم اباسفيان ورجوعه بقريش عامه ذلك قال ابن هشام وقد انشد فيها ابو زيد لكعب بن مالك وعدنا ابا سفيان بدراً فلم نجد ... لمعياده صدقا وما كان ... وافيا فأقسم لو لاقيتنا ... فلقيتنا ... لابت ذميما وافتقدت ... المواليا تركنا به أوصال عتبة وابنة ... وعمراً ابا جهل تركناه ثاويا عصيتم رسول الله ان لدينكم ... وأمركم السيئ الذي كان غاويا فاني وان عنفتموني لقائل ... فداً لرسول الله أهلي وماليا ... أطعناه لم نعدله فينا بغيره ... شهابا لنا في ظلمة الليل هاديا وقد ذكر موسي بن عقبة عن الزهري وابن لهيعة عن أبي الأسود عن عروة بن الزبير أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - استنفر الناس لموعد أبي سفيان وانبعث المنافقون في الناس يثبطونهم فسلم الله أولياءه، وخرج المسلمون صحبة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الي بدر وأخذوا معهم بضائع وقالوا ان وجدنا ابا سفيان والا اشترينا من بضائع موسم بدر، ثم ذكر نحو سياق ابن اسحاق في خروج أبي سفيان الي بجنه ورجوعه (قال الواقدي) خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - اليها في ألف وخمسمائة من أصحابه واستخلف علي المدينة عبد الله بن رواحه وكان خروجه اليها في مستهل ذي القعدة يعني سنة أربع، والصحيح قول ابن اسحاق أن ذلك في شعبان من هذه السنة الرابعة ووافق قول موسي بن عقبه انها في شعبان لكن قال في سنة ثلاث، وهذا وهم فان هذه تواعدوا اليها من أحد وكانت أحد في شوال سنة ثلاث كما تقدم والله أعلم (قال الواقدي) فأقامو ببدر مدة الموسم الذي كان يعقد فيها ثمانية أيام فرجعوا وقد ربحوا من الدرهم درهمين، وقال غيره فانقلبوا كما قال الله عز وجل (فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم، وءواتبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) (باب) (1) قال الحافظ هي بئر سمي المكان بها، وقيل شجرة حدباء صغرت وسمي المكان بها (قال المحب الطبري) الحديبية قرية قريبة من مكة اكثرها في الحرم اه قال الحافظ ابن كثير في تاريخه وقد كانت في ذي القعدة سنة ست بلا خلاف، وممن نص علي ذلك الزهري ونافع مولي ابن عمر وقتادة وموسي بن عقبة ومحمد بن اسحاق بن يسار وغيرهم، وقال ابن اسحاق خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في ذي القعدة معتمرا لا يريد حربا (قال ابن هشام) واستعمل علي المدينة نميلة بن عبد الله الليثي (قال ابن اسحاق) واستنفر العرب ومن حوله من أهل البوادي من الاعراب ليخرجوا معه وهو يخشي من قريش ان يعرضوا له بحرب أو يصدوه عن البيت فأبطأ عليه كثير من العرب وخرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب وساق معه الهدي وأحرم بالعمرة ليأمن الناس من حربه وليعلم الناس انه انما خرج زائرا لهذا البيت ومعظما له (قال ابن اسحاق) وحدثني محمد بن مسلم

(حدثنا عبد الرازق) (1) عن معمر قال الزهري أخبرني عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم يصدق كل واحد منهما حديث صاحبه قالا خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - زمان الحديبية (2) في بضع عشرة مائة من اصحابه (3) حتي إذا كانوا بذي الحليفة (4) قلد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الهدي وأشعره (5) واحرم بالعمرة وبعث بين يديه عيناً له (6) من خزاعة يخبره عن قريش، وسار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتي إذا كان بغدير (7) الأشطاط قريب من عسفان اتاه عينه (8) الخزاعي فقال اني قد تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي (9) قد جمعوا لك الأحابيش (10) وجمعوا لك جموعاً وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - أشيروا علي أترون أن تميل الي ذرارعي هؤلاء الذين أعانوهم فنصيبهم (11)، فان قعدوا قعدوا موتورين محروبين، وان نجوا وقال يحيي بن سعيد عن ابن المبارك محزونين، وإن يجيئوا تكن عنقاً قطعها الله، أو ترون أن نؤم البيت فمن صدنا عنه قاتلناه؟ فقال، أبو بكر الله ورسوله أعلم يا نبي الله، انما جئنا معتمرين ولم نجئ نقاتل أحداً ولكن من حال بيننا وبين البيت قاتلناه، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فروحوا اذاً، قال الزهري وكان أبو هريرة يقول ما رأيت أحدا قط كان أكثر مشورة

_ ابن شهاب الزهري عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم انهما حدثاه قال خرج رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عام الحديبية فذكر نحو حديث الباب (1) (حدثنا عبد الرزاق الخ) (غريبه) (2) قال الحافظ وقع عند ابن سعد أنه - صلى الله عليه وسلم - خرج يوم الإثنين لهلال ذي القعدة (3) سيأتي في حديث جابر عند الإمام احمد والبخاري أيضاً التصريح بأنهم كانوا أربع عشرة مائة، وروي أقل من ذلك واكثر من ذلك والراجح في ما جاء في حديث جابر والله أعلم (4) قال في القاموس هو ماء لبني جشم علي ستة أميال (يعني من المدينة) وصححه النووي، وهو ميقات أهل المدينة للحج (5) تقليد الهدي هو تعليق نعل أو جلد في رقبة الهدي ليكون علامة الهدي (وإشعاره) هو ان يشق أحد جبني سنام البدنة حتي يسيل دمها ويجعل ذلك لها علامة تعرف بها انها هدي، وتقدم الكلام علي الحكمة في ذلك في شرح الحديث الأول من كتاب الهدايا والضحايا في الجزء الثالث عشر صحيفة 28 (6) أي جاسوسا اسمه بسر بن سفيان بضم الموحدة وسكون السين المهملة كما ذكره ابن عبد البر (7) الغدير النهر وأشطاط بفتح الهمزة وسكون الشين المعجمة بعدها مهملتان بينهما ألف موضع تلقاء الحديبية (8) يعني جاسوسه بسر الخزاعي (9) هما من سادات كفار قريش (10) بالحاء المهملة وبعد الألف موحدة آخره شين معجمة جماعات من قبائل شتي (وقال ابن دريد) حلفاء قريش تحالفوا تحت جبل يسمي حبيشا فسموا بذلك (11) الضمير في قوله نصيبهم للأحابيش الذين ذهبوا إلي مكة لإعانة قريش علي المقاتلة والصد، وهم المشار إليهم بهؤلاء: والمعني أترون ان نميل عن التوجه إلي مكة ونتوجه إلي عيال وذراري هؤلاء في أماكنهم فان يأتونا أي فان يرجعوا إلي مواضعهم لحماية عيالهم وذراريهم وأموالهم منا كان الله عز وجل قد قطع عينا أي جماعة من المشركين بقتلهم واستئصالهم عند رجوعهم إلينا ونحن في مواطنهم وإلا أي وإن لم يأتوا إلينا تركناهم محروبين أي منهوبي الأموال مأسوري العيال، وان يجيئوا تكن

لأصحابه من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1) قال الزهري في حديث المسور بن مخرمة ومروان بن الحكم فراحوا حتي اذا كانوا ببعض الطريق قال النبي - صلى الله عليه وسلم - إن خالد بن الوليد (2) بالغميم في خيل لقريش طليعة (3) فخذوا ذات اليمين فو الله ما شعر بهم خالد حتي اذا هو بقترة (4) الجيش فانطلق يركض (5) نذير اً لقريش وسار النبي - صلى الله عليه وسلم - حتي اذا كان بالثنية (6) التي يهبط عليهم منها بركت راحلته، وقال يحيي بن سعيد عن ابن المبارك بركت بها راحلته فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - حل حل (7) فالحت فقالوا خلأت القصواء (8) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - ما خلأت القصواء وما ذاك لها بخلق (9) ولكن حبسها حابس الفيل (10) ثم قال والذي نفسي بيده لا يسألوني خطة (11) يعظمون فيها حرمات الله (12) إلا أعطيتهم إياها ثم زجرها فو ثبت به قال فعدل عنها (13) حتي نزل بأقصي الحديبية علي ثمد (14) قليل الماء انما يتبرضه (15) الناس تبرضاً فلم يلبثه الناس أن نزحوه (16) فشكي الي رسول الله - صلى الله عليه وسلم - العطش فانتزع سهما من كنانته (17) ثم أمرهم أن يجعلوه فيه، قال فو الله ما زال بجيش لهم (18) بالري حتي صدر وا عنه (19) فثينما هم كذلك اذا جاء بديل من ورقاء الخزاعي في نفر من قومه وكانوا

_ عنقا قطعها الله والمراد بالعنق هنا الجماعة (1) أي عملا بقوله تعالي (وشاورهم في الأمر) (2) خالد ابن الوليد هذا هو الصحابي المشهور اسلم بعد ذلك وله في الفتوحات ما خلد له للذكري في القوم الآخرين (والغميم) موضع قريب من مكة بين رابغ والجحفة (3) الطليعة مقدمة الجيش التي ترسل لتطلع علي العدو وتستكشف أمره (4) بفتحات وقترة الجيش غبرته (5) الركوض الضرب بالقدم يريدان خالداً انطلق إلي قريش وصار يضرب مطينه استعجالا للسير لينذرهم بقدومه - صلى الله عليه وسلم - (6) الثنية هي ما أرتفع في الجبل كالعقبة فيه، والمراد بها ثنية المرار موضع بين مكة والمدينة من طريق الحديبية (7) بفتح الحاء المهملة وسكون اللام لفظ يزجر به الدابة إذا حملت علي السير (وقوله فألحت) بتشديد الحاء المهملة وفتح الهمزة أي تمادت في البروك فلم تبرح من مكانها (8) جاء عند البخاري فقالوا خلأت القصواء خلأت القصواء مرتين وخلأت بفتح الخاء واللام والهمزة: والقصواء بفتح القاف وسكون الصاد المهملة وفتح الواو مهموزا ممدوداً إسم لناقة النبي - صلى الله عليه وسلم - أي حزنت وتصعبت والخلأ الحزن والصعوبة (9) أي ما حزنت للقصواء وما ذاك لها بخلق بضم الخاء واللام أي ليس الخلأ لها بعادة كما حسبتم (10) أي حبسها الله عن دخول مكة كما حبس الفيل عن دخول مكة لأنهم لو دخلوا مكة علي تلك الهيئة رصدهم قريش عن ذلك لوقع بينهم ما يفضي إلي سفك الدماء ونهب الأموال، ولكن سبق في علم الله انه يدخل في الاسلام منهم جمع عظيم (11) بضم الخاء المعجمة وفتح الطاء المهملة مشددة أي خصلة (12) الحرمات جمع حرمة وهي ما لا يحل انتهاكه والمراد بالإعطاء الإجابة أي لا يطلبون أمرا فيه تعظيم ما حرم الله إلا أجبتهم اليه (13) جاء عند البخاري (فعدل عنهم) وفي روابة ابن سعد فولي راجعا (14) بفتح المثلثة والميم آخره دال مهملة (قال الدواودي) الثمد العين وقال غيره حفرة فيها ماء (15) بالموحدة المفتوحة بعد المثناتين التحتية والفوقية فراء مشددة، فضاد معجمة أي يأخذه الناس (تبرضا) نصب علي أنه مفعول مطلق في باب التفعيل للتكلف أي قليلا قليلا، وقال صاحب العين التبرض جمع الماء بالكفين (16) أي فلم يتركه الناس حتي نزحو ملم يبقوا منه شيئا (17) بكسر الكاف أي جعبته التي فيها النبل (18) أي يفور ويرتفع (19) أي رجعوا رواه بعد ورودهم

عيبة نصح (1) لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - من اهل تهامة (2) وقال اني تركت كعب بن لؤي وعامر بن لؤي نزلوا أعداد (3) مياه الحديبية معهم العوذ (4) المطافيل وهم مقاتلوك وصادوك عن البيت، فقال رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم إنا لم تجئ لقتال أحد ولكنا جئنا معتمرين وإن قريشاً قد نهكتهم الحرب فأضرت بهم، فان شاؤ ماددتهم مدة ويخلوا ما بيني وبين الناس فان أظهر فان شاءوا أن يدخلوا فيما دخل فيه الناس فعلوا والا فقد جموا (5) وإن هم أبوا فو الذي نفسي بيده لأقاتلتهم علي أمري هذا حتي تنفرد سالفتي (6) أو لينفذن الله أمره، قال يحيي عن ابن المبارك حتي تنفرد، قال فان شاؤا ماددناهم مدة، قال بديل سأبلغهم ما تقول، فانطلق حتي أتي قريشاً فقال إنا قد جئناكم من عند هذا الرجل وسمعناه يقول قولا فان شئتم نعرضه عليكم: فقال سفاؤهم لا حاجة لنا في أن تحدثنا عنه بشئ، وقال ذو الرأي منهم هات ما سمعته يقول، قال قد سمعته يقول كذا وكذا فحدثهم بما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - فقام عروة بن مسعود الثقفي فقال أي قوم الستم بالوالد؟ (7) قالوا بلي، قال أو لست بالولد؟ (8) قالوا بلي، قال فهل تتهموني؟ قالوا لا، قال تعلمون أني أستنفرت اهل عكاظ (9) فلما بلحوا علي جئتكم بأهلي ومن أطاعني؟ قالوا بلي، فقال إن هذا قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها ودعوني آته فقالوا ائته فأتاه، قال فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال له نحوا من قوله لبديل، فقال عروة عند ذلك أي محمد أرأيت إن استأصلت قومك هل سمعت بأحد من العرب اجتاح أصله قبلك؟ وان تكن الأخري (10) فو الله أني لأري وجوها (11) وأري أشواباً من الناس خليقاً أن يفروا ويدعوك، فقال له أبو بكر رضي الله تعالى عنه

_ (1) العيبة مستودع الثياب والعرب تكني عن الصدور بالعياب أي انهم موضع سره ومستودع أمانته - صلى الله عليه وسلم - كما أن العيبة مستودع شعار الانسان ومستقر ريائه (2) بكسر أوله يعني مكة وما حولها (3) بفتح الهمزة وسكون المهملة جمع عد بالكسر والتشديد وهو الماء الذي لا انقطاع لمادته كالعين والبئر وفيه أنه كان بالحديبية مياه كثيرة وأن قربشا سبقوا إلي النزول عليها ولذا عطش المسلمون حين نزلوا علي الثمد المذكور (4) العوذ بضم المهملة آخره ذال معجمة عائذاي النوق الحديثات النتاج ذات اللبن (المطافيل) الأمهات التي معها أطفالها، ومراده أنهم خرجوا معهم بذوات الألبان من الأبل ليتزودوا بألبانها ولا يرجعوا حتي يمنعوه، ويراد بذلك أيضا النساء والصبيان لارادة طول المقام وليكون أدعي إلي عدم الفرار (وعند ابن سعد) معهم العوذ المطافيل والنساء والصبيان (5) بفتح الجيم وتشديد الميم المضمومة أي استراحوا من جهة القتال (6) بالسين المهملة وكسر اللام أي حتي تنفصل رقبتي (7) أي يا قوم الستم بالوالد؟ أي مثل الأب في الشفقة لولده (8) أي مثل الأبن في النصح لوالده (9) أي دعوتهم للقتال نصرة لكم (فلما بلحوا علي) بفتح الموحدة وتشديد اللام مفتوحة ثم حاء مهملة، مضمومة اي امتنعوا أو عجزوا (10) أي إن انتصر أعداؤك وظفروا كانت الدولة لهم يعني قريشا ولا آمنهم عليك من إيصال المكروه إليك (11) المراد بالوجوه أعيان القوم والأشواب

أمصص بظر اللات (1) نحن نفر عنه وندعه؟ فقال من ذا؟ قالوا أبو بكر، قال أما والذي نفسي بيده لولا يد كانت لك عندي (2) لم اجزك بها لأجبتك، وجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - وكلما كلمه أخذ بلحيته (3) والمغيرة بن شعبة قائم علي رأس النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعه السيف وعليه المغفر، وكلما اهوي عروة بيده الي لحية النبي - صلى الله عليه وسلم - ضرب يده بنصل السيف وقال أخر يدك عن لحية رسول الله صلي الله عليه وسلم فرفع عروة يده فقال من هذا؟ قالوا المغيرة بن شعية، قال أي غدر (4) أو لست أسعي في غدرتك (5) وكان المغيرة صحب قوما في الجاهلية فقتلهم وأخذ أموالهم ثم جاء فأسلم (6) فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - اما الاسلام فأقبل وأما المال فلست منه في شيئ (7) ثم إن عروة جعل يرمق أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم بعيينه (8) قال فو الله ما تنخم رسول الله صلي الله عليه وسلم نخامة الا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، واذا أمرهم ابتدروا أمره، وإذا توضأ كادوا يقتتلون علي وضوئه (9) واذا تكلموا خفضوا اصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما له: فرجع إلي أصحابه فقال أي قوم والله لقد وفدت علي الملوك ووفدت علي قيصر وكسري والنجاشي والله إن (10) رأيت ملكا قط يعظمه أصحابه ما يعظم أصحاب محمد محمداً - صلى الله عليه وسلم - والله إن يتنخم نخامة إلا وقعت في كف رجل منهم فدلك بها وجهه وجلده، وإذا أمرهم أبتدروا امره. وإذا توضأ كادوا يقتتلون علي وضوءه: وإذا تكلموا خفضوا أصواتهم عنده، وما يحدون إليه النظر تعظيما، له وانه قد عرض عليكم خطة رشد فاقبلوها، فقال رجل من بني كنانة دعوني آته: فقالوا انته: فلما أشرف علي النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه قال النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا فلان وهو من قوم يعظمون البدن فابعوثها له (11) فبعثت له واستقبله القوم يلبون، فلما رآي ذلك قال سبحان الله ما ينبغي لهؤلاء

_ الأخلاط والخليق بالشئ الحقيق به (1) البظر ما تقطعه الخافضة من بضع المرأة عند الختان واللات اسم صنم كانت تعبده قريش من دون الله تعالي، وقد كان من عادة العرب الشتم بذلك ولكن بلفظ الأم فاستعار الصديق ذلك لذلك مبالغة في سب عروة واهانة لمعبوده: والذي حمله علي ذلك ما أغضبه به من نسبة رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه إلي الفرار (2) أي لولا نعمة لك، علي لم أكافئك عليها لأجبتك (3) أي علي عادة العرب من أخذ الرجل لحية من يخاطبه لا سيما عند الملاطفة (4) غدر بضم الغين المعجمة وفتح الدال أي يا غدر معدول من غادر مبالغة في وصفه بالغدر (5) انما كان عروة يسعي في غدرة المغيرة لأنه عمه، وجاء عند ابن اسحاق فتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال له عروة من هذا يا محمد؟ (يعني الذي يضرب يدي) قال هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة (6) أي وأتي بأموالهم للنبي - صلى الله عليه وسلم - ليري رأيه فيها فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - الخ (7) أي لا أتعرض له ولا آخذه وذلك لكونه أخذه غدراً، لأن أموال المشركين وإن كانت غنيمة عند القهر والغلبة لكنها مصونة عند الأمن فأخذها عند ذلك غدر: وغدرهم محظور كغيرهم من المسلمين، وإنما تباح أموالهم بالمحاربة والمغالبة (8) أي ينظر اليهم بمؤخر عينيه نظراً طويلا (9) بفتح الواو أي ما فضل من وضوئه، وما باشر أعضاءه - صلى الله عليه وسلم - (10) بكسر الهمزة نافية بمعني ما (11) البعث الإثارة أي أثيروها له وكل شئ أثرته فقد بعثته

أن يصدوا عن البيت، قال فلما رجع إلي أصحابه قال رأيت البدن قد قلدت (1) وأشعرت فلم أر ان يصدوا عن البيت، ققام رجل منهم يقال له مكرز (2) بن حفص فقال دعوني آته، فقالوا أئته، فلما أشرف عليهم قال النبي - صلى الله عليه وسلم - هذا مكرز وهو رجل فاجر، فجعل يكلم النبي - صلى الله عليه وسلم - فبينما هو يكلمه اذ جاءه سهيل بن عمرو، قال معمر وأخبرني أيوب عن عكرمة أنه لما جاء سهيل قال النبي - صلى الله عليه وسلم - سهل من أمركم (قال الزهري) في حديثه فجاء سهيل بن عمرو فقال هات اكتب بيننا وبينكم كتابا فدعا الكاتب (3) فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل أما الرحمن فو الله ما أدري ما هو، (وقال ابن المبارك) ما هو ولكن اكتب باسمك اللهم كما كنت تكتب (4) فقال المسلمون والله ما نكتبها الا بسم الله الرحمن الرحيم، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - اكتب باسمك اللهم ثم قال: هذا ما قاضي عليه رسول الله، فقال سهيل والله لو كنا نعلم أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب محمد بن عبد الله، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - والله اني لرسول الله وان كذبتموني أكتب محمد بن عبد الله (قال الزهري) وذلك لقوله لا يسألوني خطة يعظمون فيها حرمات الله الا أعطيتهم إياها، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - علي أن تخلوا بيننا وبين البيت فنطوف به، فقال سهيل والله لا تتحدث العرب أنا أخذنا ضغطة (5) ولكن لك من العام المقبل فكتب، فقال سهيل علي أنه لا يأتيك منا رجل وان كان علي دينك الا رددته الينا، فقال المسلمون سبحان الله كيف يرد الي المشركين وقد جاء مسلما: فبيناهم كذلك إذ جاء أبو جندل (6) بن سهيل بن عمرو يوسف (وقال يحيي) عن ابن المبارك يرصف (7) في قيوده وقد خرج من أسفل مكة حتي رمي بنفسه بين أظهر المسلمين، فقال سهيل هذا يا محمدأول ما أقاضيك عليه أن ترده إلي، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إنا لم نقض الكتاب بعد (8) قال فو الله اذاً لا نصالحك علي شئ أبدا، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - فأجزه لي، قال ما أنا بمجيزه لك، قال بلي فافعل، قال ما أنا بفاعل، فقال مكرز (9) بلي قد أجزناه لك فقال أبو جندل أي معاشر المسلمين أرد الي المشركين وقد جئت مسلما؟ الا ترون ما قد لقيت

_ (1) تقدم أن تقليد البدن تعليق شئ في عنقها لتعلم أنها هدي، وإشعارها طعنها في سنامها بحيث يسيل دمها ليكون ذلك علامة أيضاً لذلك (2) بوزن منير هو من بني عامر بن لؤي (3) الكاتب هو الامام علي كرم الله وجهه كما صرح به غير واحد من أصحاب الحديث (4) أي لأنه - صلى الله عليه وسلم - كان يكتب كذلك في يده الاسلام إلي ان نزلت آية النمل فأمر بكتابة بسم الله الرحمن الرحيم (5) أي لا نخلي بينك وبين البيت الحرام فيتحدث العرب أنا اخذنا قهرا (6) بوزن جعفر ومن غرائب الصدق أن أبا جندل هذا هو ابن سهيل الذي يملي الشروط (7) يعني بالصاد بدل السين والأول رواية البخاري وهو مشي المقيد أي يمشي بطيئا بسبب قيوده وكان حبسه أبوه سهيل حين أسلم وعذب في الله تعالي فخرج من السجن وتنكب الطريق وركب الجبال حتي وصل إلي المسلمين (8) أي لم نفرغ من كتابته الآن (9) مكرز بوزن منبر هو الذي جاء أولا لمفاوضة النبي - صلى الله عليه وسلم - في الصلح ثم أدركه سهيل

وكان قد عذب عذابا شديدا في الله (1) فقال عمر رضي الله عنه فأتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - فقلت الست نبي الله؟ قال بلي، قلت السنا علي الحق وعدو ناعلي الباطل؟ قال بلي، قلت فلم نعطي الدنية (2) في ديننا اذاً؟ قال اني رسول الله ولست أعصيه وهو ناصري (3) قلت او لست كنت تحدثنا أنا ستأتي البيت فنطوف به؟ قال بلي، قال أفأخبر تك أنك تأتيه العام؟ قلت لا، قال فانك آتيه ومتطوف به، قال فأتيت أبا بكر رضي الله عنه فقلت يا أبا بكر اليس هذا نبي الله حقا؟ قال بلي، قلت السنا علي الحق وعدونا علي الباطل؟ قال بلي، قلت فلم نعطي الدنية في ديننا اذا؟ قال أيها الرجل إنه رسول الله وليس يعصي ربه عز وجل وهو ناصره فاستمسك وقال يحيي بن سعيد بغرزه (4) وقال تطوق بغرزه حتي تموت، فو الله إنه لعلي الحق، قلت أو ليس كان يحدثنا أنا سنأتي البيت ونطوف به؟ قال بلي، قال فأخبرك أنه يأتيه العام؟ قلت لا، قال فانك آتيه ومتطوف به (قال الزهري) قال عمر فعملت لذلك أعمالا (5) قال فلما فرغ من قضية الكتاب قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لاصحابه قوموا فانحروا ثم احلقوا، قال فو الله ما قام منهم رجل حتي قال ذلك ثلاث مرات (6) فلما لم يقم منهم أحد قام فدخل علي أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس، فقالت أم سلمة يا رسول الله أتحب ذلك؟ أخرج ثم لا تكلم أحدا منهم كلمة حتي تنحر بدنك وتدعو حالقك فيحلقك، فقام فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتي فعل ذلك نحر هديه ودعا حالقه فلما رأوا ذلك قاموا فنحروا (7) وجعل بعضهم يحلق بعضا حتي كاد بعضهم يقتل بعضا غما (8) ثم جاءه نسوة مؤمنات فأنزل الله عز وجل (يا أيها الذين أمنوا اذ جاءكم المؤمنات مهاجرات فامتحنوهن (9) حتي بلغ بعصم الكوافر) قال فطلق عمر يومئذ امرأتين كانتا له في الشرك فتزوج احداهما معاوية بن أبي سفيان والأخرى

_ ابن عمرو ولم يعتد النبي - صلى الله عليه وسلم - بقوله ورد أبو جندل إلي قومه لأن ما عليه المعول هو قول سهيل (1) سيأتي في الطريق الثانية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال له يأبا جندل اصبر واحتسب فان الله عز وجل جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا الخ (2) هي بفتح الدال المهملة وكسر النون وتشديد الياء أي النقيصة والحالة الناقصة (3) ظاهر في أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لم يفعل شيئا من ذلك الا بوحي من الله عز وجل (4) الغرز للابل كالركاب للفرس يريد بذلك التمسك بأمره كما يتمسك بغرز الراكب حال سيره (5) يشير إلي التوقف الذي صدر منه، والمراد بالأعمال ما ورد تفسيرها عنه في بعض الروايات فقد كان يقول ما زلت أتصدق وأصوم وأصلي وأعتق خوفا من الذي صنعت يومئذ، مع أن الذي صنعه لم يكن شكا منه في الدين معاذ الله تعالي: بل ليقف علي الحكمة وتنكشف له الشبهة وللحث علي إذلال أهل الضلال كما عرف من صلابته وقوله في نصرة الدين (6) توقفهم عن إجابة أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وجاء نزول الوحي بإبطال الصلح أو لما أدهشهم من صورة الحال فاستغرقوا في الفكر لما لحقهم من الذل عند أنفسهم مع ظهور قوتهم واقتدارهم في اعتقادهم علي بلوغ مقصدهم وقضاء نسكهم بالغلبة والقهر (7) أي لأنه لم يبق بعد ذلك غاية تنتظر، وفيه دلالة علي وفور عقل أم سلمة وشدة حزمها رضي الله عنها (8) أي من شدة الازدحام غما علي عدم المبادرة إلي الامتثال (9) أي فاختبروهن بما يغلب على ظنكم

-[فرار أبي بصير من قريش ومجيئه إلى النبي صلى الله عليه وسلم مسلماً ورده إليهم وتأليفه عصابة ضد قريش]- صفوان بن أمية ثم رجع إلى المدينة فجاءه أبو بَصير رجل من قريش وهو مسلم (وقال يحيى عن ابن المبارك) فقدم عليه أبو بصير بن أسيد الثقفي مسلماً مهاجراً، فاستأجر الأخنس بن شريق رجلاً كافراً من بني عامر بن لؤي ومولى معه وكتب معهما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله الوفاء، فأرسلوا في طلبه رجلين فقالوا العهد الذي جعلت لنافيه، فدفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى بلغا به ذا الحليفة فنزلوا يأكلون من تمر لهم، فقال أبو بصير لأحد الرجلين والله إني لأرى سيفك يا فلان هذا جيداً فاستله الآخر فقال أجل والله إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت، فقال أبو بصير أرني انظر إليه فأمكنه منه فضربه به حتى برد (1) وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد رأى هذا ذعراً (2) فلما انتهى إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال قتل والله صاحبي وإني لمقتول فجاء أبو بصير فقال يا نبي الله قد والله أو في الله ذمتك قد رددتني إليهم ثم أنجاني الله منهم فقال النبي صلى الله عليه وسلم ويل أمه (3) مسعر حرب لو كان له أحد (4) فلما سمع ذلك عرف أنه سيرده إليهم فخرج حتى أتى سيف البحر (5) قال ويتفلت أبو جندل بن سهيل فلحق بأبي بصير فجعل لا يخرج من قريش رجل قد أسلم إلا لجق بأبي بصير حتى اجتمعت منهم عصابة (6) قال فوالله ما يسمعون بعير (7) خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم وأخذوا أموالهم، فأرسلت قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم تناشده الله والرحم (8) لما أرسل إليهم فمن آتاه فهو آمن فأرسل النبي صلى الله عليه وسلم إليهم فأنزل الله عز وجل {وهو الذي كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم- (9) ببطن مكة من بعد أن أظفركم عليهم حتى

_ مطابقة قلوبهن لألسنتهن في الإيمان وبقية الآية {الله أعلم بإيمانهن فإن علمتهوهن مؤمناً فلا ترجعوهن إلى الكفار} أي إلى أزواجهن الكفرة لقوله تعالى {لا هنَّ حل لهم ولا هم يحملون لهنّ وآتوهم ما أنفقوا} أي ما دفعوا إليهن من المهور {ولا جناح عليكم أن تنكحوهنَّ إذا آتيتموهنّ أجورهن} أي مهوهن {ولا تمسكوا بعصم الكوافر} أي بما تعتصم به الكافرات من عقدة النكاح والمراد نهي المؤمنين عن المقام إلى نكاح المشركات، والنهي عن الإرجاع في الآية لا يعد نقضاً لما اصطلحوا عليه، لأن معاقدة الصلح وقعت على رد الرجال لا النساء، ولذلك طلق عمر امرأتين كانتا له في الشرك لأنه كان جائزاً في ابتداء الإسلام (1) بفتح الموحدة والراء أي مات (2) بضم الذال المعجمة وسكون العين المهملة أي خوفاً (3) الضمير لأبي بصير وهذه كلمة ذم تقولها العرب ولا يقصدون معنى ما لها من الذم لأن الويل الهلاك كقولهم لأمه الويل، والمراد هنا التعجب من إقدامه إلى الحرب والنهوض لها وإسعار نارها (4) أي لو كان له أحد ينصره ويؤازره على إيقاد نار الحرب لأثار الفتنة وأفسد الصلح (5) أي ساحل البحر في موضع يسمى العيص كما في بعض الروايات وهو على طريق أهل مكة إذا قصدوا الشام (6) العصابه الجماعة لا واحد لها من لفظها وهي ما بين العشرة إلى الأربعين (7) العير القافلة واعتراضهم لها وقوفهم في طريقها بالعرض، وذلك كناية عن منعهم لها من المسير (8) أي تسأله بالله وبحق القرابة إلا أرسل إلى أبي بصير وأصحابه بالامتناع عن إيذاء قريش فمن أتاه منهم مسلماً فهو آمن من الرد (9) أي منع أيدي كفار مكة عنكم ويريد ببطن مكة الحديبية

-[طريق ثان لحديث الحديبية وإرسال عثمان بن عفان إلى قريش ليأتي بخبرهم]- بلغ (حمية الجاهلية) وكانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبى الله صلى الله عليه وسلم ولم يقروا بسم الله الرحمن الرحيم وحالوا بينهم وبين البيت (ومن طريق ثان) قال حدثنا يزيد بن هرون أبنأنا محمد بن إسحق ابن يسار عن الزهري محمد بن مسلم بن شهاب عن عروة بن الزبير عن المسور بن مخرمة ومروان ابن الحكم قالا خرج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عام الحديبية يريد زيارة البيت لا يريد قتالاً وساق معه الهدى سبعين بدنة وكان الناس سبعمائة (1) رجل فكانت كل بدنة عن عشرة قال وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كان بعسفان لقيه بشر بن سفيان الكعبي فقال يا رسول الله هذه قريش قد سمعت بمسيرك فخرجت معها العوذ المطافيل قد لبسوا جلود النمور يعاهدون الله أن لا تدخلها عليهم عنوة أبداً، وهذا خالد بن الوليد في خيلهم قد قدموا إلى كراع الغميم (2) فذكر نحو ما في الطريق الأولى إلى أن جاء عروة بن مسعود وتكلم مع النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم في شأن الصلح ثم رجع إلى قريش، قال فقال يا معشر قريش إني جئت كسرى في ملكه وجئت قيصر والنجاشي في ملكهما والله ما رأيت ملكاً قط مثل محمد صلى الله عليه وسلم في أصحابه، ولقد رأيت قوماً لا يسلمونه لشيء أبداً فرُوا رأيكم، قال وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل ذلك بعث خراش بن أمية الخزاعى إلى مكة وحمله على جمل له يقال له الثعلب فلما دخل مكة عقرت به قريش وأرادوا قتل خراش فمنعهم الأحابش حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا عمر ليبعثه إلى مكة فقال يا رسول الله إنى أخاف قريشاً على نفسى وليس بها من بني عدى أحد بمعنى وقد عرفت قريش عداوتى إياها وغلطتى عليها، ولكن أدلك على رجل هو أعز منى عثمان بن عفان، قال فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعثه إلى قريش يخبرهم أنه لم يأت لحرب وأنه جاء زائراً لهذا البيت معظماً لحرمته، فخرج عثمان حتى أتى مكة ولقيه أبان بن سعيد بن العاص فنزل عن دابته وحمله بين يديه وردف خلفه وأجاره حتى بلغ رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق عثمان حتى أتى أبا سفيان وعظماء قريش فبلغهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أرسله به، فقالوا لعثمان إن شئت أن تطوف بالبيت فطف به، فقال ما كنت لأفعل حتى يطوف به رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحتبسته قريش عندها، فبلغ رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن عثمان قد قتل، قال محمد فحدثني الزهرى أن قريشاً بعثوا سهيل بن عمرو أحد بنى عامر بن لؤى فقالوا أئت محمداً فصالحه ولا يكون فى صلحه إلا أن يرجع عنا عامة هذا فوالله لا تتحدث العرب أنه دخلها علينا عنوة

_ وإطلاقه عليها مبالغة في القرب وأظفركم أي نصركم عليهم (1) تقدم في الطريق الأولى أنهم كانوا ألفاً وأربعمائة على أرجح الأقوال، وفي هذا الطريق أنهم كانوا سبعمائة، وكذلك عند ابن إسحاق (قال الحافظ) وأما قول ابن إسحاق إنهم كانوا سبعمائة فلم يوافق عليه لأنه قاله استنباطاً من قول جابر (نحرنا البدنة عن عشرة) وكانوا نحروا سبعين بدنة وهذا لا يدل على أنهم لم ينحروا غير البدن مع أن بعضهم لم يكن أحرم أصلاً (2) قال في النهاية هو اسم موضع بين مكة والمدينة والكراع جانب مستطيل من الحرة تشبيهاً بالكراع وهو ما دون الركبة من الساق والغمم بالفتح واد بالحجاز

-[أمر النبى صلى الله عليه وسلم علياً يكتب شروط الصلح واعتراض عمرو بن سهيل على البسملة والرسالة وقصة أبى جندل]- أبداً فأتاه سهيل (فذكر ما دار بينه وبين النبى صلى الله عليه وسلم إلى أن اتفقا على الصلح كما فى الطريق الأولى) قال ودعا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم علىّ بن أبى طالب فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل بن عمرو لا أعرف هذا ولكن أكتب باسمك اللهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اكتب باسمك اللهم هذا ما صالح عليه محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم سهيل بن عمرو، فقال سهير بن عمرو ولو شهدت أنك رسول الله لم أقاتلك ولكن اكتب هذا ما اصطلح عليه محمد بن عبد الله وسهيل بن عمرو على وضع الحرب عشر سنين يأمن فيها الناس ويكف بعضهم عن بعض على أنه من أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم من أصحابه بغير إذن وليه رده عليهم، ومن أتى قريشاً ممن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يردوه عليه، وأن بيننا عيبة مكفوفة (1) وأنه لا إسلال ولا إغلال وكان في شرطهم حين كتبوا الكتاب أنه من أحب أن يدخل فى عقد محمد صلى الله عليه وسلم وعهده دخل فيه، ومن أحب أن يدخل فى عقد قريش وعهدهم دخل فيه، فتو أثبت خزاعة فقالوا نحن مع عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده، وتوا ثبت بنو بكر فقالوا نحن فى عقد قريش وعهدهم وأنك ترجع عنا عامنا هذا فلا تدخل علينا مكة وأنه إذا كان عام قابل خرجنا عنك فتدخلها بأصحابك وأقمت فيهم ثلاثاً معك سلاح الراكب، لا تدخلها بغير السيوف في القُرب (2) فبينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يكتب الكتاب إذ جاءه أبو جندل بن سهيل ابن عمرو فى الحديد قد انفلت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وقد كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خرجوا وهم لا يشكون فى الفتح لرؤيا رآها رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأوها رأوا من الصلح والرجوع وما تحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم على نفسه دخل الناس من ذلك أمر عظيم حتى كادوا أن يهلكوا: فلما رأى سهيل أبا جندل قام إليه فضرب وجهه ثم قال يا محمد قد لجت (3) القضية بينى وبينك قبل أن يأتيك هذا، قال صدقت، فقام إليه فأخذ بتلبيه (4) قال وصرخ أبو جندل بأعلى صوته يا معاشر المسلمين اتردوننى إلى أهل الشرك فيفتنونى فى دينى، قال فزاد الناس شراً إلى ما بهم، فقال رسول لله صلى الله عليه وسلم يا أبا جندل اصبر واحتسب فان الله عز وجل جاعل لك ولمن معك من المستضعفين فرجا ومخرجا، إنا قد عقدنا بيننا وبين القوم صلحاً فأعطيناهم على ذلك

_ (1) العيبة تقدم انها مستودع الثياب، والعرب تكنى عن القلوب والصدور بالعياب لأنها مستودع السرائر كما أن العياب مستودع الثياب يريد ان بينهم صدراً نقياً من الغل والخداع مطوياً على الوفاء بالصلح (والمكفوفة) المشرجة المشدودة، وقيل أراد أن بينهم موادعة ومكافة عن الخرب تجريان مجرى المودة التي تكون بين المنصافيين الذين يثق بعضهم إلى بعض (والاسلال) السرقة الخفية (والاغلال) الحقد والشحناء (2) بضم القاف والراء جمع قراب بكسر القاف كحمار وحمر، والقراب ما يوضع فيه السيف (3) جاء في النهاية قال سهيل قد لجت القضية بينى وبينك أى وجبت هكذا قال جاء مشروحاً ولا أعرف أصله اهـ (4) يقال أخذت بتلبيب فلان اذا جمعت عليه ثوبه الذى هو لابسه وقبضت عليه تجره والتلبيب بجميع ما في موضع اللبب من

-[رجاء قريش النبى صلى الله عليه وسلم في رده من جاءه مسلماً وعدم قبول النبى صلى الله عليه وسلم ذلك]- وأعطونا عليه عهداً وإنا لن نغدر بهم، قال فوثب إليه عمر بن الخطاب مع أبى جندل فجعل يمشى إلى جنبه وهو يقول اصبر أبا جندل فإنما هم المشركون وإنما دم أحدهم دم كلب، قال ويدنى قائم السيف منه، قال يقوم رجوت أن يأخذ السيف فيضرب به أباه قال فضن الرجل بأبيه ونفذت القضية (ثم ذكر أمر النبى صلى الله عليه وسلم لأصحابه بالنحر والحلق وامتناعهم من ذلك حتى نحر هو وحلق) كما فى الطريق الأولى قال فقام الناس ينحرون ويحلقون قال حتى إذا كان بين مكة والمدينة فى وسط الطريق فنزلت سورة الفتح (1) (وإلى هنا انتهى الحديث) (عن على) (2) قال جاء النبى صلى الله عليه وسلم أناس من قريش فقالوا يا محمد انا جيرانك وحلفاؤك وان ناساً من عبيدنا قد أتوك ليس بهم رغبة فى الدين ولا رغبة فى الفقه (3) انما فروا من ضياعنا وأموالنا فارددهم الينا فقال لأبى بكر ما تقول؟ قال صدقوا إنهم جيرانك، قال فتغير وجه النبى صلى الله عليه وسلم، ثم قال لعمر ما تقول؟ قال صدقوا (4) إنهم جيرانك وحلفاؤك فتغير وجه النبى صلى الله عليه وسلم (5) (باب ما جاء فى نص كتاب صلح الحديبية وشروطه) (عن أبى إسحاق) (6) عن البراء بن عازب قال اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذي القعدة فأبى أهل مكة إن يدعوه يدخل مكة حتى قاضاهم على أن يقيم بها ثلاثة أيام فلما كتبوا الكتاب كتبوا هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله قالوا لا نقر بهذا، لو نعم أنك رسول الله ما منعناك شيئاً، ولكن أنت محمد بن عبد الله، قال أنا رسول الله وأنا محمد بن عبد الله، قال لعلى امح رسول الله، قال والله لا أمحوك أبداً، فأخذ النبى صلى الله عليه وسلم الكتاب وليس يحسن أن يكتب (وفى لفظ فقال لعلى امحه فقال ما أنا بالذى أمحاه فمحاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده (فكتب (يعنى عليا) مكان رسول الله: هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد الله أن لا يدخل مكة السلاح

_ ثياب الرجل (1) انظر ما جاء في سورة الفتح من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 275 و 276 (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه البخارى في موضعين من كتابه وأخرج بعضها البخارى ومسلم أيضاً (2) (سنده) (حدثنا) أسود بن عامر أخبرنا شريك عن منصور عن ربعىّ عن على الخ (غريبه) (3) هذا كان في زمن الحديبية قبل الصلح كما صرح بذلك عند أبى داود (4) إنما صدق أبو بكر وعمر رضى الله عنهما دعوى هؤلاء الوفد من قريش لظنهما صحة القرائن التى ذكرها الوفد (5) إنما تغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم لكونهما لم يوافقا الصواب، ويستفاد من ذلك أن من ادعى الاسلام يقبل منه مطلقاً كما يدل على ذلك القرآن والسنة، وأنه لا يجوز البحث عن الدوافع التى دفعته إلى الاسلام سواء أسلم مخلصاً أو متعوذاً أو طامعاً، وقد جاء عند أبى داود بدل قوله فتغير وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال ما أراكم تنتهون يا معشر قريش حتى ببعث الله عليكم من يضرب رقابكم على هذا، وأبى أن يردهم وقال هم عتقاء الله عز وجل) قال الخطابى هذا أصل في أن من خرج من دار الكفر مسلماً وليس لاحد عليه يد قدرة فانه حر، وإنما يعتبر أمره بوقت الخروج منها إلى دار الاسلام (تخريجه) (دمذ) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه من حديث ربعى بن خراش عن على (باب) (6) (سنده) (حدثنا) حجين

-[تعنت قريش في شروط الصلح موافقة النبى صلى الله عليه وسلم لهم لحكمة عظيمة]- إلا السيف فى القراب (1) ولا يخرج من اهلها أحد الا من أراد ان يتبعه، ولا يمنع أحداً من أصحابه أن يقيم بها فلما دخلها (2) ومضى الأجل أتوا عليا فقالوا قل لصاحبك فليخرج عنا فقد مضى الأجل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعنه من طريق ثان) (3) عن البراء أيضاً قال وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين يوم الحديبية على ثلاث، من أتاهم من عند النبى صلى الله عليه وسلم لن يردوه، ومن أتى الينا منهم ردوه اليهم، وعلى أن يجيء النبى صلى الله عليه وسلم من العام المقبل وأصحابه فيدخلون مكة معتمرين فلا يقيمون الا ثلاثاً، ولا يدخلون الا جُلب السلاح (4) السيف والقوس ونحوه (عن أنس) (5) أن قريشاً صالحوا النبى صلى الله عليه وآله وسلم وفيهم سهيل بن عمرو فقال النبى صلى الله عليه وآله وسلم لعلىّ اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل أمّا بسم الله الرحمن الرحيم فلا ندرى ما بسم الله الرحمن الرحيم، ولكن اكتب ما نعرف باسمك اللهم، فقال اكتب من محمد رسول الله، قال لو علمت أنك رسول الله لاتبعناك ولكن اكتب اسمك واسم أبيك قال فقال النبى صلى الله عليه وسلم اكتب من محمد بن عبد الله، واشترطوا على النبى صلى الله عليه وآله وسلم أن من جاء منكم لم نرده عليكم: ومن جاء منكم رددتموه علينا، فقال (يعنى علياً) يا رسول الله أنكتب هذا؟ قال نعم أنه من ذهب منا إليهم فأبعده الله (6)

_ ثنا إسرائيل عن أبى إسحاق عن البراء الخ (وقوله ما أنا بالذى أمحاه) قال النووى هكذا هو فى جميع النسخ (بالذى أمحاه) وهى لغة فى أمحوه، وهذا الذى فعله على رضى الله عه من باب الأدب المستحب لأنه لم يفهم من النبى صلى الله عليه وسلم تحتيم محو علىّ بنفسه ولهذا لم ينكر، ولو حتم محوه بنفسه لم يجز لعلى تركه ولما أقره النبى صلى الله عليه وسلم على المخالفة (1) هو شبه الجراب يكون من الأدم يوضع فيه السيف مغمداً ويطرح فيه الراكب سوطه وأداته ويعلقه فى الرجل (قال العلماء) وإنما شرطوا هذا لوجهين (أحدهما) أن لا يظهر منه دخول الغالبين القاهرين (والثانى) أنه أن عرض فتنة أو نحوها يكون فى الاستعداد بالسلاح صعوبة (2) يعنى فى السنة الثانية بعد سنة اللح وهى عمرة القضاء وكانوا شارطوا النبى صلى الله عليه وسلم فى عام الحديبية أن يجيء فى العام المقبل فيعتمر ولا يقيم أكثر من ثلاثة أيام فجاء فى العام المقبل فأقام إلى أواخر اليوم الثالث فقالوا لعلى رضى الله عنه قل لصاحبك فليخرج إلى آخره، وسيأتى ذلك فى الطريق الثانية (3) (سند) (حدثنا) مؤمل ثنا سفيان عن أبى إسحاق عن البراء بن عازب قال وادع رسول الله صلى الله عليه وسلم المشركين الخ (4) جاء عند مسلم جلبان بزيادة ألف ونون قال أبو إسحاق السبيعي جلبان السلاح هو القراب وما فيه: والجلبان بضم الجيم قال القاضى عياض فى المشارق ضبطناه جلبان بضم الجيم واللام وتشديد الباء الموحدة قال وكذا رواه الأكثرون وصوابه ابن قتيبة وغيره اهـ قلت تقدم شرحه فى الطريق الأولى (تخريجه) (م. وغيره) (5) (سنده) (حدثنا) عفان ثنا حماد عن ثابت عن أنس الخ (غريبه) (6) زاد مسلم (ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً) (تخريجه) (م وغيره) قال العلماء فى شرح هذا الحديث وافقهم النبى صلى الله عليه وسلم فى ترك كتابة بسم الله الرحمن الرحيم وأنه كتب باسمك اللهم وكذا وافقهم فى محمد بن عبد الله وترك كتابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذا وافقهم فى رد من جاء منهم

-[بيعة الرضوان وسببها إشاعة قتل عثمان رضى الله عنه]- (باب ما جاء فى بيعة الرضوان) (عن مَعقِل بن يسار) (1) أنه شهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم الحديبية وهو رافع غصناً من أغصان الشجرة بيده عن رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم يبايع الناس (وفى رواية يد الله فوق أيديهم) (2) فبايعوه على أن لا يفروا وهم يومئذ ألف وأربعمائة (عن جابر) (3) قال كنا يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة فبايعناه وعمر آخذ بيده تحت الشجرة وهى سمرة (4) على أن لا نفر ولم نبايعه على الموت (5)

_ إلينا دون من ذهب منا إليهم، وانما وافقهم فى هذه الأمور للمصلحة المهمة الحاصلة بالصلح مع أنه لا مفسدة فى هذه الأمور، أما البسملة وباسمك اللهم فمعناه واحد، وكذا قوله محمد بن عبد الله هو أيضاً رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس فى ترك وصف الله سبحانه وتعالى فى هذا الموضع بالرحمن الرحيم ما ينفى ذلك، ولا فى ترك صفه أيضاً صلى الله عليه وسلم هنا بالرسالة ما ينفيها فلا مفسدة فيما طلبوه، وإنما كانت المفسدة تكون لو طلبوا أن يكتب ما لا يحل من تعظيم آلهتهم ونحو ذلك، وأما شرط رد من جاء منهم ومنع من ذهب إليهم فقد بين النبى صلى الله عليه وسلم الحكمة فيهم فى هذا الحديث بقوله من ذهب منا إليهم فأبعده الله، ومن جاءنا منهم سيجعل الله له فرجاً ومخرجاً ثم كان كما قال صلى الله عليه وسلم فجعل الله الذين جاءونا منهم وردّهم إليهم فرجاً ومخرجاً، ولله الحمد: وهذا من المعجزات قاله النووى (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الوهاب بن عبد المجيد الثقفى أبو محمد ثنا خالد عن الحكم بن عبد الله الأعرج عن معقل بن يسار الخ (غريبه) (2) أى هو حاضر معهم يسمع أقوالهم ويرى مكانهم ويعلم ضمائرهم وظواهرهم فهو تعالى هو المبايع بواسطة رسول الله صلى الله عليه وسلم كقوله تعالى {إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة} الآية) أما سبب هذه البيعة فقد تقدم فى باب عمرة الحديبية قبل باب فى الطريق الثانية من الحديث الطويل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث عثمان بن عفان إلى كفار قريش بمكة ليبلغهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يأت لحرب وأنه جاء زائراً لهذا البيت معظماً لحرمته، ثم بلغه أن عثمان قتل، قال ابن إسحاق فحدثنى عبد الله بن أبى بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين بلغه أن عثمان قد قتل لا نبرح حتى نناجز، القوم، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس إلى البيعة فكانت بيعة الرضوان تحت الشجرة، فكان الناس يقولون بايعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت وكان جابر بن عبد الله يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبايعهم على الموت ولكن بايعنا على أن لا نفر فبايع الناس ولم يتخلف أحد من المسلمين حضرها الا الجد بن قيس أخو بنى سلمة فكان جابر يقول والله لكأنى أنظر اليه لاصقاً بابط ناقته قد صبا إليها يستتر بها من الناس، ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الذى كان من أمر عثمان رضى الله عنه باطل (تخريجة) (م) (3) (سنده) حدثنا يونس ابن محمد وحجين قالا حدثنا ليث عن أبى الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد الله) الخ (غريبه) (4) بفتح السين المهملة والراء بينهما ميم مضمومة واحدة السمر كرجل وهو شجر الطلح (5) سيأتى فى حديث سلمة بن الأكوع أنهم بايعوه على الموت (قال النووى) وهو معنى رواية عبد الله بن زيد فى حديث سلمة بن الأكوع أنهم بايعوه على الموت (قال النووى) وهو معنى رواية عبد الله بن زيد ابن عاصم، وفى رواية مجاشع بن مسعود البيعة على الهجرة والبيعة على الإسلام والجهاد، وفى حديث ابن عمر

-[عدد من بايع النبى صلى الله عليه وسلم من الصحابة تحت الشجرة وتخلف الجد بن قيس وقصته]- (عن أبى الزبير عن جابر) (1) قال كان العباس آخذاً بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم يواثقنا فلما فرغنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذت وأعطيت (2) قال فسالت جابراً يومئذ كيف بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلى الموت؟ قال لا ولكن بايعناه على أن لا نقر، قلت أفرأيت يوم الشجرة؟ قال كان آخذاً بيد عمر بن الخطاب حتى بايعناه: قلت كم كنتم؟ قال كنا أربع عشرة مائة فبايعناه كلنا إلا الجد بن قيس (3) اختبأ تحت بطن بعير، ونحرنا يومئذ سبعين من البدن لكل سبعة جزور (4) (حدثنا حجاج) (5) قال ابن جريح أخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابرا يُسئل هل بايع النبى صلى الله عليه وآله وسل بذى الحليفة؟ قال لا ولكن صلى بها ولم يبايع إلا عند الشجرة التى للحديبية، وأخبرنا أنه سمع جابراً دعا (6) على بئر الحديبية (عن عبد الله بن مغفل) (7) وكان أحد الرهط الذين نزلت فيهم الآية {ولا على الذين إذا ما أتوك لتحمله} - الخ الآية قال انى لآخذ بعض من أغصان الشجرة أظلل به النبى صلى الله عليه وآله وسلم وهم يبايعونه فقالوا نبايعك على الموت قال لا ولكن لا تفروا (عن سلمة بن الأكوع) (8) قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مع الناس فى الحديبية ثم قعدت متنحياً فلما تفرق الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا ابن الأكوع ألا تبايع؟

_ وعبادة بايعنا على السمع والطاعة وأن لا تنازع الأمر أهله، وفى رواية عن ابن عمر فى غير صحيح مسلم البيعة على الصبر (قال العلماء) هذه الرواية تجمع المعانى كلها وتبين مقصود كل الروايات، فالبيعة على أن لا نفر معناه الصبر حتى نظفر بعدونا أو نقتل، وهو معنى البيعة على الموت، أى نصبر وان آل بنا ذلك إلى الموت لا أن الموت مقصود فى نفسه، وكذا البيعة على الجهاد أى والصبر فيه والله أعلم (تخريجه) (م) (1) (سنده) حدثنا سليمان بن داود ثنا عبد الرحمن بن أبى الزناد عن موسى بن عقبة عن أبى الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد الله) الخ (غريبه) (2) أى أخذت عليكم البيعة (وأعطيت) أى بلغت ما وعدكم الله عز وجل به بقوله تعالى {ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجراً عظيماً} وقوله تعالى {لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة} الآية (3) أى فإنه لم يبايع وكان جد هذا ممن يظن فيه النفاق وفيه نزل قوله تعالى {ومنهم من يقول ائذن لى ولا تفتنى ألا فى الفتنة سقطوا) وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهم فى غزوة تبوك أغزوا الروم تنالوا بنات الأصغر فقال جد بن قيس قد علمت الأنصار أنى إذا رأيت النساء لم أصبر حتى افتتن فنزلت، وقيل أنه تاب بعد ذلك وحسنت توبته (4) هذا لا يدل على أنهم لم ينحروا غير البدن مع أن بعضهم لم يكن أحرم أصلاً قاله الحافظ (تخريجه) (م) ما عدا قوله ونحرنا يومئذ الخ (5) (حدثنا حجاج الخ) (غريبه) (6) هذه العبارة توهم أن جابراً هو الذى دعا وليس كذلك بل الذي دعا هو النبى صلى الله عليه وسلم كما يستفاد من رواية مسلم ولفظه قال ابن جريح وأخبرنى أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد اله يقول دعا النبى صلى الله عليه وسلم على بئر الحديبية (تخريجه) (م) (7) (سنده) حدثنا وكيع عن أبى جعفر الرازى عن الربيع بن أنس عن أبى العالية أو عن غيره عن عبد الله بن مغفل الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى وإسناده جيد إلا أن الربيع بن أنس قال عن أبى العالية أو عن غيره اهـ (قلت) هكذا عزاه الحافظ الهيثمى للطبرانى فقط وغفل عن عزوه للامام أحمد (8) (سنده) (حدثنا) حماد بن مسعدة عن يزيد بن أبى عبيد عن سلمة بن الأكوع الخ (غريبه)

-[ما جاء في فضل من بايع تحت الشجرة واختفاء مكانها ومنقبة لعثمان رضى الله عنه]- قال قلت قد بايعت يا رسول الله، قال أيضاً، قلت علام؟ قال على الموت (1) (ومن طريق ثان) (2) عن يزيد أبى عبيد قال قلت لسلمة بن الأكوع على أى شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية قال بايعناه على الموت (عن سعيد بن المسيب) (3) قال كان أبى ممن بايع النبى صلى الله عليه وآله وسلم تحت الشجرة بيعة الرضوان فقال أنطلقنا فى قابل حاجين فعميى علينا مكانها (يعنى الشجرة) فإن كانت بينت لكم فأنت أعلم (4) (ومن طريق ثان) (5) عن طارق (يعنى ابن عبد الرحمن) قال ذكر عند سعيد بن المسيب الشجرة فقال حدثنى أبى أنه كان ذلك العام معهم فنسوها من العام المقبل (عن جابر بن عبد الله) (6) أنه قال كنا يوم الحديبية ألفاً وأربعمائة فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنتم اليوم خير أهل الأرض (وعنه أيضاً) (7) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة (عن ابن عمر) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعث عثمان رضى الله عنه إلى مكة وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان فضرب بها يده على يده وقال هذه لعثمان (حدثنا يحيى بن سعيد) (9) أن شرحبيل بن سعد أخبره أن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الحديبية حتى نزلنا السقيا (10) فقال معاذ بن جبل من

_ (1) تقدم الكلام على ذلك فى شرح حديث جابر الثاني من أحاديث الباب (2) (سنده) (حدثنا) صفوان ثنا يزيد بن أبى عبيد قال قلت لسلمة بن الأكوع الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (3) (سنده) حدثنا عفان ثنا أبو عوانة عن طارق عن سعيد بن المسيب الخ (قلت) طارق هو ابن عبد الرحمن (غريبه) (4) الظاهر أنه قال هذا وهو يعتقد أنها لم تبين لهم كما يستفاد من رواية البخارى التى سأذكرها بعد التخريج ولذلك أتى بالشرط والله أعلم (5) (سنده) حدثنا أبو أحمد ثنا سفيان عن طارق قال ذكر عند سعيد بن المسيب الخ (تخريجه) (ق. وغيرها) وهو عند البخارى أتم من هذا ولفظه قال البخارى حدثنا محمود حدثنا عبيد الله عن إسرائيل عن طارق بن عبد الرحمن قال انطلقت حاجاً فمررت بقوم يصلون فقلت ما هذا المسجد؟ قالوا هذه الشجرة حيث بايع النبى صلى الله عليه وسلم بيعة الرضوان فأتيت سعيد بن المسيب فأخبرته فقال سعيد حدثنى أبى أنه كان فيمن بايع رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة قال فلما كان فى العام المقبل نسيناها فلم نقدر عليها، ثم قال سعيد إن أصحاب محمد لم يعلموها وعلمتموها وأنتم أفأنتم أعلم؟ (قلت) قال العلماء سبب خفائها أن لا يفتتن الناس بها لما جرى تحتها من الخير ونزول الرضوان والسكينة وغير ذلك، فلو بقيت ظاهرة معلومة لخيف تعظيم الأعراب والجبال إياها وعبادتهم لها فكان خفاؤها رحمة من الله تعالى (6) (سنده) حدثنا سفيان عن عمرو سمعت جابراً قال كنا يوم الحديبية الخ (تخريجه) (ق. وغيرها) (7) (سنده) (حدثنا) حجين ويونس قالا حدثنا الليث بن سعد عن أبى الزبير عن جابر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م دمذ) (8) (عن ابن عمر الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بطوله وسنده وشرحه فى باب فضائل عثمان بن عفان رضى الله عنه من كتاب الخلافة والأمارة وهو حديث صحيح رواه البخارى والترمذى وغيرهما (9) (حدثنا يحيى بن سعيد الخ) (غريبه) (10) قال فى النهاية السقيا منزل بين مكة

-[أول من بايع تحت الشجرة سلمة بن الأكوع ومعجزة للنبى صلى الله عليه وسلم فى تكثير الماء]- يسقينا في أسقيتنا (1) قال جابر فخرجت فى فئة من الأنصار حتى أتينا الماء الذى بالأثاية (2) وبينهما قريباً من ثلاثة وعشرين ميلاً فسقينا فى أسقيتنا حتى إذا كان بعد عتمة (3) إذا رجل ينازعه بعيره إلى الحوض (4) فقال أورد فإذا هو النبى صلى الله عليه وسلم فأورد ثم أخذت بزمام ناقته فأنحتها فقام فصلى العتمة (5) وجابر فيما ذكر إلى جنبه ثم صلى بعدها ثلاث عشرة سجدة (6) (باب ما جاء فى حديث سلمة بن الأكوع وهو يتضمن تلخيص البابين اللذين قبله) (عن إياس قال حدثنى أبى) (7) قال قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية (8) ونحن أربع عشرة مائة (9) وعليها خمسون شاة لا ترويها (10) فقعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على حيالها (11) فإما دعا وإما بسق (12) فجاشت فسقينا واحتتينا، قال ثم إن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم دعا بالبيعة فى أصل الشجرة فبايعه أول الناس (13) وبايع وبايع حتى إذا كان فى وسط (14) من الناس قال يا سلمة بايعنى قال قد بايعتك فى أول الناس يا رسول الله، قال وأيضاً فبايع، ورآنى أعزلاً (15) فاعطاني حجفة (16) أو درفة ثم بايع وبايع حتى إذا كان فى آخر الناس قال ألا تبايعنى؟ قال قلت يا رسول الله قد بايعت أول الناس

_ والمدينة قيل هي على يومين من المدينة (1) جمع سقاء والسقاء ظرف الماء من الجلد وكأنهم لم يجدوا فى هذا المكان ماءا يكفيهم قال جابر فخرجت الخ (2) قال فى النهاية الأثاية الموضع المعروف بطريق الجحفة إلى مكة وهي فعالة منه وبعضهم يكسر همزتها قال (واثيل) هو مصغر موضع قرب المدينة وبه عين لآل جعفر بن أبى طالب (3) العتمة دخول الليل وظلمته (4) أى يريد الوردود إلى الحوض ليشرب (5) أى صلاة العشاء وكانت الأعراب يسمون صلاة العشاء صلاة العتمة تسمية بالوقت لأنها تكون فى ابتداء دخول ظلمة الليل ثم نهى عن تسميتها بالعتمة وإنما هي العشاء كما نطق بذلك القرآن (6) أى ركعة وإنما عبر بالسجود لأنه يكون عقب الركوع ولا تكون ركعة كاملة إلا بالسجود وهى الصلاة التى كان يصليها فى الليل (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده صحيح ورجاله ثقات وهو من ثلاثيات الامام أحمد رحمه الله تعالى (باب) (7) (سنده) حدثنا عبد الصمد قال حدثنا عكرمة قال ثنا إياس (يعنى ابن سلمة بن الأكوع) قال حدثى أبى الخ (غريبه) (8) هى قرية قريبة من مكة سميت باسم بئر فيها ومعناه قدمنا بئر الحديبية أو ماء الحديبية (9) قال النووى هذا هل الأشهر وفى رواية ثلاث عشرة مائة وفى رواية خمس عشرة مائة (قلت) تقدم الكلام على ذلك رأن أرجحها وأكثرها أربع عشرة مائة (10) اى وعلى البئر خمسون شاة لا تكفى لشربها وهو كناية عن قلة ماء البئر (11) أى جوانبها التى حولها (12) قال النووى هكذا هو فى النسخ بسق بالسين وهى صحيحة يقال بزق وبصق وبسق ثلاث لغات بمعنى والسين قليلة الاستعمال (وجاشت) أى ارتفعت وفاضت يقال جاش الشيء يجيش جيشاناً إذا ارتفع وفى هذا معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم (13) يعنى أن سلمة بن الأكوع بايع النبى صلى الله عليه وسلم أول الناس (14) أى فى وسط مبايعة الناس (15) أى ليس معه سلاح (16) الحجفه بالتحريك الترس الصغير يطارق بين جلدين والجمع حجف وحجفات مثل قصبة وقصب وقصبات قاله فى المصباح، والدرقة بوزن الحجفة

-[تكرير بيعة سلمة بن الأكوع وما جاء فى شجاعته رضى الله عنه]- وأوسطهم، قال وأيضاً فبايع: فبايعته (1) ثم قال أين درقتك أو حجفتك التى أعطيتك؟ قال قلت يا رسول الله لقيتنى عمى عامر أعزلا فأعطيته إياها، قال فقال إنك كالذى قال اللهم أبغنى حبيباً هو أحب إلىّ من نفسى وضحك، ثم إن المشركين راسلونا الصلح حتى مشى بعضنا إلى بعض، قال وكنت تبيعاً لطلحة (2) بن عبيد الله أحس فرسه واسقيه وآكل من طعامه وتركت أهلى ومالي مهاجراً إلى الله ورسوله، فلما اصطلحنا نحن وأهل مكة واختلط بعضنا ببعض أتيت الشجرة فكسحت شوكها (3) واضطجعت فى ظلها فأتانى أربعة من أهل مكة فجعلوا وهم مشركون يقعون فى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتحولت عنهم إلى شجرة أخرى وعلقوا سلاحهم واضطجعوا، فينما هم كذلك اذ نادى مناد من أسفل الوادى يا آل المهاجرين قتل بن زنيم (4) فاخترطت سيفى فشددت على الأربعة فأخذت سلاحهم فجعلته ضغئاً (5) قلت والذى أكرم محمداً صلى الله عليه وسلم لا يرفع رجل منكم رأسه إلا ضربت الذى يعنى فيه عيناه، فجئت أسوقهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وجاء عمى عامر بابن مكرز (6) يقود به فرسه يقود سبعين حتى وقفنا فنظر إليهم فقال دعوهم يكون لهم بدوّ الفجور (7) وعفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنزلت {وهو الذى كف أيديهم عنكم وأيديكم عنهم) (8) ثم رجعنا إلى المدينة فنزلنا منزلاً يقال له لحي جمل (9)

_ نوع من التروس أيضاً (1) جاء عنه مسلم قال فبايعته الثالثة: وفى مبايعته صلى الله عليه وسلم له ثلاث مرات إشارة إلى أنه سيحضر ثلاثة مشاهد يكون له فيها بلاء حسن وقد كان الأمر كذلك، فاتصل بالحديبية وغزوة ذى قرد واتصل بها فتح خيبر، وكان له فى كل منهما غناء كذا فى شرح البهجة (2) أى خادماً اتبعه وقوله (أحس فرصة) بضم الحاء المهملة أى احك ظهره بالمحسة لأزيل عنه الغبار (3) أي كنست ما تحتها من الشوك (4) بضم الزاى وفتح النون (5) الضغث الحزمة (6) بوزن منبر وجاء عند مسلم وجاء عمى عامر برجل من العبلات (بفتح العين والموحدة) يقال له مكرز يقوده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على فرس مجفف فى سبعين من المشركين (قلت) أما العبلات فقد قال الجوهرى فى الصحاح العبلات بفتح العين وللباء من قريش وهم أمية الصغرى والنسبة اليهم عبلى تزده إلى الواحد، قال لأن اسم أمهم عبلة اهـ، (قال القاضى عياض) أمية الأصغر وأخواه نوفل وعبد الله بن عبد شمس بن عبد مناف نسبوا الى أم لهم من بنى تميم اسمها عبله بنت عبيد اهـ (وقوله على فرس مجفف) قال النووى هو بفتح الجيم وفتح الفاء الأولى أي عليه بجفاف بكسر التاء وهو ثوب كالجل يلبسه الفرس ليقية من السلاح وجمعه تجافيف (7) جاء عند مسلم (فقال دعوهم يكن لهم بدء الفجور وثناه) بكسر الثاء المثلثة أى أوله وآخره، قال فى النهاية والثنا بالكسر والقصر أن يفعل الشئ مرتين ولاثنا فى الصدقة، أى لا تؤخذ الزكاة مرتين فى السنة (8) تقدم تفسير هذه الآية وسبب نزولها فى باب (وهو الذى كف أيديهم عنكم) فى سورة الفتح من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر صحيفة 286 وان مكرزا واصحابه كانوا يريدون الفتك برسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه عند اشتغالهم بالبيعة (9) قال فى النهاية هو بفتح اللام موضع بين مكة والمدينة، وقيل عقبة وقيل ماء اهـ (قلت) جاء عند مسلم

-[رجوع النبي صلى الله عليه وسلم من عمرة الحديبية وإغارة المشركين على إبله صلى الله عليه وسلم]- فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رقى الجبل فى تلك الليلة كان طليعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، فرقيت تلك الليلة مرتين أو ثلاثة ثم قدمنا المدينة وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بظهره (1) مع غلامه رباح وأنا معه وخرجت بفرس طلحة أيديه (2) على ظهره (3) فلما أصبحنا إذا عبد الرحمن بن عيينة الفزارى قد أغار (4) على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتسفه أجمع وقتل راعية (5) (أبواب حوادث السنة السابعة) {باب ما جاء فى غزوة ذى قرد (1) وتسمى غزوة الغابة أيضاً}

_ (فنزلنا منزلاً بيننا وبين بنى لحيان وهم المشركون فاستغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن رقى هذا الجبل الليلة الخ (قلت) ويمكن الجمع بين الروايتين بأنهم نزلوا منزلاً يقال له لحيى جمل به جبل بينهم وبين بنى لحيان وتقدم الكلام على غزوة بنى لحيان، أما قوله عند مسلم (وهم المشركون) فقد ضبطه العلماء بوجهين (أحدهما) بفتح الهاء وشد الميم أى همّ امر المشركين النبى صلى الله عليه وسلم واصحابه خوف أن يبيتوهم لقربهم منهم، يقال اهمنى الأمر وهمنى بمعنى اى اغمنى وأحزننى (والثانى) بضم الهاء وتخفيف الميم على الابتداء (1) الظهر الابل تعد للركوب وحمل الأثقال (2) هكذا جاء عند الامام احمد فى هذا الموضع ايديه بهمزة مضمومة ثم باء موحدة مفتوحة ثم دال مهملة مشددة وجاء عند مسلم (انديه) بالنون بدل الباء الموحدة (قال النووى) هكذا ضبطناه انديه بهمزة مضمومه ثم نون مفتوحة ثم دال مكسورة مشددة ولم يذكر القاضى فى الشرح عند أحد من رواة مسلم غير هذا، ونقله فى المشارق عبر جماهير الرواة، قال ورواه بعضهم عن أبى الحذاء فى مسلم أبديه بالباء الموحدة بدل النون وكذا قاله ابن قتيبة أى أخرجه إلى البادية وأبرزه إلى موضع الكلأ وكل شئ أظهرته فقد أبديته والصواب رواية الجمهور بالنون وهى رواية جميع المحدثين وقول الأصمعى وأبو عبيد فى غريبه والأزهرى وجماهير أهل اللغة والغريب ومعناه أن يورد الماشية الماء فتسقى قليلاً ثم ترد إلى المرعى (قلت) سيأتى للامام احمد فى الباب التالى من رواية سلمة أيضاً بلفظ (أنديه) بالنون كما جاء عند مسلم (3) أى مع ظهر النبى صلى الله عليه وسلم وهى الإبل، وجاء عند مسلم وخرجت معه بفرس طلحة أنديه مع الظهر: فعلى هنا بمعنى مع كما فى رواية مسلم (4) من الإغارة وهى النهب (5) هكذا بالأصل (فانتسفه) ولم أجد لذلك معنى يناسبه فى كتب اللغة وجاء عند مسلم فاستاقه بدل فانتسفه ومعناه ظاهر، والظاهر أن ما هنا خطأ من الطابع أو الناسخ والصواب ما جاء عند مسلم والله أعلم (وقوله اجمع) يعنى استاقه جميعه وقتل راعيه والى هنا انتهى الحديث عند الإمام احمد، وزاد مسلم قال فقلت يا رباح خذ هذا الفرس فأبلغه طلحة بن عبيد الله وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن المشركين قد أغاروا على سرحه فذكر قصة غزوة ذى قرد وقد جاءت هذه القصة عند الإمام احمد فى الباب التالى فى حديث مستقل ترجمت لها (بغزوة ذى قرد) فانظره (تخريجه) (م. وغيره) (باب) (1) بفتح القاف والراء عند المحدثين والضم فيهما عند أهل اللغة، قال البلاذرى والصواب الأول اهـ وهو ماء على نحو بريد (يعنى من المدينة) مما يلى بلاد غطفان، وقيل على مسافة يرم (قال البخارى) وهى الغزوة التي أغاروا فيها على لقاح النبى صلى الله عليه وسلم قبل خيبر بثلاث (قال الحافظ) كذا جزم

-[سبب غزوة ذى قرد إغارة المشركين على ابل النبى صلى الله عليه وسلم وكلام العلماء فى تاريخها]- (حدثنا مكي بن ابراهيم) (1) قال حدثنا يزيد بن أبى عبيد عن سلمة بن الأكوع أنه أخبره قال خرجت من المدينة ذاهباً نحو الغابة (2) حتى إذا كنت بثنية (3) الغابة لقينى غلام لعبد الرحمن ابن عوف قال قلت ويحك ما لك؟ قال أخذت لقاح (4) رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ قال قلت من أخذها؟ قال غطفان وفزارة (5) قال فصرخت ثلاث صرخات أسمعت من بين لابتيها (6) يا صباحاه يا صباحاه (7) ثم اندفعت حتى ألقاهم (8) وقد أخذوها، قال فجعلت أرميهم وأقول. أنا ابن الأكوع ... واليوم يوم أقرع (9) قال فاستنقذتها منهم قبل أن يشربوا، فأقبلت بها أسوقها فلقينى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن القوم عطاش وانى أعجلتهم قبل أن يشربوا فاذهب في أثرهم (10)

_ به ومستنده فى ذلك حديث إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه فانه قال فى آخر الحديث الطويل الذي أخرجه مسلم من طريقه قال فرجعنا أى من الغزوة إلى المدينة فوا الله ما لبثنا بالمدينة إلا ثلاث ليال حتى خرجنا إلى خيبر، وأما ابن سعد فقال كانت غزوة ذى قرد فى ربيع الأول سنة ست قبل الحديبية وقيل فى جمادى الاولى، وعن ابن إسحاق فى شعبان منها قال الحافظ وما فى الصحيح من التاريخ لغزيوة ذى قرد أصح مما ذكره أهل السير، قال ويحتمل فى طريق الجمع أن تكون إغارة عينية بن حصن على اللقاح وقعت مرتين الأولى التى ذكرها ابن اسحاق وهى قبل الحديبية: والثانية بعد الحديبية قبل الخروج إلى خيبر، وكان رأس الذين أغاروا عبد الرحمن بن عيينة كما فى سياق سلمة عند مسلم، ويؤيده أن الحاكم ذكر فى الأكليل أن الخروج إلى ذى قرد تكرر، ففى الأولى خرج إليها زيد بن حارثة قبل أحد، وفى الثانية خرج إليها النبى صلى الله عليه وسلم فى ربيع الأول سنة خمس: والثالثة هذه المختلف فيها، فإذا ثبت هذا قوى هذا الجمع الذى ذكرته والله أعلم اهـ (قلت) وإليك ما ورد فى ذلك (1) (حدثنا مكى بن ابراهيم الخ) (غريبه) (2) الغابة الأجمة ذات الشجر المتكاثف لأنها تغيب ما فيها وجمعها غابات وهى موضع قريب من المدينة من عواليها وبها أموال لأهلها (3) الثنية فى الجبل كالعقبة فيه: وقيل هو الطريق العالى فيه (4) بكسر اللام وتخفيف القاف ومهملة، ذوات اللبن من الإبل واحدتها لقحة بالكسر والفتح قيل وكانت عشرين لقح (5) بفتح الفاء وهو من عطف الخاص على العام لأن فزارة من غطفان (6) يعنى حرّتى المدين (7) هى كلمة تقال عند استنفار من هو غافل عن عدوه وكررها للتأكيد (8) ذكره بهذه الصيغة مبالغة فى استحضار الحال (9) هكذا بالأصل فى هذه الرواية عند الإمام احمد (واليوم يوم أقرع) ولم أقف على هذا اللفظ لغيره على أنه جاء فى هذا الحديث نفسه عند البخارى بلفظ (واليوم يوم الرضع) وجاء فى روايات أخرى عند الشيخين والامام احمد وغيرهم بلفظ (واليوم يوم الرضع) وستأتى فى الحديث التالى، وفى مختصر النهاية للحافظ السيوطى قرع الناقة ضربها بسوطه والقرع الصدم والصك والضرب وقراع الكتائب قتال الجيوش ومحاربتها اهـ وسيأتى شرح الرواية الأخرى وهو قوله (واليوم يوم الرضع فى شرح الحديث التالى والله أعلم) (10) جاء عند البخارى فابعث إليهم الساعة

-[اغارة عبد الرحمن بن عيينة على ابل النبى صلى الله عليه وسلم وما فعله سلمة بن الأكوع برجال ابن عيينة]- فقال يا ابن الأكوع ملكت فأسجح (1) إن القوم يقرون فى قومهم (عن إياس بن سلمة بن الأكوع) عن أبيه (2) قال قدمنا المدينة زمن الحديبية مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فخرجنا أنا ورباح غلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بظهر (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجت بفرس لطلحة بن عبيد الله كنت أريد أن أنديه (4) مع الأبل فلما كان بغلس (5) أغار عبد الرحمن بن عيينة على ابل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقتل راعيها وخرج يطردها هو وأناس معه فى خيل، فقلت يا رباح اقعد (6) على هذا الفرس فألحقه بطلحة وأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد أغير على سرحه (7) قال وقمت على تل فجعلت وجهى من قبل المدينة ثم ناديت ثلاث مرات يا صباحاه، ثم اتبعت القوم معى سيفى ونبلى فجعلت أرميهم وأعقر بهم وذلك حين يكثر الشجر فإذا رجع إلىّ فارس جلست له فى أصل الشجرة ثم رميت، فلا يقبل علىّ فارس إلا عقرت به فجعلت أرميهم وأقول (أنا ابن الأكوع ... واليوم يوم الرضع) (8) فألحق برجل منهم فأرميه وهو على راحلته فيقع سهمى فى الرجل حتى انتظمت كتفه فقلت (خذها وأنا ابن الأكوع: واليوم يوم الرضع) فاذا كنت فى الشجر أحرقتهم بالنبل فاذا تضايقت الثنايا (9) علوت الجبل فرديتهم بالحجارة، فما زال ذاك شأنى وشأنهم اتبعهم. فأرتجز حتى ما خلق الله شيئاً من ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا خلفته (10) وراء ظهرى فاستنقذته من أيديهم (11) ثم لم أزل أرميهم حتى ألقوا أكثر من ثلاثين رمحاً وأكثر من ثلاثين بردة يستخفون منها ولا يلقون من ذلك شيئاًَ إلا جعلت عليه حجارة (12) وجمعت على طريق رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا امتد الضحى أتاهم عيينة بن بدر الفزارى مدداً لهم وهم فى ثنيه ضيقة ثم علوت الجبل فأنا فوقهم فقال عيينة ما هذا الذى أرى

_ وعند ابن سعد فلو بعثنى فى مائة رجل استنقذت ما بأيديهم من السرح وأخذت بأعناق القوم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم يا ابن الأكوع ملكت فأسجح (1) أى قدرت عليهم (فأسجح) بهمزة قطع مفتوحة وسكون المهملة وكسر المهملة وكسر الجيم أى فارفق ولا تأخذ بالشدة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (2) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا عكرمة بن عمار قال ثنا إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه الخ (غريبه) (3) تقدم تفسيره وهى الابل التى تعد للركوب وحمل الأثقال (4) جاء فى هذه الرواية أنديه بالنون كما جاء عند مسلم وتقدم الكلام على ذلك فى الباب السابق (5) الغلس ظلمة آخر الليل (6) جاء عند مسلم يا رباح خذ هذا الفرس ومعناه ظاهر (7) السرح الابل والمواشى الراعية (8) أى يوم هلا كهم وهم اللئام الواحد راضع، وقيل معناه اليوم يعرف من ارتضع الحرب من صغره وتدربها ممن ليس كذلك، وقيل معناه هذا يوم شديد عليكم تفارق فيه المرضعة من أرضعته (9) يعنى الطرق الموصلة إلى الجبل وانحصروا فى هذه المضايق واستتروا بها عنى فصار لا يبلغهم الرمى بالنبل عدلت عن ذلك إلى رميهم من أعلى الجبل بالحجارة (10) اى تركته يريد أنه جعله فى حوزته وحال بينهم وبينه (11) معناه أنه مازال بهم إلى أن استخلص منهم كل بعير أخذوه من ابل رسول الله صلى الله عليه وسلم (12) أى لتستره عن عيون

-[استشهاد أخرم الأسدى وقتل عبد الرحمن بن عيينة الذى أغار على ابل النبى صلى الله عليه وسلم]- قالوا لقينا من هذا البرح (1) ما فارقنا بسحر حتى الآن وأخذ كل شئ فى أيدينا وجعله وراء ظهره، قال عيينة لولا أن هذا يرى أن وراءه طلباً لقد ترككم (2) ليقم إليه نفر منكم فقام إليه منهم أربعة وصعدوا فى الجبل فلما أسمعتهم الصوت قلت أتعرفونى؟ قالوا ومن أنت؟ قلت أنا ابن الأكوع والذى كرّم وجه محمد صلى الله عليه وسلم لا يطلبنى منكم رجل فيدركنى ولا أطلبه فيفوتنى قال رجل منهم أن أظن (3) قال فما برحت مقعدى ذلك حتى نظرت إلى فوارس رسول الله صلى الله عليه وسلم يتخللون الشجر وإذ أولهم الأخرم الأسدى وعلى أثره أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى أثر أبى قتادة المقداد الكندى فولىَّ المشركون مدبرين وأنزل من الجبل فأعرض للأخرم فآخذ بعنان فرسه فقلت يا أخرم ائذن القوم يعنى أحذرهم فانى لا آمن أن يقطعوك فاتئد حتى يلحق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، قال يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق فلا تحل بيني وبين الشهادة، قال فحليت عنان فرسه فيلحق بعبد الرحمن بن عيينة ويعطف عليه عبد الرحمن فاختلفا طعنتين فعقر (4) الأخرم بعبد الرحمن وطعنه عبد الرحمن فقتله، فتحول عبد الرحمن على فرس الأخرم (5) فيلحق أبو قتادة بعبد الرحمن فاختلفا طعنتين فعقر بابى قتادة وقتله أبو قتادة وتحول أبو قتادة على فرس الاخرم، ثم إنى خرجب أعدو فى أثر القوم حتى ما أرى من غبار صحابة النبى صلى الله عليه وسلم شيئاً (6) ويعرضون قبل غيبوبة الشمس إلى شعب فيه ماء قال له قرد فأرادوا أن يشربوا منه فأبصرونى أعدو وراءهم فعطفوا عنه واشتدوا فى الثنية (7) ثنية ذى بئر وغربت الشمس فألحق رجلاً (8) فأرميه فقلت (خذها وأنا ابن الأكوع: واليوم يوم الرضع) قال فقال يا ثكل أم أكوع بكرة (9) قلت نعم أى عدو نفسه، وكان الذي

_ المارة بالطريق خوفاً من أخذه وليكون علامة له عند عدته لأخذه (1) بفتح الباء الموحدة وسكون الراء أى الشدة وهو مفعول للقينا أى لقينا الشدة من هذا. وأصل التبريح المشقة والشدة يقال برح به إذا شق عليه (2) معناه لولا أنه يعلم أن وراءه مدداً لترككم (3) أى ما أظن ذلك على أن إن نافيه ومفعوله محذوف لكن جاء عند مسلم أنا أظن يعنى ذلك ففيها الاثبات لا النفى ويمكن أن يجمع بين الروايتين بأن يقال إن شرطية لا نافية والتقدير إن أظن ذلك فأنت جدير به وذلك لما رآه من شجاعته وصبره ويحمله المشاق وسرعته فى الجرى والله أعلم (4) أى ضرب قوائم فرسه (5) أى لأن فرسه صار لا يصلح للقتال (6) يريد أنه أمعن فى أثر الأعداء والجرى خلفهم إلى أن بعد عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بعداً شاسعاً بحيث أنه صار لا يرى خلفه منهم احداً ولا من غبارهم شيئاً (وقوله ويعرضون) أى يعدلون كما فى رواية مسلم (7) ازداد جريهم فى الثنية اى من الطريق العالى (8) فالحق رجلاً فأر ميه هما بمعنى الماضى واختار صيغة المضارع لاستحضار الحال الواقعة إذ ذاك وتمثيلها للسامع (9) جاء عند مسلم (يا ثكلته امه اكوعه بكرة) قال النووى ثكلته أمه فقدته: وقوله اكوعه هو برفع العين اى أنت الاكوع الذى كنت بكرة هذا النهار؟ ولهذا قال نعم (بكرة منصوب غير منون)، قال اهل العربية يقال أتيته بكرة بالتنوين إذا أردت انك لقيته باكراً فى يوم غير معين، قالوا وإن أردت بكرة

-[إعجاب النبي صلى الله عليه وسلم بشجاعة سلمة بن الأكوع وأبى قتادة وإسهامه لهما]- رميته بكرة (1) فأتبعه سهماً آخر فعلق به سهمان ويخلفون فرسين (2) فجئت بهما أسوقها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على الماء الذى جنيتهم (3) عنه ذو قرد، فإذا نبى الله صلى الله عليه وسلم فى خمسمائة وإذا بلال قد نحر جزوراً مما خلقت فهو يشوى لرسول الله صلى الله عليه وسلم من كبدها وسنامها، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله خلنى فأنتحب من أصحابك مائة فآخذ على الكفار عشوة فلا يبقى مخبر إلا قتلته، قال أكنت فاعلاً ذلك يا سلمة؟ قال نعم والذى أكرمك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى رأيت نواجذه (4) فى ضوء للنار ثم قال أنهم يُقرون (5) الآن بأرض غطفان، فجاء رجل من غطفان فقال مرءوا على فلان الغطفانى فنحر لهم جزوراً، قال فلما أخذوا يكشطون جلدها رأوا غبرة فتركوها وخرجوا هراباً، فلما أصبحنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير فرساننا (6) اليوم أبو قتادة وخير رجالتنا (7) سلمة، فأعطانى رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم الراجل والفارس جميعاً (8) ثم أردفنى وراءه على العضباء (9) راجعين إلى المدينة فلما كان بيننا وبينها قريباً من ضحوة وفى القوم رجل من الأنصار كان لا يُسبق جعل ينادى هل من مسابق؟ ألا رجل يسابق إلى المدينة؟ فاعاد ذلك مراراً وأنا وراء رسول الله صلى الله عليه وسلم مردفى، قلت أما تكرم كريماً ولا تهاب شريفاً؟ قال لا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال قلت يا رسول الله بأبى أنت وأمى خلنى فلأسابق الرجل، قال إن شئت، قلت اذهب إليك فطفر (10) عن راحلته وثنيت رجلى فظفرت عن الناقة ثم انى ربطت عليها (11) شرفا أو شرفين يعنى استبقيت نفسى (12) ثم انى عدوت حتى ألحقه فاصك (13) بين كتفيه بيدى قلت سبقتك والله أو كلمة نحوها، قال وضحك وقال إن أظن (14) حتى قدمنا المدينة.

_ يوم بعينه قلت اتيته بكرة غير مصروف لأنها من الظروف غير الممكنة (1) معناه وكان الرجل المتكلم هو الذى رميته بكرة النهار (2) أى ويتركون فرسين خلفهما (3) أى طردتهم عنه (4) أى أنيابه وقيل أضراسه (قال الحافظ) وظاهر السياق إرادة الزيادة على التبسم ويحمل ما ورد فى صفته صلى الله عليه وسلم أن ضحكه كان تبسماً على غالب أحواله (5) بضم الياء التحتية وسكون القاف والواو وبينهما راء مفتوحة أى يضافون والقرى الضيافة وفى ذلك معجزة له صلى الله عليه وسلم حيث وقع الأمر كما قال فقد أخبر بذلك الرجل الغطفانى الذى مر بهم (6) جمع فارس وهو الذى يحارب راكباً وإنما خص أبا قتادة بذلك لأنه هو الذى قتل زعيم القوم وسيدهم (7) بفتح الراء وتشديد الجيم مفتوحة جمع راجل وهو الذى إياه لحسن بلائه (9) هو لقب ناقة النبى صلى الله عليه وسلم والعضباء مشقوقة الأذن ولم تكن كذلك وإنما هو لقب لزمها (10) بفتحاه أى وثب وقفز (11) أى حبست نفسى عن الجرى الشديد والشرف ما ارتفع من الأرض (12) بفتح النون والفاء أى لئلا ينقطع من شدة الجرى (13) مضارع بمعنى الماضى أى فصككته وتقدم نظيره فى هذا الحديث (14) جاء عند مسلم بلفظ (أنا أظن) يعنى ذلك حذف مفعوله وتقدم الكلام على إن فى هذا الحديث آنفاً والله أعلم (تخريجه) (م) من طرق عن عكرمة بن عمار

-[حديث أنس بن مالك وفيه ملخص غزوة خيبر]- (أبواب ما جاء فى غزوة خيبر) (باب كيف دخل النبى صلى الله عليه وسلم خيبر (1) وأنها أخذت عنوة وزواجه صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيى بن أخطب سيد قريظة والنضير) (حدثنا اسماعيل) (2) ثنا عبد العزيز (3) عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم غزا خيبر فصلينا عندها صلاة الغداة بغلس (4) فركب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وركب أبو طلحة وأنا رديف أبى طلحة فاجرى بنا نبى الله صلى الله عليه وسلم فى زقاق خيبر وإن ركبتى لتمس فخذى نبى الله صلى الله عليه وسلم وانحسر الأزار عن فخذى نبى الله صلى الله عليه وسلم فانى لارى بياض فخذى نبى الله صلى الله عليه وسلم (5) فلما دخل القرية قال الله أكبر خربت خيبر (6) إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين قالها ثلاث مرات، قال وقد خرج القوم إلى أعمالهم فقالوا محمد، قال عبد العزيز (7) وقال بعض أصحابنا والخميس، قال

_ بنحوه وعنده فسبقته إلى المدينة فلم نبيت إلا ثلاثاً حتى خرجنا إلى خيبر اهـ (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) ولاحمد هذا السياق، ذكر البخارى هذه الغزوة بعد الحديبية وقبل خيبر وهو أشبه مما ذكره ابن اسحاق فينبغى تأخيرها إلى أوائل سنة سبع من الهجرة فان خيبر كانت فى صفر منها يعنى من سنة سبع اهـ (قلت) يريد أن فتحها كان فى صفر سنة سبع (باب) (1) خيبر بوزن جعفر قال الحافظ وهى مدينة كبيرة ذات حصون ومزارع على ثمانية برد من المدينة إلى جهة الشام، وذكر أبو عبيد البكرى أنها سميت باسم رجل من العماليق نزلها (قال ابن اسحاق) خرج النبى صلى الله عليه وسلم فى بقية المحرم سنة سبع فأقام يحاصرها بضع عشرة ليلة إلى أن فتحها فى صفر، وروى يونس بن بكير فى المغازى عن ابن اسحاق فى حديث المسور ومروان قال انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من الحديبية فنزلت عليه سورة الفتح فيما بين مكة والمدينة فأعطاه الله فيها خيبر بقوله {وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه} يعنى خيبر، فقدم المدينة فى ذى الحجة فأقام بها حتى صار إلى خيبر فى المحرم (يعنى سنة سبع) قال البيهقى وبمعناه رواه الواقدى عن شيوخه فى خروجه أول سنة سبع من الهجرة، وقال عبد الله بن إدريس عن إسحاق حدثنى عبد الله بن أبى بكر قال لما كان افتتاح خيبر فى عقيب المحرم وقدم النبى صلى الله عليه وسلم فى آخر صفر قال ابن هشام واستعمل على المدينة نميلة بن عبد الله الليثى (2) (حدثنا اسماعيل) يعنى ابن ابراهيم الخ (غريبه) (3) هو ابن صهيب عن أنس يعنى ابن مالك (4) الغلس بالغين المعجمة ظلمه آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح (5) صدر هذا الحديث تقدم بشرحه فى باب حجة من لم يران الفخذ والسرة من العورة من كتاب الصلاة فى الجزء الثالث صفحة 85 رقم 367 (6) يحتمل أن الله عز وجل أعلمه بخرابها بطريق الوحي ولذلك كبر وقال إنا إذا نزلنا بساحة قوم الخ (6) حكى الواقدى أن أهل خيبر سمعوا بقصد النبى صلى الله عليه وسلم لهم فكانوا يخرجون فى كل يوم مسلحين مستعدين فلا يرون أحداً حتى إذا كانت الليلة التى قدم فيها المسلمون ناموا فلم يتحرك لهم دابة ولم يصح لهم ديك وخرجوا بالمساحى وطالبين مزارعهم فوجدوا المسلمين (قلت) وهذا معنى قوله هنا وقد خرج القوم إلى أعمالهم (7) هو ابن صهيب الراوي عن أنس

-[قصة زواج النبى صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيى سيد بنى قريظة والنضير وصفة وليمتها]- فاصبناها عنوة (1) فجمع السبى قال فجاء دحية فقال يا نبى الله أعطنى جارية من السبى، قال اذهب فخذ جارية، قال فاخذ صفية بنت حيى فجاء رجل إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعطيت دحية صفية بنت حييى سيدة قريظة والنضير؟ والله ما تصلح إلا لك (2) فقال صلى الله عليه وآله وسلم أدعوه بها، فجاء بها فلما نظر إليها النبى صلى الله عليه وسلم قال خذ جارية من السبى غيرها (3) ثم إن نبى الله صلى الله عليه وسلم أعتقها فتزوجها فقال له ثابت (4) يا أبا حمزة ما أصدقها؟ (5) قال نفسها أعتقها وتزوجها حتى إذا كان بالطريق جهزتها أم سليم فاهدتها له من الليل وأصبح النبى صلى الله عليه وسلم عروساً فقال من كان عنده شئ فليجئ به وبسط نطعا (6) فجعل الرجل يجيء بالأقط وجعل الرجل يجيء بالتمر وجعل الرجل يجيء بالسمن قال واحسبه قد ذكر السويق قال فحاسوا (7) حيساً وكانت وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (وقال بعض أصحابنا) قال الحافظ أى أنه لم يسمع من أنس هذه اللفظة (يعنى الخميس) بل سمع منه فقالوا محمد: وسمع من بعض أصحابه عنه والخميس، قال وبعض أصحاب عبد العزيز يحتمل أن يكون محمد بن سيرين فقد أخرجه البخارى من طريقه أو ثابتاً البناتى فقد أخرجه مسلم من طريقه اهـ (قلت) قد فسر لفظ الخميس عند البخارى بالجيش (قال الحافظ) تفسير من عبد العزيز أو ممن دونه وأرجها عبد الوارث فى روايته أيضاً، وسمى الجيش خميساً لأنه خمسة أقسام مقدمة، وساقة، وقلب، وجناحان وقد كان أهل الجاهلية يسمون الجيش خميساً (1) بفتح المهملة أى قهراً (2) أى لأنها من بيت النبوة من ولد هارون أخى موسى عليهما السلام، والرياسة لأنها من بيت سيد قريظة والنضير مع الجمال العظيم والنبى صلى الله عليه وسلم أكمل الخلق (بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام) فى هذه الأوصاف بل فى سائر الأخلاق الحميدة (3) ارتجعها النبى صلى الله عليه وسلم منه وأمره بأخذ غيرها لأنه إنما كان أذن له فى جارية من حشو السبى لا من أفضلهن، فلما رآه أخذ أنفسهن نسباً رشوفاً وجمالاً استرجعها لئلا يتميز دحية بها على سائر الجيش مع أن فيهم من هو أفضل منه، وأيضاً لما فيه من انتهاكها مع علو مرتبتها وربما ترتب على ذلك شقاق أو غيره مما لا يخفى، فكان اصطفاؤه لها قاطعاً لهذه المفاسد، وروى أن النبى صلى الله عليه وسلم أعطى دحية أخت كنانة بن الربيع بن أبى الحقيق زوج صفية أى تطيبنا لخاطره (وفي سيرة ابن سيد الناس) أنه أعطاه ابنتى عم صفية (4) ثابت هو البنانى وأبو حمزة هو أنس بن مالك كتبته أبو حمزة (5) معناه ما مقدار ما أعطاها من الصداق قال أنس أصدقها (نفسها أعتقها) بلا عوض (وتزوجها) بلا مهر، أو أعتقها وشرط أن ينكحها فلزمها الوفاء. أو جعل نفس العتق صداقها، وكلها من خصائصه صلى الله عليه وسلم وأخذ الإمام احمد والحسن وابن المسيب وغيرهم بظاهره فجوزوا ذلك لغيره أيضاً (6) بكسر النون وفتح الطاء المهملة على الأفصح وهو بساط يتخذ من الأديم أى الجلد (7) أى خلطوا واتخذوا (حيساً) بفتح الحاء والسين المهملتين بينهما مثناة تحتية ساكنة وهو الطعام المتخذ من التمر والأقط والسمن وربما عوض بالدقيق عن الأقط، وسيأتى لذلك مزيد فى بابها من أبواب ذكر أزواجه الطاهرات فى القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى (تخريجه) (ق، وغيرهما)

-[استشهاد عامر الأكوع وما قاله عامر ومرحب اليهودى من الشعر]- (باب ما جاء فى مقتل مرحب اليهودى بطل يهود ومن قتله وفيه معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم) (ومنقبة عظيمة للامام على بن أبى طالب رضى الله عنه وكرم الله وجهه) (حدثنا أبو النضر) (1) قال ثنا عكرمة قال حدثنى إياس بن سلمة قال أخبرنى أبى (2) قال بارز عمى يوم خيبر مرحب اليهودى فقال مرحب (3) قد علمت خيبر أنى مرحب ... شاكى (4) السلاح بطل مجرب (5) إذا الحروب أقبلت تلهب فقال عمى عامر قد علمت خيبر أنى عامر شاكى السلاح بطل مغامر (6) فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب فى ترس عامر وذهب يسفل له (7) فرجع السيف على ساقه قطع اكحله (8) فكانت فيها نفسه (9) قال سلمة فجئت إلى نبى الله صلى الله عليه وسلم أبكى قلت يا رسول الله بطل عمل عامر، قال من قال ذاك؟ قلت ناس من أصحابك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذب من قال ذاك بل له أجره مرتين (10) أنه حين خرج إلى خيبر جعل يرتجز بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وفيهم النبى صلى الله عليه وسلم يسوق الركاب (11) وهو يقول تا الله لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا إن الذين قد بغرا علينا ... إذا أرادوا فتنة أبينا ونحن عن فضلك ما استغنينا ... فثبت الأقدام إن لاقينا وأنزلن سكينة علينا

_ (باب) (1) (حدثنا أبو النضر الخ) (غريبه) (2) أبوه سلمة بن الأكوع وعمه عامر بن الأكوع رضى الله عنهما (3) بفتح الميم وسكون الراء وفتح الحاء المهملة هو سيد اليهود وملكهم كما جاء فى رواية لمسلم قتل كافراً، ولفظ رواية مسلم خرج ملكهم مرحب يخطر بسيفه ويقول قد علمت خيبر. الخ، (4) أى تام السلاح من الشوكة وهى القوة، والشوكة أيضاً السلاح، ومنه قوله تعالى {وتودون أن غير ذات الشوكة تكون لكم} (5) هو بفتح الراء أى مجرب بالشجاعة وقهر الفرسان، والبطل الشجاع، يقال بطل الرجل بضم الطاء يبطل بطالة وبطولة أى صار شجاعاً (6) بالغين المعجمة أى يركب غمرات الحرب وشدائدها ويلقى نفسه فيها (7) أى يضربه من أسفله هو بفتح الياء التحتية وسكون المهملة وضم الفاء (8) عرق فى وسط الذراع والساق (9) أى مات منها (10) إلى هنا انتهى كلام النبى صلى الله عليه وسلم وقوله أنه حين خرج إلى خيبر جعل يرتجز بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ من كلام سلمة كما جاء عند مسلم فى رواية سلمة قال فوالله ما لبثنا إلا ثلاث ليال (يعنى بعد ذى قرد) حتى خرجنا إلى خيبر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فجعل عمى عامر يرتجز بالقوم، تالله لولا الله ما اهتدينا الخ (11) أى يسوق عامر الركاب أى يحدوا بالابل فهو يسوقهن بحداثه، وسواق الإبل

-[إعطاء الراية لعلى بن أبى طالب رضى الله عنه وقتله مرحب اليهودى ومعجزة النبى صلى الله عليه وسلم]- فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من هذا؟ قال عامر (1) يا رسول الله، قال غفر لك ربك قال وما استغفر لانسان قط يخصه إلا استشهد فلما سمع ذلك عمر بن الخطاب قال يا رسول الله لو متعتنا بعامر، فقدم فاستشهد: قال سلمة ثم أن نبى الله صلى الله عليه وسلم أرسلنى إلى على (رضى الله عنه) فقال لأعطين الراية اليوم رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، قال فجئت به أقوده أرمد (2) فبصق نبى الله صلى الله عليه وآله وسلم فى عينه فبرأ، ثم أعطاه الراية فخرج مرحب يخطر بسيفه فقال. (قد علمت خيبر أنى مرحب شاكى السلاح بطل مجرب إذا الحروب أقبلت تلهب) فقال على بن أبى طالب كرم الله وجهه ورضى الله عنه. (أنا الذى سمتنى أمى حيدرة (3) كليث غابات كريه المنظرة أو فيهم بالصاع كيل (4) السندرة) ففلق رأس مرحب بالسيف وكان الفتح على يديه (عن بريدة الأسلمى) (5) قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بحصن أهل خيبر أعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم اللواء عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ونهض معه من نهض من المسلمين فلقوا أهل خيبر (6) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين اللواء غداً رجلاً يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، فلما كان الغد دعا عليا وهو أرمد فتفل فى عينه وأعطاه اللواء ونهض الناس معه فلقى أهل خيبر وإذا مرحب يرتجز بين أيديهم وهو يقول لقد علمت خيبر انى مرحب ... شاكى السلاح بطل مجرب أطغن أحياناً وحيناً أضرب ... إذا الليوث أقبلت تلهب

_ يقدمها (نه) (1) في رواية مسلم قال أنا عامر (2) قال أهل اللغة يقال رمد الإنسان بكسر الميم برمد بفتحها رمداً فهو رمد، وأرمد إذا هاجت عينه (3) حيدرة اسم للأسد وكان على رضى عنه قد سمى أسداً فى أول ولادته وكان مرحب قد رأى فى المنام أن أسداً يقتله فذكره على رضى الله عنه بذلك ليخيفه ويضعف نفسه، وكانت أم علىّ سمته أول ولادته أسداً باسم جده لأمه أسد بن هشام بن عبد مناف، وكان أبو طالب غائباً فلما قدم سماه علياً، وسمى الأسد حيدرة لغلظه: والحادر الغليظ القوى، ومراده أنا الأسد على جرأته وإقدامه وقوته، قاله النووى (4) قال النووى معناه أقتل الأعداء قتلاً واسعاً ذريعاً (والسندرة) مكيال واسع، وقيل هي العجلة أي أقتلهم عاجلاً، وقيل مأخوذ من السندرة وهي شجرة الصنوبر يعمل منها النبل والقسى (تخريجه) (ق، هق) (5) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر وروح المعنى قالا ثنا عوف عن ميمون أبى عبد الله قال روح الكردى عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة الأسلمى قال لما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) جاء عند ابن إسحاق من حديث سلمة بن الأكوع قال بعث النبى صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضى الله عنه إلى بعض حصون خيبر فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح وقد جهد، ثم بعث عمر رضى الله عنه فقاتل ثم رجع ولم يكن فتح، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية غداً رجلاً يحب الله ورسوله الخ: وعند البيهقي

-[شجاعة الإمام على رضى الله عنه فى الحرب وأن فتح خيبر كان على يديه]- قال فاختلف هو وعلى ضربتين فضربه على هامته حتى عض السيف منها بأضراسه وسمع أهل العسكر صوت ضربته قال وما تتامّ آخر الناس مع على حتى فتح له ولهم (عن أبى رافع) (1) مولى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال خرجنا مع علىّ حين بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم برايته فلما دنا من الحصن خرج إليه أهله فقاتلهم فضربه رجل من يهود فطرح ترسه من يده فتناول علىّ باباً كان عند الحصن فترس به نفسه فلم يزل فى يده وهو يقاتل حتى فتح الله عليه ثم ألقاه من يده حين فرغ، فلقد رأيتنى فى فر معى سبعة أنا ثامنهم نجهد على أن نقلب ذلك الباب فما نقلبه (عن على) (2) قال لما قتلت مرحباً جئت برأسه إلى النبى صلى الله عليه وسلم (عن جابر بن عبد الله الأنصارى) (3) قال خرج مرحب اليهودى من حسنهم قد جمع سلاحه يرتجز ويقول قد علمت خيبر أنى مرحب ... شاكى السلاح بطل مجرب اطعن أحياناً وحيناً اضرب ... إذا الليوث أقبلت تلهّب كان حلمى لحمىً لا يقرب وهو يقول من مبارز؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من لهذا؟ فقال محمد بن مسلمة أنه له يا رسول الله وأنا والله المأثور قتلوا أخى بالأمس (4) قال فقم إليه اللهم أعنه عليه فلما دنا أحدهما من صاحبه دخلت بينهما شجرة عمرية (5) من شجر العشر فجعل أحدهما يلوذ بها

_ من حديث بريدة قال لم كان يوم خيبر أخذ اللواء أبو بكر فرجع ولم يفتح له وقتل محمود بن مسلمة ورجع الناس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأعطين الراية غداً إلى رجل يحب الله ورسوله الحديث (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار وفيه ميمون أبو عبد الله وثقه ابن حبان وضعفه جماعة، وبقية رجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبى عن محمد بن إسحاق قال حدثنى عبد الله بن حسن عن بعض أهله عن أبى رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه روا لم يسم اهـ (قلت) وأورده أيضاً الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال فى هذا الخبر جهالة وانقطاع وذكر له شاهداً عند البيهقى والحاكم من حديث جابر وضعفه (2) (سنده) حدثنا حسين بن الحسن الأشقر حدثنى ابن قابوس بن أبى ظبيان الجنبيّ عن أبيه عن جده عن على (يعنى ابن أبى طالب رضى الله عنه) الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه ابن قابوس ولم أعرفه وبقية رحاله وثقوا وفيهم ضعف اهـ (قلت) ابن قابوس مجهول كما أشار إلى ذلك الحافظ الهيثمى وقوله وثقوا وفيهم ضعف يشير إلى قابوس فقد قال فيه ابن حبان كان رديئ الحفظ ينفرد عن أبيه بما لا أضل له وضعفه أحمد وابن سعد والدارقطنى، ووثقه ابن معين والله أعلم (3) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن إسحاق قال فحدثنى عبد الله بن سهل بن عبد الرحمن بن سهل أخو بنى حارثة عن جابر بن عبد الله الأنصارى الخ (غريبه) (4) يعنى محمود بن مسلمة وتقدم الكلام عليه فى شرح حديث بريدة قبل حديثين (5) بضم العين المهملة وسكون الميم وتشديد الياء التحتية، قال فى النهاية هى العظيمة القديمة التي أتى عليها عمر طويل

-[ذهاب الحجاج بن علاط إلى مكة ليأتى بماله بعد فتح خيبر]- من صاحبه كلما لاذ بها منه اقتطع بسيفه ما دونه حتى برز كل واحد منهما لصاحبه وصارت بينهما كالرجل القائم ما فيها فنن (1) ثم حمل مرحب على محمد فضربه فاتقى بالدرقة فوقع سيفه فيها فعضت به فأمسكته وضربه محمد بن مسلمة حتى قتله (عن عبد الله بن مغفل) (2) قال كنا محاصرين قصر خيبر فألقى إلينا رجل جراباً (3) فيه شحم فذهبت آخذه فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم فاستحييت (4) (باب ما جاء فى ذهاب الحجاج بن علاط رضى الله عنه إلى مكة ليأتى بماله بعد فتح خيبر واحتياله فى ذلك على كفار قريش) (حدثنا عبد الرزاق) (5) ثنا معمر قال سمعت ثابتاً يحدث عن أنس (6) قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر قال الحجاج بن علاط (7)

_ ويقال للسدر العظيم النابت على الأنهار عمرىّ وعبرى على التعاقب (وقوله من شجر العشر) بضم العين المهملة وفتح الشين المعجمة هو شجر له صمغ يقال له سكر العشر وقيل له ثمر (نه) (1) بفتح الفاء والنون أى غصن (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد وأبى يعلى ورجال احمد وثقات اهـ (قلت) وهذا الحديث يفيد أن الذى قتل مرحباً هو محمد بن مسلمة، وأحاديث الباب المتقدمة تفيد أن الذى قتله هو علىّ رضى الله عنه، وأورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزا، لابن اسحاق والامام احمد ثم قال قال ابن اسحاق وزعم بعض الناس أن محمداً ارتجز حين ضربه وقال قد علمت خيبر انى ماض ... حلو إذا شئت وسيم قاض قال وهكذا رواه البيهقى عن جابر وغيره من السلف أن محمد بن مسلمة هو الذى قتل مرحباً، ثم ذكر الواقدى أن محمداً قطع رجلى مرحب فقال له اجهز علىّ فقال لا، ذق الموت كما ذاقه محمود بن مسلمة فمر به علىُّ وقطع رأسه، فاختصما فى سلبه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطى رسول الله صلى الله عليه وسلم محمد بن مسلمة سيفه وريحه ومغفره وبيضته، وكان مكتوباً على سيفه. هذا سيف مرحب. من يذقه يعطب. اهـ (قلت) (قال النووى) فى تهذيب الأسماء واللغات اختلفوا فى قاتل مرحب فقيل على بن أبى طالب: قال ابن عبد البر فى كتابه الدرر فى مختصر السيرة قال محمد بن إسحاق إن محمد بن مسلمه هو الذى قتل مرحباً اليهودى بخيبر، قال وخالفه غيره فقال بل قتله على بن أبى طالب (قال ابن عبد البر) هذا هو الصحيح عندنا، ثم روى ذلك بإسناده عن بريدة وسلمة بن الأكوع، (وقال الشافعى) فى المختصر نفل النبى صلى الله عليه وسلم يوم خيبر محمد بن مسلمة سلب مرحب ذكره فى أول باب جامع السير، وهذا تصريح منه بأن قاتله محمد بن مسلمة، (وقال ابن الأثير) الصحيح الذى عليه أكثر أهل السير والحديث أن علياً هو قاتله، قال المصنف رحمه الله قلت وفى صحيح مسلم بإسناده عن مسلمة بن الأكوع التصريح بأن علياً هو الذى قتله اهـ ما ذكره النووى فى التهذيب (قلت) ويجمع بين حديث الباب وحديث سلمة بن الأكوع بما ذكره الوافدى من أن محمد بن مسلمة قطع رجليه وأن علياً أجهزة عليه والله أعلم (2) (سنده) حدثنا عثمان ثنا شعبة عن حميد بن هلال عن عبد الله بن مغفل الخ (غريبه) (3) بكسر الجيم وعاء من جلد (4) أى استحيا من النبى صلى الله عليه وسلم لكونه اطلع على حرصه عليه لأنه جاء عند البخارى بلفظ فنزوت لأخذه أى وثبت مسرعاً (تخريجه) (ق دنس) (باب) (5) (حدثنا عبد الرزاق الخ) (غريبه) (9) يعنى أنس بن مالك رضى الله عنه (7) قال الحافظ فى الاصابة بكسر المهملة وتخفيف اللام قال ابن سعد قدم على النبى صلى الله عليه وسلم وهو بخيبر

-[احتيال الحجاج بن علاط على كفار قريش لأخذ ماله وقصته مع العباس بن عبد المطلب]- يا رسول الله إن لى بمكة مالاً وإن لى بها أهلاً وإنى أريد أن آتيهم فأنا فى حل إن أنا نلت منك أو قلت شيئأً؟ (1) فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول ما شاء: فأتى امرأته حين قدم فقال أجمعى لى ما كان عندك فإنى أريد أن أشترى من غنائم محمد صلى الله عليه وسلم وأصحابه فإنهم قد استبيحوا أو أصيبت أموالهم، قال ففشا ذلك فى مكة وانقمع (2) المسلمون وأظهر المشركون فرحاً وسروراً قال وبلغ الخبر العباس (رضى الله عنه) فعُقِر (3) وجعل لا يستطيع أن يقوم، قال معمر فأخبرنى عثمان الجزرى عن مقسم قال فأخذ ابناً له يقال له فثم (4) فاستلقى فوضعه على صدره وهو يقول حيى فثم (5) حيى قثم، شبيه ذى الأنف الأشم، (6) نبنى ذى النعم، (7) يرغم من رغم (8) قال ثابت عن الحجاج عن أنس ثم أرسل غلاماً إلى الحجاج بن علاط ويلك ما جئت به وماذا تقول فما وعد الله خير مما جئت به (9) قال الحجاج بن علاط لغلامه اقرأ على أبى الفضل السلام وقل له فليخل لى فى بعض بيوته لآتيه فإن الخبر على ما يسره، فجاء غلامه فلما بلغ باب الدار قال ابشر يا أبا الفضل قال قوثب العباس فرحاً حتى قبل بين عينيه فأخبره ما قال الحجاج فأعتقه، ثم جاء الحجاج فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد افتتح خيبر وغنم أموالهم وجرت سهام الله عز وجل فى أموالهم واصطفى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم صفية بنت حيي فأخذها لنفسه وخيرها أن يعتقها وتكون زوجته أوتلحق بأهلها فاختارت أن يعتقها وتكون زوجته، ولكنى جئت لمال كان لى ههنا أردت أن اجمعه فأذهب به فاستأذنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لى أن أقول ما شئت فأخف عنى ثلاثاً ثم اذكر ما بدالك، قال فجمعت امرأته ما كان عندها من حلى ومتاع فجمعه فدفعته اليه ثم شمر به (10) فلما كان بعد ثلاث أتى العباس امرأ ة الحجاج فقال ما فعل زوجك؟

_ فأسلم وسكن المدينة واختطبها داراً ومسجداً، وأورد له الحافظ حديث الباب، وذكر موسى بن عقبة عن ابن شهاب أنه أول من بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم: صدقة من معدن بنى سليم، وروى من طريق مجاهد عن الشعبى قل كتب عمر إلى أهل الشام أن ابعثوا إلىّ برجل من أشرافكم، فبعثوا اليه الحجاج بن علاط، وقال بن حبان أنه مات فى أول خلافة عمر رضى الله عنهما (1) معناه أو قلت شيئاً لكفار قريش يشعر بانكسار جيش المسلمين، ونحو ذلك مما يفرح به كفار قريش (2) أى ذلوا وكأنهم ضربوا بالمقمعة وهى خشبة يضرب بها الانسان على رأسه ليذل ويهان (3) أى كأنه ضربت قوائمه بالسيف (4) بضم القاف وفتح المثلثة (5) أى هلم الىّ وأقبل يا فثم (قال النووى) فى تهذيب الأسماء واللغات فثم بن العباس بن عبد المطلب الهاشمى ابن عم النبى صلى الله عليه وسلم أمه أم الفضل وهو صحابى وقد غلط بعضهم فذكره فى التابعين والصواب انه صحابى (6) معناه انه يشبه النبى صلى الله عليه وسلم، والشمم ارتفاع الأنف وهو مصدر من باب تعب فالرجل أشم والمرأة شماء وهو من الصفات المحمودة (7) أى نبى الله عز وجل المنعم على خلقه (8) أى يذل الله به من أراد ذله وينصره على أعدائه (9) معناه أن الله عز وجل وعده بالنصر على أعدائه فقال {وينصرك الله نصراً عزيزاً} فكيف تقول ذلك (10) بفتح الشين المعجمة ثم ميم مشددة مفتوحة ثم راء أى مضى به (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم عل بزطب) ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه أيضاً عبد الرزاق وابن اسحاق

-[خبر الشاة المسمومة التى أهداها اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم]- فأخبرته أنه ذهب يوم كذا وكذا وقالت لا يخزيك الله يا أبا الفضل لقد شق علينا الذى بلغك قال أجل لا يخزينى الله ولم يكن بحمد الله إلا ما أحببنا، فتح الله خيبر على رسوله صلى الله عليه وسلم وجرت فها سهام الله واصطفى رسول الله صلى الله عليه وسلم صفية بنت حيي لنفسه، فإن كانت لك حاجة فى زوجك فألحقى به، قالت أظنك والله صادقاً قال فإنى صادق: الأمر على ما أخبرتك، فذهب حتى أتى مجالس قريش وهم يقولون إذا مر بهم لا يصيبك إلا خير يا أبا الفضل، قال لهم لم يصبنى الأخير بحمد الله، قد أخبرنى الحجاج بن علاط أن خيبر قد فتحها الله على رسوله وجرت فيها سهام الله، واصطفى صفية لنفسه، وقد سألنى أن أخفى عليه ثلاثاً، وإنما جاء ليأخذ ماله وما كان له من شيء هاهنا ثم يذهب: قال فرد الله الكآبة التي كانت بالمسلمين على المشركين وخرج المسلمون ومن كان دخل بيته مكتئباً حتى أتوا العباس فأخبرهم الخبر فسر المسلمون ورد الله يعنى ما كان من كآبة أو غيظ أو حزن على المشركين (باب خبر الشاة المسمومة التي أهداها اليهود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأكل منها وظهور معجزة له) (عن أبى هريرة) (1) قال لما فتحت خيبر أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة فيها سم (2) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمعوا من كان ههنا من اليهود فجُمعوا له فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنى سائلكم عن شيء فهل أنتم صادقىّ عنه؟ قالوا نعم يا أبا القاسم، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبوكم؟ قالوا أبونا فلان، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبتم أبوكم فلان (3) قالوا صدقت وبررت، قال لهم هل أنتم صادقىّ عن شئ سألتكم عنه؟ قالوا نعم يا أبا القاسم وإن كذبناك عرفت كذبنا كما عرفته في أبينا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهل النار؟ قالوا نكون فيها يسيراً ثم تخلفوننا فيها، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نخلفكم فيها أبداً (4) ثم قال لهم هل أنتم صادقىّ عن شئ سألتكم عنه؟

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا حجاج بن محمد قال أنا ليث قال حدثنى سعيد بن أبى سعيد عن أبيه عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) أهدتها له زينب بنت الحارث اليهودية امرأة سلام بن مشكم وكانت سألت أى عضو من الشاة أحب إليه؟ فقيل الذراع: فأكثرت فيها من السم، فلما تناول الذراع لاك منها مضغة ولم يسغها، وأكل منها معه بشر بن البراء فأساغ لقمة ومات منها، وعند البيهقى أنه عليه السلام أكل وقال لأصحابه أمسكوا فإنها مسمومة (3) لم أقف لأحد من الشراح على ذكر اسم أبيهم (4) جاء عند البخارى فقال النبى صلى الله عليه وسلم أخسئوا فيها أى زجراً لهم بالطرد والابعاد أو دعاء عليهم بذلك، ويقال لطرد الكلب اخساً (لا تخلفكم فيها أبداً) معناه أن عصاة المسلمين يعذبون فى النار بقدر أعمالهم ثم يخرجون منها بخلاف غير المسلمين فانهم يخلدون فيها أبداً (تخريجه) (ق د نس) وقد اختلف هل عاقب النبى صلى الله عليه وسلم اليهودية التى أهدت الشاة، وجاء عند مسلم أنهم قالوا ألا نقتلها؟ قال لا وعند البيهقى فما عرض لها، وقال الزهرى أسلمت فتركها، قال البيهقى يحتمل أن يكون تركها أولاً ثم لما مات بشر بن البراء من الأكلة قتلها وبذلك أجاب السهيلى وزاد أنه تركها لأنه كان لا ينتقم لنفسه ثم قتلها ببشر

-[إجلاء من بقي من اليهود بالمدينة وإبقائهم بخيبر بعد فتحها مؤقتاً للمصلحة]- فقالوا نعم يا أبا القاسم، فقال هل جعلتم فى هذه الشاة سماً؟ قالوا نعم، قال فما حملكم على ذلك؟ قالوا أردنا إن كنت كاذباً نستريح منك، وإن كنت نبياً لم تضرك (عن ابن عباس) (1) أن امرأة من اليهود (2) أهدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مسمومة فأرسل إليها فقال ما حملك على ما صنعت؟ قالت أحببت أو أردت إن كنت نبياً فإن الله سيطلعك عليه، وإن لم تكن نبياً أريح الناس منك قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا وجد من ذلك شيئاً احتجم، قال فسافر مرة فلما أحرم وجد من ذلك فاحتجم (باب إجلاء من بقى من اليهود بالمدينة وإبقائهم بخيبر بعد فتحها مؤقتاً للمصلحة) (عن أبى هريرة) (3) قال بينما نحن فى المسجد خرج إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انطلقوا إلى يهود، فخرجنا معه حتى جئنا المدارس (4) فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فناداهم يا معشر اليهود (5) أسلموا تسلموا (6) فقالوا قد بلغت يا أبا القاسم قال ذاك أريد (7) ثم قالها الثالثة فقال اعلموا أن الأرض لله (8) ورسوله وأنى أريد أن أجليكم (9) من هذه الأرض، فمن وجد منكم بماله شيئاً فليبعه (10) وإلا فاعلموا أن الأرض لله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم (عن ابن عمر) (11) أن عمر بن الخطاب أجلى اليهود والنصارى عن أرض الحجاز وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما ظهر على خيبر أراد إخراج اليهود منها، وكانت الأرض حين ظهر عليها لله تعالى ولرسوله وللمسلمين: فأراد إخراج اليهود منها فسألت اليهود رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرهم بها على

_ قصاصاً والله أعلم (1) (سنده) حدثنا سريج حدثنا عباد عن هلال عن عكرمة عن ابن عباس الخ (2) تقدم الكلام عليها فى شرح الحديث السابق (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير هلال بن خباب وهو ثقه، وأورده أيضاً الحافظ ابن كثير فى تاريخه وقال تفرد به أحمد وإسناده حسن (باب) (3) (سنده) حدثنا حجاج ابن محمد قال أنا ليث قال حدثنى سعيد بن أبى سعيد عن أبيه عن أبى هريرة الخ (غريبه) (4) البيت الذى يدرسون فيه، والمدارس أيضاً صاحب دراسة كتبهم، ومفعل ومفعال من أبنية المبالغة (5) قال فى المرقاة إن الخطاب لمن بقى فى المدينة ومن حولها بعد إخراج بنى النضير وقتل بنى قريظة كيهود بنى قينقاع فان اجلاء بنى النضير كان فى السنة الرابعة من الهجرة وقتل بنى قريظة فى خامستها وإسلام أبى هريرة رضى الله عنه فى السنة السابعة فيكون ما ذكره بعد ذلك بستين اهـ (قلت) وهو موافق لفتح خيبر (6) هذا من جوامع كلمه صلى الله عليه وسلم ولكن ملاعين اليهود إنما فهموا منه الدعاء إلى الإسلام وكرهوه فقالوا فى جوابه (قد بلغت) أى ما عليك من البلاغ فلا حاجة لنا فى الزيادة منه وما فهموا أن مراد النبى صلى الله عليه وسلم هذه المرة إما الإسلام وإما الإجلاء حتى سمعوا ذلك منه صريحاً (7) قال النووى معناه أريد أن تعترفوا أنى بلغت (8) لله يعنى ملكه (ورسوله) يعنى هو الحاكم فيها (9) أى أخرجكم من هذه الأرض وهى أرض الحجاز كما صرح بذلك فى الحديث التالى (10) معناه أن من وجد منكم (بماله) أى فى ماله شيئاً لا يتيسر له نقله (فليبعه) (تخريجه) (ق. وغيرهما) (11) (عن ابن عمر) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخرجه فى أول كتاب المساقاة والمزارعة فى الجزء الخامس عشر

-[ما جاء في تقسيم أموال خيبر وأرضها بينهم وبين المسلمين]- أن يكفوا عملها ولهم نصف الثمر، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم نقركم بها على ذلك ما شئنا، فقروا بها حتى أجلاهم عمر (رضى الله عنه) إلى تيماء وأريحاء (باب ما جاء فى تقسيم أموال خيبر وأرضها بينهم وبين المسلمين) (عن جابر بن عبد الله) (1) أنه قال أفاه الله عز وجل خيبر على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كما كانوا (2) وجعلها بينه وبينهم، فبعث عبد الله بن رواحة فخرصها عليهم (3) ثم قال لهم يا معشر اليهود أنتم أبغض الخلق إلىّ قتلتم أنبياء الله (4) عز وجل وكذبتم على الله وليس يحملنى بغضى إياكم على أن أحيف عليكم (5) قد خرصت عشرين ألف وسق من تمر فإن شئتم فلكم وإن أبيتم فلى، فقالوا بهذا قامت السموات والأرض (6) قد أخذنا فاخرجوا عنا (عن بُشير بن يسار) (7) عن رجال من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أدركهم يذكرون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ظهر على خيبر وصارت خيبر لرسول اله صلى الله عليه وسلم والمسلمين ضعف عن عملها فدفعوها إلى اليهود يقومون عليها وينفقون عليها على أن لهم نصف ما خرج منها فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ستة وثلاثين سهماً جمع كل سهم مائة سهم فجعل نصف ذلك كله للمسلمين، وكان فى ذلك النصف سهام المسلمين وسهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معها وجعل النصف الآخر لمن ينزل عليه من الوفود والأمور ونوائب الناس (عن محمد بن أبى المجالد) (8) قال بعثنى أهل المسجد الى ابن أبى أوفى (9) أسأله ما صنع النبى صلى الله عليه وسلم فى طعام خيبر فأتيته فسألته عن ذلك، قال وقلت هل خمسة؟ قال لا، كان أقل من ذلك، وكان أحدنا إذا أراد منه شيئاً أخذ منه حاجته (باب تقسيم غنيمة خيبر وأنها كانت لأهل الحديبية خاصة)

_ صفحة 14 رقم 365 وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (باب) (1) سنده حدثنا محمد بن سابق ثنا إبراهيم بن طهمان عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (2) إنما أقرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أرضهم مؤقتاً وجعلها بينهم وبينه مناصفة فى نظير إنفاقهم عليها وإصلاحها لكونه لم يجد من المسلمين إذ ذاك من يقوم بإصلاحها كما سيأتى فى الحديث التالى (3) الخرص هو تقدير ما على رموس النخل من الثمر بعد بدء صلاحه بالظن والتخمين (4) أما قتلهم الأنبياء فهو ثابت فى قوله تعالى {وتقتلون الأنبياء بغير حق} وأما كذبهم فقد جاء فى قوله تعالى {وقالت اليهود يد الله مغلولة} وفى قوله تعالى {لقد كفر الذين قالوا إن الله فقير ونحن أغنياء} وغير ذلك كثير (5) معناه أن هذا لا يحملنى على أن أجور عليكم فى القسمة فاختاروا ما شئتم (6) أى بالعدل وهذا اعتراف منهم بأنه قسم بالحق ولم يجر عليهم، قاتلهم الله أنى يؤفكون (تخريجه) لم أقف عليه من حديث جابر لغير الامام أحمد وأورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح (7) (عن بشير بن يسار الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الحربى إذا أسلم قبل القدرة عليه الخ من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر صحيفة 114 رقم 319 فارجع إليه (8) (سنده) حدثنا هشيم أنا الشيبانى عن محمد بن أبى المجالد الخ (غريبه) (9) هو عبد الله بن أبى أوفى صحابى جليل (تخريجه) (د) وسنده جيد وسكت عنه أبو داود والمنذرى فهو صالح (باب تقسيم غنيمة خيبر وأنها كانت لأهل الحديبية خاصة)

-[تقسيم غنيمة خيبر وانها كانت لأهل الحديبية خاصة]- (عن مجمع بن جارية) (1) الأنصارى رضى الله عنه وكان أحد القراء الذين قرءوا القرآن قال شهدنا الحديبية فلما انصرفنا عنها إذ الناس ينفرون الأباعر (2) فقال الناس بعضهم لبعض ما للناس؟ قالوا أحوى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجنا مع الناس نوجف (3) حتى وجدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على راحلته عند كراع الغميم (4) واجتمع الناس إليه فقرأ عليهم {أنا فتحنا لك فتحاً مبيناً} فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أي رسول الله وفتح هو؟ قال إي والذي نفس محمد بيده انه لفتح (5) فقسمت خيبر على أهل الحديبية لم يدخل معهم فيها أحد الا من شهد الحديبية فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم على ثمانية عشر سهماً وكان الجيش ألفاً وخمسمائة فيهم ثلاثمائة فوارس فأعطى الفارس سهمين وأعطى الراجل سهماً (عن عمار بن أبي عمار) (6) قال قال أبو هريرة ما شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مغنماً قط الا قسم لى الا خيبر فانها كانت لأهل الحديبية خاصة: وكان أبو هريرة وابو موسى جا آبين الحديبية وخيبر (باب ما جاء في قدوم أبى هريرة في رهط من قومه وقدوم أبى موسى الأشعرى ومن معه من مهاجرى الحبشة والنبى صلى الله عليه وسلم بخيبر) (عغن خثيم يعنى ابن عراك عن أبيه) (7) أن أبا هريرة قدم المدينة فى رهط من قومه والنبى صلى الله عليهوسلم بخيبر وقد استخلف سباع بن عرفطة على المدينة قال فانتهيت اليه وهو يقرأ فى صلاة الصبح في الركعة الاولى بكهيعص وفى الثانية ويل للمطفيين، قال فقلت لنفسى ويل لفلان اذا اكتال اكتال بالوافى، واذا كال كال بالناقص، قال فلما صلى زودنا شيئاً حتى أتينا خيبر قال فكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين فأشركونا في سهامهم (8) (عن أبي موسى الأشعري) (9)

_ (1) (سنده) حدثنا اسحاق بن عيسى قال ثنا مجمع بن يعقوب قال سمعت أبى يقول عن عمه عبد الرحمن بن يزيد عن عمه مُجمع بن جارية الخ (غريبه) (2) أى يزجرونها والأباعر جمع بعير أى يحملونها على سرعة السير (3) الايجاف الركض والاسراع (4) بضم الكاف اسم موضع بين مكة والمدينة (5) اختلف في تعيين هذا الفتح: فقال الأكثر هو صلح الحديبية كما يدل على ذلك سياق الحديث، وقال قوم انه فتح، مكة وقال آخرون انه فتح خيبر والأول أرجح، انظر تفسير قوله تعالى {انا فتحنا لك فتحاً مبيناً} من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صحيفة 275 (وقوله فقسمت خيبر على اهل الحديبية الى آخر الحديث) تقدم شرحه وتخريجه والكلام عليه في باب تقسيم أربعة أخماس الغنيمة الخ من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صفحة 70 رقم 246 (6) (سنده) حدثنا روح ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن عمار بن أبى عمار الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد وفيه على بن زيد وهو سيء الحفظ وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) ورواه أيضاً أبو داود الطيالسي وفى اسناده على بن زيد أيضاً (باب) (7) سنده حدثنا عفان حدثنا وهيب ثنا خثيم يعنى ابن عراك الخ (قلت) خثيم بالخاء المعجمة والثاء المثلثة مصغراً (غريبه) (8) يستفاد منه أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يسهم لأبى هريرة ورهطه عن غنيمة خيبر بل أحالهم على أصحاب XXX فأشركوهم في سهامهم عن طيب خاطر لأن غنيمة خيبر كانت لأصحاب الحديبية خاصة كما تقدم (تخريجه) (هق، طل حزحب ك) وسنده جيد (9) (سنده) حدثنا إسحاق بن عيسى

-[قدوم أبي هريرة وأبى موسى الأشعري ومهاجري الحبشة والنبى صلى الله عليه وسلم بخيبر]- قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) في ناس من قومى بعدما فتح خيبر بثلاث فأسهم لنا ولم يقسم لأحد لم يشهد الفتح غيرنا (2) (عن أنس بن مالك) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل من خيبر فلما رأى أُحداً قال هذا جبل يحبنا ونحبه (4) فلما أشرف على المدينة قال اللهم انى أحرم ما بين لابنيها (5) كما حرم ابراهيم مكة (6) (باب ما جاء في سرية أبى بكر الصديق رضى الله عنه الى بنى فزارة) (عن اياس بن سلمة بن الأكوع) (7) قال حدثنى أبى قال خرجنا مع أبى بكر بن أبى قحافة أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا قال غزونا فزارة (8) فلما دنونا من الماء أمرنا أبو بكر فعرّسنا (9) قال فلما صلينا الصبح أمرنا أبو بكر فشننا الغارة (10) فقتلنا على الماء من قتلنا: قال سلمة ثم نظرت

_ ثنا حفص بن غياث عن بريد بن عبد الله بن أبى بردة عن أبيه عن جده أبى موسى الأشعرى قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) يعنى من الحبشة مع جعفر ابن أبى طالب ومن كان معه من مهاجرى الحبشة في سفينة كما جاء عند البخارى (2) جاء عند البخارى من وجه آخر عن بريد بلفظ (وما قسم لأحد غاب عن فتح خيبر منها شيئاً إلا لمن شهد معه إلا أصحاب سفينتنا مع جعفر وأصحابه قسم لهم معهم) والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم إنما قسم لأبى موسى وأصحابه وجعفر ومن معه وان لم يحضروا فتح خيبر لأنهم من السابقين في الاسلام ولم يمنعهم عن شهود فتح خيبر إلى الهجرة، ولا يرد أنه صلى الله عليه وسلم لم يقسم لأبى هريرة ورهطه بل أحالهم على المسلمين فاعطوهم عن طيب خاطر كما في الحديث السابق مع أن حضورهم وافق حضور أبى موسى ومن معه لانهم كانوا كفاراً كان إسلامهم متأخراً أى في السنة السابعة عند فتح خيبر والله أعلم (تخريجه) (خ. د مذ) (4) (سنده) حدثنا أبو سعيد ثنا سليمان يعنى ابن بلال عن عمرو بن أبى عمرو عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (4) حب الجبل للنبى صلى الله عليه وسلم يحتمل الحقيقة، ولا ينكر وصف الجماد أنه يحبه كما حنت الاسطوانة على مفارقته صلى الله عليه وسلم حتى سمع القوم حنينها، ويحتمل المجاز والمراد أهله، وأى الأنصار فهو من اسم مشتق من الأحدية وقد سمى الله تعالى هذا الجبل بهذا الاسم مقدمة لما أراده الله تعالى من مشاكلة اسمه لمعناه، إذ أهله وهم الأنصار نصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم والتوحيد، والمبعوث بدين التوحيد استقر عنده حياً وميتاً، وكان من عادته صلى الله عليه وسلم أن يستعمل الوتر ويحبه في شأنه كله استشعاراً للأحدية، فقد وافق اسم هذا الجبل أغراضه ومقاصده في الأسماء فتعلق الحب من النبي صلى الله عليه وسلم به اسماً ومسمى والله أعلم (5) بتخفيف الموحدة تثنية لابة وهي الحرّة والمدينة بين حرّتين (6) أي كتحريم ابراهيم الخليل عليه السلام مكة ومراده في الحرمة لا في وجوب الجزاء (تخريجه) (ق. وغيرهما) باب (7) (سنده) حدثنا بهز ثنا عكرمة بن عمار عن إياس بن سلمة بن الأكوع الخ (غريبه) (8) هو اسم أبى قبيلة من قحطان كما في اللقاموس سميت القبيلة به، وفي المواهب ثم سرية أبى بكر الصديق رضى الله عنه إلى بني كلاب بنجد بناحية ضرية في شعبان سنة سبع ويقال بنى فزارة قال الزرقاني في شرحه يقال إن ضرية اسم امرأة سمي به للموضع (قال في الصحاح) قرية لبنى كلاب على طريقة البصرة الى مكة أقرب اهـ (9) أى نزلنا آخر الليل لنستريح (10) جاء عند مسلم ثم عن الغارة أي فرق الخيل

-[ما جاء في سرية أبى بكر الصديق رضى الله عنه إلى بنى فزارة]- إلى عنق (1) من الناس فيه الذرية والنساء نحو الجبل وأنا أعدو في آثارهم فخشيت أن يسبقونى الى الجبل فرميت بسهم فوقع بينهم وبين الجبل، قال فجئت بهم أسوقهم الى أبى بكر رضى الله عنه حتى أتيته إلى الماء وفيهم امرأة من فزارة عليها قِشْع من أدّم (2) ومعها ابنة لها من أحسن العرب قال فنفلنى أبو بكر ابنتها قال فما كشفت لها ثوباً (3) حتى قدمت المدينة ثم بت فلم أكشف لها ثوباً قال فلقني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال لي يا سلمة هب لي المرأة، قال فقلت يا رسول الله والله لقد أعجبتني وما كشفت لها ثوباً فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتركنى حتى إذا كان في الغد لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم في السوق فقال يا سلمة هب لى المرأة لله أبوك (4) قال قلت يا رسول الله والله أعجبتنى وما كشفت لها ثوباً، وهى لك يا رسول الله، قال فبعث بها رسول الله صلى الله عليه وسلم الى اهل مكة وفي أيديهم أسارى من المسلمين ففداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتلك المرأة (5) (باب ما جاء في سرية غالب بن عبد الله رضى الله عنه لبنى الملوح بالكديد) (عن جندب بن مكيث) (6) الجهنى قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبى كلب ليث (7) إلى بنى ملوح بالكديد (8) وأمره أن يغير عليهم فخرج فكنت في سريته فمضينا حتى اذا كنا بقديد (9) لقينا بها

_ الخيل المغيرة على العدو وهجم عليهم في ديارهم وأرفع بهم (1) أى جماعة منهم (2) زاد مسلم قال القيشع النطع قال النووى القشع بقاف ثم شين معجمة ساكنة ثم عين مهملة وفي القاف لغتان فتحها وكسرها وهما مشهورتان، وفسره في الكتاب بالنطع وهو صحيح اهـ قلت وفسره المجد بالفرو الخلِق (3) هو كناية عن الوقاع وفيه استحباب الكناية عن الوقاع بما يفهمه (4) كلمة مدح تعتاد العرب الثناء بها مثل قولهم لله درك فان الإضافة إلى العظيم تشريف، فاذا وجد من الولد ما يحمد يقال لله أبوك حيث أتى بمثلك (5) قال النووى فيه جواز المفاداة وجواز فداء الرجال بالنساء الكافرات، وفيه جواز التفريق بين الام وولدها البالغ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال وقد رواه مسلم والبيهقى من حديث عكرمة بن عمار به (باب) (6) (سنده) حدثنا بعقوب قال قال أبى كما حدثنى ابن اسحاق عن يعقوب بن عتبة عن مسلم بن عبد الله بن جندب الجهنى عن جندب بن مكيث الجهنى قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) يعنى الليث قال في المواهب ثم سرية غالب بن عبد الله الليثى إلى الميفعة بناحية نجد من المدينة على ثمانية برد في شهر رمضان سنة سبع من الهجرة قال الزرقانى في شرحه على قوله (غالب بن عبد الله الليثى) قال الكنانى الكلبى كان على مقدمة النبى صلى الله عليه وسلم يوم للفتح، وله ذكر في فتح القادسية وهو الذى قتل هرمز ملك الباب وولى خراسان بزمن معاوية سنة ثمان وأربعين (الميفعة) قال الزرقانى بكسر الميم وسكون التحتية وفتح الفاء والعين المهملة فتاء تأنيث، والقياس فتح الميم لأنه اسم لموضع أحد البقاع وهو المرتفع من الأرض كما في النور أى لأنها في الأصل اسم موضع اليفع وهو الارتفاع سمى به ذلك الموضع كما هو مفاد كلامه اهـ (8) بفتح الكاف وكسر الدال المهملة ماء بين الحرمين الشريفين والبطن الواسع من الأرض والأرض الغليظة (9) بضم القاف وفتح المهملة مصغراً هو موضع بين مكة والمدينة وفي القاموس واد وموضع

-[ما جاء في سرية غالب بن عبد الله لبنى الملوح بالكديد]- الحرث بن مالك وهو ابن البرصاء الليثى فأخذناه فقال انما جئت لأسلم، فقال غالب بن عبد الله ان كنت انما جئت مسلماً فان يضرك رباط يوم وليلة، وان كنت على غير ذلك استوثقنا منك قال فأوثقه رباطاً ثم خلف عليه رجلاً أسود كان معنا فقال امكث معه حتى تمر عليك، فان نازعك فاجتز رأسه، قال ثم مضينا حتى أتينا بطن الكديد فنزلنا عشيشية بعد العصر، فبعنثنى أصحابى فى ربيئة (1) فعمدت الى تل يطعلنى على الحاضر فانبطحت عليه وذلك المغرب، فخرج رجل منهم فنظر فرآنى منبطحاً على التل فقال لامرأته والله انى لأرى على هذا التل سواداً ما رأيته أول النهار، فانظرى لا تكون الكلاب اجتزت بعض أوعيتك، قال فنظرت فقالت لا والله ما أفقد شيئاً، قال فناولينى قوسى وسهمين من كنانتى، قال فناولته فرمانى بسهم فوضعه في جنبى قال فنزعته فوضعته ولم أتحرك، ثم رمانى بآخر فوضعه في راس منكبى فنزعته فوضعته ولم أتحرك، فقال لامرأته والله لقد خالطه سهماى ولو كان دابة لتحرك، فاذا أصبحت فابتغى سهمىّ فخذيهما لا تمضغهما على الكلاب، قال وأمهلناهم حتى راحت رائحتهم حتى اذا اجتلبوا (2) وعطّنوا أو سكنوا (3) وذهبت عتمة من الليل (4) شننا عليهم الغارة (5) فقتلنا من قتلنا منهم واستقنا النعم فتوجهنا قافلين (6) وخرج صريح القوم الى قومهم مغوِّثاً (7) وخرجنا سراعاً حتى نمر بالحارث بن البرصاء وصاحبه فانطلقنا به معنا وأتانا صريخ الناس فجاءنا ما لا قبل لنا به حتى اذا لم يكن بيننا وبينهم إلا بطن الوادى أقبل سيل حال بيننا وبينهم بعثه الله تعالى من حيث شاء، ما رأينا قبل ذلك مطراً ولا حالاً، فجاء بما لا يقدر أحد أن يقوم عليه، فلقد رأيناهم وقوفاً ينظرون الينا ما يقدر أحد منهم أن يتقدم ونحن نحوزها (8) سراعاً حتى أسندناها في المشلل (9) ثم حدرناها عنا (10) فاعجزنا القوم بما في أيدينا.

_ (1) الربيئة هو العين والطليعة الذى ينظر للقوم لئلا يدهمهم عدو ولا يكون إلا على جبل أو شرف ينظر منه (2) أبى حلبوا مواشيهم (وعطنوا) بتشديد الطاء المهملة مفتوحة أي أراحوا مواشيهم، سمى المراح وهو مأواهم عطنا (3) أى قاموا (4) أى ذهبت مدة من ظلمة الليل (5) أى فرقنا عليهم الجيوش من جميع جهاتهم (6) أى راجعين (7) من الإغاثة أى الإعانة وقد أغاثه بغيثه (8) أى نسوق ما غنمناه وملكناه من النعم (9) قال في القاموس المشلل كمعظم جبل يهبط منه إلى قديد (10) يقال حدرت الشيء حدراً من باب قعد أنزلته من الحدور وزن رسول الله وهو المكان الذي ينحدر منه (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه فقال قال ابن اسحاق حدثنى يعقوب بن عقبة عن مسلم بن عبد الله الجهنى عن جندب بن مكيث قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم غالب بن عبد الله الكلبى فذكر الحديث بلفظه كما عند الامام احمد وسنده جيد، ثم قال وقد رواه أبو داود من حديث محمد بن اسحاق: في روايته عبد الله ابن غالب والصواب غالب بن عبد الله كما تقدم، قال وذكر الواقدى هذه القصة باسناد آخر وقال فيه وكان معه من الصحابة مائة وثلاثون رجلاً ثم ذكر البيهقى من طريق الواقدى (سرية بشري بن سعد) أيضاً الى ناحية خيبر فلقوا جمعاً من العرب وغنموا نعماً كثيراً، وكان بعثه في هذه السرية باشارة أبي بكر

-[ما جاء في عمرة القضاء ودعاء النبى صلى الله عليه وسلم على الأحزاب]- (باب ما جاء في ذكر عمرة القضاء (1) وزواجه صلى الله عليه وسلم بميمونة بنت الحرث رضى الله عنها) (عن عبد الله بن عمر) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج معتمراً فحال كفار قريش بينه وبين البيت فنحر هديه وحلق رأسه بالحديبية فصالحهم على أن يعتمروا العام المقبل ولا يحمل السلاح عليهم (وقال سريج ولا يحمل سلاحاً) إلا سيوفاً ولا يقيم بها الا ما أحبوا، فاعتمر من العام المقبل فدخلها كما كان صالحهم، فلما أن اقام ثلاثاً أمروه بالخروج فخرج (عن عبد الله بن أبى أوفى) (3) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين اعتمر فطاف وطفنا وصلى وصلينا معه وسعى بين الصفا والمروة وكنا نستره من أهل مكة لا يصيبه أحد بشيء، زاد في رواية قال فسمعته يدعو على الأحزاب يقول اللهم منزل الكتاب سريع الحساب هازم الأحزاب، اللهم اهزمهم وزلزلهم (عن البراء بن عازب) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخل مكة في عمرة القضاء أتوا علياً

_ وعمر رضي الله عنهما وكان معه من المسلمين ثلاثمائة رجل ودليله حسيل بن نويرة الذي كان دليل النبى صلى الله عليه وسلم إلى خيبر قاله الواقدي اهـ (باب) (1) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه ويقال عمرة القصاص ورجحه السهيلى، ويقال عمرة القضية، فالاولى قضاء عما كان أحصر عام الحديبية، والثانى من قوله تعالى (والحرمات قصاص) والثالث في المقاضاة التى كان قاضاهم عليها على أن يرجع عنهم عامة هذا ثم يأتى في العام القابل ولا يدخل مكة إلا في جلبان السلاح وأ، لا يقيم أكثر من ثلاثة أيام، وهذه العمرة هي المذكورة في قوله تعالى في سورة الفتح المباركة (لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء الله آمنين الآية)، وهي الموعود بها في قوله صلى الله عليه وسلم لعمر بن الخطاب حين قال له ألم تكن تحدثنا أنا سنأتى البيت ونطوف به؟ قال على أفأخبرتك انك تأتيه عامك هذا؟ قال لا، قال فانك آتية ومطوف به، وهي المشار اليها في قول عبد الله بن رواحة حين دخل بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم الى مكة يوم عمرة القضاء وهو يقول. (خلوا بنى الكفار عن سبيله اليوم نضر بكم على تأويله كما ضربنا كم على تنزيله) قال ابن إسحاق فلما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر إلى المدينة أقام بها شهرى ربيع وجمادين ورجباً وشعبان وشهر رمضان وشوالاً يبعث فيما بين ذلك سراياه، ثم خرج في ذى القعدة في الشهر الذى صده فيه المشركون معتمراً عمرة القضاء ومكان عمرته التى صدوه عنها، قال ابن هشام واستعمل على المدينة عريف بن الأضبط الدئلى ويقال لها عمرة القصاص لأنهم صدوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذى القعدة الذى صدوه فيه في سنة سبع (2) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في فصل عمرة الحديبية من كتاب الحج في الجزء الحادى عشر صحيفة 65 رقم 58 وهو حديث صحيح رواه البخارى وغيره (3) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في فصل عمرة القضاء من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر ص 67 رقم 60 وهو حديث صحيح رواه (خ د نس جه) (4) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في نص صلح الحديبية وشروطه في هذا الجزء ص 104 رقم 307 فارجع اليه

-[صفة عمرة القضاء وسبب مشروعية الاضطباع والرمل في الأشواط الثلاثة الأولى في الطواف]- فقالوا قل لصاحبك فليخرج عنا فقد مضى الأجل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن أبى الطفيل عن ابن عباس) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما نزمر الظهران (2) في عمرته (أى عمرة القضاء) بلغ أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قريشاً تقول ما يتباعثون (3) من العجف، فقال أصحابه لو انتحرنا (4) من ظهرنا فأكلنا من لحمه وحسونا من مرقه أصبحنا غداً حين ندخل على القوم وبنا جمامة (5) قال لا تفعلوا، ولكن اجمعوا لى من أزوادكم فجمعوا له وبسطوا الانطباع (6) فاكلوا حتى تولوءا وحثاكل واحد منهم في جرابه ثم أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل المسجد وقعدت قريش نحو الحجر فاضطبع (7) بردائه ثم قال لا يرى القوم فيكم غميزة (8) فاستلم الركن ثم دخل حتى إذا تغيب بالركن اليمانى مشى إلى الركن الأسود، فقالت قريش ما يرضون بالمشئ انهم لينقزون (9) نقز الظباء، ففعل ذلك ثلاثة أطواف فكانت سنة، قال أبو الطفيل وأخبرنى ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم فعل ذلك في حجة الوداع (عن سعيد بن جبير) (10) عن ابن عباس قال قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعنى مكة في عمرة القضاء) وأصحابه وقد وهنتهم حمى يثرب، قال فقال المشركون إنه يقدم عليكم قوم قد وهتهم الحمى، قال فأطلع الله النبى صلى الله عليه وسلم على ذلك فأمر أصحابه أن يرمّلوا وقعد المشركون ناحية الحجر ينظرون اليهم فرملوا ومشوا ما بين الركنين، قال فقال المشركون هؤلاء الذين تزعمون أن الحمى وهنتهم، هؤلاء أقوى من كذا وكذا ذكروا قولهم، قال ابن عباس فلم يمنعه أن يأمرهم أن يرملون الأشواط كلها الا ابقاء عليهم، وقد سمعت حماداً (11) يحدثه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس، وعن عبد الله عن سعيد بن جبير لا شك فيه عنه

_ (1) (سنده) حدثنا محمد بن الصباح ثنا اسماعيل يعنى ابن زكريا عبن عبد الله يعنى ابن عثمان عن أبى الطفيل عن ابن عباس الخ (غريبه) (2) موضع على مرحلة من مكة (3) من البعث واصله الإثارة ومنه يقال انبعث الشيء وتبعث أى اندفع (وقوله العجف) بفتح العين المهملة والجيم ذهاب السمن والهزال (4) أى لو نحرنا من ظهرنا أى إبلنا (5) بفتح الجيم أى راحة وشبع ورِىّ (6) جمع نطع بفتح النون وكسرها مع سكون الطاء وفتحها أربع لغات، وفى بعضها خلاف وهو بساط من جلد يجعل كالمائدة (7) الاضطباع أن يأخذ الرداء فيجعل وسطه تحت إبطه الأيمن ويلقى طرفيه على كتفه الأيسر من جهتى صدره وطهره وسمى بذلك الضبعين (بفتح الضاد مشددة وسكون الموحدة) ويقال للإبط الضبع (8) الغميزة بكسر الميم العيب من الغمز والمغامز المعايب (9) يقفزون ويثبون كوثوب الظباء وقد نقز وأنقز إذا وثب (تخريجه) الحديث سنده صحيح، وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال تفرد به أحمد من هذا الوجه (10) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن زيد حدثنا أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (11) القائل سمعت حماداً الخ هو عفان يشك فيما سمع من حماد أهو عن سعيد بن جبير مباشرة عن ابن عباس أم عن عبد الله بن سعيد بن جبير عن أبيه عن ابن عباس فان كان الأول فالحديث منقطع، لأن حماداً لم يدرك سعيد بن جبير، وإن كان الثانى فالحديث متصل لأن

-[(تابع للشرح) تتمة في ذكر ملخص عمرة القضاء وزواج النبى صلى الله عليه وسلم بميمونة بنت الحارث]- .....

_ عبد الله بن سعيد في مقام أيوب وهو ثقة مأمون كما قال النسائى، فهو انتقال من ثقة إلى ثقة، ولذلك قال بعد ذلك لا شك فيه عنه يعنى أنه حديث سعيد لا شك فيه، وهذا الشك من عفان وحده ولم يشك فيه أبو الربيع الزهرانى شيخ مسلم فقد رواه عن حماد بن زيد عن أيوب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس كما رواه الامام احمد وكذلك أسنده البخارى أيضاً من طريق سليمان بن حرب ثنا حماد بهذا الاسناد (تخريجه) (ق. وغيرهما) (تتمة) ذكر الحافظ ابن كثير في تاريخه ملخص عمرة القضاء وزواجه صلى الله عليه وسلم بميمونة رأيت ذكره هنا لما فيه من الفائدة (قال رحمه الله تعالى) قال موسى بن عقبة عن الزهرى ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من العام القابل من عام الحديبية معتمراً في ذى القعدة سنة سبع وهو الشهر الذى صده فيه المشركون عن المسجد الحرام حتى إذا بلغ يأجج وضع الإداة كلها الجحف والمجان والرماح والنبل ودخلوا بسلاح الراكب السيوف: وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه جعفر بن أبى طالب إلى ميمونة بنت الحارث الهلالية فخطبها عليه فجعلت أمرها الى العباس وكان تحته أختها أم الفضل بنت الحارث فزوجها العباس رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه قال اكشفوا عن المناكب واسعوا في الطواف ليرى المشركون جلدهم (بفتح اللام) وقوتهم، وكان يكايدهم بكل ما استطاع فاستكف أهل مكة الرجال والنساء والصبيان ينظرون الى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه وهم يطوفون بالبيت وعبد الله بن رواحة يرتجز بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم متوشحاً بالسيف وهو يقول خلوا بنى الكفار عن سبيله ... أنا الشهيد أنه رسوله ... قد أنزل الرحمن في تنزيله في صحف تتلى على رسوله ... فاليوم نضر بكم على تأويله ... كما ضربناكم على تنزيله ضربنا بزيل الهام عن مقيله ... ويذهل الخليل عن خليله قال وتغيب رجال من أشراف المشركين أن ينظروا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم غيظاً وحنقاً ونفاساً وحسداً، وخرجوا إلى الخندمة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة وأقام ثلاث ليال وكان ذلك آخر القضية يوم الحديبية، فلما أتى الصبح من اليوم الرابع أتاه سهيل بن عمرو وحويطب بن عبد العزى ورسول الله صلى الله عليه وسلم في مجلس الأ، صار يتحدث مع سعد بن عبادة فصاح حويطب بن عبد العزى نناشدك الله والعقد لما خرجت من أرضنا فقد مضت الثلاث، فقال سعد بن عبادة كذبت لا أم لك، ليس بأرضك ولا بأرش آبائك والله لا يخرج، ثم نادى رسول الله صلى الله عليه وسلم سهيلاً وحويطباً فقال إني نكحت فيكم امرأة فما يضركم أن أمكث حتى أدخل بها ونصنع الطعام فنأكل وتأكلون معنا؟ فقالوا نناشدك الله والعقد إلا خرجت عنا، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع فأذن بالرحيل وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نزل ببطن سَرِفض وأقام المسلمون وخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا رافع ليحمل ميمونة، وأقام بسرف حتى قدمت عليه ميمونة، وقد لقيت ميمونة ومن معها عناءً وأذى من شفهاء المشركين من صبيانهم، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بسرف فبنى بها ثم أدلج فسار حتى أتى المدينة وقدر الله أن يكون موت ميمونة بسرف بعد ذلك بحين، فماتت حيث بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال الحافظ ابن كثير) ولهذا السياق شواهد كثيرة في أحاديث متعددة ذكر منها حديثا الباب وأحاديث أخرى عند الإمام أحمد والشيخين

-[ما جاء في زواج النبي صلى الله عليه وسلم بميمونة بنت الحارث رضى الله عنها]- (باب زواجه صلى الله عليه وآله وسلم بميمونة بنت الحرث خالة ابن عباس رضى الله عنهم) (عن ميمونة) (1) قالت تزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلال بعد ما رجعنا من مكة (2) (عن أبى رافع) (3) (مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) أنه قال كنت في بعث مرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فأتنى بمبمونة (4) فقلت يا نبى الله في البعث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألست تحب ما أحب؟ قال بلى يا رسول الله، قال اذهب فأتنى بها فذهبت فجئت بها (وعنه أيضاً) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالاً وبنى بها حلالاً وكنت الرسول بينهما (أبواب حوادث السنة الثامنة) (باب ما جاء في إسلام عمرو بن العاص وخالد الوليد رضى الله عنهما) (حدثنا يعقوب بن ابراهيم) (6) قال ثنا أبى عن أبى اسحاق قال حدثنى يزيد بن أبي حبيب

_ وغيرهم تقدمت في باب ما جاء في نكاح المحرم وانكاحه من كتاب الحج في الجزء الحادى عشر فارجع اليه ففيه مباحث نفيسه (قال الحافظ ابن كثير) وكانت وفاتها بسرف سنة ثلاث وستين ويقال سنة ستين رضى الله عنهما (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيى بن اسحاق قال حدثنا حماد بن سلمة عن حبيب يعنى ابن الشهيد عن ميمونة بن مهران عن يزيد بن الأصم عن ميمونة (يعنى بنت الحارث زوج النبى صلى الله عليه وسلم) الخ (غريبه) (2) لعلها تعنى البناء بها فانه كان بعد رجوعهم من مكة حقيقة، وجاء في حديث آخر لها من طريق يزيد بن الأصم أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالاً وبنى بها حلالاً وفسره العلماء بانه تزوجها قبل الاحرام بعمرة القضية وبنى بها حلالاً أى بعد انتهاء العمرة (تخريجه) (م د) أن الحسن بن على بن أبى رافع حدثه عن أبى رافع أنه قال كنت في بعث الخ (غريبه) (4) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم بعد انتهائه من عمرة القضاء وعزمه على الخروج من مكة كلف أبا رافع بإتيانه بميمونة من مكة ليلحقه بها على سرف (بفتح السين المهملة وكسر الراء من مكة على عشرة أميال وقيل أقل أو أكثر) ثم نزل صلى الله عليه وسلم بسرف الانتظار ميمونة حتى جاءت فبنى بها بسرف ثم ذهب الى المدينة كما تقدم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام احمد وسنده جيد، هذا وفي الباب أحاديث أخرى تقدمت في باب ما جاء في نكاح المحرم وإنكاحه من كتاب الحج في الجزء الحادى عشر صحيفة 228 و 229 فاقرأه أحكامه تجد ما يسرك والله الموفق (5) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار اليه من كتاب الحج صفحة 229 رقم 188 (باب) (6) (حدثنا يعقوب بن ابراهم الخ) هذا الحديث جاء عند الامام احمد في قصة إسلام عمرو بن العاص، أما قصة إسلام خالد بن الوليد فقد ذكرها الحافظ ابن كثير في تاريخه فقال (قال الواقدي) حدثنى يحيى بن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال سمعت أبى يحدث عن خالد بن الوليد قال لما أراد الله بى ما أراد من الخير قذف في قلبى الاسلام وحضرنى رشدى فقلت قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد صلى الله عليه وسلم فليس في موطن أشهد الا أنصرف وأنا أرى في نفسى أنى موضع في غير شيء وأن محمداً سيظهر، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الى الحديبية خرجت في خيل من المشركين فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في

-[قصة إسلام عمرو بن العاص وخالد بن الوليد رضى الله عنهما وسبب ذلك]- عن راشد مولى حبيب بن أبى أوس الثقفي عن حبيب بن أبى أوس قال حدثنى عمرو ابن العاص من فيه قال لما انصرفنا من الأحزاب عن الخندق جمعت رجالاً من قريش كانوا يرون مكانى ويسمعون منى، فقلت لهم تعلمون والله انى لأرى أمر محمد يعلو الأمور علواً كبيراً منكراً، وانى قد رأيت رأياً فما ترون فيه؟ قالوا وما رأيت؟ قال رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده فان ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشى، فانا إن نكون تحت يديه أحب الينا من أن نكون تحت يد محمد، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرف فلن يأتينا منهم إلا خير، فقالوا ان هذا الرأى، قال فقلت لهم فاجمعوا له ما نهدى له، وكان أحب ما يهدى اليه من أرضنا الأدم (بضم الهمزة وسكون الدال وضمها) فجمعنا له ادماً كثيراً فخرجنا حتى قدمنا عليه فوالله انا لعنده إذ جاء عمرو بن أمية الضمرى وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه، قال فدخل عليه ثم خرج من عنده، قال فقلت لأصحابى هذا عمرو بن أمية الضمرى لو قد دخلت على النجاشى فسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه فاذا فعلت ذلك رأت قريش أنى قد أجزأت عنه حين قتلت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع فقال مرحباً بصديقى أهديت لى من بلادك شيئاً؟ قال قلت نعم أيها الملك قد أهديت لك أدماً كثيراً قال ثم قدمته اليه فاعجبه واشتهاه، ثم قلت له أيها الملك إنى قد رأيت رجلاً خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا فأعطنيه لأقتله فانه قد أصاب من أشرافنا وخيارنا، قال فغضب ثم مد يده نضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره، فلو انشقت لى الأرض لدخلت فيها فرقاً منه، ثم قلت أيها الملك والله لو ظنت أنك تكره هذا ما سألتكه

_ أصحابه بعسفان فقمت بإزائه وتعرضت له فصلى بأصحابه الظهر أمامنا فهممنا أن نغير عليهم ثم لم يعزم لنا، وكانت فيه خبرة فاطلع على ما في أنفسنا من الهم به، فصلى بأصحابه صلاة العصر صلاة الخوف، فوقع ذلك منا موقعاً وقلت الرجل ممنوع، فاعتزلنا وعدل عن سير خيلنا وأخذ ذات اليمين، فلما صالح قريشاً بالحديبية ودافعته قريش بالرواح قلت في نفسى أي شيء بقى؟ أين أذهب؟ إلى النجاشى فقد اتبع محمداً وأصحابه عنده آمنون فأخرج إلى هرقل؟ فأخرج من دينى إلى نصرانية أو يهودية، فأقيم في ع جم فأقيم في دارى بمن بقى، فانا في ذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة في عمرة القضية فتغيبت ولم أشهد دخوله، وكان أخى الوليد بن الوليد قد دخل مع النبى صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية فطلبنى فلم يجدنى، فكتب إلى كتاباً فإذا فيه بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فاني لم أر أعجب من ذهاب رأيك في الاسلام وعقلك عقلك ومثل الاسلام ما جهله أحد، وقد سألنى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنك وقال أين خالد؟ فقلت يأتى الله بن، فقال مثله جهل الإسلام ولو كان جعل نكايته وجده مع المسلمين كان خيراً له، ولقد مناه على غيره فاستدرك يا أخى ما قد فاتك من مواطن صالحة، قال فلما جاءنى كأنى في بلاد ضيقة مجدبة فخرجت في بلاد خضراء واسعة، فقلت ان هذه لرؤيا، فلما أن قدمت المدينة قلت لأذكرنها لأبى بكر، فقال مخرجك

-[هجرة عمرو بن العاص قبل إسلامه إلى النجاشى هرباً من المسلمين ثم مبايعة النجاشى له على الإسلام]- فقال له أتسألنى أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذى كان يأتى موسى لتقتله؟ قال قلت أيها الملك أكذلك هو؟ فقال ويحك يا عمرو، أطعنى واتبعه فانه والله لعلى الحق وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده، قال قلت فبايعنى له على الاسلام، قال نعم فبسط يده وبايعته على الاسلام ثم خرجت إلى أصحابى وقد حال رأيي عما كان عليه وكتمت أصحابى إسلامى، ثم خرجت عامداً لرسول الله صلى الله لأسلم فلقيت خالد بن الوليد، وذلك قبيل الفتح وهو مقبل من مكة، فقلت أين أيا أبا سليمان؟ فقال والله لقد استقام XXX (1) وإن الرجل لنبى أذهب والله أسلم فحتى متى، قال قلت والله ما جئت إلا لأسلم. قال فقدمنا على رسول الله

_ الذي هداك الله للاسلام، والضيق الذى كنت فيه من الشرك، قال فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت من أصاحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فلقيت صفوان بن أمية فقلت يا أبا وهب أما ترى ما نحن فيه؟ إنما نحن كأضراس وقد ظهر محمد على العرب والعجم، فلو قدمنا على محمد واتبعناه فان شرف محمد لنا شرف، فأبى أشد الإباء فقال لو لم يبق غيرى ما اتبعته أبداً فافترقنا، وقلت هذا رجل قُتل أخوه وأبوه ببدر، فلقيت عكرمة بن أبى جهل فقلت له مثل ما قلت لصفوان بن أمية، فقال لي مثل ما قال صفوان بن أمية، قلت فاكتم عليَّ لا أذكره، فخرجت إلى منزلى فأمرت براحلتي فخرجت بها إلى أن لقيت عثمان بن طلحة فقلت ان هذا لى صديق فلو ذكرت له ما أرجو، ثم ذكرت من قتل من أبائه فكرهت أن ذكره، ثم قلت وما علىّ وأنا راحل من ساعتى، فذكرت له ما صار الأمر اليه، فقلت إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر لو صب فيه ذنوب من ماء لخرج، وقلت له نحواً مما قلت لصاحبى فأسرع الإجابة، وقلت له انى غدوت اليوم وأنا أريد أن أغدو وهذه راحلتى بفج مناخة، قال فاتعدت انا وهو يأجج ان سبقنى أقام وأن سبقته أقمت عليه، قال فأدلجنا سحراً فلم يطلع الفجر حتى التقينا بيأجج فغدونا حتى انتهينا الى الهدة (اسم موضع بالجاز بين عسفان ومكة) فنجد عمرو بن العاص بها، قال مرحباً بالقوم فقلنا وبك، فقال الى أين مسيركم؟ فقلنا وما أخرجك؟ فقال وما أخرجكم؟ قلنا الدخول في الاسلام واتباع محمد صلى الله عليه وسلم قال ذاك الذي أقدمنى فاصطحبنا جميعاً حتى دخلنا المدينة فأنخنا بظهر الحرة ركابنا فأخبر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر بك فسر بعد ذلك وهو ينتظركم، فأسرعنا المشى فاطلعت عليه فما زال يتبسم إلىّ حتى وقفت فقال تعال، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً رجوت أن لا يسلمك إلا إلى خير، قلت يا رسول الله انى قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك معانداً للحق فادع الله أن يغفرها لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الاسلام يجب ما قبله، قلت يا رسول الله على ذلك، قال اللهم اغفر لخالد بن الوليد كل ما أوضع فيه من صد عن سبيل الله، قال خالد وتقدم عثمان وعمرو فبايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وكان قدومنا في صفر سنة ثمان، قال والله ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعدل بن أحداً من أصحابه فيما حزبه (1) بوزن المسجد قال في النهاية معناه تبين الطريق يقال رأيت منسِما من الأمر اعرف به وجهه اى اثراً منه وعلامة، والأصل فيه من المسنم وهو خف البعير يستبان

-[قدوم عمرو بن العاص وخالد بن الوليد إلى المدينة ومابيعتهما النبى صلى الله عليه وسلم على الإسلام]- صلى الله عليه وسلم فقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع، ثم دنوت فقلت يا رسول الله انى أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبى ولا أذكر وما تأخر (1) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عمرو بايع فان الاسلام يجُب ما كان قبله (2) وان الهجرة تجب ما كان قبلها، قال فبايعته ثم انصرفت (قال ابن اسحاق) وقد حدثنى من لا أتهم أن عثمان بن طلحةبن أبى طلحة كان معهما أسلم حين أسلما (3) (باب ما جاء في سرية زيد بن حارثة إلى مؤتة (4) من أرض الشام في جمادى الأولى) (سنة ثمان ويقال لها غزوة مؤتة واستشهاد زيد وجعفر بن أبى طالب وعبد الله بن رواحة رضى الله عنهم) (عن خالد بن شمير) (5) قال قدم علينا عبد الله بن رباح فوجدته قد اجتمع اليه ناس من الناس قال حدثنا أبو قتادة فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء وقال عليكم زيد بن حارثة، فان أصيب زيد فجعفر، فان أصيب جعفر فعبد لله بن رواحة الأنصارى، فوثب جعفر فقال بأبى أنت يا نبى الله ما كنت أرهب أن تستعمل علىّ زيداً، قال امضوا فانك لا تدرى أى ذلك خير، قال فانطلق الجيش فلبثوا ما شاء الله (6) ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر وأمر أن ينادى الصلاة جامعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناب خبر، أو ثاب خبر

_ به على الأرض اثره اذا ضل (1) معناه انه نسى ان يقول وما تأخر يعنى من ذنبه مع انه كان حريصاً على ذلك كما في بعض الروايات (2) اى يقطع ويمحوا ما كان قبله من المعاصى والكفر (3) جاء تفصيل ذلك في قصة إسلام خالد بن الوليد المذكورة آنفاً (تخريجه) رواه بطوله أيضاً ابن اسحاق وسنده جيد (باب) (4) بضم الميم وسكون الواو بغير همز لأكثر الرواة وبه جزم المبرد وجزم ثعلب والجوهرى وابن فارس بالهمز وحكى غيرهم الوجهين وهى من عمل البلقاء، بالشام دون دمشق، وحكى الحافظ عن ابن اسحاق انه قال هى بالقرب من البلقاء (وقال غيره) على المرحلتين من بيت المقدس، وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه قال محمد بن اسحاق بعد قصة عمرة القضية فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة بقية ذى الحجة (وولى تلك الحجة المشركون) والمحرم وسفرا وشهرى ربيع وبعث في جمادى الأولى بعثه إلى الشام الذى أصيبوا بمؤتة فحدثنى محمد بن جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إلى مؤتة في جمادى الأولى من سنة ثمان واستعمل عليهم زيد بن حارثة وقال ان أصيب زيد فجعفر بن أبى طالب على الناس، فان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة على الناس، ثم تهيئوا للخروج وهم ثلاثة آلاف (5) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا الأسود بن شيبان عن خالد بن شمير الخ (غريبه) (6) قال ابن اسحاق ثم مضوا حتى نزلوا معاناً من أرض الشام فبلغ الناس أن هرقل قد نزل مآب من أرض البلقاء في مائة الف من الروم وانضم إليه من لخم وجذام والقين وبهراء وبلاء مائة: وفى رواية يونس عن ابن اسحاق فبلغهم أن هرقل نزل بمآب في مائة ألف من الروم ومائة ألف من المستعربة، فلما بلغ ذلك المسلمين اقاموا على معان ليلتين ينظرون في أمرهم وقالوا نكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نخبره بعدد عدونا فإما ان يدنا بالرجال وإما أن يأمرنا بأمره فنمضى له، قال فشجع الناس عبد الله بن رواحة وقال يا قوم والله ان اللتى تكرهون للتي خرجتم

-[ما جاء في سرية زيد بن حارثة الى مؤتة من ارض الشام]- شك عبد الرحمن (1) الا أخبركم عن جيشكم هذا الغازى، انهم انطلقوا حتى لقوا العدو فاصيب زيد شهيداً فاستغفروا له، فاستغفر له الناس، ثم أخذ اللواء جعفر بن أبى طالب فشد على القوم حتى قتل شهيداً (2) اشهدوا له بالشهادة، فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة (3) فأثبت قدميه حتى أصيب شهيداً فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء، هو أمر نفسه فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إصبعيه وقال اللهم هو سيف من سيوفك فانصره (4) وقال عبد الرحمن (5) مرة فانتصر به، فيومئذ سمى خالد سيف الله، ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم وآله وسلم انفروا فأمدوا إخوانكم ولا يتخلفن أحد، فنفر الناس في حر شديد مشاة وركباناً

_ تطلبون الشهادة، وما نقاتل الناس بعدد ولا قوة ولا كثرة، ما نقاتلهم إلا بهذا الدين الذى أكرمنا الله به فانطلقوا فإنما هى إحدى الحسنيين إما ظهور وإما الشهادة، قال فقال الناس والله قد صدق وابن رواحة فمضى الناس (1) هو ابن مهدى شيخ الإمام احمد يشك هل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناب خبر بالنون أو ثاب خبر بالثاء المثلثة وسواء كان ناب أو ثاب فمعناه الرجوع ارى رجع إلى خبر: أى بلغنى اما بطريق الوحي أو بطريق الكشف، قيل كشف الله عز وجل له الأثر حتى كان ينظر ساحة القتال والله أعلم (2) قال ابن اسحاق وحدثنى يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد حدثنى أبى الذى أرضعنى وكان أحد بنى مرة بن عوف وكان في تلك الغزوة غزوة مؤتة قال والله لكأنى أنظر إلى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء ثم عقرها ثم قاتل القوم حتى قتل وهو يقول: (يا حبذا الجنة واقترابها * طيبة وباردا شرابها * والروم روم قد دنا عذابها) (كافرة بعيدة أنسابها * علىّ إن لاقيتها ضرابها) (3) قال ابن إسحاق فلما قتل جعفر أخذ عبد الله بن رواحة الراية ثم تقدم بها وهو على فرسه فجعل يستزل نفسه بعض التردد وبقول: (يا نفس إن لا تُقتلى تموتى ... هذا حمام الموت قد صليت) (وما تمنيت فقد أعطيت ... إن تفعلى فعلهما هديت) يريد صاحبه زيداً وجعفراً (4) قال الواقدي وحدثنى عبد الله بن الحارث بن الفضل عن أبيه قال لما أخذ خالد بن الوليد الراية قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الآن حمى الوطيس، قال الواقدى فحدثنى العطاف بن خالد قال لما قتل ابن رواحة مساءاً بات خالد بن الوليد فلما أصبح غداً وقد جعل مقدمته ساقته وساقته مقدمته وميمنته ميسرته قال فأنكروا ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيئتهم وقالوا قد جاءهم مدد فرهبوا وانكشفوا منهزمين قال فقتلوا مقتلة لم يقتلها قوم (5) يعنى ابن مهدى في رواية أخرى فانتصر به بدل فانصره والله أعلم (تخريجه) أولده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للبيهقى من حديث سليمان بن حرب عن الأسود بن شيبان أيضاً غفل عن عزوة للامام أحمد ثم قال ورواه النسائى من حديث عبد الله بن المبارك عن الأسود بن شيبان به نحوه وفيه زيادة حسنة وهو أنه صلى الله عليه وآله وسلم لما اجتمع إليه الناس قال باب خبر باب خبر وذكر الحديث (قلت) الحديث صحيح ورجاله ثقات

-[استشهاد زيد بن حارثه وجعفر بن ابى طالب وعبد الله بن رواحة رضى الله عنهم]- (عن عبد الله بن جعفر) (1) قال بعث رسول الله صلى الله ليه وسلم جيشاً استعمل عليهم زيد بن حارثة وقال فان قتل زيد فأميركم جعفر، فان قتل واستشهد فأميركم عبد الله بن رواحة فلقوا العدو فأخذ الراية زيد فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية عبد الله رواحة فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح الله عليه، وأتى خبرهم النبى صلى الله عليه وسلم فخرج إلى الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال ان إخوانكم لقوا العدو وان زيداً أخذ الراية فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الراية بعده جعفر بن أبى طالب فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ففتح الله عليه (2) فأمهل ثم أمهل آل جعفر ثلاثاً أن يأتيهم، ثم أتاهم فقال لا تبكوا على أخى بعد اليوم (3) ادعوا إلى ابنى أخى قال فجيئى بنا كأنا أفرخ، فقال ادعو إلى الحلاق، فجيء بالحلاق فحلق رءوسنا ثم قال: أما محمد فشبيه عمنا أبى طالب، وأما عبد الله فشبيه خلقى وخُلقى، ثم أخذ بيدى فأشالها (4) فقال اللهم اخلف جعفراً في أهله وبارك لعبد الله في صفقة يمينه، قالها ثلاثل مرار، قال فجاءت أمنا تُفرح له (5) فقال العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم في الدنيا والآخرة (صلى الله عليه وآله وسلم). (عن ابن عباس) (6) قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن رواحة في سرية فوافق ذلك يوم الجمعة قال فقدم أصحابه وقال أتخلف فأصلى مع النبي صلى الله عليه وسلم الجمعة ثم ألحقهم، قال فلما رآه صلى الله عليه وسلم قال ما منعك أن تغدو مع أصحابك؟ قال أردت أن أصلى معك الجمعة، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لون أنفقت ما في الأرض ما أدركت غدوتهم

_ (1) (سنده) حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبى قال سمعت محمد بن أبى يعقوب بحدث عن الحسن ابن سعد عن عبد الله بن جعفر الخ (غريبه) (2) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه فيه مخالفة لما ذكره ابن إسحاق من أن خالداً إنما جاش بالقوم حتى تخلصوا من الروم وعرب النصارى فقط، وموسى بن عقبة والواقدى مصرحان بأنهم هزموا جموع الروم والعرب الذين معهم (قلت) وهو ظاهر حديث الباب (ثم أخذ الراية سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ففتح الله على يديه) قال الحافظ ابن كثير وهذا هو الذي يجحه الحافظ البيهقى بعد حكاية القولين لما ذكر من الحديث (3) أى بكاءاً يصحبه شيء مما حرمه الشارع (4) أيى رفعها (5) قال في النهاية قال أبو موسى هكذا وجدته بالحاء المهملة وقد أضرب الطبرانى عن هذه الكلمة فتركها من الحديث فان كان بالحاء فهو من أفرحه إذا غمه وزال عنه الفرح وأفرجه الدين إذا أثقله، وإن كانت بالجيم فهو من المفرج الذى لا عشيرة له فكأنها أرادت أن أباهم توفى ولا عشيرة لهم، فقال النبى صلى الله عليه وسلم أتخافين العيلة وأنا وليهم (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام أ؛ د، ورواه أبو داود ببعضه والنسائى في السير بتمامه من حديث وهب بن جرير به اهـ وأورده الحافظ الهيثمى وقال روى أبو داود وغيره بعضه: رواه أحمد والطبرانى ورجالهما رجال الصحيح (6) (عن ابن عباس) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في فضل المجاهدين في سبيل الله من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر ص 26 رقم 52

-[سرية ذات السلاسل وسبب تسميتها بذلك واختلاف عمرو بن العاص وابى عبيدة في الإمارة عليها]- (باب ما جاء في سرية ذات السلاسل) (1) (حدثنا محمد بن أبى عدى) (2) عن داود عن عامر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيش ذات السلاسل فاستعمل أبا عبيدة على المهاجرين واستعمل عمرو بن العاص على الأعراب فقال لهما تطاوعا (3) قال وكانوا يؤتمرون أن يغيروا على بكر (4) فانطلق عمرو فأغار على قضاعة لأن بكراً أخواله (5) فانطلق المغيرة بن شعبة إلى أبى عبيدة فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم استعملك علينا وإن ابن فلان (6) قد ارتبع أمر القوم

_ (باب) (1) السلاسل بمهملتين الأولى مفتوحة على المشهور وبه جزم البكرى على لفظ جمع السلسلة: قيل سمى المكان بذلك لأنه كان به رمل بعضه على بعض كالسلسلة، وضبطها ابن الأثير بالضم قال وهو بمعنى السلسال، قال الحافظ في المناقب ولذا قال ابن القيم بضم السين وفتحها لغتان، وفيل لأن بها ماءاً يقال له السلسل وبه جزم ابن اسحاق وغيره، وفي القاموس السلسل كجعفر وخلخال، الماء العذب أو البارد كالسلاسل بالضم اهـ وهذا المكان وراء وادي القرى من المدينة على عشرة أيام وكانت في جمادى الآخرة سنة ثمان كما قاله ابن سعد والجمهور (2) (حدثنا محمد بن أبى عدى) الخ (غريبه) (3) ظاهره أن النبى صلى الله عليه وسلم جعلهما أميرين على الجيش وأرسلهما معاً وأوصاهما بالمطاوعة وفيه اجمال وقد جاء تفصيل ذلك عند ابن إسحاق فقال حدثنى محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين التميمى قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن لاعاص يستنفر العرب إلى الإسلام وذلك أن ام العاص ابن وائل كانت من بنى بلى (بفتح الموحدة وكسر اللام وتشديد الياء التحتية) فبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم يتألفهم بذلك حتى إذا كان على ماء بأرض جذام يقال له السلاسل وبه سميت تلك الغزوة ذات السلاسل، قال فلما كان عليه وخاف بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستمده فبعث إليه أبا عبيدة ابن الجراح في المهاجرين الأولين فيهم أبو بكر وعمر وقال لأبى عبيدة حين وجهه لا تختلفا، فخرج أبو عبيدة حتى إذا قدم عليه قال له عمرو إنما جئت ممداً لى، فقال له أبو عبيدة لا ولكنى على ما أنا عليه وأنت عليه (يعنى أن أبا عبيدة أمير على المهاجرين وأن عمراً أمير على الأعراب كما في حديث الباب) وكان أبو عبيدة رجلاً ليناً سهلاً هيناً عليه أمر الدنيا فقال له عمرو أنت مددى فقال له أبو عبيدة يا عمرو إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قال لى لا تختلفا وإنك إن عصيتنى أطعتك، فقال له عمرو فإن أمير عليك وإنما أنت مدد لي، قال فدونك، فصلى عمرو بن العاص بالناس (4) بكرهم بنو بلى، قال ابن اسحاق ذات السلاسل بلاد بَلىّ وعُذرة وبنى القين نقله عنه البخارى، قال الحافظ الثلاثة بطون ما قضاعة، وبلى بفتح الموحدة وكسر اللام الخفيفة بعدها ياء النسب قبيلة كبيرة ينسبون إلى بلى بن عمرو بن قضاعة (وعذرة) بضم العين المهملة وسكون الذال المعجمة قبيلة كبيرة يسنبون إلى عذرة بن سعد ونسبة إلى قضاعة وبنو القين بفتح القاف وسكون التحتية قبيلة كبيرة ينسبون إلى القين ونسبة إلى قضاعة، قال ووهم ابن التين فقال بنو القين قبيلة من تميم اهـ (قلتُ) هذه القبائل تجمعت للإغارة على أطراف المدينة فبلغ ذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، وهذا سبب إرسال هذه السرية إليهم (5) جاء في حديث ابن إسحاق المذكور آنفا: أن أم العاص بن وائل كانت من بني بلي، المعبر عنهم هنا ببكر؛ فهم أخواله بهذا المعنى، وإن كان الجميع من قضاعة (6) يعني عمرو بن العاص "قد ارتبع" أي ارتأس أمرهم، وصار

-[براعة عمرو بن العاص في فنون الحرب واعجابه بنفسه وسبب ذلك]- وليس لك معه أمر، فقال أبو عبيدة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن نتطاوع فانا أطيع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وان عصاه عمرو (عن عمرو بن العاص) (1) قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش ذات السلاسل قال فأتيته قال قلت يا رسول الله أيى الناس أحب إليك؟ (2) قال عائشة، قال قلت من الرجال، قال أبوها إذاً، قال قلت ثم من؟ قال ثم عمر، قال فعد رجالاً (عن عمرو بن العاص) (3) قال بعث الىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال خذ عليك ثيابك وسلاحك ثم ائتنى فأتيته وهو يتوضأ فصعد (4) في النظر ثم طأطأ فقال انى أريد أن أبعثك على جيش (5)

_ رئيساً مطاعاً (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام احمد، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد وهو مرسل ورجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) لأن عامر بن شراحيل لم يدرك أبا عبيدة وحكى القصة فأرسلها ارسالاً (1) (سنده) حدثنا يحيى بن حماد قال أنا عبد العزيز بن المختار عن خالد؟؟؟؟؟ عن أبى عثمان قال حدثنى عمرو بن العاص قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) سببه هذا السؤال ذكره الزرقانى في شرح المواهب فقال أخرج الشيخان والترمذى والنسائى وغيرهم دخل حديث بعضهم في بعض عن عمرو انه قال قدمت من جيش ذات السلاسل فحدثت نفسى أنه لم يبعثنى على قوم فيهم أبو بكر وعمر إلا لمنزلة لى عنده فأتيته حتى قعدت بين يديه فقلت يا رسول الله أى الناس أحب إليك؟ قال عائشة، فقلت إنى لست أعنى النساء إنما أعنى الرجال، فقال أبوها، فقلت ثم من؟ قال ثم عمر، فعد رجالاً فسكت مخافة أن يجعلنى في آخرهم وقلت في نفسى لا أعود أسأله عن هذا (قال الزرقانى) وفي الحديث جواز تأمير المفضول على الفاضل إذا امتاز المفضول بصفة تتعلق بتلك الولاية، وفضل أبى بكر على الرجال وبنته على النساء ومنقبة لعمرو بن العاص لتأميره على جيش فيهم أبو بكر وعمر وان لم يقتض ذلك افضليته عليهم، لكن يقتضى أن له فضلاً في الجملة، وقد قال رافع الطائى هذه الغزوة هي التي يفتخر بها أهل الشام اهـ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (3) (سنده) حدثنا عبد الرحمن (يعنى ابن مهدى) حدثنا موسى بن على عن أبيه قال سمعت عمرو بن العاص يقول بعث إلىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (5) (غريبه) (4) بتشديد العين المهملة أى رفع نظره الى (5) هو جيش ذات السلاسل وإنما اختاره النبى صلى الله عليه وسلم أميراً على هذا الجيش مع أنه كان فيه أبو بكر وعمر رضى الله عنهما لأنه كان أكثر دراية في ضروب الحرب وفنونه منهما، فقد روى ابن راهويه والحاكم وصححه وأقره الذهبى عن بريدة أن عمرو بن العاص أمرهم في تلك الغزوة أن لا يوقدوا ناراً فأنكر ذلك عمر، فقال له أبو بكر دعه فان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يبعثه علينا إلا لعلمه بالحرب فسكت عمر عنه، وجاء عند ابن حبان زيادة فلقوا العدو فهزموهم فأرادوا أن يتبعوهم فمنعم، فلما انصرفوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فسأله، فقال كرهت أن آذن لهم أن يوقدوا ناراً فيرى عدوهم قلتهم، وكرهت أن يتبعوهم فيكون لهم مدد فحمد أمرى، وجاء في المواهب أن النبى صلى الله عليه وسلم عقد له رواءاً أبيض وجعل معه راية سوداء وبعثه في ثلاثمائة من سراة المهاجرين والأنصار (بفتح السين المهملة) أى من أشرافهم ومعهم ثلاثون فرساً فسار الليل وكمن النهار فلما قرب منهم بلغه أ، لهم جمعاً كثيراً فبعث رافع بن مكيث (بفتح الميم) الجهنى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمده فبعث إليه أبا عبيدة بن الجراح وعقد له لواءاً وبعث معه مئتين من سراة المهاجرين والأنصار

-[سرية سيف البحر وما لاقاه الصحابة من الشدة والجوع فيها]- فيسلمك الله ويغنمك وأرغب لك من المال رغبة صالحة (1)، قال قلت يا رسول الله ما أسلمت من أجل المال ولكني أسلمت رغبة في الاسلام وأن أكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عمرو نعم المال الصالح للمرء الصالح (باب ما جاء في سرية سيف البحر (2) وتسمى أيضاً سرية الخبط) (حدثنا هاشم بن القاسم) (3) وحسن بن موسى قال ثنا زهير ثنا ابو الزبير عن جابر قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية ثلاثمائة) (4) وأمر علينا أبا عبيدة فنلقى عيراً لقريش (5) وزوّدنا جراباً من تمر لم يجد لنا غيره، قال

_ فيهم أبو بكر وعمرو رضى الله عنهما وأمره أن يلحق بعمرو وأن يكونا جميعاً ولا يختلفا (1) قال الواقدى حدثنى ربيعة بن عثمان عن يزيد بن رومان أن أبا عبيدة لما آب الى عمرو بن العاص فصاروا خمسمائة فساروا الليل والنهار حتى وطئ بلاد بلى ودوّخها، وكلما انتهى إلى موضع بلغه أنه قد كان بهذا الموضع جمع فلما سمعوا بك تفرقوا حتى انتهى إلى أقصى بلاد بلى وعذرة وبلقين (أى بنى القين كقولهم بلحارث في بنى الحارث) ولقى في آخر ذلك جمعاً ليس بالكثير فاتتلوا ساعة وتراموا بالنبل ساعة ورمى يومئذ عامر بن ربيعة وأصيب ذراعه وحمل المسلمون عيلهم فهزموا وأعجزوا هرباً في البلاد وتفرقوا ودوخ عمرو ما هناك وأقام أياماً لا يسمع لهم بجمع ولا مكان صاروا فيه، وكان يبعث أصحاب الخيل فيأتون بالشاء والنعم وكانوا ينحرون ويذبحون ولم يكن في ذلك أكثر من ذلك ولم تكن غنائم تقسم (تخريجه) طب طس على حب ك) والبخارى في الأدب المفرد وصححه أبو عوانة وابن حبان والحاكم وقال الهيثمي رواه (طب طس عل) ورجال أحمد وأبى يعلى رجال الصحيح (باب) (2) سماها البخارى غزوة سيف البحر أى ساحل البحر، وكذا ترجمها ابن اسحاق فقال غزوة أبى عبيدة على ساحل للبحر، وهو جرى على غير الغالب من اصطلاح أهل السير أن ما لم يحضره النبى صلى الله عليه وسلم يسمى سرية أو بعثاً، وما حضره غزوة لكن الأقدمون لا يرون ذلك غالباً (وتسمى أيضاً سرية الخبط) بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة بعدهما طاء مهملة ورق السلم كما قاله الحافظ وهو بفتحتين شجر عظيم له شوك كالعوسج والطلع، قيل وهو الذي أكلوه فهذا بيان للشجر الذى أخذ ورقه والا فالخبط لغة ما سقط من ورق الشجر إذا خبط بالعصى سواء كان من شجر السلم أو غيره وسأتى التصريح بذلك في الحديث (3) (حدثنا هاشم بن القاسم الخ) (غريبه) (4) هذا العدد جاء في الصحيحين أيضاً (5) جاء عند مسلم وكان فيهم عمر بن الخطاب ليلقى عيراً لقريش، وظاهر قوله ليلقى عيراً لقريش أن هذه السرية كانت قبل صلح الحديبية سنة ست أو قبلها وليس بلازم، فقد قال الحافظ العلامة أحمد ولى الدين بن الحافظ عبد الرحيم العراقي في شرح تقريب الأسانيد لوالده رحمهما الله ما نصه قالوا وقد كانت هذه السرية في شهر رجب سنة ثمان من الهجرة وذلك بعد نكث قريش العهد وقبل الفتح فإنه ان في رمضان من السنة المذكورة اهـ فان قيل كيف يبعث سرية للقتال في رجب وهو من الأشهر الحرم؟ (فالجواب) ان ذلك كان بعد نسخ النهى عن القتال في الأشهر الحرم، ويحتمل أن يكون البعث في أواخر رجب بحيث لا يصلون إلى مقصدهم الا في شعبان والله أعلم (قال الحافظ) وقد ذكر ابن سعد وغيره أن النبى صلى الله عليه وسلم بعثهم إلى حيى من جهينة القبيلة بفتح القاف والموحدة مما يلى ساحل البحرين بينهم وبين المدينة خمس ليال وأنهم انصرفوا ولم يلقوا كيداً وأن ذلك كان في رجب سنة ثمان وهذا لا يغاير

-[تفريج كرب الصحابة من الجوع بأن رزقهم الله بسمكة من البحر كفتهم شهراً وكانوا ثلاثمائة]- فكان أبو عبيدة يعطينا تمرة تمرة (وفي رواية فكان يقوتنا حتى كان يصيبنا كل يوم تمرة) (1) قال قلت كيف كنتم تصنعون بها؟ قال نمصها كما يمص الصبي ثم نشرب عليها من الماء فيكفينا يومنا إلى الليل، قال وكنا نضرب بعصينا الخبط (2) ثم نبله بالماء فنأكله، قال وانطلقنا على ساحل البحث فرفع لنا على ساحل البحر كهيئة الكثيب الضخم (3) فأتيناه فإذا هو دابة يدعى العنبر (4) قال أبو عبيدة ميتة قال حسن بن موسى (5) ثم قال لا بل نحن رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال هاشم في حديثه قال له بل نحن رسل الله وفي سبيل الله وقد اضطررتم فكلوا وأقمنا عليه شهراً ونحن ثلاثمائة حتى سمنا، ولقد رأيتنا نغترف من وقب (6) عينيه فالقلال الدهن ونقتطع منه القدر (7) كالثور أو كفدر الثور، قال ولقد أخذ منا أبو عبيده ثلاثة عشر رجلاً فقعدهم في وقب عينه، وأخذ ضلعاً من أضلاعه فأقامها ثم رحل أعظم بعير معنا قال حسن ثم رحل أعظم بعير كان معنا فمر من تحتها وتزودنا من لحمه وشائق (8) فلما قدمنا المدينة أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرنا ذلك له فقال هو رزق أخرجه الله عز وجل لكم فهل معكم من لحمه شيء فتطعمونا؟ قال فأرسلنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فأكله

_ ظاهره ما في الصحيح لأنه يمكن الجمع بين كونهم يتلقون عيراً لقريش ويصدون حياً من جهينة والله أعلم (1) فيه إجمال وتفصيل ذلك جاء في رواية البخارى والامام مالك عن وهب بن كيسان عن جابر قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثاً قبل الساحل وأمر عليهم أبا عبيدة بن الجراح وهم ثلاثمائة قال جابر وأنا فيهم فخرجنا حتى إذا كنا ببعض الطريق فنى الزاد (يعنى الذي زودهم النبى صلى الله عليه وسلم به وهو الجراب) فأتوا ابا عبيدة بأدواد ذلك الجيش فجمع كله فكان مزود تمر، فكان يقوتنا كل يوم قليلاً قليلاً حتى فنى ولم يكن نصيبنا إلا تمرة تمرة الحديث (وفي رواية أخرى) للبخارى من طريق وهب بن كيسان أيضاً في هذا الحديث خرجنا ونحن ثلاثمائة نحمل زادنا على رقابنا ففنى زادنا حتى كان الرجل منا يأكل كل يوم تمرة) وظاهر هذه الرواية والتي قبلها أنه كان لهم زاد بطريق العموم وأزواد بطريق الخصوص، فلما فنى الذى بطريق العموم اقتضى رأى أبى عبيدة أن يجمع الذي بطريق الخصوص لقصد المساواة بينهم في ذلك ففعل فكان جميعه مزوداً واحداً (2) يعنى ورق شجر السلم كما تقدم (3) الكثيب الرمل المستطيل المحدودب (4) قال أهل اللغة العنبر سمكة بحرية كبيرة يتخذ من جلدها الترسة، ويقال إن العنبر المشموم رجيع هذه الدابة، وقال ابن سينا، بل المشرم يخرج من البحر، وانما يؤخذ من أجواف السمك الذي يبتلعه، ونقل الماوردي عن الامام الشافعى قال سمعت من يقول رأيت العنبر نابتاً في البحر ملتوياً مثل عنق الشاة وفي البحر دابة تأكله وهو سم لها فيقتلها فيقذفها فيخرج العنبر من بطنها، وقال الأزهرى العنبر سمكة تكون بالبحر الأعظم يبلغ طولها خمسين ذراعاً يقال لها بالة وليست بعربية (5) هو أحد الروايين اللذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث والثاني هاشم بن القاسم وكل واحد منهما روى ما سمعه (6) بفتح الواو وسكون القاف وموحدة النقرة التى فيها الحدقة (7) بكسر الفاء وفتح المهملة جمع فدرة بفتح فسكون القطعة من اللحم وغيره (8) قال في النهاية الوشيقة أن يؤخذ اللحم فيغلى قليلاً ولا ينضج ويحمل في الأسفار وقيل هي القديد (تخريجه) (ق وغيرهما)

-[غزوة الفتح الأكبر فتح مكة وسببها وما ذكره الحافظ ابن القيم في ذلك]- (أبواب ما جاء في غزوة الفتح الأكبر فتح مكة) (باب ما جاء في تاريخ غزوة الفتح وقصة كتاب حاطب بن أبى بلتعة إلى أهل مكة) (عن ابن عباس) (1) رضى الله تبارك وتعالى عنهما قال خريج رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم عام الفتح في رمضان فصام رمضان وصام المسلمون معه حتى إذا كان بالكديد

_ (باب) (1) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب من شرع في الصوم ثم أفطر في يومه من كتاب للصيام في الجزء العاشر صحيفة 113 وهو الطريق الثانية من حديث رقم 170 فارجع اليه (قال الحافظ ابن القيم) رحمه الله في كتابه زاد المعاد (فصل) في الفتح الأعظم الذى أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين واستنقذ به بلده وبيته الذى جعله هدى للعالمين من أيدى الكفار والمشركين، وهو الفتح الذى استبشر به أهل السماء، وضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء، ودخل الناس به في دين الله أفواجاً، وأشرقت به الأرض ضياءاً وابتهاجاً، خرج له رسول الله صلى الله عليه وسلم بكتائب الاسلام وجنود الرحمن سنة ثمان لعشر مضين من رمضان، واستهمل على المدينة أيارهم كلثوم بن حصين الغفارى، وقال ابن سعد بل استعمل عبد الله بن أم مكتوم (وكان السبب الذي جر إليه وحدا إليه) فيما ذكره إمام اهل السير والمغازى والأخبار، محمد بن اسحاق بن يسار، أن بنى بكر بن عبد مناة من كنانة عدت على خزاعة وهم على ماء يقال له الوتير فبيتوهم وقتلوا منهم، وكان الذى هاج ذلك أن رجلاً من بنى الحضرمى يقال له مالك بن عباد خرج تاجراً فلما توسط أرض خزاعة عدوا عليه فقتلوه وأخذوا ماله، فعدت بنو بكر على رجل من خزاعة فقتلوه، فعدت خزاعة على بن الأسود وهم سلمى وكلثوم ودويب فقتلوهم بعرفة عند أنصاب الحرم، هذا كله قبل المبعث، فلما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء الاسلام حجز بينهم وتشاغل الناس بشأنه، فلما كان صلح الحديبية بينه صلى الله عليه وسلم وبين قريش وقع الشرط انه من أحب أن يدخل في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده فعل، ومن أحب أن يدخل في عقد قريش وعهدهم فعل. فدخلت بنو بكر في عقد قريش وعهدهم. ودخلت خزواعة في عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهده، فلما استمرت الهدنة غنمها بنو بكر من خزاعة وأرادوا أن يصيبوا منهم الثأر القديم، فخرج نوفل بن معاوية الدبلى في جماعة من بنى بكر فبيت خزواعة هم على الوتير فأصابوا منهم رجالاً وتناوشوا واقتتوا وأعانت قريش بنى بكر بالسلاح وقاتل معهم من قريش من قاتل مستخفياً ليلاً. ذكر ابن سعد منهم صفوان بن أمية وحويطب بن عبد العزى ومكرز بن حفص حتى حازوا خزاعة إلى الحرم، فلما انتهوا إليه قالت بنو بكر يا نوفل إنا قد دخلنا الحرم إلاهك إلاهك ثأركم فيه، فلما دخلت خزاعة مكة لجئوا إلى دار بديل بن ورقاء الخزاعى ودار مولىً لهم يقال له رافع ويخرج عمرو بن سالم الخزاعى حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فوقف عليه وهو جالس في المجسد بين ظهرانى أصحابه فقال: يا رب انى ناشد محمدا ... حلف أبينا وأبيه الأتلدا ... قد كنتم ولداً وكنا والدا ثمة أسلمنا ولم ينزع يدا ... فانصر هداك الله نصراً أبدا ... وادع عباد الله يأتوا مددا

-[مجيء أبى سفيان بن حرب إلى النبى صلى الله عليه وسلم يستعطفه في عدم غزو مكة]- دعا بماء في قعب وهو على راحلته فشرب والناس ينظرون يعلمهم أنه قد أفطر فأفطر المسلمون

_ فيهم رسول الله قد تجردا ... أبيض مثل البدر يسموا صعدا ... إن شئتم خشفا وجهه تربدا في فليق كالبحر يجرى مزبدا ... ان قريشاً أخلفوك الموعدا ... ونقضوا ميثاقك المؤكدا وجعلوا لى في كداء رصدا ... وزعموا أن لست تدعو أحدا ... وهم أذل وأقل عددا هم بيتونا بالوتير هججدا ... وقتلونا ركعاً وسجدا نقول قتلنا وقد أسلمنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت يا عمرو بن سالم ثم عرضت سحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن هذه السحابة لتستهل بنصر بنى كعب ثم خرج بديل بن ورقاء في نفر من خزاعة حتى قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاخبروه بما أصيب فيهم وبمظاهرة قريش بنى بكر عليهم، ثم رجعوا إلى مكة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للناس كأنكم بأبى سفيان وقد جاء ليشد العقد ويزيد في المدة. ومضى بديل بن ورقاء في أصحابه حتى لقوا أبا سفيان بن حرب بعسفان وقد بعثه قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليشد العقد ويزيد في المدة، ومضى بديل بن ورقاء في أصحابه حتى لقوا ابا سفيان بن حرب بعسفان وقد بعثه قريش إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ليشد العقد ويزيد في المدة وقد رهبوا الذى صنعوا، فلما لقى أبو سفيان بديل بن ورقاء قال من اين أقبلت يا بديل؟ فظن أنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال سرت في خزاعة في هذا الساحل وفي بطن هذا الوادى، قال أوما جئت محمداً؟ قال لا، فلما راح بديل إلى مكة قال أبو سفيان لئن كان جاء المدينة لقد علف بها النوى فأتى مبرك راحلته فأخذ من بعرها ففتة فرأى فيها النوى، فقال احلف بالله لقد جاء بديل محمداً، ثم خرج أبو سفيان حتى قدم المدينة فدخل على ابنته أم حبيبة فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته عنه فقال لا بنية ما أدرى أرغبت بى عن هذا الفراش أم رغبت به عنى؟ قالت بل هو فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنت مشرك نجس، فقال والله لقد أصابك بعدى شر، ثم خرج حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمه فلم يرد عليه شيئاً، ثم ذهب إلى أبى بكر فكلمه أن يكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أنا بفاعل، ثم أتى عمر بن الخطاب فكلمه فقال أنا أشفع لكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فوالله لو لم أجد إلا الذر لجاهدتكم به، ثم جاء فدخل على عليّ بن أبى طالب وعنده فاطمة وحسن غلام يدب بين يديهما فقال يا على إنك أمسَّ القوم بي رحماً وانى قد جئت في حاجة فلا أرجعن كما جئت خائباً: اشفع لى إلى محمد، فقال ويحك يا أبا سفيان، والله لقد عزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على أمر ما نستطيع أن نكلمه فيه، فالتفت إلى فاطمة فقال لعل لك أن تأمرى ابنك هذا فيجير بين الناس فيكون سيد العرب إلى آخر الدهر، قالت والله ما يبلغ ابنى ذاك أن يجير بين الناس، وما يجير أحد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال يا أبا الحسن إنى أرى الأمور قد اشتدت عليّ فانصحني، قال والله ما أعلم لك شيئاً يغنى عنك ولكنك سيد بنى كنانة فقم فأجر بين الناس ثم الحق بأرضك. قال أوترى ذلك مغنياً عنى شيئاً؟ قال لا والله ما أظنه ولكنى لم أجد لك غير ذلك. فقالم أبو سفيان في المسجد فقال أيها الناس انى قد أجرت بين الناس، ثم ركب بعيره فانطلق فلما قدم على قريش قالوا ما ورائك؟ قال جئت محمداً فكلمته فوالله ما رد على شيئاً ثم جئت ابن أبى قحافة فلم أجد فيه خيراً، ثم جئت عمر بن الخطاب فوجدته أدنى العدو، ثم جئت علياً فوجدته ألين القوم، قد أشار عليّ بشيء صنعته فوالله ما أدرى هل يغنى عني شيئاً أم لا. قالوا وبم أمرك؟ قال أمرنى أن أجير بين الناس ففعلت. فقالوا فهل أجاز محمد؟ قال لا، قالوا ويلك والله ان زاد الرجل على أن لعب بك

-[تجهيز النبي صلى الله عليه وسلم لغزو مكة وقصته مع ابن عمه أبى سفيان بن الحارث وإسلامه]- (وعنه أيضاً) (1) قال ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسفره (2) واستخلف على المدينة أبا رهم (3) كلثوم

_ (1) (سنده) حدثنا يعقوب قال حدثنى أبى عن ابن اسحاق قال فحدثنى محمد بن مسلم الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس قال ثم مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (2) يعنى غزوة فتح مكة (3) بضم الراء وسكون الهاء الغفارى أحد الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة رضي الله عنهم.

-[تاريخ غزو مكة ومجيء أبي سفيان بن حرب إلى النبى صلى الله عليه وسلم وقصة إسلامه]- ابن حصين بن عتبة بن خلف الغفارى رضى الله تعالى عنه وخرج لعشر مضين من رمضان فصام

_ العباس بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم البيضاء وخرج يلتمس لعله يجد بعض الحطابة أو أحداً يخبر قريشاً ليخرجوا يستأمنون رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يدخلها عنوة، قال والله إنى لأسير عليها إذ سمعت كلام أبى سفيان بن حرب وبديل بن ورقاء وهما يتراجعان وأبو سفيان يقول ما رأيت كالليلة نيراناً قط ولا عسكراً، قال يقول بديل هذه والله خزاعة خمشتها الحرب، فيقول أبو سفيان خزاعة أقل وأذل عن أن تكون هذه نيرانها وعسكرها، قال فعرفت صوته فقلت أبا حنظلة، فعرف صوته فقال أبا الفضل؟ قلت نعم. قال فداك أبى وأمى، قال قلت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس وأصباح قريش والله، قال فما الحيلة فداك أبى وأمى؟ قلت والله لئن ظفر بك ليضربن عنقك فاركب في عجز هذه البغلة حتى آت بك رسول الله صلى الله عليه وسلم فأستأمنه لك، فركب خلعى ورجع صاحباه، قال فجئت به فكلما مررت به على نار من نيران المسلمين قالوا من هذا؟ فإذا رأوا بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عليها قالوا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته حتى مررت بنار عمر بن الخطاب فقال من هذا؟ وقام إلىّ فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة قال أبو سفيان عدو الله؟ الحمد لله الذى أمكن منك بغير عقد ولا عهد، ثم خرج يشتد نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم وركضت البغلة فسبقت فاقتحمت عن البغلة فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ودخل عليه عمر فقال يا رسول الله هذا أبو سفيان فدعنى أضرب عنقه، قال قلت يا رسول الله قد أجرته، ثم جلست إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذت برأسه فقلت والله لا يناجيه أحد دوني، فلما أكثر عمر في شأنه قلت مهلاً يا عمر فوالله لو كان من رجال بنى عدى بن كعب ما قلت مثل هذا، قال مهلاً يا عباس فوالله لإسلامك كان أحب إلىّ من إسلام الخطاب لو أسلم، وما بى إلا أنى قد عرفت أن إسلامك كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من إسلام الخطاب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب يا عباس إلى رحلك فإذا أصبحت فأتنى به فذهبت، فلما أصبحت غدوت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويحك يا أبا سفيان أما آن لك أن تعلم أن لا إله إلا الله؟ قال بأبى أنت وأمى ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، لقد ظننت أن لو كان مع الله إله غيره لقد أغنى شيئاً بعد، قال ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أنى رسول الله، قال بأبى أنت وأمى ما أحلمك وأكرمك وأوصلك، أما هذه فإن في النفس حتى الآن منها شيء، فقال العباس ويحك اسلم واشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله قبل أن تضرب عنقك، فأسلم وشهد شهادة الحق، فقال العباس يا رسول الله إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً، قال نعم، من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن اغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل المسجد الحرام فهو آمن، وأمر العباس أن يجلس أبا سفيان بمضيق الوادى عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها ففعل، فمرت القبائل على راياتها، كلما مرت به قبيلة قال يا عباس من هذه؟ فأقول سليم. قال فيقول مالى ولسليم. ثم تمر القبيلة فيقول يا عباس من هؤلاء؟ فأقول مزينة. فيقول مالى ولمزينة حتى نفدت القبائل ما تمر قبيلة إلا سألنى عنها فإذا اخبرته قال مالى ولبنى فلان حتى مر به رسول الله صلى الله عليه وسلم في كتيبته الخضراء فيها المهاجرون والأنصار لا يرى منهم إلا الحدق من الحديد قال سبحان الله يا عباس من هؤلاء؟ قال قلت هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم في المهاجرين والأنصار قال =

-[دخول النبي صلى الله عليه وسلم مكة ودهشة أبى سفيان بن حرب وأهل مكة من عظمة جيوش المسلمين]- .....

_ = ما لأحد بهؤلاء قِبَل ولا طاقة، ثم قال والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك اليوم عظيماً قال قلت يا أبا سفيان إنها النبوة: قال فنعم إذاً، قال قلت النجاء إلى قومك، وكانت راية الأنصار مع سعد بن عبادة فلما مر بأبي سفيان قال له اليوم يوم الملحمة اليوم تستحل الحرمة. اليوم أذل الله قريشاً. فلما حاذى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا سفيان قال يا رسول الله ألم تسمع ما قال سعد؟ قال وما قال؟ قال فقال كذا وكذا. فقال عثمان بن عبد الرحمن بن عوف يا رسول الله ما نأمن أن يكون له فى قريش صولة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بل اليوم يوم تعظم فيه الكعبة. اليوم أعز الله فيه قريشاً. ثم أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فنزع منه اللواء ودفعه إلى قيس ابنه ورأى أن اللواء لم يخرج عن سعد اذ صار الى ابنه (قال أبو عمر) وروى أن النبى صلى الله عليه وسلم لما نزع منه الراية دفعها الى الزبير ومضى أبو سفيان حتى اذا جاء قريشاً صرخ بأعلى صوته يا معشر قريش هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن، فقامت اليه هند بنت عتبة فأخذت بشاربه فقالت اقتلوا الخبيث الدسم الأخمش الساقين قُبح من طليعة قوم. قال ويلكم لا تغرنكم هذه من أنفسكم فإنه قد جاءكم مالا قبل لكم به: من دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن، قالوا قاتلك الله. وما تغنى عنا دارك. قال ومن أغلق عليه بابه فهو آمن. ومن دخل المسجد فهو آمن، فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد، وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكة من أعلاها وضربت له هنالك قبة، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد يدخلها من أسفلها وكان على المجنبة اليمنى وفيها أسلم وسليم وغفار ومزينة وجهينة وقبائل من قبائل العرب. وكان أبو عبيدة على الرجالة والخسَّر وهم الذين لا سلاح معهم وقال لخالد ومن معه أن عرض لكم أحد من قريش فاحصدوهم حصداً حتى توافونى على الصفا، فما عرض لهم أحد إلا أناموه، وتجمع سفهاء قريش فاحصدوهم حصداً حتى توافونى على الصفا، فما عرض لهم أحد إلا أناموه، وتجمع سفهاء قريش واخفاؤها مع عكرمة بن أبى جهل وصفوان بن أمية وسهيل بن عمرو بالخندمة ليقاتلوا المسلمين، وكان حماس بن قيس بن خالد أخو بنى بكر يعد سلاحاً قبل دخول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت له امرأته لماذا تعد ما أرى؟ قال لمحمد وأصحابه، قالت والله ما يقوم لمحمد وأصحابه شيء، قال أنى والله لأرجو أنى أخدمك بعضهم ثم قال. (أن يقبلوا اليوم فمالى علة * هذا سلاح كامل وآلة * وذو عرارين من سريع السلة) ثم شهد الخندمة مع صفوان وعكرمة وسهيل بن عمرو فلما لقيهم المسلمون ناوشوهم شيئاً من قتال فقتل كرز بن جابر الفهرى وخنيس بن خالد بن ربيعة من المسلمين وكانا فى خيل خالد بن الوليد فهذا عنه فلسكا طريقاً غير طريقه فقتلا جميعاً وأصيب من المشركين نحو اثنى عشر رجلاً ثم انهزموا وانهزم حماس صاحب السلاح حتى دخل بيته فقال لامرأته اغلقي علىّ بابى فقالت واين ما كنت تقول فقال. إنك لو شهدت يوم الخندمة ... إذا فر صفوان وفر عكرمة ... واستقبلتنا بالسيوف المسلمة يقطعن كل ساعد وجمجمة ... ضرباً فلا تسمع الأغمغمة ... لهم نَهِيتٌ حولنا وهمهمة لم تنطقى فى اللوم ادنى كلمة وقال أبو هريرة اقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكة فبعث الزبير على إحدى المجنبتين (بضم الميم وفتح الجيم وكسر النون مشددة وفتح الموحدة) فذكر معنى حديث أبى هريرة الآتى فى الباب التالى والله أعلم

-[قصة حاطب بن أبى بلتعة وإرساله كتاباً إلى كفار مكة يخبرهم بغزو مكة]- رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وصام الناس معه حتى إذا كان بالكديد (1) ماء بين عسفان وأمج (2) أفطر ثم مضى حتى نزل بمرّ الظهران (3) فى عشرة آلاف من المسلمين (عن جابر ابن عبد الله) (4) أن حاطب بن أبى بلتعة كتب إلى أهل مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوهم (5) فدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المرأة التي معها الكتاب فأرسل إليها فأخذ كتابها من رأسها وقال يا حاطب أفعلت؟ قال نعم أما انى لم أفعل غشاً يا رسول الله ولا نفاقاً قد علمت أن الله مظهر رسوله ويتم له أمره غير أنى كنت عريراً (6) بين ظهريهم وكانت والدتى معهم (7) فأردت أن اتخذ هذا عندهم، فقال له عمر ألا اضرب رأس هذا؟ قال أتقتل رجلاً من أهل بدر (8) ما يدريك لعل الله عز وجل

_ (1) بفتح الكاف وكسر المهملة (2) بفتح الهمزة والميم وآخره جيم بلد بين مكة والمدينة كما في النهاية (3) موضع على مرحلة من مكة (تخريجه) رواه ابن اسحاق في المغازى وأورده الحافظ الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح غير ابن اسحاق وقد صرح بالسماع (يعنى) فالحديث صحيح، وقال أيضاً في الصحيح طرف منه في الصيام (4) (سنده) حدثنا حجين ويونس قالا ثنا الليث بن سعد عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (5) جاء عند ابن اسحاق قال حدثنى محمد بن جعفر عن عروة بن الزبير وغيره من علمائنا قالوا لما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم المسير إلى مكة كتب حاطب بن أبى بلتعة كتاباً إلى قريش يخبرهم بالذى أجمع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم من الأمر في السير إليهم ثم أعطاه امرأة زعم محمد بن جعفر أنها من مزينة وزعم لى غيره أنها سارة مولاة لبعض بنى عبد المطلب وجعل لها جُعلاً على أن تبلغه قريشاً، فجعلته في رأسها ثم قتلت عليه قرونها ثم خرجت به، وأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبر من السماء بما صنع حاطب، فبعث علىّ بن أبى طالب والزبير بن العوام فقال أدركا امرأة قد كتب معها حاطب بن أبى بلتعة بكتاب إلى قريش يحذرهم ما قد أجمعنا له من أمرهم، فخرجا حتى أدركا فذكر الحديث مطولاً (قلت) تقدم حديث بعث على والزبير رضى الله عنهما بأطول من حديث جابر بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما يفعل بالجاسوس إذا كان مسلماً الخ من كتاب الجهاد صحيفة 11 رقم 311 في الجزء الرابع عشر: وهو حديث صحيح رواه الستة إلا ابن ماجه (6) أى غريباً وجاء في الأصل عزيزاً بزايين بدل الراءين وهوخطأ من الطابع أو الناسخ لأنه يناقض حديث بعث على والزبير المشار إليه ففيه (وكنت امرءاً ملصقاً في قريش ولم أكن من أنفسُهما (بضم الفاء) ومعناه أنه كان ملصقاً فيهم بالحلف فقط ولم يكن من نفس قريش وأقربائهم (أما قوله عريراً) بالراء فقد جاء تفسيره في النهاية قال (وفى حديث حاطب) لما كتب إلى أهل مكة ينذرهم مسير رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فلما عوتب فيه قال كنت رجلاً عريراً في أهل مكة أى دخيلاً غريباً ولم أكن من صميمهم وهو فعيل بمعنى فاعل من عررته إذا أتيته تطلب معروفه (7) جاء في الأصل منهم بالنون بدل العين المهملة وهو خطأ ظاهر وصوابه معهم بالعين بدل النون لأنه يخشى على والدته منهم إذا أظهر لهم العداء (8) تقدم الكلام على هذه الجملة وما بعدها في شرح حديث بعث علىِّ المشار إليه فارجع إليه ترى ما يسرك والله الموفق (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخ وعزاه للإمام احمد ثم قال تفرد بهذا الحديث من هذا الوجه الإمام أحمد

-[صفة دخول النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة حتى تم لهم الفتح وعطفه على أهل مكة]- قد اطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم (باب ما جاء فى صفة دخول النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة حتى تم لهم الفتح ومعاملته أهل مكة بالرأفة والعفو) (حدثنا بهز وهاشم) (1) قال حدثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال هاشم قال حدثنى ثابت البنانى حدثنا عبد الله بن رباح قال وفدت وفود إلى معاوية أنا فيهم وأبو هريرة يكثر ما يدعونا إلى رحله، قال فقلت ألا أصنع طعاماً فادعوهم إلى رحلى؟ قال فأمرت بطعام يصنع ولقيت أبا هريرة من العشاء، قال قلت يا أبا هريرة الدعوة عندي الليلة، قال أسبقتنى؟ قال هاشم قلت نعم، قال فدعوتهم فهم عندى، قال أبو هريرة ألا أعلمكم بحديث من حديثكم يا معاشر الأنصار؟ قال فذكر فتح مكة قال أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل مكة قال فبعث الزبير على إحدى المجنبتين (2) قال وبعث خالداً على المجنبة الأخرى، وبعث أبا عبيدة على الحسّر (3) فأخذوا بطن الوادى (4) ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى كتيبته، قال وقدوّ بشت قريش أو باشها (5) قال فقالوا تقدِّم هؤلاء فإن كان لهم شئ كنا معهم، وأن اصيبوا أعطينا الذى قال (6) قال فقال أبو هريرة فنظر فرآنى فقال يا أبا هريرة: فقلت لبيك يا رسول الله، قال فقال اهتف لى بالأنصار (7) ولا يأتينى إلا أنصارى فهتفت فجاؤا فأطافوا برسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ترون إلى أوباش قريش واتباعهم ثم قال بيديه (8) احداهما على الأخرى حصدا حتى توافونى بالصفا: قال فقال أبو هريرة فانطلقنا فما شاء أحد منا أن يقتل منهم ما شاء إلا قتله (9) وما أحد يوجه إلينا منهم شيئاً (10) قال فقال أبو سفيان يا رسول الله ابيحت خضراء قريش (11) لا قريش بعد اليوم، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أغلق بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن (12)، قال فغفل الناس أبوابهم، قال فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الججر فاستمله ثم طاف بالبيت (13) قال وفي يده

_ وإسناده على شرط مسلم ولله الحمد (باب) (1) (حدثنا بهز وهاشم الخ) (غريبه) (2) بضم الميم وفتح الجيم وكسر النون مشددة وهما الميمنة والميسرة ويكون القلب بينهما (3) هو بضم الحاء وتشديد السين المهملتين أى الذين لا دروع عليهم (4) أى جعلوا طريقهم في بطن الوادى (5) أى جمعت جموعاً من قبائل شتى: هو بالباء الموحدة مشددة والشين المعجمة (6) جاء عند مسلم أعطينا الذى سئلنا، والظاهر أنهم كانوا سألوهم أجراً على تقديمهم للقتال والله أعلم (7) أى ادعهم لى وإنما خصهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لثقته بهم ورفعا لمراتبهم وإظهاراً لجلالتهم وخصوصيتهم (8) فيه إطلاق القول على الفعل أى أشار إلى هيئتهم المجتمعة أو إلى حصدهم واستئصالهم بدليل قوله حصدا أيى احصدوهم حصداً (9) فيه دلالة على جبنهم وانتصار المسلمين عليهم (10) أى لا يدفع أحد عن نفسه (11) أى استؤصلت قريش بالقتل وأفنيت وخضراؤهم بمعنى جماعتهم ويعبر عن الجماعة المجتمعة بالسواد والخضرة ومنه السواد الأعظم (12) فيه تأليف لأبى سفيان وإظهار لشرفه (13) فيه الابتداء بالطواف في أول دخوله مكة سواء كان محرماً بحج أو عمرة أو غير محرم وكان صلى الله عليه وسلم دخلها في هذا اليوم وهو يوم الفتح غير محرم بإجماع المسلمين وكان على رأسه المغفر كما سيأتى في حديث أنس والأحاديث

-[خوف الأنصار من بقاء النبى صلى الله عليه وسلم بمكة وتركه المدينة لما رأوه من عطفة على أهل مكة]- قوس أخذ بسية (1) القوس قال فأتى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ إلى جنب البيت كانوا يعبدونه قال فجعل يطعن (2) بها فى عينه ويقول بماء؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟، قال ثم أتى الصفا فعلاه حيث ينظر إلى البيت فرفع يديه فجعل يذكر الله بما شاء فمن؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بدعوه، قال والأنصار تحته، قال يقول بعضهم لبعض أمّا الرجل فأدركته؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بعشيرته (3) قال أبو هريرة وجاء الوحى وكان إذا جاء لم يخف علينا فليس؟؟؟؟؟؟؟؟؟ من الناس يرفع طرفه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقضى، قال هاشم فلما قضى الوحى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ يا معشر الأنصار قلتم أما الرجل فأدركته رغبة فى قريته ورأفة بعشيرته؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (4)، قال فما اسمى إذاً؟ كلا، انى عبد الله ورسوله هاجرت إلى الله وإليكم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ثم الممات مماتكم، قال فأقبلوا إليه يبكون ويقولون والله ما قلنا الذى قلنا إلا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن الله ورسوله ليصدقانكم ويعذرانكم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) (6) دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح من كدَاء من أعلى مكة ودخل؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (وفى لفظ آخر) دخل مكة من أعلى

_ متظاهرة على ذلك والاجماع منعقد عليه (؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) وأما قول القاضى عياض رحمه الله أجمع العلماء على تخصيص النبى صلى الله عليه وسلم بذلك ولم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ من دخلها بعده لحرب أو بغى أنه لا يحل له دخولها حلالاً فليس كما نقل، بل مذهب الشافعى وأصحابه وآخرين أنه يجوز دخولها حلالاً للمحارب بلا خلاف، وكذا لمن يخاف من ظالم أو ظهر؟؟؟؟؟ وغيره، وأما من لا عذر له أصلاً فللشافعى رضى الله عنه قولان مشهوران؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أنه يجوز له خوفاً بغير إحرام لكن يستحب الإحرام، والثانى لا يجوز والله أعلم (1) السية بكسر السين وتخفيف الياء التحتية المفتوحة: المنعطف في طريق القوس (2) بضم العين المهملة على المشهور؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ هذا الفعل إذلال للاصنام ولعابديها وإظهار لكونها لا تضر ولا تنفع ولا تدفع عن نفسها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ الرجل النبى صلى الله عليه وسلم وبقريته مكة وبعشيرته قريشاً، قالوا ذلك لما رأوا رأفته عليه السلام؟؟؟؟؟؟؟؟ بأهل مكة بكفه القتل عنهم ظناً منهم أنه صلى الله عليه وسلم يقيم فيها ولا يرجع إلى المدينة كما؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ ما قلنا الذى قلنا إلا الضن بالله ورسوله والضن هو البخل بالشئ النفيس، فهم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بقائه فيهم وعدم مفارقتهم (4) فيه معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم حيث أخبره الوحى بما قالوا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ صلى الله عليه وسلم (وقوله صلى الله عليه وسلم فما اسمى إذا) معناه انى إذا فعلت ما فهمتم ثم؟؟؟؟؟؟؟؟؟ عبادى؟؟؟؟ وهذا ينافى اسمى لأنى عبد الله ورسوله وانى أحق بالوفاء لكم (كلا) لا أفارقكم في المحيا والممات فشتوا بما أقول لكم، وفيه معجزة أخرى حيث أخبر أن موته صلى الله عليه وسلم يكون؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ يعنى المدينة، وهذا لا ينافى قوله تعالى {وما تدرى نفس بأى أرض تموت) فإن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بذلك على لسان الوحى (5) بكسر الضاد المعجمة أى شحا بك أن تفارقنا ويختص؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وجرى ما عليك وعلى مصاحبتك ودوامك عندنا لنستفيد منك ونتبرك بك وتهدينا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (تخريجه) (م دنس) (6) (عن عائشة رضى الله عنها) هذا الحديث والذى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) تقدماً بسندهما وشرحهما وتخريجهما

-[دخول النبي صلى الله عليه وسلم من ثلية الإذخر وعليه عمامة سوداء وعلى رأسه المغفر]- مكة وخرج من أسفلها (وعنها أيضاً) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح من ثنية الإذخر (عن جابر) (1) أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة سوداء (2) (عن أنس بن مالك) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر (4) فلما نزعه جاء رجل وقال ابن خطل متعلق باستار الكعبة (5) فقال اقتلوه. قال مالك ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ محرماً (6) والله أعلم (عن أبي هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلنا غداً إن شاء الله إذا فتح الله الخيف حيث تقاسموا على الكفر (باب ما جاء في إسلام أبى قحافة والد أبى بكر الصديق رضى الله عنهما يوم الفتح) (عن أسماء بنت أبى بكر) (8) رضى الله عنهما قالت لما وقف رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بذى طوى (9) قال أبو تحافة لابنة له من أصغر ولده أي بنية أظهري بي

_ في الفصل الثاني من باب دخول مكة من كتاب الحج فى الجزء الثانى عشر صحيفة 6 رقم 212 فارجع اليه (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد أنا أبو الزبير عن جابر (يعنى بن عبد الله الخ) (غريبه) (2) زاد مسلم (بغير إحرام) وفى رواية له من حديث عمرو بن حريث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب للناس وعليه عمامة سوداء (قال النووى) رحمه الله فيه جواز لباس الثياب السود، وفيه جواز الأسود فى الخطبة وأن الأبيض أفضل منه كما ثبت فى الحديث الصحيح (خير ثيابكم البياض)، وأما لباس الخطباء السواد فى حال الخطبة فجائز ولكن الأفضل البياض كما ذكرنا، وإنما لبس العمامة السوداء فى هذا الحديث بياناً للجواز اهـ والله أعلم (تخريجه) (م والأربعة) (3) (سنده) حدثنا عبد الرحمن عن مالك عن ابن شهاب عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (4) بوزن منبر هو زرد ينسبح على قدر الرأس مثل القلنسوة وهو من آلات الحرب يستر به المحارب رأسه (5) سيأتى الكلام على ابن خطل في باب أمر النبى صلى الله عليه وسلم بقتل عبد العزى بن خطل الخ (6) قال النووى رحمه الله تعالى هذا دليل لمن يقول بجواز دخول مكة بغير إحرام لمن لم يرد منسكاً سواء كان دخوله لحاجة تكرر كالحطاب والحشاش والسقا والصياد وغيرهم: أم لم تتكرر كالتاجر والزائر وغيرهما سواء أكان آمناً أو خائفاً, وهذا أصح القولين للشافعي وبه يفتى أصحابه، (والقول الثاني) لا يجوز دخولها بغير إحرام إن كانت حاجته لا تتكرر إلا أن يكون مقاتلاً أو خائفاً من قتال أو خائفاً من ظالم لو ظهر: ونقل القاضي نحو هذا عن أكثر العلماء اهـ (قلت) مالك المذكور في الحديث هو الامام مالك بن أنس يحكى عنه عبد الرحمن بن مهدى (تخريجه) (ق. وغيرهما) (7) (عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بأطول من هذا وأوضح بسنده وشرحه وتخريجه في أول باب نزول المحصب إذا نفر مني من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر صحيفة 228 رقم 430 فارجع إليه تجد ما يسرك، وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (باب) (8) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدثنى يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جدته أسماء بنت أبى بكر الخ (غريبه) (9) قال النووى موضع معروف بقرب مكة يقال بفتح الطاء وضمها وكسرها والفتح أفصح وأشهر ويصرف ولا يصرف

-[خوف أبي قحافة والد أبى بكر الصديق من دخول جيش المسلمين مكة وقصة إسلامه]- على أبي قبيس (1) قالت وقد كفّ بصره قالت فأشرفت به عليه، قال يا بلية ماذا تر إن؟ قالت أرى سواداً مجتمعاً، قال تلك الخيل، قالت وأرى رجلاً يسعى بين ذلك السواد مقبلاً ومُدبراً، قال يا بنية ذلك الوازع يعنى الذى يأمر الخيل ويتقدم إليها، ثم قالت قد والله انتشر السواد، فقال قد والله انتشر السواد، فقال قد والله إذاً دفعت الخيل فأسرعى بى إلى بيتى، فانحطت به وتلقاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته وفى عنق الجارية طوق لها من ورق فتلقاها رجل فاقتلعه من عنقها، قالت فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة ودخل المسجد أتاه أبو بكر (رضى الله عنه) بأبيه يقوده (2) فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال هلا تركت الشيخ فى بيته حتى أكون أنا آتيه فيه (3) قال أبو بكر يا رسول الله هو أحق أن يمشى اليك من أن تمشى أنت إليه، قال فأجلسه بين يديه ثم مسح صدره ثم قال له أسلم، فأسلم ودخل به أبو بكر رضى الله عنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه كأنها ثغامة (4) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم غيروا هذا من شعره، ثم قام أبو بكر فأخذ بيد أخته فقال أنشد بالله وبالإسلام طوق أختى فلم يجبه احد فقال يا أخية احتسبى طوقك (5) (باب ما جاء في طلبه صلى الله عليه وسلم مفتاح الكعبة من عثمان بن طلحة ليدخلها وما فعله بالأصنام التى وضعها المشركون فيها وتطهيرها من ذلك) (عن نافع عن ابن عمر) (6) دخل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يوم الفتح وهو على ناقة لأسلمة بن زيد فاناخ يعنى بالكعبة ثم دعا عثمان بن طلحة بالمفتاح فذهب يأتيه به فأبت أمه أن تعطيه (7) فقال لتعطينه أو يخرج بالسيف من صلى (8) فدفعته اليه ففتح الباب فدخل ومعه بلال وعثمان وأسامة فأجافوا الباب عليهم ملياً (9) قال ابن عمر وكنت رجلاً شاباً قوياً فبادرت الناس فبدرتهم (10) فوجدت بلالاً قائماً على الباب فقلت أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال بين العمودين المقدمين (11) ونسيت أن أسأله كم صلى (عن ابن عباس) (12) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم مكة أبى أن يدخل البيت وفيه الآلهة فأمر بها فأخرجت

_ (1) أي اصعدي على جبل أبى قبيس، وأبو قبيس مصغر: جبل مشرف على الحرم المعظم من الشرق (2) تقدم فى الحديث أنه قد كف بصره (3) هذا يدل على تواضعه صلى الله عليه وسلم ومكارم أخلاقه (4) بفتح الثاء المثلثة هو نبت أبيض الزهر والثمر يشبه به الشيب، وقيل هى شجرة تبيض كأنها الثلج (نه) (5) زاد ابن اسحاق والله أن الأمانة فى الناس اليوم لقليل، قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه يعنى به الصديق ذلك اليوم على التعيين لأن الجيش فيه كثرة ولا يكاد أحد يلوى على أحد مع انتشار الناس ولعل الذى أخذه تأوّل أنه من حربى والله أعلم (تخريجه) رواه ابن اسحاق وسنده صحيح ورجاله ثقات (باب) (6) (سنده) حدثنا سفيان عن أيوب عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (7) إنما امتنعت أمه عن إعطائه المفتاح لظنها أن النبى صلى الله عليه وسلم يأخذ الحجابة منهم، قال الآبى يحتمل أنها لم تكن أسلمت حينئذ فلذلك منعت اهـ وفى أسد الغابة أن أمه أم سعيد من بنى عمرو بن عوف ولا ذكر لها فى الصحابيات فالظاهر عدم اسلامها والله أعلم (8) معناه أنه لابد من أخذ المفتاح إما طوعاً أو كرهاً (9) أى ردوه عليهم مدة طويلة (10) أى سابقت الناس فى الذهاب إلى باب الكعبة فسبقتهم (11) فيه اثبات صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة يوم الفتح (تخريجه) (خ) ببعض اختصار (12) (سنده)

-[دخول النبي صلى الله عليه وسلم الكعبة واخراج الأصنام منها ومن قال أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصلى فيها]- فأخرج صورة إبراهيم، وإسماعيل عليهما السلام في أيديهما الازلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاتلهم الله أما والله لقد علموا ما اقتسما بها قط (1) قال ثم دخل البيت فكبر فى نواحى البيت وخرج ولم يصل فى البيت (2) (عن عبد الله بن مسعود) (3) دخل النبى صلى الله عليه وسلم وحول الكعبة ستون وثلثمائة نصب (4) فجعل يطعنها بعود كان بيده ويقول جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا (أبواب دخول الكعبة واختلاف الصحابة فى حكم الصلاة فيها) (باب من روى أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل داخل الكعبة) (عن ابن جريج) (5) قال ينهى عن دخوله ولكنى سمعته (7) يقول أخبرنى أسامة بن زيد أن النبى صلى الله عليه وسلم لما دخل البيت دعا فى نواحيه كلها ولم يصل فيه حتى خرج فلما خرج ركع ركعتين فى قبل الكعبة (8) قال عبد الرازق (9) وقال هذه القبلة (عن عمرو بن دينار) (10) أن ابن عمر حدث عن بلال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فى البيت، قال وكان ابن عباس يقول لم يصل فيه ولكن كبر فى نواحيه (عن الفضل بن عباس) (11) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فى الكعبة فسبح وكبر ودعا

_ حدثنا عبد الصمد حدثنى أبى أخبرنا أيوب عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (1) أى ما استقسما بالأزلام قط كما فى رواية البخارى (2) فيه نفى صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة وقد تقدم الكلام على ذلك مستوفى فى أحكام باب ما جاء فى دخول الكعبة من كتاب الحج فى الجزء الثالث عشر صحيفة 16 مع بيان مذاهب الأئمة وكلام العلماء فى ذلك فارجع إليه فإنه بحث نفيس (تخريجه) (خ) وأورده ابن كثير فى تاريخه وقال تفرد به البخارى يعنى لم يروه مسلم (3) (سنده) حدثنا سفيان عن ابن أبى نجيح عن مجاهد عن أبى معمر عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه) (4) بضم النون والصاد المهملة أي ضم (وقوله يطعنها) بضم العين المهملة من باب قتل (تخريجه) (ق. نس مذ) (باب) (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا ابن جريح وروح قالا ثنا ابن جريح قال قلت لعطاء الخ (غريبه) (6) يعنى دخول الكعبة (وقوله قال) يعنى عطاء (لم يكن) ابن عباس (ينهى عن دخوله) أى البيت (7) يقول عطاء (ولكنى سمعته) أى سمعت ابن عباس (يقول أخبرنى أسامة الخ) (8) أى مستقبلاً الكعبة (9) معناه أن عبد الرزاق زاد فى روايته ان النبى صلى الله عليه وسلم قال وهذه القبلة (تخريجه) (م نس) وفيه أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل فى الكعبة: وقد اختلفت الرواة على أسامة بن زيد فبعضهم روى عنه الإثبات كما سيأتى فى الباب التالى، وبعضهم روى عنه النفى كما فى حديث الباب وتقدم الكلام على ذلك مستوفى فى الحج كما أشرنا إلى ذلك آنفاً والله اعلم (10) (سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد بن زيد ثنا عمرو بن دينار الخ (تخريجه) (ق والأربعة) (11) (سنده) حدثنا يونس بن محمد حدثنا حماد يعنى بن سلمة عن عمرو بن دينار عن ابن عباس

-[من روى أن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم صلى فى الكعبة]- الله عز وجل واستغفر ولم يركع ولم يسجد (وعنه أيضاً) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما دخلها وقع ساجداً بين العمودين ثم جلس يدعو (وعنه أيضاً) (2) أنه دخل مع النبى صلى الله عليه وسلم البيت وأن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل فى البيت حين دخله ولكنه لما خرج فنزل ركع ركعتين عند باب البيت (عن ابن عباس) (3) قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة وفيها ست سوار فقام عند كل سارية ولم يصل (وعنه من طريق ثان) (4) أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل فيه (يعنى البيت) ولكنه استقبل زواياه (وعنه أيضاً) (5) حدثنى أخى الفضل بن عباس وكان معه حين دخلها (6) أن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لم يصل فى الكعبة ولكنه لما دخلها وقع ساجداً بين العمودين ثم جلس يدعو (باب من روى أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم صلى فيها) (عن نافع عن ابن عمر) (7) قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة على ناقة لأسامة بن زيد حتى أناخ بفناء (8) الكعبة فدعا عثمان بن طلحة بالمفتاح فجاء به ففتح فدخل النبى صلى الله عليه وسلم وأسامة وبلال وعثمان بن طلحة (وفى رواية والفضل بن العباس) فأجافوا عليهم الباب ملياً (9) ثم فتحوه قال عبد الله فبادرت الناس (10) فوجدت بلالاً على الباب قائماً فقلت أين صلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبة وسلم؟ قال بين العمودين المقدمين، قال ونسيت أن أسأله كم صلى (11)

_ عن الفضل ابن عباس الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه احمد والطبرانى فى الكبير بنحوه ورجاله رجال الصحيح (1) (سنده) حدثنا يعقون ثنا ابى عن ابن اسحاق حدثنى عبد الله بن ابى نجيح عن عطاء بن ابى رباح او عن مجاهد بن جبر عن عبد الله بن عباس حدثنى اخى الفضل بن عباس وكان معه حين دخلها ان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله ثقات (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق حدثنا ابن جريح اخبرنى عمرو بن دينار ان ابن عباس كان احمد، وروى الطبرانى معناه فى الكبير ورجال احمد رجال الصحيح (3) (سنده) حدثنا يزيد اخبرنا همام بن يحيى حدثنا عطاء عن ابن عباس الخ (4) (سنده) حدثنا اسماعيل اخبرنا ليث قال قال طاوس قال ابن عباس أن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق وغيرهما) (5) (سنده) حدثنا يعقوب حدثنا ابى عن ابن اسحاق حدثنى عبد الله بن ابى نجيح عن عطاء بن ابى رباح أو مجاهد بن جبر عن عبد الله بن عباس حدثنى أخى الفضل الخ (غريبه) (6) معناه وكان الفضل ابن عباس مع النبى صلى الله عليه وسلم حين دخل الكعبة (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه احمد ورجاله ثقات اهـ (قلت) وقوله فى السند عن عطاء بن ابى رباح او مجاهد بن جبر هذا الشك لا يؤثر فى صحة الحديث لأن كلهما ثقة فالحديث صحيح (باب) (7) (سنده) حدثنا عبد الرزاق حدثنا عبيد الله عن نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (8) بكسر الفاء وبالمد جانبها وحريمها (9) أى ردوه عليهم وتقى هكذا مدة طويلة (10) أى سابقتهم فى الوصول إلى باب الكعبة (11) جاء فى رواية أخرى عند الامام أحمد أيضاً

-[من روى أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى الكعبة]- (وعنه عن طريق ثان بنحوه وفيه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ترك عمودين عن يمينه وعموداً عن يساره؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وبينه وبين القبلة ثلاثة أذرع (قال اسحق) وكان البيت يومئذ؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بين القبلة (عن أبى الشعثاء) (3) قال ذهبت حاجاً فدخلت البيت؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ حتى لزقت بالحائط، قال وجاء ابن عمر حتى قام إلى جنبى فصلى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من البيت؟ قال فقال ههنا (4) أخبرنى أسامة بن زيد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ صلى؟ قال على هذا أجدنى ألوم نفسي، إني مكثت معه عُمراً ثم لم أسأله كم؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ المقبل قال خرجت حاجاً (5) قال فجئت حتى قمت على مقامه (6)؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ إلى جنبى فلم يزل يزاحمنى حتى أخرجنى منه ثم صلى فيه أربعاً (عن؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟) أن معاوية حج فأرسل إلى شيبة ابن عثمان أن افتح باب الكعبة فقال علىَّ؟؟؟؟؟؟؟؟؟ رضى الله عنهما، فقال له معاوية هل بلغت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فى الكعبة؟ فقال: نعم؟؟؟؟؟؟؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم الكعبة فتأخر خروجه فوجدت شيئاً (8) فذهبت ثم جئت سريعاً؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ رسول الله صلى الله عليه وسلم خارجاً فسألت بلال بن رباح هل صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الكعبة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ بين الساريتين (زاد فى رواية فقام معاوية فصلى بينهما) (وعنه؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ معاوية قدم مكة فدخل الكعبة فبعث الى ابن عمر رضى الله عنهما؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ فقال صلى بين الساريتين بحبال الباب فجاء ابن الزبير فرجّ الباب رجاً شديداً؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ فما أنك قد علمت أنى كنت أعلم

_ وصلى ركعتين حيال وجهه ثم دعاء له؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدى حدثنا مالك واسحاق قال؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة وعثمان بن طلحة وأسامة بن زيد؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ (2) ليس هذا من كلام اسحاق من عنده ولكنه يريد أنه ذكر هذا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وذكره عبد الرحمن بن مهدى، وأن عبد الرحمن ذكر الذى بينه وبين القبلة ولم يذكر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ على هذا أن زيادة اسحاق هذه ثابتة فى الموطأ رواية يحيى بن يحيى وكذلك فى رواية؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ والله أعلم (تخريجه) (م د نس مذ) (3) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أبى الشعثاء الخ (غريبه) (4) يعنى المكان الذى صلى فيه ابن عمر (5)؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أبو الشعثاء (6) أى مقام ابن عمر يعنى المكان الذى قام فيه ابن عمر؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ وقال رواه احمد والطبرانى فى الكبير بمعناه ورجاله رجال الصحيح (7) (سنده)؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ سعيد عن السائب بن عمر حدثنى ابن أبى مليكة أن معاوية الخ (8) يعنى؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ خروج النبى صلى الله عليه وسلم وأسف لعدم دخوله الكعبة (9) (سنده) حدثنا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟ أن معاوية قدم مكة الخ

-[ما جاء في التزام الكعبة والتبرك بها وما يقول ويفعل من دخلها]- مثل الذي يعلم (1) ولكنك حسدتنى (وعن سماك الحنفى) (2) قال سمعت ابن عمر يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فى البيت وستأتون (وفى رواية وسيأتى) من ينهاكم عنه فتسمعون منه يعنى ابن عباس (وفى رواية فتسمعون من قوله) (3) قال ابن جعفر (احد الرواة) وابن عباس جالس قريباً منه (عن أسامة بن زيد) (4) قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى البيت (باب التزام الكعبة والتبرك بها وما يقول وما يفعل من يدخلها) (عن عطاء عن أسامة بن زيد) (5) أنه دخل هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم البيت فأمر بلالاً فأجاف البيت والبيت إذ ذاك على ستة أعمدة فمضى حتى أتى الاسطوانتين اللتين تليان الباب باب الكعبة فجلس فحمد الله وأثنى عليه وسأله واستغفره ثم قام حتى أتى ما استقبل من دبر الكعبة فوضع وجهه وجسده على الكعبة (وفى رواية فوضع صدر عليه وجسده ويديه) فحمد الله وأثنى عليه وسأله واستغفره ثم انصرف حتى أتى كل ركن من أركان البيت فاستقبله بالتكبير والتهليل والتسبيح والثناء على الله عز وجل والاستغفار والمسألة، ثم خرج فصلى ركعتين خارجاً من البيت مستقبل وجه الكعبة، ثم انصرف فقال هذه القبلة هذه القبلة (وفى رواية مرتين أو ثلاثاً) (عن عبد الرحمن بن صفوان) (6) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ملتزماً الباب ما بين

_ (غريبه) (1) أي مثل الذى يعلم ابن عمر ولكنك لم تسألنى حسداً منك (تخريجه) أخرجه الشيخان وغيرهما من حديث بلال فى صلاة النبى صلى الله عليه وسلم فى الكعبة بدون قصة معاوية، وفى المواهب قال وفى كتاب تاريخ مكة للازرقى والفاكهى أن معاوية سأل ابن عمر أين صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال اجعل بينك وبين الجدار ذراعين أو ثلاثة. فعلى هذا ينبغي لمن أراد الاتباع فى ذلك أن يجعل بينه وبين الجدار ثلاثة أذرع فإنه تقع قدماه فى مكان قدميه صلى الله عليه وسلم إن كانت ثلاثة سواء: أو تقع ركبتاه أو يداه أو وجهه إن كان أقل من ثلاثة أذرع والله أعلم اهـ (قلت) وسند حديث الباب صحيح (2) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة وحجاج قال حدثنى شعبة عن سماك الحنفى قال سمعت ابن عمر يقول الخ (غريبه) (3) تقدم فى هذا الباب عن ابن عمر أنه سأل بلالاً فأخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى فى الكعبة وتقدم فى الباب السابق أن ابن عباس نفى الصلاة فيها وابن عباس إنما روى هذا فى الحقيقة عن أخيه الفضل بن عباس كما تقدم فى الحديث الأخير من الباب السابق والصحيح ما روى ابن عمر عن بلال لأن المثبت مقدم على النافى، ولعل الفضل لم ير النبى صلى الله عليه وسلم حين صلى لاشتغاله بالدعاء والله أعلم (4) (عن أسامة بن زيد الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى دخول الكعبة واختلاف الصحابة فى الصلاة فيها من كتاب الحج فى الجزء الثالث عشر صحيفة 14 رقم 451 وقد اتفق العلماء على أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل الكعبة يوم فتح مكة، واختلفوا فى دخوله فى حجة الوداع (وأما الصلاة فيها) فقد قال النووى رحمه الله أجمع أهل الحديث على الأخذ برواية بلال لأنه مثبت فمعه زيادة علم فواجب ترجيحه اهـ (تنبيه) انظر أحكام الباب المشار إليه من كتاب الحج نجد فيه ما يسرك والله الموفق (باب) (5) (سنده) حدثنا يحيى بن عبد الملك ثنا عطاء عن أسامة بن زيد الخ (تخريجه) (م نس) (6) (عن عبد الرحمن بن صفوان الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه

-[أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل عبد العزى بن خطل ولو متعلقاً بأستار الكعبة]- الحجر والباب ورأيت الناس ملتزمين البيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعنه أيضاً) (1) قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قلت لألبس ثيابي وكان داري على الطريق فلأنظرن ما يصنع رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلقت فوافقت رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خرج من الكعبة وأصحابه قد استلموا البيت من الباب إلى الحطيم (2) وقد وضعوا خدودهم على البيت ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى وسطهم: فقلت لعمر كيف صنع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل الكعبة؟ قال صلى ركعتين. (باب أمر النبى صلى الله عليه وسلم بقتل عبد العزى بن خطل ولو متعلقاً بأستار الكعبة وآخرين معه) وتأمين من استجار بأم هانى بنت أبى طالب رضى الله عنها (عن أنس بن مالك) (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاء رجل وقال ابن خطل متعلق بأستار الكعبة فقال اقتلوه، قال مالك ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم محرماً والله أعلم (عن أبى برزة الأسلمى) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة الناس آمنون غير عبد العزى بن خطل (5) (عن عامر الشعبى) (6) عن عبد الله بن مطيع بن الأسود أخى بنى عدى بن كعب عن أبيه مطيع وكان اسمه العاصى فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم مطيعاً، قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر بقتل هؤلاء الرهط بمكة (7)

_ وتخريجه في باب مشروعية طواف الوداع الخ من كتاب الحج فى الجزء الثانى عشر ص 234 رقم 442 (1) (سنده) حدثنا أحمد بن الحجاج أنا جرير عن يزيد بن أبى زياد عن مجاهد عن عبد الرحمن ابن صفوان قال لما افتتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة الخ (غريبه) (2) قال فى النهاية هو ما بين الركن والباب (يعنى ركن الحجر الأسود وباب الكعبة، وقيل هو الحجر (بكسر المهملة وسكون الجيم) المخرج منها سمى به لأن البيت رفع وترك هو محطوماً (تخريجه) (د) قال المنذرى فى إسناده يزيد بن أبى زياد ولا يحتج به: وذكر الدارقطنى أن يزيد بن أبى زياد تفرد به عن مجاهد (باب) (3) (عن أنس بن مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب صفة دخول النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة الخ فى هذا الجزء ص 115 رقم 267 وإنما ذكرته هنا لمناسبة أمر النبى صلى الله عليه وسلم بقتل ابن خطل وجماعة معه وسيأتى سبب قتلهم جميعاً وذكر أسمائهم فى شرح الحديث الآتى بعد حديث (4) (سنده) حدثنا أبو سعيد ثنا شداد أبو طلحة ثنا جابر بن عمرو أبو الوازع عن أبى برزة قال قلت يا رسول الله مرنى بعمل أعمله، قال امط الأذى عن الطريق فهو لك صدقة، قال وقتلت عبد العزى بن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة الخ (غريبه) (5) بفتح الخاء المعجمة والطاء المهملة يعنى وآخرون معه كما سيأتى فى الحديث التالي (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد فى حديث طويل والطبرانى ورجال احمد ثقات (6) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبى عن أبى اسحاق حدثنى شعبة بن الحجاج عن عبد الله بن أبى السفر عن عامر الشعبى عن عبد الله بن مطيع الخ (غريبه) (7) الرهط من الرجال ما دون العشرة وقد ذكر أسماءهم وتراجمهم بن اسحاق فقال قد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى امرائه أن لا يقاتلوا إلا من قاتلهم غير أنه اهدر دم نفر سماهم وان وجدوا تحت أستار الكعبة وهم (عبد الله بن سعد بن أبي سرح

-[ذكر أسماء من أهدر النبى صلى الله عليه وسلم دمهم عير عبد العزى بن خطل]- (وفي رواية يوم فتح مكة) يقول لا تغزى مكة بعد هذا العام أبداً (1) ولا يقتل رجل من قريش بعد العام صبراً أبداً (2) (زاد فى رواية) ولم يدرك الإسلام أحداً من عصاة قريش غير مطيع (3)

_ كان قد أسلم وكتب الوحى ثم ارتد فلما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وقد أهدر دمه فرّ إلى عثمان وكان أخاه من الرضاعة، فلما جاء به ليستأ من له صمت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلاً، ثم قال نعم، فلما انصرف مع عثمان قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن حوله إما كان فيكم رجل رشيد يقوم إلى هذا حين رآنى قد صمتّ فيقتله؟ فقالوا يا رسول الله هلا أومأت الينا؟ فقال إن النبى لا يقتل بالاشارة (وفى رواية) أنه لا ينبغي لنبى أن تكون له خائنة الأعين (قال ابن هشام) وقد حسن إسلامه بعد ذلك وولاه عمر بعض أعماله ثم ولاه عثمان اهـ قال الحافظ ابن كثير ومات وهو ساجد فى صلاة الصبح أو بعد انقضاء صلاتها فى بيته، قال ابن اسحاق (وعبد الله بن خطل) رجل من بنى تيم بن غالب قال الحافظ ابن كثير ويقال ان اسمه عبد العزى بن خطل ويحتمل أنه كان كذلك ثم لما اسلم سمى عبد الله، ولما اسلم بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم مصدقاً وبعث معه رجلاً من الأنصار وكان معه مولى له فغضب عليه غضبة فقتله ثم ارتد مشركاً وكان له قينتان فرتنى وصاحبتها (قال فى المواهب) فرتنى بالفاء المفتوحة والراء الساكنة والتاء المثناة الفوقية (وقريبة) بالقاف والراء والموحدة مصغراً فكانتا تغنيان بهجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، فلهذا أهدر دمه ودم قينتيه فقتل وهو متعلق بأستار الكعبة: اشترك فى قتله أبو برزة الأسلمى وسعيد بن حريث المخزومى، وقتلت إحدى قينتيه (قلت هي قريبة كما يستفد مما سيأتى) قال (والحويرث بن نقيذ) بن وهب بن عبد قصى وكان ممن يؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة، ولما تحمل العباس بفاطمة وأم كلثوم ليذهب بهما إلى المدينة يلحقهما برسول الله صلى الله عليه وسلم أول الهجرة نخس بهما الحويرث هذا الجمل الذي هما عليه فسقطتا إلى الأرض، فلما أهدر دمه قتله على بن أبى طالب، قال (ومقيس ابن صبابة) لأنه قتل قاتل أخيه خطأ بعدما أخذ الدية ثم ارتد مشركاً، قتله رجل من قوله يقال له نميلة بن عبد الله (قال وسارة) مولاة لبنى عبد المطلب ولعكرمة بن أبى جهل لأنها كانت تؤذى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى بمكة (قال الحافظ ابن كثير) وقد تقدم عن بعضهم أنها التي تحملت الكتاب من حاطب بن أبى بلتعة وكأنها عفى عنها أو هربت ثم أهدرت دمها والله أعلم، فهربت حتى استؤمن لها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنها فعاشت إلى زمن عمر فأوطأها رجل فرساً فماتت، وذكر السهيلي ان فرتنى أسلمت أيضاً (قال ابن اسحاق) وأما عكرمة بن أبى جهل فهرب إلى اليمن وأسلمت امرأته أم حكيم بنت الحارث بن هشام واستأمنت له من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمنه فذهبت فى طلبه حتى أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم انتهى ما ذكره ابن اسحاق (1) قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه بعد قوله (لا تغزى مكة بعد هذا العام أبداً) قال فإن كان نهيا فلا إشكال، وإن كان نفياً فقال البيهقى على كفر أهلها (2) قال النووى قال العلماء معناه الاعلام بأن قريشاً يسلمون كلهم ولا يرتد أحد منهم كما ارتد غيرهم بعده صلى الله عليه وسلم ممن حوله وقتل صبرا، وليس المراد أنهم لا يقتلون ظلماً صبراً فقد جرى على قريش بعد ذلك ما هو معلوم والله أعلم (3) جاء عند مسلم بلفظ (ولم يكن أسلم أحد من عصاة قريش غير مطيع كان اسمه العاصى فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم مطيعاً) قال القاضى عياض فى شرحه عصاة هنا جمع العاص من أسماء الأعلام لا من الصفات أى من أسلم ممن كان اسمه العاصى مثل العاص بن وائل

-[ما جاء في تحريم غزو مكة بعد عام الفتح]- (عن أبي مرة مولى فاختة) (1) أم هانئ عن فاختة أم هانئ بنت أبى طالب قالت لما كان يوم فتح مكة أجرت رجلين من احمائي فأدخلتهما بيتاً وأغلقت عليهما باباً فجاء ابن أمى على بن أبى طالب فتفلت عليهما بالسيف (وفى رواية زعم ابن أمى أنه قاتل رجل أجرته فلان انب هبيرة) قالت فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فلم أجده ووجدت فاطمة فكانت أشد علىّ من زوجها، قالت فجاء النبى صلى الله عليه وسلم وعليه أثر الغبار فأخبرته فقال يا أم هانى قد أجرنا من أجرت وأمّنا من أمنت (باب ما جاء في تحريم غزو مكة بعد عام الفتح وخطبته صلى الله عليه وسلم في ذلك) (عن الحارث بن مالك) ابن برصاء (2) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة يقول لا يغزى هذا (3) يعنى بعد اليوم إلى يوم القيامة (عن عمرو بن شعيب) (4) عن أبيه عن جده قال لما فتحت مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كفو السلاح الا خزاعة عن بنى بكر فأذن لهم حتى صلى العصر، ثم قال كفوا السلاح، فلقى رجل من خزاعة رجلاً من بنى بكر من غد بالمزدلفة فقتله فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام خطيباً فقال ورأيته وهو مسند ظهره إلى الكعبة: قال ان أعدى الناس على الله من قتل في الحرم أو قتل غير قاتله أو قتل بذحول (5) الجاهلية، فقام إليه رجل فقال إن فلاناً ابنى (وفي رواية عاهرت بامه (6) في الجاهلية) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا دعوة (7) في الاسلام ذهب أمر الجاهلية، الولد للفراش وللعاهر الأثلب، قالوا وما الأثلب؟ (8) قال الحجر، قال وفي

_ السهمي، والعاص بن هشام أبو البخترى، والعاص بن سعيد بن العاص بن أمية، والعاص بن هشام بن المغيرة المخزومى، والعاص بن منبه بن الحجاج وغيرهم سوى العاص بن الأسود العذرى فغير النبى صلى الله عليه وسلم اسمه فسماه مطيعا، والا فقد أسلمت عصاة قريش وعتاتهم كلها بحمد الله تعالى ولكنه ترك أبا جندل بن سهيل بن عمرو وهو ممن أسلم واسمه ايضاً العاص: فاذا صح هذا فيحتمل أن هذا لما غلبت عليه كنيته وجهل اسمه لم يعرفه المخبر باسمه فلم يستثنه كما استثنى مطيع بن الأسود والله أعلم (تخريجه) أورد الجزء الأول منه الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للامام أحمد ثم قال ورواه الترمذي عن بندار عن يحيى بن سعيد القطان به وقال حسن صحيح (قلت) وبقية الحديث رواه مسلم في صحيحه (1) (عن أى مرة مولى فاختة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب تحريم الدم بالأمان الخ من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صفحة 116 رقم 325 وهو حديث صحيح رواه الشيخان والأربعة من طرق متعددة بألفاظ مختلفة والمعنى واحد (باب) (2) (سنده) حدثنا يحيى بن سعيد عن زكريا عن الشعبى عن الحارث بن مالك بن برصاء الخ (غريبه) (3) يعنى حرم مكة (تخريجه) (مذ) وقال حسن صحيح (4) (سنده) حدثنا يحيى عن حسين عن عمرو بن شعيب الخ (غريبه) (5) بضم الذال المعجمة والحاء المهملة جمع ذحل بفتح فسكون وهو العداوة وطلب ثأر من قتل في الجاهلية بعد الإسلام (6) أي زنيت (7) الدعوة بكسر الدال وسكون العين المهملتين هو أن ينتسب الانسان إلى غير أبيه وعشيرته وقد كانوا يفعلونه فنهى عنه وجعل الولد للفراش (8) بفتح الهمزة واللام وكسرهما والفتح أكثر وبينهما ثاء مثلثة ساكنة وهو الحجر كما

-[خطبة النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم بعد فتح مكة]- الأصابع عشر عشر، وفى المواضح خمس خمس، قال وقال لا صلاة بعد الغداة حتى تطلع الشمس، ولا صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس، قال ولا تنكح المرأة على عمتها ولا على خالتها، ولا يجوز لمرأة عطية إلا باذن زوجها (قال الامام أحمد) (1) سمعت يونس يحدث عن الزهرى عن مسلم بن يزيد حدثنى سعد بن بكر أنه سمع أبا شريح الخزاعي ثم الكعبى وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول أذن لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الفتح في قتال بنى بكر حتى أصبنا منهم ثأرنا وهو بمكة، ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برفع السيف فلقى رهط منا الغَدَ (2) رجلاً من هزيل في الحرم يؤم (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم وكان قد وترهم (4) في الجاهلية وكانوا يطلبونه فقتلوه وبادروا أن يخلص الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمر (5) فلما بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم غضب غضباً شديداً والله ما رأيته غضب غضباً أشد منه فسعينا إلى أبى بكر وعلى رضى الله عنهما نستشفعهما وخشينا أن نكون قد هلكنا، فلما صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الصلاة قام فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله ثم قال أما بعد فان الله عز وجل هو حرّم مكة ولم يحرّمها الناس، وانما أحلها لى ساعة من النهار أمس: وهي اليوم حرام كما حرمها الله عز وجل أول مرة، وإن أعتى الناس على الله عز وجل ثلاثة: رجل قتل فيها ورجل قتل غير قاتله، ورجل طلب بذحل في الجاهلية وإنى والله لأدين (6) هذا الرجل الذى قتلتم فواده رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن عبد الله بن عمرو) (7) قال لما دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة عام الفتح قام في الناس خطيباً فقال يا أيها الناس إنه ما كان من حلف في الجاهلية فان الاسلام لم يزده إلا شدة، ولا حِلف في الاسلام (وفى رواية ولا تحدثوا حلفاً في السلام) (8) (وفى رواية أيضاً ولا هجرة بعد الفتح) (9) والمسلمون يد على من سواهم تكافأ دماؤهم يجير عليهم أدناهم

_ فسره في الحديث والكلام على شرح باقى الحديث تقدم في أبوابه (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى ورجاله ثقات، وغفل عن عزوه للإمام احمد، وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه مختصراً وقال هذا غريب جداً، وقد روى أهل السنن بعض هذا الحديث (يعنى عن عمرو بن شعيب) قال فأما ما فيه من أنه رخص لخزاعة أن تأخذ بثأرها من بنى بكر إلى العصر من يوم الفتح فلم أره إلا في هذا الحديث، وكأنه إن صح من باب الاختصاص لهم مما كانوا أصابوا منهم ليلة الوتير (قلت) الحديث صحيح رواه اصحاب الكتب الستة عن غير واحد من الصحابة مقطعاً في أبواب متفرقة (1) (قال الإمام أحمد الخ) (غريبه) (2) يعنى صباح اليوم التالى ليوم الأمر برفع السيف (3) أى بقصد رسول الله صلى الله عليه وسلم ليسلم على يديه (4) أى أصاب منهم جناية (5) أى بادروا بقتله قبل أن يصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيامر بعدم قتله والله أعلم (6) بكسر الدال المهملة وفتح الياء التحتية بعدها نون مشددة أى ادفع ديته لأولياء دمه (تخريجه) (ق مذ نس) (7) (سنده) حدثنا يزيد أخبرنا محمد بن اسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله بن عمرو (يعنى ابن العاص) الخ (غريبه) (8) هذه الجملة تقدم الكلام على شرحها في باب ما جاء في المؤاخاة والمحالفة بين المهاجرين والأنصار في هذا الجزء صحيفة 7 (9) تقدم الكلام على شرحها في باب لا هجرة بعد الفتح في الجزء العشرين

-[خطبة النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يوم فتح مكة]- ويَردّ عليهم أقصاهم (1) تُردُّ سراياهم على فَقدِهم (2)، لايقتل مؤمن بكافر، دية الكافر نصف دية المسلم (3)، لا جلب ولا جنب (زاد في رواية ولا شغار في الإسلام) (4) ولا تؤخذ صدقاتهم إلا في ديارهم (5) 395 (عن ابن عمر) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة وهو على درج الكعبة الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده ألا إن قتيل العمد (7) الخطأ بالسوط أو العصا فيه مائة من الإبل، وقال مرة المغلظة فيها أربعون خَلِفة في بطونها أولادها إن كل مأثُرة كانت في الجاهلية ودم ودعوى، وقال مرة ودم ومال تحت قدميّ هاتين إلا ما كان من سقاية الحاج وسِدانة البيت فإني أمضيها لأهلها على ما كان 396 (عن عقبة بن أوس) (8) عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (9) أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوم فتح مكة فقال لا إله إلا الله وحده نصر عبده وهزم الأحزاب وحده، قال هشيم مرة أخرى الحمد لله الذي صدق وعده ونصر عبده، ألا إن كل مأثُرة كانت في الجاهلية تعد وتدّعى وكل دم أو دعوى موضوعة تحت قدميّ إلا سِدانة البيت وسقاية الحاج، ألا وإن قتيل خطأ العمد قال هشيم مرة بالسوط والعصا والحجر

_ صحيفة 297 (1) تقدم شرح هذه الجملة في باب تحريم الدم بالأمان من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 115 من حديث علي رضي الله عنه قال في النهاية (أقصاهم) أي أبعدهم وذلك في الغزو إذا دخل العسكر أرض الحرب فوجّه الإمام منه السرايا فما غنمت من شيء أخذت منه ما سمى لها وردَّ ما بقي على العسكر لأنهم وإن لم يشهدوا الغنيمة رِدْءٌ للسرايا وظهرٌ يرجعون إليهم (2) القعد بفتح القاف والعين المهملة اسم جمع للقاعد، وهم الذين لا يمضون للقتال، وهذه الجملة تفسير للجملة التي قبلها، أي يأخذ بعض الغنيمة من حضر القتال ويرد الباقي على من لم يحضر لأنهم ردء لمن حضر القتال وظهرٌ يرجعون إليه كما ذكره صاحب النهاية والله أعلم (3) هذ الجملة تقدم شرحها في باب لا يقتل مسلم بكافر من من كتاب القتل والجنايات في الجزء السادس عشر ص 33 و 34 (4) تقدم شرح الجلب والجنب والشغار في باب مشروعية السبق وآدابه من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر ص 126 رقم 353 (5) تقدم شرح هذه الجملة في باب الرفق برب المال إلخ من كتاب الزكاة في الجزء التاسع صحيفة 39 رقم 79 (تخريجه) (دمذ) مقطعًا في مواضع مختلفة وهو حديث صحيح صححه الترمذي وغيره وله شواهد كثيرة تعضده (6) (سنده) حدّثنا سفيان عن ابن جُدْعان عن القاسم بن ربيعة عن ابن عمر إلخ (غريبه) (7) تقدم شرح هذه الجملة وهي قوله (ألا إن قتيل العمد) إلى آخره من حديث ابن عمر أيضًا من طريق ثان في باب دية قتيل شبه العمد من كتاب القتل والجنايات في الجزء السادس عشر صفحة 51 رقم 129 وتقدم تخريجه والكلام عليه هناك (8) (سنده) حدّثنا هشام ثنا خالد عن القاسم بن ربيعة بن جوشن عن عقبة بن أوس إلخ (غريبه) (9) قيل إن الرجل المبهم عنا من الصحابة هو عمرو بن العاص، كما جاء صريحًا عند أبي داود والبيهقي والدارقطني، قيل وهِمَ فيه بعضٌ لنسبته لعبد الله بن عمرو بن العاص وقيل هو عبد الله بن عمر لكونه جاء بسياق حديث عبد الله بن عمر المتقدم، وسواءً كان من حديث عبد الله بن عمر أو من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص فالحديث

-[حديث أبي شريح العدوي في تحذير عمرو بن سعيد من غزو مكة]- دية مغلظة مائة من الإبل منها أربعون في بطونها أولادها، وقال مرة أربعون (1) من ثنية إلى بازل عامها كلهن ×فافة 397 (عن أبي شريح العدوي) (2) أنه قال لعمرو بن سعيد (3) وهو يبعث البعوث إلى مكة (4) ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولاً قام به رسول الله صلى الله عليه وسلم الغدَ (5) من يوم الفتح سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حيث تكلم به أنه حمد الله وأثنى عليه، ثم قال إن مكة حرّمها الله ولم يحرِّمها الناس، فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك فيها دمًا ولا يَعضُض (6) فيها شجرة فإن أحد ترخّص (7) بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فقولوا إن الله عز وجل أذن لرسوله ولم يأذن لكم، وإنما أذن لي فيها ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كحرمتها بالأمس (8) فليبلغ الشاهد الغائب، فقيل لأبي شريح ما قال لك عمرو؟ قال قال أنا أعلم بذلك منك يا أبا شريح (9) إن الحرم لا يعيذ عاصيًا (9) ولا فارًّا بدم ولا فارًّا بجزية وفي لفظ

_ صحيح ثابت (1) وقال مرة أربعون إلخ تقدم تفسير هذه الجملة من هذا الحديث نفسه في باب دية قتيل شبه العمد المشار إليه آنفًا ص 51 رقم 131 (تخريجه) (د نس جه قط هق) والبخاري في التاريخ الكبير وسنده جيد (2) (سنده) حدّثنا أبو كامل قال ثنا ليث قال حدثني سعيد بن أبي شريح العدري إلخ (غريبه) (3) أي ابن العاص بن سعيد بن العاص بن أمية المعروف الأشدق لأنه صعد المنبر فبالغ في شتم علي رضي الله عنه فأصابته لقوة: وكان يزيد بن معاوية ولاه المدينة (قال الطبري) كان قدومه واليًا على المدينة من قِبَل يزيد في السنة التي ولي فيها يزيد الخلافة سنة ستين اهـ (وقال السهيلي) عمرو بن سعيد بن العاص بن أمية وهو الأشدق ويكنى أبا أمية وكان لطيم الشيطان وكان جبارًا شديد البأس حتى خافه عبد الملك على ملكه فقتله بحيلة، وذكر له خبرًا طويلاً، وهو الذي رعف على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سال منه الدم (4) المراد به الجيش المجهز لقتال عبد الله بن الزبير لأنه لما امتنع من بيعة يزيد وأقام بمكة كتب يزيد إلى عمرو بن سعيد أن يوجه إلى ابن الزبير جيشًا فجهز إليه جيشًا فجاءه أبو شريح العدوي فقال له ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولاً إلخ (5) بالنصب على الظرفية أي اليوم الثاني من يوم الفتح لمكة (6) بفتح أوله وضم الضاد وفي رواية بكسرها أي لا يقطع (7) من الرخصة وأحد مرفوع بفعل مضمر يفسره ما بعده أي فإن ترخص أحد (بقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم) متعلق بقوله ترخص أي لأجل قتال رسول الله صلى الله عليه وسلم أي مستدلاًّ به (فقولوا إن الله إلخ) (8) أي عاد تحريمها كما كانت بالأمس قبل يوم الفتح حرامًا زاد في رواية من حديث ابن عباس عند البخاري وهو حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة (9) معناه اعلم أن مكة حرمها الله وأنك قد صح سماعك ولكنك لم تفهم المراد (10) يشير إلى عبد الله بن الزبير لأن عمرو بن سعيد كان يعتقد أنه عاصٍ بامتناعه عن امتثال أمر يزيد لأنه كان يرى وجوب طاعته لكنها دعوى من عمرو بغير دليل، وليس كلام عمرو بن سعيد هذا حديثًا يحتج به، وزاد في رواية أخرى الإمام أحمد وابن إسحاق أن أبا شريح قال لعمرو بن سعيد بعد قوله إن الحرم لا يعيذ عاصيًا إلخ (قد كنتُ شاهدًا وكنتَ غائبًا وقد بلغت، وقد أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يبلغ شاهدنا غائبنا وقد بلغتك فأنت وشأنك) وإنما ترك أبو شريح مشاققته لعجزه عنه لما كان فيه من قوة

-[بيعة أهل مكة رجالاً ونساءً واستحضار أولادهم ليمسح النبي صلى الله عليه وسلم عليهم]- ولا مانع جزية (باب ما جاء في بيعة أهل مكة رجالاً ونساءً) واستحضار أولادهم ليمسح النبي صلى الله عليه وسلم عليهم 398 (عن الوليد بن عقبة) (1) قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة جعل أهل مكة يأتون بصبيانهم فيمسح على رءوسهم ويدعو لهم فجيء بي إليه وإني مطيب بالحلوق (2) ولم يمسح على رأسي ولم يمنعه من ذلك إلا أن أمي خلقتني بالخلوق فلم يمسني من أجل الخلوق 399 (حدّثنا عبد الرازق) (3) أنا بن جريج قال أخبرني عبد الله بن عثمان بن خُثَيم أن محمد بن الأسود بن خلف أخبره أن أباه الأسود وأى النبي صلى الله عليه وسلم يبلغ الناس يوم الفتح، قال جلس عند قرن مسقلة (4) فبايع الناس على الإسلام والشهادة، قال قلت وما الشهادة؟ قال أخبرني محمد بن الأسود ابن خلف أنه بايعهم على الإيمان بالله وشهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم فكنت أقول كما يقلن

_ الشوكة والله أعلم (تخريجه) (خ) وابن إسحاق في المغازي (باب) (1) سنده حدّثنا فياض بن محمد الرقى عن جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج الكلابي عن عبد الله الهمداني عن الوليد بن عقبة إلخ (غريبه) (2) بفتح الخاء المعجمة وهو طيب مركب يتخذ من الزعفران وغيره من أنواع الطيب وتغلب عليه الحمرة والصفرة، وقد ورد تارة بإباحته، وتارة بالنهي عنه، والنهي أكثر وأثبت، وإنما نهي عنه لأنه من طيب النساء وكن أكثر استعمالاً له منهم، والظاهر أن أحاديث النهي ناسخة (نه) (تخريجه) (د) قال الحافظ المنذري هكذا ذكره أبو داود عن عبد الله الهمداني عن الوليد بن عقبة، وقال البخاري عن عبد الله الهمداني عن أبي موسى الهمداني ويقال الهمذاني قاله جعفر بن بُرقان عن ثابت بن الحجاج ولا يصح، وقال الحافظ أبو القاسم الدمشقي إن عبد الله الهمداني هو أبو موسى (وقال الحاكم) أبو أحمد الكرابيسي وليس يعرف أبو موسى الهمداني ولا عبد الله الهمداني وقد خولف في هذا الإسناد، وقال ابن أبي خثيمة أبو موسى الهمداني اسمه عبد الله، وهذا حديث مضطرب الإسناد ولا يستقيم عن أصحاب التواريخ أن الوليد كان يوم فتح مكة صغيرًا، وقد روى أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه ساعيًا إلى بني المصطلق وشكته زوجته إلى النبي صلى الله عليه وسلم وروي أنه قدم في فداء من أسر يوم بدر، (وقال أبو عمر النمري) وهذا الحديث رواه جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج عن أبي موسى الهمداني ويقال الهمذاني كذلك ذكره البخاري على الشك عن الوليد بن عقبة، قالوا وأبو موسى هذا مجهول والحديث منكر مضطرب لا يصح، ولا يمكن أن يكون مَن بُعث مصدّقًا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم صبيًّا يوم الفتح، ويدل على فساد ما رواه أبو موسى المجهول أن الزبير بن بكار وغيره ذكروا أن الوليد وعمارة ابني عقبة خرجا ليردا أختهما أم كلثوم عن الهجرة وكانت هجرتها في الهدنة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين أهل مكة وكان غلامًا مخلقًا يوم الفتح ليس يجيء منه مثل هذا، ثم قال وله أخبار فيها نكارة وشناعة اهـ (3) (حدّثنا عبد الرزاق إلخ) (غريبه) (4) اسم مكان معروف عندهم لم أقف على تعيينه، وجاء عند الحاكم فجلس عند قرب دار سمرة (5) يستفاد منه أنه صلى الله عليه وآله وسلم بايع أهل مكة على الإيمان والإسلام فقط لأنه لم يرد منهم سوى ذلك ولأن معظهم بايعوا مكرهين بخلاف بيعة المهاجرين والأنصار فإنهم جاءوا راغبين طائعين رضي الله عنهم أجمعين (وعند البيهقي) فجاءه الناس الكبار والصغار والرجال والنساء

-[بيعة نساء مكة وما قالته هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان للنبي صلى الله عليه وسلم]- (عن مجاشع بن مسعود) (1) قال قلت يا رسول الله هذا، مجالد بن مسعود يبايعك على الهجرة فقال لا هجرة بعد فتح مكة، ولكن أبايعه على الإسلام 401 (عن عروة عن عائشة) (2) رضي الله عنها قالت جاءت فاطمة بنت عتبة بن ربيعة تبايع النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ عليها أن لا يشركن بالله شيئًا ولا يزنين الآية: قالت فوضعت يدها على رأسها حياءً (3) فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى منها، فقالت عائشة أفري أيتها المرأة فوالله ما بايعنا إلا على هذا، قالت فنعم إذًا فبايعها بالآية 402 (عن عائشة بنت قدامة) (4) قالت أنا مع أمي رائطة بنت سفيان الخزاعية والنبي صلى الله عليه وسلم يبايع النسوة ويقول أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئًا ولا تسرقن ولا تزنين ولا تقتلن أولادكن ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن ولا تعصين في معروف، قالت فاطرقن: فقال لهن النبي صلى الله عليه وسلم قلن نعم فيما استطعتن، فكن يقلن وأقول معهن وأمي تلقنني قولي أي بنية فيما استطعت

_ فبايعهم على الإسلام والشهادة تخريجه (ك) ولم يتكلم عليه بشيء وكذلك الذهبي لم يتعقبه بشيء ورجاله كلهم ثقات (1) (عن مجاشع بن مسعود إلخ) هذا الحديث تقدم من طرق أخرى في باب قوله صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح من أبواب أحكام الهجرة في الجزء العشرين صحيفة 97 رقم 168 وتقدم شرحه وتخريجه هناك وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (2) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري أو غيره عن عروة عن عائشة رضي الله عنها إلخ (غريبه) (3) أي حياءً من الزنا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد إلا أنه قال عن معمر عن الزهري أو غيره عن عروة، والبزار لم يشك ورجاله رجال الصحيح (وفي الباب) عند ابن جرير قال ثم اجتمع الناس بمكة لبيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام فجلس لهم فيما بلغني على الصفا وعمر بن الخطاب أسفل من مجلسه فأخذ على الناس السمع والطاعة لله ولرسوله فيما استطاعوا، قال فلما فرغ من بيعة الرجال بايع النساء وفيهن هند بنت عتبة متنقبة متنكرة لحدثها لما كان من صنيعها بحمزة، فهي تخاف أن يأخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم بحدثها ذلك: فلما دنين من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليبايعهن قال بايعنني على أن لا تشركن بالله شيئًا، فقالت هند والله إنك لتأخذ علينا ما لا تأخذه من الرجال، (ولا تسرقن) فقالت والله إني كنت أصبت من مال أبي سفيان الهنة بعد الهنة وما كنت أدري أكان ذلك علينا حلالاً أم لا، فقال أبو سفيان وكان شاهدًا لما تقول أمّا ما أصبت فيما مضى فأنت منه في حل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنك لهند بنت عتبة، قالت نعم فاعف عما سلف عفا الله عنك ثم قال (ولا يزنين) فقالت يا رسول الله وهل تزني الحرة؟ ثم قال (ولا تقتلن أولادكن) قالت قد ربيناهم صغارًا حتى قتلتهم أنت وأصحابك ببدر كبارًا، فضحك عمر بن الخطاب حتى استغرق ثم قال (ولا يأتين ببهتان يفترينه بين أيديهن وأرجلهن) فقالت والله إن إتيان البهتان لقبيح ولبعض التجاوز أمثل ثم قال (ولا يعصينني) فقالت في معروف، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمر بايعهن واستغفر لهن الله (إن الله غفور رحيم) فبايعهن عمر وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء ولا يمس إلا امرأة أحلها الله له أو ذات محرم منه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم (4) (سنده) حدّثنا إبراهيم بن أبي العباس ويونس المعني قالا ثنا عبد الرحمن يعني ابن عثمان بن إبراهيم بن محمد بن حاطب قال حدثني أبي عن أمه عائشة بنت قدامة إلخ (قلت) قال الحافظ في الإصابة =

-[(تابع الشرح) بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد لهدم العزّى وسرية عمرو بن العاص إلى سواع]- .....

_ = هي بنت قدامة بن مزعون القرشية الجمحية وهي مكية والبيعة المذكورة كانت بمكة، وقد روى حديثها أحمد فذكر حديث الباب (تخريجه) أورده الحافظ في الإصابة وعزاه للإمام أحمد ثم قال ورويناه بعلو في المعرفة لابن منده من وجه آخر عن عبد الرحمن بن عثمان وقال فيه مع أمي رائطة بنت سفيان امرأة من خزاعة اهـ (قلت) وسنده حسن (وفي هذه السنة أعني الثامنةمن الهجرة) بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد لهدم العزّى) قال ابن جرير وكان هدمها لخمس بقين من رمضان عامئذٍ (قال ابن إسحاق) ثم بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى العزى وكانت بيتًا بنخلة يعظمه قريش وكنانة ومضر وكان سدنتها وحجابها من بني شيبان من بني سليم حلفاء بني هاشم، فلما سمع حاجبها السلمي بمسير خالد بن الوليد إليها علق سيفه عليها ثم اشتد في الجبل الذي هي فيه وهو يقول أيا عز شدي شدة لا سوى لها ... على خالد ألقي القناع وشمري أيا عز إن لم تقتلي المرء خالدًا ... فبوئي بإثم عاجل أو تنصري قال فلما انتهى خالد إليها هدمها ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (وقد روى الواقدي وغيره) أنه لما قدمها خالد لخمس بقين من رمضان فهدمها ورجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما رأيت؟ قال لم أر شيئًا، فأمره بالرجوع فلما رجع خرجت إليه من ذلك البيت امرأة سوداء ناشرة شعرها تولول فعلاها بالسيف وجعل يقول يا عزى كفرانك لا سبحانك ... إني قد رأيت الله قد أهانك ثم خرب ذلك البيت الذي كانت فيه وأخذ ما كان فيه من الأموال رضي الله عنه وأرضاه، ثم رجع فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تلك العزى ولا تعبد أبدًا (وقال البيهقي) أنبأنا محمد بن أبي بكر الفقيه أنبأنا محمد بن أبي جعفر أنبأنا أحمد بن علي ثنا أبو كريب عن ابن فضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل قال لما فتح رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة بعث خالد بن الوليد إلى نخلة وكانت بها العزى فأتاها وكانت على ثلاث سَمرات فقطع السمرات وهدم البيت الذي كان عليها ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال ارجع فإنك لم تصنع شيئًا، فرجع خالد فلما نظرت إليه السدنة وهم حجابها أمعنوا هربًا في الجبل وهم يقولون، يا عزى خبليه يا عزى عوّريه وإلا فموتي برغم، قال فأتاها خالد فإذا امرأة عريانة ناشرة شعرها تحثو التراب على رأسها ووجهها فعممها بالسيف حتى قتلها ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره فقال تلك العزى اهـ (قال في المواهب اللدنية) (ثم سرية عمرو بن العاص إلى سواع) صنم هزيل على ثلاثة أميال من مكة في شهر رمضان سنة ثمانٍ حين فتح مكة، قال عمرو فانتهيت إليه وعنده السادن فقال ما تريد؟ فقلت أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أهدمه، قال لا تقدر على ذلك، قلت لم؟ قال تمنع، فقلت ويحك وهل يسمع أو يبصر؟ قال فدنوت منه فكسرته ثم قلت للسادن كيف رأيت قال أسلمت لله (ثم سرية سعد بن زيد الأشهلي) إلى مناة صنم للأوس والخزرج بالمشلل في شهر رمضان حين فتح مكة فخرج في عشرين فارسًا حتى انتهى إليها قال السادن ما تريد؟ قال هدم مناة؟ قال أنت وذاك فأقبل سعد يمشي فخرجت إليه امرأة عريانة سوداء ثائرة الرأس تدعو بالويل وتضرب صدرها فضربها سعد بن زيد فقتلها، وأقبل إلى الصنم ومعه أصحابه فهدموه وانصرف راجعًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان ذلك

-[سريِّة خالد بن الوليد إلى بني جَذِيمة وما جاء في تكسير الأصنام]- (باب ما جاء في سرية خالد بن الوليد إلى بني جَذِيمنة) (1)

_ لست بقين من رمضان (ثم سرية خالد بن الوليد رضي الله عنه إلى بني جذيمة) فذكر قصتها (قلت) سيأتي الحديث في ذلك في الباب التالي مشروحًا شرحًا وافيًا (وفي بهجة المحافل) للإمام عماد الدين يحيى بن أبي بكر العامري قال روينا في صحيح البخاري عن ابن عباس صارت الأوثان التي كانت تعبد في قوم نوح عليه السلام في العرب بعد (أمّاوَدّ) فكانت لكلب بدومة الجندل (وأما سواع) فكانت لهذيل (وأما يغوث) فكانت لمراد، ثم لبني غطيف بالجوف عند سبأ (وأما يعوق) فكانت لهمدان (وأما نَسْر) فكانت لحمير لآل ذي الكلاع، وكانت للعرب أصنام أخر (فاللات) لثقيف (ومناة) لقُدَيد (وإساف ونائلة وهبل) لأهل مكة (وذو الخلصة) لخثعم ودوس فهدمها صلى الله عليه وسلم جميعها (قال) ومما ذكر أيضًا إسلام عباس بن مرداس ذكره ابن هشام عقب فراغه من قصة الفتح (وكان من خبره) أنه كان لأبيه مرداس صنم يعبده يقال له ضمار فأوصاه به عند موته وقال له اعبد ضمارًا فإنه ينفعك ويضرك، فبينما عباس يوما عنده إذ سمع مناديًا من جوفه يقول قل للقبائل من سليم كلها ... أودى ضمار وعاش أهل المسجد إن الذي ورث النبوة والهدى ... بعد ابن مريم من قريش مهتدى أودى ضمار وكان يعبد مرة ... قبل الكتاب إلى النبي محمد فحرقه عباس ولحق بالنبي صلى الله عليه وسلم اهـ (قلت) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه وقد ذكر البخاري بعد فتح مكة قصة تخريب خثعم البيت الذي كانت تعبده ويسمونه الكعبة اليمانية مضاهية الكعبة التي بمكة ويسمون الكعبة التي بمكة الكعبة الشامية ولتلك - الكعبة اليمانية (فقال البخاري) ثنا يوسف بن موسى ثنا أبو أسامة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن جرير قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تريحني من من ذي الخلصة؟ فقلت بلى فانطلقت في خمسين ومائة فارس من أحمس وكانوا أصحاب خيل وكنت لا أثبت على الخيل، فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فضرب يده في صدري حتى رأيت أثر يده في صدري وقال اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًّا، قال فما وقعت عن فرس بعد، قال وكان ذو الخلصة بيتًا باليمن لخثعم وبجيلة فيه نصب تعبد يقال له الكعبة اليمانية قال فأتاها فحرقها في النار وكسرها، قال فلما قدم جرير اليمن كان بها رجل يستقسم بالأزلام فقيل له إن رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم هاهنا فإن قدر عليك ضرب عنقك، قال فبينما هو يضرب بها إذ وقف عليه جرير فقال لتكسرنها وتشهد أن لا إله إلا الله أو لأضربن عنقك فكسرها وشهد، ثم بعث جرير رجلاً من أحمس يكنى أرطاة إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبشره بذلك، قال فلما أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله والذي بعثك بالحق ما جئت حتى تركتها كأنها جمل أجرب، قال فبارك رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس ورجالها خمس مرات: قال ورواه مسلم من طرق متعددة بنحوه (باب) (1) جذيمة بفتح الجيم وكسر المعجمة وهم بنو جذيمة بن عامر بن عبد مناة بن كنانة والنسبة إليها جذمي بفتح المعجمة مع فتح الجيم وضمها (وقال السهيلي) وتعرف تلك الغزوة بالغميصاء اسم ماء لبني جذيمة وكانت في شوال سنة ثمانٍ من الهجرة عقب فتح مكة وقبل الخروج إلى حنين (قال سعد في الطبقات) ثم سرية خالد بن الوليد إلى بني جذيمة من كنانة وكانوا بأسفل مكة على ليلة

قصة خالد بن الوليد مع بني جذيمة وقتلهم وأسرهم خطأ بعد إسلامهم 403 ----- (عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر) (1) قال بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى بني - أحسبه قال جذيمة فدعاهم إلى الإسلام فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا، فجعلوا يقولون صبأنا صبأنا (2) وجعل خالد بهم أسرًا وقتلاً، قال ودفع إلى كل رجل منا أسيرًا حتى إذا أصبح بوما أمر خالد أن يقتل كل رجل منا أسيره، قال ابن عمر فقلت والله لا أقتل أسيري ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره قال فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم فذكروا له صنيع خالد فقال النبي صلى الله عليه وسلم ورفع يديه اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد مرتين (3) (باب ما جاء في غزوة حنين (4) وتاريخها وسببها وغير ذلك)

_ ناحية يلملم في شوال سنة ثمان من مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يوم الغميصاء (1) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن سالم بن عبد الله عن ابن عمر إلخ (غريبه) (2) بالهمز وتركه والصابئ الخارج من دين إلى دين (قال في النهاية) يقال صبأ فلان إذا خرج من دين إلى دين غيره، من قولهم صبأ ناب البعير إذا طلع، وصبأت النجوم إذا خرجت من مطالعها، وكانت العرب تسمي النبي صلى الله عليه وسلم الصابئ لأنه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام (3) قال ابن هشام حدثني بعض أهل العلم أنه انفلت رجل من القوم فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل أنكر عليه أحد؟ قال نعم، قد أنكر عليه رجل أبيض ربعة فنهمه (أي زجره) خالد فسكت عنه، وأنكر عليه رجل آخر طويل مضطرب فاشتدت مراجعتهما، فقال عمر بن الخطاب أما الأول يا رسول الله فابني عبد الله، وأما الآخر فسالم مولى أبي حذافة (قال ابن إسحاق) فحدثني حكيم بن حكيم عن أبي جعفر قال ثم دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال يا علي اخرج إلى هؤلاء القوم فانظر في أمرهم واجعل أمر الجاهلية تحت قدميك، فخرج عليّ حتى جاءهم ومعه مال قد بعث به رسول الله صلى الله عليه وسلم فَردَى لهم الدماء (أي دفع دية من قتل) وما أصيب لهم من الأموال حتى إنه ليدِي ميلغة الكلب (بكسر الميم وفتح اللام)، الإناء الذي بلغ، فيه وهذا وصف مبالغة في أنه ضمن لهم كل فائت حتى إذا لم يبق شيء من دم ولا مال إلا وداه وبقيت معه بقية من المال، فقال لهم عليّ حين فرغ منهم هل بقي لكم دم أو مال لم يود لكم؟ قالوا لا، قال فإني أعطيكم هذه البقية من هذا المال احتياطًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم مما لا يعلم ولا تعلمون، ففعل ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فقال أصبت وأحسنت، ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقبل القبلة قائمًا شاهرًا يديه حتى أنه ليرى ما تحت منكبيه يقول اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد بن الوليد ثلاث مرات (أما خالد) فإنه لم يقصد إلا نصرة الإسلام وأهله وإن كان قد أخطأ في أمر واعتقد أنهم ينتقصون الإسلام بقولهم صبأنا صبأنا، ولم يفهم عنهم أنهم أسلموا فقتل طائفة كثيرة منهم وأسر بقيتهم وقتل أكثر الأسرى أيضًا ومع هذا لم يعزله رسول الله صلى الله عليه وسلم بل استمر به أميرًا وإن كان قد تبرأ منه في صنيعه ذلك وودى ما كان جناه خطأً من دم أو مال: ففيه دليل لأحد القولين بين العلماء في أن خطأ الإمام يكون في بيت المال لا في ماله والله أعلم (باب) (4) وتسمى غزوة أوطاس وهما موضعان بين مكة والطائف فسميت الغزوة باسم مكانها وتسمى غزوة هوازن لأنهم الذين أتوا لقتال رسول الله صلى الله عليه وسلم قاله ابن القيم في "زاد المعاد"

-[ما جاء في غزوة حنين وتاريخها وسببها وغير ذلك]- (حدّثنا بهز) (1) ثنا حماد بن سلمة أخبرني يعلى بن عطاء عن أبي همام قال أبو الأسود هو عبد الله بن يسار (2) عن أبي عبد الرحمن الفهري (3) قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة حنين فسرنا في يوم قائظ شديد الحر فنزلنا تحت ظلال الشجر فلما زالت الشمس لبست لأمتي (4) وركبت فرسي فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في فُسطاط فقلت السلام عليك يا رسول الله ورحمة الله حان الرواح (5) فقال أجل، فقال يا بلال فثار من تحت سمرة كأن ظله ظل طائر (6) فقال لبيك وسعديك وأنا فداؤك، فقال أسرج لي فرسي فأخرج سرجا دفتاه (7) من ليف ليس فيهما أشر ولا بطر (8) قال فأسرج قال فركب وركبنا فصاففناهم عشيتنا وليلتنا فنشامت (9) الخيلان فولى المسلمون مدبرين كما قال الله عز وجل (10) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عباد الله

_ (قال الحافظ) حنين بمهملة ونون مصغرا: وادٍ إلى جنب ذي المجاز قريب من الطائف بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً من جهة عرفات، قال أبو عبيد البكري سمي باسم حنين بني قابثة بن مهلاييل (قال أهل المغازي) خرج النبي صلى الله عليه وسلم إلى حنين لست خلون من شوال وقيل لليلتين بقين من رمضان (وجمع بعضهم بأنه بدأ الخروج في أواخر رمضان وسار سادس شوال وكان وصوله إليها في عاشره، وكان السبب في ذلك أن مالك بن عوف النضري جمع القبائل من هوازن ووافقه على ذلك الثقفيون وقصدوا محاربة المسلمين فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم فخرج إليهم اهـ (قلت قال ابن إسحاق) ولما سمع بهم نبي الله صلى الله عليه وسلم بعث إليهم عبد الله بن أبي حدرد الأسلمي وأمره أن يدخل في الناس فيقيم فيهم حتى يعلم علمهم ثم يأتيه بخبرهم: فانطلق ابن أبي حدرد فدخل فيهم حتى سمع وعلم ما قد أجمعوا له من حرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وسمع من مالك وأمر هوازن ما هم عليه، ثم أقبل حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره الخبر فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم السير إلى هوازن ذكر له أن عند صفوان بن أمية ادراعا له وسلاحًا فأرسل إليه وهو يومئذٍ مشرك، فقال يا أبا أمية أعرنا سلاحك هذا نلقى فيه عدونا غدًا، فقال صفوان أغصبًا يا محمد؟ قال بل عارية مضمونة حتى نؤديها إليك، قال ليس بهذا بأس فأعطاه مائة درع بما يكفيها من السلاح، فزعموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأله أن يكفيهم حملها ففعل (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه هكذا أورد هذا ابن إسحاق بغير إسناد (قلت) حديث صفوان في العارية تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في ضمان الوديعة والعارية في الجزء الخامس عشر صحيفة 129 رقم 411 فارجع إليه (1) (حدّثنا بهز إلخ) (غريبه) (2) يريد أبو الأسود أن أبا همام اسمه عبد الله بن يسار (3) قال الحافظ في الإصابة مختلف في اسمه فقيل يزيد بن أنيس وقيل كرز بن ثعلبة وقيل اسمه عبيد وقيل الحارث، ذكره ابن يونس فيمن شهد فتح مصر، وأخرج حديثه أبو داود والبغوي، ووقع لنا بعلو في مسند الدارمي من طريق يعلى بن عطاء عن أبي همام عبد الله بن يسار عنه أنه شهد حنينًا (يعني حديث الباب) (4) بهمزة بعد اللام وقد يترك الهمز تخفيفًا وهي أداة الحرب (5) أي آن وقت الرواح لحرب العدو: والرواح السير آخر النهار (6) بهامش المنذري قوله ظل طائر مبالغة في رقته ونحافة جسمه (7) أي جانباه (8) أي ليس فيهما ما يدل على الأشر والبطر وهو الكبر من كونهما ذهب أو فضة أو حرير أو نحو ذلك (9) أي تمنى كل فريق أن يظفر بعدوه ويشمت فيه (10) يعني

-[حديث العباس بن عبد المطلب في هزيمة المسلمين يوم حنين وثبوت النبي صلى الله عليه وسلم وشجاعته]- أنا عبد الله ورسوله، ثم قال يا معشر المهاجرين أنا عبد الله ورسوله، قال ثم اقتحم رسول الله صلى الله عليه وسلم عن فرسه (1) فأخذ كفًّا من تراب فأخبرني الذي كان أدنى إليه مني أنه ضرب به وجوههم وقال شاهت (2) الوجوه فهزمهم الله عز وجل، قال يحيى بن عطاء فحدثني أبناؤهم عن آبائهم أنهم قالوا لم يبق منا أحد إلا امتلأت عيناه وفمه ترابًا وسمعنا صلصلة بين السماء والأرض كإمرار الحديد على الطست الجديد (3) 405 (عن العباس بن عبد المطلب) (4) قال شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينًا قال فلقد رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وما معه إلا أنا وأبو سفيان بن الحرث بن عبد المطلب (5) فلزمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نفارقه وهو على بغلة شهباء وربما قال معمر بيضاء أهداها له فروة ابن نَعامة الجُذامي فلما التقى المسلمون والكفار ولى المسلمون (6) مدبرين وطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يركض بغلته قِبَل الكفار قال العباس وأنا آخذ بلجام بغلة رسول الله صلى الله عليه وسلم أكفها وهو لا يألوا (7) ما أسرع نحو المشركين وأبو سفيان بن الحرث آخذ بغرز (8) رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يا عباس ناد يا أصحاب السمرة (9) قال وكنت رجلاً

_ قوله تعالى {لقد نصركم الله في مواطن كثيرة ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا وضاقت عليكم الأرض بمارحبت ثم وليتم مدبرين (إلى قوله تعالى) ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم} أما سبب انهزامهم فهو أن العدو كمن لهم في شعاب الوادي ومضايقه كما قال جابر وسيأتي حديثه في الباب التالي، قال فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد وانهزم الناس راجعين، وهناك سبب آخر وهو قول رجل من المسلمين لن نغلب اليوم من قلة، قيل هو رجل من بني بكر، حكاه ابن إسحاق، فشق ذلك على النبي صلى الله عليه وسلم لأن ظاهره الافتخار بكثرتهم والإخبار بنفي الغلبة لانتفاء القلة، فكأنه قال سبب الغلبة القلة ونحن كثير فلا نغلب، وكان جيش المسلمين اثني عشر ألفًا، عشرة آلاف من أهل المدينة الذين فتح بهم مكة، وألفان ممن أسلم من أهل مكة وهم الطلقاء: وكان جيش العدو أكثر من عشرين ألفًا، روى الحاكم وصححه وابن المنذر وابن مردويه وغيرهم عن أنس لما اجتمع يوم حنين أهل مكة وأهل المدينة أعجبتهم كثرتهم، فقال القوم اليوم والله نقاتل حين اجتمعنا فكره النبي صلى الله عليه وسلم ما قالوا وما أعجبهم من كثرتهم (1) أي نزل عنها (2) أي قبحت (3) بالجيم تنبيهًا على قوة الصوت الذي سمعوه فإن صوت الجديد أقوى من صوت العتيق (تخريجه) (د طل مي) شيبة والطبراني وابن مردويه والبيهقي ورجاله ثقات كلهم (4) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري أخبرني كثير بن عباس بن عبد المطلب عن أبيه العباس (يعني بن عبد المطلب) قال شهدت إلخ (غريبه) (5) هو ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخوه من الرضاعة كان كثير الإيذاء لرسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الإسلام، وقد هداه الله فأسلم حين الفتح ورسول الله صلى الله عليه وسلم متوجه إلى مكة وتقدم الكلام على ذلك ومات في خلافة عمر (6) تقدم سبب انهزامهم في شرح الحديث السابق (7) أي لا يقصر في الإسراع نحو المشركين (8) أي بركابه، الغرز الركاب (9) بفتح السين المهملة

-[حديث العباس بن عبد المطلب في هزيمة المسلمين يوم حنين ومعجزة للنبي صلى الله عليه وسلم]- صيتًا (1) فقلت بأعلى صوتي أين أصحاب السمرة؟ قال فوالله لكأن عطفتهم حين سمعوا صوتي عطفةُ البقر على أولادها، فقالوا يا لبيك يا لبيك وأقبل المسلمون فاقتلوا هم والكفار فنادت الأنصار يقولون يا معشر الأنصار ثم قَصَّرَت الداعون (2) على بني الحرث بن الخزرج، قال فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على بغلته كالمتطاول (3) عليها إلى قتالهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا حين حمي الوطيس (4) قال ثم أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال انهزَموا ورب الكعبة انهزموا ورب الكعبة قال فذهبت أنظر فإذا القتال على هيئته فيما أرى قال فوالله ما هو إلا أن رماهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بحصياته فما زلت أرى حدّهم كليلاً وأمرهم مُدبِرًا حتى هزمهم الله (5) قال وكأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يركض خلفهم على بغلته (ومن طريق ثان) (6) عن كثير بن عباس قال كان عباس وأبو سفيان (7) معه يعني النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال فخطبهم وقال الآن حمي الوطيس، وقال ناد يا أصحاب سورة البقرة (8) 406 (عن ابن مسعود) (9) كنت مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يوم حنين قال فولى عنه الناس وثبت معه ثمانون رجلاً من المهاجرين والأنصار فنكصنا على أقدامنا (10) نحوًا من ثمانين قدمًا ولم نولهم الدبر وهم الذين أنزل الله عز وجل عليهم السكينة (11) قال ورسول الله

_ وضم الميم هي الشجرة التي بايع النبي صلى الله عليه وسلم تحتها بيعة الرضوان عام الحديبية (1) بفتح الصاد المهملة وكسر الياء التحتية المشددة هو الشديد الصوت العالية، يقال هو صيت وصائت كميت ومائت (نه) (2) جاء عند مسلم ثم قصرت الدعوة على بني الحارث بن الخزرج ومعناه أنهم أوَّلا نادوا الأنصار عمومًا ثم خصصوا بالنداء بني الحارث بن الخزرج (3) من الطول بالفتح وهو الفضل والعلو على الأعداء (4) قيل هو الضراب في الحرب وقيل هو الوطأ الذي يطس الناس أي يدقهم، وقال الأصمعي هو حجارة مدورة إذا حميت لم يقدر أحد يطؤها، ولم يسمع هذا الكلام من أحد قبل النبي صلى الله عليه وسلم وهو من فصيح الكلام عبر به عن اشتباك الحرب وقيامها على ساق (5) قال النووي هذا فيه معجزتان ظاهرتان لرسول الله صلى الله عليه وسلم إحداهما فعلية والأخرى خبرية فإنه صلى الله عليه وسلم أخبر بهزيمتهم، ورماهم بالحصيات فولوا مدبرين (6) (سنده) حدثنا سفيان قال سمعت الزهري مرة أو مرتين فلم أحفظه عن كثير بن عباس قال كان عباس إلخ (7) يعني ابن الحارث بن عبد المطلب (8) خصت بالذكر حين الفرار لتضمنها قوله تعالى {كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة} أو لتضمنها {أوفوا بعهدي أوف بعهدكم} أو {ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضاة الله} (تخريجه) (م) وابن إسحاق في المغازي وابن سعد في الطبقات (9) (سنده) حدثنا عفان حدثنا عبد الواحد بن زياد حدثنا الحارث بن حَصِيرة حدثنا القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه قال قال عبد الله بن مسعود كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (10) يعني رجعوا على أقدامهم إلى الوراء من غير أن يولوهم الدبر وهو القهقرى (11) يعني قوله تعالى {ثم أنزل الله سكينته

-[خروج هوازن برجالهم ونسائهم وأطفالهم ومواشيهم يوم حنين لملاقاة جيش المسلمين]- صلى الله عليه وسلم على بغلته يمضى قدمًا (1) فحادت به بغلته فمال عن السرج (2) فقلت له ارتفع رفعك الله، فقال ناولني كفا من تراب فضرب به وجوههم فامتلأت أعينهم ترابًا، ثم قال أين المهاجرون والأنصار؟ قلت هم أولا قال اهتف بهم (3) فهتفت بهم فجاءوا وسيوفهم بإيمانهم كأنهم الشهب وولي المشركون أدبارهم (عن أنس بن مالك) (4) قال فتحنا مكة ثم إنا غزونا حنينًا فجا المشركون بأحسن صفوف رأيت أو رأيت فصف الخيل ثم صفت المقاتلة ثم صفت النساء من وراه ذلك ثم صفت الغنم ثم صفت النعم (5) قال ونحن بشر كثير وقد بلغنا ستة آلاف (6) وعلى مجنبة (7) خيلنا خالد بن الوليد قال فجعلت خيولنا تلوذ خلفت ظهورنا، قال فلم نلبث أن انكشفت خيولنا وفرت الأعراب ومن نعلم من الناس، قال فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم يا للمهاجرين يا المهاجرين، ثم قال يا للأنصار قال أنس هذا حديث عمية (8) قال قلنا لبيك يا رسول الله، قال فتقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فايم الله ما أتيناهم حتى هزمهم الله قال، فقبضنا ذلك المال ثم انطلقنا إلى الطائف (9)

_ على رسوله وعلى المؤمنين) (1) بضم القاف والدال المهملة ويجوز سكون الدال ومعناه أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يتقهقر بل كان يمضي ببغلته إلى الأمام (2) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم مال عن السرح ليأخذ كفا من تراب فلما قال له ابن مسعود ارتفع رفعك الله أمره أن يناوله كفا من تراب (3) أي نادهم وادعهم وقد هتف يهتف هتفا بسكون التاء، وهتف به هتافا إذا صاح به ودعاه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بزطب) ورجل أحمد رجال الصحيح غير الحارث بن حصيرة وهو ثقة (4) (سنده) حدثنا عارم ثنا معتم بن سليمان التيمي قال سمعت أبي يقول ثنا السميط السدوسي عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (5) معناه أنهم خرجوا برجالهم ونساءهم وأولادهم وأموالهم ليهتم كل واحد منهم بالدفاع عن نسائه وولده وماله (6) لعله يريد المهاجرين والأنصار فقد روى أبو الشيخ أنه كان مع المهاجرين والأنصار ألف من جهينه وألف من مزينه وألف من أسلم وألف من غفار وغيرهم وتقدم في شرح الحديث الأول من الباب أنهم خرجوا في هذه الغزوة في اثنى عشر ألفا من المسلمين عشرة آلاف من أهل المدينة وألفان ممن أسلم من أهل مكة وهم الطلقاء (7) بضم الميم وفتح الجيم وكسر النون المشددة (قال في النهاية) مجنبة الجيش هي التي تكون في الميمنة والميسرة وهما مجنيتان والنون مكسورة أهـ (وقال شمر) المجنبة هي الكتيبة من الخيل التي تأخذ جانب الطريق الأيمن وهما مجنيتان، ميمنه وميسرة بجانبي الطريق، والقلب بينهما، (8) بفتح العين المهملة وكسر الميم المشددة وتخفيف الياء التحتية وبعدها هاء السكت أي حدثني به عمي (قال القاضي عياض) معناه عندي جماعتي أي هذا حديثهم، قال صاحب العين العم الجماعة وأنشد عليه ابن دريد في الجمهرة (افنيت عما وجبرت عما) قال القاضي وهذا أشبه بالحديث (9) (قال في المواهب) وكان صلى الله عليه وسلم قد أمر أن يجمع السبى والغنائم مما أفاء الله على رسوله يوم حنين فجمع ذلك كله إلى الجعرانة فكان بها إلى أن انصرف صلى الله عليه وسلم من الطائف وكان السبي (يعني كما قال ابن سعد وتبعه اليعمري (ستة آلاف رأس) يعني من النساء والأطفال، روى عبد الرزاق ابن المسيب سى النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ ستة آلاف بين امرأة وغلام

-[انهزام هوازن يوم حنين وإستيلاء المسلمين على نسائهم وأموالهم ومواشيهم]- فحاصرناهم أربعين ليلة ثم رجعنا إلى مكة (1) قال فنزلنا فجعل رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم يعطي الرجل المائة ويعطي الرجل المائة فتحدث الأنصار بينها (2) أما من قاتله فيعطيه وأما من لم يقاتله فلا يعطيه فرفع الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أمر بسراة (3) المهاجرين والأنصار أن يدخلوا عليه ثم قال لا يدخل على ألا أنصاري أو الأنصار، قال فدخلنا القبة (4) حتى ملأنا القبة، قال نبي الله صلى الله عليه وسلم يا معشر الأنصار أو كما قال ما حديث أناني؟ قالوا ما أتاك يا رسول الله؟ (5) قال ألا ترضون أن يذهب الناس بالأموال وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تدخلوا بيوتكم قالوا رضينا يا رسول الله، قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أخذ الناس شعيًا وأخذت الأنصار شعبا لأخذت شعب الأنصار، قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم رضينا، قال فارضوا أو كما قال (باب ما جاء في مكائد الحرب وسبب انهزام المسلمين أولا وثبوت النبي صلى الله عليه وسلم وأكابر أصحابه وآل بيته) (عن عبد الرحمن بن جابر) (6) عن جابر بن عبد الله قال لما استقبلنا وادي حنين قال انحدرنا في واد من أودية تهامة أجوف حطوط (7) إنما ننحدر فيه انحدارا

_- ومن الأبل أربعة وعشرين ألف بعير ومن الغنم أكثر من أربعين ألف شاة وأربعة آلاف أوقية فضه) (قال الزرقاني) وإطلاق السبى على الأبل والغنم والفضة تغليب، ولم يذكر عدة البقر والحمير مع أنهما كانا معهم أيضا كما ذكره ابن إسحاق وغيره أن دريد بن الصمة قال لمالك بن عوف (يعني رئيس جيش حنين) (مالى اسمع بكاء الصغير ورغاه البعير ونهاق الحمير ويعار الشاه وخوار البقر) أما لقلتهما بالنسبة لما ذكر أو لأنه لم يتحر عدتهما أهـ (قلت) وسبب إيداع الغنائم بالجعرانة وعدم قسمتها أنه صلى الله عليه وسلم رجا قدوم أهل هوازن اللذين انهزموا يوم حنين مسلمين فيعطيهم أموالهم وتربص لذلك بضع عشرة ليلة فلم يأتوا فقسمها بالجعرانة، فقد روى محمد بن سعد كاتب الواقدي عن ابن عباس أنه قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من الطائف نزل الجعرانة فقسم بها الغنائم (1) تقدم أن رجوعهم كان إلى الجعرانة وإنما أطلق اسم مكة على الجعرانة لقربها منها ولأنه صلى الله عليه وسلم أحرم منها بالعمرة ثم ذهب إلى مكة ليلا ثم خرج من تحت ليلته فأصبح بالجعرانه كبائت كما جاء ذلك في حديث محرش الكعبي الخزاعي عند الإمام أحمد وغيره وتقدم في باب كم حج النبي صلى الله عليه وسلم واعتمر من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر صحيفة 68 رقم 62 (2) أي فيما بينهم فقالوا أما من قاتله كالطلقاء من كفار قريش فيعطيه وأما من لم يقاتله كالأنصار فلا يعطيه: ولم يفهموا أنه صلى الله عليه وسلم إنما أعطى الطلقاء لكي يتألفهم للإسلام لأن الإسلام لم يتمكن من قلوبهم وقد من عليهم بأعناقهم، فهم من الطبع البشري في محبة المال فاعطاهم لتطمئن قلوبهم وتجتمع على محبته، لأن القلوب جبلت على حب من أحسن إليها (3) بفتح السين المهملة أي شرفائهم ورؤسائهم (4) هي خيمة من أدم بفتح الهمزة والدال المهملة أي جلد مدبوغ كما جاء في بعض الروايات (5) جاء في رواية أخرى فسكتوا، وفي رواية أخرى فقال فقهاء الأنصار أما رؤساؤنا يا رسول الله فلم يقولوا شيئا، ويجمع بينهما بأن بعضهم سكت وبعضهم أجاب (تخريجه) (ق - وغيرهما) بألفاظ مختلفة والمعنى واحد (باب) (6) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن إسحاق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن جابر الخ (غريبه) (7) أي واسع منحدر

حديث جابر بن عبد الله في سبب هزيمة المسلمين أولا وثبوت النبي صلى الله عليه وسلم وآل بيته وأكابر الصحابة

_ قال وفي عماية (1) الصبح وقد كان القوم كمنوا لنا في شعابه وفي أجنابه ومضايقه، قد جمعوا وتهيئوا وأعدوا فوالله ما راعنا ونحن منحطون إلا الكتائب قد شدت علينا شدة رجل واحد، وانهزم الناس راجعين فاستمروا لا يلوى أحد منهم على أحد، وانحاز رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم ذات اليمين قال إلى أيها الناس هلم إلى، أنا رسول الله أنا محمد بن عبد الله، قال فلا شيء (2) احتملت الإبل بعضها بعضًا فانطلق الناس إلا أن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم رهطًا من المهاجرين والأنصار وأهل بيته غير كتير، وفيمن ثبت معه صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر، ومن أهل بيته علي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وابنه الفضل بن عباس وأبو سفيان بن الحارث وربيعة بن الحارث وأيمن بن عبيد وهو ابن أم أيمن، وأسامة بن زيد: قال ورجل من هوازن على جمل له أحمر في يده راية له سوداء في رأس رمح طويل أمام الناس وهوزان خلفه، فإذا أدرك طعن برمحه وإذا فاته الناس رفعه لمن وراءه فاتبعوه (قال ابن اسحق) وحدثني عاصم بن عمرو بن قتادة عن عبد الرحمن ابن جابر عن أبيه جابر بن عبد الله قال بينا ذلك الرجل من هوازن صاحب الراية على جملة ذلك يصنع ما يصنع إذ هوى له علي بن أبي طالب ورجل من الأنصار يريدانه قال فيأتيه على من خلفه فضرب عرقوبي الجمل فوقع على عجزه ووثب الأنصاري على الرجل فضربه ضربة أطن قدمه (3) بنصف ساقه فانعجف (4) عن رحله واجتله الناس، فوالله ما رجعت الناس من هزيمتهم حتى وجدوا الأسرى مكتفين عند رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن أبي اسحق) (5)

قصة سلمة بن الأكوع مع جاسوس هوزان وقتله وقول النبي صلى الله عليه وسلم أنا النبي لا كذب الخ

_ قال سمعت البراء (يعني ابن عازب رضي الله عنه) وسأله رجل من قيس فقال أفررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين؟ فقال البراء ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر (1)، كانت هوازن ناسًا رماة وإنا لما حملنا عليهم انكشفوا (2) فأكببنا على الغنائم فاستقبلونا بالسهام (3) ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على بغلته البيضاء (4) وإن أبا سفيان بن الحارث (5) آخذ بلجامها وهو يقول أنا النبي لا كذب (6) ... أنا ابن عبد المطلب (7) 410 (عن إياس بن سلمة) (8) بن الأكوع عن أبيه قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم هوازن وغطفان فبينما نحن كذلك إذ جاء رجل على جمل أحمر فانتزع شيئًا من حقب البعير فقيد به البعير ثم جاء يمشي حتى قعد معنا يتغدى قال فنظر في القوم فإذا ظهرهم فيه قلة وأكثرهم مشاة، فلما نظر إلى القوم خرج يعدو: قال فأتى بعيره فقعد عليه قال فخرج يركضه وهو طليعة للكفار فاتبعه رجل منا من أسلم على ناقة له ورقاء، قال إياس قال أبي فاتبعته أعدو على رجلي قال ورأس الناقة عند ورك الجمل قال ولحقته فكنت عند ورك الناقة وتقدمت حتى كنت عند ورك الجمل ثم تقدمت حتى أخذت بخطام الجمل فقلت له أخ، فلما وضع الجمل ركبته إلى الأرض اخترطت سيفي فضربت رأسه فندر، ثم جئت براحلته أقودها فاستقبلني رسول الله صلى الله عليه وسلم مع الناس قال من قتل هذا الرجل؟ قالوا ابن الاكوع فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم له سلبه اجمع (باب قوله صلى الله عليه وسلم يوم حنين من قتل كافر افله سلبه وما قالته أم سليم والدة أنس بن مالك وجرح خالد بن الوليد واهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بأمره) 411 (عن أنس بن مالك) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم حنين من قتل كافر آفله سلبه قال فقتل أبو طلحة عشرين (وعنه من طريق ثان) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين

قول النبي صلى الله عليه وسلم يوم حنين من قتل كافر فله سلبه وشجاعة أبي طلحة وزوجته أم سليم

_ من تفرد بدم رجل فقتله فله سلبه، قال فجاء أبو طلحة بسلب أحد وعشرين رجلا (وعنه أيضًا) (1) قال قال قتادة يعني (يوم حنين) يا رسول الله ضربت رجلا على حبل العاتق وعليه درع فأجهضت (2) عنه فانظر من أخذها، فقام رجل فقال أنا أخذتها فارضه منها وأعطنيها، قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يسأل شيئًا إلا أعطاه أو سكت، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمر لا والله لا يفيئها الله على أسد من أسده ويعطيكها، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) وقال صدق عمر (4) قال وكانت أم سليم (5) معها خنجر فقال أبو طلحة ما هذا معك؟ قالت اتخذته إن دنا مني بعض المشركين أن أبعج به بطنه (6) فقال أبو طلحة يا رسول الله ألا تسمع ما تقول أم سليم؟ قالت يا رسول الله أقتل من بعدنا من الطلقاء الذين انهزموا بك، قال إن الله قد كفانا وأحسن يا أم سليم (باب سرية أبي عامر الأشعري إلى أوطاس (7) لإدراكه من فر إليها من مشركي غزوة حنين)

-[سرية أبي عامر الأشعري إلى أوطاس وشجاعته وقصة قتله]- 412 (عن عبد الله بن نعيم القيسي) (1) قال حدثني الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب (2) الأشعري أن أبا موسى الأشعري حدثهم قال لما هزم الله هوازن بحنين عقد رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي عامر الأشعري على خيل الطلب فطلب (3) فكنت فيمن طلبهم فأسرع به فرسه فأدرك ابن دريد بن الصمة فقتل أبا عامر (4) وأخذ اللواء وشددت على ابن دريد فقتلته وأخذت اللواء وانصرفت بالناس، فلما رآني رسول الله صلى الله عليه وسلم أحمل اللواء قال يا أبا موسى

_ وحدثني من أثق به من أهل العلم بالشعر: وحديثه أن أبا عامر الأشعري لقى يوم أوطاس عشرة إخوة من المشركين فحمل عليه أحدهم فحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول اللهم أشهد عليه فقتله أبو عامر، ثم حمل عليه آخر فحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول اللهم أشهد عليه فقتله أبو عامر، ثم جعلوا يحملون عليه وهو يقول ذلك حتى قتل تسعة وبقى العاشر فحمل على أبي عامر وحمل عليه أبو عامر وهو يدعوه إلى الإسلام ويقول اللهم أشهد عليه، فقال الرجل اللهم لا تشهد على فكف عنه أبو عامر فأفلت فأسلم بعد فحسن إسلامه، فكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا رآه قال هذا شريد أبي عامر، قال ورمى أبا عامر أخوان العلا وأوفى ابنا الحارث من بنى جشم بن معاوية فاصاب أحدهما قلبه والآخر ركبته فقتلاه، وولى الناس أبا موسى فحمل عليهما فقتلهما (1) (سنده) حدثنا علي بن عبد الله ثنا الوليد بن مسلم ثنا يحيي بن عبد العزيز الأردني عن عبد الله بن نعيم القيسي الخ (غريبه) (2) بفتح العين المهملة وسكون الراء ثم زاى مفتوحة (3) جاء عند البخاري من حديث أبي موسى أيضا (قال لما فرغ النبي صلى الله عليه وسلم من حنين بعث أبا عامر) اسمه عبيد بن سليم بن حضار الأشعري وهو ابن عم أبي موسى الأشعري أو عمه على المشهور (على جيش إلى أوطاس فلقى دريد بن الصمة) دريد بوزن عمير والصمة بكسر الصاد المهملة وتشديد الميم الجشمي بضم الجيم وفتح الشين المعجمة وكان من زعماء كفار هوازن (فقتل دريد) قتله ربيعة ابن رفيع بن وهبان بن ثعلبة السلمى فيما جزم به ابن اسحاق أو هو الزبير بن العوام كما يشعر به حديث عند البزار عن أنس بإسناد حسن (وهزم الله أصحابه) يعني من كان معه من الكفار انتهى حديث البخاري (4) يؤخذ من سياق حديث هذا الباب مع حديث البخاري أنه لما قتل دريد بن الصمة أراد أبو عامر قتل ابن دريد أيضًا واسمه سلمة فأدركه ولك عاجلته المنية فقتل ابن دريد أبا عامر، وجاء عند البخاري (فرمى أبو عامر في ركبته رماه جشمي) أي رجل من بني جشم (قلت) هو ابن دريد لأنه من بني جشم وإن كان البخاري أيهم الرجل فهو صريح في حديث الباب، وزاد البخاري ما معناه أن أبا موسى انتهى إلى أبي عامر قبل موته فقال يا عم من رماك؟ فأشار إليه فقال ذاك قاتلي، فأدركه أبو موسى فقتله ثم، رجع إلى أبي عامر فقال له قتل الله صاحبك، قال فانزع هذا السهم، قال فنزعته فنزل أي انصب من موضع السهم الماء قال أبو عامر لأبي موسى يا ابن أخي أقرئ النبي صلى الله عليه وسلم السلام عني وقل له يستغفر لي: واستخلفني أبو عامر على الناس فمكث يسيرًا ثم مات، ثم قاتلهم أبو موسى حتى فتح الله عليه (وقوله في حديث الباب وانصرفت بالناس) أي رجعت بهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد انهزام العدو

-[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لأبي عامر وأبي موسى الأشعريين وسبب غزوة الطائف وتاريخها]- قتل أبو عامر؟ قال قلت نعم يا رسول (1) قال فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع يديه يدعو يقول اللهم عبيدك عبيدا أبا عامر جعله من الأكثرين (2) يوم القيامة (عن أبي وائل عن أبي موسى) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اجعل عبيدا أبا عامر فوق أكثر الناس (4) يوم القيامة، قال فقتل عبيد يوم أوطاس وقتل أبو موسى قاتل عبيد، قال أبو وائل (5) وإني لأرجو أن لا يجمع الله عز وجل بين قاتل عبيد وبين أبي في النار (6) (باب غزوة الطائف (7) بسب من لجأ إليها وتحصن بها من مشركي غزوة حنين) (عن أبي نجيح السلمي) (8) قال حاصرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حصن الطائف أو قصر الطائف فقال من بلغ بسهم في سبيل الله عز وجل فله درجة في الجنة (9) فبلغت

_ (1) جاء عند البخاري قال أبو موسى (فرجعت فدخلت على النبي صلى الله عليه وسلم في بيته على سرير مرمل) بضم الميم الأولى وفتح الثانية بينهما راء ساكنة، ولأبي ذر مرمل بفتح الراء والميم الثانية مشددة أي منسوج بحبل ونحوه (وعليه فراش قد أثر رمال السرير في ظهره وجنبه فاخبرته يخبرنا وخبر أبي عامر وقال قل له استغفر لي، فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال اللهم اغفر لعبيد أبي عامر ورأيت بياض إبطيه، ثم قال اللهم اجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس، فقلت ولي فاستغفر: فقال اللهم اغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلا كريمًا (2) أي من الأكثرين أعمالا صالحة ودرجات مرتفعة (تخريجه) (ق: وغيرهما) (3) (سنده) حدثنا أبو عبد الرحمن مؤمل قال ثنا حماد يعني ابن سلمة ثنا عاصم عن أبي وائل عن أبي موسى الخ (غريبه) (4) أي منزلة (5) اسمه شقيق بن سلمة الأسدي الكوفي (قال في الخلاصة) أحد سادة التابعين مخضرم تعلم القرآن في سنتين قال عاصم بن بهدلة ما سمعته سب إنسانا قط، وقال ابن معين ثقة لا يسأل عن مثله، قال خليفة مات بعد الجماجم، وقال الواقدي في خلافة عمر بن عبد العزيز رحمهما الله (6) معنى هذا أن أبا وائل يدعو لأبيه بالمغفرة لأنه مات في زمن الفترة (تخريجه) أخرج الجزء المرفوع منه الشيخان وغيرهما ورجاله جميعا ثقات (باب) (7) قال عروة وموسى بن عقبة عن الزهري قاتل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وحاصر الطائف في شوال سنة ثمان (قال محمد بن اسحاق) ولما قدم فل ثقيف الطائف أغلقوا عليهم أبواب مدينتها وصنعوا الصنائع للقتال، ولم يشهد حنينا ولا حصار الطائف عروة بن مسعود لا غيلان بن سلمة، كانا بحرش يتعلمان صنعة الدبابات والمجانيق والصنبور، قال ثم سلك رسول الله يعني من حنين إلى الطائف على نخلة اليمانية ثم على قرن ثم على المليح ثم على بحرة الرغاء من لية فابتنى بها مسجدا فصلى فيه (قال ابن اسحاق) ثم مضى رسول الله حتى نزل قريبا من الطائف وضرب بها عسكره فقتل ناس من أصحابه بالليل، وذلك أن العسكر اقترب من حائط الطائف فتأخر إلى موضع مسجده عليه السلام اليوم بالطائف الذي بنته ثقيف بعد إسلامها، بناه عمرو بن أمية بن وهب وكانت فيه سارية لا تطلع عليها الشمس صبيحة كل يوم إلا سمع لها نقيض فيما يذكرون، قال فحاصرهم بضعا وعشرين ليلة (قال ابن هشام) ويقال سبع عشرة ليلة، وروى عروة وموسى بن عقبة عن الزهري بضع عشرة ليلة يقاتلهم ويقاتلونه من وراء حصنهم (8) (سنده) حدثنا يحيي بن سعيد عن هشام ثنا قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي نجيح السلمى الخ (غريبه) (9) معناه أن من أحسن النية في جهاد الكفار وأطلق سهمه قاصدًا قتل العدو فله درجة في الجنة

-[حصار أهل الطائف وقول النبي صلى الله عليه وسلم من رمى بسهم في سبيل الله عز وجل فهو له عدل محرر]- يومئذ ستة عشر سمها، ومن رمى بسهم في سبيل الله عز وجل فهو له عدل محرر (1) ومن أصابه 416 شيب في سبيل الله (2) عز وجل فهو له نور (3) يوم القيامة (عن أبي طريف) (4) قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حاصر الطائف وكان يصلي بنا صلاة العصر (5) حتى لو أن رجلا 417 رمى لرأى موقع نبله (عن ابن عباس) (6) قال حاصر رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل الطائف فخرج

_ سواء أخطأ أو أصاب كما في رواية أخرى (1) بكسر العين وفتحها أي مثل ثواب تحرير رقبة أي عتقها (2) جاء في رواية عند الترمذي والنسائي في الإسلام بدل في سبيل الله (قال الطيبي) معناه من مارس المجاهدة حتى يشيب طاقة من شعره فله ما لا يوصف من الثواب، دل عليه تخصيص ذكر النور والتنكير فيه، قال ومن روى في الإسلام بدل في سبيل الله أراد بالعام الخاص أو سمى الجهاد إسلاما لأنه عموده وذروة سنامه (3) أي ضياء مخلص من ظلمات الموقف وشدائده (قال المناوي) أي يصير الشعر نفسه نورًا يهتدي به صاحبه وإن كان ليس من كسب العبد لكنه إذا كان بسبب من نحو جهاد أو خوف من الله ينزل منزلة سعيه (تخريجه) (ك. والأربعة) مقطعا في مواضع مختلفة وسنده صحيح وصححه الترمذي والحاكم وأقره الذهبي، وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه بأطول من هذا وقال رواه أبو داود والترمذي وصححه النسائي من حديث قتادة (4) (سنده) حدثنا أزهر بن القاسم الراسبي ثنا زكريا بن اسحاق عن الوليد بن عبد الله بن شميلة عن أبي طريف الخ (غريبه) (5) هكذا بالأصل (وكان يصلى بنا صلاة العصر) وكذلك جاء في مجمع الزوائد في باب وقت صلاة العصر، وقال الهيثمي رواه الطبراني في الكبير فقال يصلى العصر وقسوا به المغرب كما رواه أحمد فقال كان يصلى بنا صلاة المغرب وسيأتي إن شاء الله أهـ (قلت) يشير إلى ما سيأتي عنده في باب وقت صلاة المغرب فرجعت إليه فوجدته قال عن أبي طريف قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حاصر الطائف فكان يصلي بنا صلاة النصر (بالنون بدل العين) حتى لو أن رجلا رمى لرأى مواقع نبله، وقال رواه أحمد وفيه الوليد بن عبد الله بن شميلة ولم أجد من ذكره ورجال المسند في هذا الموضع ليس هو عندي الآن، قال ورواه الطبراني في الكبير فجعل مكان النصر العصر وهو وهم والله أعلم أهـ (قلت) وهذا يخالف ما ذكره في باب وقت صلاة العصر لأنه قال رواه الإمام أحمد فقال كان يصلي بنا صلاة المغرب فإن كان يريد حديث طريف فلم يأت لفظ المغرب عند الإمام أحمد من حديث طريف وليس لطريف هذا عند الإمام أحمد سوى هذا الحديث وجاء بلفظ صلاة العصر بالعين المهملة: اللهم إلا أن كان يريد غير حديث طريف فذلك ثابت عند الإمام أحمد والشيخين وغيرهما من حديث غير واحد من الصحابة إن ذلك في صلاة المغرب، أنظر باب وقت صلاة المغرب من كتاب الصلاة في الجزء الثاني صحيفة 265 (تخريجه) أورده الهيثمي كما تقدم وقال فيه الوليد بن عبد الله بن شميلة ولم أجد من ذكره أهـ (قلت) ذكره الحافظ في تعجيل المنفعة فقال الوليد بن عبد الله بن أبي شميلة ويقال ابن أبي سميرة عن أبي طريف الهزلي وعنه زكريا بن إسحاق ذكره البخاري كالأول (يعني ابن أبي شميلة) وابن أبي حاتم كالثاني (يعني ابن أبي سميرة) ولم يذكرا فيه جرحا وذكره ابن حبان في الثقات أهـ (قلت) وبقية رجاله عند الإمام أحمد ثقات (6) (عن ابن عباس الخ) تقدم هذا الحديث بطريقيه وسنده وشرحه وتخريجه

-[إسلام عبيد أهل الطائف ورجوع النبي صلى الله عليه وسلم عن هذه الغزوة]- إليه عبدان فأعتقهما، أحدهما أبو بكرة، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعتق العبيد إذا خرجوا إليه (وعنه من طريق ثان) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الطائف من خرج إلينا من العبيد فهو حر، فخرج عبيد من العبيد فيهم أبو بكرة فأعتقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن ابن عمر) (1) أن 418 النبي صلى الله عليه وسلم لما حاصر أهل الطائف ولم يقدر منهم على شيء (2) قال إنا قافلون غدًا إن شاء الله فكأن المسلمين كرهوا ذلك (3) فقال اغدوا فغدوا على القتال فأصابهم جراح (4) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا قافلون غدا إن شاء الله فسر المسلمون (5) فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب تقسيم غنائم حنين بالجعرانة ومجيء وفد هوازن مسلمين واستعطافهم النبي صلى الله عليه وسلم في أخذ سباياهم وأموالهم) (عن عبد الله بن مسعد) (6) قال قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم غنائم 419 حنين بالجعرانة قال فازدحموا عليه، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عبدا من عباد الله (7) بعثه الله عز وجل إلى قومه فكذبوه وشجره فجعل يمسح الدم عن جبينه ويقول رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون (8) قال قال عبد الله فكأني انظر إلى رسول الله يمسح جبهته يحكى الرجل

_ في باب أن عبد الكافر إذا خرج إلينا مسلما فهو حر من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر ص 192 رقم 314 فارجع إليه (1) (سنده) حدثنا سفيان حدثنا عمرو عن أبى العباس عن عبد الله بن عمر قيل لسفيان ابن عمرو؟ قال لا، ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أي لم يرد الله له فتح هذا الحصن لأنه لو دام حصارهم مدة طويلة لمات أهل الحصن جميعهم، وفي علم الله أنهم سيأتون طائعين مسلمين في رمضان من العام المقبل وقد كان ذلك، وذكر أهل المغازي أنهم رموا على المسلمين سكك الحديد المحماة ورموهم بالنبل فأصابوا قوما فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم نوفل بن معاوية الديلي، فقال هم ثعلب في جحر، إن أقمت عليه أخذته وإن تركته لم يضرك، فقال صلى الله عليه وسلم (إنا قافلون) أي راجعون إلى المدينة (غدًا إن شاء الله) (3) جاء عند البخاري فثقل عليهم وقالوا نذهب ولا نفتحه؟ فقال صلى الله عليه وسلم (اغدوا) أي سيروا أول النهار لأجل القتال (فغدوا على القتال) فلم يفتح عليهم (4) لأن العدو رمى عليهم من أعلى السور فكانوا ينالون منهم بسهامهم ولا تصل سهام المسلمين إليهم لكونهم أعلى السور، فلما رأوا ذلك تبين لهم تصويت الرجوع (5) أي أعجبهم ذلك حينئذ (وقوله فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي تبسم كما ي رواية، وإنما تبسم تعجبا من أمرهم حيث كانوا أولا لا يحبون الرجوع فلما أصابهم ما أصابهم أحبوه وكرهوا ما كانوا يحبونه أولا (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (6) (سنده) حدثنا بهز حدثنا حماد بن زيد حدثنا عاصم بن بهدلة عن أبى وائل عن عبد الله بن مسعود الخ (غريبه) (7) يعني نبيا من الأنبياء كما جاء عند مسلم عن ابن مسعود قال كأني أنظر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحكى نبيا من الأنبياء ضربه قومه الخ (قال النووي) وقد جرى لنبينا صلى الله عليه وسلم مثل هذا يوم أحد أهـ (قلت) وتقدم الحديث في ذلك في غزوة أحد (8) قال النووي فيه ما كانوا عليه صلوات الله وسلامه عليهم من الحلم والتصبر والعفو والشفقة على قومهم ودعائهم لهم بالهداية والغفران وعذرهم في جنايتهم على أنفسهم بأنهم لا يعلمون، وهذا النبي المشار إليه من المتقدمين (تخريجه)

-[تقسيم غنائم حنين وإسلام صفوان بن أمية وقول المنافق يا رسول الله أعدل]- 420 (عن صفوان بن أمية) (1) قال أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وإنه لأبغض الناس إلي (2) فما 421 زال يعطيني حتى صار وأنه أحب الناس إلي (عن جابر بن عبد الله) (3) قال جئت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الجعرانة وهو يقسم فضة في ثوب بلال للناس فقال رجل (4) يا رسول الله اعدل فقال ويلك ومن يعدل إذا لم أعدل: لقد خبث (5) إن لم أكن أعدل، فقال عمر يا رسول الله دعني أقتل هذا المنافق (6)، فقال معاذ الله أن يتحدث الناس أني أقتل أصحابي، إن هذا وأصحابه يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم (7) أو تراقيهم يمرقون من الدين (8) مروق السهم من الرمية 422 (عن عمرو بن شعيب) (9) عن ابيه عن جده قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين وجاءته وفود هوازن فقالوا يا محمد إنا أصل (10) وعشيرة فمن علينا من الله عليك، فإنه قد نزل بنا من البلاء ما لا يخفي عليك، فقال اختاروا بين نسائكم وأموالكم وأبنائكم: فقالوا خيرتنا بين أحسابنا

_ (ق. جه) (1) (سنده) حدثنا زكريا بن عدى عن سعيد بن المسيب عن صفوان بن أمية الخ (2) كان إذ ذاك كافرًا وهو صفوان بن أمية بن خلف بن وهب بن حذافة بن جمح القرشي الجمحي المكي أسلم بعد أن شهد حنينا مع النبي صلى الله عليه وسلم كافرًا، وكان من الموءلفة وشهد اليرموك توفى بمكة سنة اثنين وأربعين، وقيل توفى في خلافه عثمان وقيل عام الجمل سنة ست وثلاثين (قال النووي) في تهذيب الأسماء واللغات (قلت) وهو الذي أعار النبي صلى الله عليه وسلم السلاح يوم حنين وهو كافر فقال أغصبًا يا محمد؟ قال لابل عارية مضمونة، فضاع بعضها فعرض عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يضمنها له، فقال أنا اليوم يا رسول الله في الإسلام أرغب، أهـ وهذا الحديث تقدم في باب ضمان الوديعة والعارية في الجزء الخامس عشر صحيفة 139 رقم 411 (تخريجه) (م. مذ) (3) (سنده) حدثنا حسن بن موسى أنا أبو شهاب عن يحيي بن سعيد عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (4) قيل هو معتب بن قشير المنافق (5) جاء عند مسلم (لقد خبت وخسرت) قال النووي روى بفتح التاء في خبت وخسرت وبضمهما فيهما ومعنى الضم ظاهر، وتقدير الفتح خبت أنت أيها التابع إذا كنت لا أعدل لكونك تابعا ومقتديا بمن لا يعدل والفتح أشهر (6) جاء في بعض الروايات أن خالد بن الوليد استأذن في قتله وليس فيهما تعارض بل كل واحد منهما استأذن في قتله (7) قال القاضي عياض فيه تأويلان (أحدهما) معناه لا تفقه قلوبهم ولا ينتفعون بما تلوا منه ولا لهم حظ سوى تلاوة الفم والحنجرة والحلق إذ بهما تقطيع الحروف (والثاني) معناه لا يصعد لهم عمل ولا تلاوة ولا يتقبل (8) جاء في بعض الروايات يمرقون من الإسلام (قال القاضي) معناه يخرجون منه خروج السهم إذا نفذ الصيد من جهة أخرى ولم يتعلق به شيء منه، والرمية هي الصيد المرمى وهي فعيلة بمعنى مفعولة قال والدين هنا هو الإسلام كما قال تعال (إن الدين عند الله الإسلام) وقال الخطابي هو هنا الطاعة أي من طاعة الإمام والله أعلم (تخريجه) (مز وغيره) (9) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثنا حماد يعني ابن سلمة حدثنا محمد بن اسحاق عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ (غريبه) (10) يريدون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استرضع في بنى سعد بكر بن هوازن وأن أمه من الرضاع

-[مجيء وفد هوازن مسلمين واستعطافهم النبي صلى الله عليه وسلم في أخذ سباياهم وأموالهم]- وأموالنا نختار أبناءنا، فقال أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، فإذا صليت الظهر فقولوا إنا نستشفع برسول الله على المؤمنين وبالمؤمنين على رسول الله صلى الله عليه وسلم في نسائنا وأبنائنا، قال ففعلوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ما كان لي ولبني عبد المطلب فهو لكم، وقال المهاجرون ما كان لنا فهو لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وقالت الأنصار مثل ذلك، وقال هيينة بن بدر أما ما كان لي ولبني فزارة فلا، وقال الأقرع بن حايس أما أنا وبنو تميم فلا، وقال عباس بن مرداس أما أنا وبنو سليم فلا (1) فقال الحيان كذبت بل هو لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس ردوا عليهم نساءهم وابناءهم (2) فمن تمسسك بشيء من الفي فله علينا ستة فرائض (3) من أول شيء يفيئه الله علينا (وفي رواية فردوا على الناس أبناءهم ونساءهم) ثم ركب راحلته وتعلق به الناس يقولون اقسم علينا فيئنا بيننا حتى الجاؤه إلى سمرة (4) فخطفت رداءه، فقال يا أيها الناس ردوا على ردائي فوالله لو كان لكم بعدد شجر تهامة نعم لقسمته بينكم ثم لا تلفوني بخيلا (5) ولا جبانا ولا كذوبًا، ثم دنا من بعيره فأخذ وبرة من سنامه فجعلها بين أصابعه السبابة والوسطى ثم رفعها فقال يا أيها الناس ليس لي من هذا الفيء ولا هذه (6) إلا بالخمس، والخمس مردود عليكم فردوا الخياط (7) والمخيط فإن الغلول (8) يكون على أهله يوم القيامة عارا ونارا وشنارا (9) فقام رجل معه كبة (10) من شعر فقال إني أخذت هذه أصلح بها بردعة (11) بعير لي دبر (12) قال أما ما كان لي

_ حليمة السعدية بنت عبد الله بن الحارث، وزوجها الحارث بن عبد العزى بن رفاعه السعدي (1) هؤلاء الثلاثة عيينة بن بدر والأقرع بن حابس وعباس بن مرداس لم يقبلوا التنازل عن نصيبهم لأنهم كانوا من المؤلفة ولم يتمكن الإسلام في قلوبهم (2) أي تبرعا منكم عن طيب نفس (3) معناه فمن لم تطب نفسه بالتبرع فليعطهم نصيبه وله علينا ستة فرائض (قال في النهاية) الفرائض جمع فريضة وهو البعير المأخوذ في الزكاة، سميت فريضة لأنه فرض واجب على رب المال ثم اتسع فيه حتى سمى البعير فريضة في غير الزكاة (4) بفتح السين المهملة وضم الميم هي ضرب من شجر الطلح له شوك (5) بضم التاء وبالفاء كما ضبط في نسخة أخرى ووقع في الأصل الذي عندي وفي مجمع الزوائد تلقونى بالقاف وهو تصحيف مطبعي ويؤيده ما في رواية البيهقي وتاريخ ابن كثير بلفظ (ثم ما الفيتموني) (6) جاء في الأصل (من هذا الفيء هؤلاء هذه إلا الخمس) وهذا لا معنى له ولابد أن يكون خطأ من الناسخ أو الطابع ولعل صوابه (ليس لي من هذا الفيء شيء ولا هذه إلا الخمس) كما جاء عند النسائي وهذا مستقيم، ومعنى قوله ولا هذه يشير إلى الوبرة كما جاء صريحا عند الطبري بلفظ (ليس لي من فيئكم ولا هذه الوبرة إلا الخمس) وكذلك عند البيهقي وابن كثير والله أعلم (7) الخياط بكسر الخاء المعجمة وتخفيف الياء التحتية هو الخيط: والمخيط بكسر الميم وسكون الخاء وفتح الياء التحتية هو الإبرة (8) الغلول هو السرقة من الغنيمة قبل القسمة (9) الشنار بفتح الشين المعجمة والنون مخففة: العيب والعار (10) بضم الكاف وتشديد الباء الموحدة ما جمع من الشعر (11) بالدال المهملة هي الحلس الذي يلقى تحت الرحل، ويقال برذعة بالذال المعجمة بدل المهملة وكلا اللفظين صحيح (قال شمر) هي البردعة والبرذعة بالذال والدال (12) بفتح الدال المهملة وكسر الموحدة وفتح الراء أي أصابه جرح في ظهره (تخريجه)

-[إسلام مالك بن عوف النصري وئيس المشركين في غزوة حنين ورد ماله إليه وزيادة]- وليني عبد المطلب فهو لك، فقال الرجل يا رسول الله ألما إذ بلغت ما أرى فلا أرب لي بها وبنذها 423 (حدثنا يعقوب) (1) ثنا ابن أخى ابن شهاب عن عمه قال وزعم عروة بن الزبير أن مروان والمسور بن مخرمة أخبراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قام حين جاءه وفد هوازن مسلمين فسألوا أن يرد عليهم أموالهم وسبيهم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم معي من ترون وأحب الحديث إلي أصدقه فاختاروا إحدى الطائفتين إما السبي وإما المال، وقد كنت استأنيت بكم: وكان انظرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بضع عشر ليلة حين قفل من الطائف فلما تبين لهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غير راد إليهم إلا إحدى الطائفتين قالوا فإنا نختار سبينا، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسلمين فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله ثم قال أما بعد فإن إخوانكم قد جاؤوا تائبين وإني قد رأيت أن أرداليهم سبيهم، فمن أحب منكم أن يطيب ذلك فليفعل، ومن أحب منكم أن يكون على حظه حتى نعطيه إياه من أول ما يفيء الله عز وجل علينا فليفعل: فقال الناس قد طيبنا ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا لا ندري من أذن منكم في ذلك ممن لم يأذن، فارجعوا حتى يرفع علينا عرفاؤكم أمركم، فجمع الناس فكلمهم عرفاؤهم ثم رجعوا إلى رسول صلى الله عليه وسلم فأخبروه أنهم قد طيبوا وأذاو: هذا الذي بلغني عن سى هوازن (باب في المجيء باسرى حنين ومبايعتهم على الإسلام وقصة الصحابي الذي نذر لئن جيء 424 بالرجل الذي كان منذ اليوم يحطمنا لأضربن عنقه) (عن أنس بن مالك) (2) وقد سأله

_ الحديث سنده صحيح ورواه ابن إسحاق في المغازي بلفظ فحدثني عمرو بن شعيب الخ، وكذلك رواه الطبري والبيهقي وابن هشام في سيرته من طريق ابن اسحاق بلفظ فحدثني عمرو بن شعيب الخ، وروى أبو داود والنسائي بعضه (1) (حدثنا يعقوب الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب المن على وفود هوازن بأسراهم من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر صحيفة 96 رقم 283 وهو حديث صحيح رواه الشيخان وأبو داود والنسائي وغيرهم (تتمة فيما فعله النبي صلى الله عليه وسلم مع مالك ابن عوف النصري) وهو الذي كان جماع أمر الناس إليه في غزوة حنين ضد النبي صلى الله عليه وسلم وهو الذي أحضر مع الناس أموالهم ونساؤهم وأبناءهم في الغزوة (قال ابن اسحاق) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لوفد هوازن وسألهم عن مالك بن عوف ما فعل؟ فقالوا هو بالطائف مع ثقيف، فقال أخبروه إنه إن أتاني مسلما رددت إليه أهله وماله وأعطيته مائة من الإبل، فلما بلغ ذلك مالكا انسل من ثقيف حتى أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالجعرانة أو بمكة فأسلم وحسن إسلامة فرد عليه أهله وماله، ولما أعطاه مائة قال مالك بن عوف رضي الله عنه. ما إن رأيت ولا سمعت بمثله ... في الناس كلهم بمثل محمد أوفى وأعطى للجزيل إذا اجتذى ... ومتى تشأ يخبرك عما في غد وإذا الكتيبة جردت أنيابها ... بالسمهري وضرب كل مهند فكأنه ليث على أشباله ... وسط الهباءة خادر في مرصد قال واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على من أسلم من قومه وتلك القبائل تمالة وسلمة وفهم فكان يقاتل بهم ثقيفا لا يخرج لهم سرح إلا أغار عليه حتى ضيق عليهم رضي الله عنه (باب) (2) (سنده)

-[المجيء بأسرى حنين وإسلامهم وقصة الرجل الذي كان بفتك بالمسلمين في هذه الغزوة]- العلاء بن زياد العدوى فقال يا أبا حمزة هل غزوت مع نبي الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم غزوت معه يوم حنين فخرج المشركون بكثرة فحملوا علينا حتى رأينا خيلنا وراء ظهورنا، وفي المشركين رجل يحمل عليا فيدقنا ويحطمنا، فلما رأى ذلك نبي الله صلى الله عليه وسلم نزل (1) فهزمهم الله عز وجل فولوا، فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم حين رأى الفتح فجعل نبي الله صلى الله عليه وسلم يجاء بهم أسارى رجلا رجلا فيبايعونه على الإسلام، فقال رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن على نذر لئن جيء بالرجل الذي كان منذ اليوم يحطمنا الأضر بن عنقه، قال فسكت نبى الله صلى الله عليه وسلم وجيء بالرجل (2) فلما رأى نبي الله صلى الله عليه وسلم قال يا نبي الله تبت إلى الله. يا نبي الله تبت إلى الله، فأمسك نبي الله صلى الله عليه وسلم فلم يبايعه ليوفى الآخر نذره (3) فجعل ينظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليأمره بقتله وجعل يهاب النبي صلى الله عليه وسلم أن يقتله (4) فلما رأى نبي الله صلى الله عليه وسلم لا يصنع شيئا بايعه (5) فقال يا رسول الله نذري، قال لم أمسك عنه منذ اليوم إلا ليوفى نذرك، فقال يا نبي الله ألا أومضت إلي (6) فقال إنه ليس لنبي أن يومض

_ حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا أبي ثنا نافع أبو غالب الباهلي شهد أنس بن مالك قال فقال العلاء بن زياد العدوي يا أبا حمزة سن أي الرجال كان نبي الله صلى الله عليه وسلم إذ بعث؟ قال ابن أربعين سنة، قال ثم كان ماذا؟ قال كان بمكة عشر سنين وبالمدينة عشر سنين فتمت له ستون سنة ثم قبضه الله إليه قال سن أي الرجال هو يومئذ؟ قال كأشب الرجال وأحسنه وأجمله وألحمه، قال يا أبا حمزة هل غزوت مع نبي الله صلى الله عليه وسلم الخ: وتقدم صدر هذا الحديث وشرحه والكلام عليه في باب بدء الوحي من كتاب السيرة النبوية في الجزء العشرين صحيفة 210 رقم 28 (غريبة) (1) أي نزل عن بغلته فأخذ حصيات فرمى بهن وجوه الكفار ثم قال انهزموا ورب الكعبة كما جاء في حديث العباس بن عبد المطلب في الباب الأول من غزوة حنين فهزمهم الله عز وجل (2) كان هذا الرجل من الكفار يفتك بالمسلمين أثناء الهزيمة (3) أي فيقتله لأنه نذر أن يقتله إذا جيء به (4) معناه أن صاحب النذر كان يرجو أن النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بقتل الرجل الكافر فلم يأمره بقتله، وخشى أن يقتله بغير إذن النبي صلى الله عليه وسلم (5) جاء في الأصل يأتيه بدل بايعه ولا معنى له فهو تصحيف من الناسخ أو الطابع وصوابه بايعه كما جاء في تاريخ ابن كثير: وهو الموافق لسياق الحديث، ومعناه أن النبي صلى الله عليه وسلم لما رأى الصحابي لم يقتل الكافر بايعه (6) أي هلا أشرت إلى إشارة خفية: يقال أومض البرق وومض إيماضًا وومضًا ووميضا إذ لمع لمعا خفيا ولم يعترض (نه) (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال تفرد به أحمد أهـ (قلت) وسنده صحيح ورجاله ثقات (تتمة في ذكر مجيء أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وهو بالجعرانة وإسمها الشيماء) قال ابن اسحاق وحدثني بع بنى سعد بن بكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم هوازن أن قدرتم على نجاد رجل من بنى سعد بن بكر فلا يفلتنكم وكان قد أحدث حدثا، فلما ظفر به المسلمون ساقوه وأهله وساقوا معه الشيماء بنت الحارث بن عبد العزى أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة، قال فعنفوا عليها في السوق، فقالت للمسلمين تعلمون والله إني لأخت صاحبكم من الرضاعة، فلم يصدقوها حتى أتوا بها رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال ابن اسحاق) فحدثني يزيد بن عبيد السعدي هو أبو وجزة قال فلما انتهى -

-[مجيء الشيماء أخت رسول الله صلى الله عليه وسلم من الرضاعة وإكرام النبي صلى الله عليه وسلم إياها والعفو عن قومها]- (باب ما جاء في عمرة الجعرانة (1) ثم رجوعه صلى الله عليه وسلم إلى المدينة)

_ - بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت يا رسول الله إني أختك من الرضاعة، قال وما علامة ذلك؟ قالت عضة عضضتنيها في ظهري وأنا متوركنك، قال فعرف رسول الله صلى الله عليه وسلم العلامة فبسط لها رداءه فأجلسها عليه وخيرها، وقال إن أحببت فعندي محببة مكرمة، وإن أحببت أن أمتعك وترجعي إلى قومك فعلت، قالت بل تمتعني وتردني إلى قومي، فمتعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وردها إلى قومها: فزعمت بنو سعد أنه أعطاها غلاما يقال له مكحول وجارية فزوجت أحدهما الآخر فلم يزل فيهم من نسلهما بقية، (وروى البيهقي) من حديث الحكم بن عبد الملك عن قتادة قال لما كان يوم فتح هوازن جاءت جارية إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله أنا أختك أنا شيماء بنت الحارث، فقال لها إن تكوني صادقة فإن بك مني أثرًا لا يبلى، قال فكشفت عن عضدها فقالت نعم يا رسول الله وأنت صغير فعضدتني هذه العضة، قال فبسط لها رسول الله صلى الله عليه وسلم رداءه ثم قال سلى تعطي واشفعي تشفعي (وقال البيهقي) أنبأ أبو نصر بن قتادة أنبأ عمرو بن إسماعيل بن عبد السلمى ثنا مسلم ثنا أبو عاصم ثنا جعفر بن يحيي بن ثوبان أخبرني عمي عمارة بن ثوبان أن أبا الطفل أخبره قال كنت غلاما أحمل عضو البعير ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم نعما بالجعرانة، قال فجاءته امرأة فبسط لها رداءه فقلت من هذه؟ قالوا أمه التي أرضعته: أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال هذا حديث غريب ولعله يريد أخته وقد كانت تحضنه مع أمها حليمة السعدية، وإن كان محفوظا قد عمرت حليمة درها، فإن من قوت أرضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى وقت الجعرانة أزيد من ستين سنة، وأقل ما كان عمرها حين أرضعته صلى الله عليه وسلم ثلاثين سنة ثم الله أعلم بما عاشت بعد ذلك، قال وقد ورد حديث مرسل فيه أن أبوابه من الرضاعة قدما عليه والله أعلم بصحته (قال أبو داوود في المراسيل) ثنا أحمد بن سعيد الهمداني ثنا ابن وهب ثنا عمرو بن الحارث أن عمر ابن السائب حدثه أنه بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم كان جالسا يوما فجاء أبوه من الرضاعة فوضع له بعض ثوبه فقعد عليه، ثم أقبلت أمه فوضع لها شق ثوبه من جانبه الآخر فجلست عليه، ثم جاء أوه من الرضاعة فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاجلسه بين يديه، وقد تقدم أن هوازن بكمالها متوالية برضاعته من بني سعد بن بكر وهم شرذمة من هوازن فقال خطيبهم زهير بن صرد يا رسول الله إنما الحظائر أمهاتك وخالاتك وحواضنك فامتن علينا من الله عليك وقال فيما قال أمنن على نسوة قد كنت ترضعها ... إذ فوك يملؤه من محضها درر أمنن على نسوة قد كنت ترضعها ... وإ يزينك ما تأتي وما تذر فكان هذا سبب إعناقهم عن بكرة أبيهم، فعادت فواضله عليه السلام عليهم قديما وحديثا خصوصا وعموما (باب) (1) فيها لغتان (أحداهما) كسر الجيم وسكون العين المهملة وفتح الراء المخففة وبعد الألف نون (والثانية) كسر العين وتشديد الراء: وإلى التخفيف ذهب الأصمعي وصوبه الخطابي، وقال في تصحيف المحدثين إن هذا مما نقلوه وهو مخفف، وحكى القاضي عياض عن ابن المديني قال أهل المدينة

-[ما جاء في عمرة الجعرانة وأنها كانت في ذي القعدة سنة ثمان بعد غزوة الطائف]- (عن محرش الكعبي الخزاعي) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم خرج ليلا من 425 الجعرانة حين أمسى معتمرا فدخل مكة ليلا فقضى عمرته ثم خرج من تحت ليلته (2) فأصبح بالجعرانة كبائت (3) حتى إذا زالت الشمس خرج من الجعرانة في بطن سرف (4) حتى جامع الطريق طريق المدينة بسرف، قال محرش فلذلك خفيت عمرته على كثير من الناس (5) (زاد في رواية بعد قوله كبائت) قال فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة

_ يثقلونه وأهل العراق يخففونه وهي ما بين الطائف ومكة وهي إلى مكة أقرب (1) (سنده) حدثنا روح ثنا ابن جريح قال أخبرني مزاحم عن عبد العزيز بن عبد الله عن محرش الكعبي الخ (قلت) محرش بضم أوله وفتح ثانيه وكسر الراء مشددة فمعجمة ويقال بوزن منبر (2) أي خرج من مكة ليلا بعد قضا العمرة (3) يعني أن من رآه يظن أنه كان بائتا بالجعرانة (4) بوزن كتف مصروفا وممنوعا وهو موضع قريب من التنعيم (5) ممن خفى عليه ذلك ابن عمر رضي الله عنهما فقد قال الإمام أحمد في مسنده حدثنا عبيدة بن حميد عن منصور بن المعتمر عن مجاهد قال دخلت أنا وعروة بن الزبير المسجد فإذا نحن بعبد الله بن عمر فجالسناه، قال فإذا رجال يصلون الضحى. فقلنا يا أبا عبد الرحمن ما هذه الصلاة؟ فقال بدعة، فقلنا له كم اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال أربعا إحداهن في رجب، قال فاستحيينا أن نرد عليه، قال فسمعنا استنان أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، فقال لها عروة بن الزبير يا أم المؤمنين ألا تسمعي ما يقوله أبو عبد الرحمن؟ يقول اعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعا إحداهن في رجب، فقالت يرحم الله أبا عبد الرحمن أما إنه لم يعتمر عمرة إلا وهو شاهد لها، وما اعتمر شيئا في رجب (ومن طريق ثان) قال حدثنا يحيي عن ابن جريح قال سمعت عطاءًا يقول أخبرني عروة ابن الزبير قال كنت أنا وابن عمر مستندين إلى حجرة عائشة أنا لنسمعها تسين، قلت يا أبا عبد الرحمن اعتمر رسول الله في رجب؟ قال نعم، قلت يا أماه ما تسمعين ما يقول أبو عبد الرحمن؟ قالت ما يقول؟ قلت يقول اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في رجب، قالت يغفر الله لأبي عبد الرحمن نسى: ما اعتمر النبي صلى الله عليه وسلم في رجب، قال وابن عمر يسمع فما قال لا ولا نعم سكت (قلت) وهذا الحديث تقدم بطريقيه وشرحه وتخريجه في فصل ما جاء في العمرة في رجب من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر صحيفة 96 رقم 63 (وفي حديث رواه الشيخان) من طريق نافع عن ابن عمر قال نافع ولم يعتمر رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة ولو اعتمر لم يخف على عبد الله (يعني ابن عمر) (وفي رواية لمسلم) من طريق نافع أيضا قال ذكر عند ابن عمر عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجعرانة فقال لم يعتمر منها (قال الحافظ ابن كثير) وهذا غريب جدًا عن ابن عمر، وعن مولاه نافع في إنكارهما عمرة الجعرانة وقد أطبق النقلة ممن عداهما على رواية ذلك من أصحاب الصحاح والسنن كلهم، قال والمقصود أن عمرة الجعرانة ثابتة بالنقل الصحيح الذي لا يمكن منعه ولا دفعه ومن نفاها لا حجة له في مقابلة من أثبتها والله أعلم: ثم وهم كالمجمعين على أنها كانت في ذي القعدة بعد غزوة الطائف وقسم غنائم حنين (تخريجه) (دنس مذ) وقال الترمذي حسن غريب ولا يعرف لمحرش الكعبي عن النبي صلى الله عليه وسلم =

-[(تابع الشرح) رجوع النبى صلى الله عليه وسلم إلى المدينة بعد أن غاب عنها شهرين وأيامًا من خروجه لفتح مكة.]- .....

_ = غير هذا الحديث، وقال أبو عمرو؟؟؟؟ روى عنه حديث واحد اهـ (قلت) وليس له فى مسند الامام احمد سوى هذا الحديث، وله شواهد كثيرة تعضده، أنظر باب كم حج النبى صلى الله عليه وسلم واعتمر من كتاب الحج فى الجزء الحادى عشر ص 63 واقرأه بجميع فصوله متنًا وشرحًا وانظر الأحكام فى آخره تجد ما يسرك من تحقيقات العلماء فى العمرة ومذاهبهم فى ذلك والله الموفق. (قال ابن اسحاق) فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من عمرته انصرف راجعًا إلى المدينة واستخلف عتاب بن أسيد على مكة وخلف معه معاذ بن جبل يفقه الناس فى الدين ويعلمهم القرآن! وذكر عروة وموسى بن عقبة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خلف معاذًا مع عتاب بمكة قبل خروجه الى هوزان ثم، خلفهما بها حين رجع الى المدينة (وقال ابن هشام) وبلغنى عن زيد بن أسلم انه قال لما استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم عتاب بن أسيد على مكة رزقه كل يوم درهمًا فقام فخطب الناس فقال أيها الناس أجاع الله كبد من جاع على درهم فقد رزقنى رسول الله صلى الله عليه وسلم درهمًا كل يوم فليست لى حاجة الى أحد (قال ابن اسحاق) وكانت عمرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذى القعدة وقدم المدينة فى بقية ذى القعدة وفى أول ذى الحجة (قال ابن هشام) قدمها لست بقين من ذى القعدة فيما قال ابو عمرو المدينى (قال ابن اسحاق) وحج الناس ذلك العام على ما كانت العرب تحج عليه، وحج بالمسلمين تلك السنة عتاب بن اسيد وهى سنة ثمان، قال وأقام أهل الطائف على شركهم وامتناعهم فى طائفهم ما بين ذى القعدة الى رمضان من سنة تسع اهـ (قلت) سياتى أن أهل الطائف أوفدوا قومًا منهم باسلامهم فة حوادث السنة التاسعه إن شاء الله تعالى (وفى المواهب) أن النبى صلى الله عليه وسلم قدم المدينة وقد غاب عنها شهرين وستة عشر يومًا يعنى من تاريخ خروجه لغزوة الفتح والله اعلم) (تتمة فى اسلام كعب بن زهير بن أبى سلمى وسبب ذلك) وفى هذه السنة أعنى الثامنة من الهجرة أسلم كعب بن زهير الشاعر صاحب قصيدة (بانت سعاد) المشهورة التى انشدها بين يدى النبى صلى الله عليه وسلم وأبوه زهير بن ابى سلمة صاحب احدى المعلقات السبع فهو شاعر بن شاعر، وكان ممن يهجو النبى صلى الله عليه وسلم ويؤذيه، وقصته هو وأخوه بحير رواها البيهقى فى دلائل النبوة باسناد متصل فقال حدثنا أبو عبد الله الحافظ أنا ابو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الأسدى بهذان ثنا ابراهيم بن الحسين ثنا ابراهيم بن المنذر الحزامى ثنا الحجاج بن ذى الرقيبة بن عبد الرحمن بن كعب بن زهير بن أبى سلمة عن أبيه عن جده قال خرج كعب وبحير ابنا زهير حتى أتيا أبرق العزاف فقال بحير لكعب اثبت فى هذا المكان حتى آتى هذا الرجل يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسمع ما يقول، فثبت كعب وخرج بحير فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرض عليه الاسلام فأسلم فبلغ ذلك كعبًا فقال ألا مبلغًا عنى بحيرا رسالة ... على أى شئ ويب غيرك دلكا على خلق لم تلف أما ولا أبا ... عليه ولم تدرك عليه أخًا لك سقاك أبو بكر بكأس روية ... وأنهلك المأمون منها وعلكا فلما بلغت الأبيات رسول الله صلى الله عليه وسلم أهدر دمه وقال من لقى كعبًا فليقتله، فكتب بذلك بحير إلى اخيه وذكر له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أهدر دمه ويقول له النجاء. وما أراك تنفلت، ثم كتب اليه بعد ذلك اعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأتيه أحد يشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدًا رسول الله إلا قبل

-[إسلام كعب بن زهير صاحب قصيدة (بانت سعاد)؟؟؟؟ مع أخيه بحير]- (باب) في سرية أسامة بن زيد رضي الله عنهما إلى الحرفة) (1)

_ ذلك منه واسقط ما كان قبل ذلك، فاذا جاءك كتابى هذا فأسلم وأقبل، قال فاسلم كعب وقال قصيدته التى يمدح فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أقبل حتى أناخ راحلته بباب مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم مع اصحابه كالمائدة بين القوم متحلقون معه حلقة خلف حلقة يلتفت إلى هؤلاء فيحدثهم والى هؤلاء مرة فيحدثهم، قال كعب فأنحت راحلتى بباب المسجد فعرفت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالصفة حتى جلست اليه فأسلمت وقلت أشهد أن لا اله إلا الله وانك محمد رسول الله الأمان يا رسول الله، قال ومن أنت؟ قال كعب بن زهير، قال الذى يقول. ثم التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كيف قال يا أبا بكر. فانشد ابو بكر ... سقاك بها المأمرن كأسًا روية ... وأنهلك المأمون منها وعلكًا قال يا رسول الله ما قلت هكذا قال فكيف قلت. قال قلت. سقاك ابو بكر بكأس روية ... وأنهلك المأمون منها وعلكًا فقال رسول صلى الله عليه وسلم مأمون والله انشده القصيدة كلها حتى أتى على آخرها وهذا مطلعها بانت سعاد فقلبى اليوم متبول ... متيم اثرها لم يفد مكبول وذكر أبو عمر بن عبد البر فى كتاب الاستيعاب أن كعبًا لما انتهى الى قوله إن الرسول لنور يستضاء به ... مهند من سيوف الله مسلول نبئت أن رسول الله أوعدنى ... والعفو عند رسول الله مأمول قال فاشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى من معه أن اسمعوا: وقد ذكر ذلك قبله موسى بن عقبة فى مغازيه ولله الحمد اهـ (قلت) وفى المواهب اللدنية قال ابو بكر بن الانبارى لما وصل الى قوله. ان الرسول لنور يستضاء به ... مهند من سيوف الله مسلول رمى عليه الصلاة والسلام بردة كانت عليه، وان معاوية بذل له فيها عشرة آلاف فقال ما كنت لأوثر بثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم آحدًا: فلما مات كعب بعث معاوية إلى ورثته بعشرين ألفًا فاخذها منهم، قال وهى البردة التى عند السلاطين إلى اليوم والله أعلم. (باب) (1) ترجم البخارى هذه السرية بقوله (باب بعث النبى صلى الله عليه وسلم اسامة بنى زيد إلى الحرقات من جهينة) قال القسطلانى بضم الحاء والراء المهملتين وفتح القاف وبعد الألف فوقية نسبة إلى الحرقة، وسمه جهيش بن عامر بن ثعلبة بن مودعة بن جهينة، وسمى الحرقة لأنه حرق قومًا بالقتل فبالغ فى ذلك، والجمع فيه باعتبار بطون تلك القبيلة، قال وهذه الغزوة تعرف عند أهل المغازى بسرية غالب بن عبد الله الليثى إلى الميفعة فى رمضان سنة سبع، فقالوا إن أسامة قتل الرجل فى هذه السرية وهو مخالف أيضًا لترجمة البخارى أن أميرها أسامة، ولعل المصير إلى ما فى البخارى إذ هو الراجح بل الصواب لأن اسامة ما امِّر الا بعد قتل أبيه بغزوة مؤتة فى رجب سنة ثمان والله اعلم اهـ (قلت) وسماها القسطلانى فى المواهب (سرية غالب بن عبد الله اليثى الى الميفعة) بناحية نجد من المدينة على ثمانية ىرد فى شهر رمضان سنة سبع من الهجرة فى مائتين وثلاثين راجلًا فهجموا عليهم فى وسط محالهم فقتلوا من

-[سرية أسامة بن زيد الى الحرقة وقتله الرجل الذى قال لا اله الا الله وغضب النبى صلى الله عليه وسلم من اجل ذلك.]- (عن أسامة بن زيد) (1) قال بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحرقة (2) من جهينة قال فصبحناهم فقاتلناهم فكان منهم رجل إذا أقبل القوم كان من أشدهم، وإذا أدبروا كان حاميتهم، قال فغشيته (3) أنا ورجل من الأنصار، قال فلما غشيناه قال لا اله الا الله، فكف عنه الأنصارى وقتلته، فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا أسامة أقتلته بعد ما قال لا اله إلا الله؟ قال قلت يا رسول الله انما كان متعوذا (4) من القتل فكررها على حتى وددت أنى لم أيلم إلا يومئذ (وعنه عن طريق ثان بنحوه) (5) وفيه قلت يا رسول الله إنما قالها مخالفة الملام والقتل، فقال ألا شققت عن قلبه حتى من أجل ذلك أم لا؟ (6) من لك بلا اله الا الله يوم القيامة؟ فمازال يقول ذلك حتى وددت إنى لم أسلم إلا يومئذ

_ أشرف لهم واستاقوا نعمًا وشاءا الى المدينة، قالوا وفى هذه السرية قتل أسامة بن زيد نهيك بن مرداس بعد أن قال لا اله الا الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا شققت عن قلبه فتعلم أصادق أم كاذب فقال أسامة لا أقاتل أحدًا يشهد أن لا اله الا الله ثم ذكر حديث الباب والله سبحانه وتعالى أعلم. (1) سنده حدّثنا هشيم بن بشير ثنا حصين عن أبى ظبيان قال سمعت اسامة بن زيد يحدث قال بعثنا الحديث (غريبة) (2) الحرقة بضم الحاء المهملة وفتح الراء: وجاء في رواية مسلم الحرقان، اسم قبيلة من جهينة (3) أي اتيته وادركته (وقوله فلما غشيناه) بكسر المعجمة اى ادركناه ولحقناه وكانهم اتو من فوق، قاله الفتنى فى مجمع بحار الأنوار (4) متعوذا أى إنما قال هذه الكلمة لاجئًا اليها ليدفع عن نفسه القتل لا مخلصًا فى اسلامه (وقوله حتى وددت الخ) اى تمنى أسامة أنه لم يكن تقدم اسلامه بل ابتدأه الآن ليمحوا عنه ما تقدم، وما قال ذلك ألا لاستعظام مت وقع فيه لما حصل له من التأنيب بسببه (5) (سنده) حدّثنا بعلى ثنا الأعمش عن أبى ظبيان ثنا أسامة فذكر نحوه (6) فيه من التأنيب ما فيه، ومعناه أنك انما كانت بالعمل بالظاهر وما ينطق به اللسان، وإما القلب فليس لك طريق إلى معرفة ما فيه، فأنكر عليه امتناعه من العمل بما ظهر باللسان لانه لا يمكن الاطلاع على ما فى القلب تخريجه (ق دنس) (هذا وقد ذكر ابن كثير فى تاريخه) ما كان من الحوادث المشهورة فى سنة ثمان (قال رحمه الله) فكان فى جمادى منها وقعة مؤتة، وفى رمضان غزوة فتح مكة، وبعدها فى شوال غزوة هوازن بحنين، وبعده كان حصار الطائف، ورجع صلى الله عليه وسلم إلى المدينة الميال بقين من ذى الحجة فى سفرته هذه (قال الوافدى) وفى هذه السنة بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمرو بن العاص إلى جيفر وعمرو ابنى الجلندى من الأزد وأخذت الجزية من مجوس بلديهما ومن حولها من الاعراب قال (وفيها) تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم فاطمة بنت الضحاك بن سفيان الكلابى فى ذى القعدة فاستعاذت منه عليه السلام ففارقها، وقيل بل خير فاختارت الدنيا ففارقها (قال وفى ذى الحجة) ولد ابراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم من مارية القبطية فاشتدت غيرة أمهات المؤمنين منها حين رزقت ولدًا ذكرًا، وكانت قابلتها فيه سلمى مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرجت إلى أبى رافع فأخبرته فذهب فبشر به رسول الله صلى الله عليه وسلم. فاعطاه مملوكًا، ودفعه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أم برة بنت المنذر بن أسيد بن خداش بن عامر بن غنم بن عدى بن النجار وزوجها البراء بن اوس بن خالد بن الجعد بن عوف بن مبذول، ثم أشار إلى تدمير الأصنام

-[مجئ عدي بن حاتم الطائى الى النبى صلى الله عليه وسلم وسبب اسلامه]- (أبواب حوادث السنة التاسعة) (باب مجئ عدى بن حاتم الطائى رضى الله عنه وقصة اسلامه) (حدّثنا محمد بن جعفر) (1) حدثنا شعبة قال سمعت سماك بن حرب قال سمعت عباد بن حبيش يحدث عن عدى بن حاتم (2) قال جاءت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بعقرب (3) فاخذوا عمتى وناسًا، قال فلما اتوا بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فصفوا له قالت يا رسول الله نأى الوافد (4) وانقطع الولد وأنا عجوز كبيره ما لى من خدمة فمنّ علىّ منّ الله عليك، قال من وافدك؟ قالت عدى بن حاتم، قال الذى فر من الله ورسوله (5) قالت فمنّ علىّ قالت فلما رجع ورجل إلى جنبه نرى أنه علىّ قال سليه حملانًا (6) قال فسألته فأمر لها قال (أى عدى) فأتتنى فقالت لقد فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها (7) قالت أئته راغبًا أو راهبًا فقد أتاه فلان فأصاب منه وأتاه فلان فأصاب منه، قال فأتيته فاذا عنده امرأة وصبيان أو صبى فذكر قربهم من النبى (8) صلى الله عليه وسلم فعرفت أنه ليس ملك كسرى ولا قيصر، فقال له يا عدى بن حاتم ما أفرك أن

_ التي تقدم ذكرها والله أعلم (باب) (1) (حدّثنا محمد بم جعفر) (غريبه) (2) هو عدى ابن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بفتح المهملة وستكون المعجمة آخره جيم الطائى صحابى شهير ممن ثبت على الاسلام فى الردة وحضر فتوح العراق وحروب على، وكان قبل اسلامه على دين النصرنانية (3) العقرب ويقال العقرباء منزل من أرض اليمامة (4) أي بعد (بفتح الموحدة وضم العين المهملة) الذي يفد إليك من رجالنا (5) أي لأن عدياً لما علم بخروج النبى صلى الله عليه وسلم وبعثته كره خروجه وذهب إلى بلاد الروم كلما سيأتى فى الحديث التالى (6) أى دابة تحملها إلى بلادها (7) تعنى هربه من مقابلة النبى صلى الله عليه وسلم ثم أمرته بالذهاب إلى النبى صلى الله عليه وسلم طائعًا مختارًا: لأنه إن لم يذهب إليه طائعًا فسيذهب اليه مكرهًا، ثم ذكرت له كرم النبى صلى الله عليه وسلم طائعًا مختارًا: لأنه إن لم يذهب اليه طائعًا فسيذهب اليه مكرهًا، ثم ذكرت له كرم النبى صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه بقولها فقد اتاه فلان فاصاحب منه الخ (8) جاء عند الترمذى عند عدى بن حاتم قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فى المسجد فقال القوم هذا عدى بن حاتم وجئت بغير أمان ولا كتاب، فلما رفعت اليه أخذ بيدى وقد قال قبل ذلك إنى لأرجو أن يحمل الله يده فى يدى، قال فقام بى فلقيته امرأة وصبى معهما فقالا ان لنا عليك حاجة، فقام معهما حتى قضى حاجتهما، ثم أخذ بيدى حتى أتى بى داره؟؟؟؟ له الوليدة وسادة فجلس عليها وجلست بين يديه، فحمد الله واثنى عليه ثم قال ما يفرك أن تقول لا إله إلا الله، فذكر نحو حديث الباب، فقوله فى حديث الباب (فاذا عنده امرأة وصبيان أو صبى فذكر قربهممن النبى صلى الله عليه وسلم) يمكن تفسيره على رواية الترمذى بأن المرأة والصبى كانا ينتظران النبى صلى الله عليه وسلم قريبًا من المسجد، فلما قام صلى الله عليه وسلم مع عدى لقيته المرأة والصبى فذكرا له حاجتهما فذهب معهما وترك عديًا حتى قضى لهما حاجتهما ثم رجع اليه فاخذ بيده الخ، وقد استدل عدى بقيامه صلى الله عليه وسلم مع المرأة والصبى لقضاء حاجتهما على تواضعه صلى الله عليه وسلم وكرمه وحسنس خلقه ولذلك قال (فعرفت أنه ليس ملك كسرى ولا قيصر) يعنى أنه صلى الله عليه وسلم ليس

-[إجتماع عدي بن حاتم الطائى بالنبى صلى الله عليه وسلم وسماعه درر اقواله ومواعظه]- يقال لا إله الا الله (1) فهل من اله الا الله؟ (2) ما أقرك أن يقال الله اكبر فهل شئ هو اكبر من الله عز وجل؟ (3) قال فأسلمت فرأيت وجهه استبشر (4) وقال إن المغضوب عليهم اليهود، وإن الضالين النصارى (5) ثم سألوه (6) لحمد الله تعالى واثنى عليه ثم قال أما بعد فلكم أيها الناس أن ترضخوا من الفضل، ارتضخ أمرؤ بصاع أو ببعض صاع (7) بقبضه ببعض قبضة: قال شعية واكثر على أنه قال بتمرة بشق تمرة (8) وإن أحدكم لاقى الله عز وجل فقائل ما أقوال (9)، ألم أجعلك سميعًا بصيرًا الم أجعل لك مالًا وولدًا فماذا قدمت؟ فينظر من بين يديه ومن خلفه ون يمينه وعن شماله فلا شيئًا (10) فما يتقى النار إلا بوجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة

_ عنده كبر ولا عظمة ولا رفاهية ككسرى وقيصر والله أعلم (1) جاء عند الترمذى بلفظ (ما يفرك أن تقول لا إله إلا الله) من الفرار وهو الهرب أى ما يحملك على الفرار أنفر من قول لا إله الا الله (2) جاء عند الترمذى قال قلت لا، وكذا يقال فى قوله الله أكبر (3) جاء عند الترمذى (قال قلت لا) (4) أى انبسط فرحًا وسرورًا باسلامه (5) الظاهر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال ذلك عندما طلب منه الإسلام فقال اسلم تسلم، قال قلت انى على دين كما فى الحديث التالى يعنى أنه على دين النصرانية، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ان المغضوب عليهم الخ والله أعلم (قال الامام البغوى) فى تفسيره لأن الله تعالى حكم على اليهود بالغضب فقال (من لعنة الله وغضب عليه) وحكم على النصارى بالضلال فقال (ولا تتبعوا أهواء قوم قد ضلوا من قبل) (6) هكذا بالأصل بعد قوله (وان الضالين النصارى ثم سألوه) وهذا الكلام غير مرتبط ببعضه ولا يفهم له معنى، ولكنه جاء عند الترمذى (قال ثم أمرنى فانزلت عند رجل من الانصار جعلت أغشاه) أى آتى النبى صلى الله عليه وسلم: من غشيه يغشاه اذا جاءه (طرفى النهار) يعنى الغداة والعشى (قال فبينما أنا عنده عشية غذ جاءه قوم فى ثياب الصوف من هذه النمار) بكسر النون جمع نمرة بالفتح، وهى كل شملة مخططة من مآزر الاعراب كأنها أخذت من لون النمر لما فيها من السواد والبياض (فحث عليهم) أى حث الناس على أن يتصدقوا عليهم بما تيسر لهم من فضل أموالهم وهذا معنى قوله فى حديث الباب (أما بعد فلكم أيها الناس أن ترضخوا من الفضل) الرضخ العطية القليلة، وبما ذكرنا مما جاء عند الترمذى يستقيم الكلام، والظاهر أنه سقط من الطابع أو الناسخ نسخة الإمام احمد والله أعلم (7) أى نصف صاع كما جاء عند الترمذى (وقوله بقبضة) بضم القاف وربما يفتح والقبضة من الشئ ملء الكف منه (8) شق النمرة بكسر المعجمة نصفها وجانبها وفيه الحث على الصدقة وانه لا يمتنع عنها لقلتها وأن قليلها سبب النجاة من النار، وسيأتى قوله (فاتقوا النار ولو بشق تمرة) وقد جاء حديثًا مستقلًا عند الشخين والامام احمد وغيرهما بلفظ اتقوا النار ولو بشق تمرة) (9) جاء عند الترمذى بلفظ (فقائل له ما أقول لكم) أى والله قائل له؟؟؟؟؟؟؟ قائل اله وضمير له لأحدكم والمجلة حالية (وما أقول لكم) مفعول لقوله قائل (ألم أجعل لك) بدل من قوله ما اقول لكم (10) أى فينظر فى هذه الجهات كلها ليرى أحدًا يستعين به فى الوقت الحرج فلم يجد شيئًا

-[حكاية عدي بن حاتم عن نفسه وانه كره خروج النبى صلى الله عليه وسلم او لا وما لاقاه بسبب ذلك]- فإن لم تجدوه فبكلمة طيبة (1) إنى لا أخشى عليكم الفاقة، (2) لينصرنكم الله تعالى وليعطينكم أو ليفتحن لكم حتى تسير الظعينة (3) بين الحيرة ويثرب أو اكثر (4): ما تخاف السرق على ظعينتها (5) قال محمد بن جعفر حدثناه شعبة ما لا احصيه وقرأته عليه (6) (حدّثنا يزيد) (7) أنبأنا هشام بن حسان عن محمود بن سيرين عن أبى عبيدة عن رجل قال قلت لعدى بن حاتم حديث بلغنى عنك أحب أن اسمعه منك؟ قال نعم، لما بلغنى خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرهت خروجه كراهة شديدة خرجت حتى وقعت ناحية الروم وقال يعنى يزيد ببغداد (8) حتى قدمت على قيصر، قال فكرهت مكانى ذلك أشد من كراهيتى لخروجه، قال فقلت والله لولا أتيت هذا الرجل فان كان كاذبًا بم يضرنى، وإن كان صادقًا علمت، قال فقدمت فاتيته فلما قدمت قال الناس عدى ابن حاتم عدى بن حاتم، قال فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عدى بن حاتم أسلم تسلم ثلاثًا، قال قلت انى على دين قال أنا أعلم بدينك منك، فقلت أنت أعلم بدينى منى؟ قال نعم، ألست من الركوسية (9) وأنت تأكل مرباع قومك (10)؟ قلت بلى، قال فان هذا لا يحل لك فى دينك، قال فلم يعد أن قالها (11) فتواضعت لها، فقال أما انى أعلم ما الذى يمنعك من الاسلام، تقول انما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قوة له وقد رمتهم العرب، أتعرف الحيرة وقلت لم أرها وقد سمعت بها، قال فو الذى نفى بيده ليُتَّمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف

_ (1) الكلمة الطيبة هى التى فيها تطبيب النفس إذا كانت مباحة أو طاعة تكون سببًا للنجاة من النار (2) يعنى الفقر (3) بفتح الظاء المعجمة وكسر العين المهملة المرأة فى الهودج وهو فى الأصل اسم للهودج (4) يثرب المدينة المنورة (والحيره) بكسر المهملة وسكون الياء التحتية وفتح الراء كانت بلد ملوك العرب الذين تحت حكم فارس، وكان ملكهم يومئذ إياس بن قبيصة الطائى، وليها من تحت يد كسرى بعد قتل النعمان بن المنذر (5) أى مطيتها كما صرح بذلك فى رواية الترمذى، والمعنى حتى تسير الظعينة فيما بين الحيرة ويثرب أو فى أكثر من ذلك من ذلك لا تخاف على راحلتها الشرق (زاد عند الترمذى) فجعلت أقول فى نفسى فأين لصوص طيئ: اللصوص جمع لص بكسر اللام ويفتح ويضم وهو السارق والمراد قطاع الطريق، وطيئ قبيلة مشهورة منها عدى بن حاتم وبلادهم ما بين العراق والحجاز وكانوا يقطعون الطريق على من مر بهم بغير جوار، ولذلك تعجب عدى كيف نمر المرأة عليهم وهى غير خائفة (6) معنى هذا أنه حديث ثابت مشهور (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حست غريب لا نعرفه الا من حديث سماك بن حرب، وروى شعبة عن سماك بن حرب عن عباد بن حبيش عن عدى بن حاتم عن النبى صلى الله عليه وسلم الحديث بطوله اهـ (قلت) وقال الحافظ ابن كثير فى تفسيره وقدروى حديث عدى هذا من طرق وله ألفاظ كثيرة يطول ذكرها (7) (حدثنا يزيد الخ) (غريبه) (8) معناه أن يزيد حدث الامام احمد بهذا الحديث مرة أخرى ببغداد فقال حتى قدمت على قيصر بدل قوله حتى وقعت ناحية الروم (9) هو دين بين النصارى والصائبين (نه) (10) هو ربع الغنيمة كان الرئيس فى الجاهلية يأخذه حالصًا له (11) أى فلم يعد النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قولها

-[إخبار النبي صلى الله عليه وسلم عدى بن حاتم بامور ستقع وقد وقع بعضها فى حياته وهى من معجزاته صلى الله عليه وسلم]- بالبيت في غير جوار أحد، وليفتحن كنوز كسرى بن هرمز، قال قلت كسرى بن هرمز؟ قال نعم كسرى بن هرمز، وليبذلن المال حتى لا يقبله أحد، قال عدى بن حاتم فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت فى غير جوار، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمزن والذى نفسى بيده لتكونن الثالثة (1) لأن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قد قالها (ابواب ما جاء فى غزوة تبوك) (2) (باب اهتمام النبى صلى الله عليه وسلم بهذه الغزوة) (وما انفقه عثمان بن عفان رضى الله عنه عليها) (عن عبد الله بن كعب) (3) قال سمعت كعب بن مالك رضى الله عنه يقول كان رسول الله ص (عن عبد الله بن كعب) (3) قال سمعت كعب بن مالك رضى الله عنه يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها إلا ورّى (4) بغيرها حتى كانت غزوة تبوك فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر

_ (1) معناه أنه تحقق وقوع الامرين الأوليين وهما أمان الظعينه وفتح كنوز كسرى، وستقع الثالثه وهى بذل المال وعدم وجود من يقبله (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام احمد وفى إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (2) بفتح الفوقية وتخفيف الموحدة المضمومة، لا ينصرف التأنيث والعملية أو بالصرف على إرادة الموضع (قال ابن قتيبة) جاءها النبى صلى الله عليه وسلم وهم يبوكون مكان مائها بقدح، فقال مازلتم تبوكونها؟ فسميت حينئذ تبوك اهـ وفى النهاية البوك تنوير الماء بعود ونحوه ليخرج من الارض وبه سميت غزوة تبوك اهـ (قال الحافظ) كانت فى شهر رجب من سنة تسع قبل حجة الوداع بلا خلاف، وعند ابن عائد من حديث ابن عباس أنها كانت بعد الطائف بستة أشهر وليس مخالفًا لقول من قال فى رجب إذا حذفنا الكسور، لأنه صلى الله عليه وسلم قد دخل المدينة من رجوعه من الطائف فى ذى الحجة: وتبوك مكان معروف هو نصف طريق المدينة إلى دمشق، ويقال بين المدينة وبينها أربع عشرة مرحلة اهـ وفى صحيح البخارى (وهى غزوة العسرة) بضم العين وسكون المهملة أى لما وقع فيها من العسرة فى الماء والظهر والنفقة وكانت آخر غزواته صلى الله عليه وسلم (قال ابن سعد وشيخه الوافدى) وغيرهما سببها أنه بلغ النبى صلى الله عليه وسلم من الأنباط الذين يقدمون بالزيت من الشام أن الروم تجمعت بالشام مع هرقل، فندب النبى صلى الله عليه وسلم الناس الى الخروج واعلمهم بالمكان الى يريد (وروى عن ابن عباس) ومجاهدو قتادة والضحاك وغيرهم أنه لما أمر الله تعالى ان يمنع المشركون من قربان المسجد الحرام فى الحج وغيره قالت قريش لينقطعن عنا التاجر والأسواق أمام الحج وليذهبن ما كنا نصيب منها فعوضهم الله عن ذلك بالامر بقتال اهل الكتاب حتى يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد هم صاغرون (قال الحافظ بن كثير) فى تاريخه فعزم رسول الله صلى الله عليه وسلم على قتال الروم لأنهم أقرب الناس اليه واولى الناس بدعوة الى الحق لقربهم إلى الإسلام وأهله، وقد قال الله تعالى {يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة واعلموا أن الله مع المتقين} (باب) (3) (سنده) حدّثنا عتاب بن زياد قال ثنا عبد الله قال أنا يونس عن الزهرى قال أخبرنى عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب أن عبد الله ابن كعب قال سمعت كعب بن مالك الخ (غريبة) (4) بفتح الواو والراء المشددة أى أو هم غيرها

-[منقبة عظيمة لعثمان بن عفان رضى الله عنه بسبب تبرعه لجيش العسرة]- شديد استقبل سفرًا ومفازًا (1) واستقال غزو عدو كثير فجلًا (2) للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة (3) عدوهم أخبرهم بوجهه الذى يريد (عن ابن كعب بن مالك) (4) عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج يوم الخميس فى غزوة تبوك (عن عبد الرحمن بن خبّاب السلمى) (5) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فحث على جيش العسرة (6) فقال عثمان بن عفان علّى مائة بعير باحلاسها (7) وأقتابها، قال ثم حث فقال عثمان على مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها، قال فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم يقول بيده (8) هكذا يحركها وأخرج عبد الصمد يده كالمتعجب ما على عثمان ما عمل بعد هذا (عن عبد الرحمن بن سمرة) (9) قال جاء عثمان بن عفان إلى النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بألف دينار فى ثوبه جهز النبى صلى الله عليه وسلم جيش العسرة قال فصبها فى حجر النبى صلى الله عليه وسلم فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده ويقول ما ضر (10) ابن عفان ما عمل بعد اليوم يرددها مرارًا

_ والتورية أن يذكر لفظًا يحتمل معنيين أحدهما أقرب من الآخر فيوهم إرادة القريب وهو يريد البعيد (1) بفتح الميم والفاء آخره زاى فلاة لا ماء فيها (2) بالجيم واللام المشددة ويجوز تخفيفها أى أوضح لهم أمرهم (3) بضم الهمزة وسكون الهاء أى ما يحتاجون اليه فى السفر والحرب (تخريجه) (ق. وغيرهما) (4) (سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهرى عن ابن كعب بن مالك الخ (تخريجه) (خ. نس) (5) (سنده) حدّثنا أبو موسى العنزى قال ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال حدثنى سكن بن المغيرة قال حدثنى الوليد بن أبى هشام عن فرقد أبى طلحة عن عبد الرحمن بن خباب السلمى الخ (غريبه) (6) أى جيش غزوة تبوك وقد سماها الله عز وجل فى كتابه ساعة العسرة وتقدم معنى ذلك (7) الأحلاس جمع حلس بكسر الحاء وسكون اللام وهو الكساء الذى يلى ظهر البعير تحت القتب والأقتاب جمع قتب كسبب وأسباب، وهو ما يوضع على ظهر البعير كالإكاف الحمار والسرج الفرس (8) أى يشير بيده (وقوله وأخرج عبد الصمد يعنى ابن عبد الوارث أحد رجال السند أخرج يده يصف لهم كيف أشار النبى صلى الله عليه وسلم بيده) (وقوله ما على عثمان ما عمل بعد هذا) من كلام النبى صلى الله عليه وسلم ومعناه ما ضر عثمان ما عمله من الذنوب قبل أن يتصدق بما تصدق به فانه بعد اليوم مكفر عنه بصدقته (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للامام احمد ثم قال وهكذا رواه الترمذى عن محمد بن يسار عن أبى داود الطيالسى عن سكن بن المغيرة مولى لآل عثمان به وقال غريب من هذا الوجه، ورواه البيهقى من طريق عمرو بن مرزوق عن سكن بن المغيرة به وقال ثلاث مرات وانه التزم بثلاثمائة بعير باحلاسها واقتابها، قال عبد الرحمن فانا شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهو على المنبر ما ضر عثمان بعدها أو قال بعد اليوم (9) (سنده) حدّثنا هارون بن معروف (قال عبد الله بن الامام احمد) وسمعته أنا من هارون بن معروف ثنا ضمرة ثنا عبد الله بن شوذب عن عبد الله بن القاسم عن كثير مولى عبد الرحمن بن سمرة عن عبد الرحمن بن سمرة الخ (10) يحتمل أن نفي الضر لعدم وقوع زلة فهو اشارة الى أن الله منعه منها ببركة إنفاقه

-[ذكر ما لاقاه الصحابة رضي الله عنهم فى غزوة تبوك من الشدة ودعاء النبى صلى الله عليه وسلم لهم بزوالها]- (باب فيما قاساه الصحابة فى هذه الغزوة من قلة الظهر وضعفه وما ظهر من معجزات النبى صلى الله عليه وسلم) (عن شريح بن عبيد) (1) أن فضاله بن عبيد الأنصارى كان يقول غزونا م النبى صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فجهد بالظهر جهدًا شديدًا (2) فشكوا الى النبى صلى الله عليه وسلم ما يظهرهم من الجهد فتحين بهم مضيقًا (3) فسار النبى صلى الله عليه وسلم فيه فقال مروا باسم الله، فمر الناس عليه بظهرهم فجعل ينفخ بظهرهم (4) اللهم احمل عليها فى سبيلك إنك تحمل على القوى والضعيف (5) وعلى الرطب واليابس في البر والبحر، قال فما بلغنا المدينة حتى جعلت تنازعنا أزمنها (6) قال فضالة هذه دعوة النبى صلى الله عليه وسلم على القوى والضعيف فما بال الرطب واليابس (7) فلما قدمنا الشام غزونا غزوة قبرس (8) فى البحر فلما رأيت السفن فى البحر وما يدخل فيها عرفت دعوة النبي صلى الله عليه وسلم

_ في سبيل الله وانه صلح أن يغفر له ما عساه يكون ذنبًا ان وقع، ولا يلزم من الصلاحية وجوده وقد أظهر الله صدق رسوله فانه لم يزل على أعمال أهل الجنة حتى فارق الدنيا (تخريجه) (مذ) وقال حسن غريب ابن عبيد الخ (غريبه) (2) أى بلغت المشقة والتعب بالابل أقصاها، والمراد بالظهر هنا الابل هذا ولم لم يكن المشقة والتعب قاصرًا على الظهر بل تنازل رجال الجيش فقد روى (ك خزحب) بسند صحيح على شرط الشيخين عن ابن عباس انه قال لعمر بن الخطاب حدثنا عن شأن ساعة العسرة فقال عمر خرجنا الى تبوك فى قيظ شديد فنزلنا منزلًا أصابنا فيه عطش حتى ظنننا أن رقابنا ستنقطع حتى ان الرجل لينحر بعيره فيعصر قرئه فيشربه ثم يجعل ما بقى على كبده، فقال ابو بكر الصديق يا رسول الله ان الله قد عودك فى الدعاء خيرًا فادع الله، قال اتحب ذلك؟ قال نعم، فرفع بديه فلم يرجعهما حتى حالت؟؟؟؟؟ فاظلت ثم سكبت فملئوا ما معهم، ثم ذهبنا ننظر فم نجدها جاوزت العسكر اهـ وهذا من جملة معجزاته صلى الله عليه وسلم فى استجابة الدعاء، وفيه منقبة ظاهرة لأبى بكر رضي الله عنه حيث اشار على النبى صلى الله عليه وسلم بذلك واستشاره صلى الله عليه وسلم (ومن ذلك ايضًا قلة الزاد) قال البغوى كان زادهم التمر المسوس والشعير المتغير وكان النفر منهم يخرجون ما معهم من التمرات فاذا بلغ الجوع من أحدهم أخذ التمرة فأكلها حتى يجد طعمها ثم يعطيها صاحبه فيمصها فيشرب عليها جرعة من ماء كذلك حتى تلك على آخرهم فلا يبقى من التمرة الا النواة (ومن ذلك أيضًا قلة الظهر) أى الحمولات (قال البغوى قال الحسن) كان العشرة منهم يخرجون على بعير واحد يعتقبونه يركب الرجل ساعة ثم ينزل فيركب صاحبه كذلك (3) أى قصد أن يسير بهم فى مكان ضيق (4) أى ينفخ بفيه فى إبلهم ويقول اللهم احمل عليها فى سبيلك، أى اللهم قوها على الحمل فى سبيلك (5) معناه أن الدواب التى يحمل عليها فيها القوى والضعيف والكل يحمل بقدرتك (6) جمع زمام وهو الخيط الذى يشد أزمتها (7) معناه أن فضالة فهم أن قوة الإبل حصلت ببركة دعوة النبى صلى الله عليه وسلم ولم يفهم معنى قوله صلى الله عليه وسلم وعلى الرطب واليابس (8) جاء فى معجم ياقوت بضم أوله وسكون ثانيه ثم ضم الراء

-[نهي النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه عن الدخول على أهل الحجر ومعجزة النبى صلى الله عليه وسلم فى جهود الماء وكثرته]- (عن أبي كبشة الأنمارى) (1) قال لما كان فى غزوة تبوك تسارع الناس الى أهل الحجر يدخلون عليهم فبلغ ذلك رسول صلى الله عليه وسلم فنادى فى الناس الصلاة جامعة، قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ممسك بعيره وهو يقول ما تدخلون على قوم غضب الله عليهم، فناداه رجل منهم نعجب منهم يا رسول الله، قال أفلا أنذركم بأعجب من ذلك؟ رجل من أنفسكم ينبئكم مما كان قبلكم وما هو كائن بعدكم فاستقيموا وسددوا فان الله عز وجل لا يعبأ بعذابكم شيئًا، وسيأتى قوم لا يدفعون عن أنفسهم بشئ (عن أبى الطفيل عامر بن وائله) (2) أن معاذًا أخبره انهم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع بين الظهر والعصر والمغرب والعشاء، قال؟؟؟؟؟ الصلاة ثم خرج فصلى الظهر والعصر جميعًا ثم دخل ثم خرج فصلى المغرب والعشاء جميعًا (3) ثم قال انكم ستأتون غدًا إن شاء الله عين تبوك وإنكم لن تأتوا بها حتى يضحى النهار، فمن جاء فلا يمس من مائها شيئًا حتى آتى، فجئنا وقد سبقنا إليها رجلان والعين مثل الشراك (4) تبض بشئ من ماء فسألهما رسول الله صلى الله عليه وسلم هل مسستما من مائها شيئًا؟ فقالا نعم فسبهما، رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لهما ما شاء الله أن يقول (5) ثم غرفوا بأيديهم من العين قليلًا قليلًا حتى اجتمع في شيء ثم غسل

_ وسين مهملة كلة رومية وافقت من العربية النحاس الجيد وهى جزيرة فى بحر الروم (قلت) هو المسمى الآن بالبحر الأبيض المتوسط وهو بحر الاسكندرية؛ وكانت هذه الغزوة سنة 28 من الهجرة استأذن معاوية عثمان فى غزوة البحر فأذن له فسّير معاوية إلى قبرس جيشٍا وسار اليها عبد الله بن سعد من مصرنا فاجتمعوا عليها وقاتلو أهلها ثم صولحوا على جزية سبعة آلاف دينار فى كل سنة يؤدون الى الروم مثلها (وقوله عرفت دعوة النبى صلى الله عليه وسلم) يؤيد أنه لما رأى السفن التى يحملها الرطب وهو الماء واليابس السفن نفسها التى تحمل الناس وما معهم عرف دعوة النبى صلى الله عليه وسلم واللع أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى بدون قول فضالة وقال رواه الطبرانى والبزار وفيى يحيى بن عبد الله XXX وهو ضعيف اهـ (قلت) يحيى بن عبد الله ليس فى سند الامام احمد، وسند الامام احمد جيد وليس فى رجاله علة، ومن الغريب أن الحافظ الهيثمى لم يعزه للامام احمد مع أن رواية الإمام احمد أجود سندًا وأكثر معنى ومتناه والظاهر أنه نسى ذلك والله أعلم (1) (عن أبى كبشة الأنمارى الخ) تقدم هذا الحديث بسنده وشرحه وتخريجه فى باب مرور النبى صلى الله عليه وسلم بوادى الحجر من كتاب أحاديث الأنبياء فى الجزء العشرين ص 47 رقم 18 (2) (سنده) قال الإمام احمد قرأت على عبد الرحمن بن مهدى حدّثنا مالك عن أبى الزبير المكى عن أبى الطفيل عامر بن وائلة الخ (قلت) أبو الطفيل هو آخر من مات من الصحابة على الاطلاق قاله الحافظ فى التقريب (غريبه) (3) الكلام على الجمع بين الصلاتين تقدم فى بابه من كتاب الصلاة الجزء الخامس (4) بكسر الشين المعجمة وهو سير النعل ومعناه ماء قليل جدًا (وقوله تبض) بفتح التاء وكسر الموحدة وتشديد الضاد المعجمة ومعناه تسيل بشئ قليل من ماء (5) هذان

-[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم لاصحابه بازالة الشدة والجوع ومعجزة أخرى النبى صلى الله عليه وسلم فى تكثير الطعام]- رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه وجهه ويديه ثم أعاده فيها فجرت العين بماء كثير فاستقى الناس (1) ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك يا معاذ إن طالت بك حياة أن ترى ما ها هنا قد ملئ جنانًا (2) (حدّثنا أبو معاوية) (3) ثنا الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد أو عن أبى هريرة شك الاعمش قال لما كان غزوة تبوك أصاب الناس مجاعة فقالوا يا رسول الله لو أذنت لنا فنحرنا نواضحنا (4) فأكلنا وادَهنا، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم افعلوا، فجاء عمر فقال يا رسول الله إنهم ان فعلوا قلّ الظهر (5) ولكن ادعهم بفضل أزوارهم ثم ادع لهم بالبركة لعل الله أن يجعل فى ذلك فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنطع (6) فبسطه ثم دعاهم بفضل أوزادهم فجعل الرجل يجيئ بكف الذرة والآخر بكف التمر والآخر بالكسرة حتى اجتمع على النطع من ذلك شئ يسير، ثم دعا عليه

_ الرجلان كانا من المنافقين ولذلك سبهما النبى صلى الله عليه وسلم (1) فيه معجزة ظاهرة النبى صلى الله عليه وسلم (2) أى بساتين وهو جمع جنة وهذا أيضًا من معجزاته صلى الله عليه وسلم لأن هذا المكان صار كما قال (تخريجه) (م لك. وغيرهما) (وفى المواهب اللدنية) أن النبى صلى الله عليه وسلم أمر بكل بطن من الأنصار والقبائل من العرب أن يتخذوا لواءًا وراية وكان معه عليه الصلاة والسلام ثلاثون ألفًا وكانت الخيل عشرة آلاف والله أعلم (وفيها أيضًا) قال لما كان عليه الصلاة والسلام ببعض الطريق ضلت ناقته فقال زيد ابن الصيت وكان منافقًا أليس محمد يزعم أن نبى ويخبركم بأخبار السماء وهو لا يدرى أين ناقته؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رجلًا يقول كذا وكذا وذكر مقالته وانى والله لا أعلم إلا ما علمنى الله سبحانه وتعالى وقد دلنى الله تعالى عليها وهى فى الوادى فى شعب كذا وكذا وقد حبستها شجرة بزمامها فانطلقوا حتى تؤتونى بها: فانطلقوا فجاءوا بها، رواه البيهقى وأبو نعيم (قلت) وهذا أيضًا من معجزاته صلى الله عليه وسلم (3) (حدّثنا أبو معاوية الخ) (غريبه) (4) جمع ناضح وهى الابل التى يستقى عليها (5) أى أقل ما يحمل عليه من الابل (6) فال فى القاموس النطع بالكسر والفتح وبالتحريك وكعنب بساط من الأديم جمعه أنطاع ونطوع (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للإمام احمد، ثم قال ورواه مسلم عن أبى كريب عن أبى معاوية عن الأعمش به. (تتمة فيما جاء فى مصالحة النبى صلى الله عليه وسلم ملك أيلة وأهل جرباء وأذرُح وهو مقيم على تبوك قبل رجوعه) (قلت) أيلة بهمزة مفتوحة فتحتية ساكنة فلام مفتوحة مدينة فى طرف الشام على ساحل البحر متوسطة بين المدينة الشريفة ودمشق قال الحازمى هى آخر الحجاز وأول الشام (وجرباء) بجيم مفتوحة فراء ساكنة فموحدة فألف مقصورة على الصواب المشهور (وأذرح) بهمزة ثم معجمة ساكنة فراء مضمومة فمهملة (قال النووى) هى مدينة فى طرف الشام فى قبلة السويك بينها وبينه نحو نصف يوم، وقال الزرقانى فى شرح المواهب قيل هى فلسطين، وفى المواهب أن أذرح وجرباء بلدان بالشام بينهما ثلاثة أميال (قال ابن اسحاق) ولما انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك أتاه يحنة بن رؤية صاحب أيلة فصالح رسول الله صلى الله عليه وسلم وأعطاه الجزيةن وأتاه أهل جرباء وأذرح وأعطوه الجزية وكتب لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كتابًا فهو

-[إرسال النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة وإتيانه إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقصته معه]- بالبركة، ثم قال لهم خذوا في أوعيتكم، قال فأخذوا في أوعيتهم حتى ما تركوا من المعسكر وعاءً إلا ملؤوه: وأكلوا حتى شبعوا وفضلت منه فضلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أشهد أن لا إله إلا الله

_ عندهم، وكتب ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة بسم الله الرحمن الرحيم هذه أمنة من الله ومحمد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحنة بن رؤبة وأهل أيلة سفنهم وسيارتهم في البر والبحر لهم ذمة الله ومحمد النبي ومن كان معهم من أهل الشام وأهل اليمن وأهل البحر، فمن أحدث منهم حدثًا فإنه لا يحول ماله دون نفسه وأنه طيب لمن أخذه من الناس، وأنه لا يحل أن يمنعوا ماءً يردونه ولا طريقًا يردونه من بر أو بحر، زاد يونس بن بكير عن ابن اسحاق بعد هذا، وهذا كتاب جهيم بن الصلت وشرحبيل بن حسَنه بإذن رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال يونس عن ابن اسحاق) لأهل جرباء وأذرج بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب من محمد النبي رسول الله صلى الله عليه وسلم لأهل جرباء وأذرح أنهم آمنون بأمان الله وأمان محمد وإنما عليهم مائة دينار في كل رجب ومائة أوقية طيبة وأن الله عليهم كفيل بالنصح والإحسان إلى المسلمين ومن لجأ إليهم من المسلمين: وأعطى النبي صلى الله عليه وسلم أهل أيلة بردة مع كتابه أمانًا لهم قال فاشتراه بعد ذلك أبو العباس عبد الله بن محمد بثلاثمائة دينار (ما جاء في بعث خالد بن الوليد إلى أكيدر دومة) (قلت) أكيدر بضم الهمزة وفتح الكاف وسكون التحتية وضم وكسر المهملة كأحيمر كما في القاموس (ودومة) بضم الدال المهملة وفتحها والواو ساكنة كان ملكًا عظيمًا من قبل هرقل بدومة الجندل بفتح فسكون حصن وقرى من طرف الشام بينها وبين دمشق خمس ليالٍ يقال عرفت بدومة بن إسماعيل: قال الزرقاني في شرح المواهب (قال ابن اسحاق) ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا خالد بن الوليد فبعثه إلى أكيدر دومة وهو أكيدر بن عبد الملك رجل من بني كنانة (وفي نسخة من كندة) كان ملكًا عليها وكان نصرانيًّا وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لخالد إنك ستجده يعيد البقر فخرج خالد حتى إذا كان من حصنه بمنظر العين وفي ليلة مقمرة صائفة وهو على سطح له ومعه امرأته وباتت البقر تحك بقرونها باب القصر، فقالت له امرأته هل رأيت مثل هذا قط؟ قال لا والله (تريد أن البقر الذي يريد صيدها جاءت إلى باب قصره تحك قرونها فيه) قالت فمن يترك هذا؟ قال لا أحد فنزل فأمر بفرسه فأسرج له وركب معه نفر من أهل بيته فيهم أخ له يقال له حسان فركب وخرجوا معه بمطاردهم فلما خرجوا تلقتهم خيل النبي صلى الله عليه وسلم فأخذته وقتلوا أخاه، وكان عليه قباء من ديباج مخوص بالذهب فاستلبه خالد فبعث به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل قدومه عليه قال فحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أنس بن مالك قال رأيت قباء أكيدر حين قدم به على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل المسلمون يلمسونه بأيديهم ويتعجبون منه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتعجبون من هذا؟ فوالذي نفسي بيده لمناديل سعد بن معاذ في الجنة أحسن من هذا (قال ابن إسحاق) ثم ان خالد بن الوليد لمّا قدم بأكيدر على رسول الله صلى الله عيه وعلى آله وصحبه وسلم حقن له دمه فصالحه على الجزية ثم خلى سبيله فرجع إلى قريته فقال رجل من بني طييء يقال له بحير بن بحرة في ذلك.

-[ما جاء في كتاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى هِرَقْل وقصته مع بطارقته]- وإني رسول الله لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فتحجب عنه الجنة (باب ما جاء في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وجوابه عليه) 437 (حدّثنا إسحاق بن عيسى) (1) قال حدثني يحيى بن سليمان عن عبد الله بن عثمان بن خُثيم عن سعيد بن أبي راشد قال لقيت التنوخي (2) رسول هرقل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمص وكان جارًا لي شيخًا كبيرًا قد بلغ الفَنَد (3) أو قرب فقلت ألا تخبرني عن رسالة هرقل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ورسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل؟ فقال بلى (4)،: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم تبوك فبعث دحية الكلبي إلى هرقل فلما أن جاء كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا قسيسي الروم وبطارقتها ثم أغلق عليه وعليهم بابًا فقال قد نزل هذا الرجل حيث رأيتم وقد أرسل إليَّ يدعوني إلى ثلاث خصال، يدعوني إلى أن أتبعه على دينه، أو على أن أعطيه مالنا على أرضنا والأرض أرضنا، أو نلقي إليه الحرب، والله لقد عرفتم فيما تقرءون من الكتب ليأخذن ما تحت قدميّ فهلم نتبعه على دينه أو نعطيه مالنا على أرضنا، فخروا نخرة (5) رجل واحد حتى خرجوا من برانسهم، وقالوا تدعونا إلى أن ندع النصرانية أو نكون عبيدًا لأعرابي جاء من الحجاز؟ فلما ظن أنهم إن خرجوا من عنده أفسدوا عليه الروم رفأهم (6) ولم يكد، وقال

_ تبارك سائق البقرات إني ... رأيت الله يهدي كل هاد فمن يك حائدًا عن ذي تبوك ... فإنا قد أمرنا بالجهاد وقد حكى البيهقي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لهذا الشاعر لا يفضض الله فاك، فأتت عليه سبعون سنة ما تحرك له فيها ضرس ولا سن، (وقد روى ابن لهيعة) عن أبي الأسود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث خالدًا مرجعه من تبوك في أربعمائة وعشرين فارضًا إلى أكيدر دومة فذكر نحو ما تقدم إلا أنه ذكر أنه ماكره حتى أنزله من الحصن وذكر أنه قدم مع أكيدر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثمانمائة من السبسي وألف بعير وأربعمائة درع وأربعمائة رمح، وذكر أنه لمّا سمع عظيم أيلة يحنة بن رؤبة بقضية أكيدر دومة أقبل قادمًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يصالحه فاجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم بتبوك فالله أعلم (باب) (1) (حدّثنا إسحاق بن عيسى إلخ) (غريبه) (2) قال في اللباب التنوخي بفتح التاء ثالث الحروف وضم النون المخففة وفي آخرها الخاء المعجمة هذه النسبة إلى تنوخ وهو اسم لعدة قبائل اجتمعوا قديمًا بالبحرين وتحالفوا على التناصر فأقاموا هناك فسموا تنوخًا والتنوخ الإقامة اهـ (3) قال في النهاية الفند في الأصل الكذب وأفند تكلم بالفند، ثم قالوا للشيخ إذا هرم قد أفند لإنه يتكلم بالمخرِّف من الكلام عن سنن الصحة، وأفنده الكبر إذا أوقعه في الكبر (4) جاء في هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه عن سعيد بن أبي راشد مولًى لآل معاوية قال قدمت الشام فقيل لي في هذه الكنيسة رسول قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فدخلنا الكنيسة فإذ أنا بشيخ كبير فقلت له أنت رسول قيصر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال نعم، قال قلت حدثني عن ذلك، قال إنه لمّا غزا تبوك كتب إلى قيصر كتابًا وبعث به مع رجل يقال له دحية بن خليفة، فلما قرأ كتابه وضعه معه على سريره وبعث إلى بطارقته ورؤساء أصحابه فذكر نحو حديث الباب (5) أي تكلموا كلام رجل واحد وكأنه كلام مع غضب ونفور حملهم على أن يخرجوا من برانسهم (6) أي سكنهم

-[جواب هرقل على كتاب النبي صلى الله عليه وسلم وقيام رسول به وقصته مع النبي صلى الله عليه وسلم]- قلت ذلك لكم لأعلم صلابتكم على أمركم، ثم دعا رجلاً من عرب تجيب كان على نصارى العرب فقال ادع لي رجلاً حافظًا للحديث عربي اللسان أبعثه إلى هذا الرجل بجواب كتابه، فجاءني فدفع إليّ هرقل كتابًا فقال اذهب بكتابي إلى هذا الرجل فما ضيعت من حديثه فاحفظ لي منه ثلاث خصال (1) انظر هل يذكر صحيفته التي كتب إليّ بشيء، وانظر إذا قرأ كتابي فهل يذكر الليل، وانظر في ظهره هل به شيء يريبك، فانطلقت بكتابه حتى جئت تبوك فإذا هو جالس بين ظهراني أصحابه محتبيًا على الماء، فقلت أين صاحبكم؟ قيل هاهو ذا، فأقبلت أمشي حتى جلست بين يديه فناولته كتابي، فوضعته في حجره ثم قال ممن أنت؟ فقلت أنا أحد تَنُوخ قال هل لك في الإسلام الحنيفية ملة أبيك إبراهيم؟ قلت إني رسول قوم وعلى دين قوم لا أرجع عنه حتى أرجع إليهم، فضحك وقال (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء وهو أعلم بالمهتدين) يا أخا تنوخ إني كتبت بكتاب إلى كسرى فمزقه والله ممزقه وممزق ملكه، وكتبت إلى النجاشي بصحيفة فخرقها والله مخرقه (2) ومخرق ملكه، وكتبت إلى صاحبك بصحيفة فأمسكها فلن يزال الناس يجدون منه بأسًا ما دام في العيش خير، قلت هذه إحدى الثلاثة التي أوصاني بها صاحبي (3) وأخذت سهمًا من جعبتي فكتبتها في جلد سيفي، ثم انه ناول الصحيفة رجلاً عن يساره: قلت من صاحب كتابكم الذي يقرأ لكم؟ قالوا معاوية، فإذا في كتاب صاحبي (4) تدعوني إلى جنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين فأين النار؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سبحان الله أين الليل إذا جاء النهار؟ قال فأخذت سهمًا من جعبتي فكتبته في جلد سيفي (5) فلما أن فرغ من قراءة كتابي قال إن لك حقًّا وإنك رسول، فلو وجدت عندنا جائزة جوّزناك بها إنا سَفر (6) مُرملون، قال فناداه رجل من طائفة الناس قال أنا أجوزه ففتح رحله فإذا هو يأتي بحلة صفورية (7) فوضعها في حجري، قلت من صاحب الجائزة؟ قيل لي عثمان، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيكم يُنزل (8) هذا الرجل؟ فقال فتًى من من الأنصار: أنا فقام الأنصاري وقمت معه حتى إذا خرجت من طائفة المجلس ناداني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال تعال يا أخا تنوخ (9) فأقبلت أهوي إليه حتى كنت قائمًا في مجلسي الذي كنت بين يديه

_ ودعا لهم (ولم يكد) أي لم ينازعهم في الأمر (1) أي مهما نسيت من شيء فاحفظ لي منه ثلاث خصال (2) هذا نجاشي آخر غير النجاشي الذي أسلم ونعاه النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلى أصحابه فصلى عليه كما يستفاد من الحديث التالي (3) هي قول هرقل له (انظر هل يذكر صحيفته التي كتب إلي بشيء) (4) يعني في كتاب هرقل الذي يقرؤه معاوية (5) إنما كتب هذه أيضًا لإنها الثانية من الخصال التي أوصاه هرقل بحفظها وهي قوله (وانظر إذا قرأ كتابي هل يذكر الليل) (6) بفتح المهملة وسكون الفاء أي مسافرون (مرملون) أن نفد زادنا وأصله من الرمْل كأنهم لصقوا بالرمل كما قيل للفقير الترب بكسر الراء (7) نسبة إلى صفورية بفتح الصاد المهملة وضم الفاء مشددة بلد بالأردن بضم الهمزة او لمهملة كما في القاموس (8) بضم أوله وكسر الزاي بينهما نون ساكنة أي ينزله ضيفًا عنده (9) إنما دعاه النبي

-[تبشير النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه ببعض ما خصه الله عز وجل به تكريمًأ له]- فحل حبوته (1) عن ظهره وقال ههنا امض لما أمرت له، فجاءت في ظهره فإذا أنا بخاتم في موضع غضون (2) الكتف مثل المحجمة (3) للضخمة (ز) 438 (حدّثنا عبد الله) قال ثنا سريج بن يونس من كتابه قال ثنا عباد بن عباد يعني المهلبي عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن أبي راشد مولًى لآل معاوية فذكر نحو الحديث المتقدم (وفيه) أنهم قالوا لا نتبعه على دينه وندع ديننا ودين آبائنا ولا نقر له بخراج يجري له علينا ولكن نلقي إليه الحرب (وفيه أيضًا) قال عباد قلت لابن خُثيم أليس قد أسلم النجاشي ونعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمدينة إلى أصحابه فصلى عليه؟ قال بلى، ذاك فلان بن فلان وهذا فلان بن فلان قد ذكرهم ابن خثيم جميعًا ونسيتهما (وفيه أيضًا) قال رسول قيصر فلما وليت دعاني (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) فقال يا أخا تنوخ هلم فامض للذي أمرت به، وكنت قد نسيتهما فاستدرت من وراء الحلقة وألقى بردة كانت عليه عن ظهره فرأيت غضروف كتفه مثل المحجم الضخم (باب ما جاء في تبشير النبي صلى الله عليه وسلم وهم بتبوك بفتح فارس والروم) وخصوصيات أكرمه الله عز وجل بها وفيه ذكر ما فعله المنافقون من الكيد أثناء العودة من تبوك (4) 439 (عن عمر بن شعيب عن أبيه عن جده) (5) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عام غزوة تبوك قام من الليل يصلي فاجتمع وراءه رجال من أصحابه يحرسونه حتى إذا صلى وانصرف إليهم فقال لهم لقد أعطيت الليلة خمسًا ما أعطيهن أحد قبلي، أما أنا فأرسلت إلى الناس كلهم عامة وكان مَن قبلي إنما يرسل إلى قومه، ونصرت على العدو بالرعب ولو كان بيني وبينهم مسيرة شهر لمليء منه رعبًا

_ صلى الله عليه وسلم ليحقق له الخصلة الثالثة التي أوصاه بها هرقل بقوله وانظر ظهره هل به شيء يريبك) وكان التنوخي قد نسيها كما في الحديث التالي (1) أي ألقى بردة كانت عليه عن ظهره كما في الحديث التالي (2) الغضون مكاسر الجلد، ومكاسر كل شيء غضون أيضًا، الواحد غَضْن وغَضَن مثل أسد وأسود وفلس وفلوس قاله في المصباح (3) بكسر الميم أي كأثر المحجمة القابضة على اللحم حتى يكون ناشئًا (قال الشامي) هي الآلة التي يجتمع بها دم الحجامة عن المص، والمراد من أثرها اللحم الناتئ من قبضها عليه (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال هذا حديث غريب وإسناده لا بأس به تفرد به الإمام أحمد اهـ (قلت) وأورده الهيثمي بنصه وقال رواه عبد الله بن أحمد وأبو يعلى ورجال أبي يعلى ثقات ورجال عبد الله بن أحمد كذلك. اهـ (قلت) هذا الحديث بهذا النص من مسند الإمام أحمد والحديث التالي من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد ومعناهما واحد ولم يختلفا إلا في بعض الألفاظ ولذا أتيت في الحديث التالي بالألفاظ المختلف فيها (ز) (حدّثنا عبد الله) إلخ هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه ولذا رمزت له بحرف زاي في أوله وهو كالذي قبله في المعنى والتخريج وجاء فيه لفظ (غضروف كتفه بدل قوله في الحديث السابق (غضرف الكتف) وغضروف الكتف رأس لوحه والله أعلم (باب) (4) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا بكر بن مضر عن ابن الهاد عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده إلخ

-[قوله صلى الله عليه وسلم أعطيت الشفاعة فأخرتها لأمتي = وإرادة المنافقين كيد النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الغزوة]- وأحلت لي الغنائم آكلها، وكان من قبلي يعظمون أكلها كانوا يحرقونها، وجعلت لي الأرض مساجد وطَهورًا أينما أدركتني الصلاة تمسحت وصليت، وكان مَن قبلي يعظمون ذلك، إنما كانوا يصلون في كنائسهم وبيعهم، والخامسة هي ما هي؟ قيل لي سل فإن كل نبي قد سأل فأخرت مسألتي إلى يوم القيامة (1) فهي لكم ولمن شهد أن لا إله إلا الله 440 (عن أبي همام الشعباني) (2) قال حدثني رجل من خثعم قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فوقف ذات ليلة واجتمع عليه أصحابه فقال إن الله أعطاني الليلة الكنزين كنز فارس والروم، وأمدني بالملوك ملوك حمير الأحمرين ولا ملك إلا الله، يأتون يأخذون من مال الله ويقاتلون في سبيل الله قالها ثلاثًا 441 (عن أبي الطفيل) (3) قال لما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك أمر مناديًا فنادى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ العقبة (4) فلا يأخذها أحد، فبينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوده حذيفة ويسوق به عمار إذ أقبل رهط (5) متلثمون على الرواحل غَشوْا (6) عمارًا وهو يسوق برسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل عمار يضرب وجوه الرواحل (7)

_ (غريبه) (1)، مسألته صلى الله عليه وسلم على الشفاعة كما جاء في حديث ابن عباس عند الإمام أحمد أيضًا وسيأتي في باب خصوصياته صلى الله عليه وسلم في القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية وفيه (وأعطيت الشفاعة فأخرتها لأمتي فهي لمن مات لا يشرك بالله شيئًا) وتقدم نحوه من حديث جابر وأبي أمامة وعلي وأبي هريرة في باب اشتراط دخول الوقت للمتيمم من كتاب التيمم في الجزء الثاني صفحة 187 وتقدم شرح هذه الأحاديث هناك، وسيأتي أحاديث أخرى عن كثير من الصحابة في باب خصوصياته صلى الله عليه وسلم المشار إليه (تخريجه) أورده الهيثمي وفي نسخته تخليط وسقط من الناسخ أو الطابع، فقد جاء فيه بعد قوله أعطيت الليلة خمسًا ما أعطيهن أحد قبلي يعظمون أكلها كانوا يحرقونها، وهذه الجملة جاءت في غير موضعها فلا معنى لها هنا، ثم قال وجعلت لي الأرض مساجد وسقط قوله فأرسلت إلى الناس كافة إلخ وقوله ونصرت بالرعب إلخ ثم قال البيهقي رواه أحمد ورجاله ثقات (2) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن يحيى بن أبي كثير عن أبي همام الشعباني إلخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده أبو همام الشعباني قال الحسيني مجهول (قال الحافظ) في تعجيل المنفعة ذكره الحاكم أبو أحمد تبعًا للبخاري فيمن لا يعرف اسمه ولم يذكر فيه جرحًا (3) (سنده) حدثنا يزيد أنا الوليد يعني ابن عبد الله ابن جميع عن أبي الطفيل إلخ (غريبه) (4) العقبة بالتحريك الطريق العالي في الجبل، وإنما اختار صلى الله عليه وسلم هذا الطريق لنفسه دون الجيش ليفتضح أمر المنافقين الذين تآمروا على قتله، فقد جاء في تاريخ الحافظ ابن كثير عن عروة بن الزبير قال لما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك إلى المدينة همّ جماعة من المنافقين بالفتك به وأن يطرحوه من رأس عقبة في الطريق، فأخبر بخبرهم فأمر الناس بالسير من الوادي وصعد هو العقبة وسلكها معه أولئك النفر وقه تلثموا إلخ (5) الرهط من الرجال ما دون العشرة وقيل إلى الأربعين (6) أي ازدحموا عليه وكثروا (7) جاء في بعض الروايات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر حذيفة فرجع إليهم فضرب وجوههم فيحتمل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى عمارًا يضرب وجوه الرواحل أمر حذيفة أن يعاونه، وفي حديث عروة بن الزبير فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبصر حذيفة غضبه فرجع إليهم ومعه محجن فاستقبل وجوه رواحلهم بمحجنه، فلما رأوا حذيفة ظنوا أن قد أظهر على ما أضمروه

-[إرادة المنافقين أن ينفروا راحلة النبي صلى الله عليه وسلم فيطرحوه ويقتلوه ومخالفتهم أمره]- فقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لحذيفة قد قد (1) حتى هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما هبط رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم نزل ورجع عمار فقال يا عمار هل عرفت القوم؟ فقال قد عرفت عامة الرواحل والقوم متلثمون، قال هل تدري ما أرادوا؟ قال الله ورسوله أعلم، قال أرادوا أن ينَفّروا برسول الله صلى الله عليه وسلم فيطرحوه، قال فسارّ عمار رجلاً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نشدتك بالله كم تعلم كان أصحاب العقبة؟ (2) فقال أربعة عشر، فقال إن كنت فيهم فقد كانوا خمسة عشر فعدَّد (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم ثلاثة قالوا والله ما سمعنا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم وما علمنا ما أراد القوم، فقال عمار أشهد أن الاثني عشر الباقين حرب (4) لله ولرسوله في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد قال الوليد (5) وذكر أبو الطفيل في تلك الغزوة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس وذُكِر له أن في الماء قلة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم مناديًا فنادى أن لا يرد الماء أحد قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فورده رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجد رهطًا قد وردوه قبله فلعنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذٍ (6)

_ من الأمر الظعيم فأسرعوا حتى خالطوا الناس (1) اسم فعل بمعنى كفى أو يكفي ضربًا وتكرارها لتأكيد الأمر، ويقول المتكلم قدني أي حسبي وللمخاطب قدك أي حسبك (2) قال النووي وهذه العقبة ليست العقبة المشهورة بمنى التي كانت بها بيعة الأنصار رضي الله عنهم وإنما هذه عقبة على طريق تبوك اجتمع المنافقون فيها للغدر برسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فعصمه الله منهم (3) أي أحصى منهم ثلاثة أقسموا أنهم ما سمعوا منادي رسول الله صلى الله عليه وسلم فتجاوز عنهم حسب اعترافهم والله أعلم بسرائرهم (4) أي أعداء وخصوم لله ولرسوله في الدنيا والآخرة، وجاء في رواية لمسلم من حديث حذيفة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في أصحابي (وفي لفظ) في أمتي اثنا عشر منافقًا لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها حتى يلج الجمل في سم الخياط، ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة سراج من النار يظهر في أكتافهم حتى ينجم من صدورهم (قال النووي رحمه الله) أما قوله صلى الله عليه وسلم في أصحابي فمعناه الذين ينسبون إلى صحبتي كما قال في الرواية الثانية في أمتي، وسم الخياط بفتح السين وضمها وكسرها والفتح أشهر وبه قرأ القراء السبعة وهو ثقب الإبرة، ومعناه لا يدخلون الجنة أبدًا كما لا يدخل الجمل في ثقب الإبرة أبدًا، (وأما الدبيلة) فبدال مهملة مضمومة ثم باء موحدة مفتوحة وقد فسرها في الحديث بسراج من نار (ومعنى ينجم) يظهر ويعلو وهو بضم الجيم، وروي تكفيهم الدبيلة محذف الكاف الثانية، وروي تكفتهم بتاء مثناة فوق بعد الفاء من الكفت وهو الجمع والستر أي نجمعهم في قبورهم وتسترهم اهـ وفي النهاية هي خرّاج ودمّل كبير تظهر في الجوف فتقتل صاحبها غالبًا (5) هو الوليد بن عبد الله بن جميع أحد الرواة (6) هذا الرهط من المنافقين وتقدمت قصة الماء بأطول من هذا من حديث أبي الطفيل عن معاذ في باب ما قاساه الصحابة في هذه الغزوة قبل باب (تخريجه) (هق) في الدلائل ومعناه عند مسلم من حديث حذيفة (قال الحافظ ابن كثير) في تفسيره ويشهد لهذه القصة بالصحة ما رواه مسلم فذكر حديث مسلم بمعناه اهـ (قلت) وحديث الباب رجاله ثقات

-[رجوع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابة من غزوة تبوك وفيه معجزة النبي صلى الله عليه وسلم وأمور أخرى]- (باب ما جاء في ذكر رجوعهم إلى المدينة من غزوة تبوك وفيه أمور شتى) 442 (حدّثنا عفان) (1) ثنا وهيب بن خالد ثنا عمرو بن يحيى عن العباس بن سهل بن سعد الساعدي عن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عام تبوك حين جئنا وادي القرى (2) فإذا امرأة في حديقة (3) لها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه أخرْصوا (4) فخرص القوم وخرص رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة أوسق (5) وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمرأة أحصي ما يخرج منه حتى أرجع إليك إن شاء الله، قال فخرج حتى قدم تبوك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها ستبيت عليكم الليلة ريح شديدة فلا يقوم منكم فيها رجل، فمن كان له بعير فليوثق عقاله (6) قال أبو حميد فعقلناها فلما كان من الليل هبت علينا ريح شديدة فقام فيها رجل فألقته في جبل طيئ (7) ثم جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ملك أيلة (8) فأهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم بغلة بيضاء (9) فكساه رسول الله صلى الله عليه وسلم بردًا وكتب له رسول الله صلى الله عليه وسلم ببحره (10) قال ثم أقبل وأقبلنا معه حتى جئنا وادي القرى، فقال للمرأة كم حديقتك؟ قالت عشرة أوسق خرص رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني متعجل فمن أحب منكم أن يتعجل فليفعل، قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرجنا معه حتى إذا أوفى على المدينة قال هي هذه طابة (11) فلما رأى أُحدًا قال هذا أُحد يحبنا ونحبه (12) ألا أخبرك بخير دور الأنصار؟ قلنا بلى يا رسول الله قال خير دور الأنصار بنو النجار (13) ثم

_ (باب) (1) (حدّثنا عفان إلخ) (غريبه) (2) قال ياقوت في معجمه هو وادٍ بين المدينة والشام من أعمال المدينة كثر القرى والنسبة إليه وادي (3) هي البستان من النخل إذا كان عليه حائط (4) هو بضم الراء وكسرها والضم أشهر أي احزروا كم يجيء من ثمرها (قال النووي) وفيه استحباب تمرين العالم أصحابه بمثل هذا التمرين (5) جمع وسْق، (قال في النهاية) الوسق بالفتح ستون صاعًا وهو ثلاثمائة وعشرون رطلاً عند أهل الحجاز وأربعمائة وثمانون رطلاً عند أهل العراق (6) فيه معجزة ظاهرة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث أخبر بالغيب وقد حصل في الحال، وفيه خوف الضرر على أصحابه من القيام وقت الريح وفيه غير ذلك (7) هكذا في الأصل جبل طيئ بالإفراد وجاء عند مسلم جبلي طيئ بالتثنية، وهما جبلان مشهوران يقال لأحدهما أجأ بفتح الهمزة والجيم وبالهمز، والآخر سلمى بفتح السين (وطيئ) بياء مشددة بعدها همزة على وزن سيد وهو أبو قبيلة من اليمن (8) بفتح الهمزة وسكون الياء التحتية بعدها لام مفتوحة مدينة في طريق الشام على ساحل البحر متوسطة بين المدينة الشريفة ودمشق. قال الحازمي قيل هي آخر الحجاز وأول الشام اهـ (قلت) تقدمت قصة ملك أيلة في آخر شرح الباب الثاني من هذه الغزوة (9) هذه البغلة هي بغلته صلى الله عليه وسلم المسماة بدلدل وليست له بغلة غيرها، وظاهره أنها أهديت له في تبوك وهي كانت عنده قبل ذلك ولعله يعني وهو الذي أهدى له قبل ذلك (10) أي ببلده وأرضه والبحر القرى (11) من الطيب بكسر الطاء مشددة وقيل هو الطيب بفتح الطاء مشددة وكسر الياء مشددة بمعنى الظاهر لخلوها من الشرك وتطهيرها منه (12) تقدم الكلام عليه في شرح آخر حديث من غزوة خيبر في هذا الجزء صحيفة 127 رقم 342 (13) قال القاضي عياض المراد أهل الدور والمراد القبائل، وإنما فضل بني النجار لسبقهم في الإسلام وآثارهم

-[فضل من تخلف عن غزوة تبوك لعذر وفرح أهل المدينة بقدوم النبي صلى الله عليه وسلم حتى الولائد والصبيان]- دار بني عبد الأشهل، ثم دار بني ساعده ثم في كل دور الأنصار خير (باب في ذكر من تخلف عن غزوة تبوك لعذر) 443 (عن أنس) (1) قال لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فدنا من المدينة قال إن بالمدينة لقومًا ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا (2) إلا كانوا معكم فيه قالوا يا رسول الله وهم بالمدينة؟ قال وهم بالمدينة حبسهم العذر (3) 444 (عن سعيد بن المسيب) (4) قال قلت لسعد بن مالك (5) إني أريد أن أسألك عن حديث وأنا أهابك أن أسألك عنه، فقال لا تفعل يا بن أخي، إذا علمت أن عندي علمًا فسلني عنه ولا تهبني، قال فقلت قول رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لعلي رضي الله عنه حين خلفه بالمدينة في غزوة تبوك، فقال سعد خلف رسول الله صلى الله صلى الله عليه وسلم عليًّا بالمدينة في غزوة تبوك فقال يا رسول الله أتخلفني في الخالفة (6) في النساء والصبيان فقال أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى (7) قال بلى يا رسول الله، قال فأدبر عليٌّ مسرعًا كأني أنظر إلى غبار قدميه يسطع (وفي رواية فرجع عليّ مسرعًا) (وعنه في أخرى بنحوه)

_ الجميلة في الدين اهـ ثم يليهم في الفضل دار بني عبد الأشهل، ثم دار بني ساعدة، وقد علمت المراد بالدار ثم في كل دور الأنصار خير، هذا عموم بعد خصوص والله أعلم (هذا وفي المواهب) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم انصرف من تبوك بعد أن أقام بها بضع عشرة ليلة وقيل عشرين ولم يلق كيدًا وبنى في طريقه مساجد وأقبل صلى الله عليه وسلم حتى نزل بذي أوان بينها وبين المدينة ساعة، جاءه خبر مسجد الضرار من السماء فأرسل في هدمه وحرقه بعد أن أنزل الله فيه (والذين اتخذوا مسجدًا ضرارًا وكفرًا الآية) وكان الذين اتخذوه اثني عشر رجلاً يضاربون به مسجد قباء، وذلك أنهم قالوا في طائفة من المنافقين نبني مسجدًا فنقيل فيه فلا نحضر خلف محمد، ولما دنا صلى الله عليه وسلم من المدينة خرج الناس لتلقيه وخرج النساء والصبيان والولائد يقلن طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داع (باب) (1) (سنده) حدّثنا ابن أبي عدي ثنا حميد عن أنس (يعني ابن مالك) إلخ (غريبه) (2) الوادي مفرج ما بين الجبال أو التلال أو الآكام، وعند البخاري (ما سلكنا شِعبًا ولا واديًا) الشعب بكسر الشين المعجمة الطريق في الجبل ومسيل الماء في بطن الأرض (3) معنى الحديث أن ناسًا تخلفوا وراءنا ولم يشاركونا في الغزو لِما ألمّ بهم من العارض المانع وهم معنا بالنية الصالحة، فما سرنا سيرًا ولا قطعنا طريقًا ولا وطئنا موطئًا يغيظ الكفار ولا نلنا من عدونا قتلاً أو أسرًا إلا وهم شركاؤنا في المثوبة والأجر (تخريجه) (خ د) ورواه مسلم من حديث جابر بن عبد الله (4) (سنده) حدّثنا عفان حدثنا حماد يعني ابن سلمة أنبأنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب إلخ (غريبه) (5) يعني ابن أبي وقاص (6) الخالفة هي المرأة القاعدة من النساء في البيت، وفي رواية أخرى من طريق ثانٍ عن سعد بن مالك أن عليًّا رضي الله تعالى عنه قال يا رسول الله ما كنت أحب أن تخرج وجهًا إلا وأنا معك فقال أَوما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى غير أنه لا نبي بعدي؟ (7) لعله يريد أن موسى استخلف هارون حينما ذهب إلى الميقات، ولا يقال إن هارون كان خليفة بعد موسى

-[قول النبي صلى الله عليه وسلم لعلي أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى = وقصة أبي رهم الغفاري]- وفيه قال رضيت ثم قال بلى بلى 445 (عن ابن عباس) (1) قال خرج يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالناس في غزوة تبوك قال فقال له علي أخرج معك قال فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم لا فبكى علي فقال له أما ترضى أن تكون مني بمنزلة هرون من موسى إلا أنك لست بنبي إنه لا ينبغي أن أذهب إلا وأنت خليفتي 446 (عن أبي رُهم الغفاري) (2) وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين بايعوا تحت الشجرة قال غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فلما فصل (3) سرى ليلة فسرت قريبًا منه وألقِيَ عليَّ النعاس فطفقت أستيقظ وقد دنت راحلتي من راحلته فيفزعني دنوها خشية أن أصيب رجله في الغرز (4) فأؤخر راحلتي حتى غلبتني عيني نصف الليل فركِبَتْ راحلتي راحلته (5) ورجل النبي صلى الله عليه وسلم في الغرز فأصابت رجله فلم أستيقظ إلا بقوله حَس (6) فرفعت رأسي فقلت استغفر لي يا رسول الله فقال سر (7) فطفق يسألني عمن تخلف من بني غفار فأخبره، فإذا هو يسألني ما فعل النفر الحمر الطوال القطاط (8) أو قال القصار عبد الرزاق يشك الذين لهم نَعَم بشظية (9) شرخ قال قال فذكرتهم في بني غفار فلم أذكرهم حتى ذكرت رهطًا من أسلم فقلت (10) يا رسول الله ما يمنع أحد أولئك حين تخلف أن يحمل على بعير من إبله امرءًا نشيطًا في سبيل الله فادعوا (11) هل أن يتخلف عن المهاجرين من قريش والأنصار وأسلم وغفار (وعنه من طريق ثانٍ) (12)

_ لأنه توفي قبل موسى بنحو أربعين سنة على ما هو مشهور عند أهل التاريخ والسير (تخريجه) (م. وغيره) (1) (عن ابن عباس إلخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بطوله وسنده وشرحه في مناقب علي رضي الله عنه من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى، وفي هذا الحديث والذي قبله منقبة عظيمة للإمام علي كرم الله وجهه ودلالة على عظيم فضله رضي الله عنه وأرضاه (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري أخبرني ابن أخي أبي رهم أنه سمع أبا رهم الغفاري وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلخ (قلت) أبو رهم اسمه كلثوم بن الحصين (غريبه) (3) أي خرج بالجنود لغزوة تبوك (4) الغرز المرحل كالركاب المسرج (5) أي زاحمت راحلة أبي رهم راحلة النبي صلى الله عليه وسلم وصدمتها (6) حس كلمة تقولها العرب عند وجود الألم كالأنين الذي يخرجه المتألم نحو آه (7) جاء في الأصل (سل) بسين ولام بدل الراء وجاء عند ابن إسحاق وفي مجمع الزوائد سر بسين وراء من السير وهو ظاهر المعنى بعكس سل (8) بكسر القاف أي الذين شعورهم شديدة الجعودة: وفي التهذيب القطط بفتح القاف الشعر الزنجي ورجال قطاط مثل جبل وجبال (9) جاء في الطريق الثانية بشبكة شرخ قال في النهاية الشظية قطعة مرتفعة من رأس الجبل، وقال في موضع آخر شبكة شرخ هو بفتح الشين وسكون الراء موضع بالحجاز وبعضهم يقوله بالدال اهـ وقال السهيلي شبكة شرخ موضع من بلاد غفار (10) هكذا بالأصل فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ لكن جاء في سيرة ابن هشام عن ابن إسحاق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منع أحد أولئك حتى تخلف إلخ وكذلك في مجمع الزوائد فجعله من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو الظاهر (11) (فادعوا هل أن بتخلف عن المهاجرين إلخ) هذه الجملة جاءت في المسند هكذا ولا معنى لها فهي قطعًا من خطاء الناسخ أو الطابع، وصوابها كما جاء في سيرة ابن هشام ومجمع الزوائد (إن أعر أهلي عليّ أن يتخلف عني المهاجورن من قريش والأنصار إلخ (12) (سنده) حدّثنا يعقوب

-[حديث كعب بن مالك أحد الثلاثة الذين تخلفوا عن غزوة تبوك]- قال فطفقت أؤخر راحلتي عنه حتى غلبتني عيني وقال ما فعل النفر السود الجعاد (1) القصار قال قلت والله ما أعرف هؤلاء منا حتى قال بلى الذين لهم نعم بشبكة شرخ (2) قال فتذكرتهم في بني غفار فلم أذكرهم حتى ذكرت أنهم رهط من أسلم كانوا حلفاء فينا، فقلت يا رسول الله أولئك رهط من أسلم كانوا حلفاءنا (باب حديث كعب بن مالك) وهو أحد الثلاثة (3) الذين تخلفوا عن غزوة تبوك ونزل القرآن بتوبتهم رضي الله عنهم 447 (حدّثنا إسماعيل) (4) قال أنا ابن عون عن عمر بن كثير بن أفلح قال قال كعب بن مالك ما كنت أيسر للظهر والنفقة مني في تلك الغزاة (يعني تبوك) قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أتجهز غدًا ثم ألحقه فأخذت في جهازي فأمسيت ولم أفرغ، فقلت آخذ في جهازي غدًا والناس قريب بعدُ ثم ألحقهم فأمسيت ولم أفرغ، فلما كان اليوم الثالث أخذت في جهازي فأمسيت فلم أفرغ، فقلت أيْهات (5) سار الناس ثلاثًا فأقمت فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الناس يعتذرون إليه فجئت حتى قمت بين يديه فقلت ما كنت في غزاة أيسر للظهر والنفقة مني في هذه الغزاة (6) فأعرض عني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الناس أن لا يكلمونا وأمِرت نساؤنا أن يتحوان عنا، قال فتسورت حائطًا ذات يوم فإذا أنا بجابر بن عبد الله فقلت أي جابر نشدتك بالله هل علمتني غششت الله ورسوله يومًا قط؟ قال فسكت عني فجعل لا يكلمني، قال فبينما أنا ذات يوم إذ سمعت رجلاً على الثنية (7) يقول كعبًا كعبًا حتى دنا

_ ثنا أبي عن ابن إسحاق وذكر ابن شهاب عن ابن أكيمة الليثي عن ابن أخي أبي رهم الغفاري أنه سمع أبا رهم كلثوم بن حصين وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين بايعوا تحت الشجرة يقول غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة تبوك فذكر الحديث إلا أنه قال فطفقت أؤخر راحلتي إلخ (1) أي جعاد الشعر (2) تقدم الكلام على شرحه في شرح الطريق الأولى (تخريجه) رواه ابن إسحاق في المغازي وأورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) وفي إسنادهما ابن أخي أبي رهم ولم أعرفه (باب) (3) هؤلاء الثلاثة هم كعب بن مالك الشاعر صاحب الحديث ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية كلهم من الأنصار، ولكعب بن مالك حديث مطول جدًّا غير هذا تقدم بسنده وطوله وشرحه وتخريجه في باب لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار في سورة التوبة من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر ص * 16 رقم 301 وحديث الباب مختصر، وإنما ذكرته هنا لمناسبة غزوة تبوك (4) (حدّثنا إسماعيل إلخ) (غريبه) (5) بفتح الهمزة وسكون التحتية وفتح الهاء والتاء الفوقية هي لغة في هيهات (قال في النهاية) هي كلمة لبعيد مبنية على الفتح وناس يكسرونها، وقد تبدل الهاء همزة فيقال أيهات ومن فتح وقف بالتاء ومن كسر وقف بالهاء (6) معناه أنه لم يتخلف لكونه معسرًا بالنفقة أو فاقدًا للظهر أي الدابة التي يركبها بل كان ذلك متوفرًا لديه وما تخلف إلا بسبب الأمور التي ذكرها وليست بعذر، ولكنه ذكر الحقيقة وصدق في قوله واعتقد أن الصدق أنجى، وقد تاب الله عليه بسبب صدقه (7) أي ثنية جبل سلع كما في الحديث الطويل، وهذا الرجل هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقول بأعلى صوته يقول يا كعب بن مالك أبشر، قال كعب فخررت ساجدًا وعرفت أنه قد جاء فرج

-[بيان أن الصدق سبيل النجاة في كل شيء وبسببه تاب الله على كعب بن مالك وما جاء في وفد ثقيف]- مني فقال بشروا كعبًا 448 (عن عبد الرحمن بن عبد الله) (1) بن كعب بن مالك أن كعب بن مالك (رضي الله عنه) لما تاب الله عليه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن الله لم ينجني إلا بالصدق، وإن من توبتي إلى الله أن لا أكذب أبدًا: وإني أنخلع من مالي صدقة لله تعالى ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك بعض مالك فإنه خير لك، قال فإني أمسك سهمي من خيبر (باب ما جاء في وفد ثقيف (2) وضمام بن ثعلبة وافد بني سعد) 449 (عن عثمان بن أبي العاص) (3) أن وفد ثقيف قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلهم المسجد ليكون أرق لقلوبهم، فاشترطوا على النبي صلى الله عليه وسلم أن لا يحشروا (4) ولا يعشروا ولا يجبوا (5) ولا يستعمل عليهم غيرهم، قال فقال إن لكم أن لا تحشروا ولا تعشروا ولا يستعمل عليكم غيركم، وقال النبي صلى الله عليه وسلم لا خير في دين لا ركوع فيه

_ وأذَّن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله تبارك وتعالى علينا حين صلى صلاة الفجر فذهب الناس يبشروننا هكذا في الحديث الطويل فارجع إليه تخريجه (ق، وغيرهما) (1) (سنده) حدّثنا روح حدثنا ابن جريج قال أخبرني ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله إلخ (تخريجه) هو مختصر من الحديث الطويل ورجاله من رجال الصحيحين أخرجه الشيخان وغيرهما (باب) (2) ترجم الحافظ ابن كثير في تاريخه لوفد ثقيف بقوله قدوم وفد ثقيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في رمضان من سنة تسع، (وقال ابن إسحاق) قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من تبوك في رمضان وقدم عليه في ذلك الشهر وفد من ثقيف (قلت) وتقدم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلم مالك بن عوف النصري أنعم عليه وأعطاه وجعله أميرًا على من أسلم من قومه فكان يغزوا بلاد ثقيف ويضيق عليهم حتى ألجأهم إلى الدخول في الإسلام وذلك أنهم رأوا أنهم لا طاقة لهم بحرب من حولهم من العرب وقد بايعوا وأسلموا فأتمروا فيما بينهم على أن يرسلوا وفدًا منهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال موسى بن عقبة) كانوا بضعة عشر رجلاً فيهم كنانة بن عبد ياليل وهو رئيسهم، وفيهم عثمان بن أبي العاص وهو أصغر الوفد (قال ابن إسحاق) فلما دنوا من المدينة ونزلوا قناة ألفوا المغيرة بن شعبة يرعى في نوبته ركاب أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رآهم ذهب يشتد ليبشر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم فلقيه أبو بكر الصديق فأخبره عن ركب ثقيف أن قدموا يريدون البيعة والإسلام أن شرط لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم شروطًا ويكتبوا كتابًا في قومهم، فقال أبو بكر للمغيرة أقسمت عليك لا تسبقني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أكون أحدثه، ففعل المغيرة فدخل أبو بكر فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدومهم (قلت) وكان من شروطهم ما جاء في حديث الباب (3) (سنده) حدثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن عثمان بن أبي العاص إلخ (غريبه) (4) بضم أوله وسكون ثانيه وفتح المعجمة أي لا يندبون إلى المغازي ولا تضرب عليهم البعوث، وقيل لا يحشرون إلى عامل الزكاة ليأخذ صدقة أموالهم بل يأخذها في أماكنهم (وقوله ولا يعشروا) بضم أوله وسكون ثانيه وفتح المعجمة أي لا يؤخذ عشر أموالهم، وقيل أرادوا به الصدقة الواجبة، وإنما فسح لهم في تركها لإنها لم تكن واجبة يومئذٍ عليهم إنما تجب بتمام الحول (5) بضم أوله وفتح الجيم وضم الموحدة مشددة (قال في النهاية) أصل المتجبية أن يقوم الإنسان قيام الراكع، وقيل هو أن يضع يديه

-[قصة ضمام بن ثقلبة وافد بني قسين مع النبي صلى الله عليه وسلم وسؤاله عن فرائض الإسلام]- قال وقال عثمان بن أبي العاص يا رسول الله علمني القرآن واجعلني إمام قومي 450 (عن ابن عباس) (1) قال بعثت بنو سعد بن بكر بن ضمام بن ثعلبة وافدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم عليه وأناخ بعيره على باب المسجد ثم عقله ثم دخل المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم جالس في أصحابه، وكان ضمام رجلاً جلدًا (2) أشعر ذا غديرتين فأقبل حتى وقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه فقال أبكم ابن عبد المطلب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا ابن عبد المطلب، قال محمد؟ قال نعم، فقال ابنَ عبد المطلب إني سائلك ومغلظ في المسألة فلا تجدنَّ في نفسك، قال لا أجد في نفسي فسل عما بدا لك، قال أنشُدك الله إلاهك وإلاه من كان قبلك وإلاه من هو كائن بعدك آلله بعثك إلينا رسولاً؟ قال: اللهم نعم قال: أنشدك الله إلاهك وإلاه من كان قبلك وإلاه من هو كائن بعدك آلله أمرك أن تأمرنا أن نعبده وحده لا نشرك به شيئًا، وأن نخلع هذه الأنداد التي كانت آباؤنا يعبدون معه؟ قال اللهم نعم، قال فأنشدك الله إلاهك وإلاه من كان قبلك وإلاه من هو كائن بعدك آلله أمرك أن نصلي هذه الصلوات الخمس؟ قال اللهم نعم، قال ثم جعل يذكر فرائض الإسلام فريضة فريضة الزكاة والصيام والحج وشرائع الإسلام كلها يناشده عند كل فريضة كما يناشده في التي قبلها، حتى إذا فرغ قال فإني أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم وسأؤدي هذه الفرائض وأجتنب ما نهيتني عنه ثم لا أزيد ولا أنقص، قال ثم انصرف راجعًا إلى بعيره، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ولّى إن يصدق ذوالعقيصتين (3) يدخل الجنة، قال فأتى إلى بعيره فأطلق ثم خرج حتى قدم على قومه فاجتمعوا إليه فكان أول ما تكلم به أن قال بئست اللات والعزى، قالوا مه (4) يا ضمام اتق البرص والجذام، اتق الجنون (5) قال ويلكم إنهما والله لا يضران

_ على ركبتيه وهو قائم، وقيل هو السجود، والمراد بقولهم لا يجبوا أنهم لا يصلون، ولفظ الحديث يدل على الركوع لقوله في جوابهم ولا خير في دين لا ركوع فيه، فسمى الصلاة ركوعًا لإنه بعضها، وسئل جابر رضي الله عنه عن اشتراط ثقيف أن لا صدقة عليها ولا جهاد؟ فقال علم أنهم سيصدّقون ويجاهدون إذا أسلموا، ولم يرخص لهم في ترك الصلاة لإن وقتها حاضر متكرر بخلاف وقت الزكاة والجهاد (تخريجه) (د. طل) وسنده جيد ورجاله ثقات إلا أن المنذري قال قد قيل إن الحسن البصري لم يسمع من عثمان بن أبي العاص والله أعلم (قال ابن إسحاق) فلما أسلموا وكتب لهم كتابهم أمّر عليهم عثمان بن أبي العاص وكان أحدثهم سنًّا لإن الصدّيق قال يا رسول الله إني رأيت هذا الغلام من أحرصهم على التفقه في الإسلام وتعلم القرآن، وذكر موسى بن عقبة أن وفدهم كانوا إذا أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفوا عثمان بن أبي العاص في رحالهم، فإذا رجعوا وسط النهار جاء هو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله عن العلم فاستقرأه القرآن، فإن وجده نائمًا ذهب إلى أبي بكر الصديق: فلم يزل دأبه حتى فقه في الإسلام وأحبه رسول الله صلى الله عليه وسلم حبًّا شديدًا (1) (سنده) حدّثنا يعقوب حدثنا أبي عن محمد بن إسحاق حدثني محمد بن الوليد بن ويفع عن كريب مولى عبد الله بن عباس إلخ (غريبه) (2) بفتح الجيم وسكون اللام، القوي الشديد (وقوله أشعر) أي طويل الشعر (ذا غديرتين) أي ضفيرتين (3) أي الغديرتين وهي الشعر المعقوص كالمضفور (4) اسم فعل بمعنى اكفف (5) معناه احذر أن تسب

-[إسلام ضمام بن ثعلبة ثم رجوعه إلى قومه وإسلامهم جميعًا ووفاة النجاشي]- ولا ينفعان، إن الله عز وجل قد بعث رسولاً وأنزل عليه كتابًا استنقذكم به مما كنتم فيه، وإني أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله، إني قد جئتكم من عنده بما أمركم به ونهاكم عنه، قال فوالله ما أمسى من ذلك اليوم وفي حاضره رجل ولا امرأة إلا مسلمًا، قال يقول ابن عباس رضي الله عنهما فما سمعنا بوافد قوم كان أفضل من ضمام بن ثعلبة (باب وفاة النجاشي الرجل الصالح ... وهلاك عبد الله بن أبي المنافق الطالح) 451 (عن أبي هريرة) (1) رضي الله عنه قال نعى لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم النجاشي في اليوم الذي مات فيه فخرج إلى المصلى فصف أصحابه خلفه وكبر عليه أربعًا 452 (عن جابر بن عبد الله) قال قال النبي صلى الله عليه وسلم مات اليوم رجل صالح من الحبش هلم فصفوا قال فصففنا فصلى النبي صلى الله عليه وسلم ونحن

_ اللات والعزى لئلا يصيبك البرص والجنون ببركتهما، فقال ويلكم إلخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه بلفظه وعزاه لابن إسحاق والإمام أحمد وأبي داود، ثم قال وفي هذا السياق ما يدل على أنه رجع إلى قومه قبل الفتح لإن العزى خربها خالد بن الوليد أيام الفتح، ثم ذكر الواقدي حديثًا عن ابن عباس قال بعثت بنو سعد بن بكر في رجب سنة خمس ضمام بن ثعلبة وكان جلدًا أشعر ذا غديرتين وافدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر معنى حديث الباب باختصار وإجمال فالله أعلم اهـ وقد تبعت الحافظ ابن كثير في وضع هذا الحديث هنا: على أني ذكرت لضمام هذا حديثنا بهذا المعنى عن أنس بن مالك وتقدم في باب من وفد على النبي صلى الله عليه وسلم من العرب للسؤال عن الإيمان والإسلام في كتاب الإيمان في الجزء الأول صفحة ال عن الإيمان والإسلام في كتاب الإيمان في الجزء الأول صفحة 66 وهو حديث صحيح أورده الحافظ ابن كثير عقب حديث الباب وقال هذا الحديث مخرج في الصحيحين وغيرهما بأسانيد وألفاظ كثيرة عن أنس بن مالك رضي الله عنه، وقد رواه مسلم من حديث أبي النضر هاشم بن القاسم عن سليمان بن المغيرة وعلقه البخاري من طريقه وأخرجه من وجه آخر بنجوه اهـ (باب) (ا) (عن أبي هريرة إلخ) هذا الحديث والذي بعده تقدما في باب ما جاء في الصلاة على الغائب من كتاب الجنائز في الجزء السابع صفحة 218 و 219 وتقدم الكلام عليهما سندًا وشرحًا وتخريجًا وإنما ذكرتهما هنا لمناسبة حوادث السنة التاسعة من الهجرة فقد توفي النجاشي رضي الله عنه فيها قيل في رجب منها، وفي الحديث الأول معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم حيث قد أخبر بموت النجاشي في اليوم الذي مات فيه، وفي الحديث الثاني أن النجاشي من عباد الله الصالحين حيث وصفه النبي صلى الله عليه وسلم بذلك وفيهما جواز صلاة الجنازة على الغائب وتقدم الكلام على ذلك كله مبسوطًا في الباب المشار إليه (قال الحافظ ابن كثير في تاريخه) كانت في هذه السنة أعني سنة تسع من الأمور الحادثة غزوة تبوك في رجب كما تقدم بيانه (قال الواقدي) في رجب منها مات النجاشي صاحب الحبشة ونعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الناس (وفي شعبان) منها أي من هذه السنة توفيت أم كلثوم بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فغسلتها أسماء بنت عميس وصفية بنت عبد المطلب، وقيل غسلها نسوة من الأنصار فيهم أم عطية (قلت) تقدم ذلك في باب غسل الميت في الجزء السابع من كتاب الجنائز (قال) وفيها صالح ملك أيلة وأهل جرباء وأذرح وصاحب دومة الجندل كما تقدم إيضاح ذلك كله في مواضعه (وفيها) هدم مسجد الضرار الذي بناه جماعة المنافقين صورة مسجد، وهو دار حرب في الباطن، فأمر به عليه السلام فحرق، (وفي رمضان منها)

-[وفاة عبد الله بن أبيّ رأس المنافقين وما أكرمه به النبي صلى الله عليه وسلم]- 453 (عن ابن عمر) (1) قال لما مات عبد الله بن أبي جاء ابنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أعطني قميصك حتى أكفنه فيه وصل عليه واستغفر له، فأعطاه قميصه وقال آذني به، فلما ذهب ليصلي عليه قال يعني عمر رضي الله عنه قد نهاك الله أن تصلي على المنافقين فقال أنا بين خيرتين {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} فصلى عليه فأنزل الله عز وجل {ولا تصل على أحد منهم مات أبدًا} قال فتركت الصلاة عليهم 454 (عن جابر) (2) قال لما مات عبد الله بن أبي أتى ابنه (3) النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إن لم تأت لم نزل نُعَيّر بهذا، فأتاه النبي صلى الله عليه وسلم فوجده قد أدخل في حفرته فقال أفلا قبل أن تدخلوه؟ فأخرج من حفرته فتفل عليه من قرنه إلى قدمه وألبسه قميصه (4)

_ قدم وفد ثقيف فصالحوا عن قومهم ورجعوا إليهم بالأمان وكسرت اللات كما تقدم، (وفيها) توفي عبد الله بن أبيّ ابن سلول رأس المنافقين في أواخرها (وفيها) حج أبو بكر رضي الله عنه بالناس عن إذن رسول الله صلى الله عليه وسلم له في ذلك، (وفيها) كان قدوم عامة وفود أحياء العرب، ولذلك تسمى سنة تسع سنة الوفود والله أعلم اهـ (قلت) سيأتي في الباب التالي حج أبي بكر رضي الله تعالى عنه بالناس (باب) (1) (عن ابن عمر إلخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب قوله عز وجل {استغفر لهم أو لا تستغفر لهم} الآية من تفسير سورة التوبة في الجزء الثامن عشر صفحة 163 رقم 197 فارجع إليه (2) (سنده) حدّثنا محمد بن عبيد ثنا عبد الملك عن أبي الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله إلخ) (غريبه) (3) يعني ابنه عبد الله بن عبد الله بن أبي كما صرح بذلك في رواية للبخاري (قال الحافظ) ذكر الواقدي ثم الحاكم في الإكليل أنه مات بعد منصرفهم من تبوك وذلك من ذي القعدة سنة تسع وكانت مدة مرضه عشرين يومًا ابتداؤها من ليالٍ بقيت من شوال قالوا وكان قد تخلف هو ومن تبعه عن غزوة تبوك وفيهم نزلت {لوخرجوا فيكم ما زادوكم إلا خبالا} (قال الحافظ) وكان عبد الله بن عبد الله بن أبي هذا من فضلاء الصحابة وشهد بدرًا وما بعدها واستشهد يوم اليمامة في خلافة أبي بكر الصديق (ومن مناقبه) أنه بلغه بعض مقالات أبيه فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستأذنه في قتله، قال بل أحسن صحبته، أخرجه ابن منده من حديث أبي هريرة بإسناد حسن، وكأنه كان يحمل أمر أبيه على ظاهر الإسلام فلذلك التمس من النبي صلى الله عليه وسلم أن يحضره (4) (قال العلماء) وجه إعطاء النبي صلى الله عليه وسلم قميصه لعبد الله بن أبي مبين في حديث جابر قال لما كان يوم بدر أتى بأسارى وأتى بالعباس ولم يكن عليه ثوب فنظر النبي صلى الله عليه وسلم له قميصًا فوجدوا قميص عبد الله بن أبي يقدر عليه فكساه النبي صلى الله عليه وسلم إياه فلذلك نزع النبي صلى الله عليه وسلم قميصه الذي ألبسه إياه (قال ابن عيينة) كانت له عند النبي صلى الله عليه وسلم يد فأحب أن يكافئه رواه البخاري (فائدة) قال الإمام الخطابي إنما فعل النبي صلى الله عليه وسلم مع عبد الله بن أبي ما فعل لكمال شفقته على من تعلق بطرف من الدين، ولتطيب قلب ولده عبد الله الرجل الصالح، ولتألف قومه من الخزرج لرياسته فيهم، فلو لم يجب سؤال ابنه وترك الصلاة عليه قبل ورود النهي الصريح لكان سبة على ابنه وعارًا على قومه، فاستعمل أحسن الأمرين في السياسة إلى أن نهي فانتهي، (وقد أخرج الطبري) من طريق سعد عن قتادة في هذه القصة قال فأنزل الله تعالى

-[حج أبي بكر رضي الله عنه بالناس وبعث علي رضي الله عنه إلى أهل مكة ببراءة سنة تسع]- 455 (عن أسامة بن زيد) (1) قال دخلت مع رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم على عبد الله بن أبي في مرضه نعوده فقال له النبي صلى الله عليه وسلم قد كنت أنهاك عن حب يهود فقال عبد الله فقد أبغضهم سعد بن زُرارة فمات (2) (باب ما جاء في حج أبي بكر رضي الله عنه وبعث علي رضي الله عنه إلى أهل مكة ببراءة) 456 (عن علي رضي الله عنه) (3) قال لما نزلت عشر آيات من براءة على النبي صلى الله عليه وسلم دعا النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر رضي الله عنه فبعثه بها ليقرأها على أهل مكة، ثم دعاني النبي صلى الله عليه وسلم أدرك أبا بكر فحيثما لحقته فخذ الكتاب منه، قال فاذهب به إلى أهل مكة فاقرأه عليهم، فلحقته بالجحفة فأخذت الكتاب منه ورجع أبو بكر رضي الله عنه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله نزل فيّ شيء؟ قال لا ولكن جبريل جاءني فقال لي لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل منك 457 (عن أبي هريرة) (4) قال كنت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه حيث بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهل مكة ببراءة فقال ما كنتم تنادون؟ قال كنا ننادي أن لا يدخل الجنة إلا مؤمن ولا يطوف بالبيت عريان (5) ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد فإن أجله أو أمده إلى أربعة أشهر، فإذا مضت الأربعة الأشهر فإن الله بريء من المشركين ورسولَه، ولا

_ {ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره} قال فذكر لنا أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال وما يغني عنه قميصي من الله، وإني لأرجو أن يسلم لذلك ألف من قومه (تخريجه) (ق) قال المنذري في مختصر سنن أبي داود في الجنائز وأخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث جابر بن عبد الله قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم قبر عبد الله بن أبيّ فأخرجه من قبره فوضعه على ركبتيه ونفث عليه من ريقه وألبسه قميصه والله أعلم (1) (سنده) حدثنا قتيبة بن سعيد ثنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن محمد بن إسحاق عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد إلخ (غريبه) (2) جاء عند أبي داود وابن إسحاق بلفظ (فمه) وجاء عند الواقدي بلفظ (فما نفعه) والظاهر أنه يريد فما منع عنه الموت، أما قوله (فمه) فقد قال في فتح الودود معناه فماذا حصل له ببغضهم فالهاء منقلبة عن الألف، وأصله فما أو هو اسم فعل بمعني اسكت وكأنه يريد أنه لا يضر حبهم ولا ينفع ولو نفع بعضهم لما مات أسعد بن زرارة، وهذا من قلة فهمه وقصور نظره على أن الضرر والنفع هو الموت أو الخلاص منه اهـ (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذري (ورواه ابن إسحاق) فقال حدثني الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد إلخ فالحديث صحيح لإن رجاله كلهم ثقات، وقد صرح ابن إسحاق بالتحديث (باب) (3) (عن علي رضي الله) إلخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من تفسير سورة التوبة في الجزء الثامن عشر صفحة 157 رقم 291 فارجع إليه (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن مغيرة عن الشعبي عن محرَّر بن أبي هريرة عن أبيه أبي هريرة إلخ (قلت) محرر بوزن محمد وهو تابعي تقة (غريبه) (5) ذكر الحافظ ابن كثير سبب ذلك في تفسيره فقال: أول هذه السورة الكريمة نزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رجع من غزوة تبو ك وهم بالحج ثم ذكر أن المشركين يحصرون عامهم هذا الموسم على عادتهم في ذلك وأنهم يطوفون بالبيت عراة فكره مخالطتهم وبعث

-[كلام العلماء في سبب إرسال عليّ إلى أهل مكة ببراءة دون أبي بكر رضي الله عنهما]- يحج هذا البيت بعد العام مشرك، قال فكنت أنادي حتى صَحَل صوتي (1) 458 (عن أنس) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه ببراءة مع أبي بكر فلما بلغ ذا الحليفة قال لا يبلغها إلا أنا ورجل من أهل بيتي، فبعث بها مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه (3)

_ أبا بكر الصديق رضي الله عنه أميرًا على الحج ذلك السنة ليقيم للناس مناسكهم ويعلم المشركين أن لا يحجوا بعد عامهم هذا وأن ينادي في الناس براءة من الله ورسوله، فلما قفل أتبعه بعلي بن أبي طالب ليكون مبلغًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لكونه عصبة له اهـ (وقال الإمام البغوي) في تفسيره ذكر العلماء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يعزل أبا بكر رضي الله عنه وكان أميرًا (يعني للحج) وإنما بعث عليًّا رضي الله عنه لينادي بهذه الآيات (يعني الآيات العشر من أول سورة التوبة) وكان السبب فيه أن العرب تعارفوا فيما بينهم في عقد العهود ونقضها أن لا يتولى ذلك إلا سيدهم أو رجل من رهطه فبعث عليًّا رضي الله عنه إزاحة للعلة لئلا يقولوا هذا خلاف ما نعرفه فينا في نقض العهد، واستدل الإمام البغوي على ذلك بحديث رواه بسنده عن حميد بن عبد الرحمن أن أبا هريرة قال بعثني أبو بكر رضي الله عنه وفي تلك الحجة في مؤذنين يوم النحر نؤذن بمنى (ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان) قال حميد بن عبد الرحمن ثم أردف رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًّا فأمره أن يؤذن ببراءة، قال أبو هريرة فأذن معنا عليّ في أهل منًى يوم النحر ألا لا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان (1) أي بَحّ من الصحل بتحريك الحاء المهملة وهو كالبحة في خفض الصوت (تخريجه) (نس مي) والطبري وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد وقال هذا إسناد جيد، لكن فيه نكارة من جهة قول الراوي أن من كان له عهد فأجله إلى أربعة أشهر، وقد ذهب إلى هذا ذاهبون ولكن الصحيح أن من كان له عهد فأجله إلى أمده بالغًا ما بلغ ولو زاد على أربعة أشهر، ومن ليس له أمد بالكلية فله تأجيل أربعة أشهر، بقي قسم ثالث وهو من له أمد يتناهى إلى أقل من أربعة أشهر من يوم التأجيل، وهذا يحتمل أن يلتحق بالأول فيكون أجله إلى مدته وإن قل ويحتمل أن يقال أنه يؤجل إلى أربعة أشهر لإنه أولى ممن ليس له عهد بالكلية والله تعالى أعلم اهـ (قلت) ما ذكره الحافظ ابن كثير هو الصواب ويؤيده ما جاء عند الإمام أحمد من حديث زيد بن يثيع وتقدم في تفسير سورة براءة في الجزء الثامن عشر صفحة 156 رقم 290 وفيه (ومن كان بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم مدة فأجله إلى مدته) وتقدم الكلام على شرحه هناك مستوفى والله الموفق (2) (سنده) حدثنا عفان حدثنا حماد عن سماك عن أنس (يعني ابن مالك إلخ) (غريبه) (3) تقدم الكلام على الحكمة في بعث علي رضي الله عنه بعد أبي بكر وتخصيصه بالتبليغ في شرح الحديث السابق، وجاء في بعض الروايات أن أبا بكر رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم (قال الحافظ ابن كثير) في التفسير وليس المراد أنه رجع من فوره بل بعد قضاء المناسك التي أمّره عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم كما جاء مبينًا في رواية أخرى (تخريجه) (مذ) وقال حسن غريب من حديث أنس (فائدة) قال الواقدي خرج مع أبي بكر من المدينة ثلاثمائة من الصحابة منهم عبد الرحمن بن عوف وخرج أبو بكر معه خمس بدنات وبعث معه رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بعشرين بدنة ثم أردفه بعلي فلحقه بالعرج فنادى ببراءة أمام الموسم

-[بفض بريدة الأسلمي لعليّ رضي الله عنه ووشايته به إلى النبي صلى الله عليه وسلم وبراءة عليّ]- {{{أبواب حوادث السنة العاشرة}}}} (باب ما جاء في سرية الإمام علي بن أبي طالب وخالد بن الوليد رضي الله عنهما إلى اليمن) 459 (عن بريدة) (1) قال غزوت مع علي اليمن فرأيت منه جفوة (2) فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكرت عليًّا فتنقصته (3) فرأيت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم يتغير (4) فقال يا بريدة، ألستُ أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟ قلت بلى يا رسول الله، قال من كنت مولاه فعلي مولاه (وفي لفظ) من كنت وليه فعليّ وليه (5) 460 (عن عبد الله بن بريدة) (6) حدثني أبي بريدة قال أبغضت عليًّا بغضًا لم يبغضه أحد قط، قال وأحببت رجلاً من قريش لم أحبه إلا على بغضه عليًّا قال فبُعِث ذلك الرجل على خيل فصحبته ما أصحبه إلا على بغضه عليًّا، قال فأصبنا سبيًا قال فكتب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ابعث إلينا من يخمسه، قال فبعث إلينا عليًّا وفي السبي وصيفة هي أفضل من السبي فخمس وقسم، فخرج رأسه مغطًى، فقلنا يا أبا الحسن ما هذا؟ قال ألم تروا إلى الوصيفة التي كانت في السبي فإني قسمت وخمست فصارت في الخمس، ثم صارت في أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ثم نم صارت في آل علي ووقعت بها، قال فكتب الرجل إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت ابعثني فبعثني مصدقًا قال فجعلت أقرأ الكتاب وأقول صدق، قال فأمسك يدي والكتاب وقال أتبغض عليًّا؟ قال قلت نعم، قال فلا تبغضه وإن كنت تحبه فازدد له حبًّا، فوالذي نفسي بيده لنصيب آل عليّ في الخمس أفضل من وصيفة: قال فما كان من الناس أحد بعد قول رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا الفضل بن دكين ثنا ابن عيينة عن الحسن عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن بريدة (يعني الأسلمي إلخ) (غريبه) (2) الظاهر والله أعلم أن عليًّا ما جفاه إلا لأمر يستوجب ذلك لما اتصف به علي رضي الله عنه من الورع والتقوى وكفى بقوله صلى الله عليه وسلم في ذلك الحديث من كنت مولاه فعلي مولاه (3) معناه أنه ذكره عند النبي صلى الله عليه وسلم بكلام فيه نقص لكرامة علي رضي الله عنه (4) تغير وجه الرسول صلى الله عليه وسلم يشعر بغضبه مما ذكره بريدة في حق علي (5) قال الإمام الشافعي رحمه الله عني به ولاء الإسلام ورواه الديلي بلفظ (من كنت نبيه فعلي وليه) ولهذا قال أبو بكر فيما أخرجه الدارقطني (علي عترة رسول الله صلى الله عليه وسلم) أي الذين حث على التمسك بهم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق من حديث بريدة لغير الإمام أحمد وأورده الهيتمي وقال رجال أحمد ثقات وقال في موضع آخر رجاله رجال الصحيح، وأورده الترمذي والنسائي من حديث زيد بن أرقم وقال الحافظ السيوطي حديث متواتر، ورواه باللفظ الآخر الإمام أحمد أيضًا والنسائي والحاكم، قال الهيثمي في موضع رجاله موثقون وفي آخر رجاله ثقات وفي آخر رجاله رجال الصحيح، وسيأتي هذا الحديث أيضًا في مناقب علي رضي الله عنه من طرق كثيرة عن كثيرمن الصحابة بزيادة فيه (6) (عن عبد الله بن بريدة إلخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب استبراء الأمة من كتاب العِدَد

-[قول النبي صلى الله عليه وسلم لبريدة لا تقع في علي فإنه مني وأنا منه: وفيه منقبة لعلي رضي الله عنه]- أحب إلي من علي (1) قال عبد الله (2) فوالذي لا إله غيره ما بيني وبين النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث غير أبي بريدة 461 (عن عبد الله بن بريدة) (3) عن أبيه بريدة قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثين إلى اليمن على أحدهما علي بن أبي طالب وعلى الآخر خالد بن الوليد، فقال إذا التقيتم فعلي على الناس وإن افترقتما فكل واحد منكما على جنده (4) قال فلقينا بني زيد من أهل اليمن فاقتتلنا فظهر المسلمون على المشركين فقتلنا المقاتلة وسبينا الذرية، فاصطفى عليّ امرأة من السبي لنفسه، قال بريدة فكتب معي خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره بذلك، فلما أتيت النبي صلى الله عليه وسلم دفعت الكتاب فقُرئ عليه فرأيت الغضب في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله هذا إمكان العائذ، بعثتني مع رجل وأمرتني أن أطيعه ففعلت ما أرسلت به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقع في عليّ فإنه مني وأنا منه (5) وهو وليكم بعدي وإنه مني وأنا منه وهو وليكم بعدي (6)

_ في الجزء السابع عشر صفحة 55 رقم 22 فارجع إليه، وهو حديث صحيح رواه البخاري مختصرًا، وفيه منقبة عظيمة للإمام علي رضي الله عنه وكرم الله وجهه، أما الوشاية به بسبب اصطفائه الوصيفة لنفسه فيدفعها قول النبي صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لنصيب آل علي في الخمس أفضل من وصيفة، وأما كونه واقعها بدون استبراء فقد ذهب إليه كثير من السلف وغيرهم بل من الصحابة، فقد روى البخاري عن ابن عمر أنه قال (إذا وُهِيت الوليدة أو بيعت فلتُستَبرأ بحيضة ولا تستبرأ العذراء) فيحمل ما جاء في هذا الحديث في قصة علي رضي الله عنه مع الوصيفة على أنها كانت صغيرة أو بكرًا أو كان مضى عليها من بعد السبي مدة الاستبراء لإنها قد دخلت في ملك المسلمين في وقت السبي، والمصير إلى هذا متعين للجمع بين الأدلة فعليّ رضي الله عنه أتقى وأزهد وأورع من أن تستفزه غلبة الشهوة على ارتكاب محارم الله، وقد اجتمع فيه من الدين المتين والورع الحاجز والزهادة في الدنيا وجماع الفضائل ما يشهد به كل مسلم رضي الله عنه وأرضاه (1) فيه منقبة لبريدة لمصير من أحب الناس إليه، وقد صح أنه لا يحبه إلا مؤمن ولا يبغضه إلا منافق، كما رواه الإمام أحمد ومسلم وسيأتي في مناقب علي رضي الله عنه (2) يعني ابن بريدة يقسم أنه تلقى هذا الحديث من والده بريدة مباشرة ليس بينه وبينه واسطة، وهو يفيد أن والده تلقاه من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة بغير واسطة يشير بذلك إلى علوّ السند (3) (سنده) حدثنا ابن نمير حدثني أجلح الكندي عن عبد الله بن بريدة عن أبيه بريدة (يعني الأسلمي رضي الله عنه إلخ) (غريبه) (4) معناه إذا كان العدو في جهة واحدة واجتمع الجيشان لمقاتلته فيكون عليّ أميرًا على الجيشين، وإذا وجد العدو في جهتين (فكل واحد منكما) (يعني خالدًا وعليًّا) يكون كل واحد منهما أميرًا على جنده (5) أي في النسب والصهر والمحبة وغير ذلك من المزايا، ولم يرد محض القرابة وإلا فجعفر شريكه فيها قاله الحافظ (6) تقدم أن الإمام الشافعي رحمه الله فسره بولاء الإسلام والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي بلفظه وقال رواه الترمذي باختصار، قال ورواه أحمد والبزار باختصار وفيه الأجلح الكندي وثقه ابن معين وغيره وضعفه جماعة: وبقية رجال أحمد رجال الصحيح اهـ (قلت) قول الهيثمي) ورواه أحمد والبزار باختصار) الاختصار راجع

-[بعث معاذ بن جبل إلى اليمن وقول النبي صلى الله عليه وسلم يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا]- (باب ما جاء في بعث معاذ بن جبل رضي الله عنه إلى اليمن) 462 (عن عاصم بن حميد) (1) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال لما بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيه ومعاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت راحلته (2) فلما فرغ قال يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا، ولعلك أن تمر بمسجدي هذا أو قبري (3) فبكى معاذ جشعًا (4) لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي لفظ فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تبك يا معاذ، للبكاء أوان، إن البكاء من الشيطان (5) ثم التفت فأقبل فأقبل بوجهه نحو المدينة فقال إن أولى الناس بي (6) المتقون من كانوا وحيث كانوا 463 (عن ابن عباس) (7) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث معاذ بن جبل إلى اليمن قال إنك

_ للبزار فقط، لإن الهيثمي رحمه الله ذكر الحديث تامًّا بلفظ الإمام أحمد حرفًا بحرف (باب) (1) (سنده) حدّثنا أبو المغيرة ثنا صفوان حدثني راشد بن سعد عن عاصم بن حميد إلخ (غريبه) (2) فيه ما يدل على تواضع النبي صلى الله عليه وسلم وكرم أخلاقه، وفيه أيضًا احترام الأمراء فقد بعثه النبي صلى الله عليه وسلم أميرًا على اليمن (قال الحافظ ابن كثير في تاريخه) بعد إيراد أحاديث تختص ببعث معاذ إلى اليمن قال والمقصود أن معاذًا رضي الله عنه كان قاضيًا للنبي صلى الله عليه وسلم باليمن وحاكما في الحروب ومصدقًا، إليه تدفع الصدقات كما دل عليه حديث ابن عباس (قلت) سيأتي حديث ابن عباس بعد هذا، ومعظم الأحاديث التي ذكرها الحافظ ابن كثير ستأتي في مناقب معاذ من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى، وقد فعل ذلك أبو بكر رضي الله عنه بأسامة بن زيد مع صغر سنه، فقد عقد له النبي صلى الله عليه وسلم قبل وفاته لواءً على جيش ولم يسافر إلا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم فشيّعه أبو بكر رضي الله عنه ماشيًا وأسامة راكبًا اقتداءً بما فعله النبي صلى الله عليه وسلم بمعاذ (3) فيه إشارة وظهور وإيماء إلى أن معاذًا رضي الله لا يجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد ذلك وكذلك وقع، فإنه أقام باليمن حتى كانت حجة الوداع ثم كانت وفاته عليه الصلاة والسلام بعد أحَدَ وثمانين يومًا من يوم الحج الأكبر قاله الحافظ ابن كثير (4) قال في النهاية والجشع الجزع لفراق الإلف، قال ومنه الحديث فبكى معاذ جشعًا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) لعله بكى بصراخ وصوت فنهاه النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، أما البكاء من غير صراخ وصوت فمن الرحمة وهو جائز ولهذا بكى النبي صلى الله عليه وسلم عند موت ابنه إبراهيم بغير صوت وقال تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وسن لأمته الحمد والاسترجاع والرضا، وقد جاء عند ابن سعد عن بكير بن عبد الله بن الأشج مرسلاً بسند صحيح البكاء من الرحمة والصراخ من الشيطان (6) أي أقربهم إليّ منزلة (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد فقط (قلت) وسنده جيد ورجاله ثقات، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد بإسنادين وقال في أحدهما عن عاصم بن حميد أن معاذًا قال وفيها قال (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) لا تبك يا معاذ البكاء أو إن البكاء من الشيطان ورجال الإسنادين رجال الصحيح غير راشد بن سعد وعاصم بن حميد وهما ثقتان (7) (عن ابن عباس إلخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب أركان الإسلام ودعائمه العظام من كتاب الإيمان في الجزء الأول من صفحة 81 رقم 25 وهو حديث جامع لأهم شرائع الدين رواه الشيخان والأربعة

-[قدوم جرير بن عبد الله إلى المدينة وبيعته وإسلامه رضي الله عنه]- تأتي قومًا أهل كتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله عز وجل افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة، فإن هم أطاعوك لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم وتردّ في فقرائهم، فإن هم أطاعوك لذلك فإياك وكرائم أموالهم، واتق دعوة المظلوم فإنها ليس بينها وبين الله حجاب (باب ما جاء في قدوم جرير بن عبد الله رضي الله عنه إلى المدينة وبيعته وإسلامه) 464 (حدّثنا أبو قطن) (1) حدثني يونس عن المغيرة بن شبل قال وقال جرير لما دنوت من المدينة أنخت راحلتي ثم حللت عيبتي (2) ثم لبست حُلتي ثم دخلت فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب فرماني الناس بالحدق (3) فقلت لجليسي يا عبد الله ذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم ذكرك آنفًا بأحسن ذكر، فبينا هو يخطب إذ عرض له في خطبته وقال يدخل عليكم من هذا الباب أو من هذا الفج (4) من خير ذي يمن الا أن على وجهه مَسْحةُ ملك (5) قال جرير فحمدت الله عز وجل على ما أبلاني (6) وقال أبو قطن فقلت له سمعته منه (7) أوسمعته من المغيرة بن شبل قال نعم (ومن طريق ثانٍ) (8) قال حدثنا أبو نعيم حدثنا يونس عن المغيرة بن شبل بن عوف عن جرير بن عبد الله قال لما دنوت من المدينة أنخت راحلتي فذكر مثله (9) 465 (عن جرير) (10) قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة والنصح لكل مسلم وعلى فراق الشرك أو كلمة معناها (11) (وعنه من طريق ثانٍ) (12) أنه قال يا رسول الله

_ (باب) (1) (حدّثنا أبو القطن إلخ) (غريبه) (2) العيبة مستودع الثياب (3) الحدق جمع حدقة بالتحريك وهي العين والتحديق شدة النظر (4) هو الطريق الواسع (وقوله من خير ذي يمن) أي من خير أهل اليمن (5) مسحة بفتح الميم والحاء المهملة بينهما سن ساكنة (ملك) بضم الميم وسكون اللام (قال في النهاية) يقال على وجهه مسحة ملك ومسحة جمال أي أثر ظاهر منه، ولا يقال ذلك إلا في المدح (6) أي من كونه على وجهه مسحة ملك (7) معنى هذه الجملة والله أعلم أن أبا قطن قال ليونس سمعت هذا الحديث منه أي من جرير أو من المغيرة بن شبل فقال نعم يعني من المغيرة والله أعلم (8) أي روى الإمام أحمد رحمه الله هذا الحديث من طريق ثانٍ عن أبي نعيم الكوفي الملائي بضم الميم الحافظ العلم اسمه الفضل بن دكين واسم دكين عمرو بن حماد بن زهير (9) أي مثل الطريق الأولى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط باختصار عنهما وأسانيد الكبير رجاله رجال الصحيح اهـ (قلت) وقول الهيثمي باختصار عنهما معناه أن الطبراني رواه في الأوسط باختصار عن الكبير والإمام أحمد، ورجال الإمام أحمد ثقات (10) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سليمان عن أبي وائل عن جرير (يعني بن عبد الله إلخ) (غرييه) (11) يعني أن يبرأ من الكافر ولا يواليه كما صرح بذلك في الطريق الثانية (12) (سنده) حدثنا بهز ثنا حماد بن سلمة ثنا عاصم بن بهدلة عن أبي وائل أن جريرًا قال يا رسول الله

-[سرية جرير بن عبد الله البَجَلي إلى هدم ذي الخَلَصة]- اشترط عليّ، قال تعبد الله لا تشرك به شيئًا، وتصلي الصلاة المكتوبة، وتؤدي الزكاة المفروضة، وتنصح المسلم، وتبرأ من الكافر (باب ما جاء في سرية جرير بن عبد الله البَجَلي إلى هدم ذي الخلَصَة) 466 (عن قيس) (1) قال قال لي جرير بن عبد الله (2) قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تريحني من ذي الخلصة (3) وكان بيتًا في خثعم يسمّى كعبة اليمانية (4) قال فانطلقت في خمسين ومائة فارس (وفي رواية سبعين ومائة فارس) من أحمس وكانوا أصحاب خيل، فأخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أني لا أثبت على الخيل، فضرب في صدري حتى رأيت أثر أصابعه في صدري وقال اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًّا، فانطلق إليها فكسرها وحرقها فأرسل إلى النبي صلى الله عليه وسلم يبشره، فقال رسول جرير (5) لرسول الله صلى الله عليه وسلم والذي بعثك بالحق ما جئتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب (6) فبارك رسول الله صلى الله عليه وسلم على خيل أحمس ورجالها خمس مرات (7) (باب ما جاء في حجة الوداع) 467 (حدّثنا يحيى) (8) ثنا جعفر حدثني أبي قال أتينا جابر بن عبد الله رضي الله عنهما وهو في بني سَلمة فسألناه عن حَجة النبي صلى الله عليه وسلم فحدثنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مكث بالمدينة تسع سنين لم يحج، ثم أذِّن في الناس أن

_ اشترط عليّ إلخ (تخريجه) (ق نس) (باب) (1) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن إسماعيل قال حدثني قيس قال قال لي جرير بن عبد الله إلخ (قلت) قيس هو ابن أبي حازم (غريبه) (2) هو جرير بن عبد الله بن جابر الأحمسي البجلي نسبته إلى أحمس بهمزة مفتوحة فمهملة ساكنة فميم مفتوحة فسين مهملة بطن من بجيلة بفتح الموحدة وكسر الجيم، حي من اليمن، كان عمر رضي الله عنه يسميه يوسف هذه الأمة لفرط جماله، وكان طوالاً يقتحم في ذروة البعير، وكان نصله ذراعًا ومع تأخر إسلامه فقد أخذ في نصر الإسلام بحظ وافر كذا في بهجة المحافل (3) بفتح الخاء المعجمة واللام وقد فسره ببيت في خثعم، أي في بلاد دوس باليمن، كان فيه أصنام يعبدونها ويحجون إليه ويطوفون به ويخرون عنده يشبهون به الكعبة المكرمة (4) قال النووي هكذا هو في جميع النسخ وهو من إضافة الموصوف إلى صفته، وأجازه الكوفيون وقدر البصريون فيه حذفًا أي كعبة الجهة اليمانية واليمانية، بتخفيف الياء على المشهور وحكي تشديدها: قال والمراد أن ذا الخلصة كانوا يسمونها الكعبة اليمانية وكانت الكعبة الكريمة التي بمكة تسمى الكعبة الشامية، ففرقوا بينهما للتمييز، هذا هو المراد فيتأول اللفظ عليه وتقديره يقال له الكعبة اليمانية ويقال للتي بمكة الشامية (5) رسول جرير هو أبو أرطاةَ حُصين بن ربيعة كما صرح بذلك في رواية مسلم (6) معناه كالجمل المطلي بالقطران لما به من الجرب حتى صار أسود لذلك، يعني صارت سوداء من إحراقها فكأن التشبيه باعتبار السواد الحاصل بالإحراق (7) أي دعا لخيل أحمس ورجالها بالخير والبركة، ولا شك أن دعاءه صلى الله عليه وسلم مقبول، وفيه منقبة عظيمة لجرير حيث دعا له صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بقوله اللهم ثبته واجعله هاديًا مهديًّا أي دالاًّ على طريق الهدى مدلولاً عليها وموفقًا لها، زاد في رواية (فما وقعت عن فرس بعدُ) (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (8) (حدثنا يحيى إلخ) هذا طرف من حديث جابر الطويل في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم وتقدم بطوله وشرحه وتخريجه في أول باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الحج في الجزء

-[ما جاء في حجة الوداع وحديث ابن عمر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم]- رسول الله صلى الله عليه وسلم حاج هذا العام، قال فنزل المدينة بشر كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله صلى الله عليه وسلم ويفعل مثل ما يفعل، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشر بقين من ذي القعدة وخرجنا معه (الحديث ذكر بتمامه في كتاب الحج) 468 (عن ابن عمر) (ا) قال تمتع النبي صلى الله عليه وسلم في حَجة الوَداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدي من ذي الحليفة، وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهلّ بالعمرة ثم أهلَّ بالحج وتمتع الناس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعمرة إلى الحج، فإن من الناس من أهدى فساق الهدي ومنهم من لم يهد، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال للناس من كان منكم أهدى فإنه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضي حجه، ومن لم يكن منكم أهدى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهد، فمن لم يجد هديًا فليصم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم مكة استلم الركن أول شيء ثم خب ثلاثة أطواف من السبع ومشى أربعة أطواف، ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين، ثم سلم فانصرف فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة ثم لم يحلل من شيء حرم منه، وفعل مثل ما فعل رسول الله من أهدى وساق الهدي من الناس (باب ما جاء في بعض خطبه (2) صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع) 469 (عن أبي أمامة الباهلي) (3) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته عام حجة الوداع إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه فلا وصية لوارث (4) والولد للفراش وللعاهر الحجر (5) وحسابهم على الله، ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله التابعة إلى يوم القيامة (6) لا تنفق المرأة شيئًا من بيتها إلا بإذن زوجها، فقيل يا رسول الله ولا الطعام؟ قال ذلك أفضل أموالنا (7)، قال ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العارية مؤداة والمنحة مردودة والدين مقضي والزعيم غارم (8) 470 (عن عمرو بن مرة) (9) قال سمعت مُرة قال حدثني رجل

_ الحادي عشر صفحة 74 رقم 64 فارجع إليه (1) (عن ابن عمر إلخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم المشار إليه آنفًا في الجزء الحادي عشر صفحة 86 رقم 66 (باب) (2) تقدم كثير من خطبه صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع في كتاب الحج في يوم عرفة ويوم النحر وأوسط أيام التشريف في الجزء الثاني عشر فارجع إليه (3) (سنده) حدّثنا أبو المغيرة ثنا إسماعيل بن عياش ثنا شرحبيل بن مسلم الخولاني قال سمعت أبا أمامة الباهلي يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبه) (4) تقدم الكلام على ذلك في باب لا وصية لوارث من كتاب الوصايا في الجزء الخامس عشر (5) تقدم الكلام عليه في باب الولد للفراش دون الزاني من كتاب اللعان في الجزء السابع عشر (6) تقدم الكلام عليه في باب التغليظ فيمن ادعى إلى غير أبيه إلخ من كتاب اللعان في الجزء السابع عشر (7) تقدم شرحه في باب حق الزوج على الزوجة من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر (8) تقدم الكلام عليه في باب ما جاء في ضمان الوديعة والعارية من كتاب الوديعة والعارية في الجزء الخامس عشر (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد وقال رواه أهل السنن الأربعة وقال الترمذي حسن (9) (سنده) (حدّثنا يحيى) (يعني ابن سعيد)

-[ذكر بعض خطب النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع]- من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناقة حمراء مخضرمة (1) فقال أتدرون أي يوم يومكم هذا؟ قال قلنا يوم النحر، قال صدقتم يوم الحج الأكبر (2) أتدرون أي شهر شهركم هذا؟ قلنا ذو الحجة، قال صدقتم شهر الله الأصم (3)، أتدرون أي بلد بلدكم هذا؟ قال قلنا المشعر الحرام (4) قال صدقتم، قال فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، أو قال كحرمة يومكم هذا وشهركم هذا وبلدكم هذا (5)، الا وإني فرطكم (6) على الحوض أنظركم، وإني مكثر بكم الأمم فلا تسوّدوا وجهي (7) ألا وقد رأيتموني وسمعتم مني وستسئلون عني، فمن كذب علي فليتبؤ مقعده من النار (8) ألا وإني مستنقِذ رجالاً أو إناسًا (9) ومستنفَذ مني آخرون أقول يا رب أصحابي (10) فيقال إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك (11)

_ ثنا شعبة حدثني عمرو بن مرة قال سمعت مرة إلخ (غريبه) (1) قال في النهاية هي التي قطع طرف أذنها، وكان أهل الجاهلية يخضرمون نَعمهم فلما جاء الإسلام أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخضرمو في غير الموضع الذي يخضرم فيه أهل الجاهلية، وأصل الخضرمة أن يجعل الشيء بين بين، فإذا قطع بعض الأذن فهي بين الوافرة والناقصة، وقيل هي المنتوجة بين المجائب والمكاظيات، ومنه قيل لكل من أدرك الجاهلية والإسلام مخضرم لإنه أدرك الخضرمتين (2) يفيد أن يوم عيد النحر يسمى أيضًا يوم الحج الأكبر (3) سمي أصم لإنه كان لا يسمع فيه صوت السلاح لكونه شهرًا حرامًا، ووصف بالأصم مجازًا. والمراد به الإنسان الذي يدخل فيه كما قيل ليل نائم، وإنما النائم من في الليل فكأن الإنسان في هذا الشهر أصم عن سمع صوت السلاح، ويقال مثل ذلك في باقي الأشهر الحرم (4) إنما قالوا ذلك باعتبار المكان الذي كانوا فيه لإنه من حرم مكة (وجاء في بعض الروايات) أنهم قالوا في جوابهم بلد حرام (5) تقدم شرح هذه الجملة في باب ما جاء في الخطية وسط أيام التشريق من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر صفحة 226 رقم 427 (6) بفتح الفاء والراء أي سابقكم إلى الحوض لأصلحه وأهيئه لكم، قال في المطالع الفرط الذي يتقدم الواردين فيهيئ لهم ما يحتاجون إليه، وهو في هذه الأحاديث النواب والشفاعة. والنبي صلى الله عليه وسلم يتقدم أمته ليشفع لهم (7) أي بكثرة الذوب والمعاصي (8) تقدم شرح هذه الجملة في باب تغليظ الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب العلم في الجزء الأول ص 177 (9) أو للشك من الراوي، وجاء في بعض الروايات رجالاً وفي بعضها أناسًا من غير شك والمعني أني مستخلص (بكسر اللام) أناسًا من الشر بِشُربهم من حوضي، ومستخلص (بفتح اللام) مني آخرون من الخير إلى الشر تطردهم الملائكة عن الشرب من الحوض (10) جاء عند مسلم فأقول يا رب هؤلاء من أصحابي فيجيبني ملك فيقول وهل تدري ما أحدثوا بعدك؟ (11) قال النووي هذا مما اختلف العلماء في المراد به على أقوال (أحدها) أن المراد به المنافقون والمرتدون فيجوز أن يحشروا بالغرة والتحجيل فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم للسيما التي عليهم فيقال ليس هؤلاء مما وعدت بهم، إن هؤلاء بدلوا بعدك، أي لم يموتوا على ما ظهر من إسلامهم (والثاني) أن المراد من كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم فيناديهم النبي صلى الله عليه وسلم إن يكن عليهم سيما الوضوء لما كان يعرفه صلى الله عليه وسلم في حياته من إسلامهم فيقال ارتدوا بعد (والثالث) أن المراد به أصحاب المعاصي والكبائر الذين ماتوا على التوحيد، وأصحاب البدع الذين لم يخرجوا ببدعتهم عن الإسلام، وعلى

-[بعث جرير بن عبد الله رضي الله عنه إلى اليمن]- 471 (حدثنا حجاج) (1) حدثني شعبة عن علي بن مدرك قال سمعت أبا زرعة يحدث عن جرير (2) وهو جده عن النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال في حجة الوداع يا جرير استنصت الناس، ثم قال في خطبته لا ترجعوا بعدي كفارًا (3) يضرب بعضكم رقاب بعض (باب ما جاء في بعث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه إلي اليمن) 472 (عن جرير) (4) قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن (5) فلقيت بها رجلين ذا كلاع (6) وذا عمرو، قال وأخبرتهما شيئًا من خبر رسول الله صلى الله عليه وسلم (7) ثم أقبلنا فإذا قد رفع لنا ركب من قبل (8) المدينة قال فسألناهم

_ القول لا يقطع لهؤلاء الذين يذادون بالنار بل يجوز أن يذادوا أي يطردوا عقوبة لهم ثم يرحمهم الله تعالى فيدخلهم الجنة بغير عذاب: قال أصحاب هذا القول ولا يمتنع أن يكون لهم غرة وتحجيل، ويحتمل أن يكون كانوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم وبعده لكن عرفهم بالسيما (وقال الإمام) الحافظ أبو عمرو بن عبد البر كل من أحدث في الدين فهو من المطرودين عن الحوض كالخوارج والروافض وسائر أصحاب الأهواء، قال وكذلك الظلمة المسرفون في الجور وطمس الحق والمعلنون بالكبائر، قال وكل هؤلاء يخاف عليهم أن يكونوا ممن عنوا بهذا الخبر والله أعلم اهـ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وسنده جيد ومعناه في الصحيحين وغيرهما في مواضع متفرقة (1) (حدّثنا حجاج إلخ) (غريبه) (2) يعني ابن عبد الله البجلي وهو جد أبي زرعة (3) أي لا تصيروا بعد موقفي هذا يعني بعد حجة الوداع أو بعد موتي (وقوله يضرب) بالرفع استئناف جواب لمن سأل عن تلك الحالة الأولى، أو بالجزم بدل من ترجعوا، أو جواب شرط مقدر، أي فإن ترجعوا يضرب، نحو لا تكفر فتدخل النار، قال القاضي عياض والرواية بالرفع، والمراد أن ذلك كفر لمستحله أو كفر النعمة أو يقرب من الكفر أو يشبه فعل الكفار أو الكفار المتلبسون بالسلاح أو أراد به للزجر والتهويل والله أعلم (تخريجه) (ق نس جه) (باب) (4) (سنده) حدّثنا عبد الله بن محمد ابن أبي شيبة قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) وسمعته أنا من ابن أبي شيبة قال ثنا عبد الله بن إدريس عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير (يعني ابن عبد الله البَجلي رضي الله عنه) إلخ (غريبه) (5) جاء عند الطبراني من طريق إبراهيم بن جرير عن أبيه قال بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن أقاتلهم وأدعوهم أن يقولوا لا إله إلا الله، وفي رواية أبي إسحاق عن جرير عند ابن عساكر أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى ذي عمرو وذي الكلاع يدعوهما إلى الإسلام فأسلما، وعند الواقدي في الردة بأسانيد متعددة نحو هذا قاله الحافظ (6) بفتح الكاف وتخفيف اللام واسمه اسميفع بسكون المهملة وفتح الميم وسكون الياء التحتية وفتح الفاء بعدها مهملة، ويقال أيفع بن باكوراء، ويقال ابن حوشب بن عمرو (وقوله وذا عمرو) هو أحد ملوك اليمن وهو من حمير، قال الحافظ ولم أقف على اسم غيره ولا رأيت من أخباره أكثر مما ذكر في حديث الباب وكانا عزما على التوجه إلى المدينة فلما بلغهما وفاة النبي صلى الله عليه وسلم رجعا إلى اليمن ثم هاجرا في زمن عمر (7) زاد عند البخاري فقال له عمرو (أي قال لجرير) لئن كان الذي تذكر من أمر صاحبك لقد مرّ على أجله منذ ثلاث (أي مضى على وفاته ثلاث ليالٍ) واستظهر الحافظ أنه عرف ذلك عن اطلاع في الكتب القديمة يعني كتب أهل الكتاب لإنه كان كثير منهم باليمن (8) بكسر القاف وفتح الموحدة أي من جهتها

-[تجهيز النبي صلى الله عليه وسلم جيشًا إلى الشام بإمارة أسامة بن زيد رضي الله عنهما]- ما الخبر؟ قال فقالوا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر رضي الله تعالى عنه والناس صالحون، قال فقالا لي (1) أخبر صاحبك قال فرجعا، ثم لقيت ذا عمرو فقال لي يا جرير إنكم لم تزالوا بخير ما إذا هلك أمير ثم تأمرتم (2) في آخر، فإذا كانت بالسيف غضبتم غضب الملوك ورضيتم رضا الملوك {{{{أبواب حوادث سنة إحدى عشرة}}}}} (باب ما جاء في تجهيز جيش إلى الشام بإمارة أسامة بن زيد رضي الله عنهما) (4) 473 (حدّثنا) يحيى بن آدم) (5) ثنا زهير عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمّر أسامة بلغه أن الناس يعيبون أسامة ويطعنون في إمارته (6) فقام كما حدثني سالم فقال إنكم تعيبون أسامة وتطعنون في إمارته (7) وقد فعلتم ذلك

_ (ا) بألف التثنية أي ذو الكلاع وذو عمرو، وفي الأصل فقال بالإفراد وهو خطأ من الطابع أو الناسخ (أخبر صاحبك) يعني أبا بكر رضي الله عنه، زاد البخاري أخبر صاحبك أنا قد جئنا ولعلنا سنعود إن شاء الله تعالى، وفي البخاري أيضًا فأخبرت أبا بكر بحديثهم قال أفلا جئت بهم؟ فلما كان بعدُ (بالبناء على الضم) أي بعد هذا الأمر في خلافة عمر وهاجر ذو عمرو (يعني إلى المدينة) قال لي ذو عمرو يا جرير إن لك عليّ كرامة وإني مخبرك خبرًا أنكم معشر العرب لن تزالوا بخير إلخ (2) بقصر الهمزة وتشديد الميم (وفي رواية) بمد الهمزة وتخفيف الميم أي تشاورتم في أمير آخر ومعنى التشديد أقمتم أميرًا منكم عن رضا منكم أو عهد من الأول (فإذا كانت) أي الإمارة (بالسيف) أي بالقهر والغلبة (3) أي كان الخلفاء ملوكًا يغضبون غضب الملوك ويرضون رضا الملوك (تخريجه) (خ طب) وابن عساكر (باب) (4) قال ابن إسحاق رحمه الله تعالى ثم قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم (يعني من الحج) فأقام بالمدينة بقية ذي الحجة والمحرم وصفر وضرب على الناس بعثًا إلى الشام وأمّر عليهم أسامة بن زيد بن حارثة مولاه وأمره أن يوطئ الخيل تخوم البلقاء والداروم من أرض فلسطين، فتجهز الناس وأرعب على أسامة بن زيد المهاجرون الأولون اهـ (قال السهيلي) أمّر رسول الله صلى الله عليه وسلم أسامة على جيش كثيف وأمَره أن يغير على ابنا صباحًا وأن يحرق، وابنا هي القرية التي عند مؤتة حيث قتل أبوه ولذلك أمّره على حداثة سنه ليدرك ثأره وإليك الحديث في ذلك (5) (حدّثنا يحيى بن آدم إلخ) (غريبه) (6) قال السهيلي إنما طعنوا في إمرته لإنه مولًى مع حداثة سنه لإنه كان إذ ذاك ابن ثمان عشرة سنة، وكان رضي الله عنه أسود الجلدة وكان أبوه أبيض صافي البياض نزع في اللون إلى أمه أم أيمن، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبه ويمسح خشمه وهو صغير بثوبه، وعثر يوما فأصابه جرح في رأسه فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص دمه ويمجه ويقول لو كان أسامة جارية لحلبناها حتى يرغب فيها وكان يسمى الحِب من الحُب (7) (قال العلماء) كان أشد الناس كلامًا في ذلك عياش بن أبي ربيعة المخزومي فقال يستعمل هذا الغلام على المهاجرين؟ وكان في جيشه كبار المهاجرين أبو بكر وعمر وأبو عبيدة وسعد وسعيد وقتادة بن النعمان وسلمة بن أسلم فكثرت القالة في ذلك فسمع عمر بن الخطاب

-[حديث أبي مويهبة في ابتداء مرض النبي صلى الله عليه وسلم]- في أبيه من قبل (1): إنه كان لخليقًا للإمارة وإن (2) كان لأحب الناس كلهم إليّ وإن ابنه هذا بعده من أحب الناس إلي فاستوصوا به خيرًا فإنه من خياركم (3) 474 [[[أبواب ما جاء في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أن لحق بالرفيق الأعلى]]]] (باب ما جاء في ابتداء مرضه صلى الله عليه وسلم ومدته) (عن أبي مويهبة) (4) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أمِر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي على أهل البقيع فصلى عليهم (5) رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ثلاث مرات، فلما كانت الليلة الثانية قال يا أبا مويهبة أسرج لي دابتي، قال فركب ومشيت حتى انتهى المبهم فنزل عن دابته وأمسكت الدابة ووقف عليهم أو قال قام عليهم فقال ليهنكم (6) ما أنتم فيه مما فيه الناس أتت الفتن كقطع الليل يركب بعضها بعضًا، الآخرة أشد من الأولى، فليهنكم ما أنتم فيه، ثم رجع

_ رضي الله عنه بعض ذلك فردّه على من تكلم وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فغضب صلى الله عليه وسلم غضبًا شديدًا فخطب فقال إن الناس يعيبون أسامة إلخ (1) أبوه زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وسلم وكان من بني كلب أسر في الجاهلية فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة رضي الله عنها فاستوهبه النبي صلى الله عليه وسلم منه وخيره لما طلب أبوه وعمه أن يفدياه، خيره بين المقام عنده أو يذهب معهما فقال يا رسول الله لا أختار عليك أحدًا أبدًا (قال النوربشتي) إنما طعن من طعن في إمارتهما لإنهما كانا من الموالي وكانت العرب لا ترى تأمير الموالي وتستنكف عن اتباعهم كل الاستنكاف، فلما جاء الله عز وجل بالإسلام ورفع قدر من لم يكن له عندهم قدر بالمسابقة والهجرة والعلم والتقى عرف حقهم المحفوظون من أهل الدين، فأما المرتهنون بالعادة والممتحنون بحب الرياسة من الأعراب ورؤساء القبائل فلم يزل يختلج في صدورهم شيء من ذلك لا سيما أهل النفاق فإنهم كانوا يسارعون إلى الطعن وشدة النكير عليه، وكان صلى الله عليه وسلم بعث زيدًا أميرًا على عدة سرايا وأعظمها على جيش مؤتة وسار تحت رايته فيها نجباء الصحابة، وكان خليقًا بذلك لسوابقه وفضله وقربه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أمَّر أسامة في مرضه على جيش فيه جماعة من مشيخة الصحابة وفضلائهم وكأنه رأى في ذلك سوى ما توسم فيه من النجابة أن يمهد الأرض، وتوطئة لمن يلي الأمر بعده لئلا ينزع أحد يدًا من طاعة، وليعلم كل منهم أن العادة الجاهلية قد عميت مسالكها وخفيت معالمها (2) انْ للتأكيد مخففة من إنّ أي إنه كان المخ والخليق مرادف للجدير والحقيق والله ولي التوفيق (3) في هذا الحديث منقبة عظيمة لزيد بن حارثة وابنه أسامة رضي الله عنهما (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (4) (سنده) حدّثنا أبو النضر حدثنا الحكم بن فضيل ثنا يعلى بن عطاء عن عبيد بن جبير عن أبي مويهبة إلخ (غريبه) (5) معنى الصلاة هنا الدعاء والاستغفار لهم (6) بفتح الياء التحتية وكسر النون بينهما هاء ساكنة والأصل ليهنئكم بهمزة بعد النونه حذفت الهمزة للتخفيف وهذا الدعاء لهم بالتهنئة مما نجاهم الله منه من فتن الدنيا، قال في القاموس وهنأه بالأمر (بتشديد النون)

-[مدة مرض النبي صلى الله عليه وسلم وحديث عائشة الجامع من أول مرضه إلى وفاته صلى الله عليه وسلم]- فقال يا أبا مويهبة إني أعطيت أو قال خيرت مفاتيح ما يفتح على أمتي من بعدي (1) والجنة أو لقاء ربي، فقلت بأبي وأمي يا رسول الله فأخبرني، قال لأن ترد على عقبها ما شاء الله (2) فاخترت لقاء ربي عز وجل، فما لبث بعد ذلك إلا سبعًا أو ثمانيًا حتى قبض صلى الله عليه وسلم وقال أبو النضر ترد على عقبيها (وعنه من طريق ثانٍ) (3) قال بعثني (4) رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل فقال يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي، فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم (5) قال السلام عليكم يا أهل المقابر ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح فيه الناس لو تعلمون ما نجاكم الله منه، أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها، الآخرة شر من الأولى، قال ثم أقبل عليّ فقال يا أبا مويهبة إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، وخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي عز وجل والجنة، قال قلت بأبي وأمي فخذ مفاتيح الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، قال لا والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي والجنة، ثم استغفر لأهل البقيع ثم انصرف فبدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي قبضه الله عز وجل حين أصبح (باب حديث عائشة رضي الله عنها الجامع من أول مرضه إلى وفاته صلى الله عليه وسلم) 475 (عن يزيد بن بابنوس) (6) قال ذهبت أنا وصاحب لي إلى عائشة (رضي الله عنها) فاستأذنا عليها فألقت لنا وسادة وجذبت إليها الحجاب فقال صاحبي يا أم المؤمنين ما تقولين في العراك؟ قالت وما العراك؟ وضربتُ منكِب صاحبي فقالت مه (7) آذيت أخاك

_ وهنأه (بتخفيفها) قال له ليهنئك (بفتح الياء التحتية وكسر النون وسكون الهمزة) (1) يعني خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة كما في الطريق الثانية (2) الظاهر والله أعلم أنه صلى الله عليه وسلم لم يختر خزائن الدنيا والخلد فيها مدة طويلة خشية أن تفتتن أمته بالدنيا وزخارفها فترتد على عقبها أي ترجع إلى حالتها الأولى في زمن الجاهلية وهو بين أظهرهم فاختار لقاء ربه (3) (سنده) حدّثنا يعقوب قال ثنا أبي قال عن محمد بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن عمر العبلي قال حدثني عبيد بن جبير مولى الحكم بن أبي العاص عن عبد الله بن عمرو عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعثني إلخ (4) أي أيقظني من النوم من جوف الليل أي ثلثه الآخر (5) أي وسط المقابر (تخريجه) (ك طب مي) ومحمد بن إسحاق في المغازي وصححه الحاكم وأقره الذهبي [[[[فائدة]]]] قال الحافظ أما ابتداء مرضه صلى الله عليه وسلم فكان في بيت ميمونة كما سيأتي (قلت سيأتي بعد باب واعتمده الحافظ) قال وذكر الخطابي أنه ابتدأ به يوم الاثنين وقبل يوم السبت، وقال الحاكم أبو أحمد يوم الأربعاء، واختلف في مدة مرضه فالأكثر على أنها ثلاثة عشر يوما وقيل بزيادة يوم وقيل بنقصه والقولان في الروضة صدر بالثاني وقيل عشرة أيام وبه حزم سليمان التيمي في مغازيه، وأخرجه البيهقي بإسناد صحيح وكانت وفاته يوم الاثنين بلا خلاف في ربيع الأول وكاد يكون إجماعًا (باب) (6) (سنده) حدّثنا بهز قال ثنا حماد بن سلمة قال أخبرني أبو عمران الجوني عن يزيد بن بابنوس إلخ (غريبه) (7) اسم مبني على السكون بمعنى اسكت

-[بقية حديث عائشة في صفة مرض النبي صلى الله عليه وسلم ووفاته]- ثم قالت ما العراك؟ المحيض؟ قولوا ما قاله الله المحيض, ثم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوشحني وينال من رأسي وبيني وبينه ثوب وأنا حائض (1) ثم قالت كان رسول صلى الله عليه وسلم إذا مرّ ببابي مما يلقي الكلمة ينفع الله عز وجل بها، فمرّ ذات يوم فلم يقل شيئًا ثم مرَّ أيضًا فلم يقل شيئًا مرتين أو ثلاثًا، قلت يا جارية ضعي لي وسادة على الباب وعصبت رأسي فمرّ بي فقال يا عائشة ما شأنك؟ فقلت أشتكي رأسي، فقال أنا وارأساه فذهب فلم يلبث إلا يسيرًا حتى جيء به محمولاً في كساء، فدخل عليّ وبعث إلى النساء فقال إني قد اشتكيت وإني لا أستطيع أن أدور بينكن فأذنَّ لي فلا كِن عند عائشة أو صفية، ولم أمرض أحدًا قبله (2) فبينما رأسه ذات يوم على منكبي إذ مال رأسه نحو رأسي فظننت أنه يريد من رأسي حاجة فخرجت من فيه نطفة (3) باردة فوقعت على ثغرة نحري فاقشعر لها جلدي فظننت أنه غشي عليه فسجيته ثوبًا (4) فجاء عمر والمغيرة بن شعبة فاستأذنا فأذنت لهما وجذبتُ إليّ الحجاب فنظر عمر إليه فقال واغشياه ما أشد غشي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قاما، فلما دنوا من الباب قال المغيرة ياعمر مات رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كذبت، بل أنت رجل تحوسك فتنة (5) إن رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لا يموت حتى يفني الله عز وجل المنافقين، ثم جاء أبو بكر فرفعت الحجاب فنظر إليه وقال إنا لله وإنا إليه راجعون مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أتاه من قبل رأسه فحدر فاه (6) وقبل جبهته ثم قال وانبياه (7) ثم رفع رأسه ثم حدر فاه وقبل جبهته ثم قال واصفياه، ثم رفع رأسه وحدر فاه وقبل جبهته وقال واخليلاه مات رسول الله صلى الله عليه وسلم، فخرج إلى المسجد وعمر يخطب الناس ويتكلم ويقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يموت حتى يفني الله عز وجل المنافقين (8) فتكلم أبو بكر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله عز وجل يقول {إنك ميت (9)

_ (1) تقدم الكلام على ذلك في باب جواز مباشرة الحائض فيما فوق الإزار إلخ من كتاب الحبيض في الجزء الثاني صفحة 157 (2) تقول عائشة رضي الله عنها ولم أمرض (بضم الهمزة وتشديد الراء مكسورة (أحدًا قبله) تعني أنه لم يسبق لها تمريض أحد من المرضى قبل النبي صلى الله عليه وسلم (3) أي ماء قليل وبه سمي المني نطفة لقلته وجمعها نطف (4) أي غطته بثوب عندها (5) أي تخالطك وتَحُثك على ركوبها وكل موضع خالطته ووطئته فقد حُسته وجُسته (نه) (6) أي دنا منه بفمه وقبل جبهته (7) بألف الندبة والهاء الساكنة للوقف ومعنى الندبة إعلان اسم المتفجع عليه كقول أبي بكر رضي الله عنه وانبياه واصفياه واخليلاه، أو المتوجع منه نحو وارأساه كما قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث (8) كان هذا فهم عمر رضي الله عنه (9) أي ستموت {وإنهم ميتون} أي سيموتون قال الفراء والكسائي الميت بالتشديد من لم يمت وسيموت، والميت بالتخفيف من فارقه الروح ولذلك لم يخفف هاهنا قال الخليل أنشد أبو عمرو أيا سائلي تفسير ميْت وميِّت ... فدونك قد فسرت إن كنت تعقل فما كان ذا روح فذلك ميِّت ... وما الميْت إلا من إلا القبر يحمل

-[ابتداء مرض النبي صلى الله عليه وسلم كان في يوم عائشة ثم أخذ يدور على نسائه]- وإنهم ميتون} حتى فرغ من الآية {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل (1) أفإن مات أو قُتل انقلبتم على أعقابكم} (2) حتى فرغ من الآية فمن كان يعبد الله عز وجل فإن الله حي لا يموت، ومن كان يعبد محمدًا فإن محمدًا قد مات، فقال عمر: وإنها لفي كتاب الله ما شعرت أنها في كتاب الله (3) ثم قال عمر يا أيها الناس هذا أبو بكر وهو ذو شيبة المسلمين فبايِعوه فبايَعوه 476 (عن عائشة رضي الله عنها) (4) قالت دخل عليَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم في اليوم الذي بدئ فيه (5) فقلت وارأساه (6) فقال وددت أن ذلك وأنا حي فهيأتك ودفنتك، قال فقلت غيرَى (7) كأني بك في ذلك اليوم عروسًا ببعض نسائك (8) قال وأنا ورأساه (9) أدعوا لي أباك وأخاك حتى

_ وكانو يتربصون برسول الله صلى الله عليه وسلم موته فأخبر أن الموت يعمهم فلا معنى التربص وشماتة الباقي بالفاني (وعن قتادة) نعى إلى نبيه نفسه ونعى إليكم أنفسكم أي إنك وإياهم في عداد الموتى لإن ما هو كائن فكأن قد كان {ثم إنكم يوم القيامة عند ربكم تختصمون} تقدم تفسيرها في أول تفسير سورة الزمر من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر صفحة 259 (1) أي له أسوة بهم في الرسالة وفي جواز القتل عليه (2) أي رجعتم القهقرى (3) إنما نسي ذلك عمر رضي الله عنه من شدة دهشته لعظم المصيبة (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه ورجال أحمد ثقات (قلت) وأورده أيضًا الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد، ثم قال وقد روى أبو داود والترمذي في الشمائل من حديث مرحوم بن عبد العزيز العطار عن أبي عمران الجوني به ببعضه (4) (سنده) حدّثنا يزيد أنا إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عروة عن عائشة إلخ (غريبه) (5) يستفاد منه أن ابتداء مرضه صلى الله عليه وسلم كان في يوم عائشة ثم أخذ يدور على نسائه فلما اشتد به المرض طلب أن يكون في بيت عائشة كما صرح بذلك في رواية ابن إسحاق بعد أن ذكر قولها وارأساه وقوله صلى الله عليه وسلم وارأساه فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقام به وجعه وهو يدور على نسائه حتى استُعِزّ به (يعني اشتد به المرض وغلبه) في بيت ميمونة فدعا نساءه فاستأذنهن أن يمرّض في بيتي فأذنّ له الحديث (6) قالت ذلك حينما وجدت صداعًا في رأسها كما يستفاد من الطريق الثانية ومعناه ندبت نفسها وأشارت إلى الموت قاله الطيبي، أي كأنها فهمت أن وجع رأسها يتولد منه الموت، فقال صلى الله عليه وسلم مشيرًا إلى أنها لو ماتت قبله لكان خيرًا لها بقوله (وددت ذلك وأنا حيّ إلخ) (7) بفتح الغين المعجمة والراء بينهما ياء تحتية ساكنة حال من فاعل قلت وهي فعلى من الغيرة يقال غرت على أهلي أغار غيرة فأنا غائر وغيور للمبالغة (8) جاء في الطريق الثانية بلفظ (لو فعلتَ ذلك لقد رجعتَ إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك) ومعناه لو فعلت ما ذكرت من غسلي وتكفيني ودفني لرجعت إلى بيتي (فأعرست فيه) من أعرس بالمرأة بالمرأة إذا بنى بها أو غشيها (9) جاء في الطريق الثانية وعند البخاري أيضًا فقال صلى الله عليه وسلم بل أنا وارأساه، (قال في المواهب اللدنية) هكذا في الأصول المعتمدة التي وقفت عليها بإثبات بل الإضرابية (قلت) يريد الإضراب عن كلامها ومعناه اشتغلي بوجع رأسي إذ لا بأس بك فأنت تعيشين

-[اشتد مرضه صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة فاستأذن نساءه أن يرجع إلى بيت عائشة فأذِنَّ له]- أكتب لأبي بكر كتابًا (1) فإني أخاف أن يقول قائل أو يتمنى متمن أنا أولى (2) ويأبى الله عز وجل والمؤمنون إلا أبا بكر (3) (وعنها عن طريق ثان) (4) قالت رجع إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم من جنازة بالبقيع وأنا أجد صداعًا في رأسي وأنا أقول وارأساه، قال بل وأنا وارأساه، قال ما ضرك لو مت قبلي فغسلتك وكفنتك ثم صليت عليك ودفنتك؟ قلت لكني أو لكأني بك والله لو فعلتَ ذلك لقد رجعتَ إلى بيتي فأعرست فيه ببعض نسائك، قالت فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم تسم بدئ وجعه الذي مات فيه (باب ما جاء في انتقاله صلى الله عليه وسلم إلى بيت عائشة رضي الله عنها ليمرّض فيه واستخلافه أبا بكر للصلاة) 477 (حدّثنا سفيان) (5) عن الزهري عن عبيد الله (6) عن عائشة رضي الله عنها قال سفيان سمعت منه حديثًا طويلاً ليس أحفظه من أوله إلا قليلاً: دخلنا على عائشة فقلنا يا أم المؤمنين أخبرينا عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت اشتكى فجعل ينفث (7) فجعلنا نشبه نفثه نفث آكل الزبيب (8) وكان يدور على نسائه فلما اشتكى شكواه استأذنهن أن يكون في بيت عائشة ويدرن عليه فأذنّ له فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم بين رجلين متكئًا عليهما أحدهما عباس ورجلاه تخطان في الأرض، قال ابن عباس أنما أخبرتك من الآخر؟ قال لا، قال هو على (ومن طريق ثان عن عائشة أيضًا) (9) قالت لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة فاستأذن نساءه أن يمرَّض في بيتي فأذنّ له فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معتمدًا على

_ بعدي، عرف ذلك بالوحي (1) جاء في رواية البخاري (لقد هممت أو أردت) بالشك من الراوي (أن أرسل إلى أبي بكر وابنه فأعهدَ) بفتح الهمزة والنصب عطفًا على أرسل أي أوصي بالخلافة إلى أبي بكر (2) معناه فإني أخاف أن يقول قائل الخلافة لي أو لفلان (أو يتمنى متمن) أن تكون الخلافة له ويقول أنا أولى، وقد أراد الله أن لا يعهد ليؤجر المسلمون على الاجتهاد (3) أي إلا أن تكون الخلافة لأبي بكر (4) (سنده) حدّثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحاق عن يعقوب بن عتبة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة قالت رجع إليّ إلخ (تخريجه) (خ نس هق) وابن إسحاق (وروى مسلم أيضًا) عن عائشة قالت قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه ادعي لي أبا بكر أباك وأخاك حتى أكتب كتابًا فإني أخاف أن يتمنى متمن أو يقول قائل أنا أولى ويأبتى الله والمؤمنون إلا أبا بكر: وهذا من أدل الدلائل على خلافة أبي بكر رضي الله عنه (باب) (5) (حدّثنا سفيان إلخ) (غريبه) (6) هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود الهذلي أبو عبد الله المدني الأعمى الفقيه أحد السبعة عن عمر وابن مسعود مرسلاً وعن أبيه وعائشة وعنه أخوه عون وعراك بن مالك والزهري وأبو الزناد وخلق، قال أبو زرعة ثقة مأمون إمام، وقال العجلي كان جامعًا للعلم، قال البخاري مات سنة أربع وتسعين، وقال ابن نمير سنة ثمان، وقال ابن المديني سنة تسع كذا في الخلاصة (7) النفث بالفم شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل لأن التفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق (8) هو طرح ما يبقى في فمه من بذر الزبيب (9) (سنده) حدّثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله

-[صلى عمر بالناس مرة واحدة فلما علم النبي صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر أن يصلي بالناس]- العباس وعلي رجل آخر ورجلاه تحطان في الأرض، وقال عبيد الله فقال ابن عباس أتدري من ذلك الرجل؟ هو علي بن أبي طالب ولكن عائشة لا تطيب لها نفس (1) قال الزهري فقال النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت ميمونة لعبد الله بن زمعة مر الناس فليصلوا، فلقي عمر بن الخطاب فقال يا عمر صل بالناس فصلى بهم، فسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته فعرفه وكان جهير الصوت، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أليس هذا صوت عمر؟ قالوا بلي يا رسول الله، قال يأبى الله عز وجل ذلك والمؤمنون، مروا أبا بكر فليصل بالناس (2) قالت عائشة يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق لا يملك دمعه وإنه إذا قرأ القرآن بكى، قالت وما قلت ذلك إلا كراهية أن ينأثم الناس بأبي بكر أن يكون أول من قام مقام رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس: فراجعته (3) فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس، إنكن صواحب يوسف (4) 478 (عن عبد الملك بن أبي بكر) (5) بن عبد الرحمن بن هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد قال لما استُعِزّ (6) برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده

_ عن عائشة إلخ (1) أي لا تطيب لها نفس بذكر اسمه، وسبب ذلك كما ذكره العلماء أن عليًّا رضي الله عنه حينما استشار النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه في أمر عائش كما جاء في حديث الإفك قال للنبي صلى الله عليه وسلم (لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير) ولم يقصد بذلك إلا تخفيف ما حصل للنبي صلى الله عليه وسلم من القلق والغم المتراكم بسبب ما قيل، فرأى أنه إذا فارقها النبي صلى الله عليه وسلم سكن ما عنده بسببها إلى أن يتحقق ببراءتها فيراجعها، وهذا من بذل التضحية لإراحة فؤاده الشريف لا لعداوة عائشة، ومع ذلك فقد قال عقب ذلك (وسل الجارية تصدقك) فكأنه قال إن أردت تعجيل الراحة ففارقها، وإن أردت الوقوف على حقيقة الشأن فابحث إلى أن تطلع على براءتها والله أعلم (2) فيه إشارة إلى خلافة إبي بكر رضي الله عنه (3) فيه جواز مراجعة أولي الأمر على سبيل العرض والمشاورة والإشارة بما يظهر أنه مصلحة وتكون تلك المراجعة بعبارة لطيفة (4) جاء في بعض الروايات صواحبات يوسف وفي بعضها كصواحبات يوسف (قال الحافظ) وصواحب جمع صاحبة والمراد أنهن مثل صواحب يوسف في إظهار خلاف ما في الباطن، ثم إن هذا الخطاب وإن كان بلفظ الجمع فالمراد به واحد وهي عائشة فقط كما أن صواحب صيغة جمع والمراد زليخا فقط، ووجه المشابهة بينهما في ذلك أن زليخا استدعت النسوة وأظهرت لهن الإكرام بالضيافة ومرادها زيادة على ذلك، وهو أن ينظرن إلى حسن يوسف ويعذرنها في محبته، وأن عائشة أظهرت أن سبب إرادتها صرف الإمامة عن أبيها كونه لا يسمع المأمومين القراءة لبكائه، ومرادها زيادة على ذلك، وهو أن لا يتشاءم الناس به، وقد صرحت هي فيما بعد ذلك اهـ (قلت) يعني قولها في الحديث (وما قلت ذلك إلا كراهية أن يتأثم الناس با أبي بكر) (تخريجه) (ق، جه) باختلاف في بعض الألفاظ المعنى واحد وقد رواه البخاري في مواضع متعددة من صحيحه ومسلم من طرق عن الزهري (5) (سنده) حدّثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال وقال ابن شهاب الزهري حدثني عبد الملك بن أبي بكر إلخ (غريبه) (6) بضم التاء الفوقية وكسر العين المهملة مبني للمفعول أي اشتد به المرض وأشرف على الموت يقال عز يعتز

-[اعتذار عمر بأنه ما صلى بالناس إلا لظنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بذلك لغيبة أبي بكر]- في نفر من المسلمين دعا بلال (1) للصلاة فقال مروا من يصل بالناس، قال فخرجت فإذا عمر في الناس وكان أبو بكر غائبًا فقلت قم يا عمر فصل بالناس، قال فقام فلما كبر عمر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته وكان عمر رجلاً مجهرًا (2) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون، قال فبعث إلى أبي بكر بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى بالناس، قال وقال عبد الله بن زمعة قال لي عمر ويحك ماذا صنعت بي يا بن زمعة؟ والله ما ظننت حين أمرتني إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك بذلك، ولولا ذلك ما صليت بالناس، قال قلت والله ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن حين لم أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة 479 (عن ابن بريدة عن أبيه) (3) قال مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مروا أبا بكر يصلي بالناس، فقالت عائشة يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق، فقال مروا أبا بكر يصلي بالناس فإنكن صواحبات يوسف فأم أبو بكر الناس ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي (4) 480 (عن عائشة رضي الله عنها) (5) قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه مروا أبا بكر يصلي بالناس، قلت إن أبا بكر إذا قام مقامك لم يسمع الناس من البكاء، قال مروا أبا بكر، فقلت لحفصة قولي إن أبا بكر لا يسمع الناس من البكاء فلو أمرت عمر (وفي رواية فقالت له حفصة يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف (6) وإنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر) فقال صواحب يوسف، مروا أبا بكر يصلي بالناس

_ بالفتح إذ اشتد (1) أي أذن بلال للصلاة فقال أي النبي صلى الله عليه وسلم إلخ (2) أي صاحب جهر ورفع لصوته يقال جهَر بالقول إذا رفع به صوته فهو جهير، وأجهر فهو مُجهر إذا عرف بشدة الصوت (نه) (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهكذا رواه أبو داود من حديث ابن إسحاق حدثني الزهري. ورواه يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثني يعقوب عن عتبة عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن عبد الله بن زمعة فذكره، وقال أبو داود ثنا أحمد بن صالح ثنا ابن أبي فديك حدثني موسى بن يعقوب عن عبد الرحمن بن إسحاق عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن زمعة أخبره بهذا الخبر، قال لما سمع النبي صلى الله عليه وسلم صوت عمر قال ابن زمعة خرج النبي صلى الله عليه وسلم حتى أطلع رأسه من حجرته ثم قال لا لا: لا يصلي للنانس إلا ابن أبي قحافة يقول ذلك مغضبًا اهـ (قلت) وحديث الباب صحيح ورجاله ثقات رواه الحاكم وصححه وأقره الذهبي (3) (سنده) حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا زائدة ثنا عبد الملك بن عمير عن ابن بريدة عن أبيه (يعني بريدة الأسلمي) قال مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبه) (4) يعني في مرضه الذي مات فيه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (5) (سنده) حدّثنا يحيى عن هشام قال أخبرني أبي عن عائشة قالت قال النبي صلى الله عليه وسلم إلخ (غريبه) (6) بوزن قتيل وهو فعيل بمعنى فاعل من الأسف وهو شدة الحزن، والمراد أنه رقيق القلب

-[محاولة عائشة وحفصة أن عمر يصلي بالناس لرقة أبي بكر وعدم قبول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك منها]- فالتفتت إليّ حفصة فقالت لم أكن لأصيب منك خيرًا (1) 481 (عن أبي موسى) (2) قال مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتد مرضه فقال مروا أبا بكر يصلي بالناس، فقالت عائشة يا رسول الله إن أبا بكر رجل رقيق متى يقوم مقامك لا يستطيع أن يصلي بالناس، فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس فإنكن صواحبات يوسف، فأتاه الرسول فصلى أبو بكر بالناس في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم 482 (عن الأسود عن عائشة) (3) رضي الله عنها قالت لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه جاء بلال يؤذنه بالصلاة، فقال مروا أبا بكر فليصل بالناس، قلنا يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف، قال الأعمش رقيق ومتى يقوم مقامك يبكي فلا يستطيع فلو أمرت عمر؟ قال مروا أبا بكر فليصل بالناس (4) قلنا يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف ومتى يقوم مقامك يبكي فلا يستطيع، فلو أمرت عمر يصلي بالناس؟ قال مروا بابكر يصلي بالناس فإنكن صواحب يوسف فأرسلنا إلى أبي بكر فصلى بالناس فوجد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسة خفة فخرج يهادي (5) بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض (6) فلما أحس به أبو بكر ذهب يتأخر فأومأ إليه النبي صلى الله عليه وسلم أي مكانك، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلى جنب أبي بكر، وكان أبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وسلم والناس يأتمون بأبي بكر (7) 483 (عن عبيد الله) (8) بن عبد الله قال دخلت على عائشة رضي الله عنها فقلت ألا تحدثيني عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت بلى، ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصلى الناس؟

_ (1) إنما قالت ذلك حفصة لأنه جاء في بعض الروايات أنه صلى الله عليه وسلم قال (مروا أبا بكر إلخ) ثلاث مرات وإن كلامها صادق المرة الثالثة المعاودة، وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يراجع بعد ثلاث، فلما أشار إلى الإنكار عليها بما ذكر من كونهن صواحب يوسف وجدت حفصة في نفسها من ذلك لكون عائشة هي التي أمرتها بذلك ولعلها تذكرت ما وقع لها معها أيضًا في قصة المغافير التي ذكرت في تفسير أول سورة التحريم (تخريجه) (ق مذ جه) عن أبي موسى إلخ (يعني أبا موسى الأشعري) (تخريجه) (ق) (3) (سنده) حدّثنا وكيع قال ثنا الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة إلخ (غريبه) (4) جاء في رواية أخرى من طريق أبي معاوية عن الأعمش به قالت (يعني عائشة) فقلت لحفصة قولي له فقالت له حفصة يا رسول الله إن أبا بكر رجل أسيف وإنه متى يقوم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر، فقال إنكن لأنتن صواحب يوسف، مروا أبا بكر فليصل بالناس، قالت فأمروا أبا بكر أن يصلي بالناس فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة الحديث (5) بضم أوله وفتح الدال أي يعتمد على الرجلين متمايلاً في مشيه من شدة الضعف (6) أي لم يكن يقدر على تمكينهما من الأرض (7) تقدم الكلام على فقه الحديث في باب جواز الاستخلاف في الصلاة من أبواب صلاة الجماعة في في الجزء الخامس صفحة 256 فارجع إليه (تخريجه). (ق. وغيرهما) (8) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن بن مهدي حدثنا زائدة (يعني ابن قدامة) عن موسى ابن أبي عائشة عن عبيد الله بن عبد الله

-[محاولة النبي صلى الله عليه وسلم أن يصلي بالناس لانتظارهم إياه وعدم تمكنه من ذلك لما اعتراه من الإغماء]- فقلنا لا، هم ينتظرونك يا رسول الله، قال ضعوا لي ماءً في المِخضب (1) ففعلنا فاغتسل ثم ذهب لينوء (2) فأغمي عليه ثم أفاق، فقال أصلى الناس؟ قلنا لا هم ينتظرونك يا رسول الله، قال ضعو لي ماءً في المخضب (3) فذهب لينوء فغشي عليه قالت والناس عكوف (4) في المسجد ينتظرون رسول الله صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء: فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر بأن يصلي بالناس، وكان أبو بكر رجلاً رقيقًا، فقال يا عمر صل بالناس، فقال أنت أحق بذلك (5) فصلى بهم أبو بكر تلك الأيام (6) ثم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد خفة فخرج بين رجلين أحدهما العباس (7) لصلاة الظهر، فلما رآه أبو بكر ذهب ليتأخر فأومأ إليه أن لا يتأخر وأمرهما فأجلساه إلى جنبه، فجعل أبو بكر يصلي قائمًا ورسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قاعدًا، فدخلت على ابن عباس فقلت ألا أعرض عليك ما حدثتني به عائشة عن مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال هات (8) فحدثته فما أنكر منه شيئًا غير أنه قال هل سمّت لك الرجل الذي كان مع العباس؟ قلت لا، قال هو علي رحمة الله عليه (عن أرقم بن شرحبيل) 484 (عن ابن عباس) (9) قال لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه كان في بيت عائشة

_ (يعني بن عتبة بن مسعود إلخ) (غريبه) (1) بكسرالميم وبخاء وضاد معجمتين بوزن منبر وهو إناء نحو الإجّانة التي يغسل فيها الثياب (2) أي يقوم وينهض وقوله فأغمى عليه دليل على جواز الإغماء على الأنبياء فإنه مرض والمرض يجوز عليهم، بخلاف الجنون فإنه لا يجوز عليهم لأنه نقص، والحكمة في جواز المرض عليهم ومصائب الدنيا تكثير أجرهم وتسلية الناس بهم ولئلا يفتتن الناس بهم ويبعدوهم لما يظهر عليهم من المعجزات والآيات البينات والله أعلم (3) جاء عند مسلم في المرة الثانية (ففعلنا فاغتسل) وفيه دلالة على استحباب الغسل من الإغماء، وإذا تكرر الإغماء استحب تكرر الغسل لكل مرة فإن لم يغتسل إلا بعد الإغماء مرات كفى غسل واحد قاله النووي (4) أي مجتمعون منتظرون لخروج النبي صلى الله عليه وسلم (5) قال النووي فيه فوائد (منها) فضيلة، أبي بكر الصديق رضي الله عنه وترجيحه على جميع الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وتفضيله، وتنبيه على أنه أحق بخلافة رسول الله صلى الله عليه وسلم من غيره (ومنها) أن الإمام إذا عرض له عذر عن حضور الجماعة استخلف من يصلي بهم وأنه لا يستخلف إلا أفضلهم (ومنها) فضيلة عمر بعمد أبي بكر لأن أبا بكر لم يعدل إلى غيره (ومنها) أن المفضول إذا عرض عليه الفاضل مرتبة لا يقبلها بل يدعها للفاضل إذا لم يمنع مانع (ومنها) جواز الثناء في الوجه لمن أمن عليه الإعجاب والفتنة، لقوله أنت أحق بذلك: وأما قول أبي بكر لعمر رضي الله عنهما صل بالناس فقال للعذر المذكور وهو أنه رجل رقيق القلب كثير الحزن والبكاء لا يملك عينيه (6) الظاهر أن هذه الأيام هي التي أقامها النبي صلى الله عليه وسلم ببيت عائشة إلى أن توفي وكان مجيئه ببيت عائشة يوم الاثنين وتوفي يوم الاثنين الذي بعده كما جاء في بعض الروايات والله أعلم (7) فسر ابن عباس في آخر الحديث الرجل الآخر بعلي بن أبي طالب (8) بكسر التاء المثناة وق (تخريجه) (ق. وغيرهما) (9) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أرقم بن شُرَحْبِيل عن ابن عباس إلخ

-[آخر صلاة صلاها النبي صلى الله عليه وسلم بالناس وهو جالس وقام أبو بكر عن يمينه يأتم به والناس يأتمون بأبي بكر]- فقال ادعوا لي عليًّا، قالت عائشة ندعوا لك أبا بكر؟ قال ادعوه قالت حفصة يا رسول الله ندعوا لك عمر؟ قال ادعوه، قالت أم الفضل يا رسول الله ندعوا لك العباس؟ قال ادعوه (1) فلما اجتمعوا رفع رأسه فلم ير عليًّا فسكت، فقال عمر قوموا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) فجاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال مروا أبا بكر يصلي بالناس، فقالت عائشة إن أبا بكر رجل حَصِر (3) ومتى ما لا يراك الناس يبكون فلو أمرت عمر يصلي بالناس (4) فخرج أبو بكر فصلى بالناس ووجد النبي صلى الله عليه وسلم من نفسه خفة فخرج يهادي بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض فلما رآه الناس سبحوا أبا بكر فذهب يتأخر فأومأ إليه أن مكانك، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى جلس (5) (وفي رواية حتى جلس إلى جنب أبي بكر) قال وقام أبو بكر عن يمينه وكان أبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وسلم والناس يأتمون بأبي بكر، قال ابن عباس وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم من القراءة من حيث بلغ أبو بكر، ومات في مرضه ذاك عليه الصلاة والسلام، وقال وكيع مرة فكان أبو بكر يأتم بالنبي صلى الله عليه وسلم والناس يأتمون بأبي بكر 485 (عن أنس والحسن) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج متوكئًا على أسامة بن زيد وعليه ثوب قطن (7) قد خالف بين طرفيه فصلى بهم (باب في ذكر آخر خطبة خطبها في الناس) 486 (عن أبي سعيد الخدري) (8) قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه وهو عاصب رأسه قال فاتبعته حتى صعد المنبر قال فقال إني الساعة لقائم على الحوض (9) قال ثم قال

_ (غريبه) (1) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم دعا هؤلاء الصحابة ليكتب لهم كتابًا كما سيأتي بعد باب والله أعلم (2) إنما أمرهم عمر رضي الله عنه بالقيام لكونه فهم من سكوت رسول الله صلى الله عليه وسلم عدم رغبته في الكلام بشيء والله أعلم (3) بفتح الحاء المهملة وكسر الصاد أي رقيق القلب كثير البكاء (4) لم يجبهم النبي صلى الله عليه وسلم على هذا السؤال ولذلك خرج أبو بكر فصلى بالناس لأنه هو المأمور بذلك (5) قوله فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلخ الحديث تقدم في باب الاستخلاف في الصلاة من أبواب صلاة الجماعة في الجزء الخامس صفحة 359 وهو الطريق الثانية من حديث رقم 1403 وتقدم شرحه مستوفًى هناك (تخريجه) (جه بزقط طح هق) وابن سعد في الطبقات وقال الحافظ أخرجه أحمد وابن ماجه بسند قوي وصححه من رواية أرقم بن شرحبيل عن ابن عباس (6) (سنده) حدثنا حسن ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن أنس والحسن إلخ (غريبه) (7) هكذا بالأصل (ثوب قطن) وجاء عند الطيالسي بسند حديث الباب ولفظه (فصلى بالناس في ثوب واحد قِطْريّ) وأظن أن هاهنا خطأ من الناسخ أو الطابع وما عند الطيالسي هو الصواب والله أعلم، وفي النهاية أنه صلى الله عليه وسلم كان متوشحًا بثوب قطري (بكسر القاف وسكون المهملة) هو ضرب من البرود فيه حمرة ولها أعلام فيها بعض الخشونة، وقيل هي حلل جياد تحمل من قبل البحرين، وقال الأزهري في اعراض البحرين فرية يقال لها قطر واحسب الثياب القطرية نسبت إليها فكسروا القاف للنسبة وخففوا (تخريجه) (طل. وغيره) والحديث صحيح ورجاله من رجال الصحيحين (باب) (8) حدثنا صفوان بن عيسى ثنا أنيس بن أبي يحيى عن أبيه عن أبي سعيد إلخ (غريبة) (9) أي لما رواه الشيخان

-[آخر خطبة خطبها النبي صلى الله عليه وسلم في الناس وفيها إطراء لأبي بكر وتلميح بخلافته]- إن عبدًا عرضت عليه الدنيا وزينتها فاختار الآخرة (1) فلم يفطن لها أحد من القوم إلا أبو بكر (2) فقال بأبي أنت وأمي بل نفديك بأموالنا وأنفسنا وأولادنا، ثم هبط رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنبر فما رؤي عليه حتى الساعة (3) (زاد في رواية) إن أمنّ (4) الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر، ولو كنت متخذًا من الناس خليلاً (5) غير ربي لاتخذت أبا بكر، ولكن أخوة الإسلام (6) أو مودته، لا يبقى باب في المسجد (7) إلا سُدّ إلا باب أبي بكر (8) 487 (عن ابن أبي المعلى عن أبيه) (9) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب يومًا فقال إن رجلاً خيره ربه عز وجل بين أن يعيش في الدنيا ما شاء أن يعيش فيها، يأكل من الدنيا ما شاء أن يأكل منها، وبين لقاء ربه

_ ومالك والإمام أحمد عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي) (1) معناه كما في الحديث التالي أن الله عز وجل خيره بين أن يعيش في الدنيا ما شاء أن يعيش فيها يأكل من الدنيا ما شاء أن يأكل منها، وبين لقاء ربه عز وجل فاختار لقاء ربه (2) معناه أن أبا بكر رضي الله عنه فهم من قول النبي صلى الله عليه وسلم ذلك أنه ميت في مرضه هذا، ولذلك قال أبو بكر بل نفديك إلخ وبكى كما سيأتي في الحديث التالي، ولم يفهم من الصحابة الحاضرين ما فهمه أبو بكر رضي الله عنه (3) جاء عن مسلم من حديث جندب أن ذلك كان قبل موته صلى الله عليه وسلم بخمس ليال (4) أفعل تفضيل من المن بمعنى العطاء والبذل (قال النووي) قال العلماء معناه أكثرهم جودًا وسماحة لنا بنفسه وماله، وليس هو من المن الذي هو الاعتداء بالصنيعة لأنه أذًى مبطل للثواب ولأن المنة لله ولرسوله في قبول ذلك (5) من الخلة بالضم وهي الصداقة والمحبة التي تخللت في قلب المحب فصارت خلاله أي في باطنه الداعية إلى اطلاع المحبوب على سره، والمعنى لو جاز لي أن أتخذ صديقًا من الخلق يقف على سري لاتخذت أبا بكر خليلاً (وقيل من الخلة بالفتح) وهي الحاجة (قال القاضي عياض) الخليل الصاحب الذي يفتقر إليه ويعتمد في الأمور عليه فإن أصل التركيب من الخلة بالفتح وهي الحاجة، والمعنى لو كنت متخذًا من الخلق خليلاً أرجع إليه في الحاجات وأعتمد عليه في المهمات لاتخذت أبا بكر خليلاً ولكن الذي ألجأ إليه وأعتمد عليه في جملة الأمور هو الله عز وجل (6) استدراك من مضمون الجملة الشرطية وفحواها، كأنه قال ليس بيني وبينه خلة ولكن بيننا في الإسلام أخوة فنفى الخلة وأثبت الإخاء (7) جاء عن مسلم خوْخة بدل باب، قال في النهاية الخوخة باب صغير كالنافذة الكبيرة وتكون بين بيتين ينصب عليها باب اهـ (8) فيه فضيلة وخصيصة ظاهرة لأبي بكر رضي الله عنه (تخريجه (ق. مذ) قال الحافظ ابن كثير وفي قوله عليه السلام سدوا عني كل خرخة كما في رواية للبخاري (يعني الأبواب) الصغار إلى المسجد غير خوخة أبي بكر إشارة إلى الخلافة أي ليخرج منها إلى الصلاة بالمسلمين والله أعلم (9) (سنده) حدثنا أبو الوليد هشام قال ثنا أبو عوانة عن عبد الملك عن ابن أبي المعلى عن أبيه إلخ (قلت) قال في التقريب ابن أبي المعلى الأنصاري عن أبيه لم يسم ولا يعرف من الثالثة، وقال في تهذيب التهذيب روى عنه عبد الملك بن عمير

-[تيقظ أبي بكر دون الصحابة لإشارة النبي صلى الله عليه وسلم في خطبته إلى موته في هذا المرض]- عز وجل فاختار لقاء ربه قال فبكى أبو بكر (1) قال فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تعجبون من هذا الشيخ (2) أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً صالحًا خيّره ربه تبارك وتعالى بين الدنيا وبين لقاء ربه تبارك وتعالى فاختار لقاء ربه عز وجل، وكان أبو بكر أعلمَهم بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (3) فقال أبو بكر رضي الله عنه بل نفديك بأموالنا وأبنائنا وآبائنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من الناس أحد أمَنّ علينا في صحبته وذات يده من ابن أبي قحافة ولو كنت متخذًا خليلاً (4) لاتخذت ابن أبي قحافة ولكن ودّ (5) وإخاء وإيمان، ولكن ودّ وإخاء وإيمان مرتين، وإن صاحبكم (6) خليل الله عز وجل 488 (عن ابن عباس) (7) أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عصابة (8) دَسِمَة 489 (عن وائلة بن الأسقع) (9) قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتزعمون أني من آخركم وفاة؟ ألا إني من أولكم وفاة وتتبعوني

_ أما أبوه أبو المعلى ففي التقريب أيضًا هو ابن لودان الأنصاري، قيل اسمه زيد بن المعلى صحابي له حديث يعني حديث الباب (غريبه) (1) إنما بكى أبو بكر رضي الله عنه لما تقدم من أنه فهم من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أنه ميت في مرضه هذا لا محالة (2) يشيرون إلى أبي بكر رضي الله عنه (3) أي لكونه فهم ما لم يفهموا (4) يعني غير ربي عز وجل كما جاء في الحديث السابق (5) بضم الواو وفتحها وكسرها (وإخاء) بكسر الهمزة وبالمد مصدر آخى أي مواخاة إيمان كما جاء عند الترمذي وإخاء إيمان (6) يعني نفسه صلى الله عليه وسلم وتخريجه (مد عن) وقال الترمذي هذا حديث غريب، قال وقد روى هذا الحديث عن أبي عوانة عن عبد الملك بن عمير بإسناد غير هذا اهـ (قلت) رواه الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال تفرد به أحمد، قالوا وصوابه أبو سعيد بن المعلى (قلت) أبو سعيد بن المعلى ذكره الحافظ في التقريب فقال أبو سعيد بن أبي المعلى ويقال بن المعلى المدني مقبول من الثالثة اهـ (قلت) وعلى هذا فالحديث على أقل درجاته حسن ويؤيده حديث أبي سعيد المذكور قبله والله أعلم (7) (سنده) حدّثنا وكيع حدثنا ابن سليمان بن الغسيل عن عكرمة عن ابن عباس إلخ (قلت) ابن سليمان اسمه عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الأنصاري أبو سليمان المدني المعروف بابن الغسيل (غريبه) (8) العصابة بكسر العين المهملة العمامة (وقوله دسمة) بفتح الدال المهملة وكسر السين أي سوداء، وفي بعض الروايات دسماء بوزن سوداء لفظًا ومعنًى (تخريجه) (ح) مطولاً بسند حديث الباب عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج في مرضه الذي مات فيه عاصبًا رأسه بعصابة دسماء ملتحفًا بملحفة على منكبيه فجلس على المنبر فذكر الخطبة وذكر فيها الوصاة بالأنصار، إلى أن قال فكان آخرَ مجلس يجلس فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قبض يعني آخر خطبة خطبها عليه السلام، ذكره الحافظ ابن كثير في تاريخه (9) (سنده) حدّثنا أبو المغيرة قال سمعت الأوزاعي قال حدثني ربيعة بن يزيد قال سمعت وائلة بن الأسقع يقول خرج علينا إلخ (غريبه)

-[استدعاء النبي صلى الله عليه وسلم خواص أصحابه ليكتب لهم كتابًا: وما أوصى به قبل موته]- أفناءا (1) يهلك بعضكم بعضًا (باب) ما جاء في استدعائه صلى الله عليه وسلم خواص أصحابه ليكتب لهم كتابًا 490 (حدّثنا سفيان) (2) عن سليمان بن أبي مسلم خال ابن أبي نجيح سمع سعيد بن جبير يقول قال ابن عباس يومُ الخميس (3) وما يومُ الخميس ثم بكى حتى بل دمعه وقال مرة دموعه الحصى، قلنا يا أبا العباس وما يوم الخميس؟ قال اشتد برسول الله صلى الله عليه وسلم وجعه فقال ائتوني اكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده أبدًا، فتنازعوا (4) ولا ينبغي عند نبي تنازع، فقالوا ما شأنه؟ أهَجَر (5) قال سفيان يعني هَذَى استفهموه، فذهبوا يعيدون عليه (6) فقال دعوني فالذي أنافيه (7) خير مما تدعوني إليه وأمر بثلاث، وقال سفيان مرة أوصى بثلاث، قال أخرجوا المشركين من جزيرة العرب (8) وأجيزوا الوفد بنحو ما كنت أجيزهم، وسكت سعيد عن الثالثة (9) فلا أدري أسكت عنها عمدًا (10) وقال مرة أو نسيها، وقال سفيان مرة وإما أن يكون تركها أو نسيها (11)

_ (1) أي جماعات متفرقين فرقًا مختلفة قومًا بعد قوم يقتل بعضكم بعضًا، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم فقد كان ذلك (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل طب) ورجال أحمد رجال الصحيح (باب) (2) (حدّثنا سفيان إلخ) (غريبه) (3) برفع يوم خبر مبتدأ محذوف ومراده التعجب من شدة الأمر وتفخيمه (4) أي قال بعضهم نكتب لما فيه من امتثال الأمر وزيادة الإيضاح وقال عمر كتاب الله حسبنا كما في البخاري فالأمر ليس للوجوب بل للإرشاد إلى الأصلح (5) بإثبات همزة الاستفهام وفتح الهاء والجيم والراء، ولبعضهم أهُجرًا بضم الهاء وسكون الجيم والتنوين مفعولاً بفعل مضمر أي قال هجرًا بضم الهاء وسكون الجيم وهو الهذيان الذي يقع من كلام المريض الذي لا ينتظم، وهذا مستحيل وقوعه من المعصوم صحة ومرضًا، وإنما قال ذلك من قاله منكرًا على من توقف في امتثال أمره بإحضار الكتف والدواة، فكأنه قال كيف تتوقف أتظن أنه كغيره يقول الهذيان في مرضه، أو المراد (أهَجر) بلفظ الماضي من الهجر بفتح الهاء وسكون الجيم والمفعول محذوف أي أهجر الحياة؟ وعبر بالماضي مبالغة لما رأى من علامات الموت (6) أي يعيدون عليه ×مالته ويستثبتونه فيها (7) أي من المشاهدة والتأهب للقاء الله عز وجل (خير مما تدعوني إليه من شأن كتابة الكتاب (8) هي من عدن إلى العراق طولاً ومن جُدة إلى الشام عرضًا (9) القائل وسكت سعيد إلخ هو سليمان بن أبي مسلم شيخ سفيان كما صرح بذلك في مستخرج أبي نعيم (10) يعني سعيد بن جبير سكت عن الخصلة الثالثة لم يذكرها فإما أن يكون سكت عنها عمدًا أو نسيها والله أعلم هذا وقد قيل إن الثالثة هي الوصية بالقرآن، أو هي تجهيز جيش أسامة لقول أبي بكر لما اختلفوا عليه في تنفيذ جيش أسامة أن النبي صلى الله عليه وسلم عهد إليّ بذلك عند موته، أو قوله لا تتخذوا قبري وثنًا فإنها ثبتت في الموطأ مقرونة بالأمر بإخراج اليهود، أو هي ما وقع في حديث أنس من (قوله الصلاة وما ملكت أيمانكم) فقد أوصى بذلك كله في أحاديث صحيحة ستأتي والله أعلم (11) زاد البخاري من طريق، عبيد الله بن عبد الله قال عبيد الله قال ابن عباس إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب لاختلافهم ولغطهم (تخريجه) (ق. وغيرهما)

-[استدعاء النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر ليكتب له كتابًا بالخلافة ثم عدوله عن ذلك]- 491 (عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه) (1) قال أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن آتيه بطبق (2) يكتب فيه ما لا تضل أمته من بعده، قال فخشيت أن تفوتني نفسه (3) قال قلت إني أحفظ وأعي، قال أوصي بالصلاة والزكاة وما ملكت أيمانكم 492 (عن عائشة رضي الله عنها) (4) قالت لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن أبي بكر ائتني بكتف (5) أو لوح حتى أكتب لأبي بكر كتابًا لا يختلف عليه، فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم قال أبى الله والمؤمنين أن يختلف عليك (6) يا أبا بكر (ومن طريق ثان) قال حدثنا مؤمل قال ثنا ابن أبي مليكة عن عائشة قالت لما كان وجع النبي صلى الله عليه وسلم الذي قبض فيه قال ادعوا لي أبا بكر وابنه فليكتب لكيلا يطمع في أمر أبي بكر طامع ولا يتمنى متمنٍّ (7) ثم قال يأبى الله ذلك والمسلمون مرتين وقال مؤمل (8) مرة والمؤمنون، قالت عائشة فأبى الله والمسلمون، وقال مؤمل مرة والمؤمنون إلا أن يكون أبى فكان أبى (9) 493 (عن جابر) (10) أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا عند موته بصحيفة ليكتب فيها كتابًا لا يضلون بعده، قال فخالف عليها عمر بن الخطاب (11) حتى رفضها

_ (1) (سنده) حدّثنا بكر بن عيسى الراسي حدثنا عمر بن الفضل عن نُعيم بن يزيد عن علي بن أبي طالب إلخ (غريبه) (2) الطبق بفتحتين قال في القاموس عظم رقيق يفصل بين كل فقارين وكانوا يكتبون على العظام والكتف بفتح الكاف وكسر التاء المثناة فوق عظم عريض يكون في أصل كتف الحيوان من الناس والدواب، والرقاع بكسر الراء مشددة جمع رقعة بضمها وعلى الخرقة من الثياب ونحوها لقلة القراطيس عندهم (3) أي خشي علي رضي الله عنه إن ذهب لإحضار الطبق تفوته نفسه أي يموت قبل أن يحضر (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده نُعيم بن يزيد قال الحافظ في التقريب مجهول، وقال أبو حاتم أيضًا مجهول، وكذلك في الخلاصة والله أعلم (4) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي عن ابن أبي مليكة عن عائشة إلخ غريبه (5) الكتف تقدم الكلام عليه في شرح الحديث السابق (6) يظهر من سياق الحديث أن عبد الرحمن لما أراد القيام ليأتي بالكتف منعه النبي صلى الله عليه وسلم من ذلك لأنه رأى بطريق الوحي أو الإلهام أن الخلافة ستكون لأبي بكر فقال أبى الله والمؤمنون إلخ (7) تقدم شرح هذه الجملة في باب عائشة الجامع من أول مرضه صلى الله عليه وسلم إلى وفاته (8) مؤمل هو ابن إسماعيل العدوي شيخ الإمام أحمد وثقه ابن معين وقال أبو حاتم صدوق كثير الخطأ، والمعنى أن مؤملاً قال في روايته مرة والمومنون بدل (المسلمون) ويقال ذلك فيما سيأتي (9) تعني فكان أبي هو الخليفة بعد النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير بطريقيه في تاريخه وقال انفرد به أحمد من هذا الوجه (قلت) الحديث سنده جيد ورجاله ثقات وله شواهد صحيحة تؤيده (10) (سنده) حدّثنا موسى بن داود حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر (يعني ابن عبد الله إلخ) (غريبه)، (11) جاء في البخاري عن ابن عباس قال لما اشتد بالنبي صلى الله عليه وسلم وجعه قال ائتوني بكتاب أكتب لكم كتابًا لا تضلوا بعده، قال عمر إن النبي صلى الله عليه وسلم غلبه الوجع وعندنا كتاب الله حسبنا، فاختلفوا وكثر

-[236 هل أوصى النبي بشيء أم لا؟ وهل عهد لأحد بالخلافة أم لا؟]- 494 (باب) هل أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء أم لا؟ وهل عهد لأحد بالخلافة من بعده أم لا؟ (عن أنس) (1) قال كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت الصلاة وما ملكت إيمانكم حتى 495 جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يغرغر بها صدره وما يكاد يفيض بها بلسانه (عن طلحة) (2) قال قلت لعبد الله بن أبي أوفي أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال لا، قلت فيكيف أمر المؤمنين بالوصية ولم يوص؟ 496 قال أوصى بكتاب الله عز وجل (3) (عن الأسود) (4) قال ذكروا عند عائشة رضي الله عنها أن عليا كان وصيا (5) فقالت متى أوصى إليه؟ فقد كنت مسندته إلى صدري أو قالت في حجري (6) فدعا بالطست فلقد انخنث (7) في حجري وما شعرت أنه مات فمتى أوصى إليه (8)

_ اللغط قال قوموا عني، وقد نقل الحافظ عن النووي أنه قال اتفق العلماء على أن قول عمر حسبنا كتاب الله من قوة فقهه ودقيق نظره، لأنه خشى أن يكتب أمورا ربما عجزوا عنها فاستحقوا العقوبة لكونها منصوصة، وأراد أن لا ينسد باب الاجتهاد على العلماء، وفي تركة الإنكار على عمر إشارة إلى تصويب رأيه، وأشار بقوله حسبنا كتاب الله إلى قوله تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء) ويحتمل أن يكون قصد التخفيف على رسول الله صلى الله عليه وسلم لما رأى ما هو فيه من شدة الكرب وقامت عنده قرينة بأن الذي أراد كتابته ليس مما لا يستغنون عنه إذ لو كان من هذا القبيل لم يتركه النبي صلى الله عليه وسلم لأجل اختلافهم أهـ (؟؟) زاد الخطابي أن عمر رضي الله عنه خشى أن يجد المنافقون سبيلا إلى الطعن فيما يكتبه، وإلى حمله على تلك الحالة التي جرت العادة فيها بوقوع بعض ما يخالف الاتفاق فكان ذلك سبب توقف عمر، لا أنه تعمد مخالفة قول النبي صلى الله عليه وسلم ولا جوز وقوع الغلط عليه حاشا وكلا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه خلاف أهـ (قلت) أي لأنه عنعن في هذا الحديث، وقالوا إذا عنعن ابن لهيعة فحديثه ضعيف وإذا قال حدثنا فحديثه صحيح أو حسن والله أعلم باب (1) (سنده) حدثنا أسباط بن محمد حدثنا التيمي عن قتادة عن أنس (يعني ابن مالك الخ) (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وقد رواه النسائي عن اسحاق بن راهوية عن جرير بن عبد الحميد به وابن ماجه عن أبي الأشعث عن معتمر بن سليمان عن أبيه به أهـ (قلت) الحديث صحيح ورجاله كلهم ثقات، وأخرجه أيضا الحاكم وقال قد اتفقا على إخراج هذا الحديث وعلى إخراج حديث عائشة (آخر كلمة تكلم بها الرفيق الأعلى) وأقره الذهبي، إلا أنه قال ردًا على الحاكم فلماذا أخرجته؟ ومعنى ذلك أن من شرط الحاكم أن يأتي بالأحاديث الصحيحة التي تركها الشيخان فلماذا آتى بهذا الحديث الذي اتفقا عليه (2) (سنده) حدثنا حجاج قال قال مالك يعني ابن مغول أخبرني طلحة قال قلت لعبد الله بن أبي أوفى الخ (قلت) طلحة هو ابن مصرف (غريبه) (3) أي بما فيه ومنه الأمر بالوصية (تخريجه) (ق نس مذ جه طل) (4) (سنده) حدثنا إسماعيل عن ابن عون عن إبراهيم عن الأسود قال ذكروا عند عائشة الخ (غريبه) (5) أي وصيا عنه صلى الله عليه وسلم أوصى له بالخلافة في مرض موته (6) بفتح الحاء المهملة والشك من الراوي (والطست) بفتح الطاء مشددة وسكون السين المهملة اسم آنية من الأواني أي دعا بالطست ليبزق فيه (7) بنون ساكنة فخاء معجمة فنون فمثلثة مفتوحات أي انثنى ومال لاسترخاء أعضائه الشريفة (8) نفت الوصية إلى علي رضي الله تعالى

-[من قال أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يوص بالخلافة وإطراء النبي صلى الله عليه وسلم أبا بكر وعمر وعليًا رضي الله عنهم]- (عن الأرقم بن شرحبيل) (1) قال سافرت مع ابن عباس رضي الله عنهما من المدينة إلى الشام 497 فسألته أوصى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر معناه (2) قال ما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى ثقل جدا فخرج يهادي بين رجلين وإن رجليه لتخطان في الأرض فمات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يوص (عن عائشة) 498 رضي الله عنها (3) قالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستخلف أحدا، ولو كان مستخلفا لاستخلف أبا بكر أو عمر رضي عنهما (عن علي رضي الله عنه) (4) قال قيل يا رسول الله من يؤمر بعدك؟ قال إن تؤمر أبا بكر تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبًا في الآخرة، وإن تؤمروا عمر تجدوه قويا أمينا لا يخاف في الله لومة لائم، وإن تؤمروا عليا ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديًا مهديا يأخذ بكم الطريق المستقيم (عن عائشة رضي الله عنها) (5) قالت كان آخر ما عهد 500 رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم قال لا يترك بجزيرة العرب (6) دينان

_ عنه مستندة إلى ملازمتها له صلى الله عليه وسلم إلى أن مات ولم يقع منه شيء من ذلك (تخريجه) (ق. نس جه) (1) (سنده) حدثنا حجاج أخبرنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن الأرقم بن شرحبيل الخ (غريبه) (2) هكذا جاء في الأصل مختصرا وهو يشير إلى حديث ابن عباس المذكور قبل بابين صفحة 230 رقم 484 وهذا الحديث طرف منه ولكنه جاء في المسند مستقلا عقب حديث ابن عباس المشار إليه (تخريجه) تقدم تخريج حديث ابن عباس المشار إليه وهذا طرف منه (3) (سنده) حدثنا وكيع عن مسعد وسفيان عن معبد بن خالد عن عبد الله بن شداد عن عائشة الخ (تخريجه) (ك) وصححه على شرط الشيخين وأقره الذهبي، ويؤيده أيضا ما جاء في حديث عمر عند الشيخين وغيرهما، قال عمران الله يحفظ دينه وغني لا أستخلف فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف (وفي لفظ) مات رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يستخلف (4) (سنده) حدثنا أسود بن عامر حدثني عبد الحميد بن أبي جعفر يعني الفراء عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيع عن علي الخ قلت يثيع على وزن شعيب (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم بزطس) ورجال البزار ثقات أهـ (قلت) وكذلك رجال الإمام أحمد (5) (سنده) حدثنا يعقوب قال حدثني أبي عن ابن إسحاق قال فحدثني صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة الخ (غريبه) (6) تقدم تحديد جزيرة العرب في شرح الحديث الأول من الباب السابق وقوله دينان معناه تكون للمسلمين خاصة ويخرج منها الكفار مطلقا سواء كان يهوديا أو نصرانيا أو غير ذلك، وفيه وجوب إخراج الكفار من هذه الجزيرة مطلقا عند مالك وخص الشافعي ذلك بالحجاز وهي مكة والمدينة واليمامة ومخاليفها وإعمالها دون اليمن وغيره لأدلة عنده والله اعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ من حديث عائشة لغير الإمام أحمد، وهو حديث صحيح ورجاله كلهم ثقات، وأورد نحوه الحافظ ابن كثير في تاريخه، قال قال الإمام مالك في موطئه عن إسماعيل بن أبي حكيم أنه سمع عمر بن عبد العزيز يقول كان من آخر ما تكلم به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن قال قاتل الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد: لا يبقين دينان بارض العرب ثم قال هكذا رواه مرسلا عن أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله أهـ (قلت) ويؤيده ما رواه الشيخان والإمام أحمد وتقديم في أول الباب السابق

-[اهتمام آل النبي صلى الله عليه وسلم بمرضه ومحاولتهم شفاءه باللدود]- 501 (باب ما جاء في اهتمام آل بيته بمرضه ومحاولتهم شفاءه بالأدوية والرقى) (عن عائشة رضي الله عنها) (1) قالت لددنا (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه فأشار أن لا تلدوني، قلت كراهية المريض الدواء (3) فلما أفاق قال ألم أنهكم أن لا تلدوني؟ قال لا يبقي منكم أحد إلا لد (4) غير العباس فإنه لم يشهدكن 502 (عن هشام بن عروة) (5) قال أخبرني أبي أن عائشة قالت له يا ابن اختي لقد رأيت من تعظيم رسول الله صلى الله عليه وسلم عمه (أي العباس) أمرًا عجيبا، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تأخذه الخاصرة (6) فيشتد به جدا فكنا نقول أخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم عرق الكلية لا نهتدي أن نقول الخاصرة، ثم أخذت رسول الله يوما فاشتدت به جدا حتى أغمى عليه وخفنا عليه وفزع الناس إليه، فقلنا إن به ذات الجنب (7) فلددناه، ثم سرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآفاق وعرف أنه قد لد ووجد أثر اللدود، فقال ظننتم أن الله عز وجل سلطها علي، ما كان الله يسلطها علي (8)، والذي نفسي بيده لا يبقي في البيت أحد إلا لد إلا عمى (9) فرأيتهم يلدونهم رجلا رجلا قالت عائشة ومن في البيت يومئذ فتذكر فضلهم، فلد الرجال أجمعون وبلغ اللدود أزواج النبي صلى الله عليه وسلم فلددن امرأة امرأة

_ عن ابن عباس وفيه أخرجوا المشركين من جزيرة العرب والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يحيي عن سفيان حدثني موسى بن عائشة عن عبيد الله بن عبد الله عن عائشة للخ (غريبه) (2) بفتح اللام والدال الأولى المهملة وسكون الثانية أي جعلنا الدواء في أحد جانبي فمه وحركناه بالإصبع قليلا وإنما لدوه لأنهم ظنوا به ذات الجنب، فلدوه بالقسط بضم القاف وسكون المهملة وهو العود الهندي والزيت لما ورد فيه من المنافع، ويلد به من ذات الجنب، وتقدمت فوائده في باب ما جاء في معالجة أمراض البطن وذات الجنب الخ من كتاب الطب في الجزء السابع عشر صفحة 171 و 172 فارجع إليه (3) معناه قالت عائشة هذا الامتناع كراهية المريض الدواء (4) بضم اللام أي قصاصًا لفعلهم وعقوبة لهم بتركهم امتثال نهيه عن ذلك، أما من باشروا العمل فظاهر: وأما من لم يباشروا فلكونهم تركوا نهيه عما نهاهم عنه إلا عمه العباس فإنه لم يحضر حال اللد (تخريجه) (ق. وغيرهما) (5) (سنده) حدثنا سليمان بن داود قال أنا عبد الرحمن عن هشام بن عروة الخ (غريبه) (6) أي وجع في الخاصرة قيل أنه وجع في الكليتين (بضم الكاف) (7) قال في النهاية ذات الجنب هي الدبيلة والدمل الكبيرة التي تظهر في باطن الجنب وتنفجر إلى داخل وقلما يسلم صاحبها (8) جاء عند ابن سعد أنه صلى الله عليه وسلم قال (كنتم ترون أن الله يسلط علي ذات الجنب ما كان الله ليجعل لها علي سلطانا) (فإن قيل) جاء عند أبي يعلى بسند فيه ابن لهيعة من وجه آخر عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم مات من ذات الجنب (فالجواب) إن الحديث ضعيف، وعلى فرض صحته يجمع بينهما بما قاله الحافظ أن ذات الجنب تطلق بإزاه مرضين أحدهما ورم حار يعرض في الغشاء والمستبطن (قلت) هو ما ذكره صاحب النهاية آنفا قال والآخر ربح محتقن بين الاضلاع فالأول هو المنفي هنا، وقد وقع في رواية الحاكم في المستدرك ذات الجنب من الشيطان، والثاني هو الذي أثبت هنا وليس فيه محذور كالأول (9) يعني العباس بن

-[غضب النبي صلى الله عليه وسلم من كونهم لدوه وأمره بلد كل من حضر ذلك وتعويذ عائشة إياه]- حتى بلغ اللدود امرأة منا قال ابن أبي الزناد (1) ولا اعلمها إلا ميمونة، قال وقال بعض الناس أم سلمة، قالت أني والله صائمة فقلنا بئسما ظننت أن نتركك وقد أقسم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلددناها والله يا ابن أختي وإنها لصائمة (2) (عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام) 503 عن أسماء بنت عميس قالت أول ما اشتكى رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت ميمونة فاشتد مرضه حتى حتى أغمى عليه، فتشاور نسائه في لده فلدوه، فلما آفاق قال ما هذا؟ فقلنا هذا فعل نساء جئن من هاهنا وأشار إلى أرض الحبشة، وكانت أسماء بنت عميس فيهن، قالوا كنا نتهم فيك ذات الجنب يا رسول الله، قال إن ذلك لدا ما كان الله عز وجل ليقرفني به، (3) لا يبقين في هذا البيت أحد إلا لتد إلا عم رسول الله صلى الله عليه وسلم يعني العباس، قال فلقد التدت ميمونة يومئذ وأنها لصائمة لعزمة رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن عائشة رضي الله عنها) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا اشتكى (وفي رواية 504 كان في مرضه الذي قبض فيه) يقرأ على نفسه بالمعوذات وينفث (5) قالت عائشة فلما اشتد وجع رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت أنا أقرأ عليه وأمسح عنه بيده رجاء بركتها (وعنها أيضا) (6) قالت 505 لما مرض النبي صلى الله عليه وسلم أخذت بيده فجعلت أمرها على صدره ودعوت بهذه الكلمات اذهب الباس رب الناس (7) فانتزع يده من يدي وقال اسأل الله الرفيق الأعلى (8) الأسعد (وعنها أيضا) (9) قالت كنت أعوذ رسول الله بدعاء إذا مرض كان جبريل (عليه السلام)

_ عبد المطلب (1) أي في رواية أخرى أشار إلى ذلك البخاري (تخريجه) الحديث سنده جيد ورواه أيضا ابن سعد في الطبقات (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن الزهري قال أخبرني أبو بكر ابن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام الخ (غريبه) (3) القرف ملابسة الداء ومداناة المرض وجاء عند عبد الرزاق (ليعذبني) بدل ليقر في (تخريجه) (عب) وسنده صحيح وصححه أيضا الحافظ والبيهقي (4) (سنده) حدثنا إيراهيم بن أبي العباس قال ثنا أبو أويس عن الزهري أن عروة بن الزبير أخبره أن عائشة أخبرته أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) بكسر الفاء من باب ضرب من النفث بالفم وهو شبيه بالنفخ وهو أقل من النفل، لأن النفل لا يكون إلا ومعه شيء من الريق (تخريجه) (ق. وغيرها) (6) (سنده) حدثنا عفان قال ثنا حماد عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت لما مرض الخ (غريبه) (7) إنما دعت بذلك رضي الله عنها لأنه صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك بالمريض (8) قيل هم الملائكة أو المذكورون في قوله تعالى (وأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين الآية)، أو المكان الذي يحصل فيه مرافقتهم وهي الجنة، أو السماء: أو المراد به الله عز وجل لأنه من أسمائه - أقوال - يؤيد الثاني منها ما جاء في الحديث الصحيح فجعل يقول مع الذين أنعمت عليهم من النبيين والصديقين والشهداء. والصالحين، وإنما اختار هذه الكلمة لتضمنها التوحيد والذكر بالقلب حتى يستفاد منه الرخصة بغيره أن لا يشترط منه الذكر باللسان قاله السهيلي (تخريجه) (م. طل. وغيرهما) (9) (سنده) حدثنا يونس ثنا حماد يعني ابن زيد عن عمرو

-[تعويد عائشة النبي صلى الله عليه وسلم بدعاء كان يعوذه به جبريل: وقصة فاطمة مع النبي صلى الله عليه وسلم]- يعيذه به ويدعو له به إذا مرض، قالت فذهبت أعوذه به أذهب الباس رب الناس بيدك الشفاء ولا شافي إلا أنت أشف شفاء لا يغادر سقما، قالت فذهبت أدعو له به في مرضه الذي توفى 507 فيه، فقال ارفعي عني، قال فإنما كان ينفعني في المدة (1) (عن عروة أو عمرة عن عائشة) (2) رضي الله عنهما قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه صبوا على من سبع قرب لم تحلل (3) أو كيهتن لعلي استريح فاعهد إلى الناس (4) قالت عائشة فاجلسناه في مخضب (5) لحفصة من نحاس وسكبنا عليه الماء منهن حتى طفق (6) يشير إلينا أن قد فعلتن ثم خرج (7) 508 (باب في ذكر أمور عرضت في مرضه (صلى الله عليه وسلم) (خط ز) (عن عبد الله بن الحارث) (8) عن أم الفضل بنت الحارث وهي أم ولد العباس (9) أخت ميمونة قالت أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في مرضه فجعلت أبكي؛ فرفع رأسه فقال ما يبكيك؟ قلت خفنا عليك وما ندري ما يلقى من الناس 509 بعدك يا رسول الله، قال أنتم المستضعفون بعدي (عن عائشة رضي الله عنها) (10) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دعا فاطمة ابنته فسارها فبكت؛ ثم سارها فضحكت، فقالت عائشة فقلت لفاطمة ما هذا الذي سارك به رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكيت، ثم سارك فضحكت، قالت سارني بموته فبكيت، ثم سارني فأخبرني

_ يعين ابن مالك عن أبي الجوزاء إن عائشة قالت الخ (غريبه) (1) أي في المدة التي لم ينته فيها أجلي أما الآن فقد انتهى الأجل فلا فائدة ولا أمل (تخريجه) (م) بنسبة التعويذ إلى النبي صلى الله عليه وسلم لا إلى جبريل (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن عروة أو عمرة عن عائشة الخ (2) (قلت) شك الراوي في رواية الحديث عن عروة أو عمرة لا يضر لأن كليهما ثقة (غريبه) (3) بضم الفوقية وسكون الحاء وفتح اللام مخففة (أو كيتهن) جمع وكاء وهو رباط القربة (4) أي أوصى (5) المخضب بوزن منبر إناء كبير يغسل فيه الثياب (6) أي جعل يشير إلينا الخ قال القسطلاني والحكمة في عده السبع كما قيل إن له خاصة في دفع ضرر السم والسحر (7) زاد البخاري ثم خرج إلى الناس فصلى لهم وخطبهم (قلت) وكانت هذه آخر خطبة خطبها كما جاء عند الدارمي (فما قام عليه "يعني على منبره" حتى الساعة) والمراد بالساعة القيامة، أي فما قام عليه بعد حياته، ولمسلم من حديث جندب أن ذلك كان قبل موته بخمس (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (8) (خط. ز) (سنده) قال عبد الله بن الإمام أحمد وجدت في كتاب أبي بخط يده حدثنا أبو معمر وسمعته أنا من أبي مسعد قال حدثنا عبد الله بن إدريس قال ثنا يزيد يعني ابن أبي زياد عن عبد الله بن الحارث الخ (غريبه) (9) يعني أم أولاد العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم ومن أولادها عبد الله بن عباس وهي أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنهم تعني أتته في يوم الذي توفي فيه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه يزيد بن أبي زياد وثقه جماعة (قلت) في التهذيب قال أبو داود لم أجد أحدا ترك حديثه وغيره أحب إلي، وفي الخلاصة روى له مسلم مقرونا والله أعلم (10) (سنده) حدثنا يعقوب ابن إبراهيم ثنا أبي عن أبيه عروة بن الزبير حدثه عن عائشة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه)

-[آخر نظرة نظرها بعض الصحابة إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقت الصبح في يوم الاثنين الذي توفي فيه]- إني أول من اتبعه من أهله فضحكت (1) (عن أنس بن مالك) (2) أن الله عز وجل تابع الوحي 510 على رسول صلى الله عليه وسلم قبل وفاته حتى توفي، وأكثر ما كان الوحي يوم توفى (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب آخر عهده بالصلاة وآخر عهد أصحابه به وله صلى الله عليه وسلم مات شهيدا) (وعنه أيضًا) 511 (4) قال لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي توفي فيه أتاه بلال يؤذنه بالصلاة (5) فقال بعد مرتين يا بلال قد بلغت فمن شاء فليصل ومن شاء فليدع، فرجع إليه بلال فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي من يصلي بالناس؟ قال مرو أبا بكر فليصل بالناس، فلما أن تقدم أبو بكر رفعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الستور قال فنظرنا إليه كأنه ورقة بيضاء (6) عليه خميصة، فذهب أبو بكر يتأخر وظن أنه يريد الخروج إلى الصلاة فأشار رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر يقوم فيصلي، فصلى أبو بكر بالناس فما رأيناه بعد (7) (وعنه أيضا) (8) قال لما كان يوم الاثنين (وفي لفظ)

_ (1) لم تذكر فاطمة لعائشة رضي الله عنهما هذا الخبر إلا بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم كما في أحاديث أخرى ستأتي في مناقب فاطمة رضي الله عنها، أما قولها فبكيت أي من أجل فراقه، وأما قولها فضحكت فلكونه أخبرها بأنها أول من يموت من أهل بيته فضحكت سرورا بسرعة اللحاق به، ففي ذلك ما كانوا عليه من إيثار الآخرة والسرور بالانتفال إليها والخلوص من دار الكدر والنكد، وفي الحديث معجزتان ظاهرتان (إحداهما) أنه أخبرها بأنه سيموت في مرضه هذا فكان (والثانية) إخباره صلى الله عليه وسلم بأنها أول من يموت من أهل بيته فوقع كما قال (قال الحافظ) اتفقوا على أن فاطمة عليها السلام كانت أول من مات من أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم بعده حتى من أزواجه أهـ (قلت) قال المؤرخون توفيت فاطمة رضي الله عنها في اليوم الثالث من شهر رمضان من السنة التي توفى فيها النبي صلى الله عليه وسلم والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (3) (سنده) حدثنا يعقوب حدثني أبي عن صالح قال أبو شهاب أخبرني أنس بن مالك الخ (قلت) هو صالح بن كيسان ثقة من رجال الصحيحين (غريبه) (3) إنما كثر الوحي يوم وفاته صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم لأجل تسليته وتوديعه وتبشيره بما أعده الله له من النعيم المقيم ونحو ذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وهو حديث صحيح ورجاله كلهم ثقات من رجال الصحيحين (باب) (4) (سنده) حدثنا يزيد أنا سفيان يعني بن حسين عن الزهري عن أنس (يعني ابن مالك قال لما مرض الخ) (غريبه) (5) الظاهر إن إتيان بلال كان بعد خروجه صلى الله عليه وسلم وخفثه من مرضه وصلاته بهم وخطبته فيهم فظن بلال أنه سيواصل الصلاة بهم فأذنه بالصلاة (6) هو عبارة عن الجمال البارع وصفاء الوجه واستنارته (وقوله عليه خميصة) الخميصة ثوب خزا وصوف؟؟، وقيل لا تسمي خميصة إلا أن تكون سوداء معلمة وكانت من لباس الناس قديما وجمعها الخمائص (له) (7) كان ذلك يوم الاثنين اليوم الذي توفي فيه كما سيأتي في الحديث التالي (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه سفيان بن حسين وهو ضعيف في الزهري، وهذا من حديثه عنه أهـ (قلت) يؤيده الحديث التالي (8) (سنده) حدثنا عبد الرزاق عن معمر قال قال الزهري وأخبرني أنس بن مالك

-[آخر صلاة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه الظهر يوم الخميس وتوفى يوم الاثنين الذي بعده]- آخر نظره نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين) كشف رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة فرأى أبا بكر وهو يصلى بالناس (1) قال فنظرت إلى وجهه كأنه ورقة مصحف (2) وهو يبتسم قال وكدنا أن نفتتن في صلاتنا (3) فرحا لرؤية رسول الله صلى الله عليه وسلم فأراد أبو بكر أن ينكص (4) فأشار إليه أن كما أنت ثم أرخى الستر فقبض من يومه ذلك، فقام عمر فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يمت ولكن ربه أرسل إليه كما أرسل إلى موسى فمكث عن قومه أربعين ليلة (5) والله إني لا أرجو أن يعيش رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يقطع أيدي رجال من المنافقين وألسنتهم يزعمون أو قال يقولون 513 إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد مات (6) (عن أم الفضل بنت الحارث) (7) قالت صلى بنا رسول الله في بيته متوشحا في ثوب المغرب فقرأ المرسلات ما صلى بعدها حتى قبض صلى الله عليه وسلم 514 (عن أم سلمة) (8) قالت والذي أحلف به (9) إن كان على لأقرب الناس عهدًا برسول الله صلى الله عليه وسلم قالت عدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم غداة بعد غداة (10) يقول جاء علي مرارا، قالت وأظنه كان

_ قال لما كان يوم الاثنين الخ (غريبه) (1) يعني صلاة الفجر كما جاء مصرحا بذلك في رواية البخاري (2) فيه ثلاث لغات ضم الميم وكسرها وفتحها، وتشبيهه بورقة المصحف عبارة عن الجمال وحسن البشرة وصفاء الوجه كما تقدم (وهو يبتسم) سبب تبسمه صلى الله عليه وسلم فرحه بما رأى من اجتماعهم على الصلاة واتباعهم لامامهم وإقامتهم شريعته واتفاق كلمتهم واجتماع قلوبهم، ولهذا استنار وجهه صلى الله عليه وسلم على عادته إذا رأى أو سمع ما يسره فيستنير وجهه (3) أي كادوا أن يخرجوا من الصلاة فرحا برؤيته (4) بضم الكاف من باب قعد أي أراد أبو بكر أن يرجع إلى ورائه (5) إنما قال ذلك عمر رضي الله عنه بناء على ظنه الذي أداه اجتهاده إليه (6) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه في هذا الحديث أوضح دليل على أنه صلى الله عليه وسلم لم يصل يوم الاثنين صلاة الصبح مع الناس وأنه كان قد انقطع عنهم لم يخرج إليهم ثلاثا فعلى هذا يكون آخر صلاة صلاها معهم الظهر كما جاء مصرحا به في حديث عائشة المتقدم (قلت) حديث عائشة المشار إليه تقدم في باب ما جاء في انتقاله صلى الله عليه وسلم لبيت عائشة ليمرض فيه واستخلافه أبا بكر للصلاة صفحة 229 رقم 483 قال ولها قدمنا من خطبته بعدها وأنه انقطع عنهم يوم الجمعة والسبت والأحد وهذه ثلاثة أيام كوامل، وقال الزهري عن أبي بكر بن أبي سيرة إن أبا بكر صلى بهم سبع عشرة صلاة، وقال غيره عشرين صلاة فالله أعلم، ثم بدالهم وجهه الكريم صبيحة يوم الاثنين فودعهم بنظرة كادوا يفتنون بها ثم كان ذلك آخر عهد مهورهم (ق. جه. وغيرهم) (7) (عن أم الفضل بنت الحارث الخ) هذا الحديث تقدم بسنة وشرحه وتخريجه في باب القراءة في المغرب من كتاب الصلاة في الجزء الثالث صفحة 227 رقم 588 وقولها ما صلى بعدها الخ أي بحسب علمها، وإلا فإن آخر صلاة صلاها معهم الظهر كما تقدم والله أعلم (8) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن محمد (قال عبد الله ابن الامام أحمد) وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال حدثنا جرير بن عبد الحميد عن مغيره عن أم موسى عن أم سلمة (زوج النبي صلى الله عليه وسلم) قالت والذي أحلف به الخ (غريبه) (9) تعني الله عز وجل وغرسها بذلك أن ما سنذكره حصل يقينا بغير شك (10) لأنه صلى الله عليه وسلم

-[بيان أنه صلى الله عليه وسلم مات شهيدا بسبب الشاه المسمومة التي أهدتها إليه اليهودية في غزوة خيبر]- بعثه في حاجة قالت فجاء بعد فظننت أن له إليه حاجة فخرجنا من البيت فقعدنا عند الباب فكنت أدناهم إلى البيت فأكب عليه علي (1) فجعل يساره ويناجيه (2) ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم من يومه ذلك فكان أقرب الناس به عهدًا (3) (عن عبد الرحمن بن عبد الله) (4) بن كعب بن مالك عن 515 أمه أم مبشر دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي قبض فيه فقالت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ماتتهم بنفسك؟ فإني لا أتهم إلا الطعام الذي أكل معك بخيبر (5) وكان ابنها مات قبل النبي صلى الله عليه وسلم وقال وأنا لا اتهم غيره، هذا أو أن قطع أبهري (6) (عن عبد الله) (7) قال 516 لأن أحلف تسعًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم قتل قتلا أحب إلي من أن أحلف واحدة أنه لم يقتل، وذلك بأن الله جعله نبيا واتخذه شهيدا (8) قال الأعمش فذكرت ذلك لإبراهيم (9) فقال كانوا يرون أن اليهود سموه وأبا بكر (10)

_ حينئذ كان في بيت عائشة فكان نساؤه يذهبن لعيادته كل يوم إلى بيت عائشة فسمعت أم سلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول جاء علي؟ يستفهم عن مجيئه ويكرر ذلك مرارًا (1) أي مال برأسه عليه ولازمه (2) أي يحدثه سرًا (3) تعني عليا رضي الله عنه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلي إلا أنه قال فيه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قبض في بيت عائشة، والطبراني باختصار ورجالهم رجال الصحيح غير أم موسى وهي ثقة (4) سنده حدثنا إبراهيم بن خالد ثنا روح ثنا معمر عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله الخ (غريبه) (5) تعني الشاة المسمومة التي أهدتها اليهودية للنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه في غزوة خيبر وكان ابنها مبشر من أكل منها مع النبي صلى الله عليه وسلم ومات قبله وتقدم الحديث في ذلك في غزوة خيبر (6) الأبهر بفتح الهمزة والهاء بينهما موحدة ساكنة عرق مستبطن بالصلب متصل بالقلب إذا انقطع مات صاحبه، هكذا نقله الحافظ عن أهل اللغة، ثم قال وقال الخطابي يقال أن القلب متصل به (تخريجه) (ك) وصححه وأقره الذهبي، وله شاهد عند البخاري تعليقا من حديث عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في مرضه الذي مات فيه يا عائشة ما أزال أجد ألم الطعام الذي أكلت بخيبر، فهذا أو أن وجدت انقطاع؟؟ من ذلك السم (قال الحافظ) وهذا قد وصله البزار والحاكم والاسماعيلي أهـ (قلت) وصححه الحاكم وأقره الذهبي (7) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن أبي الأحوص عن عبد الله (يعني ابن مسعود) الخ (غريبه) (8) كان ابن مسعود وغيره يرون أنه صلى الله عليه وسلم مات من السم الذي تناوله بخيبر. ومن المعجزة أنه لم يؤثر فيه في وقته لأنهم قالوا إن كان نبيا لم يضره، وإن كان ملكا استرحنا منه، فلما لم يؤثر فيه تيقنوا نبوته ثم نقض عليه بعد ثلاث سنين لاكرامه بالشهادة (9) هو إبراهيم النيمي من مشايخ الأعمش (10) الظاهران أبا بكر رضي الله عنه مات بسبب هذا السم أيضا، فقد قال الحاكم في المستدرك حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد المروزي غير مرة ثنا عبد الصمد بن الفضل البلخي ثنا مكي بن إبراهيم ثنا داود بن يزيد الأودي قال سمعت الشعبي يقول والله لقد وسم رسول الله صلى الله عليه وسلم وسم أبو بكر الصديق

-[تعويذ عائشة النبي صلى الله عليه وسلم بكلمات (أذهب البأس رب الناس الخ) التي كان يعوذ بها المرضى]- (باب ما جاء في احتضاره صلى الله عليه وسلم ومعالجته سكرات الموت وتخييره بين الدنيا والآخرة 517 واختياره الرفيق الأعلى وهو آخر ما تكلم به) (حدثنا أبو معاوية) (1) قال ثنا الأعمش عن مسلم عن مسروق عن عائشة قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم (2) وابن جعفر قال ثنا شعبة عن سليمان عن أبي الضحى عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعوذ (3) بهذه الكلمات اذهب الباس (4) رب الناس اشف وأنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك (5) شفاء لا يغادر سقما، قالت فلما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه أخذت بيده فجعلت أمسحه بها وأقولها (6) قالت فنزع يده مني ثم قال رب اغفر لي وألحقني بالرفيق (7) قال أبو معاوية قالت فكان هذا آخر ما سمعت من كلامه، قال ابن جعفر 518 (8) إن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد مريضا مسحه بيده وقال أذهب (عن ابن أبي مليكة) (9) قال قالت عائشة مات رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي ويومي وبين سحري (10) ونحري فدخل عبد الرحمن بن أبي بكر ومعه سواك رطب فنظر إليه فظنت أن له فيه حاجة، قالت فأخذنه فمضغته (11) ونفضته وطيبته ثم دفتنه إليه فاستن (12) كأحسن ما رأيته مستنا قط ثم ذهب يرفعه

_ وقتل عمر بن الخطاب صبرا، وقتل عثمان بن عفان صبرا، وقتل علي بن أبي طالب صبرا، وعم الحسن بن علي، وقتل الحسين بن علي صبرًا رضي الله عنهم فما نرجو بعدهم (تخريجه) (ك. هق) وصححه الحاكم واقره الذهبي، وأورده أيضا الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (باب) (1) (حدثنا أبو معاوية الخ) (غريبه) (2) أعلم وفقني الله وإياك أن الإمام أحمد رحمه الله تعالى روى هذا الحديث باسنادين انتهى السند الأول إلى هنا ثم ابتدأ السند الثاني بقوله وابن جعفر يعني وحدثنا ابن جعفر الخ (3) بضم أوله وفتح المهملة وكسر الواو مشددة أي يلتجئ إلى الله عز وجل بالدعاء للمريض، وجاء في آخر الحديث من رواية محمد بن جعفر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد مريضا مسحه بيده وقال أذهب يعني اذهب الباس الخ (4) بغير همز المؤاخاة وبالهمز على الأصل والباس ما يقع للإنسان من الشدة من أي نوع كالمرض والفقر وغير ذلك (5) أي لا ينجح الدواء إلا بتقديرك (وقوله لا يغادر سقما) أي لا يترك مرضا (وسقما) بفتحتين ويجوز ضم ثم إسكان لغتان والجملة صفة لقوله شفاه (6) إنما كانت عائشة رضي الله عنها تمسح بيده صلى الله عليه وسلم رجاء بركتها كما صرحت بذلك في حديث آخر (7) جاء عند مسلم في هذا الحديث (بالرفيق الأعلى قالت فذهبت انظر فإذا هو قد قضى) تعني مات، قيل يعني بالرفيق الأعلى الملائكة والنبيين وقيل يعني به الله عز وجل والله أعلم (8) هو أحمد بن جعفر الذي روى عنه الإمام أحمد هذا الحديث في السند الثاني قال في روايته أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا عاد مريضا الخ (تخريجه) (م) من طرق متعددة مطولا كما هنا وابن ماجه ورواه البخاري والنسائي مختصر إلى قوله سقما (9) (سنده) حدثنا إسماعيل قال أنا أيوب عن ابن أبي مليكة قال قالت عائشة الخ (غريبه) (10) بفتح السين وسكون الحاء المهملتين وتضم السين كما في القاموس وغيره وهي الرئة (ونحري) بالحاء المهملة موضع القلادة في الصدر (11) أي لينته بريقها (وطيبته) أي بالماء ليزداد لينه (12) أي استاك وجاء عند البخاري فاستن بها (أي الجريدة) كأحسن ما كان مسننا

-[معالجة صلى الله عليه وسلم سكرات الموت وقول فاطمة رضي الله عنها واكرباه]- إلى فسقط من يده فأخذت أدعو الله عز وجل بدعاء كان يدعو له به جبريل عليه السلام (1) وكان هو يدعو به إذا مرض فلم يدع به في مرضه ذلك، فرفع بصره إلى السماء وقال الرفيق الأعلى الرفيق الأعلى (2) يعني وفاضت نفسه فالحمد لله الذي جمع بين ريقي وريقه (3) في آخر يوم من أيام الدنيا (عن أنس) (4) قال لما قالت فاطمة ذلك يعني لما وجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من 519 كرب الموت ما وجد، قالت فاطمة واكرباه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بنية قد حضر بابيك ما ليس الله بتارك منه أحدًا لموافاة يوم القيامة (حدثنا أبو اليمان) (5) قال أنا شعيب عن الزهري 520 قال قال عروة بن الزبير إن عائشة رضي الله عنها قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم وهو صحيح يقول إنه لم يقبض نبي قط حتى يرى مقعده من الجنة ثم يحيا (6) فلما اشتكى وحضره القبض ورأسه على فخذ عائشة غشى عليه، فلما أفاق خص بصره نحو سقف البيت ثم قال اللهم الرفيق الأعلى، قالت فقلت أنه حديثه الذي كان يحدثنا وهو صحيح (7) (عن عائشة رضي الله عنها) (8) قالت سمعت رسول الله 521 صلى الله عليه وسلم يقول ما من نبي يمرض إلا خير بين الدنيا والآخرة، قالت فلما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم المرض الذي قبض فيه أخذته بحة (9) فسمعته يقول مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين

_ (1) تقدم في باب الألفاظ الواردة في الرقي في كتاب الطب في الجزء الرابع عشر صلى الله عليه وسلم ص 180 رقم 127 عن عائشة قالت كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتكى رقاه جبريل عليه السلام فقال (بسم الله أرقيك من كل داء يشفيك من شر حاسد إذا حسد ومن شر كل ذي عين) فالظاهر أنها تعني هذا الدعاء والله أعلم (2) أي الجماعة من الأنبياء الذين يسكنون أعلى عليين وقيل غير ذلك (3) تعني بسبب السواك (تخريجه) (خ هق) (وغيرهما) (4) (سنده) حدثنا أبو النضر ثنا المبارك عن أنس الخ (تخريجه) (طل) وابن سعد في الطبقات ورواه البخاري مطولا من حديث أنس أيضا قال لما ثقل النبي صلى الله عليه وسلم جعل يتغشاه فقالت فاطمة عليها السلام واكرب أباه، فقال ليس على أبيك كرب بعد هذا اليوم، فلما مات قالت يا أبتاه أجاب ربا دعاه يا أبتاه. من جنة الفردوس مأواه. يا أبتاه إلى جبريل ننعاه، فلما دفن قالت فاكمة عليها السلام يا أنس أطابت أنفسكم أن تحثوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم أهـ (قلت) ما جاء عند البخاري من قول فاطمة بعد موته وبعد دفنه صلى الله عليه وسلم سيأتي عند الإمام أحمد في باب احتضاره وفي باب ما جاء في دفنه صلى الله عليه وسلم (5) (حدثنا أبو اليمان الخ) (غريبه) (6) بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الياء الثانية مفتوحة أي يتسلم إليه الأمر، أو يملك في أمره، أو يسلم عليه تسليم الوداع، وجاء في رواية عند البخاري ثم يحيا أو يخير، يعني بين الدنيا والآخرة والشك من الراوي وله في رواية أخرى (ثم يخير) بدون ثم يحيا (7) ما فهمته عائشة رضي الله عنها من قوله صلى الله عليه وسلم (اللهم الرفيق الأعلى) أنه خير نظير فهم أبيها رضي الله عنه في قوله صلى الله عليه وسلم (إن عبدا خيره الله) أن العبد المراد به هو النبي صلى الله عليه وسلم حتى بكى أبو بكر، زاد البخاري في رواية أخرى (قالت فكان آخر كلمة تكلم بها اللهم الرفيق الأعلى، وفي رواية أبي بردة بن أبي موسى عن أبيه عند النسائي وصححه ابن حيان فقال أسال الله الرفيق الأسعد جبريل وميكائيل وإسرافيل، وظاهره أن الرفيق المكان الذي يجعل فيه المرافقة مع المذكورين والله أعلم (تخريجه) (ق وغيرهما) (8) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن أبيه عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (9) بضم الموحدة وتشديد المهملة

-[قوله صلى الله عليه وسلم اللهم أعني على سكرات الموت وتخييره صلى الله عليه وسلم بين الدنيا والآخرة واختياره الرفيق الأعلى]- والشهداء والصالحين (1) قالت فعلمت أنه خُير (2) (وعنها أيضا) (3) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من نبي إلا تقبض نفسه (4) ثم يرى الثواب (5) ثم ترد إليه فيخير بين أن يرد إليه إلى أن يلحق (6) فكنت قد حفظت ذلك منه فإني لمسندته إلى صدري فنظرت إليه حين مالت عنقه فقلت قد قضى (7) قالت فعرفت الذي قال فنظرت إليه حتى ارتفع (8) فنظر قالت قلت إذا والله لا يختارنا، فقال مع الرفيق الأعلى في الجنة مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين الخ الآية (وعنها من طريق ثان) (9) قالت كنت اسمع (10) لا يموت نبي إلا خير بين الدنيا والآخرة، قالت ناصابته بحة في مرضه الذي مات فيه فسمعته يقول مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، فظننت أنه خير 223 (وعنها أيضا) (11) قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده قدح فيه ماء فيدخل يده في القدح ثم يمسح وجهه بالماء ثم يقول اللهم أعني على سكرات الموت (12)

_ شيء يعرض في الحلق فيتغير له الصوت فيغلظ، تقول بححت بالكسر بحا، ورجل أبح إذا كان ذلك فيه خلقة (1) فيه تفسير لقوله صلى الله عليه وسلم اللهم الرفيق الأعلى الذي في الحديث السابق (2) بضم المعجمة وتشديد الياء التحتية مكسورة (تخريجه) (خ طل جه) وغيرهم (3) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا كثير بن زيد عن عبد المطلب بن عبد الله قال قالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخ (4) أي كقبض روح النائم (5) أي ما أعده الله له من النعم في الجنة (ثم ترد) أي كما ترد روح النائم إليه (6) يعني إلى أن يلحق بالرفيق الأعلى وبين بقائه في الدنيا والظاهر أن هذه الجملة حذفت للعلم بها (7) أي مات (8) أي زال عنه ما لحقه من الغيبوبة (9) (سنده) حدثنا وكيع قال ثنا شعبة عن سعد بن إبراهيم عن عروة عن عائشة قالت كنت الخ (10) لم تصرح عائشة بذكر من سمعت ذلك منه في هذه الرواية، وصرحت بذلك في الطريق الأولى. في الحديث السابق رواه البخاري وغيره (تخريجه) أورد الطريق الأولى منه الحافظ الهيثمي، ثم قال وفي رواية الرفيق الأعلى الأسعد رواه أحمد والطبراني في الأوسط إلا أنها قالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري قالت وظننت أنه سيرد الله عليه روحه، قالت وكذلك يفعل بالأنبياء فتحرك فقلت أن خيرت اليوم فلن تختارنا وأحد إسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح أهـ قلت يعني الطريق الثاني منه فقد رواه البخاري وغيره، وأما الطريق الأول ففي بعض رجاله لين وإنما ذكرته لما فيه من الزيادة والله أعلم (11) (سنده) حدثنا يونس قال ثنا ليث عن يزيد عن موسى بن سرجس عن الفاسم بن محمد عن عائشة قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (12) أي شدائده جمع سكرة بسكون الكاف وهي شدة الموت، وقال القاضي في تفسير قوله تعالى (وجاءت سكرة الموت بالحق) إن سكرته الذاهبة بالعقل أهـ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال ورواه الترمذي والنسائي وابن ماجه من حديث الليث به وقال الترمذي غريب أهـ (قلت) لم يحكم عليه الترمذي بشيء من الصحة والضعف لأن في إسناده موسى بن سرجس بوزن مسجد، قال في التقريب مسنور، وسكت عنه صاحب الخلاصة، ويؤيده ما جاء عند البخاري من حديث عائشة أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل

-[كان آخر كلامه صلى الله عليه وسلم في الرفيق الأعلى: وقول عائشة توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين حاقنتي وذاقني]- (وعنها أيضا) (1) قالت توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قبض أو مات وهو بين حاقنتي (2) وذاقتني فلا أكره شدة 524 الموت لأحد أبدا بعد الذي رأيت (3) رسول الله صلى الله عليه وسلم (حدثنا إبراهيم بن خالد) (4) قال ثنا رباح قال 525 قلت لمعمر قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس؟ قال نعم (عن عائشة رضي الله عنها) (5) قالت 526 كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم خميصة (6) سوداء حين اشتد به وجعه، قالت فهو يضعها مرة على وجهه ومرة يكشفها عنه ويقول قاتل الله قوما اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (7) يحرم ذلك على أمته (8) (وعنها أيضا) (9) أن النبي صلى الله عليه وسلم حين توفى سجي (10) بثوب حبرة 527 (وعنها أيضا) (11) قالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأسه بين سحري ونحري، قالت فلما خرجت نفسه لم أجد 538

_ يدخل يديه في الماء فيمسح بهما وجهه يقول لا إله إلا الله إن للموت سكرات ثم نصب يده فجعل يقول في الرفيق الأعلى حتى قبض ومالت يده (1) (سنده) حدثنا منصور بن سلمة قال أنا ليث عن يزيد بن الهاد عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قالت توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) بالحاء المهملة والقاف المكسورة والنون المفتوحة: النقرة بين الترقوة وحبل العاتق (وذاقني) بالذال المعجمة والقاف المكسورة طرف الحلقوم، وهذا لا ينافي حديثها إن رأسه كان على فخذها لاحتمال أنها رفعته عن فخذها إلى صدرها، وأما ما رواه الحاكم وابن سعد من طرق أنه صلى الله عليه وسلم مات ورأسه في حجر علي ففي كل طريق من طرقه شيعي فلا يحتج به ذكره الحافظ (3) أي بعد الذي رأته من الشدة برسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (خ) وغيره (4) (حدثنا إبراهيم بن خالد) الخ هذا الأثر لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (5) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن اسحاق عن صالح بن كيسان عن الزهري عن عبيد الله بن عتبة أن عائشة قالت الخ (غريبه) (6) بفتح أوله ثوب خز أو صوف (7) جاء عند الشيخين والإمام أحمد من حديث أبي هريرة وتقدم في باب النهي عن اتخاذ المساجد على القبور من كتاب الجنائز في الجزء الثامن بلفظ (قاتل الله اليهود، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد) وتقدم شرح هذه الجملة هناك، وجاء في هذا الحديث عند البخاري عن عائشة أيضا بلفظ لعنة الله على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد يحذر ما صنعوا (8) أي يحذر أمته مما صنع اليهود والنصارى (تخريجه) (خ) وغيره (9) (سنده) حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن النبي صلى الله عليه وسلم حين توفى الخ (غريبه) (10) أي غطى والمسجى المغطى: من الليل الساجي لأنه يغطي بظلامه وسكونه (بثوب حبرة) بوزن عنبة على الوصف والإضافة، وهو برد يمان والجمع حبر وحبرات (تخريجه) (م) وجاء عند البخاري دخل أبو بكر المسجد فلم يكلم الناس حتى دخل على عائشة فقصده صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة وسيأتي الإمام أحمد مثله في الباب التالي (11) (سنده) حدثنا عفان أنبأنا همام أنبأنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهذا إسناد صحيح على شرط الصحيحين ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب الستة، ورواه البيهقي من حديث حنبل ابن اسحاق عن عفان أهـ

-[تأثير وفاته على الصحابة رضي الله عنهم وحديث عثمان بن عفان في ذلك]- أطيب منها (عن أبي بردة) (1) قال دخلت على عائشة فأخرجت إلينا إزارا غليظا مما يصنع باليمن وكساءًا من التي يدعون الملبدة (2) فقالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض في هذين الثوبين 530 (عن عائشة) (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ليهون على إني رأيت بياض كف عائشة في الجنة (باب ما جاء في تأثير وفاته على أصحابه وآل بيته رضي الله عنهم ودهشتهم عند قبض 531 روحه وبكائهم لذلك وتقبيل أبي بكر إياه بعد موته صلى الله عليه وسلم) (عن عثمان بن عفان) (4) أن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم حين توفى النبي صلى الله عليه وسلم حزنوا عليه حتى كاد بعضهم يوسوس قال عثمان وكنت منهم، فبينما أنا جالس في ظل أطم (5) من الآطام مر علي عمر فسلم علي فلم أشعر أنه مر ولا سلم، فانطلق عمر حتى دخل على أبي بكر فقال له ما يعجبك أني مررت على عثمان فسلمت عليه فلم يرد علي السلام، وأقبل هو وأبو بكر في ولاية أبي بكر (6) حتى سلما علي جميعا ثم قال أبو بكر جاءني أخوك (7) عمر فذكر أنه مر عليك فسم فلم ترد عليه السلام فما الذي حملك على ذلك؟ قال قلت ما فعلت، قال عمر بلى والله لقد فعلت وكلنها عجبتكم (8) يا بني أمية، قال قلت والله ما شعرت أنك مررت ولا سلمت، قال أبو بكر صدق عثمان وقد شغلك عن ذلك أمر، فقلت أجل قال ما هو؟ فقال عثمان توفى الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم قبل أن نسأله عن نجاة هذا الأمر (9) قال أبو بكر قد سألته عن ذلك، قال فقمت إليه فقلت بأبي أنت وأمي أنت أحق بها، قال أبو بكر قلت يا رسول الله ما نجاة هذا الأمر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من قبل مني الكلمة التي عرضت على عمي فردها علي فهي له نجاة (10)

_ (فلمت) وأورده الهيثمي وقال رواه البزار ورجاله رجال الصحيح (1) (سنده) حدثنا عفان ويهز قالا ثنا سليمان بن المغيرة ثنا حميد بن هلال عن أبي بردة الخ (غريبة) (2) أي المرقعة، وقيل الملبد الذي ثخن وسطه وصفق حتى صار يشبه اللبدة (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد، ثم قال وقد رواه الجماعة إلا النسائي من طرق عن حميد بن هلال به، وقال الترمذي حسن صحيح (3) (سنده) حدثنا وكيع عن إسماعيل عن مصعب بن إسحاق بن طلحة عن عائشة الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال تفرد به أحمد وإسناده لا بأس به، وهذا دليل على شدة محبته عليه السلام لعائشة رضي الله عنها وقد ذكر الناس معاني كثيرة في كثرة المحبة ولم يبلغ أحدهم هذا المبلغ، وما ذاك إلا لأنهم يبالغون كلاما لا حقيقة له، وهذا كلام حق لا محالة ولا شك فيه (باب) (4) (سنده) حدثنا أبو اليمان قال أخبرنا شعيب عن الزهري قال أخبرني رجل من الأنصار من أهل الفقه أنه سمع عثمان بن عفان يحدث إن رجالا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) الأطم بالضم بناء مرتفع، وجمعه آطام، وآطام المدينة أبنيتها المرتفعة كالحصون (9) الظاهر أن هذه القصة وقعت في أول خلافة أبي بكر رضي الله عنه، والمعنى أن عمر شكا عثمان لأبي بكر رضي الله عنهم فذهب أبو بكر وعمر إلى عثمان فسلما عليه الخ (7) يعني أخوة الإسلام (8) بضم العين المهملة وكسرها مع الباء الموجدة المكسورة والياء التحتية المفتوحة المشددتين قال في النهاية هي الكبر (9) أي نجاة العبد من عذاب يوم القيامة (10) المعنى من أقر بالكلمة التي عرضها

-[ما جاء في بكاء فاطمة وأم أيمن وضرب عائشة وجهها من؟؟؟]- (عن أنس بن مالك) (1) أن فاطمة (رضي الله عنها) بكت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا أبتاه 532 (2) من ربه ما أدناه، يا أبتاه إلى جبريل أنعاه (3) يا أبتاه جنة الفردوس (4) مأواه (وعنه أيضًا) 532 (5) أن أم أيمن رضي الله عنها بكت لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لها ما يبكيك على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقالت أني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيموت، ولكن إنما أبكي على الوحي الذي رفع عنا (عن يحيي بن عباد) (6) بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد قال سمعت عائشة تقول مات رسول الله صلى الله عليه وسلم بين سحري ونحري (7) وفي دولتي لم أظلم فيه أحدا فمن سفهي (8) وحداثه 534 سنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبض وهو في حجري ثم وضعت رأسه على وسادة وقمت الندم (9) مع النساء وأضرب وجهي (عن عائشة رضي الله عنها) (10) أن أبا بكر دخل على النبي صلى الله عليه وسلم 525

_ النبي صلى الله عليه وسلم على عمه أبي طالب عند موته وهي لا إله إلا الله - مع محمد رسول الله فلم ينطق بها، من اعترف بهذه الكلمة كانت له نجاة من عذاب يوم القيامة والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن ثابت البناني عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) أصله يا أب والفوقية بدل من التحتية والألف للندبة والهاء للسكت وقولها (من ربه) الجار والمجرور متعلق بقولها ما أدناه أي شيء جعله قريبا من ربه بصيغة التعجب (3) أي أخبره بموته (4) جاء عند البخاري بلفظ (من جنة الفردوس مأواه) بفتح ميم من مبتدأ والخير (مأواه) أي منزله، زاد البخاري وابن ماجه (يا أبتاه أجاب ربا دعاه) أي إلى حضرته القدسية (تخريجه) (خ جه) من طريق حماد بن زيد عن ثابت به زاد ابن ماجه (قال حماد فرأيت ثابتا حين حدث بهذا الحديث بكى حتى رأيت أضلاعه تختلف) (قال الحافظ) ويستفاد من الحديث جواز التوجع للميت عند احتضاره بمثل قول فاطمة عليها السلام واكرب أباه وأنه ليس من النياحة لأنه صلى الله عليه وسلم أقرها على ذلك، وأما قولها بعد أن قبض وأبتاه الخ فيؤخذ منه أن تلك الألفاظ إذا كان الميت متصفا بها لا يمنع ذكره لها بعد موته، بخلاف ما إذا كانت فيه ظاهرا وهو في الباطن بخلافه: أولًا يتحقق اتصافه بها فيدخل في المنع والله أعلم (5) (سنده) حدثنا كلهم ثقات (6) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني يحيي بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عباد الخ (غريبه) (7) تقدم معنى السحر والنحو وقولها (وفي دولتي) أي بيتي وفي حيازتي دون غيري من نسائه، وكان ذلك بناء عن رغبته ورضا نسائه لم أظلم فيه أحدًا (8) السفه في الأصل الخفة والطيش وهو المراد هنا (9) قال في النهاية إلا لتدام ضرب النساء وجوههن في النياحة أهـ (فإن قيل) كيف تفعل ذلك عائشة مع ما اتصفت به من العلم والتقوى والورع (قلت) إنما فعلت ذلك لما انتابها من شدة وقع المصيبة، ولما عندها من الطيش والخفة بسبب صغر سنها، على أنها ندمت على ما حصل منها كما يستفاد من كلامها، وهذا هو عين التوبة والرجوع إلى الله رضي الله عنها (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده صحيح ورجاله كلهم ثقات (10) (سنده) حدثنا مرحوم ابن عبد العزيز قال حدثني أبو عمر أن الجوني عن يزيد بن بابنوس عن عائشة الخ (تخريجه) (ش) والترمذي

-[تقبيل أبي بكر رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم بعد موته وبكائه عند ذلك]- يعد وفاته فوضع فمه بين عينيه ووضع يده على صدغيه وقال وانبياه واخليلاه واصفياه 526 (وعنها أيضًا) (1) أن أبا بكر الصديق رضي الله عنه دخل عليها فتيمم النبي صلى الله عليه وسلم وهو مسجى ببرد حبرة (2) فكشف عن وجهه ثم اكب عليه (3) فقبله وبكى ثم قال بابي (4) وأمي والله لا يجمع الله 537 عز وجل عليك موتتين أبدا (5) أما الموته التي قد كتبت عليك فقد متها (عن أبي سلمة بن عبد الرحمن) (6) قال كان ابن عباس يحدث أن أبا بكر الصديق دخل المسجد وعمر يحدث الناس، فمضى حتى أتى البيت الذي توفى فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم

_ في الشمائل وسنده حسن وأخرجه أيضا الحسن بن عرفة بن يزيد العبدي أبو علي البغدادي الصدوق مات سنه سبع وخمسين ومائتين وقد جاوز المائة كما ذكره الطبري في الرياض، قال ولا تضاد أي لا تخالف بين هذا على تقدير صحته وبين ما تقدم مما تضمن ثباته يعني أبا بكر بأن يكون قد قال ذلك من غير انزعاج ولا قلق خافتا به صوته ثم التفت إليهم وقال ما قال (1) (سنده) حدثنا عن بن اسحاق قال أنا عبد الله قال أنا يونس ومعمر عن الزهري قال أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن أبا بكر الصديق دخل عليها الخ (غريبه) (2) تقدم شرح هذه الجملة في الباب السابق من حديث عائشة أيضا (3) أي لازمه (وقوله فقبله وبكى) فيه جواز تقبيل الميت والبكاء عند ذاك فقد فعله النبي صلى الله عليه وسلم حيث قد دخل على عثمان بن مظعون وهو ميت فانكب عليه وقبله ثم بكى حتى سالت دموعه على وجنتيه، رواه الترمذي والإمام أحمد وسيأتي في مناقب عثمان بن مظعون من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (4) الباء في بأبي تتعلق بمحذوف اسم أي أنت مفدى بأبي وأمي فيكون مرفوعا مبتدأ أو خبرًا أو فعل فيكون ما بعده نصبا أي فديتك بأبي وأمي لو كان ذلك ممكنا لأن حقيقة التفدية بعد الموت لا تتصور (5) أشار بذلك على الرد على من زعم أنه صلى الله عليه وسلم يحيا بعد موته هذا فيقطع أيدي رجال منافقين، لأنه لو صح ذلك لزم أن يموت موتة أخرى فأخبر أنه أكرم على الله من أن يجمع عليه موتتين كما جمعها على غيره كالذي مر على قرية أو لأنه يحيا في قبره ثم لا يموت (نخرجيه) (خ نس جه) (6) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا معمر عن الزهري قال حدثني أبو سلمة بن عبد الرحمن الخ (تخريجه) الحديث صحيح وأخرج نحوه البخاري بمعناه من طريق عقيل عن الزهري في حديث، طويل وفي المواهب اللدنية قال أخرج أبو نعيم عن علي قال لما قبض صلى الله عليه وسلم صعد ملك الموت باكيا إلى السماء، والذي بعثه بالحق نبيا لقد سمعت صوتا من السماء ينادي وامحمداه الحديث: كل المصائب تهون عند هذه المصيبة (وفي سنن ابن ماجه) عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال في مرضه أيها الناس إن أحد من الناس أو من المؤمنين أصيب بمصيبة فليتعز بمصيبته بي عن المصيبة التي تصيبه بغيري، فإن أحدا من أمتي أن يصاب بمصيبة بعدي أشد عليه من مصيبتي (وقال أبو الجوزاء) كن الرجل من المدينة إذا أصابته المصيبة جاء أخوه يعني في الإسلام فصافحه ويقول يا عبد الله اتق الله فإن في رسول الله صلى الله عليه وسلم أسوة حسنة، ويعجبني قول القائل اصبر لكل مصيبة وتجلد ... واعلم بأن المرء غير مخلد ... واصبر كما صبر الكرام فإنها فرب تتوب اليوم تكشف في غد ... وإذا اتتك مصيبة تشجى بها ... فاذكر مصابك بالنبي محمد

-[حديث ابن عباس في غسله صلى الله عليه وسلم وكفنه ودفنه]- وهو في بيت عائشة فكشف عن وجهه برد حبرة كان مسجي به فنظر إلى وجه النبي صلى الله عليه وسلم ثم أكب عليه يقبله، ثم قال والله لا يجمع الله عليه موتتين، لقد مت الموتة التي لا تموت بعدها أبواب ما جاء في غسله وكفنه والصلاة عليه ودفنه صلى الله عليه وسلم (باب ما جاء من ذلك مشتركا) (عن ابن عباس) (1) قال لما اجتمع القوم لغسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس في البيت إلا أهله 538 عمه العباس بن عبد المطلب وعلي بن أبي طالب والفضل بن العباس وفثم بن العباس وأسامة بن زيد ين حارثه وصالح مولاه: فلما اجتمعوا لغسله نادى من وراء الباب أوس بن خولى الأنصارى ثم أحد بني عوف بن الخزرج وكان بدريا علي بن أبي طالب مقال له يا علي نشدنك الله وحظنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فقال له علي أدخل، فدخل فحضر عسل رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يل من غسله شيئا: قال فأسنده علي إلى صدره وعليه قميصه، وكان العباس والفضل وقثم يقلبونه مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وكان أسامة بن زيد وصالح مولاهما يصبان الماء وجعل علي يغسله ولم ير من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيء مما يرى من الميت وهو يقول بأبي وأمي ما أطيبك حيا وميتا، حتى إذا فرغوا من غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يغسل بالماء والسدر: جففوه ثم صنع به ما يصنع بالميت، ثم أدرج في ثلاثة أثواب ثوبين أبيضين وبرد حبرد، ثم دعا العباس رجلين فقال ليذهب أحدكما إلى أبي عبيدة بن الجراح وكان أبو عبيدة يضرح لأهل مكة (2) وليذهب الآخر إلى أبي طلحة بن سهل الأنصار، وكان أبو طلحة يلحد لأهل المدينة (3) قال ثم قال العباس لهما حين سرحهما اللهم خر لرسولك، قال فذهبا فلم يجد صاحب أبي عبيدة أبا عبيدة ووجد صاحب أبي طلحة أبا طلحة فجاء به فلحد

_ تشجى بفتح التاء وسكون المعجمة أي تحزن بها ويرحم الله القائل تذكرت لما فرق الدهر بيننا ... فعزيت نفسي بالنبي محمد وقلت لها إن المنايا سبيلنا ... فمن لم يمت في يومه مات في غد كادت الجمادات تتصدع من الم مفارقته صلى الله عليه وسلم فكيف بقلوب المؤمنين، ولما فقده الجذع الذي كان يخطب عليه قبل اتخاذ المنبر حن إليه وصاح أهـ من المواهب (قلت) حديث حنين الجذع تقدم في باب الأذان للجمعة من كتاب الصلاة في الجزء السادس صفحة 82 رقم 1582 وسيأتي له ذكر أيضا في أبواب المعجزات في القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية إن شاء الله تعالى والله الموفق (باب) (1) (سنده) حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق حدثني حسين بن عبد الله عن عكرمه عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) ويقال الضارح وهو الذي يعمل الضريح وهو القبر فعيل بمعنى مفعول من الضرح وهو الشق في الأرض (3) أي يعمل اللحد وهو الشق الذي يعمل في جانب القبر لموضع الميت لأنه قد اميل عن وسط القبر إلى جانبه، يقال لحدت وألحدت (نه) (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير بتمامه في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال انفرد به أحمد أهـ (قلت) وفي إسناده لحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن العباس الهاشمي أبو عبد الله المدني قال في الخلاصة عن كريب

-[حبرة الصحابة في تجريد النبي صلى الله عليه وسلم الغسل حتى سمعوا هاتفًا يقول اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه]- لرسول الله صلى الله عليه وسلم (باب ما جاء في غسله صلى الله عليه وسلم) (عن عبد الله بن الزبير) (1) عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت ملا أرادوا غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم اختلفوا فيه، فقالوا والله ما ندري كيف نصنع، أنجرد رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نجرد موتانا أم نغسله وعليه ثيابه؟ قالت فلما اختلفوا أرسل الله عليهم ألسنة (2) حتى والله ما من القوم من رجل إلا ذقنه في صدره نائما قالت ثم كلمهم منن ناحية البيت لا يدرون من هو، فقال اغسلوا النبي صلى الله عليه وسلم وعليه ثيابه، قال فثاروا إليه (3) فغسلوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في قميصه يفاض عليه الماء والسدر (4) ويدلكه الرجال بالقميص وكانت تقول لو استقبلت من الأمر ماستدبرت ما غسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نساؤه 540 (عن جعفر بن محمد) (5) قال كان الماء ماء غسله صلى الله عليه وسلم حين غسلوه بعد وفاته يستنقع (6) في جفون النبي صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم فكان على يحسوه (7) 541 (باب ما جاء في تكفينه صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم) (عن علي رضي 542 الله عنه) (8) قال كفن النبي صلى الله عليه وسلم في سبعة أثواب (عن ابن عباس) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ وعكرمة، وعنه ابن اسحاق وابن جريج ضعفه ابن معين وأبو حاتم، وقال النسائي متروك، توفى في سنة إحدى وأربعين ومائة أهـ (قلت) وفي التهذيب قال أبو حاتم يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال ابن عدى يكتب حديثه فإني لم أر في حديثه منكرا أهـ والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحاق قال حدثني يحيي بن عباد عن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) بكسر المهملة مشددة أي النعاس وهو النوم الخفيف (3) أي قاموا إليه مسرعين (4) بكسر السين وسكون الدال المهملتين هو ورق شجر النبق (تخريجه) (د) وابن اسحاق في المغازي وأخرج ابن ماجه منه قول عائشة لو استقبلت من الأمر ما استدبرت الخ والحديث صحيح ورجاله كلهم ثقات (5) (سنده) حدثنا يحيي بن يمان عن حسن بن صالح عن جعفر بن محمد الخ (غريبه) (6) أي يجتمع في جفون النبي صلى الله عليه وسلم جمع جفن بفتح الجيم وسكون الفاء وجفن العين غطاءها من أعلاها وأسفلها (7) أي يشربه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وهو منقطع لأن جعفر ابن محمد هو الصادق في إتباع التابعين لم يدرك عليا رضي الله عنهما (وفي الباب) عن ابن بريدة عن أبيه قال لما أخذوا في غسل النبي صلى الله عليه وسلم ناداهم مناد من الداخل لا تنزعوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصه رواه ابن ماجه، وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده ضعيف لضعف أبي بردة واسمه عمرو بن يزيد التيمي، وقول الحاكم إن الحديث صحيح وأبو بردة هو يزيد بن عبد الله وهم كما ذكره المزى في الأطراف والتهذيب أهـ (قلت) يؤيده حديث عائشة المتقدم أول الباب (وعن علي بن طالب) رضي الله عنه قال لما غسل النبي صلى الله عليه وسلم ذهب يلتمس منه ما يلتمس من الميت يعني من الأمور التي تحصل الميت بعد موته فلم يجده، فقال بأبي الطيب طبت حيا وطبت ميتا رواه ابن ماجه وصححه البوصيري في الزوائد فقال إسناده صحيح ورجاله ثقات أهـ وقوله بأبي الطيب خبر لمبتدأ محذوف تقديره أنت الطيب أي الطاهر وقوله طبت الخ أي طهرت حيا وطهرت ميتا صلى الله عليه وسلم (باب) (8) (عن علي رضي الله عنه) قال كفن النبي صلى الله عليه وسلم الخ: هذا الحديث

-[ما جاء في كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه]- كفن في ثلاثة أثواب في قميصه الذي مات فيه وحلة نجرانية، الحلة ثوبان (وعنه من طريق ثاني) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثوبين أبيضين وفي برد أحمر (عن عائشة) (1) رضي الله عنها أن 543 رسول الله صلى الله عليه وسلم كفن في ثلاثة أبواب سحولية (2) بيض: وقال أبو بكر في أي شيء كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت في ثلاثة أثواب (وفي رواية في ثلاثة رياط (3) يمانية) قال كفنوني في ثوبي هذين واشتروا ثوبا آخر (4) (عن القاسم بن محمد عن عائشة) (5) قالت أدرج رسول الله 544 صلى الله عليه وسلم في ثوب حبرة (6) ثم أخذ عنه، قال القاسم إن بقايا ذلك الثوب لعندنا بعد (باب ما جاء في الصلاة عليه صلى الله عليه وسلم) (حدثنا بهز وأبو كامل) (7) قال ثنا حماد بن سلمة عن أبي عمران 545 يعني الجوني عن أبي عسيب أو أبى قال بهز (8) إنه شهد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ وحديث ابن عباس الذي بعده بطريقيه تقدما بسندهما وشرحهما وتخريجهما وكلام العلماء عليهما في باب صفة الكفن للرجل والمرأة من كتاب الجنائز في الجزء السابع: الأول صفحة 176 رقم 133 والثاني صفحة 173 و 174 رقم 129 و 130 فارجع الييما (1) (سنده) حدثنا سفيان عن هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (2) بضم المهملتين ويروى بفتح أوله نسبة إلى سحول قرية باليمن (قال النووي) والفتح أشهر وهو رواية الأكثرين (قال ابن الأعرابي) وغيره هي ثياب بيض نقية لا تكون إلا من القطن (3) بكسر الراء وتخفيف الياء التحتية (قال في النهاية) الريطة ملاءة ليست بلفقين، وقيل كل ثوب رقيق لين والجمع ريط ورياط (4) معناه أن أبا بكر رضي الله عنه أمرهم أن يكفن في ثوبيه وأمرهم أن يشتروا له ثوبا ثالثا اقتداءا بكفن رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله كلهم ثقات، وأخرجه الشيخان وغيرهما بدون رواية الرياط وقول أبي بكر: وتقدم نحوه في باب صفة الكفن للرجل والمرأة المشار إليه آنفا، وتقدم كلام العلماء في ذلك واختلاف مذاهبهم فيه والله أعلم (5) (سنده) حدثنا الوليد بن مسلم قال ثنا الأوزاعي قال حدثني الزهري عن القاسم بن محمد عن عائشة الخ (غريبه) (6) الظاهر أن المراد بقولها أدرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ أي سجي كما جاء عند مسلم عن عائشة قالت سجي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مات بثوب حبرة (قال النووي) معناه غطى جميع بدنه والحبرة بكسر الحاء وفتح الباء الموحدة وهي ضرب من برود اليمن، وفيه استحباب تسجية الميت وهو مجمع عليه، وحكمته صيانته من الانكشاف وستر عورته عن الأعين، قال أصحابنا ويلف طرف الثوب المسجى به تحت رأسه وطرفه الآخر تحت رجليه لئلا ينكشف عنه، قالوا تكون التجسية بعد نزع ثيابه التي توفى فيها لئلا يتغير بدنه بسببها أهـ (قلت) وقولها ثم أخذ عنه أي لم يدخل في الكفن، ولذلك قال القاسم يعني ابن محمد بن أبي بكر الصديق راوي الحديث عن عمته عائشة رضي الله عنها إن بقايا ذلك الثوب لعندنا بعد أي محفوظا عندهم للتبرك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله ثقات، وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه بسنده وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهذا الإسناد على شرط الشيخين، وإنما رواه أبو داود عن أحمد بن حنبل والنسائي عن محمد بن مثنى ومجاهد بن موسى كلهم عن الوليد بن مسلم به (باب) (7) (حدثنا بهز وأبو كامل الخ) (غريبه) (8) بفتح الموحدة وسكون

-[كيفية صلاة الجنازة على النبي صلى الله عليه وسلم وأن أول من صلى عليه الملائكة ثم الرجال ثم النساء ثم الصبيان]- قالوا كيف نصلي عليه؟ قال ادخلوا أرسالا أرسالا (1) قال فكانوا يدخلون من هذا الباب فيصلون عليه ثم يخرجون من الباب الآخر، قال فلما وضع في لحده صلى الله عليه وسلم قال المغيرة قد بقى من رجليه شيء لم يصلحوه، قالوا فادخل فأصلحه فدخل وأدخل يده فمس قدميه، فقال أهيلوا علي التراب فأهلوا عليه التراب حتى بلغ أنصاف، ساقيه ثم خرج فكان يقول أنا أحدثكم عهدًا برسول الله 546 صلى الله عليه وسلم (عن عبد الله بن الحارث) (2) قال اعتمرت مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه في زمان عمر أو زمان عثمان فنزل على أخته أم هانئ بنت أبي طالب، فلما فرغ من عمرته رجع فسكب له

_ الهاء هو أين أسد العيمي أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث يقول بهز إن أبا عسيم شهد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (1) بفتح الهمزة وسكون الراه جمع رسل بفتح الراء والسين أي أفواجا وفرقا متقطعة يتبع بعضهم بعضا (تخريجه) أورده الحافظ في الإصابة تحت ترجمة أبو عسيم بالميم وعزاه للحاكم والبغوي، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (قال في المواهب) وفي حديث ابن عباس عند ابن ماجه لما فرغوا دخل النساء حتى إذا فرغن دخل الصبيان ولم يؤم الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أهـ (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه هذا أمر مجمع عليه، واختلف في أنه تعبد لا يعقل معناه أو ليباشر كل واحد الصلاة عليه منه إليه؟ (قال السهيلي) قد أخبر الله تعالى إنه وملائكته يصلون عليه، وأمر كل واحد من المؤمنين أن يصلي عليه، فوجب على كل أحد أن يباشر الصلاة عليه بعد موته من هذا القبيل، قال وأيضا فإن الملائكة لنا أئمة أهـ (وقال الإمام الشافعي في الأم) وذلك لعظم أمره صلى الله عليه وسلم وتنافسهم فيمن يتولى الصلاة عليه أهـ (قال في المواهب) وفي رواية أن أول من صلى عليه الملائكة أفواجا ثم أهل بيته ثم الناس فوجا فوجا ثم نساؤه آخرا أهـ (قال الحافظ بن كثير في تاريخه) قال الواقدي حدثني موسى بن محمد بن إبراهيم قال وجدت كتابا يخط أبي فيه أنه لما كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع على سريره دخل أبو بكر وعمر رضي الله عنهما ومعهما نفر من المهاجرين والأنصار بقدر ما يسع البيت فقالا السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته، وسلم المهاجرون والأنصار كما سلم أبو بكر وعمر ثم صفوا صفوفًا لا يؤمهم أحد فقال أبو بكر وعمر وهما في الصف الأول حيال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم إنا نشهد أنه قد بلغ ما أنزل إليه ونصح لأمته وجاهد في سبيل الله حتى أعز الله دينه وتمت كلمته وأومن به وحده لا شريك له فاجعلنا إلاهنا ممن يتبع القول الذي أنزل معه، واجمع بيننا وبينه حتى تعرفه بنا وتعرفنا به، فإنه كان بالمؤمنين رءوفا رحيما، لا نبتغي بالإيمان به بديلا ولا نشترى به ثمنا أبدا، فيقول الناس آمين آمين ويخرجون ويدخل آخرون، حتى صلى الرجال ثم النساء ثم الصبيان، وقد قيل إنهم صلوا عليه من بعد الزوال يوم الاثنين إلى مثله من يوم الثلاثاء، وقيل أنهم مكثوا ثلاثة أيام يصلون عليه والله أعلم أهـ (وقال الزرقاني في شرح المواهب) وأخرج الترمذي أن الناس قالوا لأبي بكر أتصلي على رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم، قالوا وكيف نصلي؟ قال يدخل قوم فيكبرون ويصلون ويدعون، ثم يدخل قوم فيصلون فيكبرون ويدعون فرادى (2) (سنده) حدثنا يعقوب حدثنا أبى عن ابن اسحاق حدثني أبي اسحاق بن يسار عن مقسم أبي القاسم مولى

-[ما جاء في دفنه صلى الله عليه وسلم وقبره ومن كان الناس عهدًا به آخر]- غسل (1) فاغتسل فلما فرغ من غسله دخل عليه نفر من أهل العراق فقالوا يا أبا حسن جئناك نسألك عن أمر نحب أن تخبرنا عنه؟ قال أظن المغيرة بن شعبة يحدثكم أنه كان أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالوا أجل (2) عن ذلك جئنا نسالك، قال أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم فثم (3) بن العباس (باب ما جاء في دفنه وقبره صلى الله عليه وسلم وتغير الحال بعد موته) (عن ابن جريح) (4) قال أخبرني أبي أن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم لم يدروا أين يقبرون النبي صلى الله عليه وسلم حتى

_ عبد الله بن الحارث بن نوفل عن مولاه عبد الله بن الحارث الخ (غريبه) (1) الغسل بضم الغين المعجمة وسكون السين الماء الذي يغتسل به وهو الاسم أيضا من غسلته والغسل بالفتح المصدر وبالكسر ما يغسل به من خطمي وغيره (نه) (2) أي نعم (3) فثم بضم القاف وفتح المثلثة ابن العباس بن عبد المطلب ابن عم النبي صلى الله عليه وسلم (قال في المواهب اللدنية) وقد اختلف فيمن أدخله قبره، وأصح ما روى أنه نزل في قبره عمه العباس وعلى وفثم بن العباس والفضل بن العباس وكان آخر الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم فثم بن العباس أي أنه تأخر في القبر حتى خرجوا قبله والله أعلم (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله؟؟، ورواه ابن أسحاق في المغازي بسنده ومتنه إلا أنه قال قبل ذكره ما نصه: وقد كان المغيرة بن شعبة يدعى أنه أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أخذت خاتمي فألقيته في القبر وقلت إن خاتمي سقط مني، وإنما طرحته عمدا لأمس رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكون أحدث الناس عهدا برسول الله صلى الله عليه وسلم ثم ذكر حديث الباب بسنده ومتنه وزاد فيه أن عليا رضي الله عليه قال في جوابه عن سؤال النفر من أهل العراق كذب (يعني المغيرة فيما ادعاه) ثم قال أحدث الناس عهدًا برسول الله صلى الله عليه وسلم فثم بن عباس، ونقله عنه أيضا الحافظ بن كثير في تاريخه، ثم قال وهذا الذي ذكره عن المغيرة بن شعبة لا يقتضي أنه حصل له ما أمله فإنه قد يكون علي رضي الله عنه لم يمكنه من النزول في القبر بل أمر غيره فناوله إياه، وعلى ما تقدم يكون الذي أمره. بمناولته فثم بن عباس والله أعلم بحقيقة الحال (باب) (4) (سنده) حدثنا عبد الرزاق قال أخبرني ابن جريج الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهذا فيه انقطاع بين عبد العزيز بن جريج وبين الصديق فإنه لم يدركه (قلت) وتوضيح ذلك أن ابن جريج اسمه عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج وأبوه عبد العزيز متأخر لم يدرك هذه القصة (قال) لكن رواه الحافظ أبو يعلي من حديث ابن عباس وعائشة عن أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، ورواه، أيضا الترمذي من حديث عائشة وفي إسناده عندهم عبد الرحمن بن أبي بكر المليكي ضعفه الترمذي، ثم قال وقدروي هذا الحديث من غير هذا الوجه أهـ (قلت) وجاء في الموطأ أن أبا بكر الصديق قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما دفن نبي قط إلا في مكانه الذي توفي فيه فحفر له فيه (قال الزرقاني) في شرحه على الموطأ أخرجه ابن سعد من طريق داود بن الحصين عن عكرمة عن ابن عباس، ومن طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وأخرج الترمذي عن أبي بكر مرفوعا ما قبض الله تعالى نبيا إلا في الموضع الذي يحب أن يدفن فيه، وأخرجه ابن ماجه عنه بلفظ ما مات نبي إلا دفن حيث قبض ولذا سأل موسى ربه عند

-[قوله صلى الله عليه وسلم لن يقبر نبي إلا حيث يموت: واختيار الله عز وجل له أن يلحد له في بيت عائشة]- قال أبو بكر رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لن يقبرني إلا حيث يموت، فأخروا 548 فراشه وحفروا له نحت فراشه (عن أنس بن مالك) (1) قال لما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان رجلا يلحد (3) وآخر يتضرح فقالوا نستخير ربنا (3) فنبعث إليهما فأيهما سبق تركناه (4) فأرسل إليهما فسبق صاحب اللحد فألحدوا له (حدثنا وكبع) (5) حدثنا العمري عن نافع عن 549 ابن عمر، وعن عبد الرحمن بن القاسم (6) عن أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم الحد له (عن عائشة أم المؤمنين) (7) قالت ما علمنا بدفن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى سمعنا صوت المناجي (8) من جوف الليل ليلة الأربعاء، قال محمد (9) وقد حدثتني فاطمة بهذا الحديث

_ موته أن يدنيه من الأرض المقدسة لأنه لا يمكن نقله إليها بعد موته بخلاف غير الأنبياء فينقلون من بيوتهم التي ماتوا فيها إلى المقابر، فالأفضل في حق من عداهم الدفن في المقبرة، فهذا من خصائص الأنبياء كما ذكره غير واحد أهـ (1) (سنده) حدثنا أبو النضر ثنا المبارك حدثني حميد الطويل عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) بفتح أوله والحاء بينهما لام ساكنة كيمنع (وآخر يضرح) كينفع وقد جاء مصرحا باسمهما في حديث ابن عباس الجامع للغسل والكفن والدفن في هذا الجزء ص 251 رقم 538 وبينت في شرحه معنى اللحد والضريح وسبق أيضا الكلام على اللحد والضريح بأوسع منه في شرح قوله صلى الله عليه وسلم من حديث جرير بن عبد الله (اللحد لنا والشق لغيرنا) في باب اختيار اللحد على الشق من كتاب الجنائز في الجزء الثامن ص 52 رقم 147 (3) أي نطلب منه أن يرزق ما فيه الخير (4) أي يعمل فيما يعرف (تخريجه) (جه) قال البوصيري في زوا؟؟ ابن ماجه في اسناده مبارك بن فضالة وثقة الجمهور وصرح بالتحديث فزال تهمه تدليسه وباقي رجال الإسناد ثقات فالإسناد صحيح أهـ وهو يدل على أن اللحد خير من الشق لكونه الذي اختاره الله لنبيه، وأن الشق جائز وإلا لمنع الذي كان يفعله والله أعلم (5) (حدثنا وكيع الح) (غريبه) (6) عبد الرحمن هو ابن القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق ثقة ثقة كما قال الإمام أحمد (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وغزاء للإمام أحمد ثم قال تفرد به أحمد من هذين الوجهين أهـ ومعنى ذلك أن الإمام أحمد رحمه الله روى هذا الحديث بلفظ واحد بسندين أحدهما عن ابن عمر، والثاني عن عائشة، وكلاهما صحيح، وأورده أيضا الهيثمي وقال رواه أحمد ورجال رجال الصحيح (7) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن اسحاق قال حدثني عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن امرأته فاطمة بنت محمد ابن عمارة عن عمرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زرارة عن عائشة أم المؤمنين الخ (غريبه) (8) جمع مسحاه وهي المجرفة من الحديد والميم زائدة لأنه، من السحو الكشف والإزالة (9) محمد هو ابن إسحاق لأنه ذكر هذا الحديث في المغازي فقال حدثني فاطمة بنت محمد امرأة عبد الله بن أبي بكر وأدخلني عليها حتى سمعته منها عن عمرة عن عائشة فذكر الحديث بنصه كما هنا (يخرجه) أخرجه ابن إسحاق في المغازي وفي إسناده فاطمة بنت محمد بن عمارة لم أقف لها على ترجمة، وبقية رجاله ثقات (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه قال الواقدي حدثنا ابن أبي سبرة عن الحليس بن هشام

-[تحقيق يوم وفاته صلى الله عليه وسلم ويوم دفنه وقوله صلى الله عليه وسلم لا تتخذوا قبري عيدا الخ]- (وعنها أيضا) (1) قالت توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ودفن ليلة الأربعاء (عن ابن عباس) (2) قال جعل في قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم نطيفة حمراء (3) 551 (عن أبي هريرة) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تتخذوا قبري عيدا ولا تجعلوا بيوتكم 552 قبورا وحيثما كنتم فصلوا على فإن صلاتكم تبلغني (عن أنس) (5) قال لما كان اليوم الذي 553 دخل فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أضاء من المدينة كل شيء (6) فلما كان اليوم الذي مات فيه

_ عن عبد الله بن وهب عن أم سلمة قالت بينما نحن مجتمعون نبكي لم ننم ورسول الله صلى الله عليه وسلم في بيوتنا ونحن نتسلى برؤيته على السرير إذ سمعت صوت الكرارين (أي حفارى القبور) في السحر قالت أم سلمة فصحنا وصاح أهل المسجد فارتجت المدينة صيحة واحدة وأذن بلال بالفجر، فلما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بكى وانتحب فزادنا حزنًا، وعالج الناس الدخول إلى قبره فغلق دونهم: فيا لها من مصيبة ما أصبنا بعدها بمصيبة إلا هانت إذا ذكرنا مصيبتنا به صلى الله عليه وسلم (سنده) (1) حدثنا أسود بن عامر قال أنا هريم قال حدثني ابن إسحاق عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة الخ (تخريجه) رواه ابن اسحاق في المغازي، وأورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وقد تقدم مثله في غير ما حديث، وهو الذي نص عليه غير واحد من الأئمة سلفا وخلفا منهم سليمان بن طرخان التيمي وجعفر بن محمد الصادق وابن اسحاق وموسى بن عقبة وغيرهم، والصحيح أنه مكث بقية يوم الاثنين ويوم الثلاثاء بكمالة ودفن ليلة الأربعاء كما قدمنا (2) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا شعبة عن أبي جمرة عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) قال في النهاية هي كساء له حمل أهـ (قلت) جاء عند الترمذي من طريق جعفر بن محمد عن أبيه قال الذي ألحد قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو طلحة والذي ألقى القطيفة تحته شقران مولى لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال جعفر وأخبرني ابن أبي رافع قال سمعت شقران يقول أنا والله طرحت القطيفة تحت رسول الله صلى الله عليه وسلم في القبر (تخريجه) (م مذ) وغيرهما: قال النووي رحمه الله هذه القطيفة ألقاها شقران وقال كرهت أن يلبسها أحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد نص الشافعي وجمع أصحابنا وغيرهم من العلماء على كراهة وضع قطيفة أو مضربة أو مخدة أو نحو ذلك تحت الميت في القبر، وشذ عنهم البغوي من أصحابنا فقال في كتاب التهذيب لا بأس بذلك لهذا الحديث، والصواب كراهته كما قال الجمهور، وأجابوا عن هذا الحديث بأن شقران انفرد بفعل ذلك ولم يوافقه غيره من الصحابة ولا علموا ذلك، وإنما فعله شقران لما ذكرناه عنه من كرامته أن يلبسها أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبسها ويفترشها فلم تطب نفس شقران أن يتبدلها أحد بعد النبي صلى الله عليه وسلم وخالفه غيره: فروى البيهقي عن ابن عباس أنه كره أن يجعل تحت الميت ثوب في قبره انتهى كلام النووي (وروى الواقدي) عن علي بن حسين أنهم أخرجوها، وبذلك جزم ابن عبد البر كما في التلخيص (4) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وتخريجه في باب وجوب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الأذكار في الجزء الرابع عشر ص 307 رقم 272 وتقدم شرحه والكلام عليه مستوفى بما يشفى الغليل في آخر فصل استلام الحجر الأسود من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر ص 39 فار مع إليه والله الموفق (5) (سنده) حدثنا سيار ثنا جعفر ثنا ثابت عن أنس (يعني ابن مالك الخ) (غريبه) (6) أي محاولة فيها، وفي البخاري

-[ظلام المدينة يوم وفاته وحزن فاطمة ورثائها النبي صلى الله عليه وسلم ببعض الأشعار وعظم المصيبة بموته صلى الله عليه وسلم]- رسول الله صلى الله عليه وسلم أظلم من المدينة كل شيء، وما فرغنا من دفنه حتى أنكرنا قلوبنا (1) 554 (عن ثابت البناني) (2) قال قال أنس فلما دفنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجعنا قالت فاطمة (رضي الله عنها) يا أنس أطابت أنفسكم أن دفنتم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم في التراب ورجعتم (3)

_ عن البراء (ما رأيت أهل المدينة فرحوا بشيء فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم (1) قال الحافظ يريد أنهم وجدوها تغيرت عما عهدوه في حياته من الألفة والصفاء والرقة لفقدان ما كان يمدهم به من التعليم والتأييد (تخريجه) (مذجه مي) وقال الترمذي صحيح غريب (وفي الباب) عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كانتقى الكلام والانبساط إلى نسائنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لمخافة أن ينزل فينا القرآن فلما مات رسول الله صلى الله عليه وسلم تكلمنا رواه البخاري وابن ماجه والإمام أحمد وتقدم في باب وقت نزول القرآن من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثاني عشر ص 46 رقم 111 (وعن أبي ابن كعب) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما وجهنا واحد (أي قصدنا واحد وهو إقامة الدين واعلاؤه) فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم نظرنا هكذا وهكذا (أي تفرقت المقاصد والمهام فيميل مائل إلى الدنيا وآخر إلى غيرها) رواه ابن ماجه. وقال البوصيري في زوائد ابن ماجه إسناده صحيح على شرط مسلم إلا أنه منقطع بين الحسن وأبي ابن كعب يدخل بينهما يحيي بن ضمرة أهـ (2) (سنده) حدثنا يزيد ثنا حماد بن زيد ثنا ثابت البناني قال قال أنس الخ (غريبه) (3) سكت أنس عن جوابها رعاية ولسان حاله يقول لم تطب أنفسنا بذلك إلا أنا قهرنا على فعل ذلك امتثالا لأمره صلى الله عليه وسلم قال القسطلاني وغيره وقد عاشت فاطمة بعده صلى الله عليه وسلم ستة أشهر فما ضحكت تلك المدة وحق لها ذلك، قال يروي أنها قالت (أغير آفاق السماء وكورت ... شمس النهار وأظلم العصران ... والأرض من بعد النبي كشيبة) (أسفا عليه كثيرة الرجفان ... فليبكه شرق البلاد وغربها ... ولتبكه مضر وكل يمان) (وقال في المواهب اللدنية) وأخذت (يعني فاطمة رضي الله عنها) من تراب القبر الشريف ووضعته على عينيها) وأنشادت تقول (ماذا علي من شم تربة أحمد ... إن لا يشم مدى الزمان غواليا) (صبت علي مصائب لوانها ... صبت على الأيام عدن لياليا) (قال السهيلي) وقد كان موته صلى الله عليه وسلم خطبا كالحا ورزءا لأهل الإسلام فادحا، كادت تهد له الجبال وترجف الأرض ويكسف النيران، لانقطاع خبر السماء مع ما آذن به موته عليه الصلاة والسلام من إقبال الفتن السحم، والحوادث الدهم، والكرب المدلهمة، فلولا ما أنزل الله من السكينة على المؤمنين، وأسرج في قلوبهم من نور اليقين، وشرح صدورهم من فهم كتابه المبين، لانقصمت الظهور، وضاقت من الكرب الصدور، وأعاقهم الجزع عن تدبير الأمور، ولقد كان من قدم المدينة يؤمئذ من الناس إذا أشرفا عليها سمعوا لأهلها ضجيجا، وللبكاء في أرجائها عجيجا، وحق ذلك لهم ولمن بعدهم كما روى عن أبي ذؤيب الهذلي قال بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم عليل فاستشعرنا حزنا وبت بأطول ليلة لا ينحاب ديجورها ولا يطلع نورها، فظللت أقاسي طولها حتى إذا كان قرب السحر أغفيت: فهتف هاتف وهو يقول (خطب أجل أناخ بالإسلام ... بين النخيل ومعقد الآطام)

-[حزن أهل المدينة بموته صلى الله عليه وسلم حتى الدواب وكلام أبي ذويب في ذلك: وصفة القبر الشريف]- (باب ما جاء في تعيين يوم وفاته ومدة عمره صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم) (عن ابن عباس) (1) قال ولد النبي صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين، واستنبئ يوم الاثنين، وتوفى 555 يوم الاثنين، وخرج مهاجرًا من مكة إلى المدينة يوم الاثنين ورفع الحجر الأسود يوم الاثنين (عن جرير) (2) قال قال لي حبر باليمن (3) إن كان صاحبكم نبيا فقد مات اليوم، قال جرير 556 فمات يوم الاثنين صلى الله عليه وسلم (عن ابن عباس) (4) قال قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن خمس 557

_ (قبض النبي محمد فعيوننا ... تهمى الدموع عليه بالتسحام) قال فوثبت من نومي فزعا فنظرت إلى السماء فلم أر الأسعد الذابح فتفاءلت به ذبحا يقع في العرب وعلمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قد قبض، فركبت ناقتي وسرت فقدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج فقلت مه؟ فقالوا قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت المسجد فوجدته خاليا فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت بابه مرتجا وقيل هو مسجى قد خلا به أهله، فقلت أين الناس؟ فقيل في سقيفة بنى ساعدة فجئتهم فتكلم أبو بكر رضي الله عنه فلله دره من رجل لا يطيل الكلام، ومد يده فبايعوه ورجع فرجعت معه فشهدت الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم ودفنه أهـ (وفي المواهب أيضا) قال ومن آياته عليه الصلاة والسلام بعد موته ما ذكر من حزن حماره عليه حتى تردى في بئر، وكذلك ناقته فإنها لم تأكل ولم تشرب حتى ماتت (قال رزين) ورش قبره الشريف رشه بلال بن رباح بقربة بدأ من قبل رأسه، حكاه ابن عساكر، وجعل عليه من حصباء وبيضاه، ورفع قبره عن الأرض قدر شبر (وفي البخاري) من حديث أبي بكر بن عياش عن سفيان التمار أنه حدثه أنه رأى قبر النبي مسنما أي مرتفعا زاد أبو نعيم في المستخرج وقبر أبي بكر وعمر كذلك (ورواه أبو داود والحاكم) من طريق القاسم بن محمد بن أبي بكر قال دخلت على عائشة فقلت يا أمه اكشفي لي عن قبر النبي صلى الله عليه وسلم فكشف لي عن ثلاثة قبور لا مشرفة ولا لاطئة مبطوحه ببطحاء العرصة الحمراء (زاد الحاكم) فرأيت رسول الله مقدما وأبو بكر رأسه بين كتفي النبي صلى الله عليه وسلم وعمر رأسه عند رجلي النبي صلى الله عليه وسلم وهذا كان في خلافة معاوية فكأنها كانت في الأول مسطحة ثم لما بنى جدار القبور في إمارة عمر بن عبد العزيز على المدينة من قبل الوليد بن عبد الملك صيروها مرتفعة، (وقد روى أبو بكر الأجري) في صفة قبر النبي صلى الله عليه وسلم عن عثيم بن قسطاس المدني قال رأيت قبر النبي صلى الله عليه وسلم في إمارة عمر بن عبد العزيز رأيته مرتفعًا نحوا من أربع أصابع. ورأيت قبر أبي بكر وراء قبره، ورأيت قبر عمر وراء قبر أبي بكر أسفل منه والله أعلم (باب) (1) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في ذكر مولده الشريف في الجزء العشرين ص 189 رقم 12 (2) (سنده) حدثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا زائدة ثنا زياد بن علاقة عن جرير (يعني ابن عبد الله) قال قال لي حبر باليمن الخ (قلت) زائدة هو ابن قدامة الثقفي أبو الصلت ثقة وثقة أبو حاتم وغيره (غريبه) (3) أي من أحبار اليهود علم ذلك بما وجده مكتوبا عندهم في التوراة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده صحيح ورجاله ثقات، وتقدم حديث عائشة في الباب السابق أنه صلى الله عليه وسلم توفى يوم الاثنين ودفن ليلة الأربعاء وبذلك قال جمهور العلماء، وإنما تأخر دفنه صلى الله عليه وسلم هذه المدة لاشتغلال الصحابة رضي الله عنهم بالبيعة لأبي بكر حرصا على أن لا يمضي زمن على المسلمين بدون خليفة (4) (سنده) حدثنا هشيم أخبرنا

-[بيان مدة عمره صلى الله عليه وسلم وما جاء في مخلفاته وميراثه]- وستين (وعنه من طريق ثان) (1) قال انزل على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين (عن عائشة) رضي 559 الله عنها (2) قالت قبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة (عن جرير بن عبد الله) (3) قال سمعت معاوية بن أبي سفيان يقول وهو يخطب توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة، وتوفى عمر وهو ابن ثلاث وستين سنة قال معاوية وأنا اليوم ابن ثلاث وستين (4) (باب ما جاء في مخلفاته صلى الله عليه وسلم وميراثه) 560 (عن عائشة رضي الله عنها) (5) قالت ما ترك رسول الله الله صلى الله عليه وسلم دينارا ولا درهما ولا شاة 561 ولا بعيرا ولا أوصى بشيء (حدثنا عبد الرحمن) (6) عن سفيان واسحق يعني الأزرق قال قال ثنا سفيان عن أبي اسحق قال سمعت عمرو بن الحارث قال اسحق ابن المصطلق (7) يقول

_ علي بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس الخ (تخريجه) (م مذ) (1) (وعنه من طريق ثان الخ) هذا الطريق تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب بدء الوحي في الجزء العشرين ص 209 رقم 35 وهو يخالف حديثه الساق (وفي الباب) عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض وهو ابن ستين سنة وتقدم في الباب المشار إليه، وفي الحديث الآتي عن عائشة قالت قبض النبي صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث وستين سنة وقد جمع الإمام النووي رحمه الله تعالى بين هذه الروايات المختلفة جمعا حسنا تقدم في الجزء العشرين في الباب المشار إليه ص 210 فارجع إليه (2) (سنده) حدثنا عثمان بن محمد بن أبي شيبة قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) وسمعته أنا من عثمان قال حدثني طلحة بن يحيي الأنصاري عن يونس الأيلي عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (3) (سنده) حدثنا روح ثنا شعبة قال حدثنا أبو اسحاق قال سمعت عامر بن سعد يقول سمعت جرير بن عبد الله يقول سمعت معاوية الخ (غريبه) (4) ذكر الحافظ في الإصابة أن معاوية بن أبي سفيان ولد قبل البعثة بخمس سنين على أشهر الأقوال وقيل بسبع، وقيل بثلاث عشرة، ومات في رجل سنة ستين على الصحيح أهـ (قلت) فيستفاد من هذا أنه مات وهو ابن خمس وستين سنة أو أكثر والله أعلم (تخريجه) (م طل) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه وقد روى الترمذي في كتاب الشمائل وأبو يعلي الموصلي والبيهقي من حديث قتادة عن الحسن البصري عن دغفل بن حنظلة الشيباني النسابة أن النبي صلى الله عليه وسلم قبض وهو ابن خمس وستين، ثم قال الترمذي دغفل لا يعرف له سماع عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد كان في زمانه رجلا، وقال البيهقي وهذا يواقف رواية عمار ومن تابعه عن ابن عباس، ورواية الجماعة عن ابن عباس في ثلاث وستين أصلح فهم أوثق وأكثر، وروايتهم توافق الرواية الصحيحة عن عروة عن عائشة (هو الحديث السابق) وإحدى الروايتين عن أنس، والرواية الصحيحة عن معاوية، وهي قول سعيد بن المسيب وعامر الشعبي وأبي جعفر محمد بن علي رضي الله عنهم أهـ قال الحافظ ابن كثير في تاريخه قلت وعبد الله بن عقبة والقاسم بن عبد الرحمن والحسن البصري وعلي بن الحسين وغير واحد والله أعلم (باب) (5) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش وابن نمير عن الأعمش عن شقيق عن مسروق عن عائشة الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهكذا رواه مسلم منفردا به عن البخاري، وأبو داود والنسائي وابن ماجه من طرق متعددة (6) (حدثنا عبد الرحمن) الخ عبد الرحمن هو ابن مهدي شيخ الإمام أحمد (غريبه) (7) اسحاق هو أحد الراويين

-[قوله صلى الله عليه وسلم أنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركت بعد موته عاملي ونفقة نسائي صدقة]- ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا سلاحه وبغلة بيضاء وأرضا جعلها صدقة (عن أبي بردة) (1) 562 قال أخرجت إلينا عائشة رصي الله عنها كساء ملبدا وإزارا غليظا (وفي رواية مما صنع اليمن) فقالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذين (عن عروة عن عائشة) (2) رضي الله عنها أن أزواج 563 النبي صلى الله عليه وسلم حين توفى أردن أن برسلن عثمان إلى أبي بكر يسألنه ميراثهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت لهن عائشة رضي الله عنها أو ليس قد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نورث ما تركناه فهو صدقة (عن أبي هريرة) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا معشر الأنبياء لا نورث ما تركت بعد مؤتة 564 عاملي ونفقة نسائي صدقة (عن أنس) (4) قال كانت درع رسول الله مرهونة ما وجد ما يفكها حتى مات 565 (عن أبي هريرة) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقتسم (6) ورثتي دينار أولا درهما: ما تركت 566 بعد نفقة نسائي ومؤنة عاملي فهو صدقه (زاد في رواية بعد قوله ومؤنة عاملي، قال يعني عامل أرضه (7) (عن عائشة) (8) أن فاطمة والعباس أتيا أبا بكر يلتمسان ميراثهما من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهما 567 حينئذ يطلبان أرضه من فدك (9) وسيمه من خيبر، فقال لهم أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا نورث ما تركنا صدقة، إنما يأكل آل محمد في هذا المال، وإني والله لا أدع أمر أرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيه إلا صنعته (عن عروة بن الزبير) (10) عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها أخبرته أن 568 فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ اللذين روى عنهما عبد الرحمن هذا الحديث زاد في روايته فقال عمرو بن الحارث بن المصطلق، وقد جا في نسبه أنه عمرو بن الحارث بن المصطلق بن أبي ضرار أخي جويرية بنت الحارث أم المؤمنين رضي الله عنهما (تخريجه) (خ مذ نس) (1) (عن أبي بردة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في هذا الجزء في باب ما جاء في احتضاره صلى الله عليه وسلم ومعالجته سكرات الموت (2) (عن عروة عن عائشة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام لا يورثون من كتاب الفرائض في الجزء الخامس عشر ص 194 رقم 12 (3) (عن أبي هريرة الخ) تقدم هذا الحديث بسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار إليه في الجزء الخامس عشر ص 193 رقم 10 (4) (سنده) حدثنا محمد بن فضيل أنا الأعمش عن أنس (يعني ابن مالك الخ) (تخريجه) (هق) وسنده جيد وروى نحوه الشيخان من حديث أبي هريرة (5) (سنده) حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به وقال مرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (6) قال الحافظ باسكان الميم على النهي وبضمها على النفي وهو الأشهر (7) يعني العامل الذي يزرعها (تخريجه) (ق د) والترمذي في الشمائل (8) (سنده) حدثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (غريبة) (9) بفتح الفاء والدال المهملة وهي مدينة بينها وبين مدينة النبي صلى الله عليه وسلم مرحلتان وقيل ثلاث (تخريجه) (خ وغيره) (10) (سنده) حدثنا حجاج بن محمد حدثنا ليث حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير

-[مجيء فاطمة رضي الله عنها إلى أبي بكر لأخذ ميراثها قبل علمها بأن النبي صلى الله عليه وسلم لا يورث]- مما أفاء الله عليه (1) بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر (2) فقال أبو بكر رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة: إنما يأكل آل محمد في هذا المال (3) وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا، فوجدت فاطمة على أبي بكر (4) في ذلك، فقال أبو بكر والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي، وأما الذي شجر (5) بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل فيها عن الحق ولم اترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته (وعنه من طريق ثان) (6) عن عائشة أيضًا بنحوه وفيه قالت عائشة فغضبت فاطمة عليها السلام فهجرت

_ عن عائشة الخ (غريبه) (1) هو ما أخذ من الكفار على سبيل الغلبة بلا قتال ولا إيجاف أي إسراع خيل أو ركاب ونحوهما من جزية أو ما هربوا عنه لخوف أو غيره، أو صولحوا عليه بلا قتال، وسمى فينا لرجوعه من الكفار إلى المسلمين (2) أما ما كان بالمدينة فهو نخل بني النضير التي في أيدي بنى فاطمة وكانت قريبة من المدينة، ووصية مخيريق اليهودي الذي أسلم يوم أحد وأوصى بها النبي صلى الله عليه وسلم وكانت سبع حوائط في بني النضير، وما أعضاه الانصار من أرضهم، وحقه من الفيء من أموال بني النضير وثلث أرض وادي القرى أخذه في الصلح حين صالح اليهود، وحصنان من حصون خيبر الوطيح والسلالم حين صالح اليهود، (وأما فدك) محركة وبالصرف وعدمه بلد بينها وبين المدينة ثلاث مراحل، وكانت للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة (وأما ما بقى من خمس خيير) فهو نصيبه مما افتتح فيها عنوة (3) يريد أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل هذا المال لآل محمد صلى الله عليه وسلم يأكلون منه ولم يخصص لأحد منهم شيئا معلوما وأنا لا أفعل غير ذلك (4) أي غضبت (قال الحافظ ابن كثير) في تاريخه وأما تغضب فاطمة رضي الله عنها وأرضاها على أبي بكر رضي الله عنه وأرضاه فما أدرى ما وجهه؟ فإن كان لمنعه إياها ما سألته من الميراث فقد اعتذر إليها بعذر يجب قبوله، وهو ما رواه عن أبيها رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا نورث ما تركنا صدقة، وهي ممن تنقاد لنص الشارع الذي خفى عليها قبل سؤالها الميراث كما خفى على أزواج النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخبرتهن عائشة بذلك ووافقنها عليه، وليس يظن بفاطمة رضي الله عنها أنها اتهمت الصديق رضي الله عنه فيما أخبرها به، حاشاها وحاشاه من ذلك، كيف وقد وافقه على رواية هذا الحديث عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلي بن أبي طالب والعباس بن عبد المطلب وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعد بن أبي وقاص وأبو هريرة، وعائشة رضي الله عنهم أجمعين، ولو تفرد بروايته الصديق رضي الله عنه لوجب على جميع أهل الأرض قبول روايته والانقياد له في ذلك: وإن كان غضبها لأجل ما سألت الصديق إذا كانت هذه الأراضي صدقة لا ميراثا أن يكون زوجها ينظر فيها فقد اعتذر بما حاصله أنه لما كان خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو يرى أن فرضا عليه أن يعمل بما كان يعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولهذا قال وإني والله لا أدع أمرًا كان يصنعه رسول الله إلا صنعه (5) أي ما وقع بيني وبينكم من الاختلاف، شجر الأمر يشجر شجورا إذا اختلط واشتجر القوم وتشاجروا إذا تنازعوا واختلفوا (6) (سنده) حدثنا يعقوب قال حدثنا أبي عن صالح قال ابن شهاب

-[امتناع أبي بكر من إعطاء فاطمة شيئا مما خلفه النبي صلى الله عليه وسلم وغضبها وإقامته الحجة على ذلك]- أبا بكر فلم تزل مهاجرته حتى توفيت (1) قال وعاشت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر؛ قال وكانت فاطمة رضي الله عنها تسأل أبا بكر نضيبها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم من خيبر وفدك وصدقته بالمدينة فأبى أبو بكر رضي الله عنه عليها ذلك، وقال لست تاركا شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل به إلا عملت به، إني أخشى إن تركت شيئا من أمره أن أزيغ (2)، فأما صدقته بالمدينة (3) فدفعها عمر إلى علي وعباس فغلبه عليها علي (4) وأما خيبر وفدك فامسكهما عمر وقال هما صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم كانتا لحقوقه التي تعروه (5) ونوائبه وأمرهما إلى من ولي الأمر (6) قال فهما على ذلك اليوم (عن أبي الطفيل) (7) قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت فاطمة إلى 569 أبي بكر أنت ورثت رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أهله؟ قال فقال لابل أهله؛ قالت فأين سهم رسول الله

_ أخبرني عروة بن الزبير إن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت أبا بكر بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها مما ترك صلى الله عليه وسلم، مما أفاء الله عليه، فقال لها أبو بكر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة، فغضبت فاطمة فهجرت أبا بكر الخ (غريبه) (1) قال الحافظ ابن كثير في تاريخه هذا الهجران والحالة كذلك فتح على فرقة الرافضة شرا عريضا وجهلا طويلا، وأدخلوا أنفسهم بسببه فيما لا ينعينهم، ولو تفهموا الأمور على ما هي عليه لعرفوا للصديق فضله وقبلوا منه عذره الذي يجب على كل أسعد قبوله، ولكنهم طائفة مخذولة وفرقة مرذولة يتمسكون بالمتشابه ويتركون الأمور المحكمة المقدرة عند أئمة الإسلام من الصاحبة والتابعين فمن بعدهم من العلماء المعتبرين في سائر الأعصار والأمصار رضي الله عنهم وأرضاهم أجمعين أهـ (قال الكرماني) وأما غضب فاطمة رضي الله عنها فهو أمر حصل على مقتضى البشرية وسكن بعد ذلك أو الحديث كان متا ولا عندها بما فضل من معاش الورثة وضروراتهم نحوها: وأما هجرانها فمعناه أنقباضها عن لقائه لا الهجران المحرم من ترك السلام ونحوه، ولفظ مهاجرته بصيغة اسم الفاعل لا المصدر أهـ (قال القسطلاني) ولعل فاطمة رضي الله عنها لما خرجت غضبي من عند أبي بكر تمادت في اشتغالها بشأنها ثم مرضها، والهجران المحرم إنما هو أن يلتقيا فيعرض هذا وهذا (2) بفتح الهمزة وكسر الزاي وبعد التحتية الساكنة غين معجمة أي أن أميل عن الحق إلى غيره (3) القائل فأما صدقته بالمدينة هي عائشة رضي الله عنها تخير بما فعله عمر في خلافته بعد أبي بكر رضي الله عنهما (4) أي اختص بها علي رضي الله عنه ولذلك جاأ يختصمان إلى عمر رضي الله عنه كما سيأتي في الحديث التالي (5) أي تغشاه وتنتابه (ونوائبه) أي الحوادث التي تصيبه (6) أي بعده صلى الله عليه وسلم فكان أبو بكر رضي الله عنه يقدم نفقة أمهات المؤمنين وغيرها مما كان يصرفه النبي صلى الله عليه وسلم من مال خيبر وفدك وما فضل من ذلك جعله في المصالح، وعمل عمر بعده بذلك فلما كان عثمان تصرف في فدك يحسب ما رأى فأقطعها لمروان لأنه تأول أن الذي يختص به صلى الله عليه وسلم يكون للخليفة بعده فاستغني عثمان عنها بأمواله فوصل بها بعض أقاربه (قال الزهري) حين حدث بهذا الحديث فهما أي الذي كان يخصه صلى الله عليه وسلم من خيبر وفدك على ذلك إلى اليوم يتصرف فيهما من ولي الأمر والله أعلم (تخريجه) (خ وغيره) (7) (سنده) حدثنا

-[اقتناع فاطمة رضي الله عنها بما فعله أبو بكر رضي الله عنه بعد أن ظهرت لها الحجة]- صلى الله عليه وسلم؟ قال فقال أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الله عز وجل إذا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه جعله للذي يقوم من بعده، فرأيت أن أرده إلى المسلمين؛ فقالت فأنت وما سمعت 570 من رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم (حدثنا سفيان) (1) حدثنا عبد العزيز بن رفيع قال دخلت أنا وشداد بن معقل على ابن عباس فقال ابن عباس ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما بين هذين اللوحين (2) ودخلنا على محمد بن على فقال مثال ذلك: قال وكان المختار يقول الوحي

_ عبد الله بن محمد بن أبي شيبه قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) وسمعته من عبد الله بن أبي شيبة قال حدثنا محمد بن فضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه لإمام أحمد رحمه الله تبارك وتعالى ثم قال وهكذا رواه أبو داود عن عثمان ابن أبي شيبه عن محمد بن فضيل به، ففي لفظ هذا الحديث غرابة ونكارة، ولعله روى بمعنى ما فهمه بعض الرواة وفيهم من فيه تشيع فليعلم ذلك، وأحسن ما فيه قولها أنت وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الصواب والمظنون بها واللائق بأمرها وسيادتها وعلمها دينها رضي الله عنها وكأنها سأله بعد هذا أن يجعل زوجها ناظرًا على هذه الصدقة فلم يجيبها إلى ذلك لما قدمناه فتعتبت عليه بسبب ذلك وهي امرأة من بنات آدم تأسف كما يأسفون وليست بواجبة العصمة مع وجود نص رسول الله صلى الله عليه وسلم ومخالفة أبي بكر الصديق، وقد روينا عن أبي بكر رضي الله عنه أنه ترضى فاطمة وتلاينها قبل موتها فرضيت رضي الله عنها. وقال وقد روينا أن فاطمة رضي الله عنها احتجت أولا بالقياس وبالعموم في الآية الكريمة فأجابها الصديق بالنص على الخصوص بالمنع في حق النبي صلى الله عليه وسلم وأنها سلمت له ما قال. وهذا هو المظنون بها رضي الله عنها أهـ (قلت) وروى الأمام أحمد أيضا قال حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة أن فاطمة قالت لأبي بكر من يرثك إذا مت؟ قال ولدي وأهلي قالت فما لنا لا نرث النبي صلى الله عليه وسلم قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إن النبي لا يورث: ولكني أعول من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعول وأنفق على من كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينفق، أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاء للإمام أحمد ثم قال وقد رواه الترمذي في جامعه عن محمد بن المثنى عن أبي الوليد الطيالسي عن محمد بن عمرو بن أبي سلمة عن أبي هريرة فذكره بوصل الحديث، وقال الترمذي حسن صحيح غريب (1) (حدثنا سفيان الخ) (غريبه) (2) قال في المصباح اللوح بالفتح كل صفيحة من خشب وكتف إذا كتب عليه سميي لوحا أهـ والظاهر والله أعلم أنه يريد ما ترك شيئا مكتوبًا من الأحكام إلا ما بين هذين اللوحين، وقد سئل علي رضي الله عنه في مثل ذلك ولكنه أوضح مما هنا والأحاديث يفسر بعضها بعضا، فقد روى الإمام أحمد بسنده عن أبي جحيفة وتقدم في باب لا يقتل مسلم بكافر من كتاب القتل والجنايات في الجزء السادس عشر صفحة 33 رقم 100 قال فسألنا عليا رضي الله عنه هل عندكم من رسول صلى الله عليه وسلم شيء بعد القرآن قال لا والذي فلق الحبة وبرأ النسمة الأفهم يؤتيه الله عز وجل رجلا في القرآن أو ما في الصحيفة، قلت وما في الصحيفة؟ قال القتل وفكاك الأسير ولا يقتل مسلم بكافر. (قال الحافظ) وإنما سأله أو جحيفة عن ذلك لأن جماعة من الشيمة كانوا يزعمون أن لأهل البيت لاسيما علي اختصاصا بشيء من الوحي لم يطلع عليه غيرهم أهـ وهذا بوضح معنى قوله وكان المختار يقول الوحي يعني أنهم اختصموا بشيء من الوحي دون غيرهم

-[خطبة في فضل نسبة الشريف وطيب عنصره المنيف]- (أبواب ما جاء في خطبه صلى الله عليه وسلم غير ما تقدم في الكتاب) (باب خطبة في فضل نسبه الشريف وطيب عنصره المنيف) (عن العباس بن عبد المطلب) (1) قال بلغ النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما يقول الناس (2) قال فصعد 571 المنبر فقال من أنا؟ قالوا أنت رسول الله، فقال أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب، إن الله خلق الخلق فجعلني في خير فرقة، وخلق القبائل فجعلني في خير قبيلة، وجعلهم بيوتا فجعلني في خيرهم

_ لأنه كان شيعيا وكان يظهر التشيع ويبطن الكهانة، وأسر إلى اخصائه أنه يوحي إليه وأن جبريل عليه السلام كان يأتيه بالوحي، وهو المختار بن أبي عبيد الثقفي خرج بالكرفة طالبا بدم الحسين سنة ست وستين فاستولى عليها وبايعوه بها، وتجرد لقتل قتلة الحسين فظفر بشعر بن ذي الجوشن. قاتل الحسين فقتله، ثم أحاط بدار خولى الأصبحي صاحب راس الحسين وقتله وأحرقه، وكذلك قتل عمر ابن سعد بن أبي وقاص صاحب الجيش الذي قتل الحسين، وهو الذي أمر أن يداس جسد الحسين وظهره بالخيل وقتل ابنه حفصا أيضا وأرسل برأسيهما إلى محمد بن الحنفية بالحجاز، وذلك في ذي الحجة سنة 66 (وفيها) اتخذ المختار كرسيا وادعى أن فيه سرا وأنه لهم مثل التابوت لبني إسرائيل، ولما خرج المختار لقتال عبيد الله بن زياد الذي أرسل الجيش لقتل الحسين خرج بالكرسي يحف به الرجال ويستر بالحرير ويحمل على البغال فاستولى على الموصل في سنة سبع وستين وقدم على الجيش إبراهيم بن الأشتر النخفي فقتل ابن الأشتر عبيد الله بن زياد وانهزم أصحابه (وفي هذه السنة) ولي ابن الزبير أخاه مصعبا البصرة فسار إلى الكوفة وحارب المختار وضيق عليه الحصار، ثم دخل المدينة وقتل المختار في رمضان سنة 67، وإنما أمر ابن الزبير بقتله لفجوره وفسقه وخروجه عليه، ولا شك أنه كان ضالا مضلا أراح الله المسلمين منه بعد ما انتقم به، من قوم آخرين من الظالمين كما قال الله تعالى (وكذلك نولي بعض الظالمين بعضا بما كانوا يكسبون) وتقدم للمختار هذا ذكر في باب ما جاء في الترهيب من الغدر في الجزء التاسع عشر ص 234 رقم 94 و 95 فارجع إليه والله أعلم (تخريجه) رواه البخاري عن قتيبة عن سفيان به (باب) (1) (سنده) حدثنا أبو نعيم عن سفيان عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله ابن الحارث بن نوفل عن المطلب بن أبي وداعة قال قال العباس بلغ النبي صلى الله عليه وسلم بعض ما يقول الناس الخ (غريبه) (2) تقدم التصريح بقول الناس في باب ذكر نسبه الشريف في الجزء العشرين ص 176 في حديث رقم 2 عن عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال أتى ناس من الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا أنا لنسمع من قومك حتى يقول القائل منهم إنما مثل محمد مثل نخلة نبتت في كياء (بكسر الكاف) قال حسين الكباء الكناسة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيها الناس من أنا فذكر الحديث كما هنا وتقدم شرحه هناك فارجع إليه (تخريجه) (مذ) من طريق الثوري باسناده عن المطلب بن أبي وداعة قال جاء العباس إلى النبي صلى الله عليه وسلم وكأنه سمع شيئا فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر الخ وكذلك رواه البغوي فيما نقل الحافظ في الإصابة فأوهم هذا أنه من مسند المطلب ولكنه من روايته عن العباس

-[خطبة في الحث على العمل بكتاب الله وسنة رسوله وذكر الساعة]- بيتا فأنا خيركم بيتا وخيركم نفسا (باب خطبة في الحث على العمل بكتاب الله وسنة 572 رسوله صلى الله عليه وسلم وذكر الساعة) (عن جابر) (1) قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه بما هو له أهل ثم قال أما بعد (2) فإن أصدق الحديث كتاب الله، وإن أصدق الهدى (3) هدى محمد، وشر الأمور محدثاتها (4) وكل بدعة ضلالة (5) ثم يرفع صوته وتحمر وجنتاه ويشتد غضبه إذا ذكر الساعة كأنه منذر جيش، قال ثم يقول أتتكم الساعة: بعثت أنا والساعة (6) هكذا وأشار بإصبعية السبابة والوسطى (7) صبحتكم الساعة ومستكم (8) من ترك مالا فلاهله ومن ترك دينا أو ضياعا فالي وعلي والضباع يعني ولده المساكين (باب خطبة الحاجة) 573 (عن عبد الله) (9) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال علمنا خطبة الحاجة: الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، ثم يقرأ ثلاث آيات، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون، يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا، يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم. ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما، ثم تذكر حاجتك

_ فهو من مسند العباس كما جاء عند الإمام أحمد وقال الترمذي هذا حديث حسن (باب (1) (سنده) حدثنا مصعب بن سلام ثنا جعفر عن أبيه عن جابر (يعني ابن عبد الله) الخ (غريبه) (2) قال الطيبي اثنا وضع للتفصيل فلابد من التعدد، ونقل عن أبي حاتم أنه لا يكاد يوجد في التنزيل أما وما بعدها إلا وتثنى وتثلث كقوله تعالى (أما السفينة: وأما الجدار) وعامله مقدر أي مهما يكن بعد تلك القضية (3) بفتح الهاء وسكون الدال فيهما أي أحسن الطرق طريقته وسمته وسيره من هدى هديه سار بسيرته وجرى على طريقته، ويجوز ضم الهاء وفتح المهملة فيهما، وهو بمعنى الدعاء والرشاد ومنه (وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم) (4) جمع محدثه بالفتح أي الأمر الحادث المنكر الذي ليس بمعتاد ولا معروف في السنة ولا في الكتاب (5) أي كل فعلة أحدثت على خلاف الشرع ضلالة لن الحق فيما جاء به الشارع فما لا يرجع إليه يكون ضلالة إذ ليس بعد الحق إلا الضلال: زاد في بعض الروايات (وكل ضلالة في النار) (6) بنصب الساعة ورفعها فالنصب على المعية، والرفع على العطف (7) قال القاضي عياض يحتمل أنه لتقريب ما بينهما من المدة وأن التفاوت بين الإصبعين تقريبا لا تحديدا، ويحتمل أنه تمثيل لمقارنتها وأنه ليس بينهما إصبع أخرى كما أنه لا نبي بينه وبين الساعة (8) جاء عن مسلم بعد هذه الجملة (أنا أولى بكل مؤمن من نفسه) من ترك مالا الخ (تخريجه) (م نس جه) وتقدم هذا الحديث بنصه وقد بسطنا الكلام على شرحه في الجزء السادس في باب ما جاء في الخطبتين يوم الجمعة ص 86 رقم 858 فارجع إليه تجد ما يسرك والله الموفق (باب) (9) (عن عبد الله) يعني أن مسعدة الخ هذا الحديث تقدم بطريقة وسنده وشرحه وتخريجه في باب

-[خطبة في الأدب والمواعظ والأخلاق والتعزير من الدنيا والنساء]- (ومن طريق ثان) حدثنا عفان ثنا شعبة أنبأنا أبو إسحاق عن أبي عبيدة وأبي الأحوص قال وهذا حديث أبي عبيدة عن أبيه قال علمنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبتين خطبة الحاجة وخطبة الصلاة الحمد لله أو إن الحمد لله نستعينه فذكر معناه (عن ابن عباس) (1) أن النبي صلى الله عليه وسلم كلم رجلا في 574 شيء فقال الحمد لله نحمده ونستعينه، من يهدى الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله (باب خطبة في الأدب والمواعظ والأخلاق والتحذير من الدنيا والنساء) (حدثنا يزيد بن هارون) (2) وعفان 575 قالا ثنا حماد بن سلمة قال أنا علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قا لخطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبة بعد العصر إلى مغيربان الشمس (3) حفظها منا من حفظها ونسيها منا من نسي فحمد الله، قال عفان وقال حماد وأكثر حفظي أنه قال بما هو كائن إلى يوم القيامة، ثم قال أما بعد فإن الدنيا خضرة حلوة (4) إن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، ألا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء (5) ألا أن بني آدم خلقوا على طبقات شتى (6) منهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت مؤمنا (7)، ومنهم من يولد كافر ويحيا كافر ويموت كافرا (8) ومنهم من يولد مؤمنا ويحيا مؤمنا ويموت كافرا (9) ومنهم من يولد كافر ويحيا كافرا ويموت مؤمنا (10)، ألا إن الغضب حمرة توقد (11) في جوف ابن آدم، ألا ترون إلى حمرة عينيه (12) وانتفاخ أوداجه؟ فإذا وجد أحدكم شيئا من ذلك (13) فالأرض الأرض، ألا إن خير الرجال (14) من كان بطئ الغضب سريع الرضا، وشر الرجال من كان سريع الغضب بطيء الرضا، فإذا كان الرجل بطيء

_ استحباب الخطبة للنكاح من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر ص 165 رقم 73 فارجع إليه (1) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه عقب حديث ابن مسعود في الجزء السادس عشر في الباب المشار إليه ص 165 رقم 74 وهو بعض خطبة النكاح كما في حديث ابن مسعود السابق وسنده صحيح (باب) (2) (حدثنا يزيد بن هارون الخ) (غريبه) (3) أي إلى قرب غروبها (4) أي خضرة في المنظر حلوة في المذاق وكل منهما يرغب فيه منفردا فكيف إذا اجتمعا؟ وأراد أن صورة الدنيا ومتاعها حسن المنظر يعجب الناظر (5) حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الفتنة بهما وخصص بعد ما عمم إيذانا بأن الفتنة بالسماء أعظم الفتن الدنيوية (6) أي متفرقة (7) هذا الفريق هم سعداء الدنيا والآخرة (8) وهذا الفريق هم أهل الشقاوة (9) أي يسبق عليه الكتاب فيختم له بالكفر تعوذ بالله من ذلك (10) أي يختم له بالايمان فيصير من أهل السعادة (11) أي تتوقد حذفت إحدى التاءين تخفيفا (12) أي عند الغضب (وانتفاخ أوداجه) جمع ودج بفتح المهملة وتكسر وهو عرق الأخدع الذي يقطعه الذابح فلا يبقى معه حياة، ويسمى الوريد أيضا (13) يعني من بوادر الغضب (فالأرض الأرض) أي فليضطجع بالأرض ويلصق نفسه فيها لتنكسر حدته وتذهب حدة غضبه (وفي رواية) فليلزق بالأرض وفي أخرى فليجلس (14) ذكر الرجال وصف طردي والمراد الآدميين

-[بقية خطبة الأدب والمواعظ والأخلاق والتحزير من الدنيا والنساء]- الغضب بطيء الفيء (1) وسريع الغضب وسريع الفيء فإنها بها (2) إلا أن خير التجار من كان حسن القضاء (3) حسن الطلب، وشر التجار من كان سيء الفضاء (4) سي الطلب، فإذا كان الرجل حسن القضاء سيء الطلب أو كان سيء القضاء حسن الطلب فإنها بها (5) إلا أن لكل غادر لواءا يوم القيامة بقدر غدرته، ألا وأكثر الغدر غدر أمير عامة (1) ألا لا يمنعن رجلا مهابة الناس أن يتكلم بالحق إذا علمه (7) ألا إن أفضل الجهاد كلمة حق (8) عند سلطان جائر (9)، فلما كان عند مغير بان الشمس قال ألا إن مثل ما بقى من الدنيا فيما مضى منها مثل ما بقى من يومكن هذا فيما مضى منه (10) (ومن طريق ثان) حدثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن علي بن زيد بن جدعان عن أبي نضرة عن أبي سعيد قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة العصر ذات يوم بنهار ثم قام يخطبنا إلى أن غابت الشمس فلم يدع شيئا مما يكون على يوم القيامة إلا حدثناه حفظ ذلك من حفظ ونسي من نسي (ثم ذكر نحو الحديث المتقدم وفيه إلا أن لكل غادر لواءًا يوم القيامة بقدر غدرته فليجلس أو قال فليلصق بالأرض، وفيه وما شيء أفضل من كلمة عدل تقال عند سلطان جائر فلا يمنعن أحدكم اتقاء الناس أن يتكلم بالحق إذا رآه أو شهده، ثم بكي أبو سعيد فقال قدو الله منعنا ذلك (12) قال وأنكم تتمون سبعين أمة أنتم خيرها وأكرمها على الله (13) قال ثم دنت

_ ذكورا وإناثا (1) أي الرجوع (2) أي فإن إحدى الخصلتين تقابل الأخرى فلا يستحق مدحا ولا ذما (3) أي الوفاء لما عليه من ديون التجارة ونحوها (حسن الطلب) أي سهل التقاضي يرحم المعسر وينظره ولا يضايق الموسر في الأشياء التافهة، ولا يلجئه إلى الوفاء في وقت معين ولا من مال معين (4) أي لا يوفى لغريمة دينه إلا بكلفة ومشقة وتماطل مع يساره (سيء الطلب) أي ملح على مديونه بالطلب من غير رحمة ولا شفقة بل بصعوبة مع علمه باعساره إذ ذاك (5) أي فإحدى الخصلتين تقابل بالأخرى نظير ما تقدم، ويجري ذلك كله في كل من له حق أو عليه حق، وإنما خص التجار لأكثرية القضاء والتقاضي فيما بينهم (6) جاءت هذه الجملة في حديث مستقل عن عبد الله بن عمر تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الوفاء بالعهد وعدم الغدر من كتاب الجهاد في الجزء الرابع عشر ص 119 رقم 332 (7) أي فإن ذلك يجب عليه وليست مهابة الناس عذرا في التخلف بشرط سلامة العاقبة (8) معناه أفضل أنواع الجهاد كلمة حق يتكلم بها كأمر بمعروف أو نهي عن منكر (9) أي ظالم فإن ذلك أفضل من جهاد العدو لأنه أعظم خطرا (10) يعني أن ما بقى من الدنيا أقصر وأقل مما سلف منها، وإذا كانت بقية الشيء وإن كثرت في نفسها قليلة بالإضافة إلى معظمه كانت خليقة بأن توصف بالقلة، ذكره الزمخشري (11) الأست همزته وصل ولامه محذوفة والأصل سته فحذفت الهاء وعوض عنها الهمزة وهو العجز ويراد به حلقة الدبر ويجمع على إسناد كسبب وأسباب، والمراد هنا العجز أي خلفه ليكون علامة يعرف بها، أنظر شرح حديث ابن عمر في باب الوفاء بالعهد المشار إليه آنفا (12) معناه أنهم كانوا يقولون بالحق ولكن وجد في عصرهم من لم يسمع لقولهم ولذلك بكى أبو سعيد (13) يفيد أن الأمة

-[خطبة في التحذير من المال - وخطبة في ذكر الساعة والجنة والنار]- الشمس أن تغرب فقال وإن ما بقى من الدنيا فيما مضى منها مثل ما بقى من يومكن هذا فيما مضى منه (باب خطبة في التحذير من المال والدنيا) (عن أبي سعيد الخدري) (1) قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم 576 ذات يوم وصعد المنبر وجلسنا حوله فقال إن مما أخاف عليكم بعدي ما يفتح الله عليكم من زهرة الدنيا وزينتها، فقال رجل يا رسول الله أو يأتي الخير بالشر؟ فسكت عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأينا أنه ينزل عليه جبريل، فقيل له ما شأنك تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يكلمك؟ فسرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل يمسح عنه الرحضاء فقال أين السائل؟ وكأنه حمده فقال أن الخير لا يأتي بالشر، وإن مما ينبت الربيع يقتل أو يلم حبطا، ألم تر إلى آكلة الخضرة أكلت حتى إذا امتدت خاصرتاها واستقبلت عين الشمس فثلطت وبالت ثم رتعت، وإن المال حلوة خضرة ونعم صاحب المرء المسلم، هو لمن أعطى منه المسكين واليتيم وابن السبيل أو كما قال صلى الله عليه وسلم وإن الذي أخذه بغير حقه كمثل الذي يأكل ولا يشبع فيكون عليه شهيدا يوم القيامة (باب خطبة في ذكر الساعة والجنة والنار) (عن أنس بن مالك) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر فلما 577 سلم قام على المنبر فذكر الساعة وذكر أن بين يديها أمورا عظاما، ثم قال من أحب أن يسأل عن شيء فليسأل عنه فوالله لا تسألوني عن شيء غلا أخبرتكم به مادمت في مقامي هذا، قال أنس فأكثر الناس البكاء حين سمعوا ذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكثر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقول سلوني: قال أنس فقام رجل فقال أين مدخلي يا رسول الله؟ فقال النار (3) قال فقام عبد الله بن حذافة فقال من أبي يا رسول الله قال أبوك حذافة (4) قال ثم أكثر أن

_ المحمدية أكرم على الله عز وجل من سائر الأمم قال تعالى (كنتم خير أمة أخرجت للناس الآية) (تخريجه) (مذك هق) وفي إسناده على بن زيد بن جدعان (قال في الخلاصة) قال أحمد وأبو زرعه ليس بالقوى، وقال ابن خزيمة سيء الحفظ، وقال شعبة حدثنا علي بن زيد قبل أن يختلط قال مطين مات سنة تسع وعشرين ومائة: قرنه مسلم بآخر أهـ وفي التهذيب قال يعقوب بن شيبة ثقة، وقال الترمذي صدوق إلا أنه بما رفع الشيء الذي يوقفه غيره والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا يزيد أنا هشام بن عبد الله الدستوائي عن يحيي بن أبي كثير عن هلال بن أبي ميمون عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري الخ (هذا الحديث) تقدم من طريق ثان عن أبي سعيد أيضا في باب ما جاء في ذم الدنيا من كتاب المدح والذم في الجزء التاسع عشر ص 311 رقم 39 بسنده وشرحه وتخريجه وهو حديث صحيح رواه (ق نس جه) وزاد هنا في هذا الطريق قوله ونعم صاحب المرء المسلم هو من أعطى منه المسكين واليتيم الخ هكذا بالأصل بهذا اللفظ (ونعم صاحب المرء المسلم هو لمن أعطى الخ) وهذا التركيب غير ظاهر المعنى فالظاهر أنه وقع فيه تحريف من الناسخ أو الطابع ومعناه (ونعم المال المرء المسلم الذي يعطي منه المسكين واليتيم الخ) كما قال صلى الله عليه وسلم في حديث عمرو بن العاص (نعم المال الصالح للمرء الصالح) وهو حديث صحيح والله أعلم (باب) (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهوى قال أخبرني أنس بن مالك الخ (غريبه) (3) لعل هذا الرجل كان من المنافقين وكان يسئل تعنتا (4) جاء في بعض

-[خطبته في ذكر الفتن وطاعة الأمير]- يقول سلوني، قال فبرك عمر على ركبتيه فقال رضينا بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولا، قال فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عمر ذلك، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لقد عرضت علي الجنة والنار آنفا في عرض هذا الحائط (1) وأنا أصلي فلم أر كاليوم في 578 الخير والشر (باب خطبة في ذكر الفتن وطاعة الأمير) (حدثنا أبو معاوية) (2) عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال انتهيت إلى عبد الله بن عمرو بن العاص وهو جالس في ظل الكعبة فسمعته يقول بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ نزل منزلا قمنا من يضرب خباءه ومنا من هو في جشره (3) ومنا من ينتضل (4) إذ نادى مناديه الصلاة جامعة (5) ن قال فاجتمعنا، قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخطبنا فقال أنه لم يكن نبي قبلي إلا دل أمته على ما يعلمه خيرا لهم: ويحذرهم ما يعلمه شرا لهم: وإن أمتكم هذه جعلت عافيتها في أولها، وإن آخرها سيصيبهم بلاء شديد وأمور تنكرونها، تجيء فتن يرفق (6)

_ الروايات فقام إليه رجل من قريش من بنى سهم يقال له عبد الله بن حذافة وكان يطعن فيه، فقال يا رسول الله من أبى؟ قال أبوك فلان فدعاه لأبيه (يعني جذافة) (1) جاء نحو ذلك عند الإمام أحمد من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص وتقدم في صلاة الكسوف في الجزء السادس ص 185 رقم 1688 وفيه فوالذي نفسي بيده لقد عرضت على الجنة حتى أشاء لتعاطيت بعض أغصانها، وعرضت علي النار حتى إني لاطفئها خشية أن تغشاكم، وجاء عند مسلم من حديث جابر لقد جيء بالنار حتى رأيتموني تأخرت مخالفة أن يصيبني من لفحها: وفيه ثم جيء بالجنة وذلك حينما رأيتموني تقدمت حتى قمت في مقامي، وزاد ما من شيء توعدونه إلا قد رأيته في صلاتي هذه وتقدم الكلام على شرح ذلك في الباب المشار إليه مستوفى فارجع إليه (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تفسيره عن انس بهذا المعنى وعزاه لابن جرير، ثم قال أخرجاه يعني البخاري ومسلم من طريق سعيد، ورواه معمر عن انس بنحو ذلك أو قريبا منه يعني حديث الباب والله أعلم (باب) (2) (حدثنا أبو معاوية الخ) (غريبه) (3) قال النووي هو بفتح الجيم والشين وهي الدواب التي ترعى وتبيت مكانها أهـ وقال أبو عبيد الحشر القوم يخرجون بدوابهم إلى المرعى ويبتون مكانهم ولا يأون إلى البيوت (4) أي يرتمون بالسهام يقال انتضل القوم وتناضلوا أي رموا للسبق وناضله إذا راماه (5) قال الحافظ عند قول البخاري (باب النداء بالصلاة جامعة) قال هو بالنصب فيهما على الحكاية ونصب الصلاة في الأصل على الإغراء وجامعة على الحال، أي أحضروا الصلاة في حال كونها جامعة (6) قال في النهاية أي تشوق بتحسينها وتسويلها أهـ (وقال النووي) هذه اللفظة رويت على أربعة أوجه (أحدها) وهو الذي نقله القاضي عن جمهور الرواة يرقق بضم الياء وفتح الراء وبقافين أي يصير بعضها رقيقا أي خفيفا لعظم ما بعده فالثاني يجعل الأول رقيقا، وقيل معناه يشبه بعضها بعضا، وقيل يدور بعضها في بعض ويذهب ويجيء، وقيل معناه يسوق بعضها إلى بعض بتحسينها وتسويلها (والوجه الثاني) فيرفق بفتح الياء وإسكان الراء وبعدها فاء مضمومة (والثالث) فيدفق بالدال المهملة الساكنة وبالفاء المكسورة

-[خطبة في الحلال والحرام: وصفة أهل الجنة وأهل النار والبخل والكذب]- بعضها لبعض، تجيء الفتنة فيقول لمؤمن مهلكتي ثم تنكشف، ثم تجيء الفتنة فيقول المؤمن هذه هذه ثم تنكشف، فمن سره منكم أن يزحزح عن النار وأن يدخل الجنة فلتدركه موتته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر، وليأت إلى الناس الذي يحب أن يؤتي إليه (1)، ومن بايع إماما فأعطاه صفقة يده (2) وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع، فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الاخر (3) قال فادخلت رأسي من بين الناس فقلت انشدك بالله (4) أنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال فأشر بيده إلى أذنيه فقال سمعته أذناي ووعاه قلبي، قال فقلت هذا ابن عمك معاوية يعني يأمرنا بأكل أموالنا بيننا بالباطل وأن نقتل أنفسنا وقد قال الله تعالى} يا أيها اللذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل {(5) قال فجمع يديه فوضعهما على جبهته ثم نكس هنية ثم رفع رأسه فقال أطعه في طاعة الله وأعصه في معصية الله عز وجل (باب خطبة في الحلال والحرام وصفة أهل الجنة والنار والبخل والكذب) (عن عياض بن حمار) (6) أن النبي 579 صلى الله عليه وسلم خطب ذات يوم فقال في خطبته إن ربي عز وجل أمرني أن أعلمكم ما جهلتم مما علمني في يومي هذا، كل مال نحلته (7) عبادي حلال، وإني خلقت عبادي حنفاء (8) كلهم وأنهم أتتهم الشياطين فاضلتهم عن دينهم وحرمت عليهم ما أحللت لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطانا، ثم أن الله عز وجل نظر إلى أهل الأرض فمقتهم (9) عجميهم وعربيهم إلا بقايا من أهل الكتاب

_ أي يدفع ويصب والدفق الصب (1) قال النووي رحمه الله هذا من جوامع كله صلى الله عليه وسلم وبديع حكمه، وهذه قاعدة مهمة فينبغي الاعتناء بها وإن الإنسان يلزم أن لا يفعل مع الناس إلا ما يجب أن يفعلوه معه (2) قال في النهاية هو أن يعطي الرجل الرجل عهده وميثاقه، لأن المتعاهدين يضع أحدهما يده في يد الآخر كما يفعل المتبايان وهي المرة من التصفيق باليدين (3) معناه ادفعوا الثاني فإنه خارج على الإمام فإن لم يندفع إلا بحرب وقتال فقاتلوه، فإن دعت المقاتلة إلى قتلة جاز قتلة ولا ضمان فيه لأنه ظالم متعد في قتاله (4) جاء عن مسلم فدنوت منه فقلت له انشدك انشدك الله الخ (5) قال النووي رحمه الله المقصود بهذا الكلام إن هذا القائل لما سمع كلام عبد الله بن عمرو بن العاص وذكر الحديث في تحريم منازعة الخليفة الأول وأن الثاني يقتل فاعتقد هذا القائل هذا الوصف في معاوية لمنازعته عليا رضي الله عنه، وكانت قد سبقت بيعة على فرأى هذا أن نفقة معاوية على أجناده وأتباعه في حرب على ومنازعته ومقاتلته إياه من أكل المال بالباطل ومن قتل النفس. لأنه قتال بغير حق فلا يستحق أحد مالا في مقاتلته (تخريجه) رواه مسلم بطوله وكذا بن ماجه والنسائي إلا أنهما اختصر اشيئا من آخره وروي بعضه أبو داود (باب) (6) (سنده) حدثنا يحيي بن سعيد ثنا هشام ثنا قتادة عن مطرف عن عياض بن حمار الخ (غريبه) (2) معنى تحلته اعطيته وفي الكلام حذف، أي قال الله تعالى كل مال أعطيته عبادي فهو لهم حلال، والمراد إنكار ما حرموا على أنفسهم من السائبة والوصيلة والبحيرة والحامي وغير ذلك وأنها لم تصر حراما بتحريمهم: وكل مال ملكه العبد فهو حلال حتى يتعلق به حق (8) أي مسلمين وقيل طاهرين من المعاصى (9) المقت أشد البغض والمراد بهذا المقت النظر ما قبل بعثه رسول الله

-[خطبة ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما كان وما يكون استغرقت يوما كاملا]- وقال إنما بعقتك لأيليك (1) وابتلى بك وأنزلت عليك كتابا لا يغسله الماء تقرؤه نائما ويقظان (2) ثم إن الله عز وجل أمرني أن أحرق قريشًا فقلت يا رب إذًا يثلغوا (3) رأسى فيدعوه خبزة، فقال استخرجهم كما استخرجوك واغزهم نغزك (4) وأنفق عليهم فسننفق عليك وابعث جندا نبعث خمسة مثله وقاتل بمن أطاعك من عصاك، وأهل الجنة ثلاثة ذو سلطان مقسط (5) متصدق موفق، ورجل رحيم رقيق القلب لكل ذي قربي ومسلم (6) ورجل فقير عفيف متصدق، وأهل النار خمسة، الضعيف الذي لا زبر له (7) الذين هم فيكم تبعا أو تبعاه شك يحيي لا يبتغون أهلا ولا مالا (8) والخائن الذي لا يخفي عليه (9) طمع وإن دق إلا حانة ورجل لا يصبح ولا يمسي إلا وهو يخادعك عن أهلك ومالك، وذكر البخل والكذب والشنظير (10) الفاحش (باب خطبة استغرقت يوما كاملا ذكر فيها النبي صلى الله عليه وسلم ما كان وما هو كائن) 580 (عن أبي زيد الانصاري) (11) قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح ثم صعد المنبر فخطبنا حتى حضرت الظهر ثم نزل فصلى الظهر ثم صعد المبنر فخطبنا حتى حضرت العصر ثم نزل فصلى العصر فصعد المنبر فخطبنا حتى غابت الشمس فحدثنا بما كان وما هو كائن فاعلمنا احفظنا

_ صلى الله عليه وسلم والمراد ببقايا أهل الكتاب الباقون على التمسك بدينهم الحق من غير تبديل (1) معناه لا متحنك بما يظهر منك من قيامك بما أمرتك به في تبليغ الرسالة وغير ذلك في الجهاد في الله حق جهاده والصبر في الله تعالى وغير ذلك، وابتلى بك من أرسلتك إليهم فمنهم من يظهر إيمانه ويخلص في طاعاته، ومنهم من يتخلف ويتأبد بالعداوة والكفر، ومنهم من ينافق، والمراد يمنحنه ليصير ذلك واقعا بارزًا فإن الله تعالى إنما يعاقب العباد على ما وقع منهم لا على ما يعلمه قبل وقوعه، وإلا فهو سبحانه عالم بجميع الأشياء قبل وقوعها وهذا نحو قوله تعالى (ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين) أي نعلمهم فاعلين ذلك متصفين به (2) أما قوله لا يغسله فمعناه محفوظ في الصدور لا يتطرق إليه الذهاب بل يبقى على ممر الأزمان، وأما قوله تقرؤه نائما ويقظان فقال العلماء معناه يكون محفوظا لك في حالتي النوم واليقظة، وقيل تفرؤه في يسر وسهولة (3) بفتح الياء التحتية واللام بينهما مثلثة ساكنة أي يشدخوه ويشجره كما يشنخ الخبز أي يكسر (4) بضم النون وكسر الزاي أي نعينك (5) أي عادل (6) مجرور معطوف على ذي قربى (7) بفتح الزاى وإسكان الموحدة أي لا عقل له يزبره ويمنعه مما لا ينبغي وقيل هو الذي لا مال له (8) أي لا يطلبون (9) معنى لا يخفى لا يظهر قال أهل اللغة يقال خفيت الشيء إذا أظهرته وأخفيته إذا سترته وكتمته هذا هو المشهور" وقيل هما لغتان فيهما جميعا (10) بكسر الشين والظاء المعجمتين وإسكان النون بينهما وفسره في الحديث بأنه الفاحش أي السيء الخلق والله أعلم (تخريجه) (م. وغيره) (باب) (11) (سنده) حدثنا أبو عاصم ثنا عزرة بن ثابت ثنا علياء ابن احمر اليشكري ثنا أبو زيد الانصاري الخ (قال النووي رحمه الله) أما علباء فبعين مهملة مكسورة ثم لام ساكنة ثم باء موحدة ثم ألف ممدودة، وأحمر آخره راء، وأبو زيد هو عمرو بن أخطب

-[خطبة في شأن الأنصار ومناقبهم رضي الله عنهم]- (باب خطبة في شأن الأنصار رضي الله عنهم) (عن أبي سعيد الخدري) (1) قال لما أعطى 581 رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطى من تلك العطايا في قريش وقبائل العرب ولم يكن في الأنصار منها شيء (2) وجد هذا الحي من الأنصار في أنفسهم حتى كثرت فيهم الفالة، حتى قال قائلهم لقى رسول الله صلى الله عليه وسلم قومه (3) فدخل عليه سعد بن عبادة (4) فقال يا رسول الله إن هذا الحي قد وجدوا عليك في أنفسهم لما صنعت فيه هذا الفيء الذي أصبت، قسمت في قومك وأعطيت عطايا عظاما في قبائل العرب ولم يكن في هذا الحي من الانصار شيء، قال فأين أنت من ذلك يا سعد؟ (5) قال يا رسول الله ما أنا إلا امرء من قومي وما أنا (6) قال فجمع لي قومك في هذه الحظيرة (7) قال فخرج سعد فجمع الناس في تلك الحظيرة، قال فجاء رجال من المهاجرين فتركهم فدخلوا وجاء آخرون فردهم (8) فلما اجتمعوا أتاه سعد فقال قد اجتمع لك هذا الحي من الأنصار، قال فأتاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله وأثنى عليه بالذي هو له أهل، ثم قال يا معشر الأنصار ما قاله بلغتني عنكم؟ وجدة وجدتموها في أنفسكم؟ ألم أتكم ضلالا فهداكم الله، وعالة فاغناكم الله، وأعداءا فألف الله بين قلوبكم، قالوا بل الله ورسوله أمن وأفضل (9) قال ألا تجيبونني يا معشر الأنصار؟ قالوا وبماذا نجيبك يا رسول الله ولله ولرسوله المن والفضل (10) قال أما والله لو شئتم لقلتم فلصدقتم وصدقتم (11) أتيتنا مكذبا فصدقناك، ومخذولا فنصرناك، وطريدا فآويناك، وعائلا

_ بالخاء المعجمة الصحابي المشهور (تخريجه) أخرجه مسلم في الفتن (باب) (1) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق قال وحدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن محمود بن لبيد عن أبي سعيد الخدري الخ (غريبه) (2) الظاهر أن ذلك كان في تقسيم غنائم هوازن يوم حنين كما يستفاد من حديث أنس، وتقدم في هذا الجزء صفحة 171 رقم 407 (3) معناه فعطف عليهم وترك الانصار (4) هو الأنصاري الخزرجي الساعدي المدني، اتفقوا على أنه كان نقيب بني ساعدة وكان صاحب راية الأنصار لمشاهد كلها، وكان سيدًا جوادا وجيها في الأنصار ذاا رياسة ودراية وكرم، وكان مشهورا بالكرم، وكان يحمل كل يوم إلى النبي صلى الله عليه وسلم جفنة مملوءة ثريدًا ولحمًا رضي الله عنه (5) أي أين تريدون ذلك يا سعد (6) معناه أريد ما يريده قومي (وما أنا) أي وما أنا إلا كذلك (7) هي الموضع الذي يحاط عليه لتأوى إليه الغنم والإبل يقيها البرد والريع (8) إنما ترك بعض المهاجرين فدخلوا ورد بعضهم لأن الذين دخلوا كانوا من كبار المهاجرين وشيوخهم وممن يستفاد برأيهم كأبي بكر وعمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم ورد الآخرين للاكتفاء بهؤلاء (9) معناه أنه كان ذلك فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أنهم معترفون بذلك وأنهم جعلوا الفضل والمنة لله ولرسوله قال ألا تجيبوني يا معشر الأنصار؟ أي ألا تردوا علي قول بما لكم علي من المآثر (10) في قولهم هذا من الأدب والاحترام لرسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا مزيد عليه، فلما رآهم كذلك أراد صلى الله عليه وسلم أن يظهر فضلهم ويجيب عنهم (11) يحتمل أن قوله صدقتم الثانية تأكيد للأولى، ويحتمل أن تكون بضم الصاد المهملة وكسر الدال المشددة أي وصدقكم النبي صلى الله عليه وسلم

-[دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للأنصار ولأبناء الأنصار ولابناء أبناء الانصار]- فاغنيناك، أوجدتم في أنفسكم يا معشر الأنصار في لعاعة (1) من الدنيا تألفت بها قوما ليسلموا ووكلتكم إلى إسلامكم، افلا ترضون يا معشر الأنصار أن يذهب الناس بالشاة والبعير وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم في رحالكم، فوالذي نفس محمد بيده لولا الهجرة لكنت أمرًا من الأنصار ولو سلك الناس شعبا وسلكت الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار؛ اللهم أرحم الأنصار وأبناء الأنصار وأبناء أبناء الأنصار قال تبكي القوم حتى أخضلوا لحاهم (2) وقالوا رضينا برسول الله صلى الله عليه وسلم 582 قسما وحظا ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم وتصرفنا (حدثنا محمد بن جعفر) (3) ثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك قال جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار قال أفيكم أحد من غيركم؟ قالوا لا إلا ابن أخت لنا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أخت القوم منهم، قال حجاج أو من أنفسهم (4) فقال أن قريشا حديث عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم وأتالفهم، لما؟؟؟ أن يرجع الناس بالدنيا وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيوتكم؟ ولو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار شعبًا لسلكت شعب الأنصار 583 (باب خطته صلى الله عليه وسلم تمنى يوم النحر غير ما تقدم في الحج) (عن عمرو بن خارجة) (5) قال خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته (وفي رواية خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنى وهو على راحلته) وأنا تحت جرانها (6) وهي تقصع بجرتها (7) ولعلها؟؟؟ بين كتفى، قال إن الله عز وجل أعطى

_ والمهاجرون (1) قال في النهاية الساعة بالضم نبت ناعم في أول ما ينبت يعني أن الدنيا كالنبات الأخضر قليل البقاء (2) أي ملوها الدموع، وهذا البكاء نشأ من شدة فرحهم برضا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم ومدحه إياهم ودعائه لهم ولابنائهم ولابناء أبنائهم، لأن البكاء يحصل كثيرا لبعض الناس عند شدة الفرح كما يحصل عند المصيبة كما قال بعضهم (هجم السرور علي حتى أنه ... من فرط ما قد سرني أبكاني) (أيا عين قد صار البكا لك عادة ... تبكين في فرح وفي أحزان) ولو لم يكن في مناقب الأنصار إلا هذا الحديث لكفى (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل) ورجال أحمد رجال الصحيح غير محمد بن إسحاق وقد صرح بالسماع يعني فالحديث صحيح (3) (حدثنا محمد بن جعفر الخ) (غريبه) (4) يشك حجاج هل قال منهم أو من أنفسهم والمعنى واحد، والمراد به أنه متهم في الصلة والمعاونة والمدافعة عنهم، وفيه التحريض على الإلفة بين الأقارب، قال العلماء وبما يدل على أن الحديث ليس على عمومه أنه لو كان عاما جاز أن ينسب إلى خاله مثلا وكان معارضا للحديث الصحيح (من ادعى إلى غير أبيه فالجنة عليه حرام) إلى غير ذلك من الأحاديث الصحيحة المصرحة الوعيد الشديد على ذلك (تخريجه) (ق نس مذ) (باب) (5) (سنده) حدثنا حماد عن قتادة عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن عمرو بن خارجة الخ (غريبه) (6) قال في القاموس جران البعير بالكسر مقدم عنقه من مذبحة إلى مهجره جمعه جرن ككتب (7) بكسر الجيم

-[خطبته صلى الله عليه وسلم بمنى يوم النحر غير ما تقدم في كتاب الحج]- لكل ذي حق حقه ولا وصية لوارث (1) والولد للفراش وللعاهر الحجره ومن ادعى إلى غير أبيه أو انتمى إلى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل (وعنه عن طريق ثان) (2) قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته فقال إلا أن الصدقة لا تحل لي ولا لأهل بيتي وأخذ وبرة من كاهل ناقته فقال ولا ما يساوي هذه أو ما يزن هذه لعن الله من ادعى إلى غير أبيه الحديث كما تقدم (حدثنا أبو معاوية) (3) قال ثنا هلال بن عامر 584 المزني عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس بمنى على بغلة وعليه برد أحمر قال ورجل من أهل بدر بين يديه (4) يعبر عنه، قال فجئت حتى ادخلت يدى بين قدمه وشراكه، قال فجعلت أعجب من بردها (5) (ومن طريق ثان) قال حدثنا محمد بن عبيد قال حدثنا شيخ من بنى فزارة عن هلال بن عامر المزني عن أبيه قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس على بغلة شهباء (6) وعلى يعبر عنه (حدثنا إسماعيل) (7) قال أيوب عن محمد بن سيرين عن أبي بكرة 585 أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب في حجته فقال ألا إن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض (8) السنة اثنا عشر شهرا: منها أربعة حرم، ثلاث متواليات ذو القعدة وذو الحجة

_ والتاء المثناة فوق بينهما راء مشددة مفتوحة (قال في النهاية) أراد شدة المضغ وضم بعض الأسنان على البعض، وقيل قصع الجرة خروجها من الجرف إلى الشدق ومتابعة بعضها بعضا وإنما تفعل الناقة ذلك إذا كانت مطمئنة، وإذا خافت شيئا لم تخرجها (1) تقدم شرح ذلك إلى آخر الحديث في أبوابه والله الموفق (2) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن ليث عن شهر بن حوشب قال أخبرني من سمع النبي صلى الله عليه وسلم: وعن ابن أبي ليلي أنه سمع عمرو بن خارجة قال ليث في حديثه خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته الخ (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه (نس مذجه قط هق) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، وأخرج الطريق الثانية منه مسلم (3) (حدثنا أبو معاوية الخ) (غريبه) (4) هذا الرجل هو علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما صرح بذلك في الطريق الثانية (وقوله بعير عنه) أي يبلغ كلام النبي صلى الله عليه وسلم يأعلى صوته إلى أهل الموسم (5) معنى هذا أنه دنا من النبي صلى الله عليه وسلم حتى وضع يده بين قدم النبي صلى الله عليه وسلم وشراك نعله وتمكن من رؤيته وسماع صوته ورؤية ملابسه ولنها حتى لقد أحس ببرد قدمه صلى الله عليه وسلم (6) قال في المصباح الشهب مصدر من باب تعب وهو أن يغلب البياض السواد والاسم الشهبة وبغل أهشب وبغلة شهباء (تخريجه) (د) أخرج الطريق الثانية أبو داود قال المنذري اختلف في إسناده فقيل انفرد بحديثه أبو معاوية الضرير وقيل أنه أخطأ فيه لأن يعلي بن عبيد قال فيه عن هلال ابن عمرو عن أبيه وصوب بعضهم الأول أهـ قلت وأورده الحافظ في الإصابة بسند الطريق الأولى وقال أخرجه أحمد وأبو داود من طريقه، ثم قال ابن السكن إن أبا معاوية أخطأ فيه، وقال مروان وغيره عن هلال بن عامر عن رافع بن عمرو وصوب هذا الثاني البغوي قال الحافظ لم ينفرد أبو معاوية بذلك فقد روى أحمد أيضا عن محمد بن عبيد عن شيخ من بنى فزارة عن هلال بن عامر عن أبيه، فيحتمل أن يكون هلال سمعه من أبيه ومن عمه رافع أهـ (7) (حدثنا إسماعيل الخ) (غريبه) (8) قال العلماء معناه أنهم في الجاهلية يتمسكون به

-[بقية خطبة صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمنى]- والمحرم، ورجب مضر الذي بين جمادى وشعبان (1) ثم قال ألا أي يوم هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت، حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، قال أليس اليوم يوم النحر؟ قلنا بلى، ثم قال أي شهر هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه، فقال أليس ذا الحجة؟ قلنا بلى، ثم قال أي بلد هذا؟ قلنا الله ورسوله أعلم، فسكت حتى ظننا أنه سيسميه بغير اسمه قال أليست البلدة؟ قلنا بلى (2) قال فإن دماءكم وأموالكم قال وأحسبه قال وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا، وستلقون ربكم فيسالكم عن أعمالكم (3) ألا لا ترجعوا بعدي ضلالا يضرب بعضكم رقاب بعض (4) ألا هل بلغت؟ ألا ليبلغ الشاهد الغائب منكم، فلعل من يبلغه يكون أوعى له من بعض من يسمعه (5) قال محمد وقد كان ذاك:

_ إبراهيم صلى الله عليه وسلم في تحريم الأشهر الحرم، وكان يشق عليهم تأخير القتال ثلاثة أشهر متواليات وهي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم، فكانوا إذا احتاجوا إلى قتال أخروا تحريم المحرم إلى الشهر الذي بعده وهو صفر، ثم يوخرونه في السنة الأخرى إلى شهر آخر، وهكذا يفعلون في سنة بعد سنة حتى اختلط عليهم الأمر، وصادفت حجة النبي صلى الله عليه وسلم تحريمهم وقد تطابق الشرع، وكانوا في هذه السنة قد حرموا إذا الحجة لموافقة الحساب الذي ذكرنا، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الاستدارة صادفت ما حكم الله تعالى به يوم خلق السموات والأرض (وقال أبو عبيد) كانوا ينسئون أي يؤخرون وهو الذي قال الله تعالى فيه (إنما النسيء زيادة في الكفر) فربما احتاجوا إلى الحرب في المحرم فيؤخرون تحريمه إلى صفر، ثم ثؤخرون صفر في سنة أخرى فصادف تلك السنة رجوع المحرم إلى موضعه والله أعلم (1) إنما قيده هذا التقييد مبالغة في إيضاحه وإزالة اللبس عنه، قالوا وقد كان بين بي مضر وبين ربيعة اختلاف في رجب، فكانت مضر تجعل رجبا هذا الشهر المعروف الآن وهو الذي بين جمادى وشعبان، وكانت ربيعة تجعله رمضان فلهذا اضافة النبي صلى الله عليه وسلم إلى مضر، وقيل لأنهم كانوا يعظمونه أكثر من غيرهم، وقيل أن العرب كانت تسمى رجبا وشعبان الرجبين، وقيل كانت تسمى جمادى ورجبا جمادين وتسمى شعبان رجبا، قال النووي وقد أجمع المسلمون على أن الأشهر الحرم الأربعة هي هذه المذكورة في الحديث، قال وقال علماء المدينة والبصرة وجماهير العلماء هي ذو القعدة وذو الحجة والمحرم ورجب ثلاثة سرد وواحد فرد وهذا هو الصحيح الذي جاءت به الأحاديث الصحيحة: منها هذا الحديث الذي نحن فيه، وعلى هذا الاستعمال أطبق الناس من الطوائف كلها (2) (قال النووي) هذا السؤال والسكوت والتفسير أراد به التفخيم والتقرير والتلبية على عظم مرتبة هذا الشهر والبلد واليوم، وقولهم الله ورسوله أعلم هذا من حسن أدبهم وأنهم علموا أنه صلى الله عليه وسلم لا يخفى عليه ما يعرفونه في الجواب فعرفوا أنه ليس المراد مطلق الإخبار بما يعرفون (3) المراد بهذا كله بيان توكيد غلظ تحريم الأموال والدماء والأعراض والتحذير من ذلك (4) تقدم شرح هذه الجملة في شرح حديث ابن عباس المذكور في باب ما جاء في الخطبة يوم النحر في الجزء الثاني عشر ص 211 رقم 413 وقوله صلى الله عليه وسلم الأهل بلغت أي بلغت ما أمرتني به، وأنما قال ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم كان التبليغ فرضًا عليه (5) جاء في رواية البخاري معلقا فرب مبلغ بفتح اللام

-[روايات أخرى في خطبته صلى الله عليه وسلم يوم النحر بمنى]- قال قد كان بعض من بلغه أوعى له من بعض من سمعه (وعنه من طريق ثان بنحوه) (1) وزاد بعد قوله (يضرب بعضكم رقاب بعض) قال فلما كان يوم وحرق ابن الحضرمي حرقه جارية بن قثامة (2) قال أشرفوا على أبي بكرة (3) فقالوا هذا أبو بكرة (3) فقال عبد الرحمن (4) فحدثني أمي أن أبا بكرة قال لو دخلوا على ما بهشت (5) اليهم بقصة (وعنه أيضا) (6) قال لما كان ذلك اليوم 586 (7) قعد النبي صلى الله عليه وسلم على بعير وأخذ رجل بزمامه أو بخطامه فقال أي يوم يومكن هذا؟ قال فسكتنا حتى ظننا أنه سيسميه سوى اسمه، قال أليس بالنحر (فذكر نحو الطريق الأولى من الحديث المتقدم) (وعنه من طريق ثان) (8) قال لما كان ذاك اليوم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم ناقته ثم وقف فقال أتدرون أي يوم هذا؟ فذكر معنى حديث ابن أبي عدى (9) وقال فيه إلا ليبلغ الشاهد الغائب مرتين فرب مبلغ (10) هو أوعى من مبلغ مثله ثم مال على ناقته إلى

_ المشددة اسم مفعول أي بلغه كلامي بواسطة (أوعى) أي أحفظ وافهم لمعي كلامي (من سامع) سمعه مني (قال النووي) وفيه تصريح بوجوب نقل العلم على الكفاية وإشاعة السنن والأحكام. وقال المهلب فيه أنه يأتي في أواخر الزمان من يكون له من الفهم في العلم ما ليس لمن تقدم إلا أن ذلك يكون في الأقل لأن رب موضوعة للتقليل أهـ (1) (سنده) حدثنا يحيي بن سعيد ثنا قرة ثنا محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة وعن رجل آخر وهو في نفسي أفضل من عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد) قال غير أبي عن يحيي في هذا الحديث أفضل في نفسي حميد ابن عبد الرحمن أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب الناس بمنى فقال ألا تدرون أي يوم هذا فذر نحو الحديث المتقدم وهذا معنى قوله (وعنه من طريق ثان بنحوه) وجاء في رواية عند مسلم حدثنا قرة بإسناد يحيي ابن سعيد وسمى الرجل (يعني الذي أيهم في مسند الإمام أحمد) حميد بن عبد الرحمن (قلت) وحميد هذا قال في الخلاصة حميد بن عبد الرحمن الحميري البصري الفقيه عن أبي هريرة وأبي بكرة وعنه ابن سيرين وابن أبي وحشية وثقة المجلي، قال ابن سيرين هوافقه أهل البصرة (غريبه) (2) قال الحافظ في الإصابة قال أبو عمر كان من أصحاب علي في حروبه وهو الذي حرق عبد الله بن الحضرمي في دار سنبيل بالبصرة لأن معاوية بعث ابن الحضرمي ليأخذ له البصرة فوجه إليه علي أعين بن ضبيعة فقتل فوجه جارية بن قدامة فحاصر ابن الحضرمي ثم حرق عليه (2) أي تطلعوا إليه وتعرضوا له، وفي حديث الفتن من تشرف لها استشرقت له أي من تطلع إليها وتعرض لها واتته فوقع فيها (4) يعني ابن أبي بكرة (5) أي ما أقبلت وأسرعت إليهم ادفعهم عني بقصبة (تخريجه) (ق. وغيرهما) بغير الزيادة (6) (سنده) حدثنا محمد بن أبي عدى عن ابن عون عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة قال لما كان ذلك اليوم الخ (غريبه) (7) يعني يوم النحر بمنى كما صرح بذلك في الطريق الأولى والثانية من الحديث السابق (8) (سنده) حدثنا هوذة بن خليفة ثنا عبد الله بن عون عن محمد بن سيرين عن عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبي بكرة الخ (9) يعني الطريق الأولى من هذا الحديث (10) بضم أوله وفتح الباء الموحدة واللام المشددة وهو من بلغه

-[حديث ابن عباس رضي الله عنهما في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع]- غنيمات (1) فجعل يقسمهن بين الرجلين الشاة والثلاثة الشاة (2) (عن عكرمة عن ابن عباس) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يا أيها الناس أي يوم هذا؟ قالوا هذا يوم حرام؛ قال أي بلد هذا؟ قالوا بلد حرام، قال فأي شهر هذا؟ قالوا شهر حرام، قال فإن أموالكم ودمائكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا. ثم أعادها مرارا ثم رفع رأسه إلى السماء فقال اللهم هل بلغت مرارا، قال يقول ابن عباس والله أنها لوصية إلى ربه عز وجل، ثم قال 588 ألا فليلغ الشاهد الغائب، لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض (حدثنا يونس) (4) ثنا عمر بن إبراهيم اليشكري ثنا شيخ كبير من بني عقيل يقال له عبد المجيد العقيلي قال انطلقنا حجاجا ليالي خرج يزيد بن المهلب (5) وقد ذكر لنا أن ماءًا بالغالية يقال له الزجيج (6) فلما مضينا

_ الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم بواسطة غيره (هو أوعى) أي احفظ للحديث (من مبلغ) بضم أوله وكسر اللام المشددة يعني ممن سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم مباشرة وتقدم الكلام على ذلك (1) تصغير غنم وهي القطعة القليلة من الغنم (7) جاء عند مسلم ثم انكفأ إلى كبشين أملحين فذبحهما وإلى جزيعة من الغنم فقسمها بيننا (قال القاضي)، قال الدارقطني قوله ثم انكفأ إلى آخر الحديث وهم من ابن عون فيما قيل وإنما رواه ابن سيرين عن أنس فادرجه ابن عون هنا في هذا الحديث فزواه عن ابن سيرين عن عبد الرحمن ابن أبي بكرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم (قال القاضي) وقد روى البخاري هذا الحديث عن ابن عون فلم يذكر فيه هذا الكلام فلعله تركه عمدا، وقد رواه أيوب مرة عن ابن سيرين في كتاب مسلم في هذا الباب ولم يذكروا فيه هذه الزيادة (قال القاضي)، والأشبه أن هذه الزيادة إنما هي في حديث آخر في خطبة عيد الأضحى فوهم فيها الراوي فذكرها مضمومة إلى خطبة الحجة وهما حديثان ضم أحدهما إلى الآخر، وقد ذكر مسلم هذا بعد هذا في كتاب الضحايا من حديث أيوب وهشام عن ابن سيرين عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى ثم خطب فأمر من كان ذبح قبل الصلاة أن يعيد ثم قال في آخر الحديث فانكفأ رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى كبشين فذبحهما فقام الناس إلى غنيمة فتوزعوها: هذا هو الصحيح وهو دافع للاشكال أهـ (تخريجه) (م) ورواه أيضا البخاري بدون قصة الغنيمات (3) عن عكرمة عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الخطبة يوم النحر بمنى من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر ص 211 رقم 413 فارجع إليه (4) (حدثنا يونس الخ) (غريبه) (5) كان يزيد بن المهلب واليا على العراق في خلافة الملك العادل عمر بن عبد العزيز وكان متحيزا للخوارج الذين خرجوا على عمر بن عبد العزيز ويجمع لهم الأموال سرا، فلما علم بذلك عمر بن عبد العزيز عزله وكتب إلى عدى بن أرطاة يأمره بانفاذ يزيد بن المهلب إليه موثوقا فطلب منه عمر أن يرد ما أخذه من الأموال فأبى فسجنه وكان ذلك في سنة 99 وفي خمس وعشرين من شهر جمادى الثانية توفى عمر بن عبد العزيز رحمه الله بعد أن حكم سنتين وخمسة أشهر وأربعة عشر يوما فرجعت الخلافة لأبناء عبد الملك بن مروان فبويع يزيد بن عبد الملك (وفي هذه السنة) حارب الخليفة يزيد بن عبد الملك يزيد بن المهلب لخروجه عن الطاعة، وكان ابن المهلب قد جمع جيوشا من آل المهلب وغيرهم لمحاربة الخليفة، فأرسل الخليفة إليهم أخاه مسلمة بن عبد الملك بن مروان سنة 102 فقتل ابن المهلب وكسر جيشه وانهزم آل المهلب ثم ظفر بهم مسلمة فقتلهم (6) قال ياقوت

-[قصة عبد المجيد العقيلي مع العداء بن خالد الكلابي في خطبة النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفه]- مناسكنا جئنا حتى اتينا الزجيج فأنحنا رواحلنا، قال فانطلقنا حتى أتينا على بئر عليه أشياخ مخضبون (1) يتحدثون، قال قلنا هذا الذي صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أين بيته؟ قال قالوا نعم صحبه وهذاك بيته، فانطلقنا حتى أتينا البيت فسلمنا قال فأذن لنا فإذا هو شيخ كبير مضطجع يقال له العداء بن خالد الكلابي، قلت أنت الذي صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم، ولولا أنه الليل لأقرأتكم كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلي، قال فمن أنتم؟ قلنا من أهل البصرة، قال مرحبا بكم؛ ما فعل يزيد ابن المهلب؟ قلنا هو هناك يدعو إلى كتاب الله تبارك وتعالى وإلى سنة النبي صلى الله عليه وسلم، قال فيما هو من ذاك فيما هو من ذاك (2) قال قلت أيا نتبع؟ هؤلاء أو هؤلاء يعني أهل الشام (3) أو يزيد؟ قال إن تقعدوا تفلحوا وترشدوا، ولا أعلمه إلا قال ثلاث مرات (4) رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة وهو قائم في الركابين ينادى بأعلى صوته يا أيها الناس أي يوم يومكم هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال فأي شهر شهركم هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال فأي بلد بلدكم هذا؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال يومكم يوم حرام وشهركم شهر حرام وبلدكم بلد حرام، قال فقال ألا إن دمائكم وأمولكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم تبارك وتعالى فيسألكم عن أعمالكم، قال ثم رفع يديه إلى السماء فقال اللهم أشهد عليهم اللهم أشهد عليهم ذكر مرارا فلا أدرى كم ذكره (باب خطبته صلى الله عليه وسلم أوسط أيام التشريق غير ما تقدم في الحج) (عن أبي حرة الرفاشي عن عمه) (5) قال كنت آخذا بزمام ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم في أوسط أيام التشريق أذود عنه الناس فقال يا أيها الناس أتدرون في أي شهر

_ في معجمه الزجيج منقول عن لفظ تصغير الزج للرمح منزل الحاج بين البصرة ومكة (1) أي مخضبون لحاهم من الشيب (2) معناه أنه بعيد عن ذلك ولا يقصد بذلك وجه الله (3) يعين المتبعين للخليفة أو يزيد بن المهلب (4) أشار عليهم بالقعود وعدم مناصرة أحدهما لكونهم في وقت فتنة يحارب المسلمون فيه بعضهم بعضا وقد نهي النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، ثم ذكر الحديث مستدلا به على تأييد قوله والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير إلا أنه قال بماء يقال له الرجيع، وقال أليس هذا شهر حرام وبلد حرام ويوم حرام: ورجال الطبراني موثقون، قال وروى أبو داود منه رأيت النبي صلى الله عليه وسلم قائما في الركابين أهـ قلت اقتصر الحافظ الهيثمي على توثيق رجال الطبراني لأن في مسند الإمام أحمد عمر بن إبراهيم اليشكري قال في تعجيل المنفعة روى عن عبد المجيد العقيلي وعنه يونس. لا يعرف (قال الحافظ) أظنه العبدي فإنه بصري من هذه الطبقة ولم يذكر البخاري ومن تبعه إلا العبدي ولا ذكره الخطيب في المتفق، ويونس الرواي عنه هو المؤدب وهو مذكور في الرواة عن العبدي في التهذيب أهـ (قلت) قال في التهذيب شيخ، وفي الخلاصة عمر بن إبراهيم العبدي وثقة ابن معين في رواية الدرامي، وقال ابن عدى حديث عن قتادة مضطرب والله اعلم (باب) (5) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا علي بن زيد عن أبي حرة الرقاشي عن عمه الخ (قلت) قبل اسم عمه

-[خطبته صلى الله عليه وسلم أوسط التشريق غير ما تقدم في كتاب الحج]- أنتم وفي أي يوم أنتم وفي أي بلد أنتم؟ قالوا في يوم حرام وشهر حرام وبلد حرام، قال فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه، ثم قال اسمعوا مني تعيشوا، ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا ألا لا تظلموا إنه لا يحل مال أمرئ إلا بطيب نفس منه، ألا وإن كل دم ومال ومأثرة (1) كانت في الجاهلية تحت قدمي (2) هذه إلى يوم القيامة، وإن أول دم يوضع دم ربيعة بن الحارث (3) بن عبد المطلب كان مسترضعا في بني ليث فقتلته هذيل، إلا وأن كل ربا كان في الجاهلية موضوع، (4) وإن الله عز وجل قضى أن أول ربا يوضع ربا العباس بن عبد المطلب (5) لكم رءوس أموالكم لا تظلمون ولا تظلمون إلا وأن الزمان قد استدار كهيئته يوم خلق الله السموات والأرض، ثم قرأ (إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهرا في كتاب الله يوم خلق السموات والأرض منها أربعة حرم، ذلك الدين القيم فلا تظلموا فيهن أنفسكم) ألا لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض، ألا أن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون (6) ولكنه في التحريش بينكم، فاتقوا الله عز وجل في النساء فانهن عندكم عوان لا يملكن لأنفسهن شيئا وإن لهن عليكم ولكم عليهن حقا، أن لا يوطئن فرشكم أحدًا غيركم، ولا يأذن في بيوتكم لحد تكرهونه فإن خفتم نشوزهن فعظوهن واهجروهن في المضاجع واضربوهن ضربا غير مبرح، قال حميد قلت للحسن ما المبرح؟ قال المؤثر، ولهن رزقهن وكسوتهن بالمعروف، وإنما أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله عز وجل (7) ومن كانت عنده أمانة فليؤدها إلى من ائتمنه عليها، وبسط يديه فقال الأهل بلغت الأهل بلغت؟ ثم قال ليبلغ الشاهد الغائب فإنه رب مبلغ أسعد من سامع، قال حميد قال الحسن حين بلغ هذه الكلمة قدو الله بلغوا

_ جذيم بن حنيفة، وقيل عمرو بن حمزة إفادة ابن فتحون، كذا في التقريب للحافظ (غريبه) (1) بفتح المثلثة وضمها أي كل ما يؤثر ويذكر من مكارم أهل الجاهلية ومفاخرهم (2) كناية عن إبطالها وإسقاطها (3) جاء عند مسلم دم ابن ربيعة بن الحارث، قال المحققون والجمهور اسم هذا الابن إياس بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب، قال القاضي عياض ورواه بعض رواة مسلم دم ربيعة بن الحارث قال وكذا رواه أبو داود. قيل هو وهم، والصواب ابن ربيعة، لأن ربيعة عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمن عمر بن الخطاب: وتأوله أبو عبيد فقال دم ربيعة لأنه ولي الدم فنسبه إليه، قال وكان هذا الابن المقتول طفلا صغيرا يحبو بين البيوت فأصابه حجر في حرب كانت بين بنى سعد وبني ليث بن بكر قاله الزبير بن بكار (4) معناه الزائد على رأس المال كما قال تعالى (وإن تبتم فلكم رءوس أموالكم) والمراد بالوضع الراد والإبطال (5) فيه أن الإمام وغيره ممن يأمر بمعروف أو ينهى عن منكر ينبغي أن يبدأ بنفسه وأهله فهو أقرب إلى قبول قوله وإلى طيب نفس من قرب عهده بالإسلام (6) أي عجز عن تكفيرهم وعبادتهم إياه ولكنه لم يعجز عن التحريش بينهم يعني في الخصومات والشحناء والحروب والفتن (7) ما جاء هنا بخصوص النساء تقدم شرحه في باب جامع لحقوق الزوجين من كتاب

-[خطبة في يوم العيد غير ما تقدم في العيد من الخطب]- أقوامًا كانوا أسعد به (باب الخطبة في يوم العيد غير ما تقدم في العيدين) (ز) (عن إسماعيل 590 ابن أبي خالد) (1) عن قيس بن عائذ قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب على ناقة خرماء (2) وعبد حبشي (3) ممسك بخطامها وهلك قيس أيام المختار (4) (وعنه من طريق ثان) (5) عن أبي كاهل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم عيد على ناقة خرماء وحبشي مسك بخطامها (باب وبعض ما ورد في فضله صلى الله عليه وسلم) (عن الطفيل بن أبي بن كعب) (6) عن أبيه قال قال 991 رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم ولا فخر (عن أبي أمامة) (7) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فضلني ربي على الأنبياء عليهم الصلاة والسلام

_ النكاح في الجزء السادس عشر ص 225 رقم 242 فارجع إليه (تخريجه) أو رده الحافظ ابن كثير في تاريخه بطوله وعزاه للإمام أحمد ثم قال وروى أبو داود بعضه أهـ (قلت) وروى البزار نحوه بمعناه عن ابن عمر من وجه آخر، وفي إسناد حديث الباب علي بن زيد بن جدعان مختلف فيه: بعضهم وثقة وبعضهم ضعفه، ورواه أئمة الحديث في كتبهم مقطعا في أبواب متفرقة من طرق صحيحة والله أعلم (باب) (1) (ز) (سنده) حدثنا سريج بن يونس من كتابه قال أنا أبو إسماعيل المؤدب عن إسماعيل بن أبي خالد الخ (غريبه) (2) قال في النهاية أصل الخرم النقب والشق، والأخرم المثقوب الأذن والذي قطعت وترة أنفه أو طرفه شيئا لا يبلغ الجدع، وقد انخرم ثقبه أي انشق، فإذا لم ينشق فهو أخزم والأنثى خزماء أهـ وعلى هذا فهي التي قطع من أذنها أو أنفها شيء (3) فسره العلماء بأنه بلال المؤذن رضي الله عنه: والخطام هو الحبل الذي يقاد به البعير (4) أي توفى قيس في أيام خروج المختار ابن عبيد الله الثقفي بالكرفة طالبا بدم الحسين سنة ست وستين وقد تقدم كلام عن المختار في سبب خروجه وانتقامه من قتلة الحسين جميعا وسبب قتله لأنه كان فاسقا يدعى أن الوحي يأتيه تقدم ذلك في هذا الجزء ص 264 و 265 (5) (سنده) حدثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد عن أخيه عن أبي كاهل الخ (قلت) وقوله عن أبي كاهل في هذا الطريق يومهم أنه صحابي آخر غير راوي الطريق الأولى وليس كذلك، فإن أبا كاهل هذا هو قيس بن عائد كنيته أبو كاهل اشتهر بكنيته (قال لحافظ) في الإصابة أبو كاهل الأحمسي اسمه قيس بن عائذ وقيل عبد الله بن مالك، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم روى حديثه إسماعيل بن أبي خالد عن أخيه عنه قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يخطب الناس يوم عيد على ناقة وحبشي ممسك بخطامها الحديث، وجاء هذا الحديث عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن عائذ بلا واسطة وقال البغوي لا أعلم له غيره، وفي كنى الدولابي من وجه آخر عن إسماعيل قال رأيت أبا كاهل وكان إمامنا وهلك أيام المختار، وفي رواية البخاري قال إسماعيل وكان أبو كاهل إمام الحيي أهـ (تخريجه) (نس جه) ورجاله ثقات، وكلام الحافظ يشعر بأن البخاري رواه ولم أقف عليه والله أعلم (باب) (6) (عن الطفيل بن أبي بن كعب الخ) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه، وجاء مثله بلفظه في مسند الإمام أحمد وتقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في بعض فضائله صلى الله عليه وسلم في الجزء العشرين ص 182 رقم 8 في أول القسم الأول من السيرة النبوية (7) (سنده) حدثنا محمد بن أبي عدى عن سليمان يعني التيمي عن سيار عن أبي إمامة الخ (قلت) أبو امامة اسمه صدى بضم أوله مصغرا ابن عجلان بفتح أوله ابن عمر وبن وهب الباهلي من أفاضل الصحابة رضي الله عنهم (تخريجه) (مذ) وقال حديث أبي أمامة حديث حسن صحيح، وسيار هذا يقال له سيار مولى

-[بعض ما ورد في فضله صلى الله عليه وسلم]- أو قال على الامم باربع، قال أرسلت إلى الناس كافة، وجعلت الأرض كلها لي ولا مني مسجدا وطهورا، فأينما أدركت رجلا من أمتي الصلاة فعنده مسجده وعنده طهوره، ونصرت بالرعب 593 مسيرة شهر يقذفه في قلوب أعدائي وأحل لنا الغنائم (عن عبد الله بن غالب) (1) عن حذيفة 594 رضي الله عنه قال سيد ولد آدم يوم القيامة محمد صلى الله عليه وسلم (عن أبي هريرة) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مأمن الأنبياء نبي إلا وقد أعطى من الآيات ما مثله آمن عليه البشر، وإنما كان الذي أوتيت 595 وحيا أوحاه الله عز وجل إلي وأرجوا أن أكون أكثرهم تبعًا يوم القيامة (عن جابر) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتيت بمقاليد الدنيا (4) على فرس أباق (5) عليه قطيفة من سندس (6) 596 (عن أبي هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليه وعلى آله وسلم الذي نفس محمد بيده ليأتين على أحدكم يوم لأن يراني (8) ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله ومثلهم معهم

_ بني معاوية، وروى عنه سليمان التيمي وعبد الله بن جبير وغير واحد أهـ (قلت) وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني بنحوه إلا أنه قال وبعثت إلى كل أبيض وأسود، ورجال أحمد ثقات أهـ، وهذا الحديث تقدم طرف منه في باب اشتراط دخول الوقت للتيمم من كتاب الطهارة في الجزء الثاني ص 187 وتقدم هناك حديث جابر وأبي هريرة وعلي وعبد الله بن عمرو بمعنى هذا الحديث وهي أحاديث صحيحة رواها الشيخين وغيرهما وتقدم شرحها هناك والله الموفق (1) (سنده) حدثنا حجاج ثنا شريك عن أبي إسحاق عن عبد الله بن غالب الخ (تخريجه) هذا الحديث موقوف على حذيفة ولكنه جاء مرفوعا من حديث أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر وهو حديث صحيح رواه (حم مذجه) وقال الترمذي حسن صحيح، وتقدم في باب ما جاء في بعض فضائله صلى الله عليه وسلم في الجزء العشرين ص 182 وروى نحوه مسلم وأبو داود عن أبي هريرة (2) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من كتاب الأول فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر ص 4 رقم 3 فارجع إليه (3) (سنده) حدثنا زيد ثنا حسين عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله الخ (قلت) زيد هو ابن؟؟؟ وحسين هو ابن واقد وكلاهما ثقة (غريبه) (4) أي بمفاتيح خزائن الدنيا وكنوزها كما صرح ذلك في حديث أبي مويهبة وتقدم في الباب الأول من أبواب ما جاء في مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم ص 222 في هذا الجزء رقم 474 وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال يا أبا مويهبة إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة، وخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي عز وجل والجنة وفيه لقد أخترت لقاء ربي والجنة: وهو حديث صحيح صححه الحاكم وأقره الذهبي (5) قال في المختار الباو سواد وبياض؟؟؟؟ بالضم يقال فرص؟؟ وفرس بلقاء (6) هو مارق من الديباج أي الحرير (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده صحيح ورجاله ثقات (7) (سنده) حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن عمام بن منبه قال هذا، ما حدثنا به أبو هريرة فذكر أحاديث منها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده الخ (غريبه) (8) جاء عند مسلم بهذا السند نفسه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده ليأتين يوم ولا يراني ثم لأن يراني أحب إليه من أهله وماله معهم (قال أبو اسحاق) المعنى عندي لأن يراني معهم أحب إلي من أهله وماله وهو عندي مقدم ومؤخر أن (قال النووي) رحمه الله هذا الذي قاله أبو اسحاق هو الذي قاله القاضي عياض واقتصر

-[بعض ما ورد في فضله ومثله في النبيين صلى الله عليه وسلم أجمعين]- (وعنه أيضا) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صلبتم علي فأسالوا الله تعالى الوسيلة؟ قيل يا رسول الله وما 597 الوسيلة؟ قال أعلى درجة في الجنة لا ينالها إلا رجل واحد وأرجو أن أكون أنا هو (باب في مثله صلى الله عليه وسلم في النبيين وأنه خاتمهم) (عن أبي الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه) (2) عن النبي صلى الله عليه وسلم 598 قال مثلي في النبيين كمثل رجل بني دارا فاحسنها وأكملها وترك فيها موضع لبنة (3) لم يضعها فجعل الناس يطوفون بالبنيان ويعجبون منه (4) ويقولون لو تم موضع هذه اللبنة: فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة (5) (وعن جابر بن عبد الله) (6) عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله وزاد فيه قال

_ عليه، قال تقديره لأن يراني معهم أحب إليه من أهله وماله ثم لا يراني. وكذا جاء في مسند سعيد ابن منصور ليأتين على أحدكم يوم لأن يراني أحب إليه من أن يكون له مثل أهله وماله ثم لا يراني، أي رؤيته إياي أفضل عنده وأحظى من أهله وماله هذا كلام للقاضي، والظاهر أن قوله في تقديم لأن يراني وتأخير من أهله لا يراني كما قال، وأما لفظه معهم فعلى ظاهرها وفي موضعها وتقدير الكلام، يأتي على أحدكم يوم لأن يراني فيه لحظة ثم لا يراني بعدها أحب إليه من أهله وماله جميعا: ومقصود الحديث حثهم على ملازمة مجلسه الكريم ومشاهدته حضرا وسفرا للتأدب بآدابه وتعلم الشرائع وحفظها ليبلغوها وإعلامهم أنهم سيندمون على ما فرطوا فيه من الزيادة من مشاهدته وملازمته، ومنه قول عمر رضي الله عنه الهاني عنه الصفق بالأسواق والله أعلم (تخريجه) (م، ص) (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أخبرنا سفيان عن ليث عن كعب عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا صليتم علي الخ (تخريجه) (مذ) بدون قوله إذا صليتم علي، وقال حديث غريب وإسناده ليس بقوى وكعب ليس هو بمعروف، ولا نعلم أحدا روى عنه غير ليث بن أبي سليم أهـ (قلت) قال في تهذيب التهذيب كعب المدني روى عن أبي هريرة وعنه ليث بن أبي سليم ذكره ابن حيان في الثقات، وقال كنيته أبو عامر اخرج له الترمذي حديثه عن أبي هريرة في ذكر الوسيلة وابن ماجه حديث اللهم إني أعوذ بك من الجوع أهـ (قلت) ويؤيده حديث عبد الله بن عمرو بن العاص بمعناه، وتقدم في باب ما يقول المستمع عند سماع الأذان في الجزء الثالث ص 30 رقم 373 وهو حديث صحيح رواه (م د نس حب) وقال المنذري أخرجه مسلم والترمذي والنسائي (باب) (2) (سنده) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي وأبو عامر قالا ثنا زهير يعني ابن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن أبي الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه الخ (غريبه) (3) بفتح اللام وكسر الموحدة بعدها نون، ويجوز كسر اللام وسكون الموحدة، قطعة طين تعجن وتيبس ويبنى بها من غير إحراق (4) أي من حسنه ويقولون لو تم موضع هذه اللبنة لكان بناء الدار كاملا (5) المعنى أنه صلى الله عليه وسلم شبه الأنبياء وما بعثوا به من الهدى والعلم وإرشاد الناس إلى مكارم الأخلاق بقصر أسس قواعده ورفع بنيانه وبقى منه موضع لبنة، فنبينا صلى الله عليه وسلم بعث لتتميم مكارم الأخلاق كأنه هو تلك اللبنة التي بها إصلاح ما بقى من الدار والله أعلم (تخريجه) (مذ) قال حدثنا محمد بن بشار أنا أبو عامر العقدي أنا زهير بن محمد به سندا ومتنا وزاد بعد قوله فأنا في النبيين موضع تلك اللبنة، قال وبهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إذا كان يوم القيامة كنت إمام النبيين وخطيبهم وصاحب شفاعتهم غير فخر قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب (6) (سنده) حدثنا عفان ثنا سليم بن حيان ثنا سعيد بن مينا عن جابر بن عبد الله

-[رأفته صلى الله عليه وسلم ورحمته بأمته]- رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء (وعنه أيضا) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال مثلي ومثل الأنبياء (2) كمثل رجل أوقد نارا فجعل الفراش (3) والجنادب يقعن فيها قال وهو يذبهن (4) عنها قال وأنا آخذ بحجزكم (5) عن النار وأنتم؟؟؟ (6) من يدي 601 (عن أبي هريرة) (7) عن النبي صلى الله عليه وسلم طعام الاثنين كافي الثلاثة (8) والثلاثة كافي الأربعة، إنما مثلي ومثل الناس كمثل رجل استوقد نارا فلما أضاءت ما حوله جعل الفراش والدواب تتقحم

_ عن النبي صلى الله عليه وسلم قال مثلي ومثل الأنبياء كمثل رجل ابتنى دارا فأكملها وأحسنها إلا موضع لبنة فجعل الناس يدخلونها ويعجبون ويقولون لولا موضع اللبنة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنا موضع اللبنة جئت فختمت الأنبياء (تخريجه) (م. وغيره) وروى الإمام أحمد أيضا نحوه عن أبي سعيد الخدري فقال (حدثنا) أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلي ومثل النبيين من قبلي كمثل رجل بنى دارا فأتمها إلا لبنة واحدة فجئت أنا فاتممت تلك اللبنة (قلت) هذا حديث صحيح رواه مسلم وغيره (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا سليم ابن حيان أنا سعيد بن مينا عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) هكذا بالأصل (مثلي ومثل الأنبياء) وهذا التمثيل لا يتفق مع الأنبياء والظاهر أنه خطأ من الناسخ أو الطابع فقد جاء عند مسلم في هذا الحديث نفسه عن جابر بلفظ مثلي ومثلكم، وعنده أيضا من حديث أبي هريرة بلفظ (مثلي ومثل أمتي) وله رواية أخرى (مثلي ومثلكم) وللإمام أحمد من حديث أبي هريرة وسيأتي بعد هذا بلفظ (إنما مثلي ومثل الناس) وكذلك للبخاري من حديث أبي هريرة أيضا فهذا هو الصواب والله أعلم (3) الفراش بفتح الفاء وتخفيف الراء وآخره شين معجمه هو الطير الذي يلقى نفسه في ضوء السراج وأحدثها فراشة، وقال الخليل هو الذي يطير كالبعوض، وقال غيره ما تراه كصغار البق بتهافت على النار، وقال الحافظ منها البرغش والبعوض (والجنادب) جمع جندب كبندق، قال أبو حاتم الجندب على خلقة الجراد له أربعة أجنحة كالحراد وأصغر منها يطير ويصر بالليل صرأ شديدا وقيل غيره (4) أي يمنعهن عن الوقوع فيها (5) الحجز بضم الحاء المهملة وفتح الجيم جمع حجزة كغرفة، وهي موضع شد الإزار، ثم قيل للإزار حجزة للمجاورة (6) بضم التاء المثناة فوق وإسكان الفاء وكسر اللام المخففة يقال أفلت مني وتفلت إذا نازعك الغلبة والهرب ثم غلب وهرب، ومقصود الحديث أنه صلى الله عليه وسلم شبه تساقط الجاهلين والمخالفين بمعاصيهم وشهواتهم في نار الآخرة وحرصهم على الوقوع في ذلك مع منعه إياهم وقبضه على مواضع المنع منهم بتساقط الفراش في نار الدنيا لهواه وضعف تمييزه وكلاهما حريص على هلاك نفسه ساع في ذلك لجهله (تخريجه) (ق. وغيرهما) (7) (سنده) حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبه) (8) قال ابن عبد السلام في أماليه هو خير بمعنى الأمر أي اطعموا طعام الاثنين للثلاثة أو هو تنبيه على أنه يقوت الأربعة وأخبرنا بذلك لئلا نجزع، أو معناه طعام الاثنين إذا أكلا متفرقين كاف لثلاثة اجتمعوا، وقال المهلب المراد من هذه الأحاديث الحث على المكارمة والتقنع بالكفاية وليس المراد الحصر في مقدار الكفاية بل المواساة وهذه الجملة جاءت حديثا مستقلا عند الشيخين أيضا وتقدم شرح ذلك

-[إخباره صلى الله عليه وسلم بأنه خاتم النبيين وإنه لا رسول ولا نبي بعده]- فيها فأنا آخذ بحجزكم وأنتم تواقعون فيها، ومثل الأنبياء كمثل رجل بنى بيتا فأحسنه وأكمله وأجمله فجعل الناس يطيفون به ويقولون ما رأينا بنيانا أحسن من هذا إلا هذه الثلمة (1) فأنا تلك الثلمة: وقيل لسفيان من ذكر هذه؟ قال أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة (عن أنس بن 602 مالك) (2) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الرسالة والنبوة قد انقطعت فلا رسول بعدي ولا نبي (3) قال فشق ذلك على الناس؛ قال قال ولكن المبشرات قالوا يا رسول الله وما المبشرات؟ قال رؤيا الرجل المسلم (4) وهي جز من أجزاء النبوة (5)

_ (1) بضم الثاء المثلثة وسكون اللام (قال في المصباح الثلمة في الحائط وغيره الخلل والجمع ثلم مثل؟؟ وغرف، وثلمت الإناء ثلما من باب ضرب كسرته من حافته فانثلم وتثلم هو أهـ، وقوله مثل الأنبياء إلى آخر الحديث جاء أيضا حديثا مستقلا عند الشيخين وتقدم شرحه في شرح حديث أبي الطفيل الأول من أحاديث الباب فهذه ثلاثة أحاديث جاءت عند الإمام أحمد بسند واحد ساقها سفيان بن عينيه رواية واحدة، ولذلك سأله سائل في آخرها (من ذكر هذه؟) فقال أبو الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة (تخريجه) الشيخان وغيرهما مقطعا (2) (سنده) حدثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا المختار بن فلفل ثنا أنس بن مالك الخ (غريبه) (3) فيه أن الرسالة والنبوة متغايران فالرسول هو الذي يبعث إلى الناس بشرع جديد يوحي إليه ليعمل به ويبلغه الناس، والنبي يوحى إليه ليعمل لنفسه، قال أنس راوي الحديث لما قال ذلك شق على الناس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن المبشرات (4) يعني الإنسان سواء كان رجلا أو امرأة يرى الشيء في منامه (5) تقدم الكلام على شرح قوله هي جزء من أجزاء النبوة في باب رؤيا المؤمن جزء من أجزاء النبوة من كتاب تعبير الرؤيا في الجزء السابع عشر ص 210 فارجع إليه (تخريجه) (مذ ك) وصححه الحاكم وأقره الذهبي واله سبحانه وتعالى أعلم

(القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية)

بسم الله الرحمن الرحيم (القسم الثالث من كتاب السيرة النبوية) في شمائله وخلقته الوسيمة، وأخلاق الطاهرة العظيمة، وخصائصه ومعجزاته، وعاداته وعباداته وأولاده وآل بيته وزوجاته وما خصه الله به من الفضل العظيم، عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم (باب ما جاء في صفة خلقه وتناسب أعضائه واستواه أجزائه وما جمع الله فيه من الكمالات) (ز) (قال عبد الله بن الامام أحمد) حدثنا نصر بن على حدثنا نوح بن قيس حدثنا خالد ابن خالد عن يوسف بن مازن أن رجلا سأل عليا فقال يا أمير المؤمنين انعت لنا رسول الله

_ (غريبه) (1) أي صف لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم (فائدة) قال الحافظ الأحاديث التي فيها صفته صلى الله عليه وسلم داخلة في قسم المرفوع باتفاق مع أنها ليست قولا له ولا فعلا ولا تقريرًا أهو، لذا قال الكرماني موضوع علم الحديث ذاته صلى الله عليه وسلم من حيث أنه رسول الله، وحدّه علم يعرف به أقواله وأفعاله وأحواله، وغايته الفوز بسعادة الدارين

-[حديث علي بن أبي طالب رضي الله عنه في صفة النبي صلى الله عليه وسلم]- صلى الله عليه وسلم صف لنا مثال كان لبس بالذاهب طولا وفوق الربعة إذا جاء مع القوم غمرهم، أبيض شديد الوضح ضخم الهامة أغر أبلج هدب الأشفار شئن الكفين والقدمين إذا مشى يتقله كانما ينحدر في صبب كأن العرق في وجهه اللؤلؤ لم أر قبله ولا بعده مثله بأبي وأمي صلى الله عليه وسلم (عن محمد بن علي بن أبيه) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضخم الرأس عظيم العينين أهدب الأشفار مثرّب العين بحمرة كث اللحية أزهر اللون إذا مشى تكفأ كأنما يمشي في صعد، وإذا التفت التفت جميعا شئن الكفين والقدمين (ومن طريق ثان) عن نافع بن جبير بن مطعم عن علي

_ (غريبه) (1) هو المفرط في الطول، والربعة بفتح الراء هو ما كان بين الطويل والقصير يقال رجل ربعة ومربوع فهو صلى الله عليه وسلم فوق الربعة ودون المفرط في الطول، ومع هذا فقد كان صلى الله عليه وسلم إذا ماشي الطويل زاد عليه لأنه معجزة، (روى ابن أبي حثمة) عن عائشة لم يكن أحد يماشيه من الناس ينسب إلى الطول إلا طاله رسول الله صلى الله عليه وسلم وربما اكتفه الرجلان الطويلان فيطولهما، فإذا فارقاه نسبا إلى الطول ونسب صلى الله عليه وسلم إلى الربعة، وهذا معنى قوله في هذا الحديث إذا جاء مع القوم غمرهم (2) بفتح الواو والضاد المعجمة وهو البياض والضوء (3) أي عظيم الرأس (وقوله أغر) أي مشرق الةجه مسفره (آبلج) أي وضح ما بين حاجبيه فلم يقترنا، والاسم البلج بالتحريك (4) بفتح الهاء وكسر المهملة والأشفار جمع شفر بضم الشين وقد تفتح مع سكون الفاء، وهو حرف جفن العين الذي ينبت عليه الشعر، وهدبه طول الشعر الذي ينبت عليه وكثرته (5) بفتح المعجمة وسكون المثلثة الغليظ الأصابع من الكفين والقدمين، وفي النهاية أي انهما يميلان إلى الغلظ والقصر، وقيل هو الذي في أنامله غلظ بلا قصر ويحمد ذلك في الرجال لأنه أشد لقبضتهم ويذم في النساء أهـ (6) أراد قوة مشيه كأنه يرفع رجليه من الأرض رفعا قويًا لا كمن يمشى اختيالا ويقارب خطاه فإن ذلك من مشى النساء ويوصفن به (نه) (7) الصبب الخدور بفتح الحاء المهملة وهو المكان المنحدر لا بضمها لأنه مصدر (تخرجه) هذا الحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه ولم أقف عليه بهذا اللفظ لغيره وهو حديث ضعيف لأن في إسناده خالد بن خالد مجهول (قال في تعجيل المنفعة) لا يعرف وفي إسناده أيضا رجل لم يسم والله آعلم (8) (سنده) حدثنا يونس حدثنا حماد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن على عن أبيه (يعني على بن أبي طالب رضي الله عنه) الخ (غريبة) (9) أي شديد اتساعهما (10) بصيغة اسم المفعول مشددا وخففا (بحمرة) وهي عروق حمر رقاق من علاماته في الكتب السابقة رواه البيهقي (11) قال في النهاية الكثاثة في اللحية أن تكون غير دقيقة ولا طويلة وفيها كشافة يقال رجل كث اللحية بالفتح (أي بفتح الكاف) وقوم كث بضمها (12) أي أبيض مستنير وهو أحسن الألوان (13) أي تمايل إلى قدام (والُّصعد) بضمتين جمع صعود بفتح الصاد وهي الطريق صاعدا (14) أي بكليّه أراد أنه لا يسارق النظر، وقيل أراد لا يلوى عنقه يمنه ولا يسرة إذا نظر إلى الشيء إنما يفعل ذلك الطائش الخفيف ولكن كان يقبل جميعا أو يدبر جميعًا قاله الجزرى (15) (سنده) حدثنا وكيع

-[حديث أبي هريرة والبراء بن عازب في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم]- قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل ولا بالقصير ضخم الرأس واللحية شئن الكفين والقدمين مشرب وجهه حمرة طويل المسر به ضخم الكراديس إذا مشى تكفأ تكفأ كانما ينحط من محبب لم أر قبله مثله ولا بعده صلى الله عليه وسلم (عن أبي صالح مولى التوأمة) قال سمعت أبا هريرة رضي الله عنه ينعت النبي صلى الله عليه وسلم فقال كان شبح الذراعين أهدب أشفار العينين بعيد ما بين المنكين يقبل إذا أقبل جميعا ويدبر إذا أدبر جميعا، قال روح في حديثه بابي وأمي لم يكن فاحشا ولا متفحشًا ولا سخايا بالأسواق (راد في رواية) ضخم الكفين والقدمين لم أر بعده مثله (عن البراء بن عازب) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا مربوعا بعيد ما بين المنكبين عظيم الجمة إلى شحمة أذنه عليه حلة حمراء ما رأيت شيئا قط أحسن منه صلى الله عليه وسلم (عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) أنه سمع أنس بن مالك

_ أنبأنا المسعودي عن عثمان بن عبد الله بن هرمز عن نافع بن جبير الخ (1) أي عظيم الرأس غزير شعر اللحية (2) جاء في بعض الروايات أبيض مشرب وجهه أي هو أبيض اللون (مشرب) اسم مفعول من الإشراب أي مخلوط بحمرة (قال في النهاية) الإشراب خلط لون بلون كأن أحد اللونين سقى اللون الآخر، يقال بياض مشرب حمرة بالتخفيف، وإذا شدد كان للتكثير والمبالغة أهو هذا لا ينافى ما جاء في بعض الروايات وليس بالأبيض لأن البياض المثبت ماخلطه حمرة والمنفى مالا يخالطها وهو الذي تكرهه العرب (3) بفتح الميم وسكون المهملة وضم الراء الشعر المستدق الذي يأخذ من الصدر إلى السرة (4) هي رءوس العظام وأحدها كردوس، وقيل هي ملتقى كل عظمين ضخمين كالركبتين والمرفقين والمنكبين، أراد أنه ضخم الأعضاء (5) أي قبل موته لأن عليًا لم يدرك زمانا قبل وجوده (ولا بعده) أي بعد موته (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح (6) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون قال أنا ابن أبي ذئب وروح قال ثنا ابن أبي ذئب عن أبي صالح مولى التوأمة الخ (غريبة) (7) أي يصف النبي صلى الله عليه وسلم (8) بفتح الشين المعجمة وسكون الموحدة بعدها حاء مهملة أي طويلهما وقيل عريضهما (9) أي طويل شعر الأجفان (10) تثنية منكب والمنكب بكسر الكاف ما بين الكتف والعنق والجمع مناكب (11) الفاحش ذو التفحش في كلامه، والمتفحش الذي يتكلف ذلك ويتعمده (ولا سخابا بالأسواق) السخب والصخب معناه الصباح (تخريجه) (عب) والبيهقي في الشمائل وسنده صحيح رجاله كلهم ثقات (12) (سنده) حدثنا (محمد بن جعفر) قال ثنا شعبة قال سمعت أبا إسحاق قال سمعت البراء يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (13) بكسر الجيم خبر كان واسمها محذوف والتقدير كان شعره صلى الله عليه وسلم رجلا أي لم يكن شديد الجعودة ولا شديد السبوطة بل بينهما (14) الجمة بضم الجيم وتشديد الميم مفتوحة ما سقط من شعر الرأس على المنكبين وأحيانا تكون إلى شحمة الأذن وأحيانا فوق ذلك (تخريجه) (ق. وغيرهما) (15) (سنده) حدثنا أبو سلمة الخزاعي أنبأنا سليمان بن بلال قال حدثني ربيعه بن أبي عبد الرحمن الخ (غريبه)

-[حديث أنس وجابر بن سمرة في صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم]- ينعت النبي صلى الله عليه وسلم بما شاء ينعته، قال ثم سمعت أنسا يقول وكان النبي صلى الله عليه وسلم ربعة من القوم ليس بالقصير ولا بالطويل البائن أزهر ليس بالآدم ولا بالابيض ولا الأمهق رجل الشعر ليس بالسيط ولا الجعد القطط بعث على رأس أربعين، أقام بمكة عشرًا وبالمدينة عشرا، وتوفى على رأس ستين سنة ليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء (حدثنا محمد بن جعفر) ثنا شعبة عن سماك قال سمعت جابر بن سمرة (رضي الله عنه) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضليع الفم أشكل العين منهوس العقب، قلت لسماك ما ضليع الفم؟ قال عظيم قلت ما أشكل العين؟ قال طويل شفر العين، قلت ما منهوس العقب؟ قال قليل لحم العقب (ز) (عن جابر بن سمرة) أيضًا قال كان في ساقي رسول الله صلى الله عليه وسلم حموشة وكان لا يضحك إلا تبسما وكنت إذا رأيته قلت اكحل العينين وليس بأكحل (ز) (وعنه أيضا)

_ (1) بفتح الراء وسكون الموحدة أي مربوعا والتأنيث باعتبار النفس يقال رجل ربعة وامرأة ربعة وقد فسره في الحديث بقوله ليس بالقصير ولا بالطويل البائن، وجاء في بعض الروايات الصحيحة وهو إلى الطول أقرب (2) بالمد وهو شديد السمرة (3) بوزن أبيض والامهق هو شديد البياض كلون الجص وإنما يخالط بياضه الحمرة كما تقدم في الأحاديث السابقة (4) بالقاف وكسر الطاء الأولى وفتحها أي ليس شديد الجعودة كشعر السودان ولاسبط بفتح السين المهلمة وكسر الموحدة من السبوطة ضد الجعودة أي ولا مسترسل فهو متوسط بين الجعودة والسبوطة (5) تقدم الكلام على شرح هذه الجملة في شرح حديث رقم 28 ص 210 في الجزء العشرين (6) أي بل دون ذلك (تخريجه) (ق. مذ. نس وغيرهم) (7) (حدثنا محمد بن جعفر الخ) (غريبة) (8) أي عظيم الفم (قال النووي) كذا قال الأكثرون، وهو الأظهر، قالوا والعرب يمدح بذلك ويذم صغر الفم وهو معنى قول ثعلب في ضليع الفم واسع الفم (وأما قوله في أشكل العين) فقال القاضي هذا وهم من سماك باتفاق العلماء أو غلط ظاهر، وصوابه ما اتفق عليه العلماء ونقله أبو عبيد وجميع أصحاب الغريب أن الشكلة حمرة في بياض العينين وهو محمود، والشهلة حمرة في سود العين (وأما المنهوس) فبالسين المهملة هكذا ضبطه الجمهور وقال صاحب التحرير وابن الأثير روى بالمهملة والمعجمة وهما متقاربان، ومعناه قليل لحم العقب كما قال (تخريجه) (م مذ) (9) (ز) (سنده) (قال عبد الله بن الإمام أحمد) حدثني شجاع بن مخلد أبو الفضل ثنا عباد بن العوام عن الحجاج عن سماك هو ابن حرب عن جابر بن سمرة الخ (غريبة) (10) بضم الحاء والميم أي دقة ولطافة متناسبة لسائر أعضائه (11) في غالب أحواله (12) هذه الأفعال الثلاثة يجوز ضم التاء فيها بصيغة المتكلم ويجوز فتحها على صيغة الخطاب (وقوله اكحل العينين أي هو مكحل العينين (وليس بأكحل) بل كانت عينه كحلاء من غير اكتحال قاله القارئ (تخريجه) (مذ. ك) وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب (13) (ز) (سنده) (قال عبد الله بن الإمام أحمد) حدثني الصغاني ثنا سلمة بن حفص السعدي قال عبد الله وقد رأيت أنا سلمة بن حفص وكان يكتي أبا بكر من ولد سعد بن مالك أبيض الرأس واللحية فحدثني عنه أبو بكر الصغاني ثنا يحيى بن يمان عن (2)

-[حديث جابر بن سمرة في صفة وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وشعره]- قال كانت إصبع النبي صلى الله عليه وسلم متظاهرة (عن أشعت) أنه قال لشيخ من بني مالك بن كنانه رأى النبي صلى الله عليه وسلم أنعت لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بين بردين أحمرين مربوع كثير اللحم حسن الوجه شديد سواد الشعر أبيض شديد البياض سابغ الشعر (عن محرِّش الكعبي الخزاعي) أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج من الجعرانة ليلا فاعتمر ثم رجع فاصبح كبائت بها فنظرت إلى ظهره كأنه سبيكة فضة (باب ما جاء في صفة وجهه وشعره صلى الله عليه وسلم) (عن أبي اسحق) قال قيل للبراء بن عازب رضي الله عنه أكان وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حديداً هكذا مثل السيف؟ قال لا بل مثل القمر (عن سماك أنه سمع جابر بن سمرة) يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شمط مقدم لحيته ورأسه فاذا دهن ومشط لم يتبين وإذا شعث رأسه تبين وكان كثير الشعر واللحية، فقال رجل وجهه مثل السيف؟ قال لا بل مثل الشمس والقمر مستديرا

_ إسرائيل عن سماك عن جابر بن سمرة قال كانت الخ غريبة (1) جاء تفسير ذلك في حديث ميمونة بنت كردم قالت رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وكانت إصبعه التي تلى الإبهام لها فضل في الطول على الإبهام تعني من الرجل، أو رده الهيثمي وعزاه للطبراني في الكبير قال وفيه من لم أعرفهم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه عبد الله (يعني ابن الأمام أحمد) وفيه سلمة بن حفص وهو ضعيف أهـ (قلت) وأورده أيضا الحافظ ابن كثير في تاريخه من طريق سلمة بن حفص أيضا به، قال كانت إصبع لرسول الله صلى الله عليه وسلم خنصره من رجله متظاهرة وعزاه للبيهقي وقال هذا حديث غريب (2) (عن أشعت الخ) هذا طرف عن حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في عرض رسول الله صلى الله عليه وسلم نفسه الكريمة على أحياء العرب في مواسم الحج الخ في الجزء العشرين ص 265 رقم 131 (3) (عن محرش الكعبي الخزاعي الخ) هذا مختصر من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في عمرة الجعرانة من كتاب الحج في الجزء الحادي عشر ص 68 رقم 62 وهو حديث حسن رواه دنس مذ) باب (4) (سنده) حدثنا أحمد بن عبد الملك قال ثنا زهير ثنا أبو إسحاق قال قيل للبراء الخ (5) أي في الطول واللمعان ولما لم يكن السيف شاملا للطرفين قاصرًا في تمام المرآى عن الاستدارة والإشراق الكامل والملاحة ردّه ردّا بليغا حيث (قال ر بل مثل القمر) في الحسن والملاحة والتدوير، وعدل إلى القمر لجمعه الصفتين التدور واللمعان (تخريجه) (خ) وأخرج نحوه مسلم والإمام أحمد أيضًا وسيأتي بعد هذا من حديث جابر بن سمرة (6) حدثنا عبد الرزاق أنا إسرائيل عن سماك أنه سمع جابر بن سمرة الخ (غريبة) (7) بكسر الميم قال النووي اتفق العلماء على أن المراد بالشمط هنا ابتداء الشيب يقال منه شمط وأشمط (8) أي دهن مقدم رأسه ولحيته بالطيب ونحوه (ومشط) بفتحات أي سرحهما بالمشط (9) أي لم يظهر من شعره صلى الله عليه وسلم شيء من البياض (وإذا شعت) بكسر المهملة من باب تعب أي تغير وتلبد لقلة تعهده بالدهن (10) أي ظهر الشعر الأبيض منه (11) في هذه الرواية مثل الشمس والقمر وكذلك جاء عند مسلم أي مثل الشمس في نهاية الإشراق والقمر أي في الحسن وفي قوله (مستديرا) تنبيه على

-[حديث أنس وعائشة رضي الله عنهما في صفة شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم]- قال ورأيت خاتمه عند كفه مثل بيضة الحمامة يشبه جسده (عن أنس بن مالك) قال كان شعر النبي صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أذنيه (وعنه أيضا) قال كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم شعر يصيب (وفي رواية يضرب) منكبيه (عن قتادة) قال سألت أنسا عن شعر النبي صلى الله عليه وسلم قال كان شعره رجلا ليس بالجعد ولا بالسَّبط كان بين أذنيه وعاتقه (عن حميد) أن أنسا سئل عن شعر النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما رأيت شعراً أشبه بشعر النبي صلى الله عليه وسلم من قتادة ففرح يومئذ قتادة (عن أنس بن مالك) أن النبي صلى الله عليه ولسم كان لا يجاوز شعره أذنيه (عن البراء بن عازب) قال ما رأيت منذ ي لمَّة أحسن في حلة حمراء من رسول الله صلى الله عليه وسلم له شعر يضرب منكبيه، بعيد ما بين المنكبين، ليس بالقصير ولا بالطويل (عن عائشة رضي الله عنها) قال كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم دون الجمة وفوق الوفرة (وعنها أيضا) قال كنت إذا فرقت لرسول صلى الله عليه وسلم رأسه صدعت فرقة عن يا فوخه وأرسلت ناصيته بين صدغيه (عن أبي رمثة التيمي) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يخضب بالحناء والكتم وكان شعره يبلغ كتفيه أو منكبيه

_ أنه أراد التشبيه بالصفئين معا الحسن والاستدارة (1) تقدم الكلام على خاتم النبوة في باب ذكر رضاعه صلى الله عليه وسلم من حليمة في الجزء العشرين ص 191 وسيأتي لذلك مزيد بحث في شرح باب ما جاء في صفة خاتم النبوة بعد باب (تخريجه) (م نس) (2) (عن أنس بن مالك الخ) هذا الحديث والذي بعده تقدما بسندهما وشرحهما وتخريجهما في باب جواز اتخاذ الشعر وإكرامه من أبواب سنن الفطرة في الجزء السابع عشر: الأول رقم 43 والثاني يليه (3) (سنده) حدثنا بهز ثنا جرير بن حازم قال سمعت قتادة قال سألت أنسا الخ (غريبة) (4) هو بفتح الراء وكسر الجيم وهو الذي بين الجعودة والسبوطة قاله الأصمعي (تخريجه) (ق وغيرهما) (5) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد عن حميد أن أنسا الخ (تخريجه) لم أقف على هذا الأثر لغير الإمام أحمد وسنده صحيح ورجاله من رجال الصحيحين (6) (سنده) حدثنا أبو كامل ثنا حماد عن ثابت البناني عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) زم بلفظ كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أذنيه (7) (سنده) حدثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي إسحاق عن البراء بن عازب الخ (غريبة) (8) اللمة بكسر اللام وتشديد الميم مفتوحة هي التي ألمت بالمنكبين (تخريجه) (ق. وغيرهما) (9) (عن عائشة رضي الله عنها) هذا الحديث والذي بعده تقدما بسندهما وشرحهما وتخريجهما في باب جواز اتخاذ الشعر وإكرامه من أبواب سنن الفطرة في الجزء السابع عشر: الأول صفحة 223 رقم 44 والثاني صفحة 333 رقم 48 (10) (عن أبي رمثة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في تغيير الشيب بالحنا والكتم من كتاب اللباس في الجزء السابع عشر ص 316 رقم 24 فارجع إليه، هذا وقد اختلف الرواة في شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بعضهم إلى أنصاف أذنيه، وقال بعضهم كان يصيب منكبيه، وقال بعضهم كان بين أذنيه وعاتقه، وقال بعضهم كان لا يجاوز شعره أذنيه، وقالت عائشة كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم دون الجمة وفوق الوفرة، (وفي حديث البراء عند مسلم) كان عظيم الجمة إلى شحمة أذنيه (قال النووي رحمه الله) قال

-[حديث أنس وعبد الله بن بسر في شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم]- (عن أم هانئ) قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم مكة وله أربع غدائر (باب ما جاء في شيبه صلى الله عيه وسلم) (عن انس) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يخضب قط إنما كان البياض في مقدم لحيته وفي العنفقة وفي الرأس وفي الصدغين شيئا لا يكاد يرى وأن أبا بكر خضب بالحناء (عن حرير بن عثمان) قال كنا غلمانا جلوسا عند عبد الله بن بسر وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ولم نكن نحن نسأله فقلت أشيخا كان النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال كان في عنفقته شعرات بيض

_ أهل اللغة الجمة أكثر من الوفرة، فالجمة الشعر الذي نزل إلى المنكبين والوفرة ما نزل إلى شحمة الأذنين واللمة التى ألمت بالمنكبين (قال القاضي) والجمع بين هذه الروايات أن ما يلي الأذن هو الذي يبلغ شحمة أذنيه وهو الذي بين أذنيه وعاتقه، وما خلفه هو الذي يضرب منكبيه، قال وقيل بل ذلك لاختلاف الآوقات، فإذا أغفل عن تقصيرها بلغت المنكب، وإذا قصرها كانت إلى أنصاف الأذنين، فكان يقصر ويطول بجسب ذلك، والعاتق ما بين المنكب والعنق، وأما شحمة الأذن فهو اللين منهما في أسفلها وهو معلق القراط منها، وتوضح هذه الروايات رواية إبراهيم الحربي كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة ودون الجمة أهـ قلت يعني حديث عائشة المذكور في هذا الباب والله أعلم (1) (سنده) حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أم هاني (يعني بلت أبي طالب آخت على رضي الله عنهما) (غريبة) (2) جمع غديرة يعني ضفيرة، وقد جاء عند الترمذي بلفظ ضفائر بدل غدائر، قال في انجاح الحاجة لعله صلى الله عليه وسلم فعل ذلك خشية الغبار (تخريجه) (د مذ جه) وقال الترمذي هذا حديث حسن، وعبد الله ابن أبي نجيح مكي وأبو نجيح اسمه يسار، قال محمد (يعني البخاري) لا أعرف لمجاهد سماعا من أم هانيء أهـ قال شارحه (فإن قلت) كيف حّسن الترمذي هذا الحديث مع أنه قد نقل عن الإمام البخاري أنه قال لا أعرف لمجاهد سماعا من أم هانيء (قلت) لعله مذهب جمهور المحدثين فإنهم قالوا إن عنعة غير المدلس محموله على السماع إذا كان اللقاء ممكنا وإن لم يعرف السماع والله تعالى أعلم (باب) (3) (سنده) حدثنا أبو سعيد ثنا المثنى عن قتادة عن أنس (يعني ابن ملك) الخ (غريبة) (4) هي الشعرات تحت الشفة السفلى (وقوله وفي الرأس) جاء عند مسلم (وفي الرأس نبذ) بفتح النون وسكون الموحدة آخره ذال معجمة أي شعرات متفرقة (5) الصدغ بضم الصاد المشددة هو ما بين العين والأذن (6) زاد عند مسلم والكتم (قال النووي) أما الحناء فممدود وهو معروف وأما الكتم. فبفتح الكاف والتاء المثناه، من فوق المخففة هذا هو المشهور، وقال أبو عبيدة هو بتشديد التاء وحكاه غيره، وهو نبات يصبغ به الشعر يكثر بياضه أو حمرته إلى الدهمة (تخريجه) (ق. وغيرهما) (7) (سنده) حدثنا حجاج بن محمد عن حريز بن عثمان قال كنا غلمانا إلى آخره (وله طريق ثان) عند الإمام أحمد أيضا قال حدثنا حسن بن موسى ثنا حريز قال قلت لعبد الله بن بسر ونحن غلمان لا نعقل العلم أشيخا كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكره (غريبة) (8) معناه أنهم كانوا صغارا لا يعقلون العلم كما صرح بذلك في الطريق الثانية (9) أي لا تزيد على عشرة لا يراده بصيغة جمع القلة، وقيل إنهما كانت سبع عشرة شعرة وقبل عشرين كما في حديث ابن عمر الآتي والله أعلم (تخريجه) (خ) وهو من ثلاثيات الإمام أحمد

-[حديث سماك وابن عمر وأبي يرمثه في شيب رسول الله صلى الله عليه وسلم]- (عن سماك) قال سمعت جابر بن سمرة وسئل عن شيب النبي صلى الله عليه وسلم، قال كان في رأسه شعرات إذا دهن رأسه لم تتبين وإذا لم يدهنه تبين (عن ابن عمر) قال كان شيب رسول الله صلى الله عليه سولم نحوا من عشرين شعرة (ز) (عن أبي رمثة) التيمي أتيت النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم ومعي ابن لي فقال ابنك هذا؟ قلت أشهد به، قال لا يجنى عليك ولا تجنى عليه قال ورأيت الشيب أحمر (وعنه أيضا) قال خرجت مع أبي حتى أتينا النبي صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فرأيت برأسه ردع حناء

_ (1) (سنده) حدثنا سليمان بن داود أنا شعبة عن سماك (يعني ابن حرب الخ) (غريبة) (2) قال في المصباح دهنت العشر وغيره دهنا من باب قتل، والدهن بضم ما يدهن به من زيت وغيره (قلت كطب ونحوه) قال وجمعه دهان بالكسر (3) معناه إذا دهن رأسه لم يظهر الشعر الأبيض؛ وإذا لم يدهنه ظهر والله اعلم (تخريجه) (م نس) (4) (سنده) حدثنا يحيى ابن آدم حدثنا شريك عن عبيد الله عن نافع عن؛ ابن عمر الخ (غريبة) (5) تقدم في حديث عبد الله بن بسر بلفظ كان في عنفقته شعرات بيض بصيغة جمع القلة، وجمع القلة لا يزيد على عشرة، لكن خصه بعنفقته الكريمة فيحتمل أن يكون الزائد على ذلك في رأسه ولحيته والله أعلم (تخريجه) (مذ) في الشمائل وسنده صحيح (6) (ز) (سنده) (قال عبد الله بن الإمام أحمد) حدثني عمرو بن محمد بن بكير الناقد حدثنا هشيم غير مرة قال أخبرني عبد الملك بن عمير عن أياد بن لقيط عن أبي رمثة التيمي الخ (قلت) رمثة بكسر الراء وفتح المثلثة بينهما ميم ساكنة وأبو رمثة هذا صحابي اشتهر بكنيته وعرف بها، واختلف في اسمه اختلافا كثيرا والصحيح هو الذي جزم به الإمام أحمد أن اسمه رفاعة بن يثربي بفتح الياء التحتية وسكون المثلثة التيمي) بفتح التاء المثناه وسكون الياء التحتية وبعدها ميم وفي العرب قبائل عدة اسمها تيم، والمراد هنا تيم الرباب كما بينه البخاري وغيره (غريبة) (7) قال في النهاية الجناية الذنب والجرم وما يفعله الإنسان مما يوجب عليه العذاب والقصاص في الدنيا والآخرة، والمعنى أنه لا يطالب بجناية غيره من آمار به وأباعده؛ فإذا جنى أحدهما جناية لا يعاقب بها الآخر، لقوله تعالى (ولا تزر وازرة وزر أخرى) (تخريجه) هذا لحديث من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه ورواه أيضًا (حم د مذ نس) من عدة طرق بعضهم رواه مطولا وبعضهم رواه مختصرا، والحديث صحيح سواء فيه المطول والمختصر، إلا أنه وقع خطأ في بعض رواياته من بعض رواته، والظاهر أن هذا الحديث لقصة واحدة تنوع فيها السياق من رواتها، وأكثر الروايات وأرجحها أن أبا رمثة جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم مع أبيه. وفي بعضها أنه جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعه ابنه كما في حديث الباب الذي نحن بصدد شرحه ويعارضه الحديث الآتي بعده ففيه أن أبا رمثه قال خرجت مع أبي حتى أتينا النبي صلى الله عليه وسلم الخ؛ وأن من ذكر من الرواة غير ذلك فقدوهم وسيأتي ما يؤيد ذلك والله أعلم (8) (سنده) حدثنا وكيع حدثنا سفيان عن أياد بن لقيط السدوسي عن أبي رمثة قال خرجت مع أبي الخ (غريبة) (9) الردع بفتح الراء وسكون الدال المهلمة هو أثر الخلوق والطيب ونحوهما في الجسد (تخريجه) (د نس مذ) وسنده صحيح، وفيه أن أبا رمثة كان مع أبيه وهو من رواية أباد بن لقيط عن أبي رمثة، وقد روى عنه خمسة من الرواة أن أبا رمثة كان مع أبيه

-[حديث أبي جحيفة في شيب النبي صلى الله عليه وسلم ومن رآه مخضوبا بالحنا والكتم]- (عن عثمان بن عبد الله بن موهب) قال دخلت على أم سلمة فأخرجت الينا شعرا من شعر رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم مخضوبا بالحناء والبكتم (عن أبي جحيفة وهب بن عبد الله السوائي) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الأبطح العصر ركعتين ثم قدّم بين يديه عنزة بينه وبين مادة الطريق ورأيت الشيب بعنفقته أسفل من شفته السفلى

_ وروى عنه اثنان عكس ذلك، ويكفى في ترجيح رواية الخمسة عن أياد أن يكون منهم سفيان الثورى أمير المؤمنين في الحديث في عصره كما وصفه بذلك الأئمة الحفاظ شعبة وابن عيينة وأبو عاصم وابن معين وغيرهم (ومما يؤيد ذلك أيضا) ما رواه عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على مسند أبيه وتقدم في باب لا يؤخذ المرء بجنابة غيره في الجزء السادس عشر ص 60 رقم 160 عن أبي رمثة قال انطلقت مع أبي نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ابنك هذا. قال إي ورب الكعبة الخ، وهو يؤيد هذا الحديث ويعارض الحديث السابق مع أنهما من زوائد عبد الله ولكنهما تعارضا والراجح كما تقدم أن أبا رمثة كان مع أبيه والله أعلم (1) (عن عثمان بن عبد الله بن موهب الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخرجه في باب ما جاء في تغيير الشيب بالحناء والكتم في الجزء السابع عشر ص 316 رقم 26 (2) سنده (حدثنا) إسماعيل بن عمر ثنا يونس عن أبي إسحاق عن أبي جحيفه وهب ابن عبد الله السوائي الخ (غريبة) (3) الأبطح هو الموضع المعروف على باب مكة ويقال البطحاء أيضا وهو المسيل الواسع الذي فيه دقاق الحصى وكان ذلك في حجة الوداع (4) بفتحات مثل نصف الرمح وأكبر شيئا وفيها سنان مثل الرمح، والعكازة قربب منها (5) معناه أنه صلى الله عليه وسلم جعلها سترة بينه وبين من يمر من الناس وغيرهم، فلا يضر المصلى من مر من ورائها، وله في رواية أخرى (وبين يديه عنزة قد أقامها بين يديه يمر من ورائها الناس والحمار والمرآة (6) هذا موضع الدلالة من حديث الباب أنه رأى الشيب بعنفقة النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق وغيرهما) بالفاظ مختلفة والمعنى واحد (هذا) وفي أحاديث الباب إثبات الشيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم فبعضهم ذكر أنه كان في عنفقته؛ فقط وبعضهم روى أنه كان في اللحية وفي الرأس وفي الصدعين وبعضهم روى أنه كان قليلا نحو من عشرين شعرة، وروى بعضهم أنه كان أقل من ذلك (قال النووي) رحمه الله قال القاضي اختلف العلماء هل خضب النبي صلى الله عليه وسلم أم لا؟ فمنعه الأكثرون بحديث أنس، وهو مذهب مالك، وقال بعض المحدثين خضب لحديث أم سلمة هذا ولحديث ابن عمر أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يصبغ بالصفرة: وجمع بعضهم بين الأحاديث بما أشار إليه في حديث أم سلمة من كلام أنس في قوله فقل ما أدرى في هذا الذي يحدثون إلا أن يكون شيء من الطيب الذي كان يطيب به شعره، لأنه صلى الله عليه وسلم كان يستعمل الطيب كثيرا وهو يزيل سواد الشعر، فأشار أنس إلى أن تغيير ذلك ليس بصبغ وإنما هو لضعف لون سواده بسبب الطيب، قال ويحتمل أن تلك الشعرات تغيرت بعده لكثرة تطيب أم سلمة لها أكراما هذا آخر كلام القاضي (قال النووي) والمختار أنه صلى الله عليه وسلم صبغ في وقت وترك في معظم الأوقات فأخبر كل بما رأى وهو صادق، وهذا التأويل كالمتعين لحديث ابن عمر في الصحيحين ولا يمكن تركه ولا تأويل له والله أعلم (وأما اختلاف الرواية) في قدر مشيبة فالجمع بينها أنه رأى شيبا بسيرا فمن أثبت شيبه أخبر عن ذلك اليسير، ومن نفاه أراد أنه لم يكثر فيه كما

-[حديث جابر بن سمرة وعبد الله بن سرجس في خاتم النبوة]- (باب ما جاء في صفه خاتم النبوة الذي بين كتفيه صلى الله عليه وسلم) (عن سماك بن حرب) قال سمعت جابر بن سمرة قال رأيت خاتما في ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنه بيضة حمام (زاد في رواية ولونها لون جسده (عن عاصم الأحول) قال سمعت عبد الله بن سرجس قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكلت معه من طعامه (وفي رواية وشربت من شرابه) فقلت غير الله لك يا رسول الله، فقلت استغفر لك؟ قال شعبة أو قال له رجل، قال نعم ولكم، وقرأ (واستغفر لذنبك وللمؤمنين والمؤمنات) ثم نظرت إلى نغض كتفه الأيمن أو كتفه الأيسر شعبة الذي يشك فإذا هو كهيئة الجمع عليه التآليل (وفي رواية ورأيت خاتم النبوة في نغض كتفه اليسرى كأنه جمع فيه خيلان سود كانها الثآليل (وعنه منطريق ثان) عن عبد الله بن سرجس قال ترون هذا الشيخ يعني نفسه كلمت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت

_ قال في الرواية الأخرى لم ير من الشيب ألا قليلا والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سماك بن حرب الخ (غريبة) (2) جاء عند الشيخين من حديث السائب بن يزيد فنطرت إلى خاتمة بين كتفيه مثل زر الحجلة (قال النووي) أما بيضة الحمامة فهو بيضتها المعروفة، وأما زر الحجلة فيزاى ثم راء، والحجلة بفتح الحاء والجيم هذا هو الصحيح المشهور، والمراد بالحجلة واحدة الحجال وهي بيت كالقبة لها أزرار كبار وعرى؛ هذا هو الصواب المشهور الذي قاله الجمهور وقال بعضهم المراد بالحجلة الطائر المعروف وزرّها بيضتها، وأشار إليه الترمذي وأنكره عليه العلماء (وقال الخطابي) روى أيضا بتقديم الراء على الزاي ويكون المراد البيض يقال أرزّت الجرادة بفتح الراء وتشديد الزاى إذا كبت ذنبها في الأرض فباضت (تخريجه) (م مذ) (3) (سنده) حدثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبة عن عاصم الأحوال الخ (غريبة) (4) هذه الجملة ليست عند مسلم وهي قوله (غفر الله لك يا رسول الله) وهي دعاء للنبي صلى الله عليه وسلم وإن كان غير محتاج إلى دعائه ولكن عملا بالسنة في الدعاء لصانع المعروف لأنه أطعمه وسقاه (5) الظاهر أن القائل (فقلت استغفر لك) هو عاصم الراوي عن عبد الله بن سرجس، أي استغفر لك النبي صلى الله عليه وسلم كما صرح بذلك في رواية مسلم (6) أو للشك من شعبة يشك هل قال عاصم فقلت استغفر لك أو قال له رجل آخر استغفر لك؟ ولفظه عند مسلم من طريق عاصم أيضا عن عبد الله بن سرجس قال رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأكلت معه خبزًا ولحما أو قال نريدًا قال فقلت له استغفر لك النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال نعم ولك ثم تلا هذه الآية الخ وهذا معنى قوله ولك كما في رواية مسلم أو ولكم كما في رواية الإمام أحمد لأن الآية عامة تشمل كل مؤمن وؤمنة (7) النغض بضم وفتحها والناغض (قال النووي) قال الجمهور هو أعلى الكتف، وقيل هو العظم الرقيق الذي على طرفه، وقيل، ما يظهر منه عند التحرك (8) بضم الجيم وسكون الميم معناه أنه كجمع الكف وهو صورته بعد أن تجمع الأصابع وتضمها (عليه الثآليل) جمع ثؤلول الحبة التي تظهر في الجلد كالحمصة بكسر الحاء وتشديد الميم مفتوحة عند الكوفيين ومكسورة عند البصريين فما دونها (9) بكسر الحاء المعجمة وإسكان الباء جمع خال وهو الشامة في الجسد (10) سنده حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن

-[حديث أبي سعيد وأبي زيد الأنصاري وقرة بن أياس في صفة خاتم النبوة]- معه ورأيت العلامة النبي بين كتفيه، وهي في طرف نغض كتفه اليسرى كأنه جمع يعني الكف المجتمع وقال بيده فقبضها عليه خيلان كهيئة الثآليل (عن غياث البكرى) قال كنا نجالس أبا سعيد الخدري رضي الله عنه بالمدينة فسألته عن خاتم رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان بين كتفيه فقال باصبعه السبابة هكذا لحم ناشز بين كتفيه صلى الله عليه وسلم (عن علباء بن أحمر) حدثنا أبو زيد قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم اقترب مني، فاقتربت منه، فقال ادخل يدك فامسح ظهري، قال فأدخلت يدي في قميصه فمسحت ظهره فوقع خاتم النبوى بين إصبعيّ قال فسئل عن خاتم النبوة قال شعرات بين كتفيه (عن معاوية بن قرة عن أبيه) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من مزينة قبايناه وإن قميصه لمطلق قال فبايعناه ثم ادخلت يدي في جيب قميصه

_ عاصم بن سليمان عن عبد الله بن سرجس الخ (غريبة) (1) أي أشار بيد فقبضها أي ضم أصابعها (وقوله علي) أي على الخاتم (تخريجه) (م) والترمذي في الشمائل، وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وعزاه للإمام أحمد ثم قال ورواه مسلم والترمذي والنسائي وابن جرير وابن أبي حاتم من طرق عن عاصم الأحول به (2) (سنده) حدثنا سريج ثنا أبو ليلى قال أبي سماه سريج عبد الله بن ميسرة الخراساني عن غياث البكري الخ (قلت) القائل في السند قال أبي هو عبد الله بن الإمام أحمد ومعناه أن الإمام أحمد قال إن سريجا سمى أبا ليلى عبد لله بن ميسرة الخراساني (غريبة) (3) أي أشار بأصبعه السبابة الخ وجاء في الشمائل للترمذي عن أبي سعيد أيضًا قال الخاتم الذي بين كتفى رسول الله بضعة ناشزة (بضعة) بفتح الموحدة أي قطعة لحم (ناشزة) بنون وشين مكسورة فزاى أي مرتفعة، وعند البيهقي والبخاري في التاريخ عنه لحمة ناتئة، وكلتا الروايتين تفسر رواية بضعة (تخريجه) رواه الترمذي في الشمائل والبيهقي والبخاري في التاريخ، واورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه عبد الله بن ميسرة وثقة ابن حيان وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات (4) (سنده) حدثنا حرمى بن عمارة قال حدثني عزرة الأنصاري حدثنا علباء بن أحمر حدثنا أبو زيد الخ (قلت) أبو زيد هو الأنصاري اسمه عمرو بن أخطب قال الحافظ في الأصابة غزا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاث عشرة وسمح رأسه وقال اللهم جمله ونزل البصرة وهو ممن جاوز المائة اهـ (قلت) وستأتي ترجمته في كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى (تخريجه) أخرجه الترمذي في الشمائل وصححه ابن حيان والحاكم: وأورده الهيثمي وقال رواه (حم عل طب) وزاد الطبراني في رواية عنده رأيت الخاتم على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم هكذا بظهره كأنه يختم: واحد أسانيده رجاله رجال الصحيح (5) (سنده) حدثنا حسن يعنى الأشيب وأبو النضر قالا ثنا زهير عن عروة بن عبد الله بن قشير عن معاوية بن قرة عن أبيه قال أبو النضر في حديثه ثنا زهير ثنا عروة بن عبد الله بن قشير أبو مهل الحنفي قال حدثني معاوية بن قرة عن أبيه الخ (غريبة) (6) جاء عند أبي داود لمطلق الازرار (8) قبل هذا يدل على أن جيب قميصه كان كما هو المعتاد وكان أحب الثياب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص فقد جاء عن أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت لم يكن ثوب أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قميص؛ وتقدم هذا الحديث بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في الإزار والقميص من كتاب اللباس في الجزء

-[حديث أبي رمثة التيمي في صفة خاتم النبوة]- فمسست الخاتم ثم قال عمروة فما رأيت معاوية ولا ابنه قال حسن يعني إياساً في شتاء قط ولا حرّ إلا مطلقى ازرارهما لا يزرانه أبدا (وعنه من طريق ثان) يحدث عن أبيه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستأذنته أن أدخل يدي في جر بَّانه وإنه ليدعو لي فما منعه أن ألمسه أن دعالي قال فوجدت على نغض كتفيه مثل السلعة (عن أبي رمثة التيمي) قال خرجت مع أبي حتى أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأيت برأسه ردع حناء ورأيت على كتفه مثل التفاحة قال أبي إني طيب إلا ابطُّها لك قال طيبها الذي خلقها، قال وقال لأبي هذا ابنك؟ قال نعم، أما إنه لا يجنى عليك ولا تجنى عليه (وعنه أيضا)، قال انطلقت مع أبي نحو رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأيته قال لي أبي هل تدري من هذا؟ قلت لا، فقال لي أبي هذا رسول الله صلى الله عليه وسلم فاقشعررت حين ذاك وكنت أظن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا لا يشبه الناس فإذا بشر له وفرة قال عفان في حديثه ذو وفرة وبها ردع من حناء وعليه ثوبان اخضران، فسلم عليه أبي ثم جلسنا فتحدثنا ساعة ثم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي ابنك هذا؟ قال إي ورب الكعبة، قال حقاً قال

_ السابع عشر ص 236 رقم 9 (قال أهل اللغة) القميص ثوب مخيط بكمين غير مفرج يلبس تحت الثياب وقد أخرج الدمياطي كان قميص رسول الله صلى الله عليه وسلم قطنا قصير الطول والكمين، ثم قيل وجه أحبيه القميص إليه أنه استر للأعضاء من الأزار والرداء ولأنه أقل مؤنة وأخف على البدن (1) هو الأشيب أحد الروايين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث قال في روايته إن اسم ابن معاوية إياس (2) أي اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم (3) (سنده) حدثنا روح ثنا قرة بن خالد سمعت معاوية بن قرة يحدث عن أبيه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (4) قال في النهاية الجربان بالضم وتشديد الباء الموحدة جيب القميص والألف والنون زائدتان (5) معناه فما منعه لمسى إياه عن الدعاء لي: وقد جاء عند الطيالسي بلفظ فما منعه ذاك أن جعل يدعو لي وإن يدى لفي جربانه (6) بكسر السين وفتح العين المهملتين بينهما لام ساكنة هي غدة تظهر بين الجلد واللحم إذا غمزت باليد تحركت (تخريجه) (د طل نس) قال المنذرى وأخرجه الترمذي وابن ماجه، قال ووالد معاوية هو قرة بن إياس المدني له صحبة وكنيته أبو معاوية وهو جد إياس بن معاوية بن قرة قاضي البصرة، قال وذكر الدارقطني أن هذا الحديث تفرد به عروة بن قشير أبو مهل عن معاوية ولم يرو عنه غير زهير بن معاوية، وذكر أبو عمر النمرى أن قرة بن إياس لم يروعنه غير ابنه معاوية بن قرة هذا آخر كلامه، وأبو مهل بفتح الميم وبعدها هاء مفتوحة ولام مخففة هو عروة بن عبد الله بن قشير جعفىّ كوفي وثقه أبو زرعة الرازي اهـ كلام المنذرى (7) (سنده) حدثنا وكيع ثناسفيان عن أياد بن لقيط السدوسي عن أبي رمثة التيمي الخ (غريبة) (8) الردع بفتح الراء وسكون الدال المهملة هو أثر الخلوق والطيب ونحوهما في الجسد (9) يعني شيئًا مرتفعا من جسمه مثل التفاحة (10) البطشق الدمل والخراج ونحوهما (له) (11) تقدم شرح هذه الجملة في باب لا يؤخذ المرء بجناية غيره من كتاب القتل ولجنايات في الجزء السادس عشر ص 61 (تخريجه) الحديث صحيح وروى من عدة طرق وأخرجه (د نس مذ) وحسنه الترمذي وصححه ابن خزيمة وابن الجارود والحاكم (12) (سنده) حدثنا هشام بن عبد الملك وعفان قالا حدثنا عبيد الله بن أياد عن

-[ما جاء في ضحكه صلى الله عليه على آله وصحبه وسلم وريحه]- أشهد به فتبسم رسول الله ضاحكا من ثبت شبهي بأبي وهن خلف أبي علىّ، ثم قال أما إنه لا يجنى عليك ولا تجنى عليه، قال وقرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم (ولا تزر وازرة وزر أخرى) قال ثم نظر إلى مثل السلعة بين كتفيه (وفي رواية قال فنظرت فإذا في نغض كتفيه مثل بعرة البعير أو بيضة الحمامة) فقال يا رسول الله أني لأطبُّ الرجال إلا أعالجها لك؟ قال لا، طبيبها الذي خلقها (وعنه أيضا) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أبي فرأي التي بظهره فقال يا رسول الله إلا أعالجها لك فأني طبيب؟ قال أنت رفيق والله الطبيب، قال من هذا معك؟ قال أني، قال أشهد به: قال أما أنه لا تجنى عليه ولا يجنى عليك: قال عبد الله قال أبي اسم أبي رمثة رفاعة بن إثربي (عن سعيد بن أبي راشد عن التنوخي) رسول هرقل أنه قال فجلت في ظهره يعني النبي صلى الله عليه وسلم فإذا أنا بخاتم في موضع عضون الكتف مثل المحجمة الضخمة (وفي لفظ) فرأيت غضروف كتفه مثل المحجم الضخم (باب ما جاء في ضحكه صلى الله عليه وسلم وريحه) (عن عائشة) زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قط مستجمعا ضاحكا، قال معاوية ضحكاً حتى رأى منه طهواته إنما كان يبتسم (عن أم الدرداء) قال كان أبو الدرداء إذا حدث حديثا تبسم فقلت لا يقول الناس أنك أي أحمق فقال ما رأيت أو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدث حديثا إلا تبسم (عن عبد الله بن المغيرة) قال سمعت عبد الله بن الحارث بن جزء يقول

_ أبي رمثة الخ (قلت) هذا الحديث روى مثله عبد الله بن الإمام أحمد في زوائده على مسند أبيه وتقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب لا يؤخذ المرء بجناية غيره من كتاب القتل والجنايات في الجزء السادس عشر ص 61 رقم 160 فارجع إليه (1) (سنده) حدثنا سفيان بن عيينه حدثني عبد الملك بن ابحر عن إياد بن لقيط عن أبي رمثة قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (2) يعني خاتم النبوة مثل السلعة أو بعرة البعير أو بيضة الحمامة كما تقدم (3) أي أنت ترفق بالمريض وتتلطفه والله يبرئه ويعافيه (تخريجه) (د نس مذ) وغيرهم (4) (عن سعيد بن أبي راشد الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وجوابه عليه من أبواب غزوة تبوك في الجزء الحادي والعشرين ص 198 رقم 437 (باب) (5) (عن عائشة الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطولة وسنده وشرحه تخريجه في باب (فلما رأوه عارضا مستقبل أو ديتهم) الخ من تفسير سورة الاحقاف غي الجزء الثامن عشر ص 271 رقم 424 (6) (سنده) حدثنا زكريا بن عدي أنا بقية عن حبيب بن عمر الأنصاري عن شيخ يكنى أبا عبد الصمد قال سمعت أم الدرداء تقول كان أبو الدرداء الخ (غريبة) (7) معناه لا تفعل ذلك لئلا يقول الناس إنك أحمق وحقيقة الحمق وضع الشيء في غير موضعه مع العلم بقبحه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده بقية بن الوليد فيه كلام -وأبو عبد الصمد قال الحافظ في تعجيل المنفعة أبو عبد الصمد عن أم الدرداء وعنه حبيب بن عمر الأنصاري قال أبو حاتم مجهول وذكره ابن حبان في الثقات (8) (سنده) حدثنا حسن ثنا ابن لهيمة عن عبد الله بن المغيرة الخ (غريبة) (9) بفتح الجيم

-[كثرة تبسمه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم وطيب ريحه]- ما رأيت أحد أكثر تبسما من رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن انس) قال ما شممت ريحا قط مسكا ولا عنبرا أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا مسست قط خزا ولا حريرا ألين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعنه من طريق ثان) مثله وزاد قال ثابت فقلت يا أبا حمزة الست كأنك تنظر إلى رسول الله وكأنك تسمع إلى نغمته؟ فقال بلى والله أني لأرجو أن القاه يوم القيامة فأقول يا رسول الله خويدمك قال خدمته عشر سنين بالمدينة وأنا غلام ليس كل امرئ كما يشتهي صاحبي أن يكون ما قال لي فيها اف (وفي لفظ ولا عاب علىّ شيئا قط) ولا قال لي لم فعلت هذا وألا فعلت هذا (وعنه أيضا) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمر

_ وسكون الزاي بعدها همزة الزبيدي بضم الزاي وفتح الموحدة صحابي كنيته أبو الحارث مكن مصر وهو آخر من مات بها من الصحابة سنة ست وثمانين على أصح الأقوال (1) أي لأن شأن الكمل إظهار الانبساط والبشر لمن يريدون تألفه واستعطافه (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب (2) (سنده) حدثنا يزيد أنا حميد عن أنس (يعني ابن مالك) الح (غريبة) (3) المعنى أنه شم روائح طيبة كثيرة وريح النبي صلى الله عليه وسلم أطيب منها (قال العلماء) كانت هذه الريح الطيبة صفته صلى الله عليه وسلم وإن لم يمس طيبا ومع هذا فكان يستعمل الطيب في كثير عن الأوقات مبالغة في طيب ريحه لملاقات الملائكة وأخذ الوحي الكريم ومجالسة المسلمين (4) الخز بالخاء والزاي نوع من الحرير قال ابن بطال كانت كفه صلى الله عليه وسلم ممتلئة لحما غير أنها مع ضخامتها كانت لينة كما في حديث أنس (قلت) يعني حديث الباب، وفي حديث معاذ عند الطبراني والبزار أردفني رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه في سفر فما مست، شيئًا قط الين من جلده صلى الله عليه وسلم (قلت.) وهذا شامل للكفين وغيرهما (5) (سنده) حدثنا هاشم ثنا سليمان قال أنا ثابت قال أنس ما شممت شيئا عنبرا قط ولا مسكاقط أطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا ممست شيئا قط ديباجا ولا حريرًا ألين مسا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ثابت فقلت يا أبا حمزة الخ (6) تصغير خادم ومعناه انظر لخادمك نظرة عطف واشفاق واشفع له والله أعلم (7) أي ليس كل امرئ ينال ما يشتهى أن يكون له صاحب كصاحبي مخدوم كمخدومي يعني النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أخرج الطريق الأولى منه الشيخان وغيرهما وهي من ثلاثيات الإمام أحمد ولم أقف على من أخرج الطريق الثانية بهذا السياق غير الإمام أحمد، (وقال الحافظ ابن كثير) في تاريخه قال الحارث بن أبي أسامة ثنا عبد الله بن بكر ثنا حميد عن أنس قال أخذت أم سليم بيدي مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة فقالت يا رسول الله هذا أنس غلام كاتب يخدمك قال فخدمته تسع سنين فما قال لشيء صنعت أسأت ولا بئس ما صنعت، ولا لمست شيئا قط خزا ولا حريرًا الين من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شممت رائحة قط مسكا ولا عنبرا أطيب من رائحة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وهكذا رواه معتمر بن سليمان وعلى بن عاصم ومروان بن معاوية الغزاوي وإبراهيم بن طبمان كلهم عن حميد عن أنس في لين كفه عليه السلام وطيب رائحته صلوات الله وسلامه عليه (8) (سنده) حدثنا خلف بن الوليد ثنا خالد عن حميد عن أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أسمر الخ (غريبة) (9) هذا الحديث وإن صح إسناده فقد أعله الحافظ العراقي

-[ما جاء في صفة مشبه صلى الله عليه وسلم وأنه كانت تطوى له الأرض]- ولم أشم مسكة ولا عنبرة أطيب ريحا من رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب ما جاء في مشبه) صلى الله عليه وسلم (عن ابن عباس) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا مشى مشى مجتمعا ليس فيه كل (عن أبي هريرة) قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة فكنت إذا مشيت سبقني فأهرول فإذا هروات سبقته، فالتفتٌّ إلى رجل إلى جنى فقلت تطوى له الأرض وخليل إبراهيم (وعنه أيضا) قال ما رأيت شيئاً أحسن من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان الشمس تجرى في جبهته وما رأيت أحداً أسرع في متينه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كأنما الأرض تطوى له أنا لنجهد أنفسنا

_ بالشذوذ فقال هذه اللفظة (يعني قوله اسمر) انفرد بها حميد عن أنس، ورواه غيره من الرواة عنه بلفظ أزهر اللون، ثم نظرنا من روى صفة لونه صلى الله عليه وسلم غير أنس فكلهم وصفوه بالبياض وهم خمسة عشر صحابيا اهـ (وأخرج البيهقي) في الدلائل من وجه آخر بلفظ آخر عن أنس فذكر الصفة النبوية فقال كان النبي صلى الله عليه وسلم بياضه إلى السمرة أي يميل إليها بمعنى أن فيه سمرة قليلة، (قال البيهقي) يقال إن المشرّب سنه بحمره وإلى السمرة ما ضحى للشمس والريح أي كالوجه والمنق، وأما ما تحت الثياب فهو الأزهر الأبيض (قال الحافظ) والمراد أنه صلى الله عليه وسلم ليس بالأبيض الشديد البياض ولا بالأدم الشديد الأدمة، وإنما يخالط بياضه الحمرة؛ والعرب قد تطلق على كل من كان كذلك اسمر والله أعلم (تخريجه) أخرج الجزء الأول منه الخاص بالسمرة البزار وابن منده، وأخرج الجزء المحتص بريحه صلى الله عليه وسلم الشيخان وغيرهما والحديث سنده صحيح (باب) (1) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبي هند قال حدثني فلان عن ابن عباس الخ (غريبة) (2) أي شديد الحركة قوى الأعضاء غير مسترخ في المشي (نه) (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار وزاد لم يتلفت، يعرف في مشيه أنه غير كسل ولا وهن ورجال أحمد رجال الصحيح إلا أن التابعي غير مسمى وقد سماه البزار وهو عكرمة وهو من رجال الصحيح أيضا (3) (سنده) حدثنا يزيد أنا ابن عون حدثني أبو محمد عبد الرحمن بن عبيد عن أبي هريرة الخ (غريبة) (5) أي تجمع وتجعل مطوية تحت قدميه مع كونه على غاية من التأني وعدم العجلة (وقوله وخليل إبراهيم) جاء في الأصل (وخليلي إبراهيم) وهو تجريف من الناسخ أو الطابع لأنه يفسد المعنى، والصواب ما ذكرنا، ومعناه أن أبا هريرة أقسم بالله الذي هو خليل إبراهيم لقوله تعالى (وأتخذ الله إبراهيم خليللا) أقسم بأن الأرض تطوى له كما رآه من قطعه للمسافة مع تأنيه في المشي وجهد عيره فيه (تخريجه) رواه ابن سعد وسنده صحيح ورجاله ثقلت (6) (سنده) حدثنا حسن حدثنا عبد الله بن لهيعة حدثنا أبو يونس سليم بن جبير مولى أبي هريرة أنه سمع أبا هريرة يقول ما رأيت شيئا أحسن من رسول الله الخ (7) يريد مثل الشمس في نهاية الإشراق (8) بكسر الميم وسكون المعجمة أي كيفية مشيه، وجاء عند الترمذي في الشمائل في مشيه قال الزرقاني في شرح المواهب بصيغة المصدر وهي أظهر لأنه الذي يتصف بالسرعة والبطء وفي نسخ مشيته بكسر فكون أي كيفية مشيه، قال المصنف ومعناهما متقارب والمراد مشيه المعتاد دون إسراع اهـ (9) أي نوقعها

-[ما جاء في خلقه العظيم عليه الصلاة وأتم التسليم]- وإنه لغير مكترث (باب ما جاء في خلقه العظيم عليه أفضل الصلاة وأتم التسليم) (عن سعد بن هشام بن عامر) قال أتيت عائشة (رضي الله عنها) فقلت يا أم المؤمنين أخبريني بخلق رسول الله صلى اله عليه وآله وسلم، قالت كان خلقه القرآن أما تقرأ القرآن قول الله عز وجل (وإنك لعلي خلق عظيم)؟ قلت فاني أريد أن أتبتل قال لا تفعل، أما تقرأ (لقد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة) فقد تزوج رسول الله وقد ولد له (عن رجل من بن سواءة) قال سألت عائشة (رضي الله عنها) عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت أما تقرأ القرآن (أنك لعلى خلق عظيم) قال قلت حدثيني عن ذاك: قالت صنعت له طعاما وصنعت له حفصة طعاما، فقلت لجاريتي اذهبي فغن جاءت هي بالطعام فوضعته قبل فاطر حي الطعام قالت فجاءت بالطعام قالت فألقته الجارية فوقعت القصعة فانكسرت وكان نطعا قال فجمعه رسول الله

_ في المشقة والتعب أو تحملها في السير فوق طاقتها (1) أي غير مسرع بحيث للحقه مشقة فكان يمشى على هيئته ويقطع ما نقطع بالجهد من غير جهد (تخريجه) (مذ) في الشمائل وسنده صحيح ورجاله ثقات وأن كان في إسناده ابن لهيعة لكنه صرح بالتحديث فحديثه صحيح والله أعلم (باب) (2) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم قال ثنا مبارك عن الحسن عن سعد بن هشام بن عامر الخ (غريبة) (3) قال البيضاوي أي جميع ما حصل في القرآن فإن كل ما استحسنه وأثنى عليه ودعا إليه قد تحلى به، وكل ما استهجنه ونهى عنه تجنبه وتخلى عنه، فكان في القرآن بيان خلقه؛ وفي الديباج معناه العمل به والوقوف عند حدوده والتأدب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه وتدبره وحسن تلاوته (4) التبتل الانقطاع إلى العبادة والتفرع لها، والمراد هنا ترك الزواج لأجل ذلك، ولهذا استشهدت بالآية وقالت لا تفعل، أي لا تترك الزواج فإن الأنبياء كان لهم أزواج وذرية، وقد أمرنا الله بالاقتداء بهم بقوله (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده) (تخريجه) أخرج الجزء المختص بالخلق منه (م نس مذ) وأخرج الجزء المختص بالتبتل (نس مذ) لكن رواه الترمذي عن سمرة بن جندب عن النبي صلى الله عليه وسلم وقال إنه حسن غريب، قال وروى الاشعت بن عبد الملك هذا الحديث عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم ويقال كلا الحديثين صحيح اهـ (5) (سنده) حدثنا أسود قال ثنا شريك عن قيس بن وهب عن رجل من بنى سواءة الخ (غريبة) (6) جاء في رواية أخرى عند أبي داود والنسائي والإمام أحمد وستأتي في باب ما جاء في قصة القصعة التي كسرتها عائشة من أبواب ما جاء في معاشرته صلى الله عليه وسلم مع أزواجه الخ أن التي اهدت الطعام إلى النبي صلى الله عليه وسلم صفيه ويجمع بينهما بان القصة تعددت (7) جاء في رواية أخرى عند البخاري والترمذي والأمام أحمد من حديث أنس أن عائشة هي التي كسرت القصعة وعند أبي داود والنسائي والإمام أحمد من حديث عائشة أنها هي التي كسرتها أيضا وسيأتي ذلك في باب قصة القصعة المشار إليه، وهذا مما يؤيد أن القصة تعددت وأن حديث الباب جاء قصة أخرى لأن فيه أن الجارية هي التي كسرت القصعة (8) بالنصب خبر اسم المحذوف تقديره وكان الفراش نطعا بكسر

-[ما جاء في خلقه العظيم عليه الصلاة وأتم التسليم]- صلى الله عليه وسلم وقال اقتصوا أو اقتصى شك أسود ظرفا مكان ظرفك فما قال شيئا (عن أنس) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل علينا (وفي لفظ يخالطنا) وكان لي أخ صغير (وفي رواية كان النبي صلى الله عليه وسلم يضاحكه) وكان له نغر يلعب به فمات نغره الذي كان يلعب به فدخل النبي صلى الله عليه وآله وسلم ذات يوم فرآه حزينا فقال ما شأن أبي عمير حزينا؟ فقالوا مات نغره الذي كان يلعب به يا رسول الله، فقال أبا عمير ما فعل النغير أبا عمير ما فعل النغير (ومن طريق ثان) عن أبي التياح قال حدثنا أنس قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أحسن الناس خلفا وكان لي أخ يقال له أبو عمير قال أحسبه قال فطيما قال وكان إذا جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه قال أبا عمير ما فعل النغير قال نغر كان يلعب به، قال فربما تحضره الصلاة وهو في بيتنا فيأمر بالبساط الذي تحته فيكنس ثم ينضح بالماء ثم يقوم رسول الله صلى الله عليه وسلم ونقوم

_ النون وسكون الطاء المهملة وهو من الأديم أي الجلد يفرش كالبساط (1) أي لم يؤنبها على ما فعلته في حضوره لمزيد حله وعلمه بما تؤدي إليه الغيرة، ولم يعاقبها إلا بحكمه عليها بالقصاص بجعل المكسورة عندها ودفع الصحيحة لضرتها، وهكذا كانت أحواله صلى الله عليه وسلم مع أزواجه لا يأخذ عليهن ويعذرهن، وأن أقام عليهن ميزان العدل إقامة من غير قلق ولا غضب بل هو رءوف رحيم حريص عليهن وعلى غيرهن عزيز عليه ما يعنتهم (تخريجه) (جه ش) وفي إسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (2) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد ثنا ثابت عن أنس (يعني ابن مالك الخ) (غريبة) (3) أي بالملاطفة وطلاقة الوجه والمزاح، وفي القاموس خالطه مازحه، والمراد أنس وأهل بيته (4) أي من أمه أم سليم (5) بضم النون وفتح الغين المعجمة وهو طائر صغير كالعصفور، وقيل فراخ العصافير، قال القاضي عياض والراجح أنه طائر أحمر المنقار، وأهل المدينة يسمونه البلبل (6) فإن قيل كيف يقرّ النبي صلى الله عليه وسلم اللعب بالحيوان وقد ورد في الأحاديث الصحيحة النهي عن تعذيبه؟ وقد أجاب الإمام القرطبي عن ذلك فقال أن الذي رخص فيه للصبي امساك الطير ليلتهى به وأما تمكينه من تعذيبه ولا سيما حتى يموت فلم يبح قط (7) هذه كنيته وهو ابن أبي طلحة الأنصاري وكان اسمع عبد الله فيما حزم به أبو أحمد الحاكم أو حفص كما عند ابن الجوزي، وفيه جواز تكنية من لا ولد له وتكنية الطفل وأنه ليس كذبا (8) أي أين ذهب وإنما قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ملاطفة وتأنيسا له وتسلية؛ وفيه جواز المزاح بما ليس باثم وجواز السجع والكلام الحسن بلا كلفة، وملاطفة لاصبيان وتأنيسهم وبيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من حسن الخلق وكرم الشمائل والتواضع (9) (سنده) حدثنا عبد الحميد حدثني أبي قال أنا أبو التياح قال حدثنا أنس الخ (10) بضم الخاء واللام (11) جاء عند البخاري فطم بالرفع صفة لقوله أخ واحسبه اعتراض بين الصفة والموصوف أي مفطوم بمعنى فصل عن الرضاع، ولأبي ذر فطما بالنصب كما في رواية الإمام أحمد مفعولا ثانيا لا حسبه أي أظنه: مات أبو عمير هذا صغيرا في حياة النبي صلى الله عليه وسلم ولموته قصة عجيبة مع أم سليم وأبي طلحة ترجمت لها بباب قصة أم سليم مع زوجها أبي طلحة الأنصاري عندما توفى ولدهما تقدمت في الجزء التاسع عشر من كتاب الصبر صفحة 145 فأرجع إليها فإن فيها منقبة عظيمة لام سليم وعبرة وتسلية لمن مات ولدها من النساء (12) تقدم شرح هذه الجملة إلى آخر الحديث في باب الصلاة على الحصير

-[ما جاء في خلقه العظيم عليه الصلاة وأتم التسليم]- خلفه فيصلي بناء، قال وكان بساطهم من جريد النخل (وعن أنس أيضا) قال كنت أمشى مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وعليه برد نجراني غليظ الحاشية فأدركه أعرابي فجبذه جبذة حتى رأيت صفح أو صفحة عنق رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أثرت بها حاشية البرد من شدة جبذته فقال يا محمد أعطني من مال الله الذي عندك، فالتفت إليه فضحك ثم أمر له بعطاء (عن جبير بن مطعم) أنه بينما هو يسير مع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه الناس مقبلا من حنين علقت برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأعراب يسألونه حتى اضطروه إلى سمرة فخطفت رداه فوقف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ثم قال اعطوني ردائي فلو كان عدد هذه العضاه نعما لقسمته ثم لا تجدوني بخيلا ولا كدابا ولا جبانا (عن عبد الله بن جعفر) قال كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا قدم من سفر تلقِّى بالصبيان من أهل بيته، قال وإنه قدم مرة من سفر قال فسبق بي إليه قال فحملني بين يديه، قال ثم جيء باحد ابني فاطمة إما حسن وإما حسين فأردفه خلفه، قال فدخلنا المدينة ثلاثة على دابة (عن عبد الله بن أبي مليكة) قال قال عبد الله بن جعفر لابن الزبير اتذكر إذ تلفيا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنا وأنت وابن عباس؟ فقال نعم قال فحملنا ونركك (وقال إسماعيل مرة أتذكر إذ

_ والبسط من كتاب الصلاة في الجزء الثالث ص 109 رقم 411 (تخريجه) (ق مذ جه) (1) (سنده) حدثنا إسحاق بن سليمان قال سمعت مالك بن أنس عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال كنت أمشى الخ (غريبة) (2) بضم الموحدة وسكون الراء نوع من الثياب (نجراني) بنون مفتوحه فجيم ساكنه نسبة إلى بلدة بين الحجاز واليمن وهي إليه أقرب فلذا يقال بلدة باليمن (غليظ الحاشية) أي الجانب (3) بتقديم الموحدة على الذال المعجمة (4) أو للشك من أنس، وصفحة العنق جانبه (5) زاد مسلم وانشق البرد وذهبت حاشيته في عنقه (6) في هذا بيان حله صلى الله عليه وسلم وصبره على الأذى في النفس والمال والتجاوز عن جفاة الاعراب، والظاهر أن هذا الأعرابي كان مسلمًا ولكن فيه غلظة الأعراب وجفائهم لأن طلبة العطاء من مال الله يدل على أنه مسلم والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (7) (سنده) حدثنا يعقوب قال ثنا أبي عن صالح قال ابن شهاب اخبرني عمرة بن محمد بن جبير بن مطعم أن محمد بن جبير بن طعم قال أخبرني جبير بن مطعم أنه بينما هو يسير الخ (غريبة) (8) بفتح السين المهملة وضم الميم هي ضرب من شجر الطلح له شوك (9) قال في النهاية العضاة شجر أم غيلان وكل شجر عظيم له شوك الواحدة عضة بالتاء (وقوله نعما) بفتح النون والعين المهملة أي (ابلا) أو بقرأ أو غنما (تخريجه) (خ) (10) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا عاصم عن مورّق العجلي عن عبد الله بن جعفر الخ (تخريجه) (م) وفيه دلالة على تواضعه صلى الله عليه وسلم وحسن خلقه (11) (سنده) حدثنا إسماعيل انبأنا حبيب بن الشهيد عن عبد الله بن أبي مليكة الخ (غريبة) (12) القائل نعم هو ابن الزبير والقائل فحملنا وتركك هو ابن جعفر ومعناه أن المتروك هو ابن الزبير (13) إسماعيل هو ابن علية شيخ الإمام أحمد ذكر في هذه الرواية أن المتروك هو ابن جعفر لأنه حذف قال بعد قوله نعم، وجاء عند البخاري بالوجه الأول أن المتروك هو ابن الزبير، وجاء عند مسلم بالوجه الثاني أن المتروك عبد الله بن جعفر، وسيأتي للإمام

-[ما جاء في خلقه العظيم عليه الصلاة وأتم التسليم]- تلقينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأنت وابن عباس؟ فقال نعم، فحملنا وتركك (عن عبد الله بن عمرو) بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لم يك فاحشا ولا متفحشا وكان يقول من خياركم أحسنكم أخلاقا (عن أنس بن مالك) قال خدمت النبي صلى الله عليه وآله وسلم عشر سنين (وفي لفظ تسع سنين) فما أمرني بأمر فتوانيت عنه أو ضيعته، فما لامني أحد من أهل بيته إلا قال دعوه فلو قدر أو قال لو تضى أن يكون كان (وعنه أيضا) قال لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم سبابا ولا لعانا ولا فحاشا كان يقول لأحدنا عند المعاتبة ماله ترب جبينه (وعنه أيضا) قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ذا الأذنين

_ أحمد في الباب الثاني من أبواب خلافة عبد الله بن الزبير من كتاب الخلافة والإمارة في الجزء الثالث والعشرين عن عبد الله بن الزبير أن المتروك عبد الله بن جعفر ويجمع بين ذلك بأن الواقعة تعددت فمرة ترك عبد الله بن جعفر ومرى ترك عبد الله بن الزبير وهذا من عدله صلى الله عليه وسلم في كل شيء (تخريجه) (ق) (1) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن شقيق عن مسروق عن عبد الله بن عمرو بن العاص الخ (غريبة) (2) الفاحش الناطق بالفحش وهو الزيادة على الحد في الكلام السيء (والمتفحش) المتكلف لذلك أي لم يكن له الفحش خلقا ولا مكتسبا قاله الحافظ (تخريجه) (ق مذ طل) (3) (سنده) حدثنا كثير ابن هشام ثنا جعفر عمران البصري القصير عن أنس بن مالك الخ (وله طريق ثان) قال حدثنا على بن ثابت حدّثني جعفر بن برقان عن عمران البصري عن أنس بن مالك قال صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عشر سنين فذكر مثله (4) جاء عند مسلم في رواية تسع سنين وله رواية أخرى عشر سنين كما هنا (قال النووي) وأما قوله تسع سنين وفي أكثر الروايات عشر سنين فمعناه أنها تسع سنين وأشهر فإن النبي صلى الله عليه وسلم قام بالمدينة عشر سنين تحديدا لا تزويد ولا تنقص وخدمه أنس في أثناء السنة الأولى، ففي رواية التسع لم يحسب الكسر بل اعتبر السنين الكوامل، وفي رواية العشر حسها سنة كاملة وكلاهما صحيح: وفي هذا الحديث بيان كمال خلقه صلى الله عليه وسلم وحسن عشرته وحلمه وصفحه (5) معناه فما لا مني احد من أهل بيته على شيء حصل مني بدون تفريط كإناء، سقط فكسر مثلا أو شيء فقد إلا قال دعوه فإنما حصل بقضاء الله وقدره (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد وقال انفرد به أحمد اهـ (قلت) ورجال الطريقين كلهم ثقات (6) (نده) حدثنا أبو عامر ثنا فليح عن هلال بن على عن أنس قال لم يكن الخ (غريبة) (7) قال الكرماني يحتمل تعلق السبب بالنسب كالقذف، والفحش بالحسب، واللعن بالآخرة لأنها البعد عن رحمة الله، ثم أن المراد نفى الثلاثة من أصلها لأن فعّالا قد لا يراد به التكثير بل أصل الفعل، والمراد لم يكن بذي سب ولا فحش ولا لعن ويؤيده رواية فاحشا اهـ (قلت) رواية فاحشا تقدمت في حديث عبد الله بن عمرو قبل حديث (8) أي خطاب الادلال ومذاكرة الموجدة (9) هي كلمة جرت على لسان العرب لا يريدون حقيقتها، أو دعاء له بالطاعة أن يصلى فيترتب جبينه (تخريجه) (خ. وغيره) (10) (سنده) حدثنا أبو أسامة قال أخبرني شريك عن عاصم الأحول عن أنس بن مالك قال قال لي الخ (غريبة) (11) كل إنسان له أذنان ولكنه يفهم من ظاهر هذه العبارة أن لهذه الصفة خاصة غريبة اسندت إليه لا توجد في غيره لصغر أذنيه أو كبرهما أو نحو ذلك فيكون مزاحا بهذا

-[ما جاء في تواضعه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم]- (عن جرير) قال ما حجبني عنه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم منذ أسلمت، ولا رآني ألا تبسم (عن عائشة) قال مالعن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم مسلما من لعنة بذكر، ولا انتقم لنفسه شيئًا يؤتي إليه إلا أن تنتهك حرمات الله عز وجل ولا ضرب بيده شيئًا قط إلا أن يضرب بها في سبيل الله، ولا يسئل شيئًا قط قمنعه إلا أن يسأل مأثما فإنه كان أبعد الناس منه، ولا خيِّر بين أمرين قط إلا اختار أيسرهما، وكان إذا كان حديث عهد بجبريل يدارسه كان أجود بالخير من الريح المرسلة (باب ما جاء في تواضعه صلى الله عليه وسلم) (عن أنس) أن رجلا قال للنبي صلى الله عليه وسلم ياسيدنا وابن سيدنا ويا خيرنا وابن خيرنا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس قولوا بوقلكم ولا يستهوينكم الشيطان أنا محمد بن عبد الله ورسول الله، والله ما أحب أن ترفعوني فوق ما رفعني الله عز وجل (عن عمر رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال لا نطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم عليه السلام فإنما أنا عبد الله ورسوله (عن أبي هريرة) قال جلس جبريل إلى النبي صلى الله عليه وسلم

_ الاعتبار، ويحتمل أن يكون مدحا منه صلى الله عليه وسلم لأنس ليقظته في الاستماع أو تنبيه له على أنه ينبغي أن يكون متيقظا فإن من أعطاه الله تعالى آلتين مع كفاية واحدة في أصل الغرض ينبغي أن يكون كذلك والله أعلم (تخريجه) (د) وسكت عنه أبو داود والمنذرى ورجاله كلهم ثقات (1) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد ثنا إسماعيل عن قيس عن جرير (يعني ابن عبد الله) الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (2) (سنده) حدثنا عفان قال ثنا حماد بن زيد قال قال ثنا معمر ونعمان أو أحدهما عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (غريبة) (3) بكسر الباء والذال المعجمة وسكون الكاف أي بصريح اسمه كما جاء في المستدرك للحاكم (تخريجه) (ق. دك) (باب) (4) (نده) حدثنا مزمل ثنا حماد عن حميد عن أنس (يعني ابن مالك) أن رجلا الخ (قلت) وله طرق أخرى قال الإمام أحمد وحدثناه الأشيب عن حماد عن ثابت عن أنس، وعفان ثنا حماد ثنا ثابت ولا يستجرننكم الشيطان، هكذا بالأصل (غريبة) (5) أي بما تعرفونه كقولهم في التشهد وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وفي لفظ من حديث أنس أيضا يا أيها الناس عليكم بتقواكم أي مبا يقيكم عذاب النار (6) أي لا يفتننكم (تخريجه) (نس) وسنده صحيح ورجاله ثقات (7) (سنده) حدثنا هشيم قال زعم الزهرى عن عبيد الله بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود عن ابن عباس عن عمر الخ (غريبة) (8) الأطراء مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه كقول النصاري المسيح ابن الله، فهذا كذب وافتراء، إنما المسيح عبد الله ورسوله كما أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبد الله ورسوله (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه لمسلم فقط وفي إسناد حديث الباب هشيم بن بشير الواسطى ثقة حجة ألا أنهم تكلموا في سماعه من الزهرى، وقوله هنازعم الزهرى قد يؤيد أنه لم يسمعه منه، ولكن الحديث ورد بأسانيد أخرى عن الزهرى (منها) ما رواه أبو داود الطيالسي في مسنده قال حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن ابن عباس عن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم فإنما أنا عبد الله فقولوا عبد الله ورسوله وعلى هذا فالحديث صحيح لا ريب فيه (9) (سنده) حدثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبي زرعة قال

-[ما جاء في تواضعه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم]- فنظر إلى السماء فإذا ملك ينزل، فقال جبريل هذا الملك ما نزل منذ خلق قبل الساعة، فلما نزل قال يا محمد أرسلني إليك ربك قال أفملكا نبيا يجعلك أو عبدًا رسولا؟ قال جبريل تواضع لربك يا محمد، قال بل عبدا رسولا (عن أنس بن مالك) قال أن كانت الأمة من أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فتنطلق به في حاجتها (وعنه أيضا) قال إن أمرأة لقيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في طريق من طرق المدينة فقالت يا رسول الله أن لي إليك حاجة، قال يا أم فلان اجلسي في أي نواحي السكك شئت اجلس إليك، قال فقعدت فقعد إليها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى قضت حاجتها (عن ابن عباس) أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أتي السقاية فقال أسقوني، فقالوا أن هذا يخوضه الناس ولكنا نأتيك به من البيت، فقال لا حاجة لي فيه، أسقوني مما يشرب منه الناس (عن أبي هريرة) قال قال يهودي بسوق المدينة والذي اصطفى موسى على البشر قال، فلطمه رجل من الانصار فقال تقول هذا ورسول الله صلى الله عليه وسلم فينا قال فاتي اليهودي رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (ونفخ في

_ ولا أعلمه الأعن أبي هريرة قال جلس جبريل الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار وأبو يعلى ورجال الأولين رجال الصحيح (1) (سنده) حدثنا هيثم انبأنا حميد عن أنس بن مالك الخ (غريبة) (2) جاء في رواية أخرى عن أنس أيضا (فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت (تخريجه) (خ) وقد اشتمل هذا الحديث على أنواع من المبالغة في التواضع لذكره المرأة دون الرجل والامة دون الحرة، وحيث عمم بلفظ الاماء فالمراد أي أمة كانت، وبقوله في الرواية الأخرى فما ينزع يده من يدها حتى تذهب به حيث شاءت أي من الأمكنة، والتعبير باليد أشارة إلى غاية التصرف حتى لو كانت حاجتها خارج المدينة والتمست مساعدتها في تلك الحالة لساعدها على ذلك، هو ذا من مزيد تواضعه وبراءته من جميع أنواع الكبر صلى الله عليه وسلم (3) (سنده) حدثنا مروان بن معاوية أنا حميد الطويل عن أنس بن مالك قال أن امرأة الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وسنده صحيح ورجاله ثقات (4) هذا طرف من حديث سيأتي بتمامه وسنده وشرحه وتخريجه في باب حجه صلى الله عليه وسلم وهو حديث صحيح وفيه دلالة على تواضعه صلى الله عليه وسلم وكرم أخلاقه حيث لم يقبل أن يؤتي بشراب خاص له ويأبي ألا أن يشرب مما يشرب منه الناس: عليه أفضل الصلاة وأتم السلام (5) (سنده) حدثنا يزيد قال أنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة الخ (غريبه) (6) جاء عند مسلم عن أبي هريرة أيضا قال بينما يهودي يعرض سلعة له أعطى بها شيئا كرهه أو لم يرض به شك عبد العزيز (أحد رجال السند عند مسلم) قال لا والذي اصطفى موسى عليه السلام على البشر، قال فسمعه رجل من الأنصار فلطم وجهه قال تقول والذي اصطفى موسى عليه السلام على البشر ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين أظهرنا؟ قال فذهب اليهودي إلى رسول صلى الله عليه وسلم فقال يا أبا القاسم أن لي ذمة وعهدا وقال فلان لطم وجهي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لم لطمت وجهه؟ قال قال يا رسول الله والذي اصطفى موسى عليه السلام على البشر وأنت بين أظهرنا؛ قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى عرف الغضب في وجهه ثم قال لا تفضلوا بين أنبياء الله فإنه ينفخ في الصور فذكر نحو حديث الباب (7) جاء في رواية أخرى للإمام أحمد في باب ما جاء في فضل نبي الله

-[ما جاء في تواضعه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم]- الصور فصعق من في السموات ومن في الأرض ألا من شاء الله ثم نفخ فيه أخرى فإذا هم قيام ينظرون) قال فأكون أول من يرفع رأسه فإذا موسى آخذ بقائمة من قوائم العرش فلا أدرى أرفع رأسه قبلى أم كان ممن استثنى الله، ومن قال إنس خير من يونس بن متى فقد كذب (عن أبي أمامة) قال مر النبي صلى الله عليه وسلم في يوم شديد الحر نحو بقيع الغرقد قال فكان الناس يمشون خلفه قال فلما سمع صوت النعال وقر ذلك في نفسه فجلس حتى قدمهم أمامه لئلا يقع في نفسه من الكبر (عن جابر) قال كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يمشون أمامه إذا خرج ويدعون ظهره للملائكة (عن عروة بن الزبير) قال قيل لعائشة ما كان النبي صلى الله عليه وسلم يصنع في بيته؟ قالت كما يصنع أحدكم بخصف نعله ويرقع ثوبه (وعنه من طريق ثان) قال سأل رجل عائشة

_ موسى من كتاب أحاديث الأنبياء في الجزء العشرين ص 83 رقم 45 قال فأتى اليهودي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فساله فاعترف بذلك، فقال رسول صلى الله عليه وسلم لا تخيروني على موسى فإن الناس يصعقون يوم القيامة الخ (1) تقدم الكلام على الصعقة وعلى قوله فلا أدرى ارفع رأسه قبلي الخ في شرح الرواية الأخرى للإمام أحمد المشار إليها في الجزء العشرين ص 83 (2) معناه التفضيل في نفس النبوة فلا تفاضل فيها، ومن قال غير ذلك فقد كذب، وإنما التفاضل بالخصائص وفضائل أخرى ولابد من اعتقاد التفضيل، قال تعالى (تلك الرسل فضلنا بعضهم على بعض) وأفضلهم نبينا لقوله صلى الله عليه وسلم (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة) وهو حديث صحيح رواه (حم م د مذ جه) وغيرهم ولأدلة أخرى يطول ذكرها وتقدم الكلام على ذلك في شرح حديث أبي سعيد وهو الحديث الثاني من كتاب أحاديث الأنبياء في الجزء العشرين ص 36 فارجع إليه، ويستفاد منه ما كان عليه صلى الله عليه وسلم من التواضع وحسن الخلق عليه الصلاة والسلام (تخريجه) (ق. وغيرهما) (3) (عن أبي إمامة) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه في فصل في عذاب عصاة المؤمنين في القبر من كتاب الجنائز في الجزء الثامن صفحة 131 رقم 313 وقوله فيه (وقر ذلك في نفسه) بفتح الواو والقاف أي ثقل على نفسه من الوقر وهو الحمل الثقيل، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم لما تردد في سمعه صوت فعالهم وهم يمشون وراه مجلس حتى لحقوا به فقدمهم أمامه لئلا يقع في نفسه من الكبر، وفي ذلك من التواضع وكرم الأخلاق وقمع النفس مالا يخفي (4) كان صلى الله عليه وسلم معصوما من الكبر وكل مايشين الإنسان ولكنه فعل ذلك ليستأنس به غيره (5) (سنده) حدثنا وكيع عن سفيان عن الأسود بن قيس عن نبيح عن جابر (يعني ابن عبد الله الخ) (6) جاء في المواهب وأما مشيه عليه الصلاة والسلام مع أصحابه فكانو يمشون بين يديه وهو خلفهم ويقول خلوا ظهري للملائكة، قال الزرقانب لأنهم يحرسونه من أعدائه قاله أبو نعيم ولا ينافيه (والله يعصمك من الناس) لأنه إن كان قبل نزولها فظاهر وإلا فمن عصمة الله تعالى له أن يوكل به جنده من الملاء الأعلى إظهارًا لشرفه (تخريجه) (ك) وأبو نعيم وابن سعد وسنده صحيح ورجاله كلهم ثقات (7) (سنده) حدثنا مؤمل قال ثنا سفيان عن هشام عن أبيه (يعني عروة بن الزبير) قال قيل لعائشة الخ (غريبة) (8) أي يخرزها من الخصف الضم والجمع؛ والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم كان يصنع في بيته كما يصنع أي إنسان منكم من الاشتغال بمهنة الأهل والنفس إرشادا للتواضع وترك التكبر ولا يترفع عن ذلك لكونه مشرّفا بالوحي والنبوة مكرَّما بالرسالة والآيات (9) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن

-[ما جاء في تواضعه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم]- هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته شيئا؟ قالت نعم كان يخصف نعله ويخيط ثوبه ويعمل في بيته كما يعمل أحدكم في بيته (عن القاسم عن عائشة) قال سئلت ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعمل في بيته؟ قالت كان بشر أمن البشر يفلى ثوبه وبحلب شاته ويخدم نفسه (عن أنس) أن يهوديا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى خبز شعير وإهالة سنخة فأجابه وقد قال أبان أيضا إن خياطا (عن عبد الله بن أبي أوفى) قال قدم معاذ ليمن أو قال الشام فرأى النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروّأ في نفسه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحق أن يعظم، فلما قدم قال يا رسول الله رأيت النصارى تسجد لبطارقتها وأساقفتها فروَّأت في نفسي أنك أحق أن تعظم، فقال لو كنت آمراً أحدا أن يسجد لأحد لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها، ولا تؤدى المرأة حق الله عز وجل عليها كله حتى تؤدى حق زوجها عليها كاء حتى لو سألها نفسها وهي على ظهر قتب لأعطته إياه (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) عن أبيه عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال إنه أتى الشام فرأى النصارى فذكر معناه إلا أنه قال فقلت لأي شيء تصنعون هذا؟ قالوا هذا تحية الأنبياء قبلنا، فقلت نحن أحن أن نصنع هذا بنبينا، فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم إنهم كذبوا على أنبيائهم كما حرفوا كتابهم، أن الله عز وجل أبدلنا خيرا من ذلك السلام تحية أهل الجنة (عن عبادة بن الصامت) قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر قوموا بنا نستغيث برسول الله

_ الزهري عن عروة: وعن هشام بن عروة عن أبيه قال سأل رجل عائشة الخ (تخريجه) (هق) والترمذي في الشمائل وابن سعد وهو حديث صحيح ورجاله ثقات وصححه ابن حبان (1) (سنده) حدثنا حماد ابن خالد قال ثنا ليث بن سعد عن معاوية بن صالح عن يحيى بن سعيد عن القاسم عن عائشة الخ (غريبة) (2) بفتح فسكون مضارع فلى ثلاثيا كما ضبطه غير واحد، ويجوز ضم أوله وسكون ثانيه مخففا أو فتحه مثقلا أي يزيل قمله، وظاهره أن القمل لا يؤذيه، لكن قال العلماء لم يكن فيه قمل لأن أكثره من العفونةة ولا عفونة فيه، وفي العرق وعرقه طيب، ولا يلزم من التفلية وجود القمل فقد يكون للتعليم أو لتفتيش نحو خرق فيه ليرقعه، وقيل كان في ثوبه قمل ولا يؤذيه وإنما كان يفليه استقذارًا له والله أعلم (3) هذا يتعين حمله على أنه كان يفعل ذلك في بعض الأوقات لا دائمًا فإنه ثبت أنه كان له خدم فتارة يكون بنفسه وتارة بغيره وتارة بالمشاركة (تخريجه) اخرجه البيهقي والترمذي في الشمائل من حديث عرة عن عائشة (4) (سنده) حدثنا عفان ثنا أبان ثنا قتادة عن أنس (] عني ابن مالك) الخ (غريبه) (5) قال في النهاية الإهالة كل شيء عمن الأدهان مما يؤتدم به إهالة، وقيل هو ما أذيب من الألية والشحم؛ وقيل الدسم الجامد (والسنخة بفتح السين مشددة وكسر النون، المتغيرة الريح (6) أبان أحد رجال السند ومعناه أنه قال مرة إن يهوديا وقال عرة أن خياطا والظاهر أن اليهودي كان خياطا والله أعلم (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله كلهم ثقات ولم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد (7) (عن عبد الله بن أبي أوفى) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب حق الزوج على الزوجة من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر ص 227 رقم 248 (8) (سنده) حدثنا معاذ بن أبي ليلى الخ (غريبه) (9) هكذا بالأصل فذكر معناه، يعني معنى الحديث المتقدم لأنه جاء في الأصل عقب الحديث المتقدم (تخريجه) (ك) وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبي (10) (سنده) حدثنا

-[ما جاء في تواضعه وحلمه وعفوه صلى الله عليه وسلم]- صلى الله عليه وسلم من هذا المنافق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقام إلى إنما يقام لله تبارك وتعالى (باب ما جاء في حله وعفوه وحيائه) (عن أبي هريرة) قال جاء الطفيل بن عمرو الدّوسى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم نقال أن دوسًا قد عصت وأبت فادع الله عليهم، فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم القبلة ورفع يديه فقال الناس هلكوا فقال اللهم أهد دوسا وأنت بهم اللهم اهد دوسا وأنت بهم (عن بهز بن حكيم) بن معاوية عن أبيه عن جده (يعني معاوية بن حيدة رضي عنه) قال أخذ النبي صلى الله عليه وسلم ناسا من قومي في تهمة فحبسهم، فجاء رجل من قومى إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب فقال يا محمد علام تحبس جيرتي فصمت النبي صلى الله عليه وسلم عنه: فقال أن ناسا ليقولون إنك تنهي عن الشر وتستخلى به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما يقول؟ قال فجعلت أعرِّض بينهما بالكلام مخافة أن يسمعها فيدعو على قومي دعوة لا يفلحون بعدها أبدًا، فلم يزل النبي صلى الله عليه وسلم به حتى فهمها، فقال قد قالوها أو قائلها منهم؟ والله لو فعلت لكان علىّ وما كان عليهم، خلوا له عن جيرانه (حدثنا شعبة) قال سمعت أبا إسرائيل قال سمعت جعدة قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم ورأى رجلا سمينا فجعل النبي

_ موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن علي بن رباح أن رجلا سمع عبادة بن الصامت يقول خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) لم أقف على اسم هذا المنافق ولعله كان يؤذيهم فقال أبو بكر قوموا بنا نستغيث برسول الله صلى الله عليه وسلم الخ، أي نستعين به؛ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يقام إلىّ، أي لا أقصد: بضم الهمزة وفتح الصاد المهملة أي لا يستعان بي وإنما يستعان بالله عز وجل والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وهو حديث ضعيف لأن في إسناده رجلا لم يسم وفيه أيضا ابن لهيعة عنعن وهو إذا عنهن ولم يصرح بالتحديث فحديثه ضعيف (باب) (2) (سنده) حدثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة الخ (غريبه) (3) بفتح الدال المهملة وسكون الواو آخره سين مهملة نسبة إلى دوس بن عدنان بن عبد الله بن زهران بن كعب بن الحارث بن نصر بن الأزد بطن كبير من الأزد ينسب إليهم خلق. كثير منهم الطفيل بن عمرو الدوسي اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسلما فأرسله إلى قومه ليحثهم على الإسلام فأبوا فجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم وقال إن دوسا قد عصت الخ وأبو هريرة رضي الله عنه ينسب إلى هذه القبيلة (4) أي هلكت دوس وإنما قال الناس ذلك لأنهم رأو النبي صلى الله عليه وسلم رفع يديه للدعاء فظنوا أنه سيدعو عليهم ولم يشعروا أن حله صلى الله عليه وسلم وعفوه أداه لأن يدعو لهم بدل أن يدعو عليهم، وقد هداهم الله وأتوا مسلمين ببركة دعائه صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (5) (عن بهز بن حكيم الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في قدر التعذير والحبس في التهم من كتاب الحدود في الجزء السادس عشر ص 124 رقم 321 (6) جاء في روانة أخرى أنه كرر هذا اللفظ ثلاث مرات والنبي صلى الله عليه وسلم لم يرد عليه (7) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة الخ (وله طريق أخرى) عند الإمام أحمد قال حدثنا عبد الرحمن ثنا شعبة ثنا أبو إسرائيل في بيت قتادة قال سمعت جعدة وهو مولى أبي إسرائيل قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجل يقص عليه رؤيا وذكر سمنه وعظمه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان هذا في غير هذا لكان خيرا لك (قلت) وقوله في هذا الطريق (وهو مولى إبي إسرائيل) معناه أن جعدة مولى أعلى لأبي إسرائيل، واسم إبي إسرائيل شعيب

-[ما جاء في عفوه صلى الله عليه وسلم عند المقدرة]- صلى الله عليه وسلم يومئ إلى بطنه بيده ويقول لو كان هذا في غير هذا لكان خيرًا لك قال وأتى النبي صلى الله عليه وسلم برجل فقالوا هذا أراد أن يقتلك، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لم ترع لم ترع ولو أردت ذلك لم يسلطك الله على (خط) (عن سنان بن أبي سنان) الدؤلى وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن جابر ابن عبد الله أنه غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم غزوة قبل نجد فلما قفل رسول الله صلى الله عليه وسلم قفل معهم فأدركتهم القافلة يومًا في واد كثير العضاة فنزل النبي صلى الله عليه وسلم وتفرق الناس في العضاة يستظلون بالشجر ونزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يستظل تحت شجرو فعلق بها سيفه، قال جابر فنمنا بها نومة ثم أن النبي صلى الله عليه وسلم يدءونا فأتيناه فإذا عنده أعرابي جالس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن هذا اخترط سيفه وأنا نائم فاستيقظ وهو في يده صلتا فقال من يمنعك منى فقلت الله، فقال من يمنعك منى فقلت الله فشام السيف وجلس فلم يعاقبه النبي صلى الله عليه وسلم وقد فعل ذلك (عن عائشة) رضي الله عنها أنها قالت لم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم فاحشًا ولا متفحشًا ولا صخابا في الأسواق ولا يجزى بالسيئة مثلها ولكني عفو ويصفح (عن أبي سعيد) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ ونسبته الجشمى وثقة ابن حبان، وجعدة هو ابن خالد بن الصمة بكسر الصاد المهملة وتشديد الميم الجشمى بضم الجيم وفتح المعجمة صحابي قال في التقريب له حديث واحد (قلت) هو هذا الحديث وليس له في المسند غيره (غريبة) (1) يريد والله أعلم لو كان هذا السمن في شيء من جسمه غير بطنه (لكان خير أله أي لكونه يزيده قوة، أما في البطن فيثقله ويضعف قوته، ولأنه ينشأ من كثرة الأكل. وكثرة الأكل مذمومة، قال صلى الله عليه وسلم ما ملأ ابن آدم وعاءًا شرا من بطنه الحديث تقدم في باب ما جاء في ذم كثرة الأكل من كتاب الأطعمة في الجزء السابع عشر ص 88 رقم 81 (2) بضم أوله وفتح الراء أي لا تخف ولا تفزع وكرزها مرتين لزيادة اطمئنان الرجل وعفا عنه، وهذا من أعظم مكارم الاخلاق وهو الحلم والعفو عند المقدرة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده صحيح ورجاله ثقات (3) (خط) (سنده) (قال عبد الله بن الإمام أحمد) وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده وسمعته في موضع آخر حدثنا أبو اليمان قال أخبرني شعيب عن الزهري حدثني سنان بن أبي سنان الخ (غريبه) (4) أي رجع من الغزوة (5) العضاة بكسر العين المهملة شجر أم غيلان وكل شجر عظيم له شوك الواحدة عضة بالتاء (6) أي مجردا يقال اصلت السيف إذا جرده من غمده (7) أي وضعه في غمده والشيم من الأضداد يكون سلا واغمادا (8) أي لم يعاقبه النبي صلى الله عليه وسلم وقد فعل هذا الفعل الشنيع وارادته قتل النبي صلى الله عليه وسلم وهو نائم ومع ذلك فقد عفا عنه النبي صلى الله عليه وسلم مع قدرته على قتله جزاه الله عنا أفضل ما جازى نبيا عن أمته (تخريجه) (م هق) وابن إسحاق وتقدم نحو في باب غزوة ذات الرقاع في الجزء الحادي والعشرين ص 93 رقم 304 (9) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي إسحاق عن أبي عبد الله الجدلي عن عائشة الخ (غريبه) (10) الصخب والسخب الضجة واضطراب الاصوات للخصام (تخريجه) (مذ طل) وصححه الترمذي (11) (سنده) حدثنا بهز ثنا شعبة أنا قتادة عن عبد الله ابن أبي قال سمعت أبا سعيد الخدري يقول كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما)

-[ما جاء في حياته صلى الله عليه وسلم ورأفته بأمته ورحمته]- أشد حياء من العذراء في خدرها، وكان إذا كره شيئًا عرفناه في وجهه (باب ما جاء في رأفته ورحمته وتوكله صلى الله عليه وسلم وطهارة قلبه) (عن عائشة) رضي الله عنها أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يترك العمل وهو يحب أن يعمله كراهية أن يستن الناس به فيفرض عليهم، فكان يحب ما خفف عليهم من الفرائض (وعنها أيضًا) قالت ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادما له قط ولا امر أذله قط، ولا ضرب بيده إلا أن يجاهد في سبيل الله، وما نيل منه شيء فانتقمة من صاحبه إلا أن تنتهك محارم الله عز وجل، وما عرض عليه أمران أحدهما أيسر من الآخر ألا أخذ بأيسرهما ألا أن يكون مأثمًا، فإن كان مأثمًا كان أبعد الناس منه (عن عمرو بن سعيد) عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال ما رأيت أحدًا كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إبراهيم مسترضا في عوالى المدينة وكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت وإنه ليدخن وكان ظئره قينا فيأخذه فيقبله ثم يرجع، قال عمرو فلما توفى إبراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم ابني وإنه مات في الثدي فإن له ظئرين يكملان رضاعه في الجنة (عن أبي هريرة) قال دخل عيينة بن حصن على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآه يقبل حسنا أو حسينا فقال له لا تقبله يا رسول الله لقد ولد لي

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (2) أي المستحب في بعض الأحيان (3) أي يعمل به الناس كما صرح بذلك في رواية مسلم (تخريجه) (م. وغيره) وفيه بيان كمال شفقته ورأفته بأمته وفيه أنه إذا تعارضت مصالح قدم أهمها (4) (سنده) حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي قال ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (تخريجه) (م لك) وغيرهما (5) (سنده) حدثنا سفيان ثنا إسماعيل أنا أيوب عن عمرو بن سعيد عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (6) العوالى كما في المصباح موضع قريب من المدينة أرضعته أم سيف امرأة رجل يقال له أبو سيف (7) أي يصعد منه الدخان لأن أبا سيف كان حداد ولذلك قال وكان ظئره قينا أي حدادا والظئر بكسر الظاء المعجمة ثم همزة ساكنة المرضعة غير ولدها ويقع على الذكر والأنثى، والظئر أيضًا زوج المرضعة. ومن ذلك قيل لأبي سيف ظئر إبراهيم بن النبي صلى الله عليه وسلم (8) معناه وهو رضيع قبل أن يتم الرضاعة (9) تثنية ظثر وتقدم أنها التي ترضع ولد غيرها (تخريجه) (خ. وغيره) (10) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب الترغيب في الرحمة بخلق الله من كتاب الأخلاق الحسنة في الجزء التاسع عشر ص 89 رقم 64 (وللإمام أحمد) رواية أخرى قال حدثنا عبد الرزاق اخبرنا معمر عن الزهري حدثني أبو سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الحسن بن علي رضي الله عنهما والأقرع بن حابس التيمي جالس فقال الأقرع يا رسول الله أن لي عشرة من الولد ما قبلت انسانا منهم قط، قال فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أن من لا يرحم لا يرحم، وفي هذه الرواية أن الذي قال ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم هو الأقرع بن حابس وهي تخالف حديث الباب، وعينه والأقرع كلاهما من المؤلفة قلوبهم وكلاهما كان له عشرة من الولد ورجح العلماء هذه الرواية لأنها رويت من طرق متعددة عن الزهري وهي التي رواها (ق د مذ جه) أما رواية أنه عيينة بن حصن فقد انفرد بها

-[ما جاء في توكله صلى الله عليه وسلم وطهارة قلبه]- عشرة ما قلت أحدا منهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من لا يرحم (عن عمرو بن العاص) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم جهارًا غير سر يقول إن آل أبي فلان ليسو إلى بأولياء إنما وليئى الله وصالح المؤمنين (عن يحيى بن الجزار) قال دخل ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سلمة فقالوا يا أم المؤمنين حدثينا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت كان سره وعلانيته سواء ثم ندمت فقلت أفشيت سر رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت فلما دخل أخبرته، فقال أحسنت (عن بريدة الأسلمى) قال خرج إلينا البني صلى الله عليه وسلم يوما فنادى ثلاث مرات فقال أيها الناس اتدرون ما مثلى ومثلكم؟ قالوا الله ورسوله أعلم، قال إنما مثلى ومثلكم مثل قوم خافوا عدوا يأتيهم فبعثوا رجلا يتريالهم فبينما هو كذلك أبصر العدو فأقبل لينذرهم وخشى أن يدركه العدو قبل أن ينذر قومه فأهوى بثوبه أيها الناس أتيتم أيها الناس أتيم ثلاث مرار (باب ما جاء في في زهده صلى الله عليه وسلم في الدنيا بعد عرضها عليه وقنعه بالقليل منها) (عن أبي أمامة) عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وثنا بهذا الإسناد عن النبي صلى الله عليه وسلم عرض علىّ ربي عز وجل ليجعل لي بطحاء

_ هشام عن الزهري والحديث فيه الحث على الرحمة بالاولاد وغيرهما وأن من لا يرحم لا يرحم (1) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن إسماعيل عن قيس بن أبي حازم عن عمرو بن العاص الخ (قلت) إسماعيل هو ابن أبي خالد (غريبه) (2) جهارا يتعلق بالمفعول أي كان المسموع في حال الجهر أو بالفاعل أي أقول ذلك جهارا (3) كناية عن اسم علم وقد جاء مصر جا به في سراج المريدين لابن العربي أي (آل أبي طالب) وايده الحافظ بأنه في مستخرج أبي نهعيم من طريق الفضل بن الموفق أن لبني أبي طالب رحما الحديث، أي ليسوا لي بأولياء، الخ والمراد كما قال السفاقسي من لم يسلم منهم، فهو من اطلاق الكل وارادة البعض، وحمله الخطابي على ولاية القرب والاختصاص لا ولاية الدين (4) بتشديد الياء مضافا لياء المتكلم المفتوحة (5) قال في شرح المشكاة المعنى لا أوالى أحدًا بالقرابة، وإنما أحب الله لما له من الحق الواجب على العباد، وأحب صالح المؤمنين لوجه الله وأوالى من أوالى بالإيمان والصلاح سواء كان من ذوى رحمى أم لا، ولكن أراعي لذوى الرحم حقهم بصلة الرحم (يعني وأن كانوا كفارا) وآل أبي طالب لم يقاتلوا النبي صلى الله عليه وسلم وهذا من كرم إخلاقه وعطفه ورأفتة على ذوى قرابته صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (خ) (6) (سنده) حدثنا محمد بن عبيد قال ثنا الاعمش عن عمرة بن مرة عن يحيى بن الجزار الخ (غريبه) (7) الظاهر والله أعلم أن المراد بالسر هنا ما له علاقة بالدين وتبليغه، أما سره صلى الله عليه وسلم الخاص به وباهل بيته فلا يجوز السؤال عنه، ومعناه هل هصكم بامور من الدين دون غيركم من الناس فاجابت بانه صلى الله عليه وسلم كان صريحا في تبليغ الدين لم يخص به أحدا دون أحد بل الكل عنده سواء (8) إنما ندمت على تسرعها بالجواب فربما كان للنبي صلى الله عليه وسلم سر لا تعلمه فنفى ذلك النبي صلى الله عليه وسلم بقوله احسنت والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسند صحيح ورجاله ثقات (9) (سنده) حدثنا أبو نعيم ثنا بشير حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه (يعني بريدة الاسلمي) قال خرج الينا الخ (غريبه) (10) أي يستكشف لهم أمر العدو (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده جيد (باب) (11) (عن أبي أمامة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجخ في الباب الأول من كتاب الزهد في الجزء التاسع عشر

-[ما جاء في زهده صلى الله عليه وسلم في الدنيا بعد عرضها عليه]- مكبة ذهبا فقلت لا يا رب ولكن أشبع يوما وأجوع يوما أو نحو ذلك فإذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت حمدتك وشكرتك (عن علي بن رباح) قال سمعت عمرو بن العاص (رضي الله عنه) يقول لقد أصبحتم ترغبون في الدنيا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزهد فيها، والله ما أتت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة في دهره ألا كان الذي عليه أكثر مما له، قال فقال له بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسلف (وقال غير يحيى) والله ما مرّ برسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة من الدهر إلا والذي عليه أكثر من الذي له (عن ابن عباس) أن النبي صلى الله عليه وسلم التفت إلى أحد فقال والذي نفس محمد بيده ما يسرني أن أحدا يحوّل لآل محمد ذهبًا أنفقه في سبيل الله أموت يوم أموت أدع منه دينارين ألا دينارين أعدهما لدين أن كان، فمات وما ترك دينارا ولا درهما ولا عبدا ولا وليدة، وترك درعه مرهونة عند يهودىّ على ثلاثين صاعا من شعير (زاد في رواية) أخذها رزقا لعياله (عن مالك بن عبد الله الزيادى) يحدث عن أبي ذر أنه جاء يستأذن على عثمان بن عفان قال فأذن له وبيده عصاه: فقال عثمان يا كعب أن عبد الرحمن توفى وترك ما لا فما ترى فيه؟ فقال أن كان يصل فيه حق الله فلا بأس عليه فرفع أبو ذر عصاه فضرب كعبا وقال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما أحب

_ ص 101 رقم 1 (1) (عن علي بن رباح الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في كتاب الزهد في الجزء المشار إليه ص 102 رقم 5 ووقع فيه خطأ هناك إذ جاء فيه (فقال بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يتسلف) وصوابه فقال له بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يستسلف كما هنا والله الموفق (2) (سنده) حدثنا عفان وأبو سعيد المعنى قالا حدثنا ثابت حدثنا هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال روى الترمذي وابن ماجه بعضه رواه البزار وإسناده حسن (قلت) معناه ثابت عند الشيخين والإمام أحمد وتقدم في باب ما جاء في مخلفاته صلى الله عليه وسلم في الجزء الحادي والعشرين ص 260 رقم 560 من حديث عائشة، وذكر صاحب المنتقى حديث عائشة ثم قال ولا حمدو النسائي ابن ماجه مثله من حديث ابن عباس (3) (سنده) حدثنا حسن بن موسى ثنا عبد الله بن لهيعة حدثنا أبو قبيل عن مالك بن عبد الله الزيادي يحدث عن أبي ذر الخ (قلت) قال الحافظ في تعجيل المنفعة وقع في نسبة مالك في المسند تحريف لم ينبه عليه، وقد ذكره ابن يونس فقال مالك بن عبد الله البردادي بفتح الموحدة وسكون المهملة ودالين بينهما ألف هكذا ضبط بالحروف في نسخة الحافظ الحبال المصري: وابن يونس أعلم بالمصريين من غيره فقال مالك بن عبد الله المعافرى البردادي ذكر فيمن شهد فتح مصر يروى عن أبي ذر روى عنه ابن قبيل (بوزن عظيم) اهـ ما ذكره الحافظ (غريبه) (4) هو كعب الأحبار (5) أي فلا بأس عليه فيما بقى من المال (6) إنما ضرب أبو ذر كعبا لأن أبا ذر كان زاهدا متقللا في الدنيا وكان مذهبه أنه يحرم على الإنسان ادخار ما زاد على حاجته عملا بظاهر هذا الحديث واستشهد على هذا الحديث بعثمان فأقره عليه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وقد ضعفه غير واحد ورواه أبو يعلى في السكير وزاد قال كعب إني أجد في التوراة الذي حدثتكم قال (يمحو الله ما يشاء)

-[عدم ادّخاره شيئًا من المال يزيد على حاجته وخوفه من ذلك صلى الله عليه وسلم]- لو أن هذا الجبل ذهبا أنفقه ويتقبل مني اذر منه ست أواق، انشدك الله يا عثمان اسمعته؟ ثلاث مرات، قال نعم (حدثنا موسى بن جبير) عن أيى أمامة بن سهل قال دخلت أنا وعروة بن الزبير يوما على عائشة (رضي الله عنها) فقالت لو رأيتما نبي الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم في مرض مرضه، قالت وكان له عندي ستة دنانير، قال موسى أو سبعة، قالت فأمرني نبي الله صلى الله عليه وسلم أن أفرقها، قالت فشغلني وجع نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى عافاه الله، قالت ثم سألني عنها فقال ما فعلت الستة قال أو السبعة، قلت لا والله لقد كان شغلني وجعك، قالت فدعا بها ثم صفها في كفه فقال ما ظن نبي الله لو لقى الله عز وجل وهذه عنده (عن أم سلمة رضي الله عنها) قالت أكثر ما علمت أتى به نبي الله صلى الله عليه وسلم من المال بخريطة فيها ثمانمئة درهم (باب ما جاء في كرمه وسخائه صلى الله عليه وسلم) (عن سهل بن سعد الساعدى) أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ببردة منسوجة فيها حاشيتاها قال سهل وهل تدرون ما البردة؟ قالوا نعم هي الشملة، قال نعم، فقالت يا رسول الله نسجت هذه بيدى فجنت بها لا كسوكها، فأخذها النبي صلى الله عليه وسلم محتاجًا إليها

_ إلى آخر الآية قال فان الله عز وجل محاه وإني استغفر الله اهـ (قلت) قول الحافظ الهيثمي وفيه ابن لهيعة وقد ضعفه غير واحد، هذا إذا عنعن، ولكنه صرح بالتحديث في هذا الحديث فحديثه حسن وقد صرح بذلك الحافظ الهيثمي نفسه في غير موضع من كتابه (وقوله) رواه أبو يعلى في الكبير: الظاهر أن في هذه الجملة خطأ من الناسخ أو الطابع وصوابه رواه الطبراني في الكبير أو رواه أبو يعلي بدون لفظ الكبير لأن لفظ الكبير لا يقال إلا للطبراني والله أعلم (1) (سنده) حدثنا أبو سلمة قال أنا بكر بن مضر قال حدثنا موسى ابن جبير الخ (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله كلهم ثقات ولم أقف عليه من حديث عائشة لغير الإمام أحمد، وله شاهد من حديث أم سلمة قالت دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ساهم الوجه قالت فحسبت أن ذلك من وجع، فقلت يا نبي الله مالك ساهم الوجه؟ قال من أجل الدنانير السبعة التى أتتنا أمس امسينا وهي في خصم الفراش، وتقدم هذا الحديث في باب ما جاء في ذم المال من كتاب المدح والذم في الجزء التاسع عشر ص 309 رقم 32 وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح قال في رواية اتتنا ولم ننفقها اهـ (قلت) وفيه وفي حديث الباب آسف النبي صلى الله عليه وسلم لكونه نى هذه الدنانير القليلة فلم يتصدق بها قبل أن يدركها المساء عند: وفيه غاية الزهد في المال وعدم الاكتراث به (2) (سنده) حدثنا أبو سلمة قال أنا بكر بن مضر ثنا موسى بن جبير عن عبد الله بن رافع مولى أم سلمة عن أم سلمة الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير موسى بن جبير وهو ثقة (باب) (3) (سنده) حدثنا سريج بن النعمان ثنا ابن أبي حازم قال أخبرني أبي عن سهل بن سعد الساعدي الخ (غريبه) (4) قال الحافظ لم أقف على اسمها (5) قال الدوادي يعني أنها لم تقطع من ثوب فتكون بلا حاشية وقال غيره حاشية الثوب هدبه وكأنه اراد أنها جديدة لم يقطع هدبها ولم تلبس (6) قال الحافظ وتفسير البردة بالشملة تجوز لأن البردة كساء والشملة ما اشتمل به فهي أعم لكن لما كان أكثر اشتمالهم بها أطلقوا عليها اسمها (7) كأنهم عرفوا

-[ما جاء في كرمه وجوده وأنه كان لا يرد سائلا صلى الله عليه وسلم]- فخرج علينا وإنها لا زاره فجسها فلان بن فلان رجل سماه فقال ما أحسن هذه البردة اكسنيها يا رسول الله، قال نعم، فلما دخل طواها وأرسل بها إليه، فقال له القوم والله ما أحسنت كسبها رسول الله، صلى الله عليه وسلم محتاجا إليها ثم سألته إياها وقد علمت أنه لا يرد سائلا، فقال والله إني ما سألته لألبسها ولكن سألته إياها لتكون كفى يوم أموت، قال سهل فكانت كفنه يوم مات (حدثنا عارم وعفان) قالا ثنا معتمر قال سمعت أبي يقول حدثنا أنس بن مالك عن نهى الله صلى الله عليه وسلم إن الرجل كان جعل له قال عفان يجعل له من ماله النخلات أو كما شاء الله حتى فتحت قريظة والنضير قال فجعل يرد بعد ذلك وإن أهلي أمروني أن آتى النبي صلى الله عليه وسلم فاسأله الذي كان أهله أعطوه أو بعضه وكان نبي الله صلى الله عليه وسلم قد أعطاه أم أيمن أو كما شاء الله فسألت النبي صلى الله عليه وسلم فأعطانيهن، فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي وجعلت تقول كلا والله الذي لا إله إلا هو لا يعطيكهن وقد أعطانيهن أو كما قال فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم لك كذا وكذا وتقول كلا والله، قال ويقول لك كذا وكذا: قال حتى أعطاها فحسبت أنه قال عشر أمثالها أو قال قريبا من عشر أمثالها أو كما قال صلى الله عليه وسلم (عن جابر بن عبد الله) قال ما سئل رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم شيئًا قط فقال لا

_ ذلك بقرينة حال أو تقدم قول صريح (1) جاء في رواية للبخاري فحسنها بمهملتين من التحسين، قال الحافظ فحسنها كذا في جميع الروايات هنا في الجنائز، وللبخاري في اللباس فحسها بجيم بلانون وكذا للطبراني والإسماعيلي من طريق آخر (2) افاد المحب المطبري في الأحكام أنه عبد الرحمن بن عوف وعزاه للطبراني، لكن أخرج الطبراني والإسماعيلي الحديث وقال في آخره قال قتيبة هو سعد بن أبي وقاص فالله أعلم (3) أي لامه الذين حضروا القصة بعد قيام النبي صلى الله عليه وسلم من المجلس (تخريجه) (خ جه طب) وفي هذا الحديث من الفوائد حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وسعة جوده وكرمه وقبول الهدية وغير ذلك (4) (حدثنا عارم وعفان الخ) (غريبه) (5) يعني من الأنصار رضي الله عنهم (كان جعل) بفتح الجيم المهملة فعل ماض (له) أي للنبي صلى الله عليه وسلم (6) أحد الراويين اللذين روى عنهما الإمام أحمد هذا الحديث قال في روايته يجعل له فعل مضارع بدل الماضي، وجاء عند البخاري عن أنس أيضا قال كان الرجل يجعل للنبي صلى الله عليه وسلم النخلات، أي ثمرها هدية أو هبة ليصرفها في نوائبه (7) أي يردها عليهم بعد فتح قريظة والنضير لاستغنائه عن ذلك ولأنهم يملكون أصل الرقبة (وإن أهلى) أهل أنس بن مالك من الأنصار (8) يعني النخل (9) أي ملكا لرقبتها قالته على سبيل الظن (10) أي من عندي بدل ذلك (11) القائل فحسبت هو سليمان بن طرخان والد معتمر وهو الراوي لهذا الحديث عن أنس ظن أن أنسا قال عشر أمثالها الخ فلما أعطاها النبي صلى الله عليه وسلم ذلك رضيت وطاب قلبها، وهذا من كثرة حلمه صلى الله عليه وسلم وبره وفرط جوده وسخائه (12) (سنده) حدثنا سفيان قال ابن المنكدر سمعت جابر بن عبد الله يقول ما سئل الخ (غريبه) (13) أي ما طلب منه شيء من أمر الدنيا فمنعه (قال الحافظ) أن كان عنده أعطاه أن كان العطاء سائفا والاسكت وروى الترمذي أنه حمل إليه صلى الله عليه وسلم تسعون ألف درهم فوضعت على حصير ثم قام إليها يقسمها فما رد سائلا

-[ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الحلم وكرم النفس والصبر والإغضاء عن حقوقه]- (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن المقداد) بن الأسود رضي الله تبارك وتعالى عنه قال اقبلت أنا وصاحبان لي قد ذهب أسماعنا وأبصارنا من الجهد (وفي رواية أصابنا جوع شديد) قال فجعلنا نعرض أنفسنا على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس أحد يقبلنا قال فانطلقنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فانطلق بنا إلى أهله فإذا ثلاث أعنز (وفي رواية أربع أعنز) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم احتلبوا هذا اللبن بيننا، قال فكنا نحتلب فيشرب كل إنسان نصيبه ونرفع لرسول الله صلى الله عليه وسلم نصيبه فيجئ في الليل فيسلم تسليما لا يوقظ نائما ويسمع اليقظان، ثم يأتي المسجد فيصلى ثم يأتي شرابه فيشربه، قال فأتاني الشيطان ذات ليلة فقال محمد يأتي الانصار فيتحفونه ويصيب عندهم، ما به حاجة إلى هذه الجرعة فاشربها، قال ما زال يزين لي حتى شربتا. فلما وغلت في بطني وعرفت أنه ليس إليها سبيل ندّمنى فقال ويحك ما صنعت: شربت شراب محمد فيجيئ ولا يراه فيدعو عليك فتهلك فتذهب دنياك وآخرتك، قال وعلى شملة من صوف كلما رفعتها على رأسى خرجت قدماي، وإذ ارسلتها على قدمىّ خرج رأسي، وجعل لا يجيء لي نوم، قال ولما صاحباى فناما، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم كما كان يسلم ثم أتى المسجد فصلى فأتي شرابه فكشف عنه فلم يجد فيه شيئا فرفع رأسه إلى السماء. قال قلت الآن يدعو علىّ فأهلك، فقال اللهم أطعم من أطعمني واسق من سقاني قال فعمدت إلى الشملة فشددتها علىّ فأخذت الشفرة فانطلقت إلى الأعنز اجسهن ايهن اسمن فأذبح لرسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هنحَّفل كلهن فعمدت إلى أناء لآل محمد ما كانوا يطمعون أن يحلبوا فيه (وفي رواية أن يحتلبوا فيه) فحلبت فيه حتى علنه الرغوى ثم جئت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال أما شربتم شرابكم الليلة يا مقداد؟ قال قلت اشرب يا رسول الله، فشرب ثم ناولني فقلت يا رسول الله اشرب، فشرب ثم ناولني فأخذت ما بقى فشربت فلما عرفت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد روى فاصابتني دعوته ضحكت حتى القيت إلى الأرض قال

_ حتى فرغ منها (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا سليمان يعني ابن المغيرة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن المقداد (يعني ابن الأسود) الخ (غريبه) (2) بفتح الجيم وهو الجوع والمشقة (3) هذا محمول على أن الذين عرضوا أنفسهم عليهم كانوا مقلين ليس عندهم شيء يواسون به (4) جمع عنز بسكون النون قال في المصباح) العنز الأنثى من المعز إذا أتى عليها حول قال الجوهري والعنز الأنثى من الظباء والأوعال وهي الماعزة اهـ (5) قال النووي هي بضم الجيم وفتحها حكماهما ابن السكيت. وغيره وهي الحثوة من المشروب والفعل منه جرعت بفتح الجيم وكسر الراء (6) يالغين المعجمة المفتوحة أي دخلت وتمكنت منه (7) فيه الدعاء للمحسن والخادم ولمن سيفعل خيرا وفيه ما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم من الحلم والأخلاق المرضيه والمحاسن وكرم النفس والصبر والأعضاء عن حقوقه فانه صلى الله عليه وسلم لم يسأل عن نصيبه في اللبن (8) الحفل في الأصل الاجتماع وحفل اللبن وغيره من باب ضرب حفلا وحفولا، وضرع حافل كثير لبنه جمعه حفل بضم أوله وتشديد الفاء مفتوحة

-[قصة المقداد بن الأسود مع النبي صلى الله عليه وسلم وشر به نصيب النبي صلى الله عليه وسلم من اللبن]- رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدى سوآتك يا مقداد، قال قلت يا رسول الله كان من امرى كذا صنعت كذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانت هذه إلا رحمة من الله (وفي رواية هذه بركة نزلت من السماء) ألا كنت آذنتنى نوقظ صاحبيك هذين فيضيبان منها؟ قال قلت ولذى بعثك بالحق ما أبالى إذا أصبتها وأصبتها معك من أصابها من الناس (وفي لفظ) إذا أصابتني وإياك البركة فما أبالى من أخطأت (ومن طريق ثان) عنه أيضًا عن المقداد بن الأسود قال قدمت أنا وصاحبان لي على رسولي الله صلى الله عليه وسلم فأصابنا جوع شديد فتعرضنا للناس فلم يضفنا أحد، فانطلق بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى منزله وعنده أربع عنز فقال لي يا مقداد جزِّء ألبانها بيننا أرباعا، فكنت أجزئه بيننا أرباعًا فاحتبس رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فحدثت نفسي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أتى بعض الأنصار فأكل حتى شبع وشرب حتى روى، فلو شربت نصيبه فذكر نحو الحديث المتقدم (ومن طريق ثالث) عن طارق بن شهاب عن المقداد بن الأسود قال لما نزلنا المدينة عشَّرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة عشرة: يعني في كل بيت، قال فكنت في العشرة التي كان النبي صلى الله عليه وسلم فيهم ولم يكن أنا إلا شاة تتحرى لبنها، قال فكنا إذا أبطأ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شربنا وأبقنيا للنبي صلى الله عليه وسلم نصيبه، فلما كان ذات ليلة أبطأ علينا فذكر نحوه: وفيه قال (يعني المقداد) وأخذت السكين وقمت إلى الشاة قل (يعني النبي صلى الله عليه وسلم) مالك؟ قلت اذبح، قال لا إئتني بالشاة فأتيته بها فمسح ضرعها فخرَّج شيئا ثم شرب ونام (عن عاصم بن لقيط بن صبرة) عن أبيه أوجده وافدبنى المتفق قال انطلقت أنا وصاحب لي حتى انتهينا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم نجده فأطعمتنا عائشة تمرًا وعصدت لنا عصيدة إذ جاء النبي صلى الله عليه وسلم يتقلع فقال هل أطعمتم من شيء؟ قلنا نعم يا رسول الله، فبينما

_ (قال النووي) رحمه الله معناه أنه كان عنده حزن شديد خوفا من أن يدعو عليه النبي صلى الله عليه وسلم لكونه اذهب نصيب النبي صلى الله عليه وسلم وتعرض لأذاه، فلما علم أن النبي صلى الله عليه وسلم تدروى وأجيبت دعوته فرح وضحك حتى سقط إلى الأرض من كثرة ضحكة لذهاب ما كان به من الحزن وانقلابه سرورا بشرب النبي صلى الله عليه وسلم وإجابة دعوته لمن أطعمه وسقاه وجريان ذلك على يد المقداد وظهور هذه المعجزة ولتعجبه من قبح فعله أوّلا وحسنه آخرا، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم إحدى سوآتك يا مقداد، أي إنك فعلت سوءة من الفعلات ما هي؟ فأخبره خبره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما هذه إلا من الله تعالى، أي إحداث هذا اللبن في غير وقته وخلاف عادته وإن كان الجميع من فضل الله تعالى اهـ (1) (سنده) حدثنا يزيد أنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن ابن أبي ليلى عن المقداد بن الأسود الخ (2) (سنده) حدثنا أسود بن عامر ثنا أبو بكر عن الأعمش عن سليمان بن ميسرة عن طارق بن شهاب عن المقداد بن الأسود الخ (تخريجه) أخرجه مسلم مطولا كما هنا مثل الطريق لأولى عن أبي بكر بن أبي شبة حدثنا شبابة بن سوّار حدثنا سليمان بن المغيرة به وأخرجه الترمذي مختصرًا إلى قوله ثم يأتي شرابه فيشربه (3) (سنده) حدثنا عبد الرزاق قال أنا ابن جريج قال ثنا إسماعيل بن كثير أبو هاشم المكي عن عاصم بن لقيط بن صبرة عن أبيه أوجده الخ (غريبه) (4) أراد قوة مشيه كأنه يرفع رجليه من الأرض رفعا قويًا لا كمن يمشي اختيالا ويقارب

-[ما جاء في كرم النبي صلى الله عليه وسلم وإفتائه لقيط بن صبرة في أمر زوجته]- نحن كذلك ربع راعي الغنم في المراح على يده سخلة قال هل ولدت قال نعم قال فاذبح لنا شاة ثم أقبل علينا فقال لا تحسبن ولم يقل لا تحسبن أنا ذبحنا الشاة من أجلكما لنا غنم مائة لا نريد أن تزيد عليها، فإذا ولد الراعي بهمة أمرناه بذبح شاة، فقال يا رسول الله أخبرني عن الوضوء قال إذا توضأت فأسبغ وخلل الأصابع، وإذا استشرت فأبلغ إلا أن تكون صائمًا، قال يا رسول الله إن لي أمرأة فذكر من طول لسانها وإيذائها فقال طلقها، قال يا رسول الله إنها ذات صحبة وولد؛ قال فأمسكها وأمرها فإن يك فيها خير فستفعل، ولا تضرب ظعينتك ضربك أمتك (عن صفوان بن أمية) قال أعطاني رسول الله يوم حنين وإنه لأبغض الباس إلىّ فما زال يعطيني حتى صار وإنه أحب الناس إلىّ (عن جابر بن عبد الله) قال كنت في ظل داري فمربى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما رأيته وثبت إليه فجعلت أمشى خلفه فقال

_ خطاه فإن ذلك من مشى النساء ويوصفن به (1) بفتحات من ربع يريع بفتح الموحدة فيهما إذا وقف وانظر (2) قال في المصباح السخلة تطلق على الذكر والأنثى من أولاد الضأن والمعز ساعة تولد والجمع سخال (3) قال الخطابي هي مشددة اللام على معنى خطاب الشاهد، وأصحاب الحديث يروونه على معنى الخبر يقولون ما ولدت خفيفة اللام ساكنة التاء كما في رواية أبي داود، أي ما ولدت الشاة وهو غلط، يقال ولدت الشاة إذا حضرت ولادها فعالجتها حتى يبين منها الولد وأنشدني عمرو في ذكر قوم إذا ما ولّدوا يومًا ... أجّدى تحت شأنك أو غلام (4) قال الخطابي وقوله ولا تحسبن مكسورة السين إنما هو لغة عليا مضر وتحسبن يفتحها لغة سفلاها وهو القياس عند النحويين لأن المستقبل من فعل مكسورة العين يفعل مفتوحتها كقولهم علم يعلم وعجل يعجل إلا أن حروفا شاذة قد جاءت نحو نعم بنعم ويئس ييئس وحسب يحسب وهذا في الصحيح فاما المعتل فقد جاء فيه (ور م ير م) و (ثق يثق) و (ور ع ير ع) (5) بفتح الموحدة وسكون الهاء ولد الشاة أول ما يولد يقال للذكر والأنثى بهمة (6) ما جاء في هذا الحديث مختصًا بالوضوء تقدم شرحه في باب المضمضة والاستنشاق والاستنثار من كتاب الطهارة في الجزء الثاني ص 25 رقم 247 (7) هذه الجملة إلى آخر الحديث تقدم شرحها في باب حق الزوجة على الزوج في كتاب النكاح في الجزء السادس عشر ص 132 رقم 261 فرجع إليه (تخريجه) أخرجه أبو داود مطولا كما هنا (قال النووي) وأخرجه الترمذي في الطهارة وفي الصوم مختصرا وقال هذا حديث حسن صحيح، وأخرجه النسائي في الطهارة والوليمة مختصرا، وأخرجه ابن ماجه في الطهارة مختصرا اهـ (8) (عن صفوان بن أمية الخ) هذا الحديث تقدم بسنده شرحه وتخريجه في باب تقسيم غنائم حنين بالجعرانه في الجزء الحادي والعشرين ص 180 رقم 420 قال ابن شهاب أعطاه يوم حنين مائة من الغنم ثم مائة ثم مائة، في مغازى الواقدي أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى صفوان يومئذ واديا مملوءا ابلا ونعما فقال صفوان أشهد ما طابت بهذا ألا نفس ني، وإنما أعطاه ذلك لأنه صلى الله عليه وسلم علم أن داءه لا يزول إلا بهذا الدواء وهو الإحسان فعالجه به حتى برأ من داء الكفر وأسلم (9) (سنده) حدثنا يزيد أنا حجاج يعني ابن أبي زينب قال سمعت طلحة بن نافع أبا سفيان يقول سمعت جابر بن عبد الله قال كنت في ظل دارى الخ (غريبه) (10) عن مسلم بلفظ كنت

-[رضا النبي صلى الله عليه وسلم بالقليل من العيش في الدنيا وأنه كان لا يسئل شيئا إلا أعطاه]- أدن فدنوت منه فأخذ بيدي فانطلقنا حتى أتى بعض حجر نسائه أم سلمة أو زينب بنت جحش فدخل ثم أذن لي فدخلت وعليه الحجاب فقال أعندكم غداء؟ فقالوا نعم، فأتى بثلاثة أقرصة فوضعت عل نقي فقال هل عندكم كم أدم؟ فقالوا لا إلا شيء من خل قال هاتوه فأتوه به فأخذ قرصا فوضعه بين يديه وقرصا بين يدىّ وكسر الثالثة بائنين فوضه نصفا بين يديه ونصفا بين يدىّ (عن أبي اسيد) قال أصبت يوم بدر سيف بن عابد المرزبان ولما أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يردوا ما في أيديهم أقبلت به حتى ألقيته في النفل قال وكان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم لا يمنع شيئًا يسئله، قال فعرفة الأرقم بن أبي الأرقم المخزومي فسأله رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فأعطاه إياه

_ جالسًا في داري فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأشار إلى فقمت إليه فأخذ بيدي الخ (1) جاء عند مسلم (فدخلت الحجاب عليها) قال النووي معناه دخلت الحجاب إلى الموضع الذي فيه المرأة وليس فيه أنه رأى بشرتها (2) هكذا بالأصل ولم أجد له معنى يناسب سياق الحديث وجاء عند مسلم (فوضعن على نبي) قال النووي هكذا هو في أكثر الأصول نبي بنون مفتوحة ثم باءمو حدة مكسورة ثم ياء مثناه تحت مشددة وفسروه بمائدة من خوص (3) بضم الهمزة والموحدة قال أهل اللغة الأدام بكسر الهمزة ما يؤتدم به يقال ادم الخبز يأدمه بكسر الدال المهملة وجمع الأدام أدم بضم الهمزة والدال كاهاب وأهب وكتاب وكتب؛ والأدم باسكان الدال مفرد كالإدام (4) جاء عند مسلم فقالوا ما عندنا الاخل فدعا به فجعل يأكل به ويقول نعم الادم الخل، نعم الادم الخل، قال الخطابي والقاضي عياض معناه مدخ الاقتصار في المأكل ومنع النفس عن ملاذ الأطعمة تقديره ائتدموا بالخل وما في معناه مما تخف مؤنته ولا يعز وجوده ولا تتأنفوا في الشهوات فانها مفسدة للدين مسقمة للبدن هذا كلام الخطابي ومن تابعه (قال النووي) والصواب الذي ينبغي أن يجزم به أنه مدح للخل نفسه، وأما الاقتصار في المطعم وترك الشهوات فمعلوم من قواعد أخر والله أعلم (5) قال النووي فيه استحباب مواساة الحاضرين على الطعام وأنه يستحب جعل الخبز ونحوه بين أيديهم بالسوية وأنه لا بأس بوضع الأرغفة والأقراص صحاحا غير مكسورة (تخريجه) (م) وغيره (6) (سنده) حدثنا يزيد بن هارون قال أنا محمد بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن أبي بكر أن أبا أسيد (يعني الساعدي اسمه مالك بن ربيعة) قال أصبت يوم بدر الخ (غريبه) (7) أي من الغنيمة قبل تقسيمها (8) أي فيما غنمة المسلمون (9) الظاهر أنه صار من نصيب النبي صلى الله عليه وسلم فأعطاه إياه، وقد كان جوده صلى الله عليه وسلم كله لله وفي ابتغاء مرضاة الله فإنه كان يبذل المال تارة لفقير أو محتاج، وتارة ينفقه في سبيل الله تعالى؛ وتارة يتألف به على الإسلام من يقوى الإسلام باسلامه وكان يؤثر على نفسه وأولاده فيعطى عطاءًا يعجز عنه الملوك مثل كسرى وقيصر كما في الحديث الآتي ويعيش في نفسه عيش في نفسه عيش الفقراء فيأتي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار (تخريجه) لم أقف عليه من حديث أبي أسيد لغير الإمام أحمد، وأورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن عبد الله بن أبي بكر لم يسمع من أبي أسيد اهـ وعلى هذا فالحديث منقطع، لكن ذكر الهيثمي معنى هذا الحديث عن الأرقم ابن بي الأرقم وعزاه للطبراني في الأوسط والكبير وقال رجاله ثقات (قلت) وله شاهد عند الشيخين

-[ترغيب النبي صلى الله عليه وسلم في الإسلام بجزيل العطاء وما جاء في شجاعته ووفائه بالعهد]- (حدثنا مؤمل) ثنا حماد عن ثابت عن أنس أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم يسأله فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم غنما بين جبلين فأتى الرجل قومه فقال أي قومى اسلموا فوالله إن محمدًا ليعطى عطية رجل ما يخاف الفاقة أو قال الفقر، فإن قال أنس أن كان الرجل ليأتي النبي صلى الله عليه وسلم يسلم ما يريد إلا أن يصيب عرضا من الدنيا أو قال دنيا يصيبها فما يمسى من يومه ذلك حتى يكون دنيه أحب إليه، أو قال أكبر عليه من الدنيا وما فيها (باب ما جاء في شجاعته صلى الله عليه وسلم ووفائه بالعهد) (عن ثابت عن أنس) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسن الناس وكان أجود الناس وكان أشجع الناس، قال ولقد فزع أهل المدينة ليلة فانطاق قبل الصوت فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعا قد استبرأ لهم صوت وهو على فرس لابي طلحة عرى ما عليه سرج وفي عنقه السيف وهو يقول للناس لم تراعوا لم ترعوا وقال للفرس وجدناه بجرا أو إنه لبحر، قال أنس وكان الفرس قبل ذلك ببطأ قال ما سبق بعد ذلك (ومن طريق ثان) عن قتادة عن أنس بن مالك قال كان فزع فاستعار رسول الله صلى الله عليه وسلم فرسا لنا يقال له مندوب، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأينا من فزع وأن وجدناه لبحرا (عن أبي اسحق) قال سمعت البراء بن عازب

_ والإمام أحمد من حديث جابر وتقدم في هذا الباب بلفظ ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا قط فقال لا، وله شاهد أيضًا عن كثير من الصحابة (1) (حدثنا مؤمل) الخ (غريبه) (2) معناه سدت ما بين جبلين (3) أي دين النبي صلى الله عليه وسلم وهو الإسلام وهذا لأن دين الإسلام فيه سماحة ورفق بالناس ولذا قال صلى الله عليه وسلم (بعثت بالحنيفية السمحة) وهذا العطاء ليؤلف به قلوب ضعيفي القلوب في الإسلام ويتألف آخرين ليدخلوا في الإسلام، قال ابن القيم وكان فرحه صلى الله عليه وسلم بما يعطيه أعظم من سرور الآخذ بما آخذ (تخريجه) (م. وغيره) (باب) (4) (سنده) حدثنا يونس ثنا حماد يعني ابن زيد عن ثابت عن أنس (يعني ابن مالك) الخ (غريبه) (5) بكسر الزاي أي خاف أهل المدينة من صوت سمعوه بدليل قوله (فانطلق قبل الصوت) (6) أي كشفة ووقف على حقيقته (7) اسمه زيد بن سهل زوج أم أنس استعاره منه كما في الطريق الثانية (وقوله عرى) بضم المهملة وسكون الراء ليس عليه سرج ولا أداة، ولا يقال في الآدميين إنما يقال عريان (8) أي حمائله معلقة في عنقه الشريف متقلدا به وهذا هو السنة في حمل السيف كما قاله ابن الجوزي لا شده في وسطه كما هو المعروف الآن (9) المراد بقوله لم تراعوا نفي سبب الروع أي الخوف أي ليس هناك شيء تخافونه وكررها للتأكيد (10) أي واسع الجرى ومنه سمى البحر بحرا لسعته: وتبحر فلان العلم إذا اتسع فيه؛ وقيل شبهه بالبحر لأن جريه لا ينفذ كمالا ينفد ماء البحر (11) أي كان بطيء المشي (12) أي بعد أن ركبه النبي صلى الله عليه وسلم في هذه الواقعة كان لا يسابق في الجرى ولا يطيق فرس الجرى معه ببركته صلى الله عليه وسلم (13) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال حدثني شعبة سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك قال كان فزع الخ (214) قيل سمى بذلك من الندب وهو الرهن عند السباق، وقيل لندب كان في جسمه وهو أثر الجرح (وقال القاضي عياض) يحتمل أنه لقب أو اسم لغير معنى كسائر الأسماء (تخريجه) (ق. وغيرهما) (15) (عن أبي إسحاق الخ) هذا الحديث تقدم بسنده

-[ما جاء في شجاعته صلى الله عليه وسلم ووفائه بالعهد]- رضي الله عنه وسأله رجل من قيس فقال افررتم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حنين؟ فقال البراء ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفر، كانت هوازن ناسا رماة وأنا لما حملنا انكشفوا فأكببنا على الغنائم فاستقبلونا بالسهام، ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على بلغته البيضاء وإن أبا سفيان بن الحرث آخذ بلجامها وهو يقول (أنا النبي لا كذب. أنا ابن عبد المطلب) (عن على رضي الله عنه) قال لما حضر البأس يوم بدر اتقينا برسول الله صلى الله عليه وسلم وكان من أشد الناس، ما كان أو لم يكن أحد أقرب إلى المشركين منه (وعنه من طريق ثان) قال لقد رأيتنا يوم بدر ونحن نلوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أقربنا إلى العدو وكان من أشد الناس يومئذ بأسًا (عن عمرو بن الحرث) أن بكير بن عبد الله حدثه عن الحسن بن على بن أبي رافع عن أبيه عن جده أبي رافع قال بعثتني قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال فلما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقع في قلبي الإسلام، فقلت يا رسول لا أرجع إليهم قال أني لا أخيس بالعهد ولا أخيس البرد إرجع إليهم فإن كان في قلبك الذي فيه الآن فارجع، قال بكير وأخبرني الحسن أن أبا رافع كان قبطيا (باب ما جاء في كلامه صلى الله عليه وسلم وصمته ومزاحه) (عن عائشة) قالت كان كلام النبي صلى الله عليه وسلم فصلا بفقهه كل أحد لم يكن يسرده سردا

_ وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في مكايد الحرب من غزوة حنين في الجزء الحادي والعشرين ص 173 رقم 409 فارجع إليه (1) (عن علي رضي الله عنه) الخ هذا الحديث تقدم بطريقيه وسنده وتخريجه في باب اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم بوقعة بدر في لجزء الحادي والعشرين ص 39 رقم 225 (2) (نده) حدثنا عبد الجبار ابن محمد الخطابي ثنا عبد الله بن وهب عن عمر وبن الحارث الخ (غريبه) (3) جاء عند أبي داود فقلت يا رسول إني والله لا أرجع إليهم أبدا (4) بالخاء المعجمة مكسورة قال الخطابي معناه لا أنقض العهد ولا أفسدة من قولك خاس الشيء في الوفاء إذا فسد، وفيه من الفقه أن العقد يرعى مع الكافر كما يرعى مع المسلم وأن الكافر إذا عقد لك عقدا أمان فقد وجب عليك أن تؤمنه وأن لا تغنا له في دم ولا مال ولا منفعة (5) بضم الموحدة وسكون الراء جمع بريد وهو الرسول محفف من برد بضم الموحدة والراء كرسل بسكون المهملة مخفف من رسل بضمها وإنما خففه هنا ليزاوج العهد، والمعنى لا أحبس الرسل الواردين على (قال الخطابي) يشبه أن يكون المعنى في ذلك أن الرسالة تقتضي جوابا والجواب لا يصل إلى المرسل (بكسر السين) الأعلى لسان الرسول بعد انصرافه فصار كأ، هـ عقد له العهد مدة مجيئه ورجوعه والله أعلم (6) بضم الوحدة مصغرًا هو ابن الأشبح (تخريجه) (د) قال المنذري وأخرجه النسائي قال وأبو رافع اسمه إبراهيم ويقال أسلم ويقال ثابت ويقال هرمز اهـ (قلت) وسكت عن هذا الحديث أبو داود والمنذرى فهو صالح (باب) (7) حدثنا وكيع عن سفيان عن أسامة عن الزهرى عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (8) أي مفصل مبين بحيث يمتاز بعضه عن بعض فلا يلتبس، ولذلك قالت يفقهه أي يفهمه كل أحد (9) أي ما كاان يتابع الحديث استعجالا بعضه إثر بعض لئلا يلتبس على المستمع زاد الإسماعيلي في روايته إنما كان حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فهما تفهمه القلوب: كان يحدث حديثا لوعدّه العادّ لأحصاه، أي لوعد كلماته أو مفراداته أو حروفه لأطاق ذلك وبلغ آخرها، والمراد بذلك المبالغة في الترتيل والتفهم (قال الحافظ) وروى الترمذي والحاكم عن أنس كان صلى الله عليه وسلم يعيد الكلمة ثلاثا، وفي رواية

-[ما جاء في مزاحه صلى الله عليه وسلم وأنه لا يقول إلا حقا]- (عن سماك) قال قلت لجابر بن سمرة اكنت تجالس رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؟ قال نعم، فكان طويل الصمت قليل الضحك وكان أصحابه يذكرون عنده الشعر وأشياء من أمورهم فيضحكون وربما تبسم (عن أبي هريرة) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إني لا أقول إلا حقا، قال بعض أصحابه فإنك تداعبنا يا رسول الله، فقال إني لا أقول إلا حقا (عن أنس بن مالك) أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فاستحمله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا حاملوك على ولد ناقة، قال يا رسول الله ما أصنع بولد ناقة؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل تلد الإبل ألا النوق (عن عبد الحميد بن صيفي) عن أبيه عن جده قال إن صهببا قدم على النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه تمر وخبز فقال أدن فكل، قال فاخذ يأكل من التمر، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أن بعينك رمدًا، فقال يا رسول الله إنما آكل من الناحية الأخرى فتبسم النبي صلى الله عليه وسلم (حدثنا الضحاك) ثنا ابن عجلان عن أبيه عن أبي هريرة أن شاة طبخت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطنى الذراع، فناولها إياه فقال أعطني الذراع فناولها إياه ثم قال أعطني الذراع فقال يا رسول إنما للشاة ذراعان قال إما إنك لو التمستها لوجدتها (باب ما جاء في عناية الله به وحفظه من نقص الجاهلية وعبادة الأصنام) (عن عمرو بن دينار) أنه سمع جابر بن عبد الله يقول لما بنيت الكعبة ذهب النبي صلى الله عليه وسلم

_ للحاكم كان إذا تلكم بكلمة أعادها ثلاثا حتى تفهم عنه وإذا أتى على قوم فسلم عليهم سلم عليهم ثلاثا (تخريجه) (ق د) (1) (سنده) حدثنا سليمان بن داود ثنا شريك عن سماك قال قلت لجابر بن سمرة الخ (غريبه) (2) جاء عند مسلم وكانوا يتحدثون فيأخذون في أمر الجاهلية فيضحكون ويتبسم صلى الله عليه وسلم (قال في المرقاة) ومن جملة ما يتحدثون به أنه قال واحد ما نفع أحدا صنمه مثل ما نفعني، قالوا كيف هذا؟ قال صنعته من الحيس فجاء القحط فكنت آكله يومًا فيومًا، وقال آخر رأيت ثعلبين جاءا وصعدا فوق رأس صنم لي وبالأعليه، فقلت (أرب يبول الثعلبان برأسه) فجئتك يا رسول وأسلمت (تخريجه) (م مذ طل) وليس في رواية مسلم تناشد الشعر (3) (عن أبي هريرة) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في المزاح الخ من كتاب آفات اللسان في الجزء التاسع عشر ص 269 رقم 55 (4) (عن أنس بن مالك) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار إليه عقب الحديث الشابق رقم 56 (5) (عن عبد الحميد بن صيفي الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار إليه أيضا في الجزء التاسع عشر ص 270 رقم 58 (6) (حدثنا الضحاك الخ) (غريبه) (7) أما للتنبيه وقوله (لو التمستها) أي لو طلبتها من القدر بدون أن تقول إنما للشاة ذراعان وامتثلت ما أمرتك به لوجدتها، لأنه يخلق الله معجزة لي، لكنك لم تسكت فمنعت رؤية تلك المعجزة التي فيها نوع تشريف لمشاهدها، لأنه لا يليق إلا بكامل التسليم الذي ر يستفهم ولا يتعجب ولا يستبعد والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه من حديث أبي هريرة لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات، وتقدم نحوه عن أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم في باب ما كان يحبه النبي صلى الله عليه وسلم من الأطعمة من كتاب الأطعمة في الجزء السابع عشر ص 84 رقم 67 وأخرج الترمذي عن أبي هريرة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الذراع وقال هذا حديث حسن صحيح (باب) (8) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني

-[ما جاء في عناية الله عز وجل به وحفظه من عبادة الأصنام وشى من خصوصياته صلى الله عليه وسلم]- وعباس ينقلون حجارة، فقال عباس اجعل إزارك على رقبتك من الحجارة ففعل فخر إلى الأرض وطمحت عيناه إلى السماء ثم قام فقال إزارى إزارى فشد عليه إزاره (وفي لفظ فسقط مغشيا عليه، فما رؤى بعد ذلك اليوم عريانا (عن هشام بن عروة) عن أبيه عن جار لخديجة بنت خويلد أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول لخديجة أي خديجة، والله لا أعبد اللات والعزى والله لا أعبد أبدًا قال فتقول خديجة خل العزى، قال كانت صنمهم التي كانوا يعبدونها ثم يضطجعون (باب ما جاء في خصوصياته صلى الله عليه وسلم) (عن علي بن أبي طالب) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطيت ما لم يعط أحد من الأنبياء فقلنا يا رسول الله ما هو؟ قال نصرت بالرعب وأعطيت مفاتيح الأرض وسميت أحمد وجعل التراب لي طهورا وجعلت أمتى خير الأمم (عن أبي ذر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أوتيت خمسا لم يؤتهن نبي كان قبلي، نصرت بالرعب فيرعب منى العدو من مسرة شهر؛ وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لأحد كان قبلي، وبعثت إلى الأحمر والأسود وقيل لي سل تعطه فاختبأتها شفاعة لا متى، وهي نائلة منكم أن شاء الله من لقى الله عز وجل لا يشرك له شيئا: قال الأعمش فكان مجاهد يرى أن الأحمر الإنس والأسود الجن (عن ابن عباس) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أعطيت خمسا لم يعطهن نبي قبلي ولا أقولهن فخرًا

_ عمرو بن دينار أنه مسع جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (1) أي ليتقى به ما يحدته الحجر من الضرر إذا كان مباشرا للجسم (2) بفتح الميم الظاهر أنه لما فعل ذلك تعرى جسمه فخرّ إلى الأرض مغشيا عليه (3) جاء عند الطبراني والبزار من حديث العباس أنه قال له ما شأنك؟ فقام فأخذ ازاره وقال نهيت أن أمشى عريانا، قال فكنت أكتمها الناس مخافة أن يقولوا مجنون حتى أظهر الله نبوته، والظاهر أنه صلى الله عليه وسلم سقط مغشيا عليه حين سمع النداء بالنهي لأنه أول نداء سمعه من قبل الله عز وجل كما جاء في بعض الروايات والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (4) (سنده) حدثنا أبو أسامة حماد بن أسامة ثنا هشام يعني ابن عروة عن أبيه الخ (غريبه) (5) اللات والعزى صنمان كانت العرب تعبدهما في الجاهلية، وقد عصم الله عز وجا نبيه صلى الله عليه وسلم من عبادة الأصنام مطلقا. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم والله لا أعبد أي لا أعبد الأصنام (6) أي دع عبادتها ولا تحزن (7) معناه أنهم كانوا يعبدونها قبل أن يناموا والله أعلم (تخريجه) لم أقف لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات من رجال الكتب الستة (باب) (8) (عن على بن أبي طالب الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وضرحه وتخريجه في باب اشتراط دخول الوقت للتميم من كتاب التميم في الجزء الثاني ص 188 رقم 9 (9) (سنده) حدثنا يعقوب ثنا أبي عن ابن إسحاق حّدثني سليمان الأعمش عن مجاهد بن جبر أبي الحجاج عن عبيد بن عمير الليثي عن ابي ذر الخ (غريبه) (10) فسره مجاهد أحد رجال السند كما في آخر الحديث بأن الأحمر الأنس والأسود الجن (تخريجه) (طل) وأشار إليه الشوكاني في المنتقى وقال رواه أبو داود (قلت) ورجال حديث الباب كلهم ثقات، وفي الباب أحاديث كثيرة عن كثير من الصحابة تقدم يعضها في الباب المشار إليه في الجزء الثاني من كتاب التيمم، وتقدم شرحها هناك منها حديث جابر المتفق عليه (11) (سنده) حدثنا عبد الصمد حدثنا عبد العزيز بن مسلم حدثنا يزيد (يعني

-[الدليل على بعثته صلى الله عليه وسلم للإنس والجن وأنه خص بالشفاعة العظمى]- بعثت إلى الناس كافة الأحمر والأسود (وفي لفظ بعثت إلى كل أحمر وأسود فليس من أحمر ولا أسود يدخل في امتي ألا كان منهم) ونصرت بالرعب مسيرة شهر، وأحلت لي الغنائم ولم تحل لاحد قبلي، وجعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا، وأعطيت الشفاعة فأخرتها لامتى فهي لمن لا يشرك بالله شيئا (وعن أبي موسى) بنحوه وفيه وأعطيت الشفاعة وليس من نبي إلا وقد سأل شفاعة وإني أخبأت شفاعتي ثم جعلتها لمن مات من أمتي لم يشرك بالله شيئا (عن عمرو بن شعيب) عن أبيه عن جده عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه (حدثنا محمد بن جعفر) ثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت عبد الله بن سلمة يقول سمعت عبد الله بن مسعود يقول أوتى نبيكم صلى الله عليه وسلم مفاتيح كل شيء غير الخمس (أن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدرى نفس ماذا تكسب غدًا. وما تدرى نفس بأي أرض تموت. أن الله عليم خبير) قال قلت له أنت سمعته من عبد الله؟ قال نعم أكثر من خمسين مرة (عن ابن عمر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثت بين يدي الساعة بالسيف حتى يعبد الله وحده لا شريك له، وجعل رزقي تحت ظل رمحي وجعل الذل والصغار على من خالف أمرى ومن تشبه بقوم فهو منهم

_ ابن أبي زياد) عن مقسم عن ابن عباس الخ (تخريجه) أورده لهيثمي وقال رواه (حم بز طب) وقال ورجال أحمد رجال الصحيح غير يزيد بن أبي زياد وهو حسن الحديث (1) (سنده) حدثنا حسين بن محمد ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن أبي بردة عن أبي موسى (يعني الأشعري الخ) (غريبه) (2) يعني بنحو الحديث المتقدم (تخريجه) (طب) وسنده صحيح ورجاله كلهم ثقات (3) (عن عمرو بن شعيب الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب تبشير النبي صلى الله عليه وسلم وهم بتبوك بفتح فارس والروم في الجزء الحادي والعشرين ص 200 رقم 429 فارجع إليه (4) (حدثنا محمد بن جعفر الخ) (غريبه) (5) أي غير الخمس المذكورة في كتاب الله عز وجل فإنه لا يعلمها إلا الله: أولها أن الله عنده علم الساعة وتقدم تفسير هذه الآية إلى آخر السورة في باب إن الله عنده علم الساعة من سورة لقمان في الجزء الثامن عشر ص 130 رقم 231 (تخريجه) (طل) وأورده الحافظ ابن كثير في تفسيره وقال هذا إسناد حسن على شرط السنن ولم يخرجوه، وأورده أيضًا الحافظ الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح (6) (سنده) حدثنا أبو النضر حدثنا عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان حدثنا حسان بن عطية عن أبي منيب الجرشى عن ابن عمر الخ (غريبه) (7) مستعار مما بين يدية جهة الإنسان تلويحا يقربها والساعة هنا القيامة وأصلها قطعة من الزمان (وقوله بالسيف) قال العلماء خص نفسه به وإن كان غيره من الأنبياء بعث بقنال أعدائه لأنه لا يبلغ مبلغه فيه، ويحتمل أنه إنما خص نفسه به لأنه موصوف بذلك في الكتب فأراد أن يقرع أهل الكتابين ويذكرهم بما عندهم والله أعلم (8) هو كناية عن الغنائم بسبب الجهاد لأنه كان سهم منها له خاصة، يعني أن معظم رزقه كان من ذلك والا فقد كان يأكل من جهات أخرى كالهدية والهبة وغيرهما (9) الذل أي الهوان والخسران (والصغار) بفتح المهملة أي الضيم (10) أي حشر معهم فمن تشبه بالصالحين وعمل كعملهم حشر معهم، ومن تشبه بالطالحين وعمل كعملهم حشر معهم (تخريجه) (عل طب ش) وعبد بن حميد والبيهقي في الشعب، وأورده الهيثمي وقال فيه عبد الرحمن

-[ومن خصوصياته صلى الله عليه وسلم إخباره بما يكون في أمته إلى يوم القيامة]- (عن أبي هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نصرت بالرعب وأعطيت جوامع الكلام وبينا أنا نائم إذ جيء بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي، فقال أبو هريرة لقد ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تنتشلونها (عن المغيرة بن شعبة) أنه قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما وأخبرنا بما يكون في أمته إلى يوم القيامة وعاه من وعاه ونسيه من نسيه (عن ابن عباس) قال قال رسول الله إني نصرت بالصبا وأن عادا أهلكت بالدبور (وعنه أيضا) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ثلاث هن علىّ فرض ولكم تطوع، الوتر والنحر وصلاة الضحى (عن أبي هريرة) قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر وفي مؤخر الصفوف رجل فأساء الصلاة فلما سلم ناداه رسول الله صلى الله عليه وسلم يا فلان ألا تتقي الله؟

_ ابن ثابت عن ثوبان وثقه ابن المديني وأبو حاتم وضعفه أحمد وغيره، وبقية رجالة ثقات اهـ وذكره البخاري في صحيحه في الجهارد تعليقا (1) (سنده) حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب وأبي سلمة عن أبي هريرة الخ (2) هكذا في هذه الرواية الكلام وفي معظم الروايات الكلم والمعنى واحد (3) فيه إشارة إلى اتساع الفتوحات وكثرة الغنائم والأموال (4) أي تستخر جونها يقال نشل الركية أخرج ترابها، وانتشل كنانته استخرج ما فيها من السهام، والضمير هنا يراد به الأموال وما فتح عليهم من زهرة الدنيا المشار إليها في قوله صلى الله عليه وسلم وجيء بمفاتيح خزائن الأرض فوضعت في يدي يشير أبو هريرة إلى أنه صلى الله عليه وسلم ذهب إلى الرفيق الأعلى قبل الفتوح التي بشر بها أمته ولم ينل منها شيئا (تخريجه) (م نس. وغيرهما) (5) (سنده) حدثنا مكي بن إبراهيم حدثنا هاشم يعني ابن هاشم عن عمرو بن إبراهيم بن محمد عن محمد بن كعب القرظي عن المغيرة، بن شعبة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد من حديث المغيرة وفي إسناده عمرو بن إبراهيم لم أعرفه وبقية رجاله ثقات وله شاهد من حديث حذيفة عند الشيخين وغيرهما قال (قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاما ما ترك شيئًا يكون في مقامه ذلك إلى قيام الساعة ألا حدث به حفظه من حفظه ونسيه من نسيه (6) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن مسعود بن مالك عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (7) الصبا بفتح الصاد المهملة ريح معروفة يقال لها أيضا القبول بفتح القاف لأنها تقابل باب الكعبة إذ مهبها من مشرق الشمس وضدها الدبور (تخريجه) (ق طل وغيرهما) (8) (سنده) حدثنا شجاع بن الوليد عن أبي جناب الكلبي عن عكرمة عن ابن عباس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (ك قط) إلا أن في الدارقطني (وركعتا الفجر) بدل (وصلاة الضحى) وهو حديث ضعيف وفي إسناده أبو جناب الكلبي اسمه يحيى ابن أبي حية قال في التقريب ضعفوه لكثرة تدليسه (قلت) وقال الذهبي في تلخيص المستدرك ضعفه النسائي والدارقطني (9) (سنده) حدثنا يزيد قال أنا محمد يعني ابن إسحاق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة الخ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وله حديث آخر عن أبي هريرة أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إني انظر أو إني لأنظر ما ورائي كما أنظر إلى ما بين يدي فسووا صفوفكم وأحسنوا ركوعكم وسجودكم، وتقدم في باب الحث على تسوية الصفوف في أبواب صلاة الجماعة في الجزء الخامس ص 314 رقم 1468 ورواه أيضًا البزار قال الهيثمي ورجاله ثقات (قلت) وله شاهد

-[ومن خصوصياته صلى الله عليه وسلم أنه أعطى قوى ثلاثين رجلا]- ألا ترى كيف تصلى؟ أنكم ترون أنه يخفي على شيء مما تصنعون، والله إني لأرى من خلفي كما أرى من بين يدىّ (عن واثلة بن الاسقع) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال أعطيت مكان التوراة السبع وأعطيت مكان الزبور المئين وأعطيت مكان الإنجيل المثانى وفضلت بالمفصل (حدثنا سفيان) ثنا عمرو عن عطاء عن عائشة رضي الله عنها قال مامات رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أحل له النساء (ومن طريق ثان) حدثنا عبد الرزاق قال أنا ابن جريج قال وزعم عطاء أن عائشة (رضي الله عنها) قالت مامات النبي صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله عز وجل له أن ينكح ما شاء، قلت عمن تؤثر هذا؟ قال لا أدرى، حسبت أني سمعت عبيد بن عمير يقول ذلك (عن قتادة عن أنس بن مالك) أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يدور على نسائه في الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن أحدى عشرة، قال قلت لأنس وهل كان يطيق ذلك؟ قال كنا نتحدث أنه أعطى قوة ثلاثين {أبواب ما أيده الله به من المعجزات وخوارق العادات} (باب ما جاء في اختصاصه صلى الله عليه وسلم بنزول القرآن عليه وهو أفضل المعجزات على الإطلاق) (عن أبي هريرة) أن رسول الله قال ما من الأنبياء نبي إلا وقد أعطى من الآيات ما مثله

_ من حديث أنس عند مسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (اتموا الصفوف فاني أراكم خلف ظهري) وفيه دلالة على أن الله عز وجل خصه بأنه يرى من خلفه كما يرى من أمامه صلى الله عليه وسلم (1) (سنده) حدثنا سليمان بن داود أبو داود الطيالسي قال أنا عمران القطان عن أبي قتادة عن أبي المليح الهذلي عن واثلة بن الاسقع الخ (غريبه) (2) أي بدل ما فيها وكذا يقال فيما بعد (وقوله السبع) يعني الطوال كما في رواية أخرى، والطوال بكسر الطاء جمع طويلة وإما بضمها فمفرد كرجل طوال، وأولها البقرة وأخرها براءة بجعل الأنفال وبراءة واحدة وقيل غير ذلك (3) بفتح الميم وكسر الهمزة فمثناة تحت ساكنة أي السور التي تلي السبع الطوال سميت بذلك لأن كل سورة منها تزيد على مائة آية أو تقاربها (4) المثاني ما ولى المئين كانت بعدها فهي لها ثوان والمئون لها أوائل، وقيل غير ذلك (5) المفصل ما ولى المثاني من قصار السور سمي بذلك لكثرة الفصول التي بين السور بالبسملة، وقيل لقلة المنسوخ منه ولهذا يسمى بالمحكم أيضًا كما روى البخاري عن سعيد بن جبير قال أن الذي تدعونه المفصل هو المحكم وآخره سورة الناس بلا نزاع، وهو على ثلاثة أقسام، طوال وأوساط وقصار، وقد اختلف العلماء في تحديد ذلك ذكرت خلافهم في شرح حديث رقم 553 ص 210 في الجزء الثالث في باب قراءة سورتين أو أكثر في ركعة من كتاب الصلاة (تخريجه) (طب طل هب) وفي إسناده عمران القطان مختلف فيه وحسنه الحافظ السيوطي والله أعلم (6) (حدثنا سفيان) الخ هذا الحديث تقدم بطريقيه وبسنده وشرحه وتخريجه في باب لا يحل لك النساء من بعد من سورة الأحزاب في الجزء الثامن عشر ص 144 رقم 391 فارجع إليه وهذا أيضًا من خصوصياته صلى الله عليه وسلم (7) (عن قتادة عن أنس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب من أسلم وتحته اختان أو أكثر من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر ص 100 رقم 160 فارجع إليه وهذا من خصوصياته أيضا صلى الله عليه وسلم (باب) (8) (عن أبي هريرة الخ) هذا الحديث

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم نزول القرآن وانشقاق القمر]- آمن عليه البشر وإنما كان الذي أوتيت وحيا أوحاه الله عز وجل إلىّ وأرجو أن أكون أكثرهم تبعا يوم القيامة (عن على رضي الله عنه) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أتاني جبريل عليه السلام فقال يا محمد أن أمتك مختلفة بعدك، قال فقلت له فأين المخرج يا جبريل؟ قال فقال كتاب الله تعالى به يقصم الله كل جبار، من اعتصم به نجا ومن تركه هلك مرتين، قول فصل وليس بالهزل، لا تختلفه ألا لسن ولا نفنى أعاجيبه، فيه نبأ ما كان قبلكم، وفصل ما بينكم وخبر ما هو كائن بعدكم (باب ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم انشقاق القمر) (عن ابن مسعود) انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقتين حتى نظروا إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اشهدوا (عن أنس بن مالك) سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية فاشق القمر بمكة مرتين فقال اقتربت الساعة واشق القمر وإن يروا آية يعرضوا ويقولوا سحر مستمر (قط) (عن قادة) قال سمعت أنسا يقول انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم (عن جبير بن مطعم) قال انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم نصار فرقنين فرقة على هذا الجبل وفرقة على هذا الجبل، فقالوا سحرنا محمد صلى الله عليه وسلم فقالوا أن كان سحرنا فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم

_ تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر ص 4 رقم 3 وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (1) (عن علي رضي الله عنه الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار إليه في الجزء الثامن عشر ص 2 رقم 1 فارجع إليه (باب) (2) (سنده) حدثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن أبي معمر عن ابن مسعود انشق القمر الخ (تخريجه) (ق طل) وهذا من المعجزات الكونية التي لم تسبق لنبي غير نبينا صلى الله عليه وسلم قال الحافظ ابن كثير في تفسيره قد كان هذا في زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم كما ورد ذلك في الاحاديث المتواترة بالأسانيد الصحيحة، قال وهذا أمر متفق عليه بين العلماء أن انشقاق القمر قد وقع في زمان النبي صلى الله عليه وسلم وأنه كان إحدى المعجزات الباهرات، وقال في التاريخ وقد أجمع المسلمون على وقوع ذلك زمنه وجاءت بذلك الأحاديث المتواترة من طرق متعددة تفيد القطع عند من أحاط بها ونظر فيها، وذكر كثيرًا من الأحاديث وطرقها في التفسير والتاريخ اهـ (3) (عن أنس بن مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب قوله تعالى اقتربت الساعة وانشق القمر من كتاب فضائل القرآن وتفسيره في الجزء الثامن عشر ص 289 رقم 444 وتقدم هناك كلام العلماء في ذلك بما يشرح الصدر ويزيل الشبه فارجع إليه وانظر باب ما جاء في تفنن قريش في طلب الآيات الخ في الجزء العشرين ص 222 تجد ما يسرك والله أعلم (4) (قط) (سنده) حدثنا أبو عبد الله السلمي قال حدّثني أبو داود عن شعبة عن قتادة قال سمعت أنسا الخ (تخريجه) (طل) وهذا الحديث من زوائد القطيعي على مسند الإمام أحمد ولذلك رمزت له في أوله برمز (قط) كما ذكرت في مقدمة الكتاب وهو موقوف على أنس ولكن له حكم الرفع، ويؤيده ما قبله ورجاله ثقات (5) (عن جبير بن طعم الخ) هذا لحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في تفنن قريش في طلب الآيات المشار إليه في

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم شفاء المرضى ببركته وشكوى الجمل إليه]- (باب ومن معجزاته شفاء المرضى ببركته وشكوى الجمل إليه وانتقال الشجر من مكانه للسلام عليه وانقياده لأمره) صلى الله عليه وسلم (عن يعلى بن مرة) قال لقد رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثا ما رآها أحد قبلي ولا يراها أحد بعدي (لقد خرجت معه في سفر) حتى إذا كنا ببعض الطريق مررنا بامرأة جالسة معها صبي لها فقالت يا رسول أن هذا صبي أصابه بلاء وأصابنا منه بلاء، يؤخذ في اليوم ما أدرى كم مرة، قال ناولينيه، فرفعته إليه فجعلته بينه وبين واسطة الرحل ثم فغرفاه فنفث فيه ثلاثا وقال بسم الله أنا عبد الله أخسأ عدو الله ثم ناولها إياه، فقال ألقينا في الرجعة في هذا المكان فأخبرنا ما فعل: قال فذهبنا ورجعنا فوجدناها في ذلك المكان معها شياه ثلاث، فقال ما فعل صبيك؟ فقالت والذي بعثك بالحق ما حسسنا منه شيئًا حتى الساعة فاجتز هذه الغنم قال انزل فخذ منها واحدة ورد البقية (وفي رواية فأهدت إليه كبشين وشيئًا من أقط وشيئًا من سمن، قال فقال رسول صلى الله عليه وسلم خذ الاقط والسمن وأحد الكبشين ورد عليها الآخر (قال وخرجت ذات يوم) إلى الجبانة حتى إذا برزنا قال انظر ويحك هل ترى من شيء يواريني قلت ما أرى شيئا يواريك إلا شجرة ما أراها تواريك، قال فما بقربها؟ قلت شجرة مثلها أو قربت منها، قال فاذهب إليهما فقل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركما أن تجتمعا بإذن الله قال فاجتمعتا فبرز لحاجته ثم رجع، فقال اذهب إليهما فقل لهما إن رسول الله يأمركما أن ترجع كل واحدة منكما إلى مكانها فرجعت (قال وكنت عنده جالسا ذات يوم) إذ جاءه جمل يخبب حتة صوّب بحرانه بين يديه ثم ذرفت عيناه فقال ويحك انظر لمن هذا الجمل أن له لشأنا، قال فخرجت ألتمس صاحبه فوجدته لرجل من الأنصار فدعوته إليه فقال ما شأن جملك هذا؟ فقال وما شأنه؟ قال لا أدرى والله ما شأنه عملنا عليه ونضحنا عليه حتى عجز عن السقاية فائتمرنا البارحة أن ننحره ونقسم لحمه، قال فلا تفعل هبه لي أو بعنيه، فقال بل هو لك يا رسول الله

_ شرح حديث أنس المتقدم آنفا (باب) (1) (سنده) حدثنا عبد الله بن نمير عن عثمان بن حكيم قال أخبرني عبد الرحمن بن عبد العزيز عن يعلى بن مرة الخ (غريبه) (2) جاء في الطريق الثالثة بلفظ (به جنة) أي صرع من الجن (3) أي فتحه (4) أي انتظر ينا (5) أي خذ هذه الغنم يقال أجزرت القوم إذا أعطيتم شاة يذبحونها ولا يقال إلا في الغنم خاصة (نه) (6) بفتح الهمزة وكسر القاف وقد تسكن القاف للتخفيف مع فتح الهمزة وكسرها مثل تخفيف كبد نقله، الصغاني عن الفراء وهو ما يتخذ من اللبن المخيض يطبخ ثم يترك حتى يمصل (7) قال في النهاية الجبان والجبانه الصحراء (قلت) وهي المراد هنا، قال وتسمى بهما المقابر لأنها تكون في الصحراء تسمية للشيء بموضعه (8) أي يسترني لأنه صلى الله عليه وسلم أراد قضاء حاجته (9) بضم الهمزة أي ما أظنها (10) بفتح أوله وسكون ثانيه من باب طلب أي يسرع ويعدو (11) بكسر الجيم وفتح الراء باطن العنق (12) بفتح الراء من باب ضرب دمعت (13) القائل لا أدارى والله ما شأنه هو صاحب الجمل ثم استدرك فقال عملنا عليه الخ أي استقينا عليه الزرع

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم انتقال الشجر من مكانه للسلام عليه وانقياده لأمره]- قال فوسمه بسمة الصدقة ثم بعث به (وعنه عن طريق ثان) بنحوه وفيه وجاء بعير فضرب بجرانه إلى الأرض ثم جرج حتىّ ابتل ما حوله فقال النبي صلى الله عليه وسلم أتدرون ما يقول البعير إنه يزعم أن صاحبه يريد نحره، فبعث إليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال أواهبه أنت لي؟ فقال يا رسول مالي مال أحب إلى منه، قال استوص به معروفا، فقال لا جرم لا أكرم مالا لي كرامته يا رسول الله (قال وأتى على قبر) يعذب صاحبه فقال إنه يعذب في غير كبير فأمر بجريدة فوضعت على قبره فقال عسى أن يخفف عنه ما دامت رطبة (وعنه من طريق ثالث) قال ثلاثة أشياء رأيتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم (بينما نحن نسير معه) إذ مررنا ببعير يسنى عليه فلما رآه البعير جرجر ووضع جرانه فوقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم فقال اين صاحب هذا البعير فجاء فقال بعنيه، فقال لا بل أهبه لك، فقال لا بعنيه، قال لا بل نهبه لك، وإنه لأهل بيت ما لهم معيشة غيره، قال أما إذا ذكرت هذا من أمره فإنه شكا كثرة العمل وقله العلف فأحسنوا إليه (قال ثم سرنا) فنزلنا منزلا فقام النبي صلى الله عليه وسلم فجاءت شجرة تشق الأرض حتى غشيته ثم رجعت إلى مكانها فلما استيقظ ذكرت له فقال هي شجرة استأذنت ربها عز وجل أن تسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأذن لها (قال ثم سرنا) فمررنا بماء فأتته امرأة بابن لها به جنة فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم بمنخره فقال أخرج أني محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم (قال ثم سرنا) فلما رجعنا من سفرنا مررنا بذلك الماء فأتته المرأة بجزر ولبن فأمرها أن ترد الجزر وأمر أصحابه فشرب من اللبن، فسألها عن الصبي فقالت والذي بعثك بالحق ما رأينا منه ريبا بعدك (وعنه من طريق رابع) قال ما أظن أن أحدًا

_ (1) أي وضع عليه علامة إبل الصدقة وهي أن يعلم عليها بالكي (2) (سنده) حدثنا أبو سلمة الخزاعي ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن حبيب بن أبي جبيرة عن يعلى بن سيابه (بكسر المهملة هو ابن مرة) قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في مسير له فاراد أن يقضى حاجته فأمر وديتين (بفتح الواو وكسر المهملة وتشديد الياء التحتية تثنية ودية صغار النخل) فانضمت أحداهما إلى الأخرى ثم أمرها (يعني بعد قضاء حاجته) فرجعتا إلى منابتهما، وجاي بعير الخ (3) من الجرة بكسر الجيم وتشديد الراء، قال الأزهري الجرة ما تخرجه الإبل من كروشها فتجتره فالجرة في الأصل للعدة ثم توسعوا فيها حتى أطلقوها على ما في المعدة وجمع الجرة جرر كسدرة وسدر (4) ما يختص بعذاب القبر تقدم شرحه وكلام العلماء فيه وفي فصل عذاب عصاة المؤمنين في القبر وما يخففه عنهم من كتاب الجنائز في الجزء الثامن ص 127 فارجع إليه (5) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا معمر عن عطاء بن السائب عن عبد الله بن حفص عن يعلى بن مرة الثقفي قال ثلاثة أشياء رأيتهن الخ (6) أي جمل عليه الماء لسقي الزرع (7) أي غطته وسترته وهو نائم وكان صلى الله عليه وسلم تنام عينه ولا ينام قلبه (8) أي صرع من الشيطان (9) بالتحريك جمع جزرة بسكون الزاي وهي الشاة السمينة التي تصلح أن تجزر أي تذبح للكل (10) الريب الشك والمعنى ما وجدنا منه شيئًا يريبنا ولا شككنا في صحته بعد أن أخذت بمنخره وقلت ما قلت (11) (سنده) حدثنا أسود بن عامر ثنا أبو بكر بن عياش عن حبيب بن أبي عميرة عن المنهال بن عمرو عن يعلى (يعني ابن مرة) قال ما أظن الخ

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم شفاء المجنون ورجوعه أحسن ما كان عاقلا]- رأى من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا دون ما رأيت فذكر أمر الصبي والنخلتين وأمر البعير إلا أنه قال ما لبعيرك يشكوك زعم إنك سانيه حتى إذا كبر تريد أن تنحره، قال صدقت والذي بعثك بالحق نبيا قد أردت ذلك، والذي بعثك بالحق لا أفعل (عن سليمان بن عمرو بن الأحوص الأزدى) قال حدثني أمي أنها رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم يرمى جمرة العقبة ثم أقبل فأتته امرأة بابن لها فقالت يا رسول الله إن ابني هذا ذاهب العقل فادع الله له، قال أتيني بماء فأتته بماء في تور من حجارة فتقل فيه وغسل وجهه ثم دعا فيه ثم قال اذهبي فاغسليه به واستشفى الله عز وجل فقلت لها هي لي منه قليلا لابني هذا فأخذت منه قليلا بأصابعي فمسحت به شفة إبني فكان من أبر الناس، فسألت المرأة بعد ما فعل ابنها قالت برئ أحسن برء (عن ابن عباس) أن امرأة جاءت بولدها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله إن به لممًا إنه يأخذه عند طعامنا قال فسمح رسول الله صلى الله عليه وسلم صدره ودعا له فتعّ تعة فخرج من فيه مثل

_ (1) أي كنت تستخدمه في حمل الماء لسقي النخل (تخريجه) أورد الهيثمي الطريق الأولى والثالثة والرابعة منه وقال رواه أحمد باسنادين والطبراني بنحوه واحد اسنادي أحمد رجاله رجال الصحيح وقال الطبراني في إحدى رواياته فمر عليه بعير ماد بحرانه يرغو فقال علىَّ بصاحب هذا فجاء فقال هذا يقول نتجت عندهم فاستعملني حتى إذا كبرت أرادوا أن ينحروني، وقال فيها ما من شيء إلا يعلم أني رسول الله إلا كفرة أو فسقه الجن والإنس، وأورد الطري الثانية منه وقال رواه أحمد والطبراني بنحوه إلا أنه قال ثم أتى على قبرين وإسناده حسن أهـ (قلت) هذه الطريق التي جاءت هنا بعضها صحيح وبعضها حسن ويؤيد بعضها بعضا والله أعلم (2) (عن سليمان بن عمرو الخ) هذا الحديث تقدم بسنده (والجزء الأول) من متنه مشروحا إلى قوله فارموا بمثل حصى الحذف في باب رمى جمرة العقبة من بطن الوادي من كتاب الحج في الجزء الثاني عشر ص 180 رقم 381 واليك شرح الباقي منه (3) بفتح المثناة وسكون الواو اناء من حجارة قد يتوضأ فيه (4) الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم غسل وجه بماء آخر جعله يتساقط في ذلك الإناء ثم دعا فيه بالشفاه لولدها ودعاؤه صلى الله عليه وسلم مستجاب لا شك في ذلك (5) أي أطلبي من الله عز وجل الشفاء لولدك، وإنما قال لها ذلك لتعتقد أن الله هو الشافي، وهذا لا ينافى أنه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم (6) القائل هي لي منه هي أم سليمان بن عمرو بن الأحوص (تخريجه) (دجه هق) وفي إسناده يزيد بن أبي زياد، قال ابن معين ضعيف الحديث لا يحتج بحديثه، وقال أبو داود لا أعلم احدا ترك حديثه وغيره أحب إلى منه كذا في التهذيب (7) (سنده) حدثنا يزيد أخبرنا حماد بن سلمة عن فرقد السبخي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (8) يعني جنونا كما صرح بذلك في رواية أخرى (9) جاء في رواية عند غدائنا وعشائنا فيخبث أي يفسد علينا (10) هكذا جاء في هذه الرواية فتعّ بفتح التاء المثناه فوق وتشديد العين المهملة (تعة) بالتاه المثناة أيضا وسيأتي في رواية أخرى (فثع ثعة) بالثاء المثلثة بدل التاء المثناة أي قاء ولم يذكر في النهاية سوى رواية الثاء المثلثة فقال الثع القيء والثعة المرة الواحدة وعن ابن دريد قال أبو منصور

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم شفاء الجرح المميت واستدعاء نخلة ومعه رجل كافر فانتقلت من مكانها حتى صارت بين يديه]- الجرو (1) الأسود دفشفى (عن يزيد بن عبيد) قال رأيت أثر ضربة في ساق سلمة (بن الأكوع) فقلت يا أبا مسلم ما هذه الضربة؟ قال هذه ضربة أصبتها يوم خبير، قال يوم أصبتها قال الناس أصيب سلمة فاتى بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى الساعة (عن ابن عباس) قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من بني عامر فقال يا رسول الله أني الخاتم الذي بين كتفيك فإني من أطب الناس، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أريك آية؟ قال بلى، قال فنظر إلى نخلة فقال أدع ذلك العذق (قال فدعاه فجاء ينقز حتى قام بين يديه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ارجع فرجع إلى مكانة، فقال العامرى يا آل بنى عامر ما رأيت كاليوم رجلا أسحر (عن عبد الله أين جعفر) قال أردفنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم خلفه فأسرّ إلىّ حديثًا لا أخبر به أحدًا أبدًا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب ما استتر به في حاجته هدف أو حائش نخل فدخل يومًا حائطًا من حيطان الأنصار فإذا جمل قد أتاه، فجرجر وذرفت عيناه قال بهز وعفان (10)

_ في ترجمة تعع روى الليث هذا الحرف بالتاء المثناة تع إذا قاء وهو خطأ إنما هو بالثاء المثلثة لا غير اهـ وإليك رواية الثاء المثلثة (قال الإمام أحمد رحمه الله) حدثنا أبو سلمة حدثنا حماد بن سلمة عن فرقد السبخي عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن امرأة جاءت إلى النبي صلى الله عليه وسلم بابن لها فقالت أن ابني هذا به جنون يأخذه عند غدائنا وعشائنا فيخبث علينا فمسح النبي صلى الله عليه وسلم صدره ودعا فثع ثعة يعني سعل فخرج من جوفه مثل الجرو الأسود (1) الجرو بكسر الجيم قال في النهاية الجرو صغار القثاء وقيل الرهان (وفي المصباح) الجرو بالكسر ولد الكلب والسباع والفتح والضم لغة، قال ابن السكيت والكسر افصح وقال في البارع الجرو الصغير من كل شيء والذي يظهر أنه خرج من فيه دم متجمد أسود والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وفي إسناده فرقد بن يعقوب السبخي بفتح المهملة والموحدة وكسر المعجمة قال في الخلاصة تكلم فيه القطان وغيره وقال أحمد رجل صالح وقال البخاري في حديثه مناكير اهـ وفي التهذيب قال عثمان الدارمي عن ابن معين ثقة (2) سنده حدثنا مكي قال ثنا يزيد بن أبي عبيد الخ (تخريجه) (خ د) (3) (سنده) حدثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن أبي ظبيان عن ابن عباس الخ (غريبه) (4) العذق بفتح العين المهملة النخلة وبكسرها العرجون بما فيه من الشماريخ ويجمع على عذاق (5) بضم القاف من باب نصر أي يقفز ويثب (6) جاء عند ابن سعد مختصرا من طريق شريك عن سماك عن أبي ظبيان وفي آخره فآمن وأسلم ورواه أبو نعيم في دلائل النبوة من طريق الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عباس مطولا وفي آخره فقال العامري والله لا أكذبك بقول أبدا؛ ثم قال يا بني صعصعة والله لا أكذبه بشيء يقوله أبدا (تخريجه) (رواه ابن سعد وأبو نعيم في دلائل النبوة وأورده الهيثمي بنحو رواية أبي نعيم وقال رواه أبو يعلي ورجاله رجال الصحيح غير إبراهيم بن الحجاج الشامي وهو ثقة (7) (سنده) حدثنا يزيد أنبأنا مهدي بن ميمون عن محمد بن أبي يعقوب عن الحين بن سعد مولى الحسن بن علي عن عبد الله بن جعفر الخ (غريبه) (8) الهدف كل بناه مرتفع مشرف (والحائش) النخل الملتف المجتمع كأنه للتفافه يحوش بعضه إلى بعض (9) الحائط هاهنا البستان من النخيل إذا كان عليه حائط وهو الجدار (10) روى الإمام أحمد هذا

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم نطق الذئب بقوله محمد بيثرب بخير الناس بأنباء ما قد سبق]- فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنَّ وذرفت عيناه، فمسح رسول الله صلى الله عليه وسلم سرانه وذفراه فسكن، فقال من صاحب الجمل؟ فجاء فتى من الأنصار فقال هو لي يا رسول الله، فقال أما تتقى الله في هذه البريمة التي ملككها الله، إنه شكا إلى أنك تجيعه وتدئبه (باب ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم نطق الجمادات والحيوان وحنين الجذع لفراقه) (عن جابر بن سمرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلم علىّ قبل أن أبعث (وفي رواية ليالي بعثت إني لا عرفة الآن) (عن أبي سعيد الخدري) قال عدا الذئب على شاة فأخذها فطلبه الراعي فانتزعها منه فأقعى الذئب على ذنبه قال ألا تتقى الله تنزع منى رزقًا ساقه الله إلى، فقال يا عجبي ذئب يكلمي كلام الإنس فقال الذئب ألا أخبرك بأعجب من ذلك؟ محمد صلى الله عليه وسلم يثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق، قال مأقبل الراعي يسوق غنمه حتى دخل المدينة فزواها إلى زاوية من زواياها ثم أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنودى الصلاة جامعة، ثم خرج فقال للراعي أخبرهم فأخبرهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الأنس ويكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله ويخبره فخذه بما أحدث أهله (وعنه من طريق ثان) قال بينما رجل من أسلم في غنيمة له يهش عليها في بيداء ذي الخليفة إذ عدا عليه الذئب فانتزع شاة من غنمه فجهجاه الرجل فرماه بالحجارة حتى استنفذ منه شاته ثم أن الذئب أقبل حتى أقعى مستذفرا بذنبه مقابل الرجل فذكر نحوه (عن مجاهد) قال حدثنا شيخ أدرك الجاهلية ونحن في غزوة دروس يقال له ابن عبس رضي الله عنه قال كنت أسوق لآل لنا بقرة قال فسمعت من جوفها، يا آل ذريح قول فصيح رجل يصيح، أن لا إله إلا الله قال فقدمنا مكة فوجدنا النبي صلى الله عليه وسلم (باب حنين الجذع لفراقه صلى الله عليه وسلم) (عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرب (وفي رواية) إلى جذع إذ كان المسجد عريشًا وكان يخطب إلى ذلك الجذع فقال رجل

_ الحديث من طريقين الطريق الأولى عن يزيد (يعني ابن هارون) والطرق الثانية عن بهز وعفان فقوله قال بهز وعفان يعني في روايتهما (1) بفتح المهملة سرا البعير ظهره وسراة كل شيء ظهره وأعلاه (وذفرى البعير) أصل اذنه وهما ذفريان والذفري مؤنثه وألفها للتأنيث أو للإلحاق (نه) (2) أي تكده وتتعبه (تخريجه) (مذ نس جه) وقال الترمذي قال (يعني البخاري) وهذا أصح شيء روى عن النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الباب (باي) (3) (عن جابر بن سمرة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب العلامات الدالة على نبوته صلى الله عليه وسلم من كتاب السيرة النبوية في الجزء العشرين ص 201 رقم 37 فارجع إليه (4) (عن أبي سعيد الخدري الخ) وهذا الحديث تقدم أيضا بطريقيه وسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار إليه في الجزء العشرين ص 203 رقم 31 (5) أي نهره (6) (عن مجاهد الخ) وهذا الحديث تقدم أيضا بسنده وشرحه وتخريجه في الباب المشار إليه ص 203 رقم 30 (باب حنين الجذع الخ) (7) (سنده حدثنا زكريا بن عدى أنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه الخ (غريبه) (8) أي يدنو في صلاته إلى جذع والجذع بكسر الجيم ساق النخلة (9) العريش

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم حنين الجزع لفراقه]- من أصحابه يا رسول الله هل لك أن نجعل لك شيئا تقوم عليه يوم الجمعة حتى يراك الناس وتسمعهم خطبتك؟ قال نعم، نصنع له ثلاث درجات للاتي على المنبر، فلما صنع المنبر وضع في موضعه الذي وضعه فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما أراد أن يأتي المنبر مر عليه فلما جاوزه حار الجذع حتى تصدع وانضق فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسحه بيده حتى سكن، ثم رجع إلى المنبر وكان إذا صلى صلى إليه فلما هدم المسجد وغير أخذ ذاك الجذع أبىّ بن كعب فكان عنده حتى بلى وأكلته الأرضة وعاد رفاتًا (ز) (وعنه من طريق ثان بنحوه) وفيه فصنعوا له ثلاث درجات فقام النبي صلى الله عليه وسلم كما كان يقوم فصغى الجذع إليه فقال له اسكن، ثم قال لا صحابه هذا الجذع حنّ إلىّ فقال له النبي صلى الله عليه وسلم اسكن إن تشأ غرستك في الجنة فياكل منك الصالحون، وإن تشأ أعيدك كما كنت رطبًا، فاختار الآخرة على الدنيا: فلما قبض النبي دفع إلى أبىّ فلم يزل عنده حتى كلته الأرضة (عن جابر بن عبد الله) قال كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا خطب يستند إلى جذع نخلة من سوارى المسجد فلما صنع له منبره استوى عليه فاضطرب تلك السارية كحنين الناقة حتى سمعها أهل المسجد حتى نزل إليها فاعتنقها فسكت (وفي رواية فسكت) (وعنه من طريق ثان) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب إلى جذع نخلة قال فقلت امرأة من الأنصار كان لها

_ كل ما يستظل به وكان سقف المسجد إذ ذاك من سعف النخل (1) أي تكئ عليه وقت الخطبة للجمعة (2) أي على الجذع) أي سمع له صوت كصوت البقرا (حتى تصدع) أي تقطع (3) جاء في بعض الروايات فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم لما سمع صوت الجذع فمسحه الخ (4) أي إلى الجذع (5) (سنده) قال عبد الله بن الإمام أحمد حدثنا عيسى بن سالم أبو سعيد الشاشي في سنة ثلاثين ومأتين ثنا عبيد الله بن عمرو يعني الرقي أبو وهب عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبىّ بن كعب عن ابيه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى إلى جذع فذكر نحو الحديث المتقدم لفظا ومعنى: وفيه فصنعوا له ثلاث درجات الخ وهذا الطريق من زوائد عبد الله بن الإمام أحمد على مسند أبيه (6) أي مال وحنّ (تخريجه) (فع جه) وفي إسناده عند الجميع عبد الله بن محمد بن عقيل، قال النسائي ضعيف. وقال أبو حاتم لين. وقال الترمذي صدوق وسمعت محمدا (يعني البخاري) يقول كان أحمد وإسحاق والحميدي يحتجون بحديث ابن عقيل (خلاصة) وفي التهذيب قال ابن عدى روى عنه جماعة من المعروفين الثقات وهو خير من ابن سمعان ويكتب حديثه اهـ وفي إسناد الطريق الثاني عيسى بن سالم الشاشي قال الحسيني فيه نظر، وقال الحافظ في تعجيل المنفعة قال ابن أبي حاتم يكني أبا سعيد هو ثقة، روى عنه أيضا أبو القاسم البغوي نسخة وأبو يعلى وغيرهما وذكره ابن حبان في الثقات وقال من أهل الشاش حدّث ببغداد اهـ (قلت) وتقدم حديث أنس في حنين الجذع في الجزء السادس ص 82 رقم 582 (7) (سنده) حدثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج وروح ثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول كان النبي صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) أي حال الخطبة للجمعة (9) أي قام على المنبر وترك استناده إلى الجذع (10) هي الجذع (11) (سنده) حدثنا وكيع ثنا عبد الواحد بن أيمن عن أبيه عن جابر قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (خ بز عب جه) وأبو نعيم

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم انقياه ما استمصى من الحيوانات]- غلام نجار يا رسول الله إن لي غلاما نجارًا فآمره أن يتخذ لك منبرًا تخطب عليه؟ قال بلى، قال فلما كان يوم الجمعة خطب على المنبر قال فإنّ الجذع الذي كان يقوم عليه كما يئن الصبي؛ فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن هذا بكى لما فقد من الذكر (عن ابن عباس) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخطب إلى جذع قبل إن يتخذ المنبر فلما اتخذ المنبر وتحول إليه حنَّ عليه فأتاه فاحتصنه فسكن قال ولو م احتضنه لحنّ يوم القيامة (باب ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم انقياد ما استعصى من الحيوانات والجمادات ببركته عليه أفضل الصلوات وأزكى التسليمات) (عن أنس بن مالك) قال كان أهل بيت من الأنصار لهم جمل يسنسون عليه وأن الجمل اسستصعب عليهم فمنعهم ظهره وأن الأنصار جاءوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا إنه كان لنا جمل نسنى عليه وإنه استصعب علينا ومنعنا ظهره وقد عطش الزرع والنخل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه قوموا فقاموا، فدخل الحائط والحمل في ناحية فمشى النبي صلى الله عليه وسلم نحوه، فقلت الأنصار يا نبي الله إنه قد صار مثل الكلب الكلب وإذا نخاف عليك صولته، فقال ليس علىّ منه بأس، فلما نظر الجمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبل نحوه حتى حرّ ساجدا بين يديه، فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بناصيته أذلّ ما كانت قط حتى أدخله في العمل، فقال أصحابه يا رسول الله هذه بهيمة لا تعقل تسجد لك ونحن نعقل فنحن أحق أن نسجد لك، فقال لا يصلح لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من

_ في الدلائل، وأورد الطريق الأولى منه الحافظ ابن كثير في تاريخه وقال هذا إسناد على شرط مسلم ولم يخرجوه، وأورد الطريق الثانية منه ثم قال وقد ذكره البخاري في غير ما موضع من صحيحه من حديث عبد الواحد بن أيمن عن أبيه وهو أيمن الحبشي المكي مولى ابن أبي عمرة المخزومي عن جابر به (1) (سنده) حدثنا عفان أخبرنا حماد عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس الخ (تخريجه) إسناده صحيح، وأوره الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهذا الإسناد على شرط مسلم ولم يروه إلا ابن ماجه من حديث حماد بن سلمة (قلت) وهو في ابن ماجه في باب ما جاء في بدء شأن المنبر من كتاب الصلاة في الجزء الأول قبيل أبواب الجنازة؛ هذا وقد روى حديث حنين الجذع عن جماعة من الصحابة من طرق كثيرة تفيد القطع بوقوع ذلك، (قال العلامة التاج بن السبكي) الصحيح عندي ان حنين الجذع متواتر اهـ (وقال الحافظ) حنين الجذع وانشقاق القمر نقل كل منهما نقلا مستفيضًا يفيد القطع عند من يطلع على طرق الحديث، (وقال البيهقي) قصة حنين الجذع من الأمور الظاهرة التي حملها الخلف عن السلف، قال أبو القاسم البغوي كان الحسن إذا حدث بهذا الحديث (يعنى حنين الجذع) بكى ثم قال يا عباد الله الخشبة تحن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شوقا إليه لمكانه من الله فأنتم أحق أن تشتاقوا إليه (باب) (2) (سنده) حدثنا خلف بن خليفة عن حفص عن عمه أنس بن مالك الخ (غريبه) (3) أي يحملون عليه الماء من البئر لسقي الزرع (4) بسكون اللام في الأول وكسرها في الثاني يقال كليب الكلب كلبا من باب تعب، وهو داء يشبه الجنون يأخذه فيعقر الناس، ويقال لمن يعقره كليب.

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم انقياد ما ستعصى من الحيوانات]- عظم حقه عليها، والذي نفسي بيده لو كان من قدمه إلى مفرق رأسه قرحة تنبجس بالقيح والصديد ثم استقبلته فلحسته ما أدت حقه (عن جابر بن عبد الله) قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من سفر حتى إذا دفعنا إلى حائط من حيطان بني النجار إذا فيه جمع لا يدخل الحائط أحد إلا شدّ عليه قال فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فجاء حتى أتى الحائط فدعا البعير فجاء واضعا مشفرة إلى الأرض حتى برك بين يديه، قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم هاتوا خطاما فخطمه وفدعه إلى صاحبه قال ثم التفت إلى الناس قال إنه ليس شيء بين السماء والأرض إلا يعلم أني رسول الله إلا عاصي الجن والأنس (عن عائشة رضي الله عنها) قالت كان لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحش فإذا خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعب واشتد وأقبل وأدبر، فإذا أحس برسول الله صلى الله عليه وسلم قد دخل ربض فلم يترمرم مادام رسول الله صلى الله عليه وسلم في البيت كراهية أن يؤذيه (وعنها أيضا) قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما كنا بالحر انصرفنا وأنا على جمل وكان آخر العهد منهم وأنا أسمع صوت النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وهو بين ظهري ذلك السمر وهو يقول واعروساه، قالت فوالله إني لعليى ذلك إذ

_ أيضًا (1) بكسر الراء كمسجد حيث يفرق فيه الشعر (وقوله قرحة أي جرج (تنجس) أي تنفجر بالقيح (تخريجه) أورده الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد بإسناد جميد ورواته ثقات مشهورون والبزار بنحوه، قال ورواه النسائي مختصرا وابن حبان في صحيحه من حديث أبي هريرة بنحوه باختصار اهـ (2) (نده) حدثنا مصعب بن سرم سمعته من أبي مرتين ثنا الأجلح عن الذيال بن حرملة عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (3) أي حمل عليه يريد الفتك به (4) المشفر للبعير كالشفة للإنسان (5) الخطام الحبل الذي يقاد به البعير، وخطم البعير وضع الخطام على رأسه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله ثقات وفي بعضهم ضعف اهـ (قلت) يريد والله أعلم أنه في إسناده الأجلح بن عبد الله، قال في الخلاصة وثقة ابن معين والعجلي، قال ابن عدى يعد في الشيعة مستقيم الحديث، وضعفه النسائي، وهذا معنى قوله رجاله ثقات وفي بعضهم ضعف (6) (سنده) حدثنا أبو نعيم قال ثنا يونس عن مجاهد قال قالت عائشة كان لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم وحش الخ (غريبه) (7) قال في المصباح ربضت الدابة ربضا من باب ضرب وربوضا وهو مثل بروك الإبل اهـ وقوله (فلم يترمرم) أي سكن ولم يتحرك (8) أي كراهية أن يتأذى النبي صلى الله عليه وسلم بلعبه (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم عل بز) والطبراني في الأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح (9) (سنده) حدثنا عثمان بن عمر ثنا يونس ثنا أبو شداد عن مجاهد قال قالت عائشة خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (10) لم يذكر في الحديث إلى أين خرج والظاهر أنه كان لسفر بعيد (11) بضم الحاء المهملة وتشديد الراء، قال في القاموس واد بنجد وآخر بالجزيرة (12) الظاهر أن الجمل شرد بها (13) قال في القاموس السمر بضم الميم شجر معروف واحدتها سمرة (قلت) احتجب عنها النبي صلى الله عليه وسلم وسط ذلك الشجر ولكنها سمعت صوته وهو يقول واعروساه بألف الندبة والهاء للوقف ومعنى الندبة إعلان اسم

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم انقياد ما استعصى من الجمادات]- نادى مناد أن ألقى الخطام فألقيته فأعقله الله بيده (عن البراء بن عازب) قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحفر الخندق قال وعرض لنا صخرة في مكان من الخندق لا تأخذ فيها المعول، قال فشكوها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع ثوبه ثم هبط إلى الصخرة فأخذ المسول فقال بسم الله، فضرب ضربة فكسر ثلث الحجر، وقال الله أكبر أعطيت مفاتيح الشام، والله إني لأبصر قصورها الحمر من مكاني، ثم قال بسم الله وضرب أخرى فكسر ثلث الحجر، فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح فارس، والله إني لأبصر المدائن وأبصر قصرها الأبيض من مكاني هذا، ثم قال بسم الله وضرب ضربه أخرى فقلع بقية الحجر، فقال الله أكبر أعطيت مفاتيح اليمن، والله أني لأبصر أبواب صنعاء من مكاني هذا (عن عبد الواحد بن أيمن عن جابر) رضي الله عنه قال مكث النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه يحفرون الخندق ثلاثا لم يذوقوا طعاما، فقالوا يا رسول الله إن هاهنا كدية من الجبل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم رشوها بالماء فرشوها، ثم جاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ المعول أو المسحاة ثم قال بسم الله فضرب ثلاثا فصارت كثيبا يهال، قال جابر فحانت منى التفاتة فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شد على بطنه حجرًا (باب ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم خبر بعير جابر الذي أعياه النعب فبرك به في الطريق فضربه صلى الله عليه وسلم برجله فقام كأنشط ما يكون من الإبل) (عن أبي عبد الرحمن الحبلى) قال أن جابر بن عبد الله الأنصاري برك به بعير قد

_ المتفجع عليه (قال في النهاية) يقال للرجل عروس كما يقال للمرأة، وهواسم لهما عند دخول أحدهما بالآخر اهـ والظاهر والله أعلم أن ذلك كان في ابتداء دخوله صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها، وفي القاموس العرس بالكسر امرأة الرجل ورجلها ولبؤة الأسد (1) أي تسمع صوته ولا ترى شخصه، والظاهر أنه ملك ارسله الله تعالى لانقاذها (2) معناه أنها لما ألقت الخطام وقع على يد البعير فأعقله وذلك بقدرة الله عز وجل وفيه معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وسنده حسن (3) (عن البراء بن عازب الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الأول من غزوة الخندق أو الأحزاب في الجزء الحادي والعشرين ص 78 رقم 282 (نده) ححدثنا وكيع ثنا عبد الواحد بن إيمن الخ (غريبه) (5) بكاف مضمومه فدال مهملة ساكنة تحيتة قطعة صلبة من الأرض لا يعمل فيها المعول (6) بكسر الميم وسكون العين المهملة وفتح الواو بعدها لام هي المسحاة (7) بالثاء المثلثة أي لاملا سائلا (8) أي شد على بطنه حجرا بعصابة من الجوع خشية انحناء صلبه الكريم بواسطة خلاء الجوف، إذ وضع الحجر فوق البطن مع شد العصابة عليه يقيمه، أو هو لتسكين حرارة الجوع ببرد الحجر (تخريجه) أخرجه البخاري مطولا وما زاده البخاري في هذا الحديث جاء عند الإمام أحمد حديثا مستقلا سيأتي قريبا في باب ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم زيادة الطعام ببركته (باب) (9) (سنده) حدثنا عبد الله بن يزيد ثنا حيوة أخبرني أبو هانئ أنه سمع أبا عبد الرحمن الحبلي يقول إن جابر بن عبد الله الأنصاري الخ

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم تفجر الماء من بين أصابعه رواية جابر وابن مسعود]- أزحف فمر عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له مالك يا جابر؟ فأخبره فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البعير ثم قال اركب يا جابر، فقال يا رسول الله لنه لا يقوم، فقال له اركب فركب جابر البعير ثم ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم البعير برجله فوثب البعير وثبة لولا أن جابرًا تعلق بالبعير لسقط من فوقه، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لجابر تقدم يا جابر الآن على أهلك إن شاء الله تجدهم قد يسروا لك كذا وكذا حتى ذكر الفرش، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فراش للرجل، وفراش لامرأته، والثالث للضيف، والرابع للشيطان (باب ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم تفجر الماء من بين أصابعه عند اشتداد الحاجة إليه) (عن سالم بن أبي الجعد) عن جابر قال عطاش الناس يوم الحديبية ورسول الله صلى الله عليه وسلم بين يديه ركوة يتوضأ منها إذ جهش الناس نحوه فقال ما شأنكم؟ قالوا يا رسول الله أنه ليس لنا ماء نشرب منه ولا ماء نتوضأ به الا ما بين يديك، فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه في الركوة فجعل الماء يفور من بين أصابعه كامثال العيون، فشربنا وتوضأنا: فقلت كم كنتم؟ قال لو كنا مائة ألف لكفانا، كنا خمس عشرة مائة (حدثنا عبد الرزاق) أنا سفيان عن الأعمش عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فلم يجدوا ماء فأتى بتور من ماء فوضع النبي صلى الله عليه وسلم فيه يده وفرج بين أصابعه، قال فرأيت الماء يتفجر من أصابع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال حي على الوضوء والبركة من الله، قال الأعمش فأخبرني سالم بن أب الجعد قال قلت لجابر بن عبد الله كم كان الناس يومئذ؟ قال كنا ألفا وخمسمائة (عن ابن عباس) قال أصبح رسول الله صلى الله عليه ولسم وليس في العسكر ماء فأتاه رجل فقال يا رسول الله

_ (غريبه) (1) أي أعيا ووقف؛ يقال ازحف البعير فهو مزحف إذا وقف من الإعياء وازحف الرجل إذا أعيت دابته كأن أمرها افضى إلى الزحف (وقال الخطابي) صوابه ازحفت عليه (بضم الهمزة) غير مسمى الفاعل يقال زحف البعير إذا قام من الاعياء وأزحفه السفر، وزحف الرجل إذا انسحب على استه (نه) (2) هذه الجملة المختصة بالفراش رواها مسلم والنسائي في حديث مستقل عن جابر أيضًا وتقدم الكلام على شرحها في شرح حديث أم سلمة في باب ما جاء في الجهاز من كتاب النكاح في الجزء السادس عشر ص 177 فارجع إليه تجد ما يسرك (تخريجه) (ق) وابن إسحاق وغيرهم، وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم اشترى الجمل من جابر ونقده ثمنه ثم وهبه إياه، وستأتي هذه القصة مطولة في مناقب جابر بن عبد الله من كتاب مناقب الصحابة إن شاء الله تعالى والله الموفق (باب) (3) (سنده) حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا عبد العزيز بن مسلم ثنا الحصين عن سالم بن أبي الجعد الخ (غريبه) (4) الركوة إناء صغير من جلد يشرب فيه (5) الجهش أن يفزع الإنسان إلى غيره (6) القائل فقلت كم كنت هو سالم بن أبي الجعد يسأل جابرا (تخريجه) (ق. وغيرهما) (7) (حدثنا عبد الرزاق الخ) (غريبه) (8) يعني النخعي (9) يعني ابن مسعود رضي الله عنه (10) بفتح المثناة فوق وسكون الواو إناء من صفر كقفل، وكسر الصاد لغة أي التحاس ويقال أيضا لإناء من الحجارة (11) يشير إلى حديث جابر السابق (تخريجه) (خ مذ) (12) (سنده) حدثنا حسين الأشقر حدثنا أبو كدبنة عن عطاء عن

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم تفجر الماء من بين أصابعه: رواية ابن عباس وأنس]- ليس في العسكر ماس، قال هل عندك شيء؟ قال نعم، قال فأتني به، قال فأتاه بإناء فيه شيء ممن ماء قليل، قال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصابعه في فم الإناء وفتح أصابعه، قال فانفجرت من بين أصابعه عيون، وأمر بلالا فقال ناد في الناس الوضوء المبارك (عن حميد عن أنس بن مالك) قال نودى بالصلاة فقام كل قريب من الدار من المسجد وبقى من كان أهله نائى الدار، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمخضب من حجارة فصغر أن يبسط كفه فيه، قال فضم أصابعه قال فنوضأ بقيتهم، قال حميد وسئل أنس كم كانوا قال ثمانين أو زيادة (عن قتادة عن أنس بن مالك) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان الزوراء فأتى باناء فيه ماء لا يغمر أصابعه فأمر أصحابه أن يتوضئوا فوضع كفه في الماء فجعل الماء ينبع من بين أصابعه وأطراف أصابعه حتى توضأ القوم، قال فقلت لأنس كم كنتم قال كنا ثلاثمائة (قر) (عن أنس بن مالك) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحانت صلاة العصر فالتمس الناس الوضوء فلم يجدوا، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوئه فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الإناء يده وأمر الناس أن يتوضئوا منه، فرأيت الماء ينبع من تحت أصابعه، فتوضأ الناس حتى توضئوا من عند آخرهم (عن ثابت) قال قلت لأنس حدثنا يا أبا حمزة من هذه الأعاجيب شيئا شهدته لا تحدثه من غيرك، قال صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم صرة الظهر يومًا ثم انطلق حتى قعد على المقاعد التي كان يأتيه عليها جبريل عليه السلام فجاء بلال

_ أبي الضحى عن ابن عباس الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه الطبراني في الكبير والأوسط بأختصار والبزار باختصار وأحمد إلا أنه قال فانفجر من بين أصابعه عيون وفيه عطاه، بن السائب وقد اختلط اهـ (قلت) عطاء بن السائب قال في التهذيب وثقه أحمد والنسائي والعجلي وقال ابن معين جميع من روى عن عطاء في الاختلاط الاشعبة وسفيان، قال ابن عدى واختلاطه في آخر عمره اهـ (قلت) وفي إسناده أيضًا الحسين بن الحسن الأشقر فيه كلام كثير، بعضهم ضعفه وبعضهم كذبه وأما ابن حبان فذكره في الثقات وقال مات سنة ثمان ومأتين اهـ ملخصا من الميزان للذهبي، وعلى هذا فالحديث ضعيف ولكن يؤيده أحاديث الباب، والأحاديث في نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم كثيرة مستفيضه من طرق متعددة صحيحة عن كثير من الصحابة (1) (سنده) حدثنا ابن أبي عدى ثنا حميد ويزيد أنا حميد المعنى عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) المخضب بالكسر إناء صغير من حجارة (تخريجه) (ق. وغيرهما) بمعناه (3) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (4) الزوراء بالفتح والمد قال الحافظ هو مكان بالمدينة عند السوق، وفي القاموس موضع في المدينة قرب المسجد (5) أي لا يغطى أصابعه (تخريجه) (م وغيره) (6) (قر) (سنده) (قال الإمام أحمد) قرأت على عبد الرحمن مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) (ق لك مذ نس) (7) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا سليمان عن ثابت قال قلت لاسن الخ (قلت) ثابت هو البناني (غريبه) (8) قيل دكاكين عند دار عثمان وقيل

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم تفجر الماء من بين أصابعه: رواية أخرى لجابر]- فناداه بالعصر، فقام كل من كان له بالمدينة أهل يقضى الحاجة ويصيب من الوضوء وبقى رجال من المهاجرين ليس لهم أهال بالمدينة، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح أروح فيه ماء فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم كفه في الإناء فما وسع الإناء كف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال بهولاء الأربع في الإناء ثم قال أدنوا فتوضوئوا ويده في الإناء فتوضئوا حتى ما بقى منهم أحد ألا توضأ، قال قلت يا أبا حمزة كم تراهم؟ قال بين السبعين والثمانين (عن جابر بن عبد الله) رضي الله عنهما قال غزونا أو سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن يومئذ بضعة عشر ومائتان فحضرت العصلاة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هل في القوم من ماء؟ فجاء رجل يسعى بإداوة فيها شيء من ماء، فصب رسول الله صلى الله عليه وسلم في قدح، قال فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأحسن الوضوء ثم انصرف وترك القوم فركب الناس القدح، يمسحوا ويمسحوا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم على رسلكم حين سمعهم يقولون ذلك، قال فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم كفه في الماء والقدح ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله ثم قال أسبغوا الوضوء. فوا الذي ابتلاني ببصري لقد رأيت العيون عيون الماء يومئذ تخرج من بين أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى توضئوا أجمعون (باب ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم زيادة الطعام ببركته) (عن عبد الرحمن بن أبي بكر) قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثين ومائة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل مع أحد منكم طعام؟ فإذا مع رجل صاع من طعام

_ موضع يقرب المسجد اتخذ للقعود فيه للحوائج، وهذا الأخير هو الظاهر (1) أي متسع مبطوح (تخريجه) (خ. وغيره) (2) (سنده) حدثنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانه عن الأسود ابن قيس عن بينح العنزى أن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال غزونا الخ (غريبه) (3) أي تبع الناس القدح على أثر وضوء رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنهم قالوا لبعضهم امسحوا أي امسحوا أعضاء الوضوء مسحا لأن ما بقى في القدح لا يكفيهم للوضوء فاقتصروا على المسح (4) أي اثبتوا ولا تعجلوا (5) أي أتموا الوضوء (6) القائل ذلك هو جابر بن عبد الله فقد ابتلى بفقد بصره في آخر عمره رضي الله عنه (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وهذا إسناد جيد تفرد به أحمد، وظاهره كأنه قصة أخرى يعني غير حديثه المتقدم أول الباب والله أعلم (قال الإمام القرطبي رحمه الله) قصة نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم قد تكررت منه صلى الله عليه وسلم في مواطن في مشاهد عظيمة ووردت من طرق كثيرة يفيد مجموعها العلم القطعي العلم القطعي المستفاد من التواتر المعنوي ممو لم يسمع بمثل هذه المعجزة من غير نبينا صلى الله عليه وسلم حيث نبع الماء من بين عصبه ولحمه ودمه صلى الله عليه وسلم (قال المزني) نبع الماء من بين أصابعه صلى الله عليه وسلم ابلغ في المعجزة من نبع الماء من الحجر حيث ضربه موسى عليه الصلاة والسلام بالعصا فتفجرت منه المياه لأن خروج الماء من الحجارة معهود بخلاف خروج الماء من بين اللحم والدم، ومن ذلك تفجير الماء ببركته وانبعاثه بمسه ودعوته صلى الله عليه وسلم (باب) (7) (سنده) حدثنا عارم حدثنا معتمر بن سلمان عن أبيه عن أبي عثمان عن عبد الرحمن بن أبي بكر الخ

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم زيادة الطعام ببركته: رواية عبد الرحمن بن أبي بكر وأبي هريرة]- أو نحوه فعجن ثم جاء رجل مشرك مشعان طويل بغم يسوقها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم أبيعا أم عطية أو قال أم هدية؟ قال لا بل بيع، فاشترى منه شاة فصنعت؛ وأمر النبي صلى الله عليه وسلم بسواد البطن أن يشوى، قال وايم الله ما من الثلاثين والمائة ألا قد حزّ له، رسول الله صلى الله عليه وسلم حزّة من سواد بطنها، أن كان شاهدا أعطاها إياه، وأن كان غائبا خبأ له، قال وجعل منها قصعتين قال فأكلنا أجمعون وشبعنا وفضل في القصعتين فجعلناه على البعير أو كما قال (عن أبي هريرة) قال أتيت النبي صلى الله عليه وسلم يوما يتمرات فقلت ادع الله لي فيهن بالبركة، قال فصفهن بين يديه قال ثم دعا فقال لي أجعلهن في مزود وأدخل يدك ولا تنثره، قال فحملت منه كذا وكذا وسقا في سبيل الله ونأكل ونطعم وكان لا يفارق حقوى فلما قتل عثمان رضي الله عنه انقطع عن حقوى فسقط (وعنه أيضا) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها فأرمل فيها المسلمون واحتاجوا إلى الطعام فاستأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحر الأبل فأذن لهم، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال فجأة فقال يا رسول الله إبلهم تحملهم وتبلغهم عدوهم ينحرونها؟ بل أدع يا رسول الله بغبرات الزاد فادع الله عز وجل فيها بالبركة؛ قال أجل، قال فدعا بغبرات الزاد فجاء الناس بما بقى معهم فجمعه ثم دعا الله عز وجل فيه بالبركة ودعا بأوعيتهم فملأها وفضل فضل كثير، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أني عبد الله ورسوله، ومن لقى الله عز وجل بهما غير شاك دخل الجنة (حدثنا أبو معاوية) ثنا الأعمش عن أبي أبي صالح عن أبي سعيد أو عن أبي هريرة شك الأعمش، قال لما كان غزوة تبوك

_ (غريبه) (1) المشعان بضم الميم وسكون الشين المعجمة وتشديد النون هو المنتفش الشعر الثائر الرأس (2) سواد البطن هو الكبد كما في النهاية (3) الحز القطع والحزة بضم الحاء المهملة القطعة من اللحم وغيره (تخريجه) (ق. وغيرهما) (4) (سنده) حدثنا يونس حدثنا حماد يعني ابن زيد عن المهاجر عن أبي العالية عن أبي هريرة الخ (غريبه) (5) المزود بكسر الميم وعاء التمر يعمل من أدم وجمعه مزاود (6) بسكون السين المهملة: الوسق حمل بعير، يقال عندي وسق من تمر والجمع وسوق مثل فلس وفلوس (7) الحقو بكسر الحاء وسكون القاف موضع شد الإزار وهو الخاصرة ثم توسعوا حتى سموا الإزار الذي يشد على العورة حقوا (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد، ثم قال ورواه الترمذي عن عمران بن موسى القزاز البصري عن حماد بن زيد عن المهاجر عن أبي مخلد عن رفيع أبي العالية عنه، وقال الترمذي حسن غريب من هذا الوجه (8) (سنده) حدثنا فزارة بن عمرو قال أنا فليح عن سهيل بن أبي صالح عن أبي هريرة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (9) هي غزوة تبوك كما صرح بذلك في الحديث التالي (وقوله فأرمل فيها المسلمون) أي نفد زادهم واصله من الرمل كأنهم لصقا بالرمل كما قيل للفقر الترب (تخريجه) اورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال رواه مسلم والنسائي جميعا عن أبي بكر بن أبي النضر عن عبيد الله الأشجعي عن مالك ابن مغول عن طلحة بن مصِّرف عن أبي صالح عن أبي هريرة به (10) (حدثنا أبو معاوية الخ) هذا الحديث

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم زيادة الطعام ببركته]- أصاب الناس جماعة فذكر نحوه (أي نحو الحديث المتقدم) (عن عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري) حدثني أبي قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة فأصاب الناس مخمصة فاستأذن الناس رسول الله صلى الله عليه وسلم في نحر بعض ظهورهم وقالوا يبلغنا الله به، فلما رأى عمر ابن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قدهمّ أن يأذن لهم في نحر بعض ظهورهم قال يا رسول الله كيف بنا إذا نحن لقينا القوم غدا جياعا أو رجالا، ولكن إن رأيت يا رسول الله أن تدعو لنا ببقاء أزوادهم فنجمعها ثم تدعوا الله فيها بالبركة فإن الله تبارك وتعالى سيبلغنا بدعوتك أو قال سيبارك لنا في دعوتك، فدعا النبي صلى الله عليه وسلم ببقايا أزوادهم فجعل الناس يجيئون بالحثية من الطعام وفوق ذلك، وكان أعلاهم من جاء بصاع من تمر، فجمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قام فدعا ما شاء الله أن يدعو، ثم دعا الجيش بأوعيتهم فأمرهم أن يحتثوا فما بقى في الجيش وعاء إلا ملؤوه وبقى مثله، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت نواجذه فقال أشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله لا يلقى الله عبد مؤمن بهما إلا حجبت عنه النار يوم القيامة (عن أنس) قال عمدت أم سليم إلى نصف مد شعير فطحنته ثم عدمت إلى مكة كان فيها شيء من سمن فاتخذت منه خطيفة قال ثم أرسلتني إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال فأتيته وهو في أصحابه فقلت أن أم سليم أرسلتني إليك تدعوك، فقال أنا ومن معي، قال فجاء هو ومن معه، قال فدخلت فقلت لأبي طلحة قد جاء النبي صلى الله عليه وسلم ومن معه، فخرج أبو طلحة فمشى إلى جنب النبي صلى الله عليه وسلم قال يا رسول الله إنما هي خطيفة اتخذتها أم سليم من نصف مد شعير، قال فدخل فأتى به قال فوضع يده فيها ثم قال أدخل

_ تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في الباب الثاني من غزوة تبوك في الجزء الحادي والعشرين ص 1996 رقم 436 (1) (سنده) حدثنا على بن إسحاق أنا عبد الله يعني ابن مبارك قال أنا الأوزاعي قال حدثني المطلب بن حنطب المخزومي قال حدثني عبد الرحمن بن أبي عمرة الأنصاري الخ (غريبه) (2) المخصة الجوع والمجاعة (3) جمع ظهر، والمراد بالظهر هنا الإبل التي يحمل عليها وتركب (4) هي الغرفة باليد (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط وزاد فيه ثم دعا بركوة (أي إناء صغير من جلد يشرب فيه الماء) فوضعت بين يديه ثم دعا بماء فصب فيها ثم مج فيه وتكلم بما شاء الله أن يتكلم ثم أدخل خنصره، فأقسم بالله لقد رأيت أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم تنفجر ينابيع من الماء، ثم أمر الناس فشربو وملئوا قربهم وأداويهم، وقال لا يلقى الله بهما أحد يوم القيامة إلا أدهل الجنة على ما كان فيه ورجاله ثقلت (5) (نده) حدثنا يونس بن محمد ثنا حماد ين زيد عن هشام عن محمد عن أنس قال حماد والجعد قد ذكره عن أنس قال عمدت أم سليم إلى أخره (غريبه) (6) العكة بضم العين وتشديد الكاف وهي وعاء صغير من جلد للسمن خاصة (7) الخطيفة لبن يطبخ بدقيق ويختطف بالملاعق بسرعة (نه) (8) أي بالشعير (9) أي في الخطيفة (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد، ثم قال وقد رواه البخاري في الأطعمة عن الصلت بن محمد عن حماد ابن زيد عن الجعد أي عثمان عن أنس وعن هشام عن محمد عن أنس وعن سنان بن ربيعة عن أبي ربيعة

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم زيادة الطعام ببركته]- عشرة، قال فدخل عشرة فأكلوا حتى شبعوا، ثم دخل عشرة فأكلوا، ثم عشرة فأكلوا، ثم عشرة فأكلوا، حتى أكل منها أربعون كلهم أكلوا حتى شبعوا، قال وبقيت كما هي فأكلنا (عن سمرة بن جندب) قال بينما نحن عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ أتى بقصعة فيها ثريد، قال فأكل وأكل القوم فلم يزل يتداولونها إلى قريب من الزهر يأكل كل قوم ثم يقومون ويجيء قوم فيتعاقبوه، قال فقال له رجل هل كانت تمد بطعام؟ قال أما من الأرض فلا، إلا أن تكون كانت تمد من السما. (حدثنا وكيع) ثنا إسماعيل عن قيس عن دكين بن سعيد الخثعمي قال أتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن أربعون وأربعمائة نسأله الطعام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر قم فأعطهم، قال يا رسول الله ما عندي إلا ما يقيظني والصبية، قال وكيع القيظ في كلام العرب أربعة أشهر قال قم فأعطهم قال عمر يا رسول الله سمعا وطاعة، قال فقام عمرو قمنا معه فصعد بنا إلى غرفة له فأخرج المفتاح من حجزته ففتح الباب قال دكين فإذا في الغرفة من التمر شبيه بالفصيل الرابض، قال شأنكم قال فأخذ كل رجل منا حاجته ما شاء، قال ثم التفتّ وإني لمن آخرهم وكأنا لم ترزأ منه تمرة (عن النعمان بن مقرِّن) قال قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم في أربعمائة من مزينة فامرنا رسول الله بامره، فقال بعض القوم يا رسول الله ما لنا طعام نتزود، فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر زودهم، فقال ما عندي إلا فاضلة من تمر وما أراها تغني عنهم شيئا، فقال انطلق فزودهم، فانطلق بنا إلى عليه فإذا فيها تمر مثل البكر الأورق فقال خذوا فأخذ القوم حاجتهم، قال وكنت

_ عن أنس فذكر الحديث بطوله. ثم قال ورواه أبو يعلي الموصلي ثنا عمرو عن الضحاك ثنا أبي سمعت أشعت الحراني قال قال محمد بن سيرين حدثني أنس بن مالك أن طلحة بلغه أنه ليس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم طعام فذهب فأجر نفسه بصاع من شعير فعمل يومه ذلك فجاء به وأمر سليم أن تعمله خطيفة وذكر الحديث اهـ (1) (سنده) حدثنا على بن عاصم ثنا سليمان التيمي عن أبي العلاء بن الشخير عن سمرة بن جندب الخ (تخريجه) (مذ نس) وفي إسناده على بن عاصم فيه كلام لكن يؤيده ما قبله (2) (حدثنا وكيع إلخ) (غريبه) (3) جاء في طريق أخرى عن دكين بن سعيد المزني (4) معناه ما عندي إلا ما يكفني وأولادي أربعة أشهر (5) الحجزة بوزن الغرفة جمعها حجز وأصلها موضع الأزار ثم قيل للأزار حجزة (6) الفصيل من أولاد الإبل والبقر، وهو ما فصل عن الرضاع (وقوله الرابض أي الجالس المقيم (7) معناه بقى على أصله كأنا لم ننقص منه تمرة (تخريجه) (د) قال المنذرى وأخرجه البخاري في التاريخ الكبير وذكر فيه سماع إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم وسماع قيس بن أبي حازم من دكين، وقال أبو القاسم البقري ولا أعلم لدكين غير هذا الحديث، هذا آخر كلامه انتهى (قلت) وليس لدكين في مسند الإمام أحمد سوى هذا الحديث أيضا ورواه الإمام أحمد من أربعة طرق أجمعها ما ذكرته هنا وسنده جيد وسكت عنه أبو داود والمنذري (8) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا حرب يعني ابن شداد ثنا حصين عن سالم بن أبي الجعد عن النعمان بن مقرن الخ (غريبه) (9) العلية بضم العين المعملة وكسرها قال الأزهري عليه أكثر، يعني بكسر العين؛ وقال الجوهري والعلية بالكسر (10) البكر بالفتح

-[حديث أنس بن مالك في زيادة طعامهم ببركة النبي صلى الله عليه وسلم]- أنا في آخر القوم، قال فالتفتُّ وما أفقد موضع تمرة وقد احتمل منه أربعمائة رجل (عن أنس بن مالك) قال قالت أم سليم أذهب إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم فقل أن رأيت أن تغدّى عندنا فافعل قال فجئته فبلغته فقال ومن عندي؟ قلت نعم، فقال انهضوا قال فجئت فدخلت على أم سليم وأنا لدهش لمن أقبل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فقالت أم سليم ما صنعت يا أنس؟ فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على إثر ذلك قال هل عندك سمن؟ قالت نعم قد كان منه عندي عكة فيها شيء من سمن قال فأتت به، قالت فجئته بها ففتح رباطها ثم قال باسم الله اللهم أعظم فيها البركة، قال فقال اقلبيها فقلبتها فعصر هانبي الله صلى الله عليه وسلم وهو يسمى، قال فأخذت نقع قدر فأكل منها بضع وثمانون رجلا ففضل فيها فضل فدفعها إلى أم سليم، فقال كلى وأطعمى جيرانك (عن عبد الرحمن بن أبي ليلى) عن أنس بن مالك قال أتى أبو طلحة يمدين من شعير فأمر به فصنع طعامًا ثم قال لي يا أنس انطلق ائت رسول الله صلى الله عليه وسلم فادعه وقد تعلم ما عندنا قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه عنده فقلت أن أبا طلحة يدعوك إلى طعامه، فقام وقال للناس قوموا فقاموا، فجئت امشى بين يديه حتى دخلت على أبي طلحة فأخبرته قال فضحتنا قلت أني لم أستطيع أن أردّ على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره فلما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم إلى الباب قال لهم اقعدوا، ودخل عاشر عشرة فلما دخل وأتى بالطعام تناول فأكل وأكل معه القوم حتى شبعوا؛ ثم قال لهم قوموا وليدخل عشرة مكانكم، حتى دخل القوم كلهم وأكلوا، قال قلت كم كانوا؟ قال كانوا نيفا وثمانين، قال وفضل لأهل البيت ما أشبعهم

_ الفتي من الإبل بمنزلة الغلام من الناس والأنثى بكرة (والأورق) الأسمر والورقة السمرة يقال جمل أورق وناقة ورقاء (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه (حم طب) ورجال أحمد رجال الصحيح (1) (سنده) حدثنا يونس بن محمد ثنا حرب بن ميمون عن النضر بن انس عن انس بن مالك الخ (2) (غريبه) العكه بضم العين وتشديد الكاف تقدم تفسيرها في شرح حديث انس السابق قبل ثلاثة أحاديث (3) أي أخذت ما اجتمع من ذلك في قدر، والنقع في الأصل الماء والناقع وهو المجتمع ونقع البئر فضل مائها والظاهر أنها وضعت ذلك السمن على الطعام الذي أعدته للنبي صلى الله عليه وسلم كما يستفاد من حديث أنس السابق المشار إليه والله أعلم (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وقد رواه مسلم في الأطعمة عن حجاج بن الشاعر عن يونس بن محمد المؤدب به (4) (سنده) حدثنا على بن عاصم أنا حصين بن عبد الرحمن عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (5) معناه ادع رسول الله وحده لأن ما عندنا من الطعام لا يكفى غيره (6) إنما قال ذلك أبو طلحة لأنه وجد مع النبي صلى الله عليه وسلم ثمانين شخصا ونيفا (7) معناه أن أنسا يقول ما دعوت إلا النبي صلى الله عليه وسلم فقلت أن أبا طلحة يدعوك إلى طعامه ولكنه صلى الله عليه وسلم قال للناس قوموا فقاموا ولم أستطع أن أرد على النبي صلى الله عليه وسلم أمره (8) أي دخل النبي صلى الله عليه وسلم مع تسعة هو عاشرهم (9) القائل قلت كم كانوا هو ابن أبي ليلى رواى الحديث عن أنس (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال وقد رواه مسلم في الأظعمة عن عمرو الناقد عن عبد الله بن جعفر الرقي عن عبيد الله بن عمرو عن عبد الملك

-[حديث جابر في أنه ذبح عنزا ودعا إليها النبي صلى الله عليه وسلم فجاء ومعه أهل الخندق فكفتهم جميعا]- (عن جابر بن عبد الله) قال عملنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخندق قال فكانت عندي شويهة عنز جذع سمينة، قال فقلت والله لو صنعناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأمرت امرأتي فطحنت لنا شيئا من شعير وصنعت لنا منه خبزا وذبحت تلك الشاة فشويناها لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فلما أمسينا وأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم الانصراف عن الخندق قال وكنا نعمل فيه نهارًا فإذا أمسينا رجعنا إلى أهلنا، قال قلت يا رسول الله إني قد صنعت لك شويهة كانت عندنا وصنعنا معها شيئا من خبز هذا الشعير فأحب أن تنصرف معي إلى منزلي، وإنما أريد أن ينصرف معي رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده، قال فلما قلت له ذاك قال نعم، ثم أمر صارخا فصرخ أن انصرفوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت جابر، قال قلت أنا الله وأنا إليه راجعون فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقبل الناس معه قال فجلس وأخرجناها إليه، قال فبرّك وسمىّ ثم أكل وتواردها الناس كلما فرغ قوم قاموا وجاء ناس حتى صدر أهل الخندق عنها (وعنه أيضا) قال قتل أبي يوم أحد وترك حديقتين وليهودىّ عليه تمر، وتمر اليودى يستوعب ما في الحديقتين، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم هل لك أن تأخذ العام بعضا وتأخر بعضا إلى قايل؟ قأبى، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حضر الجداد فآذنى، قال فآذنته فجاء النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فجعلنا نجد ويكال له من أسفل النخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوا بالبركة حتى أوفيناه جميع حقه من أصغر الحديقتين فيما يحسب عمار ثم أتيناهم برطب وماء فأكلوا وشربوا. ثم قال هذا من النعيم الذي تسألون عنه (وعنه من طريق ثان) أن أباه توفى وعليه دين، قال فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وقلت إن أبي توفى وعليه دين وليس عندي إلا ما يخرج نخله فلا يبلغ ما يخرج سدس ما عليه، قال فانطلق معي لكيلا يفحش

_ ابن عمير عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أنس قال أمر أبو طلحة أم سليم قال اصنعي للنبي صلى الله عليه وسلم لنفسه خاصة طعاما يأكل منه فذكر نحو ما تقدم (1) (سنده) حدثنا يعقوب حدّثني إبي عن ابن إسحاق حدّثني سعيد بن ميناء عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (2) تصغير شاة والشاة من الغنم يقع على الذكر والأنثى (والعنز) بسكون النون الأنثى من المعز إذا أتى عليها حول وإنما أطلق اسم الشاة على المعز تغليبا (وقوله جذع) أي دخلت في السنة الثانية وجاء في بعض الروايات (بهيمة) تصغير بهمة والبهمة هي ولد الضأن ذكرا كان أو أنثى والسخال أولاد المعز فإذا اجتمعت السخال والبهام قيل لهما جميعًا بهام ربهم أيضا والله أعلم (3) أي مناديا (4) إنما استرجع جابر رضي عنه لأنه خشى أن يفتضح أمره لكونه ليس عنده ما يكفي عشرة رجال فيكف بهؤلاء (5) جاء في بعض الروايات أنهم كانوا ألفا (تخريجه) (ق. وغيرهما) (6) (سنده) حدثنا عفان ثنا حماد عن عمار بن أبي عمار بن جابر بن عبد الله قال قتل أبي يوم أحد الخ (غريبه) (7) الجداد بالفتح والكسر صرام النخل وهو قطع ثمرتها، يقال جد الثمرة يجدها جدا (8) أي فيما يظن عمار أحد رجال السند (9) (سنده) حّدثنا أبو نعيم حدثنا زكريا ثنا عامر حدّثني جابر بن عبد الله أن أباه توفى الخ (10) بضم الحاء المهملة أي لكيلا يتجاوز والحد في إيذائه بالكلام

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم زيادة الماء وتكثيره ببركته]- علي الغرماء فمشى حول بيدر من بيادر التمر ثم دعا وجلس عليه وقال اين غرماؤه فأوفاهم الذي لهم وبقى مثل الذي أعطاهم (وعنه أيضا) قال جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يستطعمه فأطعمه رسول الله صلى الله عليه وسلم وسق شعير فما زال الرجل ياكل منه هو وامرأته ووصف لهم حتىّ كالوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو لم تكيلوه لأكلتم منه ولقام لكم (وعنه أيضا) أن أم مالك البهزية كانت تهدى في عكة لها سمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبينا بنوها يسالونها الإدام وليس عندها شيء، فعمدت إلى عكتها التي كانت تهدى فيها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت فيها سمنا فمازال يدوم لها أدم بنيها حتى عصرته وأتت رسول الله فقال أعصرتيه؟ قالت نعم قال لو تركتيه ما زال ذلك لك مقيما (باب ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم زيادة الماء وتكثيره ببركته) صلى الله عليه وسلم (عن سلمة بن الأكوع) قال قدمنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديبية ونحن أربع عشرة مائة وعليها خمسون شاة لا ترويها فقعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على حيالها فإما دعا وإما

_ الفاحش ونحو ذلك وكل شيء جاوز حده فهو فاحش (1) كجعفر هو موضع تجفيف التمر، ويطلق أيضًا على الموضع الذي يداس فيه الطعام ليخرج الحب من السنبل (تخريجه) (خ) قال العلامة القطلاني وهذا الحديث سبق مطولا ومختصرا في الاستقراض والجهاد والشروط والبيع والوصايا اهـ (قلت) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه وعزاه للبخاري أيضًا ثم قال هكذا رواه هنا مختصرا وقد أسنده من طرق عن عامر بن شراحيل الشعبي عن جابر به، وهذا الحديث قد روى من طرق متعددة عن جابر بالفاظ كثيرة وحاصلها أنه ببركة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعائه له ومشيه في حائطه وجلوسه على تمرة وّفى الله دين ابيه وكان قد قتل باحد، وجابر كان لا يرجو وفاءه في ذلك العام ولاما بعده. ومع هذا فضل له من التمر أكثر أي فوق ما يؤمله ويرجوه ولله الحمد والمنة (2) (سنده) حدّثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير عن جابر قال جاء رجل الخ (غريبه) (3) الوسق بسكون المهملة حمل بعير يقال عندي وسق من تمر والجمع وسوق مثل فلس وفلوس (4) الوصيف الغلام دون المراهق والوصيفة الجارية كذلك والجمع وصفاء ووصائف مثل كريم وكرماء وكرائم (تخريجه) رواه مسلم إلا أن عنده (فأطعمه شطر وسق شعير) وسنده عند الإمام أحمد جيد لأن ابن لهيعة صرح بالتحديث ورواه أيضًا البزار وفيه يأكلون منه حينا ثم أخذ يوما فكاله لينظركم بقى فلم يلبث أن قنى فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فذكر ذك له فقال كلمتوه؟ أما أنك لو لم تكله لبقى كذا وكذا أو قال عمركم (5) (سنده) حدّثنا حسن ثنا ابن لهيعة أبو الزبير عن جابر ابن أم مالك البهزية الخ (غريبه) (6) هكذا بالأصل (فما زال يدوم لها أدم بينها) وجاء عند مسلم بلفظ فمازال يقيم لها ادم بيتها (وق له حتى حصرته) أي عصرت السمن الذي في العكه فلما عصرته ذهب بركة السمن، وكذلك لما كال الرجل الشعير كما في الحديث السابق ذهبت بركته (قال النووي) قال العلماء الحكمة في ذلك أن عصرها وكيله مضادة للتسليم والتوكل على رزق الله تعالى، ويتضمن التدبير والأخذ بالحول والقوة وتكلف الاحاطة باسر أرحكم الله تعالى وفضله فعوقب فاعله بزواله اهـ (7) أي ما زال موجودا حاضرا والله أعلم (تخريجه) (م) (باب) (8) (عن سلمة بن الأكوع الخ) هذا طرف من حديث طويل ذكر بطوله وسنده وشرحه في باب حديث سلمة بن الأكوع في الجزء

-[حديث البراء في زيادة ماء البئر إلى نزحت ففاطت ببركته صلى الله عليه وسلم حتى صارت نهرا]- بسق فجاشت فسقينا واستقينا (عن البراء) قال انتهينا إلى الحديبية وهي بئر قد تزحت ونحن أربع عشرة مائة قال فنزع منها دلو فتمضمض النبي صلى الله عليه وسلم منه ثم مجه فيه ودعا قال فروينا وأروينا (وعنه أيضًا) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في مسير فأتينا على ركبيٍّ ذمّة يعني قليلة الماء فقال فنزل فيها ستة، أنا سادسهم ومعهم ماحة فادليت الينا دلو قال ورسول الله صلى الله عليه وسلم على شفى الرّكي فجعلنا فيها نصفها أو قراب تلثيها فرفعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال البراء فكدت بإنائي هل أجد شيئًا أجعله في حلقي فما وجدت، فرفعت الدلو إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغمس يده فيها فقال ما شاء الله أن يقول فاعيدت إلينا الدلو بما فيها قال فلقد رأيت أحدنا أخرج بثوب خشية الغرق قال ثم ساحت يعني جرت نهرا (عن أبي قتاده) أنه كان في سفر مع النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكان معه ميضأة فيها جرعة ماء، قال أبو قتادة فلما

_ الحادي والعشرين ص 109 رقم 230 فأرجع إليه (1) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء (يعني ابن عازب الخ) (2) لم يبق من مائها إلا شيء يسير (3) أي أخرج منها دلو (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه بسند حديث الباب وعزاه للبخاري ثم قال انفرد به البخاري إسنادا ومتنا اهـ (قلت) أما المتن فنعم وأما السند فلا لأن البخاري رواه من طريق إسرائيل عن أبي إسحاق عن البراء كما رواه الإمام أحمد ولفظ البخاري عن البراء بن عازب قال كنا بوم الحدبية أربع عشرة مائة والحديبية بئر فنرحناها حتى لم نترك فيها قطرة فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم على شفير البئر فدعا بماء فمضمض ومج في البئر، فمكثنا غير بعيد ثم استقينا حتى روينا وروت أو صدرت ركابنا هكذا ذكره الحافظ ابن كثير في تاريخه (4) (سنده) حدّثنا هاشم ثنا سليمان عن حميد عن يونس عن البراء (يعني ابن عازب) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) بفتح الراء وكسر الكاف بعدها ياء تحتية مشدة (قال في النهاية) الركي جنس للركية وهي البئر وجمعها ركايا والذمة (بفتح المعجمة وتشديد الميم) القليلة الماء (6) هي جمع مائح وهو الذي ينزل في الركية إذا قل ماؤها فيملأ الدلو بيده وقد ماح يميح ميحا، وكل من أولى معروفا فقد ماح والآخذ ممتاح ومستميح (نه) (7) الكيد هنا الاختيال والاجتهاد أي فاحتلت واجتهدت لعلى أجد شيئا الخ (8) والظاهر أن ما فيها اهريق في قعر البئر (9) جاء عند الطبراني قال فقد رأيت آخرنا أخرج بقوة خشية الغرق، ومعناه أن الماء انفجر من البئر صاعدًا إلى فوق فأسرعنا بالخروج من البئر وخشوا على آخرهم الغرق فربطوه بثوب وجذبوه بقوة ولولا ذلك لغرق، ثم امتلأ البئر بالماء وفاض عنه وجرى حتى صار نهرًا، وذلك ببركة النبي صلى الله عليه وسلم وغمس يده المباركة فيه: عليه الصلاة وأنم السلام وهذه من معجزاته الباهرات (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخه (وقال) انفرد به الإمام أحمد وإسناده جيد قوي والظاهر أنها قصة أخرى غير يو الحديبية والله أعلم اهـ (قلت) وأورده أيضًا الهيثمي وقال هو في الصحيح باختصار كثير في غزوة الحديبية والله أعلم رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح (10) (عن أبي قتادة الخ) هذا جزء من حديث طويل أخرجه مسل والأربعة وغيرهم وسيأتي بطوله وسنده وشرحه في باب ترجمة أبي قتادة من كتاب مناقب الصحابة أن شاء الله تعالى وإنما ذكرته هنا لمناسبة ترجمة الباب وإليك شرح هذا الجزء (غريبه) (11) (بكسر الميم وبهمزة بعد الضاد)

-[قصة المرأة صاحبة المزادتين وما جرى لها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم]- اشتدت الظهيرة رفع لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا يا رسول الله هلكنا عطشنا تقطعت الأعناق فقا لا هلك عليكم ثم قال يا أبا قتادة أنت بالميضاء فأتيت بها فقال أحلل لى غمترى يعنى قدحه فحللته فأتيته به فجعل يصب فيه ويسقى الناس، فازدحم الناس عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أيها الناس أحسنوا الملأ فكلكم سيصدر عن رىّ فشرب القوم حتى لم يبق غيرى وغير رسول الله صلى الله عليه وسلم فصب لى فقال اشرب يا أبا قتادة، قال قلت اشرب أنت يا رسول، قال ان ساقى القوم آخرهم فشربت وشرب بعدى وبقى فى الميضأة نحو مما كان فيها وهم يومئذ ثلاثمائه الحديث (عن عائذ بن عمرو) قال كان فى الماء قلة فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فى قدح أو فى جفنة فنضحنا به قال والسعيد فى أنفسنا من أصابه ولا نراه إلا قد أصاب القوم كلهم قال ثم صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الضحى (باب قصة المرأة صاحبة المزادتين) (حدثنا يحيى) عن عوف ثنا أبو رجاء حدّثنى عمران بن حصين رضى الله عنه قال كنا فى سفر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أسرينا حتى إذا كان فى آخر الليل وقعنا تلك الوقعة فلا وقعة أحلى عند المسافر منها قال فما أيقظنا إلا حرّ الشمس، وكان أول من استيقظ فلان ثم فلان كان يسميهم أبو رجاء ونسيهم عوف، ثم عمر بن الخطاب رضى الله عنه الرابع، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نام لم نوقظه حتى يكون هو يستيقظ، لانا لا ندرى ما يحدث أو يحدث له فى نومه، فلما استيقظ عمرو رأى ما أصاب الناسب وكان رجلا أجوف جليدا قال فكبر ورفع صوته

_ وهى الإناء الذى يتوضأ فيه (1) أى أخبر بخبرهم فأتام مسرعا (2) هو بضم الهاء وهو من الهلاك وهذا من المعجزات فانه لم يصبهم ضرر بضم الغين المعجمة وفتح الميم بعدها راء وهو القدح الصغير (4) الملأ بفتح الميم واللام وآخره همزة وهو منصوب مفعول أحسنوا: الملأ الخلق بضم الخاء واللام، والعشرة يقال ما أحسن ملأ فلان أى خلقه وعشرته وما أحسن ملأ بنى فلان أى عشرتهم وأخلاقهم، ذكره الجوهرى وغيره (5) فيه هذا الادب من آداب شاربى الماء واللين ونحوهما وفى معناه ما يغرف على الجماعة من المأكول كلحم وفاكهة ومشموم وغير ذلك والله أعلم (6) (سنده) حدّثنا محمد بن أبى عدى عن سليمان يعنى التيمى عن شيخ فى مجلس أبى عثمان عن عائذ بن عمرو الخ (غريبه) (7) أى توضئوا به وضوءا خفيفا (تخريجه) أورده الحافظ الهيثمى وقال رواه احمد والطبرانى فى الكبير إلا انه قال اتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقدح او بعس وفى الماء قلة فتوضأ ثم امر فرش عليهم او نضج عليهم وفيه رجل لم يسم (8) (حدَّثنا يحيى الخ) (غريبه) (9) يقال سرى يسرى سرَّى وأسرى يسرى بضم التحتية وكسر الراء سراء لغتان ومعناه السير بالليل يريد أنهم ناموا من شدة التعب وسهر الليل فكان النوم أحلى شيء عندهم (11) قال العلماء كانوا يمتنعون من ايقاظه صلى الله عليه وسلم لما كانوا يتوقعون من الايحاء اليه فى المنام ومع هذا فكانت الصلاة قد فات وقتها فلو نام آحاد الناس اليوم وحضرت صلاة وخيف فوتها نبهه من حضره لئلا تفوته الصلاة (12) أى رفيع الصوت

-[كفاية المزادتين لشرب الجيش ببركته صلى الله عليه وسلم مع أنه لم ينقص من مائهما شئ]- بالتكبير حتى استيقظ لصوته رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلما استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم شكوا الذى أصابهم فقال لا ضير أو لا ضرر ارتحلوا فارتحل فصار غير بعيد ثم نزل بدعا بالوضوء فتوضأ ونودى بالصلاة فصلى بالناس؛ فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل معتزل لم يصل مع القوم فقال ما منعك يا فلانا أن تصلى مع القوم؟ فقال يا رسول الله أصابتنى جنابة ولا ماء، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك بالصعيد فانه يكفيك، ثم سار رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتكى إليه الناس العطش فنزل فدعا فلانا كان يسميه أبو رجاء، ونسيه عوف ودعا عليا رضى الله عنه فقال اذهبا فابغيا لنا الماء قال فانطلقنا فيلقيان امرأة بين مزادتين أو سطيحتين من ماء على بعير لها فقالا لها أين الماء فقالت عهدى بالماء أمس هذه الساعة ونفرنا خلوف قال فقالا لها انطلقى إذًا، قالت إلى أين؟ قالا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت هذا الذى يقال له الصابئى؟ قالا هو الذى تعنين، فانطلقى إذًا، فجاءا بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فحدثاه الحديث، فاستنزلوها عن بغيرها ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم باناء فافرغ فيه من أفواه المزادتين أو السطيحتين وأوكأ أفواههما فأطلق الغزالى ونودى فى الناس أن اسقوا واستقوا، فسقى من شاء واستقى من شاء، وكان آخر ذلك أن أعطى الذى أصابته الجنابة اناء من ماء فقالت اذهب فافرغه عليك، قال وهى قائمة تنظر ما يفعل بمائها، قال وايم الله لقد أقلع عنها وإنه ليخيل الينا انها أشد ملأة منها حين ابتده فيها، فقال رسول الله اجمعوا لها، فجمع لها من بين عجوة ودقيقة وسويقة حتى جمعوا لها طعامًا كثيرًا وجعلوه فى ثوب وحملوها على بعيرها ووضعوا الثوب بين يديها، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم تعلمين والله ما ررأناك من مائك شيئا ولكن الله عز وجل هو سقانا، قال فأتت أهلها وقد احتبست عنهم؛ فقالوا ما حبسك يا فلانة؟ فقالت العجب، لقينى رجلان فذهبا بى إلى هذا الذى يقال له الصابئى ففعل بمائى كذا وكذا للذى قد كان فوالله انه لأسحر من بين هذه هذه وقالت باصبعيها الوسطى والسبابه فرفعتهما إلى السماء يعنى السماء والأرض أو إنه لرسول الله حقا قال وكان المسلمون بعد يغيرون على ما حولها

_ يخرج صوته من جوفه والجليد القوى (1) أى لا ضرر عليكم فى هذا النوم وتأخير الصلاة به والضير والضرر بمعنى (2) جاء عند مسلم (سادلة رجليها بين مزادتين) قال النووى السادلة المرسلة المدنية والمزادة معروفة وهى أكبر من القربة، والمزادتان حمل البعير، سميت مزادة لأنه يزاد فيها من جلد آخر من غيرها اهـ وقوله وسطيحتين (قال فى النهاية) السطيجة من المزاد ما كان من جلدين قوبل أحدهما بالآخر فسطح عليه وتكون صغيرة وكبيرة وهى من أوانى المياه (3) جاء عند مسلم (فقلنا لها أين الماء قالت أيهاه أيهاه لا ماء لكم) قال النووى هكذا هو فى الأصول وهو بمعنى هيهات هيهات ومعناه البعد من المطلوب واليأس منه كما قالت بعده (يعنى عند مسلم) لا ماء لكم أى ليس لكم ماء حاضر ولا قريب (4) أى رجالنا غيب (5) أى الذى خرج من دينه إلى دين آخر، وكانت العرب تسمى النبى صلى الله عليه وسلم الصائبى لأنه خرج من دين قريش إلى دين الإسلام (6) بكسر اللام جمع عزلاء والعزلاء بالمدهو المشعب الأسفل للمزادة الذى يفرع منه الماء ويطلق أيضاً على فمها الاعلى كما جاء فى رواية مسلم فمج فى العزلاوين والمج زرق الماء بالفم (7) أى تركها (8) أى لم ننقص من مائك شيئا (9) أى اشارات (10) معناه إما أن يكون

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم در لبن للضرع بعد ان لم يكن]- من المشركين ولا يصيبون الصِّرم الذى هى فيه، فقالت يومًا لقومها ما أرى أن هؤلاء القوم يدعوكم عمدا فهل لكم فى الاسلام، فأطاعوها فدخلوا فى الاسلام (باب ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم درّ لبن الضرع بعد أن لم يكن) (عن ابن اسمعود) قال كنت أرعى غنما لعقبة بن أبى معيط، فمر بى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فقال يا غلام هل من لبن؟ قال فقلت نعم ولكنى مؤتمن، قال فهل من شاة لم ينز عليها الفحل؟ فأتيته بشاة فمسح ضرعها فنزل لبن فحلبه فى اناء فشرب وسقا أبا بكر، ثم قال للضرع أقلص فقلص، قال ثم أتيته بعد هذا فقلت يا رسول الله علمنى من هذا القول قال فمسح رأسى وقال يرحمك الله فانك غليم معلم (وفى رواية) قال ثم أتاه أبو بكر بصخرة منقعرة فاحتلب فشرب وشرب أبو بكر ثم شربت، ثم قال للضرع أقلص فقلص، فأتيته بعد ذلك قلت علمنى من هذا القول، قال انك غلام معلم، قال فأخذت من فيه سبعين سورة لا ينازعنى فيها أحد (حدثنا عفان) ثنا حماد بن سلمة قال سمعت شيخا من قيس يحدث عن أبيه أنه قال جاءنا النبى صلى الله عليه وسلم وعندنا بكرة صعبة لا يقدر عليها قال فدنا منها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمسح ضرعها فحفل فاحتلب، قال ولما مات أبى جاء وقد شددته فى كفنه وأخذت سلاءة فشددت بها الكفن، فقال لا تعذب أباك بالسلى، قالها حماد ثلاثًا قال ثم كشف عن صدره والقى السلى ثم بزق على صدره حتى رأيت رضاض بزاقه على صدره (عن عبد الله بن زيد) ألفائشى عن ابنة خباب قالت خرج خباب فى سرية فكان النبى صلى الله عليه وسلم

_ هذا الرجل اسحر من بين الأرض والسماء وإما أن يكون رسول الله حقا (1) الصرم بكسر المهملة وسكون الراء معناه هنا الجماعة ينزلون بابلهم ناحية على ماء، والمعنى أن المسلمين كانوا يهجمون على الكفار ديارهم ويوقعون بهم ويتركون عشيرة هذا المرأة (2) أى يتركون الهجوم عليكم (تخريجه) (ق. نس. وغيرهم) (باب) (3) (سنده) حدّثنا أبو بكر بن عياش حدّثنى عاصم عن زرّ عن ابن مسعود الخ (غريبه) (4) زاد فى رواية (وقد فرّا من المشركين) (5) جاء فى رواية أخرى (من هذا القرآن بدل القول) (6) أى منقورة كما جاء فى رواية أى لها قعر كالاناء (7) أى لم يحفظها فى ذاك الوقت أحد غيرى (تخريجه) (هق طل) وابن سعد وأبو نعيم فى الدلائل وسنده صحيح، وأورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه تم قال وقوله فى هذا السياق وقد فرا من المشركين ليس المراد منه وقت الهجرة، انما ذلك فى بعض الأحوال قبل الهجرة فان ابن مسعود ممن أسلم قديما وهاجر إلى الحبشة ورجع إلى مكة وقصته هذه صحيحة ثابتة فى الصحاح وغيرها والله أعلم اه (قلت) ولذلك لم أذكره فى احاديث قصة الهجرة وذكرته هنا لمناسبة ترجمة الباب وسيأتى فى ترجمة ابن مسعود فى كتاب مناقب الصحابة ان شاء تعالى (8) (حدّثنا عفان الخ) (غريبه) (9) أى امتلأ ضرعها باللبن (10) يقال سلاءة وسلا وهو الجلد الرقيق الذى يخرج فيه الولد من بطن أمه ملفوفاً فيه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفى اسناده رجلان مجهولان (11) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا الأعمش عن أبى اسحاق عن عبد الرحمن بن زيد الخ (قلت) عبد الرحمن بن زيد الفائشى بفاه ثم شين معجمة وقد قيل إن اسم أبيه يزيد بزيادة ياء فى أوله كذا فى تعجيل المنفعة (12) هو خباب بن الأرت الصحابى رضي الله عنه

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم إخباره بالشاة المسمومة واضاءة عصاه لبعض اصحابه]- يتعاهدنا حتى كان يحلب عنزا لنا، قالت فكان يحلبها حتى يطفح أو يفيض (وفى رواية فكان يحلبها فى جفنة لنا فكانت تمتلئ حتى تطفح) فلما رجع خبّاب حلبها فرجع حلابها إلى ما كان فقلنا له كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحلبها حتى تفيض (وقال مرة حتى تمتلئ) فلما حلبتها رجع حلابها (باب ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم إخباره بالشاة المسمومة التى صنعتها له المرأة اليهودية: وقدمتها إليه بصفة هديه) (عن أنس بن مالك) أن يهودية جعلت سما فى لحم ثم أتت به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكل منه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال انها جعلت فيه سما قالوا يا رسول ألا نقتلها؟ قال لا، قال فجعلت أعرف ذلك فى لهوات رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم إضاءة عصاه لبعض أصحابه حتى دخل بيته) (عن أبى سعيد الخدرى) قال هاجت السماء من تلك الليلة فلما خرج النبى صلى الله عليه وسلم لصلاة العشاء الآخرة برقت برقة فرآى قتادة بن النعمان فقال ما السُّرى يا قتادة؟ قال علمت يا رسول الله أن شاهد الصلاة قليل فأحببت أن أشهدها، قال فاذا صليت فاثبت حتى أمرّ بك، فلما انصرف أعطاه العرجون وقال خذ هذا فسيضيء

_ (1) أي يمتليء ويزيد عن ملئه (2) الجفنة بفتح الجيم اناء كير كالقصعة وقيل هى القصعة، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم وبركته (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى ورجالهما رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن زيد الفائشى وهو ثقة اهـ (قلت) وقع فى نسخة مجمع الزوائد المطبوعة بمصر عبد الرحمن بن زيد القايش وهو تحريف من الطابع أو الناسخ والصحيح ما ذكرته كما ضبطه العلماء (باب) (3) (سنده) حدّثنا روح ثنا شعبة قال سمعت هشام بن زيد قال سمعت أنس بن مالك يحدث أن يهودية الخ (غريبه) أى قال ذلك عن طريق الوحى بعد أن أكل منه قطعة يسيرة (5) تقدم الكلام على قتلها وعدمه فى شرح الحديث الأول من باب خبر الشاة المسمومة فى غزوة خيبر فى الجزء العشرين ص 103 فارجع إليه (6) اللهوات جمع لهاة وهى اللحماة فى سقف أقصى الفم (نه) (تخريجه) (ق. وغيرهما) (باب) (7) (سنده) حدّثنا يونس وسريج قال حدثنا فليح عن سعيد بن الحارث عن أبى سلمة قال كان أبو هريرة يحدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال ان فى الجمعة ساعة لايوافقها مسلم وهو فى صلاة يسأل الله خيراً إلا آتاه اياه قال وقللها أبو هريرة بيده، قال فلما توفى أبو هريرة قلت والله لو جئت أبا سعيد فسألته عن هذه الساعة أن يكون عنده منها علم، فأتيته فأجده يقّوم عراجين، فقلت يا أبا سعيد ما هذه العراجين التى أراك تقوّم؟ قال هذه عراجين جعل الله لنا فيها بركة، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحبها ويتخصر بها فكنا نقوّمها ونأتيه بها، فرأى بصاقا فى قبلة المسجد وفى يده عرجون من تلك العراجين فحكه وقال (إذا كان أحدكم فى صلاته فلا يبصق أمامه وليبصق عن يساره أو تحت قدمه) قال سريج فان لم يجد مبصقا ففى ثوبه أو نعله، ثم هاجت السماء من تلك الليلة الخ (غريبه) (8) السرى بضم المهملة وفتح الراء السير بالليل أراد ما أوجب مجيئك فى هذا الوقت؟ يقال تسرى إسرى سُرى وأسرى إسراء لغتان (9) أى الذى كان يتخصر به النبى صلى الله عليه وسلم ويقال له مخصرة بكسر الميم: والمحصرة ما يختصره الإنسان بيده فيمسكه من عصا أو عكازة أو مقرعة أو قضيب

-[ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم أنه مج فى بئر ففاح منها مثل رائحة المسك]- أمامك عشرا وخلفك عشرا فاذا دخلت البيت وتراءيت سوادا فى زاوية البيت فاضربه قبل أن يتكلم فانه شيطان، قال ففعل فنحن نحب هذه العراجين لذلك (باب ومن معجزاته صلى الله عليه وسلم أنه مج فى بئر ففاح منها مثل رائحة المسك) (عن وائل بن حجر) قال حدثنى أهلى عن ابى قال أتى النبى صلى الله عليه وسلم بدلو من ماء فشرب منه ثم مج فى الدلو ثم صب فى البئر أو شرب من الدلو ثم مج فى البئر ففاح منها مثل ريح المسك (وعنه عن طريق ثان) ان النبى صلى الله عليه وسلم أتى بدلو من ماء زمزم فتمضمض فمج فيه أطيب من المسك أو قال مسك، واستنثر خارجا من الدلو (باب ما جاء فى تأدب الصحابة رضى الله عنهم فى حضرته وتبركهم بآثاره صلى الله عليه وسلم) (عن صفوان بن عسال المرادى) قال بينما نحن مع رسول الله فى مسيره إذ ناداه اعرابى بصوت جهوريّ

_ وقد يتكيء عليه. والعرجون العود الأصفر الذى فيه شماريخ عذق النخلة، والعذق بكسر العين المهملة العرجون بما فيه من الشماريخ، ويجمع على عذاق، والعذق بالفتح النخلة نفسها (1) أى عشرة أذرع أو نحوها (2) ليس هذا آخر الحديث وجاءه بعد قوله لذلك قال قلت يا أبا سعيد ان أبا هريرة حدثنا عن الساعة التى فى الجمعة فذكر حديث أبى سعيد فى ساعة الجمعة وتقدم فى باب ما ورد فى ساعة الإجابة ووقتها من يوم الجمعة فى الجزء السادس صفحة 13 رقم 1515 فارجع اليه (تخريجه) (خزك) وقال الحاكم صحيح على شرطى الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى وقال رجاله رجال الصحيح، وأورده الحافظ فى الإصابة وقال روى هذا القصة الطبرانى من وجه آخر، وقال انه كان فى صورة قنفذ يعنى الشيطان (قلت) وأورده أيضاً الهيثمى وقال حديث أبى هريرة فى الصحيح، وحديث أبى سعيد فى حك البصاق أيضاً (يعنى صدر هذا الحديث) ثم قال رواه أحمد (يعنى الحديث بطوله) والبزار بنحوه ورجالهما رجال الصحيح اه والحديث فيه معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم ومنقبة عظيمة لقتادة بن النعمان رضى الله عنه (باب) (3) (سنده) حدّثنا أبو نعيم ثنا مسعر عن عبد الجبار بن وائل قال حدّثنى أهلى عن أبى قال أتى النبى صلى الله عليه وسلم بدلو الخ (غريبه) (4) أى رمى بما فى فيه من الماء بعد أن شرب رمى به فى الدلو (5) هذا البئر هو بئر زمزم كما يستفاد من الطريق الثانية (6) أو للشك من الراوى يشك هل شرب من الدلو ثم مج فيه ثم صبه فى البئر أو شرب من الدلو ثم مج فى البئر، وعلى كل حال فما مجه وصل إلى البئر (7) أى من البئر مثل ريح المسك وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم (8) (سنده) حدّثنا أبو أحمد ثنا مسعر عن عبد الجبار بن وائل عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أخرجه ابن ماجه من طريق عبد الجبار ابن وائل عن أبيه قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه اسناده منقطع لأن عبد الجبار بن وائل لم يسمع من أبيه شيئاً قاله ابن معين وغيره اه (قلت) وفى الخلاصة عبد الجبار بن وائل الحضرمى أبو محمد الكوفى عن أبيه، وقال ابن معين ثقه لم يسمع من أبيه. روى عن أخيه علقمة، وعنه ابنه سعيد وأبو اسحاق اه فقوله فى سند الطريق الأولى حدّثنى أهلى عن أبي، يريد أخاه علقمة، وعلقمة سمع من أبيه، قال فى الخلاصة علقمة بن وائل بن حجر الكندى الحضرمى ثم الكوفى عن أبيه والمغيرة وعنه أخوه عبد الجبار وسماك ابن حرب وثقه ابن حبان اه (قلت) وعلى هذا فالحديث صحيح لأن عبد الجبار اخرج له مسلم والأربعة وعلقمة اخرج له مسلم والأربعة فى رفع اليدين والله أعلم (باب) (9) (عن صفوان بن عسال الخ)

-[ما جاء في تأدب الصحابة بحضرته صلى الله عليه وسلم وتبركهم بآثاره]- فقال يا محمد، فقلنا ويحك اغضض من صوتك فانك قد نهيت عن ذلك، فقال والله لا أغضض من صوتي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وأجابه على نحوٍ من مسألته (وفى رواية وأجابه نحو مما تكلم به) فقال أرأيت رجلا أحب قومًا ولما يلحق بهم؟ قال هو مع من أحب (عن أنس) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخل على بيت أم سليم فينام على فراشها وليست فيه قال فجاء ذات يوم فنام على فراشها فأتت فقيل لها هذا النبى صلى الله عليه وسلم نائم فى بيتك على فراشك، قال فجاءت وقد عرق واستنقع عرقه على قطعة أديم على الفراش قال ففتحت عتيدها قال فجعلت تنشف ذلك العرق فتعصره فى قواريرها ففزع النبى صلى الله عليه وسلم فقال ما تصنعين يا أم سليم؟ قالت يا رسول الله نرجو بركته لصبياننا، قال أصبت (وعنه من طريق ثان) قال دخل علينا النبى صلى الله عليه وسلم فقال عندنا فعرق (وفى رواية وكان من أكثر الناس عرقًا) وجاءت أمى بقارورة فجعلت

_ هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وتخريجه فى باب توقيت مدة المسح على الخفين من كتاب الطهارة فى الجزء الثانى بعضه فى المتن وبعضه فى الشرح ص 65 رقم 336 وهو يتضمن خمس مسائل (المسألة الأولى) فى الرحلة فى طلب العلم وفضل طالبه وتقدم الكلام على ذلك فى بابه من كتاب العلم فى الجزء الاول ص 150 رقم 14 (والثانية) فى توقيت مدة المسح على الخفين وهو فى الباب المشار اليه آنفا (والثالثة) فى أن من أحب قوماً حشر معهم وتقدم الكلام على ذلك فى باب الترغيب فى محبة الصالحين من كتاب المحبة والصحبه فى الجزء التاسع عشر ص 52 (والرابعة) تتضمن عدم رفع الصوت بحضرة النبى صلى الله عليه وسلم وهو ما جاء فى هذا الباب (والخامسة) تتضمن صفة باب التوبة وغلقه حين تطلع الشمس من مغربها وسيأتى ذلك ان شاء الله تعالى فى باب طلوع الشمس من مغربها وغلق باب التوبة من كتاب الفتن وعلامات الساعة فى أبواب ظهور العلامات الكبرى لقيام الساعة وهو حديث صحيح ورجاله ثقات، وقد رواه الشيخان والأربعة وغيرهم من طرق متعددة عن كثير من الصحابة فى أبواب متفرقة والله الموفق (1) (سنده) حدّثنا حجين بن المثنى ثنا عبد العزيز يعنى ابن أبى سلمة الماجشون عن اسحاق بن عبد الله بن أبى طلحة عن انس (يعنى ابن مالك الخ) (غريبه) (2) قال القاضى عياض كانت محرما له من قبل الرضاع، ففيه جواز الخلوة مع المحارم اهو وإنما كان صلى الله عليه وسلم ينام على فراشها لعلمه برضاها وفرحها به (3) أى سال وسقط (4) أى جلد كان نائما عليها على الفراش (5) بفتح المهملة بعدها فوقية فتحتية فمهملة (قال القاضى عياض) وهى حقة للمراة تعدها للطيب اه وقال النووى العتيدة كالصندوق الصغير الذى تترك فيه المرأة ما يعز عليها من متاعها ومثله فى النهاية (6) جمع قارورة والقارورة اناء من زجاج (7) (سنده) حدّثنا هاشم بن القاسم ثنا سليمان عن ثابت عن انس بن مالك قال دخل علينا النبى صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (م) وغيره وفيه استحباب التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم لانه اقرّ ام سليم على ما صنعته وقال لها كما فى الطريق الأولى (اصبت) وفى الرواية الأخرى انه دعا لها بدعاء حسن ويستفاد منه ان البركة تحصل لمن تبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم وتقدم قول انس ما شممت ريحا قط مسكا ولا عنبراً اطيب من ريح رسول الله صلى الله عليه وسلم فى باب ما جاء فى ضحكه صلى الله عليه وسلم وريحه فى هذا الجزء صفحة 15 رقم 645 وكانت الرائحة الطيبه من صفاته صلى الله عليه وسلم وان لم يمس طيبا (وعن ام عاصم) امراة عتبة بن فرقد

-[تهافت الصحابة رضى الله عنهم على شعره عند ما حلقه فى التحلل من الحج للتبرك به]- تسلت العرق فيها، فاستيقظ النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا أم سليم ما هذا الذى تصنعين؟ قالت هذا عرقك نجعله فى طيبنا وهو من أطيب الطيب: زاد فى رواية فدعا لها بدعاء حسن (وعن أنس أيضا) قال لما أراد رسول الله صلى الله عليه أن يحلق الحجام رأسه أخذ أبو طلحة شعر احد شق رأسه بيده فجاء به إلى أم سليم، قال فكانت أم سليم تدوفه فى طيبها (ومن طريق ثان) عن محمد بن سيرين عن أنس قال لما حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه بمنى أخذ شق رأسه الأيمن بيده، فلما فرغ ناولنى فقال يا أنس انطلق بهذا إلى أم سليم، فلما رأى الناس ما خصها به من ذلك تنافسوا فى الشق الآخر، هذا يأخذ الشيء وهذا يأخذ الشيء، قال محمد فحدثته عبيدة السلمانى فقال لأن يكون عندى منه شعرة أحب الىّ من كل صفراء وبيضاء أصبحت على وجه الأرض وفى بطنها (وعنه أيضًا) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلقه وقد أطاف به أصحابه ما يريدون أن تقع شعرة إلا فى يد رجل (عن محمد بن عبد الله بن زيد) أن أباه حدثه انه شهد النبى صلى الله عليه وسلم على المنحر ورجلا من قريش وهو يقسم اضاحى فلم يصبه

_ السَّلمي قالت كنا عند عتبة أربع نسوة فما منا امراة الا وهى تجتهد فى الطيب لتكون اطيب من صاحبتها ولا يمس عتبة الطيب إلا ان يمس دهنا يمسح به لحيته، ولهو أطيب ريحا منا، وكان إذا خرج إلى الناس قالوا ما شممنا ريحا اطيب من ريح عتبة، فقلت له يوما انا لنجتهد فى الطيب، ولأنت اطيب ريحا منا فمم ذلك؟ فقال اخذنى الشرى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتيته فشكوت اليه ذلك فأمرنى ان اتجرد فتجردت وقعدت بين يديه والقيت ثوبى على فرجى فنفث فى يده ثم مسح ظهرى وبطنى بيده فعبق بى هذا الطيب من يومئذ، رواه الطبرانى (قوله أخذنى الشرى) قال فى القاموس الشرى بثور صغار حمر حكاكة مكربة تحدث دفعة غالبا وتشتد ليلا لبخارٍ حارّ يثور فى البدن دفعة (1) (سنده) حدّثنا حسن ثنا حماد بن سلمة عن ثابت الينانى عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) كان ذلك فى حجة الوداع كما فى حديث أنس أيضا وتقدم فى باب ما يحل للحاج الخ من كتاب الحج فى الجزء الثانى عشر ص 186 رقم 391 قال لمارمى النبى صلى الله عليه وسلم جمرة العقبة ونحر هديه حجم وأعطى الحجام، وقال سفيان مرة وأعطى الحالق شقه الأيمن فحلقه فأعطاه أبا طلحة، ثم حلق الأيسر فأعطاه الناس (3) بفتح أوله وضم الدال المهملة أى تخلطه يقال دُفت الدواء أدوفه إذا بللته بماء وخلطه فهو مدوف (نه) (4) (سنده) حدّثنا مؤمل بن اسماعيل حدثنا حماد بن زيد عن أيوب وهشام عن محمد يعنى ابن سيرين الخ (5) محمد هو ابن سيرين الانصارى التابعى ثقة ثبت عابد كبير (وعبيدة) بفتح العين المهملة وكسر الباء الموحدة آخرهما ابن عمرو بن قيس السلمانى بفتح سكون ويقال بفتحتين من ثقات التابعين وفقهائهم (6) يعنى الذهب والفضة وفى بعض الروايات (احب الى من الدنيا وما فيها) أى من متاعها وهذه الرواية أعم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (7) (سنده) حدّثنا سلمان بن حرب ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلقه الخ (غريبه) (8) أى استداروا حوله (9) أى تيمنا وتبركا بها (تخريجه) (م. وغيره) (10) (وسنده) حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال ثنا أبان هو العطار

-[تبرك الصحابة رضى الله عنهم بأثر شربه وفضل وضوئه]- منها شيء ولا صاحبه فحلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه فى ثوبه فأعطاه فقسم منه على رجال وقلم أظفاره فأعطاه صاحبه قال فانه لعندنا مخضوب بالحنا والكتم يعنى شعره (باب ما جاء فى تبركهم بأثر شربه وفضل وضوئه) (عن أنس بن مالك) أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل على أم سليم وفى البيت قربة معلقة فشرب من فيها وهو قائم، قال فقطعت أم سليم فم القربة فهو عندنا (وعنه من طريق ثان) عن أمه قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى البيت قربة معلقة فشرب قائما فقطعت فاها وانه لعندى (عن عون بن أبى جحيفة عن أبيه) قال رأيت قبة حمراء

_ قال ثنا يحيى يعنى ابن أبى كثير عن أبى سلمة عن محمد بن عدب الله بن زيد الخ (قلت) أبوه هو عبد الله ابن زيد بن عبد ربه الأنصارى صاحب الأان (وله طريق ثان عند الامام أحمد) قال حدثنا أبو داود الطيالسى قال ثنا أبان العطار به سندا ومتنا إلا أنه قال فى هذا الطريق انه شهد النبى صلى الله عليه وسلم عند المنحر هو ورجل من الأنصار فذكره (غريبه) (1) يعنى ولا الرجل الذى مع النبى صلى الله عليه وسلم (2) يعنى أعطى عبد الله بن زيد فيحتمل أنه أعطى الشعر كله لعبد الله بن زيد وأمره أن يقم منه على رجال، ويحتمل أن النبى أعطاه بعضا وقسم باقيه على رجال (3) معناه أن النبى صلى الله عليه وسلم أعطى قلامة اظفاره لصاحبه الذى معه (4) القائل فانه لعندنا الخ هو عبد الله بن زيد (5) تقدم الكلام على شيبه صلى الله عليه وسلم وهل كان يخضب أم لا فى باب ما جاء فى شيبه صلى الله عليه وسلم فى هذا الجزء ص 8 (تخريجه) (طل) وسنده صحيح ورجاله ثقات (وفى المواهب اللدنيه) قال لم يروا أنه عليه الصلاة والسلام حلق رأسه الشريف فى غير نسك حج أو عمرة فيما علمته قال شارحه الزرقانى وبه جزم ان القيم قال لم يحلق رأسه إلا اربع مرات، وقال العراقى فى سيرته يحلق رأسه لأجل النسك ... وربما قصره فى نسك وقد روؤا لا توضع النواصى ... إلا لأجل النسك المحاصى اهـ (وجاء فى المواهب أيضا) أن ابقاء الشعر فى الرأس سنة ومنكرها مع علمه يجب تأديبه ومن لم يستطع التبقية يباح له إزالته، وقد رأيت بمكة المشرفة فى ذى القعدة سنة سبع وتسعين وثمانمائة شعرة عند الشيخ أبى حامد المرشدى شاع وذاع انها من شعره صلى الله عليه وسلم زرتها صحبة المقرى خليل العباسى والى الله احسانه عليه اه (قلت) وقد جاء فى ابقاء الشعر حديث عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا توضع النواصى الا فى حج أو عمرة، أورده الهيثمي، وقال رواه البزار والطبرانى فى الأوسط وفيه محمد بن سليمان بن مشمول وهو ضعيف بهذا الحديث وغيره (باب) (6) (سنده) حدّثنا وكيع ثناسفيان عن عبد الكريم الجزرى قال أخبرنى ابن ابنة أنس عن انس بن مالك ان النبى صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) ابن بنت انس اسمه البراء كما صرح بذلك فى الطريق الثانية وهو ابن زيد قال فى التقريب مقبول (غريبه) (7) إنما قطعتها امُ سليم رضى الله عنها واحتفظت بها لأجل التبرك صلى الله عليه وسلم (8) حدّثنا أبو كامل ثنا زهير ثنا عبد الكريم الجزرى عن البراء بن بنت انس عن انس عن امه (يعنى ام سليم) قالت دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (طل طب) وفى اسناده البراء بن زيد قال الحافظ فى التقريب مقبول (قلت) وبقية رجاله رجال الصحيح (9) (سنده) حدّثنا ابو داود ثنا عمر بن ابى زائدة حدّثنى عون بن أبى جحيفة عن أبيه الخ (قلت) أبو جحيفة اسمه وهب بن عبد الله صحابي جليل

-[تبرك الصحابة رضى الله عنهم بأثر يده وأصابعه الشريفة]- من آدم لرسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيت بلالا خرج بوضوئه ليصبه فابتدره الناس فمن أخذ منه شيئا تمسح به، ومن لم يجد منه شيئا أخذ من بلل يد صاحبه (باب ما جاء فى تبركهم بأثر يده وأصابعه الشريفة) (عن أنس) قال كان النبى صلى الله عليه وسلم إذا صلى الغداة جاء خدم أهل المدينة بآنيتهم فيها الماء فما يؤتى باناء الاّ غمس يده فيها، فربما جاؤوه فى الغداة الباردة فغمس يده فيها (عن ثابت) أنه قال لأنس بن مالك رضى الله تبارك وتعالى عنه يا أنس مسست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدك؟ قال نعم، قال أرنى أقبلها (حدثنا عبد الرحمن ابن رزين) انه نزل الربذة هو وأصابه يريدون الحج، قيل لهم ههنا سلمة بن الأكوع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيناه فسلمنا عليه ثم سألناه، فقال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدى هذه: وأخرج لنا كفه كفة ضخمة، قال فقمنا اليه فقبلنا كفيه جميعا (عن أبى عبد الله الحسن بن أيوب الحضرمي) قال أرانى عبد الله بن بسر رضى الله عنه شامة فى قرنه فرضعت إصبعى عليها فقال رضع رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعه عليها ثم قال لتبلغن قرنا قال أبو عبد الله وكان ذا جمة (11)

_ (غريبه) (1) أى بفضل وضوء النبى صلى الله عليه وسلم ليريقه (تخريجه) (ق نس مذجه) وفيه تهافت الصحابة وحرصهم الشديد على التبرك بآثاره صلى الله عليه وسلم ورضى الله عنهم (باب) (2) (سنده) حدّثنا هاشم سنا سليمان عن ثابت عن أنس (يعنى ابن مالك الخ) (غريبه) (3) إنما كانوا يجيئون بأوائيهم للنبى صلى الله عليه وسلم مبكرين ليضع يده الشريفة فيها فتحصل لهم بركتها (4) معناه أنه لا يمنعه برد الماء عن وضع يده الشريفة فيه اجابة لطلبهم وإرضاءا لخاطرهم، وهذا من تواضعه صلى الله عليه وسلم وكرم أخلاقه (تخريجه) (م. وغيره) (5) (سنده) حدّثنا سفيان عن ابن جدعان قال قال ثابت لأنس (يعنى ابن مالك) يا أنس الخ (غريبه) (6) أى تبركا بأثر يد النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه) لم أقف على هذا الأثر لغير الامام أحمد وفى اسناده على بن زيد بن جدعان ضعيف روى له مسلم مقرونا بغيره (7) (حدثنا عبد الرحمن بن رزين) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى تقبيل اليد والجبهة فى الجزء السابع عشر ص 351 رقم 63 فارجع اليه (8) (سنده) حدّثنا عصام بن خالد قال ثنا أبو عبد الله الحسن بن أيوب الحضرمى الخ (غريبه) (9) قال فى القاموس الشامة علامة تخالف البدن الذى هى فيه، وهى أثر أسود فى البدن وفى الأرض، جمعه شام وشامات اه وقوله فى قرنه بفتح القاف وسكون الراء (10) معناه أنه يعيش مائة سنة فكان كذلك (11) الجمة بضم الجيم وتشديد الميم مفتوحة ما سقط من شعر الرأس على المنكبين وأحيانا تكون إلى شحمة الأذن وأحيانا فوق ذلك (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحسن بن أيوب وهو ثقة ورجال الطبرانى ثقات اه (قلت) فيه معجزة للنبى صلى الله عليه وسلم حيث قد أخبر عبد الله بن بسر بأنه يعيش قرنا أى مائة سنة، وفيه التبرك بآثار النبى صلى الله عليه وسلم لأن الحسن بن أيوب وضع إصبعه على الشامة التى فى قرن عبد الله بن بسر لأن النبى صلى الله عليه وسلم وضع اصبعه عليها وما فعل ذلك الحسن إلا بقصد التبرك بأثره صلى الله عليه وسلم (وفى الباب) عن عبد الله بن بسر ايضا قال وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على راسى فقال يعيش هذا الغلام مائة سنة وكان فى وجهه ثؤلول (أى حبة كالحمصة) فقال لا يموت حتى

-[تبرك الصحابة رضى الله عنهم ببعض ثيابه كانت تغسل ويتشفى بغسالتها]- (عن جابر بن سمرة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أتى بطعام (وفى رواية اذا اهدى له طعام) فأكل منه بعث بفضله إلى أبى أيوب، فكان أبو أيوب يتبع أثر أصابع رسول الله صلى الله عليه وسلم فيضع أصابعه حيث يرى أثر أصابعه فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بصحفة فوجد فيها أثر ثوم فلم يذقها وبعث بها إلى أبى أيوب، فلم ير أثر أصابع النبى صلى الله عليه وسلم، فجاء فقال يا رسول الله لم أر فيها أثر أصابعك، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنى وجدت منها ريح ثوم، قال لم تبعث الىّ ما لا تأكل؟ فقال انه يأتينى الملك (باب فى تبركهم بثيابه صلى الله عليه وسلم) (عن عبد الله مولى أسماء) عن أسماء قال أخرجت الىّ جبة طيالسة عليها لبنة شبر من ديباج كسروانى وفرجاها مكفوفان به قالت هذه جبة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبسها، كانت عند عائشة (رضى الله عنها) فلما قبضت عائشة قبضتها الىّ فنحن نغسلها للمريض منا يستشفى بها (أبواب ما جاء فى عاداته صلى الله عليه وسلم) (باب ما جاء فى معيشته صلى الله عليه وسلم وأهل بيته) (فمن ذلك ما روى عن عائشة رضى الله عنهما) (عن عائشة رضى الله عنها) قالت ما شبع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاثة أيام تباعا من خبز برّ حتى مضى لسبيله (وعنها أيضا) قالت كان يأتى على آل محمد صلى الله عليه وسلم الشهر ما يوفدون

_ يذهب الثؤلول من وجهه، فلم يمت حتى ذهب الثؤلول من وجهه، اورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى والبزار باختصار الثؤلول، إلا انه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدركن قرنا ورجال احد اسنادى البزار رجال الصحيح غير الحسن بن ايوب الحضرى وهو ثقة (1) (سنده) حدّثنا ابراهيم بن الحجلج الناجى ثنا حماد بن سلمة عن سماك بن حرب عن جابر بن سمرة الخ (غريبه) (2) أى للتبرك بوضع اصابعه مكان اصابع النبى صلى الله عليه وسلم (3) بتقديم الحاء على الفاء اناء كالقصعة المبسوطة ونحوها جمعه صحاف (4) يعنى الوحي؛ والملائكة تكره الريح الكريهة، وفى بعض الروايات أن ابا ايوب قال يا رسول الله احرام هو؟ قال لا ولكن أكرهه من اجل ريحه (تخريجه) (م مذ) (5) (عن عبد الله مولى اسماء الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب اباحة اليسير من الحرير كالعلم والرقعة ونحوها من كتاب اللباس فى الجزء السابع عشر ص 275 رقم 142 فارجع اليه وفى شرحه كلام نفيس للعلماء: وموضع الدلالة من الحديث قول اسماء بنت ابى بكر الصديق رضى الله عنهما فنحن نغسلها للمريض يستشفى بها أى فيشفى ببركته صلى الله عليه وسلم (باب) (6) (سنده) حدّثنا ابو معاوية ثنا الأعمش عن ابراهيم عن الأسود عن عائشة الخ (وله طريق ثان) عند الامام أحمد أيضا، قال حدّثنا هاشم ثنا محمد بن طلحة عن أبى حمزة عن ابراهيم عن الأسود عن عائشة قالت ما شبع آل محمد ثلاثا من خبز برّ حتى قبض وما رفع من مائدته كسرة قط حتى قبض (غريبه) (7) أى القمح الا وأحد هذه الأيام تمر لقلة خبز البر، وجاء عند البخارى بلفظ (ما أكل آل محمد أكلتين فى يوم إلا واحداهما تمر (تخريجه) (ق. وغيرهما) (8) (سنده) حدّثنا يحيى ثنا هشام قال حدّثنى أبى عن عائشة قالت كان يأتي الخ

-[ما جاء فى معيشة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزهده فى الدنيا]- فيه نارا ليس إلا التمر والماء إلا أن نؤتى باللحم (عن عروة بن الزبير) أنه سمع عائشة تقول كان يمر بنا هلال وهلال ما يوقد فى بيت من بيوت رسول الله صلى الله عليه وسلم نار، قال قلت يا خللة فعلى أى شيء كنتم تعيشون؟ قالت على الأسودين التمر والماء (وعنه أيضا عن عائشة) رضى الله عنها أنها قالت والذى بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق ما رأى منخلا ولا اكل خبزًا منخولا منذ بعثه الله عز وجل الى أن قبض، قلت كيف تأكلون الشعير؟ قالت كنا نقول أف (حدثنا بهز) ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد قال قالت عائشة ارسل الينا آل أبى بكر بقائمة شاة ليلا فأمسكت وقطع رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قالت أمسك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقطعت، قالت تقول للذى تحدثه هذا على غير مصباح (وفى رواية لو كان عندنا مصباح لائتد منا به) قال قالت عائشة إنه لأتى على آل محمد الشهر ما يختبزون خبزًا ولا يطبخون قدرا، قال حميد فذكرت لصفوان بن محرز فقال لا بل كل شهرين (وعنها أيضًا)

_ (غريبه) (1) أى لا نهيئ شيئاً نطبخه بها (2) أى الذى نتناوله تلك المدة (3) أى مطبوخا من جيراننا من الأنصار على سبيل الهدية (تخريجه) (ق. وغيرهما) (4) (سنده) حدّثنا حسين ثنا محمد بن مطرّف عن أبى حازم عن عروة بن الزبير أنه سمع عائشة تقول الخ (غريبه) (5) تعنى شهرين، وفى الحديث السابق شهر ولا منافاة، فتارة كان يحصل ذلك مدة شهر وأحيانا مدة شهرين (6) هو على التغليب فالماء لا لون له، وكذا قالوا الأبيضان اللبن والماء، وانما أطلق على التمر أسود لأن غالب تمر المدينة أسود (تخريجه) (ق. وغيرهما) (7) (سنده) حدّثنا حسن ثنا ذويد عن أبى سهل عن سليمان بن رومان مولى عروة عن عروة عن عائشة أنها قالت الخ (غريبه) (8) بضم الميم والخاء ما ينخل به: وهو من النوادر الواردة بالضم، والقياس الكسر مع فتح الخاء لأنه اسم آلة أى ما استعمله وليس المراد نفى وجوده مطلقا ولا عدم علمه به (9) الظاهر أن فيه احترازا عما قبل البعثة كما قال الحافظ لكونه صلى الله عليه وسلم كان يسافر فى تلك المدة التى هى قبل البعثة إلى الشام تاجرا لخديجة وكانت الشام إذ ذاك مع الروم والخبز النقى الأبيض الخالص عندهم كثير وكذا المناخل وغيرها من آلات الترفه، ولا ريب أنه رأى ذلك عندهم، وأما بعد البعثة فلم يكن إلا بمكة والطائف والمدينة وليس بها مناخيل ولا غيرها من آلات الترف، ووصل إلى تبوك وهى من أطراف الشام لكن لم يفتحها ولا طالت اقامته بها بل أقام بها بضع عشرة ليلة أو عشرين أفاده الحافظ (10) معناه كنا نطحنه بالرحا وننفخه فيطير قشره (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وقال تفرد به أحمد من هذا الوجه (قلت) وله شاهد عند البخارى والإمام أحمد بمعناه من حديث بن سعد وسيأتى فى آخر هذا الباب (11) (حدّثنا بهز الخ) (غريبه) (12) أى رجل شاة كما صرح بذلك عند ابن جرير (13) معناه لو كان عندنا ما يستصبح به من الزيت لائتدمنا به (14) أى بل كل شهرين ربما يطبخون أو يختبزون والله أعلم (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وقال تفرد به أحمد (قلت) الحديث صحيح ورجاله من رجال الصحيحين، وروى نحوه ابن جرير (15) (سنده) حدّثنا اسحاق ثنا داود يعنى العطار عن منصور بن عبد الرحمن عن أمه

-[قول عائشة رضى الله عنها ان كان ليمر على آل محمد الشهر ما يوقد فى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من نار]- قالت توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم حين شبع الناس من الاسودين الماء والتمر (عن هشام بن عروة) عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها قالت يا ابن أختى كان شعر رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم فوق الوفرة ودون الجمة وايم الله يا بن أختى ان كان ليمر على آل محمد صلى الله عليه وسلم الشهر ما يوقد فى بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من نار إلا أن يكون اللحيم وما هو إلا الأسودان الماء والتمر إلا أنّ حولنا أهل دور من الانصار جزاهم الله خيرا فى الحديث والقديم فى كل يوم يبعثون إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بغزيرة شاتهم يعنى فينال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ذلك اللبن، ولقد توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فى رفىِّ من طعام يأكله ذو كبد الا قريب من شطر شعير فاكلت منه حتى طال علىّ لا يفنى فكلته ففنى فليتنى لم أكن كلته، وايمالله لأن كان ضجاعه من أدم حشوة ليف (عن عائشة رضى الله عنها) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعبجه من الدنيا ثلاثة، الطعام والنساء والطيب، فأصاب ثنتين ولم يصب واحدة، أصاب النساء والطيب ولم يصب الطعام (ومن ذلك ما روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه) (عن أنس بن ابن مالك) أن فاطمة رضى الله عنها ناولت رسول الله صلى الله عليه وسلم كسرة من خبز شعير، فقال هذا أول طعام أكله أبوك من ثلاثة أيام (وعنه أيضا) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد أخفت في الله

_ عن عائشة أنها قالت توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) ى حين استغنى الناس عن الأسودين بما أفاضه الله عليهم من الفتوحان والغنى، لكن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يغير حالته التى كان عليها حتى قبض (تخريجه) (م) (2) (سنده) حدّثنا سريج قال ثنا ابن أبى الزناد عن هشام بن عروة الخ (غريبه) (3) تقدم الكلام على شرح هذه الجملة فى باب جواز اتخاذ الشعر الخ فى الجزء 17 ص 322 رقم 44 (4) هكذا بالأصل (الا أن يكون اللحيم) تصغير لحم ولعلها تريد أنه لا يطبخ لهم لحم إلا أن يكون اللحم القليل المطبوخ الذى يأتيهم هدية من بعض جيرانهم والله أعلم (5) أى بشاة غزيرة اللبن (6) بفتح الراء وشد الفاء مكسورة خشب يرفع عن الأرض فى البيت يوضع فيه ما يراد حفظه، قاله القاضى عياض (7) الشطر النصف قيل نصف وسق والوسق بسكون المهملة ستون صاعاً، وقيل غير ذلك والله أعلم (8) أى مكث مدة طويلة (9) انما فنى وذهبت بركته بسبب الكيل لأنها ارادت ان تختبره (قال الامام القرطبي) سبب رفع النماء الالتفات بعين الحرص مع معاينة ادرار نعم الله ومواهب كراماته وكثرة بركاته والغفلة عن الشكر عليها والثقة بالذى وهبها والميل إلى الأسباب المعتادة عند مشاهدة خرق العادة (10) تعنى فراشه (من أدم) اى جلد (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله كلهم ثقات ورواه الشيخان وغيرهما مقطعا فى مواضع مختلفة (11) (سنده) حدّثنا محمد بن عبد الله ثنا اسرائيل عن ابى اسحاق عن رجل حدثه عن عائشة الخ (تخريجه) ذكره الدمياطى فى السيرة واسناده صحيح إلا ان فيه رجلا لم يسم (12) (سنده) حدّثنا عبد الصمد ثنا عمار ابو هاشم صاحب الزعفرانى عن أنس بن مالك (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للامام أحمد ثم قال تفرد به أحمد اه (قلت) فى اسناده عمار ابو هاشم صاحب الزعفرانى (قال البخاري) فيه نظر وقال ابن معين ثقة. وقال أبو حاتم ما أرى بحديثه باسا يروى عنه أبو الوليد الطيالسى وغيره كذا فى الميزان للذهبى (13) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد

-[قوله صلى الله عليه وسلم ولقد اتت علىّ ثلاثون من بين يوم وليلة ومالى ولا لبلال طعام يأكله ذو كبد الخ]- عز وجل وما يخاف أحد ولقد أوذيت فى الله وما يؤذى أحد، ولقد أتت علىّ ثلاثون من بين يوم وليلة ومالى ولا لبلال طعام يأكله ذو كبد الا شئ يواريه إبط بلال (وعن أنس أيضا) قال لقد دعى نبى الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم على خبز شعير وإهالة سنخة، قال ولقد سمعته ذات يومٍ المرار وهو يقول والذى نفس محمد بيده ما أصبح عند آل محمد صاع حب ولا صاع تمر، وإن له يومئذ تسع نسوة، ولقد رهن درعا له عند يهودىِّ بالمدينة أخذ منه طعاما فما وجد لها ما يفكها به (عن قتادة) قال كنا نأتى أنسا وخبازه قائم قال فقال لنا ذات يوم كلوا فما أعلم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رغيفا مرفقا بعينه ولا أكل شاة سميطا قط (زاد فى رواية) حتى لحق بربه (وعن أنس أيضا) (11) أن

_ قال أنا ثابت عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد اخفت فى الله الخ (غريبه) (1) أى أخافنى المشركون بالتهديد والإيذاء الشديد فى أمر الله أو لله (2) أى ما يخالف أحد غيرى من الناس لأنهم فى حال الأمن وكنت وحيداً فى ابتداء الدين ولم يكن أحد يوافقنى فى تحمل أذية الكفار (3) أى بقولهم ساحر شاعر مجنون وغير ذلك (وما يؤذى أحد) أى غيرى بشيء من ذلك بل كنت المخصوص بالإيذاء لنهيى إياهم عن عبادة الأوثان وأمرى لهم بعبادة الرحمن (4) هو بيان للتوالى أى ثلاثون متواليات غير متفرقات لا ينقص منها شيء (5) أى حيوان عاقل أو دابة (6) أى شيء قليل جدا، ولذا كان يستره إبط بلال الإبط بكسر الهمزة هو ما تحت الجناح يذكر ويؤنث، يعنى كان ذلك الوقت رفيقى ولم يكن لنا طعام الا بقدر ما يأخذه بلال تحت إبطه، ولم يكن لنا ظرف نضع الطعام فيه، كناية عن كمال القلة (قال الترمذي) كان ذلك لما خرج من مكة هاربا: واعترض بأن بلالا رضى الله عنه لم يكن معه حين الهجرة ورُد بأنه لم يردها بل خروجه قبلها إلى الطائف وغيره والله أعلم (تخريجه) (مذجه) وصححه الترمذى وابن حبان (7) (سنده) حدّثنا ثنا شيبان عن قتادة عن أنس بن مالك قال لقد دعى الخ (غريبه) (8) الإهالة بكسر الهمزة كل شيء من الأدهان مما يؤتدم به إهالة، وهو ما أذيب من الألية والشحم، وقيل الدسم الجامد: والسنخة بفتح المهملة وكسر النون بعدها خاء معجمة مفتوحة، المتغيرة المريح ويقال بالزاى بدل السين (9) أى مرارا جمع مرة أى سمعته غير مرة (تخريجه) (خ. وغيره) (10) (سنده) حدّثنا أبو عبيدة عن همام عن قتادة الخ (غريبه) (11) كان ذلك بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم واقبال الدنيا عليهم ولم يعرف الحافظ اسم هذا الخباز، وفى الطبرانى من طريق راشد بن أبى راشد قال كان لأنس غلام يخبز له الحوَّارى ويعجنه بالسمن (قلت) الحوارى بضم المهملة وتشديد الواو ووفتح الراء الذى نخل مرة بعد مرة (12) المرقق الملين المحسن كخبز الحوارى وشبهه والترقيق والتليين، والمعنى لم يخبز مللبنا أى متخذا من دقيق ناعم بحيث إذا عجن يلين عجينه بل كان أكله من نحو الشعير الذى يغلب على عجينه اليبس، ولم يكن عندهم مناخل وذلك سبب لعدم لين خبزهم (13) هى التى أزيل شعرها بعد الذبح بالماء المسخن، وإنما يصنع ذلك فى الصغيرة الطرية ثم تشوى بجلدها، وهو من فعل المترفين (فان قيل) هذا يعارضه ما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم أكل السكراع وهو لا يأكل إلا مسموطا (ولا معارضة) إذ نفى رؤية الشاة بتمامها سميطالا ينفى رؤية الأكارع كما هو بيِّن (تخريجه) (خ) وغيره (14) (سنده) حدّثنا

-[قول عمر رضى الله عنه لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتوى ما يجد ما يملأ به بطنه من الدقل]- رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجتمع له غداء ولا عشاء من خبز ولحم الا على ضفف (ومن ذلك ما روى عن غير أنس من الصحابة) (عن عمر رضى الله عنه) قال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتوى ما يجد ما يملأ به بطنه من الدقل (عن ابن عباس) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبت الليالي: قال عبد الصمد المتتابعة طاويًا وأهله لا يجدون عشاءا وكان عامة خبزهم خبز الشعير (حدثنا يزيد) أخبرنى رجل والرجل كان يسمى فى كتاب أبى عبد الرحمن عمرو بن عبيد قال ثنا أبو رجاء العطاردى عن عمران بن حصين قال ما شبع آل محمد صلى الله عليه وسلم من خبز برِّ مأدوم حتى مضى لوجهه صلى الله عليه وسلم قال أبو عبد الرحمن وكان أبى رحمه الله قد ضرب على هذا الحديث فى كتابه، فسألته عنه فحدثنى به وكتب عليه صح صح قال أبو عبد الرحمن إنما ضرب أبى على هذا الحديث لأنه لم يرض الرجل الذى حدث عنه يزيد (عن أبى أمامة) الباهلى قال ما كان يفضل عن أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ عفان ثنا أبان بن يزيد ثنا قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجتمع له الخ (غريبه) (1) قال فى النهاية الضفف الضيق والشدة أى لم يشبع منهما إلا عن ضيق وقلة، وقيل إن الضفف اجتماع الناس، يقال ضف القوم على الماء يضفُّون ضفا وضففا. أى لم يأكل خبزاً ولحما وحده ولكن يأكل مع الناس (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وعزاه للإمام أحمد، ثم قال ورواه الترمذى فى الشمائل عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارمى عن عفان وهذا الاسناد على شرط الشيخين (2) (سنده) حدّثنا عمرو ابن الهيثم حدثنا شعبة عن سماك بن حرب عن النعمان بن بشير عن عمر (يعنى ابن الخطاب رضى الله عنه) الخ (غريبه) (3) الدقل بفتح الدال المهملة والقاف رديئ التمر ويابسه (تخريجه) (م طل) (4) (سنده) حدّثنا عبد الصمد انبأنا ثابت وحسين بن موسى حدثنا ثابت قال حدّثنى هلال عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (5) أى خالى البطن جائعا (تخريجه) (مذجه) وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح (6) (حدّثنا يزيد الخ) (غريبه) يزيد هو ابن هارون أحد مشايخ الامام أحمد رحمه الله (7) يعنى عبد الله بن الامام أحمد وكنيته أبو عبد الرحمن، والظاهر أن القائل (والرجل كان يسمى فى كتاب أبى عبد الرحمن عمرو بن عبيد) القائل ذلك هو أبو بكر القطيعى راوى الحديث عن عبد الله بن الامام أحمد وهو عن أبيه (8) أى حتى توفاه الله عز وجل (9) هو عبد الله بن الإمام أحمد (10) انما حدث به الامام أحمد وكتب عليه صح صح لأنه رواه من طريق آخر ليس فيه الرجل الذى لم يرضه، وتقدم الحديث فى أول الباب عن عائشة رضى الله عنها وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما أما الرجل الذى لم يرضه الإمام أحمد رضى الله عنه فهو عمرو بن عبيد (قال فى الخلاصة) عمرو بن عبيد التميمى مولاهم أبو عثمان البصرى رأس المعتزلة على زهده كان المنصور يعتقد صلاحه، عن أبى الدالية والحسن؛ وعنه الحمادان والقطان وتركه عمرو بن على وكذبه يونس بن عبيد، مات سنة أربع وأربعين ومائة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد ومتن الحديث صحيح ويؤيده حديث عائشة المذكور أول الباب والله أعلم بالصواب (11) (سنده) حدّثنا أبو المغيرة حدثنا جرير ثنا سليم بن عامر الخبائري

-[كلام العلماء فى الجمع بين معيشته صلى الله عليه وسلم هذه وبين ما كان يأتيه من الغنائم الكثيرة]- خبز الشعير (عن أبى حازم عن سهل بن سعد) أنه قيل له هل رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقى قبل موته بعينه يعنى الحوّاري؟ قال ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقى بعينه حتى لقى الله عز وجل، فقيل له هل كان لكم مناخل على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال ما كان لنا مناخل، قيل له فكيف كنتم تصنعون بالشعير؟ قال تنفخه فيطير منه ما طار

_ قال سمعت أبا أمامة الباهلى يقول ما كان يفضل الخ (غريبه) (1) معناه أنه لم يتيسر لهم من دقيق الشعير ما اذا خبزوه يفضل عنهم (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث صحيح غريب، وأخرجه أيضا فى الشمائل (2) (سنده) حدّثنا عبد الصمد قال ثنا عبد الرحمن يعنى بن عبد الله بن دينار ثنا أبو حازم عن سهل بن سعد الخ (غريبه) (3) لم يصرح فى هذا باسم السائل وهو أبو حازم نفسه راوى الحديث عن سهل فقد جاء فى رواية البخارى عن أبى حازم قال سألت سعد بن سهل فقلت هل أكل رسول الله صلى الله عليه وسلم النقى الخ والنقى بفتح النون وكسر القاف وتشديد الياء التحتية، وفسره هنا بالحوارى بضم الحاء المهملة وبتشديد الواو وفتح الراء وهو الذى نخل مرة بعد مرة حتى يصير نظيفاً أبيض (4) أى ما رآه فضلا عن أكله ففيه مبالغة لا تخفى، وفى رواية للبخارى ما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم النقى من حين ابتعثه الله حتى قبضه الله، وتقدم فى حديث عائشة الرابع من أحاديث الباب قالت ما رأى منخلا ولا أكل خبزا منخولا منذ بعثه الله عز وجل إلى أن قبض، وللحافظ كلام فى ذلك تقدم فى شرح حديث عائشة المشار اليه (5) جاء فى رواية للبخارى قلت كيف كنتم تأكلون الشعير غير منخول؟ (قال ننفخه) بضم الفاء أى نطيره بعد الطحن الى الهواء بأيدينا وبأفواهنا (فيطير منه ما طار) أى يذهب منه ما ذهب من النخالة وما فيه خفة زاد الترمذى (ثم نثرِّيه) بثاء مثلثة وراء مشددة أى نبله بالماء من ثرى التراب يثريه أى رش عليه (فنعجنه) (تخريجه) (خ مذ نس) (فائدة) استشكل كونه صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يطوون الأيام جوعا مع ما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم كان يرفع لأهله قوت سنة، وأنه قسم بين أربعة أنفس من أصحابه ألف بعير مما أفاء الله عليه، وأنه ساق فى حجته مائة بدنة فنحرها وأطعمها المساكين، وأنه أمر لعربى بقطيع من الغنم وغير ذلك مع من كان معه من أصحاب الأموال كأبى بكر وعمر وعثمان وطلحة وغيرهم على بذلهم أنفسهم وأموالهم بين يديه، وقد أمر بالصدقة فجاء أبو بكر بجميع ماله، وعمر بنصفه، وحث على تجهيز جيش العسرة فجهزهم عثمان بالف بعير الى غير ذلك (وأجاب عنه الطبري) كما حكاه الحافظ فى الفتح بان ذلك كان منهم فى حالة دون حالة لا لعوز وضيق، بل تارة للايثار وتارة لكراهية الشبع وكثرة الأكل، نعم كان صلى الله عليه وسلم يختار ذلك مع امكان حصول التوسع والتبسط فى الدنيا له كما رواه أحمد والترمذى فى حديث أبى أمامة أن النبى صلى الله عليه وسلم قال عرض على ربى ليجعل لى بطحاء مكة ذهبا، قلت لا يا رب ولكن أشبع يوما وأجوع يوما، فاذا جعت تضرعت إليك وذكرتك، وإذا شبعت شكرتك وحمدتك (قلت) كل ذلك تقدم فى كتابى الفتح الربانى فى مواضع مختلفة وتقدم أيضاً عن جابر قوله صلى الله عليه وسلم أتيت بمقاليد الدنيا على فرس أبلق جاءنى به جبريل، رواه الامام أحمد ورجاله رجال الصحيح وصححه ابن حبان وفيه اشارة الى ما تملكه امته من بعده، فانظر الى همته العلية كيف عرضت عليه مفاتيح كنوز الأرض فأباها، ومعلوم أنه لو أخذها لأنفقها فى طاعة ربه، فيالها من همة شريفة رفيعة ما اسناها: ونفس زكية ما أبهاها، وقد عوّضه

-[قول أنس رضى الله عنه كان اعجب الطعام اليه الدبّاء (يعنى النبى صلى الله عليه وسلم)]- (باب فيما كان يعجبه صلى الله عليه وسلم من الأطعمة) (عن أنس بن مالك) رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت تعجبه الفاغية وكان أعجب الطعام اليه الدبّاء (وعنه أيضا) قال قدمت إلى النبى صلى الله عليه وسلم قصعة فيها قرع وكان يعجبه القرع قال فجعل يلتمس القرع بإصبعه أو قال بأصابعه (حدثنا هشام بن القاسم) ثنا سليمان عن ثابت عن أنس بن مالك قال دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل فانطلق وانطلقت معه قال فجيء بمرقة فيها دبّاء فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل ذلك الدباء ويعجبه فلما رأيت ذلك جعلت القيه اليه ولا أطعم منه شيئا، فقال أنس فما زلت أحبه، قال سليمان فحدثت بهذا الحديث سليمان التيمى فقال ما أتينا أنس بن مالك قط فى زمان الدباء إلا وجدناه فى طعامه (قط) (عن قتادة) سمع أنسا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الدباء قال أنس فجعلت أضعه بين يديه صلى الله عليه وسلم (عن أنس) قال بعثت معى أم سليم بمكتل فيه رطب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم أجده وخرج قريبا إلى مولى له دعاه صنع له طعاما، قال فأتيته فاذا هو يأكل فدعانى لآكل معه، قال وصنع له ثريدا بلحم قرع، قال واذا ما يعجبه القرع، قال فجعلت أجمعه وأدنيه منه: قال فلما طعم رجع إلى منزله، قال ووضعت المكتل بين يديه قال فجعل يأكل ويقسم

_ الله بالتصرف فى خزائن السماء، ورد الشمس بعد غروبها، وشق، القمر ورجم النجوم، واختراق السماوات وحبس المطر، وارساله: وارسال الريح وامساكها، وغير ذلك صلى الله عليه وسلم وعلى من اهتدى بهديه وسار بسيرته (باب) (1) (عن أنس بن مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما كان يحبه ويمدحه النبى صلى الله عليه وسلم من الأطعمة من كتاب الأطعمة فى الجزء السابع عشر ص 85 رقم 69 (2) (وعنه أيضا الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب المشار إليه عقب الحديث لسابق رقم 70 فارجع اليهما (3) (حدثنا هاشم بن القاسم الخ) (غريبه) (4) جاء عند أبى دواود عن أنس أن خياطا دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعام، قال أنس فذهبت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (5) الدّباء بضم المهملة وتشديد الموحدة ممدودا وهو اليقطين والقرع وله خواص فى جودة تغديته وهو من طعام المحرورين يطفئ ويبرد ويسكن اللهيب والعطش، جيد للصفراء: ولم يتداوى المحرورين بمثله ولا اعجل نفعا منه، يلين البطن ويزيد فى الدماغ وينفع البصر كيف استعمل الى غير ذلك مما يطول استقصاؤه، ذكره القسلطانى فى شرحه على البخارى (6) جاء عند أبى داود قال أنس فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبع الدباء من حوالى القصعة (تخريجه) (ق دنس مذ) بدون قوله قال سليمان الى آخر الحديث (7) (سنده) (قط) حدثنا أبو عبد الله السلمى ثنا أبو داود (يعنى الطيالسي) ثنا شعبة عن قتادة الخ (تخريجه) هذا الحديث من زوائد الامام أبى بكر القطيعى على مسند الامام أحمد ولذا رمزت له برمز (قط) كما أشرت إلى ذلك فى مقدمة الكتاب، وأخرجه أيضا أبو داود الطيالسى وسنده جيد، وتقدم معناه ضمن حديث رقم 70 المشار ليه آنفا (8) (سنده) حدّثنا ابن أبى عدى عن حميد عن أنس (يعنى ابن مالك الخ) (غريبه) (9) المكتل بكسر الميم الزنبيل وهو ما يعمل من الخوص يحمل فيه التمر وغيره والجمع مكاتل (10) جاء عند البخارى (أتى مولى له خياطا) (يعنى عتيقا) قال القسطلانى لم أقف على اسمه (11) الظاهر أن هذه القسمة

-[قول أبي هريرة رضى الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الذراع]- حتى فرغ من آخره (عن حكيم بن جابر) عن أبيه قال دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم فى بيته فرأيت عنده قرعًا (وفى رواية وعنده الدباء) فقلت يا رسول الله ما هذا؟ فقال هذا قرع نكثر به طعامنا (حدّثنا أبو جعفر المدائني) ثنا عباد بن العوام عن حميد الطويل عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الثفل قال عباد يعنى ثفل المرق (عن أبى رافع) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال صنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم شاة مصلية فأتى بها فقال لى يا أبا رافع ناولى الذراع فناولته فقال يا أبا رافع ناولنى الذراع فناولته ثم قال يا أبا رافع ناولنى الذراع فقلت يا رسول الله وهل للشاة إلا ذراعان فقال لو سكت لناولتنى منها ما دعوت به قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الذراع (عن أبى هريرة) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحب الذراع (عن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب) أنها ذبحت فى بيتها شاة فأرسل اليها رسول الله صلى الله عليه وسلم أن اطعمينا من شاتكم فقالت للرسول والله ما بقى عندنا إلا الرقبة، وانى استحى أن أرسل إلى رسول الله

_ كانت لنسائه وذويه والله أعلم (تخريجه) (ق د نس مذ) بدون قصة أم سليم وقسمة الرطب وسنده صحيح ورجاله من رجال الستة وهو من ثلاثيان الامام أحمد، وأخرج أبو داود الطيالسى منه قصة أم سليم، وفيه قال أنس فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض قبضة فيبعث بها إلى أزواجه ثم أكل البقية أكل رجل يعلم أنه يشتهيه (1) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا اسماعيل بن أبى خالد عن حكيم بن جابر (يعنى الاحمسى عن أبيه الخ) (تخريجه) (مذ نس جه) قال الحافظ فى الفتح (قلت) وسنده صحيح ورجاله ثقات (2) (حدّثنا أبو جعفر المدائنى الخ) (غريبه) (3) الثفل بثاء مثلثة مضمومه ثم فاء ساكنة بعدها لام، قال فى النهاية الدقيق والسويق ونحوهما اه ومن كلام الامام الشافعى رحمه الله قال وبيّن فى سنته صلى الله عليه وسلم أن زكاة الفطر من الثفل مما يقتات الرجل وما فيه الزكاة، وانما سمى ثفلا لانه من الأقوات التى يكون لها ثفل اه وقيل هو الثريد، فقول عباد يعنى ثفل المرق لعله يريد الثريد والله أعلم (وجاء عند الحاكم) عن أنس أيضا بلفظ أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يعجبه الثفل فسمعت أبا محمد يقول سمعت أبا بكر محمد بن اسحاق يقول الثفل هو الثريد اه وهو تلخيص المستدرك للذهبى قال قال ابن خزيمة الثفل الريد اه قال العلماء وحكمة محبته له دفع ما قد يقع لمن ابتلى بالترفه من ازدراده وأنه أنضج والذ (تخريجه) (ك) والترمذى فى الشمائل ولم يتكلم عليه الحاكم ولا الذهبى بصحة أو ضعف وحسنه الحافظ السيوطى أى رمز فى كتابه الجامع الصغير برمز الحسن، وقال الصدر المناوى سنده جيد، وقال الهيثمى هذا الحديث قد خولف فى رفعه والله أعلم (4) (عن أبى رافع الخ) هذا الحديث هو الطريق الثانى من حديث رقم 67 صفحة 84 فى الجزء السابع عشر من كتاب الأطعمة وتقدم بسنده وشرحه وتخريجه هناك (5) (عن أبى هريرة الخ) هذا الحديث تقدم فى كتاب الأطعمة أيضا رقم 68 عقب الحديث السابق بسنده وشرحه وتخريجه (6) (سنده) حدّثنا ابراهيم بن اسحاق قال حدثنى ابن مبارك عن أسامة بن زيد، وعلى بن اسحاق قال ثنا عبد الله قال أنا أسامة بن زيد عن الفضل بن المفضل عن عبد الرحمن الاعرج عن ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب (هى بنت عم رسول الله صلى الله عليه وسلم) أنها ذبحت الخ (غريبه) (7) إنما قال من شانكم بميم الجمع لأنه إما أن

-[قصة ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب فى إهدائها الرقبة للنبى صلى الله عليه وسلم]- صلى الله عليه وسلم بالرقبة فرجع الرسول فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ارجع اليها فقل لها ارسلى بها فانها هادية وأقرب الشاة إلى الخير وأبعدها عن الأذى (عن جابر بن عبد الله) قال صنعنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فخارة فأتيته بها فوضعتها بين يديه فاطلع فيها فقال حسبته لحما فذكرت ذلك لأهلنا فذبحوا له شاة (باب ما جاء فى أدبه صلى الله عليه وسلم فى الأكل) (عن شعيب بن عبد الله ابن عمرو عن أبيه) قال ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل متكئا قط ولا يطأ عقبه رجلان (6)

_ يريد يا أهل البيت أو قصد تعظيمها وإلا فالقياس من شانك (1) إنما استحت أن ترسل بالرقبة الى النبى صلى الله عليه وسلم لحقارتها عند العرب لكثرة عظمها، قال الشاعر العربى (أم الحليس عجوز شهر به * ترضى من اللحم بعظم الرقبة) (2) أى البول والرجيع، ولذا قيل إنها أفضل الشاة، والأصح أن الأفضل الذراع (قال فى المواهب) ولا ريب أن أخف لحم الشاة لحم الرقبة ولحم الذراع والعضد وهو أخف على المعدة وأسرع انهضاما، وفى هذا دليل على أنه ينبغى مراعاة الأغذية التى تجمع ثلاث خواص (أحدها) كثرة نفعها وتأثيرها فى القوى (ثانيها) خفتها على المعدة وسرعة انحدارها عنها (ثالثها) سرعة هضمها وهذا أفضل ما يكون من الغذاء (تخريجه) (ش هق) وفى إسناده أسامة بن زيد بن اسلم العدوى قال فى الخلاصة ضعفه احمد وابن معين من قبل حفظه، قال ابن سعد توفى فى خلافة المنصورة (3) (عن جابر بن عبد الله الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما كان يحبه النبى صلى الله عليه وسلم ويمدحه من كتاب الأطعمة فى الجزء السابع عشر ص 85 بعد رقم 68 (باب) (4) (سنده) حدّثنا يزيد أخبرنا حماد ن سلة عن ثابت البنانى عن شعيب بن عبد الله بن عمرو عن ابيه يعنى (عبد الله بن عمر بن العاص) (غريبه) (5) قال الامام الخطابى فى شرح حديث لا آكل متكئاً عند أبى داود قال يحسب أكثر العامة أن المتكئ هو المائل على أحد شقيه لا يعرفون غيره، وكان بعضهم يتأول هذا الكلام على مذهب الطب ودفع الضرر عن البدن، اذ كان معلوما ان الآكل مائلا على أحد شقيه لا يكاد يسلم من ضغط يناله فى مجارى طعامه فلا يسبغه ولا يسهل نزوله فى معدته، قال وليس معنى الحديث ما ذهبوا إليه، وإنما المتكئ ها هنا هو المعتمد على الوطاء الذى تحته، وكل من استوى قعدا على وطاء فهو متكئ، والاتكاء مأخوذ من الوكاء ووزنه الافتعال منه؛ فالمتكئ هو الذى أوكه مقعدته وشدها بالقعود عن الوطاء الذى تحته. والمعنى أنى إذا أكلت لم أقعد متكئا على الأوطية والوسائد فعل من يريد أن يستكثر من الأطعمة ويتوسع فى الألوان، ولكن آكل علقة وآخذ من الطعام بلغة فيكون قعودى مستوفزا له، وروى أنه صلى الله عليه وسلم كان يأكل مقعياً يقول أنا عبد آكل كما يأكل العبد (قال الحافظ) المستحب فى صفة الجلوس للأكل أن يكون جاثيا على ركبتيه وظهور قدميه أو ينصب الرجل اليمنى ويجلس على اليسرى (6) قال ملاّ على القارى فى المرقاة أى لا يمشى قدام القوم بل يمشى وسط الجمع أو فى آخره تواضعا كذا ذكره المظهر وغيره، وقال الطيبى التثنية فى رجلان لا تساعد هذا التأويل ولعله كناية عن تواضعه وأنه لم يكن يمشى مشى الجبابرة مع الاتباع والخدم، ويؤيده اقترانه بقوله ما روى رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل متكئا فإنه كان من دأب المترفين، ودعا عمر على رجل فقال اللهم اجعله موطأ القدم، أى كثير الأتباع، دعا عليه أن يكون سلطانا أو مقدما أو ذا مال فيتبعه الناس

-[ما جاء في أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عاب طعاما قط ولا خبز له مرقق]- قال عفان عقبيه (عن أبى هريرة) ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا قط كان إذا اشتهاه أكله وإذا لم يشتهه تركه (عن يونس عن قتادة) عن أنس بن مالك قال ما أكل نبى الله صلى الله عليه وسلم على خوان ولا فى سكرجة ولا خبز له مرقق فقال قلت لقتادة فعلام كانوا يأكلون؟ قال على السفر (عن عائشة رضى الله عنها) قالت كان يمين رسول الله صلى الله عليه وسلم لطعامه وصلاته، وكانت شماله لما سوى ذلك

_ ويمشون وراءه اه ولا يخفى أن ما ذكره لا ينافى كلام غيره، وفائدة التثنية أنه قد يكون واحد من الخدم وراءه كأنس وغيره لمكان الحاجة به وهو لا ينافى التواضع من أصله والله أعلم (1) يعنى قال فى رواية أخرى عقبيه بالتثنية بدل عقبه بالافراد والله أعلم (تخريجه) (د جه) وسنده صحيح ورجاله ثقات (2) (سنده) حدّثنا يحيى وعبد الرحمن المعنى عن سفيان قال يحيى حدّثنى سليمان عن أبى حازم عن أبى هريرة الخ (غريبه) (3) أى سواء كان من صنعة الآدمى أو لا، فلا يقول مالح غير ناضج ونحو ذلك (4) أى كالضب واعتذر بكونه لم يكن بأرض قومه، وهذا كما قال ابن بطال من أحسن الأدب لأن المرء قد لا يشتهى الشيء ويشتهيه غيره، وكل مأذون فيه من جهة الشرع لا عيب فيه (تخريجه) (خ جه. وغيرهما) (5) (سنده) حدّثنا معاذ بن هشام الدستوائى قال حدّثنى أبى عن يونس عن قتادة الخ (غريبه) (6) بكر الخاء المعجمة ويضم أى مائدة (قال التوربشتى) الخوان الذى يؤكل عليه معرب والأكل عليه لم يزل من دأب المترفين وصنيع الجبارين لئلا يفتقروا إلى التطاطئ عند الأكل، كذا فى المرقاة، وللعلماء فيه أقوال ذكرها العينى ثم قال ليس فيما ذكر كله بيان هيئة الخوان، وهو طبق كبير من نحاس تحته كرسى من نحاس ملزوق به طوله قدر ذراع يرص فيه الزباد ويوضع بين يدى كبير من المترفين ولا يحمله إلا اثنان فما فوقهم اه (7) بضم السين والكاف والراء المشددة اناء صغير يؤكل فيه الشيء القليل من الأدم وهى فارسية وأكثر ما يوضع فيه الكوامخ ونحوها (نه) قيل والعجم كانت تستعملها فى الكوامخ وما أشبهها يعنى المخللات وما أشبهها على الموائد حول الأطعمة للتشهى والهضم، فأخبر أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يأكل على هذه الصفة قط (قال العراقي) فى شرح الترمذى تركه الأكل فى السكرجة إما لكونها لم تكن تصنع عندهم إذ ذاك أو استصغارا لها لأن عادتهم الاجتماع على الأكل أو لأنها كانت تعد لوضع الأشياء التى تعين على الهضم ولم يكونوا لهم حاجة بالهضم اه (8) بضم الخاء وكسر الموحدة مبنى للمجهول أى ولا خبز لأجله مرقق أى ملين محسن وتقدم الكلام عليه (9) القائل هو يونس الراوى عن قتادة (فعلام) بميم مفردة أى فعلى أى شيء (فائد) ة إعلم أن حرف الجر إذا دخل على ما الاستفهامية حذف الألف لكثرة الاستعمال، لكن قد ترد فى الاستعمالات القليلة على الاصل نحو قول حسان (على ما قال يشتمنى لئيم) ثم اعلم أنه إذا اتصل الجار بما الاستفهامية المحذوفة الالف نحو حتام وعلام كتب معها بالالف لشدة الاتصال بالحروف (10) بضم ففتح جمع سفرة، اشتهرت لما بوضع عليه الطعام جلدا كان أو غيره ما عدا المائدة لما مر من أنها شعار المتكبرين غالبا (تخريجه) (خ مذ نس جه) (11) (سنده) حدّثنا محمد بن فضيل قال ثنا الاعمش عن رجل عن مسروق عن عائشة الى آخره (تخريجه) الحديث فى اسناده رجل لم يسم وبقية رجاله رجال الصحيح وتقدم من وجه آخر

-[ما جاء في نومه صلى الله عليه وسلم وقوله تنام عينى ولا ينام قلبى وقول عائشة ما نام قبل العشاء ولا بعدها]- (باب ما جاء فى نومه صلى الله عليه وسلم وفراشه) (عن أبى هريرة) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تنام عينى ولا ينام قلبى (عن عائشة) قالت ما نام رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل العشاء ولا سهر بعدها (وعنها أيضا) قالت ما كنت ألقى النبى صلى الله عليه وسلم من السحر (وفى رواية من آخر الليل) إلا وهو عندى نائما (عن حفصة) زوج النبى صلى الله عليه وسلم ورضى عنها قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أخذ مضجعه وضع يده اليمنى تحت خده الأيمن، وكانت يمينه لطعامه وطهوره وصلاته وثيابه، وكانت شماله لما سوى ذلك وكان يصوم الاثنين والخميس (وعنها أيضا) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا آوى إلى فراشه وضع يده ----- في باب الاستنجاء بالماء الخ من كتاب الطهارة فى الجزء الأول ص 282 رقم 141 (قال الامام أحمد) حدّثنا عبد الوهاب عن سعيد عن أبى معشر عن النخعى عن الأسود عن عائشة قالت كانت يد رسول الله صلى الله عليه وسلم اليسرى لخلائه وما كان من أذى، وكانت اليمنى لوضوئه ولمطعمه، ومن هذا الوجه أخرجه الشيخان والاربعة (باب) (1) (سنده) حدّثنا يحيى عن ابن عجلان قال سمعت أبى عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) هكذا جاء فى هذه الرواية بالإفراد وفى رواية (تنام عيناي) بالتثنية، فرواية الإفراد على أنه مفرد مضاف يعم، وهما روايتان فى البخارى (3) أى لان النفوس الكاملة القدسية لا يضعف ادراكها بنوم العين واستراحة البدن، ومن ثم كان سائر الانبياء مثله لتعلق أرواحهم بالملأ الأعلى لقوله صلى الله عليه وسلم إنا معشر الأنبياء تنام أعيننا ولا تنام قلوبنا رواه ابن سعد عن عطاء مرسلا، ومن ثم كان صلى الله عليه وسلم إذا نام لم يوقظ لانه لا يدرى ما هو فيه، ولا ينافيه نومه بالوادى عن الصبح لان رؤيتها وظيفة بصرية (تخريجه) لم أقف عليه من حديث أبى هريرة لغير الإمام أحمد وسنده جيد (وقال فى المواهب) رواه البخارى من حديث عائشة قال لها عليه الصلاة والسلام لما قالت له (أتنام قبل أن توتر؟) قال الزرقانى فى شرحه على المواهب فقال يا عائشة إن عينى تنامان ولا ينام قلبى رواه الشيخان وأبو داود والترمذى والنسائى وأخرجه الحاكم عن أنس قال كانت تنام عيناه ولا ينام قلبه اه (4) (سنده) حدّثنا أبو أحمد ثنا عبد الله يعنى ابن عبد الرحمن بن يعلى الثقفى عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة الخ (تخريجه) (جه ظل حب) وسنده جيد، ويؤيده حديث أبى برزة بمعناه رواه الشيخان والأربعة وتقدم فى باب وقت صلاة العشاء من كتاب الصلاة فى الجزء الثانى ص 272 رقم 147 (5) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا مسعر وسفيان عن سعد بن ابراهيم عن أبى سلمة عن عائشة قالت ما كنت الخ (غريبه) (6) أى السدس الآخر من الليل يؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وسلم (إن أحب الصيام إلى الله صيام داود وأحب الصلاة إلى الله عز وجل صلاة داود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه، وكان يصوم يوماً ويفجطر يوماً رواه الجماعة من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص، وكان صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك وهو يدل على أفضلية قيام ثلث الليل بعد نوم نصفه وتعقيب قيام ذلك الثلث بنوم السدس الآخر ليكون ذلك كالفاصل ما بين صلاة التطوع والفريضة ويحصل بسببه النشاط لتأدية صلاة الصبح (7) جاء فى الاصل هكذا منصوبا على الحال (تخريجه) الحديث صحيح ورواه أيضاً (طل) ورجاله من رجال الستة (8) (سنده) حدّثنا حسين بن على عن زائدة عن عاصم عن المسيب عن حفصة زوج النبى صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله ثقات، قال وروى أبو داود طرفا من أوله (9) (وعنها أيضا)

-[ما جاء في أن فراشه صلى الله عليه وسلم الذى كان ينام عليه من أدم محشو ليفا]- اليمنى تحت خده وقال رب قنى عذابك يوم تبعث عبادك ثلاثا (عن عائشة رضى الله عنها) قالت كان ضجاع النبى صلى الله عليه وسلم الذى ينام عليه بالليل من أدم محشوًّا ليفا (عن ابن عباس) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل عليه عمر (رضى الله عنه) وهو على حصير قد أثر فى جنبه فقال يا نبى الله لو اتخذت فراشا أوثر من هذا: فقال مالى وللدنيا، ما مثلى ومثل الدنيا الا كراكب سار فى يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها (عن أنس بن مالك) قال دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على سرير مرمَّل بشريط وتحت رأسه وسادة من أدم حشوها ليف، فدخل عليه نفر من أصحابه ودخل عمر فانحرف رسول الله انحرافة فلم ير عمر بين جنبه وبين الشريط ثوبا وقد أثر الشريط بجنب رسول الله صلى الله عليه وسلم فبكى عمر، فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ما يبكيك يا عمر؟ قال والله، إلا أن أكون أعلم أنك اكرم على الله عز وجل من كسرى وقيصر وهما يعبثان فى الدنيا فيما يعبثان فيه وأنت يا رسول الله بالمكان الذى أرى، فقال النبى صلى الله عليه وسلم أما ترضى أن تكون لهم الدنيا ولنا الآخرة؟ قال بلى، قال فإنه كذلك (باب ما جاء فى لباسه صلى الله عليه وسلم وزينته) (عن قتادة) قال قلت لأنس بن مالك أى اللباس كان أعجب؟ قال عفان أو أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم؟ قال الحبرة

_ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب هيئة الاضطجاع للنوم من كتاب الأذكار فى الجزء الرابع عشر ص 144 رقم 177 (وعن حذيفة بن اليمان) مثله وتقدم فى الباب المشار إليه ص 116 (1) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (2) أى فراشه (3) بفتحتين أى جلد مدبوغ (محشوا ليفا) أى من ليف النخل (تخريجه) (ق مذ) (4) (سنده) حدّثنا عبد الصمد وأبو سعيد وعفان قالوا حدّثنا هلال عن عكرمة عن ابن عباس الخ (تخريجه) (طل) وأورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وقال تفرد به أحمد اه وكذلك أورده الهيثمى وقال رجال أحمد رجال الصحيح غير هلال بن خباب وهو ثقة (5) (سنده) حدّثنا أبو النضر ثنا المبارك عن الحسن عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (6) أى نسج بحصير من سعف النخل أى ورقه (قال الفارسي) سعف النخل أوراقه العريضة تنسج منه الأوعية والظروف اه (قال فى النهاية) والمراد أنه كان السرير قد نسج وجهه بالسعف ولم يكن على السرير وطاء (أى فرش) سوى الحصير (7) أى والله ما يبكينى الا أن أكون أعلم الخ (8) العبث اللعب: والمعنى أن الدنيا أقبلت عليهما حتى صارا يلعبان بأموالها ومتاعها لعبا. وجاء فى تاريخ بن كثير نقلا عن المسند بلفظ يعيشان بكسر العين بعدها ياء تحتية بدل الموحدة ثم شين معجمة بدل المثلثة، والمراد أنهما يعيشان فى رغد من العيش ويتمتعان بمتاع الدنيا وزينتها وزخرفها وأنت لم تجد فرشا يقى جسمك من تأثير الحصير، (تخريجه) الحديث سنده صحيح: ورواه (ق حه ك) (باب) (9) (سنده) حدّثنا بهز وعفان فالا ثنا همام ثنا قتادة قال قلت لأنس الخ (غريبه) (10) الحبرة بوزن عنبة هو برد يمان موشى مخطط والجمع حبر وحبرات وهى ضرب من برود اليمن تصنع من قطن وكانت أشرف الثياب عندهم، وسميت حبرة لانها تحبر أى تحسن، والتحبير التحسين

-[ما جاء في لباسه وزينته، وكان أحب اللباس اليه القميص]- (عن أم سلمة) زوج النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قالت لم يكن ثوب أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم من قميص (عن يعلى بن أمية) قالت رأيت النبى صلى الله عليه وسلم مضطبعا برداء حضرمى (وعنه من طريق ثان) قال رأيت النبى صلى الله عليه وسلم مضطبعا بين الصفا والمروة بيرد له نجرانى (وعنه من طريق ثالث) أن النبى صلى الله عليه وسلم لما قدم طاف بالبيت وهو مضطبع بيرد له حضرمى (عن مطرِّف عن عائشة) انها جعلت للنبى صلى الله عليه وسلم بردة سوداء من صوف فذكر سوادها وبياضه فلبسها فلما عرق ووجد ريح الصوف قذفها، وكان يحب الريح الطيبة (عن أبى رمثة التميمي) قال كنت مع أبى فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فوجدناه جالسا فى ظل الكعبة وعليه بردان أخضران (عن أبى بردة بن عبد الله بن قيس عن أبيه (10)

_ والتزيين، وسيأتى فى الحديث التالى عن أم سمة قالت لم يكن ثوب أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من قميص ويجمع بينهما بأن حبه للقميص حين يكون عند نسائه، وللحبرة حين يكون عند صحبه، لأن عادة العرب الائتزار والارتداء وبأنه كان يتخذ القميص من الحبرة والله أعلم، وانما أحبها للينها وحسن انسجام نسجها وإحكام صنعها وموافقتها لجسده الشريف فانه على غايه من النعومة واللين، ونحو الخشن يؤذيه، أو لأنها أشرف الثياب عندهم فأحبها اظهارا للنعمة عليه ودفعا لوهم قلوب الوافدين عليه الذين لم يتمكّن الاسلام من قلوبهم، فيكون حبها لأمر أخروى لا دنيوى (تخريجه) (ق د مذ) (1) (عن أم سلمة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى الازار والقميص من كتاب اللباس فى الجزء السابع عشر ص 236 رقم 9 (2) (سنده) حدّثنا عبد الله بن الوليد قال ثنا سفيان عن ابن جريج عن رجل عن ابن يعلى عن يعلى قال رأيت النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) نسبة إلى حضرموت أى البرود التى تصنع بها (4) (سنده) حدّثنا عمر بن هارون البلخى أبو حفص ثنا ابن جريج عن بعض بنى يعلى بن أمية عن أبيه الحديث (5) نسبة إلى نجران وهو موضع معروف بين الحجاز والشام واليمن (نه) (6) (سنده) حدّثنا وكيع قال ثنا سفيان عن ابن جريج عن ابن يعلى عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) (د مذ نس) وفى سند الطريق الأولى عند الإمام أحمد رجل مبهم سقط الرجل المبهم عند الامام أحمد من الطريق الثانية والثالثة وكذلك سقط عند أبى داود والنسائى وقد صرح به الترمذى فقال عن ابن جريج عن عبد الحميد بن جبير عن ابن يعلى عن أبيه فذكر الحديث وعبد الحميد بن جبير هذا ثقة. وأما ابن يعلى فلم يسم عند الجميع. وقد جزم الوالى العراقى فى شرح أبى داود فقال هو صفوان بن يعلى بن أمية ثقة روى له الستة، وعلى هذا فالحديث رجاله كلهم ثقات، ولذلك قال الترمذى بعده ذكره هذا حديث حسن صحيح والله أعلم (7) (عن مطرف عن عائشة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى الأخضر والأسود من كتاب اللباس فى الجزء السابع عشر ص 241 رقم 30. وجاء عند مسلم والامام أحمد والترمذى (عن عائشة) قالت خرج النبى صلى الله عليه وسلم ذات غداة وعليه مرط شعر أسود (قلت) المرط بكسر الميم وسكون الراء كساء من خزاأ وصوف يؤتزر به (8) (سنده) حدّثنا وكيع عن على ابن صالح عن أياد بن لقيط عن أبى رمثة التميمى (الخ) (غريبه) (9) ثنية برد والبرد لغة، ثوب مخطط فوصفه بالخضرة يدل على أنه مخطط بها، ولو كان أخضر خالصا لم يكن بردا (تخريجه) (مذ د نس) وسنده صحيح ورجاله ثقات (10) (سنده) حدّثنا روح قال ثنا سعيد عن قتاده قال حدث أبو بردة

-[ما جاء في أنواع ملابسه صلى الله عليه وسلم وانه كان يرى عضلة ساقه من تحت ازاره اذا اءتزر]- قال قال أبي لو شهدتنا ونحن مع نبينا صلى الله عليه وسلم إذا أصابتنا السماء حسبت أن ريحنا ريح الضأن انما لباسنا الصوف (عن أبى عمر مولى أسماء) قال أخرجت الينا أسماء جبة مزرورة بالديباج فقالت فى هذه كان يلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم العدو (عن أبى هريرة) أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يرى عضلة ساقه من تحت ازاره اذا اتزر (عن أبى بردة) قال أخرجت الينا عائشة رضى الله عنها كساء ملبدا وازارا غليظا (وفى رواية مما صنع اليمن) فقالت قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذين (عن ابن عباس) أن النبى صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عصابة دسمة (عن جعفر بن عمرو بن حريث عن أبيه) ان النبى صلى الله عليه وسلم خطب الناس وعليه عمامة سوداء (عن جابر بن عبد الله) أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة وعليه عمامة

_ ابن عبد الله بن قيس عن أبيه الخ (قلت) عبد الله بن قيس اسم أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه (غريبه) (1) يعنى المطر (2) يعنى صوم الغنم فإذا أصابه المطر ظهرت له رائحة كريهة كرائحة الضأن وانما كانوا يلبسون الصوف مع كراهة ريحه لأنهم لم يجدوا غيره، ولانه لبس المتقشفين الذين ليس لهم حظ فى متاع الدنيا وزينتها (تخريجه) (مذ جه) وقال الترمذى حديث صحيح، ورواه الطبرانى بإسناد صحيح أيضا، وزاد فى آخره انما لباسنا الصوف وطعامنا الاسودان التمر والماء (3) (عن أبى عمر ومولى أسماء الخ) هذا الحديث تقدم فى باب اباحة اليسير من الحرير كالعلم الخ من كتاب اللباس فى الجزء السابع عشر ص 276 رقم 143 وانظر الحديث الذى قبله هناك رقم 42 واقرأ شرحه تجد ما يسرك والله الموفق (4) (سنده) حدّثنا يحيى بن أبى بكير حدثنا زهير بن محمد عن صالح مولى التوأمة عن أبى هريرة الخ (غريبه) (5) معناه أنه صلى الله عليه وسلم كان لا يسبل الإزار بل كان ازاره مرفوعا فوق عضلة ساقه، وقد ورد فى إسبال الإزار وعيد شديد، انظر باب النهى عن الشهرة والاسبال ووعيد من فعل ذلك من كتاب اللباس فى الجزء السابع عشر ص 289 (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه صالح بن نبهان مولى التوأمة وقد اختلط وبقية رجاله رجال الصحيح (6) (عن أبى بردة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب احتضاره صلى الله عليه وسلم ومعالجته سكرات الموت فى الجزء الحادى والعشرين ص 248 رقم 529 (7) (سنده) حدّثنا وكيع حدثنا ابن سليمان بن الغسيل عن عكرمة عن ابن عباس الخ (قلت) ابن سليمان بن الغسيل المذكور فى السند هو عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله بن حنظلة الأنصارى نسب إلى جده الأعلى حنظلة بن أبى عامر غسيل الملائكة يوم أحد لأنه استشهد وهو جنب وعبد الرحمن هذا ثقة أخرج له الشيخان ويعد فى التابعين لأنه رأى أنس بن مالك وسهل بن سعد ومات سنة 175 وقد جاوز المائة (غريبه) (8) لعل هذه الخطبة كانت يوم فتح مكة لأنه دخلها وعليه عمامة سوداء كما يستفاد من حديث جابر الآتى بعد حديث (9) العصابة العمامة (دسمة) بفتح الدال وكسر السين المهملة أى سوداء (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله ثقات ولم أقف عليه لغير الامام أحمد من حديث ابن عباس (10) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا مساور الوراق عن جعفر بن عمر بن حريث عن ابيه الخ (تخريجه) (م د نس جه) (11) (عن جابر بن عبد الله الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه

-[قوله صلى الله عليه وسلم لا اركب الارجوان ولا البس المعصفر ولا البس القميص المكفف بالحرير]- سوداء (عن أنس بن مالك) قال كانت نعال رسول الله صلى الله عليه وسلم لها قبالان (عن مطرِّف بن الشخير) قال أخبرنى أعرابى لنا قال رأيت نعل نبيكم مخصوفة (عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا أركب إلا رجوان ولا ألبس المعصفر، ولا ألبس القميص المكفف بالحرير، قال وأومأ الحسن إلى جيب قميصه وقال ألا وطيب الرجال ريح لا لون له، ألا وطيب النساء لون لا ريح له (عن عائشة رضى الله عنها) قالت كنت إذا دهنت رسول صلى الله عليه وسلم صدعت فرقه من فوق يافوخه وأرسلت له ناصية (عن أبى سعيد الخدري) قال ذكر المسك عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هو أطيب الطيب (عن عثمان بن عروة) انه سمع اباه يقول سألت عائشة رضى الله عنها بأى شئ طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت بأطيب الطيب (عن أنس بن مالك) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حبب الى من الدنيا النساء والطيب وجعل قرة عينى فى الصلاة (عن ابن عباس) كان صلى الله عليه وسلم يكتحل بالإثمد كل ليلة قبل أن ينام وكان يكتحل فى كل عين ثلاثة أميال (عن أبى رمثة) قال كان النبى يخضب بالحنا والكتم وكان شعره يبلغ كتفيه أو منكبيه

_ في باب صفة دخول النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه مكة فى غزوة الفتح فى الجزء الحادى والعشرين ص 151 رقم 366 (1) (سنده) حدّثنا يزيد أنا همام بن يحيى عن قتادة عن أنس بن مالك الخ (غريبه) (2) بكسر القاف تثنية قبال، وهو زمام النعل، وهو السير الذى يعقد فيه الشِّسع الذى يكون بين الإصبعين الوسطى والتى تليها (تخريجه) (خ د مذجه) (3) (سنده) حدّثنا ابو أحمد ثنا سفيان عن خالد الحذاء عن يزيد بن الشخير عن مطرف بن الشخير الخ (غريبه) (4) من الخصف الضم والجمع أى مخروزة يعنى مرقعة (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (5) (عن قتادة عن الحسن الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب طيب الرجال وطيب النساء من كتاب اللباس فى الجزء السابع عشر ص 208 رقم 250 فارجع إليه (6) (عن عائشة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب جواز اتخاذ الشعر واكرامه من كتاب اللباس والزينة فى الجزء السابع عشر ص 323 رقم 48 (7) (عن أبى سعيد الخدرى الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب استحباب الطيب الخ فى الجزء السابع عشر ص 306 رقم 242 (8) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب والصفحة المشار إليهما رقم 244 عقب الحديث السابق (9) (عن أنس بن مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب استحباب الطيب فى الجزء السابع عشر ص 205 رقم 241 (10) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى الكحل من كتاب اللباس والزينة فى الجزء السابع عشر وهو الطريق الثالث من حديث رقم 251 ص 308 (11) (عن أبى رمثة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى تغيير الشيب بالحنا والكتم الخ من كتاب اللباس والزينة فى الجزء السابع عشر ص 316 رقم 24

-[ما جاء في عبادته صلى الله عليه وسلم وقول عائشة كان عمله ديمة وايكم بطيق ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيق]- (عن أنس بن مالك) قال سدل رسول الله صلى الله عليه وسلم ناصيته ما شاء أن يسدلها ثم فرق بعد (باب ما جاء فى عباداته صلى الله عليه وسلم) (عن علقمة) قال سألت عائشة رضى الله عنها اكان رسول الله يخص شيئا من الأيام (يعنى بالعبادة) قالت كان عمله ديمة وايكم يطيق ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطيق (باب ما جاء فى قيامه صلى الله عليه وسلم بالليل ووتره وغير ذلك) (عن زرارة بن أوفى) عن سعد بن هشام أنه أتى ابن عباس رضى الله عنهما فسأله عن الوتر فقال ألا أنبئك بأعلم أهل الأرض بوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم، قال ائت عائشة فاسألها ثم

_ (1) (عن أنس بن مالك) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب جواز اتخاذ الشعر واكرامه من كتاب اللباس والزينة فى الجزء السابع عشر ص 323 رقم 47 (باب) (2) (سنده) حدّثنا يحيى عن سفيان قال حدّثنى منصور عن إبراهيم عن علقمة الخ (غريبه) (3) معناه أنه صلى الله عليه وسلم كان إذا عمل عملا من الأعمال التى يتقرب بها إلى الله دوام عليه، وقد ورد فى فضل المداومة على الأعمال الصالحة أحاديث كثيرة. تقدم بعضها فى باب الاقتصاد فى الأعمال (منها) قوله صلى الله عليه وسلم اكلفوا من العمل ما تطيقون فان خير العمل أدومه وان قل (ومنها) أن الأسود قال لعائشة رضى الله عنها حدثينى بأحب العمل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت كان أحب العمل اليه الذى يدوم عليه الرجل وان كان تيسيراً (4) معناه انكم لا تطيقون العمل مثله لأن الزام النفس بشيء دائما مع المحافظة عليه يشق عليها جدا فيندر من يفى بذلك غير الأنبياء (تخريجه) (ق د هق. وغيرهم) وتقدم مثله فى باب صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فى الجزء الرابع ص 262 رقم 1032 (تنبيه) كل ما يتعلق بعباداته صلى الله عليه وسلم من وضوء وغسل وتيمم ومسح على الخفين ونحو ذلك من أنواع الطهارة، وكذلك من صلاة سواء كان فرضاً أو نفلا وقيام ووتر وصيام وحج: كل ذلك تقدم فى قسم العبادات هذا مستوفى وقد ذكرت هنا شيئاً يسيراً من ذلك لم يذكر هناك والله الموفق (فائده) أمر الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم بعبادته فى مواضع من كتابه العزيز فقال (ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون فسبح بحمد ربك وكن من الساجدين واعبد ربك حتى يأتيك اليقين) واليقين الموت وقال تعالى {فابعده واصطبر لعبادته} وقال تعالى {ولله غيب السموات والأرض وإليه يرجع الامر كله فابعده وتوكل عليه} وقد اختلف العلماء هل كان عليه الصلاة وأزكى السلام قبل بعثته متعبداً بشرع من قبله أم لا؟ فقال جماعة لم يكن متعبدا بشى وهو قول الجمهور، وأما قوله تعالى {ثم أوحينا اليك أن اتبع ملة ابراهيم حنيفا} فانما المراد إتباعه فى التوحيد، (وقال شيخ الاسلام البلقيني) فى شرح البخارى لم تجئ فى الاحاديث التى وقفنا عليها كيفية تعبده صلى الله عليه وسلم، لكن روى ابن اسحاق وغيره انه عليه الصلاة والسلام كان يخرج إلى حراء فى كل عام شهراً من السنة يتنسك فيه حتى اذا انصرف من مجاورته لم يدخل بيته حتى يطوف بالكعبة، وحمل بعضهم التعبد على التفكر والله أعلم (باب) (5) (سنده) حدّثنا يحيى ثنا سعيد بن أبى عروبة عن قتادة عن زرارة بن أوفى عن سعد بن هشام أنه طلق امرأته ثم ارتحل إلى المدينة ليبيع عقارا له بها ويجعله فى السلاح، والكراع ثم يجاهد الروم حتى يموت، فلقى رهطا من قومه فحدثوه أن رهطا من قومه ستة أرادوا ذلك على عهد رسول اله صلى الله عليه وسلم فقال أليس لكم فىّ أسوة حسنة؟ فنهاهم عن ذلك، فأشهدهم على

-[حديث سعد بن هشام الجامع لعبادة رسول الله صلى الله عليه وسلم]- ارجع إلي فأخبرنى بردها عليك قال فأتيت على حكيم بن أفلح فاستلحقته اليها، فقال ما أنا بقاربها إنى نهيتها أن تقول فى هاتين الشيعتين شيئًا فأبت فيهما ألا مضيّا، فأقسمت عليه فجاء معى فدخلنا عليها، فقالت حكيم؟ وعرفته قال نعم أو بلى، قالت من هذا معك؟ قال سعد بن هشام قالت من هشام؟ قال ابن عمر، قال فترحمت عليه وقالت نعم المرء كان عامر (قلت يا أم المؤمنين) أنبئينى عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ألست تقرأ القرآن؟ قلت بلى، قالت فان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القرآن فهممت أن أقوم فبدالى قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم (قلت يا أم المؤمنين) أنبئينى عن قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ألست تقرأ هذه السورة (يا أيها المزمل) قلت بلى، قالت فان الله عز وجل افترض قيام الليل فى أول هذه السورة، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه حولا حتى انتفخت أقدامهم، وأمسك الله عز وجل خاتمتها فى السماء اثنى عشر شهرا، ثم أنزل الله عز وجل التخفيف فى آخر هذه السورة، فصار قيام رسول الله صلى الله عليه وسلم الليل تطوعًا من بعد فريضته فهممت أن أقوم ثم بدا لى وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم (قلت يا أم المؤمنين) أنبئينى عن وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت كنا نعد له سواكه وطهوره فيبعثه الله عز وجل لما شاء أن يبعثه من الليل فيتسوك ثم يتوضأ ثم يصلى ثمان ركعات لا يجلس فيهن إلا عند الثامنة فيجلس ويذكر ربه عز وجل ويدعو ويستغفر، ثم ينهض ولا يسلم، ثم يصلى التاسعة فيقعد فيحمد ربه ويذكره ويدعو ثم يسلم تسليما يسمعنا، ثم يصلى ركعتين وهو جالس بعدما يسلم فتلك احدى عشر ركعة يا بني، فلما أسن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذ اللحم أوتر بسبع ثم صلى ركعتين وهو جالس بعدما يسلم، فتلك تسع يا بنى وكان نبى الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى صلاة أحب أن يداوم عليها، وكان إذا شغل عن قيام الليل بنوم أو وجع أو مرض صلى من النهار اثنى عشرة ركعة ولا أعلم نبى الله صلى الله عليه وسلم قرأ القرآن كله في ليلة

_ رجعتها ثم رجع إلينا فأخبرنا أنه أتى ابن عباس فسأله عن الوتر الخ (غريبه) (1) فيه أنه يستحب للعالم إذا سئل عن شئ ويعرف أن غيره أعلم منه به أن يرشد السائل اليه، فان الدين النصيحة ويتضمن مع ذلك الانصاف والاعتراف بالفضل لاهله والتواضع (2) الشيعتان الفرقتان، والمراد تلك الحروب التى جرت بين معاوية وعلى فى وقعة الجمل (3) معناه العمل به والوقوف عند حدوده والتأدب بآدابه والاعتبار بأمثاله وقصصه وتدبره وحسن تلاوته (4) أى قيامه فى صلاة الليل (5) هذا ظاهره أنه صار تطوعا فى حق رسول الله صلى الله عليه وسلم والأمة. فأما الأمة فهو تطوع فى حقهم بالاجماع؛ وأما النبى صلى الله عليه وسلم فاختلفوا فى نسخه فى حقه (قال النووي) والأصح عندنا نسخه (6) (قال النووي) وقد أخذ بظاهر هذا الحديث الاوزاعى وأحمد فيما حكاه القاضى عنهما فأباحا ركعتين بعد الوتر جالسا، وقد أحمد لا أفعله ولا أمنع من فعله، قال وأنكره مالك (قلت) الصواب ان هاتين الركعتين فعلهما صلى الله عليه وسلم بعد الوتر جالسا لبيان جواز الصلاة بعد الوتر وبيان جواز النفل جالسا ولم يواظب على ذلك، بل فعله مرة أو مرتين أو مرات قليلة، قال وانما تأولنا حديث الركعتين جالسا لأن الروايات المشهورة فى الصحيحين وغيرهما عن عائشة مع روايات خلائق من الصحابة فى الصحيحين مصرحة بأن آخر صلاته صلى الله عليه وسلم فى الليل كان وترا اه (7) فيه دلالة على استحباب المحافظة على الأوراد

-[ما جاء في وتر رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلاة الضحى]- ولا قام ليلة حتى أصبح، ولا صام شهرا كاملا غير رمضان، فأتيت ابن عباس فحدثته بحديثها فقال صدقت، أما لو كنت أدخل عليها لأتيتها حتى تشافهنى مشافهة (عن عائشة رضى الله عنها) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا صلى العشاء دخل المنزل ثم صلى ركعتين، ثم صلى بعدهما ركعتين أطول منهما، ثم أوتر بثلاث لا يفصل فيهن، ثم صلى ركعتين وهو جالس يركع وهو جالس ويسجد وهو قاعد جالس (عن الأسود) قال سألت عائشة رضى الله عنها عن صلاة النبى صلى الله عليه وسلم بالليل، فقالت ينام أوله ويقوم آخره (وفى رواية كان ينام أول الليل ويحيى آخره) (عن يعلى بن تملك) أنه سأل أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم ورضى عنها عن صلاة النبى صلى الله عليه وسلم بالليل، قالت كان يصلى العشاء الآخرة ثم يسبح ثم يصلى بعدها ما شاء الله من الليل، ثم ينصرف فيرقد مثل ما صلى، ثم يستيقظ من نومته تلك فيصلى مثل ما نام، وصلاته الآخرة تكون إلى الصبح (عن عبد الله بن شقيق) قال قلت لعائشة رضى الله عنها أكان نبى الله صلى الله عليه وسلم يصلى صلاة الضحى؟ قالت لا، إلا أن يجيء من مغيبة قال قلت أكان يصلى جالسًا؟ قالت بعدما محطمه الناس، قال قلت أكان يقرأ السورة؟ فقالت المفصل، قال قلت أكان يصوم شهرا كله؟ قالت ما علمته صام شهرا كله إلا رمضان ولا أعلمه أفطر شهرا كله حتى يصيب منه حتى مضى لوجهه، قال يزيد يقرن وكذلك قال أبو عبد الرحمن

_ وأنها إذا فاتت تقضى (تخريجه) (م، دنس) (1) (سنده) حدّثنا أبو النضر ثنا محمد يعنى ابن راشد عن يزيد بن يعفر عن الحسن عن سعد بن هشام عن عائشة الخ (تخريجه) (مسلم وغيره) وقد تقدم الكلام على أحكام هذا الحديث والذى قبله فى آخر باب ما روى عن ابن عباس فى صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم من الليل فى الجزء الرابع ص 256 فارجع اليه (2) (سنده) حدّثنا وكيع قال ثنا اسرائيل وأبىّ عن اسحاق عن الأسود الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) (3) (سنده) حدّثنا محمد بن بكر وعبد الرزاق قالا ثنا ابن جريج قال أخبرنى عبد الله بن أبى مليكة أخبرنى يعلى بن مملك أنه سأل أم سلمة الخ (تخريجه) لم أقف عليه من حديث أم سلمة لغير الامام أحمد وسنده جيد (4) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر حدثنا كهمس ويزيد قال أبو عبد الرحمن المقرى عن كهمس قال سمعت عبد الله بن شقيق قال قلت لعائشة الخ (غريبه) (5) أى من سفر (6) يقال حطم فلانا أهله إذا كبر فيهم كأنهم بما حمّلوه من أثقالهم صيروه شيخا محطوما (نه) (7) جاء من طريق آخر عند الامام أحمد عن عبد الله بن شقيق أيضاً قال قلت لعائشة هل كان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يجمع بين السور فى ركعة؟ قالت المفصل ومعناه يقرأ أكثر من سورة فى ركعة من سور المفصل (قال الطيبي) أوله سورة الحجرات لأن سوره قصار، كل سورة كفصل من الكلام، وقد تقدم الكلام على أول المفصل وطواله وأوساطه وقصاره فى باب قراءة سورتين أو أكثر فى ركعة من كتاب الصلاة فى الجزء السادس ص 211 فارجع اليه (8) معناه أنّ يزيد قال فى روايته (يقرن) بدل قوله (أكان يقرء السورة) يريد أنه قال أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرن السورة الخ أى يضم إليها أخرى، وكذلك قال أبو عبد الرحمن يعنى المقرى المذكور فى السند، قال كقول يزيد، وهذا هو الظاهر والله أعلم (تخريجه)

-[ما جاء في صيامه صلى الله عليه وسلم تطوعا وانه كان يكثر الصوم فى شعبان]- (باب ما جاء فى صيامه صلى الله عليه وسلم تطوعا) (عن أسامة بن زيد) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم الأيام يسرد حتى يقال لا يفطر، ويفطر الأيام حتى لا يكاد أن يصوم إلا يومين من الجمعة إن كانا فى صيامه وإلا صامهما، ولم يكن يصوم من شهر من الشهور ما يصوم من شعبان فقلت يا رسول الله انك تصوم لا تكاد أن تفطر، وتفطر حتى لا تكاد أن تصوم إلا يومين ان دخلا فى صيامك وإلا صمتهما، قال أى يومين؟ قال قلت يوم الاثنين ويوم الخميس، قال ذانك يومان تعرض فيهما الأعمال على رب العالمين وأحب أن يعرض عملى وأنا صائم قال قلت ولم أرك تصوم من شهر من الشهور ما تصوم من شعبان، قال ذاك شهر يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان وهو شهر يرفع فيه الأعمال إلى رب العالمين، فاحب أن يرفع عملى وأنا صائم (عن عبد الله بن شقيق) قالت سألت عائشة رضى الله عنها عن صوم رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت ما علمته صام شهرا حتى يفطر منه، ولا أفطره حتى يصوم منه حتى مضى لسبيله (وعنها أيضا) قالت كان رسول الله يصوم حتى نقول ما يريد أن يفطر، ويفطر حتى نقول ما يريد أن يصوم، وكان يقرأ كل ليلة ببنى إسرائيل والزمر (باب بعض ما جاء فى حجه صلى الله عليه وسلم) (عن سالم بن عبد الله) ان عبد الله بن عمر قال

_ (م. هق وغيرهما) (باب) (1) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا ثابت بن قيس أبو غصن حدّثنى أبو سعيد المقبرى حدّثنى أسامة بن زيد الخ (غريبه) (2) أى يتابع صور الأيام (3) أى إن كانا فى صيامه المتتابع صامهما معه (وإلا صامهما) أى من الأيام المقبلة بعد فطره من المتتابع (4) أى مقدار ما يصوم من شعبان فانه كان يصوم فيه أكثر من غيره من الشهور الأخرى (5) أى طلبا لزيادة رفع الدرجة (قال ابن الملك) وهذا لا ينافى قوله عليه السلام يرفع عمل الليل قبل عمل النهار، وعمل النهار قبل عمل الليل، للفرق بين الرفع والعرض لأن الأعمال تجمع فى الأسبوع وتعرض فى هذين اليومين، وفى حديث مسلم تعرض الأعمال فى كل جمعة مرتين يوم الاثنين ويوم الخميس فيغفر لكل مؤمن إلا عبداً بينه وبين أخيه شحناء: فيقال أنظروا هذين حتى يصطلحا، قال ابن حجر (يعنى العسقلاني) ولا ينافى هذا رفعها فى شعبان حيث قال إنه شهر ترفع فيه الأعمال واحب أن يرفع عملى وأنا ضائم، لجواز رفع أعمال الأسبوع مفصلة، وأعمال العام مجملة كذا فى المرقاة (6) ظاهر قوله يغفل الناس عنه بين رجب ورمضان انهم كانوا يصومون فى رجب فيغفلون عن تعظيم شعبان بالصوم كما يعظمون رمضان ورجبا به (7) تقدم شرح هذه الجملة آنفا (تخريجه) (د نس. وغيرهما) باختصار عما هنا وصححه ابن خزيمة ونفى مسلم بعضه (8) (سنده) حدثنا وكيع ثنا كهمس عن عبد الله بن شقيق قال سألت عائشة الخ (غريبه) (9) هذه كناية عن الموت أى إلى أن مات (تخريجه) (م. وغيره) (10) (وعنها أيضاً الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب صيام النبى صلى الله عليه وسلم واكثاره الصوم فى شعبان فى الجزء العاشر ص 200 رقم 254 (باب) (11) تقدم صفة النبى صلى الله عليه وسلم عن كثير من الصحابة فى كتاب الحج فى الجزء الحادى عشر خصوصا حديث جابر ص 74 رقم 64 بما لا يحتاج معه إلى زيادة (12) (سنده) حدّثنا حجاج حدثنا ليث قال حدّثنى عقيل عن

-[صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم وتاريخه وعدد من كان معه من الصحابة]- تمتع النبي صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع بالعمرة إلى الحج وأهدى فساق معه الهدى من ذى الحليفة وبدأ رسول الله صلى الله عليه وسلم فأهل العمرة ثم أهل بالحج وتمتع الناس مع رسول الله بالعمر إلى الحج فكان من الناس من أهدى فساق الهدى، ومنهم من لم يهد، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة قال للناس من كان منكم أهدى فانه لا يحل من شيء حرم منه حتى يقضى حجه، ومن لم يكن منكم أهى فليطف بالبيت وبالصفا والمروة وليقصر وليحلل، ثم ليهل بالحج وليهد فمن لم يجد هديا فليصم ثلاثة أيام فى الحج وسبعة إذا رجع إلى أهله، وطاف رسول الله صلى الله عليه وسلم حين مكة استلم الركن أول شئ، ثم خب ثلاثة أطواف من السبع ومشى أربعة أطواف ثم ركع حين قضى طوافه بالبيت عند المقام ركعتين ثم سلم، فانصرف فأتى الصفا فطاف بالصفا والمروة، ثم لم يحلل من شئ حرم منه، حتى قضى حجه ونحر هديه يوم النحر وأفاض فطاف بالبيت ثم حل من كل شئ حرم منه وفعل مثل ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم من أهدى وساق الهدى من الناس (عن ابن عباس) أن النبى صلى الله عليه وسلم طاف بالبيت وهو على بعيره واستلم الحجر بمحجن (13)

_ ابن شهاب عن سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر الخ (غريبه) (1) جاء فى حديث جابر (خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم لعشر بقين من ذى القعدة) أى سنة عشر من الهجرة (2) بضم الحاء المهملة وبالفاء اسم مكان على ستة أميال من المدينة وبينه وبين مكة عشر مراحل أو تسع (3) قال فى المرقاة وقد بلغ جملة من معه من أصحابه فى تلك الحجة تسعين ألفا وقيل مائة وثلاثين ألفا (4) هو الذى قرن الحج بالعمرة وساق الهدى لا يحل له أن يحل من احرامه حتى يقضى حجه بالطواف والسعى والوقوف بعرفة إلى آخر مناسك الحج؛ ويستفاد من سياق الحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم أهل أوّلا بالعمرة وتبعه الناس فى ذلك ثم أهل بالحج وأمر من كان معه هدى أنه يهل بالحج ويبقى على احرامه حتى ينتهى حجه، ومن لم يكن معه هدى أن يبقى على عمرته ثم يطوف بالبيت ويسعى بين الصفا والمروة، ثم يحل من احرامه وياره فى نظير ذلك هدى (5) هو الذى تمتع بالعمرة إلى الحج (6) أى ابتدأ الطواف من الركن الذى فيه الحجر الأسود بعد استلامه (7) الخبب ضرب من العدو؛ أى سعى فوق مشيه المعتاد (8) أى كمشيه المعتاد (9) يعنى مقام ابراهيم عليه السلام (10) يعنى طاف بالبيت طواف الافاضة ولم يسع بين الصفا والمروة لأنه يجزى السعى الأول الذى صدر منه عقب طواف القدوم لأنه كان قارنا، اما المتمتع فلابد للعمرة من طواف وسعى وللحج كذلك (تخريجه) (ق د نس) (11) (سنده) حدّثنا هشيم حدثنا يزيد بن أبى زياد عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (12) جاء من طريق ثان عن ابن عباس أيضا قال جاء النبى صلى الله عليه وسلم وكان قد اشتكى فطاف بالبيت على بعير ومعه محجن كلما مر عليه استلم به الحديث، وفى هذه الرواية بيان لعلة ركوبه صلى الله عليه وسلم، وقيل انما ركب لبيان الجواز (قال النووي) وجاء فى سنن أبى داود أنه صلى الله عليه وسلم كان فى طوافه هذا مريضا، وإلى هذا المعنى اشار البخارى وترجم عليه باب المريض يطوف راكبا لهذا كله (13) المحجن بكسر الميم واسكان الحاء المهملة وفتح الجيم وهو عصا معقفة يتناول بها الراكب ما سقط له ويحرك بطرفها بعيره للمشي، وفيه دلالة على جواز الطواف راكبا واستحباب استلام الحجر وأنه إذا عجز عن استلامه بيده استلمه بعود ونحوه

-[ما جاء في ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم مبتدئا بفاطمة الزهراء لانها افضلهم]- كان معه، قال وأتى السقاية فقال اسقوني، فقالوا ان هذا يخوضه الناس ولكنا نأتيك به من البيت فقال لا حاجة لى فيه أسقونى مما يشرب منه الناس (ابواب ما جاء فى ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم وآل بيته الطاهرين وزوجاته امهات المؤمنين رضى الله عنهم أجمعين) (باب ما جاء فى ذكر أولاده وشئ من مناقبهم (فمنهم فاطمة الزهراء رضى الله عنها) (عن مسروق عن عائشة) رضى الله عنها قالت أقبلت فاطمة (رضى الله عنها) تمشى كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال مرحبًا يا بنتي، ثم أجلسها عن يمينه أو عن شماله ثم إنه أسرّ اليها حديثا فبكت، فقلت لها استخصك رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه ثم تبكين؟ ثم إنه أسرّ إليها حديثًا فضحكت، فقلت ما رأيت كاليوم فرحًا أقرب من حزن فسألتها عما قال: فقالت ما كنت لأفشى سر رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا قبض النبى صلى الله عليه وسلم سألتها فقالت إنه

_ (1) أي المكان الذى يستقى منه وهو زمزم كما جاء فى حديث جابر الطويل فى صفة حج النبى صلى الله عليه وسلم (2) أى يخوضه الناس بأيديهم ولكثرة ازدحام الناس عليه وسقوط الماء منهم على جوانب البئر وتسربه اليها وسقوطه فيها مرة أخرى تصير غير صافية ويكون فيها تعكير (3) اختاروا أن يسقوه من الماء الذى فى البيوت حيث يكون صافيا باردا، فأبى صلى الله عليه وسلم إلا أن يشرب مما يشرب منه الناس، وهذا يدل على تواضعه وكرم أخلاقه وكراهة القذر والتكره لما يؤكل ويشرب والرضا بما تيسر وعدم الكلفة (تخريجه) (د هق) بدون قصة السقاية قال المنذرى فى امناده يزيد بن أبى زياد ولا يحتج به وقال البيقهى فى حديث يزيد بن أبى زياد لفظة لم يوافق عليها وهى قوله وهو يشتكى اه وقد أنكره الامام الشافعى وقال لا أعلمه اشتكى فى تلك الحجة والله أعلم (باب) (4) (سنده) بسم الله الرحمن الرحيم أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيبانى قال ثنا أبو على الحسين ابن المذهب قال ثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعى قال ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال حدّثنى أبى أحمد بن محمد بن حنبل قال ثنا أبو نعيم المفضل ابن دكين قال ثنا زكريا بن أبى زائدة عن الفيراس عن الشعبى عن مسروق عن عائشة الخ (قلت) جاء هذا الحديث فى المسند تحت عنوان (أحاديث فاطمة بينت رسول الله صلى الله عليه وسلم) وجاء مصدرا ببسم الله الرحمن الرحيم بهذا السند المطول بخلاف العادة لهذا أثبته كما جاء (غريبه) (5) أى تعظيما لها، وجاء فى حديث آخر من طريق عائشة بنت طلحة بن عبيد الله عن عائشة أم المؤمنين قالت ما رأيت أحدا أشبه سمتاً وهديا وكلاًّ برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، هذه الصفات الثلاث عبارة عن الحالة التى يكون عليها الانسان من السكينة والوقار وحسن السيرة والطريقة واستقامة المنظر والهيبة كما فى النهاية: تعنى فى قيامها وقعودها. وكانت إذا دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم قام اليها وقبلها وأجلسها فى مجلسه، وكان إذا دخل عليها تعنى فى بيتها فعلت ذلك رواه (مذ نس حب ك) (6) معناه ما رأيت فرحا كفرح رأيته اليوم أقرب من حزن

-[خطبة علي رضى الله عنه لبنت ابى جهل واستياء فاطمة والنبى صلى الله عليه وسلم من ذلك]- أسرّ الى فقال إن جبريل عليه السلام كان يعارضنى بالقرآن فى كل عام مرة وإنه عارضنى به العام مرتين ولا أراه إلا قد حضر اجلى، وإنك أول أهل بيتى لحوقا بى ونعم السلف انا لك فبكيت لذلك، ثم قال ألا ترضين أن تكونى سيدة نساء هذه الامة أو نساء المؤمنين؟ قالت فضحكت لذلك (عن أنس بن مالك) قال لم يكن أحد أشبه برسول الله صلى الله عليه وسلم من الحسن بن على وفاطمة صلوات الله عليهم أجمعين (عن عبد الله بن الزبير) أن عليا ذكر ابنة أبى جهل فبلغ النبى صلى الله عليه وسلم فقال إنها فاطمة بضعة منى بوذينى ما آذاها وينصبنى ما أنصبها (عن على ابن حسين) أن المسور بن مخرمة اخبره أن على بن أبى طالب خطب ابنة أبى جهل وعنده فاطمة ابنة النبى صلى الله عليه وسلم، فلما سمعت بذلك فاطمة أتت النبى صلى الله عليه وسلم فقالت له أن قومك يتحدثون أنك لا تغضب لبناتك وهذا على ناكح ابنة أبى جهل قال المسور فقام النبى صلى الله عليه وسلم فسمعته حين تشهد ثم قال أما بعد فانى انحكت أبا العاص بن الربيع فحدثنى فصدقنى وإن فاطمة بنت

_ (1) أي يدارسني القرآن كل سنة مرة، وإنه عارضنى به العام مرتين (تخريجه) (ق. نس) (2) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق قال أنا معمر عن الزهرى قال أخبرنى أنس بن مالك قال لم يكن أحد الخ (غريبه) (3) لم تذكر فاطمة رضى الله عنها فى هذه الرواية عند البخاري. وتقدم فى الحديث السابق عن عائشة قالت أقبلت فاطمة تمشى كأن مشيتها مشية رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه الامام أحمد والشيخان وغيرهما (تخريجه) (خ) وفى المستدرك للحاكم عن عائشة أيضا قالت ما رأيت أحدا كان أشبه كلاما وحديثا برسول الله صلى الله عليه وسلم من فاطمة، وصححه الحاكم على شرط الشيخين (4) (سنده) حدّثنا اسماعيل بن ابراهيم قال أنا أيوب عن عبد الله ابن أبى مليكة عن عبد الله بن الزبير الخ (غريبه) (5) بفتح الباء الموحدة لا يجوز غيره وهى قطعة اللحم (6) أى يتعبنى ما أتعبها (تخريجه) (ك مذ) وقال الحاكم هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه (قلت) وصححه الترمذى أيضا، ورواه الشيخان والامام أحمد من حديث المسور بن مخرمة وسيأتى (7) (سنده) حدّثنا أبو اليمان أنا شعيب عن الزهرى أخبرنى على بن حسين (يعنى ابن على بن أبى طالب رضى الله عنهم) أن المسور بن مخرمة الخ (غريبه) (8) لعل سبب هذا التحدث مشاهدتهم حلمه وأنه لا يغضب لنفسه وانما يغضب إذا انتهكت حرمات الله عز وجل (9) أى يريد أن ينكح ابنة أبى جهل (10) اختلف فى اسمه فقيل لقيط أو مقسم أو هشيم أو غير ذلك (ابن الربيع) ابن ربيعة بن عبد العزى بن عبد شمس بن عبد مناف ويقال باسقاط ربيعة، مشهور بكنيته وأمه هالة بنت خويلد أخت خديجة أى انكحه أكبر بناته زينب قبل النبوة (11) بخفة الدال بعد الصاد المهملتين أى فى حديثه، زاد فى رواية ووعدنى فوفى لى (قال الحافظ) ولعله كان شرط على نفسه أن لا يتزوج على زينب، وكذلك على، فان يكن كذلك فهو محمول على أن عليا نسى ذلك الشرط فلذلك أقدم على الخطبة، أو لم يقع عليه شرط إذ لم يصرح به، لكن كان ينبغى له أن يراعى هذا القدر فلذلك وقعت المعاتبة، وكان صلى الله عليه وسلم قل أن يواجه أحداً بما يعاب به. ولعله انما جهر بمعاتبة علىّ مبالغة فى رضا فاطمة، وكانت هذه الواقعة بعد فتح مكة ولم يكن حينئذ تأخر من بناته

-[قسم النبي صلى الله عليه وسلم ان لا تجتمع بنت رسول الله وبنت عدو الله أبدًا]- محمد بضعة منى وأنا أكره أن يفتنوها وانها والله لا تجتمع ابنة رسول الله وابنة عدو الله عند رجل واحد أبدًا قال فترك علىّ الخطبة (عن ابن شهاب) أن علىَّ بن الحسين حدثه أنهم حين قدموا المدينة من عند يزيد بن معاوية مقتل حسين بن على لقيه المسور بن مخرمة فقال هل لك إلىّ من حاجة تأمرنى بها؟ قال فقلت له لا، قال هل أنت معطىَّ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنى أخاف أن يغلبك القوم عليه، وايم الله لئن أعطينيه لا يخلص اليه أبدا حتى تبلغ نفسى إن علىّ بن أبى طالب خطب ابنة أبى جهل على فاطمة فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يخطب الناس فى ذلك على منبره هذا وأنا يومئذ محتلم فقال، ان فاطمة بضعة منى وأنا أتخوف أن تفتن فى دينها قال ثم كر صهرا له من بنى عبد شمس فأثنى عليه فى مصاهرته اياه فأحسن قال حدثنى فصدقنى ووعدنى فوفى لى وانى سلت أحرِّم حلالا ولا أحل حراما ولكن والله لا تجتمع ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وابنة عدو الله مكانا واحدا أبدا

_ صلى الله عليه وسلم غيرها وكانت أصيبت بعد أمها باخواتها فكان ادخال الغيرة عليها مما يزيد حزنها اه (1) جاء فى الحديث التالى وأنا أتخوف أن تفتن فى دينها (2) أى أعرض عنها وعزم على أن لا ينكح ابنة أبى جهل (تخريجه) (ق. وغيرهما) قال ابن التبن أصح ما تحمل عليه هذه القصة أنه صلى الله عليه وسلم حرَّم على علىّ أن يجمع بين ابنته وبين ابنة أبى جهل، لأنه علل بأن ذلك يؤذيه، وأذيته حرام بالاجماع (3) (سنده) حدّثنا يعقوب يعنى ابن ابراهيم ثنا أبى عن الوليد بن كثير حدّثنى محمد بن عمرو وحدّثنى ابن حلحلة الدؤلى أن ابن شهاب حدثه أن علىَّ بن الحسين حدثه الخ (غريبه) (4) أى لا أمكن أحداً من أخذه منى حتى أموت دون ذلك (5) هذا يدل على أنه ولد قبل الهجرة لكن أطبقوا على أنه ولد بعدها، وقد تأول بعضهم قوله وأنا محتلم على أنه من الحلم بالكسر لا من الحلم بالضم يريد أنه كان عاقلا ضابطا لما يتحمله (6) هو أبو العاص بن الربيع زوج زينب بنت النبى صلى الله عليه وسلم وتقدم الكلام عليه وعلى نسبه فى متن الحديث السابق وشرحه (7) انما اثنى عليه النبى صلى الله عليه وسلم لكونه كان محسنا لعشرتها ومحبا، وأرادت قريش أن يطلقها بعد بعثة النبى صلى الله عليه وسلم فأبى، فشكر له ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأسر ببدر وحمل إلى المدينة ففدته زينب بقلادتها وأطلق: انظر باب فداء أبى العاص فى الجزء الرابع عشر ص 100 والصهر يطلق على الزوج واقاربه واقارب المرأة وهو مشتق من صهرت الشيء واصهرته إذا قربته، والمصاهرة مقاربة بين الأجانب والمتباعدين (8) (قال النووي) قالوا وقد علم صلى الله عليه وسلم باباحة نكاح بنت أبى جهل لعلى بقوله صلى الله عليه وسلم لت أحرِّم حلالا ولكن نهى عن الجمع بينهما لعلتين منصوصتين (احداهما) أن ذلك يؤدى إلى أذى فاطمة فيتأذى حينئذ النبى صلى الله عليه وسلم فيهلك من أذاه، فنهى عن ذلك لكمال شفقته على علىّ وعلى فاطمة (والثانية) خوف الفتنة عليها بسبب الغيرة، وقيل ليس المراد تحريم جمعهما بل معناه اعلم من فضل الله انهما لا يجتمعان كما قال انس بن النضر والله لا تكسر ثنية الربيع، ويحتمل ان المراد تحريم جمعهما ويكون معنى لا احرّم حلالا أى لا أقول شيئاً يخالف حكم الله، فاذا احل شيئا لم احرمه وإذا حرمه لم احلله ولم اسكت عن تحريمه، لأن سكوتى تحليل له، ويكون من جملة محرمات النكاح الجمع بين بنت نبى الله صلى الله عليه وسلم

-[امتناع المسور بن محرمة عن زاج ابنته لزوج بنت فاطمة رضى الله عنها]- (عن المسور بن مخرمة) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يقول إن بنى هشام بن المغيرة استأذنونى فى أن ينكحوا ابنتهم على بن أبى طالب فلا آذن لهم، ثم قال لا آذن فانما ابنتى بضعة منى يريبنى ما أرابها ويؤذينى ما آذاها (عن عبيد الله بن أبى رافع) عن المسور بن مخرمة أنه بعث إليه حسن بن حسن يخطب ابنته، فقال له قل له فليأتنى فى العتمة، قال فلقيه فحمد المسور الله وأثنى عليه وقال أما بعد والله ما من نسب ولا سبب ولا صهر أحب إلى من سببكم وصهركم، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فاطمة مضغة منى يقبضنى ما قبضها ويبسطنى ما بسطها وإن الانساب يوم القيامة تنقطع غير نسبى وسببى وصهري، وعندك ابنتها ولو زوجتك لقبضها ذلك، قال فانطلق عاذرا له (عن أبى سعيد الخدري) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وفاطمة سيدة نسائهم إلا ما كان لمريم بنت عمران

_ وبنت عدو الله (تخريجه) (ق وغيرهما) (1) (سنده) حدثنا هاشم بن القاسم ثنا الليث يعنى ابن سعد قال حدّثنى عبد الله بن عبيد الله بن ابى مليكة عن المسور بن مخرمة الخ (غريبه) (2) جاء عند الحاكم بسند صحيح الى سويد بن غفلة (بفتحات) قال خطب علىٌّ بنت ابى جهل إلى عمها الحارث فاستشار النبى صلى الله عليه وسلم قال أعن حسبها تسألني؟ فقال لا ولكن اتأمرنى قال لا، الحديث (قلت) عمها الحارث وسلمة ابنا هشام اسلما عام الفتح (3) كرر هذه الجملة للتأكيد (4) بفتح الياء التحتية، قال ابراهيم الحربى الريب ما رابك من شيء خفت عقباه، وقال الفراء راب وأراب بمعنى (تخريجه) (ق. مذك) (5) (سنده) حدثنا ابو سعيد مولى بنى هاشم ثنا عبد الله بن جعفر حدثتنا ام بكر بنت المسور بن مخرمة عن عبيد الله بن ابى رافع الخ (غريبه) (6) النسبة بالولادة والسبب بالنكاح حكاه الديلى مصدراً بأن السبب هنا الوصلة والمودة وكل ما يتوصل به الى الشيء لبعد عنه فهو سبب، وفى البيضاوى (فجعله نسبا صهرا) أى قسم البشر قسمين ذوى نسب أى ذكور ينسب اليهم، وذوات صهر أى اناثا يصاهر بهن كقوله تعالى {وجعل منه الزوجين الذكر والأنثى} (7) المضغة بضم الميم قطعة لحم وهى بمعنى البضعة بفتح الموحدة (8) يعنى ابنة فاطمة رضى الله عنها (تخريجه) اورده الهيثمى باختلاف فى بعض الألفاظ وقال رواه الطبرانى وفيه ام بكر بنت المسور ولم يجرحها احد ولم يوثقها، وبقية رجاله وثقوا (قلت) كان الأولى أن يأتى بلفظ رواية الامام احمد فقد رواه الحاكم بسند الامام احمد ولفظه وصححه واقره الذهبى (9) (عن ابى سعيد الخدرى الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى فضل مريم بنت عمران من كتاب احاديث الأنبياء فى الجزء العشرين ص 133 رقم 88 فارجع اليه ففيه كلام نفيس وهو حديث صحيح صححه الحاكم واقره الذهبى وصححه الهيثمى أيضا (فائدة) (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) تزوج على فاطمة رضى الله عنهما فى صفر سنة اثنتين فولدت له الحسن والحسين ويقال ومحسن، وولدت له ام كلثوم وزينب، وقد تزوج عمر بن الخطاب فى أيام ولايته بأم كلثوم بنت على بن أبى طالب من فاطمة وأكرمها اكراما زائدا أصدقها أربعين ألف درهم لأجل نسبها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فولدت له زيد بن عمر بن الخطاب، وقد كان عبد الله بن جعفر تزوج باختها زينب بنت على وماتت عنده، وتوفيت فاطمة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر على أشهر

-[ذبَّ الحافظ ابن حجر عن حديث وفاة فاطمة الذى أورده ابن الجوزى فى الموضوعات]- (باب ما جاء فى مرضها ووفاتها رضى الله عنها) (حدثنا أبو النضر) ثنا ابراهيم ابن سعد عن محمد بن اسحاق عن عبيد الله بنى على ابن أبى رافع عن أبيه عن أم سلمى قالت اشتكت (فاطمة رضى الله عنها) شكواها التى قبضت فيه فكنت أمرضها فاصبحت يوما كأمثل ما رأيتها فى شكواها تلك، قالت وخرج علىّ لبعض حاجته فقالت يا أمّه اسكبى لى غسلا، فسكبت لها غسلا فاغتسلت كأحسن ما رأيتها تغتسل، ثم قالت يا أمه أعطينى ثيابى الجدد فأعطيتها فلبستها، ثم قالت يا أمه قدمى لى فراشى وسط البيت، ففعلت واضطجعت فاستقبلت القبلة وجعلت يدها تحت خدها، ثم قالت يا أمه انى لمقبوضة الآن وقد تطهرت فلا يكشفنى أحد، فقبضت مكانها، قالت فجاء علىُّ فاخبرته (عن عروة بن الزبير) أنى عائشة رضى الله عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم سألت أبا بكر رضى الله عنه بعد وفاة رسول الله

_ الأقوال، وهذا لثابت عن عائشة فى الصحيح، وقال الزهرى أيضا ابو جعفر الباقر اه (باب) (1) (حدّثنا أبو النضر الخ) وله طريق أخرى عند الامام أحمد أيضا قال حدّثنا محمد بن جعفر الوركانى ثنا ابراهيم بن سعد عن محمد بن اسحاق فذكر نحوه مثله (غريبه) (2) جاء فى الأصل عبد الله وهو خطأ وصوابه عبيد الله كما فى كتب الرجال (3) جاء فى تعجيل المنفعة (أم سلمى) قالت لما مرضت فاطمة فكنت أمرضها رؤى عنها على بن أبى رافع قال نعيم أراها امرأة أبى رافع (قال الحافظ) قلت امرأة ابى رافع اسمها سلمى فلعل بعض الرواة اخطأ فيها اه (تخريجه) هذا الحديث أورده الحافظ فى كتابه القول المسدد فى الذب عن المسند للامام أحمد بسنده ومتنه كما هنا إلا أنه زاد بعد قوله فى آخر الحديث فجاء علىّ فأخبرته (قالت فقال لا والله لا يكشفها أحد فدفنها بغسلها ذلك) وهذه الجملة ليست موجودة فى النسخة التى عندى فلعله وجدها فى نسخة أخرى (قال الحافظ) وأورده ابن الجوزى فى الموضوعات فى آخر الكتاب من طريق عاصم بن على عن ابراهيم بن سعد، وقال قد رواه نوح بن يزيد والحكم بن اسلم عن ابن ابراهيم أيضا، قال ورواه عبد الرزاق عن معمر عن عبد الله بن محمد بن عقيل مرسلا، ثم قال فى الكلام عليه هذا الحديث لا يصح، أما عاصم بن على فقال يحيى بن معين ليس بشيء وأما نوح والحكم فشيعيان ثم هو من رواية ابن اسحاق وهو مجروح (قال الحافظ) (قلت) وحمله فى هذا الحديث على الثلاثة المذكورين يدل على أنه لم يره فى المسند عن أبى النضر ومحمد بن جعفر وكلاهما من شيوخ الصحيح وأما حمله على محمد بن اسحاق فلا طائل فيه، فان الأئمة قبلوا حديثه، وأكثر ما عيب فيه التدليس والرواية عن المجهولين، وأما هو فى نفسه فصدوق وهو حجة فى المغازى عند الجمهور وشيخه عبيد الله ابن على يعرف بعبادل، قال فيه أبو حاتم شيخ لا بأس به، ومرسل عبد الله ابن محمد بن عقيل يعضد مسند محمد بن اسحاق، وقد أخرجه الطبرانى فى معجمه من طريق عبد الرزاق به فكيف يتأتى الحكم عليه بالوضع، نعم هو مخالف لما رواه غيرهما من أن عليا واسماء بنت عميس غسلا فاطمة وقد تعقب ذلك أيضا وشرح ذلك يطول إلا أن الحكم بكونه موضوعا غير مسلم والله أعلم (4) (عن عروة بن الزبير الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى مخلفاته صلى الله عليه وسلم وميراثه

-[تاريخ وفاة فاطمة رضى الله عنها وميلادها - وما جاء فى زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم]- صلى الله عليه وسلم أن يقسم لها ميراثها مما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه، فقال لها أبو بكر رضى الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة، فغضبت فاطمة عليها السلام فهجرت أبا بكر رضى الله عنه، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت، قالت وعاشت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر (باب ومنهم زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنها (عن عائشة) زوج النبى صلى الله عليه وسلم ورضى عنها قالت لما بعث أهل مكة فى فداء اسراهم بعثت زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى فداء أبى العاص بن الربيع بمال وبعثت فيه بقلادة لها كانت لخديجة (رضى الله عنها) أدخلتها بها على أبى العاص حين بنى عليها، قالت فلما رآها رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم رق لها رقة شديدة، وقال أن رأيتم أن تطلقوا لها أسيرها وتردوا عليها الذى لها فافعلوا، فقالوا نعم يا رسول الله، فأطلقوه وردوا عليها الذي لها

_ في الجزء الحادى والعشرين ص 292 فى الطريق الثانية من حديث رقم 568 ويستفاد منه أن فاطمة رضى الله عنها عاشت بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم ستة أشهر، ثم ماتت رضى الله عنها، وهذا القول هو المعتمد (وفى الباب) عن عائشة رضى الله عنها قالت توفيت فاطمة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بستة أشهر. ودفنها على ابن أبى طالب ليلا، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى بأسانيد ورجال أحدها رجال الصحيح (وعن محمد بن اسحاق) قال توفيت فاطمة رضى الله عنها وهى بنت ثمان وعشرين وكان مولدها وقريش تبنى الكعبة قبل مبعث النبى صلى الله عليه وسلم بسبع سنين وستة أشهر؛ وأقام النبى صلى الله عليه وسلم بمكة عشر سنين بعد مبعثه ثم هاجر فأقام عشرا، ثم عاشت فاطمة بعده ستة أشهر، وتوفيت سنة احدى عشرة، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى ورجاله إلى ابن اسحاق ثقات، هذا وتقدم قصة زواج علىّ بفاطمة رضى الله عنهما فى الجزئ الحادى والعشرين ص 44 و 45 و 46 (باب) (1) (عن عائشة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب فداء أبى العاص زوج زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر ص 126 رقم 289 وذكرت فى شرحه قصة زواج أبى العاص بزينب رضى الله عنهما فارجع اليه، وهذا الحديث رواه ابن اسحاق مطولا فزاد بعد قوله فى آخر الحديث (ردوا عليها الذى لها) قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخذ عليه ووعده ذلك أن يخلى سبيل زينب اليه إذ كان فيما شرط عليه فى اطلاقه، ولم يظهر ذلك منه ولا من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيعلم: إلا أنه لما خرج أبو العاص إلى مكة وخلى سبيله بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة ورجلا من الأنصار فقال كونا بطن ناجح حتى تمر بكما زينب فتصحبانها فتأتيانى بها، فلما قدم أبو العاص مكة أمرها باللحوق بأبيها فخرجت جهرة (قال ابن اسحاق) قال عبد الله بن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم حدثت عن زينب أنها قالت بينما أنا أتجهز بمكة للحوق بأبى لقيتنى هند بنت عتبة فقالت يا بنت عمى ان كانت لك حاجة بمتاع مما يرفق بك فى سفرك أو ما تبليغن به إلى أبيك فلا تضطى منه، فانه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال، قالت ووالله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل، ولكنى خفتها فأنكرت أن أكون أريد ذلك فتجهزت، فلما فرغت من جهازى قدَّم الىَّ حمى كنانة بن الربيع أخو زوجى بعيرا فركبته وأخذ قوسه وكنانته ثم خرج نهاراً يقود بها وهى فى هودجها، وتحدثت بذلك رجال قريش فخرجوا فى طلبها حتى أدركوها بذى طوى، وكان أول من

-[(تابع للشرح) قصة هجرة زينب بنت النبى صلى الله عليه وسلم من مكة إلى المدينة وما جرى لها بسبب ذلك]- .....

_ سبق إليها هبار بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى بن قصي، ونافع بن عبد القيس الزهرى فرّوعها هبار وهى فى هودجها وكانت حاملا فيما يزعمون، فلما وقعت القت ما فى بطنها فبرك حموها ونثر كنانته وقال والله لا يدنو منى رجل إلا وضعت فيه سهما، فتكركر الناس وجاء أبو سفيان فى جلية من قريش فقال أيها الرجل كف عنا نبلك حتى نكلمك فكف، وأقبل أبو سفيان فأقبل عليه فقال انك لم تصب، خرجت بامرأة على رءوس الناس نهاراً وقد علمت مصيبتنا ونكبتنا وما دخل علينا من محمد فيظن الناس إذا خرجت إليه ابنته علانية من بين ظهرانينا أن ذلك من ذلك اصابنا عن مصيبتنا التى كانت، وأن ذلك منا ضعف ووهن، وإنه لعمرى مالنا فى حبسها عن أبيها حاجة، ولكن أرجع المرأة حتى إذا هدأ الصوت وتحدث الناس أنا قد رددناها فسلتها سرا وألحقها بأبها، قال ففعل، وأقامت ليالى حتى إذا هدأ الناس خرج بها ليلا فأسلمها إلى زيد بن حارثة وصاحبه فقدما بها على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقام أبو العاص بمكة، وكانت زينب عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قد فرّق الاسلام بينهما حتى إذا كان قبيل الفتح خرج أبو العاص تاجرا إلى الشام، وكان رجلا مأمونا بأموال له وأموال قريش أبضعوها معه، فلما فرغ من تجارته أقبل قافلا فلحقته سرية رسول الله صلى الله عليه وسلم فأصابوا ما معه وأعجزهم هاربا، فلما قدمت السرية بما أصابوا من ماله أقبل أبو العاص بن الربيع تحت الليل حتى دخل على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم واستجارها فأجارته وجاء فى طلب ماله، فلما خرج رسول الله إلى صلاة الصبح كما حدّثنى يزيد بن رومان فكبر وكبر الناس خرجت زينب من صفة النساء وقالت ايها الناس انى قد اجرت ابا العاص بن الربيع، فلما سار رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصلاة اقبل على الناس فقال ايها الناس استمعتم؟ قالوا نعم، قال اما والذى نفسى بيده ما علمت بشيء كان حتى سمعته، انه ليجير على المسلمين ادناهم، ثم انصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل على ابنته فقال يا بنية اكرمى مثواه ولا يخلص اليك فانك لا تحلين له (قال ابن اسحاق) وحدّثنى عبد الله بن أبى بكر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى السرية الذين أصابوا مال ابى العاص بن الربيع أن هذا الرجل منّا قد علمتم اصبتم له مالا فان تحسنوا وتردوا عليه الذى له فانا نحب ذلك وان ابيتم فهو فيء الله الذى أفاء عليكم فأنتم احق به، قالوا يا رسول الله نرده، فردوا عليه ماله حتى ان الرجل يأتى بالحبل ويأتى الرجل بالشنة والإدارة حتى ان احدهم ليأتى بالشظاظ حتى إذا ردوا عليه ماله بأسره لا يفقد منه شيئاً احتمل إلى مكة فرد إلى كل ذى مال من قريش ماله ممن كان أبضع معه، ثم قال يا معشر قريش هل بقى لأحد منكم عندى مال يأخذه؟ قالوا لا وجزاك الله خيرا فقد وجدناك عفيفا كريما، قال فانى أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله، ما منعنى عن الاسلام عنده إلا تخوف أن تظنوا انى انما أردت أن آكل أموالكم فأما إذ أدّاها الله اليكم وفرغت منها أسلمت، وخرج حتى قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعن عروة بن الزبير) أن رجلا أقبل بزينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فلحقه رجلان من قريش فقاتلاه حتى غلباه عليها فدفعاها فوقعت على صخرة فأسقطت وهريقت دما، فذهبوا بها إلى أبى سفيان فجاءته نساء بنى هاشم فدفعها اليهن ثم جاءت بعد ذلك مهاجرة فلم تزل وجعة حتى ماتت من ذلك الوجع، فكانوا يرون أنها شهيدة، أورده الهيثمى وقال راه الطبرانى وهو مرسل ورجاله رجال الصحيح اه (وروى عبد الرزاق) عن ابن جريج قال قال غير واحد كانت زينب أكبر بنات رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت فاطمة أصغرهن وأحبهن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتزوج زينب أبو العاص بن الربيع فولدت منه عليا وأمامة وهى التى كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحملها فى الصلاة فاذا سجد وضعها وإذا قام حملها، ولعل ذلك ان بعد موت أمها سنة ثمان من الهجرة على ما ذكره الواقدي

-[تاريخ وفاة زينب بنت النبى صلى الله عليه وسلم = وما جاء فى رقية وام كلثوم ابنتى الرسول صلى الله عليه وسلم]- (باب ومنهم رقية وأم كلثوم ابنتا رسول الله صلى الله عليه وسلم) (عن أنس بن مالك) أن رقية لما ماتت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل القبر رجل قارف أهله، فلم يدخل عثمان بن عفان رضى الله عنه القبر (عن أبى أمامة رضى الله عنه) قال لما وضعت أم كلثوم ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم فى القبر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى) قال ثم لا أدرى أقال بسم الله وفى سيل الله وعلى ملة رسول الله أم لا، فلما بنى عليها لحدها طفق يطرح لهم الجيوب ويقول سدوا خلال اللبن، ثم قال اما إن هذا ليس بشئ ولكن يطيب بنفس الحىّ (باب ومنهم ابراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنه) (عن أنس) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد لى الليلة غلام فسميته باسم أبى ابراهيم، قال ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين يقال له أبو سيف بالمدينة، فانطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيه وانطلقت معه فانتهيت إلى أبى سيف وهو ينفخ بكيره وقد امتلأ البيت دخانا، قال فأسرعت المشى بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

_ وقتادة وعبد الله بن أبى بكر بن حزم وغيرهم، وكأنها كانت طفلة صغيرة فالله أعلم، وقد تزوجها على بن أبى طالب رضى الله عنه بعد موت فاطمة، وكانت وفاة زينب سنة ثمان من الهجرة كما تقدم والله أعلم (باب) (1) (عن أنس بن مالك) هذا الحديث والذى بعده تقدما بسندهما وشرحهما وتخريجهما فى باب من أين يدخل الميت قبره الخ من كتاب الجنائز فى الجزء الثامن: الأول ص 60 رقم 255 والثانى ص 57 رقم 251 وتقدم كلام العلماء فى ذلك فارجع اليهما (قال الحافظ بن كثير فى تاريخه) وأما رقية فكان قد تزوجها أولا ابن عمها عتبة بن أبى لهب كما تزوج اختها أم كلثوم أخوه عتيبة بن أبى لهب ثم طلقاهما قبل الدخول بهما بغضة فى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين انزل الله {تبت يدا أبى لهب وتب، ما أغنى عنه ماله وما كسب، سيصلى نارا ذات لهب، وامرأته حمالة الحطب، فى جيدها حبل من مسد} فتزوج عثمان بن عفان رضى الله عنه رقية وهاجرت معه إلى أرض الحبشة، ويقال إنه أول من هاجر اليها ثم رجعا إلى مكة وهاجرا إلى المدينة وولدت له ابنه عبد الله فبلغ ست سنين فنقره ديك فى عينيه فمات، وبه كان ينى أوّلا ثم اكتنى بابنه عمرو، وتوفيت وقد انتصر رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر يوم الفرقان يوم التقى الجمعان، ولما ان جاء البشير بالنصر إلى المدينة وهو زيد بن حارثة وجدهم قد ساووا على قبرها التراب، وكان عثمان قد أقام عليها يمرضها بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وضرب له بسهمه وأجره، (ولما رجع زوجه باختها أم كلثوم) أيضا، ولهذا كان يقال له ذو النورين ثم ماتت عنده فى شعبان سنة تسع ولم تلد له شيئا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كانت عندى ثالثة لزوجتها عثمان، (وفى رواية) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كن عشرا لزوجتهن عثمان: رضى الله عنه (باب) (2) حدّثنا بهز وعفان قالا ثنا سليمان وثنا هاشم أنا سليمان بن المغيرة قال عفان ثنا ثابت ثنا أنس (يعنى ابن مالك الخ) (غريبه) (3) أى حداد (4) أى عندما بلغهما مرضه وكان صلى الله عليه وسلم مداوما على زيارته قبل ذلك، فقد صح عن أنس وهو صدر الحديث التالى قال ما رأيت أحدا أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ كان ابراهيم مسترضعا فى عوالى المدينة وكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت وإنه ليدخن وكان ظئره قينا (يعنى اباه من الرضاع كان حدادا) فيأخذه فيقبله

-[ما جاء فى إبراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم ومدة عمره ووفاته وحزن النبى صلى الله عليه وسلم]- فقلت يا أبا سيف جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأمسك قال فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بالصبى فضمه إليه، قال أنس فلقد رأيته بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يكيد بنفسه قال فدمعت عينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضى ربنا عز وجل، والله انا بك يا ابراهيم لمحزونون (عن أنس بن مالك) قال لما توفى ابراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن ابراهيم ابنى وإنه مات فى الثدى قال فان له ظائرين يكملان رضاعه فى الجنة (عن البراء بن عازب) قال مات ابراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ستة عشر شهرا، فامر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يدفن فى البقيع، وقال انه له مرضعا يرضعه فى الجنة (عن عائشة) رضى الله عنها قالت لقد توفى ابراهيم بن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثمانية عشر شهرا فلم يصل عليه (عن السدى) قال سمعت أنس بن مالك رضي الله عنه

_ ثم يرجع (1) اى أطفاء النار ليذهب الدخان (2) هذه الجملة وما بعدها إلى آخر الحديث تقدم شرحها وكلام العلماء فى البكاء الجائز على الميت فى باب الرخصة فى البكاء على الميت من غير نوح من كتاب الجنائز فى الجزء السابع ص 131 رقم 95 (تخريجه) ق هق. والأربعة وغيرهم) (3) (سنده) حدّثنا سفيان ثنا اسماعيل أنا أيوب عن عمرو بن سعيد عن أنس بن مالك قال ما رأيت أحدا كان أرحم بالعيال من رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ابراهيم مسترضعا فى عوالى المدينة وكان ينطلق ونحن معه فيدخل البيت وإنه ليدخن وكان ظئره قينا (أى وكان زوج مرضعته حدادا) فيأخذه فيقبله ثم يرجع، قال عمرو لما توفى ابراهيم الخ (غريبه) (4) هذه الجملة انشائية أى إن ابراهيم ابنى حقا، وانما قال صلى الله عليه وسلم ذلك لأن بعض المنافقين تكلم فى مارية كما تكلموا فى عائشة، فنفى النبى صلى الله عليه وسلم ما تكلموا به بقوله إن ابراهيم ابنى، فقد روى الحافظ أبو بكر البزار بسنده عن الزهرى عن أنس قال لما ولد للنبى صلى الله عليه وسلم ابنه ابراهيم وقع فى نفسه منه شيء (أى شك بسبب قول المنافقين) فأتاه جبريل فقال السلام عليك يا أبا إبراهيم، زاد فى رواية أخرى، إن الله قد وهب لك غلاما من أم ولدك مارية وأمرك أن تسميه ابراهيم فبارك الله لك فيه وجعله قرة عين لك فى الدنيا والآخرة (5) أى فى سن رضاع الثدى وهو ابن ستة عشر شهرا (6)) بكسر الظاء مهموزا أى مرضعتين من الحور أو غيرهن (7) أى بتمام سنتين لكونه مات قبل تمام الرضاعة وجعل القائم بخدمة الرضاع متعددا ايماءً لكمال العناية بكماله، فان الولد المعتنى به له ظئر ليلا وظئر نهارا (تخريجه) (م. وغيره) (8) (سنده) حدّثنا ابن نمير انبأنا الأعمش عن مسلم بن صبيح قال الأعمش اراه عن البراء بن عازب قال مات ابراهيم الخ (تخريجه) (خ) فى جملة مواضع من صحيحه (9) (عن عائشة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى الصلاة على الصغير من كتاب الجنائز فى الجزء السابع ص 209 رقم 163 وتقدم كلام العلماء فى ذلك ومذاهب الأئمة فى أحكام الباب بما يثلج الصدر فارجع اليه فانه بحث نفيس والله الموفق (10) (عن السدى) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه كسابقه فى الباب المشار إليه ص 208 رقم 162 وهو موقوف على أنس ولكن له حكم الرفع لأن مثله لا يقال بالرأي، ولا بدان يكون أنس سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم، وقد طعن فيه بعضهم

-[تاريخ ميلاد إبراهيم بن النبى ص ووفاته ومكان قبره وتتمة فى جملة أولاد النبى ص]- يقول لو عاش ابراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم لكان صديقا نبيا (حدثنا وكيع) ثنا ابن أبى خالد قال سمعت ابن أبى أوفى يقول لو كان بعد النبى صلى الله عليه وسلم نبى ما مات ابنه إبراهيم

_ وتقدم هناك ما يزيل الطعن ويؤيد صحته فارجع إليه (1) (حدثنا وكيع الخ) (غريبه) (2) ابن أبى خالد اسمه اسماعيل (3) هذا تعليق بالمحال وهو يستلزم المحال، ولا ينافى ذلك ان النبى صلى الله عليه وسلم ختم به النبوة ومثل هذا التعليق كثير فى كتاب الله عز وجل قال تعالى {لئن اشركت ليحبطنّ عملك} وقال تعالى {ولئن اتبعت اهواءهم بعد الذى جاءك من العلم مالك من الله من ولى ولا نصير} هذا قليل من كثير فى كتاب الله تعالى، والغرض أن الشرطية الحالية لا تستلزم الوقوع (تخريجه) هذا الحديث موقوف على ابن أبى أوفى، والظاهر أنه سمعه من النبى صلى الله عليه وسلم لأن مثله لا يقال بالرأى ولاسيما وقد توارد عليه جماعة من الصحابة، ورواه البخارى وابن ماجه (قال النووي) فى تهذيب الأسماء ابراهيم بن أبى القاسم محمدٍ رسول الله صلى الله عليه وسلم أمه مارية القبطية ولدته فى ذى الحجة سنة ثمان من الهجرة وتوفى سنة عشر، وثبت فى البخارى أيضا من حديث البراء بن عازب أنه لما توفى ابراهيم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن له مرضعا فى الجنة وسرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بولادته كثيرا وكانت قابلته سلمى مولاه رسول الله صلى الله عليه وسلم امرأة أبى رافع فيشر أبو رافع به النبى صلى الله عليه وسلم فوهبه عبدا وحلق شعره يوم سابعه، قال الزبير بن بكار وتصدق بزنة شعره فضة ودفنه وسماه، ثم دفعه إلى أم سيف امرأة قين بالمدينة لترضعه، قال الزبير تنافست الأنصار فيمن يرضعه، وأحبوا أن يفرغوا مارية للنبى صلى الله عليه وسلم ثم ذكر حديث موته المذكور فى هذا الباب وبكاء النبى صلى الله عليه وسلم عليه وقوله صلى الله عليه وسلم إن العين تدمع والقلب يحزن ولا نقول إلا ما يرضى ربنا وانا بفراقك يا ابراهيم لمحزونون، قال ودفن فى البقيع وقبره مشهور عليه قبة، وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكبر أربع تكبيرات، هذا قول جمهور العلماء وهو صحيح (وروى ابن اسحاق) باسناده عن عائشة رضى الله عنها أن النبى صلى الله عليه وسلم لم يصل عليه، (قال ابن عبد البر) هذا غلط فقد أجمع جماهير العلماء على الصلاة على الاطفال إذا استهلوا وهو عمل مستفيض فى السلف والخلف، وقيل إن الفضل بن عباس غسل ابراهيم ونزل فى قبره هو وأسامة بن زيد رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس على شفير القبر ورش على قبره ماءً، وهو أول قبر رش عليه الماء اه (تتمسة) لم يأت فى مسند الامام أحمد شيء عن القاسم وعبد الله ابنى النبى صلى الله عليه وسلم وقد جاء ذكرهما فيما رواه الطبرانى عن الزبير بن بكار قال ولد للنبى صلى الله عليه وسلم القاسم وهو أكبر ولده ثم زينب ثم عبد الله، وكان يقال له الطيب ويقال له الطاهر، ولد بعد النبوة ومات صغيراً، ثم أم كلثوم ثم فاطمة ثم رقية هكذا الأول فالأول، مات القاسم بمكة ثم عبد الله، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى ورجاله ثقات اه (قلت) فهولاء ستة كلهم من خديجة رضى الله عنها، ثم ولد له صلى الله عليه وسلم ابراهيم من مارية القبطية فجملة أولاده صلى الله عليه وسلم سبعة، ثلاثة ذكور وأربع إناث، هذا هو الصحيح المشهور، وقد اختلف فى عددهم وأصغرهم وأكبرهم اختلافا كثيرا أشار إلى ذلك الحافظ بن القيم فى زاد المعاد فقال (فصل) فى أولاده صلى الله عليه وسلم أولهم القاسم وبه كان يكنى مات طفلا، وقيل عاش إلى أن ركب الدابة وسار على النجيبة، ثم زينب وقيل هى أسن من القاسم، ثم رقية وأم كلثوم وفاطمة، وقد قيل فى كل واحدة منهم انها أسن من أختيها، وقد ذكر عن ابن عباس أن رقية أسن الثلاث، وأم كلثوم أصغرهن، ثم ولد له عبد الله، وهل ولد بعد النبوة

-[ما جاء في مناقب آل بيت النبى صلى الله عليه وسلم وفضلهم]- (باب ما جاء فى ذكر آل بيته المطهرين رضى الله عنهم أجمعين) (عن عطاء بن أبى رباح) قال حدّثنى من سمع أم سلمة (رضى الله عنها) تذكر أن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى بيتها فأتته فاطمة ببرمة فيها حزيرة فدخلت بها عليه، فقال لها ادعى زوجك وابنيك، قالت فجاء على والحسين والحسن فدخلوا عليه فجلسوا يأكلون من تلك الحزيرة وهو على منامة له على دكان تحته كساء له خيبرى، قالت وأنا أصلى فى الحجرة، فأنزل الله عز وجل هذه الآية {انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} قالت فأخذ فضل الكساء فغشاهم به، ثم أخرج يده فألوى بها إلى السماء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتى وخاصتى فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، اللهم هؤلاء أهل بيتى وخاصتى فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، قالت فأدخلت رأسى البيت فقلت وأنا معكم يا رسول الله، قال انك الى خير، انك الى خير، وعن أبى ليلى عن أم سلمة مثله سواء وعن حوشب عن أم سلمة بمثله سواء، (عن أبى المعدل) عطية الطفاوى عن أبيه أن أم سلمة حدثته قالت بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بيتى يوما إذ قالت الخادم إن عليا وفاطمة بالسُّدة قالت فقال لى قومى فتنحى لى عن أهل بيتي، قالت فقمت فتنحيت فى البيت قريبا فدخل على وفاطمة ومعهما الحسن والحسين وهما صبيان صغيران، فأخذ الصبيين فوضعهما فى حجرة فقبلهما، واعتنق عليا بإحدى يديه، وفاطمة باليد الأخرى فقبل فاطمة وقبل عليا فأغدف عليهم خميصة سوداء

_ أو قبلها؟ فيه اختلاف، وصحح بعضهم أنه ولد بعد النبوة، وهل هو الطيب والطاهر أو هما غيره على قولين والصحيح أنهما لقبان له والله أعلم (قلت قال العلماء هما لقبان له وانما لقب بذلك لكونه ولد بعد النبوة) قال وهؤلاء كلهم من خديجة ولم يولد له من زوجة غيرها، ثم ولد ابراهيم بالمدينة من سرِّيته مارية القبطية سنة ثمان من الهجرة وبشره به أبو رافع مولاه فوهب له عبدا، ومات طفلا قبل الفطام، واختلف هل صلى عليه أم لا على قولين، وكل أولاده توفى قبله إلا فاطمة فانها تأخرت بعده بستة أشهر، فرفع الله لها بصبرها واحتسابها من الدرجات ما فضلت به على نساء العالمين، وفاطمة أفضل بناته على الاطلاق، وقيل إنها أفضل نساء العالمين، وقيل بل أمها خديجة، وقيل بل عائشة، وقيل بل بالوقف فى ذلك اه (قلت) تقدم الكلام على ذلك فى باب ما جاء فى فضل مريم بنت عمران من كتاب أحاديث الأنبياء فى الجزء العشرين ص 133 فارجع إليه إن شئت (باب) (1) (عن عطاء بن أبى رباح الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجهخ فى باب انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت من سورة الأحزاب فى الجزء الثامن عشر ص 237 بعد حديث رقم 382 وفى شرحه بيان أهل البيت وكلام العلماء فى ذلك فارجع اليه (2) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر قال ثنا عوف عن أبى المعدل عطية الطفاوى الخ (غريبه) (3) قال فى النهاية السدة كالظلة على الباب لتقى الباب من المطر، وقيل هى الباب نفسه، وقيل هى الساحة بين يديه (4) بالغين المعجمة اخره فاء أى سترهم بخميصة أرسلها وأسبلها عليهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد، ولم يتكلم عليه بجرح ولا تعديل خلاف عادته، وفى إسناده عطية الطفاوى (قال فى تعجيل المنفعة) يكنى أبا المعدل، روى عن أبيه عن أم سلمة رضى الله عنها وعنه

-[مناقب علي وفاطمة وابنيهما وحديث الكساء وقوله تعالى انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس الاية]- فقال اللهم اليك لا إلى النار أنا وأهل بيتي، قالت فقلت وأنا يا رسول الله، فقال وأنت (عن شهر ابن حوشب عن أم سلمة) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة ائتينى بزوجك وابنيك، فجاءت بهم فألقى عليهم كساء فدكيا قال ثم وضع يده عليهم ثم قال اللهم ان هؤلاء آل محمد فاجعل صلواتك وبركاتك على محمد وعلى آل محمد إنك حميد مجيد، قالت أم سلمة فرفعت الكساء لأدخل معهم فجذبه من يدي، وقال إنك على خير (عن شداد أبى عمار) قال دخلت على واثلة ابن الأسقع وعنده قوم فذكروا عليا فلما قاموا قال لى ألا أخبرك بما رأيت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت بلى، قال أتيت فاطمة رضى الله عنها أسألها عن على قالت توجه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلست أنتظره حتى جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه حسن وحسين رضى الله تعالى عنهم آخذ كلُّ واحد منهما بيده حتى دخل، فأتى عليا وفاطمة فأجلسهما بين يديه، وأجلس حسنا وحسينا كل واحد منهما على فخذه، ثم لف عليهم ثوبه أو قال كساءً، ثم تلا هذه الآية {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} وقال اللهم هؤلاء أهل بيتى وأهل بيتى أحق (وعن أنس بن مالك) رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يمر ببيت فاطمة (رضى الله عنها) ستة أشهر إذا خرج إلى الفجر فيقول الصلاة يا أهل البيت {إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا} (عن زيد بن أرقم) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال انى تارك فيكم ثقلين أولهما

_ سليمان التيمي وعوف الاعرابى ضعفه الأزدى (قال الحافظ) سبقه إلى ذلك زكريا الساجى وذكره ابن حبان فى ثقات التابعين، وقال روى عن ابن عمر رضى الله عنهما (1) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال ثنا على بن زيد عن شهر بن حوشسب عن أم سلمة الخ (غريبه) (2) نسبة لفدك وهى مدينة بينها وبين مدينة النبى صلى الله عليه وسلم مرحلتان، وقيل ثلاث، وهى من أعمال خيبر، وهذا الكساء كانوا قد أصابوه من غزوة خيبر (تخريجه) (عل) ورواه الترمذى باختصار الصلاة وفى اسناده على بن زيد ابن جدعان ليس بالقوى، قرنه مسلم بآخر وله شواهد كثيرة تعضده والله أعلم (3) (سنده) حدّثنا محمد بن مصعب قال ثنا الأوزاعى عن شداد أبى عمار الخ (غريبه) (4) أى ذكروه بسوء كما يستفاد من رواية الطبرانى عن أبى عمار أيضا قال انى لجالس عند وائلة بن الأسقع إذ ذكرو عليا فشتموه، فلما قاموا قال اجلس أخبرك عن الذى شتموا، انى لجالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم إذ جاء على وفاطمة وحسن وحسين فذكر نحوه (5) أى أحق بالاكراه والتطهير، ورواه أيضا الحاكم فى المستدرك من وجه آخر وصححه وأقره الذهبى (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد وأبو يعلى باختصار: وزاد اليك لا الى النار: والطبرانى وفيه محمد بن مصعب وهو ضعيف الحديث سيء الحفظ رجل صالح فى نفسه اه (قلت) جاء فى الخلاصة قال أحمد حديثه عن الأوزاعى مقارب (قلت) وهذا الحديث رواه عن الأوزاعى (6) (سنده) حدّثنا أسود بن عامر ثنا حماد بن سلمة عن ابن زيد عن أنس بن مالك الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى التفسير وعزاه للامام أحمد؛ ثم قال ورواه الترمذى عن عبد بن حميد عن عفان به وقال حسن غريب (قلت) ورواه أيضا الطيالسى فى مسنده (7) (عن زيد بن ارقم الخ) هذا طرف من حديث

-[حث النبي صلى الله عليه وسلم على التمسك بكتاب الله وسيرة أهل بيته الطاهرين ومن هم أهل البيت]- كتاب الله عز وجل، فيه الهدى والنور، فخذوا بكتاب الله تعالى واستمسكوا به، فحث على كتاب الله ورغّب فيه، قال وأهل بيتي، أذكِّركم الله فى أهل بيتي، أذكِّركم الله فى أهل بيتي، أذكركم الله فى أهل بيتي، فقال له حسين (يعنى ابن سبرة) ومن أهل بيته يا زيد؟ أليس نساؤه من أهل بيته؟ قال أن نساءه من أهل بيته ولكن أهل بيته من حرم الصدقة بعده، قال ومن هم؟ قال آل على وآل عقيل وآل جعفر وآل عباس، قال أكل هؤلاء حرم الصدقة؟ قال نعم (عن على رضى الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد حسن وحسين رضى الله عنهما فقال من أحبنى وأحب هذين وأباهما كان معى فى درجتى فى الجنة (عن زيد بن ثابت) قال قال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم انى تارك فيكم خليفتين كتاب الله حبل ممدود ما بين السماء والأرض أو ما بين السماء إلى الأرض وعترتى أهل بيتى وأنهما لا يتفرقا حتى يردوا على الحوض (6)

_ طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب الأول من كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة فى الجزء الأول، وهو حديث صحيح رواه مسلم والحاكم وغيرهما؛ وهو واضح فى تعيين أهل البيت (1) (سنده) حدّثنا على بن نصر الأزدى اخبرنى على بن جعفر بن محمد بن على بن الحسين بن على حدّثنى أخى موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه عن على بن حسن عن أبيه عن جده (يعنى على بن أبى طالب رضى الله عنه) الخ (غريبه) (2) أى قريب من درجتى لأنه مهما عظم أمر الانسان فى الصلاح لا يبلغ درجة النبى صلى الله عليه وسلم والله أعلم (تخريجه) (مذ) وقال حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث جعفر بن محمد إلا من هذا الوجه، والتحسين ثابت فى بعض نسخ الترمذى دون بعض، وضعفه غيره، وهذا الحديث من زوائد عبد الله ابن الامام أحمد على مسند أبيه ولذلك رمزت له بحرف زاى (3) (سنده) حدّثنا الأسود بن عامر ثنا شريك على الركين عن القاسم بن حسان عن زيد بن ثابت الخ (غريبه) (4) زاد فى بعض الروايات احدهما أكبر من الآخر وفى رواية ثقلين بدل خليفتين وسيأتى سمّاها به لعظم شأنهما (كتاب الله) القرآن (حبل) أى هو حبل (ما بين السماء والأرض) قيل أراد به عهده، وقيل السبب الموصل إلى رضاه (وعترتي) بمثناة فوقية (أهل بيتي) تفصيل بد اجمال بدلا أو بيانا وهم أصحاب الكساء الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وقيل من حرِّمت عليهم الزكاة ورجحه القرطبى (وفى النهاية) عترة الرجل اخص أقاربه وعترة النبى صلى الله عليه وسلم بنو عبد المطلب، وقيل أهل بيته الأقربون وهم أولاده وعلى وأولاده وقيل عترته الأقربون والأبعدون منهم (يعنى من قريش) (والمعنى) إن ائتمرتم بأوامر كتابه وانتهيتم بنواهيه واهتديتم بهدى عترته واقتديتم بسيرته اهتديتم فلم تضلوا (5) أى والحال أنهما (لا يتفرقا) أى الكتاب والعترة أى يستمرا متلازمين (6) أى الكوثر قيل ويدخل فى العترة العلماء العاملون اذ هم الذين لا يفارقون القرآن سواء كانوا من أهل البيت أو من غيرهم، ويستفاد من هذا الحديث والذى بعده وجود من يكون أهلا للتمسك به من أهل البيت والعترة الطاهرة فى كل زمن إلى قيام الساعة حتى يتوجه الحث المذكور إلى التمسك به كما أن الكتاب كذلك فلذلك كانوا امانا لأهل الأرض فاذا ذهبوا اذهب أهل الأرض

-[ما جاء في فضل على وفاطمة والحسن والحسين رضى الله عنهم]- (عن أبي سعيد الخدري) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال انى أوشك أن أدعى فأجيب وانى تارك فيكم الثقلين، كتاب الله عز وجل وعترتي، كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض، وعترتى أهل بيتي، وإن اللطيف الخبير أخبرنى أنهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض فانظرونى بم تخلفونى فيهما (عن على رضى الله عنه) قال دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا نائم على المنامة فاستبقى الحسن أو الحسين قال فقام النبى صلى الله عليه وسلم الى شاة لنا بكى. فحلبها فدّرت فجاءه الحسن فنحاه النبى صلى الله عليه وسلم فقالت فاطمة يا رسول الله كأنه أحبهما اليك قال لا ولكنه استسقى قبله، ثم قال انى وإياك وهذين وهذا الراقد فى مكان واحد يوم القيامة (عن أبى هريرة) قال نظر النبى صلى الله عليه وسلم إلى الحسن

_ (تخريجه) (طب عل) وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد واسناده جيد (1) (سنده) حدّثنا أبو النضر ثنا محمد يعنى ابن طلحة عن الأعمش عن عطية العوفى عن أبى سعيد الخدرى الخ (غريبه) (2) يريد موته صلى الله عليه وسلم (3) معناه أن إخباره صلى الله عليه وسلم بعدم افتراقهما حتى يردا على الحوض بوحى من الله عز وجل، وهذه الجملة ليست فى الحديث السابق (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الأوسط وفى اسناده رجال مختلف فيهم اه (قلت) غفل الحافظ الهيثمى رحمه الله عن عزوه للامام أحمد، وفى اسناده عند الامام أحمد عطية بن سعد بن جنادة العوفى بفتح المهملة واسكان الواو قال فى الخلاصة ضعفه الثورى وهشيم وابن عدي، وحسّن له الترمذى أحاديث اه وفى التهذيب قال أبو حاتم وابن سعد ومع ضعفه يكتب حديثه (4) (بسنده) حدّثنا عفان حدثنا معاذ بن معاذ حدثنا قيس ابن الربيع عن أبى المقدام عن عبد الرحمن الأزرق عن على الخ (غريبه) (5) جاء عند البزار فاستسقى الحسن فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) الشاة البكيئ والبسكيئة التى قل لبنها وقيل انقطع (7) هكذا بالاصل فجاءه الحسن النبى صلى الله عليه وسلم، ولكن جاء عند البزار (فوثب الحسين فقال بيده) أى أشار إليه النبى صلى الله عليه وسلم بيده فنحاه أى صرفه وردّه عن مكانه، وهذا هو الموافق لسياق الحديث، والظاهر أن قوله فى رواية الامام أحمد (فجاءه الحسن خطأ من الناسخ أو الطابع وصوابه (فجاءه الحسين ليوافق رواية البزار وبذلك يستقيم المعنى والله أعلم (8) أى كأن الحسن احبهما اليك (قال لا) يعنى أنهما عندى بمنزلة واحدة ولكن الحسن استسقى قبل الحسين فصار له الحق فى الأولية (9) يعنى الحسن والحسين (وهذا الراقد) يعنى عليا رضى الله عنه (10) أى فى منزلة واحدة والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار إلا أنه قال أتانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا والحسن والحسين نيام فى لحاف أو فى شعار، فاستسقى الحسن فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اناء فصب فى القدح فجاء به فوثب الحسين فقال بيده، فقالت فاطمة كأنه أحبهما اليك يا رسول الله؟ قال انه استسقى قبله وانى واياك وهذين وهذا الراقد فى مكان واحد يوم القيامة، رواه الطبرانى بنحوه إلا أنه قال فقام إلى قربة لنا فجعل يمصرها فى القدح (أى يعصرها) وأصل المصر الحلب بثلاثة أصابع) وقال وانهما عندى بمنزلة واحدة (وأبو يعلى) باختصار وفى اسناد أحمد قيس ابن ربيع وهو مختلف فيه وبقية رجال أحمد ثقات اه (قلت) قيس بن الربيع ثقة وثقه النووى وشعبه وغيرهما وضعفه وكيع، وفى الخلاصة قال أبو الوليد الطيالسى ثقة حسن الحديث، وقال يعقوب بن شيبة قيس عند جميع أصحابنا صدوق وهو رديئ الحفظ ضعيف فى روايته (11) (سنده) حدّثنا تليد

-[قول النبي صلى الله عليه وسلم فى أهل بيته لا يدخل قلب امرئ ايمان حتى يحبكم الله ولقرابتى]- والحسين وفاطمة رضى الله عنهم فقال أنا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم (عن العباس ابن عبد المطلب) قال قلت يا رسول الله ان قريشا إذا لقى بعضهم بعضا لقوهم ببشر حسن وإذا لقونا لقونا بوجوه لا نعرفها قال فغضب النبى صلى الله عليه وسلم غضبا شديدا وقال والذى نفسى بيده لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله ولرسوله (ومن طريق ثان) بلفظ انا لنخرج فنرى قريشا تحدَّث فاذا رأونا سكتوا، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ودرّ عرق بين عينيه ثم قال والله لا يدخل قلب امرئ ايمان حتى يحبكم الله ولقرابتى (حدثنا اسماعيل) ثنا موسى ابن سالم أبو جهضم ثنا عبد الله بن عباس سمع ابن عباس قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عبدا مأمورا بلغ والله ما أرسل به وما اختصنا دون الناس بشئ ليس ثلاثا، أمرنا أن نسبغ الوضوء، وأن لا نأكل الصدقة، وأن لا ننزى حمارا على فرس، قال موسى فلقيت عبد الله بن حسن فقلت ان عبد الله بن عبيد الله حدثنى كذا وكذا، فقال ان الخيل كانت فى بنى هاشم قليلة فأحب أن تكثر فيهم (عن جبير بن مطعم) قال لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سهم القربى من خيبر بن بنى هاشم وبنى المطلب جئت أنا وعثمان بن عفان فقلت يا رسول الله هؤلاء بنو هاشم لا ينكر فضلهم لمكانك الذى وصفك الله عز وجل منهم، ارأيت اخواننا من بنى المطلب أعطيتهم وتركتنا، وانما نحن وهم منك بمنزلة واحدة، قال انهم لم يفارقونى فى جاهلية ولا اسلام، وإنما هم بنو هاشم وبنو المطلب شيء واحد، قال ثم شبك بين أصابعه (وعنه أيضا) عن النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم

_ ابن سليمان قال ثنا أبو الجحاف عن أبى حازم عن أبى هريرة الخ (غريبه) (1) معناه أنه صلى الله عليه وسلم يبغض من يبغضهم ويحب من يحبهم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) وفيه تليد بن سليمان وفيه خلاف (2) (سنده) حدّثنا يزيد هو ابن هارون انبأنا اسماعيل يعنى ابن أبى خالد عن يزيد بن أبى زياد عن عبد الله بن الحارث عن العباس بن عبد المطلب الخ (غريبه) (3) يعنى بوجوه منكرة (4) (سنده) حدّثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبى زياد عن عبد الله بن الحارث عن عبد المطلب بن ربيعة قال دخل العباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول انا لنخرج الخ (تخريجه) (مذ جه ك) زاد الترمذى بعد قوله (حتى يحبكم لله ولرسول) ثم قال يا أيها الناس من آذى عمى فقد آذانى فانما عم الرجل صنو أبيه، قال الترمذى وهذا حديث حسن صحيح (5) (حدّثنا اسماعيل الخ) (غريبه) (6) كلام ابن عباس هذا يشعر بأنه سئل هل اختصكم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء دون الناس؟ والسائل يريد آل البيت، فقال ابن عباس رضى الله عنه كان رسول الله صلى الله عليه وسلم عبداً مأمورا الخ (7) أى نحمله عليها للنسل، يقال نزوت على لاشيء انزوا نزوا إذا وثبت عليه، وقد يكون فى الأجسام والمعاني، وتقدم الكلام على ذلك وحكمة النهى عنه فى باب استحباب تكثير نسل الخيل فى آخر كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر ص 134 فارجع اليه (تخريجه) (الأربعة) (8) (عن جبير بن مطعم الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب فرض خمس الغنيمة لله ولرسوله الخ من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر ص 75 رقم 238 (9) (سنده) حدّثنا محمد بن عمرو قال أنا ابن جريج قال أنا أبو الزبير انه سمع عبد الله بن بابيه عن

-[ما جاء في عدد زوجات النبى صلى الله عليه وسلم واختصامهن بامور دون النساء]- خير عطاء هذا يا بنى عبد مناف ويا بنى عبد المطلب ان كان لكم من الأمر شيء فلأعرفن ما منعتم أحدا يطوف بهذا البيت أية ساعة من ليل أو نهار (أبواب ذكر أزواجه الطاهرات واليك ذكرهن على الترتيب) (فالأولى منهن ام المؤمنين خديجة بنت خويلد رضى الله عنها) (باب الثانية من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم سودة بنت زمعة رضى الله عنها) (عن عائشة رضى الله عنها) قالت خرجت سودة لحاجتها ليلا بعد ما ضرب عليهن الحجاب، وكانت امرأة تفرع النساء جسيمة، فوافقها عمر فأبصرها فناداها يا سودة انك والله ما تخفين علينا إذا خرجت

_ جبير بن مطعم عن النبى صلى الله عليه وسلم خير عطاء هذا، يا بنى عبد مناف الخ (غريبه) (1) الظاهر والله أعلم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان أعطاهم شيئاً وأخبرهم أن هذا الشيء خير عطاء ثم قال لهم يا بنى عبد مناف الخ (2) خصهم بالخطاب دون سائر قريش ل علمه بأن ولاية الأمر والخلافة ستئول اليهم مع انهم رؤساء مكة، وفيهم كانت السدانة والحجابة واللواء والسقاية والرفادة، قاله الطيبى (3) معنى هذا أن النبى صلى الله عليه وسلم يحذرهم من منع أى انسان يطوف بالبيت فى أية ساعة من ليل أو نهار، وقد جاء ذلك فى حديث مستقل عن جبير ابن مطعم يبلغ به النبى صلى الله عليه وسلم قال يا بنى عبد مناف لا تمنعن أحدا طاف بالبيت أو صلى أية ساعة من ليل أو نهار، وتقدم هذا الحديث فى باب جواز الطواف بالبيت فى أى وقت كان من كتاب الحج فى الجزء الثانى عشر ص 54 رقم 256 (تخريجه) (حب بز. ك. والأربعة) (4) أعلم وفقنى الله وإياك لما يرضيه أن ازواج النبى صلى الله عليه وسلم فضلن على النساء وثوباهن وعقابهن مضاعفان لقوله تعالى {ومن يقنت منكن لله ورسوله وتعمل صالحا نؤتها أجرها مرتين الآية} ولقوله تعالى {يا نساء النبى من يأت منكن بفاحشة مبينة يضاعف لها العذاب ضعفين} ولم يحصل من واحدة منهن شيء من ذلك، ويحرم نكاحهن على جميع الرجال لقوله تعالى {وأزواجه امهاتهم} ولا يحل سؤالهن إلا من وراء حجاب لقوله تعالى {وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب} وأفضلن خديجة وعائشة؛ وفى أفضلهما خلاف، واختلف فى عدة زوجاته صلى الله عليه وسلم والمتفق عليه انهن احدى عشرة امرأة، ستة من قريش خديجة بنت خويلد وعائشة بنت أبى بكر وحفصة بنت عمر وأم حبيبة بنت أبى سفيان وأم سلمة بنت أبى أمية وسودة بنت زمعة، وأربع عربيات زينب بنت جحش من بنى أسد بن جزيمة وميمونة بنت الحارث الهلالية وزينب بنت خزيمة الهلالية أم المساكين وجويرية بنت الحارث المصطلقية، وواحدة غير عربية من بنى اسرائيل وهى صفية بنت حيى من بنى النضير ومات عنده صلى الله عليه وسلم منهن اثنتان خديجة وزينب أم المساكين ومات صلى الله عليه وسلم عن تسع (5) تقدم سبب زواج النبى صلى الله عليه وسلم بها ونسبها ومن تزوجها قبله وقصة زواجه بها وتاريخه فى الجزء العشرين ص 197 وجاء تاريخ وفاتها فى الجزء المشار إليه ص 126 وجاء ما وردن فى فضلها ومناقبها العظيمة فى الجزء المشار إليه أيضا ص 139 فارجع إليه تجد ما يسرك (باب) (6) (سنده) حدّثنا ابن نمير ثنا هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (7) بفتح التاء والراء بينهما فاء ساكنة كنة أى تفرعن طولا كما

-[مناقب أم المؤمنين سدة بنت زمعة وهى الثانية من زوجاته صلى الله عليه وسلم]- فانظرى كيف تخرجين أو كيف تصنعين فانكفأت فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنه ليتعشى فأخبرته بما قال لها عمر وإنه فى يده لعرقا فأوحى اليه ثم رفع عنه وان العرق لفى يده فقال لقد أذن لكن ان تخرجن لحاجتكن (عن عروة عن عائشة) رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها غير أن سودة بنت زمعة (رضى الله عنها) كانت وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم تبتغى بذلك رضا النبى صلى الله عليه وسلم (عن هشام عن أبيه عن عائشة) رضى الله عنها قالت لما كبرت سودة وهبت يومها إلىّ فكان النبى صلى الله عليه وسلم يقسم لى بيومها مع نسائه، قالت وكانت أول امرأة تزوجها بعدها

_ جاء في بعض الروايات أى تطولهن وتعلوهن (3) لعله قصد المبالغة فى احتجاب أمهات المؤمنين بحيث لا يبدين اشخاصهن أصلا ولو كن مستترات (4) أى رجعت فقوله فرجعت تفسير لقوله فانكفأت (5) بفتح العين وسكون الراء ثم القاف: العظم الذى عليه اللحم (وقوله فأوحى إليه) بضم الهمزة مبنيا للمفعول (ثم رفع عنه) أى ما كان فيه من الشدة بسبب نزول الوحى (6) أى والحال أن العرق لفى يده ما وضعه فالجملة حالية (7) بضم الهمزة مبنياً للمفعول (8) أى دفعا للمشقة ورفعا للحرج، وفيه تنبيه على أن المراد بالحجاب الستر حتى لا يبدو من جسدهن شيء لا حجب أشخاصهن فى البيوت، والمراد بالحاجة البراز والله أعلم (تخريجه) (خ) (9) (عن عروة عن عائشة الخ) هذا الحديث والذى بعده تقدما بسندهما وشرحهما وتخريجهما فى باب من وهبت يومها لضرتها فى آخر كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر ص 239 الأول رقم 286 والثانى 287 فارجع اليهما والله الموفق (تتمة) كانت سودة رضى الله عنها متزوجة قبل النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم بابن عم ابيها السكران بن عمر وأسلم معها قديماً وهاجرا جميعا إلى الحبشة (قال ابن عباس) انها رأت فى المنام كأن النبى صلى الله عليه وسلم أقبل يمشى حتى وطئ عنقها فأخبرت زوجها بذلك، فقال ان صدقت رؤياك لأموتن وليتزوجك (يعنى النبى صلى الله عليه وسلم) ثم رأت فى المنام ليلة أخرى أن قمرا انقض عليها وهى مضطجعة فاخبرت زوجها؛ فقال لئن صدقت رؤياك لم البت الا يسيرا حتى أموت وتتزوجين من بعدي، فاشتكى السكران من يومه ذلك فلم يلبث إلا قليلا حتى مات، ثم تزوجها النبى صلى الله عليه وسلم، وكانت رضى الله عنها شديدة الاتباع لامره صلى الله عليه وسلم فقد روى الامام أحمد من حديث أبى هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنسائه عام حجة الوداع هذه الحجة تم ظهور الخصر أى ثم الزمن البيوت فلا تخرجن إلى الحج مرة أخرى، فكنى النبى صلى الله عليه وسلم بظهور الحصر عن ملازمتهن البيوت، وتقدم هذا الحديث بسنده وشرحه وتخريجه فى فصل وجوب الحج على النساء الخ من كتاب الحج فى الجزء الحادى عشر ص 16 رقم 18 قال فكن كلهن يحججن إلا زينب وسودة فقالتا والله لا تحركنا دابة بعد أن سمعنا ذلك منه صلى الله عليه وسلم: وصح عن عائشة (عند أبى يعلى وغيره) انها قالت ما من الناس أحد أحب إلىّ أن أكون فى مسلاخه من سودة، أن بها الأّحدّة كانت تسرع منها الفيئة، مسلاح بوزن مفتاح أى هديها وطريقتها (وفى الصحيحين) عن عائشة استأذنت سودة رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة المزدلفة أن تدفع قبل الناس وكانت امرأة بطيئة يعنى ثقيلة فأذن لها، ولأن أكون استأذنته أحب الى من مفروح به، ورواه أيضاً الامام أحمد وتقدم فى باب الرخصة فى تقديم وقت الدفع للضعفة الخ من كتاب الحج فى الجزء الثانى عشر ص 165 رقم 365 (وعن ابراهيم النخفي) قال قالت سودة لرسول الله صلى الله عليه وسلم صليت خلفك الليل

-[ما جاء في أم المؤمنين عائشة بنت ابى بكر رضى الله عنهما وهى الثالثة من أزواجه صلى الله عليه وسلم]- (أبواب ما جاء فى أم المؤمنين عائشة بنت أبى بكر الصديق رضى الله عنهما) " (وهى الثالثة من أزواجه صلى الله عليه وسلم) " (باب فى تاريخ العقد عليها والبناء بها وكم كان عمرها وقصة زفافها) (عن عائشة رضى الله عنها) قالت تزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى شوّال وأدخلت عليه فى شوال فأى نسائه كان أحظى عنده مني، فكانت تستحب أن تدخل نساءها فى شوال (وعنها أيضا) قالت تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم وهى بنت تسع سنين ومات عنها وهى بنت ثمان عشرة (وعنها أيضا) قالت تزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم متوفى خديجة قبل مخرجه إلى المدينة بسنتين أو ثلاث وأنا بنت سبع سنين، وفى لفظ ست سنين فلما قدمنا المدينة جاءتنى نسوة وأنا ألعب فى أرجوحة وأنا مجمعة فذهبن بى فهيأننى وصنعننى ثم أتين بى رسول الله صلى الله عليه وسلم فبنى بى وأنا بنت تسع سنين

_ فركعت بي حتى امسكت ما بقى مخافة أن يقطر الدم فضحك، وكانت تضحكه بالشئ أحيانا، رواه ابن سعد برجال الصحيح (وعنده أيضا) عن محمد بن سيرين أن عمر بعث إلى سودة بغرارة من دراهم فقالت ما هذه؟ قالوا دراهم، قالت فى غرارة مثل التمر؟ ففرقتها: وتوفيت بالمدينة فى شوال سنة أربع وخمسين رضى الله عنها (باب) (1) (عن عائشة رضى الله عنها الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى ميلاد عبد الله بن الزبير وبنائه صلى الله عليه وسلم بعائشة رضى الله عنها فى حوادث السنة الأولى من الهجرة فى الجزء الحادى والعشرين ص 15 رقم 199 فارجع اليه ففى شرحه كلام نفيس (2) (سنده) حدّثنا أبو معاوية قال ثنا الأعمش عن ابراهيم عن الأسود عن عائشة قالت تزوجها الخ (غريبه) (3) أى بنى بها وأما العقد عليها فكان وهى بنت ست سنين أو سبع كما سياتي، فى الحديث التالى (تخريجه) (م وغيره) (4) (سنده) حدّثنا حسن بن موسى قال ثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت تزوجنى الخ (غريبه) (5) قال الحافظ وفى حديث عائشة ما يؤيد القول الصحيح فى أن موت خديجة قبل الهجرة بثلاث سنين، وذلك بعد المبعث على الصواب بعشر سنين، وقد روى البخارى عن عبيد بن اسماعيل عن أبى أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه قال توفيت خديجة قبل مخرج النبى صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين فلبث سنتين أو قريبا من ذلك ونكح عائشة (أى عقد عليها) وهى بنت ست سنين ثم لبى بها وهى بنت تسع سنين (6) فى أكثر الروايات بنت ست، ويجمع بينهما بانه كان لها ست وكسر ففى رواية اقتصرت على الست وتركت سنة الكسر، وفى رواية عدت سنة الكسر والله أعلم (7) بضم الهمزة وسكون الراء حبل يشد فى كل من طرفيه خشبة ويعلق فى شيء مرتفع فيجلس واحد على طرف وآخر على آخر ويحركان فيميل أحدهما بالآخر، نوع من لعب الصغار (وقولها وأنا مجممة) جاء فى رواية أخرى (ولى جميمة) تصغير جمة بضم الجيم وهى من شعر الرأس ما سقط على المنكبين (تخريجه) (ق. وغيرهما) هذا وتقدمت قصة زفافها إلى النبى صلى الله عليه وسلم مطولة فى الجزء الحادى والعشرين المشار إليه آنفا ص 15 رقم 200 و 201

-[ملاطفة النبي صلى الله عليه وسلم عائشة وادخاله السرور عليها وشئ من مناقبها]- (باب في ملاطفة النبى صلى الله عليه وسلم عائشة وادخاله السرور عليها) (عن عائشة رضى الله عنها) قالت كنت ألعب بالبنات ويجئ صواحبى فيلعبن معي، فاذا رأين رسول الله صلى الله عليه وسلم انقمعن منه، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخلهن علىّ فيلعبن معى (حدثنا عباد بن عباد) عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لها أنى أعرف غضبك إذا غضبت ورضاك اذا رضيت، قالت وكيف تعرف ذلك يا رسول الله؟ قال اذا غضبت قلت يا محمد واذا رضيت قلت يا رسول الله (وعنها من طريق ثان) قالت قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم انى لأعلم إذا كنت عنى راضية واذا كنت على غضبى، قالت فقلت من أين تعلم ذاك؟ قال اذا كنت عنى راضية فانك تقولين لا ورب محمد، وإذا كنت عنى غاضبة تقولين لا ورب ابراهيم عليه السلام قلت أجل والله ما أهجر الا اسمك (عن عائشة رضى الله عنها) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اريتك فى المنام مرتين ورجل يحملك فى سرقة من حرير فيقول هذه امرأتك فأقول ان يك هذا من عند الله عز وجل يمضه (وعنها أيضا) قالت لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم على باب حجرتى والحبشة يلعبون بحرابهم يسترنى بردائه لكى أنظر الى لعبهم ثم يقوم حتى أكون أنا التى أنصرف (وعنها أيضا) قالت وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم ذقنى على منكبيه لأنظر إلى زفنى الحبشة حتى كنت التى مللت فانصرفت عنهم (ومن طريق ثان)

_ فارجع إليه والله أعلم (باب) (1) (عن عائشة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب فضل احسان العشرة وحسن الخلق مع الزوجة فى آخر كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر ص 236 رقم 276 (2) (حدّثنا عباد بن عباد) الخ (غريبه) (3) يعنى غضبها عليه صلى الله عليه وسلم قال القاضى عياض مغاضبة عائشة للنبى هى مما سبق من الغيرة التى عفى عنها للنساء فى كثير من الأحكام لعدم انفكاكهن منها، حتى قال مالك وغيره من علماء المدينة يسقط عنها الحدّ اذا قذفت زوجها بالفاحشة على جهة الغيرة، قال واحتج بما روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ما تدرى الغيراء أعلى الوادى من أسفله، ولولا ذلك لكان على عائشة فى ذلك من الحرج ما فيه، لأن الغضب على النبى صلى الله عليه وسلم وهجره كبيرة عظيمة، ولهذا قالت لا أهجر إلا اسمك، فدل على أن قلبها وحبها كما كان، وانما الغيرة فى النساء لفرط المحبة (4) (سنده) حدّثنا أبو أسامة ثنا هشام عن أبيه عن عائشة قالت الخ (تخريجه) (ق. نس) (5) (سنده) حدّثنا ابن ادريس قالت سمعت هشاما عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (6) هى بفتح السين المهملة والراء الشقق البيض من الحرير قاله أبو عبيد وغيره (7) قال الطيبى هذا الشرط مما يقوله المتحقق لثبوت الأمر المدلى بصحته تقريرا لوقوع الجزاء وتحققه، ونحوه قول السلطان لمن يحب قهره ان كنت سلطانا انتقمت منك، أى أن السلطنة مقتضية للانتقام (تخريجه) (ق وغيرها) (8) (وعنها أيضاً) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب فضل احسان العشرة وحسن الخلق مع الزوجة فى آخر كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر ص 236 رقم 275 (9) (سنده) حدّثنا سليمان بن داود قال ثنا عبد الرحمن يعنى ابن أبى للزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (10) الزفن

-[ما جاء حظوة عائشة عند النبى صلى الله عليه وسلم وتصريحه بانها احب نسائه اليه]- قال (حدثنا محمد بن بشير) قال ثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة (رضى الله عنها) أن الحبشة لعبوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم فدعانى فنظرت من فوق منكبه حتى شبعت (عن أبى هريرة) قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد والحبشة يلعبون فزجرهم عمر فقال النبى صلى الله عليه وسلم دعهم يا عمر فانهم بنو أرفدة (حدثنا سليمان بن داود) أنا ابن أبى الزناد عن أبى الزناد قال قال لى عروة إن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ لتعلم يهود أن فى ديننا فسحة إنى أرسلت بحنيفية سمحة (باب ما جاء فى حظوتها عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وحبه اياها واجابة طلبها فى غير محظور) (عن عبد الله بن شفيق) قال قلت لعائشة (رضى الله عنها) أى الناس كان أحب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قالت عائشة، قلت فمن الرجال، قالت أبوها (عن عائشة رضى الله عنها) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال انه ليهون علىّ أنى رأيت بياض كف عائشة في الجنة

_ الرقص، وحمل الرقص هنا على معنى التوثب بالسلاح موافقة لسائر الهوايات افاده النووى (تخريجه) (ق. وغيرهما) وانظر أيضا باب الضرب بالدف واللعب يوم العيد من أبواب العيدين فى الجزء السادس ص 161 تجد ما يسرك (1) (سنده) حدّثنا محمد بن مصعب ثنا الأوزاعى عن الزهرى عن سعيد عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) جاء من طريق الزهرى أيضا عن سعيد عن أبى هريرة عند البخارى فى الجهاد قال فأهوى (يعنى عمر) إلى الحصباء فحصبهم بها، فقال النبى صلى الله عليه وسلم دعهم يا عمر (3) بفتح الهمزة وسكون للراء وكسر الفاء وقد تفتح، قيل هو لقب للحبشة، وقيل هو اسم جنس لهم، وقيل اسم جدهم الأكبر، وكأنه يعنى بالتعليل أن هذا شأنهم وطريقهم، وهو من الأمور المباحة فلا انكار عليهم، قال المحب الطبرى فيه تنبيه على أنه يغتفر لهم مالا يغتفر لغيرهم لأن الأصل فى المساجد تزيينها عن الصعب فيقتصر على ما ورد فيه النص اه (وروى السراج) من طريق أبى الزناد عن عروة عن عائشة أنه صلى الله عليه وسلم قال يومئذ لتعلم يهود أن فى ديننا فسحة انى بعثت بحنيفية سمحة، وهذا يشعر بعدم التخصيص، وكأن عمر بنى على الأصل فى تنزيه المساجد فبين له النبى صلى الله عليه وسلم جه الجواز فيما كان هذا سبيله، أو لعله لم يكن علم أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يراهم افاده الحافظ (4) (حدثنا سليمان بن داود الخ) (غريبه) (5) أى يوم ان زجر عمر الحبشة عن اللعب كما فى رواية السراج (6) يستفاد مما ذكر فى شرح الحديث السابق أن سبب قول النبى صلى الله عليه وسلم ذلك هو زجر عمر الحبشة والحنيف عند العرب من كان على دين ابراهيم عليه السلام وأصل الحنيف الميل (والسمحة) السهلة التى لا حرج فيها (تخريجه) (طل) والحديث صحيح ورجاله كلهم ثقات (باب) (7) (سنده) حدّثنا عبد الواحد الحداد عن كهمس عن عبد الله بن شقيق الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد فى مسند عائشة وسنده جيد، وله شاهد من حديث عمرو بن العاص قال بعثن رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش ذات السلاسل قال فأتيته قال قلت يا رسول الله أى الناس أحب اليك؟ قال عائشة، قال قلت من الرجال، قال أبوها إذاً؛ قال قلت ثم من؟ قال عمر، قال فعد رجالا، وهذا الحديث تقدم فى باب ما جاء فى سرية ذات السلاسل فى الجزء الحادى والعشرين ص 140 رقم 358 وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (8) (عن عائشة رضى الله عنها) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى احتضاره صلى الله عليه وسلم ومعالجته سكرات الموت الخ في الجزء الحادي والعشرين

-[طلب صفية من عائشة الشفاعة لها عند النبى صلى الله عليه وسلم ولها يومها وقبول النبى شفاعتها]- (عن علي بن زيد) عن أم محمد عن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اهديت له هدية فيها قلادة من جزع فقال لأدفعنها إلى أحب أهلى الىّ، فقالت النساء ذهبت بها ابنة أبى قحافة فدعا النبى صلى الله عليه وسلم أمامة بنت زينب فعلقها فى عنقها (عن عائشة رضى الله عنها) قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم بين نسائه فيعدل، ويقول هذه قسمتي، ثم يقول اللهم هذا فعلى فيما أملك فلا تلمنى فيما تملك ولا أملك (عن سمية عن عائشة) رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على صفية بنت حبيى فى شيء، فقالت صفية يا عائشة أرض عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولك يومي، فقالت نعم، فأخذت خمارا لها مصبوغا بزعفران فرشّته بالماء ليفوح ريحه فقعدت إلى جنب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله اليك يا عائشة، انه ليس يومك، قالت ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء وأخبرته بالأمر فرضى عنها (عن هشام عن أبيه) أن عائشة رضى الله عنها قالت للنبى صلى الله عليه وسلم يا رسول الله كل نسائك لها كنية غيرى فقال لها رسول الله اكتنى، أنت أم عيد الله (وفى رواية قال فتكنى

_ ص 248 رقم 530 (1) (سنده) حدّثنا حسن ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن أم محمد عن عائشة الخ (قلت) أم محمد قال فى التقريب اسمها أمية بنت عبد الله ويقال أمينة وهى أم محمد امرأة والد على ابن زيد بن جدعان وليست بأمه من الثالثة (غريبه) (2) بفتح الجيم وسكون الزاى قال فى النهاية الجزع بالفتح الخرز اليمانى لواحدة جزعة (3) يردن عائشة رض الله عنها، وكن مجتمعات جميعا فى مكان واحد، ونما قلن ذلك لاعتقادهن انها أحب نسائه اليه (4) هى بنت بنته زينب رضى الله عنهما وهى التى كان يحملها فى الصلاة (تخريجه) أورده الهيثمى بلفظ الطبرانى عن عائشة قالت اهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم قلادة من جزع ملمعة بالذهب ونساؤه مجتمعات فى بيت كلهن، وأمامة بنت أبى العاص بن الربيع جارية تلعب فى جانب البيت بالتراب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف ترين هذه؟ فنظرنا اليها فقلنا يا رسول الله ما رأينا احسن من هذه قط: قال والله لأضعنها فى رقبة أحب أهل البيت الى، قالت عائشة فأظلمت علىّ الأرض بينى وبينه خشية أن يضعها فى رقبة غيرى منهن، ولا أراهن إلا أصابهن، مثل الذى أصابنى ووجمنا جميعا سكوت، فأقبل بها حتى وضعها فى رقبة امامة بنت أبى العاص فسرّى عنها، قال الهيثمى رواه الطبرانى واللفظ له وأحمد باختصار وأبو يعلى واسناد أحمد وابى يعلى حسن (5) (عن عائشة الله عنها الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما يجب فيه التعديل بين الزوجات فى آخر كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر ص 237 رقم 281 وانما ذكرته هنا لقوله صلى الله عليه وسلم فلا تملمنى فيما تملك ولا املك قال العلماء يريد حب عائشة القلبى (6) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد قال انا ليث وثابت عن سمية عن عائشة الخ (قلت) سمية هى البصرية قال فى التقريب مقبولة، وفى الخلاصة سمية البصرية عن عائشة وعنها ثابت البنائى (غريبه) (7) أى غضب عليها بسبب شيء فعلته (8) أى فرضى عن صفية وقبل ما صنعته عائشة (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد (9) (عن هشام عن ابيه الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى الكنية واللقب، ومن كناهم النبى صلى الله عليه سلم من كتاب العقيقة وسنة الولادة فى الجزء الثالث عشر ص 165 رقم 45 وهو حديث صحيح، وقوله صلى الله عليه وسلم (فتكنى

-[غيرة ضرائر عائشة من محبة رسول الله صلى الله عليه وسلم اياها وانتصارها عليهن]- يا بنت عبد الله، فكان يقال لها أم عبد الله حتى ماتت ولم تلد قط (باب ما جاء فى غيرة ضرائرها من محبة رسول الله أياها وانتصارها عليهن) (حدثنا عفان) قال حدثنى سليم بن اخضر قال ثنا ابن عون قال حدثنى على بن زيد عن أم محمد امرأة أبيه عن عائشة قالت كانت عندنا أم سلمة فجاء النبى صلى الله عليه وسلم عند جنح الليل قالت فذكرت شيئا صنعه بيده قالت وجعل لا يفطن لام سلمة، قالت وجعلت أومئ اليه حتى فطن قالت أم سلمة اهكذا الآن، أما كانت واحدة منا عندك إلا فى خلابة كما أرى وسبت عائشة وجعل النبى صلى الله عليه وسلم ينهاها فأبى، فقال النبى صلى الله عليه وسلم سبيها، فسبتها حتى غلبتها فانطلقت أم سلمة إلى على وفاطمة فقالت إن عائشة سبتها وقالت لكم وقالت لكم، فقال على لفاطمة اذهبى اليه وقولى له ان عائشة قالت لنا وقالت لنا، فأتته فذكرت ذلك له، فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم أنها حبَّة أبيك ورب الكعبة، فرجعت إلى على فذكرت له الذى قال لها، فقال أما كفاك إلا أن قالت لنا عائشة وقالت حتى أتتك فاطمة فقلت لها إنها حبة أبيك ورب الكعبة (ومن طريق ثان حدثنا أزهر) قال أنا ابن عون قال أنبأنا على بن زيد عن أم محمد امرأة أبيه قالت وكانت تغشى عائشة قالت كانت عندنا زينب بنت جحش فذكرت نحو حديث سليم بن أخضر إلا أن سليما قال أم سلمة (عن عروة عن عائشة) قالت اجتمعن أزواج النبى صلى الله عليه وسلم فأرسلن فاطمة إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقلن لها قولى له أن نساءك ينشدنك العدل فى ابنة أبى قحامه قالت فدخلت على النبى صلى الله عليه وسلم وهو مع عائشة فى مرطها (15)

_ بابنك عبد الله) يريد ابن اختها اسماء عبد الله بن الزبير (باب) (1) (حدثنا عفان الخ) (غريبه) (2) الله أعلم بهذا الشئ (3) أى لم يعلم بحضورها (4) اى جعلت عائشة تشير اليه حتى علم انها حاضرة (5) أى فى خداع من عائشة (6) حملها على ذلك شدة الغيرة (7) انما اذن النبى صلى الله عليه وسلم لعائشة بسبب أم سلمة لأن ام سلمة هى البادئة ولأن النبى صلى الله عليه وسلم نهاها فلم تنته فسبتها عائشة حتى غلبتها (8) ظاهر قولها وقالت لكم وقالت لكم ان عائشة قالت كلاما لا يرضى على وفاطمة رضى الله عنهما (9) الحب بالكسر المحبوب والأنثى حبة اى محبوبته صلى الله عليه وسلم واكد حبه لها بالقسم (10) الظاهر أن القائل أما كفاك هو على رضى الله عنه يخاطب النبى صلى الله عليه وسلم من باب الاستعطاف والله اعلم (11) أى تحضر عندها للزيارة (12) فى هذا الطريق ان صاحبة القصة زينب بنت جحش وفى الطريق الأولى انها أم سلمة وساتى قصتهما فى الأحاديث الآتية، وهى اصح من هذا (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام أحمد وفى اسناده على بن زيد بن جدعان ضعيف روى له مسلم مقرونا بغيره كذا فى التقريب (13) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق انا معمر عن الزهرى عن عروة عن عائشة الخ (غريبه) (14) قال النووى معناه يسالنك التسوية بينهن فى محبة القلب، وكان صلى الله عليه وسلم يسوى بينهن فى الأفعال والمبيت ونحوه، واما محبة القلب فكان يحب عائشة أكثر منهن، واجمع المسلمون على أن محبتهن لا تكليف فيها ولا يلزمه التسوية فيها لأنه لا قدرة لأحد عليها إلا الله سبحانه وتعالى، وانما يؤمر بالعدل فى الأفعال، وقد كان حاصلا، ولهذا كان يطاف به صلى الله عليه وسلم فى مرضه عليهن، حتى ضعف فاستأذنهن أن يمرض فى بيت عائشة فأذنّ له (5) المرط بكسر الميم وسكون

-[إرسالهن فاطمة لتسأل النبى صلى الله عليه وسلم انصافهن من عائشة ثم ارسالهن زينب بنت جحش]- فقالت له ان نسائك ارسلننى وهن ينشدك العدل (1) فى ابنة أبى قحافة، فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم اتحبيننى؟ قالت نعم، قال فأحبيها (وفى رواية فقال النبى صلى الله عليه وسلم أى بنية الست تحبين ما أحب؟ فقالت بلى فقال فأحبى هذه لعائشة) فرجعت اليهن فأخبرتهن ما قال لها، فقلن انك لم تصنعى شيئا فارجعى إليه، فقالت والله لا أرجع إليه فيها أبدا، قال الزهرى وكانت ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حقا (2) فأرسلن زينب بنت جحش، قالت عائشة وهى التى كانت تسامنينى (3) من ازواج النبى صلى الله عليه وسلم قالت ان أزواجك ارسلننى وهن بنشدنك العدل فى ابنة أبى قحافة، قالت ثم أقبلت على تشتمنى فجعلت أراقب النبى وأنظر إلى طرفه (4) هل يأذن لى فى أن أنتصر منها فلم يتكلم، قالت فشتمتنى حتى ظنت أنه لا يكره أن أنتصر منها، فاستقبلها فلم ألبث أن أقحمها (5) قالت فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم انها ابنة أبى بكر (6) (وفى رواية فتبسم النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال انها ابنة أبى بكر) قالت عائشة ولم أر امرأة خيرا منها وأكثر صدقة وأوصل للرحم وأبذل لنفسها فى كل شئ يتقرب به إلى الله عز وجل من زينب، ما عدا سورة من غرب حد (7) كان فيها توشك منها الفيئة (وعنه من طريق ثان) (8) قال قالت عائشة ما علمت حتى دخلت علىّ زينب بغير اذن وهى غضبى، ثم قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم احسبك اقبلت لك بنية أبى بكر ذريعتيها (9) ثم اقبلت الىّ (10) فأعرضت عنها حتى قال النبى صلى الله عليه وسلم دونك نتصرى (11) فأقبلت عليها (12) حتى رأيتها قد يبس ريقها فى فمها ما ترد علي شيئًا

_ الراء كساء من صوف أو خز يؤنزر به تتلفع المرأة به، والجمع مروط مثل حمل وحمول (1) أى يسألنك (2) أى على أحواله وآدابه على أتم وجه وأوكده (3) أى تعادلنى وتضاهينى فى الحظوة والمنزلة الرفيعة مأخوذ من السمو وهو الارتفاع (4) أى عينه لعله يشير الى بالإنتصار منها فلم يتكلم، أى فلم يسّر اليها بشئ لأنه صلى الله عليه وسلم تحرم عليه خائنة الأعين، وانما فى الحديث انها انتصرت لنفسها فلم ينهها (5) أى غلبتها وقهرتها (6) يشير إلى كمال فهمها وحسن نظرها (7) أى جميع خصالها محمودة ما عدا سورة من غرب حد (قال فى النهاية) الغرب الحدة اهـ وجاء عند مسلم بلفظ ما عدا سورة من حدَّة كانت فيها تسرع منها الفنية (قال النووى) سورة بسين مهملة مفتوحة ثم واو ساكنة ثم راء ثم تاء والسورة الثوران وعجلة الغضب، وأما الحِدة فهى شدة الخلق وثورانه، ومعنى الكلام أنها كانت كاملة الأوصاف إلا أن فيها شدة خلق وسرعة غضب تسرع منها الفيسئة، بفتح الفاء وبالهمز وهى الرجوع، اى اذا وقع ذلك منها رجعت عنه ولا تصر عليه، وهذا معنى قوله فى رواية الامام احمد توشك منها الفيئة (8) (سنده) حدثنا عبد الله بن محمد قال عبد الله (يعنى ابن الامام أحمد) وسمعته أنا منه قال ثنا محمد بن بشر عن زكريا عن خالد بن سلمة عن البهي عن عروة بن الزبير قال قالت عائشة الخ (غريبه) (9) الذريعة تصغير الذراع ولحوق الهاء فيها لكونها مؤنثة وارادات به ساعديها، تعنى أنك تسمع قولها وتعمل باشارتها والله أعلم (10) أى تشتمها كما فى الطريق الأولى (11) انما اذن صلى الله عليه وسلم لعائشة بالانتصار من زينب لكونه رآها زادت فى الاعتداء وعائشة ساكتة لا ترد عليها (12) أى أقبلت على زينب تشتمها وتدفع عن نفسها ما قالته زينب

-[إرسالهن أم سلمة الى النبى صلى الله عليه وسلم ليكلم الناس ان لا يخصوا بيت عائشة بهداياهم]- فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم يتهلل وجهه (1) (عن أم سلمة) (2) زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت كلمنى صواحبى (3) ان اكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأمر الناس فيهدون له حيث كان، فانهم يتحرون بهديته يوم عائشة وإنا تحب الخير كما تحبه عائشة، فقلت يا رسول الله ان صواحبى كلمننى ان أكلمك لتأمر الناس ان يهدو لك حيث كنت، فان الناس يتحرون بهداياهم يوم عائشة، وانما نحب الخير كما تحب عائشة، قالت فسكت النبى صلى الله عليه وسلم ولم يراجعنى (4) فجاءنى صواحبى فأخبرتهم انه لم يكلمنى، فقلن لا تدعيه (5) وما هذا حين تدعينه قالت ثم ذار فكلمته فقلت ان صواحبى قد أمرننى أن أكلمك تأمر الناس فليهدوا لك حيث كنت، فقالت له مثل تلك المقالة مرتين أو ثلاثا كل ذلك يسكت عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال يا أم سلمة لا تؤذنبى فى عائشة (6) فانه والله ما نزل علىّ الوحى وأنا فى بيت امرأة من نسائى غير عائشة (7) فقالت أعوذ بالله أن أسواءك فى عائشة. (يا رب ما جاء فى محبتها النبى صلى الله عليه وسلم وغيرتها عليه ومحافظتها على ما كان على عهده) (عن محمد بن قيس) (8) بن مخرمة بن المطلب أنه قال يوما ألا أحدثكم عنى وعن أمى؟ فظننا أنه يريد أمه التى ولدته، قال قالت عائشة (رضى الله عنها) ألا أحدثكم عنى وعن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قلت بلى، قالت لما كانت ليلتى التى فيها النبى صلى الله عليه وسلم عندى انقلب فوضع رداءه وخلع نعليه فوضعهما عند رجليه، وبسط طرف ازاره على فراشه فاضطجع فلم يلبث إلا ريثما ظن انى قد رقدت، فأذ رداءه رويدا وانتعل رويدا وفتح الباب فخرج ثم أجافه رويدا، فجعلت درعى فى رأسى واختمرت وتقنعت ازارى ثم انطلقت على أثره حتى جاء البقيع، فقام فأطال القيام ثم رفع يديه ثلاث مرات، ثم انحرف فانحرفت، فاسرع فأسرعت فهرول فهرولت فأحضر فأحضرت فسبقته فدخلت فليس إلا أن اضطجعت، فدخل فقال مالك يا عائش حشياء رائبة، قالت قلت لا شئ يا رسول الله، قال لتخبرينى؟ وليخبرنى اللطيف الخبير، قالت قلت يا رسول الله بابى وامى فأخبرته، قال فأنت السواد الذى رأيته أمامى؟ قلت نعم، فلهزنى فى ظهرى لهزة فأوجعتنى، وقال

_ حتى يبس ريقها أى ريق زينب الخ (1) أى يتهلل وجهه سروروا، وانما سر النبى صلى الله عليه وسلم بقول عائشة لما رأى فيها من الذكاء والحكمة فى القول والشجاعة التى لم توجد فى غيرها من النساء (تخرجه) اخرج الطريق الأولى منه (ق. نس) ولم أقف على من أخرج الطريق الثانية بهذا السياق غير الامام أحمد وفى اسنادها من لم أعرفه ومع هذا فمعناه فى الصحيحين (2) (سنده) حدثنا أبو أسامة قال أنا هشام يعنى ابن عروة بن عوف بن الحارث بن الطفيل عن رمثية أم عبد الله بن محمد بن أبى عتيق عن أم سلمة زوج النبى صلى الله عليه وسلم (غريبة) (3) تعنى نساء النبى صلى الله عليه وسلم أى لم يقل لها شيئًا (5) معناه لو تركتيه على هذا السكوت لم تفيدينا بشئ، كلميه حتى يكلمك (6) لفظة فى للتعليم كقوله تعالى {فذلكن الذى لمتنى فيه} (7) هذا يدل على فضل عائشة على سائر نسائه الموجودات (تخرجه) (خ نس) إلا أن البخارى رواه من مسند عائشة تحكى ما فعلته أم سلمة والله أعلم (8) (عن محمد بن قيس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخرجه فى باب ما يقال عند زيارة القبور من كتاب الجنائز في الجزء الثامن

-[خروج النبي صلى الله عليه وسلم لزيارة اهل البقيع وخروج عائشة على اثره من شدة غيرتها عليه لتنظر اين ذهب]- أظننت أن يحيف عليك الله ورسوله؟ قالت مهما يكتم الناس يعلمه الله، قال نعم، فان جبريل عليه السلام أتانى حين رأيت فنادانى فاخفاء منك (أى اخفى صوته) فأحببته خفيته منك ولم يكن ليدخل عليك وقد وضعت ثيابك، وظننت أنك قرد قدت فكرهت أو أوقظك وخشيت أن تستوحشى فقال (يعنى جبريل) ان ربك عز وجل يأمرك أن تأتى أهل البقيع فتستغفر لهم، قالت فكيف أقول يا رسول الله؟ فقال قولى السلام على أهل الديار من المؤمنين والمسلمين؛ ويرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين وإنا ان شاء الله للاحقون (عن عائشة رضى الله عنها) (1) قالت صليت صلاة كنت أصلها على عهد النبى صلى الله عليه وسلم لو أن ابى نشر فنهانى عنها ما تركتها (2) (باب ما جاء فى حديث الإفك ومحنة عائشة ونزول براءتها من فوق سبع سموات) (حدثنا عبد الرازق) (3) قال حدثنا معمر عن الزهرى قال أخبرنى سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عبد الله ابن عتبة بن مسعود عن حديث عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم حين قال لها أهل الأفك (4) ما قالوا وبرأها الله عز وجل وكلهم حدّثنى بطائفة من حديثها (5) وبعهم كان أوعى (6) لحديثها من بعض وأثبت اقتصاصا وقد وعيت (7) عن كل واحد منهم الحديث الذى حدثنى وبعض حديثهم يصدق بعضا، ذكروا أن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج سفرا (8) أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم معه (9) قالت عائشة فأقرع بيننا فى غزوة غزاها (10) فخرج فيها سهمى فخرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وذلك بعدما نزل الحجاب (11) فانا أحمل في

_ ص 173 رقم 338 فارجع اليه (1) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا أبى عن سعيد بن مسروق عن أبان ابن صالح عن أم حكيم عن عائشة الخ (غريبه) (2) هذا مبالغة فى محافظتها وحرصها على ما كانت تفعله على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم رضى الله عنها وأرضاها (تخرجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد ورجاله كلهم ثقات (باب) (3) (حدّثنا عبد الرازق الخ) (غريبة) (4) الإفك بكسر الهمزة أبلغ ما يكون من الافتراء والكذب (5) القائل وكلهم حدثنى بطائفه من حديثها هو الزهرى وقد انتقد على الزهرى روايته لهذا الحديث ملفقا عن هؤلاء الأربعة، وقالوا كان ينبغى أن يفرد حديث كل واحد عن الآخر: حكاه القاضى عياض فيما ذكره الحافظ (6) أى أحفظ (وأثبت اقتصاصا) أى سياقا (7) بفتح العين أى حفظت (عن كل واحد منهم الحديث) أى بعض الحديث والحاصل أن جميع الحديث عن مجموعهم لا أن مجموعة عن كل واحد منهم (8) أى إلى سفر فهو نصب بنزع الخافض أو ضمن يخرج معنى بنشئ فالنصب على المفعولية (9) الحكمة فى القرعة تطييب القلوب، وفيه مشروعية القرعة والرد على المانع، والجمهور على القول بها (10) هى غزوة بنى المصطلق من خزاعة وتقدم هذا الحديث مختصرا فى غزوة بنى المصطلق من رواية هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة (11) أى المر به: صدر هذا منها توطئة للسبب فى كونها كانت مستترة فى الهودج حتى أفضى ذلك إلى تحميله وهم يظنون أنها فيه، بخلاف ما كان قبل الحجاب فان النساء حينئذ كن يركبن متون الرواحل بغير هوادج ويركبن الهودج

-[حديث الإفك وامانة صفوان بن المعطل رغما عما قيل فيه]- هودجي (1) وأنزل (2) فيه سيرنا حتى إذا فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم من غزوة فقل (3) ودنونا من المدينة آذن (4) ليلة بالرحيل فقمت حين آذنوا بالرحيل فمشيت حتى جاوزت الجيش، فلما قضيت شأنى أقبلت إلى الرجل فلمست صدرى فاذا عقد لى من جزع ظفار قد انقطع، فرجعت فالتمست عقدى فاحتبسنى ابتغاؤه، وأقبل الرهط الذى كانوا يرحلون لى (6) فحملوا هودجى فرحلوه على بعيرى الذى كنت أركب وهم يحسبون أنى فيه، قالت وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلهن (7) ولم يغشهن، اللحم انما يأكلون العلقة (8) من الطعام فلم يستنكر القوم ثقل الهودج حين رحلوه ورفعوه، وكنت جارية حديثة السن (9) فبعثوا الجمل وساروا فوجدت عقدى بعدما استمر الجيش (10) فجئت منازلهم وليس بها داع ولا مجيب، فيممت منزلى الذى كنت فيه وظننت أن القوم سيفقدونى فيرجعوا الى، فبينا اما جالسة فى منزلى غلبتنى عينى فنمنت، وكان صفوان بن معطل السُّلمى ثم الذكوانى قد عرّس (12) وراء الجيش فأولج فأصبح عند منزلى فرآى سواد انسان نائم فاتانى فعرفنى (13) حين رآنى وقد كان يرانى قبل أن يضرب علىّ الحجاب فاستيقظت باسترجاعه حين عرفنى فخمرت وجهى بجلبابى فوالله ما كلمنى كلمة ولا سمعت منه كلمة غير استرجاعه حتى أباخ راحلته فوطئ الظهيرة (14) فهلك من هلك فى شأنى (15) وكان الذى تولى كبره عبد الله بن أبي

_ غير مستترات بخمرهن، ولو كان الأمر كذلك لما وقه ما وقع (1) الهودج بها ودال مهملة مفتوحتين بينهما واو ساكنة آخره جيم، محمل له قبة تستر بالثياب ونحوها يوضع على ظهر البعير يركب فيه النساء ليكون أسترلهن (2) بضم الهمزة فى أحمل وأنزل مبيين المفعول (3) أى رجع من غزوته (4) بالمد والتخفيف ويجوز فيه القصر والتشديد أى أعلم بالرحيل (5) بفتح الجيم وسكون الزاى بعدها عين مهملة مضافا لقوله ظفار، والجزع خرز معروف فى سواده بياض كالعروق (وظفار) بفتح الظاء المعجمة مدينة باليمن ينسب اليها الجزع (6) بفتح أوله وسكون الراء مخففا أى يشدون الرحل على بعيرى (7) بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد الموحدة مكسورة بعدها لام ساكنة أى لم يكثر عليهن اللحم يقال هبَّله اللحم إذا كثر عليه وركب بعضه بعضا (8) بضم العين وسكون اللام وبالقاف أى القليل من الطعام (9) لم تكمل إذ ذاك خمس عشرة سنة (10) أى ذهب ماضيا (11) اى قصدت (12) التعريس تزول المسافر آخر الليل نزلة للنوم والاستراحة، يقال منه عرّس بتشديد الراء يُعرِّس تعريسا (فأولج) أى نام فى معطف الوادى، وجاء فى حديث أبى هريرة عن البزار (وكان صفوان يتخلف عن الناس فيصيب القدح والجراب والادارة) معناه من سقط له شئ من ذلك أتاه به، وفى مرسل مقاتل فيحمله فيقدم به فيعرّفه فى أصحابه (13) معناه أنه حين عرفها قال انا لله وانا اليه راجعون (وقولها فخمرت وجهى) أى سترته بجلبابها والجلباب ثوب أوسع من الخمار ودون الرداء، وقال ابن فارس الجلباب ما يغطى به من ثوب وغيره والجمع الجلابيب (14) أى فى وقت الهاجرة وقت توسط الشمس السماء يقال وغِرت الهاجرة وغرا وأوغر الرجل دخل فى ذلك الوقت، كما يقال أظهر إذا دخل فى وقت الظهر (15) أى بسبب خوضهم في الإفك

-[ذكر مسطح بن أثاثه وحسان بن ثابت وجمنة بنت جحش لأنهم كانوا ممن تكلموا بالإفك]- ابن سلول (1) فقدمت المدينة فاشتكيت حين قدمنا شهرا والناس يفيضون فى قول أهل الأفك ولم أشعر بشئ من ذلك ويريبنى (2) فى وجعنى أنى لا أعرف من رسول الله صلى الله عليه وسلم اللطف الذى كنت أرى منه حين اشتكى، انما يدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم فيسلم ثم يقول كيف تيكم (3) فذاك يريبنى ولا أشعر بالشر حتى خرجت بعد ما نقهث (4) وخرجت معى أم مسطح قبل المناصع وهو متبرزنا ولا نخرج إلا ليلا إلى ليل، وذلك قبل (5) أن تتخذ الكنف (6) قريبا من بيوتنا وأمرنا أمر العرب الأول فى التنزه (7) وكنا نتأذى بالكنف أن نتخذها عند بيوتنا، وانطلقت أنا وأم مسطح (8) وهى بنت أبى رهم بن المطلب بن عبد مناف وامها بنت صخر بن عامر خالة أبى بكر الصديق وابنها مسطح بن أثاثة بن عباد بن المطلب وأقبلت أنا وبنت أبى رهم قبل بيتى حين فرغنا من شأننا فعثرت أم مسطح فى مرطها (9) فقالت تعس مسطح، فقلت لها بئسما قلت، تسبين رجلا قد شهد بدرا؟ قالت أى هنتاه (10) أو لم تسمعى ما قال؟ قلت وماذا قال؟ فأخبرتنى بقول أهل الأفك فازددت مرضا إلى مرض (11) فلما رجعت إلى بيتى دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثمقال كيف تيكم، قلت أتأذن لى آتى أبوىّ؟ قالت وأنا حينئذ أريد أن اتيقن الخبر من قبلهما، فأذن لى رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أبوىّ فقلت يا أمّاه ما يتحدث الناس؟ فقالت أى بنية هونى عليك فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة (12) عند رجب يحبها ولها ضرائر إلا أكثرن عليها، قالت قلت

_ (1 ابن سلول يكتب بالألف والرفع لأن سلول بفتح السين غير منصرف، علم لام عبد الله فهو صفة لعبد الله لا لأبىّ وأتباعه مسطح بن أثاثة وحسان بن ثابت وحمتة بنت جحش، وفى حديث ابن عمر فقال عبد الله ابن أبىّ فجربها ورب الكعبة اهـ وهو الذى تولى كبره أى تصدى له وتقلده وشاع ذلك فى المعكسر (2) أى يشككنى ويوهمنى (3) بكسر التاء الفوقية وهى فى الاشارة للمؤنث مثل ذاكم فى المذكر، قال فى التنقيح وهى تدل على لطف من حيث سؤاله عنها، وعلى نوع جفاء من قوله تيكم (4) بفتح النون والقاف وقد تكسر أى أفقت من مرضى ولم تتكامل لى الصحة (5) بكسر القاف وفتح الموحدة (والمناصع) بالصد والعين المهملتين موضع خارج المدينة (متبرزنا) بفتح الراء المشددة وبالرفع أى وهو متبرزنا أى موضع قضاء حاجتنا (6) بضم الكاف والنون جمع جنيف وهو الساتر؛ والمراد به هنا المتخذ لقضاء الحاجة (7) معناه وعادتنا عادة العرب الأول (فى التنزه) أى طلب النزاهة، والمراد البعد عن البيوت (8) بوزن منبر اسمها سلمى (9) لكسر الميم كساء من صوف أو خز أو كتان قاله الخليل (فقالت تعس مسطح) أى كب لوجهه أو هلك أو لزمه الشر (10) بفتح الهاء وسكون النون وقد تفتح أى يا هذه نداء للبعيد فخاطبتها خطاب البعيد لكونها نسبتها للبله وقلة المعرفة بمكايد النساء (11) قيل أخذتها الحمى، وعند الطبرانى باسناد صحيح عن أيوب عن ابن أبى مليكة عن عائشة قالت لما بلغنى ما تكلموا به هممت أن آتى قليبا (أى بئرا) فأطرح نفسى فيه (12) بوزن عظيمة من الوضاءة وهو الحسن والجمال، وكانت عائشة رضى الله عنها كذلك وطيبت خاطرها بما يشعر بانها فائقة الجمال والحظوة

-[إستشارة النبى صلى الله عليه وسلم اسامة بن زيد وعلى بن ابى طالب فى امر عائشة وشهادة بريرة]- سبحان الله (1) أوقد تحدث الناس بهذا؟ قالت فبكيت تلك الليلة حتى أصبحت لا يرقأ (2) لى دمع ولا اكتحل بنوم، ثم أصبحت أبكى ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علىّ بن أبى طالب وأسامة بن زيد حين استلبث الوحي (3) يستشيرهما فى فراق أهله، قالت؛ فاما أسامة بن زيد فأشار على رسول الله صلى الله عليه وسلم بالذى يعلم من براءة أهله (4) وبالذى يعلم فى نفسه لهم من الود، فقال يا رسول الله هم أهلك ولا نعلم إلا خيرًا، (5) وأما على بن أبى طالب فقال لم يضيق الله عز وجل عليك والنساء سواها كثير (6) وإن تسأل الجارية تصدقك، (7) قالت فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم بريرة، قال أى بريرة هل رأيت من شئ يريبك من عائشة؟ قالت له بريرة والذى بعثك بالحق ان رأيت عليها أمراً قط أعمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتى الداجن فتأكله (8) فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستعذر من عبد الله بن أبىّ ابن سلول، فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يا معشر المسلمين من يعذرنى من رجل قد بلغنى أذاه فى أهل بيتى (9) فوالله ما علمت على أهلى إلا خيراً ولقد ذكر وارجلا (10) ما علمت عليه إلا خيرا، وما كان يدخل على أهلى إلا معى، فقام سعد ابن معاذ الأنصارى (11) فقال لقد اعذرك منه يا رسول الله، ان كان من الأوس ضربنا عنقه (12) وان كان من اخواننا من الخررج امرتنا ففعلنا امرك، قالت فقام سعد بن عبادة وكان (13) رجلا صالحا

_ عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أى تعجبا من وقوع مثل ذلك فى حقها مع براءتها المحققة عندها (2) بالقاف والهمز أى لا ينقطع (3) أى طال لبث نزوله (4) أى أهل النبى صلى الله عليه وسلم يعنى عائشة (5) معناه أى امسك أهلك أى العفيفة اللائقة بجنابك الرفيع واطلاق الأهل على الزوجة شائع (6) كذا الرواية بصيغة التذكير لأن لفظ فعيل يسوى فيه المذكر والمؤنث إفرادًا وجمعا، وهذا الكلام من الامام على رضى الله عنه حمله عليه ترجيح جانب النبى صلى الله عليه وسلم لما راى عنده من القلق المحتدم والغم المتراكم بسبب ما قيل، وكان النبى صلى الله عليه وسلم شديد الغيرة، فرأى أنه إذا فارقها سكن ما عنده بسببها إلى أن يتحقق براءتها فيراجعها؛ وهذا من بذل النصيحة لإراحة فؤاده الشريف لا لعداوة عائشة كما زعم الزاعمون (7) فوض الامر آخرا إلى نظره العلى صلى الله عليه وسلم فكأنه قال ان أردت تعجيل الراحة ففارقها، وان أردت الوقوف على حقيقة الشأن فسل الجارية، يعنى بريرة تصدقك لأنه كان يتحقق أن بريرة لا تخبره إلا بما علمته، وهى لا تعلم من عائشة إلا محض البراءة (8) معنى كلام بريرة انها ما رأت من عائشة أمرًا تعيبه عليها فى كل أمورها أكثر من أنها تنام الخ ووصفتها بذلك لأن حديث السن يغالبه النوم لرطوبة جسمه، وهذا جواب نفى عنها كل ما كان من النقائص من جنس ما أراد صلى الله عليه وسلم التنقيب عنه وغيره (والداجن) الشاة التى تألف البيوت ولا تخرج إلى المرعى (9) أى طلب من يقوم له بالمعذرة ان يكافئ ابن أبىّ على سوء صنيعه، أو المراد طلب من ينصفه وينتقم له منه كما يرشد اليه سياق الكلام الآتى (10) هو صفوان بن المعطل (11) هو سيد الأوس (لقد اعذرك منه) لكسر الذال (12) انما قال ذلك لأنه كان سيدهم كما مر فجزم بان حكمه فيهم نافذ ومن آذى النبى صلى الله عليه وسلم وجب قتله (13) هو سيد الخزرج شهد العقبة وكان أحد النقباء

-[خصام سعد بن معاذ وسعد بن عابدة بسبب اهل الافك وحزن عائشة وبكائها]- ولكن اجتهلته (1) الحمية فقال لسعد بن معاذ لعمر الله لا تقتله (2) ولا تقدر على قتله، فقام اسيد ابن حضير وهو ابن عم سعد بن معاذ فقال بسعد بن عبادة كذبت، لعمر الله لنقتلنه فانك منافق (3) تجادل عن المنافقين، فثار الحيان الأوس والخررج حتى هموا أن يقتتلوا ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم على المنبر فلم يزل الرسول صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا وسكت، وبكيت يومى ذاك لا يرقأ لى دمع ولا اكتحل بنوم، ثم بكيت ليلتى المقبة لا يرفأ لى دمع ولا اكتحل بنوم وأبواى يظنان أن البكاء فالق كبدى، قالت فبينما هما جالسان عندى وأنا أبكى استأذنت علىّ امراة من الانصار (4) فأذنت لها فجلست تبكى معى، فبينما نحن على ذلك دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلم ثم جلس، قالت ولم يجلس عندى منذ قيل لى (5) ما قيل وقد لبث شهرا لا يوحى اليه فى شأنى شئ، قالت فتشهد رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جلس ثم قال أما بعد يا عائشة أنه قد بلغنى عنك كذا وكذا، فان كنت بريئة فسيبرئك الله عز وجل، وان كنت الممت بذنب فاستغفرى الله ثم توبى اليه فإن العبد إذا اعترف بذن ثم تاب تاب الله عليه، قالت فلما قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقالته قلص (6) دمعى حتى ما أحس منه قطرة، فقلت لأبى أجب عنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما قال، فقال ما أدرى والله ما أقول لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت فقلت وأنا جارية حديثة السن لا أقرأ كثيرا من القرآن انى والله قد عرفت انكم قد سمعتم بهذا جتى استقر فى أنفسكم وصدّقتم به، ولئن قلت إنى بريئة والله عز وجل يعلم أنى بريئة لا تصدقونى بذلك، ولئن اعترفت لكم بأمر والله - عز وجل - يعلم أنى بريئة تصدقونى، وانى والله ما أجد لى ولكم مثلا ألا كما قال أبو يوسف (7) صبر جميل (8) والله المستعان على ما تصفون (9) قالت ثم تحولت فاضطجعت على فراشى قالت وأنا والله حينئذ

_ (1) أي حمله على الجهل الحمية وجاء عند البخارى (ولكن احتملته) والمعنى واحد وسيأتى عند الامام أحمد بلفظ احتملته فى الطريق الثانية (2) انما قال ذلك سعد بن عبادة لأن أم حسان كانت بنت عمه من فخذه كما سيأتى فى الطريق الثانية (3) قال ذلك أسيد بن حضير مبالغة فى زجره عن القول الذى قاله أى إنك تصنع صنيع المنافقين وفسره بقوله (تجادل عن المنافقين) قال المازوى لم يرد نفاق الكفر، وانما أراد انه يظهر الود للأوس ثم ظهر منه فى هذه القضية ضد ذلك فأشبه حال المنافقين، لأن حقيقته اظهار شئ واخفاء غيره (4) لم تسم هذه المرأة جاء فى رواية البخارى (من يوم قيل فيّ) بتشديد الياء وله فى أخرى منذ قيل لى كما هنا (6) بفتح القاف واللام آخره صاد مهملة أى انقطع لأن الحزن والغضب إذا أخذا حدّهما فقد الدمع لفرط حرارة المصيبة (7) يعقوب عليه السلام (8) أى فأمرى صبر جميل لا جزع فيه على هذا الأمر، وفى مرسل حبان بن أبى جبلة قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله تعالى {فصبر جميل} قال صبر لا شكوى فيه، أى إلى الخلق، وجاء فى رواية للبخارى انها قالت (فصبر جميل) بالفاء قال صاحب المصابيح إنه رأى فى بعض النسخ صبر بغير فاء مصححا عليه كرواية ابن اسحاق فى سيرته اهـ (قلت) وكراوية الامام أحمد هنا (9) أى على ما تذكروّن عنى مما يعلم الله براءتي منه

-[نزول براءة عائشة فى قوله تعالى {ان الذين جاءوا بالإفك الآيات}]- أعلم أني بريئة وأن الله عز وجل مبرئى ببراءتى ولكن الله ما كنت أن ينزل فى شأنى وحى يتلى، ولشأنى كان أحقر فى نفسى من أن يتكلم الله عز وجل فىّ بأمر يتلى، ولكن كنت أرجو أن يرى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى النوم رؤيا يبرئنى الله عز ولجل بها، قالت فوالله ما رام (1) رسول الله رسول الله صلى الله عليه وسلم من مجلسه ولا خرج من أهل البيت أحد حتى أنزل الله عز وجل على نبيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخذه ما كان يأخذه من البرجاء (2) عند الوحى حتى إنه ليتحدر (3) منه مثل الجمان من العرق فى اليوم الشاتى من ثقل القول الذى أنزل عليه، قالت فلما سُرّى (4) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يضحك فكان أول كلمة تكلم بها أن قال ابشرى يا عائشة، أمّا الله عز وجل فقد برأك، فقالت لى أمى قومى إليه، فقلت والله لا أقوم إليه (وفى رواية ولا أحمده ولا أحمدكما، لقد سمعتموه فما انكرتموه ولا غيرتموه) ولا أحمد إلا الله عز وجل هو الذى أنزل براءتى، (5) فانزل الله عز وجل {ان الذين جاءوا بالأفك عصبة منكم) عشر آيات فأنزل الله عز وجل هذه الآيات براءتى، قالت فقال أبو بكر وكان ينفق على مسطح لقرابته منه وفقره، والله لا أنفق عليه شيئًا أيدًا بعد الذى قال لعائشة، فأنزل الله عز وجل {ولا يأتل أولوا الفضل منكم والسعة} إلى قوله {ألا تحبون أن يغفر لكم} (6) فقال أبو بكر والله انى لأحب أن يغفر لى، فرجّع إلى مسطح النفقة التى كان ينفق عليه، وقال لا أنزعها منه أبدًا، قالت عائشة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل زينب بنت جحش زوج النبى صلى الله عليه وسلم عن أمرى وما عملتِ أو ما رأيتِ أو ما بلغك، قالت يا رسول الله أحمى سمعى وبصرى، والله ما علمت إلا خيرا، قالت عائشة وهى التى كانت تسامينى من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم فعصمها الله عز وجل بالورع، وطفقت أختها حَمنة بنت جحش تحارب لها فهلكت فيمن هلك، قال ابن شهاب فهذا ما انتهى الينا من أمر هؤلاء الرهط (ومن طريق ثان) (7)

_ (1) أي ما فارق رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسه (2) بضم الموحدة وفتح الراء ثم مهملة ممدودة الفرق (3) بتشديد الدال، اللام للتأكد أى بنزل ويقطر (منه مثل الجمان) بضم الجيم وتخفيف الميم أى مثل اللؤلؤ (4) بضم المهملة وتشديد الراء المكسورة أى كشف (5) أى وأنعم علىّ بما لم أكن أتوقعه من أن يتكلم الله في بقرآن يتلى وقالت ذلك ا لالا عليهم وعتبًا لكونهم شكوا فى حالتها مع علمهم بحسن سيرتها وجميل أحوالها وارتفاعها عما نسب إليها مما لا حجة فيه لا شبهة (6) تقدم تفسير هذه الآيات وشرح بقية الحديث فى باب (ان الذى جاءوا بالإفك عصبة منكم) من سورة النور فى كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر ص 118 رقم 361 فارجع اليه وهذا الحديث أخرجه الشيخان (7) (سنده) حدّثناه بهن قال حدّثنى ابراهيم ابن سعد عن صالح قال بهز قلت له، ابن كيسان؟ قال نعم (معنى هذا أن ابراهيم بن سعد قال عن صالح ولم ينبه، فسأله بهز تريد صالح بن كيسان قال نعم) عن ابن شهاب قال حدّثنى عروة بن الزبير وسعيد بن المسيب وعلقمة بن وقاص وعبيد الله بن عتبه عن عائشة وبعض حديثهم يصدّق بعضا وان كان بعضهم أوعى له من بعض، قالوا قالت عائشة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا أراد سفرا أقرع بين أزواجه

-[طريق ثان لحديث الإفك والتنبيه على شئ منه لم يكن فى الطريق الأولى]- عن عائشة رضى الله عنها بنحوه إلا أنه قال (يعنى ابن شهاب) آذن ليلة بالرحيل (1) فقمت حين آذنوا بالرحيل، وقال من جزع ظفار (2) وقال يهبلن وقال فيممت منزلى (4) وقال قال عروة أخبرت أنه كان يشاع ويحدث به عنده فيقره ويستمعه ويستوشيه (5) وقال عروة أيضا لم يسم من أهل الافك إلا حسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة حمنة بنت جحش فى ناس آخرين لا علم لى بهم إلا أنهم عصبة كما قال الله عز وجل (6) وان كبر ذلك كان يقال عند عبد الله بن أبى ابن سلول (7) قال عروة وكانت عائشة تكره أن يسب عندها حسان وتقول أنه الذى قال (فان ابى ووالده وعرضى: لعرض محمد منكم وقاء) (8) وقالت وأمرنا أمر العرب الأول فى التنزه (9) وقال لها ضرائر (10) وقال بالذى يعلم من براءة أهله، وقال فتأتى الداجن فتأكله (11) وقال وان كان من اخواننا الخزرج (12) وقال فقام رجل من الخزرج (13) وكانت أم حسان بنت عمه من فخذه (14) وهو سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج، قالت وكان قبل ذلك رجلا صالحا (15) ولكن احتملته الحمية (16) وقال قلص دمعى (17) وقال وطفقت اختها حمنة تحارب لها (18) وقال

_ فآيتهن خرج سهمها بها فذكر الحديث إلا أنه قال (يعنى ابن شهاب) آذن ليلة بالرحيل الخ (!) هكذا جاء فى الطريق الأولى آذن ليلة بالرحيل (2) هكذا جاء فى الطريق الأولى وتقدم شرحه هناك (3) جاء فى الطريق الأولى لم يهبلهن (4) هكذا جاء فى الطريق الأولى أى قصدت منزلى (5) لم تأت هذه الجملة فى الطريق الأولى ومعناها أن أهل الأفك كانو يجتمعون عند رئيسهم رأس المنافين عبد الله بن أبىّ ويتحدثون به عنده فيبؤيدهم ويشيعه بين الناس (6) يعنى قوله تعالى {ان الذين جاموا بالأفك عصبة منكم) (7) معناه أن من تحمل معظمه فبدأ بالخوض فيه واشاعه هو عبد الله بن أبىّ ابن سلول (8) هذه الحملة من قوله وقال عروة أيضاً إلى أخر هذا البيت لم تأت فى الطريق الأولى وروى ابن جرير عن عائشة أنها قالت ما سمعت بشعر أحسن من شعر حسان ولا تمثلت به إلاّ رجوت له الجنة: قوله لأبي سفيان بن الحارث بن عبد المطلب هجوت محمدا فأجبتُ عنه ... وعند الله فى ذاك الجزاء فان أبى ووالده وعرضى ... لعرض محمد منكم وقاء اتشتمه لست له بكفئ ... فشركما لخيركما الفداء لسانى صارم لاعيب فيه ... وبحرى لا تكدره الدلاء (9) هكذا جاء فى الطريق الأولى (10) جاء فى الطريق الأولى ولها ضرائر (11) هكذا جاء فى الطريق الأولى وتقدم شرحه (12) جاء فى الطريق الأولى وان كان من اخواننا الخزرج أيضاً (13) جاء فى الطريق الاولى فقام سعد بن عبادة وهو سيد الخزرج (14) هذه الجملة لم تات فى الطريق الاولى وقوله من فخذه أى من أهله وعشريته (15) جاء فى الطريق الاولى وكان رجلا صالحا (16) جاء فى الطريق الاولى ولكن اجهلته الحمية (17) هكذا جاء فى الطريق الاولى (18) هكذا جاء فى الطريق الاول، ومعناه ان اختها حمنة جعلت تتعصب لها أى لاختها زينب وخاضت فى حديث الافك لتخفض منزلة عائشة وترفع منزلة أختها

-[ومن بركة عائشة رضى الله عنها نزول آية التيمم بسببها]- عروة قالت عائشة والله ان الرجل الذى قيل له ما قيل ليقول سبحان الله ف (1) والذى نفسى بيده ما كشفت عن كنف أنثى قط، قالت ثم قتل بعد ذلك فى سبيل الله شهيدا (2) (عن عائشة) رضى الله عنها (3) قالت لما نزل عذرى قام رسول الله على المنبر فذكر ذلك وتلا القرآن فلما نزل أمر برجلين وامرأة فضربوا أحدّهم (باب ومن بركتها نزول رخصة التيمم بسببها) (عن عائشة) رضى الله عنها (4) أنها استعارت من أسماء قلادة فهلكت فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجالا فى طلبها فوجدوها فادركتهم للصلاة وليس معهم ماء فصلوا بغير وضوء، فشكوا ذلك إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأنزل الله عز وجل التيمم، فقال اسيد بن حضير لعائشة جزاك الله خيرا، فوالله ما نزل بك أمر تكرهينه إلا جعل الله لك وللمسلمين فيه خراً (عن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم) (5) ورضى عنها قالت أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض أسفاره حتى إذا كنا بتربان بلد بينه وبين المدينة بريد وأميال وهو بلد لا ماء به، وذلك من السحر انسلت قلادة لى من عنقى فوقعت، فحبس رسول الله لالتماسها حتى طلع الفجر وليس مع القوم ماء، قالت فلقيت من أبى ما الله به عليم من التعنيف والتأفيف، وقال فى ل سفر للمسلمين منك عناء وبلاء، قالت فأنزل الله الرخصة بالتيمم، قالت فتيمم القوم وصلوا، قالت يقول أبى حين جاء من الله ما جاء من الرخصة للمسلمين، والله ما علمت يا بنية انك لمباركة، ماذا جعل الله

_ زينب (1) تعنى صفوان بن المعطل يقول سبحان الله تعجبا من قول أهل الافك فيه مع أنه أقسم بالله أنه ما كشف عن كنف أنثى إلى وقت حديث الافك، فقد ذكر الحافظ فى الاصابة أن أبا داود روى من طريق أبى صالح عن أبى سعيد قال جاءت امرأة صفوان إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ان زوجى صفوان يعذبنى الحديث واسناده صحيح اهـ وهو لا ينافى ما هنا لانه يمكن أن يجاب بانه تزوج بعد ذلك والله أعلم (2) قال ابن اسحاق قتل صفوان فى خلافه عمر فى غزوة أرمينية شهيدًا سنة تسع عشرة، وقد روى ذلك البخارى فى تاريخه (تخرجه) (ق. وغيرهما) (3) (سنده) حدّثنا ابن أبى عدى عن محمد ابن اسحاق عن عبد الله بن أبى بكر عن عمرة عن عائشة قالت لما نزل عذرى الخ (تخريجه) أورده الحافظ ابن كشير فى تفسيره وعزاه للامام أحمد ثم قال ورواه أهل السنن الاربعة وقال الترمذى هذا حديث حسن، ووقع عند أبى داود تسميتهم: حسان بن ثابت، ومسطح بن أثاثة، وحمنة بنت جحش أهـ (قلت) ولعمرة عن عائشة رواية أخرى أن النبى صلى الله عليه وسلم لما نزلت آية الافك حدَّ أربعة نفر عبد الله بن أبىّ وحسان بن ثابت ومسطح بن أثاثة وحمنة بنت جحش والله اعلم (باب) (4) (عن عائشة رضى الله عنها) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب تفسير آية التيمم من سورة المائدة فى الجزء الثامن عشر ص 126 رقم 256 فارجع اليه تجد ألأحاديث أخرى هناك، وانظر أيضا باب سبب مشروعية التيمم وصفته من كتاب التيمم فى الجزء الثانى ص 181 رقم 1 (5) (سنده) حدّثنا يعقوب قال ثنا أبى عبد ابن اسحاق حدّثنى يحي بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن عائشة الخ (تخريجه) أخرجه الشيخان من وجه آخر بسياق آخر عن عائشة أيضا وسنده صحيح ورجاله كلهم ثقات، وفيه وفي الذي

-[ما جاء في شدة ذكائها وفهمها وعلمها بالشعر والتاريخ والطب والفقه]- للمسلمين في حبسك اياهم من البركة واليسر (باب ما جاء فى شدة ذكائها وفهمها وعلمها بالشعر التاريخ والطب بله الفقه الذى عم جميع الآفاق) (حدثنا هشام بن عروة) (1) قال كان عروة يقول لعائشة يا أمّتاه لا أعجب من فهمك، أقول زوجة رسول الله وبنت أبى بكر، ولا أعجب من علمك بالشعر وأيام الناس، ولكن أعجب من علمك بالطب كيف هو ومن أين هو؟ قال فضربت على منكبه وقالت أى عريَّة، (2) إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يسقم عند آخر عمره أو فى آخر عمره فكانت تقدم عليه وفود العرب من كل وجه فتنعت له (3) الانعات وكنت أعالجها له فمن ثّمّ (4) (عن يزيد بن مرة) (6) عن لميس انها قالت لعائشة رضى الله عنها يا أمّه، فقالت عائشة إنى لست بأمكن ولكن اختكن (باب ما جاء فى رؤيتها لجبريل عليه السلام وسلامه عليها وما ورد فى فضلها) (عن عائشة) رضى الله عنها (7) قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعا يديه على معرفة فرس وهو يكلم رجلا

_ قبله منقبة عظيمة لعائشة رضى الله عنها (باب) (1) (سنده) حدّثنا أبو معاوية عبد الله بن معاوية الزبيرى قدم علينا مكة حدثنا هشام بن عروة الخ (غريبة) (2) بضم أوله وفتح الراء وتشديد التحتية مفتوحة تصغير عروة وأى حرف نداء أى يا عروة (3) بفتح العين المهملة من باب نفع أى تصف له الصفات (4) أى فمن ثم علمت الطب (تخريجه) أو رده الهيثمى وقال رواه البزار واللفظ له وأحمد بنحوه إلا أنه قال قالت وكنت أعالجها له فمن ثم، والطبرانى فى الاوسط والكبير وفيه عبد الله بن معاوية الزبيرى قال أبو حاتم مستقيم الحديث وفيه ضعف، وبقية رجال أحمد الطبرانى فى الكبير ثقات إلا ان أحمد قال عن هشام بن عروة أن عروة مان يقول لعائشة فظاهره الانقطاع، وقال الطبرانى فى الكبير عن هشام بن عروة عن أبيه فهو متصل أهـ (قلت) جاء عند البزار فأخذت بيدى فقالت يا عرية ان سول الله صلى الله عليه وسلم كثرت اسقامه فكانت أطباء العرب والعجم يبعثون له فتعلمت ذلك، (أما علمها بالشعر) فيدل على ذلك ما روى أنها مدحت النبى صلى الله عليه وسلم بقولها فلو سمعوا فى مصر اوصاف خده ... لما بذلوا فى سوم يوسف من نقد لواحى زليخا لو رأيت جبينه ... لآثرن بالقطه القاوب على الايدى (5) (عن يزيد بن مرة الخ) (قلت) يزيد بن مرة قال الحافظ فى تعجيل المنفعة فيه نظر (لميس) بوزن عظيم اسم امراة جاء اسمها فى تعجيل المنفعة قال الحافظ وعنها يزيد بن مرة شيخ لجابر الجعفى ولم يشر إليها بجرح ولا تعديل (6) فيه أن أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أمهات المؤمنين الرجال لا النساء، ويؤيده قوله تعالى {النبى أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم} يعنى فى تعظيم حقهن وتحريم نكاحهن على التأبيد (تخريجه) أورده البغوى فى تفسيره من طريق الشعبى قال وروى الشعبى عن مسروق ان امراة قالت لعائشة رضى الله عنها يا أمه قالت لست لك بام انما انا أم رجالكم، فبان بهذا أن معنى هذه الأمومة تحريم نكاحهن والله أعلم (باب) (7) (سنده) حدّثنا سفيان عن مجالد عن الشعبى عن أبى سلمة عن عائشة الخ

-[رؤيتها جبريل عليه السلام وقوله صلى الله وعليه وسلم لها هذا جبريل وهو يقرأ عليك السلام]- قلت رأيتك واضعا يديك على معرفة فرس دحية الكلبى (1) وانت تكلمه، قال ورأيت؟ قالت نعم قال ذاك جبريل عليه السلام (2) وهو يقرئك السلام، قالت وعليه السلام ورحمة الله وبركاته جزاه الله خيرا من صاحب ودخيل، فنعم الصاحب ونعم الدخيل، قال سفيان (3) الدخيل الضيف (وعنها من طريق ثان) (4) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة هذا جبريل عليه السلام وهو يقرأ عليك السلام (5) فقلت عليك وعليه السلام ورحمة الله وبركاته، ترى ما لا ترى يا رسول الله (عن أنس) (6) قال قال رسول الله ان فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على (7) سائر الطعام (عن أبى سلمة عن عائشة) (8) أن رسول الله قال فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام (عن أبى موسى) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال كثير (10) ولم يكمل من النساء إلا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران (11) وإن فضل

_ (غريبه) (1) معرفة الفرس هو الشعر الطويل المتتابع الذى يكون على رقبة الفرس (2) كان جبريل عليه السلام يأتى النبى صلى الله عليه وسلم فى بعض الأحيان على صورة دحية الكلبى لانه كان جميلا (3) سفيان هو ابن عينية شيخ الامام احمد راوى الحديث فسر الدخيل بمعنى الضيف وكفى بتفسيره (4) (سنده) حدّثنا ابراهيم بن اسحاق قال ثنا ابن مبارك عن يونس عن الزهرى عن أبى سلمة عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (5) قال النووى معنى يقرأ عليك السلام يسلم عليك (تخريجه) (ق مذ) بدون قصة دحية (قال النووى رحمه الله) فيه فضيلة ظاهرة لعائشة رضى الله عنها، وفيه استحباب بعث السلام ويجب على الرسول تبليغه وقيه بعث الأجنبى السلام إلى الأجنبية الصالحة إذا لم يخف ترتب مفسدة وأن الذى يبلغه السلام يرد عليه (6) (سنده) حدّثنا معاوية بن عمر ثنا زائدة عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر قال سمعت انسا (يعنى ابن مالك) يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (7) ضرب صلى الله عليه وسلم المثل باثريد لانه أفضل طعامهم ولانه ركب من خبز ولحمم ومرقة ولا نظير له فى الاطعمة، ثم إنه جامع بين الغذاء واللذة والقوة وسهولة المتناول وقلة المؤنة فى المضغ وسرعة المرور فى الحلقوك، فخص المثل به إيذانا بانها جمعت مع حسن الخلق وحسن الحديث وحلاوة المنطق وفصاحة اللهجة وجودة القريحة ورزانة الرأى ورصانة العقل والتحبب للبعل، ومن ثم عقلت منه ما لم يعقل غيرها من نسائه وروت عنه ما لم يرو مثلها من الرجال إلا قليلا (قال ابن القيم) الثريد وان كان مركبا فانه مركب من خبز ولحم فالخبز أفضل الاقوات، واللحم سيد الادام، فإذا اجتمعا لم يكن بعدهما غاية، وفى أفضلهما خلاف، والثواب أن الحاجة للخبز، أعم، واللحم أفضل، وهو أشبه بجوهر البدن من كل ما عداه (تخريجه) (م مذبحة) (8) (سنده) حدّثنا عثمان بعمر انا ابن أبى ذئب عن الحارث عن أبى سلمة عن عائشة الخ (تخريجه) (نس) فى عشرة النساء (9) (سنده) حدّثنا وكيع وابن جعفر قالا ثنا شعبة عن عمرو بن مرة الهمدانى عن أبى موسى (يعنى الأشعرى) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبة) (10) اى كثيرون من أفراد هذا الجنس حتى صاروا رسلا وأنبياء وخلفاء وعلماء وأولياء (11) التقدير الا قليل منهن، ولما كان ذلك القليل محصورا فيهما باعتبار الأمم السابقة نص عليهما بخلاف الكمل من الرجال فإنه يبعد تعدادهم واستقصاؤهم بطريق الإنحصار سواء أريد بالكمل الأنبياء أو الأولياء وانما خصتا بالذكر لما أعطينا

-[ما جاء في مرض موتها وتزكية ابن عباس اياها وتاريخ وفاتها رضى الله عنها]- عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام (باب ما جاء فى مرض موتها وتزكية ابن عباس إياها) (عن ذكوان مولى عائشة) (1) أنه استأذن لابن عباس على عائشة وهى تموت (2) وعندها ابن أخيها عبد الله بن عبد الرحمن، فقال هذا ابن عباس يستأذن عليك وهو من خير بيتك، فقالت دعنى من ابن عباس ومن تزكيته (وفى لفظ أخاف أن يزكينى)، فقال لها عبد الله ابن عبد الرحمن إنه قارئ لكتاب الله، فقيه فى دين الله، فأذنى له فليسلم عليك وليودعك، قالت فأذن له ان شئت، قال فأذن له فدخل ابن عباس ثم سلم وجلس، وقال أبشرى يا أم المؤمنين فوالله ما بينك وبين ان يذهب عنك كل آذى ونصب أو قال وصب وتلقى الأحبة محمدا وحزبه أو قال أصحابه الا أن تفارق روحك جسدك، فقالت وأيضاً، فقال ابن عباس كنت أحب أزواج النبى صلى الله عليه وسلم اليه ولم يكن يحب إلا طيبا، وأنزل الله عز وجل براءتك من فوق سبع سموات (زاد فى رواية جاء به الروح الأمين) فليس فى الأرض مسجد الا وهو يتلى فيه آناء الليل وآناء النهار: وسقطت قلادتك بالابواء فأحتبس النبى صلى الله عليه وسلم فى المنزل والناس معه فى ابتغائها، أو قال فى طلبها حتى أصبح القوم على غير ماء، فأنزل الله عز وجل {فتيمموا صعيدا طيبا} الآية فكان فى ذلك رخصة للناس عامة فى سبيلك؛ فوالله تلك لمباركة، فقالت دعنى يا ابن عباس من هذا، فوالله لوددت انى كنت نسيا منسيا (حدثنا سفيان) (3) عن ليث عن رجل عن ابن عباس أنه قال لها (4) انما سميت أم المؤمنين لتسعدى وانه لاسمك قبل أن تولدى (عن عروة بن الزبير) (5) قال ماتت عائشة رضى الله عنها فدفنها عبد الله بن الزبير ليلا

_ من سلوك السبيل إلى الله ثم الوصول إليه ثم الاتصال به، والمراد بالكمال هنا التناهى فى الفضائل والبر والتقوى وحسن الخصال، وتمسك به من زعم نبوة مريم وآسية لأن كمال البشر إنما هو فى مقام النبوة ورُدّ بان الكمال فى شئ مّا يكون حصوله للكامل أو فى من غيره، والنبوة ليست أولى للنساء لبنائها على الظهور للدعوة وحالهن الإستتار، والكمال فى حقهن الصديقية، ثم الظاهر انهما خير نساء عصرهما والتفضيل بينهما مسكوت عنه، وعلم من دليل منفصل أن مريم أفضل وزادت عليهما فاطمة رضى الله عنها بزيادة كمال من كمال أبويها والله أعلم (تخريجه) (ق مذ نس جه) (باب) حدثنا عبد الرازق أنا معمر عن ابن خُثّيْم عن ابن ابى مليكة ذكوان الخ (وله طريق ثان) عند الامام أحمد أيضا قال حدثنا سفيان عن معمر عن عبد الله بن عثمان ين خُثَيْم عن ابن أبى مليكة ان شاء الله يعنى استأذن ابن عباس على عائشة فلم يزل بها بنواخيها قالت أخاف أن يزكينى فلما أذنت له قال ما بينك وبين أن تلقى الأحبة إلا أن يفارق الروح الجسد، فذّكر نحو حديث الباب باختصار (غريبه) (2) أى عندما قاربت الموت (تخريجه) (خ) (3) (حدثنا سفيان الخ) (غريبه) (4) أى لعائشة رضى الله عنها (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه راو لم يسم (قلت) يعنى الرجل الراوبى عن ابن عباس قهو ضعيف ولكنه تابع فى المعنى للذى قبله (5) (عن عروة بن الزبير الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتى بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى وفاة أبى بكر رضى الله عنه من كتاب الخلافة والإمارة (وتوفيت عائشة) رضى الله عنها بالمدينة قبل سنة سبع وخمسين وقال الواقدى ليلة الثلاثاء

-[تابع للشرح ما جاء فى تاريخ ميلادها ووفاتها ودفنها ومن صلىَّ عليها وما ورد فى فضلها]- .....

_ لسبع عشرة خلت من رمضان سنة ثمان وخمسين وصدر به الحافظ فى الفتح كالإصابة وعزاه فيها للأكثرين وتبعه الشامى وزاد أنه الصحيح، وهى ابنة ست وستين سنة على القول الأول، لأنها ولدت سنة أربع من النبوة فتضم تسع لسبع وخمسين تبلغ ذلك، وعلى الثانى باسقاط عام الولادة أو الموت فعاشت بعده صلى الله عليه وسلم كما فى فتح البارى قريبا من خمسين سنة أهـ لأنه صلى الله عليه وسلم توفى ولها ثمان عشرة سنة، فنفع الله بها الامة فى نشر العلوم، وقد (روى البلاذرى) عن القاسم بن محمد قال استقلت عائشة بالفتوى زمن أبى بكر وعمر وعثمان وهلم جرا إلى أن ماتت، وأوصت ابن اختها عروة أن تدفن بالبقيع، فقالت له إذا انا مت دفننى مع صواحبى بالبقيع؛ رواه ابن أبى خثيمة فدفنث بهليلا، ونزل قبرها القاسم بن محمد وابن عمه عبد الله بن عبد الرحمن وعبد الله بن أبى عتيق وعروة وعبد الله بن الزبير كما فى العيون، وحضر جنازتها أكثر أهل المدينة، وصلى عليها أبو هريرة رضى الله عنه، وكان يومئذ خليفة مروان بن الحكم أمير المدينة حينئذ من جهة معاوية لأنه حج فاستخلف أبا هريرة، كذا فى الشاميه فى أيام معاوية بن أبى سفيان والله أعلم، هذا وقد ورد فى فضلا عائشة رضى الله عنها أحاديث كثيرة عند الامام أحمد لم تذكر هنا وتقدمت فى أبواب متفرقة للمناسبة فى كتابى هذا (وجاء فى مجمع الزوائد) للمحافظ الهيثمى أحاديث أخرى وآثار لم تذكر فى المسند أحببت ذكرها هنا اتماما للفائدة (واليك ما جاء فى ذلك) (عن عائشة رضى الله عنها) قالت دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكى فقال ما يبكيك قلت سبتنى فاطمة، فدعا فاطمة فقال يا فاطمة سببت عائشة؟ قالت نعم يا رسول الله، قال أليس تحبين من أحب؟ قالت نعم، قال وتبغضين من أبغض؟ قالت بلى، قال فانى أحب عائشة فأحبيها؛ قالت فاطمة لا أقول لعائشة شيئا يؤذيها أبدا: رواه أبو يعلى والبزار باختصار، وفيه مجالد وهو حسن الحديث، وبقية رجاله رجال الصحيح (وعنها أيضا) قالت لما رأيت من النبى صلى الله عليه وسلم طيب نفس قلت يا رسول الله ادع الله لى، قال اللهم اغفر لعائشة ما تقدم ذنبها وما تأخر وما اسرت وما أعلنت، فضحكت عائشة حتى سقط رأسها فى حجرها من الضحك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيسرك دعائى؟ فقالت ومالى لا يسرنى دعاؤك، فقال والله انها لدعوتى لأمتى فى كل صلاة: رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير أحمد بن منصور الرمادى وهو ثقة (وعنها أيضا) قالت لقد أعطيت تسعا ما أعطيتهن امراة الا مريم بنت عمران، لقد نزل جبريل عليه السلام بصورتى فى راحته (أى فى يده) حتى أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتزوجنى، ولقد تزوجنى بكرا وما تزوج بكرا غير، ولقد قبض رأسه فى حجرى، ولقد قبرته فى بيتى؛ ولقد حفت الملائكة بكرا وما تزوج بكرا غيرى، ولقد قبض ورأسه فى حجرى، ولقد قبرته فى بيتى؛ ولقد حفت الملائكة ببيتى، وان الوحى لينزل وهو فى أهله فيتفرقون عنه، وان كان الوحى لينزل عليه وأنى معه فى لحافه؛ وانى لابيه خليفته وصدّيقه، ولقد تزل عذرى من السماء، ولقد خلقت طيبة وعند طيب، ولقد وعدت مغفرة ورزقاً كريماً، رواه أبو يعلى: وفى الصحيح وغيره بعضه، وفى اسناد أبى يعلى من لم أعرفهم (قلت) أورده الزرقانى فى شرح المواهب وقال رواه ابن سعد والطبرانى برجال الصحيح وابن أبى شيبه (وعنها أيضا) قالت خلال فىّ سبع لم تكن فى أحد من النساء إلا ما آتى الله مريم بنت عمران، والله ما أقول هذا فخراً على أحد من صواحني، فقال لها عبد الله بن صفوان وما هن يا أم المؤمنين؟ قالت نزل الملك بصورتى فذكرت نحو الحديث المتقدم وزادت فيه وتزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم لسبع سنين وأهديت إليه لتسع سنين وفيه أيضا وكنت أحب الناس إليه، وفيه ورأيت جبريل ولم يره أحد من

-[(تابع للشرح) تتمة فى بعض فتاواها وخطبها وأنها كانت أعلم نساء زمانها]- .....

_ نسائه غيري قال (الحافظ الهيثمى) هو فى الصحيح باختصار، رواه الطبرانى ورجال أحد أسانيد الطبرانى رجال الصحيح (وعن أم سلمة) أنها قالت يوم ماتت عائشة، اليوم مات أحب شخص كان فى الدنيا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قالت استغفر الله ما خلا اباها، قال الهيثمى رواه الطبرانى وفيه من لم أعرفهم (وعن عمرو بن الحارث بن المصطلق) قال بعث زياد إلى أزواج النبى صلى الله عليه وسلم بمال وفضّل عائشة فجعل الرسول يعتذر إلى أم سلمة، فقالت يعتذر الينا زياد فقد كان يفضّلها من كان أعظم علينا تفضيلا من زياد، رسول الله صلى الله عليه وسلم رواه الطبرانى فى الأوسط واسناده حسن (وعن مسروق) أنه قيل له هل كانت عائشة تحسن الفرائض؟ قال والذى نفسى بيده لقد رأيت مشيخة أصحاب محمد يسألونها عن الفرائض رواه الطبرانى واسناده حسن (وعن عروة) قال ما رأيت امرأة أعلم بطب ولا بفقه ولا بشعر من عائشة رواه الطبرانى باسناد الذى قبله (وعن الزهرى) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لو جمع علم نساء هذه الأمة فيهن ازواج النبى صلى الله عليه وسلم كان علم عائشة أكثر من علمهن، رواه الطبرانى مرسلا ورجاله ثقات (وعن معاوية) (وعن معاوية) قال والله ما رأيت خطيبا قط ابلغ ولا أفصح ولا أفطن من عائشة، رواه الطبرانى ورجاله رجال الصحيح (وعن موسى بن طلحة) قال ما رأيت أحداً كان أفصح من عائشة: رواه الطبرانى ورجاله رجال الصحيح انتهى من مجمع الزوائد (وعن أبى موسى الأشعرى) قال ما اشكل علينا أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث قط فسألنا عنه عائشة إلا وجدنا عندها من علما رواه الترمذى وصححه (تتسمة فى بعض فتاواها وخطبها رضى الله عنها) قال الامام أحمد رحمه الله حدثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن يزيد ابن خمير قال سمعت عبد الله بن ابى موسى قال أرسلنى مدرك أو ابن مدرك إلى عائشة أسألها عن أشياء فاتيتها فاذا هى تصلى الضحى، فقلت أقعد حتى تفرغ، فقالوا هيهات، فقلت لآذنها، كيف استأذن عليها؟ فقال قل السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين، السلام على أمهات المؤمنين وأزواج النبى صلى الله عليه وسلم، السلام عليكم، قال فدخلت عليها فسألتها فقالت أخو عازب، نعم أهل البيت (فسألتهن عن الوصال) فقالت لما كان يوم أحد واصل النبى وأصحابه فسق عليهم، فلما رأو الهلال أخبرو النبى صلى الله عليه وسلم فقال لو زاد لزدت، فقيل له إنك تفعل ذاك أو شيئاً نحوه، قال أنى لست مثلكم، انى أبيت يطعمنى ربى ويسقينى (وسألتها عن الركعتين بعد العصر) فقالت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا على الصدقة قالت فجاءته عند الظهر فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم الظهر وشغل فى قسمته حتى صلى العصر، ثم صلاها، وقالت (عليكم بقيام الليل) فان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان لا يدعه فان مرض قرأ وهو قاعد، وقد عرفت أن أحدكم يقول بحسبي أن أقيم ما كتب لى ما كتب لى وأنىّ له ذلك (وسألتها عن اليوم الذى يختلف فيه من رمضان) فقالت لئن أصوم يوماً من شعبان أحب إلى من أن أفطر يوما من رمضان، قال فخرجت فسألت ابن عمر وأبا هريرة فكل واحد منهما قال أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أعلم بذلك منا (قال عبد الله) بن الامام احمد سمعت أبى يقول يزيد بن خمير صالح الحديث (يعنى المذكور فى سند هذا الحديث) ثم قال قال أبى (عبد الله بن أبى موسى) (يعنى المذكور فى السند بعد يزيد بن خمير) هو خطأ أخطأ فيه شعبة هو عبد الله بن أبى قيس أهـ (ثقلت) ولعائشة رضى الله عنها فتاوى كثيرة تقدمت فى هذا الجزء فى باب عباداته صلى الله عليه وسلم من أبواب الشمائل ولها خطب ايضا، منها خطبة ستأتى فى الجزء الثالث والعشرين ان شاء الله تعالى فى أبواب خلافة ابى بكر ومناقبه من كتاب الخلافة والإمارة، ذكرت فيها مناقب أبي بكر بأبلغ عبارة،

-[بقية مناقب أم المؤمنين عائشة وما جاء فى ام المؤمنين حفصة رضى الله عنهما]- (باب الرابعة من أزواجه صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين حفصة بنت عمر رضى الله عنهما) (عن ابن عمر عن عمر رضى الله عنهما) (1) قال تأيّمت حفصة بنت عمر من خنيس أو حذيفة بن حذافة شك عبد الرازق، وكان من اصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ممن شهد بدراً، فتوفى بالمدينة، قال فلقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة فقلت ان شئت انكحتك حفصة، قال سأنظر فى ذلك، فلثبت ليالى فلقينى ما أريد أن أتزوج يومى هذا، قال عمر فلقيت أبا بكر فقلت ان شئت انكحتك حفصة ابنة عمر، فلم يرجع الى شيئاً، فكنث أوجد عليه منى على عثمان، فلبث ليالى فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكتها إياه، فلقينى أبو بكر رضى الله عنه فقال لعلك وجدت

_ وكانت رضي الله عنها عن غاية من الصلاح والتقوى والزهد فى الدنيا (قلل الحافظ فى الإصابة) أخرج ابن سعد من طريق أم درّه قالت أتيت عائشة بمائة ألف ففرقتها وهى يومئذ صائمة، فقلت لها أما استطعت فيما أنفقت أن تشترى بدرهم لحما تفطرين عليه؟ فقالت لو كنت أذكرتنى لفعلت، روت عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم الكثير الطيب، وروت أيضا عن أبيها وعن عمر وفاطمة وسعد بن أبى وقاص واسيد بن حضير وجذامة بنت وهب وحمزة بنت عمرو (وروى عنها من الصحابة) عمر وابنه عبد الله وأبو هريرة وأبو موسى وزيد بن خالد وابن عباس وربيعة بن عمرو الجرشى والسائب بن يزيد وصفية بنت شيبة وعبد الله ابن عامر بن ربيعة وعبد الله بن الحارث بن نوفل وغيرهم (ومن آل بيتها) أختها أم كلثوم وأخوها من الرضاعة عوف بن الحارث وابن أخيها القاسم وعبد الله بن محمد بن أبى بكر وبنت أخيها الآخر حفصة وأسماء بنت عبد الرحمن بن أبى بكر وحفيدة عبد الله بن أبى عتيق، وابنا اختها عبد الله بن أبى عتيق، وابنا اختها عبد الله وعروة ابنا الزبير بن العوام من أسماء بنت أبى بكر، وحفيدى أسماء عباد وحبيب ولدا عبد الله بن الزبير، وحفيد عبد الله عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير، وبنت أخيها عائشة بنت طلحة من أم كلثوم بنت أبى بكر وذكوان وأبو يونس وابن فروخ (ومن كبال التابعين) سعيد بن المسيب وعمرو بن ميمون وعلقمة بن قيس ومسروق وعبد الله بن حكيم والأسود بن يزيد وأبو سلمة بن عبد الرحمن وأبو وائل وآخرون كثيرون أهـ (باب) (1) (عن ابن عمر عن عمر رضى الله عنهما) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب الترغيب فى التزويج من ذى الدين الخ من كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر ص 148 رقم 28 وفيه (تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة أو حذيفة شك عبد الرازق) وقلت فى شرحه بناءاً على ما فى المتن أو للشك من الراوى يشك هل هو ابن حذافة أو ابن حذيفة) وهو خطأ جاء أولا فى المتن ثم تعدى إلى الشرح بناءا على ما فى المتن (وصوابه) كما هنا تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس أو حذيفة بن حذيفة شك عبد الرازق ومعنى قوله شك عبد الرازق أى شك فى أن اسمه خنيس او حذيفة والصحيح أنه خنيس بن حذافة قولا واحد فصحح نسختك كما هنا ولك من الله الأجر: والكمال لله وحده (قال الحافظ فى الاصابة) خنيس بالتصغير ابن حذافة بن قيس بن عدى بن سعد بن سهم القرشى السهمى أخو عبد الله كان من السابقين وهاجر إلى الحبشة ثم رجه فهاجر إلى المدينة وشهد بدار واصابته جراحة يوم أحد فمات منها (يعنى بالمدينة) وكان زوج حفصة بنت عمر فتزوجها النبى صلى الله عليه وسلم بعده ثبت ذكره فى الصحيح من طريق سالم بن عبد الله بن عمر بن أبيه عن جده (يعنى حديث الباب) قال تأيمت حفصة

-[غرض عمر زواج حفصة على ابى بكر وعثمان فتزوجها النبى صلى الله عليه وسلم وتاريخ زواجه بها]- علي حين عرضت علىّ حفصة فلم ارجع اليك شيئا حين عرضتها علىّ إلا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر هلمو لم أكن لأفشى سر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولو تركها لنكحتها (عن ابن عمر) (1) قال لما تايّمت (2) حفصة كانت تحت خنيس أو حذافة لقى عمر عثمان فعرضها عليه، فقال عثمان مالى فى النساء حاجة وسأنظر: فلقى أبا بكر فعرضها عليه فسكت، فوجد عمر فى نفسه على أبى بكر (3) فاذا رسول الله صلى الله عليه وسلم قد خطبها فلقى عمل أبا بكر فقال انى كنت عرضتها على عثمان فردنى، وانى عرضتها عليك فسكت عنى فلأنا عليك كنت أشد غضبا منى على عثمان وقد ردنى، فقال ابو بكر إنه قد كان ذكر من أمرها وكان سرا (4) فكرهت أن أفشى السر (عن عاصم بن عمر) (5) أن

_ من خنيس بن حذافة فذكر الحديث وفيه وكان قد شهد بدراً وتوفى بالمدينة أهـ (1) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أخبرنا سفيان يعنى ابن حسين عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) بهمزة مفتوحة وتحتانية ثقيلة أى صارت أيّما، وهى التى يموت زوجها أو تبين منه وتنقضى عدتها، وأكثر ما تطلق على من مات زوجها، وقال ابن بطال العرب تطلق على كل امرأة لا زوج لها وكل رجل لا امرأة له أسيما، زاد فى المشارق وان كانا بكرا (3) أى غضب من سكوت أبى بكر وعدم رده عليه (4) يعنى أن النبى صلى الله عليه وسلم كان عرّض بخطبتها وهذا سبب سكوت أبى بكر وعدم رده على عمر (قال فى المواهب فخطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنكحه) (يعنى عمر) إياها فى سنة ثلاث من الهجرة (قال العلامة الزرقانى) كما رواه ابن أبى خيثمة عن الزهرى عن رجل من بنى سهم، وعنده أيضا عن أبى عبيدة أنه تزوجها سنة اثنتين من الهجرة وبه جزم بن عبد البر، قال الحافظ فى الاصابة والراجح الأول: لأن زوجها قتل بأحد سنة ثلاث لكن قال فى الفتح الثانى أولى، لأنهم قالوا تزوجها صلى الله عليه وسلم بعد خمسة وعشرين شهراً من الهجرة، وفى رواية بعد ثلاثين، وفى أخرى بعد عشرين وكانت أحد بعد الهجرة بأكثر من ثلاثين شهراً، وقد جزم ابن سعد بان وجها مات بعد قدومه صلى الله عليه وسلم من بدر أهـ (وقال ابن سيد الناس) تزوجها فى شعبان على رأس ثلاثين شهراً من مهاجره، على القول الأول أى موت زوجها بعد بدر، وبعد أُحد على الثانى والله أعلم (تخريجه) الحديث صحيح وهو هنا مرسل صحابى لأن ابن عمر انما سمعه من أبيه كما صرح بذلك فى رواية للنسائى عن الزهرى عن سالم أنه سمع عبد الله بن عمر يحدث أن عمر بن الخطاب حدثنا قال فذكر الحديث، وكذلك رواه النسائى كرواية الحديث السابق عند الامام أحمد من طريق معمر عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر عن عمر، ورواه البخارى مطولا ومختصرا كلها من طريق الزهرى وظاهرها أنه من حديث عبد الله بن عمر ولكن فى سياقها، انه انما سمعه من أبيه والله اعلم (5) (وعن عاصم بن عمر الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى أول الجزء السابع عشر ص 2 رقم 1 (وأخرجه أيضا) (د نس جه مى) من حديث عمر، ورجاله ثقات وسكت عنه أبو داود والمنذرى (وفى الباب) عن عقبة بن عامر الجهنى ان النبى صلى الله عليه وسلم طلق حفصة فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فوضع التراب على رأسه وقال ما يعبأ الله بك يا ابن الخطاب بعدها، فنزل جبريل عليه السلام على النبى صلى الله عليه وسلم فقال ان الله يامرك أن تراجع حفصة رحمة لعمر، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى وفيه عمرو بن صالح الحضرمى ولم اعرفه وبقية رجاله ثقات (وعن ابن عمر) قال دخل عمر على حفصة وهى تبكى فقال ما يبكيك؟ لعل رسول الله صلى الله عليه وسلم

-[مناقب أم المؤمنين حفصة وتاريخ وفاتها ودفنها وما جاء فى ام المؤمنين ام سلمة رضى الله عنهما]- رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة بنت عمر بن الخطاب ثم ارتجعها. (باب الخامسة من أزواجه صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين أم سلمة) (رضي الله عنها)

_ طلقك؟ إنّ النبى صلى الله عليه وسلم طلقك وراجعك من أجلى والله لئن كان طلقك مرة أخرى لا كلمتك كلمة أبداً قال الهيثمى رواه الطبرانى ورجاله الصحيح (وعن قيس بن يزيد) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق حفصة تطليقة فأتاها خالاها عثمان وقدامة ابنا مظعون فقالت والله ما طلقنى عن شبع فجاء النبى صلى الله عليه وسلم فدخل فتجلببت فقال النبى صلى الله عليه وسلم أتانى جبريل عليه السلام فقال راجع حفصة فانها صوامة قوامة وإنها زوجتك فى الجنة، قال الهيثمى رواه الطبرانى ورجاله رجال الصحيح (عن أنس) طلق النبى صلى الله عليه وسلم حفصة فاغتم الناس من ذلك ودخل عليها خالها عثمان بن مظعون وأخوه قدامة، فبينما هم عندها مغتمون إذ دخل النبى صلى الله عليه وسلم على حفصة فقال يا حفصة أتانى جبريل عليه السلام آنفا فقال ان الله يقرئك السلام ويقول لك راجع حفصة فانها صوامة قوامة، وهى زوجتك فى الجنة، قال الهيثمى رواه الطبرانى فى الأوسط وفيه جماعة لم أعرفهم أهـ (قلت) وفى هذه الأحاديث تنبيه من الله عز وجل على فضلها والثناء عليها بكثرة الصيام والقيام والإخبار بانها زوجته صلى الله عليه وسلم فى الجنة (وقالت عائشة) فى حقها، إنها أبنة أبيها تنيها على فضلها رواه أبو داود عن الزهرى، واسترضاها لما عتبت عليه بوطئ مارية فى بيتها فحرّمها، وشهد بدرا من أهلها سبعة: أبوها وعمها زيد وزوجها وأخوالها عثمان وعبد الله وقدامة والسائب بن عثمان خالها وروى لها عند صلى الله عليه وسلم ستون حديثا، فى البخارى منها خمسة (وروى عنها جماعة من الصحابة والتابعين) كأخيها عبد الله وابنه حمزة وزوجته صفية بنت أبى عبيد وحارثة بن وهب وكثيرون، وماتت فى شعبان سنة خمس وأربعين بالمدينة فى خلافة معاوية وبه جزم الحافظ فى التقريب، وصلى عليها مروان ابن الحكم أمير المدينة وحمل سريرها بعض الطريق، ثم حمله أبو هريرة إلى قبرها، ونزل فيه أخوها عبد الله وعاصم، وسالم وعبد الله وحمزة بنو عبد الله بن عمر كما ذكره ابن سعد، وماتت وهى ابنة ثلاث وستين سنة وهذا هو الراجح عند الأكثرين قيل غير ذلك والله أعلم رضى الله عنها وأرضاها (باب) (1) تقدم قصة زواجها بالنبى صلى الله عليه وسلم ونسبها ونسب زوجها السابق أبى سلمة وسبب وفاته وتاريخ زواجها بالنبى صلى الله عليه وسلم فى حوادث السنة الرابعة من الهجرة فى باب زواجه صلى الله عليه وسلم بأم سلمة فى الجزء الحادى والعشرين ص 67 و 68 و 69 فارجع إليه (ونزيد هنا) ما رواه ابن سعد عنها قالت قلت لأبى سلمة بلغنى أنه ليس امرأة يموت زوجها وهما من أهل الجنة ثم لم تتزوج بعده غلا جمع الله بينهما فى الجنة، وكذلك إذا ماتت المرأة وبقى الرجل بعدها: فتعال أعاهدك أن لا تتزوج بعدى ولا اتزوج بعدى رجلا خيراً منى لا يحزنها ولا يؤذيها، فلما مات أبو سلمة قلت من هذا الذى هو خير لى من أبى سلمة، فلبثت ما لبثت فجاء رسول الله (يعنى فخطبها ثم تزوجها) (قال ابن اسحاق) وأصدقها فراشا حشوه ليف وقدحا وصحفة ومجشة أهـ (قال فى الرض الأنف) وهى الرحي ومنه سمى الجشيش، وذكر معها أشياء لا تعرف قيمتها منها جفنة وفراش، وفى مسند البزار قال أنس أصدقها متاعا قيمته عشرة دراهم، قال البزار ويروى أربعون درهما، وتقدم فى باب قصة زواجه صلى الله عليه وسلم بها المشار إليه آنفا أنه بنى بها فبات فلما أصبح قال ان لك على

-[مناقب أم المؤمنين أم سلمة وتاريخ وفاتها ومدة عمرها وما جاء فى ام المؤمنين ام حبيبة رضى الله عنهما]- (باب السادسة من أزواجه صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين أم حبيبة رضي الله عنها)

_ أهلك كرامة، فان شئت سبعت لك وسبعت لنسائى، وان شئت ثلثت ودرت، فقالت بل ثلث، وكانت أم سلمة من أجمل الناس، قالت عائشة لما تزوجها (أى النبى صلى الله عليه وسلم) حزنت حزناً شديدا لما ذكر لنا من جمالها فذكرت ذلك لحفصة فقالت ما هى منا يقال، فتلطفت حتى رأيتها فرأيت والله أضعاف ما وُصفت فذكرت لحفصة فقالت نعم ولكنى كنت غيرى، رواه ابن سعد (وروى الامام أحمد) عن أم كلثوم بنت أبى سلمة قالت لما تزوج رسول الله صلى الله عليه وسلم أم سلمة قال لها انى قد أهديت إلى النجاشى حلة وأواقى من مسك ولا أرى الجاشى إلا قد مات ولا أرى إلا هديتى مردودة علىّ، فان رُدت علىّ فهى لك، قالت وكان كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ورُدّت عليه هديته فأعطى كل امرأة من نسائه أوقية مسك وأعطى أم سلمة بقية المسك والحلة، هذا الحديث تقدم فى باب استحباب تقسيم الهدية فى الأهل والأصحاب ومن حضر من كتاب الهبة والهدية فى الجزء الخامس عشر ص 171 رقم 33 (وجاء فى حديث أم سلمة) ما ملخصه أن النبى صلى الله عليه وسلم كان فى بيتها فجاء على وفاطمة والحسن والحسين فسترهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكساء ثم قال اللهم هؤلاء أهل بيتى وخاصتى فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، قالت فأدخلت رأسى البيت فقلت وأنا معكم يا رسول الله، قال انك إلى خير انك إلى خير، (فى رواية) أن النبى أغدق عليهم خميصة سوداء أى غطاهم وسترهم فقال اللهم إليك لا إلى النار أنا وأهل بيتى قالت (يعنى أم سلمة) فقلت وأنا يا رسول الله فقال وأنت، رواه الامام أحمد وتقدم فى باب انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس الخ من سورة الأحزاب فى الجزء الثامن عشر ص 227 رقم رقم 283 وفى هذا الجزء فى باب ما جاء فى ذكر آل بيته المطهرين ص 102 رقم 900 و 910 قال ابن حبان ماتت سنة احدى وستين بعد ما جاءها خبر قتل الحسين، قال ابن عبد البر وهو الصحيح، وقيل غير ذلك، وصلى عليها أبو هريرة (قال فى المواهب) وكان عمرها أربعا وثمانين سنة وصوّبه الزرقانى، قال الحافظ فى الاصابة وهى آخر أمهات المؤمنين موتا، روت عنه صلى الله عليه وسلم وعن ابى سلمة وفاطمة الزهراء (وعنها) ابناها عمر وزينب وابن أخيها مصعب بن عبد الله ومكاتبها نبهان ومواليها عبد الله بن رافع ونافع وشعبة وابنه أبو بكير وخيرة والدة الحسن (وممن يعدّ فى الصحابة) صفية بنت شيبة وهند بنت الحارث الفراسية وقبيصة بن ذؤيب وعبد الرحمن بن الحارث بن هشام، (ومن كبار التابعين) أبو عثمان النهدى وأبو وائل وابن المسيب، وأبو سلمة وحميد ولدا عبد الرحمن بن عوف، وعروة وأبو بمر بن عبد الرحمن وسليمان بن يسار وآخرون كما فى الاصابة والله أعلم. (باب) (1) قال الحافظ فى الاصابة أسمها رملة بنت أبى سفيان صخر بن أمية بن عبد شمس الأموية، زوج النبى صلى الله عليه وسلم تكنى أم حبيبة، وهى بها أشهر من أسنها، وقيل إن إسمها هند، ورملة أصح، وأمها صفية بنت أبى العاص بن أمية، ولدت قبل البعثة بسبعة عشر عاما، تزوجها حليفهم عبيد الله بالتصغير ابن جحش بن رباب بن يعمر الأسدى من بنى أسد بن خزيمة، فأسلما ثم هاجرا إلى الحبشة فولدت له حبيبة، فبها كانت تكنى، وقيل انما ولدتها بمكة وهاجرت وهى حامل بها إلى الحبشة، ولما تنصر زوجها عبد الله بن جحش وارتد عن الاسلام فارقها (وروى ابن سعد) أن ذلك كان سنة سبع، وقيل كان سنة ست والأول أشهر (ومن طريق الزهرى) أن الرسول إلى النجاشي

-[قصة زواج النبى صلى الله عليه وسلم بام حبيبة وان النبى صلى الله عليه وسلم تزوجها وهى بارض الحبشة وتولى عقد زواجها النجاشى]- (عن عروة عن أم حبيبة رضى الله تبارك وتعالى عنها) (1) أنها كانت تحت عبيد الله بن جحش وكان أتى النجاشى، وقال على بن اسحاق وكان رحل إلى النجاشى فمات (2) وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج أم حبيبة وإنها بأرض الحبشة (3) زوجها اياه النجاشى (4) وأمهرها أربعة آلاف (5) ثم جهزها من عنده وبعث بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم معشرحبيل بن حسنة وجهازها كله من عند النجاشى ولم يرسل إليها رسول الله صلى الله عليه وسلم بشيء، وكان مهورا زواج النبى صلى الله عليه وسلم أربعمائة درهم

_ كان شرحبيل بن حسنة (ومن طريق أخرى) أن الرسول إلى النجاشى كان عمرو بن أمية الضَّمرى (وفى المواهب) أنّ عبيد الله بن جحش هاجر بأم حبيبة إلى أرض الحبشة الهجرة الثانية ثم تنصر وارتد عن الاسلام ومات هناك، وثبتت أم حبيبة على الاسلام، قال العلامة الزرقانى فأتم لها الله الاسلام والهجرة (وروى ابن سعد) عنها رأيت فى المنام كأن زوجى عبيد الله بأسوء صورة ففزعت فأصبحت فاذا به قد تنصر فأخبرته بالمنام فلم يحفل به وأكب على الخمر حتى مات، فأتانى آت فى نومى فقال يا أم المؤمنين ففزعت، فما هو إلا أن انقضت عدتى فما شعرت إلا برسول النجاشى يستأذن فاذا هى جارية يقال لها ابرهة فقالت ان الملك يقول لك وكلى من يزوجك (1) (سنده) حدّثنا ابراهيم بن اسحاق حدثنا عبد الله بن المبارك عن معمر قال أبى: وعلى بن اسحاق أنبأنا عبد الله انا معمر عن الزهرى عن عروة عن ام حبيبة الخ (غريبة) (2) اى بعد ان تنصر وارتد عن الاسلام كما تقدم (3) روى انه صلى الله عليه وسلم بعث عمرو بن امية الضّمرى (بفتح فسكون) إلى النجاشى ليخطبها عليه فزوجه إياها بصفته وكيلا عن النبى صلى الله عليه وسلم، أما هى فأرسلت إلى خالد بن سعيد بن العاص فوكلته لأنه ابن عم أبيها واعطت ابرهة سوارين وخواتم من فضى سروراً بما بشرتها به حينما أرسلها النجاشي لتخبرها بذلك كما تقدم (4) أى تولى عقدها على ظاهر هذه الرواية (5) جاء فى المستدرك وأمهرها عنه أربعة آلاف دينار وأقره الذهبى (وفى المواهب) فلما كان العشى أمر النجاشى جعفر بن أبى طالب ومن هناك من المسلمين فحضروا فخطب النجاشى فقال الحمد لله الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار، أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا عبده ورسوله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، اما بعد فانى اجبت إلى ما دعا اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفى رواية ابن سعد) فان رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب الىّ أن أزواجه أم حبيبة فأجبت (وقد أصدقتها اربعمائة دينار ذهبا) قال الحاكم انما اصدقها ذلك استعمالا لأخلاق الملوك فى المبالغة فى الصنائع لاستعانة النبى صلى الله عليه وسلم به فى ذلك أهـ ثم سكب الدنانير بين يدى القوم فتكلم خالد بن سعيد فقال الحمد لله احمده واستعينه واستغفره، واشهد ان لا اله إلا الله وحده لا شريك له وان محمدا عبده ورسوله، ارسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، اما بعد فقد اجبت إلى ما دعا إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وزجته ام حبيبة بنت ابى سفيان فبارك الله لرسول الله صلى الله عليه وسلم فيها ودفع الدنانير الى خالد ابن سعيد بن العاص فقبضها ثم ارادوا ان يقوموا فقال اجلسوا فان سنة الأنبياء اذا تزوجوا ان يؤكل طعام على التزويج فدعا بطعام فأكلوا ثم تفرقوا، خرجه صاحب الصفوة (يعنى ابن الجوزى) كما قاله الطبرى، وكان ذلك فى سنة سبع من الهجرة كما رواه ابن سعد، وقيل سنة ست والأول اشهر كما فى الاصابة (تخريجه) (دنس) وسنده حيد وسكت عنه ابو داود والمنذرى (ومن مناقب ام حبيبة) ما ذكره الحافظ في الإصابة قال

-[مناقب أم المؤمنين ام حبيبة زواجه صلى الله عليه وسلم بام المؤمنين زينب بنت جحش]- (باب السابعة من أزواجه صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين زينب بنت جحش (1) رضى الله عنها) (عن مسروق عن عائشة) (2) قالت اجتمع أزواج النبى صلى الله عليه وسلم عنده ذات يوم فقلن يا نبى الله ايتنا أسرع بك لحوقا؟ (3) فقال أطولكن يداً (4) فأخذنا قصبا فذرعناها، وقال عفان مرة قصبة نذرعها، (5) فكانت سودة بنت زمعة لنا ذراعاً (6) فقالت توفى النبى صلى الله عليه وسلم فكانت سودة أسرعنا به لحوقا (7)

_ قال ابن سعد اخبرنا محمد بن عبد الله بن الزهرى قال قدم ابو سفيان المدينة (يعنى قبل ان يسلم) فأراد ان يزيد فى الهنة فدخل على ابنته ام حبيبة فلما ذهب ليجلس على فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم طوته دونه، فقال يا بنية ارغبت بهذا الفراش عنى ام بى عنه؟ قالت بل فراش رسول الله صلى الله عليه وسلم وانت امرء نجس مشرك فقال لقد اصابك بعدى شر (أخبرنا محمد بن عمر) اخبرنا عبد الله بن جعفر عن عبد الواحد بن ابى عون قال لما بلغ ابو سفيان بن حرب نكاح النبى صلى الله عليه وسلم ابنته قال ذلك الفحل لا يجدع انفه (واخرج ابن سعد) من طريق عوف بن الحارث عن عائشة قالت دعتنى ام حبيبة عند موتها فقالت قد كان يكون بيننا ما يكن بين الضرائر فحليينى من ذلك؛ فحللتها واستغفرت لى واستغفرت لها، فقالت لها سررتنى سرك الله، وارسلت الى ام سلمة بمثل ذلك، روت ام حبيبة عن النبى صلى الله عليه وسلم احاديث (وعن زينب بنت جحش) ام المؤمنين (روت عنها) بنتها واخواها معاوية وعتبة وابن اخيها عبد الله بن عتبة بن ابى سفيان وابو سفيان بن سعيد بن المغيره بن الأخنس الثقفى وهو ابن اختها ومولاها سالم بن شوّال وابن الجراح وصفية بنت شعبة وزينب بنت ام سلمة وعروة ابن الزبير وابو صالح السمان وآخرون رضى الله عنها وارضاها (باب) (1) تقدم نسبها وقصة زواجه صلى الله عليه وسلم بها وتاريخه وكلام العلماء والمفسرين فى ذلك فى ابواب حوادث السنة الخامسة من الهجرة فى الجزء الحادى والعشرين فى باب ما جاء فى زواجه صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش ونزول آية الحجاب ص 86 فارجع اليه تجد ما يسرك (2) (سنده) حدّثنا عفان قال ثنا أبو عوانة عن فراس عن عامر عن مسروق عن عائشة الخ (غريبه) (3) معناه ايتنا اسرع وفاة بعد وفاتك (4) لم يرد الطول الحسى بل المعنوى وهو كثرة الصدقة (وقولها فاخذنا قصبا الخ) القصب كل نبات يكون ساقه انابيب وكعوبا، قاله فى مختصر العين، الواحدة قصبة أهـ (قلت) والمراد القصب الفارسى الذى يتخذ منه الأقلام (فذرعناها) يقال ذرعت الثوب ذرعا من باب نفع قسته بالذراع (5) معناه ان الامام احمد رحمه الله سمع هذا الحديث من عفان مرتين فمرة قال (فاخذنا قصبا فذرعناها) ومرة قال (فاخذنا قصبة نذرعها) والمعنى واحد ولكن الامام أحمد رحمه الله ذكر محافظة على اللفظ (6) أى جارحة ففهمن أن سودة تكون أول من يموت منهن بعد النبى صلى الله عليه وسلم (7) هكذا بالأصل (فكانت سودة أسرعنا به لحوقا) وهو خطأ بيّن نشأ من الناسخ أو وهم فيه بعض الرواة، وصوابه فكانت زينب) أسرعنا به لحوقا، ولذلك قالت عائشة فعرفنا بعدُ إنما كان طول يدها من الصدقة وكانت (تعنى زينب) امرأة تحب الصدقة وليس المراد طول الجارحة طول الجارحة كيد سودة (قال النووى رحمه الله) معنى الحديث انهن ظنن ان المراد بطول اليد الحقيقية وهى الجارحة، فكن يذرعن أيديهن بقصبة، فكانت سودة ـطولهن جارحة، وكانت زينب أطولهن يداً فى الصدقة والجود، قال أهل اللغة يقال فلان طويل اليد وطويل الباع إذا كان سمحا جوادا، وضده قصير اليد والباع، قال وفيه معجزة باهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ومنقبة ظاهرة

-[مناقب أم المؤمنين زينب بنت جحش أنها أول أزواجه لحوقا به]- فعرفنا بعد انما كان طول يدها من الصدقة، وكانت امرأة تحب الصدقة رضي الله عنها

_ لزينب ووقع هذا الحديث فى كتاب الزكاة من البخارى بلفظ متعقد يوهم أن أسرعهن لحاقا سودة وهذا الوهم باطل بالاجماع أهـ (قلت) ومما يؤيد ذلك ما جاء صريحا فى حديث والة بن الأسقع عند ابن عساكر مرفوعا بلفظ أول من يلحقنى من أهلى أنت يا فاطمة وأول من يلحقنى من أزواجى زينب وهى أطولكن كفا (يعنى فى الصدقة) ومما يثبت أيضاً أن صاحبة القصة هى زينب لا سودة فإن سودة توفيت بالمدينة فى شوال سنة أربع وخمسين فى خلافة معاوية كما رجحه الواقدى، (وقال الحافظ فى التقريب) سنة خمس وخمسين على الصحيح وقيل غير ذلك (تخريجه) (ف) واللفظ لمسلم (وعن عائشة أيضا) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أسرعكن لحاقًا (بفتح اللام) بى أطولكن يدا، قالت عائشة فكن يتطاولن ايتهن أطول يدا قالت فكانت أطولنا يدا زينب لأنها كانت تعمل بيدها وتصدق (وأخرجه أيضا الحاكم فى المستدرك) عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأزواجه أسرعكن لحوقًا بى أطولكن يدًا، قالت عائشة فكنا إذا اجتمعنا فى بيت احدانا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم نمد أيدينا فى الجدار نتطاول فلم نزل نفعل ذلك حتى توفيت زينب بنت جحش زوج النبى صلى الله عليه وسلم وكانت امرأة قصيرة ولم تكن أطولنا، فعرفنا حينئذ أن النبى صلى الله عليه وسلم انما اراد بطول اليد الصدقة، قال وكانت زينب امراة صناعة اليد تدبغ وتخرز وتصدق فى سبيل الله عز وجل (قال الحاكم) هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبى، قال الحاكم وحدّثنى عمر بن عثمان الجحشى عن ابيه قال ما تركت زينب بنت جحش دينارا ولا درهما كانت تتصدق بكل ما قدرت عليه، وكانت مأوى المساكين، وتركت منزلها فباعوه من الوليد بن عبد الملك حين هدم المسجد بخمسين الف درهم (وروى ابن سعج وابن الجوزى) عن برزة بنت رافع قالت لما خرج العطاء ارسل عمر إلى زينب بنت جحش بالذى لها، فلما ادخل عليها قالت غفر الله لعمر، غيرى من اخوانى كانت اقوى على قسم هذا منى، قالوا هذا كله لك، قالت سبحان الله واستترت منه بثوب وقالت صبوه واطرحوا عليه ثوبا، ثم قالت ادخلى يدك واقبضى منه قبضة فاذهبى بها إلى بنى فلان من اهل رحنها وايتامها، ففرقته حتى بقيت منه بقية تحت الثوب، فقالت لها برزة غفر الله لك يا ام المؤمنين، والله لقد كان لنا فى هذا حق قالت فلكم ما تحت الثوب، فوجدنا تحته خمسة وثمانين درهما، ثم رفعت يدها الى السماء فقالت اللهم لا يدركنى عطاء عمر بعد عامى هذا فماتت (واخرج ابن سعد) عن محمد بن كعب كان عطاء زينب اثنى عشر الفالم تأخذه الا عاما واحدًا، فجعلت تقول اللهم لا يدركنى هذا المال قابل فانه فتنة، ثم قسمته فى أهل رحمها فى أهل الحاجة، فبلغ عمر فقال هذه امرأة يراد بها خير؛ فوقف عليها وأرسل بالسلام وقال بلغنى ما فرقت، فأرسل بألف درهم تستبقيها فسلكت بها ذلك المسلك وقالت أم سلمة) كانت زينب معجبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يستكثر منها وكانت صالحة صوامة قوامة صنعاء تصدق بذلك كله على المساكين رواه ابن سعد (وقالت عائشة) وهى التى كانت تسامينى من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم كما فى الصحيح اى تضاهينى وتفاخرنى بجمالها ومكانتها عنده صلى الله عليه وسلم (وعن راشد بن سعد) قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم منزله ومعه عمر فاذا هو بزينب تصلى وهى فى صلاتها، فقال صلى الله عليه وسلم انها لأواهة رواه الطبرانى (وعن ميمونة) كان صلى الله عليه وسلم يقسم ما أفاء الله على رهط من المهاجرين فتكلمت زينب بنت جحش فانتهرها

-[بقية مناقب أم المؤمنين زينب بنت جحش وذكر وفاتها رضى الله عنها]- (عن عبد العزيز بن صهيب) (1) قال سمعت أنس بن مالك يقول ما أولم رسول الله صلى الله عليه وسلم على امرأة من نسائه أكثر وأفضل مما أو لم على زينب، فقال ثابت البنانى فما أولم؟ قال اطعمهم خبزا ولحما حتى تركوه (عن انس بن مالك) (2) قال كانت زينب بنت جحش تفخر على نساء النبى صلى الله عليه وسلم تقول إن الله عز وجل أنكحنى من السماء (3) الحديث. (باب الثامنة من أزواجه صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين زينب بنت خزيمة (1) الهلالية رضي الله عنها)

_ عمر فقال صلى الله عليه وسلم خل عنها يا عمر فانها أواهة، فقال رجل يا رسول الله ما الأواه؟ قال الخاشع المتضرع؛ وان ابراهيم لحليم أواه منيب، رواه ابن عبد البر وغيره (وفى حديث الأفك) قالت عائشة وكان صلى الله عليه وسلم يسأل زينب عن امرى فقال ماذا علمت أو رأيت فقالت يا رسول الله احمى سمعى وبصرى والله ما علمت إلا خيرا قالت عائشة وهى التى كانت تسامينى من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم فعصمها الله بالورع (1) (عن عبد العزيز ابن صهيب الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى زواجه صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش الخ فى الجزء الحادى والعشرين ص 279 (2) (سنده) حدّثنا هاشم ثنا محمد بن عبد الله ثنا عيسى ابن طهمان قال سمعت انسا قال كانت زينب الخ (غريبة) (3) أى لقوله تعالى (فلما قضى زيد منها وطرا زوجناكها الآية) وليس هذا آخر الحديث وبقيته اطعم عليها يومئذ خبزا ولحما، وكان القوم جلوسا كما هم فى البيت فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فخرج فلبث ما شاء الله أن يلبث ثم رجع والقوم جلوس كما هم، فشق ذلك عليه وعرف فى وجهه فنزل آية الحجاب (تخريجه) (مذ) وصححه وأخرجه الحاكم فى المستدرك من طريق معصب بن عبد الله الزبيرى بأطول من هذا وفيه نسبها من جهة أبيها وأمها، وروى الحاكم أيضاً من طريق عامر قال كانت زينب بنت جحش تقول للنبى صلى الله عليه وسلم أنا أعظم نسائك عليك حقًا، انا خيرهن منكحا وألزمهن سترا وأقربهن رحما، ثم تقول زوجنيك الرحمن عز وجل من فوق عرشه، وكان جبريل عليه السلام هو السفير بذلك، وأنا ابنة عمتك وليس لك من نسائك قريبة غيرى، وأقره الذهبى (ذكر وفاتها) جزم الواقدى وابن اسحاق أنها ماتت بالمدينة سنة عشرين، وقيل سنة احدى وعشرين حكاه اليعمرى وغيره، ولها ثلاث وخمسون سنة (وفى الاصابة) قال الواقدى تزوجها صلى الله عليه وسلم وهى بنت خمس وثلاثين سنة وماتت سنة عشرين وهى بنت خمسين، وروى ابن سعد عن القاسم بن محمد قالت زينب حين حضرتها الوفاة انى قد أعددت كفنى وإن عمر سيبعث إلىَّ بكفنى فتصدقوا باحداهما، وان استطعتم ان تتصدقوا بحقوى فافعلوا، وصلى عليها عمر بن الخطاب (روى البزار) برجال ثقات عن الشعبى عن عبد الرحمن بن أبزى أنه صلى مع عمر على زينب فكبر أربع تكبيرات وكانت أول نساء النبى صلى الله عليه وسلم موتا، وكان يعجب عمر أن يدخلها قبرها فأرسل إلى أزاج النبى صلى الله عليه وسلم من يدخل هذه قبرها. فقلن من كان يدخل عليها فى حياتها، وهى أول من جعل على جنازتها نعش يعنى من ازواج النبى صلى الله عليه وسلم (قال ابن عبد البر) فاطمة أول من غطى نغشها ثم زينب بعدها روت زينب عنه صلى الله عليه وسلم فى الكتب الستة أحاديث، وعنها ابن أخيها محمد بن عبد الله بن جحش وام حبيبة بنت أبى سفيان وزينب بنت أبى سلمة وهم صحابه وروى عنها غيرهم رضى الله عنها (باب) (1) لم أقف على ذكر

-[الثامنة من أزواجه صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين زينب بنت جحش بنت خزيمة وما جاء فى ام المؤمنين ميمونة]- (باب التاسعة من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين ميمونة بنت الحارث خالة ابن عباس رضى الله عنهم) (عن ميمونة) (1) زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت تزوجنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن حلال بعدما رجعنا من مكة (عن أبى رافع) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالا وبنى بها حلالا وكنت الرسول بينهما (وعنه أيضا) قال كنت فى بعث مرة فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فأتتنى بميمونة، فقلت يا نبى الله انى فى البعث، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الست تحب ما أحب؟ قلت بلى،

_ لها في مسند الإمام أحمد (وذكر الحافظ فى الاصابة) فقال زينب بنت خزيمة بن عبد الله بن عمر بن عبد مناف بن هلال بن عامر بن صعصعة الهلالية أم المؤمنين زوج النبى صلى الله عليه وسلم، وكانت يقال لها أم المساكين لأنها كانت تطعمهم وتتصدق عليهم، وكانت تحت عبد الله بن جحش فاستشهد باحد، فتزوجها النبى صلى الله عليه وسلم وكانت اخت ميمونة بنت الحارث لآمها، وكان دخوله صلى الله عليه وسلم بها بعد دخوله على حفصة بنت عمر، ثم لم تلبث عنده إلا شهرين أو ثلاثة وماتت (قال ابن اسحاق) زوّجه اياها قبيصة بن عمرو الهلالى وأصدقها أربعمائة درهم، وفى العيون اثنتى عشرة اوقية ونشا أى نصف أوقية، وقال ابن الكلبى خطبها صلى الله عليه وسلم إلى نفسها فجعلت أمرها إليه فتزوجها (وفى المواهب) وتوفيت فى ربيع الآخر سنة أربع ودفنت بالبقيع على الطريق، وفى العيون وصلى عليها صلى الله عليه وسلم ودفنها (وقال الواقدى) توفيت وهى ابنة ثلاثين سنة والله أعلم (ب) (1) (عن ميمونة الخ) هذا الحديث والحديثين بعده تقدمت بأسانيدها وشرحها وتريجها فى آخر باب حوادث السنة السابعة من الهجرة فى الجزء الحادى والعشرين ص 133، وتقدم أيضاً أحاديث أخرى بمعناها فى باب ما جاء فى نكاح المحرم وانكاحه من كتاب الحج فى الجزء الحادى عشر ص 228 و 229 فارجع اليها تجد ما يسرك: واقرأ أيضاً تتمة كر الحافظ بن كثير فى تاريخه ملخص عمرة القضاء وزواجه صلى الله عليه وسلم بميمونة فى الجزء الحادى والعشرين بحث آخر والله الموفق (ونزيد هنا ما ذكره الحافظ فى الاصابة) قال قال ابن سعد حدثنا محمد بن عمرو انبأنا ابن جريج عن أبى الزبير عن عكرمة أن ميمونة بنت الحارث وهبت نفسها لرسول الله صلى الله عليه وسلم (وعن محمد بن عمر) عن موسى بن محمد بن عبد الرحمن عن ابيه عن عمرة قال قيل لها إن ميمونة وهبت نفسها؟ فقالت تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم على مهر خمسمائة درهم وولى نكاحه اياها العاس، أخرج ابن سعد بسند صحيح الى ابن عباس قال ثال رسول الله صلى الله عليه وسلم الأخوات مؤمنات ميمونة وأم الفضل واسماء (وجاء عند الطبرانى) عن ميمونة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم فال الأخوات يعنى ميمونة بنت الحارث وأم الفضل بنت الحارث وسلمى امرأة حمزة واسماء بنت عيس، أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى وفيه يعقوب بن محمد الزهرى وقد وثقة جماعة وضعفه آخرون، وبقية رجاله الصحيح أهـ (وقال ابن سعد) روينا عن كثير بن هشام حدنا جعفر بن برقان حدثنا يزيد بن الأصم قال تلقيت عائشة من مكة أنا وابن لطلحة من أختها وقد كنا وقفنا على حائط وقفنا على حائط من حيطان المدينة فأصبنا منه فبلغها ذلك، فأقبلت على ابن أختها تلومه ثم أقبلت علىّ فوعظتنى موعظة بليغة، ثم قالت اما علمت أن الله ساقك حتى جعلك فى بيت من بيوت نبيه، ذهبت والله ميمونة ورمى بحبلك على غاربك، أما انها كانت من اتقانا لله وأوصلنا للرحم (قال الحافظ) وهذا سند صحيح وتوفيت ميمونة بسرف فى الموضع الذي بنى بها فيه

-[تاريخ وفاة ميمونة ومكان قبرها ومن دفنها وما جاء فى أم المؤمنين جويرية]- يا رسول الله، قال اذهب فائتنى بها، فذهبت فجئته بها (عن أبى فزارة) (1) عن يزيد بن الأصم عن ميمونة زوج النبى صلى الله عليه وسلم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوجها حلالا وبنى بها حلالا وماتت بسرف فدفنها فى الظلة التى بنى بها فيها فنزلنا قبرها (2) أنا وابن عباس (باب العاشرة من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين جويرية بنت الحارث (3) رضى الله عنها) (عن عروة بن الزبير عن عائشة) (4) أم المؤمنين رضى الله تبارك وتعالى عنها قالت لها قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا نبى المصطلق وقعت جويرية بنت الحارث فى السهم لثابت بن قيس ابن الشمّاس أو لابن عم له وكاتبته على نفسها (5) وكانت امرأة حلوة ملاّحة (6) لا يراها أحد إلا أخذت نفسه، فأتت رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعينه فى كتابتها، قالت فوالله ما هو إلا أن رأيتها على

_ رسول الله صلى الله عليه وسلم باتفاق ودفنت فى موضع قبتها وذلك سنة احدى وخمسين على الصحيح كما فى التقريب وتقدم فى الجزء الحادى والعشرين فى الشرح ص 133 قول الحافظ ابن كثير إنها توفيت بسرف سنة ثلاث وستين، ويقال سنة ستين، وقد وهم فيه بعض الرواة، وما هنا هو الصحيح أنها توفيت سنة احدى وخمسين، لان أثر عائشة الذى حكاه عنها يزيد بن الأصم وتقم آنفا يدل على أن عائشة عاشت بعدها وعائشة ماتت قبل الستين بلا خلاف (روى الشيخان والامام احمد) وتقدم فى باب ما جاء فى حمل الجنازة من كتاب الجنائز فى أول الجزء الثامن ص 4 رقم 199 عن عطاء قال حضرنا مع ابن عباس جنازة ميمونة بسرف قال فقال ابن عباس هذه جنازة ميمونة اذا رفعتم نعشها فلا تزعزعوها ولا تزلزلوها (وعن يزيد ابن الأصم) قال ثقلت ميمونة زوج النبى صلى الله عليه وسلم بمكة وليس عندها أحد من بنى أخيها، فقالت أخرجونى من مكة فانى لا أموت بها: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنى أنى لا أموت بمكة، قال فحملوها حتى أتوا بها سرف إلى الشجرة التى بنى بها رسول الله صلى الله عليه وسلم تحتها فى موضع الفيئة، قال فماتت فلما وضعناها فى لحدها أخذت ردائى فوضعته تحت خدها فى اللحد فأخذه ابن عباس فرمى به، قال الهيثمى رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح (1) (سنده) حدّثنا وهب بن جرير قال ثنا أبى قال سمعت أبا فزازة يحدث عن يزيد بن الأصم الخ (غريبه) (2) جاء فى رواية وصلى عليها ابن عباس ودخل قبرها (وقوله ونزلنا فى قبرها) يعنى يزيد بن الأصم وابن عباس لأنهما من محارمها رضى الله عنها وأرضاها (باب) (3) قال الحافظ فى الاصابة جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار بن حبيب بن جديمة وهو المصطلق بن عمرو بن ربيعة بن حارثة بن عمرو الخزاعية المصطلقية، لما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بنى المصطلق غزوة المريسيع فى سنة خس أو ست وسباهم وقعت جويرية فى سهم ثابت بن قيس وكانت تحت مسافع بن صفوان المصطلقى (قال ابن اسحاق) حدّثنى محمد بن جعفر بن الزبير عن عمه عروة بن الزبير عن خالته عائشة قالت لما قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم سبايا المصطلق فذكر حديث الباب (ٌلت قوله وكانت تحت مسافع بن صفوان (يعنى الذى قتل كافر) يوم المريسيع كما جزم به ابن أبى خثيمة (4) (سنده) حدّثنا يعقوب قال ثنا أبى عن ابن اسحاق قال حدّثنى محمد جعفر بن الزبير عن عروة بن الزبير عن عائشة الخ (غريبه) (5) قال الواقدى بتسع أواق من ذهب (6) بفتح الميم مصدر ملح وضم اللام أى ذات بهجة وحسن منظر ويجوز

-[قصة زواجه صلى الله عليه وسلم بجويرية وغيرة عائشة منها]- باب حجرتي فكرهتها (1) وعرفت أنه سيرى منها ما رأيت؛ فدخلت عليه فقالت يا رسول الله أنا جويرية بنت الحارث بن أبى ضرار سيد قومه وقد أصابنى من البلاء ما لم يخف عليك، فوقعت فى السهم لثابت بن قيس بن الشمّاس أولا ابن عم له فكاتبته على نفسى، فجئتك أستعينك على كتابتى، قال فهل لك فى خير من ذلك؟ قالت وما هو يا رسول الله؟ قال أقضى كتابتك واتزوجك قالت نعم يا رسول الله، قال قد فعلت، (2) قالت وخرج الخبر الى الناس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج جويرية بنت الحارث، فقال الناس اصهار رسول الله صلى الله عليه وسلم فأرسلوا ما بأيديهم (3) قالت فلقد أعتنق بتزويجه إياها مائة أهل بيت (4) من بنى المصطلق، فما اعلم امرأة كانت أعظم بركة على قومها منها

_ ضم الميم وتشديد اللام أى بارعة الجمال وهذا البناء للمبالغة فى الملاحة (1) انما كرهتها عائشة غيرة منها لأنها توقعت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رآها تزوجها وقد حصل ما توقعته (2) زاد الواقدى فأرسل إلى ثابت بن قيس فطلبها منه، فقال ثابت هى لك يا رسول الله بأبى وأمى فأدّى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كان من كتابتها وأعتقها وتزوجها (3) يعنى من السبى، روى أنها طلبتهم منه ليلة دخوله بها فوهبهم لها، فان صح فطلبها وكونه وهبهم لا ينافى أن المسلمين أطلقوهم: بل ذلك زيادة اكرام من الله لرسوله حتى لا ينال أحدا منهم بشيء او مجانًا (4) بالإضافة أى مائة طائفة كل واحدة منهن اهل بيت من بنى المصطلق ولم تقل مائة هم أهل بيت لإيهام انهم مائة نفس كلهم أهل بيت وليس مرادا، وقد روى انهم كانوا أكثر من سبعمائة (تخريجه) (دك هق) وسنده جيد وأصله فى الصحيحين من حديث ابن عمر (روى البيهقى) عن جويرية قالت رأيت قيل قدوم النبى صلى الله عليه وسلم بثلاث ليال كأن القمر يسير من يثرب حتى وقع فى حجرى فكرهت أن أخبر أحدا، قلما سبينا رجوت الرؤيا فأعتقنى وتزوجنى، ويقال اشتراها صلى الله عليه وسلم من ثابت بن قيس واعتقها وأصدقها أربعمائة درهم، ويقال جاء أبوها بفدائها بابل فرغب فى بعيرين منها فغيبهما بالعقيق ثم أتاه فقال يا محمد هذا فداء ابنتى، فقال صلى الله عليه وسلم فأين البعير ان اللذان غيبتهما فى العقيق فى شعب كذا وكذا، فقال الحارس أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله فوالله ما اطلع على ذلك الا الله، فأسلم الحارث وأسلم معه ابنان له وناس من قومه، وأرسل إلى البعيرين فجاء بهما ودفع الإبل الى النبى صلى الله عليه وسلم ودفع اليه ابنته جويرية وأسلمت وحسن اسلامهم وخطبها صلى الله عليه وسلم الى أبيها فزوجه اياها وأصدقها أربعمائة درهم، حكاه البن هشام، (وروى البرانى) بسند حسن عن ابن شهاب الزهرى قال سبى النبى صلى الله عليه وسلم جويرية بنت الحارث يوم المريسيع فحجبها (أى ضرب عليها الحجاب) وقسم لها، (وروى الطبرانى أيضاً) برجال الصحيح من مرسل مجاهد قال قالت جويرية يا رسول الله ان أزواجك يفخرون علىّ ويقلن لم يتزوجك رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أو لم أعظم صداقك؟ أم أعتق أربعين من قومك (وروى ابن سعد) من مرسل أبى قلابة قال سبى رسول الله صلى الله عليه وسلم جويرية يعنى وتزوجها فجاء أبوها فقال ان ابنتى لا يسبى مثلها فخل سبيلها، فقال أرأيت إن خيرتها اليس قد أحسنت؟ قال بلى، فأتاها أبوها فقال ان هذا الرجل قد خيرك فلا تفضحينا، قالت فانى أختار الله ورسوله، وسنده صحيح، وكانت ابنة عشرين سنة فهداها الله مع صغر السن وشرّفها بصحبة رسوله فى الدارين (وروى ابن سعد) وابن أبى خثيمة وأبو عمر ابن عباس قال كان أسمها برة فحوله النبى صلى الله عليه وسلم وسماها جويرية

-[ما جاء في فضل جويرية وقصة زواجه صلى الله عليه وسلم بصفية بنت حيى رضى الله عنهما]- (باب الحادية عشرة من أزواج النبى صلى الله عليه وسلم أم المؤمنين صفية بنت حيي (1) رضى الله عنها) (فدشنا عفان) (2) ثنا حماد ثنا ثابت عن أنس بن مالك رضى اله عنه قال كنت رديف أبى طلحة يوم خبير وقدمى تمس قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فاتيناهم حين بزغت الشمس (3) وقد أخرجوا مواشيهم وخرجا بفؤسهم (4) ومكاتلهم ومرورهم فقالوا محمد والخميس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله أكبر خربت خيبر، انا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذّرين قال فهزمهم الله عز وجل

_ كره أن يقال خرج من عند برة، ولا يشكل بقولها السابق انا جويرية لاحتمال أنها لم ترد العلم بل تحقير نفسها بأنها جويرية أى امرأة حقيرة فى نفسها؛ وأرادت بذكر الحارث وقولها سيد قومه بيان نسبها وشرفها فيهم ليرق لها النبى صلى الله عليه وسلم (وعن ابن عباس) أن النبى صلى الله عليه وسلم خرج بعدما صلى فجاء جويرية فقالت مازلت بعدك يا رسول الله دائبة (من دأب فى العمل إذا جد فيه وتعب، والمعنى مازلت مستمرة على التسبيح حتى تعبت) قال فقال لها لقد قلت بعدك كلمات لو وزنَّ لرجحن بما قلت، سبحان الله عدد ما خلق الله، سبحان الله رضاء نفسه، سبحان الله زنة عرشه، سبحان الله عدد كلماته، رواه مسلم والترمذى والامام احمد، وتقدم فى باب ما جاء فى أنواع شتى من التسبيح من كتاب الأذكار فى الجزء الرابع عشر ص 221 رقم 59 ويستدل منه على فضلها وصلاحها (قال الحافظ فى الاصابة) وفى صحيح البخارى عن جويرية أن النبى صلى الله عليه وسلم دخل عليها يوم جمعة وهى صائمة، فقال أصمت أمس؟ قالت لا، قال فتصومين غدا؟ قالت لا، قال فأفطرى أهـ (قلت هذا الحديث رواه أيضاً الامام أحمد) وتقدم فى باب النهى عن إفراد يوم الجمعة والسبت بالصيام من كتاب الصيام فى الجزء العاشر ص 150 رقم 200 و 201، توفيت وعمرها خمس وستون فى ربيع الأول سنة خمسين، وقيل ماتت فى ربيع الأول أيضاً سنة ست وخمسين من الهجرة وقد بلغت سبعين سنة، والقولان حكاهما الواقدى، قال وصلى عليها مروان بن الحكم وهو أمير المدينة وتبعه الحافظ فى الاصابة بلا ترجيح، وكذا فى العيون إلا أنه قدم الثانى، ومن هذا علم أنها دفنت بالمدينة، ومعلوم أن مقبرتها البقيع، روت جويرية عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث، وعنها ابن عباس وجابر وابن عمر وعبيد بن السباق والطفيل بن أخيها وغيرهم والله أعلم رضى الله عنها وأرضاها (باب) (1) قال الحافظ فى الاصابة صفية بنت حيي بن أخطب بن شعبة بن ثعلبة بن عبيد بن عبيد بن كعب بن أبى خبيب من بنى النضير، وهو من سبط لاوى بن يعقوب ثم من ذرية هارون بن عمران أخى موسى عليهما السلام، كانت تحت كنانة بن أبى الحقيق فقتل كنانة يوم خبير فصارت صفية مع السبي فأخذها دحية ثم استهادها النبى صلى الله عليه وسلم فأعتقها وتزويجها ثبت ذلك فى الصحيحين من حديث أنس مطولا ومختصرا أهـ (قال الحافظ) ولد صفية مائة نبي ومائة ملك ثم صيرها الله أمة لنبيه صلى الله عليه وسلم وكان أبوها سيد بنى النضير، قتل مع بنى قريظة، وأمها ضرة بوزن عزة بنت سمو أل، قال البرهان لا أعلم لها اسلاما، والظاهر هلاكها على كفرها، نعم أخوها رفاعة صحابى وزوجها قتل عنها وهو عرو يوم خيبر فى المحرم سنة سبع من الهجرة (2) (حدثنا عفان الخ) (غريبة) (3) اى عند ابتداء طلوعها (4) قال النووى أما الفؤوس فبهمزة ممدودة على وزن فعول جمع فأس بالهمز وهى معروفة (والمكاتل) جمع مكتل وهو الفقه والزنبيل (والمرور) جمع مر بفتح الميم وهو معروف نحو المجرفه وأكبر منها

-[بناء النبي صلى الله عليه وسلم بصفية وليمتها وغيرة أزواج النبى صلى الله عليه وسلم منها]- قال ووقعت فى سهم دحية جارية جميلة فاشتراها رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعة أرؤس ثم دفعها إلى أم سليم تصلحها وتهيئها وهى صفية ابنة حيى، قال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وليمتها التمر والأقط والسمن قال فحصت (1) الأرض أفاحيص، قال وجيء بالانطاع فوضعت فيها ثم جيء بالأقط والتمر والسمن فشبع الناس؛ قال وقال الناس ما ندرى أتزوجها أم اتخذها أم اتخذها أم ولد، فقالوا إن يحجبها فهى امراته، وان لم يحجبها فهى أم ولد، فلما أراد أن يركب حجبها حتى قعدت على عجز البعير فعرفوا أنه قد تزوجها، فلما دنوا من المدينة دفع ودفعنا قال فعثرت الناقة العضباء، قال فندر رسول الله (2) صلى الله عليه وسلم وندرت، قال فقام فسترها، قال وقد أشرفت النساء فقلن أبعد الله اليهودية فقلت يا أبا حمزة أوقع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إى والله لقد وقع: وشهدت وليمة زينب بنت جحش (3) فأشبع الناس خبزا ولحما، وكان يبعثنى فادعو الناس، فلما فرغ قام وتبعته وتخلف رجلان استأنس بهما الحديث لم يخرجا، فجعل يمر لنسائه ويسلم على كل واحدة سلام عليكم يا أهل البيت كيف أصبحتم؟ فيقولون بخير يا رسول الله كيف وجدت أهلك؟ فيقول بخير، فلما رجع رجعت معه فلما بلغ الباب إذا هو بالرجلين قد استأنس بهما الحديث، فلما رأياه قد رجع قاما فخرجا، قال فوالله ما أدرى أنا أخبرته أو نزل عليه الوحى بانهما قد خرجا فرجع ورجعت معه، فلما وضع رجله فى أسكفَّة الباب (أى عتبة) ارخى الحجاب بينى وبينه وأنزل الله الحجاب هذه الآيات {لا تدخلوا بيوت النبى إلا أن يؤذن لكم إلى طعام غير ناظرين إناه} حتى فرغ منها (ومن طريق ثان عن أنس أيضا بنحوه) (4) وفيه فلما دنا من المدينة أوضع الناس (5) وأوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكذلك كانوا يصنعون، فعثرت الناقة فخر رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرت معه، وأزواج النبى صلى الله عليه وسلم ينظرن فقلن أبعد الله اليهودية وفعل (6) بها وفعل فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فسترها وأردفها (ومن طريق ثالث) حدثنا بهزئنا سليمان بن المغيرة عن أنس بن مالك رضى الله تبارك وتعالى عنه قال صارت صفية لدحية فى قسمه فذكر نحوه (7) إلا أنه قال حتى إذا جعلها فى ظهره (8) نزل ثم ضرب عليها القبة

_ يقال لها المساحى هذا هو الصحيح فى معناه (1) هو بصم الفاء وكسر الحاء المهملة المخففة أى كشف التراب عمن أعلاها وحفرت شيئاً يسيراً ليجعل الانطاع فى المحفور ويصب فيها السمن فيثبت ولا يخرج من جوانبها، واصل الفحص الكشف، وفحص عن الأمر، وفحص الطائر لبيضه، والأفاحيص جمع افحوص (2) ندر بالنون أى سقط واصل الندور الخروج والانفراد، ومنه كلمة نادرة أى فردة عن النظائر (3) هذه الجملة وما بعدها إلى آخر الحديث تقدم شرحها فى باب ما جاء فى زواجه صلى الله عليه وسلم بزينب بنت جحش ونزول آية الحجاب فى الجزء الحادى والعشرين ص 86 فارجع اليه (4) (سنده) حدّثنا يزيد ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البنانى عن أنس بن مالك أن صفية وقعت فى سهم دية الكلبى فذكر نحو الطريق الأولى، وفيه فلما دنا من المدينة الخ (5) أى وضعوا رواحلهم يعنى حملوها على سرعة السير (6) انما قلن ذلك من شدة الغيرة، وكان النبى صلى الله عليه وسلم يعذرهن فى ذلك، ولذلك لم يعاتبهن ولم يعاقبهن (7) هذا الاختصار من الأصل وليس منى (8) أى فى رحله على البعير (تخريجه) (ق نس) مطولا ومختصرا

-[ما ورد في فضل صفية بنت حيى وانها من امهات المؤمنين رضى الله عنها]- (قال عبد الله بن الإمام أحمد) (1) حدّثنى ابى عن يحيى بن ابى اسحق عن انس قال أقبلنا من خيبر انا وابو طلحة ورسول الله صلى الله عليه وسلم وصفية (2) ديفته، قال فعثرت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم فصرع رسول الله صلى الله عليه وسلم وصرعت صفية قال فاقتحم ابو طلحة (3) فقال يا رسول الله جعلنى الله فداك قال أشك قال ذاك أم لا (4) أضررت قال لا، عليك المرأة (5) قال فألقى أبو طلحة على وجهه الثوب (6) فانطلق اليها فمد ثوبه عليها ثم أصلح لها رحلها فركبنا، ثم اكتنفناه احدنا عن يمينه والآخر عن شماله، فلما أشرفنا على المدينة أو كنا بظهر الحرّة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيبون (7) عابدون تائبون لربنا حامدون فلم يزل بقولهن حتى دخلتا المدينة (عن أنس بن مالك) (8) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اعتق صفية بنت حيى وجعل عتقها صداقها (باب ما ورد من فضلها وأنها من امهات المؤمنين وهجر النبى صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش ثلاثة أشهر من اجلها) (عن انس) (9) قال بلغ صفية أن حفصة قالت انى ابنة يهودى فبكت، فدخل عليها النبى صلى الله عليه وسلم وهى تبكى فقال ما شأنك؟ فقالت قالت لى حفصة انى ابنة، فقال النبة صلى الله عليه وسلم أنت ابنة نبىّ (10) وان عمك لنبىّ (11) وانت لتحت نبي (12)

_ وأخرج ابن حبان فى صحيحه والطبرانى برجال الصحيح كلاهما من حديث ابن عمر قال رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعين صفية خضرة ما هذه الخضرة؟ فالت كان رأسى فى حجر بن أبى الحقيق وأنا نائمة فرأيت فمراً وقع فى حجرى فأخبرته بذلك فلطمنى وقال تمنين (بحذف احدى التاءين تخفيفا) ملك يثرب يعنى النبى صلى الله عليه وسلم لأنه الظاهر عندهم ظهور القمر الباهر وان جحدوه فى الظاهر ظلما وعلوا، ومعناه تتزوجين ملك يثرب (1) (قال عبد الله بن الامام أحمد الخ) (غريبه) (2) أى سقطا عن ظهرها (3) أى رمى بنفيه عن ظهر دابته ليدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) الظاهر أن القائل أشك هو أنس ومعناه أنه يشك هل قال أبو طلحة جعلنى الله فداك أم لا (وقوله ضررت؟) أى حصل له ضرر يا رسول الله؟ قال لا (5) أى عليك أن تصلح رحل المرأة (6) فى وضع أبى طلحة الثوب على وجهه دلالة على أن صفية فى هذا الوقت كانت زوجة للنبى صلى الله عليه وسلم من أمهات المؤمنين، ولذلك ستر أبو طلحة وجهه لئلا ينظر اليها ثم سترها بالثوب لأجل ذلك (7) أى راجعون هذه الجملة وما بعدها تقدمت وتقدم شرحها فى باب أذكار بقولها المسافر من أبواب صلاة السفر فى الجزء الخامس ص 75 رقم 1180 (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام أحمد وسنده منقطع لن الامام أحمد لم يدرك يحيى بن اسحاق ولذلك قال عن يحيى ولم يقل حدثنا كما اعتاد (قال فى الخلاصة يحيى بن أبى اسحاق الحضرمى مولاهم البصرى النحوى عن أنس وسليمان بن يسار وسالم وعنه شعبة والثورى ووهيب بن خالد وثقة النسائى قال الفلاس مات سنة وثلاثين ومائة أهـ (قلت) والامام أحمد ولد سنة أربع وستين ومائة ومع هذا فهو فى معنى الذى قبله (8) (عن أنس بن مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب من جعل العتق صداقا من كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر ص 170 رقم 90 (باب) (9) (سنده) حدّثنا عبد الرازق قال ثنا معمر عن ثابت عن أنس (يعنى ابن مالك) قال بلغ صفية الخ (غريبه) (10) يعنى هارون بن عمران (11) يعنى موسى بن عمران (12) اى زوجة نبى الآن (تخريجه) (مذ نس)

-[قصة صفية مع عائشة وانها وهبت يومها لعائشة وسبب ذلك]- ففيم تفخر عليك، فقول اتق الله يا حفصة (عن جابر بن عبد الله) (1) قال لما دخلت صفية بنت حيى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فسطاطه (2) حضر ناس وحضرت معهم ليكون لى فيهم قسم (3) فخرج النبى صلى الله عليه وسلم فقال قوموا عن امكم (4) فلما كان من العشى حضرنا فخرج النبى صلى الله عليه وسلم الينا فى طرف ردائه نحو من مد ونصف من تمر عجوة، فقال كلوا من وليمة أمكم (عن ثابت) (5) قال حدثتنى شمسية أو سمية (6) قال عبد الرازق هو فى كتاب سمينة عن صفية بنت حيي أن النبى صلى الله عليه وسلم حج بنسائه فلما كان فى بعض الطريق نزل رجل فساق بهن فأسرع، فقال النبى كذلك سوقك بالقوارير (7) يعنى النساء، فبينما هم يسيرون برك لصفية بنت حيي جملها وكانت من أحسنهن ظهرا، فبكت وجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أخبر بذلك فجعل يمسح دموعها بيده وجعلت تزداد بكاء وهو ينهاها فلما أكثرت زبرها (8) وانتهرها وأمر الناس بالنزول فنزلوا، ولم يكن يريد أن ينزل، قالت فنزلوا وكان يومى، فلما نزلوا ضرب خباء النبى صلى الله عليه وسلم ودخل فيه، قالت فلم أدر علام أهجم (9) من رسول الله صلى الله عليه وسلم وخشيت أن يكون فى نفسه شئ منى، فانطلقت إلى عائشة فقلت لها تعلمين أنى لم أكن أبيع يومى من رسول الله صلى الله عليه وسلم بشئ أبداً، وإنى قد وهبت يومى لك على أن ترضى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنى، قالت نعم، قال فأخذت عائشة خمارا لها قد ثردته (10) بزعفران فرشته بالماء ليذكى ريحه ثم لبست ثيابها ثم انطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فرفعت طرف الخباء: فقال لها

_ وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه (قلت) ورواه أيضاً الحاكم فى المستدرك عن صفية من مسندها، قالت دخل علىّ رسول الله صلى الله عليه وسلموانا أبكى فقال يا بنت حيي ما يبكيك؟ قلت بلغنى ان حفصة وعائشة ينالان منى ويقولان نحن خير منها، نحن بنات عم رسول الله وأزواجه، قال ألا قلت كيف نكونان خيرا منى وابنى هاون وعمى موسى وزوجى محمد، عليهم الصلاة والسلان وصححه إلحاكم وأقره الذهبى (1) (سنده) حدّثنا روح ثنا ابن جريح أخبرنى زياد بن اسماعيل عن سليمان بن عتيق عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (2) بضم الفاء وكسرها ضرب من الأبنية فى السفر دون السرادق كالخيمة ونحوها (3) اى نصيب من الوليمة (4 الظاهر أنه صلى الله عليه وسلم راى هذا الوقت غير مناسب فأخرهم إلى العشى (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح (5) (سنده) حدّثنا عبد الرازق قال ثنا جعفر بن سليمان عن ثابت (يعنى البنانى) قالى حدثتنى شميسة الخ (غريبه) (6) الظاهر والله أعلم ان الشك من جعفر بن سليمان يشك هل قال ثابت حدثتنى شميسة بالشين المعجمة او سمية بالسين المهملة، والظاهر أنها سمية بالسين المهملة، ويؤيد ذلك ما سيأتى فى الطريق الثانية سمية بدون شك، قال فى الخلاصة سمية البصرية عن عائشة وعنها ثابت البنانى روى لها (د نس جه) أما قول عبد الرازق هو فى كتابى سمينه بزيادة نون بعد التحتية فلم أجد لها ترجمة فى كتب الرجال (7) تقدم شرح هذه الحملة مبسوطاً فى باب سفر النساء والرفق بهن من أبواب صلاة السفر فى الجزء الخامس ص 88 و 89 فارجع اليه تجد ما يسرك (8) أى أغلظ لها فى القول (وانتهرها) عطف مرادف (9) تعنى الدخول عليه (10) أي صبغته

-[أعياء جمل صفية وطلب النبى صلى الله عليه وسلم من زينب بنت جحش اعارتها جملا فأبت فهجرها النبى صلى الله عليه وسلم ثلاثة أشهر]- مالك يا عائشة؟ ان هذا ليس بيومك، قالت ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء فقال (1) مع أهله فلما كان عند الرواح قال لزينب بنت جحش يا زينب أفقرى (2) أختك صفية جملا وكانت من أكثرهن ظهرا، فقالت أنا أفقر يهوديتك، فغضب النبى صلى الله عليه وسلم حين سمع ذلك منها فهجرها فلم يكلمها حتى قدم مكة وأيام منى فى سفره حتى رجع إلى المدينة والمحرم وصفر فلم يأتها ولم يقسم لها ويئست منه: فلما كان شهر ربيع الأول دخل عليها فرأت ظله فقالت ان هذا لظل رجل وما يدخل علىّ النبى صلى الله عليه وسلم فمن هذا؟ فدخل النبى صلى الله عليه وسلم فلما رأته قالت يا رسول الله ما أدرى ما أصنع حين دخلت علىّ، قالت وكانت لها جارية وكانت تخبؤها من النبى صلى الله عليه وسلم فقالت فلانة لك، فمشى النبى صلى الله عليه وسلم إلى سرير زينب وكان قد رفع فوضعه بيده صلى الله عليه وسلم ثم أصاب أهله ورضى عنهم (عن شميسة عن عائشة) (3) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى سفر له فاعتل بعير لصفية وفى ابل زينب فضل، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بعيراً لصفية اعتل فلو أعطيتها بعيرا من ابلك، فقالت أنا أعطى تلك اليهودية: قال فتركها رسول الله صلى الله عليه وسلم ذا الحجة والمحرم شهرين أو ثلاثة لا يأتيها، قالت حتى يئست منه وحولت سريرى، قالت فبينما أنا يوماً بنصف النهار اذا أنا بظل رسول الله صلى الله عليه وسلم مقبل، قال عفان حدثنيه حماد عن شميسة عن النبى صلى الله عليه وسلم (4) ثم سمعته بعد يحدثه عن شميسة عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم، وقال بعد فى حج أو عمرة، قال ولا أظنه إلا قال فى حجّة الوداع (5)

_ (1) من القيلولة وهو وقت شدة الحر، ولابد أن يتكون عائشة أخبرته بقصتها مع صفية (2) أى أعيريها حملا يقال أفقر البعير يُقفره افقارا إذا أعاره: مأخوذ من ركوب فقار الظهر وهو خرزاته الواحدة فقارة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد من حديث صفية وسنده جيد (وله طريق ثان عند الامام احمد) قال حدثنا عفان ثنا حماد يعنى ابن سلمة قال ثنا ثابت عن سمية عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى سفر فاعتل بعبر لصفية فذكر نحوه هكذا بالأصل مختصرا فى التقريب سمية بصرية مقبوله من الثالثة (3) (سنده (حدّثنا عفان ثنا حماد قال ثابت عن شميسه عن عائشة صلى الله عليه وسلم الخ غريبه) (4) معناه ان عفان سمع هذا الحديث مرة من حماد يقول عن شميسة عن النبى صلى الله عليه وسلم ثم سمعه مرة أخرى بعد ذلك يقول عن شميسة عن عائشة وهذا هو المحفوظ (5) هو فى حجة الوداع كما يستفاد من قول صفية فى الحديث السابق أن النبى صلى الله عليه وسلم حج بنسائه، وما كان ذلك إلا فى حجة الوداع والله أعلم (تخريجه) رواه أيضاً ابن سعد وسنده جيد ورجاله ثقات وشميسة قال الحافظ فى التقريب بالتصغير بنت عزيز العتكية المصرية مقبولة من الثالثة؛ وأورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى فى الأوسط وفيه سمية روى لها أبو داود وغيره ولم يجرحها أحد وبقية رجاله ثقات (وأخرج ابن سعد أيضاً) بأسانيده قال لم يخرج النبى صلى الله عليه وسلم من خيبر حتى طهرت صفية من حيضها فحملها وراءه فلما صار إلى منزل على ستة أميال من خيبر مال يريد أن يعرس بها فأبت عليه فوجد فى نفسه، فلما كان بالصهباء وهى على يزبد من خيبر نزل بها هناك فمشّطتها أم سليم وعطرتها، قالت أم سنان الأسلمية وكانت من أضواء ما يكون من النساء فدخل بأهله فلما أصبح سألتها عما قال لها؟ فقالت قال لى ما حملك على الامتناع عن النزول أوّلا

-[ذكرهن تزوجهن صلى الله عليه وسلم أو وهبن أنفسهن له ولم يدخل بهن أو وعد بزواجهن]- (باب ما جاء فى ذكر من تزوجهن أو وهبن أنفسهن له صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بهن أو وعد بزواجهن) (عن ابى حمزة بن أبى أسيد عن أبيه) (1) وعباس بن سهل عن أبيه قالا مرّ بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحاب له فخرجنا معه حتى انطلقنا إلى حائط يقال له الشوط حتى انتهينا إلى حائطين منهما فجلسنا بينهما، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اجلسوا، ودخل هو وقد أوتى بالجونية (2) فى بيت أميمة بنت النعمان بن شراحيل ومعها داية لها، فلما دخل عليها رسول الله قال هبى لى نفسك، قالت وهى تهب الملكة نفسها لسوقة؟ (3) قالت انى أعوذ بالله منك، قال لقد عذت (4) بمعاذ، ثم خرج علينا فقال يا أسيد أكسها (5) رازقتين وألحقها باهلها، قال وقال غير أبى أحمد امرأة من بنى الجون يقال لها أمينة (6)

_ قالت خشيت عليك من قرب اليهود، فزادها ذلك عنده، وذكرت أنه مرّ بها ولم ينم تلك الليلة لم يزل يتحدث معها (وعن عطاء بن يسار) لما قدمت صفية من خيبر أنزلت فى بيت لحارثة بن النعمان فسمع نساء الأنصار فجئن ينظرن إلى جمالها، وجاءت عائشة متنقبة، فلما خرجت خرج النبى على اثرها فقال كيف رأيت يا عائشة؟ قالت رأيت يهودية، قال لا تقولى ذلك فانها أسلمت وحسن اسلامها (وبسند صحيح) عن ابن المسيب قدمت صفية وفى أذنها خرصة من ذهب فوهبت منه لفاطمة ولنساء معها (وعن ابن عمر) قال كان بعينى صفية خضرة فقال لها النبى صلى الله عليه وسلم ما هذه الخضرة بعينك؟ قالت قلت لزوجى إنى رأيت فيما يرى النائم كأن قمرا وقع فى حجرى فلطمنى وقال أتريدين ملك يثرب يعنى النبى صلى الله عليه وسلم، قالت وما كان ابغض إلىّ من رسول الله صلى الله عليه وسلم قتل أبى وزوجى، فمازال يعتذر الىّ وقال يا صفية ان أباك الّب علىّ العرب وفعل وفعل حتى ذهب ذلك من نفسى، اورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى ورجاله رجال الصحيح (باب) (1) (سنده) حدّثنا محمد بن عبد الله الزبيرى قال قال حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل عن أبى حمزة بن أبى أسيد عن أبيه الخ (قلت) أسيد بالتصغير وأسم أبى أسيد مالك بن ربيعة (غريبه) (2) بفتح الجيم وسكون الواو، قيل هى بنت النعمان بن الجون بن الحارث، وقيل بنت النعمان بن الأسود بن الحارث بن شراحيل الكندية بكسر الكاف نسبة إلى كندة قبيلة من اليمن (3) بضم المهملة وسكون الواو بعدها قاف يقال ذلك للواحد والجمع من الرعية، سموا سُوقة لأن الملك يسوقهم، قال ابن المنير وهذا من بقية ما كان من عزهم فى الجاهلية يسمون من ليس يملك سوقة وقيل إنها لم تعرفه (زاد البخارى فأهوى بيده يضع يده عليها لتسكن فقالت أعوذ بالله منك) (4) أى استعذت بمعاذ بفتح الميم اسم لما يستعاذ به (وفى رواية للبخارى) لقد عذت بعظيم، الحقى بأهلك (5) بضم الهمزة والسين (رازقتين) براء فزاى فقاف، والرازقية ثياب بيض طوال من الكتاب يكون فى لونها زرقة (6) اختلف فى اسمها فقيل اسمها أسماء وقيل عميرة وقيل أميمة بنت النعمان، وقيل بنت كعب بن يزيد، وقيب بنت كعب بن الجون بن شراحيل وقيل غير ذلك كما تقدم والله أعلم (تخريجه) (خ. وغيره) (وعن ابن عباس) أنها (يعنى التى استعاذت) كانت تقول ادعونى الشقية (وعن ام مناح) بشد النون ومهملة قالت كانت التى استعاذت قد ولهت وذهب عقلها، وكانت تقول إذا استأذنت على أمهات المؤمنين أنا الشقية أنا خدعت (وعن ابى أسيد) لما طلعت بها على قزمها تصايحوا وقالوا

-[ذكر من تزوجها وفارقها قبل الدخول بها صلى الله عليه وسلم]- (عن جميل بن زيد) (1) قال صحبت شيخا من الأنصار ذكر أنه كانت له صحبة يقال له كعب بن زيد أو زيد بن كعب فحدثنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وسلم تزوج امرأة من بنى غفار (2) فلما دخل عليها وضع ثوبه وقعد علىالفراش أبصر بكشحها (3) بياضاً فانحاز عن الفراش ثم قال خذى عليك ثيابك، ولم يأخذ مما آتاها شيئا (عن عروة عن أم شريك) (4)

_ إنك لغير مباركة لقد جعلتينا فى العرب شهرة فما دهاك؟ قالت خدعت، قالت لأبى أسيد ما أصنع؟ قال أقيمى فى بيتك واحتجبى مع رحم محرم ولا يطمع فيك أحد، فأقامت كذلك حتى ماتت فى خلافة عثمان (وعن ابن عباس) أنه خلف عليها المهاجر بن أبى امية فأراد عمر ان يعاقبها، فقالت والله ما ضرب علىّ حجاب، ولأسميت بام المؤمنين فكف عنها: رواها كلها ابن سعد (1) (سنده) حدّثنا القاسم بن مالك المزنى أبو جعفر قال أخبرنى جميل بن زيد قال صحبت شيخا من الأنصار الخ (قلت) جاء عند الحاكم عن جميل بن زيد الطائى عن زيد بن كعب بن عجرة عن أبيه فذكر (غريبه) (2) سماها الحاكم أسماء بنت النعمان العقارية (3) الكشح بسكون المعجمة ما بين الخاصرة إلى الضلع الخلف (وقوله بياضا) أى برصا (تخريجه) (ك هق) وابو نعيم فى الطب، زاد الحاكم وامر لها بالصداق، ثم قال هذه ليست بالكلابية انما هى اسماء بنت النعمان، وسكت عنه الحاكم وتعقبه الذهبى بقوله قال ابن معين زيد ليس بثقة أهـ (قلت) وفى اسناده ايضا جميل بن زيد الطائى البصرى، قال فى تعجيل المنفعة قال ابن معين ليس بثقة، وقال البخارى لم يصح حديثه، وقال بن حبان روى عن ابن عمر ولم ر ابن عمر، وقال ابو القاسم البغوى فى معجمه الاضطراب فى حديث الغفارية منه، يعنى فى قوله تارة عن ابن عمر وتارة عن كعب بن زيد أو زيد بن كعب، قال وقد روى عن ابن عمر احاديث يقول فيها سألت ابن عمر مع انه لم يسمع من ابن عمر شيئاً، وقال ابو حاتم والبغوى ضعيف الحديث؛ وقال النسائى ليس بثقة، وقال ابن حبان واهى احاديث أهـ بإختصار (4) (سنده) حدّثنا يونس ثنا حماد بن سلمة عن هشام ابن عروة عن عروة عن أم شريك الخ (تخريجه) (نس وسنده جيد ورجاله ثقات (قلت) اختلف فى ام شريك هذه من هى؟ فقيل هى ام شريك الرشية العامريه نسبة إلى عامر بن لؤى واسمها غزية بوزن سُمية وقيل اسمها غزيلة بالتصغير ولام بعد الياء بنت جابر بن عون من نبى عامر لؤى، وقيل بنت دودان بضم الدال الأولى ابن عوف، وقيل ها ام شريك غزية الأنصارية من بنى النجار، وفى الصفوة لابن الجوزى هى ام شريك غزية بنت جابر الدوسية الأزدية، قال والأكثرون على انها التى وهبت نفسها له صلى الله عليه وسلم فلم يقبلها لكبر السن فلم تتزوج حتى ماتت ورجحه الواقدى، ورواه ابن سعد عن عكرمة وعلى بن الحسين، (وأخرج ابن سعد أيضاً) عن منير بن عبد الله الدوسى أن ام شريك غزية بنت حابر بن حكيم الدوسية عرضت نفسها على النبى صلى الله عليه وسلم وكانت جميلة فقبلها، فقالت عائشة ما فى المرأة حين تهب نفسها لرجل خير: قالت أم شريك فأنا تلك فسماها الله مؤمنة فقال (وامرأة مؤمنة إن وهبت نفسها للنبى) فلما نزلت هذه الآية قالت عائشة ان الله ليسرع لك فى هواك، ويمكن الجمع بين القبول ونفيه بأنه عقد عليها ولم يدخل بها (قال الحافظ) فى الاصابة والذى يظهر فى الجمع ان أم شريك واحدة اختلف فى نسبها انصارية او عامرية من قرش او أزدية من دوس واجتماع هذه النِّسب

-[تتمة في ذكر ما لم يذكر فى مسند الإمام احمد من نساء تزوجهن الخ]- أنها كانت ممن وهبت نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم (عن أم الفضل بنت الحرث) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رآى أم حبيبة بنت عباس وهى فوق الفطم (2) قالت فقال لئن بلغت بنية العباس وأنا حيى لأتزوجنها (3)

_ (بكسر النون مشددة وفتح المهملة) الثلاثة ممكن كأن تكون قرشية تزوجت فى دوس فنسبت اليهم، ثم تزوجت فى الأنصار فنسبت اليهم، أو لم تتزوج بل نسبت انصارية بالمعنى الأعم، وقد ذكر الحافظ فى الإصابة لأم شريك أحاديث، منها حديث هذا الباب وحديث أن النبى صلى الله عليه وسلم أمرها بقتل الأوزاغ وكلها جاءت فى مسندها عند الامام احمد وتقدمت فى مواضعها والله أعلم (1) (سنده) حدّثنا يعقوب قال ثنا أبى عن ابن اسحاق قال وحدّثنى حسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس بن عكرمة مولى عبد الله بن عباس وهو خطأ، وصوابه بن عبد الله بن عبيد الله (غريبه) (2) الفطم بضم الفاء والطاء جمع فطيم من اللبن أى مفطوم ومعناه انها كانت فوق الفطيم فى السن (3) وعد صلى الله عليه وسلم ان بلغت مبلغ الزواج وهو حى يتزوجها ولكنها لم تبلغ مبلغ الزواج وهو حى فلم يتزوجها (تخريجه) أخرجه ابن اسحاق وفى اسناده عبد الله بن عبيد الله بن عباس ضعيف (تتمه فى ذكر ما لم يذكر فى مسند الامام أحمد من نساء تزوجهن صلى الله عليه وسلم ومن نساء لم يدخل بهن أو يخطبهن أو تسرَّى بهن). أعلم وفقنى الله وإياك لصالح الأعمال وختم لى ولك بكامل الإيمان انه لم يأت فى مسند الامام أحمد كل ما ذكره أصحاب السير من النساء اللائى تزوجهن صلى الله عليه وسلم ولم يدخل بهن أو خطبهن فقط ولم يتم زواجهن لموانع ستذكر أو تسرّى بهن، وإليك ذكر من تزوجهن ولم يدخل بهن أو دخل ببعضهن وطلقهن (قال فى المواهب) وقد ذكر أنه صلى الله عليه وسلم تزوج نسوة غير من ذكر (يعنى من زوجاته الاحدى عشرة) وجملتهن اثنا عشرة امرأة (الأولى) أم شريك الواهبة نفسها للنبى صلى الله عليه وسلم قلت) ذكرت فى المسند وتقدم الكلام عليها قريبا قال طلقها قبل أن يدخل بها فلم تتزوج حتى ماتت، وقال عروة بن الزبير كانت خولة بنت حكيم من اللائى وهبن أنفسهن إلى النبى صلى الله عليه وسلم (الثانية) خولة بنت الهذيل بن هبيرة تزوجها صلى الله عليه وسلم فهلكت قبل أن تصل اليه (الثالثة) عمرة بنت يزيد الكلابية طلقها وأمر أسامة بن زيد فمتعها ثلاثة أثواب (الرابعة) اسماء بنت النعمان الكندية تزوجها فلما دعاها قالت أعوذ بالله منه، فقال عذت بمعاذ، ثم سرحها إلى أهلها وكانت تسمى نفسها الشقية (قلت) تقدم ذكرها والكلام عليها فى أول الباب (الخامسة) مليكة بنت كعب ومنهم من ينكر تزويجها (السادسة) فاطمة بنت الضحاك تزوجها ثم فارقها، وقيل ان اباها قال انها لم تصدع قط، فقال عليه الصلاة والسلام لا حاجة لى بها (السابعة) عالية بنت ظبيان بن عمن تزوجها صلى الله عليه وسلم وكانت عنده ما شاء الله ثم طلقها (الثامنة) قتيلة بنت قيس اخت الاشعث بن قيس الكندى زوجة إياها أخوها فى سنة عشر ثم انصرف إلى حضر موت فحملها فقبض صلى الله عليه وسلم قبل قدومها عليه (التاسعة) منا بنت أسماء بن الصلت السَّلية تزوجها صلى الله عليه وسلم وماتت قبل ان يدخل بها، وعند ابن اسحاق طلقها قبل أن يدخل بها (العاشرة) شراف بنت خليفة اخت دحية الكبى تزوجها صلى الله عليه وسلم فماتت قبل دخوله بها (الحادية عشرة) ليلى بنت الخطيم اخت قيس تزوجها صلى الله عليه وسلم وكانت غيورا فاستقالته فاقالها فاكلها الذئب (الثانية عشرة) امرأة من غفار تزوجها صلى الله عليه وسلم فأمرها فنزعت ثيابها فرأى بكشحها

-[ما جاء في معاشرته أزواجه وكرم أخلاقه صلى الله عليه وسلم]- (أبواب ما جاء فى معاشرته زوجاته وكرم اخلاقه صلى الله عليه وسلم) (باب ما جاء فى عدله صلى الله عليه وسلم بينهن فى كل شئ وطوافه عليهن جميعاً ى ساعة أو ضحوة) (عن أنس) (1) ان أم سليم بعثته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بقناع (2) عليه رطب فجعل يقبض فبضة فيبعث بها إلى بعض أزواجه، ويقبض القبضة بها إلى أزواجه، ثم جلس فأكل بقيته أكل رجل يعلم أنه يشتهيه (3) (عن عروة عن عائشة) (4) رضى الله عنها قالت

_ بياضا فقال الحقى باهلك ولم يأخذ مما آتاها شيئاً (قلت) تقدم ذكرها والكلام عليها فى هذا الباب) قال فهؤلاء لأجملة من ذكر من أزواجه صلى الله عليه وسلم وفارقهن فى حياته، بعضهن قبل الدخول وبعضهن بعده (قال وروى انه صلى الله عليه وسلم خطب عدة نسوة) (الأولى منهن) امرأة من بنى مرة بن عوف خطبها صلى الله عليه وسلم إلى أبيها فقال ان بها برصا وهو كاذب فرجع فوجد البرص بها (الثانية) امرأة قرشية يقال لها سودة خطبها صلى الله عليه وسلم وكانت مصيبة فقالت أخاف أن يضغوا أى يضجوا او يبكوا عند رأسك فدعا لها وتركها (الثالثة) صفية بنت بشامة وكان أصابها فى سبى فخيرها بين نفسه الكريمة وبين زوجها فاختارت زوجها (الرابعة) ولم ذكر اسمها خطبها صلى الله عليه وسلم فقالت أستأمر أبى فلقيت أباها فأذن لها، فعادت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال التحفنا لحافا فاغيرك (الخامسة) أم هانئى فاختة بنت أبى طالب اخت على رضى الله عنهما خطبها صلى الله عليه وسلم فقالت انى مصيبة واعتذرت إليه فعذرها (السادسة) ضباعة بنت عامر بن قرط خطبها إلى ابنها سلمة بن هاشم فقال حتى استأمرها فقيل للنبى صلى الله عليه وسلم انها قد كبرت فلنا عاد ابنها وقد أذنت له سكت عنها صلى الله عليه وسلم فلم ينكحها (السادسة) أمامة بنت حمزة بن عبد المطلب عرضت عليه صلى الله عليه وسلم فقال هى ابنة أخى من الرضاعة (قلت) تقدم حديثها فى المسند فى كتاب النكاح (الثامنة) عزة بنت أبى سفيان عرضتها أختها أم حبيبة عليه صلى الله عليه وسلم فقال انها لا تحل لى لمكانة أختها (قلت) تقدم حديثها أيضاً فى كتاب النكاح)، وقيل تزوج عليه الصلاة والسلام امراة من جندع وهى بنت جندب بن حمزة ولم يدخل بهن أو عرضن عليه (قال وأما سرايه صلى الله عليه وسلم) فقيل إنهن أربعة مارية القبطية أم ابراهيم بن النبى صلى الله عليه وسلم أهداها له المقوقس صاحب الاسكندرية وماتت فى خلافة عمر رضى الله عنها فى سنة ست عشرة ودفنت بالبقيع (وريحانة) القرظية وماتت قبل وفاته صلى الله عليه وسلم سنة عشر ودفنت بالبقيع، وأخرى وهبتها له صلى الله عليه وسلم زينب بنت جحش (قلت) تقدم ذكرها فى حديث صفية فى باب فضل صفية وأنها من أمهات المؤمنين فى آخر حديث رقم 968 ص 143 (والرابعة) أصابها فى بعض السبى أهـ والله أعلم (باب) (1) (سنده) حدّثنا هشام تنا قتادة عن أنس الخ (غريبه) (2) القناع الطبق الذى يؤكل عليه، ويقال له القنع بكسر القاف وضمها (3) يستفاد من هذا الحديث عدله صلى الله عليه وسلم بين زوجاته حتى فى الهدية الخاصة بشخصه (وفيه) أنه صلى الله عليه وسلم كان يؤثر غيره على نفسه مع أن نفسه كانت تشتهى هذا الرطب فلو أنه أكل منه ما تشتهيه نفسه ثم قسم الباقى عليهن لما كان عليه باس، ولكنه آثرهن على نفسه ولم ياكل إلا ما فضل بعد القسمة (وفيها أيضا) دلالة على قنعه ومجاهدة نفسه صلى الله عليه وسلم (تخريجه) الحديث صحيح ورجاله من رجال الصحيحين وهو من ثلاثيات الامام احمد ولم أقف عليه لغيره (4) (عن عروة عن عائشة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه

-[قسمته صلى الله عليه وسلم بين نسائه بالعدل فى كل شي.]- كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فايتهن خرج سهمها خرج بها معه، وكان يقسم لكل امرأة منهن يومها وليلتها، غير أن سودة بنت زمعة كانت وهبت يومها وليلتها لعائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم تبتغى بذلك رضا النبى صلى الله عليه وسلم (عن قتادة حدثنا أنس بن مالك) (1) أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يدور على نسائه فى الساعة الواحدة من الليل والنهار وهن احدى عشرة امرأة قال قلت لأنس وهل كان يطيق ذلك؟ قال كنا نتحدث أنه اعطى قوة ثلاثين (وعنه من طريق ثان) قال كان نبى الله صلى الله عليه وسلم يطوف على تسع نسوة فى ضحوة (عن عائشة) (2) رضى الله عنها قالت كتان رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من يوم إلا وهو يطوف علينا جميعاً امرأة امرأة فيدنو ويلمس من غير مسيس حتى يفضى إلى التى هو يومها فيبيت عندها صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم (باب ظهور عجله وكرم أخلاقه فى قصة القصعة التى كسرتها عائشة رضى الله عنها) (عن حميد عن أنس) (3) أن رسول الله كان عند بعض نسائه قال أظنها عائشة (4) فأرسلت أحدى أمهات المؤمنين مع خادم (5) لها بقصعة فيها طعام فضربت الأخرى (6) بيد الخادم فكسرت القصعة بنصفين، قال فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول غارت أمكم (7) قال واخد الكسرتين فضم احداهما إلى الأخرى فجعل فيها الطعام ثم قال طلوا، فأكلوا وحبس الرسول (8) والقصعة حتى فرغوا فدفع إلى الرسول قصعة أخرى وترك المكسورة مكانها (وعنه من طريق ثان بنحوه

_ في باب من وهبت يومها لضرتها فى آخر كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر ص 239 رقم 386 فارجع إليه (1) (عن قتادة حدثنا أنس بن مالك) هذا الحديث بطريقيه وسنده وشرحه وتخريجه فى باب من أسلم وتحته أختان الخ من كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر ص 200 رقم 160 و 161 فارجع اليه (2) (عن عائشة الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما يجب فيه التعديل بين الزوجات وما لا يجب من كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر ص 238 رقم 283 فارجع اليه (باب) (3) (سنده) حدّثنا ابن أبى عدى عن حميد: ويزيد ين هارون انا حميد عن أنس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبه) (4) قال الطيبى انما أبهمت عائشة تفخيما لشانها وأنه مما لا يخفى ولا يلتبس أنها هى، لأن الهدايا انما كانت تهدى إلى النبى صلى الله عليه وسلم فى بيتها (5) قال الحافظ لم أقف على اسم الخادم وأما المرسلة فهى زينب بنت جحش ذكره ابن حزم فى المحلى من طريق الليث بن سعد عن جرير بن حازم عن حميد سمعت أنس بن مالك أن زينب بنت جحش أهدت الى النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى بيت عائشة ويومها جفنة من حيس الحديث واستفدنا منه معرفة الطعام المذكور (6) يعنى عائشة رضى الله عنها وفى رواية أم سلمة عند النسائى فجاءت عائشة ومعها فهر ففلقت به الصفحة (7) أى لحقتها الغيرة (قال الحافظ) وقوله غارت أمكم اعتذار منه صلى الله عليه وسلم لئلا يحمل صنيعها على ما يذم بل يجرى على عادة الضرائر من الغيرة، فإنها مركبة فى النفس بحيث لا يقدر على دفعها (8) هو المعبر عنه أولا بالخادم أى منعه من العود إلى سيدته التى أرسلته (والقصعة) اى المكسورة وجاء فى الطريق الثانية وحبس الرسول حتى جاءت الأخرى (يعنى عائشة بقصعتها الصحيحة) فدفع القصعة الصحيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التى

-[ظهور عدله وكرم اخلاقه فى قصة القصعة التى كسرتها عائشة]- (1) وفيه) وحبس الرسول حتى جاءت الأخرى بقصعتها فدفع القصعة الصحيحة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى التى كسرت قصعتها وترك المكسورة للتى كسرت (عن عائشة رضى الله عنها) (2) أنها قالت ما رأيت صانعة طعاٍم (3) مثل صفية، أهدت إلى النبى صلى الله عليه وسلم اناءً فيه طعام (وفى لفظ وهو عندى تعنى النبى صلى الله عليه وسلم) فما ملكت نفسى أن كسرته (4) فقلت يا رسول الله ما كفارته؟ فقال إناء كإناء وطعام كطعام (باب ما جاء فى رفقه بهن واهتمامه صلى الله عليه وسلم بأمرهن) (عن أنس) (5) قال كان رجل يسوق بأمهات المؤمنين يقال له أنجشه (6) فاشتد فى السياقة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أنجشه رويدك (7) سوقًا بالقوارير (ومن طريق ثان) (8)

_ كسرت قصعتها وترك المكسورة للتى كسرت وهى أوضح (1) (سنده) حدّثنا عبد الله بن بكر ثنا حميد عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه فذكر نحو الحديث المتقدم وفيه وحبس الرسول الخ (تخريجه) (خ وغيره) (2) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن عن سفيان عن فليت حدثتنى جسرة عن عائشة الخ (غريبه) (3) أى جيد حسن (4) جاء فى طريث ثان للامام أحمد أيضاً قالت فضربت القصعة فرميت بها، قالت فنظر إلى رسول الله فعرفت الغضب فى وجهه، فقلت أعوذ برسول الله صلى الله عليه وسلم ان يلعننى اليوم، قالت قلت وما كفارته؟ قال طعام كطعامها وإناء كانائها (تخريجه) (دنس) قال الحافظ وسنده حسن: وفى هذا الحديث أن مرسلة الطعام هى صفية بنت حييى زوج النبى صلى الله عليه وسلم وفى الحديث السابق أنها زينب بنت جحش، وتقدم فى باب ما جاء فى خلقه العظيم صلى الله عليه وسلم من أبواب الشمائل فى هذا الجزء ص 17 رقم 651 انها حفصة بنت عمر وأن التى كسرت القصعة هى جارية عائشة بأمرها، وروى النسائى من طريق حماد بن سلمة عن سالم عن أبى المتوكل عن أم سلمة أنها أنت بطعام فى صحفة إلى النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه فجاءت عائشة متزرة بكساء ومعها فهر ففلقت به الصحفة الحديث (وقد جمع العلماء) بين هذه الروايات بان قصة القصعة تعددت والله أعلم، وفى أحاديث الباب دلالة على حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وانصافه وحلمه (قال ابن العربى) وكأنه انما لم يؤدب الكاسرة ولو بالكلام لما وقع منها من التعدى لما فيهم من أن التى أرادت بذلك أذى التى هو فى بيتها والمظاهرة عليها أهـ (قلت) وأيضا لعمله صلى الله عليه وسلم بما تؤدى إليه الغيرة فقد أخرج أبو يعلى بسند لا بأس به عن عائشة مرفوعا ان الغيرى لا تبصر أسفل الوادى من أعلاه، ذكره القسطلانى فى المواهب، ومعناه أنها ربما تسقط من أعلى الوادى لظنها أنه أسفله فتهلك ولا تشعر (وروى البزار والطبرانى) عن ابن مسعود مرفوعا ان الله كتب الغيرة على النساء والجهاد على الرجال فمن صبر منهن كان له أجر شهيد، ذكره الزرقانى فى شرح المواهب والله أعلم (باب) (5) (سنده) حدّثنا بن أبى حميد عن أنس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبه) (6) بفتح الهمزة والجيم بينهما نون ساكنة وبعد الجيم شين معجمة فهاء تأنيث وكان حبشيا يكنى ابامارية وكان غلاماً للنبى صلى الله عليه وسلم (7) معناه حمل الابل على سرعة السير (8) رويد اسم فعل بمعنى امهل (والقوارير) جمع قارورة سميت بذلك لاستقرار الشراب فيها وهى من الزجاج، والمعنى لا تسرع السير بالنساء فى سفرك حال سوقك للابل لئلا يفضى ذلك إلى السقوط، وهن لضعف بنيتهن ورقتهن كالقوارير يسرع اليها الكسر ولا تقبل الجبر، وهذا من بدائع الاستعارات، فقد أفاد المجاز فى الحض على الرفق بالنساء فى السير ما لم تفده الحقيقية (تخريجه) (ق. نس) (9) هذا الطريق تقدم بسنده وشرحه

-[رفقه صلى الله عليه وسلم بنسائه واهتمامه بأمرهن]- عن ثابت قال سمعت أنس بن مالك يقول بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يسير وحاد يحدو بنسائه فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فاذا هو قد تنحى بهن، قال فقال يا أنجشه ويحك أرفق بالقوارير (حدثنا إسماعيل) (1) ثنا أيوب عن أبى قلابة (2) عن أنس رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم أتى على أزواجه وسوّاق يسوق بهن يقال له أنجشة، فقال ويحك يا أنجشة، رويدك سوقك بالقوارير، قال أبو قلابة تكلم رسول الله صلى الله عليه وسلم بكلمة لو تكلم بها بعضكم لعبتموها عليه يعنى قوله سوقك بالقوارير (3) (عن أنس) (4) أن جارا لرسول الله فارسيا كان طيب المرق (وفى رواية كانت مرقته أطيب شئ ريحا) فصنع لرسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جاءه يدعوه فقال وهذه؟ لعائشة (5) فقال لا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا: ثم عاد يدعوه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه؟ قال لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه، قال نعم فى الثالثة، فقاما يتدافعان حتى أتيا منزله (عن عائشة أم المؤمنين) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لها أن أمركن لما يهمنى بعدى (7) ولن يصبر عليكن إلا الصابرون (وعنها من

_ وتخريجه في باب سورة النساء والرفق بهن من أبواب صلاة السفر فى الجزء الخامس ص 88 رقم 202 فارجع اليه ففيه مباحث نفيسة (1) (حدثنا اسماعيل الخ) (غريبه) (2) أبو قلابة بكسر القاف اسمه عبد الله بن زيد الجرسى (3) (قال قلت هذه استعارة لطيفة بليغة فلم تعاب؟ وأجاب بانه لعله نظر إلى أن شرط الاستعارة ان يكون وجه الشبه جليا بين الأقوام، وليس بين القارورة والمرأة وجه شبه ظاهره، والحق انه كلام فى غاية الحسن والسلامة عن العيوب، ولا يلزم فى الاستعارة أن يكون جلاء وجه الشبه من حيث ذاتهما بل يكفى الجلاء الحاصل من القرائن كما فى المبحث فالعيب فى العائب (وكم من عائب قولا صحيحا: وآفته من الفهم السقيم) قال ويحتمل أن يكون قصد أبى قلابة أن هذه الاستعاره تحسن من مثل رسول الله صلى الله عليه وسلم فى البلاغة ولو صدرت ممن لا بلاغة له لعبتموها قال وهذا هو اللائق بمنصب أبى قلابة (وقال الداودى) هذا قاله أبو قلابة لأهل العراق لما كان عندهم من التكلف ومعارضة الحق بالباطل (تخريجه) (خ) هذا وفى الباب عن ام سليم انها كانت مع نساء النبى صلى الله عليه وسلم وهن بسوق بهن سواق فقال النبى أى أنجشة رويدك سوقا بالقوارير، وتقدم هذا الحديث بسنده وشرحه وتخريجه فى باب سفر النساء فى الجزء الخامس ص 89 رقم 103 أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبيرانى فى الكبير ورجال أحمد رجال الصحيح (4) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون قال أنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبة) (5) الظاهر أن ذلك كان قبل نزول الحجاب وأنه كان يوم عائشة وفيه ما يدل على أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب بر أزواجه، ولو كان فى غير يوم عائشة لفعل ذلم لصاحبة اليوم أيضا، لأن من البر بالزوجة أطعامها من الطعام الطيب الذى تشتهيه النفس (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وهو حديث صحيح ورجاله من رجال الصحيح (6) (سنده) حدّثنا أبو سلمة قال ثنا بكر بن مضر قال ثنا صخر بن عبد الرحمن بن حرملة قال حدّثنى أبو سلمة بن عبد الرحمن عن عائشة أم المؤمنين الخ (غريبه) (7) فيه دلالة على اهتمامه صلى الله عليه وسلم بامر أزواجه حتى بعد موته (وقوله صلى الله عليه وسلم ولن يصبر عليكن) اى على العطف عليهن ومواساتهن (إلا الصابرون) أى المؤمنون حقاً، هذا وقد جاء فى الأصل بعد قوله إلا الصابرون (وقال قتيبة صخر بن عبد الله) يعنى قوله فى السند ثنا صخر عبد الرحمن صوابه صخر بن عبد الله بن حرملة (قلت) وهو كذلك، فقد جاء فى الخلاصة صخر بن

-[ما جاء في كيد بعضهن له واحتماله ايذاءهن وعفوه عنهن]- طريق ثان) (1) عن أبى سلمة قال قالت عائشة إن رسول الله احنى (2) علىّ فقال انكن لأهم ما أترك إلىّ وراء ظهرى، والله لا يعطف عليكن (3) إلا الصابرون أو الصادقون (باب ما جاء فى كيد بعضهن له واحتماله إيذاءهن وعفوه عنهن وتواضعه فى بيته صلى الله عليه وسلم) (عن عائشة رضى الله عنها) (4) قالت كان رسول الله يحب الحلوى ويحب العسل وكان إذا صلى العصر دار على نسائه فيدنوا منهن، فدخل عن حفصة فاحتبس عندها أكثر مما كان يحتبس فسألت عن ذلك فقيل لى (5) اهدت لها امرأة من قومها عكة عسل فسقت رسول الله صلى الله عليه وسلم منه فقلت أما (6) والله لنحتالنّ له (7) فذكرت ذلك لسودة وقلت إذا دخل عليك فانه سيدنو منك، فقولى له يا رسول الله اكلت مغافر؟ (8) فانه سيقول لك لا، فقولى له ما هذه الريح؟ وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يشتد عليه ان يوجد منه ريح، فانه سيقول لك سقتنى حفصة شربة عسل، فقولى جرست (9) نحله العرفط، وسأقول له ذلك فقولى له أنت يا صفية (10) فلما دخل على سودة قالت سودة والذى لا آله هو لقد كدت أن ابادله بالذى قلت لى وإنه لعلى الباب فرقا (11) منك، فلما دنا رسول الله قلت يا رسول الله اكلت مغافر؟ قال لا، قلت فما هذا الريح؟ قال سقتنى حفصة شربة عسل، قلت جرست نحله العرنط فلما دخل على قلت له مثل ذلك؛ ثم دخل على صفية قالت له مثل ذلك، فلما دخل على حفصة قالت يا رسول الله ألا أسقيك منه؟ قال لا حاجة لى به قالت (13) تقول سودة سبحان الله لقد حرمناه (14) قلت لها اسكتي (15)

_ عبد الله بن حرملة المدلجى الحجازى عن أبى سلمة وعمر بن عبد العزيز، وعنه بكر بن مضر قال النسائى صالح (1) (سنده) حدّثنا عفان قال ثنا أبو عوانة عن عمر بن أبى سلمة عن أبى سلمة قال قالت عائشة الخ (2) أى أكب علىّ وأشفق (3) أى لا يعطف ويشفق عليكن إلا المتصفون بالصبر أو الصادقون فى إيمانهم وأو للشك من الراوى يشك هل قال إلا الصابرون أو قال إلا الصادقون والله أعلم (تخريجه) لم أقف على من أخرجه بهذا السياق سوى الامام أحمد وسند الطريق الأولى حسن وسند الطريق الثانية صحيح ورجاله من رجال الصحيحين (باب) (4) (سنده) حدّثنا أبو أسامة قال أنا هشام عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (5) فى حديث ابن عباس أن عائشة قالت لجويرية حبشية عندها يقال لها خضراء إذا دخل على حفصة فادخلى عليها فانظرى ماذا يصنع؛ فقالت اهدت لها الخ بفتح الهمزة وتخفيف الميم (7) أى لأجله (8) جاء فى رواية البخارى مغافر بياء تحتيه بعد الفاء وكلاهما جائز، قال فى القاموس والمغافر والمغائير (يعنى بالمثلثة بدل الفاء) الواحدة مغفر كمنبراه، (وقال ابن قتسية) هو صمغ حلو، له رائحة كريهة؛ (وذكر البخارى) أنه شبيه بالصمغ يكون فى الرمث بكسر الراء وسكون الميم بعدها مثلثة من الشجر التى ترعاها الابل (9) بفتحات أى رعت (نحله) أى نحل هذا العسل الذى شربته (العرفط) بضم العين المهملة والفاء بينهما راء ساكنة آخره طاء مهملة الشحر الذى صمغه المغافر (10) أى مثل ذلك (11) بفتح الفاء والراء أى خوفا منك (12) أى شجر المغافر أو المغافير (13) انما قال ذلك صلى الله عليه وسلم لما وقع من توارد النسوة الثلاث على أنه نشأت له من شربه ريح كريهة فتركه حسما للمادة (14) بتخفيف الراء أى منعناه صلى الله عليه وسلم من العسل (15) أى لئلا يفشو ذلك فيظهر ما دبرته لحفصة، هذا منها على

-[تتمه في ذكر أعمامه وعماته صلى الله عليه وسلم]- (عن أنس) (1) قال أقيمت الصلاة وقد كان بين النبى صلى الله عليه وسلم وبين نسائه شئ (2) فجعل يرد بعضهن عن بعض، فجاء أبو بكر فقال احث يا رسول الله فى أفواههن التراب (3) واخرج إلى الصلاة (عن الأسود) (4) قال قلت لعائشة ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع فى أهله؟ قالت كان فى مهنة أهله (5) فاذا حضرت الصلاة خرج إلى الصلاة

_ مقتضى طبيعة النساء فى الغيرة وليس بكبيرة بل صغيرة معفو عنها مكفرة والله أعلم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (1) (سنده) حدّثنا ابن أبى عدى عن حميد عن أنس (يعنى ابن مالك) (غريبه) (2) هذا الشيء هو كونه صلى الله عليه وسلم جعل يرد بعضهن عن بعض لأنهن تشاجرن كما يحصل عادة بين الضرائر وكان صلى الله عليه وسلم يحب التوفيق بينهن وقد أقيمت وهو مشغول بذلك (3) أى أرمى التراب فى أفواههن حتى لا يتكلمن ولكنه صلى الله عليه وسلم كان حليما حسن الخلق صبورا على الملمات فلم يفعل ما ذكره أبو بكر بل وفق بينهن ثم خرج إلى الصلاة صلى الله عليه وسلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده صحيح ورجاله من رجال الصحيحين (4) (سنده) حدّثنا يحيى عن شعبة قال حدّثنى الحكم عن ابراهيم عن الأسود الخ (غريبه) (5) اى يشاركهن فيما يجب عمله فى البيت (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده صحيح ورجاله كلهم ثقات صلى الله عليه وسلم ------------------------------- (تتمه في ذكر أعمامه وعماته صلى الله عليه وسلم) قال الامام الفقيه عماد الدين يحيى بن أبى بكر العامرى فى كتابه بهجة المحافل (فصل ذكر الأعمام والعمات) قال ولم يذكر أحد له صلى الله عليه وسلم خالة ولا خالات ولا إخوة، وكان عمومته صلى الله عليه وسلم احد عشر ذكرا وست نسوة (أولاهم بالذكر) أوّلا أسد الله وأسد رسوله وأخوه من الرضاعة أبو يعلى، ويقيل أبو عمارة حمزة بن عبد المطلب، أسلم قديما وعز الاسلام باسلامه وشهد بدرا وأبلى فيها، واستشهد باحُد، وذكر مصعب الزبيرى أنه كان له ابن يسمى يعلى الذى كنى به أعقب ابنه هذا خمسة من البنين ثم انقرضوا، وذكر غيره أن له ابنة اسمها عمارة كنيى بها أيضا وجرى ذكرها فى العتق فى سنن الدارقطنى ولها قصة، وابنته أمامة وهى التى جرى ذكرها فى عمرة القضاء وتنازع فيها على وجعفر وزيد، وقيل للنبى ص ألا تتزوج بنتا لحمزة الخ (ثانيهم) أبو الفضل العباس كان أسن من النبى صلى الله عليه وسلم بثلاث سنين، أسلم يوم بدر وقيل لم يتعين وقت إسلامه لأنه كان من أول أمره مسددا مقاربا، شهد مع النبى صلى الله عليه وسلم وهد له العقد مع الأنصار، ولما أسلم استأذن النبى صلى الله عليه وسلم فى الهجرة فقال له مقامك بمكة خير لك، فكان عونا للمستضعفين من المسلمين، وكان يكتب الى النبى صلى الله عليه وسلم بأخبار المشركين، ثم لقى النبى مهاجرا فى سفر الفتح فرجع معه فشهد معه الفتح وحمينا وأبل فيها. وكان النبى صلى الله عليه وسلم يعظمه ويبجله، وكذلك الخلفاء من بعده: مات سنة اثنتين وثلاثين فى خلافة عمر بعد أن كف بصره، وكان له من الولد عشرة بنين وثلاث بنات، وعدّ من الصحابة منهم الفضل وعبد الله بالطائف، وعبيد الله بالمدينة، وقثم بسمرقند، ومعبد بافريقية، رضى الله عنهم أجمعين (ثالثهم أبو طالب) واسمه عبد مناف وهو أخو عبد الله أبى النبى صلى الله عليه وسلم لأمه وأختهما عاتكة أمهم فاطمة بنت عمرو المخزومية، وله من الولد طالب وعقيل وجعفر وعل، كلهم صحابيون الا طالبا اختطفه الجن فذهب ولم يعلم اسلامه، وقيل ومن العجائب أن بين كل واحد منهم وبين أخيه فى السن عشر سنين، وكان له من البنات أم هانيء

-[(تابع للشرح) ما جاء فى أعمامه صلى الله عليه وسلم وعماته واخواله وخالاته]- .....

_ واسمها فاخته وقيل هند، وذكر من بناته أيضا جمانة والله أعلم (رابعهم الحارث) وهو أكبرهم فى السن وإنما قدمت حمزة والعباس عليه لشرف الاسلام وقدمت أبا طالب لشرف كفالة النبى صلى الله عليه وسلم، ولا مزية لبقيتهم، ومن ولد الحارث أبو سفيان أسلم فى سفر الفتح وحسن إسلامه وعاد يمدح النبى صلى الله عليه وسلم بعد أن كان يهجوه ولم يكن له عقب، ونوفل بن الحارث أسلم أيام الخندق وهاجر وله عقب، وعبد شمس بن الحارث وسماه النبى صلى الله عليه وسلم عبد لله، عقبه بالشام (خامسهم قثم بن عبد المطلب) مات صغيرا وهو أخو الحارث لأمه (سادسهم الزبير) وكان من أشرف قريش وهو الذى سعى فى حلف الفضول وابنه عبد الله بن الزبير شهد حنينا وثبت يومئذ، واستشهد باجنادين، وجد إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتل، ومن ولده ضياعة بنت الزبير صحابية وأم الحكم لها صحبة ورواية (سابعهم عبد الكعبة) (ثامنهم الغيداق) سمى بذلك لسخائه وجوده (تاسعهم حجل) واسمه المغيرة (عاشرهم ضرار) أخو العباس لمه (الحادى عر أبو لهب) واسمه عبد العزى، كنى بابى لهب لحسن وجهه، وكان من أسوء أهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم حالا فيه، وكفاه من الذم ما ورد فى حقه فى التنزيل، ومن أولاد أبى لهب عتبة ومعتب ثبتا مع النبى يوم حنين، ودرة صحابية أيضا، وأما عتبية فقتله الأسد بالزوراء من أرض الشام على كفرده بدعوة النبى صلى الله عليه وسلم (وأما العمات فست) (أولاهن صفية) أم الزبير وهى أخت حمزة رضى الله تبارك وتعالى عنهما لأمه أسلمت وهاجرت وتوفيت بالمدينة فى خلافة عمر (ثانيهن علتكة) اختلف فى اسلامها هى صاحبة الرؤيا فى يوم بدر وكانت عند أبى أمية المخزومى فولدت له أم المؤمنين أم سلمة وعبد الله، له صحبة؛ وزهيرا، وقريبة الكبرى (ثالثتهن أروى) وكانت تحت عمير بن وهب العبدرى فولدت له طليب بن عمير، وكان من المهاجرين الأولين شهد بدرا واستشهد باجنادين ولا ولد له (رابعتهن أميمة) كانت تحت جحش بن رباب فولدت له زينب أم المؤمنين وعبد الله واستشهد بأحد ودفن مع خاله حمزة: وأبا أحمد الأعمى الشاعر وأم حبيبة وحمنة كلهم لهم صحبة، وعبيد الله اسلم ثم تنصر بالحبشة ومات بها (خامستهن برة) وكانت عند عبد الأشهل بن هلال المخزومى فولدت له أبا سلمة زوج أم سلمة قبل النبى صلى الله عليه وسلم (سادستهن ام حكيم) واسمها البيضاء وهى توأمه عبد الله ابى النبى صلى الله عليه وسلم وكانت عند كريز بن ربيعة العشمى فولدت له اروى بنت كريز ام عثمان بن عفان رضى الله عنهم أجمعين أهـ (قلت) وتقدم ذكر مرضعاته واخوته من الرضاعة فى باب ما جاء فى ذكر رضاعه صلى الله عليه وسلم ومراضعه وحواضنه فى الجزء العشرين ص 190 فارجع اليه والله الموفق (استدراك) جاء فى اول هذه التتمة لصاحب بهجة المحافل انه قال ولم يذكر له صلى الله عليه وسلم خالة ولا خالات ولعل صوابه خالا ولا خالات فالله أعلم ------------------------------ (قلت قال العلامة الزرقانى فى شرح المواهب) لم يذكر المصنف اخواله صلى الله عليه وسلم، وقد روى ابن شاهين عن عائشة ان الأسود بن وهب خال النبى صلى الله عليه وسلم استأذن عليه فقال يا خال ادخل فبسط له رداءه، وروى ابن الأعرابى فى معجمه عن عبد الله بن عمرو قال صلى الله عليه وسلم لخاله الأسود بن وهب ألا أعلمك كلمات من يرد الله به خيراً يعلمهن إياه ثم لا ينسيه ابدا؟ قال بلى يا رسول الله، قال قل اللهم إنى ضعيف فقوّ فى رضاك ضعفى، وخذ لى الخير بناصيتى واجعل الاسلام منتهى راضى، وروى الخرائطى بسند ضعيف عن عمير ابن وهب خال النبى صلى الله عليه وسلم انه قدم عليه فبسط له رداءه وقال الخال والد (قال الحافظ فى الإصابة) وهذه القصة للأسود بن وهب فلعلها وقعت له ولأخيه عمير أهـ وخاله ايضا عبد يغوث بن وهب والد الأسود

-[ما جاء في ذكر بعض خدمه الاحرار صلى الله عليه وسلم]- (باب ما جاء فى ذكر بعض خدمه صلى الله عليه وسلم منهم أنس بن مالك رضى الله عنه) (عن أنس بن مالك رضى الله عنه) قال خدمت النبى صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم عشر سنوات فما أمرنى بامر فتوانيت عنه الحديث (عن جبير بن نفير) عن عقبة بن عامر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهديت اليه بغلة شهباء فركبها فاخذ عقبة يقودها له، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعقبة اقرأ يا رسول الله؟ قال النبى صلى الله عليه وسلم اقرأ قل أعوذ برب الفلق الحديث (ومنهم عبد الله بن مسعود وأمه رضى الله عنهما) (عن عبد الله) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذنك علىّ أن يرفع الحجاب وأن تستمع بسوادى حتى انهاك قال أبو عبد الرحمن قال ابو عبد الرحمن قال أبى بسوادى سرى، قال اذن له أن يسمع سره

_ الذي كان المستهزئين، وذكر ابو موسى المدينى فى الصحابة ذريعة بنت وهب الزهرية فقال رفعها صلى الله عليه وسلم وقال من اراد ان ينظر إلى خالة رسول الله صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هذه (وروى أبو يعلى) عن ابن عمر انه صلى الله عليه وسلم اعطى خالته غلاما فقال لا تجعليه قصابا ولا حجاما ولا صائغاً (وروى الطبرانى عن جابر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول وهبت خالتى فاخته بنت عمر وغلاما وامرتها ان لا تجعله جازراً ولا صائغاً ولا حجاماً والله اعلم أهـ (قلت) هذا الحديث جاء عند الامام احمد عن عمر الخطاب وتقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى كسب الحجام الخ من كتاب البيوع والكسب فى الجزء الخامس عشر ص 14 رقم 42 فارجع اليه والله الموفق (باب) (1) (عن اني بن مالك الخ) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى خلقه العظيم صلى الله عليه وسلم فى هذا الجزء ص 20 بعد رقم 657 (2) (عن جبير بن نفير الخ) هذا طرف من حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب فضل سورة الفلق وتفسيرها فى الجزء الثامن عشر ص 253 رقم 548 (3) (سنده) حدّثنا وكيع حدثنا سفيان عن الحسن بن عبيد الله عن ابراهيم بن سويد عن عبد الله (يعنى ابن مسعود الخ) (غريبه) (4) معناه إذا وجدت الحجاب مرفوعاً فادخل بغير استئذان، وان كان الحجاب مرخيا فلا تدخل إلا إذا استادنت (5) السواد بكسر السين المهملة هو السر كما فسره الامام أحمد فى آخر الحديث (قال النووى) رضى الله عنه اتفق العلماء على أن المراد به السرار بكسر السين وبالراء المكررة وهو السر والمسارر، يقال ساررت الرجل مساررة إذا ساررته، قالوا وهو مأخوذ من إدناء سوادك من سواده عند المساررة أى شخصك من شخصية والسواد اسم لكل شخص، وفيه دليل لجواز اعتماد العلامة فى الاذن فى الدخول للناس عامة، أو الطائفة خاصة، أو الشخص، أو جعل علامة غير ذلك جاز اعتمادها والدخول اذا وجدت بغير استئذان، وكذا إذا جعل الرجل ذلك علامة بينه وبين حرمه ومماليكه وكبار أولاده وأهله فمتى ارخى حجابه فلا دخول عليه إلا باستئذان، فإذا رفعه جاز بلا استئذان والله أعلم أهـ (تخريجه) (م جه) والبخارى فى تاريخه الكبير (تتمه) جاء فى بهجة المحافل ذكر خدمه صلى الله عليه وسلم من الأحرار وهم احد عشر، أولهم وأولاهم بالذكر أنس بن مالك) رضى الله عنه (وهند وأسماء) أبناء حارثة الأسلميان (وربيعة بن كعب الأسلمى) وكان من أصحاب الصفة (وعبد الله بن مسعود) وكان صاحب نعلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا قام البسه اياهما وإذا جلس جعلهما فى ذراعيه حتى يقوم، وكذلك

-[ما جاء في ذكر بعض مواليه صلى الله عليه وسلم]- (باب ما جاء فى ذكر بعض مواليه صلى الله عليه وسلم) (فمنهم سفينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) (عن سفينة ابى عبد الرحمان) (1) قال اعتقتنى ام سلمة (2) واشترطت على ان اخدم النبى صلى الله عليه وسلم ما عاش (ومنهم سلمان الفارسى رضى الله عنه) (عن بريدة الأسلمى) (3) من حديث طويل ان سلمان الفارسى رضى الله عنه نظر الى الخاتم الذى على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فآمن به وكان لليهود فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا الحديث (ومنهم ابو رافع مولى رسول الله) (عن ابن رافع عن أبيه) (4) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث رجلا من بنى مخزوم (5) على الصدقة فقال لأبى رافع تصحبنى كيما نصيب منها؟ قال لا حتى آتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانطلق إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأله فقال الصدقة لا تحل لنا وإن مولى القوم من أنفسهم (6) (ومنهم مهران أو ميمون مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) (7) (عن عطاء بن السائب) قال اتيت أم كلثوم ابنة على بشئ من الصدقة فردتها وقالت حدّثنى مولى للنبى صلى الله عليه وسلم

_ كان يخبأ له سواكه حتى يحتاجه (وفى الصحيحين عن أبى موسى الأشعرى) قال قدمت المدينة أنا وأخى من اليمن فمكثنا حينا ما نرى ابن مسعود وأمه الا من أهل بيت النبى صلى الله عليه وسلم من كثرة دخوله ودخول أمه على رسول الله صلى الله عليه وسلم (وعقبة بن عامر الجهنى) كان صاحب بغل النبى صلى الله عليه وسلم يراعيه ويقود به فى الأسفار (وبلال بن رباح) ويقال أيضا ابن حمامة وهى أمه اشتراه أبو بكر حين كان يعذب فى الله واعتقه فخدم النبى صلى الله عليه وسلم ولازمه حضرا وسفرا وتولى الأذان، وهو أول من أذن فى الاسلام، وكان المؤذنون سواه ابن أم مكتوم وأبا محذورة (ويعد) مولى أبى بكر ذو مخمر، ويقال ذو مخبر بن أخى النجاشى وقيل ابن أخته (وبكير بن شداخ الليثى) (وأبو ذر) الغفارى رضى الله عنهم أجمعين (باب) (1) (سنده) حدّثنا ابو كامل ثنا جماد بن سلمة ثنا سعيد بن جهمان عن سفينة ابى عبد الرحمن الخ (قلت) سبب. تسميته ما جاء فى رواية اخرى عن سعيد بن جهمان ايضا وستأتى هذه الرواية فى مناقب سفينة؟ من كتاب المناقب أنه قال لسفينة ما اسمك؟ قال ما أنا بمخبرك، سمانى رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة قلت ولم سماك سفينة؟ قال خرج رسول الله ومعه أصحابه فثقل عليهم متاعهم فقال لى ابسط كساءك فبسطته، فجعلوا فيه متاعهم ثم حملوا علىّ فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم أحمل فانما أنت سفينة، فلو حملت يومئذ وقر بعير أو بعيرين أو ثلاثة أو أربعة أو خمسة أو ستة أو سبعة لا يقل على إلا أن يخفقوا (2) قال العلماء هو مولى أم سلمة باعتبار أنها أعتقته، ومولى رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتبار أنها أعتقته، ومولى رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتبار شرطها وخدمته للنبى صلى الله عليه وسلم، وكان من أبناء فارس، وقيل من مولدى العرب (تخريجه) أخرجه ايضا ابن ابى حاتم وسنده جيد (3) (عن بريدة الأسلمى) هذا طرف من حديث طويل جدا سيأتى بطوله وينده وشرحه فى مناقب سلمان الفارسى من كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالى (4) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر وبهز قالا ثنا شعبة عن الحكم عن ابن ابى رافع عن ابيه الخ (غريبه) (5) قال المنذرى وهذا الرجل الذى بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الأرقم بن الأرقم المخزومى بين ذلك الخطيب والنسائى وكان من المهاجرين الأولين وكنيته لأبو عبد الله: وأبو رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمه ابراهيم وقيل أسلم وقيل ثابت وقيل هرمز أهـ وكان للعباس فوهبه للنبى صلى الله عليه وسلم تحرم عليهم الصدقة كما تحرم على أهل بيته (تخريجه) (د مذنس) وصححه الترمذى وأخرجه أيضا (خزحب) وصححاه (7) (عن عطاء بن السائب الخ) هذا الحديث

-[قصته صلى الله عليه وسلم مع ابى مويههة خادمه وما جمعه العلامة القسطلانى من ذكر مواليه]- يقال له مهران (وفى رواية أخبرنى مهران أو ميمون مولى النبى صلى الله عليه وسلم) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنا آل محمد لا تحل لنا الصدقة، ومولى القوم منهم (عن سلمة بن الأكوع) (1) قال كان للنبى صلى الله عليه وسلم غلام يسمى رباحا (2) (ومنهم أبو مويهبة المزنى مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) (عن ابى مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم) (3) قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلى على أهل البقيع فصلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات، فلما كانت الليلة الثانية قال يا أبا مويهبة اسرج لى دابتى، قال فركب ومشيت حتى انتهى اليهم، فنزل عن دابته وأمسكت الدابة ووقف عليهم أو قال قام عليهم، فقال ليهنكم ما أنتم فيه الحديث (باب ما جاء فى كتبه وكتابه وفيه فصول) (الفصل الأول فى كتبه إلى ملوك الكفار وغيرهم) (عن جابر) (4) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول العبد مع من أحب (5) وكتب رسول الله

_ تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب تحريم الصدقة على بنى هاشم وأزواجهم ومواليهم من كتاب الزكاة فى الجزء التاسع ص 80 رقم 121 (1) (سنده) حدثنا وكيع قال ثنا عكرمة بن عمار عن أناس بن سلمة عن أبيه (يعنى سلمة بن الأكوع الخ) (غريبه) (2) قال الحافظ فى الإصابة رباح مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبت ذكره فى الصحيحين من حديث عمر فى قصة اعتزال النبى صلى الله عليه وسلم نساءه (قلت) وعند الامام أحمد أيضا وتقدم فى سورة التحريم فى الجزء الثامن عشر ص 312 رقم 474 قال (يعنى عمر رضى الله عنه) فجئت إلى المشربة التى هو فيها فقلت يا رباح استأذن لى، سماه مسلم فى روايته، وفى مسلم أيضا من حديث سلمة بت أكوع الطويل قال وكان للنبى صلى الله عليه وسلم غلام اسمه رباح (قلت) قال العلماء كان رباح أسود نوبى (تخريجه) (م. وغيره) (3) (عن أبى مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ) هذا الحديث فيه التصريح بأن مويهبة كان مولى للنبى صلى الله عليه وسلم وهو طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى ابتداء مرضه صلى الله عليه وسلم وموته فى الجزء الحادى والعشرين ص 222 رقم 474 (قال الحافظ فى الاصابة) أبو مويهبة ويقال أبو موهبة وابو موهوبة هو قول الواقدى مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال البلاذرى كان من مولدى مزينة وشهد غزوة المريسيع وكان ممن يقود لعائشة جملها، روى عنه عبد الله بن عمرو بن العاص وهو من اقرانه أهـ، بإختصار، هذا وليس ما ذكر فى هذا الباب كل مواليه صلى الله عليه وسلم فقد جاء ذكر كثير منهم عند الإمام أحمد تقدم ذكرهم فى أبواب متفرقة للمناسبة (وقد جمع العلامة القسطلانى فى المواهب كثيراً منهم) فقال رحمه الله: أما مواليه صلى الله عليه وسلم فمنهم أسامة وأبوه زيد بن حارثة حب رسول الله وثوبان وأبو كبشة أوس وشقران واسمه صالح الحبشى ورباح الأسود النوبى وكان يأذن عليه احيانا إذا انفرد ويسار الراعى وزيد أبو يسار ومدعم (بوزن منبر) عبد أسود وأبو رافع ورفاعة بن زيد الجذامى وسفينة وما بور القبطى ووواقد وأبو واقدوا نجشة الحادى وسلمان الفارسى وشمعون بن زيد وابو ريحانه وابو بكرة نفيع بن الحارث (ومن النساء) ام ايمن الحبشية وسلمى ام رافع زوج ابى رافع ومارية وريحانة وقيصر اخت مارية وغير ذلك، قال ابن الجوزى مواليه ثلاثة واربعون واماؤه احدى عشرة رضى الله عنهم أجمعين أهـ (باب) (4) (سنده) حدّثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا ابو الزبير عن جابر (يعنى ابن عبد الله الخ) (غريبه) (5) أى يحشر يوم القيامة مع من احب (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبراني

-[ما جاء في كتبه صلى الله عليه وسلم الى الكفار وغيرهم]- صلى الله عليه وسلم قبل أن يموت إلى كسرى وقيصر وإلى كل جبار (حدثنا يونس وحسين) (1) قال ثنا شيبان عن قتادة قال وحدث كرثد بن ظبيان قال جاءنا كتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم فما وجدنا له كاتبا يقرؤه علينا حتى قرأه رجل من بنى ضبيعة، من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبى بكر بن وائل أسلموا تسلموا (حدثنا إسماعيل) (2) ثنا الجريرى عن أبى العلاء بن الشخير قال كنت مع مطرِّف فى سوق الابل فجاءه اعرابى معه قطعة اديم (3) أو جراب فقال من يقرأ أو فيكم من يقرأ؟ قلت نعم، فأخذته فاذا فيه (بسم الله الرحمن الرحيم من محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) لبنى زهير ابن أقيش حيى من عكل انهم ان شهدوا أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله (4) وفارقوا المشركين وأقروا بالخمس فى غنائمهم وسهم النبى وصفية (5) فانهم آمنون بأمان الله ورسوله، فقال له بعض القوم هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا تحدثناه؟ قال نعم، قالوا فحدثنا رحمك الله، قال سمعته يقول من سرّه أن يذهب كثير من وحر (6) صدره فليصم شهر الصبر (7) أو ثلاثة أيام من كل شهر، فقال له القوم أو بعضهم أأنت سمعت هذا ن رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال ألا أراكم تتهمونى أن أكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال اسماعيل مرة تخافون، والله لا حدثتكم حديثاً

_ في الأوسط اسناد أحمد حسن (1) (حدثنا يونس وحسين الخ) (تخريجه) اخرجه البغوى وابن السكن وسنده جيد (قال الحافظ) فى الإصابة مرثد بن ظبيان بن سلمة بن لوذان بن عوف بن سدوس الشيبانى ثم السدوسى ذكره ابن السكن فى الصحابة واخرج له من طريق عمر بن احيحة حدّثنى بحير بن حاجب ابن يونس بن شهاب بن زهير بن مذعور بن ظبيان حدّثنى أبى عن ابيه عن جده أن مرثد بن ظبيان هاجر إلى رسول الله وشهد معه يوم حنين وكتب معه كتاباً إلى بكر بن وائل وكساه حلتين فلم يوجد أحد يقرأ إلا رجل من ضبيعة فسموا بنى الكاتب، قال ابن السكن وهو غير معروف فى الصحابة أهـ (قال الحافظ) قلت وقد أخرج أحمد والبغوى من طريق قتادة عن مضارب بن حرب العجلى قال حدث مرثد بن ظبيان قال جاءنا كتاب النبى فما وجدنا من يقرؤه حتى قرأه رجل من بنى ضبيعة (من محمد رسول الله إلى بكر بن وائل اسلموا تسلموا) فانهم ليسمون بنى الكاتب ابن السكن معلقا وقال هو مرسل أهـ (وأخرج خليفة بن خياط) فى تاريخه وقال عن محمد بن سواء عن قرة بن خالد عن مضارب أن النبى وهب سبى بكر بن وائل لمرثد بن ظبيان وهكذا أخرجه البغوى بلاغا عن خليفة أهـ من الاصابة (2) (حدثنا اسماعيل الخ) (قلت) اسماعيل هو ابن اراهيم بن مقيم الأسدى القرشى مولاهم أبو بشر البصرى بن علية وهى أنه مولاة لبنى أسد بن خزيمة أيضا الحافظ احد الأئمة الأعلام روى عنه الامام احمد وابنراهوية وعلى بن حجر وخلق كثير، قال شعبة بن علية ريحانة الفقهاء وقال الامام أحمد اليه المنتهى فى التثت (غريبه) (3) أى جلد أو جراب بكسر الجيم (4) لم يذكر الشهادتين فى الطريق الثانية وزاد فيها إنكم أن أقمتم الصلاة وأتيتم الزكاة وفارقتم المشركين الخ (5) الصفى ما كان يأخذه رئيس الجيش ويختاره لنفسه من الغنيمة قبل القسمة ويقال الا السفينة والجمع الصفايا (نه) (6) بفتح الواو والحاء المهملة بعدها راء هو غشه وحقده ووساوسه (7) يعنى رمضان وسمى شهر الصبر لأن الصائم يحبس نفسه عن

-[كتابه صلى الله عليه وسلم إلى كسرى وتمزيقه الكتاب ودعاء النبى صلى الله عليه وسلم عليهم بان يمزقوا كل ممزق وقد كان]- سائر اليوم (1) ثم انطلق (ومن طريق ثان) فدشنا روح بن عبادة ثنا قرة بن خالد قال سمعت زيد بن عبد الله بن الشخير قال كنا بالمربد (2) جلوسا فأتى علينا رجل من أهل البادية فذكر نحوه (يعنى نحو حديث الجريرى المتقدم) (عن ابن عباس) (3) قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة بكتابه إلى كسرى (4) قال فدفعه الى عظيم البحرين يدفعه عظيم البحرين الى كسرى، قال يعقوب فدفعه عظيم البحرين إلى كسرى فلما قرأه مزقه، قال ابن شهاب (5) فحسبت ابن المسيب قال فدعا عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يمزقوا كل ممزق (6) (عن أبى هريرة) (7) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إذا هلك كسرى فلا كسرى بعده، وإذا هلك قيصر فلا

_ شهواتها وحبس النفس عما تشتهى هو معنى الصبر (1) معناه أنه غضب من اتهامهم اياه وأقسم أنه لا يحدثهم حديثا بعد ذلك بقية اليوم ثم انصرف (2) المربد بكسر الميم وفتح الموحدة الموضع الذى تحبس فيه الإبل والغنم، من ربد بالمكان إذا أقام فيه، وربده إذا حبسه، وبه سمى مربد المدينة والبصرة (تخريجه) أورده المنذرى عن ابن عباس وقال رواه البزار ورجاله رجال الصحيح، قال ورواه أحمد وابن حبان فى صحيحه والبيهقى الثلاثة من حديث الأعرابى ولم يسموه، ورواه البزار من حديث على أهـ (قلت) وسنده عند الامام أحمد صحيح (3) (سنده) حدّثنا سليمان بن داود الهاشمى حدثنا ابراهيم ابن سعد قال حدّثنى صالح بن كيسان وابن اخى ابن شهاب كلاهما عن ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن ابن عباس: ويعقوب قال حدّثنى أبى عن صالح قال ابن شهاب اخبرنى عبيد الله بن عبد الله أن ابن عباس أخبره قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن حذافة الخ (قلت) روى الامام احمد رحمه الله هذا الحديث باسنادين، الأول قال حدثنا سليمان بن داود إلى قوله عن ابن عباس؛ والثانى من قوله ويعقوب يعنى وحدثنا يعقوب إلى قوله ان ابن عباس اخبره الى آخر الحديث (غريبه) (4) اسم كسرى ابروين بفتح الراء وكسرها بن هرمز بن أنو شروان الكبير المشهور الذى بنى الأيوان وملك ثمانيا وأربعين سنة (5) هذه الجملة من قوله قال ابن شهاب إلى آخر الحديث مرسلة كما قال الحافظ عنها، قال وقع فى الطرق مرسلا، ويحتمل أن يكون ابن المسيب سمعه من عبد الله ابن حذافة صاحب القصة، فإن ابن سعد ذكر من حديثه أنه قال فقرأ عليه كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذه فمزقه (6) اى يتفرقوا ويتقطعوا فاستجاب الله لرسوله فسلط الله على ابرويز ابنه شيرويه فقلته ثم قتل اخوته، وكان ابوه لما علم ان ابنه يقتله احتال على قتل ابنه بعد موته فعمل فى بعض خزانته المختصة به حقا مسموماً وكتب عليه حق الجماع، من تناول منه كذا جامع كذا، فقرأه شيرويه فتناول منه، فهلك بعد ابيه بستة أشهر ولم يخلق ذكراه، فملكوا اخته بوران بم الموحدة، ذكره ابن قييبة فى المعلوف ثم ملكوا اختها ازد ميدخت كما ذكره الطبرى فجرّ ذلك إلى ذهاب ملكهم ومزقوا كما دعا به صلى الله عليه وسلم ذكره الحافظ فى الفتح، ولذلك لما بلغ النبى صلى الله عليه وسلم انهم ملكوا عليهم امرأة قال (لنيفلح قوم وّلوَّا أمرهم امراة) وسيأتى هذا الحديث فى باب المنع من امارة المرأة والصبى من كتاب الخلافة والامارة ان شاء الله تعالى (تخريجه) (خ) (7) (سنده) حدّثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهرى عن سعيد بن المسيب عن

-[كتبه صلى الله عليه لبعض المسلمين بالوصية]- قيصر بعده (1) والذى نفس محمد بيده لتنفقن كنوزهما فى سبيل الله (حدثنا حسين) (2) ثنا أبو أوس ثنا كثير ين عبد الله بن عمرو بن عوف المزنى عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطع بلال بن الحرث المزنى من معادن القبلية جليسيَّها وغوريَّها وحيث يصلح للزرع من قدسٍ ولم يعطه حق مسلم كتب له النبى صلى الله عليه وسلم (بسم الله الرحمن الرحيم) هذا ما أعطى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) بلال بن الحرث المزنى أعطاه معادن القبلية جليسيها وغوريها وحيث يصلح للزرع من قدسٍ ولم يعطه حق مسلم (عن الحرث بن مسلم بن الحرث التميمى عن أبيه) (3) أن النبى صلى الله عليه وسلم كتب له كتابا بالوصاة له إلى من بعده من ولاة الأمر وختم عليه (عن أبى ثعلبة الخشنى) (4) قال أنيت النبى صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول اكتب لى بأرض كذا وكذا بأرض الشام لم يظهر عليها النهى صلى الله عليه وسلم حينئذ (5) فقال النبى صلى الله عليه وسلم ألا تسمعون إلى ما يقول هذا (6) فقال أبو ثعلبة والذى نفسى بيده لتظهرن عليها (7) قال فكتب له بها (8)، قال قلت يا رسول الله ان ارضنا أرض صيد فارسل كلبى المكلب وكلبى الذى ليس بمكلب (9) قال ان أرسلت كلبك وسميت فكل ما أمسك عليه كلبك المكلب وان قتل، وان أرسلت كلبك الذى ليس بمكلب فأدركت ذكاته فكل، وكل ما ردّ عليك سهمك وان قتل وسم الله، قال قلت يا نبى الله أن أرضنا أرض أهل كتاب وإنهم يأكلون لحم الخنزير ويشربون الخمر فكيف أصنع بآنيتهم وقدورهم؟ قال ان لم تجدوا غيرها فار حضوها واطبخوا قيها واشربوا، قال قلت يا رسول الله ما يحل لنا مما يحرم علينا؟ قال

_ أبي هريرة الخ (غريبه) (1) قال النووى رحمه الله قال الشافعى وسائر العلماء معناه لا يكون كسرى بالعراق ولا قيصر بالشام كما كان فى زمنه صلى الله عليه وسلم فعلمنا صلى الله عليه وسلم بانقطاع ملكهما فى هذين الاقليمين فكان كما قال صلى الله عليه وسلم (قاما كسرى) فانقطع ملكه وزال بالكلية من جميع الأرض وتمزق ملكه كل ممزق واضمحل بدعوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، (وأما قيصر) فانهزم من الشام ودخل أقاصى بلاده فافتتح المسلمون بلادهما واستقرت للمسلمين ولله الحمد، وأنفق المسلمون كنوزهما فى سبيل الله كما أخبر صلى الله عليه وسلم وهذه معجزات ظاهره (تخريجه) ق. مذ) (2) (حدّثنا حسين الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب اقطاع المعادن من كتاب إحياء الموات فى الجزء الخامس عشر ص 138 رقم 426 فارجع اليه (3) (سنده) حدّثنا على بن بحر قال ثنا الوليد بن مسلم ثنا عبد الرحمن بن حسان الكنانى عن الحارث ابن مسلم بن الحارث التميمى عن أبيه الخ (تخريجه) أخرجه البخارى من التاريخ وهو حديث صحيح ورجاله كلهم ثقات (4) (سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا معمر عن أيوب عن أبى قلابة عن ابى تعلبه الخشنى الخ (غريبه) (5) أى لم يتملكها بحرب أو صلح (6) انما قال النبى صلى الله عليه وسلم ذلك تعجبا من كون أبى ثعلبة يطلب منه شيئاً لا يملكه (7) أقسم أبو ثعلبة بالله أنه سيئول ملكها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ألهمه الله ذلك (8) يحتمل أن يكون صلى الله عليه وسلم كتب له بها فى الحال ولابد أن يكون ذلك بوحى من الله عز وجل، أو يكون كتب له بها بعد ظهوره عليها وهذا ظاهر والله أعلم (9) ما يختص بالصيد والكلب المكلب إلى آخر الحديث تقدم شرجه فى الباب الأول من كتاب الصيد والذبائح

-[كتابه صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار = وعزمه على كتابة للصحابة قبل موته ولم يتم ذلك]- لا تأكلوا لحوم الحمر الإنسية ولا كل ذى ناب من السباع (عن عمرو بن شعيب) (1) عن أبيه عن جده أن النبى صلى الله عليه وسلم كتب كتابا بين المهاجرين والأنصار أن يعقلوا معاقلهم وأن يفدوا عانيهم بالمعروف والإصلاح بين المسلمين (عن ابن عباس) (2) قال لما حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم الوفاة قال هلم أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده، وفى البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) فقال عمر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد غلبه الوجع وعندكم القرآن، حسبنا كتاب الله، قال فاختلف أهل البيت فاختصموا، فمنهم من يقول يكتب لكم رسول الله صلى الله عليه وسلم ومنهم من يقول ما قال عمر، فلما أكثروا اللغط والاختلاف وغم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قوموا عنى، فكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم (عن ابن العلاء بن الحضرمى) (3) أن أباه كتب إلى النبى فبدأ بنفسه (4)

_ في الجزء السابع عشر ص 143 فارجع اليه (تخريجه) (ق د نس) بدون كتابة الأرض (1) (عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى المؤاخاة والمحالفة بين المهاجرين والأنصار من أبواب حوادث السنة الأولى من الهجرة فى الجزء العادى والعشرين ص 10 رقم 191 بن عبد الله بن عن ابن عباس الخ (تخريجه) (ق. وغيرهما) وتقدم نحوه من وجه آخر عن ابن عباس أيضا، وعن على وعائشة وجابر فى باب ما جاء فى استدعائه صلى الله عليه وسلم خواص أصحابه ليكتب لهم كتاباً فى الجزء الحادى والعشرين ص 234 و 235 (3) (سنده) حدّثنا هشيم ثنا منصور عن ابن سيرين عن ابن العلاء بن الحضرمى، قال أبى ثنا به هشيم مرتين مرة عن ابن العلاء ومرة لم يصل أن اباه كتب الى النبى صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) القائل قال ابى ثنا به هشيم الخ هو عبد الله بن الامام احمد رحمهما الله يقول ان أباه الامام احمد قال حدثنا بهذا الحديث هشيم مرة عن ابن العلاء يعنى عن أبيه العلاء بن الحضرمى وهذا السند متصل، ومرة لم يصل السند، فرواه عن ابن سيرين عن العلاء فأسقط ابن العلاء بن الحضرمى وكان اسمه عبد الله (يعنى اسم الحضرمى) عبد الله بن عماد بن أكبر بن ربيعة بن عويف الحضرمى وكان عبد الله الحضرمى أبوه قد سكن مكة وحالف حرب بن أمية والد سفيان بن حرب وكان للعلاء عدة أخوة منهم عمرو بن الحضرمى وهو أول قتيل من المشركين، وماله أول مال خمِّس فى المسلمين، وبسببه كانت وقعة بدر، استعمل النبى صلى الله عليه وسلم العلاء على البحرين وأقره أبو بكر ثم عمر، مات سنة اربع عشرة وقيل سنة احدى وعشرين روى عن النبى صلى الله عليه وسلم، روى عنه من الصحابة الشائب بن يزيد وأبو هريرة، وكان يقال إنه مجاب الدعوة وخاض البحر بكلمات قالها، وذلك مشهور فى كتب الفتوح أهـ (غرببه) (4) معناه أن العلاء كتب إلى النبى صلى الله عليه وسلم فبدأ بنفسه فقال من العلاء بن الحضرمى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أو نحو ذلك، وهذه سنة النبى صلى الله عليه وسلم فى كتبه إلى الملوك وغيرهم فينبغى ان يتبع لناس هذه السنة فى خطاباتهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد ورجاله من رجال الصحيحين، غير ابن العلاء فقد قال الحافظ فى التقريب ابن العلاء الحضرمى عن أبيه مقبول من الثالثة وأظن أن اسمه عبد الرحمن أهـ فالحديث على أقل درجاته حسن والله أعلم (تنبيه)

-[ما جاء فى كتابه صلى الله عليه وسلم (بضم الكاف وتشديد التاء) منهم عثمان وعلى وزيد بن ثابت]- (باب ما جاء فى كتابه رضى الله عنهم) (منهم عثمان بن عفان رضى الله عنه) (حدثنا يونس) (1) ثنا عمر بن ابراهيم اليشكرى قال سمعت امى تحدث أن أمها انطلقت إلى البيت حاجة والبيت يومئذ له بابان، قالت فلما قضيت طوافى دخلت على عائشة قالت قلت يا أم المؤمنين إن بعض بنيك يقرئك السلام، وإن الناس قد أكثروا فى عثمان (2) فما تقولين فيه؟ قالت لعن الله من لعنه، لا أحسبها ألا قالت ثلاث مرار، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسند فخذه إلى عثمان (3) وإنى لأمسح العرق عن جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن الوحى ينزل عليه، ولقد زوجه ابنتيه احداهما على إثر الأخرى، وإنه ليقول اكتب عثمان، قالت ما كان الله لينزل عبدا من نييه بتلك المنزلة إلا عبدا عليه كريما (ومنهم على بن أبى طالب رضى الله عنه) (عن أنس بن مالك) (4) إن قريشا صالحوا النبى صلى الله عليه وسلم وفيهم سهيل بن عمرو فقال النبى صلى الله عليه وسلم لعلى أكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل أما بسم الله الرحمن الرحيم فلا ندرى ما بسم الله الرحمن الرحيم، ولكن أكتب ما نعرف باسمك اللهم الحديث (ومنهم زيد بن ثابت رضى الله عنه) (عن زيد بن ثابت) (5) رضى الله عنه فى حديث جمع القرآن أن أبا بكر رضى الله عنه وأن له انك شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعه الحديث

_ ليس كل ما كتبه النبى صلى الله عليه وسلم لبعض الناس محصورا فى هذا الباب، بل تقدم بعض كتبه فى أبواب متفرقة للمناسبة (منها) كتابه صلى الله عليه وسلم الذى جمع فيه فرائض الصدقة وتقدم فى الجزء الثامن ص 207 رقم 23 (ومنها كتابه صلى الله عليه وسلم إلى هرقل وتقدم فى الجزء الحادى والعشرين ص 198 رقم 437 وغير ذلك (باب) (1) والله الموفق (حدّثنا يونس الخ) (غريبه) (2) جاء عند الطبرانى فان الناس قد أكثروا فيه عندنا حين قتل (3) جاء عند الطبرانى فى هذا البيت (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه احمد والطبرانى فى الأوسط إلا أنه قال عن أم كلثوم بنت ثمامة الحنطى ان أخاها المخارق بن ثمامة الحنطى قال لها ادخلى على عائشة فاقرئيها منى السلام، فدخلت عليها قلت ان بعض بنيك يقرئك السلام، قالت عائشة وعليه رحمة الله، قلت ويسئلك أن تحدثيه عن عثمان بن عفان فان الناس قد أكثروا فيه عندنا حين قتل، قالت أمّا أنا فأشهد أن عثمان بن عفان فى هذا البيت ونبى الله صلى الله عليه وسلم وجبريل جاء الى النبى صلى الله عليه وسلم فى ليلة قائظة وكان اذا نزل عليه الوحى ينزل عليه ثقله، يقول الله جل ذكره {انا سنلقى عليك قولا ثقيلا} فذكر نحوه، وأم كلثوم لم أعرفها وبقية رجال الطبرانى ثقات (4) (عن أنس بن مالك) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى نص كتاب صلح الحديبية فى الجزء الحادى والعشرين ص 105 رقم 308 (5) (عن زيد بن ثابت الخ) هذا طرف من حديث كويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى تأليف القرآن وجمعه فى خلافة أبى بكر رضى الله عنه فى الجزء الثامن عشر ص 31 رقم 85 (تنبيه) ليس ما ذكر فى هذا الباب كل كتّابه صلى الله عليه وسلم فقد ذكرت كثيرا منهم تقدم فى أبواب متفرقة فى كتابى هذا (وقد ذكر الامام القسطلانى فى كتابه المواهب اللدنية كتابه صلى الله عليه وسلم فقال)

-[ما جاء في دوابِّه صلى الله عليه وسلم ولقاحه]- (باب في ذكر داوابه وغنمه ولقاحه (1) وخيله وسلاحه وغير ذلك) (عن عقبة بن عامر) (2) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وآله وسلم أهديت اليه بغلة شهباء فركبها (عن على رضى الله عنه) (3) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان يركب حمارا اسمه عفير (4)

_ أما كتّابه صلى الله عليه وسلم فهم أبو بكر الصديق وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وعلى بن أبى طالب وطلحة بن عبد الله والزبير بن العوام وسعيد بن العاص وابناه أبان وخالد وسعد بن أبى وقاص وعامر بن فهيرة وعبد الله بن الأرقم وأبىّ بن كعب وثابت بن قيس وحنطلة بن الربيع وأبو سفيان صخر بن حرب وابناه معاوية ويزيد، وزيد بن ثابت وشرحبيل بن حسنة والعلاء بن الحضرمى وخالد بن الوليد وعمرو بن العاص والمغيرة بن شعبة وعبد الله بن رواحة ومعيقيب بن أبى طلحة الدوسى وحذيفة بن اليمان وحويطب بن عبد العزى العامرى وعبد الله بن سعد بن أبى سرح رضى الله عنهم أجمعين (باب) (1) قال فى النهاية اللقحة بالكسر والفتح الناقة القريبة العهد بالنتاج والجمع لقح، وقد لقحت لقحا ولقاحا وناقة لقوح إذا كانت غزيرة اللبن، وناقة لاقح إذا كانت حاملا ونوق لواقح، واللقاح ذوات الالبان الواحدة لقوح (2) (عن عقبة بن عامر الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى فضل سورة الفلق وتفسيرها فى الجزء الثامن عشر ص 353 رقم 548 وقد ذكر العلماء أن هذا البلغة تسمى دلدل بدالين مهملتين مضمومتين ولامين اولاهما ساكنة وكانت شبهاء بياضها غالب على سوادها، ومن ثم أطلق عليها عمرو بن الحارث الصحابى أنها بيضاء كما فى الصحيح وغيره، اهداها له المقومس، ويل وهى أول بغلة رؤيت فى الاسلام وكان صلى الله عليه وسلم يركبها فى السفر وعاشت بعده حتى كبرت وسقطت أسنانها، وكان يُجش لها الشعير، وفى تاريخ ابن عساكر من طرق أنها بقيت حتى قاتل عليها علىّ الخوارج فى خلافته، وفى البخارى وغيره عن عمرو بن الحارث ما ترك صلى الله عليه وسلم الا بلغته البيضاء وسلاجه وأرضا تركها صدقة، قال شراجه هى دلدل لأن أهل السير لميذكر وابلغة بقيت بعده سواها (3) (سنده) حدّثنا اسحاق بن ابراهيم الرازى حدثنا سلمة بن الفضل حدّثنى محمد بن اسحاق عن يزيد بن أبى حبيب عن مرثد بن عبد الله التيونى عن عبد الله بن زرير الغافقى عن على بن أبى طالب الخ (غريبه) (4) قال الحافظ بالمهملة والياء مصغر، مأخوذ من العفرة وهو لون التراب كأنه سمى بذلك للونه، والعفرة حمرة يخالطها بياض، وهو تصغير أعفر، وجاء فى رواية للبخارى من حديث معاذ عفير كما هنا وعفير هذا أهداه له المقوقس فى جملة الهدايا، وكان له صلى الله عليه وسلم حمار آخر يقال له يعفور تقدم ذكره فى حديث طويل فى الجزء الأول ص 35 رقم 4 معاذ عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه ركب يوما على حمار له يقال له يعفور ورسنه من ليف ثم قال اركب يا معاذ، فقالت سر يا رسول الله، فقال اركب فردفته فصرع الحمار بنا، فقام النبى صلى الله عليه وسلم يضحك، وقمت أذكر من نفسى أسفا: الحديث تقدم شرحه هناك (ويعفور) بسكون المهملة وضم الفاء معروف (قال الحافظ وغيره) هو اسم ولد الظبى كأنه سمى بذلك اسرعته، وقيل تشبيها فى عدوه باليعفور وهو الخشف أى ولد الظبى وولد البقرة الوحشية، أهداه له فروة ابن عمر الجذامى (قال الواقدى) نفق يعفور أى مات منصرف رسول الله صلى الله عليه وسلم من حجة الوداع وبه جزم النووى عن ابن الصلاح (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد من حديث على وسنده حسن وله

-[ما جاء في ناقته العضباء وخيله وسلاحه صلى الله عليه وسلم]- (عن أسماء بنت يزيد) (1) قالت أنى لآخذه بزمام العضباء ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أنزلت عليه المائدة كلها فكادت من ثقلها تدف بعضد الناقة (حدثنا محمد بن بكر) (2) انا عثمان بن سعد الكاتب قال قال لى ابن يرين صنعت سيفى على سيف سمرة بن جندب وقال سمرة صنعت سيفى على سيف النبى صلى الله عليه وسلم وكان حنفيا (3) (عن ابن عباس) (4) قال تنقل رسول الله صلى الله عليه وسلم سيفه ذا الفقار يوم بدر

_ شواهد صحاح (1) (عن اسماء بنت يزيد الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى فضل سورة المائدة من كتاب فضائل القرآن وتفسيره فى الجزء الثامن عشر ص 125 رقم 253 هذا والعضباء بفتح المهلمة وكسكون المعجمة ومد (قال فى النهاية) كان اسم ناقته صلى الله عليه وسلم العضباء وهو علم لها منقول من قولهم ناقة عضباء اى مشقوقة الأذن ولم تكن مشقوقة الأذن، وقال بعضهم انها كانت مشقوقة الأذن، والأول أكثر، وقال الزمخشرى هو منقول من قولهم ناقة عضباء وهى القصيرة اليد أهـ ويقال لها أيضا الجدعاء بوزن العضباء، وهى المقطوعه الأنف أو الأذن أو الشفة ولم يكن بها جدع ولا عضب، وانما سميت بذلك، قاله ابن فارس وتبعه ابن الأثير وغيره محتجين بقول أنس فى الصحيح تسمى العضباء وقوله ويقال لها العضباء، ولو كانت تلك صفتها لم يحتج لذلك، وقيل كان بأذنها عضب، وبه صدر الحافظ فى الفتح وقابله بقول ابن فارس، ويقول غيره كانت مشقوقة الأذن (قلت) ويقال لها أيضا القصوار (قال الحافظ) واختلف هل العضباء هى القصواء او غيرها؟ فجزم الحربى بالأول وقال تسمى العضباء والقصواء والجدعاء، وروى ذلك ابن سعد عن الواقدى، وقال غيره بالثانى؛ وقال الجدعاء كانت شهباء وكان لا يحمله عند نزول الوحى غيرها أهـ وعلى الأول جرى العراقى فى قوله عضباء جدعاء هما القصواء، والعضباء هى التى كانت لا تسبق، فجاء اعرابى على قعود له فسبقها فشق ذلك على المسلمين فقال صلى الله عليه وسلم ان حقا على الله أن لا يرفع شيئاً من الدنيا إلا وضعه، رواه البخارى والامام أحمد وتقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب مشروعية السبق وآدابه فى الجزء الرابع عشر ص 126 رقم 351 والله أعلم (فصل اماخيله صلى الله عليه وسلم) فمنها المرؤتجز بضم الميم وسكون الراء وفتح المثناه فوق وكسر الجيم بعدها زاى سمى به لحسن صهيله مأخوذ من الرجز الذى هو ضرب من الشعر، وكان أبيض وهو الذى شهد له فيه خزيمة بن ثابت فجعل صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين، وسيأتى حديثه بتمامه فى مناقب خزيمة بن ثابت من كتاب مناقب الصحابة ان شاء الله تعالى (قال البيهقى) وروينا فى كتاب السنن اسماء افراسه صلى الله عليه وسلم لزاز، واللحيف وقيل اللخيف. والظرب. والذى ركبه لأبى طلحة يقال له المندوب وناقته القصواء والعضباء والجدعاء وبغلته الشهباء والبيضاء (2) (حدثنا محمد بن بكر الخ) (غريبه) (3) أى فيه ميل (تخريجه) رواه الترمذى فى الشمائل (قال الحافظ بن كثير) فى تاريخه وقد صار إلى آل على سيف من سيوف رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما قتل الحسين بن على رضى الله عنهما بكر بلاء عند الطف كان معه فأخذه على بن الحسين زين العابدين، فقدم معه دمشق حق جين دخل على بن معاوية ثم رجع معه إلى المدينة، فثبت فى الصحيحين (قلت وعند الامام أحمد أيضا) عن المسور بن مخرمة أنه تلقاه إلى الطريق فقال له هل لك الىّ من حاجة تأمرنى بها؟ قال فقال لا، قال هل أنت معطىّ سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم فاننى أخشى ان يغلبك عليه القوم: وايم الله إن أعطيتنيه لا يخلص اليه أحد حتى يبلغ نفسى (4) (عن ابن عباس الخ)

-[ما جاء في ذرعه صلى الله عليه وسلم ومغفره ومكحلته وقدحه وغير ذلك]- وهو الذي رأى فيه الرؤيا يوم أحد فقال رأيت فى سيفى ذى الفقار فلا فأولته فلا يكون فيكم (أى انهزاما) الحديث (عن السائب عن يزيد) (1) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم ظاهر بين درعين يوم أحد (عن أنس) (2) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة عام الفتح وعلى رأسه المغفر فلما نزعه جاء رجل وقال ابن خطل متعلق باستار الكعبة، فقال اقتلوه (عن ابن عباس) (3) قال كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم مكلحة يكتحل بها عند النوم ثلاثا فى كل عين (عن عاصم) (4) قال رأيت عند انس قدح النبى صلى الله عليه وسلم فيه ضبة من فضة

_ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب الأول من أبواب غزوة احد فى الجزء الحادى والعشرين ص 51 رقم 249 فارجع اليه (قال الحافظ ابن كثير) فى تاريخه وقد ذكر اهل السنن انه سمه قائل يقول لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى الاعلى، وروى الترمذى من حديث هود ابن عبد الله بن سعيد عن جده مزيدة بن جابر العبدى العصرى قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وعلى سيفه ذهب وفضة الحديث، ثم قال هذا حديث غريب (وروى الترمذى) فى الشمائل بسنده عن سعيد بن ابى الحسن قال كانت قبعة سيف رسول الله صلى الله عليه وسلم من فضة (1) (عن السائب بن يزيد الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب الرابع من غزوة أحد فى الجزء الحادى والعشرين ص 58 رقم 259 (2) (عن انس يعنى ابن مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب صفة دخول النبى صلى الله عليه وسلم مكة فى غزوة الفتح فى الجزء الحادى والعشرين ص 151 رقم 367 (3) (عن ابن عباس) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى الكحل من كتاب اللباس فى الجزء السابع عشر ص 308 رقم 251 (4) (سنده) حدّثنا يحيى بن آدم ثنا شريك عن عاصم (يعنى الأحوال الخ) وفى لفظ للبخارى من حديث عاصم أيضا رأيت قدح رسول الله صلى الله عليه وسلم عند أنس ابن مالك وكان انصدع فسلسله بفضه (وحكى البيهقى) عن موسى بن هارون أو غيره ان الذى جعل السَّلسلة هو أنس لأن لفظه فجعلت مكان الشعب سلسلة وجزم بذلك ابن الصلاح (قال الحافظ) وفيه نظر لن فى الخبر عند البخارى عن عامر قال وقال ابن سيرين إنه كان فيه حلقة من حديد فأراد أنس أن يجعل مكانها حلقة من ذهب او فضة، فقال له أبو طلحة لا تغير شيئا صنعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فهذا يدل على أنه لم يغير شيئاً، (والشعب) هو الصدع والشق (وقوله سلسلة) بفتح المهملتين المراد بها ايصال الشيء بالشيئ، (وجاء عند البيهقى) قال أنس لقد سقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى هذا القدح أكثر من كذا وكذا (تخريجه) (خ هق) وغيرهما، (وهذا وقد ذكر الحافظ بن كثير فى تاريخه) قال وقال أبو القاسم الطبرانى ثنا الحسن بن اسحاق التسترى ثنا أبو أمية عمرو بن هشام الحرانى ثنا عثمان بن عبد الرحمن ابن على بن عروة عن عبد الملك بن ابى سليمان عن عطاء وعمرو بن دينار عن ابن عباس قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم سيف قائمته من فضة وقبيعته، وكان يسميه ذا الفقار؛ وكان له قوس تسمى السداد، وكانت له كتانة تسمى الجمع، وكان له فرس ادهم يسمى الكب وكان له سرح يسمى الداج، وكان له بغلة شهباء يقال لها دلدل، وكانت له ناقة تسمى القصواء، وكان له حمار يقال له يعفور، وكان له بساط يسمى الكر، وكان له نمرة تسمى النمر، وكانت له ركوة تسمى الصادر، وكانت له مرآة تسمى المرآة وكان له مقراض، وكان له قضيب شوحط يسمى الممشوق اهـ

-[خاتمة تجمع كثيرا مما تقدم وزيادة]- .....

_ (خاتمة تجمع كل ما تقدم فى هذا الباب وزيادة) ذكر الامام القسطلانى رحمه الله فى كتابه المواهب اللدنية كل ما ذكرما فى هذا الباب وزاد عليه كثيرا فى فصلين أحببت ذكرهما فى كتابى هذا اتماما للفائدة ولختم بهما كتاب السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية قال رحمه الله تعالى (الفصل الثامن يعنى باعتبار ترتيبه فى والسلام فتسعة، مأثور، وهو أول سيف ملكه عليه الصلاة والسلام، والعضب، وذو الفقارلنه كان فى وسطه مثل فقرات الظهر، والقلعى أصابه من قلع موضع بالبادية، والبتاراى القاطع، والحتف وهو الموت، والمخذم وهو القاطع، والرسوب أى يمضى فى الضريبة، والقضيب وهو اللطيف من السيوف (وأما أدراعه) عليه الصلاة والسلام فسبعة ذات الفضول، وذات الوشاح، وذات الحواشى، والسفدية نسبة لموضع، وفضة والبتراء لقصرها والخزنق باسم ولد الأرنب (وأما أقواسه) عليه الصلاة والسلام فستة، الزوراء، والروحاء، والصفراء، وشوحط والكتوم، والسداد وكانت له صلى الله عليه وسلم جعبة تدعى الكافور، ومنطقة من أديم فيها ثلاث حلق من فضة والطرف من فضة (وأما أتراسه) صلى الله عليه وسلم فكان له ترس اسمه الزلوق يزلق عنه السلاح، وترس يقال له الفتق، وترس أهدى اليه فيه صورة تمثال عقاب أو كبش فوضع يده عليه فأذهب الله ذلك التمثال (وأما أرماحه) عليه الصلاة والسلام فالمثوى لأنه يثبت المطعون به، والمتثنى، ورمحان آخران، وكانت له صلى الله عليه وسلم حربة كبيرة اسمها البيضاء وحربة صغيرة دون الرمح يقال لها العنزة، وكان له صلى الله عليه وسلم مغفر من حديد يسمى السبوغ، وآخر يسمى الموشح، وكان له صلى الله عليه وسلم فسطاط يسمى الكن، وكان له محجن قدر ذراع يمشى ويركب به ويعلقه بين يديه على بعيره، وكان له مخصرة تسمى العرجون، وقضيب من الشوحط يسمى الممشوق، وكان له قدح يسمى الريان، وآخر يسمى مغيثا وقدح مضبب بسلسلة من فضة فى ثلاثة مواضع، وآخر من عيدان والعيدانة النخلة السحوق، وآخر من زجاج، وتور أى أناء من حجارة يسمى المخضب وركوة تسمى الصادرة، ومخضب من نحاس، ومغتسل من صفر ومدهن من عاج، وربعا اسكندرانية يجعل فيها المرآة، ومشط من عاج، والمكحلة يكتحل منها عند النوم ثلاثا، والمقراض والسواك، وكانت له قصعة تسمى الفراء بأربع حلق، وصاع ومد وقطيفة، وسرير قوائمه من ساج وفراش من لأدم حشوه ليف، وخاتم من حديد ملوى بفضة، وخاتم فضة فصه منه يجعله فى يمينه وقيل كان أولا فى يمينه ثم حوله إلى يساره منقوش عليه محمد رسول الله، وأهدى له النجاشى خفين ساذجين فلبسهما، وكان له صلى الله عليه وسلم جبة سندس أخضر، وجبة طيالسة، وجبة ثالثة يلبسهن فى الحرب، وعمامة يقال بها السحاب، وأخرى سوداء، ورداء.

-[فصل في ذكر خيله ولقاحه ودوابه بأكثر مما تقدم]- .....

_ "الفصل التاسع فى ذكر خيله ولقاحه ودوابه صلى الله عليه وسلم" أما خيله صلى الله عليه وسلم فالسكب أى كثير الجرى، والمرتجز سمى به لحسن صهيله، والظرب سمى بذلك لقوته وصلابة رجليه، واللحيف سمى به لمسنه وكبره، واللزاز سمى به لشدة تلززه واجتماع خلقه، والورد، وسبحة من قولهم فرس سابح إذا كان حسن مد اليدين فى الجرى، والبحر وكان كميتا، والسجل مأخوذ من قولهم سجلت الماء فانسجل أى صببته فانصب، وذو اللمة، وذو العقال والسرحان؛ والطرف، والمرتجل، والمراوح من الريح لسرعته، وملاوح، والمندوب، والنجيب واليعبوب، واليعسوب، (وكان له صلى الله عليه وسلم من البغال) لدل وكانت شهباء، وفضة، وأخرى اهدادها له صاحب أيلة، وأخرى من دومة الجندل، وأخرى من عند النجاشى (وكان له صلى الله عليه وسلم من الحمير) عفير ويعفور؛ وأعطاه سعد بن عبادة حمارا فركبه، (وكان له صلى الله عليه وسلم من اللقاح) القصواء وهى التى هاجر عليها، والعضباء والجدعاء ولم يكن بهما عضب ولا جدع وانما سميتا بذلك، وغنم صلى الله عليه وسلم يوم بدلا جملا لأبى جهل فى أنفه برة من فضة فأهداه يوم الحديبية ليغيط بذلك المشركين، وكانت له صلى الله عليه وسلم خمسة وأربعون لقحة أرسل بها اليه صلى الله عليه وسلم سعد بن عبادة، منها اطلال، وأطراف وبرودة، وبركة والبغوم، والحناء وزمزم، والرياء، والمعدية والسقيا، والسمراء، والشقراء وعجرة، والعريِّس، وغوثة وقيل غيثة، وقمر، ومروة، ومهرة، وورشة واليسحيرة، وكانت له صلى الله عليه وسلم مائة شاة، وكانت له صلى الله عليه وسلم سبعة اعنز ترعاهن أم أيمن انتهى من المواهب (قال الحافظ ابن كثير فى تاريخه) قد تقدم عن غير واحد من الصحابة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يترك دينار ولا درهما ولا عبدا ولا امة سوى بغلة وأرض جعلها صدفة (قلت) انظر باب ما جاء فى مخلفاته صلى الله عليه وسلم وميراثه فى الجزء الحادى والعشرين من كتابى (الفتح الربانى ص 26) قال وهذا يقتضى انه عليه الصلاة والسلام نجز العتق فى جميع ما ذكرناه من العبيد والإماء والصدقة فى جميع ما ذكر من السلاح والحيوانات والأثاث والمتاع مما أوردناه وما لم نورده، وأما بغلته فهى الشهباء وهى البيضاء أيضا والله أعلم انتهى وإلى هنا قد انتهى كتاب السيرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية، اللم أحينا على سنته وتوفنا على ملته واحشرنا فى زمرته وتحت لوائه واجعلنا من رفقائه وأوردنا حوضه واسقنا من يده الشريفة شربة هنيئة مريئه لا نظمأ بعدها أبدا انك على كل شئ قدير وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وامام المرسلين وعلى آله وصحبه والتابعين وتابع التابعين ومن تبع هداهم باحسان إلى يوم الدين وسلم تسليما كثير

(كتاب المناقب)

-[مناقب الصحابة رضى الله عنهم على الإجمال]- (كتاب المناقب) (ابواب مناقب الصحابة رضى الله عنهم) (باب ذكر مناقبهم على الأجمال) (عن ابن عمر رضى الله عنهما) (1) أن عمر رضى الله عنه خطب بالجابية (2) فقال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامى فيكم فقال استوصوا بأصحابى خيراً ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم (3) ثم يفشو الكذب حتى ان الرجل ليبتدى بالشهادة قبل أن يسئلها فمن أراد منكم بحبحة (4) الجنة فليلزم الجماعة، فان الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين ابعد، لا يخلون أحدكم بامرأة فان الشيطان ثالثهما، ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن (عن أنس) (5) قال كان بين خالد بن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف كلام، فقال خالد لعبد الرحمن تستطيلون علينا بأيام سبقتمونا بها (6) فبلغنا ان ذلك ذكر للنبى صلى الله عليه وسلم فقال دعوا لى أصحابى (7) فوا الذى نفسى بيده لو أنفقتم مثل أحد أو مثل الجبال ذهبا ما بلغتم اعمالهم (عن أبى موسى) (8) قال صلينا المغرب مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قلنا لو انتظرنا حتى نصلى معه العشاء، قال فانتظرنا فخرج إلينا فقال ما زلتم ها هنا؟ قلنا نعم يا رسول الله قلنا نصلى معك العشاء، قال أحسنتم أو أصبتم، ثم رفع رأسه إلى السماء قال وكان

_ (باب) (1) (سنده) حدثنا على بن اسحاق انباءنا عبد الله يعنى بن المبارك انباءنا محمد بن سوقة عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) الجابيه قرية معروفه بجنب نوى على ثلاثة اميال منها من جانب الشمال، والى هذه القرية ينسب باب الجابية احد ابواب دمشق (3) يريد التابعين وتابع التابعين فهؤلاء خير القرون، وتقدم شرح باقى الحديث فى ابواب تناسبه (4) البحبة؟ وحدتين مفتوحتين وحاءين مهملتين الاولى ساكنه والثانية مفتوحه التمكن فى المقام والحلول (تخريجه) لم اقف عليه ليغر الامام احمد وسنده صحيح ورجاله ثقات، وله شاهد عند الامام احمد ايضا قال حدثنا جرير عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة قال خطب عمر الناس بالجابيه فقال ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قام فى مثل مقامى هذا فقال أحسنو الى اصحابى فذكر نحو حديث ابن عمر (5) (سنده) حدثنا احمد بن عبد الملك ثنا زهير ثنا حميد الطويل عن انس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبه) (6) يعنى تقدم عبد الرحمان بن عوف فى الاسلام عن خالد (7) الاضافة للتشريف تؤذن باحترمهم وزجر سابهم وتعزيره عند الجمهور (قال النووى) وهو من أكبر الفواحش أهـ وقوله أصحابى مفرد مضاف فيعم كل صاحب، وظاهره ان الخطاب لخالد وامثاله ممن تأخر اسلامهم، ولا يخفى ما لخالد من الفضل فى الفتوح ومحاربة الاعداء حتى سماه النبى صلى الله عليه وسلم سيف الله وعلى هذا فيكون المراد من بعد الصحابة مخاطبا بذلك حكما إما بالقياس او التبعية والله أعلم (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله جال الصحيح وأورد نحوه عن أبى هريرة وقال رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير عاصم بن أبى النجود وقد وثق (8) (سنده) حدّثنا على بن عبد الله ثنا حسين بن على الجعفى عن مجمع بن يحيى عن زيد بن جارية الأنصاري قال

-[قوله صلى الله عليه وسلم الله الله فى أصحابى لا تتخذوهم غرضا الخ]- كثيرا ما يرفع رأسه إلى السماء فقال النجوم أمنة للسماء، فاذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، (1) وأنا أمنة لأصحابى، فاذا ذهبت أتى أصحابى ما يوعدون (2) وأصحابى أمنة لأمتى، فاذا ذهبت اصحابى أتى امتى ما يوعدون (3) (عن عبد الله بن مغفل الزنى) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الله الله فى أصحابى الله الله فى أصحابى (5) لا تخذوهم غرضا (6) مدى فمن احبهم فبحبى أحبهم، ومن أبغضهم فببغضى أبغضهم، ومن أذاهم فقد آذانى، ومن آذانى فقد آذى الله تبارك وتعالى، ومن آذى الله فيوشك أن يأخذه (7) (عن يوسف بن عبد الله بن سلام) (8) أنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنحن خير أم من بعدنا؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو أنفق أحدهم أحدا (9) ذهبا ما بلغ مدّ أحدكم ولا نصيف (عن أبى سعيد الخدرى) (10) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسبوا

_ سمعته يذكره عن سعيد بن أبى بردة عن أبى موسى (الأشعرى) الخ (غريبه) (1) قال النووى رحمه الله قال العلماء الأمنة بفتح الهمزة والميم، والأمن والآيات بمعنى، ومعنى الحديث أن النجوم مادامت باقية فالسماء باقية، فاذا انكدرت النجوم وتناثرت فى القيامة وهنت السماء فانفطرت وانشقت وذهبت (2) أى ما يوعدون من الفتن والحروب وارتداد من ارتد من الأعراب واختلاف القلوب ونحو ذلك مما أنذر به صلى الله عليه وسلم صريحا وقد وقع كل ذلك (3) أى ما يوعدون من ظهور البدع والحوادث فى الدين والفتن فيه وطلوع قرن الشيطان وظهور الروم وغيرهم عليهم وانتهاك المدينة ومكة وغير ذلك وهذا كلها من معجزاته صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (م) (4) (سنده) حدّثنا سعد بن ابراهيم بن سعد ثنا عبيدة بن أبى رائطة الحذاء التميمى قال حدّثنى عبد الرحمن بن زياد أو عبد الرحمن بن عبد الله عن عبد الله بن مغفل المزنى الخ (غريبه) (5) كرر هذه الجملة مرتين للتأكيد ولفظ الجلالة منصوب ومعناه اتقوا الله فى أصحابى أى فى حقهم، والمعنى لا تنقصوا من حقهم ولا تسبوهم بل عظموهم ووقروهم (6) بفتح الغين المعجمة والراء اى هدفا ترموهم بقبيح الكلام كما يرمى الهدف بالسهم (7) أى يعاقبه فى الدنيا والآخرة (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه (8) (سنده) حدّثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة حدثنا بكير بن الأشج عن يوسف بن عبد الله بن سلام الخ (غريبه) (9) اى مثل احد كما فى الحديث التالى، معناه لو أنفق أحد من غير الصحابة مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه فى ذلك ثوابى نفقة أصحابى مدّا ولا نصف مد، وسبب تفضيل نفقتهم انها كانت فى وقت الضرورة ضيق الحال بخلاف غيرهم ولأن انفاقهم كان فى نصرته صلى الله عليه وسلم وحمايته وذلك معدوم بعده، وكذا جهادهم وسائر طاعتهم (قال القاضى عياض) ومن أصحاب الحديث من يقول هذه الفضيلة مختصة بمن، طالت صحبته وقاتل معه وأنفق وهاجر ونصر لا لمن رآه مرة كوفود الاعراب أو صحبته آخرا بعد الفتح وبعد إعزاز الدين ممن لم يوجد له هجرة ولا أثر فى الدين ومنفعة المسلمين قال والصحيح هو الأول وعليه الاكثرون والله أعلم (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وبقية رجاله رجال الصحيح (10) (سنده) حدثنا أبو معاوية ثنا الاعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد الخدري الخ

-[قوله صلى الله عليه وسلم فان أحدكم لو انفق مثل احد ذهبا ما بلغ مدّ أحدهم ولا نصيفه]- أصحابي (1) فان أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهبا ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نصيفه (2) (عن طارق بن أشيم) (3) أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول بحسب أصحابى القتل (4) (عن عبد الله بن مسعود) (5) قال ان الله نظر فى قلوب العباد فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه، فابتعثه برسالته، ثم نظر فى قلوب العباد بعد قلب محمد صلى الله عليه وسلم فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه يقاتلون على دينه، فما رأى المسلمون حسناً فهو عند الله حسن، وما رأوا سيئاً فهو عند الله سئ (باب ما جاء فى فضائل الأنصار ومناقبهم رضى الله عنهم) (عن ابى قتادة) (6) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر للانصار إن الناس دثارى والانصار شعارى (7)، لو سلك الناس واديا (8) وسلكت الانصار شعبة لاتبعت شعبة (9) الانصار، ولولا هجرة لكنت رجلا من الأنصار،

_ (غريبه) (1) قال النووى رحمه الله إعلم أن سب الصحابة رضى الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره، لانهم مجتهدون فى تلك الحروب متأولون، قال القاضى وسب أحدهم من المعاصى الكبائر، ومذهبنا ومذهب الجمهور انه يعزر ولا يقتل (2) تقدم شرح هذه الجملة فى الحديث الذى قبله (تخريحه) (ق. والاربعة) (3) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون ببغداد أنبأنا أبو مالك الاشجعى سعد بن طارق عن أبيه (يعنى طارق بن أشيم الاشجعى) الخ (غريبه) (4) اى يكفى المخطئ منهم فى قتاله فى الفتن القتل فانه كفاره لجرمه وتمحيص لذنوبه، وأما المصيب فهو شهيد، هذا ان كان المخطئ عن اجتهاد وتأويل، أما من قاتل مع علمه بخطئه فقتل مصرّا فامره الى الله ان شاء عذبه وان شاء عفى عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد من حديث طارق ابن أشيم وهو حديث صحيح ورجاله ثقات، وهو من ثلاثيات الامام أحمد، ورواه الطبرانى عن سعيد ابن زيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيكون فتن يكون فيها ويكون، فقلنا ان أدركنا ذلك هلكنا فقال بحسب أصحابى القتل، قال الهيثمى رواه الطبرانى بأسانيد رجال أحدها ثقات (5) (سنده) حدّثنا أبو بكر حدثنا عاصم عن رزّ بن حبيش عن عبد الله بن مسعود الخ (تخريجه) اسناده صحيح وهو موقوف على ابن مسعود، وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد والبزار والطبرانى ورجاله موثوقون (باب) (6) (سنده) حدّثنا هارون بن معروف قال ثنا عبد الله بن وهب أخبرنى أبو صخر أن يحيى بن النضر الأنصارى حدثه أنه سمع أبا قتادة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) الدثار هو الذى يلبس فوق الشعار والشعار هو الذى يلى الجسم، يعنى أنتم الخاصة والناس العامة (8) الوادى كل منفرج بين جبال او آكام يكون منفذا للسيل والجمع أودية (9) الشعب بكسر الشين المعجمة ما انفرج بين الجبلين وقيل الطريق فى الجبل كما فى فتح البارى، والمراد بقوله لو سلك الناس واديا الخ اظهاره كمال محبته لهم لا الاقتداء بهم والمتابعة (قال الخطابى) لما كانت العادة أن المرء يكون فى نزوله وارتحاله مع قومه، وأرض الحجاز كثيرة الأودية والشعاب، فاذا تفرقت فى السفر الطرق سلك كل قوم منهم واديا وشعبا، فأراد أنه مع الأنصار؛ قال ويحتمل أنه يريد بالوادى المذهب كما يقال فلان

-[ما جاء في فضائل الأنصار ووصية النبى صلى الله عليه وسلم باكرامهم والإحسان اليهم]- امن ولى من الأنصار (1) فليحسن إلى محسنهم وليتجاوز عن مسيئهم، ومن أفزعهم فقد أفزع هذا الذى بين هاتين، وأشار إلى نفسه (2) (عن على بن زيد) (3) قال بلغ مصعب بن الزبير (4) عن عريف الانصار (5) بشيئ فهمَّ به (6) فدخل أنس بن مالك رضى الله عنه فقال له سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول استوصوا (7) بالأنصار خيرا أو قال معروفا، اقبلوا من محسنهم واجاوزوا عن مسيئهم، فالقى مصعب نفسه عن سريره وألزق خده بالساط وقال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرأس والعين (8) فتركه (عن ابن عباس) (9) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم متقنعا بثوبه (10) فقال أيها الناس إن الناس يكثرون وان الانصار يقلون، فمن ولى منكم أمرا ينفع فيه أحدا فليقبل من محصنهم ويجاوز عن مسيئهم (11) (عن الحرث بن زياد) (12) الساعدى الانصارى أنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق وهو يبايع الناس على الهجرة فقال يا رسول الله بايع هذا، قال ومن هذا؟ قال ابن عمى حوط بن يزيد بن حوط قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أبايعك (13) ان الناس يهاجرون اليكم ولا تهاجرون اليهم، والذى نفس محمد بيده لا يحب الأنصار حتى يلقى الله تبارك وتعالى الا لقى الله تبارك وتعالى وهو يحبه، ولا يبغض رجل الانصار حتى يلقى الله تبارك وتعالى إلا لقي

_ في واد وانا فى واد (1) أى من ولى من أمور النصار شيئا من الولاية والامارة، والمعنى من كان والياً وأميراً على الأنصار فليحسن إلى محسنهم الخ وهذا من أعظم الوصايا باكرامهم والاحسان اليهم (2) معناه من أخافهم فقد أخافنى (تخريجه) أخرجه الحاكم فى المستدرك وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى، وكثير من فقراته ثابت فى الصحيحين وغيرهما عن كثير من الصحابة (3) (سنده) حدّثنا مؤمل ثنا حماد يعنى ابن سلمة ثنا على بن زيد قال بلغ مصعب الخ (4) كان والياً على البصرة سنة 67 من قبل أخيه عبد الله بن الزبير (5) العريف هو القيم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلى أمورهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم (6) أى هم بعقابه (7) قال البيضاوى الاستيصاء قبول الوصية، والمعنى أوصيكم بالأنصار خيراً او قال معروفا، او للشك من الراوى يشك هل قال خيرا أو معروفا والمعنى واحد (8) فيه منقبة عظيمة لمصعب بن الزبير حيث خضع وذل لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) انفرد به الامام أحمد من هذا الوجه وفى اسناده على بن زيد بن جدعان فيه كلام قال الامام أحمد وأبو زرعة ليس بالقوى كذا فى الخلاقة، وفى التهذيب قال يعقوب بن أبى شيبة نفقة، وقال الترمذى صدوق الا أنه ربما رفع الشئ الذى يوقفه غيره، قرنه مسلم بآخر، والحديث له شواهد صحيحة تؤيده (9) (سنده) حدّثنا موسى بن داود حدثنا عبد الرحمن بن الغسيل عن عكرمة عن ابن عباس الخ (غريبه) (10) كان ذلك فى مرض موته صلى الله عليه وسلم (11) ما جاء فى هذا الباب من التجاوز عن مسيئهم يعنى فى غير الحدود وحقوق الناس (تخريجه) (خ) فى مواضع متعددة من صحيحه مطولا ومختصراً (12) (سنده) حدّثنا يونس بن محمد ثنا عبد الرحمن بن الغسيل قال أنا حمزة بن أبى أسيد وكان أبوه بدريا عن الحارث بن زياد الساعدى الأنصارى الخ (غريبه) (13) لم يبايعه النبى صلى الله عليه وسلم لما علم أنه من الأنصار لان الانصار لا يهاجرون من المدينة، وانما الهجرة مطلوبة من غير أهل المدينة إليها وكان

-[منقبة عظيمة للانصار وفيها زهدهم فى الدنيا وحبهم للآخرة]- الله تبارك وتعالى وهو ببغضه (حدثنا أبو سعيد) (1) ثنا شداد أبو طلحة ثنا عبيد الله بن أبى بكر عن أبيه عن جده (2) قال أتت الأنصار الى النبى صلى الله عليه وسلم بجماعتهم فقالوا إلى متى ننزع من هذه الآبار، فلو آتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا الله لنا ففجر لنا من هذه الجبال عيونا، فجاؤا بجماعتهم إلى النبى صلى الله عليه وسلم فلما رآهم قال مرحبا وأهلا لقد جاءكم الينا حاجة، قالوا إى والله يا رسول الله، فقال انكم لن تسألونى اليوم شيئاً الا أوتيتموه، ولا أسأل الله شيئا إلا أعطانيه، فأقبل بعضهم على بعض فقالوا الدنيا تريدون؟ فاطلبوا الآخرة (3) فقالوا بجماعهم يا رسول الله ادع الله لنا أن يغفر لنا، فقال اللهم أغفر للانصار ولأبناء الأنصار ولأبناء أبناء الانصار، قالوا يا رسول الله وأولادنا من غيرنا (4) قال وأولاد الانصار، قالوا يا رسول الله وموالينا، قال وموالى الانصار (5) قال وحدثتنى أمى (6) عن أم الحكم بنت النعمان بن صهباء أنها سمعت أنسا يقول عن النبى صلى الله عليه وسلم مثل هذا غير أنه زاد فيه وكنائن الانصار (7) (وعنه من طريق ثان) (8) قال شقى على الانصار النواضح (9) فاجتمعوا عند النبى صلى الله عليه وسلم يسألونه أن يكرى (10) لهم نهرا سيحا فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم مرحبا بالانصار والله لا تسألونى اليوم شيئا ألا أعطيتكموه ولا أسأل الله لكم شيئا إلا أعطانيه

_ ذلك قبل فتح مكة أما بعد فتحها فقد قال صلى الله عليه وسلم لا هجرة بعد الفتح (تخريجه) بعد الفتح (تخريجه) الحديث سنده جيد وأورده الحافظ فى الاصابة وعزاه لابن أبى شيبة والطبرانى وأبى داود وابن أبى خثيمة والبخارى فى التاريخ والبغوى وغيرهم من طريق عبد الرحمن بن الغسيل عن حمزة بن أبى أسيد وكان أبوه بدريا عن الحارث بن زياداً الساعدى فذكره (1) (حدثنا أبو سعيد الخ) (غريبه) (2) جده هو أنس بن مالك رضى الله عنه قال الترمذى، وكذلك عند مسلم أن أجده أنس وعبيد الله ثقة وأبو بكر ثقة كما فى الخلاصة (3) فيه دلالة على قوة ايمان الانصار وتوكلهم على الله وزهدهم فى الدنيا رضى الله عنهن (4) الظاهر أنهم يريدون أولادهم الذين هم من غير نساء الانصار (5) أى عبيدهم وإماؤهم (6) القائل حدثتنى أمى هو عبيد الله بن أبى بكر (7) جمع كنة بفتح الكاف والنون المشددة، قال فى النهاية الكنة امرأة الابت وامرأة الأخ (قلت) والظاهر أنه يريد امراة الابن وامراة الأخ ونحوهما إذا كانتا من غير نساء الأنصار والله أعلم (8) (سنده) حدّثنا أبو النضر تنا المبارك عن ثابت النانى عن أنس بن مالك قال شق على الأنصار الخ (9) يعنى نقل الماء من الآبار على النواضح أى الابل لسقى الورع (10) بفتح الياء التحتية وكسر الراء بينهما كاف ساكنة من باب رمى من كريت الارض وكروتها إذا حفرتها، والمعنى انهم عزموا على أن يطلبوا من النبى صلى الله عليه وسلم أن يجعل لهم نهرا جاريا يحفرونه ويخرجون طينه، فلما قال لهم لا تسألونى اليوم شياً الا اعطيتكموه عدلوا عن طلب النهر واغتنموا الفرصة وطلبوا المغفرة، لان النهر من متاع الدنيا الفانية والمغفرة فيها متاع الآخرة الباقية فآثروا ما يبقى على ما يفنى وهذا من قوة ايمانهم وزهدهم فى الدنيا رضى الله عنهم وأرضاهم (ك) وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى وهو فى مسند الشافعى ومسند الطيالسى مقتصرا على الدعاء بالمغفرة للانصار ولا بنائهم وأبناء أبنائهم، والدعاء للانصار بالمغفرة ثابت فى الصحيحين وغيرهما

-[قوله صلى الله عليه وسلم ان الأنصار عيبتى التى آويت اليها فاقبلوا من محسنهم واعفو عن مسيهم]- فقال بعضهم لبعض اغتنموها واطلبوا المغفرة، فقالوا يا رسول الله ادع الله لنا بالمغفرةـ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر للانصار ولأبناء الانصار ولأبناء أبناء الانصار (وعنه أيضا) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الانصار عيبتى (2) التى آويت اليها، فأقبلوا من محسنهم واعفوا عن مسيئهم، فانهم قد أدو الذى عليهم (3) وبقى الذى لهم (عن عبد العزيز بن صهيب) (4) عن أنس بن مالك أن النبى صلى الله عليه وسلم رأى الصبيان والنساء مقبلين قال عبد العزيز حسبت أنه قال من عرس فقام النبى صلى الله عليه وسلم ممثلا (5) فقال اللهم أنتم من أحب الناس الىّ اللهم أنتم من أحب الناس الىّ، اللهم أنتم من أحب الناس الى يعنى الانصار (وفى لفظ) والذى نفسى بيده انكم لا حب الناي الىّ ثلاث مرات (عن النضر بن أنس) (6) أن زيد بن أرقم كتب الى أنس بن مالك رضى الله عنه زمن الحرية، يعزيه فيمن قتل من ولده وقومه وقال أبشرك ببشرى من الله عز وجل

_ (1) (سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا معمر عن ثابت البنانى أنه سمع أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الانصار عيبتى الخ (غريبه) (2) جاء عند البخارى عن أنس أيضا قال مر أبو بكر والعباس رضى الله عنهما بمجلس من مجالس الأنصار وهم يبكون فقال ما يبكيكم؟ قالوا ذكرنا مجلس النبى صلى الله عليه وسلم منا فدخل على النبى صلى الله عليه وسلم فأخبره بذلك قال فخرج النبى صلى الله عليه وسلم وقد عصب على رأسه حاشية برد قال فصعد المنبر ولم يصعده بعد ذلك اليوم فحمد الله وأثنى عليه قم ثال أوصيكم بالانصار فانهم كرشى وعيبتى فذكر الحديث (3) اى بطانتى وخاصتى وموضع سرى وأمانتى فاستعارهما لان المجتر يجمع علفه فى كرشه لانه مستقر غذاء الحيوان الذى يكون فيه نماؤه والعنة فتح المهلة والموحدة بينهما ياء تحتية ساكنة ما يضع فيه الرجل نفيس ما عنده، يريد أنهم موضع سري به وأمانته قال ابن دريد هذا من كلامه الموجز الذى لم يسبق إليه (6) يعنى ليلة العقبة من المبايعة فانهم بايعوا على ان يؤوا النبى صلى الله عليه وسلم وينصروه على أن لهم الجنة فوفوا بذلك (وبقى الذى لهم) وهو اكرامهم والاحسان إليهم (تخرجه) (ق ك) (غريبه) (5) هو بضم الميم الاولى واسكان الثانية وبفتح المثلثة وكسرها كذا روى بالوجهين وهما مشهوران، قال القاضى جمهور الرواة بالفتح قال وصححه بعضهم قال؛ ولبعضهم هنا، وفى البخارى بالكسر معناه قائماً منتصبا ذكره النووى (قلت) زاد فى رواية عند الامام أحمد فسلم عليهم (تخريجه) (ق ك) (6) (سمده) حدّثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن النضر بن أنس الخ (غريبه) (7) قال فى النهاية يوم مشهور فى الاسلام من أيام يزيد بن معاوية بما انتهب المدينة عسكره من أهل الشام الذين ندبهم لقتال أهل المدينة من الصحابة والتابعين وأمّر عليهم مسلم بن عقبة المرِّى فى ذى الحجة سنة ثلاث وستين، وعقبها هلك يزيد والحرة هذا أرض بظاهر المدينة بها حجارة سود كثيرة وكانت الموقعة بها أهـ (قال الحافظ) وكان سبب وقعة الحرة أن أهل المدينة خلعوا بيعة يزيد ابن معاوية لما بلغهم ما يتتعمده من الفساد فأمّر الانصار عليهم عبد الله بن مطيع العدوى وأرسل إليهم يزيد بن معاوية مسلم بن عقبة المرى فى جيش كثير فهزمهم واستباحوا المدينة وقتلوا ابن حنظلة وقتل من الانصار شئ كثير جدا، وكان أنس يومئذ بالبصرة فبلغه ذلك فحون على من اصيب من الأنصار فكتب اليه زيد بن ارقم وكان يومئذ بالكوفة يليه، ومحصل ذلك أن الذى يصير إلى مغفرة الله لا يشتد الحزن عليه فكان ذلك تعزية لانس فيهم (تخريجه) (ق مذ) من وجه آخر وفي إسناده

-[قوله صلى الله عليه وسلم اللهم اغفر للأنصار ولأبناء الأنصار ولأبناء الأنصار]- سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اللهم اغفر للانصار ولأبناء الانصار ولأبناء أبناء الأنصار واغفر لنساء الأنصار، ولنساء الأبناء الأنصار، ولنساء أبناء الأنصار (عن عمرو بن مرة) (1) قال سمعت أيا حمزة (2) قال قالت الانصار، يا رسول الله ان لكل نبى أتباعاً وإنا اتبعناك فادع الله عز وجل ان يجعل أتباعنا منا (3) قال فدعا لهم أن يجعل أتباعهم منهم قال فنميت (4) ذلك الى ابن أبى ليلى فقال زعم ذلك (5) زيد يعنى ابن أرقم (عن أنس بن مالك) (6) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم آية الايمان حي الأنصار (7) وآية النفاق بغضهم (8) (عن سعد بن عبادة) (9) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان هذا الحيى من الانصار محنة (10) حبهم ايمان وبغضهم نفاق (عن ابن عباس) (11) عن النبى صلى الله عليه وسلم لا يبغض الانصار (12) رجل يؤمن بالله ورسوله أو إلا أبغضه

_ عنه الإمام أحمد على بن زيد جدعان فيه كلام لكن رواه الشيخان من وجه آخر ليس فيه على بن زيد (1) (سنده) حدّثنا محمد بنجعفرثنا شعبة عن عمرو بن مرة الخ (غريبه) (2) اسم ابى حمزة طلحة بن يزيد فيما الغسانى، وكذا قال الحاف أبو الفضل بن طاهر والحافظ عبد الغنى المقدسى، وجاء عند البخارى سمعت أيا حمزة عن زيد بن الأرقم قالت الانصار الخ (3) قال الطيبى الفاء (يعنى فى قوله فادع) تستدعى محذوفا أى لكل نبى أتباع ونحن أتباعك فادع الله أن يكون أتباعنا أى حلفائنا وموالينا منا أى متصلين بنا مقتفين آثارنا بإحسان ليكون لهم ما جعل لنا من العز والشرف ويقال لهم الانصار ليدخلوا فى الوصية لنا بافحسان (4) بتخفيف الميم أى نقلت ذلك الى ابن أبى ليلى عبد الرحمن الانصارى عالم الكوفة (5) المراد بالزعم هنا القول أى قال ذلك زيد عند البخارى والطيالسى (تخريجه)) خ طل) فى فضل الانصار (6) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عبد الله بن عبد الله بن جبر قال سميت أنسا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) أى علامة الايمان الكامل (حب الانصار) أى الاوس والخزرج (8) النفاق هو اظهار الايمان وابطان الكفر بغضهم أى بغض الانصار إذا كان من حيث أنهم أنصاره عليه الصلاة والسلام لانه لا يجتمع مع التصديق وانما خصوا بهذه المنقبة العظيمة والمنحة الجسيمة لما فازوا به من نصره صلى الله عليه وسلم والسعيى فى اظهاره وايوائه وأصحابه ومواساتهم بانفسهم واموالهم وقيامهم بحقهم حق القيام مع معاداتهم جميع من وجد من قبائل العرب والعجم فمن ثم كان حبهم علامة الايمان وبغضهم علامة النفاق مجازاه لهم على أعمالهم، والجزاء من جنس العمل، وانما عدل عن لفظ الكفر الى لفظ النفاق لأن الكلام ضمن ظاهره الإيمان وباطنه الكفر تميزهم عن ذوى الايمان الحقيقى، فلم يقل وآية الكفر كذا إذ هو ليس بكافر ظاهرا والله أعلم (تخريجه) (ق. نس) (9) (سنده) حدّثنا يونس ثنا حماد يعنى ابن زيد ثنا عبد الرحمن بن أبى شميلة عن رجل رده الى ابى سعيد الصواف عن اسحاق بن سعد بن عبادة عن أبيه سعد بن عبادة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) قوله فى المسند عن رجل هو أبو سعيد الصواف، ففى الخلاصة أن عبد الرحمن بن أبى شميلة يروى عن أبى سعيد الصواف (غريبه) (10) معناه أن الله تعالى يمتحن الناس بحبهم وبغضهم فمن أحبهم أحبه الله ومن أبغضهم أبغضه الله (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد عن سعد بن عبادة وسنده جيد ورجاله ثقات وهو بمعنى الذى قبله (11) حدّثنا عبد الرحمن عن سفيان عن حبيب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (غريبه) (12) اى جميعهم او جنسم (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن صحيح (قلت) وأخرجه مسلم

-[قوله صلى الله عليه وسلم لولا الهجرة لكنت امرء من الانصار]- الله ورسوله (وعنه أيضا) (1) ان راية النبى مع على بن أبى طالب وراية الانصار مع سعد ابن عبادة وكان إذا استحر (2) القتل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مما يكون تحت راية الانصار (عن أبى هريرة) (3) رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا الهجرة لكنت أمراً من الأنصار ولو يندفع الناس فى شعبة أو فى واد والانصار فى شعبة لاندفعت فى شعبهم (عن أبى سعيد الخدرى) (4) قال اجتمع أناس من الانصار فقالوا آثر علينا غيرنا (5) فبلغ ذلك النبى صلى الله عليه وسلم فجمعهم ثم خطبهم فقال يا معشر الانصار ألم تكونوا أذلة فأزكم الله؟ قالوا صدق الله ورسوله (6) قال ألم تكونوا ضلالا فهداكم الله، قالوا صدق الله ورسوله، قال ألم تكونوا فقراء فأغناكم الله؟ قالوا صدق الله ورسوله ثم قال ألا يجبرنى الا تقولون أتيتنا طريدا فآويناك، وأتيتنا خائفاً فآمناك، ألا ترضون أن يذهب الناس بالشاء والبقران يعنى البقر وتذهبون برسول الله صلى الله عليه وسلم فتدخلونه بيوتكم، لو أن الناس سلكوا وادياً أو شعبه سلكت واديكم أو شعبتكم لولا الهجرة لكنت امرأ من الانصار (7) وانكم ستلقون بعدى أثره (8) فاصبروا حتى تلقونى على الحوض (9)

_ من حديث أبي هريرة وأبى سعيد وللامام أحمد عن أبى سعيد عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه (1) (سنده) حدّثنا عبد الرازق معمر عن عثمان الجزرى عن مقسم قال لا أعلمه إلا عن ابن عباس ان راية النبى صلى الله عليه وسلم (غريبه) (2) فتح التاء والحاء وتشديد الراء أى حمى واشتد (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفى اسناده عثمان الجزرى اختلف فيه فقيل عثمان بن ساج وقيل بن عمرو بن ساج فان كان الاول فهو مجهول لم يتبين حاله، وان كان الثانى فقد قال الحافظ فى التقريب عثمان بن عمر بن ساج بمعملة وآخره جيم مولى بنى أمية وقد ينسب إلى جده فيه ضعف من التاسعة أهـ (3) (سنده حدّثنا عبد الرازق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به ابو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر احاديث منها قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) هذا الحديث تقدم الكلام عليه فى شرح ال حديث من هذا الباب (4) (سنده) حدّثنا ابراهيم ابن خالد ثنا رباح عن معمر عن الاعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد الخدرى الخ (غريبه) (5) جاء فى رواية أخرى من طريق ثان قال أبو سعيد قال رجل من الانصار لاصحابه أما والله لقد كنت أحدكم أنه لو قد استقامت الامور قد آثر عليكم، قال فردوا عليه ردا عنيفا، قال فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) جاء فى الطريق الثانية قال فكنتم لا تركبون الخيل؟ قال فكلما قال لهم شيئاً قالوا يلى يا رسول الله، قال فلما رآهم لا يردون عليه شيئاً قال أفلا تقولون قاتلك قومك فنصرناك وأخرجك قومك فآويناك، قالوا نحن لا نقول ذلك يا رسول الله أنت تقوله (قلت) وهذا من أدبهم وقوة ايمانهم (7) جاء فى الطريق الثانية بعد قوله لكنت امرءا من الانصار (كرشى وأهل بيتى وعيبتى التى اوى اليها فاعفوا عن مسيئتهم وأقبلوا من محسنهم) (8) بفتح الهمزة والمثلثة وفى بعض الروايات بضم الهمزة وسكون المثلثة والمعنى واحد، وقد أشار صلى الله عليه وسلم بذلك الى أن الامر يصير فى غيرهم فيختصون دونهم بالاموال وكان الامر كما وصف صلى الله عليه وسلم وهو معدود فيما اخبر به صلى الله عليه وسلم من الامور المغيبة فوقع كما قال صلى الله عليه وسلم (9) اى حوض النبى صلى الله عليه وسلم يوم القيامة، وجاء فى الطريق الثانية قال أبو سعيد قلت لمعاوية اما إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنا اننا سنرى بعده أثره، قال معاوية فما أمركم. قلت أمرنا أن نصبر قال فاصبروا إذا (تخريجه) أخرجه أيضا عبد بن حميد وأخرجه الترمذى مختصرا وسنده عند الامام أحمد جيد ورجاله ثقات

-[قوله صلى الله عليه وسلم فى الأنصار لا يحبهم الا مؤمن ولا يبغضهم الا منافق]- (عن أنس بن مالك) (1) عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه وفيه فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم انكم ستجدون بعدى أثره شديدة فاصبروا حتى تلقوا الله ورسوله فانى فرطكم على الحوض، قال أنس فلم نصبر (حدثنا محمد بن جعفر) (2) ثبا شعبة عن عدى بن ثابت قال سمعت البراء بن عازب يحدث أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم انه قال فى الانصار لا يحبهم الا مؤمن ولا ببغضهم إلا منافق (3) من أحبهم فأحبه الله، ومن أبغضهم فأبغضه الله، قال قلت له أنت سمعت البراء؟ قال اياى يحدث (عن رباح ين عبد الرحمن بن حويطب) (4) قال حدثتنى جدتى انها سمعت آباها رضى الله عنه يقول سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول لا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر الله تعالى، ولا يؤمن بالله من لم يؤمن بى ولا يؤمن بى من لا يحب الانصار (عن عبد الله بن كعب بن مالك الانصارى) (5) وهو أحد الثلاثة الذين تيب عليهم أنه أخبره بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم خرج يوماً عاصباً رأسه (وفى رواية) أن النبى صلى الله عليه وسلم قام يومئذ خطيباً واستغفر للشهداء الذين قتلوا يوم أحد فقال فى خطبته أما بعد يا معشر المهاجرين فانكم قد أصبحتم تزيدون وأصبحت الانصار لا تزيد على هيئتها التى هى عليها اليوم وإن الانصار عيبتى التى آويت اليها فأكرموا كريمهم وتجاوزوا عن مسيئهم (عن أنس بن مالك) (6) ان المشركين لما رهقوا (7) النبى صلى الله عليه وسلم وهو فى سبعة من الانصار (8) ورجلين من قريش قال من يردهم عنا وهو رفيقى فى الجنة، فجاء رجل من الانصار فقاتل حتى قتل فلما أرهقوا أيضا قال من يردهم عنى وهو رفيقى فى الجنة، حتى قتل السبعة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لصاحبيه (9) ما أنصفنا إخواننا

_ (1) (عن أنس بن مالك الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى اعطاء المؤلفة قلوبهم من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر 89 رقم 296 فارجع اليه، وهو حديث صحيح رواه الشيخان وغيرهما (2) (حدثنا محمد بن جعفر الخ) (غريبه) (3) قال ابن التين المراد حب جميعهم وبغض جميعهم لان انما يكون للدين، ومن أبغض بعضهم لمعنى يسوغ البغض له فليس داخلا فى ذلك وهو تقرير حسن (تخريجه) (نس مذ جه) (4) (عن رباح بن عبد الرحمن بن حويطب) الخ هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب النية والتسمية عند الوضوء فى الجزء الثانى ص 20 رقم 237 فارجع اليه ففى شرحه كلام نفيس (5) (سنده) حدّثنا أبو اليمان قال أنا شعيب عن الزهرى قال أخبرنى عبد الله ن بكعب بن مالك الأنصارى الخ (تخريجه) (ك) وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى وجاء عند الحاكم عن الزهرى عن عبد الله بن كعب بن مالك عن أبيه كعب بن مالك أنه قال ان آخر خطبة خطبناها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا معشر المهاجرين فذكر الحديث (6) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد أنا ثابت وعلى بن زيد عن س بن مالك الخ (غريبه) (7) يقال رهق بالكسر يرهقه رهقا أى غشيه وأرهقه أى أعشاء أباه (نه) وقال انووى أى غشوه قربوا منه (8) كان ذلك فى غزوة أحد كما صرح بذلك فى حديث ابن مسعود (9) أى للقرشيين ما انصفنا اخواننا، أى ما أنصفت قريش الأنصار لكون القرشيين لم يخرجوا للقتال بل خرجت الانصار واحدا بعد واحد فقتلوا عن آخرهم هذه هى الرواية المشهورة، ورواه بعضهم

-[كثرة زيارة النبى صلى الله عليه وسلم للانصار وما جاء فى خير دور الانصار]- (عن أبي موسى الأشعري) (1) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يكثر زيارة الانصار خاصة وعامة (2) فكان إذا زار خاصة اتى الرجل فى منزله وإذا زار عامة اتى المسجد (عن أبى عقبة) (3) وكان مولى من أهل فارس قال شهدت مع نبى الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد فضربت رجلا من المشركين فقلت خذها منى وأنا الغلام الفارسى، فبلغت النبى صلى الله عليه وسلم فقال هلا قلت خذها منى وأنا الغلام الآنصارى (4) (عن عائشة رضى الله عنها) (5) انها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يضر امرأة نزلت بين بيتين من الانصار أو نزلت بين أبويها (6) (باب خير دور الانصار) (عن أبى هريرة) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخير دور الأنصار؟ (8) قالوا بلى يا رسول الله، قال بنو عبد الأشهل (9) وهم رهط سعد بن معاذ، قالوا ثم من يا رسول الله؟ قال ثم بنو النجار (10) قالوا ثم من يا رسول الله؟ قال ثم بنو الحرث بن الخزرج (11) قالوا ثم من يا رسول الله؟ قال ثم بنو ساعدة (12) قالوا ثم من يا رسول الله؛ قال ثم فى كل دور الانصار خير (13) قال معمر أخبرني

_ بفتح الفاء ورفع أصحاب (رواه مسلم) فيكون الكلام راجعا الى الذين فروا أفاده النووى (تخريجه) (م) وغيره (1) (سنده) حدّثنا عفان ثنا همام ثنا رجل من الانصار أن أبا بكر بن عبد الله بن قيس حدثه أن أباه (يعنى أبا موسى الاشعرى) حدثه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) كثرة زيارة النبى صلى الله عليه وسلم لهم تدل على فضلهم وعلو منزلتهم عند الله (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وفى اسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات (3) (سنده) حدّثنا حسين بن محمد ثنا جرير يعنى ابن حازم عن محمد بن اسحاق عن داود بن حصين عن عبد الرحمن بن أبى عقبة عن ابى عقبة الخ (قلت) أبو عقبة اسمه رشيد بضم الراء مصغرا قاله الحافظ فى الاصابة (4) يستفاد من سياق الحديث انه كان مولى الانصار ولذلك كره النبى صلى الله عليه وسلم أن ينتسب لفارس لانهم كانوا كفارا فأرشده الى الانتساب إلى مواليه الانصار وترك الانتساب إلى الاسم الجاهلى (تخريجه) (دجه) وفى اسناده محمد بن اسحاق امام المغازى وهو ثقة إذا حدث ولكنه عنعن فى هذا الحديث (5) (سنده) حدّثنا روح قال حدثنا هشام بن حسان عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة الخ (غريبه) (6) معنى الحديث أن الأنصار أهل كرم وعفة وتقوى فلو نزلت المرأة فى بيوتهم تجد منهم الكرم والحفظ والأمانة فكأنها نزلت فى بيت اهلها وفيه منقبة عظيمة للأنصار رضى الله عنهم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وهو حديث صحيح ورجاله كلهم ثقات (باب) (7) (سنده) حدّثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهرى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة أنهما سمعا أبا هريرة يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (8) جاء عند مسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو فى مجلس عين من المسلمين أحدثكم بخير دور الأنصار؟؟ الحديث، والمراد بدور الأنصار قبائلهم من باب اطلاق المحل وارادة الحال او خيريتها بسبب خيرية أهلها (9) بفتح الهمزة والهاء بينهما معجبة ساكنة آخره لام ابن جشم بن الحارث بن الخزرج الأصغر بن عمرو بن مالك بن الاوس بن حارثة (10) هو تيم الله بن ثعلبة بن عمرو بن الخزرج (11) أى ابن عمرو بن مالك بن الاوس بن حارثة (12) أى ابن كعب بن الخزرج الأكبر وهو أخو الاوس وهما ابنا حارثة (13) أى وإن تفاوتت مراتبه، زاد عند مسلم فقام سعد بن عبادة مغضبا فقال أنحن آخر

-[قوله صلى الله عليه وسلم خير دور الانصار بنو النجار ثم بنو عبد الاشهل الخ]- ثابت وقتادة انهما سمعا أنس بن مالك يذكر هذا الحديث إلا أنه قال بنو النجار ثم بنو عبد الأشهل (1) (عن أبى أسيد الساعدى) (2) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال خير جور الأنصار دور الأنصار بنو النجار ثم بنو عبد الاشهل، ثم بنو الحارث بن الخزرج، ثم بنو ساعدة، ثم قال وفى كل دور الانصار خير، فقال سعد ابن عبادة جعلنا رابع أربعة (3) اسرجوا إلى حمارى فقال ابن أخيه أتريد أن ترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم حسبك (4) أن تكون رابع أربعة (باب ما جاء فى فضل الانصار والمهاجرين) (عن جرير) (5) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المهاجرون والانصار أولياء، بعضهم لبعض (6)

_ الأربع حين سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم دراهم فأراد كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له رجال من قومه اجلس، ألا ترضى أن سمى رسول الله صلى الله عليه وسلم داركم فى الأربع الدور التى سمى؟ فمن ترك فلم يسم أكثر ممن سمى، فانتهى سعد بن عبادة عن كلام رسول الله صلى الله عليه وسلم (1) معناه أنه ذكر أوّلا دور بنى النجار ثم ثنى ببنى عبد الأشهل بعكس ما فى حديث الباب، وتقديم بنى عبد الأشهل جاء عند مسلم من حدث أبى هريرة أيضاً وأكثر الروايات تقديم بنى النجار فالله أعلم، وحديث أنس المشار غليه رواه الترمذى فقال حدثنا قتيبة ثنا الليث ابن سعد عن يحيى بن سعيد الأنصارى أنه سمع أنس بن مالك يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أخبركم بخير دور الأنصار كلها خير (قال الترمذى) هذا حديث حسن صحيح وقد روى هذا الحديث عن أنس عن أبى اسيد الساعدى عن النبى صلى الله عليه وسلم (قلت) رواه مسلم عن أنس عن أبى أسيد ولفظه كلفظ حديث أبى أسيد التالى لحديث الباب (تخريجه) (م. وغيره) (قال النووى) رحمه الله معنى خير دور الانصار أى خير قبائلهم وكانت كل قبيلة منها تسكن محلة فتسمى تلك المحلة دار بنى فلان ولهذا جاء فى كثير من الروايات بنو فلان من غير ذكر الدار (قال العلماء) وتفضيلهم على على قدر سبقهم إلى الاسلام ومآثرهم فيه وفى هذا دليل لجواز تفضيل القبائل والاشخاص بغير مجازفة ولا هوى ولا يكون هذا غيبة (2) سنده) حدّثنا عبد الرازق قال ثنا سفيان عن عبد الله بن ذكوان عن أبى سلمة عن ابى أسيد الساعدى الخ (قلت) روى الامام أحمد هذا الحديث عن أبى أسيد من طرق متعددة وكلها صحيحة، وهذا الطريق الذى ذكرته هو أجمعها وأكثرها مبنى ومعنى (3) جاء فى بعض الطرق فقال سعد بن عبادة ما أرى رسول الله صلى الله عليه وسلم الا قد فضل علينا، فقيل قد فضلكم على كثير أى على كثير من القبائل الغير المذكورين من الأنصار، وإنما قال ذلك سعد لأنه من بنى ساعده وكان كبيرهم يومئذ ولم يذكر النبى صلى الله عليه وسلم بنى ساعدة الا بعد ذكره القبائل الثلاثة (4) جاء عند مسلم وكلمه ابن أخيه سهل فقال أتذهب لترد على رسول الله صلى الله عليه وسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم، أو ليس حسبك أن تكون رابع أربعة؟ فرجع وقال الله ورسوله أعلم وأمر بحماره فحل عنه (تخريجه) (ق مذ نس) (باب) (6) (سنده) حدّثنا وكيع عن شريك عاصم عن أبى وائل عن جرير (يعنى ابن عبد الله) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (6) (غريبه) أى كل منهم أحق بالآخر من كل أحد، ولهذا آخى النبى صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والأنصار كل اثنين اخوان فكانوا يتوارثون بذلك إرثا مقدما على القرابة

-[ما جاء في مدح الأنصار والمهاجرين من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم]- والطلقاء من قريش، والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء بعض فى الدنيا والآخرة والمهاجرون والانصار بعضهم أولياء بعض إلى يوم القيامة (وعنه من طريق ثالث) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال الطلقاء من قريش والعتقاء من ثقيف بعضهم أولياء فى الدنيا والآخرة، والمهاجرون والأنصار بعضهم أولياء بعض فى الدنيا والآخرة (عن أنس بن مالك) قال قالت الأنصار (نحن الذين بايعوا محمدا على الجهاد ما بقينا أبدا) فأجابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم (اللهم ان الخير خير الآخرة فاغفر للانصار والمهاجرة) (وفى رواية) فأصلح الانصار والمهاجرة (وعنه أيضا) قال قالت المهاجرون يا رسول الله ما رأينا مثل قوم قدمنا عليهم أحسن بدلا من كثير ولا أحسن مواساة فى قليل قد كفونا المؤنة وأشركونا فى المهنأ فقد خشينا ان يذهبوا بالاجر كله، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كل أنا أثنيتم عليهم به ودعوتم الله عز وجل لهم (وعنه أيضاً) قال حالف رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين والانصار فى دارنا قال سفيان أحد

_ حتى نسخ الله تعالى ذلك بالمواريث (1) (والطلقاء من قريش) هم الذين عفا عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة ولم يقتلهم وقال لهم أنتم الطلقاء (والعتقاء من ثقيف) هم الذين أعتقهم النبى صلى الله عليه وسلم باسلامهم فهؤلاء درجتهم واحدة بعضهم أولياء بعض أى كل منهم أحق بالآخر لم يحصلوا المهاجرين والأنصار فى الفضل وشتان بين هؤلاء وهؤلاء (2) جاء فى الاصل بعد قوله إلى يوم القيامة قال شريك فحدثنا الاعمش عن تميم بن سلمة عن عبد الرحمن بن هلال عن جرير عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله وهذا طريق ثان لهذا الحديث (3) (سنده) حدّثنا عبد الرازق أنا سفيان عن الاعمش عن موسى بن عبد الله بن هلال العبسى عن جرير على الصواب وقد وقع فى المسند عن موسى بن عبد الله بن هلال العبسى عن جرير أهـ (قلت) روى الامام أحمد هذا الحديث من ثلاث كؤق، فالطريق الاولى والثانية سندهما جيد ورجالهما ثقات، اما الطريق الثالثة فقد وع فيها الخطاء فى نسب موسى فقال عن موسى بن عبد الله بن هلال العبسى عن جرير، وصوابه عن موسى بن عبد الله بن يزيد عن عبد الرحمن بن هلال العبسى عن جرير، والغالب أن هذا الخطأ وقع من الناسخ أو الطابع والله أعلم (4) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن حميد قال سمعت أنس بن مالك قال قالت الانصار الخ () غريبه* (5) كان ذلك فى غزوة الخندق وتقدم مثل هذا الحديث فى باب ما جاء فى غزوة الخندق فى الجزء الحادى والعشرين ص 77 رقم 280 وتقدم شرحه هناك (6) وفى رواية أخرى فأكرم الانصار والمهاجرة وهذا دعاء من النبى صلى الله عليه وسلم للمهاجرين والانصار بالمغفرة والاصلاح والاكرام ودعاء النبى مقبول لا شك فى ذلك، وهذا يدل على رضاء النبى صلى الله عليه وسلم عنهم ومحبته اياهم (تخريجه) (ق. وغيرهما) (7) (وعنه أيضا) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى المؤاخاة والمحالفة بين المهاجرين والانصار فى الجزء الحادى والعشرين ص 10 رقم 190 (8) (وعنه أيضا الخ)

-[ما جاء في مدح الانصار والمهاجرين من كتاب الله عز وجل]- الرواة كأنه يقول آخى (عن أبى موسى) (1) ان اسماء (2) لما قدمت يعنى من الحبشة لقيها عمر بن الخطاب فقال آلحبشية هى؟ قالت نعم، فقال نعم القوم أنتم لولا أنكم سبقتم بالهجرة فقالت هى لعمر كنتم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، يحمل راجلكم ويعلم جاهلكم وفررنا بديننا، أما انى لا أرجع حتى أذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فرجعت اليه فقالت له (3) فقال النبى صلى الله عليه وسلم بل لكم الهجرة مرتين هجرتكم إلى المدينة وهجرتكم إلى الحبشة (باب ما جاء فيما اشترك فيه أبو بكر وعمر وعلى رضى الله عنهم) (عن حبيب بن أبى ثابت) (4) عن عبد خير الهمدانى قال سمعت عليا يقول على المنبر ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم؟ قال فذكر أبا بكر، ثم قال ألا اخبركم بالثانى، قال فذكر عمر، ثم قال لو شئت لأنبأتكم بالثالث، قال وسكت فرأينا انه يعنى نفسه (5) فقلت انت سمعته يقول هذا؟ (6)

_ وهذا الحديث تقدم ايضا فى الباب المشار اليه ص 7 رقم 185 (1) (سنده) حدّثنا وكيع عن المسعودى عن عدى بن ثابت عن أبى بردة عن ابى موسى (يعنى الاشعرى) الخ (غريبه) (2) يعنى بنت عميس رضى الله عنها كانت أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبى صلى الله عليه وسلم لامها أسلمت أسماء قبل دخول دار الأرقم وبايعت ثم هاجرت مع زوجها جعفر بن أبى طالب فولدت له هناك أولاده عبد الله ومحمدا وعونا ذكره الحافظ فى الاصابة (3) فقالت له ما قاله عمر (تخريجه) الحديث سنده جيد ورجاله ثقات وأخرجه الطبرانى وأبو نعيم بلفظه من حديث أبى سعيد وعند البخارى من حديث أبى موسى حين رجع هو ومن معه من الحبشة فى سفينة إلى المدينة قال أبو موسى فوافقنا النبى صلى الله عليه وسلم جين افتتح خيبر فقال النبى صلى الله عليه وسلم (لكم أنتم يا أهل السفينة هجرتان) يعنى هجرة من مكة إلى الحبشة وهجرة من الحبشة إلى المدينة وكانت اسماء وزوجها جعفر وغيرهما مع أبى موسى فى السفينة، وفى هذا الحديث منقبة عظيمة لمهاجرى الحبشة (هذا) ولو لم يكن من الثناء على المهاجرين والأنصار إلا ما ذكره الله عز وجل فى كتابه لكفاهم ذلك فخراً قال تعالى (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم باحسان رضى الله عنهم ورضوا عنه وأعد لهم جنات تجرى تحتها النهار خالدين فيها أبدا ذلك الفوز العظيم) وقال عز وجل (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا فى سبيل الله والذين آووا ونصروا فى ساعة العسرة) وقال عز وجل (والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا فى سبيل الله والذين آووا ونصروا اولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفره ورزق كريم) وقال جل شانه (للفقراء المهاجرين الذين اخرجوا من ديارهم واموالهم يبتغون فضلا من الله ورضوانا وينصرون الله ورسوله أولئك هم الصادقون، والذين تبؤوا الدار والايمان من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) (قال الحافظ بن كثير) فى تفسيره وأحسن ما قيل فى قوله تعالى (ولا يجدون فى صدورهم حاجة مما أوتوا) اى لا يحسدونهم على فضل ما أعطاهم الله على هجرتهم فان ظاهر الآيات تقديم المهاجرين على الانصار وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء لا يختلفون فى ذلك أهـ رضى الله عنهم جميعاً وأرضاهم وحشرنا فى زمرتهم أمين (باب) (4) (سنده) حدّثنا عبد الله بن عون حدثنا مبارك بن سعيد أخو سفيان عن أبيه عن حبيب بن أبى ثابت الخ (غريبه) (5) يعنى أن الثالث على رضى الله عنه (6) القائل أنت

-[أفضل هذه الأمة بعد نبيها ابو بكر ثم عمر ثم على رضى الله عنهم]- قال نعم ورب الكعبة والا صمتَّا (1) (عن الشعبى) (2) حدّثنى ابو جحيفة الذى كان علىّ يسميه وهب الخير (3) قال، قال على يا أبا جحيفة ألا أخبرك بأفضل هذه الأمة بعد نبيها؟ قال قلت بلى، ولم أكن أرى ان أحداً أفضل منه، قال أفضل هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، وبعد أبى بكر عمر، وبعدهما آخر ثالث ولم سمه (ز) (عن الشعبى أيضاً) (4) عن وهب السُّوانى قال خطبنا على رضى الله عنه فقال من خير هذه الأمة بعد نبيها؟ فقلت أنت يا أمير المؤمنين، قال لا، خير هذه بعد نبيها أبو بكر ثم عمر رضى الله عنهما وما نبعد ان السكينة (5) تنطق على لسان عمر (عن على رضى الله عنه) (6) قال سبق النبى صلى الله عليه وسلم (7) وصلى أبو بكر وثلث عمر ثم خبطتنا أو أصابتنا فتنة (8) يعفو الله عمن يشار (ز) (وعن عون بن أبى جحيفة) (9) قال كان أبى من شرط (10) على رضى الله عنه وكان تحت المنبر فحدثنى أبى أنه صعد المنبر يعنى عليا رضى الله عنه فحمد الله تعالى وأثنى عليه وصلى على النبى صلى الله عليه وسلم وقال خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر، والثانى عمر، وقال يجعل الله تعالى الخير

_ سمعته يقول هذا هو حبيب بن أبى ثابت والقائل نعم الخ هو عبد خير ومعناه أنت سمعت عليا يقول هذا؟ قال نعم ورب الكعبة (1) يزيد أذنيه، وأعاد الضمير عليهما من غير ذكرهما لأنه يفهم من السياق، يدعو عليهما بالصمم إذا كان غير صادق فى أنه سمع (تخريجه) هذا الحديث والذى بعده من مسند الامام أحمد والثالث والرابع من زوائد عبد الله على مسند أبيه وسندها كلها صحيح موقوفه على على رضى الله عنه ولكن لها حكم الرفع لأن مثلها لا يقال بالرأى ولم أقف عليها لغير الامام أحمد وابنه من حديث على (2) (بسنده) حدّثنا اسماعيل بن ابراهيم أنبأنا منصور بن عبد الرحمن يعنى الغدانى الأشل عن الشعبى الخ (غريبه) (3) ثبت بهذا الاسناد أن عليا هو الذى سماه بهذا، وهذا الحديث سنده صحيح وهو بمعنى الذى قبله (4) (ز) (سنده) حدّثنى أبو صالح هدية بن عبد الوهاب بمكة حدثنا محمد بن عبيد الطنافيسى حدثنا يحي بن أيوب البجلى عن الشعبى الخ (غريبه) (5) جاء فى رواية أخرى كنا أصحاب محمد لا نشك أن السكينة تكلم على لسان عمر قيل هو من الوقار والسكون (نه) وهذا الحديث من زوائد عبد الله بن الامام أحمد على مسند أبيه ولذلك رمزت له بحرف زاى فى أوله (6) (سنده) حدّثنا شجاع بن الوليد قال ذكر خلف بن حوشب عن أبى اسحاق عن عبد خير عن على الخ (غريبه) (7) أى سبق النبى صلى الله عليه وسلم بالفضل الأكبر والسيرة الحميدة (وصلى أبو بكر) يعنى بالناس بامر النبى صلى الله عليه وسلم وفيه إشارة إلى أن يكون الخليفة من بعده وقد كان فسار سيرة النبى صلى الله عليه وسلم حتى قبض (وثلث عمر) أى بالخلافة فسار بسيرتهما حتى قبضه الله عز وجل على ذلك (8) يريد ما حصل من قتل عثمان ووقعة الجمل وصفين وحرب المسلمين بعضهم بعضا والله أعلم (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه أحمد، وقال ثم خبطتنا فتنة يريد أن يتواضع بذلك ورواه الطبرانى فى الأوسط ورجال أحمد ثقات (9) (ز) (سنده) حدّثنا منصور بن أبى مزاحم حدثنا الزيات حدّثنى عون بن أبى جحيفة اله (غريبة) (10) بضم الشين المعجمة وفتح الراء والظاهر أن ذلك كان فى خلافة على رضى الله عنه لأن شرط السلطان نخبة أصحابه الذين يفسدهم على غيرهم من جنده وهذا الحديث

-[قوله صلى الله عليه وسلم اقتدوا باللذين من بعدى أبي بكر وعمر]- حيث أحب (عن أنس) (1) قال كان النبى صلى الله عليه وسلم يخرج إلى المسجد فيه المهاجرون والأنصار وما منهم أحد يرفع رأسه من حبوته الا أبو بكر وعمر (2) فيبتسم اليهما ويبتسمان اليه (3) (ز) (عن ابن ابى حازم) (4) قال جاء رجل الى على بن حسين (رضى الله عنهما) فقال ما كان منزلة أبى بكر وعمر من النبى صلى الله عليه وسلم؟ فقال منزلتها الساعة (عن جابر) (5) قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم عند امرأة من الانصار صنعت له طعاما، فقال النبى صلى الله عليه وسلم يدخل عليكم رجل من أهل الجنة، فدخل أبو بكر رضى الله عنه فهنيياه، ثم قال يدخل عليكم رجل من أهل الجنة، فدخل عمر رضى الله عنه فهنيناه، ثم قال يدخل عليكم رجل من أهل الجنة، فدخل عمر رضى الله عنه فنهيناه، ثم قال يدخل عليكم رجل من أهل الجنة فرأيت النبى صلى الله عليه وسلم يدخل رأسه تحت الودى (6) فيقول اللهم ان شئت جعلته عليا، فدخل على رضى الله عنه فهنيناه (عبد الرحمن بن غنم الأشعرى) (7) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لابى بكر وعمر رضى الله عنهما لو اجتمعتما فى مشورة (8) ما خالفتكما (عن حذيفة) (9) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال اقتدوا باللذين من بعدى (10) ابى بكر وعمر (عن ابى هريرة) (11) قال انطلقت انا وعبد الله بن عمر وسمرة بن

_ من زوائد عبد الله بن الامام أحمد عل مسند ابيه وسنده جيد وهو بمعنى الذى قبله (1) (سنده) حدّثنا سليمان بن داود ثنا ابن عطية يعنى الحكم عن ثابت عن أنس (يعنى ابن مالك الخ) (غريبه) (2) بالرفع على أنه بدل من أحد (3) أى لأن ذلك من عادة المحبة وخاصتها إذا نظر أحدهما إلى الآخر يحصل منهما التبسم بلا اختيار كذا فى اللمعات: وقال فى المرقاة التبسم مجاز عن كمال الانبساط فيما بينهم (تخريجه) (مذ طل) وينده جيد (4) (ز) (سنده) قال عبد الله بن الامام أحمد حدّثنى أبو معمر عن ابن أبى حازم الخ (تخريجه) هذا الأثر لم أقف عليه لغير عبد الله بن الامام أحمد لأنه من زوائده وفى اسناده رحل لم يسم فهو ضعيف (5) (سنده) حدّثنا أبو أحمد ثنا سفيان عن عبد الله بن محمد ابن عقيل عن جابر (يعنى ابن عبد الله الخ) (غريبه) (6) الودى بفتح الواو وكسر المهملة وبعدها ياء تحتيه مشددة صغار النخل (تخريجه) (طل) وأورده الهيثمى وقال رواه احمد والطبرانى فى الأوسط بنحوه والبزار بإختصار ورجال أحد أسانيد احمد موثوقون (7) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا عبد الحميد بن بهرام قال سمعنا شهر بن حوشب قال حدّثنى عبد الرحمن بن غنم الأشعرى الخ (غريبه) (8) قال فى المصباح فيها لغتان سكون الشين وفتح الواو، والثانيه ضم الشين وسكون الواو أى ذات معونة أهـ ويستفاد من هذا الحديث أن أبا بكر وعمر رضى الله عنهما كانا على جانب عظيم منسداد الرأى (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن بن غنم لم يسمع من النبى صلى الله عليه وسلم (9) (سنده) حدّثنا سفيان بن عيينة عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعى بن خراش عن حذيفة (يعنى ابن اليمان) أن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (10) اى بالخليفتين اللذين يقومان من بعدى (أبى بكر وعمر) بدل من اللذين أى لحسن سيرتهما، وفيه اشارة لامر الخلافة قاله المناوى (تخريجه) (مذجه ك) وحسنه الترمذى قال وروى سفيان الثورى هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعى عن ربعى عن حذيفة عن النبى صلى الله عليه وسلم (11) (سنده) حدّثنا عبد الصمد ثنا

-[من معجزاته صلى الله عليه وسلم نطق بقرة وذائب وايمان النبى صلى الله عليه وسلم بذلك وابى بكر وعمر]- جندب فأتينا النبى صلى الله عليه وسلم فقالوا لنا انطلقوا إلى المسجد التقوى (1) فانطلقنا نحوه فاستقبلناه يداه على كاهل ابى بكر وعمر رضى الله عنهما (2) فثرنا فى وجهه؛ فقال من هؤلاء يا أبا بكر؟ قال عبد الله بن عمر وابو هريرة وسمرة (وعنه ايضا) (3) قال صلى بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم اقبل علينا بوجهه فقال بينما رجل يسوق بقرة إذ ركبها فضربها، قالت إنا لم نخلق لهذا، انما خلقنا للحراثة، فقال الناس سبحان الله بقرة تتكلم، فقال فإنى أومن بهذا انا وابو بكر غدا غدا (4) وعمر، وما هما ثم، (5) وبينما رجل فى غنمه اذ عدا عليها الذئب فآخذ شاة منها، فطلبه فأدركه فاستنقذها منه، فقال يا هذا استنقذتها منى فمن لها يوم السَّبع (6) يوم لا راعى لها غيرى، قال الناس سبحان الله ذئب يتكلم، فقال انى اومن بذلك وأبو كر وعمر (7) وما هما ثم (ز) (عن على رضى الله عنه) (8) قال كنت عند النبى صلى الله عليه وسلم فأقبل ابو بكر وعمر رضى الله عنهما فقال يا علي هذان

_ أبو هلال ثنا أبو الزراع عن أبى امين عن أبى هريرة الخ (غريبه) (1) هو مسجد صغير معروف بضواحى المدينة (2) انما وضع النبى صلى الله عليه وسلم يديه على كاهل أبى بكر وعمر لشدة اخلاصهما له ولمحبته اياهما (وقوله فثرنا فى وجهه هكذا جاء فى هذا الحديث. وظاهره أن أبا هريرة وابن عمر وسمره ثاروا فى وجه النبى صلى الله عليه وسلم، ولا أدرى كيف أوجه هذه الكلمة لأن لفظ ثار معناه شدة الغضب، وكيف يتأتى ذلك من ثلاثة رجال من أجلاء الصحابة، ولم أقف على هذا الحديث لغير الامام أحمد وهو حديث ضعيف لا يحتج به ولا يعول عليه ففى اسناده ثلاثة رجال غير معروفين وهم أبو هلال وأبو الزراع وأبو أمين والله أعلم بحقيقة الحال (3) (سنده) حدّثنا سفيان عن أبى الزناد عن الاعرج عن أبى سلمة عن أبى هريرة الخ (غريبه) (4) هكذا جاء فى الاصل بلفظ غدا غدا يوم القيامة فقد سمى الله يوم القيامة بالغد لقربه ولكنه آت لا محالة قال تعالى (يا أيها الذين آمنوا اتقوا ولتنظر نفس ما قدمت لغد،) والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر يؤمنون بهذا فى الدنيا والآخرة والله اعلم (5) ثم بفتح الثاء المثلثة أى ليسا حاضرين قال الحافظ وهو من كلام الراوى يعنى من كلام أبى هريرة يحكى المجلس وما وقع فيه (6) السبع بفتح المهملة وضم الموحدة على أشهر الروايات، ومعناه من لها عند الفتن حين يترك الناش مواشيهم هملا لا راعى لها نهبة للذئاب والسباع فجعل السبع لها راعيا إذ هو منفرد بها ويكون حينئذ بضم الباء، وهذا انذار بما يكون من الشدائد، والفتن التى يهمل الناس مواشيهم فتتمكن منها السباع بلا مانع (7) فى هذا الحديث منقبة عظيمة للشيخين أبى بكر وعمر رضى الله عنهما إذا استغرب السامعون ما خالف العادة من نطق البقرة والذئب لا يريدون به الانكار فأخبر النبى صلى الله عليه وسلم أن أبا بكر وعمر لكمال ايمانهما واطمئنان قلوبهما وسمو ادراكهما يؤمنان بما يقول دون تردد او استغراب بما عرفا من قدرة الله وبما أيقنا من صدق رسوله صلى الله عليه وسلم الذى لا ينطق عن الهوى (تخريجه) (ق مذ) (د) (ز) (8) (سنده) حدّثنى وهب بن بقية الواسطى حدثنا عمر بن يونس يعنى اليمامى عن عبد الله بن عمر اليمامى عن الحسن بن يزيد حدّثنى أبى عن أبيه عن على الخ

-[ما اشترك فيه أبو بكر وعمر وعثمان وشهادة النبى صلى الله عليه وسلم لهم بالجنة]- سيدا كهول اهل الجنة (1) وشبابها عدا النبيين والمرسلين (2) (ز) (عن عبد خير) (3) قال قام على رضى الله عنه على المنبر فذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم واستخلف أبو بكر رضى الله عنه فعمل بعمله وسار بسيرته حتى قبضه الله عز وجل على ذلك، ثم استخلف عمر رضى الله عنه على ذلك فعمل بعملها وسار بسيرتهما حتى قبضه الله عز وجل على ذلك (باب ما اشترك فيه أبو بكر وعمر وعثمان رضى الله عنهم) (عن نافع بن عبد الحارث) (4) قال خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل حائطا (5) (زاد فى رواية من حرائط المدينة) فقال لى أمسك على الباب، فجاء حتى دلس على القف (6) (وفى رواية على قف البئر) ودلى رجليه فى البئر فضرب الباب، قلت من هذا؟ قال أبو بكر قلت يا رسول الله هذا أبو بكر، قال ائذن له وبشره بالجنة، قال فأذنت له وبشرته بالجنة، قال فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على القف ودلى رجليه فى البئر، ثم ضرب البال فقلت من هذا؟ فقال عمر فقلت يا رسول الله هذا عمر، قال ائذن له وبشره بالجنة، قال فأذنت له وبشرته بالجنة، قال فدخل فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على القف ودلى رجليه فى البئر، قال ثم ضرب الباب فقلت من هذا؟ قال عثمان فقلت يا رسول الله هذا عثمان قال ائذن له وبشره بالجنة معها بلاء (وفى رواية وبشره بالجنة وسيلقى بلاء) (7) فأذنت له

_ (غريبه) (1) الكهول بضمتين جمع الكهل وهو على ما فى القاموس من جاوز الثلاثين أو أربعا وبثلاثين إلى إحدى وخمسين فاعتبر ما كانوا عليه فى الدنيا حال هذا الحديث وإلام بكن فى الجنة كهل، وقيل سيدا من مات كهلا من المسلمين فدخل الجنة لأنه ليس فيها كهل بل من يدخلها ابن ثلاث وثلاثين، وإذا كانا سيدى الكهول فأولى أن يكونا سيدى شباب أهل الجنة بعد النبيين والمرسلين (2) زاد الترمذى يا على لا تخبرهما، وزاد ابن ماجه فى روايته ما داما حيين (تخريجه) (مذجه) الحديث اسناده صحيح ورجاله ثقات، والحديث رواه الترمذى وابن ماجه باسنادين آخرين ضعيفين، وهذا الحديث من زيادات عبد الله بن الامام أحمد (3) (ز) (سنده) حدّثنى سريح بن يونس حدثنا مروان الفزارى أخبرنا عبد الملك بن سلع عن عبد خير الخ (وله طريق ثان) من زوائد عبد الله أيضا قال حدثنا أبو بكر بن أبى شيبة حدثنا ابن نمير عن عبد الملك بن سلع عن عبد خير قال سمعت عليا يقول قبض الله نبيه صلى الله عليه وسلم على خير ما قبض عليه نبى من الأنبياء علهم الصلاة والسلام ثم استخلف أبو بكر فعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وسنة نبيه وعمر وكذلك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسند الطريقين جيد ورجالهما ثقات، (باب) (4) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون انا محمد بن عمرو عن أبى سلمة قال قال نافع بن عبد الحارث خرجت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) الحائط هو البستان نص عليه ابن مالك بستان بالقرب من قباء (6) جاء عند الشيخين فجاء حتى دخل بتراريس وتوسط قفها) قال النووى أما أريس فبفتح الهمزة مصروف، وأما القف فبضم القاف وهو حافة البئر وأصله الغليظ المرتفع من الأرض (7) جاء عند البخارى وبشره بالجنة على بلوى تصيبه وعند الامام احمد من حديث أبى موشى على بلوى شديدة وسيأتى حديث أبى موسى بعد حديث، أما البلوى فهى التى صار بها شهيد الدار

-[تبشير النبي صلى الله عليه وسلم لأبى بكر وعمر وعثمان بالجنة]- وبشرته بالجنة، فجلس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على القف ودل رجليه فى البئر (عن عبد الله بن عرو) (1) قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء وبكر فاستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة، ثم جاء عمر فاستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة، ثم جاء عثمان فاستأذن فقال ائذن له وبشره بالجنة، قال فقلت فأين أنا قال أنت مع أبيك (2) (عن أبى موسى الأشعرى) (3) قال كنت مع النبى حسبته قال فى حائط (4) فجاء رجل فسلك فقال النبى صلى الله عليه وسلم اذهب فأذن له وبشره بالجنة، فذهبت فاذا هو أبو بكر، فقلت أدخل وابشر بالجنة، فمازال يحمد الله عز وجل حى جلس، ثم جاء آخر فسلم فقال ائذن له وبشره بالجنة فانطلقت فإذا هو عمر بن الخطاب، فقلت ادخل وأبشر بالجنة، فمازال يحمد الله عز وجل حتى جلس، ثم جاء آخر فسلم فقال اذهب فاذن له وبشره بالجنة على بلوى شديدة، قال فانطلقت فاذا هو عثمان فقلت أدخل وأبشر بالجنة على بلوى شديدة قال فجعل يقول اللهم صبرا (5) حتى جلس (عن سمرة بن جندب) (6) أن رجلا قال يا رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت كأن دلوا أدليت (7) من السماء فجاء ألو بكر فاخذ بعراقيها (8) فشرب منه

_ أذى المحاصرة والقتل وغيره (تخريجه) (د) مختصراً والنسائى، وأورده الهيثمى وقال عند ابى داود وبعضه رواه أحمد والطبرانى فى الاوسط باختصار ورجال احمد رجال الصحيح والنسائى. وأخرجه (ق نس) من حديث أبى موسى مطولا كما هنا (قال النووى) رحمه الله وفيه فضيلة هؤلاء الثلاثة وانهم من أهل الجنة، وفيه معجزة ظاهرة للنبى صلى الله عليه وسلم لإخباره بقصة عثمان والبلوى وان الثلاثة يستمرون على الإيمان والهدى (1) (سنده) حدّثنا يزيد اخبرنا همام عن قتادة عن ابن سيرين ومحمد بن عبيد عن عبد الله بن عمر والخ (غريبه) (2) القائل فأين انا هو عبد الله بن عمرو راوى الحديث يقول اين اكون من هؤلاء وما منزلتى هناك؟ فقال صلى الله عليه وسلم انت مع ابيك بمنزلته والله اعلم (تخريجه 9 (طل) والبخارى فى التاريخ الكبير واورده الهيثمى مطولا قال عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال كنت عند النبى صلى الله عليه وسلم بحش من حشان المدينة فجاء رجل فاستأذن فقال قم فأذن له وبشره بالجنة فقمت فأذنت له فاذا هو عمر فبشرته بالجنة فجعل يحمد الله حتى جلس ثم جاء رجل خفيض الصوت فقال قم فأذن له وبشره بالجنة على بلوى تصيبه فقال اللهم صبرا حتى جلس، قلت يا رسول فأين أنا قال أنت مع أبيك، رواه الطبرانى واللفظ له وأحمد باختصار باسانيد وبعض رجال الطبرانى وأحمد رجال الصحيح أهـ (قلت) خو حديث الباب ورواه أيضاً الطيالسى مطولا كرواية الطبرانى بسند رواية الامام احمد (3) (سنده) حدّثنا عبد الرازق انا معمر عن قتادة عن أبى عثمان النهدى عن أبى موسى الأشعرى الخ (غريبه) (4) زاد البخارى من حيطان المدينة أى بستان من بساتين المدينة (5) فيه تصديق للنبى صلى الله عليه وسلم فيما أخبر به وفيه معجزات للنبى صلى الله عليه وسلم حيث وقع ما أخبر به (تخريجه) (ق مذ نس) (6) (سنده) حدّثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة أنا الأشعث ابن عبد الرحمن الجرمى عن أبيه عن سمرة بن جندب الخ (غريبه) (7) يريد أرسلت يقال أدليت الدلو إذا ارسلتها فى البئر ودلوتها إذا نزعتها (8) بفتح العين المهملة والقاف بعدها ياء تحتية ساكنة (قال

-[قوله صلى الله عليه وسلم أثبت حراء فانه ليس عليك إلا نبى الخ]- شرباً ضعيفاً (1) قال عفان وفيه ضعف، ثم جاء عمر فاخذ بعراقيها فشرب حتى تضلع (2) ثم جاء عثمان فاخذ بعراقيها (3) فانتشطت منه (4) فانتضح عليه منها شيء (عن بريدة الأسلمى) (5) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً على حراء (6) ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فتحرك (7) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اثبت حراء، فانه ليس عليك إلا نبى أو صديق أو شهيد (عن ابن عمر رضى الله عنهما) (8) قال كما نعد ورسول الله صلى الله عليه وسلم حي وأصحابه متوافرون أبا بكر وعمر وعثمان (9) ثم نسكت (10) (وعنه أيضاً) (11) قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات

_ الخطابي) العراقي اعواد يخالف بينها ثم تشد فى عرى الدلو ويعلق بها الحبل واحدتها عرفوا (1) أشارة إلى قصر مدة أيام ولايته وذلك لأنه لم يعش أيام الخلافة أكثر من سنتين وشيء (وقوله عقان) هو أحد الراويين الذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث قال فى روايته وفيه ضعف بدل قوله شربا ضعيفاً والمعنى واحد (2) يريد الاستيفاء فى الشرب حتى روى فتمدد جنبه وضلوعه وفيه إشارة الى طول مدته فى الخلافة فقد بقى فيها عشر سنين وشيئا فذلك معنى تضلعه (3) هكذا فى المسند فشرب فانتشطت منه لكن جاء عند أبى داود (فشرب حتى تضلع ثم جاء على فأخذ بعراقيها وانتشطت وانتضح عليه منها شيء) والظاهر أن هذه الجملة سقطت من المسند من الناسخ او الطابع لأن المعنى بدونها لا يستقيهم، وقوله فى رواية أبى داود فشرب يعنى عثمان حتى تضلع فيه اشارة إلى طول مدته فى الخلافة فكانت مدة خلافته اثنتى عشرة سنة إلا إثنى عشر يوماً (4) أى من على كما فى رواية أبى داود ومعنى انتشطت أى اضطربت حين نزعها من البئر (فانتضح عليه) اى سقط عليه من مائها شيء قليل، وفيه اشارة إلى قصر مدة خلافته التى كانت أربع سنين وتسعة أشهر (تخريجه) (د) وسنده جيد ورحاله ثقات وسكت عنه أبو داود والمنذرى فهو صالح (5) (سنده) حدّثنى على بن الحسن أنا الحسين ثنا عبد الله بن بريدة عن أبيه (يعنى بريدة الأسلمى) ألخ (غريبه) (6) حراء بالكسر والمد جبل من جبال مكة معروف كان يتخنث به النبى صلى الله عليه وسلم ومنهم من يؤنثه ولا يصرفه (7) أى اضطرب واهتز هزة الطرب فرحا بوجودهم عليه ولهذا نص على مقام النبوة والصديقية والشهادة التى توجب سرور ما اتصلت به فأقر الجبل بذلك واستقر وما أحسن قول بعضهم (ومال حراء تحته فرحا به فلولا مقال اسكن تضعضع وانقضى) (تخريجه) (طل) وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح أهـ (قلت) فى هذا الحديث معجزتان للنبى صلى الله عليه وسلم الأولى قوله للجبل اسكن فسكن والثانية إخباره باستشهاد عمر وعثمان رضى الله عنهما، وحصل مثل ذلك لجبل أحد وسيأتى ذلك فى باب فضل البقيع واحد والحجاز من كتاب الفضائل فى الجزء الثالث والعشرين وهو حديث صحيح رواه الشيخان والامام أحمد وأبو داود والترمذى والنسائى (8) (سنده) حدّثنا أبو معاوية حدثنا سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن ابن عمر الخ (غريبه) اى نعد أبا بكر أفضل الصحابة (وقوله ورسول الله صلى الله عليه وسلم حيى وأصحابه متوافرون) جملة حالية معترضة بين القول ومقوله (9) أى يلى أبا بكر فى الفضل (وعثمان) يلى عمر فى الفضل (10) أى نترك أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم لا تفاضل بينهم كما صرح بذلك فى رواية البخارى (تخريجه) (خ مذ) (11) (سنده) حدّثنا أبو داود عمر بن سعد حدثنا بدر بن عثمان عن عبيد الله بن مروان عن أبى عائشة عن ابن عمر قال خرج علينا الخ (تخريجه) أورد

-[فضائل بلال وفقراء الصحابة]- غداة بعد طلوع الشمس فقال رأيت قبيل الفجر كأنى أعطيت المقاليد والموازين، فأما المقاليد فهذه المفاتيح، وأما الموازين فهذه التى تزنون بها فوضعت فى كفة ووضعت أمتى فى كفة فوزنت بهم فرجحت ثم جيئ بأبى بك فوق فوزن بهم فوزن، ثم جيئ بعمر فوزن فوزن ثم جيئ بعثمان فوزن بعثمان فوزن بهم ثم رفعت (باب ما اشترك فيه أبو بكر وعمر وبلال وعبد الرحمن بن عوف وفقراء المهاجرين) (عن أبى أمامة) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فسمعت فيها خشفة (2) بين يدى فقلت ما هذا؟ قال بلال، فمضيت فاذا أكثر أهل الجنة فقراء المهاجرين وذرارى المسلمين، ولم أر أحدا أقل من الأغنياء والنساء، قيل لى أما الأغنياء فهم ها هنا بالباب يحاسبون ويمحصون، وأما النساء فألهاهن الأحمران الذهب والحرير، قال ثم خرجنا من أحد أبواب الجنة الثمانية، فلما كنت عند الباب أتيت بكفة فوضعت فيها ووضعت أمتى فى كفة فرجحت بها، ثم أتى بأبى بكر فوضع فى كفة وجيء بجميع أمتى فى كفة فوضعوا فرجح أبو بكر، وجيء يعمر فوضع فى كفة وجيء بجميع أمتى فوضعوا فرجح عمر، وعرضت أمتى رجلا رجلا فجعلوا يمرون فاستبطأت عبد الرحمن بن عوف، ثم جاء بعد الإياس فقلت عبد الرحمن (3) فقال بأبى وأمى (4) يا رسول الله والذى بعثك بالحق ما خلصت (5) اليك حتى ظننت انى لا أنظر اليك أبدا الا بعد المشيبات (6)، قال وما ذاك (7) قال من كثرة مالى احاسب وامحص (8) (باب ما اشترك فيه زيد بن حارثة وجعفر وعبد الله بن رواحه وخالد بن الوليد رضى الله عنهم) (عن خالد بن شمير) (9) قال قدم علينا عبد الله بن رباح فوجدته قد اجتمع اليه ناس من الناس قال حدثنا أبو قتادة (رضى الله عنه) فارس رسول الله صلى الله عليه وسلم قاب بعث رسول الله

_ الهيثمي وقال رواه أحمد والطبرانى إلا أنه قال فرجح بهم فى الجميع وقال ثم جيئى بعثمان فوضع فى كفة ووضعت أمتى فى كفه فرجح بهم ثم رفعت ورجاله ثقات (باب) (1) (سنده) حدّثنا الهذيل ابن ميمون الكوفى الجعفى كان يجلس فى مسجد المدينة يعنى مدينة أبى جعفر قال عبد الله هذا شيخ قديم كوفى عن مطرح بن يزيد عن عبيد الله بن زحر عن على بن يزيد عن القاسم عن ابى امامة الخ (غريبه) (2) الخشفة بالسكون الحس والحركة وقيل هو الصوت والخشفة بالتحريك الحركة وقيل هما بمعنى وكذلك الخشف (نه) (3) بالنصب مناد حذف منه ياء النداء (4) اى أفديك بأبى وأمى يا رسول الله (5) بفتح المعجمة واللام أى ما وصلت اليك (6) أى إلا بعد المشاق والصعوبات التى يشيب من هولها الانسان (7) أى ما سبب ذلك (8) يستفاد منه أن من كثر ماله طال حسابه (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى بنحوه بإختصار وفيهما مطرح بن زياد وعلى ابن يزيد الإلهاقى وكلاهما مجمع على ضعفه، ومما يدلك على ضعف هذا أنت عبد الرحمن بن عوف احد أصحاب بدر والحديبية واحد العشرة وهم أفضل الصحابة عليهم أفضل الصلاة وأزكى السلام والحمد لله (باب) (9) (عن خالد بن شمير الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى سريه زيد بن حارثة إلى مؤته فى الجزء الحادى والعشرين ص 136 رقم 354 فارجع إليه

-[بعض مناقب بكر أنى وعمر ومعاذ بن جبل وأبى الدرداء وابن مسعود الخ]- صلى الله عليه وسلم جيش الأمراء وقال عليكم زيد بن حارثة فان أصيب زيد فجعفر فان أصيب جعفر فعبد الله بن رواحة الأنصارى فوثب جعفر فقال بابى أنت يا نبى الله وامى ما كنت أرهب أن تستعمل على زيدا، قال امضوا فانك لا تدرى أى ذلك خير، قال فانطلق الجيش فلبثوا ما شاء الله ثم ان رسول الله صلى الله عليه وسلم صعد المنبر وأمر أن ينادى الصلاة جامعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ناب خبر أوثاب خبر شك عبد الرحمن (يعنى بن مهدى احد الرواة) ألا أخبركم عن جيشكم هذا الغازى انهم انطلقوا حتى لقوا العدو فاصيب زيد شهيدا فاستغفروا به، فاستغفر له الناس، ثم أخذ اللواء جعفر بن أبى طالب فشد على القوم حتى قتل شهيدًا، اشهدوا له بالشهادة، فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء عبد الله بن رواحة فاثبت قدميه حتى أصيب شهيدًا فاستغفروا له، ثم أخذ اللواء خالد بن الوليد ولم يكن من الأمراء، هو أمر نفسه فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم إصبعيه وقال اللهم هو سيف من سيوفك فانصره وقال عبد الرحمن مرة فانتصر به فيومئذ سمى خالد سيف الله، ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم انفروا فأمدوا إخوانكم ولا يتخلفنّ أحد، فنفر الناس فى حر شديد مشاة وركبانا باب (ما اختص به جماعة من الصحابة رضى الله عنهم) (عن أنس) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ارحم أمتى أبو بكر، وأشدها فى دين الله عمر، وأصدقها حياء عثمان، واعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل، وأقرؤها لكتاب الله أبىّ، وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح (عن يزيد بن عميرة) (2) قال لما حضر معاذ بن جبل الموت قيل له يا أبا عبد الرحمن أوصنا، قال أجلسونى فقال ان العلم والإيمان مكانهما من ابتغاهما وجدهما، يقول ثلاث مرات فالتمسوا العلم عند أربعة رهط، عند عويمر أبى الدرداء، وعند سلمان الفارسى، وعند عبد الله بن مسعود وعند عبد الله بن سلام الذى كان يهوديا ثم أسلم، فانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه عاشر عشرة فى الجنة (عن حذيفة) (3) قال كنا عند النبى صلى الله عليه وسلم جلوسا فقال انى لا أدرى ما قدّر بقائى فيكم، فاقتدوا بالذين من بعدى، وأشار إلى أبى بكر وعمر وتمسكوا بعهد عمار، وما حدثكم ابن مسعود فصدقوه (باب ما اشترك فيه جماعة من النسوة رضى الله عنهن) (عن أبى موسى) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كمل من الرجال كثير ولم

_ (باب) 1) (سنده) حدّثنا وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبى قلابة عن أنس يعنى ابن مالك الخ (تخريجه) (مذ نس جة حب ك هق) وسنده صحيح ورجاله ثقات (2) (سنده) حدّثنا قتيبة بن سعيد تنا ليت بن سعد عن معاوية بن صالح عن ربيعة بن يزيد عن أبى ادريس الخولانى عن يزيد بن عميرة الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده جيد ورجاله ثقات (3) (سنده) حدّثنا وكيع عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعى عن ربعى عن حذيفة (يعنى ابن اليمان الخ) (تخريجه) أخرجه الترمذى بدون قوله وتمسكوا بعهد عمار الخ وحسَّنه (باب) (4) (عن أبى موسى) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في فضل عائشة في

-[أنصار سعيد بن زيد على المغيرة بن شعبة سبه على رضى الله عنه]- يكمل من النساء الا آسية امرأة فرعون ومريم بنت عمران وإن فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام (عن على رضى الله عنه) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خير نسائها خديجة وخير نسائها مريم (عن ابن عباس) (2) قال خط رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الأرض أربعة خطوط قال تدرون ما هذا؟ فقالوا الله ورسوله أعلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل نساء أهل الجنة خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم، وأسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم بنت عمران رضى الله عنهم أجمعين (باب ما جاء فى فضل العشرة المبشرين بالجنة وغيرهم رضى الله عنهم) (عن رباح بن الحارث) (3) أن المغيرة بن شعبة كان فى المسجد الأكبر وعنده أهل الكوفة عن يمينه وعن يساره فجاء رجل يدعى سعيد بن زيد فحياه المغيرة وأجلسه عند رجليه على السرير فجاء رجل من أهل الكوفة فاستقبل المغيرة فسب وسب، فقال من يسب هذا يا مغيرة؟ قال يسب علىّ بن أبى طالب قال يا مغير بن شعيب يا مغير بن شعب ثلاثا ألا أسمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يسبون عندك لا تنكر ولا تغير، فأنا أشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم بما سمعت أذناى ووعاه قلبى من رسول الله صلى الله عليه وسلم فانى لم أكن أروى عنه كذبًا يسألنى عنه إذا لقيته انه قال، أبو بكر فى الجنة، وعمر فى الجنة، وعلى فى الجنة، وعثمان فى الجنة، وطلحة فى الجنة، والزبير فى الجنة، وعبد الرحمن فى الجنة، وسعد ابن مالك فى الجنة، وتاسع المؤمنين فى الجنة، لو شئت أن أسميه لسميته قال فضج أهل المسجد يناشدونه يا صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم من التاسع قال ناشدتمونى بالله العظيم أنا تاسع المؤمنين ورسول الله صلى الله عليه وسلم العاشر، ثم اتبع ذلك يمينا قال والله لمشهد شهده رجل يغبِّر فيه وجهه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من عمل احدكم ولو عمّر عمر نوح عليه السلام (عن عبد الله بن ظالم) (4) المازنى قال لما خرج معاوية من الكوفة استعمل المغيرة بن شعبة، قال فاقام خطباء يقعون في علي (5) قال

_ باب رؤيتها لجبريل عليه السلام وسلامه عليها وما ورد فى فضلها فى هذا الجزء ص 125 رقم 947 (1) (ز) (عن على رضى الله عنه الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما ورد فى فضل أم المؤمنين خديجة فى الجزء العشرين ص 239 رقم 98 (2) (عن ابن عباس الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى فضل مريم فى الجزء العشرين ص 132 رقم 87 (باب) (3) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن صدقة بن المثنى حدّثنى رياح بن الحارث الخ (تخريجه) (د نس جه) وسنده جيدور ورجاله ثقات وسكت عنه أبو داود المنذرى قال المنذرى أخرجه الترمذى والنسائى وابن ماجه وقال الترمذى حسن صحيح وقد أخرجه مسلم والترمذى والنسائى من حديث سهيل بن أبى صالح عن أبى هريرة بنحو أهـ (قلت) قوله فى الحديث لما قدم فلان أقام فلانا الخ قال فى فتح الودود لقد أحسن أبو داود فى الكتاية عن اسم معاوية والمغيرة بفلان سترا عليهما لأنهما صحابيان أهـ عون المعبود (قلت) فظهر من هذا أن القادم هو معاوية ابن أبى سفيان والخطيب هو المغيرة بن شعبة وقد عرض فى خطبته بذم على ومدح معاوية (4) (سنده) حدّثنا على بن عاصم قال حصين أخبرنا عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم المازنى الخ (غريبه) (5) اى يسبونه وينالون

-[العشرة المبشرين بالجنة وتزكية النبى صلى الله عليه وسلم لبعض الصحابة]- وأنا إلى جنب سعيد بن زيد (1) قال فغضب فقام (2) فأخذ بيدى فتبعته، فقال ألا ترى الى هذا الرجل الظالم لنفسه الذى يامر بلعن رجل من اهل الجنة، فأشهد على التسعة انهم فى الجنة ولو شهدت على العاشر لم آثم، ثم قال قلت وما ذاك؟ قال قال رسول الله اثبت حراء فانه ليس عليك الا نبى او صديق او شهيد، قال قلت من هم؟ فقال، رسول الله صلى الله عليه وسلم، وابو بكر، وعمر، وعثمان، وعلى والزبير، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن مالك، قال ثم سكت، قال قلت ومن العاشر؟ قال قال أنا (3) وفى لفظ اهتّز حراء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اثبت حراء فذكر الحديث (عن أبى هريرة) (4) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير، فتحركت الصخرة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اهدأ فما عليك إلا نبى أو صديق أو شهيد وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم الرجل أبو بكر، نعم الرجل أبو عبيدة بن الجراح، نعم الرجل أسيد بن حضير، نعم الرجل ثابت بن قيس بن شماس، نعم الرجل معاذ بن جبل، نعم الرجل معاذ

_ منه كما في رواية أخرى والظاهر ان المغيرة هو الذى أمر الخطباء لكن جاء عند أبى داود فى هذا الحديث نفسه من طريق عبد الله بن ظالم أيضا قال سمعت سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل قال لما قدم فلان (يعنى معاوية بن أبى سفيان) أقام فلانا خطيبا (يعنى المغيرة بن شعبة) ويستفاد منه أن المغيرة هو الذى خطب وفى الحديث السابق أن الذى سب عليا رجل من الكوفة ممن حضروا مجلس المغيرة، ويمكن الجمع بين هذه الروايات بان المغيرة أقام احتفالا لمناسبة تنصيبه أميراً على الكوفة حضره معاوية وكثير من وجهاء أهل الكوفة فأمر معاوية المغيرة بن شعبة أن يقوم خطيبا فى هذا الحفل فخطب ونال من على رضى الله عنه كما جاء فى طريق أخرى للأمام أحمد من حديث عبد الله بن ظالم أيضا قال خطب المغيرة ابن شعبة فنال من على فخرج سعيد بن زيد فقال (يعنى لعبد الله بن ظالم) ألا تعجب من هذا يسب علياً فذكر فضل على وباقى العشرة المبشرين بالجنة رضى الله عنهم؛ ثم أمر المغيرة بعض الحاضرين أن يقوموا خطباء فخطبوا ونالوا من على أيضا تأسيا بما فعله المغيرة، ثم جاء رجل من أهل الكوفة فأستقبل المغيرة وسب عليا أيضاً كما فى الحديث السابق هذا ما ظهر والله أعلم (1) هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل أحد المبشرين بالجنة (2) أى فارق المجلس لأنه يرى أن ما حصل فيه منكرا من القول وزوراً وذلك بعد أنكر على شعبة ما حصل فى مجلسه كما فى الحديث السابق (3) جاء عند أبى داود فتلكأ هنية اى سكت قليلا من الزمن ثم قال أنا (تخريجه) (الأربعة) قال المنذرى وأخرجه الترمذى والنسائى وابن ماجه وقال الترمذى حسن صحيح وقد أخرجه مسلم والترمذى من حديث سهيل لن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة بنحوه أهـ (قلت) قال فى فتح الودود لقد أحسن أبو داود فى الكتاية عن اسم معاوية والمغيرة بفلان سترا عليهما لنهما صحابيان أهـ عون المعبود (4) (سنده) حدّثنا قتيبة ثنا عبد العزيز عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة الخ (قلت) عبد العزيز هو ابن محمد (تخريجه) أخرج الحديث بطوله ابن عساكر وأخرجه الترمذى بسند حديث الباب إلى قوله أو صديق او شهيد وقال هذا حديث صحيح

-[ما روي عن النجباء والابدال من الصحابة]- ابن عمرو بن الجموح (باب ما جاء فى النجباء والابدال وأصحاب الصُّفة) (عن على رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لم يكن قبلى نبى الا قد أعطى سبعة (2) رفقاء نخباء وزراء وانى أعطيت أربعة عشر، (3) حمزة، وجعفر، وعلى، وحسن، وحسين، وأبو بكر وعمر، والمقداد، وعبد الله بن مسعود، وأبو ذر، وحذيفة، وسلمان، وعمر، وبلال، (رضى الله عنهم أجمعين) (حدثنا عبد الوهاب بن عطاء) (4) انا الحسن بن ذكوان عن عبد الواحد بن قيس عن عبادة بن الصامت رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم انه قال الابدال (5) فى هذه الامة ثلاثون مثل ابراهيم خليل الرحمن (6) عز وجل كلما مات رجل ابدل الله تبارك وتعالى مكانه رجلا قال ابى (7) رحمه الله فيه يعنى حديث عبد الوهاب كلام غير هذا أو هو منكر يعنى حديث الحسن بن ذكوان (8)

_ (باب) (1) (سنده) حدّثنا ابو نعيم حدثنا فطر عن كثير بن نافع النشوءاء قال سمعت عبد الله بن مليل قال سمعت عليا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (قلت) فطر بكسر الفاء وسكون الطاء المهمله هو ابن خليفة المخزومى (النواء) بتشديد النون والواو مفتوحتين (مليل) بلامين بالتصغير، (غريبه) (2) بإضافة سبعة إلى رفقاء (نجباء) جمع نجيب قال فى النهاية النجيب الفاضل من كل حيوان وقد نجب ينجب نجابة إذا كان فاضلا نفيساً فى نوعه (3) اى بطريق الضعف ففضلا من الله عز وجل وجاء عند الترمذى بعد قوله اربعة عشر قلنا من هم؟ قال أنا وابناى وجعفر وحمزة الخ (تخريجه) (مذ) وقال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روى هذا الحديث عن على موقوفا أهـ (قلت) واورده الهيثمى وقال رواه البزار واحمد والطبرانى بإختصار وذكر فيهم فى بعض طرقة مصعب بن عمير وفيه كثير النواء وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات أهـ (قلت) وله طريق اخرى عند الامام احمد قال حدثنا محمد بن الصباح قال عبد الله (يعنى ابن الامام احمد) وسمعته انا محمد بن الصباح حدثنا اسماعيل بن زكريا عن كثير النواء عن عبد الله بن مليل قال سمعت عليا يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس من نبى كان قبلى إلا قد أعطى سبعة نقباء وزاد نجباء وانى اعطيت اربعة عشر وزيرا نقيبا نجيبا، سبعة من قريش وأربعة من المهاجرين ورواه ايضا الترمذى وسماهم كما فى الطريق الاولى، وتقدم قوله فيه وقال قد روى هذا الحديث عن على موقوفاً أهـ (قلت) الحديث الموقوف الذى اشر اليه الترمذى رواه الامام احمد قال حدثنا عبد الرازق أنبأنا سفيان عن شيخ لهم يقال له سالم عن عبد الله بن مليل قال سمعت عليا يقول اعطى كل نبى سبعة نجباء من أمته وأعطى النبى صلى الله عليه وسلم أربعة عشر نجيبا من أمته منهم أبو بكر وعمر، (وهذا الحديث) وان كان موقوفا لكنه جاء مرفوعاً كما تقدم (وفى الباب) عن ابى سعيد الخدرى عند الترمذى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من نبى إلا وله وزيران من أهل السماء ووزيران من أهل الأرض، فاما وزيراى من أهل السماء فجبريل وميكائيل، وأما وزيراى من أهل الأرض فأبو بكر وعمر، وقال الترمذى هذا حديث حسن غريب قال شارحه صاحب تحفة الأحوذى وأخرجه الحاكم وصححه وأقروه والله أعلم (4) (حدثنا عبد الوهاب بن عطاء الخ) (غريبه) (5) سموا أبدالا لأنة كلاما مات رجل منهم أبدل الله مكانه رجلا (6) أى انفتح لهم طريق إلى الله تعالى مثل ما انفتح لابراهيم الخليل عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام (7) القائل قال أبى هو عبد بن الامام احمد رخمهما الله (8) معناه والله أعلم أن الامام أحمد يقول ان عبد الوهاب روى حديثا غير هذا عن الحسن بن ذكوان فيه نكارة ولعله يشير إلى حديثه فى فصل العباس قال فى الخلاصة عبد الوهاب بن عطاء والحقائق العجلي مولاهم

-[مناقب أهل الصفة رضى الله عنهم]- (عن العرباض بن سارية) قال كان النبى صلى الله عليه وعلى آله وسلم يخرج علينا في الصفة

_ أبو نصر البصري نزيل بغداد عن حميد وسليمان التيمى وابن عون وعنه احمد ويحيى واسحاق الكوسج وخلق وثقة ابن معين فى رواية الدورى وقال البخارى والساجى والنسائى ليس بالقوى وحديثه فى فضل العباس أخرجه الترمذى قال ابن معين موضوع وقال لم يقل عبد الوهاب فيه حدثنا ثور قال ابن قانع مات سنة أربع ومائتين أهـ فى التهذيب ولعله دلس فيه وما أنكروا عليه غيره (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عبد الواحد بن قيس وقد وثقه العجلى وأبو زرعة وضعفه غيرهما (قلت) وله شاهد عند الامام أحمد أيضا من حديث على وسيأتى فى باب فضائل الشام وأهله ان شاء الله تعالى (قال الامام أحمد) حدثنا ابو المغيرة حدثنا صفوان حدّثنى شريح يعنى ابن عبيد قال ذكر اهل الشام عند على بن ابى طالب وهو بالعراق فقالوا العنهم يا امير المؤمنين قال لا، انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الابدال يكونون بالشام وهم اربعون رجلا كلما مات رجل ابد الله مكانه رجلا يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن اهل الشام بهم العذاب اورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجال رجال الصحيح غير شريح بن عبيد وهو ثقة وقد سمع من المقداد وهو اقدم من على أهـ (قلت) قول الحافظ الهيثمى وقد سمع من المقداد الخ يرد به على من قال ان الحديث منقطع لأن شريحا لم يدرك عليا والله اعلم (قلت) واورده ايضاً الحافظ السيوطى فى الجامع الصغير ورمز له بعلامة الحسن (قال المناوى) شارحه قال المصنف يعنى الحافظ السيوطى اخرجه عن على واحمد والحاكم والطبرانى من طرق اكثر من عشرة، (قلت) واورد الهيثمى له شاهدا آخر عن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن تخلو الارض من اربعين رجلا مثل خليل الرحمن فيهم تسقون وبهم تنصرون ما مات منهم أحد إلا ابدل الله مكانه آخر قال سعيد وسمعت قتادة يقول لسنا نشك ان الحسن منهم قال الهيثمى رواه الطبرانى فى الأوسط واسناده حسن أهـ (قلت) جاء فى بعض الروايات انهم ثلاثون وفى بعضها اربعون وظاهره التناقض وقد قال بعض العلماء انه لا يتناقض بين اخبار الاربعين والثلاثين لن الجملة اربعون رجلا منهم ثلاثون قلوبهم على قلب ابراهيم وعشر ليسوا كذلك فلا خلاف (هذا) وقد اختلف العلماء فى وجود الابدال فمنهم من اثبت وجودهم محتجا بالأحاديث الوارده فى وجودهم ومنهم من انكر ذلك كابن الجوزى فقد سرد احاديث الابدال وطعن فيها واحداً واحداً وحكم بوضعها وتعقبه الحافظ السيوطى بأن خير الابدال صحيح وان شئت قلت متواتر وأطال ثم قال مثل هذا بالغ حد التواتر المعنوى بحيث يقطع بصحة وجود الابدال ضرورة أهـ (قال السخاوى) خبر الابدال له طرق بألفاظ مختلفة كلها ضعيفة ثم ساق الأحاديث المذكورة هنا ثم قال واضح ما ذكر فيها خبر أحمد عن على مرفوعا الابدال يكونون بالشام وهم أربعون رجلا كلما مات رجل ابدل الله مكانه رجلا يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الاعداء ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب ثم قال السخاوى رجال الصحيح رجاله؛ غير شريح بن عبيد وهو ثقة أهـ (وقال شيخه) الحافظ بن حجر فى فتاويه الابدال وردت فى عدة أخبار منها ما يصح ومالا، واما القطب فورد فى بعض الآثار وأما الغوث بالوصف المشتهر بين الصوفية فلم يثبت والله أعلم (1) (سنده) حدّثنا الحكم بن نافع ثنا اسماعيل بن عباس عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد

-[قول النبى صلى الله عليه وسلم إن الله اطلع على أهل بدر فقال افعلوا ما شئتم]- وعليه الحوتكية (1) فيقول لو تعلمون ما ذخر لكم (2) ما حزنتم على ما زوى عنكم وليفتحن لكم فارس والروم (باب فضل من شهد بدرا والحديبية (3) من الصحابة رضى الله عنهم) (عن أبى هريرة) (4) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ان الله عز وجل اطلع على اهل بدر (5) فقال اعلموا ما شئتم فقد غفرت لكم (6) (عن جابر) (7) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يدخل النار رجل شهد بدرا والحديبية (8) (عن رافع بن خديج) (9) قال ان جبريل أو ملكا جاء إلى

_ قال قال العرباض بن سارية كان النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) بفتح الحاء المهملة والتاء المثناة فوق بينهما واو ساكنة وكسر الكاف وفتح الياء التحية مشددة، قيل هى عمامة يتعممها الأعراب يسمونها بهذا الاسم، وقيل هو مضاف إلى رجل يسمى حوتكا كان يتعمم هذه العمة (نه) (2) بضم الذال المعجمة وكسر الخاء أى ما أعده الله الله لكم فى المستقبل من النعيم والثواب العظيم (ما حزنتم على ما روى عنكم) اى ما نحى عنكم من متاع الدنيا (وليفتحن لكم فارس الروم) فيغنيكم الله من فضله ويعوضكم ما فقدتم من متاع الدنيا (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله وثقوا أهـ (قلت) وروى الترمذى بسنده عن فضالة بن عبيد قال النبى صلى الله عليه وسلم إذا صلى بالناس خر رجال من قامتهم فى الصلاة من الخصاصة أى الجوع وهم أصحاب الصفة حتى يقول الاعراب هؤلاء مجانين فاذا صلى اليهم فقال لو تعلمون ما لكم عند الله لأحببتم أن تزدادوا حاجة وفاقه (مذ) وقال حسن صحيح (باب) (3) أصحاب الحديبية هم الذين بايعوا النبى صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة وهم الذين قال الله عز وجل فيهم (لقد رضى الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما فى قلوبهم فانزل السكينة عليهم وأنابهم فتحا قريبا) (4) (سنده) حدّثنا يزيد أنا جماد بن سلمة عن عاصم بن أبى النجود عن أبى صالح عن أبى هريرة الخ (غريبه) (5) يعنى الذين حضروا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى غزوة بدورهم ثلاثمائة وثلاثة أو أربعة عشر يعنى نظر الله اليهم نظر رحمة وعطف وقد ارتقوا إلى مقام يقتضى الانعام عليهم بمغفرة ذنوبهم السابقة واللاحقة (6) أى سترت ذنوبكم فلا اؤاخذكم بها لصدق نيتكم فى الجهاد وبذلكم مهجكم فى الله تعالى ونصر دينه والمرا دالتنويه باكرامهم والاعلام بتشريفهم واعظامهم لا الترخيص لهم فى كل شئ فعلوه كما يقول للمحب افعل ما شئت أو هو على ظاهره والخطاب لقوم منهم على انهم لا يقارفون بعد بدرا ذنباً، وان فارقوه لم يصروا بل يوقفون لتوبة نصوح فليس فيه تخيرهم فيما شاءوا والا لما كان اكابرهم بعد ذلك اشد خوفاً وحذرا مما كانوا قبله، وبذلك سقط ما قيل سقط ما قيل ان هذا من المشكل لأنه اباحة مطلقة وهو خلاف عقد الشرع (تخريجه) (دك) وصححه الحاكم واقره الذهبى ورواه البخارى بلفظ (لعل الله اطلع على اهل بدر) فقال الخ قالوا والترجى فى كلام الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم للوقوع والله اعلم (سنده) حدّثنا سليمان بن داود ثنا ابو بكر بن عياش حدّثنى العمش عن ابى سفيان عن جابر الخ (7) اى صلح الحديبية قال الحافظ وهذه بشارة عظيمة لم تقع لغيرهم (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد من حديث جابر قال الحافظ اسناده على شرط مسلم (8) (سنده) حدّثنا وكيع ثنا سفيان عن يحيى بن سعيد عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج

-[فضل أهل بدر والحديبية]- النبي صلى الله عليه وسلم فقال ما تعدون من شهد بدرا فيكم قالوا خيارنا قال كذلك هم عندنا خيارنا من الملائكة (1) (عن حفصة) (2) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم انى لأرجو ان لا يدخل النار إن شاء الله أحد شهد بدرا والحديبية قالت فقلت اليس الله عز وجل يقول وان منكم الا واردها (3) قالت فسمعته يقول ثم ننجى الذين اتقوا ونذر الظالمين فيها جثيا (عن أبى سعيد الخدرى) (4) ان النبى صلى الله عليه وسلم لما كان يوم الحديبية قال لا توقدوا نارا بليل قال (5) فانما كان بعد ذاك قال أوقدوا واصطنعوا فانه لا يدرك قوم بعدكم صاعكم ولا يدكى (6) (عن أم مبشر) (7) امرأة زيد بن حارثة قالت جاء غلام حاطب (8) فقال والله لا يدخل حاطب الجنة (9) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبت قد شهد بدرا والحديبية (10) (عن جابر بن عبد الله) (11) عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه

_ الخ (غريبه) (1) يعنى الملائكة الذين شهدوا بدرا خيار الملائكة ايضا (تخريجه) (جه) قال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه اخرجه البحارى فى باب من شهد بدراً من حديث يحى بن سعيد عن معاذ ابن رفاعة بن رابع عن ابيه، فان كان محفوظا فيجوز ان يكون ليحى شيخان فإن الجميع ثقات (2) (سنده) حدّثنا ابو معاوية قال ثنا الأعمش عن ابى سفيان عن جابر عن أم مبشر عن حفصة (يعنى زوج النبى صلى الله عليه وسلم) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (3) روى ابن جرير عن عبد الله بن مسعود قال (وان منكم الا واردها) قال الصراط على جهنم مثل حد السيف فتمر الطبقة الأولى كالبرق والثانية كالريح والثالثة كأجود الخيل والرابعة كأجود البهائم ثم يمرون والملائكة يقولون اللهم سلم سلم قال الحافظ بن كثير فى تفسيره ولهذا شواهد فى الصحيحين وغيرهما من رواية انس وابى سعيد وابى هريرة وجابر وغيرهم من الصحابة رضى الله عنهم (وفى رواية ثم يناديها مناد ان امسكى اصحابك ودعى اصحابى قال فتخسف بكل ولى لها هى اعلم بهم من الرجل بولده ويخرج المؤمنون ندية ثيابهم) والله أعلم (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد واورده الحافظ بن كثير فى تفسيره وعزاه للامام احمد فقط وسنده جيد وله شواهد تؤيده (4) (سنده) حدّثنا يحى عن محمد بن ابى يحى قال حدّثنى ابى ان ابا سعيد الخدرى حدثه ان النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) الظاهر ان النبى صلى الله عليه وسلم نهاهم عن ذلك خوفا من رؤية العدو إياهم فلما امن من العدو تم الصلح قال لهم اوقودوا (يعنى ناركم) (واصطنعوا) يعنى طعامكم (6) فيه منقبة عظيمة لأصحاب الحديبية وفضل كبير (تخريجه) (ك) وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (قلت) واقره الذهبى فقال صحيح (7) (سنده) حدّثنا معاوية بن عمرو قال ثنا زائدة عن سليمان عن أبى سفيان عن جابر عن أم مبشر الخ (8) يعنى ابن بلتعه رضى الله عنه (9) الظاهر أن الغلام قال ذلك حينما علم أن حاطبا كتب إلى أهل مكة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوهم ولذلك قال عمر رضى الله عنه للنبى صلى الله عليه وسلم ألا أضرب رأس هذا يعتى حاطبا فقال له النبى صلى الله عليه وسلم أتقتل رجلا من أهل بدر وما يدريك لعل الله عز وجل قد اطلع على أهل بدر فقال اعلموا ما شئتم (10) يستفاد منه أن حاطبا من أهل الجنة رضى الله عنه وتقدمت قصته مبسوطة فى باب ما يفعل بالجاسوس إذا كان مسلما الخ من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر ص 11 رقم 311 وفى الباب الأول من أبواب غزوة الفتح أعنى فتح مكة فى الجزء الحادى والعشرين ص 148 رقم 363 (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه (حم طب) ورجالهما رجال الصحيح (11) (عن جابر بن عبد الله الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه

-[قول النبي صلى الله عليه وسلم لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة]- قال لا يدخل النار أحد ممن بايع تحت الشجرة (عن البراء بن عازب) (1) قال كنا نتحدث أن عدة أصحاب طالوت يوم جالوت ثلاثمائة وبضعة عشر الذين جازوا معه النهر قال ولم يجاوز معه النهر إلا مؤمن (عن بلال العبسى) (2) قال قال حذيفة ما أخبيه بعد أخبيه كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ببدر ما يدفع عنهم ما يدفع عن أهل هذه الأخبية (3) ولا يريد بهم قوم سوءًا إلا أتاهم ما يشغلهم عنهم (باب ما جاء فى مدة حياة الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين وأمور تاريخية تتعلق بهم وبغيرهم) (عن جابر) (4) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل موته بقليل أو بشهر ما من نفس منفوسة (5) أو ما منكم من نفس اليوم منفوسة يأتى عليها مائة سنة وهى يومئذ حية (6) (عن نعيم بن دجانة) أنه قال دخل أبو

_ في باب ما جاء فى بيعة الرضوان فى الجزء الحادى والعشرين ص 108 رقم 317 (سنده) (1) (عن البراء بن عازب الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب عدد من جاوز النهر مع طالوت فى الجزء العشرين ص 115 رقم 70 (2) (سنده) حدّثنا محمد بن عبيد ثنا يوسف يعنى ابن صهيب عن موسى بن أبى المختار عن بلال العبسى الخ (وله طريق ثانية عند الامام أحمد) قال حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا شعبة بن اوس عن بلال العبسى عن حذيفة (يعنى ابن اليمان) قال ما أخيبه بعد أخيبه كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثر يدفع عنها من المكروه أكثر من أخيبه وضعت فى هذه البقعة وقال انكم اليوم معشر العرب لتأتون أمورا إنها لفى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم النفاق على وجهه (غريبه) (3) الأخيبة جمع خباء وهو أحد بيوت العرب من وبر أو صوف ولا يكون من شعر ويكون على عمودين أو ثلاثة (نه) ولعل المراد أهل هذه الأخيبة هكذا فى هذا الطريق (ما يدفع عنهم ما يدفع عن أهل هذه الأخيبة) وجاء فى الطريق الثانية بلفظ (كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم اكثر يدفع عنها من المكروه أكثر من أخيبة وضعت فى هذه البقعة) فقوله فى الطريق الثانية (لأكثر) اى الذين كانوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من الذين تخلفوا وقوله (يدفع الله عنها من المكروه) أى يدفع عن الأخيبة التى كانت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من المكروه اكثر من الأخيبة التى وضعت فى هذه البقعة يشير إلى مكان تخلف فيه المنافقون ومن وافقهم ولذلك قال حذيفة انكم اليوم معشر العرب لتأتون أمورا انها لفى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم النفاق على وجهه (تخريجه) لم اقف عليه لغير الامام احمد وسنده جيد وفيه مدح لمن حضر بدرا مع النبى صلى الله عليه وسلم وذم لمن تخلف عنه والله أعلم (باب) (4) (سنده) حدّثنا محمد بن ابى عدى عن سليمان يعنى التيمى عن ابى نضرة عن جابر (يعنى ابن عبد الله) الخ (غريبه) (5) أى مولودة وفيه احتراز من الملائكة (6) قال ابن بطال انما اراد رسول الله صلى الله عليه وسلم ان هذه المدة تخترم الجيل الذى هم فيه فوعظهم بقصر اعمارهم واعلمهم ان اعمارهم ليست كأعمار من تقدمهم من الامم ليجتهدوا فى العبادة (وقال النووى) ما معناه قل عمره قبل ذلك ام لا وليس فيه نفى حياة أحد يولد بعد تلك الليلة مائة سنة والله اعلم (تخريجه) (م وغيره)

-[ما جاء فى مدة حياه الصحابة رضوان الله عليهم]- مسعود عقبة بن عمرو الأنصارى (1) على على بن أبى طالب فقال له (2) أنت الذى تقول لا ياتى على الناس مائة سنة وعلى الأرض عين تطرف (3) انما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا ياتى على الناس مائة سنة وعلى الارض عين تطرف ممن هو حى اليوم (4) والله ان رجاء هذه الامة (5) بعد مائة عام (عن عبد الله ابن عمر) (6) قال صلى النبى صلى الله عليه وسلم صلاة العشاء فى آخر حياته فلما قام قال ارأيتكم (7) ليلتكم هذه فان رأس مائة سنة منها لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد قال عبد الله فوهل (8) الناس فى مقالة النبى صلى الله عليه وسلم تلك الى ما يجدثون من هذه الأحاديث عن مائة سنة فانما قال النبى صلى الله عليه وسلم لا يبقى ممن هو اليوم على ظهر الأرض أحد يريد أنه ينخرم (9) ذلك القرن (حدثنا حسن) (10) ثنا ابن لهيعة ثنا زهرة ابو عقيل القرشى أن جده عبد الله بن هشام احتلم فى زمان رسول الله صلى الله عليه وسلم ونكح النساء (11) (عن الزهرى) (12) حدّثنى محمد بن ليبد (13) أنه عقل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعقل مجة مجها النبى صلى الله عليه وسلم (وفى لفظ فى وجهه) من دلو كانت

_ (1) (سنده) حدّثنا محمد بن سابق حدثنا ابراهيم بن ظهمان عن منصور عن المنهال بن عمرو بن نعيم ابن دجانة الخ (غريبه) (2) اى قال على رضى الله عنه لأبى مسعود انت الذى تقول الخ (3 اى تتحرك (4) احترز به عمن يولد بعد تلك الليلة فانه لو عاش اكثر من مائة سنة لا ينافى الحديث (5) جاء من طريق أخرى لعبد الله بن الامام أحمد من حديث على أيضاً (وانما رخاء هذه وفرجها بعد المائة) يريد والله أعلم كثرة الفتوح والغنائم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد من حديث على وسندع صحيح ورجاله ثقات (6) (سنده) حدّثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهرى حدثنا سالم بن عبد الله بن عمر وأبو بكر بن أبى حتمة ان عبد الله بن عمر قال صلى النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (7) قال فى النهاية رأيت ورأيتكم وأرأيتكما، وهى كلمة تقولها العرب عند الاستخيار بمعنى أخبرنى وأخبرنى وأخبرونى وتاؤها مفتوحة أبداً (وقال الحافظ) هو بفتح التاء المثناة لأنها ضمير المخاطب والكاف ضمير ثان لا محل لها من الاعراب والهمزة الأولى للاستفهام والرؤية بمعنى العلم او البصر والمعنى اعلمتهم أو أبصرتم ليلتكم وهى منصوبة على المفعولية والجواب محذوف تقديره نعم قال فاضبوطها (8) بفتح الهاء أى غلطوا يقال وهل من باب ضرب أى غلط وذهب وهمه إلى خلاف الصواب (9) أى ينقطع وينقضى (تخريجه) (ق، وغيرهما) (وفى الباب) عن أبى سعيد قال لما رجع النبى صلى الله عليه وسلم من تبوك سألوه عن الساعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تأتى مائة سنة وعلى الأرض نفس منفوسة اليوم رواه مسلم (سنده) (10) حدّثنا حسن الخ (غريبه) (11) المقصود من هذا الاثر أن عبد الله بن هشام ادرك النبىصلى الله عليه وسلم واحتلم فى زمنه ونكح النساء (تخريجه) لمأقف عليه لغير الامام أحمد وسنده جيد وجاء عند أبى داود عن عبد الله بن هشام وكان قد أدرك النبى صلى الله عليه وسلم وذهبت به أمه زينب بنت حميد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله بايعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هو صغير فمسح رأسه ودعا له بالبركة (خ د) (12) (سنده) حدّثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهرى الخ (غريبه) (13) ترجم له الامام أحمد بمحمود بن لبيد

-[بعض من أدرك النبى صلى الله عليه وسلم وهو صبى]- في دارهم (عن السائب بن يزيد) (1) قال حج بى أبى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين (عن سهل بن سعد الساعدى) (2) أنه شهد النبى فى المتلاعنين فتلاعنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنا ابن خمس عشرة سنة (عن أبى سعيد الخدرى) (3) عن النبى صلى الله عليه وسلم يتوضأ إذا جامع وإذا أراد أن يرجع قال سفيان أبو سعيد ادرك الحرة (حدثنا قرَّان) (4) بن تمام عن ابن أبى ذئب عن مخلد بن خفاف عن عروة عن عائشة رضى الله عنها قالت قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الغلة بالضمان قال عبد الله قال أبى سمعت من قران بن تمام فى سنة احدى وثمانين ومائة، وكان ابن المبارك باقيا وفيها مات ابن المبارك (عن شرحبيل بن مسلم الخولانى (5) قال رأيت سبعة نفر خمسة قد صحبوا النبى صلى الله عليه وسلم واثنين قد اكلا الدم فى الجاهلية (6) ولم يصحبا النبى صلى الله عليه وسلم فاما اللذان لم يصحبا النبى صلى الله عليه وسلم فأبو عقبة الخولانى وأبو صالح الأنماري (7)

_ أو محمود بن ربيع وذكر خذيمة أن محمود بن الربيع هو محمود بن لبيد وأنه محمود بن الربيع بن لبيد نست لجده وجاء هذا الحديث عند البخارى وابن ماجه باسم محمود بن الربيع وهذا يثبت أن محمود ابن الربيع له صحبة (تخريجه) (خ جه) (1) (سنده) حدّثنا قتيبة بن سعيد ثنا حاتم بن اسماعيل عن محمد يعنى ابن يوسف عن السائب بن يزيد الخ (تخريجه) (خ مذ) وفيه دلالة على أن السائب بن يزيد من الصحابة (2) (عن سهل بن سعد الساعدى) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب تحديد الزمان والمكان الذى حصل فيه اللعان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الجزء السابع عشر ص 34 رقم 63 (3) (عن ابى سعيد الخدرى الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الفصل الثانى من باب ما يفعل الجنب إذا أراد النوم الخ فى الجزء الثانى ص 142 رقم 480 (4) (حدثنا قران) الخ هذا الحديث تقدم من طريق آخر عن عائشة أيضا وتقدم شرح قوله صلى الله عليه وسلم الغلة بالضمان هناك وتقدم تخريجه هناك أيضا وهو حديث صححه الحاكم والترمذى وغيرهما (5) (سنده) حدّثنا أبو المغيرة قال ثنا ابن عباش قال حدّثنى شرحبيل بن مسلم الخولانى الخ (غريبه) (6) يعنى الدم المسفوح الذى حرمه الله تعالى بقوله (حرمت عليكم الميتة والدم الآية) وذلك أنهم كانوا فى الجاهلية يجمعون الدم المسفوح ويشربونه وما أحسن ما أنشد الأعشى فى قصيدته التى ذكرها ابن اسحاق (واياك والميتان لا تقربنها * ولا تأخذن عظما حديداً فتفصدا) أى لا تفعل فعل الجاهلية وذلك أن أحدهم كان إذا جاع يأخذ شيئاً محدداً من عظم ونحوه فيفصد به بعيره أو حيوانا من أى صنف كان فيجمع ما يخرج منه من الدم فيشربه لهذا حرم الله الدم على هذه الأمة ثم قال الأعشى (وذا النصب المنصوب لا تأتينه * ولا تعبد الأوثان والله فاعبدا) (7) اختلف العلماء فى صحبة أبى عبة فبعضهم قال ليست له صحية وبعضهم قال ان له صحبة وروى عن النبى صلى الله عليه وسلم ولذلك ذكره الحافظ فى الاصابة فى القسم الأول أما أبو فالح فلا صحبة له ولذلك ذكره الحافظ فى القسم الثالث من الاصابة والله أعلم (تخريجه) لم أقف على هذا الأثر لغير الامام أحمد وأورده الحافظ فى الاصابة فى ترجمة أبى فالح وعزاه للامام أحمد فقط

-[قول أبي رضي الله عنه إنى تلقيت القرآن من تلقاه من جبريل الخ]- (أبواب ذكر فضائل بعض الصحابة (رضى الله عنهم)) (متفرقين مرتبة اسماؤهم على حروف المعجم "حرف الهمزة") (باب ما جاء فى أبى بن كعب رضى الله عنه) (حدثنا مؤمل) (1) ثنا سفيان ثنا اسلم المنقرى عن عبد الله بن ابزى عن أبيه عن أبى بن كعب قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبى أمرت أن اقرأ عليك سورة كذا وكذا (2) قال قلت يا رسول الله وقد ذكرت هناك (3) قال نعم فقلت له يا أبا المنذر 4) ففرحت بذلك؟ قال وما يمنعنى والله تبارك وتعالى يقول (قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا هو خير مما يجمعون) قال مؤمل قلت لسفيان هذه القراءة فى الحديث (5) قال نعم (عن ابى سعيد الخدرى) (6) قال قال رجل لرسول الله صلى الله عليه وسلم ارأيت هذه الأمراض الى تصيبنا مال لنا بها؟ قال كفارات قال ابى وان قلت؟ قال وان شوكة فما فوقها قال فدعا ابى على نفسه ان لا يفارقه الوعك حتى يموت فى ان لا يشغله عن حج ولا عمرة ولا صلاة مكتوبة فى جماعة فما مسه انسان الا وجد حره حتى مات (عن انس بن مالك) (7) ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابى بن كعب ان الله امرنى ان اقرا عليك (لم يكن الذين كفروا) قال وسمانى لك قال نعم فبكى (عن ابن عباس) (8) ان ابيا قال لعمر رضى الله عنه يا أمير المؤمنين انى تلقيت القرآن ممن تلفاه (وفى لفظ (9) ممن يتلقاه) من جبريل عليه السلام وهو رطب (4)

_ (باب) (1) حدّثنا مؤمل الخ (قلت) وله طريق أخرى عند الامام أحمد قال حدثنا يحيى بن سعيد عن اجلح ثنا عبد الله بن عبد الحميد بن ابزى عن أبيه عن أبى بن كعب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الله تبارك وتعالى أمرنى أن اعرض القرآن عليك قال وسمانى لك ربى تبارك وتعالى قال بفضل الله وبرحمته فبذلك فلتفرحوا هكذا قرأها أبى (يعنى بالتاء) (غريبه) (2) الظاهر أنها سورة يكن الذين كفروا كما سيأتى فى حديث أنس (3) يعنى ذكرنى الله عز وجل (3) القائل فقلت له يا أبا المنذر هو عبد الله بن ابزى راوى الحديث عن أبى (4) يعنى جاءت فى لفظ الحديث بالتاء قال نعم، (قلت) الامام البغوى فى تفسيره قرأ أبو جعفر وابن عامر فليفرحوا بالياء وتجمعون بالتاء وقرأ يعقوب كليهما بالتاء ووجه هذا القراءة ان المراد فبذلك فليفرح المؤمنون فهو خير ما يجمعونه من الأموال (تخريجه) (ك) وابن عساكر وصححه الحاكم وأقره الذهبى (6) (عن أبى سعيد) الخ هذا حديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الجزء التاسع عشر فى باب الترغيب فى الصبر على المرض مطلقا ص 133 رقم 26 (1) (عن أنس بن مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب تفسير سورة لم يكن الذين كفروا فى الجزء الثامن عشر ص 331 رقم 500 وهو حديث صحيح رواه (ق مذ نس عل ك) (2) (سنده) حدّثنا هشام بن عبد الملك وعفان قالا ثنا أبو عوانة عن الأسود بن قيس قال عفان فى حديثه ثنا الأسود بن قيس عن نبيح عن ابن عباس الخ (غريبه) (3) هذا اللفظ لعفان أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث (4) أى طرى وهو الذى لم يتغير أراد طريقه فى القراءة وهيئته فيها وفى النهاية يعنى رطبا أى لينا لاشده في صوت

-[قول النبى صلى الله عليه وسلم أسامة أحب الناس الى الخ]- (عن الجارود بن أبى سبرة) (1) عن أبى بن كعب رضى الله عنه أن رسول الله صلى بالناس فترك آية (2) فقال أيكم أخذ على شيئًا من قراءتى فقال أبى أنا يا رسول الله، تركت آية كذا وكذا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قد علمت ان كان أحد أخذها على فانك أنت هو (3) (عن عبد الله بن رباح) (4) عن أبى كعب أن النبى صلى الله عليه وسلم سأله أى آية فى كتاب الله أعظم قال الله ورسوله أعلم فرددها مرارا ثم قال ابنى آية الكرسى قال ليهنك العلم أبا المنذر والذى نفسى بيده ان لها لسانا وشفتين تقدس الملك عند ساق العرش (باب ما جاء فى فضل أسامة بن زيد رضى الله عنهما) (حدثنا يحيى بن آدم) (5) ثنا زهير عن موسى بن عقبة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما ان رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أمر أسامة بلغه أن الناس يعيبون أسامة ويطعنون فى إمارته فقام كما حدّثنى سالم فقال انكم تعيبون أسامة وتطعنون فى إمارته وقد فعلتم ذلك فى أبيه من قبل وان كان لخليقا للامارة وان كان لأحب الناس كلهم الى وأن ابنه هذا بعده من أحب الناس الى فاستوصوا به خيرًا فانه من خياركم (عن ابن عمر رضى الله عنهما) (6) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أسامة احب الناس الى ما حاشا فاطمة ولا غيرها (7)

_ قارئه (تخريجه) (ك ص) وابن عساكر وصححه الحاكم وأقره الذهبى (1) (سنده) حدّقنا عبد الرحمن بن مهدى وأبو سلمة الخواعى قالا ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن الجارود بن أبى سبرة عن أبى بن كعب قال الخزاعى فى حديثه قال أبى بن كعب وحدقنا عبد الله بن أحمد حدثناه ابراهيم بن الحجاج ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن الجارود بن أبى شبرة عن ابى بن كعب الخ (غريبه) (2) اى سهوا ثم نذكر بعد فقال أيكم أخذ على شيئاً من قراءتى يعنى من منكم تفطن لتركى الآية (3) انما قال ذلك صلى الله عليه وسلم لأنه يعلم أن أبيا كان متقنا للقراءة حافظا لكتاب الله عز وجل (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الامام أحمد ورواه الامام أحمد باستادين وكلاهما صحيح ويؤيده حديث عبد الرحمن ابن ابزى أن النبى صلى الله عليه وسلم صلى فى الفجر فترك آية فلما صلى افى القوم ابى بن كعب قال أبى يا رسول الله نسخت آية كذا أو نسيتها؟ قال نسيتها وتقدم هذا الحديث فى الجزء الثالث فى باب حكم ما يطرء على الامام فى القراءة وبحكم الفتح عليه ص 238 رقم 602 (عن عبد الله بن رباح الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الجزء الثانى عشر ص 93 رقم 198 فارجع اليه وهو حديث صحيح أخرجه (م دك ش) وغيرهم (باب) (5) (حدثنا يحى بن آدم الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى تجهيز جيش إلى الشام بإمارة أسامة بن زيد فى الجزء الحادى والعشرين ص 221 رقم 473 وله طريق ثانية عند الامام أحمد مثل هذه وزاد بعد قولهفانه من خياركم قال سالم ما سمعت عبد الله يحدث هذا الحديث قط إلا قال ما حاشا فاطمة اى ما استثنى فاطمة فما نافية وسيأتى الكلام على ذلك فى شرح الحديث التالى (6) (سنده) حدّثنا عبد الصمد حدثنا حماد عن موسى بن عقبة عن سالم عن ابن عمر الخ (غريبه) (7) قال ابن هشام فى المغنى حاشا على

-[دعاء النبى صلى الله عليه وسلم لأسامة بن زيد وحبه له]- (وعن أسامة بن زيد) (1) قال لما ثقل (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم هبطت (3) وهبط الناس معى إلى المدينة (4) فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد أصمت فلا يتكلم (5) فجعل يرقع يديه إلى السماء ثم يصبها على (6) أعرف أنه يدعولى (حدثنا عارم) (7) بن الفضل ثنا معتمر عن أبيه قال سمعت أبا تميمة (8) يحدث عن أبى عثمان النهدى يحدثه أبو عثمان عن أسامة بن زيد قال كان نبى الله صلى الله عليه وسلم يأخذنى فيقعدنى على فخذه ويقعد الحسن بن على على فخذه الأخرى ثم يضمنا ثم يقول اللهم أرحمهما فانى أرحمهما (وفى رواية اللهم انى أحبهما فاحبهما) قال أبى قال علي بن المديني

_ ثلاثة أوجه احدها ان يكون فعلا متعديا متصرفا، تقول حاشيته بمعنى استثنيته ومنه الحديث انه عليه الصلاة والسلام قال اسامة احب الناس إلى ما حاشا فاطمة ما نافية، والمعنى انه عليه الصلاة والسلام لم يستتن فاطمة وتوهم ابن مالك انها المصدرية وحاشا الاستثنائية بناءا على انه من كلامه عليه الصلاة والسلام فاستدل به على انه قد يقال قام القوم ما حاشا زيدا كما قال (رايت الناس ما حاشا قريشا * فانا نحن افضلهم فعالا) ويرده ان فى معجم الطبرانى ما حاشا فاطمة ولا غيرها، وهذا الذى نقله ابن هشام عن الطبرانى يوافق رواية المسند هنا وكلاهما واضح صريح، ويؤيده صحة اللفظ الذى هنا ان الذهبى نقله فى تاريخ الاسلام فى ترجمة اسامة بن زيد قال وقال موسى بن عقبة وغيره عن سالم عن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم احب الناس الى اسامة ما حاشا فاطمة ولا غيرها، وورى ابن سعد فى الطبقات قصة أمارة اسامة كنحو الحديث السابق من طريق زهير عن موسى بن عقبة وفى آخره قال سالم ما سمعت عبد الله يحدث هذا الحديث قط إلا قال ما حاشا فاطمة واصرح من ذلك كله ما رواه الطيالسى فى سنده عن سالم عن ابيه قال ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اسامة احب الناس الى ولم يستثن فاطمة ولا غيرها، لكن نقل الهيثمى فى مجمع الزوائد نحوه ايضا وفى آخره وكان ابن عمر يقول حاشا فاطمة وقال الهيثمى رواه ابو يعلى ورجاله رجال الصحيح، وهذه الرواية التى فى ابى يعلى متناقضة فى ظاهرها مع رواية المسند هنا ومع رواية ابن سعد فان ظاهرها استثناء فاطمة من ان اسامة احب الناس كلهم الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورواية المسند والروايات الأخرى تدل على الكلام عام وان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستثن فاطمة ولا غيرها ولعل رواية ابى يعلى فيها خطأ من راو او من ناسخ او هى رواية شاذة تخالف سائر الروايات والله اعلم (تخريجه) (طب ظل عل) وابن عبد البر فى الاستيعان وابن سعد فى الطبقات وسنده صحيح ورجاله ثقات (1) (سنده) حدّثنا محمد بن اسحاق حدّثنى سعيد بن عبيد بن السباق عن محمد بن اسامة بن زيد عن ابيه اسامة بن زيد الخ (غريبه) (2) اى ضعف واثقله المرض (3) أى نزلت من مسكنى الذى كان فى عوالى المدينة (4) يعنى الصحابة الذين يسكنون معه فى عوالى المدينة، قيل انما قال هبطت لأنه كان يسكن العوالى والمدينة من أى جهة توجهت اليها صح فيها الهبوط لأنها واقعة فى غائط من الأرض ينحدر اليها السيل وأطرافها ونواحيها من الجوانب كلها مستعلية عليها (5) على بناء المفعول من الاصمات، يقال أصمت العليل إذا اعتقل لسانة (6) اى يضعها على كما صرح بذلك فى رواية الترمذى (أعرف أنه يدعو لى) أى لمحبته اياى (تخريجه) (مذ طب) وقال الترمذى هذا حديث حسن غريب (7) (حدثنا عارم الخ) (غريبه) (8) اسمه طريف بن مجالد قال في الخلاصة

-[ما جاء في فضل أسيد بن ضير رضى الله عنه]- هو السلمي من عزة الى ربيعة يعنى أبا تميمة السلمى (عن الشعبى) (1) قال قالت عائشة لا ينبغى لأحد أن يبغض أسامة بعدما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كان يحب الله عز وجل ورسوله فليحب أسامة (وعن عاشة) (2) رضى الله عنها أن أسامة بن زيد رضى الله عنهما عثر باسكفة (3) أو عتبة الباب فشجع فى جبهته (وفى رواية فدمى) فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم أميطى عنه أو نحى عنه الاذى (4) قالت فتقذرته قالت فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمصه (5) ثم يمجه وقال رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم لو كان أسامة جارية لسكوته وحليته حتى أنفقه (6) (باب ما جاء فى فضل أسيد بن حضير رضى الله عنه) (عن أنس) (7) أن أسيد بن حضير ورجلا آخر (8) من الأنصار تحدثا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فى حاجة لهما حتى ذهب من الليل ساعة وليلة شديدة الظلمة ثم خرجا من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ينقلبان (9) وبيد كل واحد منهما عصيه فأضاءت أحدهما لهما حتى مشيا فى ضوئها حتى إذا فترق بهما الطريق أضاءت للآخر

_ ظريف بن مجالد الهيجمى بضم الهاء وفتح الجيم أبو تميمة البصرى عن أبى هريرة وأبى موسى وابن عمر وأبى عثمان الهندى وعنه بكر المزنى وقتادة وسليمان التيمى وخالد الحذاء وثقه ابن معين قال عمرو بن على مات سنة خمس وتسعين أهـ قلت جاء فى آخر هذا الحديث قال عبد الله بن الامام أحمد قال أبى قال على بن المدينى هو السلمى من عنزة إلى ربيعة يعنى أبا تميمة السلمى (خ س عل) (1) (سنده) حدّثنا حسبن بن على عن زائدة عن مغيرة عن الشعبى الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده صحيح وأورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح أهـ (قلت) وجاء عند مسلم من حديث فاطمة بنت قيس مرفوعا بلفظ (من احبنى فليحب اسامة) (2) (سنده) حدّثنا حجاج قال أنا شريك عن العباس بن ذريح عن البهى عن عائشة الخ (غريبه) (3) قال فى المصباح اسكفه الباب بضم الهمزة عتبته العليا. وقد تستعمل فى السفلى واقتصر فى التهذيب ومختصر العين عليها فقال الأسكفة عتبة الباب التى يوطأ عليها والجمع اسكفات أهـ (قلت) والمراد هنا عتبة الباب التى يوطأ عليها (وأو) للشك من الراوى يشك هل قال اسكفة الباب أو عتبة الباب والمعنى واحد (4) يعنى الدم الذى سال من الجرح (5) أى بفمه الشريف ثم يمجه حتى لم يبق من أثر الدم شئ وهذا من تواضعه وكرم أخلاقه صلى الله عليه وسلم (6) أى حتى يرغب الناس خطبته والزواج به لأن أسامة كان أسود لا يرغب فيه إذ كان جارية إلا بالكسوة الجميلة والحلية العظيمة ويؤيد ذلك التفسير ما رواه أبو يعلى وابن عساكر عن عائشة قالت أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أغسل وجه أسامة بن زيد وهو صبى وما ولدت ولا أعرف كيف يغسل الصبيان فأخذته فغسلته غسلا ليس بذلك، فأخذه فجعل يغسل وجهه ويقول لقد أحسن بنا إذ لم تكن جارية ولو كنت جارية لحليتك وأعطيتك (تخريجه) (ش) وابن سعد وفى إسناده البهى لم أقف له على ترجمة وبقية رجاله ثقات (7) (سنده) حدّثنا عبد الرازق أنا معمر عن ثابت عن أنس (يعنى ابن مالك) الخ (غريبه) (8) هو عباد بن بشر كما صرح بذلك فى الطريق الثانية (9) أي يرجعان إلى

-[بعض مناقب أسيد بن حضير وسعد بن معاذ والأصيرم رضى الله عنهم]- عصاه فمشى كل واحد منهما فى ضوء عصاه حتى بلغ إلى أهله (وعنه من طريق ثان) (1) أن أسيد ابن حضير وعباد بن بشر كانا عند النبى صلى الله عليه وسلم فى ليلة ظلماء حندس (2) فخرجا من عنده فأضاءت عصا أحدهما فجعلا يمشيان فى ضوئها فلما تفرقا أضاءت عصا الآخر وقد قال حماد أيضا فلما تفرقا أضاءت عصا ذا وعصا ذا (عن البراء بن عازب) (3) قال قرأ رجل الكهف وفى الدار دابة فجعلت تنفر فاذا ضبابة أو سحبنة قد غشيته قال فذكر ذلك للنبى صلى الله عليه وسلم فقال اقرأ فلان فانها السكينة تنزلت عند القرآن او تنزلت للقرآن (عن عائشة رضى الله عنها) (4) انها كانت تقول كان سيد بن حضير من أفاضل الناس وكان يقول لو أنى أكون على أحوال ثلاث من أحوالى لكنت (5) حين أقرأ القرآن وحين أسمعه يقرأ، وإذا سمعت خطبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وإذا شهدت جنازة، او ما شهدت جنازة قط فحدثت نفسى بسوى ما هو مفعول بها وما هى صائرة اليه (وعنها أيضا) (6) قالت قدمنا من حج أو عمرة فتلقينا بذى الحليفة وكان غلمان من الأنصار تلقوا أهليهم فلقوا أسيد بن حضير فنعوا له امرأته فنقنع (7) وجعل يبكى قالت فقلت له غفر الله لك أنت صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم ولك من السابقة والقدم ما لك بكى على امراته، فكشف عن رأسه وقال صدقت لعمرى حقى أن لا ابكى على أحد بعد سعد بن معاذ وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قال قالت قلت له ما قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لقد اهتز العرش لوفاة سعد بن معاذ قلت وهو يسير (8) بينى وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم (باب ما جاء فى فضل أصيرم بن عبد الاشهل واسمه عمرو بن ثابت بن ونش رضي الله عنه)

_ بيوتهما (1) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد انا ثابت عن أنس أن أسيد بن حضير الخ (2) أى شديدة الظلمة (تخريجه) (ك) وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) وأقره الذهبى ورواه أيضا البخارى مختصرا (3) (عن البراء بن عازب الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب نزول السكينة والملائكة عند قراءة القرآن فى الجزء الثامن عشر ص 20 رقم 55 فارجع إليه واقرا الحديث الذى بعده هناك تجد ما يسرك وفيه دلالة على فضل أسيد بن حضير رضى الله عنه (4) (سنده) حدّثنا على بن اسحاق ثنا عبد الله بن المبارك انا يحى بن أيوب عن عمارة بن غزية عن محمد بن عبد الله ابن عمرو عن أمه فاطمة إبنة حسين عن عائشة الخ (غريبه) (5) معناه لو أنى أكون فى أحوالى كلها خاشعا متعظا مثل ما أكون على ثلاث من أحوالى لكنت، أى لكنت من أهل الجنة وما شككت فى ذلك كما صرح بذلك فى رواية الحاكم ثم ذكر الأحوال الثلاث التى يكون فيها خاشعا متعظا فقال حين اقرأ القرآن إلى آخر الحديث (تخريجه) (هق ك) وقال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه (ٌلت) وأقره الذهبى (6) (سنده) حدّثنا يزيد بن هارون أنا محمد بن عمرو عن أبيه عن حده علقمة عن عائشة قالت قدمنا من حج الخ (غريبه) (7) اى غطى وجهه (8) جاء عند الحاكم بلفظ وأسيد بن حضير يسير بينى وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (ك) وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه (قلت) لم يتكلم عليه الذهبى بشيء (باب)

-[ما جاء في فضل أنس بن مالك رضى الله عنه]- (عن ابن إسحاق) (1) حدثنى الحصين بن عبد الرحمن بن عمرو بن سعد بن معاذ عن أبى (2) سفيان مولى بن أبى أحمد عن أبى هريرة رضى الله عنه قال كان يقول حدثونى عن رجل دخل الجنة لم يصل فقط فإذا لم يعرفه الناس سألوه من هو فيقول أصيرم بنى عبد الاشهل عمرو بن ثابت بن وقش قال الحصين فقلت لمحمود بن لبيد كيف كان شأن الأصيرم قال كان يأبى الاسلام على قومه فلما كان يوم أحد وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أحد بدا له الاسلام فاسلم فاخذ سيفه فغدا حتى أتى القوم فدخل فى عرض الناس فقاتل حتى أثبتته الجراحة قال فبينما رجال بنى عبد الاشهل يلتمسون قتلاهم فى المعركة إذا هم به فقالوا والله ان هذا للاصيرم وما جاء (3) لقد تركناه وإنه لمنكر هذا الحديث فسألوه ما جاء بك يا عمرو أحربا على قومك أو رغبة فى الاسلام قال بل رغبة فى الاسلام آمنت بالله ورسوله وأسلمت ثم أخذت سيفى فغدوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلت حتى أصابنى قال ثم لم يلبث أن مات فى أيديهم فذكروه لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال غنه لمن أهل الجنة (باب ما جاء فى فضل أنس بن مالك رضى الله عنه) (عن حميد عن أنس) (4) قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أم سليم (5) فاتته لتمر وسمن وكان صائما فقال أعيدوا تمركم فى وعائه وسمنكم فى سقائه ثم قام إلى ناحية البيت فصلى ركعتين وصلينا معه ثم دعا لام سليم ولأهلها بخير فقالت أم سليم يا رسول الله لى خويصه (6) قال وما هى قالت خادمك أنس، قال فما ترك خير آخرة ولا دنيا الا دعالى، ثم قال اللهم أرزقه مالا وولدا وبارك له فيه قال فما فى الأنصار انسان أكثر منى مالا وذكر انه لا يملك ذهبا ولا فضة غير خاتمة (7) قال وذكر أن ابنته الكبرى أمينة أخبرته أنه دفن من صلبه (8) إلى مقدم الحجاج نيفا (9) على عشرين ومائة (عن أم سليم) أنها قالت يا رسول الله أنس خادمك ادع الله له قال فقال صلى الله عليه وسلم اللهم أكثر ماله وولده وبارك

_ (1) (سنده) حدثنا يعقوب بن ابراهيم ثنا أبى عن ابن اسحاق الخ (غريبه) (2) أبو سفيان هو الأسدى مولى ابن أبى احمد هو عبد الله بن أبى أحمد بن جحش (3) اى ما جاء معنا لقتال الكفار لقد تركناه وأنه لمنكر هذا الحديث يعنى حديثنا معه عن الدخول فى الاسلام (تخريجه) أخرجه ابن اسحاق وأبو نعيم فى المعرفة وسنده جيد (باب) (4) (سنده) حدّثنا ابن أبى عدى عن حميد عن انس الخ (غريبه) (5) بضم المهملة هى والدة أنس (6) اى لى عندك حاجة خاصة (7) أى كان قبل ذلك لا يملك شيئا غير خاتمه (8) الظاهر ومن أحفاده فقد جاء عند مسلم (وإن ولدى وولد ولدى يتعادون على نحو المائة اليوم) قال النووى معناه ويبلغ عددهم نحو المائة قال وثبت فى صحيح البخارى أنه دفن من أولاده قبل مقدم الحجاج بن يوسف مائة وعشرين والله أعلم (9) قال فى النهاية كل ما زاد على عقد فهو نيف بالتشديد وقد يخفف حتى يبلغ العقد الثانى (تخريجه) أخرجه الطيالسى مطولا كما هنا والشيخان والترمذى مختصرا وهو من ثلاثيات الامام ورجاله من رجال الستة (10) (سنده) حدّثنا محمد ابن جعفر ثنا شعبه وحجاج حدثن شعبه قال سمعت قتادة يحدث عن أنس بن مالك عن أم سليم أنها

-[قصة خدمة أنس بن مالك للرسول صلى الله عليه وسلم وشئ من تاريخه]- له فيما له أعطيته، قال حجاج (1) فى حديثه قال فقال أنس أخبرنى بعض ولدى (2) انه قد دُفن من ولدى وولد ولدى أكثر من مائة (عن أنس بن سيرين) (3) قال كان أنس بن مالك رضى الله عنه أحسن الناس صلاة فى السفر والحضر (وعنه أيضا) (4) قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة أخذ أبو طلحة يبدى فانطلق بى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ان أنسا غلام كيس فليخدمك قال فخدمته فى السفر والحضر والله ما قال لى لشئ صنعته لم صنعت هذا هكذا ولا لشئ لم أصنعه لم لم تصنع هذا هكذا (وعنه أيضاً) (5) قال أخذت أم سليم بيدى مقدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة فاتت بى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله هذا ابنى وهو غلام كاتب قال فخدمته تسع سنين (6) فما قال لى لشئ صنعته أسأت او بئسما صنعت (وعنه أيضا) (7) قال لقد سقيت النبى صلى الله عليه وسلم بقدحى هذا الشراب كله العسل والماء واللبن (عن ثابت البنانى) (8) عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال خرجت من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم متوجهاً إلى أهلى فمررت بغلمان يلعبون فأعجبنى لعبهم فقمت على الغلمان فانتهى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا قائم على الغلمان فسلم على الغلمان ثم أرسلنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حاجة له فرجعت فخرجت إلى أهلى بعد الساعة التى كنت أرجع إليهم فيها فقالت لى أمى ما حبسك يا بنى فقلت يا أماه انها سر فقالت يا بنى احفظ على رسول الله صلى الله عليه وسلم سره قال ثابت فقلت يا أبا حمزة أتحفظ تلك الحاجة اليوم أو تذكرها؟ قال أى والله (9) وإنى لا أذكرها ولو كنت محدثا بها أحداً من الناس لحدثتك بها يا ثابت (عن أنس بن مالك) (10) قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم

_ قالت الخ (غريبه) (1) حجاج أحد الراويين اللذين روى عنهما الامام أحمد هذا الحديث (2) هى ابنته الكبرى امينة كما صرح بذلك فى الحدي السابق تخريحه) (ق. وغيرهما) (3) (سنده) حدّثنا هشيم أخبرنا خالد عن أنس بن سيرين الخ (قلب) انس بن سيرين هو أخو محمد بن سيرين مولى أنس ابن مالك وهو تابعى ثقة روى له أصحاب الكتب السته (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام احمد وسنده صحيح ورجاله ثقات (4) (سنده) حدّثنا اسماعيل ثنا عبد العزيز بن صهيب عن أنس بن مالك قال لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة الخ (قلت) اسماعيل هو ابن ابراهيم بن مقسم الأسدى من رجال الكتب الستة (تخريجه) (ق. وغيرها) (5) (سنده) حدثنا يزيد انا حميد الطويل عن أنس ابن مالك قال أخذت أم سليم بيدى الخ (غريبه) (6) جاء فى رواية عشر سنين وتقدم الكلام على ذلك فى هذا الجزء فى شرح الحديث رقم 657 ص 30 فارجع اليه (تخريجه) (ق. وغيرهما) (7) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد ثنا ثابت عن انس قال لقد سقيت النبى صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده صحيح ورجاله كلهم ثقات (8) (سنده) حدّثنا يونس ثنا حبيب ابن حجر ثنا ثابت البنانى عن انس بن مالك الخ (غريبه) (9) أقسم أنس أنه يحفظ هذه الحاجة ويذكرها ثم قال ومع أنى أذكرها لا أحدث بها أحداً ولو كنت محدثا بها أحداً الخ (تخريجه) (م طل) (10) (عن أنس بن مالك الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى الباب الأول من أبواب آداب الشرب من كتاب الأشربة فى الجزء السابع عشر ص 107 رقم 14 وهو

-[مناقب أنس بن النضر عم أنس بن مالك رضى الله عنها]- وأنا ابن عشر ومات وأما ابن عشرين (حدثنا معتمر بن سليمان) (1) عن حميد عن أنس عمر مائة سنة غير سنة (2) (باب ما جاء فى أنس بن النضر عم أنس بن مالك رضى الله عنهما) (حدثنا بهز) (1) وحدثنا هاشم قال ثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت قال أنس عمى قال هاشم أنس بن النضر سميت به، لم يشهد مع النبى صلى الله عليه وسلم يوم بدر قال فسق عليه وقال فى أول مشهد شهده رسول الله

_ حديث صحيح رواه (م لك مذك) (حدثنا معتمر بن سليمان) الخ (غريبه) معناه وأكثر من مائة سنة ويؤيد ذلك ما جاء فى المستدرك للحاكم عن محمد بن عبد الله الأنصارى ثنا أبى عن مولى لأنس بن مالك قال قلت لأنس بن مالك شهدت بدراً؟ قال لا أم لك وأين أغيب عن بدر؟ قال الأنصارى خرج أنس مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حين توجه إلى بدر وهو غلام يخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو حاتم قسألنا الانصارى كم كان أنس بن مالك يوم مات فقال ابن مائة وسبع سنين وأقره الذهبى (وجاء فى المستدرك أيضاً) قال الواقدة ثنا ابن أبى ذئب عن اسحاق بن يزيد قال رأيت أنسا محتوما فى عنقه ختمه الحجاج أراد أن يذله بذلك قال أنس قدم النبىصلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر ومات وأنا بن عشرين (وقال أبو نعيم مات (يعنى أنسا) سنة ثلاث وتسعين وأقره الذهبى (وروى الحاكم فى المستدرك أيضاً) من طريق أبى بكر بن عباس عن الأعمش قال كتب أنس بن مالك إلى عبد الملك بن مروان يا أمير المؤمنين إنى قد خدمت محمدا صلى الله عليه وسلم عشر سنين وأن الحجاج يعدنى من حوكة البصرة فقال عبد الملك أكتب إلى الحجاج يا غلام فكتب إليه ويلك قد خشيت أن لا يصلح على يدك احد فإذا جاءك كتابى هذا فقم حتى تعتذر إلى أنس بن مالك وفى المستدرك أيضا عن محمد بن المغيرة قال كان الحجاج يطوف به (يعنى بأنس) فى العساكر أنس إلى عبد الملك أرأيتم لو أتاكم خادم موسى أكنتم تؤذونه فكتب عبد الملك إلى الحجاج ان دعه فليسكن حيثما يشاء من البلاد ولا تعرض له وكتب لأنس أن ليس لأحد عليك سلطان دونى (وروى الترمذى) من طريق أبى خلدة قال قلت لأبى العالية سمع أنس من النبى صلى الله عليه وسلم قال خدمه عشر سنين ودعا له النبى صلى الله عليه وسلم وكان له بستان يحمل فى السنة الفاكهة مرتين وكان فيها ريحان يجد منه ريح المسك، قال الترمذيى هذا حديث حسن غريب، أبو خلدة اسمه خالد بن دينار وهو ثقة عند أهل الحديث وقد أدرك أنس ابن مالك وروى عنه أهـ ولأبى نعيم فى الحلية من طريق حفصة بنت سيرين عن أنس قال وان أرضى لتثمر فى السنة مرتين وما فى البلد شئ يثمر مرتين غيرها (عن ثابت البنانى) قال كنت إذا أتيت أنسا فادخل فآخذ بيديه فأقبلهما وأقول بأبى هاتين اليدين اللتين رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأقبل عينيه وأقول بأبى هاتين العينين اللتين رأتا رسول الله صلى الله عليه وسلم أورده الهيثمى وقال رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن أبى بكر المقدمى وهو ثقة (تأثير وفاته على الناس وتاريخ وفاته رضى الله عنه) (عن قتادة) قال لما مات أنس بن مالك قال مورق العجلى ذهب اليوم تصف العلم، فقيل وكيف ذاك يا أبا المغيرة؟ قال كان رجل من أهل الأهواء إذا خالفنا فى الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قلنا له تعالى الى من سمعه منه أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى ورجاله رجال الصحيح (وعن جرير بن حازم) قال قلت لشعيب بن الحيحاب متى مات أنس بن مالك؟ قال مات سنة تسعين اورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى ورجاله ثقات (باب) (1) (حدثنا بهز الخ) هذا الحديث تقدم مشروحا مخرجا مبينا ما غمض فى سنده فى باب قوله تعالى من (المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه)

-[ما جاء في البراء بن مالك الاسلمى رضى الله عنهما]- صلى الله عليه وسلم غبت عنه لئن أرانى الله مشهداً فيما بعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرين الله ما أصنع قال فهاب أن يقول غيرها، قال فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم احد قال فاستقبل سعد بن معاذ قال فقال له أنس يا أبا عمرو أين؟ واها لريح الجنة أجده دون أحد قال فقاتلهم حتى قتل فوجد فى جسده بضع من ضربة وطعنة ورمية فقالت أخت عمى الربيع بنت النضر فما عرفت أخى إلا ببنانه ونزلت هذه الآية (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) إلى آخرها فكانوا يرون أنها نزلت فيه وفى أصحابه (حرف الباء الموحدة) (باب ما جاء فى البراء بن مالك) (عن أنس بن مالك) (1) عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ألا أخبركم بأهل النار وأهل الجنة؟ أما أهل الجنة فكل ضعيف متضعف أشعث ذى طمرين لو اقسم على الله لأبره وأما أهل النار فكل جمظرى جواظ جماع مناع ذى تبع (باب ما جاء فى بريدة الأسلمى رضى الله عنه) (عن عبد الله بن بريدة) (2) أن أباه غزا مع النبى صلى الله عليه وسلم ست عشرة غزوة (باب ما جاء فى فضل بلال المؤذن رضى الله عنه) (عن أبى هريرة) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بلال حدثنى بأرجى عمل عملته فى الاسلام عندك منفعة فانى سمعت الليلة خشف (4) نعليك بين يدى فى الجنة فقال بلال ما عملت عملا فى الاسلام أرجى عندى إلا أنى لم أتطهر طهوراً تاماً فى ساعة من ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب الله لى أن أصلى (عن بريدة الأسلمى) (5) عن النبى صلى الله عليه وسلم بمعناه وفقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لبلال بم سبقتنى إلى الجنة فقال ما أحدثت إلا توضأت وصليت

_ في سورة الأحزاب فى الجزء الثامن عشر ص 235 رقم 380 فارجع اليه وفيه منقبه عظيمة لانس ابن النصر رضى الله (حرف الباء) (باب) (1) (عن أنس مالك الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى فضل الفقراء والمساكين فى الجزء التاسع عشر ص 120 رقم 119 (وجاء عند الترمذى) عن أنس أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كم من أشعث أغبر ذى طمرين لا يؤبه له (أى لا يلتفت اليه) لو أقسم على الله لا بره، منهم البراء بن مالك قال الترمذى هذا حديث حسن غريب (قلت)، وأخرجه أيضا البيهقى فى دلائل النبوة والضياء المقدسى والذى دعانى لوضع هذا الحديث فى هذا الباب قول الترمذى منهم البراء بن مالك ففيه منقبة عظيمة للبراء وان كان هذا اللفظ لم يأت عند الامام أحمد ولكن أصله جاء عنده (باب) (2) (عن عبد الله بن بريدة) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى عدد غزواته وإن كانت غزواته صلى الله عليه وسلم أكثر من ذلك فارجع إلى الباب المار اليه تعرف عدد غزواته صلى الله عليه وسلم وكلام العلماء فى ذلك والله الموفق (باب) (3) (سنده) حدّثنا ابن نمير قال حدثنا أبو حيان عن أبى زرعة عن أبى هريرة الخ (غريبه) (4) بفتح الخاء المعجمة وسكون الشين أى تحريكهما (تخريجه) (ق) وفى رواية للبخارى عن جابر قال كان عمر رضى الله عنه يقول أبو بكر سيدنا واعتق سيدنا يعنى بلالا رضى الله عنهما (5) (عن بريدة الاسلمى الخ) هذا طرف من حديث طويل سيأتي إن شاء الله تعالى

-[مناقب بلال وجابر بن عبد الله رضى الله عنهما]- ركعتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا (عن ابن عباس) (1) قال ليلة أسرى بنبى الله صلى الله عليه وسلم ودخل الجنة فسمع من جانبها وجساً قال يا جبريل ما هذا قال هذا بلال المؤذن فقال نبى الله صلى الله عليه وسلم حين جاء الناس قد أفلح بلال رأيت كذا وكذا (عن أنس بن مالك) (2) ان بلالا أبطأ عن صلاة الصبح فقال له النبى صلى الله عليه وسلم ما حبسك؟ فقال مررت بفاطمة وهى تطحن والصبى يبكى، فقلت لها ان شئت كفيتك الرحا وكفيتنى الصبى، وان شئت كفيتك الصبى وكفيتنى الرحا، فقالت أنا أرفق بابنى منك فذاك حبسنى فرحمتها رحمك الله (عن سالم بن عبد الله بن عمر) (3) ان شاعراً قال عند ابن عمر رضى الله عنهما (وبلال عبد الله خير بلال) (4) فقال له ابن عمر كذبت ذاك بلال رسول الله صلى الله عليه وسلم (5) (التاء والثاء خاليان) (حرف الجيم) (باب ما جاء فى جابر بن عبد الله رضى الله عنهما) (حدثنا جرير) (6) عن مغيرة عن الشعبى عن جابر قال توفى عبد الله بن عمر وبن حرام يعنى أباه أو استشهد (7) وعليه دين فاستعنت رسول الله صلى الله عليه وسلم على غرمائه (8) ان يضعوا من دينه شيئاً فطلب إليهم فأبوا فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب فصنف تمرك أصنافاً العجوة على حدة (9) وعنق زيد على حدة وأصنافه ثم أبعث إلى قال

_ في مناقب عمر بن الخطاب بسنده وشرحه وتخريجه وانما أقتصرت منه على هذا الجزء لمناسبة الترجمة والله الموفق (1) (عن ابن عباس الخ) هذا طرف من حديث طويل تقدم بطوله وسنده وشرحه وتخريجه فى باب من روى أنه صلى الله عليه وسلم صلى فى بيت المقدس ليلة الاسراء والمعراج من أبواب الاسراء فى الجزء العشرين ص 254 رقم 106 (وقوله وجسا) الوجس يفتح الواو وسكون الجيم الصوت الخفى وفى الحديث منقبة عظيمة لبلال المؤذن رضى الله وعنه وأورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير قابوس وقد وثق وفيه ضعف (2) (سنده) حدّثنا عبد الصمد ثنا عمار يعنى أبا هاشم صاحب الزعفرانى عن أنس بن مالك (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وسنده جيد ورجاله ثقات وفيه منقبة أيضا لبلال حيث دعا له النبى صلى الله عليه وسلم بالرحمة ودعاؤه صلى الله عليه وسلم مستجاب لا شك فى ذلك (3) (سنده) حدّثنا ابراهيم بن سعيد حدثنا أبو أسامة عن عمر بن حمزة عن سالم (يعنى ابن عبد الله بن عمر) الخ (غريبه) (4) البلال بكسر الباء وتخفيف اللام أصله الندوة والماء كالبلة بكسر وتشديد اللام وهو جمع بلة وهو نادر كما فى اللسان وهو كناية عن الفيض والجود مجازاً وفى الاساس من المجاز ابتل فلان وتبلل حسنت حاله بعد الهزال (5) يعنى بلالا المؤذن رضى الله عنه (تخريجه) ام اقف عليه لغير الامام أحمد وسنده صحيح ورجاله ثقات (وعن يحيى بن بكير) قال توفى بلال مولى أبى بكر ويقال أنه ترب أبى بكر بدمشق فى الطاعون ودفن عند باب الصفير ويكنى أبا عبد الله ويقال يكنى أبا عمرو فى سنة سبع عشرة وهو من مولدى السراة أورده الهيثمى وقال رواه الطبرانى وسكت عنه الحافظ الهيثمى (6) (حدثنا جرير) الخ (غريبه) (7) استشهد يوم أحد رضى الله عنه (8) غرماؤه كانوا من اليهود ولذلك لم يقبلوا قول النبى صلى الله عليه وسلم (9) عذق زيد اسم لنوع

-[قصة جابر مع غرمائه وزيارة النبى صلى الله عليه وسلم له]- ففعلت فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس على أعلاه أو فى وسطه فقال كل للقوم قال فكلت للقوم حتى أوفيتهم وبقى تمرى كأنه لم ينقص منه شئ (1) (عن أبى المتوكل) (2) قال أتيت جابر بن عبد الله رضى الله عنهما فقلت حدثنى بحديث شهدته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال توفى والدى وترك عليه عشرين وسقا تمرا دينا (3) ولنا تمرات شتى والعجوة لا يفى بما علينا من الدين فأتيت لرسول الله صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له فبعض إلى غريمى فأبى إلا أن يأخذ العجوة كلها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انطلق فأعطه فانطلقت إلى عريش لنا أنا وصاحبة لى (يعنى زوجته) فصرمنا تمرنا ولنا عنز نطعمها من الحشف (4) قد سمنت إذا أقبل رجلان إلينا إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر فقلت مرحباً يا رسول الله مرباً يا عمر فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم يا جابر انطلق بنا حتى نطوف بنخلك هذا فقلت نعم فطفنا بها وأمرت بالعنز فذبحت ثم جئنا بوسادة من شعر حشوها ليف فأما عمر فما وجدت له من وسادة ثم جئنا بمادة لنا عليها رطب وتمر ولحم فقدمناه إلى النبى صلى الله عليه وسلم وعمر فأكلا فكنت أنا رجلا من نشوى الحياء (5) فلما ذهب النبى صلى الله عليه وسلم ينهض قالت صاحبنى يا رسول الله دعوات منك قال نعم فبارك الله لكم (6) نعم فبارك الله لكم ثم بعثت بعد ذلك إلى غرمائى فجاؤه بأحمره (7) وجواليق وقد وطنت نفسى أن أشترى لهم من العجوة أوفيهم العجوة التى على أبى 8) فاوفيتهم والذى نفسى بيده عشرين وسقا من العجوة وفضل فضل حسن فانطلقت إلى النبي صلى الله عليه وسلم أبشره بما ساق الله عز وجل إلى فلما أخبرته قال اللهم لك الحمد فقال لعمر إن جابرا قد أوفى غريمه فجعل عمر يحمد الله (ومن طريق ثان) (9) عن نبيح عن جار قال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم أستعينه فى دين كان على أبى قال فقال آتيكم قال آتيكم قال فرجعت فقلت للمرأة لا تكلمى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا تساليه قال فأتانا فذبحنا له داجنا (10) كان لما، فقال يا جابر كأنكم عرفتم حبنا اللحم قال فلما خرج قالت له المرأة صلى على وعلى زوجى أو صل علينا قال فقال

_ من البلح (1) فيه معجزة عظيمة للنبى صلى الله عليه وسلم لأن التمر كان قليلا لا يكفى نصف الغرماء كما يستفاد من رواية أخرى وفيه أن جابرا له كرامة عند النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه) (خ) وغيره (2) (سنده) حدّثنا أبو سعيد ثنا أبو المتوكل قال أتيت جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (3) الصرام قطع الثمرة واجتناؤها فى النخلة (4) الخشف ردئ التمر (5) أى من نشأتى وطبعى الحياء (6) كروها مرتين للتأكيد (7) جمع حمار (وجواليق) اوعية يوضع فيها التمر كالزنبيل ونحوه (8) اى لأن العجوة التى عندى لا تكفى حق العرماء ثم شرع فى أعطائهم من العجوة التى عنده فاذا لم تف بحق الغرماء يشترى لهم ما يوفيهم به فاذا بعجوته توفيهم حقهم وفضل منها فضل حسن (6) (سنده) حدّثنا وكيع عن سفيان عن الأسود بن قيس عن نبيح الخ (10) الداجن هى الشاة أو العنز التى تألف البيوت (تخريجه) (ق. وغيرها) بسياق آخر والمعنى واحد وفيه معجزة عظيمة للنبى صلى الله عليه وسلم بزيادة التمر والعجوة وفيه دلالة على فضل جابر وأهل بيته دعا لهم النبى صلى الله عليه وسلم بالبركة والمغفرة ودعاؤه صلى الله عليه وسلم

-[قصة زواج جابر (رضى الله عنه) وشراء النبى صلى الله عليه وسلم جمله]- اللهم صل عليهم قال فقلت لها أليس قد بهيتك قالت ترى رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يدخل علينا ولا يدعو لنا (عن سالم بن أبى الجعد) (1) عن جابر عبد الله قال كنت مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سفر فلما دنونا من المدية قلت يا رسول الله إنى حديث عهد بعرس فأذن لى فى أن أعجل إلى أهلى قال أفتزوجت؟ قال قلت نعم قال بكراً أم ثيباً؟ قال قلت ثيباً قال فهلا بكراً تلاعبها وتلاعبك (وفى رواية تلاعبك وتلاعبها وتضاحكك وتضاحكها) قال قلت إن عبد الله (2) هلك وترك على حوارى (3) فكرهت أن أضم اليهن مثلهن فقال لا تأت أهلك طروقا (4) وكنت على جمل فاعتل قال فلحقنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا فى اخر الناس قال فقال مالك يا جابر؟ قال قلت اعتل بعيرى قال فأخذ بذنبه ثم زجره قال فما زلت أنما أنا فى أول الناس يهمنى رأسه (5) قال فلنا دنونا من المدينة قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما فعل أجمل قلت هو ذا قال فبعنيه (وفى رواية فقال أتبيعينه بكذا وكذا والله يغفر لك) قال قلت هو لك قال لا قد أخذنه باوقيه أركبه فاذا قدمت فائتنا به قال فلما قدمت المدينة جئت به فقال يا بلال زن له أوقية وزده قيراطاً (6) قال قلت هذا قيراط زادنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يفارقنى أبداً حتى أموت قال فجعلته فى كيسى فلم يزل عندى حتى جاء أهل الشام يوم الحرة (7) فأخذوه فيما أخذوه (وعن نبيح المنزى عن جابر بن عبد الله) (8) قال فقدت جملى ليله فمررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يشد لعائشة (9) قال فقال لى مالك يا جابر قال فقلت جملى أو ذهب جملى فى ليلة ظلماء قال فقار لى هذا جملك اذهب فخذه، قال فذهبت نحواً مما قال فلم أجده، قال فرجعت إليه فقلت بأبى وأمى يا نبى الله ما وجدته، قال فقال لى هذا جملك اذهب فخذه، فذهبت نحواُ مما قال لى فلم أجده، قال فرجعت إليه فقلت بأبى وأمى يا نبى الله لا والله ما وجدته، قال فقال لى على رسلك (10) حتى إذا فرغ أخذ بيدى فانطلق بي حتى أتينا

_ مستجاب لا شك في ذلك (1) (سنده) حدّثنا أبو معاوية وحدثنا الاعمش عن سالم بن أبى الجعد الخ (2) يعنى والده استشهد يوم أحد (3) جاء فى رواية أخرى من حديث جابر أيضا قلت يا رسول الله قتل أبى يوم أحد وترك سبع بنات وتقدمت هذه الرواية فى باب التزوج بالابكار فى كتاب النكاح فى الجزء السادس عشر ص 146 رقم 25 (4) بضم الطاء المهملة أى ليلا وكل آت بالليل طارق، وقيل أصل الطروق من الطرق وهو الدق وسمى الآتى بالليل طارقا لحاجته إلى ق الباب (5) أى يهمنى رفع رأسه بشد الزمام ليقل من سرعة سيره (6) جاء فى رواية أخرى سنأتى فى الحديث التالى أن النبى صلى الله عليه وسلم رد عليه جمله أيضا بعد أن وزن أوقية وزاده (7) وقعة الحرة مشهورة وكانت فى عهد يزيد بنمعاوية (تخريجه) (ق. والاربعة) (8) (سنده) حدثنا عبيدة ثنا الأسود بن قيس عن نبيح العنزى عن جابر بن عبد الله الخ (غريبه) (9) أى رجلها (10) أى انتظر قليلا حتى إذا فرغ يعنى من مهمة عائشة.

-[قصة شراء النبى صلى الله عليه وسلم لجمل جابر رضى الله عنه]- الجمل فدفعه الى قال هذا جملك قال وقد سار الناس قال فبينما أنا أسير على جملى فى عقبتى قال وكان جملا فيه قطاف (1) قال فقلت يا لهف أمى ان يكون لى إلا جمل قطوف قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدى يسير قال فسمع ما قلت قال فلحق بى قال ما قلت يا جابر قبل؟ فنسيت ما قلت، قال قلت ما قلت شيئا يا نبى الله، قال فذكرت ما قلت قال قلت يا نبى الله يا لهفاه أن يكون لى إلا جمل قطوف، قال فضرب النبى صلى الله عليه وسلم عجز الجمل بسوط أو بسوطى قال فانطلق أوضع أو أسرع جمل ركبت قط وهو ينازعنى خطامه قال فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت بائعى جملك هذا؟ قال قلت نعم، قال بكم قلت بوقية قال لى بخ بخ (2) كم فى اوقية من ناضح وناضح قال قلت يا نبى الله ما بالمدينة ناضح أحب أنه لنا مكانه (3) قال فقال النبى صلى الله عليه وسلم قد أخذته بوقية قال فنزلت عن الرحل إلى الأرض قال ما شأنك؟ قال قلت جملك قال قال لى اركب جملك قال قلت ما هو بحملى ولكنه لجملك، قال كنا نراجعه مرتين فى الأمر إذا أمرنا به، فإذا أمرنا بالثالثة لم نراجعه، قال فركبت الجمل حتى أتيت عمتى بالمدينة، قال وقلت لها ألم ترى أنى بعت ناضحنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بأوقية قال فما رأيتها أعجبها ذلك قال وكان ناضحا فارها (4) قال ثم أخذت شيئًا من خبط (5) أوجرته اياه ثم أخذت بخطامه فقدته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدت رسول الله صلى الله عليه وسلم مقاوما رجلا يكلمه، قال قلت دونك يا نبى الله جملك، قال فأخذ بخطامه ثم نادى بلالا فقال زن لجابر أوقية وأوفه، فانطلقت مع بلال فوزن لى اوقية وأوفى من الوظن، قال فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قائم يحدث ذلك الرجل قال قلت له قد وزن لى أوقية وأوفانى قال فبينما هو كذلك إذ ذهبت إلى بيتى ولا أشعر قال فنادى أين جابر، قالوا ذهب إلى أهله، قال أدركه ائتنى به، قال فأتانى رسوله يسعى قال يا جابر يدعوكم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأتيته فقال خذ جملك قلت ما هو جملى وإنما هو جملك يا رسول الله، قال خذ جملك قلت ما هو جملى أنما هو جملك يا رسول الله، قال خذ جملك قال فأخذته قال فقال لعمرى ما نفعناك للننزلك عنه (5) قال فجئت إلى عمتى والناضح معي

_ (1) القطاف تقارب الخطو فى سرعة، من القطف وهو القطع وقد قطف يقطف قطفا والقطوف فعول منه (2) هى كلمة تقال عند المدح والرضى بالشئ وتكرر للمبالغة وهى مبنية على السكون فان وصلت جررت ونونت فقلت بخ بخ وربما شددت وبخبخت الرجل إذا قلت له ذلك ومعناها تعظيم الأمر وتضخيمه وهذا هو المراد هنا ومعناه أن الوقية كثير فى ثمن ناضج وناضح والناضح هو البعير الذى يسقى عليه الزرع (3) يعنى أنه ناضح من أعظم النواضح وأغلاها ثمنا (4) أى نشيطا حاداً قويا (5) بالتحريك اسم الورق الساقط من الشجر عند ضربه بالعصا ليتناثر فعل بمعنى مفعول وهو من علف الابل والمعنى أنه أخذ جانبا من الورق فأوطره اياه أى ادخله فى فمه ليتلهى به حتى يأخذ بخطامه (6) معناه أننا إذا أخذنا الجمل فما نفعناك بشئ وكان غرض النبى صلى الله عليه وسلم برد جمل جابر إليه واعطائه ثمنه وافيا العطف عليه لكون أبيه استشهد

-[فضائل جرير بن عبد الله البجلى رضى الله عنه]- وبالوقية قال فقلت ما ترين رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطانى أوقية ورد على جملى (1) (باب ما جاء فى جرير بن عبد الله البجلى رضى الله عنه) (عن المغيرة بن شبل) (2) قال قال جرير لما دنوت من المدينة أنخت راحلتى ثم حللت عيبتى ثم لبست حتلى ثم فإذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب (وفى رواية فسلمت على النبى صلى الله عليه وسلم) فرمانى الناس بالحدق فقلت لجليسى يا عبد الله ذكرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم ذكرك آنفاً بأحسن ذكر فبينا هو يخطب إذ عرض له فى خطبته وقال يدخل عليكم (وفى رواية فقال أنه سيدخل عليكم) من هذا الباب أو من هذا الفج من خير ذى يمن ألا أن على وجهة مسحة ملك قال جرير فحمدت الله عز وجل على ما أبلانى (عن جرير بن عبد الله) (3) قال ما حجبنى رسول الله صلى الله عليه وسلم منذ أسلمت ولا ترانى إلا تبسم فى وجهى (عن قيس قال قال جرير بن عبد الله) (4) قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تريحنى من ذى الخلصى وكان بيتا فى خثعم يسمى كعبة اليمانية فنفرت اليه فى سبعين ومائة فارس من أحمس (وفى رواية فاخبرت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنّى لا أثبت على الخيل فضرب فى صدرى حتى رأيت أثر أصابعه فى صدرى وقال اللهم ثبته واجعله ماديا مهديا) قال فأتاها (جرير) فحرقها بالنار وبعث جرير بشيراً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال والذى بعثك بالحق ما أتيتك حتى تركتها كأنها جمل أجرب فبَّرك رسول الله صلى الله عليه وسلم على

_ في وقعة أحد وترك لجابر سبع بنات يعولهن فأراد النبى صلى الله عليه وسلم إعانته على ذلك (وكان بالمؤمنين رءوفا رحيما) صلى الله عليه وسلم (1) إنما قال لها ذلك جابر لأنها كانت غير مطمئنة لبيع الجمل فلما رده النبى صلى الله عليه وسلم ورد ثمنه وأكثر أراد إخيارها بذلك لتكون مطمئنة فرحة مسرورة وقد كان ذلك والله أعلم (تخريجه) (م وغيره مختصراً) (قال الحافظ فى الاصابة) وفى مصنف وكيع عن هشام بن عروة قال كان لجابر بن عبد الله حلقة فى المسجد يعنى النبوى يؤخذ عنه العلم وروى البغوى من طريق عاصم بن عمرو بن قتادة قال جاءنا جابر بن الله وقد أصيب بصره وقد مس رأسه ولحيته بشئ من صفرة قال يحيى بن بكير وغيره مات جابر سنة ثمان وسبعين، وقال على بن المدينى مات جابر بعد أن عمَّر فأوصى أن لا يصلى عليه الحجاج (قال الحافظ) وهذا موافق لقول الهيثم بن عدى أنه مات سنة أربع، وفى الطبرى وتاريخ البخارى ما يشهد له وهو أن الحجاج شهد جنازته، ويقال مات سنة ثلاث ويقال سنة سبع ويقال إنه عاش أربعا وتسعين سنة انتهى ما قال الحافظ فى الاصابة والله أعلم (باب) (2) (عن المغيرة ابن شبل الخ) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب قدوم جرير بن عبد الله إلى المدينة ويبعته وإسلامه فى حوادث السنة العاشرة من الهجرة فى الجزء الحادى والعشرين ص 216 رقم 464 (سنده) (3) حدّثنا محمد بن عبيد حدّثنى اسماعيل عن قيس عن جرير بن عبد الله الخ (غريبه) أى ما منعنى عن الدخول عليه إذا كان فى بيته فاستأذنت عليه ولا يلزم منه النظر إلى أمهات المؤمنين (تخريجه) (ق. والأربعة) (عن قيس الخ) (4) (قلت) قيس هو ابن أبى حازم وهذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه فى باب سرية جرير بن عبد الله البجلى إلى هدم ذى الخلصة في الجزء الحادي

-[فضائل جرير بن عبد الله البجلى صلى الله عليه وسلم]- على خيل أحمس ورجالها خمس مرات (عن أبى ذرعة ابن عمرو بن جرير) (1) قال قال جرير رضى الله عنه بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة وعلى أن انصح لكل مسلم قال وكان جرير إذا اشترى الشئ وكان أعجب إليه من ثمنه قال لصاحبه تعلمن والله لما أخذنا أحب الينا مما أعطيناك كانه يريد بذلك الوفاء (ز) (عن سفيان) (2) قال حّدثنى ابن الجرير بن عبد الله قال كانت نعل جرير بن عبد الله طولها ذراع (3)

_ والعشرين ص 217 رقم 426 (بسنده) (2) حدّثنا اسماعيل أنا يونس عن عمرو بن سعيد عن أبى زرعة بن عمرو بن جرير قال قال جرير ألخ (غريبه) هذا الحديث تقدم من طريق أخرى بسنده وشرحه وتخريجه فى باب ما جاء فى قدوم جرير إلى المدينة وبيعته واسلامه فى الجزء الحادى والعشرين ص 219 رقم 465 (2) (ز) (سنده) قال عبد الله (يعنى ابن الامام أحمد رحمهما الله) حدّثنى محمد بن عبد الله المخزومى ثنا الصلت بن مسعود الجحدرى ثنا سفيان حدّثنى ابن الجرير بن عبد الله الخ (غريبه) (3) فيه دلالة على أنه رضى الله عنه كان عظيم الخلقة (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه عبد الله (يعنى ابن الامام أحمد) وابن جرير لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح وروى الحافظ فى الاصابة من طريق ابراهيم بن اسماعيل الكهيلى قال كان طور جرير ستة أذرع قال وروى الطبرانى من حديث على مرفوعا جرير منا أهل البيت وروى عنه من الصحابة أنس بن مالك قال كان جرير يخدمنى وهو أكبر منى أخرجه الشيخان (قال الحافظ) فى الاصابة كان جرير جميلا قال عمر هو يوسف هذه الأمة وقدمه عمر فى حروب العمران على جميع بجيلة وكان لهم أمر عظيم فى فتح القادسية ثم سكن جرير الكوفة وأرسله على رسولا إلى معاوية ثم اعتزل الفريقين وسكن قرقيسيا حتى مات سنة احدى وقيل أربع وخمسين رضى الله عنه ----- بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وآله وصحبه ومن أولاه (أما بعد) فقد اختار الله إلى جواره فضيلة الشيخ الوالد الكريم التقى النقى الورع الزاهد المحدث الفقيه سيدنا وشيخنا الإمام الشيخ "أحمد بن عبد الرحمن البنا" صاحب الفتح الربانى وشرحه المسمى (بلوغ الأمانى) قبل ظهر الأربعاء 8 من جمادى الأولى سنة 1378 هجرية الموافق 19 نوفمبر سنة 1958 ميلادية وذلك بعد حياة حافلة بالبر والتقوى وجهود دائبة فى خدمة السنة النبوية درسا وتأليفا آناء الليل وأطراف النهار، وبعد أن أتم الفتح الربانى وخط بيده الكريمة آخر حديث فيه، فرحمه الله رحمة واسعة وحشره فى زمرة النبيين والصديقين والشهداء والصالحين ..

-[الإشارة إلى وفاة صاحب الفتح الربانى رحمه الله]- وقد بقي الفتح الرباني بدون شرح بقية الجزء الثانى والعشرين وجزآن آخران وبذلك ينتهى الكتاب وقد وقع اختيارنا لاتمام هذا الشرح المبارك على أخينا وصديقنا وحبيب والدنا ومحل ثقته وتقديره والأستاذ الشيخ "محمد عبد الوهاب بحيرى" خادم الحديث النبوى بكلية الشريعة بالأزهر الشريف فتقبل هذه المهمة العظيمة حرصا منه على اتمام هذا العمل الجليل الذى يقدره كل التقدير وبرًا بما كان بينه وبين السيد الوالد رحمه الله من محبة صادقة. وأخوة اسلامية كريمة وفقه الله وأعانه ويسر له هذه المهمة الخطيرة ووقفنا جميعا لخدمة السنة النبوية الشريف، عبد الرحمن البنا بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين. والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبعهم باحسان إلى يوم الدين. أما بعد فقد كان لسيدنا وأستاذنا الامام المحدث الربانى الشيخ أحمد بن عبد الرحمن البنا قدم راسخة فى علوم السنة والفقه، وهمة عالية فى التأليف والمطالعة، ونفس راضية بما قسم الله عز وجل لها من متاع هذه الحياة الدنيا، فعاش عمره فى قلة من الدنيا وعزلة عن الناس، واقبال على الله سبحانه. وانقطاع إلى خدمة السنة النبوية، حتى كان من ذلك مؤلفاته النافعة المباركة التى وقعت موقع القبول لدى أهل الحديث فى جميع الأقطار الاسلامية وأجلها كتاب "الفتح الربانى" وشرحة "بلوغ الأمانى". وقد اختاره الله إلى جواره ولما يتم شرحه للفتح الربانى فرأى نجله الأستاذ عبد الرحمن حفظه الله أن يتم عمل والده المبارك فعهد إلى بذلك على قصور باعى، وقلة اطلاعى، وتزاحم أشغالى، فتقلبت هذا العمل العظيم برًا بشيخنا الكريم وقيامًا بحق المودة التى كانت بينه وبين والدى رحمهما الله، ثم بينه وبينى. ورجاء أن يحشرنى الله فى زمرة أولئك السادة الذين أكرمهم الله بخدمة السنة النبوية. هذا مع اعترافى بما للسيد الامام رحمه الله من مكانة فى السنة لا تبارى. وهمة لا تدانى. والله أسأل أن يجعلنى عند حسن الظن بى وأن يوفقنى لاتمام هذا العمل المبارك الجليل. وهو حسبى ونعم الوكيل، محمد عبد الوهاب بحيرى من علماء الأزهر الشريف وخادم الحديث النبوى بكلية الشريعة

-[فضل جعفر بن أبى طالب وأولاده عنهما]- (134) (باب ما جاء فى فضل جعفر بن أبى طالب وأولاده رضى الله عنهم) (عن عبيد الله بن أسلم) مولى النبى صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول لجعفر ابن أبى طالب رضى الله عنه اشتهت خْلقى وخُلُقى (1). (135) (عن أبى هريرة) قال؛ ما احتذى النعال ولا انتعل (2) ولا ركب المطايا ولا لبس الكور (3) من رجل بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر بن أبى طالب يعنى فى الجود والكرم. (136) (عن عبد الله بن جعفر) قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشا استعمل عليهم زيد فقاتل حتى قتل، ثم أخذ الراية جعفر فقاتل حتى قتل، ثم أخذها عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل ثم أخذ الراية خالد بن الوليد ففتح الله عليه وأنى خبرهم النبى صلى الله عليه وسلم فخرج إلى الناس فحمد الله وأثنى عليه وقال ان اخوانكم لقوا العدو وأن زيداً أخذ الراية فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الراية بعده جعفر بن أبى طالب فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الراية عبد الله بن رواحة فقاتل حتى قتل أو استشهد، ثم أخذ الرايه سيف من سيوف الله خالد بن الوليد ففتح الله عليه، فأمهل ثم أمهل آل جعفر ثلاثا أن يأتيهم ثم أتاهم فقال لا تبكوا على أخى بعد اليوم ادعوا (4) إلى ابنى أخى قال فجئ بنا كأنا

_ (باب) (134) (سنده) حدّثنا حسن بن موسى ثنا بن لهيعة ثنا بكر بن سوادة عن عبيد الله ابن أسلم مولى النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) خَلقى وخُلقى الأول بفتح الخاء المعجمة وسكون اللام والثانى بضمهما أفاده القسطلانى (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد وإسناده حسن أهـ وأخرجه الشيخان عن البراء كما فى الاصابة. (135) (سنده) حدّثنا عفان قال ثنا وهيب قال ثنا خالد عن عكرمة عن أبى هريرة الخ (غريبه) (2) قوله "ولا انتعل" كذ فى الأصل وجامع الترمذى ومستدرك الحاكم وهى جملة مؤكدة لما قبلها ورواه الذهبى فى تلخيص المستدرك بدون هذه الجملة (3) الكور بفتح الكاف وسكون الواو المراد به العمامة قال فى المصباح كار الرجل العمامة كوراً من باب قال أدارها على رأسه وكل دور كور تسمية بالمصدر والجمع أكوار مثل ثوب وأثواب أهـ (تخريجه) اورده الحافظ فى الفتح فى مناقب جعفر ابن ابى طالب وقال أخرجه الترمذى والحاكم باسناد صحيح أهـ قلت أخرجاه من طريق محمد بن بشار حدثنا عبد الوهاب حدقنا خالد الحذاء عن عكرمة عن أبى هريرة قال: ما احتذى النعال ولا انتعل ولا ركب المطايا ولا ركب الكور بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أفضل من جعفر بن أبى طالب قال الترمذى هذا حديث حسن صحيح غريب والكور بضم الكاف الرحل وقال الحاكم صحيح على شرط البخارى وأقره الذهبى. (136) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بن جرير ثنا أبى قال سمعت محمد بن أبى يعقوب يحدث عن الحسن بن سعد عبد الله بن جعفر قال الخ (4) أدعوا- فعل أمر من الدعاء مسند

-[فضائل أبناء جعفر رضى الله عنهم جميعا]- أفرخ فقال أدعوا إلى الحلاق فجيئ بالحلاق فحلق رؤسنا ثم قال، أما محمد فشبيه عمنا أبى طالب وأما عبد الله فشبيه خلقى وخلقى ثم أخذ بيدى فاشالها فقال اللهم أخلف جعفراً فى أهله وبارك لعبد الله فى صفقة يمينه قالها ثلاث مرار قال فجاءت أمنا فذكرت له يتمنا وجعلت تفرح له (1) فقال العيلة تخافين عليهم وأنا وليهم فى الدنيا والآخرة. (137) عن جعفر بن خالد بن سارة أن أباه أخبره أن عبد الله بن جعفر قال لو رأيتنى وقثم (2) وعبيد الله ابنى عباس ونحن صبيان نلعب إذ مر النبى صلى الله عليه وسلم على دابة فقال ارفعوا هذا إلى قال فحملنى أمامه وقال لقثم ارفعوا هذا إلى فجعله وراءه وكان عبيد الله أحب إلى عباس من قثم فما استحى من عمه ان حمل قثما (3) وتركه قال ثم مسح على رأسى ثلاثا وقال كلما مسح اللهم أخلف جعفرًا ولده قال قلت لعبد الله ما فعل قثم قال استشهد قال قلت الله أعلم بالخير ورسوله بالخير قال (4) أجل. (138) وعن أسماء بنت عميس قالت أصيب جعفر وأصحابه دخل (5) على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد دبغت أربعين منيئة (6) وعجنت عجينى وغسلت بنى ودهتهم ونظفتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أيتيني

_ إلى واو الجماعة وهو كذلك فى بعض مواضع من الاصل وهو الصواب وفى بعضها (أو غد) وهو من اخطاء النساخ (1) تفرح له من أفرحه بالحاء المهملة إذا غمه وأزال عند الفرح والمراد أنها ذكرت له صلى الله عليه وسلم يتم أولادها وثقل مؤونتهم وما ستلقاه من العناء فى تربيتهم (تخريجه) رجاله رجال الصحيح كما أفاده الهيثمى وروى أبو داود بعضه ورواه النسائى بتمامه فى السير من حديث وهب بن جرير كما أفاده الحافظ ابن كثير فى تاريخه وقد تقدم هذا الحديث فى حوادث السنة الثامنة من السيرة النبوية فى الجزء الحادى والعشرين ص 138 عند الكلام على سرية زيد بن حارثة إلى مؤته (1) (127) (سنده) حدّثنا روح حدثنا ابن جريج أخبرنى بن خالد بن سارة أن أباه أخبره أن عبد الله بن جعفر قال الخ (غريبه) (2) قثم -بضم أوله وفتح ثانيه كزفر من معانيه الكتير العطاء والحموع للخير وبه سمى أحد أبناء العباس بن عبد المطلب رضى الله عنهما وهو معدول عن قائم افاداه فى القاموس (3) قثما -كذا بالاصل بزيادة الألف والقياس حذفها لمنعه من الصرف للعملية والعدل () كذا فى الأصل بتكرار كلمة (بالخير) والظاهر أن إحداهما من زيادة النساخ وذكره الهيثمى معزوا إلى أحمد بلفظ (الله ورسوله أعلم بالخير) (تخريجه) اورده الهيثمى وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات أهـ وقال الحاكم فى المستدرك صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبى وأورده الحافظ فى الاصابة مختصراً فى ترجمة عبد الله بن جعفر وقال أخرجه أحمد وغيره بسند قوى وفى ترجمة عبيد الله بن العباس وعزاه إلى البغوى والنسائى وأحمد. (138) (سنده) حدّثنا يعقوب قال حدثنى ابى عن محمد بن اسحق قال حدثنا عبد الله بن ابى بكر عن أم عيسى الجزار عن أم جعفر بنت محمد بن أبى طالب عن جدتها أسماء بنت عميس الخ وأم جعفر فى السند يقال لها أيضا ام عون كما أفاده الحافظ فى التقريب (غريبه) (5) بالأصل والتصحيح عن مجمع الزوائد فى غزوة مؤتة ويرشد اليه السياق (6) المنيئة

-[قصة جليبيب وزواجه واستشهاده رضى الله عنه]- ببني جعفر قالت فأتيته بهم فشمهم وذرفت عيناه فقلت يا رسول الله بأبى أنت وأمى ما يبكيك أبلغك عن جعفر وأصحابه شئ قال نعم أصيبوا هذا اليوم قالت فقمت أصيح واجتمع الى النساء وخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال لا تغفلوا آل جعفر من أن تصنعوا لهم طعاما فإنهم قد شغلوا بأمر صاحبهم. (باب ما جاء فى فضل جليبيب رضى الله عنه) (139) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن كنانة بن نعيم العدوى عن أبى برزة الأسلمى رضى الله عنه أن جليبيبا (1) كان أمرًا يدخل على النساء يمربهن ويلاعبهن (2) فقلت لامراتى لا يدخل عليكم جليبيب فانه ان دخل عليكم لافعلن ولأفعلن قال وكانت الأنصار إذا كان لأحدهم ايِّم (3) لم يزوجها حتى يعلم هل للنبى صلى الله عليه وسلم فقها حاجة أم لا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لرجل من الأنصار زوجنى ابنتك فقال نعم وكرامة يا رسول ونعم (4) عينى فقال إنى لست أريدها لنفسى قال فلمن يا رسول الله قال لجليبيب قال فقال يا رسول الله أشاروا أمها تأتى أمها فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب ابنتك فقالت نعم ونعمة عينى فقال إنه ليس يخطبها لنفسه إنما يخطبها لجليبيب فقالت أجليبيب أنيه (5) أجليبيب أنيه أجليبيب أنيه لا لعمر الله لا تزوجه فلما أراد أن يقوم ليأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخبره بما قالت أمها قالت الجارية من

_ -بوزن المدينة- الجلد إذا ألقيته فى مواد الدباغ يقال منأت الجلد -بوزن ضربت- إذا القينه فى تلك المواد التى يدبغ بها ومعنى المتيئة فى الأصل مواد الدباغ كما فى النخاية لابن الأثير (تخريجه) اورده الحافظ الهيثمى فى باب غزوة مؤتة وقال رواه احمد وفيه امراتان لم أحد من وثقهما ولا من جرحهما وبقية رحاله ثقات أهـ ورواه ابن ماجه حدثنا يحيى بن خلف أبو سلمة قال ثنا عبد الأعلى عن محمد بن اسحق بالسند المذكور (لما أصيب جعفر رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أهله فقال أن آل جعفر قد شغلوا بشأن ميتهم فاصنعوا لهم طعاماً) ورواه مختصراً كذلك من طريق آخر عن عبد الله بن جعفر أبو داود والترمذى وابن ماجه وأحمد وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح وانظر باب صنع الطعام لهل الميت من كتاب الجنائز فى الجزء الثامن ص 93 و 94. (139) (باب (1) (غريبه) جليبيب غير منسوب تصغير جلباب كما فى الاصابة (2) الظاهر أن دخوله على النساء مكان قبل فرض الحجاب فى السنة الخامسة وأما ملاعبته أياهن فهذا أمر فعله من تلقاه نفسه ولعله لم يبغ فى ذلك حد الفتنة وأما غضب أبى برزة من فعله وإغلاظه على امرأته فى شأنه فكان لشدة الغيرة ومزيد الاحتياط (3) الأيم -بوزن القيم- المراد بها من لم تتزوج من النساء بكراً كانت أم ثيبا (4) نعمت عينه قرت ويقال نعم عينه بدون تاء والفعل من بابى علم وسهل ونعمة العين -بم فسكون- قرتها أفاده فى المختار والنهاية (5) أنية هذه اللفظة رويت بكسر الهمزة والنون بعدها باء تحتية مثناة وهاء ساكنة وهى كلمة تستعملها العرب فى الانكار ورواها بعضهم (أبنه) بكسر

-[قصة جليبيب وزواجه واستشهاده رضى الله عنه]- خطبي إليكم فأخبرتها أمها فقالت أتردون على رسول الله صلى الله عليه وسلم أمره ادفعونى فانه لم (1) يضيعنى فانطلق أبوها إلى رسول الله فأخبره قال: شأنك بها فزوجها جليبيبا، قال فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة له قال فلما أفاء الله عليه (2) قال لأصحابه هل تفقدون من أحد قالوا نفقد فلانا ونفقد فلانا قال انظروا هل تفقدون من أحد قالوا لا قال لكنى أفقد جليبيبا قالوا فاطلبوه فى القتلى قال فطلبوه فوحدوه إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه فقالوا يا رسول الله ها هو ذا إلى جنب سبعة قد قتلهم ثم قتلوه (3) فأتاه النبى صلى الله عليه وسلم فقام عليه فقال قتل سبعة وقتلوه هذا منى وأنا منه مرتين أو ثلاثا ثم وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم على ساعديه وحضر له ماله سرير إلا ساعدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وضعه فى قبره ولم يذكر أنه عسله قال ثابت فما كان فى الأنصار أيّم (4) انفق منها، وحدث أسحق بن عبد الله بن أبى طلحة ثابتا قال هل تعلم ما دعا لها رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم صب عليها الخير صبا ولا تجعل عيشها كدًا (5) كدًا قال فما كان فى الأنصار أيم انفق منها قال أبو عبد الرحمن (6) ما حدث به فى الدنيا أحد إلا حماد بن سلمة ما أحسنه من حديث.

_ الهمزة بعدها باء موحدة ساكنة فنون مفتوحة وهاء ساكنة وتقديرها أجليبيب ابنتى فأسقطت الياء ووقف على التاء وبالهاء قال أبو موسى هى هكذا فى مسند احمد بن حنبل بخط أبى الحسن بن الفرات -وخطة حجة- فى جملة مواضع أهـ ملخصا من النهاية وقولها (أجليبيب أنيه) بتكرار هذه الجملة ثلاثا وهى فى مجمع الزوائد: (الجليبيب) بزيادة اللام بعد الهمزة وإنكار أن يتزوج ابنتها جليبيب لما فيه من دمامة الخلق (1) كذا فى الأصل والمراد أنه لم يضيعنى فى هذا الاختيار ورواه الهيثمى (لن يضيعنى) (2) من الفئ والمراد به هنا ما يؤخذ من أموال الكفار وأهليهم وديارهم بالقتال (3) قوله قد قتلهم ثم قتلوه، المراد أنه قتل سبعة من الكفار ثم قتله أصحابهم ومن معهم (4) النفاق بفتح النون الرواج والمراد أنه قد رغبها كثير من الأزواج بعد استشهاد زوجها وظهور بلائه ومبالغته النبى صلى الله عليه وسلم فى اكرامه (5) بتشديد الدال الشدة والضيق وبابه رد كما فى المختار (6) أبو عبد الرحمن كنية عبد الله بن الامام أحمد راوى الحديث عن أبيه والمراد من مقالته مدح حماد بن سلمة راوى الحديث عن ثابت بكمال الضبط وجودة الحفظ وأنه ساق الحديث على وجهه بدون اختزال أو تقديم وتأخير (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح قال وهو فى الصحيح خاليا عن الخطبة والتزويج أهـ وأفاد أيضا أنه روى نحوه أحمد والبزار عن أنس (قلت) حديث أبى برزة عند مسلم فى (فضائل الصحابة) (ج 7 - ص 152 ط الاستانة) وحديث أنس عند أحمد فى المسند (3 - 136 ط الحلبي).

-[فضل حارثة بن عمير واستشهاده رضى الله عنه]- "حرف الحاء المهملة" (140) (باب ما جاء فى فضل حارثة بن عمير بن بن عمة نس بن مالك رضى عنهما) (عن أنس بن مالك) (1) أن حارثة (2) خرج نظارًا (3) فأتاه سهم فقتله فقالت أمه يا رسول قد عرفت موقع حارثة منى فان (4) كان فى الجنة صبرت وإلا رأيت ما أصنع (5) قال يا لأم حارثة أنها (6) ليست بجنة واحدة ولكنها جنان كثيرة وان حارثة لفى أفضلها أو قال في أعلى الفردوس شك يزيد (أحد رجال السند) وفى لفظ (7) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أم حارثة انها جنان كثيرة وإن حارثة في الفردوس الأعلى.

_ (140) (باب) (سنده) (1) حدّثنا يزيد بن هارون أنا حماد بن سلمة عن ثابت البنانى عن أنس بن مالك الخ (2) حارثة هو ابن سراقة بن الحارث بن عدى بن النجار الأنصارى وأمه هى الربيع -بضم الراء بعدها باء موحدة مفتوحة فتحتية مثناة مكسورة مشددة- بنت النضر ابن ضمضم بن عمرو، ينسب تارة إلى أمه وتارة إلى أبيه وأفاد الحافظ أن سراقه أباه له صحبة واستشهد يوم حنين وأمه عمة أنس بن مالك بن النضر خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم (فائدة) نسبة حارثة إلى (عمير) كما وقع فى الترجمة جاءت فى رواية لأحمد عن أنس (3) النظار كشداد الجاسوس على العدو يرقب تحركه ويتلمسن أخباره والمنظرة بوزن المتربة موضع فى رأس جبل فيه رقيب ينظر العدو ولم يخرج حارثة الى بدر محاربا لصغر سنة كما فى رواية للبخارى عن أنس أصيب حارثة يوم بدر وهو غلام فجاءت أمه إلى النبى صلى الله عليه وسلم الخ والغلام كما فى المصباح الابن الصغير (4) ترددت فى دخول ابنها الجنة وهو من الشهداء لأنه لم يخرج للقتال وإنما خرج طليعة لجيش وفهمت هى أن درجة الشهادة للمقاتل وحده ويحتمل أن ترددها إنما كان لأنه لا يجزم لأحد من المؤمنين بدخول الجنة على التعيين إلا بنص من الشارع ولم يكن بلغها حديث جابر عند أحمد باسناد على شرط مسلم (لن يدخل النار أحد شهد بدراً) وما فى معناه أو أن الرسول صلى الله عليه وسلم انما أخبر بذلك فيما بعد (5) قولها والا رأيت ما أصنع أى من الحزن الشديد والبكاء المتواصل ولا يلزم من ذلك النوح المحرم على أنه لو لزم منه ذلك فدوابه أن اقرار النبى صلى الله عليه وسلم لها على ذلك كان قبل تحريم النياحة فإن تحريمها كان بعد غزوة أحد وهذه القصة كانت بعد غزوة بدر (6) أى أن الجنة ليست ذات درجة واحدة ولكنها ذات ولكنها ذات درجات كثيرة وأن ابنك فى أعلا درجاتها (7) (سنده ومتنه) حدثنا عبد الله بن يزيد ثنا سليمان عن ثابت عن أنس قال: انطلق حارثة بن عمير نظاراً ما انطلق للقتال فأصابه سهم فقتله فجاءت أمه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله ابنى حارثة أن يك فى الجنة أصبر وأحتسب فقال يا أم حارثة الخ (تخريجه) أخرجه البخارى والنسائى والترمذى وابن خزيمة كلهم عن أنس رضى الله عنه من عدة طرق بألفاظ متقاربة (راجع الاصابة) (قلت) أخرجه البخارى فى باب من أصابه سهم غرب من كتاب الجهاد وفى فضل من شهد بدراً من كتاب المغازى وفى صفة الجنة من كتاب الرقاق

-[ما جاء في فضل حارثة بن النعمان رضى الله عنه]- (باب ما جاء فى فضل حارثة بن النعمان رضى الله عنه) (141) (عن عمرة عن عائشة) (1) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نمت فرأيتنى فى الجنة فسمعت صوت قارئ يقرء فقلت من هذا قالوا هذا حارثة بن النعمان فقال لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم كذاك البر كذاك البر وكان أبر الناس بأمه. (142) (وعن حارثة بن النعمان) (2) قال مررت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه جبريل عليه السلام جالس فى المقاعد (3) فسلمت عليه ثم (4) أجزت فلما رجعت وانصرف النبى صلى الله عليه وسلم قال هل رأيت من كان معى قلت نعم قال فانه جبريل وقد رد عليك السلام. (باب ما جاء فى فضل حاطب بن أنى بلتعة رقصته رضى الله عنه) (143) (عن على) (5) قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا والزبير والمقداد فقال انطلقوا حتى تأتوا روضة (6) خاخ فان بها ظعينة معها كتاب فخذوه منها فانطلقا تعادى بنا خيلنا حتى أتينا الروضة فاذا نحن بالظعينة فقلنا أخرجى الكتاب قالت ما معى من كتاب قلنا لتخرجن الكتاب أو لنقلبن الثياب قال فأخرجت الكتاب من عقاصها فأخذنا الكتاب فأتينا به رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (141) (باب) (1) (سنده) حدّثنا عبد الرازق أنا معمر عن الزهرى عن عمرة عن عائشة قالت الخ (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح أهـ وعزاه الحافظ فى الاصابة إلى النسائى وأحمد وقال إسناده صحيح أهـ ورواه الحاكم فى المستدرك من طريق سفيان عن الزهرى بهذا الاسناد وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقله الذهبى (142) (سنده) (2) حدّثنا عبد الرازق أنا معمر عن الزهرى أخبرنى عبد الله بن عامر بن ربيعة عن حارثة بن النعمان قال الخ (غريبه) (3) المقاعد بفتح الميم والقاف موضع بالمدينة بقرب المسجد كما قال القسطلانى والنووى ولم يعرف حارثة أنه جبريل إلا بعد أن أخبره النبى صلى الله عليه وسلم بذلك فيما بعد كما يدل عليه السياق (4) أجزت أى تركت جلوسهما وانصرفت وهذا من حسن الادب لئلا يتسمع إلى كلامهما ولعلهما يكرهان ذلك (تخريجه) قال الهيثمى روا أحمد والطبرانى ورجاله رجال الصحيح أهـ وعزاه الحافظ فى الاصابة إلى أحمد والطبرانى أيضا وقال إسناده صحيح ولم يذكر فيه جملة (وانصرف النبى صلى الله عليه وسلم). (143) (باب) (5) (سنده) حدّثنا سفيان عن عمرو وقال أخبرنى حسن بن محمد بن على اخبرنى عبيد الله بن أبى رافع -وقال مرة أن عبيد بن أبى رافع أخره- أنه سمع عليا رضى الله عنه يقول الخ وسفيان فى السند هو ابن عبيبة. وعمرو هو ابن دينار وحسن أبوه محمد بن الحنفية وجده هو على كرم الله وجهه ووقع الاصل (حسين) بزيادة ياء تحتية بعد السين المهملة وهو خطأ من النساخ كما يعلم بمراجعة الصحيحين والخلاصة والتقريب وصوابه بحذف الياء، والفاعل فى (وقال مرة) ضمير يعود إلى الحسن. وعبد الله بن أبى رافع هو كاتب على كرم الله وجهه (غريبه) (6)، روضة

فإذا فيه: من حاطب بن ابى بلتعة إلى ناس من المشركين بمكة يخبرهم ببعض أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا حاطب ما هذا قال لا تعجل على، إنّى كنت امراً ملصقاً فى قريش ولم أكن من أنفسها وكان من كان معك من المهاجرين لهم قرابات يحمون أهليهم بمكة فأحببت إذ فاننى ذلك من النسب فيهم أن أتخذ فيهم يداً يحمون بها قرابتى وما فعلت ذلك كفراً ولا ارتداداً عن دينى ولا رضاً بالكفر بعد الاسلام فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قد صدقكم فقال عمر رضى الله عنه إنه قد صدقكم فقال عمر رضى الله عنه دعنى أضرب عنق هذا المنافق فقال انه قد شهد (1) بدراً وما يدريك (2) لعل الله قد أطلع على أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم فقد غفرت لكم وفى لفظ (3) فقد وجبت لكم الجنة فأغرورقت عينا عمر رضى الله عنه وقال: الله تعالى ورسوله أعلم. (144) (عن جابر بن الله) (4) أن حاطب بن أبى بلتعة رضى الله عنه كتب إلى مكة

_ خاخ" موضع بين مكة والمدينة "الظعينة" المرأة "تعادى بناخيلنا" تجرى مسرعة وأصله تتعادى (لنقلبن) كذا بالاصل بقاف بعدها لام موحدة والمعروف والمشهور فى الروايات (لنقلين) بتقديم اللام الثانية على القاف ثم ياء تحتية مثناة (عقاصها) جمع عقيصة وهى الضفيرة من شعر الرأس (1) (إنه قد شهد بدرا) ظاهره أن العلة فى ترك قتله هى شهوده بدراً وهو دليل لمن يقول بقتل الجاسوس ولو كان من المسلمين (2) وقوله (لعل الله قد اطلع) الخ فيه بشارة عظيمة لاهل بدر لم تقع لغيرهم رضى الله عنهم. والترجى فى كلام الله وكلام رسوله معناه الوقوع والحصول. والمراد من قوله (اعملوا ما شئتم) الخ أنالذنوب إن وقعت منهم يغفرها الله عز وجل لهذه السابقة وقيل المراد أنهم إذا أذنبوا ذنبا يوفقهم الله إلى التوبة منه وبذلك يغفر لهم ويتجاوز عن سيئاتهم قال الحافظ: واتفقوا على أن البشارة المذكورة هى فيما يتعلق بأحكام الاخرة لا بأحكام الدنيا من الحدود وغيرها والله أعلم أهـ (3) (سنده) حدّثنا عفان ثنا أبو عوانة ثنا حصين حدّثنى سعد بن عبيدة قال تنازع أبو عبد الرحمن السلمى وحبان بن عطية فقال أبو عبد الرحمن لحبان قد علمت ما الذى جرأ صاحبك يعنى عليا رضى الله عنه قال فما هو لا أبالك قال قول سمعته من على رضى الله يقوله قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) أخرجه الشيخان وغيرهما فالبخارى من الطريق الأولى فى باب غزوة الفتح ومن القانية فى باب فضل من شهد بدراً وأخرجه مسلم من الطريقين فى باب فضائل أهل بدر من كتاب فضائل الصحابة رضى الله عنهم وقد زادا فى آخر الرواية الأولى من بعض طرقها فأنزل الله السورة (يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا عدوى وعدوكم أولياء تلقون اليهم بالمودة وقد كفروا بما جاءكم من الحق) إلى قوله (فقد ضل سواء السبيل) وقد تقدم هذا الحديث فى باب ما يفعل بالجاسوس الخ من كتاب الجهاد فى الجزء الرابع عشر ص 110 و 111. (144) (سنده) (4) حدّثنا حجين ويونس قالا ثنا الليث بن سعد عن أبى الزبير عن جابر ابن عبد الله الخ (تخريجه) قال الحافظ بن كثير فى تاريخه تفرد بهذا الحديث من هذا الوجه الامام أحمد وأسناده على شرط مسلم اهـ

-[فضائل حذيفة بن اليمان رضى الله عنه]- يذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أراد غزوهم فدل رسول الله صلى الله عليه وسلم على المرأة التى معها الكتاب فذكره نحوه. (146) (وعنه أيضا) (1) قال جاء عبد الحاطب بن أبى بلتعة رضى الله عنه أحد بنى أسد يشتكى سيده فقال يا رسول الله ليدخلن حاطب النار فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبت لا يدخلها انه قد شهد بدراً والحديبية. (باب ما جاء فى فضل حذيفة بن اليمان رضى الله عنه) (147) (عن زر بن حبيش عن حذيفة) (2) قال قالت لى أمى متى عهدكم النبى صلى الله عليه وسلم قال فقلت مالى به عهد منذ كذا وكذا قال فهمت بى قلت يا أماه دعينى حتى أذهب إلى النبى صلى الله عليه وسلم فلا أدعه حتى يستغفر لى ويستغفر لك قال فجئته فصليت معه المغرب فلما قضى الصلاة قام يصلى فلم يزل يصلى حتى صلى العشاء ثم خرج وزاد فى رواية (3) قال مالك فحدثته بالأمر فقال غفر الله لك ولأمك.

_ (146) (1) (سنده) حدّثنا حجاج حدثنا ابن جريج أخبرنى أبو الزبير انه سمع جابراً أنه سمع جابراً يقول الخ (تخريجه) رواه مسلم من طريق الليث عن أبى الزبير عن جابر فى باب فضائل أهل بدر من كتاب فضائل الصحابة رضى الله عنهم. (147) (باب) (2) (سنده) حدّثنا زيد بن الحباب أنا اسرائيل أخبرنى ميسرة ابن حبيب المنهال عن زر بن حبيش عن حذيفة قال الخ (3) قوله وزاد فى رواية (سندها وسياقها) حدثنا حسين بن محمد حدثنا اسرائيل عن ميسرة بن حبيب عن المنهال بن عمرو عن زر بن حبيش ع 7 ن حذيفة قال: سألتنى أمى منذ متى عهدك بالنبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم قال فقلت لها منذ كذا وكذا قال فنالت منى وسبتنى قال فقلت لها دعينى فإنى آتى النبى صلى الله عليه وسلم فأصلى معه المغرب ثم لا أدعه حتى يستغفر لى ولك قال فأتيت النبى صلى الله عليه وسلم فصليت معه المغرب فصلى النبى صلى الله عليه وسلم العشاء ثم انفتل فتبعته فعرض له عارض فناجاه ثم ذهب فاتبعته فسمع صوتى فقال من هذا فقلت حذيفة قال مالك فحدثته بالأمر فقال غفر الله لك ولأمك ثم قال أما رأيت العارض الذى عرض لى قبيل قال قلت بلى قال فهو ملك من الملائكة لم يهبط الأرض قبل هذه الليلة فاستأذن ربه أن يسلم على ويبشرنى أن الحين والحسين سيد شباب أهل الجنة وأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة رضى الله عنهم (تخريجه) أورده الترمذى فى مناقب الحسن والحسين عليهما السلام من جامعه تاما كالرواية الثانية قال حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن واسحق بن منصور قالا أخبرنا محمد بن يوسف عن اسرائيل به وقال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه لا نعرفه إلا من حديث اسرائيل أهـ واسرائيل هذا هو ابن يونس ابن ابى أسحق السبيعى الهمدانى أبو يوسف الكوفى من رواة السنة قال أحمد ثقة ثبت وقال أبو حاتم صدوق من أتقن أصحاب أبى أسحق كذا فى الخلاصة وقال فى التقريب ثقة تكلم فيه بلا حجة.

-[فضائل حذيفة بن اليمان رضى الله عنه]- (147) (عن حذيفة بن اليمان (1) رضى الله عنه) قال ما منعنى أن أشهد بدراً إلا أنى خرجت أنا وأبى حسيل (2) فأخذنا كفار قريش فقالوا انكم تريدون محمدًا فقلنا ما نريد إلا المدينة فأخذوا منا عهد الله وميثاقه لننصرهنًّ إلى المدينة ولا نقاتل معه فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرناه الخبر فقال انصرفا، نفى بعهدهم ونستعين الله عليهم. (148) (وعنه (3) أيضا) قال سألت النبى صلى الله عليه وسلم عن كل شئ حتى مسح الحصى (4) فقال واحدًة أو دع.

_ (147) (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا عبد الله بن محمد -وسمعته أنا من عبد الله ابن أبى شيبه -ثنا أبو أسامة عن الوليد بن جميع ثنا أبو الطفيل ثنا حذيفة بن اليمان قال الخ قوله فى السند: (وسمعته أنا من عبد الله بن أبى شبية) جملة معترضة من مقول عبد الله ابن الامام أحمد يبين بها أن هذا الحديث سمعه من عبد الله بن محمد شيخ أبيه بدون واسطة كما سمعه عن أبيه عن وعبد الله بن محمد هنا هو أبو بكر بن أبى شيبة قال فى الخلاصة عبد الله بن محمد بن ابراهيم ابن عثمان العبسى بموحدة مولاهم أبو بكر بن أبى شيبة الكوفى الحافظ أحد الأعلام قال البخارى مات سنة خمس وثلاثين ومائتين أهـ وعبد الله بن الامام أحمد ولد سنة ثلاث عشرة ومائتين (2) (حسيل) بالحاء والسين المهملتين بعدهما ياء تحتية مثناة بالتصغير علم والد حذيفة فهو بالرفع بدل أو عطف بيان من (أبى) ويقال له أيضا (حسل) بكسر أوله وتسكين ثانية واليمان لقبه قالوا لقب بذلك لأنه حالف بنى عبد الأشهل من الانصار وهم من اليمن شهد احداً هو وابنه حذيفة فقتله المسلمون خطأ يظنونه مشركا فوهب لهم حذيفة دمه رضى الله عنهما (تخريجه) أخرجه مسلم فى الصحيح بمثل أسناد أحمد ومتنه فى باب الوفاء بالعد من كتاب الجهاد والسير. (148) (3) (سنده) حدثنا وكيع عن ابن أبى ليلى عن شيخ يقال له هلال عن حذيفة قال الخ (4) قواه (حتى مسح الحصى) أى حتى سألته عن حكم مسح الحصى فى الصلاة (فقال) صلى الله عليه وسلم (واحدة) بالنصب أى مسح الحصى مسحة واحدة (او دع) يعنى أو ترك مسحه اطلاقا وهو أفضل لما فيه من الخشوع وترك العبث (تخريجه) أورده الحافظ الهيثمى فى باب مسح الحصى فى الصلاة عن كتابه مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وفى أسناده محمد بن أبى ليلى وفيه كلام أهـ وابن أبى ليلى هذا هو محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى الانصارى الكوفى القاضى أبو عبد الرحمن قال عنه الحافظ فى التقريب صدوق وسئ الحافظ جداً أهـ وقال عنه المنذرى صدوق إمام ثقة ردء الحفظ كثير الوهم كذا قال الجمهور فيه أهـ (أقول) لحديثه هذا شواهد كثيرة فى الصحيحين والسنن تجعل المنصف يطمئن إلى أن هذا الحديث بما لم يختل فيه ضبطه وعليه فيكون من نوع الحسن ولغيره والله أعلم راجع الجزء الرابع من الفتح الربانى ص 80 فى باب ما جاء فى عقص الشعر والعبث بالحصى الخ لتطلع على بعض هذه الشواهد.

-[حديث حذيفة رضى الله عنه فى الفتن التى تموج موج البحر]- (149) (عن حذيفة) (1) أنه قدم من عند عمر قال لما جلسنا إليه أمس سأل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أيكم سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الفتن فقالوا نحن سمعناه قال لعلكم تعنون فتنة الرجل فى أهله وماله (2) قالوا أجل قال لست عن تلك أسأل، تلك يكفها الصلاة والصيام والصدقة، ولكن أيكم سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الفتن التى تموج موج البحر، قال فأمسك القدم وظننت أنه اياى يريد، قلت أنا قال لى أنت، لله أبوك (3) قال قلت: تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير، (4) فأى قلب (5) أنكرها نكتت فيه نكتة بيضاء، وأى قلب أشر بها (6) نكتت فيه نكتة سوداء، حتى يصير القلب على قلبين أبيض مثل الصفا (7) لا يضره فتنة مادامت السموات والأرض والآخر أسود مربد (8) كالكوز مخجِّيها (9) -وأمال كفّه- لا يعرف معروفًا ولا ينكر منكرًا إلاّ ما أشرب من هواه

_ (149) (1) (سنده) حدّثنا يزيد بن هرون ثنا أبو مالك عن ربعى بن حراش عن حذيفة الخ وأبو مالك فى السند هو سعد بن طارق الاشجعى رحمه الله (2) قوله (فتنى الرجل فى أهله وماله) المراد بها فرط محبته لهم وشغله بسببهم عن كثير من الخير وكذلك تفريطه فى حقوقهم كتأديبهم وتعليمهم والانفاق عليهم وهذا الضرب من الفتن يكفر بالصلاة والصيام والصدقة فلم يكن هو المقصود لعمر رضى الله عنه وإنما يريد الفتن الكبرى (التى تموج موج البحر) (3) (لله أبوك) كلمة مدح تعتاد العرب الثناء بها (4) قوله (تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير) أى تظهر لها فتنة بعد أخرى متلاحقة كما تظهر عيدان الحصير لنا سجها عودا بعد عود (5) قوله فأى قلب اتكرها الخ يعنى أن القلوب بإزاء هذه الفتن المتلاحقة ضربان ضرب ينكرها واحدة بعد أخرى ويأبى أن ينغمس فيها فيصفو ويقوى ويمتلئ بخشية الله عز وجل قلا تضره فتنة مادامت السموات والأرض. وضرب آخر من القلوب ينغمس فى هذه الفتن ويتقبلها ويستجيب لدعاتها فتحدث فيه ظلمة بعد ظلمة حتى تعمه ظلمات الفتن ويغشاه سوادها فلا يكون فيه موضع لخير كالكوز الماثل إذا وضع فيه ماء زال عنه ولم يستقر فيه (6) (أشربها) دخلت فيه دخولا تاما وحلت منه محل الشراب (7) الصفا الحجر الاملس (8) مربد مثل محمر ومسود لانه من أربد بتشديد الدال والربدة بضم هى الكدرة (9) قوله كالكوز مخجيا اى مائلا وهو فى الأصل بتقديم الخاء المعجمة ومعناهما واحد يقال خجى الكوز وجخى بالتشديد فيهما مال عن الاستقامة والاعتدال فشبه القلب الذى لا يعى خيراً بالكوز المائل لذى لا يثبت فيه شئ أفاده فى النهاية وقال النسووى هو بميم مضمومة ثم جيم مفتوحة ثم خاء معجمة مكسورة معناه مائلا كذا قاله الهروى وغيره وفسره الراوى فى الصحيح بقوله منكوسا وهو قريب من معنى المائل أهـ (تخريجه) الحديث أخرجه مسلم فى صحيحه من طريق أبى خالد يعنى سليمان بن حيان عن سعد ابن طاوق عن ربعى عن حذيفة به وزاد فى آخره (قال حذيفة: وحدثته أن ينك وبينها بابا مغلقا يوشك أن يكسر قال عمرا كسراً لا أبالك فلو أنه فتح لعله كان يعاد قلت لا بل يكسر وحدثته أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت حديثا ليس بالاغاليط قال أبو خالد فقلت

-[فضائل حرام بن ملحان واستشهاده رضى الله عنه]- (باب ما جاء فى حرام بن ملحان خال أنس بن مالك رضى الله عنهما) (150) (عن أنس) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث حرامًا خاله أخا أم سليم فى سبعين رجلا فقتلوا يوم بئر معونة وكان رئيس المشركين يومئذ عامر بن الطفيل، وكان هو أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال اختر منى ثلاث خصال. يكون لك أهل السهل ويكون لى أهل الوبر، أو أكون خليفة من بعدك أو أغزوك بغطفان بألف أشقر وألف شقراء. قال فطعن فى بيت امرأة من بنى فلان، فقال غدة كعدة البعير، فى بيت امرأة من بنى فلان، ايتونى بفرسى. فأتى به فركبه فمات وهو على ظهره، فانطلق حرام أخو أم سليم رضى الله عنهما ورجلان معه رجل من بنى أمية ورجل أعرج فقال لهم كونوا قريبا منى حتى آتيهم، فان أمنونى والا كنتم قريبا فإن

_ لسعد يا أبا مالك ما أسود مرباداً قال شدة البياض فى سواد قال قلت فما الكوز مجخيا قال منكوسا أهـ وله فيه طريقان آخران، وقوله (شدة البياض فى سواد) تصحيف صوابه (شبه البياض فى سواد) كما قاله الشراح أنظر صحيح مسلم فى باب رفع الامانة والايمان من بعض القلوب وعرض الفتن على القلوب من كتاب الايمان (1 - 89 و 90) ط استانبول (150) (سنده) (1) حدّثنا عبد الصمد ثنا اسحق عن أنس الخ وأسحق فى السند هو ابن عبد الله بن طلحة الانصارى زوج أم سليم والدة أنش رضى الله عنه والحديث جاء فى وقعة بئر معونه وكانت فى صفر من السنة الرابعة للهجرة وملخصها أن أبا براء عامر بن مالك المدعو ملاعب الاسنه قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يسلم ولم يبعد فقال يا رسول الله لو بعثت أصحابك إلى أهل نجد يدعوهم الى دينك لرجوت أن يجيبوهم فقال انى أخاف عليهم نجد فقال أبو براء أنا جار لهم فبعث معه سبعين رجلا كما فى الصحيح وأمر عليهم المنذر ين عمرو أحد بنى ساعدة وكانوا من خيار المسلمين وفضلائهم وساداتهم وقرائهم فساروا حتى نزلوا بئر معونة وهى بين أرض بنى عامر وحرة بنى سليم فنزلوا هناك ثم بعثوا حرام بن ملحان (بكرس الميم على الاشهر وسكون اللام) أخا أم سليم بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عدو الله عامر بن الطفيل بن مالك بن أخى أبى براء عامر بن مالك (وليس هو عامر بن الطفيل الاسلمى الصحابى) فلم ينظر فيه وأمر رجلا فطعنه بالحرية من خلفه فلما أنفذها فيه ورأى الدم قال فزت ورب الكعبة أى بالشهادة ثم استنفر عدو الله لفوره بنى عامر إلى قتال الباقين فلم يجيبوه لاجل جوار أبى براء فاستنفر بنى سليم فأجابته عصيه ورعل وذكوان فجاموا حتى أحاطوا بأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقاتلوا حتى قتلوا عن آخرهم إلا كعب بن زيد النجارى فانه ارتث من بين القتلى فعاش حتى قتل يوم الخندق فأخبر الله رسوله بخبرهم على لسان جبريل فخزن رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد الحزن وقال هذا عمل أبى براء قد كنت لهذا كارها متخوفا ودعا على من غدر بأصحابه أربعين صباحا وقد شق على أبى براء إخفار عامر لعهده وما اصاب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسببه حتى ان ابنه ربيعة عمد إلى عامر فطعنه إلا أنه لم يمت وقال ان عشت نظرت فى امرى وان مت فدمى لعمى قالوا ومات أبو براء عقب ذلك أسفا على ما صنع به ابن أخيه وقد اختلف فى اسلامه وعاش عامر ابن الطفيل بعد ذلك قليلا ومات كافراً ذليلا بدعاء النبى صلى الله عليه وسلم عليه

-[فضائل حسان بن ثابت رضى الله عنه]- قتلوني أعلمتم أصحابكم، قال فأتاهم حرام فقال أتؤمنونى أبلغكم رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم إليكم قالوا نعم، فجعل يحدثهم وأومنوا إلى رجل منهم من خلفه فطعنه حتى أنفذه بالرمح: قال الله أكبر، فزت ورب الكعبة، قال: ثم قتلوهم كلهم غير الأعرج كان فى رأس جبل. قال أنس: فأنزل علينا وكان مما يقرأ فنسخ، ان بلغوا قومنا انا لقينا ربنا، فرضى عنا وأرضانا. قال فدعا النبى صلى الله عليه وسلم عليهم أربعين صباحا على رعل وذكوان وبنى لحيان وعصية الذين عصوا الله ورسوله. (باب ما جاء فى حسان بن ثابت رضى الله عنه) (151) (عن عائشة) (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع لحسان منبرًا فى المسجد ينافح (2) عنه بالشعر ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل ليؤيد حسان بروح القدس، ينافح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (152) (عن البراء بن عازب) (3) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لحسان بن ثابت أهج (4) المشركين فإن جبريل معك

_ (تخريجه) أخرجه الشيخان وغيرهما فالبخارى بنحو سياق أحمد فى باب غزوة الرجيع الخ من كتاب المغازى ومسلم أخرجه مختصراً فى باب استحباب القنوت إذا نزلت بالمسلمين نازلة من كتاب الصلاة غير أن روايتهما أنه صلى الله عليه وسلم دعا عليهم صباحا وفى البخارى فى الجهاد فدعا عليهم أربعين صباحا كرواية أحمد قال الزرقانى: واخباره بالاقل لا ينفى الزائد أهـ وقد تقدم هذا الحديث مشروحا مخرجا فى باب سرية بئر معونة فى حوادث السنة الرابعة للهجرة (فى الجزء الحادى والعشرين ص 63 و 64 برقم 216) (151) (باب) (1) (سنده) حدّثنا موسى بن داود ثنا ابن أبى الزناد عن أبيه عن عروة عن عائشة ألخ (سند آخر) حدّثنا موسى ثنا ابن أبى الزناد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة مثله، وعلى هذا فيكون لابن أبى الزناد شيخان فى الحديث أحدهما والده وثانيهما هشام (غريبه) (2) ينافح عنه أى يخاصم عنه ويدافع يقال نفح عن فلان ونافح عنه، وكان المشركون يهجون رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشعر فكان حسان ينافح عنه وكذلك كعب بن مالك وعبد الله بن رواحة رضى الله عنهم -و"روح القدس" هو جبريل عليه السلام (تخريجه) أخرجه من طريق ابن أبى الزناد عن أبيه وعن هشام بالسند المذكور أبو داود والترمذى وقال حسن صحيح. (152) (3) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا الشيبانى عن عدى بن ثابت عن البراء بن عازب ألخ والشيبانى هو أبو اسحق سليمان (غريبه) (4) أهج بضم الهمزة والجيم بينهما هاء ساكنة أمر من هجا يهجو هجواً وهو نقيض المدح وهمزته وصل لان ماضيه ثلاثى (تخريجه) أخرجه الشيخان من طريق شعبه عن هدى هو ابن ثابت قال سمعت البراء بن عازب يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحسان بن ثابت أهجهم

-[ما جاء في فضل حنظلة بن حذيم رضى الله عنه]- (153) (باب ما جاء فى حنظلة بن حذيم رضى الله عنهما) (عن ذيال بن عبيد بين حنظلة) (1) عن جده حنظلة بن حذيم رضى الله عنهما أن أباه دنا به إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال أن لى بنبن ذوى لحى ودون ذلك وان ذا أصغرهم فادع الله له فمسح رأسه وقال بارك الله فيك او بورك فيك قال ذيال: فلقد رأيت حنظلة يؤتى بالإنسان الوارم وجهه او البهيمة الوارمة الضرع فيتفل على يديه ويقول بسم الله ويضع يده على رأسه ويقول على موضع كف رسول الله صلى الله عليه وسلم فيمسحه عليه (2) وقال ذيال فيذهب الورم "حرف الخاء المعجمة" (154) (باب ما جاء فى فض خالد بن الوليد رضى الله عنه) (عن وحشى بن حرب) (3) أن أبا بكر رضى الله عنه عقد لخالد بن الوليد على قتال أهل الردة وقال انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم يقول نعم عبد الله وأخو العشيرة خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله عز وجل على الكفار والمنافقين

_ أو هاجهم وجبريل معك قال البخارى وزاد ابراهيم بن طهمان عن الشيبانى عن عدى بن ثابت عن البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم قريظة لحسان بن ثابت أهج المشركين فإن جبريل معك قال فى الفتح قوله (وزاد ابراهيم بن طهمان) وصله النسائى وإسناده على شرط البخارى وزيادته فى هذا الحديث معينة أن الأمر له بذلك وقه يوم قريظة (راجع صحيح مسلم فى فضائل حسان والبخارى فى غزوة بنى قريظة) (153) (باب) (1) (سنده) حدّثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا ذيال بن عبيد بن حنظلة قال سمعت حنظلة بن حذيم جدى أن جده حنيفة قال لحذيم اجمع لى بنى فانى أريد أن أوصى الحديث وفيه. فدنا إبى إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال إن لى بنين الخ وحذيم أوله حاء مهملة مكسورة ثم ذال معجمة ساكنة ثم باء تحتية مفتوحة (غريبة) (2) ذكر الحافظ فى الاصابة هذا الحديث بطوله عن الامام أحمد فى ترجمة حنظلة وزاد فيه بعد قوله (فيمسحه عليه) هذه الجملة. (ثم يمسح موضع الورم) والظاهر أنها ساقطة من النساخ وبناء على ذلك يكون قوله (فيمسحه عليه) تفسيراً لقوله (ويقول على موضع كيف رسول الله صلى الله عليه وسلم). (تخريجه) رواه أحمد فى حديث طويل سبق بتمامه فى كتاب الوصايا ورجاله ثقات ورواه الطبرانى فى الاوسط والكبير بنحوه أفاد الهيثمى. راجع الحديث بطوله وشرحه وتمام تخريجه فى الجزء الخامس عشر من الفتح الربانى وشرحه ص 186 وما بعدها فى باب جواز تبرعات المريض من الثلث الخ. (154) (باب) (3) (سنده) ثنا على بن عياش ثنا الوليد بن مسلم حدثنى وحشى بن حرب بن وحشى بن حرب عن أبيه عن حده وحشى بن حرب أن أبا بكر ألخ. (تخريجه) أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى بنحوه ورجالهما ثقات أهـ.

-[فضائل خالد بن الوليد رضى الله عنه]- (155) (عن أبي عبيدة بن الجراح) (1) عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله (156) (عن أبى هريرة) (2) قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى إذا كنا تحت ثنية لفت (3) طلع علينا خالد بن الوليد من الثنية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى هريرة أنظر من هذا قال أبو هريرة خالد بن الوليد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم عبد الله هذا (157) (حدثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا عبد الرازق عن معمر عن الزهرى قال وكان عبد الرحمن بن أزهر يحدث عن خالد بن الوليد بن المغيرة خرج يومئذ (أى يوم حنين) وكان على الخيل خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن أزهر فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بعدما هزم الله الكفار ورجع المسلمون إلى رحالهم يمشى فى المسلمين ويقول من يدل على رحلى خالد بن الوليد قال فمشيت أو فسعيت بين يديه وأنا محتلم (4) أقول من يدل على رحل خالد بن الوليد حتى تخللنا

_ (155) (1) (سنده ومتنه) ثنا حسين بن على الجعفى عن زائدة عن عبد الملك بن عمير قال استعمل عمر بن الخطاب أبا عبيدة بن الجراح على الشام وعزل خالد بن الوليد قال فقال خالد بن الوليد بعث عليكم أمين هذه الأمة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح قال أبو عبيدة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خالد سيف من سيوف الله عز وجل ونعم فى العشيرة (تخريجه) قال الهيثمى رجاله رجال الصحيح إلا أن عبد الملك بن عمير لم يدرك أبا عبيدة أهـ. (156) (2) (سنده) ثنا مكى ثنا هاشم بن هاشم عن أسحق بن الحارث بن عبد الله بن كنانة عن أبى هريرة قال ألخ (غريبه) (3) الثنية فى الجبل (بفتح المثلثلة وكسر النون وتشديد المثنأة التحتية) كالعقبة فيه وقيل هى الطريق العالى فيه وقيل أعلى المسيل فى رأسه و (ثنية لفت) بين مكة والمدينة من إضافة المسمى إلى الاسم ولامها مفتوحة والفاء ساكنة أو مفتوحة ومنهم من كسر اللام مع السكون أهـ من النهاية بتصرف (تخريجه) رواة أحمد فى هذا الحديث ثقات غير أنه قد حصل قلب فى نسب أسحق وصوابه كما فى التقريب والخلاصة (أسحق بن عبد الله بن الحارث بن كمامة) وينسب إلى جده (الحارث بن كنانة) وقد رواه الترمذى فى المناقب عن أبى هريرة من طريق آخر رجاله ثقات بأتم من هذا حدثنا قتيبة حدثنا الليث عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبى هريرة قال نزلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم منزلا فجعل الناس يمرون فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا يا أبا هريرة فأقول فلان فيقول نعم عبد الله هذا ويقول من هذا فأقول فلان فيقول بئس عبد الله هذا حتى مر خالد بن الوليد فقال من هذا فقلت هذا خالد بن الوليد فقال نعم عبد الله خالد بن الوليد سيف من سيوف الله قال أبو عيسى حديث حسن غريب ولا نعرف لزيد سماعاً من أبى هريرة أهـ. (157) (غريبه) (4) المراد بالغ قال فى المصباح حلم الصبى وأحتلم أدرك وبلغ مبلغ الرجال فهو حالم ومحتلم

-[فضائل خالد بن الوليد رضى الله عنه]- (1) على رحله فإذا خالد مستند إلى مؤخرة (2) رحله فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظر إلى جرحه قال الزهرى وحسبت أنه قال ونفث (3) فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم (158) (عن عمرو بن العاص رضى الله عنه (4)) فى قصة اسلامه قال ثم خرجت عامدا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأسلم فلقيت خالد بن الوليد وذلك قبيل الفتح وهو مقبل من مكة فقلت أين يا أبا سليمان قال والله لقد استقام المنسم (ى تبين الطريق) وان الرجل لنبي أذهب والله أسلم فحتى متى قال قلت والله ما جئت إلا لأسلم قال فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فتقدم خالد بن الوليد فاسلم وبايع الحديث وفى آخره قال ابن اسحق (أحد الرواة) وقد حدثنى من لا أتهم ان عثمان ابن طلحة بن أبى طلحة كان معهما أسلم لحين أسلما. (باب ما جاء فى خباب بن الأرت رضى الله عنه) (159) (عن حارثة بن مضرب) (5) قال دخلت على خباب وقد اكتوى سبعا فقال لولا انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يتمن (6) أحدكم الموت لتمنيته ولقد رأيتنى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا أملك درهما وان فى جانب بيتى الآن لأربعين ألف درهم قال ثم أتى بكفنه فلما رآه بكى وقال لكن حمزة لم يوجد له كفن إلا بردة ملحاء (7) إذا جعلت على رأسه قلصت عن قدميه (8) وإذا جعلت على قدميه قلصت عن رأسه حتى مدت على رأسه وجعل على قدميه الإذخر (9)

_ (1) المراد دخلنا عليه فى رحله ولعل الصواب فى الزاوية (تخللنا عليه رحله) قال فى المختار الخلل الفرجة بين الشيئين والجمع خلال كجبل وجبال وتخلل القوم دخل بين خللهم وخلالهم أهـ وفيه. الرجل مسكن الرجل وما يستصحبه من الأثاث (2) مؤخرة الرجل (بضم الميم وسكون الهمزة وكسر الخاء المعجمة) الخشبة التى يستند إليها الراكب من كور البعير (3) النفث شبيه بالنفخ وهو أقل من التفل وقد نفث الراقى من باب ضرب ونصر كذا فى المختار (تخريجه) رجاله رجال الصحيح ورواه الشافعى فى مسنده أخبرنا معمر عن الزهرى عن عبد الرحمن بن أزهر قال رأيت النبى صلى الله عليه وسلم عام حنين سأل عن رحل خالد بن الوليد فجريت بين يديه أسأل عن رجل خالد بن الوليد حتى أتاه جريحاً وأتى النبى صلى الله عليه وسلم بشارب فقال اضربوه بالأيدى والنعال وأطراف الثياب .. الحديث وأخرجه بنحو حديث الشافعى أبو داود فى كتاب الحدود من سننه (158) (4) سيأتى الكلام على هذا الحديث فى ترجمة عمرو بن العاص إن شاء الله (159) (باب) (5) (سنده) حدّثنا يحيى بن آدم قال ثنا اسرائيل عن أبى أسحق عن حارثة بن مضرب قال ألخ (غريبه) (6) لا يجوز تمنى الموت عند حلول مصائب الدنيا لأنه يشعر بالجزع ونفاد الصبر ولأنه إن كان محسناً فأنه يزداد بطول الحياة إحساناً وإن كان مسيئا فلعله يتوب قبل مباغته الأجل (7) بردة ملحاء فيها خطوط سود وبيض (8) قلصت عن قدميه أرتفعت عنهما قلص الشئ انضم وانزى وبابه جلس (9) الإذخر بكسر اوله وثالثه وتسكين ثانية حشيشة

-[ما جاء في خباب بن الأرت رضى الله عنه]- (160) (عن خباب هو ابن الأرت رضى الله عنه) (1) قال هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتغى وجه الله تبارك وتعالى فوجب أجرنا على الله عز وجل فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئًا منهم مصعب بن عمير قتل يوم أحد فلم نجد شيئًا نكفنه فيه إلا نمرة (2) كنا إذا غطينا بها رأسه خرجت رجلاه وإذا غطينا رجليه خرج رأسه فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطى بها رأسه ونجعل على رجليه إذخرا ومنا من أينعث له ثمرته فهو يهد بها يعنى يجتنيها (161) (عن خباب) (3) قال شكونا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (4) وهو يومئذ متوسد (5) بردة فى ظل الكعبة، فقلنا ألا تستنصر لنا الله تبارك وتعالى -أو ألا تستنصر لنا- قال

_ طيبة الرائحة الواحدة إذخرة (تخريجه) لم أر بهذا السياق لغير الامام أحمد وإسناده جيد كما قال الشيخ رحمه الله فى الحديث رقم 138 من كتاب الجائز ومعناه جاء فى عدة أحاديث صحيحة منها ما أخرجه الشيخان واللفظ للبخارى عن قيس بن أبى حازم قال دخلنا على خباب بن الأرت رضى الله عنه نعوده وقد اكتوى سبع كيات فقال إن أصحابنا الذين سلفوا مضوا ولم تنقصهم الدنيا وأنا أصبغنا ما لا نجد له موضعا إلا التراب ولولا أن النبى صلى الله عليه وسلم نهانا أن ندعو بالموت لدعوت به ثم أتيناه مرة أخرى وهو يبنى حائطا له فقال إن المسلم ليؤجر فى كل شئ بنفقه إلا فى شئ يجعله فى هذا التراب وأخرج الترميذى نحوه من رواية غندر عن شعبة عن أبى أسحاق عن حارثه بن مضرب قال دخلت على خباب الحديث ومنها ما أخرجه البخارى عن سعد (هو ابن ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف) عن أبيه قال أتى عبد الرحمن بن عوف يوما بطعامه فقال قتل مصعب بن عمير وكان خيراً منى فلم يوجد له ما يكفن فيه ألا بردة وقتل حمزة أو رجل آخر خير منى فلم يوجد له ما يكفن فيه إلا بردة لقد خشيت أن تكون قد عجلت لنا طيباً تنا فى حياتنا الدنيا قال الحافظ ولم يقع فى أكثر الروايات إلا بذكر حمزة ومصعب فقط أهـ وفى رواية للبخارى عن عبد الرحمن قال قتل مصعب بن عمير وهو خير منى كفن فى بردة إن غطى رأسه بدت رجلاه وإن غطى رجلاه بدا رأسه قال الحافظ وروى الحاكم فى المستدرك من حديث أنس أن حمزة أيضا كفن كذلك. (تنبيه) عد الشيخ رحمه الله هذا الحديث من زوائد عبد الله على مسند أبيه وعذره فى ذلك أنه جاء كذلك فى المسند ج 5 ص 111 (حدّثنا عبد الله ثنا يحيى بن آدم) ولكنه جاء فى مواضع أخرى أنه من رواية عبد الله عن أبيه كما فى المسند ج 6 ص 396، ج 5 ص 109 أنه سقط من السند الذى نقله الشيخ لفظة (حدّثنى أبى) وأن الحديث ليس من زوائد عبد الله راجع كتاب الجنائز فى الجزء السابع حديث رقم 138 من الفتح الربانى وشرحه. (160) (1) (سنده) ثنا يحيى قال سمعت الأعمش شقيقا سمعت خبابا (ح) وأبو معاوية ثنا الاعمش عن شقيق عن خباب قال الخ (غريبه) (2) بفتح النون وكسر الميم كساء من صوف يلبسه الأعراب (تخرجيه) رواه الشيخان وأصحاب السنن الثلاثة وتقدم فى الجنائز برقم 137 فى الجزء السابع ص 182 (161) (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن اسماعيل ثنا قيس عن حباب قال ألخ (غريبه) (4) أى شكونا اليه ما نلقاه من أذى المشركين لدخولنا فى الاسلام (5) وهو متوسد بردة له

-[فضائل خبيب رضى الله وقصة استشهاده]- قد كان الرجل فيمن كان قبلكم يؤخذ فيحفر له فى الأرض، فيجاء بالمنشار على رأسه فيجعل بنضفين، فما يصده ذلك عن دينه، ويمشط بأمشاط الحديد ما دون عظمه من لحم وعصب فما يصده ذلك. والله ليتمّنّ الله عز وجل هذا الأمر (1)، حتى يسير الراكب من المدينة الى حضر موت، لا يخاف الا الله تعالى والذنب على غنمه، ولكنكم تستعجلون. (باب ما حاء فى فضل خبيب الأنصارى رضى الله عنه) عن أبى هريرة رضى الله عنه) (2) قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط (3) عينا وأمر عليهم عاصم بن ثابت بن الأقلج جد عاصم بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهم فانطلقوا حتى إذا كانوا بالهدّة (4) بين عسفان ومكة ذكروا (5) حيا من هذبل يقال لهم بنو لحيان فنفروا لهم بقريب من مائة رجل رام فاقتصوا آثارهم حتى وجدوا مأكلهم التمر في منزل

_ أي جاعلها تحت رأسه كالوسادة. والبردة بضم فسكون كساء أسود مربع 1) أى دين الاسلام حتى ينتشر الامن بين المسلمين فلا يخافون إلا الله تعالى وإلا الذئب على عنمهم وقد كان ذلك كله والحمد لله (تخريجه) رواه البخارى فى علامات النبوة وأبو داود والنسائى. (162) باب (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا سليمان بن داود أنا ابراهيم بن سعد عن الزهرى (ح) ويعقوب قال حدّثنا أبى عن ابن شهاب -قال أبى وهذا حديث سليمان الهاشمى- عن عمرو بن أسيد بن جارية الثقفى حليف بنى زهرة وكان من أصحاب أبى هريرة ان أبا هريرة قال الخ ومن ذلك يتبين أن للامام أحمد فى هذا الحديث عن الزهرى طريقين أولهما طريق سليمان الهاشمى وثانيهما طريق يعقوب, وان الزهرى رواه عن عمرو بن أسيد عن أبى هريرة، أما جمله (قال أبى وهذا حديث سليمان الهاشمى) فهى من مقول عبد الله بن الامام أحمد يبين بها أن الحديث مسوق بلفظ سليمان بن داود لا بلفظ يعقوب (غريبه وشريحه) (3) بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرة رهط عينا أى جواسيس إلى مكة ليأتوه بأخبار قريش وقيل إن السبب فى بعثهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما بعث إلى سفيان بن خالد بن نبيح الهذلى ثم اللحيانى من قتله لأنه كان يجمع الجموع لحربه مشت بنو لحيان من هذيل إلى عضل والقارة فجعلوا لهم ابلا على أن يكلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم ليخرج إليهم نفراً من أصحابه فقدم سبعة نفر منهم مقرين بالاسلام فقالوا يا رسول الله ان فينا اسلاما فابعث معنا نفراً من أصحابك يفقهوننا فى الدين ويقرؤونا القرآن ويعلموننا شرائع الاسلام فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم هؤلاء الرهط وأمر عليهم عاصم بن ثابت بن أبى الأقلح (بالقاف واللام والحاء المهملة كما قاله القسطلانى) الأنصارى حتى إذا كانوا على الرجيع، ماء لهذيل بناحية الحجاز غدروا بهم فاستصرخوا عليهم هذيلا فلم يرع القوم وهم فى رحالهم إلا الرجال بأيديهم السيوف قال الزرقانى ويجمع بين الروايتين بأنه لما أراد بعثهم عيونا وافق مجئ النفر من عضل والقارة فى طلب من يفقههم فى الدين فبعثهم فى الأمرين أهـ وكان ذلك فى صفر من السنة الرابعة (4) الهدة بفتح الهاء وتشديد الدال موضع بين مكة وعسفان ويقال أيضا لموضع بين مكة والطائف والأول هو المراد هنا وهى فى رواية البخارى (الهدأة) بسكون الدال وتفتح وبالهمزة بعدها (5) قوله "ذكروا حياً من

-[فضائل خبيب رضى الله عنه وقصة استشهاده]- نزلوه قالوا نوى تمر يثرب فاتبعوا آثارهم فلما اخبرهم عاصم وأصحابه لجأوا إلى فدفد (1) فأحاط بهم القوم فقالوا لهم انزلوا وأعطونا بأديكم ولكم العهد والميثاق ان لا نقتل منكم أحدا فقال عاصم بن ثابت أمير القوم أما أنا والله لا أنزل فى ذمة كافر اللهم أخبر هنا نبيك صلى الله عليه وسلم فرموهم بالنبل فقتلوا عاصما فى سبعة ونزل إليهم ثلاثة نفر على العهد والميثاق منهم خبيب (2) الانصارى وزيد بن الذثنة ورجل آخر فلما تمكنوا منهم أطلقوا أوتار قسيهم فربطوهم بها فقال الرجل الثالث هذا أول الغدر والله لا أصحبكم إن لى بهؤلاء لأسوة يريد القتلى فجرروه رعا لجوه فأبى أن يصحبهم فقتلوه فانطلقوا بخبيب وزيد بن الدثنة حتى باعهما بمكة (3) بعد وقعة بدر فاتباع بنو الحرث بن نوفل لن عبد مناف خبيبا وكان خبيب هو قتل الحرث بن عامر ابن نوفل يوم بدر فلبث خبيب عندهم أسيرا حتى أجمعوا قتله فاستعار من بعض بنات الحرث موسى يستحد (4) بها للقتل فأعارته اياها فدرج بنى لها قالت وأنا غافلة حتى أتاه فوجدته يجلسه على فخذه والموسى بيده قالت ففزعت فزعة عرفها خبيب قال أتخشين أنى أقتله ما كنت لأفعل فقالت والله ما رأيت أسيرا قط خيرا من خبيب قالت والله لقد وجدته يوما يأكل قطفا من عنب فى يده انه لموثق فى الحديد وما بمكة من ثمرة وكانت تقول انه لرزق رزقه الله خبيبا فلما خرجوا به من الحرم ليقتلوه فى الحل قال لهم خبيب دعونى أركع ركعتين فتركزه فركع ركعتين ثم قال والله لولا أن تحسبوا أن ما بى جزع من القتل لزدت اللهم أخصهم (5) عددا واقتلهم بددا ولا تبق منهم أحدا. فلست أبالى حين أقتل مسلما ... على أى جنب كان لله مصرعى وذلك فى ذات الاله وان يشأ ... ببارك على أوصال (6) شلو ممزع ثم قام إله أبو سروعه عقبة بن الحرث فقتله وكان خبيب هو سن لكل مسلم قتل

_ هذيل، كذا بالأصل والأظهر رواية البخارى ولفظها "ذكروا الحى من هذيل" (1) فدفد بفائين مفتوحتين ودالين مهملتين أولاهما ساكنة أى ربوة مرتفعة (2) خبيب بضم الخاء المعجمة وفتح الباء مصغراً هو ابن عدى الانصارى وزيد بن الدثنة بفتح الدال بعدها مثلثة مكسورة أو مفتوحة ثم نون مفتوحة وشددها بعضهم وثالثهم هو عبد الله بن طارق (3) قوله (حتى باعوهما بمكة بعد وقعة بدر) أفاد الكرمانى أن الظرف متعلق بأول الكلام وهو قوله (بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم الخ) إذ الكل كان بعد وقعة بدر لا البيع وحده (4) أى يحلق بها شعر عانته لئلا يظهر عند قتله (5) أى عمهم بالهلاك (وأقتلهم بدداً) بفتح الباء الموحدة والدال المهملة الاولى مصدر بمعنى التبدد وهوالتفرق أى اقتلهم ذوى بدد وتفرق ومنهم من رواه بكسر الباء وهو جمع مفرده بدّه وهى القطعة اى اقتلهم متفرقين (6) اى على اعضاء جسم ممزق والأوصال جمع وصل وهو العضو والشار بكسر المعجمة وإسكان اللام الجسد والممزع المقطع

-[فضائل خبيب رضى الله عنه وقصة استشهاده]- صبرًا واستجاب الله عز وجل لعاصم بن ثابت يوم أصيب فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه يوم أصيبوا خبرهم، وبعث ناس من قريش إلى عاصم بن ثابت رضى الله عنه حين حدثوا أنه قتل ليؤتى (1) بشئ منه يعرف وكان قتل رجلا من عظمائهم يوم بدر فبعث الله عز وجل على عاصم مثل (2) الظلة من الدبر فخمته من رسلهم فلم يقدروا على أن يقطعوا منه شيئا. (163) (وعن عمرو بن أمية) الضمرى رضى الله عنه (3) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وحده عينا إلى قريش قال فجئت إلى خشبة خبيب وأنا أتخوف العيون فرقيت قها فحللت خبيبا فوقع إلى الأرض فانتبذت غير بعيد ثم التفتت فلم أر خبيبا ولكأنما ابتلعته الأرض فلم لخبيب أثر حتى الساعة

_ 1) قوله: ليؤتى بشئ منه يعرف، كذا بالاصل ورواية البخارى (ليؤتوا -بالبناء للمفعول- بشئ منه يعرف) وهى أوضح والمراد أنهم بعثوا من يقطع منه عضوا يعلمون به انه عاصم من شدة حقدهم عليه لأنه قتل عقبة بن لأبى معيط صبراً بأمره صلى الله عليه وسلم بعد أن أسره فى عزوة بدر (2) الظلة السحابة والدبر بفتح الدال المهمله وسكون الموحدة الزنابير قال القسطلانى وانما لم يحمه الله تعالى من القتل وحماه من قطع شئ من بدنه لان القتل موجب للشهادة بخلاف القطه فلا ثواب فيه مع ما فيه من هتك حرمته وقال ابن القيم فى زاد المعاد وأما زيد بن الدثنة فابتاعه صفوان بن أمية فقتله بأبيه (فائدة) فى الحديث منقبة عظيمة لعاصم ولخبيب اما عاصم فلأن الله قد استجاب دعوته (اللهم أخبر عنه نبيك صلى الله عليه وسلم) ولان الله قد حمى جثمانه الطاهر من عبث المشركين وأما خبيب فلأن الله قد رزقه بقطف العب وهو موثق بالحديد وما بمكة من ثمرة حينئذ ولان الله قد استجاب له دعوته فلم يحل الخول ومنهم أحد حى كما فى بعض الروايات وفى الحديث أيضاً إثبات كرامات الاولياء وفيه فوائد أخرى ذكرها الشيخ رحمه الله فى الجزء الحادى والعشرين ص 60 وما بعدها (تخريجه) هذا الحديث أخرجه البخارى فى الجهاد والمغازى والتوحيد وأبو داود فى الجهاد والنسائى فى السير أفاده القسطلانى (163) (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا عبد الله بن محمد بن أبى شيبه -وسمعته أنا من ابن أبى شيبة بالكوفة وقال لنا فيه اين أبى شيبة عن الزهرى وأما أبى فحدثناه عنه ولم يذكر الزهرى وحدثناه بالكوفة جعله لنا عن الزهرى ثم رجع إلى حديث أبى -ثنا جعفر بن عون عن ابراهيم بن اسماعيل أخبرنى جعفر بن عمرو بن أمية عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه وحده عينا ... الحديث وقوله فى السند (وسمعته أنا من ابن أبى شيبه -إلى قوله- ثم رجع إلى حديث أبى) من كلام عبد الله بن الامام أحمد معناه أن أباه روى له الحديث عن ابن أبى شيبة عن جعفر بن عون عن ابراهيم ابن اسماعيل عن جعفر بن عمرو ووليس في رواته الزهرى ولكن ما سمعه عبد الله من شيخ أبيه ابن أبى شيبه ذكر فى رواته الزهرى ثم رجع عن ذلك إلى ما رواه أوبه عنه (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفى اسناده ابراهيم بن اسماعيل وهو ضعيف أو مجهول كما يعلم من التقريب

-[ما جاء في خريم الأسدى رضى الله عنه]- (164) (باب ما جاء فى خريم الأسدى رضى الله عنه) (عن قيس بن بشر) التغلبى (1) قال أخبرنى أبى وكان جليسا لأبى الدرداء قال كان بدمشق رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يقال له ابن الحنظلية (2) وكان رجلا متوحدًا (3) قلما يجالس الناس إنما هو فى صلاة فإذا فرغ فإنما يسبح ويكبر حتى يأتى أهله فمر بنا يوما ونحن عند أبى الدرداء فقال له أبو الدرداء تنفعنا ولا تضرك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم الرجل خريم (4) الأسدى لولا طول جمته (5) وأسبال ازاره (6) (وفى رواية لو قص من شعره وقصو ازاره) فبلغ ذلك خريما فجعل (7) يأخذ شفرى يقطع بها شعره إلى أنصاف أدتيه ورفع ازاره إلى أنصاف ساقيه قال فاخبيرنى أبى قال دخلت بعد ذلك على معاوية فاذا عنده شيخ جمته فوق أذنيه ورداؤه إلى ساقيه فسألته عنه فقالوا هذا خريم الاسدى. (باب ما جاء فى خزيمة بن ثابت الانصارى صاحب الشهادتين رضى الله عنه) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو اليمان ثنا شعيب عن الزهرى حدثنى عمارة بن خزيمة الأنصارى أن عمه حدثه وهو من أصحاب النبى صلى الله عليه واله وسلم أن النبى صلى الله عليه وسلم ابتاع (8) فرسا اعرابى فاستتبعه (9) النبى صلى الله عليه وسلم ليقضيه ثمن فرسه فأسرع النبى صلى الله عليه وسلم المشي وابطأ

_ (164) (باب) (1) (سنده) ثنا عبد الملك بن عمرو أبو عامر قال ثنا هشام بن سعد قال ثنا قيس بن بشر التغلبى قال اخبرنى أبى الخ أبو عامر كنية عبد الملك بن عمرو وقد اقتصر الشيخ رحمه الله على ما يناسب الترجمة من الحديث كما اقتصر على بعض آخر منه فى كتاب الجهاد برقم 187 والحديث يأتى بسياقه تاما ان شاء الله فى مناقب سهل بن الحظلية (غريبه) (2) هو سهل بن الربيع بن عمرو ويقال سهل بن عمرو انصارى حارثى سكن الشام والحنظلية أمه وقيل هى أم جدخ وهى من بنى حنظلة من تميم قاله المنذرى (3) متواجداً معناه يميل إلى الوحدة والعزلة عن الناس فقوله (قلما يجالس الناس) تفسير له (4) خزيم -بضم الخاء المعجمة وفتح الراء وسكون التحتية المثناة وبعدها ميم- وأبوه فاتك -بالفاء وبعد الألف تاء فوقيه مثناة وكاف -ابن الأخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك الأسدى أبو أيمن ويقال أبو يحيى له صحبة (5) قال فى المصباح الجمة من الانسان مجتمع شعر ناصيته يقال هى التى تبلغ المنكبين والجمع جمعهم مثل غرفة وغرف والمراد أن شعر رأسه طويل إلى المنكبين (6) أسبال الأزار ارخاؤه وتطويله (7) قوله (فجعل يأخذ شفرة) كذا فى المسند. ولفظ أبى داود (فجعل فاخذ شفرة) وكل منهما صحيح المعنى. والشفرة بالفتح السكين العظيم (تخريجه) أخرجه أبو داود فى باب ما جاء فى أسبال الأزار من كتاب اللباس وسكت عنه هو والمنذرى وقال النووى فى رياض الصالحين رواه ابو داود باسناد حسن الاقيس بن بشر فاختلفوا فى توثيقه وتضعيفه وقد روى له مسلم أهـ وقال فى التقريب قيس بن بشر التغلبى بالمعجمة وكسر اللام الشامى مقبول من السادسة أهـ. (165) (باب) (غريبه) (8) ابتاع أى اشترى (9) فاستتبعه أي قال للأعرابي اتبعني

-[ما جاء في خزيمة بن ثابت الأنصارى صاحب الشهادتين رضى الله عنه]- الأعرابي فطفق رجال يعترضون الاعرابى فيساومون بالفرس لا يشعرون أن النبى صلى الله عليه وسلم ابتاعه حتى زاد بعضهم الأعرابى فى السوم على ثمن الفرس الذى ابتاعه به النبى صلى الله عليه وسلم فنادى الاعرابى النبى صلى الله عليه وسلم فقال ان (2) كنت مبتاعا هذا الفرس فابتعه والا بعته فقام النبى صلى الله عليه وسلم حين سمع نداء الاعرابى فقال أوليس قد ابتعته منك قال الاعرابى لا والله ما بعتك فقال النبى صلى الله عليه وسلم بلى قد ابتعته منك فطفق الناس يلوذون (2) بالنبى صلى الله عليه وسلم والاعرابى وهما يتراجعان فطفق الاعرابى يقول هلم (3) شهيدًا يشهد انى بايعتك فمن جاء من المسلمين قال للاعرابى ويلك النبى صلى الله عليه وسلم لم يكن ليقول إلا حقا حتى جاء خزيمة فاستمع لمراجعة النبى صلى الله عليه وسلم ومرجاعة الاعرابى فطفق الاعرابى يقول هلك شهيدًا يشهدنى بايعتك قال خزيمة انا أشهد أنط قد بايعته فأقبل النبى صلى الله عليه وسلم على خزيمة فقال بم تشهد فقال (4) بتصديقك يا رسول الله فجعل (5) النبى صلى الله عليه وسلم شهادة خزيمة شهادة رجلين. (حدثنا عبد الله) حدّثنى أبى ثنا عثمان بن عمر هو ابن فارس أبا يونس عن الزهرى عن ابن (6) خزيمة بن ثابت الأنصارى صاحب الشهادتين عن عمه أن خزيمة بن ثابت الأنصاري

_ (1) إن كنت مبتاعًا هذا الفرس أى مريدا لشرائه فاتبعه اى فاشتراه (2) يلوذون الخ أى يحيطون بهما ويستمعون إلى حوارهما أى (3) هلم شهيداً أى هات شاهداً يشهد على ما تقول (4) بتصديقك أى بمعرفة أنك صادق فى كل ما تقول أو بسبب أنى صدقتك فى انك رسول الله ومعلوم أن الرسول لا يكذب فيما يخبر به (5) اى فحكم بذلك وصار شرعا اما بوحى جديد او بتفويض منه تعالى فى مثل هذه الامور قال السندى والمشهور أنه رد الفرس بعد ذلك على الاعرابى فمات من ليلته عنده. (تخريجه) أخرجه أبو داود والنسائى وسكت عنه المنذرى وأبو داود فالنسائى أخرجه فى باب التسهيل فى ترك الاشهاد على البيع، وأخرجه هذا حديث يضعه كثير من الناس فى غير موضعه وقد تذرع به قوم من أهل البدع إلى استحلال الشهادة لمن عرف عنده بالصدق على كل شئ أدعاه وانما وجه الحديث ومعناه أن النبى صلى الله عليه وسلم أنما حكم على الأعرابى بعلمه إذ كان النبى صلى الله عليه وسلم صادقاً فى قوله وجرت شهادة خزيمة فى ذلك مجرى التوكيد لقوله والاستظهار بها على خصمه فصارت فى التقدير كشهادة رجلين فى سائر القضايا (انتهى) وظاهره أن اعتبار شهادته كذلك خاص بتلك الحادثة ويناقضه ما أخرجه الطبرانى عن عمارة بن خزيمة عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم اشترى فرسا من سواد بن الحارات فجحده فشهد له خزيمة بن ثابت فقال به بم تشهد ولم تكن حاضراً قال بتصديقك وأنك لا تقول غلا حقا فقال النبى صلى الله عليه وسلم من شهد له خزيمة أو عليه فحسبه، قال الهيتمى رجاله كلهم ثقات قال الحافظ فى الفتح وفيه فضيلة الفطنة فى الامور وأنها ترفع منزلة صاحبها لأن السبب الذى أبداه خزيمة حاصل فى نفس الامر يعرفه غيره من الصحابة وإنما هو لما اختص يتفطنه لما غفل عنه غيره مع وضوحه جوزى على ذلك بان خص بفضيلة من شهد له خزيمة او عليه فحسبه. أهـ من تفسير سورة الاحزاب (8 - 399) ط الأميرية. (166) (غريبه) (6) ابن خزيسمة اسمه عمارة وعمه صحابى كما صرح به فى الحديث السابق (تخريجه) لم أقف

-[ما جاء في رافع بن خديج رضى الله عنه]- رآى في المنام أنه سجد على جبهة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فأخبر النبى صلى الله عليه وسلم بذلك فاضجع له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال صدق بذلك رؤياك فسجد على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم (167) (حدثنا عبد الله) حدّثنى أبى ثنا عبد الرازق انا معمر عن الزهرى عن خارجه بن زيد أو غيره أن زيد بن ثابت قال لما كتبت المصاحف فقدت آية (1) كنت أسمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجدتها عند خزيمة الانصارى (من المؤمنين رجال صدقوا اعاهدوا الله عليه -إلى- تبديلا) قال فكان خزيمة يدعى ذا الشهادتين أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين، قال الزهرى وقتل يوم صفين مع على رضى الله عنهما. "حرف الراء" (باب ما جاء فى رافع بن خديج رضى الله عنه) (168) (عن يحيى) بن عبد الحميد بن رافع بن خديج (2) قال اخبرتنى جدتى يعنى امرأة رافع بن خديج أن رافعًا (3) رمى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد أو يوم خبير -قال أنا أشك- بسهم

_ عليه بهذا الأسناد لغير الامام أحمد ورجاله رجال الصحيح ما عدا عمارة بن خزيمة فهو من رواه الاربعة وثقة النسائى وابن سعد كما فى الخلاصة والتقريب وأخرجه أحمد أيضا عن شيخه عامر بن صالح الزبيرى عن يونس بهذا الاسناد ورجاله ثقات ما عدا عامر بن صالح الزبيرى فمختلف فيه وثقة أحمد وأبو حاتم وضعفه جماعة كما أفاده الهيثمى ورواه أحمد عن خزيمة بن ثابت من عدة طرق أحدها حدثنا عفان حدثنا حماد ابن سلمة أخبرنا أبو جعفر الخطمى عن عمارة بن خزيمة بن ثابت أن أباه قال: الحديث وفيه قوله صلى الله عليه وسلم له. إن الروح لتلقى الروح وأقنع النبى صلى الله عليه وسلم رأسه هكذا ووضع جبهته على النبى صلى الله عليه وسلم قال الهيثمى رواه أحمد والطبرانى ورجالهما ثقات. (167) (غريبه) (1) أى فقدت وجودها مكتوبة وإلا فقد كانت محفوظة فى صدور الجم الغفير من الصحابة وهذا يدل على أن زيداً لم يكن يعتمد فى جمع القرآن على الحفظ وحده بل كان يضم إليه الكتابة (تخريجه) الحديث رواه البخارى والترمذى والنسائى قال الحافظ ابن كثير فى تفسير سورة الأحزاب ما نصه: قال البخارى حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهرى قال أخبرنى خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال لما نسخنا الصحف فى المصاحف فقدت آية من سورة الأحزاب كنت أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها لم أجدها مع أحد غلا مع خزيمة بن ثابت الانصارى رضى الله عنه الذى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين (من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه) تفرد به البخارى عن مسلم وأخرجه أحمد فى مسنده والترمذى والنسائى فى التفسير من سنتهما من حديث الزهرى به وقال الترمذى حسن صحيح أهـ وقد أخرج البخارى هذا الحديث فى كتاب التفسير من صحيحه. (168) (باب) (2) (سنده) حدّثنا الحسن بن موسى وعفان قالا ثنا عمرو بن مرزوق قال أخبرنى يحيى بن عبد الحميد بن رافع بن خديج قال أخبرتنى جدتى يعنى امرأة رافع بن خديج -قال عفان عن حدته أم أبيه امراة رافع بن خديج- إن رافعاً الخ (غريبه) (3) رمي بالبناء

-[ما جاء في ربيعة بن كعب الأعلى رضى الله عنه]- في ثندوته (1) فاتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله انزع السهم قال يا رافع ان شئت نزعت السهم والفطبة (2) جميعا، وإن شئت نزعت السهم وتركت القطبة وشهدت لك يوم القيامة انك شهيد، قال يا رسول الله، بل انزع السهم وأترك القطبة وشهدت لك يوم القيامة أنك شهيد، قال يا رسول الله. بل انزع السهم وأترك القطبة وأشهد لى يوم القيامة أنى شهيد قال فنزع رسول الله صلى الله عليه وسلم السهم وترك القطبة. (باب ما جاء فى بن كعب الاسلمى رضى الله عنه خادم النبى صلى الله عليه وسلم) وقصة زواجه وفيه منقبة لابى بكر الصديق رضى الله عنه (169) حدّثنا (عبد الله) حدّثنى أبى ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم قال ثنا المبارك يعنى بن فضالة قال ثنا أبو عمران الجونى عن ربيعة الاسلمى رضى الله عنه قال كنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا ربيعة ألا تزوج (3) قال قلت والله يا رسول الله ما أريد أن أتزوج ما عندى ما يقيم المرأة وما أحب أن يشغلنى عنك شئ، فأعرض عنى فخدمته ما خدمته ثم قال لى الثانية يا ربيعة ألا تزوج فقلت ما أريد أن أتزوج ما عندى ما يقيم المرأة وما أحب أن يشغلنى عنك شئ فأعرض عنى، ثم رجعت إلى نفسى فقلت والله لرسول الله صلى الله عليه وسلم بما يصلحنى فى الدنيا والاخوة أعلم منى والله لئن قال تزوج لاقلولن نعم يا رسول الله مرنى بما شئت قال فقال يا ربيعة الا تزوج فقلت بلى مرنى بما شئت قال انطلق إلى آل فلان حى من الانصار وكان فيهم (4) تراخ عن النبى صلى الله عليه وسلم فقل لهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلنى إليكم يأمركم أن تزوجونى فلانة لامرأة منهم، فذهبت فقلت لهم إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلنى إليكم يأمركم أن تزوجونى فلانة فقالوا مرحبا برسول الله وبرسول رسول

_ المجهول أي رماه احد الكفار وهو مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة أحد أو حنين وأما كتابتعا (أو خيبر) فهو من سهو القلمكما سيأتى (1) الثندوة للرجل كالثدى للمرأة وهى بوزن (ترقوة) (2) القطبة بوزن الغرفة نصل السهم (تخريجه) ذكره الهيثمى فى باب غزوة حنين وقال رواه أحمد وامرأة رافع لم أعرفها وبقية رجاله ثقات أهـ وذكره أيضا فى مناقب رافع بن خديج وقال رواه الطبرانى وامراة رافع ان كانت صحابية وإلا فإنى ام اعرفها وبقية رجاله ثقات أهـ "قلت هى من الصحابة ففى الاصابة أم عبد الحميد امرأة رافع بن خديج ذكرها البارودى فى الصحابة أهـ" (فائدتان) - (الأولى) ذكر الحافظ الهيثمى لهذا الحديث فى باب غزوة حنين يعنى أن الصواب والله أعلم (الفائدة الثانية) أخرج البارودى عن امرأة رافع بن خديج قالت أصيب رافع يوم أحد -الحديث بنحو حديث أحمد وزاد- فعاش حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بكر وعمر وعثمان فلما كان زمن معاوية أو بعده انتقض جرحه فهلك أهـ. (169) (باب) (غريبه) (3) ألا تزوج معناه ألا تتزوج لما فى الزواج من صيانة العرض والدين (5) كان فيهم تراخ الخ أى ما كانوا يواظبون على حضور مجالسه صلى الله عليه وسلم ولعل ذلك كان لمشاغلهم

-[ما جاء في ربيعة بن كعب الأسلمى رضى الله عنه]- الله صلى الله عليه وسلم والله لا يرجع رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا بحاجته فزوجونى وألطفونى وما سالونى البينة (1) فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حزينا فقال لى مالك يا ربيعة فقلت يا رسول الله أتيت قوما كراما فزوجونى وأكرمونى وألطفونى وما سألونى بينة وليس عندى صداق فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا بريدة الاسلمى اجمعوا له وزن نواه من ذهب (2) قال فجمعوا لى وزن نواة من ذهب فأخذت ما جمعوا لى فأتيت به النبى صلى الله عليه وسلم فقال أذهب بهذا إليهم فقل هذا صداقها فأتيتهم فقلت هذا صداقها فرضوه وقبلوه وقالوا كثير طيب، قال ثم رجعت إلى النبى صلى الله عليه وسلم حزينا فقال يا ربيعة مالك حزين فقلت يا رسول الله ما رأيت قوما أكرم منهم رضوا بما أتيتم وأحسنوا وقالوا كثيرًا طيبا وليس عندى ما أو لم (3) قال يا بريدة اجمعوا فى شاه (4) قال فجمعوا لى كبشا عظيما سمينا فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب إلى عائشة فقل لها فلنبعث بالمكتل (5) الذى فيه الطعام قال فأتيتها فقلت لها ما أمرنى به رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت هذا المكتل فيه تسع آصع (6) شعير لا والله إن أصبح (7) لنا طعام غيره خذه فأخذته فأتيت به النبى صلى الله عليه وسلم وأخبرته بما قالت عائشة فقال اذهب بهذا إليهم فقل ليصبح هذا عندكم خبزًا فذهبت إليهم وذهبت بالكبش ومعى اناس من أسلم فقال ليصبح هذا عندكم خبزًا وهذا طبيحا فقالوا أما الخبز فسنكفيكموه. وأما الكبش فأكفونا أنتم فأخذنا الكبش أنا وأناس من أسلم فذبحناه وسلخناه وطبخناه فلأصبح عندنا خبز ولحم فاولمت ودعوت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطانى بعد ذلك أرضا (8) وأعطى أبا بكر ارضا وجاءت الدنيا فاختلفا فى عذق (9) نخلة فقلت أنا هى فى حدى (10) وقال أبو بكر هى فى حدى فكان بينى وبين أبى بكر كلام فقال أبو بكر كلمة كرهها وندم

_ الضرورية (1) وما سألونى البينة أى على انى مبعوث رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم لأتزوج ابنتهم (2) اى ذهبا قيمته خمسة دراهم من الفضة. (3) أى ما أصنع به الوليمة وهى طعام العرس (4) اجمعوا هل شاة الخ ... أى تعاونوا فى جمع مقدار من المال يشترى به شاة للوليمة فجمعوا له ما يكفى لشراء كبش كبير سمين (5) المكتل بوزن المنبر وعاء يسع خمسة عشر ضاغاً يشبه الزنبيل (6) آصع بمد الهمزة وضم الصاد جمع صاع والصاع يسع أربعة أمداد يذكر ويؤنث قال الفراء أهل الحجاز يؤنثون الصاع ويجمعونها فى القلة على أصوع وفى الكثرة على صيعان وبنو أسد وأهل نجد يذكرون ويجمعون على أصواع وعن الفارسى أنه يجمع أيضا على آصع أفاده فى المصباح (7) أن أصبح لنا طعام غيره أى ما أصبح لنا طعام غيره (8) وأعطى أبا بكر أرضاً هذه الجملة فى الأصل هكذا (وأعطانى أبو بكر أرضا) وهو من خطأ النساخ ثم رأيتها على ما صوبنا فى رواية أبى داود الطيالسى (9) العذف بفتح فسكون النخلة يحملها واضفته إلى النخلة للبيان واما العذق بكسر العين فهو الكباسة (10) الحد بفتح الحاء

-[ما جاء في ربيعة بن كعب الأسلمى رضى الله عنه]- فقال لي يا ربيعة رد على مثلها (1) حتى تكون قصاصًا قال قلت لا افعل فقال أبو بكر لتقولن أو لأستعديّن (2) عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت ما أنا بفاعل قال ورفض الأرض (3) وانطلق أبو بكر رضى الله عنه إلى النبى صلى الله عليه وسلم وانطلقت أتلوه فجاء ناس من أسلم فقالوا لى رحم الله أبا بكر فى أى شئ يستعدى عليك رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو قال لك ما قال فقلت أتدرون ما هذا؟ هذا أبو بكر الصديق، هذا ثانى اثنين، هذا ذو شيبة المسلمين إياكم لا يلتفت فيراكم تنصرونى عليه فيغضب فيأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيغضب لغضبه فيغضب الله عز وجل لغضبهما فتهلك ربيعة قالوا ما تأمرنا قال ارجعوا، قال فانطلق أبو بكر رضى الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتبعته وحدى حتى أتى النبى صلى الله عليه وسلم فحدثه الحديث كما كان فرفع إلى رأسه فقال يا ربيعة مالك والصديق قلت يا رسول الله كان كذا كان كذا قال لى كلمة كرهها فقال لى قل كما قلت حتى يكون قصاصًا فأبيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل فلا ترد عليه ولكن قل غفر الله لك يا أبا بكر فقلت غفر الله لك يا أبا بكر قال الحسن فولى أبو بكر رضى الله عنه وهو (4) يبكى (170) وعن نعيم بن مجمر عن ربيعة بن كعب (5) رضى الله عنه قال كنت اخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وأقوم له فى حوائجه نهارى أجمعه حتى يصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء الآخرة فاجلس ببابه إذا دخل بيته أقول لعلها أن تحدث لرسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة فما أزال اسمعه يقول سبحان الله سبحان الله سبحان الله وبحمده حتى أمل فارجع أو تغلبنى عينى فارقد قال فقال لى يومًا لما يرى من خفتى له وخدمتى إياه سلنى يا ربيعة أعطك قال فقلت أنظر فى أمرى يا رسول الله ثم أعلمك ذلك

_ المهملة الحاجز بين الشيئين والمراد أن كلا منهما ظن انها فى ارضه المملكة له (1) رد على مثلها الخ أى قل لى كلمة مثلها حتى تأخذ بحقك منى (2) اى طلب من النبى صلى الله عليه وسلم أن يأمرك حتى تقول لى مثلها (3) ورفض الأرض اى ترك ابو بكر الأرض التى فيها العذق المتنازع عليها الربيعة تكرما (4) اى اسفا على ما كان منه لربيعة رضي الله عنهما (تخريجه) اورده الهيثمى فى مجمع الزوائد فى باب الأمر بالتزويج والاعانة عليه من كتاب النكاح وقال رواه احمد والطبرانى وقال رواه احمد والطبرانى وفيه مبارك بن فضالة وحديثه 0 حسن وبقيه رجال أحمد رجال الصحيح أهـ (قلت) أخرج الشطر الثانى من الحديث أبو داود الطيالسى فى مسنده قال حدثنا المبارك ابن فضالة بهذا الاسناد وكان على الهيثمى أن يعزو الحديث لأحمد أيضا. (170) (5) (سنده) حدّثنا يعقوب قال ثنا أبى عن ابن أسحق قال حدّثنى محمد بن عمرو ابن عطاء عن نعيم بن مجمر عن ربيعة بن كعب قال الخ (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد فى باب فضل الصلاة وقال رواه الطبرانى فى الكبير وفيه ابن اسحق وهو ثقة ولكنه مدلس أهـ (قلت) صرح ابن اسحق بالتحديث فى سند أحمد فلا يضر تدليسه وأورده الحديث أيضا الحافظ المنذرى فى كتابه "الترغيب والترهيب" فى باب الترغيب فى الصلاة مطلقا الخ وقال: رواه الطبرانى فى الكبير من رواية ابن أسحق واللفظ له ورواه مسلم وأبو داود مختصراً ولفظ مسلم قال كنت أبيت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فآتيه بوضوئه وحاجته فقال لى سلنى فقلت أسألك مرافقتك فى الجنة قال أو غير ذلك قلت هو ذاك قال فأعنى على نفسك بكثرة السجود، أنه (قلت) أخرجه مسلم في باب

ما جاء في زاهر بن حرام رضى الله عنه

_ قال ففكرت فى نفسى فعرفت أن الدنيا منقطعة زائلة وأن لى فيها رزقًا سيكفينى ويأتينى قال فقلت أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتى فإنه من الله عز وجل بالمنزل الذى هو به، قال فجئته فقال ما فعلت يا ربيعة قال فقلت نعن يا رسول الله اسألك أن تشفع لى إلى ربك فيعتقنى من النار قال فقال من أمرك بهذا يا ربيعة قال فقلت لا والله الذى بعثك بالحق ما أمرنى به أحد ولكنك لما قلت سلنى أعطك وكنت من الله بالمنزل الذى انت به نظرت فى أمرى وعرفت أن الدنيا منقطعة وزائلة وان لى فيها رزقًا سيأتينى فقلت أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم لآخرتى قال فصمت رسول الله صلى الله عليه وسلم طويلا ثم قال لى إنى فاعل فأعنى على نفسك بكثرة السجود "حرف الزاى" (باب ما جاء فى زاهر بن حرام رضى الله عنه) (171) (عن أنس "هو بن مالك" رضى الله عنه) (1) أن رجلا من أهل البادية كان اسمه زارهًا كان يهدى النبى صلى الله عليه وسلم الهدية من البادية فيجهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد أن يخرج فقال النبى صلى الله عليه وسلم ان زهرًا باديتنا ونحن حاضرته وكان النبى صلى الله عليه وسلم يحبه وكان رجلا دميما فأتاه النبى صلى الله عليه وسلم يومًا وهو يبيع متاعه فاحتضنه من خلفه وهو لا ببصره فقال الرجل أرسلنى من هذا فالتفت فعرف النبى صلى الله عليه وسلم فجعل لا يألو ما ألصق ظهره النبى صلى الله عليه وسلم حين عرفه وجعل النبى صلى الله عليه وسلم يقول من يشترى العبد فقال يا رسول الله أذن والله تجدنى كاسدًا فقال النبى صلى الله عليه وسلم لكن عند الله لست بكاسد او قال لكن عند الله أنت غال (باب ما جاء فى الزبير بن العوام رضى الله عنه) (172) (عن جابر بن عبد الله) (2) رضى الله عنهما قال اشتد المر يوم الخندق فقال

-[ما جاء في الزبير بن العوام رضى الله عنه]- رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا رجل يأتينا بخبر بنى قريظة فانطلق الزبير فجاء بخبرهم ثم اشتد الأمر (1) أيضا فذكر ثلاث مرات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان لكل نبى حوارا وإن الزبير حوارىّ (173) (2) وعنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الزبير ابن عمتى وحوارى (3) من أمتى حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا معاوية بن عمر وثنا زائدة عن عاصم عن زربن حبيش قال استأذن ابن جرموز على على رضى الله عنه وأنا عنده فقال على رضى الله عنه بشر قاتل ابن صفية بالنار ثم قال على رضى الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، إن لكل نبى حواريا وحوارى الزبير قال قال ابى سمعت سفيان يقول الحواري الناصر (4)

_ وحدثت به وهب بن كيسان فقال أشهد على جابر بن عبد الله لحدثنى قال الخ (غريبه) (1) قوله ثم اشتد الأمر أى مرة ثانية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا رجل يأتينا يخبرنى قريظة فانطلق الزبير فجاء بخبرهم ثم اشتد الأمر مرة ثالثة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الا رجل يأتينا بخبر بنى قريظة فانطلق الزبير فجاء بخبرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لكل نبى حواريا الحديث (تخريجه) أخرجه الشيخان والترمذى والنسائى وابن ماجه (173) (2) (سنده) حدّثنا أبو معاوية ثنا هشامبن عروة عن محمد عن محمد بن المنكدر عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (3) حوارى (بفتح أوله وتخفيف الواو الممدودة وكسر الراء وتشديد الياء المفتوحة) أى خاصتى من اصحابى وناصرى ومنه الحواريون اصحاب المسيح عليه السلام اى خلصانه وانصاره ومنه الخبز الحوارى (بضم الحاء المهملة وتشديد الواو وفتح الراء) الذى نخل مرة بعد اخرى. (تخريجه) عزاه فى منتخب كنزل العمال إلى الامام أحمد ولم يعزه لغيره ورجاله الصحيح وأبو معاوية إن كان هو محمد بن خازم بمعجمتين التميمى مولاهم فهو من رواة الجماعة متكلم فيه وان كان هو شيبان بن عبد الرحمن التميمى فهو من رواة الجماعة ثبت وان كان هو سعيد بن زكريا فهو ثقة ضعفه بعضهم وهو من رواة الترمذى وابن ماجه (174) (4) (تخريجه) أخرجه الحاكم فى المستدرك عن عاصم بن ابى النجود عن زر ابن حبيش من طريقين الأولى طريق حماد بن سلمه عن عاصم والثانية سفيان الثورى وشريك عنه وقال عن كل منهما صحيح ولم يخرجاه واقره الذهبى وعزاه فى منتخب كنز العمال إلى ابى داود الطيالسى وابن ابى شيبة وابى يعلى فى مسنده ورامزاً إلى هؤلاء بتلك الحروف على الترتيب (ط ش ع) وعزاه أيضاً الى الشاشى وابن جرير وصححه (قلت) وأخرجه أيضا الترمذى فى المناقب عن شيخه أحمد بن منيع ثنا معاوية بن عمرو بهذا الاسناد عن على مرفوعا "أن لكل نبى حوارى وأن حوارى الزبير بن العوام، وقال هذا حديث حسن صحيح (مقتل الزبير رضي الله عنه) دلت اآاثار على ان الزبير لما خرج يوم الجمل يقاتل عليا رضي الله عنه ذكرّه على بقول النبى صلى الله عليه وسلم (اى للزبير) اما انك ستخرج عليه وتقاتله وانت ظالم مذكر الزبير الحديث وكف عن القتال وانصرف فأدركه عمرو بن جرموز لعنه الله فى وادى السباع وقتله غدواً وذهب بسيفه ورأسه إلى على رضي الله عنه فحزن عليه اشد الحزن وبشر قاتله بالنار وذكر ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اخبر بذلك ثم اخذ بسيف الزبير ونظر اليه وقال اما والله لرب كربة وكربة قد فردها صاحب هذا السيف عز وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ومما قالته زوجة الزبير في رثائه:

-[ما جاء في فضائل الزبير بن العوام رضى الله عنه]- (175) (عن زر بن حبيش) (1) أيضاً قال استأذن ابن جرموز على على رضى الله عنه فقال من هذا قالوا ابن جرموز يستأذن، قال ائذونوا له، ليدخلن قاتل الزبير النار انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذكر الحديث المتقدم. (176) (عن الزبير بن العوام) (2) رضى الله عنه انه قال لابنه عبد الله يا بنى اما والله ان كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليجمع لى أبويه جميعًا يفدينى بهما يقول فداك ابى وأمى (177) (عن عبد الله مولى اسماء) (3) انه سمع اسماء بنت إبى بكر رضى الله عنهما تقول عندى الزبير ساعدان من ديباج (4) كان النبى صلى الله عليه وسلم اعطاهما اياه يقاتل فيهما. (178) (وعن هشام بن عروة) (5) عن أبيسه عن مروانت وما اخاله يتهم علينا قال أصاب عثمان رضى الله عنه رعاف ينة الرعاف (6) حتى تخلف عن الحج وأوصى فدخل عليه رجل من قريش فقال استخلف قال وقالوه؟ قال نعم قال منه وقال فسكتن قال ثم دخل عليه رجل آخر

_ غدر ابن جرموز بفارس بهمة ... يوم اللقاء وكان غير معرد يا عمرو لو نبهته لوجدته ... لا طائشا رعش البنان ولا اليد كم غمرة قد خاضها لم يثنه ... عنها طرادك يا ابن فقع الفدفد والله ربك ان قلت لمسلما ... حلّت عليك عقوبة المتعمد (175) (1) حدّثنا هاشم وحسن قالا ثنا شيبان عن عاصم عن زر بن حبيش قال الخ (تخريجه) تقدم فى الحديث السابق. (176) (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أسامة انبأنا هشام عن أبيه عن عبد الله بن الزبير قال لما كان يوم الخندق كنت أنا وعمر بن أبى سلمة فى الأطم الذى فيه نساء رسول الله صلى الله عليه وسلم أطم حسان فكان يرفعنى وأرفعه فإذا رفعنى عرفت أبى حين يمر الى بنى قريظة وكان يقاتل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الخندق فقال من يأتى بنى قريظة فيقاتلهم فقلت له حين رجع يا ابت تالله ان كنت لأعرفك حين تمر ذاهبا إلى بنى قريظة فقال يا بنى أما والله ... الحديث (تخريجه) رواه الشيخان بنحوه والترمذى مختصراً وقال حسن صحيح. (177) (3) (سنده) حدّثنا معمر ثنا عبد الله يعنى ابن المبارك قال انا ابن لهيعة عن خالد ابن يزيد قال سمعت عبد الهل مولى أسماء يحدث انه سمع أسماء بنت ابى بكر تقول الخ (غريبه) (4) "ساعدان من ديباج" اى كمان من الحرير كانا له بمثابة الدرع (تخريجه) رواه ابن عساكر كما فى المنتخب وفى اسنادها بن لهيعة وهو مدلس وقد عنعن. (178) (5) (سنده) حدّثنا زكريا بن عدى ثنا على بن مسهر عن هشام بن عروة عن أبيه عن مروان الخ (غريبه) (6) الرعاف بالضم الدم يخرج من الأنف وقد رعف برعف كنصر ينصر ويرعف ايضا يقطع وسنة أحدى وثلاثين هى سنة الرعاف وقوله (فسكت) أى الداخل على عثمان عن ذكر من رشحوه للخلافة بعد عثمان وقوله (ان كان) أى الزبير (لخيرهم) أى لخير المرشحين للخلافة

-[ما جاء في فضائل زيد بن ثابت الأنصارى رضى الله عنه]- فقال له مثل ما قال له الأول ورد عليه نحو ذلك قال فقال عثمان رضى الله عنه قالوا الزبير؟ قال نعم قال أما والذى نفسى بيده ان كان لخيرهم ما علمت وأحبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. (باب ما جاء فى زيد بن ثابت الأنصارى رضى الله عنه) (179) عن خارجة بن زيد (1) ان أباه زيدًا رضى الله عنه اخبره أنه لما قدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة قال زيد ذهب بى إلى النبى صلى الله عليه وسلم فأعجب بى فقالوا يا رسول الله هذا غلام من بنى النجار معه مما انزل الله عليك بضع عشرة سورة فأعجب ذلك النبى صلى الله عليه وسلم وقال يا زيد تعلم لى كتاب يهود فأنى والله ما آمن يهود على كتابى قال زيد فتعلمت كتابهم ما مرت بى خمس عشرة ليلة حتى حذقته وكمنت اقرأ كتبهم إذا كتبوا إليه واجيب عنه (180) إذا كتب. عن ثابت بن عبيد قال قال زيد بن ثابت (2) قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم تحسن السريانية انها تأتينى كتب قال قلت لا قال فتعلمها فتعلمتها فى سبعة عشر يومًا.

_ (تخريجه) رواه البخارى فى منافب الزبير بن العوام (179) (باب) (1) (سنده) حدّثنا سليمان بن داود ثنا عبد الرحمن عن أبى الزناد على الاعرج عن خارجه بن زيد ان أياه زيداً أخبره الخ (سند آخر) حدّثنا سريج بن النعمان ثنا ابن الزناد عن أبيه عن خارجه بن زيد عن زيد بن ثابت قال أتى بى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمة المدينة فذكر نحوه (تخريجه) أخره أبو داود فى سننه أوائل كتاب العلم بلفظ امرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتعلمت هل كتاب يهود وقال أنى والله ما آمن يهود على كتابى فتعلمته فلم يمر بى إلا نصف شهر حتى حذفته فكنت اكتب له إذا كتب وأقرأ له إذا كتب إليه، وأخرجه الترمذى وقال حسن صحيح وأخرجه البخارى فى صحيحه تعليقاً فى باب ترجمة الحكام وهل يجوز ترجمان واحد من كتاب الأحكام قال الحافظ وهذا التعليق من الأحاديث التى لم يخرجها البخارى الا معلفة وقد وصله مطولا فى كتاب التاريخ عن اسماعيل بن أبى أويس حدثنى عبد الرحمن بن أبى الزناد عن أبيه عن خارجة بن زيد بن ثابت عن زيد قال أنى بى النبى صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة فأعجب بى وساق الحافظ لفظه كاملا بمثل لفظ احمد مع مغايرة يسيرة. (180) (2) (سنده) حدّثنا جرير عن الأعمش عن ثابت بن عبيد قال قال زيد بن ثابت الخ (تخريجه) رواه الحاكم فى المستدرك وزاد فى آخره (قال الأعمش كانت تأتيه كتب لا يشتهى أن يطلع عليها الا من يثق به) وقال صحيح إن كان ثابت بن عبيد سمعه من زيد بن ثابت ولم يخرجاه وأقره الذهبى وعزاه فى المنتخب إلى أبى يعلى فى مسنده وابن أبى داود فى المصاحف وابن عساكر وقال الحافظ فى الاصابة روينا فى مسند عبد بن حميد من طريق ثابت بن عبيد عن زيد بن ثابت قال قال لى النبى صلى الله عليه وسلم أنى أكتب إلى قوم فأخاف أن يزيدوا على أو ينقصوا فتعلم السريانية فتعلمتها فى سبعة عشر يوماً، أهـ وأخرج الترمذى حديث زيد بن ثابت من طريق عبد الرحمن بن أبى الزناد عن أبيه عن

-[ما جاء في فضائل زيد بن حارثة والد أسامة رضى الله عنهما]- (باب ما جاء في زيد بن حارثة والد أسامة رضى الله عنهما) (181) (عن اسامة بن زيد رضى الله عنهما) (1) قال اجتمع جعفر وعلى وزيد بن حارثة (رضى الله عنهم) فقال جعفر انا أحبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال على أنا احبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال زيد انا احبكم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا انطلقوا بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى نسأله فقال اسامة بن زيد فجاؤا يستأذنونه فقال اخرج فانظر من هؤلاء فقلت هذا جعفر وعلى وزيد ما اقول ابى قال ائذن لهم ودخلوا فقالوا من احب إليك قال فاطمة قالوا نسألك عن الرجال قال أما أنت يا جعفر فاشبه خلقك (2) خلقى وأشبه خلقى خلقك وأنت منى وشجرتى وأما أنت يا على فختنى (3) وأبو ولدى وأنا منك وانت منى وأما أنت يا زيد فمولاى (4) ومني

_ خارجة ثم قال وقد رواه الأعمش عن ثابت بن عبيد عن زيد عن ثابت يقول أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أتعلم السريانية قال الحافظ فى فتح البارى بعد نقل كلام الترمذى هذا ما لفظه هذه الطريق وقعت لى بعلو فى فوائد هلال الحفار قال وأخرجه أحمد وأسحق فى مسنديهما وأبو بكر بن أبى داود فى كتاب المصاحف عن طريق الأعمش قال وله طريق أخرى أخرجها ابن سعد وفى كل ذلك رد على من زعم أن عبد الرحمن بن أبى الزناد تفرد به، نعم لم يروه عن أبيه عن خارجة الا عبد الرحمن فهو تفرد نسبى أهـ (من مناقب زيد بن ثابت رضى الله عنه) قال الحافظ فى الاصابة استصغر يوم بدر ويقال إنه شهد أحدا ويقال أول مشاهده الخندق وكان معه راية بنى لنجار يوم تبوك وكانت أولا مع عمارة ابن حزم فأخذها النبى صلى الله عليه وسلم فدفعها لزيد بن ثابت وقال لعمارة القرآن يقدم صاحبه وكتب الوحى للنبى صلى الله عليه وسلم وكان من علماء الصحابة وهو الذى تولى قسم غنائم اليرموك وروى عنه جماعة من الصحابة والتابعين وهو الذى جمع القرآن فى عهد أبى بكر ثبت ذلك فى الصحيح وقال به أبو بكر انك شاب عاقل لا نتهمك وكان فيمن ينقل التراب مع المسلمين يوم الخندق وصح عن الشعبى قال ذهب زيد بن ثابت ليركب فأمسك ابن عباس بالركاب فقال تنح يا ابن عم رسول الله قال لا هكذا نفعل بالعلماء والكبراء وقال ثابت بن عبيد ما رأيت رجلا أفكه فى بيته ولا أوقر فى مجلسه من زيد وعن أنس قال قال النبى صلى الله عليه وسلم أفرضكم زيد رواه احمد باسناد صحيح وقيل إنه معلول وروى ابن سعد باسناد صحيح كان زيد ين ثابت أحد أصحاب الفتوى وهم ستة عمر وعلى وابن مسعود وأبى وأبو موسى وزيد بن ثابت وروى بسند فيه الواقدى من طريق قبيصة قال كان زيد رأسا بالمدينة فى القضاء والفتوى والقراءة والفرائض وكانت وفاته سنة 45 أهـ ملخصا. (181) باب (1) (سنده) حدّثنا احمد بن عبد الملك ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن أسحق عن يزيد بن عبد الله بن قسيط عن محمد بن أسامة عن أبيه قال الخ (غريبه) (2) "فأشبه خلقك خلقى" بفتح المعجمة وسكون اللام فيهما والأول هو الفاعل "وأشبه خلقى خلقك" بضم الخاء المعجمة واللام فيهما والثانى هو الفاعل ورواه الهيثمى بتقديم الفاعل على المفعول (3) الختن بفتح الخاء المعجمة والتاء المثناة من فوق معناه هنا زوج البنت (4) فمولاى أى عتيقى (تخريجه) أورده الهيثمى بهذا اللفظ

-[ما جاء في فضائل السائب بن أبى السائب رضى الله عنه]- وإلي وأحب القوم إلى (182) (عن البهى عن عائشة رضى الله عنها) (1) قالت ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فى جيش قط ألا أمره عليه ولو بقى بعده استخلفه (2). "حرف السين المهملة" (باب) ما جاء فى السائب بن عبد الله ويقال له السائب بن ابى السائب رضى الله عنه (183) (عن مجاهد عن السائب بن عبد الله رضى الله عنه) (3) قال جيئ لى إلى النبى صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة جاء بى عثمان بن عفان وزهير "رضى الله عنهما" فجعلوا يثنون عليه فقال هم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تعلمونى به قد كان صاحبى فى الجاهلية قال قال نعم يا رسول الله فنعم الصاحب كنت قال فقال يا سائب انظر اخلاقك التى كنت تصنعها فى الجاهلية فاجعلها فى الاسلام أقر الضيف وأكرم اليتيم وأحسن إلى جارك. (184) (وعنه أيضاً عن السائب بن أبى السائب رضى الله عنه) (4) أنه كان يشارك

_ وقال: رواه أحمد وأسناده حسن قال ورواه الترمذى باختصار أهـ (182) (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا محمد بن عبيد قال حدثنى وائل بن داود قال سمعت البهى يحدث عن عائشة قالت الحديث والبهى هو عبد الله بن يسار (غريبه) (2) أى على أمارة الجيوش دون الخلافة العامة فلا يؤخذ منه أفضليته ولا أحقيته بالخلافة المطلقة عن أبى بكر رضي الله عنه ومن بعده من الخلفاء الراشدين (تخريجه) قال الحافظ فى الاصابة (وعن عائشة ما بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم زيد بن حارثة فى سرية الا أمره عليهم ولو بقى لاستخلفه أخرجه أبو بكر بن أبى شيبة باسناد قوى عنها وعن سلة بن الأكوع قال غزوت مع النبى صلى الله عليه وسلم سبع غزوات ومع زيد بن حارثة سبع غزوات يؤمره علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أخرجه البخارى وعن ابن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وايم الله ان كان لخليقا للامارة -يعنى زبد بن حارثة- وأن كان لمن أحب الناس الى أخرجه البخارى) أهـ. (183) (باب) (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا أسود بن عامر ثنا اسرائيل عن ابراهيم يعنى ابن مهاجر عن مجاهد عن السائب بن عبد الله قال الخ (تخريجه) أخرجه أبو داود والنسائى وابن ماجه عن سفيان عن ابراهيم بن مهاجر عن مجاهد عن قائد السائب عن السائب ابن أبى السائب قال: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فجعلوا يثنون على ويذكروننى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أعليكم -يعنى به- قلت صدقت بأبى وأمى كنت ريكى فنعم الشريك كنت لا تدارى ولا تمارى هذا لفظ أبى داود فى كراهية المراء من كتاب الأدب (انظر مختصر السنن المنذرى ونصب الراية للزيلعى فى كتاب الشركة). (184) (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن عثمان

-[ما جاء في فضائل السائب بن يزيد رضى الله عنه]- رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الاسلام فى التجارة فلما كان يوم الفتح جاءه فقال النبى صلى الله عليه وسلم مرحبًا بأخى وشريكى "وفى رواية كنت شركيى وكنت خير شريك" كان لا يدارئ ولا يمارى (1) يا سائب قد كنت تعمل أعمالا فى الجاهلية لا تقبل منك وهى اليوم تقبل منك وكان ذا سلف وصلة (2). باب ما جاء فى السائب بن يزيد رضى الله عنهما) (185) (عن السائب بن يزيد رضى الله عنهما) (3) قال حج بى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجة الوداع وأنا ابن سبع سنين. (186) (وعنه أيضًا) (4) خرجت مع الصبيان إلى ثنية الوداع نتلقى رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك "وقال سفيان مرة" اذكر مقدم النبى صلى الله عليه وسلم لما قدم النبى صلى الله عليه وسلم من تبوك

_ ابن خثيم عن مجاهد عن السائب بن أبى السائب الخ وعفان هو ابن مسلم. ووهيب هو ابن خالد بن عجلان الباهلى (غريبه) (1) قال ابراهيم الحربى فى كتابه غريب الحديث (تدارئ) مهموز من المدارأة وهى المدافعة و (تمارى) غير مهموز من المماراة وهى المجادلة أهـ ذكره الزيلعى فى كتاب الشركة (3 - 474 من نصب الراية (2) قوله (وكان ذا سلف وصلة) ورواها بعضهم (وصدقة) والمعنى ان السائب كان ذا معروف وبر يقرض الناس ويصلهم ويتصدق عليهم (تخريجه) تقدم وأخرجه لحاكم فى كتاب البيوع من المستدرك من طريق عفان بن مسلم ثنا وهيب به وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبى (هل هذا الحديث مضطرب؟) هذا الحديث سكت عنه أبو داود فهو صالح وقال الحاكم صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبى ولكن نقل الزيلعى عن السهيلى فى الروض الأنف الطعن فيه بالاضطراب اسناداً ومتناً ويقرب منه ما نقله المنذرى فى مختصر السنن عن ابن عبد البر قال السهيلى: حديث السائب كنت شريكى فى الجاهلية فكنت خير شريك لا تدارئ ولا تمارى -كثير الاضطراب فمنهم من يرويه عن السائب بن أبى السائب ومنهم من يرويه عن قيس بن السائب ومنهم من يرويه عن عبد الله بن السائب وهذا اضطراب لا يثبت به شئ ولا تقوم به حجة والسائب ابن أبى السائب من المؤلفة قلوبهم وممن حسن اسلامه منهم واضطراب فى متنه أيضا فمنهم من يجعله من قول النبى صلى الله عليه وسلم فى ابن السائب ومنهم من يجعله من قول ابن أبى السائب فى النبى صلى الله عليه وسلم أهـ كلام السهيلى وأنت تعلم أن شرط الاضطراب تكافؤ الروايات فى الدرجة فهل الأمر هنا كذلك هذا ما يحتاج إلى تحرير وبحث وأنظر ما قرره الحافظ فى الاصابة فى ترجمة قيس بن السائب. (185) (باب) (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا حاتم بن اسماعيل عن محمد يعنى ابن وسف عن السائب بن يزيد قال الخ (تخريجه) رواه الترمذى بسند أحمد ومتنه وقال هذا حديث حسن صحيح ورواه البخارى بلفظ حج بنى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن سبع سنن وساقه هكذا حدثنا عبد الرحمن بن يونس حدثنا حاتم بن اسماعيل به وترجم عليه "باب حج الصبيان" (186) (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا سفيان عن الزهرى عن السائب بن يزيد قال خرجت الخ (تخريجه) أخرجه البخارى والترمذى وأوب داود ولفه "لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم

-[ما جاء في فضائل سالم مولى أبى حذيفة وسعد بن أبى ذباب رضى الله عنهما]- (باب ما جاء فى سالم مولى أبى حذيفة رضى الله عنهما) (187) (عن ابن سابط عن عائشة رضى الله عنها) (1) قالت ابطأت على النبى صلى الله عليه وسلم فقال ما حبسك يا عائشة قالت يا رسول الله ان فى المسجد رجلا ما رأيت أحدًا أحسن قراءة منه قال فذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا هو سالم مولى أبى حذيفة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحمد لله الذى جعل فى امتى مثلك. (باب ما جاء فى سعد بن أبى ذباب رضى الله عنه) (188) (عن سعد بن ابى ذباب) (2) رضى الله عنه قال قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلمت قلت يا رسول الله اجعل لقومى ما اسلموا عليه من أموالهم ففعل رسول الله صلى الله عليه وسلم واستعملنى عليهم ثم استعملنى أبو بكر رضى الله عنه ثم استعملنى عمر من بعده

_ المدينة من غزوة تبوك تلقاه الناس فلقيته مع الصبيان على ثنية الوداع" وترجم عليه البخارى باب استقبال الغزاة قال المنذرى فيه تمرين الصبيان على مكارم الأخلاق واستجلاب الدعاء لهم وقال المهلب التلقى للمسافرين والقادمين من الجهاد والحج بالبشر والسرور أمر معروف ووحه من وجوه البر أهـ كلام المنذرى (فائدة) قال النووى فى تهذيبه السائب صحابى وأبوه يزيد بن سعيد بن ثمامة صحابى ولد السائب سنة ثلاث من الهجرة وتوفى بالمدينة سنة أربع وتسعين على الصحيح له عن رسول الله صلى الله عليه وسلم خمسة أحاديث اتفقا على واحد وتفرد البخارى بأربعة مسح صلى الله عليه وسلم على رأسه ودعا له بالبركة أهـ ملخصا. (187) (1) (سنده) حدّثنا ابن نمير قال ثنا حنظلة عن ابن سابط عن عائشة قالت الخ (تخريجه) رواه ابن ماجه والحاكم فى المستدرك من طريق الوليد بن مسلم حدثنى حنظلة بهذا الاسناد وصولا وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبى ورواه ابن المبارك فى كتاب الجهاد له عن حنظلة بن أبى سفيان عن ابن سابط مرسلا وأخرجه البزار على الفضيل بن سهل عن الوليد ابن صالح عن أبى أسامة عن ابن جريج عن ابن أبى مليكة عن عائشة بالمتن دون القصة قال الحافظ ورواته ثقات وقال الهيثمى رجاله رجال الصحيح. (188) (باب) (2) (سنده) حدّثنا صفوان بن عيسى قال أنا الحارث بن عبد الرحمن عن منير بن عبد الله عن أبيه عن سعد بن أبى ذباب قال الحديث و (ذباب) بضم الذال المعجمة وبموحدتين بينهما ألف دوسى (تخريجه) قال الحافظ الزيلعى فى نصب الراية واما حديث سعد ابن أبى ذباب فرواه ابن أبى شيبة فى مصنفه حدثنا صفوان بن عيسى ثنا الحارث بن عبد الرحمن ابن أبى ذباب الدوسى عن منير بن عبد الله عن أبيه عن سعد بن أبى ذباب الدوسى قال أتيت النبى علسه السلام فأسلمت وقلت يا رسول الله اجعل لقومى ما أسلموا عليه ففعل واستعملنى عليهم واستعملنى أبو بكر بعد النبى عليه السلام واستعملنى عمر بعد أبى بكر فلما قدم على قومه قال يا قوم أدوا زكاة العمل فانه لا خير فى مال لا تؤدى زكاته قالوا كم ترى قلت العشر فأخذت منهم العشر فأتيت به عمر رضي الله عنه فباعه وجعله فى صدقات المسلمين" ومن طريق بن أبى شيبة رواه الطبرانى في معجمه ورواه الشافعي

-[ما جاء في فضائل سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه]- (باب) ما جاء في سعد بن أبى وقاص ويقال له أيضا سعد بن مالك رضى الله عنه. (189) (عن على بن أبى طالب رضى الله عنه) قال ما سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يجمع أباه وأمه لاحد غير سعد بن أبى وقاص فانى سمعته يقول يوم احد ارم يا سعد فداك أبى وأمى. (190) (وعن سعيد بن المسيب) قال قال سعد بن مالك رضى الله عنه جمع لى رسول الله صلى الله عليه وسلم أبويه يوم أحد. (191) (وعن قيس بن أبى حازم) قال سمعت سعد بن مالك (يعنى ابن أبى وقاص) رضى الله عنه يقول أنى لاول العرب رمى بسهم فى سبيل الله. ولقد رأيتنا نغزوا مع

_ أخبرنا أنس بن عياض عن الحارث بن عبد الرحمن بن أبى ذباب عن أبيه عن سعد بن أبى ذباب فذكره ومن طريق الشافعى رضى الله عنه رواه البيهقى وقال هكذا رواه الشافعى وتابعه محمد بن عباد عن أنس بن عياض به ورواه الصلت بن محمد عن أنس بن عياض فقال عن الحارث بن أبى ذباب عن منير ابن عبد الله عن أبيه عن سعد وكذلك رواه صفوان بن عيسى عن الحارث بن عبد الرحمن به قال البخارى و (عبد الله) والد منير عن سعد بن أبى ذباب لم يصح حديثه وقال على بن المدينى، (منير) هذا لا نعرفه إلا فى هذا الحديث وسئل أبو حاتم عن عبد الله والد منير عن سعد بن أبى ذباب يصح حديثه قال نعم قال البيهقى قال الشافعى وفى هذا ما يدل على أن النبى عليه السلام لم يأمره بأخذ الصدقة من العسل وأنه شئ رآه فتطوع له به أهله اهـ كلام الزيلعى. وأورد الحافظ الهيثمى أيضا حديث سعد بن أبى ذباب قاما فى باب زكاة العسل وقال: رواه البزار والطبرانى فى الكبير وفيه منير ابن عبد الله وهو ضعيف اهـ (189) (باب) (1) (سنده) حدّثنا يعقوب وسعد قالا ثنا أبى عن أبيه عن عبد الله ابن شداد (قال سعد: بن الهاد) سمعت عليا رضى الله عنه يقول الخ والراوى عن على رضى الله عنه سماعا هو عبد الله بن شداد بن الهاد المدنى وجملة (قال سعد: بن الهاد) معترضة يريد بها الامام أحمد أن شيخه سعدا قال فى روايته (عن عبد الله بن شداد بن الهاد) وأما شيخه يعقوب فقد نسبه إلى أبيه فقط (تخريجه) أخرجه البخارى فى باب المجن ومن يترس بترس صاحبه من كتاب الجهاد قال القسطلانى وأخرجه البخارى فى المغازى أيضا ومسلم فى الفضائل والترمذى فى المناقب وابن ماجه فى السير اهـ. (190) (2) (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن المسيب الخ (تخريجه) أخرجه البخارى فى المناقب قال القسطلانى وأخرجه أيضا فى المغازى ومسلم فى الفضائل والترمذى والاستئذان والمناقب والنسائى فى السنة اهـ. (191) (3) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد ثنا اسماعيل ثنا قيس قال سمعت سعد بن مالك يقول الخ (غريبه) (4) انى لأول العرب الخ قال القسطلانى وذلك فى سرية عبيدة (بضم العين) ابن الحارث بن المطلب بن عبد مناف الذى بعثه فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ستين راكبا من المهاجرين فيهم

-[ما جاء في فضائل سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه]- رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام نأكله الا ورق الحبلة وهذا السمر حتى أن أحدنا ليضع كما تضع الشاة ما له خلط ثم أصبحت بنو أسد يعزرونى على الدين لقد خبت إذًا وضل عملى. (وعنه بلفظ آخر) قال لقد رأيتنى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سابع سبعة وما لنا طعام الأ ورق الحبلة حتى أن أحدنا ليضع كما تضع الشاة ما يخالطه شئ ثم أصبحت بنو أسد يعزرونى على الاسلام لقد خسرت اذًا وضل سعي. (192) (وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما) ان النبى صلى الله عليه وسلم قال أول من يدخل من هذا الباب رجل من أهل الجنة فدخل سعد بن أبي وقاص.

_ سعد بن أبي وقاص الى رابغ ليلقوا عيرًا لقريش فى السنة الأولى من الهجرة فتراموا بالسهام فكان سعد أول من رمى فى سبيل الله اهـ (1) قوله (وما لنا طعام الخ) المراد أنه غزا معه صلى الله عليه وسلم وما لهم من طعام (الا ورق الحبلة) بالضم وسكون الباء الموحدة قيل هو ثمر العضاه (وهذا السمر) بفتح أوله وضم ثانيه ضرب من شجر الطلح الواحدة سمرة بفتح فضم أفاده فى النهاية (حتى أن أحدنا ليضع) أى عند قضاء الحاجة (كما تضع الشاة) بعرها (ما له خلط) بكسر فسكون أى أن نجوهم يخرج منهم مثل البعر لا يختلط بعضه ببعض لجفافه ويبسه وكان ذلك منهم لعدم الغذاء المألوف (الدين) الصلاة والمراد أننى مع سوابقى فى الاسلام أصبحت بنو أسد يعيروننى بأنى لا أحسن الصلاة وكانوا قد شكوه إلى عمر وهو دال على الكوفة أنه لا يحسن يصلى (تخريجه) أخرجه البخارى فى المناقب حدثنا خالد بن عبد الله عن اسماعيل به قال القسطلانى وأخرجه أيضا فى الأطعمة والرقاق ومسلم فى الزهد والترمذى فى الزهد والنسائى فى المناقب والرقاق وابن ماجه فى السنة اهـ. (2) قوله وعنه بلفظ آخر (سنده) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن اسماعيل قال سمعت قيس بن أبى حازم قال قال سعد رضى الله عنه لقد رأيتنى الخ (غريبه) (3) يعنى أنه أسلم بعد ستة هو سابعهم قال ابن عبد البر إنه أسلم قديما بعد ستة هو سابعهم وهو ابن سبع عشرة سنة -قبل أن تفرض الصلاة- على يد أبى بكر الصديق رضى الله عنه اهـ وثبت عنه فى البخارى أنه قال لقد رأيتنى وأنا ثلث الاسلام قال القسطلانى أى أنه كان ثالث من أسلم أولا من الرجال وثبت فى البخارى أيضا أنه قال ما أسلم أحد إلا فى اليوم الذى أسلمت فيه ولقد مكثت سبعة أيام وأنى لثلث الأسلام وهذا كما قال القسطلانى بحسب علمه وإلا فقد أسلم قبله غيره اهـ ولا منافاة بين أقواله هذه لأن علمه رضى الله عنه كغيره فى تجدد فكان يخبر فى كل بما عنده (تخريجه) تقدم فى الرواية السابقة. (192) (4) (سنده) حدّثنا قتيبة بن سعيد أنا رشدين عن الحجاج بن شداد عن ابى صالح الغفارى عن عبد الله بن عمرو بن العاص الخ وأبو صالح الغفارى هو سعيد بن عبد الرحمن (تخريجه) فى اسناده (رشدين) بكسر الراء وسكون المعجمة (ابن سعد بن مفلح المهرى) بفتح الميم وسكون الهاء أبو الحجاج المصرى ضعيف رجح أبو حاتم عليه ابن لهيعة وقال ابن يونس كان صالحا فى دينه فأدركته غفلة الصالحين فخلط فى الحديث كذا فى التقريب وقال فى هامش الخلاصة نقلا عن التهذيب ما نصه

-[ما جاء في فضائل سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه]- (193) (وعن مصعب بن سعد) قال أنزلت فى أبى أربع آيات، قال قال أبى اصبت سيفًا قلت يا رسول الله نفلنيه قال ضعه، قلت يا رسول الله نفِّلنيه أجعل كمن لا غناء له؟ قال ضعه من حيث أخذته فنزلت {يسئلونك الأنفال} قال وهى فى قراءة ابن مسعود كذلك قل الانفال، وقالت أمى اليس الله يأمرك بصلة الرحم وبر الوالدين والله لا آكل طعامًا ولا اشرب شرابا حتى تكفر بمحمد فكانت لا تأكل حتى يشجروا فمها بعصا فيصبوا فيه الشراب قال شعبة وأراه قال والطعام فأنزلت {ووصينا الانسان بوالديه حملته امه وهنا على وهن} وقرأ حتى بلغ {بما كنتم تعملون}، ودخل علىّ النبى صلى الله عليه وسلم وأنا مريض قلت يا رسول الله أوصى بمالى كله فنهانى قلت النصف قال لا قلت الثلث فسكت فاخذ الناس به، وصنع رجل من الانصار طعامًا فأكلوا وشربوا وانتشوا من الخمر وذاك قبل أن تحرم فاجتمعنا عنده فتفاخروا وقالت الانصار: الأنصار خير، وقالت المهاجرون: المهاجرون خير، فاهوى له رجل بلحى جزور ففزر انفه فكان أنف سعد مفزورًا فنزلت {يا أيها الذين آمنوا انما الخمر والميسر إلى قوله فهل أنتم منتهون}

_ قال أحمد ليس به بأس فى أحاديث الرقاق، وقال ابن معين لا يكتب حديثه، وقال عمرو بن على الفلاس وأبو زرعة ضعيف وقال أبو حاتم منكر الحديث فيه غفلة يحدث بالمناكير عن الثقات اهـ وللحديث شواهد (منها) ما رواه النسائى باسناد رواته ثقات عن أنس بن مالك وما رواه أحمد بأسناد على شرط الشيخين عنه أيضًا بالقصة مطولة (ومنها) ما رواه البيهقى عن سالم بن عبد الله عن أبيه بالقصة مطولة (تنبيه) حديث أنس بن مالك عند أحمد بالقصة مطولة فى الفتح الربانى فى الجزء التاسع عشر ص 237 و 238 فى باب ما جاء فى الترهيب من الحسد والبغضاء والغش وفى الشرح تخريجه عن المنذرى بإستيفاء. (193) (1) (سنده) حدّثنا يحيى بن سعيد عن شعبة حدّثنى سماك بن حرب عن مصعب ابن سعد الخ والحديث من نوع المرفوع لقوله فيه قال أبى (2) "أنزلت فى أبى أربع آيات" فصلها فى الحديث بأنها آية الأنفال واية لقمان فى بر الوالدين وعدم الزيادة على الثلث فى الوصية وآية المائدة فى تحريم الخمر ومن الواضح أن تحريم الزيادة على الثلث فى الوصية ثابت بالسنة لا بالقرآن وحينئذ فعد الايات أربعا ليس بظاهر إلا أن يقال إن ذلك من قبيل التغليب أو يقال المراد بالايات الأحكام (3) اصابة السيف كانت فى غزوة بدر "نفلنيه" بصيغة الأمر معناه أعطنيه "أجعل كمن لا غناء له" أى أأجعل كذلك بحذف همزة الاستفهام والغناء بالفتح والمد النفع (فنزلت يسألونك الانفال قال وهى فى قراة ابن مسعود كذلك) اى بحذف (عن) وأما القراءة المتواترة فبذكرها. أفاد الألوسى أن القراءة بحذفها هى قراءة ابن مسعود وسعد بن أبى وقاص وعلى بن الحسين وزيد ومحمد الباقر وجعفر الصادق وطلحة بن مصرف والسؤال على هذه القرآءة يراد به طلب العطاء ولما نزلت آية الأنفال أعطاه صلى الله عليه وسلم السيف الذى كان يريده ففى رواية الترمذى من طريق عاصم بن بهدلة عن مصعب بن سعد عن أبيه (فقال انك سألتنى وليست لى وقد صارت) أى الغنيمة (لى وهو لك) (4) الشجر بفتح أوله وتسكين ثانيه بفتح الفم وقوله (يشجروا فمهالا بعصا) معناه يدخلوا فى شجره عودًا حتى يفتحوه به (5) (انتشوا)

-[ما جاء في فضائل سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه]- (194) (وعن عبد الله بن عامر بن ربيعة) إن عائشة كانت تحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سهر ذات ليلة وهى إلى جنبه قالت فقلت ما شأنك يا رسول الله قالت فقال ليت رجلا صالحا من أصحابى يحرسنى الليلة قال فبينا أنا على ذلك إذ سمعت صوت السلاح فقال من هذا قال أنا سعد بن مالك جئت لأحرسك يا رسول الله قالت فسمعت غطيط رسول الله صلى الله عليه وسلم فى نومه (195) (عن عباية بن رفاعة) قال: بلغ عمر رضى الله عنه أن سعدًا لما بنى

_ سكروا يقال رجل نشوان (بلحى جزور) اللحى بفتح اللام وسكون المهملة عظم الحنك وهما لحيان من الأعلى ولحيان من الأسفل والضرب كان بلحى واحد. والجزور من الابل يقع على الذكر والأنثى. (فزر أنفه) أى جرحه وشقه وهو بفتحتين مع تخفيف الزاى المعجمة (تخريجه) أخرجه بمثل هذا السياق مع مغايرة يسيرة فى بعض الألفاظ مسلم فى صحيحه من طريق زهير حدثنا سماك بن حرب به ومن طريق شعبة عن سماك بن حرب به فى كتاب فضائل الصحابة رضى الله عنهم (194) (1) (سنده) حدّثنا يزيد قال أنا يحيى قال سمعت عبد الله بن عامر بن ربيعة يحدث أن عائشة كانت تحدث الخ. ويحيى هو ابن سعيد الأنصارى وعبد الله بن عامر بن ربيعة ولد على عهد النبى صلى الله عليه وسلم ولأبيه صحبة مشهورة وكانت هذه الحراسة وغيرها قبل نزول آية {والله يعصمك من الناس} (2) (قال فبينا أنا على ذلك الخ) كذا بالأصل وفى رواية الليث عند مسلم والترمذى (قالت فبينا نحن كذلك اذ سمعنا خشخشة السلاح) وفيها (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما جاء بك فقال سعد وقع فى نفسى خوف على رسول الله صلى الله عليه وسلم فجئت أحرسه فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم نام) (تخريجه) أخرجه الشيخان والترمذى والنسائى فالبخارى أخرجه من طريق على بن مسهر أخبرنا يحيى بن سعيد به فى باب الحراسة فى الغزو من كتاب الجهاد ومن طريق سليمان بن بلال حدثنى يحيى بن سعيد به فى أوائل كتاب التمنى ومسلم أخرجه من طريق سليمان بن بلال ومن طريق الليث ومن طريق عبد الوهاب كلهم عن يحيى بن سعيد به فى كتاب الفضائل والترمذى من طريق الليث عن يحيى ابن سعيد به فى كتاب المناقب وقال هذا حديث حسن صحيح. (195) (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن أبيه عن عبابة بن رفاعة قال الخ (شرحه وغريبه) (4) هو ابن أبى وقاص رضى الله عنه تحول عن المدائن إلى الكوفة وبنى بها قصر الامارة وجعل له بابا يمنع عنه ضوضاء الناس فخشى عمر أن يكون ذلك حائلا دون حاجة الناس اليه وكان ذلك فى المحرم عام سبع عشرة للهجرة وذلك أن الصحابة استوخموا المدائن وتغيرت ألوانهم وضعفت أبدانهم لكثرة ذبابها وغبارها فكتب سعد إلى عمر فى ذلك فكتب عمر إن العرب لا تصلح إلا فى مكان يوافق ابلها فارتد لهم مكانًا بريًا بحريًا فبعث سعد حذيفة وسلمان بن زياد يرتادان للمسلمين منزلا مناسبا يصلح لاقامتهم فخرج سلمان حتى أتى الأنبار فسار فى غربى الفرات لا يرضى شيئا حتى اتى الكوفة وسار حذيفة فى شرقى الفرات لا يرضى شيئا حتى أتى الكوفة (وكل رملة وحصباء مختلطين فهو كوفة) فأعجبتهما البقعة فنزلا فصليا هنالك ودعوا الله عز وجل أن يبارك لهم فيها

-[ما جاء في فضائل سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه]- القصر قال: انقطع الصويت، فبعث إليه محمد بن مسلمة فلما قدم أخرج زنده وأورى ناره وابتاع حطبًا بدرهم، وقيل لسعد أن رجلا فعل كذا وكذا فقال ذاك محمد بن مسلمة خرج إليه فحلف بالله ما قاله فقال نؤدى عنك الذى تقوله ونفعل ما أمرنا به فأحرق الباب، ثم أقبل يعرض عليه أن يزوده فأبى، فخرج فقدم على عمر رضى الله عنه فهجّر إليه فصار ذهابه ورجوعه تسع عشرة فقال: لولا حسن الظن بك لرأينا أنك لم تؤد عنا، قال بلى. أرسل يقرأ السلام ويعتذر ويحلف بالله ما قاله قال فهل زودك شيئًا قال لا قال فما منعك أن تزودنى أنت، قال أنى كرهت أن آمر لك فيكون لك البارد ويكون لى الحار، وحولى أهل المدينة قد قتلهم الجوع وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يشبع الرجل دون جاره. (باب ما جاء فى سعد بن عبادة الأنصارى سيد الخزرج رضى الله عنه) (196) (عن قيس بن سعد بن عبادة رضى الله عنهما) قال زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في

_ ويجعلها منزل ثبات ثم كتبا إلى سعد بالخبر فأمر باختطاط الكوفة وسار اليها فى المحرم سنة 17 هـ فكان أول بناء وضع فيها المسجد ثم اتخذ الناس منازلهم حوله وبنى سعد قصرًا تلقا. محراب المسجد للامارة وبيت المال وكان قريبا من السوق فكانت غوغاء الناس تمنع سعدًا من الحديث فكان يغلق بابه ويقول سكت الصويت، فلما بلغت هذه الكلمة عمر بن الخطاب بعث محمد بن مسلمة فأمره إذا انتهى إلى الكوفة أن يحرق باب القصر ثم يرجع من فوه فلما انتهى إلى الكوفة فعل ما أمره به عمر وأمر سعدا أن لا يغلق بابه عن الناس ولا يجعل على بابه أحدًا يمنع الناس عنه فامتثل ذلك سعد، وعرض على محمد ابن مسلمة شيئا من المال يستعين به على السفر فامتنع ورجع إلى المدينة فى مدة وجيزة واستمر سعد بعد ذلك فى الكوفة ثلاث سنين ونصفا حتى عزله عنها عمر من غير عجز ولا خيانة (1) الزند بفتح أوله العود الذى يقدح به النار وهو الأعلى و (الزندة) السفلى فيها ثقب فاذا اجتمعا قيل زندان والجمع زناد بالكسر وأزناد وأزند اهـ مختار وقوله (أورى ناره) أى أوقد (2) لعل سبب معرفته اياه أن عمر خصصه للسفارة بينه وبين أمراء الأمصار (3) أى ما قال القول المنسوب اليه وهو (انقطع الصويت) وذلك لأنه يشعر أنه يؤثر راحته على قضاء مآرب المسلمين (4) فاعل أقبل ضمير يعود على سعد رضى الله عنه والمراد أنه عرض على محمد بن مسلمة ما لا يكون له عونا على قطع الطريق الى المدينه فأبى (5) أى عجل بالرجوع إلى عمر مع طول المسافة بين المدينة والكوفة حتى قال له عمر لولا حسن الظن بك لرأينا أنك لم تؤد عنا (6) كره عمر أن يزود محمد بن مسلمة بشئ من المال يستعين به على مواصلة السعى إلى سعد بالكوفة وأهل المدينة جياع فيكون عليه الأثم ولمحمد بن مسلمة الغنم (7) لا نافية أو ناهية والفعل بعدها مرفوع فى الأول ومجزوم فى الثانى (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وأبو يعلى ببعضه ورجاله رجال الصحيح إلا أن عباية بن رفاعة لم يسمع من عمر اهـ (196) (باب) (8) (سنده) حدّثنا الوليد بن مسلم ثنا الاوزاعى قال سمعت يحيى بن

-[ما جاء في فضائل سعد بن عبادة رضى الله عنه]- منزلنا فقال السلام عليكم ورحمة الله قال فرد سعد ردًا خفيًا فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأتبعه سعد فقال يا رسول الله قد كنت اسمع تسليمك. وأرد عليك ردًا خفيًا لتكثر علينا من السلام قال فانصرف معه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأمر له سعد بغسل فوضع فاغتسل ثم ناوله أو قال ناولوه ملحفة مصوغة بزعفران وورس فاشتمل بها ثم رفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يديه وهو يقول اللهم اجعل صلواتك ورحمتك على آل سعد بن عبادة قال ثم أصاب من الطعام فلما أراد الانصراف قرب إليه سعد حمارًا قد وطأ عليه بقطيفة فركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال سعد يا قيس اصحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قيس فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اركب فابيت ثم قال إما أن تركب وأما أن تنصرف قال فانصرفت. (باب ما جاء فى سعد بن معاذ سيد الأوس رضى الله عنه) (197) حدثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا يزيد أخبرنا محمد بن عمرو قال اخبرنى واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ قال محمد وكان واقد من أحسن الناس واعظمهم وأطولهم قال. دخلت على أنس

_ أبي كثير يقول حدثنى محمد بن عبد الرحمن بن أسعد بن زرارة عن قيس بن سعد قال الحديث (غريبه) (1) قوله فرجع الله صلى الله عليه وسلم الخ ظاهره أنه صلى الله عليه وسلم رجع بعد أن سلم مرة ولم يسمع ردًا ولكن هذا الظاهر غير مراد وقد افصحت رواية أبى داود عن أنه صلى الله عليه وسلم رجع بعد أن أسلم ثلاثا ولم يسمع ردًا ونصها "زارنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى منزلنا فقال السلام عليكم ورحمة الله فرد سعد ردًا خفيًا قال قيس فقلت ألا تأذن لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ذره يكثر علينا من السلام فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم السلام عليكم ورحمة الله فرد سعد ردًا خفيا ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم السلام عليكم ورحمة الله ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (2) "لتكثر علينا من السلام" أى لأنه تحية ودعاء بالأمان والرحمة ودعاؤه صلى الله عليه وسلم لا يرد (3) "ملحفة مصبوغة بزعفران وورس" هكذا فى الأصل بالواو العاطفة ورواية أبى داود العطف فيها بكلمة (أو) لا الواو والملحفة بكسر الميم وسكون اللام الغطاء يقال التحف بالثوب تغطى به والورس بفتح أوله وسكون ثانيه نبت أصفر يكن باليمن (تخريجه) هذا الحديث أخرجه أبو داود فى باب كم مرة يسلم الرجل فى الاستئذان من كتاب الأدب قال حدثنا هشام أبو مروان ومحمد بن المثنى المعنى قال محمد بن المثنى ثنا الوليد بن مسلم بمثل اسناد أحمد ومتنه ما عدا مسألة السلام التى سبقت لنا فى الشرح فان رواية أبى داود فصلت ورواية أحمد أجملت قال أبو داود بعد أن ساق لفظ الحديث رواه عمر بن عبد الواحد وابن سماعة عن الأوزاعى مرسلا لم يذكرا قيس بن سعد اهـ قال المنذرى وأخرجه النسائى مسندًا ومرسلا اهـ. (197) (باب) (غريبه) (4) أفعل تفضيل من الطول بالضم ضد القصر أو من الطَّول بالفتح وهو الفضل والعلو على الأعداء وكان واقد كجده سعد يجمع بين طول القامة والسبق في المكارم

-[ما جاء في فضائل سعد بن معاذ رضى الله عنه]- ابن مالك فقال لي: من أنت، قلت: أنا واقد بن عمرو بن سعد بن معاذ، قال: أنك بسعد اشبه ثم بكى وأكثر البكاء فقال رحمة الله على سعد كان من أعظم الناس وأطولهم ثم قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم جيشًا إلى أكيدر دومة فأرسل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بجبَّهٍ من ديباج منسوج فيه الذهب، فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام على المنبر -أو جلس- فلم يتكلم ثم نزل، فجعل الناس يلمسون الجبة وينظرون إليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أتعجبون منها، قالوا ما رأينا ثوبًا قط أحسن منه، فقال النبى صلى الله عليه وسلم: لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة أحسن مما ترون.

_ (1) أي وكان أنس قد قدم المدينة (2) كان ذلك والنبى صلى الله عليه وسلم بتبوك أرسل خالد بن الوليد فى سرية إلى أكيدر بن عبد الملك الكندى صاحب (دومة الجندل) أى الوالى عليها من قبل هرقل وقال له ستلقاه يصيد الوحش وجاءت بقرة وحشية فحككت قرونها بحصنه فنزل إليها ليلا ليصيدها فهجم عليه خالد فأسره وقتل أخاه حسان بن عبد الملك وذهب به إلى النبى صلى الله عليه وسلم فصالحه وأمنه وقرر عليه وعلى آله الجزية وكان نصرانيا وأسلم أخوه حريث فأقره النبى صلى الله عليه وسلم على ما فى يده ولما توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم نقض أكيدر المهد فغزاه خالد فى عهد أبى بكر رضى الله عنه وهو بالعراق سنة 12 وقتله و (دومة) هى بضم الدال وفتحها والواو ساكنة لا غير مدينة لها حصن وهى فى برية فى أرض نخل وزرع يسقون بالنواضح وحولها عيون قليلة وهى من المدينة على عشر مراحل ومن دمشق عل ثمانية ويقال لها أيضا (دومة الجندل) والجندل الحجارة والدومة مجتمعها كأنما سميت بذلك لأن مكانها مجتمع الاحجار وأما (أكيدر) فهو بضم الهمزة وفتح الكاف قال ابن منده وأبو نعيم الأصبهانى فى كتابيهما فى معرفة الصحابة أن أكيدر هذا أسلم وأهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حلة سيراء قال ابن الأثير فى معرفة الصحابة أما الهدية والمصالحة فصحيحان وأما الاسلام فغلط لأنه لم يسلم بلا خلاف بين أهل السير (3) قوله فلبسها رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ذلك قبل أن يحرم لبس الحرير ففى مسند أحمد ثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك أن أكيدر دومة أهدى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم جبة من حرير وذلك قبل أن ينهى نبى الله صلى الله عليه وسلم عن الحرير فلبسها فعجب الناس منها الحديث قال الشوكانى لا نزاع أن النبى صلى الله عليه وسلم كان يلبس الحرير ثم كان التحريم آخر الأمرين (4) (أو) للشك من الراوى بين كون اللفظ المسموع (فقام على المنبر فلم يتكلم) أو (فجلس على المنبر فلم يتكلم) (5) هو بضم الميم وكسرها (6) جمع منديل بكسر الميم فى المفرد وهو الذى يحمل فى اليد قال النووى: قال العلماء هذه إشارة إلى عظيم منزلة سعد فى الجنة وأن أدنى ثيابه فيها خير من هذه لأن المنديل أدنى الثياب إذ هو معد للوسخ والامتهان فغيره أفضل وفيه إثبات الجنة لسعد اهـ (تخريجه) أخرجه فى كتاب اللباس الترمذى والنسائى من طريق محمد بن عمرو به قال الترمذى وهذا حديث حسن صحيح وأخرجه الشيخان مختصرا من طريق يونس بن محمد حدثنا شيبان عن قتادة ثنا أنس بن مالك أنه أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم جبة من سندس وكان ينهى عن الحرير فعجب الناس منها فقال والذى محمد نفس بيده إن مناديل سعد بن معاذ فى الجنة أحسن من هذا (قول الراوى وكان ينهى عن الحرير أى فيما بعد وإلا ناقض ما قررناه في الشرح) وروى

-[ما جاء في فضائل سعد بن معاذ رضى الله عنه]- (198) (وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه) عن النبى صلى الله عليه وسلم اهتز العرش لموت سعد بن معاذ "رضى الله عنه". (199) (وعن عاصم بن عمر بن قتادة) عن جدته رميثة رضى الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول - ولو اشاء أن أقبل الخاتم الذى بين كتفيه من قربى منه لفعلت - يقول اهتز له عرش الرحمن تبارك وتعالى يريد سعد بن معاذ يوم توفي.

_ مسلم عن أنس أن أكيدر دومة الجندل أهدى لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة فذكر نحوه ولم يذكر فيه (وكان ينهى عن الحرير) وأخرجه البخارى تعليقا، هذا وللحديث فى جملته شاهد عند الشيخين والترمذى عن البراء أهديت لرسول الله صلى الله عليه وسلم حلة حرير فجعل أصحابه يلمسونها ويعجبون من لينها فقال أتعجبون من لين هذه لمناديل سعد بن معاذ فى الجنة خير منها والين. (198) (1) (سنده) حدّثنا يحيى ثنا عون ثنا ابو نضرة قال سمعت أبا سعيد عن النبى صلى الله عليه وسلم الخ وفى مستدرك الحاكم وتاريخ ابن كثير (عوف) بالفاء لا بالنون (تخريجه) اخرجه الحاكم فى المستدرك حدثنا ابو عمرو عثمان بن احمد بن السماك ببغداد ثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور ثنا يحيى بن سعيد القطان به وقال صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه واقره الذهبى وله شواهد فى الصحيحين وغيرهما عن عدة من الصحابة رضى الله عنهم (199) (2) (سنده) حدّثنا ابراهيم بن أبى العباس قال ثنا يوسف بن الماجشون عن أبيه عن عاصم بن عمر بن قتادة الخ (سند آخر) ثنا سليمان بن داود الهاشمى قال ثنا يوسف بن الماجشون قال أخبرنى أبى عن عاصم بن عمر بن قتادة الظفرى عن جدته رميثة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر مثله وعاصم بن عمر بن قتادة الأنصارى تابعى مشهور (تخريجه) قال الهيثمى رجاله رجال الصحيح غير شيخه وهو ثقة ورواه الطبرانى فى الكبير والأوسط اهـ (أقول) شيخه سليمان بن داود الهاشمى الفقيه ثقة جليل قال أحمد بن حنبل يصلح للخلافة وشيخه الآخر ابراهيم بن أبى العباس السامرى بفتح الميم وتشديد الراء ثقة تغير بأخرة فلم يحدث قال الحافظ فى التقريب - وقال الحافظ فى الاصابة فى ترجمة (رميثة) أخرج الترمذى من طريق يوسف بن الماجشون عن أبيه عن عاصم بن عمر عن جدته رميثة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أشاء أن أقبل الخاتم الذى بين كتفيه من قربه لفعلت، يقول لسعد بن معاذ يوم مات اهتز له عرش الرحمن اهـ (وأما المراد من الحديث) فقال النووى اختلف العلماء فى تأويله فقالت طائفة هو على ظاهره واهتزاز العرش تحركه فرحا بقدوم روح سعد وجعل الله تعالى فى العرش تمييزا حصل به هذا ولا مانع منه كما قال تعالى {وأن منها لما يهبط من خشية الله} وهذا القول هو ظاهر الحديث وهو المختار وقال آخرون المراد اهتزاز أهل العرش وهم حملته وغيرهم من الملائكة فحذف المضاف والمراد بالاهتزاز الاستبشار والقبول ومنه قول العرب فلان يهتز للمكارم لا يريدون اضطراب جسمه وحركته وإنما يريدون ارتياحه إليها واقباله عليها وقال الحربى هو كناية عن تعظيم شأن وفاته والعرب تنسب الشئ المعظم إلى أعظم الاشياء فيقولون أظلمت

-[ما جاء في فضائل سعد بن معاذ رضى الله عنه]- (200) (وعن أسماء بنت يزيد رضى الله عنها) قالت: لما توفى سعد بن معاذ ساحت أمه فقال النبى صلى الله عليه وسلم: الا يرقأ دمعك ويذهب حزنك فان ابنك أول من ضحك الله له واهتز له العرش. (201) (عن أنس بن مالك رضى الله عنه) أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال - وجنازة سعد موضوعة - اهتز لها عرش الرحمن عز وجل. (202) (عن عائشة رضى الله عنها) قالت أصيب سعد يوم الخندق رماه رجل من قريش يقال له حبّان بن العرقة فى الأكحل فضرب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم خيمة فى المسجد ليعوده من قريب.

_ لموت فلان الأرض وقامت له القيامة اهـ (تنبيه) جملة (ولو أشاء أن أقبل الخاتم الذى بين كتفيه من قربى منه لفعلت) معترضة من كلام رميثة تقصد بها أنها سمعت هذا الحديث وهى قريبة من النبى صلى الله عليه وسلم حتى أنها لو أرادت أن تقبل خاتم النبوة الذى بين كتفيه صلى الله عليه وسلم لفعلت هذا وكلمة (يقول) مكررة فى الاصل ولعل أحداهما من زيادة النساخ أو أن الثانية تأكيد للأولى والله أعلم. (200) (1) (سنده) ثنا يزيد بن هرون قال أخبرنا اسماعيل يعنى ابن أبى خالد عن اسحاق ابن راشد عن امراة من الانصار يقال لها اسماء بنت يزيد بن سكن قالت الخ (غريبه) (2) رقأ الدمع سكن وانقطع وبابه قطع (ودمعك) بالرفع فعل فاعل ويذهب بفتح أوله من ذهب الثلاثى وفاعله (حزنك) وقوله (فان ابنك الخ) تعليل لما ينبغى أن يكون من سكون الدمع وذهاب الحزن وإضافة الضحك إلى الله من المتشابه ومذهب السلف فيه عدم الخوض فى بيان معناه وتفويضه إلى الله عز وجل مع تنزيه الله عن مشابهة الخلق والمقصود من التركيب واضح وهو أن سعدًا كان بمنزلة من الله لم تكن لغيره (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه احمد ورجاله رجال الصحيح ورواه الطبرانى بنحوه اهـ بتصرف واخرجه الحاكم اخبرنا ابو العباس محمد بن احمد المحبوبى بمرو ثنا ثنا سعيد بن مسعود يزيد ابن هارون به وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه واقره الذهبى. (201) (3) (سنده) حدّثنا عبد الوهاب عن سعيد عن قتادة وحدثنا انس بن مالك ان نبى الله صلى الله عليه وسلم الخ (تخريجه) اخرجه مسلم فى فضائل سعد بن معاذ حدثنا محمد بن عبد الله الرزى ثنا عبد الوهاب بن عطاء الخفاف عن سعيد به واخرج الشيخان عن جابر رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال اهتز عرش الرحمن لموت سعد بن معاذ. (202) (4) (سنده) حدّثنا ابن نمير ثنا هشام عن ابيه عن عائشة الخ (غريبه) (5) (حبان) بكسر الحاء المهملة وتشديد الموحدة (ابن العرقة) بفتح العين المهملة وكسر الراء بعدها قاف مفتوحة فهاء تانيث اسم امه لطيب ريحها وذكر ابن بكار ان اسمها قلابة بنت اسعد فعلى هذا تكون العرقة وصفا لها او لقبا (6) (الاكحل) بوزن الابيض غرق فى وسط الذراع فى كل عضو منه شعبة إذا قطع

-[ما جاء في فضائل سعد بن معاذ رضى الله عنه]- (203) (عن أبي أمامة بن سهل) قال سمعت أبا سعيد الخدرى رضى الله عنه قال نزل أهل قريظة على حكم سعد بن معاذ قال فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سعد فاتاه على حمار قال فلما دنا قريبا من المسجد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قوموا إلى سيدكم أو خيركم ثم قال إن هؤلاء نزلوا على حكمك قال تقتل مقاتلتهم وتسبى ذراريهم قال فقال النبى صلى الله عليه وسلم لقد قضيت بحكم الله وربما قال قضيت بحكم الملك. (204) (عن عائشة رضى الله عنها) فى حديثها الطويل "ذكر بطوله فى غزوة الخندق" أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لسعد لقد حكمت فيهم بحكم الله عز وجل وحكم رسوله صلى الله عليه وسلم قالت ثم دعا سعد فقال اللهم إن كنت أبقيت على نبيك صلى الله عليه وسلم من حرب قريش شيئًا فابقى لها وإن كنت قطعت الحرب بينه وبينهم فاقبضنى إليك قالت فانفجر كلمه وكان قد برئ حتى ما يرى من الامثل الخرص ورجع إلى قبته التى ضرب عليه صلى الله عليه وسلم قالت عائشة فحضره رسول الله صلى الله عليه وسلم وابو بكر وعمر قالت فوالذى نفس محمد بيده أنى لاعرف بكاء عمر من بكاء أبى بكر وأنا فى حجرتى وكانوا كما قال الله عز وجل "رحماء بينهم" قال علقمة "الراوى عن عائشة" أى أمه فكيف كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنع قالت كانت عينه لا تدمع على أحد ولكنه كان إذا وجد فانما هو آخذ بلحيته.

_ لم يرقأ الدم (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم وللحديث عندهما بقية اخرجها احمد من هذا الطريق بسند مستقل. (203) (1) (سنده) حدّثنا محمد ثنا شعبة عن سعد بن ابراهيم عن ابى امامة بن سهل الخ (غريبه) (2) الظاهر انه مسجد اختطه صلى الله عليه وسلم وقت حصار بنى قريظة للصلاة فيه وقد كانت مدة الحصار خمسا وعشرين ليلة (3) امرهم صلى الله عليه وسلم بالقيام له لينزلوه وقد كان مريضا من اثر الجرح الذى اصابه بقطع اكحله (تخريجه) اخرجه البخارى ومسلم وغيرهما فالبخارى اخرجه فى باب إذا نزل العدو على حكم رجل من كتاب الجهاد قال القسطلانى واخرجه البخارى ايضا فى فضائل سعد والاستئذان والمغازى ومسلم فى المغازى وابو داود فى الادب والنسائى فى المناقب والسير والفضائل اهـ. (204) (4) (سنده) حدّثنا يزيد قال انا محمد بن عمرو عن ابيه عن جده علقمة بن وقاص قال اخبرتنى قالت الخ (غريبه) (5) اى سال جرحه وهو بفتح الكاف وسكون اللام (6) الخرص برزن القفل والحمل الحلقة من الذهب والفضة كما فى المختار اى لم يبق من جرحه إلا مثل الحلقة الصغيرة (تخريجه) اورده الحافظ بن كثير فى تاريخه ثم قال وهذا الحديث اسناده جيد وله شواهد من وجوه كثيرة افاده الشيخ رحمه الله فى شرحه لهذا الحديث فى غزوة الخندق (جزء 21 ص 83) من الفتح الربانى (قلت) الدعاء المذكور واستجابة الله له وارد فى الصحيحين عن عائشة رضى الله عنها (فائدة) قول عائشة كانت عينه صلى الله عليه وسلم لا تدمع على احد المراد به فى غالب أحواله وإلا فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم ان عينيه كانت تذرفان عند استشهاد جعفر وغيره والله أعلم.

-[ما جاء في فضائل سعد بن معاذ رضى الله عنه]- (205) (وعن معاذ بن رفاعة الزرقى) عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لهذا العبد الصالح الذى تحرك له العرش وفتحت له أبواب السماء شدد عليه ففرج الله عنه وقال مرة تفتحت وقال مرة ثم فرج الله عنه وقال مرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد يوم مات وهو يدفن. (206) (وعن جابر بن عبد الله) قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا إلى سعد بن معاذ حين توفى قال فلما صلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضع فى قبره وسوى عليه سبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فسبحنا طويلا ثم كبر فكبرنا، فقيل يا رسول الله لم سبحت ثم كبرت قال لقد تضايق على هذا العبد الصالح قبره حتى فرجه الله عليه السلام عز وجل عنه.

_ (205) (1) (سنده) حدّثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمرو حدّثنى يزيد بن عبد الله بن أسامة ابن زيد الليثى ويحيى بن سعيد عن معاذ بن رفاعة الزرقى الخ (غريبه) (2) قوله (لهذا العبد الصالح الخ) اللام مفتوحة واقعة فى جواب قسم محذوف والتقدير والله لهذا العبد الصالح شدد عليه فى قبره الخ (3) قوله (شدد عليه) أى بسبب ضغط القبر اياه وقد أخرج أحمد والنسائى عن عائشة مرفوعا أن للقبر ضغطة ولو كان أحد ناجيا منها نجا منها سعد بن معاذ (4) قوله (وقال مرة تفتحت) أى قال الراوى عند رواية الحديث فى بعض المرات (تفتحت له أبواب السماء) بدل قوله (فتحت له أبواب السماء) (5) قوله (وقال مرة ثم فرج الله عنه) يعنى بدل قوله (ففرج الله عنه) (6) قوله (وقال مرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لسعد يوم مات وهو يدفن) معناه أن الراوى زاد مرة هذه العبارة (لسعد يوم مات وهو يدفن) قبل قوله (لهذا العبد الصالح الخ) (تخريجه) أفاد الحاكم فى المستدرك أن اسناده صحيح وأقره الذهبى ومثله للسيوطى فى اللالئ المصنوعة (فائدة) معاذ بن رفاعة قد سمع من جابر بغير واسطة كما أفاده فى الخلاصة وغيرها ولكنه فى السند الآتى روى عنه بواسطة أى أنه روى الحديث عن جابر مرة بواسطة ومرة أخرى بغير واسطة والله أعلم. (206) (7) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحق حدثنى معاذ بن رفاعة الأنصارى ثم الزرقى عن محمود بن عبد الرحمن بن عمرو بن الجموح عن جابر بن عبد الله الأنصارى قال الخ (تخريجه) أخرجه أيضا الطبرانى فى الكبير وسنده جيد أفاده الشيخ رحمه الله عند تخريجه لهذا الحديث برقم 316 من كتاب الجنائز فى الجزء الثامن ص 134 والسيوطى فى اللآلئ وابن اسحق قد رواه بصيغة التحديث فانتفت تهمة التدليس وعزاه السفارينى فى شرح عقيدته إلى الامام أحمد والحكيم الترمذى والبيهقى وأورد له شواهد تؤيده، وله كلام نفيس فى ضغطة القبر جاء فيه: قال السعدى "لا ينجو من ضغطة القبر صالح ولا طالح والمراد غير من استثناه النبى صلى الله عليه وسلم وهو فاطمة بنت أسد بن هاشم ابن عبد مناف أم على بن أبى طالب رضى الله عنه وذلك لأنها ضمت المصطفى صلى الله عليه وسلم قال والفرق بين المسلم والكافر فى ضمة القبر دوامها للكافر وحصول هذه الحالة للمؤمن فى أول نزوله إلى قبره ثم يعود الانفساح له فيه والمراد بضغطة القبر التقاء جانبيه على جسد الميت قال الحكيم الترمذى سبب هذه الضغطة أنه ما من أحد إلا وقد ألم بخطيئة ما وان كان صالحا فجعلت هذه الضغطة جزاء لها ثم تدركه الرحمة ولذلك ضغط سند بن معاذ رضى الله عنه قال واما الأنبياء فلا نعلم أن لهم فى القبور ضمة ولا سؤالا لعصمتهم صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين اهـ".

-[ما جاء في فضائل سفينة رضى الله عنه]- (باب ما جاء في سفينة أبى عبد الرحمن مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى الله عنه) (207) حدّثنا عبد الله حدّثنى ابى ثنا أبو كامل ثنا حماد بن سلمة ثنا سعيد بن جمهان عن سفينة أبى عبد الرحمن قال: اعتقتنى أم سلمة "رضى الله عنها" واشترطت على أن أخدم النبى صلى الله عليه وسلم ما عاش. (208) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا حشرج بن نباته العبسى كوفى ثنا سعيد بن جمهان حدثنى سفينة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. الخلافة فى أمتى ثلاثون سنة ثم ملكا بعد ذلك ثم قال لى سفينة. أمسك خلافة أبى بكر وخلافة عمر وخلافة عثمان وأمسك خلافة على رضى الله تعالى عنهم قال فوجدناها ثلاثين سنة ثم نظرت بعد ذلك فى الخلفاء فلم أجده ينفق لهم ثلاثون فقلت لسعيد أين لقيت سفينة قال لقيته ببطن نخل فى زمن الحجاج فاقمت عنده ثمان ليال أسأله عن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت له ما اسمك قال ما أنا بمخبرك سمانى رسول الله صلى الله عليه وسلم سفينة قلت ولم سماك سفينة قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه أصحابه فثقل عليهم متاعهم فقال لى ابسط كساءك فبسطنه فجعلوا فيه متاعهم ثم حملوه على فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم احمل فأنما أنت سفينة فلو حملت يومئذ وقر بعير أو بعيرين او ثلاثة او أربعة او خمسة أو ستة أو سبعة ما ثقل على إلا أن يجفوا

_ (207) (باب) (1) (تخريجه) رواه ابن ماجه بهذا اللفظ ورواه أبو داود فى باب العتق على الشرط بلفظ: كنت مملوكا لأم سلمة فقالت أعتقك وأشترط عليك أن تخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما عشت فقلت لو لم تشترطى على ما فارقت رسول صلى الله عليه وسلم ما عشت فاعتقتنى واشترطت على قال المنذرى وأخرجه النسائى وقال لا بأس باسناده قال المنذرى وسعيد بن جمهان أبو حفص الأسلمى البصرى وثقه يحيى بن معين وأبو داود السجستانى وقال أبو حاتم الرازى شيخ يكتب حديثه ولا يحتج به اهـ (208) (2) (شرحه وغريبه) لفظ أبى داود "خلافه النبوة ثلاثون سنه ثم يوتى الله الملك من يشاء" والمراد بخلافة النبوة الخلافة الكاملة وهى منحصرة فى مدة الخلفاء الأربعة وأيام الحسن وقوله (ثم ملكا بعد ذلك) أى ثم بعد انقضاء زمن الخلافة الكاملة يكون ملكا وأخرج البيهقى فى المدخل عن سفينة أن أول الملوك معاوية رضى الله عنه (3) قوله (امسك الخ) أى أضبط الحساب عاقدًا أصابعك وفى روايه أبى داود امسك عليك أبا بكر سنتين وعمر عشرًا وعثمان اثنتى عشرة وعلى كذا وفى لفظ لأحمد في مسنده (امسك خلافة أبى بكر رضى الله عنه سنتين وخلافة عمر رضى الله عنه عشر سنين وخلافه عثمان رضى الله عنه اثنتى عشرة سنة وخلافة على رضى الله عنه ست سنين (4) قال فى النهاية: الجفاء للبعد عن الشئ يقال: جفاه إذا بعد عنه اهـ فلعل المراد من قوله (إلا أن يجفوا) إلا أن يبعدوا عني وذلك بالاسراع فى السير فحينئذ يثقل على ما أحمله (تخريجه) الحديث أخرجه أبو داود فى باب الخلفاء قال المنذرى وأخرجه الترمذى والنسائى وقال الترمذى حسن لا نعرفه إلا من حديث سعيد اهـ.

-[ما جاء في فضائل سلمة بن الأكوع رضى الله عنه]- (باب ما جاء في سلمة بن الأكوع رضى الله عنه) (209) حدّثنا مكى بن ابراهيم قال حدثنا يزيد بن أبى عبيد عن سلمة بن الأكوع أنه أخبره قال خرجت من المدينة ذاهبًا نحو الغابة حتى إذا كنت بثنية الغابة لقينى غلام لعبد الرحمن بن عوف قال قلت ويحك ما لك قال أخذت لقاح رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت من أخذها قال غطفان وفزارة قال فصرخت ثلاث صرخات أسمعت من بين لابتيها يا صباحاه يا صباحاه ثم اندفعت حتى القاهم وقد أخذوها قال فجعلت أرميهم وأقول أنا ابن الأكوع واليوم يوم أقرع قال فاستنقذتها منهم قبل أن يشربوا فاقبلت بها أسوقها فلقينى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله إن القوم عطاش وإنى أعجلتهم قبل أن يشربوا فأذهب فى أثرهم فقال يا ابن الأكوع ملكت فأسجح إن القوم يقرون فى قومهم. (210) (وعن يزيد بن أبى عبيد) أيضًا قال رأيت أثر ضربة فى ساق سلمة فقلت يا ابا مسلم ما هذه الضربة قال هذه ضربة أصبتها يوم خيبر قال: يوم اصبتها قال الناس أصيب

_ وقال الحافظ فى الفتح أخرجه أصحاب السنن وصححه ابن حبان وغيره اهـ (أقول) ليس عند أصحاب السنن (فقلت لسعيد أين لقيت سفينة الخ) وقد عزا هذه الزيادة الهيثمى إلى أحمد والبزار والطبرانى قال ورجال أحمد والطبرانى ثقات اهـ. (209) (باب) سلمة بن عمرو بن الاكوع الاسلمى كان من الرماة الشجعان ويسبق الفرس فى العد وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الموت عند الشجرة ثلاث مرات أول الناس وأوسطهم وآخرهم نزل المدينة ثم تحول إلى الربذة بعد مقتل عثمان وتوفى سنة أربع وسبعين على الصحيح (1) قوله فاذهب فى أثرهم أى أفأذهب فى أثرهم مع طائفة من المجاهدين حتى اثخنهم قتلا وجرحا ولفظ مسلم فى بعض رواياته (قلت يا رسول الله خلنى فانتخب من القوم مائة رجل فاتبع القوم فلا يبقى منهم مخبر إلا قتلته) اهـ (2) قوله ملكت فاسجح السجاحة السهولة ومعناه قدرت عليهم فارفق بهم ولا تأخذهم بالشدة فقد كفاهم ما حصل من النكاية فيهم (3) (يقرون) بضم أوله وسكون ثانيه وفتح الراء وسكون الواو من القرى وهى الضيافة والمراد أنهم فاتوا ووصلوا إلى قومهم ونزلوا عليهم فهم الآن يذبحون لهم ويطعمونهم (تخريجه) هذا الحديث رواه الشيخان وغيرهما فى باب غزوة ذات قرد بفتح القاف والراء قال للبخارى وهى الغزوة التى أغاروا فيها على لقاح النبى صلى الله عليه وسلم قبل خيبر بثلاث اهـ وقد تقدم هذا الحديث مشروحا مخرجا فى الجزء الحادى والعشرين فى أبواب حوادث السنة السابعة ص 112، 113 (210) (4) (سنده) حدّثنا مكى قال ثنا يزيد بن أبى عبيد قال رأيت الخ ويزيد بن أبى عبيد هو مولى سلمة بن الاكوع رضى الله عنه (غريبه) (5) هى كنية سلمة بن الاكوع (6) أى نلتها يوم خيبر ورواية البخارى أصابتها يوم خيبر أى أصابة ركبته فى هذا اليوم وفى رواية له أصابتنا (7) فاعل

-[ما جاء في فضائل سلمة بن الأكوع رضى الله عنه]- سلمة فأتي بي رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفث فيه ثلاث نفثات فما اشتكيتها حتى الساعة. (211) (وعن سلمة بن الأكوع رضى الله عنه) قال جاءنى عمى عامر فقال اعطنى سلاحك قال فأعطيته قال فجئت إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله أبغنى سلاحك قال اين سلاحك قال أعطيته عمى عامرًا "رضى الله عنه" قال ما أجد شبهك الا الذى قال هب لى أخًا أحب إلى من نفسى قال فأعطانى قوسه ومجانه وثلاثة أسهم من كنانته. (212) حدّثنا حماد بن مسعدة عن يزيد عن سلمة "بن الأكوع رضى الله عنه" قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات فذكر الحديبية ويوم حنين ويوم القرد ويوم خيبر قال يزيد ونسيت بقيتهن. (213) (وعن سلمة بن الأكوع رضى الله عنه) قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله فقال انتم أهل بدونا ونحن أهل حضركم.

_ قال ضمير يعود على سلمة رضى الله عنه ومعنى مقالته هذه أنه يوم أصيب فى ركبته قال الناس أنه أصيب اصابة قاتلة فأتى به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفث فى جرحه ثلاث نفثات فعافاه الله مما أصابه (1) النفث فوق النفخ ودون التفل وقد يكون بغير ريق وقد يكون بريق خفيف (تخريجه) أخرجه من هذا الطريق البخارى فى باب غزوه خيبر وأبو داود فى كتاب الطب. (211) (2) (سنده) حدّثنا حماد بن مسعده عن يزيد يعنى ابن أبى عبيد عن سلمة قال: جاءنى عمى عامر ... الحديث (غريبه) (3) أبغنى بهمزة قطع مفتوحة أو بهمزه وصل مكسوره والمراد أعطنى سلاحك وكان ذلك فى غزوة الحديبية (4) أشار به النبى صلى الله عليه وسلم إلى أن سلمة آثر عمه على نفسه فأعطاه سلاحه وهو محتاج إليه وفيه مدح لسلمة لاندراجه تحت قوله تعالى {ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) (5) بفتح الميم جمع مجن بكسرها (تخريجه) رواه مسلم ضمن حديث طويل فى باب غزوة ذى قرد وغيرها من طريق عكرمة ابن عمار كتاب أياس بن سلمة حدثنى أبى بلفظ: (ثم قال لى يا سلمة: أين حجفتك أو درقتك التى أعطيتك قال قلت يا رسول الله لقينى عمى عامر عزلا فأعطيته اياها فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: انك كالذى قال الأول اللهم أبغنى حبيبا هو أحب إلى من نفسى) وقد أفادت رواية مسلم أن السلاح الذى أعطاه سلمة لعمه كان قد أخذه من رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أفادت رواية أحمد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعطى سلمة سلاحا للمرة الثانية فمن مجموع الروايتين يتبين أنه صلى الله عليه وسلم أعطى سلمة سلاحا مرتين والحجفة والدرقة بتحريك الأول والثانى فيهما نوعان من التروس. وقوله (إنك كالذى قال الأول) أى كالذى قال فى الزمان الأول فالأول منصوب على الظرفية. (212) (تخريجه) رواه البخارى حدثنا محمد بن عبد الله حدثنا حماد بن مسعدة به فى باب بعث النبى صلى الله عليه وسلم أسامة بن زيد إلى الحرقات (بضم أوله وثانيه) من جهينة. (213) (6) (سنده) حدّثنا يحيى بن غيلان قال ثنا المفضل بن فضالة قال حدثنى يحيى بن أيوب عن بكر بن عبد الله عن يزيد مولى سلمة بن الأكوع عن سلمه بن الاكوع قال الخ (7) قوله

-[ما جاء في فضائل سلمة بن المحبق رضى الله عنه]- (باب ما جاء في سلمة بن المحبق رضى الله عنه) (214) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد بن حبيب العدوى حدثنى أبى قال: غزونا مع سنان بن سلمة "بن المحبق" مكران فقال سنان بن سلمة بن المحبق. ولدت يوم حنين فبشر بى أبى، فقالوا له ولد لك غلام" فقال سهم أرمى به عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلى مما بشرتمونى به، وسمانى سنانا. (باب ما جاء فى سلمان الفارسى وقصته وسبب اسلامه وما جرى له من أوله إلى آخره رضى الله عنه) (215) (عن عبد الله بن عباس رضى الله عنهما) سلمان، قال حدثني سلمان الفارسي

_ (فقلت يا رسول الله) كذا بالأصل من غير أن يذكر مقول سلمه ولا يبعد أن يكون قد سقط من النساخ والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد رجال أسناده ثقات والله أعلم. (214) (باب) ما جاء فى سلمة بن المحبق (كمعظم وكمحدث) الهذلى رضى الله عنه قيل اسم المحبق قتح صخر وقيل ربيعه وقيل عبيد وقيل المحبق جده والاشهر فيه الباء يكنى أبا سنان له رواية وسكن البصرة روى عنه ابنه سنان وجون بن قتادة وقبيصة بن حريث والحسن البصرى وغيرهم وأما سنان فقد روى عن أبيه وعن عمر وابن عباس وأرسل عن النبى صلى الله عليه وسلم وروى عنه قتادة ومسلم بن جنادة وغيرهما ونزل البصرة ولاه زياد غزو الهند سنة خمسين وولاه مصعب البصرة لما خرج لقتال عبد الملك بن مروان سنة اثنتين وسبعين وذكره ابن سعد فى التابعين فى الطبقة الاولى من أهل البصرة أفاد ذلك الحافظ فى الاصابة (غريبه) (1) مكران -بفتح الميم وسكون الكاف- موضع ببلاد العرب كما فى معجم البلدان لياقوت (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد وفى اسناده عبد الصمد بن حبيب الازدى مختلف فيه ضعفه أحمد وقال ابن معين لا بأس به وفى اسناده أيضا حبيب بن عبد الله الازدى والد عبد الصمد مجهول أفاده فى التقريب للحافظ ابن حجر العسقلانى. (215) (2) (باب) (ترجمة سلمان الفارسى رضى الله عنه) قال الخزرجى فى الخلاصة: سلمان الفارسى أبو عبد الله ابن الاسلام له ستون حديثا اتفقا على ثلاثه منها وانفرد البخارى بواحد ومسلم بثلاثه أسلم مقدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة وشهد الخندق فما بعدها روى عنه أبو عثمان النهدى وشرحبيل ابن السمط وغيرهما قال النبى صلى الله عليه وسلم سلمان منا أهل البيت ان الله يحب من أصحابى أربعة على وأبو ذر وسلمان والمقداد أخرجه الترمذى وابن ماجه قال الحسن كان سلمان أميرًا على ثلاثين ألفًا يخطب بهم فى عباءة يفترش نصفها ويلبس نصفها وكان يأكل من سعف يده توفى بالمدائن فى خلافه عثمان عن ثلاثمائة وخمسين سنة اهـ وقال النووى فى تهذيبه كان من فضلاء الصحابة وزهادهم وعلمائهم وهو الذى أشار بحفر الخندق يوم الاحزاب وسكن العراق وكان يعمل الخوص بيده فيأكل منه وكان عطاؤه خمسة آلاف فاذا خرج تصدق به وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبى الدرداء ونقلوا اتفاق العلماء على أنه عاش 250 سنة وقيل 350 سنه. (سنده) حدّثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحق حدّثنى عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري

-[ما جاء في فضائل سلمان رضى الله عنه]- "رضي الله عنه" حديثه من فيه، قال: كنت رجلا فارسيا من أهل أصبهان من أهل قرية منها يقال لها جىّ، وكان أبى دهقان قريته، وكنت أحب خلق الله إليه، فلم يزل به حبه اياى حتى حبسنى فى بيته أى ملازم النار كما تحبس الجارية، واجتهدت فى المجوسية حتى كنت قطن النار الذى يوقدها لا يتركها تخبو ساعة. قال وكانت لأبى ضيعة عظيمة، قال فشغل فى بنيان له يوما فقال لى يا بنى انى قد شغلت فى بنيانى هذا اليوم عن ضيعتى، فاذهب فاطلعها، وأمرنى فيها ببعض ما يريد، فخرجت أريد ضيعته فمررت بكنيسة من كنائس النصارى فسمعت أصواتهم فيها وهم يصلون، وكنت لا أدرى ما أمر الناس لحبس أبى أياى فى بيته، فلما مررت بهم وسمعت أصواتهم دخلت عليهم انظر ماذا يصنعون، قال فلما رايتهم أعجبنى صلاتهم ورغبت فى أمرهم، وقلت هذا والله خير من الدين الذى نحن عليه، فوالله ما تركتهم حتى غربت الشمس وتركت ضيعة أبى ولم آتها، فقلت لهم اين أصل هذا الدين فقالوا بالشام، قال ثم رجعت إلى أبى وقد بعث فى طلبى، وشغلته عن عمله كله قال فلما جئته، قال أى بنى أين كنت، الم أكن عهدت إليك ما عهدت، قال يا أبت مررت بناس يصلون فى كنيسة لهم فاعجبنى مارأيت من دينهم فوالله ما زلت عندهم حتى غربت الشمس قال أى بنى ليس فى ذلك الدين خير، دينك ودين ابائك خير منه، قال قلت كلا والله إنه خير من ديننا، قال فخافنى فجعل فى رجلى قيدًا ثم حبسنى فى بيته، قال وبعثت إلى النصارى فقلت لههم إذا قدم عليكم ركب من الشام تجار من النصارى فاخبرونى بهم، قال فقدم عليهم ركب من الشام تجار من النصارى قال فاخبرونى بهم، قال فقلت لهم إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الرجعة إلى بلادهم فآذنونى بهم، قال فلما أرادوا الرجعة إلى بلادهم أخبرونى بهم فالقيت الحديد من رجلى ثم خرجت معهم حتى قدمت الشام، فلما قدمتها قلت من أفضل أهل هذا الدين، قالوا الأسقف فى الكنيسة، قال فجئته فقلت إنى قد رغبت فى هذا الدين وأحببت أن أكون معك أخدمك فى كنيستك واتعلم منك واصلى معك، قال فادخل فدخلت معه، قال فكان رجل سوء يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها فإذا جمعوا إليه

_ عن محمود بن لبيد عن عبد الله بن عباس قال حدثنى سلمان ... الحديث (غريبه) (1) جى بالفتح ثم التشديد قرية من قرى اصبهان (2) الدهقان بكسر الدال وقد تضم يطلق على رئيس القرية وهو المراد هنا وجمعه دهاقين (3) قطن النار بكسر الطاء أى خازنها وخادمها أراد أنه كان ملازما لها لا يفارقها من قطن فى المكان إذا لزمه أفاده فى النهاية (4) خبت النار تخبو من باب قعد خمد لهبها ويعدى بالهمزة أفاده فى المصباح (5) الركب أصحاب الابل فى السفر وهم العشرة فما فوقها والركبان بالضم الجماعة منهم اهـ مختار (6) بمد الهمزه معناه أعلمونى بهم (7) السقف بفتحتين طول فى نحناء يقال رجل أسقف قال ابن السكيث ومنه اشتق (أسقف) النصارى بضمتين بينهما سين ساكنا

-[ما جاء في فضائل سلمان رضى الله عنه]- منها أشياء اكتنزه لنفسه ولم يعطه المساكين، حتى جمع سبع قلال من ذهب وورق، قال وابغضته بغضا شديدًا لما رأيته يصنع، ثم مات فاجتمعت إليه النصارى ليدفنوه، فقلت لهم إن هذا كان رجل سوء يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها فإذا جئتموه بها اكتنزها لنفسه ولم يعط المساكين منها شيئا قالوا وما علمك بذلك قال قلت أنا أدلكم على كنزه قالوا فدلنا عليه قال فأريتهم موضعه قال فأستخرجوا منه سبع قلال مملوءة ذهبا وورقًا، قال فلما رأوها قالوا والله لا ندفنه أبدًا، فصلبوه ثم رجموه بالحجارة، ثم جاؤا برجل آخر فجعلوه بمكانه قال يقول سلمان فما رأيت رجلا لا يصلى الخمس أرى أنه أفضل منه أزهد فى الدنيا ولا أرغب فى الآخرة ولا أدأب ليلا ونهارًا منه، قال فاحببته حبًا لم أحبه من قبله وأقمت معه زمانا، ثم حضرته الوفاة فقلت له يا فلان إنى كنت معك واحببتك حبا لم أحبه من قبلك، وقد حضرك ما ترى من أمر الله، فإلى من توصى بى وما تأمرنى، قال أى بنى والله ما أعلم أحدًا اليوم على ما كنت عليه لقد هلك الناس وبدلوا وتركوا أكثر ما كانو عليه، الا رجلا بالموصل وهو فلان فهو على ما كنت عليه فالحق به، قال فلما مات وغيب لحقت بصاحب الموصل فقلت له يا فلان أن فلانا أوصانى عند موته أن الحق بك، واخبرنى أنك على أمره، قال فقال لى أقم عندى فأقمت عنده فوجدته خير رجل على أمر صاحبه، فلم يلبث أن مات فلما حضرته الوفاة قلت له يا فلان إن فلانا أوصى بى إليك وأمرنى باللحوق بك وقد حضرك من الله عز وجل ما ترى فالى من توصى بى وما تأمرنى، قال أى بنى والله ما أعلم رجلا على مثل ما كنا عليه الا رجلا بنصيبين وهو فلان فالحق به قال فلما مات وغيب لحقت بصاحب نصيبين فجئته فاخبرته بخبرى وما أمرنى به صاحبى، قال فأقم عندى فأقمت عنده فوجدته على أمر صاحبيه، فأقمت مع خير رجل، فوالله ما لبث أن نزل به الموت، فلما حضر قلت: له يا فلان إن فلانا كان أوصى بى إلى فلان ثم أوصى بى فلان إليك فإلى من توصى بى وما تأمرنى، قال أى بنى والله ما نعلم أحدًا بقى على أمرنا آمرك أن تاتيه الا رجلا بعمورية فإنه بمثل ما نحن عليه فإن أحببت فأته قال فأنه على أمرنا، قال فلما مات وغيب لحقت بصاحب عمورية وأخبرته خبرى فقال اقم عندى فأقمت مع رجل على هدى

_ وآخره فاء مشددة أو مخففة لانه يتخاشع وهو رئيس من رؤسائهم فى الدين (1) القلة بالضم إناء للعرب كا لجرة الكبيرة يجمع على قلل وقلال والورق بفتح أوله وكسر ثانيه الدراهم المضروبة (2) الموصل بالفتح وكسر الصاد مدينه قديمة على طرف دجلة بينها وبين بغداد أربعة وسبعون فرسخا ومقابلها من الجانب الشرقى نينوى (3) نصيبين بالفتح ثم الكسر مدينة كبيرة على شاطئ الفرات- من العرب من يجعلها بمنزلة الجمع الصحيح فيعربها بالواو والنون رفعا والياء والنون نصبا وجرًا وبالنسبة اليها نصيبى بالرد إلى الواحد ومن العرب من يجعلها بمنزلة ما لا ينصرف من الأسماء فيرفعها بالضمة وينصبها ويجرها بالفتحة وينسب اليها على لفظها نصيبينىّ (4) عموريه بفتح أوله

-[ما جاء في فضائل سلمان رضى الله عنه]- أصحابه وأمرهم، قال وأكتسبت حتى كان لى بقرات وغنيمة قال ثم نزل به أمر الله، فلما حضر قلت له يا فلان انى كنت مع فلان فأوصى بى فلان إلى فلان وأوصى بى فلان إلى فلان ثم أوصى بى فلان إليك فإلى من توصى بى وما تأمرنى، فقال أى بنى والله ما أعلمه أصبح على ما كنا عليه أحد من الناس آمرك أن تأتيه، ولكنه قد أظلك زمان نبى هو مبعوث بدين ابراهيم يخرج بأرض العرب مهاجره إلى أرض بين حرتين بينهما نخل، به علامات لا تخفى يأكل الهدية، ولا يأكل الصدقة، بين كتفيه خاتم النبوة، فأن استطعت أن تلحق بتلك البلاد فأفعل، قال ثم مات وغيب فمكثت بعمورية ما شاء الله أن أمكث. ثم مر بى نفر من كلب تجارًا فقلت لهم تحملونى إلى أرض العرب واعطيكم بقراتى هذه وغنيتمى هذه قالوا نعم فاعطيتهموها وحملونى، حتى إذا قدموا بى وادى القرى ظلمونى فباعونى من رجل من يهود عبدًا فكنت عنده ورأيت النخل، ورجوت أن تكون البلد الذى وصف لى صاحبى ولم يحق لى في نفسى، فبينما أنا عنده قدم عليه ابن عم له من المدينة من بنى قريظة فأبتاعنى منه فأحتملنى إلى المدينة، فوالله ما هو الا أن رأيتها فعرفتها بصفة صاحبى، فأقمت بها وبعث الله رسوله فأقام بمكة ما أقام لا أسمع له بذكر مع ما أنا فيه من شغل الرق، ثم هاجر الى المدينة فوالله انى لفى رأس عذق لسيدى أعمل فيه بعض العمل وسيدى جالس إذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال يا فلان قاتل الله بنى قيلة والله انهم لمجتمعهم بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون أنه نبى، قال فلما سمعتها أخذتنى العرواء حتى ظننت أنى سأسقط على سيدى قال ونزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ذلك ماذا تقول ماذا تقول قال فغضب سيدى فلكمنى لكمة شديدة ثم قال ما لك ولهذا أقبل على عملك قال قلت لا شئ إنما أردت أن استثبت عما قال،

_ وتشديد ثانيه مدينة فى بلاد الروم غزاها المعتصم وفتحها فى سنة 223 هـ وفتح أنقرة وكانت من أعظم فتوح الاسلام (معجم البلدان لياقوت). (1) اسم مؤنث موضوع للجنس يقع على الذكور والاناث وعليهما جميعًا وإذا صغرتها ألحقتهما الهاء فقلت غنيمة (2) أى قرب منك زمانه قال فى المختار أظللك فلان إذا دنا منك كأنه ألقى عليك ظله ثم قيل ظلك وأظلك شهركذا أى دنا منك اهـ (3) الحرة -بوزن الجرة- أرض ذات حجارة سود نخرة كأنها أحرقت بالنار والمدينة المنورة واقعة بين حرتين (4) أى باعونى لرجل من اليهود على أنى عبد من العبيد (5) أى رجوت ذلك ولكن لم أستيقنه قال فى المختار حق الشئ يحق بالكسر حقا أى وجب اهـ ومعنى وجب ثبت (6) العذق بفتح أوله وسكون ثانيه النخلة بحملها (7) يريد الأوس والخزرج قبيلتى الأنصار وقيلة اسم أم لهم قديمة وهى قيلة بنت كاهلى قاله فى النهاية (8) قباء بالضم والمد موضع قرب المدينة يذكر ويؤنث (9) العرواء بضم أوله وفتح ثانيه الرعدة من والخوف وهو فى الأصل برد الحمى أفاده فى النهاية (10) لكمه ضربه بجمع كفه وبابه نصر

-[ما جاء في فضائل سلمان رضى الله عنه]- وقد كان عندي شئ قد جمعته فلما أمسيت أخذته ثم ذهبت به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بقباء فدخلت عليه فقلت له انه قد بلغنى أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذوو حاجة وهذا شئ كان عندى للصدقة فرأيتكم أحق به من غيركم، قال فقربته إليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا وأمسك يده فلم يأكل قال فقلت فى نفسى هذه واحدة. ثم انصرفت عنه فجمعت شيئا وتحول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة ثم جئت به فقلت انى رأيتك لا تأكل الصدقة وهذه هدية أكرمتك بها، قال فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم منها وأمر أصحابه فأكلوا معه، قال فقلت فى نفسى هاتان اثنتان، ثم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد قال وتبع جنازة رجل من أصحابه عليه شملتان له وهو جالس فى أصحابه فسلمت عليه ثم استدرت أنظر إلى ظهره هل أرى الخاتم الذى وصف لى صاحبى، فلما رآنى رسول الله صلى الله عليه وسلم استدرت عرف أنى أستثبت فى شئ وصف لى قال فألقى رداءه عن ظهره فنظرت إلى الخاتم فعرفته، فانكببت عليه أقبله وأبكى فقال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم تحول فتحولت فقصصت عليه حديثى كما حدثتك يا ابن عباس قال فأعجب رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه، ثم شغل سلمان الرق حتى فانه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدر وأحد قال ثم قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم كاتب يا سلمان فكاتبت صاحبى على ثلاثمائة نخلة أحييها له بالفقير وباربعين أوقية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه أعينوا أخاكم فأعاونى بالنخل الرجل بثلاثين ودية والرجل بعشرين والرجل بخمس عشرة والرجل بعشر يعين الرجل بقدر ما عنده حتى اجتمعت لى ثلاثمائة ودية، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اذهب يا سلمان ففقر لها فإذا فرغت فأتنى أكون أنا أضعها بيدى ففقرت لها وأعاننى أصحابى حتى إذا فرغت منها جئته فأخبرته، فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم معى اليها فجعلنا نقرب له الودى ويضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده فوالذى نفس سلمان بيده ما ماتت منها ودية واحدة، فأديت النخل وبقى على المال، فأتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بمثل بيضة الدجاجة من ذهب من بعض

_ (1) الغرقد بالغين المعجمة بوزن الفرقد شجر، وبقيع الغرقد مقبرة المدينه "مختار" (2) اسمه كلثوم بن الهدم وكان أول من توفى من المسلمين بعد مقدمه صلى الله عليه وسلم المدينة (3) الشملة بوزن النملة كساء يشتمل به الانسان أى يتلفف به. (4) فعل أمر من المكاتبة وهى أن يتفق العبد مع السيد على أن يسعى فى تحصيل ثمنه ويعتقه وقد استنبط البخارى من ذلك اثبات ملك الحربى وأنه يجوز له أن يتصرف فى ملكه بالبيع والهبة وغيرها فقال فى أواخر كتاب البيوع من صحيحه باب شراء المملوك من الحربى وهبته وعتقه وقال النبى صلى الله عليه وسلم لسلمان كاتب وكان حرًا فظلموه وباعوه الخ قال فى الفتح ويستفاد من هذا كله تقرير أحكام المشركين على ما كانوا عليه قبل الاسلام (5) الفقير بوزن العظيم المكان السهل يحفر فيه ركايا متناسقة والفقير كزبير موضع قرب خيبر أفاده فى القاموس ومعجم البدان (6) الودى كغنى صغار النخل الواحدة ودية كغنية (7) الفقر والتفقير الحفر (تخريجه) أفاد الهيثمى فى مجمع الزوائد أن رجال هذه الرواية

-[ما جاء في فضائل سلمان رضى الله عنه]- المغازي فقال ما فعل الفارسى المكاتب قال فدعيت له فقال خذ هذه فأدِّ بها ما عليك ياسلمان فقلت وأين تقع هذه يا رسول الله مما على (وفى رواية أخذها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلبها على لسانه) قال خذها فإن الله عز وجل سيؤدى بها عنك قال فأخذتها فوزنت لهم منها -والذى نفس سلمان بيده- أربعين أوقية فأوفيتهم حقهم وعتقت فشهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخندق ثم لم يفتنى معه مشهد. (216) (وعن أبى قرة الكندى) عن سلمان الفارسى رضى الله عنه قال كنت من أبناء أساورة فارس، فذكر الحديث قال فانطلقت ترفعنى أرض وتخفضنى أخرى حتى مررت على قوم من الاعراب فاستعبدونى فباعونى، حتى اشترتنى امرأة، فسمعتهم يذكرون النبى صلى الله عليه وسلم وكان العيش عزيزًا، فقلت لها هبى لى يومًا فقالت نعم، فانطلقت فاحتطبت حطبا فبعته، فصنعت طعاما فأتيت به النبى صلى الله عليه وسلم فوضعته بين يديه، فقال ما هذا قلت صدقة، فقال لأصحابه كلوا ولم يأكل، قلت هذه من علاماته، ثم مكثت ما شاء الله أن أمكث، فقلت لمولاتى هبى لى يوما قالت نعم فانطلقت فاحتطبت حطبا فبعته بأكثر من ذلك، فصنعت طعاما فأتيته به وهو جالس بين أصحابه، فوضعته بين يديه، فقال ما هذا قلت هدية فوضع يده وقال لأصحابه

_ عند أحمد والطبرانى رجال الصحيح غير محمد بن اسحق فانه ثقة مدلس وقد صرح بالسماع من شيخه فانتفت تهمة التدليس عنه فى هذا الحديث. وقال الحافظ فى الاصابة فى ترجمة سلمان الفارسى ما نصه: "رويت قصته من طرق كثيرة من أصحها ما أخرجه أحمد من حديثه نفسه وأخرجها الحاكم من وجه آخر عنه أيضا وأخرجها الحاكم من حديث بريدة وعلق البخارى طرفا منها وفى سياق قصته فى اسلامه اختلاف يتعسر الجمع فيه وروى البخارى فى صحيحه انه تناوله بضعة عشر سيدًا" اهـ وقال الحافظ فى فتح البارى فى باب شراء المملوك من الحربى الخ من كتاب البيوع عند قول البخارى وقال النبى صلى الله عليه وسلم لسلمان كاتب وكان حرًا فظلموه وباعوه قال ما نصه. "هذا طرف من حديث وصله أحمد والطبرانى من طريق ابن اسحق عن عاصم بن عمر عن محمود بن لبيد عن ابن عباس عن سلمان ... قال وأخرجه ابن حبان والحاكم فى صحيحيهما من وجه آخر عن زيد بن صوحان عن سلمان نحوه وأخرجه أبو أحمد وأبو يعلى والحاكم من حديث بريدة بمعناه اهـ (أقول) ورواية البخارى عن سلمان أنه تداوله بضعة عشر سيدا مذكورة فى الصحيح فى باب اسلام سلمان قبل كتاب المغازى مباشرة والحمد لله رب العالمين. (216) (1) (سنده) حدّثنا أبو كامل ثنا اسرائيل ثنا أبو أسحق عن أبى قرة الكندى عن سلمان الفارسى قال كنت الخ (غريبه) (2) أى من أبناء قادتها قال فى القاموس والاسوار بالضم والكسر قائد الفرس والجيد الرمى بالسهام والثابت على ظهر الفرس جمعه أساورة وأساور اهـ (3) عن الشئ قل فلا يكاد يوجد فهو عزيز والمراد أن ما به قوام الحياه وهو القوت كان قليلا (4) الصدقة غسالة الذنوب تمحوها وتطهر فاعلها فهى شبيهه بالماء الذى يغسل به القاذورات وأما الهدية فهي علم

-[ما جاء في فضائل سلمان رضى الله عنه]- خذوا باسم الله، وقمت خلفه فوضع رداءه فاذا خاتم النبوة، فقلت أشهد أنك رسول الله، فقال وما ذاك فحدثته عن الرجل وقلت أيدخل الجنة يا رسول الله فأنه حدثنى أنك نبى فقال لن يدخل الجنة إلا نفس مسلمة، فقلت يا رسول الله انه أخبرنى أنك نبى أيدخل الجنة قال لن يدخل الجنة إلا نفس مسلمة. (217) (وعن بريدة الأسلمى) رضى الله عنه قال: جاء سلمان إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة بمائدة عليها رطب، فوضعها بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما هذا يا سلمان، قال صدقة عليك وعلى أصحابك، قال ارفعها فانا لا نأكل الصدقة، فرفعها، فجاء من الغد بمثله فوضعه بين يديه يحمله، فقال ما هذا يا سلمان، فقال هدية لك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه ابسطوا، فنظر إلى الخاتم الذى على ظهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فآمن به، وكان لليهود فاشتراه رسول الله صلى الله عليه وسلم بكذا وكذا درهما وعلى أن يغرس نخلًا فيعمل سلمان فيها حتى تطعم، قال فغرس رسول الله صلى الله عليه وسلم النخل إلا نخلة واحدة غرسها عمر فحملت النخل من عامها ولم تحمل النخلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأن هذه، قال عمر أنا غرستها يا رسول الله قال فنزعها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم غرسها فحملت من عامها. (باب ما جاء فى سمرة بن فاتك رضى الله عنه) (218) (عن بسر بن عبيد الله) عن سمرة بن فاتك رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال نعم الفتى سمرة لو أخذ من لمته وشمر من مئزره ففعل ذلك سمرة، أخذ من لمته وشمر عن مئزره.

_ على التحاب والتواد ولذلك حمى الله نبيه الكريم من أكل الصدقة تشريفا له وأذن له فى الهدية (1) الايمان لا يعتبر شرعا إلا مع الاذعان والاستسلام والرضا والقبول ولا يكفى فيه المعرفة المجردة عن ذلك {فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا فى أنفسهم حرجا مما قضيت ويسلموا تسليما} وقد أخبر الله عن اليهود والنصارى انهم (يعرفونه كما يعرفون أبناءهم) ولكنهم مع ذلك ضالون ومغضوب عليهم لعدم الرضا والاستسلام) (تخريجه) أورده الهيثمى فى علامات النبوة وقال رواه أحمد والطبرانى ورجاله ثقات اهـ. (217) (2) (سنده) حدّثنا زيد بن الحباب حدّثنى حسين حدثنى عبد الله بن بريدة قال سمعت بريدة يقول جاء سلمان ... الحديث (3) هذا بحسب ظن الراوى والواقع كما سبق أنه كان مكاتبا لبعض اليهود (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح اهـ. (218) (باب) (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى قال ثنا يعمر بن بشر قال ثنا عبد الله قال ثنا هشيم عن داود بن عمرو عن بسر بن عبيد الله عن سمرة بن فاتك أن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (5) اللمة بالكسر الشعر يلم بالمنكب أى يقرب منه والجمع لمام ولمم مثل قطة وقطاط وقطط (6) المئزر بكسر

-[ما جاء في فضائل صهيب رضى الله عنه]- " (حرف الصاد المهملة) " (باب ما جاء فى صهيب بن سنان رضى الله عنه) (219) (عن زيد بن أسلم) رضى الله عنه أن عمر بن الخطاب قال لصهيب رضى الله عنهما: لولا ثلاث خصال فيك لم يكن بك بأس قال وما هن فوالله ما نراك تعيب شيئا، قال اكتناؤك بأبى يحيى وليس لك ولد، وادعاؤك الى النمر بن قاسط وأنت رجل الكن، وأنك لا تمسك المال. قال أما اكتنائى بأبى يحيى فان رسول الله صلى الله عليه وسلم كنانى بها فلا ادعها حتى القاه، واما ادعائى الى النمر بن قاسط فانى امرؤ منهم ولكن استرضع لى بالأيلة فهذه اللكنة من داك، وأما المال فهل ترانى أنفق إلا فى حق. (220) (وعن حمزة بن صهيب) أن صهيبًا رضى الله عنه كان يكنى أبا يحيى، يقول

_ الميم وسكون الهمزة الازار وجمعه مآزر (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد فى باب الازار وموضعه من كتاب اللباس وقال: رواه أحمد عن شيخه يعمر بن بشر ويقال مشايخ أحمد كلهم ثقات وبقية رجاله ثقات اهـ وقد أفاد الحافظ فى تعجيل المنفعة أن يعمر بن بشر الخراسانى ذكره ابن حبان فى الثقات وأنه روى عن ابن المبارك وروى عنه أحمد بن حنبل وعثمان بن أبى شيبة وأبو كريب وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمى وآخرون وأفاد فى الاصابة أن هذا الحديث رواه أحمد والحسن بن سفيان والبخارى فى تاريخه والبغوى وابن منده وغيرهم من طريق بسر بن عبيد الله عن سمرة بن فاتك الاسدى. (219) (باب) (1) (سنده) حدّثنا بهز ثنا بن سلمة أنا زيد بن أسلم أن عمر ابن الخطاب الخ (تخريجه) رجاله ثقات ولكن زيد بن أسلم لم يرو عن عمر فبينهما انقطاع والظاهر أنه تلقاه عن أبيه أسلم مولى عمر رضى الله عنه وقد أورد هذا الاثر فى (منتخب كنز العمال) وعزاه لأحمد وابن عساكر قال ووصله ابن عساكر من طريق زيد بن أسلم عن أبيه اهـ وقال الحافظ فى الاصابة روى البغوى من طريق زيد بن أسلم عن أبيه خرجت مع عمر حتى دخلت على صهيب بالعلية فلما رآه صهيب قال يا ناس يا ناس قال عمر ما له يدعو الناس قلت انما يدعو غلامه نخيس فقال له يا صهيب ما فيك شئ أعيبه إلا ثلاث خصال وساق الاثر بمعنى ما هنا وفيه (وأما انتمائى إلى العرب فان الروم سبتنى صغيرًا فأخذت لسانهم) اهـ. (220) (2) (سنده) حدّثنا عبد الرحمن بن مهدى عن زهير عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن حمزة بن صهيب الخ (تخريجه) أورده الهيثمى فى أول كتاب الاطعمة وقال رواه أحمد وفيه عبد الله بن محمد بن عقيل وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات وروى ابن ماجه طرفا منه اهـ (قلت) تقدم من غير هذا الطريق وأخرجه الحاكم فى المستدرك باسناده عن يحيى بن عبد الرحمن بن حاطب عن أبيه وسكت عنه ولم يتعقبه النهى وأورده فى منتخب كنز العمال عن جابر بن عبد الله قال قال عمر لصهيب ان فيك خصالا ثلاثا

-[ما جاء في فضائل ضرار رضى الله عنه]- أنه من العرب، ويطعم الطعام الكثير. فقال عمر رضى الله عنه يا صهيب ما لك تكنى أبا يحيى وليس لك ولد، وتقول انك من العرب، وتطعم الكثير وذلك سرف فى المال. فقال صهيب: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم كنانى أبا يحيى، وأما قولك فى النسب فأنا رجل من النمر بن قاسط من أهل الموصل ولكننى سبيت غلاما صغيرًا قد غفلت أهلى وقومى، وأما قولك فى الطعام فان رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وسلم كان يقول خياركم من أطعم الطعام ورد السلام فذلك الذى يحملنى على أن أطعم الطعام. " (حرف الضاد المعجمة) " (باب ما جاء فى ضرار بن الأزور رضى الله عنه) (221) (ز) (عن أبى وائل) عن ضرار بن الأزور رضى الله عنه قال: أتيت النبى صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم فقلت أمدد يدك أبايعك على الاسلام قال ضرار ثم قلت: تركت القداح وعزف القيا ... ن والخمر تعللة وانتهالا وكرى المحبَّر فى غمرة ... وحملى على المشركين القتالا

_ أكرهها لك قال وما هى قال اطعامك الطعام ولا مال لك واكتناؤك ولا ولد لك وادعاؤك إلى العرب وفى لسانك لكنه الخ وعزاه إلى أبى يعلى وابن عساكر. (221) (باب) (ز) (1) (سنده) حدّثنا عبد الله قال ثنا أبو بكر بن محمد بن عبد الله جارنا قال ثنا محمد بن سعيد الباهلى الاثرم البصرى قال ثنا سلام بن سليمان القارى قال ثنا عاصم بن بهدلة عن أبى وائل عن ضرار بن الازور قال الخ فهو من زيادات عبد الله على مسند أبيه (غريبه) (2) (القداح) بكسر أوله جمع قدح بكسر فسكون ويقال لها الازلام جمع زلم بفتحتين ويجوز فى أوله الضم أيضًا وهى السهام التى كانوا يستقسمون بها فى الجاهلية فنهاهم الله عنها وذلك أنهم كانوا يكتبون على قدح منها الأمر (افعل) وعلى قدح آخر النهى (لا تفعل) ويضعونها فى وعاء فإذا أراد أحدهم سفرا أو زواجا أو أمرا مهمًا أدخل يدخل يده فأخرج منها قدحا فإن خرج الأمر مضى لشأنه وان خرج النهى كف عنه (عزف القيان) غناء الجوارى جمع قينة (تعللة وانتهالا) بدل اشتمال من الخمر والنهل بفتحتين الشرب الأول وبابه طرب والعلل الشرب الثانى يقال علل بعد نهل وعله سقاه السقية الثانية وعل هو بنفسه فهو متعد ولازم تقول فيها عل يعل بضم العين وكسرها علًّا وعللا (3) (الكرى) بفتح فسكون السرعة (والمحبر) بوزن المعظم اسم لفرسه "وغمرة الأمر" شدته والمراد أنه ترك الحروب التى كان قد اعتادها فى الجاهلية وقوله (وحملى على المشركين القتالا) كذا بالأصل ومعناه تحملى عنهم قتال المسلمين فهذا أيضا مما تركه بسبب اسلامه و (على) بمعنى (عن) ولكن الظاهر أنه (وحملي على

-[ما جاء في فضائل ضماد رضى الله عنه]- فيا رب لا أغبنن صفقتى ... فقد بعت مالى وأهلى ابتذالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ماغبنت صفقتك يا ضرار. (باب ما جاء فى ضماد الازدى رضى الله عنه) (222) (عن ابن عباس رضى الله عنهما) قال قدم ضماد الأزدى (رضى الله عنه) مكة، فرأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وغلمان يتبعونه، فقال يا محمد انى أعالج من الجنون فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ان الحمد لله نستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، قال فقال رد على هذه الكلمات، قال ثم قال: لقد سمعت الشعر والعيافة والكهانة فما سمعت مثل هذه الكلمات، لقد بلغن قاموس البحر، وانى أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فأسلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين أسلم. عليك وعلى قومك، قال فقال نعم على وعلى قومى. قال فمرت سرية من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم بعد ذلك بقومه فأصاب بعضهم منهم شيئا، أداوة أو غيرها، فقالوا هذه من قوم ضماد ردوها قال فردوها.

_ المسلمين القتالا) وهو ما رواه الحاكم ومعناه تركت قتالى للمسلمين بعد ان تبينت أنهم على الحق (1) (الغبن) الخديعة فى البيع. (والصفقة) البيعة يقال صفق له بالبيع والبيعة ضرب يده على يده وبابه ضرب وكانوا يفعلون هذا الصفق عند التعاقد وقد ترك ضرار ماله وأهله وآثر الاسلام قال الحافظ فى الاصابة يقال إنه كان له ألف بعير برعاتها فترك جميع ذلك (تخريجه) أخرجه الحاكم فى المستدرك حدثنا عبد الباقى بن قانع الحافظ ثنا هشام بن على السدودسى ومحمد بن محمد النمار قالا حدثنا محمد بن سعيد الأثرم به وسكت عنه ولم يتعقبه الذهبى بشئ إلا أن الحاكم قال فى روايته (وحملى على المسلمين القتالا) ومعناه واضح (وعلى) باقية على معناها ورواه الحاكم فى المستدرك من طريق آخر عن ابن عباس أن ضرار بن الأزور رضى الله عنه لما أسلم أتى النبى صلى الله عليه وسلم فأنشأ يقول: وذكر الأبيات إلا أنه زاد عليها قبل البيت الأخير. وقالت جميلة بدَّدتنا ... وطرحت أهلك شتى شمالا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غبنت صفقتك يا ضرار وسكت عنه الحاكم وقال الذهبى: صحيح (222) (باب) (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا يحيى بن آدم ثنا حفص بن غياث ثنا داود بن أبى هند عن عمرو بن سعيد عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال قدم ضماد الخ (تخريجه) أخرجه مسلم فى باب تخفيف الصلاة والخطبة من كتاب الجمعة بسنده عن داود عن عمرو بن سعيد عن سيعد جبير عن ابن عباس أن ضمادا قدم مكة وكان من أزد شنوءه وكان يرقى من هذه الريح فسمع سفهاء من أهل مكة يقولون إن محمدًا مجنون فقال لو أنى رأيت هذا الرجل لعل الله يشفيه على يدى قال فلقيه فقال يا محمد انى أرقى من هذه الريح وان الله يشفى على يدى من شاء فهل لك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الحمد لله نحمده ونستعينه من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادى له وأشهد أن لا اله إلا الله وحده

-[ما جاء في فضائل ضمرة وطارق رضى الله عنهما]- (باب ما جاء في ضمرة بن ثعلبة رضى الله عنه) (223) (عن ضمرة بن ثعلبة) أنه أتى النبى صلى الله عليه وسلم وعليه حلتان من حلل اليمن، فقال يا ضمرة أترى ثوبيك هذين مدخليك الجنة؟ فقال لئن استغفرت لى يا رسول الله لا أقعد حتى أنزعهما عنى فقال النبى صلى الله عليه وسلم اللهم أغفر لضمرة بن ثعلبة فانطلق سريعا حتى نزعهما عنه. " (حرف الطاء المهملة) " (باب ما جاء فى طارق بن شهاب رضى الله عنه) (224) (عن قيس بن مسلم) قال سمعت طارق بن شهاب رضى الله عنه يقول رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزوت فى خلافة أبى بكر وعمر ثلاثا وثلاثين أو ثلاثا وأربعين من غزوة إلى سرية.

_ لا شريك له وأن محمدًا عبده ورسوله أما بعد قال فقال أعد على كلماتك هؤلاء فأعادهن عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات قال فقال لقد سمعت قول الكهنة وقول السحرة وقول الشعراء فما سمعت مثل كلماتك هؤلاء ولقد بلغن قاموس البحر قال فقال هات يدك أبايعك على الاسلام قال فبايعه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى قومك قال وعلى قومى قال فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فمروا بقومه فقال صاحب السرية للجيش هل اصبتم من هؤلاء شيئًا فقال رجل من القوم أصبت منهم مطهرة فقال ردوها فان هؤلاء قوم ضماد (غريبه) (الريح) المراد بها الجنون ومس الجن (قاموس البحر) وسطه ولجته والمراد بلغن الغاية (وعلى قومك) أى وبايع عن قومك أيضا (ردّ على هذه الكلمات) أعدها على (العيافه) بكسر أوله زجر الطير والتفاؤل بأسمائها وأصواتها وممرها وهو من عادة العرب يقال عاف يعيف عيفًا إذا زجر وحدس وظن (الأداوة) بكسر الهمزه المطهرة وجمعها الأداوى بفتح الواو كما فى المصباح. (223) (باب) (1) (سنده) حدّثنا سريج بن النعمان ثنا بقية بن الوليد عن سليمان ابن سليم عن يحيى بن جابر عن ضمرة بن ثعلبة الحديث (تخريجه) عزاه الهيثمى إلى أحمد والطبرانى وعزاه الحافظ فى الاصابة إلى أحمد والبغوى (أقول) وبقية بن الوليد صدوق كثير التدليس عن الضعفاء وقد روى عن سليمان بن سليم بالعنعنة وباقى رجال السند ثقات كما يعلم بمراجعة التقريب. (224) (باب) ما جاء فى طارق بن شهاب الأحمسى قالوا لقى النبى صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه فهو صحابى على الراجح وروايته عنه مرسل صحابى وهو مقبول على الراجح وقد أخرج له النسائى عدة أحاديث وذلك مصير منه إلى اثبات صحبته وأخرج له أبو داود حديثا واحدًا وقال: طارق رأى النبى صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه شيئا وجزم ابن حبان أنه مات سنة ثلاث وثمانين أفاده الحافظ فى الاصابة (2) (سنده ومتنه) حدّثنا حدثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا عبد الرحمن عن شعبة وابن جعفر قال: ثنا شعبة عن قيس بن مسلم قال سمعت طارق بن شهاب يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وغزوت فى خلافة أبى بكر وعمر بضعا وأربعين أو بضعا وثلاثين من بين غزوة وسرية وقال ابن جعفر: ثلاثا وثلاثين أو ثلاثا وأربعين من غزوة إلى سرية اهـ وواضح من السند أن لعبد الرحمن شيخين فى الحديث هما شعبة وابن جعفر والقائل فى السند: ثنا شعبة هو عبد الرحمن المذكور

-[ما جاء في طلحة بن عبيد الله رضى الله عنه]- (باب ما جاء فى طلحة بن عبيد الله رضى الله عنه) (225) (عن يحيى بن عباد) بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده عن الزبير رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يومئذ: أوجب طلحة حين صنع برسول الله صلى الله عليه وسلم ما صنع يعنى حين برك له طلحة فصعد رسول الله صلى الله عليه وسلم على ظهره. (226) (عن اسماعيل) قال قال قيس: رأيت طلحة يده شلاء وقى بها رسول صلى الله عليه وسلم يوم أحد " (حرف العين المهملة) " (باب ما جاء فى عامر بن الأكوع رضى الله عنه) (227) (عن أبى الهيثم) بن نصر بن دهر الاسلمى، أن أباه حدثه أنه سمع

_ شيخ الإمام أحمد ساق الحديث على لفظ شعبة "أحد شيخيه" اسنادًا ومتنا ثم قال عبد الرحمن: وقال ابن جعفر "وهو شيخه الثانى": "ثلاثا وثلاثين أو ثلاثا وأربعين" والشيخ رحمه الله اقتصر على رواية ابن جعفر لأنها عينت المراد من البضع (تخريجه) أورده الهيثمى وقال: رواه أحمد والطبرانى ورجالهما رجال الصحيح اهـ (225) (باب) (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحق حدثنى يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده عن الزبير رضى الله عنه قال الحديث (تنبيه) سقط من الأصل لفظ (عن أبيه عن جده) فى السند فأثبتناها نقلا عن نسخ جامع أبى عيسى الترمذى (غريبه) (2) قوله صلى الله عليه وسلم: أوجب طلحة أى أثبت لنفسه الجنة بما صنع فى يوم أحد من البلاء الحسن والدفاع المجيد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ابن اسحق وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد نهض إلى صخرة من الجبل ليعلوها وكان قد ظاهر بين درعين فلما ذهب لينهض لم يستطع فجلس تحته طلحة فنهض حتى استوى عليها رواه أبو يعلى (تخريجه) أخرجه الترمذى فى مناقب طلحة بن عبيد الله من كتاب المناقب حدثنا أبو سعيد الأشج ثنا يونس بن بكير عن محمد بن أسحق عن يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه عن جده عن الزبير قال كان على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد درعان فنهض إلى الصخرة فلم يستطع فأقعد تحته طلحة فصعد النبى صلى الله عليه وسلم حتى استوى على الصخرة قال فسمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: أوجب طلحة قال الترمذى هذا حديث حسن صحيح غريب اهـ وأخرجه أيضا بهذا الاسناد فى باب الدرع من كتاب الجهاد. (226) (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا وكيع عن اسماعيل قال قال قيس الخ (تخريجه) أخرجه البخارى فى باب مناقب طلحة بن عبيد الله حدثنا مسدد حدثنا خالد حدثنا ابن أبى خالد عن قيس بن أبى حازم قال. رأيت يد طلحة التى وقى بها النبى صلى الله عليه وسلم قد شلت اهـ وابن أبى خالد هو اسماعيل بن سعد كما فى القسطلانى. (227) (باب) (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن

-[ما جاء في فضائل عامر بن الاكوع رضى الله عنه]- رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى مسيره إلى خيبر لعامر بن الأكوع. وهو عم سلمة بن عمرو بن الاكوع، وكان اسم الأكوع سنانا،: انزل يا ابن الأكوع فاحد لنا من هنياتك قال فنزل يرتجز لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال. والله لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا انا اذا قوم بغوا علينا ... وان ارادوا فتنة أبينا فانزلن سكينة علينا ... وثبت الاقدام ان لاقينا (228) (وعن ابن شهاب) اخبرنى عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الانصارى ان سلمة بن الاكوع رضى الله عنه قال: لما كان يوم خيبر قاتل أخى قتالا شديدًا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فارتد عليه سيفه فقتله، فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فى ذلك وشكوا فيه، رجل مات بسلاحه، شكوا فى بعض أمره، قال سلمة فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم من

_ ابن إسحق قال ثنا محمد بن ابراهيم بن الحرث التيمى عن أبى الهيثم بن نصر بن دهر الأسلمى أن أباه حدثه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ. (غريبه) (1) قوله (فاحد لنا من هنياتك) احد فعل امر من الحدو بوزن البدو وهو سوق الابل والغناء لها وقد حدا الابل من باب عدا وحدا. أيضًا بالضم والمد وقوله من هنياتك بضم أوله وفتح ثانية وتشديد التحتية المثناة أى من كلماتك أو من أراجيزك جمع هنية تصغير هنة كلمة كناية معناها شئ أفاده فى النهاية والمختار (2) الرجز بفتحتين ضرب من الشعر وقد رجز الراجز من باب نصر وارتجز أيضا قاله الجوهرى (3) ثبت فى الصحيح عن سلمة بن الاكوع أنه لما حدا الابل بذلك قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم غفر لك ربك قال وما استغفر رسول الله صلى الله عليه وسلم لانسان يخصه الا استشهد فنادى عمر بن الخطاب وهو على جمل له يا نبى الله لولا متعتنا بعامر فلما قدمنا خيبر خرج ملكهم مرحب يخطر بنفسه وبرز له عمى عامر فاختلفا ضربتين فوقع سيف مرحب فى ترس عامر وذهب عامر يسفل له فرجع سيفه على نفسه فقطع أكحله فكانت فيها نفسه فقال بعض الصحابة بطل عمله فقال صلى الله عليه وسلم بل له أجره مرتين (تخريجه) أورده الهيثمى فى غزوة خيبر وقال: رواه احمد والطبرانى وزاد: "فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمك الله فقال عمر وجبت والله يا رسول الله، لو أمتعتنا به فقتل يوم خيبر شهيدًا" ورجالهما ثقات اهـ وأصل القصة ثابت فى الصحيحين عن سلمة بن الاكوع رضى الله عنه بأتم من هذا فى باب غزوة خيبر. (228) (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا عبد الرزاق قال أنا ابن جريج عن ابن شهاب أخبرنى عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الانصارى أن سلمة بن الاكوع قال الحديث (غريبه) (5) يريد به عامر بن الأكوع وليس عامر هذا أخا لسلمة من النسب وأنما هو عمه لانه عامر بن سنان وهو الاكوع وأما سلمة فهو ابن عمرو بن الاكوع اشتهر بنسبته إلى جده فالظاهر أن

-[ما جاء في فضائل عامر بن الاكوع رضى الله عنه]- خيبر فقلت يا رسول الله أتأذن لى أن أرجز بك، فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عمر: اعلم ما تقول، قال فقلت. والله لولا الله ما اهتدينا ... ولا تصدقنا ولا صلينا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقت: فانزلن سكينة علينا ... وثبت الاقدام ان لاقينا والمشركون قد بغوا علينا. فلما قضيت رجزى قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال هذا قلت اخى قالها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يرحمه الله، فقلت يا رسول الله والله إن إناسا ليهابون ان يصلوا عليه، ويقولون رجل مات بسلاحه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مات جاهدا مجاهدًا (قال ابن شهاب) ثم سألت ابن سلمة بن الاكوع فحدثنى عن أبيه مثل الذى حدثنى عنه عبد الرحمن غير ان ابن سلمة قال قال مع ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم: يهابون الصلاة عليه، كذبوا، مات جاهدًا مجاهدًا، فله اجره مرتين وقال صلى الله عليه وسلم بأصبعيه. "حرف العين المهملة" (باب ما جاء فى عبادة بن الصامت رضى الله عنه) (229) (حدّثنا عبد الله) حدّثنى ابى ثنا يعقوب ثنا ابى عن ابن اسحق حدثنى عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت عن أبيه الوليد عن جده عبادة بن الصامت رضى الله عنه وكان أحد النقباء

_ بينهما أخوة الرضاع (1) أرجز بهمزة المضارعة وضم الجيم قال فى المختار والرجز بفتحتين ضرب من الشعر وقد رجز الراجز من باب نصر وارتجز أيضا اهـ (2) يعنى أن هناك فريقا من الناس يتحرجون من الدعاء له بالرحمة والمغفرة بدعوى أنه قتل نفسه بسلاحه فهو بذلك قد حبط عمله فى نظرهم وكان سيف عامر فيه قصر فتناول به ساق يهودى ليضربه فارتد عليه ذباب سيفه فأصاب ركبة عامر فقتله (3) قوله (جاهدًا) أى جادًا مبالغا فى سبيل البر (مجاهدًا) أى فى سبيل الله (4) قوله ثم سألت ابن سلمة الخ لفظ مسلم والنسائى ثم سألت ابنا لسلمة بن الاكوع فحدثنى عن أبيه مثل ذلك غير أنه قال حين قلت إن ناسا ليهابون الصلاة عليه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذبوا مات جاهدًا مجاهدًا فله أجره مرتين وأشار بأصبعيه اهـ وهى أوضح من رواية احمد (5) أى أخطأوا (6) أى أشار (تخريجه) أخرجه مسلم فى باب غزوة خيبر من كتاب الجهاد والسير، والنسائى فى باب من قاتل فى سبيل الله فارتد عليه سيفه فقتله من كتاب الجهاد كلاهما بمثل سياق احمد وأخرجه أبو داود مختصرًا فى باب الرجل يموت بسلاحه من كتاب الجهاد كلهم عن ابن شهاب به وأخرج الشيخان نحوه عن سلمة بن الاكوع من طريق آخر ضمن حديث طويل والله أعلم. (229) باب (7) قوله وكان أحد النقباء أى ليلة العقبة الثانية وهذه الجملة من معقول الوليد

-[ما جاء في فضائل عبادة بن الصامت رضى الله عنه]- قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بيعة الحرب وكان عبادة من الاثنى عشر الذين بايعوا فى العقبة الاولى على بيعة النساء فى السمع والطاعة فى عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا ولا ننازع فى الامر اهله وان نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف فى الله لومة لائم. (230) (حدّثنا عبد الله) حدّثنى أبى قال قرأت على يعقوب بن ابراهيم عن أبيه عن بن اسحق قال: عبادة بن الصامت بن قيس بن اصرم بن فهر بن ثعلبة بن غنم بن عوف بن الخزرج فى الاثنى عشر الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى العقبة الأولى. (231) (حدّثنا عبد الله) حدّثنى أبى قال: سمعت سفيان بن عيينة يسمى النقباء فسمى عبادة بن الصامت منهم، وقال سفيان: عبادة عقبى أحدى بدرى شجرى وهو نقيب. (232) (وعن عبادة) بن الوليد بن عبادة حدثنى ابى قال دخلت على عبادة "يعني ابن

_ أو من مقول ابنه عبادة (1) قوله بيعة الحرب، هى بيعة العقبة الثانية كما قال ابن اسحق بايعهم فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم على الاسلام والنصرة وكانت تلك البيعة من أجلّ ما يتمدح به حتى فضلها بعضهم على مشهد بدر (2) قوله وكان عبادة من الأثنى عشر الذين بايعوا فى العقبة الاولى على بيعة النساء هذه العبارة يحتمل أن تكون من مقول عبادة بن الصامت رضى الله عنه وكان الظاهر حينئذ أن يقول وكنت من الأثنى عشر الخ ولكنه أظهر فى موطن الاضمار، ويحتمل أن تكون من مقول الوليد يمدح بها أباه والاحتمال الثانى أقرب - بايع صلى الله عليه وسلم اثنى عشر رجلا من أهل المدينة فيهم عبادة بن الصامت عند العقبة ليلا على مثل بيعه النساء التى كانت فى السنة السابعه بعد الحديبية وهذه بيعة العقبة الأولى فلما كان وقت الحج من العام المقبل لقيه عند العقبة ليلا ثلاثة وسبعون رجلا فيهم عبادة ومعهم امرأتان فبايعوه على الايمان والنصرة وجعل لهم على الوفاء بذلك الجنة وكان معه صلى الله عليه وسلم عمه العباس يستوثق له وهذه هى بيعة العقبة الثانية وتسمى أيضا بيعة الحرب لمبايعتهم أياه على حرب الأحمر والأسود وفيها تخير صلى الله عليه وسلم منهم اثنى عشر نقيبا من بينهم عبادة لكل عشيرة منهم واحد وقال لهم أنتم كفلاء على قومكم ككفالة الحواريين لعيسى بن مريم وأنا كفيل على قومى (تخريجه) أخرجه الشيخان وغيرهما فالبخارى أخرجه فى باب كيف يبايع الأمام الناس من كتاب الأحكام وفى مواضع أخرى وأخرجه مسلم فى باب وجوب طاعة الأمراء فى غير معصية وتحريمها فى المعصية من كتاب الامارة ولفظه من طريق عبادة بن الوليد بن عبادة عن أبيه عن جده قال: بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة فى العسر واليسر والمنشط والمكره وعلى أثرة علينا وعلى الا ننازع الامر أهله وعلى أن نقول بالحق أينما كنا لا نخاف فى الله لومة لائم. (231) (3) معناه مدح عبادة بن الصامت رضى الله عنه بأنه شهد بيعة العقبة واحدًا وبدرًا وبايع تحت الشجرة وكان من النقباء الاثنى عشر الذين اختارهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة الثانية. (232) (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا أبو العلاء الحسن بن سوار ثنا ليث عن

-[ما جاء في فضائل عبادة بن الصامت رضى الله عنه]- الصامت رضي الله عنه" وهو مريض أتخايل فيه الموت، فقلت يا ابتاه أوصى واجتهد لى، فقال اجلسونى، قال يا بنى انك لن تطعم طعم الايمان ولن تبلغ حق حقيقة العلم بالله تبارك وتعالى حتى تؤمن بالقدر خيره وشره، قال قلت يا ابتاه فكيف لى ان اعلم ما خير القدر وشره، قال: تعلم ان ما اخطأك لم يكن ليصيبك وما أصابك لم يكن ليخطئك، يا بنى انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ان اول ما خلق الله تبارك وتعالى القلم ثم قال اكتب فجرى فى تلك الساعة بما هو كائن إلى يوم القيامة يا بنى ان مت ولست على ذلك دخلت النار وفى رواية قال او ما اكتب قال فاكتب ما يكون وما هو كائن الى أن تقوم الساعة. (233) (وعن الصنابحى) أنه قال: دخلت على عبادة بن الصامت وهو فى الموت، فبكيت فقال: مهلا لم تبكى، فوالله لئن استشهدت لاشهدن لك، ولئن شفعت لاشفعن لك، ولئن استطعت لانفعنك، ثم قال: والله ما حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لكم فيه خير إلا حدثتكموه، الا حديثا واحدًا سوف أحدثكموه اليوم، وقد أحيط بنفسى، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من شهد أن لا اله الا الله وان محمدًا رسول الله حرم على النار "وفى رواية حرم الله تبارك وتعالى عليه النار"

_ معاوية عن أيوب بن زياد حدّثنى عبادة بن الوليد بن عبادة حدّثنى أبى قال دخلت على عبادة وهو مريض الخ (1) وقوله وفى رواية (سندها ومتنها) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا موسى بن داود ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب أن الوليد بن عبادة بن الصامت قال أوصانى أبى رحمه الله تعالى فقال يا بنى أوصيك أن تؤمن بالقدر خيره وشره فأنك إن لم تؤمن أدخلك الله تبارك وتعالى النار قال وسمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول: أول ما خلق الله تبارك وتعالى القلم ثم قال له اكتب قال وما اكتب الخ (تخريجه) أخرجه أبو داود فى باب القدر من كتاب السنة حدّثنا جعفر بن مسافر الهذلى ثنا يحيى بن حسان ثنا الوليد بن رباح عن ابراهيم بن أبى عبلة عن أبى حفصة قال قال عبادة بن الصامت لابنه يا بنى أنك لن تجد طعم حقيقة الايمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطأك لم يكن ليصيبك سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أول ما خلق الله القلم فقال له اكتب قال رب وماذا اكتب قال اكتب مقادير كل شئ حتى تقوم الساعة يا بنى أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مات على غير هذا فليس منى" سكت عنه أبو داود والمنذرى وأخرجه الترمذى بزيادة قصة فى أوله فى أواخر كتاب القدر وقال هذا حديث غريب اهـ وعزاه الشيخ رحمه الله تعالى أيضا إلى الطبرانى فى الكبير والاوسط (فى كتاب القدر حديث رقم 24 صفحة 134، 135 من الجزء الاول من الفتح الربانى). (233) (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا يونس بن محمد ثنا ليث عن ابن عجلان عن محمد بن يحيى بن حبان عن ابن محيريز عن الصنابحى أنه قال الخ (3) (سندها) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا قتيبة مثله قال حرم الله تبارك وتعالى عليه النار ومن ذلك يتبين أن قتيبة روى الحديث

-[ما جاء في فضائل عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه]- (باب ما جاء فى عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه) (234) (عن عبد الله بن جعفر) قال حدثتنا أم بكر بنت المسور ان عبد الرحمن ابن عوف باع ارضا له من عثمان بن عفان رضى الله عنهما باربعين ألف دينار، فقسمه فى فقراء بنى زهرة وفى المهاجرين وأمهات المؤمنين، قال المسور فأتيت عائشة بنصيبها فقالت من أرسل بهذا، فقلت عبد الرحمن، قالت أما انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يحنو عليكن بعدى الا الصابرون" سقى الله عبد الرحمن بن عوف من سلسبيل الجنة

_ عن الليث بإسناده وليس بين روايته يونس بن محمد الا تلك المغايرة اليسيرة المنصوص عليها (تخريجه) أخرجه مسلم حدّثنا قتيبة بن سعيد حدّثنا ليث به فى كتاب الايمان باب من لقى الله بالايمان وهو غير شاك فيه دخل الجنة وحرم على النار وأخرجه الترمذى أيضا بمثل أسناد مسلم فى باب ما جاء فيمن يموت وهو يشهد أن لا اله إلا الله من أبواب الايمان وقال هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه والصنابحى هو عبد الرحمن بن عسيلة أبو عبد الله اهـ. (234) (باب) (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا أبو سعيد ثنا عبد الله بن جعفر والخزاعى قال أنا عبد الله بن جعفر قال حدثتنا أم بكر بنت المسور (وقال الخزاعى عن أم بكر بنت المسور) أن عبد الرحمن بن عوف الحديث وفيه: "وقال الحزاعى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "بعد قوله (أما أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول) ولم ينبه الشيخ رحمه الله على مغايرة الخزاعى لعبد الله ابن جعفر اكتفاء برواية واحدة (2) قوله سقى الله الخ دعاء من عائشة لعبد الرحمن كما دعت به أم سلمة رضى الله عنها فى حديثها الآتى والسلسبيل اسم لعين فى الجنة كما قال تعالى {عينا فيها تسمى سلسبيلا} (تخريجه) أخرجه الحاكم فى المستدرك حدثنا أبو عباس محمد بن يعقوب حدثنا محمد بن أسحق الصغانى ثنا أبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعى ثنا عبد الله بن جعفر المخزومى به وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وقال الذهبى ليس بمتصل اهـ قلت لعل ذلك لأن أم بكر بنت المسور لم تشاهد القصة ويمكن الجواب بأن فى الرواية ما يشعر بالاتصال وأن أم بكر روت القصة عن أبيها المسور بن مخرمة وذلك لقولها فية "قال المسور فأتيت عائشة بنصيبها الحديث" وعليه فالحديث له حكم الموصول وأم بكر هذه كما فى التقريب بنت المسور بن مخرمة مقبولة من الرابعة أى من طبقة تلى أوساط التابعين وفوق صغارهم وللمسور وأبيه صحبة وأخرج الحديث أيضا الترمذى فى كتاب المناقب من جامعه مختصرًا حدثنا قتيبة حدثنا بكر بن مضر عن صخر بن عبد الله عن ابى سلمة -هو ابن عبد الرحمن بن عوف- عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: أن أمركن مما يهمنى بعدى ولن يصبر عليكن إلا الصابرون قال ثم تقول عائشة فسقى الله أباك من سلسبيل الجنة تريد عبد الرحمن ابن عوف وكان قد وصل أزواج النبى صلى الله عليه وسلم بمال بيعت بأربعين ألفا قال هذا حديث حسن صحيح غريب ثم روى باسناده عن أبى سلمة أن عبد الرحمن بن عوف أوصى بحديقة لأمهات المؤمنين بيعت بأربعمائة ألف قال هذا حديث حسن غريب ومراده هنا بالدراهم وفى الرواية السابقة بالدنانير.

-[ما جاء في فضائل عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه]- (235) (وعن أم سلمة رضى الله عنهما) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لازواجه "ان الذى يحنو عليكن بعدى لهو الصادق البار" اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سلسبيل الجنة. (236) (وعن انس بن مالك رضى الله عنه) قال: بينما عائشة رضى الله عنها فى بيتها اذ سمعت صوتا فى المدينة، فقالت ما هذا، قالوا عير لعبد الرحمن بن عوف قدمت من الشام تحمل من كل شئ، قال فكانت سبعمائة بعير قال فارتجت المدينة من الصوت، فقالت عائشة رضى الله عنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قد رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوًا فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف فقال: أن استطعت لادخلنها قائمًا فجعلها بأقتابها واحمالها فى سبيل الله عز وجل

_ (235) (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس ثنا ابراهيم يعنى ابن سعد عن محمد ابن اسحق عن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين عن عوف بن الحارث عن أم سلمة قالت الحديث (تخريجه) أخرجه الحاكم فى المستدرك حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن اسحق الصغانى ثنا يونس بن محمد وأحمد بن محمد الأزرق قالا ثنا ابراهيم بن سعد به وقال صحيح وأقره الذهبى. (236) (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد بن حسان قال أنا عمار عن ثابت عن أنس قال الحديث (غريبه) (3) العير بكسر العين الابل التى تحمل الميرة أى الطعام (4) الحبو أن يمشى على يديه وركبتيه والفعل من باب عدا ورؤيته صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن كذلك كانت فى المنام وكان ذلك إن صح الحديث لأنه رضى الله عنه كان يهتم بالتجارة أعظم الاهتمام ومن شأ المال أن يشغل قلب صاحبه فلما بلغه لحديث جعل تلك الابل بأحمالها وأقتابها فى سبيل الله القتب للبعير كالرحل للدابة جمعه أقتاب كسبب وأسباب (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير فى تاريخه (البداية والنهاية) فى ترجمة عبد الرحمن بن عوف وقال: تفرد به عمارة بن زاذان الصيدلانى وهو ضعيف اهـ وقال الحافظ المنذرى فى كتابه (الترغيب والترهيب): ورد من حديث جماعة من الصحابة عن النبى صلى الله عليه وسلم أن عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبوا لكثرة ماله ولا يسلم أجودها من مقال ولا يبلغ شئ منها بانفراده درجه الحسن اهـ وعمارة بن زاذان الصيدلانى قال عنه الحافظ فى التقريب صدوق كثير الخطأ وقال عنه الدارقطنى ضعيف واختلفت الرواية فيه عن أحمد فروى عنه ابنه عبد الله أنه ثقة وروى الاثرم عنه قال يروى مناكير. (تنبيه هام) هذا الحديث أورده ابن الجوزى فى الموضوعات وقال: قال أحمد هذا الحديث كذب منكر وعمارة يروى أحاديث مناكير وقال أبو حاتم الرازى عمارة بن زاذان لا يحتج به اهـ وقد رد ذلك الحافظ ابن حجرر العسقلانى فى (القول المسدد) بما يأتي: أولا: لم ينفرد به (عمارة) عن ثابت فقد رواه البزار من طريق أغلب بن تميم عن ثابت البناني

-[ما جاء في فضائل عبد الرحمن بن عوف رضى الله عنه]- (237) (حدّثنا عبد الله) حدّثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا هشام بن عروة عن عروة أن عبد الرحمن بن عوف قال: اقطعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمر بن الخطاب أرض كذا

_ بلفظ (أول من يدخل الجنة من أغنياء أمتى عبد الرحمن بن عوف والذى نفس محمد بيده لن يدخلها إلا حبوًا) قال الحافظ: و (أغلب بن تميم) شبيه بعمارة بن زاذان فى الضعف لكن لم أر من اتهمه بالكذب. ثانيا: ثم قال الحافظ: والذى أراه عدم التوسع فى الكلام على هذا الحديث فانه يكفينا شهادة الامام أحمد بانه كذب وأولى محامله أن نقول هو من الأحاديث التى أمر الامام أحمد أن يضرب عليها فاما أن يكون الضرب ترك سهوًا وإما أن يكون بعض من كتبه عن عبد الله كتب الحديث وأخل بالضرب والله أعلم اهـ ثالثًا: ثم أورد الحافظ للحديث عدة شواهد (1) عن (حفصة بنت عمر) عند الطبرانى باسناد قوى (2) وعن (ابراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه) عند البزار وفى سنده ضعف (3) وعن (عبد الله بن أبى أوفى) عند البزار والطبرانى وفى سنده عمار بن سيف وهو ضعيف (4) وعن (أبى أمامة) عند الامام أخمد فى مسنده (أقول) وفيه عبيد بن زحر عن على بن يزيد عن القاسم قال ابن الجوزى ضعفاء (5) وعن (عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه) عند السراج فى تاريخه وقد ساق الحافظ هذه الشواهد بنصوصها ولا نرى ضرورة لذكرها ومن أرادها فليرجع إلى (القول المسدد) (من مناقب عبد الرحمن بن عوف) أنه أحد العشرة المشهود لهم بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين أخبر عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه توفى وهو عنهم راض، وقد أسند رفقته أمرهم اليه فبايع عثمان رضى الله عنه ثبت ذلك فى الصحيح. وأسلم قديما قبل دخول دار الارقم، وهاجر الهجرتين، وشهد بدرًا وسائر المشاهد، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد بن الربيع، وبعثه النبى صلى الله عليه وسلم إلى دومة الجندل وأذن له أن يتزوج بنت ملكها الاصبغ ابن ثعلبة الكلبى ففتح عليه فتزوجها وهى تماضر أم ابنه أبى سلمة، وكان ممن يفتى على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم خلفه فى سفرة سافرها ركعة من صلاة الصبح، وتصدق على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم بشطر ماله ثم حمل على خمسمائة فرس وخمسمائة راحلة فى سبيل الله، واعتق ثلاثين ألف نسمة وأوصى لكل من شهد بدرًا بأربعمائة دينار أخرج على بن أبى حرب فى فوائده عن سفيان بن عيينة وعن ابن أبى نجيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (إن الذى يحافظ على أزواجى من بعدى هو الصادق البار) فكان عبد الرحمن بن عوف يخرج بهن ويحج معهن ويجعل على هوادجهن الطيالسة وينزل بهن فى الشعب الذى ليس له منفذ وقال (عبد الرحمن سيد من سادات المسلمين) وأخرج الحارث بن أبى أسامة عن على رفعه فى قصة قال (عبد الرحمن أمين فى السماء وأمين فى الأرض). ولد رضى الله عنه بعد الفيل بعشر سنين ومات بالمدينة سنة احدى وثلاثين وقيل سنة اثنتين وهو الأشهر ودفن بالبقيع روى عنه أولاده ابراهيم وحميد وعمر ومصعب وأبو سلمة وابن ابنه المسور بن ابراهيم وابن أخيه المسور بن مخرمة وابن عباس وابن عمر وجبير بن مطعم وجابر وأنس وآخرون وروى عنه عمر فقال. العدل الرضى اهـ ملخصا من الإصابة.

-[ما جاء في عبد الله بن أبى أوفى رضى الله عنه]- وكذا، فذهب الزبير الى آل عمر فاشترى نصيبه منهم، فأتى عثمان بن عفان فقال ان عبد الرحمن بن عوف زعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أقطعه وعمر بن الخطاب أرض كذا وكذا وأنى اشتريت نصيب آل عمر فقال عثمان: عبد الرحمن جائز الشهادة له وعليه. "باب ما جاء فى عبد الله بن ابى أوفى رضى الله عنه" (238) (عن عمرو بن مرة) عن عبد الله بن ابى أوفى وكان من أصحاب الشجرة قال كان النبى صلى الله عليه وسلم اذا أتاه قوم بصدقة قال اللهم صل عليهم فأتاه أبى بصدقة فقال اللهم صل على آل ابى أوفى (وعنه من طريق ثان) قال سمعت عبد الله بن أبى اوفى قال كان النبى صلى الله عليه وسلم اذا أتاه قوم بصدقتهم صلى عليهم فأتاه أبى بصدقته فقال اللهم صل على آل أبى أوفى (وعنه من طريق ثالث) قال سمعت عبد الله بن ابى اوفى -قال وكان من أصحاب الشجرة- قال كان النبى صلى الله عليه وسلم أذا أتاه رجل بصدقته قال اللهم صل على آل فلان قال فأتاه أبى بصدقته فقال اللهم صل على آل أبى أوفى. (باب ما جاء فى عبد الله بن أنيس الجهنى رضى الله عنه) (239) (عن محمد بن جعفر بن الزبير) عن ابن عبد الله بن أنيس عن أبيه رضى الله عنه قال: دعانى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أنه قد بلغنى إن خالد بن سفيان بن نبيح يجمع لى الناس ليغزونى وهو بعرنة فأته فأقتله قال قلت يا رسول الله انعته لى حتى اعرفه قال اذا رأيته وجدت له اقشعريرة قال فخرجت متوشحا بسيفى حتى وقعت عليه وهو بعرنة مع ظعن يرتاد لهن منزلا وحين كان وقت العصر فلما رأيته وجدت ما وصف لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من

_ (237) (1) (تخريجه) أخرجه ابن سعد قال أخبرنا عفان بن مسلم ويحيى بن عباد قالا أخبرنا حماد بن سلمة به ورواته من رجال الصحيح. (238) (باب) (2) (سنده) حدّثنا وهب بن جرير ثنا شعبة عن عمرو بن مرة الخ (3) (سنده) حدثنا يحيى عن شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت عبد الله بن أبى أوفى الخ (4) (سنده) حدّثنا عفان ثنا شعبة قال عمرو بن مرة أنبأنى قال سمعت عبد الله بن أبى أوفى الخ (غريبه) (5) قوله (آل أبى أوفى) يريد أبا أوفى نفسه لأن الال يطلق على ذات الشئ واسم أبى أوفى علقمة بن خالد بن الحارث الأسلمى شهد هو وابنه عبد الله بيعة الرضوان تحت الشجرة وصلاة النبى لأمته معناه دعاؤه لهم بالمغفرة وصلاة أمته عليه دعاء له بزيادة القربى والزلفى (تخريجه) الحديث أخرجه البخارى ومسلم وأبو داود والنسائى وابن ماجه كما أفاده المنذرى فى مختصر السنن. (239) (باب) (6) (سنده) حدّثنا يعقوب ثنا أبى قال عن ابن أسحق قال حدّثنى محمد ابن جعفر بن الزبير الخ (غريبه) (7) عبد الله بن أنيس الجهنى حليف الأنصار صحابى شهد العقبة واحدا ومات بالشام فى خلافة معاوية سنة أربع وخمسين (8) عرنه بضم أوله وفتح ثانيه موضع قريب

-[ما جاء في عبد الله بن أنيس الجهنى رضى الله عنه]- إلا قشعريرة فأقبلت نحوه وخشيت ان يكون بينى وبينه محاولة تشغلنى عن الصلاة فصليت وأنا أمشى نحوه أومئ برأسى للركوع والسجود فلما انتهيت اليه قال من الرجل قلت رجل من العرب سمع بك وبجمعك لهذا الرجل فجاءك لهذا قال أجل أنا فى ذلك قال فمشيت معه شيئا حتى اذا أمكننى حملت عليه السيف حتى قتلته ثم خرجت وتركت ظعائنه مكبات عليه فلما قدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فرآنى قال أفلح الوجه قال قلت قتلته يا رسول الله قال صدقت قال ثم قام معى رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخل فى بيته فأعطانى عصا فقال أمسك هذه عندك يا عبد الله بن أنيس قال فخرجت بها على الناس فقالوا ما هذه العصا قال قلت أعطانيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمرني أن أمسكها قالوا أو لا ترجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فتسأله عن ذلك قال فرجعت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله لم أعطيتنى هذه العصا قال آية بينى وبينك يوم القيامة أن أقل الناس المختصرون يومئذ يوم القيامة فقرنها عبد الله بسيفه فلم تزل معه حتى إذا مات أمر بها فضمت معه فى كفنه ثم دفنا جميعًا. (باب ما جاء فى عبد الله بن بسر المازنى رضى الله عنه) (240) عن أبى عبد الله الحسن بن أيوب الحضرمى قال: أرانى عبد الله بن بسر شامة فى قرنه فوضعت أصبعى عليها فقال: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم أصبعه عليها ثم قال: لتبلغن قرنا قال أبو عبد الله وكان ذا جمة.

_ من مكة (1) الخصر وسط الانسان والمخصرة بكسر الميم ما يختصره الانسان بيده فيمسكه من عصا أو عكازة أو مقرعة أو قضيب وقد يتكئ عليه ومنه الحديث المختصرون يوم القيامة على وجوههم النور وفى رواية المتخصرون أراد أنهم يأتون ومعهم أعمال لهم صالحة يتكئون عليها اهـ من النهاية والمختار (تخريجه) أورده الهيثمى فى باب قتل خالد بن سفيان الهذلى من كتاب المغازى والسير وقال رواه أحمد وأبو يعلى بنحوه وفيه راو لم يسم وهو ابن عبد الله بن أنيس وبقية رجاله ثقات هو رواه أبو داود مختصرا فى كتاب صلاة الخوف وسكت عنه هو والمنذرى وحسن الحافظ فى الفتح إسناده قال المنذرى وابن أنيس هذا هو عبد الله بن عبد الله بن أنيس جاء ذلك مبينا من رواية محمد بن سلمة الحرانى عن محمد بن اسحق اهـ وأخرجه البيهقى كلفظ أحمد فى السنن الكبرى. (240) (باب) (2) (سنده) حدّثنا عصام بن خالد ثنا أبو عبد الله الحسن بن أيوب الحضرمى قال أرانى عبد الله بن بسر الخ وعبد الله بن بسر بضم الموحدة وسكون المهملة صحابى صغير ولأبويه وأخيه عطية وأخته الصماء صحبة أيضًا مات سنة ثمان وثمانين وقيل ست وتسعين وله مائة سنة وهو آخر من مات بالشام من الصحابة اهـ من التقريب وغيره (غريبه) (3) القرن جانب الرأس والشامة فى الجسد هى الخال (4) أى لتعيشن قرنا من الزمان وهو مائة سنة وقد كان وذلك من أعلام النبوة (5) الجمّة بضم الجيم وفتح الميم مشددة شعر الرأس إذا بلغ المنكبين (تخريجه) أورده

-[ما جاء في عبد الله بن بسر المازنى رضى الله عنه]- (241) وعن حسن بن أيوب الحضرمى قال حدثنى عبد الله بن بسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كانت أختى تبعثنى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالهدية فيقبلها وفى رواية: كانت أختى ربما بعثتنى بالشئ إلى النبى صلى الله عليه وسلم تطرفه إياه فيقبله منى. (242) وعن يحيى بن حسان قال سمعت عبد الله بن بسر المازنى يقول. ترون يدى هذه فأنا بايعت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم. (243) وعن عبد الله بن بسر المازنى قال: بعثنى أبى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أدعوه إلى

_ الهيثمي بلفظ مقارب وقال. رواه الطبرانى وأحمد بنحوه ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحسن بن أيوب وهو ثقة ورجال الطبرانى ثقات اهـ (241) (1) (سنده) حدّثنا هشام بن سعيد أبو أحمد ثنا حسن بن أيوب الحضرمى الخ (2) "قوله وفى رواية" (سندها) ثنا عصام بن خالد ثنا الحسن بن أيوب الحضرمى قال حدّثنى عبد الله بن بسر قال الحديث (غريبه) (3) قال فى الأساس. أطرفته كذا أتحفته به اهـ وقال فى المصباح. الطرفة ما يستطرف أى يستملح والجمع طرف مثل غرفة وغرف واطرف أطرافًا جاء بطرفة وطرف الشئ بالضم فهو طريف اهـ (تخريجه) قال الشوكانى: حديث عبد الله بن بسر أخرجه أيضا الطبرانى فى الكبير قال فى مجمع الزوائد ورجالهما يعنى أحمد والطبرانى رجال الصحيح اهـ كلام الشوكانى "أقول" ولا ينطبق ذلك على ما هنا فان الحسن بن أيوب الحضرمى ليس من رجال الصحيح بل ولا من رجال الأربعة وإن كان ثقة كما تقدم عن الهيثمى نفسه وقد ترجم له فى تعجيل المنفعة وهشام بن سعيد أبو أحمد وثقه أحمد وهو من رواة البخارى فى التاريخ وأبى داود والنسائى وليس من رواة الصحيح وعصام بن خالد هو الذى روى عنه البخارى وقال النسائى ليس به بأس كما أفاده فى الخلاصة ومن هنا يتبين أن الامام أحمد قد روى الحديث بأسناد غير هذين الأسنادين رجاله رجال الصحيح والله أعلم. (242) (سنده) (2) حدثنا ابراهيم بن أسحق الطالقانى ثنا الوليد بن مسلم عن يحيى بن حسان الخ. (تخريجه) فى إسناده الوليد بن مسلم ثقة لكنه كثير التدليس والتسويه وقد روى عن يحيى بن حسان بلفظ (عن) ولهذا الحديث اسناد آخر حيد عند أحمد ثنا على بن عياش قال ثنا حسان بن نوح حمصى قال رأيت عبد الله بن بسر يقول الحديث وقد تقدم فى كتاب الصيام برقم 204 ج 10 وأفاد المنذرى فى ترغيبه أنه قد رواه النسائى وابن ماجه وابن حبان فى صحيحه كما أفاد أنه قد رواه عن عبد الله بن بسر عن أخته الصماء مرفوعا الترمذى وحسنه والنسائى وابن خزيمة فى صحيحه وأو داود وقال هذا حديث منسوخ اهـ قال الحاكم وله معارض بإسناد صحيح ولم يرتض جمع من المحققين القول بالنسخ ولا بالتعارض وجمعوا بين أحاديث المشروعية والنهى عن صوم السبت بأن النهى محله ما إذا أفرده بالصوم ولم يوافق عادة له فإن ضم اليه يوما قبله أو بعده أو وافق عادته شرع صومه. (243) (سنده) (5) حدثنا أبو المغيرة ثنا صفوان بن أمية ثنا صفوان بن عمر وقال حدثنى عبد الله بن بسر

-[ما جاء في عبد الله بن بسر المازنى رضى الله عنه]- الطعام فجاء معى فلما دنوت المنزل أسرعت فأعلمت أبوىّ فخرجا فتلقيا رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحبا به ووضعنا له قطيفة كانت عند ربيزته فقعد عليها ثم قال أبى لأمى هات طعامك فجاءت بقصعة فيها دقيق قد عصدته بماء وملح فوضعته بين يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: خذوا باسم الله من حواليها وذروا ذروتها فإن البركة فيها فأكل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكلنا معه وفضل منها فضلة ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اللهم اغفر لهم وارحمهم وبارك عليهم ووسع عليهم فى أرزاقهم. وفى رواية قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم على أبى قال فقربنا له طعاما ورطبة فأكل منها ثم أتى بتمر فكان يأكله ويلقى النوى بأصبعيه يجمع السبابة والوسطى قال شعبة هو ظنى وهو فيه إن شاء الله ثم أتى بشراب فشربه ثم ناوله الذى عن يمينه قال فقال أبى -وأخذ بلجام دابته- ادع الله لنا قال: اللهم بارك لهم فيما رزقتهم، واغفر لهم وارحمهم. (باب ما جاء فى عبد الله بن خباب بن الأرت رضى الله عنهما) (244) (حدّثنا عبد الله) حدّثنى أبى ثنا اسماعيل أنا أيوب عن حميد بن هلال عن رجل من عبد القيس كان مع الخوارج ثم فارقهم قال: دخلوا قرية فخرج عبد الله بن خباب ذعرًا يجر رداءه فقالوا: لم ترع قال: والله لقد رعتمونى قالوا أنت عبد الله بن خباب صاحب

_ المازني قال الحديث (غريبه) (1) لعل صواب العبارة (قطيفة كانت عندنا ربيزة) بالراء المهملة فى أوله وبالزاى المعجمة قبل الاخر بوزن جزيرة أى ضخمة ففى النهاية. فى حديث عبد الله بن بسر قال جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى دارى فوضعنا له قطيفة ربيزة أى ضخمة اهـ ولكنها فى نسخ المسند هكذا (عند زبيرته) بالزاى المعجمة والراء المهملة ومعناها مشكل (2) أى عجنته بهما والفعل من باب ضرب (3) أى اتركوا أعلاها. (4) (سنده) حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يزيد بن خميره عن عبد الله ابن بسر قال. الحديث (5) فى بعص الروايات (طعاما ووطبة) قال النووى فى شرح مسلم رواية الأكثر (وطبة) بالواو وإسكان الطاء وبعدها باء موحدة وفسره النضر فقال الوطبة الحيس يجمع التمر البرنى والأقط المدقوق والسمن وفى بعض الروايات (رطبه) براء مضمومة وفتح الطاء وادعى الحبدى أنها مصحفة اهـ ملخصا وفى المصباح والرطب ثمر النخل إذا أدرك ونضج قبل أن يتتمر الواحدة رطبه اهـ (6) يفسره ما جاء فى روايه لأحمد (ويضع النوى على ظهر أصبعيه ثم يرمى به) أى خارج الاناء (تخريجه) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائى والترمذى كما أفاده المنذرى فى مختصر السنن وتقدم فى ج 17 برقم 134 فى كتاب الأطعمة من الفتح الربانى باب (344) (غريبه) (7) بفتح الذال المعجمة وكسر العين المهملة أى فزعا قال فى المختار ذعره أفزعه وبابه قطع والاسم الذعر بوزن العذر اهـ (8) (قوله لم ترع) بضم ففتح أى لا تخف ولا تحزن

-[ما جاء في عبد الله بن خباب بن الأرت رضى الله عنه]- رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قالوا: فهل سمعت من أبيك حديثا يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم تحدثناه قال نعم، سمعته يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه ذكر فتنة القاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشى، والماشى فيها خير من الساعى قال: فأن أدركت ذاك فكن عبد الله المقتول (قال أيوب) ولا أعلمه إلا قال: ولا تكن عبد الله القاتل" قالوا. أأنت سمعت هذا من أبيك يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قال: فقدموه على ضفة النهر فضربوا عنقه فسال دمه كأنه شراك نعل ما ابذعر وبقروا أم ولده عما فى بطنها. حدّثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا سليمان عن حميد بن هلال نحوه إلا أنه قال: ما ابذقر يعنى لم يتفرق وقال. لا تكن عبد الله القاتل وكذلك قال بهز أيضا

_ (1) المراد من الحديث أنه سيحصل بين المسلمين فتنة كلما ابتعد المسلم عنها كان خيرًا له وقد أوصى صلى الله عليه وسلم خبابا انه إن أدركها فلا يشهر سلاحه على أحد ولأن يكون مقتولا خير من أن يكون قاتلا، (2) قول أيوب ولا أعلمه إلا قال الخ .. معناه أن جملة (ولا تكن عبد الله القاتل) من الحديث على سبيل الظن لا على سبيل اليقين، وذلك من مزيد احتياطهم فى رواية الحديث رحمهم الله (3) الضفة بالكسر الجانب وهو الشاطئ (4) أى فسال دمه مستطيلا فى الماء بدون أن يتفرق فيمتزج به (الشراك) بكسر أوله أحد سيور النعل التى تكون على وجهها كما فى النهاية (ابذعر) بوزن اقشعر معناه تفرق وتبدد قال فى القاموس. ابذعروا تفرقوا وفروا. وفى الرواية الثانية (ما ابذقر) وهو بوزن هذه الرواية ومعناها ففى القاموس وما أبذقر الدم فى الماء أى لم تتفرق أجزاؤه فتمتزج به ولكنه مر فيه مجتمعا متميزا منه اهـ (5) أى شقوا بطنها عن جنينها (6) قوله (ما ابذقر) يعنى ولم يقل (ما ابذعر) كما قال أيوب (7) (قال ولا تكن الخ) معناه أن سليمان وكذلك بهز رويا الحديث عن حميد (فكن عبد الله المقتول ولا تكن عبد الله القاتل) بدون أن يحصل منهما شك فى الجملة الثانية كما حصل من أيوب (تخريجه) ذكره الهيثمى فى المجمع وقال رواه احمد وأبو يعلى والطبرانى وأوله عنده. (لما تفرقت الناس صحبت قوما لم أصحب قوما أحب الى منهم فسرنا على شط نهر فرفع لنا مسجد فاذا فيه رجل فلما نظر الى نواصى الخيل خرج فزعا يجر ثوبه فقال له أميرنا لم ترع -وقال فى آخره- فلم أصحب قوما أبغض إلى منهم حتى وجدت خلوة فانفلت) قال الهيثمى ولم أعرف الرجل الذى من عبد قيس وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ ورواه الحافظ أبو بكر الخطيب فى تاريخه بأتم من هذا من طريق أيوب عن حميد بن هلال عن أبى الأحوص قال. كنا مع على يوم النهروان فجاءت الحرورية فكانت من وراء النهر -وذكر الحديث- وفى آخر (فأخبر على بما صنعوا فقال الله أكبر نادوهم أخرجوا الينا قاتل عبد الله بن خباب قالوا كلنا قتله فناداهم ثلاثا كل ذلك يقولون هذا القول فقال على لأصحابه دونكم القوم قال فما لبثوا أن قتلوهم جميعا فقال على أطلبوا فى القوم رجلا يده كثدى المرأة فطلبوا ثم رجعوا اليه فقالوا ما وجدنا فقال والله ما كذبت ولا كذبت وأنه لفى القوم ثلاث مرات يجيئونه فيقول لهم هذا القول ثم قام هو بنفسه فجعل لا يمر بقتلى الا يحثهم جميعا فلا يجده فيهم حتى انتهى الى حفرة من الارض فيها قتلى كثير فأمر بهم فبحثوا فوجد فيهم فقال لاصحابه لولا أن تبطروا لأخبرتكم بما أعد الله تعالى

-[باب ما جاء فى عبد الله ذى البجادين رضى الله عنه]- (باب ما جاء فى عبد الله ذى البجادين رضى الله عنه) (245) (عن عقبة) بن عامر أن النبى صلى الله عليه وسلم قال لرجل يقال له ذو البجادين: أنه أواه، وذلك أنه كان رجلا كثير الذكر لله عز وجل فى القرآن، ويرفع صوته فى الدعاء (246) (عن ابن الأدرع) قال. كنت أحرس النبى صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فخرج لبعض

_ لمن قتل هؤلاء) ج أول ص 205 و 206 هذا ولحديث خباب المرفوع شواهد تؤيده منها ما رواه البخارى عن أبى هريرة مرفوعا ستكون فتن القاعد فيها خير من القائم والقائم خير من الماشى والماشى فيها خير من الساعى من تشرف لها تستشرفه فمن وجد ملجا أو معاذا فليعذ به (ترجمة عبد الله بن خباب بن الأرت) قال الحافظ فى الاصابة. عبد الله بن خباب بن الارت التميمى ذكره الطبرانى وغيره فى الصحابة وقال عبد الرحمن بن خزاعة أدرك النبى صلى الله عليه وسلم ورى ابن منده من طريق خالد بن يزيد أن زكريا بن العلاء قال أول مولود ولد فى الاسلام (يعنى بعد الهجرة الى المدينة) عبد الله بن الزبير وعبد الله ابن خباب وروى ابن عقدة من طريق جعفر بن عبد الله بن عمر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن خباب عن آبائه الى عبد الله بن خباب أن النبى صلى الله عليه وسلم سماه عبد الله وقال لخباب أنت أبو عبد الله وروى الطبرانى من طريق الحسن البصرى أن الصرم لقى عبد الله بن خباب بالدار وهو متوجه إلى على بالكوفة ومعه امرأته وولده فقال هذا رجل من أصحاب محمد نسأله عن حالنا وأمرنا ومخرجنا فانصرفوا اليه فسألوه فقال أما فيكم بأعيانكم فلا ولكن سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يكون من بعدى قوم يقرؤون القرآن لا يجاوز تراقيهم الحديث وفيه أنهم قتلوه وقتلوا امرأته وهى حامل متم اهـ كلام الحافظ وترجم له الحافظ الخطيب فى تاريخه بما لا يخرج عما فى الاصابة. (تنبيه) وجدت بخط الشيخ رحمه الله تعالى ذكر عبد الله بن خباب فى التابعين وبمراجعة الاصابة وغيرها تبين أنه من الصحابة فنقلناه إلى هذا الموضع والله الموفق والمعين. (باب) (عبد الله ذى البجادين) رضى الله عنه قال فى القاموس: البجاد ككتاب كساء مخطط ومنه عبد الله ذو البجادين دليل النبى صلى الله عليه وسلم اهـ وفى النهاية: البجاد الكساء وجمعه بجد ومنه تسمية رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عبد نهم بوزن (فهم) ذا البجادين لأنه حين أراد المصير الى رسول الله صلى الله عليه وسلم قطعت أمه بجادا لها قطعتين فارتدى بأحداهما وائتزر بالأخرى اهـ وترجم له الحافظ فى الاصابة برقم 4795 وأفاد أنه مات فى تبوك وأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد نزل فى قبره ولما دفن قال اللهم أنى أمسيت راضيا فارض عنى (245) (1) (سنده) ثنا موسى ثنا ابن لهيعة عن الحارث بن يزيد عن على بن رباح عن عقبة بن عامر (2) أى كثير البكاء من خشية الله تعالى (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والطبرانى وأسنادها حسن اهـ. (246) (3) (سنده) ثنا وكيع أنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن ابن الأدرع قال الحديث

-[ما جاء في عبد الله رواحه رضى الله عنه]- حاجته قال فرآني فأخذ بيدى، فأنطلقنا فمررنا على رجل يصلى، يجهر بالقرآن، فقال النبى صلى الله عليه وسلم عسى أن يكون مرائيا، قال قلت يا رسول الله يصلى يجهر بالقرآن قال: فرفض يدى. ثم قال أنكم لن تنالوا هذا الأمر بالمغالبة، قال ثم خرج ذات ليلة، وأنا أحرسه، لبعض حاجته، فأخذ بيدى فمررنا على رجل يصلى، يجهر بالقرآن، قال فقلت عسى أن يكون مرائيا، فقال النبى صلى الله عليه وسلم كلا إنه أواب، قال: فنظرت فأذا هو عبد الله ذو البجادين. (باب ما جاء فى عبد الله بن رواحة رضى الله عنه) (247) عن أنس بن مالك رضى الله قال كان عبد الله بن رواحة رضى الله عنه إذا لقينى الرجل من أصحابه يقول له: تعال نؤمن بربنا ساعة فقال ذات يوم لرجل، فغضب الرجل. فجاء إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ألا ترى إلى ابن رواحة يرغب عن إيمانك إلى إيمان ساعة، فقال النبى صلى الله عليه وسلم يرحم الله ابن رواحة، أنه يحب المجالس التي تباهى بها الملائكة عليهم السلام.

_ وابن الأدرع فى السند هو محجن بن الأدرع الأسلمى المدنى قال أبو عمر كان قديم الاسلام روى عن النبى صلى الله عليه وسلم سكن البصرة وهو الذى اختط مسجدها وعمر طويلا وفى الصحيح من حديث سلمة ابن الأكوع أرموا وأنا مع ابن الأدرع قال أبو عمر يقال إنه مات فى آخر خلافة معاوية (غريبه) (1) (الاداب) بالباء الموحدة هو الكثير الرجوع إلى الله تعالى بالتوبة و (الاواة) بالماء هو المتأوه المتضرع وقيل هو الكثير البكاء وقيل الكثير الدعاء أفاده فى النهاية (تخريجه) أورده الحافظ الهيثمى فى المجمع وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ. (باب) عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس الخزرجى الانصارى الشاعر أحد السابقين شهد العقبة وكان ليلتئذ نقيب بنى الحارث بن الخزرج وشهد بدرًا واحدا والخندق والحديبية وخيبر وعمرة القضاء واستشهد بمؤتة وكان ثالث الامراء بها فى جمادى الاولى سنة ثمان. (247) (2) (سنده) حدثنا عبد الصمد ثنا عمارة عن زياد النميرى عن أنس بن مالك قال: الحدث (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد فى باب ما جاء فى مجالس الذكر من كتاب الأذكار وقال: رواه أحمد وأسناده حسن اهـ وأورده أيضا الحافظ ابن كثير فى ترجمة عبد الله ابن رواحة من تاريخه عن الامام أحمد بهذا الاسناد وقال: وهذا حديث غريب جدا وقال البيهقى ثنا الحاكم ثنا أبو بكر ثنا محمد بن أيوب ثنا احمد بن يونس ثنا شيخ من أهل المدينه عن صفوان بن سليم عن عطاء بن يسار أن عبد الله بن رواحة قال لصاحب له تعال حتى نؤمن ساعة قال أو لسنا بمؤمنين قال بلى ولكنا نذكر الله فنزداد أيمانا وقد روى الحافظ أبو القاسم اللالكائى من حديث أبى اليمان عن صفوان بن سليم عن شريح بن عبيد الله أن عبد الله بن رواحة كان يأخذ بيد الرجل من أصحابه فيقول قم بنا نؤمن ساعة فتجلس فى مجلس ذكر وهذا مرسل من هذين الوجهين اهـ كلام ابن كثير رحمه الله

-[ما جاء في عبد الله بن الزبير رضى الله عنه]- (248) وعن الزهري قال سمعت سنان بن أبى سنان قال سمعت أبا هريرة يقول قائما فى قصصه، إن أخا لكم كان لا يقول الرفث يعنى ابن رواحة قال: وفينا رسول الله يتلو كتابه ... إذا انشق معروف من الليل ساطع يبيت يجافى جنبه عن فراشه ... إذا استثقلت بالكافرين المضاجع أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا ... به موقنات ان ما قال واقع (باب ما جاء فى عبد الله بن الزبير رضى الله عنهما) (249) عن هشام "هو ابن عروة" عن أبيه عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما

_ (248) (1) (سنده) حدثنا يعمر بن بشر ثنا عبد الله قال أخبرنا يونس عن الزهرى قال سمعت سنان ابن أبى سنان (غريبه) الخ (2) "قائما" حال من فاعل يقول، وقوله "فى قصصه" أى فى جمله قصصه التى كان يقصها، وعظاته التى كان يذكر بها أصحابه (3) قوله (ان أخا لكم كان لا يقول الرفث) صريح فى أنه من قول أبى هريرة رضى الله عنه موقوفا عليه ويؤيده ما رواه البخارى فى التاريخ الصغير والطبرانى فى الكبير من طريق عبد الله بن سالم الحمصى عن الزبيدى أخبرنى الزهرى عن سعيد والاعرج أن أبا هريرة كان يقول فى قصصه أن أخا لكم كان يقول شعرا ليس بالرفث وهو عبد الله بن رواحة فذكر الأبيات (تخريجه) أخرجه البخارى فى صحيحه فى كتابى التهجد والادب باسناده عن يونس عن ابن شهاب أخبرنى الهيثم بن أبى سنان أنه سمع أبا هريرة رضى الله عنه وهو يقص من قصصه وهو يذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أخا لكم ... الحديث (باب) عبد الله بن الزبير بن العوام رضى الله عنه الصحابى بن الصحابى، أبوه الزبير أحد العشرة المشهود لهم بالجنة وحوارى النبى صلى الله عليه وسلم. وأمه أسماء بنت أبى بكر رضى الله عنهما، وخالته عائشة أم المؤمنين وجده لامه أبو بكر الصديق رضى الله عنه، وجدته لابيه صفية بنت عبد المطلب عمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أول مولود ولد للمهاجرين بعد الهجرة إلى المدينة وكان ذلك بعد عشرين شهرًا، حنكه رسول الله صلى الله عليه وسلم بتمرة لاكها، وسماه عبد الله وكناه أبا بكر بكنيه جده أبى بكر الصديق رضى الله عنه جاء وهو ابن سبع سنين أو ثمان ليبايع رسول الله فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآه مقبلا عليه ثم بايعه، وكان صواما قواما وصولا للرحم عظيم الشجاعة، غزا أفريقية ومعه عبد الله بن سعد بن أبى سرح فقتل ملكهم وقد خرج من عسكره ثم كان الفتح على يديه، ولما مات يزيد بن معاوية سنة أربع وستين بويع لعبد الله بن الزبير بالخلافة، وأطاعه أهل الحجاز واليمن والعراق وخراسان، وبقى فى الخلافة إلى أن حصره الحجاج بن يوسف الثقفى بمكة وقتله سنة ثلاث وسبعين رحمه الله ورضى عنه وهو أحد العبادلة الاربعه ووهم عبد الله بن عمر، وعبد الله بن عباس، وعبد الله ابن عمرو بن العاص، وعبد الله بن الزبير هكذا سماهم أحمد بن حنبل وسائر المحدثين؛ قيل لاحمد فأبن مسعود قال ليس منهم، قال البيهقى لانه تقدمت وفاته وهؤلاء عاشوا طويلا حتى احتيج إلى عملهم، فإذا اتفقوا على شئ قيل هذا قول العبادلة أو فعلهم أفاده النووى فى التهذيب. (249) (4) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثنى أبى ثنا أبو أسامة عن هشام عن أبيه عن

-[ما جاء في عبد الله بن سلام رضى الله عنه]- أنها حملت بعبد الله بن الزبير بمكة قالت فخرجت وأنا متم، فأتيت المدينة فنزلت بقباء فولدته بقباء "ثم أتيت به إلى النبى صلى الله عليه وسلم فوضعته فى حجره، ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل فى فيه فكان اول ما دخل فى جوفه ريق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت ثم حنكه بتمرة، ثم دعا له وبرك عليه، وكان أول مولود ولد فى الإسلام (250) وعن عائشة رضى الله عنها قالت: أتيت النبى صلى الله عليه وسلم بابن الزبير فحنكه بتمرة فقال هذا عبد الله وأنت أم عبد الله. (باب ما جاء فى عبد الله بن سلام رضى الله عنه) (251) (عن حميد) عن أنس بن مالك رضى الله عنه ان عبد الله بن سلام رضى الله عنه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم مقدمه المدينة فقال يا رسول الله انى سائلك عن ثلاث خصال لا يعلمهن إلا نبى قال سل قال ما أول أشراط الساعة، وما أول ما يأكل منه أهل الجنة ومن أين يشبه الولد أباه وأمه. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اخبرنى بهن جبريل عليه السلام

_ أسماء الخ (1) أتمت المرأة فهى متم أكملت شهور حملها ودنا وقت ولادتها (تخريجه) أخرجه الشيخان البخارى فى باب هجرة النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضى الله عنهم إلى المدينة من كتاب مناقب الانصار ومسلم فى باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته الخ من كتاب الاداب (250) (2) (سنده) حدّثنا عبد الله. حدّثنى أبى ثنا عبد الله بن محمد (قال عبد الله وسمعته أنا من عبد الله بن محمد) قال ثنا حفص عن هشام بن عروة عن عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير عن عائشه قالت الخ (تخريجه) روى أبو داود وابن ماجه والحاكم نحوه قال أو داود فى باب المرأة تكنى من كتاب الأدب حدثنا مسدد وسليمان بن حرب المعنى قالا ثنا حماد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة أنها قالت يا رسول الله كل صواحبى لهن كنًى. قال فاكننى بابنك عبد الله يعنى ابن اختها قال مسدد عبد الله بن الزبير قال فكانت تكنى بأم عبد الله ولفظ الحاكم من طريق هشام ابن عروة عن عباد بن حمزه عن عائشة رضى الله عنها أنها قالت يا رسول الله ألا تكنينى قال اكننى بابنك عبد الله بن الزبير فكانت تكنى أم عبد الله قال الحاكم هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبى. (باب) عبد الله بن سلام (بتخيف اللام) بن الحارث الاسرائيلى اليوسفى ثم الأنصارى الخزرجى كان حليفا لبنى الخزرج وهو من بنى قينقاع قيل كان اسمه فى الجاهلية حصينا فسماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله أسلم مقدم النبى صلى الله عليه وسلم المدينة وشهد فتح بيت المقدس مع عمر وروى خمسة وعشرين حديثا شهد له النبى صلى الله عليه وسلم بالجنة ونزل فيه قوله تعالى {وشهد شاهد من بنى اسرائيل على مثله} وقوله تعالى {قل كفى بالله شهيدا بينى وبينكم ومن عنده علم الكتاب} مات سنة ثلاث وأربعين بالمدينة رضى الله عنه. (251) (3) (سنده) حدّثنا ابن أبى عدى عن حميد عن أنس الخ

-[ما جاء في عبد الله بن سلام رضى الله عنه]- آنفا قال ذلك عدو اليهود من الملائكة قال أما أول أشراط الساعة فنار تخرج من المشرق فتحشر الناس إلى المغرب، وأما أول ما يأكل منه أهل الجنة زيادة كبد حوت، وأما شبه الولد أباه وأمه فاذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع اليه الولد وإذا سبق ماء المرأة ماء الرجل نزع اليها قال: أشهد أن لا اله إلا الله وأنك رسول الله وقال يا رسول الله أن اليهود قوم بهت وأنهم إن يعلموا باسلامي يبهتونى عندك فارسل إليهم فاسألهم عنى أى رجل ابن سلام فيكم قال: فأرسل إليهم فقال أى رجل عبد الله بن سلام فيكم قالوا خيرنا وابن خيرنا وعالمنا وأبن عالمنا وأفقهنا وابن أفقهنا قال أرائيتم ان أسلم تسلمون قالوا أعاذه الله من ذلك قال فخرج ابن سلام فقال أشهد أن لا اله إلا الله وأن محمدا رسول الله قالوا شرنا وابن شرنا وجاهلنا وابن جاهلنا فقال ابن سلام هذا الذى كنت أتخوف منه. (251) (وعن سعد بن أبى وقاص) رضى الله عنه قال ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لحي من الناس يمشى أنه فى الجنة الا لعبد الله بن سلام "رضى الله عنه". (252) (وعنه أيضا) أن للنبى صلى الله عليه وسلم أتى بقصعة فأكل منها ففضلت فضلة فقال

_ (غريبه) (1) آنفا بمد الهمزة أى الان (2) رواية البخارى (فزيادة كبد الحوت) وهى القطعة المنفردة المتعلقة بالكبد وهى أهنأ طعام وأمرؤه (3) فوله (نزع اليه الولد) بنصب الولد بمعنى جذبه اليه فى الشبه وبابه ضرب ويجوز فى الولد الرفع بمعنى انجذب إليه الولد ومال وحينئذ يكون الفعل عن باب جلس (نهاية ومختار) (4) معناه جذب الولد أليها فى الشبه أو انجذب الولد أليها فى الشبه ومال على ما بينا (5) قوله (إن اليهود قوم بهت) بضمتين جمع بهوت كرسول الله ورسل وصبور وصبر وقد تسكن الهاء تخفيفا بهته يبهته من باب قطع بهتا وبهتا وبهتانا قذفه بالباطل وافترى عليه الكذب (6) أى أخبرونى وقوله (إن أسلم تسلمون) بثبوت النون فى الجزاء قال ابن مالك: وبعد ماض رفعك الجزا حسن (7) أى من بيت كان مختبئا فيه (تخريجه) أخرجه البخارى فى باب كيف آخى النبى صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من كتاب المناقب حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن حميد به وعزاه ابن كثير فى تاريخه الى البيهقى أيضا. (251) (سنده) (8) ثنا أسحق بن عيسى حدّثنى مالك يعنى ابن أنس عن سالم أبى النضر عن عامر بن سعد بن أبى وقاص قال سمعت أبى يقول الخ (غريبه) (9) ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بشر طائفة من أصحابه بدخول الجنة ولا يعترض على ذلك بحديث سعد هنا فإنه قال (ما سمعت) ونفى سماعه لا ينفى أن غيره قد سمع البشارة بدخول الجنة لغير عبد الله بن سلام ومن المقرر أنه إذا اجتمع نفى وإثبات فالاثبات مقدم (تخريجه) أخرجه الشيخان فالبخارى فى باب مناقب عبد الله بن سلام ومسلم فى كتاب فضائل الصحابة رضى الله عنهم. (252) (10) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنبأنا عاصم بن بهدلة عن مصعب بن سعد

-[ما جاء في عبد الله بن سلام رضى الله عنه]- رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيء رجل من هذا الفج من أهل الجنة يأكل هذه الفضلة" قال سعد وكنت تركت أخى عميرًا يتوضأ قال فقلت هو عمير قال فجاء عبد الله بن سلام فأكلها (253) (وعن قيس بن عبادة) قال كنت فى المسجد فجاء رجل فى وجهه أثر من حشوع فدخل فصلى ركعتين فأوجز فيهما، فقال القوم هذا رجل من أهل الجنة، فلما خرج اتبعته حتى دخل منزله فدخلت معه فحدثته، فلما استأنس قلت له إن القوم لما دخلت قبل المسجد قالوا كذا وكذا، قال سبحان الله ما ينبغى لأحد أن يقول ما لا يعلم وساحدثك لم، إنى رأيت رؤيا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه، رأيت كأنى فى روضة خضراء قال ابن عوف (أحد الرواة) -فذكر من خضرتها وسعتها، وسطها عمود حديد، أسفله فى الأرض وأعلاه فى السماء، فى أعلاه عروة، فقيل لى أصعد عليه، فقلت لا أستطيع، فجاءنى منصف "قال ابن عوف هو الوصيف" فرفع ثيابى من خلفى فقال اصعد عليه، فصعدت حتى أخذت بالعروة، فقال استمسك بالعروة، فاستيقظت وأنها لفى يدى، قال فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه، فقال أما الروضة فروضة الاسلام، وأما العمود فعمود الاسلام، وأما العروة فهى العروة الوثقى أنت على الاسلام حتى تموت؛ قال وهو عبد الله بن سلام رضي الله عنه.

_ عن أبيه أن النبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (1) الفج بفتح فتشديد الطريق الواسع جمعه فجاج بكسر أوله (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار. وفيه عاصم بن بهدلة وفيه خلاف وبقية رجالهم رجال الصحيح اهـ وعاصم هذا هو ابن أبى المنجود أحد القراء السبعة وثقه أحمد والعجلى ويعقوب بن سفيان وأبو زرعة وقال الدارقطنى فى حفظه شئ وقال الحافظ صدوق له أوهام حجة فى القراءة وحديثه فى الصحيحين مقرون بغيره مات سنة ثمان وعشرين بعد المائة (خلاصة وتقريب). (253) (سنده) (2) حدّثنا أسحق بن يوسف ثنا عون عن محمد عن قيس بن عباد قال كنت فى المسجد الخ ومحمد هو ابن سيرين وقيس بن عباد بضم العين وتخفيف الباء تابعى مشهور قال الحافظ ووهم من عده فى الصحابة (غريبه) (3) إنكاره عليهم إما لأنه لم يبلغه حديث سعد بن أبى وقاص وأما لأنه كره الثناء والشهرة تواضعا (4) كذا بالأصل ورواية الصحيحين (لم ذاك) أى لم جزم هؤلاء بأنى من أهل الجنة (5) بفتح السين قال فى النهاية الوسط بالسكون يقال فيما كان متفرق الاجزاء غير متصل كالناس والدواب فإذ كان متصل الاجزاء كالدار والرأس فهو بالفتح اهـ وجعل الجوهرى ساكن السين ظرفا ومفتوحها اسما (6) هو بكسر الميم وفتح الصاد بينهما نون ساكنة ويقال بفتح الميم أيضا فسره فى الحديث بالوصيف أى الخادم (7) أراد أنه رفعه من خلفه بيده (8) روضة الاسلام فى تأويل الرؤيا معناها الدين كله والعمود هو الاركان والعروة الوثقى هى الايمان (9) القائل هو

-[ما جاء في عبد الله بن سلام رضى الله عنه]- (254) (وعن حرشة بن الحر) قال قدمت المدينة فجلست إلى أشيخة فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم فجاء شيخ يتوكأ على عصًا له فقال القوم من سره أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة فلينظر إلى هذا، فقام خلف ساريه فصلى ركعتين، فقمت اليه فقلت له: قال بعض القوم كذا وكذا، فقال الجنة لله عز وجل يدخلها من يشاء، وإنى رأيت على عهد النبى صلى الله عليه وسلم رؤيا، رأيت كأن رجلا أتانى فقال انطلق فذهبت معه فسلك بى منهجا عظيما فعرضت لى طريق عن يسارى فأردت أن أسلكها، فقال إنك لست من أهلها، ثم عرصت لى طريق عن يمينى فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل زلق فأخذ بيدى فزجل بى فاذا أنا على ذروته فلم أتعار ولم أتماسك فاذا عمود من حديد فى ذروته حلقه من ذهب فأخذ بيدي فزجل بى حتى أخذت بالعروة فقال استمسك فقلت نعم فضرب العمود برجله فاستمسكت بالعروة فقال فقصصتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال رأيت خيرًا، اما المنهج العظيم فالمحشر، وأما الطريق التي عرضت عن يسارك فطريق أهل النار ولست من أهلها، وأما الطريق التي عرضت عن يمينك فطريق أهل الجنة، وأما الجبل الزلق فمنزل الشهداء، وأما العروة التى استمسكت بها فعروة الاسلام، فاستمسك بها حتى تموت، قال فانا أرجو أن أكون من أهل الجنة قال فاذا هو عبد الله بن سلام (رضي الله عنه)

_ قيس بن عباد يريد أن الرجل أن الذى كان من أمره ما ذكر هو عبد الله بن سلام (تخريجه) الحديث متفق عليه أخرجه البخارى فى مناقب عبد الله بن سلام وفى التعبير وأخرجه مسلم فى فضائل عبد الله بن سلام. (254) (1) (سنده) حدّثنا حسن بن موسى وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بن بهدلة عن المسيب بن رافع عن خرشة بن الحر قال الخ .. وخرشة بفتحات ابن الحر بضم الحاء المهملة قال الحافظ فى التقريب قال أبو داود له صحبة وقال العجلى ثقة من كبار التابعين فيكون من الثانية مات سنة أربع وسبعين اهـ (غريبه) (2) (أشيخة) جمع لشيخ (3) أى طريقا واضحا بينا (4) بفتحتين أى أملس لا نبات فيه (5) أى رمانى ودفع بى (6) كذا بخط الشيخ رحمه الله وهى فى المسند (ولا أتماسك) ولعله من خطأ النساخ (7) زاد مسلم فى روايته (ولن تناله) (تخريجه) هذا الحديث رواه مسلم فى صحيحه فى فضائل عبد الله بن سلام من كتاب الفضائل حدثنا قتيبة بن سعيد وأسحق بن ابراهيم "واللفظ لقتيبة" حدثنا جرير عن الاعمش عن سليمان بن مسهر عن خرشة بن الحر قال الحديث. (باب) عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولد فى الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين ودعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالفهم فى القرآن فكان حبر الامه علما وفقها ودينا وهو أحد المكثرين للرواية من الصحابة وأحد العبادلة من فقهائهم مات بالطائف سنة ثمان وستين

-[ما جاء في عبد الله بن عباس رضى الله عنهما]- (باب ما جاء في عبد الله بن عباس رضى الله عنهما) (255) (عن سعيد بن جبير) عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان فى بيت ميمونة فوضعت له وضوءًا من الليل قال فقالت ميمونة يا رسول الله وضع لك هذا عبد الله بن عباس فقال اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل (وعنه) عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وضع يده على كتفى أو على منكبى شك سعيد ثم قال اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل (256) (وعن عكرمة) عن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم أعط ابن عباس الحكمة وعلمه التاويل (وعنه بلفظ آخر) عن ابن عباس رضى الله عنهما. قال مسح النبى صلى الله عليه وسلم رأسى ودعا لى بالحكمة. (وعنه أيضًا) قال قال ابن عباس رضى الله عنهما ضمنى إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال اللهم علمه الكتاب.

_ (255) (1) (سنده) حدّثنا عفان ثنا حماد بن سلمة ثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس الخ. (سنده) (2) حدّثنا حسن بن موسى ثنا زهير بن خيثمة عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس الخ (تخريجه) أفاد الحافظ فى فتح البارى أن هذا الحديث رواه أحمد وابن حبان والطبرانى قال وأخرج البغوى فى معجم الصحابة من طريق زيد ابن أسلم عن ابن عمر كان عمر يدعو ابن عباس ويقربه ويقول انى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دعاك يوما فمسح رأسك وقال اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل اهـ (1 - 155) وقال الحافظ فى موضع آخر. (وهذه اللفظة. "اللهم فقهه فى الدين وعلمه التأويل" اشتهرت على الالسنة حتى نسبها بعضهم للصحيحين ولم يصب والحديث عند أحمد بهذا اللفظ من طريق بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وعند الطبرانى من وجهين آخرين) اهـ (7 - 78) وقد أورد الهيثمى هذا الحديث بلفظ الرواية الثانية وقال رواه أحمد الطبرانى بأسانيد ولاحمد طريقان رجالهما رجال الصحيح اهـ وأورده الحاكم فى المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبى (أقول) والحديث أصله فى الصحيحين راجع صحيح البخارى فى العلم والوضوء ومناقب ابن عباس وصحيح مسلم فى فضائل ابن عباس. (256) (3) (سنده) حدّثنا أبو سعيد ثنا سليمان بن بلال قال حدثنا حسين بن عبد الله عن عكرمة الخ (غريبه) (4) الحكمة قيل هى السنة وقيل العمل بالقرآن وقيل سرعة الجواب مع الاصابة وقيل العقل وقيل نور يقذف فى القلب. (5) (سنده) حدّثنا هشيم عن خالد عن عكرمة عن ابن عباس الخ. (سنده) (6) حدّثنا اسماعيل أنا خالد الحذاء عن عكرمة قال قال ابن عباس (تخريجه) أورد الحافظ ابن كثير فى تاريخه هذا الحديث من طريق أبى سعيد وقال تفرد به أحمد وقد روى هذا الحديث غير واحد عن عكرمة بنحو هذا ومنهم من أرسله عن عكرمة والمتصل هو الصحيح ثم أورده

-[ما جاء في عبد الله بن عباس رضى الله عنهما]- (257) (وعن كريب) ان ابن عباس رضى الله عنهما قال اتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى آخر الليل فصليت خلفه فاخذ بيدى فجرنى فجعلنى حذاءه فلما أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على صلاته خنست فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلما انصرف قال لى ما شانى أجعلك حذائى فتخنس فقلت يا رسول الله أو ينبغى لأحد أن يصلى حذاءك وأنت رسول الله الذى اعطاك الله قال فأعجبته فدعا الله لى أن يزيدنى علمًا وفهما قال ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم نام حتى سمعته ينفخ ثم اتاه بلال فقال يا رسول الله الصلاة فقام فصلى، ما أعاد وضوءًا (258) (وعن ابن عباس) رضى الله عنهما قال مر بى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا العب مع الغلمان فأختبأت منه خلف باب فدعانى فحطأنى حطأة ثم بعث بى إلى معاوية

_ من طريق هشيم ومن طريق اسماعيل بن علية معزوًا لاحمد ثم قال وقد رواه البخارى والترمذى والنسائى وابن ماجه من حديث خالد وهو ابن مهران الحذاء عن عكرمة عنه به وقال الترمذى حسن صحيح اهـ. (257) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله بن بكر ثنا حاتم بن أبى صغيرة أبو يونس عن عمرو ابن دينار أن كريبا أخبره أن ابن عباس قال الخ (غريبه) (2) أى بجواره (3) قوله (خنست) أى تأخرت عنه والفعل من باب دخل ويكون متعديا ولازما ومنه الحديث (خنس أبهامه) أى قبضها أفاده فى المختار (4) قال سفيان بن عيينة وهذا للنبى صلى الله عليه وسلم خاصة لأنه بلغنا أن النبى صلى الله عليه وسلم تنام عيناه ولا ينام قلبه (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ ورواه الحاكم فى المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقة وأقره الذهبى. (258) (سنده) (5) حدّثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبى حمزة سمعت ابن عباس يقول مر بى رسول الله صلى الله عليه وسلم الحديث (غريبه) (6) حطأه يحطؤه حطأ بالهمز من باب نفع ضربه بيده مبسوطة على ظهره ورواه بعضهم (فحطانى حطوة) غير مهموز قال ابن الأعرابى الحطو تحريك الشئ مزعزعا أفاده فى المختار والنهاية (تخريجه) أخرجه مسلم فى أواخر صحيحه فى باب من لعنه النبى صلى الله عليه وسلم أو سبه أو دعا عليه وليس هو أهلا لذلك كان له زكاة وأجرًا ورحمة من كتاب البر والصلة والاداب حدثنا محمد بن المثنى العنزى وابن بشار واللفظ لابن مثنى قالا نا أمية بن خالد نا شعبة عن أبى حمزة القصاب عن ابن عباس قال كنت ألعب مع الصبيان فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فتواريت خلف باب قال فجاء فحطأنى حطأة وقال إذهب وادع لى معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل قال ثم قال لى اذهب فادع لى معاوية قال فجئت فقلت هو يأكل فقال لا أشبع الله بطنه قال ابن المثنى قلت لأمية ما حطأنى قال قفدنى قفدة اهـ القفد صفع الرأس بالكف من قبل القفا.

-[ما جاء في عبد الله بن عباس رضى الله عنهما]- (259) (وعنه) أيضا قال كنت مع أبى عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده رجل يناجيه فكان كالمعرض عن أبى فخرجنا من عنده فقال لى أبى أى بنى ألم تر إلى ابن عمك كالمعرض عنى فقلت يا أبت إنه كان عنده رجل يناجيه قال فرجعنا إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال أبى يا رسول الله قلت لعبد الله كذا وكذا فأخبرنى أنه كان عندك رجل يناجيك فهل كان عندك أحد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهل رأيته يا عبد الله قال قلت نعم قال فأن ذاك جبريل وهو الذى شغلنى عنك (260) (وعنه) أيضا ان النبى صلى الله عليه وسلم حمله وحمل أخاه، هذا قدامه وهذا خلفه (261) (وعنه) ايضا قال توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا ابن خمس عشرة سنة (262) (وعن سعيد بن جبير) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال جمعت

_ (259) (سنده) (1) حدّثنا حسن ثنا حماد بن سلمة عن عمار بن أبى عمار أن ابن عباس قال كنت مع أبى ... الحديث (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال. رواه أحمد والطبرانى باسانيد ورجالهما رجال الصحيح اهـ. (260) (سنده) (1) حدّثنا وكيع عن اسرائيل عن جابر عن أبى الضحى عن ابن عباس الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد. (261) (سنده) (3) حدّثنا سليمان بن داود ثنا شعبة عن أبى أسحق قال سمعت سعيد بن جبير يحدث عن ابن عباس قال الخ (تخريجه) أخرجه أبو داود الطيالسى فى مسنده والحاكم فى المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبى وعزاه فى مجمع الزوائد للطبرانى وقال رجاله رجال الصحيح اهـ (فائدة) اختلف فى سن ابن عباس رضى الله عنهما عند وفاته صلى الله عليه وسلم على أقوال أربعة "أولها" أنه كان ابن عشر سنين للحديث الآتى "ثانيها" أنه كان ابن ثلاث عشرة وهو المشهور "ثالثها" انه كان ابن أربع عشرة وبه جزم الشافعى فى الأم "رابعها" أنه كان ابن خمس عشرة لهذا الحديث واختاره الحاكم، وجمع الحافظ فى الفتح بين هذه الأقوال بأنه بلغ بعد أن استكمل ثلاث عشرة سنة ودخل فى التى بعدها فالقول الأول ألغى كسر السنين أى ما زاد عن العشرة والثانى ألغى كسر الاشهر والثالث جبر كسر الأشهر والرابع جبر كسر الأشهر وكسر السنين وجزم بعضهم بخطأ القول الاول كما سياتى فى الحديث الذى بعد هذا قال النووى فى تهذيبه ولد ابن عباس فى الشعب قبل الهجرة بثلاث سنين فتوفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن ثلاث عشرة وقيل ابن عشر وهو ضعيف وقيل ابن خمس عشرة ورجحه أحمد وغيره وفى الصحيحين عن ابن عباس مررت فى حجة الوداع على أتان بين يدى الصف والنبى صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس بمنى وأنا غلام قد ناهزت الاحتلام وتوفى بالطائف سنة ثمان وستين وقيل سنة تسع وستين وقيل سنة سبعين اهـ. (262) (سنده) (4) حدّثا هشيم أنا أبو بشر عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: الحديث (غريبه) (5) قوله (جمعت) أى حفظت (المحكم) بضم أوله وتسكين

-[فصل في فتاوى ابن عباس رضى الله عنه]- المحكم في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر حجج قال فقلت له وما المحكم قال المفصل (263) (وعنه) أيضا قال سمعت ابن عباس رضى الله عنهما قال إن الذى تدعونه المفصل هو المحكم توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وانا ابن عشر سنين وقد قرأت المحكم (264) (وعن عطاء بن أبى رباح) قال سمعت ابن عباس رضى الله عنهما يقول توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ختين (فصل فى فتاوى عبد الله بن عباس رضى الله عنهما) (265) (عن عطاء) عن ابن عباس رضى الله عنهما قال كتب نجدة الحروري

_ ثانيه ما ليس بمنسوخ من القرآن الكريم (حجج) بوزن عنب جمع حجة بالكسر وهى السنة (المفصل) بوزن المعظم الذى كثرت فصوله من السور وهو من الحجرات إلى آخر القرآن على الصحيح من عشرة أقوال كما قال القسطلانى (تخريجه) رواه البخارى فى باب تعليم الصبيان القرآن من كتاب فضائل القرآن وليس عنده جملة. (وأنا بن عشر حجج). (263) (سنده) حدّثنا (1) عفان ثنا أبو عوانه ثنا أبو بشر عن سعيد بن جبير قال سمعت ابن عباس الخ (غريبه) (2) قوله "توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر سنين" استشكل عياض هذه الرواية بما ثبت عن ابن عباس من وجه آخر "توفى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا ختين" وكانوا لا يختتنون الرجل حتى يدرك وعنه من وجه آخر أيضا أنه كان فى حجة الوداع ناهز الاحتلام رواهما البخارى وعنه أنه كان عند موت النبى صلى الله عليه وسلم ابن خمس عشرة سنة رواه أحمد والحاكم وجزم الداودى بان الرواية التى هنا وهم وأجاب عياض بانه يحتمل أن يكون قوله "وأنا ابن عشر سنين" راجع إلى حفظ القرآن لا إلى وفاته صلى الله عليه وسلم والتقدير توفى النبى صلى الله عليه وسلم وقد جمعت المحكم وأنا ابن عشر سنين ففيه تقديم وتاخير وتمامه فى الفتح (تخريجه) رواه البخارى فى باب تعليم الصبيان القرآن من كتاب الاستئذان. (264) (سنده) (3) ثنا يعقوب ثنا أبى عن محمد بن أسحق حدّثنى الحجاج بن أرطاة عن عطاء بن أبى رباح قال سمعت ابن عباس يقول الخ (غريبه) (4) أى مختون والختان بالكسر قطع القلفة التى تغطى الحشفة قال القسطلانى والصحيح أن ابن عباس ولد بالشعب قبل الهجرة بثلاث سنين فيكون له عند الوفاة النبوية ثلاث عشرة سنة فيكون أدرك فختن قبل الوفاة النبوية وقبل حجة الوداع (تخريجه) رواه البخارى عن أبى أسحق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس من طريقين موصول ومعلق وذلك فى باب الختان بعد الكبر من كتاب الاستئذان. (265) (سنده) (5) حدّثنا أبو معاوية ثنا الحجاج عن عطاء عن ابن عباس قال الخ (غريبه) (2) (نجدة) بفتح النون وسكون الجيم بعدها دال مهملة وتاء تأنيث (الحرورى) بفتح الحاء المهملة وبضم الراء الأولى وكسر الثانية بينهما واو ساكنة آخره ياء نسبة إلى حروراء

-[فصل في فتاوى ابن عباس رضى الله عنهما]- إلى ابن عباس يسأله عن قتل الصبيان، وعن الخمس لمن هو، وعن الصبى متى ينقطع عنه اليتم وعن النساء هل كان يخرج بهن أو يحضرن القتال، وعن العبد هل له فى المغنم نصيب قال فكتب اليه ابن عباس رضى الله عنهما، أما الصبيان فأن كنت الخضر تعرف الكافر من المؤمن فاقتلهم، وأما الخمس فكنا نقول إنه لنا فزعم قومنا أنه ليس لنا، وأما النساء فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج معه بالنساء فيداوين المرضى ويقمن على الجرحى ولا يحضرن القتال، وأما الصبى فينقطع عنه اليتم أذا احتلم، واما العبد فليس له من المغنم نصيب ولكنهم قد كان يرضخ لهم (266) (وعن يزيد بن هرمز) قال كتب نجدة بن عامر الى ابن عباس رضى الله عنهما يسأله عن أشياء فشهدت ابن عباس حين قرأ كتابه وحين كتب جوابه فقال ابن عباس والله لولا ارده عن شر يقع فيه ما كتبت اليه ولا نعمة عين قال فكتب إليه أنك سألتني عن

_ كجلولاء وقد تقصر قرية على ميلين من الكوفة ونجدة هذا هو ابن عامر الحنفى الخارجى وأصحابه يقال لهم النجدان بفتح النون والجيم (1) أى عن قتل صبيان أهل الحرب وعن نصيب ذى القربى من خمس لخمس هل يصرف أليهم بعد وفاته صلى الله عليه وسلم (2) معناه أن الصبيان لا يحل قتلهم فى الحرب وأما قتل الخضر للغلام فإنه كان بوحى من الله عز وجل كما قال فيما حكاه الله عنه {وما فعلته عن أمرى} فان كنت تعلم من صبى ما علمه الخضر ممن قتله فاقتله ومعلوم أنه لا علم له بذلك فلا يحل قتله قال النووى وفيه النهى عن قتل صبيان أهل الحرب وهو حرام اذا لم يقاتلوا وكذلك النساء فان قاتلوا جاز قتلهم اهـ (3) يريد أن خمس الخمس الذى جعل لذى القربى وهم بنو هاشم والمطلب من الغنيمة والفئ لا يزال استحقاقهم باقيا فيه كما كان فى حياته صلى الله عليه وسلم وقد اختلف العلماء فيه فقال الشافعى بقول ابن عباس وهو رواية فى مذهب الحنفية وقيل إن سهمهم الان قد سقط وانما يعطون بسبب الفقر وهو المشهور عند الحنفية وأما مالك رحمه الله فيرى أن للامام أن يعطيهم أو يعطى بعضهم حسب ما يرى من المصلحة كغيرهم من اليتامى والمساكين وابن السبيل وكأنه رأى أن ذكر الأصناف فى الاية على سبيل المثال فروى ابن القاسم وأشهب وغيرهما عن مالك أن الفئ والخمس يجعلان فى بيت المال ويعطى الامام قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم منهما وقول ابن عباس (فزعم قومنا أنه ليس لنا) معناه أنهم رأوا أنه لا يتعين صرفه الينا وأراد بقومه ولاة الأمر من بنى أمية وقد صرح فى سنن أبى داود فى رواية له بأن سؤال نجدة لابن عباس عن هذه المسائل كان فى فتنة ابن الزبير وكانت فتنة ابن الزبير بعد بضع وستين من الهجرة أفاد ذلك كله النووى والألوسى (4) رضخ له أعطاه قليلا وبابه قطع قال النووى "فيه أن العبد يرضخ له ولا يسهم له وبهذا قال الشافعى وأبو حنيفة وجماهير العلماء". (266) (سنده) (5) حدّثنا عفان أنا جرير بن حازم أنا قيس بن سعد عن يزيد بن هرمز قال الخ قال فى التقريب يزيد بن هرمز المدنى مولى بنى ليث وهو غير يزيد الفارسى على الصحيح وهو والد عبد الله ثقة من الثالثة مات على رأس المائة اهـ (6) قوله (لولا أرده) الخ في

-[ما جاء في عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما]- سهم ذوي القربى الذى ذكر الله عز وجل من هم وانا كنا نرى قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم فأبى ذلك علينا قومنا، وسأله عن اليتيم متى ينقضى يتمه وانه إذا بلغ النكاح وأونس منه رشد دفع إليه ماله وقد انقضى يتمه، وسأله هل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقتل من صبيان المشركين أحدًا فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يقتل منهم أحدًا وأنت فلا تقتل الا ان تكون تعلم ما علم الخضر من الغلام الذى قتله، وسأله عن المرأة والعبد هل كان لهما سهم معلوم إذا حضروا البأس وأنه لم يكن لهم سهم معلوم الا أن يجزن من غنائم المسلمين (باب ما جاء فى عبد الله بن عمر بن الخطاب رضى الله عنهما) (267) (حدّثنا عبد الله حدّثنى ابى ثنا اسماعيل ثنا أيوب عن نافع) قال قال ابن عمر رضى الله عنهما رأيت فى المنام كأن بيدى قطعة أستبرق ولا اشير بها إلى مكان من الجنة الا طارت بى اليه فقصتها حفصة على النبى صلى الله عليه وسلم فقال: إن أخاك رجل صالح أو إن عبد الله رجل صالح

_ رواية لمسلم وأحمد "لولا أن أرده" باثبات "أن" ومعنى العبارة أن ابن عباس يكره نجدة لبدعته وهى كونه من الخوارج الذين يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية ولكن لما سأله عن العلم لم يمكنه كتمه وأجابه خشية أن يقع نجدة فى الخطأ فيأثم ابن عباس وقوله "ولا نعمة عين" هو بضم النون وفتحها والعين ساكنة أى مسرة عين والمعنى لولا أننى أخاف أثم كتمان العلم ما أجبته ولا أقررت عينه (1) فى رواية لمسلم "وانا كنا نرى أن قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هم نحن" (2) معناه متى ينقضى حكم اليتم ويستقل اليتيم بالتصرف فى ماله فأجابه بأن حكم اليتم لا ينقضى بمجرد البلوغ ولا يعلو السن بل لا بد أن يظهر منه الرشد فى ماله وتصرفاته وبهذا قال جماهير العلماء (3) بالبناء للمجهول قال فى النهاية الجائزة العطية يقال أجازه يجيزه اذا أعطاه اهـ وفى رواية "الا أن يحذين" وهى بمعنى ما هنا يقال أحذاه يحذيه أعطاه وفيه أن المرأه والعبد لا يسهم لهما ولكن يعطيان منها قليلا (تخريجه) أخرجه مسلم والترمذى وأبو داود والنسائى مختصرا ومطولا أفاده المنذرى فى مختصر السنن فى باب المرأه والعبد يحذيان من الغنيمة من كتاب الجهاد والحديث فى مسند أحمد له طرق أخرى منها ما تراه فى ص 308، 294 من الجزء الأول. ط الحلبى (باب) عبد الله بن عمر بن الخطاب أسلم مع أبيه بمكة صغيرًا وهاجر مع أبيه وأمه زينب بنت مظعون أخت عثمان وقدامة ابن مظعون وهو ابن عشر وشهد المشاهد كلها بعد بدر وأحد واستصغر يوم أحد وشهد الخندق وهو ابن خمس عشره سنة وكان عالما مجتهدا أخذ نفسه باتباع السنة ونصح الأمة والبعد عن البدعة أفتى فى الاسلام ستين سنة ونشر نافع عنه علما جما أكثر من الصدقة والعتق والصوم والرواية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتوفى سنة ثلاث وسبعين فى آخرها أو أول التى تليها رحمه الله ورضى عنه. (267) (غريبه) (4) زاد البخارى "فقصصتها على حفصة" وكذلك مسلم واليه يرشد السياق

-[ما جاء في عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما]- (268) (حدثنا عبد الله) حدّثني أبي ثنا عبد الرازق أنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان الرجل في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأى رؤيا قصها على النبي صلى الله عليه وسلم قال فتمنيت أن أرى رؤيا فأقصها على النبي صلى الله عليه وسلم قال وكنت غلامًا شابًا عزبًا (1) فكنت أنام في المسجد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فرأيت في النوم كأن ملكين أخذاني فذهبا بي إلى النار فإذا هي مطوية كطي البئر وإذا لها (2) قرنان وإذا فيها ناس قد عرفتهم فجعلت أقول أعوذ بالله من النار، أعوذ بالله من النار (3) فلقيهما ملك آخر فقال لي لن تراع (4) فقصتها على حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال. نعم الرجل عبد الله لو كان يصلي من الليل (5) قال سالم فكان عبد الله لا ينام من الليل إلا قليلًا. (269) (وعن مجاهد) (6) قال: شهد ابن عمر الفتح وهو ابن عشرين سنة ومعه فرس حرون (7) ورمح ثقيل فذهب ابن عمر رضي الله عنهما يختلي (8) لفرسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن عبد الله (9).

_ (تخريجه) رواه البخاري ومسلم وغيرهما فالبخاري في باب الاستبرق ودخول الجنة في المنام من كتاب التعبير ومسلم في فضائل عبد الله بن عمر من كتاب الفضائل. (268) (غريبه) (1) بفتحتين أي غير متزوج (2) قوله "مطوية كطي البئر" أي مبنية كبنائها والفعل من باب رمى وقوله (وإذا لها قرنان) زاد الشيخان (كقرني البئر) قال القسطلاني وهما ما يبنى في جانبها من حجارة توضع عليها الخشبة التي تعلق فيها البكرة (3) رواية أحمد كرواية البخاري كررت فيها الاستعاذة مرتين وراية مسلم ثلاث مرات (4) قوله (لن تراع) بضم أوله من الروع بفتح فسكون وهو الخوف والفزع أي لا خوف عليك ولا أذى يلحقك (5) فيه فضيلة قيام الليل وهو دأب الصالحين (تخريجه) الحديث متفق عليه أخرجه البخاري في مناقب عبد الله بن عمر من كتاب المناقب ومسلم في فضائل عبد الله بن عمر من كتاب الفضائل. (269) (سنده) (6) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال إلخ. (غريبه) (7) فرس حرون لا ينقاد وقد حرن من باب دخل (8) يقطع لها الحشيش الرطب وهو الخلي بفتح أوله وثانيه أخره ألف مقصورة ويقال خطيت الخلى قطعته وبابه رمى واختليته أيضًا (9) هكذا جاءت الرواية بدون أن يذكر خبر لكلمة (إن) وتقدير الكلام (أن عبد الله شاب مجاهد أو رجل صالح) مثلًا وهذا من أساليب العرب الفصيحة يحذفون من الكلام ما يدل عليه المقام قال في النهاية قال المهاجرون يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الأنصار قد فضلونا إنهم آوونا وفعلوا بنا وفعلوا فقال تعرفون ذلك هكذا جاء مقطوع الخبر ومعناه أن اعترافكم بصنيعهم مكافأة منكم لهم ومنه الحديث الآخر من أزلت- أي أسديت- إليه نعمة فليكافئ بها فإن لم يجد فليظهر ثناء حسنًا فإن ذلك قال صاحب النهاية ومنه الحديث أنه قال لابن عمر رضي الله عنهما في سياق كلام وصفه

-[فصل في فتاوى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما]- (270) (وعن ابن عمر) رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم عرضه يوم أحد وهو ابن أربع عشرة فلم يجزه ثم عرضه يوم الخندق وهو ابن خمس عشرة فأجازه. (فصل في فتاوى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما) (271) (عن أنس بن سيرين) قال: قلت لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أقرأ خلف الإمام قال تجزئك قراءة الإمام، قلت: ركعتي الفجر أطيل فيهما القراءة، قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل مثنى مثنى قال قلت: إنما سألتك عن ركعتي الفجر، قال: إنك لضخم ألست تراني أبتدئ الحديث، كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة الليل مثنى مثنى، فإذا خشي الصبح أوتر بركعة، ثم يضع رأسه، فإن شئت قلت نام، وإن شئت قلت لم ينم، ثم يقوم إليهما الأذان في أذنيه، فأي طول يكون، ثم قلت: رجل أوصى بمال في سبيل الله أينفق منه في الحج قال: أما أنكم لو فعلتم كان في سبيل الله، قال قلت: رجل تفوته ركعة مع الإمام فسلم الإمام أيقوم إلى قضائها قبل أن يقوم الإمام، قال: كان الإمام إذا سلم قام، قلت: الرجل يأخذ بالدين أكثر من ماله، قال: لكل غادر لواء يوم القيامة عند أسته على قدر غدرته.

_ به (أن عبد الله إن عبد الله) وهذا وأمثاله من اختصاراتهم البليغة وكلامهم الفصيح أهـ (تخريجه) الحديث أورده الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد بهذا اللفظ وقال رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن مجاهدًا أرسله أهـ وكأنه لم يعزه للإمام أحمد نسيانًا منه رحمه الله ورجال أحمد رجال الصحيح أيضًا وابن ابني نجيح هو عبد الله ويكنى أبا يسار. (270) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر الخ (غريبه) (2) قوله (فلم يجزه) بضم أوله وكسر الجيم بعدها زاي أي لم يأذن له في الجهاد لعدم أهليته للقتال وكان ذلك في غزوة أحد في السنة الثالثة ثم عرضه يوم الخندق فأجازه أي أذن له في الجهاد لكونه تأهل وكانت غزوة الخندق في شوال سنة أربع في قول موسى بن عقبة وهو الذي جنح إليه البخاري (تخريجه) أخرجه البخاري بهذا اللفظ حدثنا يعقوب بن إبراهيم حدثنا يحيى بن سعيد به في باب غزوة الخندق من كتاب المغازي. (271) (سنده) (3) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا إبراهيم بن وهب بن الشهيد ثنا أبي عن أنس ابن سرين إلخ (معنى الحديث) تضمن الأثر الإجابة عن أسئلة خمسة وجهت إلى ابن عمر رضي الله عنهما (الأول) هل يقرأ المأموم خلف الإمام وأجاب ابن عمر أن قراءة الإمام تكفيه ويؤيده حديث (من كان له إمام فقراءة الإمام قراءه) انظر طرقه وتخريجه في نصب الراية (الثاني) هل يطيل المصلى القراءة في ركعتي سنة الصبح وأجاب بأنه لا يطيل ولكن يخفف ويؤيده من المرفوع حديث ابن عمر (رمقت رسول الله صلى الله عليه وسلم شهرًا فكان يقرأ في الركعتين قبل الفجر قل يا أيها الكافرون وقل هو الله أحد أخرجه أحمد ومسلم وغيرهما وحديث عائشة كان النبي صلى الله عليه وسلم يخفف

-[فصل في فتاوى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما]- (272) (وعن عبيد بن جريج) (1) أنه قال لعبد الله بن عمر رضي الله عنهما: يا أبا عبد الرحمن رأيتك تصنع أربعًا لم أر من أصحابك من يصنعها، قال ما هن يا ابن جريج، قال: رأيتك لا تمس من الأركان إلا اليمانيين (2)، ورأيتك تلبس النعال السبتية (3)، ورأيتك تصبغ بالصفرة (4)، ورأيتك إذا كنت بمكة أهل الناس إذا رأوا الهلال ولم تهلل أنت حتى يكون يوم التروية (5)، فقال عبد الله: أما الأركان فإني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يمس إلا

_ الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى أني لأقول هل قرأ فيهما بأم القرآن أخرجه أحمد والشيخان (الثالث) المال يوصي به في سبيل الله فهل يتعين إنفاقه في الجهاد أو يجوز في الحج أيضًا وأجاب بأن الحج من سبيل الله ويؤيده حديث أم معقل. قالت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن على حجة وأن لأبي معقل بكرًا قال أبو معقل صدقت جعلته في سبيل الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطها فلتحج عليه فإنه في سبيل الله فأعطاها البكر رواه أبو داود في باب العمرة وفي إسناده مقال ولكن له من الشواهد ما يؤيده (الرابع) عن المسبوق تفوته ركعة أو أكثر مع الإمام متى يقوم لقضاء ما سبق به فأجابه "كان الإمام إذا سلم قام" أي المأموم لقضاء ما فاته ويؤيده عن المرفوع أن عبد الرحمن بن عوف صلى بالناس الصبح في غزوة تبوك فأدركه صلى الله عليه وسلم في الركعة الثانية فلما سلم عبد الرحمن قام النبي صلى الله عليه وسلم فصلى الركعة التي سبق بها متفق عليه من حديث المغيرة بن شعبة (الخامس) عن الرجل يقرض غيره فيأخذ المقرض من المقترض أكثر مما أعطاه فأجابه بأن هذا من الغدر ولكل غادر لواء عند استه يوم القيامة يعرف به تقبيحًا وتشهيرًا بغدرته والغادر هو الذي يقول قولًا ولا يفي به وإنما كان هذا المقرض كذلك لأن القرض إحسان وبر وتنفيس عن المكروب فإذا أخذ أكثر مما أعطى فقد ناقض فعله قوله فكان غادرًا ويؤيده من المرفوع حديث الشيخين عن ابن مسعود وابن عمر وأنس قالوا قال النبي صلى الله عليه وسلم (لكل غادر لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان) وحديث مسلم عن أبي سعيد الخدري مرفوعًا (لكل غادر لواء عند استه يوم القيامة يرفع له بقدر غدره الحديث) وقوله (عند استه) بوصل الهمزة وسكون السين المهملة أي عند دبره. (272) (سنده) حدّثنا عبد الله ثنا أبي قال قرأت على عبد الرحمن عن مالك (ح) وثنا عبد الله قال ثنا أبي قال ثنا عبد الرزاق ثنا مالك عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبيد بن جريج أنه قال لعبد الله الخ. (غريبه) (2) أي رأيتك لا تمس من أركان الكعبة عند الطواف إلا الركن ابن عمر الذي فيه الحجر الأسود والركن اليماني والأول إلى جهة العراق والثاني إلى اليمن ويقال لهما الركنان اليمانيان بتخفيف الياء تغليبًا لأحد الاسمين (3) بكسر السين وإسكان الباء الموحدة المدبوغة التي لا شعر فيها من السبت بفتخ السين وهو الخلق الإزالة أو هو الجلد المدبوغ قال القاضي وكانت عادة العرب لبس النعال بشعرها غير مدبوغة وكانت المدبوغة تعمل بالطائف وغيره وإنما كان يلبسها أهل الرفاهية (4) قوله (تصبغ) بضم الباء وفتحها قيل المراد صبغ الشعر وقيل صبغ الثوب (5) أي كان الناس وهو بمكة يحرمون بالحج إذا رأوا هلال ذي الحجة وابن عمر كان يؤخر الأحرام به إلى يوم التروية وهو الثامن من ذي الحجة سمي بذلك لأن الناس كانوا يتروون فيه من الماء أي يحملونه معهم من مكة

-[ما جاء في عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما]- اليمانيين (1) وأما النعال السبتية فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يلبس النعال التي ليس فيها شعر ويتوضأ فيها (2) فأنا أحب ألبسها، وأما الصفرة فأني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصبغ بها فأنا أحب أن أصبغ بها وأما الأهلال فأني لم أر رسول الله صلى الله عليه وسلم يهل حتى تنبعث به ناقته (3). (273) (عن أبي أسحاق) (4)، سمعت رجلًا من أهل جعفر أن قال، سألت أبن عمر قلت أنما أسألك عن شيئين، عن السلم في النخل، وعن الزبيب والتمر، فقال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم برجل نشوان (وفي لفظ سكران) قد شرب زبيباً وتمراً قال فجلد، الحد ونهى أن يخلطا، قال وأسلم رجل في نخل رجل فلم يحمل نخله، قال فأتاه يطلبه (وفي لفظ فأراد أن يأخذ دراهمه) قال فأبى أن يعطيه، قال فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فقال أحملت نخلك؟ قال لا قال فيم تأكل ماله قال فأمره فرد عليه ونهى عن السلم في النخل حتى يبدو صلاحه. (باب ما جاء في عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه) () (عن ابن أبي مليكه) قال قال طلحة بن عبيد الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

_ إلى عرفات للشرب وغيره (1) أي لبقائهما على قواعد إبراهيم صلى الله عليه وسلم ثم أن الخلاف في استلام الركنين الآخرين وهما الشاميان كان في عهد الأول ثم استقر الأمر بين فقهاء الأمصار على عدم استلامهما لكونهما ليسا على قواعد إبراهيم (2) قال النووي معناه يتوضأ ويلبسها ورجلاه رطبتان (3) انبعاثها هو استواؤها قائمة وفيه دليل للشافعي ومالك والجمهور أن الأفضل أن يحرم إذا انبعث به راحلته وقال أبو حنيفة يحرم عقب الصلاة وهو جالس قبل ركوب دابته قال المازري أجابه ابن عمر بضرب من القياس لعدم تمكنه من الاستدلال بالسنة الصريحة ووجه قياسه أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أحرم عند الشروع في الحج والذهاب إليه فأخر ابن عمر الإحرام إلى حين شروعه في الحج ووافقه على هذا الشافعي وبعض أصحاب مالك وقال الجمهور الأفضل أن يحرم من أول ذي الحجة (تخريجه) أخرجه البخاري في الوضوء واللباس ومسلم وأبو داود في الحج والنسائي في الطهارة وابن ماجة في اللباس أفاده القسطلاني. 273 (سنده) (4) حدّثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة سمعت أبا إسحق سمعت رجلًا من أهل نجران قال إلخ (تخريجه) الحديث أخرجه أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا شعبة عن أبي إسحق به تامًا وأخرج شطره الثاني أبو داود في سننه وترجم عليه في باب السلم في ثمرة بعينها قال المنذري في إسناده رجل مجهول اهـ أقول وهو الرجل النجراني وللحديث بشطريه من الشواهد الصحيحة ما يؤيده والله أعلم. (باب) عبد الله بن عمرو بن العاصي القرشي السهمي أبو محمد الزاهد العابد الصحابي بن الصحابي رضي الله عنهما كان بينه وبين أبيه في السن اثنتا عشرة سنة وقيل إحدى عشرة سنة وأمه ريطة بنت منبه بن الحجاج من بني سهم أسلمت- أسلم عبد الله قبل أبيه وكان كثير العلم مجتهدًا في العبادة مكثرًا لتلاوة القرآن وكان أكثر الناس أخذًا للحديث والعلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ثبت في الصحيح

-[ما جاء في عبد الله ابن عمر بن العاص رضي الله عنهما]- نعم أهل البيت، عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله (1) (275) (حدّثنا أبو عبد الرحمن) عبد الله بن أحمد (2) بن محمد حدثني أبي ثنا هشيم عن حصين بن عبد الرحمن ومغيرة الضبى عن مجاهد عن عبد الله بن عمر وقال: زوجني أبي امرأة من قريش فلما دخلت على جعلت لا أنخاش لها (3) مما بي من القوة على العبادة من الصوم والصلاة، فجاء عمرو بن العاص إلى كنته (4) حتى دخل عليها فقال لها كيف وجدت بعلك قالت: خير الرجال أو كخير البعولة من رجل، لم يفتش لنا كنفا، ولم يعرف لنا فراشا (5)، فأقبل على فعذمني (6) ومضني بلسانه، فقال: أنكحتك امرأة من قريش ذات حسب فعضلتها (7) وفعلت وفعلت ثم انطلق إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأتيته، فقال لي أتصوم النهار، قلت نعم، قال وتقوم الليل، قلت نعم قال لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأنام، وأمس النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني قال: أقرأ القرآن في كل شهر، قال قلت أني أجدني أقوى من ذلك قال فأقرأه في كل عشر أيام، قلت أني أجدني أقوى من ذلك - قال أحدهما إما

_ عن أبي هريرة قال "ما كان عن أبي هريرة قال، "ما كان أحد أكثر حديثا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم منى إلا ما كان من عبد الله ابن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب". شهد عبد الله مع أبيه فتح الشام وكانت معه راية يوم اليرموك، وكان يلوم أباه على القتال في الفتنة بأدب ورفق، ويقول مالي واصفين، مالي ولقتال المسلمين، لوددت أني مت قبلها بعشرين سنة، مات بمصر سنة خمس وستين ودفن بداره رضى الله عنه وله ثنتان وسبعون سنة، قال أبو نعيم حدث عنه من الصحابة ابن عمرو وأبو أمامة والمسور والسائب بن يزيد وأبو الطفيل وعدد كثير من التابعين. (274) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا وكيع ثنا نافع بن عمر وعبد الجبار ابن ورد عن ابن أبي مليكة، قال الخ (سند آخر) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا نافع ابن عمرو وعبد الجبار ابن الورد عن أبن أبي مليكة قال قال طلحة بن عبيد الله لا أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا إلا أني سمعته يقول إن عمرو بن العاص رجل من صالحي قريش قال وزاد عبد الجبار بن ورد عن ابن أبي مليكة عن طلحة قال نعم أهل البيت عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله (تخريجه) رواته ثقات إلا أن فيه انقطاعا قال الترمذي ابن أبي مليكة لم يدرك طلحة اهـ وأورده الهيثمي بمثل الرواية الثانية وقال رواه أبو يعلى واحمد ورجاله ثقات ورواه الترمذي باختصار اهـ قال الحافظ في الاصابة وأخرجه ابن سعد بسند رجاله ثقات إلى ابن أبي مليكة مرسلا لم يذكر طلحة (275) (سنده) (2) هو الامام أحمد بن حنبل صاحب المسند (غريبه) (3) لا أهتم بها ولا أجلس اليها (4) الكنة - بفتح الكاف وتشديد النون - امرأة الابن (5) قولها "لم يفتش لنا كنفا ولم يعرف لنا فراشا" الكنف - بفتحتين - الجانب، تعني أنه لم يقربها ولم يستمتع بها (6) العذم المض والمراد به هنا اللوم والتأنيب وهو معنى مجازي للكلمة وعليه فجملة "وعضني بلسان" من قبيل عطف التفسير وقرينة المجاز قوله "بلسان " (7) العضل المنع أراد أنك لم تعاملها معاملة الأزواج لنسائهم ولم تتركها تتصرف في نفسها فكأنك قد

-[ما جاء في عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما]- حصين وأما مغيرة - قال فأقرأه في كل ثلاث، قال ثم قال: صم في كل شهر ثلاثة أيام، قلت إني أقوى من ذلك، قال: فلم يزل يرفعني حتى قال صم يوماً وافطر يوماً، فأنه أفضل الصيام، وهو صيام أخي داود، صلى الله عليه وسلم، قال حصين في حديثه: ثم قال صلى الله عليه وسلم فإن لكل عابد شرة، ولكل شرة فترة، فأما إلى سنه وإما إلى بدعة، فمن كانت فترته إلى سنة فقد اهتدى، ومن كانت فترته إلى غير ذلك فقد هلك، قال مجاهد: فكان عبد الله بن عمرو حيث ضعف وكبر يصوم الأيام كذلك يصل بعضهما ببعض ليتقوى بذلك، ثم يفطر بعد ذلك الأيام، وقال: وكان يقرأ في كل حزبه كذلك، يزيد أحيانا وينقص أحيانا، غير أنه يوفي العدد إما في سبع وأما في ثلاث، قال: ثم كان يقول بعد ذلك: لأن أكون قبلت رخصة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلى مما عدل به - أو عدل - لكي فغارقته على أمر أكره أن أخالفه إلى غيره. (عن عبد الله بن عمرو) قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد أخبرت أنك تقوم الليل، وتصوم النهار، قال قلت يا رسول الله نعم، قال: فصم وافطر، وصل ونم، فان لجسدك عليك حقا، وان لزوجك عليك حقا، وأر لزورك عليك حقا، وأن بحسبك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، قال: فشددت فشدد على، قال فقلت يا رسول الله أني أجد قوة، قال فصم من كل جمعة ثلاثة أيام، قال فشددت فشدد على قال فقلت يا رسول الله أني أجد قوة، قال صم صوم نبي الله داود ولا تزد عليه، قلت: يا رسول الله وما كان صيام داود، قال: كان يصوم يوما ويفطر يوما،

_ منعتها عن أن تتزوج بغيرك (1) الشرة - بكسر أوله وتشديد ثانيه - النشاط والرغبة، ويقابلها الفترة وقوله (فأما إلى سنة وإما إلى بدعة) معناه أنه بعد النشاط والرغبة تفتر الهمة وتضعف فان أقبل بعد تلك الفترة إلى العبادة كان اقبالا باعتدال وذلك هو سنة، وإن لم يقبل واختار أن يتركها إلى المعاصي فذلك هو البدعة (2) اختار عبد الله لنفسه أن يصوم يوما ويفطر يوما فلما كبر كان يحافظ على العدد لا على النوب يقصد بذلك تقوية نفسه بتتابع الفطر فكان يسرد الصوم ثم يسرد الفطر (3) العدل بفتح أوله الفدية وتكون عادة بالأهل والمال يقال فداك أبي وأمي أو فداك مالي وولدي (تخريجه) أخرجه من هذا الطريق البخاري في باب كم يقرأ القرآن من كتاب فضائل القرآن حدثنا موسى حدثنا أبو عوانة عن مغيرة عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو الحديث بمثل ما هنا مع مغاير يسيرة وأصل القصة ثابت في الصحيحين وغيرهما عن عبد الله بن عمرو من عدة طرق في كتاب الصوم وغيره والله أعلم وقد تقدم هذا الحديث في باب الاقتصاد في الأعمال من كتاب الاقتصاد في الجزء التاسع عشر من الفتح الرباني. (276) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا محمد بن مصعب ثنا الأوزاعي عن يحي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن عبد الله بن عمرو قال الخ ويحي هو ابن أبي كثير (غريبه) (4) الزور بالفتح الزائرون يقال رجل زائر وقوم زور وزوار مثل سافر وسفر وسفّار اهـ مختار (5) المعنى أنه يكفيك

-[ما جاء في عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما]- (277) (عن يحيى بن حكيم) بن صفوان أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: جمعت القرآن فقرأته في ليلة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أخشى أن يطول عليك الزمان وأن تمل أقرأ به في كل شهر، قلت: أي رسول الله، دعني استمتع من قوتي ومن شبابي، قال اقرأ به في عشرين، قلت أي رسول الله، دعني استمتع من قوتي ومن شبابي، قال اقرأ به في عشر، قلت يا رسول الله، دعني استمتع من قوتي ومن شبابي قال اقرأ به في كل سبع، قلت يا رسول الله دعني أستمتع من قوتي ومن شبابي فأبى. (278) (عن عبد الله بن عمرو) قال: كنت أكتب كل شيء أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أريد حفظه، فنهتني قريش فقالوا: أنك تكتب كل شيء تسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ورسول الله صلى الله عليه وسلم بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسكت عن الكتاب، فذكرت ذلك لرسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أكتب فو الذي نفسي بيده ما خرج مني إلا الحق.

_ صوم ثلاثة أيام من كل شهر يقال حسبك درهم بفتح أوله وسكون ثانية أي كافيك والياء في قوله (يحسبك) من حروف الجر (تخريجه) أخرجه الشيخان والنسائي وأبو داود من طريق أبي سلمة وغيره في كتاب الصوم والله أعلم وقد تقدم هذا الحديث في كتاب الصوم برقم 291 ص 230 و 231 من الجزء العاشر (277) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي قال ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج سمعت ابن أبي مليكة يحدث عن يحي بن حكيم بن صفوان الخ (غريبه) (2) أي حفظته كله عن ظهر قلب (3) مل الشيء ومل منه - بتشديد اللام - كرهه وسئمه والمضارع (يملى) بفتح الميم (4) معناه لم يرض رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله أن يقرأ القرآن في أقل من سبع ليال حتى يفهمه ويتدبره (تخريجه) أخرجه الشيخان مختصرا ومسلم ضمن حديث طويل وأبو داود ثلاثتهم من طريق أبي سلمة عن عبد الله بن عمرو به فالبخاري أخرجه في باب كم يقرأ القرآن من كتاب فضائل القرآن ومسلم في كتاب الصوم وأبو داود في باب كم يقرأ القرآن من أبواب قراءة القرآن وتخريجه وترتيله وزاد في روايته هذه الجملة (قال أقرأ في خمس عشرة قال أني أجد قوة) بعد امره بقراءته في عشرين وقوله اني اجد قوة وسكت عنه هو والمنذري ورواه ايضا من طريق اخرى والله اعلم وقد تقدم هذا الحديث برقم 52 في باب الاقتصاد في القراءة خوف الملل وفي كم يقرا القرآن جزء 18 ص 18. (278) (سنده) (5) حدّثنا عبد الله حدّثني ابي ثنا يحي بن سعيد عن عبيد الله بن الاخلس أنا الوليد بن عبد الله عن يوسف بن ماهك عن عبد الله بن عمر وقال: الحديث (تخريجه) اخرجه ابو داود في باب كتابة العلم حدثنا مسدد وابو بكر بن ابي شيبة قالا ثنا يحي (هو ابن سعيد) به وسكت عنه هو والمنذري وقد تقدم هذا الحديث في كتاب العلم برقم 58 ص 172 من الجزء الاول. (فائدة) هذا الحديث وغيره مما يدل على جواز كتابة الحديث بعارض حديث أبي سعيد الخدري

-[ما جاء في عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما]- (279) (عن أبي هريرة رضي الله عنه) قال: ما كان أحد أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مني ألا ما كان من عبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص رضي الله عنهما) فإنه كان يكتب بيده، ويعيه بقلبه، وكنت أعيه بقلبي ولا أكتب بيدي، وأستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الكتاب عنه فأذن له. (وعنه رضي الله عنه) من طريق آخر قال: ليس أحد أكثر حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم مني إلا عبد الله بن عمرو فإنه كان يكتب ولا أكتب.

_ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "لا تكتبوا عني شيئًا غير القرآن، ومن كتب عني شيئًا غير القرآن فليمحه" رواه مسلم قال الخطابي يشتبه أن يكون النهي متقدمًا وآخر الأمرين الإباحة، وقد قيل: أنه إنما نهى أن يكتب الحديث مع القرآن في صحيفة واحدة لئلا يختلط به ويشتبه على القارئ فأما أن يكون نفس الكتاب محظورًا، وتقييد العلم بالخط منهيًا عنه، فلا وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمته بالتبليغ وقال، (ليبلغ الشاهد الغائب)، فإذا لم يقيدوا ما يسمعونه منه تعذر التبليغ، ولم يؤمن ذهاب العلم، وأن يسقط أكثر الحديث، فلا يبلغ آخر القرون من الأمة، والنسيان من طبع أكثر البشر، والحفظ غير مأمون عليه الغلط. وقد قال صلى الله عليه وسلم لرجل شكا إليه سوء الحفظ (استعن بيمينك) وقال (اكتبوها لأبي شاه) يعني خطبة خطبها فاستكتبها، وقد كتب صلى الله عليه وسلم كتابًا في الصدقات والمعاقل والديات أو كتبت عنه، فعلمت بها الأمة، وتناقلها الرواة، ولم ينكرها أحد من علماء السلف والخلف، فدل ذلك على جواز كتابة الحديث والعلم والله أعلم أهـ وقال الحافظ في الفتح: (إن السلف اختلفوا في كتابة العلم عملًا وتركًا، وإن كان الأمر استقر، والإجماع انعقد، على جواز كتابة العلم، بل على استجابة، بل لا يبعد وجوبه على من خشي النسيان ممن يتعين عليه تبلغ العلم أهـ. (279) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك بن واقد الحراني قال حدّثني محمد بن علمة عن محمد بن إسحق عن عمرو بن شعيب عن مجاهد والمغيرة بن حكيم عن أبي هريرة رضي الله عنه قالا سمعناه يقول: ما كان أحد الخ. (2) قوله (وعنه رضي الله عنه من طريق آخر) (سنده) حدثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا سفيان عن عمرو عن ابن منبه يعني وهبا عن أخيه سمعت أبا هريرة يقول. ليس أحد الخ (تخريجه) رواه البخاري والترمذي والبيهقي فأما البيهقي فقد رواه من طريق عمرو بن شعيب عن مجاهد والمغيرة بن حكيم قالا سمعنا أبا هريرة يقول الحديث قال في الفتح إسناده حسن وله طريق أخرى أخرجها العقيلي عن عقيل عن المغيرة بن حكيم سمع أبا هريرة قال الحديث اهـ وأما البخاري والترمذي فقد روياه في كتاب العلم من طريق سفيان بن عتيبة عن عمرو بن دينار عن وهب بن منبه عن أخيه وهو همام بن منبه اهـ وقال البخاري تابعه معمر عن همام عن أبي هريرة اهـ أي تابع وهب بن منبه في روايته لهذا الحديث عن همام معمر بن راشد قال في الفتح والمتابعة المذكورة

-[ما جاء في عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما]- (280) (عن حنظلة بن خويلد العنبري) (1) قال: بينما أنا عند معاوية إذ جاءه رجلان يختصمان في رأس عمار، يقول كل واحد منهما: أنا قتلته، فقال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحد كما نفسا لصحابه (2)، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية، قال معاوية فما بالك معنا، قال إن أبي شكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أطع أباك ما دام حيًّا ولا تعصه فإنا معكم وليست أقاتل. (281) (عن عبد الله بن أبي الهذيل) (3) عن شيخ من النخع قال: دخلت مسجد إيلياء (4) فصليت إلى سارية (5) ركعتين، فجاء رجل قريبًا فصلى مني، فمال إليه الناس، فإذا هو

_ أخرجها عبد الرزاق عن معمر وأخرجها أبو بكر بن علي المروزي في كتاب العلم له عن حجاج بن الشاعر عنه اهـ. (فائدة) يستفاد من الحديث أن عبد الله بن عمرو بن العاص كان أكثر حديثًا من أبي هريرة بسبب أنه كان يكتبه بيده ومع ذلك فالذي انتشر عن أبي هريرة من الحديث أضعاف ما انتشر عن عبد الله ابن عمرو بن العاص قال في الفتح والسبب فيه من جهات: أحدها: أن عبد الله كان مشتغلًا بالعبادة أكثر من اشتغاله بالتعليم فقلت الرواية عنه. ثانيها: أنه كان أكثر مقامه بعد فتوح الأمصار بمصر أو بالطائف ولم تكن الرحلة إليهما ممن يطلب العلم كالرحلة إلى المدينة وكان أبو هريرة متصديًا فيها للفتوى والتحديث إلى أن مات ويظهر هذا من كثرة حمل عن أبي هريرة فقد ذكر البخاري أنه روى عنه أكثر من ثمانمائة نفس من التابعين ولم يقع هذا لغيره. ثالثها: ما اختص به أبو هريرة من دعوة النبي صلى الله عليه وسلم له بالأ ينسى ما يحدثه به. رابعها: أن عبد الله كان قد ظفر في الشام بحمل جمل من كتب أهل الكتاب فكان ينظر فيها ويحدث منها فتجنب الأخذ عنه لذلك كثير من ائمة التابعين والله أعلم. (280) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا يزيد أنا العوام حدّثني أسود بن مسعود عن حنظلة بن خويلد العنبري قال ألخ (غريبه) (2) يريد أن قتله أمر لا ينبغي أن يتنافس فيه أو يفتخر به بعد أن أخبر صلى الله عليه وسلم بأن عمارًا (تقتله الفئة الباغية) أي الظالمة بالخروج على الإمام الحق ومناوأته (تخريجه) أورده الهيثمي بهذا اللفظ في كتاب الفتن وقال، رواه أحمد ورجاله ثقات اهـ. (281) (سنده) (3) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عفان ثنا خالد يعني الواسطي الطحان ثنا أبو سنان ضرار بن مرة عن عبد الله بن أبي الهذيل الخ (غريبه) (4) (إيلياء) مدينة القدس بالشام وهي بهمزة مكسورة ثم ياء مثناة من تحت ساكنة ثم لام مكسورة ثم ياء أخرى ثم ألف ممدودة هذا هو الأشهر وحكى البكري فيها القصر وفيها لغة ثالثة وهي (ألياء) بوزن أسماء (5) السارية كجارية (العمود) والمسجد يقام على عدة أعمدة يقال لكل منها سارية وأسطوانة بضم الهمزة والطاء

-[ما جاء في عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري والد جابر رضي الله عنهما]- عبد الله بن عمرو بن العاص، فجاءه رسول يزيد بن معاوية أن أجب، قال: هذا ينهاني أن أحدثكم كما كان أبوه ينهاني، وأني سمعت نبيكم صلى الله عليه وسلم يقول: أعوذ بك من نفس لا تشبع، ومن قلب لا يخشع، ومن دعاء لا يسمع، ومن علم لا ينفع، أعوذ بك من هؤلاء الأربع. (باب ما جاء في عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري والد جابر بن عبد الله رضي الله عنهما) (282) (عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما) قال لما قتل أبي جعلت أكشف الثوب عن وجهه قال فجعل القوم ينهوني ورسول الله صلى الله عليه وسلم لا ينهاني قال فجعلت عمتي فاطمة بنت عمرو وتبكي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أتبكين أو لا تبكين ما زالت الملائكة تظله (وفي رواية تظلله) بأجنحتهم حتى رفعتموه.

_ بينهما سين مهملة ساكنة (1) المشار إليه يزيد وكان ينهاه عن التحديث كأبيه خوفًا من الفتنة لصراحة عبد الله في الجهر بالحق (2) مقصود عبد الله من رواية الحديث أن العلم إنما يشعر وينفع إذا نشره صاحبه وعلمه الناس ولكن يزيد يأبى عليه أن ينشر علمه وقد استعاذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من لا تترتب عليه ثمرته (تخريجه) لم أره بهذا السياق لغير الإمام أحمد وفي إسناده راوٍ مبهم وبقية رجاله ثقات وقد أخرج المرفوع منه الحاكم والترمذي والنسائي فالحاكم أخرجه في باب الدعاء والذكر من طريق سفيان عن أبي سنان عن عبد الله بن أبي الهذيل عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتعوذ من علم لا ينفع، ودعاء لا يسمع، وقلب لا يخشع، ونفس لا تشبع هكذا رواه من غير أن يذكر (عن شيخ من النخع) وسكت عنه وهو والذهبي وأخرجه الترمذي في باب جامع الدعوات عن النبي صلى الله عليه وسلم من طريق آخر حدثنا أبو كريب حدثنا يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن زهير بن الأقمر عن عبد الله بن عمرو قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم أني أعوذ بك من قلب بلا يخشع، ودعاء لا يسمع، ومن نفس لا تشبع، ومن علم لا ينفع، أعوذ بك من هؤلاء الأربع، قال وفي الباب عن جابر وأبي هريرة وابن مسعود قال وهذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث عبد الله بن عمرو (قال في تحفة الأحوذي) وأخرجه النسائي وأخرجه مسلم من حديث زيد بن أرقم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بنحوه أتم منه اهـ وتقدم هذا الحديث في أبواب الدعاء برقم 263 ج 14 ص 301 من طريق آخر عن أبي سنان. (باب) عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر عبد الله الصحابي المشهور أنصاري خزرجي سلمى معدود في أهل العقبة وبدر وكان من النقباء واستشهد بأحد في شوال سنة ثلاث من الهجرة وكان المشركون قد مثلوا به رضي الله عنه. (282) (سنده) (3) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة قال سمعت محمد بن المنكدر قال سمعت جابر بن عبد الله قال الحديث (غريبه) (4) (أو) ليست للشك بل هي من كلامه صلى الله عليه وسلم للتسوية بين البكاء وعدمه أي أن الملائكة تظله سواء بكيتموه

-[ما جاء في عبد الله بن حرام والد جابر رضي الله عنهما]- (283) (وعنه أيضًا) (1) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا جابر أما علمت أن الله عز وجل أحيا أباك فقال له تمنى (2) على فقال أرد إلى الدنيا فأقتل مرة أخرى فقال إني قضيت الحكم أنهم إليها لا يرجعون. (284) (وعنه أيضًا) (3) قال أستشهد أبي بأحد فأرسلني أخواتي إليه بناصح لهن فقلن اذهب فاحتمل أباك على هذا الجمل فادفنه في مقبرة بني سلمة قال فجئته وأعوان لي فبلغ ذلك نبي صلى الله عليه وسلم وهو جالس بأحد فدعاني وقال: والذي نفسي بيده لا يدفن إلا مع أخوته فدفن مع أصحابه بأحد.

_ أم لا واستمر هذا حتى رفعتموه من مقتله رضي الله عنه وأرضا (تخريجه) أخرجه الشيخان البخاري أخرجه في باب الدخول على الميت بعد الموت إذا أدرج في أكفانه من كتاب الجنائز ومسلم في فضائل عبد الله بن عمرو بن حرام من كتاب الفضائل. (283) (سنده) (حدثنا) عبد الله حدّثني أبي ثنا علي بن عبد الله المديني ثنا سفيان ثنا محمد بن علي بن ربيعة السلمي عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر قال ألخ (غريبه) (2) الظاهر أن مفعول (تمن) عام أي تمن ما شئت فيشكل بأنه يشمل ما طلبه فكان ينبغي أن يجاب طلبه لأن الله لا يخلف الميعاد قال السندي ويمكن الجواب بأن خلاف المعتاد مستثنى من العموم لما تقرر في الأصول أن العادة مخصصة (تخريجه) أخرجه بأتم من هذا الترمذي في التفسير وابن ماجة في الإيمان والجهاد والحاكم كلهم من طريق موسى موسى بن إبراهيم بن كثير الأنصاري الحرامي بفتح الحاء المهملة والراء سمعت طلحة بن خراش قال سمعت جابر بن عبد الله يقول لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي يا جابر ما لي أراك منكسرًا قلت يا رسول الله استشهد أبي وترك عيالًا وهينًا قال ألا أبشرك بما لقي الله به أباك قال قلت بلى يا رسول الله قال ما كلم الله أحد قط إلا من وراء حجاب واحيًا أباك فكلمه كفاحًا (بكسر الكاف أي مواجهة ليس بينهما حجاب ولا رسول) فقال يا عبدي تمن علي أعطك قال يا رب تحيني فأقتل فيك ثانية قال الرب عز وجل أنه قد سبق مني أنهم إليها لا يرجعون قال وانزلت هذه الآية (ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتًا الآية) قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وقد روى عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر شيئًا من هذا ولا نعرفه إلا من حديث موسى بن إبراهيم ورواه علي بن المديني وغير واحد من كبار أهل الحديث هكذا عن موسى بن إبراهيم أهـ وقال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه وسكت عنه الذهبي. (284) (سنده) (3) حدّثنا علي بن إسحق حدّثنا عبد الوهاب وعتاب أخبرنا عبد الله أنا عمر بن سلمة بن أبي يزيد المديني حدثني أبي قال سمعت جابر بن عبد الله يقول الحديث (تخريجه) أورده ابن كثير في تاريخه بهذا الإسناد وقال تفرديه أحمد أهـ ج 4 ص 43 وعزاه الشيخ رحمه الله إلى أصحاب السنن الأربعة وغيرهم في باب ما جاء في الميت ينقل أو ينبش لغرض صحيح من كتاب الجنائز ولعله يريد أصل الحديث فلا يعارض ما قاله ابن كثير.

-[ما جاء في عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري والد جابر بن عبد الله رضي الله عنهما]- (وعنه أيضًا) (1) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة إلى المشركين ليقاتلهم وقال أبي عبد الله يا جابر لا عليك أن تكون في نظاري أهل المدينة حتى تعلم إلى ما يصير أمرنا فإني والله لولا أني أترك بنات لي بعدي لأحببت أن تقتل بين يدي، قال فبينما أنا في النظارين إذ جاءت عمتي بأبي وخالي عاداتهما على ناضح (2) فدخلت بهما المدينة لتدفنها في مقابرنا إذ لحق رجل ينادي: إلا أن النبي صلى الله عليه وسلم يأمركم أن ترجعوا بالقتلى فتدفنوها في مصارعها (3) حيث قتلت فرجعنا بهما فدفناهما حيث قتلا فبينما أنا في خلافة معاوية بن أبي سفيان إذ جاءني رجل فقال يا جابر بن عبد الله والله أثار أباك عمال معاوية (4) فبدأ فخرج طائفة منه فأتيته فوجدته على النحو الذي دفنته لم يتغير إلا ما لم يدع القتل أو القتيل فواريته.

_ (285) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عفان ثنا أبو عوانة ثنا الاسود بن قيس عن نبيح العنزي عن جابر بن عبد الله قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ والحديث أتم مما ذكر هنا وقد اقتصر الشيخ رحمه الله على صده (غريبه) (2) قوله (إذ جاءت عمتي) هي هند بنت عمرو بن حرام (بأبي) هو عبد الله بن عمرو بن حرام شقيق هند ووالد جابر (وخالي) هو عمرو بن الجموح ابن زيد بن حرام الأنصاري كان زوج هند بنت عمرو عمة جابر ففي مغازي الواقدي عن عائشة أنها رأت هند بنت عمرو تسوق بعيراً لها عليه زوجها عمرو بن الجموح وأخوها عبد الله بن عمرو بن حرام لتدفنهما بالمدينة ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم برد القتلى إلى مضاجعهم وقوله (عادلتهما على ناضح) الناضح البعير يستفيعليه والعدل بالكسر والعديل الذي يماثلك في القدر والوزن والمعنى جاعلة كلا منهما عدلا للآخر يحملهما بعير وتسمية عمرو بن الجموح هنا خالا وفي بعض الروايات عما إما لأنه كان قريبا لوالدي جابر وأما للتعظيم (3) جمع مصرع وهو موضع المعركة الذي استشهد فيه هؤلاء الابرار رضى الله عنهم (4) قوله (أثار أباك) أي كشف عنه وأظهره (عمال معاوية) الذين أمروا بالحفر لإجراء عين ماء هنالك ذكر الواقدي أن معاوية لما أراد أن يجري العين نادى مناديه من كان له قتيل فليشهد قال جابر فحفرنا عنهم فوجدت أبي في قبره كأنما هو نائم على هيئته ووجدنا جاره في قبره عمرو بن الجموح ويده على جرحه فأزيلت عنه فانبعث جرحه دما ويقال أنه فاح من قبورهم مثل ريح المسك رضى الله عنهم أجمعين وذلك بعد ست وأربعين سنة من يوم دفنوا (تجريجه) الحديث رواه مختصرا أصحاب السنن الاربعة ولفظ الترمذي في باب ما جاء في دفن القتيل في مقتله من أبواب الجهاد من طريق شعبة عن الأسود بن قيس قال سمعت نبيحا العنزي يحدث عن جابر قال لما كان يوم أحد جاءت عمتي بأبي لتدفنه في مقابرنا فنادى رسول الله صلى الله عليه وسلم ردوا القتل إلى مضاجعها قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح ونبيح ثقة اهـ ورواه بقية الاربعة في الجنائز من طريق سفيان عن الاسود بن قيس به ولفظ أبي داود كنا حملنا القتلى يوم أحد لندفنهم فجاه منادي النبي صلى الله عليه وسلم فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تدفنوا القتلى في مضاجعهم فرددناهم وترجم عليه باب في الميت ينقل من أرض إلى أرض وكراهة ذلك.

-[ما جاء في عبد الله بن مسعود رضي الله عنه]- (باب ما جاء في عبد الله بن مسعود الشهير بابن أم عبد رضي الله عنه) (286) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر قال ثنا جرير يعني ابن حازم قال سمعت الحسن قال قال رجل لعمرو بن العاص أرأيت رجلًا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبه أليس رجلًا صالحًا قال بلى قال قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد استعملك فقال قد استعملني فو الله ما أدري أحبًا كان لي أو استعانة بي ولكن سأحدثك برجلين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبهما عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر (1). (287) (قر) حدّثنا عبد الله بن أحمد قال قرأت على أبي فأقر به حدثنا معاوية بن عمرو قال ثنا زائدة ثنا عاصم بن أبي النجود عن زر عن عبد الله (يعني ابن مسعود رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم أتاه بين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما وعبد الله يصلي فافتتح النساء فسحلها (2) فقال النبي صلى الله عليه وسلم من أحب أن يقرأ القرآن غضًا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن عبد الله (3) ثم تقدم فسأل فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يقول سل تعطه فقال فيما سأل: اللهم إني أسألك إيمانًا لا يرتد، ونعيمًا لا ينفد، ومرافقة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى جنة الخلد، فقال فأتى عمر رضي الله عنه عبد الله ليبشره (4) فوجد أبا بكر رضوان الله عليه قد سبقه فقال إني فعلت لقد كنت سباقًا بالخير.

_ (باب) عبد الله بن مسعود الهذلي حليف بني زهرة، أسلم قديمًا قبل عمر بن الخطاب بزمان وهاجر إلى الحبشة ثم إلى المدينة وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا وأحدًا والخندق وبيعة الرضوان وسائر المشاهد وشهد اليرموك وهو الذي أجهز على أبي جهل يوم بدر وشهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وكان كثير الولوج على رسول الله صلى الله عليه وسلم والخدمة له وكان من كبار الصحابة وساداتهم وفقائهم ومقدميهم في القرآن والفقه والفتوى بعثه عمر بن الخطاب إلى الكوفة وكتب إليهم. (بعث إليكم عمارًا أميرًا، وعبد الله بن مسعود معلمًا ووزيرًا، وهما من النجباء من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أهل بدر، فاقتدوا بهما، وقد آثرتكم بعبد الله على نفسي) توفي بالكوفة وقيل بالمدينة سنة ثنتين وثلاثين واتفقوا على أنه توفي وهو ابن بضع وستين سنة رضي الله عنه. (286) (1) (تخريجه) أورده الهيثمي بهذا اللفظ وقال رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهما راض ورجال أحمد رجال الصحيح وله طرق أخرى اهـ. (287) (غريبه) (2) بالحاء المهملة أي قرأها كلها قراء متتابعة متصلة وهو من السحل بمعنى السح والصب قاله في النهاية (3) الغض الطري الذي لم يتغير أراد طريقه في القراءة وهياته فيها قاله في النهاية أقول "كما أنزل" تفسير لقوله "غضا" وقوله (فليقرأه على طريقة ابن أم عبد) أي فليقرأه على هيأة قراءة ابن مسعود، وعلى مثل تلاوته في التأني والترتيل (4) أي بثناء النبي صلى الله عليه وسلم عليه في تلاوة القرآن وبإجابة دعائه رضي الله عنه وقوله (أنى فعلت) أي كيف أمكنك سبقي بالتبشير مع حرصي

-[ما جاء في عبد الله بن مسعود رضي الله عنه]- (288) (وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه) (1) قال مر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أصلي فقال سل تعطه يا ابن أم عبد فابتدر أبو بكر وعمر رضي الله عنهما (2) قال عمر ما بادرني أبو بكر إلى شيء إلا سبقني إليه أبو بكر فسألاه عن قوله فقال من داعائي الذي لا أكاد أدع: اللهم إني أسألك نعيمًا لا يبيد، وقرة عين لا تنفد، ومرافقة النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم محمد في أعلى الجنة جنة الخلد.

_ عليه وهذا الحديث قد رواه الإمام أحمد في المسند (1 - 454) بأوضح من هذا فقال حدثنا عفان ثنا حماد عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن ابن مسعود قال دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد وهو أبي بكر وعمر وإذا ابن مسعود يصلي وإذا هو يقرأ النساء فانتهى إلى رأس المائة فجعل ابن مسعود يدعو وهو قائم يصلي فقال النبي صلى الله عليه وسلم اسأل تعطه ثم قال من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه بقراءة ابن أم عبد فلما أصبح غدا إليه أبو بكر رضي الله تعالى عنه ليبشره وقال له ما سألت الله البارحة قال قلت اللهم أني أسألك إيمانًا لا يرتد ونعيمًا لا ينفد ومرافقة محمد صلى الله عليه وسلم في أعلى جنة الخلد ثم جاء عمر رضي الله تعالى عنه فقيل له أن أبا بكر قد سبقك قال يرحم الله أبا بكر ما سبقته إلى خير قط إلا سبقني إليه اهـ أي ما أردت سبقه إلى خير إلا سبقني إليه (تخريجه) رجاله رجال الصحيح سوى عاصم بن أبي النجود فإنه ضعيف قال الهيثمي وهو على ضعفه حسن الحديث ورواه الحاكم في المستدرك عن على بمثل هذه الرواية وفي آخره فانطلقت لأبشره فوجدت أبا بكر قد سبقني وكان سباقًا بالخير قال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي. وأروده في مجمع الزوائد عن قيس بن مروان عن عمر بن الخطاب بزيادة قصة في أوله دعت عمر إلى رواية هذا الحديث وقال رواه أبو يعلى بإسنادين ورجال أحدهما رجال الصحيح غير قيس بن مروان وهو ثقة قال: وعن عبد الله يعني ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد رواه أحمد والبزار والطبراني وفيه عاصم بن أبي النجود وهو على ضعفه حسن الحديث وبقية رجال أحمد رجال الصحيح رجال الطبراني رجال الصحيح غير فرات بن محبوب وهو ثقة ورواه ابن ماجة من طريق عاصم عن زر عن عبد الله بن مسعود أن أبا بكر وعمر بشراه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما انزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد. (288) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو إسحق عن أبي عبيدة عن عبد الله قال مربي رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) أي أسرع كل منهما في صبيحة تلك الليلة إلى ابن مسعود يبشره فكان أبو بكر إلى البشارة أسرع من عمر رضي الله عنه (تخريجه) أخرجه الحاكم في المستدرك في كتاب الدعاء والذكر وقال صحيح الإسناد إذا سلم من الإرسال ولم يخرجاه واقره الذهبي (قلت) قد سلم والحمد لله من الإرسال فقد رواه أبو داود الطيالسي في مسنده حدثنا شعبة عن أبي إسحق قال سمعت أبا عبيدة يحدث عن أبيه (هو ابن مسعود) قال ينما أصلي ذات ليلة مر بي النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم سل تعطه ... الحديث وهذه هي الطريق التي أخرجها منه الحاكم

-[ما جاء في عبد الله بن مسعود رضي الله عنه]- (289) (وعن علي رضي الله عنه) (1) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كنت مؤمرًا (2) أحد مشورة المؤمنين لأمرت ابن أم عبد. (290) (وعن أم موسى) (3) قالت سمعت عليًا رضي الله عنه يقول أمر النبي صلى الله عليه وسلم ابن مسعود فصعد الشجرة أمره أن يأتيه منها بشيء فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله بن مسعود حتى صعد الشجرة فضحكوا من حموشة ساقه (4) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما تضحكون، لرجل عبد الله أثقل في الميزان يوم القيامة من أحد. (191) (وعن زر بن حبيش) (5) عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يجتني سواكًا من الأراك وكان دقيق الساقين فجعلت الريح تكفؤه (6) فضحك القوم منه فقال رسول الله

_ (289) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو سعيد ثنا إسرائيل ثنا أبو إسحق عن الحارث عن علي قال الخ (غريبه) (2) من أمره بتشديد الميم جعله أميرًا وابن أم عبد هو عبد الله ابن مسعود كانت أمه وهي صحابية تكنى أم عبد قال التوربشي ومن أي وجه روى هذا الحديث فلابد أن يؤول على أنه صلى الله عليه وسلم أراد به تأميره على جيشه بعينه أو استخلافه في أمر من أموره حال حياته ولا يجوز أن يحمل على غير ذلك فإنه وإن كان من العلم والعمل بمكان وله الفضائل الجمة والسوابق الجلة فإنه لم يكن من قريش وقد نص رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن هذا الأمر في قريش فلا يصح حمله إلا على الوجه الذي ذكرناه نقله في تحفة الأحوذي (تخريجه) أخرجه أيضًا الترمذي وابن ماجة وقال الترمذي هذا حديث إنما نعرفه من حديث الحارث عن على اهـ أقول والحارث هو ابن عبد الله الهمداني الأعور من كبار علماء التابعين كذبه الشعي وابن المديني واختلف فيه عن ابن معين وقال النسائي ليس به بأس واحتج به وقوى أمره وقال ابن حبان كان غاليًا في التشيع واهيًا في الحديث وقال أبو بكر بن أبي داود كان الحارث الأعور من أفقه الناس وأفرض الناس وأحسب الناس أفاده المنذري في آخر ترغيبه والحديث أخرجه الحاكم في المستدرك أيضًا من طريق أبي إسحق عن عاصم بن ضمرة عن علي مرفوعًا بلفظ لو كنت مستخلفًا أحدًا من غير مشورة لاستخلفت عليهم ابن أم عبد وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبي فقال: عاصم ضعيف. (290) (سنده) (3) ثنا محمد بن فضيل ثنا مغيرة عن أم موسى قالت سمعت عليا يقول الخ (4) قوله من حموشة ساقية بضم أوله أي دقتهما ونحافتها يقال رجل حمش الساقين أي دقيقهما (تخريجه) أروده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجالهم رجال الصحيح غير أم موسى وهي ثقة اهـ وقال الحافظ في الإصابة بعد أن أورد اللفظ المرفوع منه أخرجه أحمد بسند حسن. (291) (سنده) (5) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عبد الصمد وحسن بن موسى قالا ثنا حماد عن عاصم عن زر بن حبيش عن ابن مسعود أنه كان يختبئ سواك الخ (غريبه) (6) أي نميله بقال كفات الأناء وأكفأته إذا كببته وإذا أملته (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال

-[ما جاء في عبد الله بن مسعود رضي الله عنه]- صلى الله عليه وسلم مم تضحكون قالوا يا نبي الله من دقة ساقيه فقال والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد. (292) (وعن عبد الرحمن بن يزيد) (1) قال أتينا حذيفة فقلنا دلنا على أقرب الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم هديا وسمتًا ودلا نأخذ عنه ونسمع منه فقال كان أقرب الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم هديًا وسمتًا ودلًا ابن أم عبد حتى يتوارى عني في بيته "وفي رواية عبد الله بن مسعود من حين يخرج إلى أن يرجع، لا أدري ما يصنع في بيته، ولقد علم المحفوظون من أصحاب محمد عليه الصلاة والسلام أن ابن أم عبد من أقربهم إلى الله زلفة (2) "وفي رواية وسيلة يوم القيامة". (293) (عن عبد الله هو ابن مسعود) (3) رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أذنك على أن يرفع الحجاب وأن تستمع سوادي (4) حتى أنهاك قال أبو عبد الرحمن "هو عبد الله ابن الإمام أحمد بن حنبل، قال أبي سوادي سرى قال أذن له أن يسمع سره.

_ رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني من طرق وأمثل طرقه فيها عاصم بن أبي النجود وهو حسن الحديث على ضعفه وبقية رجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح اهـ وله شاهد أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه قال: كان ابن مسعود على الشجرة يختبي لهم منها فهبت الريح وكشفت عن ساقيه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لهما أثقل في الميزان من أحد قال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي. (292) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله أبي ثنا حسين بن محمد ثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن عبد الرحمن بن يزيد قال أتينا حذيفة الخ (غريبه) (2) "الهدى" بفتح فسكون الطريقة والمذهب "السمت" بفتح المهملة وسكون الميم الهيئة الحسنة "الدلّ" بفتح الدال المهملة وتشديد اللام السيرة والهيئة "المحفوظون" أي الذين حفظهم الله من التحريف في القول والعمل "الزلفة" بضم الزاي وسكون اللام وبالفاء وتاء التأنيث المنزلة والحظوة نقله الألوسي عن الراغب "حتى يتوارى في بيته" معناه أن ابن مسعود أقرب الناس شبهًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في هديه وطريقته وحسن حاله إلى أن يتوارى ويختفي عنا في بيته فإذا اختفى لا ندري من أمره شيئًا وهذا من باب التحري في قول الحق (تخريجه) أحرجه البخاري في المناقب وليس فيه من وقوله "حتى يتوارى" الخ قال القسطلاني وأخرجه الترمذي والنسائي في المناقب اهـ "أقول" أخرجه الترمذي تامًا كما هنا وقال هذا حديث حسن صحيح. (293) (سنده) (3) ثنا وكيع ثنا سفيان عن الحسن بن عبيد الله عن إبراهيم بن سويد عن عبد الله قال الخ (غريبه) (4) السواد بالكسر السرار يقال ساودت الرجل مساودة إذا ساروته قيل هو من أدناء سوادك (بفتح السين) من سواده أي شخصك من شخصه كذا في النهاية ومعنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل رفع الستر اذنا لابن مسعود في الدخول عليه صلى الله عليه وسلم وأن لم يوجد هناك إذن صريح بالقول وقوله (وأن

-[ما جاء في عبد الله بن مسعود رضي الله عنه]- (294) (وعنه أيضًا) (1) قال قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة وزيد بن ثابت له ذؤابة في الكتاب. وفي لفظ (2) وزيد بن ثابت غلام له ذؤابتان يلعب مع الغلمان (3) (295) (وعن ابن مسعود) (4) رضي الله عنه قال: كنت أرعى غنمًا لعقبة بن أبي معيط فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، فقال يا غلام هل من لبن قال فقلت نعم ولكني مؤتمن، قال فهل من شاة لم ينز عليها الفحل، فأتيته بشاة فمسح ضرعها فنزل لبن فحلبه في أناء فشرب وسقا أبا بكر، ثم قال للضرع أقلص فقلص، قال ثم أتيته بعد هذا فقلت يا رسول الله علمني من هذا القول، قال فمسح رأسي وقال يرحمك الله فإنك غليم معلم (وفي رواية) (5) قال فأتاه أبو بكر بصخرة منقورة فاحتلب فيها فشرب وشرب أبو بكر وشربت قال ثم أتيته بعد ذلك قلت علمني من هذا القرآن قال إنك غلام معلم قال فأخذت من فيه سبعين سورة.

_ تستمع سوادي) أي ولك أن تسمع سري (حتى أنهاك) عن الاستماع أي أنه صلى الله عليه وسلم أباح له أن يسمع سره إلى أن يصدر عنه نهي عن ذلك، وهذا وذاك لأن ابن مسعود كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم فيسر عليه الدخول واستماع الكلام حتى لا يشق عليه قال الإمام النووي فيه دليل لجواز اعتماد العلامة في الأذن في الدخول وترجم على هذا الحديث في شرحه لمسلم باب جواز جعل الأذن رفع حجاب أو غيره من العلامات (تخريجه) أخرجه مسلم في كتاب السلام وابن ماجة في المناقب. (294) (سنده) (1) ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي إسحق عن خُمير بن مالك قال قال عبد الله الخ وخمير بالتصغير ترجم له الحافظ في تعجيل المنفعة فقال حمير بن مالك ويقال خمرة الهمداني الكوفي روى عن علي وابن مسعود وروى عنه أبو إسحق السبيعي وعبد الله بن قيس وثقة ابن حبان وقال ابن سعد له حديثان اهـ (2) قوله وفي لفظ (سنده) ثنا عفان ثنان عبد الواحد ثنا سليمان الأعمش عن شفيق ابن سلمة قال خطبنا عبد الله بن مسعود فقال لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعًا وسبعين سورة وزيد بن ثابت له ذؤابتان يلعب مع الغلمان (غريبه) (3) الذؤابة بالضم مهموز الضفيرة من الشعر إذا كانت مرسلة فإن كانت ملوية فهي عقيصة كذا في المصباح (الكتاب) بالضم والتشديد موضع تعليم الصبيان الكتابة ويقال له المكتب بفتح الميم والتاء والجمع الكتاتيب والمكاتب (مختار ومصباح) (البضع) في العدد بالكسر من الثلاثة إلى التسعة (تخريجه) أحرجه الشيخان ضمن حديث وليس عندهما قوله وزيد بن ثابت الخ وهو في البخاري في باب القراء من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب فضائل القرآن وفي مسلم في فضائل ابن مسعود ولفظه عند البخاري من طريق الأعمش حدثنا شقيق ابن سلمة قال خطبنا عبد الله فقال والله لقد أخذت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعًا وسبعين سورة والله لقد علم أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أني من أعلمكم بكتاب الله وما أنا بخيرهم قال شقيق فجلست في الحلق أسمع ما يقولون رادًا يقول ذلك. (295) (سنده) (4) ثنا أبو بكر بن عياش حدّثني عاصم عن زر عن ابن مسعود قال كنت أرعى الخ (5) قوله وفي رواية (سنده) ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن عاصم بإسناده قال فأتاه

-[ما جاء في عبد الله بن مسعود رضي الله عنه]- (296) (عن مسروق) (1) قال كنا نأتي عبد الله بن عمر فنتحدث عنده، فذكر يومًا عبد الله بن مسعود، فقال: لقد ذكرتم رجلًا لا أزال أحبه منذ سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول: "خذوا القرآن من أربعة، من ابن أم عبد- فبدأ به- ومعاذ بن جبل وابن كعب وسالم مولى أبي حذيفة.

_ أبو بكر الخ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الامام أحمد من الطريق الأول ورواته ثقات وفى بعضهم كلام (أبو بكر بن عياش) قال فيه أحمد ثقة ربما غلط وقال الحافظ ثقة عابدا الا لما كبر ساء حفظه، وكتابه صحيح و (عاصم) هو ابن أبى النجود وثقه أحمد وأبو زرعة وغيرهما وقال الدارقطني فى حفظه شيء اهـ ورواه ابن سعد من الطريق الثانيه فى الطبقات الكبرى. (296)) (سنده) (1) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا الأعمش عن أبى وائل عن مسروق قال الخ (تخريجه) أخرجه الشيخان، البخارى فى باب مناقب سالم مولى أبى حذيفة رضى الله عنه من كتاب المناقب، ومسلم أخرجه فى فضائل عبد الله بن مسعود وأمه رضى الله عنهما من كتاب الفضائل "أحاديث أخرى فى فضائل عبد الله بن مسعود رضى الله عنه": 1 - عن أبى موسى قال "قدمت أنا وأخى من اليمن فكنا حينا (أى مكثنا زمانا) وما نرى ابن مسعود وأمه إلا من أهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم من كثرة دخولهم ولزومهم له" متفق عليه. 2 - عن أبى الأحوص قال "شهدت أبا موسى وأبا مسعود حين مات ابن مسعود فقال أحدهما لصاحبه أتراه ترك بعده مثله فقال إن قلت ذاك إن كان ليؤذن له إذا حجبنا ويشهد إذا غبنا" رواه مسلم. 3 - عن عبد الله (هو ابن مسعود) رضى الله عنه قال والذى لا اله غيره ما من كتاب الله سورة إلا أنا أعلم حيث نزلت وما من آية الا أنا أعلم فيما أنزلت ولو أعلم أحدا هو أعلم بكتاب الله منى تبلغه الابل لركبت اليه" متفق عليه. 4 - عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله (هو ابن مسعود) أنه قال "ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة) ثم قال على قراءة من تأمرونى أن أقرأ فلقد قرأت على رسول الله صلى الله عليه وسلم بضعا وسبعين سورة ولقد علم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنى أعلمهم بكتاب الله ولو أعلم أن أحداً أعلم منى لرحلت اليه" قال شقيق فجلست فى حلق أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم فما سمعت أحداً يرد ذلك ولا يعيبه، متفق عليه واللفظ لمسلم وروايته أتم من رواية البخارى (ومعنى هذا الأثر) أن ابن مسعود وأصحابه كانت مصاحفهم تخالف مصحف عثمان فانكر عليه الناس وطلبوا أن يحرقوها كما فعلوا بغيرها فامتنع وقال لأصحابه (غلوا مصاحفكم) اى اكتموها ثم قال على سبيل الانكار ومن هو الذى تأمروننى ان آخذ بقراءته واترك مصحفى هذا وقد كان ابن مسعود يرى فى نفسه انه احق بجمع القرآن من زيد بن ثابت مع اعترافه بكفاءة زيد وامانته ومن اجل ذلك لم يقبل ان يحرق مصحفه كما فعل سائر للصحابة ولكن تقدير أبى بكر وعمر وعثمان لزيد اعظم من تقدير ابن مسعود لنفسه، وقد عرف عن زيد انه كان يكتب الوحى بين يديه

-[ما جاء في العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه]- (باب ما جاء في العباس بن عبد المطلب عم النبي صلى الله عليه وسلم ورضي عنه) (297) (عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للعباس هذا العباس بن عبد المطلب أجود قريش كفا وأوصلها. (298) (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) أن رجلًا من الأنصار وقع في أب للعباس كان في الجاهلية فلطمه العباس فجاء قومه فقالوا والله لنلطمنه كما لطمه فلبسوا السلاح فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فصعد المنبر فقال أيها الناس أي أهل الأرض أكرم على الله قالوا أنت قال فإن العباس مني وأنا منه فلا تسبوا موتانا فتؤذوا أحيانًا فجاء القوم فقالوا يا رسول الله نعوذ بالله من غضبك.

_ صلى الله عليه وسلم وانه جمع القرآن على عهده وانه شهد العرضة الأخيرة، وقد ضم اليه عثمان ثلاثة من أفذاذ القرشيين واشرف بنفسه على الجمع حتى رضى الصحابة بمصحفه وقد صح عن ابن مسعود أنه حرق مصحفه آخر الأمر ورجع إلى مصحف عثمان. والله أعلم. (باب) العباس بن عبد المطلب عم النبى صلى الله عليه وسلم هو أبو الفضل الهاشمى كان أسن من النبى صلى الله عليه وسلم بسنتين أو ثلاث وكان رئيسا فى قريش قبل الاسلام وكان إليه عمارة المسجد الحرام والسقاية وحضر ليلة العقبة مع النبى صلى الله عليه وسلم حين بايعته الأنصار قبل أن يسلم يستوثق له وخرج مع المشركين إلى بدر مكرها وأسر وفدى نفسه وابنى اخويه عقيل بن أبى طالب ونوفل بن الحارث ورجع إلى مكة وأسلم عقيب ذلك وقيل أسلم قبل الهجرة وكان يكتم اسلامه هاجر قبل الفتح بقليل وشهد الفتح وحنينا وثبت مع النبى صلى الله عليه وسلم حين انهزم الناس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعظمه ويكرمه توفى رضى الله عنه بالمدينة سنة ثنتين وثلاثين وقيل أربع وثلاثين عن نحو ثمان وثمانين سنة. (297) (سنده) (1) ثنا غلى بن عبد الله حدثنى محمد بن طلحة التيمى من أهل المدينة حدثنى أبو سهيل نافع بن مالك عن سعيد بن المسيب عن سعد بن أبى وقاص قال الخ (تخريجه) أورده الحافظ فى الاصابة وقال. أخرجه النسائى وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورواه بنحوه البزار وأبو يعلى والطبرانى فى الأوسط وفى اسناده محمد بن طلحة التيمى وثقه غير واحد وبقية رجال أحمد وأبى يعلى رجال الصحيح اهـ ملخصا ورواه الحاكم فى المستدرك من طريق محمد بن طلحة التيمى وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه وقال الذهبى فيه يعقوب بن محمد الزهرى ولكنه ساقه من طريق أحمد بن صالح أيضا متابعا اهـ (298) (سنده) (2) حدثنى حجين بن المثنى ثنا اسرائيل عن عبد الاعلى عن ابن جبير عن ابن عباس أن رجلا الخ (غريبه) (3) (وقع فى أب للعباس) أى سبه وعابه (لطمه) ضربه على وجهه بباطن راحته والفعل من باب ضرب (تخريجه) عزاه فى منتخب كنز العمال إلى أحمد والنسائى وابن عساكر وذلك فى مناقب العباس رضى الله عنه غير أن رواية ابن عساكر فيها زيادة هذه الجملة آخر الحديث (فاستغفر لنا فاستغفر لهم) ورواه الحاكم فى المستدرك وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي

-[ما جاء في العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه]- (وعن عبد المطلب بن ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب) قال دخل العباس على رسول الله صلى الله عليه وسلم مغضبًا، فقال له ما يغضبك، قال يا رسول الله ما لنا ولقريش إذا تلاقوا بينهم تلاقوا بوجوه مبشرة، وإذا لقونا لقونا بغير ذلك، فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حق أحمر وجهه وحتى استدر عرق بين عينيه، وكان إذا غضب استدر فلما سرى عنه قال: والذي نفسي بيده (أو قال والذي نفس محمد بيده) لا يدخل قلب رجل الإيمان حتى يحبكم لله عز وجل ولرسوله (وفي رواية لله عز وجل ولقرابتي) ثم قال يا أيها الناس من آذى العباس فقد آذاني إنما عم الرجل صنو أبيه.

_ (299) (سنده) (1) ثنا حسين بن محمد ثنا يزيد يعنى ابن عطاء، عن يزيد يعنى ابن أبى زياد عن عبد الله بن الحارث بن نوفل حدثنى عبد المطلب بن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب قال دخل العباس الخ (غريبه) (2) (مغضبا) بصيغة اسم المفعول من أغضب (ما لنا ولقريش) ما لنا معشر بنى هاشم وبقية قريش (مبشرة) بصيغة اسم المفعول من الابشار كذا ظبطها التوربشتى وغيره يريد بوجوه عليها البشر وفى المختار بشره بكذا بالتخفيف فأبشر ابشارا أى سر (لقونا) بضم القاف (بغير ذلك) بوجوه عابسة يفعلون ذلك أو بعضهم حسدا وبغيا (احمر وجهه) بتشديد الراء أى اشتدت حمرته من كثرة غضبه (استدر) بتشديد الراء تجمع وكثر (سرى) بضم المهملة وكسر الراء المشددة أى ذهب عنه غضبه قال فى المختار انسرى عنه الهم انكشف وسرى عنه مثله اهـ (لا يدخل قلب رجل الايمان) قيل هو على ظاهره والمراد التشديد والتغليظ وقيل المراد الايمان الكامل (صنو أبيه) بكسر الصاد وسكون النون أى مثله قال فى المختار إذا خرج نخلتان أو ثلاث من أصل واحد فكل واحدة منهن صنو والاثنان صنوان يعنى بكسر النون والجمع صنوان برفع النون اهـ (تخريجه) أخرجه الترمذى فى المناقب حدثنا قتيبة ثنا عوانة عن يزيد بن أبى زياد به وقال هذا حديث حسن صحيح وأخرجه الحاكم فى المستدرك وقال يزيد ابن زياد وان لم يخرجاه فإنه أحد أركان الحديث فى الكوفيين وأقره الذهبى (فائدة) عبد المطلب ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم الهاشمى صحابى سكن الشام ومات سنة اثنتين وستين ويقال اسمه المطلب أفاده الحافظ فى التقريب وإنما ذكرت ذلك لانه فى مسند أحمد ذكر باسم (عبد المطلب) وفى مستدرك الحاكم ذكر باسم (المطلب بن ربيعة) فربما سبق إلى الذهن انهما شخصان أو أن فى احدى النسختين تحريفا فلزم التنبيه على ذلك خشيه الاشتباه. (باب) عثمان بن مظعون بالظاء المعجمة والعين المهملة بن حبيب بن وهب الجمحى أبو السائب أسلم قديما قبل دخول النبى صلى الله عليه وسلم دار الارقم وهاجر الهجرتين إلى الحبشة ثم هاجر إلى المدينة وحرم على نفسه الخمر فى الجاهلية وقال لا أشرب شيئا يذهب عقلى ويضحك بى من هو أدنى منى ويحملنى على أن أنكح كريمتى وأمره صلى الله عليه وسلم أن يترفق بنفسه فى صيام النهار وقيام الليل وهاجر هو وابنه السائب وأخواه قدامة وعبد الله جميعا إلى المدينة وآخى صلى الله عليه وسلم بينه وبين أبى الهيثم بن التيهان الانصارى وشهد عثمان بدرا وتوفى بعد سنتين ونصف من الهجرة وصلى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ودفن بالبقيع وهو أول من دفن فيه وأول من توفى من المهاجرين بالمدينة وقال النبى صلى الله عليه وسلم هذا فرطنا ووضع عند رأس قبره حجرا ليعلم به اهـ من تهذيب الاسماء واللغات للنووي ملخصًا

-[ما جاء في عثمان بن مظعون رضي الله عنه]- (باب ما جاء في عثمان بن مظعون رضي الله عنه) (300) (عن القاسم بن محمد عن عائشة رضي الله عنها) قالت قبل رسول صلى الله عليه وسلم عثمان بن مظعون وهو ميت قالت فرأيت دموعه تسيل على خديه تعني عثمان قال عبد الرحمن (أحد الرواة) وعيناه تهراقان أو قال وهو يبكي. (301) (وعن ابن عباس رضي الله عنهما) قال لما ماتت زينب (وفي رواية رقية) ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألحقي بسلفنا الصالح الخير عثمان بن مظعون. (302) (وعن خارجة بن زيد) قال كانت أم العلاء الأنصارية تقول لما قدم المهاجرون

_ (300) (سنده) (1) حدثنا وكيع وعبد الرحمن قالا ثنا سفيان عن عاصم بن عبيد الله عن القاسم بن محمد عن عائشة قالت الخ ولفظ الحديث هنا على رواية وكيع وأما رواية عبد الرحمن فهى. رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل عثمان الخ كما يعلم بمراجعة المسند (ج 6 ص 206) (2) "تعنى عثمان" أى تعنى عائشة رضى الله عنها بالخدين فى قولها (فرأيت دموعه تسيل على خديه) خدى عثمان والمعنى أنها رأت دموعه صلى الله عليه وسلم تسيل على خدى عثمان وهو يقبله (3) أى تسيل دموعهما وعبد الرحمن هو ابن مهدى أحد شيخى أحمد فى الحديث (تخريجه) أخرجه أبو داود والترمذى وابن ماجه وقال الترمذى حسن صحيح قال المنذرى فى مختصر السنن وفى اسناده عاصم بن عبيد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب وقد تكلم فيه غير واحد من الأئمة اهـ وفى الحديث جواز تقبيل الميت وقد أجمع عليه الأئمة وقد ترجم أبو داود والترمذى وابن ماجه على هذا الحديث فى كتاب الجنائز باب ما جاء فى تقبيل الميت وقد روى البخارى عن عائشة وابن عباس أن أبا بكر قبل النبى صلى الله عليه وسلم بعد موته قال الشوكانى فيه جواز تقبيل الميت تعظيما وتبركا لأنه لم ينقل أنه أنكر أحد من الصحابة على أبى بكر فكان اجماعا اهـ. (301) (سنده) (4) ثنا يزيد أنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن يوسف بن مهران عن ابن عباس قال لما مات عثمان بن مظعون قالت امرأة هنيئا لك الجنة الخ وقد أقتصر الشيخ رحمه الله هنا على طائفة منه وأورده فى كتاب الجنائز تاما برقم 94 فى باب الرخصة فى البكاء من غير نوح (تخريجه) أورده الحافظ الهيثمى فى الجنائز فى باب ما جاء فى البكاء وقال رواه أحمد وفيه على بن زيد وفيه كلام وهو موثق اهـ وأورده أيضا فى مناقب عثمان بن مظعون وقال رواه الطبرانى ورجاله ثقات وفى بعضهم خلاف اهـ وأخرجه الحاكم فى المستدرك وسكت عنه وقال الذهبى سنده صالح اهـ (302) (سنده) (5) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو كامل ثنا ابراهيم بن سعد حدثنا ابن شهاب (ح) وحدثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن شهاب عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أم العلاء الأنصارية وهى امرأة من نسائهم " قال يعقوب أخبرته أنها بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم" قالت طار لنا عثمان ابن مظعون فى السكنى "قال يعقوب طار لهم فى السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين" قالت أم العلاء فاشتكى عثمان بن مظعون الخ وبالتأمل يتبين أن للامام أحمد فى الحديث شيخين أحدهما أبو كامل والآخر يعقوب وأن رواية يعقوب هكذا: عن أم العلاء الأنصارية (وهى امرأة من نسائهم أخبرته أنها بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم) قالت طار لهم عثمان بن مظعون فى السكنى حين اقترعت الأنصار على سكنى المهاجرين قالت أم العلاء الخ وأن رواية أبى كامل هكذا: عن أم العلاء الأنصارية "وهي امرأة

-[ما جاء في عثمان بن مظعون رضي الله عنه]- المدينة، اقترعت الأنصار على سكناهم فطار لنا عثمان بن مظعون في السكني قال أم العلاء فاشتكى عثمان بن مظعون عندنا فمرضناه حتى إذا توفي أدرجناه في أثوابه فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت رحمة الله عليك يا أبا السائب شهادتي عليك لقد أكرمك الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم وما يدريك أن الله أكرمه قالت فقلت لا أدري بأبي أنت وأمي فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما هو فقد جاءه اليقين من ربه وأني لأرجوا له الخير والله ما أدري وأنا رسول الله ما يفعل بي، "وفي رواية به" قالت والله لا أزكي أحدًا بعده أبدًا فأحزني ذلك فنمت فأريت لعثمان عينًا فجئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ذاك عمله. (303) (وعنه أيضًا عن أمه) قالت: إن عثمان بن مظعون (رضي الله عنه) لما قبض قالت أم خارجة بن زيد طبت أبا السائب، خير أيامك الخير، فسمعها نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال من هذه قالت أنا قال صلى الله عليه وسلم: وما يدرك فقلت يا رسول الله عثمان بن مظعون فقال رسول صلى الله عليه وسلم أجل عثمان بن مظعون ما رأينا إلا خيرًا، وهذا أنا رسول الله والله ما أدري ما يصنع بي.

_ من نسائهم" قالت طار لنا عثمان بن مظعون فى السكنى قالت أم العلاء الخ وفى الأصل هكذا (قال عثمان بن مظعون فى السكنى) وهو تحريف صوابه كما بينا (قالت طار لنا عثمان بن مظعون فى السكنى) ولوجود هذا الاشتباه ساق الشيخ رحمه الله صدر الحديث بلفظ وفى بالمعنى تمام الوفاء ولكنه ليس على احدى الروايتين فلا أدرى أذلك من تصرفه الخاص بناء على جواز الرواية بالمعنى أم أنه اطلع على رواية أخرى لهذا الحديث عند الامام أحمد (غريبه) (1) أى وقع فى سهمنا (2) مرضناه بتشديد الراء قمنا عليه فى مرضه نخدمه (3) أنكر صلى الله عليه وسلم عليها الجزم بأنه من أهل الجنة لأن ذلك لا يعلم إلا من طريق الوحى والواجب فى مثل ذلك حسن الظن ورجاء الخير والخوف عليه مما عسى أن يكون قد لحقه من أوزار المعاصى (4) أى فى الدارين على التفصيل وفى رواية يعقوب (به) أى بعثمان بن مظعون وفى رواية ابن عباس عند الطبرانى وابن مردويه فقالت يا رسول الله صاحبك وفارسك وأنت أعلم فقال أرجو له رحمة ربه وأخاف عليه ذنبه" فالواجب الأدب مع الله تعالى وحسن الظن بالمؤمنين (تخريجه) أخرجه البخارى فى أوائل الجنائز وفى فضائل الأصحاب فى باب مقدم النبى صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة وفى التعبير فى باب رؤيا النساء وباب العين الجارية فى المنام وعزاه الألوسى أيضا إلى النسائى وابن مردويه. (303) (5) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس بن محمد ثنا ليث بن سعد ثنا يزيد ابن أبى حبيب عن أبى النضر عن خارجة بن زيد عن أمه قالت الخ وأم خارجة هى أم العلاء صرح بها فى هذه الرواية وأبهمها فى الرواية السابقة (6) فى الاصل "بنت زيد" وهو خطأ من النساخ قال الحافظ فى التقريب أم العلاء بنت الحارث بن ثابت بن خارجة الانصارية صحابية اهـ وقال فى الاصابة يقال انها والدة خارجة بن زيد بن ثابت الراوى عنها (تخريجه) تقدم فى الحديث السابق من غير هذه الطريق وقد

-[ما جاء في عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه]- (باب ما جاء في عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه) (304) (حدثنا عبد الله) حدّثني أبي حدّثنا يزيد أنبأنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي عبيدة عن رجل قال قلت لعدي بن حاتم حديث بلغني عنك أحب أن أسمعه منك قال نعم لما بلغني خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فكرهت خروجه كراهة شديدة خرجت حتى وقعت ناحية الروم (وقال يعني يزيد ببغداد حتى قدمت على قيصر) قال فكرهت مكاني ذلك أشد من كراهيتي لخروجه قال فقلت والله لولا أتيت هذا الرجل فأن كان كاذبًا لم يضرني وإن كان صادقًا علمت قال فقدمت فأتيتيه فلما قال الناس: عدي بن حاتم، عدي بن حاتم قال فدخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي يا عدي بن حاتم أسلم تسلم ثلاثًا قال قلت إني على دين قال أنا أعلم بدينك منك فقلت أنت أعلم بديني مني قال نعم ألست من الركوسية وأنت تأكل من باع قومك قلت بلى قال فإن هذا لا يحل لك في دينك قال فلم يعد أن قالها فتواضت لها فقال أما أني أعلم ما الذي يمنعك من الإسلام، تقول إنما أتبعه ضعفة الناس، ومن لا قوة له، وقد رمتهم العرب، أتعرف الحيرة قلت لم أرها وقد سمعت بها قال فو الذي نفسي بيده ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد،

_ أخرجه من طريق يزيد بن أبى حبيب عن سالم أبى النضر عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أمه أحمد والطبرانى كما فى الاصابة فى ترجمة أم العلاء برقم 1415 قال وهذا ظاهر فى أن أم العلاء هى والدة خارجه المذكور فلا يلزم من كونه أبهمها فى رواية الزهرى أن تكون أخرى فقد يبهم الانسان نفسه فضلا عن أمه اهـ وأورده بهذا اللفظ الهيثمى وقال رواه الطبرانى ورجاله ثقات وفى بعضهم خلاف اهـ (باب) عدى بن حاتم بن عبد الله بن سعد الطائى الكوفى الصحابى وأبوه حاتم هو المشهور بالكرم قدم عدى على رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم وكان نصرانيا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يكرمه إذا دخل عليه ولما توفى صلى الله عليه وسلم قدم على أبى بكر فى وقت الردة بصدقة قومه وثبت على الاسلام وثبت معه قومه فلم يرتدوا فيمن ارتد من العرب وكان جواداً شريفاً فى قومه معظما عندهم وعند غيرهم حاضر الجواب. شهد فتوح العراق زمن عمر ثم سكن الكوفة وشهد مع على الجمل ثم صفين توفى بالكوفة سنة تسع وستين وهو ابن مائة وعشرين سنة رضى الله عنه (304) (غريبه) (1) "أسلم" فعل أمر من الاسلام أى ادخل فى دين الاسلام عن يقين واخلاص وقوله "تسلم" هو بفتح أوله وثالثه من السلامة أى تكن سالما من الخلود فى النار (2) الركوسية بفتح الراء قال فى النهاية هو دين بين النصارى والصابئين (3) أى تأخذ ربع الغنيمة تستأثر به دون أصحابك وكان ذلك من فعل الجاهلية وقد حرمته النصرانية التى كان يدين بها عدى ويسمى ذلك الربع (المرباع) بكسر الميم وسكون الراء (4) أى عادتهم وقصدتهم بالأذى (5) الحيرة بالكسر بلد قريب من الكوفة (6) الظعينة بوزن السفينة المراد بها المرأة قال فى النهاية وأصل الظعينة الراحلة التى يرحل ويظعن عليها أى يسار وقيل للمرأة ظعينة لأنها تظعن مع الزوج حيثما ظعن أو لأنها تحمل على الراحلة إذا ظعنت وقيل الظعينة المرأة فى الهودج ثم قيل للهودج بلا امرأة وللمرأة

-[ما جاء في عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه]- وليفتحن كنوز كسرى بن هرمز، قال قلت كسرى بن هرمز قال نعم كسرى بن هرمز وليذلن المال حتى لا يقبله أحد. قال عدي بن حاتم فهذه الظعينة تخرج من الحيرة فتطوف بالبيت في غير جوار، ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى بن هرمز، والذي نفسي بيده لتكوننَّ الثالثة لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قالها. (305) (حدّثنا) عبد الله حدثنا أبي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة قال سمعت سماك بن حرب قال سمعت عباد بن حبيش يحدث عن عدي بن حاتم (الطائي) قال جاءت خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال رسل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا بعقرب فأخذوا عمتي وناسا قال فلما أتوابهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فصفوا له قالت يا رسول الله نأى الوافد وانقطع الولد وأنا عجوز كبيرة ما بي من خدمة فسمحنِّ على من الله عليك قال من وافدك قالت عدي بن حاتم قال الذي فر من الله ورسوله قالت

_ بلا هودج ظعينة اهـ. والمراد من التركيب أن الله عز وجل سيظهر الاسلام وأهله ويمكن لهم فى الأرض ويبدلهم من بعد خوفهم أمنا حتى تسير المرأة المسافة البعيدة من غير حراسة وهى آمنة (1) أى وليفتحن الله على المسلمين أرض الفرس حتى يستولوا على خزانتها وخيراتها ويكونوا سادتها وقد كان ذلك فى عهد عمر بن الخطاب رضى الله عنه (2) أى فى زمن عيسى عليه السلام آخر الزمان حينما ينزل من السماء إلى الارض ويحكم بشريعة نبينا صلى الله عليه وسلم ويحتمل أن يكون ذلك اشارة الى ما وقع فى زمن عمر بن عبد العزيز وبذلك جزم البيهقى قال الحافظ ولا شك فى رجحان هذا الاحتمال على الاول لقوله فى حديث البخارى ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدا يقبله منه (تخريجه) أورده الشيخ رحمه الله تعالى فى أبواب حوادث السنة التاسعة فى الجزء الحادى والعشرين رقم 428 ص 191 و 192 وقال لم أقف عليه بهذا السياق لغير الامام أحمد وفى اسناده رجل لم يسم وبقية رجاله ثقات اهـ (قلت) أورده الحافظ فى الاصابة وعزاه إلى أحمد والبغوى فى معجمه وغيرهما من طريق أبى عبيدة بن حذيفة قال وآخره عند البخارى من وجه آخر اهـ كلام الحافظ وأورد ابن ماجه طرفا منه فى كتاب الايمان من طريق عبد الاعلى بن أبى المساور عن الشعبى قال لما قدم عدى بن حاتم الكوفة أتيناه فى نفر من فقهاء أهل الكوفة فقلنا له حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا عدى بن حاتم أسلم تسلم قلت وما الاسلام قال تشهد أن لا إله إلا الله وأنى رسول الله وتؤمن بالاقدار كلها خيرها وشرها حلوها ومرها قال البوصيرى فى الزوائد هذا اسناد ضعيف لاتفاقهم على ضعف عبد الاعلى وله شاهد من حديث جابر رواه الترمذى اهـ (305) (غريبه) (3) قال علماء السير والمغازى بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السنة التاسعة على بن أبى طالب فى مائة وخمسين رجلا من الانصار إلى صنم طئ ليهدمه فشنوا الغارة على محلة حاتم مع الفجر فهدموه وملأوا أيديهم من السبى والغنم والشاء وفى السبى أخت عدى ابن حاتم تركها عدى حينما أحس بطلائع هذا الغزو ولحق بأهل دينه من النصارى بالشام وقد بلغ رسول الله نبأ فراره هذا قالوا وطئ قبيلة مشهورة منها عدى بن حاتم المذكور وبلادهم ما بين الحجاز والعراق (4) عقرب بلفظ الحشرة المعروفة اسم لمكان كما يعطيه السياق وفى معجم البلدان (عقرباء)

-[ما جاء في عدي بن حاتم الطائي رضي الله عنه]- فمن علي قالت فلما رجع ورجل إلى جنبه ترى أنه على سليه حملانا قال فسألته حملانا فأمرها قال (أي عدي) فأتتني فقالت لقد فعلت فعلة ما كان أبوك يفعلها قالت ائته راغبًا أو راهبًا فقد أتاه فلان فأصاب منه وأتاه فلان فأصاب منه قال فأتيته فإذا عنده امرأة وصبيان أو صبي فذكر قربهم من النبي صلى الله عليه وسلم فعرفت أنه ليس ملك كسرى ولا قيصر فقال له يا عدي بم حاتم ما أفرك أن يقال لا إله إلا الله، فهل من إله إلا الله، ما أفرك، أن يقال الله أكبر، فهل شيء هو أكبر من الله عز وجل قال فأسلمت فرأيت وجهه استبشر وقال إن الغضوب عليهم اليهود وإن الضالين النصارى ثم سألوه فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال أما فلكم أيها الناس أن ترضخوا من الفضل، ارتضخ امرؤ امرؤ بصاع، ببعض صاع، بقبضة، ببعض قبضة "قال شعبة: وأكثر علمي أنه قال بتمرة، بشق تمرة، وأن أحدكم لاقى الله عز وجل فقائل ما أقول، ألم أجعلك سمعيًا بصيرًا، ألم أجعل لك مالًا وولدًا، فماذا قدمت فينظر من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله فلا يجد شيئًا قما يتقى النار إلا بوجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوه فبكلمة لينة إني لا أخشى عليكم الفاقة لينصرنكم الله تعالى وليعطيكم أو ليفتحن لكم

_ بالمد منزل من ارض اليمامة كان للمسلمين مع مسيلمة الكذاب عنده وقائع قال وعقرباء أيضا اسم مدينة الجولان وهى كورة من كور دمشق كان ينزلها ملوك غسان ثم قال وقال الادبي العقربة ماء لبنى اسد اهـ وقوله (فاخذوا عمتى) هكذا الرواية والمشهور فى كتب السير ان المأخوذ اخته فان امكن التوفيق وإلا كان ما فى الحديث أصح (1) الوافد تريد به الزائر الذى كان يتردد عليها ويتعهدها بالصلة والمعونة (وانقطع الولد) هلك أولادها وعند أهل السير (الوالد) وقد أكرمها رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن عليها وبعث بها مع من تحب من قومها فذهبت إلى عدى بالشام وذكرت له ما كان من النبى صلى الله عليه وسلم اليها افكان ذلك سببا لقدومه عليه صلى الله عليه وسلم واسلامه قالوا وقد اسلمت تلك المرأة أيضا إلا أنها كتمت اسلامها عن أخيها ونصحته أن يذهب اليه راغبا أو راهبا وقوله (سلية حملانا) هو بضم فسكون المراد به ما يحملها من الابل إلى قومها ومعه الزاد وما تحتاج اليه وهو فى الاصل مصدر حمل بوزن ضرب (2) ما أفرك بفتح الهمزة وتشديد الراء أى ما حملك على الفرار (أن يقال لا إله إلا الله) هو على تقدير أداة الاستفهام الانكارى أى أقول لا إله إلا الله هو الذى حملك على الفرار (3) أى سأله من كان عنده صلى الله عليه وسلم من الفقراء الصدقة ولم يكن عنده شئ فخطب أصحابه حاثا لهم على التصدق بما فى طاقتهم ولو بشق تمرة (4) أى تعطوا (بالبناء للمعلوم) من فضل أموالكم وقوله (ارتضخ امرؤ بصاع) الخ خبر معناه الامر أى ليمط كل منكم ما يستطيع (5) (فقائل) أى الله عز وجل لمن يلقاه من عباده وكل سيلقاه (ما أقول) لكم الآن من الاسئلة وهى (ألم أجعلك سميعا بصيرا) الخ. فلا ينجيكم من حر النار إلا الصدقة (6) قوله (إنى لا أخشى عليكم الخ) هذا من قوله صلى الله عليه وسلم لأصحابه الذين حثهم على الصدقة بحضور عدى بن حاتم يبشرهم بالنصر والغنى وفتح البلاد شرقا وغربا

-[ما جاء في عدي بن حاتم رضي الله عنه]- حتى تسير الظعينة بين الحيرة ويثرب أو أكثر تخاف السرق على ظعينتها قال محمد بن جعفر حدثناه شعبة ما لا أحصيه وقرأته عليه.

_ على أيديهم وانتشار الامن والطمأنينة فيها (1) المراد بالظعينة فى الاول المرأة وفى الثانى الراحلة التى تحملها والسرق بفتحتين مصدر سرق يسرق بوزن ضرب يضرب والمراد به السرقة (تخريجه) الحديث اورده الهيثمى فى المغازى والسير وقال رواه احمد والطبرانى ورجاله رجال الصحيح غير عباد بن حبيش وهو ثقة قال وفى الصحيح وغيره بعضه اهـ واخرجه الترمذى فى تفسير سورة الفاتحة وليس فيه اغارة خيل ورسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قصة عمة عدى او اخته ولفظه حدثنا عبد بن حميد اخبرنا عبد الرحمن بن سعد انبانا عمرو بن ابى قيس عن سماك بن حرب عن عباد بن حبيش عن عدى بن حاتم قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو جالس فى المسجد فقال القوم هذا عدى بن حاتم وجئت بغير امان ولا كتاب فلما دفعت اليه أخذ بيدى وقد كان قال قبل ذلك انى لارجو ان يجعل الله يده فى يدى قال فقام بى فلقيته امرأة وصبى معها فقالا ان لنا اليك حاجة فقام معهما حتى قضا حاجتهما ثم اخذ بيدى حتى اتى بى داره فالقت له الوليدة وسادة فجلس عليها وجلست بين يديه فحمد الله واثنى عليه ثم قال ما يفرك، ان يقال لا إله إلا الله، فهل تعلم من اله سوى الله، قال قلت لا، قال ثم تكلم ساعة ثم قال انما تفر ان يقال الله اكبر، وتعلم ان شيئا اكبر من الله قال قلت لا، قال فان اليهود مغضوب عليهم وان النصارى ضلال قال قلت فانى جئت مسلما قال فرايت وجهه تبسط فرحا قال ثم امر بى فأنزلت عند رجل من الانصار جعلت اغشاه أتيه طرفى النهار قال فبينا انا عنده عشية اذ جاءه قوم فى ثياب من الصوف من هذه النمار قال فصلى وقام فحث عليهم ثم قال ولو صاع ولو بنصف صاع ولو بقبضة ولو ببعض قبضة يقى احدكم وجه حر جهنم او النار ولو بتمرة ولو بشق تمرة قال فان احدكم لاقى الله وقائل له ما اقول لكم. الم اجعل لك سمعا وبصرا فيقول بلى، فيقول الم اجعل لك مالا وولدا فيقول فيقول بلى فيقول اين ما قدمت لنفسك، فينظر قدامه وبعده (أى خلفه) وعن يمينه وعن شماله ثم لا يجد شيئا يقى به وجهه حر جهنم، ليق أحدكم وجهه النار ولو بشق تمرة فان لم يجد فبكلمة طيبة فانى لا أخاف عليكم الفاقة فان الله ناصركم ومعطيكم حتى تسير الظعينة فيما بين يثرب والحيرة أو أكثر ما نخاف على مطيتها السرق قال فجعلت أقول فى نفسى فأين لصوص طئ قال أبو عيسى الترمذى هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب وروى شعبة عن سماك بن حرب عن عباد بن حبيش عن عدى بن حاتم عن النبى صلى الله عليه وسلم الحديث بطوله اهـ وقال الامام البخارى فى باب علامات النبوة فى الاسلام من كتاب المناقب حدثنى محمد بن الحكم أخبرنا النضر أخبرنا اسرائيل أخبرنا سعد الطائى أخبرنا محل بن خليفة عن عدى بن حاتم قال: بينا أنا عند النبى صلى الله عليه وسلم إذ أتاه رجل فشكا اليه الفاقة ثم أتاه آخر فشكا قطع السبيل فقال يا عدى هل رأيت الحيرة قلت لم أرها وقد أنبئت عنها قال فان طالت بك حياة لترين الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف أحدا إلا الله قلت فيما بينى وبين نفسى فأين دعا رطئ الذين قد سعروا البلاد، ولئن طالت بك حياة لتفتحن كنوز كسرى قلت كسرى بن هرمز قال كسرى ابن هرمز ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج ملء كفه من ذهب أو فضة يطلب من يقبله

-[ما جاء في عدي بن حاتم رضي الله عنه]- (306) عن عدي بن حاتم) رضي الله عنه قال: أتيت عمر بن الخطاب رضي الله عنه في أناس من قومي فجعل يفرض للرجل من طيء في ألفين ويعرض عني قال فاستقبلته فأعرض عني ثم أتيته من حيال وجهه فأعرض عني قال فقلت يا أمير المؤمنين أتعرفني قال فضحك حتى استلقى لقفاه ثم قال نعم والله إني لأعرفك، آمنت إذ كفروا، وأقبلت إذ أديروا، ووفيت إذ غدروا، وأن أول صدقة بيضت وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووجوه أصحابه صدقة عدي، جئت بها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم أخذ يعتذر، ثم قال إنما فرضت لقوم أجحفت بهم الفاقة وهم سادة عشائرهم لما ينوبهم من الحقوق. (307) (وعن عدي بن حاتم الطائي) رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فعلمني الإسلام ونعت لي الصلاة وكيف أصلي كل صلاة لوقتها، ثم قال لي كيف أنت يا ابن حاتم إذا ركبت من قصور اليمن لا تخاف إلا الله حتى تنزل قصور الحيرة قال قلت يا رسول الله فأين مقانب طيء ورجالها قال يكفيك الله طيئًا ومن سواها قال قلت يا رسول الله أنا قوم نتصيد

_ منه فلا يجد أحدا يقبله منه وليلقين الله أحدكم يوم يلقاه وليس بينه وبينه ترجمان يترجم له فليقو ان له ألم أبعث اليك رسولا فيبلغك فيقول بلى فيقول ألم أعطك مالا وولدا وأفضل عليك فيقول بلى فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم وينظر عن يساره فلا يرى إلا جهنم قال عدى سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول اتقوا النار ولو بشق تمرة فمن لم يجد شق ثمرة فبكلمة طيبة قال عدى فرأيت الظعينة ترتحل من الحيرة حتى تطوف بالكعبة لا تخاف إلا الله وكنت فيمن افتتح كنوز كسرى بن هرمز ولئن طالت بكم حياة لترون ما قال النبى أبو القاسم صلى الله عليه وسلم يخرج ملء كفه. (306) (سنده) (1) ثنا بكر بن عيسى ثنا أبو عوانه عن المغيرة عن الشعبى عن عدى بن حاتم قال الحديث (تخريجه) أخرجه البخارى فى باب (قصة وفد طئ وحديث عدى بن حاتم) من كتاب المغازى حدثنا موسى بن اسماعيل حدثنا أبو عوانة حدثنا عبد الملك عن عمرو بن حريث عن عدى بن حاتم قال أتينا عمر فى وفد فجعل يدعو رجلا رجلا ويسميهم فقلت أما تعرفنى يا أمير المؤمنين قال بلى اسلمت إذ كفروا، وأقبلت إذ أديروا، ووفيت إذ غدروا، وعرفت إذ انكروا فقال عدى فلا أبالى إذا وقد ذكر الشيخ رحمه الله حديث عدى فى كتاب الزكاة برقم 89 وقال أخرجه ابن سعد وغيره وبعضه فى مسلم اهـ راجع الجزء التاسع ص 48، 49 (307) (سنده) (2) ثنا عبد الله بن نمير ثنا مجالد عن عامر عن عدى بن حاتم قال. الحديث (غريبه) (3) المراد قطاع الطريق وطئ بوزن هين قبيلة مشهورة منها عدى بن حاتم المذكور وبلادهم ما بين العراق والحجاز وكانوا يقطعون الطريق على من مر عليهم بغير جوار ولذلك تعجب عدى كيف تمر المرأة عليهم وهى غير خائفة والمقانب بالنون جمع مقنب كمنبر جماعة الخيل والفرسان وقد يقال لجماعة الذئاب قال فى القاموس المقنب كمنبر

-[ما جاء في عروة بن أبي الجعد البارقي رضي الله عنه]- بهذه الكلاب والبزاة فما يحل لنا منها قال يحل لكم ما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله فكلوا مما أمسكن عليكم واذكروا اسم الله عليه فما علمت من كلب أو باز ثم أرسلت وذكرت اسم الله عليه فكل مما أمسك عليك قلت وإن قتل قال وإن قتل ولم يأكل منه شيئًا فإنما أمسكه عليك قلت أفرأيت إن خالط كلابنا كلاب أخرى حين نرسلها قال لا نأكل حتى تعلم أن كلبك هو الذي أمسك عليك، قلت يا رسول الله أنا قوم نرمي بالمعراض فما يحل لنا قال لا نأكل ما أصبت بالمعراض إلا ذكيت: (باب ما جاء في عروة بن أبي الجعد البارقي رضي الله عنه)

_ مخلب الأسد ومن الخيل ما بين الثلاثين إلى الأربعين أو زهاء ثلثمائة والمقانب الذئاب الضاربة اهـ بحذف وهذا مرادف لما فى رواية البخارى (فأين دعار طئ الذين قد سعروا البلاد) والداعر الخبيث المفسد وتسعير البلاد ايقاد نار الفتنة فيها مستعار من استعار النار وهو توقدها (1) البزاة بوزن الغزاة ضرب من الصقور والمفرد الباز والبازى (2) نهاه صلى الله عليه وسلم عن الأكل من الصيد حتى يعلم ذلك لجواز أن يكون الذى قتله هو الكلب الآخر وهو غير معلم أو غير مسمى عليه أو استرسل بنفسه دون أن يرسله من هو أهل للذكاة أو أرسله من ليس أهلا للذكاة كالمجوسى وفى هذه الأحوال كلها لا يجوز أكله فلما تردد قتل الصيد بين سبب مبيح وهو امساك كلبك اياه وسبب محرم وهو ما ذكرنا رجح السبب المحرم لأن الأصل فى الحيوان الحظر وفى ذلك تنبيه على أنه إذا توفر فى الكلب الآخر الشروط الشرعية حل الصيد ومثله ما اذا أدركه الصائد حيا حياة مستقره فانه يحل ويجب على الصائد تذكيته (2) المعراض بكسر أوله وتسكين ثانيه خشبة ثقيله فى طرفها حديده أو عصا فى طرفها حديدة والصائد إذا رمى الصيد بتلك الخشبة أو العصا فأصابه بالحديدة ونفذت منه حل أكله لقتله بمحدد أما إذا قتله بثقل العصا أو الخشبة فلا يحل لانه وقيذ يدلك على هذا التفصيل ما أخرجه البخارى عن عدى بن حاتم رضى الله عنه قال. سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيد المعراض فقال إذا أصبت بحده فكل واذا أصبت بعرضه فقتل فانه وقيذ فلا تأكل) ومنه يعلم أن معنى قوله (لا تأكل ما أصبت بالمعراض) أى بثقله لانه وقيذ حينئذ وقد حرم الله للوقوذه وهى التى ماتت بالضرب وقوله (الا ما ذكيت) معناه أنه اذا اثخنه بالمعراض ولم يقتله ثم أدركه وفيه حياة مستقرة فذكاه حل ويكفى هذا القدر هنا وقد فصل الشيخ رحمه الله القول فيه فى باب الصيد والذبائح بالجزء السابع عشر (تخريجه) قال الشيخ رحمه الله أخرج ما يختص بالصيد منه الشيخان وأصحاب السنن الاربعة اهـ (باب) عروة بن الجعد ويقال ابن أبى الجعد الأزدى البارقى الكوفى الصحابى وبارق بطن من الأزد وهو بارق بن عدى بن حارثة استعمله عمر بن الخطاب على قضاء الكوفة قبل شريح روى عنه قيس بن أبى حازم والشعبى والسبيعى وشريح بن هانى وآخرون وكان مرابطا قال البارقى شبيب بن غرقدة رأيت فى دار عروة بن الجعد سبعين فرسا مربوطة للجهاد فى سبيل الله قاله النووى فى التهذيب وكان ممن حضر فتوح الشام ونزلها كما في الإصابة.

-[ما جاء في عروة بن أبي الجعد البارقي رضي الله عنه]- (308) (عن أبي لبيد) عن عروة بن أبي الجعد البارقي رضي الله عنه قال: عرض للنبي صلى الله عليه وسلم جلب، فأعطاني دينارًا وقال أي عروة أتت الجلب فاشتر لنا شاة، فأتيت الجلب فساومت صاحبه فاشتريت منه شاتين بدينار فجئت أسوقها أو قال أقودهما فلقيني رجل فساومني فأبيعه شاة بدينار فجئت بالدينار وجئت بالشاة فقلت يا رسول الله هذا ديناركم وهذه شاتكم قال وصنعت كيف قال فحدثته الحديث فقال بارك له في صفقة يمينه فلقد رأيتني أقف بكناسة الكوفة فأربح أربعين ألفًا قبل أن أصل إلى أهلي وكان يشتري الجواري ويبيع

_ (308) (سنده) (1) ثنا أبو كامل ثنا سعيد بن زيد ثنا الزبير بن الخريت ثنا أبو لبيد عن عروة ابن أبى الجعد البارقى قال ... الحديث وأخرج هذا الحديث أيضا من طريقين آخرين الامام أحمد ثنا ابراهيم ابن الحجاج ثنا سعيد بن زيد به مثله وثنا عفان ثنا سعيد بن زيد بهذا الاسناد عن أبى لبيد قال كان عروة ابن أبى الجعد البارقى نازلا بين أظهرنا فحدث عنه أبو لبيد لمازة بن زبار عن عروة بن أبى الجعد قال عرض للنبى صلى الله عليه وسلم الخ (غريبه) (2) (الجلب) بفتحتين ما يجلب للبيع من كل شئ ويقال له أيضا الجلوبة (عرض له كذا) ظهر وعرضته له أظهرته له وأبرزته اليه وبابه ضرب والمعنى جلب إلى المدينة ما يباع من أنواع السلع والحيوانات وظهرت فى السوق فأعطانى الخ (3) فيه دليل على أنه يجوز للوكيل إذا قال له المالك اشتر بهذا الدينار شاة ووصفها أن يشترى به شاتين بالصفة المذكوره لأن مقصود الموكل قد حصل وزاد الوكيل خيرا ومثل هذا لو أمره أن يبيع شاة بدرهم فباعها بدرهمين أو بأن يشتريها بدرهم فاشتراها بنصف درهم وهو الصحيح عند الشافعية كما نقله النووى فى زيادات الروضة اهـ من تحفة الأحوذى (4) أى فبعته استعمل المضارع فى موضع الماضى لاستحضار صورة البيع (5) الكناسة بالضم القمامة وموضع بالكوفه اهـ قاموس (6) قوله وكان يشترى الخ ليس من قول عروة وإنما هو من قول أبى لبيد (تخريجه) أخرجه البخارى فى علامات النبوة قبيل باب فضائل أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم حدثنا على بن عبد الله أخبرنا سفيان حدثنا شبيب بن غرقدة قال سمعت الحى يحدثون عن عروة أن النبى صلى الله عليه وسلم أعطاه دينارا يشترى له به شاة فاشترى له به شاتين فباع أحداهما بدينار وجاءه بدينار وشاة فدعا له بالبركة فى بيعه وكان لو اشترى التراب لربح فيه وأخرجه مختصرا كذلك الامام أحمد ثنا سفيان عن شبيب به قال القسطلانى وهذا الحديث أخرجه أبو داود والترمذى فى البيوع وابن ماجه فى الأحكام اهـ وقال فى تحفة الاحوذى: وفى اسناد من عدا البخارى سعيد بن زيد أخو حماد بن زيد وهو مختلف فيه عن أبى لبيد لمازة بن زبار وقد قيل أنه مجهول لكن وثقه ابن سعد واثنى عليه أحمد وقال فى التقريب صدوق ناصبى من الثالثة قال المنذرى والنووى اسناده صحيح لمجيئه من وجهين اهـ

-[ما جاء في عكاشة بن محصن رضي الله عنه]- (باب ما جاء في عكاشة بن محصن رضي الله عنه) (309) (عن أبي هريرة رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا بغير حساب فقال عكاشة بن محصن رضي الله عنه يا رسول الله: أدع الله أن يجعلني منهم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. اللهم أجعله منهم، ثم قال آخر يا رسول الله ادع الله أن يجعلني منهم قال قد سبقك بها عكاشة.

_ (باب) عكاشة بن محصن الصحابى رضى الله عنه شهد بدرا وأبلى فيها بلاء حسنا وشهد أحدا والخندق وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا وانكسر سيفه يوم بدر فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم عرجونا أو عودا فعاد فى يده سيفا شديد المتن أبيض الحديد فقاتل به حتى فتح الله على رسوله صلى الله عليه وسلم ثم لم يزل عنده يشهد به المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استشهد فى قتال المرتدين فى زمن الصديق رضى الله عنه وله أربع وأربعون سنة. (309) (سنده) (1) حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا أبو يونس عن أبى هريرة الخ "وعكاشه" بضم العين المهملة ويجوز فى الكاف التشديد والتخفيف والأول هو الاشهر "ومحصن" بوزن منبر واسم "أبى يونس" فى السند سليم بن جبير "بالتصغير فيهما" المصرى الدوسى مولى أبى هريرة رضى الله عنه أفاده النووى (2) جاء بيانهم فى حديث ابن عباس عند أحمد والشيخين: هم الذين لا يتطيرون ولا يسترقون ولا يكتون وعلى ربهم يتوكلون" والمعنى فى تركهم الرقى والكى انه قد كمل تعويضهم إلى الله عز وجل فلم يتسببوا فى دفع ما أوقعه بهم ولا شك فى فضيلة هذه الحالة ورجحان صاحبها وأما تطببه صلى الله عليه وسلم فكان لبيان الجواز أفاده الخطابى قال القاضى عياض وهذا ظاهر الحديث ومقتضاه أنه لا فرق بين ما ذكر من الكى والرقى وسائر أنواع الطب وذهب بعضهم إلى التفرقة لمعنى وهو أن التطيب غير قادح فى التوكل إذ فعله صلى الله عليه وسلم والسلف الصالح ومثله كل سبب مقطوع بفائدته كالاكل والشرب للغذاء والرى ولهذا لم يجعلوا الاكتساب للقوت والسعى على العيال قادحا فى التوكل إذا لم يكن ثقته فى رزقه باكتسابه وكان مفوضا فى ذلك إلى الله تعالى قال القاضى والكلام فى الفرق بين الطب والكى يطول وقد أباحهما النبى صلى الله عليه وسلم وأثنى عليهما لكنه صلى الله عليه وسلم تطبب فى نفسه وطبب غيره ولم يكتو وكوى غيره ونهى أمته عن الكى وقال ما أحب أن أكتوى (3) قيل إن الرجل الثانى لم يكن ممن يستحق تلك المنزلة وقيل إن ذلك لحم ماده الطلب فى هذا الباب وقيل إن كون عكاشة منهم كان بوحى ولم يحصل ذلك لغيره والله سبحانه وتعالى أعلم. (تخريجه) أخرجه الشيخان فى صحيحهما البخارى فى باب يدخل الجنة سبعون ألفا بغير حساب من كتاب الرقاق ومسلم فى أواخر كتاب الايمان وأخرجاه أيضا من حديث ابن عباس رضي الله عنهما

-[ما جاء في العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه]- (باب ما جاء في العلاء بن الحضرمي رضي الله عنه) (310) (حدّثنا عبد الله) حدّثني أبي ثنا هشيم ثنا منصور عن ابن سيرين عن ابن العلاء بن الحضرمي "قال أبي ثنا به هشيم مرتين مرة عن ابن العلاء ومرة لم يصل" أن أباه كتب إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبدأ بنفسه.

_ (باب) العلاء بن الحضرمي صحابى جليل، ولاه النبى صلى الله عليه وسلم على البحرين، وتوفى وهو وال عليها، فأقره أبو بكر ثم عمر رضى الله عنهما، وتوفى سنة أربع عشرة وقيل سنة احدى وعشرين والياً عليها، قيل كان مجاب الدعوة وأنه خاض البحر بكلمات قالهن وكان له أثر عظيم فى قتال أهل الردة عند البحرين. (310) (غريبه) (1) قوله "قال أبى ثنا به هشيم مرتين مره عن ابن العلاء ومرة لم يصل" القائل قال أبى هو عبد الله بن الامام أحمد يعنى أن هشيما حدث الامام أحمد بهذا الحديث مرتين مره لسند المتصل فقال ثنا منصور عن ابن سيرين عن ابن العلاء بن الحضرمى أن أباه كتب الخ ومرة بالسند المنقطع فقال ثنا منصور عن ابن سيرين أن أبا العلاء بن الحضرمى كتب الخ فمدار الاتصال والانقطاع على ذكر ابن العلاء وتركه وأما منصور وابن سيرين فقد ذكرهما هشيم فى الحالين. يدل على ذلك رواية أبى داود فى سننه حدثنا أحمد بن حنبل ثنا هشيم عن منصور عن ابن سيرين "قال أحمد قال مرة يعنى هشيما عن بعض ولد العلاء" أن العلاء بن الحضرمى كان عامل النبى صلى الله عليه وسلم على البحرين فكان إذا كتب اليه بدأ بنفسه (2) قوله "فبدأ بنفسه" معناه أنه ذكر اسمه فى الكتاب قبل اسمه صلى الله عليه وسلم فكتب. (من العلاء ابن الحضرمى إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) وقد أخرج عبد الرزاق عن معمر عن أيوب قرأت كتابا (من العلاء بن الحضرمى إلى محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم) وعن نافع كان عمال عمر إذا كتبوا اليه بدؤا بأنفسهم وعنه كان ابن عمر يأمر غلمانه اذا كتبوا اليه أن يبدؤا بأنفسهم فان بدأ باسم المكتوب اليه فلا بأس به كما روى عن مالك وغيره من السلف فعن زيد بن ثابت أنه كتب إلى معاوية فبدأ باسم معاوية رواة أبو جعفر النحاس وفى الأدب المفرد بسند صحيح عن نافع أن ابن عمر كانت له حاجة إلى معاوية فبدأ باسم معاوية وفيه من رواية عبد الله بن دينار أنه كتب إلى عبد الملك يبايعه بسم الله الرحمن الرحيم لعبد الملك أمير المؤمنين من عبد الله بن عمر سلام عليك الخ ولكن أكثر العلماء على أن البداءة بصاحب الكتاب هو السنة عن الربيع بن أنس قال ما كان أحد أعظم حرمة من رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أصحابه رضى الله عنهم يكتبون اليه صلى الله عليه وسلم فيبدؤن بأنفسهم وفى الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كتب إلى هرقل ملك الروم بسم الله الرحمن الرحيم من محمد عبد الله ورسوله الى هرقل عظيم الروم سلام على من اتبع الهدى الخ وقد عقد البخارى لهذه المسأله فى صحيحه بابا فقال فى كتاب الاستئذان "باب بمن يبدأ فى الكتاب" يعنى بنفسه أو بالمكتوب اليه فليراجع والظاهر أن فعل زيد وابن عمر كان لأن الوقت وقت فتن واضطراب والله أعلم (تخريجه) أخرجه فى كتاب الأدب أبو داود في

-[ما جاء في عمار بن ياسر صلى الله عليه وسلم]- باب ما جاء في عمار بن ياسر صلى الله عليه وسلم (311) (حدّثنا عبد الله) حدّثني أبي ثنا يزيد بن هرون أنا العوام بن حوشب عن سلمة بن كهيل عن علقمة عن خالد بن الوليد رضي الله عنه قال كان بيني وبين عمار بن ياسر كلام فأغلظت له في القول فانطلق عمار يشكوني إلى النبي صلى الله عليه وسلم فجاء خالد وهو يشكره إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال فجعل يغلظ له ولا يزيد إلا غلطة والنبي صلى الله عليه وسلم ساكت لا يتكلم فبكى عمار وقال يا رسول الله ألا تراه فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه وقال من عادى عمارًا عاده الله ومن أبغض عمارًا أبغضه الله قال خالد فخرجت فما شيء أحب إلى من رضا عمار فلقيته فرضي قال عبد الله سمعته من أبي مرتين. (312) (وعن عمرو بن دينار) عن رجل من أهل مصر يحدث أن عمرو بن العاص أهدى إلى ناس هدايا ففضل عمار بن ياسر رضي الله عنه فقيل له فقالت سمعت رسول صلى الله عليه وسلم يقول تقتله الفئة الباغية.

_ السنن وسكت عنه وترجم عليه باب فيمن يبدأ بنفسه فى الكتاب وقد رواه عن هشيم من طريقين وقال المنذرى فيهما مجهول والله اعلم ورواه الحاكم فى المستدرك بالسند المتصل من طريق هشيم وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبى. (باب) عمار بن ياسر بن عامر بن مالك العنسى أبو اليقظان حليف بنى مخزوم وأمه سمية مولاة لهم كان من السابقين الأولين هو وأبوه وأمه وكانوا ممن يعذب فى الله فيقول لهم النبى صلى الله عليه وسلم اذا مر عليهم صبرا آل ياسر فان موعدكم الجنة هاجر إلى المدينة وشهد المشاهد كلها ثم شهد اليمامة فقطعت أذنه بها ثم استعمله عمر على الكوفة وتواترت الأحاديث عنه صلى الله عليه وسلم أن عمارا تقتله الفئة الباغية وأجمعوا على أنه قتل مع على بصفين سنة سبع وثلاثين وله ثلاث وتسعون سنة أفاده الحافظ فى الاصابة. (311) (غريبه) (1) أى فجعل خالد يغلظ لعمار القول أمام النبى صلى الله عليه وسلم ويزداد فى الغلظة والخشونة (2) "قال عبد الله" هو ابن الامام احمد "سمعته من أبى مرتين" أى سمعت هذا الحديث من أبى مرتين (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد بهذا اللفظ وقال رواه احمد والطبرانى ورجاله رجال الصحيح اهـ. وقال النووى فى تهذيبه روينا فى مسند الامام احمد عن علقمة عن خالد بن الوليد عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من عادى عمارا عاداه الله ومن أبغض عمارا أبغضه الله هذا منقطع لم يدرك علقمة خالدا اهـ. ورواه الحاكم فى المستدرك وقال هذا حديث صحيح الاسناد على شرط الشيخين وأقره الذهبى وعزاه السيوطى فى زوائد الجامع الصغير إلى أحمد والنسائى وابن حبان الحاكم (312) (سنده) (3) ثنا محمد بن جعفر قال ثنا حجاج قال ثنا شعبة أنا عمرو بن دينار عن رجل من

-[ما جاء في عمار بن ياسر رضي الله عنه]- (313) (وعن عطاء بن يسار) قال جاء رجل فوقع في على وفي عمار رضي الله تعالى عنهما عند عائشة رضي الله عنها فقالت أما على فلست قائلة لك فيه شيئًا، وأما عمار فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يخير بين أمرين إلا اختار أرشدهما. (314) (وعن ابن مسعود رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن سمية ما عرض عليه أمران قط إلا اختار الأرشد منهما. (315) (وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه) قال أخبرني من هو خير مني (يعني أبا قتادة السلمي الأنصاري رضي الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار (هو ابن ياسر) حين جعل يحفر الخندق وجعل يمسح رأسه ويقول: بؤس ابن سمية تقتلك الفئة الباغية.

_ أهل مصر الخ (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد بهذا اللفظ فى الفتن وقال: رواه أحمد وفيه راو لم يسم وبقية رجاله رجال الصحيح ورواه أبو يعلى باختصار الهدية اهـ وفيه دليل على أن عليا كرم الله وجهه كان على الحق فى خلافه مع معاوية وأن معاوية كان على الخطأ فى اجتهاده. (313) (سنده) (1) ثنا أبو احمد قال ثنا عبد الله بن حبيب عن حبيب بن أبى ثابت عن عطاء بن يسار الخ (غريبه) (2) أى أقربهما إلى الحق والصواب وفيه دليل على أن الرشد مع على رضى الله تعالى عنه وأن معاوية أخطأ فى اجتهاده لان عمارا اختار موافقة على رضى الله عنه (تخريجه) رواه بحذف القصة الترمذى وابن ماجه من طريق عبد العزيز بن سياه (بكسر المهملة بعدها تحثية خفيفة) عن حبيب بن أبى ثابت عن عطاء بن يسار عن عائشة قالت ما خير عمار بين أمرين ألا اختار أرشدهما قال الترمذى هذا حديث حسن غريب لا نعرفه الا من هذا الوجه من حديث عبد العزيز بن سياه وهو شيخ كوفى وقد روى عنه الناس اهـ. (314) (سنده) (3) ثنا وكيع عن سفيان عن عمار بن معاوية الدهنى عن سالم بن أبى الجعد الأشجعى عن عبد الله بن مسعود قال الخ (غريبه) (4) سمية بوزن أمية اسم أم عمار عذبها أبو جهل لعنه الله حتى قتلها فكانت أول شهيد فى الاسلام رضى الله عنها (تخريجه) رواه الحاكم فى المستدرك من طريق أبى كريب ويعقوب الدورقى قالا ثنا وكيع به وقال صحيح على شرط الشيخين أن كان سالم بن أبى الجعد سمع من عبد الله بن مسعود ولم يخرجاه وله متابع من حديث عائشة رضى الله عنها اهـ وساق حديث عائشة السابق بأسناده وأقره الذهبى. (315) (سنده) (5) ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبى مسلمه قال سمعت أبا نضرة يحدث عن أبى سعيد الخدرى قال اخبرنى الخ وقال الامام احمد ثنا حسن بن يحيى من أهل مرو أنا النضر بن شميل ثنا شعبه عن أبى مسلمة عن أبى نضره عن أبى سعيد الخدرى قال اخبرنى من هو خير منى أبو قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعمار بن ياسر تقتلك الفئة الباغية (غريبه) (6) بؤس بباء موحدة مضمومة وبعدها همزة والبؤس والبأساء المكروه والشده والمعنى يا بؤس ابن سمية ما أشده وأعظمه قاله النووى (تخريجه) أخرجه مسلم فى كتاب الفتن حدثنا محمد بن مثنى وابن بشار واللفظ لابن مثنى

-[ما جاء في عمار بن ياسر رضي الله عنه]- (316) (وعن عكرمة) أن ابن عباس رضي الله عنهما قال له ولابنه على: انطلقا إلى أبي سعيد الخدري فاسمعا من حديثه، قال فانطلقا، فإذا هو في حائط له، فلما رآنا أخذ رداءه فجاءنا فقعد فأنشأ يحدثنا، حتى أتى على ذكر بناء المسجد، قال كنا نحمل لبنة وعمار بن ياسر يحمل لبنتين لبنتين، قال فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل ينفض التراب عنه ويقول: يا عمار ألا تحمل لبنة كما يحمل أصحابك؟ قال إني أريد الأجر من الله، قال فجعل ينفض التراب عنه ويقول ويح عمار تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار فجعل عمار يقول أعوذ بالرحمن من الفتن. (317) (وعن علي رضي الله عنه) قال كنت جالسًا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء عمار فاستأذن فقال ائذنوا له مرحبًا بالطيب المطيب. (318) (وعن سالم بن أبي الجعد) قال دعا عثمان "وهو ابن عفان رضي الله عنه"

_ قالا ثنا محمد بن جعفر به ثم أخرجه من طرق أخرى عن أبى سعيد الخدرى وفى بعضها اخبرنى من هو خير منى أبو قتاده وهو طريق النضر بن شميل عن شعبة قال النووى: قال العلماء هذا الحديث حجة ظاهرة فى ان عليا رضى الله عنه كان محقا مصيبا والطائفة الأخرى بغاة لكنهم مجتهدون فلا اثم عليهم لذلك وفيه معجزة ظاهرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم من اوجه منها ان عمارا يموت قتيلا وانه يقتله مسلمون وانهم بغاة وان الصحابة يتقاتلون وانهم يكونون فرقتين باغية وغيرها وكل هذا قد وقع مثل فلق الصبح صلى الله عليه وسلم على رسوله الذى لا ينطق عن الهوى ان هو الا وحى يوحى. (316) (سنده) (1) ثنا محبوب بن الحسن عن خالد عن عكرمة أن ابن عباس قال له ولابنه على الخ (غريبة) (2) "الحائط" البستان (3) "المسجد": المراد به المسجد النبوى (4) "ويح" كلمة رحمة وهى بفتح الحاء اذا اضيفت كما هنا فان لم تضف جاز الرفع والنصب مع التنوين فيهما (5) المراد بالدعاء الى الجنة الدعاء الى سببها وهو طاعة الأمام وكان الأمام الواجب الطاعة اذ ذاك هو على رضى الله عنه وكانوا هم يدعون الى خلاف ذلك لكنهم معذورون للتأويل الذى ظهر لهم (تخريجه) أخرجه البخارى فى باب التعاون فى بناء المسجد من كتاب الصلاة وفى باب مسح الغبار عن الرأس فى سبيل الله من كتاب الجهاد. (317) (سنده) (6) حدثنا وكيع ثنا سفيان قال أبو اسحق عن هانئ بن هانئ عن على رضى الله عنه قال الخ (غريبه) (7) "مرحبا" أصبت رحباً وسعه "الطيب" اشارة الى انه فى ذاته كريم المعدن حسن الأخلاق "المطيب" بصيغة اسم المفعول اشارة الى ان الاسلام قد زاده كرما وحسنا (تخريجه) أخرجه الترمذى وابن ماجه وقال الترمذى هذا حديث حسن صحيح وأخرجه الحاكم فى المستدرك وقال صحيح الأسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبى. (318) (سنده) (8) حدثنا عبد الصمد ثنا القاسم يعنى ابن الفضيل ثنا عمرو بن مرة عن

-[ما جاء في عمرو بن الأسود رضي الله عنه]- ناسا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيهم عمار بن ياسر، فقال إني سائلكم وأني أحب أن تصدقوني. نشدتكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يؤثر قريشًا على سائر الناس، ويؤثر بني هاشم على سائر قريش، فسكت القوم، فقال عثمان: لو أن بيدي مفاتيح الجنة لأعطيتها بني أمية حتى يدخلوا الجنة من عند أخرهم، فبعث إلى طلحة والزبير فقال عثمان رضي الله عنه. ألا أحدثكما عنه عمارًا، أقبلت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذًا بيدي نتمشى في البطحاء حتى أتى على أبيه وأمه وعليه يعذبون، فقال أبو عمار يا رسول الله، الدهر هكذا. فقال له النبي صلى الله عليه وسلم أصبر ثم قال. اللهم اغفر لآل ياسر وق فعلت. (319) (وعن الحسن) قال رجل لعمرو بن العاص أرأيت رجلًا مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبه أليس رجلًا صالحًا، قال بلى، قال: قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبك وقد استعملك فقال قد استعملني فو الله ما أدري أحبًا كان لي منه أو استعانة بي ولكن سأحدثك برجلين مات رسول صلى الله عليه وسلم وهو يحبهما عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر. (باب ما جاء في عمرو بن الأسود رضي الله عنه) (320) (عن حكيم بن عمير وضمرة بن حبيب) قالا قال عمر بن الخطاب "رضي الله عنه" من سره أن ينظر إلى هدى رسول الله صلى الله عليه وسلم لينظر إلى هدى عمرو بن الأسود.

_ سالم بن أبي الجعد قال دعا عثمان رضى الله عنه الخ (غريبه) (1) اى سألتكم بالله ونشد بابه نصر (2) البطحاء والأبطح مسيل واسع فيه دقاق الحصى "والجمع الأباطح والبطاح" (3) ان قلت ما فائدة سؤال المغفرة وقد غفر الله لهم قلت فائدتها دوام المغفرة لهم وجعلها شاملة لجميع ذنوبهم والله اعلم (تخريجه) اورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ (319) (4) قوله عن الحسن الخ مر هذا الحديث بسنده وتخريجه فى مناقب عبد الله بن مسعود رضى الله عنه. (باب) قال فى الاصابة. عمرو بن الأسود يأتى حديثه مقرونا فى كثير من الروايات بأبى أمامة منها ما رواه ابن أبى عاصم من طريق الحارث بن الحارث عن عمرو بن الأسود وأبى أمامة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال أن الأمير إذا ابتغى الريبة فى الناس أفسدهم وقد فرق ابن أبى عاصم وسعيد ابن يعقوب بين هذا وبين عمرو بن الأسود العنسى الآتى فى المخضرمين اهـ (320) (سنده) (5) ثنا أبو اليمان ثنا أبو بكر عن حكيم بن عمير وضمرة بن حبيب قالا الخ (6) الهدى بفتح أوله وسكون ثانيه السيرة والهيئة والطريقة (تخريجه) أورده الهيثمى وقال. رواه أحمد وفيه أبو بكر بن أبى مريم وقد اختلط وبقية رجاله ثقات اهـ.

-[ما جاء في عمرو بن أم مكتوم الأعمى رضي الله عنه]- (باب ما جاء عمرو بن أم مكتوم الأعمى رضي الله عنه) (321) (عن أنس بن مالك رضي الله عنه) قال استخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أم مكتوم مرتين على المدينة ولقد رأيته يوم القادسية معه راية سوداء. (باب ما جاء في عمرو بن تغلب رضي الله عنه) (322) (حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عفان ثنا جرير بن حازم قال سمعت الحسن ثنا عمرو بت تغلب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه شيء فأعطاه ناسًا وترك ناسًا

_ (باب) عمرو بن أم مكتوم القرشي الاعمى مؤذن النبى صلى الله عليه وسلم بالمدينة قال ابن سعد أهل المدينة يقولون اسمه عبد الله وأهل العراق يقولون اسمه عمرو قال واتفقوا على نسبه وأنه ابن قيس ابن زائدة بن الاصم قال الحافظ وفى هذا الاتفاق نظر واسم أمه أم مكتوم عاتكة بنت عبد الله المخزومية وهو ابن خال خديجة أم المؤمنين فان أم خديجة (واسمها فاطمة) أخت قيس بن زائدة، أسلم قديما بمكة وكان من المهاجرين الاولين قال الزبير بن بكار خرج إلى القادسية فشهد القتال واستشهد هناك وكان معه اللواء حينئذ وقيل بل رجع إلى المدينة بعد القادسية ومات بها ذكره البغوى وهو الذى نزل فيه (عبس وتولى الخ). (321) (سنده) (1) ثنا عبد الرحمن بن مهدى عن عمران القطان عن قتادة عن أنس قال الخ (2) قال فى الاصابة فى ترجمة ابن أم مكتوم وكان النبى صلى الله عليه وسلم يستخلفه على المدينة فى عام غزواته يصلى بالناس قال ابن عبد البر روى جماعة من أهل العلم بالنسب والسير أن النبى صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم ثلاث عشرة مرة ذكرها واما رواية قتادة عن أنس أن النبى صلى الله عليه وسلم استخلف ابن أم مكتوم مرتين فلم يبلغه ما بلغ غيره اهـ (3) القادسية مدينة عظيمة بالعراق قرب الكوفة بينهما خمسة عشر فرسخا وبها كانت ملحمة عظيمة بين الفرس والمسلمين بقيادة سعد بن أبى وقاص فى أيام عمر بن الخطاب سنة 16 من الهجرة وقاتل المسلمون يومئذ أعظم القتال وكان الفتح لهم وقتل رستم قائد الفرس ولم يقم للفرس بعدها قائمة (تخريجه) رجاله رجال الصحيح ما عدا عمران القطان فهو من رجال الاربعة وروى عنه البخارى فى التاريخ وترجم له الحافظ فقال عمران بن داور (بفتح الواو وبعدها راء) أبو العوام القطان البصرى صدوق يهم ورمى برأى الخوارج من السابعة اهـ من التقريب. (باب) عمرو بن تغلب (بفتح المثناة وسكون الغين المعجمة وكسر اللام) النمرى (بفتحتين) ويقال العبدى صحابى معروف نزل البصرة روى عن النبى صلى الله عليه وسلم أحاديث منها انه صلى الله عليه وسلم أثنى على عمرو بن تغلب فى اسلامه وذلك فى صحيح البخارى وغيره ولم يذكر الاكثرون له راويا غير الحسن البصرى وذكر ابن أبى حاتم أن الحكم بن الاعرج روى عنه أيضا عاش الى خلافه معاوية اهـ من الاصابة: (322) (غريبه) (4) رواية البخارى (أتى بمال أو سبى)، وهو تفصيل لما أجمل هنا

-[ما جاء في عمرو بن تغلب رضي الله عنه]- وقال جرير أعطى رجالًا وترك رجالًا، قال فبلغه عن الذي ترك أنهم عتبوا وقالوا قال فصعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أعطى ناسًا وأدع ناسًا وأعطى رجالًا وأدع رجالًا "قال عفان قال ذي وذي" والذي أدع أحب إلى من الذي أعطى، أعطى أناسًا لما في قلوبهم من الجزع والهلع وأكل قومًا إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغني والخير، منهم عمرو بن تغلب. قال كنت جالسًا تلقاء وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم. (باب ما جاء في عمرو بن الجموح رضي الله عنه) (323) (عن يحيى بن النضر) عن أبي قتادة رضي الله عنه أنه حضر ذلك: قال أتى عمرو بن الجموح إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أرأيت إن قاتلت في سبيل الله حتى أقتل أمشي برجلي هذه صحيحة في الجنة وكانت رجله عرجاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم نعم فقتلوا يوم أحد

_ (1) خفيت عليهم حكمة الاعطاء فالمنع فغضبوا وتكلموا فلما بين صلى الله عليه وسلم ان الاعطاء كان لضعاف الايمان يتألفهم بذلك وأن المنع كان لقوة الايمان رضوا واطمأنوا (2) الجزع بالتحريك ضد الصبر والهلع بالتحريك أيضا أفحش الفزع (3) قال فى المصباح حمر النعم ساكن الميم كرائمها وهو مثل فى كل نفيس ويقال أنه جمع أحمر وأن أحمر من أسماه الحسن اهـ والمراد أن كلمة المدح التى سمعها عمرو بن تغلب أحب اليه من كرائم الابل يملكها (تخريجه) أخرجه البخارى عن جرير بن حازم بهذا الاسناد من عده طرق فى باب من قال فى الخطبة بعد الثناء اما بعد من كتاب الجمعة وفى باب ما كان النبى صلى الله عليه وسلم يعطى المؤلفة قلوبهم وغيرهم من الخمس ونحوه من كتاب فرض الخمس وفى باب قول الله أن الانسان خلق هلوعا الخ من كتاب التوحيد وأخرجه احمد ايضا ثنا وهب بن جرير ثنا أبى قال سمعت الحسن قال ثنا عمرو بن تغلب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. أنى اعطى اقواما وارد آخرين والذين ادع احب إلى من الذين اعطى، اعطى اقواما لما اخاف من هلعهم وجزههم، واكل اقواما إلى ما جعل الله عز وجل فى قلوبهم من الغنى والخير، منهم عمرو بن تغلب، قال قال عمرو فوالله ما احب ان لى بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم: (باب) عمرو بن الجموح (بفتح الجيم) بن زيد بن حرام (بالحاء المهملة) بن كعب بن سلمة (بكسر اللام) الانصارى السلمى من بنى جشم بن الخزرج شهد العقبة واختلقوا فى شهوده بدرا واستشهد يوم أحد ودفن هو وعبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر فى قبر واحد وكانا صهرين ورووا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لنفر من بنى سلمة سيدكم عمرو بن الجموح وكان عمرو سيدا من سادات بنى سلمة وشريفاً من أشرافهم وكان له أربعة بنين يقاتلون مع النبى صلى الله عليه وسلم قال فيه حين استشهد لقد رأيته فى الجنة اهـ من تهذيب الامام النووى. (323) (سنده) (4) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الرحمن المقرى ثنا حيوة قال حدثنا

-[ما جاء في عمرو بن عبسة رضي الله عنه]- هو وابن أخيه ومولى لهم فمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كأني أنظر إليك تمشي برجلك هذه صحيحة في الجنة فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما وبمولاهما فجعلوا في قبر واحد. (باب ما جاء في عمرو بن عبسة رضب الله عنه وكنيته أبو نجيح وهو رابع أربعة في الإسلام) (324) (عن شداد بن عبد الله الدمشقي) وكان قد أدرك نفرًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قال أبو أمامة يا عمرو بن عبسة صاحب العقل عقل الصدقة رجل

_ أبو الصخر حميد بن زياد أن يحيى بن النضر حدثه عن أبي قتادة الخ (1) المراد بابن أخيه عبد الله بن عمرو بن حرام والد جابر قال ابن عبد البر في التمهيد ليس هو ابن أخيه وإنما هو ابن عمه قال الحافظ في الفتح وهو كما قال فامله كان أسن منه (2) قال جار حولت أبي بعد ستة أشهر فما أنكرت منشيئا إلا شعرات من لحيته كانت مستها الأرض روى معناه البخاري عن جابر ولفظه فأصبحنا فكان - أي والده - أو قتيل ودفن معه آخر في قبر ثم لم تطب نفسي أن أتركه مع الآخر فاستخرجه بعد سنة أشهر فإذا هو كيوم وضعته هنية غير أذنه وروى مالك في الموطأ عن عبد الرحمن بن أبي صعصعة أنه بلغه أن عمرو بن الجموع وعبد الله بن عمرو الأنصار بين كانا قد حفر السيل عن قبر هما وكانا في قبر واحد مما يلي السيل فحفر عنهما ليغيرا من مكانهما - أي لينقلا منه - فوجدا لم يتغيرا كأنهما ماتا بالأمس وكان بين أحد ويوم حفر عنهما ست وأربعون سنة والمراد بقوله كانا في قبر واحد أي كانا متجاورين كأنهما في قبر واحد أو أن السيل خرق أحد القبرين فصارا كقبر واحد ويتبين مما ذكر أن النقل كان مرتين الأولى لأفراد كل منهما بقبر وكان بعد ستة أشهر والثانية كان لأن السيل كان قد حفر عن فبريهما وذلك بعد ست وأربعين سنة وقد ذكر ابن أسحق قصة حفر السيل في المغازي فقال حدثني أبي عن أشياخ من الأنصار قالوا لما ضرب معاوية عينه التي مرت على قبول الشهداء انفجرت العين عليهم فجئنا فأخرجنا هما يعني عمرا وعبد الله وعليهما بردتان قد غطى بهما وجوهما وعلى أقدامهما شيء من نبات الأرض فأخرجناهما يتثنيان تثنيا كأنهما دفنا بالأمس (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير يحيى بن النضر الأنصاري وهو ثقة اهـ وقال الحافظ في الفتح اسناده حسن وأفاد في الإصابة أن الحديث أخرجه أيضا ابن أبي شيبة في أخبار المدينة حدثنا هرون بن معروف حدثنا ابن وهب قال حيوة أخبرني أبو صخر به كلفظ أحمد. (باب) عمرو بن عبسة "بوزن عدسه" بن عامر بن خالد بن غاضرة بن عتاب أبو نجيح "بوزن مليح" ويقال أبو شعيب الصحابي الصالح أسلم قديما بمكة وكان رابع أربعة في الإسلام ثم رجع إلى بلاده فأقام بها إلى أن هاجر بعد الخندق وقيل هاجر بعد خيبر وقيل الفتح فشهدها سكن المدينة ثم سكن الشام ويقال أنه مات بحمص قال الحافظ وأظنه مات في أواخر خلافة عثمان فإنني لم أر له ذكرا في الفتنة ولا في خلافة معاوية. (324) (سنده) (1) ثنا عبد الله بن يزيد أبو عبد الرحمن المقري ثنا عكرمة يعي ابن عمار ثنا شداد بن عبد الله الدمشقي الخ (غريبه) (2) قال في النهاية العقل النية وأصله أن القاتل كان

-[ما جاء في عمرو بن عبسة رضي الله عنه]- من بني سليم بأي شيء تدعي أنك رابع الإسلام قال: إني كنت في الجاهلية أرى الناس على ضلالة، والا أرى الأوثان شيئًا، ثم سمعت عن رجل يخبر أخبار مكة ويحدث أحاديث فركبت راحلتي حتى قدمت مكة، فإذا برسول الله صلى الله عليه وسلم مستخف، وإذا قومه عليه جرداء فتلطفت له فدخلت عليه، فقلت ما أنت قال أنا نبي الله، فقلت وما نبي الله قال: رسول الله، قال قلت الله أرسلك قال نعم قلت بأي شيء أرسلك قال بأن يوحد الله وأن لا يشرك به شيء وكسر الأوثان وصلة الأرحام، فقلت له من معك على هذا قال حر وعبد أو عبد وحر وإذا معه أبو بكر بن أبي قحافة وبلال مولى أبي بكر، قلت إني متبعك قال لا تستطيع ذلك يومك هذا، ولكن أرجع إلى أهلك فإذا سمعت بي قد ظهرت فألحق بي، قال فرجعت إلى أهلي وقد أسلمت فخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة فجعلت أتخبر الأخبار حتى جاء ركبة من يثرب فقلت ما هذا المكي الذي أتاكم قالوا أراد قومه قتله فلم يستطيعوا ذلك وحيل بينهم وبينه وتركنا الناس سراعًا قال عمرو ابن عيسة "رضي الله عنه" فركبت راحلتي حتى قدمت عليه المدينة فدخلت عليه فقلت يا رسول الله أتعرفني قال نعم ألست أنت الذي أتيتني بمكة قال قلت يا رسول الله علمني مما علمك الله وأجهل قال: إذا صليت الصبح فاقصر عن الصلاة حتى تطلع الشمس، فإذا طلعت فلا تصل حتى ترتفع فإنها تطلع حين تطلع بين قرني الشيطان وحينئذٍ يسجد لها الكفار، فإذا ارتفعت قيد رمح أو رمحين فصل، فإن الصلاة مشهودة محضورة، حتى يستقل الرمح بالظل ثم أقصر

_ إذا قتل قتيلا جمع الدية من الإبل فعلقها بفناء أولياء المقتول أي شدها في عقلها ليسلمها إليهم ويقبضوها منه فسميت الدية عقلا بالمصدر اهـ أقول فلعل المراد من كون عمرو بن عبسة صاحب عقل الصدقة أنه كان سيدافي قومه يتحمل الدية عمن يعجز عنها والله أعلم (1) بوزن شرفاء جمع جرى. بوزن شريف عن الجراة وهي الاقدام والتسلط (2) لما كان سؤال عمرو عن وصف النبي صلى الله عليه وسلم قال ما أنت و"ما" لصفات من يعقل (3) قال النووي. معناه قلت له أني متبعك على إظهار الإسلام هنا وإقامتي معك فقال لا تستطيع ذلك لضعف شوكة المسلمين ونخاف عليك من أذى الكفار ولكن قد حصل أجرك فايق على إسلامك وأرجع إلى قومك واستمر على الإسلام في موضعك حتى تعلم أني قد ظهرت فأنني قال وفيه معجزة للنبوة وهي أعلامه بأنه سيظهر (4) الركبة بوزن الرقبة جماعة أقل من الركب جمعه ركبات بفتحتين والركب أصحاب الإبل في السفر إذا كانوا عشره فما فوقها جمعة ركبان بضم أوله ومكون ثانية اهـ نهاية ومختار (5) سراعا بكسر السين أي مسرعين إلى انباعه (6) "فاقصر عن الصلاة" يجوز أن يكون بقطع الهمزة وكسر الصاد أمر من (اقصرا عن الشيء) بمعنى كف ونزع ويجوز أن يكون يوصل الهمزة وضم الصاد أمر من (قصر الشيء بمعنى حبسه) أي أحبس نفسك عن الصلاة وعلى كل المعنى الكف عن الصلاة في وقت طلوع الشمس وغروبها سد الذريعة التشبه بالكفار وعن الصلاة وقت توسط الشمس في السماء لأن جهنم حينئذ يوقد عليها ويشتد لهيبها وتفصيل الفول فل ذلك نجده في كتاب الصلاة (7) غاية لتجويز الصلاة بعد طلوع الشمس وارتفاعها والمعنى حتيى يبلغ ظل الرمح المغروز بالأرض أدنى ما يكون

-[ما جاء في عمرو بن عبسة رضي الله عنه]- عن الصلاة فإنها حينئذٍ تسجر جهنم، فإذا أفاء الفيء فصل، فإن الصلاة مشهودة محضورة حتى تصلي العصر، فإذا صليت العصر فأقصر عن الصلاة حتى تغرب الشمس فإنها تغرب بين قرني شيطان وحينئذٍ يسجد لها الكفار، قلت يا نبي الله أخبرني عن الوضوء قال: ما منكم من أحد يقرب وضوءه ثم يتمضمض ويستنشق وينثر إلا خرجت خطايا من فمه وخياشيمه مع الماء حين ينتثر، ثم يغسل وجهه كما أمره الله تعالى، إلا خرجت خطايا وجهه من أطراف لحيته مع الماء، ثم يغسل يديه إلى المرفقين إلا خرجت يديه من أطراف أنامله، ثم يمسح رأسه إلا خرجت خطايا رأسه من أطراف شعره مع الماء، ثم يغسل قدميه إلى الكعبين كما أمره الله عز وجل إلا خرجت خطايا قدميه من أطراف قدميه من أطراف أصابعه مع الماء، ثم يقوم فيحمد الله عز وجل ويثني عليه الذي هو أهل ثم يركع ركعتين إلا خرج من ذنبه كهيئته يوم ولدته أمه أو أمامة يا عمرو بن عبسة أنظر ما تقول أسمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، أيعطي الرجل هذا كله في مقامه، قال فقال عمرو بن عبسة يا أبا أمامة لقد كبرت حتى ورق عظمي واقترب أجلي وما بي من حاجة أن أكذب على الله عز وجل وعلى رسوله، لو لم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة أو مرتين أو ثلاثًا لقد سمعته سبع مرات أو أكثر من ذلك. (325) (وعن أبي نجيح السلمي) "يعني عمرو بن عبسة رضي الله عنه" قال حاصرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حصن الطائف فسمعت رسول الله يقول من بلغ بسهم فله درجة في الجنة قال فبلغت يومئذٍ ستة عشر سهمًا. (باب ما جاء في عمرو بن العاص رضي الله عنه وسبب إسلامه)

_ من القلة والنقص فالباء زائدة لتحسين الكلام وفيه قلب أيضاً (1) أي رجع الظل إلى جهة المشرق والفيء الظل بعد الزوال وأما الظل فيقع على ما قبل الزوال وبعده (2) قوله لو لم أسمعه الخ أي ما حدثت به وهو جواب (لو) ولكني سمعته سبع مرات أو أكثر والمراد لو لم أتحقق الحديث وأجزم به ما حدثت وتصوير الجزم بما ذكر بيان للواقع لأنه شرط في التحديث (تخريجه) أخرجه مسلم قبيل باب صلاة الخوف وأخرج أصاحب السنن بعضه والله أعلم. (325) (سنده) (3) ثنا روح قال ثنا هشام بن أبي عبد الله عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي نجيح السلى قال: الحديث (تخريجه) أخرجه أبو داود في باب أي الرقاب أفضل من كتاب العتق قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي وابن ماجة وحديثه مختصر في ذكر الرمى وقال الترمذي حسن صحيح أو انظر باب غزوة الطائف من الجزء الحادي والعشرين حديث رقم 415. (باب) عمرو بن العاص هو أبو عبد الله ويقال أبو محمد عمرو بن العاص بن وائل القرشي السهمي يلتقي نسبه مع نسب رسول الله صلى الله عليه وسلم في كعب بن لؤي بن غالب أسلم عام خيبر أول سنة سبع

-[ما جاء في عمرو بن العاص رضي الله عنه]- (326) (عن حبيب بن أبي أوس) قال حدّثني عمرو بن العاص رضي الله عنه من فيه قال. لما انصرفنا من الأحزاب عن الخندق جمعت رجالًا من قريش كانوا يرون مكاني ويسمعون مني، فقلت لم تعلمون والله أني لأرى أمر محمد يعلو الأمور علوًا كبيرًا منكرًا، وأني قد رأيت رأيًا فما ترون فيه، قالوا وما رأيت، قال رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون عنده فإن ظهر محمد على قومنا عند النجاشي فإن أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد، وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا فلن يأتينا منهم إلا خير، فقالوا إن هذا الرأي، قال فقلت لهم فاجمعوا له ما نهدي له وكان أحب ما يهدي إليه من أرضنا الأدم فجمعنا له أدمًا كثيرًا فخرجنا حتى قدمنا عليه، فو الله أنا لعنده إذ جاء عمرو بن أمية الضمري وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه قال فدخل عليه ثم خرج من عنده قال فقلت لأحابي هذا عمرو بن أمية الضمري، لو دخلت على النجاشي فسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه فإذا فعلت ذلك رأت قريش أني قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد، قال فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع فقال مرحبًا، بصديقي، أهديت لي من بلادك شيئًا، قال قلت نعم أيها الملك قد أهديت لك أدمًا كبيرًا، قال قم قدمته إليه فأعجبه واشتهاه، ثم قلت له أيها الملك أني قد رأيت رجلًا خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا فأعطينيه لأقتله، فإنه

_ وقيل أسلم في صفر سنة ثمان قبل الفتح بستة أشهر وقد أمره رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة ذات السلاسل على جيش عدده ثلثمائة فلما دخل بلادهم استمده فأمده بجيش من المهاجرين الأولين فيهم أبو بكر وعمر وأميرهم أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنهم واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم على عمان فلم يزل عليها حتى توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم أرسله أبو بكر أميرا إلى الشام فشهد فتوحه، وولى فلسطين لعمر رضي الله عنه ثم أرسله في جيش إلى مصر ففتحها ولم يزل واليا عليها حتى توفي عمر، ثم أقره عثمان عليها أربع سنين ثم عزله فاعتزل عمرو بفلسطين وكان يأتي المدينة أحيانا ثم استعمله معاوية على مصر فبقى عليها واليا حتى توفي ودفن بها وكانت وفاته ليلة عيد الفطر سنة ثلاث وأربعين وكان عمره سبعين سنة وكان من دماة العرب وأبطالهم رضي الله عنه. (316) (سنده) (1) ثنا يعقوب بن إبراهيم قال ثنا أبي عن ابن اسحق قال حدّثني يزيد بن ابن أبي حبيب عن راشد مولى حبيب بن أبي أوس الثقفي عن حبيب بن أبي أوس قال حدثني عمرو بن العاص من فيه قال الحديث. (فائدة) في الأصل (عن أبي أسحق) وصوابه (عن ابن اسحق) بدليل آخر الحديث قال ابن أسحق الخ ويؤيد ذلك أنه في سيرة بن أسحق بهذا السند وبهذا اللفظ وفي الأصل أيضا (عن أبي حبيب ابن أبي أوس) وصوابه (عن حبيب بن أبي أوس) كما يعلم بمراجعة الخلاصة في راشد وحبيب (2) خبر إن والمعنى أن ما أشرت به هو الرأي السديد (3) الأدام مثل كتاب ما يؤتدم به مائعا كان

-[ما جاء في عمرو بن العاص رضي الله عنه]- قد أصاب من أشرافنا وخيارنا، قال فغضب ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره، فلو أنشقت لي الأرض لدخلت فيها فرقًا منه ثم قلت أيها الملك والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتكه، فقال له أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى لتقتله، قال قلت أيها الملك أكذاك هو، قال ويحك يا عمرو أطعني وابتعه فإنه والله لعلى الحق، وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده، قال قلت فتباعيني له على الإسلام قال نعم فبسط يده وبايعه على الإسلام، ثم خرجت إلى أصحابه وقد حال رأيي عما كان عليه وكتمت أصحابي إسلامي، ثم خرجت عامدًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم لأسلم، فلقيت خالد بن الوليد وذلك قبيل الفتح وهو مقبل من مكة فقلت أين أبا سليمان قال والله لقد استقام المنسم وأن الرجل لنبي أذهب والله أسلم، فحتى متى، قال قلت والله ما جئت إلا لأسلم، قال فقدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع ثم دنوت فقلت يا رسول الله إني أبايعك على أن يغفر لي ما قدم من ذنبي ولا أذكر وما تأخر قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عرو بايع، فإن الإسلام يجب ما كان قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها، قال فبايعته ثم انصرفت. قال ابن إسحق وقد حدّثني من لا أتهم أن عثمان ابن أبي طلحة كان معهما أسلم حين أسلما. (327) (وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه) قال بعث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال

_ أو جامداً وجمعه أدم مثل كتب أما الأدم بفتحتين جمع أديم فهو الجلد المدبوغ وقد يجمع أيضا على أدم بضمتين (1) المراد أنف عمرو بن العاص ويكون في الكلام انتقال من التكلم إلى الغيبة (2) الفرق بفتحتين الخوف وقد فرق منه من باب طرب (3) فتبا يعني بالمضارع كما في مجمع الزوائد على تقدير همزة الاستفهام وهو أظهر مما في الأصل (فبايعني) بالأمر (4) تغير وبابه قال (5) رواه بعضهم (الميسم) بكسر الميم وفتح السين المهملة بينهما تحتية ومعناه العلامة أي قد تبين الأمر واستقامت الدلالة. ورواه بعضهم (المنسم) بالنون بوزن المجلس ومعناه استقام الطريق ووجبت الهجرة وأصله مقدم خف البعير كنى به عن الطريق المتوجه به فيه أفاده السهيلي (6) أي نسيت أن اشترط في البيعة أن يغفر لهم ما قد سلف) (تخريجه) أورده الهيثمي في مناقب عمرو بن العاص بهذا اللفظ وقال رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال حدثني عمرو بن العاص من فيه إلى آذنى ورجالهما ثقات اهـ وقد تقدم هذا الحديث بالجزء الحادي والعشرين في أول حوادث السنة الثامنة من كتاب السيرة النبوية وقال الشيخ رحمه الله في تخريجه هنالك (رواه بطوله أيضا ابن اسحق وسنده جيد). (327) (سنده) (1) حدثنا عبد الرحمن حدثنا موسى بن علي عن أبيه قال سمعت عمرو بن العاص

-[ما جاء في عمرو بن العاص رضي الله عنه]- خذ عليك ثيابك وسلاحك ثم أئتني، فأتيته وهو يتوضأ فصعد في النظر ثم طأطأ فقال: إني أريد أن أبعثك على جيش، فيسلمك الله ويغنمك، أو رغب لك من المال رغبة صالحة، قال قلت يا رسول الله. ما أسلمت من أجل المال، ولكني أسلمت رغبة في الإسلام، وأن أكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا عمرو: نعم المال الصالح للمرء الصالح. (328) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا نافع بن عمرو وعبد الجبار بن الورد عن ابن أبي مليكة قال قال طلحة بن عبيد الله. لا أحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا إلا أني سمعته يقول أن عمرو بن العاص رضي الله عنه من صالحي قريش قال وزاد عبد الجبار بن ورد عن ابن أبي مليكة عن طلحة قال: نعم أهل البيت عبد الله وأبو عبد الله وأم عبد الله. (329) (وعن أبي هريرة رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنا العاص مؤمنان عمرو وهشام.

_ يقول بعث إلى الخ (غريبه) (1) أي نظر إلى أعلامي وأسفلي يتأملني (تخريجه) الحديث رواه أيضا أبو يعلي والطبراني في الأوسط والكبير وقال فيه "ولكن أسلمت رغبة في الإسلام وأكون من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال نعم أو نعما بالمال الصالح" ورجال أحمد وأبي يعلي رجال الصحيح أفاده الهيثمي في مناقب عمرو بن العاص رضي الله عنه. قال الحافظ في الإصابة وأخرج أحمد بسند حسن عن عمرو ابن العاص قال بعث إلى النبي صلى الله عليه وسلم الحديث (2) كان هذا أول عمل تولاه عمرو في الإسلام وهو قيادة جيش المسلمين في غزوة ذات السلاسل وكان ذلك بعد إسلامه بأربعة أشهر وجعل النبي صلى الله عليه وسلم تحت قيادته أهل الشرف من المهاجرين والأنصار ثم أمده صلى الله عليه وسلم بمدد على رأسه أبو عبيدة وأبو بكر وعمر والمهاجرون الأولون فكان عمرو بن العاص يرأسهم جميعا ويصلي بهم. (328) (تخريجه) (3) رجال إسناده ثقات إلا أن فيه انقطاعا بين ابن أبي مليكة وطلحة وأخرجه البغوي وأبو يعلي من هذا الوجه وأخرجه ابن سعد بسند رجاله ثقات إلى ابن أبي مليكة مرسلا لم يذكر طلحة قاله الحافظ في الإصابة وأخرجه الترمذي في المناقب حدثنا اسحق بن منصور أخبرنا أبو أسامة عن نافع بن عمرو بن العاص من صالحي قريش قال أبو عيسى هذا حديث إنما تعرفه من حديث نافع ابن عمر الحجي ونافع ثقة وليس إسناده بمتصل، ابن أبي مليكة لم يدرك طلحة اهـ. (329) (سنده) (5) ثنا حسن بن موسى وأبو كامل قالا حدثنا حماد بن سلمة عن محمد بن عمرو ابن علقمة عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الحديث (سند آخر) حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أنبأنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنا العاص مؤمنان (شرحه) المراديا بني العاص عمرو وهشام وقد قتل هشام باجنادين شهيدا والشهادة لهما بالإيمان منقبة كبرى لهما تفيد أنهما أسلما طوعا لله تعالى من غير أكراه (تخريجه) الحديث رواه أيضا الطبراني في الأوسط والتكبير ورجال الكبير وأحمد رجال الصحيح غير محمد بن عمرو وهو حسن الحديث أفاده الهيثمي.

-[ما جاء في عمرو بن العاص رضي الله عنه]- (230) (وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه) قال عفلت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ألف مثل. (331) (وعن عبد الرحمن بن شُماسة) قال لما حضرت عمرو بن العاص الوفاة بكى فقال له ابنه عبد الله لم تبكي أجزعا من الموت، فقال لا والله ولكن مما بعد، فقال له قد كنت على خير، فجعل يذكره صحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفتوحه الشام فقال عمرو تركت أفضل من ذلك كله شهادة أن لا إله إلا الله إني كنت على ثلاثة أطباق ليس فيها طبق إلا عرفت نفسي فيه، وكنت أول شيء كافرًا، فكنت أشد الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلو مت حينئذٍ وجبت لي النار، فلما بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم كنت أشد الناس حياءً منه، فما ملأت عيني من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا راجعته فيما أريد، حتى لحق بالله عز وجل حياء منه، فلو مت يؤمئذٍ قال الناس هنيئًا لعمرو أسلم وكان على خير حياة فرجى له الجنة، ثم تلبست بعد ذاك بالسلطان وأشياء فلا أدري على أم لي، فإذا فلا تبكين على ولا تتبعني مادحًا ولا نارًا وشدوا على أزاري فإني مخاصم، وسنوا على التراب سنًا فإن جنبي الأيمن ليس بأحق بالتراب من جنبي الأيسر، ولا تجعلن في قبري خشة ولا حجرًا فإذا دار يتموني فاقعدوا عندي قدر نحر جزور وتقطعيها استأنس بكم.

_ (330) (سنده) (1) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسحق بن عيسى قال حدثني ابن لهيعة عن أبي قبيل عن عمرو بن العاص قال الخ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده حسن اهـ وذلك في باب ما أوتي النبي صلى الله عليه وسلم من العلم في كتاب النبوات. (331) (سنده) (2) ثنا علي بن اسحق قال أنا عبد الله يعني المبارك قال أنا ابن لهيعة قال حدثني يزيد بن أبي حبيب ان عبد الرحمن بن شماسة حدثه قال الخ وشماسة أوله شين معجمة مفتوحة لو مضمومة والميم مخففة وآخره سين مهملة ثم هاء أفاده النووي (غريبه) (3) فيه أنه ينبغي تذكير المختصر بما كان منه من أعمال الخير ليحسن ظنه بالله عز وجل ويموت على ذلك ولو ضم إلى ذلك آيات وأحاديث العفو والمغفرة كان خيرا (4) يعني وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنما اقتصر عليها لأنها أصبحت علما على الدين كله هذا ويجوز أن تكون التاء في قوله (تركت) مضمومة والمعنى أن عمرا ترك في صحيفة عمله أفضل من الجهاد وهو الإيمان بالله ورسوله ويجوز أن تكون مفتوحة والمعنى أن عبد الله بن عمرو ترك الإيمان في سوابق أبيه وكان ينبغي أن يذكر في أولها (5) الطبق بفتحتين الحال وكان عمرو على أحوال ثلاث: حال الجاهلية والعداوة للإسلام. وحال الإسلام والصحبة، وحال ما بعد وفاته صلى الله عليه وسلم (6) الفاعل ضمير يعود على عبد الله ابنه (7) نهى عن تعداد مآثره لأن الخاتمة غيب ولا يعلمه إلا الله كما نهى أن تصحب جنازته نار لأنه خلاف السنة ورواية مسلم (فإذا أنامت فلا تصحبني فاتحة ولا نار) (8) المراد استروا عورتي فإن الملائكة سيحاسبونني ويسألونني في قبري (9) أي صبوا على صبا قال النووي ضبطناه بالسين المهملة وبالمعجمة (10) المراد لا تجعلن فوق تبري علامة أعرف بها من خشب أو حجر فإن ذلك أبعد عن الشهرة (11) قال النووي فيه إثبات فتنة الغير وسؤال الملكين

-[ما جاء في عمرو بن العاص رضي الله عنه]- (332) (وعن أبي نوفل بن أبي عقرب) قال: جزع عمرو بن العاص عند الموت جزعًا شديدًا، فلما رأى ذلك ابنه عبد الله بن عمرو وقال يا أبا عبد الله ما هذا الجزع وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدينك وستعملك، قال أي بني قد كان ذلك، سأخبرك عن ذلك، أني والله ما أدري أحيا ذلك كان أم تألفًا يتألفني، ولكن أشهد على رجلين أنه قد فارق الدنيا وهو يحبهما ابن سمية، وابن أم عبد لما حدثه وضع يده موضع الغلال من ذقنه، وقال اللهم أمرتنا فتركنا، ونهيتنا فركبنا ولا يسعنا إلا مغفرتك، وكانت تلك هجيراه حتى مات "رضي الله عنه". (333) (وعن الحسن) قال قال رجل لعمرو بن العاص أرأيت رجل مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبه أليس رجلًا صالحًا، قال بلى قال قد مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبك، وقد استعملك، قال قد استعملني فو الله ما أدري أحبًا كان لي منه أو استعانة بي، ولكن سأحدثك برجلين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحبهما عبد الله بن مسعود وعمار بن ياسر.

_ واستحباب المكث عند القبر بعد الدفن للدعاء للميت وادخال الأنس عليه في وقت السؤال والوحشة وفيه أيضا أن الميت يسمع من حول القبر (تخريجه) الحديث أخرجه مسلم أيضا في كتاب الإيمان من صحيحه في باب كون الإسلام يهدم ما قبله من طريق حبوة بن شريح حدثني يزيد بن أبي حبيب به نحوه وفيه (أما علمت أن الإسلام يهدم ما كان قبله وأن الهجرة تهدم ما كان قبلها وأن الحج يهدم ما كان قبله) (332) (سنده) (1) ثنا عفان ثنا الأسود بن شيبان قال ثنا أبو نوفل بن أبي عقرب قال جزع عمرو الخ (غريبه) (2) "يدنيك" بضم أوله يقربك "وستعملك" يجعلك من عماله أي من ولاته وأمرائه الذين يختارهم لمهمات الأمور (3) "ابن سمية" هو عمار بن ياسر وسمية أمه و"ابن أم عبد، هو عبد الله بن مسعود نسب إلى أمه أم عبد رضي الله عنهما (4) الغل بالضم الحديدة التي تجمع يد الأسير إلى عنقه وجمعه أغلال أفاده في النهاية والمختار فلعل المراد أنه وضع يده موضع الغل من الأسير وذلك في أعلا الرقبة وأسفل الذقن وعليه فيكون الغلال جمع غل أيضا إلا أني لم أر هذا الجمع في كتب اللغة (5) (أمرتنا فتركنا) أمرك (ونهيتنا فركبنا) معا صيبك أي فعلناها وهذا القول من باب التضرع (6) أي كان النطق بكلمات التضرع هذه عادته حتى مات قال في النهاية الهجير (بوزن سكير) والهجيري (بكسر أوله وتشديد ثانيه وبراء مقصورة) الداب والعادة والديدان اهـ (تخريجه) الحديث أورده الهيثمي في مناقب عمرو بهذا اللفظ وقال رواه أحمد ورجال رجاله الصحيح قال وفي الصحيح طرف منه أهـ. (333) (سنده) (7) ثنا أسود بن عامر قال ثنا جرير يعني ابن حازم قال سمعت الحسن قال قال رجل لعمرو بن العاص الخ (تخريجه) أورده الهيثمي بهذا اللفظ في مناقب عبد الله بن مسعود

-[ما جاء في عمرو بن العاص رضي الله عنه]- (334) (وعن عمرو بن العاص) رضي الله عنه قال كان فزع في المدينة فأتيت على سالم مولى أبي حذيفة وهو محتب بجمائل سيفه، فأخذت سيفًا فاحتبيت بحمائله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم. يا أيها الناس ألا كان مفزعكم إلى الله وإلى رسوله، ثم قال ألا فعلتم كما فعل هذان الرجلان المؤمنان. (335) (وعن عقبة بن عامر) رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول. أسلم الناس وآمن عمرو بن العاص.

_ وقال. رواه أحمد والطبراني ألا أنه قال مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهما راض ورجال أحمد رجال الصحيح وله طرق أخرى اهـ. (334) (سنده) (1) ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن موسى عن أبيه عن عمرو بن العاص قال كان فزع الخ (غريبه) (2) الحمالة بكسر أوله وتخفيف ثانيه علاقة السيف وهو السير الذي تقلد المتقلد وجمع حمائل والاختباء بحمائل السيف دليل على الاستعداد لرد العدوان أن كان (تخريجه) أورده الهيثمي بهذا اللفظ في ترجمة سالم مولى أبي حذيفة وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ وقال الحافظ في الأصابة أخرج أحمد والنسائي بسند حسن عن عمرو بن العاص قال .... الحديث. (335) (سنده) (3) ثنا أبو عبد الرحمن ثنا ابن لهيعة حدّثني مشرح بن هاعان قال سمعت عقبة بن عامر يقول سمعت الخ. (فائدة) مشرح "بوزن منبر" بن هاعان "بتقديم الهاء الممدودة على العين المهملة الممدودة" وثقة ابن معين ولينه ابن حبان كما سيأتي في التخريج (غريبه) (4) المراد بالناس مسلمة الفتح من أهل مكة (وآ من عمرو بن العاص) أي طائعاً راغبا مهاجراً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على المدينة قبل الفتح بسنة أو سنتين وذلك لأن الإسلام قد يشوبه الأكراه وأما الإيمان فلا يكون إلا عن رغبة وطواعية وإنما قال الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك ليزيل عن عمرو أثر عداوته المتقدمة للإسلام وأهله فقد كان رضي الله عنه قبل إسلامه شديد العداوة لرسول الله صلى الله عليه وسلم وللمسلمين ثم أراد أتمه به الخير فأسلم وحسن إسلامه (تخريجه) أخرجه الترمذي في المناقب حدّثنا قتيبة حدّثنا ابن لهيعة به قال الترمذي هذا حديث غريب لا نعرفه ألا من حديث ابن لهيعة عن مشرح وليس أسناده بالقوى (قلت) ابن لهيعة إذا زالت عنه تهمة التدليس كان حديثه حسنا كما اختاره جمع من المحدثين وقد زالت هنا بسبب تصريحه بالتحديث في رواية أحمد وأما شيخة فقال الحافظ في التقريب: مشرح "بكسر أوله وسكون ثانيه وفتح ثالثه وآخره مهملة" ابن هاعان المعافري "بفتحتين وفاء" البصري أبو مصعب مقبول من الرابعة اهـ وقال عنه الذهبي في الميزان: "صدوق لينه ابن حبان وقال عثمان بن سعيد عن ابن معين ثقة قال ابن حبان يكنى أبا مصعب يروى عن عقبة مناكير لا يتابع عليها فالصواب ترك ما انفرد به اهـ روى له أبو داود والترمذي وابن ماجه.

-[ما جاء في عمرو بن الحصين رضي الله عنه]- (باب ما جاء في عمران بن الحصين رضي الله عنه) (336) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد عن قتادة عن مطرف ابن عبد الله قال. بعث إلى عمران بن حصين رضي الله عنه في مرضه فأتيته فقال لي إني كنت أحدثك بأحاديث لعل الله تبارك وتعالى ينفعك لها بعدي، وأعلم أنه كان يسلم علي، فإن عشت فأكتم علي، وإن مت فحدث إن شئت "وفي رواية وأنه كان يُسلم على فلما أكتويت أمسك عني فلما تركته عاد إلي" وأعلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد جمع بين حجة وعمرة ثم لم ينزل فيها كتاب، ولم ينته عنها النبي صلى الله عليه وسلم، قال رجل فيها برأيه ما شاء.

_ (باب) عمران بن الحصين الصحابة رضي الله عنه هو أبو نجيد "بنون وجيم مصغرا" عمران بن حصين بن عبيد بن خلف الخزاعي البصري أسلم عام خيبر سنة سبع من الهجرة، وغزا مع النبي صلى الله عليه وسلم عدة غزوات، وكان صاحب رأيه خزاعة يوم الفتح وبعثه عمر بن الخطاب إلى البصرة ليفقه أهلها، قال ابن سيرين أفضل من نزل البصرة من الصحابة عمران وأبو بكرة، وكان الحسن يحلف أنه ما قدم البصرة وفقهائهم، وكان مجاب الدعوى، يقول عنه أهل البصرة إنه كان يرى الحفظة، وكانت تكمله حتى أكتوى. ولم يشهد حروب الفتنة مات بالبصرة سنة ثنتين وخمسين. وأما حصين والد عمران فالصحيح أنه أسلم وكانت له صحبة، روى الترمذي في باب الدعوات بأسناده عن عمران بن الحصين قال قال النبي صلى الله عليه وسلم لأبي يا حصين كم تعبد اليوم آلها قال سبعة ستة في الأرض وواحدا في السماء قال فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك قال الذي في السماء قال يا حصين أما أنك لو أسلمت علمتك كلمتين تنفعانك فلما أسلم قال يا رسول الله علمني الكلمتين اللتين وعدتني قال قل اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي قال الترمذي هذا حديث حسن غريب. (336) (غريبه) (1) قوله (ثنا محمد بن جعفر ثنا سعيد) كذا بالأصل ولكن في صحيح مسلم ما يفيد أن شيخ محمد بن جعفر في الحديث هو (شعبة) بالشين المعجمة في أوله والعين المهملة والباء الموحدة قال مسلم حدّثنا محمد بن المثنى وابن بشار قال ابن المثنى حدّثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن قتاة عن مطرف قال الحديث فلعل ما في المسند من تصحيف النساخ انظر 4/ 428، 1/ 350 من المسند ومن مسلم طبع الأميرية باب جواز التمتع (2) أي الذي توفى فيه كما في رواية مسلم من هذا لاوجه (3) (يسلم) بضم أوله وفتح ثانيه وتشديد اللام المفتوحة و (علي) بفتحتين وتشديد الياء أي كانت الملائكة تسلم على لصبري على المرض الذي نزل بي فإن عشت ولم أمت فلا تحدث بذلك أحداً خشية الفتنة وإن مت فحدث بذلك إن شئت (4) قوله (وفي رواية) ذكره الشيخ رحمه لله بتمامها مخرجة مشروحة في باب ما جاء في القرآن من كتاب الحج برقم 109 ج 11 قال النووي معنى الحديث أن عمران بن الحصين رضي الله عنه كانت به بواسير فكان يصبر على ألمها وكانت الملائكة تسلم عليه فاكتوى فانقطع سلامهم عليه ثم ترك الكي فعاد سلامهم عليه اهـ (5) أهل رسوله الله صلى الله عليه وسلم بالحج وساق

-[ما جاء في فرات بن حيان رضي الله عنه]- حرف الغين مهمل "حرف الفاء" (باب ما جاء في فرات بن حيان من بني عجل رضي الله عنه) (337) (عن حارثة بن مضرب) عن فرات بن حيان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بقتله، وكان عينًا لابي سفيان وحليفًا فمر بحلقة الأنصار، فقال إني مسلم، قالوا يا رسول الله. إنه يزعم أنه مسلم فقال إن منكم رجالًا نكلهم إلى إيمانهم منهم فرات بن حيان.

_ الهدى ثم أهل بالعمرة قبل الشروع في الحج فكان قارنا ولم ينزل بعد ذلك وحي آلهي يحرم الجمع بين الحج والعمرة في نسك واحد فبقي مشروعا وقد نهى عمر ثم عثمان عن ذلك نهى تنزيه ورأيا أن الأفراد أفضل وهو أن يحرم بالحج وبعد الانتهاء من أفعاله يحرم بالعمرة استقلالا وهذا في رأيهما إتمام الحج والعمرة لله قالوا وقد أهل رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحج وحده ثم ادخل عليه العمرة لداع خاص وهو إزالة ما اعتادوه في الجاهلية من أن الاعتمار في أشهر الحج من الجر الفجور ولذلك أمر أصحابه بفسخ الحج إلى العمرة والتحلل منها إذا لم يكن قد ساقوا الهدى فكبر عليهم ذلك فأدخل العرة على الحج وأخبرهم أنه لولا سوق الهدى لا حل كما حلوا فسهل عليهم الامتثال وأما عمران بن الحصين فيرى أنه لا كرهة في القرآن بعد فعله صلى الله عليه وسلم إياه وتفصيل ذلك فدمر في كتاب الحج (تخريجه) الحديث أخرجه مسلم في جواز التمتع من كتاب الحج عن عمران بن حصين من عدة طرق والله أعلم. (باب) فرات بن حيان بن ثعلبة بن عبد العزى الربعي الشكري ثم العجلي حليف بني سهم كان عيناً (أي جاسوساً) لأبي سفيان في حروبه، ثم أسلم وحسن أسلامه، وقال المرزباني كان ممن هجا رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مدحه فقبل مدحه، وقال ابن حيان. كان من اهدى الناس بالطرق، وروى ابن السكن عن عدي بن حاتم أن فرات بن حيان أسلم، وفقه في الدين، وأقطعه النبي صلى الله عليه وسلم أرضا باليمامة تغل أربعة آلاف ومائتين، ذكره ابن سعد في طبقة أهل الخندق وقال نزل الكوفة اهـ ملخصا من الإصابة وقال المنذري في مختصر السنن (فرات) بضم الفاء وراء مهملة مفتوحة وبعد الألف تاء ثالث الحروف و (حيان) بتفح الحاء المهملة وياء آخر الحروف مشددة مفتوحة وبعد الألف نون قال وفرات هذا له صحبة وهو عجلي سكن الكوفة وهاجر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يزل يغزو مع إلى أن قبض صلى الله عليه وسلم فتحول فنزل الكوفة اهـ. (337) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا على بن عبد الله ثنا بشر بن السرى قال أبو عبد الرحمن وحدّثني أبو خيثمة ثنا بشر بن السرى ثنا سفيان عن أبي اسحق عن حارثة بن مضرب الخ فالحديث عند أبي عبد الرحمن وهو عبد الله بن أحمد له إسنادان (غريبة) (2) أي في غزوة الخندق وكان أبو سفيان قائد أهل الشرك إذ ذاك (3) لفظ أبي داود (وحليفا لرجل من الأنصار) ولا يبعد أن يكون الحذف هنا من سهو الناسخ وتصديق النبي صلى الله عليه وسلم إياه في إعلان إسلامه كان من طريق الوحي والله أعلم (تخريجه) عزاه في الإصابة أيضا إلى أبي داود والبخاري في التاريخ (أقول) أخرجه أبو داود في باب الجاسوس الذمي من كتاب الجهاد وسكت عنه وقال

-[ما جاء في قتادة بن ملحان القبسي رضي الله عنه]- (378) (وعنه في أخرى) عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأصحابه. إن منكم رجالًا لا أعطيهم شيئًا أكلهم إلى إيمانهم منهم فرات بن حيان قال. من بني هجل. "حرف القاف" (باب ما جاء في قتادة بن ملحان القيسي رضي الله عنه) (379) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عارم ثنا معتمر قال وحدث أبي عن أبي العلاء بن عمير قال كنت عند قتادة بن ملحان حين حضر فمر رجل في أقصى الدار قال فأبصرته في وجه قتادة قال وكنت إذا رأيته كأن على وجهه الدهان قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على وجهه قال أبو عبد الرحمن ثنا يحيى بن معين وهريم أبو حمزة قالا حدّثنا معتمر فذكر مثله.

_ المنذري في إسناده أبو همام الدلال محمد بن محبب ولا يحتج بحديثه وهو راوية عن سفيان الثوري وقد روى هذا الحديث عن الثوري بشر بن السرى البصري وهو ممن اتفق البخاري ومسلم على الاحتجاج بحديثه ورواه عنه أيضا عباد بن موسى الأزرق العباداني وكان ثقة اهـ وقال الشيخ رحمه الله سنده عند الإمام أحمد جيد. (338) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا يحيى بن آدم قال ثنا إسرائيل تعن أبي أسحق عن حارثة بن مضرب عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير حارثة بن مضرب وهو ثقة اهـ. (باب) قتادة بن ملحان القيسي قال البخاري وابن حبان له صحبة بعد في البصريين، مسح النبي صلى الله عليه وسلم على وجهه فكان كالمرآة صفاء ولمعانا، وكان يرى فيه صور الأشياء كما ترى في المرآة وأخرج ابن شاهين من طريق سليمان التيمي عن حبان بن عمرو قال: مسح النبي صلى الله عليه وسلم وجه قتادة بن ملحان ثم كبر قبلي منه كل شيء غير وجهه، قال فحضرته عند الوفاة فمرت امرأة فرأيتها في وجهه كما أراد في المرآة اهـ ملخصا من الإصابة وقوله (عن حبان بن عمرو) صوابه فيما يظهر لنا (حبان بن عمير) لما سنذكره قريبا والله أعلم. (339) (غريبه) (2) قوله (عن أبي العلاء بن عمير) هو في المسند بحذف كلمة (أبي) ولكنه في مجمع الزوائد بلفظ (عن أبي العلاء بن عمير) وهذا هو الذي يظهر لي صوابه قال في تقريب التهذيب حيان بن عمير القيسي الجريري بضم الجيم أبو العلاء البصري ثقة من الثالثة مات قبل المائة اهـ وأشار بالرمز إلى أنه من رواية مسلم وأبي داود والنسائي وأبا العلاء بن عمير فلم أعثر له على ترجمة بعد مراجعة الخلاصة والتقريب والجمع بين رجال الصحيحين وتعجيل المنفعة (3) بضم أوله وكسر ثانيه معناه حين حضره الموت وقوله (فمر رجل الخ) في رواية ابن شاهين المذكورة في الإصابة (فمرت امرأة) ولا منافاة لجواز أنه مر رجل ومرت امرأة ورثي صورة كل منهما في وجه قتادة رضي الله عنه (4) هو كنية

-[ما جاء في قرة بن أياس المزني والد معاوية بن قرة رضي الله عنه]- (باب ما جاء في قرة بن أياس المزني والد معاوية بن قرة رضي الله عنه) (340) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا وهب بن جرير ثنا شعبة عن أبي أياس "يعني معاوية ابن قرة" عن أبيه "يعني قرة بن أياس رضي الله عنه" أنه أتى النبي صلى الله عليه وسلم فدعا له ومسح رأسه. (341) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا حسن يعني الأشيب وأبو النضر قالا حدثنا زهير عن عروة بن عبد الله بن قشير عن معاوية بن قرة عن أبيه، قال أبو النضر في حديثه حدثني زهير ثنا عروة بن عبد الله بن قشير أبو مهل الجعفي حدثني معاوية بن قرة عن أبيه رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في رهط من مزينة فبايعناه، وأن قميصه لمطلق قال فبايعناه، ثم أدخلت يدي في جيب قميصه فمست الخاتم قال عروة فما رأيت معاوية ولا ابنه- قال وأراه يعني أياسا- في شتاء قط ولا حر إلا مطلقي أزراهما لا يزران.

_ عبد الله بن الإمام أحمد ومنه يعلم أنه وقع له هذا الحديث بأسناد عال من غير طريق أبيه (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد عن أبي العلا بن عمير قال كنت عند قتادة بن ملحان ... الحديث وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح اهـ. (باب) قرة بن أياس بن هلال بن رباب بن عبيد بن سارية بن ذبيان بن ثعلبة بن سليمان بن أوس بن عمرو المزني الصحابي، وهو جد إياس بن معاوية بن قرة قاضي البصرة، الموصوف بالذكاء، وكان قرة يسكن البصرة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، وروى عنه أبنه معاوية وبه كان يكنى اهـ من تهذيب النووي قال ابن أبي حاتم ويقال له قرة بن الأغر بن رباب وذكره ابن سعد في طبقة من شهد الخندق وقال أبو عمر قتل في حرب الأزارقة في زمن معاوية وأرخه ابن خليفة سنة أربع وستين اهـ من الإصابة. (340) (تخريجه) (1) لم اره لغير الإمام أحمد ورجاله رجال الصحيح. (341) (2) فائدة ذكر السند بلفظ أبي النضر أنه قد صرح بالتحديث في موضعين (الأول) قوله حدّثنا عروة (الثاني) قوله حدّثني معاوية بدل العنعنة فيهما وفي هذا تقوية للحديث لأن التحديث يفيد اتصال السند صريحا (3) جملة حالية معناها أن قميصه صلى الله عليه وسلم كان محلول الازرار عند المبايعة ولفظ أبي داود (فبايعناه وإن قميصه لمطلق الازرار) (4) أي خاتم النبوة وصفته كما أخرجه الترمذي عن جابر بن سمرة قال (وكان خاتم رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم الذي بين كتفيه غدة حمراء مثل بيضة الحمام) (5) قال في المختار، الزر بالكسر وأحد أزرار القميص والزر بالفتح مصدر زر القميص إذا شد ازواره وبابه رد يقال أزرر عليك قميصك وزره بفتح الراء وضمها وكسرها اهـ ومعنى الجملة أن عروة لم ير معاوية ولا ابنه أياسا في شتاء ولا صيف ألا وازرار قميصهما محلولة غير مشدودة أسوة بما كان عليه صلى الله عليه وسلم وقت أن بايع أباهما قرة على الإسلام (تخريجه) الحديث رواه أيضا أبو داود في باب حل الأزرار من كتاب اللباس قال المنذري وأخرجه الترمذي وابن ماجة وأفاد المنذري أن عروة في السند جعفي كوفي وثقه

-[ما جاء في كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه]- "حرف الكاف" (باب ما جاء في كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه) (342) عن عمر بن كثير بن أفلح قال قال كعب بن مالك: ما كنت في غزاة أيسر للظهر والنفقة مني في تلك الغزاة "يعني غزوة تبوك" قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت أتجهز غدًا ألحقه، فأخذت في جهازي فأمسيت ولم أفرغ، فقلت آخذ في جهازي غدًا والناس قريب بعد ثم ألحقهم، فأمسيت ولم أفرغ، فلما كان اليوم الثالث أخذت في جهازي فأمسيت ولم أفرغ، فقلت أيهات سار الناس ثلاثًا، فأقمت، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل الناس يعتذرون إليه، فجئت حتى قمت بين يديه، فقلت ما كنت في غزاة أيسر للظهر والنفقة مني في هذه الغزاة، فأعرض عني رسول الله صلى الله عليه وسلم وأمر الناس أن لا يكلمونا، وأمرتت نساؤنا أن يتحولن عنا، قال فتسورت حائطًا ذات يوم فإذا أنا بجابر بن عبد الله فقلت أي جابر، نشدتك بالله هل علمتني غششت الله ورسوله يومًا قط، قال فسكت عني فجعل لا يكلمنين، قال فبينا أنا ذات يوم إذ سمعت رجلًا على الثنية يقول كعبًا كعبًا حتى دنا مني فقال: بشروا كعبًا.

_ أبو زرعة الرازي وأن قرة بن ياس لم يرو عنه غير ابنه معاوية وأن الحديث تفرد به عروة عن معاوية ولم يروه عن عروة غير زهير بن معاوية اهـ وأفاد في الخلاصة أن زهير بن معاوية أحد الحفاظ الأعلام من رواة الجماعة وقال أحمد وأبو زرعة هو ثقة إلا أنه سمع من أبي إسحق بعد الاختلاط. (باب) كعب بن مالك بن عمرو الصحابي الأنصاري الخزرجي السلمي، (يفتح السين واللام من بني سلمة بكسر اللام) شهد العقبة واحدًا وسائر المشاهد إلا بدر أو تبوك، وهو أحد الثلاثة الذين تاب الله عليهم وأنزل فيهم (وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنا أن لا ملجأ من الله إلا إليه ثم تاب عليهم ليتوبوا) والثلاثة هم كعب بن مالك ومرارة بن ربيعة وهلال بن أمية، وحديث تخلفهم عن غزوة تبوك طويل مشهور في الصحيحين، روى عن كعب بنوه عبد الله وعبد الرحمن ومحمد وعبيد الله بنو كعب وآخرون، وهو أحد شعراء رسول الله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم، توفى بالمدينة زمن معاوية سنة ثلاث وخمسين اهـ ملخصًا من تهذيب النووي.

-[ما جاء في كعب بن مالك الأنصاري رضي الله عنه]- (343) وعن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك أن كعب بن مالك رضي الله عنه لما تاب الله عليه أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال إن الله لم ينجني إلا بالصدق، وإن من توبتي إلى الله أن لا أكذب أبدًا، وإني أتخلع من مالي صدقة لله تعالى ورسوله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم، أمسك عليك بعض مالك فإنه خير لك قال فإني أمسك سهمي في خيبر.

_ متهمًا بالنفاق أو رجلًا ممن عذر الله من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك، فقال وهو جالس في القوم: ما فعل كعب بن مالك، فقال رجل من بني سلمة يا رسول الله حبسه برداه والنظر في عطفيه، أي ليس له من عذر يمنعه عن مرافقتنا في الغزو إلا إعجابه بنفسه ولباسه، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة جاءه المخلفون من أهل النفاق، فطفقوا يعتذرون إليه، ويحلفون له، فقبل منهم، واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله، وجاء كعب فقال يا رسول الله، والله ما كنت قط أقوى ولا أيسر مني حين تخلفت عنك، فقال أما هذا فقد صدق فقم حتى يقضي الله فيك، وكان على مثل حاله رجلان صالحان ممن شهدا بدرًا قيل لهما مثل ما قيل له، وهما مرارة بن ربيعة، وهلال بن أمية، ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلام هؤلاء الثلاثة من بين المتخلفين عقوبة لهم حتى يقضي الله فيهم، قال كعب فاجتنبنا الناس، وتغيروا لنا، حتى تنكرت لي في نفسي الأرض، فما هي بالأرض التي أعرف، فلبثنا على ذلك خمسين ليلة، فأما صاحباي فاستكانا، وقعدا في بيوتهما يبكيان، وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم، فكنت أخرج فأشهد الصلاة؛ وأطوف في الأسواق، ولا يكلمني أحد، وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه وهو في مجلسه بعد الصلاة، فأقول في نفسي هل حرك شفتيه برد السلام أم لا، وبعد أربعين ليلة أمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم باعتزال نسائهم، قال كعب فلبثت بذلك عشر ليال، فكمل لنا خمسون ليلة، ثم صليت صلاة الفجر صباح خمسين ليلة على ظهر بيت من بيوتنا، فبينا أنا جالس على الحال التي ذكر الله عز وجل، قد ضاقت علي نفسي وضاقت علي الأرض بما رحبت، سمعت صوتًا على جبل سلع يقول. يا كعب بن مالك أبشر فخررت ساجدًا، وعرفت أم قد جاء فرج، وقد كان أعلمهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا حين صلى الفجر، فذهب الناس يبشروننا، فلما جاءني الذي سمعت صوته على جبل سلع يبشرني، نزعت له ثوبي فكسوته إياهما ببشارته، فانطلقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخلت المسجد، فسلمت عليه، ووجهه يبرق من السرور، ويقول أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك، فلما جلست بين يديه قلت يا رسول الله، أن من توبتي أن أنخلع من مالي صدقة إلى الله وإلى رسوله صلى الله عليه وسلم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك، قال فإني أمسك سهمي الذي بخيبر، قال وقلت يا رسول الله، إن الله إنما أنجاني بالصدق، وإن من توبتي ألا أحدث إلا صدقًا ما بقيت، قال فأنزل الله عز وجل "لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار" الآيات إلى قوله "وكونوا مع الصادقين". (343) (سنده) (1) ثنا روح ثنا ابن جريج قال أخبرني ابن شهاب عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك الخ وعبد الرحمن يروي عن جده وأبيه القصة (تخريجه) الحديث متفق عليه أخرجه

-[ما جاء في مصعب بن عمير رضي الله عنه]- "حرف الميم" (باب ما جاء في مصعب بن عمير رضي الله عنه) (344) عن خباب (هو ابن الأرت) رضي الله عنه قال. هاجرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نبتغي وجه الله تبارك وتعالى، فوجب أجرنا على الله عز وجل، فمنا من مضى لم يأكل من أجره شيئًا، منهم مصعب بن عمير، قتل يوم أحد فلم نجد شيئًا نكفنه فيه إلا نمرة كنا إذا

_ البخاري في عدة مواضع من صحيحه منها باب غزوة بدر وباب غزوة تبوك من كتاب المغازي وفي باب وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة في كتاب فضائل الأصحاب وفي باب صفة النبي صلى الله عليه وسلم من كتاب الأنبياء وفي باب من أراد غزوة فورى بغيرها من كتاب الجهاد وفي تفسير سورة التوبة وفي باب من لم يسلم على من اقترف ذنبًا الخ من كتاب الاستئذان، وأخرجه مسلم أواخر صحيحه في باب حديث توبة كعب بن مالك وصاحبيه من كتاب التوبة وأخرجه أحمد في مسنده من عدة طرق مطولًا ومختصرًا أو غيرهم ورواية أحمد المطولة تجدها برقم 301 من كتاب التفسير باب لقد تاب الله على النبي والمهاجرين الخ من تفسير سورة التوبة وما بعدها. (باب) مصعب بن عمير الصحابي رضي الله عنه هو أبو عبد الله مصعب بن عمير بن هاشم بن عبد مناف بن عبد الدار بن قصي بن كلاب بن مرة القرشي العبدري، كان من فضلاء الصحابة وخيارهم، ومن السابقين إلى الإسلام، أسلم ورسول الله صلى الله عليه وسلم في دار الأرقم وكتم إسلامه خوفًا من أمه وقومه، وكان يختلف إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم سرًّا، فبصر به عثمان بن طلحة العبدري يصلي فأعلم به أمه وأهله فحبسوه، فلم يزل محبوسًا إلى أن هاجر إلى الحبشة ثم عاد إلى مكة ثم هاجر إلى المدينة بعد العقبة الأولى ليعلم الناس القرآن ويصلي بهم ويفقههم في الدين فنزل على أسعد بن زرارة وكان يسمى بالمدينة (المقرئ) قالوا وهو أول من جمع الجمعة بالمدينة وأسلم على يديه سعد بن معاذ وأسيد بن حضير وكفى بذلك فضلًا وأثرًا في الإسلام قال البراء بن عازب أول من قدم علينا من المهاجرين مصعب بن عمير، شهد بدرًا وأحدًا واستشهد بأحد ومعه لواء المسلمين قيل كان عمره إذ ذاك أربعين سنة وكان قبل إسلامه أنعم فتى بمكة وأجوده خلة وأكمله شبابًا وجمالًا وجودًا وكان أبواه يحبانه حبًّا كثيرًا وكانت أمه تكسوه أحسن ما يكون من الثياب وكان أعطر أهل مكة ثم انتهى به الحال في الإسلام إلى ان كان عليه بردة مرقعة بفروة وكان مصعب زوج حمنة بنت جحش رحمها الله ورضي الله عنهما اهـ من تهذيب الإمام النووي. (344) (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى قال سمعت شقيقًا سمعت خبابًا (ح) وأبو معاوية ثنا الأعمش عن شقيق عن خباب قال: الحديث (غريبه) (2) أي ثبت أجرنا على الله عز وجل فضلًا منه ورحمة (3) يريد أن يقول فكنا فريقين فريق عجل الله له بالموت فلم ينل من الدنيا شيئًا وهؤلاء لهم أجرهم الكامل عند ربهم وفريق آخر مد الله له في أجله، ونال من ثمار الفتوح الإسلامية ومغانمها حظًّا، ومن الفريق الأول مصعب بن عمير رضي الله عنه (4) (نمرة) بفتح النون وكسر الميم

-[ما جاء في معاذ بن جبل رضي الله عنه]- غطينا بها رأسه خرجت رجلاه، وإذا غطينا رجليه خرج رأسه، فأمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نغطي بها رأسه ونجعل على رجليه إذخرًا، ومنا من أينعت له ثمرته فهو يهديها يعني يجتنيها. (باب ما جاء في معاذ بن جبل رضي الله عنه) (345) عن عمر هو ابن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في معاذ بن جبل رضي الله عنه، إنه يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء نبذة (4)

_ كساء فيه خطوط بيض وسود تلبسه الأعراب قال ابن الأثير والجمع نمار قاله في المصباح (1) (الإذخر) بكسر الهمزة والخاء بينهما دال معجمة ساكنة نبات معروف ذكي الريح وإذا جف ابيض كذا في المصباح (2) معنى (أينعت) نضجت، وقوله (يهدبها) بفتح الياء المثناة وكسر الدال المهملة وضمها بعدها باء موحدة معناه يجتنيها وهو إشارة إلى ما فتح الله عليهم من الدنيا بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أخرجه الشيخان وأصحاب السنن وقد سبق في الجنائز. (باب) معاذ بن جبل بن عمرو بن أوس أبو عبد الرحمن الصحابي الأنصاري الخزرجي الفقيه الفاضل الصالح، أسلم وهو ابن ثمان عشرة سنة، وشهد العقبة الثانية مع السبعين من الأنصار، ثم شهد بدرًا وأحدًا والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين عبد الله بن مسعود. وثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسله إلى اليمن يدعوهم إلى الإسلام وشرائعه، وروي أنه قال له لما ودعه "حفظك الله من بين يديك ومن خلفك، وعن يمينك وعن شمالك ومن فوقك ومن تحتك، ودرأ عنك شرور الإنس والجن" ومعاذ رضي الله عنه أحد الذين جمعوا القرآن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأحد الذين كانوا يفتون على عهده صلى الله عليه وسلم. قال عنه أبو نعيم وغيره: "إمام الفقهاء، وكنز العلماء، وشهد العقبة وبدرًا والمشاهد، كان من أفضل شباب الأنصار حامًا وحياء وسخاء، وكان جميلًا وسيمًا سمحًا لا يسأل شيئًا إلا أعطاه"، وقدم من اليمن في خلافة أبي بكر، توفي شهيدًا في طاعون عمواس بالشام سنة ثماني عشرة وهو ابن ثلاث وثلاثين سنة اهـ ملخصًا من التهذيب للنووي والإصابة للحافظ. (345) (سنده وسياق متنه كما في المسند) (3) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة وعصام بن خالد قالا ثنا صفوان عن شريح بن عبيدة وراشد بن سعد وغيرهما قالوا: لما بلغ عمر بن الخطاب رضي الله عنه (سرغ) حُدِّث أن بالشام وباءً شديدًا قال بلغني أن شدة الوباء في الشام فقلت إن أدركني أجلي وأبو عبيدة بن الجراح حي استخلفته فإن سألني الله لم استخلفته على أمة محمد صلى الله عليه وسلم قلت إني سمعت رسولك صلى الله عليه وسلم يقول (إن لكل نبي أمينًا وأميني أبو عبيدة بن الجراح) فأنكر القوم ذلك وقالوا ما بال عليا قريش يعنون بني فهر ثم قال فإن أدركني أجلي وقد توفي أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل فإن سألني ربي عز وجل لم استخلفته قلت سمعت رسولك صلى الله عليه وسلم يقول: (إنه يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء نبذة) (غريبه) (4) نبذ الشيء من يده طرحه ورمى به وانتبذ الرجل اعتزل ناحية وجلس

-[ما جاء في معاذ بن جبل رضي الله عنه]- (346) (وعن أنس بن مالك رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أرحم أمتي أبو بكر، وأشدها في دين الله عمر، وأصدقها حياءً عثمان، وأعلمها بالحلال والحرام معاذ بن جبل (رضي الله عنه). (347) (وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه) قال لقيني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا معاذ إني لأحبك، فقلت يا رسول الله، وأنا والله أحبك، قال فإني أوصيك بكلمات تقولهم في كل صلاة. اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. (348) (وعن عاصم بن حميد) عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال لما يعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم يوصيه، ومعاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحت راحلته

_ نبذة ونبذه بضم النون وفتحها كذا في الأساس فالمعنى أنه يتقدم العلماء مبلغ نبذة أي رمية بسهم أو نحوه أو يتقدمهم وحده وفي رواية (برتوة) قال في النهاية وفي حديث معاذ أنه يتقدم العلماء يوم القيامة برتوة، أي برمية سهم وقيل بميل وقيل مدى البصر اهـ. (346)) (سنده) (1) ثنا وكيع عن سفيان عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن أنس قال الخ ولم يتم الشيخ رحمه الله هنا الحديث كما في المسند وبقيته: (وأقرؤها لكتاب الله أبي وأعلمها بالفرائض زيد بن ثابت ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة عبيدة بن الجراح) قال النووي في التهذيب رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه بأسانيد صحيحة حسنة وقال الترمذي هو حديث حسن صحيح اهـ. (347) (سنده) (2) ثنا أبو عاصم ثنا حيوه حدثني عقبة بن مسلم ثنا أبو عبد الرحمن الحبلي عن الصناجي عن معاذ قال الخ (تخريجه) قال النووي في تهذيبه روينا بالإسناد الصحيح في سنن أبي داود والنسائي عن معاذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيده وقال يا معاذ والله إني لأحبك وقال أوصيك يا معاذ لا تدعن في دبر كل صلاة تقول اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. (تخريجه) رجال إسناده عند الإمام أحمد ثقات كما يعلم بمراجعة كتب الرجال وله شاهد عند الطبراني وأبي نعيم في الحلية بلفظ (معاذ بن جبل إمام العلماء يوم القيامة برتوة) أخرجاه عن محمد بن كعب مرسلًا قال الهيثمي فيه عبد الله بن محمد بن أزهر الأنصاري لم أعرف حاله وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ وله شاهد آخر أخرجه محمد بن عثمان بن أبي شيبة في تاريخه عن أبي عون الثقفي مرسلًا بلفظ (يأتي معاذ يوم القيامة إمام الناس برتوة) وأورده ابن شاكر من طرق عن محمد بن الخطاب والرتوة بفتح الراء المهملة وسكون المثناة وفتح الواو وله شاهد ثالث عند ابن أبي شيبة عن محمد بن عبد الله، الثقفي مرسلًا أيضًا بلفظ (معاذ بين يدي العلماء يوم القيامة برتوة) أفاده في الجامع الصغير والإصابة ومنتخب كنز العمال. (348) (سنده) (3) ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان حدثني راشد بن سعد عن عاصم بن حميد عن معاذ بن جبل قال الخ (إسناد آخر للحديث) ثنا الحكم بن نافع أبو اليمان ثنا صفوان بن عمرو عن راشد

-[ما جاء في معاذ بن جبل رضي الله عنه]- فلما فرغ قال يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا أو لعلك أن تمر بمسجدي هذا أو قبري فبكى معاذ جشعًا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم "وفي رواية فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تبك يا معاذ للبكاء أوان، وأن البكاء من الشيطان" ثم التفت وأقبل بوجهه نحو المدينة فقال أن أولى الناس بي المتقرن من كانوا وحيث كانوا. (349) (وعن عمرو بن ميمون الأودي) قال: قدم علينا معاذ بن جبل اليمني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته من السحر رافعًا صوته بالتكبير أجش الصوت فألقيت عليه محبتي فما فارقته حتى حثوت عليه التراب بالشام ميتًا رحمه الله. ثم نظرت إلى أفقه الناس بعده فأتيت عبد الله بن مسعود فقال لي: كيف أنت إذا أتت عليكم أمراء يصلون الصلاة لغير وقتها قال فقلت ما تأمرني إن أدركني ذلك قال صل الصلاة لوقتها، واجعل ذلك معهم سبحة.

_ ابن سعد عن عاصم بن حميد السكوتي أن معاذًا لما بعثه النبي صلى الله عليه وسلم إلى اليمن خرج معه النبي صلى الله عليه وسلم يوصيه ومعاذ راكب ورسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي تحته راحلته فلما فرغ قال يا معاذ إنك عسى أن لا تلقاني بعد عامي هذا ولعلك أن تمر بمسجدي وقبري فبكى معاذ بن جبل جشعًا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تبك يا معاذ لبكاء أوان، البكاء من الشيطان (غريبه) (1) أي بجوارها والظاهر أن ركوبه هذا كان بأمر منه صلى الله عليه وسلم وقوله (فلما فرغ) أي النبي صلى الله عليه وسلم من وصيته التي وصى بها معاذًا وقوله (أو لعلك) كذا في المسند والظاهر التعبير بالواو كما في الرواية الثانية للحديث (2) قال في النهاية الجشع الجزع لفراق الإلف ومنه الحديث "فبكى معاذ جشعًا لفراق رسول الله صلى الله عليه وسلم" (3) قوله "وفي رواية" تقدمت بإسنادها ومتنها بعد ذكر مسند الحديث (4) يشير بذلك إلى أن فراقه إياه لا يؤثر في الصلة والمحبة ما دامت التقوى في الصدر فالمتقون أقرب الناس إليه صلى الله عليه وسلم (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) وفيه تسلية لمعاذ رضي الله عنه. (تخريجه) قال الشيخ رحمه الله أورده الهيثمي وقال رواه أحمد بإسنادين ورجال الإسنادين رجال الصحيح غير راشد بن سعد وعاصم بن حميد وهما ثقتان اهـ وقد مر الحديث في باب ما جاء في بعث معاذ من حوادث السنة العاشرة في ص 215 من الجزء 21 وأورده البيهقي في الجنائز وقال رواه البزار ورجاله ثقات ورواه الطبراني في الكبير. (349) (5) (سنده) ثنا الوليد بن مسلم ثنا الأوزاعي عن حسان بن عطية حدثني عبد الرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون الأودي قال الخ (غريبه) (6) السحر بفتحتين آخر الليل قبيل الفجر (7) غليظ الصوت وهو بفتح الهمزة والجيم وتشديد الشين المعجمة (8) كذا بخط الشيخ رحمه الله أفعل تفضيل من الفقه وكذا الرواية في سنن أبي داود ولكنها في المسند (إلى أنف الناس بعده) ومعناها مستقيم فقد ذكر في القاموس من معاني الأنف السيد قال وأنف كل شيء أوله وبناء عليه فالمقصود هو: ثم نظرت إلى سيد الناس بعد معاذ أو إلى أولهم في الفقه والتزام السنة فإذا هو عبد الله بن مسعود (9) أي لغير وقتها المختار كما هو الواقع منهم وقوله سبحة بالضم أي نافلة (تخريجه) رواه أبو داود في باب إذا أخر الإمام الصلاة عن الوقت من كتاب الصلاة حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم الدمشقي ثنا الوليد

-[ما جاء في معاذ بن جبل رضي الله عنه]- (350) (وعن أبي منيب الأحدب) قال حطب معاذ بالشام فذكر الطاعون فقال: إنها رحمة بكم، ودعوة نبيكم، وبعض الصالحين قبلكم، اللهم دخل آل معاذ نصيبهم من هذه الرحمة، ثم نزل من مقامه ذلك، فدخل على عبد الرحمن بن معاذ، فقال عبد الرحمن الحق من ربك فلا تكونن من الممترين، فقال معاذ ستجدني إن شاء الله من الصابرين

_ ثنا الأوزاعي حدثني حسان عن عبد الرحمن بن سابط عن عمرو بن ميمون الأودي قال: قدم علينا معاذ بن جبل اليمن رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم إلينا قال فسمعت تكبيره مع الفجر رجل أجش الصوت قال فألقيت عليه محبتي فما فارقته حتى دفنته بالشام ميتًا ثم نظرت إلى أفقه الناس بعده فأتيت ابن مسعود فلزمته حتى مات فقال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف بكم إذا أتت عليكم أمراء يصلون الفجر لغير ميقاتها قلت فما تأمرني إن أدركني ذلك يا رسول الله قال صل الصلاة لميقاتها واجعل صلاتك معهم سبحة وسكت عنه داود هو والمنذري وبه تعلم أن في رواية أحمد إسقاط كلمة هي (فسمعته) قبل قوله (من السحر) ونظم الكلام هكذا: (فسمعته من السحر رافعًا صوته بالتكبير) الخ. (350) (سنده) (1) ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا ثابت بن زيد ثنا عاصم عن أبي منيب الأحدب قال الخ (غريبه وشرحه) (2) أي لحديث أنس بن مالك "الطاعون شهادة لكل مسلم" ولحديث أبي هريرة "المبطون شهيد والمطعون شهيد" ولحديث عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الطاعون فأخبرها نبي الله صلى الله عليه وسلم أنه كان عذابًا يبعثه الله على من يشاء فجعله الله رحمة للمؤمنين فليس من عبد يقع الطاعون فيمكث في بلده صابرًا يعلم أنه لن يصيبه إلا ما كتب الله له إلا كان له مثل أجر الشهيد، روى هذه الأحاديث البخاري في كتاب الطب من صحيحه (3) أي لحديث أبي بردة بن قيس أخي أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "اللهم اجعل فناء أمتي قتلًا في سبيلك بالطعن والطاعون" قال المنذري رواه أحمد بإسناد حسن والطبراني في الكبير ورواه الحاكم من حديث أبي موسى وقال صحيح الإسناد اهـ قلت وأقره عليه الذهبي والمراد بالأمة هنا أصحابه وقد اختار الله لمعظمهم الشهادة إما بالقتل وإما بالطاعون إعظامًا لأجورهم قال الراغب نبه بالطعن على الشهادة الكبرى وهي القتل في سبيل الله وبالطاعون على الشهادة الصغرى وقال غيره أراد صلى الله عليه وسلم أن يحصل لخيار أمته أرفع أنواع الشهادة وهو القتل في سبيل الله بأيدي أعدائهم إما من الإنس وإما من الجن (4) أي سبب قبض أرواحهم (5) أي وقد أصابه الطاعون (تخريجه) أورده الحافظ المنذري في أواخر كتاب الجهاد من كتابه (الترغيب والترهيب) بهذا اللفظ وقال رواه أحمد بإسناد جيد اهـ ورواه الحاكم في المستدرك حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر أنا بن وهب أخبرني عثمان بن عطاء عن أبيه أن معاذ بن جبل رضي الله عنه قام في الجيش الذي كان عليه حين وقع الوباء فقال يا أيها الناس هذه رحمة ربكم ودعوة نبيكم ونحب الصالحين قبلكم ثم قال معاذ وهو يخطب اللهم أدخل على آل معاذ نصيبهم الأوفى من هذه الرحمة فبينا هو كذلك إذ أتي فقيل طعن ابنك عبد الرحمن فلما أن رآه أباه معاذ قال يقول عبد الرحمن يا أبت الحق من ربك فلا تكون من الممترين قال يقول معاذ ستجدني إن شاء الله من الصابرين

-[ما جاء في معاذ بن جبل رضي الله عنه]- (351) (وعن إسماعيل بن عبيد الله) قال قال معاذ بن جبل (رضي الله عنه) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ستهاجرون إلى الشام فيفتح لكم، ويكون فيكم داء كالدمل أو كالحزة يأخذ بمراق الرجل، يستشهد الله به أنفسهم، ويزكي بها أعمالهم، اللهم إن كنت تعلم أن معاذ بن جبل سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطه هو وأهل بيته الحظ الأوفر منه، فأصابهم الطاعون فلم يبق منهم أحد، فطعن في أصبعه السبابة فكان يقول ما يسرني أن لي بها حمر النعم (باب ما جاء في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه)

_ فمات من الجمعة إلى الجمعة آل معاذ كلهم ثم كان هو آخرهم سكت عنه الحاكم وثبت في مسند أحمد من عدة طرق حسان وصحاح أن شرحبيل بن حسنة أنكر على عمرو بن العاص أمره الناس أن يتفرقوا عن الطاعون في الشعاب والأودية حينما وقع بالشام فقال لقد صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمرو أضل من بعير أهله (يريد أنه كان وقتئذ كافرًا) إنه دعوة نبيكم ورحمة ربكم وموت الصالحين قبلكم فاجتمعوا له ولا تفرقوا عنه فبلغ ذلك عمرو بن العاص فقال صدق ومنه يعلم أمره إياهم بالتفرق عنه كان لعدم بلوغه الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ولك أن تقول أن عمرًا راعى الأسباب العادية فأمر جنده بالتفرق في هذه البقاع حيث يطيب الهواء وشرحبيل غلب جانب التوكل على جانب الحيطة والحذر والله أعلم. راجع الفتح الرباني وشرحه في أبواب الطاعون والوباء ج 17 ص 203 وما بعدها. (351) (سنده) (1) ثنا أبو أحمد الزبيدي ثنا مسرة بن معبد عن إسماعيل بن عبيد الله قال الخ (غريبه) (2) بضم الدال المهملة وفتح الميم المشددة وقوله أو كالحزة بضم الحاء المهملة وفتح الزاي المشددة القطعة من اللحم قال الجوهري حزه واحتزه قطعه (3) هو بفتح الميم وتخفيف الراء وتشديد القاف قال في النهاية المراق ما سفل من البطن فما تحته من المواضع التي ترق جلودها واحدها مرق قاله الهروي وقال الجوهري لا واحد لها اهـ وهذا الحديث من أعلام النبوة فقد فتح المسلمون الشام ووقع بهم الطاعون الذي ذكرت أماراته في هذا الحديث في عهد عمر سنة ثمان عشرة (تخريجه) قال المنذري رواه أحمد عن إسماعيل بن عبيد الله عن معاذ ولم يدركه اهـ ومثله قال الهيثمي ورمز السيوطي في الجامع الصغير لصحته. (باب) معاوية بن أبي سفيان بن صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف بن قصي، القرشي الأموي، أبو عبد الرحمن، وأمه هند بنت عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، يجتمع أبواه في عبد شمس، أسلم هو وأبوه أبو سفيان وأخوه يزيد بن أبي سفيان وأمه هند عند فتح مكة، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنينًا وكان أحد الكتاب لرسول الله 9 صلى الله عليه وسلم، وهو أخو أم المؤمنين حبيبة بنت أبي سفيان. ولى عمر أخاه يزيد على الشام حتى مات سنة بضع عشرة فولاه عمر مكان أخيه يزيد فلم يزل معاوية واليًا على الشام في عهد عمر إلى نهايته، وأقره عثمان مدة خلافته وأضاف إليه الشام كلها، وافتتح في سنة سبع وعشرين جزيرة قبرص.

-[ما جاء في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه]- (352) (عن العرباض بن سارية العلمي) قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعونا إلى السحور في شهر رمضان: هلم إلى الغداء المبارك، ثم سمعته يقول: اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب. (353) (عن عبد الرحمن بن أبي عميرة) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه ذكر معاوية فقال: "اللهم اجعله هاديًا مهديًا واهد به. (354) (حدّثنا روح) ثنا أبو أمية عمرو بن يحيى بن سعيد قال سمعت جدي يحدث أن معاوية أخذ الأداوة بعد أبي هريرة يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها، وكان أبو هريرة قد اشتكى

_ بُويع أميرًا للمؤمنين بتنازل الحسن بن علي رضي الله عنهما حقنًا لدماء المسلمين في سنة إحدى وأربعين فلم يزل أميرًا للمؤمنين حتى توفي بدمشق في رجب عام ستين من الهجرة وكانت مدة ولايته عشرين سنة ومدة خلافته عشرين كذلك هذا وقد سئل الإمام أحمد عما جرى بين علي ومعاوية فقرأ (تلك أمة قد خلت لها ما كسبت ولكم ما كسبتم ولا تسألون عما كانوا يعملون) وقال الميموني قال لي أحمد بن حنبل يا أبا الحسن إذا رأيت رجلًا يذكر أحدًا من الصحابة بسوء فاتهمه على الإسلام اهـ من تاريخ ابن كثير. (352) (سنده) (1) حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية، يعني بن صالح، عن يونس بن سيف عن الحارث بن زياد عن أبي رهم عن العرباض بن سارية السلمي قال: الحديث (غريبه) (2) "هلم" كلمة بمعنى الدعاء إلى الشيء وأهل الحجاز ينادون بها بلفظ واحد للمذكر والمؤنث والمفرد والجمع وعليه قوله تعالى (والقائلين لإخوانهم هلم إلينا) وحديث العرباض (هلم إلى الغداء المبارك) والمدعو إلى الغداء جماعة وبنو تميم يلحقونها بالضمائر التي تطابق فيقولون هلمي وهلما وهلممن وتستعمل لازمة كما ذكرنا ومتعدية نحو (هلم شهداءكم) أي أحضروهم اهـ من المصباح ملخصًا (3) الكتاب مصدر بمعنى الكتابة قال في المصباح كتب كتبًا من باب قتل وكتبة بالكسر وكتابًا والاسم الكتابة اهـ (تخريجه) أروده الهيثمي وقال رواه البزار وأحمد في حديث طويل والطبراني وفيه الحارث بن زياد ولم أجد من وثقه ولم يرو عنه غير يونس بن سيف وبقية رجاله ثقات وفي بعضهم خلاف اهـ. (353) (سنده) (4) حدثنا علي بن بحر ثنا الوليد بن مسلم ثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي عميرة الخ. (غريبه) (5) وهاديًا، دالًّا على الحق داعيًا إليه (مهديًا) منتفعًا بما علمه الله من الحكمة فإن قلت ما فائدة قوله (وأهد به) بعد قوله "هاديًا" فالجواب أنه لا يلزم من دعاء الداعي إلى الحق عمل المدعو إليه به لذلك دعا له النبي صلى الله عليه وسلم بأن يهدي الله الناس على يديه (تخريجه) أورده ابن كثير في تاريخه بهذا الإسناد وقال: وهكذا رواه الترمذي عن محمد بن يحيى عن أبي مسهر عن سعيد بن عبد العزيز به وقال حسن غريب اهـ ثم أورد له جملة من الشواهد والمتابعات: (354) (غريبه) (6) (الإداوة) بكسر الهمزة وفتح الواو المطهرة وهي الإناء الذي يحمل

-[ما جاء في معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه]- فبينما هو يوضئ رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ رفع رأسه إليه مرة أو مرتين فقال: "يا معاوية إن وليت أمرنًا فاتق الله عز وجل واعدل"، قال معاوية: فما زلت أظن أني مبتلى بعمل لقول النبي صلى الله عليه وسلم حق ابتليت. (355) (عن أبي مجلز) قال. خرج معاوية على الناس فقاموا له فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من أحب أن يتمثل له الرجال قيامًا فليتبوأ مقعد من النار" وفي رواية قال خرج معاوية على ابن عامر وابن الزبير فقام له ابن عامر ولم يقم له ابن الزبير فقال معاوية لابن عامر اجلس فإنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "من أحب أن يتمثل له العباد قيامًا فليتبوأ مقعد من النار". (356) (عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس) أن معاوية أخبره أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قصر من شعره بمشقص فقلنا لابن عباس. ما بلغنا هذا الأمر إلا عن معاوية فقال. ما كان معاوية على رسول الله صلى الله عليه وسلم متهمًا.

_ ماء الوضوء وقد كان الذي يوضئ رسول الله صلى الله عليه وسلم هو أبو هريرة فلما مرض فترة خلفه معاوية في ذلك (1) تقدم في ترجمة معاوية انه ولي الشام عشرين عامًا وولي إمارة المؤمنين عشرين عامًا أخرى وكان يغزو الروم في كل سنة مرتين مرة في الصيف ومرة في الشتاء وأما ما كان بينه وبين ابن عمة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بعد قتل عثمان رضي الله عنه فكان على سبيل الاجتهاد والرأي وكان الحق مع علي ومعاوية معذور عند جمهور العلماء سلفًا وخلفًا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال: رواه أحمد واللفظ له وهو مرسل ورواه أبو يعلى فوصله فقال فيه (عن معاوية) قال. أتبعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بوضوء فلما توضأ نظر إلي فقال يا معاوية إن وليت أمرًا فاتق الله واعدل فما زلت أظن أني مبتلى بعمل حتى وليت، ورواه الطبراني في الأوسط والكبير وقال في الأوسط (فاقبل من محسنهم وتجاوز عن مسيئهم) باختصار ورجال أحمد وأبي يعلى رجال الصحيح اهـ وكان إيراد الهيثمي لهذا الحديث بلفظ (عن سعيد بن عمرة بن سعيد بن العاص أن معاوية أخذ الإدارة بعد أبي هريرة الخ) وبه تعلم من هو سعيد جد عمرو بن يحيى في السند والله أعلم: (355) (سنده) (2) حدثنا مروان بن معاوية الفزاري ثنا حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز قال الخ (3) وفي رواية (سندها) حدثنا إسماعيل ثنا حبيب بن الشهيد عن أبي مجلز الخ (ومجلز) بوزن (منبر) (تخريجه) رواه أبو داود وسكت عنه هو والمنذري وأخرجه الترمذي أيضًا وقال حسن. (356) (سنده) (4) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مروان بن شجاع قال حدثني: خصيف عن مجاهد وعطاء عن ابن عباس الخ (تخريجه) أخرج الشق الأول منه مسلم إلى قوله بمشقص ولم أقف على من أخرج الباقي قاله الشيخ رحمه الله عند ذكره لهذا الحديث في كتاب الحج ص 190 ج 12 من الفتح الرباني.

-[ما جاء في معن بن يزيد السلمي رضي الله عنه]- (357) (عن سعيد بن المسيب) أن معاوية دخل على عائشة فقالت له أما خفت أن أقعد لك رجلًا فيقتلك فقال ما كنت لتفعليه وأنا في بيت أمان وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يعني "الأيمان قيد الفتك". كيف أنا في الذي بيني وبينك وفي حوائجك قالت: صالح قال فدعينا وإياهم حتى نلقى ربنا عز وجل. (باب) ما جاء في معن بن يزيد السلمي رضي الله عنهما (358) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام بن سعيد أنا أبو عوانة عن أبي الجويرية عن معن بن يزيد السلمي رضي الله عنهما سمعته يقول: يا يعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبي وجدي" وخاصمت إليه فأفلجني، وخطب علي فأنكحني.

_ (357) (سنده) (1) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال أنا علي بن زيد عن سعيد بن المسيب الخ (غريبه) (2) أي يمنع من الفتك الذي هو القتل بعد الأمان غدرًا كما يمنع القيد من التصرف (تخريجه) أورده في الجامع الصغير للسيوطي بلفظ (الإيمان قيد الفتك لا يفتك مؤمن) وعزاه إلى البخاري في التاريخ وأبي داود والحاكم عن أبي هريرة وإلى أحمد في المسند عن الزبير بن العوام وعن معاوية قال شارحه وإسناده جيد اهـ. (باب) معن بن يزيد بن الأخنس بن حبيب السلمي الصحابي أبو زيد، روى عنه أبو الجويرية الجرمي وسهيل بن دراع وعتبة بن رافع، وكان ينزل الكوفة ودخل مصر ثم سكن دمشق، وشهد وقعة مرج راهط مع الضحاك بن قيس سنة أربع وستين ويقال إنه كان مع معاوية في حروبه قال ابن عساكر شهد فتح دمشق وكان له مكان عند عمر بن الخطاب وذكره أبو زرعة الدمشقي فيمن سكن الشام وقتل بمرج راهط اهـ ملخصًا من الإصابة. (358) (غريبه) (3) أي حكم لي وونهرني على خصمي (4) أي طلب لي النكاح فأجيب يقال خطب المرأة إلى وليها إذا أرادها الخاطب لنفسه وخطبها على فلان إذا أرادها لفلان هذا لا لنفسه (تخريجه) أخرجه البخاري في باب إذا تصدق على ابنه وهو لا يشعر أوائل كتاب الزكاء حدثنا محمد بن يوسف حدثنا إسرائيل حدثنا أبو الجويرية أن معن بن يزيد رضي الله عنه حدثه قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا وأبي وجدي، وخطب علي فأنكحني، وخاصمت إليه وكان أبي يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعتها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيته بها فقال والله ما إياك أردت، فخاصمته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن وفيه من الفوائد جواز التحاكم بين الأب واربن وأن ذلك بمجرده لا يكون عقوقًا وفيه أن للمتصدق أجر ما نواه وأن وقع ماله في يد من لا يريده.

-[ما جاء في المقداد بن الأسود الكندي (رضي لله عنه)]- (باب ما جاء في المقداد بن الأسود الكندي (رضي الله عنه)) (عن بريدة الاسلمي (رضي الله عنه)) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن الله عز وجل يحب من أصحابي أربعة، أخبرني أنه يحبهم، وأمرني أن أحبهم، قالوا من هم يا رسول الله: قال إن عليا منهم، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي، والمقداد بن الأسود الكندي (رضي الله عنهم)، (وعن ابن مسعود (رضي الله عنه)) قال: لقد شهدت من المقدام مشهدًا لأن أكون أنا صاحبه أحب إلى مما عل به أتي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يدعو على المشركين فقال والله يا رسول الله لا نقول كما قالت بنو إسرائيل لموسي (أذهب أنت وربك فقاتلا أنا ههنا فاعدون) ولكن نقاتل عن يمينك وعن يسارك ومن بين يديك ومن خلفك، فرأيت وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يشرق وسر بذلك.

_ (باب) المقداد بن الأسود هو أبو الأسود وقيل أبو عمرو وقيل أبو معبد الصحابي المقداد بن عمرو بن ثعلبة بن مالك بن ربيعه البهراني الكندي، فهو ابن عمرو حقيقة، واشتر بالمقداد بن الأسود لأنه كان في حجر الأسود بن عبد يغوث بن وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب الزهري، فتبناه فنسب إليه، وهو قديم الإسلام والصحبة، قال ابن مسعود أول من أظهر إسلامه بمكة سبعة، منهم المقداد بن الأسود، وهاجر إلى الحبشة، ثم عاد إلى مكة، ثم هاجر إلى المدينة، وشهد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، درأ واحد أو سائر المشاهد، زوجة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بنت عمه ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب بن هاشم، فولدت له عبد الله وكريمة توفي في خلافة عثمان بن عفان سنة ثلاث وثلاثين وهو ابن سبعين سنه ودفن بالبقيع (رضي الله عنه). (359) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا ابن نمير عن شريك ثنا أبو ربيعة عن أبو بريدة عن أبيه قال الخ (تخريجه) عزاه الحافظ في الإصابة إلى الترمذي وابن ماجة قال وسنده حسن وقال النووي في التهذيب ما نصه، وفي الترمذي عن برية قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن الله عز وجل أمرني بحب أربعة وأخبرني أن يحبهم قيل يا رسول الله سمهم لنا فقال على منهم يقول ذلك ثلاثاً وأبو ذر والمقداد وسلمان قال الترمذي حديث حسن أهـ. (360) (سنده) (2) حدثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عمرو بن محمد أبو سعيد يعني العنقزي أنا إسرائيل (ح) وأسود بن عامر ثنا إسرائيل (ح) وثنا أبو نعيم ثنا إسرائيل عن مخارق عن طارق بن شهاب قال قال عبد الله لقد شهدت من المقداد "قال أبو نعيم: بن الأسود" مشهدًا الخ ومنه يعلم أن شيوخ أحمد في الحديث ثلاثة العنقزي وأسود وأبو نعيم كلهم عن إسرائيل قال في التقريب عمرو بن محمد العنقزي بفتح المهملة والقاف بينهم نون ساكنة وبالزاي أبو سعيد الكوفي ثقة من التاسعة أهـ وإسرائيل هو ابن يونس بن أبي أسحق البيعي ومخارق بوزن مساعد هو ابن عبد الله بن جابر البجلي الأحمسي وطارق بن شهاب بجلي أحمسي كوفي أفاده القسطلائي (غريبة) (3) قوله (ما عدل به) أي وزن به شيء يقابله من الخير كائناً ما كان وهو بالبناء للمجهول (4) أد في المسند بعد هذا ما نصه:

-[ما جاء في يوسف بن عبد الله بن سلام رضي الله عنهما]- حرف النون إلى الياء مهمل (حفر الياء التحتية) (باب ما جاء في يوسف بن عبد الله سلام رضي الله عنهما) (عن يحيي بن أبي الهيثم) قال سمعت يوسف بن عبد الله بن سلام يقول. أجلسي النبي (صلى الله عليه وسلم) في حجره، ومسح على رأسي، وسماني يوسف.

_ "قال أسود فرأيت وجه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يشرق لذلك وسره ذلك قال أبو نعيم فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يشرق لذلك وسره ذلك قال أبو نعيم فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أشرق وجهه وسره ذاك" أهـ قال القسطلاني وعند ابن اسحق أن هذا الكلام قاله المقداد لما وصل النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى الصفراء وبلغه أن قريشًا قصدت بدرًا وأن أبا سفيان نجا بمن معه فاستشار الناس الناس فقام أبو بكر (رضي الله عنه) فقال فأحسن ثم عمر (رضي الله عنه) كذلك ثم المقداد فذكر نحو ما في الحديث وزاد والذي بعثك بالحق نبيًا لو سلكت برك الغماد لجاهدنا معك من دونه قال فقال أشيروا على قال فعرفوا أنه يريد الأنصار وكان يتخوف أن لا يوافقوه لأنهم لم يبايعوه إلا على نصرته ممن يقصده لا أن يسير بهم إلى العدو فقال له سعد بن معاذ (رضي الله عنه) أمض يا رسول الله لما أمرت به فنحن معك قال فسره قوله ونشطه أهـ (تخريجه) أخرجه البخاري في كتاب المغازي من صحيحة من باب قول الله تعالي (اذ تستغيثون ربكم فاستجاب لكم أني ممدكم) الخ حدّثنا أبو نعيم حدّثنا إسرائيل عن مخلوق عن طارق بن شهاب قال سمعت ابن مسعود يقول الحديث وأخرجه الحاكم عن طريق عبد الله بن موسي أنا إسرائيل به وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي والظاهر أنه يريد لم يخرجاه من طريق عبيد الله بن موسي وإلا فقد أخرجه البخاري من طريق أبي نعيم كما رأيت. (باب) يوسف بن عبد الله بن سلام الإسرائيلي أبو يعقوب سماه النبي (صلى الله عليه وسلم) ومسح رأسه قال البخاري له صحبة وذكره ابن سعد في الطبقة الخامسة من الصحابة وقال أبو حاتم ليست له صحبه بل له رؤية وقول البخاري وابن سعد أصبح روي عن أبيه وعثمان وعلي وأبي الدرداء وروي عنه أبنه محمد ويحيي بن أبي الهيثم ويزيد بن أبي أمية الأعوروعون بن عبد الله ومحمد المنكدر وعمر ابن عبد العزيز ويحيي الأنصاري قال خليفة توفي في خلافة عمر بن العزيز. (261) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا يحيي بن أبي الهيثم قال سمت يوسف بن عبد الله بن سلام يقول الخ (تخريجه) رواته ثقات (وأبو أحمد الزبيري) هو محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن درهم الأسدي الزبيري مولاهم الكوفي من رواة الجماعة (ويحيي ابن أبي الهيثم العطار الكوفي) قال عنه الحافظ في التقريب ثقة من الخامسة وأشار بالرمز إلى أنه قد روي عنه البخاري في تاريخه والترمذي في الشمائل - وللحديث عند الإمام أحمد طرق أخرى بألفاظ مختصرة، وروي الترمذي منه قوله (سماني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوسف) كما في الإصابة.

-[ما جاء في أبي إمامة الباهلي (رضي الله عنه)]- (أبواب ذكر جماعة من الصحابة رضي الله عنهم اشتهروا بكتبهم) (مرتبة أسماءهم على حروف المعجم باعتبار الحرف الأول في الاسم الذي يلي الكنية) (حرف الهمزة) (باب ما جاء في أبي إمامة الباهلي واسمه الصدّي بن عجلان رضي الله عنه) (عن رجاء بن حيوة) عن أبي إمامة (رضي الله عنه) قال، أنشأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غزة فأتيته فقلت يا رسول الله ادع الله لي بالشهادة، فقال اللهم سلمهم وغنمهم قال فسلمنا وغنمنا قال ثم أنشأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غزوا ثانيًا فأتيته فقلت يا رسول الله أدع الله لي بالشهادة فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اللهم سلمهم وغنمهم قال فسلمنا وغنمنا) قال ثم أنشأ غزوا ثالثًا فأتيته فقلت يا رسول أني أتيتك مرتين قبل مرتي هذه، فسالك أن تدعو الله لي بالشهادة، قد يموت الله عز وجل أن يسلمنا ويغنمنا فسلمنا وغنمنا يا رسول الله فادع الله لي بالشهادة، فقال اللهم سلمهم وغنمهم قال فسلمنا وغنمنا ثم أتيته فقلت يا رسول الله مرني بعمل "وفي رواية

_ (مناقب من اشتهروا بكناهم من الصحابة (رضي الله عنهم) (باب) أبو أمامة الباهلي نم مشهوري الصحابة وقد اشتهر بكنيته، واسمه صدي (بضم الصاد وفتح الدال المهملتين وتشديد الياء) بن عجلان بن والبة (بالباء الموحدة) بن رباح بن الحارث، روي له عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خمسون حديثاً ومائتان، روي له البخاري منها خمسة ومسلم ثلاثة، روي عنه رجاء بن حيوة وشرحبيل بن مسلم وخالد بن معدان وسليم بن عامر وسالم بن أبي الجعد وأبو إدريس الخولاني وغيرهم، بعثة رسول اله (صلى الله عليه وسلم) إلى قومه يدعوهم إلى الله عز وجل، ويعرض عليهم شرائع الإسلام، فانتهي إليهم وهو جائع فجاءوا بقصعتهم فوضعوها واجتمعوا حولها ودعوه إلى تناول الطعام معهم، فقال ويحكم إنما أتيتكم من عند من يحرم هذا عليكم إلا ما ذكيتم كما أنزل الله عليه، وجعل يدعوهم إلى الإسلام "ويأبون، ثم قال ويحكم ائتوني بشربة من ماء فإني شديد العطش، قالوا لا، ولكن ندعك حتى تموت عطشاً، فلف رأسه بعمامته ونام في الرمضاء في حر شديد، فأتاه آتات في منامه بقدح فيه لبن فشرب وروي وامتلأ بطنه، فاستيقظ وقد ذهب ما به من الجوع والعطش، فقال القوم أتاكم رجل من أشرافكم فلم تطعموه ولم تسقوه وكذبتموه، فعرضوا عليه الطعام والشراب، فقال لهم: إن الله عز وجل أطعمني وسقاني، وأراهم بطنه، فنظروا فآمنوا جميعاً قال ابن حبان كان مع علي بصفين، سكن مصر ثم حمص وبها توفي سنة إحدى وثمانين وقيل ست وثمانين وله مائة وسنين فقد صح عنه كما قال الحافظ أن النبي (صلى الله عليه وسلم) مات وهو ابن ثلاثين قيل هو آخر من توفي من الصحابة بالشام وعامة حديثة عند الشاميين. (362) (سنده) (1) ثنا روح عن هشام عن همام عن واصل مولي أبي عينية عن محمد بن أبي يعقوب عن رجاء بن حيوة عن أبي إمامة قال (2) ما بين القوسين ساقط من نسخة المسندو نقلناه عن

-[ما جاء في أبي أيوب الأنصاري (رضي الله عنه)]- آخذه عنك ينفعني الله به، قال عليك بالصوم فإنه لا مثل له، قال فما رؤى أبو أمامة ولا امرأته ولا خادمة إلا صيامًا، قال فكان إذا رؤى في دارهم دخان بالنهار قيل اعتراهم ضيف، نزل بهم نازل، قال فليث بذلك ما شاء الله، ثم أتيته فقلت يا رسول الله أمرتنا بالصيام فأرجو أن يكون قد بارك الله لنا فيه يا رسول الله، أمرتنا بالصيام فأرجو أن يكون قد بارك الله لنا فيه يا رسول الله، قمرني بعمل آخر، قال أعلم أنك لن تسجد لله سجدة إلا رفع الله لك بها درجة، وحط عنك بها خطيئة. (باب ما جاء في أبي أيوب الأنصاري (رضي الله عنه)) (مدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عفان ثنا عاصم عن رجل من أهل مكة أن يزيد ابن معاوية كان أميرًا على الجيش الذي غزا فيه أبو أيوب، فدخل عليه عند الموت، فقال له أبو أيوب، فدخل عليه عند الموت، فقال له أبو أيوب، إذا مت فاقرءا على الناس مني إسلام وأخبروهم أبي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: من مات لا يشرك بالله شيئًا جعله الله في الجنة ولينطلقوا بي فليعبدوا بي في أرض

_ مجمع الزوائد في روايته لهذا الحديث عن الإمام أحمد في باب فضل الصوم ج 3 ص 181 (1) جمع صائم كنائم ونيام (تخريجه) أوره الحافظ الهيثمي بهذا اللفظ في باب فضل الصوم من كتابه "مجمع الزوائد" وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال أحمد رجال الصحيح قال وروي النسائي طرفاً منه يسيراً في الصيام بالله وقال الحافظ في الإصابة. "وأخرج أبو يعلي من طريق رجاء بن حيرة عن أبي إمامة أنشأ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غزوا فأتيته فقلت أدع الله لي بالشهادة فقال اللهم سلمهم وغنمهم الحديث أهـ وقال الحافظ المنذري في كتابه الترغيب والترهيب: عن أبي أمامة (رضي الله عنه) قال قلت يا رسول الله مرني بعمل قال عليك بالصوم فأنه لا عدل له قلت يا رسول الله مرني بعمل قال عليك بالصوم فإنه لا مثل له قلت يا رسول الله هوني بعمل قال عليك بالصوم فإنه لا مثل له "رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحة هكذا بالتكرار وبدونه وللحاكم وصححه وهو رواية للنسائي قال: أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلت يا رسول الله مرني بأمر ينفعني الله به قال عليك بالصوم فأنه لا مثل له ورواه ابن حبان في صحيحة في حديث قال، قلت يا رسول الله دلني على عمل أدخل به الجنة قال عليك بالصوم فأنه لا مثل له قال وكان أبو إمامة لا يري في بيته الدخان نهارا ًإلا إذا نزل بهم ضيف أهـ. (باب أبو أيوب الأنصاري (رضي الله عنه) أسمه خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن غنم بن مالك بن النجار الخزرجي النجاري الصحابي الجليل شهد العقبة وبدراً وأحداً والخندق وبيعه الرضوان وجميع المشاهد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم، ونزل عليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين قدم المدينة مهاجراً وأقام عنده شهرًا حتى بنيت مساكنه ومسجده توفي بأرض الروم غازياً سنة خمسين وقيل سنة إحدى وخمسين وقيل سنة ثنتين وخمسين وقبره بالقسطنطينية رضي الله عنه أفاده النووي في التهذيب قال ابن كثير وكان في جيش يزيد بن معاوية وإليه أوصي وهو الذي صلى عليه. (363) (غريب) (1) أمر من قرأ عليه السلام فهمزته همزة وصل (2) أي يكون مآله الجنة

-[ما جاء في أبي أيوب الأنصاري (رضي الله عنه)]- الروم ما استطاعوا، فحدث الناس لما مات أبو أيوب، فاستلام الناس، وانطلقوا بجنازته (وعن الأعمش عن أبي ظبيان) قال: غزا أبو أيوب الروم فمرض فلما حضر قل إذا أنا نمت فاحملوني، فإذا صادفكم العدو فادفنوني تحت أقدامكم، وسأحدثكم حديثًا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم لولا حالي هذا ما حدثتكموه، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: من مات لا يشرك بالله شيئًا دخل الجنة. حرف الدال المهملة (باب ما جاء في أبي الدحداح (رضي الله عنه)) (عن أنس) (هو أبن مالك) أن رجلًا قال يا رسول الله إن لفلان نخلة وأبا

_ بعد استيفاء ما عسي أن يكون عليه من آثام إذا شاء الله أخذه بها ويجوز أن يراد من عدم الإشراك في الحديث الإيمان الكامل فيكون دخول الجنة بدون سابقه عذاب والله أعلم (1) كان ذلك ليكون شهادة ظاهرة له عند الله سبحانه على الجهاد في سبيله (2) أي لبس كل منهم لأمته واللامة بفتح اللام وسكون الهمزة من أدوات الدفاع في الحرب. (364) (سنده) (3) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا ابن نمير عن الأعمش قال سمعت أبا طبيان (ح) ويعلي ثنا الأعمش عن أبي ظبيان قال غزا أبو أيوب الخ ومن ذلك يتبين أن للإمام أحمد في الحديث شيخين ابن نمير ويعلي (غريبة) (4) أي إذا وقفتم صفوفاً أمامهم فأدفنوني تحت أقداكم في الميدان اختار هذا الوقت للدفن لأنها ساعة قبول وإجابة لما فيها من بذل الأرواح إعلاء لكلمة الله واختار أن يدفن حيث يقاتلون لتشهد له الأرض يوم القيامة بالجهاد في سبيل الله (5) تحرج عن تحديثهم بهذا الحديث حال الحياة خوفاً من أن يشكل الناس ويتركوا العمل اكتفاء بسلامة العقيدة على ما هو ظاهر الحديث وحدثهم به عند موته ليخرج من عهدة كتمان العلم (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في تاريخ بروايتيه وعزاء إلى الإمام أحمد فقط وأورده الشيخ رحمه الله في كتاب الإيمان برقم 24 وقال لم أقف عليه في غير المسند وأخرج نحوه الشيخان من حديث ابن مسعود اهـ (باب) أبو الدحداح ويقال أبو الدحداحة الصحابي هو ثابت بن الدحداح بن نعيم بن غنم بن إياس حليف الأنصار قال الواقدي في غزوة أحد حدثني عبدا لله بن عمارة الخطمي قال أقبل ثابت بن الدحداحة يوم أحمد فقال يا معشر الأنصار أن كان محمد قتل فإن الله حي لا يموت فقاتلوا عن دينكم فحمل بمن معه من المسلمين فطعنه خالد فأنفذه فوقع ميئاً قال الواقدي وبعض أصحابنا يقول إنه جرح ثم برأ من جراحته ومات بعد ذلك على فراشه مرجع النبي (صلى الله عليه وسلم) من الحديبية فالله أعلم له من الإصابة. (365) (سنده) (6) ثنا حسن ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن رجلاً قال الخ

-[ما جاء في أبي أبي الدحداح (رضي الله عنه)]- أقيم حائطي بها فأمره أن يعطيني حتى أقيم حائطي بها فقال له النبي (صلى الله عليه وسلم) أعطه إياها بنخلة في الجنة، فأبي فأتاه أبو الدحداح فقال بعني نخلك بحائطي ففعل، فأتي النبي (صلى الله عليه وسلم) قال يا رسول الله أني قد ابتعتك النخلة بحائطي قال فاجعلها له فقال قد أعطيتكما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كم من عذق راح لأبي الدحداح في الجنة قالها مرارًا قال فأني أرأته فقال يا أم الدحداح أخرجي من الحائط فإني قد بعته بنخلة في الجنة فقالت ربح البيع أو كلة تشبهها. حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج، أنا شعبة من سماك بن حرب (عن جابر بن سمرة) قال صلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على ابن الدحاح (قال حجاج على أبي الدحداح) ثم أني بفرس معروري فعقله رجل فركبه فجعل يتوقص به ونحن نتبعه نسعى حلقة قال فقال رجل من القوم إن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال كم عذق معلق أو مدلي في الجنة لأبي الدحداح قال حجاج في حديثه قال رجل معنا عن جابر بن سمرة في المجلس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كم من عذق مدلي لأبي الدحداح في الجنة.

_ (غريبه) (1) قوله وأنا أقيم أقيم حائطي بها الخ الحائط هنا المراد به الجدار وإقامة الحائط بالنخلة معناه اعتماده عليها واستناده إليها والظاهر أن صاحب الجدار كان فقيراً لا يستطيع أن يدفع ممن النخلة لذلك أمر (صلى الله عليه وسلم) صاحب النخلة أن يتركها له بنخلة في الجنة (2) أي فأتي صاحب النخلة ليشتريها منه حتى يعطيها لصاحب الجدار بنخلة في الجنة (3) العذق بكسر أوله هو الغصن من النخلة وأما العذق بالفتح فهو النخل بكمالها وليس بمراد هنا، وراح معناها صار. (تخريجه) الحديث أورده الهيثمي في المناقب بهذا اللفظ وقال رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح أهـ. (366) (4) قوله صلى أي صلاة الجنازة وقوله على ابن الدحداح وفي رواية على بن أبي الدحداح ولا نعارض بني الروايتين لجواز أن يكون له ولد مسمي باسم أبيه (5) كان الإتيان وبالفرس ولكوبه حيث انصرف من الجنازة كما في بعض روايات مسلم وقوله (معروري) هو بضم الميم وسكون المهملة وبفتح الراءين بينهما واو ساكنة والراء المتطرفة منونة معناه عري لا شيء على ظهره (فعفله رجل) أي أمسكه وحبسه (يتوقص) أي يتوثب (6) القائل قال رجل الخ هو جابر بن سمرة الصحابي وقوله عند جابر بن سمر إظهار في موضع الأضمار والمعني أن رواية حجاج أحد شيخي محمد بن جعفر فيها بعد انصرافه (صلى الله عليه وسلم)، من تشييع الجنازة روي الحديث "كم من عذق مدلي لأبي الدحداح في الجنة" وأما رواية شعبة فتفيد أن الرجل قدوري الحديث أثناء رجوعهم معه (صلى الله عليه وسلم) من تشييع الجنازة (تخريجه) الحديث في الجزء الخامس من المسند من 90، 95 وأخرجه مسلم في كتاب الجنائز من صحيحة حدثنا محمد بن المثني ومحمد بن بشار حدثناً محمد بن جعفر حدثنا شعبة به والله أعلم.

-[ما جاء في أبي الدرداء (رضي الله عنه)]- (باب ما جاء في أبي الدرداء (رضي الله عنه)) (عن أبي عمر) "هو العيني، عن أبي الدرداء قال نزل بأبي الدرداء رجل، فقال أبو الدرداء: مقيم فنسرح أم ظاعن فنعلف، قال بن ظاعن، قال فأني سازودك زادًا لو أجد ما هو أفضل منه لزودتك، أتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلت يا رسول الله ذهب الأغنياء بالدنيا والآخرة، نصلي ويصلون، ونصوم ويصومون، ويتصدقون ول نتصدق، قال: ألا أدلك على شيء إن أنت فعلته لم يسبقك أحد كان قبلك ولم يدركك أحد بعدك إلا من فعل الذي تفعل، دبر كل صلاة ثلاثًا وثلاثين تسبيحه، وثلاث وثلاثين تحميدة، وأربعا وثلاثين تكبيرة. (وعن يوسف بن عبد الله بن سلام) (رضي الله عنه) قال صحبت أبا الدرداء (رضي الله عنه) أتعلم منه، فلما حضره الموت قال، آذن الناس بموتي، فآذنت الناس بموته فجئت وقد مليء الدار وما سواه، قال فقلت قد أذنت الناس بموتك وقد مليء الدار وما سواه، قال

_ (باب) أبو الدرداء (رضي الله عنه) أسمه عويمر وقيل عامر بن زيد بن قيس الخزرجي الصحابي الأنصاري كان فقيهاً حكيماً زاهداً أسلم يوم بدر وشهد أحد وأبلي فيها وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم أحد نعم الفارس عويمر وقال هو حكيم أمتي وقال النووي في التهذيب شهد ما بعد أحد من المشاهد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) واختلفوا في شهدوه أحداً وكان إسلامه تأخر قليلاً عن أول الهجرة أهـ روي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وروي عنه جماعة من الصحابة كابن عمر وابن عباس وأنس وأبي إمامة وفضالة بن عبد ويوسف بن عبد الله بن سلام ومن التابعين كزوجته أم الدرداء الصغري ومعدان بن أبي طلحة وأسد بن واعة وجبير بن نفير وآخي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بينه وبين سلمان الفارسي قال ابن حبان ولاه معاوية قضاه دمشق في خلافه عمر وقال النووي ولي قضاء دمشق من خلافة عثمان وكان له امرأتان كل واحدة يقال لها أم الدرداء صحابية وتابعيه تزوج النابغية بعد وفاة الصحابية أهـ والأصح عند أصحاب الحديث أنه مات في خلافة عثمان سنة إحدى وقيل ثنتين وثلاثين من الهجرة (رضي الله عنه). (368) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبن نمير ثنا مالك يعني ابن مفول عن الحكم عن أبي عمر عن أبي الدرداء قال نزل بأبي الدرداء الخ وأبو عمر في السند هو الصيني "بكسر المهملة وسكون اللتحتانية بعدها نون" قال في التقريب مقبول من السادسة وروايته عن أبي الدرداء مرسلة أهـ (2) المعني المقيم أنت فنرسل دابتك إلى المرعي أم مرتحل فنعلفها هنا (3) مفعول لفعل محذوف أي تسبح دبر كل صلاة كذا وتجمد كذا وتكبر كذا (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني بأسانيد واحد أسانيد الطبراني رجاله رجال الصحيح أهـ أفاده الشيخ رحمه الله في باب ما جاء في التسبيح والتحميد والتكبير والاستغفار عقب الصلوات. (369) (سنده) (4) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا محمد بن بكر قال ثنا ميمون يعني أبا محمد المرائي

-[ما جاء في أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) وقصة إسلامه]- أخرجوني فأخرجناه، قد أجلسوني فأجلسناه، قال يا أيها الناس أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم يقول. "من توضأ فأسيغ الوضوء ثم صلى ركعتين يتممها أعطها الله ما سأل محلًا أو مؤخرًا قال أبو الدرداء يا أيها الناس إياكم والالتفات، فأنه لا صلاة للملتفت، فإن غلبتم في التطور فلا ينغلق في الفريضة. حرف الدل المعجمة (باب ما جاء ي أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) وقصة إسلامه) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هرون أنا سليمان بن المغيرة ثنا حميد بن هلال عن عبد الله بن صامت قال قال أبو ذر (رضي الله عنه) خرجنا من قومنا غفار وكانوا يحلون الشهر الحرام أنا وأخي أنيس وأمنا فانطلقنا حتى نزلنا على خال لنا ذي مال وذي هيئة فأكرمنا خال وأحسن إلينا فحدنا قومه فقالوا إنك إذا خرجت عن أهلك خلفك إليهم أنيس

_ التميمي قال إذا يحيي بن أبي كثير عن يوسف بن عبد الله بن سلام قال الخ (عربية) (1) يعني أن الله تعالي يستجيب له دعاءه ويعطيه ما سأل، أما معجلاً في الدنيا وأما مؤخراً في الآخرة، ويحتمل أما معجلاً في الحال أو مؤخراً في الاستقبال في الدنيا أو الآخرة قال الشيخ رحمه الله تعالي (2) حذرهم من الالتفات في الصلاة لأنه يخل بإتمامها ويذهب بثوابها عن عائشة (رضيا لله عنها) قالت سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الالتفات في الصلاة فقال هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد رواه البخاري وعن أنس (رضي الله عنه) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إياك والالتفات في الصلاة فإن الالتصات في الصلاة هلكه فإن كان لا بد ففي التطوع لا في الفريضة رواه الترمذي وقال حديث حسن صحيح (تخريجه) قال الشيخ رمه الله لم أقف عليه بهذا اللفظ وإسناده حسن أ. هـ راجع باب ما جاء في فضل الوضوء والصلاة عقبه من الفتح الرباني ص 313 و 314 ج أول. (369) (باب) أبو ذر الغفاري الصحابي (رضي الله عنه) المشهور في اسمه أنه جندب "بضم الجيم وبضم الدال المهمة وتفتح" بن جنادة "بضم الجيم" بن سفيان بن عبيد بن الرفيقة بن حرام بن غفار "بوزن كتاب" كان أبو ذر (رضي الله عنه) من السابقين إلى الإسلام قدم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بمكة وأقام بهامدة ثم رجع إلى بلاد قومه بإذن من (صلى الله عليه وسلم) ثم هاجر إلى المدينة ولزم النبي (صلى الله عليه وسلم) وكان أبو ذر (رضي الله عنه) قولاً للحق زاهداً في الدنيا يري أنه يحرم على الإنسان ادخار ما زاد عن حاجته روي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كثيراً من الأحاديث وروي عنه ابن عباس وأنس بن مالك وعبد الرحمن بن غنم وزيد بن وهب والمعرور بن سويد والأحنف بن قيس وقيس بن عباد وأبو الأسود الدولي أبو المراوح وأبن اخيه عبد الله بن الصامت ويزيد بن شريك التيمي وجيبر بن نضير وأبو مسلم الخولاني وأبو إدريس الخولاني وخرشة بن الحر وغيرهم توفي أبو ذر بالربذة سنة اثنتين وثلاثين وصلى عليه ابن مسعود

-[ما جاء في أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) وقصه إسلامه]- فجاءنا خالنا فئنا عليه ما قيل له فقلت أما ما مضي من معروفك فقد كدرته ولإجماع لنا فيما بعد قال فقربنا صرمتنا باحتملنا عليها وتغطي خاليًا ثوبه وجعل يبكي قال فانطلقا حتى نزلنا بحضرة مكة قال فنافر أنيس رجلًا عن صرمتنا وعن مثلها فانيًا الكاهن فخير أنيسًا فأننا بصرمتنا ومثلهم، وقد صليت يا بن أخي قبل أن ألقي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثلاث سنين، قال فقلت لمن: قال لله، قال قلت فأين توجه، قال حيث وجهني الله عز وجل، قال وأصلي عشاء حتى إذا كان من آخر الليل ألقيت كأني خفاء (قال أبي قال أبو نضر قال سليمان كأني جفاء) حتى تعلوني الشمس قال فقال أنيس أن لي حاجة بمكة فاكفني حتى آتيك قال فانطلق فراث على ثم أناني فقلت: ما حبسك قال لقيت رجلًا يزعم أن الله عز وجل أرسله على دينك قال فقلت ما يقول الناس له قال يقولون أنه شاعر وساحر وكاهن قال وكان أنيس شاعرًا قال فقال قد سمعت قول الكهان فما يقول بقولهم وقد وضعت قوله على إقراء الشعر فو الله ما يلتام لسان أحد أنه شعر والله أنه لصادق وإنهم لكاذبون قال فقلت له هل أنت كافي حتى أنطلق فأنظر قال نعم فكن من أهل مكة على حذر فأنهم قد عنفوا له وتجمهرا له وقال عفان شيفوا له وقال بهز سبقوا له وقال أبو النضر شفوا له) قال فانطلقت حتى قمت مكة فنضفت

_ ثم قدم ابن مسعود المدينة فا قام عشرة أيام ثم توفي (رضي الله عنهما) (1) نشا عليه ما قيل له أي أظهر لا نيس ما قبل له من أنه موضع ريبة قال في المصباح نثوته نثواً من باب قتل أظهرته أهـ والظاهر أن خالهما داخله الشك في أنيس من أجل ما قيل له فلذلك رد عليه أبو ذر بما نقراه في الحديث (2) الصرمة بالكسر القطعة من الإبل ما بين العشرة إلى الأربعين قاله في المصباح (3) المنافرة المفاخرة والمحاكمة وكانت في الشعر وكان الرهن أبل ذا وأبل ذاك فأيهما كمان أفضل أخذ الصرمتين فتفاخرا ثم تحاكماً إلى الكاهن أيهما أشعر فحكم بابن أنيا أفضل فكان له الرهن (4) هو يفتح الفاء والجيم أصله تتوجه (5) بالبناء للمعقول والخفاء بكسر أدلة وتخفيف الفاء هو الكساء جمعه أخفية كما كسية وفي رواية (جفاء) بجيم مضمونة وهو غثاء السيل والقائل قال أبي هو عبد الله بن الأمام أحم (6) راث عليه أبطأ (7) بالفاء والراء وبالمد أي ضروبه وأنواعه واحد ما قرء بفتح القاف وقوله (فما يلتام لسان أحد أنه شعر) هكذا بالأصل والظاهر أنه (فما يلتام على لسان أحد أنه شعر) بزيادة (على) وبه صرح مسلم في روايته أي فما يتفق على لسان أحد من الشعراء أن يقول شعراً كالقرآن وهذا دليل على أنه ليس من ضروب الشعر قال في النهاية، لأم ولاءمهم بين الشيئين إذا جمع بينهما ووافق وتلاءم الشيئان والتأمل بمعني (8) (شنفوا له) أبغضوه وهو بفتح أو له وكسر ثانية (وتجمهوا له) قابلوه بوجوه كريهة عابسة وفي رواية عفان (شيفوا له) بفتح الشين المعجمة وتشد الياء التحتية أي طمحت أبصارهم اله يتلمسون له العيوب والهفوات يفتن تشيف للشيء ونشوف بتشديد الياء والواو وفي رواية بهز (سبقوا له) بتشديد الباء أي أعطوا السبق بفتح الباء وهو مال الرهان أي رصدوا المكافآت المالية لمن يقتله ويظفر به كما كان منهم مع

-[ما جاء في أبي ذر الغفاري (رضي الله عنه) وقصه إسلامه]- رجلًا منهم فقلت أين هذا الرجل الذي تدعون الصائبي قال فأشار إلى قال الصائبي قال فمال أهل الوادي على بكل مدرة وعظم حتى خررت مغشيًا على فارتفعت حين ارتفعت كأني نصب أحمر فأتيت زمزم فشربت من مائها وغسلت عني الدم فدخلت بين الكعبة واستارها فلبثت به ابن أخي ثلاثين من بين يومين وليلة ومالي طعام إلا ماء زمزم فمنت حتى تكسرت عكن بطني وما وجدت على كبدي سخفة جوع قال فبينما أهل مكة في ليلة قمراء لصاحبان (وقال عفان إصحيان وقال بهز أصحيان وكذلك قال أبو النضر) فضرب الله على .... أهل مكة فما يطوف بالبيت غير امرأتين فأتنا على وهما تدعوان أساف ونائلة قال فقلت انكحوا أحدهما الآخر فمائتنا هما ذلك قال فأتتا على فقلت وهن مثل الخشبة غير أني لم أكن قال فانطلقنا تولولان وتقولان لو كان ههنا أحد من أنفارنا قال فاستقبلهما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبو بكر وهما هابطان من الجيل فقال مالكما فقالتا الصائبى بني الكعبة وأستارها قالا ما قال

_ سراقة بن جثم وغيره وفي رواية أبي النضر (شفواله) وهو بفتح أوله وتشديد الفاء أي ظهرت عصارتهم الكامنة في قلوبهم له يقال شف الثوب يشف شفوفاً إذا بدا ما وراء ولم يستره (1) أي اخترت أضعفهم ليكون مأمون الغائلة إذا سألته عن وصف نبي الله (صلى الله عليه وسلم) (2) كان الكفار يطلقون عليه (صلى الله عليه وسلم) لفظ (الصائبي) إشارة إلى تركه ما هم عليه من أديان باطلة قال في المختار صبأ خرج من دين إلى دين وبابه خضع وصباً أيضاً صار صائباً أهـ وقد عدوا أبا ذر صائباً أي مفارقاً لدين قومه ولسؤاله عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فمال عليه أهل الوادي وكادوا يقتلونه (3) يعني من كثرة الدماء التي سالت بضربهم والنصب بضمتين وقد تسكن الصاد الصنم والحجر كانت الجاهلية تنصبه وتذبح عنده فيحمر بالدم جمعه أنصاب (4) فلبثت به أي بهذا الموضع يا ابن أخي وهو عبد الله بن الصامت ثلاثين من بين يوم وليلة أي مدة خمسة عشر يوما بلياليها (5) أي انثنت لكثرة السمن وانطوت قال في المختار السكنة الطيّ الذي في البطن من السمن والجمع عكن واعكان أهـ (6) أي أثر جوع من ضعف أو هزال وهي فتح السين وإسكان الخاء (7) "فبينا أهل مكة في ليلة قمراء" أي مضيئة طالع قمرها "اضحيان" بكسر الهمزة والحاء بينهما ضاد معجمة ساكنة أي مضيئة وفي رواية عفان وبهز وأبي النصر "أصحيان" بكسر الهمزة والحاء المهملة بينهما صاد مهملة من الصحو وهو ذهاب الغيم (8) أي أنامهم وإلا صمخة جمع سماح بالكسر وهو الخرق الذي في الأذن ويفضي إلى الرأس ويقال له سماخ بالسين المهملة والمراد بالأصمخة هنا الأذان جمع أذن (9) أساف مثل كتاب وسحاب صنم عى جبل الصفا ونائلة صنم آخر على المروة كان أهل الاهلية يمسحونهما إذا طافروا ويذبحون عليهما تجاه الكعبة (10) الهن والهنة بتخفيف نونهما هو كناية عن الفرج والذكر ومنه الحديث هن مثل الخشبه، غير أني لم أكن يعني أنه أفصح باسمه فيكون قد قال أير مثل الخشبة قلما أراد أن يحكي كي عنه وأراد بذلك سب أساف ونائله وغيظ الكفار بذلك وقوله (تولولان) أي تصيحان وتدعوان بالويل والأنفار جمع نفر أو نفير وهو الذي ينفر عند الاستغاثة

-[ما جاء في أبي ذر (رضي الله عنه)]- لكما قالنا قال لنا كلمة "علا" الفم قال فجاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هو وصاحبه حتى استلم الحجر فطاف بالبيت ثم صلى قال فأنيته فكنت أول من حياء بتحية أهل الإسلام فقال وعليك ورحمة الله ممن أنت قال قلت من غفار قال فأهوى بيده فوضعها على جبهته قال فقلت في نفسي كره أني أتمنتيت إلى غفار قال فأردت أن آخذ بيده فقدعني صاحبه وكان أعلم به مني قال متى كنت ههنا قال كنت ههنا منذ ثلاثين من بين ليلة ويوم قال فمن كان يطعمك قلت ما كان لي طعام إلا ماء زمزم قال فسمنت حتى تكسر عكن بطني وما وجدت على كبدي سخفة جوع قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنها مباركة وأنها طعام طعم قال أبو بكر أئذن لي يا رسول الله في طعامه الليلة قال ففعل قال فانطلق النبي (صلى الله عليه وسلم) وأنطلق أبو بكر وانطلقت معهما حتى فتح أبو بكر بابا فجمل بقبض لنا من زبيب الطائف قال فكان ذلك أول طعام أكلته بها فلبثت ما لبثت ثم قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم أذ قد وجهت إلى أرض ذات نخل ولا أحسبها ألا يثرب فهل أنت مبلغ على قومك لعل الله عز وجل أن ينفعهم بك وييأجرك فيهم قال فانطلقت حتى أتيت أخي أنيسًا قال فقال لي ما صنعت قال قلت أني صنعت أني سلمت وصدقت قال قال فمالي رغبة عن دينك فأني قد أسلمت وصدقت ثم أتينا أمنا فقال فما بي رغبة عن دينكما فإني قد أسلمت وصدقت فتحملنا حتى أتينا قومنا غفارًا فأسلم بعضهم قبل أن يقدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة (وقال يعني يزيد ببغداد وقال بعضهم إذا قدم وقال بهز أخواننا نسلم كذا قال أبو النضر) وكان يؤمهم خفاف بن إيماء بن رحضة الغفاري وكان سيدهم يومئذ وقال بقيتهم إذا قدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسلمنا فقدم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة فأسلم بقيتهم قال وجاءت أسلم فقالوا يا رسول الله أخواننا نسلم على الذي أسلموا عليه فأسلموا فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) غفار غفرا الله لها وأسلم سالمها الله.

_ (1) أي عظيمة لا شيء أقبح منها (2) أي حياه أبو ذر بقوله السلام عليكم فرد عليه بقوله وعليك ورحمة الله (3) قدعه وأقدعه كفه ومتعه وهو بدال مهملة (4) الطعم بالضم الأكل والمعني أنها تشبع شاربها كما يشبعه الطعام (5) أي أمرت بالتوجه إلى أرض ذات نخل وكان هذا في المنام بدليل قوله (ولا أحسبها إلا يثرب) وهي المدينة قال النووي وهذا كان قبل تسمية المدينة طابة وطيبة وقد جاء بعد ذلك حديث في النهي عن تسميتها يثرب أو أنه سماها باسمها المعروف عند الناس حينئذ. (6) أي حملنا أنفسنا ومتاعنا على إبلنا وسرنا (7) العبارة التي بين القوسين يراد بها بيان اختلاف الرواة فيبعض ألفاظ الحديث وهي في الأصل هكذا والأنسب أن تكون آخر الحديث (8) وفي المسند بعد ذلك ما نصه: "وقال بهز وكان يؤمهم إيماء بن رحضة فقال أبو النضر إيماء" أهـ والمعني أن الرواة اختلفوا فيمن كان يؤم من أسلم من غفار أولاً فقال بعضهم خفاف بن إيماء بن رحضة وقال بعضهم بل الذي كان يؤمهم هو إيماء بن رحضة قال النووي (إيماء) ممدود والهمزة في أوله مكسورة على المشهور (رحضة) مرواحاء مهملة وضاد معجمة مفتوحات أهـ (تخريجه) الحديث في المسند من 75 ج خامس وأخرجه بمثله مسلم

-[ما جاء في أبي ذر (رضي الله عنه)]- (وعن عبد الله بن عمرو بن العاص) رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويقول ما قلت لغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق من أبي ذر (وعنه في أخري) أصدق لهجة من أبي ذر. (وعن عراك بن مالك) قال قال أبو ذر (رضي الله عنه) أني لأقربكم يوم القيامة من رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: "إن أقربكم مني يوم القيامة من خرج من الدنيا كهيئته يوم تركته عليه" وإنه والله ما منكم من أحد إلا وقد تشبث منها بشيء غيري. (وعن شداد بن أوس) (رضي الله عنه) قال كان أبو ذر (رضي الله عنه) يسمع الحديث من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيه الشدة ثم يخرج إلى قومه يسلم لعله يشدد عليهم ثم أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرخص فيه بعد لم يسمعه أبو ذر فيتعلق أبو ذر بالأمر الشديد.

_ في صحيحه في فضائل أبي ذر (رضي الله عنه) حدثنا هداب بن خالد الأزدي حدثنا سليمان بن المغيرة به ثم أخرجه من طريقين آخرين ورواه الحاكم عن أبي ذر من طريق آخر بإسناد صالح كما قال الذهبي. (370) (سنده) (1) ثنا ابن نمير حدثنا الأعمش عن عثمان بن عمير بن أبي اليقظان عن أبي حرب أبن أبي الأسود قال سمعت عبد الله بن عمرو قال الخ. ص 163 ج ثان من المسند (طريق آخر) ثنا يحيي بن حماد ثنا أبو عوانة عن الأعمش ثنا عثمان عن أبي حرب الديلي سمعت عبد الله بن عمرو يقال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما أظلت الخضراء ولا أقلت الغبراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر (غريبة) (2) "أقلت الغبراء" حملت الأرض "الخضراء" السماء والمراد من الحديث التأكيد والمبالغة في صدقة يعني أنه متناه في الصدق لا أنه أصدق من غير مطلقاً (تخريجه) الحديث رواه أيضاً الترمذي وأبن ماجة والحاكم والترمذي هذا حديث حسن. (371) (سنده) (3) ثنا يزيد ثنا محمد بن عمرو عن عراك بن مالك قال قال أبو ذر الخ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن عراك بن مالك لم يسمع من أبي ذر فيما أحسب والله أعلم ورواه الطبراني بنحوه أهـ ومثله للحافظ في الإصابة إلا أنه لم يعزه للطبراني. (372) (سنده) (4) ثنا حسن الأشيب قال ثنا أبن لهيمة قال حدثناه عبيد الله بن المغيرة عن يعلي ابن شداد بن أوس قال قال شداد بن أوس الخ. (غريبة) (5) قوله ثم يخرج إلى قومه يسلم لعله يشدد عليهم أهـ هو هكذا في المسجد ومعناه أن يرجع إلى قومه يزورهم ويسمعهم ما سمعه من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الأمر الشديد وأسكني رأيته في مجمع الزوائد معزوا إلى أحمد بلفظ (ثم يخرج إلى قومه يسلم عليه ثم أن رسول اله (صلى الله عليه وسلم)) الخ. (تخريجه) أورده الهيثمي في باب الناسخ والمنسوخ من كتابه العلم وقال رواه أحمد وفي بن لهيعة وهو ضعيف ورواه الطبراني في الكبير أهـ (قلت) قال الحافظ في التقريب

-[ما جاء في أبي ذر (رضي الله عنه)]- (وعن الأحنف بن قيس) قال كنت بالمدينة فإذا أنا برجل يفر الناس منه حين يرونه، قال قلت من أنت قال أنا أبو ذر صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قال قلت ما يفر الناس، قال، إني أنهاهم عن الكنوز بالذي كان ينهاهم عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم). (عن أبي أمامة) (رضي الله عنه) قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في المجد جالسًا وكانوا يظنون أنه ينزل عليه فانصروا عنه حتى جاء أبو ذر (رضي الله عنه)، فاقتحم فأتي فجلس ليه فأقبل عليه النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال يا أبا ذر هل صليت اليوم قال لا قال قم فصل فلما صلي أربع ركعات الضحي أقبل عليه فقال يا أبا ذر تعوذ من شر شياطين الجن والأنس قال يا بني الله وهل لأنس شياطين، قال نعم (شياطين الأنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرف القول غررًا) ثم قال يا أبا ذر ألا أعلمك كلمة من كنز الجنة قال بلى جعلني الله فداءك قال قل: لا حول ولا قوة إلا بالله قال فقلت لا حول ولا قوة إلا بالله قال ثم سكت عني فاستبطلت كلامه قال قلت يا نبي الله أنا كنا أهل جاهلية وعبادة أو ثان فبعثك الله رحمة للعاملين أرأيت الصلاة ماذا هي قال خير موضوع من شاء استقل ومن شاء استكثر، قال قلت يا نبي الله أرأيت الصيام ماذا

_ عبد الله بن لهيعة - بفتح اللام وكسر الهاء - بن عقبة الخضرمي أبو عبد الرحمن المصري القاضي صدوق من السابعة خلط بعد احتراق كتبه ورواية ابن المبارك وأبن وهب عنه أعدل من غيرهما وله في مسلم بعض شيء مقرون أهـ. (373) (سنده) (1) ثنا عبد الرازق ثنا سفيان عن المغير بن النعمان ثنا عبد الله بن يزيد بن الأقنع الباهلي ثنا الأحنف بن قيس قال الخ. (374) (سنده) (2) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا معان بن رفاعة حدثني على ابن يزيد عن القاسم أبي عبد الرحمن عن أبي إمامة قال الخ (غريبة) (3) كان أصحابه (رضي الله عنهم) يظنون أنه ينزل عليه الوحي فكفوا عن الكلام معه (صلى الله عليه وسلم) (4) أي دخل في صفوف الصحابة وخاض في جموعهم حتى جلس إليه (صلى الله عليه وسلم) قال في المختار: قحم في الأمر رمي بنفسه فيه من غير رويه وبايه خضع وأقحم فرسه النهر فأقحم أي أدخل أبو ذر نفسه جموع الصحابة ولكنها في مجمع الزوائد (فاقتحم) كما كتبها الشيخ رحمه الله بخطة هنا وكل من جهة اللغة صحيح (5) إجابة النبي (صلى الله عليه وسلم) بأن للأنس شياطين وتلا عليه شاهداً لذلك قول الله عز وجل في سورة الأنعام (وكذلك جعلنا لكل نبي عدوا شياطين الأنس والجن يوحي بعضهم إلى بعض زخرفت القول غرورا) (6) أي خير عبادة وصفها الله للتقرب بها إليه ويجوز في لفظ (موضوع) الجر على الإضافة وتأويله ما ذكرنا والرفع على النعت أي خير وضعه الله عز وجل

-[ما جاء في أبي ذر (رضي الله عنه)]- هو قال فرض مجزئ قال قلت يا نبي الله أرأيت الصدقة ماذا قال أضعاف مضاعفة وعند الله المزبد، قال قلت يا نبي الله فأي الصدقة أفضل قال سر إلى فقير وجهد من مقل قال قلت يا نبي الله، إيما أنزل عليك أعظم قال، الله لا إله إلا هو الحي القيوم آية الكرسي، قال قلت يا نبي الله أي الشهداء أفضل قال من سفك دمه وعقر جواده قال قلت يا نبي الله فأي الرقاب أفضل قال أغلاها ثمنًا وأنفسها عند أهلها قال قلت يا نبي الله فأي الأنبياء كان أولًا قال آدم عليه السلام، قال قلت يا نبي الله أو نبي كان آدم قال نعم نبي مُكلّم خلقه الله بيده ثم نفخ فيه من روحه ثم قال له يا آدم قبلا، قال قلت يا رسول الله كم وفي عدة الأنبياء قال مائة ألف وأربعة وعشرون ألفا، المرسل من ذلك ثلاثمائة وخمسة عشر جما غفيرا

_ لمن يريد التقرب من سبحانه (1) أي كثير الجزاء والفضل لأنه نوع من الصبر والله تعالي بقول (إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب) وفي الحديث الصحيح (كل عمل ابن آدم يضاعف الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف قال الله تعالي إلا الصوم فأنه لي وأنا أجزي به يدع شهوته وطعامه من أجلي) (2) أي ما عند الله سبحانه (3) أي صدقة سر تعطي لفقير (وإن تخفوها وتؤتوها الفقراء فهو خير لكم) (4) (المقل) بضم أوله وكسر ثانية وآخره لام مشددة اسم فاعل من أقل بمعني افتقر وجهد المقل غاية ما يستطيع من المال وأن قل وفي الحديث (سبق درهم مائة ألف درهم رجل له درهمان أخذ أحدهما فتصدق به ورجل له مال كثير فأخذ من عرضه مائة ألف فتصدق بها) أخرجه النسائي عن أبي ذر وعن أبي هريرة (رضي الله عنهما) مرفوعاً (5) أي كلمة الله ثم بين متى كان الكلام وعلى أي وجه حصل بقوله "خلقه الله بيده ثم تفح فيه من روحه ثم قال له يا آدم قبلاً" أي كان الكلام بعد خلقه ونفخ الروح فيه وكان عياناً بدون واسطة قال في المختار: ورآه قبلاً بفتحتين وقبلا بضمتين وقبلا بكسر بعده فتح أي مقابلة وعياناً قال الله تعالي أو يأتيهم العذاب قبلاً أهـ (تخريجه) هذا الحديث أورده الهيثمي في مجمع الزوائد في باب السؤال للانتفاع وأن كثر من كتاب العلم وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير ومداره على على بن يزيد وهو ضعيف أهـ وقال الحافظ ابن كثير في تفسيره لقوله في سورة النساء (ورسلاً قد قصصناهم عليك من قبل ورسلاً لم نقصصهم عليك) ما نصه: معان بن رفاعة السلامي ضعيف وعلى بن يزيد ضعيف والقاسم أبو عبد الرحمن ضعيف أيضاً أهـ وقال الحافظ في التقريب: معان، بضم أوله وتخفيف المهملة، بن رفاعة السلامي، بتخفيف اللام، بتخفيف اللام، الشامي لين الحديث كثير الإرسال وعلى بن يزيد بن أبي زياد الألهاني أبو عبد الملك الدمشقي صاحب القاسم بن عبد الرحمن ضعيف والقاسم بن عبد الرحمن الدمشقي أبو عبد الرحمن صاحب أبي أمامة صدوق يرسل كثيراً أهـ وقال المنذري: علي بن يزيد الألهاني قال الدارقطني متروك وقال البخاري منكر الحديث وقال أبو زرعة لس بقوي ووثقه أحمد وابن حبان وقال المنذري: القاسم بن عبد الرحمن أبو عبد الرحمن أبو عب الرحمن صاحب أبي أمامة قال أحمد روي عنه على بن يزيد أعاجيب وما أراها إلا من قبل القاسم وقال ابن حبان كان يروي عن أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المعضلات ووثقه ابن معين والجوزجاني والترمذي وصحح له وقال يعقوب بن شيبه منهم من يضعفه اهـ.

-[ما جاء في أبي ذر (رضي الله عنه)]- (ز) (وعن أبي الأسود الدبلي) قال رأيت أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) فما رأيت لأبي ذر شبيهًا. (وعن شهر بن حوشب) حدّثنا عبد الرحمن بن غنم أنه زار أبا الدرداء بحمص فمكث عنده ليالي وأمر بحماره فلو كف فقال أبو الدراء ما أراني إلا متبعك فأمر بحماره فأسرح فسارا جميعا ًعلى حماريهما فلقيا رجلًا شهد الجمعة بالأمس عند معاوية بالجابية فعرفهما الرجل ولم يعرفاه فأخبرهما خبر الناس ثم أن ارجل قال وخبر آخر كرهت أن أخبركم كأنه أراكما تكرهانه فقال أبو الدرداء فلعل أبا ذكر لفي قال نعم والله فاسترجع أبو الدرداء وصاحبه قريبا ًمن عشر مرات ثم قال أبو الدرداء ارتقبهم واصطبر كما قيل لأصحاب الناقة، اللهم أن كذبوا أبا ذرفاني لا أكذبه اللهم وأن اتهموه فأني لا اتهمه اللهم وأن استشغوه فأني لا استشفه فإن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان يأتمنه حين لا يأتمن أحدًا ويسر إليه حين لا يسر إلى أحد والذي نفس أبي الدرداء بيده لو أن أبا ذر قطع يمني مال بغضته بعد الذي سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: ما أظلت الخضراء وا أقلت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر.

_ (375) (سنده) (1) (ز) حدّثنا عبد الله يعني ابن الإمام أحمد - ثنا محمد بن مهدي الإيلي ثنا داود بن ميمون عن واصل مولي أبي عينية عن يحيي بن عقيل عن يحيي بن يعمر عن أبي الأسود الديلي قال الحديث .. والمراد منه أنه ليس لأبي ذر شبيه في زهده وحدته وجراته في قول الحق (تخريجه) لم أقف عليه لغير عبد الله بن الإمام أحمد رحمهما الله تعالي. (376) (سنده) (2) ثنا أبو النضر ثنا عبد الحميد بن بهرام ثنا شهر بن حوشب الخ (غريبة) (3) حمص بكسر الحاء المهملة وسكون الميم بعدها صاد مهملة بلد مشهور قديم كبير بين دمشق وحلب في نصف الطريق يذكر ويؤنث إفادة في معجم البلدان (4) بالبناء للمفعول معناه شد على ظهره الو كاف ككتاب وغراب ويقال له أيضاً إلا كاف وهو للحمار كالرجل للبعير يقال آكفه واو كفه إفاده في المختار والقاموس (5) الجابيه بالجيم بعدها ألف ممدوده وباء مكسورة وباء مخففه قويه من أعمال دمشق (تخريجه) أورده الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد وقال، رواه أحمد الطبراني بنحوه وزاد وسمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول. "من أحب أن ينظر إلى المسيح عيسي بن مريم إلى بره وصدقه وجده فلينظر إلى أبي ذر" والبزار باختصار ورجل أحمد وثقوا وفي بعضهم خلاف أهـ ورواء، الحاكم في المستدرك بإسناده عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم قال كنت مع أبي الدرداء فجاء رجل من قبل المدينة فسأله فأخبره أن أباذر مسير إلى الربذة فقال أن لله وإنا إليه راجعون لو أن أباذر قطع إلى عضواً أو يدا مهاجمته بعد ما سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول الحديث قال الذهبي سنده جيد.

-[ما جاء في أبي ذر (رضي الله عنه)]- (حدّثنا عبد الله حّدثني أبي) ثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن عثمان بن خيثم عن مجاهد عن إبراهيم يعني ابن الأشتر أن أبا ذر (رضي الله عنه) حضره الموت وهو بالربذة فبكت امرأته فقال ما يبكيك قالت أبكي أنه لا يدلي بنفسك وليس عندي ثوب يسعك كفنا فقال لا تبكي فأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذات يوم وأنا عنده في نفر يقول ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين قال فكل من كان معي في ذلك المجلس مات في جماعة ورقة "وفي رواية في قرية أو جماعة، فلم يبق منهم غيري وقد أصبحت بالفلاة أموت فراقي الطريق فأنك سوف ترين ما أقول فأني والله ما كذبت ولا كذبت قالت وأني ذلك وقد انقطع الحاج قال راقبي الطريق قال فبيننا هي كذلك إذا هي بالقوم تخدي بهم رواحلهم كأنهم الرجم فأقبل القوم حتى وقعوا عليه فقالوا مالك قالت امرؤ من المسلمين تكفنونه وتؤجرون فيه قالوا ومن هو قالت أبو ذر ففدوه بآبائهم وأمهاتهم ووضعوا سياطهم في نحورها يبتدرونه فقال أبشروا أنتم النفر الذي قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيمك ما قال أبشروا، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ما من امرؤين مسمين هلك بينهما ولدان أو ثلاثة فاحتسبا وسبرا فيريان النار أبدًا ثم قد أصبحت اليوم حيث ترون ولو

_ (377) (1) إبراهيم بن الأشتر روي عن أبيه وعمر وروي عنه ابنه مالك ومجاهد وغيرهما ذكره ابن حبان في الثقات كان من أعيان الأمراء بالكوفة وكان شجاعاً وهو الذي قتل عبيد الله بن زياد الأمير في وقعة الخازر سنة سبع وستين وقتل مع مصعب بن الزبير في ألو سنة اثنين وسبعين أهـ ملخصاً من تعجيل المنفعة للحافظ ابن حجر (2) الربذة من قري المدينة على ثلاثة أميال قريبة من ذات عرق على طريق الحجاز وكان قد خرج إليها أبو ذر مغاضباً لعثمان بن عفان (رضي الله عنه) فأقام بها إلى أن مات في سنة 32 أهـ (3) أي لا قدرة لي على تجهيزك ودفنك (4) أي جماعة (5) الرفقة بضم الراء وكسرها الجماعة ترافقهم في سفرك والجمع رفاق (6) الأول بالبناء للمعلوم أي ما قلت كذباً على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والثاني بالبناء بالمجهول أي ما حدثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بكذب (7) أي تسير بهم مسرعة، الخدي بالخاء المعجمة المفتوحة والدال المهملة الساكنة آخرة ياء تحتية - ضرب من السير يقال خدي يخدي خدياً فهو خاد بوزن رمي يرمي رمياً فهو رام وروى (تجد بهم رواحلهم) بالجيم والدال المهملة المشددة والجد في السير معناه الإسراع والاجتهاد فيه وفي الحديث كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا جد به السير جمع بين الصلاتين "والراحلة" من الإبل البعير القوي القوي على الأسفار والأحمال والذكر والأنثي فيه سواء والهاء للمبالغة وجمعه رواحل (8) بفتحين نوع من الطوير وأحدثه رخمة (9) أي قال كل منهم لأبي ذر فداك أبي وأمي (10) أي في أعناق رواحلهم (11) ذكر هذا الحديث في هذا الموطن غير واضح وقد ذكر الهيثمي في مجمع الزوائد في الحديث في ترجمة أبي ذر معزواً لأحمد بلفظ "فقال أبشروا فأنتم الذين قال رسول اله (صلى الله عليه وسلم) فيكم ما قال ثم أصبحت اليوم حيث ترون، ورواه الحاكم في المستدرك من طريق مجاهد عن إبراهيم بن الأشتر عن أبيه عن أم ذر وفيه. "فقال لهم أبشروا فأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لنفر أنا فيهم "ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض تشهده عصابة من المؤمنين مأمن

-[ما جاء في أبي ذر (رضي الله عنه)]- أن ثوبًا من ثيابي يسعني لم أكفن إلا فيه فأنشدكم الله أن لا يكفنني رجل منكم كان أميرا ًأو عربها أو بريدًا فكل القوم كان قد نال من ذلك شيئًا إلا فتي من الأنصار كان مع القوم قال إنما صاحبك ثوبان في عيبتي من غزل أمي وأجد ثوبي هذين اللذين على قال أنت صاحبي فكفنَّي. (وعن أم ذر) بنحو هذا مختصرًا. (قز) (وعن أبي زرع الشيباني) عن قنبر حاجب معاوية قال كان أبو ذر " (رضي الله عنه)، يغلظ لمعاوية، قال شكاه إلى عبادة بن الصامت وإلى أبي الدرداء وإلى عمرو بن العاص وإلى أم حرام، فقال إنكم قد صحبتم كما صحب، ورأيت كما رأي، فإن رأيتم

_ أولئك النفر رجل إلا وقد هلك في قرية وجماعة والله ما كذبت ولا كذبت أهـ (1) لما كانت الوظائف الرسمية لا يخلو من يليها عن الشبهات ناشدهم أبو ذر (رضي الله عنه) ألا يكفن في ثوب لأحد من هؤلاء تورعاً وقد حقق رغبته بهذا الفتي الأنصاري الذي لم يل شيئاً من الإمارة وكان معه ثوبان من غزل أمه في عيبته (العريف) المقيم بأمور القبيلة أو الجماعة من الناس يلي أمورهم ويتعرف الأمير منه أحوالهم فعيل بمعني فاعل (البريد) الرسول الذي يركب البغل ويحمل مع الرسائل من بلد إلى بلد قال في النهاية وهي كلمة فارسية يراد بها في الأصل البغل. ثم سمي الرسول الذي يركبه بريداً والمسافة التي بين السكتين بريداً أهـ باختصار (العيبة) مستودع الثياب جمعه عياب والعرب تكني عن القلوب والصدور بالعياب لأنها مستودع السرائر إفادة في النهاية (تخريجه) ذكر الهثيمي فلذا الحديث وقال: "رواه أحمد من طريقين أحدهما هذه والأخرى مختصرة عن إبراهيم بن الأشتر عن أم ذر ورجال الطريق الأولى رجال الصحيح ورواه البزار بنحوه اختصار، أهـ وذكر هذا الحديث أيضاً الحاكم في المستدرك أخبرنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله ثنا إسماعيل بن أسحق القاضي ثنا على بن عب الله المديني ثنا يحيي بن سليم الطائفي ثنا عبد الله بن عثمان بن خيثم عن مجاهد عن إبراهيم بن الأشتر عن أبيه عن أم ذر قالت لما حضرت أبا ذر الوفاة بكيت الحديث بمثل رواية أحمد مع تفاوت يسير وسكت عنه هو والذهبي. (سنده) (2) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أسحاق بن عيسي حدثني يحيي بن سليم عن عبد الله بن عثمان عن مجاهد عن إبراهيم بن الأشتر عن أبيه عن أم ذر قالت لما حضرت أبا ذر الوفاة قالت بكيت فقال ما يبكيك قالت ومالي لا أبكي وأنت تموت بفلاة من الأرض ولا يدلي بدفنك وليس عندي ثوب يسعك فأكفنك فيه قال فلا نبكي وابشري فإني سمعت رسول اله (صلى الله عليه وسلم) يقول لا يموت بين امرأين مسلمين ولدان أو ثلاثة فيصبران أو يحتسبان فيردان النار أبدا ًوأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ليموتن رجل منكم بفلاة من الأرض يشهده عصابة من المؤمنين وليس من أولئك النفر أحد إلا وقد مات في قرية أو جماعة وإني أنا الذي أموت بفلاة والله ما كذّبت ولا كذبت (تخريجه) تقدم في الرواية السابقة. (378) (سنده) حدّثنا عبد الله قال قرأت على أبي هذا الحديث فأقر به حدّثني مهدي بن جعفر الرملي حدثني ضمرة عن أبي زرعة الشيباني عن قنبر حاجب معاوية قال كان أبو ذر الخ (غريبة) (4) كان من مذهب أبي ذر أنه لا يجوز للمسلم أن يمسك الفضل من ماله وأن ما زاد عن

-[ما جاء في أبي ذر (رضي الله عنه)]- أن تكلموه، ثم أرسل إلى أبي ذر فجاء فكلموه، فقال أما أنت يا أبا الوليد فقد أسلمت قبلي، ولك السن والفضل على، وقد كنت أرغب بك عن مثل هذا المجلس، وأما أنت يا أبا الدرداء فإن كادت وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن تفوتك ثم أسلمت فكنت من صالحي المسلمين وأما أنت يا عمرو بن العاص فقد جاهدت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، وأما أنت يا أم حرام فإنما أنت امرأة، وعقلك عقل امرأة وما أنت وذاك، قال فقال عبادة لا جرم لا جلست مثل هذا المجلس أبدًا. حرف الراء مهملة (حرف الزاي) (باب ما جاء في أبي زيد الأنصاري وأسمه عمرو بن أخطب (رضي الله عنه)) (عن علياء بن أحمر) حدّثنا أبو زيد الأنصاري (رضي الله عنه) قال قال لي رسول الله أدن مني قال فمسح بيده على رأسه ولحيته قال ثم قال اللهم جملة وأدم جملة وأدم جماله قال فلقد بلغ بضعا ًومائة سنة وما في رأسه ولحيته بياض الأنبذ يسير ولقد كان منبسط الوجه ولم ينقبض وجهه حتى مات.

_ حاجته يجب انفاقه في سبيل الخير وهذا من مذهب يدل على زهد صاحبه وروعة ولكن لا يمكن أن يحمل عليه كل الناس لذلك كان أبو ذر يغلظ لمعاوية وعمال عثمان وكان معاوية على غير مذهبه وجعل يشكوه لبعض الصحابة فلم يستمع إليهم فكتب إلى عثمان فاستقدمه المدينة وأظهر مذهبه هنالك فقال له عثمان لو اعتزلت الناس فاختبار الربذة منزلاً إلى أن توفي بها رضي الله عنه (1) أبو الوليد هو عبادة بن الصامت وأم حرام زوج عبادة (رضي الله عنه) (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد. باب) أبو زيد الأنصاري مشهور بكنيته وهو جد عزرة بن ثابت وأسمه عمرو بن أخطب أبن رفاعة بن محمود الأنصاري الخزرجي مسح رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيده على وجهه ودعا له كما مسح هو ظهر النبي (صلى الله عليه وسلم) وضع أصابعه على خاتم النبوة. (379) (سنده) (2) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا خزمي بن عمارة ثناعزرة بن ثابت الأنصاري ثنا علياء بن أحمر ثنا أبو زيد الأنصاري قال الخ (غرية) (3) فاعل قال ضمير يعود علياء بن أحمر (4) البضع في العدد بكسر الباء وتفتح هو ما بين الثلاث إلىلتسع (5) بفتح فسكون أي شيء قليل يقال بأرض كذا نبذ من كلا وأصاب الأرض نبذ من مطر وذهب ماله وبقي منه نبذة أي شيء يسير قاله في النهاية والمختار (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد ورجاله رجال الصحيح وأفاد الحافظ في الإصابة أن الحديث رواه الترمذي مختصراً وعبارته: أخرج الترمذي من طريق ابي عاصم عن عزره عن علياء بن أحمر عن أبي زيد بن أخطب قال مسح النبي (صلى الله عليه وسلم) بيده على وجهي ودعا لي أهـ (قلت) وفي المسند حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عاصم ثنا عزرة بن ثابت ثنا علباء بن أحمر ثنا أبو زيد أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مسح وجهة ودعا له بالجمال قال وأخبرني غير واحد

-[ما جاء في أبي زيد (رضي الله عنه)]- (وعن أبي زيد رضي (رضي الله عنه)) من طريق ثان قال قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جملك الله قال أنس وكان رجلًا جميلًا حسن السمت. (وعن عمرو بن أخطب) "يعني أبا زيد الأنصاري (رضي الله عنه) " من طريق ثالث قال استسقي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مأنيته باناء فيه ماء وفيه شعرة فرفعنها ثم ناولته فلقد اللهم جملة قال فرأيته بعد ثلاث وتسعين سنة" وفي رواية" فرأيته وهو أبن أربع وتسعين وما في رأسه ولحيته شعره بيضاء. (وعن علباء بن أحمر) حدّثنا أبو زيد قال قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا أبا زيد أدن مني وأمسح ظهري وكشف ظهره فمسحت ظهره وجعلت الخاتم بني أصابعي قال

_ أنه بلغ بضعاً ومائة سنة أسود الرأس واللحية إل نبذ شه أببض في رأسه والظاهر من هذه الرواية أن فاعل قال وأخبرني غير واحد الخ ضمير يعود على عزرة بن ثابت بن أبي زيد الأنصاري (رضي الله عنه) (380) (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا حجاج ابن نصير الفساطيطي قال ولم أسمع منه غيره قال حدثنا قره بن خالد عن أنس بن سيرين حدثني أبو زيد أبن أخطب قال الخ (غريبة) (2) السمت المنظر والهيئة وهو توكيد وتقرير للوصف قبله (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد عن شيخه الحجاج بن نصير وقد وثقه غير واحد وضعفه جماعة وبقية رجاله رجال الصحيح أهـ. (381) (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن الحسن يعني أبن شقيق حدثني الحسين بن راقد أبو نهيك الأزدي عن عمرو بن أخطب قال الحديث (4) قوله وفي رواية فرأتيه وهو بن أربع وتسعين (سنها ومتنها) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا زيد بن الحباب ثنا حسين أبو نهيك حدثني أبو زيد عمرو بن أخطب الأنصاري قال استسقي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ماء فأتيته بقدح فيه ماء فكانت فيه شعره فأخذتها فقال اللهم جملة قال فرأيته وهو ابن أربع وتسعين ليس في لحيته شعره بيضاء (تخريجه) ذكر الحافظ الهيثمي هذا الحديث من رواية زيد بن الحباب وقال رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال تسعون سنة وإسناده حسن أهـ وذكره من هذا الطريق أيضاً الحافظ أبن حجر في الإصابة معزواً لأحمد ثم قال وصححه ابن حبان والحاكم أهـ (قلت) على بن الحسن بن شقيق شيخ أحمد في الطريق الأولى من رجال الصحيح وشيوخه في الحديث هم رجال الطريق الثانية الذين أخذ عنهم زيد بن الحباب قال في التقريب وأبو نهيك بفتح أوله الازدي البصري القاري أسمه عثمان بن نهيك ثقة من الثالثة أهـ. (382) (سنده) (5) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عزرة ثنا علباء بن أحمر ثنا أبو زيد قال الخ (غريبة) (6) أمره بمسح ظهره لأنه أحس بما يؤديه فيه أو لأنه لمس منه الرغبة في التعرف على خاتم

-[ما جاء في أبي زيد (رضي الله عنه)]- فغمزتها (1) قال فقيل وما الحاتم قال شعر مجتمع على كنفه. (وعن أبي زيد عمرو بن أخطب) (رضي الله عنه) من طريق ثان قال رأيت الخاتم الذي بين كتفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كرجل قال بإصبعه الثلاثة هكذا فمسحته بيدي (وعن تميم بن حويص قال سمعت أبا زيد يقول قاتلت مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثلاثة عشرة مرة قال شعبة (أحد الرواة) وهو جد عزرة هذا. (حرف السين) (باب ما جاء في أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه))

_ النبوة (1) قوله فغمزتها مقتضي الظاهر أن يقال فعمزتها أي غمزت خاتم النبوة ولكنه أنت الضمير باعتبار المعني إذا خاتم النبوة قطعة من اللحم في حجم بيضة الحمامة كانت بين كتفيه (صلى الله عليه وسلم) وقيل كانت عند أعلى كتفه الأيسر وعليها شعران مجتمعات وكان يشم منه كرائحة المسك (2) هذا التفسير فيه تسامح قال القرطبي وغيره أن الأحاديث متفقة على أنه شيء بارز في جسده الشريف عند كتفه الأيسر قدر ببصه الحمامة أهـ لذلك أول العلماء هذه الرواية بأن المراد أنه ذو شعرات أو فيه شعرات أو عشرات (تخريجه) أخرجه الترمذي في الشمائل وصححه ابن حبان والحاكم أفاده الحافظ في الإصابة. (383) (سنده) (3) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا زيد بن الحبايب حدثني حسين بن واقد قال سمعت أبا نهيك يقول سمعت أبا زيد عمرو بن أخطب قال الحديث (4) هذا من مجاز إطلاق القول على الفول والمراد أنه قطعة لحم في حجم أطراف أصابع ثلاثة ضم بعضها إلى بعض (تخريجه) حكم الهيثمي على هذا الإسناد بأنه حسن كما تراه في الحديث السابق على ما قبل هذا. (384) (سنده) (5) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا شعبة ثنا تميم بن حويص قال سمعت أبا زيد يقول الحديث (6) أي أبو زيد عمرو بن أخطب الصحابي جد لعزرة بن ثابت قال في التقريب عزرة بن ثابت بن أبي زيد بن أخطب الأنصاري بصري ثقة من السابقة أهـ (تخريجه) أورده الحاف الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه الطبراني ورجال رجال الصحيح غير تميم بن حريص وهو ثقة أهـ. (تنبيه) وقع في نسخة المسند في إسناد هذا الديث (تميم بن مريض) وهو تصحيف وصوابه (تميم بن حويص) وله رجمة في تعجيل المنفعة أما الاسم المصحف فليس له ذكر في التقريب ولا في الخلاصة ولا في تعجيل المنفعة والله أعلم. (باب) أبو سعيد الخدري هو سعد بن مالك بن سنان الأنصاري الخزرجي مشهور بكنيته استصغر بأحد وكان سنة ثلاث عشرة سنة واستشهد أبوه مالك بن سنان بتلك الغزوة وغزا أبو سعيد الخندق وما بعدها وروي عن النبي (صلى الله عليه وسلم) الكثير وروي عن أبي بكر وعمر وعثمان وعلى وزيد بن ثابت

-[ما جاء في أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)]- (عن حميد) قال حدّثني بكر أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رأي رؤيا أنه يكتب ص فلما بلغ إلى سجدتا قال رأي الدواة والقلم وكل شيء بحضرته أنقلب ساجدًا قال فقصيها على النبي (صلى الله عليه وسلم) فلم يزل يسجد بها بعد. (عن أبي سعيد الخدري) قال: بعث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعثنا فسكنت فيهم فأتينا على قرية فاستطعمنا أهلها فأبوا أن يطعمونا شيئًا، فجاءنا رجل من أهل القرية فقال يا معشر العرب فيكم رجل يرقي فقال أبو سعيد قلت وما ذاك قال ملك القرية يموت قال فانطلقنا

_ وغيرهم وروى عنه من الصحابة ابن عباس وابن عمرو وجابر وأبو أمامة بن سهل وأبو الطفيل ومن كبار النابغين أبن المسيب وأبو عثمان النهدي وطارق بن شهاب وعبيد بن عمير وممن بعدهم عطاء ومجاهد وأبو المتوكل الناجي وأبو نضرة ومعبد بن سيرين وعبد الله بن محيريز وآخرون وهو أحد المكثرين من رواية الحديث بايع النبي (صلى الله عليه وسلم) على ألا تأخذه في الله لومة لائم مات بالمدينة سنة ثلاث أو أربع أو خمس وستين وقيل سنة أربع وسبعين. (385) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عفن ثنا يزيد يعني أبن زريع ثنا حميد قال حدثني بسكر الخ (معناه) رأي أبو سعيد في منامة أنه يكتب سورة ص فلما بلغ آية السجدة منها وهي قوله تعالي (وظن داود أنما فتناه فاستغفر ربه وخر راجعًا وأناب) رأي الدواة والقمل وكل شيء قد سجد لله عز وجل فقص أبو سعيد تلك الرؤيا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فواظب (صلى الله عليه وسلم) على السجود عند تلاوة تلك الآية أو سماعها بعد أن كان يسجد أحيانًا ويترك أحيانًا وقد اختلف العلماء هل السجود عندها للتلاوة أو الشكر والجمهور على الأول والشافعية على الثاني فلا تشرع داخل الصلاة على المعتمد عندهم وقال ابن سريج وأبو إسحاق المروزي من الشافعية هي سجدة تلاوة من عزائم السجود (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح أهـ وقد تقدم هذا الحديث وما قيل فيه بالجزء الرابع ص 182. (386) (سنده) (2) عبد الله حدّثني أبي ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير أبو أحمد ثنا عبد الرحمن بن النعمان أبو النعمان الأنصاري بالكوفة عن سليمان بن قتيبة عن أبي سعيد الخدري قال الخ (سند آخر) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن جعفر بن أياس عن ابي نضر عن أبي سعيد الخدري قال بعثنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سرية ثلاثين راكبا ًقال فنزلنا بقوم من العرب قال فسألناهم أن يضيفونا فأبوا قال فلدغ سيدهم قال فأتونا فقالوا فيكم أحد يرقي من العقرب قال فقلت نعم أنا ولكن لا أفعل حتى تعطونا شيئاً قالوا فأنا نعطيكم ثلاثين "شاه قال فقرات عليها (الحمد لله) سبع مرات قال فبرأ قال فلما قبضنا الغنم عرض في أنفسنا منها قال فكفّفنا حتى أتيا النبي (صلى الله عليه وسلم) قال فذكرنا ذلك فقال أما علمت أنها رقية أقسموها وأضربوا إلى معكم بسهم (غريبة) (3) بفتح أوله وسكون ثانية قال في المصلح رقيته أرقية رقياً من باب رمي عودته بالله والاسم الرقيا على فعلي والمرة رقية والجمع رقي مثل مدية ومدي فالرقية ما يقرأه على صاحب الآفة كالمريض والمحموم والمصروع من الأذكار والأدعية بقصد شفائه من

-[ما جاء في أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)]- معه فرقيته بفاتحة الكتاب فرددتها عليه مرارا ًفعوفي، فبعث إلينا بطعام وبغنم تساق، فقال أصحابي لم يعهد إلينا النبي (صلى الله عليه وسلم) في ذلك بشيء، لا نأخذ منه شيئًا حتى نأتي النبي (صلى الله عليه وسلم)، فسقنا الغنم حتى أتينا النبي (صلى الله عليه وسلم) فحدثناه، فقال كل وأطعمنا معك وما يدريك أنها رقية قال قلت ألقي في روعي. (وعن هلال بن حصن) قال نزلت على أبي سعيد الخدري فضمني وأياه المجلس قال فحدث أنه أصبح ذات يوم وقد عصب على بطنه حجرًا من الجوع فقالت له امرأته أو أمه أيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فاسأله فقد أتاه فلان فسأله فأعطاه، وأتاه فلان فسأله فأعطاه، فقال قامت حتى التمس شيئًا قال فالتمست فأتيته، قال حجاج فلم أجد شيئًا فأتيته وهو يخطب فأدركت من

_ مرضه قال في النهاية وقد جاء في بعض الأحاديث جوازها وفي بعضها النهي عنها والأحاديث في القسمين كثيرة ووجه الجمع بينهما أن الرقي يكره منها ما كان يغير اللسان العربي وبغير أسماء الله تعالي وصفاته وكلامه في كتب المنزلة وأن يعتقد أن الرقيا نافعة لا محالة فيتشكل عليها وإياها أراد بقوله (ما توكل من استرقي) ولا يكره منها ما كان خلاف ذلك كالتعوذ بالقرآن وأسماء الله تعالي والرقي المروية قال وما كان بغير اللسان العربي مما لا يعرف له ترجمة ولا يمكن الوقوف عليه فلا يجوز استعماله أهـ (1) المخاطب بذلك الراقي وهو أبو سعيد وفي رواية للبخاري (أقسموا وأضربوا لي معكم سهماً) قال القسطلاني والأمر بالقسمة من باب مكارم الأخلاق وإلا فالجميع للراقي وإنما قال (أضربوا لي) تطيباً لقلوبهم ومبالغة في أنه حلال لأشبه فيه (2) قال في المصباح الروع بالضم الخاطر والقلب يقال وقع في روعي كذا (تخريجه) أخرجه الشيخان وأصحاب السنن الأربعة فالبخاري أخرجه في مواضع منها باب ما يعطي في الرقية بفاتحة الكتاب من كتاب الإجارة، وباب الرقي بفاتحة الكتاب من كتاب الطب، وأخرجه مسلم في باب جواز أخذ الأجرة على الرقية من كتاب الطب، قال القسطلاني وأخرجه أبو داود في الطب والبيوع والترمذي والنسائي في البيوع وابن ماجة في التجارات أهـ وقد تقم في باب الرقية بالقرآن برقم 143 في الجزء الخامس عشر ص 185. (387) (سنده) (3) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة قال سمعت أبا حمزة يحدث عن هلال بن حصن قال الخ و (أبو حمزة) في السند هو - كما في الخلاصة - عبد الرحمن بن أبي عبد الله المازني أبو حمزة البصري جار شعبة عن أنس وعنه شعبة موثق أهـ وأشار بالرمز إلى أنه من رواة مسلم والنسائي في عمل اليوم والليلة و (هلال بن حصن) هو - كما في تعجيل المنفعة - أخو بن قيس بن ثعلبة بصري عن أبي سعيد الخدري وروي عنه أبو حمزة وقتادة ذكره البخاري وذكره ابن حبان في الثقات أهـ وبقية رجال الإسناد رجال الصحيح (4) رأى ربطة وشدة وبابه ضرب (5) حجاج هو أحد شيخي أحمد في الحديث والمراد أن حجاج زاد في روايته عن محمد بن جعفر الشيخ الآخر لأحمد هذه الجملة (فلم أجد شيئاً) بعد قوله (فالتمست) وقبل قوله (فأتيته) والمقام يدل عليها

-[ما جاء في أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)]- قوله وهو يقول: من استعف يعفه الله، ومن استغني يغنه الله، ومن سألنا إما أن نبذل له، وإما أن نواسيه أبو حمزه الشاك ومن يستعف عنا أو يستغني أحب إلينا ممن يسألنا، قال فرجعت فما سألته شيئًا، فما زال الله عز وجل يرزقنا حتى ما أعلم في الأنصار أهل بيت أكثر أموالًا منا (وفي رواية عن أبي الرحمن بن أبي سعيد الخدري) عن أبيه قال: سر حتى أمي إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اسأله فأتيته فقعدت قال فاستقبلني فقال: من استغني أغناه الله ومن استعف أعفه الله ومن استكف كفاه الله ومن سأل وله قيمة أوقيه فقد الحف قال فقلت ناقتي الياقوته هي خير من أوفيه فرجعت ولم أسأل. (عن محمد بن عمرو بن ثابت) قال حدثني أبي أن عبد الله بن عمر مر به فقال

_ على تقدير عدم ذكرها (1) قوله (أبو حمزة الشاك) هكذا وجدت هذه الجملة بالأصل في هذا الموضع والجملة السابقة عليها ليس فيها شك حتى ينبه على من شك فالظاهر أن هذه الجملة إنما هي بعد قوله (ومن يستعف عنا أو يستغني أحب إلينا ممن يسألنا) فإن الشك فيها لا فيما قبلها (2) (سنده) حدّثا عبد الله حدّثني أبي ثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال عن عمارة بن غزية عن عبد الرحمن أبن أبي سعيد الخدري عن أيه قال الخ (سند آخر) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا الحكم بن موسي ثنا أبن أبي الرجال نحوه (3) أي أرسلتني والفعل بابه نفع ويجوز فيه تشديد لراء مبالغة وإنما أرسلته أمه إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليسأله لأن اباه استشهد في احد ولم يترك لأهله مالاً قال الحافظ في الإصابة روي أحمد وغيره من طريق عطية عن أبي سعيد قال قتل أبي يوم أحد شهيداً وتركنا بغير مال فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسأله فحين رآني قال (من أستغني أغناه الله ومن يستعفف يعفه الله) فرجعت (4) أي ألح بتشديد آخره وهو الحاء المهملة (5) أي المسماة بذلك (تخريجه) أخرجه النسائي تاماً وأبو داود مختصراً في كتاب الزكاة فالنسائي أخرجه في "باب من اللحف، أخبرنا قتيبة قال حدثنا أبن أبي الرجال عن عمارة بن غزية عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال، سرحتني أمي بمثل لفظ أحمد في الرواية الثانية وأبو داود في "باب من يعطي من الصدفة وحد الغني" حدثنا قتيبة بن سعيد وهشام بن عمار قالا ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال عن عمارة بن غزية عن عبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري عن أبيه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) "من سأل وله قيمة أوقية فقد ألحف فقلت ناقتي الياقوتة هي خير من أوقية - قال هشام، خير من أربعين درهماً - فرجعت فلم أسأله شيئاً" زاد هشام في حديثة، "وكانت الأوقية على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أربعين درهماًن اهـ وقال الشوكاني في نيل الأوطار، حديث أبي سعيد سكت عنه أبو داود والمنذري ورجال إسناده ثقات وعبد الرحمن بن محمد ابي الرجال المذكور في إسناده قد وثقه أحمد والدارقطني وابن معين وذكره ابن حبان في الثقات وقال ربما أخطأ أهـ وقد تقدم هذا الحديث في ألو لب الزكاة برقم 135 صفحة، 92، 93 من الجزء التاسع. (388) (سنده حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا فليح عن محمد بن عمرو بن ثابت قال حدثني أبي الخ وله (طرق أخرى) عند الإمام أحمد أوردها الشيخ رحمه اله في كتاب الجنائز ...

-[ما جاء في أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)]- له: أين تريد يا أبا سعيد الخدري، فانطلقت معه، قال فقال أن عمر يا أبا سعيد: أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ينهي عن لحوم الأضاحي، وعن أشياء من الأشربة، وعن زيارة القبور، وقد بلغني أنك محدث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في ذلك، قال أبو سعيد سمعت أذناي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو يقولك أني نهيتكم عن أكل لحوم الأضاحي بعد ثلاث فكلوا وادخروا فقد جاء الله بالسعة، ونهيتكم عن أشياء من الأشربة أو الأنبذة فاشربوا وكل مسكر حرام ونهيتكم عن زيارة القبور فإن زرتموها فلا تقولوا هجرًا.

_ الجزء 8 صفحة 7 رقم 330 (1) نهاهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يأكلوا من لحوم الأضاحي بعد ثلاثة وأمرهم أن يتصدقوا بما بقي رفقاً بالفقراء في وقت الضيق ثم رخص لهم في أن يأكلوا ويدخروا فيما بعد الثلاث ونهاهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يتبنوا في أوعية خاصة من شأنها أن تخمر ما ينبذ فيها بسرعة وهذه الأوعية هي (الحتم) بوزن جعفر جمع حتمه وهي الجرار الخضراء أو الجرار كلها (والدباء) بضم المهملة وتشديد الباء الموحدة وهي القرع اليابس واحدة (دباءة) و (النقير) بوزن البعير فعيل من نقل ينقر كانوا يأخذون أصلي النخلة يفقرون ويجعلونه إناء ينتابون فيه وكنان له تأثير في شدة الشراب (والمزفت) بضم أوله وفتح ثانية وتشديد الفاء المفتوحة وهو الإناء المطلي بالزفت ويقال له المقير بصيغة أسم المفعول أي المطلي بالقار، وقيل هذه الظروف كانت مختصة بالخمر فلما حرمت الخمر حرمت هذه الظروف لأن في استعمالها شبها بشرب الخمر فلما طال الزمان واشتهر تحريم المسكرات وتقرير ذلك في نفوسهم أباح لهم (صلى الله عليه وسلم) الانتباه في كل إناء بشرط أن لا يشربوا مسكراً (2) نهاهم (صلى الله عليه وسلم) عن زيارة القبور لما كانوا يفعلون عندما من الجزع والهلع ودعوي الجاهلية ثم لما تقود التحريم في النفوس واشتهر أذن لهم في زيارتها بشرط أن ولا يقولوا (هجرا) أي فحشاً وزنا ومعني وهو ما حرمه الشارع (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وفي إسناده (محمد بن عمرو بن ثابت) قال أبو حاتم لا أعرفه وذكره ابن حبان في الثقات - وأبوه (عمرو بن ثابت العنواري الليثي) ذكره أبن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا ًوذكره أبن حبان في الثقات أفاده الحافظ في "تعجيل المنفعة" هذا وقد أورد الحديث في كتاب الجنائز الحاكم في المستدرك من طريق محمد بن يحيي بن حبان أن واسع بن حبان حدثه أن أبا سعيد الخدير حدثه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال. الحديث خاليًا عن قصة ذهاب أبن عمر إليه وقال الحاكم هذا حديث على شرط مسلم ولم يخرجاه وأفره الذهبي وأخرج مسلم في الأضاحي عن أبي نضرة عن أبي سعيد مرفوعاً ما يختص بالأضاحي ولفظه "يا أهل المدينة لا تأكلوا لحوم الأضاحي فوق ثلاث" فشكوا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن لهم عيالاً وحشماً وخدما فقال كلوا وأطعموا واحبسوا أو ادخروه وروي الشافعي في مسنده ما يختص بزيارة القبور أخبرنا مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: ونهيتكم عن زيارة القبور فزوروها ولا تقولوا هجراً "ولحديث أبي سعيد في النهي عن هذه الثلاثة ثم نسخه "شواهد كثيرة بساقها الحافظ الهيثمي في أبواب الأضحية.

-[ما جاء في أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)]- (عن أبي سعيد الخدري) قال: كنت في حلقة من حلق الأنصار، فجاءنا أبو موسي كأنه مذعور فقال أن عمر أمرني أن آتيه، فأتيته فاستأذنت ثلاثًا فلم يؤذن لي فرجعت، وقد قال ذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، من استأذن ثلاثًا فلم يؤذن له فليرجع فقال: لتجيئن ببيه على الذي تقول وإلا أوجعنك، قال أبو سعيد فأتانا أبو موسى مذعورًا -أو قال فزعًا- فقال أستشهدكم، فقال أبي بن كعب: لا يقوم معك إلا أصغر القوم، قال أبو سعيد وكنت أصغرهم فقمت معه، وشهدت أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: من أستأذن ثلاثًا لم يؤذن له فليرجع.

_ (389) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا سفيان يزيد بن خصيفة عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد الخدري قال الخ وسفيان في السند هو أنب عيينة (غريبة) (2) "الحلقة" بفتح فسكون جمعها (الحلق) بفتحين على غير قياس وقال الأصمعي الجمع (حلق) بكسر وفتح ثانية بدرة وبدر وقصعة وقصع وحكي يونس عن أبي عمرو بن العلاء (حلقة) في الواحد بفتحتين والجمع (حلق وحلقات) قال ثعلب كلهم يجيزه على ضعفه كذا في لمختار (3) أي خائف قال في المختار ذعره (أقرعه وبابه قطع والاسم الذعر بوزن العذر وقد ذعر فهو مذعور أهـ (4) ههنا حذف بعد قوله (فليرجع) يدل عليه السياق والروايات الأخرى تقديره) (فدخلت عليه بعد ذلك وأخبرته أني جئت فاستأذنت فلم يؤذن لي فرجعت لقوله (صلى الله عليه وسلم) "من استأذن ثلاثاً فلم يؤذن له فليرجع، فقال لتجيئن الخ) (5) قال القرطبي أبو موسى كان عالماً بكيفية الاستئذان وبعدده فاستأذن على نحو ما علم وأما عمر (رضي الله عنه) فإنما كان عالماً بمشروعية الاستئذان ولم يعلم بالعدد فلذا أنكر واستبعد ان يخفي عليه ذلك مع ملازمته النبي (صلى الله عليه وسلم) وإنما أنكر وأغلط وقال أقم البية وإلا أوجعتك ليسد باب النقول على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما أقامها اعتذر إليه بقوله (أودت أن أتثبت) (6) فيه إشارة إلى شهرة حديث الاستئذان عندهم حتى أن أصغرهم قد سمعه (7) زاد في رواية عبيد بن عمير عند البخاري ومسلم وأبي داود وأحمد (فقال عمر خفي على هذا من أمر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ألهاني عنه الصفق بالأسواق) وزاد في رواية أبي موسي عند أبي داود (فقال لأبي موسى أني لم اتهمك ولكن عن الحديث عن رسول الله) صلى الله عليه وسلم) شديد) وروي مالك عن ربيعة بن عبد الرحمن وعن غير واحد من علمائهم في هذا (فقال عمر لأبي موسي أما أني لم اتهمك ولكن خشيت أن يقول الناس على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم في الاستئذان وأبو داود في الأدب في باب كم مرة يسلم الرجل في الاستئذان. بالجزء 17 ص 345: (فائدة) في الحديث من الفوائد أن العالم المستبحر في العلم قد يخفي عليه من العلم ما يعرفه الصغير وفيه التنبت في خبر الواحد يقول عمر لأبي موسي (لتجيئن ببينه على الذي تقول وإلا أوجعتك) ولا حجة له فيه لأنه لم يرد الحديث وإنما شك فيه لأنه قد لزم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلم يسمعه منه ولأنه خاف أن يتقول

-[ما جاء في أبي سعيد الخدري رضي الله عنه]- (عن طارق بن شهاب) قال أول من بدأ بالخطبة يوم عيد قبل الصلاة مروان ابن الحكم، فقام إليه رجل فقال: الصلاة قبل الخطبة، فقال مروان: ترك ما هنالك أبا فلان، فقال أبو سعيد الخدري: أما هذا فقد قضي ما ليه، سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: من رأي منكم منكرًا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، إن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان.

_ الناس على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما لم يقل وفيهم ضعاف الإيمان والمنافقون فأراد سد هذا الباب بتغليظه على أبي موسي مع ماله من الفضل والمنزلة ليرتدع غيره عن الرواية مع التساهل فيها أو الكذب وإلا فأبو موسي عند عمر أجل من أن يكذب على رسول (صلى الله عليه وسلم) يدلك على ما قلنا أنه أكتفي بخبر أبي مع أبي موسي (رضي الله عنهم) وخبرهما لا يخرج الحديث عن كونه خبر واحد لأن خبر الواحد مالاً يحصل العلم وخبر الاثنين لا يحصله وإنما يحصله خبر التواتر والله أعلم. (390) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق ابن شهاب الخ (غريبة) (2) كان مروان والي المدينة معاوية وكان أهل المدينة لا يستمعون إلى خطبته بعد صلاة العيد (قيل لما فيها من السب والمدح) فقدم الخطبة على الصلاة ليستمعوا إليها والرواية التي معنا وكثير غيرها تفيد أنه أول من فعل ذلك وقيل أول من فعله عثمان ليدرك الناس صلاة العيد رواه أبن المنذر عن الحسن البصري بإسناد صحيح وهذه العلة غير العلة التي اعتل بها مروان ولا أظن ذلك يصح عن عثمان لمخالفته ما في الصحيح (3) ظاهره أنه غير أبي سعيد روي الشيخان في صلاه العيدين من صححيهما عن أبي سعيد أنه هو الذي أنكر على مروان وجذبه بثوبه فلم يقبل منه وأجابه بمثل ما أجاب به الرجل والذي حققه الحافظ في الفتح أنهما فضيتان اتفقت أحدهما لأبي سعيد والأخرى للرجل بحضرة أبي سعيد وقد أفاض في بيان ذلك فراجعه (4) يعني من تقديم الصلاة على الخطبة كما هي السنة المتوارثة لأن الناس لم يكونوا يجلسون بعد الصلاة لسماع الخطبة (5) أي أدي ما وجب عليه من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وساق أبو سعيد الحديث لبيان أن الرجل لا أثم عليه لأنه قد فعل ما يستطيعه وهو الإنكار باللسان إنما الإثم على من لم يستمع لذلك وإنكار الرجل على مروان بمجمع من الناس وإقرار أبي سعيد له وتسميه ما فعله مروان منكراً يدل على أن السنة وعمل الخلفاء تقديم الصلاة وأن ما روي عن عثمان لا يصح وكان الأجدر بأبي سعيد أن يكون هو البادئ بالإنكار ولكن الرجل أسرع به فلم يترك له فرصه فآزره أبو سعيد (6) قوله (فإن لم يستطع فبقلبه) أي فليكرهه بقلبه (وذلك أضعف الإيمان) أي الاكتفاء بكراهة القلب أضعف الأعمال الإيمان المتعلقة بإنكار المنكر في ذاته وكانت الكراهية بالقلب أضعفها لأنه ليس بعدها مرتبة أخرى للتغير ومعني أضعف الإيمان أقل ثمراته (وفي الحديث من الفوائد) إنكار العلماء على الأمراء إذا فعلوا ما يخالف السنة، وجواز عمل العالم بخلاف الأولى إذا لم يوافقه الحاكم على الأولى لأن أبا سعيد حضر الخطبة ولم ينصرف فيستدل به على أن البداءة بالصلاة قبل الخطبة ليست شرطاً في صحتها قال أبن المنير حمل أبو سعيد فعل

-[ما جاء في أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه)]- (عن أبي سعيد الخدري) أن رسول الله (صلى الله علي وسلم قال: لا يمنعن أحدكم حافة الناس أن يقول بالحق إذا شهده أو علمه، قال أبو سعيد فحملني على ذلك، إني ركبت إلى معاوية فملأت أذنيه ثم رجعت.

_ النبي (صلى الله عليه وسلم) في ذلك على التعيين وحمله مروان على الأولوية واعتذر عن ترك الأولى بما ذكره من تغير جمال الناس فرأي أن المحافظة على أصل السنة وهو إسماع الخطبة أولى من المحافظة على هيئة فيها ليست من شرطها إفادة الحافظ في الفتح (وقال الأبي) السنة وعمل الخلفاء وفقهاء الأمصار تقديم الصلاة وعده بعضهم إجماعاً ولعله بعد الخلاف أو لعله لم يعتد بخلاف بني أمية بعد إجماع الصدر الأول لأنهم كانوا ينالون من على فكان الناس إذا صلوا تفرقوا فقدموها ليجلس الناس ولذا قال أشهب من بدأ بها أعادها بعد الصلاة (وفي الحديث أيضاً) الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وهو من دعائم الإسلام المجمع على وجوبها وهو على الكفاية ثم ما اشتهر حكمه يستوي في وجوب القيام به العلماء وغيرهم وما لم يشتهر حكمة من الأقوال والأفعال يقوم به العلماء خاصة ثم العلماء ولا ينكرون إلا المتفق عليه والله أعلم (تخريجه) رواه مسلم وأصحاب السنن الأربعة فأخرجه من طريق سفيان عن قيس بن مسلم عن طارق ابن شهاب في الإيمان والترمذي في الفن ومن طريق شعبة عن قيس عن طارق مسلم في الإيمان وأخرجه نم طريق الأعمش عن قيس بن مسلم عن طارق عن أبي سعيد الخدري وعن إسماعيل بن رجاء عن أبيه عن أبي سعيد الخدري مسلم في الإيمان وابو داود وأبن ماجه في صلاة العيدين والظاهر أن طارق بن شهاب قد تلقاه عن أبي سعيد وبذلك يزول التعارض في الطرق بين الوصل والإرسال وأما النسائي فقد رواه مقتصرا ًعلى المرفوع منه في كتاب الإيمان وشرائعه من طريقي سفيان ومالك بن مفول كلاهما عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب قال قال أبو سعيد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم يقول. الحديث (فائدة) تقدم هذا الحديث في أبواب صلاة العيدين برقم (1660) ص 151 من الجزء السادس وحصل في سوق الإسناد خطأ مطبعي وصوابه كما في الجزء الثالث من المسند ص 10 (حدّثنا عبد الله) حدّثني أبي ثنا أبو معاوية حدثنا الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه، وعن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب، كلاهما عن أبي سعيد الخدري قال: أخرج مروان المنبر ألخ ومثل ذلك ساقه أبو داود وابن ماجة في العيدين ومسلم في الإيمان على ما بينا (فائدة أخرى) ساق أحمد في مسنده هذا الحديث أيضاً من طريق سفيان عن قيس عن طارق في ص 49، 54 ومن طريق شعبة عن قيس عن طارق في ص 30 وعن طريق الأعمش عن إسماعيل بن رجاء عن أبيه في ص 52 لم يقل في واحد منها (عن أبي سعيد) راجع الجزء الثالث من المسند في هذه المواضع والحمد لله الذي هدانا لهذا (391) (سنده) (1) الحديث في المسند هكذا في الجزء الثالث ص 48: (حدّثنا عبد الله) حدّثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا شعبة عن عمر بن مرة عن أبي البحتري عن رجل عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يقول بالحق إذا شهده أو علمه) قال شعبة فحدثت هذا الحديث قتادة فقال ما هذا عمرو بن مرة عن أبي البحتري عن رجل عن

-[ما جاء في أبي سلمة (رضي الله عنه)]- (باب ما جاء في أبي سلمة (رضي الله عنه)) (عن أم سلمة) "زوج النبي (صلى الله عليه وسلم)، قالت دخل رسول الله على أبي سلمة وقد شق بصره فأغمضه ثم قال أن الروح إذا قبض تبعه البصر فضح ناس من أهله فقال لا تدعو على أنفسكم إلا بخير فإن الملائكة يؤمنون على ما تقولون ثم قال اللهم أغفر لأبي سلمة

_ أبي سعيد؟! حدثني أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: (لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يقول بالحق إذا شهده أو علمه) قال أبو سعيد فحملني على ذلك أني ركبت إلى معاوية فملأت أذنيه ثم رجعت قال شعبة حدثني هذا الحديث أربعة نفر عن أبي نضرة: قتادة وأبو سنة الجريري، ورجل آخر أهـ (قلت) ولعل الرجل الآخر غير من روي عنه أبو البحتري فيكون العدد أربعة كما قال (تخريجه) رواه الترمذي وأبن ماجة في كتاب الفتن حالياً عن قول أبي سعيد وذهابه آلي معاوية وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح فالترمذي أخرجه ضمن حديث طويل في (باب ما أخبر النبي (صلى الله عليه وسلم) أصحابه بماهر كائن إلى يوم القيامة) حدّثنا عمر أن بن موسي القزاز البصري حدثنا حماد بن زيد حدثنا على بن زيد بن جدعان القرشي عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال (صلى الله عليه وسلم) بنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يومًا صلاة العصر بنهار ثم قام خطيباً فلم يدع شيئاً يكون إلى قيام الساعة إلا أخبرنا به، حفظه من حفظه، ونسيه من نسيه، وكان فيما قال: أن الدنيا حلوة خضرة، وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون، إلا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء، وكان فيما قال. ألا لا يمنعن رجلاً هيبة الناس أن يقول بحق إذا عليه قال فبكي أبو سعيد فقال قد والله رأينا شيئاً فهبنا الحديث قال أبو عيسي وهذا حديث حسن صحيح وأخرجه أبن ماجة مفرقاً بأسناد الترمذي فذكر صدره في باب فتنة النساء إلى قوله (وأتقوا النساء) وذكر قوله (ألا لا يمنعن رجلاً - إلى قوله فهينا) في باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والله أعلم، وقد تقدم هذا الحديث عن أبي نضرة عن أبي سعيد من طريق أخرى برقم 39 ص 221 من الجزء الخامس عشر في كتاب القضاء والشهادات. (باب) قال النووي في تهذيبه أبو سلمة الصحابي زوج أم سلمة (رضي الله عنهما) هو بو سلمة عبد الله بن عبد الأسد بن هلال بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القريشي المخزومي كان قديم الإسلام وهاجر باسم سلمة إلى الحبشة ثم إلى المدينة وشهد بدراً وشهد بدراً واحداً وجرح بها وأندمل جرحه ثم انتفض جرحه فمات منه هذا ذكره أبن عبد البر وهو الد عمر بن أبي سليمة أهـ. (392) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني معاوية بن عمرو قال ثنا أبو إسحاق يمني الفزاري عن خالد الحذاء عن أبي قلابة عن قبيصة من ذؤيب عن أم سلمة قالت الحديث (غريبة) (2) قال النووي هو بفتح الشين ورفع بصره وهو فاعل شق هكذا ضبطناه وهو المشهور وضبطه بعضهم بصره بالنسب وهو صحيح أيضاً والشين مفتوحة بلا خلاف وشق بصراً لميت معناه شخص أي صار ينظر إلى الشيء لا يرتد إليه طرفه أهـ ملخصاً (3) معناه إذا خرج الروح من الجسد يتبعه البصر

-[ما جاء في أبي سلمة رضي الله عنه]- وارفع درجته في المهديين وأخلف هي في عقبة في الغابرين وأغفر لنا وله يا رب العالمين اللهم أفسح في قبره ونور له فيه. حرف الشين والصاد والضاد مهملة (حرف الطاء) (باب ما جاء في أبي الطفيل (رضي الله عنه)) (عن يزيد بن هرون) أنبأنا الحريري قال كنت أطوف مع أبي الطفيل فقال ما بقي أحد رأي رسول الله (صلى الله عليه وسلم غيري قال قلت ورأيته قال نعم قال قلت كيف كان صفته قال كان أبيض مليحًا مقصدًا.

_ ناظراً أين يذهب وفي الروح لغتان التذكير والتأنيث وهذا الحديث دليل للتذكير قال النووي (1) أي الباقين (تخريجه) أخرجه مسلم وابو داود والنسائي وأبن ماجة كما أفاده المنذري في مختصر السين (قلت) أخرجه مسلم في صحيحة أوائل كتاب الجنائز حدثني زهير بن حرب حدثنا معاوية بن عمرو وبمثل إسناد أحمد ومتنه وأخرجه أبو داود في كتاب الجنائز أيضاً باب تغميض الميت حدثنا عبد الملك بن حبيب أبو مران ثنا أبو إسحق الفزاري بمثل إسناد أحمد ومتنه إلا أنه ليس فيه عنده هذه العبارة (ثم قال إن الروح إذا قبض تبعه البصر). (باب) أبو الطفيل اسمه عامر بن وائلة وهو مشهور باسمه وكنيته جميعًا قال في التقريب عامر بن وائلة بن عبد الله بن عمرو بن جحش الليثي أبو الطفيل وربم سمي عمرواً ولد عام أحد ورأي النبي (صلى الله عليه وسلم) وروي عن أبي بكر فمن بعده وعمراً إلى أن مات سنة عشر ومائة على الصحيح وهو آخر من مات من الصحابة قاله مسلم أهـ قال في الإصابة: وقال ابن البرقي مات سنة ثنتين ومائة وعن مبارك بن فضالة مات سنة سبع ومائة وقال ابن السكن جاءت عنه روايات ثابتة أنه رأي النبي (صلى الله عليه وسلم) وأما سماعة منه (صلي الله عليه وسلم) فلم يثبت وذكر البخاري في التاريخ الصغير عن أبي الطفيل قال أدركت ثماني سنين من حياة النهي (صلى الله عليه وسلم) أهـ ملخصا ًوفي مسند أحمد ثنا أبو سعيد مولي بني هاشم ثنا مهدي بن عمران المازني قال سمعت أبا الطفيل وسئل هل رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال نعم قيل فهل كلمته قال لا الحديث وفي المسند أيضاً ثنا وكيع ثنا معروف المكي قال سمعت أبا طفيل عامر بن وائله قال رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) وأنا غلام شاب يطوف بالبيت على راحلته يستلم الحجر بمحجنة. (393) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا يزيد بن هرون أنا الجريري قال .. الحديث غريبة (3) قال أبن الأثير المقصد هو الذي ليس بطويل ولا قصير ولا جسيم أي المعتدل الذي لا يميل إلى أحد طرفي التفريط والأفراد أهـ (تخريجه) هذا الحديث أخرجه مسلم في الصحيح والترمذي في الشمائل قال مسلم في باب كان النبي عليه الصلاة والسلام أبيض مليح الوجه من كتاب الفضائل حدّثنا عبيد الله بن عمر القواريري نا عبدا لأعلى بن عبد الأعلى عن الجريري عن أبي

-[ما جاء في أبي الطفيل رضي الله عنه]- (وعن أبي الطفيل) (رضي الله عنه) قال أدركت ثمان سنين من حياة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وولدت عام أ؛ د. (باب ما جاء في أبي طلحة الأنصاري (رضي الله عنه)) (عن أنس بن مالك) (رضي الله عنه) أن أبا طلحة (رضي الله عنه) كان يرمي

_ الطفيل قال رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وما على وجه الأرض رجل رآه غيري قال فقلت له فكيف رأيته قال كان أبيض مليحاً مقصداً وأخرجه مسلم قبل هذا مختصراً من طريق آخر عن الجريري عن أبي الطفيل قال قلت له أرأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال نعم كان أبيض مليح الوجه قال مسلم بن الحجاج مات أبو الطفيل سنة مائة وكان آخر من مات من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وفي تدريب الراوي للسيوطي قال العراقي وما حكاه بعض المتأخريه عن أبي دريد من أن عكراش بن ذؤيب تأخر بعد ذلك وأنه عاش بعد وقعة الجمل مائة سنة فهذا باطل أو مؤول بأنه استكمل المائة بعد وقعة الجمل لا أنه بقي بعدها مائة سنة وأما قول جرير بن حازم أن آخرهم موتًا سهل بن سعد فالظاهر أنه أراد أنه آخر من مات من الصحابة بالمدينة أهـ ملخصاً. (394) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا ثابت بن الوليد بن عبد الله بن جميع حدّثني أبي قال قال لي ابو الطفيل أدركت الخ (تخريجه) أخرجه الحاكم بإسناده عن أحمد من هذا الطريق وأخرجه بأسناده عن مصعب عن عبد الله قال: عامر بن وائلة بن عبد الله قال: عامر بن واثلة ابن عبد الله بن عمرو بن جحش بن حيان بن سعد بن ليث ولد عام أحد وأدرك من حياة النبي (صلى الله عليه وسلم) ثمان وستين نزل الكوفة ثم أقام بمكة حتى مات وهو آخر من مات من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مات سنة أثنتين ومائة (فائدة) ثابت بن الوليد ترجم له الحافظ في تعجيل المنفعة قال أبو حاتم صالح الحديث قال أبن حبان في الثقات ربما أخطأ وأما والده الوليد بن عبد الله بن جميع فهو من رجال الصحيح، (باب) (أبو طلحة الأنصاري (رضي الله عنه) مشهور بكنيته وأسمه زيد بن سهل أبن الأسود بن حرام الأنصاري الخزرجي النجاري من كبار الصحابة وشجعانهم شهد بدراً وما بعدها وهو زوج أم سليم والدة أنس بن مالك خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) روى النسائي عن أنس قال خطب أبو طلحة أم سليم فقالت يا أبا طلحة ما مثلك يرد ولكنك امرؤ كافر وأنا مسلمة لا تحمل لي فإن تسلم فذلك مهري فاسلم فكان ذلك مهرها واختلف في وقاته فقال الواقدي وتبعة غير واحد مات سنة أربع وثلاثين وصلى عليه عثمان وقيل قبلها بسنتين وقال أبو زرعة الدمشقي عاش بعد النبي (صلى الله عليه وسلم) أربعين سنة قال الحافظ وكأنه أخذه من رواية شعبة عن ثابت عن أنس قال كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) من أجل الغزو فصام بعده أربعين سنة لا يفطر إلا يوم أضحي أو فطر قال الحافظ فعلى هذا يكون موته سنة خمسين أو إحدى وخمسين وبه جزم الميداني وقال ثابت عن أنس مات أبو طلحة غازياً في البحر فما وجدوا جزيرة يدفنونه فيها إلا بعد سبعة أيام ولم يتغير أخرجه البغوي في تاريخ وأبو يعلي وإسناده صحيح أهـ ملخصًا من الإصابة. (394) (سنده) (2) حدّثنا عبد الله حدّثنا أبي ثنا عفان ثنا حماد أنا ثابت عن أنس أن أبا طلحة

-[ما جاء في أبي طلحة الأنصاري (رضي الله عنه)]- بين يدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم يوم أحد، والنبي (صلى الله عليه وسلم) خلفه يتترس به، وكان رأسيًا، وكان إا رمي رفع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شخصه ينظر أين يقع سهمه، ويرفع أبو طلحة صدره ويقول هكذا أبي أنت وأمي يا رسول الله، لا يصيبك سهم، نحري دون نحرك، وكان أبو طلحة يسوق نفسه بني يدي رسول الله (صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه وسلم ويقول أني جلد يا رسول الله ألا فوجهني في حوائجك ومرني بما شئت. (وعنه أيضًا) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة قال وكان بحثو بين يديه في الحرب ثم ينثر كنانته ويقول وجهي لوجهك الوقاء ونفسي لنفسك الفداء. (وعنه أيضًا) قال كان أبو طلحة يتتر مع النبي (صلى الله عليه وسلم) بترس واحد وكان أبو طلحة حسن الرمي فكان إذا رمي أشرف النبي (صلى الله عليه وسلم) ينظر إلى مواقع نبله

_ الخ (غريبه) (1) أي يتستر به كما يتستر المجاهد بالترس وهو من أدوات الحرب التي تقي من العدو (2) يعني ظهره فكان أبو طلحة عند ذاك بقية بصدره من سهام المشركين (3) بفتح فسكون أي شجاع صلب والفعل نمه من باب ظرف وسهل كما في المختار (تخريجه) أن كان عفان هو ابن مسلم بن عبد الله الباهلي أبو عثمان الصفار وحماد هو ابن سلمه بن دينار البصري فرجاله رجال الصحيح وقد أخرجه الحاكم في المستدرك بإسناده عن عب الله بن المبارك أنا حميد الطويل عن أنس بن مالك وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه لكن ليس فيه وكان أبو طلحة يسوق نفسه الخ وأخرجه بنحوه الشيخان فالبخاري في باب مناقب أبو طلحة من كتاب مناقب الأنصار ومسلم في باب غزو النساء مع الرجال من كتاب الجهاد والسير. (395) (سنده) (4) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا سيان يعني أبن عينية عن علي بن جدعان عن أنس أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال الحديث (غريبة) (5) الفئة الجماعة ولا واحد لها من لفظها وجمعها فئات (6) فاعل قال ضمير يعود على أنس (7) الكنانة بالكسر جعبة السهام وتصنع من الجلد (تخريجه) أخرجه الحاكم في المستدرك بأسناده عن سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر وأنس مرفوعاً لصوت أبي طلحة في الجيش خير من ألف رجل قال الذهبي في تلخيص المستدرك روائه ثقات وإنما اشتهر المتن من حديث أبن عينية عن علي بن جدعان عن أنس مرفوعاً "صوت أبي طلحة في الجيش خير من فئة، ثم رمز له بالحرف (م) أشارة إلى أنه صحيح على شرط مسلم (قلت) وأخرجه أحمد في المسند من طريق أخرى ثنا يزيد بن هرون أنا حماد بن سلمه عن ثابت عن أنس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لصوت أبي طلحة أشد على المشركين من فئة ورواته رواة الصحيح. (396) (سنده) (8) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا إسحق بن إبراهيم الطالقاني ثنا ابن مبارك عن الأوزاعي عن أسحق بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال الحديث

-[باب ما جاء في أبي طلحة رضي الله عنه]- (وعنه أيضًا) أن النبي (صلى الله عليه وسلم قال لأبي طلحة أقرئ قومك السلام فأنهم ما علمت أعفه صبر. (وعنه أيضًا) قال كان أبو طلحة يكثر الصوم على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما ملت النبي (صلى الله عليه وسلم) كان لا يفطر إلا في سفر أو مرض (حرف الطاء مهمل) (حرف العين المهملة) (باب ما جاء ي أبي عامر الأشعري وأسمه عبيد (رضي الله عنه)) (عن أبي موسي الأشعري (رضي الله عنه)) قال لما هزم الله هوازن بحنين عقد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأبي عامر الأشعري على خيل الطلب فطلب فكنت فيمن طلبهم فأسرع به فرسه فأدرك بن دريد بن الصمة فقتل أبا عامر وأخذ اللواء وشددت على ابن دريد فقتلته وأخذت

_ (397) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عبد الصمد قال حدثنا محمد بن ثابت عن أنس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لأبي طلحة الحديث (غريبة) (2) فعل أمر من قولهم أقرأك السلام أي حياك به (3) جمع عفيف وصبور (تخريجه) ورواه الترمذي كما في مشكاة المصابيح. (398) (سنده) (4) حدّنثا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبن أبي عدي عن حميد عن أنس قال الخ. (غريبة) (5) قوله (يكثر الصوم) هكذا في المسند ولكن ذكر البخاري في صحيحة بإسناده عن أنس (رضي الله عنه) قال "كان أبو طلحة لا يصوم على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) من أجل الغزو، فلما قبض النبي (صلى الله عليه وسلم) أره مفطراً إلا يوم أفطر أوأضحي" وترجم عليه باب من أختار الغزو على الصوم "فلعل صواب الرواية التي معنا "لا يكثر" بزيادة لا (النافية) وحينئذ يتق معني الحديثين ويكون المراد أن ابا طلحة رضي الله عنه كان لا يكثر من الصوم على عهده (صلى الله عليه وسلم) لأن الفطر يقويه على الغزو. فلما الحق (صلى الله عليه وسلم) بربه عز وجل وقويت شوكه المسلمين أكثر من الصوم ويؤيد ما قررنا من التوفيق بين الحديثين رواية بن جير عند أنس قال كان أبو طلحة يقل الصوم على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أجل الغزو، فلما مات كان لا يفطر إلا في سفره أو مرض (تخريجه) أخرجه البخاري في كتاب الجهاد باللفظ السابق في الشرح، وعزاه في منتخب كنز العمل إلى بن جرير وقد ذكرنا لفظه في الشرح أيضاً ورجال أحمد رجال الصحيح. (باب) أبو عامر الأشعري هو عبيد بن سليم (بالتصغير فيهما) بن حضار (بفتح الحاء وتشديد الضاء المعجمة) الأشعري وهو عم أبي موسي الأشعري وقال ابن اسحق هو أبن محمد والأول أشهر ذكره ابن قتيبة فيمن هاجر إلى الحبشة قال الحافظ فكأنه قدم قديماً فأسلم. (399) (سنده) (6) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا علي بن عبد الله ثنا الوليد بن مسلم ثنا يحيي بن عبد العزيز الأردني عن عبد الله بن نعيم القيسي قال حدثني الضحاك بن عبد الرحمن بن عرزب الأشعري أني أبا موسي حدثهم قال الخ (غرية) (7) أي فيمن طلب المشركين الذين فروا من وقعة حنين إلى أوطاس (واد في ديار هوازن غير وادي حنين) (8) أي فأدرك أبو عامر الأشعري

-[ما جاء في أبي عامر الأشعري رضي الله عنه]- اللواء وانصرفت بالناس فلما رآني رسول اله (صلى الله عليه وسلم أحمل اللواء قال يا أبا موسي قتل أبو عامر قال قلت نعم يا رسول الله قال فرأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رفع يديه يدعو يقول اللهم عبيدك عبيدًا أبا عامر أجعله من الأكثرين يوم القيامة وفي لفظ اللهم أجعل عبيدًا أبا عامر فوق أكثر الناس يوم القيامة. (باب ما جاء في أبي عبيدة بن الجراح أمين هذه الأمة (رضي الله عنه) (عن شريح بن عبيدة وراشد بن سعد وغيرهما) قالوا لما بلغ عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) سر حدث أن بالشام وباء شديدًا قال بلغني أن شدة الوباء في الشام فقلت أن أدركني أجلي وأبو عبيدة بن الجراح (رضي الله عنه) حي استخلفته فإن سألني الله لم استخلفته على أمة

_ سلمة بن دريد بن الصمة فرماه سلمة بسهم فأصاب ركبته فأثبته وأخذ الراية منه فانتزعها أبو موسي من سلمة بعد ن شد عليه فقتله أما والده دريد بن الصمة بن بكر بن علقمة الجثمي من بني جشم بن معاوية بن بكر بن هوزن فكان من قادة المشركين في وقعة حنين وقد هز رأسه الزبير بن العوام على ما رواه البزار في مسند أنس بإسناد حسن هذا وفي الحديث إجمال فصلته رواية الصحيحين (1) قوله وفي لفظ (سنده ومتنه) (حدّثنا عن عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن مؤمل قال ثنا حماد يعني ابن سلمه ثنا عاصم عن أبي وائل عن أبي موسي قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اللهم أجعل عبيداً أبا عامر فوق أكثر الناس يوم القيامة قال فقتل عبيد يوم أوطاس وقتل أبو موسي قاتل عبيد (تخريجه) أخرجه الشيخان بأثم من هذا. (باب) (أبو عبية بن الجراح) هو عامر بن عبد الله بن الجراح بن هلال بن أهيب بن ضبة بن الحارث بن فهر القرشي الفهري يلتقي مع رسول الله (صلى الله عليه سولم) في الأب السابع وهو فهر بن مالك أحد العشرة المبشرين بالجنة أسلم قديماً وشهد بدراً وما بعدها من المشاهد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو أمين هذه الأمة مات وهو أمير على الشام من قبل عمر شهيداً بطاعون عمواس سنة ثماني عشرة وله ثمان وخصون سنة عمو أس "بفتح العين المهملة والميم" قرية بالشام بين الرملة وبيت المقدس ونسب الطاحون إليها لأنه بدأ منها. (400) (سنده) (2) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو المغيرة وعصام بن خالد قالا ثنا صفوان عن شريح بن عبيدة وراشد بن سعد وغيرهما قالوا الخ (3) سرع بفتح أوله وتسكين ثانية قرية بوادي تبوك من طريق الشام قيل أنها من المدينة على ثلاث عشرة مرحلة وكان بلوغ عمر هذه القرية في ربيع الآخر سنة ثماني عشرة وقيل سنة سبع عشرة قيل أن الطاعون كان وقع أولاً في المحرم وفي صفر ثم ارتفع فكتبوا إلى عمر فخرج حتى إذا كان قريباً من الشام بلغه أنه عاد أشد ما كان وهذا هو الذي سمي طاعون "عمواس" ومات فيه أبو عبيدة ومعاذ بن جبل هو وبري بن أبي سفيان

-[ما جاء في أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه]- محمد (صلى الله عليه وسلم) قلت إني سمعت رسولك (صلى الله عليه وسلم) يقول إن لكل نبي أمينًا وأميني أبو عبيدة بن الجراح فأنكر القوم ذلك وقالوا ما بال عليا قريش يعنون بن فهر ثم قال فإن أدركني أجلي وقد توفي أبو عبيدة استخلفت معاذ بن جبل فإن سألني ربي عز وجل لم استخلفته قلت سمعت رسولك (صلى الله عليه وسلم) يقول إنه يحشر يوم القيامة بين يدي العلماء نبذة. وعن عبد الله بن شقيق قار قلت لعائشة رضي الله عنها أي أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان أحب إلهي قالت أبو بكر قلت ثم من قالت ثم عمر قلت ثم من قالت أبو عبيدة بن الجراح قلت ثم من قال فسكنت. وعن أبي البحتري قال قال عمر لأبي عبيدة بن الجراح (رضي الله عنه) أبسط يدك حتى أبايعك فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول أنت أمين هذه الأمة فقال أبو عبيدة ما كنت لأتقدم بين يدي رجل أمره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يؤمنا فأمنا حتى مات

_ وكثير من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المجاهدين (1) الأمين الثقة الذي يعتمد عليه وخصه بالأمانة لأن عنده من الزيادة فيها ما ليس لغيره كما خص عثمان بالحياء وعليا بانقضاء (2) بضم أوله مع القصر أي سادتهم وإشرافهم واصلة كل مكان مشرف إن مددته فتحت أوله (3) المراد أن يتقدم العلماء يوم القيامة لأنه كان أعلم الناس بالحلال والحرام (تخريجه) رواه ثقات وحديث " إن لكل نبي أميناً وأميني أبو عبدية بن الجراح، عزاه في الجامع الصغير وشرحه للمناري إلى أحمد والبزار عن عمر بن الخطاب مرفوعاً بإسناد رجاله ثقات كما قال الهيثمي وإلى الطبراني عن خالد بن الوليد بسند رجاله رجال الصحيح وإلى البخاري ومسلم عن أنس والحديث المرفوع الخاص بمعاذ (رضي عنه) تقدم في مناقبه القول فيه هذا والحديث رواه الحاكم في المستدرك مختصراً عن ثابت بن الحجاج قال بلغني أن عمر بن الخطاب قال لو أدركت أبو عبيدة بن الجراح لاستخلفته وما شاورت فإن سئلت عنه قلت استخلفت أمين الله وأمين رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وسكت عنه هو والذهبي. (401) (سنده) (4) حدّثنا إسماعيل هو ابن علية ويزيد بن هرون قال أنبأنا الجريري عن عبد الله بن شقي قال الخ (نخرجه) أخرجه الترمذي في مناقب أبي عبيدة حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي في ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن الجريري عن عبد الله بن شقيق قال قلت لعائشة الخ ... قال هذا حديث صحيح غريب قال في تحفة الأحوذي وأخرجه ابن ماجة وعزاه في الإصابة إلى أحمد وأبي بعلي وروي مسلم في فضائل أبي بكر من صحيحه بسنده إلى أبن أبي مليكة سمعت عائشة وسئلت من كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مستخلفاً لو استخلفه قالت أبو بكر فقيل لهاشم من بعد أبي بكر قالت عمر ثم قيل لها من بعد عمر قالت أبو عبيدة بن الجراح ثم أنتهت إلى هذا. (403) (5) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا محمد بن فضيل ثنا إسماعيل بن سميع عن مسلم البطين عن أبي البختري قال الخ (غريبة) (6) أي بالخلافة بعد وفاته (صلى الله عليه وسلم) (7) يريد به أبا بكر الصديق رضي

-[ما جاء في أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه]- (وعن عبد الملك بن عمير) قال استعمل عمر بن الخطاب أبا عبيدة بن الجراح على الشام وعزل خالد بن الوليد قال فقال خالد بن الوليد بعث عليكم أمين هذه الأمة سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح"، قال أبو عبيدة سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، يقول، خالد سيف من سيوف الله عز وجل ونعم فني العشيرة" (وعن ابن مسعود رضي الله عنه) قال جاء العاقب والسيد صاحبا

_ الله عنه وقد أمره (صلى الله عليه وسلم) أن يصلي بالناس إماماً في مرضه الذي توفي فيه فأمهم حتى لحق (صلى الله عليه وسلم) بالرفيق الأعلى وقد أخذ أكابر الصحابة من هذه الإشارة أنه الخليفة بعده (صلى الله عليه وسلم) وقالوا رضية (صلى الله عليه وسلم) لأمر ديننا أفلا نرضاه لدنيانا (تخريجه) روائه رواه الصحيح إلا أن في متنه نكارة إذا المعروف أن أبا بكر (رضي الله عنه) هو الذي طلب أن يبايع بالخلافة عمر أو أبا عبيد فأبيا ورأي عمر أن تكون البيعة لأبي بكر فبايعه وتتابع الناس على البيعة فالأقرب أن يكون القائل لأبي عبيدة "أبسط يدك حتى أبايعك" هو أبو بكر بعد أن أباها عمر وهو ما صرحت به رواية الحاكم ففي المستدرك بإسناده إلى أبي البحتري قال، قال أبو بكر الصديق لأبي عبيدة رضي الله عنهما هل أبايعك فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إنك أمين هذه الأمة فقال أبو عبيدة كيف أصلي بين يدي رجل أمره رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يؤمنا حين قبض قال الحاكم صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي منقطع أهـ (قلت) والظاهر أن الانقطاع جاء من أبي البحتري سعيد بن فيروز فأنه يروي عن عمر وعلي مرسلاً كما في الخلاصة والله أعلم. (403) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن عبد الملك أبن عمير قال الخ (2) كتب الله النصر لخالد في كل موطن ففتن به بعد الناس فعزله عمر عن القيادة ليعلموا أن النصر من عند الله وكتب إلى الأمصار، أني لم أعزل خالدً عن سخطه ولا خيانة ولكن الناس فتنوا به فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع وكان ذلك سنة 17 (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن عبد الملك بن عمير لم يدرك أبا عبيدة أهـ (404) (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أسود قال وأنا خلف بن الوليد ثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن صلة عن أبن مسعود قال الحديث (قصة وفد نصاري نجران) كتب (صلى الله عليه وسلم) إليهم يدعوهم إلى الإسلام فإن أبيتم فالجزية فإن أبيتم فقد أذمتكم بحرب فقدموا عليه (صلى الله عليه وسلم) بالمدينة في ستين راكباً فيهم نم أشرافهم أربعة عشر رجلاً، في الأربعة عشر عشر ثلاثة نفر إليهم يرجع أمرهم هم (العاقب) و (السيد) و (أبو حارثة بن علقمة) فدخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أثر صلاة العصر عليهم ثياب الحبرات جيب وأردية فقال الصحابة ما رأينا وفداً مثلهم جمالاً وجلالة وحانت صلاتهم فقاموا فصلوا في مسجد النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى المشرق فأرا الناس منعهم فقال (صلى الله عليه وسلم) دعوهم ومكثوا بالمدينة أياماً يناظرون رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في عيسي ويزعمون أنه أبن الله إلى غير ذلك من أقوالهم الباطلة ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) يرد عليهم بالبراهين الساطعة وهم لا يبصرون فداعهم (صلى الله عليه وسلم) إلى المباهلة - وهي أن يجتمع القوم إذا اختلفوا في شيء فيقولوا لعنة اله على الكاذب منا - فأبوها بعد تشاور بينهم خشية أن ينزل بهم العذاب وذكر ابن سعد بإسناد مرسل أن ثمانين آية من أول سورة آل عمران نزلت في ذلك وصالحوه (صلى الله عليه وسلم) على ألفي حلة

-[ما جاء في أبي عبيدة بن الجراح (رضي الله عنه)]- نجران قال وارادا أن يلاعنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال فقال أحدهما لصاحبه لا تلاعنه فوا لله لئن كان نبيًا فاسمعنا "وفي رواية فلا عنا" لا نفلح نحن ولا عقبنا أبدًا قال فأتياه فقالا لا نلاعنك ولكنا نعطيك ما سألت فابعث مضار جلا أمينًا فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لأبعثن رجلًا أمينًا حق أمين حق أمين قال فاستشرف لها أصحاب محمد (صلى الله عليه وسلم) قال فقال قم يا أبا عبيدة بن الجراح قال فلما قفي قال هذا أمين هذه الأمة. (وعن حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم بنحوه). (وعن أنس بن مالك رضي الله عنه) أن أهل اليمن لما قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا بعث معنا رجلًا يعلمنا السنة والإسلام قال فأخذ بي أبي عبيدة بن الجراح (رضي الله عنه) وقال هذا أمين هذه الأمة.

_ ألف في رجب وألف في صفر ومع كل حلة أوقية من الفضة وكتب لهم كنابا بذلك وذكر ابن سعد أن السيد والعاقب رجعا بعد ذلك فأسلما (غرية) (1) بفتح النون وسكون الجيم بلد كبير على سبع مراحل من مكة إلى اليمين يشتمل علىث لاثة وسبعين قرية مسيرة يوم للراكب السريع كذا في زيادات يونس بن بكير وذكر أبن إسحق أنهم وفدوا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بمكة وهم حينئذ عشرون رجلاً لكن أعاده ذكرهم في الوفود بالمدينة فكأنهم قدموا مرتين قاله في الفتح (2) أي ليقبض مال الصلح فبعث (صلى الله عليه وسلم) معهم أبا عبيدة بن الجراح لذلك قال في الفتح وقد ذكر ابن إسحق أن النبي (صلى الله عليه وسلم) بعث عليا إلى أهل نجران لياتيه بصدقاتهم وجزيتهم وهذه القصة غير قصة أبي عبيدة لأن أبا عبيدة توجه معهم فقبض مال الصدقة وعلى أرسله النبي (صلى الله عليه وسلم) بعد ذلك يقبض منهم ما استحق عليهم من الجزية ويأخذ ممن أسلم منهم ما وجب عليه من الصدقة والله أعلم أهـ (3) أي ذهب موليًا (تخريجه) أخرجه النسائي وابن ماجة والحاكم عن إسرائيل بهذا الإسناد كما أفاده الحافظ في الفتح ورجال أحمد رجال الصحيح ما عدا خلف بن الوليد وقد وثقه أبن معين وأبو زرعة وأبو حاتم كما أفاده في تعجيل المنفعة. (405) (سنده) ومتنه (4) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن سفيان عن أبي إسحق عن صلة بن زفر عن حذيفة قال جاء السيد والعاقب إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقالا يا رسول الله أبعد معنا أمينك وقال وكيع مرة أميناً قال سأبعث معكم أمينًا حق أمين قال فتشرف لها الناس فبعث أبا عبيدة بن الجراح (تخريجه) أخرجه الشيخان والترمذي وزاد وكان أبو إسحاق إذا حدث بهذا الحديث عن صلة قال سمعته منذ ستين سنة قال الترمذي هذا حديث حسن صحيح (فائدة) هذا الحديث أخرجه البخاري في قصة نجران عن حذيفة مطولاً كرواية أبن مسعود عن أحمد ومختصراً كرواية حذيفة عند أحمد. (406) (سنده) (5) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد ثنا ثابت عن أنس الخ (تخريجه) أخرجه بهذا اللفظ مسلم في صحيحة حدثني عمر والناقد حدثنا عفان بهذا الإسناد مثله وأخرج الشيخان والترمذي عن أنس مرفوعاً "أن لكل أمة أمينًا وأن أميننا أيتها الأمة أبو عبيدة بن الجراح"

-[ما جاء في أبي عبيدة بن الجراح (رضي الله عنه)]- (فصل في سبب موته (رضي الله عنه)) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا يعقوب أبي عن محمد بن إسحق حدثني أبان بن صالح عن شهر بن حوشب الأشعري عن رأيه "رجل من قومه كان خلف على أمة بعد أبهي وكان شهد طاعون عمو أس، قال لما أثقل أوجع قام أبو عبيدة بن الجراح في الناس خطيبًا فقال أيها الناس إن هذا الوجع رحمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم وأن أبا عبيدة يسأل الله أن يقسم له نمه حظه قال فطعن فمات رحمة الله واستخلف على الناس معاذ بن جبل

_ (407) (سنده) (1) قوله "حدثنا عبد الله، هو ابن الإمام أحمد وكنيته أبو عبد الرحمن "حدثني أبي" هو الإمام أحمد بن حنبل "ثنا يعقوب" يعقوب فيما يظهر لي هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد الزهري قال في الخلاصة يروي عن أبيه وشعبة والليث ويروي عنه أبن أخيه عبيد الله بن سعد وأحمد وأسحق ويحيي بن معين ووثقه قال ابن سعد ثقة مات سنة ثمان ومائتين وأشار صاحب الخلاصة بالرمز إلى أنه من رواه الستة وقوله "ثنا أبي" هو إبراهيم بن سعد بن أبي وقاص الزهري أبو أسحق المدني وثقه ابن سعد سعد وأشار في الخلاصة إلى أنه من رواه البخاري ومسلم والنسائي وابن ماجه قوله "عن محمد بن أسحق" هو أبن يسار المطبي أحد الأئمة الأعلام لاسيما في المغازي والسير وثقة العجلي وابن سعد وقال أحمدحسن الحديث وقال البخاري رأيت على بن عب الله يحتج به وقال ابن نمير كان يرمي بالقدر وقال في الميزان وثقة غير واحد ووهاه ىخرون كالدار القطني وهو صالح الحديث ماله عندي ذنب إلا ما قد حشا في السيرة من الأشياء المنكرة النمقطعة والأشعار المكذوبة أهـ وأشار في الخلاصة إلى أنه من رواة أصحاب السنن الأربعة وأن مسلماً روي له مقروناً بغيره والبخاري روي عنه تعليقاً، قوله "حدثني أبان بن صالح" قال في الخلاصة وثقة أبن معين وأبو حاتم ووهم ابن حزم فجعله وأبن عبد البر فضعفه قال أبن سعد ولد سنة ستين ومات بعسقلان سنة خمس عشرة ومائة قوله "عن شهر بن حوشب الأشعري" اختلفوا فيه ففي اللخلاصة وثقة ابن معين وأحمد وقال يعقوب بن سفيان شهر - وإن قال ابن عون تركوه - فهو ثقة وقال ابن معين ثبت وقال النسائي ليس بالغوي قوله "عن رأيه" لا أدري أهو بالباء الموحدة أم بالباء المثناه التحتية ولم أعثر له على ترجمة أكثر مما ذكر في الرواية من أنه كان رجلا ًمن قوم شهر بن حوشب وأنه تزوج أم شهر بعد وفاة أبيه وأنه كان قد شهد طاعون عمو أس سنة 18 هـ (غريبة وشرحه) (2) أي فشا الطاعون وأنتشر بالشام سنة ثمان عشرة على الراجح وكان أول ظهوره ببلده صغيرة يقال لها (عمواس) بين القدس والرملة قال الواقدي توفي فيه من المسلمين خمسة وعشرون ألفا وقال غيره ثلاثون ألفا قال وكان ممن توفي فيه أبو عبدية بن الجراح ويزيد بن أبي سفيان ومعاذ بن جبل وشرحبيل بن حسنة والحارث بن هشام (رضي الله عنهم) (3) قوله إن هذا الوجع رحمة ربكم الخ يشير به إلى الحديث عائشة عند البخاري وأحمد "أنه كان عذاباً يبعثه الله على من يشاء فجعله الله رحمة للمؤمنين فليس من عبد يقع الطاعون في بدله فيمكث صابراً محتسباً يعلم أنه لن يصيب إلا ما كتب اله له إلا كان له مثل أجر الشهيد، (4) قوله فطعن فمات واستخلف على الناس معاذ بن جبل، أخرج في المستدرك عن

-[ما جاء في أبي عبيدة بن الجراح (رضي الله عنه)]- (رضي الله عنه) فقام خطيبًا بعده فقال أيها الناس إن هذا الوجع رحمة ربكم ودعوة نبيكم وموت الصالحين قبلكم وإن معاذا ً يسأل الله أن يقسم لأل معاذ منه حظه قال فطعن أبنه عبد الرحمن أبن معاذ فمات ثم قام فدعا ربه لنفسه فطعن في راحته فلقد رأيته ينظر غليها ثم يقبل ظهر كفه ثم يقول ما أحب أن لي بما فيك شيئًا من الدنيا فلما مات استخلف على الناس عمرو بن العاص فقام فينا خطيبًا فقال أيها الناس إن هذا الوجع إذا وقع قائمًا يشتعل اشتعال النار فتحيلو منه في الجبال قال فقال له أبو وائلة الهذلي، كذبت والله لقد صحبت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنت شر من حماري هذا قال والله مأ أرد عليك ما تقول وايم والله لا نقيم عليه ثم خرج وخرج الناس فتفرقوا عنه ودفعه الله عنهم قال فبلغ ذلك عمر بن الخطاب من رأي عمرًا فوالله ما كرهه قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل أبان بن صالح جد أبي عبد الرحمن مشكدانة

_ أبي سعيد المقبري قال لما طعن أبو عبيدة قال يا معاذ صل بالناس فصل معاذ بالناس ثم مات أبو عبيدة بن الجراح فقام معاذ في الناس فقل يا أيها الناس توبوا إلى الله من ذنوبكم توبة نصوحًا وحافان العبد لا يلقي الله تائبًا من ذنبه إلا كان حقًا على الله أن يغفر له ثم قال أنكم أيها الناس قد فجعتم برجل والله ما أزعم أني رأيت من عباد الله عبدًا قط أقل غمرًا ولا صدرًا ولا أبعد غائلة ولا أشد حبًا للعافية ولا أنصح للعامة منه فترحموا عليه رحمة الله ثم أصحروا للصلاة عليه فو الله لا بلي عليكم "مثله أبدًا فاجتمع الناس وأخرج أبو عبيدة وتقدم معاذ فصلي عليه حتى إذا أتي به قبره دخل معاذ بن جبل وعمرو بن العاص والضحاك بن قيس فلما وضعوه في لحده وخرجوا شنوا عليه التراب قال معاذ بن جبل، يا أبا عبيدة لأثنين عليك ولا أقول باطلاً " أخاف أن يلحقني بها من الله مقت" كنت والله ما علمت من الذاكرين الله كثيراً ومن الذين يمشون على الأرض هونا وإذا خاطبهم الجاهلون قالوا سلاماً ومن الذين إذا اتفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا وكان بين ذلك قوامًا وكنت والله من الخبين المتواضعين الذين يرحمون اليتيم والمسكين ويبغضون الخائنين والمتكبرين (1) قوامه فتحيلوا نمه في الجبال" أي اتقوا شره بالبعد عن الهواء الرديء والمكان الوخيم بالصعود على الجبال حيث يطيب الهواء ويحسن المقام أمرهم رضي الله عنه وعنهم بالأخذ في الأسباب التي تقيم شر الوباء مع علمه وعلمهم بأن ما شاء الله كان وما لم يشأ لم يكن (2) جاء في بعض الروايات أن الذي أنكر على عمرو بن العاص (رضي الله عنه) هو شرحبيل بن حسنة ولا تعارض بين الروايتين لجواز أن يكون المنكر عليه هذا وذاك قال الحافظ في الإصابة في ترجمة أبي واثلة الهذلي، "وقد رويت هذه القصة من وجه آخر عن شهر عن عبد الرحمن بن غنم ونسب الكلام المذكور فيها بمعناه لشرحبيل بن حسنة فلعل من ورد على عمرو في ذلك متعد والله أعلم" أهـ (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد وروائه ثقات وفي بعضهم خلاف وأما راية الذي روي عنه شهرين حوشب القصة فلم أعثر له على ترجمة هذا قد ذكر هذا الحديث الحافظ في الإصابة في ترجمة أبي وائلة الهذلي فعزاء إلى أحمد فقط كما ذكر الحافظ ابن كثير هذه القصة في تاريخه البداية والنهاية عن محمد بن أسحق بهذا الإناد ولم يتعقبها بشيء والله أعلم ثم رأيت الهيثمي قد ذكر هذا الحديث في باب الطاعون والثابت فيه والفار منه من كتاب الجنائز وقال رواه أحمد وشهر فيه كلام وبنسخة لم يسم اهـ.

-[ما جاء في أبي قتادة رضي الله عنه]- حرف القاف (باب ما جاء في أبي قتادة السلمي وأسمه الحرث بن ربعي (رضي الله عنه)) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا يزيد بن هرون أنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة (رضي الله عنه) قال: كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر فقال أنكم إن لم تدركوا الماء غدًا تعطشوا وأنطلق سرعان الناس يريدون الماء ولزمت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فمالت برسول الله (صلى الله عليه وسلمًا) راحلته فنعس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فدعمته فادعم ثم مال فدعمته فادعم ثم مال حتى كاد أن ينجفل عن راحلته فدعمته فانتبه فقال من الرجل قلت أبو قتادة قال مذكم كان مسيرك قلت منذ الليلة قال حفظك الله كما حفظت رسول الله ثم قال لو عرسنا فمال إلى شجرة فنزل فقال أنظر هي تري أحدًا قلت هذا راكب هذان راكبان حتى بلغ سبعة فقال أحفظوا علينا صلاتنا فنمنا فما أيقظنا إلا حر الشمس فانتبهنا فركب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سار وسرنا هنية ثم نزل فقال أمعكم ماء قال قلت نعم معي ميضأة فيها شيء من ماء قال أئت بها

_ (باب) أبو قتادة الأنصاري هو الحارث بن ربعي الخزرجي السلمي فارس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال ابن سعد شهد أحدًا وما بعدها وفي حديث سلمة بن الأكوع عند مسلم خير فرساننًا أبو قتادة وقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حفظك الله كما حفظت نبيه روي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعن معاذ وعمر وروي عنه أبناء ثابت وعبد الله ومولاه أبو محمد نافع الأقرع وأنس وجابر وعبد الله بن رباح وعطاء بن يسار وآخرون قال الواقدي مات بالمدينة سنة أربع وخمسين وله أثنان وسبعون سنة. (408) (1) قيل إن ذلك كان في رجوعهم من خير وقيل من الحديبية وقيل كان بطريق تبوك (2) هذا حث لهم على الإسراع في السير حتى يدركوا الماء في الغد (3) لما حثهم (صلى الله عليه وسلم) على الجد في السير أسرعت طائفة كبيرة من الجيش فيهم أبو بكر وعمر وأما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في طائفة أخرى فلم يسرع إسراع هؤلاء - و "السرعان" كما في النهاية بفتح السين والراء أوائل الناس الذين يتسارعون إلى الشيء ويقبلون عليه بسرعة ويجوز تسكين الراء (4) أي أسندته فاستند واعتدل "وأدعم" بتشديد الدال المسبوقة بهمزة الوصل وزنه افتعل وأصله (أدتعم) فقلت التاء دالاً وأدغمت (5) أي ينقلب عنها ويسقط على الأر ض وهو مطاوع جفله إذا طرحه وألقاه (6) أي كم أمضيت من الزمن معني وأنت على هذه الحال التي تسندني فيها حتى لا أسقط (7) التعريس نزول القوم في السفر في آخر الليل للاستراحة ثم يرتحلون والموضع (معرس) بالتشديد (8) أي ليرقب بعضكم وقت صلاة الفجر حتى لا تفوتنا فغلبهم النوم فما أيقظهم إلا حر الشمس (9) أي لما استيقظ (صلى الله عليه وسلم) بسبب حر الشمس أمرهم بالرحيل فساروا قليلاً ثم نزلوا فصلوا وحكمة هذا الرحيل مفارقة المكان الذي فيه الشيطان وبسببه نام الرقيب وغفل عن وقت الفجر فما استيقظ الجميع إلا بعد طلوع الشمس (10) أي قليلاً قال في النهاية أقام هنيهة أي قليلاً من الزمان وهو تصغير هنه ويقال هنيهة أيضاً (11) هي بكسر الميم وبهمزة بعد

-[ما جاء في أبي قتادة رضي الله عنه]- فأتيته بها فقال مسوا منها مسوا منها فتوضأ القوم وبقيت جرعة فقال ازدهر بها يا أبا قتادة فإنه سيكون لها نبأ ثم أذن بلال وصلوا وصولا الركعتين قبل الفجر ثم صلوا الفجر ثم ركب وركبنا فقال بعضهم لبعض فرطنا، في صلاتنا فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)) ما تقولون إن كان أمر دنياكم فشأنكم وإن كان أمر دينكم فألي قلنا يا رسول الله فرطنا في صلاتنا فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم ما تقولون إن كان أمر ديناكم فشأنكم وإن كان أمر دينكم فألي قلنا يا رسول الله فرطنا في صلاتنا فقال لا تفريط في النوم إنما التفريط في اليقظة فإذا كان ذلك فصلوها ومن المد وقتها ثم قال ظنوا بالقوم قالوا أنك قلت بالأمس إن لا تدركوا الماء غدًا تعطشوا فالناس بالماء فقال أصبح الناس وقد فقدوا نبيهم فقال بعضهم لبعض إن رسول الله بالماء وفي القوم أبو بكر وعمر فقالا أيها الناس إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بالماء وفي القوم أبو بكر وعمر فقالا أيها الناس إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم لم يكن ليسبقكم إلى الماء ويخلفكم وإن يطع الناس أبا بكر وعمر يرشدوا قالها ثلاثًا فلما اشتدت الظهيرة رفع لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالوا يا رسول الله هلكنا عطشًا تقطعت إلا عناق فقال لأهلك عليكم ثم قال يا أبا قتادة أنت بالميضأ فأتيته بها فقال أحلل لي غمري يعني قدحه فحللته فأتيته به فجعل يصب فيه ويسقي الناس فازدحم

_ الضاد الإناء الذي يتوضأ به (1) أي توضؤوا منها وضوءًا خفيفاً يشبه المس (2) أي احتفظ بها وأجعلها في بالك والدال منقلبة عن تاء الافتعال (3) هو ما أفصح فيما بعد من أن الطائفة الكبيرة التي جدت في السيرادر كوارسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهم عطاش فكان يصب لهم منها في قدحه حتى سقي القوم وهم ثلاثمائة (4) فيه استحباب الأذان للصلاة الفائتنة وفيه قضاء السنة الراتبة وفيه إشارة إلى أن صفه قضاء الفائته كصفة أدائها (5) أي ال تقصير ينسب إلى النائم إذا ترتب على نومه تأخير الصلاة وظاهرة أن النوم قبل دخول الوقت أو بعد دخوله إذا لم يضق الوقت لا يكون تقصيرًا (6) أي إذا تعاطي ما يشغله عن الصلاة وهو غير نائم فإنه يعد مقصرًا ويلحقه الأثم (7) فإذا كان النوم وفاتتكم بسببه الصلاة فصلوها إذا استيقظتم وصلوا من الغد مثلها في وقتها قال النووي ليس معناه أنه يقضي الفائته مرتين مرة في الحال ومرة في الغد وإنما مناه أنه إذا فاتته صلاة وقضاها لا يتغير وقتها ولا يتحول من المستقبل بل يبقي كما كان فإذا كان الغد صلى صلاة الغد في وقتها المعتاد ولا يتحول أهـ وحمل بعضهم العبارة على ظاهرها وأن الإعادة في الوقت للاستجواب والصواب الأول (8) معناه أنه (صلى الله عليه وسلم) لما صلى بهم الصبح بعد ارتفاع الشمس وقد سبقهم الناس وانقطع الني (صلى الله عليه وسلم) والطائفة اليسيرة إلى معه عنهم قال (صلى الله عليه وسلم) لمن مع ما تظنون الناس الذين سبقونا يقولون فينا نقالوا إن الناس الآن بجوار الماء لأنك قلت بالأمس إن لا تدركوا الماء غدا ًتعطشوا فأسرعوا في السير لذلك فقال (صلى الله عليه وسلم) إن القوم لم يدركوا الماء ولكنهم أصبحوا وقد فقدوا نبيهم (صلى الله عليه وسلم) فمنهم من يقول إنه سبقكم إلى الماء وأن أبا بكر وعمر قالا لهم لم يكن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ليسبقكم إلى الماء ويترككم وأن يستمع الناس لهما يرشدوا وفيه منقبة ظاهرة لهما (رضي الله عنهما) (9) عناه لما اشتد الحر وجاء وقت الظهر ظهر لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيمن معه وأدركهم فشكوا إليه العطش وأنه كان يهلكهم فقال لأهلك عليكم (بضم الهاء وسكون اللام) أي لإهلاك يلحقهم (10) الغمر بالغين

-[ما جاء في أبي قتادة رضي الله عنه]- الناس عليه فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا أيها الناس أحسنوا الملأ فكلكم سيصدر عن ري فشرب القوم حتى لم يبق غيري وغير رسول الله (صلى اله عليه وسلم) فصب لي فقال أشرب يا أبا قتادة قال قلت أشرب أنت يا رسول الله قال أن ساقي القوم آخرهم فشربت وشرب بعدي وبقي في الميضأة نحو مما كان فيها وهم يومئذ ثلاثمائة قال عبد الله فسمعني عمران بن حصين (رضي الله عنه) وأن أحدث هذا الحديث في المسجد الجامع فقال من الرجل قلت أنا عبد الله بن رباح الأنصاري قال القوم أعلم بحديثهم أنظر كيف تحدث فأني أحد السبعة تلك الليلة فلما فرغت قال ما كنت أحسب أن أحدًا يحفظ هذا الحديث غيري، قال حماد وحدثنا حميد الطويل عن بكر بن عبد الله المزني عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) بمثله وزاد قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا عرس وعليه ليل توسد يمينه وإذا عرس الصبح وضع رأسه على كفه اليمني وأقام ساعده. حدّثنا عبد الله ثنا إبراهيم بن الحجاج ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الله بن رباح عن أبي قتادة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) نحوه. حدّثنا عبد الله ثنا إبراهيم ثنا حماد عن حميد بن بكر بن عبد الله بن عبد الله ابن رباح عن أبي قتادة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) نحوه.

_ المعجمة كعمر معناه القدح (1) بفتح أوله وثانية والهمز معناه الخلق والعشرة يقال ما أحسن ملأ فلان أي أحسن خلقه وعشرته. (2) وفي حديث أبي قتادة معجزات ظاهرات رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومنها قوله أنكم إن لا تدركوا الماء غداً تعطشوا ولفظ مسلم عن أبي قتادة خطبنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال إنكم تسيرون عيشتكم وليلتكم وتأتون الماء إن شاء الله غدًا فانطلق الناس لأي لوي أحد على المصالح" الخ وكان كذلك ولم يكن أحد منهم يعلم ذلك إذا لو كان أحد منهم يعلم لفعلوا الإسراع قبل قوله (صلى الله عليه وسلم) (ومنها) تكثير الماء القليل (ومنها) أخباره بأن الميضأة سيكون لها نبا وقد كان فرويت الفرقة التي أسرعت وأتوا الماء وهم رواء (ومنها) قوله (صلى الله عليه وسلم) قال أبو بكر وعمر كذا وقال الناس كذا وكان كذلك (3) لفظ مسلم (فقال عبد الله بن رباح أني لأحدث هذا الحديث في مسجد الجامع إذا قال عمران بن حصين أنظر أيها الفتي كيف تحدث فإني أحد الركب تلك الليلة قال قلت فأنت أعلم الحديث فقال ممن أنت قلت من الأنصار قال حدث فأنتم أعلم بحديثكم قال فحدثت القوم فقال عمران لقد شهدت تلك الليلة وما شعرت أن أحدًا حفظه كما حفظته أهـ والمقصود أن عمران كان يظن أن هذا الحديث لا يحفظه على وجهه سواء باعتباره من شهود هذه الليلة فتبين له أن فتي أنصارياً يحفظه كحفظه (4) هو ابن سلمه وظاهره أن هذا القول بالإسناد السابق (5) معناه إذا نزل للاستراحة وأمامه ليل طويل نام على جنبه الأيمن وجعل من يده اليمني وسادة وإذا

-[ما جاء في أبي موسي الأشعري (رضي الله عنه)]- (وعن أبي سعيد الخدري (رضي الله عنه) قال أخبرني من هو خير مني أبو قتادة (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لعمار بن ياسر تقتلك الفتنة الباغية. حرف الكاف مهمل. حرف اللام مهمل. (حرف الميم) باب ما جاء في أبي موسي الأشعري وأسمه عبد بن قيس (رضي الله عنه). (عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سمع عبد الله بن قيس، "يعني أبا موسي الأشعري رضي الله عنه، يقرأ فقال لق أعطي هذا من مزامير آل داود النبي عليه السلام.

_ نزل للاستراحة ىخر الليل قرب الصبح لم يضع جنبه بالأرض ونام جالساً واضعًا رأسه على كفه اليمني وقد أقام ساعده (تخريجه) أخرجه مسلم بنحوه وأخرج أصحاب السنن الأربعة طرفاً منه والله أعلم. (409) (سنده (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا حسن بن يحيي من أهل مرو أنا النضر بن شميل ثنا شعبة عن أبي مسلمة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري قال الحديث (غريبة) (2) يريد بن معاوية ومن معه فقد قتلوه في وقعة صفين وهو صريح في أن الحق مع على (رضي الله عنه) والحديث من أعلام النبوة وقد أجاب عند معاوية بقوله إنما قتله من أخرجه فأجابه علي بأن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قتل حمزة أذن حين أخرجه (تخريجه) أخرجه مسلم في كتاب الفتن. (باب أبو موسي الأشعري) هو عبد الله بن قيس بن سليم بن حضار "بفتح المهملة وتشديد الضاد المعجمة" قدم على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مكة قبل الهجرة فأسلم ثم هاجر إلى الحبشة ثم هاجر من الحبشة إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مع أصحاب السفينيتن بعد فتح خيبر فأسهم لهم منها واستعمله رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على زبيد وعدن وساحل اليمن واسعمله عمر بن الخطاب على الكوفة والبصرة وفتح الأهواز ثم أصبهان وهو أحد الحكمين بصفين مات سنة أربع واربعين وهو ابن ثلاث وستين وسنة. (410) (سنده) (3) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي حدثنا روح حدثنا محمد بن أبي حفظه قال حدثنا الزهري عن أبي سلمه عن أبي هريرة الخ (غريبة) (4) المراد بالمزمار الصوت الحسن وأصله الأله شبه صوته الحسن ونغمته الحلو بصوت المزمار (5) قوله آل داود قال الخطابي يريد داود نفسه لأنه لم ينقل أن أحدًا من أولاد داود ولا من أقاربه أعطي من حسن الصوت ما أعطي أهـ قال عمر بن شبه حدثني ابن جريح عن عطاء عن عبيد بن عمير قال كان داود عليه السلام يتغني يعني حين يقرأ ويبكي ويبَّكي وعن ابن عباس أن داود كان يقرأ الزبور بسبعين لحناً ويقرأ قراءة يطرب منها المحموم وكان إذا أراد أن يبكي نفسه لم تبق دابة في بر ولا مجر إلا أنصتت له واستمتعت وبكت وفي الحديث مشروعية تحسين الصوت بالقرآن ولكن بشرط مراعاة أدب التلاوة والله أعلم (تخريجه) الحديث رواه أيضاً النسائي وابن ماجة في كتاب الصلاة "الأول" في باب تزيين القرآن بالصوت و"الثاني"

-[ما جاء في أبي موسي الأشعري (رضي الله عنه)]- (وعن عائشة رضي الله عنها) أن النبي صلى الله عليه وسلم سمع صوت أبي موسي الأشعري (رضي الله عنه) وهو يقرأ فقال لقد أوتي أبو موسي من مزامير آل داود. (وعن عبد الله بن بريدة) (رضي الله عنه) عشاء فلقيه النبي (صلى الله عليه وسلم) فأخذ بيده فادخله المسجد فإذا صوت رجل يقرأ النبي (صلى الله عليه وسلم) تراه مرائيًا فاسكت بريدة فإذا رجل يدعو فقال اللهم أني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الذي لا إله إلا أنت الأحد الصم الذي لم يل ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) والذي نفسي بيده أو قال والذي نفس محمد بيده لقد سأل الله باسمه الأعظم الذي إذا سئل به أعطي وإذا دعي به أجاب، قال فلما كان من القابلة خرج بريده عشاء فلقيه النبي (صلى الله عليه وسلم) فأخذ بيده فأدخله المسجد إذا صوت الرجل يقرأ فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) لا بل مؤمن منيب لا بل مؤمن منيب فإذا الأشعري يقرأ بصوت له في جانب المسجد فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن الأشعري أو أن عبد الله بن قيس أعطي مزمارًا من مزامير داود فقلت إلا أخبره يا رسول الله قال بلى فأخبره فأخبرته فقال أنت لي صديق أخبرنني عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بحديث.

_ حسن الصوت بالقرآن رواه أحمد أيضًا حدّثنا يزيد (هو ابن هارون) حدّثنا محمد (هو ابن عمرو) عن أبي سلمه به وقد تقدم في فضائل القرآن برقم 42 ص 15 من الجزء الثامن عشر وأخرجه الشيخان عن أبي موسي نفسه في فضائل القرآن. (411) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عبدا لرازق ثنا معمر عن الزهري عن عروة عن عائشة الخ (تخريجه) أخرجه النسائي عن الزهري بهذا الإسناد من طريقين منفصلين (الأول) أخبرنا عبد الجبار بن العلاء عن سفيان عن الزهري به (والثاني) أخبرنا إسحق بن إبراهيم قال ثنا عبد الرازق حدّثنا معمر عن الزهري به. (412) (سنده) (2) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عثمان بن عمر أبا مالك عن أبي بريده عن أبيه قال الخ (غريبة (3) يعني أثره مرائبًا فحذفت همزة الاستفهام وأسكت وسكت بمعني ويحتمل أن يكون الفعل متعديًا والتقدير أسكت نفسه عن جواب الاستفهام. (4) أي الذي كان يقرأ بالأمس وقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لبريدة فيه غثراء مرائيًا فسكت (5) قال في النهاية: وفيه (أي في الحديث) أنه سمع صوت رجل يقرأ بالليل فقال أتقوه مرائيا ًأي تظنه وهو مختص بالاستفهام أهـ وعليه فكيون (مرائيًا) مفعول ثان للقول الذي هو بمعني الظن ولكن نسخة الأصل هكذا (مراء) يجعل الهمزة هي الحرف الأخير ويمكن تصحيحها بتكلف وذنك بأن يكون التقدير (أتقول عنه هو مراء) والأول أصوب (6) عجز بريدة عن الجواب لأن الرياء والإخلاص محلهما القلب ولا إطلاع له عليه والسؤال عليه (صلى الله عليه وسلم) ليفيده الجواب أجابه بقوله "لا بل مؤمن منيب" مرتين (7) أي أعطي صوتًا حسنًا في قراءة القرآن من أنواع الأصوات والنغمات التي كانت لداود في قراءة الزبور وكان إليه المنتهي في حسن الصوت بالقراءة كما قدمنا (8) جملة أخبرتني

-[ما جاء في أبي موسي الأشعري رضي الله عنه]- (وعن أبي موسي الأشعري (رضي الله عنه)) قال قلت لرجل هلم فلنجعل يومنا هذا الله عز وجل فو الله لكائن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شاهد هذا اليوم فخطب فقال ومنهم من يقول هلم فلنجعل يومنا هذا لله عز وجل فما زال يقولها حتى تمنيت أن الأرض ساخت بي. (وعن مجالد عن الشعبي) قال كتب عمر بن الخطاب رضي الله عنه في وصيته أن لا يقر لي عامل أكثر من سنة وأقروا الأشعري يعني أبا موسي أربع سنين. (حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن مؤمل قال ثنا حماد يعني بن سلمة ثنا عاصم عن أبي وائل عن أبي موسي الأشعري) (رضي الله عنه) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أجعل عبيدًا أبا عامر فوق أكثر الناس يوم القيامة قال فقتل عُبَيد يوم أوطاس وقتل أبو موسي قاتل عُبيد قال قال أبو وائل وأني لأرجو أن لا يجمع الله عز وجل بين قاتل عبيد وبين أبي موسي في النار.

_ الخ. تعليل لقوله (أنت لي صديق) (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وفي الصحيح منه أن عبد الله بن قيس أعطي مزماراً من مزامير آل داود وهنا من مزامير داود بدون (آل) ورجال أحمد رجال الصحح أهـ (قلت) في فضائل القرآن من صحيح مسلم من طريق عبد الله بن نمير ثنا أبي ثنا مالك وهو ابن مفول عن عبد الله بن بريده عن أبيه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن عبدا لله بن قيس أبو الأشعري أعطي مزماراً من مزامير آل داود. (413) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا يزيد قال أنا حماد بن سلمه عن ثابت البناني قال حّدثني نم سمع حان بن عبد الله يحدث عن أبي موسي الأشعري قال الخ. (غرية) (2) أي نشتغل فيه بالعبادة وننقطع عن الدنيا (3) أي الذي تعاقدنا على أن نشتغل فيه بالعبادة وحدها (4) أي غاصت بي وابتلعنني والظاهر من السياق أن الرسول (صلى الله عليه وسلم) لم يرض صنيع أبي موسي بدليل تمنيه ما تمني وإنما يرضي ما تتضمنه الآية (واتبع فيما آتاك الله الدار الآخرة ولا تنس نصيبك من الدنيا) (تخريجه) لم أقل عليه لغير الإمام أحمد ورجاله رجال الصحيح ولكن يه راو منهم. (414) (سنده) (5) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا هشيم عن مجالد عن الشعبي قال الخ (تخريجه) ورواه الهيثمي وقال رواه أحمد بإسناد حسن إلا أن الشعبي لم يسمع من عمر (رضي الله عنه أهـ. (415) (غريبة وشرحه) (6) قتله رجل من جشم هو سلة بن دريد بنا لصمة رماه بسهم فائتيه وانتزع منه (أي من أبي عامر) اللواء فكر عليه أبو موسي فقتله وانتزع منه اللواء ثانية وأصبح هو يدل عمه أبي عامر فما قررنا في مناقب أبي عامر الأشعري (7) قوله " وقتل أبو موسي قائل عبيد، هو بالبناء للمعلوم وعبيد بالتصغير هو أبو عامر الأشعري عم أبي موسي (8) قوله "قال"

-[ما جاء في أبي موسي الأشعري رضي الله عنه]- (حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا معتمر بن سليمان التيمي قال قرأت على الفضيل بن ميسرة في حديث أبي حريز أن أبا بردة حدثه) قال أوصي أبو موسي (الأشعري) حين حضره الموت فقال إذا انطلقتم بجنازتي فأسرعوا المثني ولا يتعبني بحمر ولا تجعلوا في لحدي شيئًا يحول بين وبين التراب ولا تجعلوا على قبري بناءً وأشهدكم أني بريء من كل حالقة أو سالقة أو خارقة قالوا أو سمعت فيه شيئًا قال نعم من رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

_ أي عاصم الراوي عن أبي وائل "قال أبو وائل" الخ ومعناه أنه يرجو لأبي موسي الأشعري الجنة مع السابقين وأن لا يدخل النار مع قائل عمه، هذا وقد تقدم هذا الحديث "في باب سرية أبي عامر الأشعري إلى أوطاس لإدراكه من فر إليها نم مشركي غوة حنين" إلا أنه وقع سهو هناك للشيخ رحمه الله إذا سقطت كلمه (موسى) نم عبارة أبي وائل التي آخر الحديث فشرحه عبارته بناء عن هذا السقط قال. "معني هذا أن أبا وائل يدعو لأبيه بالمغفرة لأنه مات في زمن الفترة" أ. هـ: ج 21 ص 77 أوالصواب ما ذكرنا (تخريجه) أخرج الجزء المرفوع منه الشيخان وغيرهما ورجال جميعًا ثقات أفادة الشيخ رحمه الله (أقول) أخرجه البخاري في باب غزوة أوطاس من كتاب المغازي ومسلم في فضائل أبي موسي وأبي عامر الأشعريين باتم مما ذكر هنا ولفظا لبخاري عن أبي برده عن أبي موسي (رضي الله عنه) قال لما فرغ النبي (صلى الله عليه وسلم) من حنين بعث أبا عامر على جيش أبي أوطاس فلقي دربد بن الصمة فقتل دريد (بالبناء للمجهول) وهزم الله أصحابه قال أبو موسي وبعثني مع أبي عامر فرمي أبو عامر في ركبته رماه جشمي بسهم فأثبته في ركبته فانتهيت إليه فقلت يا عم من رماك فأشار إلى أبو موسي فقال ذاك قاتلي الذي رماني فقصدت له فلحقته فلما رآني ولي فاتبعته جعلت أقول له ألا تستحي إلا تثبت فكفّ فاختلفنا ضربتين بالسيف فقتلته ثم قلت لأبي عامر قتل الله صاحبك قال فأنزع هذا السهم فنزعته فتزامنه الماء قال الماء قال يا ابن أخي أقرئ النبي (صلى الله عليه وسلم) السلام وقل له استغفر لي واستخلفني أو عامر على الناس فمكث يسيرًا ثم مات فرجعت فدخلت على النبي (صلى الله عليه وسلم) في بيته على سرير مر مل وعليه فراش قد أثر رمال السرير بظهره وجنبيه فخبرته بخبرنا وخبر أبي عامر وقال قل له استغفر لي فدعا بماء فتوضأ ثم رفع يديه فقال اللهم أغفر لعبيد أبي عامر ورأيت بياض أبطيه ثم قال اللهم أجعله يوم القيامة فوق كثير من خلقك من الناس فقلت ولي فاستغفر فقال اللهم أغفر لعبد الله بن قيس ذنبه وأدخله يوم القيامة مدخلاً كريماً قال أبو برده إحداهما لأبي عامر والأخرى لأبي موسي. (416) (سنده) (1) (معتمر بن سليمان التيمي) البصري ثقة من كبار التاسعة كما في التقريب روي عنه أصحاب السنن الأربعة (فضيل بن ميسرة) العقيل بالضم أبو معاذ البصري وثقة بن معين وقال النسائي لا بأس به وهو من رواة أبو داود والنسائي وابن ماجة (أبو حريز) بفتح المهملة وكسر الراء وآخره زاي عبد الله بن حسين الأزدي البصري قاضي سجستان مختلف فيه وثقة بن معين وأبو زرعة وضعفه النسائي وقال الحافظ صدوق يخطئ (أبو بردة) هو أبن أبو موسي الأشعري أسمه الحارث أو عامر وثقة غير واحد قال الواقدي توفي سنة ثلاثة ومائة (غريبة) (2) أجمر الثوب وجمرة بخره بالطيب والذي يتولي ذلك مجمر كمرشد ومجمر كمحذر (3) (الحالقة) التي تحلق رأسها عند

-[(ما جاء في أبي مالك الأشعري وأسمه عبيد (رضي الله عنه)]- (باب) ما جاء في أبي مالك الأشعري وأسمه عبيد رضي الله عنه (حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا الحسن بن موسي ثنا حريز عن حبيب بن عيد عن أبي مالك عبيد) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيما بلغه دعا له اللهم صل عليه عبيد أبي مالك وأجعله فوق كثير من الناس.

_ المصيبة (السالفة) بالسين أو الصاد المهملتين التي ترفع صوتها بالندب أو النياحة (الخارقة) التي تخرج ثوبها وتشقه عند المصيبة ويقال لها أيضًا الشاقة (تخريجه) لم أقل عليه لغير الإمام أحمد وروائه ثقلت وفي بعض خلاف وله وشواهد تؤيده مر بعضها في كتاب الجنائز ومما يؤيده ما ثبت عن ابي برده قال وجع أبو موسي الأشعري (رضي الله عنه) ورأسه في حجر امرأة من أهله فأقبلت تصيح برنة فلم يستطع أن يرد عليها شيئاً فلما فاق قال أنا بريء ممن بريء منه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بريء من السالقة والحالقة والشاقة رواه البخاري ومسلم وابن ماجة والنسائي إلا أنه قال (أبرأ إليكم كما بريء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وليس منا من حلق ولا خرق ولا صلق) ز (باب) أبو مالك الأشعري قيل أسمه عبيد وقيل عمرو وقيل كعب بن كعب وقيل عامر بن الحارث صحابي مات في طاعون عمواس "كذا في التقريب" وقال صاحب الخلاصة أبو مالك الأشعري أو أبو عامر صحابي مختلف في أسمه له سبعة وعشرون حديثًا روي عن جابر وعبد الرحمن بن عثم قال ابن سعد مات في خلافة عمر أشار كل منهما إلى أنه من رواه مسلم والترمذي والنسائي وأبن ماجة والبخاري تعليقًا وقال الحافظ في الإصابة أبو مالك الأشعري مشهور بكنيته مختلف في اسمه قيل اسمه عمرو وقيل عبيد قال سعيد البردعي سمعت أبا بكر بن أبي شيبة يقول أبو مالك الأشعري أسمه عمرو رواه الحاكم أبو أحمد وزاد غيره هو عمرو بن الحارث بن هانئ وقال غيره هو الذي روي عنه عبد الرحمن بن غنم حديث المعازف أهـ. (416) (سنده) (1) الحسن بن موسي) الأشيب أبو علي البغدادي قاضي الموصل وغيرها ثقة من التاسعة مات سنة تسع أو عشر ومائتين قاله في التقريب روي عنه أصحاب الكتب الستة (حريز) بفتح أوله وكسر الراء وآخره زاي بن عثمان الرحبي الحمصي ثقة ثبت رمي بالنصب من الخامسة روي عنه البخاري وأصحاب السنن (حبيب بن عبيد) الرحبي - بالمهملة المفتوحة ثم الموحدة - أبو حفص الحمصي ثقة من الثالثة كما في التقريب روى له مسلم والأربعة (أبو مالك عبيد) هو أبو مالك الأشعري وهذا دليل لمن قال أسمه عبيد وقوله (فيما بلغه) هذا يعد من مراسيل الصحابة وهو مقبول على الراجح بل حكي بعضهم كابن الصلاح الإجماع عليه (غريبة) (2) أي اللهم أرحمه واغفر له (3) (عبيد) بضم العين المهملة وفتح الموحدة وسكون التحتية بعدها دال مهملة وقوله (أبي مالك) بدل أو عطف بيان (4) أي في المنزلة والرفعة (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورواته رواة الصحيح.

-[ما جاء في أبي هريرة (رضي الله عنه)]- حرف النون مهمل. "حرف الهاء" (باب) ما جاء في أبي هريرة رضي الله عنه قال لما قدمت على النبي (صلى الله عليه وسلم) قلت -

_ (باب) أبو هريرة الدوسي الصحابي الجليل (رضي الله عنه) أسمه عبد الرحمن بن صخر على الأصح من ثلاثين قولاً قال ابن أسحق قال لي بعض أصحابنا عن أبي هريرة كان أسمي في الجاهلية عبد شمس بن صخر نسمائي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عبد الرحمن وكنيت أبا هريرة لأني وجدت هرة فحملتها في كمي فقيل لي أبو هريرة، أسلم (رضي الله عنه) وقدم على النبي (صلى الله عليه وسلم) عام خيبر سنة سبع من الهجرة وسكن الصفة ولزم النبي (صلى الله عليه وسلم) وخدمه وما فارقه ليلاً أو نهارًا في سفر أو حضر حتى لحق (صلى الله عليه وسلم) بالرفيق الأعلى، حدث عن نفسه فيما رواه ابن سعد فقال، قدمت ورسول الله (صلى الله عليه وسلم) بخيبر، وأنا يومئذ قد زت على الثلاثين، فأقمت معه حتى مات أدور معه في بيوت نسائه، وأخدمه وأغزو معه وأحج، فكنت أعلم الناس بحديثه، وقد والله سبقني قوم بصحبته فكانوا يعرفون لزومي له، فيسألونني عن حديثه، منهم عمر وعثمان وعلى وطلحة والزبير، ولا والله لا يخفي على كل حديث كان بالمدينة، وكل من كان له من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منزلة، ومن أخرجه من المدينة أن يساكنه، وروي أحمد في المسند والبخاري في الصحيح عنه قال، لم يكن من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحد أكثر حديثًا مني إلا عبد الله بن عمرو (يعني أبن العاص) فأنه كان يكتب ولا أكتب وأخرج البخاري عنه في الصحيح قال قلت يا رسول الله من أسعد الناس بشافعتك يوم القيامة قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لقد ظننت يا أبا هريرة ألا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال لا إله إلا الله خالصًا من قلبه ونفسه، ولقد شكا أبو هريرة إليه (صلى الله عليه وسلم) أنه يسمع حديثًا كثيرًا وينساه فدعا له (صلى الله عليه وسلم) ألا ينسي وقد نالته بركة هذه الدعوة فما نسي شيئًا بعدها ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة قلت يا رسول الله أني لا سمع منك حديثًا كثيراً أنساه فقال أبسط رداءك فبسطته ثم قال ضمه إلى صدرك فضممته فما نسيت حديثًا بعد وأخرج النسائي بسند جيد في العلم من كتاب السنن أن رجلاً جاء إلى زيد بن ثابت سأله فقال له زيد عليك بأبي هريرة فأني بينما أنا وأبو هريرة وفلان في المسجد ندعو الله ونذكره أن خرج علينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يؤمن علىدعائنا ودعا أبو هريرة فقال اللهم أني أسألك مثل ما سأل صاحباي وأسألك علماً لا ينسي فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) آمين فقلنا يا رسول اله ونحن نسألك الله تعالي علمًا لا ينسي فقال سبقكم بها الغلام الدوسي. عاش أبو هريرة ما يقرب من ثمانين عامًا وتوفي سنة سبع وخمسين أو ثمان وخمسين أو تسع وخمسين والذي اعتمده الحافظ في الإصابة هو الأول. (باب) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا حماد بن أسامة أنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس عن أبي هريرة قال الخ. وقيس هو ابن حازم (غريبة) (2) أي لما أردت القدوم

-[ما جاء في أبي هريرة رضي الله عنه]- في الطريق شعرًا. يا ليلة من طولها وعائها على أنها من دارة الكفر نجت قال رايق مني غلام لي في الطريق قال فلما قدمت على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فبايعته فبينا أنا عنده إذا طلع الغلام فقال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا أبا هريرة هذا - غلامك قلت هو لوجه الله تعالي فأعتقته (عن خثيم "يعني ابن عراك عن أبيه) أنا أبا هريرة قدم المدينة في رهط من قومه والنبي (صلى الله عليه وسلم) بخيب روقد استخلف سباع بن عرفطة على المدينة قال فأنتهيت إليه وهو يقرأ في صلاة الصبح في الركعة الأولى بكهيعص وفي الثانية ويل للمطففين قال فقلت لنفسي ويل لفلان إذا اكتال اكتال بالوافي وإذا كال كال بالناقص قال فلما صلى زودنا شيئًا حتى أتينا خيبر قال فكلم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المسلمين فأشركونا في سهامهم. (عن أبي نضرة عن رجل من الطفاوة قال نزلت على أبي هريرة - قال: ولم أدرك من صحابة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رجلًا اش تشميرًا ولا أقوم على ضيف منه - فبينما أنا عنده وهو على سرير له وأسفل منه جاري له سوداء ومعه كيس فيه حصى ونوى يقول سبحان الله سبحان الله حتى إذا أنفد ما في الكيس ألقاء إليها جمعته فجعلته في الكيس ثم دفعته إليه

_ عليه (صلى الله عليه وسلم) للإسلام وكان ذلك عام خيبر سنة سبع (1) أي عند انتهائه وظاهره أن الشعر من نظم أبي هريرة وقد نسبه بعضهم إلى غيره فإذا صح فيكون أبو هريرة قد تمثل به (2) (وعنائها) العناء التعب (دار الكفر) الدارة أخص من الدارة أخص من الدار وقد كثر استعمالها في أشعار العرب (3) أبق بفتح الموحدة من باب ضرب وحكي ابن القطاع كسرها من باب تعب معناه ضل الطريق وتاه وفي رواية للبخاري عن أبي هريرة (رضي الله عنه) أنه لما أقبل يريد الإسلام ومعه غلامًا ضل كل واحد منهما من صاحبه فأقبل بعد ذلك وأبو هريرة جالس مع النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) يا أبا هريرة هذا غلامك قد أتاك الحديث (4) قوله فأعتقته أي بهذا اللفظ (هو لوجه الله تعالي) لا يلفظ جديد (تخريجه) أخرجه البخاري في باب إذا قال لعبده هو لله ونوي العتق الخ من كتاب العتق حدّثنا عبيد الله بن سعيد حدّثنا أبو أسامة به وأبو أسامة هو حماد بن أسامة وأخرجه في هذا الباب من طريق أخرى حدّثنا محمد بن عبد الله بن نمير عن محمد بن بشر عن إسماعيل به وأخرجه أيضاً في أواخر المغازي حدّثني محمد بن العلا حدّثنا أبو أسامة به. (418) (سنده) (5) حدّثنا عبد الله ثني أبي ثنا عفان ثنا وهب ثنا خشيم يعني ابن عراك وخشيم بوزن سهيل وأشرا كهم من السهام كان عن طيب خاطر لأن غنيمة خيبر كانت لأهل الحديبية خاصة (تخريجه) أخرجه ابن خزيمة وابن حبان والبيهقي والحاكم وسنده جيد أفاده الشيخ رحمه الله تعالي في غزوة خيبرج 21 ص 126. (419) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن سعيد الجريري عن أبي نضرة الخ (غريبة) (7) الطفاوة بالضم حي نم قيس عيلان كما في القاموس (8) جمع حصاة ونواة (9) أي يقول سبحان الله ويكررها بعدد ما في الكيس من الحصي والنوي وهو أصل في اتخاذ (السبحة) بكسر فسكون ويقال لها أيضاً (السبحة) بالضم وهي خرزات منظومة في خيط

-[ما جاء في أبي هريرة (رضي الله عنه)]- فقال لي: لا أحدثك عني وعن رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، قلت بلي، قال فأني بينما أنا أوعك في مسجد المدينة إذا دخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المسجد فقال: من أحس الفتي الدوسي من أحس الفتي الدوسي، فقال له قائل هو ذاك يوعك في جانب المسجد حيث تري يا رسول الله، فجاء فوضع يده على، وقال لي معروًا فقمت فأنطلق حتى قام في مقامه الذي يصلي فيه، ومعه يومئذ صفان من رجال وصف من نساء أو صفان من نساء وصف من رجال - فأقبل عليهم فقال. إن نسائي الشيطان شيئًا من صلاتي فليسبح القوم وليصفق النساء، فصلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولم ينس من صلاته شيئًا، فلما سلم أقبل عليهم بوجهه فقال مجالسكم هل منكم من إذا أتي أهله أغلق بابه وأرخي ستره ثم يخرج فيحدث فيقول فعلت بأهلي كذا وقعت أهلي كذا، فسكتوا، فاقبل على النساء فقال، هل منكن من تحدث، جئت فتاة كعاب على أحدى ركبتيها وتطاولت ليراها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويسمع كلامها، فقالت: أي والله إنهم ليحدثون وأنهن ليحدثن، فقال: هل تدرون ما مثل من فعل ذلك، إن مثل هل تدرون ما مثل من فعل ذلك، إن مثل من فعل ذلك مثل شيطان وشيطانه لقي أحدهما صاحبه بالسكة فقضي حاجته منها والناس ينظرون إليه قال: ألا لا يفضين رجل ألي رجل ولا امرأة ألي للمرأة إلا ألي ولد أو والد، قال: وذكر ثلثه فنسبتها، ألا إن طيب الرجل ما

_ يعرف بها الذاكر عدد ما يقول من كلمات الذكر والتسبيح وغيره (1) قوله أوعك بضم همزة المضارعة بعدها واو ساكنة فعين مهملة مفتوحة من الوهك - بزنة الدلك - وهو أذي الحمي الحمي ووجعها يقال وعكته الحمي من باب وعد قهو موعوك (2) أي نم رأي أبا هريرة وأبصره قال في النهاية الإحساس العلم بالحواس وهي مشاعر الإنسان كالعين والأذن والأنف واللسان واليد أهـ وأبو هريرة (رضي الله عنه) كان من قبيلة (دوس) فلذلك نسب إليها (3) أي كلامًا جميلاً ولعله يكون قد دعا له مع ذلك بالشفاء (4) أي ألزموا أماكن جلسوكم لا تفارقوها (5) الكعاب - بزنة سحاب - الجارية حين يبدو ثديها للنهود وهي الكاعب أيضاً وجمعها كواعب والفعل من باب دخل، وقول (فجثت على إحدى ركبتيها) أي جلست كذلك وجثًا من بابي علا ورمي (6) السكة - بكسر أوله وتشديد ثانية مفتوحًا - الطريق والمراد أن من أفضي إلى امرأته ثم تحدث بما كان منها حال الوقاع من قوله أو فعل فكان كمن فعل بها ذلك أمام الناس في الطريق العام وفي ذلك من انتهاك الحرمات وسوء الأدب والإخلال بالمروءة ما فيه فينبغي أن يتجنبه المؤمن رجلاً كان أم امرأة وفي حديث أبي سعيد الخدري مرفوعاً. "إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته وتفضي إليه ثم ينشر سرها" رواه مسلم (7) المقصود نهي الرجل أن يضاجع الرجل ليس بينهما حائل سوي ما يكون من الملابس التي لا تمنع اللمس ونهي المرأة أن تضاجع المرأة كذلك لأنه قد يكون ذريعة إلى كثير من المفاسد ولذلك يقول الشوكاني وفيه دليل على أن يحرم أن يضطجع الرجل مع الرجل والمرأة مع المرأة في ثوب واحد في الإفضاء بعض البدن لأن ذلك مظنة لوقوع المحرم من المباشرة أو مس العورة أو غير ذلك أهـ وهذه المفسدة لا تكون بين الإنسان وولده أو والده لانعدام الشهوة بينهما فلذلك استثنت تلك الحالة من

-[ما جاء في أبي هريرة رضي الله عنه]- وجد ريحه ولم يظهر لونه ألا إن طيب النساء ما ظهر لونه ولم يوجد ريحة (عن أبي كثير حدّثني أبو هريرة) وقال لنا: والله ما خلق الله، أمنا يسمع بي ولا يراني ألا أحبني، قلت: وما عليك بذلك يا أبا هريرة، قال: إن أمي كانت امرأة مشركة، وإني كنت أدعوها إلا الإسلام، وكانت تأبي علي، فدعوتها يومًا فأسمعتني في رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما أكره، فأتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنا أبكي، فقلت يا رسول الله: إني كنت أدعو أمي إلا الإسلام وكانت تأبي علي، وأني دعوتها اليوم فأسمعتني فيك ما أكره، فادع الله أن يهدي أم أبي هريرة فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اللهم أهد أم أبي هريرة، فخرجت أعدوا أبشرها بدعاء رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما أتيت الباب إذا هو مجاف وسمعت خضخضة الماء وسمعت خشف رجلي يعني وقعها، فقالت يا أبا هريرة، كما أنت، ثم فتحت الباب وقد لبست درعها وعجلت عن خمارها فقالت أني أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله (صلى الله عليه وسلم) فرجعت إلي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أبكي من الفرح كما بكيت من الحزن، فقلت يا رسول الله، أبشر فقد استجاب الله دعاءك وقد هدي أم أبي هريرة، وقلت يا رسول أدع الله أن يحبني أنا وأمي إلى عبادة المؤمنين ويحبهم ألينا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اللهم حبُ عبيدك هذا وأمه ألي عبادك المؤمنين، وحببهم إليهما، فما خلق مؤمنًا يسمع بي ولا يراني أو يري أمي إلا وهو يحبني.

_ النهي وعليه فالتفريق في المضاجع من الآداب الشرعية وذلك يكون أما بحائل سابغ كشيف أو فرجه أو بتعدد المكان وقد اشتملت هذه الوصية على نصيحتين وهناك نصيحة ثالثة نسيها الراوي (1) فطيب النساء يتزين بلونه بدون أن تكون له رائحة ذكية تشم كالحناء (تخريجه) رواه أبو داود في آخر كتاب النكاح من عدة طرق عن الجريري بهذا الإسناد نحوه مطولاً قال المنذري وأخرجه الترمذي والنسائي مختصرًا بقصة الطيب وقال الترمذي هذا حديث حسن إلا أن الطفاوي لا نعرفه إلا في هذا الحديث ولا يعرف أسمه وقال أبو الفضل محمد بن طاهر والطفاوي مجهول أهـ (قامت) وللحديث في جملته شواهد تؤديه تعلم بالمراجعة في مظانها والله أعلم. (420) (سنده) (2) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عبدا لرحمن ثنا عكرمة بن عمار حدّثني أبو كثير حدّثني أبو هريرة الخ (غريبة) (3) أي ما سبب عليك بمحبة من غاب عنك من المؤمنين وأنت لم ترهم وهم لا يروك وقد أجاب أبو هريرة بذكر قصة أمه ليبين أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد دعا له ولامه بأن يجيبهما إلى المؤمنين ودعاؤهم (صلى الله عليه وسلم) لا يرد (4) بضم أوله تخفيف ثانية أي مغلق يقال أجاف الباب إذا رده وأغلقه (5) الخصخضة تحريك الماء والمراد مناصوته عند الصب (6) الخشف "بالسكون" والخشفة بالتحريك من فتح أولهما الحركة (7) درع المرأة قميصها (8) الخمار ثوب تغطي به المرأة رأسها والجمع خمر مثل كتاب وكتب واختمرت المرأة وتخمرت ليست الخمار أهـ من المصباح (تخريجه) رواه مسلم في فضائل أبي هريرة حدّثنا عمرو الناقد عمرو بن يونس اليمامي فاعكرمه بن عمار بهذا الإسناد نحوه والحديث من أعلام النبوة.

-[ما جاء في أبي هريرة رضي الله عنه]- (وعنه أيضًا) قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ألا من رجل يأخذ بما مرض أئمة ورسوله كلمة أو كلمتين أو ثلاثة أو أربعًا أو خمسًا فيجعلهن في طرف ردائه فيتعلمهن ويعلمهن قال أبو هريرة فقلت أنا يا رسول الله قال فأبسط ثوبك قال فبسطت ثوبي فحدث رسول الله (صلى الله عليه وسلم ثم قال ضم إليك فضممت ثوبي إلى صدري فإني لأرجو أن لا أكون نسيت حديثًا سمعته منه بعد (وعن الأعرج قال أبو هريرة رضي الله عنه) أنكم تقولون أكثر أبو هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) والله الموعد أنكم تقولون ما بال المهاجرين لا يحدثون عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بهذه الأحاديث، وما بال الأنصار لا يحدثون بهذه الأحاديث، وأن صحابي من المهاجرين كانت تشغلهم صفقاتهم في الأسواق، وأن أسصحابي من الأنصار كانت تشغلهم أرضوهم والقيام على أموالهم، وأني

_ (421) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو النضر ثنا المبارك عن الحسن عن أبي هريرة قال الخ (غريبة) (2) أي بما شرع اله ورسوله و (أو) في قوله (كلمة أو كلمتين) الخ، للتخيير (3) يعني فيسمعهن مني وهو باسط رداءه ثم يضمه غليه بدليل بقية الحديث وحكمة بسط الرداء حال التحديث ثم ضمه من الأسرار التي خص بها رسوله (صلى الله عليه وسلم) (تخريجه) عزه في منتخب كنز العمال إلى ابن عساكر وجعله الحافظ في الإصابة من طرق حديث أبي هريرة الآتي عقب هذا وعزاه إلى أبي يعلي فقال" وله طرق أخرى منها عند أبي يعلي من طريق يونس بن عبيد عن الحسن عن أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال " من يأخذ من كلمة أو كلمتين أو ثلاثًا فيصيرهن في ثوبه فيتعلمهن ويعلمهن" قال فنشرت ثوبي وهو يحدث ثم ضمته فأرجو ألا أكون نسيت حديثاً مما قال وأخرجه أحمد من طريق المبارك بن فضالة عن الحسن نحوه أهـ وأفاد في فتح الباري في باب حفظ العلم من كتاب العلم أنه مروي في جامع الترمي وفي الحلية لأبي نعيم أهـ وبناء على ما تقدم نستخلص أن الحديث رواه أبو يعلي وأبو نعيم والترمذي وابن عساكر والله أعلم. (422) (سنده) (4) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهري عن الأعرج قال الخ (غريبة وشرحه) (5) قوله أكثر وهريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أي من رواية الحديث وهو إنكار استبعاد وتعجب لا إنكار تهمة وتكذيب ومنشأ الاستبعاد أنه أسلم في السنة السابعة وكان أكثر الصحابة حديثًا عنه (صلى الله عليه وسلم) وقد أزال هذا الاستبعاد عنهم بمجموع أمرين (أولهما) أنه لزم مجالس رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وحضرا ولم يشغله عنها شاغل من تجارة أو زراعة فكان يحضر إذا غابوا ويحفظ إذا نسوا (ثانيهما) أنه بسط رداءه ثم ضمه إلى صدره بأمره (صلى الله عليه وسلم) فما نسي شيئا ًمن حديثه بعد (قال الألبي) فالملازم سبب كثرة السماع وبسط الرداء سبب عدم النسيان ويبعد أن يكون هذا المجلس لم يحضر فيه ألا أبو هريرة لا سيما مع قوله من يبسط ثوبه ومن المعلوم حرصهم على حفظ أقواله (صلى الله عليه وسلم) فلا يتأخر أحد من الحاضرين عن بسط ردائه فهم مشاركون له في عدم النسيان لكن لما لم يشاركوه في السبب الأول وهو كثرة الملازمة كمان أحفظهم وأما أن بسط الرداء سبب في عدم النسيان فالله أعلم بالحكمة فيه أهـ (6) قوله (والله الموعد) أي فهو سبحانه يحاسبني إن تعمدت كذباً

-[ما جاء في أبي هريرة رضي الله عنه]- كنت أمرًا معتكفًا وكنت أكثر مجالسه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أحضر إذا غابوا، وأحفظ إذا نسوا، وأن النبي (صلى الله عليه وسلم) حدثنا يومًا فقال: من يبسط ثوبه حتى أفرع نم حديثي ثم يقبضه إليه، فأنه ليس ينسي شيئًا سمعه عني أبدًا فبسطت ثوبي أو قال طهرتي، ثم قبضته إلى، فواله ما نسيت شيئًا سمعته منه، وأيم الله لولا أيه في كتاب الله ما حدثتكم بشيء أبدًا ثم فلا وإن الذين يكتمون ما أزلنا من البينات والهدى، الآية. (وعن أبي عثمان النهدي) قال تضيفت أبا هريرة سبعًا فكان هو وامرأته وخادمه يعتقيون الليل أثلاثًا، يصلي هذا ثم يوقظ هذا ويصلي هذا ثم يرقد ويوقظ هذا قال قلت يا أبا هريرة كيف تصوم قال أما أنا فأصوم في أول الشهر ثلاثًا فأن حديث لي حادث كان آخر شهري قال وسمعت أبا هريرة يقول: قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يومًا بين أصحابه تمرًا فأصابني سبع تمرات أحداهن حشفة وما فيهن شيء أعجب ألىّ منها، أنها شدت مضاغي.

_ (1) أي حابساً نفسي على مجالسه (صلى الله عليه وسلم) وسماع حديثه مكتفيًا بالقوت، (2) كان أبو هريرة يحمل علمًا كثيرًا عنه (صلى الله عليه وسلم) ورأى أنه يجب عليه نشره فتفرغ لذلك مخافة الموانع فلما أنكروا عليه كثرة الحديث قال لولا ما في كتاب الله تعالي من أثم كتمان العلم ما حدثتكم بحديث أبدًا (تخريجه) أخرجه الشيخان من عدة طرق فالبخاري في باب ما جاء في الغرس من كتاب الحرث والمزارعة وفي أوائل البيوع وفي الاعتصام وغيرها ومسلم في كتاب الفضائل والله أعلم. (423) (سنده) (3) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي حدّثنا يونس حدّثنا حماد يعني أبن زيد عن العباس بن فروخ الجريري قال سمعت أبا عثمان النهدي يقول الخ والظاهر أن يونس في السند هو أبن محمد بن مسلم أو محمد المؤدب قال الخطيب سمع حماد بن سلمة وحماد بن زيد وغيرهما وروي عنه أحمد بن حنبل وعلى بن المديني وغيرهما وثقه أبن معين وغيره ومات سنة ثمان ومائتين أهـ ملخصًا (غريبة) (4) أي نزلت عليه ضيفًا قال في المختار ضافة ضيافة إذا نزل عليه ضيفًا وكذا تضيفه أهـ (5) أي فأن حدث لي ما يمنع عن الصوم من سفر أو مرض كان ماصمته آخر حظي من الصوم في هذا الشهر وكأنه صامه كله إذا لحسنة بعشر أمثالها (6) الحشف - بفتحتين - أرادً التمر وهو الذي يجف من غير نضج ولا إدراك فلا يكون له لحم الواحدة حشفة قاله في المصباح (7) قوله "أنها شدت مضاغي" تعليل لكونها أعجب التمرات إليه والمضاغ كسحاب ما يؤكل ويمضغ من الطعام وقد أضافه إلى ياء المتكلم والمعني أنها قوت طعامي الذي أكله فصار لدنا متماسكاً بعد أن كان ضعيفاً غير متماسك وقيل المضاغ المضغ يقال لقيمة لبنة المضاغ وشديدة المضاغ والمعني أنها قوت أسناني فأعانتهما على المضغ وفي رواية (مضاغي) بكسر الميم قال القسطلاني يحتمل أن يكون المراد ما يمضغ به وهو الأسنان وأن يكون المراد به المضغ نفسه أهـ (تخريجه) أخرجه البخاري في كتاب الأطعمة حدّثنا مسدد حدّثنا حماد بن زيد بن عن عباس الجريري عن أبي عثمان قال تضيفت أبا هريرة سبعًا، فمكان هو وامرأته وخادمة يعتقون الليل ثلاثاً يصلي هذا ثم يوقظ هذا وسمعته يقول قسم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين أصحابه

-[ما جاء في أبي هريرة رضي الله عنه]- (وعن البراء عن الحسن عن أبي هريرة رضي الله عنه) قال حدّثني خليلي الصادق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال: يكون في هذه الأمة بعث إلى السند والهند فإن أنا أدركته فاستشهدت فذلك، وإن أنا (فذكر كلمة) رجعت وأنا أبو هريرة المجرر قد أعتقني من النار.

_ تمرا فأصابني سبع تمرات أحداهن حشفه وقال البخاري باب ما كان النبي (صلى الله عليه وسلم) وأصحابه يأكلون حدّثنا أبو النعمان حدّثنا حماد بن زيد عن عباس الجريري عن أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة قال: قسم النبي (صلى الله عليه وسلم) يومًا بين أصحابه تمرًا فأعطي كل إنسان سبع تمرات فأعطاني سبع تمرات أحداهن حشفة فلم يكن فيهن ثمرة أعجب إلى منها شدت في مضاغي أهـ قال القسطلاني وهذا الحديث أخرجه الترمذي والنسائي في الوليمة وابن ماجة في الزهد أهـ. (424) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا يحيي بن إسحق حدّثني البراء عن الحسن عن أبي هريرة قال الخ (غريبة) (2) قوله (فإن أنا أدركته الخ) هذا من قول أبي هريرة لا من قوله (صلى الله عليه وسلم) وقوله (فذلك) معناه نلت مقامًا عظيمًا بالشهادة وقوله (وأن أنا فذكر) أبو هريرة (كلمة) نسيها الراوي أو لم يفطن لها وجوب الشرط الثاني قوله (رجعت وأنا أنا فذكر) أبو هريرة (كلمة) نسيها الراوي أو لم يفطن لها وجواب الشرط الثاني قوله (رجعت وأنا أبو هريرة المحرر) بصيغة أسم المفعول فسره قوله (قد اعتقني) أي الله عز وجل (من النار) بسبب الجهاد في سبيله والكلمة التي لم يذكرها الراوي ظاهرة يدل عليها السباق والتقدير (وإن أنا أدركته ولم استشهد رجعت وقد اعتقني الله من النار) والأمانة قضت على الراوي أن لا يذكرها لعدم جزمه بها. (تخريجه) الحديث رواه النسائي في كتاب الجهاد من طريق آخر عن أبي هريرة بلفظ (وعدنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم غزوة الهند فإن أدركتها أنفق فيها نفسي ومالي، فإن أقتل كنت من أفضل الشهداء، وإن أرجع فأنا أبو هريرة المحرر) وعنه من طريق ثان بمثل ذلك ثم ذكر بإسناده عن ثوبان مولي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عصابتان من أ/تي أحرزهما الله من النار عصابة تغزو الهند وعصابة تكرن مع عيسي بن مريم عليه السلام) (فائدة) الحديث المذكور من أعلام النبوة فقد غزا المسلمون الهند والسند في عهد بني أمية وإليك كلمة موجزة في ذلك. 1 - اتجهت همة المسلمين في عهد عثمان وعلى (رضي الله عنهما) إلى التعرف على ثغور الهند ومدتها تمهيدًا لإزالة الوثنية منها ونشر الإسلام وفيها. 2 - وفي عهد معوية بعث إليها بحملة عسكرية منظمة يقودها المهلب بن أبي صفرة ومن بعده عبد الله بن سوار العبدي فبشرت بهداية الإسلام وضربت الأمثال العالية في تحركاتها العسكرية وقد اغتال الوثنيون أبن سوار هناك فأمر معاوية (زيادًا) وإليه على العراق أن يبعث بجيش إلى الهند فبعث بقوة على رأسها (سنان بن سلمه بن المحبق الهذلي) ففتح مدينة (مكران) عنوة ومصرها وضبطها وأقام شريعة الله فيها ثم توالت الحملات فاتسعت الفتوح ورسخ الإسلام في كثير من الجهات: 3 - ولما صار أمر العراق والمشرق إلى (الحجاج بن يوسف الثقفي) أرسل إليها جملة من قواده واحدًا يعد آخر وكان لهم فيها أثر مشكور إلى أن جاءت نوبة القائد المظفر (محمد بن القاسم الثقفي) وهو

تفنيد ما وجه إلى أبي هريرة رضي الله عنه عن المطاعن والشهاري

_ في السادسة عشرة من عمره كان في جيوش المسلمين بأرض أيران فكتب إليه الحجاج يأمره بأن ينتخب من أبطال الجنود الإسلامية من يقع اختياره عليهم وجمع لهم الحجاج قوات أخرى انتقاها من جيوش المسلمين بالشام وحرص الحجاج على أن يجهز هذا الجيش بكل ما يحتاج إليه من سلاح وكساء وغذاء فاجتاز به محمد بن القاسم حدود إيران إلى الهند ووصل مدينة (مكران) التي كانت بيد المسلمين ثم انتقل منها إلى مدن كثيرة ذات أهمية بالغة ففتحها إلى أن وصل إلى (الديبل) فوجد الحجاج قد أرسل إلى سواحها الرجال والسلاح والمؤن فخندق محمد بن القاسم حولها وحطم حصونها بالمنجنيق وعلا المسلمون أسوارها ودخلوها عنوة ثم انتقل منها إلى مدينة (بيرون) ففتحها وأيقن قائد الشرك والوثنية (داهر) أن البالد استسلمت لها القائد الشاب وأن ملكة قد زال ما لم يلقه في معركة فاصلة يجمع فيها جميع قواه فكانت تلك المعركة الفاصلة وكتب الله النصر فيها للمسلمين وقتل الطاغية (داهر) وانهزم جنده ومضي محمد بن القاسم يطهر أرض السند من أدران الوثنية والشرك إلى أن قطع نهر (يباس) إلى (المتان) فقاتله أهلها قتالًا شديدًا وتحصموا بالمدينة ونفد زاد الجيش الإسلامي فهداهم الله إلى مدخل الماء إلى المدينة فقطعوه عنها حتى استسلم المشركون وكان في تلك المدينة صم أسمه (بد) تهوي إليه الأموال وتنذر له النذور ويحج إليه أهل السند فجمع محمد بن القاسم ما هناك من الذهب والأموال وجعل يوعها في بيت مساحته عشرة أذرع في مثلها كان جباة الأموال يلقونها فيه من فوهة في سطحه وأحصوا ذلك المال فبلغ مائة وعشرين مليون درهم ولما أرسلوا به إلى الحجاج أحصى ما أنفقه على حمله محمد بن القاسم فبلغ ستين مليونًا فقال (شفينا غيظنا، وأدركنا ثارنا، وأزددنا ستين ألف ألف درهم، ورأس داهر) (رضي الله عنه) عن أولئك السادة الذين حملوا رسالة الإسلام إلى الهند حتى كان منهم للإسلام في عصرنا مدد علمي واقتصادي وعسكري ورضي الله عن مسلمي الهند والباكستان فلقد أقاموا دولتهم في عصرنا على أسس قويمة من مبادئ الإسلام. فصل في تفنيد ما وجه إلى أبي هريرة (رضي الله عنه) من المطاعن وتبديد ما أحيطت به روايته من الشكوك والشبهات تعرض هذا الصحابي الجليل لحملة من المطاعن يراد بها التشكيك في أحاديثه التي تلقاها المسلمون بالقبول، وقد أثار هذه المطاعن طائفة من المستشرقين والملحدين وخدع بها كثير ممن لم ترسخ أقدامهم في العلم، ولم تنضج ملكتهم في البحث، فراحوا يرددون هذه المطاعن على أنها حقائق يقضي بها العلم والتمحيص، وقد رأينا أن نذكر في هذا الفصل طائفة من تلك المطاعن ثم نتبعها بالرد عليها لنبين مدي الافتيات على هذا الصحابي الجليل، والرواية الثبت الأمين، وأن الذين تولوا أكبر هذا الأثم لم يكونوا على شيء من العلم والأنصاف، وإنما يريدون من وراء ذلك الطعن في الإسلام من طريق تجريح رواه الحديث وحملته فنقول وبالله التوفيق.

أولًا. زعموا أن السبب في كثرة حديثة استباحته الكذب على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهذا منهم كذب صراح، وافتيات على التاريخ، فإن هذا الإمام الجليل قد روي عنه الحديث نحو من ثمانمائة رجل من أهل العلم من الصحابة وبعضهم من التابعين كما قال البخاري وذلك دليل على ثقتهم به، لأنهم لو لم يثقوا به لمارووا عنه، وقد شهد له كبار أهل العلم في كل عصر بتحري الصدق والبعد عن شوائب الكذب وكثرة الحفظ وشدة الضبط في رواية الحديث، قال الشافعي: أبو هريرة احفظ من روي الحديث في دمره وقال ابن عمر أبو هريرة خير مني وأعلم بما يحدث، وقال طلحة بن عبيد الله، لا أشك أن أبا هريرة سمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما لم نسمع، وقال أبو الزعيزعة كاتب مروان: أرسل مروان إلى أبي هريرة فجعل يحدثه وكان أجلسني خلف السرير أكتب ما يحدث به حتى إذا كان في رأس الحول أرسل إليه فسأله وأمرني أن أنظر فما غير حرفًا حرف. هذا طرف مما ذكره الثقات وأصحاب الشأن في أبي هريرة، وهو قليل مما ذكروه، ومن حظي يمثل هذا الثناء وممثل هذا التقدير لا يضيره ما يقال فيه من أعداء الإسلام بدون بيته أو برهان، هذا إلى أن أحاديث أبي هريرة لم ينفرد بها بل وجدت كلها أو أكثرها عند غيره من الصحابة كما يعلم بالتتبع، والذي امتاز به عنهم أنه اجتمع لديه من الأحاديث ما لم يكن عند واحد منهم ما عدا عبد الله بن عمرو بن العاص (وقد بينا في مناقب عبد الله السبب في قلة ما وصل إلينا من حديثه). ثانياص: زعموا أن أبا هريرة يدلس في الحديث فيروى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ما لم يسمعه منه والتدليس أخو الكذب، والجواب عن ذلك أن أبا هريرة قد تأخر إسلامه إلى سنة سبع من الهجرة وتلقي الأحاديث التي لم يسمعها من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن الصحابة الذين سمعوها ولم يقل عند روايتها (سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول كذا أو رأيته يفعل كذا) بل كان يقول (قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كذا أو فعل كذا) وما شابه ذلك، وهو في هذا المسلك ليس بدعا من سائر الصحابة الذين لم يحضروا بعض مجالسه (صلى الله عليه وسلم) أما لاشتغالهم ببعض أمور الدنيا كالزراعة والصفق بالأسواق وأما لحداثة أسنانهم أو لتأخر أسلامهم، ثبت عن حميد قال "كنا مع أنس بن مالك رضي الله عنه فقال والله ما كل ما نحدثكم عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سمعنا ولكن لم يكن يكذب بعضنا بعضًا، رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح، وعن البراء قال "ليس كلنا سمع حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم كانت لنا ضيعة وأشغال، ولكن الناس كانوا لا يكذبون يومئذ ويحدث الشاهد الغائب، رواه الحاكم وقال صحيح على شرطهما منه (صلى الله عليه وسلم) ثم عند روايتهم لهذه الأحاديث قد يذكرون أسماء من رووا عنه تلك الأحاديث وقد لا يذكرونها ولا يعد عدم ذكرهم لها تدليسًا لأن الصحابة كلهم عدول بإجماع أهل الحق وإنما توقف العلماء في مراسيل التابعين للجهل بحال المحذوف إذا من الجائر أن يكون المحذوف صحابيًا أو تابعيًا وعلى تقدير أنه تابعي فيجوز أن يكون غير ثقة ولذلك يقول ابن الصلاح في مقدمته (مرسل الصحابي مثل ما يرويه ابن عباس وغيره من أحداث الصحابة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم ولم يسمعوه منه في حكم الموصول المسند لأن الصحابة كلهم عول) أهو قال السيوطي في التدريب (وفي الصحيحين من ذلك مالا يحصي لأن أكثر روايتهم عن الصحابة، وكلهم عدول ورواياتهم عن غيره نادرة، وإذا رووها بينوُها).

تفنيد ما وجه إلى أبي هريرة (رضي الله عنه) من المطاعن والشبهات

_ ثالثًا: وقال الطاعنون نهي عمر أبا هريرة عن التحدث وقال له "لتتركَنّ الحديث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أولًا لحقنك بأرض درس، وهذا من عمر يدل على كذب أبي هريرة في زعمهم، والجواب عن ذلك أن أبا هريرة كان يحدث الناس بما سمعه عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أو ثبت لديه أنه قال أو فعله خروجًا، من أثم كتمان العلم وقد الجاه ذلك إلى أن يكثر من رواية الحديث في كل باب فكان في المجلس الواحد يسرد الكثير من أحاديثه (صلى الله عليه وسلم)، ولكن عمر رضي الله عنه كان من رأيه أن يشتغل الناس أولًا بالقرآن وأن يقلوا من رواية الأحاديث التي لا تتصل بالأحكام وأن لا يروي للناس أحاديث الرخص مثلًا لئلا يتّكلوا عليها، ولا الأحاديث المشكلة التي تعلو على إفهامهم حتى لا تكون لهم فتنة وأن يقلوا الرواية عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خشية الكذب عليه أو الخطأ، ولئلا يكون ذريعة إلى أن ينسب ليه المنافقون ما يشتهون، ومن أجل ذلك نهي عن الإكثار من الرواية وأغلظ لأبي هريرة وغيره، فالاختلاف بين عمر وأبي هريرة ومن حذا حذوة من الصحابة ليس منشؤه الكذب، ولكنه اختلاف على طريقة التعليم والإفادة (ولكل وجهه هو موليها) وقال الحافظ ابن كثير في تاريخه وقد جاء أن عمر أذن له بعد ذلك في التحديث. رابعًا: زعموا أ، الصحابة قد شكوا في رواياته وقالوا (أكثر أبو هريرة) وهذا منهم يدل على كذبه وردهم لروايته. والجواب أن بعض الصحابة قالوا (أكثر أبو هريرة) تعجبًا من كثرة حفظه ورواياته وقد أظهر لهم السبب في ذلك، وهو أنه كان الزم الناس لمجالسه (صلى الله عليه وسلم) وأحرص الصحابة على أخذ الحديث وأنه ما كان يعينه شئون الدنيا، فما كان يشغله عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تجارة ولا بيع، ولا زراعة. فحفظ ما لم يحفظوا، وسمع ما لم يسمعوا، فأطمأنوا إلى قوله، وأخذوا عنه ما يرويه كما تقدم، وعلى تقدير أنهم كانوا شاكين لا متعجبين فتركهم أياه يحدث بعد ذلك مدة عمره دليل على أنهم اقتنعوا بوجاهة السبب في كثرة حديثه وزال عنهم ما كانوا يجدونه في صدورهم من روايته، إذا لو كانوا يرون في حديثه ريبة لمنعوه عن التحديث وهم أحرص الناس على صيانة حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأنه تبيان للكتاب الكريم. خامسًا: وزعموا أن أبا هريرة لم يكن على شيء من الفقه، وهذا افتيات على التاريخ، ذكر أين القيم في أعلام الموقعين المفتين من الصحابة فذكر منهم أبا هريرة وغده في طبقة أبي بكر الصديق وعثمان بن عفان وأبي سعيد الخدري وأم سلمة وأبي موسى الأشعري ومعاذ بن جبل وسعد بن أبي وقاص وجابر بن عبد الله وغيرهم وقال أبن سعد كان ابن عباس وأبن عمرو أبو سعيد الخدري وأبو هريرة وعبد الله بن عمرو بن العاص وجابر ورافع بن خيج وسلمه بن الأكوع وأبو واقد الليثي وعبد الله بن بحينه مع أشباه لهم بن العاص وجابر ورافع بن خديج وسلمه بن الأكوع وأبو واقد الليثي وعبد الله بن بحينة مع أشباه لهم من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يفتون بالمدينة ويحدثون عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من لدن توفي عثمان إلى أن توفوا أهـ سادسًا: وقالوا أن كثيرًا من لأحاديث التي عزيت إلى أبي هريرة فيها غرائب تبعد عن العقل، وذلك دليل على عدم صحتها وأنها من مزاعم أبي هريرة. والجواب أن لا يلزم من عزو لحديث إلى أبي هريرة أو غيره أنه قاله ورواه لجواز أن يكون الرواه عنه أو بعضهم كذبه، والمدار في ذلك على صحة النقل عن المنقول عن أبي هريرة (رضي لله عنه)

تفيد ما وجه إلى أبي هريرة (رضي الله عنه) من المطاعن والشبهات

_ أو غيره، وليس يضير أبا هريرة أن يكذب عليه طائفة من الرواة ويقولن ما لم يقل، ولق كذب كثير على رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، ولم يقل أحد أن ذلك يعد طعنًا فيه (صلى الله عليه وسلم) وقد عني علماء الحديث عناية تامة بالبحث عن أحوال الرواة جرحًا وتعديلًا فينبغي أن يرجع إليهم في صحة الأسانيد وتزييفها. (فصل) في ثناء الحاكم وشيه أبي بكر بن خزيمة على حافظ الصحابة وروايتهم أبي هريرة (رضي الله عنه) عقد الحاكم أبو عبد الله في الجزء الثالث من المستدرك فصلًا ذكر فيه الأحاديث التي تدل على فضل أبي هريرة ورسوخ قدمه في الرواية، ثم ختم هذا النص بمقالة جليلة عن شيخة أبي بكر بن خذيمة رأينا أن نذكرها هنا قال "وإنما يتكلم في أبي هريرة لدفع أخباره من أعمي الله قلوبهم فلا يفهمون معاني الأخبار إما معطل جهمي يسمع أخباره التي يرونها على خلاف مذهبهم الذي هو كفر فيشتمون أبا هريرة ويرمونه بما الله تعالي قد نزعه عنه تمويها على الرعاء والسفلة، أن أخباره لا تثبت بها الحجة، وأما خارجي يري السيف على أمة محمد (صلى الله عليه وسلم) ولا يري طاعة لخليفة ولا إمام، فإذا سمع أخبار أبي هريرة (رضي الله عنه) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) خلاف مذهب الذي ضلال ولم يجد حيلة في دفع أباره بحجة وبرهان كان مفزعة الوقيعة في أبي هريرة، أو قدري اعتزل الإسلام وأهله وكفر أهل سلام الذين يتبعون الأخبار الماضية التي قدرها الله تعالي وقضاها قبل كسب العباد لها إذا نظر إلى أخبار أبي هريرة التي قدرواها من النبي (صلى الله عليه وسلم) في إثبات القدر ولم يجد حجة يؤيد بها صحة مقالته التي هي كفر وشرك كانت حجته عند نفسه أن أخبار أبي هريرة لا يجوز الاحتجاج بها، أو جاهل يتعاطي الفقه ويطلبه من غير مظانة إذا سمع أخبار أبي هريرة فيما يخالف مذهب من قد اجتبي مذهبه واختاره تقلدًا بلا حجة ولا برهان تكلم في أبي هريرة ودفع أخباره التي تخاف مذهبه ويحتج بأخباره على من خالف إذا كانت أخباره موافقة لمذهبه". قال الحاكم: وأنا ذاكر بمشيئة الله عز وجل في هذا رواية أكابر الصحابة رضوان الله عليهم أجمعين عن أبي هريرة فقد روي عن زيدين ثابت وأبو أيوب الأنصاري وابن عباس وأبن عمر وعبد الله الزبير وأبي كعب وجابر وعائشة والمسور بن مخرمة وعقبة بن الحارث وأبو موسي الأشعري وأنس بن مالك والسائب بن يزيد وأبو رافع مولي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأبو أمامة بن سهل وأبو الطفيل وأبو نضرة الغفارى وأبو رهم الغفاري وشداد بن الهاد وأبو حدرد عبد الله بن حدرد الأسلمي وأبو رزين العقيلي وواثلة بن الأسقع وقبيضة بن ذؤيب وعمرو بن الحمق والحجاج الأسلمي وعبد الله بن عكيم والإر الجبهتي والشريد بن سويد (رضي الله عنهم) أجمعين فقد بلغ عدد من روى عن أبي هريرة من الصحابة ثمانية وعشرين رجلًا، فأما النابعن فليس فيهم أجل ولا أشهر ولا أشرف ولا أعلم من أصحاب أبي هريرة وذكرهم في هذا الموضع يطول لكثرتهم، والله يعصمنا من مخالفة رسول الله رب العالمين والصحابة المنتجيين وأئمة الدين من التابعين ومن بعدهم من أئمة المسلمين (رضي الله عنهم) أجمعين في امر المحاظ علينا شرائع الدين أبي هريرة رضي الله عنه اهـ.

-[ما جاء في أبي اليسر الأنصاري (رضي الله عنه)]- حرف الواو مهمل (حرف الياء المثناه) باب ما جاء في أبي اليسر الأنصاري واسمه كعب بن عمرو رضي الله عنه حدّثنا عبد الله حدّثني أبي قال قرئ على يقعوب في مغازي أبيه عن ابن إسحاق قال ابن إسحق وحدّثني يريده بن سفيان الاسلمي عن بعض رجال بني سلمة عن أبي اليسر كعب بن عمرو قال والله إنا لمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بخيبر هشية إذا أقبلت غنم لرجل من يهود تريد حصتهم ونحن محاصروهم إذا قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من رجل يطعمنا من هذا الغنم قال أبو اليسر فقلت أنا يا رسول الله قال فافعل قال فخرجت امتد من الظلمي فلما نظر على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) موليًا قال اللهم أمتعنا به فأدركت الغنم وقد دخلت أوائلها الحصن فأخذت شاتين في أخراها فاحتضتهما تحت يدي ثم أقبلت بهما اشتد كأنه ليس معي شيء حتى القيهما عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فذبحوها فأكلهما فكان أبو اليسر من آخر أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم هلا كما فكان إذا حدث بهذا الحديث بكي ثم يقول أمتعوا بي لعمري كنت أخرهم (قال جامعة رحمة الله) والله لقد جاء هذا الحديث ىخر مناقب الصحابة بدون قصد وقد جاء في آخره (لعمري كنت آخرهم).

_ (باب) كعب بن عمرو بن عباد أبو اليسر "بفتحتين" الأنصاري السلمي "بفتحفيين مشهور باسمه وكنيته شهد العقبة وبدراً وأسر يومئذ العباس بن عبد المطلب وشهد بعد ذلك المشاهد كلها مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال أبو حاتم وغيره مات بالمدينة سنة خمس وخمسين زاد غيره وهو آخر من مات من أهل بدر، روى عنه أبنه عمار وموسي بن طلحة وروي عنه عباده بن الوليد بن عبادة بن الصامت حديثًا مطولاً أخرجه مسلم في أواخر صحيحة. (425) (غريبة) (1) أي أعدو (2) الظليم بوزن كريم ذكر النعام وهو مشهور بالعدو أي الجري السريع (3) أي أنفعنا به وأحفظه فعل أمر من أمتعه الله بكذا عمره حتى كان من آخره الصحابة موتًا وذكر أنه آخر من مات من أهل بدر بالمدينة (رضي الله عنهم) (5) فعل أمر من متع به من باب قطع أي انتفع ويقال أيضًا تمتع به واستمتع والمعني أنه كان إذا حدث بهذا الحديث بكي لوفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم اصحابه من بعده ويقول لجلساته تمتعوا به والله لقد كنت من آخرهم موتًا (تخريجة) أو رده الهيثمي وقال رواه أحمد عن بعض رجال بني سلمه عنه (أي عن أبي اليسر) وبقية رجاله ثقات اهـ.

-[ما جاء في أسماء بنت أبي بكر الصديق (رضي الله عنهما)]- أبواب فضائل نسوة من الصحابيات مرتَّبة أسماؤهن على حروف المعجم (حرف الهمزة) باب ما جاء في أسماء بنت أبي بكر الصديق (رضي الله عنهما) (عن عروة بن الزبير وفاطمة بنت المذرعن أسماء رضي الله عنهما) قالت صنعت سفرة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في بيت أبي بكر حين أراد من يهاجر قالت ولم يجد لسفرته ولا لسقائه ما تربطهما به، قالت فقلت لأبي بكر والله ما أجد شيئًا أربطة به إلا نطاقي قال فقال شقيه بائيين، فأربطي بواحد السقاء والآخر السفرة، فلذلك سميت ذات النطاقين.

_ (باب) أسماء بنت أبي بكر الصديق والده عبد الله بن الزبير يقال لها ذات النطاقين أسملت قديمًا وهم بمكة في أول الإسلام وهاجرت هي وزوجها الزبير بن العوام وهي حامل متم بولدها عبد الله فوضعتها بقبا أول مقدمهم المدينة ثم ولدت للزبير بعد ذلك عروة والمنذر والمهاجر وعاصماً وخديجه الكبرى وأم الحسن وعائشة وهي آخر المهاجرين موتًا وقد كانت هي وأختها عائشة وأبوها وجدها أبو عتيق وأبنها عب الله وزوجها من الصحابة وفي إسلام أمها (قتله أو قتيلة) خلاف قال ابن الأثير وأكثر الروايات أنها لم تسلم وقد شهدت اليرموك مع أبنها وزوجها وكانت أسماء من عائشة بعشر سنين وهي أختها لأبيها وكان عبد الرحمن أبن أبي بكر شقيقًا لأسماء وكانت مشهورة بالكرم وتعبير الرؤيا قالت لأبنها عبد الله حين قاتل الحجاج يا بني عش كريمًا ومت كريمًا ولا يأخذك اليوم أسيرًا ولما صلب أبنها دخل عبد الله بن عمر المسجد فمال إليها وقال أن هذا الجسد ليس بشيء وإنما الأرواح عند الله فاتقي الله واصبري فقالت وما يمنعني من الصبر وقد أهدي رأس يحيي بن زكريا إلى بغي من بغايا بني إسرائيل - ولدت قبل الهجرة بسبعة وعشرين سنة وماتت سنة ثلاثين وسبعين بعد قتل أبنها عبد الله بمائة يوم على الأشهر وبلغت من العمر مائة سنة ولم ينكر لها عقل رحمها الله قال الحافظ روت عن (صلى الله عليه وسلم) عدة أحاديث وهي في الصحيحين والسنن وروي عنها أبناها عبد الله وعروة وأحفادها عباد عبد الله وعبد الله بن عروة وفاطمة بنت المنذر وعباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير ومولاها عبد الله بن كيسان وآخرون. (426) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو أسامة ثنا هشام عن أبيه وفاطمة بنت المنذر عن أسماء قالت الخ وعليه فيكون هشامًا قد روي الحديث عن أسماء من طريق أبيه عروة وبنت عمه فاطمة (غريبة) (2) السفرة بالضم طعام يتخذ المسافر (3) النطاق - بزنة كتاب - حمل تشد به المرأة وسطها للمهنة جمعة نطق ككتب أفاده في المصباح (4) نقل الحافظ في الإصابة أن الذي سماها بذلك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (تخريجه) عزاه الحافظ في الإصابة بهذا الإسناد إلى أبن سعد قال وسنده صحيح أهـ وعزاه في منتخب كنز العمال إلى أبن أبي شيبة رامزًا بالحرف (ش).

-[ما جاء في أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما)]- (وعن عروة أيضًا عن أسماء بنت أبي بكر (رضي الله عنهما)) قالت تزوجني الزبير وماله في الأ {ض من مال ولا مملوك ولا شيء غير فرسه قال فكنت أعلف فرسه وأكفيه مؤنثة واسوسة وأدق النوي لناضجه وأعلف وأستقي الماء وأخر زُغربه وأعجن ولم أكن أحسن أخبر فكان يخبز لي جارات من الأنصار وكن نسوة صدق وكنت أز-قْ-لُ التري من أرض الزبير التي أقطعه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على رأس وهي عني على ثلثي فرسخ قالت فجئت يومًا والنوي على رأسي فلقيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومعه نفر من أصحابه فدعاني ثم قال أخ أخ ليحملني خلفه قالت فاستجيبت أن أسير مع الرجال وذكرت ازبير وغيرته قالت وكان أغير الناس فعرف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أني قد أستحييت فمضي وجئت الزبير فقلت لقيني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعلى رأسي النوي ومعه نفر من أصحابه فانلخ لأركب معه فاستحيت وعرفت غيرتك فقال والله لحملك النوي أشد علي من ركوبك معه قالت حتى أرس التي أبو بكر بعد ذلك بخادم فكفتني سياسة الفرس فكأنما أعتقتني. باب ما جاء في أسماء بنت عميس (رضي الله عنها)

_ (427) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني ابي ثنا أبو أسامة قال ثنا هشام بن عروة قال أخبرني أبي عن أسماء بنت أبي بكر الخ (غريبة) (2) الناصح البعير يستقي عليه والأنثى ناضحه وسانية كذا في المختار (3) قولهما وأخرز عربة أي أخيط دلوه إذا تمزق (والغرب) بوزن الضرب الدلو العظيمة (وخرز الخف وغيره) (خاه وبابه نصر (4) الفرسخ ثلاثة أميال والميل من الأرض منتهي مد البصر (5) أ. خ بكسر الهمزة وسكون المعجمة صوت أناخه الأبل كما في القاموس (6) الخادم واحد الخدم غلامًا كان أو جارية ولكن قولها (فكفتني الخ) يعطي أنها كانت جارية (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم من حديث أبي أسامة بهذا الإسناد فالبخاري أرجه من باب الغيرة في كتاب النكاح ومسلم في باب جواز إرداف المرأة الأجنبية إذا أعيت في الطريق من كتاب السلام قال القسطلاني وهذا الحديث أخرجه البخاري أيضًا في الخمس مقتصرًا على قصة الوي ومسلم في النكاح والنسائي في عشرة النسائي أهـ قال وفيه أن علي المرأة القيام بخدمة ما يحتاج إليه بعلمها ويؤيده قصة فاطمة وشكواها ما تلقي من الرحا والجهور على أنها متطوعة بذلك أو يختلف باختلاف عوائد البلاد أهـ. (باب) أسماء بنت عميس "بوزن قريش" بن معد "بوزن سعد" الخشعية كانت أخت ميمونة بنت الحارث أم المؤمنين لأمها وأخت جماعة من الصحابيات لأب أو أم أو لأب وأم أسلمت قبل دخول دار الأرقم وبايعت وهاجرت مع جعفر بن أبي طالب إلى الحبشة فولدت هناك عبد الله ومحمدًا وعونًا ثم تزوجها أبو بكر بعد قتل جعفر فولدت له محمدًا ثم تزوجها على بعد وفاة أبي بكر فولدت له عونًا ويحيي أخرج أبن السكن بسند صحيح عن الشعبي قال تزوج على أسماء بنت عميس فتفاخر أبناها محمد بن جعفر ومحمد بن أبي بكر فقال كل منهما أنا أكرم منك وأبي خير من أبيك فقال لها على أقضي بينهما فقالت ما رأيت شاباً خيرًا من جعفر ولا كيلاً خيراً من أبي بكر فقال لها على فما أبقيت لنا ماتت بعده (رضي الله عنهم).

-[ما جاء في أسماء بنت عميس (رضي الله عنهما)]- (عن عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما)) أن نفرًا من بني هاشم دخلوا على أسماء بنت عميس فدخل أبو بكر وهي تحته يومئذ فرأهم فكره ذلك، فذكر ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال لم أر الأخيرا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): أن الله قد برأها من ذلك، ثم قام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على المنبر فقال، ايدخلن رجل بعد يومي هذا على مغيبة ألا ومعه رجل أو اثنان. (وعن أبي موسى) قال لقي عمر أسماء بنت عميس (رضي الله تعالي عنهما) فقال نعم القوم أنتم لولا أنكم سبقتم الهجرة، ونحن أفضل منكم قالت: كنتم مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعلم جاهلكم، ويحمل راجلكم، وفررنا بديننا، فقالت: لا أنتهي حتى أدخل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد خلت فذكرت ما قال لها عمر رضي الله تعالي عنه، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بل لكم الهجرة مرتين، هجرتكم إلى الحبشة وهجرتكم إلى المدينة.

_ (428) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا هارون بن معروف ومعاوية بن عمر وقالا ثنا أبن وهب حدّثني عمرو أن بكر بن سواده حدثه أن عبد الرحمن بن جبير حدثه أن عبدا لله بن عمرو بن العاص حدثه أن نفرًا نم بني هاشم "الحديث" (غريبة) (2) النفر بفتحتين جماعة الرجال من ثلاثة إلى عشرة وقيل إلى سبعة ولا يقال نفر فيما زاد على العشرة أهـ مصباح (3) أي زوجًا له (رضي الله عنه) (4) قوله فقال أي أبو بكر مع كراهته لدخول النفر عليها ما رأيت شرًا وإنما رأيت خيرًا (5) يحتمل أن يكون هذا القول منه (صلى الله عليه وسلم) من طريق الوحي أو بسبب ما يعلمه من دينها وروعها (6) المغيبة بضم الميم وكسر الغين المعجمة وإسكان الياء هي التي غاب زوجها عن منزلها سواء أكان في البلد أم لا قال النووي وهذا ظاهر متعين قال القاضي ودليله هذا الحديث (قال النووي) ثم أن ظاهر هذا الحديث جواز خلوة الرجلين أو الثلاثة بالأجنبية والمشهور عند أصحابنا تحريمه في أول الحديث على جماعة يبعد وقوع الموطأة منهم على الفاحشة لصلاحهم أو مرومتهم أو غير ذلك أهـ (تخريجه) هذا الحديث رواه مسلم في باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها من كتاب السلام حدّثنا هرون بن معروفنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو (ح) وحدّثني أبو الطاهر أنا عبد اله بن وهب عن عمرو بن الحارث أن بكر بن سواده حدثه بهذا الإسناد به. (429) (سنده) (7) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد ثنا المسعودي عن عدي بن ثابت عن أبي بردة عن أبي موسي قال: الحديث (تخريجه) أخرجه الشيخان ضمن حديث طويل بأتم من هذا وذلك من طريق أبي أسامة حدّثنا بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسي (رضي الله عنه) وفي آخره: قالت (أي أسماء) فلقد رأيت أبا موسي وأصحاب السفينة يا نوني إرسالاً (بفتح الهمزة أي أفواجاً) يسألوني عن هذا الحديث ما من الدنيا شيء هم به أفرح ولا أعظم في أنفسهم مما قال لهم النبي (صلى الله عليه وسلم) قال أبو برده قالت أسماء فلقد رأيت أبا موسي وأنه ليستعيد هذا الحديث مني رواه البخاري في غزوة خيبر ومسلم في كتاب الفضائل.

-[ما جاء في أمامة بنت زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)]- باب ما جاء في أمامة بنت زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (عن عائشة) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أهديت له هدية فيها قلادة من جزع فقال لأدفعنها إلى أحب أهلي إلى، فقالت النساء ذهبت بها أبنة أبي قحافة فدعا النبي (صلى الله عليه وسلم) أمامة بنت زينب فعلقها في عنقها. حرف الباء) باب ما جاء في بريرة مولاة عائشة رضي الله عنهما

_ (باب) أمامة بنت العاص بن الربيع بن عبد العزي بن عبد مناف القريشية العشمية أمها زينب بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كان النبي عليه السلام يحبها ويحملها في الصلاة ثبت ذلك في الصحيح تزوجها على بن أبي طالب بعد وفاة فاطمة بوسية منها ثم توجها بعده المغيرة بن نوفل بن الحارث بن عبد المطلب بن هاشم فولدت له يحيي وبه كان يسكني وماتت عند المغيرة وقيل أنها لم تلد لعلي ولا للمغيرة (رضي الله عنهم) إفادة النووي في التهذيب. (430) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا حسن ثنا حماد بن سلسة عن علي بن زيد عن أم محمد عن عائشة الخ (غريبة) (2) الجزع بفتح أولد وتسكين ثانية الخرز اليماني وهو الذي فيه بياض وسواد تشبه به الأعين الواحدة جزعة بوزن تمرة (3) المراد بها عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها بنت أبي بكر الصديق بن أبي قحافة نسبت لجدها (تخريجه) أفاد البهتمي أنه قد رواه بإسناد حسن أحمد وأبو يعلي وأن الطبراني رواء بأثم من هذا وعبارة الهيثمي "عن عائشة قالت أهدي لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) قلادة من جزع ملمعة بالذهب ونساؤه مجتمعات في بيت كلهن، وأمامة بنت أبي العاص بن الربيع جارية تلعب في جانب البيت بالتراب فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كيف ترين هذه فنظرن غليها فقلن يا رسول الله ما رأينا أحسن من هذه قط ولا أعجب، فقال أرددنها إلىّ فلما أخذها قال والله لأضعنها في رقبة عيري منهن، ولا أراهن إلا أصابهن مثل الذي أصابني ووجمن جميعًا فأقبل بها حتى وضعها في رقبة أمامة بنت أبي العاص فسرعًا، رواه الطبراني واللفظ له وأحمد باختصار وابو يعلي وإسناد أحمد وأبي يعلي حسن أهـ. (باب) بريرة بنت صفوان مولاه عائشة أم المؤمنين، كانت لقوم من الأنصار فكاتبوها فجاءت إلى عائشة تطلب منها العون في بدل الكتابة فقالت أن أحب أهلك أن أشتريك وأعتقك فعلت فرضي أهلها على أن يكون الولاء لهم فذكرت عائشة ذلك لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال اشترتيها والولاء لك لأن الحكم الله أن الولاء لمن أعتق فاشترتها فاعتقتها وكان أسم زوجها مغيثًا وكان مولى فخيرها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد العتق بين أن تبقي معه أو تفارقه فاخترات فرقه وهو يحبها فكان يمشي خلفها في طرق المدينة يبكي ودموعه تسيل على لحيته واستشفع أيها برسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت يا رسول الله أتأمرني قال لا بل أشفع قالت لا أريده وذكر أبو عمر من طريق عبد الخالق بن زيد بن واقد عن أبيه أن عبد الملك بن مروان قال كنت جالس بريرة بالمدينة فكانت تقول لي يا عب الملك أني أري فيك خصالاً وأنك لخليق

-[ما جاء في بريرة (رضي الله عنها)]- (عن عائشة (رضي الله عنها)) قالت كان في بريرة ثلاث قضيات، أراد أهلها أن يبيعوها ويشترطوا الولاء، فذكرت ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم) فاقل اشتريهما فأعتيقها فإنما الولاء لمن أعتق، قالت وعتقت فخيرها رسول الله (صلى الله عليه وسلم (وفي رواية) وكانت تحت عبد فملا أعتقتها قال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اختاري فإن شئت أن تمكثي تحت هذا العبد وإن شئت أن تفارقيه فاختارت نفسها، قالت وكان الناس يتصدقون عليها فتهدي لنا فذكرت ذلك للنبي (صلى الله عليه وسلم) فقال هو لها صدقة، هو لكم هدية فكلوه.

_ أن تلي هذا الأمر فإن وليته فاحذر الدماء فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن الرجل ليدفع عن باب الجنة بعد أن ينظر إليه بملء محجمة من دم يريقه من مسلم بغير حق. (431) (سنده (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو معاوية قا ثنا هشام بن عروة عن عروة عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة قلت الحديث (غريبة وشرحه) (2) الولاء (بفتح الواو) المراد به ولاء العتق وهو أن يرث المعتق (بكسر الفاء) أو ورثته العبد المعتق (بفتح التاء) أزمات ولم يكن له وارت من النسب وكانت العرب تبيع الولاء وتهبه فنهي الشارع عن ذلك لأن الولاء كالنسب فلا يزول بالازالة (معني الحديث) كان في بريرة أحكام ثلاثة "الأول" أنها كانت مملوكة فكاتبها أهلها فذهبت إلى المؤمنين عائشة تستعينها فأمرتها أن تعرص على أهلها أن تشتريها عائشة منها وتعتقها فقبل أهلها بشرط أن يكون الولاء لهم فذكرت عائشة النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لها أهل بريرة فقال اشترتيها فاعتقيها والولاء لك لا لهم لأن حك مالله أن الولاء لمن أعتق ولا يغير حكم الله بالشروط (الثاني) لما اعتقتها والولاء لك لا لهم لأن حكم الله أن الولاء لمن أعتق ولا يغير حكم الله بالشروط "الثاني" لما اتقتها عائشة كانت تحت عبد اسمه (مغيث) فخيرها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بين البقاء في عصمته وفسخ النكاح فاختارت نفسها وفسخت النكاح والثالث" كان الناس يتصدقون عليها فتهدي نم تلك الصدقة لأمهات المؤمنين فأجاز النبي (صلى الله عليه وسلم) لهن يأكلن من تلك الهدايا لأن الوصف قد تغير نم الصدقة إلى الهدية (3) قوله وفي رواية الخ (سندها ومتنها) حدّثنا أبي ثنا عثمان بن عمر قال ثنا أسامة بن زيد قال ثنا القاسم بن محمد قال سمعت عائشة أم المؤمنين تقول: أن بريرة كانت مكانية لأ ناس من الأنصار فأرت أن ابتاعها فأمرتها أن تأتيهم فتخبرهم أني أريد أن ابتاعها فاعتقها فقالوا أن جعلت لنا ولاءها ابتعناها منها فاستفتيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال اشتريها فاعتقيها قائمًا الولاء لمن أعتق - ودخل علىّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) والمرجل يفور بلحم فقال من أين لك هذا قلت أهدته لنا بريرة وتصدق به عليها فقال هذا لبريرة صدقه ولنا هدية - وقالت وكانت تحت عبد الخ (تخريجه) أخرجه الشيخان وغيرهما من طريق عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة فالبخاري أخرجه في باب لا يكون بيع الأمة طلاقًا من كتاب الطلاق ومسم في باب إنما الولاء لمن أعتق من كتاب العتق ولفظه عند مسلم كأحمد سواء والله أعلم.

-[ما جاء في درة بنت أبي لهب (رضي الله عنها)]- حرف التاء على الدال مهمل (حرف الدال المهملة) باب ما جاء في درة بنت أبي لهب (رضي الله عنها) (عن عبد الله بن عميرة عن درة بنت أبي لهب (رضي الله عنها) قالت كنت عند عائشة (رضي الله عنها) فخل النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال ائتوني بوضوء قالت فابتدرت أنا وعائشة الكون فأخذته أنا فتوضأ فرفع بصره إليَّ أطرفه إليَّ وقال أنت منيّ وأنا منك.

_ (باب) درة بنت أبي لهب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمية ابنة عم النبي (صلى الله عليه وسلم) أسلمت وهاجرت تزوجها الحارث بن نوفل بن عبد المطلب فولدت له عقبة والوليد وغيرهما وذكر البلاذري أن زيد بن حارثة توجها قال الحافظ ولعل ذلك كان قبل أن يتزوجها الحارث بن نوفل ثم تزوجها من بعد الحارث دحية بن خليفة الكلي، عن ابن عمر وعن أبي هريرة وعن عمار بن ياسر قالوا قدمت درة بنت أبي لهب مهاجرة فنزلت دار رافع بن المعلي الزرقي فقال لها نسوة جلسن إليها من بق زريق أنت ابنة أبي لهب الذي قال الله له (تبت يدا أبي لهب وتب ما أغني عنه ماله وما كسب) ما يغني عنك مهاجرك فأنت دوة النبي (صلى الله عليه وسلم) فشكت إليه ما قلن لها فسكنها رسول (صلى الله عليه وسلم) وقال: أجلس ثم صلي بالناس الظهر وجلس على المنبر ساعة ثم قال أيها الناس مالي أوذي في أهلي فو الله أن شفاعتي لتنال قرابتي حتى أ، صداه وسلبها لينالها يوم القيامة قال الهيثمي رواه الطبراني وفيه عبد الرحمن بن بشير الدمشقي وثقة ابن حبان وضعفه أبو حاتم وبقية رجاله ثقات أهـ وعن أبن أبي حسين قال كانت درة بنت أبي لهب عند الحارث بن عبد الله بن نوفل فولدت له عقبة والوليد وأبا مسلم ثم أتت النبي (صلى الله عليه وسلم) بالمدينة فأكثر الناس في أبويها فجاءت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت يا رسول الله ما ولد الكفار غيري فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وما ذاك قالت قد آذاني أهل المدينة في أبوي فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا صليت الظهر فصلي حيث أري فصلي النبي (صلى الله عليه وسلم) الظهر ثم التفت إليها فأقبل على الناس فقال أيها الناس الكم نسب وليس لي نسب فوثب عمر بن الخطاب فقال أغضب الله من أغضبك فقال هذه بنت عمي فلا يقول لها أحد إلا خبرًا قال الهيثمي رواه الطبراني "وابن أبي حسين هو عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي حسين" وهو مرسل ورجاله ورجال الصحيح أهـ. (432) (سنده) (1) حدّثنا عبدا لله حدّثنا أبي ثنا أسود بن عامر أنا شريك عن سماك عن عبد الله بن عميرة عن درة بنت أبي لهب قالت الحديث وقد حذف الشيخ رحمه الله هذه العبارة من آخره وهي: (فأتي برجل فقال ما أنا فعلته إنما قيل لي قالت وكان ساله على المغبر مسن خير الناس فقال أفقههم في دين الله وأوصلهم لرحمة وذكر فيه شريك شيئين آخرين لم أحفظهما) أهـ (غريبة) (2) الوضوء بفتح الواو الماء الذي يتوضأ به (2) أي تسارعاً إلى أخذه قال في المختار بدر إلى الشيء أسرع وبابه داخل .. وابتدروا السلاح تسارعوا إلى أخذه أهـ (4) الطرف بفتح فسكون العين وكلمة (أو) للشك (نخرجه) أورده الهيثمي تامًا في مناقب درة وقال، رواه أحمد ورجاله ثقات اهـ.

-[جاء في الرميصاء أم سلمي بنت ملحان (رضي الله عنها)]- حرف الذال المعجمة مهمل (حرف الراء) باب ما جاء في الرميصاء أو الغميصاء أم سليم والدة أنس بن مالك وزوجة أبي طلحة الأنصاري (رضي الله عنهم) (عن أنس بن مالك (رضي الله عنه) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال دخلت الجنة فسمعت خشفة فقلت ما هذه الخشفة قيل الرميصاء بنت ملحان) ز (وعنه بلفظ آخر قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دخلت الجنة فسمعت خشخشة بين يدي فإذا هي الغميصاء بنت ملحان أم أنس بن مالك. (وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهم) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

_ (باب) أم سليم (بضم ففتح فسكون) "بنت ملحان" بكسر الميم على المشهور وسكون اللام وبالحاء المهملة بعدها ألف لينة فنون بن خالد بن زيد بن حرام من جنوب الأنصارية وهي أم أنس خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اشتهرت بكنيتها واختلف في أسمها فقيل سهلة وقيل رميلة وقيل أنيسة وقيل رميثة وقيل الرميصاء وقيل الغميصاء والظاهر أن الاخيرين وصفان لقبت بهما لا علمان والرمص والغمص يقالان للقذي في أطراف العين تزوجت مالك بن النضر في الجاهلية فولدت له أنسا خادم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأسلمت مع السابقين إلى الإسلام من الأنصار فغضب مالك زوجها وخرج إلى الشام فمات بها فتزوجت بعده أبا طلحة روي النسائي وغيره من طريق ثابت عن أنس قال خطب أبو طلحة أم سليم فقالت والله ما مثلك يا أبا طلحة يرد ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة ولا يحمل لي أن أتزوجك فإن تسلم فذاك مهري ولا أسألك غيره فأسلم فكان ذلك مهرها قال ثابت فما سمعت بامرأة قط كانت أكرم مهرصا من أم سليم زاد بن سعد من طريق عبد الله بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس: وكانت أم سليم تقول لا أتزوج حتى يبلغ أنس ويجلس في المجالس فيقول جزي الله أمي عني خيراً لقد أحسنت ولاتي فقال لها أبو طلحة فقد جلس أنس وتكلم فتزوجها وكانت تغزو مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولها مواقف كثيرة فتل على كمال إيمان ورجاحة عقله وقوة بأس (رضي الله عنها). (433) (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عفان ثنا حماه قال أنا ثابت عن أنس الخ (غريبة) (2) الخشفة بخاء مفتوحة ثم شين ساكنة معجمتين هي حركة المشي وصوته ويقال أيضاً بفتح الشين قاله النووي (3) أم سليم هي الرميصاء والغميصاء والمرص والغمس قذي يابس يكون في أطراف العين (4) قوله وعنه بلفظ آخر (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا هشيم أنا حمي عن أنس بن مالك قال الخ (غريبة) (5) قال النووي هي صوت المشي اليابس إذا حك بعضه بعضًا وقال صاحب النهاية الخشخشة حركة لها صوت كصوت السلاح (تخريجه) أخرجه مسلم في فضائل أم سليم حدّثنا أبن أبي عمر حدّثنا بشر يعني أبن السري حدّثنا ابن أبي عمر حدّثنا بشر يعني أبن السري حدّثنا حماد بن سلمة عن ثابت بهذا الإسناد. (343) (6) (سنده ومتنه) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا عبد العزيز يعني أبن أبي سلمه عنه محمد بن المنكدر عن جابر عبد الله قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أريتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبي طلحة رسمت خشفة أمامي قلت من هذا يا جبريل قال هذا بلال قال ورأيت قصرًا أبيض بفنائه جارية فقلت

-[ما جاء في الرميصاء أم سليم بنت ملحان (رضي الله عنهما)]- أريتني دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء لمرأة أبي طلحة. (عن أنس) قال: اشتكي ابن لأبي طلحة فخرج أبي طلحة إلى المسجد فتوفي الغلام فهيأت أم سليم الميت وقال لأهلها لا يخبرن أحد منكم أبا طلحة بوفاة ابنة فرجع إلى أهله ومعه ناس من أهل المسجد من أصحابه قال ما فعل الغلام قالت خير ما كان فقربت إليهم عشاءهم فتعشوا وخرج القوم وقامت المرأ، إلى ما تقوم إليه المرأة فلما كان آخر الليل قالت يا أبا طلحة ألم تر على آل فلان استعاروا عارية فتمتعوا بها فلما طلبت كأنهم كرهوا داك قال ما أنصفوا قالت فأن أبنك كان عارية من الله تبارك وتعالي وأن اله قبضه فاسترجع وحمد الله فلما أصبح غدا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فلما رآ قال بارك الله لكما في ليلتكما فحملت بعبد الله فولدته ليلًا وكرهت أن تحنكه حتى يحكه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فحملته غدوة ومعي تمرات عجوة فوجدته بها أبا عر له أو يسمها فقلت يا رسول الله أن أم سليم ولدت الليلة فكرهت

_ لمن هذا القصر قالت هذا لعمر بن الخطاب فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غبرتك فقال عمر بأبي أنت وأمي يا رسول الله أو عليك أغار (غربة) (1) (أريتني) أي أرداني الله في المنام ومعلوم أن رؤي وحي وهو بصم الهمزة وكسر الراء وسكون الياء وضم التاء مبني للمفعول (2) بضم الراء وبالصاد المهملة ممدودًًا مصفرًا ويقال لها أيضًا الغميصاء بهذا الوزن وهما وصفان لأم سليم (تخريجه) أخرجه الشيخان البخاري في مناقب عمر بن الخطاب ومسلم في فضائل عمر، وفي فضائل أم سليم (تنبيه) اقتصر الشيخ رحمه الله هنا على صدر الحديث لأنه المطلوب في هذا المقام والله أعلم. (435) (3) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبن أبي عدي عن حميد عن أنس قال الخ. (غريبة) (4) قوله اشتكي أي مرض وليس المراد أنه صدرت منه شكوي لكن لما كان الأصل أن المريض يحصل منه ذلك استعمل في كل مرض ولكل مريض والابن المذكور هو أبو عمير الذي كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يمازحه ويقول أبا عمير ما فعل التغير قاله الحافظ في الفتح والتغير بضم أوله وفتح الغيين المعجمة مصغراً أسم لطائر كان يلعب به (5) قامت بما يلزم نحوه من الغسل والتنكفين (6) تريد أن آلامه زالت بسبب الموت وفهم أبو طلحة من جوابها أن آلامه زالت بسبب العافية (7) قوله وقامت المرأة الخ معناه أن أم سليم تهيأت لزوجها بوسائل الحسن كأحسن ما تفعله امرأة لزوجها حتى أن أبا طلحة أفضي إليها (8) العارية بتشديد الياء المثناه ما تعطيه لغيرك من المتاع لتنتفع به ثم يرده إليك يقال استعارة ثوباً فأعاره إياه أي طلبة فأعطاه إياه (9) المراد أنها كرهت أن ترضعه حتى يحنكه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيكون أول شيء يصل إلى جوفه هو ريقه (صلى الله عليه وسلم) وتحنيك الصبي معناه أن يمضع المحنك التمرة حتى تصير مائعة بحيث تبتلع ثم يفتح فم المولود ويضعها فهي ليدخل شيء منها في جوفه قال في المصباح حنكت الصبي تحنيكًا مضغت تمرًا ونحوه ودلكت به حنكه وحنكنة حنكًا من بابي ضرب وقتل كذلك فهو (محنك) من المشدد و (محنوك) من المخفف أهـ (10) الأباعر جمع بعير وتجمع أيضًا على أبعرة وبعران بالضم قال في المصباح والبعير مثل الإنسان يقع على الذكر والأنثى يقال حلبت بعيري أهـ وأما قوله يهنأ فبهمز أخره أي يطلبها بالقطران وهو (الهناء) بكسر الهاء والمد يقال هنأت البعير أهنؤه أفاده النووي (11) وقوله

-[ما جاء في الرميصاء أم سليم بنت ملحان (رضي الله عنها)]- أن نحكه حتى يحنكه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال أمعك شيء فلت تمرات عجوة فأخذ بعضهم فمضغهن ثم جمع بزاقه فأوجره أياه فجعل يتلمظ فقال حب الأنصار التمر قال نلت يا رسول الله سمه قال هو عبد الله. (عن أنس بن مالك) قال، كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يدخل بيت أم سليم، ويناك على فراشها، وليست في بيتها قال: فأنت يومًا فقيل لها، هذا النبي (صلى الله عليه وسلم) نائم على فراشك، قالت فجئت وذاك في الصيف فعرق النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى استنقع عرقه على قطعة أديم على الفراش فجعلت أنشف ذلك العرق وأعصره في قارورة، ففزع وأنا أصنع ذلك فقال ما تصنعين يا أم سليم قلت يا رسول الله نرجو بركنه لصبياننا قال أصبت.

_ (أو يسمها) من الوسم وهو الكي بقصد أن تتميز عن غيرها والحديدة التي يكوي بها هي (الميم) وكلمه (أو) للشك من الراوي في اللفظ الذي سمعه (1) قوله (فأجره أياه) أي أدخله في فمه قال في المختار (الوجود) بالفتح الدواء الذي يوجّرُ في وسط الفم أي يصب تقول (وجزت) الصبي و (أوجرته) بمعني أهـ (2) يتلمظ قال في المختار لمظ من باب نصرو (تلمظ) إذا تتبع بلسانه بقية الطعام في فمه وأخرج لسانه فمسح به شفته أهـ (3) قوله (حب الأنصار التمر) قال النووي روى بضم الحاء وكسرها فالكسر بمعني المحبوب وعلى هذا فهو مبتدأ خبره التمر أي محبوب الأنصار التمر وما من ضم الحاء فهو مصدر وفيه على هذا وجهان (النصب) على أنه مفعول لمحذوف وهو الأشهر والتقدير أنظروا حب الأنصار التمر والوجه الثاني (الرفع) على أنه مبتدأ محذوف الخبر والتقدير حب الأنصار النمر عادة لهم من صفرهم وكلمة (النمر) منصوبة بالمصدر وهم كلمة (حب) على الوجهين أهـ ملخصًا (تخريجه) أخرجه الشيخان عن أنس رضي الله عنه من طرق فالبخاري أخرجه من طريق أسحق بن عبدا لله بن أبي طلحة أنه سمع أنس بن مالك في باب من لم يظهر حزنه عند المصيبة من كتاب الجائر ومن طريق أنس بن سيرين عن أنس في باب استحباب تحنيك المولود عند ولادته من كتاب الأدب من طريق ثابت عن أنس في فضائل أبي طلحة الأنصاري من كتاب الفضائل وبين الروايات تفاوت بالزيادة والنقص وتغاير في بعض الألفاظ وأورده الأمام أحمدمطولاً عن أنس من طريق ثابت وأن سيرين راجع الجزء 19 س 145، 146، 147 من الفتح الرباني وشرحه. (439) (سنده) (4) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا هاشم ثنا عبد العزيز عن أسحق عن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك قال الخ وهاشم هو ابن القاسم أبو النضر وعبد العزيز هو أبن أبي سلمة (غريبة وشرحه)) (5) كانت أم سليم هذه هي وأختها أم حرام بنت ملحان خالتين لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) من جهة الرضاع وكان منزلهما بفباء وكانا لي مكان معاً في دار واحدة رضي الله عنهما فكان (صلى الله عليه وسلم) يدخل عليهما خاصة لا يدخل علي غيرهما من النساء إلا أزواجه الطاهرات وفي الصحيح عن أنس قال كان النبي (صلى الله عليه وسلم) لا يدخل على أحد من النساء إلا على أزواجه إلا أم سليم فأنه كان يدخل عليها فقيل له في

-[ما جاء في الرميصاء أم سليم بنت ملحان (رضي الله عنها)]- وفي (رواية عن أنس) قال: كان النبي يقيل عند أم سليم وكان من أكثر الناس عرقًا فاتخذت له نطعًا فكان يقيل عليه وخطت بين رجليه خطأ فكانت، تنشف العرق فتأخذه فقال ما هذا يا أم سليم قالت عرقك يا رسول الله أجعله في طيي ندعا لها بدعاء حسن (وفي رواية عنه) قال، كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأتي بيت أم سليم فينام على فراشها وليست أم سليم في بيتها فتأبي فتجده نائمًا، وكان علية الصلاة والسلام إذا نام ذف عرقًا فتأخذ عرقه بقطنه وتعصره في قارورة تجعله في مسكها. (عن حميد عن أنس) قال. دخل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على أم سليم فأتته بثمر وسمن وكان صائمًا، فقال أعيدوا تمركم في وعائه، وسمنكم في سقائه، ثم قام إلى ناحية البيت نصلي ركعتين، فصلينا معه، ثم دعا لأم سليم ولأهلها بخير فقالت أم سليم يا رسول الله إن

_ ذلك فقال أني أرحمها قتل أخوها معي والمحققون من العلماء على أن من خصائصه (صلى الله عليه وسلم) جواز الخلوة بالمرأة الأجنبية لأن الله قد عصمه وطهره ظاهرًا وباطنًا (صلى الله عليه وسلم) فلا يشكلن عليك دخوله (صلى الله عليه وسلم) على أم سليم وأختها لأنهما خالتاه من الرضاعة ولأن الله قد عصمه فجاز له الدخول حتى على المرأة الأجنبية (العرق) بفتحتين الذي يرشح من مسام الجلد وقد (عرق) من باب طرب وقوله (حتى استنقع عرقه) أي اجتمع وثبت (والأديم) كما في الصباح الجلد المدبوغ والجمع أدم بفتحتين وبضمتين أيضًا وهو القياس مثل بريد وبرد أهـ (أنشف) أي أجحفه بقطنه مثلاً ثم أعصر تلك القطنة في قارورة قال في المختار نشف الثوب العرق ونشف الحوض الماء شربه وبابه فهم أهـ (فزع) أي استيقظ من نومه قاله النووي (1) (سندها) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أسحاق بن منصور يعني السكوتي ثنا عمارة يعني ابن زادان عن ثابت عن أنس قال الخ (غريبة) (2) بفتح أوله وكسر القاف أي ينام عندها وقت الظهيرة (3) المراد أعدت جلدًا مدبوغًا وضعته فوق الفراش ليتجمع العرق فيه وضغت عليه من جهة الرجلين حتى كان فيه ما يشبه القناة قال في المصباح المتخذ من الأديم معروف وفيه أربع لغات فتح النون وكسرها ومع كل واحد فتح الطاء وسكونها والجمع الطاع ونطوع أهـ (4) أي أخلطه به. (5) (سندها) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا محمد بن عبد الله ثنا حميد عن أنس قال الخ (غريبة) (6) قوله ذف عرقًا أي تصيب عرقًا والمادة تدل على الإسراع والجريان قال في المصباح ذف الشيء يذف من باب ضرب أسرع فهو ذفيف أهـ (تخرجيه) أخرجه الشيخان عن أنس من عدة طرق فالبخاري أخرجه مختصرًا من طريق ثمامة من باب من زار قومًا فقال عندهم من كتاب الاستئذان ومسلم أخرجه من طريق ثابت وأسحاق كلاهما عن أنس من مسنده ومن طريق أبي قلابة عن أنس عن أم سليم من مسندها كل ذلك في باب طيب عرق النبي (صلى الله عليه وسلم) والتبرك به من كتاب الفضائل (437) (7) هذا الحديث تقدم بسنده وشرحه وتخريجه في باب ما جاء في فضل أنس بن مالك من هذا الجزء ص 203 أ.

-[ما جاء في الرميصاء أم سليم بنت ملحان (رضي الله عنها)]- لي خريصة قال وما هي قالت خادمك أنس قال، فما ترك خير آخره ولا دنيا إلى دعا لي به وقال اللهم أرزقه مالًا وولدًا وبارك له فيه، قال فما في الأنصار إنسان أكثر مني مالًا، وذكر أنه لا يملك ذهبًا ولا فضة غير خاتمة قال وذكر أن أبنته الكبرى أمينة أخبرته أنه دفن من صلبه إلى مقدم الحجاج نيفا على عشرين ومائة. (عن أنس) أن أم سليم فقالت أم سليم: اتخذته أن دنا مني أحد من الكفار أبعج به بطه فقال أبو طلحة يا نبي الله ألا تسمع ما تقول أم سليم تقول كذا وكذا، فقالت يا رسول الله أقتل من بعدنا من الطلقاء أنهزموا بك يا رسول الله فقال: يا أم سليم إن الله عز وجل قد كفانا وأحسن. (وفي رواية عن أنس) قال. لما أنهزم المسلمون يوم حنين قالت أم سليم يا رسول اله أقتل من بعدنا، انهزموا، فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا أم سليم أن الله عز وجل قد كفي، قال فأتاها أبو طلحة ومعها معول فقال ما هذا يا أم سليم قالت أن دنا مني أحد من المشركين بعجته، قال فقال أبو طلحة يا رسول الله أنظر ما تقول أم سليم.

_ (438) (سنده) (1) حدّثنا عبدا له حدّثنا أبي ثنا عفان ثنا حماد قال أنا ثابت عن أنس أن أم سلمي الخ (غريبة) (2) قال النووي وغيره الخنجر سكين كبيرة ذات حدين وقال في القاموس الخنجر كجعفر السكين أو العظيمة منها وبكسر خاؤه أهـ (3) قال في المختار بعج بطنه بالسكين شقة فهو مبعوج وميج وبابه قطع أهـ (4) بضم الطاء المهملة وفتح اللام هم الذين أسلموا من أهل مكة يوم الفتح سموا بذلك لأن النبي (صلى الله عليه وسلم منّ عليهم وأطلقهم وقال لهم إذهبوا فأنتم الطلقاء وإنما قالت ذلك لأنه كان في إسلامهم ضعف واعتقد أنهم منافقون واستحقوا القتل لانهزامهم عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم (5) لم يرتض (صلى الله عليه وسلم) ما أشارت به أم سليم إذ أنه "بالمؤمنين رؤوف رحيم" وقد جعل الله العافية خيراص كما قال تعال (ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنودًا لم تروها وعذاب الذين كفروا وذلك جزاء الكافرين، ثم يتوب الله من بعد ذلك على من يشاء والله غفور رحيم). (6) (سندها) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبن أبي عدي عن حميد عن أنس قال الخ (7) المعول كمنبر الفاس العظيمة وجمعها معاول كمنابر (تخريجه) رواه مسلم في صحيحة في باب غزو النساء مع الرجال حدّثنا أبو بكر بن ابي شيبة نا يزيد بن معروف أنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أنس أن أم سليم اتخذت يوم حنين خنجرًا فكان معها فرآها أبو طلحة فقال يا رسول الله هذه أم سليم معها خنجر فقال لها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يضحك قالت يا رسول الله أقتل من بعدها من الطبقات انهزموا بك فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا أم سليم أن الله قد كفي وأحسن وحدثنه محمد بن حاتم نابهرنا حماد بن سلمه أنا إسحق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك في قصة أم سليم عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مثل حديث ثابت اهـ.

-[ما جاء في أم أيمن (رضي الله عنه)]- (أبواب من اشترهن بكناهن على ترتيب حروف المعجم كما سبق في الرجال) (حرف الهمزة) (باب ما جاء في أم أيمن مولاة النبي (صلى الله عليه وسلم) وحاضنته (رضي الله عنها) (عن أنس الله رضي الله عنه) أن أم أيمن بكت لما قبض رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقيل لها ما يبكيك يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلت: أني قد علمت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سيموت، ولكن أنما أبكي على الوحي الذي رفع عنا. (حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عارم وعفان قالا ثنا معتمر قال سمعت أبي يقول ثنا أنس بن مالك) عن نبي الله (صلى الله عليه وسلم) أن الرجل كان جعل له- قال عفان يجعل له من ماله النخلات، أو كما شاء الله حتى فتحت عليه قريظة والنضير قال فجعل ير بعد ذلك وأن

_ (باب) أم أيمن مولاه النبي (صلى الله عليه وسلم) وحاضته اشتهرت بكنيتها وأسمها (بركة) كانت من الحبشة وذكر بعض المؤرخين أنها كانت من سبي جيش ابرهة صاحب الفيل فلما انهزم عن مكة أخذها عبد المطلب من فلّ عكره وكانت وصيفة لأبنه عبد الله والد النبي (صلى الله عليه وسلم) فورثها (صلى الله عليه وسلم) عن أبيه ثم اعتقها عند زواجه بخديجة وزوجها رجلاً من بني الحارث بن الخزرج أسمه (عبيد بن زيد) كان قدم مكة وأقام بها فولدت له "أيمن" وبه كانت تكني ثم مات عنها فرجعت إلى مكة فتزوجها زيد بن حارثة فولدت له (أسامة) وفي صحيح مسلم عن الزهري قال: كان من شأن أم أيمن أم أسامة بن زيد أنها كانت وصيفة لعبد الله بن عبد المطلب وكانت من الحبشة فلما ولدت أمنة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعدما توفي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بخسسة أشهرها وقال الواقدي شهدت أحداّ وخيبر وتوفيت في خلافة عثمان بن عفان قال النووي وهذا الذي قال الواقدي من وفاتها شاذ منكر مردود، هذا وأم أيمن هذه غير أم أيمن الحبشية التي كانت التي تخدم أم حبيبها وأسمها أيضاً بركة. (439) (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حماد عن ثابت عن أنس الخ (تخريجه) رواه مسلم في كتاب الفضائل من صحيحة باتم من هذا حدثني زهير بن حرب أخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي حدّثنا سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس قال قال أبو بكر بعد وفاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لعمر أنطلق بنا إلى أم أيمن نزورها كما كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يزورها فلما انتهيا إليها بكت فقالا لها ما يبكيك ما عند الله خير لرسول (صلى الله عليه وسلم) فقالت ما أبكي أن لا أكون أعلم أن ما عند الله خير لرسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولكن أبكي أن الوحي انقطع من السماء فهيجتهما على البكاء فجعلاً يبكيان معها أهـ وأفاد الحافظ في الإصابة أنه قد رواه أيضاً من طريق سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس أبو يعلي وأبن السكن. (440) (غريبة) (2) معتمر هو أبن سليمان التيمي (3) قوله (أن الرجل) يعني من الأنصار (كان جعل له) أي للنبي (صلى الله عليه وسلم) (النخلات) أي ثمارها هبة ليصرفها في نوائبها مع بقاء أصولها على ملك الواهب فلما استغني (صلى الله عليه وسلم) بما فتح الله عليه من بني النضير وقريظة رد النخل إلى الأنصار (رضي الله عنهم) (4) (بنو النضير) بفتح النون وكسر الضاد المعجمة قبيلة كبيرة من اليهود كانت منازلهم ونخلهم بناحية

-[ما جاء في أم أيمن (رضي الله عنها)]- أهلي أمروني أن آتي النبي (صلى الله عليه وسلم) فأسأله الذي كان أهله أعطوه أو بعضه، وكان نبي الله (صلى الله عليه وسلم) قد أعطاه أم أيمن أو كما شاء الله قال فسألت النبي (صلى الله عليه وسلم) فأعطانيهن فجاءت أم أيمن فجعلت الثوب في عنقي وجعلت تقول كلا والله الذي لا إله إلا هو لأيعطيكهن وقد أعطانيهن أو كما قال، فقال نبي الله (صلى الله عليه وسلم) لك كذا وكذا وتقول، كلا والله قال ويقول، لك كذا وكذا قال حتى أعطاها، فحسبت أنه قال، عشر أمثالها أو قال، قريبًا من عشر أمثالها أو كما قال حرف الباء الموحدة إلى الحاء مهمل (حرف الحاء المهملة)

_ المدينة غدروا بالنبي (صلى الله عليه وسلم) وهموا أن يقتلوه غيلة فحاصرهم حق نزلوا على الجلاء وعلى أن لهم ما أقلت الإبل من الأمنعة والأموال إلا السلاح فلحق أكثرهم بخيبر وذهبت طائفة منهم على الشام وأنزل الله فيهم سورة الحشر بأسها وكانت أموالهم (صلى الله عليه وسلم) خاصة يضعها حيث شاء لأنها عالم يوجف المسلمون عليه بخيل ولا راب فقسم (صلى الله عليه وسلم) الدور والأموال بين المهاجرين ليرفع بذلك مؤونتهم عن الأنصار إذا كانوا قد قاسموهم ديارهم وأموالهم عن الهجرة وأمسك الأرض والنخيل يدخر منها قوت أهله وأزواجه كل سنة وما فضل جعله في السلاح والكراع وكانت هذه الغزوة فيما روي الزهري عن عروة على رأس ستة أشهر من وقعة بدر وقال ابن أسحق كانت في سنة اربع بعد أحد وبئر معونة (بنو قريظة) (بضم القاف وفتح الراء وسكون الياء التحتية وهم قبيلة أخرى من اليهود نزلوا قلعة حصينة بقرب المدينة فنسبت إليهم وكانت غزوته بعد الانتهاء من غزوة الخندق والمشهور أن الخندق كانت في السنة الرابعة وقال ابن إسحق كانت في السنة الخامسة وكان من أمرهم أنهم نقضوا العهد وانضموا إلى الأحزاب التي أرادت استئصال المسلمين بالمدينة فنصر الله المسلمين على عدوهم وأرسل عليهم ريحًا وجنودًا لم يروها فجلو عن المدينة ثم سار (صلى الله عليه وسلم) إلى منازل بني قريظة وحصروهم فحاصرها خمسًا وعشرين ليلة حتى أجهدهم الحصار وقذف الله في قلوبهم الرعب فنزلوا على حكم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فحكمّ فيهم سعد بن معاذ سيد الأوس فحكم أن تقتل الرجال وتسبي الذاري والنساء وتقسم الأموال فقال (صلى الله عليه وسلم) لقد حكمت فهيم بحكم الله من فوق سبع سموات وفيهم يقول الله تعالي في سورة الأحزاب (وأنزل الذين ظاهروهم من أهل الكتاب من صياصهم وقذف في قلوبهم الرعب فريقًا تقتلون وتأسرون فريقاً وأورثكم أرضهم وديارهم وأموالهم وأرضًا لم تطؤوها وكان الله على كل شيء قديرًا (1) ظننت أم أيمن أن النخلات الممنوحة لها كانت هبة مؤبدة وتمليكًا لأصولها ففعلت مع أنس رضي الله عنه ما فعلت وارد النبي (صلى الله عليه وسلم) استطابة قلبها في استرداد ثلث النخلات فما زال يزيدها في العوض حتى بلغ عشر أمثالها فرضيت وكل هذا تبرع منه (صلى الله عليه وسلم) وإكرام لها لما لها من حق الحضانة والتربية والقائل (فحسبت أنه قال الخ) هو سلميان التيمي الراوي عن أنس رضي الله عنه (تخريجه) أخرجه الشيخان من طريق معتمر به البخاري في باب مرجع النبي (صلى الله عليه وسلم) من الأحزاب من كتاب المغازي وأخرجه مسلم في باب رد المهاجرين إلى الأنصار منائحهم من الشجر والثمر حين استغنوا عنها بالفتوح من كتاب الجهاد والسير:

-[ما جاء في أم حرام خاله أنس بن مالك (رضي الله عنها)]- باب ما جاء في أم حرام خالة أنس بن مالك رضي الله عنهما (عن أنس بن مالك عن أم حرام رضي الله عنهما) أنها قالت بينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم وآله وسلم) قائلًا في بيتي إذا استيقظ وهو يضحك فقلت بأبي وأمي أتت ما يضحكك فقال عرض على ناس من أمتي يركبون ظهر هذا البحر كالملوك على الأسرة فقلت أدع الله أن يجعلني منهم قال اللهم أجعلها منهم ثم نام أيضًا فاستيقظ وهو يضحك قلت بأبي وأمي ما يضحكك فقال عرض على ناس من أمتي يركبون هذا البحر كالملوك على الأسرة فقلت أدع الله أن يجعلني منهم فقال أنت من الأولين فعزت مع عبادة بن الصامت (رضي الله عنه) وكان زوجها فوقصتها بغلة لها شهباء فوقعت فماتت.

_ باب (أم حرام) بالحاء المهملة المفتوحة والراء الممدودة بعدها ميم) بنت ملحان (بكسر فسكون) خالة أنس بن مالك بن وحرام هو خالد بن زيد بن حرام بن جندب بن عاصم بن غنم بن مالك بن النجار الأنصاري النجاري وقال أبن عبدا لبر لا أقفلها على أسم صحيح كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يزورها ويقيل عندها ماتت في سنة سبع وعشرني أو ثمان وعشرين بعد أن قفلت من الغزو في البحر روي عنها زوجها عبادة بن الصامت وابن أختها أنس وعمير بن الأسود وعطاء بن يسار ويعلي بن شداد. (441) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا روح قال ثنا حماة يعني أبن سلة عن يحيي بن سعيد عن محمد بن يحيي بن حبان عن أنس بن مالك عن أم حرام أنها قالت الحديث (غريبة ومعناه) (2) أي نائمًا وقت الظهيرة في بيتي والقيلولة هي النوم في الظهيرة وفعله قال من باب باع وقيلولة أيضًا ومقيلاً فهو قائل أفاده في المختار، قيل أن أم حرام كانت أخت أمنه بنت وهب أمه (صلى الله عليه وسلم) من الرضاعة رواه ابن عبد البر من طريق يونس بن عبد الأعلى قال قال لنا بن وهب أم حرام إحدى خالات النبي (صلى الله عليه وسلم) من الرضاعة فلذلك كان يقيل عندها وينام في حجرها وتفلي رأسه وقال غيره بل كان النبي (صلى الله عليه وسلم) معصومًا يملك أربه عن زوجته فكيف عن غيرها فيكون ذلك من خصائصه واختاره الحافظ أهـ (3) بفتح فكسر فتشديد جمع سرير كأعزة جمع عزيز قالوا يحتمل أن يكون خيراً من حالهم في غزوهم لكثرة أموالهم وسعة أحوالهم ويحتمل أن يكون خيراً عن حالهم في الآخرة وأنهم كالملوك على الأسرة في الجنة والأول هو الظاهر بدليل السياق والمراد من غرضهم كذلك أن الله صورهم له على الحالة التي يكونون عليها وهم غزاة في البحر أو على حالهم في الجنة بسبب الغزو في البحر فضحك (صلى الله عليه وسلم) سروراً بهم وبأحوالهم (4) قولها في المرة الثانية أدع الله أن يجعلني منهم أرادت أن يضاعف الله لها الأجر مرتين فسألته أن يدعو لها بأن تكون من الفريق الثاني في الغز وأيضًا كما دعا لها أن تكون من الفريق الأول (5) قوله (أنت من الأولين) أي من الطائفة التي رآها وهذا يدل على المرئيين ثانيًا غير المرئيين أولاص وكانت الطائفة الأولى هي التي غزت جزيرة قبرص في عهد عثمان بقيادة معاوية سنة ثمان وعشرين أو سبع وعشرين على الخلاف وكانت الثانية هي التي غزت قسطنطينية في عهد يزيد بن معاوية قال العلماء وعدم دعائه (صلى الله عليه وسلم) لها في المرة الثانية لعلمه أنها لا تعيش لها (6) قوله فوقصتها الخ معناها أسرعت بها البغلة فسقطت عنها فماتت قال في النهاية، في الحديث أنه ركب فرسًا فجعل يتوقص به أي ينزو وينب وبقارب الخطور منه حديث أم حرام ركبت دابة فوقصت بها فسقطت عنها فماتت اهـ

-[ما جاء في أم حرام خالة أنس بن مالك (رضي الله عنهما)]- (وعنه أيضًا) قال أتكأ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عند أبنه ملحان قال فرفع رأسه فضحك فقالت مم ضحكت يا رسول الله فقال من أناس من أمتي يركبون هذا البحر الأخضر غزاة في سبيل الله مثلهم كمثل الملوك على الأسرة قالت أدع الله يا رسول الله أن يجعلني منهم فقال اللهم أجعلها منهم فنكحت عبادة الصامت (رضي الله عنه) قال فركبت في البحر مع ابنة قرظة حتى إذا هي فقلت ركبت دابة لها بالساحل

_ والشهبة في الألوان بالضم هي كما في المختار البياض الغالب على السواد وكان موتها (رضي الله عنها) بعد ما رجعت من غزو قبرص حينما نزلت بساحل الشام ففي رواية البخاري وابن ماجة من طريق الليث عن يحيي بن سعيد بهذا الإسناد (فخرجت مع زوجها عبادة بن الصامت غازية أول ما ركب المسلمون البحر مع معاوية بن أبي سفيان فلما انصرفوا من غزاتهم قافلين نزلوا الشام فقربت غليها دابة لتركبها فصرعتها فماتت) (هو ذكر بعضهم أنها ماتت بجزيرة قبرص ودفنت بها وحقق الحافظ في كتاب الاستئذان من الفتح أن التي ماتت بقبرص في غزوة أخرى هي أختها أم عبد الله بنت ملحان وهي غير أم سليم (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجة في كتاب الجهاد من طريق يحيي بن سعيد بهذا الإسناد وترجم البخاري عليه عدة تراجم منها باب فضل من يصرع في سبيل الله فمات الخ وترجم علهي الباقون (فضل الغزو في البحر) (فائدة) في حديث أم حرام أن حكم الراجع من الغزو حكم الذاهب إليه في الثواب وفي الحديث من صرع عن دابته في سبيل الله فمات فهو شهيد رواه الطبراني عن عقبة بن عامر مرفوعًا قال الحافظ وإسناده حسن. (422) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدذني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري قال سمعت أنس بن مالك يقول الحديث وزائدة وابن قدامه ورواه معاوية أيضًا عن أبي إسحاق إبراهيم بن الحارث عند أحمد وغيره كالبخاري (غريبة) (3) هي أم حرام خالة أنس بن مالك المذكورة في الحديث السابق وكان بيتها بقباء فكان (صلى الله عليه وسلم) يقبل عندما وينام ويأكل وكانت (رضي الله عنها) خالته (صلى الله عليه وسلم) من الرضاعة كما قال بن وهب (3) قوله (هذا البحر الأخضر) هو بحر الروم المعروف الآن بأنه (الأبيض المتوسط) قال الزركشي المراد بكلمة (الأخضر) الأسود وقال الكرماني الأخضر صفة لازمة للبحر لا مخصصة إذا كل البحار خضر قال فإن قلت الماء بسيط لا لون له قلت تتوهم الخضرة من انعكاس الهواء الهوا ءوسائر مقابلاته إليه أهـ (4) (قوله اللهم أجعلها منهم) وقع بد هذه الجملة اختصار في الرواية يعلم من حديث أم حرام السابق كما يعلم أيضًا من رواية البخاري في باب غزو المرأة في البحر من كتاب الجهاد (5) ظاهرة أنها تزوجته بعد هذه المقالة وهو صريح رواية مسلم (فتزوجها عبادة بن الصامت بعد) أي بعد رؤياه (صلى الله عليه وسلم) وقبل الغزو وقال بن التين المراد من زواجه بها مراجعته إياها بعد إن طلقها (6) قوله فركبت في البحر مع أبنه قرظة هي زوج معاوية بن أبي سفيان أمير الشام وقائد الحمدة على جزيرة قبرص سنة ثمان وعشرين في عهد عثمان وأبوها قرظة (بفتح القاف والراء والظاء المعجمة) هو أبن عبد عمرو بن نوفل بن عبد مناف وهي قرشية نوفلية وكان لها أخ أسمه مسلم قتل يوم الجمل مع عائشة وأما أبوها فقد مات كافرًا أفاد الحافظ (تنبيه) وقع في نسخ المسند (مع أبنها قرظة) وهو خطأ كما يعلم بمراجعة كتب الرجال وصحيح البخاري وشراحه في باب غزو المرأة في البحر (7) أي رجت من الغزو (ركبت دابة لها بالساحل) أي ساحل الشام (فوقعت

-[ما جاء في أم خالد بنت خالد بن سفيد بن العاص (رضي الله عنها)]- فرقصت بها فسقطت فماتت (رضي الله عنها) (حرف الخاء المعجمة) باب ما جاء في أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص (رضي الله عنهما) (عن إسحق بن سعيد عن أبيه عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص (رضي الله عنهما) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أني بكسوة يها خميصة صغيرة فقال من ترون أحق بهذه فسكت القوم فقال ائتوني بأم خالد فأتي بها فألبسها أياها ثم قال لها مرتين أبلي واخلقي وجعل ينظر إلى علم في الخميصة أحمر وأصفر ويقول سناه سناه يا أم خالد وسناه في كلام الحبش الحسن

_ بها) أي أسرعت بها في السير (فسقطت) عندها فاندقت عنقها (فماتت) شهيدة (رضي الله عنها) (تخريجه) أخرجه في الجهاد الشيخان وأبو داود والنسائي والترمذي من طريق مالك عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس وأخرجه الشيخان أيضًا من طريق عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري عن أنس (فائدة) روي هذا الحديث عن أنس ثلاثة محمد بن يحيي بن حبان بفتح الحاء المهملة وتشديد الباء الموحدة وإسحق بن عبد الله بن أبي طلحة وأبو طوالة عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري وقد اختلفوا فيه عن أنس فابن حبان جعله من مسنده عن خالته أم حرام وإسحاق وأبو طواله جعلاه من مسنده ولم يذكرا فيه أم حرام قال الحافظ والتحقيق أن قصة المنام من مسند أم حرام حملها أنس عنهار توضيحية في فتح الباري ج 11 ص 60 من الأميرية. (باب) أم خالد بنت خالد بن سعيد بن الاص بن أمية بن عبد شمس القرشية الأموية وهي مشهورة بكنيتها وأسمها (أمة) لها ولأبويها صحبة قال ابن سعد كان خالد بن سعيد قد هاجر إلى الحبشة ومعه امرأته هيمنة بنت خلف الخزاعية فولدت له هناك أمة وعقت قال الحافظ قوله أنها بلغت بالحبشة يرده قوله في الرواية التي في الصحيح ائتوني بأم خالد فأتي بي أحمل فألبسنها تعني الخيصة نعم قد حفظت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) روي عنها سعيد بن عمر والأشدق بن سعيد بن العاص وموسي وإبراهيم ابنا عقبة المدينان وتزوجها الزبير بن العوام وهي أم ولديه خالد وعمر وكانت تكني بأم خالد وقال لها النبي (صلى الله عليه وسلم) وقد كساها حلة أبلي واخلفي فعاشت دهراً طويلاً قال أبو عبد الله البخاري لم تعش امرأة ما عشت هذه. (443) (1) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو النضر قال ثنا أسحق بن سعيد عن أبيه عن أم خالد بنت خالد بن سعيد بن العاص الخ (غريبة) (2) الخيصة أو له خاء معجمة بوزن السفينة هي كما في النهاية ثوب خز أو صوف معلم وقيل لا تسمي خيصة ألا أن تكون سواء معلمة وكانت من لباس الناس قديمًا وجمعها الخائص أهـ (3) (أبلي واخلقي) أمران من الأبلاء والأخلاق قال في الفتح والعرب تطلق ذلك وتريد الدعاء بطول البقاء للمخاطب بذلك أي أنها تطول حياته حتى يبلي الثوب ويخلق أهـ. وقال في النهاية يروي بالقاف (أخلقي) والفاء (أخلفي) فبالقاف من أخلاق الثوب أي تقطيعه وقد خلق الثوب وأخلق وأما الفاء بمعني العوض والبدل وهو الأشبه أهـ وإنما كانت الرواية بالفاء أشبه لأن الأول تستلزم التأكيد إذا الإبلاء والأخلاق بمعني وجاز العطف لتغاير اللفظين والثانية تفيد معني زائدًا وهو أنها إذا أبلته أخلفت غيره (4) بفتح السين المهملة والنون وبعد الألف

-[ما جاء في أم شريك (رضي الله عنها)]- (حرف الدال المهملة إلى حرف الشين المعجمة مهم) (حرف الشين المعجمة) باب ما جاء في أم شريك رضي الله عنها. (عن عزوة عن أم شريك) أنها كانت ممن وهبت نفسها النبي (صلى الله عليه وسلم) (حرف الصاد المهملة إلى حرف الفاء مهمل) (حرف الفاء) (باب ما جاء في أم فروة رضي الله عنها). (عن أم فروة رضي الله عنها) وكانت قد بايعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

_ هاء ساكنة ويجوز في النون التشديد والتخفيف معناه بالحبشية حسن حسن وكلمها صلى الله عليه وسلم بلسان الحبشة لأنها ولدت هناك (تخريجه) أخرجه البخاري وأبو داود في كتاب اللباس فالبخاري في (باب الخيصة السوداء) وفي (باب ما يدعي لمن لبس ثوبًا جديدًا) وترجم عليه أبو داود بالثاني والله أعلم. (باب) أم شريك اشتهرت بكنيتها قال أبو عمر كانت عند أبي العسكر بن سمي بن الحارث الأزدي ثم الدوسي فولدت له شريكًا وأسمها (غزيلة) بالعين المعجمة والتصغير ويقال (غزية) بضم المعجمة وتشديد الياء التحتية بدل اللام ويقال (غزية) بفتح المعجمة وتشديد الياء واختلف في نسبتها فقيل أنها قرشية من بني عامر بن لؤي وقيل أنها أزدية من دوس وقيل أنها أنصارية من بني النجار قال الحافظ في الإصابة واجتماع هذه النسب الثلاثة ممكن أن تكون قرشية زوجت في دوس فنسبت إليهم ثم تزوجت في الأنصار فنسبت إليهم جاء نم طرق كثيرة أنها وهبت نفسها للنبي (صلى الله عليه وسلم) فتزوجها ثم طلقها قبل الدخول وقيل بعده أخرج أبو نعيم بسد ضعيف عن أبي عباس قال وقع في قلب أم شريك الإسلام وهي بمكة وهي إحدى نساء قريش ثم إحدى نساء بني عامر بن لؤي وانت تحت أبي العسكر الدوسي فأسلمت ثم جعل تدخل على نساء قريش سرًا فتدعوهن وترغبهن في الإسلام حتى ظهر أمرها لأهل مكة فأخذوها وقالوا لها لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا ولكنا سنردك إليهم - إلى أن قال- وأقبلت إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) ووهبت نفسها له بغير مهر فقبلها ودخل عليها فلما رأي عليها كبرة طلقها. (444) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا يونس ثنا حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن عروة الخ (غريبة) (2) المراد أنها عرضت عليه (صلى الله عليه وسلم) أن يتزوجها بدون مهر والزواج بدون مهر من خصائصه (صلى الله عليه وسلم) وقيل أنها التي نزل فيها قوله تعالي (وأمرأه مؤمنه أن وهب نفسها للبي) الآية (تخريجه) رواته رواه الصحيح وأفاد الحافظ في الإصابة أن النسائي رواه بإسناد رجاله ثقات. (445) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا الخزاعي أخبرنا عبد الله عن عمر العمري عن القاسم بن غنام عن جدته الدنيا عن أم فروه الخ (طريق آخر) حدّثنا عبد الله)

-[ما جاء في أم فروة (رضي الله عنها)]- قالت سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن أفضل العمل فقال: الصلاة لأول وقتها.

_ حدّثني أبي ثنا أبو عاصم قال أخبرنا عبد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن عماته عن أم فروة قالت سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أي للعمل أفضل قال: الصلاة لأول وقتها (طريق ثالث) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا يونس قال ثنا ليث عن عبد الله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن القاسم بن غنام عن جدته أم فروة وكانت من بايع أنها سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بذكر الأعمال فقال: أحب العمل إلى الله عز وجل تعجيل الصلاة لأول وقتها (وفي الحديث اختلاف عمن روي عنه القاسم) ففي الطريق الأولى (عن جدته الدنيا عن أم فروة) وفي الطريق الثانية (عن عماته عن أم فروة) وفي الطريق الثالثة (عند جدته أم فروة) ورواة أبو داود في سننه في باب المحافظة على الوقت حدّثنا محمد بن عبد الله الخزاعي وعبد الله بن مسلمة قالا ثنا عبد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن بعض أمهاته عن أم فروة قالت سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم أي الأعمال أفضل قال الصلاة في أول وقتها قال الخزاعي في حديثة عن عمه له يقال لها أم فروة قد بايعت النبي) (صلى الله عليه وسلم) سئل ورواه الترمذي في جامعة في باب ما جاء في الوقت الأول من الفضل (حدّثنا أبو عمار الحسين بن حريث حدّثنا الفضل بن موسي عن عبد الله بن عمر العمري عن القاسم بن غنام عن عمته أم فروة وكانت ممن بايع النبي (صلى الله عليه ولسم) قالت سئل النبي (صلى الله عليه وسلم) أي الأعمال أفضل قال الصلاة لأول وقتها وهذا الاختلاف الكثير يوجب الاضطراب في سند الحديث (وأما أم فروة التي في هذا الحديث) فقد قال عنها القاضي أبو بكر بن العربي في (عارضة الأحوذي) ما نصه (أم فروة هي بنت أبي قحافة أخت أبي بكر الصديق لأبيه زوجها أبو بكر الأشعث بن قيس فولدت له محمد بن الأشعث وغيره وقد قال فيها بعضهم أنها أنصارية وهو غلط) أهـ ومثله للمنذري في يختصر السنن ولكن القول بأنها أنصارية هو الذي ارتضاه الحافظ في الإصابة ورجحه فقال في ترجمة أم فروة بنت أبي قحافة ما نصه: (قيل هي التي روت الحديث في فضل الصلاة أول الوقت وهو ظاهر صنيع ابن السكن ورجحه ابن عبد البروفيه نظر والراجح أنها غيرها فقد جزم أبن منده بأن بنت أبي قحافة لها ذكر "وليس لها حديث، ورواية حديث الصلاة أنصارية فإن مدار حديثها على الاسم بن غنام وهي جدته أو عمته أو إحى أمهاته أو من أهله على اختلاف الرواية عنه في ذلك فهي على كل حال ليست أخت أبي بكر الصديق قاله ابن الأثير أهـ كلامه (1) قوله (وكانت قد بايعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعني تحت الشجرة ففي الرواية ابن السكن من طريق عبيد الله بن عمر (مصغرًا وهو ثقة) عن القاسم عن بعض أهله عن أم فروة وكانت ممن بايع النبي (صلى الله عليه وسلم) تحت الشجرة قالت سألت الخ ومن أجل تلك البيعة ذكر حديثها في المناقب (2) أي في أول وقتها وهو صريح رواية أبي داود وعليه فاللام بمعني (في) وإنما كانت أفضل الأعمال حينئذ لدلاتها على المسارعة إلى الخير والحديث مخصوص ببعض الأحاديث الأخرى كحديت الإيراد بالظهر (تخريجه) الحديث رواه أيضاً أبو داود وسكت عنه ورواه الترمذي وقال (حديث أم فروة لا يروي إل من طريق عبد الله العمري وهو ليس بالقوي عند أهل الحديث واضطربوا في هذا الحديث وهو صدوق وقد تكلم فيه يحيي بن سعيد من قبل حفظه) أهـ وقال ابن العربي في العارضة: (أما حديث أم فروة هذا فرواه القاسم بن غنام البياضي الأنصاري سيء الحفظ ضعيف النقل وهو مع ذلك منقطع السند والقاسم بن غنام لم يدرك أم

-[ما جاء في أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها]- باب ما جاء في أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية (رضي الله عنها) (عن أم الفضل (رضي الله عنها)) قالت: أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فقلت إني رأيت في

_ فروة قال ومدار هذا الحديث على القاسم بن غنام) أهـ ومن ذلك يتبين أن الحديث ضعف الإسناد وإن كان له من الشواهد الصحيحة ما يؤيد معناه وذلك الضعف من وجوه: "الأول" أن في إسناده عبد الله بن عمر العمري "مكبرًا غير مصغر" متكلم فيه قال فيه الترمذي والنسائي ليس بالقوي وقال يعقوب بن شيبة صدوق ثقة في حديثة اضطراب وقال عنه الذهبي في الميزان ما نصه (عبد اله بن عمر بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب العمري المدني - أخو عبيد الله صدوق في حفظه شيء روي عن نافع وجماعة روي أحمد بن أبي مريم عن أبن معين ليس به بأس يكتب حديثة وقال الدرامي قلت لابن معين كيف حاله في نافعة لصالح ثقة وقال الفلاس كان يحيي القطان لا يحدث عنه وقال أحمد بن حنبل صالح لا بأس به وقال النسائي وغيره ليس بالقوي وقال ابن عدي هو في نفسه صدوق وقال أحمد كان عبد الله رجلاً صالحًا كان يسأل عن الحديث في حياة أخيه عبيد الله فيقول أما وأبو عثمان حي فلا وقال ابن المديني عبد الل ضعيف وقال ابن حبان كان ممن غلب عليه الصلاح والعبادة حتى غفل عن حفظ الأخبار وجوده الحفظ للآثار فلما فحش خطأة استحق الترك ومات سنة ثلاث وسبعين ومائة أهـ. "الوجه الثاني) إن في إسناده أيضًا القاسم بن غنام قال فيه ابن العربي سيء الحفظ ضعيف النقل ومدار الحديث عليه وقال عنه في الخلاصة (يروي عن عمته أم فروة وعن الضحاك بن عثمان وثقة ابن حبان) أهـ وقال الحافظ في التقريب (صدوق مضطرب الحديث من الرابعة) أهـ. "الوجه الثالث" أن في سنده اضطراباً فيمن روي عنه القاسم بن غنام كما تراه في روايات أحمد الثلاثة وروايتي أبي داود والترمذي وقد تقدمت قال الحافظ الزيلعي في نصب الراية ما نصه (ذكر الدارقطني في كتاب العلل في هذا الحديث اختلافًا كثيراً واضطرابًا ثم قال والقول قول من قال عن القاسم عن جدته الدنيا عن أم فروة أهـ وهكذا رواه الدارقطني في سننه قال في الإمام وما فيه من الاضطراب في إثبات الواسطة بين القاسم وأم فروة وإسقاطها يعود إلى العمري وقد ضعف ومن أثبت الواسطة يقضي على من أسقطها وتلك الواسطة مجهولة وقد ورد أيضاً عن عبيد الله "مصغراً" رواه الدارقطني من جهة المعتمر بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن القاسم بن غنام عن جدته أم فروة فذكره أهـ كلام الزيلعي. (باب) "أم الفضل" (رضي الله عنها) ي لبابة - بضم اللام وبباء موحدة مكررة بينهما ألف لينة - بنت الحارث بن حزن الهلالية أخت ميمونة أم المؤمنين ولبابة هذه زوجة العباس بن عبد المطلب وأم أولاده وكانت من المنجبات ولدت للعباس (رضي الله عنه) ستة رجال لم تلد أمرأة منهم الفضل وعبد الله ومعبد وعبيد الله وقثم وعبد الرحمن وأسلمت لبابه هذه قديمًا قال الكلبي ومحمد بن سعد وغيره هي أول أمرأة أسلمت بعد خديجة وكان النبي (صلى الله عليه وسلم) يزورها وهي لبابة الكبرى وأختها كانت الصغرى أم خالد بن الوليد اختلف في صحبتها وإسلامها روت أم الفضل عن النبي (صلى الله عليه وسلم) ثلاثين حديًا اتفق الشيخان منها على حديثين ولمسلم حديث أهـ في تهذيب النووي. (446) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب قال ثنا أيوب عن صالح

-[ما جاء في أم الفضل لبابة بنت الحارث الهلالية (رضي الله عنها)]- منامي في بيتي أو حجرتي عضوًا من أعضائك (زاد في رواية: فزعت من ذلك) قال: تلد فاطمة إن شاء غلامًا فتكلفنه، فولدت فاطمة حسنًا، فدفعته إليها، فأرضعته بلين قم، وأتيت به النبي (صلى الله عليه وسلم)، يومًا أزوره، فأخذه النبي (صلى الله عليه وسلم) فوضعه على صدره فإن علي صدره، فأصاب البول إزاره، فزخخت بيدي على كتفيه (وفي رواية: فضربت بين كتفه)، فقال: أوجعت أبني أصلحك الله أو قال رحمك الله، فقلت أعطني أزارك أغسله، فقال، إنما يغسل بول الجارية ويصب على بول الغلام.

_ أبي الخليل عن عبد الله بن الحارث عن أم الفضل قلت الخ (غريبة) (1) كفله يكفله كفلاً من باب نصر وكفالة أيضًا عالة وقام به والمراد أنها ترضعه وتريبة (2) قوله (فولدت فاطمة حسنًا) كذا الأصل وفي الروايات التي وقفنا عليها في غير المسند أنه (الحسين) وهذا يرجح أن ماهنا من "خطأ النساخ وأن الصواب (فولدت فاطمة حينًا) (3) (زخخت) كضربت وزنًا ومعني (4) أي يرش عليه بحيث إذا عصر لا ينعصر قال أبو عيسي الترمذي وهو قول غير واحد من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) والتابعين ومن بعدهم مثل أحمد وإسحاق قالوا ينضح بول الغلام ويغسل بول الجارية وهذا ما لم يطعما فإذا طعمًا غسلاً جميعًا أهـ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا السياق لغير الإمام أحمد وروائه ثقات وقد أخرجه أبو داود في باب بول الصبي يصيب الثوب من كتاب الطهارة بإسناده عن لبابة بنت الحارث قالت: كان الحسين بن علي في حجر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فبال عليه فقالت ألبس ثوبًا وأعطني أزارك حتى أغسله قال: إنما يغسل من بول الأنثي وينضح من بول الذكر" وسكت عنه هو والمنذري ورواه ابن ماجه أيضًا بمثل ذلك وأشار إليه الترمذي ورواه الحاكم في المستدرك بإسناده عن عكرمه عن أبن عباس عن أم الفضل (رضي الله عنهما) قالت دخل عليّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا تزرمي أبني قالت فرشة بالماء قال ابن عباس بول الغلام الذي لم يأكل يرش وبول الجارية يغسل قال الحاكم هذا حديث قد روي بأسانيد ولم يخرجاه أهـ وأما قصة الرؤيا فقد أخرجها الحاكم في المستدرك في فضائل الحسني بن علي (رضي الله عنهما) أخبرنا أبو عبد الله محمد بنعلي الجوهري ببغداد ثنا أبو الأحوض محمد بن الهيثم القاضي ثنا محمد بن مصعب ثنا الأوزاعي عن أبي عمار شداد بن عبد الله عن أم الفضل بنت الحارث أنها دخلت علي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقالت يا رسول الله أني رأيت حلمًا منكرًا الليلة قال وما هو قالت إنه شديد قال وما هو قالت رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رأيت خيراً تلد فاطمة إن شاء الله غلامًا فيكون في حجرك فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري كما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فخلت يومًا إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فوضعته في حجره ثم حانت مني التفاته فإذا عينًا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) تهريقان من الدموع قال فقلت يا نبي الله بأبي أنت وأمي مالك قال أناني جبريل عليه الصلاة والسلام فأخبرني أن أمتي ستقتل أبني هذا فقلت هذا فقال نعم وأتاني بتربة من تربته حمراء قال الحاكم هذا الحديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه قال اذهبي بل منقطع ضعيف فإن شداداً لم يدرك أم الفضل ومحمد بن مصعب ضعيف أهـ وقد مر هذا الحديث في الجزء الأول من الفتح الرباني ص 242 برقم 72 ورواياته هناك أتم والله أعلم.

-[ما جاء في أم قيس بنت محصن (رضي الله عنها)]- (عن عمير مولي أم الفضل أم بني العباس عن أم الفضل) قالت شكوا في صوم النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم عرفة فقالت أم الفضل أنا أعلم لكم ذلك فبعثت بلبن فشرب (وعنه من طريق ثان) أن أم الفضل أخبرته أنهم شكوا في صوم النبي (صلى الله عليه وسلم) يوم عرفة فأرسلت إليه بلبن فشرب وهو يخطب الناس بعرفه على بعيره. (حرف القاف) باب ما جاء في أم قيس بنت محصن إحدى بني أسد بن خزيمة وكانت من المهاجرات الأول اللاتي بايعن رسول اله (صلى الله عليه وسلم) ورضي عنها. (عن أبي الحسن مولي أم قيس بنت محصن عن أم قيس) أنها قالت توفت أبني فجزعت عليه فقلت للذي يغسله لا تغسل أبني بالماء البارد فتقتله فأنطلق عكاشة بن محصن (هو أخوها) إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأخبره بقولها فتبسم ثم قال: ما قالت، طال عمرها قال فلا أعلم امرأة عمرت ما عمرت.

_ (447) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا سفيان عن أبي النضر قال سمعت عميرًا مولي أم الفضل أم بني العباس الخ (2) (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا يحيي بن سعيد بن مالك حدثني سالم أبو النضر عن عمير مولي أم الفضل أن أم الفضل أخبرته الخ (تخريجه) أخرجه في كتاب الصوم الشيخان وأبو داود وترجم عليه النووي في شرحه لمسلم (باب استحباب الفطر للحاج بعرفات يوم عرفة) وقال ابن القيم في مختصر السنن صح عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه أفطر بعرفه وصح عنه أن صيامه بكفر سنتين فالصواب أن الأفضل لأهل الأفاق صومه ولأهل عرفه فطرة لاختياره (صلى الله عليه وسلم) ذلك لنفسه وعمل خلفائه بعده بالفطر وفيه قولة على الدعاء الذي هو أفضل دعاء العبد وفي أن يوم عرفه عيد لأهل عرفة فلا يستحب لهم صيامه وبعض الناس يختار الصوم وبعضهم يختار الفطر وبعضهم يفرق بين من يضعفه ومن لا يضعفه ومن لا يضعفه وكان بعض السلف يقول من شاء صام ومن شاء أفطر أهـ وقد تقدم هذا الحديث في الجزء العاشر ص 237، 238 برقم 300. (باب) أم قيس بنت محصن (بوزن منبر) بن خوّات الأسدية أخت عكاشة (بتشديد الكاف وتخفيفها) بن محصن كانت ممن أسلم قديمًا بمكة وبايعت وهاجرت إلى المدينة هي وأهل بينها ويقال أن أسمها أمية روت عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وروي عنها عبيد الله بن عبد الله بن عتبة ووابصة بن معبد ومولاها عدي بن دينار ومولاها أبو الحسن وأبو عبيدة بن عبد الله بن زمعة وعمرة أخت نافع مولي حنه وغيرهم. (448) (سنده) (3) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا حجاج وهاشم قالا ثنا ليث قال حدّثني يزي بن أبي حبيب عن أبي الحسن مولي أم قيس بنت محصن عن أم قيس أنها قالت الحديث (غريبة) (4) قوله ما قالت الخ، استفهام عن قولها يقصد به التعجب ثم دعا لها بطول العمر (5) قال في المختار

-[ما جاء في أم هانئ بنت أبي طالب (رضي الله عنها)]- (حرف الكاف إلى الهاء مهمل) (حرف الهاء) باب ما جاء في أم هانئ بنت أبي طالب (رضي الله عنها) (عن أبي مرة مولى فأخته أم هانئ عن فأخته أم هانئ بنت أبي طالب (رضي الله عنها)) قالت: لما كان يوم فتح مكة أجرت رجلين من أحمائي فأدخلتهما بيتًا وأغلقت

_ عمر الرجل من باب فهم وعمرًا أيضاً بالضم أي عاش زمانًا طويلاً أهـ وعليه فيكون المعني لا أعلم امرأة عاشت زمانصا طويلاً مثل ما عاشت أم قيس والفعل بالبناء للمعلوم من باب فهم وفي المختار أيضًا وعمّره الله تعميرًا طول عمره أهـ وعليه فيجوز أن يكون قوله في الحديث (غمِّرتْ ما غُمِّرتْ) بالبناء للمفعول فيهما مع تشديد الميم أي لا أعلم امرأة طول الله في عمرها مثل ما طول في عمر أم قيس وقائل ذلك هو أبو الحسن مولاها (تخريجه) رواه النسائي في كتاب الجنائز من سننه الصغرى في باب غسل الميت بالحميم أي الماء الحار أخبرنا قتيبة بن سعيد قال حدّثنا الليث بهذا الإسناد به. "باب" أما هانئ بنت أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي وأسمها فاختة على المشهور وأمها فاطمة بنت أسد بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، خطبها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى عمه أبي طالب في الجاهلية وخطبها هبيرة بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم فتزوجها هبيرة فقال النبي (صلى الله عليه ولسم) يا عم زوجت هبيرة وتركتني فقال يا أبن أخي إنا قد صاهرنا إليهم والكريم يكافئ الكريم وقد ولدت لهبيرة بن أبي وهب جعدة وعمرًا ويوسف وهانثًا بني هبيرة ثم أسلمت عام الفتح ففرق الإسلام بينها وبين هبيرة فخطبها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى نفسها فقالت والله إن كنت لأحبك في الجاهلية فكيف في الإسلام ولكني امرأة مصيبة وأكره أن يؤذوك فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خير نساء ركبن المطابا نساء قريش أحنا على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده) فلما أدرك بنوها عرضت نفسها عليه فقال أما الآن فلا لأن الله أنزل عليه (يا أيها النبي أنا أحللنا لك أزواجك اللاتي آتيت أجورهن - إلى قوله - اللاتي هاجرن معك) ولم تكن من المهاجرات قال أبو عمر هرب هبيرة لما فتحت مكة إلى نجران وقال في الإصابة روت أم هانئ عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أحاديث في الكتب الستة وغيرها روي عنها أبنها جعدة وأبنه يحيي وحفيدها هرون ومولياها أبو مرة وأبو صالح وأبن عمها عبدا لله بن عباس وعبد الله بن الحارث بن نوفل الهاشمي وولده عبد الله وأبن أبي يلي ومجاهد وعروة وآخرون وقال الترمذي وغيره عاشت بعد علي أهـ. وقال النووي روي لها عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سته وأربعون حديثًا. (449) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا ابن أبي ذئب عن سعيد بن أبي عن أبي سعيد المقبري مرة مولي فأخته أم هانئ عن فأخته أم هانئ بنت أبي طالب قالت الحديث (غريبة) (2) الأحماء أقارب الزوج مفرده حمو (كدلو) وحموها (كأبوها) وحما (كعصا) وحم (كيد) وحم.

-[ما جاء في أم هانئ (رضي الله عنها)]- عليهما بابا فجاء أبن أمي على بن أبي طالب فتفلت عليها بالسيف، قالت فأتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فلم أجده ووجدت فاطمة فكانت أشد على من زوجها قالت فجاء النبي (صلى الله عليه وسلم) وعليه أثر الغبار فأخبرته فقال يا أم هانئ قد أجرنا من أجرت وأمنًا من أمنت. (عن أم هانئ) أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دخل عليها فدعا بشراب فشرب ثم ناولها فشربت فقالت يا رسول الله أما أني كنت صائمة فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): الصائم المتطوع أمير نفسه إن شاء صام وإن شاء أفطر (وفي رواية عنها) قالت: لما كان يوم فتح مكة جاءت

_ بالهمزة (مثل خبء) وجزم ابن هشام في تهذيب السيرة بأن الرجلين اللذين أجرتهما أم هانئ هما الحرث بن هشام وزهير بن أبي أمية المخزوميان وعند الأزرقي عبد الله بن أبي ربيعة بدل زهير (1) أي تعرض لهما يريد قتلهما به ورد جواري تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والنسائي بنحوه كما أفاده المنذري في مختصر السنن (قال الخطابي) في هذا حجة لمن ذهب إلى أن مكة فتحت عنوة لأنه لو كان صلحًا لوقع به الأمان العام فلم يحتج إلى أجازة أمان أم هانئ ولا إلى تجديد الأمان من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (قال) وأجمع عامة أهل العلم أن أمان المرأة جائز وكذلك قال أكثر الفقهاء في أمان العبد غير أن أصحاب الرأي فرقوا بين العبد الذي يقاتل والذي لا يقاتل فأجازوا أمانة إن كان ممن يقاتل ولم يجيزوا أمانة أن كان لم يقاتل فأما أمن الصبي فأنه لا ينعقد لأن القلم مرفوع عنه أهـ وقد تقدم هذا الحديث بالجزء الرابع عشر ص 116 برقم 325. (450) (سنده) (2) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو داود الطيالسي قال ثنا شعبة عن جحدة عن أم هانئ الخ وفي نهايته (قال قلت له سمعت أنت من أم هاني قال لا، حدثنيه أبو صالح وأهلنا عن أم هانئ) (أهـ) (3) قوله وفي رواية عنها (سندها) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو داود الطاليسي قال ثنا شعبة عن جحدة عن أم هانئ الخ وفي نهايته (قال قلت له سمعته أنت من أم هاني قال لا، حدثنيه أبو صالح وأهلنا عن أم هانئ) أهـ (3) قوله وفي رواية عنها (سندها) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر قال ثنا إسرائيل عن سماك عن رجل عن أم هانئ قالت الحديث (تخريجه) الحديث له طرق أخرى عند الإمام أحمد ولا تخلو عن مقال وقد رواه أبو داود (وسكت عنه) والنسائي (وأشار إلى أن في إسناده اختلافًا كثيراً) والترمذي وقال: في إسناده مقال والعمل عليه عند بعض أهل العلم من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) وغيرهم أن الصائم المتطوع إذا أفطر فلا قضاء عليه إلا أن يحب أن يقضيه وهو قول سفيان الثوري وأحمد وإسحاق والشافعي أهـ والمقال الذي أشار إليه الترمذي سببه أن في بعض طرقه (أبا صالح) وأسمه بأذان مولي أم هانئ قال فيه النسائي ليس بثقة وقال ابن معين ليس به بائس وقال عنه الحافظ في التقريب ضعيف مدلس، وفي بعض طرقه أيضًا (سماك بن حرب) وقد اختلف عليه فيه وقال النسائي سماك ليس يعتمد عليه إذا الفرد، وفي بعضها (عن سماك عن رجل) غير مسمي وسماه حماد بن سلة عند أحمد فقال (ثنا سماك بن حرب عن هرون بن بنت أم هانئ أو أبن أبن أم هانئ) وهرون قال عنه الحافظ في التقريب مجهول وقال ابن القطان لا يعرف (أفاد ذلك صاحب تحفة الأحوذي وغيره) وأما سند أبي داود في الحديث فهو حدّثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا جرير بن عبد الحميد عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الله بن الحرث عن أم هانئ به وسكت عنه وفي إسناده (يزيد بن أبي زياد الهاشمي) كان من أئمة الشيعة الكبار قال ابن عدي وأبو رزعة يكتب حديثة وقال الحافظ شمس الدين الذهبي هو

-[ما جاء في أم هانئ (رضي الله عنها)]- فاطمة حتى قعدت عن يساره، وجاءت أم هانئ فقعدت عن يمينه، وجاءت الوليدة بشراب فتناوله النبي (صلى الله عليه وسلم) فشرب، ثم ناوله أم هانئ عن يمينه فقالت لقد كنت صائمة فقال لها أنثي تقضتيه عليك قالت لا قال لا يضرك إذًا. (عن ابن أبي ليلي) قال: ما أخبرني أحد أنه رأي النبي (صلى الله عليه وسلم)، يصلى الضحى غير أم هانئ فأنها حدثت أن النبي (صلى الله عليه وسلم) دخل بيتها يوم فتح مكة فاغتسل وصلى ثماني ركعت ما رأته صلى صلاة قط أخف منها غير أنه كان يتم الركوع والسجود. (خط) (عن أم هانئ بنت أبي طالب) قالت مرّ بي يوم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقلت يا رسول الله أني كسرت وضعفت - أو كما قالت- فمرني بعمل أعمله وأنا جالسة قال: سبحي الله مائة تسبيحه فأنها تدل لك مائة رقبة تعنقينها من ولد إسماعيل، قال: سبحي الله مائة تسبيحه فإنها تدل لك مائة رقية تعنيقنا من ولد إسماعيل، وأحمدي الله مائة تحميدة تعدل لك مائة فرس مسرجة ملجمة تحملين عليها في سبيل الله، وكبرى الله مائة تكبيرة فأنها تعدل لك مائة بدنة مقلدة متقبلة، وهلل الله مائة تهليله قال ابن خلف (احد رجال السند) أحبه قال تملأ ما بين السماء والأرض ولا يرفع يومئذ لأحد عمل ألا أن يأتي بمثل ما أتيت به

_ صدوق رديء الحفظ وقال ابن معين ضعيف الحديث لا يحتج بحديثه وقال أبو داود لا أعلم أحدًا ترك حديثه وغيره أحب إلى منه روي له مسلم مقرونًا (أفاده في الخلاصة والتهذيب) وقد تقدم هذا الحديث في الصوم بالجزء العاشر ص 168، 169، برقم 222 وقال الشيخ رحمه الله (وبالجملة فكثرة طرق الحديث يعضد بعضها بعضًا) أهـ. (451) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبن أبي ليلي قال الحديث (طريق آخر) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا وكيع ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن ابي ليلي قال الحديث بمعناه (طريق ثالث) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يزيد بن أبي زياد قال: سألت عبد الله بن الحرث عن صلاة الضحي فقالت أدركت أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) وهم متوافرون فما حدثني أحد منهم أنه رأي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يصلي الضحي غير أم هانئ فأنها قالت دخل على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم الفتح يوم جمعة فاغتسل ثم صلى ثما في ركعات (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي كما أفاده المنذري في مختصر السنن في باب صلاة الضحي وقد تقدم هذا الحديث بالجزء الخامس ص 30، 31 برقم 1136. (452) خط (2) (سنده) قال عبد الله وجدت في كتاب أبي بخط يده ثنا سعيد بن سليمان قال تناموسي بن خلف قال حدّثنا عاصم بن بهدلة عن أبي صالح عن أم هانئ بنت أبي طالب قال، قالت الحديث (تخريجه) أورده الحافظ المنذري في (الذكر والدعاء) من كتابه (الترغيب والترهيب) وقال: رواه أحمد بإسناد حسن والنسائي ولم يقل (ولا يرفع الخ) والبيهقي بتمامه ورواه ابن ماجة بمعناه باختصار والحاكم بنحو أحمد وقال صحيح الإسناد وزاد (قولي ولا حول ولا قوة إلا بالله لا تترك

-[ما جاء في أم ورقة (رضي الله عنها)]- (حرف الواو) باب ما جاء في أمورقة بنت عبد الله بن الحرث الأنصاري (رضي الله عنها) (عن الوليد بن عبد الله بن جميع قال حدثني عبد الرحمن بن خلاد الأنصاري وجدتي عن أم ورقة بنت عبد الله بن الحرث) أن نبي الله (صلى الله عليه وسلم) كان يزورها كل جمعة، وأنها قالت يا بني الله يوم بدر: أتأذن فأخرك معك أمرض مرضاكم، وأداوي جرحاكم، أهل الله يهدي لي شهادة، قال قري، فأن الله عز وجل يهدي لك شهادة وكانت أعتقت جارية لها وغلامًا عندبر منها فطال عليهما فغماها في القطيفة حتى ماتت وهربا، فأتي عمر فقيل له أن أم ورقة قد قتلها لامها وجاريتها وهربا، فقام عمر في الناس فقال: أن رسول الله (صلىلله عليه وسلم) كان يزور أم ورقة يقول: أطلقوا نزور الشهيدة، وإن فلانة جاريتها وفلانًا غلامها غمامًا ثم هربًا، فلا يؤويهما أحد، ومن وجدهما فليأت بهما فصلبا فكانا أول مصلوبين.

_ ذنبًا ولا يشبهها عمل) ورواه الطبراني في الكبير بنحو أحمد ولم يقل أحسبه وفي الأوسط بإسناد حسن وفيه بعض مغايرة أهـ بتصرف وقد تقدم هذا الحديث بالجزء الرابع عشر ص 217 برقم 41 (453) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو نعيم قال ثنا الوليد بن عبد الله بن جميع الخ (غريبة) (2) (قرى) بتشد الراء ويجوز في القاف الفتح والكسر أمر من القرار في المكان بمعني الاستقرار فيه أي ألزمي بيتك وأقعدي فيه فإن الله سيرزقك الشهادة بدون أن تخريجي إلى الغزو قال في المختار: تقول (قررتُ) بالمكان بالكسر أقر - يعني بفتح القاف - قراراً و (فسروب) أيضًا بالفتح أقر - يعني بكسر القاف - قرارًا وقرورا أهـ فإذا فتحت القاف في المضارع فتحها في الأمر وإذا كسرتها فيه كسرتها في الأمر (3) قوله (يهدي لك شهاة) زاد أبو داود في روايته من طريق وكيع بعد ذلك: (قال فكانت تسمي الشهيدة قال وقد كانت قرأت القرآن فأستأذنت النبي (صلى الله عليه وسلم أن تتخذ في دارها مؤذنّا فأذن لها) وفي رواية أخرى لأبي داود من طريق محمد بن فصل (وكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يزورها في بيتها وجعل لها مؤذنًا يؤذن لها وأمرها أن نؤم أهل دارها) قال عبد الرحمن - عبد الرحمن - يعني أبن خلاد الأنصاري - فأنا رأيت مؤذنها شيخًا كبيرًا أهـ (4) أي قالت لكل منهما (أنت حر بعد موتي) وقوله (فطال عليهما) أي زمن العبودية بطول عمر أم ورقة فاستعجلا موتها فقتلاها لينعما بالحرية (5) قوله (فغماعاً في القطيفة) بفتح الغين المعجمة وتشديد الميم أي سدًا أنفها وفمها بالقطيفة حتى أتحبس نفسها فماتت وأصل الغم والتغمية الستر والتغطية تقول غمة وأغماه وغماه غطاه وسترة ومنه غم علينا الهلال وأغمي وغمي إذا حال دون رؤيته غيم أو نحوه وأغمي على المريض غشي عليه كأن المرض ستر عقله وغطاه وتفسير الغم في الحديث بانحباس النفس عن الخروج تفسير بلازم المعني الأصلي ومنه حديث عائشة لما نزل برسول الله (صلى الله عليه وسلم) طفق يطرح خميصة على وجهه فإذا اغتم كشفها أي إذا احتبس نفسه عن الخروج أهـ ملخصًا من النهاية والمختار وفي رواية (فغمياها) بزيادة الياء بعد الميم وهي بمعني ما منا تقول غماه بتشديد الميم بعدها ألف فإذا أسندته إلى ضمير الاثنين.

-[مناقب أناس ليسوا من الصحابة (أبرهيم النخعي والأسود)]- (خاتمة في مناقب أناس ليسوا من الصحابة) منهم: (إبراهيم النخعي والأسود) (حدّثنا محمد بن جعفر عن سعيد عن أبي معشر عن إبراهيم النخعي) أنه كان يدخل على عائشة رضي الله عنها قال قلت كيف كان يدخل عليها قال كان يخرج مع خاله الأسود قال وكان بينه وبين عائشة إخاء وود.

_ قلت (غميّاه) بقلب الألف ياء (تخريجه) أخرجه أبو داود في باب أمامة النساء من كتاب الصلاة حدّثنا عثمان بن أبي شيبة ثنا وكيع بن الجراح ثنا الوليد بن عبد الله بن جميع به مع تغاير في بعض الألفاظ وزيادة ذكرناها في الشرح وأخرجه أيضًا من طريق آخر حدّثنا الحسن بن حماد الحضرمي ثنا محمد بن فضيل عن الوليد بن جميع بهذا الإسناد به ولم يذكر لفظه كاملاً وسكت عنه أبو داود وقال المنذري: في إسناده الوليد بن عبد الله بن جميع الزهري الكوفي وفيه مقال وقد أخرج له مسلم أهـ (قلت) قال الحافظ في التقريب الوليد بن عبد الله بن جميع الزهري المكي نزيل الكوفة صدوق بهم ورمي بالتشيع من الخامسة أهو في الخلاصة الوليد بن عبد الله بن جميع مصغرًا عن أبي الطفيل وأبي سلمه بن عبد الرحمن وعنه كيع وأبن فضيل وثقة ابن معين أهـ وفي التهذيب وثقة العجلي أيضًا وقال أبو داود وأبو زرعة لا بأس به. (454) (غريبة) (1) هو أبن أبي عروبة من رجال الكتب الستة (وابو معشر) أسمه زياد بن كليب الحنظلي وثقة العجلي والنسائي وأبن حبان (2) معناه أنها كانت لا تحتجب عنه (3) الظاهر أن القائل قلت ألخ محمد بن جعفر أو سعيد والله أعلم (4) يعني من الرضاعة وبهذا الاعتبار تكون عائشة خالة إبراهيم النخعي من الرضاعة والله أعلم (تخريجه) لم أقف عليه لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات (قلت) هكذا وجدت ذلك (أي الغريب والتخريج) بخط الشيخ رحمة الله وأزيدهنا (ترجمة الأسود) و (ترجمة إبراهيم النخعي) رحمهما الله فأقول: (من هو الأسود): قال النووي في تهذيبه، هو أبو عمرو ويقال أبو عبد عبد الرحمن الأسود بن يزيد بن قيس بن عبد الله بن مالك بن علقمة النخعي الكوفي التابعي الفقيه الإمام الصالح أخو عبد الرحمن بن يزيد وأبن أخي علقمة بن قيس وهو خال إبراهيم بن يزيد النخعي الفقيه رأي أبا بكر الصديق وعمر بن الخطاب (رضي الله عنهما) وروي عن علي وأبن مسعود ومعاذ وأبي موسي وعائشة وروي عنه أبنه عبد الرحمن بن الأسود وأخوه عبد الرحمن بن يزيد وإبراهيم النخعي وآخرون قال أحمد بن حنبل هو ثقة من أهل الخير واتفقوا على توثيقه وجلالته وروينا عن ميمون بن أبي حمزة قال سافر الأسود بن يزيد ثمانين حجة وعمرة لم يجمع بينهما أهـ كلام النووي رحمة الله وترجم له الحافظ في الإصابة في القسم الثالث من (حرف الألف) قال بعد ذكر أسمه، ذكر أبن أبي خيثمة أنه حج مع أبي بكر وعمر وعثمان وقال ابن سعد سمع من معاذ بن جبل في اليمن قيل أن يهاجر وفي البخاري من طريق أشعث بن سليم عن الأسود بن يزيد قال أتانا معاذ بن جبل باليمن معلمًا وأميرًا فسألناه عن رجل توفي فذكر قصته

-[ومنهم الأحنف بن قيس رحمة الله]- ومنهم الأحنف بن قيس رحمة الله (حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف) قال بينما أطوف بالبيت إذا لقيني رجل من بني سليم فقال إلا أبشرك قال قلت بلى قال أتذكر إذا بعثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى قومك بني سعد أدعوهم إلى الإسلام قال فقلت أنت: والله ما قال إلا خيرًا ولا أسمع إلا حسنًا فأني رجعت فأخبرت

_ ومن طريق إبراهيم النخعي عن خاله الأسود قال قضي فينا معاذ بن جبل على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولأبي داود من طريق أبي حسان الأعرج عن الأسود بن يزيد أن معاذًا ورَثّ أختًا وأبنه باليمن وبي الله حي وقال البخاري سمع أبا بكر وعمر وحديثه عن كبار الصحابة في الصحيحين وغيرهما قال: الحكم بن عتيبة كان يصوم الدهر وقال العجلي كوفي جاهلي (أي أنه أدرك الجاهلية والإسلام وآمن في حياته (صلى الله عليه وسلم) ولم يلقه) ثقه رجل صالح فقيه مات سنة أربع وقيل خمس وسبعين وجزم به أبو نعيم شيخ البخاري. (من هو إبراهيم النخعي): قال النووي إبراهيم بن يزيد بن قيس بن الأسود بن عمرو بن ربيعة بن ذمل بن سعد بن النخضع النخعي الكوفي فقيه الكوفة أبو عمران وأمه مليكة بنت يزيد بن قيس أخت الأسود بن يزيد وهو تابعي جليل دخل على عائشة (رضي الله عنها) ولم يثبت له منها سماع وسمع جماعات من كبار التابعين منهم علقمة وخالاه الأسود وعبد الرحمن بنا يزيد ومسروق وأبو عبيدة بن عبد الله وغيرهم وروي عنه جماعات من التابعين منهم السبيعي وحبيب بن أبي ثابت وسماك بن حرب والحكم الأعمش وابن عون وحماد ن أبي سليمان شيخ أبي حنيفة وأجمعوا على توثيقه وجلالته وبراعته في الفقه روينا عن الشعبي أنه قال حين توفي النخعي ما ترك أحدًا أعلم منه أو أفقه قيل ولا الحسن وأبن سيرين قال ولا الحسن وأبن سيرين ولا من أهل البصرة ولا الكوفة ولا الحجاز ولا الشام وروينا عن أحمد بن صالح العجلي قال لم يحدث النخعي عن أحد من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) وقد أدرك منهم جماعة ورأي عائشة وروينا عن الأعمش قال كان النخعي صيرفي الحديث وقال أبو رزعة النخعي علم من أعلام الإسلام وقال العجلي كان النخعي صالحًا فقيهًا متوقيًا قليل التكلف توفي سنة ست وتسعين قال البخاري وهو أبن ثمان وخمسين سنة أهـ. (باب) (1) الأحنف بن قيس بن معاوية أبو بحر التميمي السعدي أسمه الضحاك على المشهور وقيل صخر وقيل الحارث ولقبه الأحنف وهو مشهور به أدرك النبي (صلى الله عليه وسلم) ولم يجتمع به ودعا له النبي (صلى الله عليه وسلم) بالمغفرة فسجد لما بلغه ذلك وكان يضرب بحله المثل وقال فيه عمر الأحنف سيد أهل البصرة وقال ابن سعد كان ثقة مأمونًا قليل الحديث وكان ممن أعتزل وقعه الجمل ثم شهد صفين روي عن عمر وعثمان وعلى وأبن مسعود وأبي ذر وغيرهم وروي عنه أبو العلاء بن الشخير والحسن البصري وطلق بن حبيب وغيرهم مات بالبصرة سنة سبع وستين زمن ولاية مصعب بن الزبير ومشي مصعب في جنازته وقال ذهب اليوم الحزم والرأي أهـ ملخصًا من الإصابة. (455) (غريبة) (2) كان ذلك زمن عثمان (رضي الله عنه) كما في رواية أبن أبي عاصم (3) قوله والله

-[أويس القرني]- النبي (صلى الله عليه وسلم) بمقالتك قال، اللهم أغفر لي للأحنف، قال فما أنا بشيء أرجي من لها ومنهم (أويس القرني رحمة الله) (عن أسير بن جابر) قال لما أقبل أهل اليمن جعل عمر رضي الله عنه يستقري الرفاق فيقول هل فيكم أحد من قرن حتى أتي على قرن فقال من أنتم قالوا قرن فوقع زمام عمر رضي الله عنه أو زمام أويس فناوله أحدهما الآخر فعرفه فقال عمر أاسمك قال أنا أويس فقال هل لك والدة قال نعم قال فهل كان بك من البياض شيء قال نعم فدعوت الله عز وجل فأذهبه عني إلا موضع الدرهم من سرتي لأذكر به ربي، قال له عمر رضي الله عنه استغفر لي، قال أنت أحق أن تستغفر لي، أنت صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، فقال عمر رضي الله عنه أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول. (أن خير التابعين رجل يقال له

_ ما قال أي مبعوث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) (الأحير ألخ) والثناء عليه ثناء على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لأنه مبلغ عنه (1) المراد أن دعوة النبي (صلى الله عليه وسلم) له بالمغفرة أرجي عنده من عمله الصالح (تخريجه) أورده الهيثمي في الجزء العاشر من المجمع وقال رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح غير علي بن زيد (هو أبن جدعان) وهو حسن الحديث أهـ، وفي حرف الألف من القسم الثالث من الإصابة: قال أبن أبي عاصم حدّثنا محمد بن المثني حدّثنا حجاج حدّثنا حماد بن سلمه عن علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال بينما أنا أطوف بالبيت في زمن عثمان إذا أخذ رجل من بني ليث بيدي وقال ألا ابشرك قلت بلي قال أتذكر إذا بعثني رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى قومك فجعلت أعرض عليهم الإسلام وأدعوهم إليه فقلت أنت أنك لتدعونا إلى خير وتأمر به وأنه ليدعو إلى الخير فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال اللهم أغفر للأحنف فكان الأحنف يقول فما شيء من عملي أرجي عندي من ذلك يعني دعوة النبي (صلى الله عليه وسلم) تفرد به على بن زيد وفهي ضعف وأخرج أحمد في كتاب الزهد من طريق جبير من حبيب أن رجلين بلغًا الأحنف بن قيس أن النبي (صلى الله عليه وسلم) دعا له فسجد أهـ. (456) (سنده) (3) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمه عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أسير بن جابر قال الخ و (أسير بن جابر) في السند هو بضم الهمزة وفتح السين المهملة وسكون التحتية آخره راء ويقال (أسير بن عمرو) ويقال (يسير) بضم الياء المثناه تحت أفاده النووي (غريبة) (3) أي يتتبع الجماعات التي وفدت عليه من اليمن للغزو قال في المختار الرفقة الجماعة ترافقهم في سفرك بضم الراء وكسرها أيضًا والجمع رفاق أهـ وفيه أيضًا استقري البلاد تتبعها يخرج من أرض إلى أرض أهـ ولفظ مسلم في روايته (كان عمر بن الخطاب إذا أتي عليه أمداد أهل اليمن سالهم أفيكم أويس بن عامر) قال النووي: قوله (أمداد أهل اليمن) هم الجماعة الغزاة الذين يمدون جيوش الإسلام في الغزو وأحدهم مدد أهـ (4) (قرن) هو بفتح القاف والراء بطن من مراد وهو قرن بن ردمان بن ناجية بن مراد ويقال لهذا البطن أيضًا بنو قرن (5) قوله (حتى أني على قرن) أي على الجماعة التي من بني قرن (6) كلمة (أو) للشك من أحد الرواة فيمن وقع زمام دابته أو عمر أم أويس (7) أويس تصغير أوس والأوس في الأصل العطية تقول أوسيت الرجل أوسا إذا أعطيته (8) كان أو يسر موجودًا في

-[أويس القرني]- أويس وله والدة وكان به بياض فدعا الله عز وجل فأذهبه عنه غلا موضع الدرهم في سرته) فاستغفر له ثم دخل في غمار الناس فلم يدر أين وقع، قال فقدم الكوفة قال وكنا تجتمع في حلقة فنذكر الله وكان يجلس معنا فكان إذا ذكر هو وقع حديثه في قلوبنا موقعًا لا يقع حديث غيره فذكر الحديث. (وعن عبد الرحمن بن أبي ليلي) قال نادي رجل من أهل الشام يوم صفين أفيكم أويس القرني قال نعم قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول: إن من خير التابعين أويسا القرني.

_ حياته (صلى الله عليه وسلم) وآمن به ولم يلقه فلم يعد في الصحابة وقد أخبر (صلى الله عليه وسلم) أنه من التابعين والحديث صريح في أنه أفضلهم وأما قول أحمد وغيره (أفضل التابعين سعيد بن المسيب) فمرادهم أنه أفضلهم في العلوم الشرعية لا في المنزلة عند الله عز وجل (1) لا يتوهم أنه أفضل من عمر ولا أن عمر غير مغفور له للإجماع على أن عمر أفضل فإنه صحابي وأوس تابعي وإنما المقصود الأخبار بأنه مستجاب الدعوة وإرشاد عمر إلى الازدياد من الخير والحديث من دلائل نبوته (صلى الله عليه وسلم) لأنه أخبر عن أسمه وأسم أبيه ونعته وقبيلته وأنه يجتمع بعمر وكل لك غيب فكان كذلك ولفظ مسلم في بعض رواياته (يأتي عليكم أويس بن عامر مع إمداد أهل اليمن من مراد ثم من قرن كان به برص فبرأ منه الأموضع درهم، له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل) (2) قوله (في غمار الناس) هو بضم الغين المعجمة وفتحها أي في زحمة الناس بحيث لايعرف ولا يفطن له (3) قوله (فنذكر الله) هو بتشديد الكاف من التذكير ولفظ الجلالة منصوب والمعني فنخوف الناس الله أي عقاب الله وعذابه (تخريجه) روي مسلم في كتاب الفضائل هذا الحديث بأتم من هذا من طريق زيادة بن أوفي عن أسير بن جابر ورواه أيضًا من طريق عفان بن مسلم حدّثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبي نضرة عن أسير بن جابر عن عمر بن الخطاب قال أني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول أن خير التابعين رجل يقال له أويس وله والده وكان به بياض فمروه فليستغفر لكم ورواه أيضًا من طريق سعيد الجرري بهذا الإسناد مختصرًا وفيه ما ليس في بقية الروايات والله أعلم. (457) (سنده) (4) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا أبو نعيم قال ثنا شركي عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليل قال الخ (غريبة) (5) قال في القاموس، صفّين كسجين موضع قرب الرقة بشاطئ الفرات كانت به الوقعة العظمي بين على ومعاوية غرة صفر سنة 37 أهـ (6) (أويس) تصغير أوس ومعناه في الأصل العطية و (القرني) بفتح القاف والراء نسبة إلى قرن بن ردمان بن ناجيه بن مراد أحد أجداده (7) جمع مفرده تابع والمراد بهم من تبعه (صلى الله عليه وسلم) بإحسان (فائدة) لأهل الحديث اصطلاح خاص في معني التابع أو التابعي قال الخطيب هو من صحب صحابيًا وقيل من لقيه وأن لم يصحبه قال العراقي وعليه عمل الأكثرين من أهل الحديث واشترط بن حبان أن يكون رآه في سن من يحف ظعنه فإن كان صغيرًا لم يحفظ عنه فلا عبرة برؤيته ومن التابعين عندهم المخضرمون وأحدهم مخضرم - بفتح الراء - وهو الذي أدرك الجاهلية وزمن النبي (صلى الله عليه وسلم) ولم يره كالأسود بن يزيد النخعي

-[سفيان بن عيينة وزيد بن عمرو بن نفيل]- ومنهم: (سفيان بن عيينة رحمة الله) (حدّثنا عبد الله حدّثني) قال، ما كان أشد على ابن عيينة أن يقول حدثنا (ومنهم زيد بن عمرو بن نفيل) (عن سالم) أنه سمع عبد الله (يعني ابن عمر) يحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه لقي زيد بن عمرو بن نيل بأسفل بلدح وذلك قيل أن ينزل على رأسه الله (صلى الله عليه وسلم الوحي فقدم إليه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سفرة فيها لحم فأبي أن يأكل منها ثم قال أني لا آكل ما تذبحون على أنصابكم ولا آكل إلا مما ذكر أسم الله عليه، حدث هذا عبد الله بن عمر.

_ وأبي عثمان النهدي واسلم مولي عمر وأويس القرني قال العراق وقد أشار النبي (صلى الله عليه وسلم) إلى الصحابة والتابعين بقوله طوبي لمن رآني وأمن بي وطوبي لمن رأي من رآني الحديث (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وإسناده جيدًا أهـ. (458) (1) أي كان أشد شيء عليه أن يروي حديثًا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مخافة أن يخطئ فيه فيكذب عليه (صلى الله عليه وسلم) فهو لذلك كان يتثبت في رواية الحديث ولا يعزو إليه (صلى الله عليه وسلم) حديثًا إلا وهو على يقين منه والتثبت في رواية السنة دأب العلماء العاملين والحفاظ الورعين فجزاهم الله عن الإسلام خيرًا وكبت بهم أعداء السنن النبوية و (سفيان بن يعينة) سكن مكة وتوفي بها وهو من تابعي التابعين سمع الزهري وعمرو بن دينار والشعبي وعبد الله بن دينار ومحمد بن المنكدر وغيرهم وروي عن الأعمش والثوري وأبن جريح وشعبة وأبن المبارك وحماد بن زياد والشافعي وأحمد وأبن المديني وغيرهم، اتفقوا على إمامته وجلالته وعظم مرتبته وأنه أثبت الناس في حديث عمرو بن دينار قال الشافعي ما رأيت أحدًا أحسن لتفسير الحديث منه ومناقبه كثيرة مشهورة ولد سنة 107 وتوفي سنة 198 رحمه الله ورضي عنه. (459) (سنده) (2) حدّثنا عبد الله ثنا أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا موسي بن عقبة أخبرني سالم أنه سمع عبد الله يحدث عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الخ (غريبة) (3) (زيد بن عمرو) بفتح العين وسكون الميم (بن نفيل) بضم ففتح مصغرًا وزيد هذا والد سعيد بن زيد العدوي الصحابي أحد العشرة المبشرون بالجنة (4) (بلدح) بوزن جعفر واد في غرب مكة في الطريق إلى التنعيم (5) قال ابن الأثير السفرة طعام يتخذه المسافر وأكثر أيحمل في جلد مستدير فنقل أسم الطعام إلى الجلد وسمي به كما سميت المزادة رواية وغير ذلك من الأسماء المنقولة أهـ والمناسب هنا حملها على الطعام لا على الجلد (6) قوله (ثم قال) أي زيد مخاطبًا الذين كانوا معه (أني لا آكل مما تذبحون على أنصابكم الخ) وكان زيد يبغض الوثنية ويبحث في الديانات ليهتدي إلى الحق فلم تعجبه اليهودية ولا النصرانية فآمن بشريعة إبراهيم عليه السلام وأساسها التوحيد وقد ظن أن اللحم الذي قدمه إليه (صلى الله عليه وسلم) مما ذبح على النصب فأبي الأكل منه ولم يكن الأمر كما ظن لمكان العصمة قال أبن الأثير في النهاية (النصب) - بضم الصاد وسكونها - حجر كانوا ينصبونه في الجاهلية ويتخذونه صنمًا فيعبدونه والجمع (أنصاب) وقيل هو حجر

-[الإمام مالك رحمه الله]- عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ومنهم: (الإمام مالك بن أنس رحمة الله) (حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا سفيان ثنا بن جريح عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة) إن شاء الله عن النبي (صلى الله عليه وسلم): يوشك أن تضربوا - وقال سفيان مرة أن يضرب الناس - أكباد الإبل يطلبون العلم لا يجدون عالمًا أعلم من عالم أهل المدينة وقال قوم هو العمري قال فقدموا مالكًا.

_ كانوا ينصبونه ويذبحون عليه فيحمر بالدم (1) قوله (حدث هذا عبدا لله بن عمر عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الظاهر أنه من قول سالم يؤكد بهما سبق من أن أبن عمر حكي هذه القصة سماعًا منه (صلى الله عليه وسلم) (تخريجه) أخرجه البخاري في باب ما ذبح على النصب والأصنام من كتاب الذبائح حدثنا معلي بن أسد حدثنا عبد العزيز يعني ابن المختار أخبرنا موسي بن عقبة بن وأخرجه أيضًا في أواخر كتاب المناقب حدثنا محمد بن أبي بكر حدثنا فضيل بن سليمان عن موسي به وزاد في آخره (وأن زيد بن عمرو كان يعيب على قريش ذبائحهم ويقول الشاه خلقها الله وأنزل لها من السماء الماء وأنبت لها من الأرض ثم تذبحونها على غير اسم الله إنكارًا لذلك وإعظامًا له) أهـ. (460) (غريبة) (2) بكسر الشين أي يقرب (3) قال الطبي ضرب أكباد الأبل كناية عن السير السريع لأن من أراد ذلك يركب الأبل ويضرب على أكبادها بالرجل أهـ أي يضرب على ما يحاذي أكبادها برجله و (المعني) قرب أن يأتي زمان يرحل الناس فيه على مطاياهم لطلب العلم في البلدان النائية فلا يجدون أعلم من عالم المدينة (4) قيل أنه مالك بن أنس أمام دار الهجرة وأثبت أصحاب الزهري قال النووي أجمعت طوائف العلماء على أمامته وجلالته وعظم سيادته وتبجيله وتوقيره والأذعان له في الحفظ والتثبت وتعظيم حديث رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ولد سنة 91 وتوفي سنة 179، وقيل أنه العمري الزاهد وأسمه كما في التهذيب عبد الله بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال النسائي ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان من أزهد أهل زمانه وأشدهم تخليها للعبادة توفي سنة أربع وثمانين ومائة وقال الترمذي والعمري هو عبد العزيز بن عبد الله من ولد عمر بن الخطاب أهـ (5) قوله (وقال قوم هو العمري فقدموا مالكًا) كذا بالأصل والظاهر أن به سقطًا وكأن الصواب (وقال قوم هو العمري وقال الجمهور هو مالك بن أنس فقدموا مالكًا) والله أعلم (تخريجه) أخرجه الترمذي وأبن حبان قال الترمذي في باب ما جاء في عالم المدينة من كتاب العلم في جامعة حدثنا الحسن بن الصباح البزار وإسحق بن موسي الأنصاري قالا حدثنا سفيان بن عيينه عن ابن جريح عن أبي الزبير عن أبي صالح عن أبي هريرة رواية (يوشك أن يضرب الناس أكباد الإبل يطلبون العلم فلا يجدون أحدًا اعلم من عالم المدينة) هذا حديث حسن صحيح قال وقد روي عن أبن عيينه أنه قال في هذا من عالما لمدينة أنه مالك بن أنس وقال إسحق بن موسي وسمعت أبن عيينه قال هو العمري الزاهد وأسمه عبد العزيز بن عبد الله وسمعت يحيي بن موسي يقول قال عبد الرازق هو مالك بن أنس أهـ كلام الترمذي.

-[النجاشي ملك الحبشة رحمه الله]- ومنهم: (النجاشي ملك الحبشة رحمة الله) (عن جابر بن عبد الله (رضي الله عنهما)) قال قال النبي (صلى الله عليه وسلم وآله وسلم) توفي اليوم رجل صالح من الحبش هلم فصفوا قال فصففنا فصلى النبي (صلى الله عليه وسلم) عليه ونحن (وعن من طريق أخرى) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مات اليوم عبد الله صالح أصحمة فقوموا فصلوا عليه فقام أمتنا فصلى عليه

_ (461) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا عبد الرازق أنا ابن جريح أخبرني عطاه أنه سمع جابر بن عبد الله يقول قال النبي (صلى الله عليه وسلم) الحديث (وقوله) وعنه من طريق أخرى (سنده) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي ثنا يحيي عن أبن جريح ثنا عطاء عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الحديث (غريبة) (2) هو بفتحتين وروي بضم أوله وتسكين ثانية جنس من السودان (3) هلم بفتح الميم المشددة معناه طلب الإقبال يستوي فيه الواحد والجمع والمذكر والمؤنث في لغة أهل الحجاز وأما أهل نجد فيصرفونه فيقولون للاثنين وللجمع هلموا وللمرأة هلمي وللنساء هلممن والأول أفصح أفاده في المختار (4) صففت القوم نم باب رد فاصطفوا أي أقمتم صفوفًا وقد يستعمل لازمًا أيضًا فيقال صففتهم فصفوا هم أفادة في المصباح والمختار وبناء عليه فقوله في الحديث (فصفوا) بضم الصاد فعل أمر من اللازم بمعني اصطفوا أو من المتعدي بمعني أقيموا أنفسكم صفوفًا وقوله (فصففنا) بفتح الصاد ماض متعد أي أقمنا أنفسنا صفوفًا أو لازم أي فاصطفيننا (5) هو اسمه العلم وهو بدل أو عطف بيان وأما لفظ (النجاشي) فهو لقب لكل من يكون ملكًا على الحبش (تخريجه) أخرجه الشيخان وغيرهما في الجنائز فالبخاري في جملة مواضيع منها باب الصفوف على الجنازة ومسلم في باب التكبير على الجنازة قال القسطلاني: واستدل به على مشروعية الصلاة على الغائب وبه قال الشافعي وأحمد وجمهور السلف وأجاب القائلون بالمنع وهم الحنفية والمالكية عن قصة النجاشي بأنه كان بأرض لم يصل عليه بها أحد فتعينت الصلاة عليه لذلك وقال ابن العربي قال المالكية ليس ذلك إلا لمحمد (صلى الله عليه وسلم) قلنا وما عمل به (صلى الله عليه وسلم) تعمل به أمته قالوا طويت له الأرض وأحضرت الجنازة بين يديه قلنا أن ربنا لقادر وأن نبينا لأهل لذلك ولكن لا تقولوا ألا ما رأيتم ولا تخترعوا من عند أنفسكم ولا تحدثوا إلا بالثابتاث أهـ ملخًا وقال المنذري: في هذا الحديث علم من أعلام النبوة وذلك أن النبي (صلى الله عليه وسلم) علم بموت النجاشي في اليوم الذي مات فيه على بعد ما بين الحجاز وأرض الحبشة ونعاه للناس في ذلك اليوم وكان نعي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) النجاشي للناس في رجب سنة تسع من الهجرة كذا قال أهل السير وفيه إباحة الأشعار بالجنازة والأعلام بها والاجتماع لها وفيه الصلاة على الغائب وفيه أن النجاشي أسلم ومات مسلمًا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يصلي إلا على مسلم أهـ وقد ترجم أبو داود في سننه (باب الصلاة على لمسلم يليه أهل الشرك في بلد آخر) ثم أخرج حديث أبي هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نعي للناس النجاشي في اليوم الذي مات فيه وخرج بهم إلى المصلي فصف بهم وكبر أربع تكبيرات ثم أخرج حديث أبي موسي الأشعري: (أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن ننطلق إلى أرض النجاشي

-[ورقة بن نوفل]- ومنهم: (ورقة بن نوفل) (عن عائشة (رضي الله عنها) أن خديجة (رضي الله عنها) سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ورقة بن نوفل فقال: قد رأيته في المنام فرأيت عليه ثياب بياض فاحسبه لو كان من أهل النار لم يكن عليه ثياب بياض

_ -فذكر حديثه- قال النجاشي أشهد أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وأنه الذي بشر به عيسي بن مريم لولا ما أنا فيه من الملك لاتيته حتى أحمل فعليه) وقد ترجم له الحافظ في الإصابة في القسم الثالث من حرف الألف قال: أسلم على عهد النبي (صلى الله عليه وسلم) ولم يهاجر إليه وكان ردءًا للمسلمين نافعًا وقصته في إحسانه إلى المسلمين الذين هاجروا إليه في صدر الإسلام مشهورة في لمغازي الخ ما قال رحمه الله وأنظر بقية الكلام على قصة الصلاة على النجاشي في الفتح الرباني وشرحه ج 8 ص 218 وما بعدها في باب ما جاء في الصلاة على الغائب. (462) (سنده) (1) حدّثنا عبد الله حدّثني أبي قال ثنا حسن بن موسي ثنا أبن لهيمة ثنا أبو الأسود عن عروة عن عائشة الخ (غريبة) (2) أي سألته عن مصيره في الآخرة أمن أهل الجنة هو أم من أهل النار فأجاب بأنه من أهل الجنة بناء على رؤياه إياه وعليه ثياب ميض ورؤيا الأنبياء وحي وكان ورقة قد تنصر في الجاهلية ثم آمن بنبوته (صلى الله عليه وسلم) عن مجيء الوحي إليه في غار حراء بأول سورة اقرأ ثم لم يلبث أنتوفي رحمه الله وقد عده الطبري والبغوي وغيرهما في الصحابة وهو ورقة بن نوفل بن أسد بن أسد بن عبد العزي بن قصي القرشي الأسدي ابن عم خديجة أم المؤمنين (رضي الله عنهما) (3) (ثياب بياض) من إضافة الموصوف على الصفة أي ثياباً بيضًا (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في تاريخه (البداية والنهاية) عن الإمام أحمد بهذا الإسناد وقال (وهذا إسناد حسن لكن رواه الزهري وهشام عن عروة مرسلاً فالله أعلم وروي الحفظ أبو يعلي عن شرحي بن يونس عن إسماعيل عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سئل عن ورقة بن نوفل فقال (قد رأيته فرأيت عليه ثياب بياض أبصرته في بطنان الجنة وعليه السندس) وسئل عن زيد بن عمرو بن نفيل فقال (يبعث يوم القيامة أمة وحده) وسئل عن أبي طالب فقال (أخرجته نم غمرة من جهنم إلى ضحضاح منها) وسئل عن خديجة لأنها ماتت قبل الفرائض وأحكام القرآن فقال (أبصرتها على نهر في الجنة في بيت من قب لا صخب فيه ولا نصب) إسناده حسن ولبعضه شواهد في الصحيح والله أعلم وقال الحافظ أبو بكر البزار حدّثنا عبيد بن إسماعيل حدّثنا أبو أسامة عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا تسمعوا ورقة فإني رأيت له جنة أو جنتين) وكذا رواه بن عساكر من حديث أبي سعيد الأشج عن أبي معاوية عن هشام عن أبيه عن عائشة وهذا إسناد جيد وروي مرسلاً وهو أشبه) أهـ كلام الحافظ ابن كثير رحمه الله في تاريخه (ج 3 ص 9) (أقول) حديث جابر عند أبي بعلي أورده الهيثمي وقال (فيه مجالد وهذا مما مدح من حديث مجالد وبقية رجاله رجال الصحيح) ثم أورده الهيثمي أيضًا عن جابر بمعناه وقال رواه البزار ورجاله رجال الصحيح غير مجالد وقد وثق وحدا نم جد حديثه وضعفه الجمهور أهـ وحديث عائشة عند أبي بكر البزار (لا تسموا ورقة فأني رأيت له

-[ابن جريح]- ومنهم: (ابن جريح) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرازق قال: أهل مكة يقولون أخذ ابن جريح الصلاة عن عطاء وأخذها عطاء من أبن الزبير وأخذها ابن الزبي رمن أبي بكر وأخذها أبو بكر من النبي (صلى الله عليه وسلم)، ما رأيت أحدًا أحسن صلاة من ابن جريح.

_ جنة أوجنتين) أوره الهيثمي أيضًا وقال رواه البزار متصلاً ومرسلاً وزاد في المرسل (كان بين أخي ورقة ورجل كلام فوقع الرجل في ورقة ليغضبه) والباقي بنحوه ورجال المسند والمرسل رجال الصحيح قال الهيثمي وعن أسماء بنت أبي بكر أن النبي (صلى الله عليه وسلم) سئل عن ورقة بن نوفل فقال (يبعث يوم القيامة أمة وحدة) (رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح أهـ وقد تقدم هذا الحديث في ص 174 من الجزء العشرين. باب (ابن جريح) قال النووي في تهذيبه هو عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح - بجيم مكررة الأولى مضمومة - القريشي الأموي مولاهم المكي ابو الوليد ويقال أبو خالد وهو من تابعي التابعين سمع طاوسًا وغطاء بنابي رباح ومجاهدًا وابن أبي مليكه ونافعًا مولى ابن عمر ويحيي بن سعيد الأنصاري والزهري وخلائق من التابعين وغيرهم روي عنه يحيي بن سعيد الأنصاري شخيه (تابعي) والأوزاعي والثوري وابن عيينة والليث وأبن عليه ويحيي القطان الأموي ووكيع وخلائق لا يحصون قال أحمد بن حنبل أول من صنف الكتب أبن جريح وأبن أبي عروبة وقال عطاء بن أبي رباح سيد أهل الحجاز ابن جريح وقال عبد الرازق كنت إذا رأيت ابن جريح يصلي علمت أنه يخشي الله عز وجل وأقوال أهل العلم من السلف والخلف في الثناء عليه وذكر مناقبه أكثر من أن تحصر توفي سنة خمسين ومائة هذا قول الأكثرين وقد جاوز المائة أهـ كلام النووي وقال الخزرجي في الخلاصة: (ع) عبد الملك بن عبد العزيز بن جرير الأموي مولاهم أبو الوليد وأبو خالد المكي الفقيه أحد الأعلام روي عن أبن أبي مليكة وعكرمة مرسلاً وعن طاووس مسألة ومجاهد ونافع وخلق وروي عنه يحيي بن سعيد الأنصاري أكبر منه والأوزاعي والسفيانان وخلق وقال ابن المديني لم يكن في الأرض أحد أعلم بعطاء من بن جريح وقال أحمد إذا قال أخبرنا وسمعت حسبك به وقال بن معين ثقة إذا روي من الكتاب قال أبو نعيم مات سنة خمسين ومائة أهـ وقال الحافظ في (تقريب التهذيب) (ع) عبد الملك بن عبد العزيز بن جريح الأموي مولاهم المكي ثقة ففيه فاضل وكان يدلس ويرسل من السادسة مات سنة خمسين (يعني بعد المائة) أو بعها وقد جاوز السبعين وقيل جاوز المائة ولم يثبت أهـ والرمز بهذا الحرف (ع) معناه أنه من رواه الأصول السنة. (463) (1) (الرجال الذين في السند والمتن) (عبد الله) هو ابن الإمام أحمد رواية المسند عن أبيه (عبد الرازق) هو ابن همام الصنعاني من رواه السنة أحد الأئمة الأعلام الحفاظ روي عن أبن جريح ومالك وغيرهما وروي عنه أحمد وإسحاق وأبن المديني وابن معين وغيرهم قال ابن عدي رحل غليه أئمة المسلمين وثقاتهم ولم تر بحديثه بأسًا إلا أنهم نسبوه إلى التشبع وقال أحمد من سمع منه بعد ما ذهب بصره فهو ضعيف السماع قال ابن سعد مات سنة إحدى عشرة ومائتين عن خمس وثمانين سنة (عطاء)

-[ابن جريح]- هو أبن أبي رباح القرشي مولاهم أبو محمد الجندي اليماني نزيل مسكة قال ابن سعد كان ثقة عالمًا كثير الحديث انتهت إليه الفتوى بمكة روى عن عثمان وعتاب بن أسيد مرسلًا وعن أسامة بن زيد وعائشة وأبي هريرة وأم سلمة وعروة بن الزبي روطائفة وروي عنه ابن جريح وجرير بن حازم وجعفر بن محمد وغيرهم مات سنة أربع عشرة ومائة (والأثر المروي) فيه منقبة من مناقب ابن جريح رحمه الله (ومن مناقبه أيضًا) ما رواه الترمذي في جامعة حدثني عبد الرحيم بن حازم البلخي قال سمعت المكي بن إبراهيم يقول كنا عند ابن جريح المكي فجاءه سائل فسأله فقال ابن جريح لخازنة أعطه دينارًا قال ما عندي إلا دينار أن أعيته لجعت وعيالك قال فغضب وقال أعطه قال المكي نفحن عنه ابن جريح إذا جاءه رجل بكتاب وصرة وقد بعثه إليه بعض إخوانه وفي الكتاب أني قد بعثت خمسين دينارًا قال فحل ابن جريح الصرة فعدها فإذا هي أحد وخمسون دينارًا قال فقال ابن جريح لخازنة قد أعطيت واحدًا فرد الله عليك وزادك خمسين دينارًا، ذكره الترمذي آخر أبواب البر والصلة.

_ تم بحمد الله وعونه وتيسيره الجزء الثاني والعشرون من شرح (افتح الرباني) صبيحة يوم الجمعة المبارك الثامن عشر من شهر ربيع الأول عام 1380 ثمانين وثلثمائة وألف من الهجرة ويليه إن شاء الله تعالي الجزء الثالث والعشرون وأوله (كتاب الخلافة والأمارة) والحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا إن هدانا اله وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين. (وقد انتهي طبعه لثلاث خلون من ذي القعدة عام ثمانين وثلثمائة وألف من) (الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة والسلام)

1 الفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن حنبل الشيباني ومعه كتاب بلوغ الأماني من أسرار الفتح الرباني كلاهما تأليف أحمد عبد الرحمن البنا الشهير بالساعاتي خادم السنة النبوية بحارة الروم بالغورية بمصر الجزء الثالث والعشرون وقد جعلنا الفتح الرباني في أعلى الصحيفة وبلوغ الأماني في أدناها مفصولا بينهما بجدول

_ (تنبيه) للحافظ ابن حجر العسقلاني كتاب أسماه (القول المسدد في الذب عن مسند الإمام أحمد) أدرجناه ضمن التعليق موزعا على كل حديث ذب عنه الحافظ مع عزوه إليه

2 بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله الذي هدى المؤمنين لنور كتابه وشرفهم بالوقوف خاشعين على أبوابه ورزقهم حب النبي صلى الله عليه وسلم واتباع سنته والتمسك بما جاء به ولزوم شريعته (وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها). أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة عبد جد الخطى ليلحق السابقين وهو أقصر ما يكون باعا ويدرك السائرين فوق بحار العلوم ولا يملك سفينة ولا شراعا ويحاول التأسي بمن جابوا الأرض وقد حملوا أوراقهم ومحابرهم وأقلامهم وأفنوا العمر في خدمة العلم متطلعا إليهم شوقا والتياعا. وأشهد أن سيدنا محمدا عبده ورسوله، وأشرف خلقه وخاتم أنبياءه أنزل الله عليه كتابه هدى وتبيانا وجعله للناس نورا وبرهانا وأمره أن يرتله ترتيلا وبينه للناس شرحا وتفصيلا فقال سبحانه مخاطبا رسوله صلى الله عليه وسلم (وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ {44}) فبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة وجاهد في الله حق جهاده وبين في سنته الكريمة الأسرار التي شملها كتاب الله والأحكام التي وردت به والمقاصد التي عناها والأغراض التي أشار إليها. صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه الطيبين والتابعين وتابعي التابعين ومن تبع هداهم بإحسان إلى يوم الدين ورزقنا متابعتهم والسير على نهجهم وحشرنا في زمرتهم آمين. ووعى المسلمون سنته صلى الله عليه وسلم فكانوا أوعية لها وحفظوها فكانت صدورهم صناديق تحملها أنى اتجهت وتناقلها، وقد حرصوا أشد الحرص على التزامها وتفهمها والعمل بها وتبليغها امتثالا لقوله صلى الله عليه وسلم (نضر الله امرأ سمع منا شيئا فبلغه كما سمعه فرب مبلغ أوعى من سامع). ولقد كان إمامنا وشيخنا الوالد الكريم التقي النقي الورع الزاهد المحدث الفقيه سيدنا وشيخنا الإمام (أحمد عبد الرحمن البنا) صاحب الفتح الرباني وشرحه المسمى بلوغ الأماني من أولئك الذين وقفوا حياتهم لخدمة السنة النبوية الشريفة وتفرغوا لها، فقطع

3 فيها شوطا بعيدا وكتب عدة مؤلفات أهمها كتاب الفتح الرباني وشرحه بلوغ الأماني وقد اختار الله تعالى إلى جواره فضيلة الوالد ‹1› ولما يتم شرح الفتح الرباني فقام مأجورا من الله تبارك وتعالى ومشكورا منا ومن أهل الفضل فضيلة العالم المحدث محمد عبد الوهاب بحيري من علماء الأزهر الشريف وخادم الحديث النبوي بكلية الشريعة بإتمام شرح الجزء الثاني والعشرين وتخريج أحاديثه وقد وفقه الله لأدائه في حرص العلماء وأمانة المحدثين. وكان الرجاء أن يتم الجزأين الثالث والعشرين والرابع والعشرين لولا أنه اختير في جامعة الرياض لتدريس الحديث الشريف بها. ولما كان العمر غير مضمون والتأجيل في واجب خدمة السنة النبوية الشريفة غير محمود فقد رؤي تكوين لجنة من أبناء الشيخ (عبد الرحمن ومحمد وجمال) مع بعض خدام الحديث وقد تطوع للعمل بهذه اللجنة العالمان الفاضلان الأستاذ حامد إبراهيم والأستاذ محمد الحسيني العقبي وشارك فيها فضيلة الإمام المحدث الشيخ محمد الحافظ التيجاني ومضت على بركة الله في عملها حتى أتمت بفضل الله الجزء الثالث والعشرين وقد قام بتخريج أحاديثه الأستاذ محمد الحسيني العقبي وبالشرح أبناء الشيخ وبالمراجعة الأستاذ حامد إبراهيم وفضيلة الشيخ محمد الحافظ التيجاني. داعين الله تعالى أن يكون مقبولا عنده ومرفوعا إليه وأن يجنبهم الزلل ويوفقهم بفضله لإتمام الجزء الرابع والعشرين إن شاء الله حتى يتم بذلك هذا الكتاب النفيس والعمل الجليل. نفع الله به عباده وجزى مؤلفه الشيخ الوالد رضي الله تعالى عنه خير ما جزى عباده الزاهدين الطالبيين لما عنده والمبتغين وجهه الكريم وحشرنا جميعا في زمرة العلماء العاملين الذين شرفهم الله بخدمة سنة خاتم النبيين وإمام المرسلين صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين الفقير إليه تعالى عبد الرحمن أحمد البنا خادم السنة النبوية الشريفة

_ ‹1› تاريخ وفاة الوالد إلى رحمة الله تعالى في الجزء الثاني والعشرين صفحة 213

كتاب الخلافة والإمارة

كتاب الخلافة والإمارة الباب الأول: فيما جاء أن [النبي] صلى الله عليه وسلم لم [يستخلف] قبل موته أحدا 1 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه خرج من عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي توفي فيه فقال الناس يا أبا حسن كيف أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أصبح بحمد الله بارئا قال ابن عباس فأخذ بيده عباس بن عبد المطلب فقال ألا ترى [أنت] والله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سيتوفى في وجعه هذا إني أعرف وجوه بني عبد المطلب عند الموت فاذهب بنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنسأله فيمن هذا الأمر فإن كان فينا علمنا ذلك وإن كان في غيرنا كلمناه فأوصى بنا فقال علي رضي الله عنه والله لئن سألناها رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعناها لا يعطيناها الناس أبدا فوالله لا أسأله أبدا. 2 - عن علي رضي الله عنه أنه قال يوم الجمل أن رسول الله صلى الله عليه

_ 1 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن صالح قال قال ابن شهاب أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك أن ابن عباس أخبره أن علي بن أبي طالب. (تخريجه) رواه البخاري ورجاله رجال الصحيحين فيعقوب هو يعقوب بن إبراهيم بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف الزهري ويعقوب وأبوه من رجال الصحيحين وصالح هو ابن كيسان من رجال الصحيحين، وعبد الله بن كعب بن مالك الأنصاري المدني كذلك فالسند كله برجال الصحيحين 2 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا سفيان عن الأسود بن قيس عن رجل عن علي رضي الله عنه

وسلم لم يعهد إلينا عهدا نأخذ به في إمارة ولكنه شيء رأيناه من قبل أنفسنا ثم استخلف أبو بكر - رحمة الله على أبي بكر - فأقام واستقام ثم استخلف عمر رحمة الله على عمر فأقام واستقام حتى ضرب الدين بجرانه. 3 - وعن علي رضي الله عنه قال قيل يا رسول الله صلى الله عليه وسلم من يؤمر بعدك قال: إن تؤمروا أبا بكر رضي الله عنه تجدوه أمينا زاهدا في الدنيا راغبا في الآخرة وإن تؤمروا عمر رضي الله عنه تجدوه قويا أمينا لا يخاف في الله لومة لائم وإن تؤمروا عليا رضي الله عنه ولا أراكم فاعلين تجدوه هاديا مهديا ياخذ بكم الطريق المستقيم. 4 - وعن قيس الخارفي قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول على هذا المنبر سبق

_ (غريبه) حتى ضرب الدين بجرانه أي قر قراره واستقام كما أن البعير إذا برك واستراح مد عنقه على الأرض (تخريجه) قال الهيثمي فيه رجل لم يسم وباقي رجاله رجال الصحيح 3 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر حدثني عبد الحميد بن أبي جعفر يعني الفراء عن إسرائيل عن أبي إسحاق عن زيد بن يثيع عن علي رضي الله عنه. (تخريجه) أخرجه البزار والطبراني في الأوسط وقال الهيثمي رجال البزار ثقات ولعله لم يوثق رواية الإمام أحمد لخفاء حال عبد الحميد بن أبي جعفر وقد أورده الحافظ في تعجيل المنفعة وقال وثقه ابن حبان ولذا صحح بعضهم هذا الإسناد وللحديث شواهد أخرى أخرجها الحاكم من عدة طرق في المستدرك. 4 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نعيم ثنا سفيان عن القاسم بن كثير أبي هاشم بياع السابري عن قيس الخارفي قال. (تخريجه) انفرد به أحمد وإسناده صحيح وقيس الخارفي هو قيس بن سعد الخارفي

رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلى أبو بكر رضي الله عنه وثلث عمر ثم خبطتنا فتنة أو أصابتنا فتنة فكان ما شاء الله (وفي رواية يعفو الله عمن يشاء). وعنه من طريق آخر بمثله وفيه " ثم خبطتنا أو أصابتنا فتنة فما ما شاء الله جل جلاله " قال أبو عبد الرحمن قال أبي قوله ثم خبطتنا فتنة أراد أن يتواضع بذلك. الباب الثاني: في قوله صلى الله عليه وآله الأئمة من قريش 5 - عن بكير بن وهب الجزري قال قال لي أنس بن مالك أحدثك حديثا ما أحدثه أحد ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قام على باب البيت ونحن فيه فقال الأئمة من قريش إن لهم عليكم حقا مثل ذلك ما إن استرحموا فرحموا وإن عاهدوا وفوا وإن حكموا عدلوا فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. وعنه من طريق آخر عن أنس قال كنا في بيت رجل من الأنصار فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى وقف فأخذ بعضادة الباب فقال الأئمة من قريش الخ

_ (بالخاء المعجمة والفاء) نسبة إلى خارف بن عبد الله بطن من همدان (غريبه) صلى أي جاء ثانيا. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي هاشم القاسم بن كثير عن قيس الخارفي. (تخريجه) انفرد به أحمد وإسناده صحيح 5 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي [ثنا محمد] بن جعفر ثنا شعبة عن علي أبي الأسد قال حدثني بكير بن وهب الجزري. (تخريجه) قال الهيثمي رجاله ثقات. وعنه عن طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الأعمش عن سهيل بن أبي السد عن بكير الجزري عن أنس قال (تخريجه) أخرجه النسائي.

6 - وعن سيار بن سلامة سمع أبا برزة (الأسلمي رضي الله عنه) يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال الأئمة في قريش إذا استرحموا رحموا وإذا عاهدوا وفوا وإذا حكموا عدلوا فمن لم يفعل ذلك منهم فعليه لعنة الله وملائكته والناس أجمعين 7 - وعن الزهري قال كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث أنه بلغ معاوية (بن أبي سفيان) وهو عنده في وفد من قريش أن عبد الله بن عمرو بن العاص يحدث أنه سيكون ملك من قحطان فغضب معاوية فقام فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله ثم قال أما بعد فإنه بلغني أن رجالا منكم يحدثون أحاديث ليست في كتاب الله ولا تؤثر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أولئك جهالكم فإياكم والأماني التي تضل أهلها فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن هذا الأمر في قريش لا ينازعهم أحد إلا أكبه الله على وجهه ما أقاموا الدين 8 - عن عبد الله بن مسعود قال بينا نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في قريب من ثمانين رجلا من قريش ليس فيهم إلا قرشي لا والله ما رأيت صفيحة وجوه رجال قط أحسن من وجوههم يومئذ فذكروا النساء فتحدثوا فيهن فتحدث معهم حتى أحببت أن يسكت قال ثم أتيته فتشهد ثم قال أما بعد

_ 6 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود ثنا سكين ثنا سيار بن سلامة سمع ... (تخريجه) قال الهيثمي رجاله ثقات. 7 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بشر بن شعيب بن أبي حمزة قال حدثني أبي عن الزهري (تخريجه) رواه البخاري بإسناده 8 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن صالح قال ابن شهاب حدثني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن عبد الله بن مسعود قال

يا معشر قريش فإنكم أهل هذا الأمر ما لم تعصوا الله فإذا عصيتموه بعث إليكم من يلحاكم (1) كما يلحى هذا القضيب لقضيب في يده ثم لحى قضيبه فإذا هو أبيض يصلد (2) 9 - عن أبي مسعود قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال إن هذا الأمر فيكم وإنكم ولاته ولن يزال فيكم حتى تحدثوا أعمالا فإذا فعلتم ذلك بعث الله عز وجل عليكم شر خلقه فيلتحيكم كما يلتحي القضيب 10 - وعن عتبة بن عبد الله السلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخلافة في قريش والحكم في الأنصار والدعوة في الحبشة والهجرة في المسلمين والمهاجرين بعد

_ غريبه (1) يقال لحوت الشجرة ولحيتها وألحيتها إذا أخذت لحائها وهو قشرها (2) يصلد أي يبرق (تخريجه) قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح ورواه أبو يعلى والطبراني في الأوسط. 9 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن حبيب يعني ابن أبي ثابت عن عبيد الله بن القاسم أو القاسم بن عبيد الله بن عتبة عن أبي مسعود (تخريجه) قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح خلا القاسم بن محمد بن عبد الرحمن بن الحرث وهو ثقة وأخرجه الطبراني وقال الحافظ في تعجيل المنفعة " إن الصواب فيه القاسم عن عبيد الله. فعبيد الله شيخه لا أبوه " 10 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع ثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن كثير بن مرة عن عتبة بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (تخريجه) قال الهيثمي رجاله ثقات وأخرجه الطبراني

11 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان 12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم الناس تبع لقريش في هذا الشأن مسلمهم تبع لمسلمهم وكافرهم تبع لكافرهم 13 - وعن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الناس تبع لقريش في هذا الأمر خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا والله لولا أن تبطر قريش لأخبرتها ما لخيارها عند الله عز وجل 14 - عن ذي مخمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال كان هذا الأمر في حمير فنزعه الله عز وجل منهم فجعله في قريش وسَ يَ عُ ودُ إ لَ يْ هِ مْ (قال عبد الله بن الإمام أحمد

_ 11 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا عاصم بن محمد بن زيد بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه عن عبد الله بن عمر (تخريجه) إسناده صحيح وأخرجه البخاري بنحوه 12 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة يبلغ به (تخريجه) الحديث صحيح ورواه البخاري ومسلم 13 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا أبو نعيم قال ثنا عبد الله بن مبشر مولى أم حبيبة عن زيد بن أبي عتباب عن معاوية قال (تخريجه) إسناده جيد 14 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد القدوس أبو المغيرة قال حدثنا حريز يعني ابن عثمان الرحبي قال حدثنا راشد بن سعد المقرائي عن أبي حي عن ذي مخمر (غريبه) (وس ي ع ود إ ل ي هـ م) بمعنى وسيعود إليهم

رحمها الله) وكذا كان في كتاب أبي مقطع وحيث حدثنا به تكلم على الاستواء فصل في ذكر حديث حذافة الجامع لأطوار النبوة والخلافة والملك 15 - عن النعمان بن بشير قال كنا قعودا (1) في المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان بشير رجلا يكف حديثه فجاء أبو ثعلبة الخشني فقال يا بشير بن سعد: أتحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأمراء فقال حذيفة أنا أحفظ خطبته فجلس أبو ثعلبة فقال حذيفة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء الله أن يرفعها ثم تكون ملكا عاضا (2) فيكون ما شاء الله أن يكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون ملكا جبرية فتكون ما شاء الله أن تكون ثم يرفعها إذا شاء أن يرفعها ثم تكون خلافة على منهاج النبوة ثم سكت قال حبيب فلما قام عمر بن عبد العزيز وكان يزيد بن النعمان بن بشير في صحابته فكتبت إليه بهذا الحديث أذكره إياه فقلت له إني أرجو أن يكون أمير المؤمنين يعني عمر (بن عبد العزيز) بعد الملك العاض والجبرية فأدخل كتابي على عمر بن عبد العزيز فسر به وأعجبه

_ ذي مخمر رجل من الحبشة كان يخدم النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) قال الهيثمي رجاله ثقات وأخرجه الطبراني 15 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود الطيالسي حدثني داود بن إبراهيم الواسطي حدثني حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير (1) هذا يدل على أن المسجد مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (2) عاضا: أي يصيب الرعية فيه عسف وظلم كأنهم يعضون فيه عضا. وملوك عضوض (بضم العين) وهو جمع عض بالكسر وهو الخبيث الشرس

فصل آخر في عدد الخلفاء من قريش 16 - عن الأسود بن سعيد الهمداني عن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أو قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون بعدي اثنا عشر خليفة من قريش قال ثم رجع إلى منزله فأتته قريش فقالوا ثم يكون ماذا قال يكون الهرج 17 - وعن عامر بن سعد قال سألت جابر بن سمرة عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يزال الدين قائما حتى يكون اثنا عشر خليفة من قريش ثم يخرج كذابون بين يدي الساعة ثم تخرج عصابة من المسلمين فيستخرجون كنز الأبيض كسرى وآل كسرى وإذا أعطى الله تبارك وتعالى أحدكم خيرا فليبدأ بنفسه وأهله وأنا فرطكم على الحوض 18 - وعن مسروق كنا جلوسا عند عبد الله بن مسعود وهو يقرئنا القرآن فقال له رجل يا أبا عبد الرحمن هل سألتم رسول الله صلى الله عليه وسلم كم تملك هذه

_ 16 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم ثنا زهير ثنا زياد بن خيثمة عن الأسود بن سعيد الهمداني عن جابر بن سمرة (غريبه) الهرج القتال والاختلاط وقد هرج الناس يهرجون هرجا إذا اختلطوا (تخريجه) الشيخان والترمذي 17 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن خالد ثنا أبي ذئب عن المهاجر بن مسمار عن عامر بن سعد (غريبه) وأنا فرطكم على الحوض أي متقدمكم إليه والفرط الذي يسبق القوم ليرتاد لهم الماء ويهيئ لهم الدلاء. واجعله لنا فرطا أي أجرا يتقدمنا (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي وأبو داود وابن ماجه 18 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن زيد عن المجالد عن الشعبي عن مسروق قال

الأمة من خليفة فقال عبد الله بن مسعود ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك ثم قال نعم سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال اثنا عشر كعدة نقباء بني إسرائيل 19 - عن سعيد بن جمهان عن سفينة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخلافة ثلاثون عاما ثم يكون بعد ذلك الملك قال سفينة أمسك، خلافة أبي بكر رضي الله عنه سنتين وخلافة عمر رضي الله عنه عشر سنين وخلافة عثمان رضي الله عنه اثني عشر سنة وخلافة علي رضي الله عنه ست سنين رضي الله عنهم 20 - عن عبد الرحمن بن أبي بكرة قال وفدنا مع زياد وفي رواية وفدت مع أبي إلى معاوية بن أبي سفيان (وفي رواية قال عبد الرحمن نعزيه) فلما قدمنا عليه لم يعجب بوفد ما أعجب بنا فقال يا أبا بكرة حدثنا بشيء سمعته من

_ (تخريجه) رواه أبو يعلى والبزار وفيه مجالد بن سعيد وثقه النسائي وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات. قاله الهيثمي 19 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا حماد بن سلمة ثنا سعيد بن جمهان وعبد الصمد حدثني سعيد بن جمهان عن عن سفينة (تخريجه) أخرجه الترمذي وحسنه النسائي بنحوه وفيه سعيد بن جمهان اختلفوا فيه وقال في عون المعبود " الثلاثون سنة هي مدة الخلفاء الأربعة كما حررته فمدة خلافة أبي بكر سنتان وثلاثة اشهر وعشرة أيام ومدة عمر عشر سنين وستة أشهر وثمانية أيام ومدة عثمان أحد عشر سنة وأحد عشر شهرا وتسعة أيام ومدة خلافة علي أربع سنين وتسعة أشهر وسبعة أيام هذا هو التحرير فلعل من قال إن الثلاثين بعده صلى الله عليه وسلم هي الخلفاء الأربعة والحسن أسقطوا الأيام وبعض الشهور " اهـ 20 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة

رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه الرؤيا الحسنة ويسأل عنها فقال ذات يوم أيكم رأى رؤيا فقال رجل أنا رأيت كأن ميزانا دلي (وفي رواية أدلي) من السماء فوزنت أنت وأبو بكر فرجحت بأبي بكر ثم وزن أبو بكر وعمر فرجح أبو بكر بعمر ثم وزن عمر بعثمان ثم رفع الميزان فاستاء لها (1) وقد قال حماد أيضا فساءه ذاك ثم قال خلافة نبوة ثم يؤتي الله تبارك وتعالى الملك من يشاء قال فزخ في أقفائنا (2) فأخرجنا فقال زياد لا أبا لك أما وجدت حديثا غير ذا حدثه بغير ذا قال لا والله لا أحدثه إلا بذا حتى أفارقه فتركنا ثم دعا بنا فقال يا أبا بكرة حدثنا بشيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فبكعه (3) به فقال معاوية أتقول الملك (وفي رواية تقول إنا ملوك) فقد رضينا بالملك قال أبو عبد الرحمن: وجدت هذا الحديث في كتاب أبي بخط يده. الباب الثالث: فيما يجيب على الإمام والأمير وكل من ولي شيئا من أمور الناس من العدل في رعيته وعدم الظلم والجور وأنه مسئول عن ذلك 21 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحب

_ (1) استاء لها. وذلك لما علم صلى الله عليه وسلم من أن تأويل رفع الميزان انحطاط الأمور وظهور الفتن بعد خلافة عمر (2) فزخ في أقفائنا أي دفعنا وأخرجنا (3) بكعت الرجل بكعا إذا استقبلته بما يكره وهو نحو التقريع وقد تأتي بمعنى الضرب كما في حديث عمر فبكعه بالسيف أي ضربه ضربا متتابعا (تخريجه) رواه أبو داود بإسناده وسكت عليه 21 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا فضيل عن عطية عن أبي

الناس إلى الله عز وجل يوم القيامة وأقربهم منه مجلسا إمام عادل، وإن أبغض الناس إلى الله يوم القيامة وأشده عذابا إمام جائر 22 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد قال سمعت إسماعيل البصري يحدث عن ابنة معقل بن يسار عن أبيها معقل رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليس من والي أمة قلت أو كثرت لا يعدل فيها إلا كبه الله على وجهه في النار 23 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولا لا يفكه إلا العدل أو يوبقه الجور 24 - وعن أبي [مخدم] قال وجد في زمان زياد أو ابن زياد حفرة فيها حب أمثال

_ سعيد قال قال (تخريجه) فيه فضل وعطية وقد ضعفوهما وقال القطان الحديث حسن ذكره المناوي. 22 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن إسماعيل بن أبي خالد قال سمعت إسماعيل البصري يحدث عن ابنة معقل بن يسار عن أبيها معقل (تخريجه) رواه البخاري بنحوه 23 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن ابن عجلان قال حدثني سعيد عن أبي هريرة قال وسمعت أبي يحدث عن أبي هريرة قال أبي قلت ليحيى كلاهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نعم قال ما من أمير (تخريجه) قال الهيثمي إسناده جيد ورجاله رجال الصحيح وقال المنذري وأخرجه البزار بإسناد رجاله رجال الصحيح 24 - وجدنا هذا الأثر في «أصول» المصنف رحمه الله بخط يده. ولم نعثر عليه في نسخة المسند التي بين يدينا وأبو قحذم ضعيف، وجاء في مجمع الزوائد عن أبي قحذم قال وجد في زمان زياد صرة فيها أمثال النوى عليه مكتوب هذا نبت زمان كان يؤمر فيه بالعدل

الثوم مكتوب هذا نبت في زمان كان يعمل فيه بالعدل 25 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله عز وجل مغلولة يوم القيامة يده إلى عنقه فكه بره أو أوبقه وفي رواية وثقه إثمه، أولها ملامة وأوسطها ندامة وآخرها خزي يوم القيامة 26 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون في آخر الزمان خليفة يعطى المال ولا يعده عدا وفي رواية يقسم المال

_ وجاء في تعجيل المنفعة أبو قحذم بالذال المعجمة روى عنه عوف قال أبو حاتم أبو قحذم رأى أبا بكرة رضي الله عنه وروى عنه منصور بن ذاذان ووهاه ابن معين وغيره وزاد في الميزان قال الدولابي ليس بثقة وقال سعد بن فياض أبو قحذم عن أنس بن مالك. 25 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن يزيد بن مالك عن لقمان بن عامر عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) فيه يزيد بن مالك وثقه ابن حبان وغيره وبقية رجاله ثقات قاله البيهقي ويزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك قال الحافظ في التقريب صدوق يهم والسند صحيح 26 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا ابن أبي عدي عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد وفي رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثني أبي ثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد وجابر قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أخرج مسلم الرواية الثانية من طريقين: الأولى حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث حدثنا أبي حدثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد وجابر بن عبد الله قالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ .. والثانية عن داود بن أبي هند عن أبي نضرة عن أبي سعيد

ولا يعده). 27 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنما الإمام جنة يقاتل من ورائه ويتقى به فإن أمر بتقوى وعدل فإن له بذلك أجرا وإن أمر بغير ذلك فإن عليه فيه وزرا. 28 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن الوليد ثنا عباد بن عباد ثنا مجالد عن أبي الوداك عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قلت والله ما يأتي علينا أمير إلا وهو شر من الماضي ولا عام إلا وهو شر من الماضي ولولا شيء سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لقلت مثل ما يقول ولكم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن من أمرائكم أميرا يحثي المال حثيا ولا يعده عدا يأتيه الرجل فيسأله فيقول خذ فيبسط الرجل ثوبه فيحثي فيه وبسط رسول الله صلى الله عليه وسلم ملحفة غليظة كانت عليه يحكي صنيع الرجل ثم جمع إليه أكنافها قال فيأخذه ثم ينطلق

_ عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله 27 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمرو ثنا المغيرة عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) رواه البخاري ومسلم بنحوه. 28 - (تخريجه) ضعيف فيه مجالد بن سعيد وأبو الوداك مختلف فيهما وللجزء المرفوع شاهد في صحيح مسلم من رواية أبي نضرة عن أبي سعيد بلفظ «من خلفائكم خليفة يحثو المال حثيا لا يعده عدا» وفي رواية ابن حجر «يحثي المال» وكذلك عن جابر بن عبد الله بلفظ «يكون في آخر أمتي خليفة يحثي المال حثيا لا يعده عددًا»

فصل في قوله صلى الله عليه وسلم كلكم راع ومسئول عن رعيته 29 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم يقول كلكم راع ومسئول عن رعيته الإمام راع وهو مسئول عن رعيته والرجل في أهله راع وهو مسئول عن رعيته والمرأة راعية في بيت زوجها وهي مسئولة عن رعيتها والخادم في مال سيده راع وهو مسئول عن رعيته قال ‹1› سمعت هؤلاء من النبي صلى الله عليه وسلم وأحسب النبي صلى الله عليه وسلم قال والرجل في مال أبيه راع وهو مسئول عن رعيته فكلكم مسئول عن رعيته 30 - وعنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يسترعي الله تبارك وتعالى عبدا رعية قلت أو كثرت إلا سأله الله تبارك وتعالى عنها يوم القيامة أقام فيهم أمر الله تبارك وتعالى أم أضاعه حتى يسأله عن أهل بيته خاصة. 31 - وعنه أيضا أنه رأى راعي غنم في مكان قبيح وقد رأى ابن عمر مكانا أمثل

_ 29 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان أنا شبيب عن الزهري أخبرني سالم بن عبد الله بن عمر الخ ‹1› قال أي ابن عمر رضي الله عنه والمعنى أنه سمع بنفسه ما سبق عن النبي صلى الله عليه وسلم وأنه سمع الباقي من بعض الصحابة والله أعلم (تخريجه) أخرجه البخاري من طرق متعددة ورواه مسلم والترمذي 30 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن يونس عن الحسن عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال (تخريجه) صحيح 31 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة بن سعد ثنا بكر بن مضر عن ابن عجلان عن وهب بن كيسان وكان وهب أدرك ابن عمر ليس في كتاب ابن مالك أن ابن عمر رأى راعي غنم (غريبه) «وكان وهب أدرك ابن عمر ليس في كتاب ابن مالك» هذه جملة [يـ ...]

منه فقال ابن عمر ويحك يا راعي حولها فإني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول كل راع مسئول عن رعيته. 32 - وعن الحسن أن معقل بن يسار رضي الله عنه اشتكى فدخل عليه عبيد الله بن زياد يعني يعوده فقال أما إني سأحدثك حديثا لم أكن حدثتك به، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (يقول) أو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يسترعي الله تبارك وتعالى عبدا رعية فيموت يوم يموت وهو لها غاش إلا حرم الله عليه الجنة (وفي رواية فهو في النار). وعنه من طريق آخر قال: مرض معقل بن يسار (رضي الله عنه) مرضا ثقل فيه فأتاه ابن زياد فقال إني محدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من استرعي رعية فلم يحطهم بنصيحة لم يجد ريح الجنة وريحها يوجد من مسيرة مائة عام قال ابن زياد ألا كنت حدثتني بهذا قبل الآن قال والآن لولا الذي أنت عليه لم أحدثك به. فصل في وعيد من احتجب من ولاة الأمور عن رعيته 33 - عن أبي الشماخ الأزدي عن ابن عم له من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه أتى

_ أن تكون من كلام عبد الله بن الإمام أحمد يريد بها أن جملة «وكان وهب أدرك ابن عمر» لم ترد في كتاب ابن مالك وهو الإمام القطيعي أحد رواة المسند المشهورين. وأنها من قوله هو أي عبد الله بن الإمام أحمد (تخريجه) صحيح 32 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن يونس عن الحسن الخ وعنه عن طريق آخر (سنده) حدثني عبد الله حدثني أبي ثنا هوزة بن خليفة ثنا عوف عن الحسن قال (تخريجه) رواه البخاري ومسلم بنحوه 33 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم قال ثنا زائدة قال ثنا السائب بن حبش عن أبي الشماخ الأزدي

معاوية فدخل عليه وقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من ولي من أمر الناس ثم أغلق بابه دون المسكين أو المظلوم أو ذي الحاجة أغلق الله عز وجل دونه أبواب رحمته عند حاجته وفقره أفقر ما يكون إليها. 34 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولي من أمر الناس شيئا فاحتجب عن أولى الضعفة والحاجة احتجب الله عنه يوم القيامة. 35 - عن أبي حسن أن عمرو بن مرة قال لمعاوية رضي الله عنه يا معاوية إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما من إمام أو وال يغلق بابه دون ذوي الحاجة والخلة والمسكنة إلا أغلق الله عز وجل أبواب السماء دون حاجته وخلته ومسكنته قال فجعل معاوية رجلا على حوائج الناس. فصل في تحذير ولاة الأمور من بطانة السوء وما يحل لهم من أموال الله 36 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما من نبي ولا وال إلا وله

_ (تخريجه) فيه أبو الشماخ الأزدي مجهول وبقية رجاله ثقات ورواه أبو يعلى قاله الهيثمي 34 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا شريك عن أبي حصين عن الوالبي صديق لمعاذ بن جبل عن معاذ قال (تخريجه) قال الهيثمي رجاله ثقات 35 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد ثنا الأوزاعي حدثني الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال

بطانتان بطانة تأمره بالمعروف (وفي رواية وتنهاه عن المنكر) وبطانة لا تألوه خبالا ومن وقي شرهما فقد وقي وهو مع التي تغلب عليه منهما. 37 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من ولاه الله عز وجل من أمر المسلمين شيئا فأراد به خيرا جعل له وزير صدق فإن نسي ذكره وإن ذكر أعانه. 38 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ما بعث الله من نبي ولا استخلف من خليفة إلا كانت له بطانتان بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه والمعصوم من عصم الله. 39 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن وأبو سعيد موسى (1) بن هاشم قالا ثنا ابن لهيعة ثنا عبد الله بن هبيرة عن عبد الله بن زرير أنه قال دخلت على علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال حسن يوم الأضحى فقرب إلينا خزيرة (2)

_ (تخريجه) رواه النسائي بنحوه ورواه البخاري أيضا بنحوه من حديث أيوب رضي الله عنه 37 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد قال ثنا مسلم يعني ابن خالد عن عبد الرحمن بن أبي بكر قال أخبرني القاسم بن محمد عن عائشة (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد والبزار ورجال البزار رجال الصحيح ورواه بنحوه أبو داود وابن حبان والنسائي 38 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب ثنا أبي قال سمعت يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أخرجه النسائي عن أبي هريرة بلفظه والبخاري بلفظ «ما بعث الله من نبي» عن أبي سعيد وعن أبي هريرة 39 - (1) موسى بن هاشم هكذا في الأصل وصحته مولى بني هاشم (2) الخزيرة بفتح الخاء لحم يقطع صغارا ويصب عليه ماء كثير فإذا نضج ذر عليه الدقيق فإن لم يكن فيها لحم فهي عصيدة وقيل هي حسا من دقيق ودسم وقيل إذا كان من دقيق فهي حريرة وإذا كان من نخالة فهي خزيرة

فقلت أصلحك الله لو قربت إلينا من هذا البط يعني الوز (1) فإن الله عز وجل قد أكثر الخير فقال يا ابن زرير إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل للخليفة من مال الله إلا قصعتان قصعة يأكلها هو وأهله وقصعة يضعها بين يدي الناس 40 - وعن علي رضي الله عنه قال مرت إبل الصدقة على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأهوى بيده إلى وبرة من جنب بعير فقال ما أنا بأحق بهذه الوبرة من رجل من المسلمين. الباب الرابع في النهي عن طلب الإمارة والتنفير منها 41 - عن عبد الرحمن بن سمرة قال قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عبد الرحمن لا تسأل الإمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وُكِلْتَ إليها. وأن أعطيتها من غير مسألة أعنت عليها وإذا حلفت على يمين فرأيت غيرها خيرا منها فاتِ الذي هو خير وكفر عن يمينك.

_ (1) بفتح الواو وتشديد الزاي ويقال «إوز» بزيادة همزة مكسورة في أولها. (تخريجه) قال الهيثمي «فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف» وقد وثق ولذا 40 - (سنده) حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا أبان يعني ابن عبد الله حدثني عمرو بن غزي حدثني عمي علباء عن علي. (تخريجه) إسناده حسن وغزي بضم الغين وتشديد الزاي المكسورة وتشديد الياء الأخيرة وعلباء بكسر العين هو ابن أبي علباء قال الذهبي لا يدرى من هو وذكره ابن حبان في الثقات وقال في تقريب التهذيب مقبول 41 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا المبارك ثنا الحسن حدثني عبد الرحمن بن سمرة القرشي قال: (تخريجه) رواه البخاري ومسلم ورواه النسائي حتى كلمة أعنت عليها عن طريق عمرو بن علي قال ثنا يحيى قال ثنا ابن عون عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة وروى هذا الطرف أيضا أبو داود بلفظ وكلت فيها إلى نفسك.

42 - وعن الحارث بن يزيد قال سمعت ابن حجيرة الشيخ يقول أخبرني من سمع أبا ذر (رضي الله عنه) يقول ناجيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة إلى الصبح فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني فقال إنها أمانة وخزي وندامة يوم القيامة إلا من أخذ بحقها وأدى الذي عليه فيها 43 - وعن سالم بن أبي سالم الجيشاني عن أبيه عن أبي ذر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا أبا ذر لا تولين مال يتيم ولا تأمرن على اثنين. 44 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستحرصون على الإمارة وستصير حسرة وندامة قال حجاج يوم القيامة نعمت المرضعة (1) وبئست الفاطمة

_ 42 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني حسن ثنا ابن لهيعة ثنا الحرث بن يزيد قال سمعت ابن حجيرة الشيخ يقول الخ .. وابن حجيرة الشيخ والد راو عرف باسم ابن حجيرة أيضا وتطلق بعض كتب الرجال على ابن حجيرة الأب حجيرة الأكبر تمييزا له عن ابنه الذي تطلق عليه ابن حجيرة الأصغر. وابن حجيرة الأكبر أو الشيخ هو عبد الرحمن بن حجيرة الخولاني المصري قاضيها تابعي ثقة. (تخريجه) رواه مسلم وزاد في أوله إنك ضعيف وإنها أمانة 43 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع قال ثنا ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة قال (تخريجه) رواه البخاري بلفظ وستكون ندامة يوم القيامة فنعم المرضعة وبئست الفاطمة والنسائي عن ابن المبارك عن ابن أبي ذئب عن المقبري عن أبي هريرة. (نعمت المرضعة وبئست الفاطمة) قال ابن حجر في فتح الباري قال الداودي نعم المرضعة أي في الدنيا وبئست الفاطمة أي بعد الموت لأنه يصير إلى المحاسبة على ذلك فهو كالذي يفطم قبل أن يستغني فيكون في ذلك هلاكه وقال غيره نعم المرضعة لما فيها من حصول الجاه والمال ونفاذ الكلمة وتحصيل اللذات الحسية والوهمية حال حصولها وبئست الفاطمة عند الانفصال عنها بموت أو غيره وما يترتب عليها من التبعات في الآخرة "

وفي رواية له أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إنكم ستحرصون على الإمارة وستصير ندامة وحسرة يوم القيامة فبئست المرضعة ونعمت الفاطمة. 45 - وعن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ويل للأمراء ويل للعرفاء ويل للأمناء ليتمنين أقوام يوم القيامة أن ذوائبهم كانت معلقة بالثريا يتذبذبون بين السماء والأرض ولم يكون عملوا على شيء. وعنه بلفظ آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ويل للوزراء ليتمنين أقوام يوم القيامة ذوائبهم كانت معلقة بالثريا يتذبذبون بين السماء والأرض وأنهم لم يلوا عملا. 46 - وعن أبي هريرة أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجدونه من خير الناس أشدهم كراهية لهذا الشأن حتى يقع فيه.

_ وفي رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا ابن أبي ذئب المقبري عن أبي هريرة (تخريجه) الأقرب أن متن هذا الحديث مقلوب عن الحديث السابق. 45 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أزهر بن القاسم الراسبي ثنا هشام عن عباد بن أبي على عن أبي حازم عن أبي هريرة. (غريبه) ذوائبهم أي نواصيهم والذؤابة الناصية أو منبتها من الرأس والثريا أي النجم. (تخريجه) قال الهيثمي رجاله ثقات في طريقين من أربعة وقال الذهبي عن عباد بن أبي على قال ابن القطان لم تثبت عدالته وقال الذهبي هذا حديث منكر وعلق له البخاري ولم يورده ابن حجر فيمن طعن فيهم من رجال البخاري وعنه بلفظ آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشام وعبد الوهاب أنا يعني هشام عن عباد بن أبي علي عن أبي حازم عن أبي هريرة رفعه قال عبد الوهاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ويل .. (تخريجه) انظر الحديث السابق. 46 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة قال ثنا المغيرة بن عبد الرحمن القرشي عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. (تخريجه) جاءت هذه الرواية كجزء من حديث رواه البخاري أخبرنا شعيب حدثنا أبو الزناد مع ذكر الأمر بدلا من الشأن وروى البخاري أيضا عن أبي زرعة عن أبي هريرة حديثا جاء فيه وتجدون خير الناس في هذا الشأن أشدهم له

47 - وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال قدم رجلان معي من قومي قال فأتينا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فخطبا وتكلما فجعلا يعرضان بالعمل فتغير وجه النبي صلى الله عليه وسلم أو رؤي في وجهه فقال النبي صلى الله عليه وسلم إن أخونكم عندي من يطلبه فعليكم بتقوى الله عز وجل قال فما استعان بها على شيء (1) 48 - وعن ثروان بن ملحان قال كنا جلوسا في المسجد فمر علينا عمار بن ياسر رضي الله عنه فقلنا له حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الفتنة فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يكون بعدي قوم يأخذون الملك يقتل عليه بعضهم بعضا

_ كراهية وروى مسلم روايتين إحداهما عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة من حديث جاء فيه تجدون خير الناس في هذا الشأن أشدهم له كراهية حتى يقع فيه 47 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن إسماعيل بن أبي خالد عن أخيه عن أبي بردة عن أبي موسى الأشعري. (تخريجه) رواه بنحوه أبو داود وقال المنذري أورده البخاري في التاريخ الكبير من طريق إسماعيل بن أبي خالد عن أخيه وقد أخرج البخاري ومسلم في الصحيح من حديث أبي موسى قال أقبلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم ومعي رجلان من الأشعريين أحدهما عن يميني والآخر عن يساري وكلاهما يسأل العمل وفيه والذي بعثك بالحق ما أطلعاني على ما في أنفسهما وفيه لن نستعمل على عملنا من أراده. (1) تحدث العلماء عن حكمة عدم تولية من يطلب العمل. وقال ابن حجر في فتح الباري قال المهلب لما كان طلب العمالة دليلا على الحرص ابتغى أن يحترس من الحريص. فلذلك قال صلى الله عليه وسلم لا نستعمل على عملنا من أراده. وظاهر الحديث منع تولية من يحرص على الولاية إما على سبيل التحريم أو الكراهية وإلى التحريم جنح القرطبي لكن يستثنى من ذلك من تعين عليه اهـ. 48 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا إسرائيل عن سماك عن ثروان بن ملحان. (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير ثروان وهو ثقة

قال قلنا له لو حدثنا غيرك ما صدقناه قال فإنه سيكون. 49 - وعن يزيد بن أبي سفيان قال قال أبو بكر رضي الله عنه حين بعثني إلى الشام يا يزيد لك في قرابة عسى أن تؤثرهم بالإمارة وذلك أكبر ما أخاف عليك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من ولي من أمر المسلمين شيئا فأمر عليهم أحدا محاباة فعليه لعنة الله أو قال تبرأت منه ذمة الله عز وجل 50 - وعن مسعود بن قبيصة أو قبيصة بن مسعود قال: صلى هذا الحي من محارب الصبح فلما صلوا قال شاب منهم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إنه سيفتح لكم مشارق الأرض ومغاربها وإن عمالها في النار إلا من اتقى الله وأدى الأمانة. الباب الخامس فيما جاء في الأئمة المضلين وإمارة السفهاء ومن ليسوا أهلا للإمارة وفيه فصول: الفصل الأول في الأئمة المضلين كفانا الله شرهم. 51 - عن عمر رضي الله عنه أنه قال لكعب إني سائلك عن أمر فلا تكتمني قال

_ 49 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا يزيد بن عبد ربه قال ثنا بقية بن الوليد قال حدثني شيخ من قريش عن رجاء بن حيوة عن جنادة بن أبي أمية عن يزيد بن أبي سفيان قال. (تخريجه) إسناده ضعيف لجهالة الشيخ الذي روى عنه بقية بن الوليد. 50 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن يعقوب قال سمعت شقيق بن حيان يحدث عن مسعود بن قبيصة أو قبيصة بن مسعود قال (تخريجه) قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه أحمد وفيه شقيق بن حيان قال أبو حاتم مجهول وقال ابن حجر في تعجيل المنفعة ذكره ابن حبان في الثقات فيكون الحديث حسن الإسناد إن لم يكن صحيحا 51 - (سنده) حدثنا عبد القدوس بن الحجاج ثنا صفوان ثنا أبو المخارق زهير بن

والله لا أكتمك شيئا أعلمه قال ما أخوف شيء تخوفه على أمة محمد صلى الله عليه وسلم قال أئمة مضلين قال عمر صدقت قد أسر ذلك إلي وأعلمنيه رسول الله صلى الله عليه وسلم. 52 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال كنت مخاصر النبي صلى الله عليه وسلم يوما إلى منزله فسمعته يقول غير الدجال أخوف على أمتي من الدجال فلما خشيت أن يدخل قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي شيء أخوف على أمتك من الدجال قال الأئمة المضلين 53 - وعن أبي الدرداء قال عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أخوف ما أخاف عليكم الأئمة المضلون الفصل الثاني: في إمارة السفهاء نعوذ بالله منهم 54 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لكعب بن عجرة رضي الله عنه أعاذك الله من إمارة السفهاء قال وما إمارة السفهاء قال أمراء يكونون بعدي لا يقتدون بهديي ولا يستنون بسنتي فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم

_ سالم أن عمير بن سعد الأنصاري كان ولاه عمر حمص فذكر الحديث قال عمر يعني لكعب. (تخريجه) قال الهيثمي رجاله ثقات. 52 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود أنا ابن لهيعة عن ابن جبيرة عن أبي تميم الجيشاني قال سمعت أبا ذر يقول كنت مخاصر. (تخريجه) إسناده حسن وله شواهد. 53 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال حدثني أبي عن أبيه قال حدثني أخ لعدي بن أرطأة عن رجل عن أبي الدرداء. (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد والطبراني وفيه راويان لم يسميا. 54 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن ابن خثيم عن عبد الرحمن بن ثابت عن جابر بن عبد الله.

فأولئك ليسوا مني ولست منهم ولا يردوا علي حوضي ومن لم يعنهم علي ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردوا على حوضي 55 - وعن كعب بن عجرة رضي الله عنه قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم أو دخل ونحن تسعة وبيننا وسادة من أدم فقال إنها ستكون بعدي أمراء يكذبون ويظلمون فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم فذكر نحوه. 56 - وعن حذيفة بن اليمان عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه. 57 - وعن النعمان بن بشير قال خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن في المسجد بعد صلاة العشاء رفع بصره إلى السماء ثم خفضه حتى ظننا أنه قد حدث في السماء شيء فقال ألا إنه سيكون بعدي أمراء يكذبون ويظلمون فمن صدقهم بكذبهم ومالأهم على

_ وهذا جزء من حديث بقيته (يا كعب بن عجرة الصوم جنة والصدقة تطفئ الخطيئة والصلاة قربان أو قال برهان يا كعب بن عجرة إنه لا يدخل الجنة لحم نبت من سحت النار أولى به يا كعب بن عجرة الناس غاديان فمبتاع نفسه فمعتقها وبائع نفسه فموبقها). (تخريجه) قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح. 55 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثني أبو حصين عن الشعبي عن عاصم العدوي عن كعب بن عجرة. (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط وأحد أسانيد البزار رجاله رجال الصحيح ورجال أحمد كذلك وقال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه الطبراني وفيه عاصم بن عبد الله ضعيف 56 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن يونس عن حميد بن هلال أو عن غيره عن ربعي بن حراش عن حذيفة. (تخريجه) قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح 57 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن يزيد عن العوام قال حدثني

ظلمهم فليس مني ولا أنا منه ومن لم يصدقهم بكذبهم ولم يمالئهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه ألا وإن دم المسلم كفارة ألا وأن سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر هن الباقيات الصالحات 58 - وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيكون عليكم أمراء وترون أثرة قال قالوا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فما يصنع من أدرك ذاك منا قال أدوا الحق الذي عليكم وسلوا الله الذي لكم (وفي رواية إنكم سترون بعدي أثرة وأمورا تنكرونها قال قلنا ما تأمرنا قال أدوا لهم حقهم وسلوا الله حقكم 59 - وعنه بلفظ آخر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه سيلي أمركم من بعدي رجال يطفئون السنة ويحدثون بدعة ويؤخرون الصلاة عن مواقيتها قال ابن مسعود

_ رجل من الأنصار من آل النعمان بن بشير عن النعمان بن بشير (تخريجه) قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه أحمد وفيه راو لم يسم وبقية رجاله رجال الصحيح. 58 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الله بن مسعود. (تخريجه) صحيح. وفي رواية إنكم سترون بعدي (سنده) قال عبد الله سمعت أبي قال سمعت يحيى قال سمعت سليمان قال سمعت زيد بن وهب قال سمعت عبد الله بن مسعود. (غريبه) الأثرة بفتح الهمزة والثاء الاسم من آثر يؤثر إيثارا إذا أعطى وترون أثرة معناها أنه يستأثر عليكم فيفضل غيركم في نصيبه في الفيء. (تخريجه) صحيح 59 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن الصباح ثنا إسماعيل بن زكريا عن عبد الله

يا رسول الله كيف بي إذا أدركتهم قال ليس يا ابن أم عبد طاعة لمن عصى الله قالها ثلاث مرات 60 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيكون عليكم أمراء يأمرونكم بما لا يفعلون فمن صدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ولن يرد علي الحوض 61 - وعن أبي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تكون أمراء تغشاهم غواش أوحوش من الناس يظلمون ويكذبون فمن دخل عليهم فصدقهم بكذبهم وأعانهم على ظلمهم فليس مني ولست منه ومن لم يدخل عليهم بكذبهم ويعينهم على ظلمهم فهو مني وأنا منه 62 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه حدثهم عن النبي

_ بن عثمان بن خثيم عن القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن عبد الله (ابن مسعود) (تخريجه) صحيح 60 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر أنا أبو بكر يعني ابن عياش عن العلاء بن المسيب عن إبراهيم عن نافع عن ابن عمر. (تخريجه) إبراهيم هو بن قعيس ضعفه أبو حاتم ووثقه ابن حبان وبقية رجاله رجال الصحيح قاله الهيثمي وبذلك يكون إسناده حسن. 61 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن شعبة ثنا قتادة عن سليمان بن أبي سليمان عن أبي سعيد الخدري. (تخريجه) فيه سليمان بن أبي سليمان القرشي ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح قاله الهيثمي في مجمع الزوائد وقال ابن حجر في تعجيل المنفعة ذكره ابن حبان في الثقات وعليه فيكون الحديث صحيح الإسناد. 62 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة عن عطاء بن السائب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو.

صلى الله عليه وسلم قال ضاف ضيف رجلا من بني إسرائيل وفي داره كلبة مجح فقالت الكلبة والله لا أنبح ضيف أهلي قال فعوى جراؤها في بطنها قال قيل ما هذا قال فأوحى الله عز وجل إلى رجل منهم هذا مثل أمة تكون من بعدكم يقهر سفهاؤها أحلامها. 63 - وعن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال إنا لقعود على باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ننتظر أن يخرج لصلاة الظهر إذ خرج علينا فقال اسمعوا فقلنا سمعنا ثم قال اسمعوا فقلنا سمعنا فقال إنه سيكون عليكم أمراء

_ (غريبه) مجح بضم الميم وكسر الجيم وتشديد الحاء المهملة قاله ابن فارس في مقاييس اللغة صفحة 405 جزء أول (الجيم والحاء يدل على عظم الشيء ومن هذا الباب أجحت الأنثى إذا حملت فقربت وذلك حين تعظيم بطنها لكبر ولدها فيه والجمع مجاح. أحلامها من الحلم بكسر الحاء وسكون اللام ذووا الأناة والعقل وإحلام القوم حلماؤهم. (تخريجه) فيه عطاء بن السائب وقد اختلط قاله الهيثمي في مجمع الزوائد. 63 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا أبو يونس القشيري عن سماك بن حرب عن عبد الله بن خباب بن الأرت حدثني أبي خباب بن الأرت قال. (تخريجه) روح هو روح بن عبادة ثقة وأبو يونس القشيري هو حاتم بن صغيرة ثقة وسماك بن حرب تغير بآخرة فكان ربما يلقن قاله ابن حجر وعبد الله بن خباب ثقة وعليه فالحديث يحتمل التحسين والله أعلم. 64 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا عاصم يعني ابن محمد بن زيد بن بن عمر عن عامر بن السمط عن معاوية بن إسحاق عن عطاء بن يسار عن ابن مسعود قال.

بعدي يقولون ما لا يفعلون ويفعلون ما لا يؤمرون 65 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الأسود بن عامر وأبو المنذر إسماعيل بن عمر قالا ثنا كامل قال ثنا أبو صالح عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تذهب الدنيا حتى تصير للكع بن لكع وقال أسود يعني المتهم بن المتهم 66 - وعن أبي بردة بن نيار رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله 67 - وعن المقداد بن الأسود وأبي أمامة رضي الله عنهما قالا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الأمير إذا ابتغى الريبة في الناس أفسدهم 68 - وعن قيس بن سعد بن عبادة الأنصاري (رضي الله عنهما) قال إن رسول الله

_ (تخريجه) إسناده صحيح 65 - (غريبه) اللكع عند العرب العبد ثم استعمل في الحمق والذم يقال رجل لكع وامرأة لكاع وقيل اللئيم وقد يطلق على الصغير. (تخريجه) فيه كامل هو ابن العلاء (أو أبو العلاء) التميمي صدوق يخطئ وقال ابن حبان كان يقلب الأسانيد ويرفع المراسيل من حيث لا يدري فبطل الاحتجاج بأخباره وبقية رجاله ثقات. 66 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا الوليد بن عبد الله بن جميع عن الجهم بن أبي الجهم عن ابن نيار قال. (تخريجه) قال الهيثمي رجاله ثقات 67 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن عبد ربه ثنا بقية بن الوليد حدثني إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد عن جبير بن نفير وعمرو بن الأسود عن المقداد بن الأسود وأبي أمامة قالا (تخريجه) قال الهيثمي رجاله ثقات. 68 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا يزيد بن أبي حبيب أن قيس بن سعد بن عبادة قال.

صلى الله عليه وسلم قال من شدد سلطانه بمعصية الله أوهن الله كيده يوم القيامة 69 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بلغ بنو إبي فلان ثلاثين رجلا اتخذوا مال الله دولا ودين الله دخلا وعباد الله خولا. 70 - وعن داود بن أبي صالح قال أقبل مروان يوما فوجد رجلا (1) واضعا وجهه على القبر فقال أتدري ما تصنع فأقبل عليه فإذا هو أبو أيوب فقال نعم جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم آت الحجر سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تبكوا على الدين إذا وليه أهله ولكن ابكوا عليه إذا وليه غير أهله حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا جرير بن حازم قال

_ (تخريجه) قال الهيثمي فيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات. 69 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان قال عبد الله وسمعته أنا من عثمان ثنا جرير عن الأعمش عن عطية عن أبي سعيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (غريبه) دولا جمع دولة بالضم وهو ما يتداول من المال فيكون لقوم دون قوم. الدخل بالتحريك العيب والغش والفساد واتخذوا دين الله دخلا أي أدخلوا في الدين أمورا لم ترد بها السنة. خولا أي خدما وعبيدا يعني أنهم يستخدمونهم ويستعبدونهم. (تخريجه) رواه البزار والطبراني وأبو يعلى بلفظ إذا بلغ بنو أبي العاصي قاله الهيثمي 70 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمرو ثنا كثير بن زيد عن داود بن أبي صالح قال أقبل مروان. (1) واضعا وجهه على القبر الظاهر أنه قبر النبي صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) قال الهيثمي فيه كثير بن زيد وثقه أحمد وغيره وضعفه النسائي وغيره. (غريبه) الرعاء بالكسر والمد جمع راعي. الحطمة العنيف في الرعاية ضرب مثلا

سمعت الحسن يقول ويزيد بن هارون أنا جرير بن حازم ثنا الحسن قال دخل عائذ بن عمرو وقال يزيد وكان من صالحي النبي صلى الله عليه وسلم على عبيد الله بن زياد فقال إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول شر الرعاء الحطمة وقال عبد الرحمن فأظنه قال إياك أن تكون منهم ولم يشك يزيد فقال اجلس إنما أنت من نخالة أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم قال وهل كانت لهم أو فيهم نخالة إنما كانت النخالة بعدهم وفي غيرهم الفصل الثالث: في إمارة الصبيان 72 - عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: هلاك أمتي على يد غلمة من قريش قال مروان وهو معنا في الحلقة قبل أن يلي شيئا: فلعنة الله عليهم غلمة قال وأما والله لو أشاء أقول بنو فلان وبنو فلان لفعلت قال فقمت أخرج أنا مع أبي وجدي إلى مروان بعد ما ملكوا فإذا هم يبايعون الصبيان منهم ومن يبايع له وهو في خرقة، قال لنا: بل عسى أصحابكم هؤلاء أن يكونوا الذين سمعت أبا هريرة يذكر أن هذه الملوك يشبه بعضها بعضا

_ [لي إلى] السوء ويقال أيضا حطم بدون هاء وسميت النار الحطمة لأنها تحطم كل شيء. (تخريجه) أخرجه مسلم عن جرير بن حازم عن الحسن بلفظ إن شر الرعاء الحطمة الحديث .. 72 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا أبو أمية عمرو بن يحيى عن سعيد عن أبي هريرة. (تخريجه) قال ابن كثير في النهاية رواه البخاري بنحوه.

73 - وعن أبي هريرة أيضا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا القاسم عليه الصلاة والسلام الصادق المصدوق يقول إن هلاك أمتي أو فساد أمتي رؤوس أمراء أغيلمة سفهاء من قريش 74 - وعن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تعوذوا بالله من رأس السبعين وإمارة الصبيان. 75 - وعن عامر بن شهر رضي الله عنه قال سمعت كلمتين من النبي صلى الله عليه وسلم كلمة ومن النجاشي أخرى، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انظروا قريشا فخذوا من قولهم وذروا فعلهم، وكنت عند النجاشي جالسا فجاء ابنه من الكتاب فقرأ آية من الإنجيل فعرفتها أو فهمتها فضحكت فقال مم تضحك أمن كتاب الله تعالى فوالله إن مما أنزل إليه على عيسى بن مريم أن اللعنة تكون في الأرض إذا كان أمراؤها الصبيان.

_ 73 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سماك عن مالك بن ظالم قال سمعت أبا هريرة يقول. (غريبه) بتنوين السين في رؤوس وضم همزة أمراء (تخريجه) إسناده صحيح. 74 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا كامل أبو العلاء قال سمعت أبا صالح عن أبي هريرة قال. (تخريجه) فيه كامل أبو العلاء تقدمت ترجمته في ص 31. 75 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا أبو سعيد يعني المؤذن محمد بن مسلم بن أبي وضاح ثنا إسماعيل بن أبي خالد والمجالد بن سعيد عن عامر الشعبي عن عامر بن شهر قال: (تخريجه) الحديث صححه السيوطي وأخرجه ابن حبان في صحيحه.

الفصل الرابع في إمارة النساء 76 - عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم أتاه بشير يبشره بظفر جند له على عدوهم ورأسه في حجر عائشة رضي الله عنها فقام فخر ساجدا ثم أنشأ يسائل البشير فأخبره فيما أخبره أنهم ولي أمرهم امرأة فقال النبي صلى الله عليه وسلم الآن هلكت الرجال إذا أطاعت النساء هلكت الرجال إذا أطاعت النساء ثلاثا. 77 - وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يلي أمر فارس قالوا امرأة قال ما أفلح قوم يلي أمرهم امرأة. وعنه من طريق آخر عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ لن يفلح قوم تملكهم امرأة

_ 76 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك الحراني ثنا أبو بكرة بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة قال سمعت أبي يحدث عن أبي بكرة أنه. (تخريجه) هذا الحديث تقدم في سجود الشكر صفحة 186 من الجزء الرابع من الفتح الرباني وجاء فيها أخرجه أبو داود وابن ماجة والترمذي - ولفظه عندهم عن أبي بكرة أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه أمر يسر به أو بشر به خر ساجدا شكرا لله قال الترمذي هو حسن غريب. وفي إسناده بكار بن عبد العزيز عن أبي بكرة عن أبيه عن جده وهو ضعيف عند العقيلي وغيره وقال ابن معين إنه صالح الحديث اهـ كما جاء الحديث في باب ذم النساء في صفحة 307 من الجزء 21 من الفتح الرباني أخرجه الطبراني والحاكم وصححه الحاكم وأقره الذهبي 77 - (سنده) وجدت في كتاب أبي بخط يده ثنا هوزة بن خليفة ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن عبد الرحمن عن أبي بكرة. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا علي بن زيد عن عبد الرحمن بن أبي بكرة وبه حدثنا مبارك عن الحسن عن أبي بكرة (تخريجه) أخرجه الحاكم بلفظ لن يفلح قوم تملكهم امرأة وسكت عليه الذهبي.

78 - وعن أبي بكرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة 79 - وفي رواية عن أبي بكرة أن رجلا من أهل فارس أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال إن ربي تبارك وتعالى قد قتل ربك (يعني كسرى) قال وقيل له أنه قد استخلف ابنته قال فقال: لا يفلح قوم تملكهم امرأة الباب السادس: في وجوب طاعة أولي الأمر إلا في معصية الله تعالى ووجوب النصح لهم والتحذير من مخالفة الجماعة وفيه فصول الفصل الأول: في وجوب طاعة أولي الأمر وعدم الخروج عليهم 80 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ثنا كهمس بن الحسن ثنا الحسن ثنا أبو السليل عن أبي ذر رضي الله عنه قال جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يتلو علي هذه الآية (ومن يتق الله يجعل له مخرجا) حتى فرغ من الآية ثم قال يا أبا ذر لو أن الناس كلهم أخذوا بها لكفتهم قال فجعل يتلو بها ويرددها علي حتى نعست، ثم قال يا أبا ذر كيف تصنع إن أخرجت من المدينة قال قلت إلى السعة والدعة انطلق حتى أكون حمامة من حمام مكة، قال كيف تصنع إن أخرجت من مكة قال قلت إلى السعة والدعة إلى الشام والأرض المقدسة فقال وكيف تصنع إن أخرجت من الشام

_ 78 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عيينية حدثني أبي عن أبي بكرة (تخريجه) انظر الحديث بعده 79 - وفي رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا حماد بن سلمة عن حميد عن الحسن عن أبي بكرة قال (تخريجه) هذا حديث تقدم في صفحة 207 من الجزء 21 من الفتح الرباني وقال وجاء في رواية أخرى عن الإمام أحمد أيضا لن يفلح قوم أسندوا أمرهم إلى امرأة وقال في تخريجه أخرجه البخاري والترمذي والنسائي 80 - (تخريجه): يزيد هو يزيد بن عبد الله بن الشخير ثقة وكهمس بن الحسن ثقة وضعفه ابن معين والأزدي وأبو السليل هو دريد بن نفير ويقال بن نفير وقيل نفيل شمير ثقة وأرسل عن أبي ذر وعلى هذا فالحديث جيد الإسناد.

قال قلت إذا والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي قال أو خير من ذلك قال قلت أو خير من ذلك قال تسمع وتطيع وإن كان عبدا حبشيا. 81 - وعن خالد بن وهبان عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يا أبا ذر كيف أنت عند ولاة (وفي رواية كيف أنت وأئمة من بعدي) يستأثرون عليك بهذا الفيء قال والذي بعثك بالحق أضع سيفي على عاتقي فأضرب به حتى ألحقك قال أفلا أدلك على خير لك من ذلك تصبر حتى تلقاني. 82 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك ولا تنازع الأمر أهله وإن رأيت أن لك (زاد في رواية) ما لم يأمروك بإثم بواحا.

_ 81 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو جعفر أحمد بن محمد بن أيوب ثنا أبو بكر يعني ابن عياش عن مطرف عن أبي الجهم عن خالد بن وهبان عن أبي ذر وفي رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ويحيى بن أبي بكير مولى البراء وأثنى عليه خيرا قالا ثنا زهير عن مطرف قال بن أبي بكير ثنا مطرف يعني الحارثي عن أبي الجهم قال ابن أبي بكير عن خالد بن وهبان أو وهبان عن عن أبي ذر (تخريجه) لم أقف عليه بهذا اللفظ لغير الإمام أحمد وفي الباب شواهد تؤيده. 82 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد بن مسلم حدثني الأوزاعي عن عمير بن هانئ أنه حدثه عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت زاد في رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد قال حدثني ابن ثوبان لعله عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن عمير بن هانئ حدثه عن جنادة بن أبي أمية عن عبادة بن الصامت (غريبه) بواحا أي جهارا من باح بالشيء يبوح به إذا أعلنه (تخريجه) رواه مسلم بدون لا تنازع الأمر أهله الخ والنسائي بلفظ بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم

83 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عليك السمع والطاعة في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك وأثرة عليك. 84 - وعن أم الحصين الأحمسية (رضي الله عنها) قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب بعرفات وهو يقول ولو استعمل عليكم عبد يقودكم بكتاب الله فاسمعوا له وأطيعوا قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد رحمهما الله) وسمعت أبي يقول إني لأرى له السمع والطاعة في العسر واليسر والمنشط والمكره. (وعنها من طريق آخر) قالت رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع يخطب على المنبر عليه برد له قد التفع به من تحت إبطه قالت فأنا أنظر إلى عضلة عضده ترتج فسمعته يقول يا أيها الناس اتقوا الله وإن أمر عليكم عبد حبشي مجدع فاسمعوا له وأطيعوا ما أقام فيكم كتاب الله عز وجل. 85 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون

_ 83 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سعيد بن منصور وقتيبة قالا حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبي حازم عن أبي صالح عن أبي هريرة (تخريجه) رواه مسلم في كتاب الإمارة والنسائي في البيعة بلفظ مختلف 84 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو نعيم قال ثنا يونس عن العيزار بن حريث قال سمعت أم الحصين الأحمسية قالت (غريبه) مجدوع أي مقطوع الأنف والجدع قطع الأنف والأذن والشفة وهو بالأنف أخص فإذا أطلق غلب عليه (تخريجه) رواه مسلم بنحوه 85 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا أبي وعفان ثنا عبد الوارث

عليكم أمراء تطمئن إليهم القلوب وتلين لهم الجلود ثم يكون عليكم أمراء تشمئز منهم القلوب وتقشعر منهم الجلود فقال رجل أنقاتلهم يا رسول الله قال لا ما أقاموا الصلاة. 86 - وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه ستكون أمراء تعرفون وتنكرون فمن أنكر فقد برئ ومن كره فقد سلم ولكن من رضي وتابع قالوا يا رسول الله أفلا نقاتلهم قال لا ما صلوا لكم الخمس. 87 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اسمعوا وأطيعوا وإن استعمل عليكم حبشي كأن رأسه زبيبة. 88 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبي التياح قال سمعت أبا زرعة يحدث عن أبي هريرة رضي الله عنه قال يهلك أمتي هذا الحي من قريش قالوا فما تأمرنا يا رسول الله قال لو أن الناس اعتزلوهم وقال أبي في مرضه الذي مات فيه اضرب على هذا الحديث فإنه خلاف الأحاديث عن النبي صلى الله عليه وسلم يعني قوله اسمعوا وأطيعوا واصبروا

_ قال ثنا محمد بن جحادة حدثني الوليد عن عبد الله البهي عن أبي سعيد الخدري (تخريجه) قال الهيثمي فيه الوليد صاحب عبد الله البهي لم أعرفه وبقية رجاله ثقات 86 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ثنا هشام بن حسان عن الحسن عن ضبة بن محصن عن أم سلمة (تخريجه) رواه الترمذي بنحوه وقال حديث حسن صحيح 87 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد ثنا شعبة حدثنا أبو التياح عن أنس قال (تخريجه) صحيح ورواه البخاري بلفظه ومسلم بنحوه 88 - (تخريجه) أبو التياح هو يزيد بن حميد الضبعي. وأبو زرعة هو ابن عمر بن جرير والحديث إسناده صحيح ورواه البخاري ورواه مسلم إلى قوله (اعتزلوهم)

89 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصى الله ومن أطاع أميري فقد أطاعني ومن عصى أميري فقد عصاني 90 - حدثنا عبد الله حدثني أبي قال قرئ على سفيان سمعت أبا الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم فسمعت سفيان يقول من أطاع أميري فقد أطاعني ومن أطاعني فقد أطاع الله عز وجل قال أبي وقال سفيان في حديث أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة وابن جريج عن الحسن بن مسلم عن طاوس عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم سبقت الدرع لو أمرت بجر بنانه وتعفو أثره (1) فوسعها قال أبو الزناد يوسعها ولا تتسع قال ابن جريج عن الحسن بن مسلم ولا يتوسع 91 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من عبد الله لا يشرك به شيئا فأقام الصلاة وآتى الزكاة وسمع وعصى فإن الله تعالى من أمره بالخيار إن شاء الله

_ 89 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر أخبرني الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة (تخريجه) إسناده صحيح ورواه البخاري ومسلم بلفظه وإسناده 90 - (تخريجه) رواه مسلم في كتاب الإمارة وأبو داود الطيالسي في مسنده (تخريجه) رواه الطيالسي بلفظه رواه مسلم بمعناه والبخاري بنحوه من حديثه وإسناده صحيح وللحديث بقية ليس هذا موضعها. 91 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان ثنا ابن عياش عن عقيل بن مدرك السلمي عن عثمان بن عامر عن أبي راشد الحراني عن عبادة بن الصامت

وإن شاء عذبه الفصل الثاني: في قوله صلى الله عليه وسلم لا طاعة لبشر في معصية الله تعالى 92 - عن علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا طاعة لبشر في معصية الله 93 - ز - وعنه رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية واستعمل عليهم رجلا من الأنصار قال فلما وجد عليهم في شيء قال لهم أليس قد أمركم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تطيعوني قالوا بلى قال فقال اجمعوا حطبا ثم دعا بنار فأضرمها فيه ثم قال عزمت عليكم لتدخلنها قال فهم القوم أن يدخلوها قال شاب فيهم إنما فررتم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من النار فلا تعجلوا حتى تلقوا النبي صلى الله عليه وسلم فإن أمركم أن تدخلوها فادخلوا قال فرجعوا إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبروه فقال لهم

_ (تخريجه) قال الهيثمي رجاله ثقات 92 - (سنده) حدثنا أبي ثنا عبد الرحمن ثنا سفيان عن زبيد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن عن علي رضي الله عنه (تخريجه) إسناده صحيح 93 - وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله ثنا عبيد الله بن عمر القواريري ثنا ابن مهدي عن سفيان عن زبيد عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي (تخريجه) إسناده صحيح وهذا حديث من زيادات عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل وله شواهد في الصحيحين. 94 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن سعد بن عبيدة عن أبي عبد الرحمن السلمي عن علي رضي الله عنه

لو دخلتموها ما خرجتم منها أبدا إنما الطاعة في المعروف وعنه من طريق آخر بنحوه وفيه لو دخلتموها لم تزالوا فيها إلى يوم القيامة وقال للآخرين قولا حسنا وقال لا طاعة في معصية الله إنما الطاعة في المعروف. 95 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال السمع والطاعة على المرء فيما أحب أو كره إلا أن يؤمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة. 96 - وعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا طاعة في معصية الله تبارك وتعالى. 97 - وعن الحسن أن زياداً استعمل الحكم الغفاري رضي الله عنه على جيش فأتاه عمران بن حصين رضي الله عنه فلقيه بين الناس فقال أتدري لم جئتك فقال له لم

_ (تخريجه) إسناده صحيح ورواه البخاري وغيره بنحوه وعنه طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن زبيد الأيامي هو ابن الحارث بن عبد الكريم والحديث إسناده صحيح. 95 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرني نافع عن ابن عمر. (تخريجه) إسناده صحيح ورواه البخاري بنحوه. 96 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن أنا همام عن قتادة عن أبي مراية عن عمران بن حصين. (تخريجه) الحديث صحيح ورواه مسلم بلفظه والبخاري بلفظه لا طاعة في المعصية 97 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حماد أنا يونس وحميد عن الحسن الخ

قال هل تذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم للرجل الذي قال له أميره قع في النار فادرك فاحتبس فأخبر بذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال لو وقع فيها لدخلا النار جميعا لا طاعة في معصية الله تبارك وتعالى قال نعم قال إنما أردت أن أذكرك هذا الحديث. 98 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا سليمان بن المغيرة ثنا حميد يعني بن هلال عن عبد الله بن الصامت قال أراد زياد أن يبعث عمران بن حصين رضي الله عنه على خراسان فأبى عليهم فقال له أصحابه أتركت خراسان أن تكون عليها قال فقال إني والله ما يسرني أن أصلي بحرها وتصلون ببردها إني أخاف إذا كنت في نحور العدو أن يأتيني كتاب من زياد فإن أنا مضيت هلكت، وإن رجعت ضربت عنقي قال فأراد الحكم بن عمرو الغفاري رضي الله عنه عليها قال فانقاد لأمره قال فقال عمران ألا أحد يدعو لي الحكم قال فانطلق الرسول قال فأقبل الحكم إليه قال فدخل عليه قال فقال عمران للحكم أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا طاعة لأحد في معصية الله تبارك وتعالى قال نعم فقال عمران لله الحمد أو الله أكبر. 99 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن معاذا قال يا رسول الله أرأيت إن كان علينا أمراء لا يستنون بسنتك ولا يأخذون بأمرك فما تأمر في أمرهم فقال رسول الله

_ (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد بألفاظ وللطبراني باختصار وفي بعض طرقه لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ورجال أحمد رجال الصحيح. 98 - (تخريجه) قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح ورواه البزار بنحوه ورجاله رجال الصحيح. 99 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حرب بن شداد بصري ثنا يحيى يعنى ابن أبي كثير قال عمرو بن زينب العنبري أن أنس بن مالك حدثه أن معاذا.

صلى الله عليه وسلم لا طاعة لمن لم يطع الله عز وجل. 100 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع أبو اليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد الله بن عثمان بن خيثم حدثني إسماعيل بن عبيد الأنصاري فذكر الحديث (1) فقال عبادة (يعني ابن الصامت رضي الله عنه) لأبي هريرة يا أبا هريرة إنك لم تكن معنا إذ بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم إنا بايعناه على السمع والطاعة في النشاط والكسل وعلى النفقة في اليسر العسر وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وعلى أن نقول في الله تبارك وتعالى ولا نخاف لومة لائم فيه وعلى أن ننصر النبي صلى الله عليه وسلم إذا قدم علينا يثرب فنمنعه مما نمنع منه أنفسنا وأزواجنا وأبناءنا ولنا الجنة فهذه بيعة رسول الله صلى الله عليه وسلم التي بايعنا عليها فمن نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما بايع عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وفى الله تبارك وتعالى بما بايع عليه نبيه، فكتب معاوية إلى عثمان بن عفان (رضي الله عنه) إن عبادة بن الصامت قد أفسد علي الشام وأهله فإما تكن إليك عبادة وإما أخلي بينه وبين الشام، فكتب إليه أن رحل عبادة حتى ترجعه إلى داره من المدينة فبعث بعبادة حتى قدم المدينة فدخل على عثمان في الدار وليس في الدار غير رجل من السابقين أو من التابعين قد أدرك القوم فلم يفجأ عثمان إلا وهو قاعد في جنب الدار فالتفت إليه فقال يا عبادة بن الصامت ما لنا ولك فقام عبادة بين ظهراني الناس فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم أبا القاسم محمدا صلى الله عليه وسلم يقول إنه سيلي أموركم بعدي رجال

_ (تخريجه) قال الهيثمي فيه عمرو بن زينب ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح وعمرو بن زينب صحته عمرو بن زينب العنبري البصري قال ابن حجر في تعجيل المنفعة ذكره ابن حبان في الثقات وعلى هذا فالحديث جيد الإسناد. (1) انظر الحديث السابق 100 - (تخريجه) قال الهيثمي رواه الطبراني ورجاله رجال أحمد إلا أن إسماعيل بن عياش رواه عن الحجازيين وروايته عنهم ضعيفة.

يعرفونكم ما تنكرون وينكرون عليكم ما تعرفون فلا طاعة لمن عصى الله تبارك وتعالى فلا تعتلوا بربكم الفصل الثالث: في وجوب مناصحة أولي الأمر وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر 101 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نضر الله عبدا سمع مقالتي هذه فحملها فرب حامل الفقه فيه غير فقيه، ورب حامل الفقه إلى من هو أفقه منه، ثلاث لا يغل عليهن صدر مسلم، إخلاص العمل لله عز وجل ومناصحة أولي الأمر ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم. 102 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ومحمد بن يزيد قال ثنا العوام قال محمد عن القاسم وقال يزيد في حديثه حدثني القاسم بن عوف الشيباني عن رجل قال كنا قد حملنا لأبي ذر (رضي الله عنه) شيئا نريد أن نعطيه إياه فأتيناه الربذة فسألنا

_ (غريبه) تعتلوا أي تعتذروا. 101 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة عن معان بن رفاعة قال حدثني عبد الوهاب بن بخت المكي عن أنس بن مالك. (غريبه) لا يغل عليهن بضم الياء وكسر الغين وتشديد اللام هو من الأغلال. الخيانة في كل شيء. ويروى بفتح الياء وكسر الغين من الغل وهو الحقد والشحناء أي لا يدخله حقد يزيله عن الحق وروي يغيل بفتح الياء وكسر الغين وضم اللام المخففة من الوغول وهو الدخول في الشر. والمعنى أن هذه الخلال الثلاث تستصلح بها القلوب فمن تمسك بها طهر قلبه من الخيانة والشر. قاله في النهاية ابن الأثير. (تخريجه) رواه الحاكم في المستدرك بنحوه وصححه وأقره الذهبي ورواه ابن ماجة في مقدمة سننه بنحوه. 102 - (تخريجه) قال الهيثمي فيه راوي لم يسم وبقية رجاله ثقات.

عنه فلم نجده قيل استأذن في الحج فأذن له فأتيناه بالبلدة وهي منى فبينا نحن عنده إذ قيل له إن عثمان صلى أربعا فاشتد ذلك على أبي ذر وقال قولا شديدا وقال صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى ركعتين وصليت مع أبي بكر وعمر ثم قام أبو ذر فصلى أربعا فقيل له عبت على أمير المؤمنين شيئا ثم صنعت قال الخلاف أشد إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطبنا فقال إنه كائن بعدي سلطان فلا تذلوه فمن أراد أن يذله فقد خلع ربقة الإسلام من عنقه وليس بمقبول منه توبة حتى يسد ثلمته التي ثلم وليس بفاعل ثم يعود فيكون فيمن يعزه، أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا يغلبونا على ثلاث أن نأمر بالمعروف وننهى عن المنكر ونعلم الناس السنن. 103 - وعن سعيد بن جمهان قال أتيت عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه وهو محجوب البصر فسلمت عليه قال لي من أنت فقلت أنا سعيد بن جمهان قال فما فعل والدك قال قلت قتلته الأزارقة قال لعن الله الأزارقة لعن الله الأزارقة حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنهم كلاب النار قال قلت الأزارقة وحدهم أم الخوارج كلها قال بلى الخوارج كلها، قال قلت فإن السلطان يظلم الناس ويفعل بهم قال فتناول يدي فغمزها بيده غمزة شديدة ثم قال ويحك يا ابن جمهان، عليك بالسواد الأعظم، عليك بالسواد الأعظم إن كان السلطان يسمع منك فأته في بيته فأخبره بما تعلم فإن قبل منك وإلا فدعه فإنك لست بأعلم منه.

_ 103 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا الحشرج بن نباتة العبسي كوفي حدثني سعيد بن جمهان قال. (تخريجه) قال الهيثمي روى ابن ماجه طرفا منه ورجال أحمد ثقات.

104 - وعن شريح بن عبيد الحضرمي وغيره قال جلد عياض بن غنم رضي الله عنه صاحب دار حين فتحت فأغلظ له هشام بن حكيم (بن حزام) القول حتى غضب عياض ثم مكث ليالي فأتاه هشام بن حكيم فاعتذر إليه ثم قال هشام لعياض ألم تسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول من أراد أن ينصح السلطان بأمر فلا يبد له علانية ولكن ليأخذ بيده ليخلو به فإن قبل منه فذاك وإلا كان قد أدى الذي عليه له وإنك يا هشام لأنت الجريء إذ تجترئ على سلطان الله فلا خشيت أن يقتلك السلطان فتكون قتيل سلطان الله تبارك وتعالى الفصل الرابع في لزوم جماعة المسلمين وإكرام السلطان 105 - ز - عن أبي ذر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إثنان خير من واحد وثلاث خير من اثنين وأربعة خير من ثلاثة فعليكم بالجماعة فإن الله عز وجل لن يجمع أمتي إلا على هدى

_ 104 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان حدثني شريح بن عبيد الحضرمي وغيره قال (تخريجه) قال الهيثمي في الصحيح طرف منه من حديث هشام فقط ورجال أحمد ثقات إلا أني لم أجد لشريح من عياض وهشام سماعا وإن كان تابعيا 105 - (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبو اليمان ثنا ابن عياش عن البختري بن عبيد بن سليمان عن أبيه عن أبي ذر (غريبه) الربقة في الأصل عروة في حبل تجعل في عنق البهيمة أو يدها تمسكها فاستعارهما للإسلام يعني ما يشد به المسلم نفسه من عرى الإسلام (تخريجه) قال المناوي رمز المصنف (السيوطي) لصحته وليس كما زعم فقد أعله الهيثمي بأن أبا البختري هذا ضعيف وأقول بن عياش أورده الذهبي في الضعفاء

106 - ز - وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خالف الجماعة شبرا خلع ربقة الإسلام في عنقه 107 - وعن ربعي بن حراش قال انطلقت إلى حذيفة (بن اليمان رضي الله عنه) بالمدائن ليالي سار الناس إلى عثمان (بن عفان رضي الله عنه) فقال يا ربعي ما فعل قومك قال قلت عن أي بالهم تسأل قال من خرج منهم إلى هذا الرجل (يعني عثمان) فسميت رجالا فيمن خرج إليه فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من فارق الجماعة واستذل الإمارة لقي الله عز وجل ولا وجه له عنده 108 - وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أكرم سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أكرمه الله يوم القيامة ومن أهان

_ وقال مختلف فيه وليس بالقوي وقال في اللسان وأبو البختري لا يكاد يعرف كذبه دحيم قال في ذيل الضعفاء والمتروكين وأبو عبيدة تابعي لا يعرف هكذا قال. 106 - وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أحمد بن محمد ثنا أبو بكر يعني ابن عياش عن مطرف عن أبي الجهم عن خالد بن وهبان عن أبي ذر (تخريجه) فيه ابن عياش تكلموا فيه وأخرجه البخاري ومسلم والحاكم في المستدرك بنحوه بألفاظ متقاربة 107 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن سليمان ثنا كثير أبو النضر عن ربعي بن حراش (تخريجه) أخرجه الحاكم بسنده وفيه لقي الله عز وجل ولا حجة له وصححه الذهبي 108 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بكر ثنا حميد بن مهران ثنا سعد بن أوس عن زياد بن كسيب العدوي عن أبي بكرة

سلطان الله تبارك وتعالى في الدنيا أهانه الله يوم القيامة. (الباب) السابع فيما جاء في البيعة وأحكامها وفيه فصلان الفصل الأول في كيفية بيعة النبي صلى الله عليه وسلم 109 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان النبي صلى الله عليه وسلم يبايع على السمع والطاعة فقال فيما استطعتم. وعنه من طريق آخر بلفظ قال بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم بيدي هذه اليمنى على السمع والطاعة فيما استطعت. 111 - وعن عبادة بن الوليد بن عبادة عن أبيه عن جده رضي الله عنه قال بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في عسرنا ويسرنا ومنشطنا ومكرهنا والأثرة علينا وأن لا ننازع الأمر أهله ونقوم بالحق حيث كان ولا نخاف في الله لومة لائم.

_ (تخريجه) قال الهيثمي رجاله ثقات 109 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر (تخريجه) أخرجه البخاري عن مالك عن عبد الله بن دينار عن عبد الله بن عمر وأخرجه مسلم عن طريق ابن جعفر عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر 110 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا شعبة عن غياث مولى ابن هرمز قال سمعت أنس بن مالك (تخريجه) (غياث) صحته عتاب (بالتاء المثنى) بن مولى هرمز أو بن هرمز بصري صدوق قاله ابن حجر في تقريب التهذيب وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت أنس بن مالك (تخريجه) أخرجه أبو داود الطيالسي 111 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سيار ويحيى بن سعيد القاضي

112 - حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سفيان عن يحيى عن عبادة بن الوليد بن عبادة بن الصامت سمعه من جده وقال سفيان مرة عن جده عبادة (رضي الله عنه) قال سفيان وعبادة نقيب وهو من السبعة بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المعسر والميسر والمنشط والمكره ولا ننازع الأمر أهله (وفي رواية وإن رأيت أن لك) نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ثم قال سفيان زاد بعض الناس ما لم ترو كفرا بواحا. 113 - حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا إسماعيل بن إبراهيم أنا خالد الحذاء عن أبي قلابة قال خالد أحسبه ذكره عن أبي أسماء قال قال عبادة بن الصامت (رضي الله عنه) أخذ علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم كما أخذ على النساء ستا أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تسرقوا ولا تزنوا ولا تقتلوا أولادكم ولا يعضد بعضكم بعضا ولا تعصوني في معروف فمن أصاب منكم منهن حدا فعجل له عقوبته فهو كفارته وإن أخر عنه فأمره إلى الله تعالى إن شاء عذبه وإن شاء رحمه. 114 - وعن سلمة بن قيس الأشجعي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في

_ أنهما سمعا عبادة بن الوليد بن عبادة يحدث عن أبيه أما سيار فقال عن النبي صلى الله عليه وسلم وأما يحيى فقال عن أبيه عن جده قال بايعنا (تخريجه) أخرجه البخاري بسنده من طريق مالك بلفظ بايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة في المنشط والمكره وأن لا ننازع الأمر أهله وأن نقوم أو نقول بالحق حيثما كنا لا نخاف في الله لومة لائم ومسلم في باب وجوب طاعة الأمراء في غير معصية. وقد تقدم الحديث في مناقب عبادة بن الصامت ص 275 من الجزء الثاني والعشرين من الفتح الرباني. 112 - (تخريجه) انظر الحديث السابق 113 - (غريبه) يعضد: يقال عضدت الشجر أي قطعته وهو هنا بمعنى التقاطع (تخريجه) أخرجه البخاري عن عبادة بن الصامت من غير هذا السند بألفاظ متقاربة أورد الهيثمي رواية مقاربة عن جرير بن عبد الله البجلي وقال رواه الطبراني وفيه سيف بن هارون وثقه أبو نعيم وضعفه جماعة وبقية رجاله رجال الصحيح 114 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم قال ثنا أبو معاوية يعني شيبان بن منصور عن هلال بن يساف عن سلمة بن قيس

حجة الوداع إنما هن أربع أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تقتلوا النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا تزنوا ولا تسرقوا قال فما أنا بأشح عليهن إذ سمعتهن من رسول الله صلى الله عليه وسلم. 115 - وعن حكيم بن حزام رضي الله عنه بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا أخر إلا قائما. 116 - ز - وعن قتادة عن رجل من بني سدوس عن قطبة بن قتادة قال بايعت النبي صلى الله عليه وسلم على ابنتي الحوصلة وكان يكنى بأبي الحوصلة. 1117 - وعن أبي الزبير قال سألت جابرا (يعني ابن عبد الله رضي الله عنهما) عن شأن ثقيف إذ بايعت فقال اشترطت على رسول الله صلى الله عليه وسلم أن لا صدقة عليها ولا جهاد

_ (تخريجه) رواه البخاري في كتاب الإيمان بلفظ بايعوني على ألا تشركوا الخ .. 115 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن أبي بشر عن يوسف بن ماهك يحدث عن حكيم بن حزام (غريبه) خرَّ يخُِرُّ بالضم والكسر إذا سقط في محل ومعناه لا أموت إلا متمسكا بالإسلام وقيل لا أقع في شيء من تجارتي وأموري إلا قمت به منتصبا له وقيل لا أغبن ولا أغبن جاء ذلك في مجمع بحار الأنوار واللفظ يتسع لمعان أخرى والله أعلم (تخريجه) أخرجه النسائي 116 - (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني محمد بن ثعلبة بن سواء قال حدثني حمران بن يزيد عن قتادة عن رجل من بني سدوس (تخريجه) رواه الدارقطني في المؤتلف والمختلف من طريق مالك بن عبد الواحد عن عون عن عمران عن مقاتل بن معدان بلفظ أتى قطبة بن جرير السدوسي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال أبايعك على نفسي وعلى ابنتي الحويصلة وبها كان يكنى اهـ وضبط أباه بفتح المهملة بفتح المهملة وآخره زاي. وضبطه بعضهم بضم الجيم وفتح الزاي بعدها مثناة تحتية ثقيلة. وجاء في أسد الغابة عن عمران بن حدير أن قطبة بن قتادة هو قطبة بن حريز قاله ابن مندة وأبو نعيم 117 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير قال سألت جابرا

قال وأخبرني جابر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سيصدقون ويجاهدون إذا أسلموا يعني ثقيفا 118 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال جاء عبد فبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الهجرة ولم يشعر رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه عبد فجاء سيده يريده فقال النبي صلى الله عليه وسلم بعنيه فاشتراه بعبدين أسودين ثم لم يبايع أحدا بعد حتى يسأله أعبد هو. الفصل الثاني في وجوب البيعة ولزومها وعدم التخلي عنها. 119 - عن أبي صالح عن معاوية (بن أبي سفيان رضي الله عنهما) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات بغير إمام مات ميتة جاهلية. 120 - وعن عامر بن ربيعة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مات وليست عليه طاعة مات ميتة جاهلية فإن خلعها من بعد عقدها في عنقه (وفي رواية بعد عقده إياها في عنقه) لقي الله تبارك وتعالى وليست له حجة.

_ (تخريجه) أخرجه أبو داود من طريق إسماعيل يعني ابن عبد الكريم حدثني إبراهيم يعني ابن عقيل بن منبه عن أبيه عن وهب بلفظه وسكت عليه فهو عنده حسن وسكت أيضا عنه المنذري 118 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجين حدثنا ليث عن أبي الزبير وإسحاق بن عيسى حدثنا ليث حدثني أبو الزبير عن جابر (تخريجه) أخرجه النسائي وابن ماجه كلاهما عن طريق الليث عن أبي الزبير عن جابر بلفظه 119 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر أنا أبو بكر بن عن عاصم عن أبي صالح عن معاوية (تخريجه) قال الهيثمي رواه الطبراني في الأوسط وفي رواته العباس بن الحسن القنطري ولم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح وبلفظ من مات وليس عليه إمام 120 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر وحسن قالا ثنا شريك عن عاصم بن عبيد الله عن عبد الله بن عامر يعني ابن ربيعة عن أبيه (تخريجه) جاء هذا الحديث في ص 77 من الجزء 17 من الفتح الرباني وقال مصنفه رحمه الله: أورده الهيثمي وقال رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبراني وفيه عاصم بن عبيد وهو ضعيف

121 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إن بني إسرائيل كانت تسوسهم الأنبياء كلما هلك نبي خلفه نبي وأنه لا نبي بعدي إنه سيكون خلفاء فتكثر قالوا فما تأمرنا قال فوا ببيعة الأول فالأول وأعطوهم حقهم الذي جعل الله لهم فإن الله سائلهم عما استرعاهم. 122 - وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خرج من الطاعة وفارق الجماعة فمات فميتته جاهلية ومن قاتل تحت راية عمية يغضب لعصبته ويقاتل لعصبته وينصر عصبته فقتل فقتلة جاهلية ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها لا يتحاشى لمؤمنها ولا يفي لذي عهدها فليس مني ولست منه. 123 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رأى من أميره شيئا يكرهه فليصبر فإنه من خالف الجماعة شبرا فمات فميتته جاهلية (وفي رواية) فيموت إلا مات ميتة جاهلية.

_ 121 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن فرات سمعت أبا حازم قال قاعدت أبا هريرة خمس سنين فسمعته يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال (تخريجه) إسناده صحيح رواه مسلم بدون الذي جعل لهم 122 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ثنا جرير بن حازم عن غيلان بن جرير عن أبي قيس بن رباح عن أبي هريرة (غريبه) عمية أي ضالة كالقتال في العصبة والأهواء وهي بكسر العين أو ضمها وبكسر الميم المشددة (تخريجه) الحديث صحيح الإسناد ورواه مسلم بسنده وبألفاظ متقاربة 123 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن الربيع ثنا حماد بن زيد عن الجعد أبي عثمان عن أبي رجاء عن ابن عباس (تخريجه) إسناده صحيح. حسن بن الربيع بن سليمان البجلي ثقة والجعد أبو عثمان هو الجعد بن دينار اليشكري ثقة وثقه ابن معين وأبو داود وغيرهما. وأخرجه البخاري ومسلم وفي رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن ثنا حماد بن زيد عن الجعد أبي عثمان قال سمعت أبا رجاء العطاردي يحدث عن ابن عباس يرويه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال وفي رواية (تخريجه) إسناده صحيح وهو مكرر وحسن الوارد في هذه الرواية هو ابن موسى الأشيب ثقة

124 - وعن عوف بن مالك الأشجعي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خيار أئمتكم من تحبونهم ويحبونكم وتصلون عليهم ويصلون عليكم وشرار أئمتكم الذين تبغضونهم ويبغضونكم وتلعنونهم ويلعنونكم قلنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا ننابذهم عند ذلك قال لا ما أقاموا لكم الصلاة، ألا ومن ولي عليه أمير وال فرآه يأتي شيئا من معصية الله فلينكر ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة. 125 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من مات على غير طاعة الله مات ولا حجة له ومن مات وقد نزع يده من بيعة كانت ميتته ميتة ضلالة. 126 - وعن زيد بن أسلم عن أبيه قال دخلت مع ابن عمر (رضي الله عنهما) على عبد الله بن مطيع فقال مرحبا بأبي عبد الرحمن ضعوا له وسادة فقال إنما جئتك لأحدثك حديثا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من نزع يدا من طاعة الله فإنه يأتي يوم القيامة لا حجة له ومن مات وهو مفارق للجماعة فإنه يموت ميتة جاهلية.

_ 124 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن إسحاق قال أنا عبد الله قال أخبرني عبد الرحمن بن بريد بن جابر قال حدثني زريق مولى بني فزارة عن مسلم بن قرظة وكان ابن عم عوف بن مالك قال سمعت عوف بن مالك يقول سمعت (تخريجه) أخرجه مسلم بألفاظ متقاربة عن يزيد بن يزيد بن جابر عن رزيق بن حبان عن مسلم بن قرظة وعبد الرحمن بن بريد بن جابر صحته عبد الرحمن بن يزيد بن جابر الأزدي وزريق بن حبان بتقديم الزاي يقال له أيضا رزيق بتقديم الراء قاله ابن حجر في تهذيب التهذيب 125 - (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبي حدثنا إسحاق بن عيسى ثنا ابن لهيعة عن بكير عن نافع عن ابن عمر (تخريجه) فيه ابن لهيعة وقد تكلموا فيه وبكير هو عبد الله بن الأشج المدني نزيل مصر ثقة والحديث جيد الإسناد وله شاهد عند مسلم بلفظ من خلع يده من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية من عدة طرق عن عبد الله بن عمر 126 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك ثنا هشام يعني ابن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال (تخريجه) إسناده صحيح وانظر الحديث قبله

127 - وعن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة قال انتهيت إلى عبد الله بن عمرو بن العاص (رضي الله عنهما) وهو جالس في ظل الكعبة فسمعته يقول بينا نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر (فذكر حديثا طويلا) وفيه من بايع إماما فأعطاه صفقة يده وثمرة قلبه فليطعه ما استطاع فإن جاء آخر ينازعه فاضربوا عنق الآخر قال فأدخلت رأسي من بين الناس فقلت أنشدك بالله آنت سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فأشار بيده إلى أذنيه فقال سمعته أذناي ووعاه قلبي قال فقلت هذا ابن عمك معاوية يعني يأمرنا بأكل أموالنا بيننا بالباطل وأن نقتل أنفسنا وقد قال الله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل قال فجمع يديه فوضعهما على جبهته ثم نكس هنية ثم رفع رأسه فقال أطعه في طاعة الله واعصه في معصية الله عز وجل. أبواب ما جاء في خلافة أول الخلفاء الراشدين أبي بكر الصديق رضي الله عنه الباب الأول: في ذكر الأحاديث المشيرة إلى خلافته رضي الله عنه 128 - عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر (رضي الله عنهما).

_ 127 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن زيد بن وهب عن عبد الرحمن بن عبد رب الكعبة (غريبه) صفقة يده هو أن يعطي الرجل الرجل عهده وميثاقه لأن المتعاهدين يضع أحدهما يده في يد الآخر كما يفعل المتبايعان وهي المرة من التصفيق باليدين (تخريجه) هذا طرف من حديث طويل تقدم بكامله في باب خطب النبي صلى الله عليه وسلم في صفحة 270، 271 من الجزء 21 من كتاب الفتح الرباني وقال مصنفه رحمه الله رواه مسلم بطوله وكذا ابن ماجه والنسائي إلا أنهما اختصرا شيئا من آخره وروى بعضه أبو داود اهـ 128 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عيينة عن زائدة عن عبد الملك بن عمير عن ربعي بن حراش عن حذيفة.

129 - ز - وعن أبي جحيفة قال سمعت عليا رضي الله عنه يقول ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر رضي الله عنه ثم قال ألا أخبركم بخير هذه الأمة بعد أبي بكر عمر رضي الله عنه. 130 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه الذي مات فيه عاصبا رأسه في خرقة فقعد على المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إنه ليس أحد أمن علي في نفسه وماله من أبي بكر بن أبي قحافة ولو كنت متخذا من الناس خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ولكن خلة الإسلام أفضل، سدوا عني كل خوخة في هذا المسجد غير خوخة أبي بكر. 131 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.

_ (تخريجه) جاء هذا الحديث في كتاب المناقب - باب ما جاء فيما اشترك فيه أبو بكر وعمر وعلي رضي الله عنهم ص 182 من الجزء 22 من كتاب الفتح الرباني وقال مصنفه رحمه الله عن تخريجه: الترمذي وابن ماجه والحاكم وحسنه الترمذي قال وروى سفيان الثوري هذا الحديث عن عبد الملك بن عمير عن مولى لربعي عن ربعي عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم اهـ 129 - ز - (سنده) حدثنا عبد الله ثنا صالح بن عبد الله الترمذي ثنا حماد عن عاصم وحدثنا عبيد الله القواريري ثنا حماد قال القواريري في حديثه ثنا عاصم بن أبي النجود عن زر يعني ابن حبيش عن أبي جحيفة. (تخريجه) إسناد الروايتين صحيح ولأبي جحيفة أكثر من حديث في هذا الموضوع جاءت في كتاب المناقب باب ما اشترك فيه أبو بكر وعمر وعلي ص 180 من الجزء 22 من الفتح الرباني وأخرج أبو داود وابن ماجه نحوه عن محمد بن الحنفية. 130 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى حدثنا جرير عن يعلى بن حكيم عن عكرمة عن ابن عباس. (غريبه) خوخة - الخوخة باب صغير كالنافذة الكبيرة وتكون بين بيتين ينصب عليها باب. 131 - وعن أبي سعيد (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا فلح عن سالم أبي النضر عن بسر بن سعيد عن أبي سعيد. (تخريجه) إسناده صحيح ورواه البخاري بلفظه عن عبد الله بن محمد الجعفي عن وهب بن جرير عن أبيه عن يعلى بن حكيم عن عكرمة عن ابن عباس ورواه كثيرون آخرون.

132 - وعن محمد بن جبير أن أباه جبير بن مطعم رضي الله عنه أخبره أن امرأة أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلمته في شيء فأمرها بأمر فقالت أرأيت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم إن لم أجدك قال إن لم تجديني فأتي أبا بكر. (وعنه من طريق آخر عن أبيه أيضا) أن امرأة أتت النبي صلى الله عليه وسلم تسأله شيئا فقال لها: ارجعي إليّ فقالت فإن رجعت فلم أجدك يا رسول الله تعرض بالموت فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم فإن رجعت فلم تجديني فألقي أبا بكر (رضي الله عنه). 133 - حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يعقوب حدثنا أبي عن ابن إسحاق قال وقال ابن شهاب الزهري حدثني عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام عن أبيه عن عبد الله بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد قال لما اسْتُعِزَّ (1) برسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا عنده في نفر من المسلمين قال دعا بلال للصلاة فقال مروا من يصلي بالناس قال فخرجت فإذا عمر في الناس وكان أبو بكر غائبا فقال قم يا عمر فصل بالناس قال فقام فلما كبر عمر سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم صوته وكان عمر رجلا مجهرا (2) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فأين أبو بكر يأبى الله ذلك والمسلمون، يأبى الله ذلك والمسلمون قال فبعث إلى أبي بكر فجاء بعد أن صلى عمر تلك الصلاة فصلى

_ 132 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال ثنا أبي عن أبيه قال أخبرني محمد بن جبير أن أباه جبير بن مطعم وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن ابن جبير بن مطعم عن أبيه أن (تخريجه) أخرجه البخاري في ثلاثة مواضع ومسلم من طريقين آخرين من حديث جبير بن مطعم 133 - (غريبه) (1) استعز أي اشتد به المرض وأشرف على الموت (2) مجهرا بضم الميم وكسر الراء أي صاحب جهر ورفع لصوته يقال جهر بالقول إذا رفع به صوته فهو جهير وأجهر فهو مجهر إذا عرف بشدة الصوت (تخريجه) رواه أبو داود وسكت عليه فهو عنده حسن وقال المنذري فيه محمد بن إسحاق اختلف فيه وحديثه حسن وأورد ابن كثير في البداية الحديث وقال (هكذا رواه أبو داود من حديث ابن إسحاق

بالناس قال وقال عبد الله بن زمعة قال لي عمر ويحك ماذا صنعت بي يا ابن زمعة والله ما ظننت حين أمرتني إلا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرك بذلك ولولا ذلك ما صليت بالناس قال قلت والله ما أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن حين لم أر أبا بكر رأيتك أحق من حضر بالصلاة. 134 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الرحمن بن أبي بكر ائتني بكتف أو لوح حتى أكتب لأبي بكر كتابا لا يختلف عليه فلما ذهب عبد الرحمن ليقوم قال أبي الله والمؤمنون أن يختلف عليك يا أبا بكر. (وعنها من طريق آخر) قالت لما كان وجع النبي صلى الله عليه وسلم الذي قبض فيه قال ادعوا لي أبا بكر وابنه فليكتب لكيلا يطمع في أمر أبي بكر طامع ولا يتمنى متمن ثم قال يأبى الله ذلك والمسلمون مرتين قالت عائشة فأبى الله والمسلمون إلا أن يكون أبي فكان أبي. الباب الثاني: في مبايعته رضي الله عنه وذكر حديث السقيفة 135 - عن عمر رضي الله عنه في خطبة خطبها على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم زمن خلافته منها قوله رضي الله عنه وقد بلغني أن قائلا منكم يقول لو قد مات عمر بايعت فلانا فلا يفترن

_ حدثني الزهري ورواه يونس بن بكير عن ابن إسحاق حدثني يعقوب بن عتبة عن أبي بكر بن عبد الرحمن عن عبد الله بن زمعة فذكره اهـ 134 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي عن ابن أبي مليكة عن عائشة وعنها من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مؤمل قال ثنا نافع يعني بن عمر ثنا ابن أبي مليكة عن عائشة (تخريجه) انفرد الإمام أحمد من هذا الوجه قاله الحافظ ابن كثير في البداية وذكر شواهده من الصحيح ثم قال وقد خطب عليه الصلاة والسلام يوم الخميس قبل أن يقبض عليه السلام بخمسة أيام خطبة عظيمة بين فيها فضل الصديق من سائر الصحابة مع ما كان قد نص عليه أن [يقوم (1)] الصحابة أجمعين مع [حضورهم (2)] كلهم ولعل خطبته هذه كانت عوضا عما أراد أن يكتبه في الكتاب 135 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى الطباع ثنا مالك بن أنس حدثني

امرؤ أن يقول أن بيعة أبي بكر رضي الله عنه كانت فلتة إلا وأنها كانت كذلك ألا وأن الله عز وجل وقى شرها وليس فيكم اليوم من تقطع إليه الأعناق مثل أبي بكر إلا وأنه كان من خيرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم، إن عليا والزبير ومن كان معهما تخلفوا في بيت فاطمة رضي الله عنها بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتخلفت عنا الأنصار بأجمعها في سقيفة بني ساعدة واجتمع المهاجرون إلى أبي بكر رضي الله عنه فقلت له يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار فانطلقنا نؤمهم حتى لقينا رجلان صالحان فذكرا لنا الذي صنع القوم فقالا أين تريدون يا معشر المهاجرين فقلت نريد إخواننا هؤلاء من الأنصار فقالا لا عليكم أن تقربوهم واقضوا أمركم يا معشر المهاجرين فقلت والله لنأتينهم فانطلقنا حتى جئناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا هم مجتمعون وإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت من هذا فقالوا سعد بن عبادة فقلت ماله قالوا وجع فلما جلسنا قام خطيبهم فأثنى على الله عز وجل بما هو أهله وقال أما بعد فنحن أنصار الله عز وجل وكتيبة الإسلام وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا وقد دفت دافة منكم يريدون أن يخزلونا من أصلنا ويحضنونا من الأمر فلما سكت أردت أن أتكلم وكنت قد زورت مقالة أعجبتني أردت أن أقولها بين يدي أبي بكر رضي الله عنه وقد كنت أداري منه بعض الحد وهو كان أحلم مني وأوقر فقال أبو بكر رضي الله عنه على رسلك فكرهت أن أغضبه وكان أعلم مني وأوقر والله ما ترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهته وأفضل حتى، سكت فقال: أما بعد فما ذكرتم من خير فأنتم أهله ولم تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هم أوسط العرب نسبا ودارا وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أيهما شئتم وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح فلم أكره مما قال غيرها وكان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني إلى ذلك إثم أحب إلي من أن أتأمر علي قوم فيهم أبو بكر رضي الله عنه إلا

_ ابن شهاب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود أن ابن عباس أخبره أن عبد الرحمن بن عوف رجع إلى رحله قاله ابن عباس وكنت أقرئ عبد الرحمن بن عوف فوجدني وأنا أنتظره وذلك بمنى في آخر حجة حجها عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال عبد الرحمن بن عوف أن رجلا أتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال إن فلانا يقول لو قد مات عمر بايعت فلانا.

أن تغير نفسي عند الموت فقال قائل من الأنصار أنا جزيلها المحكك وعذيقها المرجب منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش فقلت لمالك ما معنى أنا جذيلها المحكك وعذيقها المرجب قال كأنه يقول أنا داهيتها قال وكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى خشيت الاختلاف فقلت ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم قتلتم سعدا فقلت قتل الله سعدا وقال عمر رضي الله عنه أما والله ما وجدنا فيما حضرنا أمرا هو أقوى من مبايعة أبي بكر رضي الله عنه خشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فإما أن نبايعهم على ما لا نرضى وإما أن نخالفهم فيكون فيه فساد فمن بايع أميرا على غير مشورة المسلمين فلا بيعة له ولا بيعة للذي بايعه تغره أن يقتلا قال مالك وأخبرني ابن شهاب عن عروة بن الزبير أن الرجلين الذين لقياهما عويمر بن ساعدة ومعمر بن عدي قال ابن شهاب وأخبرني سعيد بن المسيب أن الذي قال أنا جزيلها المحكك وعذيقها المرجب الحباب بن المنذر 136 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال لما توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم قام خطباء الأنصار فجعل منهم من يقول يا معشر المهاجرين إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا استعمل رجلا منكم قرن معه رجلا منا فنرى أن يلي هذا الأمر رجلان أحدهما منكم والآخر منا فتتابعت خطباء الأنصار على ذلك قال فقام زيد بن ثابت (رضي الله عنه) فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان من المهاجرين وإنما الإمام يكون من المهاجرين ونحن أنصاره كما كنا أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أبو بكر فقال جزاكم الله خيرا من حي يا معشر الأنصار وثبت قائلكم ثم قال والله لو فعلتم غير ذلك لما صالحناكم.

_ (تخريجه) هذا طرف من حديث طويل سيأتي صدره في خلافة عمر وقد أورده ابن كثير في البداية والنهاية بخلاف طفيف في بعض الألفاظ وقال خرج هذا الحديث الجماعة في كتبهم من طرق عن مالك وغيره عن الزهري به. 136 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد.

137 - وعن رافع الطائي رفيق أبي بكر رضي الله عنه في غزوة السلاسل قال وسألته عما قيل في بيعته فقال وهو يحدث عما تكلمت به الأنصار وما كلمهم به وما كلم به عمر بن الخطاب رضي الله عنه الأنصار وما ذكرهم به من إمامتي إياهم بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم في مرضه فبايعوني لذلك وقبلتها منهم وتخوفت أن تكون فتنة يكون بعدها ردة 138 - حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا معاوية بن عمرو حدثنا زائدة حدثنا عاصم عن زر (يعني ابن حبيش) عن عبد الله (يعني ابن مسعود رضي الله عنه) قال لما قبض النبي صلى الله عليه وسلم قالت الأنصار منا أمير ومنكم أمير فأتاهم عمر رضي الله عنه فقال يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر أبا بكر رضي الله عنه أن يؤم الناس قالوا بلى قال فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر رضي الله عنه؟ قالت الأنصار نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر. 139 - وعن حميد بن عبد الرحمن رضي الله عنه قال توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في

_ (تخريجه) أورده الهيثمي باختلاف طفيف في الألفاظ وقال رواه الطبراني وأحمد ورجاله رجال الصحيح. 137 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عباس ثنا أبو الوليد بن مسلم قال أخبرني يزيد بن سعيد بن ذي عصوان العنسي عن عبد الله بن عمير اللخمي عن رافع الطائي رفيق أبي بكر. (تخريجه) إسناده صحيح وأورده ابن كثير في البداية عن الوليد بن مسلم وليس أبو الوليد بن مسلم وقال هذا إسناد جيد قوي ومعنى هذا أنه رضي الله عنه إنما قبل الإمامة تخوفا أن تقع فتنة أربى من تركه قبولها رضي الله عنه وأرضاه. قلت كان هذا في بقية يوم الاثنين فلما كان الغد صبيحة يوم الثلاثاء اجتمع الناس في المسجد فتمت البيعة من المهاجرين والأنصار قاطبة. وكان ذلك قبل تجهيز رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليما اهـ 138 - (تخريجه) إسناده صحيح وقال الهيثمي رواه أحمد وأبو يعلى وفيه عاصم بن أبي النجود وهو ثقة وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح اهـ 139 - (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا عفان قال ثنا أبو عوانة عن داود بن عبد الله الأودي عن حميد بن عبد الرحمن.

طائفة من المدينة قال فجاء فكشف عن وجهه فقبله وقال فداك أبي وأمي ما أطيبك حيا وميتا، مات محمد صلى الله عليه وسلم ورب الكعبة فذكر الحديث قال فانطلق أبو بكر وعمر (رضي الله عنهما) يتقاودان حتى أتوهم فتكلم أبو بكر ولم يترك شيئا أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم من شأنهم إلا وذكره وقال ولقد علمتم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو سلك الناس واديا وسلكت الأنصار واديا سلكت وادي الأنصار، ولقد علمت يا سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وأنت قاعد قريش ولاة هذا الأمر فبر الناس تبع لبرهم وفاجرهم تبع لفاجرهم قال فقال سعد صدقت نحن الوزراء وأنتم الأمراء. الباب الثالث: في ذكر بعض ما وقع في خلافته رضي الله عنه وفيه فصول الفصل الأول: في إرسال فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر رضي الله عنه تسأل ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم 140 - عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها أخبرته أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه تسأله ميراثها من رسول الله صلى الله عليه وسلم مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقي من خمس خيبر فقال أبو بكر رضي الله عنه إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة إنما يأكل آل محمد في هذا المال وإني والله لا أغير شيئا من صدقة رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حالها التي كانت عليها في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولأعملن فيها بما عمل به رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا فوجدت فاطمة على أبي بكر

_ (تخريجه) فيه حميد بن عبد الرحمن الحميدي البصري الفقيه روى عن أبي هريرة وأبي بكرة وابن عمر وابن عباس وكثيرين وثقه العجلي وابن سعد وقال ابن سيرين هو أفقه أهل البصرة وقال أحمد تابعي ثقة وذكره ابن حبان في الثقات وقال كان فقيها عالما قاله في المنهل العذب المورود. 140 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا حجاج بن محمد حدثنا ليث حدثني عقيل عن ابن شهاب عن عروة بن الزبير عن عائشة رضي الله عنها.

في ذلك فقال أبو بكر والذي نفسي بيده لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلي أن أصل من قرابتي وأما الذي شجر بيني وبينكم من هذه الأموال فإني لم آل فيها عن الحق ولم أترك أمرا رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصنعه فيها إلا صنعته. 141 - وعن أبي الطفيل رضي الله عنه قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أرسلت فاطمة (رضي الله عنها) إلى أبي بكر (رضي الله عنه) أنت ورثت رسول الله صلى الله عليه وسلم أم أهله؟ قال فقال لا بل أهله قالت فأين سهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الله عز وجل إذا أطعم نبيا طعمة ثم قبضه جعله للذي يقوم من بعده فرأيت أن أرده على المسلمين فقالت فأنت وما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم. الفصل الثاني في قتاله أهل الردة بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم 142 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم وحسابهم على الله قال فلما قام أبو بكر وارتد من ارتد أراد أبو بكر قتالهم قال عمر كيف تقاتل هؤلاء القوم وهم يصلون قال فقال أبو بكر والله لأقاتلن قوما ارتدوا عن الزكاة والله لو منعوني عناقا مما فرض

_ (تخريجه) إسناده صحيح ورواه الشيخان وغيرهما بألفاظ متقاربة. 141 - (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة قال عبد الله وسمعته من عبد الله بن أبي شيبة قال ثنا محمد بن فضيل عن الوليد بن جميع عن أبي الطفيل. (تخريجه) إسناده صحيح وقال الحافظ ابن كثير في البداية وهكذا رواه أبو داود عن عثمان بن أبي شيبة عن محمد بن فضيل به ففي لفظ هذا الحديث غرابة ونكارة ولعله روي بمعنى ما فهمه بعض الرواة وفيهم من فيه تشيع فليعلم ذلك وأحسن ما فيه قولها أنت وما سمعت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا هو الصواب والمظنون بها واللائق بأمرها وسيادتها وعلمها ودينها رضي الله عنها، اهـ 142 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا محمد بن أبي حفصة ثنا الزهري عن عبيد الله بن عبد الله عن أبي هريرة.

الله ورسوله لقاتلتهم. قال عمر (رضي الله عنه) فلما رأيت الله شرح صدر أبي بكر لقتالهم عرفت أنه الحق. الفصل الثالث: في جمع القرآن في عهده رضي الله عنه 143 - عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن أبا بكر رضي الله عنه أرسل إليه مقتل أهل اليمامة فإذا عمر عنده فقال أبو بكر إن عمر أتاني فقال إن القتل قد استحر بأهل اليمامة من قراء القرآن من المسلمين وأنا أخشى أن يستحر القتل بالقراء في المواطن فيذهب قرآن كثير لا يوعى وإني أرى أن تأمر بجمع القرآن فقلت لعمر وكيف أفعل شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال هو والله خير فلم يزل يراجعني في ذلك حتى شرح الله بذلك صدري ورأيت فيه الذي رأى عمر قال زيد وعمر عنده جالس لا يتكلم فقال أبو بكر إنك شاب عاقل لا نتهمك وقد كنت تكتب الوحي لرسول الله صلى الله عليه وسلم فاجمعه، قال زيد فوالله لو كلفوني نقل جبل من الجبال ما كان بأثقل علي مما أمرني به من جمع القرآن فقلت كيف تفعلون شيئا لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم. الباب الرابع في مناقبه رضي الله عنه غير ما تقدم في كتاب مناقب الصحابة وفيه فصول: الفصل الأول فيما ورد في فضله رضي الله عنه 144 - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم إني أبرأ إلى

_ (تخريجه) عبيد الله هو عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب تابعي ثقة. وللحديث شواهد متعددة في الصحاح. 143 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر قال أخبرنا يونس عن الزهري قال أخبرني ابن السباق قال أخبرني زيد بن ثابت. (تخريجه) إسناده صحيح ورواه البخاري عن ابن شهاب عن عبيد الله بن السباق بألفاظ متقاربة 144 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الأعمش عن عبد الله بن مرة عن أبي الأحوص عن عبد الله (بن مسعود)

كل خليل من خلته ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا وإن صاحبكم (1) خليل الله عز وجل. 145 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما نفعني مال قط ما نفعني مال أبي بكر فبكى أبو بكر وقال هل أنا ومالي إلا لك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم. 146 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن أبا بكر حدثه قال قلت للنبي صلى الله عليه وسلم وهو في الغار وقال مرة ونحن في الغار لو أن أحدهم نظر إلى قدميه لأبصرنا تحت قدميه قال فقال يا أبا بكر ما ظنك باثنين الله ثالثهما. 147 - وعن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جيش ذات السلاسل قال فأتيته قال قلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أي الناس أحب إليك؟ قال عائشة قال قلت من الرجال قال أبوها إذا قال قلت ثم من قال ثم عمر فعد رجالا.

_ غريبه (وإن صاحبكم) أي النبي صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) إسناده صحيح ورواه مسلم بلفظ قريب عن الأعمش وابن مسعود وجندب والترمذي من طريق الثوري عن أبي إسحاق عن أبي الأحوص وقال هذا حديث حسن صحيح وله شواهد في الصحيحين وغيرهما 145 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معوية ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة. (تخريجه) رواه ابن ماجه عن أبي بكر بن أبي شيبة وعلي بن محمد قالا حدثنا أبو معاوية وقد صرح أبو معاوية والأعمش بالتحديث فزال ما طعن به البعض عليهما بالتدليس وتعززه رواية ابن حبان عن أبي خليفة عن مسدد عن أبي معاوية. 146 - (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا عفان قال ثنا همام قال أخبرنا ثابت عن أنس (تخريجه) صحيح رواه البخاري بألفاظ قريبة في موضعين أولهما عن محمد بن سنان حدثنا همام حدثنا ثابت حدثنا أنس قال حدثني أبو بكر رضي الله عنه ورواه مسلم عن طريق حبان بن هلال حدثنا همام. 147 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن حماد قال أنا عبد العزيز بن المختار عن خالد الحذاء عن أبي عثمان قال حدثني عمرو بن العاص قال.

الفصل الثاني: في تواضعه رضي الله عنه 148 - عن ابن أبي مليكة قال كان ربما سقط الخطام من يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال فيضرب بذراع ناقته فينيخها فيأخذه قال فقالوا له أفلا أمرتنا نناولكه فقال إن حبيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرني أن لا أسأل الناس شيئا. 149 - وعنه أيضا قال قيل لأبي بكر رضي الله عنه يا خليفة الله فقال أنا خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا راض به وأنا راض به وأنا راض. الفصل الثالث: في ذكائه وفطنته وعلمه وفضله رضي الله عنه 150 - عن أبي سعيد بن المعلى عن أبيه رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم خطب يوما فقال إن رجلا خيره ربه عز وجل بين أن يعيش في الدنيا ما شاء أن يعيش فيها ويأكل في الدنيا ما شاء أن يأكل فيها وبين لقاء ربه فاختار لقاء ربه قال فبكى أبو بكر فقال أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تعجبون من هذا الشيخ أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا صالحا خيره ربه عز وجل بين لقاء ربه وبين الدنيا فاختار لقاء ربه وكان أبو بكر أعلمهم بما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو بكر بل نفديك يا رسول الله بأموالنا وأبنائنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (تخريجه) تقدم هذا الحديث في باب ما جاء في سرية ذات السلاسل ص 140 جزء 21 من الفتح الرباني وقال مصنفه رحمه الله رواه الشيخان وغيرهما. 148 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود ثنا عبد الله بن المؤمل عن ابن أبي مليكة قال كان. 149 - وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا موسى بن داود ثنا نافع يعني ابن عمر عن ابن أبي مليكة. (تخريجه) في سند الروايتين ابن أبي مليكة تابعي ثقة ولكنه لم يدرك أبا بكر فإسنادهما ضعيف للانقطاع 150 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الوليد قال ثنا أبو عوانة عن عبد الملك يعني بن عمير بن أبي المعلى عن أبيه. (تخريجه) تقدم هذا الحديث في باب آخر خطبة خطبها النبي صلى الله عليه وسلم في ص 222

ما من الناس أحد أَمَنّ علينا في صحبته وذات يده من ابن أبي قحافة ولو كنت متخذا خليلا لاتخذت ابن أبي قحافة ولكن ود وإخاء إيمان ولكن ود وإخاء إيمان مرتين وإن صاحبكم خليل الله عز وجل. الباب الخامس: في ذكر بعض خطبه رضي الله عنه أول خطبة خطبها في الإسلام 151 - عن قيس بن أبي حازم قال إني لجالس عند أبي بكر الصديق رضي الله عنه خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم بشهر فذكر قصة فنودي في الناس أن الصلاة جامعة فاجتمع الناس فصعد المنبر شيئا صنع له كان يخطب عليه وهي أول خطبة خطبها في الإسلام قال فحمد الله وأثنى عليه ثم قال يا أيها الناس ولوددت أن هذا كفانيه غيري ولئن اتخذتموني بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم ما أطيقها إن كان لمعصوما من الشيطان إذ كان لينزل عليه الوحي من السماء. 152 - وعنه أيضا عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه خطب فقال يا أيها الناس إنكم تقرؤون هذه الآية وتضعونها على غير ما وضعها الله (يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الناس إذا رأوا المنكر بينهم فلم ينكروه يوشك أن يعمهم الله بعقابه.

_ و 223 من الجزء 21 من الفتح الرباني وقال المصنف رحمه الله في تخريجه للترمذي وأبو يعلى ورأى أنه حسن على أقل درجاته. 151 - (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي حدثنا هاشم بن القاسم قال ثنا عيسى يعني ابن المسيب عن قيس بن أبي حازم. (تخريجه) فيه عيسى بن المسيب اختلفوا فيه وبقية رجاله رجال الصحيح. 152 - وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن إسماعيل قال سمعت قيس بن أبي حازم يحدث عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه قال. (تخريجه) إسناده صحيح وله شواهد.

153 - وعن أوسط بن عمرو قال قدمت المدينة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بسنة فألفيت أبا بكر يخطب الناس فقال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الأول فخنقته العبرة ثلاث مرار ثم قال أيها الناس سلوا الله المعافاة فإنه لم يؤت أحد مثل يقين بعد معافاة ولا أشد من ريبة بعد كفر، وعليكم بالصدق فإنه يهدي إلى البر وهما في الجنة وإياكم والكذب فإنه يهدي إلى الفجور وهما في النار. (وعنه من طريق آخر) قال خطبنا أبو بكر رضي الله عنه فقال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامي هذا عام الأول وبكى أبو بكر فقال أبو بكر سلوا الله المعافاة أو قال العافية فذكر نحو الحديث المتقدم وزاد ولا تحاسدوا ولا تباغضوا ولا تقاطعوا ولا تدابروا وكونوا إخوانا كما أمركم الله تعالى. الباب السادس: في مرضه واحتضاره ووفاته رضي الله عنه 154 - عن عائشة رضي الله عنها أنها تمثلت بهذا البيت وأبو بكر رضي الله عنه يقضي: وابيض يستسقى الغمام بوجهه ... ربيع اليتامى عصمة للأرامل. فقال أبو بكر رضي الله عنه ذاك والله رسول الله صلى الله عليه وسلم. 155 - حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أبو معاوية حدثنا هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها قالت لما ثقل أبو بكر رضي الله عنه قال أي يوم هذا قلنا يوم الاثنين قال فأي يوم قبض فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلنا قبض يوم الاثنين قال فإني أرجو ما بيني وبين الليل

_ 153 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا معاوية يعني ابن صالح عن سليم بن عامر الكلاعي عن أوسط بن عمرو. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن يزيد بن خمير عن عليم بن عامر عن أوسط. (تخريجه) إسناده صحيح. 154 - (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثني أبي قال ثنا حسن بن موسى وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن القاسم بن محمد عن عائشة. (تخريجه) إسناده صحيح وعلي بن زيد هو ابن جدعان وهو ثقة.

قالت وكان عليه ثوب فيه ردع من مشق فقال إذا أنا مت فاغسلوا ثوبي هذا وضموا إليه ثوبين جديدين فكفنوني في ثلاثة أثواب فقلنا أفلا نجعلها جددا كلها قال فقال لا إنما هو للمهلة قالت فمات ليلة الثلاثاء. 156 - حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حماد بن سلمة قال أخبرنا هشام بن عروة عن عروة عن عائشة رضي الله عنها أن أبا بكر (رضي الله عنه) قال لها في أي يوم مات رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت في يوم الاثنين فقال ما شاء الله إني لأرجو فيما بيني وبين الليل قال ففيم كفنتموه قالت في ثلاثة أثواب بيض سحولية يمانية ليس فيها قميص ولا عمامة وقال أبو بكر انظري ثوبي هذا فيه ردع زعفران أو مشق فاغسليه واجعلي معه ثوبين آخرين فقالت عائشة يا أبت هو خلق قال إن الحي أحق بالجديد وإنما هو للمهلة وكان عبد الله بن أبي بكر أعطاهم حلة حبرة فأدرج فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استخرجوه منها فكفن في ثلاثة أثواب بيض قال فأخذ عبد الله الحلة فقال لأكفنن نفسي في شيء مس جلد النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال بعد ذلك والله لا أكفن نفسي في شيء منعه الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم أن يكفن فيه فمات ليلة الثلاثاء ودفن ليلا وماتت عائشة فدفنها عبد الله بن الزبير (رضي الله عنها) ليلا.

_ 155 - (غريبه) الردع الزعفران وثوب فيه ردع أي لطخ لم يعمه كله المشق بكسر الميم المغرة صبغة تصبغ بها الثياب. (تخريجه) إسناده صحيح وقد صرح أبو معاوية بالتحديث. 156 - (غريبه) سحولية بفتح السين وضمها فالفتح منسوب إلى السحول وهو القصار لأنه يسحلها أي يغسلها أو إلى سحول وهي قرية باليمن وأما الضم فهو جمع سحل وهو الثوب الأبيض النقي ولا يكون إلا من قطن ردغ: جمع ردغة بسكون الدال طين ووحل كثير. حلة حبرة أي موشية مخططة وأصل الحبرة بالفتح والحبور النعمة وسعة العيش (تخريجه) تقدم الجزء الأول من هذا الحديث في ص 253 من الجزء 21 من كتاب الفتح الرباني باب ما جاء في كفن رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه وقال مصنفه رحمه الله في تخريجه: الحديث صحيح ورجاله ثقات وأخرجه الشيخان وغيرهما اهـ

أبواب ما جاء في خلافة ثاني الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه الباب الأول: في خلافته رضي الله عنه بعهد من أبي بكر رضي الله عنه 157 - حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا وكيع عن ابن أبي خالد عن قيس قال رأيت عمر رضي الله عنه وبيده عسيب نخل وهو يجلس الناس يقول اسمعوا لقول خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء مولى لأبي بكر رضي الله عنه يقال له شديد بصحيفة فقرأها على الناس فقال يقول أبو بكر رضي الله عنه اسمعوا وأطيعوا لما في هذه الصحيفة فوالله ما ألوتكم قال قيس فرأيت عمر رضي الله عنه بعد ذلك على المنبر. الباب الثاني: في مناقبه رضي الله عنه وفيه فصول الفصل الأول: في بعض ما ورد في فضله واقتدائه بسلفه 158 - عن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لو كان من بعدي نبي لكان عمر بن الخطاب.

_ 157 - (غريبه) عسيب نخل أي جريدة من النخل وهي السعفة مما لا ينبت عليه الخوص. فوالله ما ألوتكم أي ما قصرت في أمركم. (تخريجه) قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح وقد ذكر سديد بالسين المهملة وكذلك أورده الذهبي في تجريد أسماء الصحابة وقال سديد مولى أبي بكر خرج إلى الناس بعهد عمر رواه أحمد في مسنده في ترجمة عمر اهـ ولكن ابن حجر أورده في الإصابة بالشين المعجمة وروى عنه الحديث بسنده وقيس هو قيس بن أبي حازم. 158 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا حيوة ثنا بكر بن عمرو أن مشرح بن هاعان أخبره أنه سمع عقبة بن عامر يقول. (تخريجه) أخرجه الحاكم وصححه وأقره الذهبي وأخرجه ابن حبان والطبراني في الأوسط من حديث أبي سعيد ورواه الترمذي عن سلمة بن شبيب حدثنا المقرئ عن حيوة بن شريح عن بكر بن عمرو عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر وقال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث مشرح بن هاعان والجميع من طريق مشرح بن هاعان. ومشرح بكسر فسكون كمنبر

-[مناقب عمر رضي الله عنه]- 159 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم أعز الإسلام بأحب هذين الرجلين إليك بأبى جهل أو بعمر بن الخطاب فكان أحبهما إلى الله عمر بن الخطاب. 160 - وعن أبى نوفل قال قالت عائشة رضي الله عنها إذا ذكر الصالحون فحى هلا بعمر. 161 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا يونس وعفان المعنى قالا حدثنا حماد بن سلمة عن برد أبى العلاء قال أنا برد أبو العلاء عن عبادة بن نسى عن غضيف بن الحرث أنه مر بعمر بن الخطاب رضي الله عنه فاقل (يعنى عمر رضي الله عنه) نعم الفتى غضيف فلقيه أبو ذر رضى الله عنه فقال أى أخى استغفر لى، قال أنت صاحب رسول الله وأنت أحق أن تستغفر لى فقال إنى سمعت عمر بن الخطاب يقول نعم الفتى غضيف وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل ضرب بالحق على لسان عمر وقلبه قال عفان على لسان عمر يقول به.

_ بن هاعان المعافرى المصرى وقفه ابن معين وقال ابن حبان فى الثقات يخطئ ويخالف وقال فى الضعفاء يروى عن عقبه مناكير لا يتابع عليها، والصواب ترك ما انفرد به هكذا جاء فى المنهل العذب المورود. 159 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر ثنا خارجة بن عبد الله الأنصارى عن نافع عن ابن عمر. (تخريجه) إسناده صحيح ورواه الترمذى عن طريق أبى عامر بهذا الاسناد وقال حديث حسن صحيح غريب من حديث ابن عمر". 160 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى عن الأسود بن شيبان عن أبى نوفل (تخريجه) هذا طرف من حديث تقدم صدره فى ص 268 من الجزء الرابع عشر من الفتح الربانى وقال المصنف رحمه الله "أخرجه أبو داود والحاكم وصححه الحاكم وأقره الذهبى". 161 - (تخريجه) فيه غضيف جاء فى المنهل العذب المورود هو بالغين والضاد المعجمتين مصغراً ويقال غضيف بالطاء المهملة ابن الحارث بن زونيم أبو أسماء السكونى الحمصى. أدرك زمان النبى صلى الله عليه وسلم واختلف فى صحبته روى عن عمر بن الخطاب وبلال وأبى ذر وأبى الدرداء وعائشة وثقة العجلى وابن سعد والدارقطنى -مات فى زمن مروان بن الحكم، روى له أبو داود والنسائى وابن ماجه" أهـ باختصار وأخرجه الترمذى بنحوه من حديث بن عمر وقال وفى الباب عن الفضل بن العباس وأبى هريرة وقال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه".

-[فيما رآه النبى صلى الله عليه وسلم لعمر فى الجنة وغيرته]- 162 - وعن أبي وائل قال جلست إلى شيبة بن عثمان فى هذا المسجد فقال جلس إلىّ عمر ابن الخطاب مجلسك هذا فقال لقد هممت أن لا أدع فيها (وفى رواية فى الكعبة) صفراء ولا بيضاء إلا قسمتها بين المسلمين قال قلت ما أنت بفاعل قال لم قلت لم يفعله صاحباك قل هما المرآن يقتدى بهما. الفصل الثانى فيما رآه النبى صلى الله عليه وسلم لعمر رضي الله عنه فى الجنة وذكر غيرته 163 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال دخلت الجنة فرأيت قصراً من ذهب قلت لمن هذا القصر قالوا لشاب من قريش فظننت أنى أنا هو قالوا لعمر بن الخطاب. وعنه أيضاً أن النبى صلى الله عليه وسلم قال بينما أنا أسير فى الجنة فإذا أنا بقصر فقلت لمن هذا يا جبريل ورجوت أن يكون لى قال قال لعمل قال ثم سرت ساعة فإذا أنا بقصر خير من القصر الأول قال فقلت لمن هذا يا جبريل وروجون أن يكون لى قال قال لعمر وإن قيه لمن الحور العين يا أبا حفص، وما منعنى أن أدخله إلا غيرتك قال فأغرورقت عينا عمر ثم قال أما عليك فلم أكن أغار. 164 - وعن أبى برزة الأسلمى رضي الله عنه قال أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم فدعا بلالا فقال

_ 162 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن واصل عن أبى وائل (تخريجه) هذا أثر موقوف وله فى المرفوع شواهد تؤيده جاءت فى ص 182 من الجزء 22 من الفتح الربانى "باب قوله صلى الله عليه وسلم اقتدوا بالذين من بعدى أبلى بكر وعمر". 163 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن حميد عن أنس عن النبى صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم بلفظ قريب عن جابر بم عبد الله. والترمذى عن اسماعيل بن جعفر عن حميد عن انس وقال هذا حديث حسن صحيح وفى الباب عن جابر ومعاذ وأنس وأبى هريرة. وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز ثنا همام ثنا قتادة قال ثنا أنس (تخريجه) قال الهيثمى رجاله رجال الصحيح. 164 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد بن الحباب حدثنى حسين بن واقد ـخبرنى عبد الله بن بريدة قال سمعت أبي بريدة يقول.

-[فيما رآه النبى صلى الله عليه وسلم لعمر فى الجنة وغيرته]- يا بلال بم سبقتنى إلى الجنة ما دخلت الجنة قط إلا سمعت خشخشتك أمامى، إنى دخلت البارحة الجنة فسمعت خشخشتك فأتيت على قصر من ذهب مرتفع مشرف فقلت لمن هذا القصر، قالوا لرجل من العرب قلت أنا عربى لمن هذا القصر قالوا لرجل من المسلمين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم قلت فأنا محمد لمن هذا القصر قالوا لعمر بن الخطاب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا غيرتك يا عمر لدخلت عمر فقال يا رسول الله ما كنت لأغار قال وقال بلال بم سبقتنى إلى الجنة قال ما أحدثت إلا توضأت وصليت ركعتين فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذا. 165 - وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أريتنى دخلت الجنة فإذا أنا بالرميصاء امرأة أبى طلحة وسمعت خشفة أمامى قلت من هذا يا جبريل قال هذا بلال قال ورأيت قصراً أبيض بفنائه جارية فقلت لمن هذا القصر قالت هذا لعمر بن الخطاب فأردت أن أدخله فأنظر إليه فذكرت غيرتك فقال عمر بأبى أنت وأمى يا رسول الله أو عليك أغار. 166 - وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بينما أنا نائم رأيتنى فى الجنة فإذا امرأة توضأ إلى جنب قصر فقلت لمن هذا القصر قالوا لعمر بن الخطاب فذكرت غيرتك فوليت مدبراً، وعمر رحمه الله حين يقول ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس عنده مع القوم فبكى عمر حين سمع ذلك من رسول اله صلى الله عليه وسلم، قال أعليك بأبى أنت أغار يا رسول الله.

_ (تخرجه) أخرجه الترمذى بسنده وقال هذا حديث صحيح غريب ومعنى هذا الحديث أنى دخلت البارحة الجنة يعنى رأيت فى المنام كأنى دخلت الجنة هكذا روى فى بعض الحديث". 165 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا طابى ثنا سريح ثنا عبد العزيز يعنى بن أبى سلمة عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله. (تخريجه) تقدم هذا الحديث بسنده وشرح غريبه فى ص 424 من الجزء 22 من الفتح الربانى وجاء عن تخريجه "أخرجه الشيخان البخارى فى مناقب عمر بن الخطاب ومسلم فى فضائل عمر وأم سليم، أهـ رواه الطيالسى بسنده. 166 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن صالح قال ابن شهاب حثنى ابن المسيب أن أبا هريرة قال (تخريجه) أخرجه مسلم بهذا الإسناد، وبغيره.

-[غزارة علمه وقوة دينه رضي الله عنه]- 167 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا محمد بن بكر حدثنا مسعر عن عبد الملك بن ميسرة عن مصعب بن سعد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال إن كان عمر لمن أهل الجنة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ما رأى فى يقظته أو نومه فهو حق وأنه قال بينما أنا فى الجنة إذا رأيت فبها داراً فقلت لمن هذه الدار فقيل لعمر بن الخطاب (رضي الله عنه). 168 - (ومن طريق آخر) عن مصعب بن سعد أيضاً أن معاذاً (يعنى بن جبل رضي الله عنه قال والله إن عمر فى الجنة وما أحب أن لى حمر النعم وأنكم تفرقتم قبل أن أخبركم لم قلت ذلك، ثم حدثهم الرؤيا التى رأى النبى صلى الله عليه وسلم فى شأن عمر قال ورؤيا النبى صلى الله عليه وسلم حق. الفصل الثالث: فى غزارة علمه وقوة دينه وصلاحه وزهده 169 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينما أنا نائم أتيت بقدح لبن فشربت منه ثم أعطيت فضلى عمر بن الخطاب قالوا فما أولته يا رسول الله قال العلم. 170 - وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينما أنا نائم رأيت أنى أنزع على حوضى أسقى الناس فأتانى أبو بكر فأخذ الدلو من يدى ليرفه حتى نزع ذنوباً أو ذنوبين وفى نزعة ضعف قال فأتانى ابن الخطاب والله يغفر له فأخذها منى فلم ينزع رجل حتى تولى الناس والحوض يتفجر.

_ 167 - (تخريجه) قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح. 168 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وهب بن جرير ثنا أبى قال سمعت الأعمش يحدث عن عبد الملك بن ميسرة عن مصعب بن سعد. (تخريجه) أنظر الحديث السابق. 169 - (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ليث بن سعد عن عقيل الزهرى عن حمزة بن عبد الله عن عبد الله بن عمر. (تخريجه) متفق عليه 170 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام عن أبى هريرة (غريبه) يرفه أى ينفس ويخفف (تخريجه) أخرجه الشيخان من حديث أبى هريرة وبن عمر بمعناه

-[غزارة علمه وقوة دينه رضي الله عنه]- 171 - وعن أبي الطفيل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت فيما يرى النائم كأنى أنزع أرضا وردت على غنم سود وغنم فجاء أبو بكر فنزع ذنوبا أو ذنوبين وفيهما ضعف والله يغفر له ثم جاء عمر فنزع فاستحالت غربا فملأ الحوض وأوري الواردة فلم أر عبقريا أحسن نزعا من عمر فأولت أن السود العرب وأن العفر العجم. 172 - وعن أبى سعيد الخدرى صلى الله عليه وسلم بينما أنا نائم رأيت الناس يعرضون وعليهم قمص منها ما يبلغ دون ذلك ومر على عمر بن الخطاب وعليه قميص بجره قالوا فما أولت يا رسول الله قال الدين. 173 - وعن سهيل بن حنيف عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم هن النبى صلى الله عليه وسلم مثله.

_ 171 (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا حماد بن سلمة ثنا على بن زيد عن أبى الطفيل (غريبه) أنزع -نزعت الدلو أنزعها نزعاً بكسر الزاى، إذا أخرجتها وأصل النزع الجذب والقلع ذنوباً -الذنوب الدلو العظيمة وقيل لا تسمى ذنوباً إلا إذا كان فيها ماء فاستحالت غرباً، الغرب بسكون الراء الدلو العظيمة التى تتخذ من جلد ثور فإذا فتحت الراء فهو للماء السائل بين البئر والحوض وهذا تمثيل ومعناه أن عمر لما أخذ الدلو ليستقى عظمت فى يده لأن الفتوح كانت فى زمنه أكثر منها فى زمن أبى بكر ومعنى استحالت انقلبت عن الصغر إلى الكبر. (تخريجه) رواه الطبرانى عن أبى الطفيل، وقال الهيثمى اسناده حسن 172 - (سنده) حدثنا عن الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن صالح قال ابن شهاب حدثنى أبو أمامة بن سهل أنه سمع أبا سعيد الخدرى يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) أخرجه الشيخان بهذا السند 173 - وعن سهل بن حنيف (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا علد الرازق أنا معمر عن الزهرى عن أبى أمامة بن سهل بن حنيف عن بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) أخرجه الترمذى بهذا السند وأخرجه من طريق صالح بن كيسان عن الزهرى عن أبى أمامة بن سهل بن حنيف عن أبى سعيد الخدرى نحوه بمعناه وقال هذا أصلح، أهـ وبذلك يتضح أن الصحابى الذى لم تذكره الرواة هو أبو سعيد الخدرى، وتشهد له الرواية السابقة

-[موافقاته للحق رضي الله عنه]- 171 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه ذات يوم من شهد منكم اليوم جنازة قال عمر أنا، قال من عاد منكم مريضاً قال عمر أنا، قال من تصدق قال عمر أنا قال من أصبح صائماً قال عمر أنا قال وجبت وجبت. 175 - وعن ابن سنان الدؤلى أنه دخل على عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) وعنده نفر من المهاجرين الأولين فأرسل عمر إلى سفط أتى به من قلعة من العراف فكان فيه خاتم فأخذه بعض نبيه فأدخله فى فيه فانتزعه عمر منه ثم بكى عمر فقال له من عنده لم تبكى وقد فتح الله لك وأظهرك على عدوك وأقر عينك فقال عمر إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تفتح الدنيا على أحد إلا ألقي الله عز وجل بينهم العداوة والبغضاء إلى يوم القيامة وأنا أشفق من ذلك. الفصل الرابع: فى موافقاته للحق وكونه من المهلمين 176 - عن عائشة رضي الله عنها عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: قد كان فى الأمم محدَّثون فإن يكن من أمتي فعمر.

_ 174 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع حدثنى سلمة بن وردان قال سمعت أنس بن مالك (تخريجه) فيه سلمة بن وردان أخرج له البخارى فى الأدب المفرد والترمذى وبن ماجه وقال ابن حجر العسقلانى فى التقريب ضعيف. 175 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن قال ثنا بن لهيعة ثنا أبو الأسود أنه سمع محمد بن عبد الرحمن بن لبيبه يحدث عن أبى سنان الدؤلى (غريبه) السفط ما يخبأ فيه الطيب ونجوه والجمع أسفاط مثل سبب وأسباب (تخريجه) أبو الأسود هو محمد بن عبد الرحمن بن نوفل، ومحمد بن عبد الرحمن بن ليبيه ويقال بن أبى ليبيه بفتح اللام وثقة ابن حبان وقال الخزرجى ليس حديثه بشئ 176 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن ابن عجلان قال أخبرنى سعد بن إبراهيم عن أبى سلمة عن عائشة (غريبه) محدثون أى ملهمون والملهم هو الذى يلقى فى نفسه الشئ فيخبر به حدساً وفراسة وهو بنوع يختص به الله عز وجل من يشاء من عباده مثل عمر كأنهم حدثوا بشئ فقالوه (تخريجه) أخرجه بلفظ مقارب مسلم والترمذى وصحيحه، والحاكم فى المستدرك وقال هذا حديث صحيح الاسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه وأخرجه البخارى بلفظ مقارب عن طريق أبي هريرة

-[موافقاته للحق رضي الله عنه]- 177 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قد كان فيما مضى قبلكم من الأمم ناس يحدثون وأنه إن كان فى أمتى هذه منهم أحد فإنه عمر بن الخطاب. 178 - وعن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل جعل الحق على قلب عمر ولسانه قال وقال ابن عمر ما نزل بالناس أمر قط فقالوا فيه وقال فيه عمر ابن الخطاب أو قال عمر إلا نزل القرآن على نحو مما قال عمر. وفى رواية قال إن الله تعالى جعل الحق على لسان عمر وقلبه. 179 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا ابن أبى عدى عن حميد عن أنس (بن مالك رضي

_ 177 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا فزارة بن عمر قال ثنا إبراهيم يعنى ابن سعد عن أبيه عن أبى سلمه بن عبد الرحمن عن أبى هريرة (تخريجه) أخرجه البخارى عن يحيى بن قزعه حدثنا إبراهيم بن سعد عن أبيه عن أبى سلمة عن أبى هريرة بألفاظ متقاربة وأخرجه عن طريق عائشة بنحوه مسلم والترمذى وصححه الحاكم وأقره الذهبى. 178 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا خارجه بن عبد الله الأنصارى عن نافع عن ابن عمر. (تخريجه) رواه الترمذى بلفظ "إن الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه" عن محمد بن بشار حدثنا أبو عامر حدثنا خارجه وقال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وخارجه بن عبد الله الأنصارى هو ابن سليمان بن زيد بن ثابت وهو ثقة. وفى الباب عن الفضل بن عباس وأبى ذر وأبى هريرة. وأخرج الحاكم رواية أبى ذر عن غضيف وقال حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه بهذه السياقه" أهـ. وأورد الهيثمى رواية أبى هريرة وقال "رواه أحمد والبزار والطبرانى فى الأوسط، ورجال البزار رجال الصحيح غير الجهم بن أبى الجهم وهو ثقة". وفى رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الملك بن عمر وثنا نافع بن أبى نعيم عن نافع عن ابن عمر. وفى رواية (تخريجه) صحيح. ونافع بن أبى نعيم هو نافع بن عبد الرحمن بن أبى نعيم قارئ أهل المدينة ترجمة البخارى فى الكبير وقال نافعاً ويزيد بن رومان ولم يذكره وهو ولا النسائى فى الضعفاء وصحح له الترمذي.

-[موافقاته للحق رضي الله عنه]- الله عنه) قال قال عمر وافقت ربى عز وجل فى ثلاث أو وافقنى ربى فى ثلاث، قال قلت يا رسول الله لو اتخذت المقام مصلى قال فانزل الله عز وجل (واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى) وقلت لو حجبت عن أمهات المؤمنين فإنه يدخل عليكم البر والفاجر فأنزلت لآية الحجاب، قال وبلغنى عن أمهات المؤمنين شئ فاستقريتهن أقول لهن لتكفن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أو ليبدلنه الله بكن أزواجا خيرا منكن مسلمات حتى أتيت على إحدى أمهات المؤمنين فقالت يا عمر أما فى رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهن فكففت، فأنزل الله عز وجل (عسى ربه إن يبدله أزواجاً خيراً منكن مسلمات مؤمنات قانتات. الآية). 180 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال فضل الناس عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأربع بذكر الأسرى يوم بدر أمر بقتلهم فأنزل الله عز وجل (لولا كتاب من الله سبق لمسكم فيما أخذتم عذاب عظيم) وبذكره الحجاب أمر نساء النبى صلى الله عليه وسلم أن يحتجن فقالت له زينب وأنك علينا يا ابن الخطاب والوحى بنزل فى بيوتنا فأنزل الله عز وجل (وإذا سألتموهن متاعا فاسألوهن من وراء حجاب) وبدعوة النبى صلى الله عليه وسلم، اللهم أيد الإسلام بعمر، وبرأيه فى أبى بكر كان أول الناس تابعه (1).

_ 179 - (غريبه) فاستقريتهن تتبعت أحوالهن. (تخريجه) صحيح وقال السيوطى فى الدر المنثور "وأخرج سعيد بن منصور وأحمد والعدنى والدرامى والبخارى والترمذى والنسائى وابن ماجة وابن أبى داود فى المصاحف وابن المنذر وابن مردويه وأبو نعيم فى الحليه والطحاوى وابن حبان والدارقطنى فى الأفراد والبيهقى فى سننه عن أنس بن مالك قال عمر بن الخطاب وافقت ربى الحديث. 180 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشام بن القاسم ثنا المسعودى عن أبى نهشل عن أبى وائل قال قال عبد الله (يعنى ابن مسعود). (تخريجه) قال الهيثمى "رواه أحمد والبزار والطبرانى وفيه أبو نهشل ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات". وقال الذهبى عن أبى نهشل "لا يعرف" وقال الحافظ فى تعجيل المنفعة فى تعجيل المنفعة "ذكره ابن حبان فى الثقات". (1) "اتابعه" فى بعض نسخ المسند "بايعه".

-[هيبته ووقاره رضي الله عنه]- الفصل الخامس: فى هيبته ووقاره رضي الله عنه 181 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا يعقوب حدثنا أبى عن صالح قال ابن شهاب أخبرنى عبد الحميد بن محمد بن زيد أن محمد بن سعد بن أبى وقاص أخبره أن أباه سعد ابن أبى وقاص (رضي الله عنه) قال استأذن عمر على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده نساء من قريش يكلمنه ويستكثرنه عالية أصواتهن فلما استأذن قمن يبتدرن الحجاب فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم يعنى فدخل ورسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك فقال عمر أضحك الله منك يا رسول الله قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عجبت من هؤلاء اللاتى كن عندي فلما سمعن صوتك ابتدرن الحجاب قال عمر فأنت يا رسول الله كنت أحق أن يهبن ثم قال عمر أى عدوات أنفسهن أتهبننى ولا نهبن رسول الله ما لقيك الشيطان قط سالكا فجا إلا سلك فجا غير فجك قال عبد الله قال أبى وقال يعقوب ما أحصى ما سمعته يقول حدثنا صالح عن ابن شهاب. 182 - وعن الأسود رضي الله عنه قال أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم أنى قد حمدت ربى تبارك وتعالى بمحامد ومدح وإياك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أن ربك تبارك وتعالى يحب المدح هات ما امتدحت به ربك قال فجعلت أنشده فجاء رجل قاستأذن أدلم أصلع أعسر أيسر قال فاستنصتنى له رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية فقال بين بين) ووصف لنا أبو سلمة

_ (1) في سند الصحيحين أخبرنى عبد الحميد بن عبد الرحمن بن زيد دون ذكر محمد. الواردة فى السند. 181 - (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم من هذا الطريق بلفظ قريب. وأورد مسلم رواية مقاربة عن أبى هريرة. 182 - (سنده) أخرجه البخارى ومسلم من هذا الطريق بلفظ قريب. وأورد مسام رواية مقاربة عن أبى هريرة. 182 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن عبد الرحمن بن أبى بكره أن الأسود بن سريع قال. (غريبه) أدلم. الأدلم الأسود الطويل. أصلع. الأصلع الذى انخثر الشعر عن رأسه. أعسر. الأعسر الذى يعمل بيده اليسرى. ألأيسر. كان عمر أعسر أيسر هكذا يروى والصواب أعسر ايسر وهو الذى يعمل بيديه جميعاً.

-[هيبته ووقاره رضي الله عنه]- كيف استنصته قال كما صنع بالهر فدخل الرجل فتكلم ساعة ثم خرج ثم أخذت أنشده أيضاً ثم رجع بعد فاستنصتنى رسول الله صلى الله عليه وسلم ووصفه أيضاً (وفى رواية فقال النبى صلى الله عليه وسلم بين بين ففعل ذلك مرتين أو ثلاثا) فقلت يا رسول الله من ذا الذى استنصتنى له فقال هذا رجل لا يحب الباطل، هذا عمر بن الخطاب. 183 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت كنت أدخل بيتى الذى دفن فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى فأضع ثوبى فأقول إنما هو زوجى وأبى فلما دفن عمر معهم فوالله ما دخلت إلا وأنا مشدودة على ثيابى حياء من عمر. 184 - عن بريدة الأسلمى أن أمة سوداء أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجع من بعض مغازيه فقالت إنى كنت نذرت إن ردك الله صالحاً أن أضرب عندك بالدف قال إن كنت فعلت فالفعلى وإن كنت لم تفعلى فلا تفعلى فضربت فدخل أبو بكر وهى تضرب ودخل غيره وهى تضرب ثم دخل عمر فجعلت دفها خلفها وهى مقنعة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الشيطان ليفرق منك يا عمر أنا جالس ههنا ودخل هؤلاء فلما دخلت ما فعلت.

_ (تخريجه) قال الهيثمي "أخرجه أحمد والطبرانى بنحوه ورجالهما ثقات وفى بعضهم خلاف. ونقل بن الأثير فى أسد الغابة عن ابن منده أنه لا يصح سماع عبد الرحمن بن أبى بكرة عن الأسود بن سريع. ثم أورد الحديث عن عبد الله بن الإمام أحمد ... الخ ... وقال أخرجه ثلاثتهم يعنى بهم بن منمده وأبا نعيم وأبا عمر بن عبد البر. 183 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حماد بن أسامة قال أنا هشام عن أبيه عن عائشة (تخريجه) قال الإمام محب الدين احمد بن عبد الله الطبرى المتوفى سنة 694 هجرية فى السمط الثمين فى مناقبل أمهات المؤمنين "خجه يحيى بن معين". 184 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد بن الحباب ثنا حسين حدثنى عبد الله بن بريدة (الإسلمى) عن أبيه. (غريبه) ليفرق: الفرق بالتحريك الخوف والفزع: (تخريجه) أخرجه الترمذى حدثنا الحسين بن حديث حدثنا على بن الحسين بن واقد حدثنى أبى حدثنى عبد الله بن بريدة بألفاظ متقاربة وقال هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث بريدة

-[ذكر شئ من فتاواه وقضاياه رضي الله عنه]- الباب الثالث: فى ذكر شئ من فتاواه وقضاياه وبعض ما حل فى خلافته من الحوادث وفيه فصول الفصل الأول فى ذكر شئ من فتاواه وقضاياه 185 - عن الحرث بن معاوية الكندى أنه ركب إلى عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) يسأله عن ثلاث خلال قال فقدم المدينة فسأله عمر ما أقدمك قال لأسألك عن ثلاث خلال، قال وما هن، قال ربما كنت أنا والمرأة فى بناء ضيق فتحضر الصلاة فإن صليت أنا وهى كانت بحذائى وإن صلت خلفى خرجت من البناء، فقال عمر تستر بينك وبينها بثوب ثم تصلى بحذائك إن شئت، وعن الركعتين بعد العصر فقال نهانى عنهما رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال وعن القصص فإنهم أرادونى على القصص فقال ما شئت كأنه كره أن يمنعه، قال إنما أردت أن أنتهى إلى قولك قال أخشى عليك أن تقص فترتفع عليهم فى نفسك ثم تقص فترتفع حتى يخيل إليك أنك فوقهم بمنزلة الثربا فيضعك الله تحت أقدامهم يوم القيامة بقدر ذلك. 186 - وعن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال خطب عمر الناس فقال إن الله رخص لنبيه صلى الله عليه وسلم ما شاء وإن نبى الله صلى الله عليه وسلم قد مضى لسبيله فأتموا الحج والعمرة لله كما أمركم الله عز وجل حصنوا فروج هذه النساء.

_ وفي الباب عن عمر وسعد بن أبى وقاص وعائشة وقال فى تحفة الأحوذى، أما حديث عمر فأخرجه الشيخان وفيه والذى نفسى بيده ما لقيك الشيطان سالكاً فجاً قط الاسلك فداً غير فجك". وأخرجه الهيثمى عن سديسه مولاه حفصه عن حفصه بمعناه. ولعل سديسه هذه والله أعلم هى الأمة السوداء التى أشار إليها أبو بريدة صلى الله عليه وسلم. وقال الحافظ ضبطت عند الأكثر بفتح السين" 185 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان ثنا عبد الرحمن بن جبير ابن نفير عن الحرث بن معاوية الكندى. 186 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبيدة بن حميد عن داود بن أبى هند عن أبى نضرة عن أبي سعيد.

-[فتاواه وقضاياه رضي الله عنه]- 187 - حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سفيان عن عمرو سمع بجالة (1) يقول كنت كاتباً لجزء (2) بن معاوية عم الأحنف بن قيس فأنا كتاب عمر قبل موته بسنة أن اقتلوا كل ساحر وربما قال سفيان وساحرة وفرقوا بين كل ذى محرم من المجوس وانهوهم عن الزمزمة (3) فقتلنا ثلاثة سواحر وجعلنا نفرق بين الرجل وبين جريمته فى كتاب الله وصنع جزء طعاما كثيراً وعرض السيف على فخذه ودعا المجوس فألقوا وقر (4) بغل أو بغلين من ورق (5) وأكلوا من غير زمزمة ولم يكن عمر أخذ وربما قال سفيان قبل الجزية من المجوس حتى شهد عبد الرحمن بن عوف أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذها من مجوس هجر وقال أبى قال سفيان حج بجالة مع مصعب سنة سبعين. 188 - وعن مالك بن أوس بن الحدثان قال أرسل إلىّ عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) فبينا أنا كذلك إذا جاءه مولاه يرفأ فقال هذا عثمان وعبد الرحمن وسعد والزبير بن العوام قال ولا أدرى أذكر طلحة أم لا يستأذنون عليك قال ائذن لهم ثم مكث ساعة ثم جاء فقال هذا العباس وعلى رضي الله عنهما يستأذن قال أئذن لهما فلما دخل العباس قال يا أمير المؤمنين اقض

_ (تخريجه) إسناد صحيح (1) بجالة بفتح الباء وتخفيف ثقة قاله الحافظ فى التقريب وأخرج له البخارى وأبو داود والترمذى والنسائي. (2) جزء بفتح الجيم وقد يقال له جزى أختلف فى صحبته. (3) الزمزمة هى كلام يقوله المجوس تعبداً عند أكلهم بصوت خفى. (4) وقر بكسر الواو أى حمل. (5) (الورق) بكسر الراء الفضة. 187 - (تخريجه) هذا الحديث تقدم بشرحه وتحقيقه. فى ما جاء فى حد الساحر وأخبار عن لمجوس وعاداتهم فى ص 30 من الجزء 160 من الفتح الربانى وقال منفه رحمه الله فى تخريجه (أبو داود والبيهقى مطولا كما هنا، والبخارى والترمذى والنسائى والشافعى مختصراً، وقال البيهقى قال الشافعى حديث بحاله مفصل ثابت" أهـ 188 - (سنده) حدثنا عن عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهرى عن مالك ابن أوس بن الحدثان.

-[فتاواه وقضاياه رضي الله عنه]- بيني وبين هذا وهما حينئذ يختصمان فيما أفاء الله على رسوله من أموال بنى النضير فقال القون افض بينهما يا أمير المؤمنين وارج كل واحد من صاحبه فقد كالت خصومتهما فقال عمر رضي الله عنه أنشدكم الله الذى يإذنه تقوم السموات والأرض أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا نورث ما تركنا صدقة قالوا قد قال ذلك وقال لهما مثل ذلك فقالا نعم، قال فانى سأخبركم عن هذا الفيئ، إن الله عز وجل نبيه صلى الله عليه وسلم منه بشئ لم يعطه غيره فقال: (وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب) وكانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاصة والله ما احتازها دونكم ولا استأثر بها عليكم لقد قسمها بينكم وبثها فيكم حتى بقى منها هذا المال فكان ينفق على أهله منه سنة ثم يجعل ما بقى منه مجعل مال الله فلما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر رضي الله عنه أنا ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعده أعمل فيها بما كان يعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم. 189 - حدثنا عبد الله قال حدثنى أبى قال حدثنا يحيى بن حماد قال حدثنا أبو عوانة عن عاصم ابن كليب قال حدثنى شيخ من قريش من بنى تميم حدثنى فلان وفلان فعد ستة أو سبعة كلهم من قريش فيهم عبد الله بن الزبير قال بينا نحن جلوس عند عمر إذ دخل على والعباس رضي الله عنهما قد ارتفعت أصواتهما فقال عمر مه يا عباس قد علمت ما نقول، تقول ابن أخى ولى شطر المال وقد علمت ما تقول يا على تقول ابنته تحتىولها شطر المال وهذا ما كان فى يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رأينا كيف كان يصنع فيه فوليه أبو بكر رضي الله عنه من بعده فعمل فيه بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم وليته من بعد أبى بكر فأحلف بالله لأجدهن أن أعمل فيه بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل أبى بكر ثم قال حدثنى أبو بكر رضي الله عنه وحلف بأنه لصادق أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول إن النبى لا يورث وإنما ميراثه فى فقراء المسلمين والمساكين وحدثنى أبو بكر رضي الله عنه وحلف بالله أنه صادق أن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن النبى لا يموت حتى يؤمه بعض امنته وهذا ما كان فى يدى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد رأينا كيف كان يصنع فيه فإن شئتما

_ (تخريجه) أخرجه البخارى عن طريق مالك عن أنس عن ابن شهاب عن مالك بن أوس مطولا، كما أخرجه مختصراً بطرق أخرى ومسلم بنحوه. 189 - (تخريجه) فيه مجاهيل -ويعزز صدره الحديث السابق.

-[ما حصل في خلافته رضي الله عنه]- أعطيتكما لتعملا فيه بعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل أبى بكر حتى أدفعه إليكما قال فخلوا صم جاءا فقال العباس ادفعه إلى علىّ فإنى قد طبت نفساً به له. الفصل الثانى: ومما حصل فى خلافته رضي الله عنه وقعة اليرموك سنة 15 190 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سماك قال سمعت عياضا الأشعري قال شهدت اليرموك وعلينا خمسة أمراء أبو عبيدة بن الجراح ويزيد بن أبى سفيان وابن حسنة وخالد بن الوليد وعياض وليس عياض هذا بالذى حدث سماكا قال وقال عمر رضي الله عنه إذا كان قتال فعليكم أبو عبيدة قال فكتبنا إليه إنه قد جاش إلينا الموت واستمدناه فكتب إلينا إنه قد جاءنى كتابكم تستمدونى وإنى أدلكم على من هو أعز نفرا وأحضر جندا، الله عز وجل فاستنصروه فإن محمداً صلى الله عليه وسلم د نصر بر فى أقل من عدتكم فإذا أتاكم كتابى هذا فقاتلوهم ولا تراجعونى قال فقتلناهم فهزمناهم وقتلناهم أربع فراسخ قال وأصبنا أموالا فتشاور فأشار علينا عياض أن نعطى عن كل رأس عشرة وقال أبو عبيدة من يراهن فقال شاب أنا إن لم تغضب قال فسبقه فرأيت عقيصتى أبى عبيدة تتقزان وهو خلفه على فرس عربى. فصل: ومن ذلك فتح كنوز كسري 191 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسرائيل وأبو نعيم ثنا إسرائيل عن سماك أنه سمع جابر ابن سمرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليفتحن رهط من المسلمين كنوز كسرى التى قال أبو نعيم الذى بالأبيض قال جابر فكنت فيهم فأصابني ألف درهم.

_ 190 - (غريبه) عقيصتي، العقيصة الشعر المعقوص وهو نحو من المضفور وأصل العقص اللى وإدخال أطراف الشعر فى أصوله (تنقزان) أى تقفزان وتثبان. (تخريجه) إسناده صحيح. وعياض الأشعرى مختلف فى صجبته، أما عياض الذى كان أحد الأمراء الخمسة فهو عياض بن غنم الفهرى صحابى جليل. 191 - (تخريجه) أخرجه مسلم من طريق أبى عوانه عن سماك بن حرب عن جابر بلفظ "لتفتحن عصابه من المسلمين أو من المؤمنين كنز آل كسرى الذي في الأبيض".

-[خطبته بالجابيه وعزله خالد بن الولد رضي الله عنه]- الفصل الثالث: ومن ذلك فتح بيت المقدس وخطبته المشهورة بالجابية وعزله خالد بن الوليد رضي الله عنه من الامارة سنة 16 192 - عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب خطب بالجابية فقال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامى فيكم فقال استوصوا بأصحابى خيراً ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشو الكذب حتى إن الرجل يبتدئ بالشهادة قبل أن يسلهاـ فمن أراد منكم بحبحة الجنة فيلزم الجماعة فإن الشيطان مع الواحد وهو من الاثنين أبعد ولا يخلون أحدكم بامرأة فإن الشيطان ثالثهما ومن سرته حسنته وساءته سيئته فهو مؤمن. 192 - وعن على بن رباح عن باشرة بن سمى اليزنى قال سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول فى يوم الجابية وهو يخطب الناس إن الله عز وجل جعلنى خازناً لهذا المال وقاسمه له ثم قال بل الله يقسمه وأنا باديء باصل النبى صلى الله عليه وسلم ثم أشرفهم ففرض لأزواج النبى صلى الله عليه وسلم عشرة آلاف إلاَّ جويرية وصفية وميمونة فقلت عائشة إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعدل بيننا فعدل بينهن عمر ثم قال إنى بادئ بأصحابى المهاجرين الأولين أنا أخرجنا فى ديارنا ظلماً وعدواناً ثم أشرفهم

_ 192 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن إسحق أنبأنا عبد الله يعنى بن المبارك أنبأنا محمد بن سوقه عن عبد الله بن دينار عن بن عمر. (غريبه) البحبحة بموحدتثن مفتوحتين وحاءين معملتين الأولى ساكنة والثانية مفتوحة: التمكن فى المقام والحلو. (تخريجه) أخرجه الحاكم بلفظه عن عبد الله بن دينار، كما أخرجه بطرق عديدة عن عبد الله ابن المبارك بلفظ قريب وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين فإنى لا أعلم خلافاً بين أصحاب عبد الله بن المبارك فى إقامة هذا الاسناد عنه ولم يخرجاه" وأقره الذهبى. وأخرجه الترمذى عن النضر بن اسماعيل أبو المغيرة عن محمد بن سرقه عن عبد الله بن دينار بلفظ قريب وقال هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه، وقد رواه ابن المبارك عن محمد بن سوقه، وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن عمر عن النبى صلى الله عليه وسلم. 192 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن إسحق ثنا عبد الله يعنى ابن المبارك قال أنا سعيد بن يزيد وهو أبو شجاع قال سمعت الحرث بن يزيد الحضرمى يحدث عن علي بن رباح

-[طاعون عمواس وإخراجه يهود خيبر]- ففرض لأصحاب بدر منهم خمسة آلاف ولمن شهد بدراً من الأنصار أربعة آلاف ولمن شهد أحداً ثلاثة آلاف، قال ومن أسرع فى الهجرة أيسع به العطاء ومن أبطأ فى الهجرة أبطأ به الغطاء فلا يلومن رجل إلا مناخ راحلته، وانى أعتذر إليكم من خالد بن الوليد، إنى أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفه المهاجرين فأعطاه ذا البأس وذا الشرف وذا اللسانة فنزعته وأمرت أبا عبيدة بن الجراح فقال أبو عمرو بن حفص بن المغيرة والله ما أعذرت يا عمر بن الخطاب، لقد نزعت عاملاً استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم وغمدت سيفاً سله رسول الله صلى الله عليه وسلم ووضعت لواء نصبه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولقد قطعت الرحم وحسدت ابن العم، فقال عمر بن الخطاب إنك قريب القرابة حديث السن معصب من ابن عمك. الفصل الرابع ومن ذلك طاعون عمواس بالشام سنة ثمان عشرة 194 - عن عبد الله بن عامر بن ربيعة أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام فلما جاء سرغ بلغه أن الوباء قد وقع بالشام فأخبره عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا سمعتم به بأرض فلا تقدموا عليه وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فراراً منه فرجع عمر بن الخطاب رضي الله عنه من سرغ (وفى لفظ) فحمد الله عمر ثم انصرف. الفصل الخامس: ومن ذلك إخراجه يهود من أرض خيبر سنة 19 195 - عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال خرجت أنا والزبير والمقداد بن الأسود إلى أموالنا بخيبر نتعاهدها فلما قدمناها تفرقنا فى أموالنا قال فَعّدِىِ على تحت الليل وأنا نائم على فراشي

_ (تخريجه) أورد الحافظ ابن كثير الطرف الأخير منه بسنده فى البداية وقال رواه البخارى فى التاريخ وغيره. 194 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسحق بن عيسى أخبرنى مالك عن الزهرى عن عبد الله بن عامر بن ربيعة. (تخريجه) الحديث صحيح وأخرجه مالك فى الموطأ عن ابن شهاب عن عبد الله بن عامر بلفظه، وأخرجه البخاري ومسلم.

-[ذكر بعض خطبه رضي الله عنه]- ففدعت يداى من مرفقي فلما أصبحت استصرخ علىَّ صاحباى فأتيانى فسألانى عمن صنع هذا بك: قلت لا أدرى قال فأصلحا من يدى ثم قدموا بى على عمر فقال هذا عمل يهود، ثم قام فى الناس خطيباً فقال أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عامل خيبر على أنا نخرجهم إذا شئنا وقد عدوا على عبد الله بن عمر ففدعوا يديه كما بلغكم مع عدونهم على الأنصار قبله لا نشك أنهم أصحابهم، ليس لنا هناك عدو غيرهم فمن كان له مال بخيبر فليلحق به فأنى مخرج يهود فأخرجهم. الباب الرابع: فى ذكر بعض خطبه رضي الله عنه خطبته فى العدل بين الرعية 196 - عن أبى فراس قال خطب عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال أيها الناس ألا إنه إنما كنا نعرفكم إذ بين ظهرينا النبى صلى الله عليه وسلم وإذا ينزل الوحى وإذا ينبئنا الله من أخباركم لا وإن النبى صلى الله عليه وسلم قد انطلق وقد انقطع الوحى وإنما نعرفكم بما نقول لكم من أزهر منكم خيراً ظننا به خيراً وأجبنناه عليه ومن أظهر منكم لنا شراً ظننا به شراً وأبغضناه عليه سرائركم بينكم وبين ربكم ألا إنه قد أتى علىَّ حين وأنا أحسب أن من قرأ القرآن يريد الله وما عنده فقد خيل إلى بآخره ألا إن رجالا قد قرأوه يريدون به ما عند الناس فأريدوا الله بقراءتكم وأريدوه بأعمالكم ألا إنى والله ما أرسل عمالى إليكم ليضربوا أبشاركم ولا ليأخذوا أموالكم ولكن أرسلهم

_ 195 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبى عن ابن اسحاق قال: حدثنى نافع مولى عبد الله ابن عمر عن عبد الله بن عمر قال: (تخريجه) أخرجه البخارى بمعناه عن مالك عن نافع عن ابن عمر. 196 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل أنبأنا الجريرى سعيد عن أبى نضرة عن أبى فراس. (غريبه) أبشاركم جمع وهى ظاهر الجلد (وتجمروهم) تجمير الجيش جمعهم فى الثغور وحبسهم من العودة إلى أهلهم (الغياض) جمع غيضة وهى الشجر الملتف ومعنى لا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم أنهم إذا نزلوها تفرقوا فيها فتمكن منهم العدو.

-[ذكر بعض خطبه رضي الله عنه]- إليكم ليعلموكم دينكم وسنتكم فمن فعل به شئ سوى ذلك فليرفعه إلىّ فوالذى نفسى بيده إذاً لأقصنه منه فوثب عمرو بن العاص فقال يا أمير المؤمنين أو رأيت إن كان رجل من المسلمين على رعية فأدب بعض رعيته أئنك لمقتصه منه قال إى والذى نفس عمر بيده إذا لأقصنه منه وقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقص من نفسه ألا لا تضربوا المسلمين فتذلوهم ولا تجمروهم فتفتنوهم ولا تمنعوهم حقوقهم فتكفروهم ولا تنزلوهم الغياض فتضيعوهم. 197 - وعن أبى العجفاء قال سمعت عمر يقول ألا لا تُغْلوا صُدق النساء فذكر الحديث قال اسماعيل وذكر أيوب وهشام وابن عون عن محمد عن أبى الجعفاء عن عمر نحواً من حديث سلمة إلا أنهم قالوا لم يقل محمد نبئت عن أبى الجعفاء. (خطبته رضي الله عنه فى رؤيا رآها وفسرها بقرب أجله) 198 - عن معبد (1) بن أبى طلحة اليعمرى أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قام على المنبر يوم الجمعة فحمد الله وأثنى عليه ثم ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكر أبا بكر رضي الله عنه ثم قال رأيت رؤيا لا أراها إلا لحضور أجلى، رأيت كان ديكاً نقرنى نفرتين قال وذكر لى أن ديك أحمر فقصصتها على أسماء بنت عميس امرأة أبى بكر رضي الله عنهما فقالت يقتلك رجل من العجم، قال وإن الناس يامروننى أن أستخلف وأن الله لم يكن ليضيع دينه وخلافته التى بعث بها نبيه

_ (تخريجه) إسناده حسن وأخرج البخارى الطرف الأول منه من طريق عبد الله بن عتبه عن عمر. 197 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل مرة أخرى أخبرنا سلمة بن علقمة عن محمد بن سيرين قال نبئت عن أبى الجعفاء. (تخريجه) رواه الحاكم فى المستدرك من عدة طرق وقال "تواترت الأسانيد الصحيحة بصحة خطبة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهذا الباب لى مجموع فى جزء كبير ولم يخرجاه، وسكت عليه الذهبى. 198 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا همام بن يحيى قال ثنا قتادة عن سالم ابن أبى الجعد الغطانى عن معبد بن أبى طلحة اليعمرى. (1) صحته معدان بن أبى طلحة كما أورده مسلم والحاكم.

-[تحقق رؤياه ووصاياه رضي الله عنه]- صلى الله عليه وسلم وأن يعجل بى أمر فإن الشورى فى هؤلاء الستة الذين مات نبى الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض فمن بايعتم منهم فاسمعوا له وأطيعوا، وانى أعلم أن أناسا سيطعنون فى هذا الأمر أنا قاتلتهم بيدى هذه على الإسلام أولئك أعداء الله الكفار الضلال وأيم الله ما أترك فيما عهد إلى ربى فاستخلفنى شيئاً اهم إلى الكلالة، وأيم الله ما أغلظ لى نبى الله فى شئ منذ صحبته أشد ما أغلظ لى فى شأن الكلالة حتى طعن باصبعه فى صدرى وقال تكفيك آية الصيف التى نزلت فى آخر سورة النساء، وانى إن أعش فسأقضى فيها بقضاء يعلمه من يقرأ ومن لا يقرأ، وانى أشهد الله على أمراء الأمصار إنى إنما بعثتهم ليعلموا للناس دينهم ويببنوا لهم سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ويرفعوا إلىّ ما عمى عليهم، ثم إنكم أيها الناس تأكلون من شجرتين لا أراهما إلا خبيئتين هذا الثوم والبصل، وأيم الله لقد كانت أرى نبى الله صلى الله عليه وسلم يجد ريحهما من الرجل فيأمر به فيؤخذ بيده فيخرج به من المسجد حتى يؤتى به البقيع فمن أكلهما لابد فليتمهما طبخا، قال فخطب الناس يوم الجمعة وأصيب يوم الأربعاء. الباب الخامس: فى تحقق رؤياه وطعن العجمى إياه وذكر شئ من وصاياه وثناء الناس عليه وبكائهم عنده وعدم استخلافه 199 - عن شعبة قال سمعت أبا جمرة الضيعى يحدث عن جويرية بن قدامه قال حجبت فأتيت المدينة العام الذي أصيب فيه عمر رضي الله عنه قال فخطب فقال انى رأيت كأن ديكا أحمر نقرنى نقرة أو نقرتين شعبة الشاك فكان من أمره أنه طعن فأذن للناس عليه فكان أول من دخل عليه أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم ثم أهل الشام ثم أذن لأهل العراق فدخلت فيمن دخل قال فكان كلما دخل عليه قوم أثنوا عليه وبكوا قال فلما دخلنا عليه قال وقد عصب بطنه بعمامة سوداء والدم يسيل قال فقلنا أوصنا قال وما سأله الوصية أحد غيرنا فقال عليكم بكتاب

_ (تخريجه) أخرج مسلم طرفاً منه وأخرج الحاكم الطرف الأول منه وسكت عليه الذهبى. 199 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت أبا جمرة الضبعى يحدث عن جويرية بن قدامة قال.

-[تحقق رؤياه ووصاياه رضي الله عنه]- الله فإنكم لن تضلوا ما اتبعتموه فقلنا أوصنا فقال أوصيكم بالمهاجرين فإن الناس سيكثرون ويقلون، وأوصيكم بالأنصار فانهم شعب الإسلام الذى لجئ إليه، وأوصيكم بالأعراب فانهم أصلكم ومادتكم، وأوصيكم بأهل ذمتكم فإنهم أصلكم ومادتكم، وأوصيكم بأهل ذمتكم فانهم عهد نبيكم ورزق عيالكم قوموا عنى، قال فما زادنا على هؤلاء الكلمات قال محمد بن جعفر قال شعبة ثم سألته بعد ذلك فقال فى الأعراب وأوصيكم بالأعراب فانهم إخوانكم وعدو عدوكم. 200 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال أنا أول من أتى عمر رضي الله عنه حين طعن فقال احفظ عنى ثلاثاً فأنى أخاف أن لا يدركنى الناس، أما أنا فلم أقض فى الكلالة قضاء ولم أستخلف على الناس خليفة وكل مملوك له عتيق فقال له الناس استخلف فقال أى ذلك افعل فقد فعله من هو خير منى أن أدع إلى الناس أمرهم فقد تركه نبى الله عليه الصلاة والسلام، وإن استخلف فقد استخلف من هو خير منى أبو بكر رضي الله عنه، فقلت له أبشر بالجنة صاحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأطلقت صحبته ووليت أمر المؤمنين فقويت وأديت الأمانى، فقال أما تبشيرك إياى بالجنة فوالله لو أن لى (وفى رواية) فلا والله الذى لا إله إلا هو لو أن لى الدنيا بما فيها لافتديت به من هول ما أمامى قبل أن أعلم الخبر، وأما قولك فى أمر المؤمنين فوالله لوددت أن ذلك كفافا لا لى ولا علىّ، وأما ما ذكرت من صحبة نبى الله صلى الله عليه وسلم فذلك. 201 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال لعمر أنى سمعت الناس يقولون مقالة فآليت

_ (تخريجه) إسناده صحيح. أبو جمرة الضبعى هو نصر بن عمران الصبعى بضم المعجمة روى عن ابن عباس وابن عمر وطائفة وعنه أبو التياح والحمادان وخلق وثقة أحمد وابن معين وأبو زرعة، ما جاء فى خلاصة تهذيب الكمال وقال البخارى مات سنة ثمان وعشرين ومائة. وجويرية ابن قدامة تابعى ثقة. وقال الحافظ فى التهذيب "وأخرج فى الصحيح عن آدم طرفاً منه" وجاء الحديث فى الطبقات عن شعبه عن أبى جمرة. 200 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن حماد وعفان قالا ثنا أبو عوانة عن داود ابن عبد الله الأودى عن حميد بن عبد الرحمن الحميرى ثنا ابن عباس بالبصرة قال. (تخريجه) إسناده صحيح.

-[تحقق رؤياه ووصاياه رضي الله عنه]- أن أقولها لكم، زعموا أنك غير مستخلف فوضع رأسه ساعة ثم رفعه فقال إن الله عز وجل يحفظ دينه، وإنى إن لا أستخلف فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يستخلف، وإن أستخلف فإن أبا بكر قد استخلف قال فوالله ما هو إلا أن ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبا بكر فعلمت أنه لم يكن يعدل برسول الله صلى الله عليه وسلم أحداً وأنه غير مستخلف. 202 - وعن أبى رافع أن عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) كان مسنداً إلى ابن عباس وعنده ابن عمر وسعيد بن زيد رضي الله عنهما فقال اعلموا أنى لم أقل فى الكلالة شيئاً ولم أستخلف من بعدى أحداً وأنه من أدرك وفانى من سبى العرب فهو حر من مال الله عز وجل، فقال سعيد بن زيد، أما إنك او أشرت برجل من المسلمين لأتمنك الناس وقد فعل ذلك أبو بكر صلى الله عليه وسلم وأتمنه الناس فقال عمر قد رأيت من أصحابى حرصا سيئا وإنى جاعل هذا الأمر إلى هؤلاء النفر الستة الذين مات رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض ثم قال عمر لو أدركنى أحد رجلين ثم جعلت هذا الأمر إليه لوثقت به سالم مولى أبى حذيفة وأبو عبيدة ابن الجراح.

_ 201 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر. (تخريجه) الحديث صحيح ورواه مسلم مطولا من طريق عبد الرازق عن معمر ورواه أبو داود بأختصار عن طريق عبد الرزاق. 202 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن أبى رافع. (تخريجه) فيه على بن زيد وهو بن عبد الله بن زهير بن عبد الله بن جدعان (بضم الجيم) ينسب أبوه إلى جد جده ولذا عرف بإسم على بن زيد بن جدعان قال بن حجر فى تقريب التهذيب ضعيف ونقل فى المنهل العذب عن أحمد وأبى زرعة ليس بالقوى وعن ابن خزيمه سئ الحفظ وقال يعقوب ابن شيبة ثقة وقال الترمذى صدوق إلا أنه ربما رفع الشئ الذى يوقفه غيره وقال شعبة حدثنا على ابن زيد قبل أن يختلط".

-[وفاته والصلاة عليه رضي الله عنه]- الباب السادس: فى وفاته والصلاة عليه وثناء على بن أبى طالب عليه رضي الله عنهما 203 - عن ابن عباس رضي الله عنهما قال وضع عمر بن الخطاب (رضي الله عنه) على سريره فنكنَّفَه الناس يدعون ويصلون قبل أن يُرفع وأنا فيهم فلم يرُعْنى إِلا رجل قد أخذ بَمنكبى من ورائى فالتفت فإذا هو على بن أبى طالب رضي الله عنه فترحم على عمر رضي الله عنه فقال ما خلفت أحداً أحبَّ إلىَّ أن ألقى الله تعالى بمثل عمله منك وأيمُ الله إنْ كنت لأظُنُ ليجمعنك الله مع صاحبيك وذلك انى كنت أكثر أن أسمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فذهبت أنا وأبو بكر وعمر ودخلت أنا وأبو بكر وعمر وخرجت أنا وأبو بكر وعمر وإن كنت لأظن ليجعلنك الله معهما. 204 ز- وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه بين المنبر والقبر فجاء على رضي الله عنه حتى قام بين يدى الصفوف فقال هو هذا ثلاث مرات ثم قال رحمة الله عليك، ما من خلق الله تعالى أحب إِلى من أن إلقاء بصحيفته بعد صحيفة النبى صلى الله عليه وسلم من هذا المسجى عليه ثوبه. 205 ز- وعن عون بن أبى جحيفة عن أبيه رضي الله عنه قال كنت عند عمر رضي الله

_ 203 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن أسحق أخبرنا عبد الله يعنى ابن المبارك أخبرنا عمر بن سعيد بن أبى حسين عن ابن أبى مليكه أنه سمع ابن عباس. (تخريجه) رواه البخارى ومسلم بلفظ قريب من طريق عبد الله بن المبارك، وابن أبى مليكة هو عبد الله بن عبيد الله بن أبى مليكة (بضم الميم وفتح الالم) مكى تابعى ثقة. 204 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى محمد بن جعفر الوركانى ثنا أبو معشر نجيسح المدينى مولى بن هاشم عن نافع عن ابن عمر. (تخريجه) فيه أبو معشر نجيح المدينى ذهب الاكثرون إلى تضعيفه وخاصة فى روايته عن نافع وقال الإمام أحمد وعبد الحق وبن عدى "على ضعفه يكتب حديثه" وللحديث شاهد عن طريق جابر فى المستدرك للحاكم وليس فيه نجيح فضلا عن الحديث التالى. 205 - (سنده) حدثنا عبد الله ثنا سريد بن سعيد الهروى ثنا يونس بن أبى يعقوب عن عون بن أبي جحيفة.

-[خلافة عثمان بن عفان رضي الله عنه]- عنه وهو مسحى ثوبه قد قضى نحبه فجاء على رضي الله عنه فكشف الثوب عن وجهه ثم قال رحمه الله عليك أبا حفص فوالله ما بقي بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد أحب إلى أن ألقى الله تعالى بصحيفته منك. 206 - وعن معدان بن أبى طلحة اليعمري أن عمر رضي الله عنه أصيب يوم الأربعاء لأربع ليال بقين من ذى الحجة. أبواب ما جاء فى خلافة ثالث الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين عثمان بن عفان رضي الله عنه الباب الأول: فى خلافته ومبايعته رضي الله عنه 207 ز- عن أبى وائل قال قلت لعبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه كيف بايعتم عثمان وتركتم عليا قال ما ذنبى قد بدأت بعلى فقلت أبايعك على كتاب الله وسنة رسوله وسيرة أبى بكر وعمر رضي الله عنهما قال فقال فيما استطعت قال ثم عرضتها على عثمان رضي الله عنهما فقبلها. فصل عنه في إشارة النبى صلى الله عليه وسلم إلى خلافة عثمان رضي الله عنه 208 - وعن الأسود بن هلال عن رجل من قومه أنه كان يقول فى خلافة عمر بن الخطاب

_ (تخريجه) فيه يونس بن أبى يعقوب وصحته يونس بن أبى يعفور قال الذهبى فى ميزان الاعتدال ضعفه ابن معين والنسائى وأحمد وقال أبو حاتم صدوق وقال آخر صالح الحديث وقد خرج له مسلم وقال ابن حجر فى التقريب صدوق يخطئ كثيراً ووثقه البعض لتخريج مسلم له والله أعلم. 206 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر حدثنا سعيد بن أبى عزوبة (املاه على عن قتادة عن سالم بن أبى الجعة الغطفانى عن معدان بن أبى طلحة اليعمرى. (تخريجه) أخرجه الحاكم فى المستدرك من طريق سعيد أيضاً وقد ورد معناه فى آخر حديث خطبة عمر عن الرؤيا التى رآها ويفسرها بقرب أجله. 207 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى سفيان بن وكيع حدثنى قبيصة عن أبى بكر عن عياش عن عاصم عن أبى وائل. (تخريجه) ضعيف لأن فيه سفيان بن وكيع قال عنه الحافظ فى التقريب "كان صدوقاً إلا أنه ابتلى لوراقه فأدخل عليه ما ليس من حديثه ففضح فلم يقبل فسقط حديثه".

-[خلافته ومبايعته رضي الله عنه]- رضي الله عنه لا يموت عثمان بن عفان (رضي الله عنه) حتى يستخلف قلنا من أين تعلم ذلك قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول رأيت الليلة فى المنام كأن ثلاثة من أصحابى وزنوا فوزن أبو بكر فوزن، ثم وزن عمر فوزن، ثم وزن عثمان فنقص وهو صالح. 209 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت كنت عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا عائشة لو كان عندنا من يحدثنا قالت قلت يا رسول الله ألا أبعث إلى أبى بكر فسكت، ثم قال لو كان عندنا من يحدثنا فقلت ألا أبعث إلى عمر فسكت، قالت ثم دعا وصيفا بين يديه فسارّه فذهب قالت فإذا عثمان يستأذن فأذن له فدخل فناجاه النبى صلى الله عليه وسلم طويلا ثم قال يا عثمان إن الله عز وجل مقمصك قميصا فإن أرادك المنافقون على أن نخلعه فلا تخلعه لهم ولا كرامة يقولها له مرتين او ثلاثا. 210 - وعن النعمان بن يشير عن عائشة رضي الله عنها قالت أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان بن عفان فأقبل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلنا رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم أقبلت إحدانا على الأخرى فكان من آخر كلام كلمة أن ضرب منكبه وقال يا عثمان إن الله عز وجل عسى أن يلبسك قميصا فإن أرادك المنافقون على خلعه حتى تلقانى يا عثمان إن الله عسى أن

_ 208 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا شيبان عن أشعث عن الأسود ابن هلال. (تخريجه) لم ترد الرواياتالمشهورة بزيادة فنقص وهو صالح، وق رواه دون هذه الزيادة الحاكم فى المستدرك وقال صحيح على شرط الشيخين وخالفه الذهبى وقال أشعث هذا ثقة ولكن ما أحتجابه "أى فى الصحيحين"، ورواه الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رجاله ثقات. 209 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا موسى بن داود قال ثنا فرج بن فضالة عن محمد بن الوليد الزبيدى عن الزهرى عن عروة عن عائشة. (تخريجه) فيه برج بن فضاله (بفتح الفاء) ضعيف قال البخارى ومسلم منكر الحديث وقال الذهبى فى كتابه "المعنى فى الضعفاء" ضعفوه وقوى أحمد أمره، فى الحديث الذى سيلى بعد، وقد أورد الحافظ بن كثير فى البداية والنهاية عدة طرق بمعنى الحديث فأرجع إليه. 210 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة قال ثنا الوليد بن سليمان قال حدثنى ربيعة بن يزيد عن عبد الله بن عامر عن النعمان بن بشير.

-[مناقبه رضي الله عنه]- يلبسك قميصاً فإن أرادك المنافقون على خلعه فلا تخلعه حتى تلقانى ثلاثا فقلت لها يا أم المؤمنين فأين كان هذا عنك قالت نسيته والله فما ذكرته قال فأخبرته معاوية بن أبى سفيان فلم يرض بالذى أخبرته حتى كتب إلى أم المؤمنين أن اكتبى إلى به فكتبت إليه به كتاباً. 211 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت ما استمعت على رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا مرة فإن عثمان جاءه فى نحر الظهيرة فظننت أنه جاءه فى أمر النساء فحملتنى الغيرة على أن أصغيت إليه فسمعته يقول إن الله عز وجل ملبسك قميصا تريدك امتى على خلعه فلا يخلعه فلما رأيت عثمان يبذل لهم ما سألوه إلا خلعه علمت أنه من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذى عهد إليه. الباب الثانى: فى مناقبه رضي الله عنه وفيه فصول الفصل الأول: فيما ورد فى فضله وإشارة النبى صلى الله عليه وسلم إلى فتنته وأنه على الحق 213 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا يونس حدثنا عمر بن إبراهيم اليشكرى قال سمعت أمى تحدث أن أمها انطلقت إلى البيت حاجة والبيت يومئذ له بابان قالت فلما قضيت طوافى دخلت على عائشة (رضي الله عنها) قالت يا أم المؤمنين أن يعض بنيك بعث يقرئك السلام وأن الناس قد أكثروا فى عثمان فما تقولين فيه قالت لعن الله من لعنه لا أحسبها إلا قالت ثلاث مرار، لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مسند فخذه إلى عثمان وإنى لأمسح العرق عن جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن الوحى ينزل عليه ولقد زوجه ابنتيه إحداهما على إثر الأخرى وأنه ليقول اكتب

_ (تخريجه) أخرجه الترمذى من طريق معاوية بن أبى صالح عن ربيعة الخ .. وقال فى آخره وفى الحديث قصة طويلة، وهذا حديث حسن غريب. 211 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن كناسة الأسدى أبو يحيى قال ثنا اسحق ابن سعيد عن أبيه قال بلغنى أن عائشة. (تخريجه) فيه محمد بن كناسة الأسدى هو محمد بن عبد الله بن عبد الأعلى الأسدى أبو يحيى بن كناسة بضم الكاف -صدوق عارف بالآداب. واسحق بن سعيد بن عمرو بن العاص الأموى ثقة. فالحديث صحيح تعززه الشواهد العديدة. 212 - وفى لفظ (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد قال حدثنى فاطمة بنت عبد الرحمن قالت حدثتنى أمى أنها قالت سألت عائشة.

-[مناقبه رضي الله عنه]- عثمان (وفي لفظ اكتب ياعثم) قالت ما كان الله لينزل عبداً من نبيه بتلك المنزلة إلا عبدا عليه كريما. 213 - وعن أبى حبيبة أنه دخل الدار وعثمان محصور فيها وأنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يستأذن عثمان فى الكلام فإذن له مقام فحمد الله وأثنى عليه ثم قال انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنكم تلقون بعدى فتنة واختلافا أو قال اختلافا وفتنة فقال له قائل من الناس فمن لنا يا رسول الله قال عليكم بالأمين وأصحابه وهو يشير إلى عثمان بذلك. 214 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنة فمر رجل فقال يقتل فيها هذا المقنع يومئذ مظلوما قال فنظرت فإذا هو عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه. 215 - وعن عبد الله بن شقيق عن عبد الله بن حوالة رضي الله عنه قال أتيت رسول الله

_ (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد والطبرانى عن أم كلثوم وقال أم كلثوم لم أعرفها وبقية رجال الطبرانى ثقات وأورد الحافظ بن كثير فى البداية والنهاية روايتى الإمام أحمد. 213 - (سنده) حدثنا عبد اله حدثنى أبى عفان ثنا وهيب ثنا موسى بن عقبة قال حدثنى جدى أبو أمى أبو حبيبة. (تخريجه) رواه الحافظ بن كثير فى البداية وقال "تفرد به أحمد واسناده جيد حسن ولم يخرجوه (أى أصحاب الكتب الستة) من هذا الوجه، ورواه الحاكم فى المستدرك وصححه وأقره الذهبى. 214 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود بن عامر ثنا سنان بن هرون عن كليب ابن وائل عن ابن عمر. (تخريجه) فى إسناده سنان بن هارون البرجمى قال الذهبى فى كتابه "المغنى فى الضعفاء" "قال أبو حاتم شيخ وقال ابن معين ليس حديثه بشئ" وقال بن حجر فى التقريب صدوق فيه لين. وقال ابن حبان منكر الحديث جداً يروى المناكير عن المشاهير، وارتأى البعض توثيقه. ورواه الترمذى عن إبراهيم بن سعد البجوهرى عن شاذان وقال "هذا حديث حسن غريب خمن هذا الوجه من حديث ابن عمر". وللحديث شواهد متعددة لم يرد فيها "يقتل هذا" ولكن أنه على الهدى كما سيلى. 215 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل بن إبراهيم قال ثنا الحريرى عن عبد الله ابن شقيق.

-[مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه]- صلى الله عليه وسلم وهو جالس فى ظل دومة وعنده كاتب له يملى عليه فقال ألا أكتبك يا ابن حوالة قلت لا أدرى ما خار الله لى ورسوله فأعرض عنى (وفى رواية نكتبك يا ابن حوالة قلت لا أدري فبم يا رسول الله) فأعرض عنى فأكب على كاتبه بملى عليه قال أنكتبك يا ابن حوالة قلت لا أدرى ما خار الله لى ورسوله فأعرض عنى فأكب على كاتبه يملى عليه قال فنظرت فإذا فى الكتاب عمر فقلت إن عمر لا يُكتْبَ إلا فى خير، ثم قال أنكتبك يا ابن حوالة قلت نعم فقال يا ابن حوالة كيف تفعل فى فتنة تخرج فى أطراف الأرض كأنها صياصى (1) بقر قلت لا أدرى ما خار الله لى ورسوله، قال وكيف تفعل فى أخري تخرج بعدها كأن الأولى فيها انتفاجه (2) أرنب، قلت لا أدرى ما خار الله لى ورسوله، قال اتبعوا هذا، قال ورجل ثقفى، حينئذ قال فانطلقت فسعيت وأخذت بمنكبيه فأقبلت بوجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت هذا قال نعم قال وإذا هو عثمان بن عفان رضي الله تعالى عنه. 216 - وعن جبير بن نفير قال كنا معسكرين مع معاوية بعد قتل عثمان رضى الله عنه فقام كعبن بن مرة (3) البعزرى رضي الله عنه فقال لولا شئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت هذا المقام فلما سمع (4) بذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أجلس الناس فقال بينما نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ مر عثمان بن عفان مرجلا قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتخرجن فتنة من تحت قدمى أو من بين رجلى هذا، هذا يومئذ ومن اتبعه على الهدى قال فقام ابن حوالة الأزدى من عند المنبر فقال

_ (غريبه) (1) صياصى بقر جمع صيصه أى قرونها شبه الفتنة بها لشدتها الفتنه بها لشدتها وصعوبة الأمر فيها". (2) انتفاجه أرنب قال فى النهاية هى وثبته من مجثمه يريد تقليل مدتها. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والطبرانى ورجالها رجال الصحيح" 216 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا معاوية عن سليم بن عامر عن جبير بن نفير. (3) قال ابن كثير فى البداية "الصحيح مره بن كعب". (4) أى لما سمع معاوية كما ذكر فى بعض الروايات. (تخريجه) قال الهيثمي رواه الطبراني ورجاله وثقوا.

-[مناقب عثمان بن عفان رضي الله عنه]- إنك لصاحب هذا قال نعم قال والله انى لحاضر ذلك المجلس ولو علمت أن لى فى الجيش مصدقا كنت أول من تكلم به. 217 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل بن ابراهيم ثنا أيوب عن أبى قلابة قال لما قتل عثمان رضي الله عنه قام خطباهء بإيلياء فقام من آخرهم رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يقال له مُرة ابن كعب فقال لولا حديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قمت، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر فتنة واحسبه قال فمقربها شك اسماعيل فمر رجل متقنع فقال هذا واصحابه يومئذ على الحق فانطلقت فأخذت بمنكبه وأقبلت بوجهه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت هذا قال نعم فإذا هو عثمان رضي الله تعالى عنه. 218 - حدقنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أسامة قال أنبأنا كهمس ثنا عبد الله بن شقيق ثنا هرمى بن الحرث وأسامة بن خريم وكانا يغازيان فحدثانى حديثا ولا يشعر كل واحد منهما أن صاحبه حدثنيه عن مرة البهزى (1) رضي الله عنه قال بينما نحن مع نبى الله صلى الله عليه وسلم فى طريق من طرق المدينة فقال كيف فى فتنة تثور فى أقطار الأرض كأنها صياصى بقر قالوا نصنع ماذا يا نبى الله قال عليكم هذا وأصحابه أو اتبعوا هذا وأصحابه قال فأسرعت حتى عطفت على الرجل فقلت هذا يا نبى الله قال هذا فإذا هو عثمان بن عفان صلى الله عليه وسلم. 219 - وعن عروة بن الزبير أن عبيد الله بن عدى بن الخيار أخبره أن عثمان بن عفان رضي

_ 217 - (تخريجه) رواه الترمذى بمعناه من طريق عبد الوهاب الثقفى حدثنا أيوب عن أبى قلابة عن أبى الأشعث الصغانى وقال هذا حديث حسن صحيح -وفى الباب عن ابن عمر وعبد الله ابن حوالة وكعب بن عجره" ورواه الحاكم فى المستدرك ثنا وهيب ثنا أيوب عن أبى قلابة عن أبى الأشعث مختصراً وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه". (1) هو مره بن كعب. وقد سبقت الأحاديث عنه بهذا المعنى. 218 - (تخريجه) رواه ابن حبان فى صحيحه. 219 - (سنده): حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بن شعيب حدثنى أبى عن الزهرى حدثنى عروة بن الزبير.

-[فيما خصه النبي صلى الله عليه وسلم فى السر]- الله عنه قال له ابن أخى أدركت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقلت لا ولكن خلص إلى من علمه واليقينما خلص إلى العذراء فى سترها قال فتشهد ثم قال أما بعد فإن الله قد بعث محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق فكنت ممن استجاب لله ولرسوله وآمن بما بعث به محمداُ $# ثم هاجرت الهجرتين ونلت صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله ما عصيته ولا غششته حتى توفاه الله عز وجل. الفصل الثانى فيما خصه به رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السر 220 - عن أبى عبد الله الجسري قال دخلت على عائشة وعندها حفصة بنت عمر رضي الله عنهم فقالت لى إن هذه حفصة زوج النبى صلى الله عليه وسلم ثم أقبلت عليها فقالت أنشدك الله أن تصدقينى بكذب قلته أو تكذبينى بصدق قلته تعلمى أنى كنت أنا وأنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأغمى عليه فقلت له أترينه قد قبض قلت لا أدرى فأناف فقال افتحوا له الباب ثم أغمى عليه فقلت لك أترينه قد قبض قلت لا أدري ثم أفاق فقال افتحوا له الباب فقلت لك أبى أو أبوك قلت لا أدرى ففتحنا الباب فإذا عثمان بن عفان فلما أن رآه النبى صلى الله عليه وسلم قال ادنه فأكب عليه فسارّه بشئ لا أدرى أنا وأنت ما هو ثم رفع رأسه فقال أفهمت ما قلت لك قال نعم قال ادنه فأكب عليه أخرى مثلها فساره بشئ لا ندرى ما هو ثم رفع رأسه فقال أفهمت ما قلت لك قال نعم قال ادنه فأكب عليه اكبابا شديدا فساره بشئ ثم رفع رأسه فقال أفهمت ما قلت لك قال نعم سمعته أذناى ووعاه قلبى قال اخرج قال قالت حفصة اللهم نعم أو قالت اللهم صدق. 221 - وعن أبى سهلة عن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ادعوا لي بعض

_ (تخريجه) قال الهيثمي رجاله رجال الصحيح وأخرجه البخارى مطولا عن مطريق يونس عن ابن شهاب أخبرنى عروة. 220 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن عاصم عن سعيد بن أياس الجريرى عن أبى عبد الله الجسرى, (تخريجه) أخرجه الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه كل أحمد والطبراني في الأوسط بنحوه.

-[حياؤه واستحياء الملائكة منه رضي الله عنه]- أصحابي قلت أبو بكر قال لا قلت عمر قال لا قلت ابن عمك على قال لا قالت قلت عثمان قال نعم فلما جاء قال تنحى فجعل يساره ولن عثمان يتغير فلما كان يوم الدار وحصر فيها قلنا يا أمير المؤمنين ألا تقاتل قال لا إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى عهداً وانى صابر نفسى عليه. الفصل الثالث: فيما جاء فى حيائه واستحياء الملائكة منه رضي الله عنه 222 - عن سالم أبى جميع ثنا الحسن وذكر عثمان رضي الله عنه وشده حيائه فقال إن كان ليكون فى البيت والباب عليه مغلق فما يضع عنه الثوب ليفيض عليه الماء ويمنعه الحياء أن يقم صلبه. 223 - وعن عبد الله بن أبى أوفى رضي الله عنه قال استأذن أبو بكر رضي الله عنه على النبى صلى الله عليه وسلم وجارية تضرب بالدف فدخل ثم استأذن عمر رضي الله عنه فدخل ثم استأذن عثمان رضي الله عنه فأمسكت قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عثمان رجل حيّى.

_ 221 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن اسماعيل قال ثنا قيس عن أبى سهلة. (تخريجه) ذكره ابن كثير فى البداية والنهاية وقال تفرد به أحمد ثم قد رواه أحمد عن وكيع عن اسماعيل عن قيس عن عائشة فذكر مثله وأخرجه ابن ماجه من حديث وكيع" وأخرجه الحاكم فى المستدرك وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبى. وأخرج التركذى من طريق وكيع الجزء الأخير "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى الخ .. " بهذا الأسناد وقال هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إا من حديث أحمد بن أبى خالد" ورواه ابن ماجه فى المقدمة من طريق وكيع بلفظ متقارب وقال "فى الزوائد اسناده صحيح رجاله ثقات" وأبو سهلة هو مولى عثمان ابن عفان وثقة العجلى وابن حبان وقال أبو زرعة لا أعرف أسمه". 222 - (سنده) حدثنا عد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا سالم أبو جميع ثنا الحسن. (تخريجه) قال الهيثمى فى مجمع الزوائد رجاله ثقات وعبد الصمد هو ابن عبد الوارث. وسالم أبو جميع بالتصغير هو سالم بن دينار أو ابن راشد القزاز البصرى ثقة، والحسن هو الحسن البصرى. 223 - (سنده) جدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن هو ابن مهدى ثنا شعبة عن شيخ من بجيلة قال سمعت ابن أبى أوفى .. الخ. (تخريجه) أخرجه الهيثمى وقال "رواه أحمد عن رجل من يجيلة عن ابن أبى أوفى ولم يسم الرجل وبقية رجاله رجال الصحيح" اهـ

-[حياؤه واستحياء الملائكة منه رضي الله عنه]- 224 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج ثنا ليث حدثنى عقيل عن ابن شهاب عن يحيى ابن سعيد بن العاص أن سعيد بن العاص أخبره أن عائشة زوج النبى صلى الله عليه وسلم وعثمان رضي الله عنهما حدثاه أن أبا بكر استأذن على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مضطجع على فراشه لابس مرط (1) عائشة فأذن لأبى بكر وهو كذلك فقضى إليه حاجته ثم انصرف فاستأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحال فقضى إليه حاجته ثم انصرف، ثم جاء عثمان ثم استأذن عليه فجلس وقال لعائشة اجمعى عليك ثيابك فقضت إليه حاجتى ثم انصرفت "وفى راية بعد قوله فاستأذن عمر فأذن له وهو على تلك الحال فقضى إليه حاجته ثم انصرف، قال عثمان ثم استأذنت عليه فجلس وقال لعائشة اجمعى عليك ثيابك فقضى إلى حاجتى ثم انصرفت فقالت عائشة يا رسول الله مالى لم أرك فزعت (2) لأبى بكر وعمر كما فزعت لعثمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن عثمان رجل حيّى وانى خشيت إن أذنت له على تلك الحال أن لا يبلغ إلى فى حاجته قال ليث وقال جماعة الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعائشة ألا أستحى ممن تستحى منه الملائكة. 225 - وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالساً كاشفاً عن فخذه فاستأذن أبو بكر فأذن له وهو على حاله ثم استأذن عمر فأذن وهو على حاله، ثم استأذن عثمان فأرخى عليه ثيابه فلما قاموا قلت يا رسول الله استأذن عليك أبو بكر وعمر فأذنت لهما وأنت على

_ 224 - (غريبه) 1 - المرط الكساء وجمعه مروط ويكون من صرف وربما كان من خز أو غيره. (2) فزعت أى اهتمت لهما واحتفلت بدخولهما. (تخريجه) رواه مسلم عن عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد عن أبيه عن جده ولم يذكر الجملة الأخيرة "قال ليث الخ ... " وقال الحافظ بن كثير فى البداية بعد أن أورد الحديث عن الإمام أحمد "ورواه مسلم من حديث محمد بن أبيه عن عائشة ورواه جبير بن نفير وعائشة بنت طلحة عنها وستأتى الإشارة إلى بعض هذه الروايات فى الأحاديث التالية. 225 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مروان قال أنا عبيد الله بن سيان قال سمعت عائشة بنت طلحة تذكر عن عائشة الخ. (تخريجه) قال الحافظ بن كثير فى البداية والنهاية تفرد به أحمد من هذا الوجه.

-[صفته وذكر بعض خطبه رضي الله عنه]- حالك فلما استأذن عثمان أرخيت عليك ثيابك فقال يا عائشة ألا أستحى من رجل والله إن الملائكة تستحى منه. 226 - وعن حفصة بنت عمر رضي الله عنهما قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فوضع ثوبه بين فخذيه فجاء أبو بكر يستأذن فأذن له رسول الله صلى الله عليه وسلم على هيئته، ثم جاء عمر يستأذن فأذن له ورسول الله صلى الله عليه وسلم على هيئته وجاء ناس من أصحابه فأذن لهم وجاء على يستأذن فأذن له ورسول الله صلى الله عليه وسلم على هيئته ثم جاء عثمان بن عفان فاستأذن فتجلل ثوبه ثم أذن له فتحدثوا ساعة ثم خرجوا فقلت يا رسول الله دخل عليك أبو بكر وعمر وعلى وناس من أصحابك وأنت على هيئتك لم تتحرك فلما دخل عثمان تجللت ثوبك فقال ألا أستحى ممن تستحى منه الملائكة. الفصل الرابع: فى صفته رضي الله عنه وذكر شئ من خطبه 227 ز- عن الحسن بن أبى الحسن قال دخلت المسجد فإذا أنا بعثمان بن عفان (رضي الله عنه) متكئ على ردائه فأتاه سقاعان يختصمان إليه فقضى بينهما ثم أتيته فنظرت إليه فإذا رجل جلس الوجه بوجنتيه نكتات جدرى وإذا شمره قد كسا ذراعيه.

_ 226 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم قال ثنا أبو معاوية يعنى شيبان عن أبى اليعفور عن عبد الله بن سعيد المزنى عن حفصة بنت عمر. (غريبه) تجلل ثوبه يعنى لبسه. (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد والطبرانى فى لكبير والأوسط وأبو يعلى باختصار كثير وإسناده حسن وأورد بن كثير فى البداية والنهاية طريقاً أخر عن حفصة وقال رواه الحسن ابن عرفه وأحمد بن حنبل عن روح بن عبادة عن ابن جريج أخبرنى أبو خالد عثمان بن خالد عن عثمان بن خالد عن عبد الله بن أبى سعيد المدنى حدثتنى حفصة فذكر مثل حديث عائشة وذكر رواية أخرى رواها البزار ثم قال البزار لا نعلمه يروى عن ابن عباس إلا بهذا الأسناد قلت أى ابن كثير هو على شرط الترمذى ولم يخرجوه وذكر رواية الطبرانى. 227 - (سنده) ز حدثنا عبد الله حدثنى زياد بن أيوب ثنا هشيم قال زعم أبو المقدام عن الحسن بن أبي الحسن.

-[صفته وذكر بعض خطبه رضي الله عنه]- 228 ز- وعن أم موسى قالت كان عثمان (رضي الله عنه) من أجمل الناس. 229 - وعن أم غراب عن بناته قالت ما خضب عثمان قط. 230 - وعن عباد بن زاهر أبى رواع قال سمعت رضي الله عنه يخطب فقال أنا والله قد صحبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فى السفر والحضر وكان يعود مرضانا ويتبع جنائزنا ويغزو معنا وبواسينا بالقليل والكثير وإن ناساً يُعلمونى به عسى أن لا يكون أحدهم رآه قط. 231 ز- وعن الحسن قال شهدت عثمان يأمر فى خطبته بقتل الكلاب وذبح الحمام.

_ (تخريجه) فيه أبو المقدام وهو هشام بن زياد القرشى قال البخارى فى التاريخ الكبير ضعيف وقال الذهبى فى ميزان الاعتدال سعفه أحمد وقال النسائى متروك وقال ابن حبان يروى الموضوعات عن الثقات وقال ألو داود كان ثقة وبذا يكون إسناده ضعيف. 228 ز- (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى عثمان بن أبى شيبة ثنا جرير عن مغيرة عن أم موسى. (تخريجه) قال الهيثمى فى مجمع الزوائد "رواه عبد الله ورجاله رجال الصحيح غير أم مرسى وهى ثقة" وأم موسى هى سرية على بن أبى طالب، وقد أورد الحافظ بن كثير الحديث وقال "وروى سيف بن عمر أن أهل المدينة اتخذ بعضهم الحمام ورما يعضهم بالجلاهقات فوكل عثمان رجلا من بنى ليث يتبع ذلك فيقص الجمام ويكسر الجلاهقات وهى فى البندق". 229 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع حدثتنى أم غراب. (غريبه) نكتات جدرى أى أثر قليل كالنقطة. (تخريجه) إسناده حسن أم غراب اسمها طلحة ذكرها ابن حبان فى الثقات وبناته هى خادم كانت لأم البنين امرأة عثمان رضي الله عنه. 230 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن سماك بن رب قال سمعت عباد بن زاهر أبا رواع. (تخريجه) فيه عباد بن زاهر قال أبو حاتم شيخ وقال الدولابى سمع عثمان بن عفان وذكره ابن حجر فى تعجيل المنفعة ولم يثبت فيه جرحا واسمه عباد بن زاهر أبو الرواع. 231 ز- (سنده) حدثنا عبد الله ثنا شيبان بن أبى شيبة ثنا مبارك بن فضالة ثنا الحسن. (تخريجه) قال الهيثمى فى مجمع الزوائد: "رواه أحمد واسناده حسن إلا أن مبارك بن فضالة مدلس" ولكنه صرح بالتحديث فانتفى التدليس والحديث إسناده جيد.

-[طعن بعض الناس فيه والذب عنه رضي الله عنه]- الباب الثالث: فى طعن بعض الناس فى عثمان والذب عنه رضي الله عنه 232 - عن عبد الله بن موهب قال جاء رجل من مصر يحج البيت قال فرأى قوما جلوسا فقال من هؤلاء القوم فقالوا قريش قال فمن الشيخ فيهم قالوا عبد لله بن عمر قال ابن عمر أنى سائلك عن شئ أو أنشدك أو نشدتك بحرمة هذا البيت أتعلم أن عثمان فر يوم أحد قال نعم قال فتعلم أنه غاب عن بدر فلم يشهده قال نعم قال وتعلم أنه تغيب عن بيعةالرضوان قال نعم قال فكبر المصرى، فقال ابن عمر تعال أبين لك ما سالتنى عنه، أما فراره يوم أحد فأشهد أن الله قد عفا عنه وغفر له (1)، وأما تغيبه عن بدر فانه كانت تحته ابنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وإنها مرضت فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم لك أجر رجل شهد بدرا وسهمه، وأما تغيبه عن بيعة الرضوان فلو كان أحد أعز ببطن مكة من عثمان لبعثه، بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان وكانت بيعة الرضوان بعد ما ذهب عثمان فضرب بها على يده وقال هذه لعثمان قال وقال ابن عمر أذهب بهذا الآن معك. 233 - وعن شقيق قال لقي عبد الرحمن بن عوف الوليد بن عقبة فقال له الوليد مالى أراك قد جفوت أمير المؤمنين عثمان رضى الله عنه فقال له عبد الرحمن أَبْلِغه انى لم أفر يوم عينين قال عاصم يقول يوم أحد ولم أتخلف يوم بدر ولم أترك سنة عمر رضي الله عنه، قال فانطلق فخبر ذلك عثمان رضي الله عنه قال فقال أما قوله إنى لم أفر يوم عينين فكيف يعيرنى بذنب وقد عفا الله عنه فقال (إن الذين تولوا منكم يوم التقى الجمعان إنما استنزلهم الشيطان ببعض ما كسبوا

_ 232 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان أبو عوانة ثنا عثمان بن عبد الله بن موهب (موهب) بفتح الميم والهاء. (1) أنظر تأويل ذلك فى الحديث التالى. (تخريجه) رواه البخارى فى صحيحه والتركذى وابن كثير فى البداية. 233 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة عن عاصم عن شقيق. (غريبه) عينين اسم جبل بأحد ويقال ليوم أحد يوم عينين وهو الجبل الذى أقام عليه الرماة يومئذ.

-[براءة علي وفيما وقع فى خلافته من حوادث]- ولقد عفا الله عنهم) وأما قوله انى تخلفت يوم بدر فانى كنت أمرض رقية بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ماتت وق ضرب لى رسول الله صلى الله عليه وسلم بسهمى ومن ضرب له رسول الله بسهمه فقد شهد؛ وأما قوله انى لم أترك سنة عمر فانى لا أطيقها ولا هو فأته فحدثه بذلك. فصل فى براءة على رضي الله عنه من إرادة عثمان بسوء 234 - عن محمد بن على رضي الله عنه قال جاء إلى على رضي الله عنه ناس من الناس فشكوا سعاة عثمان قال فقال لى أبى اذهب بهذا الكتاب إلى عثمان فقل له إن الناس قد شكوا سعاتك وهذا أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الصدقة فمرهم فليأخذوا به قال فأتيت عثمان فذ كرت ذلك له قال فلو كان ذاكراً بشئ لذكره يومئذ يعنى بسوء. الباب الثالث فيما وقع من الحوادث فى أيام خلافته رضي الله عنه فمن ذلك يوم الجَرَعَةَ 235 - حدثنا عبد الله حدثنى أيى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبى البحترى الطائى عن أبى ثور قال بعث عثمان بوم الجرعة بسعيد بن العاص قال فخرجوا إليه فردوه قال فكنت قاعداً مع أبى مسعود وحذيفة بن اليمان (رضي الله عنهما) فقال أبو مسعود ما كنت أري أن يرجع لم يهرق فيه دما قال فقال حذيفة ولكن قد علمت لترجعن على عقبيها لم يهرق

_ (تخريجه) قال الهيثمي في مجمع الزوائد، رواه أحمد وأبو يعلى الطبرانى باختصار والبزار بطوله بنحوه وفيه عاصم بن بهدلة وهو حسن الحديث وبقية رجاله ثقات". 234 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن عينية عن محمد بن سوقة عن منذر الثورى عن محمد بن على. (تخريجه) رواه البخارى فى الخمس كما جاء فى ذخائر المواريث، ومحمد بن على هو المعروف بمحمد بن الحنظة قالوا عنه "لا نعلم أحداً اسند عن على عن النبى صلى الله عليه وسلم أكثر ولا لأصح مما أسند محمد بن الحنفية، والحنفية أمه هو خوله بنت جعفر كانت من سبى بنى حنيفة. 235 - (غريبه) الجرعة بفتحات اسم موضع بالكوفة كانت به فتنة في زمن عثمان.

-[نفي أبا ذر رضي الله عنه إلى الربذة]- فيها محجمة دم وما علمت من ذلك شيئاً إلا شيئاً علمته محمد صلى الله عليه وسلم حى، حتى إن الرجل ليصبح مؤمناً ثم يمسى ما معه منه شئ ويمسى مؤمناً ويصبح ما معه منه شئ يقاتل فتنة اليوم ويقتله الله غدا ينكس قلبه تعلوه استه قال فقتل أسفله قال أسنه. 236 - حدثنا عبد الله حدثمى أيى ثنا أبى محمد بن أبى عدى عن ابن عوف عن محمد قال قال جندب لما كان يوم الجَرَعَةِ وثمَّ رجل قال فقال والله لبهواقن اليوم دماء قال قال الرجل كلا والله قال هلا قلت بلى والله قل كلا والله إله الحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنيه قال قلت والله أنك لجليس سوء منذ اليوم، تسمعنى أحلف وقد سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنهانى، قال ثم قلت مالى وللغضب قال فتركت الغضب وأقبلت أسأله وإذا الرجب حذيفة بن اليمان رضي الله عنه. ومن ذلك نفى أبى ذَرِّ رضي الله عنه إلى الرَّبذَةِ 237 ز- حدثنا عبد الله ثنا الحكم بن نافع أبو اليمان انا اسماعيل بن عياش عن عبد الله ابن أبى حسين عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن أبى ذر رضي الله عنه قال كنت أخدم النبى صلى الله عليه وسلم ثم آتى المسجد إذا أنا فرغت من عملى فأضطجع فيبه فأتانى النبى صلى الله عليه وسلم يوما وأنا مضطجع فغمزنى برجله فاستويت جالسًا فقال لى يا لأبا ذر كيف تصنع إذا أخرجت منها فقلت أرجع إلى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم وإلى بيتى قال فكيف تصنع إذا أخرجت فقلت إذاً

_ (تخريجه) أورده الطبري في تاريخه والطبرانى بلفظ مقارب وقال الهيثمى "رواه الطبرانى ورجاله رجال الصحيح غير أبى ثور وهو ثقة". وقد أشار ابن كثير فى البداية إلى هذه الواقعة وقال "والمقصود أن سعيد بن العاص كر راجعا إلى المدينة وكسر الفتنة فأعجب ذلك أهل الكوفة وكتبوا إلى عثمان أن يولى عليهم أبا موسى الأشعرى فأجابهم عثمان إلى ما سألوا إزاحة لعذرهم وإزالة لشبههم وقطعاً لعللهم". 236 - (تخريجه) أنظر الحديث السابق. 237 - (تخريجه) جاء هذا الحديث بمعناه فى كنز العمال عن الرازق عن طاوس. وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد بلفظ مختلف وقال "فى الصحيح طرف من آخره، وفى ابن ماجة طرف من أوله.

-[نفي أبا ذر رضي الله عنه إلى الربذه]- آخذ بسيفي فأضرب به من يخرجنى فجعل النبى صلى الله عليه وسلم يده على منكبى فقال غفراً يا أبا ذر ثلاثا بل تنقاد معهم حيث قادوك وتنساق معهم حيث ساقوك ولو عبداً أسود قال أبو ذر فلما نفيت إلى الربذة أقيمت الصلاة فتقدم رجل أسود كان فيها على نعم الصدقة فلما رآنى أخذ ليرجع وليقدمنى فقلت كما أنت بل انقاد لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم. 238 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم قال ثنا عبد الحميد قال ثنا شهر قال حدثتنى أسماء بنت يزيد أن أبا ذر الغفارى كان يخدم النبى صلى الله عليه وسلم فإذا فرغ من خدمته آوى إلى المسجد فكان هو بيته يضطجع فيه فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم المسجد ليلة فوجد أبا ذر نائماً منجدلاً (1) فى المسجد فنكته (2) رسول الله صلى الله عليه وسلم برجله حتى استوي جالساً فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أراك نائماً قال أبو ذر يا رسول الله فأين أنام هل لى من بيت غيره، فجلس إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له كيف أنت إذا أخرجوك منه قال إذا الحق بالشام فان الشام أرض الهجرة وأرض

_ رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح إلا أن أبا سليل ضريب بن نفير لم يدرك أبا ذر" وفيه شهر بن حوشب -أنظر الحديث التالى. 238 - (تخريجه) قال الحافظ الهيثمى فى مجمع الزوائد: رواه أحمد وفيه شهر بن حوشب وهو ضعيف وقد وثق" وقال الحافظ بن حجر فى التقريب شهر بن حوشب الأشعرى الشامى مولى أسماء بنت يزيد بن السكن صدوق كثير الإرسال والأوهام من الثالثة مات سنة اثنتى عشرة. وفى خلاصة تهذيب الكمال للخزرجى شهر بن حوشب مولى أسماء بنت يزيد بن السكن أبو سعيد الشامى أرسل عن تميم الدارى وسلمان وروى عن مولاته وابن عباس وعائشة وأم سلمة وجابر وطائفة وروى عنه قتادة وثابت والحكم وعاصم بن بهدله وثقة ابن معين وأحمد وقال يعقوب بن سفيان شهر وإن قال ابن عون تركوه فهو ثقة وقال ابن معين ثبت وقال النسائى ليس بالقوى وقال أبو زرعة لا بأس به. - واسماء بنت يزيد صحابية. (غريبه) (1) منجدلا أى مطروحاً على الأرض ومنه قوله أنا خاتم النبيين وإن لآدم لمنجدل فى طينة أى ملقى على الجدالة وهى الأرض. (2) فنكته أى ضربه ومنه فإذا الناس ينكتوه بالحصا أى يضربون به الأرض.

-[حصار عثمان رضي الله عنه]- المحشر وأرض الأنبياء فأكون رجلا من أهلها قال له كيف أنت إذا أخرجوك من الشام قال إذا أرجع إليه فيكون هو بيتى ومنزلى قال له كيف أنت إذا أخرجوك منه الثانية، قال إذا آخذ بسيفى فأقاتل عنى حتى أموت قال فكشر (1) إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فأثبته بيده قال ألا أدلك على خير من ذلك قال بلى بأبى أنت وأمى يا نبى الله قال ؤسول الله صلى الله عليه وسلم تنقاد لهم حيث قادوك وتنساق لهم حيث ساقوك حتى تلقانى وأنت على ذلك. الباب الرابع فى حصار عثمان وما قاله وما قيل له وفيه فصول الفصل الأول: فى عطف بعض الصحابة على عثمان يوم الدار 239 - عن المغيره بن شعبة رضي الله عنه أنه دخل على عثمان رضي الله عنه وهو محصور فقال أنك إمام العامة وقد نزل بك ما ترى وانى أعرض عليك خصالا ثلاثا اختر احداهن، أما أن تخرج فتقاتلهم فان معك عددا وقوة وأنت على الحق وهم على الباطل، واما أن تخرق لك بابا سوى الباب الذى هم عليه فتقعد على رواحلك فتلحق بمكة فانهم لن يستعجلوك وأنت بها، واما أن تلحق بالشام فانهم أهل الشام وفيهم معاوية فقال عثمان رضي الله عنه أما أن أخرج فأقاتل فلن أكون أول من خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم فى أمته بسفك الدماء، واما أن أخرج إلى مكة فانهم لن يستحلونى بها فانى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يُلحد رجل من قريش بمكة يكون عليه نصف عذاب العالم فلن أكون أنا اياه، وأما أن ألحق بالشام فانهم أهل الشام وفيهم معاوية فلن أفارق دار هجرتى ومجاورة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

_ (1) فكشر إليه أى ضحك وكاشره إذا ضحك فى وجهه والكشر ظهور الاسنان. 239 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن عياش ثنا الوليد بن مسلم قال وأخبرنى الأوزاعى عن محمد بن عبد الملك بن مروان أنه حدثه عن المغيرة بن شعبة. (تخريجه) قال الهيثمى فى مجمع الزوائد رواه أحمد ورجاله ثقات إلا أن محمد بن عبد الملك بن مروان لم أجد له سماعا من المغيرة قلت ولهذا الحديث طرق فى فضل مكة فى الحج فى الجزء الثالث" وقد ترجم الحافظ فى التعجيل لمحمد بن عبد الملك بن مروان وقال "ما أظن أن روايته عن المغيرة إلا مرسلة". ولذلك رجح البعض أن الحديث ضعيف لانقطاعه.

-[إنقياد عثمان رضي الله عنه للقرآن واعتذاره]- 240 - وعن ابن أبزى عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال قال له عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما حين حصر إن عندى نجائب قد أعددتها لك فهل أبت أن تحول إلى مكة فيأتينك من أراد أن يأتينك قال لا، انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يلحد بمكة كبش من قريش اسمه عبد الله عليه مثل نصف أوزار الناس. 241 - وعن أبى سهلة أن عثمان رضي الله عنه قال يوم الدار حين حصر إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى عهدا فأنا صابر عليه قال قيس فكانوا يرونه ذلك اليوم. الفصل الثانى: فى انقياد عثمان رضي الله عنه لكتاب الله عز وجل واعتذاره وبيانه للناس وتعداد مناقبه 242 ز- عن إبراهيم بن سعد قال حدثنى أبى عن أبيه أن عثمان رضي الله عنه قال إن وجدتم فى كتاب الله عز وجل أن تضعوا رجلى فى القيد فضعوها. 243 ز- وعن ثمامة بن حزن القشيرى قال شهدت الدار يوم أصيب عثمان رضي الله عنه

_ 240 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل بن أبان الوراق ثنا يعقوب عن جعفر ابن أبى المغيرة عن ابن ابزى. (تخريجه) فيه ابن أبى ابزى وهو سعيد بن أبى عبد الرحمن بن ابزى الخزاعى من صغار التابعين وإن كان ثقة وقال أبو زرعة "روايته عن عثمان مرسلة". 241 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل بن أبان الوراق ثنا يعقوب عن جعفر ابن أبى المغيرة عن ابن ابزى. (تخريجه) فيه ابن أبى ابزى وهو سعيد بن أبى عبد الرحمن بن ابزى الخزاعى من صغار التابعين وإن كان ثقة وقال أبو زرعة "روايته عن عثنان مرسلة". 240 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ابزى وهو سعيد بن أبى عبد الرحمن بن ابزى الخزاعى من صغار التابعين وإن كان ثقة وقال أبو زرعة "روايته عن عثمان مرسلة". 241 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن اسماعيل بن أبى خالد قال قال قيس فحدثنى أبو سهلة. (تخريجه) اسناده صحيح، وقد تقدمت رواية لهذا الحديث عن أبى سهلة عن عائشة فأرجع إليه. 242 - (سنده) حدثنا عبد الله ثنا سويد ثنا إبراهيم بن سعد حدثنى أبى عن أبيه قال قال عثمان. (تخريجه) قال الهيثمى فى مجمع الزوائد رواه عبد الله بن أحمد ورجاله رجال الصحيح. وإبراهيم بن سعد هو بن إبراهيم بن عن الرحمن بن عوف؟ 243 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى محمد بن أبى بكر بن على المقدمى ثنا محمد بن عبد الله الانصارى ثنا هلال بن حق عن الجريرى عن ثمامة بن حزن المقشيري.

-[إنقياد عثمان رضي الله عنه للقرآن واعتذاره]- فطلع عليهم اطلاعه فقال ادعوا إلى صاحبيكم اللذين الباكم علىّ فدعيا له فقال نشدتكما الله أتعلمان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة ضاق المسجد بأهله فقال من يشترى هذه البقعة من خالص ماله فيكون فيها كالمسلمين وله خير منها فى الجنة فاشترينها من خالص مالى فجعلتها بين المسلمين وأنتم تمتعونى أن أصلى فيه ركعتين، ثم قال أنشدكم الله أتعلمون أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قدم المدينة لم يكن فيها بئر يُسْتَعذَب منه إلا رُومة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من يشتريها من خالص ماله فيكون دلوُه فيها كدُّلى المسلمين وله خير منها فى الجنة فاشتريتها من خالص مالى فأنتم تمنعونى أن أشرب منها، ثم قال هل تعلمون انى صاحب جيش العسره قالوا اللهم نعن. 244 - وعن أبى سلمة بن عبد الرحمن قال أشرف عثمان رضي الله عنه من القصر وهو محصور فقال أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم حراء إذا اهتز الجبل فركله بقدمه ثم قال اسكن حراء ليس عليه إلا نبى أو صديق أو شهيد وأنا معه فانتشد له رجل، ثم قال أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بيعة الرضوان إذ بعثنى إلى المشركين إلى أهل مكة قال هذه يدى وهذه يد عثمان فبايع لى فانتشد له رجال، قال أنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من يوسع لنا بهذا البيت فى المسجد بيت فى الجنة فابتعته من مالى فوسعت به المسجد فانتشد له رجال، قال وأنشد بالله من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم جيش العسره قال من ينفق

_ (غريبه) الذين الباكم على من ألبت عليه الناس أى جمعتهم عليه وحملتهم على قصده فصاروا عليه الياً واحداً أى اجتمعوا عليه يقصدونه. (رومة) بضم الراء بئر كانت ليهودى بالمدينة يبيع للمسلمين ماءها فاشتراها عثمان رضي الله عنه بعشرين ألف درهم. (تخريجه) رواه الترمذى من عده طرق وبألفاظ متقاربة وقال "هذا حديث حسن وقد روى من غير وجه عن عثمان" ورواه النسائى عن طريق يحيى بن أبى الحجاج عن سعيد الجريرى، وعلق البخارى على الجزء الخاص ببئر رومه. 244 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو قطن ثنا يونس يعنى ابن أبى اسحق عن أبيه عن أبى سلمة بن عبد الرحمن. (غريبه) فانتشد له رجال أي أجابوه.

-[سؤال عثمان عن طلحة رضي الله عنه ومعاتبته إياه]- اليوم نفقة متقبلة فجهرت نصف الجيش من مالى، قال فانتشد له رجال، وأنشد الله من شهد رومة يباع ماؤها ابن السبيل فابتعتها من مالى فأبحتها لابن السبيل قال فانتشد له رجال. 245 - وعن أبى أمامة بن سهل قال كنا مع عثمان وهو محصور فى الدار فدخل مدخلا كان إذا دخله يسمع كلامه من على البلاط قال فدخل ذلك المدخل وخرج إلينا فقال انهم يتوعدونى بالقتل آنفا، قال فلنا يكفيكهم الله يا أمير المؤمنين، قال وبم يقتلوننى، انى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحل دم امرئ مسلم إلا باحدي ثلاث، رجل كفر بعد اسلامه أو زنى بعد احصانه، أو قتل نفسا فيقتل بها، فوالله ما أحببت أن لى بدينى بدلا منذ هدانى الله، ولا زنيت فى جاهلية زلا فى إسلام قط، ولا قتلت نفساً فيم يقتلوننى. الفصل الثالث فى سؤال عثمان رضي الله عنه عن طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه ومعاتبته اياه 246 - عن محمد بن عبد الرحمن بن مجبر عن أبيه عن جده ان عثمان لأشرف على الذين حصروه فسلم عليهم فلم يردوا عليه فقال عثمان أفى القوم طلحة قال طلحة نعم قال فإنا لله وانا إليه

_ (تخريجه) أبو قطن بفتحتين هو عمرو بن الهيثم بن قطن ثقة، إسناد الحديث صحيح إلا أنهم تكلموا فى سماع أبو سلمة من طلحة ومن عبادة بن الصامت. ويغلب إنه سمع بدليل إخراج البخارى له فى صحيحه. والحديث رواه النسائى من طريقتين ورواه الترمذى من حديث أبى عبد الرحمن السلمى عن عثمان وقال هذا حديث حسن صحيح غريب. 245 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان بن حرب وعفان المعنى قال ثنا حماد بن زيد ثنا يحيى بن سعيد عن أبى أمامة بن سهل (هو أمامة بن سهل بن حنيف). (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير من البداية بسنده ومعناه وقال (وقد رواه أهل السنن الأربعة من حديث حماد بن زيد عن يحيى بن سعيد حدثنى أبو أسامة. زاد النسائى وعبد الله بن عامر ابن ربيعة قال كنا مع عثمان فذكره وقال الترمذى حسن وقد رواه حماد بن سلمة عن يحيى بن سعيد فرفعه). 446 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن عبد ربه ثبا الحرب بن عبيدة حدثنى محمد بن عبد الرحمن بن مجبر عن أبيه عن جده.

-[سؤال عثمان عن طلحة رضي الله عنه ومعاتبته اياه]- راجعون، أُسَلِّمُ على قوم أنت فيهم فلا تردون قال قد رددت قال ما هكذا الرد أُسمعك ولا تُسمعنى يا طلحة أَنْشُدك الله أسمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول لا يُحل دم المسلم إلا واحدةٌ من ثلاث، أن يكفر بعد إيمانه أو يزنى بعد احصانه أو يقتل نفسا فيقل بها قال: اللهم نعم فكبر عثمان فقال والله ما أنكرت الله منذ عرفته ولا زنيت فى جاهلية ولا اسلام وقد تركته فى الجاهلية تكرها، وفى الاسلام تعففا وما قتلت نفسا يحل بها قتلى. 247 ز- وعن زيد بن اسلم عن أبيه قال شهدت عثمان يوم حوصر فى موضع الجنائز ولو ألقى حجر لم يقع إلا على رأس رجل فرأيت عثمان أشرف من الخوخة التى تلى مقام جبريل عليه السلام فقال أيها الناس إليكم طلحة فسكتوا ثم قال أيها الناس أفيكم طلحة فسكتوا ثم قال يآيها الناس أفيكم طلحة فقام طلحة بن عبيد الله فقال له عثمان ألا أراك ههنا، ما كنت أري أنك تكون فى جماعة تسمع ندائى اخر ثلاث مرات ثم لا تجيبنى أندك الله يا طلحة تذكر يوم كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى موضع كذا وكذا ليس معه أحد من أصحابه غيرى وغيرك قال نعم، فقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يا طلحة انه ليس من نبى إلا ومعه من أصحابه رفيق من أمته معه فى الجنة وان عثمان بن عفان هذا يعنينى رفيقى معى فى الجنة قال طلحة اللهم نعم ثم انصرف.

_ (تخريجه) رجاله ثقات إلا أن محمد بن عبد الرحمن ضعفوه وغلب بعضهم أن المجبر لم يدرك قصة عثمان فأعتبروه منقطعاً. 247 ز- (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى عبد الله بن عمر القواريرى حدثنى القاسم بن الحكم ابن أوس الأنصارى حدثنى أبو عبادة الزرقى الأنصارى من أهل المدينة عن زيد بن اسلم عن أبيه قال (تخريجه) قال الهيثمى روى النسائى بعضه باسناد ورواه عبد الله وأبو يعلى فى الكبير والبزار وفى اسناد عبد الله والبزار أبو عبادة الزرقى وهو متروك وأسقطه أبو يعلى من السند والله أعلم. وأخرجه الحاكم فى المستدرك بلفظ مقارب وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبى وقال (فيه قاسم بن الحكم قال البخارى لا يصح حديثه وقال أبو حاتم مجهول) مع أنه الذهبى) قال فى الميزان محله الصدق.

-[قتله والصلاة عليه ومدة خلافته رضي الله عنه]- الفصل الرابع فى رؤيا عثمان واخباره بيوم قتله واستعداده لذلك وصبره رضي الله عنه 248 ز- عن نائلة بنت الفرافصة امرأة عثمان بن عفان رضي الله عنه قالت نعس أمير المؤمنين عثمان فأغفى فاستيقظ فقال ليقتلنى القوم قلت كلا إن شاء الله لم يبلغ ذاك، ان رعيتك استعتبوك قال انى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فى منامى وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما فقالوا نفطر عندنا الليلة. 249 ز- وعن مسلم أبى سعيد مولى عثمان بن عفان أن عثمان بن عفان أعتق عشرين مملوكا ودعا بسراويل فشدها عليه ولم يلبسها فى جاهلية ولا اسلام وقال انى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم البارحة فى المنام ورأيت أبا بكر وعمر رضي الله عنهما وانهم قالوا لى أصبر فانك تفطر عندنا القابلة دعا بمصحف فنشره بين يديه فقتل وهو بين يديه. الفصل الخامس فيما جاء فى تاريخ قتله والصلاة عليه ودفنه ومدة خلافته رضي الله عنه 250 ز- عن أبى العالية قال كنا بباب عثمان فى عشر الأضحى.

_ 248 ز- (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى محمد بن أبى بكر ثنا زهير بن اسحق ثنا داود بن أبى هند عهن زياد بن عبد الله عن أم هلال ابنة وكيع عن نائلة بنت الفرافصة. (تخريجه) انفرد به من هذا الطريق عبد الله بن الإمام أحمد. وقال الهيثمى رواه عبد الله بن أحمد وفيه من لم أعرفهم ولعله يعنى زياد بن عبد الله بن حريز الأسدى قال ابن حجر فى تعجيل المنفعه "فيه نظر". وأخرجه الحاكم بمعناه عن ابن عمر وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبى. 249 ز- (سنده) حدثنا عبد الله ثنا عثمان بن أبى شيبة ثنا يونس بن أبى اليعفور العبدى عن أبيه عن مسلم أبى سعيد. (تخريجه) قال الهيثمى "رواه عبد الله وأبو يعلى فى الكبير ورجالهما ثقات" واسناده صحيح. 250 ز- (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى جعفر بن محمد بن فضيل ثنا أبو نعيم أبو خلدة عن أبي العالية.

-[قتله والصلاة عليه ومدة خلافته رضي الله عنه]- 251 ز- وعن معتمر بن سليمان قال قال أبى حدثنا أبو عثمان أن عثمان قتل فى أوسط أيام التشريق. 252 - وعن قتادة أن عثمان قتل وهو ابن تسعين أو ثمان وثمانين. 253 - وعن قتادة قال صلى الزبير على عثمان ودفنه وكان أوصى إليه. 254 ز- وعن إبراهيم بن عبد الله فروخ عن أبيه قال شهدت عثمان بن عفان فى ثيابه بدمائه ولم يغسل

_ (تخريجه) قال الهيثمى "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح". 251 ز- (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى عبيد الله بن معاذ ثنا معتمر بن سليمان. (تخريجه) قال الهيثمى "رواه عبد الله ورجاله رجال الصحيح". وقال الطبرى فى التاريخ وذكر الخبر عن الوقت الذى قتل فيه عثمان (رضي الله عنه) اختلف فى ذلك بعد إجماع جميعهم على أنه قتل فى ذى الحجة فقال بعضهم قتل لثمانى عشرة ليلة خلت من ذى الحجة سنة ست وثلاثين من الهجرة فقال الجمهور منهم: قتل لثمانى عشرة ليلة مضت ذى الحجة سنة خمس وثلاثين" وذكر الروايات الواردة فى هذا الشأن. 252 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى ثنا أبو هلال ثنا قتادة. (تخريجه) اسناده منقطع لأن قتادة لم يدرك عثمان. وقال الهيثمى "رواه أحمد والطبرانى ورجاله إلى قتاده ثقات". وقال الطبرى فى التاريخ إختلف السلف قبلنا فى ذلك فقال بعضهم كانت مدة ذلك اثنين وثمانين سنة وذكر الروايات ثم قال وقال آخرون قتل وهو ابن تسعين أو ثمان وثمانين وذكر الروايات ثم قال وقال آخرون قتل وهو ابن ست وثمانين وذكر رواية واحدة عن قتادة وقال الحافظ ين كثير فى البداية "فأما عمره رضي الله عنه فإنه جاوز ثنتين وثمانين سنة وقال صالح بن كيسان توفى عن اثنتين وثمانين سنة واشهر وقيل أربع وثمانون سنه وقال قتادة توفى عن ثمان وثمانين أو تسعين سنة. وفى رواية عنه توفى عن ست وثمانين سنه" 253 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن قتادة. (تخريجه) قال الهيثمى رجاله رجال الصحيح إلا أن قتادة لم يدرك القصة" ولذا فالاسناد منقطع. 254 ز- (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى سريج بن يونس ثنا محبوب بن محرز عن إبراهيم بن عبد الله بن فروخ عن أبيه.

-[خلافة علي رضي الله عنه وإشارة النبى صلى الله عليه وسلم بذلك]- 255 - وعن أمية بن شبل وغيره قالوا ولى عثمان ثنتى عشرة وكانت الفتنة خمس سنين. 256 - وعن أبى معشر قال قتل عثمان يوم الجمعة لثمان عشرة مضت من ذى الحجة سنة خمس وثلاثين وكانت خلافته ثنتى عشرة سنة إلا اثنى عشر يوماً. أبواب ما جاؤ فى خلافة رابع الخلفاء الراشدين أمير المؤمنين الامام على بن أبى طالب رضي الله عنه الباب الأول: فى خلافته رضي الله عنه وإشارة النبى صلى الله عليه وسلم إلى ذلك 257 - عن قيس بن عباد قال كنا مع علىّ فكان إِذا شهد مشهداً أو أشرف على أكمة أو هبط وادياً قال سبحان الله صدق الله ورسوله فقلت لرجل من بنى يشكر انطلق بنا إلى أمير المؤمنين حتى نسأله عن قوله صدق الله ورسوله قال فانطلقنا إليه فقلنا يا أمير المؤمنين رأيناك إذا شهدت مشهداً أو هبطت وادياً أو أشرفت على أكمة قلت صدق الله ورسوله

_ (تخريجه) أورده الهيثمي ولم يتكلم عليه ورجاله ثقات إلا أن إبراهيم بن عبد الله بن فروخ لم برد عنه شئ من جرح أو تعديل فيما بين أيدينا من كتب الرجال. وأورد الحافظ بن كثير فى البداية والنهاية أن بعض خدمه جملوه على باب بعد ما غسلوه وكفنوه وقال "وزعم بعضهم أنه لم يغسل ولم يكفن والصحيح الأول". 255 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إبراهيم بن خالد الصنعانى حدثنى أمية بن شبل وغيره قالوا. (وتخريجه) إسناده منقطع لأن أمية بن شبل لم يدرك عثمان، وقال الحافظ بن كثير فى البداية كانت خلافته (عثمان) ثنتى عشرة سنة إلا اثنى عشر يوماً. وقال السيوطى فى تاريخ الخلفاء (ولى عثمان الخلافة اثنتى عشرة سنة يعمل ست سنين لا ينقم الناس عليه شيئاً). 256 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسحق بن عيسى الطباع عن أبى معشر. (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد وإسناده منقطع. 257 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنبأنا معمر عن على بن زيد عن الحسن عن قيس بن عباد

-[خلافته رضي الله عنه وإشارة النبى صلى الله عليه وسلم بذلك]- فهل عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إليك شيئاً فى ذلك قال فأعرض عنا وألححنا عليه فلما رأي ذلك قال والله ما عهد إلىّ رسول الله صلى الله عليه وسلم عهداً إلا شيئاً عهد إلى الناس ولكن الناس وقعوا على عثمان رضي الله عنه فقتلوه فكان غيرى فيه أسوأ حالاً وفعلاً منى ثم أنى رأيت أنى أحقهم بهذا الأمر فوثبت عليه فالله أعلم أصبنا أم أخطأنا 258 - وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلى رضي الله عنه أنت وليى فى كل مؤمن بعدى. 259 - وحدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق وعفان المعنى وهذا حديث عبد الرازق قالا ثنا جعفر بن سليمان قال حدثنى يزيد الرشك عن مطرف بن عبد الله عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم سرية فأمر عليهم على بن أبى طالب رضي الله عنه فأحدث شيئاً فى سفره فتعاهد قال عفان فتعاقد أربعة من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن يذكروا أمره لرسول الله صلى الله عليه وسلم قال عمران وكنا إذا قدمنا من سفر بدأنا برسول الله صلى الله عليه وسلم فسلمنا عليه قال فدخلوا

_ (تخريجه) فيه على بن زيد وهو ابن جدعان وثقه البعض وضعفه آخرون وإسناده جيد. 258 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بن حماد ثنا أبو عوانة ثنا أبو بلج ثنا عمرو ابن ميمون قال انى لجالس إلى ابن عباس إذا أتاه تسعة رهط فقالوا يا أبا عباس إما أن تقوم معنا وإما أن يخلونا هؤلاء قال فقال ابن عباس الخ. (تخريجه) خذا جزء من حديث طويل فى مناقب الامام على بن أبى طالب أورده الهيثمى بلفظ "أنت ولى كل مؤمن بعدى" وقال "رواه أحمد والطبرانى فى الكبير والأوسط باختصار ورجال أحمد رجال الصحيح، غير أبى بلج (بفتح الباء وسكون اللام) الفزارى وهو ثقة وفيه لين. أهـ. وقال ابن حجر فى تقريب التهذيب "أبو بلج الفزارى الكوفى ثم الواسطى الكبير اسمه يحيى ابن سليم أو ابن أبى سليم او ابن أبى الأسود صدوق ربما أخطأ" وقد وثقه ابن معين وابن سعد والنسائى والدارقطنى وغيرهم"، وسيأتى الحديث بتمامه فى الباب الثانى (فى مناقبه رضي الله عنه غير ما تقدم فى مناقب آل البيت -الفصل الأول". 259 - (تخريجه) رواه الحاكم فى المستدرك بأطول منه وبلفظ "ما تريدون من على، إن علياً منى وأنا منه وولى كل مؤمن" وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم وبم يخرجاه وسكت عليه

-[خلافته رضي الله عنه وإشارة النبى صلى الله عليه وسلم إلى ذلك]- عليه فقام رجل منهم فقال يا رسول الله إن علياً فعل كذا وكذا فأعرض عنه ثم قام الثانى فقال يا رسول الله إن علياً فعل كذا وكذا فأعرض عنه ثم قام الثالث فقال يا رسول الله إن علياً فعل كذا وكذا فأعرض عنه ثم قام الرابع فقال يا رسول الله إن علياً فعل كذا وكذا قال فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الرابع وقد تغير وجهه فقال دعوا علياً دعوا علياً إن علياً منى وأنا منه وهو ولى كل مؤمن بعدى. 260 - وعن بريدة الأسلمى رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه وفيه فانه منى وأنا منه وهو وليكم بعدي وانه منى وأنا منه وهو وليكم بعدى. 261 - وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال كان لنفل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أبواب شارعة فى المسجد قال فقال يوماً سدوا هذه الأبواب إلا باب على قال فتكلم فى ذلك الناس قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فحمد الله تعالى وأثنى عليه ثم قال أما بعد فانى أمرت بسد هذه الأبواب إلا باب على وقال فيه قائلكم وانى والله ما سددت شيئاً ولا فتحته ولكنى أمرت بشئ فاتبعته.

_ الذهبي وأورده الترمذى بأطول منه وبلفظ "ما تريدون من على "قالها ثلاثاً" إن علياً منى وأنا منه وهو ولى كل مؤمن بعدى" وقال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث جعفر بن سليمان، وجعفر هذا هو الضبعى بضم الضاد المعجمة وفتح الموحدة، أبو سلمان البصرى صدوق زاهد لكنه كان يتشيع من الثامنة مات سنة ثمان وسبعين". 260 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير حدثنى أجلح الكندى عن عبد الله بن بريدة أبيه بريدة قال. (تخريجه) هذا طرف من حديث طويل تقدم فى ما جاء فى سرية الإمام على بن أبى طالب وخالد ابن الوليد رضي الله عنهما إلى اليمن" صفحة 214 من الجزء 21 من الفتح الربانى وقال مصنفه رحمه الله فى تخريجه "أورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى فى الكبير والأوسط باختصار عنهما وأسانيد الكبير رجاله رجال الصحيح أهـ قلت وقول الهيثمى باختصار عنهما معناه ان الطبرانى رواه فى الأوسط باختصار عن الكبير والإمام أحمد ورجال الإمام أحمد ثقات". 261 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن ميمون أبى عبد الله عن زبد بن أرقم.

-[مناقب الإمام علي بن أبى طالب رضي الله عنه]- الباب الثاني فى مناقبه رضي الله عنه غير ما تقدم فى مناقب آل البيت وفيه فصول الفصل الأول/ فى حديث ابن عباس رضي الله عنهما الجامع لكثير من مناقب الامام على بن أبى طالب رضي الله عنه 262 - عن عمرو بن ميمون قال انى لجالس إلى ابن عباس رضي الله عنهما إذا أتاه تسعة رهط فقالوا يا أبا عباس إما ان تقوم معنا وإما أن يٌخلونا (1) هؤلاء قال فقال ابن عباس بل أقوم معكم قال وهو يؤمئذ صحيح قبل أن يعمى قال فابتدأ فابتدأوا فتحدثوا فلا ندرى ما قالوا، قال فجاء ينفض ثوبه ويقول أف وتف وقعوا فى رجل له عشر، وقوعوا فى رجل قال له النبى صلى الله عليه وسلم لأبعثن رجلاً لا يخريه الله أبداً يحب الله ورسوله قال فاستشرف لها من استشرف قال أين على قال هو فى الرحل يطحن قال وما كان أحدكم ليطحن قال فجاء وهو أرمد لا يكاد يبصر قال فنفث فى عينيه ثم هز الراية ثلاثاً فأعطاها إياه فاء بصفته بنت حيى، قال ثم بعث فلانا بسورة التوبة فبعث علياً خلفه فأخذها منه قال لا يذهب بها إلا رجل منى وأنا منه قال وقال لبنى عمه أيكم يوالينى فى الدنيا والآخرة قال وعلى معه جالس فأبوا فقال على أنا أواليك فى الدنيا والآخرة قال أنت وليى فى الدنيا والآخرة قال فتركه ثم أقبل على رجل منهم فقال أيكم يوالينى فى الدنيا والآخرة فأبوا قال قال علىّ أنا أواليك فى الدنيا والآخرة فقال أنت وليى فى الدنيا والآخرة قال وكان أول من أسلم من الناس بعد خديجة قال وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم ثوبه فوضعه على علىّ وفاطمة وحسن

_ (تخريجه) رواه الحاكم وقال هذا حديث صحيح الأسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبى وقال رواه عوف عن ميمون بن عبد الله. وقال الهيثمى رواه أحمد وفيه ميمون أبو عبد الله وثقه ابن حبان وضعفه جماعه وبقية رجاله رجال الصحيح. 262 - (سنده) حدثنا عبد اللهحدثنى أبى ثنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة ثنا أبو بلج ثنا عمرو بن ميمون قال إنى لجالس. وروى من طريق آخر حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو مالك كثير بن يحيى قال ثنا أبو عوافة عن أبى بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس نحوه. (غريبه) (1) يخلونا أي يخلو لنا

-[مناقبه رضي الله عنه]- وحسين (رضي الله عنهم) فقال إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيراً، قال وشرى (1) علىّ نفسه لبس ثوب النبى صلى الله عليه وسلم ثم نام مكانه قال وكان المشركون يرمون رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء أبو بكر وعلى نائم قال وأبو بكر بحسب أنه نبى الله قال فقال يا نبى الله قال فقال له علىّ إن نبى الله صلى الله عليه وسلم قد انطلق نحو بئر ميمون (2) فأدركه قال فانطلق أبو بكر فدخل معه الغار قال وجعل على يُرمَى بالحجارة كما كان يُرمى نبى الله صلى الله عليه وسلم وهو يتضور (3) فدلف رأسه فى الثوب لا يخرجه حتى أصبح ثم كشف عن رأسه فقالوا أنك للئيم كان صاحبك نرميه فلا يتضور وأنت تتضور وقد استنكرنا ذلك، قال وخرج بالناس فى غزوة تبوك قال فقال له علىّ أخرج معكم قال قال له نبى الله صلى الله عليه وسلم لا فبكى علىّ فقال له أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هرون من موسى إلا أنك لست بنبى أنه لا ينبغى أن إذهب إلا وأنت خليفتى، قال وقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم أنت وليى فى كل مؤمن بعدى وقال سدوا أبواب المسجد غير باب على فقال فيدخل المسجد جنبا وهو طريقه ليس له طريق غيرهـ قال وقال من كنت مولاه فإن مولاه على، قال وأخبرنا الله عز وجل فى القرآن أنه قد رضى عنهم عن أصحاب الشجرة فعلم ما فى قلوبهم هل حدثنا أنه سخط عليهم بعد، قال وقال نبى الله صلى الله عليه وسلم لعمر حين قال ائذن لى فلا ضرب عنقه (4) قال أو كنت فاعلاً وما يدريك لعل الله قد أطلع إلى أهل بدر فقال اعملوا ما شئتم.

_ (1) شرى نفسه بمعنى باعها. (2) بئر ميمون بئر بمكة كما صرح به صاحب القانوس. (3) التضور التلوى والتقلب ظهراً لبطن. (4) يعنى حاطب بن أبى بلتعه كما ورد فى الصحيحين. (تخريجه) أخرجه الحاكم فى المستدرك بلفظ قريب وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه بهذه السياقه وأقره الذهبى وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال، رواه أحمد والطبرانى فى الكبير والأوسط باختصار ورجال أحمد رجال الصحيح غير أبى بلج الفزارى وهو ثقة وفيه لين" وقد تقدمت الإشارة إلى أبى بلج فى الحديث رقم 258 ص 116 من هذا الجزء.

-[أحاديث متفرقة فى مناقبه رضي الله عنه]- الفصل الثاني في أحاديث متفرقة فى مناقبه رضي الله عنه 263 - عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال اشتكى عليا الناس قال فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم فينا خطيباً فسمعته يقول أيها الناس لا تشتكوا عليا فوالله أنه لأخشن فى ذات الله أو فى سبيل الله. 264 - وعن عبد الله بن نيار الأسلمى عن عمرو بن شاس الأسلمى رضي الله عنه قال وكان من أصحاب الحديبية قال خرجت مع علىّ إلى اليمن فجفانى فى سفرى ذلك حتى وجدت فى نفسى عليه فلما تقدمت أظهرت شكايته فى المسجد حتى بلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فدخلت المسحد ذات غدوة ورسول الله صلى الله عليه وسلم فى ناس من أصحابه فلما رىنى أبدنى عينيه يقول حدد إلى النظر حتى إذا جلست قال يا عمرو والله لقد آذيتنى قلت أعوذ بالله أن أوذيك يا رسول الله قال بلى من آذى عليًا فقد آذاني.

_ 263 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحاق قال فحدثنى عبد الله ابن عبد الرحمن بن معمر بن حزم عن سليمان بن محمد بن كعب بن عجرة عن عمته زينب بنت كعب وكانت عند أبى سعيد الخدرى عن أبى سعيد الخدرى قال (تخريجه) رواه الحاكم فى المستدرك وقال حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وقال الذهبى صحيح وأورده الهيثمى وسكت عنه. 264 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب بن إبراهيم قنا أبى ثنا محمد بن اسحق عن ابان بن صالح عن الفضل بن معقل بن يسار عن عبد الله بن نيار (بكسر النون بعدها تحتانية خفيفة) , (تخريجه) اورده الهيثمى وقال رواه أحمد والطبرانى باختصار والبزار أخصر منه ورجال أحمد ثقات ورواه ابن حبان فى صحيحه باختصار. وأورده الحافظ ابن كثير فى البداية والنهاية وقال (وكذا رواه غير واحد عن محمد بن اسحق عن أبان بن الفضل وكذلك رواه سيف بن عمر عن عبد الله بن سعيد عن أبان بن صالح به ولفظه) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (من آذى مسلماً فقد آذانى ومن أذانى فقد أذى الله) وروى عباد بن يعقوق الرواحنى عن موسى بن عمير بن عقيل بن نجده بن هبيره عن عمرو بن شاس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يا عمرو إن من آذى عليا فقد آذانى). غريبه (أبدنى عيينه) أبد بصره نحو الشئ مده وأدام النظر إليه.

-[أحاديث متفرقة فى مناقبه رضي الله عنه]- 265 - وعن حبشي بن جنادة قال بحبى بن آدم السلولى وكان قد شهد يوم حجة الوداع رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على منى وأنا منه ولا يؤدى عنى إلا أنا أو على وقال ابن أبى بكير لا يقضى عنى دينى إلا أنا أو على رضي الله عنه 266 - وعن ام سلمة رضي الله عنها زوج النبى صلى الله عليه وسلم قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلى لا ببغضك مؤمن ولا يحبك منافق. 267 - وعن عبج الله الجدلى قال دخلت على أم سلمة رضي الله عنها فقالت لى أيسب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيكم قلت معاذ الله أو سبحان الله أو كلمة نحوها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من سب عليًا فقد سبنى. 268 - وعن على رضي الله عنه قال والله أنه مما عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لا يبغضني إلا

_ 265 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم وابن أبى بكير قالا ثنا اسرائيل عن أبى اسحق عن حبشى بن جنادة. (تخريجه) أورده الترمذى من طريق اسماعيل بن موسى (حدثنا شريك عن أبى اسحق الخ) وقال هذا حديث حسن غريب. 266 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عثمان بن محمد بن أبى شيبة وسمعته أنا من عثمان بن محمد قال ثنا محمد بن فضيل عن عبد الله بن عبد الرحمن أبى نصر قال حدثنى مساور الحميرى عن أمه قالت سمعت أم سلمة تقول سمعت الخ. (تخريجه) رواه الترمذى فى كتاب المناقب وقال (حسن غريب من هذا الوجه) ويشهد له ما رواه ابن ماجه عن زر بن حبيش عن على قال (عهد إلى النبى الأمى صلى الله عليه وسلم أنه لا يحبنى إلا مؤمن ولا يبغضنى إلا منافق). 267 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قنا يحيى بن أبى بكير قال ثنا اسرائيل عن أبى اسحق عن عبد الله الجدلى. (تخريجه) رواه الحاكم فى المستدرك من طريقين قال فى الأول صحيح الأسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبى وسكت عن الثانى. 268 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير ثنا الأعمش عن عدى بن ثابت عن زر

-[أحاديث متفرقة فى مناقبه رضي الله عنه]- منافق ولا يحبني إلا مؤمن. 269 - حدثنا عبد الله ثنا أبى ثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن الأعمش عن المنهال عن عباد ابن عبد الله الأسدى عن على رضي الله عنه قال لما نزلت هذه الآية (وأنذر عشيرتك الأقربين) قال جمع النبى صلى الله عليه وسلم من أهل بيته فاجتمع ثلاثون فأكلوا وشربوا، قال فقال لخم من يضمن عنى دينى ومواعيدي ويكون معى فى الجنة ويكون خليفتى فى أهلى فقال رجل لم يسمه شريك يا رسول الله أنت كنت بحراً من يقوم بهذا، قال ثم قال الآخر، قال فعرض ذلك على أهل بيته فقال على رضي الله عنه أنا. 270 - وعن ابن عباس رضى الله عنهما قال أول من صلى على النبى صلى الله عليه وسلم بعد خديجة على وقال مرة أسلم.

_ ابن حبيش قال قال على رضي الله عنه. (تخريجه) رواه مسلم والترمذى والنسائى وابن ماجه. 269 - (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد وإسناده جيد وقد تقدمت لهذا الحديث طرق فى علامات النبوة فى آيته فى الطعام. وفيه المنهال بن عمرو وعباد بن عبد الله الأسدى، قال ابن حجر فى تقريب التهذيب المنهال بن عمرو الأسدى مولاهم الكوفى صدوق وربما وهم، قال الذهبى فى ميزان الاعتدال عن عباد فيه نظر ثم قال قال ابن المدينى عن عباد ضعيف الحديث وذكره ابن حبان فى الثقات وقال ابن حجر فى تهذيب التهذيب قال وقال ابن سعد له أحاديث وقال على بن المدينى ضعيف الحديث وقال ابن حجر فى تهذيب التهذيب قال وقال ابن سعد له أحاديث وقال على بن المدينى ضعيف الحديث وقال ابن الجوزى ضرب ابن حنبل على حديثه عن على أنا الصديق الأكبر وقال هو منكر وقال ابن حزم هو مجهول. 270 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان بن داود ثنا أبو عوانة عن أبى بلج عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس. (تخرجه) رواه الترمذى عن شعبة عن أبى بلج وقال هذا حديث غريب من هذا الوجه لا نعرفه من حديث شعبه عن ألأبى بلج إلا من حديث محمد بن حميد وأبو بلج اسمه يحيى بن سليم. وقد اختلف أهل العلم أول من أسلم من الرجال أبو بكر، وأسلم على وهو غلام ابن ثمان سنين. وأول من أسلم من النساء خديجة" أهـ، وأورده أبو داود الطيالسى فى مسنده وأورده الهيثمى عن على وقال "رواه أحمد

-[أحاديث متفرقة فى مناقبه رضي الله عنه]- 271 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال كنا نقول فى زمن النبى صلى الله عليه وسلم رسول الله خير الناس ثم أبو بكر ثم عمر ولقد أوتى ابن أبى طالب ثلاث خصال لأن تكون لى واحدة منهن أحب إلى من حمر النعم، زوجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنته وولدت له، وسد الأبواب إلا بابه فى المسجد وأعطاه الراية يوم خيبر. 272 - وعن عبد الله بن الرقيم الكنانى قال خرجنا إلى المدينة زمن الجمل فلقينا سعد بن مالك بها فقال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة فى المسجد وترك باب على رضي الله عنه.

_ ورجاله رجال الصحيح غير حبه العرنى وقد وثق ورواه الحاكم بلفظ قريب عن ابن عباس عن طريق أخرى وقال الذهبى "فيه زكريا بن يحيى الوقار وهرمتهم" وأورده ابن الجوزى فى الموضوعات ورد عليه المدارسى فى ذيل القول المسدد وقال "وعلى هذا فالحديث من قسم معلول لا الموضوع" ورأى بعضهم إن إسناده صحيح. 271 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن هشام بن سعد عن عمر بن أسيد عن ابن عمر. (تخريجه) أورده الحاكم فى المستدرك عن عمر بن الخطاب بلفظ "لقد أعطى على بن أبى طالب ثلاث خصال لأن تكون لى خصلة منها أحب إلى من أن أعطى حمر النعم قيل وما هن يا أمير المؤمنين قال تزوجه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وسكناه المسجد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يحل له ما يحل له والراية يوم خيبر وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبى وقال فيه عبد الله بن جعفر ضعيف -وقال عنه الهيثمى متروك. وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح وأورده ابن الجوزى فى الموضوعات ورد عليه بن حجر فى القول المسدد فى الذب عن مسند أحمد. 272 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج ثنا فطر عن عبد الله بن شربك عن عبد الله بن الرقيم الكنانى. (تخريجه) رواه الترمذى عن عمرو بن ميمون عن ابن عباس "أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر بسد الأبواب إلا باب على" وقال "هذا حديث غريب لا نعرفه عن شعبة بهذا الإسناد إلا من هذا الوجه" أهـ. وأورد الحاكم معناه عن طريق بن أرقم وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأفره الذهبى وقال وراه عوف عن ميمون بن عبد الله، وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد بسنده ولفظه وقال وقال "رواه أحمد وأبو يعلى والبزار والطبرانى فى الأوسط وزاد قالوا يا رسول الله سددت أبوابنا

-[أحاديث متفرقة فى مناقبه رضي الله عنه]- 273 - عن أبي حسان أن ليًا رضي الله عنه كان يأمر بالأمر فيؤتى فيقال قد فعلنا كذا وكذا فيقول صدق الله ورسوله قال فقال له الأشتر إن هذا الذى تقول قد تفشغ (1) فى الناس أفشئ عهده إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على رضي الله عنه ما عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال على رضي الله عنه ما عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً خاصة دون الناس إلا شئ سمعته منه فهو فى صحيفة فى قراب سيفى قال فلم يزالوا به حتى أخرج الصحيفة قال فإذا فيها من أحداث حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل قال وإذا فيها أن إبراهيم حرم مكة وانى أحرم المدينة حرام ما بين حريتها وحماها كله لا يختلى خلاها ولا ينفر صيدها (2) لا تلقتط لفظتها إلا لمن أشار بها ولا تقطع منها شجرة إلا أن يعلف رجل بعيره ولا يحمل فيها السلاح لقتال قال وإذا فيها المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعى بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ألا لا يتقل بكافر ولا ذو عهد في عهده.

_ كلها إلا باب على قال ما أنا سددت أبوابكم ولكن الله سدها وإسناد أحمد حسن". والحديث فيه عبد الله بن الرقيم (بضم الراء وفتح القاف) جاء فى تهذيب التهذيب ويقال ابن أبى الرقيم، ويقال بن الأرقم الكنانى الكوفى روى عن على وسعد وعنه عبد الله بن شريك العامرى" روى له النسائى فى الخصائص وقال "لا أعرفه" وقال البخارى فيه نظر وقال بن حجر فى تقريب التهذيب مجهول، وفيه عبد الله بن شريك العامرى الكوفى فى ثقة، وثقة أحمد وابن معين وبو زرعة وقال النسائى فى الضعفاء "ليس بالقوى -مختارى" يعنى من أصحاب المختار الكذاب "وكان ذلك فى أوائل أمره، ولكنه تاب" وقال الجوزجانى "كذاب" وذكره بن الجوزى فى الموضوعات قائلا إنه من وضع الرافضة قابلوا به الحديث المتفق على صحته فى سد الأبواب غير باب أبى بكر، وهو فى الصحيحين، ورد عليه ابن حجر فى القول المسدد فإذا كان السند ضعيفاً، فالروايات الأخرى تشهد له. 273 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز ثنا همام أنبأنا قتادة عن أبى حسان. (غريبه) (1) تقشغ أى فشا وانتشر (2) لا ينفر صيدها أى يزجر ويدفع عن الرعى، لا يختلى خلاها -الخلا مقصور: النبات الرطب الرقيق مادام رطباً وأختلاؤه قطعة. (تخريجه) إسناده صحيح، وقد تعددت الروايات عن صدر الحديث. واختلفت فى عجزه وجاءت في مواضعها.

-[أحاديث متفرقة فى مناقبه رضي الله عنه]- 274 - وعن زيد بن أرقم عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله وفيه وظلل لرسول الله صلى الله عليه وسلم يثوب على شجرة سمرة من الشمس فقال لستم تعلمون. الخ الحديث. وعنه من طريق آخر قال استشهد على الناس فقال أنشد الله جلا سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول اللهم من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم واله من والاه وعاد من عاداه، قال فقام ستة عشر رجلا فشهدوا. 275 - وعن رياح بن الحرث قال جاء رهط إلى علىّ بالرحبة فقالوا السلام عليك يا مولانا قال كيف أكون مولاكم وأنتم قوم عرب فقالوا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم يقول من كنت مولاه فإن هذا مولاه قال رياح فلما مضوا تبعتهم فسألت من هؤلاء قالوا نفر من الأنصار فيهم أبو أيوب الأنصاري.

_ 274 (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان ثنا أبو عوانة عن المغيرة عن أبى عبيد عن ميمون أبى عبد الله قال زيد بن أرقم. (غريبه) السمر بفتح السين وضم الميم ضرب من شجر الطلح جمع سمرة. (تخريجه) رواه الترمذى عن شعبة عن سلمة بن كهيل قال سمعت أبا الطفيل يحدث عن أبى سريحة أو زيد بن أرقم شك شعبة عن النبى صلى الله عليه وسلم يقول "من كنت مولاه فعلى مولاه" قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح وقد روى شعبة هذا الحديث عن ميمون أبى عبد الله عن زبد بن أرقم عن النبى صلى الله عليه وسلم. وأبو سريحة هو حذيفة بن حبان وضعفه جماعة وبقية رجاله ثقات" وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود بن عامر ثنا أبو إسرائيل عن الحكم عن أبى سلمان عن زيد بن ارقم (تخريجه) قال الهيثمى "رواه أحمد وفيه أبو سليمان ولم أعرفه إلا أن يكون بشير بن سلمان، فإن كان هو فهو ثقة، وبقية رجاله ثقات" وجاء فى تهذيب التهذيب لابن حجر (أبو سليمان المؤذن -مؤذن الحجاج اسمه يزيد بن عبد الملك روى عن زيد بن أرقم، وعند الحكم بن عليبة وعثمان بن المغيرة ومسعر بن كدام قلت قال الدارقطنى مجهول" 275 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن آدم ثنا حنش بن الحرث بن لقيط النخعى الأشجعى عن رياح بن الحرث. (غريبه) الرحبة أى فضاء وفسحة ورحبة المسجد ساحته

-[حديث غدير خم]- وعنه من طريق آخر قال رأيت قومًا من الأنصار قدموا على علىّ فى الرحبة فقال من القوم قال مواليك يا أمير المؤمنين فذكر معناه. 276 ز- وعن عبد الرحمن بن أبى ليلى قال شهدت عليا رضي الله عنه فى الرحبة ينشد الناس أنشد الله من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم من كنت مولاه لما قام فشهد قال عبد الرحمن فقام اثنا عشر بدريًا كأنى أنظر إلى أحدهم فقالوا نشهد أنا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجى أمهاتهم فقلنا بلى يا رسول الله قال فمن كنت مولاه فعلى مولاه اللهم واله من والاه وعاد من عاداه. 277 ز- وعنه من طريق آخر قال شهدت عليًا رضي الله عنه فى الرحبة قال أنشد الله رجلا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهده يوم غدير خم إلا قام ولا يقوم إلا من قد رآه فقام اثنا عشر رجلا فقالوا قد رأيناه وسمعناه حيث أخذ بيده يقول اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وانصر من

_ وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد ثنا حنش عن رياح بن الحرث (تخريجه) قال الهيثمى "رواه أحمد والطبرانى -إلا أنه قال قالوا سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه وهذا أبو أيوب بيننا فحسر أبو أيوب العمامة عن وجهه ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه ورجال أحمد ثقات". 276 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى عبيد الله بن عمر القواريرى ثنا يونس بن أرقم ثنا يزيد بن أبى زياد عن عبد الرحمن بن أبى ليلى. (تخريجه) إسناده صحيح -وأورده الهيثمى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى بزيادة كلمة "عليه سراويل" بعد كلمة "أنظر إلى أحدهم" وقال (رواه أبو يعلى ورجاله وثقوا وعبد الله بن أحمد). 277 - ز (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أحمد بين عمر الوكيعى ثنا زيد بن الحباب ثنا الوليد بن عقبة بن نزار العنسى حدثنى سماك بن عبيد بن الوليد العبسى قال دخلت على عبد الرحمن بن أبى ليلى فحدثنى أنه شهد عليًا رضي الله عنه فى الرحبة. (تخريجه) فيه الوليد بن عقبة جاء فى ميزان الاعتدال (شيخ عراقى عن بعض التابعين لا يعرف تفرد عنه زيد بن الحباب) وجاه فى التقريب (الوليد بن عقبة بن نزار العنسى -بالنون مجهول من السابعة أخرج له ابن ماجه)

-[حديث غدير خم]- نصره واخذل من خذله فقام إلا ثلاثة لم يقوموا فدعا عليهم فأصابهم دعوته. 278 - وعن ذا زان بن عمر قال سمعت عليًا فى الرحبة وهو ينشد الناس من شهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم غدير خم وهو يقول ما قال فقام ثلاثة عشر رجلاً فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول من كنت مولاه فعلى مولاه. 279 ز- حدثنا عبد الله ثنا على بن حكيم الأودى أنبأنا شريك عن أبى اسحق عن سعيد ابن وهب وعن زيد بن يثيع قالا نشد على الناس فى الرحبة من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوم غدير خم إلا قام قال فقام من قبل سعيد ستة ومن قبل زيد ستة فشهدوا أنهم سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلى رضي الله عنه يوم غدير خم أليس الله أولى بالمؤمنين قالوا بلى قال اللهم من كنت مولاه فعلى مولاه اللهم واله من والاه وعاد من عاداه. ز حدثنا عبد الله ثنا على بن حكيم أنبأنا شريك عن أبى اسحق عن عمرو ذى مر بمثل حديث أبى اسحق يعنى عن سعيد وزيد وزاد فيه وانصر من نصره وأخذل من خذله. 280 - وعن سعيد بن وهب قال نشد على الناس فقام خمسة أو ستة من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فشهدوا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من كنت مولاه فعلي مولاه.

_ 278 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير عبد الملك عن أبى عبد الرحيم الكندى عن ذراوان بن عمر قال (تخريجه) أورده الهيثمى وقال (رواه أحمد وفيه من لم أعرفهم) وإسناده ضعيف لجهالة بعض رواته. 279 - (تخريجه) اورده الهيثمى وقال (رواه عبد الله والبزار بنحوه أتم منه وقال عن سعيد بن وهب لا عن زيد بن يثيع والظاهر أن الواو سقطت والله أعلم وإسنادهما حسن). 280 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبى إسحق قال سمعت سعيد بن وهب. (تخريجه) أنظر الحديث السابق وقال الامام السيوطى فى الأزهار المناثرة فى الأحاديث المتواترة (حديث من كنت مولاه فعلى مولاه) أخرجه الترمذى عن زيد بن أرقم وأحمد عن على وأبى أيوب الأنصارى والبزار عن عمرو ذى مر وأبى هريرة وطلحة وعمار وابن عباس وبريدة والطبرانى عن ابن عمر ومالك بن الحويرث

-[حديث أنت مني بمنزله هارون من موسى]- الفصل الرابع فى قوله صلى الله عليه وسلم للامام على رضي الله عنه أنت منى بمنزلة هرون من موسى .. الخ الحديث 281 - وعن سعيد بن المسيب قال قلت لسعد بن مالك يعنى (سعد بن أبى وقاص) إنى أريد أن أسألك عن حديث وأنا أهابك أن أسألك عنه فقال لا تعف يا ابن أخى إذا علمت أن عندى علمًا فسلنى عنه ولا تهبنى قال فقلت قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى رضي الله عنه حين خلفه بالمدينة فى غزوة تبوك فقال سعد رضي الله عنه خلف النبى صلى الله عليه وسلم عليًا رضي الله عنه بالمدينة فى غزوة تبوك فقال يا رسول الله أتخلفنى فى الخالفة فى النساء والصبيان فقال أما ترضى أن تكون منى بمنزله هرون من موسى قال بلى يا رسول الله قال فأدبر على مسشرعًا كأنى أنظر إلى غبار قدميه يسطع وقد قال حماد فرجع على مسرعًا. وعنه من طريق آخر أن عليًا رضي الله عنه خرج مع النبى صلى الله عليه وسلم حتى جاء ثنية الوداع وعلى رضي الله عنه يبكى يقول تخلفنى مع الخوالف فقال أو ما ترضى أن تكون منى بمنزلة هرون من موسى إلا النبوة.

_ وحبشي بن جنادة وجرير وسعد بن أبى وقاص وأبى سعيد الخدرى وأنس وأبو نعيم عن جندع الأنصارى وقد خصص الهيثمى له سبع صفحات من 103 - 109 من الجزء التاسع وقال المناوى فى فيض القدير (من كنت مولاه فعلى مولاه، أى وليه وناصره ولاء الإسلام) ونقل أن ابن حجر قال (حديث كثير الطرق جداً أستوعبها أبن عقدة فى كتاب مفرد، منها صحاح، ومنها حسان قال ذلك يوم غدير خم). 281 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد يعنى ابن سلمة أنبأنا على بن زيد عن سعيد بن المسيب. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد مولى بن هاشم ثنا سليمان بن بلال ثنا الجعيد بن عبد الرحمن عن عائشة بنت سعد عن أبيها أن عليا ألخ، (تخريجه) تقدم هذا الحديث فيما جاء فى غزوة تبوك فى ص 402 من الجزء 21 من الفتح الربانى وقد شرحه مصنفه رحمه الله وقال أخرجه مسلم وغيره.

-[اختيار النبي صلى الله عليه وسلم علياً لأخذ الراية]- 283 - وعن جابر بن عبد الله قال لما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخلف عليًا رضي الله عنه قال قال له على ما يقول الناس فى إذا خلفتنى قال فقال أما ترضى أن تكون منى بمنزلة هرون من موسى إلا أنه ليس بعدى نبى أو لا يكون بعدى نبى. 283 - وعن موسى الجهنى قال دخلت على فاطمة بنت على فقال لها رفيقى أبو سهل كم لك قالت ستة وثمانون سنة قال ما سمعت من أبسك شيئاً قالت حدثتنى أسماء بنت عميس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلى أنت منى بمنزلة هرون من موسى إلا أنه ليس بعدى نبى. الفصل الخامس فى اختيار النبى صلى الله عليه وسلم عليًا لأخذ الراية يوم خبير وفيه منقبة لعلى رضى الله ومعجزة للنبى صلى الله عليه وسلم 284 - عن أبى حازم أخبرنى سهل بن سعد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر لأعطينّ هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه يحب الله ورسوله وبحبه الله ورسوله قال فبات الناس يدومون ليلتهم أيهم يعطاها فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم كلهم يرجو أن

_ 282 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا شاذان أسود بن عامر ثنا شريك عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله. (تخريجه) البخارى عن مصعب بن سعد عن أبيه بلفظ (إلا أنه ليس نبى بعدى وفى رواية لا نبى بعدى)، ورواه الترمذى عن سعد بن أبى وقاص بلفظ أنت منى بمنزلة هرون من موسى إلا أنه لا نبى بعدى) وقال هذا حديث حسن صحيح وقد روى من غير وجه عن سعد عن النبى صلى الله عليه وسلم ويستغرب هذا الحديث من حديث يحيى بن سعيد الأنصارى. 283 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى لأبى ثنا يحيى بن عن موسى الجهنى. (تخريجه) اورده الهيثمى فى مجمع الزوائد عن أسماء بنت عميس وقال (رواه أحمد والطبرانى ورجال أحمد رجال الصحيح غير فاطمة بنت على وهى ثقة) وقد تعددت الروايات عن متن الحديث 284 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبى حازم. (غريبه) يدوكون أى يخوضون فيمن يدفعها إليه يقال وقعوا فى دوكة أى فى خوض واختلاط.

-[اختيار النبي صلى الله عليه وسلم علياً لأخذ الراية]- يعطاها قال فقال أين على بن أبى طالب فقال هو يا رسول الله يشتكى عينيه قال فأرسلوا إليه فأنى به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم فى عينيه ودعا هل فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع فأعطاه الراية فقال على يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا فقال انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه فوالله لأن يهدى الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم. 285 - وعن بريدة الأسلمى قال حاصرنا خبير فأخذ اللواء أبو بكر فانصرف ولم يفتح له ثم أخذه من الغد عمر فخرج فرجع ولم يفتح له وأصاب الناس يومئذ شدة وجهد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنى دافع اللواء غدًا إلى رجل يحبه الله ورسوله ويحب الله ورسوله لا يرجع حتى يفتح له فبتنا طيبة أنفسنا أن الفتح غدا فلما أن أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الغداة ثم قام قائمًا فدعا باللواء والناس على مصافهم فدعا عليًا وهو أرمد فتفل فى عينيه ودفع إليه اللواء وفتح له قال بريدة وأنا فيمن تطاول لها. 286 - وعن أبى سعيد الخدرى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ الراية فهزها ثم قال من يأخذها بحقها فجاء فلان فقال أنا قال أمط ثم جاء رجل فقال أمط ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم والذى كرم وجه

_ (تخريجه) البخاري ومسلم. 285 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد بن الحباب حدثنى الحسين بن واقد حدثنى عبد الله بن بريدة حدثنى أبى بريدة الأسلمى قال (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى البداية عن هذا الطريق وقال "رواه النسائى من حديث الحسين بن واقد به أطول منه ثم رواه أحمد عن محمد بن جعفر وروح كلاهما عن عوف عن ميمون أبى عبد الله الكردى عن عبد الله بن بريدة عن أبيه به نحوه، وأخرجه النسائى عن بندار وغندر به وفيه الشعر" أهـ 286 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مصعب بن المقدام وحجين بن المثنى قالا ثنا اسرائيل ثنا عبد الله بن عصمة العجلى قال سمعت أبا سعيد الخدرى يقول (غريبه) أمط أى تنح واذهب (وقديدهما) القديد هو اللحم المملوح المجفف في الشمس.

-[اختيار النبي صلى الله عليه وسلم عليًا لأخذ الراية]- محمد لأعطينها رجلا لا يفر هاك يا على فانطلق حتى فتح الله عليه خيبر وفدك وجاء بمجوتهما وقديدهما قال مصعب بعجوتها وقديدها. 287 - وعن عبد الرحمن بن أبى ليلى قال كان أبى يسمر مع على وكان على يلبس ثياب الصيف فى الشتاء والشتاء فى الصيف فقيل له لو سألته فسأله فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث إلى وأنا أرمد العين يوم خيبر فقلت يا رسول الله أنى أرمد العين قال فتفل فى عينى وقال اللهم أذهب عنه الحر والبرد فما وجدت حرًا ولا بردًا منذ يومئذ وقال لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله ليس بفرار فتشرف لها أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم فأعطانيها. 288 - وعن سعد بن أبى وقاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول خبير لأعطين الراية رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله فتطاولنا لها فقال ادعوا لى عليًا رضي الله عنه فأتى به أرمد فبصق فى عينه ودفع الراية إليه ففتح الله عليه، ولما نزلت هذه الآية (ندع أبناءنا وأبناءكم) دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم عليًا وفاطمه وحسنا وحسينا رضوان الله عليهم أجمعين فقال اللهم هؤلاء أهلي.

_ (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى البداية وقال تفرد به أحمد، وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد رواية عن أبى سعيد الخدرى بلفظ قريب وقال رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن عصمة وهو ثقة يخطئ". 287 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن ابن أبى ليلى عن المنهال عن عبد الرحمن ابن أبى ليلى. (غريبه) فتشرف لها أى تطلعوا إليها. (تخريجه) اسناده حسن. وابن أبى ليلى هو محمد بن عبد الرحمن بن أبى ليلى الأنصارى الفقيه قاضى الكوفة -ثقة صدوق عدل، وكان سئ الحفظ قال شعبة "أفادنى ابن أبى ليلى أحاديث فإذا هى مقلوبة" -ولم يدرك أباه، ولذلك يروى عنه بالواسطة" وأورد الهيثمى فى مجمع الزوائد حديثاً مطولا بمعناه وقال "رواه الطبرانى فى الأوسط واسناده حسن". 288 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا حاتم بن اسماعيل عن بكير بن مسمار عن عامر بن سعد عن أبيه قال

-[اختياره رضي الله عنه قاضياً لليمن]- 289 - وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم خيبر لأدفعن الراية إلى رجل يحب الله ورسوله يفتح الله عليه قال فقال عمر فما أحببت الإمارة قبل يومئذ فتطاولت لها واستشرفت رجاء أن يدفعها إلىّ فلما كان الغد دعا عليًا عليه السلام فدفعها إليه فقال قاتل ولا تلتفت حتى يفتح عليك فسار قريباً ثم قال يا رسول الله علام أقاتل قال حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا منى دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله عز وجل. الفصل السادس فى اختياره قاضيًا لليمن وأنه أكثر الأم المحمدية علماً وأعظمهم حلمًا وأقدمهم سلمًا رضي الله عنه 290 - عن على صلى الله عليه وسلم قال بعثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن وأنا حديث السن قال قلت تبعثنى إلى قوم يكون بينهم أحداث 1) ولا علم لى بالقضاء قال إن الله سيهدى لسانك ويثبت قلبك قال فما شككت فى قضاء بين اثنين بعد.

_ (تخريجه) رواه مسلم والترمذى عن قتيبة مطولا وقال الترمذى هذا حديث حين صحيح غريب من هذا الوجه". 289 (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن أبيه عن أبى هريرة. (تخريجه) مسلم عن قتيبة بن سعيد حدثنا يعقوب (يعنى ابن عبد الرحمن القارئ) عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة بلفظ مقارب -وأورده الحافظ بن كبير وعزاه لمسلم والبيهقى. 290 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنى يحيى عن العمش عن عمرو بن مرة عن أبى البخترى عن على. (غريبه) (1) أحداث: جمع حدث وهو الأمر يحدث ويقع والحدث والحدثان والحادثة بمعنى واحد. (تخريجه) اختلف فى سماع أبى البخترى (بفتح الباء الموحدة والتاء المثناة بينهما خاء معجمة ساكنة وهو سعيد بن فيروز) فقال ابن معين لم يسمع من على شيئاً وقال ابن سعد فى الطبقات: "كان أبو البخترى كثير الحديث يرسل حديثه ويروى عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم لم

-[اختياره رضي الله عنه قاضياً لليمن]- وعنه أيضاً قال قلت يا رسول الله إذا بعثنى أكون كالسكة (1) المحماة أم الشاهد يسري ما لا يرى الغائب قال الشاهد يرى ما لا يرى الغائب. 291 - وعن معقل بن يسار صلى الله عليه وسلم قال وضأت النبى صلى الله عليه وسلم ذات يوم فقال هل لك فى فاطمة تعودها فقلت نعم فقام متوكئاً علىَّ فقال أما أنه سيحمل ثقلها غيرك ويكون أجرها لك قال فكأن لم يكن على شئ حتى دخلنا على فاطمة عليها السلام فقال لها كيف نجدينك قالت والله لقد اشتد حزنى واشتدت فاقتى وطال سقمى قال أبو عبد الرحمن وجدت فى كتاب أبى بخط يده فى خذا الحديث قال أو ما ترضين أنى زوجتك أقدم أمتى سلماً وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً. الفصل السابع فى محبة الشيعة وبغض الخوارج إياه 292 ز- عن ربيعة بن ناجذ عن على بن أبى طالب رضي الله عنه قال دعانى رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ يسمع من كبير أحد، فما كان من حديثه سماعاً فهو حسن وما كان (عن) فهو ضعيف" وقال ابن حزم فى المحلى عنه "صاحب ابن مسعود وعلى" وقد أورد الحاكم الحديث فى المستدرك عن أبى البخترى وصححه وأقره الذهبى ورواه ابن ماجه عن طريق الأعمش به، وتشهد له أحاديث ندها متصل. وعنه أيضاً (سنده) حدثما عبد الله حدثنى أبى حدثنا يحيى بن سعيد عن سفيان حدثنا محمد بن عمر ابن عبى بن أبى طالب. (غريبه) (1) السكه حديدة قد كتب عليها يضرب عليها الدراهم وهى منقوشة وقيل جديدة تحرث بها الأرض. (تخريجه) قيه محمد بن عمر بن على بن أبى طالب ذكره ابن حبان فى الثقات، ولكنه لم يدرك جده وأورده صاحب كشف الخفا ومزيل الألباس عما اشتهر من الأحاديث على ألسنة الناس وقال "رواه الضياء فى المختارة والعسكرى فى الأمثال وأبو النعيم عن على ورواه العسكرى أيضاً عن ابن مسعود ورواه القضاعى بسند فيه ابن لهيعه عن أنس مرفوعاً". 291 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد ثنا خالد يعنى ابن طهمان عن نافع بن أبى نافع عن معقل بن يسار. (تخريجه) قال الهيثمى فى مجمع الزوائد (رواه أحمد والطبرانى وفيه خالد بن طهمان وثقه أبو حاتم وغيره وبقية رجاله ثقات". 292 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبو محمد سفيان بن وكيع بن الجراح بن مليح ثنا خالد بن

-[ذكر بعض خطبه رضي الله عنه]- فقال إن فيك من عيسى مثلاً أبغضته يهود حتى بهتوا أمه وأحبته النصارى حتى أنزلوه بالمنزل الذى ليس به، ألا وانه يهلك فىَّ اثنان محب يقرظنى بما ليس فىّ ومبغض يجمله شنآنى على أن يبهتنى ألا انى لست بنبى ألا انى لست بنبى ولا يوحى إلىّ ولكنى أعمل بكتاب الله وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ما استطعت فما أمرتكم من طاعة الله فحق عليكم طاعتى فما أحببتم وكرهتم. 293 ز- وعن عاصم بن ضمرة قال قلت للحسن بن على رضى الله عنهما إن الشيعة يزعمون أن علياً رضي الله عنه يرجع قال كذب أولئك الكذابون لو علمنا ذاك ما تزوج نساؤه ولا قسمنا ميراثه. الباب الثالث: ذكر شئ من خطبه رضي الله عنه 294 - عن إبراهيم التيمى عن أبيه قال خطبنا على رضي الله عنه فقال من زعم أن عندنا شيئاُ نقرؤه إلا كتاب الله وهذه الصحيفة صحيفة فيها أسنان (1) الابل وأشياء من الجراحات فقد

_ مخلد ثنا أبو غيلان الشيبانى عن الحكم بن عبد الملك عن الحرث بن حصيرة عن أبى صادق عن ربيعة بن ناجذ. (تخريجه) رواه الحاكم فى المستدرك وزاد بعد وكرهتم "وما أمرتكم بمعصية أنا وغيرى فلا طاعة لأحد فى معصية الله عز وجل إنما الطاعة فى المعروف" وقال صحيح الإسناد ولم يخرجاه وتعقبه الذهبى فقال "الحكم وهاه ابن معين" وقال الهيثمى "رواه عبد الله والبزار باختصار وأبو يعلى أتم منه وفى إسناد عبد الله وأبى يعلى الحكم بن عبد الملك وهو ضعيف وفى إسناد البزار محمد بن كثير القرشى الكرفى وهو ضعيف". 293 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى عثمان بن أبى شيبة ثنا شريك عن أبى اسحق عن عاصم بن ضمرة. (تخريجه) هذا أثر عن الحسن بن على وإسناده صحيح. 294 - (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن ابراهيم التيمى. (غريبه) (1) اسنان الإبل، أى الزكاة تبعاً لأسنان الإبل "فما كان بنت مخاض فكذا، وما كان ابن لبون كذا وما كان جذعة فكذا، ألخ كما سيتضح من الأحاديث التالية والجراحات أي الديات.

-[ذكر بعض خطبه رضي الله عنه]- كذب قال وفيها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة حرم ما بين عيّر إلى ثَور (1) فمن أحدث فيها حدثاً أو آوى محدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلاً ولا صرفاً ومن ادعى إلى غير أبيه أو تولى غير مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيام صرفاً ولا عدلا وذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم. 295 - وعن طارق بن شهاب قال شهدت عليًا رضي الله عنه وهو يقول على المنبر والله ما عندنا كتاب نقرؤه عليكم إلا كتاب الله تعالى وهذه الصحيفة معلقة بسبقه أخذتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها فرائض الصدقة معلقة بسيف له حليته حديد أو قال بكراته جديد أى حلقه. (وعنه من طريق آخر) قال خطبنا على رضي الله عنه فقال ما عندنا شئ من الوحى أو قال كتاب من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ما فى كتاب الله وهذه الصحيفة المقرونة بسيفى، وعليه سيف حليته حديد وفيها فرائض الصدقات.

_ (1) عير وثور جبلان، قال ابن الأثير تعليقاً على حديث "أنه حرم المدينة ما بين عير إلى ثور" "هما جبلان، أما عير فجبل معروف بالمدينة، وأما ثور فالمعروف أنه بمكة، وفيه الغار الذى بات به النبى صلى الله عليه وسلم لما هاجر، وفى رواية قليلة "ما بين عير وأحد" وأحد بالمدينة فيكون ثور غلطاً من الراوى، وإن كان هو الأشهر فى الرواية والأكثر وقيل أن عيراً جبل بمكة ويكون المراد أنه حرم من المدينة قدر ما بين عير وثور من مكة أو حرم المدينة مثل تحريم ما بين عير وثور بمكة على حذف المضاف ووصف المصدر المحذوف، واستدرك صاحب الدر النثير "السيوطى" فقال: "قلت بل الصواب أن ثوراً جبل بالمدينة سوى الذى بمكة وهو صغير إلى الحمرة بتدوير خلف أحد من جهة الشمال نبه عليه جماعة قال فى القانوس، ما قاله أبو عبيد وغيره من أن ذكر "ثور" هنا تصحيف وان الصواب إلى "أحد" غير جيد" (تخريجه) أخرجه البخارى عن جرير عن الأعمش بمعناه ومسلم مطولا. 695 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بن القاسم ثنا شريك عن مخارق عن طارق بن شهاب. (وعنه من طريق آخر) (سنده) حدثنا عبد الله ثنا محمد بن جعفر الوركانى ثنا شريك عن مخارق عن طارق

-[ذكر بعض خطبه رضي الله عنه]- 296 - وعن حبة العُوني قال رأيت عليًا رضي الله عنه ضحك على المنبر لم أره ضحك ضحكا أكثر منه حتى بدت نواجذه ثم قال ذكرت قول أبى طالب ظهر علينا أبو طالب وأنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نصلى ببطن نخلة فقال ماذا تصنعان يا ابن أخى فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام فقال ما بالذى تصنعان بأس أو بالذى تقولان بأس، ولكن واللله لا تعلونى استى أبداً وضحك تعجباً لقول أبيه ثم قال اللهم لا أعترف أن عبداً لك من هذه الأمة عَبَدكَ قبلى غير نبيك صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات لقد صليت قبل أن يصلى الناس سبعًا (1). 297 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنبأنا أبو عامر المزنى ثنا شيخ من بنى تميم قال خطبنا على رضي الله عنه أو قال قال علىّ يأتى على الناس زمان عضوض بعض الموسر على ما فى يديه قال ولم يؤمر بذلك قال عز وجل {ولا تنسوا الفضل بينكم} وينهد الأشرار ويُستذل الأخيار ويبايع المضطرون قال وقد نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عز بيع المضطرين وعن بيع الغرر (1) وعن بيع الثمرة قبل أن تدرك.

_ (تخريجه) إسناده صحيح. 296 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا يحيى بن سلمة يعنى ابن كهيل قال سمعت أبى يحدث عن حبة العرنى. (1) أى قالها سبعاً. (تخريجه) أورده الهيثمى عن حبه العرنى وقال "رواه أحمد وأبو يعلى باختصار والبزار والطبرانى فى الأوسط وإسناده حسن" وفى الحديث يحيى بن سلمة بن كهيل قال البخارى فى الكبير وفى الضعفاء "فى حديثه مناكير" وقال فى الصغير "منكر الحديث" وقال النسائى متروك الحديث، وقال الذهبى فى ميزان الاعتدال "قال أبو حاتم وغيره منكر الحديث وفيه كذلك حية بن جوين تابعى ثقة وثقة أحمد والعجلى وقال عنه ال 1 هبى فى ميزان الاعتدال من "غلاة الشيعة" وقال النسائى ليس بالقوى وقال ابن معين وابن خراش ليس بشئ. (1) هو كان له ظاهر يغر المشترى وباطن مجهول "قاله ابن الأثير فى النهاية. 297 - (تخريجه) فيه مجهول فإسناده ضعيف

-[خروج عائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم إلى البصرة]- الباب الرابع فى خروج عائشة وطلحة والزبير رضي الله عنهم إلى البصرة للمطالبة بدم عثمان بن عفان رضي الله عنه وإخبار النبى صلى الله عليه وسلم بذلك قبل حصوله واستنفار على رضي الله عنه الناس لموقعة الجمل وفيه فصور الفصل الأول فى خروج عائشة رضي الله عنها وما أخبر به النبى صلى الله عليه وسلم فى ذلك 298 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن إسماعيل ثنا قيس قال لما أقبلت عائشة بلغت مياه بنى عامر ليلاً نبحت الكلاب قالت أى ماء هذا قالوا ماء الحوأب قالت ما أظننى إلا أنى راجعة فقال بعض من كان معها بل تقدمين فيراك المسلمون فيصلح الله عز وجل ذات بينهم قالت إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لها ذات يوم كيف باحداكن تنبح عليها كلاب الحوأب. 299 - وعن أبي رافع (1) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لعلى بن أبي طالب أنه سيكون بينك وبين عائشة أمر قال أنا يا رسول الله قال نعم قال فأنا أشقاهم يا رسول الله قال لا ولكن إذا كان ذلك فأرددها إلى مأمنها. الفصل الثانى فى قدوم الامام على رضي الله عنه إلى البصرة واستنفار أهلها لموقعة الجمل 300 - عن ابنة لاهيان بن صيفى عن أبيها وكانت له صحبة أن عليًا لما قدم البصرة بعث

_ 298 - (تخريجه) أورده الهيثمى عن قيس بن أبى حازم بمعناه وقال رواه أحمد وأبو يعلى والبزار ورجال أحمد الصحيح وذكره ابن كثير فى البداية والنهاية وقال رواه أبو نعيم بن حماد فى الملاحم وذكره باختصار عن غندر عن إسماعيل بن أبى خالد عن قيس بن ابى حازم وقال هذا إسناد على شرط الشيخين ولم يخرجوه. 299 - (سنده) حدثنا عبد اله حدثنى أبى ثنا حسين بن محمد قال ثنا الفضيل يعنى ابن سليمان قال ثنا محمد بن أبى يحيى عن أبى أسماء مولى بنى جعفر عن أبى رافع. (1) مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) قال الهيثمى "رواه أحمد والبزار والطبرانى ورجاله ثقات" 300 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مؤيد قال ثنا حماد يعنى ابن سلمة قال ثنا شيخ يقال له أبو عمرو عن ابنة لاهيان بن صيفي.

-[استنفار علي رضي الله عنه أهل البصرة للخروج معه]- إليه فقال ما يمنعك أن تتبعنى فقال أوصانى خليلى وابن عمك فقال أنه سيكون فرقة واختلاف فاكسر سيفك واتخذ سيفًا من خشب واقعد فى بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية ففعلت ما أمرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فغن استطعت يا على ألا تكون تلك اليد الخاطئة فافعل. (وعنها عن طريق آخر) أنها كانت مع أبيها فى منزله فمرض فأفاق من مرضه ذلك فقام على ابن أبى طالب بالبصرة فأتاه فى منزله حتى قام على باب حجرته فسلم ورد عليه الشيخ السلام فقال له كيف أنت يا أبا مسلم قال بخير فقال علىّ ألا تخرج معى إلى هؤلاء القوم فتعيننى قال بلى إن رضيت بما أعطيك قال علىّ وما هو فقال الشيخ يا جارية هات سيفى فأخرجت إليه غمداً فوضعته فى حجره فاستل منه طائفة ثم رفع رأسه إلى علىّ رضي الله عنه فقال إن خليلى عليه السلام وابن عمكم عهد إلىّ إذا كانت فتنة بين المسلمين أن أتخذ سيفاً من خشب فهذا سيفى فإن شئت خرجت به معك فقال علىّ رضي الله تعالى عنه لا حاجة لنا فيك ولا فى سيفك فرجع من باب الحجرة ولم يدخل. وعنها من طريق آخر بنحوه وفيه أوصانى خليلى وابن عمك يعنى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ستكون فتن وفرقة فإذا كان ذلك فاكسر سيفك واتخذ سيفًا من خشب، فقد وقعت الفتنة والفرقة وكسرت سيفى واتخذت سيفًا من خشب. وأمر أهله حين ثقل أن يكفنوه ولا يلبسوه قميصًا قال فألبسناه قميصًا فأصبحنا والقميص على المشجب.

_ وعنها من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا عبد الله بن عبيد الجيلمى عن عديسة ابنة اهبان بن صيفى. وعنها من طريق آخر بنحوه (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن أبى عمرو القسملى عن ابنة اهبان. (تخريجه) رواه الترمذى عن على بن حجر حدثنا إسماعيل ابن إبراهيم عن عبد الله بن عبيد عن عديسة بنت أهبان بلفظ قريب وقال "وفى الباب عن محمد بن مسلمة، وهذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن عبيد الله" أخرجه ابن ماجه عن محمد بن بشار ثنا صفوان بن عيسى ثنا عبد الله بن عبيد مؤذن جردان قال حدثتنى عديسة بنت أهبان بمعناه وأوردبن حجر فى الاصابة. عن المعلى بن جابر بن مسلم عن أبيه عن عديسة بنت وهبان بن صيفى أن أباها لما حضرته الوفاة أوصي أن

-[استنفار علي رضي الله عنه أهل البصرة للخروج معه]- 301 - وعن سهل بن أبى الصلت قال سمعت الحسن يقول إن عليا بعث إلى محمد بن مسلمة فجئ به فقال ما خلفك عن هذا الأمر قال دفع إلى ابن عمك يعنى النبى صلى الله عليه وسلم سيفا فقال قاتل به ما قوتل العدو فإذا رأيت الناس يقتل بعضهم بعضا فاعمد به إلى صخرة فاضربه بها ثم الزم بيتك حتى تأتيك منية قاضية أو يد خاطئه قال خلوا عنه. 302 - ز وعن قيس بن عباد قال قلت لعلى أرأيت مسيرك هذا عهد عهده إليك رسول الله صلى الله عليه وسلم أم رأى رأيته قال ما تريد إلى هذا قلت ديننا ديننا قال ما عهد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئاً ولكن رأي رأيته.

_ يكفن في ثوبين فكفنوه فى ثلاثة فأصبحوا فوجدوا الثالث على السرير وقال "وكذلك رواه الطبرانى من طريق عبد الله بن عبيد عن عديسة بنت أهبان ونقل ابن حبان أن أهبان بن أخت أبى ذر الغفارى هو أهبان بن صيفى ورد ذلك بن منده" وأورده الحافظ بن كثير فى البداية والنهاية نقلا عن نعيم بن حماد فى الفتن عن عبد الصمد بن عبد الوارث عن حماد بن سلمة ثنا أبو عمرو السلمى عن بنت أهبان بمعناه وقال "وقد رواه أحمد عن عفان وأسود بن عامر ومؤمل وثلاثتهم عن حماد بن سلمة ورواه الإمام أحمد أيضاً والترمذى وابن ماجه من حديث عبد الله بن عبيد الديلى عن عديسة بنت أهبان بن صيفى عن أبيها به قال الترمذى حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الله بن عبيد". وقد جاءت الرواية الأولى عن ابنة لاهيان وهو تصحيف وصحتها أهبان كما ذكرت الروايات السابقة فضلا عن أن الحديث جاء فى المسند فى مسند "أهبان بن صيفى" وترجم ابن حجر له فى الإصابة باسم "أهبان" وقال "ويقال وهبان يكنى أبا مسلم" كما جاء فى الرواية الأولى حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مؤيد وصحته مؤمل ابن اسماعيل. 301 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد بن الحباب قال أخبرنى سهل بن أبى الصلت (تخريجه) انفرد به من هذا الطريق الإمام أحد وأورد الهيثمى فى مجمع الزوائد والحافظ فن كثير فى البداية والنهاية بروايات متعددة من غير هذا الطريق عن محمد بن مسلمة بمعناه. 302 - ز (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى اسماعيل أبو معمر ثنا ابن علية عن يونس عن الحسن عن قيس بن عباد. (تخريجه) إسناده صحيح.

-[إرساله رضي الله عنه الرسل لاستنفار أهل الكوفى]- الفصل الثالث فى بعث على عماراً والحسن رضي الله عنهم لاستنفار أهل الكوفة 303 - عن الحكم قال سمعت أبا وائل قال لما بعث على عماراً والحسن إلى الكوفة ليستنفراهم فحطب عمار فقال إنى لأعلم أنها زوجته (1) فى الدنيا والآخرة ولكن الله عز وجل ابتلاكم لتتبعوه أو إياها. 304 - وعن قيس بن عباد قال قلت لعمار أرأيت قتالكم رأيًا رأيتموه فإن الرأى يخطئ ويصيب أو عهد عهده إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما عهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا لم يعهده إلى الناس كافة وقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن فى أمتى اثنى عشر منافقا فقال لا يدخلون الجنة ولا يجدون ريحها حتى يلج الجمل فى سم الخياط ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة (1) سراج من نار يظهر فى أكتافهم حتى ينجم فى صدورهم. وعنه من طريق آخر قال قلت لعمار أرأيتم صنيعكم هذا الذى صنعتم فيما كان من أمر على رأيا رأيتموه أم شيئًا عهد إليكم رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لم يعهد إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئًا

_ 303 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبه عن الحكم. (1) يعنى عائشة رضي الله عنها. (تخريجه) البخارى "حدثنا محمد بن بشار حدثنا غندر حدثنا شعبة .. الخ" بلفظه وأورده الترمذى "حدثنا محمد بن بشار حدثنا عبد الرحمن بن مهدى حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبى حصين عن عبد الله بن زياد الأسدى قال سمعت عمار بن ياسر يقول هى زوجته فى الدنيا والآخرة يعنى عائشة رضي الله عنها قال هذا حديث حسن. 304 - (سنده) حدثنا عبد اله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج قال حدثنى شعبة قال سمعت قتادة يحدث عن أبى نضرة قال حجاج سمعت أبا نضرة عن قيس بن عباد. (غريبه) (1) الدبيلة مصغر دبل الداهية أطلق على قرحة ردية فى باطن الإنسان وفسر فيه بنار تنجم أى تظهر فى أكتافهم ولعله أراد ورماً حاراً مشتبهاً بالسراج قاله فى مجمع بحار الأنوار. (تخريجه) أخرجه مسلم "حدثنا محمد بن المثنى ومحمد بن بشار واللفظ لابن المثنى قالا حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبه عن قتادة عن أبى نضرة عن قيس بن عباد. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود بن عامر ثنا شعبة عن قتادة عن أبى نضرة عن قيس.

-[شجاعة عمار رضي الله عنه وقول النبى صلى الله عليه وسلم تقتل عمار الفءة الباغية]- لم يعهده إلى الناس كافة ولكن حذيفة (يعنى ابن اليمان رضي الله عنه) أخبرنى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال (1) فى أصحابى اثنا عشر منافقا منهم ثمانية لا يدخلون الجنة حتى يلج الجمل فى سم الخياط. 305 - وعن عقبه بن المغيرة عن جد أبيه المخارق قال لقين عمارًا رضي الله عنه يوم الجمل وهو يبول فى قرن فقلت أقاتل معك فأكون معك قال قاتل تحت راية قومك فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يستحب للرجل أن يقاتل تحت راية قومه. الباب الخامس فى وقعة صفين وقتل عمار بن ياسر رضي الله عنه وفيه فصول (الفصل الأول فى شجاعة عمار رضي الله عنه وقول النبى صلى الله عليه وسلم تقتل عمارًا الفئة الباغية) 306 - عن عمرو بن مرة قال سمعت عبد الله بن سلمة يقول رأيت عمارًا يوم صفين شيخاً كبيراً آدم طوالا آخذاً الحربة بيده ويده ترعد فقال والذي نفسى بيده لقد قاتلت بهذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات وهذه الرابعة، والذى نفسى بيده لو ضربونا حتى يبلغوا بنا شعفات (1) هجر لعرفت أن مصلحينا على الحق وأنهم على الضلالة.

_ (1) قوله في أصحابي مجازاً إذ الإيمان شرط فى الصحبة ولذا لم يقل من أصحابى قاله فى مجمع بحار الأنوار. (تخريجه) أخرجه مسلم "حدثنا أبو بكر بن أبى شعبة حدثنا أسود الخ" وزاد بعد سم الخياط "ثمانية منهم تكفيكهم الدبيلة وأربعة "لم أحفظ ما قال شعبة فيهم. 305 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن عبد الملك أبى غنية قال حدثنا عقبة بن المغيرة. (تخريجه) انفرد به من هذا الطريق الإمام أحمد. 306 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مرة, (غريبه) (1) شعفات: شعفة كل شئ أعلاه يريد به رأس جبل -وقد جاءت اللفظة سعفات (بالسين) فى روايات أخرى. والسعفة هى أغصان النخيل وخص هجر لبعد المسافة وكثرة النخيل بها. (تخريجه) أورده الحاكم فى المستدرك عن طريق وهب بن جرير وأبى الوليد عن شعبه وقال صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأورده. الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد والطبرانى ورجال أحمد رجال الصحيح غير عبد الله بن سلمة وهو ثقة إلا أن الطبرانى قال لقد فاتلت صاحب هذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث مرات وهذه الرابعة".

-[شجاعة عمار رضي الله عنه وقول النبى صلى الله عليه وسلم تقتل عمار الفئة الباغية]- 307 - عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال مازال جدى (يعنى خزيمة بن ثابت رضي الله عنه) كافا سلاحه يوم الجمل حتى قتل عمار بصفين فسل سيفه فقاتل حتى قتل قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تقتل عمارًا الفئة الباغية- 308 - وعن أبى سمية الخدرى رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ويح عمار تقتله الفئة الباغية يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار فجعل عمار يقول أعوذ بالرحمن من الفتن. 309 - وعن أبى البخترى قال قال عمار يوم صفين ائتونى بشربة لين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال

_ 307 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس وخلف بن الوليد قالا ثنا ابو معشر عن محمد بن عمارة. (تخريجه) قال الهيثمى فى مجمع الزوائد "رواه أحمد والطبرانى وفيه أبو معشر وهو لين" والحديث أخرجه الحاكم فى المستدرك. وقد أورد السيوطى حديث "تقتل عماراً الفئة الباغية" فى الاحاديث المتواترة عن قرابه ثلاثين صحابيا. 308 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محبوب بن الحسن عن خالد عن عكرمة أن ابن عباس قال له ولابنه على انطلقا إلى أبى سعيد الخدرى فاسمعا من حديثه قال فانطلقنا فإذا هو فى حائط له فلما رآنا أخذ رداءه فجاءنا فقعد فأنشأ يحدثنا حتى أتى علىذكر بناء المسجد قال كنا نحنل لبنة لبنة وعمار بن ياسر يحمل لبنتين لبنتين قال فرآه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل ينفض التراب عنه ويقول يا عمار ألا تحمل لبنة كما يحمل أصحابك قال انى أريد الأخر من الله قال فجعل ينفض التراب عنه ويقول ويح عمار. (تخريجه) هذا طرف من حديث ذكر بتمامه فى مناقب عمار بن ياسر فى صفحة 231 من الجزء الثانى والعشرين من الفتح الربانى وقال مؤلفه رحمه الله "أخرجه البخارى فى باب التعاون فى بناء المسجد من كتاب الصلاة وفى باب مسح الغبار عن الرأس فى سبيل الله من كتاب الجهاد". 309 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا سفيان عن حبيب بن أبى ثابت عن أبى البخترى. (تخريجه) قال الهيثمى فى مجمع الزوائد "رواه أحمد والطبرانى وبين أن الذى سقاه هو أبو المخارق وزاد فيه ثم نظر إلى لواء معاويه فقال قتلت صاحب هذه الراية مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ورجاله أحمد رجال الصحيح إلا أنه منقطع".

-[شجاعة عمار رضي الله عنه وقول النبى صلى الله عليه وسلم تقتل عمار الفئة الباغية]- آخر شربة تشربها من الدنيا شربة لبن فأتي بشربة لبن فشر بها ثم تقدم فقتل رضي الله عنه. 310 - وعن أبى بكر بن محمد بن عمرو بن حزم عن أبيه قال لما قتل عمار بن ياسر رضي الله عنه دخل عمرو بن حزم على عمرو بن العاص فقال قتل عمار وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تقتله الفئة الباغية، فقام عمرو بن العاص فزعا يُرجِّع حتى دخل على معاوية فقال له معاوية ما شأنك قال قتل عمار فقال معاوية قد قتل عمار فماذا قال عمرو سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تقتله الفئة الباغية، فقال له معاوية دحضت (1) فى بولك، أو نحن قتلناه إنما قتله على وأصحابه جاءوا به حتى ألقوه بين رماحنا أو قتل بين سيوفنا. 311 - وعن أبى غادية قال قتل عمار بن ياسر رضي الله عنه فأخبروا عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن قاتله وسالبه فى النار فقيل لعمرو فإنك هو ذا تقاتله قال إنما قال قاتله وسالبه.

_ وأورده المستدرك عن طريق لأبى نعيم ومحمد بن كثير قال ثنا سفيان بن حبيب بن أبى ثابت عن لأبى البخترى أن عمار بن ياسر أتى بشربة من لبن فضحك فقيل له ما يضحكك فقال أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال آخر شراب أشربه جين أموت هذا" وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. وقد سبق الكلام على أبى البخترى فى الفصل السادس "الحديث رقم 290" وجاءت روايات أخرى بهذا المعنى عن إبراهيم بن سعد عن ابيه عن جده وعن لؤلؤه مولاة أم الحكم ابنه عمار. 310 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق قال ثنا معمر عن طاوس عن أبى بكر بن محمد .. الخ. (غريبه) (1) أى زلقت فى بولك. (تخريجه) أورده المستدرك فى الحاكم وقال صحيح على شرطهما ولم يخرجاه بهذه السياقة وأقره الذهبى. 311 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة قال أنا أبو حفص وكلثوم ابن جرير عن أبى غادية. (تخريجه) قال الهيثمى رجال أحمد ثقات.

-[إختصام رجلين عند معاوية فى قتل عمار رضي الله عنه]- 312 - وعن عبد الله بن الحرث قال إنى لأسير مع معاوية فى منصرفه من صفين بينه وبين عمرو بن العاص قال فقال عبد الله بن عمرو بن العاص يا أبت ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار ويحك يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية قال فقال عمرو لمعاوية ألا تسمع ما يقول هذا فقال معاوية لا تزال تأتينا بهنة أنحن قتلناه إنما قتله الذين جاءوا به. الفصل الثانى فى اختصام رجلين عند معاوية فى قتل عمار يقول كل واحد منهما أنا قتلته 313 - عن حنظلة بن خويلد العنبرى قال بينما أنا عند معاوية إذ جاءه رجلان يختصمان فى رأس عمار يقول كل واحد منهما أنا قتلته فقال عبد الله بن عمرو بن العاص ليطب به أحدكما نفسًا لصاحبه فأنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تقتله الفئة الباغية قال معاوية فما بالك معنا، قال إن أبى شكانى إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أطلع أباك مادام حيا ولا تعصه فأنا معكم ولست أقاتل. 314 ز- حدثنا عبد الله قال حدثنى أبو موسى العنزى محمد بن المثنى قال حدثنا محمد بن أبى عدى عن ابن عوف عهن كلثوم بن جبر قال كنا بواسط القصب (1) عند عبد الأعلى بن عبد الله ابن عامر قال فإذا عنده رجل يقال له أبو الفادية استسقى ماءً فأتى بأناء مفضض فأبى أن يشري وذكر النبى صلى الله عليه وسلم فذكر هذا الحديث لا ترجعوا بعدى كفاراً أو ضلالا شك ابن أبي

_ 312 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن عبد الرحمن بن زياد عن عبد الله بن الحرث (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى البداية والنهاية ثم قال "تفرد به أحمد بهذا السياق من هذا الوجه". 313 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى بى ثنا يزيد أنا العوام حدثنى أسود بن مسعود عن حنظلة. (تخريجه) قال الهيثمى "رواه أحمد ورجاله ثقات". (غريبه) (1) واسط القصب مدينة تتوسط البصره والكوفى فلما عمر الحجاج مدينته سماها يا مسمه "واسط الحجاج"

-[سبب انحلال جيش علي رضي الله عنه فى موقعة صفين]- عدي يضرب بعضكم رقاب بعض فإذا رجل يسب فلانا (1) فقلت والله لئن أمكننى الله منك فى كتيبة فلما كان يوم صفين وعليه درع قال ففطنت إلى الفرجة فى جربات الدرع فطعنته فقتلته فإذا هو عمار بن ياسر، قال قلت وأى يد كفتاه يكره أن يشرب فى إناء مفضض وقد قتل عمار بن ياسر. الفصل الثالث فى سبب انحلال جيش الإمام على رضي الله عنه فى صفين بعد انتصاره وانشقاق الخوارج عليه وقتله إياهم 315 - عن حبيب بن أبى ثابت قال أتيت أبا وائل فى مسجد أهله أسأله عن هؤلاء القوم الذين قتلهم على بالنهر وان فيما استجابوا له وفيما فارقوه وفيما استجابوا له وفيما فارقوه وفيما استحل قتالهم، قال كنا بصفين فلما استحر القتل بأهل الشام اعتصموا بتل فقال عمرو بن العاص لمعاوية أرسل إلى علىّ بمصحف وادعه إلى كتاب الله فانه لن يأبى عليك فجاء به رجل فقال بيننا وبينكم كتاب الله {ألم تر إلى الذين أوتوا نصيباً من الكتاب يدعون إلى كتاب الله ليحكم لينهم ثم يتولى فريق منهم وهم معرضون} فقال على نعم أنا أولى بذلك بيننا وبينكم كتاب الله قال فجاءته الخوارج ونحن ندعوهم يومئذ القراء وسيوفهم على عواتقهم فقالوا يا أمير المؤمنين ما ننتظر بهؤلاء القوم الذين على التل ألا نمشى إليهم بسيوفنا حتى يحكم الله بيننا وبينهم، فتكلم سهل بن حنيف فقال يا أيها الناس اتهموا أنفسكم فلقد رأيتنا يوم الحديبية يعنى الصلح الذى كان بين رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين المشركين ولو نرى قتالاً لقتالنا فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ألسنا على الحق وهم على باطل، أليس قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار قال بلى قال ففيم نعطى الدنية فى ديننا ونرجع ولما

_ (1) أي يقع فى عثمان كما صرحت به الروايات الأخرى. 314 - (تخريجه) قال الهيثمى "رواه عبد الله ورجاله رجال الصحيح ورواه الطبرانى فى الأوسط بنحوه ورواه فى الكبير أيضاً أتم منه ورجال أحد أسنادى الطبرانى رجال الصحيح". 315 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قنا يعلى بن عبيد عن عبد العزيز بن سياه عن حبيب ابن أبي ثابت.

-[أصل الخوارج وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فى ذمهم وقتلهم]- بحكم الله بيننا وبينهم، فقال يا ابن الخطاب إنى رسول الله ولن يضيعنى أبدًا، قال فرجع وهو متغيظ فلم يصبر حتى أى بكر فقال يا أبا بكر ألسنا على حق وهم على باطل، أليس قتلانا فى الجنة وقتلاهم فى النار، قال بلى قال ففيم نعطى الدنية فى ديننا ونرجع ولما يحكم الله بيننا وبينهم فقال يا ابن الخطاب إنه رسول الله صلى الله عليه وسلم ولن يضيعه أبدًا، قال فنزلت سورة الفتح قال فأرسلنى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عمر فأقرأها إياه قال يا رسول الله وفتح هو قال نعم. الباب السادس فى وقعة النهر وان وقتال الخوارج بها وما ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم فى ذمهم والأمر بقتلهم وفيه فصول الفصل الأول فى أصل الخوارج 316 - عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال بعث على رضي الله عنه من اليمن إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بذهبة فى أديم (1) مقروظ لم تحصل (2) من ترابها (وفى رواية بذهبية فى تربتها) فقسمها رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أربعة بين زيد الخير والأقرع بن حابس وعيينة بن حصن وعلقمة بن علاثة أو عامر (3) بن الطفيل شك عمارة (أحد الرواة) فوجد من ذلك بعض أصحابه والأنصار وغيرهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا تأنمنونى وأنا أمين من فى السماء يأتينى خير من السماء صباحاً ومساءً (وفى رواية قال فغضبت قريش والأنصار فقالوا يعطى صناديد أهل نجد ويدعنا قال إنما أتألفهم) ثم أتاه رجل غائر العينين مشرف الوجنتين (4) ناشز (5) الجبهة كث اللحية مشمر

_ (تخريجه) أورده مطولا وقال "فى الصحيح بعضه رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح" 316 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن ثنا عمارة بن القعقاع عن ابن أبى نعم عن أبى سعيد الخدرى -وفى رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق أنا سفيان عن أبيه عن ابن أبى نعم عن أبى سعيد الخدرى. (1) فى أديم مقروظ أى فى جليد مدبوغ بالقرظ حب معروف يخرج فى غلف كالعدس من شجر العضاه (2) لم تحصل فى ترابها أى لم تميز ولم تصف من تراب معدنها (3) قال العلماء ذكر عامر هنا خطأ لأنه توفى قبل هذا بسنين والصواب أنه علقمة بن علاثة كما قطعت بذلك روايات اخرى (4) مشرف الوجنتين أى غليظهما (5) ناشز الجبهة أي مرتفعها.

-[أصل الخوارج وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فى ذمهم وقتلهم]- الإزار محلوق الرأس فقال اتق الله يا رسول الله (وفى رواية فقال يا محمد اتق الله) قال فرفع رأسه إليه وقال ويحك ألست أحق أهل الأرض أن يتقى الله أنا ثم أدبر فقال خالد يا رسول الله ألا أضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فلعله يكون يصلى فقال إنه رب مصل يقول بلسانه ما ليس فى قلبه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انى لم أؤمر أن أنقب عن قلوب الناس ولا أشق بطونهم ثم نظر إليه النبى صلى الله عليه وسلم وهو مقف (1) فقال ها انه سيخرج من ضئضئ (2) هذا قوم يقرؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية زاد فى رواية يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهلب الأوثان لئن أنا أدركتهم لأقتلهم قتل عاد. 317 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا عثمان الشّحام ثنا مسلم بن أبى بكرة عن أبيه أن نبى الله صلى الله عليه وسلم مر برجل ساجد وهو ينطلق إلى الصلاة فقضى الصلاة ورجع عليه وهو ساجد فقام النبى صلى الله عليه وسلم فقال من يقتل هعذا فقام رجل فحسر عن يديه فاخترط (1) سيفه وهزه ثم قال يا نبى الله بأبى أنت وأمى كيف أقتل رجلاً ساجداً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله ثم قال من يقتل هذا فقام رجل فقال أنا فحسر عن ذراعيه واخترط سيفه وهزه حتى أردعت يده فقال يا نبى الله كيف أقتل رجلاً ساجداً يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله ثم قال يا نبى الله كيف أقتل رجلاً ساجدًا يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله فقال النبى صلى الله عليه وسلم فقال النبى صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده لو قتلتموه لكان أول فتنة لكان أول فتنة وآخرها.

_ (1) مقف أى مول -قد أعطانا قفاه. (2) ضئضنى أى أصل. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى البداية والنهاية وقال رواه البخارى من حديث عبد الرازق به" وهو فى الصحيحين من حديث عمارة بن القعقاع من سيرته وقال فيه أنه سيخرج من صليه ونسله لأن الخوارج الذين ذكرنا لم يكونوا من سلالته هذا ربك ولا أعلم أحداً منهم من نسله -وإنما أراد من ضئضئ هذا. أى من شكله وعلى صفته فالله أعلم. وهذا الرجل هو ذو الخويصرة التميمى سماه بعضهم حرقوصاً فالله أعلم". (غريبه) أى سل سيفه من غمده. 317 - (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد والطبرانى من غير بيان شاف ورجال أحمد رجال الصحيح.

-[اصل الخوارج وما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم فى ذمهم وقتلهم]- 318 - وعن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه أن أبا بكر جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسو الله إنى مررت بوادى كذا وكذا فإذا رجل متخشع حسن الهيئة يصلى فقال له النبى صلى الله عليه وسلم اذهب إليه فاقتله قال فذهب إليه أبو بكر (رضي الله عنه) فلما رآه على تلك الحال كره أن يقتله فرجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقال النبى صلى الله عليه وسلم لعمر اذهب فاقتله فذهب عمر فرآه على تلم الحال التى رآه أبو بكر قال فكره أن يقتله قال فرجع فقال يا رسول الله رأيته يصرى متخشعا فكرهت أن أتقله، قال يا على اذهب فاقتله قال فذهب على فلم يره فرجع على فقال يا رسول الله إنه لم يره قال فقال النبى صلى الله عليه وسلم إن هذا وأصحابه يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقبهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يعودون فيه حتى يعود السهم فى فقوه (1) فاقتلوهم، هم شر البرية. 319 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن ابن اسحق حدثنى أبو عبيده بن محمد ابن عمار بن ياسر عن مقسم أبى القاسم مولى عبد الله بن الحرث بن نوفل قال خرجت أنا وتليد ابن كلاب الليثى حتى أتينا عبد الله بن عمرو بن العاص وهو يطوف بالبيت معلقا نعليه بيده فقلت له هل حضرت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يكلمه التميمى يوم حنين قال نعم، أقبل رجل من بنى تميم يقال له ذو الخويصرة فوقف على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يعطى الناس قال يا محمد قد رأيت ما ضنعت فى هذا اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أجل فكيف رأيت قال لم أرك عدلت قال فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال ويحك إن لم يكن العدل عندي فعند من يكون فقال عمر ابن الخطاب يا رسول الله ألا نقتله قال لا دعوه فانه سيكون له شيعة يتعمقون فى الدين حتى يخرجوا منه كما يخرج السهم من الرمية ينظر فى النصل فلا يوجد شئ ثم فى القدح فلا يوجد

_ 318 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بكر بن عيسى ثنا جامع بن مطر الحبطى ثنا أبو روبة شداد بن عمران القيسى عن أبى سعيد الخدرى. (غريبه) (1) فوق السهم. موضع الوتر منه. (تخريجه) قال الهيثمى "رواه أحمد ورجاله ثقات".

-[أصل الخوارج وما ورد عن النبى صلى الله عليه وسلم فى ذمهم وقتلهم]- شئ قم فى الفوق فلا يوجد شئ سبق الفرث والم قال أيو عبد الرحمن أبو عبيدة هذا، اسمه، محمد ثقة وأخوه سلمة بن محمد بن عمار لم يرو عنه إلا على بن زيد ولا نعلم خبره ومقسم ليس به بأس ولهذا الحديث طرق فى هذا المعنى وطرق أخرى فى هذا المعنى صحاح والله سبحانه وتعالى أعلم. 320 - وعن أبى سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه وزاد بعد قوله (سبق الفرث الدم) منهم رجل أسود فى إحدى يديه أآو قال إحدى ثدييه مثل ثدى المراة أو مثل البضعة تدردر (1)، يخرجون على حين فترة من الناس فنزلت فيهم (ومنهم من يلمزك فى الصدقات) الآية، قال أبو سعيد أشهد أنى سمعت هذا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشهد أن عليًا حين قتله وأنا معه جئ بالرجل على النعت الذى نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. 321 - وعن شريك بن شهاب قال كنت أتمنى أن ألقى رجلاً من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم يحدثنى عن الخوارج فلقيت أبا برزة (رضي الله عنه) يوم عرفة فى نفر من أصحابه فقلت يا أبا برزة حدثنا بشئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله فى الخوارج فقال أحدثك بما سمعت أذنى ورأت عيناى، أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنانير فكان يقسمها وعنده رجل أسود مطعون (2) الشعر عليه

_ (غريبه) أنظر لشرح غريب هذا الحديث ما ذكره المصنف رحمه الله فى ص 160 و 161 من الجزء 18 من هذا الكتاب. 319 - (تخريجه) قال الهيثمى رواه أحمد والطبرانى باختصار ورجال أحمد ثقات". 320 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرواق ثنا معمر عن الزهرى عن أبى سلمة بن عبد الرحمن عن أبى سعيد الخدرى. (غريبه) (1) تدردر أى ترجرج تجئ وتذهب. (تخريجه) ورد هذا الحديث بتمامه فى صفحة 160 و 161 من الجزء الثامن عشر من هذا الكتاب وقال مصنفه رحمهالله"متفق عليه وغيرها". 321 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا الأزرق بن قيس عن شريك الخ. (غريبه) طم شعره أى جذه واستأصله أو رده ابن الأثير في النهاية.

-[صفة الخوارج وعلامة قائدهم وذمهم والأمر بقتلهم]- ثوبان أبيضان بين عينيه أثر السجود فتعرض لرسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه من قبل وجهه فلم يعطه شيئاً ثم أتاه من خلفه فلم يعطه شيئاً فقال والله يا محمد ما عدلت منذ اليوم فى القسمة فغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم غضباً شديداً ثم قال والله لا تجدون بعدى أحداً أعدل عليكم منى قالها ثلاثاً ثم قال يخرح من قبل المشرق رجال كان هذا منهم هديهم هكذا يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية لا يرجعون إليه وقال حماد (أحد الرواة) لا يرجهون ووضع يده على صدره سيماهم التحليق لا يزالون يخرجون جتى يخرح آخرهم فإذا رأيتموهم فاقتلوهم قالها ثلاثا شر الحلق والخليقة قالها ثلاثاً. 322 - وعن أبي بكرة رضي الله عنه قال عنه قال أنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بدنانير فذكر مثل حديث أبى برزة المتقدم. الفصل الثانى فى صفة الخوارج وعلامة قائدهم وذمهم والأمر بقتلهم وأن طائفة على رضي الله عنه على الحق 323 ز- عن على رضي الله عنه قال إنى دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وليس عنده أحد إلا عائشة (رضي الله عنها) فقال يا ابن أبى طالب كيف أنت وقوم كذا وكذا قال قلت الله

_ (تخريجه) أورده الهيثمي. وزاد فى آخره "وقال حماد لا يرجعون فيه. وفى رواية لا يزالون يخرجون حتى يخرج أخرهم مع الدجال" وقال "رواه أحمد والأزرق بن قيس وثقة ابن حبان وبقية رجاله رجال الصحيح". 322 - (سنده) حدثما عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد وعفان قال ثنا حماد بن سلمة قال عفان أنا عطاء بن السائب عن بلال بن بقطر عنأبى بكرة الحديث. (تخريجه) أورده الهيثمى وقال "رواه أحمد والبزار باختصار والطبرانى وفيه عطاء بن السائب وقد اختلط". 323 - ز (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبو خثيمة زهير بن حرب ثنا القاسم بن مالك المزنى عن عاصم بن كليب عن أبيه قال كنت جالساً عند على. (تخريجه) أورده ابن كثير فى البداية عن اسماعيل أبو معمر ثنا عبد الله ابن أدريس ثنا عاصم ابنكليب عن أبيه بمعناه وقال "ثم رواه عبد الله بن أحمد عن أبى خثيمة زهير بن حرب عن القاسم

-[صفة الخوارج وعلامة قائدهم وذمهم والأمر بقتلهم]- ورسوله أعلم، قال قوم يخرجون من المشرق يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقبهم يمرقون من الدين مروق السهم من الرمية فمنهم رجل مخدع اليد كأن يديه ثدى حبيشة. 324 - وعن عبيدة عن على رضي الله عنه ذكر الخوارج فقال فيهم مخرج اليد أو مودن اليد أو مُتَدَّن اليد لولا أن تبطروا لحدثتكم بما وعداللهالذين يتقلونهم على لسان محمد صلى الله عليه وسلم، قلت أنت سمعته من محمد صلى الله عليه وسلم قال اى ورب الكعبة اى ورب الكعبة اى ورب الكعبة. (وعنه من طريق آخر) أن علياً رضي الله عنه ذكر أهل النهروان فقال فيهم رجل مودن (2) اليد أو مثدون اليد أو مخدج اليد فذكر نحوه. 325 - وعن عاصم بن شميخ عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا حلف واجتهد فى اليمين قال لا والذى نفس أبى القاسم بيده ليخرجن قوم من أمتى تحقروت أعمالكم مع أعمالهم يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقيهم يمرقون من الإسلام كما بمرق السهم من الرمية

_ ابن مالك عن عاصم بن كليب عن ابيه عن على فذكر نحوه اسناده جيد ورواه الهيثمى ضمن حديث طويل عن طليب بن شهاب وقال "رواه أبو يعلى ورجاله ثقات ورواه البزار بنحوه". 324 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل ثنا أيوب عن محمد عن عبيدة عن على (غريبه) (1) مثدن اليد ويروى مثدون اليد أى صغير اليد مجتمعها والمثدن والمثدون الناقص الخلق. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى محمدبن أبى بكر المقدمى ثنا حماد بن زيد عن أيوب وهشام عن محمد عن عبيدة أن عليا الخ. (2) مودن اليد أى صغيرها وناقصها من أودنته إذا نقفصتة. (تخريجه) محمد هو ابن سيرين وعبيدة هوالمسلمانى والحديث رواه مسلم من حديث اسماعيل ابن علية وحماد بن زيد كلاهما عن أيوب وعن محمد بن المثنى عن ابن عدى عن ابن عون كلاهما عن محمد بن سيرين عن عبيدة عن على. وارده الحافظ بن كثير فى البداية من عدة طرق وقال "وقد ذكرناه من طرق متعددة تفيد القطع عند كثيرين عن محمد بن سيرين". 325 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا وكيع ثنا عكرمة بن عمار عن عاصم بن شميخ.

-[صفة الخوارج وعلامة قائدهم وذمهم والأمر بقتلهم]- قالوا قيل من علامة يعرفون بها قال فيهم رجل ذو يديه (1) او ثدية محلقى رؤسهم، قال أبو سعيد فحدثنى عشرون ألأو بضع وعشرون من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم أن عليًا رضي الله عنه ولى قتلهم قال فرأيت أبا سعيد بعد ما كبر ويداه ترتعش يقول قتلاهم أحل عندى من قتال عدتهم من الترك. 326 - وعن يزيد الفقير قال قلت لأبى سعيد الخدرى إن منا رجالاهم أقرؤنا للقرآن وأكثرنا صلاة وأوصلنا للرحم وأكثرنا صومًا خرجوا علينا بأسيافهم فقال أبو سعيد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرج قوم يقرؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية. 327 - وعن أبى سلمة قال جاء رجل إلى أبى سعيد فقال هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر فى الحرورية شيئًا قال سمعته يذكر قومًا يتعمقون فى الدين يحقر أحدكم صلاته عند صلاتهم وصومه عند صومهم بيمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية، أخذ سهمه فنظر فى نصله فلم ير شيئاً ثم نظر فى رصافه فلم ير شيئاً ثن نظر فى رصافه فلم ير شيئاً ثم نظر فى قدحته فلم ير شيئاً ثن نظر فى القُذذ فتمارى هل يرى شيئًا أم لا. 328 - وعن أبي سعيد الخدرى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفترق أمتى فرقتين فيتمرق بينهما مارقة يقتلها لأولى الطائفتين بالحق.

_ (غريبه) (1) يدية بالياء بدل الثاء تصغير اليد. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى البدايةوقال "وقد رواه أبو داود عن أحمد بن حنبل به". 326 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عبيد ثنا سويد بن نجيح عن يزيد الفقير. (تخريجه) اورده الحافظ بن كثير فى البداية وقال "تفرد به احمد ولم يخرجوه فى الكتب الستة ولا واحد منهم. واسناده لا بأس به رجاله كلهم ثقات وسويد بن نجيح هذا مستور". 327 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد ثنا محمد بن عمرو عن أبى سلمة. (غريبه) جاء شرح غريب هذا الحديث فىلصفحة 160 من الجزء الثامن عشر من هذا الكتاب (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى البداية وقال روياه ابن ماجه عنأبى بكر بن أبى شيبه عن يزيد ابن هارون به. ورواه مسلم عن محمد بن ابراهيم عن ابى سلمة وعطاء بن يسار بمعناه. 328 - حدثنا عبج الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن عوف ثنا أبو نضرة عن أبي سعيد الخدري

-[صفة الخوارج وعلامة قائدهم وذمهم والأمر بقتلهم]- (وعنه من طريق آخر) أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقوم الساعة حتى يقتتل فئتان عيظمتان دعواهما واحدة تمرق بينهما مارقة بقتلها أولاها بالحق. 329 - وعن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم ذكر قوما يكونون فى أمته يخرجون فى فرقة من الناس سيماهم التحليق هم شر الخلق أو من شر الخلق يتلقهم أدنى الطائفتين من الحق قال فضرب النبى صلى الله عليه وسلم لهم مثلا أوقال قولا الرجل يرمى الرمية أو قال الغرض فينظر فى النصل فلا يرى بصيرة وينظر فى النضى فلا يرى بصيرة وينظر فى الفوق فلا يرى بصيرة قال قال أبو سعيد وأنتم قتلتموهم يا أهل العراق. 330 - وعن عبد الله بن أبى أوفى (رضي الله عنه) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الخوارج هم كلاب النار. 331 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا عثمان الشحام ثنا مسلم بن أبى بكرة وسأله هل سمعت فى الخوارج من شئ فقال سمعت والدى أبا بكرة يقول عن نبى الله صلى الله عليه وسلم، ألا انه سيخرج من أمتى أقوام أشداء أحداء ذليقة ألسنتهم بالقرآن لا يجاوز تراقيهم ألا فإذا رأيتمهم فأتيموهم (1) ثم إذا رأيتموهم فأتيموهم فالمأجور قاتلهم.

_ وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن على بن زيد عن أبى نضرة قال سمعت أبا سعيد الخدرى أنه سمع الخ. (تخريجه) أورده مسلم من طرق متعدده عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدرى بمعناه. 329 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن أبى عدى عن سليمان عن أبى نضرة. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى البداية وقال "وقد رواه مسلم عن محمد بن المثنى عن محمد بن أبى عدى عن سليمان وهو ابن طرخان التيمى عن أبى نضرة واسمه المنذر بن مالك بن قطعة عن أبى سعيد الخدرى بنحوه". 330 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسحق بن يوسف عن الأعمش عن ابن أبى أوفى. (تخريجه) أخرجه ابن ماجه فى مسنده بلفظ "الخوارج كلاب النار وقال البوصيرى فى زوائد ابن ماجه إن رجال الاسناد ثقات إلا أن فيه انقطاعاً. (غريبه) (1) فأنيموهم أى اقتلوهم من نامت الشاة ماتت ومنه سمى السيف منينا.

-[زحف الإمام على رضي الله عنه بجيشه لقتال الخوارج]- 332 - وعن أبي الطفيل رضي الله عنه أن رجلاً ولد له غلام على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتى النبى صلى الله عليه وسلم فأخذ يبشره (1) وجهه ودعا له بالبركة قال فتبتت شعره فى جبهته كهيئة القوس وشب الغلام فلما كان زمن الخوارج أحبهم فسقطت الشعرة عن جبهته فأخذه أبوه فقيده وحبسه مخافة أن يلحق بهم قال فدخلنا عليه فوعظناه وقلنا له فيما نقول ألم تر أن بركة دعوى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد وقعت عن جبهتك فما زلنا به حتى رجع عن رأيهم فرد الله عليه الشعرة بعد فى جبهته وتاب. الفصل الثالث فى زحف الإمام على رضي الله عنه بجيشه إلى قتال الخوارج بالنهر وان بعد أن تبين له إفسادهم 333 ز- عن زيد بن وهب قال لما خرجت الخوارج بالنهر وان قال على رضي الله عنه فى أصحابه فقال إن هؤلاء القوم سفكوا الدم الحرام وأغاروا فى سرح (1) الناس وهو أقرب العدو إليكم وإن تسيروا إلى عدوكم أنا أخاف أن يخلفكم هؤلاء فى أعقابكم إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تخرج خارجه من أمتى ليس صلاتكم إلى صلاتهم بشئ ولا صيامكم إلى صيامهم بشئ ولا قراءتكم إلى قراءتهم بشئ يقرأون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا يجاوز

_ 331 (تخريجه) أورده الهيثمى عن مسلم بن أبى بكرة بلفظ "إلا فإذا رأيتموهم فأثخنوهم، إذا رأيتموهم فأثخنوهم فالمأجور قاتلهم" وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصباح والطبرانى رواه أيضاً وكذلك البزار بنحوه. 332 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس وعفان قالا ثنا حامد بن سلمة عن على بن زيد عن أبى الطفيل. (غريبه) (1) البشرة ظاهر الجلد وتجمع على أبشار. (تخريجه) أورده الهيثمى وقال "رواه أحمد وفيه على بن زيد بن جدعان وفيه على بن زيد بن جدعان وفيه ضعف وقد وثق وبقية رجاله الصحيح". 333 - ز (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أحمد بن جميل أبو يوسف أخبرنا يحيى بن عبد الملك بن حميد ابن غنية عن عبد الملك بن أبى سليمان عن سلمة بن كهيل عن زيد بن وهب. (غيبه) (1) السرح والسارح والسارحة يعنى الماشية وهو اسم جمع، أو هو تسمية بالمصدر.

-[زحف الإمام علي رضي الله عنه بجيشه لقتال الخوارج]- حناجرهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية، وآية ذلك أن فيهم رجلاً له عضد وليس لها ذراع عليها مثل حلمه الندى عليها شعرات بيض لو يعلم الجيش الذين يصيبونهم ما لهم على لسان نبيهم لا تكلوا على العمل فسيروا على اسم الله فذكر الحديث بطوله. 334 - وعن طارق بن زياد قال خرجنا مع على إلى الخوارج فقتلهم ثم قال انظروا فإن نبى الله صلى الله عليه وسلم قال إنه سيخرج قوم يتكلمون بالحق لا يجوز حلقهم يخرجون من الحق كما يخرج السهم من الرمية سيماهم أن منهم رجلاً أسود مخدج اليد فى يبده شعرات سود إن كان هو فقد قتلتم شر الناس وإن لم يكن هو فقد قتلتم خير الناس فبكينا ثم قال اطلبوا فطلبنا فوجدنا المخدج فحررنا سجوداً وخرَّ على معنا ساجداً غير أنه قال يتكلمون بكلمة الحق. 335 ز- عن أبى الوطئ قال كما عامدين إلى الكوفة مع على ابن أبى طالب (رضي الله عنه) فلما بلغنا مسيرة ليلتين أو ثلاث من رحوراء شذ منا ناس كثير فذكرنا ذلك لعلى (رضي الله عنه) فقال لا يهولنكم أمرهم فانهم سيرجعون فذكر الحديث بطوله قال فحمد الله على ابن أبى طالب (رضي الله عنه) وقال إن خليلى أخبرنى أن قائد هؤلاء رجل مخدج اليد على حلمة ثديه شعرات كأنهن ذنب اليربوع فالتمسوه فلم يجدوه فأتيناه فقلنا إنا لم نجده فقال فالتمسوه فوالله ما كذبت ولا كذبت ثلاثاً فقلنا لم نجده فجاء على بنفسه فجعل يقول اقلبوا ذا اقلبوا ذا حتى جاء رجل من الكوفة فقال هو ذا قال على (رضي الله عنه) الله أكبر لا يأتيكم أحد يخبركم من أبوه فجعل الناس يقولون هذا ملك هذا ملك يقول على رضي الله عنه ابن من هو.

_ (تخريجه) إسناده صحيح وأورده مسلم عن همام ثنا عبد الملك بن أبى سليمان ثنا سلمة بن كهيل حدثنى زيد بن وهب الجهنى بمعناه. 334 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الوليد بن القاسم بن الوليد الهمدانى ثنا اسرائيل ثنا ابراهيم يعنى ابن عبد الأعلى عن طارق بن زياد. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى البداية وقال "تفرد به أحمد من هذا الوجه" والحديث اسناده صحيح. 335 - ز (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى حجاج بن يوسف الشاعر حدثنى عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا يزيد بن أبى صالح أن أبا الوضئ عباداً حدثه أنه قال.

-[زحف الإمام علي رضي الله عنه بجيشه لقتال الخوارج]- ز (وعنه من طريق آخر) انه قال كنا عامدين إلى الكوفة مع على بن أبى طالب رضي الله عنه فذكر حديث المخدج قال على فوالله ما كذبت ولا كذبت ثلاثاً فقال على اما أ، خليلى ثلاثة أخوة من الجن هذا أكبرهم، والثانى له جمع كثير والثالث فيه ضعف. 336 ز- وعن محمد بن (1) عبيدة لما قتل على أهل النهروان قال التمسوه فوجدوه فى حفرة تحت القتلى فاستخرجوه وأقبل على رضى الله عنه على أصحابه فقال لولا أن تبطروا لأخبرتكم ما وعد الله من يقتل هؤلاء على لسان محمد صلى الله عليه وسلم قلت أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أي ورب الكعبة.

_ (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى البداية واسناده صحيح. ز- وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى حجاج بن الشاعر حدثنى عبد الصمد ابن عبد الوارث ثنا يريد بن صالح أن أبا الوضئ: (تخريجه) أورده الهيثمى وقال "رواه عبد الله بن أحمد ورجاله ثقات" وأورده الحافظ بن كثير فى البداية وقال "وهذا السياق فيه غرابة جداً، وقد يمكن أن يكون ذو الثدية من الجن؛ بل هو من الشياطين إما من شياطين الانس أو شياطين الجن إن صح هذا السياق والله تعالى أعلم. والمقصود أن هذه طرق متواترة عن على إذ قد روى من طريق متعددة عن جماعة متباينة لا يمكن تواطؤهم على الكذب، فأصل القصة محفوظ وإن كان بعض الألفاظ وقع فيها أختلاف بين الرواة، ولكن معناها وأصلها الذى تواطأت الروايات عليه صحيح لا يشك فيه عن على أنه رواه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أخبر عن صفة الخوارج وذى الثدية الذى هو علامة عليه. وقد روى ذلك من طريق جماعة الصحابة غير على. منهم أنس بن مالك وجابر بن عبد الله ورافع بن عمرو الغفارى وسعد ابن أبى وقاص وأبو سعيد سعد بن مالك بن سنان الأنصارى وسهل بن حنيف وعبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن مسعود وعلى وأبو ذر وعائشة أم المؤمنين رضي الله عنهم أجمعين" أهـ. 336 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى محمد بن أبى بكر المقدمى ثنا حماد بن يحيى الأبح ثنا ابن عون عن محمد بن عبيدة. (1) محمد بن عبيدة هذا تصحيف وصحته محمد عن عبيدة. ومحمد هو ابن سيرين كما جاءت بذلك الروايات السابقة.

-[زحف الإمام علي رضي الله عنه بجيشه لقتال الخوارج]- 337 - وعن حماد بن أسامة حدثنى سعيد بن جمهان قال كما نقاتل الخوارج وفينا عبد الله ابن أبى اوفى وقد لحق له غلام بالخوارج وهم من لك الشط ونحن من ذا الشط فناديناه أبا فيروز أبا فيروز ويحك هذا مولاك عبد الله بن أبى أوفى قال نعم الرجل هو لو هاجر قال ما يقول عدو الله قال قلنا يقول نعم الرجل لو هاجر قال فقال أهجره بعد هجرتى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول طوبي لمن قتلهم وقتلوه. 338 - وعن أبى كثير مولى الأنصار قال كنت مع سيدى مع على بن أبي طالب صلى الله عليه وسلم حيث قتل أهل النهروان فكأن الناس وجدوا فى أنفسهم من قتلهم فقال على رضي الله عنه، يا أيها الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد حدثنا بأقوام يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ثم لا يرجعون فيه أبداً حتى يرجع السهم على فوقه، وإن آية ذلك أن فيهم رجل أسود مُخدَجُ إليه أحد ثدييه (1) كثدى المرأة لها حلمة كحلمة ثدى المرأة حوله سبع هُلبات (2) فالتمسوه فانى أراه فيهم فالتمسوه فوجدوه إلى شفير النهر تحت القتلى فأخرجوه فكبر على رضي الله عنه فقال الله أكبر صدق الله ورسوله وإنه لمتقلد قوسًا له عربية فأخذها بيده فجعل يطعن بها فى مخدجيه (3) ويقول صدق الله ورسوله وكبر الناس جين رأوه واستبشروا وذهب عنهم ما كانوا يجدون.

_ (تخريجه) إسناده صحيح. وقد تعددت الرايات بمعناه عن محمد بن سيرين عن عبيدة وسبق ذكرها. 337 (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة حدثنى سعيد بن جمهان. (تخريجه) رجال-هـ ثقات، وقد جاء نص "طوبى لمن قتلوهم وقتلوه" فى عدد من الأحاديث منها ما هو عن أبى سعيد الخدرى وأنس بن مالك وأخرج بعضها أبو داود وابن ماجه. 338 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا اسماعيل بن مسلم العبدى ثنا أبو بكر كثير مولى الأنصار. (غريبه) (1) يبدو أن هذا تصحيف وصحته إحدى يديه. (2) هلبات أى شعرات وخصلات من الشعر جمع هلبة. (3) تصحيف أيضاً وصحته "مخدجته" كما جاء فى البداية والنهاية. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى البداية تفرد به أحمد" وإسناده صحيح.

-[حديث عبد الله بن شداد وهو الحديث الجامع لقصة الخوارج]- 339 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن العلاء يعنى ابن أبى العباس عن أبى الطفيل عن بكر بن قرواش عن سعد قيل لسفيان عن النبى صلى الله عليه وسلم قال نعم، قال شيطان الردهة يحتدره (1) يعنى رجلاً من بجيلة. الفصل الرابع فى ذكر حديث عبد الله بن شداد الذى حدث به عائشة رضي الله عنها وهو الحديث الجامع لقصة الخوارج مفصلة 340 - عن عبيد الله بن عياض بن عمرو والقارى قال جاء بعد عبد الله بن شداد فدخل على عائشة رضي الله عنها ونحن عندها جلوس مرجعه من العراق ليالى قتل على رضي الله عنه فقالت له يا عبد الله بن شداد هل أنت صادق عما أسألك عنه تحدثنى عن هؤلاء القوم الذين قتلهم على

_ (غريبه) (1) يحتدره أى يسقطه من عل "وقد ذكرت يحتذره كما سيلى. 339 - (تخريجه) جاء الحديث فى المسند مختصراً بهذه الصورة وقد أورده الهيثمى كاملا عن سعد ابن مالك يعنى ابن أبى وقاص انه سمع النبى صلى الله عليه وسلم وذكر يعنى ذا الثدية الذى يوجد مع أهل النهروان فقال شيطان الروهه يحتدره رجل من بجيله يقال له الاشهب أو ابن الاشهب علامة فى قوم ظلمه قال سفيان قال عمار الدهنى حين حدث جاء به رجل منا من يجيله، فقال أراه من دهن يقال له الاشهب أو ابن الاشهب. رواه أبو يعلى وأحمد باختصار والبزار ورجاله ثقات" وأورد الحافظ ابن كثير رواية الإمام احمد المختصرة وقال تفرد به أحمد وحكى البخارى عن على بن المدينى قال لم أسمع عن شعبه عن أبى سحاق عن حامد الهمدانى قال سمعت سعد بن أبى وقاص يقول "قتل على شيطان الردهة" قال الحافظ أبو بطر البيهقى يريد والله أعلم قتله أصحاب على بأمره وقال الهيثم بن عدى حدثنا اسرائيل بن يونس عن جده أبى اسحاق السبيعى عن رجل قال "بلغ سعد بن أبى وقاص أن عليا ابن أبى طالب قتل الخوارج فقال قتل على بن أبى طالب شيطان الردهة" وقال المناوى فى فتح القدير "شيطان الردهة بفتح فسكون النقرة فىلجبل يستنقع فيها الماء وقيل قله الرابية يحتذره رجل من بجيله يقال له الاشهب او ابن الاشهب راع للخيل علامة فى قوم ظلمة) قال فى مسند الفردوس يعنى ذا الثدية الذى قتله على كرم الله وجهه يوم النهروان" أهـ 340 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسحق بن عيسى الطباع حدثنى يحيى بن سليم عن عبد الله بن عثمان بن خثيم عن عبيد الله بن عياض بن عمرو القاري.

-[حديث عبد الله بن شداد وهو الحديث الجامع لقصة الخوارج]- رضي الله عنه قال ومالى لا أصدقك قالت فحدثنى عن قصتهم، قال فان عليًا رضي الله عنه لما كاتب معاوية وحكم الحكمان خرج عليه ثمانية آلاف من قراء الناس فنزلوا بأرض يقال لها حر وراء من جانب الكوفة وأنهم عبوا عليه فقالوا انسلخت من قميص ألبسكه الله تعلى واسم سماك الله تعالى به ثم انطلقت فحكمت فى دين الله فلا حكم إلا الله تعالى فلما أن بلغ عليًا رضي الله عنه ما عتبرا عليه وفارقوه عليه فأمر مؤذنا فأذن ألا يدخل على أمير المؤمنين إلا رجل قد حمل القرآن فلما أن امتلأت الدار من قراء الناس دعا بمصحف إمام عظيم فوضعه بين يديه فجعل يصكه بيده ويقول أيها المصحف حدث الناس، فناداه الناس فقالوا يا أمير المؤمنين ما تسأل عنه إنما هو مداد فى ورق ونحن نتكلم بما روينا منه فماذا تريد، قال أصاحبكم هؤلاء الذين خرجوا، بينى وبينهم كتاب الله، يقول الله تعالى فى كتابه فى امراة ورجل (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكماً من أهله وحكماً من أهلها إن يريدا اصلاحاً يوفق الله بينهما) فأمة محمد صلى الله عليه وسلم أعظم دما وحرمة من امرأة ورجل، ونقموا علىّ أن كاتبت معاوية، كتب على بن أبى طالب وقد جاءنا سهيل بن عمر ونحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية حين صالح قومه قريشًا فكتب رسول الله صلى الله عليه وسلم بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل لا تكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال كيف نكتب فقال اكتب باسمك اللهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فاكتب محمد رسول الله فقال لو أعلم أنك رسول الله لم أخالفك، فكتب هذا ما صالح محمد بن عبد الله قريشًا يقول الله تعالى فى كتابه (لقد كان لكم فى رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر) فبعث إليهم على عبد الله بن عباس رضي الله عنهم فخرجت معه حتى إذا توسطنا عسكرهم قام ابن الكواء يخطب الناس فقال يا حملة القرآن إن هذا عبد الله بن عباس رضي الله عنه فمن لم يكن يعرفه فأنا أعرفه من كتاب الله ما يعرفه به هذا ممن نزل فيه وفى قومه (قو خصمون) فردوه إلى

_ (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى البداية وقال "تفرد به أحمد وإسناده صحيح وأختاره الضياء" يعنى فى المختاره وأورده الهيثمى وقال "رواه أبوة يعلى ورواته ثقات".

-[نصب رؤوس الخوارج عند باب مسجد دمشق]- صاحبه ولا تواضعوه كتاب الله (1)، فقالم خطباؤهم فقالوا والله لنواضعه كتاب الله فإن جاء يحق نعرفه لنتبمه، وإن جاء بباطل لنبكتنه بباطله فواضعوا عبد الله الكتاب ثلاثة أيام فرجع منهم أربعة آلاف كلهم نائب فيهم ابن الكواء حتى أدخلهم على علىّ الكوفة فعبث علىّ رضي الله عنه إلى بقيتهم فقال قد كان من أمرنا وأمر الناس ما قد رأيتم فقفوا حيث شئتم حتى تجتمع أمة محمد صلى الله عليه وسلم بيننا وبينكم ألا تسفكوا دما حرامًا أو تقطعوا سبيلا لو تظموا ذمة، فإنكم إن فعلتم فقد نبذنا إليكم الحرب على سواء، إن الله لا يحب الخائنين، فقالت له عائشة رضي الله عنها يا ابن شداد فقد قتلهم، فقال والله ما بعث إليهم حتى قطعوا السبيل وسفكوا الدم واستحلوا أهل الذمة، فقالت آلله، قلا آلله أالله الذى لا إله إلا هو لقد كان، قالت فما شئ بلغنى عن أهل الذمة يتحدثونه يقولون ذو الثدى وذو الثدى، قال قد رأيته وقمت مع على رضي الله عنه عليه فى القتلى فدعا الناس فقال أتعرفون هذا فما أكثر من جاء يقول قد رأيته فى مسجد نبى فلان يصلى ورأيته فى مسجد نبى فلان يصلى ولم يأتوا فيه بثبت (2) يعرف إلا ذلك، قالت فما قول على رضي الله عنه حين قام عليه كما يزعم أهل العراق، قال سمعته يقول صدق الله ورسوله، قالت هل سمعت منه أنه قال غير ذلك، قال اللهم لا، قالت أجل، صدق الله ورسوله فيذهب أهل العراق يكذبون عليه ويزيدون عليه فى الحديث. فصل فى نصب رؤوس الخوارج عند باب مسجد دمشق 341 - عن أبى غالب قال لما أتى برؤوس الأزارقة فنصبت على درج دمشق جاء أبو أمامة (الباهلى رضي الله عنه) لما رآهم دمعت عيناه فقال كلاب النار ثلاث مرات هؤلاء شر قتلى قتلوا تحت أديم السماء وخير قتلى قتلوا تحت أديم السماء الذين قتلهم هؤلاء قال فقلت ما شأنك

_ (غريبه) (1) تواضعوا أصل المواضعة المراهنة، والمواضعة المواقعة فى الأمر على شئ تناظر فيه ويقال هلم أواضعك الرأى أى اطلعك على رأيى وتطلعنى على رأيك (تاج العروس). (2) الثبت بفتح التاء والباء الحجة والبينة. 341 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر قال سمعت أبا غالب.

-[نصب رؤوس الخوارج عند باب مسجد دمشق]- دمعت عيناك قال رحمة لهم إنهم كانوا من أهل الاسلام قال قلنا أبرأيك قلت هؤلاء كلاب النار أو شئ سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنى لجرئ بل سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مرة ولا ثنتين ولا ثلاث قال فعد مراراً. (وعنه أيضاً من طريق آخر) عن أبى امامة أنه رأى رؤسا منصوبة على درج مسجد دمشق فقال أبو أمامة كلاب النار ثلاثاً شر قتلى تحت أديم السماء، خير قتلى من قتلوه ثم قرأ {يوم تبيض وجوه وتسودّ وجوه} الآيتين قلت لأبى أمامة أسمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو لم أسمعه إلا مرتين أو ثلاثاً أو أربعاً أو خمساً أو ستاً أو سبعاً ما حدثتكم. 342 - وعن صفوان بن سليم قال دخل أبو أمامة الباهلى (رضي الله عنه) دمشق فرأى رؤوس حروراء قد نصبت فقال كلابُ النار فذكر نحوه وفيه قال فما يبكيك قال أبكى لخروجهم من الإسلام هؤلاء الذين تفرقوا واتخذوا دينهم شيعا. (وعن سيار) قال جئ يرؤس من قبل العراق فنصبت عند باب المسجد وجاء أبو أمامة فدخل المسجد فركع ركعتين ثم خرج إليهم فنظر إليهم فرفع رأسه فقال شر قتلى تحت ظل السماء ثلاثاً فذكر نحوه.

_ وعنه أيضاً (سنده) ى حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا حماد بن سلمة عن أبى غالب. (تخريجه) أورده الهيثمى عن أبى غالب بلفظ قريب وأطول من هذا وقال "رواه ابن ماجه والترمذى كلاب النار" وقال السندى فى الزوائد أن رجال الاسناد ثقات إلا أن فيه انقطاعاً ورواه الترميذى فى تفسير آية "يوم تبيض وجوه وتسود وجوه" إلى آخر الآية عن الربيع بن صبيح وحماد بن سلمة عن أبى غالب وقال "هذا حديث حسن وأبو غالب يقال اسمه حزور وأبو أمامة الباهلى صدى بن عجلان وهو سيبد باهلة". 342 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أنس بن عياض قال سمعت صفوان بن سليم. (تخريجه) رجاله ثقات. وعن سيار (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد ثنا عبد الله بن يحيى ثنا سيار. (تخريجه) رجاله ثقات.

-[قتل الإمام علي رضي الله عنه ومكان الإصابة منه]- الباب السابع فى قتل الإمام على رضي الله عنه ومكان الإصابة منه وقد أخبره النبى صلى الله عليه وسلم بذلك قبل حصوله وما فعل بقاتله 343 - حدثنا عبد الله حدثنى أبي ثنا هاشم بن القاسم ثنا محمد يعنى ابن راشد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن فضالة بن أبى عائداً لعلى بن أبى طالب رضي الله عنه من مرض أصابه ثقل منه قال فقال له أبى ما يقيمك فى منزلك هذا؟ لو أصابك أجلك لم يلك إلا أعراب جهينه، تحمل إلى المدينة فإن أصابك أجلك وليك أصحابك وصلوا عليك فقال على رضي الله عنه، إن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلى أن لا أموت حتى أؤمر ثم تخضب هذه يعنى لحيته من دم هذه يعنى هامته فقتل وقلت أبو فضالة رضي الله عنه مع على رضي الله عنه يوم صفين. 344 - وعن عمار (1) بن ياسر رضي الله عنه قال كنت أنا وعلى رفيقين فى غزوة ذات العشيرة فلما نزلها رسول الله صلى الله عليه وسلم وأيام بها رأينا ناسًا من بنى مدلج يعملون فى عين لهم فى نخل فقال لى على يا أبا اليقظان هل لك أن نأتى هؤلاء فننظر كيف يعملون فجئناهم فنظرنا إلى عملهم ساعة ثم غشينا النوم فانطلقت أنا وعلى فاضجعنا فى صور من النخل فى دقعاء من التراب فنمنا فوالله ما أهبَّنا إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم يحركنا برجله وقد تتربنا من تلك الدقعاء فيومئذ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلى يا أبا تراب لما يرى عليه من التراب، قال ألا أحدثكما بأشقي الناس رجلين قال قلنا بلى

_ 343 - (تخريجه) أورده الهيثمى وقال "رواه البزار وأحمد بنحوه ورجاله موثوقون" وأورده الحافظ بن كثير فى البداية وقال "تفرد به أحمد أيضاً وقد رواه البيهقى فى الدلائل عن الحاكم عن الأصم عن الحسن بن مكرم عن أبى النضر هاشم بن القاسم به" 344 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن بحر ثنا عيسى بن يونس ثنا محمد بن اسحق حدثنى يزيد بن محمد بن خثيم المحاربى عن محمد بن كعب القرظى عن محمد بن خثيم أبى يزيد عن عمار. (غريبه) ورد شرح هذا الحديث عند ذكره فى غزوة العشيرة صفحة 24 من الجزء 21 من هذا الكتاب

-[فصل في عدم استخلافه أحداً بعده]- يا رسول الله، قال احيمر ثمود الذى عقر الناقة، والذي يضربك يا على على هذه يعنى قرنه حتى تبل منه هذه يعنى لحيته. 345 ز- وعن زيد بن وهب قال قدم على رضي الله عنه على قوم من أهل البصرة من الخوارج فيهم رجل يقال له الجعد بن بعجة فقال له اتق الله يا على فانك ميت فقال على رضي الله عنه بل مقتول، ضربة على هذا تخضب هذه يعنى لحيته من رأسه عهد معهود وقضاء مقضى وقد خاب من افترى، وعاتبه فى لباسه فقال ما لكم وللباس؛ هو أبعد من الكبر وأجدر أن يقتدى بى المسلم. 346 - وعن أبى تحيى قال لما ضرب ابن ملجم عليًا الضربة قال لى افعلوا به كما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل برجل أراد قتله فقال اقتلواه ثم حرقوه. فصل فى عدم استخلافه أحدًا بعده 347 - عن عبد الله بن سبع قال سمعت عليًا رضي الله عنه يقول لتخضبن هذه من هذا فما ينتظر بى الأشقى؛ قالوا يا أمير المؤمنين فأخبرنا به نبير عترته قال إذًا تالله تقتلون بى غير قاتلى؛ قالوا باستخلف علينا قال لا ولكن أترككم إلى ما ترككم إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ قالوا فما تقول

_ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبرانى والبزار ورجال الجميع موثوقون إلا أن التابعى لم يسمع من عمار. 345 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى على بن حكيم الأودى أنبأنا شريك عن عثمان بن أبى زرعة عن زيد بن وهب. (تخريجه) اورده الحافظ بن كثير فى البداية عن أبى داود الطيالسى بلفظ مختصر. 346 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد ثنا شريك عن عمران بن ظبيان عن أبى تحي. (تخريجه) أوده الهيثمى وقال "رواه أحمد وفيه عمران بن ظبيان وثقه ابن حبان وغيره وفيه ضعف وبقية رجاله ثقات". 347 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا الأعمش عن سالم بن أبى الجعد عن عبد الله بن سبع.

-[خطبة الحسن بن علي بعد وفاة واله وخلافته رضي الله عنه]- لربك إذا أتيته وقال وكيع مرة إذا لقيته قال أقول اللهم تركتنى فيهم ما بدالك ثم قبضتنى إليك وأنت فيهم فإن شئت أصلحتهم وإن شئت أفسدتهم. خطبة الحسن بن على رضي الله عنهما بعد وفاه والده 348 - عن أبى اسحق عن هبيرة خطبنا الحسن بن على رضي الله عنه فقال لقد فارفكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون؛ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه بالراية جبريل عن يمينه وميكائيل عن شماله لا ينصرف حتى يفتح له. (ومن طريق آخر بنحوه) وزاد وما ترك من صفراء ولا بيضاء إلا سبعمائة درهم من عطائه كان يرصدها لخادم لأهله. أبواب خلافة الإمام الحسن بن الإمام على وابن السيدة فاطمة الزهراء بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى الله عنها وأرضاها الباب الأول فى خلافته 349 - عن زهير بن الأقمر قال بينما الجسن بن على رضي الله عنهما يخطب بعد ما قتل على رضي الله عنه إذ قام رجل من الأزد آدم طوال فقال لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم واضعه في حبوته (يعني

_ (تخريجه) أورده البيهقي وقال "رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير عبد الله بن سبيع وهو ثقة ورواه البزار باسناد حسن" وقد يطلق على عبد الله بن سبع (بضم الباء) عبد الله بن سبيع بالتصغير 348 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن شريك عن أبى اسحق عن هبيرة. (تخريجه) صحيح. ومن طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن إسرائيل عن أبى اسحق عن عمرو ابن حبشى قال خطبنا الحسن ... الخ. (تخريجه) صحيح، وأورد الهيثمى الحديث عن أبى الطفيل باطول من هذا وعزاها للطبرانى فى الوسط والكبير باختصار وأبو يعلى باختصار والبزار بنحوه وقال: "ورواه أحمد باختصار كثير واسناد أحمد وبعض طرق البوار والطبرانى فى الكبير حسان". 349 - سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن زهير بن الأقمر.

-[خلافة الإمام الحسن بن علي رضي الله عنه]- الحسن) يقول من أحبّنى فليحبه فليبلغ الشاهد الغائب ولولا عزمه (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم ما حدثتكم. 350 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم المبارك ثنا الحسن ثنا أبو بكرة رضي الله عنه قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى بالناس وكان الحسن بن على رضي الله عنه يثب على ظهره إذا سجد ففعل ذلك غير مرة. (وفى رواية فيرفع (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم رفعاً رقيقاً لئلا يصرعه) فقالوا له والله إنك لتفعل بهذا شيئاً ما رأيناك تفعله بأحد قال المبارك فذكر شيئاً (وفى رواية قال إنه ريحانتى من الدنيا) ثم قال إن ابنى هذا سيد وسيصلح الله تبارك وتعالى به بين فئتين من المسلمين فقال الحسن فوالله والله بعدان وليى لم يهرق فى خلافته ملء محجحة من دم. 351 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن أبى موسى ويقال أبى موسى ويقال له اسرائيل قال سمعت الحسن قال سمعت أبا بكرة وقال سفيان مرة عن أبى بكرة رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم علىلمنبر وحسن عليه السلام معه وهو يقبل على الناس مرة وعليه مرة ويقول إن ابنى هذا سيد ولعل الهل تبارك وتعالى أن يصلح به بين فئتين من المسلمين.

_ (غريبه) عزمة رسول الله صلى الله عليه وسلم أى قوله فليبلغ الشاهد الغائب. (تخريجه) أخرجه الحاكم وأورده الهيثمى وقال "رواه أحمد وفيه من لم أعرفه". (غريبه) (1) رفع الشئ إذا أزيل عن موضعه. 350 - (تخريجه) أورده الهيثمى وقال "رواه أحمد والبزار والطبرانى ورجال أحمد رجال الصحيح غير مبارك بن فضالة وقد وثق" وأورده الحافظ بن كثير فى البداية دون جملة "أنه ريحانتى من الدنيا" وأورده الترمذى عن الحسن عن أبى بكرة بلفظ أن ابنى هذا سيد يصلح الله على يديه فئتين عظيمتين "وقال هذا حديث حسن صحيح يعنى الحسن بن على". 351 - (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى البداية وقال "قال البخارى" قال لى على بن المدينى إنما ثبت عندنا سماع الحسن بن أبى بكرة بهذا الحديث قلت وقد روى هذا الحديث البخارى فى كتاب الفتن عن على بن عبد الله -وهو ابن المدينى- وفى فضائل الحسن عن صدقة بن الفضيل ثلاثتهم عن سفيان. ورواه أحمد عن سفيان -وهو ابن عينيية- عن اسرائيل بن موسى البصرى به، وأخرجه

-[محبة النبي صلى الله عليه وسلم إياه وحبه من أحبه]- (ومن طريق آخر) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مؤمل ثنا حماد بن زيد ثنا على بن زيد عن الحسن عن أبى بركة صلى الله عليه وسلم قال بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم يخطب إذ جاء الحسن ابن على فصعد إليه المنبر فضمه النبى صلى الله عليه وسلم إليه ومسح على رأسه وقال ابنى هذا سيد ولعل الله أن يصلح على يديه بين فئتين عظيمتين من المسلمين. البال الثانى فى مناقبه غر ما تقدم فى مناقب آل البيت وفيه فصول (الفصل الأول فى محبة النبى صلى الله عليه وسلم إياه وحبه من أحبه) 352 - عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لحسن اللهم انى أحبه فأحبه وأحب من يحبه. 353 - وعنه أيضاً قال كنت مع النبى صلى الله عليه وسلم فى سوق من أسواق المدينة فانصرف وانصرفت معه فجاء إلى فناء فاطمة رضي الله عنها فنادى الحسن فقال أي لكع أى لكع قاله ثلاث مرات فلم يجبه أحد قال فانصرف وانصرفت معه قال فجاء إلى فناء عائشة رضي الله عنها فقعد قال فجاء

_ أحمد وأبو داود والنسائى من حديث حماد بن زيد عن على بن زيد عن الحسن البصرى به. ورواه أبو داود أيضاً والترمذى من طريق اشعث هن الحسن به وقال الترمذى حسن صحيح، وقد رواه النسائى من طريق عوف الأعرابى وغيره عن الحسن البصرى مرسلا وقال الحافظ بن عساكر رواه جماعة عن الحسن منهم أبو موسى اسرائيل ويونس بن عبيد ومنصور بن زادان وعلى بن زيد وهشام ابن حسان واشعث بن سوار والمبارك بن فضالة وعمرو بن عبيد القدرى ثم شرع ابن عساكر فى تطريق هذه الروايات كلها فأفاد وأجاد". 352 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان حدثنى عبيد الله بن أبى يزيد عن نافع ابن جبير عن أبى هريرة. (تخريجه) رواه ابن ماجه من هذا الطريق بإضافة "قال وضمه إلى صدره" وأورده الحاكم فى المستدرك عن طريق محمد بن سيرين عن أبى هريره مطولا بلفظ "اللهم إنى أحبه فأحبه" وقال هذا حديث صحيح الأسناد ولم يخرجاه واقره الذهبى. 353 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النصر ثنا ورقاء عن عبيد الله بن أبى يزيد عن نافع بن جبير بن مطعم عن أبي هريرة.

-[محبة النبي صلى الله عليه وسلم إياه وحبه من أحبه]- الحسن بن علي قال أبو هريرة ظننت أن أمه حبسته لتجعل فى عنقه السِّخاب فلما جاء التزمه رسول الله صلى الله عليه وسلم والتزم هو ورسول الله صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم قال اللهم انى أحبه فأحبه وأحب من يحبه ثلاث مرات. (وعنه من طريق آخر) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى سوق بنى قينقاع متكئاً على يدى فطاف فيها ثم رجع فاحتبى فى المسجد وقال أين لكاع ادعو لى لكاعا فجاء الجسن عليه السلام فاشتد حتى وثب فى حبوته فأدخل فمه فى فمه ثم قال اللهم إنى أحبه فأحبه وأحب من يحبه ثلاثاً قال أبو هريرة ما رأيت الحسن إلا فاضت عينى أو دمعت عينى أو بكت شك الخياط (الراوى). 354 - وعن معاوية بن أبى سفيان قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمص لسانه أو قال شفته يعنى الحسن بن على وأنه لن يعذب لسان أو شفتان مصهما رسول الله صلى الله عليه وسلم. 355 - وعن عمير بن اسحق قال كنت مع الحسن بن على رضي الله عنهما فلقينا أبو هريرة

_ (غريبه) (1) السخاب هو خيط ينظم خيط فيه خرز ويلبسه الصبيان والجوارى وقيل قلادة تتخذ من قرنفل ومحلب ومسك ونحوه. (تخريجه) أورده مسلم بلفظ قريب وأورد البخارى متن الحديث "اللهم إنى أحبه فأحبه" عن البراء. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حماد الخياط ثنا هشام بن سعد عن نعيم بن عبد الله المجمر عن أبى هريرة. (تخريجه) أورد الحاكم فى المستدرك هذه الرواية بلفظ قريب عن حسين، وليس الحسن وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبى. وأورد الحافظ بن كثير الروايتين. وقال عن الثانية: وهذا على شرط مسلم ولم يخرجوه وأورد روايات أخرى عديدة عن أبى هريرة وعن عائشة. 354 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم بن القاسم ثنا جرير عن عبد الرحمن بن عوف الجرشى عن معاوية. (تخريجه) أورده الهيثمى وقال "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن أبى عوف وهو ثقة" وأورده الحافظ بن كثير فى البداية وقال تفرد به أحمد. 355 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن أبى عدى عن ابن عوف عن عمير ابن اسحق. (تخريجه) أورده الهيثمى بلفظ قريب وقال "رواه أحمد والطبرانى إلا أنه قال فكشف عن بطنه ووضع يده على سرته" ثم قال "وردالهما رجال الصحيح غير عمير بن اسحق وهو ثقة" ورواه

-[فصل في أن الحسن بن على رضي الله عنهما كان يسبه النبى صلى الله عليه وسلم]- رضي الله عنه فقال أرنى أقبل منك حيث رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل فقال بقميصه (1) قال فقبل سرته. فصل فى أن الحسن بن على رضي الله عنهما كان يشبه رسول الله صلى الله عليه وسلم 356 - عن عاصم بن كليب قال حدثنى أبى أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من رآنى فى المنام فقد رآنى فإن الشيطان لا يتمثل بى قال عاصم قال أبى فحدثنيه ابن عباس فأخبرته أنى قد رأيته قال رأيته قلت أى والله لقد رأيته قال فذكرت الحسن بن على قال إلى والله قد ذكرته ونعته فى مشيته قال فقال ابن عباس إنه كان يشبهه. 357 - وعن عقبة بن الحرث قال خرجت مع أبى بكر الصديق رضي الله عنه من صلاة العصر بعد وفاة النبى صلى الله عليه وسلم بليال وعلى عليه السلام يمشى إلى جنبه فمر بحسن بن على يلعب مع غلمان فاحتمله على رقبته وهو يقول: بأبى شبه النبى ... ليس شبيهاً بعلى قال وعلى يضحك 358 - وعن أبى جحيفة رضي الله عنه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان أشبه به الحسن بن علي.

_ في المستدرك من طريق أزهر بن سعد السمان حدثنا ابن عون عن محمد عن أبى هريرة وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبى. (1) فى إحدى النسخ بالقميصة ولعلها الأصح. 356 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا عبد الواحد ثنا عاصم بن كليب. (تخريجه) أورده الهيثمى مختصراً وقال "رواه الطبرانى ورجاله ثقات إلا أن كليبا لا أعرف له سماعاً من الصحابة". 357 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير ثنا عمر بن سعيد عن ابن أبى مليكة أخبرنى عقبة بن الحرث. (تخريجه) أورده الحاكم مختصراً وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبى". 358 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا اسماعيل يعنى ابن أبي خالد حدثني

-[إشتراك الحسن والحسين رضي الله عنهما من المناقب]- 359 - وعن ابن أبي مليكة قال كانت فاطمة (بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنها) تنقز (1) الحسن بن على وتقول: بأبى شبه النبى ... ليس شبيهاً بعلى 360 - وعن على رضي الله عنه قال الحسن أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين الصدر إلى الرأس والحسين أشبه الناس بالنبى صلى الله عليه وسلم ما كان أسفل من ذلك. البال الثالث فيما اشترك فيه الحسن والحسين رضي الله عنهما من المناقب 361 - عن أبى هريرة رضي الله عنه قالخرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه حسن وحسين هذا

_ أبو جحيفة اورده الحاكم بلفظ قريب وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبى. وقال الحافظ بن كثير فى البداية وروى عن سفيان الثورى وغير واحد قالوا ثنا وكيع ثنا اسماعيل بن أبى خالد سمعت أبا جحيفة يقول "رأيت النبى صلى الله عليه وسلم وكان الحسن بن على يشبهه" ورواه البخارى ومسلم من حديث اسماعيل بن أبى خالد وقال وكيع لم يسمع اسماعيل من أبى جحيفة إلا هذا الحديث". (تخريجه) أبو جحيفة هو وهب بن عبد الله ويقال وخب بن وهب بن وخب وهو وهب الخير السوائى قال ابن الأثير فى أسد الغابة "كان من صغار الصحابة. ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توفى وأبو جحيفة لم يبلغ الحلم، ولكنه سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وروى عنه وجعله على بن أبى طالب ببيت المال بالكوفه وشهد معه مشاهده كلها وكان يحبه ويثق إليه ويسميه وهب الخير، ووهب الله أيضاً. 359 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو داود الطيالسى ثنا زمعة عن ابن أبى مليكة. (غريبه) (1) تنقز أى تثب وقد نقز وأنقز إذا وثب كما جاء فى النهاية وهى هنا بضيغة المعدى. (تخريجه) قال الهيثمى "رواه أحمد وهو مرسل وفيه زمعة بن صالح وهو لين" 360 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى لأبى حدثنا حجاج حدثنى اسرائيل عن أبى اسحق عن هانئ عن على. (تخريجه) أورده الهيثمى بلفظ "اشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين رأسه إلى نحره الحسن، وقال رواه الطبرانى واسناده جيد، وقال الحافظ بن كثير "رواه الترمذى من حديث اسرائيل وقال حسن عريب

-[إشتراك الحسن والحسين رضي الله عنهما من المناقب]- على عاتقه وهذا على عاتقه وهو يلثم هذا مرة ويلثم هذا مرة حتى انتهى إلينا فقال له رجل يا رسول الله إنك تحبهما فقال من أحبهما فقد أحبنى ومن أبغضهما فقد أبغضنى. 362 - وعنه أيضاً قال كنا نصلى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العشاء فإذا سجد وثب الحسن والحسين على ظهره فإذا رفع رأسه أخذهما بيده من خلفه أخذاً رفيقاً ويضعهما على الأرض فإا عاد عادا حتى قضى صلاته أقعدهما على فخذيه قال فقمت إليه فقلت يا رسول الله أردهما فبرقت برقة فقال الحقا بأمكما قال فمكث ضوؤها حتى دخلا (زاد فى رواية) حتى دخلا على أمهما. 363 - وعن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة. 364 - وعن يعلى العامرى انه جاء حسن وحسين رضي الله عنهما يستبقيان إلى رسول الله

_ 361 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبا ثنا بن نمير قال أنا حجاج يعنى ابن دينار عن جعفر ابن اياس عن عبد الرحمن بن مسعود عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الحاكم فى المستدرك وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبى وقال الحافظ بن كثير تفرد به أحمد. 362 - وعنه أيضاً (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسود بن عامر ثنا كامل وأبو المنذر ثنا كامل أبو كامل قال أيود قال أنا المعنى عن أبى صالح عن أبى هريرة. زاد فى رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد باسناده عن أبى صالح ثنا أبو هريرة قال. (تخريجه) أورده الهيثمى وقال "رواه أحمد والبزار باختصار وقال فى ليله مظلمة ورجال أحمد ثقات". 363 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن عبد الزبيرى ثنا يزيد بن مردانية قال حدثنابن أبى نعم عن أبى سعيد الخدرى. (تخريجه) رواه الترمذى وقال "هذا حديث حسن صحيح" ورواه ابن ماجه فى المقدمة عن ابن عمر بزيادة "وأبوهما خير منهما". وابن أبى نعم هو عبد الرحمن بن أبى نعم البجلى الكوفى ويكنى أبا الحكم. 364 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن أبى راشد عن يعلى العامري

-[وفاة الإمام الحسن بن على وخلافة معاوين بن سفيان]- صلى الله عليه وسلم فضمهما إليه وقال إن الولد مبخلة مجبنة وإن آخر وطأة وطئها الرحمن عز ودجل بوج (1). البال الرابع فى وفاة الإمام الحسن بن على رضي الله عنهما وبموته انتهت مدة الخلفاء الراشدين كما أخبر بذلك الصادق الأمين صلى الله عليه وسلم 365 - عن خالد بن معدان قال وفد المقدام بن معد يكرب وعمرو بن الأسود إلى معاوية فقال معاوية للمقدام أعلمت أن الحسن بن على توفى فردّع (2) المقدام، فقال له معاوية أتراها مصيبة؟ فقال ولم لا أراها مصيبة وقد وضعه رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حجره وقال هذا منى وحسين من على (رضى الله تعالى عنهما). أبواب خلافة معاوية بن أبى سفيان الباب الأول فى خلافته 366 - عن أبى أمية بن يحيى بن سعيد قال سمعت جدي يحدث أن معاوية أخذ الادواة بعد أبى هريرة يتبع رسول الله صلى الله عليه وسلم بها واشتكى أبو هريرة فبينا هو يوضئ رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع

_ (غريبه) (1) وج موضع بناحية الطائف ومنه الحديث آخر وطأة الخ أى آخر أخذه ووقعة أوقعها بالكفار كانت بوج ونقل عن الحافظ عبد العظيم المنذرى فى معنى الحديث أى آخر غزوة وطأ الهل بها أهل الشرك غزوة الطائف بأثر فتح مكة" تاجالعروي ج 2 ص 110. (تخريجه) رواه ابن ماجه فى كتاب الأدب بدون "إن آخر وطأة وطئها الرحمن عز وجل بوج" وقال فى الزوائد اسناده صحيح ورجاله ثقات. 365 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حيوة بن شريح ثنا بقية ثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان. (غريبه) فرجع أى قال انا لله وإنا إليه راجعون. (تخريجه) أورده أبو داوود مطولا فى كتاب اللباس (باب 42) وأخرجه النسائى مختصراً وفى اسناده بقية بن الوليد وقد صرح فى رواية المسند بالتحديث وأورده الحافظ بن كثير مختصراً وقال فيه نكارة لفظاً ومعنى. 366 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا روح قال ثنا أبو أمية عمرو بن يحيى بن سعيد قال سمعت جدي يحدث.

-[مناقب معاوية بن سفيان]- رأسه إليه مرة أو مرتين فقال يا معاوية إن وليت أمرًا فاتق الله عز وجل واعدل قال فما زلت أظن أني مبتلي بعمل لقول النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى ابتليت. الباب الثاني في مناقبة 367 - عن العرباض بن سارية السلمي قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه سولم) وهو يدعونا إلى السحور في شهر رمضان هلموا إلى الغداء المبارك ثم سمتعته يقول اللهم علم معاوية الكتاب والحساب وقه العذاب 368 - وعن عبد الرحمن بن أبي عميرة الأزدى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه ذكر معاوية وقال اللهم أجعله هاديًا مهديًا واهد به.

_ (تخريجه) قال الهيثمي في مجمع الزوائد رواه أحمد وهو مرسل ورجاله رجال الصحيح ورواه أبو يعلي عن سعيد عن معاوية فوصله ورجاله رجال الصحيح ورواه الطبراني باختصار عبد الملك بن عمير عن معاوية وفيه إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر- وفيه ضعف عن عبدا لملك بن عمير وقال البيهقي وله شواهد من وجوه أخرى منها حديث عمرو بن يحيي بن سعيد بن العاص، أي هذا الحديث. 367 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن معاوية يعني ابن صالح عن يونس بن سيف عن لحرث بن زياد عن أبى رهم عن العرباض بن سارية. (تخريجه) أورده الهيثمي وقال "رواه البزار وأحمد في حديث طويل، والطبراني وفيه الحرث ابن زياد ولم أجد من وثقه، ولم يرو عنه غير يونس بن سيف وبقية رجاله ثقات وفي بعضهم خلاف، وقال الحافظ بن كثير "تفرد به أحمد" وأورد روايات أخرى عديدة بهذا المعني وقال، وقد أرسله غير واحد من التابعين". 368 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا على بن بحر ثنا الوليد بن مسلم ثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن عبد الرحمن بن أبي عميرة. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير وقال، وهكذا رواه الترمذي عن محمد بن يحيي عن أبي مسهر عن سعيد بن عبد العزيز به وقال حسن غريب، وروي شواهد أخرى له وقال، وقد اعتني ابن عساكر بهذا الحديث وأصب فيه وأطيب وأطرب وأفاد وأجاد وأحسن الانتقاد الخ ... ".

-[شيء من أخباره وخطبة وحجه]- الباب الثالث في شيء من أخباره وخطبه وحجه 369 - عن سعيد بن المسيب أن معاوية دخل على عائشة فقالت له أما خفت أن أقعد لك رجلاً فيقتلك فقال ما كنت لتفعليه وأنا في بيت أمان وقد سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول الإيمان قيد الفتك، كيف أنا بالذي بيني وبينك وفي حوائجك قالت صالح، قال فدعينا وإياهم حتى نلقي ربنا عز وجل. 370 - وعن أبى عبد ربه قال سمعت معاوية يقول على هذا المنبر سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن ما بقى من الدنيا بلاء وفتنة وإنما مثل عمل أحدكم كمثل الوعاء إذا طاب أعلاه طاب أسفله وإذا خبثت أعلاه خبث أسفله. 371 - وعن أبى عامر عبد الله بن لحي قال حجبنا مع معاوية بن أبي سفيان فلما قدمنا مكة قام حين صلى صلاة الظهر فقال إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال إن أهل الكتاب افترقوا في دينهم

_ 369 - (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمه قال أنا على بن زيد عن سعيد بن المسيب. (تخريجه) أورد السيوطي من الحديث في الجامع الصغير عن معاوية وقال المناوي وسبب أنه دخل على عائشة فقالت أقتلت حجرًا وأصحابه يا معاوية ما أمنك أن يقعد لك رجلاً يفتك بك فقال معاوية إني في بيت أمان وقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إلى آخر الحديث، وقال وسنده جيد ليس فيه إلا أسباط به الهمذاني وإسماعيل بن عبد الرحمن السدي وقد خرج لهما مسلم- وأورده الحافظ بن كثير في البداية بلفظ قريب. 370 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على أبن أسحق أن عبد الله بن المبارك قال أنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثني أبو عبد ربه. (تخريجه) رواه ابن ماجه عن غياث بن جعفر الرحبي، أنبأنا الوليد بن مسلم سمعت أبن جابر يقول قال سمعت ابا عبد ربه يقول سمعت معاوية يقول سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول "لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة وقال في الزوائد إسناده صحيح- ورجاله ثقات، ورواء ابن ماجة أيضًا عن عثمان بن إسماعيل من عمران الدمشقي الوليد بن مسلم ثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني أبو عبد رب بلفظ قريب وقال في الزوائد في إسناده عثمان بن إسماعيل، لم أر من تكلم فيه، وباقي رجال الإسناد موثقون". 371 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو المغيرة قال ثنا صفوان قال حدثني أزهر ابن عبد الله الهوزني قال أبو المغيرة في موضع آخر الحرزاي عن أبي عامر.

-[غزوة القسطنطينية وخلافة يزيد بن معاوية وخلع بعض الناس هذه البيعة]- على ثنتين وسبعين ملة، وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة يعني الأهواء كلها في النار إلا واحدة وهي الجماعة وأنه سيخرع في أمتي أقوام تجاري (1) بهم تلك الأهواء كما يتجاري الكلب بصاحب لا يبقي منه عرق ولا مفصل إلا دخله، والله يا معشر العرب لئن لم تقوموا بما جاء به نبيكم (صلى الله عليه وسلم) لغيركم من الناس أحرى أن لا يقوم به. فصل ومما حصل في خلافته غزو القسطنطينية 372 - عن عبد الله بن بشر الخثعمي عن أبيه (بشر بن سحيم رضي الله عنه) أنه سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول لتفتحن القسطنيطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش قال فدعاني مسلمة بن عبد الملك فسألني فحدثه فغزا القسطنطينية. أبواب خلافة يزيد بن معاوية وما حدث في مدته الباب الأول في البيعة ليزيد وخلع بعض الناس هذه البيعة وما قاله ابن عمر رضي الله عنهما 373 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا إسماعيل حدثني صخر بن جويرية عن نافع قال لما خلع الناس يزيد بن معاوية جمع ابن عمر بنيه وأهله ثم تشهد ثم قال أما بعد فأنا قد بايعنا هذا الرجل على بيع الله ورسوله، وإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن الغادر ينصب له لواء يوم القيامة يقال هذه غدرة فلان وإن من أعظم الغدر أن لا يكون الإشراك بالله تعالى أنّ يبايع رجل رجلاً.

_ (غريبه) (1) بحذف إحدى التأمين أي تدخل وتسري. (تخريجه) رواه أبو داود عن هذا الطريق حتى كلمة الجماعة، وقال "زاد ابن يحيي وعمرو في حديثهما "وأنه سيخرج من أمتي أقوام تجاري بهم تلك الأهواء كما يتجاري الكلب بصاحب" قال عمرو "الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله". 372 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الله بن محمد بن أبي شيبة وسمعته أنا من عبد الله ابن محمد بن أبي شيبة قال ثنا زيد بن الحباب قال حدثني الوليد بن المغيرة المعافري قال حدثني عبد الله بن بشر. (تخريجه) أورده الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي

-[الأخبار الواردة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في مقتل الحسين]- على بيع الله ورسوله (صلى الله عليه وسلم) ثم ينكث بيعته، فلا يخلعن أحد منكم يزيد ولا يشرفن (1) أحد منكم في هذا الأمر فيكون (صلى الله عليه وسلم) بيني وبينه. الباب الثاني من أسوأ الحوادث في مدتها وأفظعها قتل الإمام أبى عبد الله الحسين بن الإمام على رضي الله عنهما وأين بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فاطمة الزهراء رضي الله عنها (الفصل الأول في الأخبار الواردة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في مقتل الحسين، ومكان قتله قبل حصوله، وحزنه (صلى الله عليه وسلم) 374 - عن عبد الله بن نجي عن أبيه أنه سار مع على رضي الله عنه وكان صاحب مطهرته فلما حاذي نينوي وهو منطلق إلى صفين فنادي على رضي الله، أصبر أبا عبد الله، أصبر أبا عبد الله بشط الفرات، قلت وما ذاك، قال دخلت على النبي (صلى الله عليه وسلم) ذات يوم وعيناه تفضيان، قلت يا نبي الله أغضبك أحد؟ وما شأن عينيك تفضيان؟ قال بل قام من عندي جبريل قبل فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات، قال فقال هل لك إلى أن أشمك من تربته؟ قال قلت نعم فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها لم أملك عيني أنا فاضتا. 375 - وعن ثابت عن أنس بن مالك أن ملك المطر استأذن ربه أن يأتي النبي (صلى الله عليه وسلم) فأذن له

_ (غريبه) (1) أي لا يظهرن ولا يعلون فيه ولا يتطلعون إليه 373 - (تخريجه) إسناده صحيح، وقد روي الترمذي المرفوع من الحديث من طريق إسماعيل بن إبراهيم عن صخر بن جويرية وقال "وفي الباب عن على وعبد الله بن مسعود وأبى سعيد الخدري وأنس، قال أبو عيسي هذا حديث حسن صحيح، ورواه مسلم والبخاري بمعناه. 374 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن عبيد ثنا شرحبيل بن مدرك عن عبد الله أبن نجي. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في البداية وقال تفرد به أحمد وأورده الهيثمي وقال "رواه أحمد وأبو يعلي والبزار والطبراني ورجاله ثقات ولم ينفرد نجي بهذا". وعبد الله بن نجي (بالتصغير) بن سلمة الحضرمي ثقة. 375 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا مؤمن ثنا عمارة بن زا ذان ثنا ثابت عن أنس بن مالك.

-[قتل الحسين رضي الله عنه وما فعله ابن زياد برأسه]- فقال لأم سلمة أملكي علينا الباب لا يدخل علينا أحد، قال وجاء الحسين ليدخل فمنعته فوثب فدخل فجعل يقعد على ظهر النبي (صلى الله عليه وسلم) وعلى منكبه وعلى عاتقه، قال فقال الملك للنبي (صلى الله عليه وسلم) أتحبه؟ قال نعم قال أما إن أمتك ستقتله وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه، فضرب بيده فجاء بطينه حمراء فأخذتها أم سلمة فصرتها في خمارها قال قال ثابت بلغنا أنها كربلاء. 376 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع قال حدثني عبد الله بن سعيد عن أبيه عن عائشة أو أم سلمة قال وكيع شك هو يعني عبد الله بن سعيد أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال لإحداهما لقد دخل على البيت ملك لم يدخل على قبلها فقال لي إن أبنك هذا حسين مقتول وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها قال فأخرج تربة حمراء. الفصل الثاني في قتل الحسين رضي الله عنه وما فعل ابن زياد برأسه 377 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال أتى عبيد الله بن زياد برأس الحسين رضي الله تعالى عنه فجعل في طست فجعل ينكت عليه وقال في حسّه شيئًا فقال أنس إنه كان أشبههم برسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان مخضوبًا بالوسمة (1).

_ (تخريجه) أورده الهيثمي بلفظ قريب قريب وقال "رواه أحمد وأبو يعلي والبزار والطبراني بأسانيد وفيها عماره بن زاذان وثقة جماعة وفيه ضعف وبقية رجال أبى يعلي رجال الصحيح". 376 - (تخريجه) قال الهيثمي "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح" وأورده الحافظ بن كثير في البداية وقال "وقد روي هذا الحديث من غير وجه عن أم سلمة ورواه الطبراني عن أبي إمامة وفيه قصة أم سلمه، ورواه محمد بن سعد عن عائشة بنحو رواية أم سلمة فالله أعلم، وروى ذلك من حديث زينب بن جحش ولبابة أم الفضل امرأة العباس وأرسله غير واحد من التابعين. 377 - (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا حسين ثنا جرير عن محمد عن أنس. (غريبة) (1) الوسمة بكسر السين وقد تسكن نبت وقيل شجر باليمن يخضب بورقة الشعر أسود، أورده في النهاية. (تخريجه) وأورده الحافظ بن كثير في البداية وقال "رواه البخاري في المناقب عن محمد بن الحسن بن إبراهيم - هو ابن إشكاب- عن حسين بن محمد عن جرير بن حازم عن محمد بن سيرين عن أنس

-[رؤيا ابن عباس ونعي الحسين رضي الله عنه ووقع خبر نعيه على الناس]- الفصل الثالث في رؤيا ابن عباس رضي الله عنهما يوم قتل الحسين رضي الله عنه 378 - عن ابن عباس قال رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) فيما يري النائم بنصف النهار وهو قائم أشعث أغبر بيده قاروروة فيها دم فقلت بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما هذا قال هذا دم الحسين وأصحابه لم أزل التقطه منذ اليوم فأحصينا ذلك اليوم فوجوده قتل في ذلك اليوم. الفصل الرابع في نعي الحسين رضي الله عنه ووقوع خبر نعيه على الناس، وكلامهم في أهل العراق، وتاريخ مقتله 379 - عن شهر بن حوشب قل سمعت أم سلمة زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) حين جاء نعى الحسين ابن علي لعنت أهل العراق فقالت قتلوه قتلهم الله غروه وذلوه لعنهم الله فأتى رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) جاءته فاطمة غدية ببرمة قد صنعت له فيها عصيدة تحمله في طبق لها حتى وضعتها بين يديه فقال لها أين ابن عمك؟ قالت هو في البيت قال فاذهبي وائتني بابنيه قالت فجاءت تقود ابنيها كل واحد منها بيد وعلىّ يمشي في أثرهما حتى دخلوا على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فأجلسهما في حجرة وجلس عليّ عن يمينه وجلست فاطمة عن يساره، قالت أم سلمة فاجتبذ من تحتي كساء خبيريًا كان بساطًا لنا على المنامة في المدينة فلفه النبي (صلى الله عليه وسلم) عليهم جميعًا فأخذ بشماله طرفي الكساء وألوى بيده اليمني إلى ربه عز وجل، قال اللهم أهلي أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيرًا اللهم أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهورهم تطهيرًا، اللهم أهل بيتي أذهب عنهم الرجس وطهرهم

_ فذكره وقد رواه الترمذي من حفصة بنت سيرين عن أنس وقال حسن صحيح وفيه "فجعل ينكت بقضيب في أنفه ويقول ما رأيت مثل هذا حسنًا. 378 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا حماد هو ابن سلمة أنا عمار عن ابن عباس (تخريجه) قال الهيثمي "رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال، وقال ابن كثير في البداية "تفرد به وإسناده قوى". 379 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم ثنا عبد الحميد يعني ابن بهرام قال حدثني شهر بن حوشب. (تخريجه) تقدم هذا الحديث في ص 237 من الجزء الثان عشر من هذا الكتاب في تفسير آية

-[رؤيا ابن عباس ونعي الحسين رضي الله عنه ووقع خبر نعيه على الناس]- تطهيرًا، قلت يا رسول الله ألست من أهلك قال بلى فادخلي في الكساء قالت فدخلت في الكساء بعد ما قضي دعاءه لابن عمه على ابني وابنته فاطمة رضي الله عنهم. 380 - عن عبد الله بن عمر وسأله رجل عن شيء قال شعبة (أحد الرواة) وأحسبه عن المحرم يقتل الذباب فقال عبد الله أمل العراق يسألون عن الذباب وقد قتلوا ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وقد قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هما ريحانتي من الدنيا. 381 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا داود بن عمر ثنا نافع بن عمر بن جميل الجمحي قال رأيت عطاء بن أبي مليكه وعكرمة بن خالد يرمون الجمرة قبل الفجر يوم النحر فقال له أبى يا أبا سليمان في أي سنة سمعت من نافع بن عمر قال سنة تسع (1) وستين، سنة وقعة الحسين. الفصل الخامس فيما جاء في مناقب الحسين رضي الله عنه غير ما تقدم 382 - عن سعيد بن أبى راشد عن يعلي العامري أنه خرج مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى طعام

_ "إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت" كما وردت روايات أخرى صفحتي 131 و 132 من الجزء الثاني والعشرين من هذا الكتاب. 380 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن أبى يعقوب سمعت أبن أبى نعيم سمعت عبد الله بن عمر. (تخريجه) رواه البخاري من طريق غندر عن شعبة ومن طريق مهدي بن ميمون عن أبى يعقوب ورواه الترمذي وقال حديث صحيح، وقد رواه شعبه عن محمد بن أبى يعقوب، وابن أبى نعيم صحته أبن أبى نعم كما جاء في البخاري والترمذي. 381 - (تخريجه) ذكر الهيثمي في مجمع لزوائد أن الحسين قتل سنة إحدى وستين لعشر ليالي خلون من المحرم يوم عاشوراء وهو ابن ثمان وخمسين وقال الحافظ بن كثير في البداية "وكان مقتل الحسين رضي الله عنه يوم الجمعة يوم عاشوراء من المحرم سنة إحدى وستين وقال هشام بن الكبي سنة ثنتين وستين وبه قال على بن المديني وقال بز لهيعة سنة ثنتين أو ثلاث وستين وقال غيره سنة ستين والصحيح الأول .. 382 - (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعيد بن أبي راشد.

-[وقعة الحرة في مدة يزيد عن معاوية]- دُعوا له قال فاستمثل (وفي رواية فاستقبل) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمام القوم وحسين مع غلمان يعلب فأراد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يأخذه قال فطفق الصبي ههنا رة وههنا مرة فجعل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يضاحكه حتى أخذه قال فوضع إحدى يديه قفاه والأخرى تحت ذقنه فوضع فاه على فيه فقبله وقال حسين مني وأنا من حسين أحب الله من أحب حسينًا حسين سبط من الأسباط. الباب الثالث في وقعة الحرة وهي من أفظع الحوادث أيضًا في مدة يزيد بن معاوية 383 - عن أبى سعيد مولى المهري أنه جاء أبا سعيد الخدري ليالي الحرة فاستشاره في الجلاء من المدينة وشكا إلهي أسعارها وكثرة عياله وأخبره أنه لا صبر له على جهد المدينة فقل ويحك لا آمرك بذلك، إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لا يصبر أحد على جهد المدينة ولاوأنها فيموت إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة إذا كان مسلمًا. 384 - وعن زيد بن أسلم عن جابر بن عبد الله أن أميرًا من أمراء الفتنة قدم المدينة وكان قد ذهب بصر جابر فقيل لجابر لو تنحيت عنه فخرج يمشي بن أبنية فنكب فقال تعس من أخاف

_ (تخريجه) أورد الترمذي متن الحديث وقال هذا حديث حسن وإنما نعرهف من حديث عبد الله ابن عثمان بن خيثم وقد رواه غير واحد عن عبد الله بن عثمان بن خيثم، ورواه ابن ماجه من المقدمة. 383 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حجاج حدثنا ليث وثنا الخزاعي أنا ليث حدثني سعيد بن أبى سعيد عن أبى سعيد. (تخريجه) أخرجه مسلم عن طريق قتيبة بن سعيد حدثنا ليث عن سعيد الخ .. وأورد الترمذي متن الحديث عن ابن عمر وقال "وفي الباب عن أبى سعيد وسفيان بن أبى زهير وسبيعه إلا سلمية". 384 - (سنده) حدثنا عبد الله أبى حدثنا على بن عياش حدثنا محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم. (تخريجه) رواه الحافظ بن كثير في البداية عن الدارقطني ثنا على بن أحمد بن القاسم ثنا أبى ثنا سعيد بن عبد الحميد بن جعفر ثنا أبو زكريا يحيي بن عبد الله بن يزيد بن عبد الله بن أنيس الأنصاري عن محمد وعبد الرحمن ابني جابر بلفظ قريب وقال قال الدارقطني تفرد به سعد بن عبد العزيز لفظًا وإسنادًا".

-[بعث يزيد وعماله البعوث إلى مكة]- رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال ابناه أو أحدهما يا أبت وكيف أخاف رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وق مات؟ قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبيّ. 385 - وعن أسامة بن زيد أن النبي (صلى الله عليه وسلم) أشرف على أطم من آطام المدينة فقال هل ترون ما أرى إني لأرى مواقع الفتن خلال بيوتكم كمواقع القطر. فصل منه في تسيير جيش الحرة إلى مكة لقتال ابن الزبير وحرقهم الكعبة 386 - عن ميمونة (زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) قالت قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذات يوم كيف أنتم إذا مرج الدين وظهرت الرغبة واختلف الأخوان وحرق البيت العتيق. الباب الرابع في بعث يزيد وعماله البعوث إلى مكة لمحاربه ابن الزبير وإخضاعه الزبير فلما قدمت المدينة دخلت على فلان سمي زياد اسمه (1) فقال إن الناس قد صنعوا ما صنعوا

_ 385 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن أسامة بن زيد (تخريجه) رواه البخاري وقال تابعه معمر وسليمان بن كثير عن الزهري وأخرجه مسلم من طريق أبى بكر بن أبى شيبة وعمرو الناقد وإسحاق بن إبراهيم وابن أبى عمر واللفظ لابن أبى شيبة قال اسحق أخبرنا وقال الآخرون حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن أسامة وقال وحدثنا عبد حميد أخبرنا وقال الآخرون حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن عروة عن أسامة وقال وحدثنا عبد حميد أخبرنا عبد الرازق أخبرنا معمر عن الزهري بهذا الإسناد نحوه. 386 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن عبد الله بن الزبير أبو أحمد الزبيري قال ثنا سعد بن أوس عن بلال العبسي عن ميمونة. (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني وزاد وشرف البنيان واختلف الأخوان ورجال أحد ثقات. 387 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الصمد ثنا زياد بن مسلم. (1) قيل أنه محمد بن مسلمة، وقد أورد الحافظ بن كثير الحديث في البداية والنهاية (ص 210 ج 6) ثم قال "هكذا وقع إيراد هذا الحديث في مسند محمد بن مسلمة عند الإمام أحمد، ولكن وقع إيهام أسمه وليس هو محمد بن مسلمة بل صحابي آخر، فإن محمد بن مسلمة رضي الله عنه لا خلاف عند أهل التاريخ أنه توفي فيما بين الأربعين إلى الخمسين فقيل سنة ثنتين وقيل ثلاث وقيل سبع وأربعين، ولم

-[نصيحة أبي شريح الصحابي لعمرو بن سعيد بن العاص]- فما ترى فقال أوصاني خليل أبو القاسم (صلى الله عليه وسلم) إن أدركت شيئًا من هذه الفتن فاعمد إلى أحد فاكسر به حد سيفك ثم أقعد في بيتك، قال فإن دخل عليك أحد إلى البيت فقم إلى المخدع فإن دخل عليك المخدع فاجث على ركبتيك وقل بؤبإثمي وإثمك فتكون من أصحاب النار، وذلك جزء الظالمين، فقد كسرت حد سيفي وقعدت في بيتي. فصل في نصيحة أبى شريح الصحابي رضي الله عنه لعمرو بن سعيد بن العاص الأموي الوالي على المدينة من قبل يزيد بن معاوية حينما بعث بعثا إلى مكة لمحاربة ابن الزبير بها، وعدم قبوله النصيحة 388 - حدثنا عبد اله حدثني أبى حدثنا يعقوب قال حدثنا أبى عن أبن إسحاق قال حدثني سعيد بن أبى سعيد المقبري عن أبى شرحي الخزاعي قال لما بعث عمرو بن سعيد إلى مكة بعثه يغزو ابن الزبير أتاه أبو شريح فكلمه وأخبره بما سمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم خرج إلى نادي قومه فجلس فيه فقمت إليه فجلست معه فحدث قومه كما حدث عمرو بن سعيد ما سمع من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وعما قاله عمرو بن سعيد، قال قلت هذا، إنا كنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين افتتح مكة فلما كان الغد من يوم الفتح عدت خزاعة على رجل من هذيل فقتلوه وهو مشرك (وفي رواية وكان وتوهم في الجاهلية وكانوا يطلبونه) فقام رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فينا خطيبًا فقال يا أيها الناس إن الله عز وجل حرم مكة يوم خلق السموات والأرض فهي حرام من حرام الله تعالى إلى يوم القيامة لا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الأخرى أن يسفك فيها دمًا لا يعضد بها شجرًا، لم تحلل لأحد كان قبلي ولا تحل لأحد يكون بعدي ولم تحلل لي إل هذه الساعة غضبًا على أهلها، إلا ثمّ قد رجعت كحرمتها بالأمس، غلا فليبلغ الشاهد منكم الغائب فمن قال لكم إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قد قاتل بها فقولوا إن الله عز وجل قد أحلها لرسول ولم يحللها لكم،

_ يدرك أيام يزيد بن معاوية وعبد الله بن الزبير بلا خلاف، فتعين أنه صحابي آخر خبره لمحمد بن مسلمة. (تخريجه) أورد الهيثمي حديث أبى الأشعث الصنعاني عن عبد الله بن أبى أوفى بلفظ قريب،

-[ما ورد عن النبي في جبار بني أمية]- يا معشر خزاعة وارفعوا أيديكم عن القتل فقد كثر أن يقع، لئن قتلتم قتيلاً لأدينه فمن قتل بعد مقامي هذا فأهله بخير النظرين، إن شاؤا فدم قاتله وإن شاؤا فعقله، ثم ودي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الرجل الذي قتلته خزاعة، فقال عمرو بن سعيد لأبى شريخ انصرف أيها الشيخ فنحن أعلم بحرمتها منك، أنها لا تمنع سافك دم ولا خالع طاعة ولا مانع خربة (1)، قال فقلت قد كنت شاهدًا وكنت غائبًا وقد بلّغت وقد أمرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يبلغ شاهدنا غائبنا وقد بلغتك فأنت وشأنك، قال عبد الله وجدت في كتاب أبى بخط يده. (ومن طريق آخر) حدثنا عبد الله ابى ثنا حجاج قال ثنا ليث قال حدثني سعيد بعين المقبري عن أبي شريح العدوي أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة ائذن لي أيها الامير أحدثك قولاً قام به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الغد من يوم الفتح سمعته أذناي ووعاه قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به أن حمد الله وأثنى عليه ثم قال إن مكة حرمها الله فذكره نحوه. فصل فيما ورد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) في جبار بني أمية 389 - عن علي بن زيد أخبرني من سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ليرعفن على منبرى جبار من جبابرة بن أمية يسيل رعافه قال فحدثني من رأي عمرو بن سعيد بن العاص رعف على منبر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى سال رعافه.

_ (1) (غريبه) خربة بفتح فساكن أي سرقة وبضم خاء أي فساد وبكسرها وسكون راء أصلها سرقة الإبل وتطلق على كل جناية، قاله في مجمع بحار الأنوار. 388 - (تخريجه) رواه البخاري وروي الترمذي متن الحديث بلفظ قريب وقال (هذا حديث حسن صحيح). 389 - (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا عبد الصمد ثنا حمد حدثنا على بن زيد. وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى حدثنا عفان قال ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد قال حدثني من سمع أبا هريرة يقول. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثي في البداية وقال طقلت على بن زيد بن جدعان في روايته غرابة ونكارة وفيه تشيع، وعمرو بن سعيد هذا يقال له الأشدق كان من سادات المسلمين وأشرافهم (في الدنيا لا في الدين).

-[موت يزيد بن معاوية]- وعنه أيضًا قال حدثني من سمع أبا هريرة يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ليرتقين جبار من جبابرة بني أمية على منبري هذا. فصل في ذكر عبيد الله بن زياد 390 - عن أبي العالية البراء قال أخَّر ابن زياد الصلاة فأتاني عبد الله بن الصامت فألقيت له كرسيًا فجلس عليه فذكرت له صنيع ابن زياد فعض على شفته وضرب فخدي وقال إني سألت أبا ذر كما سألتني فضرب فخدي كما ضربت على فخدك وقال إني سألت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كما سألتني فضرب فخدي كما ضربت فخذك فقال صل الصلاة لوقتها فغن أدركتك معهم فصل ولا تقل إني قد صليت ولا أصلى. الباب الخامس في موت يزيد بن معاوية 391 - عن على بن زيد عن الحسن أن الضحاك بن قيس كتب إلى قيس بن الهيثم حين مات يزيد بن معاوية، سلام عليك أما بعد فأني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسل) يقول إن بين يدي الساعة فتنًا كقطع الليل المظلم فتنًا كقطع الدخان يموت فيها قلب الرجل كما يموت بدنه يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا أو يمسي مؤمنًا ويصبح كافرًا يبيع أقوام أخلافهم ودينهم بعرض من الدنيا وإن يزيد بن معاوية قد مات وأنتم أخواننا وأشقاؤنا فلا تسبقونا حتى نختار لأنفسنا

_ 390 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن أبى العالية البراء. (تخريجه) أخرجه مسلم 391 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال أنا على بن زيد عن الحسن. (تخريجه) أورده الحافظ من كثير في البداية .. وأورده الحافظ الهيثمي وقال "رواه أحمد والطبراني من طرق فيها على بن زيد وهو سيء الحفظ وقد وثق وبقية رجال أحمد رجال الصحيح" ..

-[خلافه عبد الله ابن الزبير]- أبواب خلافة عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما بعد موت يزيد ما حدث فيها من الحوادث الباب الأول في البيعة له 392 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا إسحاق بن عيسي حدثني حماد بن سلمة عن بشر بن حرب أن أبن عمراني أبا سعيد الخدري فقال يا أبا سعيد ألم أخبر أنك بايعت أميرين من قبل أن يجتمع الناس على أمير واحد قال نعم بايعت ابن الزبير فجاء أهل الشام فساقوني إلى جيش ابن ذلجة فبايعته فقال ابن عمر إياها كنت أخاف، إياها كنت أخاف، ومد بها حماد صوته قال أبو سعيد يا أبا عبد الرحمن أو لم تسمع أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال من استطاع ألا ينام نومًا ولا يصبح صباحًا ولا يمسي مساء إلا وعليه أمير قال نعم ولكني أكره أن أبليغ أميرين من قبل أن يجتمع الناس على أمير واحد. 393 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حجاج قال ثنا شعبة عن أبى عمران قال قلت لجندب إني قد بايعت هؤلاء يعني أبن الزبير وأنهم يريدون أن أخرج معهم إلى الشام فقال أمسك فقلت أتهم يأبون فقال افتد بمالك قال قلت أنهم يأبون إلا أن أضرب معهم بالسيف قال جندب حدثني فلان أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم قال يجيء المقتول بقاتله يوم القيامة فيقول يا رب سل هذا فيم قتلني قال شعبة فأحسبه قال فيقول علام قتلته فيقول قتلته على ملك فلان قال فقال جندب فاتقها. الباب الثاني في مناقبه رضي الله عنه وتاريخ ميلاده 394 - عن هشام بن عروة عن أبيه عن أسماء (بنت أبي بكر) رضي الله عنها أنها حملت لعبد الله ابن الزبير بمكة قالت فخرجت وأنا متم فأتيت المدينة فنزلت بقباء فولدته بقباء ثم أتيت

_ 392 - (تخريجه) أورده الهيثمي وقال "رواه أحمد وبشر بن حرب ضعيف". 393 - (تخريجه) النسائي وقال الهثمي "رواه أحمد والطبراني ورجاله رجال الصحيح، وللحديث روايات متعددة بهذا المعني من طرق أخرى. 394 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبى أسامة عن هشام عن أبيه الخ.

-[خلافه عبد الله بن الزبير]- به النبي (صلى الله عليه وسلم) فوضعته في حجرة ثم دعا بتمرة فمضغها ثم تفل في فيه فكان أول ما دخل في جوفه ريق رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قالت ثم حنكة بتمرة ثم دعا له وبرك عليه وكان أول مولود ولد في الإسلام. 395 - عن عائشة رضي الله عنها قالت أتيت النبي (صلى الله عليه وسلم) بابن الزبير فحنكه بتمرة وقال هذا عبد الله وأنت أم عبد الله. 396 - وعن عروة عن أبيه قال قال عبد الله بن الزبير لعبد الله بن جعفر أتذكر يوم استقبلنا النبي (صلى الله عليه وسلم) فحملني وتركت وكان (صلى الله عليه وسلم) يستقبل بالصبيان إذا جاء من سفر. 397 - وعن عمرو بن غالب قال انتهيت إلى عائشة أنا وعمار والأشتر فقال عمار السلام عليك يا أمتاه فقالت السلام على من اتبع الهدي حتى أعادها عليها مرتين أو ثلاثًا ثم قال والله إنك

_ (تخريجه) تقدم هذا الحديث في ص 14 من الجزء الحادي والعشرين من هذا الكتاب وقال مصنفه رحمه الله في تخريجه (ق وغيرهما) أي البخاري ومسلم وغيرهما كما تكرر في ص 287 من الجزء الثاني والعشرين. 395 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الله بن محمد قال عبد الله وسمعته أنا من عبد الله ابن محمد قال ثنا حفص عن هشام بن عروة عن عباد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير عن عائشة. (تخريجه) هذا الحديث تقدم في ص 134 من الجزء 13 من هذا الكتاب وأخرجه الشيخان والإمام أحمد مطولاً من حديث أسماء وتكرر في ص 288 من الجزء الثاني والعشرين. 396 - (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا أبو اليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن هشام بن عروة عن أبيه. (تخريجه) أورده الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث لهشام بن عروة ولم يخرجاه وأقره الذهبي وقيل إسماعيل بن عباس واه في الحجازين. 397 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا ابن نمير ثنا يونس بن أبى إسحق عن أبى إسحاق عن عمرو بن غالب قال.

-[بناؤه للكعبة كما كان يرجو النبي (صلى الله عليه وسلم)]- لأمي وإن كرهت قالت من ذا معك قال هذا الأشتر قالت أنت الذي أردت أن تقتل ابن أختي قال نعم قد أردت ذلك وأراده قالت أما لو فعلت ما أفلحت أما أنت يا عمار فقد سمعت أو سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لا يحل دم امرئ مسلم إلا من ثلاثة إلا من زنا بعدها أحصن أو كفر بعد ما أسلم أو قتل نفسًا فقتل بها. وفي رواية عن عمرو بن غالب أن عائشة قلت للأشتر أنت الذي أردت قتل ابن أختي قال قد حرصت على قتله وحرص على قتلي قالت أو ما علمت ما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يحل دم رجل إلا رجل ارتد أو ترك الإسلام أو زنا بعد ما أحصن أو قتل نفسًا بغير نفس. الباب الثالث في بنائه الكعبة كما كان يرجو النبي (صلى الله عليه وسلم) 398 - عن أبي إسحاق عن الأسود قال قال لي ابن الزبير حدثني بعض ما كانت تسر إليك أم المؤمنين فرب شيء كانت تحدثك به تكتمه الناس قال قلت لقد حدثتني حديثًا حفظت أوله قالت قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لولا أن قوم حديث عهدهم بجاهلية أو قال بكفر قال يقول ابن الزبير لنقضت الكعبة فجعلت لها بابين في الأرض بابا يدخل منه وبابا يخرج منه قال أبو إسحق فأنا رأيتها كذلك.

_ وفي رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرحمن عن سفيان عن أبي إسحق عن عمرو بن غالب. (تخريجه) أخرجه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي. 398 - (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا أبو كامل قال ثنا زهير قال ثنا أبو أسحق عن الأسود والأسود هو الاسود بن يزيد بن قيس النخعي ثقة. (تخريجه) أخرجه الترمذي ومتن الحديث ثابت في الصحيحين وغيرهما من السنن وقد أشار إليه مصنف هذا الكتاب في ص 51 من الجزء الثاني عشر، وص 201 من الجزء 20.

-[بنائه الكعبة كما كان يرجو النبي (صلى الله عليه وسلم)]- 399 - وعن سعيد بن ميناء قال سمعت ابن الزبير يقول حدثتني خالتي عائشة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لها لولا أنقومك حديث عهد بشرك أو بجاهلية لهدمت الكعبة فألزقها بالأرض وجعلت لها بابين باباً شرقيًا وباباً غربيًا وزدت فيها من الحجر ستة أذرع فإن قريشًا اقتصرتها حين بنت الكعبة. 400 - وعن ابن أبى مليكة عن عائشة قالت قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لو كان عندنا سعة لهدمت الكعبة ولبنيناها ولجعت لها بابين باباً يدخل الناس منه وباباً يدخل الناس منه وباباً يخرجون منه قالت فلما ولى أبن الزبير هجمها فجعل لها بابين قال فكانت كذلك فلما ظهر الحجاج عليه هدمها وأعاد بناءها الأول. 401 - وعن أبي قزعة أن عبد الله بينما هو يطوف بالبيت إذا قال قاتل الله ابن الزبير حيث يكذب على أم المؤمنين يقول سمعتها وهي تقول إن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال يا عائشة لولا حدثان قومك بالكفر لنقبت البيت قال أبى قال الأنصاري لنقضت البيت حتى أزيد فيه من الحجر فإن قومك قصروا عن البناء قال الحارث بن عبد الله بن أبى ربيعة لا تقل هذا يا أمير المؤمنين

_ 399 - (سنده) حدثنا عبد الله أبى قال ثنا عبد الرحمن ثنا سليم بن لحيان عن سعيد ابن ميناء. (تخريجه) تقدم هذا الحديث في ص 51 من الجزء الثاني عشر وص 201 من الجزء 20 من هذا الكتاب وقال صنفه رحمه الله في تخريجه صحيح أخرجه الشيخان وغيرهما. 400 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع ثنا إسماعيل بن عبد الملك بن أبى الصفيراء بضم الصاد المهملة وفتح الفاء والمد) عن أبن أبى مليكة. (تخريجه) أنفردبهذه الرواية بن أبى مليكه، وفي السند إسماعيل بن عبد الملك بن أبى الصفيراء اختلف فيه. 401 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الله بن بكر السهمي ثنا حاتم بن أبى صفيرة عن أبي قذعة. (تخريجه) أخرجه مسلم

-[كراهة أبي برزة الأسلمي لقنته عبد الملك]- فأنا سمعت أم المؤمنين تحدث هذا فقال لو كنت سمعت هذا قبل أن أهدمه لتركته على بناء ابن الزبير الباب الرابع في كراهة أبى برزة الأسلمي رضي الله عنه لفتنه عبد الملك وعبد الله بن الزبير ولومه أياهما 402 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسين بن موسي ثنا سكين بن عبد العزيز بن سيار بن سلامة أبى المنهال الرباحي قال دخلت مع أبى على أبى برزة الأسلمي وأنا في أذني يومئذ لقرطين قال وإني لغلام قال فقال أبو برزة إني أحمد الله إني أصبحت لائمًا لهذا الحي من قريش فلان ههنا يقاتل على الدنيا وفلان ههنا يقاتل على الدنيا يعني عبد الملك بن مروان قال حتى ذكر ابن الأزرق (1)، قال ثم قال إن أحب الناس إلى لهذه العصابة الملبدة الخميصة بطونهم من أموال المسلمين والخفيفة ظهورهم من دمائهم قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الأمراء من قريش الأمراء من قريش الأمراء من قريش لي عليهم حق ولهم عليكم حق ما فعلوا ثلاثًا ما حكموا فعدلوا واسترحموا فرحموا وما هدوا فوفوا فمن لمن يقبل ذلك منهم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين. خروج المختار 403 - عن رفاعة القتباني قال دخلت على المختار فألقى لي وسادة وقال لولا أن أخي

_ (1) هو نافع بن الأزرق زعيم الخوارج وهو الذي تنسب إليه الأزرافة. 402 - (تخريجه) أورده الهيثمي مختصرًا وقال "رواه أحمد وأبو يعلي أتم منه وفيه قصة والبزار ورجال أحمد رجال الصحيح خلال سكين بن عبد العزيز وهو ثقة. 403 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبن نمير ثنا عيسي القاري أبو عمر بن عمر ثنا السدي عن رفاعة القتباني.

-[كراهة أبي برزة الأسلمي لفتنة عبد الملك]- جبريل قام عن هذه لألقيتها لك قال فأردت أن أضرب عنقه فذكرت حديثًا حدثنيه أخي عمرو بن الحمق (رضي الله عنه) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أيما مؤمن أمن مؤمنًا على دمه فقتله فأنا من القاتل بريء. وعن من طريق آخر قال كنت أقوم على رأس المختار فلما عرفت كذبة هممت أن أسل سيفي فأضرب عنقه فذكرت حديثًا حدثناه عمرو بن الحمق قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من أمن رجلاً على نفسه فقتله أعطي لواء الغدر يوم القيامة. 404 - وعن أبى رفاعة البجلي قال دخلت على المختار بن أبى عبيدة قصره فسمعته يقول ما قام جبريل إلا من عندي قبل قال فهممت أن أضرب عنقه فذكرت حديثًا حدثناه سليمان ابن صرد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أن النبي (صلى الله عليه وسلم) وكان يقول إذا أمنك الرجل على دمه فلا تقتله قال وكان قد أمنني على دمه فكرهت دمه. 405 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه كان عنده رجل من أهل الكوفة جعل يحدثه عن

_ وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يحيي بن سعيد القطان عن حماد بن سلمة حدثني عبد الملك بن عمير عن رفاعة بن شداد. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في البداية وقال "ورواه النسائي وابن ماجة من غير وجه عن عبد الملك بن عمير، وقال الهيثمي رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات. 404 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يونس بن محمد قال ثنا عبد الله بن ميسرة أبو ليلي عن أبى عائشة السمداني قال قال أبو رفاعة البجلي. (تخريجه) تقدم هذا الحديث في ص 234 من الجزء التاسع عشر من هذا الكتاب وقا مصنفه رحمه الله في تخريجه "لم أقف عليه من حديث سليمان بن صرد لغير الإمام أحمد وفي إسناده عبد الله ميسره ضعفه قوم ووثقه آخرون". 405 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الصمد ثنا حماد عن على بن زيد عن يوسف بن مهران عن عبد اله بن عمر. (تخريجه) أورده الهيثمي وقال"وفي رواية عن عبد الرحمن بن أبى نعم أو نعيم الأعرجي،

-[بعث عبد الملك لقتال مصعب بالفراق]- المختار فقال ابن عمر إن كان كما تقول فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن بين يدي الساعة ثلاثين دجالاً كذابًا. الباب الخامس في بعث عبد الملك بن مروان الحجاج بن يوسف لقتال مصعب بن الزبير بالعراق 406 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا داود بن أبى هند عن رجل من أهل الشام يقال له عمار قال (1) أدربنا علمًا ثم قفلنا فينا شيخ من خثعم فذكر الحجاج فوقع فيه وشتمه فقلت له لم تسبه وهو يقاتل أهل العراق في طاعة أمير المؤمنين فقال إنه هو الذي أكفرهم ثم قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول يكون في هذه الأمة خمس فتن فقد مضت أربع وبقيت واحدة وهي الصليم وهي فيكم يا أهل الشام فإن أدركتها فئن استطعت أن تكون حجرًا فكنه ولا تكن مع واحد من الفريقين ألا فاتخذ نفقًا في الأرض وقد قال حماد ولا تكن وقد حدثنا به قبل ذا قلت أأنت سمعت من النبي (صلى الله عليه وسلم) قال نعم قلت يرحمك الله أفلا كنت أعلمتني أنك رأيت النبي (صلى الله عليه وسلم) حتى أسألك.

_ شك أبو الوليد - قال سأل رجل ابن عمر وأنا عنده عن المتعة - متعة النساء- فقال والله ما كنا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) زانين ولا مسافحين، ثم قال والله لقد سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول ليكونن قبل يوم القيامة الدجال وكذا بون ثلاثون أو أكثر رواه كله أحمد وأبو يعلي بقصة المتعة وما بعدها" وأورد الحافظ بن كثير هذه الرواية في كتاب "النهاية" وقال "ورواه الطبراني من حديث مورق العجلي عن ابن عمر بنحوه - تفرد به أحمد" وللحديث شواهد متعددة، فبعضها في الصحيحين عن أبي هريرة وعند مسلم عن جابر بن سمرة. (غريبة) (1) أدر بنا أي دخلنا الدب وكل مدخل إلى الروم درب وقيل بفتح الراء للنافذ وبالسكون لغير النافذ. (2) الصليم أي القطيعة المنكرة والصليم الداهية. 406 - (تخريجه) أورده الهيثمي وقال "رواه أحمد وعمار هذا لم أعرفه وبقيه رجاله رجال الصحيح".

-[بعث عبد الملك لقتال مصعب بالعراق]- الباب السادس في بعثه أيضًا إلى مكة بعد قتل مصعب بالعراق لقتل عبدا لله ابن الزبير بمكة فقتله بها ولم يراع حرمة البيت 407 - عن أبي الصديق الناجي أن الحجاج بن يوسف دخل على أسماء بنت أبى بكر بعد ما قتل أبنها عبد الله بن الزبير فقال أنا أبنك ألحد في هذا البيت وأن الله عز وجل أذاقه من عذاب أليم وفعل به ما فعل فقلت كذبت كان برًا بالوالدين صوامًا قوامًا والله لقد أخبرنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه سيخرج من ثقيف كذابان الآخر منهما شر من الأول وهو مبير. 408 - خط- وعن هرون بن عنترة عن أبيه قال لما قتل الحجاج بن الزبير وصلبه منكوسًا فبينا هو على المنبر إذا جاءت أسماء ومعها أمة تقودها وقد ذهب بصرها فقالت أين أميركم فذكر قصة فقالت كذبت ولكني أحدثك حديثًا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول يخرج من ثقيف كذابان الآخر منهما أشر من الأول وهو مبير. 409 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن في ثقيف مبيرًا وكذاباً.

_ 407 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا بن يوسف قال ثنا عوف عن أبى الصديق الناجي. (غريبة) مبير أي مهلك يسرف في إهلاك الناس. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في البداية وقال "ورواه أبو يعلي عن وهب بن بقية عن خالد عن عون عن أبى الصديق قال بلغني أن الحجاج دخل على اسماء فذكر مثله". 408 - خط - (سنده) حدثنا عبد الله قال وجدت في كتاب أبى هذا الحديث بخط يده ثنا سعيد يعني ابن سلميان سعدوية قال ثنا عباد يعني أبن العوام عن هرون بن عنترة. (تخريجه) عباد هو عباد بن عبد الله بن الزبير بن العوام كان قاضي مكة زمن أبيه وخليفته إذا حج - ثقة وهرون بن عنترة بن عبد الرحمن الشيباني لا بأس من السادسة، وللحديث شواهد سابقة. 409 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى حدثنا وكيع عن شركي عن عبد الله بن عصم وقال إسرائيل بن عمة قال وكيع هو ابن عصم سمعت ابن عمر يقال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

-[بعث عبد الملك لقتال مصعب بالعراق]- 410 - وعن الزبير يعني ابن عدي قال شكونا إلى أنس بن مالك ما نلقي من الحجاج فقال أصبروا فإنه لا يأتي عليكم عام أو يوم إلا الذي بعده شر منه حتى تلقوا ربكم عز وجل سمعته من نبيكم (صلى الله عليه وسلم). 411 - وعن عثمان بن سعد قال سمعت أنس بن مالك يقول ما أعرف شيئًا مما عهد مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اليوم فقال أبو رافع يا أبا حمزة ولا الصلاة فقال أو ليس قد علمت ما صنع الحجاج في الصلاة.

_ (تخريجه) أخرجه الترمذي بلفظ "في ثقيف كذاب ومبير وقال "قال أبو عيسي يقال الكذاب المختار بن أبى عبيد والمبير الحجاج بن يوسف). 410 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدي عن سفيان عن الزبير يعي ابن عدي. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في كتابه "النهاية" وقال "ورواه الترمذي من حديث الثوري وقال حسن صحيح" وأورده في كتاب البداية وقال" وهذا رواه البخاري عن محمد بن يوسف عن سفيان وهو الثوري عن الزبير بن عدي عن أنس قال "لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه". 411 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثي أبى ثنا روح ثنا عثمان بن سعد. (تخريجه) أورد الحافظ ابن كثير في البداية رواية بهذا المعني عن طريق الزهري، وعثمان بن سعد التميمي أبو بكر البصري الكاتب المعلم اختلفوا فيه.

-[خلافة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله]- أبواب خلافة أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز رحمه الله الباب الأول فيما جاء في مناقبه (1) 412 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا قطر بن حماد ثنا أبى قال سمعت مالك بن دينار يقول يقول الناس مالك بن دينار يعني ملك بن دينار زاهد إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز الذي أتته الدنيا فتركها. 413 - وعن عثمان بن بو ذويه قال خرجت إلى المدينه مع عمر بن زيد وعمر بن عبد العزيز عامل عليها قبل أن يستخلف قال فسمت أنس بن مالك وكان به وضح شديد قال وكان عمر يصلي بنا فقال أنس ما رأيت أحدًا أشبه صلاة برسول الله (صلى الله عليه وسلم) من هذا الفتى كان يخفف في تمام.

_ (1) وجدنا في كتاب الشيخ رحمه الله بخط يده ثلاث صفحات بيضاء معنونة في رأس كل صفحة على التوالي خلافة عبد الملك بن مروان، خلافة الوليد بن عبد الملك، خلافة سليمان بن عبد الملك، ولم تستدل على أحاديثها فيما لدينا من "أصول" الشيخ فلزم التنويه "اللجنة". 412 - (ـتخريجه) جاء هذا الأثر في البداية بلفظ "يقولون مالك زاهد أي زهد عندي؛ إنما الزاهد عمر بن عبد العزيز أتته الدنيا فأغره فاها فتركها جمله". 413 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا إبراهيم بن خالد قال أخبرني أمية بن شبل عن عثمان بن بوذويه. (غريبة) وضح أي بياض أو برص (تخريجه) قال الحافظ بن كثير في البداية "وثبت من غير وجه عن أنس بن مالك قال ما صليت وراء إمام أشبه بصلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من هذا الفتي يعني عمر بن عبد العزيز - حين كان على المدينة وكان يتم الركوع والسجود ويخفف القيام والقعود وفي رواية صحيحة أنه كان يسبح في الركوع عشرًا عشرًا.

-[خلافة يزيد بن عبد الملك]- 414 - وعن عبد الله بن الزبير عن أنس قال ما رأيت إمامًا أشبه بصلاة رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من إمامكم هذا لعمر بن عبد العزيز وهو بالمدينة يومئذ وكان عمر لا يطيل القراءة. خلافة يزيد بن عبد الملك خروج يزيد بن المهلب عن طاعة يزيد بن عبد الملك 415 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يونس ثنا عمر بن إبراهيم اليشكري ثنا شيخ كبير من بني عقيل يقال له عبد المجيد العقيلي قال انطلقنا حجاجًا ليالي خرج يزيد بن المهلب وقد ذكر لنا أن ماءًا بالعالية يقال له الزجيج فلما قضينا مناسكنًا جئنا حتى أتينا الزجيج فأنخنا رواحلنا قال فانطلقنا حتى أتينا على بئر عليه أشياخ مخضبون يتحدثون قال قلنا أهذا الذي صحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أين بيته؟ قالوا نعم صحبة وهذاك بيته فانطلقنا حتى أتينا البيت فسلمنا قل فأذن

_ 414 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يوسنف ثنا فليح عن محمد بن مساحق عن عامر ابن عبد الله يعني أبن الزبير عن أنس. (تخريجه) تقدم في الحديث السابق. (فائدة) قال الحافظ بن كثير في البداية "كان عمر تابعيًا جليلاً وروي عن أنس بن مالك والسائب ابن يزيد ويوسف بن عبد الله بن سلام ويوسف صحابي صغير وروي عن خلق من التابعين وعنه جماعة من التابعين وغيرهم قال الإمام أحمد بن حنبل لا أدري قول أحد من التابعين حجة إلا قول عمر بن عبد العزيز، بويع له بالخلافة بعد ابن عمه سليمان بن عبد الملك عن عهد منه له بذلك كما تقدم ويقال كان مولده سنه إحدى وستين وقال محمد بن سعد ولد سنة ثلاث وستين وقيل سنة تسع وخمسين، وبويع له بالخلافة يوم الجمعة لعشر مضين وقيل بقين من صفر من سنة تسع وتسعين وتوفي سنة إحدى وقيل ثنتين ومائة، وكان عمره يوم مات تسعًا وثلاثين سنة وأشهر أو قبل جاوز الأربعين بأشهر وغلب ابن عساكر الأول وكان خلافته سنتين وخمسة أشهر. 415 - (تخريجه) أورد أبو داود متن الحديث مختصرًا عن هناد بن السري وعثمان بن أبى شيبه قالا ثنا وكيع عن عبد المجيدد، وعبد المجيد هذا هو عبد المجيد بن وهب العقيلي العامري أبو وهب الصري روي عن ربيعة بن زارة وخالد بن العداء أو العداء بن خالد وعنه وكيع وهارون بن موسى.

-[خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك]- لنا فإذا هو شيخ كبير مضطجع يقال له العداء بن خالد الكلابي قلت أنت الذي صحبت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال نعم ولولا أنه الليل لأقرأنكم كتاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلىّ قال فمن أنتم قلنا من أهل البصرة قال مرحبًا بكم ما فعل يزيد بن المهلب قلنا هو هناك يدعو إلى كتاب الله تبارك وتعالى وإلى سنة النبي (صلى الله عليه وسلم) قال فيم هو من ذاك قال قلت أياً نتبع هؤلاء أو هؤلاء يعني أهل الشام أو يزيد قال إن تقعدوا تفلحوا وترشدوا إن تقعدوا تفلحوا وترشدوا لا أعلمه إلا قال ثلاث مرات رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم عرفه وهو قائم في الركابين ينادي بأعلى صوته يا أيها الناس أي يومكم هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال فأي شهر شهركم هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال فأي بدل بلدكم هذا قالوا الله ورسوله أعلم قال يومكم يوم حرام وشهركم شهر حرام وبلدكم بلد حرام قال فقال ألا إن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقون ربكم تبارك وتعالى فيسألكم عن أعمالكم قال ثم رفع يديه إلى السماء فقال اللهم أشهد عليكم الله أشهد عليهم ذكر موارًا فلا أدري كم ذكره. خلافة الوليد بن يزيد بن عبد الملك 416 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو المغيرة ثنا ابن عياش قال حدثني الاوزاعي وغيره عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال ولد لأخي أم سلمة

_ وحماد بن زيد وعباد بن الليث وجماعة، وثقة ابن معين وذكره ابن حبان في الثقات روى له أبو داوود هذا الحديث قط ولمتن الحديث شواهد معروفة. 416 - (تخريجه) أورد الحافظ بن كثير هذا الحديث في البداية في موضعين: الموضع الأول خلافته وقال "قال الحافظ ابن عساكر وقد رواه وليد بن مسلم ومعقل بن زياد ومحمد بن كثير وبشر أبن بكر عن الأوزاعي فلم يذكروا عمرو في إسناده وأرسلوه ولم يذكر ابن كثير سعيد بن المسيب ثم ساق طرقه هذه كلها بأسانيدها وألفاظها، وحكي عن البيهقي أنه قال هو مرسل حسن ثم ساق من طرق محمد عن محمد بن عمر بن عطاء عن زينب بنت أم سلمة عن أمها قالت "دخل النبي (صلى الله عليه وسلم) وعندي غلام من آل المغيرة أسمه الوليد فقيل من هذا يا أم سلمة قالت هذا الوليد فقال النبي صلى الله عليه وسلم قد اتخذتم الوليد خنانًا (حسانًا) غيروا اسمه فإنه سيكون في هذه الأمة فرعون يقال له الوليد".

-[ابتداء الدولة العباسية وإخبار النبي (صلى الله عليه وسلم) بذلك]- زوج النبي (صلى الله عليه وسلم) غلام فسمه الوليد فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) سميتموه بأسماء فراعنتكم ليكونن في هذه الأمة رجل يقال له الوليد لهو شر على هذه الأمة من فرعون لقومه. ابتداء الدولة العباسية وإخبار النبي (صلى الله عليه وسلم) العباس رضي الله عنه بذلك. 417 - عن العباس قال كنت عند النبي (صلى الله عليه وسلم) ذات ليلة فقال أنظر هل ترى في السماء من نجم قال قلت نعم قال ما ترى قل قلت أرى الثريا قال أما إنه يلي هذه الأمة بعددها من صلبك اثنين في فتنة.

_ والموضع الثاني: دلالات النبوة وقد أورده من طريق يعقوب بن سليمان حدثني محمد بن خالد بن العباس السكسكي حدثني الوليد بن مسلم حدثني أبو عمر الأوزاعي عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب وقال قال أبو عمر الأوزاعي فكان الناس يرون أنه الوليد بن عبد الملك ثم رأينا أنه الوليد بن يزيد لفتنة الناس به حتى خرجوا عليه فقتلوا وانفتحت على الأمة الفتنة والهرج، وقد رواه البيهقي عن الحاكم وغيره عن الأصم عن سعيد بن عثمان التنوخي عن بشر بن بكر عن الأوزاعي عن الزهري عن سعيد فذكره ولم يذكر قول الأوزاعي وقال وهذا مرسل حسن، وقد رواه نعيم بن حماد عن الوليد ابن مسلم". وأورده الحافظ الهيثمي وقال "رواه أحمد ورجاله ثقات" وأورده ابن الجوزي في "الموضوعات" وقال "قال أبو حاتم بن حبان هذا خبر باطل ما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذا ولا رواه عمر ولا حدث به سعيد ولا الزهري ولا هو من حديث الأوزاعي بهذا وإسماعيل بن عياش لما كبر تغير حفظه وكثر الخطأ في حديثه وهو لا يعلم، قال المصنف فلعل هذا قد أدخل عليه في كبره، وقد رواه وهو مختلط قال أحمد بن حنبل كان إسماعيل بن عياش يروي عن كل ضرب" وهذا الحديث مما طعن فيه العراقي وذب عنه الحافظ في القول المسدد وهو الحديث الأول. 417 - (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا عبيد بن أبى قرة ثنا ليث بن سعد عن أبى قبيل عن أبى ميسرة عن العباس. (تخريجه) أورده الحاكم في المستدرك بهذا السند ولفظ"أما إنه يملك هذه الأمة بعددها من صلبك" وقال هذا حديث تفرد به عبيد الله بن أبى قرة عن الليث وإمامنا أبو زكريا رحمه الله لو لم يرضه لما حدث عنه بمثل هذا الحديث" وقال الذهبي" لم يصح هذا "وأورده الحافظ بن كثير فيا لبداية بلفظ الحاكم وقال "قال البخاري عبيد بن أبى قرة لا يتابع على حديثه".

كتاب الفضائل وما ورد في فضل الأمة المحمدية

-[كتاب الفضائل وما ورد في فضل الأمة المحمدية]- 418 - عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يخرج عند انقطاع من الزمان وظهور من الفتن رجل يقال له السفاح فيكون اعطاؤه المال حثيًا. كتاب الفضائل أبواب فضائل الأمة المحمدية وخصائصها وما امتازت به عن الأمم الأخرى الباب الأول فيما ورد في فضل الأمة المحمدية 419 - عن أبى حليس يزيد بنميسرة قال سمعت أم الدرداء تقول سمعت أبا الدرداء يقول سمعت أبا القاسم (صلى الله عليه وسلم) يقول ما سمعته يكنيه قبلها ولا بعدها يقول إن الله عز وجل يقول يا عيسي إني باعث من بعدك أمة إن أصابهم ما يحبون حمدوا الله وشكروا وإن أصابهم ما يكرهون احتسبوا وصبروا ولا حلم ولا علم قال يا رب كيف هذا لهم ولا حمل ولا علم قال أعطيهم من حلمي وعلمي.

_ 418 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عثمان وسمعته أنا من عثمان ثنا جرير عن الأعمش عن عطية الصوفي عن أبى سعيد الخدري. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في البداية عن البيهقي عن الحاكم عن الأصم عن أحمد بن عبد الجبار عن أبى معاوية عن عطية عن أبى سعيد، وأورد رواية الإمام أحمد وقال "وكذا رواه زائدة وأبو معاوية عن الأعمش به، وهذا للحديث في إسناده عطية العرفي وقد تكلموا فيه، وفي أن المراد بهذا الحديث هذا السفاح نظر والله أعلم".د 419 - (سنده) حدثنا عبدا لله أبى ثنا أبو العلاء الحسن بن سوار ثنا ليث عن معاوية عن أبي حليس. (تخريجه) أخرجه الحاكم في المستدرك عن بشر بن سهل اللباء عن معاوية بن صالح وقال هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه وقال الهيثمي "رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحسن بن سوار وأبى حليس يزيد بن ميسرة وهما ثقتان فيكون الحديث صحيحًا والله أعلم.

-[ما ورد في فضل الأمة المحمدية]- 420 - وعن معاوية بن حيدة رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال أنتم توفون (1) سبعين أمة أنتم آخرها وأكرمها على الله عز وجل وما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين عامًا وليأتين عليه ويوم وأنه لكظيظ (2). 421 - وعن حذيفة بن اليمان قال فضلت هذه الأمة على سائر الأمم بثلاث جعلت لها الأرض طهورًا ومسجدًا وجعلت صفوفها على صفوف الملائكة قال كان النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول ذا وأعطيت هذه الآيات من آخر البقرة من كنز تحت العرش لم يعطها نبي قبلي قال أبو معاوية (أحد الرواة) كله عن النبي (صلى الله عليه وسلم).

_ 420 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن قال حماد فيما سمعته قال وسمعت الجريري يحدث عن حكيم بن معاوية عن أبيه معاوية بن حيدة. (غريبة) (1) توفون بتشديد الفاء أو بتخفيفها مع ضم التاء في الأول أي تتمون وتكلمون أو توفون أي تكونون سببًا في توفيه سبعين أمة حقهم بشهادتكم لهم أو عليهم. (2) كظيظ أي ممتلئ والكظظ الزحام. (تخريجه) أورد الشطر الأول من هذا الحديث الحافظ بن كثير في النهاية من حديث بهز ابن حكيم عن أبيه عن جده معاوية بن حيدرة، وجاء الشطر الثاني في حديث لعتبة بن غزوان بلفظ "ولقد ذكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة وليأتين عليها يوم وهو كظيظ من الزحام" وأخرجه مسلم وله حكم المرفوع حيث قال "ذكر لنا". وأورده الهيثمي وقال "عند الترمذي وغيره بعضه رواه أحمد ورجاله ثقات". 421 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو معاوية ثنا أبو مالك الأشجعي عن ربعي بن حراش عن حذيفة. (تخريجه) أخرج الشطر الأول من الحديث مسلم من طريق أبى بكر بن أبى شيبة حدثنا محمد ابن فضيل عن أبى مالك الأشجعي عن ربعي عن حذيفة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فضلنا على الناس بثلاث جعلت صفوفنا كصفوف الملائكة وجعلت لنا الأرض كلها مسجدًا وجعلت تربتها لنا طهورًا إذا لم نجد الماء" وذكر خصلة الماء. ولعل هذه الخصلة الأخرى هي الشطر الثاني. وقال السيوطي في الدر المنثور "وأخرج أحمد والنسائي والطبراني وابن مردويه والبيهقي في الشعب بسند صحيح عن حذيفة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) كان يقول أعطيت هذه الآيات من آخر سورة البقرة من كنز تحت العرش لم يعطها نبي قبلي".

-[ما ورد في فضل الأمة المحمدية]- 422 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرازق أخبرنا سفيان عن أبى سلمة عن الربيع أبن أنس عن أبى العالية عن أبى بن كعب قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): بشر هذه الأمة بالسناء والرفعة والدين والنصر والتمكين في الأرض وهو (1) يشك في السادسة قال فمن عمل منهم عمل الآخرة للدنيا لم يكن له في الآخرة نصيب قال عبد الله قال أبى أبو سلمة هذا المغيرة بن مسلم أخو عبد العزيز بن مسلم القسملي. 423 - وعن أبى موسي الأشعري قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن أمتي أمة مرحومة ليس عليها في الآخرة عذاب إنما عذابها في الدنيا القتل والبلابل والزلالزل قال أبو النضر بالزلالزل والقتل والفتن. وعنه أيضًا قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم): إن أمتي أمة مرحومة ليس عليها في الآخرة عذاب إلى عذابها في الدنيا القتل والبلاء والزلازل.

_ (غريبه) بالسناء أي بارتفاع المنزلة والقدر عند الله تعالى. 422 - (تخريجه) أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق أبى العباس محمد بن يعقوب ثنا الحسن أبن على بن عفان ثنا زيد بن حباب ثنا سفيان الثوري عن المغيرة الخراساني عن الربيع بن أنس بدون لفظ "الدين" وأورده ابن حبان عن طريق عبد العزيز بن مسلم عن الربيع عن أنس مختصرًا". (1) وهو يشك في السادسة أي في الخصلة السادسة: 423 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد أنبأنا المسعودي وهاشم يعني ابن القاسم ثنا المسعودي عن سعيد بن أبى بردة عن أبيه عن جده أبى موسى. (غريبة) البلابل هي الهموم والأحزان. وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبدا لله حدثني أبى ثنا يزيد قال أخبرنا المسعودي عن سعيد بن أبى بردة عن أبيه عن جده أبى موسى. (تخريجه) أورده الهيثمي عن سليمان بن داود الخولاني قال سمعت عمر بن عبد العزيز يقول لأبى بردة حدثنا بحديث ليس بينك وبين أبيك فيه أحد قال سمعت أبى يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول "إن أمتي مقدسة مباركة مرحومة لا عذاب عليها يوم القيامة إنما عذابهم بينهم في الدنيا بالفتنة، وقال رواه الطبراني في أحدهما القاسم رجل من أهل حمص لم أعرفه وبقيه رجاله رجال الصحيح غير عمرو بن قيس السكوني وهو ثقة " وأخرجه أبو داود من طريق عثمان بن أبى شيبة قال ثنا كثير بن هشام ثنا المسعودي عن سعيد بن أبى بردةعن أبيه عن أبى موسى بلفظ قريب.

-[ما ورد في فضل الأمة المحمدية]- 424 - وعنه أيضًا قال أمانان كانا على عهد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رفع أحدهما وبقى الآخر "وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون). 425 - وعن يحيي بن جابر بن مالك قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لن يجمع الله عز وجل على هذه الأمة سيفين سيفًا منها وسيفًا من عدوها. 426 - وعن ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال عصابتان من أمتي أحرزهم الله من النار عصابة تغزو الهند وعصابة تكون مع عيسي بن مريم عليه السلام.

_ 424 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع عن حرملة بن قيس عن محمد بن أبى أيوب عن أبي موسي. (تخريجه) قال السيوطي في الدر المنثور " .. وأخرج ابن جرير وأبو الشيخ والطبراني وابن مردويه والحاكم وابن عساكر عن أبى موسي رضي الله عنه أنه قال إنه كان فيكم أمنان مضي أحدهما وبقي الآخر وما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون فأما رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقد مضي إلى سبيله، وأما الاستغفار فهو كائن إلى يوم القيامة" وأورد روايات أخرى بهذا المعني عن ابن عباس وعن أبى هريرة، وأخرج الترمذي عن طريق إسماعيل بن إبراهيم ابن مهاجر بن عباد بن يوسف عن أبى بردة عن أبى موسي عن أبيه قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنزل الله على أمانين لأمتي (,ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم، وما كان الله معذبهم وهم يستغفرون) إذا مضيت تركت فيهم الاستغفار إلى يوم القيامة" وقال "هذا حديث غريب وإسماعيل بن مهاجر يضعف في الحديث". 425 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا الحسن بن سوار أبو العلاء قال ثنا إسماعيل بن عياش عن سليمان بن يحيي بن جابر بن مالك. (تخريجه) أخرجه أبو داود من طريقين هذا أحدهما، وفي إسناده إسماعيل بن عياش وفيه مقال ومن الحفاظ من فوقه بين حديثه عن الشاميين وحديثه عن غيرهم فصحح حديثه عن الشامين، وهذا الحديث شامي الإسناد - ذكره في عون المعبود. 426 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو النضر ثنا بقية ثنا عبد الله بن سالم وأبو بكر أبن الوليد الزبيدي عن محمد بن الوليد الزبيدي عن لقمان بن عامر الوصابي عن عبد الأعلى بن عدي البهراني عن ثوبان. (تخريجه) أخرجه النسائي ونسه صاحب الجامع الصغير أيضًا إلى الضياء في المختارة.

-[ما ورد في فضل الأمة المحمدية]- 427 - وعن هرون بن دينار عن أبهي قال سمعت رجلاً من أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) يقال له ميمون ابن سنباذ يقول قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم قوام أمتي بشرارها قالها ثلاثًا. 428 - وعن أبى برزة قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن من أمتي لمن يشفع لأكثر من ربيعة ومضر وإن من أمتي لمن يعظم للنار حتى يكون ركنًا من أركانها.

_ 427 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أيوب صاحب البصري سليمان بن أيوب ثنا هرون بن دينار. (تخريجه) جاء في فيض القدير للمناوى تعليقًا على الحديث "قوام أمتي بتشديد الواو (شرارها) بشين معجمة أوله. والظاهر أن قوام بضم وتشديد يعني لقائمون بأمر الأمة وهم امراؤها وهم شرار الأمة غالباً لقلة الاستقامة وكثرة الجواز منهم، ورأيت في نسخ من الفردوس قديمة مصححة بخط الحافظ ابن حجر بشرارها بباء موحدة أوله، فيظهر أن القوام بالفتح والتخفيف وأن المعنى أن قوامها يعني استقامتها وانتظام أحوالها يكون بشرارها فيكون من قبيل خبر إن الله يؤيد هذا الدين بالرجل الفاجر وخبر إن الله يؤيد هذا الدين برجال ما هم من أهله (حم طب عن ميمون بن سنباذ) بكسر السين بضبط المصنف وذال معجمة أبو المغيرة العقيلي قيل له صحبه قال الذهبي وفيه نظر أهـ. قال الهيثمي فيه هرون بن دينار وهو ضعيف أهـ ورواه البخاري في تاريخه أيضًا وقال ابن عبد البر إسناده ليس بالقائم وأورده ابن الجوزي في الواهيات وقال لا يصح" أهـ. 428 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن بن موسي ثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبى هند عن عبد الهل بن قيس قال سمعت الحرث بن أقيش يحدث أن أبا برزة قال. (تخريجه) أخرجه بن ماجه من طريق أبى بكر بن أبى شيب ثنا عبد الرحيم بن سليمان عن داود ابن أبى هند ثنا عبدا لله بن قيس قال كنت عند أبى ردة ذات ليلة فدخل علينا الحرث بن أقيش فحدثنا الحرث ليلتئذ أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال "إن من أمتي من يدخل الجنة بشفاعته أكثر من مضر وإن من أمتي من يعظم للنار حتى يكون أحد زواياها، وقال في الزوائد في إسناده عبد الله بن أقيش النخعي ذكره ابن حبان في الثقات وقال أحسبه الذي روي عنه أبو إسحاق عن ابن عباس وقال لم يرو عنه غير داود بن هند وليس إسناده بالصافي. وأخرجه الحاكم في المستدرك عن طريق أبى عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ ثنا يحيي بن محمد بن يحيي ثنا مسدد ثنا عبد الأعلى بن عبد الأعلى ثنا داود بن أبى هند عن عبد الله بن قيس قال كنت أرفع القضاء إلى أبى بردة فكنت عنده فدخل عليه الحارث بن قيس ليتئذ وكانت له صحبه فحدث عن النبي =

-[ما ورد في فضل الأمة المحمدية]- 429 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عصام بن خالد حدثني أبى بكر يعني ابن أبى مريم عن راشد بن سعد (1) بن أبى وقاص عن سعد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه كان يقول لا تعجز أمتي عند ربي أن يؤخرها نصف يوم وسألت راشدًا هل بلغك ماذا النصف يوم قال خمسمائة سنة. (ومن طريق آخر) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو اليمان ثنا أبو بكر بن عبد الله عن راشد بن سعد عن سعد بن أبى وقاص عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال إني لأرجو أن لا يعجز أمتي عند ربي أن يؤخرهم نصف يوم فقيل لسعد وكم نصف يوم قال خمسمائة سنة. 430 - وعن أبى هريرة رضي الله عنه أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال كل أمتي يدخلون الجنة يوم القيامة إلا من أبى قالوا ومن يأبى يا رسول الله قال من يأبى يا رسول الله قال من أطاعي دخل الدنة ومن عصاني فقد أبى. 431 - وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يركب قوم من أمتي ثبج البحر أو ثبج هذا البحر هم الملوك على الأسرة أو كالملوك على الأسرة.

_ = صلى الله عليه وسلم قال ما من مسلمين يموت لها الأربعة إلا أدخلهم الله الجنة بفضل رحمته وإياها قلنا يا رسول الله وثلاثة قال وثلاثة قلنا يا رسول الله واثنين قال واثنان ثم قال إن من أمتي لمن يعظم في النار حتى يكون أحد زواياها، وإن من أمتي لمن يدخل بشفاعته الجنة أكثر من مضر هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عنه الذهبي. (1) هذا تصحيف وصحته راشد بن سعد عن سعد بن أبى وقاص، وراشد بن سعد المقر أي الحميري الحمصري تابعي ثقة. 429 - (تخريجه) في الروايتين أبو بكر بن عبد الله بن أبى مريم ضعيف قال الإمام أحمد "ليس بشيء" وقد روي الحديث أبو داود من طريق صفوان ابن عمرو عن شريح بن عبيد عن سعد ابن أبى وقاص بسند جيد، ولكنه منقطع لأن شريح بن عبيد لم يدرك سعدًا. 430 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يونس وشريح قالا ثنا فليح عن هلال بن على عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة. (تخريجه) أخرجه البخاري من طريق محمد بن سنان حدثنا فليح .. الخ. 431 (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو سلمة أنا مالك بن أنس عن إسحق بن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس بن مالك. (غريبة) ثبج البحر أي وسطه ومعظمه.

-[ما ورد في فضل الأمة المحمدية]- وعنه من طريق آخر بنحوه وفيه يركبون هذا البحر الأخض رغزاة في سبيل الله مثلهم كمثل الملوك على الأسرة. 432 - وعن عمار بن ياسر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، مثل أمتي مثل المطر لا يدري أوله خير أم آخره. 433 - وعن أنس بن مالك عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال: إن أمتي مثل المطر لا يدري أوله خير أو آخره.

_ وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا معاوية بن عمرو ثنا زائدة ثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري قال سمعت أنس بن مالك يقول. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في البداية من حديث طويل وقال رواه البخاري عن عبد الله ابن يوسف ومسلم عن يحيي بن يحيي كلاهما عن مالك به، وأخرجاه في الصحيحين من حديث الليث وحماد بن زيد كلاهما عن مالك به، وأخرجاه في الصحيحين من حيث الليث وحماد بن زيد كلاهما عن يحيي بن سعيد وعن محمد بن يحيي بن حيان عن أنس بن مالك عن خالته أم حرام بنت ملحان، ورواه البخاري من حديث أبى إسحاق الفزاري عن زائدة عن أبى حوالة عبد الله ابن عبد الرحمن عن أنس به وأخرجه أبو داود من حديث معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن بسار عن أخت أم سليم. 432 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرحمن ثنا زياد أبو عمر عن السن عن عمار (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والبزار والطبراني ورجال البزار رجال الصحيح غير الحسن بن قزعة، وعبيد بن سليمان الآخر وهما ثقتان، وفي عبيد خلاف لا يضر، وقد أورد رواية أخرى للحديث بلفظه عن عمران بن حصين وقال: "رواه البزار والطبراني في الأوسط وفي إسناد البزار حسن وقال لا يروى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) بإسناد أحسن من هذا". 433 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن الأشيب ثنا حماد بن يحيي حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك. (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال "وفي الباب عن عمار وعبد الله بن عمرو وابن عمر وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقال وروى عن عبد الرحمن بن مهدي أنه كان يثبت حماد بن يحيي الأبح وكان يقول "هو من شيوخنا" اهـ

-[ما ورد في فضل الأمة المحمدية]- 343 - وعن ابن عمر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مثلكم ومثل اليهود والنصارى كرجل استعمل عمالاً فقال من يعمل من صلاة الصبح إلى نصف النهار على قيراط قيراط فعملت اليهود ثم قال من يعمل لى من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط قيراط إلا فعمت النصارى ثم قال من يعمل لي من صلاة العصر إلى غروب الشمس على قيراطين قيراطين ألا فأنتم الذين عملتم فغضب اليهود والنصاري قالوا نحن كنا أكثر عملاً وأقل عطاء قال هل ظلمتكم من حقكم شيئًا قالوا لا قال فإنما هو فضلى أوتيه من أشاء. 435 - وعن أبى كبشة الأنماري قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مثل هذه الأمة مثل أربعة نفر رجل آتاه الله مالاً وعلمًا فهو يعمل به في ماله فينفقه في حقه ورجل آتاه الله علمًا ولم يؤته مالاً فهو يقول لو كان لى مثل ما لهذا عملت فيه مثل الذي يعمل قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فهما في الأجر سواء ورجل آتاه الله مالاً ولم يؤته علمًا فهو يخبط فيه وفي رواية لا يصل فيه رحمًا ولا يعطي فيه حقًا ينفقه في غير حقه ورجل لم يؤته الله مالاً ولا علمًا فهو يقول لو كان لي مال مثل هذا عملت فيه مثل الذي يعمل قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فهمًا في الوزر سواء.

_ 343 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا إسماعيل أن أيوب عن نافع عن أبن عمر. (تخريجه) أخرجه الترمذي بأطول من هذا عن طريق مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، وقال هذا حديث حسن صحيح وأخرجه البخاري بلفظ قريب. 435 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع ثنا الأعمش عن سالم بن أبى الجعد عن أبى كبشة الأنماري. وفي رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن جعفر لنا شعبة عن سليمان عن سالم ابن أبى الجعد وسمعته منه يحدث عن أبى كبشة الأنماري عن غطفان عن النبى (صلى الله عليه وسلم). (تخريجه) أخرجه ابن ماجه من هذا الطريق، وعن طرق أخرى ونسبه صاحب راموز الأحاديث إلى الطبراني والبيهقي وأبي داود.

-[مقدار الأمة المحمدية في الأمم الأخرى وأنها ثلثًا أل الجنة]- الباب الثاني في مقدار الأمة المحمدية في الأمم الأخرى وأنها ثلثًا أهلا لجنة 436 - عن أبن مسعود قال كنا مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في قبة نحو من أربعين فقال أترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة قلنا نعم قال أترضون أن تكونوا ثلث أهل الجنة قلنا نعم قال والذي نفسي بيده إني لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة وذاك أن الجنة لا يدخلها إلا نفس مسلمة وما أنتم في الشرك إلا كالشعرة البيضاء في جلد ثور أسود أو السوداء في جلد ثور أحمر. 437 - وعنه أيضًا قال قال لنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كيف أنتم وربع أهل الجنة لكم ربعها ولسائر الناس ثلاثًا أرباعها قالوا الله ورسوله أعلم قال فكيف أنتم وثلثها قالوا فذاك أكثر قال فكيف أنتم والشطر قالوا فذاك أكثر فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أهل الجنة يوم القيامة عشرون ومائة صفة أنتم منها ثمانون صفًا. 438 - وعن بريدة الأسلمي قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أهل الجنة عشرون مائة صف منهم ثمانون من هذه الأمة وقال عفان مرة أنتم ثمانون صفًا.

_ 436 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يحيي عن شعبة ثنا أبو إسحق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود. (تخريجه) البخاري عن محمد بن بشار عن غندر عن أبى إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عبد الله بن مسعود وعن عمر بن حفص بن غياث عن أبيه عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد بأطول من هذا، ورواه مسلم عن أبى بكر بن أبى شيبة عن وكيع به، وأخرجاه من طرق أخرى عن الأعمش، وأخرجه الترمذي وقال "هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن عمران بن حصين وأبى سعيد الخدري" وأخرجه ابن ماجة في الزهد. 437 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد الحرث بن حصيرة ثنا القاسم بن عبد الرحمن عن أبيه عن ابن مسعود. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد وأبو يعلي والبزار والطبراني في الثلاثة ورجالهم الصحيح غير الحرث بن حصيرة وقد وثقة" وأخرجه الحاكم في المستدرك بلفظ قريب وقال عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود لم يسمع من أبيه في أكثر الأقاويل وأقره الذهبي. 438 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا عبد العزيز بن مسلم قال ثنا أبو سنان عن محارب بن دثار عن أبن بريدة عن أبيه بريدة الأسلمي.

-[مقدار الأمة المحمدية في الأمم الأخرى وأنها ثلثًا أهل الجنة]- وعنه من طريق أو بنحوه وزاد قال أبو عبد الرحمن مات بشر بن الحرث وأبو الحوص والهيثم بن خارجه في سنة سبع وعشرين. 439 - وعن جابر بن عبد الله أنه سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول: أرجو أن يكون من يتبعني من أمتي يوم القيامة ربع أهل الجنة قال فكبرنا ثم قال أرجو أن يكونوا ثلث الناس قال فكبرنا ثم قال أرجو أن يكونوا الشطر. 440 - وعن أبى الدرداء عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال إن الله تعالى يقول يوم القيامة لآدم عليه السلام قدم فجهز من ذريتك تسعمائة وتسعة وتسعين إلى النار وواحدًا إلى الجنة فبكى أصحابه وبكوا

_ وعنه من طريق (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الصمد ثنا عبد العزيز بن مسلم ثنا ضرار يعني أبن مرة أبو سنان الشيباني عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه بريدة الأسلمي. (تخريجه) أخرجه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأخرجه الترمذي عن طريق محمد بن فضيل عن ضرار بن مرة عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبية بلفظ "أهل الجنة عشرون ومائة صف ثمانون منها من هذه الأمة وأربعون من سائر الأمم" وقال "هذا حديث حسن وقد روي هذا الحديث عن علقمة بن مرشد عن سليمان ابن بريدة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مرسلاً، ومنهم من قال عن سليمان بن بريدة عن أبية، وحديث أبى سنان عن محارب بن دثار حسن وأبو سنان أسمه ضرار بن مرة وأبو سنان الشيباني أسمه سعيد بن سنان وأبو سنان الشامي أسمه عيسي بني سنان وهو القسملي". 439 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى حدثنا أبى حدثنا موسى ثنا أبن لهيعة عن أبى الزبير عن جابر ابن عبدا لله. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد والبزار والطبراني في الأوسط ورجال البزار رجال الصحيح وكذلك أحد إسنادي أحمد". 440 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا هيثم قال أنا أبو الربيع عن يونس عن أبى أدريس عن أبي الدرداء.

-[بقاء طائفة من الأمة المحمدية ثابتة على الحق إلى يوم القيامة]- ثم قال لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أرفعوا رءوسكم فو الذي نفسي بيده ما أمتي في الأمم إلا كالشعرة البيضاء في جلد الثور الأسود فخف ذلك عنهم. 441 - وعن أبى هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال أولى من يؤتى يوم القيامة فيقال هذا أبوكم آدم فيقول يا رب لبيك وسعديك فيقول له ربنا أخرج نصيب جهنم من ذريتك فيقول يا رب وكم فيقول من كل مائة تسعة وتسعين فقلنا يا رسول الله أرأيت إذا أخذ منا من كل مائة تسعة وتسعون فماذا يبقي منا قال إن أمتي في الأمم كالشعرة البيضاء في الثور الأسود. الباب الثالث في بقاء طائفة من الأمة المحمدية ثابتة على الحق إلى يوم القيامة 442 - خط- عن أبى أمامة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا تزال طائفة من أمتي على الدين ظاهرين لعدوهم قاهرين لا يضرهم من خالفهم إلا ما أصابهم من لأواء حتى يأتيهم أمر الله

_ (تخريجه) انفرد به الإمام أحمد عن أبى الدرداء والله أعلم، وفي الباب عن أبى هريرة وأبى سعيد الخدري وعبد الله بن مسعود وعميران بن حصين. 441 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن ثور عن أبى الغيث عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الحافظ في النهاية بسنده ولفظه عن الإمام أحمد وقال "ورواه البخاري عن إسماعيل بن عبد الله عن أخيه عن سليمان بن بلال عن ثور بن زيد الديلي عن سالم أبى الغيث مولى بن مطيع عن أبى هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال أول من يدعي يوم القيامة آدم فتتراءي ذريته فيقول هذا أبوك آدم فيقول لبيك وسعديك فيقول أخرج بعث جهنم من ذريتك وذكر تمامه كما تقدم". 442 - (سنده) قال أبو عبد الرحمن وجدت في كتاب أبى بخط يده حدثني مهدي بن جعفر الرملي ثنا ضمرة عن الشيباني وأسمه يحيي بن أبى عمرو عن عمرو بن عبد الله الحضرمي عن أبى أمامة. (غريبة) اللأواء الشدة وضيق المعيشة.

-[بقاء طائفة من الأمة المحمدية ثابتة على الحق إلى يوم القيامة]- وهم كذلك قالوا يا رسول الله وأين أهم قال ببيت المقدس وأكناف بيت المقدس. 443 - وعن معاوية بن قرة عن أبيه قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا أفسد أهل الشام فلا خير فيكم ولا يزال أناس من أمني منصورين لا يضرهم من خذلهم (وفي رواية لا يبالون من خذلهم) حتى تقوم الساعة. 444 - وعن معاوية بن أبى سفيان أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين ولا تزال عصابة من المسلمين يقاتلون على الحق ظاهرين على من ناوأهم إلى يوم القيامة.

_ (تخريجه) انفرد به الإمام أحمد عن أبى أمامة وفي الباب بألفاظ قريبة عن أبى هريرة وعن مرة البهزي. 443 - (سنده) حدثنا عبدا لله حدثني أبى ثنا يحيي بن سعيد عن شعبة قال حدثني معاوية بن قرة عن أبية. وفي رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد أنا شعبة عن معاوية بن قرة عن أبيه. (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال وفي الباب عن عبد الله بن حوالة وابن عمر وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو وهذا حسن صحيح وأخرج الشطر الثاني منه بعبارة "لا تزال طائفة من أمتى على الحق ظاهرين لا ضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله عن أبى قلابة عن أبى أسماء الرحبي عن ثوبان وقال: "وهذا حديث حسن صحيح سمعت محمد بن إسماعيل يقول سمعت على بن المديني يقول وذكر هذا الحديث عن النبي (صلى الله عليه وسلم) هم أهل الحديث" وأخرجه الطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية وابن حبان وأبو ماجه. 444 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا كثير بن هشام قال ثنا جعفر ثنا يزيد بن الأصم قال سمعت معاوية بن أبى سفيان ذكر حديثًا رواه عن النبي (صلى الله عليه وسلم) لم أسمعه روى عن النبي (صلى الله عليه وسلم) حديثًا غيره أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال (تخريجه) أخرجه البخاري وأخرج مسلم الشطر الأول منه "من يرد الله به خيرًا يفقه في الدين وأخرج البيهقي عن الحاكم الشطر الأول بزيادة "وإنما أنا قاسم ويعطي الله" ولكن لم يخرجه الحاكم في المستدرك لأنهما أخرجاه في الصحيحين الجميع عن حميد بن عبد الرحمن بن عوف عن معاوية، وأخرج الترمذي الشطر الأول عن ابن عباس وقال "وفي الباب عن عمر وأبى هريرة ومعاوية هذا حديث حسن صحيح".

-[بقاء طائفة من الأمة المحمدية ثابتة على الحق إلى يوم القيامة]- 445 - وعن عمير بن هانئ قال سمعت معاوية بن أبى سفيان على هذا المنبر يقول سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لا نزال طائفة من أمتى قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم أو خالفهم حتى يأتي أمر الله عز وجل وهم ظاهرون على الناس فقام مالك بن يخامر السكسكسي فقاليا أمير المؤمنين سمعت معاذ بن جبل يقول وهم أهل الشام فقال معاوية ورفع صوته هذا مالك يزعم أنه سمع معاذ يقول وهم أهل الشام. 446 - وعن معاذ بن أنس الجهني عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا تزال الأمة على الشريعة ما لم يظهر فيها ثلاث ما لم يقبض العلم منهم ويكثر فيهم ولد الحنث ويظهر فيهم الصقارون قال وما الصقارون أو الصقارون يا رسول الله قال بشر يكون في آخر الزمان تحتيهم بينهم التلاعن. 447 - وعن أبى عتبة الخولاني قال سمعت النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول لا يزال الله عز وجل يغرس في هذا الدين بغرس (وفي رواية غرسًا) يستعملهم في طاعته. 448 - وعن جابر عبد الله أنه سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول لا تزال طائفة من أمتي يقاتلون على

_ 445 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا اسحق بن عيسي قال ثنا يحيي بن حمزة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر أن عمير بن هانئ حدثه قال سمعت معاوية. (تخريجه) رجاله ثقات. 446 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا زبان عن سهل عن أبيه معاذ بن أنس الجهني. (غريبة) ويكثر فيهم ولد الحنث أي ولد الزنا من الحنث المعصية. (تخريجه) في إسناده بين لهيعة اختلف فيه. وزبان بن فائد ضعفة ابن معين وقال أحمد أحاديثه مناكير وقال أبو حاتم صالح. 447 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا الهيثم بن خارجه قال أنا الجراح بن مليح البهراني حمصي عن بكر بن زرعة الخولاني قال سمعت أبا عنبة الخولاني. (تخريجه) رواه ابن ماجه في المقدمة. 448 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى حدثنا موسى حدثنا ابن لهيعة عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله.

-[دخول سبعمائة ألف من الأمة المحمدية الجنة بغير حساب ولا عذاب]- الحق ظاهرين إلى يوم القيامة قال فينزل عسي بن مريم عليه السلام فيقول أميرهم تعال صل بنا فيقول إن بعضكم على بعض أمير ليكرم الله هذه الأمة. 449 - وعن أبى هريرة عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال لن يزال على هذا الأمر عصابة على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتيهم أمر الله وهم على ذلك. 450 - وعن عمران بن حصين أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على من ناوأهم حتى يأتي أمر الله تبارك وتعالى وينزل عيسي بن مريم عليه السلام. وعنه من طريق آخر بنحوه وزاد حتى يقاتل آخرهم المسيح الدجال. الباب الرابع في دخول سبعمائة ألف من الأمة المحمدية الجنة بغير حساب ولا عذاب وأكثر من ذلك 451 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو اليمان ثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة قال شريح بن عبيد مرض ثوبان بحمص وعليها عبد الله بن قرط الأزدي فلم يعده فدخل على

_ (تخريجه) رواه مسلم بلفظ، فيقول أميرهم تعال صلى بنا فيقول لا، أن بعضكم على بعض أمراء تكرمه الله لهذه الأمة، ورواء الترذي وأبو داود وابن ماجه والطيالسي. 449 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يونس ثنا ليث عن محمد عن القعقاع بن حكيم عن أبى صالح عن أبى هريرة. (تخريجه) رواه مسلم ورواه الحاكم في المستدرك من حديث طويل عن عبد الله بن عمرو ابن العاص. 450 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا بهز ثنا حماد بن سلمة أنا قتادة عن مطرف عن عمران بن حصين. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثا أبو كامل وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن قتادة عن مطرف بن عبد الله بن الشخير عن عمران بن حصين. (تخريجه) أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق موسى بن إسماعيل وحجاج بن المنهال قالا ثنا حماد بن سلمه، وقال "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه" وأخرجه أبو داود.

-[دخول سبعمائة ألف من الأمة المحمدية الجنة بغير حساب ولا عذاب]- ثوبان رجل من الكلاميين عائدًا فقال له ثوبان أتكتب فقال نعم فقال أكتب فكتب للأمير عبد الله بن قرط من ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أما بعد فإنه لو كان لموسى وعيسي مولى بحضرتك لعدته ثم طوى الكتاب وقال أتبلغه إباه فقال نعم فانطلق الرجل بكتابه فدفعه إلى ابن قرط فلما قرأه قام فزعا فقال الناس ما شأنه أحدث أمر فأتى ثوبان حتى دخل عليه فعادة وجلس عنده ساعة ثم قام فأخذ ثوبان بردائه وقال أجلس حتى أحدثك حديثًا سمعته من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) سمعته يقول ليدخلن الجنة من أمتي سبعون ألفًا لاحساب عليهم ولا عذاب مع كل ألف سبعون ألفا. 452 - وعن سهل بن سهل أن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا أو قال سبعمائة ألف بغير حساب. 453 - وعن أبى تميم الجيشاني يقول أخبرني سعيد أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول غاب عنا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يومًا فلم يخرج حتى ظننا أنه لن يخرج فلما خرج سجد سجدة فظننا أن نفسه قد قبضت منها لما رفع رأسه قال إن ربي تبارك وتعالى استشارني في أمتي ماذا أفعل بهم فقلتما شئت أي رب هم خلقك وعبادك فاستشارني الثانية فقلت له كذلك فقال لا أحزنك في أمتك يا محمد وبشرني أن أول من يدخل الجنة من أمتي سبعون ألفًا مع كل ألف سبعون ألفًا ليس عليهم حساب ثم أرسل إلىّ فقال ادع بحب وسل تغط فقلت لرسولي أو معطي ربي سؤالي فقال ما أرسلني إليك إلا ليعطيك ولقد أعطاني ربي عز وجل ولا فخر وغفر لي ما تقدم من

_ 451 - (تخريجه) قال الهيثمي في مجمع الزاوية "رواه أحمد والطبراني باختصار، وروي متن الحديث بألفاظ متقاربة البخاري، وابن ماجه. 452 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يحيي بن معين ثنا هشام بن يوسف عن معمر وثنا أبى ثنا على بن بحر ثنا هشام بن يوسف ثنا معمر عن أبى حازم عن سهل بن سعد. 453 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن ثنا بن لهيعة ثنا بن هبيرة أنه سمع أبا تميم الجيشاني يقول.

-[دخول سبعمائة ألف من الأمة المحمدية الجنة بغير حساب ولا عذاب]- ذنبي وما تأخر وأنا أمشي حيًا صحيحًا وأعطاني ألا تجوع أمتي ولا تغلب وأعطاني الكوثر فهو نهر من الجنة يسيل في حوضي وأعطاني العز والنصر والرعب يسعى بين يدي أمتي شهرًا وأعطاني أني أول الأنبياء أدخل الجنة وطيب لي ولأمتي الغنيمة والحل لنا كثيرًا مما شدد على من قبلنا ولم يعل علينا من حرج. 454 - وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن الله عز وجل وعدني أن يدخل الجنة من أمتي أربعمائة ألف أبو بكر زدنا يا رسول الله قال وهكذا وجمع كفه قال زدنا يا رسول الله قال وهكذا فقال عمر حسبك يا أبا بكر فقال أبو بكر دعني يا عمر وما عليك أن يدخلنا الله عز وجل الجنة كلنا فقال عمر إن الله عز وجل إن شاء أدخل خلقه الجنة بكف واحد فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) صدق عمر. 455 - وعن ابن مسعود قال أكثرنا الحديث عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ذات ليلة ثم غدونا إليه فقال عرضت علىَّ الأنبياء الليلة بأممها فجعل النبي يمر ومعه الثلاثة والنبي ومع العصابة والنبي ومعه النفر والنبي وليس معه أحد حتى مر علىّ موسى معه كبكة من بني إسرائيل فأعجبوني فقلت من هؤلاء فقيل لي هذا أخوك موسى معه بنو إسرائيل قال قلت فأين أمتي فقيل لي أنظر عن يمينك فنظرت فإذا الظراب قد سد بوجود الرجال ثم قيل لي أنظر عن يسارك فنظرت

_ (تخريجه) قال الهيثمي في مجمع الزوائد (رواه أحمد وإسناده حسن) 454 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرازق أنا معمر عن قتادة عن أنس أو عن النضر بن أنس عن أنس. (تخريجه) قال الهيثمي في مجمع الزوائد "رواه أحمد والطبراني في الأوسط وإسناده حسن" وأورده الحافظ بن كثير عن الإمام أحمد في النهاية. 455 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن قتادة عن الحسن عن عمران بن حصين عن ابن مسعود. (غريبة) كبكة هي بالضم والفتح الجماعة المتضامة من الناس وغيرهم. (الضراب) الجبال الصغار وإحدهما ظرب بوزن كتف.

-[تمييز الأمة المحمدية من سائر الأمم يوم القيامة بالتحجيل]- فإذا الأفق قد سد بوجوه الرجال فقيل لي أرضيت فقلت رضيت يا رب رضيت يا رب قال فقيل لي إن مع هؤلاء سبعين ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) فداً لكم أبى وأمي إن استطعتم أن تكونوا من السبعين الألف فافعلوا فإن قصرتم فكونوا من أهل الظراب فإن قصرتم فكونوا من أهل الأفق فإني قد رأيت ثم ناسًا يتاوشون فقام عكاشة بن محصن فقال ادع الله يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن يجعلني منهم فدعا له فقام رجل آخر فقال ادع الله لى يا رسول الله أن يجعلني منهم فقال قد سبقك بها عكاشة قال ثم تحدثنا فقلنا من ترون هؤلاء السبعون الألف قوم ولدوا في الإسلام لم يشركوا بالله شيئًا حتى ماتوا فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال هم الذين لا يكتتون ولا يسترقون ولا يتطيرون وعلى ربهم يتوكلون. البابا لخامس في تمييز الأمة المحمية من سائر الأمم ومن القيامة بالتحجيل 456 - عن عبد الله بن بسر المازني عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أن قال ما من أمتي من أحد إلا وأنا أعرفه يوم القيامة قالوا وكيف تعرفهم يا رسول الله في كثرة الخلائق قال أرأيت لو دخلت صيرة فيها خيل دهم بهُم وفيها فرس أغر محجل أما كنت تعرفه منها قال بلى قال فإن أمتي يومئذ غر من السجود محجلون من الوضوء.

_ (يتهاوشون) أي يدخل بعضهم في بعض والهوش والاختلاط (تخريجه) قال الهيثمي في مجمع الزوائد "رواه أحمد بأسانيد، والبزار أتم منه، والطبراني وأبو يعلي باختصار كثير، واحد أسانيد أحمد والبزار رجاله رجال الصحيح، وأورده الحافظ بن كثير عن الإمام أحمد في النهاية. 456 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو المغيرة قال حدثنا صفوان قال حدثني يزيد ابن خمير الرحبي عن عبد الله بن بسر. (غربية) الصيرة حظيرة تتخذ للدواب من الحجارة وأغصان الشجر وجمعها صير بكسر الصاد قال الخطابي صيرة بالفتح غلط. (دهم) سود من أدهم أي أسود. (بهم) جمع بهيم وهو في الأصل من لا يخالط لونه لون سواه. (غر) من الغرة وأصلها بياض في وجه الفرس. (محجلون) أي أبيض مواضع الوضع من الأيدي والأقدام استعار لآثار الوضوء البياض في وجه الفرس ويديه ورجليه.

-[تمييز الأمة المحمدية من سائر الأمم يوم القيامة بالتحجيل]- 457 - وعن أبي أمامة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما من أمتي أحد إلا وأنا أعرف يوم القيامة قالوا يا رسول الله من رأيت ومن لم تر قال من رأيت ومن لم أر؛ غرًا محجلين من أثر الطهور. 458 - وعن أبى الدرداء قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنا أول من يؤذن له بالسجود يوم القيامة وأنا أول من يؤذن له أن يرفع رأسه فأنظر إلى بين يدي فأعرف أمتي من بين الأمم ومن خلفي مثل ذلك وعن يميني مثل ذلك وعن شمالي مثل ذلك فقال له رجل يا رسول الله كيف تعرف أمتك من بين الأمم فيما بين نوح إلى أمتك قال هم غر محجلون من أثر الوضوء ليس أحد كذلك غيرهم وأعرفهم أنهم يؤتون كتبهم بأيمانهم وأعرفهم يسعي بين أيديهم ذريتهم. 459 - وعن عبد الرحمن بن جبير أنه سمع من أبى ذر وأبى الدرداء أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال

_ (تخريجه) أخرجه الترمذي مختصرًا عن أبى الوليد أحمد بن بكار الدمشقي ثنا الوليد بن مسلم قال صفوان بن عمرو الخ .. هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه من حديث عبد الله ابن بسر" وعقب شارحه على ذلك بقوله "الحديث لم يروه من أصحاب الكتب السنة إلا الترمذي ورواه أحمد مطولاً عن أبى المغيرة بن صفوان، وقد ورد هذا المعني في أحاديث آخر في الصحيحين وغيرهما من حديث أبى هريرة، وعند ابن ماجه وابن حبان من حديث ابن مسعود وعند أحمد والطبراني من حديث أبى أمامة، وعن أحمد من حديث أبى الدرداء". 457 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى نثا أبن مهدي عن معاوية بن صالح عن أبى عتبة الكندي عن أبى أمامة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجاله موثقون". 458 - (سنده) حدثنا عبد الله دثني أبى ثنا حسن ثنا أبن لهيعة ثنا يزيد بن أبى حبيب عن عبد الرحمن بن جبير عن أبى الدرداء. (تخريجه) أورده المنذري في الغرب والترهيب وقال "رواه أحمد وفي إسناده ابن لهيعة وهو حديث حسن في المتابعات". وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد والبزار باختصار عنه إلا أنه قال وذراريهم نور بين أيديهم، ورجال أحمد رجال الصحيح غير ابن لهيعة وهو ضعيف وقد وثق". 459 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب عن عبد الرحمن بن جبير.

-[دعوات النبي (صلى الله عليه وسلم) لأمته]- إني لأعرف أمتي يوم القيامة من بين الأمم قالوا يا رسول الله وكيف تعرف أمتك قال أعرفهم يؤتون كتبهم بأيمانهم وأعرفهم بسيماهم في وجوهم من أثر السجود وأعرفهم بنورهم يسعي بين أيديهم. الباب السادس في دعوات النبي (صلى الله عليه وسلم) لأمته 46 - عن سعد بن أبى وقاص قال أقبلنا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حتى مررنا على مسجد نبي معاوية فدخل فصلى ركعتين وصلينا معه وناجي ربه عز وجل طويلاً قال سألت ربي عز وجل ثلاثًا سألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها وسألته أن لا يهلك أمتي بالسنة فاعطانيها وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فمنعنيها. 461 - وعن أنس بن مالك أنه قال رأيت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) في سفر صلى سبحه الضحي ثمان ركعات فلما أنصرف قال إني صليت صلاة رغبة ورهبة سألت ربي عز وجل ثلاثًا فأعطاني ثنتين ومنعني واحدة سألت أن لا يبتلى أمتي بالسنين ففعل وسألت أن لا يظهر عليهم عدوهم ففعل وسألته أن لا يلبسهم شيعًا فأبى علي.

_ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال" رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير ابن لهيعة وهو ضيعف وقد وثق. 460 - (سنده) حدثنا أبى ثنا يعلي ثنا عثمان بن حكيم ثنا عامر بن سعد بن أبى وقاص عن أبيه سعد بن أبى وقاص. (غريبة) (السنة) أي الجدت. أخذتهم السنة إذا أجد بواو قحطوا. (تخريجه) صحيح ولو رده ابن كثير في تفسيره ونسبة أيضًا لصحيح مسلم. 461 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا هرون بن معروف ثنا عبد الله بن وهب قال وأخبرني عمرو بن الحرث عن بكير بن الأشج أن الضحاك بن عبد الله القرشي حدثه عن أنس ابن مالك. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه الطبراني في الصغير وفيه جناده بن مروان وهو ضعيف" وأورده الحاكم في المستدرك عن هريرة وقال وهذا حديث صحح الأستاذ ولم يخرجاه وأورده بن ماجه عن معاذ بن جبل.

-[دعوات النبي صلى الله عليه وسلم لأمته]- 462 - وعن عبد الله بن خباب عن أبيه خباب بن الأرت مولى بني زهرة وكان قد شد بدرًا مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أنه قال راقبت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كلها حتى كان مع الفجر سلم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من صلاته جاءه خباب فقال يا رسول الله بأبي أنت وأمي لقد صليت الليلة صلاة ما رأيت صليت نحوها فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أجل إنها صلاة رغب ورهب سألت ربي تبارك وتعالى ثلاث خصال فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت ربي، تبارك وتعالى أن لا يهلكنا بما أهلك به الأمم قبلنا فأعطنيها وسألت ربي عز وجل أن لا يظهر علينا عدوًا غيرنا فأعطانيها وسألت ربي تبارك وتعالى أن لا يلبسنا شيعًا فمتعتيها. حدثنا عبد الله قال سمعت أبى يقول على بن عياش سمع هذا الحديث من شعيب بن أبى حمزة سماعًا. 463 - وعن أبى بصرة الغفاري صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال سألت ربي عز وجل أربعًا فأعطاني ثلاثًا ومنعني واحدة سألت الله عز وجل أن لا يجمع أمتي على ضلالة فأعطانيها وسألت الله عز وجل أن لا يهلكهم بالسنين كما أهلك الأمم قبلهم فأعطانيها وسألت الله عز وجل أن لا يلبسهم شيئصا ويذيق بعضهم بأس بعض فمنعنيها.

_ 462 - (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا على بن عياش الحمصي ثنا شعيب بن أبى حمزة ح وأبو اليمان أنبأنا شعيب قال وقال الزهري حدثني عبد الله بن عبد الله بن الحرث بن نوفل عن عبد الله أبن خباب عن أبيه خباب بن الأرت., (تخريجه) أخرجه الترمذي من طريق محمد بن بشار حدثنا وهب بن جرير حدثنا أبى قال سمعت النعمان بن راشد عن الزهري ... الخ .. بلفظ قريب وقال هذا حديث حسن غريب صحيح وفي الباب عن سعد وابن عمر". 463 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يونس قال ثنا ليث عن أبى وهب الخولاني عن رجل قد سماه عن أبى بصره النفاري. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد بزيادة "وسألت الله عز وجل أن لا يظهر عليهم عدوًا فأعطانيها" بعد "كما أهلك الأمم بعدهم فأعطانيها، وقبل "وسألت الله عز وجل أن لا يلبسهم شيعًا" وبهذا تكمل الأربع ويستقيم الكلام وقال الهيثمي "رواه أحمد والطبراني وفيه رأوا لم يسم".

-[دعوات النبي (صلى الله عليه وسلم) لأمته]- 464 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اللهم من رفق بأمتي فأرفق به ومن شق عليهم فشق عليه. 465 - وعن أبى بردة بن قيس أخي أبى موسي الاشعري قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اللهم أجعل فناء أمتي في سبيلك بالطعن والطاعون. 466 - حدثنا عبد الله حدثني إبراهيم بن الحجاج الناجي قال ثنا عبد القاهر بن السري قال حدثني أبن لكنانة بن عباس بن مرداس عن أبيه أن أباه العباس بن مرداس حدثه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) دعا عشية عرفه لأمته بالمغفرة والرحمة فأكثر الدعاء فأجابه الله عز ول أن قد فعلت وغفرت لأمتك إلا من ظلم بعضهم بعضًا فقال يارب أنك قادر أن تغفر للظالم وتثيب المظلوم خيرًا من مظلمته فلم يكن في تلك العشية إلاّ ذ فلما كان من الغد دعا غداة المزدلفة.

_ 464 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع قال ثنا جعفر بن برقان عن عبد الله البهي عن عائشة. (تخريجه) أخرجه مسلم والنسائي. 465 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا عبد الواحد وقال بن زياد ثنا عاصم الأحول ثنا كريب بن الحرث بن أبى موسي عن أبى بردة بن قيس أخي أبى موسي الأشعري. (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب بزيادة، فقيل يا رسول الله هذا الطعن قد عرفناه فما الطاعون قال وخز أعدائكم من الجن، وفي كل شهادة" "وقال رواه أحمد بأسانيد أحدها صحيح وأبو يعلي والبزار والطبراني" وقال شارحه تفسيرًا لكلمة الطعن "بكثرة الغزو ووجود الفتن والطمع في المال والملك فيكثر الموت هذا وأن يجاهد المسلمون لنصر دين الله، يسلط الله عليهم الأمراض فتحصد النفوس حصدًا، ينبه المسلمين النبي (صلى الله عليه وسلم) أن يحرصوا على قتال أعداء الدين لإعلاء كلمته، وكل نفس ذائقة الموت، والأجل محدود ومقدر، فإن قعدوا في الجهاد أصابهم الطاعون والأمراض الفتاكة جزاء تقاعدهم وكسلهم وإهمالهم واجب الدفاع عن الحق وعن الدين ولكل أجل كتاب". 466 - (تخريجه) فيه عبد الله بن كنانة (كما سمى في رواية ابن ماجة) اختلف فيه وفي أبيه قال ابن حبان عن كنانة يروي عن أبيه، روي عنه ابنة منك الحديث جدًا فلا أدري التخليط في حديثه منه أو من أبنه وأيهما كان فهو ساقط الاحتجاج بما روي لعظم ما أتى من المناكير عن المشاهير وقال

-[فضل القرن الأول إلى بعث فيه النبي (صلى الله عليه وسلم)]- فعاد يدعو لأمته فلم يلبث النبي (صلى الله عليه وسلم) أن تبسم فقال بعض أصحابه يا رسول الله بأبى أنت وأمي ضحكت في ساعة لم تكن تضحك فيها فما أضحكك أضحك الله سنك قال تبسمت من عدو الله إبليس حين علم أن الله عز وجل قد استجاب لي في أمتي وغفر للظالم أهوى يدعو بالثبور والويل ويحثو التراب على رأسه فتبسمت مما يصنع جزعه. أبواب فضل القرون الأولى الباب الأول في فضل القرن الأول الذي بعث فيه النبي (صلى الله عليه وسلم) 467 - عن أبى هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال بعثت في خير قرون بني أدم قرنًا فقرنا حتى كنت من القرن الذي كنت فيه. 468 - وعن أبى موسي الأشعري قال صلينا المغرب مع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثم قلنا لو انتظرنا حتى نصلى معه العشاء قال فانتظرنا فخرج إلينا فقال ما زلتم ههنا قلنا نعم يا رسول الله قلنا نصلى معك العشاء قال أحسنتم أو أصبتم ثم رفع رأسه إلى السماء قال وكان كثيرًا ما يرفع رأسه إلى السماء فقال النجوم أمنه للسماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد وأنا أمنه لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون وأصحابي أمنه لأمتي فإذا ذهبت أصحابي أتى أمتي ما يوعدون.

_ المنذري نحا في تهذيب سنن أبى داود قال البخاري كنانة روي عن أبيه لم يصح، وقد طعن ابن الجوزي في هذا الحديث لذلك وقال عنه، وأحاديث أخرى، ليس في هذه الأحاديث شيء يصح" وذب عنه ابن حجر العسقلاني في القول المسدد (الحديث السابعص 39) بشواهد قوية. 467 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة بن سعيد قال ثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد القاري من قبيلة يقال لها قارة من الأنصار ونزل الإسكندرية بلد باب مصر فقيل له الإسكندراني عن عمرو بن ابى عمرو عن سعيد المقبري عن أبى هريرة. 468 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى حدثنا على بن عبد الله حدثنا حسني بن على الجعقي عن مجمع بن يحيي عن زيد بن جارية الأنصاري قال سمعته بذكره عن سعيد بن أبى بردة عن أبى بردة عن أبى موسى الأشعري.

-[فضل القرن الأول والثاني]- الباب الثاني في فضل القرن الأول والثاني 469 - عن أبى هريرة قال قيل للنبي (صلى الله عليه وسلم) يا رسول الله الناس خير قال أنا ومن معي قال فقيل له ثم من يا رسول الله قال الذي على الأثر قيل له ثم من يا رسول الله قال فرضهم. 470 - وعن عبد الله بن شقيق عن أبى هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) أنه قال خيركم قرني ثم الذين يلونهم قال أبو هريرة ولا أدرى أذكر مرتين أو ثلاثًا ثم يخلف من بعدهم قوم يحبون السمانة ويشهدون ولا يستشهدون. 471 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خير أمتي القرن الذي بعثت فهيم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم والله أعلم أقال الثالثة أم لا ثم يجيء قوم يحبون السمانة يشهدون قبل أن يستشهدوا.

_ (تخريجه) تقدم هذا الحديث في أول باب من أبواب مناقب الصحابة ص 168 من الجزء 22 من هذا الكتاب وقال مصنفه رحمه الله في تخريجه "مسلم". 469 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا صفوان أنا محمد بن عجلان عن أبيه عن أبى هريرة (تخريجه) رواه أبو نعيم في الحلية من طريق أبى عاصم، وهو النبيل عن ابن عجلان وفيه "ثم الذين على الأثر" مرتين وقال فرضهم في الرابع'ن ثم قال أبو نعيم، رواه صفوان بن عيسي عن ابن عجلان مثله، والحديث صحيح الإسناد. 470 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن أبى بشر عن عبد الله بن شقيق. (غريبة) السمانة بفتح السين هي السمن والمراد كثرة اللحم والمذموم منه ما يستكسبه بالتوسع في الأكل إلا من فيه ذلك خلقه وقيل أراد جمع المال. (تخريجه) أخرجه مسلم بإسنادين من طريق هشيم وإسنادين من طريق شعبه وأبى عوانه كلهم عن أبى بشر بهذا الإسناد. 471 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني إبى ثنا هشيم ثنا بشر عن عبد الله بن شقيق عن أبى هريرة (تخريجه) الحديث السابق.

-[فضل القرن الأول والثاني والثالث]- 472 - وعن عبد الله بن مول قال بينما أنا أسير بالأهواز إذا أنا برجل يسير بين يدي على بغل أو بغله فإذا هو يقول اللهم ذهب قرني من هذه الأمة فألحقني بهم فقلت وأنا فأدخل في دعوتك قال وصاحبي هذا إن أراد ذلك ثم قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خير أمتي قوتي منهم ثم الذي يلونهم قال ولا أدري أذكر الثالث أم لا ثم تخلف أقوام يظهر فيهم السمن يهرقون الشهادة ولا يسألونها قال وإذا هو بريدة الأسلمي. الباب الثالث في فضل القرن الأول والثاني والثالث 473 - عن عبد الله بن مسعود قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خير الناس قومي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يأتي بعد ذلك قوم تسبق شهادتهم أيمانهم وأيمانهم شهادتهم. 474 - وعن عمران بن حصين قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يجيء قوم يتسمنون يحبون السمن يعطون الشهادة قبل أن يسألوها.

_ 472 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا إسماعيل عن الجريري عن أبى نضرة عن عبد الله أبن مولة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "وفي رواية سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول خير أمتي القرن الذي بعثت أنا فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يكون قوم تسبق شهادتهم إيمانهم وإيمانهم شهادتهم، وفي رواية القرن الذي بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم، رواها كلها أحمد وأبو يعلي باختصار ورجالها رجال الصحيح، وعبد الله بن موله القشيري جاء في تهذيب التهذيب أنه روى عن بريده وعنه أبو نضرة العبدي ذكره أبن حبان في الثقات". 473 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن إبراهيم بن عبيدة عن عبد الله بن مسعود. (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجه والترمذي وقال الترمذي "وفي الباب عن عمر وعمران بن حصين وبرديه، وهذا حديث حسن صحيح". 474 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع ثنا الأعمش ثنا هلال بن يساف عن عمران ابن حصين.

-[فضل القرن الأول والثاني والثالث والرابع]- 475 - وعن عائشة قالت سألت رجل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أي الناس خير قال القرن الذي أنا فيه ثم الثاني ثم الثالث. 467 - وعن أبى سعيد الخدري قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأتي على الناس زمان يغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يغزو فئام من الناس فيقال هل فيكم من صاحب من صاحب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيقولون نعم فيفتح لهم ثم يغزو فئام من الناس فيقولون هل فيكم من صاحب من صاحب أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيقولون نعم فيفتح لهم. (الباب الرابع في فضل القرن الأول والثاني والثالث والرابع) وفي رواية والخامس 477 - عن النعمان بن بشير أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال خير هذه الأمة القرن الذين بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلون الذين يلونهم قال حسن ثم ينشأ أقوام تسبق أيمانهم شهادتهم وشهادتهم أيمانهم

_ (تخريجه) أورده البخاري من طريق زهدم بن ضرب سمعت عمران بن حصين بلفظ قريب وأورده مسلم بألفاظ قريبه من طرق أخرى عن عمران بن حصين. 475 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أبي ثنا حسين بن علي عن زائدة عن السدي عن عبد الله البهي عن عائشة. (تخريجه) أخرجه مسلم وعلق شارحه على السند فقال "هذا الإسناد مما استدركه الدارقطني فقال إنما روى البهي عن عروة عن عائشة قال القاضي قد صححوا روايته عن عائشة وقد ذكر البخاري روايته عن عائشة". 476 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا سفيان عن عمر وسمع جابرًا يحدث عن أبى سعيد الخدري. (غريبة) فئام، الفئام الجماعة الكثيرة. (تخريجه) أخرجه البخاري وأخرجه مسلم بلفظ "هل فيكم" من رأي بدل من صاحب. 477 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن ويونس قالا ثنا حماد بن سلمة عن عاصم ابن بهدله عن يثمة بن عبد الرحمن عن النعمان بن بشير.

-[فضل القرن الأول والثاني والثالث والرابع]- 478 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن الجريري عن أبى نضرة عن عبد الله بن مولت قال كنت أسير مع بريدة الأسلمي فقال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول خير هذه الأمة القرن الذي بعثت أنا فيهم يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يكون قوم تسبق شهادتهم إيمانهم وإيمانهم شهادتهم وقال عفان مرة القرن الذين بعثت فيهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم. 479 - وعن زهدم بن مضرس قال سمعت عمران بن حصين يحدث أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال إن خيركم قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم قال عمران فلا أدري قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بعد قرنه مرتين أو ثلاثة ثم يكون بعدهم قوم يشهدون ويخونون ولا يؤتمنون وينذرون ولا يوفون ويظهر فيهم السمن. 480 - وعن أنس بن مالك قال لا يأتي عليكم زمان إلا هو شر من الزمان الذي قبله سمعنا ذلك من نبيكم (صلى الله عليه وسلم) مرتين.

_ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط وفي طرقهم عاصم بن بهدلة وهو حسن الحديث وبقية رجال أحمد رجال الصحيح". 478 - (تخريجه) تقدم في تخريج الحديث رقم 471 ص 219. 479 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة وحجاج أنا شعبة قال سمعت أبا جمرة قال سمعت زهدم بن مضرس قال حجاج في حديثه قال جاءني زهدم في داري فحدثني قال سمعت عمران بن حصين. 480 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا ابن نمير أنا مالك يعني ابن مفول عن الزبير بن عدي عن أنس بن مالك. (تخريجه) رواه البخاري عن محمد بن يوسف عن سفيان وهو الثوري عن الزبير بن عدي عن أنس بلفظ "لا يأتي عليكم زمان إلا والذي بعده شر منه" وأورده الحافظ بن كثير في البداية.

-[فضل العرب مطلقًا]- باب فيما ورد في فضل العرب مطلقًا 484 - عن أبي هريرة قال سئل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من أكرم الناس قال أتقاهم قالوا ليس عن هذا نسألك قال فيوسف نبي الله ابن نبي الله ابن نبي الله ابن خليل الله قالوا ليس عن هذا نسألك قال فعن معادن العرب تسألوني خيراهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا. 482 - خط- وعن عثمان بن عفان قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من غش العرب لم يدخل في شفاعتي ولم تنله مودتي. 483 - وعن سلمان الفارسي قال قال لي رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا سلمان لا تبغضني فتفارق دينك قال قلت يا رسول الله وكيف أبغضك وبك هدانا الله قال تبغض العرب فتبغضني.

_ 481 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى حدثنا يحيي عن عبيد الله قال حدثني سعيد عن أبيه عن أبى هريرة. (تخريجه) أخرجه البخاري وأخرجه مسلم من طريق يونس عن ابن شهاب حدثني سعيد بن المسيب عن أبى هريرة بلفظ تجدون الناس معادن فخيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا وفيه زيادة". 482 - (سنده) قال أبو عبد الرحمن (يعني عبد الله بن أحمد بن حنبل) وجدت في كتاب أبى حدثنا محمد بن بشر حدثني عبدا لله بن عبد الله بن الأسود عن حصين بن عمر عن مخارق بن عبد الله ابن جابر الأحمسي عن طارق بن شهاب وعن عثمان بن عفان. (تخريجه) رواه الترمذي وقال "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث حصين بن عمر الأحمسي عن مخارق، وليس حصين عند أهل الحديث بذاك القوي" وحصين بن عمر الأحمسي ضعيف جدًا رواه أحمد بالكذب قال البخاري والساجي وأبو زرعه منكر الحديث. 483 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا شجاع بن الوليد قال ذكره قابوس بن أبى ظبيان عن أبيه عن سلمان. (تخريجه) أخره الترمذي وقال "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث أبى بدر شجاع بن الوليد، وسمعت محمد بن إسماعيل يقول أبوظبيان لم يدرك سلمان، مات سلمان قبل على" وأخرجه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي "قاموس تكلم فيه".

-[إكرام قريش وعدم إهانتهم أو سبهم]- 484 ز- وعن علي قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يبغض العرب إلا منافق أبواب فضائل قريش وما جاء في بعض قبائل العرب الباب الأول في إكرام قريش وعدم إهانتهم أو سهم 485 - عن سعد بن أبى وقاص قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من يرد هوان قريش أهانه الله عز وجل. 486 - وعن عمرو بن عثمان بن عفان قال قال لي أبى يا بني إن وليت من أمر الناس شيئًا

_ 484 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني إسماعيل أبو معمر ثنا إسماعيل بن عياش عن زيد بن جبيرة عن داود بن الحصين عن عبيد الله بن أبى رافع عن على. (تخريجه) في إسناده زيد بن جبيرة (بفتح الجيم وكسر الباء) ضعيف جدًا قال البخاري في التاريخ الصغير "منكر الحديث" وقال أبو حاتم "ضعيف الحديث، منكر الحديث جدًا، متروك الحديث لا يكتب حديثه" وقال ابن عبد البر "أجمعوا على أنه ضعيف". 485 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يعقوب وسعد قالا ثنا أبى عن صالح عن أبن شهاب حدثني محمد بن أبى سفيان بن جارية أن يوسف بن الحكم أبا الحجاج أخبره أن سعد بن أبى وقاص قال. (تخريجه) يوسف بن الحكم بن أبى عقيل الثقفي والد الحجاج تابعي روي عن جماعة من الصحابة، ثقة، والحديث رواه البخاري عن سفيان بن داود الهاشمي عن إبراهيم بن سعد عن صالح ابن كيسان عن الزهري عن محمد بن أبى سفيان عن يوسف بن الحكم عن محمد بن سعد عن أبيه بزيادة محمد بن سعد، ورواه الترمذي أيضًا عن أحمد بن الحسن عن سليمان بن داود، وعن عبد بن حميد عن يعقوب بن إبراهيم بن سعد عن أبيه عن صالح، وقال "هذا حديث غريب من هذا الوجه، وأورده الحاكم في المستدرك عن يوسف بن الحكم أبى الحجاج بن يوسف عن محمد بن سعد عن أبيه وقال: وقد روي هذا الحديث الليت بن سعد عن يزيد بن أسامة بن الهادي عن إبراهيم بن سعد وهو من غرر الحديث فيما رواه الأكابر عن الأصاغر وقال الذهبي "صحيح". 486 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبيد الله بن محمد بن حفص بن عمر التيمي قال سمعت أبى يقول سمعت عمي عبيد الله بن عمر بن موسي يقول كنت عند سليمان بن على رضي الله عنه فدخل شيخ من قريش فقال سليمان أنظر إلى الشيخ فأقعده مقعدًا صالحًا فإن لقريش حقًا فقلت أيها الأمير ألا أحدثك حديثًا بلغني عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال بلى قال قلت له بلغني أن رسول الله

-[إكرام قريش وعدم إهانتهم أو سبهم]- فأكرم قريشًا فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول من أهان قريشًا أهانه الله. 487 - وعن محمد بن إبراهيم أن قتادة بن النعمان الظفري وقع بقريش فكأنه نال منهم فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يا قتادة لا تسبن قريشًا فلعلك أن ترى منهم رجالا ًتزدري عملك مع أعمالهم وفعلك مع أفعالهم وتغبطهم إذا رأيتهم لولا أن تطغي قرش لأخبرتهم بالذي لهم عند الله عز وجل قال يزيد سمعني جعفر بن عبد الله بن أسلم وأنا أحدث هذا الحديث فقال هكذا حدثني عاصم بن عمر بن قتادة عن أبيه عن جده. 488 - وعن رفاعة بن رفع الزرقي قال جمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قريشًا فقال هل فيكم من من غيركم قالوا لا إلا أبن أختنا وحليفنا ومولانا فقال ابن أختكم منكم وحليفكم منكم ومولاكم منكم إن قريشًا أهل صدق وأمانة فنم بغي لها العوائر أكبه الله في النار لوجهه.

_ (صلى الله عليه وسلم) قال من أهان قريشًا أهانه الله قال سبحان الله ما أحسنه هذا من حدثك هذا ال قلت حدثنيه ربيعه بن أبى عبد الرحمن عن سعيد بن المسيب عن عمرو بن عثمان بن عفان. (تخريجه) أورده الحاكم في المستدرك دون ذكر الحوار مع سليمان بن على (وهو سليمان بن علي أن عبدا لله بن العباس، وهو عم المنصور) وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد وأبو يعلي في الكبير باختصار والبزار بنحوه ورجالهم ثقات". 487 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يونس قال ثنا ليث عن يزيد يعني أبن الهاد عن محمد بن إبراهيم. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد دون الزيادة الأخيرة "قال يزيد الخ .. وقال "رواه أحمد مرسلاً ومسندًا وأحال لفظ المسند على المرسل والبزار كذلك والطبراني مسندًا، ورجال البزار في المسند رجال الصحيح ورجال أحمد في المرسل والمسند رجال الصحيح غير جعفر بن عبد الله بن أسلم في مسند أحمد وهو ثقة، وفي بعض رجال الطبراني خلاف". 488 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع عن سفيان عن ابن خثيم عن إسماعيل بن رفاعه عن أبيه عن جده. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد بأطول من هذا وقال "رواه البزار واللفظ له وأحمد باختصار وقال كبه الله في النار لوجهه، والطبراني بنحو البزار".

-[الاقتداء بهم وأن الخلافة حق لهم]- الباب الثاني في الاقتداء بهم وأن الخلافة حق لهم 489 - عن عامر بن شهر قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول خذوا بقول قريش (وفي رواية من قول قريش) ودعوا فعلهم. 490 - وعن ثوبان مولى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) استقيموا لقرش ما استقاموا لكم. 491 - وعن على بن أبى طالب رضي الله عنه قال سمعت أذناي ووعاه قلبي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الناس تبع لقريش صالحهم تبع لصالحهم وشرارهم تبع لشرارهم. 491 ز- وعن على بن أبى طالب رضي الله عنه قال سمعت أذناي ووعاه قلبي عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الناس تبع لقريش صالحهم تبع لصالحهم وشوارعهم تبع لشرارهم. 492 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا معاذ ثنا عاصم بن محمد سمعت أبى يقول سمعت عبد الله ابن عمر يقول قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس اثنان قال

_ وأورده الحاكم في المستدرك من طريق إبراهيم بن إسحاق الزهري ثنا قبيصة بن عقبة ثنا سفيان إلى آخر بأطول من هذا وبلفظ إن قريشًا "أهل أمانة فمن بغاهم العواثر كبه الله لمتخره قالها ثلاثًا، وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي. 489 - (سنده) حدثناعبد الله حدثني أبى ثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن إسماعيل عن عطاء عن عامر بن شهر، وفي رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى حدثني أبى ثنا عبد الرازق ثنا أبن عيينة عن مجالد عن الشعبي قال ثنا عامر بن شهر. (تخريجه) فيه مجالد وهو مجالد بن سعيد فيه كلام وقد وثقه، وعامر بن شهر الهمذاني أبو الكنود ويقال أبو شهر الناعطي له صحبه روي له أبو داود من حديث الشعبي عنه وإسناده إلى الشعبي لا بأس به. 490 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع عن الأعمش عن سالم عن ثوبان. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد بأطول من هذا وقال "رواه الطبراني في الصغير والأوسط ورجال الصغير ثقات". 491 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني محمد بن سليمان لوين ثنا محمد بن جابر عن عبد الملك ابن عمير عن عمارة بن رويبة عن على بن أبى طالب. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه عبد الله بن أحمد والبزار وفيه محمد أبن جابر اليمامي وهو ضعيف عند الجمهور وقد وثق". 492 - (تخريجه) رواه البخاري ومسلم كلاهما من طريق عاصم بن محمد بن زيد عن أبيه.

-[خصوصيات قريش ودعاء النبي (صلى الله عليه وسلم) لهم]- وحرك إصبعيه يلويهما هكذا. 493 - وعن عبد الله بن ابى الهذيل قال كان عمرو بن العاص يتخولنا فقال رجل من بكر ابن وائل لئن لم تنته قريش ليضمن هذا الأمر في جمهور من جماهير العرب سواهم فقال عمرو ابن العاص كذبت سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ويقول قريش ولاة الناس في الخير والشر إلى يوم القيامة. 494 - وعن أبى هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن لى على قريش حقًا وإن لقريش عليكم حقًا ما حكموا فعدلوا وائتمنوا فأدوا واسترحموا فرحموا. الباب الثالث في خصوصيات قريش ودعاء النبي (صلى الله عليه وسلم وآله وسلم لهم) 495 - عن جبير بن مطعم قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وإن للقرشي مثلي قوة الرجل من غير قريش فقيل للزهري ما عني بذلك قال نبل الرأي.

_ 493 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن خبيب بن الزبير قال سمعت عبد الله بن أبى الهذيل. (تخريجه) رجاله ثقات 494 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرازق ثنا معمر عن ابن أبى ذئب عن سعيد المقبري عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد والطبراني في الأوسط ورجال أحمد ورجال الصحيح". 495 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد قال أنا ابن أبى ذئب عن الزهري عن طلحة ابن عبد الله بن عوف عن عبدا لرحمن بن الأزهر عن جبير بن مطعم. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد وأبو يعلي والبزار والطبراني ورجال أحمد وابى يعلي رجال الصحيح" وأخرجه الحاكم في المستدرك بهذا السند بلفظ (للرجل من قريش من القوه ما للرجلين من قريش قال الزهري يعني نبل الرأي"وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبي.

-[خصوصيات قريش ودعاء النبي (صلى الله عليه وسلم) لهم]- 496 - وعن أبي هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم أسرع قبائل العرب فناء قريش ويوشك أن تمر المرأة بالنعل فتقول إن هذا نعل قرشي. 497 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت قال النبي (صلى الله عليه وسلم) يا عائشة إن أولى من يهلك من الناس قومك قالت قلت جعلني الله فداك أبني تيم قال لا ولكن هذا الحي من قريش تستحليهم المنايا وتنفس عنهم أول الناس هلاكًا قلت جعلني الله فداك أبني تيم قال لاولكن هذا الحي من قريش تستحليهم المنايا وتنفس عنهم أول الناس هلاكًا قلت فما بقاء الناس بعدهم قال هم صلب الناس فإذا هلكوا هلك الناس. 498 - عن عبدا لله بن مطيع عن أبيه (مطيع بن الأسود) أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم فتح مكة يقول لا يقتل قرشي صبرًا بعد اليوم (زاد في رواية إلى يوم القيامة) ولم يدرك الإسلام

_ 496 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عمر بن سعد ثنا يحيي يعني بن زكريا بن أبى زائدة عن سعد بن طارق عن أبى حازم عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد بلفظ بعل بدلاً من نعل وهو تصحيف، ولعل المقصود بكلمة نعل أثر من آثاره، وقال الهيثمي "رواه أحمد وأبو يعلي والبزار ببعضه والطبراني في الأوسط وقال هذه بدل هذا ورجال أحمد وأبى يعلي رجال الصحيح". (تخريج) أورد الهيثمي في مجمع الزوائد روايتين لهذا الحديث هذه ثانيتهما قال "رواه أحمد والبزار ببعضه والطبراني في الأوسط ببعضه وإسناد الرواية الأولى عند أحد رجال الصحيح، وفي بقية الروايات مقال". 498 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع ثنا زكريا عن عامر عن عبد الله ابن مطيع. (تخريج) تقدم هذا الحديث عن طريق شعبه بن الحجاج عن عبد الله بن أبى السفر عن عامر الشعبي به في صفحة 157 من الجزء 21 من هذا الكتاب وقال مصنفه رحمه الله في تخريجه (أورد الجزء الأول فيه الحافظ بن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال ورواه الترمذي عن بندار عن يحيي ابن سعيد القطان به وقال حسن صحيح - قلت - وبقيه الحديث رواه مسلم في صحيحه.

-[خصوصيات قريش ودعاء النبي (صلى الله عليه وسلم) لهم]- أحد من عصاة قريش غير مطيع وكان اسمه عاصي فسماه النبي (صلى الله عليه وسلم) مطيعًا. 499 - وعن ابن عباس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اللهم أنك أذقت أوائل قريش نكالاً فأذق آخرهم نوالاً. 500 - عن ابن المسيب عن أبى هريرة أن النبي (صلى الله عليه وسلم) خطب أم هانئ بنت أبى طالب فقالت يا رسول الله إني كبرت ولى عيال فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) خبر نساء ركبن) وفي رواية ركبن الإبل) نساء قريش أحفاه على ولد في صغره وأرعاه على زوج في ذات يده قال أبو هريرة ولم تركب مريم بنت عمران بعيرًا. 501 - وعن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه ولسم) قال إن خير نساء ركبن الإبل صالح نساء قرش أحناه على ولد في صغر وأرعاه على بعل بذات يد.

_ 499 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى أحمد بن محمد بن حنبل بن كنانة ثنا يحيي بن سعيد الأموي قال الأعمش ثنا عن طارق عن سعيد بن جبير قال قال ابن عباس. (تخريجه) رواه الترمذي عن عبد الوهاب الوراق عن يحيي بن سعيد الأموي وعن أبى كريب حدثنا أبو يحيي الجاني عن الأعمش وقال "هذا حديث حسن صحيح غريب". وطارق هو ابن عبد الرحمن البجلي الأحمسي ضعفه بعضهم ووثقه آخرون. 500 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرازق أنا معمر عن الزهري عن أبن المسيب، (تخريجه) تقدم هذا الحديث في باب فضل من حبست نفسها على أولادها من كتاب النكاح صفحة 150 من الجزء 160 من هذا الكتاب وقال مصنفه رحمهالله عن تخريجه "ق" وقد أورده الهيثمي وهنا مرفوع رواه أحمد وابو يعلي ورجال أحمد رجال الصحيح". 501 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو النضر ثنا عبدا لحميد ثنا شهر حدثني عبد الله ابن عباس. (تخريجه) هذا طرف من حديث تقدم بطوله في باب فضل من حبست نفسها على أبنائها من كتاب النكاح صفحة 150 من الجزء 160 من هذا الكتاب وقد رواه الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد وأبو يعلي والطبراني وفيه شهر بن هوشب وهو ثقة وفيه كلام وبقية رجاله ثقات".

-[ما ورد في بعض قبائل العرب]- 502 - وعن عائشة قالت قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إن لكل قوم مادة إن مواد قريش مواليهم، (وعنها من طريق آخر) إن لكل قوم مادة وإن مادة قريش مواليهم. أبواب ما ورد في بعض قبائل العرب الفصل الأول: في حديث عمرو بن عبسة السلمي رضي الله عنه الجامع لقبائل متعدة 503 - عن عمرو بن عبسة السلمي قال كان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعرض يومًا خيلاً وعنده عيينة ابن حصين بن بدر الفزاري فقال له رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكيف ذاك قال خير الرجال رجال يحملون سيوفهم على عواتقهم جاعلين رماحهم على مناسج خيولهم لابسو البرود من أهل نجد فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) كذبت بل خير الرجال رجال أهل اليمن والإيمان يمان إلى لخم وجذام وعاملة ومأكول حمير خير من أكلها وحضرموت خير من بني الحرث وقبيلة خير من قبيلة وقبيلة شر من قبيلة والله ما أبالي أن يهلك الحارثان كلاهما لعن الله الملوك الأربعة جمداء ومخوساء ومشرفاء وأبضعة وأختهم العمردة ثم قال أمرني ربي عز وجل أن ألعن قريشًا مرتين فلعنهم وأمرني أن أصلى عليهم فصليت عليهم مرتين ثم قال عصبة عصت الله ورسوله غير قيس وجعدة وعصية

_ 502 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الله بن نمير ثنا حجاج عن قتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة. وعن طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد قال أنا حجاج عن قتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة. وعنها من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد قال أنا حجاج عن قتادة عن صفية بنت شيبة عن عائشة. (غريبة) مادة أي معونة وكل ما أعنت به قوم في حرب أو غيره فهو مادة لهم. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد والطبراني في الأوسط وفيه الحجاج بن أرطأة وهو ثقة وبقية رجاله رجال الصحيح. 503 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان بن عمرو حدثني شريح ابن عبيد عن عبد الرحمن بن عائذ الأزدري عن عمرو بن عبسة السلمي.

-[ما ورد في الأزد وحمير]- ثم قال لأسلم وغفار ومزينة وأخلاطهم من جهينة خير من بني أسد وتميم وغطفان وهوزان عند الله عز وجل يوم القيامة ثم قال شر قبيلتين في العرب نجران وبنو تغلب وأكثر القبائل في الجنة مذحج ومأكول. وفي رواية ومأكول حمير خير من آكلها قال من مضي خير ممن بقى. (وعنه من طريق آخر) قال بينا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يعرضخيلاً وعنده عيينه بن حصن ابن حذيفة بن بدر الفزاري فقال لعيينة أنا أبصر بالخيل منك فقال عيينة وأنا أبصر بالرجال منك قال فكيف ذاك قل خيار الرجال الذين يضمون أسيافهم على عواتقهم ويعرضون رماحهم على منساج خيولهم من أهل نجد قال كذبت خيار الرجال رجال أهل اليمن والإيمان يمان وأنا يمان وأكثر القبائل يوم القيامة في الجنة مذحج وحضرموت خير من بني الحرث وما أبلى يهلك الحياة كلاهما فلا قيل ولا ملك إلا له عز وجل لعن الله الملوك الأربعة جمداء ومشرحاء ومخوساء وأبضعة وأختهم العمردة. الفصل الثاني فيما ورده في الأزد وحمير 504 - عن أبى هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نعم القوم الأزد طيبة أفواهم برة أيمانهم نقية قلوبهم. 505 - وعنه أيضًا قالت كنت جالسًا عن النبي (صلى الله عليه وسلم) فجاء رجل فقال يا رسول

_ وفي رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى قال قال أبو المغيرة قال صفوان. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن بن مويس ثنا زهير بن معاوية ثنا يزيد بن زيد عن جابر عن رجل عن عمرو بن عبسة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال (رواه أحمد متصلاً ومرسلاً، والطبراني وسمى الثاني يسر بن عبيد الله ورجال الجميع ثقات". 504 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حدثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا أبو يونس عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد قال "رواه أحمد وإسناد حسن". 505 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرازق أخبرني أبى أنا ميناء عن أبي هريرة قال.

-[ما ورد في بني ناجية والنخع وعنرة]- الله ألعن حمير فأعرض عنه ثم جاءه من ناحية أخرى فأعرض عنه وهو يقول ألعن حمير فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) رحم الله حمير أفواهم سلام وأيديهم طعام أهل أمن وإيمان الفصل الثالث فيما ورد في بني ناجيه والنخع وعنزة 506 - عن سعد بن أبى وقاص أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال لبني ناجيه أنا منهم وهم مني. (وفي رواية عن أبن أخي سعد) قال ذكروا بني ناجيه عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال هم حي مني ولم يذكر فيه سعد. 507 - وعن ابن مسعود قال شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعو لهذا الحي من النخع أو قال يثني عليهم حتى تمنيت أني رجل منهم.

_ (تخريجه) أخرجه الترمذي من طيرق عبد الرازق بهذا الإسناد وقال "هذا حديث غريب لا تعرفه إلا من هذا الوجه، من حديث عبد الرازق ويروى عن ميناء أحاديث مناكير". 506 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو سعيد ثنا شعبة عن سماك بن حرب عن أبن أخ لسعد عن سعد. وفي رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن جعفر وذكر الحديث بقصة فيه فقال ابن أخي سعد بن مالك. (تخريجه) رواه الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد متصلاً ومرسلاً باختصار عن ابن المسند عن أبن أخ لسعد ولم يسمه وبقية رجالهما رجال رجال الصحيح، ويبدو أن لفظ "عن أبن المسند" خطأ أو تصحيف من الطابع وللرواية الثانية هي المرسلة لقوله "ولم يذكر فيه سعد" وبعد السند ضعيفًا للجهالة بن أخ سعد بن أبى وقاص راوي الحديث. وأورد الهيثمي رواية أخرى عن شعبة قال سألت سعد بن إبراهيم عن بني ناجيه فقال هم منا قال شعبة يروون عنه سعيد بن زيد عن النبي (صلى الله عليه وسلم) "هم مني وأحسبه قال وأنا منهم" رواه أبو يعلي ورجاله رجال الحصيح إلا أن سعيد بن إبراهيم لم يسمع من سعيد بن زيد، وبني تاجيه من قريش ويجتمع نسبهم مع النبي (صلى الله عليه وسلم) في لؤى بن غالب، وناجيه هو بن سلمه بن لؤي والنسبة إليه ناجي. 507 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا طلق بن غنام بن طلق ثنا زكيرا بن عبد الله ابن يزيد عن أبيه قال حدثني شيخ من بني أسد إما قال شقيق وإما قال زر عن عبد الله (ابن مسعود).

-[ما ورد في بعض قبائل العرب مدحًا وذمًا]- 508 - وعن الغضبان بن حنظلة أن أباه حنظلة بن نعيم وفد إلى عمر كان عمر إذا مر به إنسان من الوفد سأله ممن هو حتى مر به أبى فسأله ممن أنت فقال من عنزة فقال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول حي من ههنا مبغي عليهم منصورون. الباب الخامس فيما وردفي بعض قبائل العرب مدحًا وذمًا 509 - عن أبى هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه سلم قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم خير عند البه قال أحسبه قال يوم القيامة من أسد وغطفان وهوزان وتميم.

_ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد والبزار والطبراني ورجال أحمد ثقات". 508 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو سعيد مولى بن هاشم ثنا المثني بن عوف العنزي بصري قال أنبأنا الغضبان بن حنظلة أن أباه الخ. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد بأطول من هذا وقال "رواه أبو يعلي في الكبير والبزار بنحوه باختصار عنه والطبراني في الأوسط وأحمد إلا أنه قال عن الغضبان بن حنظلة أن أباه وفد على عمر ولم يذكر حنظلة وأحد إسنادي أبى ليلي رجاله ثقات كلهم". 509 - (سنده) حدثني عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد أنبأنا المسعودي عن سعد بن إبراهيم عن عبد الرحمن بن هرمز عن أبى هريرة. (غريبة) (1) موالي أي المناصرين لي. 510 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن محمد بن أبى هريرة. بلفظ قريب وأخرجه البخاري من طريق شعبة عن محمد بن أبى يعقوب قال سمعت عبد الرحمن بن أبى بكرة في قصة وبلفظ قريب.

-[ما ورد في بعض قبائل العرب مدحًا وذمًا]- 511 - وعن ابن عمر قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها وعصية الذين عصوا الله ورسوله. 512 - وعن سلمه بن الأكوع أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها أما والله ما أتا قلته ولكن الله قاله. 513 - وعن أبى برزة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أسلم سالمها الله وغفار غفر الله لها ما أنا قلته ولكن الله عز وجل قاله. 514 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن أبى يعقوب الضبي قال سمعت عبد الرحمن بن أبى بكرة يحدث عن أبيه أنه الأقرع بن حابس جاء إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال إنما بايعك سراق الحجيج من أسلم وغفار ومزينة وأحسب جهينة، محمد الذي يشك، فقال

_ 511 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا الفضل بن دكين ثنا سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر. (تخريجه) أخرجه مسلم بهذا السند بتقديم غفار على أسلم وأخرجه البخاري من طريق نافع أن ابن عمر أخبره وبتقديم غفار على أسلم أيضًا وأخرجه الترمذي من طريق إسماعيل بن جعفر عن عبد الله بن دينار ع ابن عمر وقال "هذا حديث حسن صحيح". 512 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الصمد قال ثنا عمر بن راشد اليمامي قال ثنا إياس بن سلمة بن الأكوع عن أبيه. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والطبراني وفيه عمر بن راشد اليمامي وثقة العجلي وضعفه الجمهور وبقية رجالهما رجال الصحيح. وقد أخرجه مسلم عن أبى هريرة وأخرجه البخاري عن أبى هريرة أيضًا بدون جملة - ما أنا قلته ولكن الله قالها، وأخرجه الترمذي بلفظ البخاري عن ابن عمر وقال "هذا حديث صحيح، وفي الباب عن أبى ذر وأبى بردة، وبريده وأبى هريرة رضي الله عنه". 513 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا شعبة عن على بن زيد عن المغيرة بن أبى برزة عن أبيه قال ... (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد قال "رواه أحمد والبزار وأبو يعلي والطبراني باختصار عنهما وأسانيدهم جيده".

-[ما جاء في بجيلة وأحمس وقيس وبني ناجيه]- رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أرأيت إن كان أسلم وغفار ومزينة وأحسب جهينه خيرًا من بني تميم وبني عامر وأسد وغطفان أخابوا وخسروا فقال نعم فقال والذي نفسي بيده أنهم لأخير منهم، أنهم لأخير منهم. 515 - وعن أبى أيوب الأنصاري عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال إن أسلم وغفار ومزينة وأشجع وجهينه وكان من نبي كعب موالي دون الناس والله ورسوله مولاهم. ما جاء في بجيلة وأحمس وقيس وبني ناجية 516 - عن مخارق عن طارق بن شهاب قال قدم وفد بجيلة على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اكتبوا البجلين وابدؤا بالأحمسيين قال فتخلف رجل من قيس قال حتى أنظر ما يقول لهم رسول الله (صلى الله عليه وسلم) خمس مرات اللهم صل عليهم أو اللهم بارك فيهم، مخارق الذي يشك. (وعنه من طريق آخر) عن طارق بن شهاب أيضًا قال قدم وفد أحمس ووفد قيس على رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ابدؤوا بالاحمسيين قبل القيسيين ثم دعا لأحمس فقال اللهم بارك في أحمس وخيلها ورجالها سبع مرات.

_ 514 - (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم. 515 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد ثنا أبو مالك يعني الأشجعي ثنا موسي بن طلحة عن أبى أيوب. (تخريجه) أخرجه مسلم بهذا السند بلفظ "الأنصار ومزينة وجهينة وغفار وأشجع ومن كان من بني عبد الله موالي دون الناس والله ورسوله مولاهم، وأخرجه البخاري عن أبى هريرة بلفظ "قريش والأنصار وجهينة ومزينة وأسلم وغفار وأشجع موالى ليس لهم مولى دون الله ورسوله" وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد ورجاله رجال الحيح غير محمد بن طلحة بن عبيد الله وهو ثقه"وهو عند مسلم إلا أنه جعل مكان أسلم الأنصار وجعل موضع بني كعب بني عبدة ورجال أحمد رجال الصحيح، وموسى بني طلحة الذي روي عنه أبو مالك الأشجعي من الثقات. 516 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن مخارق. وعنه من طريق آخر (سند) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو أحمد محمد بن عبد الله ثنا سفيان عن مخارق عن طارق بن شهاب.

-[ما جاء في ثقيف ودوس]- 517 - عن عبد الله بن مسعود قال إني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن أسرع أمتي بي لحوقًا فيا لجنة امرأة من أحمس. ما جاء في ثقيف ودوس 518 - عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) اللهم اهد ثقيفًا. 519 - وعن أبى هريرة قال لما قدم الطفيل وأصحابه على النبي (صلى الله عليه وسلم) قال إن دوسًا قد استعصت قال اللهم أهد دوسًا وأئت بهم. 520 - وعنه أيضًا أن أعرابيًا أهدي إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم)، بكرة فعوضه ست بكرات فتسخطه فبلغ ذلك النبي (صلى الله عليه وسلم) فحمد الله وأثني عليه ثم قال إن فلانًا أهدي إلىّ ناقة وهي ناقتي

_ (تخريجه) أورد الهيثمي الروايتين في مجمع الزوائد وقال "رواه كله أحمد وروي الطبراني بعضه إلا أنه قال أبدموا بالأحمسيين قبل القيسين ورجالهما رجال الصحيح". 517 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو أحمد ثنا أبان بن عبد الله البجلي عن كريم بن أبى حازم عن جدته سلمي بنت جابر أن زوجها استشهد فأتت عبد الله بن مسعود فقالت إني امرأة قد استشهد زوجي وقد وقد خطبني الرجال فأبيت أن أتزوج حتى ألقاه فترجو لي إن اجتمعت أنا وهو أن أكون من أزواجه قال نعم فقال له رجل ما رأيناك نقلت هذا مذ قاعدناك قال إني سمعت الخ. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وأبو يعلي وسلمي لم أجد من وثقها وبقية رجال أحمد ثقات". 518 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن الصباح ثنا إسماعيل بن زكريا عن عبد الله بن عثمان بن خشيم عن عبد الرحمن بن سابط وأبى الزبير عن جابر. (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال "هذا حديث حسن صحيح غريب". 519 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع عن سفيان عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة. (تخريجه) أخرجه البخاري بلفظ (إن دوسًا قد هلكت، عصت وأبت فادع الله عليهم". 520 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد أنا أبو معشر عن سعيد بن أبى سعيد المقبري عن أبي هريرة.

-[ما جاء في الأزد وبني تميم]- أعرفها كما أعرف بعض أهلى ذهبت مني يوم زغابات (1) فعوضته ست بكرات فظل ساخطًا لقد هممت أن لا أقبل هدية إلا من قرشي أو أنصاري أو ثقفي أو دوسي. ما جاء في الأزد وبني تميم 521 - عن أبى هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) نعم القوم الأزد طيبة أفوافهم برة أيمانهم نقية قلوبهم. 522 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) هذه صدقة قومي وهم أشد الناس على الدجال يعني بني تميم قال أبو هريرة ما كان قوم من الأحياء أبغض إلى َّ منهم فأحبتهم منذ سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول هذا. 523 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الصمد ثنا عمر بن حمزة ثنا عكرمة بن خالد قال ونال رجل من بني تميم عنده فأخذ كفًا من جصي ليحصبه ثم قال عكرمة حدثني فلان من

_ (غريبه) زغابات وقد ذكرت في معجم البلدان بالأفراد - أي زغابة وجاء في سيرة بن هشام "ولما فرغ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) من الخندق أقبلت قريش حتى نزلت بمجتمع الأسيال من رومة بين الجرف وزغابة" وذكرها أبن سعد في الطبقات أيضًا. (تخريجه) أخرجه الترمذي عن يزيد عن أبى هريرة ويزيد بن هرون يروي عن أبى أيوب أبى العلاء وهو أيوب بن مسكين ويقال بن أبى مسكين ولعل هذا الحديث الذي رواه عن أيوب عن سعيد المقبرى وهو أيوب أبو العلاء، وفي السند أبو معشر وهو نجيح بن عبد الرحمن السندي ضعفوه وقال البخاري عنه منكر الحديث. 521 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن ثنا أبن لهيعة ثنا أبو يونس عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الروائد وقال رواه أحمد وإسناده حسن". 522 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أسد بن عامر قال ثنا سفيان عن رجل عن أبى زرعة عن أبى هريرة. (تخريجه) في إسناده رجل لم يسم. 523 - (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح،

-[ما جاء في ربيعة ومضر]- أصحاب النبي (صلى الله عليه وسلم) إن نميمًا ذكروا عن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فقال رجل أبطأ هذا الحي من تميم عن هذا الأمر فنظر رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلى مزينة فقال ما أبطأ قوم هؤلاء منهم وقال رجل يومًا أبطأ هؤلاء القوم من تميم بصدقاتهم قال فأقبلت نعم حمر وسود لبني تميم فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) هذه نعم قومي ونال رجل من بني تميم عند رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يومًا فقال لا تقل لبني نميم إلا خيرًا فإنهم أطول الناس رماحًا على الدجال. ما جاء في ربيعه ومضر 524 - عن أبى مسعود الأنصاري قال أشار رسول الله (صلى الله عليه وسلم) بيده نحو اليمين فقال الإيمان ههنا الإيمان ههنا وإن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنًا الشيطان في ربيعه ومضر. 525 - وعن أبى سعيد الخدري قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لتضربن مضر عباد الله حتى لا يعبد لله اسم وليضربنهم المؤمنون حتى لا يمنعوا ذنب تلعه. 526 - وعن أبى هريرة لما رفع النبي (صلى الله عليه وسلم) رأسه من الركعة الآخرة من صلاة الصبح (وفي

_ 524 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يحيي عن إسماعيل ثنا قيس عن أبى مسعود، (غريبة) الفدادين بالتشديد من يعلو أصواتهم في حروثهم ومواشيهم وقيل هم المكثرون من الإبل وقيل هم الجمالون والبقارون والحمارون والرعيان. (تخريجه) أخرجه البخاري بلفظ الإيمان يمان ها هنا، وأخرجه مسلم بلفظ "إلا أن الإيمان ها هنا". 525 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا خلف بن الوليد ثنا عباد بن عباد عن مجالد بن سعيد عن أبى الوداك عن أبى سعيد الخدري. (غريبة) تلعة واحدة التلاع وهي مسايل الماء من علو إلى أسفل وقيل هو من الأضداد يقع على ما أنحدر من الأرض وأشرف منها. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وفيه مجالد بن سعيد وثقة النسائي وضعفه جماعة وبقية رجاله ثقات". 526 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا سفيان ثنا الزهري عن سعيد عن أبي هريرة.

-[ما ورد في نجران وبني تغلب وثقيف وبني حنيفة]- رواية الفجر) قال اللهم أنج الوليد (وفي رواية قل اللهم ربنا ولك الحمد أنج الوليد) بن الوليد وسلمة بن هشام وعياش بن أبى ربيعة والمستضعفين بمكة اللهم أشد وطأنك على مضر وأجعلها عليهم سنين كسني يوسف. 527 - عن كعب بن مرة قال دعا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) على مضر قال فأتيته فقلت يا رسول الله إن الله عز وجل قد نصرك وأعطاك واستجاب لك وإن قومك قد هلكوا فادع الله لهم فأعرض عنه قال فقلت له يا رسول الله إن الله عز وجل قد نصرك وأعطاك واستجاب لك وإن قومك قد هلكوا فادع اللهم لهم فقال اللهم اسقنا غيثًا مغيثًا مريعًا طبقًا غدقًا غير ائث نافعًا غير ضار فما كانت إلى جمعة أو نحوها حتى مطروا قال شعبة في الدعاء كلمة سمعتها من حبيب بن أبى ثابت عن سالم في الاستقساء وفي حديث حبيب أو عمرو من سالم قال جئتك من عند قوم ما يخطر لهم فحل ولا يتزود لهم رع. ما جاء في نجران وبني تغلب وثقيف وبني حنيفة 528 - عن عمرو بن عبسة السلمي قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شر قبليتين في العرب نجران

_ (تخريجه) تقدم هذا الحديث 300 من الجزء الثالث من هذا الكتاب وقال مصنفه رحمه الله في تخريجه "البخاري ومسلم والبيهقي". 527 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن سالم بن أبى الجعد عن شرحبيل بن السمط قال قال رجل لكعب بن مرة أو مبرة بن كعب حدثنا حديثًا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لله أبوك وأحذر قال. (غريبة) مريعًا المخصب الناجع يقال أمرع الوادي ومرع مراعة (طبقًا) أي مالثًا الأرض مغطيًا لها يقال غيث طبق أي عام واسع (غدقًا) الغدق بالتحريك المطر الكبار القطر (رانث) أي غير بطيء متأخر، راث علينا خبر فلان يريث إذا أبطأ. (تخريجه) تقدم هذا الحديث في ص 240 من الجزء السادس من هذا الكتاب من طريق أبى معاوية ثنا الأعمش عن عمر بن مرد إلى آخره بلفظ قريب وقال مصنفه رحمه الله في تخريجه بن ماجه والبيهقي وسنده جيد ورواه أيضًا الحاكم وقال هذا حديث حسن صحيح على إسناده. 528 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو المغيرة ثنا عثمان بن عبيد أبو دوس اليحصبي ثنا عبد الرحمن بن عائذ الثمالي عن عمرو بن عبسة.

-[ما ورد في ذم مضر]- وبنو تغلب وأكثر القبائل في الجنة مذحج ومأكول. 529 - وعن أبى برزة السلمي قال كان أبغض الناس أو أبغض الأحياء إلى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ثقيف وبنو حنيفة. ما جاء في ذم مضر 530 - عن حذيفة بن اليمان قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول إن هذا الحي من مضر لا تدع لله في الأرض عبدًا صالحاًا إلا أفتتنه وأهلكته حتى يدركها الله بجنود من عباده فيذلها حتى لا تمنع ذنب تلعه. (وعن من طريق آخر بنحوه) وفيه لا تدع مضر عبدًا لله مؤمنًا إلا فتنوه أو قتلوه أو يضربهم الله والملائكة والمؤمنون حتى لا يمنعوا ذنب تلعه فقال له رجل أتقول هذا يا عبد الله (يعني حذيفة) وأنت رجل من مضر قال لا أقول إلا ما قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم).

_ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد ورجاله ثقات" 529 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حجاج أنا شعبة عن أبى حمزة جارهم قال سمعت حميد بن هلال يحدث عن عبد الله بن مطرف عن أبى برزة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وأبو يعلي وزاد إلا أنه قال بنو أمية وثقيف وبنو حنيفة وكذلك الطبراني ورجالهم جال الصحيح غير عبد الله بن مطرف بن الشخير وهو ثقة". 530 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو داود ثنا هشام عن قتادة عن أبى الطفيل قال انطلقت أنا وعمرو بن صلحي حتى أتينا حذيفة قال سمعت. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبن نمير ثنا الأعمش عن عبد الرحمن ابن ثروان عن عمرو بن حنظلة قال قال حذيفة. (تخريجه) أورد الهيثمي في مجمع الزوائد الرواية الأولى وقال: وفي رواية "لا تدع مضر عبدًا لله مؤمنًا إلا قتلوه أو قتلوه" رواه أحمد بأسانيد والبزار من طرق وفي بعضها قال حذيفة امضوا يا معاشر مضر فو الله لا تزالون بكل مؤمن تفتنوه وتقتلوه أو ليضربنكم الله وملائكته والمؤمنون حتى لا تمنعوا بطن تلعه قالوا فلما قدمتنا ونحن كذلك قال إن منكم سيد ولد آدم (صلى الله عليه وسلم) وإن منكم سوابق كسوابق الخيل والطبراني في الأوسط باختصار وأحد أسانيد أحمد وأحد أسانيد البزار رجاله رجال الصحيح.

-[فضل مكة]- أبواب فضائل الأمكنة الباب الأول في فضل مكة 531 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا الوليد الأوزاعي ثنا يحيي عن أبى سلمة عن أبى هريرة قال أبى وأبو داود حدثنا حرب عن يحيي بن أبى كثير قال حدثني أبو سلمة ثنا أبو هريرة المعني قال لما فتح الله على رسول الله (صلى الله وسلم) مكة قام رسول الله (صلى الله وسلم) فيهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله حبس عن مكة الفيل وسلط عليها رسوله والمؤمنين وإنما أحلت لي ساعة من النهار ثم هي حرام إلى يوم القيامة لا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا تحل لقطتها إلا لمنشد ومن قتل له قتيل فهو بخير النظرين إما أن يفدي وإما أن يقتل فقام رجل من أهل اليمن يقال له أبو شاه فقال يا رسول الله أكتبوا لي فقال عم (1) رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا الأذخر فإنه لقبورنا وبيوتنا فقال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا الأذخر فقلت للأوزاعي وما قوله اكتبوه لأبي شاه وما يكتبوا له قال يقول أكتبوا له خطبته التي سمعها قال أبو عبد الرحمن ليس يروي في كتابة الحديث شيء أصح من هذا الحديث لأن النبي (صلى الله عليه وسلم) أمرهم قال اكتبوا لأبي شاه وما سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) خطبته.

_ 531 - (غريبه) يعضد بضم أوله وفتح الضاد أي لا يقطع شجرها، ينفر صيدها بأن يتعرض له بالاصطياد والإيحاش والأزعاج أو بنقله من محله "لقطتها" اللقطة بضم اللام وفتح القاف ويجوز إسكانها والمشهور عند المحدثين فتحها قال الأزهري وهو الذي سمع من العرب وأجمع عليه أهل اللغة والحديث وهي في اللغة الشيء الملقوط وشرعًا ما وجد من حق ضائع محترم غير محرز ولا ممتنع بقوته ولا يعرف الواجد مستحقه، المنشد هو المعرف بضم الميم وتشديد الراء مكسورة وأما طالبها فيقال له ناشد. (1) هو العباس رضي الله عنه كما توضح ذلك الروايات التالية (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم.

-[فضل مكة]- 532 - وعن ابن عباس أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال إن الله عز وجل حرم مكة فلم تحل لأحد قبلي ولا تحل لأحد بعدي وإنما أحلت لي ساعة من نهار لا يختلي خلاها ولا يعضد شجرها ولا ينفر صيدها ولا يلتقط لقيطها إلا المعرف فقال العباس إلا الإذخر لصاغتنا وقبورنا قال إلا الإذخر. (وعنه من طريق آخر) قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يوم فتح مكة إن هذا البلد حرام حرمه الله يوم خلق السموات والأرض فهو حرام حرمه الله إلى يوم القيامة ما أحل لأحد فيه القتل غيري ولا يحل لأحد بعدي فيه حتى تقوم الساعة وما أحل لي فيه إلا ساعة من النهار فهو حرام حرمة الله عز وجل إلى أن تقوم الساعة ولا يعضد شوكة ولا يختلي خلاه ولا ينفر صيده ولا تلتقط لقطته إلا لمعرف قل فقال العباس وكان من أهل البلد قد علم الذي لا بد لهم منه إلا الأخذر يا رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إلا الأذخر. (زاد في رواية) فإنه لبيوتهم ولقينهم فقال إلا الإذخر ولا هجرة ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا. 533 - وعن سعيد المقبري عن أبى شريح العدوي أنه قال لعمرو بن سعيد وهو يبعث البعوث إلى مكة ائذن لي أيها الأمير أحدثك قولاً قام به رسول الله (صلى الله عليه وسلم) الغد من يوم الفتح سمعته أنذاي ووعاء قلبي وأبصرته عيناي حين تكلم به أن حمد الله وأثنى عليه ثم قال إن مكة حرمها الله

_ 532 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا وهيب ثنا خالد عن عكرمة عن ابن عباس، وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبيدة حدثني أبي ثنا عبيدة حدثني منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس. زاد في رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يحيي بن آدم ثنا مفضل عن منصور عن مجاهد عن طاوس عن ابن عباس. (غريبة) لقينهم: القين الحداد والصائغ. (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم والنسائي ابن ماجه. 533 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حجاج قال ثنا ليث قال حدثني سعيد يعني المقبري عن أبي شريح.

-[فضل مكة]- ولم يحرمها للناس فلا يحل لامرئ يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دمًا ولا يعضد بها شجرة فإن أحد ترخص لقتل رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فيها فقولوا إن الله عز وجل أذن لرسوله ولم يأذن لكم إنما أذن لي فيها ساعة من نهار وقد عادت حرمتها اليوم كرحمتها بالأمس وليبلغ الشاهد الغائب. 534 - وعن عبد الله بن مطيع بن الأسود (وكان اسمه العاص فسماه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) مطيعًا قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) حين أمر بقتل هؤلاء الرهط بمكة يقول لانغزي مكة بعد هذا العام أبدًا ولا يقتل قرشي بعد هذا العام صبرًا أبدًا. 535 - عن سعيد بن عمر وقال أنى عبد الله بن عمرو بن العاص بن الزبير وهو جالس في الحجر فقال يا ابن الزبير إياك والإلحاد في حرم الله فإني أشهد لسمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول يحلها ويحل به رجل من قريش لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لوزنها قال (1) فأنظر إن لا تكون هو يا ابن عمرو فإنك قد قرأت الكتب وصحبت الرسول (صلى الله عليه وسلم) قال فإني أشهدك أن هذا وجهي إلى الشام مجاهدًا.

_ (تخريجه) تقدم هذا الحديث بلفظه من طريق أبى كامل ثنا ليث إلى آخره في ص 162 من الجزء الحادي والعشرين من هذا الكتاب وشرحه مصنفه رحمه الله وقال في تخريجه (البخاري وابن اسحق في المغازي). 534 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يعقوب قال ثنا أبى عن ابن إسحق قال حدثني شعبة بن الحجاج عن عبد الله بن أبى السفر عن عامر الصعبي عن عبد الله بن مطيع بن كعب. (تخريجه) تقدم هذا الحديث في صفحة 157 من الجزء 21 من هذا الكتاب وقال مصنفه رحمه الله في تخريجه "أورد الجزء الأول منه الحافظ بن كثير في تاريخه وعزاه للإمام أحمد ثم قال ورواه الترمذي عن بندار عن يحيي بن سعيد القطان به قال حسن صحيح - قلت وبقية الحديث رواه مسلم في صحيحة". 535 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا هاشم ثنا إسحق يعني ابن سعيد ثنا سعيد بن عمرو (1) القائل هو ابن الزبير لا ابن عمرو. (تخريجه) أورده الهيثمي وقال "رواه أحمد ورجاله ثقات".

-[فضل مكة]- 536 - وعن إسحق بن سعيد عن أبيه قال أني عبد الله بن عمر عبد الله بن الزبير فقال يا ابن الزبير إياك والإلحاد في حرم الله تبارك وتعالى فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول أنه سيلحد فيه رجل من قريش لو وزنت ذنوبه بذنوب الثقلين لرجحت فانظر لا تكونه. 537 - وعن عياش بن أبى ربيعة قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لا تزال هذه الأمة بخير ما عظموا هذه الحرمة حق تعظيمها فإذا تركوها وضيعوها هلكوا. 538 - وعن أبى هريرة قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) المدينة ومكة محفوفتان بالملائكة على كل نقب منها ملك لا يدخلها الدجال ولا الطاعون.

_ 536 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن كناسة ثنا إسحاق بن سعيد. (تخريجه) أورده الهيثمي وقال "رواه أحمد ورجاله ثقات، وثقات، وقد ذكرت الرواية السابقة عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وذكرت روايات أخرى بهذا المعني عن عبد الله بن عمرو بن العاص، ومن هنا قال بعض شراح المسند عن هذا الحديث "إسناده صحيح على عله فيه". 537 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا الحسين بن محمد ثنا شريك ويزيد بن عطاء عن يزيد يعني ابن أبى زياد عن عبد الرحمن بن سابط عن عياش بن أبى ربيعة. (تخريجه) أخرجه ابن ماجة وقال البوصيري في الزوائد ويزيد بن أبى زياد اختلط بآخره. 538 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا سرجي قال ثنا فليح عن عمر بن العلاء الثقفي عن أبية عن أبى هريرة. (غريبة) نقب هو الطريق بين الجبلين. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في كتابة "النهاية" وقال "هذا غريب جدًا"، وذكر مكة في هذا ليس بمحفوظ وذكر الطاعون والله أعلم والعلاء الثقفي هذا إن كان بن زيد فهو كذاب" وقال الحافظ بعد ذلك" وقد روي البخاري ومسلم من حديث الإمام مالك رضي الله عنه عن نعيم المجمر عن أبى هريرة أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال "على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال .. وقال الترمذي حدثنا عبده بن عبد الله الخزاعي حدثنا يزيد بن هارون حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأتي الدجال المدينة فيجد الملائكة يحرسونها فلا يدخلها الطاعون ولا الدجال .. وقال الترمذي حدثنا عبده بن عبد الله الخزاعي حدثنا يزيد بن هارون حدثنا بشعبة عن قتادة عن أنس قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يأتي الدجال المدينة فيجد الملائكة يحرسونها فلا يدخلها الطاعون ولا الدجال إن شاء الله تعالى وأخرجه البخاري عن مرسي وإسحاق بن أبى عيسي بن يزيد أبن هارون ثم قال الترمذي هذا حديث صحيح".

-[فضائل مكة]- 539 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن أبي سلمة ابن عبد الرحمن عن أبي هريرة قال وقف النبي صلى الله عليه وسلم على الحزورة فقال علمت أنك خير أرض الله وأحب الأرض إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت قال عبد الرزاق والحزورة عند باب الحناطين. 540 - وعن عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهدي أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وهو واقف بالحزورة من مكة يقول لمكة والله إنك لأخير أرض الله فذكر نحوه.

_ 539 - (تخريجه) قال الترمذي بعد أن أورد الرواية التي ستلى لهذا الحديث (وهي التي عن عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري)، "ورواه محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) وحديث الزهري عن أبى سلمة عن عبد الله بن عدي بن حمراء عندي أصح" وعلق الحافظ أبى الطيب تقي الدين محمد بن أحمد بن على الفاسي المكي المالكي في كتابه "شفاء الغرام بأخبار البلد الحرام على ذلك فقال "وما ذكره الترمذي من أن محمد بن عمرو رواه عن أبى سلمة عن أبى هريرة لم أره هكذا، وإنما رأيته عنه أبى سلمة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) مرسلاً، هكذا رويناه في الجزء الثاني من حديث علىبن حجر السعدي عن إسماعيل بن جعفر عن محمد بن عمرو به. وفي تاريخ الأزرقي عن جده عن سعيد بن سالم القداح عن عثمان بن ساج عن محمد بن عمرو به - ولعل محمد بن عمرو في الرواية التي ذكرها عنه الترمذي سلك فيها جادة إسناده المتكرر في غير ما حدثت له عن أبى سلمة عن أبى هريرة والله أعلم. وقيل إن الحزورة هي سوق مكة، وقيل إنها بفناء دار الأرقم يعني دار الخيزران التي عند الصفاء ونقل عن بعضهم إنها بحناء الردم في الوادي وقيل أنها كانت بالقرب من باب الوداع ثم دخلت في المسجد. 540 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يعقوب بن إبراهيم ثنا أبى عن صالح قال أبن شهاب أخبرني أبو سلمة بن عبد الرحمن أن عبد الله بن عدي بن الحمراء الزهري أخبره أنه سمع رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وابن حبان في الزوائد والترمذي من طريق الليث عن عقيل عن الزهري عن أبى سلمة عن عبد الله بن عدي بن حمراء الزهري وقال "هذا حديث حسن غريب صحيح". (تخريجه) أخرجه ابن ماجه وعبد الرحمن هو عبد الرحمن هو عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.

-[ما جاء في المسجد الحرام وهو مسجد مكة]- 541 - وعن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله أنه أخبره أن عمر بن الخطاب أخبره أنه سمع النبي (صلى الله عليه وسلم) يقول سيخرج أهل مكة منها ثم لا يعمروها أو لا تعمر إلا قليلاً ثم تعمر وتمتلئ وتبني لم يخرجون منها فلا يعودون إليها أبدًا. الثاني ما جاء في المسجد الحرام وهو مسجد مكة (1) 542 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول خير ما ركبت إليه الرواحل مسجد إبراهيم عليه السلام (2) ومسجدي. 543 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) صلاة في مسجدي هذا (3) أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام (4) وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة قال حسين فيما سواه (5).

_ 541 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى حدثنا موسى حدثنا ابن لهيعة عن أبى الزبير. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد وأبو يعلي وفيه ابن لهيعه وحديثه حسن وبقيةرجاله رجال الصحيح. (1) وجدنا هذا الباب بخط الشيخ رحمه الله وطبعناه كما هو، وقد سار فيه على طريقته الموسعة في الشرح وذكر الأحكام (اللجنة). 542 - عن جابر بن عبد الله (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن ثنا بن لهيعة أبو الزبير عن جابر الخ. (غريبة) (2) يعني المسجد الحرام مسجد مكة. (تخريجه) (أبو يعلي وابن حبان) وسنده حسن عندهما قال المنذري وأحمد وابن ماجه بإسنادين صحيحين (ز). 543 - وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا حسين يعني ابن محمد وعبد الجبار بن محمد الخطابي قال ثنا عبيد الله يعني أبن عمرو الرقي عن عبد الكريم عن عطاء عن جابر الخ. (غريبة) (3) قال النووي رحمه الله ينبغي أن يحرص المصلي على الصلاة في الموضع الذي كان عليه في زمنه (صلى الله عليه وسلم) دون ما زيد فيه بعده في التضعيف إنما ورد في مسجده وقد أكده بقوله "هذا" بخلاف في مسجد مكة فإنه يشمل جميع مكة بل صحح النووي أنه يعم جميع الحرم (4) أي فإنه أفضل بمائة صلاة كما في رواية عند النسائي (5) يعني إلا مسجد المدينة، بدليل ما يأتي في حديث عبد الله ابن الزبير وهو أن الصلاة في مسجد مكة تفضيل الصلاة في مسجد المدينة بمائة صلاة فقط لا بمائة ألف.

-[ما جاء في فضل زمزم]- 544 - عن عبد الله بن الزبير رضي الله عنهما قال قال رسول الله (صلى الله عليه سولم) صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في هذا (1). الباب الثالث فيما جاء في فضل زمزم 545 ز- وعن أبى بن كعب أن جبريل لما ركض زمزم بعقبة جعلت أم إسماعيل تجمع البطحاء فقال النبي (صلى الله عليه وسلم) رحم الله هاجر أم إسماعيل لو تركتها لكانت ماء معينًا. 546 - وعن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ماء زمزم لما شرب له

_ (تخريجه) (ابن ماجه) ووثق الحافظ رجال إسناده (ق). 544 - عن عبد الله بن الزبير (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يونس قال حدثنا حماد يعني أبن مزيد قال حدثنا حبيب المعلم عن عطاء عن عبد الله بن الزبير الخ. (غريبة) (1) يعني مسجده (صلى الله عليه وسلم) وفي الباب، عند البزار والطبراني من حديث أبى الدرداء رفعه الصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة والصلاة في مسجدي بألف صلاة والصلاة في بيت المقدس بخمسمائة صلاة، قال البزار إسناده حسن فوضح بذلك أن المراد بالاستثناء تفضيل المسجد الحرام. (تخريجه) أبن خزيمة والبيهقي وغيرهما وحسنه النووي ورواه أيضًا ابن حبان في صحيحة وصححه وزاد يعني في مسجد المدينة، والبزار ولفظه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا لمسجد الحرام فإنه يزيد عليه مائة صلاة، وإسناده صحيح أيضًا قاله المنذري (تر) (الأحكام) أحاديث الباب تدل على أن أفضل المساجد المسجد الحرام وهو مسجد مكة ثم يليه في الفضل مسجد النبي (صلى الله عليه وسلم) بالمدينة ثم يليه مسجد بيت المقدس وهو المسجد الأقصى وبذلك قال الجمهور والله أعلم، إلى هنا انتهي ما وجدناه بخط الشيخ رحمه الله تعالى وستأتي أحاديث أخرى عن فضل المساجد لثلاثة. 545 - (سنده) حدثنا عبد الله ثنا حجاج بن يوسف الشاعر قال حدثني وهب بن جرير أن سألته حدثنا أبى قال سمعت أيوب يحدث عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبى بن كعب. (غريبة) البطحاء هو الحصى الصغار. (تخريجه) عزاه صاحب كنز العمال للنسائي والضياء. 546 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الله بن الوليد ثنا عبد الله بن المؤمل عن أبى الزبير عن جابر.

-[ما جاء في وادي السرر بطريق مكة]- 547 - وعن أبي ذر أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال إنها مباركة إنها طعام طعم (يعني زمزم). الباب الرابع فيما جاء في وادي السرر بطريق مكة 548 - عن محمد بن عمران الأنصاري عن أبيه أنه عدل إلى عبد الله بن عمر وأنا نازل تحت سرحه بطريق مكة فقال ما أنزلك تحت هذه السرجة قلت أردت ظلها قال هل غير ذلك قلت لا ما أنزلني إلا بعد ذلك قال عبد الله بن عمر قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) إذا كنت بين الأخشبين من مني ونضح بيده نحو المشرق فإن هنالك واديًا يقال له السرر به سرحه سر تحتها سبعون نبيًا.

_ (تخريجه) أخرجه النسائي والبيهقي في السنن وأبن أبى شيبة. 547 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هرون أنا سليمان بن المغيرة ثنا حميد أبن هلال عن عبد الله بن صامت قال قال أبو ذر. (تخريجه) هذا طرف من حديث طولي ذكر بتمامه في مناقب أبى ذر في صفحة 369 من الجزء 22 وجاء في تخريجه "أخرجه بمثله مسلم في صحيحه في فضائل أبى ذر رضي الله عنه حدثنا هداب أبن خالد الأزدي حدثنا سلميان بن المغيرة به ثم أخرجه من طريقين آخرين ورواه الحاكم عن أبى ذر من طريق آخر بإسناد صالح كما قال الذهبي". 548 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى قال قرأت على عبد الرحمن مالك عن محمد بن عمرو أبن حلحلة الدبلي عن محمد بن عمران. (غريبة) السرحة بفتح السين الشجرة العظيمة وسر بضم السين وفتح الراء وتشديدها أي قطعت سررهم يعني أنهم ولدوا تحتها فهو يصف بركتها "النهاية" وقال القاضي عياض في المشارق "قيل: هو من السرور، أي بشروا بالنبوة" وزاد الزرقاني في شرح الموطأ "وقال مالك: بشروا تحتها بما يسرهم، قال ابن حبيب: فهو من السرور، أي تنبؤوا تحتها واحدًا، فسروا بذلك، وأختاره الزرقاني. الأخشبان: جبلاً مكة المطيفان بها. قال ابن الأثير: "وهما أبو قبيس والأحمر وهو جبل مشرف وجهة على قعيقعان" وقال ياقوت. "جبلان يضافان إلى مكة، وتارة إلى مني وهما واحد أحدهما أبو قبيس والآخر قيقعان". (تخريجه) أخرجه النسائي ومالك في الموطأ.

-[ما جاء في مقبرة مكة وفضائل المدينة المنورة وما جاء في حرمتها]- الباب الخامس فيما جاء في مقبرة مكة والشعب المقابل للبيت 549 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرازق ثنا أابن جريح قال حدثني إبراهيم ابن أخي خداش أن أبن عباس قال ما أشرف النبي (صلى الله عليه وسلم) على المقبرة وهي على طريقة الأولى أشار بيده وراء الضفير أو قال وراء الضفيرة شك عبد الرازق فقال نعم لمقبرة هذه فقلت للذي أخبرني أخص الشعب قال هكذا قال فلم يخبرني أنه خص شيئًا إلا لذلك أشار بيده وراء الضفيرة أو الضفير وكنا نسمع أن النبي (صلى الله عليه وسلم) خص الشعب المقابل للبيت. أبواب فضائل المدينة المنورة الباب الأول فيما جاء في حرمتها وحرمها 550 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا بهز ثنا همام أنبأنا قتادة عن أبى حسان أن عليا رضي الله عنه كان يأمر بالأمر فيؤتي فيقال قد فعلنا كذا وكذا فيقول صدق الله ورسوله قال فقال له الأشر إن هذا الذي تقول قد تفشغ في الناس أفشيء عهده إليك رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال على رضي الله عنه ما عهد إلىّ رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شيئًا خاصًا دون الناس إلا شيء سمعته منه فهو في صحيفة في قراب سيفي قال فلم يزالوا به حتى أخرج الصحيفة قال فإذا فيها من أحدث حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل منه صرف ولا عدل، قال وإذا

_ 549 - (تخريجه) رواه البخاري في الكبير مختصرًا من طريق أبى عاصم عن أبن جريح عن ابن أبى خداش عن ابن عباس ومن طريق هشام عن ابن جريح وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد والبزار بنحوه والطبراني فيا لكبير إلا أنه قال الصغيرة أو قال الظهيرة فقال نعم المقبرة هذه فقلت للذي خبرني خص الشعب فقال هكذا كنا نسمع أن النبي (صلى الله عليه وسلم) خص الشعب المقابل للبيت، وفيه إبراهيم بن أبى خداش حدث عن ابن جريح وابن عيينه كما قال أبو حاتم ولم يضعفه أحد وبقية رجاله رجال الصحيح" والضفيرة مثل المسناة المستطيلة من الأرض فيها خشب وحجارة. ويبدو أنه مرضع بمكة فيه المقابر والله أعلم. 550 - (تخريجه) تقدم هذا الحديث برقم 237 في ص 124 من هذا الجزء.

-[ما جاء في حرمها وحرمتها]- فيها إن إبراهيم مكة وإني أحرم المدينة حرام ما بني حريتها وحماها كله لا يختلي خلاها ولا ينفر صيدها ولا تلتقط لقطتها إلا لمن أشار بها ولا تقطع منها شجرة إلا أن يعرف رجل بعيرة ولا يحمل فيها السلاح لقتال، قال وإذا فيها المؤمنون تتكافأ دماؤهم ويسعي بذمتهم أدناهم وهم يد على من سواهم ألا لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده. 551 - وعن على رضي الله عنه أن رسول الله (صلى الله عليه وسلم) قال المدينة حرم ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها حدثًا أو آوي محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلاً ولا صرفًا. 552 - وعن ابن عباس قال قال رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لكل نبي حرم وحرمي المدينة اللهم إني أحرمها بحرمك أن لا يأوي فيها محدث ولا يختلي خلاها لا يعضد شوكها ولا تؤخذ لقطتها إلا لمنشد. 553 - وعن أبى هريرة عن النبي (صلى الله عليه وسلم) قال من تولى قومًا بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلاً ولا صرفًا، والمدينة حرام فمن أحدث فيها أو آوى محدثًا فعليه لعنه الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلاً ولا صرفًا وذمة المسلمين واحدة يسمي بها أدناهم فمن أخفر مسلمًا فعليه لعنه الله والملائكة

_ 551 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن إبراهيم التيمي عن أبيه قال خطبنا على رضي الله عنه فقال. (تخريجه) تقدم هذا الحديث بأطول من هذا برقم 294 ص 134 من هذا الجزء. 552 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو النضر حدثنا عبد الحميد ثنا شهر قال ابن عباس. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد وإسناده حسن". 553 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا معاوية قال ثنا زائدة عن الأعمش عن أبى صلاح عن أبى هريرة., (غريبة) أخفر أي نقض عهده وزمامه.

والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة عدلا ولا صرفا 554 - وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم الله على لساني ما بين لابتي المدينة ثم جاء بني حارثة فقال يا بني حارثة ما أراكم إلا قد خرجتم من الحرم ثم نظر فقال بل أنتم فيه. 555 - وعنه في أخرى قال حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين لابتي المدينة قال أبو هريرة فلو وجدت الظباء ما بين لابتيها ما ذعرتها وجعل حول المدينة اثنا عشر ميلا حمى. 556 - وعنه أيضا قال لو رأيت الأروى تجوس ما بين لابتيها يعني المدينة ما هجتها ولا مسستها وذلك أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يحرم شجرها أن يخبط أو يعضد.

_ (تخريجه) أورد أبو داود القسم الأول من الحديث بسنده وأخرج مسلم القسم الأول أيضا من طريق أبي بكر بن أبي شيبة حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن سليمان عن أبي صالح في كتاب العتق وأخرج القسم الثاني في كتاب الحج 554 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن أسامة عن عبيد الله عن سعيد عن أبي هريرة (غريبه) لابتي المدينة بتخفيف الباء حرتان تكتنفانها (تخريجه) البخاري وعزاه ابن ماكولا في الإكمال في أسماء الرجال لابن أبي شيبة 555 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب أن أبا هريرة قال (تخريجه) أخرجه مسلم وأخرجه البخاري من طريق مالك عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول لو رأيت الظباء ترتع ما ذعرتها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "ما بين لابتيها حرام" 556 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا ابن أبي ذئب عن مسلم بن جندب عن حبيب الهذلي عن أبي هريرة. (غريبه) الأروى أناث الوعول، ويعضد أي يقطع. (تخريجه) إسناده صحيح.

557 - وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم ما بين حرتي المدينة لا يقطع منها شجرة إلا أن يعلف الرجل بعيره 558 - وعن سليمان بن أبي عبد الله قال رأيت سعد بن أبي وقاص أخذ رجلا يصيد في حرم المدينة الذي حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم فسلبه ثيابه فجاء مواليه فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم هذا الحرم وقال من رأيتموه يصيد فيه شيئا فله سلبه فلا أرد عليكم طعمة أطعمنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكن إن شئتم أعطيتكم ثمنه وقال عفان مرة إن شئتم أن أعطيكم ثمنه أعطيتكم 559 - عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ بن أبي وقاص أَنَّ سَعْدًا رَكِبَ إِلَى قَصْرِهِ بِالْعَقِيقِ فَوَجَدَ غُلَامًا يَخْبِطُ شَجَرًا أَوْ يَقْطَعُهُ فَسَلَبَهُ فَلَمَّا رَجَعَ سَعْدٌ جَاءَهُ أَهْلُ الْغُلَامِ فَكَلَّمُوهُ أَنْ يَرُدَّ مَا أَخَذَ مِنْ غُلَامِهِمْ فَقَالَ مَعَاذَ اللَّهِ أَنْ أَرُدَّ شَيْئًا نَفَّلَنِيهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَبَى أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِمْ 560 - عَنْ سَهْلِ بْنِ حُنَيْفٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَلِيَّةُ قَوْمٍ قِبَلَ الْمَشْرِقِ مُحَلَّقَةٌ رُءُوسُهُمْ وَسُئِلَ عَنْ الْمَدِينَةِ فَقَالَ حَرَامٌ أَمْنًا حَرَامٌ أمنا

_ 557 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير عن جابر (تخريجه) أخرجه مسلم من طريق سفيان عن أبي الزبير عن جابر (تخريجه) أخرجه مسلم من طريق سفيان عن أبي الزبير عن جابر بلفظ قال النبي صلى الله عليه وسلم أن إبراهيم حرم مكة وإني حرمت المدينة ما بين لابتيها لا يقطع عضاها ولا يصاد صيدها وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد بأطول من هذا وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن وفيه كلام 558 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا جرير بن حازم حدثني يعلى بن حكيم عن سليمان بن أبي عبد الله (تخريجه) إسناده صحيح ورواه أبو داود عن أبي سلمة عن جرير بن حازم 559 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا عبد الله بن جعفر عن إسماعيل بن محمد بن سعد عن عامر بن سعد (تخريجه) رواه مسلم عن إسحاق بن إبراهيم وعبد الله بن حميد عن أبي عامر العقدي ورواه أبو داود من طريق يعلى بن حكيم عن سليمان بن أبي عبد الله بلفظ قريب 560 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنبأنا العوام قال حدثني أبو إسحاق الشيباني عن يسير بن عمرو عن سهل بن حنيف (تخريجه) أخرجه مسلم من طريق علي بن مسهر عن الشيباني عن يسير بن عمرو عن سهل بن

561 - عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ خَطَبَ مَرْوَانُ النَّاسَ فَذَكَرَ مَكَّةَ وَحُرْمَتَهَا فَنَادَاهُ رَافِعُ بْنُ خَدِيجٍ فَقَالَ إِنَّ مَكَّةَ إِنْ تَكُنْ حَرَمًا فَإِنَّ الْمَدِينَةَ حَرَمٌ حَرَّمَهَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ مَكْتُوبٌ عِنْدَنَا فِي أَدِيمٍ خَوْلَانِيٍّ إِنْ شِئْتَ أَنْ نُقْرِئَكَهُ فَعَلْنَا فَنَادَاهُ مَرْوَانُ أَجَلْ قَدْ بَلَغَنَا ذَلِكَ 562 - عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلَامٍ قَالَ مَا بَيْنَ كَدَاءٍ وَأُحُدٍ حَرَامٌ حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَا كُنْتُ لِأَقْطَعَ بِهِ شَجَرَةً وَلَا أَقْتُلَ بِهِ طَائِرًا 563 - ز - عَنْ يَحْيَى بْنِ عُمَارَةَ عَنْ جَدِّهِ أَبِي حَسَنٍ المازني قَالَ دَخَلْتُ الْأَسْوَاقَ وَقَالَ فَأَثَرْتُ (وَفي رواية فَأَخَذْتُ) دُبْسَتَيْنِ قَالَ وَأُمُّهُمَا تُرَشْرِشُ عَلَيْهِمَا وَأَنَا أُرِيدُ أَنْ آخُذَهُمَا قَالَ فَدَخَلَ عَلَيَّ

_ حنيف بلفظ أهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده إلى المدينة فقال إنها حرم آمن وأورده الهيثمي عن يسير وقال سألت سهل بن حنيف قلت أسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في المدينة شيئا قال سمعته يقول إنها حرام آمن إنها حرام آمن وقال رواه الطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح 561 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج قال ثنا فليح عن عقبة بن مسلم عن نافع ابن جبير (غريبه) أي جلد من جلد خولان وهي كما في معجم البلدان كورة من كور اليمن أو هي قرية بقرب دمشق ولعل أديمها كان مشهورا (تخريجه) أخرجه مسلم من طريق سليمان بن بلال عن عتبة بن مسلم عن نافع بن جبير بلفظ قريب وأورد الهيثمي في مجمع الزوائد رواية لهذا الحديث وقال رواه الطبراني وفيه محمد بن عبد الرحمن بن داود وهو مجمع على ضعفه 562 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين يعني ابن محمد ثنا الفضيل يعني ابن سليمان ثنا محمد بن أبي يحيى عن عبيد الله بن حبيش الغفاري عن عبد الله بن سلام (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد بلفظ ما بين كذا وأحد حرام .. الخ وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير إلا أنه قال ما بين عير وأحد حرام ورجاله ثقات وأورد ابن ماكولا في الإكمال في أسماء الرجال بلفظ كذا وعزاه لأحمد والطبراني وسعيد بن منصور 563 - (سنده) ز حدثنا عبد الله قال ثنا عبيد الله بن عمر قال ثنا عبد العزيز بن محمد الدراوردي قال عمرو بن يحيى حدثني عن يحيى بن عمارة (غريبه) دبستين هي الطير الصغير من اليمام

أَبُو حَسَنٍ فَنَزَعَ مِتِّيخَةً قَالَ فَضَرَبَنِي بِهَا فَقَالَتْ لِي امْرَأَةٌ مِنَّا يُقَالُ لَهَا مَرْيَمُ لَقَدْ تَعِسْتَ مِنْ عَضُدِهِ وَمِنْ تَكْسِيرِ الْمِتِّيخَةِ فَقَالَ لِي أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِِِِِ 564 - وعَنْ شُرَحْبِيلَ قَالَ أَخَذْتُ نُهَسًا بِالْأَسْوَاق فَأَخَذَهُ مِنِّي زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ فَأَرْسَلَهُ وَقَالَ أَمَا عَلِمْتَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا 565 - وعن زِيَادُ بْنُ سَعْدٍ الْخُرَاسَانِيُّ سَمِعَ شُرَحْبِيلَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ أَتَانَا زَيْدُ بْنُ ثَابِتٍ وَنَحْنُ فِي حَائِطٍ لَنَا وَمَعَنَا فِخَاخٌ نَنْصِبُ بِهَا فَصَاحَ بِنَا وَطَرَدَنَا وَقَالَ أَلَمْ تَعْلَمُوا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ صَيْدَهَا (يعني المدينة) 566 - عَنْ يَعْلَى بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ هُرْمُزَ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَبَّادٍ الزُّرَقِيَّ أَخْبَرَهُ أَنَّهُ كَانَ يَصِيدُ الْعَصَافِيرَ فِي بِئْرِ إِهَابٍ وَكَانَتْ لَهُمْ قَالَ فَرَآنِي عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ وَقَدْ أَخَذْتُ الْعُصْفُورَ فَيَنْزِعُهُ

_ المتيخة: جريدة النخل (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه عبد الله بن أحمد والطبراني في الكبير ورجال المسند رجال الصحيح 564 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال عن شرحبيل (غريبه) نهسا النهس طائر يديم تحريك رأسه وذنبه يصطاد العصافير ويأوي إلى المقابر الأسواق: موضع بالمدينة (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال وفي رواية أتانا زيد بن ثابت ونحن في حائط لنا ومعنا فخاخ ننصب بها فصاح وطردنا وقال ألم تعلموا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم صيدها رواه أحمد والطبراني في الكبير وشرحبيل وثقه ابن حبان وضعفه الناس وشرحبيل هو شرحبيل بن سعد المدني قال الذهبي في المغني شرحبيل بن سعد المدني عن زيد بن ثابت اتهمه ابن ذهب [*] وضعفه الدارقطني وغيره 565 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عبد الله ثنا سفيان حدثني زياد بن سعد (تخريجه) هذه إحدى الروايتين اللتين ذكرهما الهيثمي عن الحديث السابق 566 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عبد الله بن جعفر حدثني أنس بن عياض أبو ضمرة قال حدثني عبد الرحمن بن حرملة عن يعلى بن عبد الرحمن

مِنِّي فَيُرْسِلُهُ وَيَقُولُ أَيْ بُنَيَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَرَّمَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ الباب الثاني في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة وأهلها بالخير والبركة وأن يذهب الله منها الوباء 567 - عَنْ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا كُنَّا بِالْحَرَّةِ بِالسُّقْيَا الَّتِي كَانَتْ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ائْتُونِي بِوَضُوءٍ فَلَمَّا تَوَضَّأَ قَامَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ ثُمَّ كَبَّرَ ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ عَبْدَكَ وَخَلِيلَكَ دَعَا لِأَهْلِ مَكَّةَ بِالْبَرَكَةِ وَأَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ أَدْعُوكَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ أَنْ تُبَارِكَ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ مِثْلَي مَا بَارَكْتَ لِأَهْلِ مَكَّةَ مَعَ الْبَرَكَةِ بَرَكَتَيْنٍٍٍٍِ 568 - وعَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ قَالَ مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ حَرَامٌ قَدْ حَرَّمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَمَا حَرَّمَ إِبْرَاهِيمُ مَكَّةَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ الْبَرَكَةَ فِيهَا بَرَكَتَيْنِ وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ 569 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك لنا في مدنا وصاعنا واجعل البركة بركتين

_ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير وفيه عبد الله بن عباد الزرقي ولم أجد من ترجمه وبقية رجاله ثقات 567 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج ثنا ليث ثنا سعيد يعني المقبري عن عمرو بن سليم الزرقي عن عاصم بن عمرو عن علي بن أبي طالب (تخريجه) رواه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح وفي الباب عن عائشة وعبد الله بن زيد وأبي هريرة وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه الطبراني في الأوسط ورجاله رجال الصحيح ونسبه الحافظ في التهذيب للنسائي كما نسبه صاحب ذخائر المواريث للترمذي وأبي داود 268 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا الفضيل بن سليمان ثنا محمد بن أبي يحيى عن أبي إسحاق بن سالم عن عامر بن سعد عن سعد بن أبي وقاص (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم 569 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عامر ثنا علي يعني ابن المبارك عن يحيى قال حدثني أبو سعيد مولى المهري عن أبي سعيد الخدري.

570 - وعن أبي عَبْدِ اللَّهِ الْقَرَّاظُ أَنَّهُ سَمِعَ سَعْدَ بْنَ مَالِكٍ وَأَبَا هُرَيْرَةَ يَقُولَانِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ فِي مَدِينَتِهِمْ وَبَارِكْ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَبَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ وَخَلِيلُكَ وَإِنِّي عَبْدُكَ وَرَسُولُكَ وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ سَأَلَكَ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَإِنِّي أَسْأَلُكَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ كَمَا سَأَلَكَ إِبْرَاهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ إِنَّ الْمَدِينَةَ مُشْتَبِكَةٌ بِالْمَلَائِكَةِ عَلَى كُلِّ نَقْبٍ مِنْهَا مَلَكَانِ يَحْرُسَانِهَا لَا يَدْخُلُهَا الطَّاعُونُ وَلَا الدَّجَّالُ فَمَنْ أَرَادَهَا بِسُوءٍ أَذَابَهُ اللَّهُ كَمَا يَذُوبُ الْمِلْحُ فِي الْمَاءِ 571 - وعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالْمَدِينَةِ ضِعْفَيْ مَا بِمَكَّةَ مِنْ الْبَرَكَةِ 572 - وعَنْ جَابِرٍ بن عبد الله قَالَ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمًا وَنَظَرَ إِلَى الشَّامِ فَقَالَ اللَّهُمَّ أَقْبِلْ بِقُلُوبِهِمْ وَنَظَرَ إِلَى الْعِرَاقِ فَقَالَ نَحْوَ ذَلِكَ وَنَظَرَ قِبَلَ كُلِّ أُفُقٍ فَفَعَلَ ذَلِكَ وَقَالَ اللَّهُمَّ ارْزُقْنَا مِنْ ثَمَرَاتِ الْأَرْضِ وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا وَصَاعِنَا 573 - وعَنْ أَبِي قَتَادَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تَوَضَّأَ ثُمَّ صَلَّى بِأَرْضِ سَعْدٍ بِأَصْلِ الْحَرَّةِ عِنْدَ

_ (تخريجه) أخرجه مسلم بلفظ واجعل مع البركة بركتين 570 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر ثنا أسامة بن زبير ثنا أبو عبد الله القراظ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال قلت في الصحيح بعضه رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح ونسبه ابن ماكولا في الإكمال في أسماء الرجال للحاكم وأبي يعلى وسعد بن مالك هو سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه 571 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب بن جرير ثنا أبي قال سمعت يونس عن الزهري عن أنس بن مالك (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم 572 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير عن جابر. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والبزار وإسناده حسن 573 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر أنا ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبي قتادة.

بُيُوتِ السُّقْيَا ثُمَّ قَالَ اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَكَ وَعَبْدَكَ وَنَبِيَّكَ دَعَاكَ لِأَهْلِ مَكَّةَ وَأَنَا مُحَمَّدٌ عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وَرَسُولُكَ أَدْعُوكَ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ مِثْلَ مَا دَعَاكَ بِهِ إِبْرَاهِيمُ لِأَهْلِ مَكَّةَ نَدْعُوكَ أَنْ تُبَارِكَ لَهُمْ فِي صَاعِهِمْ وَمُدِّهِمْ وَثِمَارِهِمْ اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ وَاجْعَلْ مَا بِهَا مِنْ وَبَاءٍ بِخُمٍّ اللَّهُمَّ إِنِّي قَدْ حَرَّمْتُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْهَا كَمَا حَرَّمْتَ عَلَى لِسَانِ إِبْرَاهِيمَ الْحَرَمَ 574 - عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ قَدِمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ وَهِيَ أَوْبَأُ أَرْضِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ فَاشْتَكَى أَبُو بَكْرٍ قَالَتْ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَحُبِّنَا مَكَّةَ أَوْ أَشَدَّ وَصَحِّحْهَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّهَا وَصَاعِهَا وَانْقُلْ حُمَّاهَا فَاجْعَلْهَا فِي الْجُحْفَةِ 575 - عَنْ عُرْوَةَ عَنْها أيضا قَالَتْ لَمَّا قَدِمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَدِينَةَ اشْتَكَى أَصْحَابُهُ وَاشْتَكَى أَبُو بَكْرٍ وَعَامِرُ بْنُ فُهَيْرَةَ مَوْلَى أَبِي بَكْرٍ وَبِلَالٌ فَاسْتَأْذَنَتْ عَائِشَةُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي عِيَادَتِهِمْ فَأَذِنَ لَهَا فَقَالَتْ لِأَبِي بَكْرٍ كَيْفَ تَجِدُكَ فَقَالَ كُلُّ امْرِئٍ مُصَبَّحٌ فِي أَهْلِهِ ... وَالْمَوْتُ أَدْنَى مِنْ شِرَاكِ نَعْلِهِ وَسَأَلَتْ عَامِرًا فَقَالَ: إِنِّي وَجَدْتُ الْمَوْتَ قَبْلَ ذَوْقِهِ ... إِنَّ الْجَبَانَ حَتْفُهُ مِنْ فَوْقِهِ وَسَأَلَتْ بِلَالًا فَقَالَ: يَا لَيْتَ شِعْرِي هَلْ أَبِيتَنَّ لَيْلَةً ... بِفَجٍّ وَحَوْلِي إِذْخِرٌ وَجَلِيلُ

_ (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وعزاه ابن ماكولا للرؤياني وسعيد بن منصور كما عزى الجملة الأخيرة من الحديث لابن جرير 574 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير عن هشام عن أبيه عن عائشة (غريبه) خم بضم الخاء وتشديد الميم المفتوحة بئر قديمة كانت بالمدينة وقيل غيضة بثلاثة أميال من الجحفة عندها غدير (تخريجه) البخاري ومسلم 575 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا ليث عن يزيد يعني ابن أبي حبيب عن أبي بكر بن إسحاق بن يسار عن عبد الله بن عروة عن عائشة

فَأَتَتْ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَتْهُ بِقَوْلِهِمْ فَنَظَرَ إِلَى السَّمَاءِ وَقَالَ اللَّهُمَّ حَبِّبْ إِلَيْنَا الْمَدِينَةَ كَمَا حَبَّبْتَ إِلَيْنَا مَكَّةَ أوَأَشَدَّ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي صَاعِهَا وَفِي مُدِّهَا وَانْقُلْ وَبَاءَهَا إِلَى مَهْيَعَةَ وَهِيَ الْجُحْفَةُ كَمَا زَعَمُوا وعنه أيضا عن عائشة من طريق آخر وليس فيه ذكر عامر وفيه أن بلالا قال ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة ... بواد وحولي إذخر وجليل وهل أردن يوما مياه مجنة ... وهل يبدون لي شامة وطفيل اللهم اخز عتبة بن ربيعة وأمية بن خلف كما أخرجونا من مكة. الباب الثالث في فضل سكنى المدينة والصبر على لأوائها وكراهة الخروج منها رغبة عنها وأنها تنفي الخبيث عنها 576 - عَن سَعْدٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِنِّي أُحَرِّمُ مَا بَيْنَ لَابَتَيْ الْمَدِينَةِ أَنْ يُقْطَعَ عِضَاهَا أَوْ يُقْتَلَ صَيْدُهَا وَقَالَ الْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا أَحَدٌ رَغْبَةً عَنْهَا إِلَّا أَبْدَلَ اللَّهُ فِيهَا مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنْهُ وَلَا يَثْبُتُ أَحَدٌ عَلَى لَأْوَائِهَا وَجَهْدِهَا إِلَّا كُنْتُ لَهُ شَهِيدًا أَوْ شَفِيعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ وعنه من طريق آخر بنحوه وزاد لا يريدهم أحد بسوء إلا أذابه الله ذوب الرصاص في النار أو ذوب الملح في الماء

_ وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف بن الوليد ثنا عباد بن عباد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة (تخريجه) أخرجه البخاري وأخرجه مسلم دون ذكر الشعر 576 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن نمير عن عثمان يعني ابن حكيم أخبرني عامر بن سعد عن أبيه سعد بن أبي وقاص وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد أنبأنا عثمان بن حكيم حدثني عامر بن سعد عن أبيه (تخريجه) أخرجه مسلم

577 - وعن يحنس مولى الزبير قال كنت عند ابن عمر إذ أتته مولاة له فذكرت شدة الحال وأنها تريد أن تخرج من المدينة فقال لها اجلسي فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يصبر أحدكم على لأوائها وشدتها إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة 578 - وعن ابن عمر أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال من استطاع أن يموت بالمدينة فليفعل فإني أشفع لمن مات بها 579 - وعن أبي هريرة قال سمعت أبا القاسم يقول يخرج من المدينة رجال رغبة عنها والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون 580 - وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تفتح الأرياف فيأتي ناس إلى معارفهم فيذهبون معهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون قالها مرتين

_ 577 - (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبي ثنا إسحاق حدثني مالك عن قطن بن وهب أو وهب بن قطن الليثي شك إسحاق عن يحنس مولى الزبير (تخريجه) أخرجه مسلم وأخرجه الترمذي عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر بلفظ قريب وقال وفي الباب عن أبي سعيد وسفيان بن أبي زهير وسبيعة الأسلمية قال هذا حديث حسن صحيح غريب من حديث عبد الله 578 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عبد الله ثنا معاذ بن هشام حدثني أبي عن أيوب عن نافع عن ابن عمر (تخريجه) أخرجه الترمذي بلفظ فإني أشفع لمن يموت بها وقال وفي الباب عن سبيعة بنت الحارث الأسلمية قال هذا حديث حسن غريب من حديث أيوب السختياني وأخرجه ابن ماجه وابن حبان 579 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا حماد عن محمد قال سمعت أبا هريرة يقول (تخريجه) أخرجه الطيالسي وأخرجه مسلم من رواية العلاء عن أبيه عن أبي هريرة بأطول من هذا 580 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الأسود عن يحيى بن النضر عن أبي هريرة

581 - وعنه في أخرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال تفتح البلاد والأمصار فيقول الرجال لإخوانهم هلموا إلى الريف والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون لا يصبر على لأوائها وشدتها أحد إلا كنت له يوم القيامة شهيدا أو شفيعا 582 - عن يزيد بن حصيفة أن بسر بن سعيد أخبره أنه في مجلس الليثيين يذكرون أن سفيان أخبرهم أن فرسه أعيت بالعقيق وهو في بعث بعثهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فرجع إليه يستحمله فزعم سفيان كما ذكروا أن النبي صلى الله عليه وسلم خرج معه يبتغي له بعيرا فلم يجد إلا عند أبي جهم بن حذيفة العدوي فسامه له فقال له أبو جهم لا أبيعكه يا رسول الله ولكن خذه فاحمل عليه من شئت فزعم أنه أخذه منه ثم خرج حتى إذا بلغ بئر الاهاب زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوشك البنيان أن يأتي هذا المكان ويوشك الشام أن يفتح فيأتيه رجال من أهل هذا البلد فيعجبهم ريفه ورخاؤه والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ثم يفتح العراق فيأتي قوم يبسون (1) فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون إن إبراهيم دعا لأهل مكة وإني أسأل الله تبارك وتعالى أن يبارك لنا في صاعنا وأن يبارك لنا في مدنا مثل ما بارك لأهل مكة

_ (تخريجه) لم أقف عليه بهذا الطريق لغير الإمام أحمد وفيه ابن لهيعة وقد صرح بالتحديث فانتفى التدليس 581 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس وسريج قالا ثنا فليح عن سعيد بن عبيد بن السباق عن أبي هريرة (تخريجه) رجاله ثقات 582 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود الهاشمي أنا إسماعيل يعني ابن جعفر أخبرني يزيد بن خصيفة (1) قال صاحب تيسير الوصول ومعنى يبسون يسوقون بهائمهم سائرين من المدينة إلى غيرها والأصل فيه أن بس كلمة زجر للإبل (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال في الصحيح طرف منه ورواه أحمد وبعض رواته لم يسم وقد أخرجه البخاري من طريق مالك عن هشام بن عروة عن أبيه عن عبد الله بن الزبير عن سفيان بن أبي زهير وأخرجه مسلم عن وكيع عن هشام وعن ابن جريج أخبرني هشام الخ، وأخرجه مالك في الموطأ عن هشام بن عروة الخ .. الجميع بلفظ مقارب ودون ذكر لمقدمة متن الحديث

583 - وعن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليأتين على المدينة زمان ينطلق الناس فيها إلى الآفاق يلتمسون الرخاء فيجدون رخاء ثم يأتون فيتحملون بأهليهم إلى الرخاء والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون 584 - وعن أبي سعيد مولى المهري قال توفي أخي وأتيت أبا سعيد الخدري فقلت يا أبا سعيد إن أخي توفي وترك عيالا ولي عيال وليس لنا مال ل قد أردت أن أخرج بعيالي وعيال أخي حتى ننزل بعض هذه الأمصار فيكون أرفق علينا في معيشتنا قال ويحك لا تخرج فإني سمعته يقول يعني النبي صلى الله عليه وسلم من صبر على لأوائها وشدتها كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة وعنه من طريق آخر أنه جاء أبا سعيد الخدري ليالي الحرة فاستشاره في الجلاء عن المدينة وذكر نحوه وزاد بعد قوله كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة إذا كان مسلما 585 - وعن سعيد بن المسيب أن أسماء بنت عميس أخبرته أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يصبر لأواء المدينة وشدتها أحد إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة

_ 583 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير أخبرني جابر بن عبد الله (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والبزار ورجال البزار رجال الصحيح 584 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو أحمد الزبيري ثنا أبو النعمان عبد الرحمن بن النعمان الأنصاري عن أبي سعيد مولى المهري وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج حدثنا ليث وثنا الخزاعي أنا ليث حدثني سعيد بن أبي سعيد عن أبي سعيد مولى المهري. (تخريجه) أخرج مسلم الرواية الثانية بلفظ لا يصبر أحد على لوائها فيموت إلا كنت له شفيعا أو شهيدا يوم القيامة إذا كان مسلما 585 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال حدثني أبي عن الوليد بن كثير قال حدثني عبد الله بن مسلم الطويل صاحب المصاحف أن كلاب بن تليد أخا بني سعد بن ليث أنه بينا هو جالس مع سعيد بن المسيب جاءه رسول نافع بن جبير بن مطعم بن عدي يقول إن ابن خالتك يقرأ عليك السلام ويقول أخبرني كيف الحديث الذي كنت حدثتني عن أسماء بنت عميس فقال سعيد بن المسيب أخبره أن أسماء بنت عميس أخبرتني أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

586 - وعن جابر بن عبد الله قال جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فبايعه على الإسلام فوعك فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أقلني فأبي ثم أتاه فأبى فقال أقلني فأبى فسأل عنه فقالوا خرج فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المدينة كالكير تنفي خبثها وتنصع طيبها. وعنه من طريق أخرى قال جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من الأعراب فأسلم فبايعه على الهجرة فلم يلبث أن جاء النبي صلى الله عليه وسلم فقال أقلني فذكر الحديث الباب الرابع في هلاك من أخاف أهل المدينة أو أرادهم بسوء وطرده من رحمة الله عز وجل 587 - عن السائب بن خلاد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أخاف أهل المدينة ظلما أخافه الله وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا. وعنه من طريق آخر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من أخاف أهل المدينة أخافه الله عز وجل وعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفا ولا عدلا.

_ (تخريجه) لم أقف عليه من هذا الطريق لغير الإمام أحمد وقد تعددت الروايات عن المرفوع من الحديث 586 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا مالك عن محمد بن المنكدر سمعت جابر بن عبد الله يقول جاء أعرابي وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان ثنا ابن المنكدر قال سمعت جابرا يقول. (تخريجه) البخاري ومسلم ومالك في الموطأ وأبو داود الطيالسي والترمذي وقال وفي الباب عن أبي هريرة قال وهذا حديث حسن صحيح 587 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أنس بن عياض الليثي أبو ضمرة قال حدثني يزيد بن خصيفة عن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن عطاء بن يسار عن السائب بن خلاد وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا عفان قال ثنا حماد يعني ابن سلمة عن يحيى بن سعيد عن مسلم بن أبي مريم عن عطاء بن يسار عن السائب بن خلاد (تخريجه) أورد الحافظ ابن كثير في البداية الرواية الأولى وقال ورواه النسائي من غير وجه عن علي بن حجر عن إسماعيل بن جعفر عن يزيد بن خصيفة عن عبد الرحمن بن عبد الله بن

588 - وعن زيد بن أسلم عن جابر بن عبد الله أن أميرا من أمراء الفتنة قدم المدينة وكان قد ذهب بعد جابر فقيل لجابر لو تنحيت عنه فخرج يمشي بين ابنيه فنكب فقال تعس من أخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ابناه أو أحدهما يا أبت وكيف أخاف رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد مات قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أخاف أهل المدينة فقد أخاف ما بين جنبي. 589 - وعن سعد بن أبي وقاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من أراد أهل المدينة بدهم أو بسوء أذابه الله كما يذوب الملح في الماء 590 - وعن أبي عبد الله القراظ أنه قال أشهد الثلاث على أبي هريرة أنه قال قال أبو القاسم من أراد أهل البلدة بسوء يعني أهل المدينة أذابه الله كما يذوب الملح في الماء وعنه من طريق آخر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من أراد أهلها بسوء يعني المدينة أذابه الله كما

_ عبد الرحمن بن أبي صعصعة عن عطاء بن يسار عن خلاد بن منجوف بن الخزرج أخبره فذكره وكذلك رواه الحميدي عن عبد العزيز بن أبي حازم عن يزيد بن خصيفة ورواه النسائي أيضا عن يحيى بن حبيب بن عربي عن حماد عن يحيى بن سعيد عن مسلم بن أبي مريم عن عطاء بن يسار عن ابن خلاد وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فذكره وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد بلفظ قريب وقال قلت عزاه الشيخ في الأطراف إلى النسائي ولم أره في المجتبى فلعله في الكبير رواه الطبراني في الكبير وفيه من لم أعرفه 588 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا علي بن عياش حدثنا محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح 589 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن عمر بن نبيه حدثني أبو عبد الله القراظ قال سمعت سعد بن مالك (أي سعد بن أبي وقاص) يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم (غريبه) بدهم أي أمر عظيم وغائلة من أمر يدهمهم أي يفجأهم (تخريجه) أخرجه مسلم 590 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج أخبرني عبد الله بن عبد الرحمن بن يوحنس عن أبي عبد الله القراظ وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا ابن جريج

يذوب الملح في الماء الباب الخامس في حفظ الله تعالى المدينة من دخول الطاعون والدجال وثبوت الإيمان بها إلى آخر الزمان 591 - عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الدجال ولا الطاعون 592 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل حدثنا إبراهيم بن سعد ثنا ابن شهاب عن ابن عم لأسامة بن زيد يقال له عياض وكانت بنت أسامة تحته قال ذكر لرسول الله صلى الله عليه وسلم رجل خرج من بعض الأرياف حتى إذا كان قريبا من المدينة ببعض الطريق أصابه الوباء قال فأفزع ذلك الناس قال فقال النبي صلى الله عليه وسلم إني لأرجو أن لا يطلع علينا نقابها يعني المدينة قال أبي وثناه الهاشمي ويعقوب وقالا جميعا إنه سمع أسامة

_ أخبرني عمرو بن حريث عن ابن عمارة أنه سمع القراظ وكان من أصحاب أبي هريرة يزعم أنه سمع أبا هريرة يقول (تخريجه) أخرج مسلم الروايتين ويبدو أن عمرو بن حريث عن ابن عمارة التي وردت في الرواية الثانية تصحيف وصحتها عمرو بن يحيى بن عمارة على ما حققه بعض شراح المسند مستدلا بإحدى روايات مسلم وأخرج ابن ماجه عن طريق أبي بكر بن أبي شيبان ثنا عبدة بن سليمان عن محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة 591 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن عن مالك عن نعيم بن عبد الله أنه سمع أبا هريرة يقول (غريبه) أنقاب جمع قلة للنقب وهو الطريق بين الجبلين (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ 592 - (غريبه) أن لا يطلع علينا نقابها أراد أنه لا يطلع إلينا من طرف المدينة فأضمر من غير مذكور (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد هكذا مرسلا ورواه ابنه عبد الله والطبراني في الكبير متصلا ورجاله ثقات

593 - وعن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجيء الدجال فيطأ الأرض إلا مكة والمدينة فيأتي المدينة فيجد بكل نقب من نقابها صفوفا من الملائكة فيأتي سبخة الجرف فيضرب رواقه فترجف المدينة ثلاث رجفات فيخرج إليه كل منافق ومنافقة. 594 - عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوشك أن يرجع الناس إلى المدينة حتى تصير مسالحهم بسلاح 595 - وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية

_ 593 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة ثنا إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة عن أنس بن مالك (غريبه) سبخة الجرف السبخة الأرض التي تعلوها الملوحة ولا تكاد تنبت إلا بعض الشجر، الجرف اسم موضع قريب من المدينة وأصله ما تجرفه السيول من الأودية (تخريجه) أخرجه البخاري من طريق إبراهيم بن المنذر حدثنا الوليد ثنا أبو عمرو ثنا إسحاق حدثني أنس بن مالك بلفظ قريب 594 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا نوح أنا عبد الله يعني العمري عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة (غريبه) مسالحهم المسلحة الثغر يحفظونهم من العدو. ج مسالح سلاح بفتح السين موضع قرب خيبر والمعنى أي أن أبعد ثغورهم تكون في هذا المكان القريب (تخريجه) أخرجه الحاكم في المستدرك من طريق أبي العباس محمد بن يعقوب ثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم أنبأ ابن وهب أخبرني يونس عن الزهري عن سالم أنه سمع أبا هريرة رضي الله عنه يقول "يوشك أن يكون أقصى مسالح المسلمين سلاح وسلاح قريب من خيبر. وأورده الطبراني في المعجم الصغير من طريق يحيى بن (سيد) اللخمي حدثنا يونس بن يزيد عن الزهري عن قبيصة بن ذوئيب الخزاعي وأبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة .. وقال لم يروه عن الزهري إلا يونس تفرد به سعيد بن يحيى وسليمان بن عبد الرحمن يقول سعد بن يحيى اللخمي وأورد الحاكم في المستدرك وأبو داود رواية أقرب إلى متن الحديث ولكنها عن ابن عمر 595 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن أسامة ثنا عبيد الله عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة .. وعبيد الله هو ابن عمر (غريبه) ليأرز أي ينضم إليها ويجتمع بعضه إلى بعض فيها

إلى جحرها الباب السادس في حب النبي صلى الله عليه وسلم للمدينة وتسميتها بطيبة وكراهة تسميتها بيثرب 596 - عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قدم من سفر فنظر إلى جدران المدينة أوضع راحلته فإن كان على دابة حركها من حبها 597 - وعن جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لتفتحن عصابة من المسلمين أو من المؤمنين كنز آل كسرى الذي في الأبيض قال وسمعته يقول إن الله تبارك وتعالى سمى المدينة طيبة 598 - وعن فاطمة بنت قيس عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر المدينة فقال هي طيبة 599 - وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرت بقرية تأكل القرى يقولون يثرب وهي المدينة تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد

_ (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم وابن ماجه 596 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان أنا إسماعيل قال أخبرني حميد عن أنس (غريبه) أوضع أي أسرع (تخريجه) أخرجه البخاري والترمذي 597 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبو عوانة عن سماك عن جابر بن سمرة (تخريجه) أخرجه الحاكم في المستدرك دون الشطر الأخير، وسمعته يقول أن الله تبارك وتعالى سمى المدينة طيبة وقال حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبي. وأخرج الشطر الثاني مسلم بلفظ، إن الله تعالى سمى المدينة طابة 598 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن أبي عاصم عن الشعبي عن فاطمة بنت قيس (تخريجه) رجاله ثقات 599 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا مالك عن يحيى بن سعيد عن سعيد بن يسار عن أبي هريرة (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم ومالك في الموطأ

600 - وعن البراء بن عازب قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله عز وجل هي طابة هي طابة الباب السابع فيما جاء في خراب المدينة آخر الزمان 601 - عن أبي ذر قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنزلنا ذا الحليفة فتعجلت رجال إلى المدينة وبات رسول الله صلى الله عليه وسلم وبتنا معه فلما أصبح سأل عنهم فقيل تعجلوا إلى المدينة فقال تعجلوا إلى المدينة والنساء أما إنهم سيدعونها أحسن ما كانت ثم قال ليت شعري متى تخرج نار من اليمن من جبل الوراق تضيء منها أعناق الإبل بروكا ببصرى كضوء النهار 602 - وعن محجن بن الأدرع قال قال رجاء أقبلت مع محجن ذات يوم حتى انتهينا إلى مسجد البصرة فوجدنا بريدة الأسلمي على باب من أبواب المسجد جالسا وكان في المسجد رجل يقال له سكبة يطيل الصلاة فلما انتهينا إلى باب المسجد وعليه بريدة قال وكان بريدة صاحب مزاحات قال يا محجن ألا تصلي كما يصلي سكبة قال فلم يرد عليه محجن شيئا ورجع قال وقال لي محجن

_ 600 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن مهدي قال ثنا صالح بن عمر عن يزيد بن أبي زياد عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن البراء بن عازب (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله ثقات وقد طعن ابن الجوزي في هذا الحديث وقال هذا حديث لا يصح تفرد به صالح عن يزيد قال ابن المبارك ارم بيزيد وقال أبو حاتم الرازي كل أحاديثه موضوعة وقال النسائي متروك الحديث وقد ذب عنه الحافظ ابن حجر في القول المسدد في الذب عن مسند أحمد وهو الحديث الحادي عشر 601 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب بن جرير ثنا أبي قال سمعت الأعمش يحدث عن عمرو بن مرة عن عبد الله بن الحارث عن حبيب بن حبان عن أبي ذر (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير حبيب بن حبان وهو ثقة 602 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا أبو عوانة ثنا أبو بشر عن عبد الله بن شقيق عن رجاء بن أبي رجاء الساهلي عن محجن قال عفان وهو ابن الأدرع قال وثنا حماد عن الجريري عن عبد الله بن شقيق عن محجن بن الأدرع

إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيدي فانطلق يمشي حتى صعد أحدا فأشرف على المدينة فقال ويل أمها من قرية يتركها أهلها كأعمر ما تكون (وفي رواية كأينع ما تكون قال قلت يا نبي الله من يأكل ثمرتها قال عافية الطير والسباع) يأتيها الدجال فيجد على كل باب من أبوابها ملكا مصلتا فلا يدخلها قال ثم انحدر حتى إذا كنا بسدة المسجد رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا يصلي في المسجد ويسجد ويركع ويسجد ويركع قال فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم من هذا قال فأخذت أطريه له قال فقلت يا رسول الله هذا فلان وهذا وهذا قال اسكت لا تسمعه فتهلكه قال ثم انطلق يمشي حتى إذا كنا عند حجرة لكنه رفض يدي ثم قال إن خير دينكم أيسره إن خير دينكم أيسره إن خير دينكم أيسره 603 - وعن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليدعن أهل المدينة المدينة وهي خير ما يكون مرطبة مونعة فقيل من يأكلها قال الطير والسباع وعنه من طريق آخر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للمدينة لتتركنها على خير ما كانت مذللة للعوافي يعني السباع والطير.

_ وفي رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا كهمس ويزيد قال أنا كهمس قال سمعت عبد الله بن شقيق قال محجن بن الأدرع (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد مختصرا وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح خلا رجاء وقد وثقه ابن حبان 603 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر قال ثنا حماد عن أبي المهزم عن أبي هريرة وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي قال حدثنا أبو صفران قال أخبرني يونس عن ابن شهاب قال أخبرني سعيد بن المسيب أنه سمع أبا هريرة يقول قال (تخريجه) في الرواية الأولى أبي المهزم التميمي البصري اسمه يزيد وقيل عبد الرحمن بن سفيان ضعفه ابن معين وقال مرة لا شيء وقال أبو زرعة ليس بقوي شعبة يوهنه وقال أبو حاتم ضعيف الحديث وقال البخاري تركه شعبة وقال النسائي متروك الحديث (تهذيب التهذيب) وخرج الرواية الثانية مسلم وخرجها بأطول من ذلك البخاري وخرجها مالك في الموطأ من طريق يحيى بن مالك عن ابن حماس عن عمه عن أبي هريرة بلفظ قريب

604 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن حماد ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سليمان بن قيس عن جابر بن عبد الله قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يتركها أهلها وهي مرطبة قالوا فمن يأكلها يا رسول الله قال السباع والعائف قال أبو عوانة فحدثت أن أبا بشر قال كان في كتاب سليمان بن قيس 605 - عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ليسيرن راكب في جنب وادي المدينة ليقولن لقد كان في هذه مرة حاضرة من المؤمنين كثير 606 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق ثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر قال أخبرني عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول ليسيرن الراكب في جنبات المدينة ثم ليقول لقد كان في هذا حاضر من المؤمنين كثير قال أبي أحمد بن حنبل ولم يجز به حسن الأشيب جابرا

_ 604 - (غريبه) جاء في النهاية: عاف الطير على الماء يعيف عيفا فهو عائف (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد حتى كلمة العائف وقال رواه أحمد ورجاله ثقات 605 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير عن جابر بن عبد الله (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وإسناده حسن 6 - 6 - (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في النهاية وقول عبد الله عن أبيه لم يجز به حسن الأشيب جابرا معناه أن حسن بن موسى الأشيب شيخ الإمام أحمد روى هذا الحديث عن ابن لهيعة فجعله من حديث جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكر فيه عمر بن الخطاب فيكون مرسل صحابي. وقد جاءت رواية حسن الأشيب في مسند جابر بن عبد الله." حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو الزبير عن جابر الحديث وفي الحديث ابن لهيعة وقد صرح بالحديث فانتفى التدليس ويعد السند صحيحا

الباب الثامن في فضل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وفيه فصول الفصل الأول في فضل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم 607 - عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال من دخل مسجدنا هذا ليتعلم خيرا أو ليعلمه كان كالمجاهد في سبيل الله ومن دخله لغير ذلك كان كالناظر إلى ما ليس له وفي لفظ ومن جاء لغير ذلك فهو بمنزلة رجل ينظر إلى متاع غيره 608 - عن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام

_ 607 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو صخر عن المقبري عن أبي هريرة وفي لفظ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا قتيبة قال ثنا حاتم بن إسماعيل عن حميد الخراط عن المقبري عن أبي هريرة (تخريجه) أورد الحاكم في المستدرك الرواية الأولى من طريق عبد الله بن يزيد المقري ثنا حيوة بن شريح أخبرني أبو صخر أن سعيد المقري أخبره أنه سمع أبا هريرة يقول الحديث وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين فقد احتجا بجميع رواته ثم لم يخرجاه ولا أعلم له علة وأخرج الرواية الثانية من طريق عبد الله بن الحكم أنبأنا ابن وهب أخبرنا أبو صخر عن سعيد المقبري عن أبي هريرة بلفظ ومن جاء لغير ذلك كان كالرجل يرى الشيء يعجبه وليس له وربما قال يرى المصلين وليس منهم ويرى الذاكرين وليس منهم وقال الذهبي تابعه حيوة بن شريح عن أبي صخرة وهو على شرطهما ولا أعلم له علة وأخرج الرواية الثانية ابن ماجه من طريق بن أبو بكر بن أبي شيبة ثنا حاتم بن إسماعيل عن حميد بن صخر عن المقبري وقال البوصيري في الزوائد إسناده صحيح على شرط مسلم ملاحظة: وجدنا الأحاديث التالية في أصول الشيخ رحمه الله بخط يده مشروحة ومخرجة. اللجنة 608 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود أنبأنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن موسى بن عقبة عن أبي عبد الله القراظ عن سعد بن أبي وقاص الحديث (تخريجه) البزار وأبو يعلى وسنده جيد

609 - عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام فهو أفضل 610 - وعنه أيضا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صلاة في مسجدي هذا كألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام 611 - وعن إبراهيم بن عبد الله بن معبد بن عباس أنه قال إن امرأة اشتكت شكوى فقالت لئن شفاني الله لأخرجن فلأصلين في بيت المقدس فبرئت فتجهزت تريد الخروج فجاءت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم تسلم عليها فأخبرتها ذلك فقالت اجلسي فكلي ما صنعت وصلي في مسجد الرسول فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول صلاة فيه أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا مسجد الكعبة 612 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال ودع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا فقال له أين

_ 609 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن يوسف ثنا عبد الملك عن عطاء عن ابن عمر الخ. (تخريجه) مسلم والنسائي وابن ماجه 610 - وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب قال ثنا أبي عن ابن إسحاق قال حدثني خبيب بن عبد الرحمن بن خبيب الأنصاري عن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب عن أبي هريرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن منبري على حوضي وإن ما بين منبري وبين بيتي روضة من رياض الجنة وصلاة في مسجدي الخ الحديث (تخريجه) البخاري ومسلم والنسائي والترمذي ولفظ البخاري خير من ألف صلاة من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام 611 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجاج قال حدثنا ليث يعني ابن سعد قال ثنا نافع عن إبراهيم بن عبد الله بن معبد الخ (تخريجه) البخاري ومسلم والنسائي 612 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن محمد وسمعته أنا من عثمان بن محمد بن أبي شيبة ثنا جرير عن مغيرة عن إبراهيم بن سهل عن قزعة عن أبي سعيد الخدري قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا صوم يوم عيد ولا تسافر امرأة ثلاثا إلا مع ذي محرم ولا تشد الرحال إلا إلى

تريد قال أريد بيت المقدس فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لصلاة في هذا المسجد أفضل يعني من ألف صلاة في غيره إلا المسجد الحرام 613 - عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال من صلى في مسجدي أربعين صلاة لا يفوته صلاة كتبت له براءة من النار ونجاة من العذاب وبرئ من النفاق الفصل الثاني حكم دخول المشرك المسجد وبيان أن المسجد الذي أسس على التقوى هو مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة 614 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا يدخل مسجدنا هذا مشرك بعد عامنا هذا غير (1) أهل الكتاب وخدمهم وعنه من طريق ثان بنحوه وفيه أن أهل العهد وخدمهم

_ ثلاثة مساجد مسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الأقصى قال وودع رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا الخ الحديث (تخريجه) أبو يعلى وإسناده صحيح 613 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن موسى قال أبو عبد الرحمن عبد الله وسمعته أنا من الحكم بن موسى ثنا عبد الرحمن بن أبي الرجال عن نبيط عن عمرو عن أنس الخ (تخريجه) قال النذري رواه أحمد ورواته رواة الصحيح والطبراني في الأوسط وهو عند الترمذي بغير هذا اللفظ اهـ. 614 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أسود بن عامر ثنا شريك عن أشعث بن سوار عن الحسن عن جابر الخ .. (غريبه) (1) أي سنة تسع من الهجرة وفيها حج أبو بكر رضي الله عنه وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا معه وأمره أن ينادي في المشركين أن لا يحج بعد هذا العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان فأتم الله ذلك وحكم به (وفي الباب) عند عبد الرزاق أخبرنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول في قوله تعالى (إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا) إلا أن يكون عبدا أو أحدا من أهل الذمة. وعنه من طريق ثان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ثنا شريك عن الأشعث يعني ابن

615 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال اختلف رجلان أو امتريا (1) رجل من بني خدرة ورجل من بني عمرو بن عوف في المسجد الذي أسس على التقوى (زاد في رواية أخرى من أول يوم) قال الخدري هو مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال العمري هو مسجد قباء فأتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسألاه عن ذلك فقال هو هذا المسجد لمسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم (وفي رواية هو مسجدي) وقال في ذاك خير كثير يعني مسجد قباء 616 - وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه بنحوه وفيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال هو مسجدي هذا

_ سوار عن الحسن عن جابر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخل مسجدنا هذا بعد عامنا هذا مشرك إلا أهل العهد وخدمهم (تخريجه) الحديث أورد الحافظ ابن كثير في تفسيره وقال تفرد به الإمام أحمد مرفوعا والموقوف (أصبح) إسنادا (قلت) يعني حديث عبد الرزاق الذي ذكر آنفا وإنما قال ذلك لأن حديث الباب في إسناده الأشعث بن سوار وهو ضعيف. 615 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن أنيس بن أبي يحيى قال حدثني أبي قال سمعت أبا سعيد يقول اختلف رجلان. الخ (غريبه) (1) من المراء وهو الجدال والتماري والمماراة المجادلة على مذهب الشك والريبة (تخريجه) (م نس مذ) 616 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا ربيعة بن عثمان التيمي عن عمران بن أبي أنس عن سهل بن سعد قال اختلف رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد الذي أسس على التقوى فقال أحدهما هو مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وقال الآخر هو مسجد قباء فأتيا النبي صلى الله عليه وسلم فسألاه فقال هو مسجدي هذا (تخريجه) (حب في صحيحه) (الأحكام) في أحاديث الباب دلالة على عدم جواز دخول المشرك مسجد النبي صلى الله عليه وسلم بنص حديث جابر كما لا يجوز دخوله المسجد الحرام وهو مسجد مكة بنص القرآن. قال الحافظ وفي دخول المشرك المسجد مذاهب فمن الحنفية الجواز مطلقا وعن المالكية والمزني المنع مطلقا وعن الشافعية التفضيل بين المسجد الحرام وغيره للآية وقيل يؤذن للكتابي خاصة والله أعلم اهـ ف (وفيها أيضا) دليل على فضل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وأنه الذي ذكره الله عز وجل في كتابه العزيز بقوله

الفصل الثالث ما جاء في أصل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم وبنائه 617 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال كان موضع مسجد النبي صلى الله عليه وسلم لبني النجار وكان فيه نخل وقبور المشركين فقال لهم النبي صلى الله عليه وسلم ثامنوني به فقالوا لا نأخذ له ثمنا وكان النبي صلى الله عليه وسلم يبنيه وهم يناولونه وهو يقول ألا إن العيش عيش الآخره فاغفر للأنصار والمهاجره قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قبل أن يبنى المسجد حيث أدركته الصلاة 618 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ببناء المسجد فجعلنا ننقل لبنة لبنة (1) وكان عمار ينقل لبنتين لبنتين فتترب رأسه (2) قال فحدثني أصحابي ولم أسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه جعل ينفض رأسه (3) ويقول ويحك (4) يا ابن سمية تقتلك الفئة الباغية

_ (لمسجد أسس على التقوى من أول يوم أحق أن تقوم فيه) قال النووي رحمه الله في الكلام على أحاديث الباب هذا نص بأنه المسجد الذي أسس على التقوى المذكور في القرآن ورد لما يقول بعض المفسرين إنه مسجد قباء اهـ م (قلت) وفي قوله صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد (في ذاك خير كثير) يعني مسجد قباء إشارة إلى فضل مسجد قباء وسيأتي لذلك باب خاص في فضله والله أعلم. 617 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا حماد بن سلمة عن أبي التياح عن أنس بن مالك الحديث. (تخريجه) (ق د نس) 618 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ابن أبي عدي عن داود عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري. الخ (غريبه) (1) بفتح اللام وكسر الباء الموحدة بعدها نون وهي الطوب النيي وانتصابها على أنها مفعول نحمل وانتصاب الثانية بأنه تأكيد لها ولفظ البخاري كنا نحمل لبنة لبنة وعمار لبنتين لبنتين أي يحمل عمار بن ياسر رضي الله عنه لبنتين لبنتين زاد معمر في روايته لبنة عنه ولبنة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم) وفيه زيادة أيضا لم يذكرها البخاري ووقعت عند الإسماعيلي وأبي نعيم في المستخرج من طريق خالد الواسطي عن خالد الحذاء وهي فقال النبي صلى الله عليه وسلم (يا عمار ألا تحمل كما يحمل أصحابك قال إني أريد من الله الأجر) (2) أي أصيب بالتراب (3) لفظ البخاري فرآه النبي صلى الله عليه وسلم صلى الله عليه وسلم فنفض التراب عنه وقال ويح عمار تقتله الفئة الباغية لدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار (4) كلمة ويح كلمة رحمة كما أن كلمة ويل كلمة عذاب (والفئة) هي الجماعة (والباغية) هم الذين خالفوا الإمام وخرجوا عن طاعته بتأويل باطل.

619 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنهم كانوا يحملون اللبن إلى بناء المسجد ورسول الله صلى الله عليه وسلم معهم قال فاستقبلت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عارض لبنة على بطنه فظننت أنها قد شقت عليه قلت ناولنيها يا رسول الله قال خذ غيرها يا أبا هريرة فإنه لا عيش إلا عيش الآخرة

_ (تخريجه) (خ وأبو نعيم في المستخرج وغيرهما) 619 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سعيد بن منصور قال ثنا يعقوب بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن عبد الزهري وكان من القارة وهو حليف عن عمرو بن أبي عمرو عن ابن عبد الله بن حنطب عن أبي هريرة الحديث (تخريجه) لم أقف عليه ويؤيده ما قبله (الأحكام) في أحاديث الباب دلالة على التعاون في بنيان المساجد وأن ذلك من أفضل الأعمال لأنه مما يجري للإنسان أجره بعد موته ومثل ذلك حفر الآبار وكري الأنهار وغرس الأشجار وتحبيس الأموال التي يعم العامة نفعها (وفيها) أن للإنسان أن يأخذ من أفعال البر ما يشق عليه إن شاء كما أخذ عمار لبنتين (وفيها) إكرام العامل في سبيل الله والإحسان إليه بالقول والفعل وفيها منقبة عظيمة لعمار بن ياسر حيث كان صلى الله عليه وسلم يضع يده الشريفة على رأس عمار وينفض عنه التراب وقال له ما قاله (وفيها أيضا) دليل على كرم أخلاقه صلى الله عليه وسلم وتواضعه وهما من أفضل الأعمال الصالحة وفيها علامة النبوة لأنه صلى الله عليه وسلم أخبر بما يكون فكان كما قال (تنبيه) يؤخذ من حديث أبي هريرة أنه كان حاضرا بناء مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع أنه قد ثبت أنه لم يأت المدينة ولم يسلم إلا عام خيبر سنة سبع من الهجرة والمسجد بني في السنة الأولى من الهجرة بنص الأحاديث الصحيحة فكيف الجمع بين ذلك؟ (قلت) حضور أبي هريرة كان في بناء زيادته لا في تأسيسه فقد روى البيهقي وأبو يعلى أنهم لما أسسوه جعلوا قبلته إلى بيت المقدس وجعلوا طوله مما يلي القبلة إلى مؤخرة مائة ذراع وفي الجانبين الآخرين مثل ذلك فهو مربع وقيل كان أولا سبعين ذراعا في ستين ثم لما فتح (صلى الله عليه وسلم) خيبر زاد عليه مثله وجعل له ثلاثة أبواب باب في مؤخره وباب عاتكة المسمى بباب الرحمة والباب الذي كان يدخل منه صلى الله عليه وسلم المسمى بباب آل عثمان اليوم وهذان البابان لم يغيرا بعد أن صرفت القبلة عن بيت المقدس سد النبي صلى الله عليه وسلم الباب الذي كان خلفه وفتح بابا حذاءه اهـ وبهذا يجمع الأحاديث والله الموفق.

الفصل الرابع من زاد في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم 620 - وعن نافع أن عبد الله (1) أخبره أن المسجد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبنيا باللبن وسقفه بالجريد (2) وعمده خشب النخل فلم يزد فيه أبو بكر شيئا وزاد فيه عمر وبناه (3) على بنائه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باللبن والجريد وأعاد عمده خشبا ثم غيره عثمان (4) فزاد فيه زيادة كثيرة وبنى جداره بالحجارة المنقوشة والقصة وجعل عمده من حجارة منقوشة وسقفه (5) بالساج 621 - وعنه أيضا أن عمر رضي الله عنه زاد في المسجد من الاسطوانة (6) إلى المقصورة وزاد

_ 620 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب ثنا أبي عن صالح ثنا نافع أن عبد الله أخبره .. الخ (غريبه) (1) هو ابن عمر ابن الخطاب رضي الله عنهما (2) الجريد هو الذي يجرد عند الخوص وإن لم يجرد يسمى سعفا (والعمد) بضمتين وبفتحتين جمع عمود وهو ما يحمل عليه السقف يعني في الطول والعرض ولم يغير في بنائه بل على بنيان النبي صلى الله عليه وسلم وإنما غير عمده لأنها تلفت قال السهيلي نخرت عمده في خلافة عمر فجددها وهو معنى قوله (وأعاد عمده خشبا) (3) يعني من جهة التوسيع وتغيير الآلات (4) يعني بدل اللبن (وقوله والقصة) أي وبالقصة بفتح القاف وتشديد الصاد المهملة وهو الذي يسمى في بلدنا المصرية جيرا (5) بلفظ الماضي في التسقيف من باب التفصيل عطفا على جعل ويروى بلفظ الاسم عطفا على عمده (والساج) بالسين المهملة وبالجيم وهو ضرب من الخشب معروف يؤتى به من الهند وله قيمة عظيمة (تخريجه) (خ د) 621 - وعنه أيضا (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد الخياط ثنا عبد الله عن نافع أن عمر رضي الله عنه زاد في المسجد الخ (غريبه) (6) قال في القاموس الاسطوانة بالضم السارية معرب استون افعوالة أو فعلوانة اهـ (قلت) والسارية العمود وتقدم تفسيره والمقصورة الحجرة قال في المصباح ومقصورة الدار الحجرة منها ومقصورة المسجد أيضا اهـ (تخريجه) قال الهيثمي رواه أحمد وأبو يعلى إلا أنه قال أنا نريد أن نزيد في قبلتنا (والبزار) إلا أنه قال إني أريد أن أزيد في قبلتكم وفيه عبد الله العمري وثقه أحمد وغيره وإسناد أحمد تنقطع بين نافع وعمر اهـ

عثمان رضي الله عنه وقال عمر رضي الله عنه لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نبغي نزيد في مسجدنا ما زدت فيه الفصل الخامس في فضل ما بين قبره صلى الله عليه وسلم ومنبره وفضل موضع المنبر 622 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة ومنبري على حوضي 623 - عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما بين منبري إلى حجرتي روضة من رياض الجنة وإن منبري على ترعة من ترع الجنة 624 - عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (الأحكام) في حديثي الباب دلالة على تمسك الصحابة رضوان الله عليهم بما كان عليه النبي صلى الله عليه وسلم، وفيهما أيضا الاقتصاد في بناء المساجد (قال ابن بطال وغيره) هذا يدل على أن السنة في بنيان المسجد القصد وترك الغلو في تحسينه فقد كان عمر مع كثرة الفتوح في أيامه وسعة المال عنده لم يغير المسجد عما كان عليه، وإنما احتاج إلى تجديده لأن جريد النخل كان قد نخر في أيامه، ثم كان عثمان والمال في زمانه أكثر فحسنه بما لا يقتضي الزخرفة ومع ذلك فقد أنكر بعض الصحابة عليه، وأول من زخرف المساجد الوليد بن عبد الملك بن مروان، وذلك في أواخر عصر الصحابة وسكت كثير من أهل العلم عن إنكار ذلك خوفا عن الفتنة ورخص في ذلك بعضهم وفي حديث أنس علم من أعلام النبوة لإخباره صلى الله عليه وسلم بما سيقع فوقع كما قال أفاده الحافظ ن (قلت) حديث أنس المشار إليه تقدم في باب جامع ما تصان عنه المساجد وقد أشبعنا الكلام هناك فارجع إليه 622 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا مالك عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة الخ. (تخريجه) ق لك 623 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سريج ثنا هشيم أنا علي بن زيد عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وأبو يعلى والبزار وفيه علي بن زيد وفيه كلام وقد وثق 624 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا محمد بن مطرف عن أبي حازم

يقول منبري على ترعة من ترع الجنة فقلت له ما الترعة يا أبا العباس قال الباب. 625 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال منبري هذا على ترعة من ترع الجنة 626 - عن يزيد بن أبي عبيد قال كنت آتي مع سلمة بن الأكوع رضي الله عنه المسجد فيصلي مع الاسطوانة التي عند المصحف فقلت يا أبا مسلم أراك تتحرى الصلاة عند هذه الاسطوانة قال فإني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى الصلاة عندها. (وعنه من طريق ثان) عن سلمة أنه كان يتحرى موضع المصحف وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يتحرى ذلك المكان وكان بين المنبر والقبلة ممر شاة 627 - عن أم سلمة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قوائم منبري رواتب في الجنة 628 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحلف عند هذا المنبر عبد

_ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير ورجال أحمد رجال الصحيح. 625 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مكي ثنا عبد الله بن سعيد عن عبد المجيد بن سهيل بن عبد الرحمن بن عوف عن أبي سلمة عن أبي هريرة (تخريجه) صححه الهيثمي وتابعه السيوطي 626 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا مكي قال ثنا يزيد بن أبي عبيد (وعنه من طريق ثان) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حماد بن مسعدة عن يزيد عن سلمة. (تخريجه) رجاله ثقات 627 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عمار يعني الدهني سمع أبا سلمة يخبر عن أم سلمة رضي الله عنه (تخريجه) أخرجه النسائي وعمار الدهني بضم أوله وسكون الهاء بن معاوية ويقال ابن أبي معاوية ويقال ابن صالح ويقال ابن حبان أبو معاوية البجلي الكوفي قال أحمد وابن معين وأبو حاتم والنسائي ثقة. وقد أخرج متن الحديث الهيثمي في مجمع الزوائد عن أبي واقد الليثي وقال رواه الطبراني في الكبير وفيه يحيى بن عبد الحميد الحماني وهو ضعيف كما أورده الحاكم في المستدرك هذه الرواية أيضا 628 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الضحاك عن الحسن بن يزيد بن فروخ الضمري المدني قال سمعت أبا سلمة يقول أشهد لسمعت أبا هريرة يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم

ولا أمة على يمين آثمة ولو على سواك رطب إلا وجبت له النار. باب في صفة منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن أي شيء هو 629 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال كان جذع نخلة في المسجد يسند رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره إليه إذا كان يوم جمعة أو حدث أمر يريد أن يكلم الناس فقالوا ألا نجعل لك يا رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا كقدر قيامك؟ قال لا عليكم أن تفعلوا، فصنعوا له منبرا ثلاث مراق قال فجلس عليه قال فخار الجذع كما تخور البقرة جزعا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فالتزمه ومسحه حتى سكن 630 - عن أبي حازم عن سهل بن سعد الساعدي أنه سئل عن المنبر من أي عود هو قال أما والله إني لأعرف من أي عود هو وأعرف من عمله وأي يوم صنع وأي يوم وضع ورأيت النبي صلى الله عليه وسلم أول يوم جلس عليه أرسل النبي صلى الله عليه وسلم إلى امرأة لها غلام نجار فقال لها مري غلامك النجار أن يعمل لي أعوادا أجلس عليها إذا كلمت الناس فأمرته فذهب إلى الغابة فقطع طرفاء فعمل المنبر ثلاث درجات فأرسلت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم فوضع في موضعه هذا الذي ترون فجلس عليه أول يوم وضع فكبر وهو عليه ثم ركع ثم نزل القهقرى فسجد

_ (تخريجه) أخرجه الحاكم في المستدرك وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه فإن الحسن بن يزيد هذا هو أبو يونس القوي العابد ولم يخرجاه وأقره الذهبي وأخرجه ابن ماجه وقال البوصيري في الزوائد إسناده صحيح ورجاله ثقات 629 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين ثنا خلف عن أبي جناب عن أبيه عن عبد الله بن عمر (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال روى أبو داود بعضه رواه أحمد من طريق أبي جناب الكلبي وهو ثقة ولكنه مدلس وقد عنعنه وأورده الحافظ ابن كثير في البداية وقال تفرد به أحمد وأصل الحديث عند البخاري من رواية نافع عن ابن عمر وعند الترمذي من هذه الرواية أيضا وقال وفي الباب عن أنس وجابر وسهل بن سعد وأبي بن كعب وابن عباس وأم سلمة - قال أبو عيسى- حديث ابن عمر حديث حسن غريب صحيح 630 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن أبيه عن سهل بن سعد

وسجد الناس معه ثم عاد حتى فرغ فلما انصرف قال يا أيها الناس إنما فعلت هذا لتأتموا بي ولتعلموا صلاتي فقيل لسهل هل كان من شأن الجذع ما يقول الناس قال قد كان منه الذي كان (وعنه من طريق ثان) عن سهل بن سعد قال كان من أثل الغابة يعني منبر النبي صلى الله عليه وسلم أبواب فضائل المساجد الثلاثة مجتمعة 631 - عن عمر بن عبد الرحمن بن الحرث بن هشام أنه لقي أبو بصرة الغفاري (1) أبا هريرة وهو جاءٍ من الطور فقال من أين أقبلت قال من الطور صليت فيه قال أما لو أدركتك قبل أن ترحل إليه ما رحلت إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تشد (2) الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام (3) ومسجدي هذا (4) والمسجد الأقصى (5)

_ وعنه من طريق ثان (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن أبي حازم عن سهل بن سعد (تخريجه) أخرجه البخاري حتى كلمة (ولتعلموا صلاتي) وأورده مختصرا الحافظ ابن كثير في البداية وقال "وأصل هذا الحديث في الصحيحين وإسناده على شرطهما وقد رواه إسحاق بن راهويه وابن أبي فديك عن عبد المهيمن بن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه عن جده ورواه عبد الله بن نافع وابن وهب عن عبد الله بن عمر عن ابن عباس بن سهل عن أبيه فذكر نحوه ورواه ابن لهيعة عن عمارة بن عرفة عن ابن عباس بن سهل بن سعد عن أبيه بنحوه 631 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا شيبان عن عبد الملك عن عمر بن عبد الرحمن الخ (غريبه) (1) بفتح الباء صحابي جليل روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه أبو هريرة رضي الله عنه وأبو تميم الحساني وعبد الله بن عفار قال ابن يونس شهد فتح مصر واختط بها ومات بها ودفن في مقبرتها ذكره الحافظ ص (2) بضم أوله بلفظ النفي والمراد النهي عن السفر إلى غيرها قال الطيبي هو أبلغ من صريح النهي كأنه قال لا يستقيم أن يقصد بالزيارة إلا هذه البقاع لاختصاصها بما اختصت به (والرحال) بالمهملة جمع رحل وهو للعير كالسرج للفرس وكنى ليشد الرحال عن السفر لأنه لازمه وخرج ذكرها مخرج الغالب في ركوب المسافر وإلا فلا فرق بين ركوب الرواحل والخيل والبغال والحمير والمشي في المعنى المذكور قاله الحافظ (3) يعني مسجد مكة (4) أي مسجد المدينة (5) أي مسجد بيت المقدس سمي بذلك لبعده عن مسجد مكة وخص هذه الثلاثة لأن الأول إليه الحج والقبلة

632 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد إلى المسجد الحرام ومسجدي هذا والمسجد الأقصى 633 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه مثله

_ والثاني أسس على التقوى والثالث قبلة الأمم الماضية (قال النووي) رحمه الله معناه لا فضيلة في شد الرحال إلى مسجد غير هذه المساجد الثلاثة ونقله عن جمهور العلماء وقال العراقي من أحسن محامل الحديث أن المراد منه حكم المساجد فقط وأنه لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد غير هذه الثلاثة وأما قصد غير المساجد في الرحلة في طلب العلم وزيارة الصالحين والإخوان والتجارة والتنزه ونحو ذلك فليس داخلا فيه وقال الشيخ تقي الدين السبكي ليس في الأرض بقعة لها فضل لذاتها حتى تشد الرحال إليها لذلك الفضل غير البلاد الثلاثة قال ومرادي بالفضل ما يشهد الشرع باعتباره ورتب عليه حكما شرعيا وأما غيرها من البلاد فلا تشد إليها لذاتها بل لزيارة أو جهاد أو علم أو نحو ذلك من المندوبات أو المباحات وقد التبس ذلك على بعضهم فزعم أن شد الرحال إلى الزيارة لها في غير البلاد الثلاثة داخل في المنع وهو خطأ لأن الاستثناء إنما يكون عن جنس المستثنى منه فمعنى الحديث لا تشد الرحال إلى مسجد من المساجد أو إلى مكان من الأمكنة لأجل ذلك المكان إلا إلى الثلاثة المذكورة وشد الرحال إلى زيارة أو طلب علم ليس إلى المكان بل إلى من في ذلك المكان اهـ (تخريجه) (ق وغيرهما) 632 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة الخ (تخريجه) (ق د نس جه) 633 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن عبد الملك يعني ابن عمرو عن قزعة عن أبي سعيد رواية يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم لا تسافر المرأة ثلاثة أيام إلا ومعها ذو محرم ونهى عن صيام يوم الفطر ويوم النحر ونهى عن صلاتين صلاة بعد العصر حتى تغرب الشمس وبعد الصبح حتى تطلع الشمس ولا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد المسجد الحرام ومسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسجد الأقصى (تخريجه) (ق وغيرهما) الأحكام. أحاديث الباب تدل على عظيم فضل هذه المساجد الثلاثة ومزيتها على غيرها لكونها مساجد الأنبياء صلوات الله عليهم ولفضل الصلاة فيها قال النووي: " ولو نذر الذهاب إلى المسجد الحرام لزمه قصده لحج أو عمرة ولو نذره إلى المسجدين الآخرين فقولان للشافعي أصحهما عند أصحابه يستحب قصدهما

. . .

_ ولا يجب والثاني يجب وبه قال كثيرون من العلماء وأما باقي المساجد سوى الثلاثة فلا يجب قصدها بالنذر ولا ينعقد نذر قصدها هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة إلا محمد بن سلمة المالكي فقال إذا أنذر قصد مسجد قباء لزمه قصده لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه كل سبت راكبا وماشيا وقال الليث بن سعد يلزمه وقصد ذلك المسجد أي مسجد كان وعلى مذهب الجماهيري ينعقد نذره ولا يلزمه شيء وقال أحمد يلزمه كفارة يمين واختلف العلماء في شد الرحال وأعمال المطي إلى غير المساجد الثلاثة كالذهاب إلى قبور الصالحين وإلى المواضع الفاضلة ونحو ذلك فقال الشيخ أبو محمد الجويني من أصحابنا هو حرام وهو الذي أشار القاضي عياض إلى اختياره والصحيح عند أصحابنا وهو الذي اختاره إمام الحرمين والمحققون أنه لا يحرم ولا يكره قالوا والمراد أن الفضيلة التامة إنما هي في شد الرحال إلى هذه الثلاثة خاصة والله أعلم قال واختلف العلماء في مكة والمدينة أيتهما أفضل ومذهب الشافعي وجماهير العلماء إن مكة أفضل من المدينة وأن مسجد مكة أفضل من مسجد المدينة وعكسه مالك وطائفة فعند الشافعي والجمهور معناه إلا المسجد الحرام فإن الصلاة فيه أفضل من الصلاة في مسجدي وعند مالك وموافقيه إلا المسجد الحرام فإن الصلاة في مسجدي تفضله بدون الألف قال القاضي عياض أجمعوا على أن موضع قبره صلى الله عليه وسلم أفضل بقاع الأرض وأن مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض وأن مكة والمدينة أفضل بقاع الأرض واختلفوا في أفضلهما ما عدا موضع قبره صلى الله عليه وسلم فقال عمر وبعض الصحابة ومالك وأكثر المدنيين المدينة أفضل وقال أهل مكة والكوفة والشافعي وابن وهب وابن حبيب المالكيان مكة أفضل قال النووي ومما احتج به أصحابنا لتفضيل مكة حديث عبد الله بن عدي بن الحمراء رضي الله عنه أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم وهو واقف على راحلته بمكة يقول والله إنك لخير أرض الله وأحب أرض الله إلى الله ولولا أني أخرجت منك ما خرجت رواه الترمذي والنسائي وقال الترمذي هو حديث حسن صحيح وعن عبد الله بن الزبير رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه من المساجد إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة صلاة في مسجدي حديث حسن رواه أحمد بن حنبل في مسنده والبيهقي وغيرهما بإسناد حسن والله أعلم قال واعلم أن مذهبنا أنه لا يختص هذا التفضيل بالصلاة في هذين المسجدين بالفريضة بل يعم الفرض والنفل جميعا وبه قال مطرف من أصحاب مالك وقال الطحاوي يختص بالفرض وهذا مخالف أخلاق هذه الأحاديث الصحيحة والله أعلم، قال واعلم أن الصلاة في مسجد المدينة تزيد على فضيلة الألف فيما سواه إلا المسجد الحرام لأنها تعادل الألف بل هي زائدة على الألف كما صرحت به الأحاديث أفضل من ألف صلاة وخير من ألف صلاة ونحوه قال العلماء وهذا فيما يرجع

باب ما جاء في فضل مسجد قباء والصلاة فيه وما جاء في مسجد الفضيخ 634 - عن سهل بن حنيف قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من خرج حتى يأتي هذا المسجد يعني مسجد قباء فيصلي فيه كان كعدل عمرة. 635 - عن نافع عن ابن عمر أنه كان يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يزوره راكب وماشيا يعني مسجد قباء 636 - عن عبد الله بن قيس بن مخرمة قال أقبلت من مسجد بني عمرو بن عوف بقباء على بغلة لي قد صليت فيه فلقيت عبد الله بن عمر ماشيا فلما رأيته نزلت عن بغلتي ثم قلت اركب

_ إلى الثواب فثواب صلاة فيه يزيد على ثواب ألف فيما سواه ولا يتعدى ذلك إلى الإجزاء عن الفوائت حتى لو كان عليه صلاتان فصلى في مسجد المدينة صلاة لم تجزئه عنهما، وهذا لا خلاف فيه والله أعلم قال واعلم أن هذه الفضيلة مختصة بنفس مسجده صلى الله عليه وسلم الذي كان في زمانه دون ما زيد فيه بعده فينبغي أن يحرص المصلي على ذلك ويتفطن لما ذكرته وقد نبهت على هذا في كتاب المناسك والله أعلم اهـ م 634 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى حدثني مجمع بن يعقوب الأنصاري بقباء قال حدثني محمد بن الكرماني قال سمعت أبا أمامة بن سهل بن حنيف يقول قال أبي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أخرجه النسائي "أخبرنا قتيبة قال حدثنا مجمع بن يعقوب الخ الحديث وأخرجه ابن ماجه من طريق هشام بن عمار ثنا حاتم بن إسماعيل وعيسى بن يونس قالا ثنا محمد بن سليمان الكرماني قال سمعت أبا أمامة بن سهل بن حنيف يقول قال سهل بن حنيف قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من تطهر في بيته، ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له كأجر عمرة، وأورد الترمذي رواية بمعنى الحديث عن أسيد بن ظهير وقال " وفي الباب عن سهل بن حنيف " 635 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل أنا أيوب عن نافع عن ابن عمر (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم وأخرجه النسائي من طريق قتيبة عن مالك عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر وأخرجه وأبو داود الطيالسي 636 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب حدثني أبي عن ابن إسحاق حدثني أبي إسحاق بن يسار عن عبد الله بن قيس بن مخرمة

أي عم قال أي ابن أخي لو أردت أن أركب الدواب لوجدتها ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي إلى هذا المسجد حتى يأتي فيصلي فيه فأنا أحب أن أمشي إليه كما رأيته يمشي قال فأبى أن يركب ومضى على وجهه 637 - عن أبي سعيد الخدري قال خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين إلى قباء 638 - عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم أتى بفضيخ في مسجد الفضيخ فشربه فلذلك سمي الباب التاسع في فضل البقيع وأحد والحجاز 639 - عن أبي مويهبة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم من جوف الليل فقال يا أبا مويهبة إني قد أمرت أن أستغفر لأهل البقيع فانطلق معي فانطلقت معه فلما وقف بين أظهرهم قال السلام عليكم يا أهل المقابر ليهن لكم ما أصبحتم فيه مما أصبح فيه الناس لو تعلمون ما نجاكم الله منه أقبلت الفتن كقطع الليل المظلم يتبع أولها آخرها الآخرة شر من الأولى ثم أقبل علي فقال يا أبا مويهبة إني قد أوتيت مفاتيح خزائن الدنيا والخلد فيها ثم الجنة

_ (تخريجه) رجاله ثقات 637 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم ثنا سليمان بن بلال حدثنا شريك بن أبي غر عن عبد الرحمن بن أبي سعيد عن أبيه (أبي سعيد الخدري) (تخريجه) لم أقف عليه من هذا الطريق لغير الإمام أحمد وفي إسناده شريك بن أبي غر تكلموا فيه. وروى البخاري عن ابن عمر أنه كان يأتي مسجد قباء كل سبت وروى ابن سعد عن ظهير بن رافع الحارثي "من صلى في مسجد قباء يوم الاثنين ويوم الخميس انقلب بأجر عمرة " 638 - (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبي ثنا وكيع حدثني عبد الله بن نافع عن أبيه عن ابن عمر. (غريبه) الفضيخ شراب يتخذ من البسر المفضوخ أي المشدوخ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وأبو يعلى إلا أنه قال أتي بجر فضيخ بسر وهو في مسجد الفضيخ فشربه فلذلك سمي مسجد الفضيخ وفيه عبد الله بن نافع ضعفه الجمهور وقيل يكتب حديثه 639 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال حدثنا يعقوب قال ثنا أبي قال عن محمد بن إسحاق قال حدثني عبد الله بن عمر العبلي قال حدثني عبيد بن جبير مولى الحكم بن أبي العاص عن عبد الله بن عمرو عن أبي مويهبة.

وخيرت بين ذلك وبين لقاء ربي عز وجل والجنة قال قلت بأبي وأمي فخذ مفاتيح الدنيا والخلد فيها ثم الجنة قال لا والله يا أبا مويهبة لقد اخترت لقاء ربي عز وجل والجنة ثم استغفر لأهل البقيع ثم انصرف فبدئ رسول الله صلى الله عليه وسلم في وجعه الذي قبضه الله عز وجل فيه حين أصبح (وعن من طريق آخر قال أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يصلي على أهل البقيع فصلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة ثلاث مرات فلما كانت ليلة الثانية قال يا أبا مويهبة أسرج لي دابتي قال فركب ومشيت حتى انتهى إليهم فنزل عن دابته وأمسكت الدابة ووقف عليهم أو قال قام عليهم فقال ليهنكم ما أنتم فيه فذكر نحوه. 640 - وعقبة بن سويد الأنصاري أنه سمع أباه وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال قفلنا مع نبي الله صلى الله عليه وسلم من غزوة خيبر فلما بدا له أحد قال النبي صلى الله عليه وسلم الله أكبر جبل يحبنا ونحبه 641 - عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أحدا هذا جبل يحبنا ونحبه

_ وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا أبو النضر حدثنا الحكم بن فضيل ثنا يعلى بن عطاء عن عبيد بن جبير عن أبي مويهبة. (تخريجه) أورد الهيثمي في مجمع الزوائد الروايتين وقال (رواه أحمد والطبراني بإسنادين ورجال أحدهما ثقات إلا أن الإسناد الأول عن عبيد بن جبير عن عبد الله بن عمرو بن العاص عن أبي مويهبة والثاني عن عبيد بن جبير عن أبي مويهبة). 640 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان قال أنا شعيب عن الزهري قال أخبرني عقبة بن سويد الأنصاري (تخريجه) أخرجه الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير وعقبة ذكره أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحا وبقية رجاله رجال الصحيح 641 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عفان حدثنا أبو عوانة حدثنا عمر بن أبي سلمة عن أبيه عن أبي هريرة (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد بلفظ "أحد جبل يحبنا ونحبه وقال رواه أحمد وإسناده حسن

642 - وعن أنس بن مالك حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم صعد أحدا فتبعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم الجبل فقال اسكن عليك نبي وصديق وشهيدان أبواب فضائل بلاد وأماكن وجهات أخرى الباب الأول فيما جاء في فضائل جزيرة العرب والحجاز 643 - عن أبي الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله يقول أخبرني عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما وعنه من طريق آخر نحوه 644 - وعن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا علي إن أنت وليت الأمر بعدي فأخرج أهل نجران من جزيرة العرب

_ 642 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد قال حدثنا شعبة حدثنا قتادة أن أنس بن مالك حدثهم أن النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أخرجه البخاري من طريق سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك بلفظ (صعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أحد ومعه أبو بكر وعمر وعثمان فرجف بهم فضربه برجله قال اثبت أحد فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيدان (ورواه الترمذي بلفظ " اثبت أحد فإنما عليك نبي وصديق وشهيدان قال أبو عيسى هذا حديث حسن صحيح 643 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا ابن جريج حدثني أبو الزبير أنه سمع جابر. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا موسى حدثنا ابن لهيعة عن أبي الزبير عن جابر. (تخريجه) أخرج الرواية الأولى مسلم وأبو داود 644 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا خلف ثنا قيس عن الأشعث بن سوار عن علي بن ثابت عن أبي ظبيان عن علي (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وفيه قيس غير منسوب والظاهر أنه قيس بن الربيع وهو ضعيف وقد وثقه شعبة والثوري وبقية رجاله ثقات

645 - وعن أبي عبيدة قال آخر ما تكلم به النبي صلى الله عليه وسلم أخرجوا يهود أهل الحجاز وأهل نجران من جزيرة العرب واعلموا أن شرار الناس الذين اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد 646 - وعن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الإيمان في أهل الحجاز وغلظ القلوب والجفاء في الفدادين في أهل المشرق الباب الثاني في فضائل الشام وأهله وبعض بلاده وفيه فصول الفصل الأول في فضائل الشام مطلقا 647 - عن أبي قتيلة عن عبد الله بن حوالة أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم سيصير الأمر إلى أن تكون جنود مجندة جند بالشام وجند باليمن وجند بالعراق فقال ابن حوالة خر لي يا رسول الله إن أدركت ذاك قال عليك بالشام فإنه خيرة الله من أرضه يجتبي إليه خيرته من عباده فإن أبيتم فعليكم بيمنكم واسقوا من غدركم فإن الله عز وجل قد توكل لي بالشام وأهله وعنه بنحوه

_ 645 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد ثنا إبراهيم بن ميمون ثنا سعد بن سمرة بن جندب عن أبيه عن أبي هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد بإسنادين ورجال طريقين منها ثقات متصل إسنادهما ورواه أبو يعلى 646 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا أبو عوانة عن أبي بشر عن سليمان عن جابر (تخريجه) أخرجه مسلم من طريق ابن جريج قال أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابرا يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم غلظ القلوب والجفاء في الشرق والإيمان في أهل الحجاز وأخرج البخاري رواية عن ابن مسعود أشار النبي صلى الله عليه وسلم نحو اليمن وقال الإيمان هاهنا مرتين ألا وأن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين حيث يطلع قرنا الشيطان ربيعة ومضر 647 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيوة بن شريح ويزيد بن عبد ربه قالا ثنا بقية قال حدثني محير بن سعد عن خالد بن معدان عن أبي قتيلة. وعنه بنحوه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد مولى بني هاشم وهاشم بن القاسم قالا ثنا محمد بن راشد ثنا مكحول عن عبد الله بن حوالة.

وعنه من طريق آخر 648 - وعن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بينا أنا في منامي أتتني الملائكة فحملت عمود الكتاب من تحت وسادتي فعمدت به إلى الشام ألا فالإيمان حيث تقع الفتن بالشام 649 - وعن أبي الدرداء قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بينا أنا نائم إذ رأيت عمود الكتاب احتمل من تحت رأسي فظننت أنه مذهوب به فأتبعته بصري فعمد به إلى الشام ألا وإن الإيمان حيث تقع الفتن بالشام. 650 - وعن يزيد بن أبي حبيب أن عبد الرحمن بن شماسة أخبره أن زيد بن ثابت قال بينا

_ وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عصام بن خالد وعلي بن عياش قالا ثنا حريز عن سليمان بن شمير عن ابن حوالة الأزدي. (تخريجه) أخرجه أبو داود وعزاه صاحب كنز العمال إلى الطبراني والحاكم وذكر الهيثمي رواية له بلفظ قريب عن ابن حوالة وقال رواه الطبراني ورجاله ثقات 648 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان قال ثنا إسماعيل بن عياش عن عبد العزيز بن عبيد الله عن عبد الله بن الحرث قال سمعت عمرو بن العاص يقول: (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وفيه عبد العزيز بن عبد الله وهو ضعيف وذكر له روايات أخرى منها عن عبد الله بن عمرو وعند الطبراني في الكبير والأوسط وفيها ابن لهيعة وهو حسن الحديث وقد توبع على هذا وبقية رجاله رجال الصحيح ومنها عن أبي أمامة وفيها عفير بن معدان وهو مجمع على ضعفه ومنها عبد الله بن حوالة ورجالها رجال الصحيح غير صالح بن رستم وهو ثقة 649 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا يحيى بن حمزة عن زيد بن واقد حدثني بسر بن عبيد الله حدثني أبو إدريس الخولاني عن أبي الدرداء (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح 650 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق أنا يحيى بن أيوب ثنا يزيد بن أبي حبيب

نحن عند رسول الله صلى الله عليه وسلم نؤلف القرآن من الرقاع إذ قال طوبى للشام قيل ولم ذلك يا رسول الله قال إن ملائكة الرحمن باسطة أجنحتها عليه 651 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حماد عن الجريري عن أبي المثنى وهو لقيط بن المثنى عن أبي أمامة قال لا تقوم الساعة حتى يتحول خيار أهل العراق إلى الشام ويتحول شرار أهل الشام إلى العراق وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم عليكم بالشام قال أبو عبد الرحمن أبو المثنى ويقال له لقيط ويقولون ابن المثنى وأبو المثنى 652 - وعن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال اللهم بارك لنا في شامنا ويمننا مرتين فقال رجل وفي مشرقنا يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من هنالك يطلع قرن الشيطان ولها تسعة أعشار الشر

_ (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال هذا حديث غريب إنما تعرفه من حديث يحيى بن أيوب ونسبه صاحب كنز العمال للحاكم وأورد الهيثمي في مجمع الزوائد رواية قريبة وقال قلت عند الترمذي إن ملائكة الرحمة لباسطة أجنحتها على الشام رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح 651 - (تخريجه) جاء متن الحديث عن معاوية بن حيدة وجاء بلفظ عليك بالشام عن عبد الله بن حوالة وجاء في تعجيل المنفعة بزوائد رجال الأئمة الأربعة أبو المثنى لقيط بن المثنى عن أبي أمامة وعنه الجريري غير مشهور قلت بل هو معروف ذكره ابن أبي حاتم عن أبيه فقال روى عنه الجريري وقرة بن خالد وكذا قال أبو أحمد الحاكم وذكره ابن حبان في ثقات التابعين لكنه قال يخطئ ويخالف اهـ 652 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو عبد الرحمن ثنا سعيد ثنا عبد الرحمن بن عطاء عن نافع عن ابن عمر (تخريجه) أخرجه البخاري من طريق أزهر بن سعد عن ابن عون عن نافع بلفظ قريب وأخرجه الترمذي من هذا الطريق بلفظ رواية البخاري وقال الترمذي هذا حديث صحيح غريب من هذا الوجه من حديث ابن عون وقد روي هذا الحديث أيضا عن سالم بن عبد الله بن عمر عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رجال أحمد رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن عطاء وهو ثقة وفيه خلاف لا يضر قلت قال البخاري فيه نظر (ميزان الاعتدال)

653 - عن معاوية بن قرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم إذا فسد أهل الشام فلا خير فيكم ولن تزال طائفة من أمتي منصورين لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة 654 - وعن زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا تزال طائفة من أمتي على الحق ظاهرين وإني لأرجو أن تكونوا هم يا أهل الشام 655 - وعن شريح بن عبيد قال ذكر أهل الشام عند علي بن أبي طالب رضي الله عنه وهو بالعراق فقالوا العنهم يا أمير المؤمنين قال لا إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الأبدال يكونون بالشام وهم أربعون رجلا كلما مات رجل أبدل الله مكانه رجلا يسقى بهم الغيث وينتصر بهم على الأعداء ويصرف عن أهل الشام بهم العذاب

_ 653 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة حدثني معاوية بن قرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال وفي الباب عن عبد الله بن حوالة وابن عمر وزيد بن ثابت وعبد الله بن عمرو وهذا حديث حسن صحيح وعزاه صاحب كنز العمال للطبراني وابن حبان قلت رواية ابن حبان مقصورة على الشطر الثاني من الحديث بلفظ لا يزال ناس من أمتي منصورون لا يضرهم من خذلهم حتى تقوم الساعة وأخرج ابن في المقدمة الشطر الثاني من الحديث أيضا 654 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود أخبرنا شعبة عن أبي عبد الله الشامي قال سمعت معاوية يخطب يقول يا أهل الشام حدثني الأنصاري قال قال شعبة يعني زيد بن أرقم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال (تخريجه) المرفوع من الحديث هو الشطر الأول - أي حتى ظاهرين والفقرة الأخيرة من كلام معاوية وقد أخرج المرفوع من الحديث من طرق أخرى وبألفاظ متقاربة الترمذي وأبو داود والنسائي وابن ماجه 655 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أبو المغيرة ثنا صفوان حدثني شريج يعني ابن عبيد (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير شريح بن عبيد وهو ثقة وقد سمع من المقداد وهو أقدم من علي وأورده السيوطي في الخبر الدال على وجود القطب والأوتاد والنجباء والأبدال وقال رجاله رجال الصحيح غير شريح وهو ثقة وعقب

656 - وعن خريم بن فاتك الأسدي يقول أهل الشام سوط الله في الأرض ينتقم بهم ممن يشاء وكيف يشاء وحرام على منافقيهم أن يظهروا على مؤمنيهم ولن يموتوا إلا هما أو غيظا أو حزنا الفصل الثاني فيما جاء في فضل دمشق والغوطة 657 - عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه قال حدثنا رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ستفتح عليكم الشام فإذا خيرتم المنازل فيها فعليكم بمدينة يقال لها دمشق فإنها معقل المسلمين من الملاحم وفسطاطها منها بأرض يقال لها الغوطة وعنه من طريق آخر بنحوه وفيه وأن بها مكان يقال له الغوطة يعني دمشق من خير منازل المسلمين في الملاحم

_ شارحه كما قال العجلي ودحيم ومحمد بن عوف والنسائي وابن حبان فالسند صحيح كما قال المؤلف في الجامع الكبير وذكره السخاوي في المقاصد الحسنة وضعفه بعض شراح المسند لانقطاعه لأن شريحا لم يدرك عليا بل لم يدرك إلا بعض متأخري الوفاة من الصحابة وقال ابن أبي حاتم في المراسيل عن أبيه لم يدرك (أي شريح) أباه أمامة ولا المقدام ولا الحارث بن الحارث وهو عن أبي مالك الأشعري مرسل والله أعلم 656 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هيثم بن خارجة قال ثنا محمد بن أيوب عن ميسرة بن خالد قال سمعت أبي سمع خريم بن فاتك (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه الطبراني وأحمد موقوفا على خريم ورجالهما ثقات 657 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان ثنا أبو بكر يعني ابن أبي مريم عن عبد الرحمن بن جبير بن نفير وعنه من طريق آخر بنحوه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن مصعب ثنا أبو بكر عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وفيه أبو بكر بن أبي مريم وهو ضعيف

658 - وعن زيد بن أرطاة قال سمعت جبير بن نفير يحدث عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فسطاط المسلمين يوم الملحمة الغوطة إلى جانب مدينة يقال لها دمشق الفصل الثالث فيما جاء في فضل حمص وبيت المقدس ومسجدها 659 - عن حمرة بن عبد كلال قال سار عمر بن الخطاب رضي الله عنه إلى الشام بعد مسيره الأول كان إليها حتى إذا شارفها بلغه ومن معه أن الطاعون فاش فيها فقال له أصحابه ارجع ولا تقحم عليهم فلو نزلتها وهو بها لم نر لك الشخوص عنها فانصرف راجعا إلى المدينة فعرس من ليلته تلك وأنا أقرب القوم منه فلما انبعث انبعثت معه في أثره فسمعته يقول ردوني عن الشام بعد أن شارفت عليه لأن الطاعون فيه ألا وما منصرفي عنه مؤخر في أجلي وما كان قدوميه معجلي عن أجلي ألا ولو قدمت المدينة ففرغت من حاجات لا بد لي منها فيها لقد سرت حتى أدخل الشام ثم أنزل حمص فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليبعثن الله منها يوم القيامة سبعين ألفا لا حساب ولا عذاب عليهم مبعثهم فيما بين الزيتون وحائطها في البرث الأحمر منها

_ 658 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحاق بن عيسى ثنا يحيى بن حمزة عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر حدثني زيد بن أرطأة (تخريجه) أخرجه أبو داود وأخرجه الحاكم في المستدرك بلفظ (يوم الملحمة الكبرى فسطاط المسلمين بأرض يقال لها الغوطة فيها مدينة يقال لها دمشق خير منازل المسلمين يومئذ) وقال هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي 659 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان الحكم بن نافع ثنا أبو بكر بن عبد الله عن راشد بن سعد عن حمزة بن عبد كلاب (غريبه) البرث بفتح الباء وسكون الراء الأرض اللينة وجمعها براث قال في النهاية يريد بها أرضا قريبة من حمص قتل بها جماعة من الشهداء والصالحين (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وفيه أبو بكر بن عبد الله بن أبي مريم وهو ضعيف

660 - وعن زياد بن أبي سودة عن أخيه أن ميمونة بنت سعد مولاة النبي صلى الله عليه وسلم قالت يا نبي الله أفتنا في بيت المقدس فقال أرض المنشر والمحشر ائتوه فصلوا فيه فإن صلاة فيه كألف صلاة فيما سواه قالت أرأيت من لم يطق أن يتحمل إليه أو يأتيه قال فليهد إليه زيتا يسرج فيه فإن من أهدى له كان كمن صلى فيه 661 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن سليمان بن داود عليه السلام سأل الله ثلاثا أعطاه اثنتين ونحن نرجو أن تكون له الثالثة فسأله حكما يصادف حكمه فأعطاه إليه إياه وسأله ملكا لا ينبغي لأحد من بعده فأعطاه إياه وسأله أيما رجل خرج من بيته لا يريد إلا الصلاة في هذا المسجد خرج من خطيئته مثل يوم ولدته أمه فنحن نرجو أن يكون الله عز وجل قد أعطاه إياه

_ 660 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن بحر قال ثنا عيسى قال ثنا ثور عن زياد بن أبي سودة عن أخيه أن ميمونة 661 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمرو ثنا إبراهيم بن محمد أبو إسحاق الفزاري ثنا الأوزاعي حدثني ربيعة بن يزيد عن عبد الله بن الديلمي قال دخلت على عبد الله بن عمرو رواه الحاكم في المستدر ج 1 ص 30، 31 ثم قال حديث صحيح قد تداوله الأئمة وقد احتجا بجميع رواته ثم لم يخرجاه ولا أعلم له علة وقال الذهبي على شرطهما ولا علة له (قلت) والمرفوع من هذا الحديث في الحقيقة ثلاثة أحاديث الوعيد على شرب الخمر - وخلق الخلق في ظلمة - وأسئلة سليمان الأول: رواه ابن ماجه في كتاب الأشربة باب 1 وقال المنذري في الترغيب والترهيب 3/ 188 رواه ابن حبان الثاني: ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد ج 7 ص 193 - 194 وقال رواه أحمد بإسنادين والبزار والطبراني ورجال أحد إسنادي أحمد ثقات الثالث: رواه النسائي في كتاب المساجد باب 6 ونقله ابن كثير في البداية والنهاية ج 2 ص 26 عن الإمام أحمد والنسائي وابن ماجه وابن خزيمة وابن حبان والحاكم بإسانيدهم ونقله المنذري في الترغيب والترهيب ج 2 ص 137 - 138 وقال رواه أحمد والنسائي وابن ماجه واللفظ له وابن خزيمة وابن حبان في صحيحيهما والحاكم أطول من هذا وقال صحيح على شرطهما ولا علة له

الفصل الرابع فيما ورد في فضل عسقلان 662 - عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عسقلان أحد العروسين يبعث منها يوم القيامة سبعون ألفا لا حساب عليهم ويبعث منها خمسون ألفا شهداء وفودا إلى الله عز وجل وبها صفوف الشهداء رءوسهم مقطعة في أيديهم تثج أوداجهم دما يقولون ربنا آتنا ما وعدتنا على رسلك إنك لا تخلف الميعاد فيقول صدق عبيدي اغسلوهم بنهر البيضة فيخرجون منها نقيا بيضا فيسرحون في الجنة حيث شاءوا - الباب الثالث في فضل اليمن وأهله وبعض بلاده وقبائله وفيه فصول الفصل الأول فيما ورد في فضل اليمن مطلقا 663 - عن عروة بن رويم قال أقبل أنس بن مالك إلى معاوية بن أبي سفيان وهو بدمشق قال

_ 262 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو اليمان قال ثنا إسماعيل بن عياش عن عمرو بن محمد عن أبي عقال عن أنس بن مالك قال الهيثمي في مجمع الزوائد ج 10 ص 61 رواه أحمد وفيه أبو عقال هلال بن زيد بن يسار وثقه ابن حبان وضعفه الجمهور وبقية رجاله ثقات وفي إسماعيل بن عياش خلاف وقال ابن الجوزي في الموضوعات ورد من ثلاث طرق كلها عن أنس بن مالك ثم أوردها وقال: أما حديث أنس فجميع طرقه تدور على أبي عقال واسمه هلال بن يزيد بن يسار قال ابن حبان يروي عن أنس أشياء موضوعة ما حدث بها قط لا يجوز الاحتجاج به بحال وجاء في ميزان الاعتدال عن هلال بن زيد قال أبو حاتم والنسائي ونكر الحديث زاد النسائي ليس بثقة وعد من مناكيره الحديث المذكور وقال المحقق في الهامش قال المؤلف في الكنى: إنه متهم بالوضع وذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب بابن وقال: قال فيه ابن حبان روى عن أنس أشياء موضوعة ما حدث بها أنس قط لا يجوز الاحتجاج به بحال 263 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عياش ثنا محمد بن مهاجر عن عروة بن رويم

فدخل عليه فقال له معاوية حدثني بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بينك وبينه فيه أحد قال قال أنس سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الإيمان يمان هكذا إلى لخم وحزام 664 - وعن أبي مسعود الأنصاري قال أشار رسول الله صلى الله عليه وسلم بيده نحو اليمن فقال الإيمان هاهنا الإيمان هاهنا وإن القسوة وغلظ القلوب في الفدادين عند أصول أذناب الإبل حيث يطلع قرنا الشيطان في ربيعة ومضر الفصل الثاني في فضل أهل اليمن 665 - عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الإيمان يمان والفقه يمان والحكمة يمانية أتاكم أهل اليمن فهم أرق أفئدة وألين قلوبا والكفر قبل المشرق والفخر والخيلاء في أهل الخيل والإبل والفدادين أهل الوبر والسكينة في أهل الغنم

_ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح خلا عروة بن رويم وهو ثقة 264 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن إسماعيل ثنا قيس عن أبي مسعود (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم 265 - حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا قتيبة بن سعيد حدثنا ابن لهيعة عن الحرث بن يزيد عن ثابت بن الحرث عن أبي هريرة (تخريجه) أخرج البخاري ومسلم والترمذي متن الحديث بألفاظ متقاربة عن أبي هريرة من غير هذا الطريق. والحارث بن يزيد الحضرمي أبو عبد الكريم البصري وثقه أحمد والعجلي والنسائي وابن حبان. وثابت بن الحارث الأنصاري له صحبة ورواية عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي هريرة كما جاء ذلك في تعجيل المنفعة وقد ذكر الحديث ابن حجر العسقلاني في تعجيل المنفعة واستدرك أنه لم يجد في طريق من طرق أحاديثه تصريحا بسماعه من النبي صلى الله عليه وسلم وقال والذي يظهر أنه تابعي كما صرح به العجلي واقتضاه كلام ابن يونس وهو أعلم الناس بالبصريين فلعله أرسل تلك الأحاديث وقد تبين أن مدار أحاديثه كلها على ابن لهيعة

666 - وعن جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع رأسه إلى السماء فقال أتاكم أهل اليمن كقطع السحاب خير أهل الأرض فقال له رجل ممن كان عنده ومنا يا رسول الله قال كلمة خفية إلا أنتم وعنه من طريق آخر بنحوه وفيه فقال رجل من الأنصار ولا نحن يا رسول الله فسكت قال ولا نحن يا رسول الله فسكت قال ولا نحن يا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال في الثالثة كلمة ضعيفة إلا أنتم 667 - وعن عتبة بن عبد أنه قال إن رجلا قال يا رسول الله العن أهل اليمن فإنهم شديد بأسهم كثير عددهم حصينة حصونهم فقال لا ثم لعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعجميين وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مروا بكم يسوقون نساءهم يحملون أبناءهم على عواتقهم فإنهم مني وأنا منهم 668 - وعن أنس بن مالك زيد بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلع قبل اليمن فقال اللهم أقبل بقلوبهم واطلع من قبل كذا فقال اللهم أقبل بقلوبهم وبارك لنا في صاعنا ومدنا

_ 266 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن إسحاق قال أنا ابن لهيعة عن الحرث بن يزيد عن الحرث بن أبي ذباب إن شاء الله عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا ابن أبي ذئب عن الحرث بن عبد الرحمن عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه (تخريجه) أورد الهيثمي في مجمع الزوائد الروايتين وقال رواه أحمد وأبو يعلى إلا أنه قال فقال رجل من الأنصار إلا نحن، والبزار بنحوه والطبراني وأحد إسنادي أحمد وإسناد أبي يعلى والبزار رجاله رجال الصحيح وقد عنعن ابن لهيعة وهو مدلس فالحديث ضعيف 267 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيوة بن شريح حدثني بقية حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن عتبة بن عبد (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والطبراني إلا أنه قال ولعن رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعجميين فارص والروم وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا مروا بكم أهل اليمين يسوقون نساءهم يحملون أبناءهم على عواتقهم فإنهم مني وأنا منهم وإسنادهما حسن فقد صرح بقية بالسماع 568 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود ثنا عمران عن قتادة عن أنس بن مالك

669 - وعن معاذ بن جبل أنه كان يقول بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن فقال لعلك أن تمر بقبري ومسجدي وقد بعثتك إلى قوم رقيقة قلوبهم يقاتلون على الحق مرتين فقاتل بمن أطاعك منهم من عصاك ثم يعود إلى الإسلام حتى تبادر المرأة زوجها والولد والده والأخ أخاه فأنزل بين الحيين السكون والسكاسك 670 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب بن جرير قال ثنا أبي قال سمعت عبد الله بن ملاذ يحدث عن نمير بن أوس عن مالك بن مسروح عن عامر بن أبي عامر الأشعري عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال نعم الحي الأسد والأشعريون لا يفرون في القتال ولا يغلون (1) هم مني وأنا منهم قال عامر فحدثت به معاوية فقال ليس هكذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه قال هم مني وإلي فقال ليس هكذا حدثني أبي عن النبي صلى الله عليه وسلم ولكنه قال هم مني وأنا منهم قال فأنت إذا أعلم بحديث أبيك قال عبد الله (يعني ابن الإمام أحمد رحمهما الله) هذا من أجود الحديث ما رواه إلا جرير 671 - وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني لبعقر حوضي

_ (تخريجه) أخرجه الترمذي بهذا السند بلفظ أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر قبل اليمن فقال اللهم أقبل بقلوبهم وبارك لنا في صاعنا وقال هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه من حديث زيد بن ثابت إلا من حديث عمران القطان 669 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان حدثني أبو زياد يحيى بن عبيد الغساني عن يزيد بن قطيب عن معاذ بن جبل (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد بلفظ ثم يفيئون إلى الإسلام وقال رواه أحمد والطبراني ورجالهما ثقات إلا أن يزيد بن قطيب لم يسمع من معاذ (1) أي لا يخونون في المغنم 670 - (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث وهب بن جرير ويقال الأسد هم الأزد ونسبه صاحب كنز العمال للحاكم 671 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا هشام عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن ثوبان (1) عقر الحوض بالضم موضع الشاربة منه أي طردهم لأجل أن يرد أهل اليمن ذكره في النهاية

أذود عنه لأهل اليمن أضرب بعصاي حتى يرفض عليهم فسئل عن عرضه فقال من مقامي إلى عمان وسئل عن شرابه فقال أشد بياضا من اللبن وأحلى من العسل يتشعب فيه ميزابان يمدانه من الجنة أحدهما من ذهب والآخر من ورق (2) الفصل الثالث في فضل عمان وعدن وأهلهما 672 - عن عمر بن الخطاب قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول إني لأعلم أرضا يقال لها عمان ينضح بناحيتها البحر بها حي من العرب لو أتاهم رسولي ما رموه بسهم ولا حجر 673 - وعن الحسن بن هادية قال لقيت ابن عمر قال إسحاق فقال لي ممن أنت قلت من أهل عمان قال من أهل عمان قلت نعم قال أفلا أحدثك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت بلى فقال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني لأعلم أرضا يقال لها عمان ينضح بجانبها وقال إسحاق بناحيتها البحر الحجة منها أفضل من حجتين من غيرها.

_ (1) ورق أي فضة (تخريجه) أورده الحافظ ابن كثير في النهاية وذكر روايات أخرى بألفاظ متقاربة وقال وهكذا رواه مسلم عن أبي غسان مالك بن إسماعيل ومحمد بن المثنى ومحمد بن بشار ثلاثتهم عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة بنحوه 672 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أخبرنا جرير أنبأنا الزبير بن الخريت عن أبي لبيد قال خرج رجل من طاحية مهاجرا يقال له يبرح بن أسد فقدم المدينة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم بأيام فرآه عمر رضي الله عنه فعلم أنه غريب فقال له من أنت قال من أهل عمان قال نعم قال فأخذ بيده فأدخله على أبي بكر رضي الله عنه فقال هذا من أهل الأرض التي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني لأعلم الخ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير لمازة بن زياد وهو ثقة ورواه أبو يعلى كذلك ولمازة بكسر اللام وتخفيف الميم والزاي هو أبو عبيد وهو ابن زبار بفتح الزاي وتشديد الباء الموحدة وليس زياد كما جاء في مجمع الزوائد، تابعي ثقة والخريت بكسر الخاء المعجمة وتشديد الراء المكسورة وقد ورد في بعض نسخ المسند الحديث وهو تصحيف. 673 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا جرير بن حازم وإسحاق بن عيسى قال ثنا جرير بن حازم عن الزبير بن الحريث عن الحسن بن هادية

674 - وعن جابر أبي الوازع قال سمعت أبا برزة يقول بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا إلى حي من أحياء العرب فضربوه وسبوه فرجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فشكا ذاك إليه فقال له النبي صلى الله عليه وسلم لو أهل عمان أتيت ما ضربوك ولا سبوك 675 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق عن المنذر بن النعمان الأفطسي قال سمعت وهبا يحدث عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج من عدن أبين (1) اثنا عشر ألفا ينصرون الله ورسوله هم خير من بيني وبينهم قال لي معمر اذهب فاسأله عن هذا الحديث الفصل الرابع فيما ورد في بعض قبائل اليمن 676 - عن أبي ثور الفهمي قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما فأتي بثوب من ثياب المعافر فقال أبو سفيان لعن الله هذا الثوب ولعن من يعمل له (وفي رواية ولعن الله من يعمله) فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تلعنهم فإنهم مني وأنا منهم.

_ (تخريجه) أورده البخاري في التاريخ الكبير في ترجمة الحسن بن هادية فلم يذكر فيه جرحا. والحسن بن هادية تابعي ثقة 674 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث ثنا مهدي بن ميمون ثنا جابر أبو الوازع (تخريجه) أخرجه مسلم (غريبه) (1) عدن أبين بفتح الهمزة والياء التحتية بينهما باء موحدة ساكنة هي عدن التي على البحر تمييزا لها عن (عدن لاعة) قال ياقوت لاعة مدينة في جبل صبر من أعمال صنعاء إلى جانبها قرية لطيفة يقال لها عدن لاعة وليست عدن أبين الساحلية، وأنا دخلت عدن لاعة) 675 - (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أبو يعلى والطبراني ورجالهما رجال الصحيح غير منذر الأفطس وهو ثقة وفاته رحمه الله أن يعزوه إلى الإمام أحمد. والمنذر بن النعمان الأفطس وثقه ابن حبان وترجمه البخاري في الكبير 676 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو زكريا يحيى بن إسحاق من كتابه أنا ابن لهيعة وحدثنا إسحاق بن عيسى ثنا ابن لهيعة عن يزيد بن عمرو عن أبي ثور (تخريجه) أورده الحافظ بن الأثير في أسد الغابة في ترجمة أبي ثور الفهمي وقال أخرجه الثلاثة أي ابن منده وأبو نعيم وابن عبد البر

677 - وعن عمرو بن عبسة السلمي قال صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على السكون والسكاسك وعلى خولان خولان العالية وعلى الأملوك أملوك ردمان الباب الرابع فيما ورد في وج وهو واد بين الطائف ومكة 678 - عن الزبير رضي الله عنه قال أقبلنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من لِيَّة حتى إذا كنا عند السدرة وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم في طرف القرن الأسود حذوها فاستقبل نخبا ببصره يعني واديا وقف حتى اتفق الناس كلهم ثم قال إن صيد وج وعضاهه حرم محرم لله وذلك قبل نزوله الطائف وحصاره ثقيف

_ 677 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة ثنا ابن عياش حدثني شرحبيل بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن موهب الأملوكي عن عمرو بن عبسة السلمي قال (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والطبراني وفيه عبد الرحمن بن يزيد بن موهب ولم أعرفه وبقية رجاله ثقات وقد جاء في تعجيل المنفعة عن عبد بن يزيد بن موهب الأملوكي ليس بالمشهور 678 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن الحرث من أهل مكة مخزومي حدثني محمد بن عبد الله بن عبد الله بن إنسان قال وأثنى عليه خيرا عن أبيه عن عروة بن الزبير عن الزبير (غريبه) ليه بكسر اللام وتشديد الياء التحتانية موضع من نواحي الطائف وقد وردت في بعض نسخ المسند ليلة وهو تصحيف، السدرة شجرة النبق، القرن الأسود، أصل القرن الجبل الصغير نخب ضبط في معجم البلدان والقاموس بوزن كتف وضبطه الأخفش بفتحتين واد بالطائف. اتفق الناس أي اجتمعوا كلهم وعضاهه العضاة كل شجر عظيم له شوك الواحدة عضة بالتاء وأصلها عضهة وقيل واحدته عضاهة وعضهت العضاه قطعتها وقوله وأثنى عليه خيرا أي أن عبد الله بن الحارث شيخ الإمام أحمد أثنى على محمد بن عبد الله ومحمد بن عبد الله بن عبد الله بن إنسان فيه كلام (تخريجه) صحيح رواه أبو داود عن حامد بن يحيى عن عبد الله بن الحرث

الباب الخامس فيما ورد في أهل فارس ومدينة مرو من أعمال خراسان 679 - عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان العلم بالثريا لتناوله الناس من أبناء فارس وعنه من طريق آخر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو كان الدين عند الثريا لذهب رجل من فارس أو أبناء فارس حتى يتناوله 680 - وعن بريدة الأسلمي قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ستكون بعدي بعوث كثيرة فكونوا في بعث خراسان ثم انزلو مدينة مرو فإنه بناها ذو القرنين ودعا لها بالبركة ولا يضر أهلها سوء

_ 679 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب بن عطاء أنا عوف عن شهر بن حوشب قال قال أبو هريرة وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن جعفر الجزري عن يزيد بن الأصم عن أبي هريرة (تخريجه) رواه البخاري ومسلم بلفظ (لو كان الإيمان) (تخريجه) أخرج مسلم الرواية الثانية وأخرجه البخاري من طريق أبي الغيث عن أبي هريرة بلفظ (لو كان الإيمان عند الثريا لناله رجال أو رجل من هؤلاء) وأخرجه الترمذي من طريق أبي الغيث عن أبي هريرة بلفظ (والذي نفسي بيده لو كان الإيمان بالثريا لتناوله رجال من هؤلاء وقال هذا حديث حسن وقد روى من غير وجه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم وأبو الغيث اسمه سالم مولى عبد الله بن مطيع مدني وأورد الهيثمي في مجمع الزوائد الرواية وقال هو في الصحيح غير قوله العلم رواه أحمد وفيه شهر بن حوشب وثقه أحمد وفيه خلاف وبقية رجاله رجال الصحيح 680 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحسن بن يحيى من أهل مرو ثنا أوس بن عبد الله بن بريدة قال أخبرني أخي سهل بن عبد الله بن بريدة عن أبيه عن جده بريدة الأسلمي (تخريجه) أورده الهيثمي وقال رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط بنحوه وفي إسناد أحمد والأوسط أوس بن عبد الله وفي إسناد الكبير حسام بن مصك وهي مجمع على ضعفهما

الباب السادس فيما ورد في مصر وجهة الغرب 681 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وهب بن جرير ثنا أبي قال سمعت حرملة يحدث عن عبد الرحمن بن شماسة عن أبي بصرة عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لهم ذمة ورحما أو قال ذمة وصهرا فإذا رأيت رجلين يختصمان فيها في موضع لبنة فاخرج منها قال فرأيت عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة وأخاه ربيعة يختصمان في موضع لبنة فخرجت منها أبواب فضائل الأزمنة غير ما تقدم في الكتاب الباب الأول فيما ورد في فضائل بعض الأيام 682 - عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تفتح أبواب السماء كل يوم اثنين وخميس فيغفر ذلك اليوم لكل عبد لا يشرك بالله شيئا إلا امرأ كان بينه وبين أخيه شحناء فيقال انظروا هذين حتى يصطلحا 683 - وعنه أيضا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أعمال بني آدم تعرض كل خميس ليلة الجمعة فلا يقبل عمل قاطع رحم

_ 681 - (تخريجه) أخرجه مسلم 682 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عفان حدثنا وهيب حدثنا سهيل عن أبيه عن أبي هريرة (تخريجه) أخرجه مسلم بلفظ قريب وبتكرير الجملة الأخيرة (انظروا هذين حتى يصطلحا) ثلاث مرات وأخرجه الترمذي بلفظ قريب وقال هذا حديث حسن صحيح ويروى في بعض الحديث ذروا هذين حتى يصطلحا وأخرجه أبو داود بلفظ قريب 683 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس بن محمد قال حدثني الخزرج يعني ابن عثمان السعدي عن أبي أيوب يعني مولى عثمان عن أبي هريرة (تخريجه) أخرجه مسلم من طريق سفيان عن مسلم بن أبي مريم عن أبي صالح سمع أبو هريرة رفعه مرة بلفظ تعرض الأعمال في كل يوم خميس واثنين فيغفر الله عز وجل في ذلك اليوم لكل

فصل في فضل البكور 684 - ز - عن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم اللهم بارك لأمتي في بكورها 685 - وعن عمارة بن حديد البجلي عن صخر الغامدي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال اللهم بارك لأمتي في بكورهم قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا بعث سرية يبعثها أول النهار وكان صخر رجلا تاجرا وكان لا يبعث غلمانه إلا من أول النهار فكثر ماله حتى كان لا يدري أين يضع ماله

_ امرئ لا يشرك بالله شيئا إلا امرأ كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقال اتركوا هذين حتى يصطلحا اتركوا هذين حتى يصطلحا 684 - (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبو كامل الجحدري ومحمد بن أبي بكر المقدمي وروح بن عبد المؤمن المقري وثنا محمد بن عبيد بن حساب وعبيد الله بن عمر القواريري قالوا ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا عبد الرحمن بن إسحاق عن النعمان بن سعد عن علي رضي الله عنه (تخريجه) رواه الترمذي عن قتيبة عن عبد الواحد بن زياد وقال هذا حديث لا نعرفه من حديث علي عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا من حديث عبد الرحمن بن إسحاق وعن عبد الرحمن بن إسحاق جاء في تهذيب التهذيب قال أبو داود سمعت أحمد يضعفه وقال أبو طالب عن أحمد ليس بشيء منكر الحديث وقال الدوري عن ابن معين ضعيف ليس بشيء وقال ابن سعد ويعقوب بن سفيان وأبو داود والنسائي وابن حبان ضعيف وقال البخاري فيه نظر وقال أبو زرعة ليس بقوي وقال أبو حاتم ضعيف الحديث منكر الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به الخ وانظر الحديث التالي 685 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن عمارة بن حديد (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال وفي الباب عن علي وابن مسعود وبريدة وأنس وابن عمر وابن عباس وجابر قال أبو عيسى حديث صخر الغامدي حديث حسن لا نعرف لصخر الغامدي عن النبي صلى الله عليه وسلم غير هذا الحديث وقد روى (شعبان) الثوري عن شعبة عن يعلى بن عطاء هذا الحديث وأخرجه أبو داود وابن ماجه وذكر ابن الجوزي في الموضوعات أن له طرقا أخرى كثيرة تبلغ ستة عشر طريقا وقال عنها كلها ضعيفة لا يثبت منها شيء وقال أبو حاتم لا أعلم فيها حديثا صحيحا

الباب الثاني فيما ورد في فضل الليالي مطلقا 686 - عن ابن مسعود أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان ثلث الليل الباقي يهبط الله عز وجل إلى السماء الدنيا ثم تفتح أبواب السماء ثم يبسط يده فيقول هل من سائل يعطى سؤله فلا يزال كذلك حتى يطلع الفجر 687 - وعن عمرو بن عبسة قال قلت يا رسول الله جعلني الله فداك شيئا تعلمه وأجهله لا يضرك وينفعني الله عز وجل به هل من ساعة أفضل من ساعة وهل من ساعة يتقى فيها فقال لقد سألتني عن شيء ما سألني عنه أحد قبلك إن الله عز وجل يتدلى في جوف الليل فيغفر إلا ما كان من الشرك والبغي فالصلاة مشهودة محضورة فصل حتى تطلع الشمس فإذا طلعت فأقصر عن الصلاة. الحديث ذكر مطولا في مناقب عمر بن عبسة (1) فصل في فضل ليلة النصف من شعبان 688 - عن عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يطلع الله عز وجل إلى

_ 686 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا عبد العزيز بن مسلم ثنا أبو إسحاق الهمداني عن أبي الأحوص عن ابن مسعود (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح وللإمام أحمد في المسند حديث آخر عن ابن مسعود بهذا المعنى من طريق إبراهيم الهجري عن أبي الأحوص وإبراهيم الهجري ضعيف 687 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون ثنا حريز بن عثمان وهو الرحبي ثنا سليم بن عامر عن عمرو بن عبسة (1) هذا الحديث ذكر بطوله في مناقب عمرو بن عبسة صفحة 335 من الجزء 22 من الفتح الرباني (تخريجه) هذا الحديث ذكر بطوله في مناقب عمرو بن عبسة في صفحة 335 من الجزء 22 من هذا الكتاب وجاء في تخريجه لها أخرجه مسلم قبيل باب صلاة الخوف وأخرج أصحاب السنن بعضه والله أعلم 688 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا حيي بن عبد الله عن أبي عبد الرحمن الحبلي بضم الحاء والباء وكسر اللام عن عبد الله بن عمرو بن العاص

خلقه ليلة النصف من شعبان فيغفر لعباده إلا لاثنين مشاحن وقاتل نفس 689 - وعن عائشة قالت فقدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فخرجت فإذا هو بالبقيع رافع رأسه إلى السماء فقال لي أكنت تخافين أن يحيف الله عليك ورسوله قالت قلت ظننت أنك أتيت بعض نسائك فقال إن الله عز وجل ينزل ليلة النصف من شعبان إلى السماء الدنيا فيغفر لأكثر من عدد شعر غنم كلب فصل في فضل يوم عرفة 690 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان حدثني سكين بن عبد العزيز قال حدثني أبي قال سمعت ابن عباس قال كان فلان رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم عرفة قال فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن قال وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجهه من خلفه مرارا قال وجعل الفتى يلاحظ إليهن قال فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم ابن أخي إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له خاتمة في فضائل الشجر وغرسه خصوصا النخيل 691 - وعن مجاهد قال صحبت ابن عمر إلى المدينة فلم أسمعه يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم فأتي بجمارة فقال إن من الشجر شجرة مثلها كمثل الرجل المسلم فأردت أن

_ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وهو لين الحديث وبقية رجاله وثقوا 689 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون قال أنا الحجاج بن أرطأة عن يحيى بن أبي كثير عن عروة عن عائشة (تخريجه) أخرجه ابن ماجه ونسبه صاحب كنز العمال إلى الترمذي والبيهقي في الشعب 690 - (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الكبير وقال كان الفضل بن عباس رديف النبي صلى الله عليه وسلم ورجال أحمد ثقات 691 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن ابن أبي نجيح عن مجاهد قال

أقول هي النخلة فنظرت فإذا أنا أصغر القوم فسكت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي النخلة 692 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعرف شجرة بركتها كالرجل المسلم النخلة 693 - وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن مثل المؤمن مثل شجرة لا يسقط ورقها فما هي قال فقالوا وقالوا فلم يصيبوا وأردت أن أقول هي النخلة فاستحييت فقال النبي صلى الله عليه وسلم هي النخلة 694 - وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل المؤمن مثل شجرة لا تطرح ورقها قال فوقع الناس في شجر البدو ووقع في قلبي أنها النخلة فاستحييت أن أتكلم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هي النخلة قال فذكرت ذلك لعمر فقال يا بني ما منعك أن تتكلم فوالله لأن تكون قلت ذلك أحب إلي من أن يكون لي كذا وكذا

_ (تخريجه) رواه البخاري من هذا الطريق ومن طرق أخرى ورواه مسلم عن ابن عمر من طرق أخرى بلفظ قريب 692 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن مجاهد عن عبد الله بن عمر قال (تخريجه) أخرجه البخاري من طريق محمد بن طلحة عن زبيد عن مجاهد بلفظ من الشجر شجرة تكون مثل المسلم وهي النخلة ورجال أحمد ثقات. 693 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هارون أنا شعبة عن محارب بن دثار عن ابن عمر (تخريجه) رجاله ثقات 694 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم وحجين قالا ثنا عبد العزيز عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر (تخريجه) أخرجه البخاري من طريق مالك عن عبد الله بن دينار بلفظ قريب وأخرجه الترمذي من هذا الطريق أيضا بلفظ قريب كذلك وقال هذا حديث حسن صحيح

فصل في فضل التمر والعجوة 695 - عن عائشة قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا عائشة بيت ليس فيه تمر جياع أهله قال عبد الرحمن كان سفيان حدثناه عنه (ومن طريق آخر) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو سعيد قال ثنا أبو عبد الرحمن قال سمعت أبي يحدث عن عمرة عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال بيت ليس فيه تمر كأن ليس فيه طعام 696 - وعن رافع بن عمرو المزني قال سمعت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا وصيف يقول العجوة والشجرة من الجنة

_ 695 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن ثنا يعقوب بن محمد بن طحلاء عن أبي الرجال عن عمرة عن عائشة (تخريجه) أخرج مسلم روايتين الأولى من طريق هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة بلفظ لا يجوع أهل بيت عندهم التمر والثانية من طريق يعقوب بن محمد بن طحلاء عن أبي الرجال محمد بن عبد الرحمن عن أمه عن عائشة بلفظ يا عائشة بيت لا تمر فيه جياع أهله - أو جاع أهله قالها مرتين وأخرجه الترمذي من طريق سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم بلفظ بيت لا تمر فيه جياع أهله وقال وفي الباب عن سلمى امرأة أبي رافع - قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث هشام بن عروة إلا من هذا الوجه وسألت البخاري عن هذا الحديث عن هذا الحديث فقال لا أعلم أحدا رواه غير يحيى بن حسان وأخرج ابن ماجه روايتين له الأولى حدثنا سليمان بن بلال عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة والثانية حدثنا هشام بن سعد عن عبيد الله بن أبي رافع عن جدته سلمى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بيت لا تمر فيه كالبيت لا طعام فيه وقال البوصيري في الزوائد في إسناده عبيد الله بن علي مختلف فيه وهشام بن سعد وهو وإن خرج له مسلم فإنما رواه له في الشواهد وقد ضعفه ابن نعيم والنسائي وغيرهما وقال أبو زرعة ومحمد بن إسحاق شيخ محله الصدق وباقي رجال الإسناد ثقات 696 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي أنا يحيى بن سعيد ثنا المشمعل قال حدثني عمرو بن سليم المزني قال سمعت رافع بن عمر والمزني - ويحيى بن سعيد هو يحيى القطان والمشمعل هو ابن عمرو الأسيدي (تخريجه) أورده ابن الأثير في أسد الغابة من هذا الطريق وقال رواه ابن مهدي وعبد الصمد

697 - عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بهم وهم يجتنون أراكا فأعطاه رجل جنى أراك فقال لو كنت متوضأ لأكلته 698 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن عيسى عن عطاء الشامي عن أبي أسيد قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كلوا الزيت وادهنوا به فإنه من شجرة مباركة فرع فيما جاء في تلقيح النخل 699 - عن طلحة بن عبد الله قال مررت مع النبي صلى الله عليه وسلم في نخل المدينة فرأى أقواما في رءوس النخل يلقحون النخل فقال ما يصنع هؤلاء قال يأخذون من الذكر فيحطون في الأنثى يلقحون به فقال ما أظن ذلك يغني شيئا فبلغهم فتركوه ونزلوا عنها فلم تحمل تلك السنة شيئا فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فقال إنما هو ظن ظننته إن كان يغني شيئا فاصنعوا فإنما أنا بشر مثلكم والظن يخطئ ويصيب ولكن ما قلت لكم قال الله عز وجل فلن أكذب على الله وعن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله

_ عن المشمعل نحوه إلا أن عبد الصمد قال في حديثه العجوة والصخرة أو العجوة والشجيرة من الجنة أخرجه الثلاثة أي ابن منده وأبو نعيم وابن عبد البر 697 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن حدثنا ابن لهيعة حدثنا بكر بن سوادة أن مولى لجابر بن عبد الله أخبره عن جابر بن عبد الله (تخريجه) في إسناده ابن لهيعة وقد صرح بالتحديث وبكر بن سوادة ثقة ولم أقف على مولى جابر والله أعلم 698 - (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال هذا حديث غريب الوجه وإنما نعرفه من حديث سفيان الثوري عن عبد الله بن عيسى 699 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنبأنا إسرائيل عن سماك أنه سمع موسى ابن طلحة يحدث عن أبيه وعن أنس (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد ثنا حماد عن ثابت عن أنس (تخريجه) مسلم وابن ماجه

فصل في فضل غرس الشجر وغيره 700 - عن أنس بن مالك قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها فليفعل 701 - وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل نخلا لأم مبشر امرأة من الأنصار فقال من غرس هذا مسلم أم كافر قالوا مسلم قال لا يغرس مسلم غرسا فيأكل منه إنسان أو دابة أو طائر إلا كان له صدقة

_ 700 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز ثنا هشام بن زيد قال سمعت أنس بن مالك (تخريجه) أخرجه البخاري في الأدب المفرد وعبد بن حميد 701 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا بهز وحدثنا عفان قالا ثنا أبان ثنا قتادة ثنا أنس بن مالك (تخريجه) رجاله ثقات. والمشهور هو حديث جابر بهذا المعنى وقد جاء في الصفحة العاشرة من الجزء الخامس عشر من هذا الكتاب وقال مصنفه رحمه الله في تخريجه (مسلم وغيره)

كتاب الفتن وعلامات الساعة

بسم الله الرحمن الرحيم القسم السابع: في قيام الساعة وأحوال الآخرة وما يتقدم ذلك من الفتن والعلامات كتاب الفتن وعلامات الساعة الباب الأول في قرب مبعث النبي صلى الله عليه وسلم من الساعة 1 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسم يقول: بعثت أنا والساعة كهاتين ومد إصبعيه السبابة والوسطى. 2 - وعن جابر بن سمرة رضي الله عنه قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بإصبعيه ويقول: بعثت أنا والساعة كهذه من هذه. 3 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا الأعمش عن خالد عن وهب السوائي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بعثت أنا والساعة كهذه من هذه إن كادت لتسبقها وجمع الأعمش السبابة والوسطى وقال محمد بن مرة إن كادت لتسبقني.

_ 1 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يعقوب أخبرنا أبي عن ابن إسحاق حدثني زياد بن أبي زياد مولى ابن عباس إلى آخره وهذا جزر من حديث طويل. (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم عن قتادة وأبي التياح عن أنس. وأخرجه الترمذي عن قتادة عن أنس وقال " هذا حديث حسن صحيح". 2 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا على بن بحر أنا عيسى بن يونس عن الأعمش عن أبي خالد الوالي عن جابر بن سمرة. (تخريجه) قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير والأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح غير أبي خالد الوالبي وهو ثقة، أهـ. 3 - (تخريجه) قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد والطبراني وقال لتسبقني فقط، ورجالهما رجال الصحيح غير أبي خالد الوالبي وهو ثقة.

4 - وعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: بعثت أنا والساعة جميعاً إن كادت لتسبقني. 5 - وعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مثلى ومثل الساعة كهاتين وفرق بين أصبعيه الوسطى والتي تلي الإبهام ثم قال: مثلى ومثل الساعة كمثل فرسى رهان ثم قال: مثلى ومثل الساعة كمثل رجل بعثه قومه طليعة فلما خشى أن يسبق ألاح بثوبه أتيتم أتيتم ثم يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا كذلك. 6 - وعن المطلب بن عبد الله عن عبد الله بن عمر أنه كان واقفاً بعرفات فنظر إلى الشمس حين تدلت مثل الترس للغروب فبكى واشتد بكاؤه فقال له رجل عنده: يا أبا عبد الرحمن قد وقفت معي مراراً لم تصنع هذا فقال: ذكرت رسول الله عليه وسلم وهو واقف بمكاني هذا فقال: أيها الناس إنه لم يبق من الدنيا كم فيما مضى منها إلا كما بقى من يومكم هذا فيما مضى منه. 7 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء ذئب إلى راعي الغنم فأخذ منها شاة فطلبه الراعي حتى انتزعها منه فصعد الذئب على تل فأقعى واستذفر فقال: عمدت إلى رزق رزقنيه الله عز وجل انتزعته مني فقال الرجل: تالله إن رأيت كاليوم ذئباً يتكلم فقال الذئب: أعجب من هذا رجل في النخلات بين الحرتين يخبركم بما مضى وبما هو كائن بعدكم وكان الرجل يهودياً فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وخبره فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: غنها أمارة من أمارات بين يدى الساعة قد أوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى تحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله بعده.

_ 4 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي أبو نعيم ثنا بشير حدثني عبد الله بن بريدة عن أبيه. (تخريجه) قال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه أحمد والبزار إلا أنه قال بعثت أنا والساعة كهاتين وضم أصبعيه السبابة والوسطى، ورجال أحمد رجال الصحيح. 5 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي أنس بن عياض حدثني أبو حازم لا أعلمه إلا عن سهل بن سعد إلى آخره. (تخريجه) أخرجه البيهقي وحسنه السيوطي. 6 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل بن عمر حدثني كثير يعنى ابن زيد عن المطلب بن عبد الله. (تخريجه) إسناده صحيح. 7 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن أشعث بن عبد الله عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة. (غريبه) واستذفر أصلها استنفر جاء في مجمع بحار الأقدار استنفر إذا جلس مقعياً وجعل ذنبه بين رجليه وروى استذفر.

-[الفتن وعلامات الساعة]- عز وجل انتزعته مني فقال الرجل تالله إن رأيت كاليوم ذئباً يتكلم فقال الذئب أعجب من هذا رجل في النخلات بين الحرتين يخبركم بما مضى وبما هو كائن بعدكم وكان الرجل يهودياً فجاء الرجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم وخبره فصدقه النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم أنها أمارة من أمارات بين يدي الساعة قد أوشك الرجل أن يخرج فلا يرجع حتى تحدثه نعلاه وسوطه ما أحدث أهله بعده. 8 - وعن الحسن قال: أخبرني أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيته فجاء رجل فقال: يا رسول الله متى الساعة قال أما إنها قائمة فما أعددت لها قال: والله يا رسول الله ما أعددت لها من كثير عمل غير أني أحب الله ورسوله قال: فإنك مع من أحببت ولك ما احتسبت، قال ثم قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فلما قضى صلاته قال: أين السائل عن الساعة فأتى بالرجل فنظر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى البيت فإذا غلام من دوس من رهط أبي هريرة يقال له سعد بن مالك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم هذا الغلام إن طال به العمر لم يبلغ به الهرم حتى تقوم الساعة قال الحسن وأخبرني أنس أن الغلام كان يومئذ من أقراني. 9 - وعن أنس أيضاً رضي الله عنه أن رجلاً سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم متى تقوم الساعة وعنده غلام من الأنصار يقال له محمد فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يعيش هذا الغلام فعسى أن لا يدركه الهرم حتى تقوم الساعة.

_ 8 - (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال " رواه أحمد ورجاله ثقات ". - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا مبارك بن فضالة ثنا الحسن. (تخريجه) أورده الترمذي عن حميد عن أنس، وأورده مختصراً عن أشعب عن الحسن عن أنس وقال " وفي الباب عن علي وعبد الله بن مسعود وصفوان بن عسال وأبي هريرة وأبي موسى. قال أبو عيسى هذا حديث حسن غريب من حديث الحسن عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم وقد روى هذا الحديث من غير وجه عن النبي صلى الله عليه وسلم، أورده مسلم بروايات عديدة ليس منها الحسن عن أنس، وأورده البخاري عن قتادة عن أنس وانظر في معنى الحديث الرواية التالية. 9 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس وحسن بن موسى قالا ثنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن أنس. (تخريجه) أخرجه مسلم وأخرج قبله رواية عن عائشة قالت: كان الأعراب إذا قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم سألوه عن الساعة متى الساعة فنظر إلى أحدث إنسان منهم فقال:

10 - وعن الطفيل بن أبي بن كعب عن أبيه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم جاءت الراجفة تتبعها الرادفة، جاء الموت بما فيه. الباب الثاني: ومن أعظم الفتن تفرق الأمة المحمدية 11 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن بني إسرائيل تفرقت إحدى وسبعين فرقة فهلكت سبعون فرقة وخلصت سبعون فرقة وإن أمتي ستفترق على اثنتين وسبعين فرقة فتهلك إحدى وسبعون وتخلص فرقة (وفي رواية كلها في النار إلا فرقة) قالوا يا رسول الله من تلك الفرقة قال الجماعة الجماعة. 12 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم افترقت اليهود على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة أمتي على ثلاث وسبعين فرقة.

_ " إن يعيش هذا لم يدركه الهرم قامت عليكم ساعتكم" وقال القاضي عياض هذه روايات كلها محمولة على معنى الأول والمراد بساعتكم موتكم ومعناه يموت ذلك القرن أو أولئك المخاطبون وهو نظير قوله أرأيتكم ليلتكم هذه فإنها على رأس مائة سنة لا يبقى منها على وجه الأرض ممن هو عليها الآن أحد. والمراد انقراض ذلك القرن وإن من كان في زمن النبي صلى الله عليه وسلم إذا مضت مائة سنة من تلك المقالة لا يبقى منهم أحد ووقع الأمر كذلك. 10 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن الطفيل بن أبي كعب عن أبيه. (تخريجه) أخرجه الترمذي مطولا وقال هذا حديث حسن، والحاكم وصححه. 11 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا بن لهيعة ثنا خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن أنس بن مالك. وفي رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا عبد العزيز يعنى الماجشون عن صدقة بن يسار عن العميري عن أنس بن مالك. (تخريجه) أخرجه ابن ماجة بلفظ قريب عن قتادة عن أنس، وأخرجه ابن جرير في التفسير ورجاله رجال الصحيح. 12 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمرو ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة. (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح، وابن ماجة، وأخرجه أبو داود بزيادة وتفرقت النصارى على إحدى أو اثنتين وسبعين فرقة، وللحديث شواهد عديدة.

13 - وعن أبي عامر عبد الله بن لحي قال حججنا مع معاوية بن أبي سفيان فلما قدمنا مكة قام حين صلى صلاة الظهر فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن أهل الكتاب افترقوا في دينهم على اثنتين وسبعين ملة وإن هذه الأمة ستفترق على ثلاث وسبعين ملة يعنى الأهواء وكلها في النهار إلا واحدة وهي الجماعة، وإنه سيخرج في أمتي أقوام يجارى بهم تلك الأهواء كما يجارى الكلب بصاحبه لا يبقى منه عرق ولا مفصل إلا دخله والله يا معشر العرب لئن لم تقوموا بما جاء به نبيكم صلى الله عليه وسلم لغيركم من الناس أحرى أن لا يقوم به. 14 - وعن أبي عمار قال حدثني جار لجابر بن عبد الله قال قدمت من سفر فجاءني جابر ابن عبد الله رضي الله عنهما يسلم علي فجعلت أحدثه عن افتراق الناس وما أحدثوا فجعل جابر يبكي ثم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الناس دخلوا في دين الله أفواجاً وسيخرجون منه أفواجاً. 15 - وعن زكريا بن سلام يحدث عن أبيه عن رجل قال انتهيت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول أيها الناس عليكم بالجماعة وإياكم والفرقة ثلاث مرات قالها اسحق (أحد الرواة).

_ 13 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو المغيرة قال: ثنا صفوان قال حدثني أزهر بن عبد الله الهوزني قال أبو المغيرة في موضع آخر الحرازى عن أبي عامر. (تخريجه) تقدم هذا الحديث بسنده وشرحه وتخريجه في صفحة 173 من الجزء الثالث والعشرين من هذا الكتاب. 14 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا معاوية بن عمر وثنا أبو اسحق عن الأوزاعي حدثني أبو عمار. (تخريجه) أورده السيوطي في الجامع الكبير ورمز له بالحسن وقال: قال الهيثمي " وجار جابر لم أعرفه وبقية رجاله رجال الصحيح ". 15 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسحق بن سليمان الرازي قال: سمعت زكريا بن سلام يحدث الخ. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد وفيه زكريا بن يحى عن أبيه ولم أعرفهما، وزكريا بن سلام أبو يحى العبسي الكوفي الأصم نزيل الري حدث عن أبيه والعلاء بن بدر ومنصور بن المعتمر وغيرهم وروى عنه اسحاق بن سليمان الرازي ويزيد بن هارون وجماعة ذكره ابن حبان في الثقات كما جاء في تعجيل المنفعة وفي الحديث رجل لم يسم.

16 - وعن عرفجة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تكون هنات وهنات فمن أراد أن يفرق أمر المسلمين وهم جميع فاضربوه بالسيف كائناً من كان. 17 - وعن بلال العبسي قال أنبأنا عمران بن حصن الضبى أنه أتى البصرة وبها عبد الله ابن عباس أميراً فإذا هو برجل قائم في ظل القصر يقول صدق الله ورسوله صدق الله ورسوله لا يزيد على ذلك فدنوت منه شيئا فقلت له لقد أكثرت من قولك صدق الله ورسوله فقال أما والله لئن شئت لأخبرنك فقلت أجل فقال اجلس إذاً فقال إني أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة في زمان كذا وكذا وقد كان شيخان للحى قد انطلق ابن لهما فلحق به فقالا إنك قادم المدينة وإن ابنا لنا قد لحق بهذا الرجل فإنه فاطلبه منه فإن أبي إلا الافتداء فافتده فأتيت المدينة فدخلت على نبي الله صلى الله عليه وسلم فقلت يا نبي الله إن شيخين للحى أمراني أن أطلب ابنا لهما عندك فقال تعرفه فقلت أعرف نسبه فدعا الغلام فجاء فقال هو ذا فائت به أبويه فقلت الفداء يا نبي الله قال إنه لا يصلح لنا آل محمد أن نأكل ثمن أحد من ولد إسماعيل ثم ضرب على كتفي ثم قال لا أخشى على قريش إلا أنفسها قلت ومالهم يا نبي الله قال إن طال بك العمر رأيتهم ههنا حتى ترى الناس بينها كالغنم بين حوضين مرة إلى هذا ومرة إلى هذا فأنا أرى ناساً يستأذنون على ابن عباس رأيتهم العام يستأذنون على معاوية فذكرت ما قال رسول الله لي الله عليه وسلم.

_ 16 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحى عن شعبة حدثني زياد بن علاقة عن عرفجة. (تخريجه) أخرجه مسلم في الجهاد، وأبو داود في السنة، والنسائي في المحاربة، وأخرجه أبو داود، وأخرجه النسائي بأطول من هذا، وأخرجه مسلم من طريق يونس بن أبي يعفور عن أبيه عن عرفجة بلفظ قريب. 17 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا أبو أحمد بن عبد الله الزبيري ثنا سعد يعنى ابن العبسي عن بلال العبسي. (تخريجه) أبو أحمد محمد بن عبد الله هو محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن درهم مولاهم أبو أحمد الزبيري الكوفي ثقة روى له الجماعة وسعد بن أوس ضعفه الأزدى وحده وروى له الجماعة وبلال العبس ثقة، وقد أورده الهيثمي عن عمران بن حصين باختصار وقال: " رواه أحمد ورجاله ورجال الصحيح خلا بلال بن يحى العبسي وهو ثقة وله طريق طويلة في الخصائص وأورد رواية أخرى له عن عمران بن الحصين وقال أحمد والطبراني ورجاله ثقات ".

18 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سألت ربي عز وجل ثلاثا فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة سألت أن لا يبتلي أمتي بالسنين ففعل وسألت أن لا يظهر عليهم عدوهم ففعل وسألت أن لا يلبسهم شيعاً فأبى على. 19 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنكم اليوم على دين وإني مكاثر بكم الأمم فلا تمشوا بعدي القهقري. الباب الثالث: ومنها قتال المسلمين بعضهم لبعض 20 - عن الحسن أن أخاً لأبى موسى (الأشعري رضي الله عنه) كان يتسرع في الفتنة فجعل ينهاه ولا ينتهي فقال إن كنت أرى أنه سيكفيك مني اليسير أو قال من الموعظة دون ما أرى، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا تواجه المسلمان بسيفهما فقتل أحدهما الآخر فالقاتل والمقتول في النار، قالوا يا رسول الله هذا القاتل فما بال المقتول قال إنه أراد قتل صاحبه. 21 - وعن أبي بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إذا المسلمان حمل أحدهما على

_ 18 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن غيلان ثنا رشيدين قال حدثني عمرو بن الحارث عن بكير بن الضحاك القرشي عن أنس بن مالك. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد بأطول من هذا وقال رواه الطبراني في الصغير وفيه جناده بن مروان وهو ضعيف. 19 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا خلف بن الوليد حدثنا عباد بن عباد عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال " رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني في الأوسط وفيه مجالد وفيه خلاف وبقية رجاله ثقات ". 20 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل عن يونس عن الحسن. (تخريجه) روى متن الحديث ابن ماجة من طريق قتادة عن الحسن عن أبي موسى وقال في الزوائد إسناده صحيح. ورجاله ثقات، والنسائي من طريق محمد بن إسماعيل بن إبراهيم عن يزيد عن سليمان التيمى عن الحسن عن أبى موسى. 21 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن منصور عن ربعى بن حراش عن أبي بكرة.

صاحبه السلاح فهما على طرف جهنم فإذا قتل أحدهما صاحبه دخلاها جميعاً. 22 - وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن بين يدي الساعة الهرج قالوا وما الهرج قال القتل قالوا أكثر مما نقتل، إنا لنقتل كل عام أكثر من سبعين ألفا قال إنه ليس بقتلكم المشركين ولكن قتل بعضكم بعضاً قالوا ومعنا عقولنا يومئذ قال إنه لتنزع عقول أهل ذلك الزمان ويخلف له هباء من الناس يحسب أكثرهم أنهم على شيء وليسوا على شيء قال عفان في حديثه قال أبو موسى والذي نفسي بيده ما أجد لي ولكم منها مخرجاً إن أدركتني وإياكم إلا أن نخرج منها كما دخلنا فيها لم نصب منها دماً ولا مالا. 23 - حدثنا عبد الله حدثني أبى سفيان بن عيينة عن إسماعيل أنه سمع قيساً يقول سمعت الصنابحى الأحمسى يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ألا إني فرطكم على الحوض وإني مكاثر بكم الأمم فلا تقتتلن بعدي. 24 - (ومن طريق آخر عن قيس بن أبى حازم أيضاً) عن الصنابحى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني مكاثر بكم الأمم فلا ترجعن بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض. وعن سعيد بن جبير قال خرج علينا عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ونحن نرجو أن

_ (تخريجه) أخرجه مسلم بهذا السند بلفظ " جرف جهنم " وجاء في بعض النسخ " حرف " وحدث هذا أيضاً في رواية ابن ماجة - وأخرجه أبو داود عن أبي بكرة من طريق الأحنف بن قبسي بمعنى قريب. 22 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة أنا على بن زيد بن حطان بن عبد الله الرقاشي عن أبى موسى الأشعري. (تخريجه) أخرجه ابن ماجة من طريق محمد بن بشار ثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن الحسن ثنا أسيد بن المتشمس ثنا أبو موسى. (تخريجه) رواه ابن ماجة باختصار- وأحمد وأبو يعلى وفيه مجالد بن سعيد وفيه خلاف أهـ. 23 - ومن طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عباد بن عباد بن حبيب (بن المهلب بن أبى صفرة المهلبى أبو معاوية عن مجالد بن سعيد عن قيس بن أبى حازم عن الصنابحى. 24 - (تخريجه) مكرر سابقه. 25 - (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبي حدثنا حسن ثنا زهير عن بيان وبرة عن سعيد بن جبير

-[وصية النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه باجتناب الفتن عند وقوعها وإرشادهم إلى ما فيه الخير لهم]- يحدثنا حديثاً أو حديثاً حسنا فبدرنا رجل منا يقال له الحكم فقال يا أبا عبد الرحمن ما تقول فى القتال فى الفتنة قال ثكلتك أمك وهل تدرى ما الفتنة إن محمداً صلى الله عليه وسلم كان يقاتل المشركين فكان الدخول فيهم أو فى دينهم فتنة وليس كقتالكم على الملك. الباب الرابع: فى وصية النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه باجتناب الفتن عند وقوعها وإرشادهم إلى ما فيه الخير لهم. 26 - عن عمرو بن وايصة الأسدى عن أبيه قال انى بالكوفة فى دارى إذ سمعت على باب الدار السلام عليكم ألجُ قلت عليكم السلام فَلِجْ فلما دخل فإذا هو عبد الله بن مسعود (رضي الله عنه) قلت يا أبا عبد الرحمن أية ساعةِ زيارةٍ هذه وذلك فى نحر الظهيرة قال طال علىّ النهار فذكرت مَنْ أتحدث إليه قال فجعل يحدثنى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحدثه قال ثم أنشأ يحدثنى قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تكون فتنة النائم فيها خير من المضطجع والمضطجع فيها خير من القاعد والقاعد فيها خير من القائم، والقائم فيها خير من الماشى والماشى خير من الراكب والراكب خير من المجرى قتلاها كلها فى النار، قال قلت يا رسول الله ومتى ذلك قال ذلك أيام الهرج، قلت ومتى أيام الهرج؟ قال حين لا يأمن الرجل جليسه قال قلت فما تأمرنى إن أدركت ذلك قال أكفف نفسك ويدك وادخل دارك، قال قلت يا رسول الله أرأيت إن دخل رجل علىّ قال فادخل بيتك، قلت أفرأيت إن دخل على بيتى قال فادخل مسجدك واصنع هكذا وقبض بيمينه على الكوع وقل ربى الله حتى تموت على ذلك

_ (تخريجه) رواه البخاري من طريق زهير ومن طريق خالد بن عبد الله كلاهما عن بيان عن وبرة بنجوه، ولم يسم الرجل الذى سأل ابن عمر، وفى الفتح أنه وقع فى رواية البيهقى ومستخرح أبى نعيم أن اسمه "حكيم". 26 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق قال أنا مغمر عن رجل عن عمرو بن وايصة (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال "رواه أبو داود بأختصار ورواه أحمد بإسنادين ورجال أحدهما ثقات" والرجل الذى روى الحديث عن عمرو بن وايصا هو اسحق بن رشاد الجزرى وهو ثقة

27 - وعن مسلم بن أبى بكرة عن أبيه رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنها ستكون فتنة المضطجع فيها خير من الجالس والجالس خير من القائم والقائم فيها خير من الماشى والماشى خير من الساعى قال فقال رجل يا رسول الله فما تأمرني قال من كانت له إبل فليلحق بإبله، ومن كانت له غنم فليلحق بغنمه ومن كانت له أرض فليلحق بأرضه ومن لم يكن له شئ من ذلك فليعمد إلى سيفه فليضرب بحده صخرة ثم لينج إن استطاع النجاة ثم لينج إن استطاع النجاة. 28 - (وعنه أيضاً من طريق آخر بنحوه) وفيه بعد قوله ثم لينج إن استطاع النجاة، اللهم هل بلغت، اللهم هل بلغت إذ قال رجل يا نبى الهل جعلنى الله فداك أرأيت إن أخذ بيدى مكرها حتى ينطايق بى إلى أحد الصفين او إحدى الفئتين "عثمان يشك" فيحذفنى رجل بسيفه فيقتلنى ماذا يكون من شأنى قل يبوء بإثمك واثمة ويكون من أصحاب النار. 29 - وعن بسر بن سعيد أن سعد بن أبى وقاص رضي الله عنه قال عند فتنة عثمان بن عفان رضي الله عنه أشهد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنها ستكون فتنة القاعد فيها خير من القائم

_ 27 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا عثمان الشحام قال حدثنى مسلم بن أبى بكرة عن أبيه. 28 - وعنه أيضاً من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا عثمان الشحام ثنا مسلم بن أبى بكرة عن أبيه. (تخريجه) أخرج الروايتين مسلم وأخرج أبو داود الرواية الأولى بنحوه. 29 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا ليث بن سعد عن عياش بن عباس عن بكير بن عبد الله بن بسر بن سعيد. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية وقال وهكذا رواه مسلم والترمذى عن قتيبة عن الليث عن عياش بن عباس القتبانى عن بكير بن عبد الله الأشج عن بسر سعيد الحضرى عن سعد بن أبى وقاص فذكره وقال هذا حديث حسن ورواه مسلم عن بعضهم عن بعضهم عن الليث فزاد فى الاسناد رجلا يعنى الحسين وقيل الحسن بن عبد الرحمن ويقال عبد الرحمن بن حسين عن سعد" وقد وردت هذه الزيادة فى رواية أبى داود "حدثنا الفضل بن عياش عن بكير بن بسر بن سعيد عن حسين بن عبد الرحمن الأشجعى أنه سمع سعد بن أبى وقاص يقول .. وفى هذه الرواية زيادة فى آخر الحديث ... "وتلا "لئن بسطت إلى يدك) الآية وأخرجه الترمذى وقال "وفى الباب عن أبى

والقائم خير من الماشى والماشى خير من الساعى قال أفرأيت إن دخل علىّ بيتى فبسط يده إلىّ ليقتلنى قال كن كابن آدم. 30 - وعن عبد الله بن شقيق حدثنى رجل من عنزة يقال له زائدة أو مزيدة بن حوالة رضي الله عنه قال كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى سفر من أسفاره فنزل الناس منزلاً ونزل النبى صلى الله عليه وسلم فى ظل دوحة فرآنى وأنا مقبل من حاجة لى وليس غيره وغير كاتبه فقال أنكتبك يا ابن حوالة قلت علام يا رسول الله قال فلهنى (1) عنى وأقبل على الكاتب قال ثم دنوت دون ذلك قال فقال أنكتبك يا ابن حوالة قلت علام يا رسول الله قال فلهمنى عنّى وأقبل على الكاتب قال ثم جئت فقمت عليهما فإذا فى صدر الكتاب أبو بكر وعمر فظننت أنهما لن يكتبا إلا فى خير فقال أنكتبك يا ابن حوالة فقلت نعم يا نبى الله فقال يا ابن حوالة كيف تصنع فى فتنة تثور فى أقطار الأرض كأنها صياصى (2) بقر قال قلت أصنع ماذا يا رسول الله قال عليك بالشام ثم قال كيف تصنع فى فتنة كأن الأولى فيها نفجة (3) أرنب قال فلا أدرى كيف قال فى الآخرة، ولأن أكون علمت كيف قال فى الآخرة أحب إلىّ من كذا وكذا. 31 - عن أبى بردة قال مررت بالربذة فإذا فسطاط فقلت لمن هذا القيل لمحمد بن مسلمة رضي الله عنه فاستأذنت عليه فدخلت عليه فقلت رحمك الله إنك من هذا الأمر؟ بمكان فلو

_ هريرة وخباب بن الأرت وأبى بكرة وابن مسعود وأبى واقد وأبى موسى وخرشة. وهذا حديث حسن وروى بعضهم هذا الحديث عن الليث بن سعد وزاد فى الاسناد رجلا. قال أبو عيسى وقد روى هذا الحديث عن سعد عن النبى صلى الله عليه وسلم من غير هذا الوجه" 30 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا كهمس بن الحسن ثنا عبد الله بن شقيق. (غريبه) 1 - قال فى المختار لهى عن الشئ لهيا بالضم والتشديد ولهيانا بضم اللام وكسرها سلا عنه وترك ذكره وأضرب عنه أهـ (2) أى قرون بقر واحدتها صيصة. ... (3) أى وثبة أرنب من مكمنه يريد تقليل مدتها (تخريجه) أورده الهيثمى بلفظ قريب وقال "رواه أحمد والطبرانى بنحوه ورجالها رجال الصحيح أهـ. 31 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد ين هرون قال أنا حماد بن سلمة عن على ابن يزيد عن أبي بردة.

خرجت إلى فأمرت ونهيت فقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إنه ستكون فتنة وفرقة واختلاف فإذا كان ذلك فإئت بسيفك أحدًا فاضرب به عرضه واكسر نيلك واقطع وترك واجلس فى بيتك فقد كان ذلك "وفى رواية" فاضرب به حتى تقطعه ثم اجلس فى بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو يعافيك الله عز وجل فقد كان ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وفعلت ما أمرنى به ثم استنزل سيفًا كان معلقا بعمود الفسطاط فاخترطه فإذا سيف من خشب فقال قد فعلت ما أمرنى به رسول الله صلى الله عليه وسلم واتخذت هذا أرهب به الناس. 32 - وعن أبى عمران عن ذى الاصابع رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله إن ابتلينا بعدم بالبقاء أين تأمرنا قال عليك ببيت المقدس فلعله أن ينشأ لك ذرية يغدون إلى ذلك المسجد ويروجون. 33 - وعن عبد الله بن الصامت عن أبى ذر رضي الله عنه قال ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم حمارًا وأردفنى خلفه وقال يا أبا ذر أرأيت إن أصاب الناس جوع شديد لا نستطيع أن تقوم من فراشك إلى مسجدك كيف تصنع قال الله ورسوله أعلم، قال تعفف، قال يا أبا ذر أرأيت إن أصاب الناس موت شديد يكون البيت (1) فيه بالعبد يعنى القبر كيف تصنع، قلت الله ورسوله

_ (تخريجه) أخرجه ابن ماجه فى سننه مختصراً وفى الزوائد: هذا إسناده صحيح إن ثبت سماع حماد بن سلمة عن ثابت البنانى 32 - (سنده) أورده ابن الاثير فى أسد الغابة فى ترجمة "ذى الأصابع" وقال أخرجه الثلاثة أى ابن منده وأبو نعيم وابن عبد البر وأورده بن حجر فى الاصابة وقال أخرجه البغوى وزاد فى إسناده بين عثمان وأبى عمر ان رجلا وهو زياد بن أبى سودة وكذلك أخرجه ابن شاهين وأبو نعيم قال البغوى رواه الوليد بن مسلم عن عثمان بن عطاء عن أبيه عن عمر ان ذى الاصابع والذى قبله أولى الصواب 33 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مرحوم ثنا أبو عمران الجولى عن عبد الله ابن الصامت. (غريبه) (1) يكون البيت فيه بالعبد المراد بالبيت القبر أى يكون العبد المراد بالبيت القبر أى يكون العبد قيمة القبر بسبب كثرة الاموات وقيل المراد بالبيت المتعارف، والمعنى أن البيوت تصير رخيصة لكثرة الموت وقلة من يسكنها فيباع البيت بعبد.

أعلم، قال اصبر، قال يا أبا ذر أرأيت إن قتل الناس بعضهم بعضا يعنى حتى يغرق حجارة الزيت (1) من الدماء كيف تصنع، قال الله ورسوله أعلم، قال اقعد فى بيتك وأغلق عليك بابك، قال فإن لم أترك قال فائت من أنت منهم فكن فيهم، قال فآخذ سلاحى قال إذاً تشاركهم فيما هم فيه ولكن إن خشيت أن يروعك شعاع السيف فآلف طوف ردائك على وجهك حتى يبوء باثمه واثمك. 34 - وعن عبد الله بن عمرو (ابن العاص رضي الله عنهما) قال قال لى رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنت بقيت فى حثالة من الناس، قال قلت يا رسول الله كيف ذلك قال إذا مرجت عهودهم وأماناتهم وكانوا هكذا وشبك يونس (أحد الرواة) بين أصابعه بصف ذاك، قال قلت ما أصنع عنه ذاك يا رسول الله عز وجل وخذ ما تعرف ودع ما تنكر وعليك بخاصتك وإياك وعوامهم. 35 - وعنه أيضاً عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال يأتى على الناس زمان يغربون فيه غربلة، ويبقى منهم حثالة قد مرجت عهودهم وأماناتهم واختلفوا فكانوا هكذا وشبك بين أصابعه قالوا يا رسول الله فما المخرج من ذلك قال تأخذون ما تعرفون وتدعون ما تنكرون وتقبلون على أمر خاصتكم وتدعون أمر عامتكم.

_ (1) (حجارة الزيت) موضع بالمدينة فى الحرة سمى بها السواد الحجارة كأنها طليت بالزيت، أى الدم يعلو حجارة الزيت ويسترها لكثرة القتلى، ورأى البعض فى ذلك إشارة إلى وقعة الحرة. (تخريجه) أخرجه ابن ماجه بلفظ قريب وأورده الحاكم فى المستدرك بلفظ قريب بزيادة فى آخره "فيكون من أصحاب النار" قلت أفلا أحمل السلاح قال إذن تشاركه" وقال هذا حديث صحيح على شر الشيخين وقد أخرجه البخارى من حديث همام عن أبى عمران وقد زاد فى إسناده بين أبى عمران الجونى وعبد الله بن الصامت المشعث بن طريف بزيادة فى المتن وحماد بن زيد اثبت من حماد بن سلمة". 34 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل عن يونس عز الحسن أن عبد الله بن عمرو (تخريجه) إسناده صحيح 35 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين بن محمد ثنا بن مطرف عن أبى حازم عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده. (تخريجه) أخرجه أبو داود من رواية عمارة بن حزم ومن رواية عكرمة وأخرجه بن ماجه

36 - وعز ربعي قال سمعت رجلاً فى جنازة حذيفة (ابن اليمان رضي الله عنه) يقول سمعت صاحب هذا السرير يقول ما بى بأس ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولئن اقتتلتم لادخلن بيتى فلئن دخل علىّ لاقلولن ها بؤباثمى واثمك. 37 - ز- وعن علىّ رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سيكون بعدى اختلاف أو أمر فإن استطعت أن تكون السَّلم فافعل. 38 - وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يأتى عليكم زمان يخير فيه الرجل بين العجز والفجور فمن أدرك ذلك الزمان فليختر العجز على الفجور. 39 - وعن أبى موسى الاشعرى رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بين يدى الساعة فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسى كافرًا ويمسى مؤمنا ويصبح كافرًا القاعد فيها خير من القائم والقائم فيها خير من الماشى والماشى فيها خير من الساعى فاكسروا قسيّكم وقطعوا أوتاركم واضربوا بسيوفكم الحجارة فإن دخل على أحدكم بيته فليكن كخير ابني آدم.

_ من رواية عمارة بن عمرو بن حزن وأورده الحاكم فى المستدرك من طريق عمارة بن حزم وقال صحيح الاسناد ولم يخرجاه واقره الذهبى "وعمرو بن شعيب هو بن محمد بن عبد الله بن عمرو بن العاص ثقه. 36 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن منصور عن ربعى. (تخريجه) رجاله ثقات 37 - (سنده) -ز- حدثنا عبد الله حدثنى محمد بن أبى بكر المقدمى ثنا فضيل بن سليمان يعنى النميرى ثنا محمد بن ابى يحيى عن اياس بن عمرو الاسلمى عن على بن أبى طالب. (تخريجه) إسناده صحيح والسلم بفتح السين وكسرها. 38 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق عن سفيان عن داود عن شيخ عن أبى هريرة (تخريجه) ذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد، وقال: أحمد وأبو يعلى، عن شيخ، عن أبى هريرة، وبقية رجاله ثقات. وأورده الحاكم فى المستدرك وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وان الشيخ الذى لم يسم سفيان الثورى عن داود بن أبى هند هو سعيد بن أبى جبرة" وأقره الذهبى. 39 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد قال قنا أبى قال ثنا محمد بن حجادة عن عبد الرحمن بن ثروان عن هذيل بن شرحبيل عن أبى موسى. (تخريجه) أخرجه ابن ماجه وأخرجه أبو داود من طريق عاصم الاحول عن أبى كبشة قال سمعت أبا موسى يقول.

40 - وعن الحسن عن النعمان بن بشير رضي الله عنه قال صحبنا النبى صلى الله عليه وسلم وسمعناه يقول إن بين يدى الساعة فتنا كأنها كقطع الليل المظلم يصبح الرجل فيها مؤمنا ثم يمسى كافرًا ويمسى مؤمنًا ثم يصبح كافرًا، يبيع أقوام خلاقهم بعرض من الدنيا يسير أو بعرض الدنيا قال الحسن والله لقد رأيناهم صوراً ولا عقول أجساماً ولا أحلام فراش ناروذبان طمع، يغدون بدرهمين ويروحون بدرهمين يبيع أحدهم دينه بثمن العنز. 41 - وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ويل للعرب من شر قد اقترب فتنا كقطع الليل المظلم يصبح الرجل مؤمناً وبمسى كافراً يبيع قوم دينهم بعرض من الدنيا قليل، المتمسك يومئذ بدينه كالقابض على الجمر أو قال على الشوك قال حسن فى حديثه خبط الشوكة. 42 - وعنه أيضاً قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليأتين على الناس زمان يكون أفضل الناس فيه منزلة رجل أخذ بعنان فرسه فى سبيل الله كلما سمع بهيعة استوى على متنه ثم طلب الموت مظانه ورجل فى شعب من هذه الشعاب يقيم الصلاة ويؤتى الزكاة ويدع الناس إلا من خير.

_ 40 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا المبارك عن الحسن عن النعمان ابن بشير. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد والطبرانى فى الأوسط وفيه مبارك بن فضالة وثقة وفيه لبن" 41 - (سنده) حدقنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن اسحق ثنا بن لهيعة عن أبى يونس عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: "رواه أبو داود وغيره من قوله المتمسك بدينه إلى آخره" رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح. أهـ 42 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع قال ثنا أسامة بن زيد عن بعجة بن عبد الله الجهنى عن أبى هريرة (تخريجه) أخرجه مسلم والنسائي

43 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم يوشك أن يكون خير مال الرجل المسلم غنما يتبع بها شعف الجبال ومواقع القطر بفر بدينه من الفتن. الباب الخامس فى ذكر الجهة التى تجئ منها لفتن وفيه ذكر الخوارج والحرورية والرافضة 44 - عن ابن عمر رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه كان قائما عند باب عائشة رضي الله عنها فأشار بيده نحو المشرق فقال الفتنة ههنا حيث يطلع قرن الشيطان. 45 - (وعنه أيضاً من طريق ثان) رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير إلى المشرق يقول ها هنا الفتنة ههنا، ها إن الفتنة ههنا، ها إن الفتنة ههنا، إن الفتنة ههنا من حيث بطلع الشيطان قرينه. 46 - (وعنه من طريق ثالث) قال رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير بيده يؤم العراق ها إن الفتنة ها هنا إن الفتنة ها هنا ثلاث مرات من حيث يطلع قرن الشيطان. 47 - (وعنه من طريق رابع) قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من بيت عائشة رضي الله عنها فقال رأس الكفر من ههنا من حيث يطلع قرن الشيطان. 48 - (وعنه من طريق خامس) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تجئ الفتنة من ههنا من المشرق.

_ 43 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا شفيان عن ابن صعصعة شيخ من الأنصار عن أبيه عن أبى سعيد (تخريجه) أخرجه البخارى وأبو داود والنسائى وابن ماجه 44 - (سنده) حدثنا عند الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن عبيد الله أخبرنى نافع عن ابن عمر 45 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسحق بن سليمان سمعت حنظلة سمعت سالما يقول سمعت عبد الله بن عمر يقول 46 - (سنده) حدثنا عبد الهل حدثنى أبى ثنا ابن نمير ثنا حنظلة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر 47 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع حدثنى عكرمة بن عمار عن سالم عن بن عمر 48 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن سفيان عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر (تخريجه) رواه البخارى ومسلم من طرق عن ابن عمر، ورواه الترمذى من طريق الزهرى عن سالم عن أبيه، وقال: "حديث حسن صحيح"

فرع في ذكر الخوارج الذين من ذرية من تقدم ذكرهم فى عصر الإمام على رضي الله عنه ويقال لهم الحرورية أيضاً 49 - عن يسير بن عمرو قال دخلت على سهل بن حنيف رضي الله عنه فقلت حدثنى ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فى الحرورية قال أحدثك ما سمعت لا أزيدك عليه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر قوماً يخرجون من ههنا وأشار بيده نحو العراق يقرؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم يمرقون من الدين كما يمرق الشهم من الرمية قلت هل ذكر لهم علامة قال هذا ما سمعت لا أزيدك عليه. 50 - وعن سويد بن غفلة قال قال على رضي الله عنه إذا حدثتكم عن رسول الله رضي الله عنه حديثاً فلأن أخرّ من السماء أحبّ إلىّ من أن أكذب عليه، وإذا حدثتكم عن غيره فإنما أنا رجل محارب والحرب خدعة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرج من آخر الزمان أقوام أحداث الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من قول خير البرية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم فأينما لقيتموهم فاقتلوهم فإن قتلهم أجرٌ لمن قتلهم يوم القيامة, 51 - وعن عبد الله بن عمرو (بن العاص رضي الله عنهما) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ 49 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر قال حدثنا حرام بن اسماعيل العامرى عن أبى أسحق الشيبانى عن يسير بن عمرو (تخريجه) اورده الحافظ بن كثير فى البداية والنهاية وقال "وقد أخرجاه فى الصحيحين من حديث عبد الواحد بن زياد ومسلم من حديث على بن مسهر والعوام بن حوشب والنسائى من حديث محمد بن فضيل كلهم عن أبى اسحاق الشيبانى به". 50 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن خثيمة عن سويد بن غفلة (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى البداية والنهاية وقال "وأخرجاه فى الصحيحن من طرق عن طريق الأعمش به" وعزاه صاحب ذخائر المواريث إلى البخارى ومسلم وأبى داود والنسائى 51 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق أنا معمر عن قتادة عن شهر بن حوشب قال لما جاءتنا بيعة يزيد بن معاوية قدمت الشام فأخبرت بمقام يقومه نوف فجئته إذ جاء رجل فاشتد الناس عليه خميصة وإذا هو عبد الله بن عمرو بن العاص فلما رآه نوف أمسك عن الحديث فقال عبد الله سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول

يقول سيخرج أناس من أمتى من قبل المشرق يقرؤن القرآن لا يجاوز تراقبهم كلما خرج منهم قرن قطع كلما خرج منه قرن قطع حتى عدّها زيادة على عشرة مرات كلما خرج منه قرن حتى يخرج الدجال فى بقيتهم. 52 - وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرج من أمتى قوم يسيئون الأعمال يقرؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم قال يزيد (أحد الرواة لا اعلمه إلا قال يحقر أحدكم عمله مع عملهم يقتلون أهل الإسلام فإذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم فطوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه كلما طلع منهم قرن قطعه الله عز وجل فردّد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين مرة أو أكثر وأنا أسمع. فرع آخر فى ذكر الرافضة 53 - ز- حدثنا عبد الله حدثنا محمد بن جعفر الوركانى فى سنة سبع وعشرين ومائتين ثنا أبو عقيل يحيى بن المتوكل وثنا (1) محمد بن سليمان لو بن فى سنة أربعين ومائتين ثنا أبو عقيل يحيى بن المتوكل عن كثير النوَّاء عن إبراهيم بن حسن بن على بن أبى طالب عن ابيه قال قال على بن أبى طالب رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يظهر فى آخر الزمان قوم يسمون الرافضة يرفضون الإسلام.

_ (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد فى حديث طويل وشهر ثقة، وفيه كلام لا يضر، وبقية رجاله رجال الصحيح أهـ وأورده الحافظ بن كثير فى البداية والنهاية وقال "وقد روى أبو داود أوله فى كتاب الجهاد فى سننه عن القواريرى عن معاذ بن هشام عن أبيه عن قتادة 53 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا أبو جناب يحيى بن أبى حية عن شهر بن حوشب سمعت عبد الله بن عمر يقول (تخريجه) قال الهيثمى فى مجمع الزوائد "رواه أحمد" وفيه أبو جناب وهو مدلس (1) القائل وثنا محمد بن سليمان هو عبد الله بن الامام أحمد 53 - (تخريجه) فيه يحيى بن المتوكل أبو عقيل: ضعفه أحمد وابن معين وقال "منكر الحديث" وإبراهيم بن حسن: ذكره ابن حبان فى الثقات وقد أورد البخارى الحديث فى الكبير فى ترجمة إبراهيم ين حسن بلفظ: "يكون قوم نبزهم الرفضة، يرفضون الدين، رواه عن محمد بن الصباح عن

الباب السادس ومن الفتن ظهور ثلاثين كذاباً قبل قيام الساعة كلهم يزعم أنه رسول الله منهم مسيلة الكذاب 54 - عن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون كذابون قريب من ثلاثين، كلهم يزعم أنه رسول الله 55 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بين يدى الساعة كذابون صاحب اليمامة ومنهم صاحب صنعاء العنسى ومنهم صاحب حمير ومنهم الدجال وهو أعظمهم فتنة، قال جابر وبعض أصحابى يقول قريب من ثلاثين كذاباً. 56 - وعن أبى بكرة رضي الله عنه قال أكثر الناس فى مسيلمة قبل أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئاً فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيباً فقال أما بعد ففى شأن هذا الرجل الذى قد أكثرتم فيه وأنه كذاب من ثلاثين كذاباً يخرجون بين يدى الساعة وأنه ليس من بلدة إلا يبلغها رعب المسيح (يعنى الدجال) إلا المدينة على كل نقب من نقابها ملكان يذبان عنها رعب المسيح. ____ يحيى بن المتوكل وكأنه لم يره ضعيفاً فإنه لم يخرج أحداً من رواته. وذكره أيضاً الحافظ فى التعجيل عن المسند، فلم يذكر له علة. 54 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى عن مالك عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة (تخريجه) رواه مسلم عن ظهير بن حرب وإيحاق بن منصور كلاهما عن عبد الرحمن بن مهدى بهذا الاسناد ورواه البخارى ضمن حديث طويل من طريق شعيب عن أبى الزناد عن عبد الرحمن وهو الأعرج عن أبى هريرة ورواه أيضاً مع حديث آخر من طريق عبد الرازق عن معمر عن همام ابن منبه عن أبى هريرة 55 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا موسى حدثنا ابن لهيعة عن أبى الزبير عن جابر (تخريجه) قال الهيثمى فى مجمع الزوائد رواه أحمد والبزار وفى إسناد البزار عبد الرحمن بن مغراء وثقه جماعة وفيه ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح وفى إسناد أحمد ابن لهيعة وهو لين. أهـ 56 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهرى عن طلحة بن عبد الله بن عوف عن أبى بكره (تخريجه) قال الهثيمى فى مجمع الزوائد "رواه أحمد والطبرانى وأحد أسانيد أحمد والطبرانى رجاله رجال الصحيح" أهـ

الباب السابع: فى ذكر فتن مسماة يتلو بعضها بعضاً إلى قيام الساعة 57 - عن ابن عمر رضى الله عنهما قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم قعوداً فذكر الفتن فأكثر ذكرها حتى ذكر فتنة الأحلاس فقال يا رسول الله وما فتنة الأحلاس قال هى فتنة هرب وحرب ثم فتنة السراء دخلها أو دخنها من تحت قدمى رجل من أهل بيتى يزعم أنه منى وليس منى إنما وليى المتقون، ثم يصطلح الناس على رجل كورك (1) على ضلع، ثم فتنة الدهيماء ولا تدع أحداً من هذه الأمة إلا لطمته لطمة فإذا قيل انقطعت تمادت يصبح الرجل فيها مؤمنا ويمسى كافراً حتى يصير الناس إلى فساطين فسطاط إيمان لا نفاق فيه، وفسطاط نفاق لا إيمان فيه إذا كان ذا كم فانتظروا الدجال من اليوم أو غد. 58 - وعن شهر بن حوشب قال سمعت عبد الله بن عمر رضي الله عنهما يقول لقد رأيتنا وما صاحب الدينار والدرهم بأحق من أخيه المسلم ثم لقد رأيتنا بآخره الآن وللدِّينار والدرهم أحب إلى أحدنا من أخيه المسلم، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لئن أنتم اتبعتم أذناب البقر وتبايعتم بالعينة (2) وتركتم الجهاد فى سبيل الله ليلزمنكم الله مذلة فى أعناقكم ثم لا تنزع منكم

_ 57 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة ثنا عبد الله بن سالم حدثنى العلاء بن عتبة الحمصى أو اليحصبى عن عمير بن هانئ العنسى سمعت عبد الله بن عمر (1) (غريبه) ثم يصطلح الناس على رجل كورك على ضلع أى يصطلحون على أمر واه لا نظام له ولا استقامة لأن الورك لا يستقيم على الضلع ولا يتركب عليه لاختلاف ما بينهما وبعده أورده صاحب مجمع بحار الأنوار (تخريجه) أخرجه أبو داود، والحاكم فى المستدرك وقال: صحيح الاسناد ولم يخرجاه، ووافقه الذهبى، ورواه أبو نعيم فى الحية وقال: غريب من حديث عمير والعلاء لم نكتبه مرفوعاً إلا من حديث عبد الله بن سالم" 58 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا يزيد أنا أبو جناب يحيى بن أبى حية عن شهر بن حوشب يشتريها منه بأقل من الثمن الذى باعها به فإن اشترى يحضره طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم إلى أجل مسمى ثم يشتريها منه بأقل من الثمن الذى باعها به فإن اشترى بحضره طالب العينة سلعة من آخر بثمن معلوم وقبضها ثم باعها المشترى من البائع الأول بالنقد بأقل من الثمن فهذه أيضاً عينة وهى أهو من الأولى وسميت عينة الحصول النقد لصاحب العينة لأن العين هو المال الحاضر من النقد والمشترى إنما يشتريها لبيعها بعين حاضرة تصل إليه معجلة

حتى ترجعون (1) إلى ما كنتم عليه وتتوبون (2) إلى الله، وسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لتكونن هجرة بعد هجرة إلى مهاجر أبيكم إبراهيم صلى الله عليه وسلم حتى لا يبقى فى الأرضين إلاّ شرار أهلها وتلقطهم أرضوهم ونقذرهم روح الرحمن عز وجل وتحشرهم النار على القردة والخنازير تقيل حيث يقيلون وتبيت حيث وما سقط منهم فلها، ولقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول بخرج من أمتى قوم يسيئون الأعمال ويقرؤن القرآن لا يجاوز حناجرهم قال يزيد (أحد الرواة) لا أعلمه إلا قال يحقر أحدكم عمله مع عملهم يقتلون أهل الإسلام فإذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم ثم إذا خرجوا فاقتلوهم فطوبى لمن قتلهم وطوبى لمن قتلوه كلما طلع منهم قرن قطعه الله عز وجل فردد ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم عشرين مرة أو أكثر وأنا أسمع. 59 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه. 60 - وعنه أيضاً قال دخلت على النبى صلى الله عليه وسلم وهو يتوضأ وضوءاً مكيثا (3) فرفع راسه فنظر إلى فقال ست فيمن أبتها الأمة، موت نبيكم صلى الله عليه وسلم فكأنما انتزع قلبى من مكانه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدة، قال ويفيض المال فيكم حتى إن الرجل ليعطى عشرة آلاف فيظل يتسخطها قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثنتين، قال وفتنة تدخل بيت كل رجل منكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وموت (4) كقعاص الغنم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع، وهدنة تكون بينكم وبين بنى الأصفر ليجمعون لكوم تسعة أشهر كمقدر حمل المرأة ثم يكونون

_ (1، 2) وردتا بإثبات النون ولهما وجه من العربية وفصيح الكلام كما وردتا بحذف النون فى نسخة أخرى (تخريجه) فيه أبو جنب وهو مدلس 59 - (سنده) حدثنا عبد الله دثنى أبى ثنا عبد الرازق أنا معمر عن قتادة عن شهر بن حوشب (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد مختصراً وقال "رواه أحمد فى حديث طويل وشهر ثقة وفيه كلام لا يضر. وبقية رجاله رجال الصحيح" 60 - (سنده) حدثنا عبد الهل حدثنى أبى ثنا حسن ثنا خلف يعنى ابن خليفة عن أبى جناب عن أبيه عن عبد الله بن عمرو (غريبه) (3) مكثياً أى بطيئاً متأنياً غير مستعجل (4) القعاص بالضم داء يأخذ الغنم لا يلبثها أن تموت.

أولى بالغدر منكم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم خمس، قال وفتح مدينة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ست، قلت يا رسول الله أى مدينة قال قسطنطينة. 61 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ست من أشراط الساعة، موتى، وفتح بيت المقدس، وموت يأخذ فى الناس كقعاص الغنم، وفتنة يدخل حربها بيت كل مسلم، وأن يعطى الرجل ألف دينار فيتسخطها، وأن تغدر الروم فيسبرون فى ثمانين بنداً (1) كل بند اثنا عسر ألفاً. 62 - وعن عوف بن مالكم (الأشجعى الأنصاري رضي الله عنه) قال أتيت النبى صلى الله عليه وسلم فسلمت عليه فقال عوف؟ فقلت نعم، فقال ادخل؛ قال قلت كلى أو بعضى قال بل كلك، قال اعدد يا عوف ستا بين يدى الساعة، أولهن موتى قال فاستبكيت حتى جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يسكتنى قال قلت إحدى؛ والثانية فتح بيت المقدس؛ قلت اثنين؛ والثالثة موتان (2) يكون فى أمتى يأخذهم مثل قعاص الغنم؛ قال ثلاثا؛ والرابعة فتنة تكون فى أمتى وعظمها؛ قل أربعاً؛ والخامسة يفيض المال فيكم حتى إن الرجل ليعطى المائة دينار فيتسخطها؛ قل خمساً؛ والسادسة هدنة تكون بينكن وبين بنى الأصفر فيسيرون إليكم على ثمانين غاية قلت وما الغاية؟ قال الراية تحت

_ (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والطبرانى وفيه أبو جناب الكلبى وهو مدلس، وأورده الحافظ بن كثير فى النهاية وقال: "وهذا الاسناد فيه نظر من جهة رجاله ولكن له شاهد من وجه آخر صحيح، ورأى شارح النهاية أن لفظ الحديث بعيد عن أسلوب النبى صلى الله عليه وسلم وأن الشاهد الصحيح هو فيض المال وموت كعقاص الغنم، ود حدث الموت بالطاعون فى زمن عمر بن الخطاب رضي الله عنه 61 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن النهاس بن قهم حدثنى شداد أبو عمار عن معاذ بن جبل (غريبه) (1) بنداً البند هو العلم الكبير وجمعه بنود (تخرجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية ونسبه صاحب الفتح الكبير إلى الطبرانى فى الكبير 62 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة قال ثنا صفوان قال ثنا عبد الرحمن بن جبير بن نفير عن أبيه عن عوف بن مالك (غريبه) (2) مونان: الموت الكثير ويعبر بصيغة الفعلان عن الحركة والتتابع والكثرة.

كل راية اثنا عشر ألفا، فسطاط المسلمين (1) يومئذ فى أرض يقال لها الغوطة فى مدينة يقال يقال لها دمشق. 63 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق أنا معمر عن قتادة عن نصر بن عاصم الليثى عن خالد بن خالد اليشكرى قال خرجت زمان فتحت تستر حتى قدمت الكوفة فدخلت المسجد فإذا أنا بحلقة فيها رجل صدع من الرجال حسن الثغر يعرف فيه أنه من رجال أهل الحجاز قال فقلت من الرجل؟ فقال القوم أوما تعرفه؟ فقلت لا فقالوا هذا حذيفة بن اليمان (رضي الله عنه) صاحب رسول الله {قال فقعدت وحدث القوم فقال إن الناس كانوا يسألون رسول اله صلى الله عليه وسلم عن الخير وكنت أسأله عن الشر فأنكر ذلك القوم عليه فقال لهم إنى سأخبركم لما أنكرتم من ذلك، جاء الإسلام حين جاء فجاء أمر ليس كأمر الجاهلية وكنت قد أعطيت فى القرآن فهماً فكان رجال يجيئون فيسألون عن الخير فكنت اسأله عن الشر فقلت يا رسول الله أيكون بعد هذا الخير شر كما كان قبله شر؟ فقال نعم، قال قلت فما العصمة يا رسول الله قال السيف قال قلت وعل بعد هذا السيف بقية؟ قال نعم تكون إمارة على أقذاء وهدنة على دّخن، قال قلت ثم ماذا؟ قال ثم تنشأ دعاة الضلالة فإن كان لله يومئذ فى الأرض خليفة جلد ظهرك وأخذ مالك فالزمه وإلا فمت وأنت عاض على جذل شجرة، قال

_ (1) فسطاط المسلمين. مكان اجتماعهم. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية وقال "تفرد به أحمد من هذا الوجه" وذكر رواية به عن البخارى من طريق الحميدى حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر سمعت بشر بن عبد الله سمع أبا أدريس سمعت عوف بن مالك رحمه الله وقال "تفرد به أحمد من هذا الوجه" وذكر رواية له عن البخارى من طريق الحميدى حدثنا الوليد بن مسلم حدثنا عبد الله بن العلاء بن زبر سمعت بشر بن عبد الله سمع أبا أدريس سمعت عوف بن مالك رحمه الله وقال: ورواه أبو داود وابن ماجه والطبرانى من حديث الوليد بن مسلم ووقع فى رواية الطبرانى عن الوليد بن زبر عن زيد بن واقد عن بشر بن عبيد الله فالله أعلم. وعند أبى داود فقلت أدخل يا رسول الله قال نعم قلت كلى قال نعم وأنما قلت ذلك من صغر القبة" 63 - وفى رواية (سنده) حدثنا عبد الهل حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن أبى التياح قال سمعت صخراً يحدث عن سبيع قال أرسلونى من ماء إلى الكوفة اشترى الدواب فأتينا الكناسة فإذا رجل عليه جمع قال فأما صاحبى فانطلق إلى الدواب وأما أنا فأتيته فإذا هو حذيفة فسمعته يقول الخ

قلت ثم ماذا؟ قال يخرج الدجال بعد ذلك معه نهر ونار من وقع فى ناره وجب أجره وحط وزره، ومن وقع فى نهره وجب وزره وحط أجره، قال قلت ثم ماذا؟ قال ثم ينتج المهر فلا يركب حتى تقوم الساعة، الصدع من الرجال الضرب، وقوله فما العصمة منه قال السيف كان قتادة يضعه على الردة التى كانت فى زمن أبى بكر رضي الله عنه، وقوله إمارة على اقذاء وهدنه، يقول صلح وقوله على دخن يقول على ضغائن قيل لعبد الرازق ممن التفسير قال عن قتادة زعم. (وفى رواية) قال قلت يا رسول الله ما هدنة على دخن قال قلوب لا تعود على ما كانت. (وعنه من طريق آخر بنحوه) وفيه قال قلت يا رسول الله هل بعد هذا الخير شر كما كان قبله شر قال يا حذيفة اقرأ كتاب الله واعمل بما فيه، فأعرض عنى فأعدت عليه ثلاث مرات وعلمت أنه إن كان خيراً اتبعته وإن كان شرًّا اكتنبته فقلت هل بعد هذا الخير من شر؟ قال نعم فتنتة عمياء عماء صماء ودعاة ضلالة على أبواب جهنم من أجابهم فذفوه فيها. 64 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الآيات خرزات منظومات فى سلكم فإن يقطع السلك يتبع بعضها بعضاً.

_ وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا حماد على بن زيد عن اليشكرى عن حذيفة. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية مختصراً عن البخارى من طريق يحيى بن موسى حدثنا الوليد حدثنى ابن جابر حدثنى بشر بن عبيد الله الحضرمى حدثنى أبو ادريس الخولانى ومنة سمع حذيفة بن اليمان. وقال "ثم رواه البخارى أيضاً ومسلم عن محمد بن المثنى عن الوليد بن مسلم عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر به نحوه. وقد روى هذا الحديث من طرق كثيرة عن حذيفة فرواه أحمد وأبو داود والنسائى من طريق نصر بن عاصم عن خالد اليشكرى الكوفى هنه مبسوطا وفيه تفسير لما فيه من شكل، ورواه النسائى وابن ماجه من رواية عبد الرحمن بن قرط عنه". 64 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مؤمل ثنا حماد ثنا على بن زيد عن خالد بن الحويرث عن عبد الله بن عمرو (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: "رواه أحمد وفيه على بن زيد، وهو حسن الحديث" ورواه الحاكم فى المستدرك عن طريق يزيد بن هارون أنبأنا ابن عون عن خالد بن الحويرث عن عبد الله بن عمرو.

65 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال من أشرط الساعة أن يرى رعاة الشاء رؤوس الناس، وأن يرى الحفاة العراة الجوع يتبارون فى البناء، وأن تلد الأمة ربها أو ربتها. 66 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تبادروا بالأعمال ستا طلوع الشمس من مغربها، والدجال، والدخان، ودابة الأرض، وخويصة أحدكم، وأمر العامة. 67 - حدثنا عبد الله خدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن فرات عن أبى الطفيل عن أبى سريحة (حذيفة بن أسيد الغفارى رضي الله عنه) قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غرفة ونحن تحتها نتحدث، قال فأشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما تذكرون؟ قالوا الساعة، قال إن الساعة لن تقوم حتى ترون (!) عشر آيات، خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف فى جزيرة العرب والدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ويأجوج ومأجوج وقار تخرج من قعر عدن ترحل الناس فقال شعبة سمعته وأحسبه قال تنزل معهم حيث نزلوا وتقيل معهم حيث قالوا قال شعبة وحدثنى بهذا الحديث رجل عن أبى الطفيل عن أبى سريحة لم يرفعه ____ 65 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هوزة عوف عن شهر بن حوشب عن أبى هريرة. (تخريجه) اورده الحافظ بن كثير فى النهاية وقال: "وهذا إسناد حسن ولم يخرجوه من هذا الوجه، وأخرجه ابن ماجه من طريق اسماعيل بن علية عن أبى حيان عن أبى زرعة عن أبى هريرة بلفظ قريب" وجاء ذكر هذه الأشراط فى حديث جبريل المشهور عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذى أخرجه البخارى ومسلم. 66 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد وعفان قالا حدثنا همام قال قتادة عن الحسن عن زياد بن رباح عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية وقال "وهكذا رواه مسلم من حديث شعبة وعبد الصمد كلاهما عن همام ثم رواه أحمد منفرداً به عن أبى داود عن عمران القطان عن قتادة عن عبد الله بن رباح عن أبى هريرة مرفوعاً مثله". (1) وفى رواية حتى تروا. 67 - (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية وقال "وقد رواه مسلم من حديث سفيان ابن عيينة وشعبة عن فرات القزاز عن أبى الطفيل عن حذيفة بن أسيديه، وفى رواية عن شعبة عن عبد العزيز رفيع عن ابن الطفيل عن حذيفة بن أسيد موقوياً، ورواه أهل السنن الأربعة من طرق

إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقال أحد هذين الرجلين نزول عيسى بن مريم وقال الآخر تلقيهم فى البحر. 68 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد بن الحباب ثنا عبد الرحمن بن ثوبان حدثنى أبى عن مكحول عن معاذ بن جبل رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح القسطنطينية، وفتح القطسنطينية خروج الدجال، ثم ضرب على فخذه او على منكبه ثم قال إن هذا لحق كما أنك قاعد، وكان مكحول بحدث به عن جبير بن نفير عن مالك بن بخامر عن معاذ بن جبل عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله. 69 - وعن عبد الله بن قيس قال سمعت معاذ بن جبل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الملحمة العظمى وفتح القسطنطينية وخروج الدجال فى سبعة أشهر. 70 - وعن سلمة بن نفيل السكونى رضي الله عنه قال كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ عن فرات القزاز وقال الترمذى حسن صحيح، أهـ وللامام أحمد رواية أخرى عن سفيان عن فرات بنحوه إلا أنه قال بعد الاشارة إلى نار عدن "قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن الامام أحمد سقط كله" يعنى لم يجده فى مسند أبيه. 68 - (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهايو عن الإمام أحمد وقال "وهكذا رواه أبو داود بن عباس العنترى عن أبى النصر هاشم بن القاسم به وهذا إسناد جيد وحديث عليه نور الصدق وجلالة النبوة، وليس المراد أن المدينة تخرب بالكلية قبل خروج الدجال، وإنما ذاك فى آخر الزمان كما سيأتى بيانه فى الأحاديث الصحيحة بل يكون عمارة بين القدس سبباً فى خراب المدينة المنورة فإنه قد ثبت فى الأحاديث أن الدجال لا يقدر على دخولها يمنع من ذلك بما على أنقابها من الملائمة بأيديهم السيوف المصلقة" أهـ 69 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة وأبو اليمان قالا ثنا أبو بكر حدثنى الوليد ابن سفيان بن أبى مريم عن يزيد بن قطيب الكونى عن أبى بحرية قال أبو المغيرة فى حديثه عن عبد الله بن قيس قال سمعت معاذ بن جبل. (تخريجه) أخرجه أبو داود عن ابن نفيل حدثنا عيسى بن يونس عن ابن أبى مريم عن الوليد بن سفيان الخ ورواه الترمذى عن عبد الله بن عبد الرحمن الدارى عن الحكم بن المبارك عن الوليد بن مسلم وقال حسن لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وفى الباب عن الصعب بن جثامة وعبد الله بن بشر وعبد الله بن مسعود وأبى سعيد الخدرى وأخرجه ابن ماجه. 70 - (سنده) حدثنا عبد الهل حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة قال ثنا أرطأة (يعنى ابن المنذر) ثنا ضميره بن حبيب قال ثنا سلمة بن نفيل السكوني.

إذ قال له قائل يا رسول الله هل أتيت بطعام من السماء؟ قال نعم قال وبماذا؟ قال بمسخنة (1)، قالوا فهل كان فيها فضل عنك؟ قال نعم قال فما فعل به قال رفع وهو بوحى إلى أنى مكفوت (2) غير لابث فيكم ولستم لابثين بعدى إلا قليلاً بل تلبثون حتى تقولوا متى وستأتون أفناداً (3) يفنى بعضكم بعضاً وبين يدى الساعة موتان شديد وبعده سنوات الزلازل. 71 - وعن ضمرة بن حبيب أن ابن زغب الأيادي حدثه قال نزل علىّ عبد الله بن حوالة الأزدى رضي الله عنه فقال لى وأنه لنازل على فى بيتى بعثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حول المدينة على أقدامنا لنغنم فرجعنا ولم نغنم شيئاً وعرف الجهد فى وجوهنا فقام فينا فقال اللهم لا تكلمهم إلىّ فأضعف، ولا تكلهم إلى أنفسهم فيعجزوا عنها، ولا تكلمهم إلى الناس فيستأثروا عليهم، ثم قال ليفتحن لكم الشام والروم وفارس حتى يكون لأحدكم من الابل كذا وكذا ومن البقر كذا وكذا ومن الغنم حتى يعطى أحدهم مائة دينار فيسخطها، ثم وضع يده على رأسى أو هامتى فقال يا ابن حوالة إذا رأيت الخلافة قد نزلت الأرض المقدسة فقد دنت الزلازل والبلايا والأمور العظام والساعة يومئذ أقرب إلى الناس من يدى هذه من رأسك. 72 - وعن سيار عن طارق بن شهاب قال كنا عند عبد الله (يعنى ابن مسعود رضي الله

_ (غريبه) (1) أي في مسخنة هى قدر كالتنور يسخن فيه الطعام. (2) مكفوت أى مضموم إلى القبر وفى التنزيل ألم نجعل الأرض كفاتا. (3) اى جماعات متفرقين قوما بعد قوم واحدهم فند. (تخريجه) اورده الحاكم فى المستدرك من طريق مبشر بن اسماعيل ثنا أرطأة بن المنذر ثنا ضمرة الخ. وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه وأقره الذهبى وقال لم يخرجا لأرطأه وهو ثبت والخبر من غرائب الصحاح وأورده الهيثمنى فى مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والطبرانى والبزار وأبو يعلى ورجاله ثقات، وذكره الحافظ بن حجر فى الاصابة وعزاه للنسائى". 71 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى ثنا معاوية بن ضمرة. (تخريجه) أخرجه أبو داود بنحوه وأورده الحاكم فى المستدرك وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه، وعبد الرحمن بن زغب الأيادى معروف فى تابعى أهل مصر وأقره الذهبى. 72 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد الزبيرى ثنا بشير بن سلمان عن سيار عن طارق بن شهاب.

عنه) جلوساً فجاء رجل فقال قد أقيمت الصلاة فقام معه فلما دخلنا المسجد رأينا الناس ركوعاً فى مقدم المسجد فكبر وركع وركعنا ثم مشينا وصنعنا مقل الذى صنع فمر رجل يسرع فقال عليك السلام يا أبا عبد الرحمن فقال صدق الله ورسوله فلما صلينا ورجعنا دخل إلى أهله جلسنا فقال بعضنا لبعض أما سمعتم رده على الرجل صدق الله وبلغت رسله؟ أيكم يسأله؟ فقال طارق أنا أسأله فسأله حين خرج فذكر عن النبى صلى الله عليه وسلم أن بين الساعة تسليم الخاصة، وفشو التجارة حتى تعين المرأة زوجها على التجارة، وقطع الأرحام، وشهادة الزور، وكتمان شهادة الحق، وظهور القلم. 73 - وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يخرج رجل من قحطان يسوق الناس بعصاه. 74 - وعنه أيضاً قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يذهب الليل والنهار حتى يملك رجل من الموالى يقال له جهجاء. 75 - وعن أبى هريرة رضي الله عنه قال بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس يحدث القوم فى مجلسه حديثا جاء أعرابى فقال يا رسول الله متى الساعة؟ قال فمضى رسول الله صلى الله عليه وسلم يحدق فقال بعض القوم سمع فكره ما قال، وقال بعضهم بل لم يسمع حتى إذا قضى حديثه قال أين السائل

_ (تخريجه) أورده الهيثمي فى مجمع الزوائد ونسبه لأحمد والبزار ببعضه وقال: "ورجال أحمد والبزار رجال الصحيح" ورواه الحاكم بنحوه فى المستدرك وقال هذا الحديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه ولم يخرجاه وأقره الذهبى. 73 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا عبد العزيز عن ثور بن زيد عن أبى الغيث عن أبى هريرة. (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم 74 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبىثنا أبو بكر الحنفى ثنا عبد الحميد بن جعفر عن غمر ابن الحكم الأنصارى عن أبى هريرة. (تخريجه) أخرجه مسلم والترمذى. 75 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس وسريج قالا ثنا فليح عن هلال عن عطاء ابن يسار عن أبي هريرة

عن الساعة؟ قال ها أنا ذا يا رسول الله، قال إذا ضيعت الأمانة فانتظر الساعة، قال يا رسول الله كيف أو قال ما أضاعتها؟ قال إذا توسد الأمر غير أهله فانتظر الساعة. الباب الثامن فى ذكر فتن عامة وأمور هامة لا تقوم الساعة إلا بعد حصولها 76 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد عن أيوب عن أبى قلابة عن أبى أسماء عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضى عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما أخاف على أمتى الأئمة المضلين وبه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل زوي لى الأرض أو قال إن ربى زوى لى الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها وإن ملك أمتى سيبلغ ما روى لى منها، وإنى أُعطيت الكنزين الأحمر والأبيض، وإنى سألت ربى لأمتى أن لا يهلكوا بسنة بعامة، ولا يسلط عليهم عدواً من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم، وإن ربى عز وجل قال يا محمد إنى إذا قضيت قضاءً فإنه لا يرد وقال يونس لا يرد (1)، وإنى أعطيت لأمتك أنى لا أهلكهم بسنة بعامة، ولا أسلط عليهم عدوًّا من سوى أنفسهم يستبيح بيضتهم ولو اجتمع عليهم من بين أقطارها أو قال من بأقطارها حتى يكون بعضهم يسبى بعضاً؛ وإنما أخاف على أمتى الأئمة المضلين؛ وإذا وضع فى أمتى السيف لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة؛ ولا تقوم الساعة حتى يلحق قبائل من أمتى بالمشركين حتى تعبد قبائل من أمتى الأوثان، وأنه سيكون فى أمتى كذابون ثلاثون كلهم يزعم أنه نبى وأنا خاتم النبيين لا نبى بعدى؛ ولا تزال طائفة من أمتى على الحق ظاهرين لا يضرهم من خالقهم حتى يأتى أمر الله عز وجل. 77 - وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك أن تداعى عليكم

_ (تخريجه) أخرجه البخارى فى كتاب العلم. 76 - (غريبه) (1) وقال يونس لا يرد أى بحذف فانه. (تخريجه) رواه مسلم وأبو داود والترمذى وابن ماجه من طرق أبى قلابة عن عبد الله بن زيد الجرمى عن أبى أسماء عمرو بن مرثد عن ثوبان بنحوه وقال الترمذى حسن صحيح. 77 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا ابن المبارك ثنا مرزوق أبو عبد الله الحمصى أنا أبو أسماء الرحبى عن ثوبان.

الأمم من كل أفق كما تداعى الأكلة على قصعتها، قال قلنا يا رسول الله أمن قلة بنا يومئذ؟ قال أنتم يومئذ كثير؛ ولكن تكونون غثاءً كغثاء السيل بنزع المهابة من قلوب عدوكم ويجعل فى قلوبكم الوهن قال قلنا وما الوهن؟ قال حب الدنيا وكراهية الموت. 78 - وعن عمرو بن مرة قال سمعت أبا البخترى الطائى قال أخبرنى من سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول: لن يهلك الناس حتى يعذروا من أنفسهم. 79 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. إن من أشراط الساعة أن يسلم الرجل على الرجل لا يسلم عليه إلا للمعرفة. 80 - وعن سلامة ابنة الحر رضي الله عنها قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن من أشراط الساعة أو فى شرار الخلق أن يتدافع أهل المسجد لا يجدون إماماً يصلى بهم. 81 - وعن معقل بن يسار رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يلبث الجور بعدى إلا قليلاً حتى يطلع فكلما طلع من الجور شئ ذهب من العدل مثله حتى يولد فى الجور من لا يعرف غيره؛ قم يأتى الله تبارك وتعالى بالعدل فكلما جاء من العدل شئ ذهب من العدل مثله حتى يولد فى الجور من لا يعرف غيره؛ ثم يأتى الله تبارك وتعالى بالعدل فكلما جاء من العدل شئ ذهب من الجور مثله حتى يولد فى العدل من لا يعرف غيره.

_ (تخريجه) أخرجه أبو داود وأورده البخارى فى تاريخه. 78 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين بن محمد ثنا شعبة عن عمرو بن مرة (تخريجه) أخرجه أبو داود. 79 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا شريك عن عياش العامرى عن أسود بن هلال عن ابن مسعود. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد بأطول من هذا وقال "رواه كله أحمد والبزار ببعضه وزاد وأن يجتاز الرجل بالمسجد فلا يصلى فيه". 80 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل بن محمد قال ثنا مروان قال حدثتنا امرأة يقال لها طلحة مولاة بنى فزاره عن مولاة لهم يقال لها عقيلة عن سلامة ابنة الحر. (تخريجه) عزاه صاحب الفتح الكبير إلى أبى داود وأورده ابن الأثير فى أسد الغابة وقال أخرجه الثلاثة (أى ابن منده وأبو نعيم وابن عبد البر). 81 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو أحمد ثنا خالد عن نافع عن معقل بن يسار. (تخريجه) قال صاحب منتخب العمال "تفرد به أحمد".

82 - وعن علي رضي الله عنه قال ذكرنا الدجال عند النبى صلى الله عليه وسلم وهو نائم فاستيقظ محمرًّا لونه فقال غير ذلك أخوف لى عليكم ذكر كلمة (1). 83 - وعن جماده بن أبى أمية أنه سمع عبادة بن الصامت رضي الله عنه يذكر أن رجلاً أتى النبى صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله ما مدة أمتك من الرخاء قلم يرد عليه شيئاً حتى سأله ثلاث مرار كل ذلك لا يجيبه ثم انصرف الرجل ثم إن النبى صلى الله عليه وسلم قال أين السائل فردوه عليه فقال لقد سألتنى عن شئ ما سألنى عنه أحد من أمتى، مدة أمتى من الرخاء مائة سنة قالها مرتين أو ثلاثاً فقال الرجل يا رسول الله فهل لذلك من أمارة أو علامة أو آية؟ فقال نعم الخسف والرجف وإرسال الشياطين المجلبة على الناس. 84 - وعن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: اللهم لا يدركنى زمان ولا تدركوا زمانا لا يتبع فيه العليم ولا يستحى فيه من الحليم، قلوبهم قلوب الأعاجم وألسنتهم ألسنة العرب. 85 - وعن أم سلمة رضى الله عنها قالت: استيقظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وهو يقول

_ 82 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى أنا أبو النضر ثنا الأشجعى عن سفيان عن جابر عن عبد الله بن نجى عن على رضي الله عنه. (1) ذكر كلمة: هكذا وردت فى المسند. ولعل أحد الرواه قد نسى الكلمة. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد وفيه جابر الجعفى وهو ضعيف". 83 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الحكم بن نافع ثنا اسماعيل بن عياش عن يزيد بن سعيد عن أبى عطاء السكسكى عن جناده بن أبى أمية. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد والطبرانى وفيه يزيد بن سعد ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات". 84 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى أنا ابن لهيعة ثنا جميل الأسلمى عن سهل بن سعد. (تخريجه) أورده الحاكم فى المستدرك عن جميل بن عبد الرحمن الحذاء عن أبى هريرة بنحوه. 85 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق قال ثنا معمر عن الزهرى عن هند بنت الحرث قال الزهرى وكان لهند أزرار فى كمها عن أم سلمة.

لا إله إلا الله ما فتح الليلة من الخزائن لا إله إلا الله ما أنزل الليل من الفتن من يوقظ صواحب الحجرات يا رب كاسيات فى الدنيا عاريات فى الآخرة. 86 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بقوم عذابا أصاب العذاب من كان فيهم ثم بعثوا على أعمالهم. 87 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: تكون فتنة تستنظف (1) العرب قتلاها فى النار، اللسان فيها أشد من وقع السيف. 88 - وعن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: بادروا بالأعمال فتنا كقطع الليل المظلم

_ (تخريجه) أخرجه البخاري وأخرجه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح. 86 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عتاب ثنا عبد الله وعلى بن اسحق قال انا عبد الله أخبرنا يونس عن الزهرى عن حمزة بن عبد الله عن ابن عمر. (تخريجه) أخرجه البخارى من طريق ابن المبارك ومسلم من طريق ابن وهب كلاهما عن يونس عن الزهرى. 87 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اشود بن عامر ثنا حماد بن سلمة عن ليث عن طاوس عن زياد بن سيما كوش عن عبد الله بن عمرو بن العاص. (غريبه) (1) أى تستوعيهم هلاكا يقال استنظفت الشئ إذا أخذته كله ومنه قولهم استنظف الخراج ولا يقال نظفته. وقد جاءت روايات بالطاء "تستنظف" وقيل فى معناها تفرقهم وتبددهم كما ينفرط العقد بعد أن كان منظوما أو تنفرط اللؤلؤة فتنكسر بعد أن كانت مجتمعة وهو مأخوذ من قول العرب تنظفت اللؤلؤة إذا تفرطت أى تكسرت وأصبحت قطعاً صغيرة بعد أن كانت واحدة. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية عن أبى داود من طريق محمد بن عبيد حدثنا حماد بن زيد حدثنا الليث عن طاوس عن رجل يقال له زياد عن عبد الله بن عمرو وقال "وقد رواه أحمد عن أسود بن عامر عن حماد بن سلمة والترمذى وابن ماجه من حديثه عن طاوس عن زياد وهو الأعجم ويقال له زياد سمين كوس وقد حكى الترمذى عن البخارى أنه ليس لزياد حديث سواه وأن حماد ابن زيد رواه عن الليث فرفعه وقد استدرك ابن عساكر على البخارى هذا، فإن داود رواه من طريق حماد ين زيد مرفوعا والله أعلم: وفى ضبط اسم سيما كوش كلام كثير وزياد بن سيما كوش تابعى من أهل اليمن وهو مولى عبد القيس ليس له إلا هذا الحديث وهو ثقة. 88 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا زهير عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة

يصبح الرجل مؤمنا وبمسى كافراً، ويمسى مؤمناً ويصبح كافراً يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل. 89 - وعنه أيضاً قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها ستأتى على الناس سنون خداعة يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الروبيضة، قيل وما الروبيضة؟ قال السفيه يتكلم فى أمر العامة. 90 - وعن أنس بن مالك صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أمام الدجال سنين خداعة فذكر نحوه وفيه قيل وما الروُّبيضة؟ قال الفويسق يتكلم فى أمر العامة. 91 - وعن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ليأتين على الناس زمان لا يبالى المرء بما أخذ من المال بحلال أو بحرام. 92 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيكون فى آخر أمتى رجال يركبون على السروج كأشباه الرجال ينزلون على أبواب المساجد

_ (تخريجه) رواه مسلم والترمذى وقال: هذا حديث حسن صحيح. 89 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنبأنا عبد الملك بن قدامة ثنا أسحق بن بكر ابن أبى الفرات عن سعيد بن أبى سعيد عن أبيه عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الحاكم فى المستدرك من طريق سعيد بن مسعود عن يزيد بن هرون به نحوه وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبى وأخرجه ابن ماجه وقال البوصيرى فى الزوائد "فى اسناده اسحق بن أبى الفرات قال الذهبى فى الكاشف مجهول وقيل منكر وذكره ابن حبان فى الثقات" وللحديث شواهد أخرى براويات صحيحة. 90 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو جعفر المدائى وهو محمد بن جعفر ثنا عباد ابن العوام ثنا محمد بن اسحق عن محمد بن المنكدر عن أنس بن مالك. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانى فى الأوسط وفيه ابن اسحق وهو مدلس وفى اسناد الطبرانى ابن لهيعة وهو لين" وقد صرح ابن اسحق بسماعه فى رواية البزار فى هذا الحديث. 91 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج قال وثنا يزيد قالا أنا ابن أبى ذئب عن سعيد المقبرى عن أبى هريرة. (تخريجه) أخرجه البخارى بلفظ "أمن حلال أم من حرام". 92 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله بن يزيد ثنا عياش بن عباس القتباني قال

نساؤهم كاسيات عاريات على رؤسهم كأسمنة البخت العجاف العنوهن فإنهن ملعونات، لو كانت وراءكم أمة من الأمم لخدمن نساؤكم نساءهم كما يخدمنكم نساء الأمم قبلكم. 93 - وعن أبى هريرة رضي الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: سيكون فى آخر الزمان ناس من أمتى يحدثونكم ما لم تسمعوا به أنتم ولا آباؤكم فإياكم وإياهم. 94 - وعن معاذ بن جبل رضي الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: يكون فى آخر الزمان أقوام إخوان العلانية أعداء السريرة فقيل يا رسول الله فكيف يكون ذلك؟ قال ذلك برغبة بعضهم إلى بعض ورهبة بعضهم إلى بعض. فرع ومن الفتن منع أهل الذمة أداء الجزية 95 - عن أبى هريرة رضي الله عنه أنه كان يقول كيف أنتم إذا لم تجتنبوا ديناراً ولا درهماً

_ سمعت أبي يقول سمعت عيسى بن هلال الصدفى وأبا عبد الرحمن الحبلى يقولان سمعنا عبد الله ابن عمرو يقول. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد والطبرانى فى الثلاثة، ورجال أحمد رجال الصحيح، وقال المنذرى فى الترغيب والترهيب: رواه ابن حيان فى صحيحه، واللفظ له، والحاكم، وقال: "صحيح على شرط مسلم". 93 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الرحمن المقرى ثنا سعيد حدثنى أبو هانئ حميد ابن هانئ الخولانى عن أبى عثمان مسلم بن يسار عن أبى هريرة. (تخريجه) أخرجه مسلم فى المقدمة من طريق محمد بن عبد الله بن نمير وزهير بن حرب قالا حدثنا عبد الله بن يزيد قال حدثنى سعيد إلخ ... وأورده الحاكم فى المستدرك من طريق محمد بن يعقوب أنبأنا محمد بن عبد الله بن الحكم أنبأنا ابن وهب أخبرنى سعيد ... إلخ وقال "هذا حديث ذكره مسلم فى خطبة الكتاب مع الحكايات ولم يخرجاه فى أبواب الكتاب وهو صحيح على شرطهما ومحتاج إليه فى الجرح والتعديل ولا أعلم له عله وأقره الذهبى. 94 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو اليمان ثنا أبو بكر بن عبد الله بن أبى مريم الغسانى عن حبيب بن عبيد عن معاذ بن جبل. (تخريجه) اورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال "رواه البزار والطبرانى فى الأوسط وفيه أبو بكر بن أبى مريم وهو ضعيف". 95 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا اسحق بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة.

فقيل له وهل ترى ذلك كائناً يا أبا هريرة؟ فقال والذى نفسى أبى هريرة بيده عن قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم قالوا وعم ذاك؟ قال تنتهك ذمة افلله وذمة رسوله فيشد الله قلوب أهل الذمة فيمنعون ما بأيديهم، والذى نفسى أبى هريرة بيده ليكونن مرتين. 96 - (وعنه من طريق آخر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: منعت العراق ففيزها ودرهمها، ومنعت الشام مدها ودينارها. ومنعت مصر أردبها ودينارها وعدتم من حيث بدأتم وعدتم من حيث بدأتم يشهد على ذلك لحم أبى هريرة ودمه. 97 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل هو ابن علية عن الجريرى عن أبى نضرة قال كنا عند جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال يوشك أهل العراق ألاّ يجبى إليهم قفيز ولا درهم قلنا من أين ذاك قال من قبل العجم مينعون ذلك، ثم قال يوشك أهل الشام ألاّ يجبى إليهم دينار ولا مدّ قلنا من أين ذلك؟ قال من قبل الروم يمنعون ذاك قال ثم أمسك هنيهة ثم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون فى آخر أمتى خليفة يحتو المال حثواً لا يعده عدًّا قال الجريرى فقلت لأبى نضرة وأبى العلاء أتريانه عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه فقالا لا. فرع فى بعض ما رواه حذيفة بن اليمان رضي الله عنه فى الفتن 98 - عن أبى إدريس عائذ الله بن عبد الله الخولانى سمعت حذيفة بن اليمان رضي الله عنه يقول والله إنى لأعلم الناس بكل فتنة هى كائنة فيما بينى وبين الساعة، وما ذلك أن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم حدثنى من ذلك شيئاً أسرّه إلىّ لم يكن حدّث به غيرى، ولكن رسول ____ (تخريجه) متفق عليه. 96 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو كامل ثنا زهير ثنا سهيل عن أبيه عن أبى هريرة, (تخريجه) رواه مسلم وأبو داود. 97 - (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية عن الامام أحمد وقال "ورواه مسلم من حديث الجريرى بنحوه". 98 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن صالح يعنى ابن كيسان عن ابن شهاب قال أبو إدريس عائذ الله.

الله صلى الله عليه وسلم قال وهو يحدّث مجلسًا أنا فيه سئل عن الفتن وهو يعد الفتن فيهن ثلاث لا يذرن شيئًا منهن كرياح الصيف منها صغار ومنها كبار قال حذيفة فذهب أولئك الرهط كلهم غيرى. 99 - (عن حذيفة) أنه قال أخبرنى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما هو كائن إلى أن تقوم الساعة فما منه شئ إلا قد سألته إلا أنى لم أسأله ما يخرج أهل المدينة من المدينة. 100 - وعن أبى وائل عن حذيفة (ابن اليمان) رضي الله عنه قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم مقامًا فما ترك شيئًا يكون بين يدى الساعة إلا ذكره فى مقامه ذلك حفظه من حفظه ونسيه من نسيه، قال حذيفة فإنى لأري أشياء قد كنت نسيتها فأعرفها كما يعرف الرجل وجه الرجل قد كان غائباً عنه يراه فيعرفه، قال وكيع (أحد الرواة) مرة فرآه فعرفه. 101 - وعن حذيفة (ابن اليمان) رضي الله عنه أنه قال يا رسول الله إنّا كنا فى شر فذهب الله بذلك الشر وجاء بالخير على يديك فهل بعد الخير من شر؟ قال نعم، قال ما هو؟ قال فتن كقطع الليل المظلم يتبع بعضها بعضًا تأتيكم مشتبهة كوجوه البقر لا تدرون أيًّا من أىًّ. 102 - وعن ربعى بن حراش عن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه أنه قدم من عند عمر (رضي

_ (تخريجه) أخرجه مسلم من طريق حرملة بن يحيى التجبى حدثنا ابن وهب حدثنا يونس عن ابن شهاب. 99 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عدى بن ثابة عن عبد الله بن يزيد عن حذيفة. (تخريجه) أخرجه مسلم. 100 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن سفيان عن الأعمش عن أبى وائل. (تخريجه) أخرجه مسلم وأخرجه ابن عساكر فى تاريخه. 101 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة ثنا صفوان ثنا السفر بن نسير الأزدى وغيره عن حذيفة. (تخريجه) لم نجده بهذا السباق لغير الامام أحمد. والسفر بسكون الفاء ابن نسير بضم النون وفتح السين مصغراً الازدى الحمصى أرسل عن أبى الدرداء وهو ضعيف من السادسة، كما جاء فى التقريب. 102 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هرون ثنا أبو مالك عن ربعي بن حراش.

الله عنه) قال لما جلسنا إليه أمس سأل أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم ايكم سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الفتن؟ فقالوا نحن سمعناه، قال لعلكم تعنون فتنة الرجل فى أهله وماله؟ قالوا أجل، قال لست عن تلك أسأل، تلك يكفرها الصلاة والصيام والصدقة، ولكن أيكم سمع قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فى الفتن التى تموج موج البحر؟ قال فأمسك القوم وظننت أنه إياى يريد، قال قلت أنا، قال لى أنت لله أبوك قال قلت تعرض الفتن على القلوب عرض الحصير فأى قلب أنكرها نكتب فيه نكتة بيضاء، وأى قلب أشربها تكتت فيه نكتة سوداء حتى يصير القلب على قلبين أبيض مثل الصفا لا يضره فتنة مادامت السماوات والأرض، والآخر أسود مربد كالكوز مخجيا وأمال كفّه لا يعرف معروفاً ولا ينكر منكرًا إلاّ ما أشرب من هواه، وحدثته أن بينه وبينها بابًا مغلقًا يوشك أن بكسر كسرًا قال عمر كسرًا؟ لا أبالك، قال قلت نعم، قال فلو أنه فتح كان لعله أن يعاد فيغلق قال قلت لا بل كسرًا، قال وحدثته أن ذلك الباب رجل يقتل أو يموت حديثًا ليس بالأغاليط. 103 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بنسعيد عن الأعمش حدثنى شقيق قال سمعت حذيفة ووكيع عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة وثنا محمد بن عبيد وقال سعت حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال كنا جلوسًا عند عمر رضي الله عنه فقال أيكم يحفظ قول رسول الله صلى الله عليه وسلم فىلفتنة؟ قلت أنا كما قاله؟ قال إنك لجرئ عليها أو عليه، قلت فتنة الرجل فى أهل وماله وولده وجاره يكفرها الصلاة والصدقة والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، قال ليس هذا أريد ولكن الفتنة التى تموج كموج البحر، قلت ليس عليك منها بأس يا أمير المؤمنين، إن بينك وبينها باباً مغلقاً، قال أيكسر أو يفتح؟ قلت بل يكسر، قال إذًا لا يغلق أبدًا؛ قلنا أكان عمر يعلم من الباب؟ قال نعم كما يعلم أن دون غدٍ ليله، قال وكيع فى حديثه قال فقال مسروق لحذيفة يا أبا عبد الله كان عمر يعلم ما حدثته به قلنا أكان عمر يعلم من الباب قال نعم كما يعلم أن دون غد ليلة، إنى حدثته حديثًا ليس بالأغاليط فهبنا حذيفة أن نسأله من الباب

_ (تخريجه) جاء هذا الحديث بسنده وشرحه وتخريجه فى ص 223 من الجزء الثانى والعشرين من هذا الكتاب وقد أخرجه البخارى ومسلم والترمذى. 103 - (تخريجه) انظر الحديث السابق.

فأمرنا مسروقًا فسأله فقال الباب عمر. 104 - وعن حذيفة أيضاً رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احصولى لى كم بلفظ الإسلام، قلنا يا رسول الله أتخاف علينا ونحن ما بين الستمائة إلى السبعمائة قال فقال إنكم لا تدرون لعلكم أن تبتلوا قال فابتلينا حتى جعل الرجل منا لا يصلى إلاَّ سرًّا. 105 - عن أبى ثور قال بعث عثمان يوم الجرعة بسعيد بن العاص قال فخرجوا إليه فردوه قال فكنت قاعداً مع أبى مسعود وحذيفة فقال أبو مسعود ما كنت أرى أن يرجه لم يهرق فيه دمًا قال فقال حذيفة ولكن قد علمت لترجعن على عقيبها لم يهرق فيها محجمة دم وما علمت من ذلك شيئاً إلا شيئاً علمته ومحمد صلى الله عليه وسلم حىّ حتى إن الرجل ليصبح مؤمنا ثم يمسى ما معه منه شئ، ويمسى مؤمنا ويصبح ما معه منه شئ يقاتل فئته اليوم ويقتله الله غدًا، ينكس قلبه تعلوه استه قال فقلت أسفله، قال استه. باب فى الأحاديث المصدرة بقوله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة الخ ما روى عن أبى هريرة رضي الله عنه فى ذلك 106 - عن أبى هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يتقارب الزمان فتكون السنة كالشهر، ويكون الشهر كالجمعة، وتكون الجمعة كاليوم، ويكون اليوم كالساعة، وتكون الساعة كاحتراق السعفة (1).

_ 104 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شقيق عن حذيفة. (تخريجه) أخرجه مسلم وأخرجه البخارى بلفظ "اكتبوا لى" وأخرجه ابن أبى شيبة. 105 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن أبى البحترى الطائى عن أبى ثور. (تخريجه) اورده الهيثمى فى مجمع الزوائد بلفظ قريب وقال رواه الطبرانى ورجاله رجال الصحيح غير أبى ثور وهو ثقة. أورده الحاكم فى المستدرك وقال صحيح وأقره الذهبى وقد تقدم الحديث فى صفحة غير أبى ثور وهو ثقة. أورده الحاكم فى المستدرك وقال صحيح وأقره الذهبى وقد تقدم الحديث فى صفحة 105 من الجزء الثالث والعشرين من هذا الكتاب. 106 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم ثنا زهير حدثنا سهيل عن أبيه عن أبى هريرة. (غريبه) (1) السعفة أي الخوصة.

107 - وعنه أيضاً قال قال رسول الله {: يتقارب الزمان، ويلقى الشح، وتظهر الفتن ويكثر الهرج قال قالوا أيما يا رسول الله قال القتل القتل. 108 - وعنه أيضاً قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يكثر فيكم المال ويقيض حتى يهم رب المال من يقبل منه صدقته قال ويقبض العلم، ويقترب الزمان، وتظهر الفتن ويكثر الهرج، قالوا الهرج أيما هو يا رسول الله قال القتل القتل. 109 - وعنه أيضاً قال قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يقبض العلم، وتظهر الفتن، ويكثر الهرج، قالوا وما الهرج يا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيقول يا ليتنى مكانه ما به حب لقاء الله عز وجل. 111 - وعنه أيضاً قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى تضطرب أليات

_ (تخريجه) قال الهيثمي فى مجمع الزوائد: رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح وأورد الترمذى رواية عن أنس بلفظ "وتكون الساعة كالضرمة بالنار". 107 - (سنه) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الأعلى عن عمر عن الزهرى عن سعيد ابن المسيب عن أبى هريرة. (تخريجه) رواه البخارى ومسلم من أوجه. 108 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه عن أبى هريرة. (تخريجه) رواه البخارى ومسلم من أوجه بنحوه. 109 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا محمد بن عياض بن دينار عن أبيه أنه سمع أبت هريرة يقول قال أبو القاسم صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) رواه البخارى ومسلم من أوجه بنحوه. 110 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على أنا ورقاء عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة. (تخريجه) رواه البخارى ومسلم. 111 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ابى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهرى عن ابن المسيب عن أبي هريرة.

نساء دوس حول ذي الخلصة وكانت صنما يعبدها دوسٌ فى الجاهلية بتبالة (1). 112 - وعنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى تأخذ أمتى بمأخذ الأمم والقرون قبلها شبرًا بشبر وذراعا بذراع، فقال رجل يا رسول الله كما فعلت فارس والروم؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وهل الناس إلا أولئك؟ 113 - وعنه أيضاً قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تعود أرض العرب مروجًا وأنهارًا وحتى يسير الراكب بين العراق ومكة لا يخاف إلا ضلال الطريق، وحتى يكثر الهرج قالوا وما الهرج يا رسول الله؟ قال القتل. 114 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يفيض فيكم المالك وحتى يهم الرجل بماله من يقبله منه حين يتصدق به فيقول الذي يعرض عليه لا إرب لى به. 115 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تقتتل فئتان عظيمتان يكون بينهما مقتلة عظيمة ودعواهما واحدة.

_ (1) تبالة موضع باليمن. (تخريجه) رواه البخاري ومسلم. 112 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا سريج قال ثنا عبد الله بن نافع عن ابن أبي ذئب عن سعيد المقبري عن أبي هريرة. (تخريجه) أخرجه البخاري. 113 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا محمد بن الصباح قال حدثنا إسماعيل يعني ابن زكريا عن سهيل عن أبيه عن أبي هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمي فى مجمع الزوائد مختصرًا "وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح" وأورده الحاكم فى المستدرك وقال هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبى باختصار 114 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على أنا ورقاء عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم. 115 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) هذا طرف من حديث أخرجه البخارى ومسلم وأبو داود والترمذي.

116 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا خوز وكرمان قومًا من الأعاجم حمر الوجوه فطس الأنوف كأن وجوههك المجان (1) المطرقة. 117 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا أقوامًا نعالهم الشعر. 118 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك صغار العيون حمر الوجوه ذلف الأنوف كأن وجوههم المجان المطرقة. 119 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها فيؤمن الناس أجمعون فيومئذ لا ينفع نفسًا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت فى إيمانها خيرًا، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود فيفر اليهودى وراء الحجر فيقول الحجر يا عبد الله يا مسلم هذا يهودى ورائى، ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قومًا نعالهم الشعر.

_ 116 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (1) المجان: بفتح الميم جمع مجن بكسر الميم وفتح الجيم وتشديد النون هو الترس الذى يحتمى به المحارب والمطرقة التى طرقت فصارت عريضة والمعنى عراض الوجوه كما ورد ذلك مصرحًا به فى بعض الأحاديث. (تخريجه) أخرجه البخارى عن الأعرج عن أبى هريرة وعن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة، ورواه مسلم ورواه ابن ماجه فى الفتن عن أبى بكر بن أبى شيبة. 117 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) رواه البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى وابن ماجه من طرق. 118 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على أنا ورقاء عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة. (تخريجه) رواه البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى وابن ماجه من طرق. 119 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا معاوية قال ثنا زائدة ثنا عبد الله بن ذكوان عن عبد الرحمن الأعرج عن أبى هريرة. (تخريجه) الجزء الأول من الحديث أخرجه الشيخان وأبو داود والجزء الثانى أخرجه مسلم والترمذى والجزء الثالث أخرجه الخمسة.

120 - وعنه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى يبعث دجالون وكذابون قريب من ثلاثين كلهم يزعم أنه رسول الله. ما روى عن أنس بن مالك رضى الله عنه فى ذلك 121 - عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس فى المساجد. 122 - وعنه أيضًا يرفع الحدث قال لا تقوم الساعة حتى يرفع العلم ويظهر الجهل ويقل الرجال ويكثر النساء حتى يكون قيم خمسين امرأة رجل واحد. 123 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يمطر الناس مطرًا عاما ولا تنبت الأرض شيئًا. 124 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى لا يقال فى الأرض الله الله.

_ 120 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن بن مهدى عن مالك عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة. (تخريجه) أخرجه مسلم وأبو داود وأخرجه الترمذى عن معمر عن همام بن منبه عن أبى هريرة وقال "وفى الباب عن جابر بن سمرة وابن عمر وهذا حديث صحيح" 121 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا حماد يعنى ابن سلمة عن أيوب عن أبى قلابة عن أنس. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية وقال "ورواه أبو داود والنسائى وابن ماجه من حديث حماد بن سلمة عن أبى أيوب عن أبى قلابة عن عبد الله بن زيد الجرمى زاد أبو داود عن قتادة كلاهما عن أنس. 122 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم أنا شعبة عن قتاده عن أنس بن مالك. (تخريجه) رواه الترمذى بأطول من هذا وقال وفى الباب عن أبى موسى وأبى هريرة وهذا حديث حسن صحيح. 123 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد بن الحباب قال حدثنى حسين بن واقد حدثنى معاذ بن حرملة الأزدى قال سمعت أنسًا يقول: (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والبزار وأبو يعلى ... ورجال الجميع ثقات. 124 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بن أبى عدى عن حميد عن أنس

ما روي عن غيرهما فى ذلك 125 - عن على رضى الله عنه قال قال النبى صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يلتمس الرجل من أصحابى كما تلتمس الضالة فلا يوجد. 126 - وعن عبد الله بن عمرو (ابن العاص رضى الله عنهما) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقون الساعة حتى يأخذ الله شريطته من أهل الأرض فيبقى فيها عجاجة لا يعرفون معروفًا ولا ينكرون منكرًا. 127 - وعن علياء السلمى رضى الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا تقوم الساعة إلاّ على حثالة الناس. 128 - وعن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لاتقوم الساعة حتى تقتلوا

_ (تخريجه) رواه مسلم وأخرجه الترمذى والحاكم فى المستدرك بلفظ "حتى لا يقال فى الأرض لا إله إلا الله" "وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" وأقره الذهبى. 125 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا خلف بن الوليد ثنا اسرائيل عن أبى اسحق عن الحرث عن على رضى الله عنه. (تخريجه) فيه الحارث بن عبد الله الأعور ضعفوه 126 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا همام ثنا قتادة عن الحسن عن عبد الله بن عمرو (غريبه) (شريطته) بفتح الشين قال ابن الأثير "يعنى أهل الخير والدين" والأشراط من الاضداد يقع على الاشراف والارذال (عجاجة) بفتح العين: الغوغاء والارذال ومن لا خير فيهم (ابن الأثير) (تخريجه) رواه الحاكم فى المستدرك من طريق أبى قلابة عبد الملك بن محمد الرقاش عن عبد الصمد بن عبد الوارث بهذا الإسناد وقال: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين، إن كان الحسن سمعه من عبد الله بن عمرو". ووافقه الذهبى وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: "رواه أحمد مرفوعا وموقوفا ورجالهما رجال الصحيح". 127 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن ثابت قال حدثنى عبد الحميد بن جعفر الأنصارى عن أبيه عن علياء السلمى. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانى ورجاله ثقات" 128 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان أنا إسماعيل حدثنى عمرو عن عبد الله ابن عبد الرحمن الاشهلى عن حذيفة.

إمامكم وتجتلدوا بأسيافكم، ويرث دياركم شراركم. 129 - وعن أبى سعيد (1) الخدرى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يكلم السباع الإنس، ويكلم الرجل عذبة سوطه، وشراك نعله ويخبره فخذه بما أحدث أهله بعده. 130 - عن سعد بن أبى وقاص رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يخرج قوم يأكلون بألسنتهم كما تأكل البقر بألسنتها. 131 - وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة إلا على شرار الناس. 132 - وعنه أيضًا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن من شرار الناس من تدركه

_ (تخريجه) أخرجه مسلم وأخرجه الترمذى وقال هذا حديث حسن إنما نعرفه من حديث عمر بن أبى عمرو" وأخرجه ابن ماجه. 129 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا القاسم بن الفضل الحدانى عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدرى. (تخريجه) أخرجه الترمذى وقال "وفى الباب عن أبى هريرة، وهذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث القاسم بن الفضل والقاسم بن الفضل ثقة مأمون عند أهل الحديث وثقه يحيى ابن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدى، وأخرجه الحاكم فى المستدرك مختصرًا وقال فى حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبى. 130 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج بن النعمان ثنا عبد العزيز يعنى الدراوردى عن زيد بن أسلم عن سعد بن أبى وقاص. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال "رجاله رجال الصحيح إلا أن زيد بن أسلم لم يسمع من سعد فهو فى حكم المنقطع 131 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز ثنا شعبة ثنا على بن الاقمر قال سمعت أبا الاحوص يحدث عن عبد الله بن مسعود. (تخريجه) رواه مسلم من طريق عبد الرحمن بن مهدى عن شعبة. 132 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا معاوية ثنا زائدة عن عاصم بن أبى النجود عن شقيق عن عبد الله بن مسعود.

الساعة وهم أحياء، ومن يتخذ القبور مساجد. 133 - وعن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لكع بن لكع. 134 - وعن معاوية بن قرة عن معقل بن يسار المزنى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم العمل فى الهرج (وفى رواية العبادة فى الفتنة) كهجرة إلىّ. باب ما جاء فى الملاحم قبل قيام الساعة 135 - عن سعيد بن زيد رضى الله عنه قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم فتنا كقطع الليل المظلم أراه قال قد يذهب فيها الناس أسرع ذهاب، قال فقيل أكلهم هالك أم بعضهم قال حسبهم أو بحسبهم القتل. 136 - وعن أبى وائل قال كنت جالساً مع عبد الله (يعنى ابن مسعود) وأبي موسى رضي

_ (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد فى موضعين فى أولهما: "رواه الطبرانى فى الكبير، وإسناده حسن". وقال فى ثانيهما: "رواه البزار بإسنادين، فى أحدهما عاصم بن بهدلة، وهو ثقة وفيه ضعف، وبقية رجاله رجال الصحيح". 133 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان ثنا إسماعيل ثنا عمرو حدثنى عبيد الله ابن عبد الرحمن الاشهلى عن حذيفة بن اليمان. (تخريجه) رواه الترمذى، وقال "هذا حديث حسن غريب إنما نعرفه من حديث عمرو بن أبى عمرو" 134 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو كامل ثنا حماد بن زيد ثنا المعلى بن زياد الفردوسى عن معاوية بن قره. وفى رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد ثنا مسلم بن سعيد الثقفى عن منصور بن ذاذان عن معاوية بن قرة. (تخريجه) رواه مسلم والترمذى وأخرج الرواية الثانية ابن ماجه بلفظ "العبادة فى الهرج". 135 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حماد بن أسامة أخبرنى مسعد عن عبد الملك بن ميسرة عن هلال بن يساف عن عبد الله بن ظالم عن سعيد بن زيد. (تخريجه) رواه أبو داود. 136 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا الأعمش عن أبي وائل.

الله عنهما فقالا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن بين يدى الساعة أياماً ينزل فيها الجهل ويرفع فيها العلم ويكثر فيها الهرج قال قلنا وما الهرج؟ قال القتل. 137 - وعن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال علمها عند ربى لا يجليها لوقتها إلاّ هو، ولكن أخبركم بمشاريطها وما يكون بين يديها، إن بين يديها فتنوً وهرجا، قالوا يا رسول الله، الفتنة قد عرفناها فالهرج ما هو؟ قال بلسان الحبشة القتل ويلق بين الناس التناكر فلا يكاد أحدأن يعرف أحداً. 138 - وعن أبى وائل عن عزرة بن قيس عن خالد بن الوليد رضى الله عنه قال كتب إلىّ أمير المؤمنين (يعنى عمر بن الخطاب رضى الله عنه) حين ألقي الشام بوانيه (1) فأمرنى أن أسير إلى الهند والهند فى أنفسنا يومئذ البصرة، قال وأنا لذلك كاره قال فقام رجل فقال لى يا أبا سليمان اتق الله فإن الفتن قد ظهرت قال فقال وابن الخطاب حى إنما تكون بعده والناس بذى بلِّيَّان بمكان كذا وكذا فينظر الرجل فيتفكر هل يجد مكاناً لم ينزل به مثل ما نزل بمكانه الذى هو فيه من الفتنة والشر فلا يجده قال وتلك الأيام التى ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين يدى الساعة أيام الهرج فنعوذ بالله أن تدركنا وإياكم تلك الأيام.

_ (تخريجه) رواه البخاري ومسلم. 137 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن أبى بكير ثنا عبيد الله بن اياد بن لقيط قال سمعت أبى يذكر عن حذيفة. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. 138 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان قال ثنا أبو عوانة عن عاصم عن أبى وائل (غريبه) (1) بوانيه بفتح الباء أى خيره وما فيه من السعة والنعمة وواحدتها بانية (النهاية لابن الاثير). (2) بليان بكسر اوله وثانيه وتشديده: موضع وراء اليمن قال أبو النصر ذو بليان أقصى الأرض (تخريجه) أخرجه ابن عساكر فى تاريخه وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والطبرانى فى الكبير والأوسط ورجاله ثقات وفى بعضهم ضعف".

فصل فيما ورد في ظهور المهدى ومدة مكثه 139 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان بن عيينة حدثنا عاصم عن ذر عن عبد الله (يعنى ابن مسعود رضى الله عنه) عن النبى صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يلى رجل من أهل بيتى يواطئ اسمه اسمى قال أبى حدثنا به فى بيته فى غرفته أراه سأله بعض ولد جعفر بن يحيى أبو يحيى بن خالد بن يحيى. 140 - وعنه (أى ابن مسعود) بلفظ آخر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تنقضى الأيام، ولا يذهب الدهر حتى يملك العرب رجل من أهل بيتى اسمه يواطئ اسمى. 141 - وعن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو لم يبق من الدنيا إلا يوم لبعث الله عز وجل رجلًا منا يملؤها عدلًا كما ملئت جورًا. 142 - وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تقوم الساعة حتى يملك رجل من أهل بيتى أجلى أقنى يملأ الأرض عدلًا كما ملئت قبله ظلما يكون سبع سنين.

_ 139 - (تخريجه) رواه أبو داود والترمذى بمعناه نحوه وقال "حديث حسن صحيح". وأورد الحاكم فى المستدرك رواية بمعنى الحديث من طريق أبى صديق الناجى وقال "وطرق حديث عاصم عن زر عن عبد الله كلها صحيحه على ما أصلته فى هذا الكتاب بالاحتجاج بأخبار عاصم بن أبى النجود، إذ هو إمام من أئمة المسلمين". 140 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عمر بن عبيد عن عاصم بن أبى النجود عن زر بن حبيش عن عبد الله (ابن مسعود). (تخريجه) هذه رواية أخرى للحديث السابق عن عمر بن عبيد وهو ثقة. 141 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج وأبو نعيم قالا ثنا فطر عن القاسم بن أبى بزة عن أبى الطفيل قال حجاج سمعت عليا رضى الله عنه يقول. (تخريجه) رواه أبو داود وقال فى عون المعبود "سكت عنه المنذرى" "سنده حسن قوى" وأورده الحافظ بن كثير فى النهاية. 142 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا معاوية شيبان عن مطر بن طهمان عن أبى الصديق الناجى عن أبى سعيد الخدرى. (تخريجه) أخرجه أبو داود والحاكم فى المستدرك كلاهما عن طريق أبي نضرة بنحوه.

143 - وعنه أيضًا قال خشينا أن يكون بعد نبينا حدث فسألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يخرج المهدى فى أمتى خمسًا أو سبعًا أو تسعًا زيدٌ الشّاك (أحد الرواة) قال قلت أى شئ قال سنين ثم قال يرسل السماء عليهم مدرارًا ولا تدخر الأرض من نباتها شيئًا، ويكون المال كدوسًا (1) قال يجئ الرجل إليه فيقول يا مهدى أعطنى أعطنى قال فيحثى له فى ثوبه ما استطاع أن يحمل. 144 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبشركم بالمهدى يبعث فى أمتى على اختلاف من الناس وزلازل فيملأ الأرض قسطا وعدلًا كما ملئت جورًا وظلمًا يرضى عنه ساكن السماء وساكن الأرض يقسم المال صحاحًا فقال رجل ما صحاحًا؟ قال بالسوّية بين الناس قال ويملأ الله قلوب أمة محمد صلى الله عليه وسلم غنى ويسعهم عدله حتى يأمر مناديا فينادى فيقول من له فى مالٍ حاجة فما يقوم من الناس إلا رجل فيقول ائت السدان يعنى الخازن فقل له إن المهدى يأمرك أن تعطينى مالًا فيقول له احث حتى إذا جعله فى حجره وأبرزه ندم فيقول كنت أجشع أمة محمد صلى الله عليه وسلم نفسًا أو عجز عنى ما وسعهم قال فيرده فلا يقبل منه فيقال له إنا لا نأخذ شيئًا أعطيناه فيكون كذلك سبع سنين أو ثمان سنين أو تسع سنين ثم لا خير فى العيش بعده أو قال ثم لا خير فى الحياة بعده.

_ 143 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت زيدًا أبا الحوارى قال سمعت أبا الصديق يحدث عن أبى سعيد الخدرى. (غريبه) (1) كدوسًا جمع كدس بضم الكاف وسكون الدال وأصله الحب المحصور المجموع إلى بعضه، استعمل فى المال على سبيل التشبيه" (تخريجه) أخرجه الترمذى وقال "هذا حديث حسن وقد روى من غير وجه عن أبى سعيد عن النبى صلى الله عليه وسلم، وأبو الصديق اسمه أبو بكر بن عمرو ويقال بكر بن قيس" ورواه ابن ماجه مختصرًا. 144 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا جعفر عن المعلى بن زياد ثنا العلاء بن بشير عن أبى الصديق الناجى عن أبى سعيد الخدرى. (تخريجه) أورده الهيثمى فى الزوائد وقال: "رواه الترمذى وغيره باختصار كثير - رواه أحمد بأسانيد وأبو يعلى باختصار كثير ورجالهما ثقات".

145 - وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا رأيتم الرايات السود قد جاءت من قبل خراسان فأتوها فإن فيها خليفة الله المهدى. 146 - وعن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المهدى منَّا أهل البيت يصلحه الله فى ليلة. فصل فى بيعة المهدى والحسف بأعدائه 147 - عن أم سلمة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من المدينة هاربًا إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام فيبعث إليهم جيش من الشام فيخسف بهم بالبيداء فإذا رأى الناس ذلك أتته أبدال الشام وعصائب العراق فيبايعونه ثم ثم ينشأ رجل من قريش أخواله كلب فيبعث إليه المكي بعثًا فيظهرون عليهم وذلك بعث كلب والخيبة لمن لم يشهد غنيمة كلب فيقسم

_ 145 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع عن شريك عن على بن زيد عن أبى قلابة عن ثوبان. (تخريجه) رواه الحاكم فى المستدرك عن خالد الحذاء عن أبى قلابه بأطول من هذا. وقال هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وأقره الذهبى. وأورده ابن ماجه عن خالد الحذاء أيضًا بلفظ قريب وقال فى الزوائد" هذا إسناد صحيح. رجاله ثقات وهذا الحديث مما طعن فيه ابن الجوزى وذب عنه الحافظ فى القول المسدد فى الذب عن مسند أحمد. وهو الحديث الثالث عشر". 146 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا فضل بن دكين ثنا ياسين العجلى عن إبراهيم بن محمد بن الحنفية عن أبيه (على رضى الله عنه). (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية وأشار إلى رواية ابن ماجه له من طريق بن أبى شيبة ثنا أبو داود الحفرى ثنا ياسين. وجاء فى الزوائد "قال البخارى عقب حديث إبراهيم بن محمد بن الحنفية هذا فى إسناده نظر وذكره ابن حبان فى الثقات ووثقه العجلى. قال البخارى فيه نظر ولا أعلم له حديثًا غير هذا وقال ابن معين وأبو زرعه لا بأس به". 147 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد وحرمى المعنى قالا ثنا هشام عن قتاده عن أبى الخليل عن صاحب له عن أم سلمة. (تخريجه) أخرجه أبو داود وأخرج رواية أخرى مختصرة له عن أبى العوام يعرف منها أن

المال ويعمل في الناس سنة نبيهم صلى الله عليه وسلم ويلقى الإسلام بجرانه إلى الأرض يمكث تسع سنين (وفى رواية سبع). 148 - وعن عبيد بن القبطية قال دخل الحرث بن أبى ربيعة وعبد الله بن صفوان وأنا معهما على أم سلمة (1) فسألهما عن الجيش الذي يخسف به وكان ذلك في أيام ابن الزبير فقالت أم سلمة (رضى الله عنها) سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يعوذ عائذ بالحجر فيبعث الله جيشاً فإذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بهم فقلت يا رسول الله فكيف بمن أخرج كارها؟ قال يخسف به معهم ولكنه يبعث على نيته يوم القيامة فذكرت ذلك لأبى جعفر فقال فى بيداء المدينة. 149 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس وحسن بن موسى قالا ثنا حماد يعني ابن سلمة

_ صاحب أبي الخليل هو عبد الله بن الحارث، وأورد الحاكم فى المستدرك هذه الرواية الثانية وقال الذهبى "أبو العوام عمران ضعفه غير واحد وكان خارجيا" وأورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال "رواه الطبرانى فى الأوسط ورجاله رجل الصحيح". 148 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا جرير عن عبد العزيز بن رفيع عن عبد الله ابن القبطية. (1) أم سلمة: قال القاضى عياض قال أبو الوليد الكتانى هذا ليس بصحيح لأن أم سلمة توفيت فى خلافة معاوية قبل موته بسنين سنة تسع وخمسين ولم تدرك ابن الزبير. قال القاضى قد قيل إنها توفيت أيام يزيد بن معاوية فى أولها فعلى هذا يستقيم ذكرها لأن ابن الزبير نازع يزيد أزل ما بلغته بيعته عند وفاة معاوية ذكر ذلك الطبرى وغيره. وممن ذكر وفاة أم سلمة أيام يزيد أبو عمر بن عبد البر فى الاستيعاب. وقد ذكر مسلم الحديث بعد هذه الرواية من وراية حفصة قال عن أم المؤمنين ولم يسمها - قال الدارقطنى هى عائشة قال ورواه سالم بن أبى الجعد عن حفصة أو أم سلمه وقال والحديث محفوظ عن أم سلمة وهو أيضًا محفوظ عن حفصة آخر كلام القاضى عياض. وممن ذكر أن أم سلمة توفيت أيام يزيد بن معاوية أبو بكر بن أبى خيثمة" اهـ من تحقيق شارح مسلم ومصححه خادم الكتاب والسنة محمد فؤاد عبد الباقى رحمه الله. (تخريجه) أخرجه مسلم وأبو داود، وأخرجه الترمذى عن نافع عن جبير عن أم سلمة وقال هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه وقد روى هذا الحديث عن نافع بن جبير عن عائشة أيضًا" وأورد له رواية أيضا عن مسلم بن صفوان عن صفية بنحوه وقال هذا حديث حسن صحيح، ورواه البخارى عن عائشة رضى الله عنها بنحوه.

عن علي بن زيد عن الحسن أن أم سلمة قالت، قال حسن عن أم سلمة قالت، بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم مضطجعًا فى بيتى إذا احتفز جالسًا وهو يسترجع فقلت بأبى أنت وأمى ما شأنك يا رسول الله تسترجع؟ قال جيش من أمتى يجيئون من قبل الشام يؤمون البيت لرجل يمنعه الله منهم حتى إذا كانوا بالبيداء من ذى الحليفة خسف بهم ومصادرهم شتى فقلت يا رسول الله كيف يخسف بهم جميعًا ومصادرهم شتى؟ فقال إن منهم من جبر إن منهم من جبر ثلاثًا. 150 - وعن أمية بن صفوان يعنى ابن عبد الله بن صفوان عن جده عن حفصة قالت سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليؤمن هذا البيت جيش يغزونه حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بأوسطهم فينادى أولهم وآخرهم فلا ينجو إلا الشريد الذى يخبر عنهم فقال رجل كذا والله ما كذبت على حفصة ولا كذبت حفصة على رسول الله صلى الله عليه وسلم. 151 - وعن عبد الله بن صفوان عن حفصة ابنة عمر رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يأتى جيش من قبل المشرق يريدون رجلًا من أهل مكة حتى إذا كانوا بالبيداء خسف بهم فرجع من كان أمامهم لينظر ما فعل القوم فيصيبهم مثل ما أصابهم فقلت يا رسول الله فكيف بمن كان منهم مستكرهًا قال يصيبهم كلهم ذلك ثم يبعث الله كل امرئ على نيته.

_ 149 - (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال رواه أبو يعلى وفيه على بن زيد وهو حسن الحديث وفيه ضعف، وروى باسناده عن عائشة عن النبى صلى الله عليه وسلم قال بمثله، ورجاله ثقات". 150 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن سفيان بن عيينة عن أمية بن صفوان. (تخريجه) أخرجه مسلم والنسائى. وأورده الحاكم فى المستدرك باختلاف طفيف وقال الذهبى "صحيح". 151 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى اسحق بن إبراهيم الرازى وهو ختن سلمة الأبرش قال ثنا سلمة قال حدثنى محمد بن اسحق عن عاصم بن عمر بن قتادة عن عبد الرحمن بن موسى عن عبد الله بن صفوان. (تخريجه) لم أجده بهذه السياقه لغير الإمام أحمد والله أعلم. وفيه سلمة الأبرش هو سلمة بن الفضل الأبرش الأنصارى مولاهم أبو عبد الله الأزرق قاضى الرى تكلموا فيه ومحمد بن اسحق إمام المغازى صدوق يدلس وقد أورد الهيثمى فى مجمع الزوائد رواية بهذا المعنى عن أم حبيبة وقال "رواه الطبرانى وفيه سلمة بن الفضل الأبرش وثقه بن معين وغيره وضعفه جماعة".

152 - وعن صفية أم المؤمنين (رضى الله عنها) قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا ينتهى الناس عن غزو هذا البيت حتى يغزوه جيش حتى إذا كانوا ببيداء من الأرض خسف بأولهم وآخرهم ولم ينج أوسطهم قالت قلت يا رسول الله أرأيت المكره منهم قال يبعثهم الله على ما فى أنفسهم. فصل فى غزو جزيرة العرب وفارس والروم 153 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا معاوية بن عمرو ثنا أبو اسحق يعنى الفزارى عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن نافع بن عتبة رضى الله عنهما قال كنت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزاة فأتاه قوم من قبل المغرب عليهم ثياب الصوف فوافقوه عند أكمة وهم قيام وهو قاعد فأتيته فقمت بينهم وبينه فحفظت منه أربع كلمات أعدهن فى يدي، قال تغزون جزيرة العرب فيفتحها الله، ثم تغزون فارس فيفتحها الله، ثم تغزون الروم فيفتحها الله، ثم تغزون الدجال فيفتحه الله قال نافع يا جابر ألا ترى أن الدجال لا يخرج حتى تفتح الروم. (ومن طريق ثان) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا المسعودى عن عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن نافع بن عتبة فذكر نحوه. (ومن طريق ثالث) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين عن زائدة عن عبد الملك بن عمير وعبد الصمد ثنا زائدة ثنا عبد الملك بن عمير عن جابر بن سمرة عن نافع بن عتبة بن أبى وقاص قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر نحوه وفيه قال فقال جابر لا يخرج الدجال حتى يفتتح الروم

_ 152 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع قال ثنا سفيان عن سلمة بن كهيل عن أبى إدريس عن ابن صفوان عن صفية. (تخريجه) أخرجه الترمذى فى الفتن وقال "هذا حديث حسن صحيح" وأخرجه ابن ماجه. 153 - (تخريجه) أخرجه مسلم. ومن طريق ثان (تخريجه) أورده الحاكم فى المستدرك وقال "هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبى. ومن طريق ثالث (تخريجه) أخرجه ابن ماجه.

154 - وعن سمرة بن جندب رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يوشك أن يملأ الله عز وجل أيديكم من العجم ثم يكونون أسدًا لا يفرون فيقتلون مقاتلتكم ويأكلون فيأكم. 155 - وعن خالد بن معدان عن ذى مخمر رجل من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: سيصالحكم الروم صلحًا آمنًا ثم تغزون وهم عدوًا فتنصرون وتسلمون وتغنمون ثم تنصرفون حتى تنزلوا بمرج ذى تلول فيرفع رجل من النصرانية صليبا فيقول غلب الصليب، فيغضب رجل من المسلمين فيقوم فيدقه فعند ذلك تغدر الروم وتجمعون للملحمة. 156 - (ومن طريق ثان) عن جبير بن نضير عن ذى محمر (رجل من الحبشة كان يخدم النبى صلى الله عليه وسلم قال: تصالحون الروم صلحًا آمنًا وتغزون أنتم وهم عدوًّا من ورائهم فتسلمون وتغنمون فذكر نحوه وفيه فيقوم إليه رجل من المسلمين فيقتله فعند ذلك تغدر الروم وتكون الملاحم فيجتمعون إليكم فيأتونكم فى ثمانين غاية (1) مع كل غاية عشرة آلاف.

_ 154 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج بن النعمان ثنا هشيم عن يونس عن الحسن عن سمرة بن جندب. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والبزار والطبرانى ورجال أحمد رجال الصحيح. 155 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا الأوزاعى عن حسان بن عطية عن خالد بن معدان. (تخريجه) رواه أبو داود وابن ماجة والحاكم فى المستدرك وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وأقره الذهبى. 156 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بم مصعب هو القرقسانى قال ثنا الأوزاعى عن حسان بن عطية عن خالد بن معدان. (غريبه) (1) غاية أى راية. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية. ثم أشار إلى الرواية السابقة وقال هكذا رواه أبو داود وابن ماجه من حديث الأوزاعى به. وقد تقدم فى حديث عوف بن مالك فى صحيح البخارى "فيأتونكم تحت ثمانين غاية تحت كل غاية اثنا عشر ألفا وهكذا فى حديث شداد ابن عمار عن معاذ فيسيرون إليكم بثمانين بندًا تحت كل بند اثنا عشر ألفًا".

157 - وعن موسى بن علي عن المستورد الفهرى أنه قال لعمرو بن العاص رضى الله عنه تقوم الساعة والروم أكثر الناس فقال له عمرو بن العاص أبصر ما تقول قال أقول لك ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال عمرو بن العاص إن تكن قلت ذاك، إن فيهم لخصالًا أربعًا، إنهم لأسرع الناس كرَّةً بعد فرَّة، وإنهم لخير الناس لمسكين وفقير وضعيف، وإنهم لأحلم الناس عند فتنة، والرابعة حسنة جميلة وإنهم لأمنع الناس من ظلم الملوك. 158 - وعن عبد الرحمن بن جبير أن المستورد قل بينما أنا عند عمرو بن العاص فقلت له سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أشد الناس عليكم الروم وإنما هلكتهم مع الساعة فقال له عمرو ألم أزجرك عن مثل هذا. 159 - وعن أبى قتادة عن أسير بن جابر قال هاجت ريح حمراء بالكوفة فجاء رجل ليس له هجير (1) ألا يا عبد الله بن مسعود جاءت الساعة قال وكان متكئا فجلس فقال إن الساعة لا تقوم حتى لا يقسم ميراث ولا يفرح بغنيمة، قال عدوًّا يجمعون لأهل الإسلام ويجمع لهم أهل الإسلام ونحى بيده نحو الشام قلت الروم تعنى؟ قال نعم، قال ويكون عند ذا القتال ردة شديدة قال فيشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجر بينهم الليل فيفئ هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يحجر بينهم الليل فيفئ هؤلاء وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة ثم يشترط المسلمون شرطة للموت لا ترجع إلا غالبة فيقتتلون حتى يمسوا فيفئ هؤلاء

_ 157 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن عياش ثنا ليث بن سعد ثنا موسى بن على (تخريجه) رواه مسلم. 158 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى ثنا ابن لهيعة ثنا الحرب بن يزيد عن عبد الرحمن بن جبير. (تخريجه) لم يعزه السيوطى فى الجامع الكبير لغير أحمد ورمز له بالحسن والله أعلم. 159 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسماعيل ثنا أيوب عن حميد بن هلال عن أسير عن أبى قتادة عن أسير بن جابر. (غريبه) (1) هجير: أى شأنه ودأبه ذلك.

وهؤلاء كل غير غالب وتفنى الشرطة فإذا كان اليوم الرابع نهد إليهم بقية أهل الإسلام فيجعل الله عز وجل الدبرة عليهم فيقتلون مقتلة إمَّا قال لا يري مثلها وإما قال لم نر مثلها حتى إن الطائر ليمر بجنباتهم فما يخلفهم حتى يخر ميتا قال فيتعادَّ بنو الأب كانوا مائة ولا يجدونه بقى منهم إلا الرجل الواحد فبأى غنيمة يفرح أو أى ميراث يقاسم، قال بيناهم كذلك إذ سمعوا بناس هو أكثر من ذلك قال جاءهم الصريخ إن الدجال قد خلف فى ذراريهم فيرفضون ما فى أيديهم ويقبلون فيبعثون عشرة فوارس طليعة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنى لأعلم أسماءهم وأسماء آبائهم وألوان خيولهم هم خير فوارس على ظهر الأرض يومئذ. فصل فى قتال الترك بأرض البصرة 160 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هرون أنا العوام ثنا سعيد بن جمهان عن ابن أبى بكرة عن أبيه قال ذكر النبى صلى الله عليه وسلم أرضًا يقال لها البصيرة إلى جنبها نهر يقال له دجلة ذو نخل كثير وينزل به بنو قنطوراء فيتفرق الناس ثلاث فرق فرقة تلحق بأصلها وهلكوا وفرقة تأخذ على أنفسها وكفروا وفرقة يجعلون ذراريهم خلف ظهورهم فيقاتلون فتلاهم شهداء يفتح الله تبارك وتعالى على بقيتهم وشك يزيد فيه مرة فقال البصيرة أو البصرة. (ومن طريق آخر) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر هاشم بن القاسم ثنا الحشرج ابن نبانة القيسى الكوفى حدثنى سعيد بن جمهان ثنا عبد الله بن أبى بكرة حدثنى أبى فى هذا المسجد يعنى مسجد البصرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتنزلن طائفة من أمتى أرضًا يقال لها

_ (تخريجه) أخرجه مسلم، والحاكم فى المستدرك وقال: "صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبى. 160 - (تخريجه) أخرجه أبو داود مختصرًا".

البصرة يكثر بها عددهم ويكثر بها نخلهم ثم يجئ بنو قنطوراء عراض الوجوه صغار العيون حتى ينزلوا على جسر لهم يقال له دجلة فيتفرق المسلمون ثلاث فرق فأما فرقة فيأخذون بأذناب الإبل وتلحق بالبادية وهلكت، وأما فرقة فتأخذ على أنفسها فكفرت فهذه وتلك سواء، وأما فرقة فيجعلون عيالهم خلف ظهورهم ويقاتلون فقتلاهم شهداء ويفتح الله على بقيتها. 161 - وعن عبد الله بن بريدة (الأسلمى) عن أبيه رضى الله عنه قال كنت جالسًا عند النبى صلى الله عليه وسلم فسمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول إن أمتى يسوقها قوم عراض الأوجه صغار الأعين كأنَّ وجوههم الحجف ثلاث مرار حتى يلحقوهم بجزيرة العرب أما السابقة الأولى فينجو من هرب منهم وأما الثانية فيهلك بعض وينجو بعض، وأما الثالثة فيصطلون كلهم من بقى منهم قالوا يا نبى الله من هم؟ قال هم الترك، قال أما والذى نفسى بيده ليربطن خيولهم إلى سوارى مساجد المسلمين، قال وكان بريدة لا يفارقه بعيران أو ثلاثة ومتاع السفر والأسبقية بعد ذك للهرب مما سمع من النبى صلى الله عليه وسلم من البلاء من أمراء الترك. فصل فى حسر الفرات عن جبل من ذهب وقتال الناس عليه 162 - عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يحسر الفرات أولا تقوم الساعة حتى يحسرر الفرات عن جبل من ذهب فيقتتل عليه الناس فيقتل من كل مائة تسعة وتسعون يا بنى فإن أدركته فلا تكونن ممن يقاتل عليه.

_ 161 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو نعيم ثنا بشير بن مهاجر حدثنى عبد الله بن بريدة عن أبيه. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال "رواه أبو داود باختصار رواه أحمد والبزار باختصار ورجاله رجال الصحيح". 162 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى ثنا زهير عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة. (تخريجه) أخرجه مسلم بنحوه من رواية سهيل عن أبيه عن أبى هريرة وأخرجه البخارى من رواية حفص بن عاصم عن أبى هريره ومن رواية الاعرج عن أبى هريرة، وأخرج هاتين الروايتين أيضًا أبو داود.

163 - (ومن طريق ثان) عن أبى هريرة أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يوشك أن يحسر الفرات عن جبل من ذهب يقتتل عليه الناس حتى يقتل من كل عشرة تسعة ويبقى واحد. فصل فى فتح مدينة القسطنطينية 164 - عن عبد الله بن بشر الخثعمى عن أبيه (بشر بن سحيم رضى الله عنه) أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم لتفتحن القسطنطينية فلنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش قال فدعانى مسلمة ابن عبد الملك فسألنى ابن عبد الملك فسألنى فحدثته فغزا القسطنطينية. 165 - وعن أبى قبيل قال كنا عند عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما وسئل أى المدينتين تفتح أولًا القسطنطينية أو رومية فدعا عبد الله بصندوق له حلق فأخرج منه كتابًا قال فقال عبد الله بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم نكتب إذ سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أى المدينتين تفتح أولًا، أقسطنطينية أو رومية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مدين هرقل تفتح أولا يعنى قسطنطينية. 166 - وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الملحمة العظمى وفتح القسطنطينية وخروج الدجال فى سبعة أشهر.

_ 163 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا عفان حدثنا حماد بن سلمة أنا محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة. (تخريجه) أخرجه ابن ماجه. 164 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله بن محمد بن أبى شيبة وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبى شيبة قال ثنا زيد بن الحباب قال حدثنى الوليد بن المغيرة المعافرى قال حدثنى عبد الله بن بشر الخثعمى. (تخريجه) أخرجه الحاكم فى المستدرك وأخرجه البخارى فى تاريخه الكبير. 165 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن اسحق ثنا يحيى بن أيوب حدثنى أبو قبيل (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح غير أبى قبيل وهو ثقة." ورواه ابن عبد الحكم فى فتوح مصر. 166 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة وأبو اليمان قالا ثنا أبة بكر حدثنى الوليد بن سفيان بن أبى مريم عن يزيد بن قطيب السكسونى عن أبى بحريه قال أبو المغيرة فى حديثه عن عبد الله بن قيس قال سمعت معاذ بن جبل.

167 - وعن عبد الله بن بسر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: بين الملحمة وفتح المدينة ست سنين ويخرج مسيح الدجال فى السابعة. أبواب ظهور العلامات الكبرى قبل قيام الساعة - وفيه فصول الفصل الأول فيما جاء فى ابن صياد وهل هو المسيح الدجال وفيه فروع: الفرع الأول فى صفة الدجال وانطباقها على ابن صياد 168 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد أنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن عبد الرحمن ابن أبى بكرة عن أبيه رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يمكث أبوا الدجال ثلاثين عامًا لا يولد لهما ثم يولد لهما غلام أعور. (وفى رواية مسرورًا مختونا) أضر شئ وأقله نفعًا

_ (تخريجه) أورده الحاكم فى المستدرك، وأخرجه الترمذى وقال "وفى الباب عن الصعب ابن جثامة وعبد الله بن بشر وعبد الله بن مسعود وأبى سعيد الخدرى وهذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه" وأخرجه ابن ماجه وأخرجه أبو داود بلفظ "الملحمة الكبرى". 167 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حيوة بن شريح ثنا بقية حدثنى بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن ابن أبى بلال عن عبد الله بن بسر. (تخريجه) أخرجه أبو داود، وابن ماجه. 168 - (1) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مؤمل ثنا حماد أنا على بن زيد عن عبد الرحمن بن أبى بكرة عن أبيه. (2، 3) (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا على بن زيد عن عبد الرحمن بن أبى بكرة عن أبيه. (تخريجه) أخرجه الترمذى وقال "هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث حماد بن سلمة" الدجال: قال القاضى عياض "هذه الأحاديث التى ذكرها مسلم وغيره فى قصة الدجال حجه لمذهب أهل الحق فى صحة وجوده، وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدرات الله تعالى من إحياء الميت الذى يقتله ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه وجنته وناره وتهربه واتباع كنوز الأرض له، وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض تنبت، فتنبت، فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته، ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك، فلا يقدر على قتل ذلك الرجل ولا غيره وببطل امره ويقتله عيسى عليه السلام. ويثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت. هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار" اهـ.

تنام عيناه ولا ينام قلبه ثم نعت أبويه فقال أبوه رجل طوال مضطرب اللحم طويل الأنف كأن أنفه منقار، وأمه امرأة فرضاخية عظيمة الثديين (وفى رواية طويلة) الثديين قال فبلغنا أن مولودًا من اليهود ولد بالمدينة قال فانطلقت أنا والزبير بن العوام حتى دخلنا على أبويه فرأينا فيهما نعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وإذا هو منجدل فى الشمس فى قطيفة له همهمة فسألنا أبويه فقالا مكثنا ثلاثين عامًا لا يولد لنا ثم ولد لنا غلام أعور أضر شئ وأقله نفعًا فلما خرجنا مررنا به. (وفى رواية فكشفت عن رأسه) فقال ما كنتما فيه قلنا وسمعت قال نعم إنه تنام عيناى ولا ينام قلبى فإذا هر ابن صياد. 169 - وعن زيد بن وهب قال قال أبو ذر رضى الله عنه لأن أحلف عشر مرار أن ابن صائد هو الدجال أحب إلى من أن أحلف مرة واحدة أنه ليس به قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثنى إلى أمه قال سلها كم حملت به قال فأتيتها فسألتها فقالت حملت به اثنى عشر شهرًا قال ثم أرسلنى إليها فقال سلها عن صيحته حين وقع قال فرجعت إليها فسألتها فقالت صاح صيحة الصبى ابن شهر ثم قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم إنى قد خبأت لك خبأً قال خبأت لى خطم شاة عفراء والدخان قال فأراد أن يقول الدخان فلم يستطع فقال الدخ الدخ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسأ فإنك لن تعدو قدرك. الفرع الثانى فى مقابلة ابن عمر رضى الله عنهما ابن صائد وضربه إياه وما حصل من ابن صائد عند ذلك من الخوارق 170 - وعن نافع عن ابن عمر رضى الله عنهما أنه رأي ابن صائد فى سكة من سكك المدينة فسبه ابن عمر ووقع فيه فانتفخ حتى سد الطريق فضربه ابن عمر بعصا كانت معه حتى كسرها

_ 169 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا عبد الواحد بن زياد ثنا الحرث بن حصيرة ثنا زيد بن وهب. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والبزار وقال إنى خبأت لك خبئًا فما هو، والطبرانى فى الأوسط ورجال أحمد رجال الصحيح غير الحارث بن حصيرة وهو ثقة". 170 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج وعفان وينس لا ثنا حماد بن سلمة عن أيوب وعبيد الله عن نافع عن ابن عمر.

عليه فقالت له حفصة رضى الله عنها ما شأنك وشأنه ما يولعك به. أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما يخرج الدجال من غضبة يغضبها. 171 - وعنه أيضًا عن ابن عمر رضى الله عنهما قال لقيت ابن صائد مرتين فأما مرة فلقيته ومعه بعض أصحابه فقلت لبعضهم نشدتكم بالله إن سألتكم عن شئ لتصدقنى قالوا نعم قال قلت أتحدثونى أنه هو قالوا لا قلت كذبتم والله لقد حدثنى بعضكم وهو يومئذ أقلكم مالًا وولدا أنه لا يموت حتى يكون أكثركم مالًا وولدًا وهو اليوم كذلك قال فحدثنا ثم فارقته، ثم لقيته مرة أخرى وقد تغيرت عينه فقلت متى فعلت عينك ما أرى؟ قال لا أدرى قلت ما تدرى وهى فى رأسك فقال ما تريد منى يا ابن عمر إن شاء الله تعالى أن يخلقه من عصاك هذه خلقه ونخر كأشد نخير حمار سمعته قط فزعم بعض أصحابى أنى ضربته بعصا كانت معى حتى تكسرت وأما أنا فوالله ما شعرت قال فدخل على أخته حفصة رضى الله عنها فأخبرها فقالت ما تريد منه أما علمت أنه قال تعنى النبى صلى الله عليه وسلم إن أول خروجه على الناس من غضبة يغضبها. الفرع الثالث فى جرءة ابن صياد ومحاولة عمر رضى الله عنه قتله ومنع النبى صلى الله عليه وسلم إياه عن ذلك 172 - وعن ابن عمر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مرَّ بابن صياد فى نفر من أصحابه فيهم عمر بن الخطاب رضى الله عنه وهو يلعب مع الغلمان عند أطم بنى مغالة وهو غلام (زاد (1) فى رواية قد ناهز الحلم) فلم يشعر حتى ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم ظهره بيده ثم قال أتشهد أني

_ (تخريجه) أخرجه مسلم بنحوه. 171 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح بن عبادة قال ثنا ابن عون عن نافع عن ابن عمر (تخريجه) أخرجه مسلم. 172 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى بى ثنا عن الرزاق أنا معمر عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر (1) زاد فى رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يعقوب ثنا أبى عن صالح قال ابن شهاب أخبرنى سالم بن عبد الله أن عبد الله بن عمر. (غريبه) مغالة (بضم الميم وفتحها) بطن من الأنصار من الأزد من القحطانية وهم بنو عدى بن مالك بن النجار والأطم الحصن.

رسول الله فنظر إليه ابن صياد فقال أشهد أنك رسول الأميين ثم قال ابن صياد للنبى صلى الله عليه وسلم أتشهد أنى رسول الله فقال النبى صلى الله عليه وسلم آمنت بالله وبرسله قال النبى صلى الله عليه وسلم ما يأتيك قال ابن صياد يأتينى صادق وكاذب فقال النبى صلى الله عليه وسلم خلِّط لك الأمر ثم قال النبى صلى الله عليه وسلم إنى قد خبأت لك خبيئًا وخبأ له (يوم تأت السماء بدخان مبين) فقال ابن صياد هو الدخ فقال النبى صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك فقال عمر يا رسول الله ائذن لى فيه فاضرب عنقه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يكن هو فلن تسلط عليه وإلا يكن هو فلا خير لك فى قتله. 173 - وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال بينما نحن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم نمشى إذ مرّ بصبيان يلعبون فيهم ابن صياد فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تربت يداك أتشهد أنى رسول الله فقال هو أتشهد أنى رسول الله قال فقال عمر رضى الله عنه دعنى فلأضرب عنقه قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يك الذي تخاف فلن تستطيعه. 174 - وعنه أيضًا قال كنا نمشى مع النبى صلى الله عليه وسلم فمر بابن صياد فقال إنى قد خبأت لك خبأ قال ابن صياد دخ قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسأ فلن تعدو قدرك فقال عمر يا رسول الله دعنى اضرب عنقه قال لا، إن يكن الذى نخاف فلن تستطيع قتله. 175 - وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله.

_ (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم وأبو داود والترمذى وقال هذا حديث حسن صحيح". 173 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس المعتمر عن أبيه عن سليمان الأعمش عن شقيق بن سلمة عن عبد الله بن مسعود. (تخريجه) ورواه مسلم. 174 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شقيق عن عبد الله بن مسعود. (تخريجه) رواه مسلم. 175 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو نعيم ثنا الوليد يعنى بن عبد الملك بن جميع قال أخبرنى أبو سلمة عن أبى سعيد الخدرى. (تخريجه) تفرد به أحمد.

الفرع الرابع فى اهتمام النبى صلى الله عليه وسلم بأمر ابن صياد وذهابه إليه متخفيًا ومحاولته سماع شئ منه خلسة وتنبيه أمه إياه لذلك 176 - عن ابن عمر رضى الله عنهما قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبى بن كعب يأتيان النخل التى فيها ابن صياد حتى إذا دخلا النخل طفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يتقى بجذوع النخل وهو يختل ابن صياد أن يسمع عن ابن صياد شيئًا قبل أن يراه وابن صياد مضطجع على فراشه فى قطيفة له فيها زمزمة قال فرأت أمَّه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يتقى بجذوع النخل فقالت أى صاف وهو اسمه هذا محمد فثار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو تركته بيّن. 177 - وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أنه قال إن امرأة من اليهود بالمدينة ولدت غلامًا ممسوحة عينه طالعة ناتئة فأشفق رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكون الدجال فوجدخ تحت قطيفة يهمهم فآذنته أمه فقالت يا عبد الله هذا أبو القاسم قد جاء فاخرج إليه فخرج من القطيفة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لها قاتلها الله لو تركته لبيّن ثم قال يا ابن صائد ما ترى قال أرى حقًا وأرى باطلًا وأرى عرشًا على الماء قال فلبس عليه فقال أتشهد أنى رسول الله فقال هو أتشهد أنى رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنت بالله ورسله ثم خرج وتركه، ثم أتاه مرة أخرى فوجده فى نخل له يهمهم فآذنته أمه فقالت يا عبد الله هذا أبو القاسم قد جاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مالها قاتلها الله لو تركته لبيّن قال فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يطمع أن يسمع من كلامه شيئًا فيعلم هو هو أم لا، قال يا ابن صائد ما ترى قال أرى حقًا وأرى باطلا وأرى عرشا على الماء قال أتشهد أنى رسول الله قال هو أتشهد أنى رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنت بالله ورسوله فلبس عليه ثم خرج فتركه ثم جاء فى الثالثة أو الرابعة ومعه أبو بكر وعمر بن الخطاب

_ 176 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى عن سالم أو عن غير واحد قال قال ابن عمر. (تخريجه) إسناده صحيح وقوله "أو عن غير واحد" أى عن سالم أو عن غيره. مما كان يجعل الرواية ضعيفة او لم تثبت بالروايات والشواهد الأخرى العديدة فى الصحيحين وغيرهما. 177 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن سابق ثنا إبراهيم بن طهمان عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله.

في نفر من المهاجرين والأنصار (رضى الله عنهم أجمعين) وأنا معه فبادر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أيدينا ورجا أن يسمع من كلامه شيئًا فسبقته أمه إليه فقالت يا عبد الله هذا أبو القاسم قد جاء فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مالها قاتلها الله لو تركته لبيّن فقال يا ابن صائد ما ترى قال أرى حقا وأرى باطلا وأرى عرشًا على الماء قال أتشهد أنى رسول الله قال أتشهد أنت أنى رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنت بالله ورسله فلبس عليه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم يا ابن صائد إنا قد خبأنا لك خبيئا فما هو قال الدخ الدخ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم اخسأ اخسأ فقال عمر ابن الخطاب رضى الله عنه ائذن لى فأقتله يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن يكن هو فلست صاحبه إنما صاحبه عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام وإلا يكن هو فليس لك أن تقتل رجلًا من أهل العهد قال فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مشفقا أنه الدجال. 178 - وعن مهدى بن عمران المازنى قال سمعت أبا الطفيل وسئل هل رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال نعم قيل فهل كلمته قال لا ولكن رأيته انطلق مكان كذا وكذا ومعه عبد الله ابن مسعود وأناس من أصحابه حتى أتى دار قوراء فقال افتحوا هذا الباب ففتح ودخل النبى صلى الله عليه وسلم ودخلت معه فإذا قطيفة فى وسط البيت فقال ارفعوا هذه القطيفة فرفعوا القطيفة فإذا غلام أعور تحت القطيفة فقال قم يا غلام فقام الغلام فقال يا غلام أتشهد أنى رسول الله قال الغلام أتشهد أنى رسول الله، قال أتشهد أنى رسول الله قال الغلام أتشهد أنى رسول الله، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تعوذوا بالله من شر هذا مرتين. الفرع الخامس فى دهاء ابن صياد وإنكاره أنه الدجال 179 - عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال أقبلنا فى جيش من المدينة قبل هذا المشرق

_ (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. 178 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد مولى بنى هاشم ثنا مهدى بن عمران. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: ورواه أحمد والطبرانى وفيه مهدى بن عمران قال البخارى لا يتابع على حديثه"

قال فكان فى الجيش عن عبد الله بن صياد وكان لا يسايره أحد ولا يرافقه ولا يؤا كله ولا يشاربه ويسمونه الدجال فبينا أنا ذات يوم نازل فى منزل لى إذ رآنى عبد الله بن صياد جالسًا فجاء حتى جلس إلىّ فقال يا أبا سعيد ألا ترى إلى ما يصنع الناس لا يسايرنى أحد ولا يرافقنى أحد ولا يشاربنى أحد ولا يؤاكلنى أحد ويدعونى الدجال وقد علمت أنت يا أبا سعيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الدجال لا يدخل المدينة وإنى ولدت بالمدينة وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الدجال لا يولد له وقد ولد لى فوالله لقد هممت مما يصنع بى هؤلاء الناس أن آخذ حبلًا فاخلو فاجعله فى عنقى فاختنق فأستريح من هؤلاء الناس والله ما أنا بالدجال ولكن والله لو شئت لأخبرتك باسمه واسم أبيه واسم أمه واسم القرية التى يخرج منها. (وعنه من طريق ثان) قال حججنا فنزلنا تحت شجرة وجاء ابن صائد فنزل فى ناحيتها فقلت إنا لله ما صب هذا علىّ قال فقال يا أبا سعيد ما ألقى من الناس وما يقولون لى يقولون إنى الدجال أما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الدجال لا يولد له ولا يدخل المدينة ولا مكة قال قلت بلى وقال قد ولد لى وقد خرجت من المدينة وأنا أريد مكة قال أبو سعيد فكأنى رققت له فقال والله إنّ أعلم الناس بمكانه لأنا قال قلت تبًّا لك سائر اليوم. الفرع السادس فيما جاء من خوارق العادات لابن صياد 180 - عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سأل ابن صائد عن تربة

_ 179 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا عوف عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدرى. (وعنه من طريق ثان سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج حدثنا حماد عن الجريرى عن أبى نضرة عن أبى سعيد. (تخريجه) أخرجه مسلم والترمذى بلفظ قريب. قال الحافظ بن كثير فى النهاية "وقد كان ابن صياد من يهود المدينة وقيل كان من الأنصار واسمه عبد الله ويقال صاف. وقد جاء هذا وجاء هذا. وقد يكون اسمه صاف ثم تسمى لما اسلم بعبد الله وكان ابنه عمارة بن عبد الله من سادات التابعين روى عنه مالك وغيره وقد قدمنا أن الصحيح أن الدجال غير ابن صياد وأن ابن صياد كان دجالا من الدجاجلة ثم تيب عليه بعد ذلك فأظهر الإسلام والله أعلم بضميره وسيرته" اهـ.

الجنة فقال درمكة (1) بيضاء مسك خالص قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق. 181 - وعنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لابن صائد ما ترى قال أري عرشا على البحر حوله الحيّات فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يري عرش إبليس. 182 - وعن جابر بن عبد الله عن النبى صلى الله عليه وسلم مثله. 183 - عن أبى سعيد الخدرى قال ذكر ابن صياد عند النبى صلى الله عليه وسلم فقال عمر إنه يزعم أنه لا يمر بشئ إلا كلمه. 184 - وعند عبد الرحمن (2) بن أبى بكرة عن أبيه رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمكث أبوا الدجال ثلاثين عامًا لا يولد لهما ثم يولد لهما غلام أعور أضر شئ وأقله نفعًا تنام عيناه ولا ينام قلبه.

_ 180 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن الجريرى عن أبى نضرة عن أبى سعيد. (غريبه) (1) درمك فى صفة الجنة وتربتها الدرمك هو الدقيق الحوارى (النهاية) (تخريجه) أخرجه مسلم والترمذى. 181 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس ثنا حماد يعنى ابن سلمة عن على عن أبى نضرة. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وفيه على بن زيد وهو حسن الحديث وبقية رجاله ثقات 182 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا مؤمل ثنا حماد ثنا على يعنى ابن زيد عن أبى نضرة عن جابر. (تخريجه) أخرجه مسلم بأطوال من هذا من طريق معتمر قال سمعت أبى قال حدثنى أبو نضرة عن جابر. 183 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد المتعال ثنا يحيى بن سعيد الأموى ثنا مجالد عن أبى الوداك عن أبى سعيد الخدرى. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وفيه مجالد بن سعيد وهو ضعيف وقد وثق، وبقية رجاله ثقات. 184 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا زيد أنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن عبد الرحمن بن أبى بكرة.

فصل فيما يصيب الناس من الشدة قبل ظهور الدجال بثلاث سنين وما يفعله معهم وقت ظهوره 185 - عن أسماء بنت يزيد رضى الله عنها قالت كنا مع النبى صلى الله عليه وسلم فى بيته فقال إذا كان قبل خروج الدجال بثلاث سنين حبست السماء ثلثت قطرها وحبست الأرض ثلث نباتها، فإذا كانت السنة الثانية حبست السماء ثلثى قطرها وحبست الأرض ثلثى نباتها، فإذا كانت السنة الثالثة حبست السَّماء قطرها كله وحبست الأرض نباتها كله فلا يبقى ذو خف ولا ظلف إلا هلك فيقول الدجال للرجل من أهل البادية أرأيت إن بعثت إبلك ضخامًا ضروعها عظامًا أسنمتها أتعلم أنى ربك فيقول نعم فتمثل له الشياطين على صورة إبله فيتبعه، ويقول للرجل أرأيت إن بعثت أباك وابنك ومن تعرف من أهلك أتعلم أنى ربك فيقول نعم فيمثل له الشياطين على صورهم فيتبعه ثم خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وبكى أهل البيت ثم رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نبكى فقال ما يبكيكم فقلت يا رسول الله ما ذكرت من الدجال ((1) وفى رواية لقد خلعت أفئدتنا بذكر الدجال) فوالله إن أمة أهلى لتعجن عجينها فما تبلغ حتى تكاد تفتت ممن الجوع ((2) وفى رواية إنا لنعجن عجينتنا فما نختبزها حتى نجوع) فكيف نصنع يومئذ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكفى المؤمنين عن الطعام والشراب يومئذ التكبير والتسبيح والتحميد، ثم قال لا تبكوا فإن يخرج الدجال وأنا فيكم فأنا حجيجه وإن يخرج بعدى فالله خليفتى على كل مسلم. 186 - وعن عائشة رضى الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر جهدًا يكون بين يدى الدجال فقالوا أى المال خير يومئذ قال غلام شديد يسقى أهله الماء وأما الطعام فليس، قالوا فما طعام

_ (تخريجه) هذا طرف من حديث ذكر بتمامه فى الفرع الأول (صفة الدجال) 185 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هرون أنا جرير بن حازم عن قتادة عن شهر بن حوشب عن أسماء. وفى رواية 1، 2 (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن قتادة عن شهر بن حوشب عن أسماء. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: "رداه كله أحمد والطبرانى من طرق وفى أحداهما يكون قبل خروجه سنون خمس جدب، وفيه شهر بن حوشب وفيه ضعف وقد وثق". 186 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا حماد قال ثنا على بن زيد عن الحسن عن عائشة.

المؤمنين يومئذ، قال التسبيح والتقديس والتحميد والتهليل قالت عائشة فأين العرب يومئذ، قال العرب يومئذ قليل. فصل فى تعظيم فتنة الدجال وأمارات خروجه 187 - عن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال ذكر الدجال عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لأنا لفتنة بعضكم أخوف عندى من فتنة الدجال ولن ينجو أحد مما قبلها إلاّ نجا منها وما صنعت فتنة منذ كانت الدنيا صغيرة ولا كبيرة إلا لفتنة الدجال. 188 - وعن هشام بن عامر الأنصارى رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ما بين خلق آدم إلى أن تقوم الساعة فتنة أكبر من فتنة الدجال. (وعنه من طريق آخر) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول والله ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة أمر أعظم من الدجال. 189 - وعن جابر (1) بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانت فتنة ولا تكون حتى تقوم الساعة أكبر من فتنة الدجال.

_ (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: "رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله رجال الصحيح وأورده الحافظ بن كثير فى النهاية وقال "تفرد باسناده احمد وإسناده صحيح فيه غرابة وتقدم فى حديث أسماء وأبى أمامه شاهد له والله اعلم". 187 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وهب بن جرير ثنا أبى قال سمعت الأعمش عن أبى وئلة عن حذيفة بن اليمان. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والبزار ورجاله رجال الصحيح. 188 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا حسين بن محمد قال ثنا سليمان بن المغيرة عن حميد يعنى ابن هلال عن هشام بن عامر الأنصارى. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان بن عيينة عن أيوب عن حميد بن هلال عن هشام بن عامر. (تخريجه) رواه مسلم بأطول من هذا. 189 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر عبد الملك بن عمرو وثنا زهير عن زيد يعنى ابن أسلم عن جابر بن عبد الله.

190 - ز- وعن راشد بن سعد قال لما فتحت اصطخر نادى منادٍ ألا إن الدجال قد خرج قال فلقيهم الصعب بن جثامة رضى الله عنه فقال لولا ما تقولون لأخبرتكم أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا يخرج الدجال حتى يذهل الناس عن ذكره وحتى تترك الأئمة ذكره على المنابر. فصل فى ذكر مكان الدجال وأنه موجود من عهد النبى صلى الله عليه وسلم 191 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا مجالد قال ثنا عامر قال قدمت المدينة فأتيت فاطمة بنت قيس فحدثتنى أن زوجها طلقها على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر حديثها فى النفقة والسكنى وزواجها بأسامة بن زيد (تقدم ذلك فى باب النفقة والسكنى للمعتدة الرجعية والبتوتة الحامل) قال فلما أردت أن أخرج قالت اجلس حتى أحدثك حديثًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا من الأيام فصلى صلاة الهاجرة ثم قعد ففزع الناس فقال اجلسوا أيها الناس فإنى لم أقم مقامى هذا لفزع ولكن تميما الدارى أتانى فأخبرنى خبرًا منعنى القيلولة من الفرح وقرة العين فأحببت أن أنشر عليكم فرح نبيكم رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبرنى أن رهطًا من بنى عمه ركبوا البحر فأصباتهم ريح عاصف فألجأتهم الريح إلى جزيرة لا يعرفونها فقعدوا فى قويرب بالسفينة حتى خرجوا إلى الجزيرة فإذا هم بشئ أهلب كثير الشعر لا يدرون أرجل هو أو امرأة فسلموا عليه فرد عليهم السلام قالوا ألا تخبرنا قال ما أنا بمخبركم ولا بمستخبركم ولكن هذا الدير قد رهقتموه ففيه من هو إلى خبركم بالأشواق أن يخبركم ويستخبركم، قال قلنا فما أنت قال أنا الجساسة فانطلقوا حتى أتوا الدير فإذا هم برجل موثق شديد الوثاق مظهر الحزم كثير التشكى فسلموا عليه فرد عليهم فقال ممن أنتم قالوا من العرب قال ما فعلت

_ (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية بأطول من هذا وقال تفرد به أحمد وإسناده جيد وصححه الحاكم". 190 - (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثنى أبو حميد الحمصى أحمد بن محمد بن المغيرة بن يسار قال ثنا حيوة قال ثنا بقية عن صفوان بن عمرو عن راشد بن سعد. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه عبد الله بن أحمد من رواية بقية عن صفوان بن عمرو وهى صحيحة كما قال ابن معين، وبقية رجاله ثقات".

..

_ العرب؟ أخرج نبيهم بعد؟ قالوا نعم قال فما فعلوا؟ قالوا خيرًا آمنوا به وصدقوه قال ذلك خير لهم وكان له عدو فأظهره الله عليهم قال فالعرب اليوم إلههم واحد ودينهم واحد وكلمتهم واحدة؟ قالوا نعم قال فما فعلت عين زغر قالوا صالحة يشرب منها أهلها لشفتهم ويسقون منها زرعهم قال فما فعل نخل بين عمان وبيسان؟ قالوا صالح يطعم جناه كل عام قال فما فعلت بحيرة الطبرية؟ قالوا ملأى قال فزفر ثم زفر ثم زفر ثم حلف لو خرجت من مكانى هذا ما تركت أرضًا من أرض الله إلا وطئتها غير طيبة ليس لى عليها سلطان (وفى رواية غير مكة وطيبة) قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى هذا انتهى فرحى ثلاث مرار إن طيبة المدينة إن الله حرم حرمى على الدجال أن يدخلها ثم حلف رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي لا إله إلا هو مالها طريق ضيق ولا واسع فى سهل ولا فى جبل إلا عليه ملك شاهر بالسيف إلى يوم القيامة ما يستطيع الدجال أن يدخلها على أهلها قال عامر فلقيت المحرر بن أبى هريرة فحدثته حديث فاطمة بنت قيس فقال أشهد على أبى أنه حدثنى كما حدثتك فاطمة غير أنه قال قال رسول صلى الله عليه وسلم إنه نحو المشرق قال ثم لقيت القاسم بن محمد فذكرت له حديث فاطمة فقال أشهد على عائشة أنها حدثتنى كما حدثتك فاطمة غير أنها قالت الحرمان عليه حرام مكة والمدينة. (ومن طريق آخر) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس بن محمد قال ثنا حماد يعنى ابن سلمة عن داود يعنى ابن أبى هند عن الشعبى عن فاطمة بنت قيس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ذات يوم مسرعًا فصعد المنبر ونودى فى الصلاة جامعة فاجتمع الناس فقال يا أيها الناس إنى لم أدعكم لرغبة نزلت ولا لرهبة ولكن تميمًا الدارى أخبرنى أن نفرًا من أهل فلسطين ركبوا البحر فقذفتهم الريح إلى جزيرة من جزائر البحر فإذا هم بدابة أشعر ما يدى أذكر هو أم أنثى لكثرة شعره قالوا من أنت فقالت أنا الجساسة فقالوا فأخبرينا فقالت ما أنا بمخبرتكم ولا مستخبرتكم ولكن فى هذا الدير رجل فقير إلى أن يخبركم وإلى أن يستخبركم، فدخلوا الدير فإذا رجل أعور مصفد فى الحديد فقال من أنتم قلنا نحن العرب فقال هل بعث فيكم النبى صلى الله عليه وسلم قالوا نعم قال فهل اتبعته العرب؟ قالوا نعم قال ذلك خير لهم، قال ما فعلت فارس هل ظهر عليها؟ قالوا لم يظهر عليها بعد فقال أما إنه سيظهر عليها ثم قال ما فعلت عين زغر قالوا

هي تدفق ملأى قال فما فعل نخل بيسان هل أطعم أوائله قال فوثب وثبة حتى ظننا أنه سيفلت فقلنا من أنت قال أنا الدجال أما إنى سأطأ الأرض كلها غير مكة وطيبة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أبشروا يا معشر المسلمين هذه طيبة لا يدخلها يعنى الدجال. فصل فى إخبار النبى صلى الله عليه وسلم بخروج الدجال والمكان الذى يخرج منه وذكر أوصافه واتباعه وفتنه والتحذير منه وغير ذلك 192 - عن ابن عمر رضى الله عنهما قال والله لقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يقول ليكونن قبل يوم القيامة المسيح الدجال وكذابون ثلاثون أو أكثر. 193 - وعن أبى بكر رضى الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن الدجال يخرج من أرض بالمشرق يقال لها خراسات يتبعه أقوام كأن وجوههم المجان المطرقة.

_ 191 - (تخريجه) أخرج مسلم الروايتين ورواه الترمذى من حديث قتاده عن الشعبى عنها وقال حسن صحيح غريب من حديث قتادة عن الشعبى ورواه النسائى من حديث حماد بن سلمة عن داود ابن أبى هند عن الشعبى عنها نحوه. 192 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو الوليد ثنا عبيد الله بن إياد بن لقيط ثنا إياد عن عبد الرحمن بن نعم أو نعيم الأعرجى شك أبو الوليد قال سأل رجل ابن عمر عن المتعة وأنا عنده متعة النساء فقال والله ما كنا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم زانين ولا مسافحين ثم قال والله ألخ (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: "رواه كله أحمد وأبو يعلى بقصة المتعة وما بعدها، والطبرانى إلا أنه قال: بين يدى الساعة الدجال وبين يدى الدجال كذابون ثلاثون أو أكثر قلنا ما آيتهم قال إن يأتوكم بسنة لم تكونوا عليها يغيروا بها سنتكم ودينكم فاذا رأيتموهم فأجتنبوهم وعادوهم". وأورده الحافظ بن كثير فى النهاية وقال "ورواه الطبرانى عن مورق العجلى عن ابن عمر بنحوه، تفرد به أحمد". 193 - (سنده) حدثنا عبد الله قال حدثنى أبى قال ثنا روح قال ثنا ابن أبى عروبة عن أبى التياح عن المغيرة بن سبيع عن عمرو بن حريث عن أبى بكر الصديق. (تخريجه) إسناده صحيح. المغيرة بن سبيع ثقة، أثبت الحافظ فى التهذيب هذا الحديث له فى سنن الترمذى والنسائى وابن ماجه.

194 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يأتي المسيح الدجال من قبل المشرق وهمته المدينة حتى ينزل دائر أحد ثم تصرف الملائكة وجهه قبل الشام وهناك يهلك. 195 - وعنه أيضا قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لينزلن الدجال حوز وكرمان في سبعين ألفا وجوههم كالمجان المطرقة. 196 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل الدجال في هذه المسبخة بمرقناة فيكون أكثر من يخرج إليه النساء حتى إن الرجل ليرجع إلى حميمه وإلى أمه وابنته وأخته وعمته فيوثقها رباطًا مخافة أن تخرج إليه ثم يسلط الله المسلمين عليه فيقتلونه ويقتلون شيعته حتى أن اليهودي ليختبئ تحت الشجرة أو الحجر فيقول الحجر أو الشجرة للمسلم هذا يهودي تحت فاقتله. 197 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج الدجال من يهودية أصبهان معه سبعون ألفًا من اليهود عليهم التيجان.

_ 194 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود قال أنا إسماعيل قال أخبرني العلاء عن أبيه عن أبي هريرة. (تخريجه) أخرجه مسلم بنحوه. 195 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن محمد ثنا جرير يعني ابن حازم عن محمد يعني ابن إسحق عن محمد بن إبراهيم التيمي عن أبي سلمة عن أبي هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما ثقات إلا أن ابن إسحاق مدلس. ورواه البزار أتم". 196 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا أحمد بن عبد الملك ثنا محمد بن سلمة عن محمد بن إسحق عن محمد بن طلحة عن سالم عن ابن عمر. (تخريجه) إسناده صحيح. وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: "قلت في الصحيح بعضه رواه أحمد والطبراني في الأوسط، وفيه ابن إسحاق وهو مدلس. 197 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن مصعب حدثنا الأوزاعي عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أنس بن مالك. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: "رواه أحمد وأبو يعلى وزاد معه سبعون

198 - وعن عمران بن حصين رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من سمع بالدجال فلينأ منه فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فلا يزال به لما معه من الشبه حتى يتبعه. 199 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال أشرف رسول الله صلى الله عليه وسلم على فلق من أفلاق الحرة ونحن معه فقال نعمت الأرض المدينة إذا خرج الدجال، على كل نقب من أنقابها ملك لا يدخلها، فإذا كان كذلك رجفت المدينة بأهلها ثلاث رجفات لا يبقى منافق ولا منافقة إلا خرج إليه وأكثر يعني من يخرج إليه النساء وذلك يوم التخليص، وذلك يوم تنفى المدينة الخبث كما ينفى الكير خبث الحدي يكون معه سبعون ألفًا من اليهود على كل رجل منهم ساج وسيف محلى فتضرب رقبته بهذا الضرب (1) الذي عند مجتمع السيول ثم قال ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما كانت فتنة ولا تكون حتى تقوم الساعة أكبر من فتنة الدجال، ولا من نبي إلا

_ ألفًا من اليهود عليهم السيجان من رواية محمد بن مصعب عن الأوزاعي وروايته عنه جيدة وقد وثقه أحمد وغيره وضعفه جماعة، وبقية رجالهما رجال الصحيح، ورواه الطبراني في الأوسط كذلك. ورواية الهيثمي "السيجان" بالسين، وفسرها ابن الأثير في النهاية بأنها جمع ساج أي الطيلسان والله أعلم- وأورد الحديث الحافظ بن كثير في النهاية وقال "تفرد به أحمد". 198 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد ثنا هشام بن حسان ثنا حميد بن هلال عن أبي الدهماء عن عمران بن حصين. (تخريجه) أخرجه أبو داود وأورده الحاكم في المستدرك وقال "هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه وسكت عليه الذهبي وأورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال: "وكذلك رواه عن يزيد بن هارون عن هشام بن حسان. وهذا إسناد جيد وأبو الدهماء وأسمه قرفه بن نهيس العدوي ثقة". 199 - (سنده) حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي قال أنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل حدثني أبي ثنا أبو عامر عبد الله بن عمرو ثنا زهير عن زيد يعني ابن أسلم عن جابر بن عبد الله. (غريبه) (1) الضرب هكذا جاءت بالأصل ولعلها الضارب وهو المكان المطمئن به شجر أو "الدرب" بالدال المهملة والله أعلم. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: قلت في الصحيح طرف منه "إنما المدينة كالكير تنفي خبثها وينضح طيها". رواه أحمد والطبراني في الأوسط ... ورجاله رجال الصحيح" وأورده الحافظ بن كثير في النهاية بنحوه وقال "تفرد به أحمد وإسناده جيد وصححه الحاكم".

وقد حذر أمته، ولأخبرنكم بشيء ما أخبره نبي أمته قبلي ثم وضع يده على عينه ثم قال أشهد أن الله عز وجل ليس بأعور. 200 - وعن محجن بن الأدرع رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس فقال يوم القيامة الخلاص وما يوم الخلاص، يوم الخلاص وما يوم الخلاص، يوم الخلاص وما يوم الخلاص ثلاثًا فقيل له وما يوم الخلاص قال يجيء الدجال فيصعد أحدًا فينظر المدينة فيقول لأصحابه ما ترون هذا القصر الأبيص هذا مسجد أحمد ثم يأتي المدينة فيجد بكل نقب منها ملكًا مصلتًا فيأتي سبخة الحرف فيضرب رواقه ثم ترجف المدينة ثلاث رجفات فلا يبقى منافق ولا منافقة ولا فاسق ولا فاسقة إلا خرج إليه فذلك يوم الخلاص. 201 - وعن أبي الودك قال قال لي أبو سعيد (يعني الخدري رضي الله عنه) هل يقر الخوارج بالدجال فقلت لا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني خاتم ألف نبي وأكثر ما بعثت نبي يتبع إلا قد حذر أمته الدجال وإني قد بين لي من أمره ما لم يبين لأحد وإنه أعور وإن ربكم ليس بأعور وعينه اليمنى عوراء جاحظة ولا تخفى كأنها نخامة في حائط مجصص وعينه اليسرى كأنها كوكب دري معه من كل لسان ومعه صورة الجنة الخضراء يجري فيها الماء وصورة النار سوداء تداخن. 202 - وعن سينة مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألا إنه لم

_ 20 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا حماد يعني ابن سلمة عن سعيد الحريري عن عبد الله بن شقيق عن محجن بن الأردع. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. وأورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "تفرد به أحمد". 201 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد المتعال بن عبد الوهاب ثنا يحيى بن سعيد الأموي ثنا مجالد عن أبي الوداك. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال. رواه أحمد وفيه مجالد بن سعيد وثقه النسائي في رواية وقال في أخرى ليس بالقوي، وضعفه جماعة. 202 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضر ثنا حشرج حدثني سعيد بن جهمان عن سفينة.

يكن نبي قبلي إلا قد حذر أمته هو أعور عينه اليسرى بعينه اليمنى (1) ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يخرج معه واديان أحدهما جنة والآخر نار فناره جنة وجنته نار، معه ملكان من الملائكة يشبهان نبيين من الأنبياء لو شئت سميتهما بأسمائهما وأسماء آبائهما واحد منهما عن يمينه والآخر عن شماله وذلك فتنة فيقول الدجال ألست بربكم ألست أحيي وأميت فيقول له أحد الملكين كذبت ما يسمعه أحد من الناس إلا صاحبه فيقول له صدقت فيسمعه الناس فيظنون أنما يصدق الدجال وذلك فتنة ثم يسير حتى يأتي المدينة فلا يؤذن له فيها فيقول هذه قرية ذلك الرجل ثم يسير حتى يأتي الشام فيهلكه الله عز وجل عند عقبة أفيق (2). 203 - وعن جنادة بن أبي أمية الأزدي قال ذهبت أنا ورجل من الأنصار إلى رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقلنا حدثنا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر في الدجال ولا تحدثنا عن غيره وإن كان مصدقا، قال: خطبنا النبي صلى الله عليه وسلم فقال أنذرتكم الدجال ثلاثا فإنه لم يكن نبي قبلي إلا قد أنذره أمته وإنه فيكم أيتها الأمة، وإنه جعد آدم ممسوح العين اليسرى، معه جنة ونار فناره جنة وجنته نار ومعه جبل من خبز ونهر من ماء وأنه يمطر المطر ولا ينبت الشجر وإنه يسلط على نفس فيقتلها ولا يسلط على غيرها وأنه يمكث في الأرض أربعين صباحاً يبلغ فيها كل منهل ولا يقرب أربعة مساجد مسجد الحرام ومسجد المدينة ومسجد الطور ومسجد الأقصى وما يشبه عليكم فإن ربكم ليس بأعور. (وعنه من طريق آخر بنحوه) وفيه يسلط على رجل فيقتله ثم يحييه ولا يسلط على غيره.

_ (غريبه) (1) ظفرة أي لحمة تنبت عند المآقي وقد تمتد إلى السواد فتغشيه. (2) أفيتي بفتح الهمزة قرية بين الغور وحوران من بلاد الشام وعقبتها الأرض المرتفعة فيها. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد واللفظ له ورجاله ثقات، وفي بعضهم كلام لا يضر" وأورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "تفرد به أحمد وإسناده لا بأس به ولكن في متنه غرابة ونكارة فالله أعلم". 203 - (سنده) حدّثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا سفيان عن الأعمش ومنصور عن مجاهد عن جنادة بن أبي أمية. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا ابن عون عن مجاهد قال كنا ست سنين علينا جنادة بن أبي أمية فقام فخطبنا فقال:

204 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الدجال أعور العين الشمال عليها ظفرة غليظة مكتوب بين يعينه كافر قال وكفر. (وعنه من طريق آخر) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال الدجال أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب. 205 - وعن سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لم يكن نبي إلا وصف الدجال لأمته ولأصفنه صفة لم يصفها أحد كان قبلي إنه أعور وإن الله عز وجل ليس بأعور. 206 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله تمامًا وزاد بعد قوله ليس بأعور عينه اليمنى كأنها عنبة طافية. 207 - وعنه أيضاً قال قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله فذكر

_ (تخريجه) أورده الهيثمي الروايتين في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. 204 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن حميد عن أنس بن مالك. وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس ثنا حماد يعني ابن سلمة عن حميد وشعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك. (تخريجه) أورد الحافظ بن كثير في النهاية الرواية الأولى بلفظ "مكتوب بين عينيه كفر أو كافر" وقال هذا حديث ثلاثي الإسناد وهو على شرط الصحيحين. وأورد الرواية الثانية وقال "رواه مسل عن زهير عن عفان عن شعيب نحوه ورواه أبو داود بنحوه عن مسدد ثنا عبد الوارث عن شعيب وأخرج البخاري ومسلم والترمذي رواية قريبه من طريق شعبة عن قتادة عن أسن. 205 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هرون أنبأنا محمد بن إسحق عن داود بن عمار بن سعد بن مالك عن أبيه عن جده (سعد بن أبي وقاص). (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وأبو يعلى والبزار- وفيه ابن إسحاق وهو مدلس. 206 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا محمد بن إسحق عن نافع عن ابن عمر. (تخر يجه) أورد الحافظ بن كثير في النهاية وقال وهذا إسناد جيد حسن. 207 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الرزاق حدثنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر.

الدجال فقال إني لأنذركموه وما من نبي إلا أنذره قومه لقد أنذره نوح صلى الله عليه وسلم قومه ولكن سأقول لكم فيه قولًا لم يقله نبي لقومه تعلمون أنه أعور وإن الله تبارك وتعالى ليس بأعور. 208 - وعن أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنه لم يكن نبي بعد نوح إلا وقد أنذر الدجال قومه وإني أنذركموه قال فوصفه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال ولعله يدركه بعض من رآني أو سمع كلامي قالوا يا رسول الله كيف قلوبنا يومئذ مثلها اليوم قال أو خير. 209 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال في الدجال أعور هجان (1) أزهر كأن رأسه أصلة (2) أشبه الناس بعيد العزى بن قطن (3) فإما هلك الهلك (4) فإن ربكم تعالى ليس بأعور قال شعبة فحدثت به قتادة فحدثني بنحو من هذا (5). 210 - وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لقد أكل الطعام ومشى في الأسواق يعني الدجال.

_ (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم بنحوه. 208 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي عفان وعبد الصمد قالا حدثنا حماد بن سلمة أنبأنا خالد الحذاء عن عبد الله بن شقيق عن عبد الله بن سراقة عن أبي عبيدة بن الجراح. (تخريجه) رواه أبو داود عن موسى بن إسماعيل والترمذي عن عبد الله بن معاوية كلاهما عن حماد وقال: حديث حسن غريب من حديث أبي عبيدة بن الجراح لا نعرفه إلا من حديث خالد الحذاء غريبه (1) هجن أي أبيض وأزهر أي حسن مع بياض (2) الأصلة حية صغيرة أو عظيمة تقتل بنفخها (3) ابن قطن بفتح القاف والطاء رجل من بني المصطلق من خزاعة قال الزهري "هلك في الجاهلية" (4) الهلك بضم الهاء وتشديد اللام المفتوحة جمع هالك، قال في النهاية "أي فإن هلك به ناس جاهلون وضلوا فاعلموا أن الله ليس بأعور" (5) أي عن عكرمة. 209 - (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "أورده أحمد والطبراني". 210 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عبد الله ثنا سفيان عن ابن جدعان عن الحسن عن عمران بن حصين. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والطبراني وفي إسناد أحمد علي

211 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم رأيت عند الكعبة مما يلي وجهها رجلا آدم سبط الرأس واضعًا يده على رجلين يسكب رأسه أو يقطر رأسه فقلت من هذا فقالوا عيسى بن مريم أو المسيح بن مريم ورأيت وراءه رجلا أعور عين اليمنى جعد الرأس أشبه من رأيت به ابن قطن فقلت من هذا قالوا المسيح الدجال. 212 - وعن مجاهد قال كنا عند ابن عباس فذكروا الدجال فقالوا إنه مكتوب بين عينه ك ف ر قال ما تقولون قال يقولون مكتوب بين عينيه ك ف ر قال فقال ابن عباس لم أسمعه قال ذلك ولك نقال أما إبراهيم عليه السلام فانظرو إلى صاحبكم (1) وأما موسى عليه السلام فرجل آدم جعد على جمل أحمر مخطوم (2) بخلبه كأني أنظر إليه إذا انحدر في الوادي يلبي. 213 - وعن عبادة بن الصامت رضي الله عنه أنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إني قد حدثتكم عن الدجال حتى خشيت أن لا تعقلوا، أن مسيح الدجال رجل قصير أفحج (3) جعد

_ بن زيد وحديثه حسن، وبقية رجاله رجل الصحيح وفي إسناد الطبراني محمد بن منصور النحوي الأهوازي ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح". 211 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسحق بن سليمان سمعت حنظلة بن أبي سفيان سمعت سالماً يقول سمعت عبد الله بن عمر يقول: (تخريجه) رواه البخاري بنحوه مراراً من طرق عن ابن عمر. 212 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن أبي عدي عن ابن عوف عن مجاهد. (غريبه) (1) الحلب الليف واحدته خلبة وقد يسمى الحبل نفسه خلبة. (2) صاحبكم أي النبي صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) رواه مسلم عن محمد بن المثنى عن ابن أبي عدي. 213 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حيوة بن شريح وزيد بن عبد ربه قالا ثنا بقية حدثني بحير بن سعد عن خالد بن معادن عن عمرو بن الأسود عن جنادة بن أبي أمية أنه حدثهم عن عبادة بن الصامت. (غريبه) (3) أفحج هو الذي إذا مشى باعد بين رجليه كالمختتن جعد هو من الشعر خلاف السبط أو القصير حجزاء كذا في الأصل وفي رواية داود حجراء قال في عون المعبود حجراء بفتح جيم وسكون جاء أي ولا غائره والجملة المنفية مؤكدة لا ثبات العين الممسوحة وهي لا تنافي أن الأخرى نابئة بارزة كنتوء حبه العنب قاله القاري وفي بعض النسخ ولا جخراء بجيم فخاء قال في المجمع هي الضيقة

أعور مطموس العين ليس بناتئة ولا حجزاء فإن ألبس عليكم قال يزيد (أحد الرواة) ربكم فاعلموا أن ربكم تبارك وتعالى ليس بأعور وأنكم لن ترون ربكم تبارك وتعالى حتى تموتوا قال بزيد ترو ربكم حتى تموتوا. فرع: من يعمهم الله من فتنة الدجال 214 - وعن أبي قلابة قال رأيت رجلا بالمدينة وقد طاف الناس به وهو يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فإذا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم قال فسمعته وهو يقول إن من بعدكم الكذاب المضل وإن رأسه من بعده حبك (1) حبك حبك ثلاث مرات وأنه سيقول أنا ربكم فمن قال لست ربنا لكن ربنا الله عليه توكلنا وإليه أنبنا نعوذ بالله من شرك لم يكن له عليه سلطان. 215 - وعن هشام بن عامر رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن رأس الدجال من ورائه حبك حبك فمن قال أنت ربي افتتن ومن قال كذبت ربي الله عليه توكلت فلا يضره أو قال فلا فتنة عليه.

_ ذات عمص ورمص وامرأة جخراء إذا لم تكن نظيفة المكان وقال في النهاية في باب الجيم مع الحاء ولا جحراء أي غائرة منحجرة في نقريها وقال الأزهري هي بالخاء وأنكر الحاء". (تخريجه) أخرجه أبو داود، قال المنذري وأخرجه النسائي وفي إسناده بقية بن الوليد وفيه مقال". 214 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن حرب ثنا حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة. (غريبه) (1) حبك بضم الحاء المهملة والباء الموحدة أي شعر رأسه متكسر مثل الماء الساكن أو الرمل إذا هبت عليهما الريح فيتجعدان ويصيران طرائق- أورده في النهاية. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. 215 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق قال ثنا معمر عن أيوب عن أبي قلابة عن هشام بن عامر. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني".

216 - وعن حذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنا أعلم بما مع الدجال من الدجال، معه نهران يجريان أحدهما رأى العين ماء أبيض والآخر رأى العين نار تأجج فإن أدركن واحدًا منكم فليأت النهر الذي يراه نارًا فليغمض ثم ليطأطئ رأسه فليشرب فإنه ماء بارد، وإن الدجال ممسوح العين اليسرى عليها ظفرة غليظة مكتوب بين عينيه كافر يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب. 217 - وعنه أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال أعور العين اليسرى جفال الشعر معه جنة ونار فناره جنة وجنته نار. 218 - وعن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال ما سأل أحد رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدجال أكبر مما سألته عنه فقال لي أي بني وما ينصبك منه إنه لن يضرك قال قلت يا رسول الله إنهم يزعمون أن معه جبال الخبز وأنهار الماء فقال هو أهون على الله عز وجل من ذاك. 219 - وعن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم كان يقول إن الدجال خارج وهو أعور عين الشمال عليها ظفرة غليظة وأنه يبرئ الأكمه والأبرص ويحيى الموتى ويقول

_ 216 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هرون أنا أبو مالك الأشجعي سعد بن طارق ثنا ربعى بن حراش عن حذيفة بن اليمان. (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم وأخرجه أبو داود عن جرير عن منصور عن ربعى بن حراش قال أجتمع حذيفة وأبو مسعود فقال حذيفة. 217 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن شقيق عن حذيفة بن اليمان. (غريبه) (1) جفال الشعر أي كثيره. (تخريجه) أخرجه مسلم وابن ماجه. 218 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن المغيرة بن شعبة. (تخريجه) رواه البخاري ومسلم بنحوه. 219 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا سعيد وعبد الوهاب أنا سعيد عن قتادة عن الحسن عن سمرة بن جنب.

للناس أنا ربكم فمن قال أنت ربي فقد فتن ومن قال ربي الله حتى يموت فقد عصم من فتنته ولا فتنة بعده عليه ولا عذاب فيلبث في الأرض ما شاء الله ثم يجيء عيسى بن مريم عليهما السلام من قبل المغرب مصدقا بمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى ملته فيقتل الدجال ثم إنما هو قيام الساعة. فصل في مدة مكث الدجال بعد ظهوره وقتله الرجل المؤمن يقال إنه الخضر ثم إحيائه وعدم تسلطه على غيره وهلاك الدجال 220 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا طويلا عن الدجال فقال فما يحدثنا قال يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فيخرج إليه رجل يومئذ وهو خير الناس أو من خيرهم فيقول أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه فيقول الدجال أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر فيقولون لا فيقتله ثم يحييه فيقول حين يحيا والله ما كانت قط أشد بصيرة فيك مني الآن قال فيريد قتله ثانية فلا يسلط عليه. 221 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم فله أربعون ليلة يسيحها في الأرض اليوم منها كالسنة واليوم منها كالشهر واليوم منها كالجمعة ثم سائر أيامه كأيامكم هذه.

_ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه الطبراني وأحمد ورجاله رجال الصحيح، ورواه البزار بإسناد ضعيف". 220 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري قال أخبرني عبيد الله بن عبد الله أن أبا سعيد الخدري قال: (تخريجه) رواه البخاري ومسلم وعبيد الله بن عبد الله هو بن عتبة بن مسعود كما جاء في رواية البخاري. وفي رواية مسلم قال "أبو إسحق- يقال إن هذا الرجل هو الخضر عليه السلام- وأبو إسحق هو إبراهيم بن سفيان راوي الكتاب عن مسلم وكذا قال معمر في جامعه في أثر هذا الحديث كما ذكره ابن سفيان". 221 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن سابق ثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله. (تخريجه) هذا طرف من حديث طويل سيأتي بتمامه. (الحديث رقم 225)

222 - وعن أسماء بنت يزيد رضي الله عنهما قالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يمكث الدجال في الأرض أربعين سنة السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة كاليوم واليوم كاضطرام السعفة في النار. 223 - وعن مجمع من جارية رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يقتل ابن مريم المسيح الدجال بباب لدٍ. فصل في ذكر أحاديث جامعة لقصة خروج الدجال ومكثه في الأرض ونزول نبي الله عيسى بن مريم عليهما السلام وقتله إياه وظهور يأجوج ومأجوج ثم هلاكهم وتمتع الناس في مدة عيسى عليه السلام ثم ذهاب أهل الخير والإيمان وبقاء شرار الناس ثم النفخ في الصور وبعث من في القبور 234 - حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا الوليد بن مسلم أبو العباس الدمشقي بمكة أملاء قال حدثني عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال حدثني يحيى بن جابر الطائي قاضي حمص قال حدثني عبد الرحمن بن جبير بن نفير الحضرمي عن أبيه أنه سمع النوَّاس بن سمعان الكلابي رضي الله عنه قال ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل فلما رحنا إليه عرف ذلك في وجهنا فسألناه فقلنا يا رسول الله ذكرت الدجال الغداة فخفضت

_ 222 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن ابن خثيم عن شهر بن حوشب عن أسماء بنت يزيد. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد مطولا وقال "رواه الطبراني وفيه شهر بن حوشب ولا يحتمل مخالفته للأحاديث الصحيحة أنه يلبث في الأرض أربعين يوما وفي هذا أربعين سنة، وبقية رجاله ثقات". 223 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن مصعب قال ثنا الأوزاعي عن الزهري عن عبد الله بن ثعلبة عبد الرحمن بن يزيد عن عمه مجمع بن جارية. (غريبه) (1) ولد موضع بالشام وقيل بفلسطين. (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال "هذا حديث حسن صحيح".

فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل قال غير الدجال أخوف مني عليكم، فإن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم أنه شاب جعد قطط عينه طافية وأنه يخرج خلة بين الشام والعراق فعاث يمينًا وشمالا، يا عباد الله اثبتوا، قلنا يا رسول الله ما لبثه في الأرض قال أربعين يومًا يوم كسنة، ويوم كشهر، ويوم كجمعة، وسائر أيامه كأيامكم، قلنا يا رسول الله فذلك اليوم الذي هو كسنة أيكفينا فيه صلاة يوم وليلة قال لا أقدروا له قدره، قلنا يا رسول الله فما إسراعه في الأرض قال كالغيث استدبرته الربح قال فيمر بالحي فيدعوهم فيستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت وتروح عليهم سارحتهم وهي أطول ما كانت ذرى وامده خواصر وأسبغه ضروعًا ويمر بالحي فيدعوهم فيردوا عليه قوله فتتبعه أموالهم فيصبحوا ممحلين ليس لهم من أموالهم شيء ويمر بالخربه فيقول لها أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النخل قال ويأمر برجل فيقتل فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل إليه يتهلل وجهه قال فبينما هو على ذلك إذ بعث الله عز وجل المسيح بن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين (1) واضعاً يده على أجنحة ملكين فيتبعه فيدركه فيقتله عند باب لد الشرفى، قال فبينما هم كذلك إذ أوحى الله عز وجل إلى عيسى بن مريم عليه السلام إني قد أخرجت عبادًا من عبادي لا يدان لك بقتالهم فحوز عبادي إلى الطور فيبعث الله عز وجل يأجوج ومأجوج وهم كما قال الله عز وجل (من كل حدب ينسلون) فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله عز وجل فيرسل عليهم (2) نغفًا في رقبهم فيصبحون فرسى (3) كموت نفس واحدة فيهبط عيسى وأصحابه فلا يجدون في الأرض بيتًا إلا قد ملأه زهمهم ونتنهم فيرغب عيسى وأصحابه إلى الله عز وجل فيرسل عليهم طيرًا كأعناق البخت فتحملهم فتطرحهم حيث شاء الله عز وجل، قال ابن جابر فحدثني عطاء بن يزيد السكسكي من كعب أو غيره قال فتطرحهم بالمهبل

_ (غريبه) (1) بين مهرودتين المقصود لابس مهرودتين أي ثوبين مصبوغين بورس ثم زعفران. (2) نغفًا- النغف بالتحريك دود تكون في أنوف الإبل والغنم واحدتها نغفة. (3) فرسي أي قتلى وأحدهم فريس كقتيل وقتلى.

قال ابن جابر فقلت يا أبا يزيد وأين المهبل قال مطلع الشمس قال ويرسل الله عز وجل مطرًا لا يكن منه بيت وبر ولا مدر أربعين يومًا فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ويقال للأرض انبتي ثمرتك وردي بركبتك قال فيومئذ يأكل النفر من الرمانة ويستظلون بقحفها ويبارك في الرسل (1) حتى أن اللقحة من الإبل لتكفي الفئام من الناس واللقحة من البقر تكفي الفخذ (2) والشاة من الغنم تكفي أهل البيت قال فبيناهم على ذلك إذ بعث الله عز وجل ريحًا طيبة تحت أباطهم فتقبض روح كل مسلم أو قال كل مؤمن ويبقى شرار الناس يتهارجون (3) تهاريج الحمير وعليهم أو قال عليهم تقوم الساعة. 225 - وعن أبي الزبير عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج الدجال في خفقة من الدين وإدبار من العلم فله أربعون ليلة يسيحها في الأرض اليوم منها كالسنة واليوم منها كالشهر واليوم منها كالجمعة ثم سائر أيامه كأيامكم هذه وله حمار يركبه عرض ما بين أذنيه أربعون ذراعًا فيقول للناس أنا ربكم وهو أعور وإن ربكم ليس بأعور مكتوب بين عينيه كافر ك ف ر مهجاة يقرؤه كل مؤمن كاتب وغير كاتب يرد كل ماء ومنهل إلا المدينة ومكة حرمهما الله عليه وقامت الملائكة بأبوابها ومعه جبال من خبز والناس في جهد إلا من تبعه، ومعه نهران أنا أعلم بهما منه نهر يقول الجنة ونهر يقول النار فمن أدخل الذي يسميه الجنة فهو النار، ومن أدخل الذي يسميه النار فهو الجنة قال ويبعث الله معه شياطين تكلم الناس ومعه فتنة عظيمة يأمر السماء فتمطر فيما يرى الناس ويقتل نفسًا ثم يحيها فيما يرى الناس لا يسلط على غيرها من الناس ويقول: أيها الناس هل يفعل مثل هذا إلا الرب عز وجل قال فيفر المسلمون إلى جبل الدخان بالشام فيأتيهم فيحاصرهم فيشتد حصارهم ويجهدهم جهدًا

_ (1) الرسل بكسر الراء اللبن. (2) أي الجماعة. (3) يتهارجون: أي يجامع الرجال النساء علانية بحضرة الناس. والهرج بإسكان الراء الجماع. 224 - (تخريجه) رواه مسلم والترمذي. وقال الترمذي "هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد الرحمن بن يزيد بن جابر" ورواه أبو داود مختصرًا وأورده الحاكم في المستدرك وقال "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه" 225 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن سابق ثنا إبراهيم بن طهمان عن أبي الزبير

شديدًا ثم ينزل عيسى ابن مريم فينادي من السحر فيقول يا أيها الناس ما يمنعكم أن تخرجوا إلى الكذاب الخبيث فيقولون هذا رجل جني فينطلقون فإذا هم بعيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم فتقام الصلاة فيقال له تقدم يا روح الله فيقول ليتقدم إمامكم فليصلي بكم فإذا صلى صلاة الصبح خرجوا إليه قال فحين يرى الكذاب ينماث (1) كما ينماث الملح في الماء فيمشى إليه فيقتله حتى أن الشجرة والحجر ينادي يا روح الله هذا يهودي فلا يترك ممن كان يتبعه أحدًا إلا قتله. 226 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن النعمان بن سالم سمعت يعقوب بن عاصم بن عروة بن مسعود سمعت رجلًا قال لعبد الله بن عمرو (يعني ابن العاص رضي الله عنهما) إنك تقول إن الساعة تقوم إلى كذا وكذا قال لقد هممت أن لا أحدثكم شيئاً إنما قلت أنكم سترون بعد قليل أمرًا عظيمًا كان تحريق البيت قال شعبة هذا أو نحوه ثم قال عبد الله بن عمرو قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج الدجال في أمي فيلبث فيهم أربعين يومًا أو أربعين سنة أو أربعين ليلة أو أربعين شهرًا فيبعث الله عز وجل عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم كأنه عروة بن مسعود الثقفي فيظهر فيهلكه ثم يلبث الناس بعده سنين سبعًا ليس بين اثنين عداوة ثم يرسل الله ريحًا باردة من قبل الشام فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدهم كان (1) في كبد لدخلت عليه قال سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبقى شرار الناس في خفة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرًا قال فيتمثل لهم الشيطان فيقول ألا تستجيبون فيأمرهم بالأوثان فيعبدونها وهم في ذلك دارة أرزاقهم حسن عيشهم ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى له وأول من يسمعه رجل يلوط (2) حوضه فيصعق ثم لا يبقى أحد إلا صعق ثم يرسل الله أو ينزل الله قطرًا كأنه الطل أو الظل (نعمان الشاك) فتنبت منه أجساد الناس ثم ينفخ فيه

_ (غريبه) (1) ينماس أي يذوب. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد بإسنادين رجال أحدهما رجال الصحيح" (غريبه) (1) كبد جبل أي وسطه. (2) يلوط حوضه أي يطينه ويصلحه أورده في مجمع بحار الأنوار.

أخرى فإذا هم قيام ينظرون، قال ثم يقال يا أيها الناس هلموا إلى ربكم وقفوهم إنهم مسئولون قال ثم يقول أخرجوا بعث النار قال فيقال كم فيقال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين فيومئذ يبعث الولدان شيبا ويومئذ يكشف عن ساق قال محمد بن جعفر حدثني بهذا الحديث شعبة مرات وعرضت عليه. 227 - وعن عائشة رضي الله عنها قالت دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أبكي فقال لي ما يبكيك قلت يا رسول الله ذكرت الدجال فبكيت فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يخرج الدجال وأنا حي كفيتموه وإن يخرج الدجال بعدي فإن ربكم عز وجل ليس بأعور إنه يخرج في يهودية أصبهان حتى يأتي المدينة فينزل ناحيتها ولها يومئذ سبعة أبواب على كل نقب منها ملكان فيخرج إليه شرار أهلها حتى الشام مدينة بفلسطين بباب لد وقال أبو داود مرة حتى يأتي فلسطين باب لد) فينزل عيسى عليه السلام فيقتله ثم يمكث عيسى عليه السلام في الأرض أربعين سنة أمامًا عدلا وحكمًا مقسطًا. فصل في نزول نبي الله عيسى بن مريم عليهما السلام وقتله الدجال وعدله بين الناس ومكثه في الأرض أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون 228 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الأنبياء أخوة لعلات أمهاتهم شتى ودينهم واحد وأنا أولى الناس بعيسى بن مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي وأنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه رجلا مربوعًا إلى الحمرة والبياض عليه ثوبان ممصران كأن رأسه يقطر وأن لم يصبه بلل فيدق (1) الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويدعو الناس إلى الإسلام فيهلك الله

_ 226 - (تخريجه) أخرجه مسلم بنحوه. 227 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سليمان بن داود قال ثنا حرب بن شداد عن يحيى بن أبي كثير قال حدثني الحضرمي بن لاحق أن زكوان أبا صالح أخبره أن عائشة أخبرته قالت: (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير الحضرمي بن لاحق وهو ثقة". 228 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني بي ثنا عفان قال ثنا همام قال أنا قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة. (غريبه) فيدق أي يسحق.

في زمانه الملل كلها إلا الإسلام ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال وتقع الأمنة على الأرض حتى ترتع الأسود مع الإبل والنمار مع البقر والذئاب مع الغنم ويلعب الصبيان بالحيات لا نضرهم فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى ويصلي عليه المسلمون، زاد في رواية ويدفنونه. (وعنه من طريق آخر) عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال الأنبياء فذكر معناه إلا أنه قال حتى يهلك في زمانه مسيح الضلالة الأعور الكذاب. 229 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا سفيان عن الزهري عن حنظلة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ينزل عيسى بن مريم فيقتل الخنزير ويمحو الصليب وتجمع له الصلاة ويعطى المال حتى لا يقبله ويضع الخراج وينزل الروحاء (1) فيحج منها أو يعتمر أو يجمعهما قال وتلا أبو هريرة وإن من أهل الكتاب إلا ليؤمنن به قبل موته ويوم القيامة يكون عليهم شهيداً فزعم حنظلة أن أبا هريرة قال يؤمن به قبل موته عيسى فلا أدري هذا كله حديث النبي صلى الله عليه وسلم أو شيء قال أبو هريرة. (وعنه من طريق آخر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفس محمد بيده ليهلن ابن مريم بفج الروحاء حاجا أو معتمرًا أو ليثنيهما.

_ (وفي رواية) (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن أبي عروبة قال ثنا قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة. (وعنه من طريق آخر) (سند) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الوهاب قال ثنا هشام عن قتادة عن عبد الرحمن بن آدم عن أبي هريرة. (تخريجه) رواه أبو داود مختصراً والحاكم في مستدركه بسند صحيح. 229 - وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن الزهري عن حنظلة الأسلمي سمع أبا هريرة قال قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم. (1) الروحاء: موضع بين الحرمين على ثلاثين أو أربعين ميلا من المدينة. (تخريجه) إسناده صحيح وأورده ابن كثير في التفسير وقال "وكذا رواه ابن أبي حاتم في التفسير عن أبيه عن أبي موسى محمد بن المثنى عن يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن الزهري به" وعنه من طريق آخر (تخريجه) أخرجه مسلم.

230 - وعنه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال إني لأرجو إن طال بي عمر أن ألقي عيسى بن مريم عليه السلام فإن عجل بي موت فمن لقيته منكم فليقرئه مني السلام. 231 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوشك المسيح بن مريم أن ينزل حكما قسطا وإمامًا عدلا فيقتل الخنزير ويكسر الصليب وتكون الدعوة واحدة فأقرؤه أو اقرئه السلام من رسول الله صلى الله عليه وسلم واحدثه فيصدقني فلما حضرته الوفاة قال اقرئه مني السلام. 232 - وعنه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كيف بكم إذا نزل فيكم عيسى بن مريم وإمامكم منكم (وفي لفظ) فأمكم أو قال إمامكم منكم. فصل ومن العلامات الكبرى ظهور يأجوج ومأجوج 233 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هشيم أنا العوام عن جبلة بن سحيم عن مؤثر بن عفازة عن ابن مسعود رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال لقيت ليلة أسرى بي إبراهيم وموسى وعيسى قال فتذاكروا أمر الساعة فردوا أمرهم إلى إبراهيم فقال لا علم لي بها فردوا الأمر إلى موسى فقال لا علم لي بها فردوا الأمر إلى عيسى فقال أما وجبتها فلا يعلمها أحد إلا الله ذلك وفيما عهد

_ 230 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد: "رواه أحمد بإسنادين مرفوع وهو هذا وموقوف ورجالهما رجال الصحيح". 231 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو حمد قال ثنا كثير بن زيد عن الوليد بن رباح عن أبي هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "قلت في صحيح بعضه- رواه أحمد وفيه كثير زيد وثقه أحمد وجماعة وضعفه النسائي وغيره، وبقية رجاله ثقات". 232 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عثمان بن عمر ثنا ابن أبي ذئب عن الزهري عن نافع مولى أبي قتادة عن أبي هريرة. وفي لفظ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن نافع مولى أبي قتادة عن أبي هريرة. (تخريجه) رواه البخاري ومسلم بنحوه.

إلى ربي عز وجل أن الدجال خارج قال ومعي قضيبان فإذا رآني ذاب كما يذوب الرصاص قال فيهلكله الله حتى إن الحجر والشجر ليقول يا مسلم إن تحتي كافرًا فتعال فاقتله قال فهلكهم الله ثم يرجع الناس إلى بلادهم وأوطانهم قال فعند ذلك يخرج يأجوج ومأجوج وهم من كل حدب ينسلون فيطئون بلادهم وهم لا يأتون على شيء إلا أهلكوه ولا يمرون على ماء إلا شربوه ثم يرجع الناس إلي فيشكونهم فأدعو الله عليهم فيهلكهم الله ويميتهم حتى تجوى (1) الأرض من نتن ريحتهم قال فينزل الله عز وجل المطر فتجرف أجسادهم حتى يقذفهم في البحر قال أبي ذهب علي ههنا شيء لم أفهمه كأديم وقال يزيد يعني ابن هرون ثم تنسف الجبال وتمد الأرض مد الأديم ثم رجع إلى حديث هشيم قال ففيما عهد إلي ربي عز وجل أن ذلك إذا كان كذلك فإن الساعة كالحامل المتم التي لا يدري أهلها متى تفجؤهم بولادها ليلًا أو نهارًا. 234 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن يأجوج ومأجوج ليحفرن

_ (غريبه) (1) تجوى أي تنتن. 233 - (تخريجه) أورده بن كثير في التفسير- ورواه ابن ماجه عن بندار عن يزيد بن هارون عن عن العوام بن حوشب وقال شارحه "وفي الزوائد. هذا إسناد صحيح رجاله ثقات. ومؤثر بن عفازة ذكره ابن حبان في الثقات، ولم أر من تكلم فيه وبقية رجال الإسناد ثقات" وأورده الحاكم في المستدرك وقال "صحيح الإسناد ولم يخرجاه" وأقره الذهبي. 234 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا روح ثنا سعيد بن أبي عروبة عن تقادة ثنا أبو رافع عن أبي هريرة. وفي رواية (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا حسن ثنا شيبان عز قتادة عن أبي رافع عن أبي هريرة (تخريجه) رواه ابن كثير في تفسيره وقال "وكذا رواه ابن ماجه عن أزهر بن مرواه عن عبد الأعلى عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة قال حدث أبو رافع وأخرجه الترمذي من حديث أبي عوانة عن قتادة ثم قال غريب لا يعرف إلا من هذا الوجه وإسناده جيد قوي ولكن متنه في رفعه نكارة لأن ظاهر الآية يقتضي أنهم لم يتمكنوا من ارتقائه ولا من نقبه لإحكام بنائه وصلابته وشدته، ولكن هذا قد روى عن كعب الإحبار أنهم قبل خروجهم يأتونه فيلحسونه حتى لا يبقى منه إلا القليل فيقولون غدًا نفتحه فيأنون من الغد وقد عاد كما كان فيلحسونه حتى لا يبقى منه إلا القليل فيقولون كذلك فيصبحون وهو كما كان فيلحسونه ويقولون غدًا نفتحه ويلهمون أن يقولون إن شاء الله فيصبحون وهو كما فارقوه فيفتحونه وهذا متجه ولعل أبا هريرة تلفاه من كعب فإنه كان كثيرًا ما كان يجالسه ويحدثه فحدث به أبو هريرة فتوهم بعض الرواة عنه أنه مرفوع فرفعه والله أعلم اهـ.

السد كل يوم حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غدًا فيعودون إليه كأشد ما كان حتى إذا بلغت مدتهم وأراد الله عز وجل أن يبعثهم إلى الناس (وفي رواية على الناس) حفروا حتى إذا كادوا يرون شعاع الشمس قال الذي عليهم ارجعوا فستحفرونه غدًا إن شاء الله ويستثنى فيعودون إليه وهو كهيئة حين تركوه فيحفرونه ويخرجون على الناس فينشفون المياه ويتحصن الناس منهم في حصونهم فيرمون بسهامهم إلى السماء فترجع وعليها كهيئة الدم فيقولون قهرنا أهل الأرض وعلونا أهل السماء فيبعث الله عليهم نغفا في أقفائهم فيقتلهم بها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم، والذي نفس محمد بيده إن دواب الأرض لتسمن شكرًا من لحومهم ودمائهم. 235 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا وهيب ثنا عبد الله بن طاوس عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وعقد وهيب تسعين. 236 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يفتح يأجوج ومأجوج، يخرجون على الناس كما قال الله عز وجل: "من كل حدب ينسلون" فيغشون لأرض وينحاز المسلمون عنهم إلى مدائنهم وحصونهم ويضمون إليهم مواشيهم ويشربون مياه الأرض حتى إن بعضهم ليمر بالنهر فيشربوا ما فيه حتى يرتكوه يبسا حتى إن من بعدهم ليمر بذلك النهر فيقول قد كان ههنا ماء مرة حتى إذا لم يبق من الناس إلا أحد في حصن أو مدينة قال قائلهم هؤلاء أهل الأرض قد فرغنا منهم بقى أهل السماء قال ثم يهز أحدهم حربته ثم يرمي بها إلى السماء فترجع مختضبة دماً للبلاء والفتنة فبينما هم على ذلك إذ بعث الله دودًا في أعناقهم كنغف الجرار الذي يخرج في أعناقهم فيصبحون موتى لا يسمع لهم حسًا فيقول المسلمون ألا رجل يشري نفسه فينظر ما فعل هذا العدو قال فيتجرد رجل منهم لذلك

_ 235 - (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم. 236 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا يعقوب ثنا أبي عن محمد بن إسحق قال حدثني عاصم بن عمر بن قتادة الأنصاري ثم الظفري عن محمود بن لبيد أحد بنى الأشهل عن أبي سعيد الخدري.

محتسبًا لنفسه قد أظنها (1) على أنه مقتول فينزل فيجدهم موتى بعضهم على بعض فينادي يا معشر المسلمين ألا أبشروا فإن الله قد كفاكم عدوكم فيخرجون من مدائنهم وحصونهم ويسرحون مواشيهم فما يكون لها رعي إلا لحومهم فتشكر عنه كأحسن ما تشكر عن شيء من النبات إصابته قط. 237 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليحجن البيت وليعتمرن بعد خروج يأجوج ومأجوج. فرع في صفة يأجوج ومأجوج 238 - عن ابن حرملة عن خالته رضي الله عنها قالت خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عاصب اصبعه من لدغة عقرب فقال أنكم تقولون لا عدو وأنكم لا تزالون تقاتلون عدوا حتى يأتي يأجوج ومأجوج عراض الوجوه صغار العيون شهب الشعاف من كل حدب ينسلون كأن وجوههم المجان المطرقة. فصل ومنها طلوع الشمس من مغربها وغلق باب التوبة 239 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تقوم الساعة

_ (1) كذا بالأصل، ولعلها وطنها كما في رواية ابن ماجه والحاكم. (تخريجه) أخرجه ابن ماجه بنحوه: وأورده الحاكم في المستدرك وقال "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه وأقره الذهبي. 237 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سويد بن عمرو الكلبي ثنا أبان ثنا قتادة عن عبد الله بن أبي عتبة عن أبي سعيد الخدري. (تخريجه) أورده ابن كثير في تفسيره وقال "تفرد بإخراجه البخاري". 238 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن بشر ثنا محمد بعني ابن عمرو ثنا خالد بن عمرو عن ابن حرملة الخ ... (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: "رواه أحمد والطبراني ورجالهما رجال الصحيح" وأورده ابن كثير في التفسير". 239 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن فضيل ثنا عمارة عن أبي زرعة عن أبي هريرة.

حتى تطلع الشمس من مغربها فإذا طلعت ورآها الناس آمن من عليها فذلك حين لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا. 240 - وعن ابن السعدي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لا تنقطع الهجرة ما دام العدو يقاتل فقال معاوية وعبد الرحمن بن عوف وعبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن الهجرة خصلتان، إحداهما أن تهجر السيئات والأخرى أن تهاجر إلى الله ورسوله ولا تنقطع الهجرة ما تقبلت التوبة ولا تزال التوبة مقبولة حتى تطلع الشمس من المغرب فإذا طلعت طبع على كل قلب ما فيه وكفى الناس العمل. 241 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه. 242 - وعن أبي ذر رضي الله عنه قال كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم على حمار وعليه برذعة أو قطيفة قال فذاك عند غروب الشمس فقال لي يا أبا ذر هل تدري أين تغيب هذه قال قلت الله ورسوله أعلم قال فإنها تغرب في عين حامئة تنطلق حتى تخر لربها عز وجل ساجدة تحت العرش فإذا حان خروجها أذن الله لها فتخرج فتطلع فإذا أراد أن يطلعها من حيث تغرب حبسها فتقول

_ (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم وأبو داود وابن ماجه. 240 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الحكم بن نافع ثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم ابن زرعة عن شريح بن عبيد يرده إلى مالك بن يخامر عن ابن السعدي. وابن السعدي صحابي واسمه عبد الله. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: "روى أبو داود والنسائي بعض حديث معاوية، رواه أحمد والطبراني في الأوسط والصغير من غير ذكر حديث ابن السعدي؛ والبزار من حديث عبد الرحمن بن عوف وابن السعدي فقط؛ ورجال أحم ثقات" وأورده ابن كثير في النهاية وقال وهذا إسناد جيد قوي ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب. 241 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هوزة ثنا عوف عن محمد عن أبي هريرة. (تخريجه) أخرجه مسلم. 242 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ثنا سفيان يعني ابن حسين عن الحكم عن إبراهيم التيمي عن أبيه عن أبي ذر.

يا رب إن مسيري بعيد فيقول لها اطلعي من حيث غبت، فذلك حين لا بنفع نفسًا إمنها. 243 - وعن عبد الله بن مرة بن العاص رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم تطلع الشمس من مغربها وتخرج الدابة على الناس ضحى فأيهما خرج قبل صاحبه فالأخرى منها قريب ولا أحسبه إلا طلوع الشمس من مغبها هي التي أولًا. 244 - وعن أبي زرعة بن عمرو بن جرير قال جلس ثلاثة نفر من السلمين إلى مروان بالمدينة فسمعوه وهو بحدث في الآيات أن أولها خروج الدجال قال فانصرف النفر إلى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما فحدثوه بالذي سمعوه من مروان في الآيات فقال عبد الله لم يقل مروان شيئًا قد حفظت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مثل ذلك حديثًا لم أنسه بعد، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة ضحى فأيهما ما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على أثرها ثم قال عبد الله وكان يقرأ الكتب وأظن أولاها خروجًا طلوع الشمس من مغربها؛ وذلك أنها كلما غربت أتت تحت العرش فسجدت واستأذنت في الرجوع فأذن لها في الرجوع حتى إذا بدا لله أن تطلع من مغربها فعلت كما كانت تفعل أنت تحت العرش فسجدت فاستأذنت في الرجوع فلم يرد عليها شيء حتى إذا ذهب من الليل ما شاء الله أن يذهب وعرفت أنه إن أذن لها في الرجوع لم تدرك المشرق قالت رب ما أبعد المشرع من لي

_ (تخريجه) أخرجه البخاري مختصرًا ومسلم والترمذي وقار هذا حديث حسن صحيح، بنحوه 243 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع ثنا سفيان عن أبي زرعة عن عبد الله بن عمرو. (تخريجه) أخرجه الطيالي وأبو داود والترمذي وابن ماجة والحاكم في المستدرك. قال الترمذي: هذا حديث حسن صيح. وقال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. واقره الذهبي. 244 - (سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا إسماعيل بن إبراهيم يعني ابن علية أنا أبو حيان عن أبي زرعة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجممع الزوائد وقال، في الصحيح طرف من أوله رواه أحمد والبزار والطبراني في الكبير ورجاله رجال الصحيح، وأورده ابن كثير في النهاية وقال (وقد رواه مسلم

بالناس حتى إذا صار الأفق كأنه طوق استأذنت في الرجوع فيقال لها من مكانك فاطلعي فطلعت على الناس من كغربها ثم تلا عبد الله هذه الآية (يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسًا إيمنها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرًا). 245 - وعن صفوان بن عسال المرادي رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن بالمغرب بابًا مفتوحًا للتوبة مسيرته سبعون سنة لا يغلق حتى تطلع الشمس من نحوه (1). (وعنه من طريق آخر) يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أن الله عز وجل جعل بالمغرب بابًا مسيرة عرضه سبعون عامًا للتوبة لا يغلق ما لم تطلع الشمس قبله وذلك قول الله عز وجل (يوم يأتي بعض آيات لا ينفع نفسًا إمانها). (وعنه من طريق ثالث) بنحوه وفيه فتحه الله عز وجل للتوبة يوم خلق السموات والأرض ولا يغلقه حتى تطلع الشمس منه.

_ في صحيحه وأبو داود وابن ماجه من حديث أبي حيان بن سعيد بن حيان عن أبي زرعة عن عبد الله ابن عمرو قال حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثًا لم أنسه بعد سمعت رسول اله صلى الله عليه وسلم يقول أن أول الآيات خروجًا طلوع الشمس من مغربها وخروج الدابة على الناس ضحى فأيتهما كانت قبل صاحبتها فالأخرى على إثرها قريبًا. 245 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن عاصم بن أبي النجود عن ذر بن جيش قال أتيت صفوان بن عسال المرادي فقال ما جاء بك قال فقلت جئت أطلب العلم قال سمعت إلخ. وعنه من طريق آخؤ (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن زيد عن عاصم بن بهدلة عن ذر بن جيش قال أتيت صفوان بن عسال المرادي إلخ. وعنه من طريق ثالث- (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أي ثنا سفيان بن عينية قال ثنا عاصم سمع ذر بن جيشه قال أنيت صفوان بن عسال المرادي إلخ. غريبه (1) المقصود أي حتى تطلع الشمس من كغربها. (تخريجه) أورده ابن كثير في النهاية بلفظ قريب وعزاه للترمذي والنسائي وابن ماجه.

فصل ومنه خروج الدابة 246 - عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال تخرج الدابة ومعها عصا موسى عليه السلام وخاتم سليمان عليه السلام فتحطم الكافر (وفي رواية وجه الكافر وفي أخرى أنق الكافر) بالخاتم وتجلو وجه الؤمن بالعصا حتى أن أهل الخوان ليجتمعون على خوانهم فيقول هذا يا مؤمن ويقول هذا يا كافر. 247 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حجين بن الثني ثنا عبد العزيز يعني ابن أبي مسلمة الماجشون عن عمر بن عبد الرحمن بن عطية بن دلاف المزني لا أعلمه إلا حدثه عن أبي أمامة (رضي الله عنه) يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال تخرج الدابة فتسم الناس على خراطيمهم ثم يغمرون فيكم حتى يشترون الرجل البعير فيقول ممن اشتريته من أحد المخطمين وقال يونس يعني ابن محمد ثم يغمرون فيكم ولم يك قال فرقعة. 248 - وعن بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال ذهب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى موضع بالبادية قريبًا من مكة فإذا أرض يابسة حولها رمل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تخرج الدابة من هذا الموضع فإذا فنر في شبر.

_ 246 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا حماد بن سلمة وعفان ثنا حماد أنا علي بن يزيد عن أوس بن خالد عن أبي هريرة. (تخريجه) أخرجه الطيالس، والترمذي، وابن ماجه واليبهقي، والطبري في التفسير، والحاكم في المستدرك. 247 - (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال، رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير عمر بن عبد الرحمن بن عطية وهو ثقة). 248 - (سنده حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن بحر ثنا أبو تميله بالمشاة يحي بن واضح الأزدى أخبرني خاد بن عبيد أبو عصام ثنا عبد الله بن يزيدة "الأسلمي" عن أبيه. (تخريجه) أخرجه ابن ماجه في الفتن. وفي الزوائد هذا إسناده ضعيف؛ لأن خالد بن عبيد قال البخاري: في حديثه نظر. وقال ابن حبان والحاكم: يحدث عن أنس بأحاديث موضوعة.

فصل ومنها مجيء ربح باردة تقبض أرواح المؤمنين 249 - عن عياش بن أبي ربيعة رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول نجيء ربح بين يدي الساعة تقبض فيها أرواح كل مؤمن. 250 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما في حديث ذكر في أوله الدجال ثم نزول نبي الله عيسى عليه السلام وقتله الدجال قال: ثم يرسل اله ربيحا باردة من قبل الشام فلا يبقى أحد في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته حتى لو أن أحدهم كان في كبد جبل لدخلت قال سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويبقى شرار الناس الحديث. 251 - وعن مرداس الأسامي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبض الصالحون الأول فالأول حتى يبقى كحثالة التمر أو الشعير لا يبالي الله بهم شيئًا. فصل ومنها هدم الكعبة واستخراج كنزها بأيدي الحبشة 252 - عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يبايع رجل ما بين الركن

_ 249 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي عبد الرزاق قال أنا معمر عن أيوب عن نافع عياش بن أبي ربيعة. (تخريجه) عزاه السيوطي إلى الطبراني في الكبير والحاكم في المستدرك وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد والبزار وقال نقبض فيها روح كل مؤمن، ورجاله رجال الصحيح إلا أن نافعًا بن عاصم بن عروة بن مسعود سمعت رجلًا قال لعبد الله بن عمرو إلخ. (تخريجه) هذا طرف من حديث تقدم تحت رقم 230 وقد أخرجه مسلم بنحوه. 251 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد ثنا إسماعيل حدثني قيس قال سمعت مرادس الأسلمي. (تخريجه) أخرجه البخاري يحيى بن حماد حدثنا أبو عوانة عن بيان عن قيس بن أبي حازم بنحوه. 252 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ابن أي ذئب عن سعيد بن سمعان قال سمعت أبا هريرة يخير أبا قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال.

والمقام ولن يستحل البيت إلا أهله فإذا استحلوه فلا يسأل من هلكه العرب ثم تأتي الحبشة فيخربونه خرابًا لا يعمر بعده أبدًا وهم الذين يستخرجون كنزه. 253 - وعنه أيضًا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في آخر الزمان أن يظهر ذو السويقتين على الكعبة قال حسبت أنه قال فيهدمها. 254 - وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرب الكعبة ذو السويقتين من الحبشة ويلبسها حليتها ويجردها من كسوتها ولكأني أنظر إليه أصيلع أفيدع (1) يضرب عليها بمسحاته ومعموله. 255 - وعن أبي أمامة بن سهل بن حنيف قال سمعت رجلًا من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول اتركوا الحبشة ما تركوكم فإنه لا يستخرج كنز الكعبة إلا ذو السويقتني من الحبشة.

_ (تخريجه (أخرجه أبو داود الطيالي في مسنده، والحاكم في المستدرك وقال::هذا حديث صحيح على شرط الشيخين وبم يخرجاه وتعقبه الذهبي، قال: ما خرجا لابن سمعان شيئًا، ولا روى عنه ابن أبي ذئب وقد تكلك فيه. وأروده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد، ورجاله ثقات". 253 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة, (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم. 254 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك وهو الحراني ثنا محمد مسهر بن سلمة عن محمد بن إسحق عن ابن أبي نجيح عن مجاهد عن عبد الله بن عمرو. ) غريبه) (1) الفدع بالتحريك زيغ بين القدم وين عظم الساق وكذلك في اليد وهو أن تزول المفاصل عن أماكنها ورجل أفذع بين الفدع وأفيدع تصفير أفدع. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزائد وقال: "رواه أحمد الطبراني في الكبير، وفيه ابن إسحاق، وهو ثقة، ولكنه مدلس". 255 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا زهير يعني بن محمد عن موسى بن جبير عن أبي أمامة بن سهل بن حنيف. (تخريجه) رجال أحمد رجال الصحيح غير موسى بن جبير، وهو ثقة، والحديث أخرجه.

256 - وعن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كأني أنظر إليه أسود أفحج (1) ينقضها حجرًا حجرًا يعني الكعبة. فصل ومنها الخسف وكثرة الصواعق بين يدي الساعة 257 - وعن عبد الرحمن بن صحار العبدي عن أبيه رضي اللع عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تقوم الساعة حتى يخسف بقبائل فيقال من بقى من بني فلان قال فعرفت حين قال قبائل أنها العرب؛ لأن العجم تنسب إلى قراها. 258 - وعن محمد بن إبراهيم التيمي قال سمعت بقيرة أمرأة القمقاع بن أبي حدود رضي الله عنها تقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر وهو يقول إذا سمعتم بجيش قد خسف به قريبًا فقد أظلت الساعة.

_ أبو داود والحاكم في المستدرك عن ابن عمرو وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. 256 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى عن عبيد الله بن الأخنس قال أخبرني ابن أبي علكة أن بن عباس أخبره عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: () (1) الفمج بفتح الفاء والحاء تقاري صدور القدمين وتباعد وتباعد عقبيهما. (تخريجه) إسناده صحيح. ورواه البخاري عن ابم المديني عن يحيى وقال الحافظ: "كذا في جميع الروايات عن ابن عباس في هذا الحديث. والذي يظهر أن في الحديث شيئًا حذف، ويحتمل أن يكون هو ما وقع في حديث علي عند أبي عبيد في غرب الحديث من طريق أبي العالية عن علي قال: استكثروا من الطواف بهذا البيت قبل أن يحال بينكم وبينه، فكأني برجل من الحبشة أصلع، أو قال: أصمع، خمس الساقين قاعد عليها وهي تهدم: ورواه الفاكهي من هذا الوجه .. وراه يحيى الحماني في مسنده من وجه آخر عن علي مرفوعًا، وأورده ابن كثير في النهاية وقال انفرد به البخاري فرواه عن عمرو بن علي القلاس عن يحية وهو ابن سعيد القطان. 257 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن الجريري عن أبي العلاء بن الشخير عن عبد الرحمن بن حجار العبدي. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد والطبراني وأبو يعلي والبزار ورجاله ثقات". 258 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان بن عينية عن ابن اسحق عن محمد بن إبراهيم التيمي.

(وعنها من طريق آخر) إني لجالسة في صفة النساء فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطب وهو يشير بيده اليسرى فقال يا أيها الناس إذا سمعتم بخسف ههنا قريبًا فقد أظلت الساعة. 259 - وعن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه مرفوعًا إن الساعة لن تقوم حتى تروم عشر آيات خسف بالمرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب والدخان والدجال والدابة وطلوع الشمس من مغربها ويأجوج ومأجوج ونار تخرج من قمر عدن ترحل الناس الحديث. 260 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تكثر الصواعق عند اقتراب الساعة حتى يأتي الرجل القوم فيقول من صعق منكم الغداة فيقولون صعق فلان وفلان. فصل ومنها خروج نار من حضرموت تحشر الناس 261 - عن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ستخرج نار من حضرموت أو من بحر حضرموت قبل يوم القيامة نحشر الناس قال قلنا يا رسول الله فماذا تأمرنا قال عليكم بالشام.

_ (وعنها من طريق آخر سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا اسحق بن إبراهيم الرازي قال ثنا حملة بن المفضل قال حدثني محمد اسحق عن محمد بن عمرو بن عطاء عن بقيرة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد والطبراني وفيه ابن إسحاق وهو مدلس، وبقية رجال أحد إسنادي أحمد رجال الصحيح". 259 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن فرات عن أبي الطفيل عن أبي سريحة قال كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في غرفة ونحن نتحدث فأشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ما نذكرون قالوا الساعة قال إن الساعة إلخ. (تخريجه) أخرجه أبو داود الطيالسي ومسلم وأبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان عن أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه. 260 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن مصعب ثنا عمارة عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد "رواه أحمد عن محمج بن مصعب وهو ضعيف". 261 - (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبي ثنا حسن بن موسى وحسين بن محمد قالا ثنا شيبان عن أبي قلابة عن سالم بن عبد الله بن عمر عن ابن عمر.

(وعنه من طريق آخر) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تخرج نار من حضرموت أو بخضرموت فتسوق الناس قلنا يا رسول الله ما تأمرنا قال عليكم بالشام. 262 - وعن حذيفة بن أسيد قال قام أبو ذر رضي الله عنه فقال يا بني غفار قولوا لا تختلفوا فإن الصادق المصدوق حدثني أن الناس حدثني أن الناس يحشرون على ثلاثة أفواج قوج راكبين طاعمين كاسين وفوج يمشون ويسعون وفوج تسحبهم الملائكة على وجوهم وتحشرهم إلى النار فقال قائل منهم هذان قد عرفناهما فما بال الذين يمشون ويسعون قال يلقي الله الآفة على الظهر حتى لا يبقى ظهر حتى إن الرجل ليكون له الحديقة المعجبة فيعطيها بالشارف (1) ذات القتب فلا يقدر عليها (2). 263 - وعن رافع بن بشر أو بسر (3) السلمي عن أبيه رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

_ وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الوليد ثنا الأوزاعي أن يحيى بن أبي كثير حدثه أن أبا قلابة حدثه عن سالم بن عبد الله بن عمر. (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال "وفي الباب عن حذيفة بن أسيد وأبي هريرة وأبي ذر. وهذا حديث غريب صحيح من حديث ابن عمر. 262 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيدًا الوليد بن جميع القرشي ثنا أبو الطفيل عامل بن وائلة عن حذيفة بن أسد. (غريبه) (1) الشارف من النوق المسنة الهرمة والقتب بكسر القاف وسكون التاء، وبفتح القاف والتاء والبرذعة الصغيرة. والمعنى أن تلة الظهر تحمل صاحب الحديقة الحسنة على بيعها بناقة مسنة عامة؛ لأن ذات القتيب هي العاملة. (2) فلا يقدر عليها: فلا يجدها أو فلا يسمح صاحبها بأخذ الحديقة في مقابلها. (تخريجه) أخرجه النسائي، وأورده الحاكم في المستدرك مختصرًا وقال هذا حديث صحيح إلى الوليد بن جميع ولم يخرجاه وجاه وقال الذهبي الوليد قد روى له مسلم متابعة واحتج به النسائي. 263 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي عثمان بن عمر قال ثنا عبد الحميد بن جعفر ثنا محمد بن علي أبو جعفر عن رافع بن بشر أو بسر السلمى. (1) كذا في الأصل. وجاء في الاستيعاب لابن عبد البر، رافع بشير السلمى روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال تخرج نار تسوق الناس إلى المحشر، روى عنه ابنه بشير بن رافع حديثًا بضطرب فيه. وجاء في الإصابة لابن حجر، رافع بن بر السلمى قلبه بعض الرواة، وإنما هو

قال يوشك أن تخرج نار من حبس سيل تسير بطيئة الإبل تسير النهار وتقيم الليل تغدو وتروح يقال غدت النار أيها الناس فاغدوا، قالت (1) النار أيها الناس فأقبلوا، راحت النار أيها الناس فروحوا من أدركته أكلته. 264 - وعن حذيفة بن أسيد الغفاري رضي الله عنه قال أشرف علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غرفة ونحن نتذاكر الساعة فقال لا تقوم الساعة حتى ترون عشر آيات طلوع الشمس من مغربها والدخان والدابة وخروج يأجوج ومأجوج وخروج عيسى بن مريم والدجال وثلاث خسوف: خسف بالمغرب، وخسف بالمشرق وخسف بجزيرة العرب ونار تخرج من قمر عدن تسوق أو تحشر الناس نبيت معهم حيث باتوا وتقيل منهم حيث قالوا. كتاب قيام الساعة والنفخ في الصور والبعث والنشور وفيه فصول: الفصل الأول: ذكر حديث لقيط بن عامر بن المنتفق المكي بأبي رزين العقلي رضي الله عنه الجامع لذلك. 265 - حدصنا عبد الله حدثني أبي حدثنا عبد الله قال كتب إلى إبراهيم بن حمزة بن محمد ابن حمزة مصعب بن الزبير كتبت إليك بهذا الحديث وقد عرضته وجمعته على ما كتبت به إليك فحدث بذلك عني قال حدثني عبد الرحمن بن المغيرة الخوامي قال حدثني عبد الرحمن بن عياش السمعي الأنصاري القبأني من بي عمرو بن عوف عن دلهم بن الأسود بن عبد الله بن حاجب بن عامر بن المنتفق العقيلي عن أبيه عن عمه لقيط بن عامر قال دلهم وحدثنيه أبو

_ بشر بن رافع وله حديث في الحشر كذا قال أبو عمر وذكر ابن شاهين أن الذي قلبه علي بن ثابت، (غربيه) (1) قالت من القيلولة لا من القول. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال أبي الطفيل عن حذيفة بن أسيد. (تخريجه) هو إحدى روايات الحديث رقم 259.

الأسود عن عاصم بن لفيط رضي الله عنه خرج وافدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه صاحب له يقال له نهيك بن عاصم بن مالك ابن المنتفق قال لقيط فخرجت أنا وصاحبي حتى قدمنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم لانسلاخ رجب فأتينا رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافيناه حين انصرف من صلاة الغداة فقام في الناس خطيبًا فقال أيها الناس ألا إني قد خلأت لكم صوتي منذ أربعة أيام ألا لأسمعنكم، ألا فهل من أمري، بعثه قومه فقالوا أعم لنا ما يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا نم لعله أن يلهيه حديث نفسه أو حديث صاحبه أو يلهيه الضلال، ألا إني مسئول هل بلغت، ألا اسمعوا تعيشوا ألا اجلسوا قال فجلس الناس وقمت أنا وصاحبي حتى إذا فرغ لنا فؤاده وبصره قلت يا رسول الله ما عندك من علم الغيب فضحك لعمر الله (1) وهز رأسه وعلم أني ابتغي لسقطه فقال ضن ربك عز وجل بمفاتيح خمس من الغيب لا يعلمها إلا الله وأشار بيده قلت وما هي؟ قال علم المنية قد علم منية أحدكم ولا تعلمونه، وعلم المنيّ حين يكون في الرحم قد علمه ولا تعلمونه، وعلم ما في غد وما أنت طاعم غدًا ولا تعلمه، وعلم اليوم الغيث يشرف عليكم آزلين (2) آدلين مشفقين فيظل يضحك قد أعلم أن نميركم (3) إلى قرب، قال لقيط لن نعدم من رب بضحك خيرًا، وعم يوم الساعة، قلت يا رسول الله علمنا مما تعلم الناس وما تعلم فأنا من قبيل لا يصدقون (4) تصديقنا أحد من مذحج التي تربوه (5) علينا وخثعم التي توالينا وعشيرتنا التي نحن منها، قال تلبثون ما لبثتم ثم يتوفى نبيكم صلى الله عليه وسلم ثم تلبثون ما لبثتم ثم تبعث

_ (غريبه) (1) لعمر الله-؛ وكذلك الهك- كما سيلي قيم ببقاء الله ودوامه. (2) آزلين جمع أزل بوزن كتف وهو الصاعق. محالخ من شدته. والأزل الشدة والضيق (آدلين)؛ هكذا بالمسند، ولم ترد في النهاية للحافظ بن كثير، ولا في مجمع الزوائد. وأدل الشيء "دلج به مثقلًا" "التاج". (3) غيركم، غيثكم وسقياكم بالمطر. وهو مصدر غار يقال غارهم الله بمطر أي سقاهم بمطر. (4) هكذا بالأصل والأولى "لا يصدق تصديقنا أحد من مزجح، ولعله جاء على لغة إثبات الضمير مع الفاعل الظاهر. وقد وردت في بعض الأحاديث. (5) تربو علينا أي ترتفع في مساكنها عن مساكننا.

الصالحة لعمر آلهك ما تدع على ظهرها من شيء إلا مات والملائكة الذين مع ربك عز وجل فأصبح ربك عز وجل يطيف في الأرض وخلت عليه البلاد فأرسل ربك عز وجل السماء نهضب (1) من عند العرس فعمر إلهك ما تدع على ظهرها من مصرع قتيل ولا مدفن ميت الأشقت القبر عنه حتى تجعله (2) من عند رأسه فيستوى جالسًا فيقول ربك مهيم (3) لما كان فيه يقول يارب أمسي اليوم (4) ولعهده بالحياة يحسبه حديثًا بأهله، فقلت يا رسول الله كيف يجمعنا بعد ما تمزقنا الرياح والبلى والسباع قال أنبئك بمثل ذلك في آلاه الله، الأرض أشرقت عليها وهي مدرة (5) بالية فقلت لا نحيا أبدًا ثم أرسل ربك عز وجل عليها السماء فلم تلبث عليك إلا أيامًا حتى أشرقت عليها وهي شربة (6) واحدة ولعمر آلهك لهو أقدر على أن يجمعهم من الماء على أن يجمعهم من الماء على أن يجمع نبات الأرض فيخرجون من الأصواء (7) ومن مصارعهم فتنتظرون إليه وينظر إليكم، قال قلت يا رسول الله وكيف نحن ملء الأرض وهو شخص واحد ننظر إليه وبتظر إلينا؟ قال أنبئك يمثل ذلك في آلاء اله عز وجل، الشمس والقمر آية منه صغيرة ترونهما ويريانكم ساعة واحدة لا تضارون في رؤيهما، ولعمر آلهك لهو أقدر على أن يراكم وترونه من أن ترونهما ويريانكم لا تضارون في رؤيتهما؛ قلت يا رسول الله فما يفعل بنا ربنا عز وجل

_ (1) تهضب تمطر من باب ضرب يضرب. (2) هكذا بالمسند، وقد جاء في النهاية في المستدرك، تخلفه، أي تحييه. وقال نحقق النهاية لابن كثير (وأصل الأخلاف الإنبات يقال أخلف النبات إذا خرج خلفه. فكأن المطر ينبتهم ثانية. وهذا موافق لما داء في بعض الأحاديث من أن اله بيتهم كتبات الطرانيث كما سبق. وفي مسند أحمد فتجعله- وهو تصحيف، أهـ. (3) مهيم: بفتح الميم وسكون الهاء وفتح الياء وسكون الميم الآخرة كلمة استفهام معناها ما حالك وما شأنك. (4) أي يخلط ما بين أمسه وبومه لما يظنه من أنه على قيد الحياة أو الحداثة عهده بأهله. (5) مدرة: قطعة الحجر أي وهي صخر أصم لا ينت ومعنى بالية أي لا تنبت. (6) قال القتيبي إن كان لسكون فإنه أراد أن الماء قد كثر. فمن حيث أردت أن تشرب شربت ويروى بالباء أي شربه وعندئذ يكون المعنى أن الأرض اخضرت بالنبات- أورده ابن الأثير ف النهاية. (7) الأصواء جمع صوى بفتح الصاد والواو وصوى جمع صوة بفتح الصاد وتشديد الواو وهي مختلف الريح أي يجمعكم من الرياح المختلفة.

إذا لقيناه قال تعرضون عليه بادية له صفحاتكم لا يخفي عليه منكم خافية فيأخذ ربك عز وجل بيده غرفة من الماء فينضح قبيلكم بها فلعمؤ إلهك ما تخطى وجه أحدكم منها قطرة، فأما المسلم فتدع وجهه مثل الربطة (1) البيضاء، وأما الكافر فتخطمه (2) مثل الحميم (3) الأسود، ألا ثم ينصرف نبيكم صلى الله عليه وسلم ويفترق على أثره الصالحون فيسلكون جسرًا من النار فيطأ أحدكم الجمر فيقول حس (4)، يقول ربك عز وجل أو أنه (5)، ألا فتطلعون على حوض الرسول على أظمأ والله ناهلة (6) عليها قط ما رأيتها فلعمر إلهك ما يبسط واحد منكم يده إلا وضع عليها قدخ يطهره من الطوف (7) والبول والأذى ونحبس الشمس والقمر ولا نرون منها واحدًا قال قلت يا رسول الله فيما نبصر قال بمثل بصرك ساعتك هذه وذلك قبل طلوع الشمس في يوم أشرقت الأرض واجهت به الجبال قال قلت يا رسول الله إما الجنة وإما النار (8)؟ قال لعمر آلهك إن للنار لسبعة أبوال، ما منهن بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عامًا، وإن للجنة لثمانية

_ (1) الربطة: كل ملاءة غير ذات لفقين كلها نسيج واحد وقطعة واحدة أو كل ثوب رقيق لين والجمع ربط ورباط. (2) أي تصيب خطمة وهو أنفه يعني تصيبه فتجعل له أثرًا مثل أثر الخطام. (3) الحميم الماء المغلي. وقد جاءت في عدد من الروايات بلفظ، "والحميم" بضم الخاء وفتح الميم وهو الفحم. (4) حس بفتح الحاء وتشديد السين. كلمة يقولها الإنسان إذا أصابه ما مضه وأحرقه غفلة كالجمرة والضربة ونحوهما. (5) في الرواية التي أوردها الحاكم في المستدرك بعد أو أنه كلمة "قال" ولم ترد في نسخة المسند أو النهاية أو مجمع الزوائد. (6) الناهلة الذاهبة للنهل للشرب. وجاءت الجملة في بعض الروايات "على اظمأ والله ناهلة قط رأيتها، والمعنى أي تطلعون على اظمأ حال. (7) الطرف بفتح الطاء وسكون الواو: الغائط. (8) هكذا بالمسند- وفي رواية النهاية "ما الجنة وما النار" وفي رواية الحاكم في المستدرك "فما الجنة وما النار"

أبواب ما منها بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عامًا قلت يا رسول الله فعلى ما نطلع من الجنة قال على أنهار من عسل مصفى وأنهار من كأس ما لها من صداع ولا ندامة، وأنها من لبن لم يتغير طعمه، وماء غير آين، وبفاكهة لعمر الهك ما تعلمون وخير من مثله معه وأزواج مطهرة قلت يا رسول الله ولنا فيها أزواج أو منهن مصلحات قال الصالحات للصالحين تلذونهن مثل لذاتكم في الدنيا ويلذذن بكم غير أن لا نوالد، قال لقيط فقلت اقضي (1) ما نحن بالغون ومنهون إليه فلم يجبه النبي صلى الله عليه وسلم، قلت يا رسول الله على (2) ما أبايعك قال فبسط النبي صلى الله عليه وسلم بده وقال على إقام الصلاة وإيتاء الزكاة وزيال (3) المشرك وأن لا تشرك بالله إلهًا غيره قلت وإن لنا ما بين المشرق والمغرب فقبض النبي صلى الله عليه وسلم يده وظن أني مشترط شيئًا لا يعطينيه قال قلت نحل منها حيث شيئًا ولا يجني امرؤ إلا على نفسه فبسط يده وقال ذلك لك تحل حيث شئت ولا يجني عليك إلا نفسك قال فانصرفنا عنه ثم قال إن هذين لعمر إلهك من أتقى الناس في الأولى والآخرة فقال لع كعب بن الخدرية أحد بني بكر بن كلاب من هم يا رسول الله قال بنو المنتفق أهل ذلك، قال فانصرفنا وأقبلت عليه فقلت يا رسول الله هل لأحد ممن مضى من خير في جاهلينهم قال قال رجل من عرض (4) قريش والله إن أبك المنتفق لفي النار قال لكأنه وقع حر بين جلدي ووجهي ولحمي مما قال لأبي على رؤوس الناس فهممت أن أقول وأبوك يا رسول الله قم إذا الأخرى أجهل فقلت يا رسول الله وأهلك قال وأهلي لعمر الله ما أتيت

_ (1) هكذا بالمسند وفي رواية النهاية أقصى بالصاد وفي رواية الحاكم قامت يا رسول الله هذا أقصى بالصاد في روياة مجمع الزوائد. (2) لم ترد علي في المسند، وجاءت في الروايات الأخرى. (3) زيال مصدر زايل أي مفارقة. وجاءت لفظه المشرك بلفظ، الشرك، في بعض الروايات. (4) عرض قريش بضم العين وسكون الراء أي من عامة قريش وليس من خاصتهم. 265 - (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه عبد الله والطبراني بنحوه وأحد طريقي عبد الله إسنادها متصل ورجالها ثقات والإسناد الآخر وإسناد الطبراني مرسل عن عاصم بن لقيط إن لقيطًا أهـ وأورده ابن كثير في النهاية وقال، وقد رواه أبو داود في رواية أبي سعيد ابن الأعرابي عن أبي داود عن الحسن بن علي عن إبراهيم بن حمزة به، قال شيخنا لعله من زيادات ابن الأعرابي، أء وقد جاءت الإشارة إلى الحديث في سنن أبي داود في باب الإيمان والنذور

عليه من قبر عامري أو قرشي من مشرك فقل أرسلني إليك محم فأبشرك بما يسوءك تجر على وجهك وبطنك في النار قال قلت يا رسول الله ما فعل بهم ذلك وقد كانوا على عمل لا يحسنون إلا إياه وكانوا يحسبون أنهم مصلحون، قال ذلك؛ لأن الله عز وجل بعث في آخر كل سبع أمم يعني نبيًا فمن عصى نبيه كان من الضالين ومن أطاع نبيه كان من المهتدين. الفصل الثاني فيما جاء في النفخ في الصور 266 - وعن أبي سعيد رضي الله عنه ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم صاحب الصور فقال عن يمينه جبريل وعن يساره ميكائيل عليهم السلام. 266 - وعن عبد الله بن عمر بن العاص رضي الله عنهما قال أعرابي يا رسول الله ما الصور قال فرن ينفخ فيه.

_ ولم يذكر الحديث بطوله وإنما قال " فذكر حديثنا فقال النبي صلى الله عليه وسلم لعمر الهك". وقال المزي وهذا الحديث ليس من رواية اللؤلؤي ولذا لم يذكره المنذري وقال في موضع آخر "وقد وقع فيع وهم في غير موضع". وأورده الحاكم في المستدرك عن طريق يعقوب بن عيسى بنحوه وقال هذا حديث جامع في الباب صحيح الإسناد كلهم مدنيون ولم يخرجاه وقال الذهبي "يعقول بن محمد بن عيسى الزهيري ضعيف". وجاء في الإصابة لابن حجر في ترجمة لقيط بن عامر بن المنتفق "ومن حديثه ما أخرجه عبد الله ابن أحمد بن حنبل في زوائد المسند وأبو حفص بن شاهين والكبراني من طريق عبد الرحمن بن عياش الأنصاري ثم السمعي عن دلهم بن الأسود بن عبد الله حاجب بن عامر بن المنتفق العقبلي عن أبيه عن عمه لقيط بن عامر أنه خرج وافدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومعه نهيك بن عاصم ابن مالك بن المنتفق قال فقدمنا المدينة انسلاخ رجب الحديث بطولة في صفة البعث يوم القيامة في نحو ورقتين، وأورده البخاري في التاريخ الكبير. 266 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن سعد الطاني عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري. (تخريده) أخرجه رزين. 267 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إسماعيل سليمان التيمي عن أسلم العجلي عن بشر بن شفاف عن عبد الله بن عمرو. (تخريجه) أورده الحاكم في المستدرك وقال "حديث صحيح الإنساد ولم يخرجاه" وأقره الذهبي

268 - وعنه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال النفاخان في السماء الثانية رأس أحدهما بالمشرق ولجلاه بالمغرب أو قال رأس أحدهما بالمغرب ورجلاء بالمشرق ينتظران متى يؤمران بنفخان في الصور فينفخان. 269 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن وحتى جهته وأصغى سمعه ينظ متى يؤمر، قال المسلمون يا رسول الله فما نقول قال قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل على الله توكلنا.

_ وأورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "ثم رواه عن يحي بن سعيد القطان عن سليمان بن طرخات التيمي به وأخرجه أبو داود، والترمذي والنسائي من طريق عن سليمان التيمي عن أسلم العجلي، وقال الترمذي حسن ولا نعرفه إلا من حديث أسلم العجلي" أهـ 268 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد عن التيمي عن أسلم عن أبي مرية عن النبي صلى الله عليه وسلم أو عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد علي الشك، فإن كان عن أبي مرية فهو مرسل ورجاله ثقات، وإن كان عبد الله بن عمرو فهو متصل مسنده ورجاله ثقات. وذكره المنذري في الترغيب والترهيب وقال: رواه أحمد بإسناد جيد، هكذا على الشك في إرساله أو اتصاله". 269 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا سفيان عن مطرف عن عطية عن أبي سعيد الخدري. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "وأخرجه الترمذي عن أبي عمرة وعن سفيان ابن عينية وقال حسن. ثم رواه من حديث خالد بن طهمان عن عطية عن أبي سعيد به وحسنه أيضًا" وأورده الطبراني في الصغير من طريق سفيان بن عيينة عن عمار الدهني عن عطية العوفي عن أبي سعيد وقال، "لم يروه عن عمار الدهني الاسفيان بن عينية ولا رواه عن سفيان إلا زهير وروج بن عبادة" وأورده الحاكم في المستدرك من طريق أبي سعيد الأشج ثنا إسماعيل أبو يحيى التيمي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد وقال "لم نكتبه من حديث الألم يروه عن عمار الدهني الاسفيان بن عينية ولا رواه عن سفيان إلا زهير وروج بن عبادة" وأورده الحاكم في المستدرك من طريق أبي سعيد الأشج ثنا إسماعيل أبو يحيى التيمي عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد وقال "لم نكتبه من حديث الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد إلا بهذا الإسناد ولولا أن أبا يحيى التيمي على الطريق لحكمت للحديث بالصحة على شرط الشيخين رضي الله عنهما ولهذا الحديث أصل من حديث زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد" وقال الذهبي أبو يحي واه.

270 - وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كيف أنعم وصاحب القرن قد التقم للقرن وحتى جبهته وأصغى السمع متى يؤثر قال فسمع ذلك أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فشق عليهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم قولوا حسبنا الله ونعم الوكيل. الفصل الثالث ف قيام الساعة بغته وأخر من يمون من البشر 271 - عن أب هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتقم الساعة وتوبهما بينهما لا يطوبانه ولا يتبايعانه، ولتقم الساعة وقد حلب لفتحه ولا يطعمه، ولتقم الساعة وقد رفع لقمته إلى فيه ولا يطعمها، ولتقم الساعة والرجل يليط حوضه لا يسقى منه. 272 - وعنه أيضًا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بتركون المدينة على خير ما كانت عليه لا يفشاها إلا العوافي، قاليريد عوافي السباع والطير، وآخر من يحشر راعيان من مزينة ينعقان لفنمهما فيجداها وحوشًا إذا بلغًا ثنية الوداع حشرًا على وجوهما أو خرّا على وجوهمها. 273 - وعنه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يقبض الله الأرض يوم القيامة ويطوي السماء بيمينه

_ 270 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن ربيعة عن خالد وأبي العالاء الخفاف عن عطية عن زيد بن أرقم. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الروائد وقال "رواه أحمد والطبراني ورجاله وثقوا على ضعف فهم" وأورده الترمذي وثال "هذا حديث حسن وقد روى من غير وجه هذا الحديث عن عطية عن ابي سعيد الخدري عن النبي صلى الله عليه وسلم ومحوه". 271 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا على بن حفص قال أنا ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح" وأورده الحافظ بن كثير في النهاية عن أبي هريرة باطول عن هذا وعزاه للبخاري. وأخرجه مسلم عن زهير ابن حرب حدثنا سفيان بن عينية عن أبي الزناد إلخ. بلفظ قريب. 272 - (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا عبد الأعلى عن معمر عن الزهري عن سعيد عن أبي هريرة. (تخريجه) أخرجه البخاري حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعيب عن الزهري إلخ .. بلفظ قريب وأخرجه مسلم من طريق ابن شهاب قال أخبرني سعيد بن المسيب إلخ. 273 - (سنده) حدثنا إبراهيم بن إسحق حدثنا ابن المبارك عن

ثم يقول أنا الملك أين ملوك الأرض. الفصل الرابع في بعث الناس من قبورهم وحشرهم إلى المواقف وشدة كربهم وفيه فروع: الفرع الأول: في البعث وأول من يبعث من البشر 274 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال يأكل التراب كل شيء من الإنسان إلا (1) عجب ذنبه قيل ومثل ما هو يا رسول الله قال مثل حبة خردل منه تنبتون. 275 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فخر، وأنا أول شافع يوم القيامة ولا فخر. 276 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث الناس يوم القيامة والسماء تطش (2) عليهم. 277 - وعن أبي رزين رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله كيف يحيى الله الموتى فقال أما

_ يونس عن الزهري قال حدثني سعيد بن المسيب عن أبي هريرة. (تخريجه) أخرجه البخاري مسلم. 274 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حين بن موسى ثنا ابن بهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم عن أبي سعيد الخدري (غريبه) (1) العجب بالسكون العظم الذي في أسفل الصلب عند العجز. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وإسناده حسن. 275 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي هشيم ثنا علي بن زيد عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري. (تخريجه) أخرجه ابن ماجه بأطول من هذا، وفي إسناده علي بن زيد بن جدعان تكموا فيه وبقية رجاله ثقات فالحديث حسن. 276 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أحمد بن عبد الملك ثنا عبد الرحمن بن أبي الصهبار ثنا نافع أبو غالب الباهلي قال حدثني أنس بن مالك (غريبه 2) الطش المطر الضعيف القليل. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وألو يعلة وفيه عبد الرحمن بن أبي حاتم ولم يذكر فيه جرحًا، وبقية رجاله ثقات. 277 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا عبد الرحمن ابن جعفر قالا ثنا شعبة عن

مررت بواد ممحل ثم مررت به خصيبًا (قال ابن جعفر ثم تمر به خضرًا) قال قلت بلى قال قلت بلى قال كذلك يحية الله الموتى. (وعنه من طريق بنحوه) وفيه فكذبك يحيى الله الموتى وذلك آينه في خلقه. 278 - عن حكيم بن معاوية البهزي عن أبيه (معاوية بن حعدة رضي الله عنه) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ههنا تحشرون ثلاثًا ركبانًا ومشاة على وجوهكم توفون يوم القيامة سبعون أمة أنتم آخر الأمم وأكرمها على الله تبارك وتعالى تأتون يوم القيامة وعلى أفواهكم الفدام (1) أول ما يعرب عن أحدكم فخذه قال ابن أبي بكير فأشار بيده إلى الشام فقال إلى ههنا تحشرون. 279 - وعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قيل يا رسول الله كيف بحشر الناس على وجهوهم قال إن الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوههم.

_ يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس عن عمه أبي رزين. وعنه من طريق بنحوه (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي قال ثنا بهز قال ثنا حماد بن سلمة قال ثنا يعلى بن عطاء عن وكيع بن حرس عن عمه أبي زرين. (تخريجه) أخجع رزين. 278 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الله بن الحارث حدثني شبل بن عباد وابن أبي بكير يعني يحيى بن أبي بكير ثنا شبل بن عباد المعني قال سمعت أبا قرعة يحدث عن عمرو بن دينار يحدث عن حكيم بن معاوية البهزي. (غريبه) (1) افدام ما يشد على فم الإبريق والكوز من خرفة لتصفية الشراب الذي فيه أي أنهم يمنعون الكلام بأفواهم حتى تتكلم جوارحهم فشبه ذلك بالفدام. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "وقد رواه الترمذي عن أحمد بن يزيد بن هارون عن بهز بن حكيم عن أبيه عز جده بنحوه وقال حسن صحيح، وأروده الحاكم في المستدرك بلفظ قريب وقال "هذا حديث صحيح الإسناد ولم بخرجاه وقد رواه أبو قزعة سويد بن حجير عن حكيم بن معاوية مثل رواية بهز علي أن يهزأ أيضًا مأمون لا يحتاج في روايته إلى متابع". 279 - (سنده) حدثنا عبد الله أنه حدثني أبي ثنا ابن نمير ثنا إسماعيل بن عمر عن نفيع قال سمعت أنس بن مالك. (تخريجه) أخرجه الشيخان عن يونس بن محمد البغدادي حدثنا شيبان عن قتادة حدثنا أنس ابن مالك بنحوه.

280 - وعن كعب بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يبعث الناس يوم القيامة فأكون أنا وأمتي على تل ويكسوني ربي تبارك وتعالى حلة خضراء ثم يؤذن لي فأقول ما شاء الله أن أقول فذاك المقام المحمود. الفرع الثاني في الحشر وصفة الناس فيه 281 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بحشر الناس يوم القيامة ثلاثة أصناف صنف مشاة وصنف ركبان وصنف على وجوهم فقالوا يا رسول الله وكيف يمشون على وجوهم؟ قال إن الذي أمشاهم على أرجلهم قادر على أن يمشيهم على وجوهم، أما إنهم يتقون بوجوههم كل حدب (1) وشوك. 282 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع وابن جعفر قالا حدثنا شعبة عن المغيرة بن النعمان عن سعيد بن جبير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال قام فينا رسول الله صلى الله عليه وسلم بموعظة فقال أنكم محشورون إلى الله تعالى حفاة عراة غرلا كما بدأنا أولخاق نعيده وعدًا علينا إن كنا فاعلين فأول الخلائق بكسى إبراهيم خليل الرحمن عز وجل فال ثم يؤخذ بقوم منكم ذات الشمال قال ابن جعفر وأنه سيحاء برجال من أمتي فيؤخذ بهم ذات السمال فأقول يا رب أصحابي قال فيقال لي إنك لا تدري ما أحدثوا بعدك لم يزالوا مرتدين على أعقابهم مذ فارقهم فأقول كما قال العبد الصالح وكنت عليهم شهيدًا مادمت فيهم الآية إلى إنك أنت العزيز الحكيم.

_ 280 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن عبد ربه قال حدثني محمد بن حرب قال حدثني الزبيدي عن الزهري عن عبد الرحمن بن عبد الله بن كعب بن مالك عن كعب بن مالك. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه الطبراني في الكبير والأوسط وأحد إسنادي الكبير رجاله رجال الصحيح. ونسى رحمه الله أن يعزوه إلى الإمام أحمد. 281 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا حسن بن مةسى وعفان قالا حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أوس عن أبي هريرة (غريبه 1) الحدب غليظ الأرض ومرتفعها- قاله في النهاية. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "وقد أورده أبو داود الطيالي في مسنده عن حماد بن سلمة بنحو من هذا الياق. 282 - (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي والنسائي.

283 - وعن عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قال أنكم تحشرون يوم القيامة حفاة عراة غولا (1) قالت عائشة يا رسول الله الرجال والنساء ينظر بعضهم إلى بعض قال يا عائشة إن الأمر أشد من أن يهمهم ذلك. (وفي رواية عنها من طريق آخر) فقالت عائشة يا رسول الله فكيف بالموارت قال لكل امرئ منهم يومئذ شأن يقينه. الفرع الثالث في هول يوم القيامة وذنو الشمس من رؤس الخلائق 284 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قيل لرسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا كان مقداره خمسين ألف سنة ما أكول هذا اليوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي تفسي بيده أنه ليخفف على المؤمن حتى يكون أخف عليه من صلاة مكتولة يصليها في الدنيا. 285 - وعن عقبة بن عامر رضي الله عنه قال معت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول تدنو الشمس من الأرض فيعرف الناس فمن الناس من يبلغ عرقه عقبيه ومنهم من يبلغ إلى نصف الساق ومنهم من يبلغ إلى ركبتيه ومنهم من يبلغ العجز ومنهم من يبلغ الخاصرة ومنهم من يبلغ

_ 383 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي يحيى عن حاتم يعني بن أبي صفيرة قال ثنا ابن أبي مليكة أن القاسم بن محمد أخبره عن عائشة. (غريبه 1) الغرل جمع الأغرل أي الذي لم يختتن. (وفي رواية سنده) حدثنا عبد الله أبي ثنا يزيد بن عبد ربه قال ثنا بقية قال ثنا الزبيدي عن الزهري عن عروة بن الزبير عن عائشة. (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي. 284 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن بن لهيعة ثنا دراج عن أبي الهيثم أبي سعيد الخدري. (تخريجه) أوردخ الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وأبو يعلى وإسناده حسن علي ضعف في رواية. 285 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسن ثنا بن لهيعة ثنا أيو عشانة حي بن يؤمن المعافري أنه سمع عقبة بن عامر.

منكبيه ومنهم من يبلغ عنقه ومنهم من يبلغ وسط فيه وأشار بيده فألجمها فاه رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشير هكذا ومنهم من يعطيه عرقه وضرب بيده إشارة. 286 - وعن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال تدنو الشمس يوم القيامة قدر خطاياهم، منهم من يبلغ إلى كعبيه، ومنهم من يبلغ إلى ساقيه، ومنهم من يبلغ إلى وسطه، ومنهم من يلجمه العرق. 287 - وعن المقداد بن الأسود رضي الله عنه صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إذا كان يوم القيامة أجنيت الشمس من العباد حتى تكون قد ميل أو ميلين قال فتصهرهم الشمس فيكونون في العرق كقدر أعمالهم، منهم من يأخذ إلى عقبيه، ومنهم من يأخذه إلى حقوبه، ومنهم من يلجمه إلجامًا. 288 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن العراق يوم القيامة ليذهب في الأرض سيعين باعًا، وإنه ليبلغ إلى أفواه الناس أو إلى آنافهم.

_ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والطبراني وإسناد الطبراني حيد. وأورده الحاكم في المستدرك بأطول من هذا وقال هذا حدبث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وقال الذهبي (صحيح). 286 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أني ثنا الحسن بن سوار ثنا ليث بن سعيد عن معاوية ابن صالح أن أبا عبد الرحمن حدثه عن أبي أمامة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والطبراني ورجال أحمد رجال الصحيح غير القاسم بن عبد الرحمن ود وثقه غير واحد. 287 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن إسحاق ثنا ابن المبارك عن عبد الرحمن ابن يزيد بن جار حدثني سليم بن عامر حدثني المقداد. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "وكذا رواه الترمذي عن سويد بن نصر عن ابن المبارك وقال حسن صحيح وأخرجه مسلم عن الحكم بن موسى عن يحيى بن حمزة عن ابن جابر به نحوه". 288 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا قتيبة حدثنا عبد العزيز بن محمد عن ثو عن أبي الغيث عن أبي هريرة.

289 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يقوم الناس لرب العالمين لعظمة الرحمن تبارك وتعالى يوم القيامة حتى أن العرق ليلجم الرجال إلى أنصاف آذانهم. الفرع الرابع في بعث أهل النار وعلامات بعضهم 290 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول الله عز وجل يوم القيامة يا آدم قم فابعث النار فيقول لبيك وسعديك والخير في يديك يارب وما بعث النار، قال من كل ألف تسعمائة وتسعة وتسعين قال فحينئذ بشسي المولود وتضع كل ذات حمل حملها وترى النا سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، قال فيقول فأيتا ذلك الواحد قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم تسعمائة وتسعة وتسعين من يأجوج ومأجوج ومنكم واحد قال فقال الناس الله أكبر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أفلا ترضون أن تكونوا ربع أهل الجنة والله إني لأرجو أن نكونوا ربع أهل الجنة، والله إني لأرجو أن تكونوا ثلث أهل الجنة، والله لأرجو أن تكونوا نصف أهل الجنة، فإن فكبر الناس قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أنتم يومئذ في الناس إلا كالعشرة البيضاء في الثور الأسود أو كالشعرة السوداء في الثور الأبيض. 291 - وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل يبعث يوم

_ (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال، وكذا رواه مسلم بن قتيبة وأخرجه البخاري عن عبد العزيز بن عيد الله عن سليمان بن بلال عن ثور بن زيد عن سالم بن الغيث عن أبي هريرة مثله. 289 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنا أبي ثنا يزيد أنا محمد بن إسحق عن نافع عن ابن عمر، (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم. 290 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهايو وثال "رواه البخاري عن عمر بن حفص بن غياث عن أبيه عن الأعمش به. رواه مسلم عن أبي بكر بن أبي شيبة عن وكيع به وأخرجاه من طرق أخرى عن الأعمش به". 291 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عمار بن محمد بن أخت سفيان الثوري عن إبراهيم

القيامة مناديًا ينادي يا بني آدم اله يأمرك أن تبعث بعثًا من ذريتك إلى النار فيقول آدم يارب ومن كم قال فيقال له من كل مائة تسعة وتسعين فقال رجل من القوم من هذا الناجي منا بعد هذا يا رسول الله قال هل تدرون ما أنتم في الناس إلا كالشامة في صد البعير. 393 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جمع الله الأولين والآخرين يوم القيامة رفع لكل غادر لواء فقيل هذه غدرة فلان بن فلان. 293 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم لكل غادر لواء يوم القيامة يعرف به عند استه. 294 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن الكافر ليجر ل لسانه يوم القيامة وراء، قدر فرسخين يتوطؤه الناس. باب في الشفاعة للمذنبين يوم القيامة وفيه فصول: الفصل الأول في حرصه صلى الله عليه وسلم على الشفاعة لامته يوم القيامة 290 - من القاسم بن محمد قال اجتمع أبو هريرة رضي الله عنه وكعب فجعل أبو هريرة

_ عن أبي الأحوص عن عبد الله (بن مسعود). (تخريجه) فيه إبراهيم: هو ابن مسلم أبو إسحاق الهجري ضعفوه من قبل حفظه. 292 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا محمد بن عبيد ثنا عبيد اله عن نافع عن أبن عمر، (تخريجه) أخرجه مسلم. 293 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو الوليد ثنا شعبة ثنا خليد بم جعفر عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري. (تخريجه) أخرجه مسلم. 294 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو النضرة ثنا أبو عقيب يعني عبد الله بن عقيل عن الفضل بن يزيد الثمالي (بضم الثاء) دثني أبو العجبان المحاربي سمعت ابن عمر. (تخريجه) أخرجه الترمذي. 295 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري قال أخبرني القاسم بن محمد.

يحدث كعبًا عن النبي صلى الله عليه وسلم وكعب يحدث أبا هريرة عن الكتب قال أبو هريرة قال النبي صلى الله عليه وسلم لكل نبي دعوة مستجابة وإني اختبأت دعوني شفاعة لا مني يوم القيامة. 296 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال قد أعطي كل نبي عطية فكل قد تعجلها وأني أخرت عطيتي شفاعة لأمتي. 297 - وعن أبي نضرة قال خطبنا ابن عباس رضي الله عنهما على منبر البصرة فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لم يكن في إلا له دعوة قد تنجزها في الدنيا وإني قد اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي. 298 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم ماذا رد إليك ربك في الشفاعة فقال والذي نفسي محمد بيده لقد ظننت أنك أول من يسألني عن ذلك من أمتي لما رأيت من حرصك على العلم والذي نفس محمد بيده ما يهمني من انقصافهم (1) على أبواب الجنة أهم عندي من نمام شفاعتي، وشفاعتي لمن شهد أن لا إله إلا الله مخلصًا بصدق قلبه لسانه، ولسانه قلبه.

_ (تخريجه) رواه البخاري ومسلم. 296 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد أنا زكريا عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري. (تخريجه) هذا طرف من حديث سيأتي بطوله في شفاعة الصالحين للعصاة. 297 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أني ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أبي نضرة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزائد ونسبه لأحمد وبعضه لأبي يعلى وقال: وفيه على ين زيد وقد وثق على ضعفه وبقية رجالها رجال الصحيح. 298 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هاشم والخزاعي يعني أبا سلمة قالا حدثنا ليث حدثني يزيد بن أبي حبيب عن سالم أبي سالم عن معاوية بن مغيث الهذلي عن أبي هريرة. (1) غريبه. انقصا فهم أي تدافعهم وتزاحمهم. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير معاوية ابن مغيث وهو ثقة.

299 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال خيرت بين الشفاعة أو يدخل نصف أمتي الجنة فاخترت الشفاعة؛ لأنها أعم وأكفى أترونها للمتقين؟ لا، ولكنها للمتلوثين الخطاءون قال زياد إما إنها لحن ولكن هكذا حدثنا الذي حدثنا (1). 300 - وعن أم حبيبة زوج النبي صلى الله عليه وسلم رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال رأيت ما تلقى أمني بعدي وسفك بعضهم دماء بعض وسبق ذلك من الله تعالى كما سبق الأمم قبلهم فسألته أن يوليني شفاعة يوم القيامة فيهم ففعل. 301 - وعن أن بريدة عن أبيه بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال دخل على معاوية فإذا رجل يتكلم فقال بريدة يا معاوية فأذني لي في الكلام فقال نعم وهو بري أنه ستكلم بمثل ما قال الآخر فقال بريدة سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني لأرجو أن أشفع يوم القيامة عدد.

_ 299 - (سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبي ثنا معمر بن سليمان الرقي أبو عبد الله ثنا زياد بن خيثمة عن علي بن النعمان بن قراد عن رجل عن عبد الله بن عمر. (1) قوله "أما إنها لحن. ولكن هكذا حدثنا من حدثنا" تصوران الصواب "الخطائين" بالجر وليس بالرفع، كصفة أو بدل من "المتلوثين" وليس الأمر كذلك فهي نعت مقطوع عن منعموته وإعرابها خبر لمبتدأ محذوف وتقدير الكلام (هم الخطاءون) وهو أبلغ. (تخريجه) إسناده ضعيف، لإبهام التابعي الراوي عن ابن عمر. والحديث في مجمع الزوائد منسوبًا إلى عبد الله بن عمرو". وهو تصحيف، وقال الخيثمي: "رواه أحمد الطبري، إلا أنه قال: أما إنها ليست للمؤمنين المتقين، ولكنها للمذنبين الخطائين المتلوثين، ورجال الطبراني رجال الصحيح غير النعمان بن قراد وهو ثقة". وأورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "ورواه بن أبي الدنيا عن الحسن بن عرفة عن عبد السلام ابن حرب عن نعمان بن قراد عن عبد الله بن عمر فذكره؛ وهكذا رأيته في كتاب الأهوال-؛ وهكذا رواه البيهقي في البعث والنشور من طريق الحسن بن عرفة". 300 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا أبو اليمان أنا شعيب بن أبي حمزة فذكر هذا الحديث بتلو أحاديث بن أبي حسين وقال أنا أنس بن مالك عن أم حبيبة. (تخريجه) رواه البيهقي في البعث وصحح إسناده. 301 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا الأسود بن عامر أنا أبو إسرائيل عن حارث بن حصيرة عن ابن بريدة عن أبيه.

ما على الأرض من شجرة ومدرة قال أقترجوها أنت يا معاوية ولا يرجوها علي بن أبي طالب رضي الله عنه. الفصل الثاني في الرد على منكري الشفاعة 302 - عن طلق بن حبيب قال كنت من أشد الناس تكذيبًا بالشفاعة حتى لقيت جابر ابن عبد الله فقرأت عليه كل آية ذكرها الله عز وجل فيها خلود أهل النار فقال ياطلق أتراك أقرأ لكتاب الله مني وأعلم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فاتضعت له فقلت لا والله بل أنت أقرأ لكتاب الله مني وأعلم بسنته مني قال فإن الذي قرأت أهلها هم المشركون ولكن (1) قوم أصابوا ذنوبًا فعذبوا بها ثم أخرجوا، صمتًا (2) وأهوى بيديه إلى أذنيه إن لم أكن سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يخرجون من النار ونحن تقرأ ما تقرأ. الفصل الثالث في اختصاصه صلى الله عليه وسلم بالشفاعة العظمى لأهل الموقف وأنه أول من يشفع 303 - عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أول شفيع في الجنة.

_ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد ورجاله وثقوا على ضعق كثير في أبي إسرائيل الملائي". 302 - (سنجه) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الصمد بن عبد الوارث القاسم يعني بن الفضل وهو الحداني ثنا سعيد بن المهلب عن طلق بن حبيب. (1) جاء في رواية أخرى "ولكن هؤلاء". (2) صمتًا- أي أصيبتا بالصمم- والضمير على أذنيه- دعاء على نفسه. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية من طريق بن أبي دنيا حدثنا علي بن الجعد حدثنا القاسم بن الفضل الحداني حدثني سعيد بن المهلب قال قال طلق ن جيب، بنحوه. وعبد الصمد عبد الوارث صدوق. والقاسم بن الفضل ثقة وسعيد بن المهلب مقبول. وطلق بن حبيب صدوق عابد- كما جاء في تقريب التهذيب. 303 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا حسين بن علي عن زائدة عن المختار بن فلفل عن أنس بن مالك. (تخريجه) أخرجه مسلم بأطول من هذا.

ما روي في ذلك عن ابن عباس رضي الله عنهما 304 - وعن أبي نضرة قال خطبنا ابن عباس رضي الله عنهما على منبر البصرة فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه لم يكن نبي إلا له دعوة قد تنجزها في الدنيا وإني قد اختبأت دعوتي شفاعة لأمتي وأنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر، وبيدي لواء الحمد ولا فخر فمن دونه تحت لوائي ولا فخر ويطول يوم القيامة على الناس فيقول بعضهم لبعض انطلقوا بنا إلى آدم أبي البشر فليشفع لنا إلى ربنا عز وجل فليقض بيننا فيأنون آدم صلى الله عليه وسلم فيقولون يا آدم أنت الذي خلقت الله بيده وأسكنك جنته وأسجد لك ملائكته اشفع لنا إلى ربنا فليقض بيننا، فيقول إني لست هنا كم، إني قد أخرجت من الجنة يخطيء وأنه لا يهمني اليوم إلا نفسي ولكن اثنوا نوحًا رأس النبيين فيأتون نوحًا فيقولون يا نوح اشفع لنا إلى ربنا فليقض بيننا فيقول إني لست هنا كم إني دعوت بدعوة أغرقت أهل الأرض وإنه لا يهمني اليوم إلا نفسي ولكن اثنوا إبراهيم خليل الله فيأتون إبراهيم عليه السلام فيقولون يا إبراهيم اشفع لنا إلى ربنا فليقض بيننا فيقول إني لست عهنا كم إني كذبت في الإسلام ثلاث كذبات، والله إن حاول بهن إلا عن دين الله، قوله إني سقيم، وقوله فعله كبيرهم هذا فأسألوهم إن كانوا ينطقون، وقوله لأمرأته حين أتى على الملك أخي، وأنه لا يهمني اليوم إلا نفسي ولكن ائتوا موسى عليه السلام الذي اصطفاه الله برسالته وبكلامه، فيأتونه فيقولون يا موسى أنت الذي اصطفاك الله برسالته وكلمك فاشفع لنا إلى ربك فيقول لست هنا كم ني قتلت نفسًا بغير نفس وأنه با يهمني إلا نفسي ولكن أئتوا عيسى روح الله وكلمتع، فيأتون عيسى فيقولون يا عيسى اشفع لنا إلى ربك فليقض بيننا فيقول إني لست هنا كم أني اتخذت إلهًا من دون الله وأنه لا يهمني اليوم إلا نفسي ولكن أرأيتم لو كان متاع في وعاء مختوم عليه أكان يقدر على ما في جوفه حتى بعض الخاتم قال فيقولون لا، قال فيقول إن محمدًا صلى الله عليه وسلم خاتم النبيين وقد حضر اليوم وقد غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأتوني فيقولون

_ 304 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عفان ثنا حماد بن سلة عن علي بن يزيد عن أبي النضرة.

يا محمد اشفع لنا إلى ربك فليقيض بيننا فأقول أنالها حتى يأذن الله عز وجل لمن يشعر برضى فإذا أراد الله تبارك وتعالى أن يصدع بين خلقه نادة مناد أين أحمد وأمته فنحن الآخرون الأولون، نحن آخر الأمم وأول من يحاسب فتفرج لنا الأمم عن طريقنا فنمضي غرَّا محجلين من أثر الطهور فتقو الأمم كادت هذه الأمة أن تكون أنبياء كلها، فتأتي باب الجنة فأخذ بحلقة الباب فارقع الباب فيقال من أنت فأقول أنا محمد فيفتح لي فآني ربي عز وجل على كرسيه أو سريره شك حماد (أحد الرواة) فأخر له ساجدًا فأحمده بمحامد لم يحمده بها أحد كان قبلي وليس يحمده بها أحد بعدي فيقال يا محمد ارفع رأسك وسل تعطع وقل تسمع واشفع تشفع فارفع رأسي فأقول أي رب أمتي أمتي أخرج من كان في قلبه مثقال كذا وكذا لم يحفظ حنا ثم أعيد فأسجد فأقةل ما قلت فيقول ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأقول أي رب أمتي أمتي فيقول أخرج من كان في قلبه مثقال كذا وكذا دون الأول، ثم أعيد فأسجد فأقول مثل ذلك فيقال لي ارفع رأسك وقل تشفع وسل تعطه واشفع تشفع فأقول أي رب أمتي أمتي فيقل أخرج من كان في قلبه مثقال كذا وكذا دون ذلك. ما روى في ذلك عن أبي هريرة رضي الله عنه 305 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال أني رسول الله صلى الله عليه وسلم بلحم فرفع إليه الذراع وكانت تعجبه فنهس منها نهسة ثم قال أنا سيد الناس يوم القيامة وهل تدرون لم ذلك؟ يجمع الله عز وجل الأولين والآخرين في صعيد واحد يسمعهم الداعي وينفذهم البصر وتدنو الشمس فيبلغ الناس من الغم والكرب مالا يطيقون ولا يحتملون فيقول بعض الناس لبعض ألا ترون

_ (تخرجه) أورده الهيثمي في مجمع الرواد ونسبه لأحمد وبعضه لأبي يعلى. وقال: "وفيه علي ابن زيد وقد وثق على ضعفه، وبقية رجالها رجال الصحيح، وأورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال، وقد روى ابن ماجه بعضه من رواية حماد بن سلمة عن سعيد بن إياس الجريري عن أبي نضرة المنذر بن مالك بن قطعة عن ابن عباس به". 305 - (سنده) حدثنا عبد اله حدثني أبي ثنا يحيى بن سعيد قال ثنا أبو حيان قال ثنا أبو زرعة ابن عمرة بن جرير عن أبي هريرة.

..

_ إلى ما أنتم فيه ألا نرون غلى ما قد بلغكم. ألا ننظون من يشفع لكم إلى ربكم عز وجل فيقول بعض الناس أبوكم آدم فيأنون آدم صلى الله عليه وسلم فيقولون يا آجم أنت أبو البشر خلقك الله بيده، ونفخ فيك من روحه، وأمر الملائكة فسجدوا لك فاشفع لنا إلى ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى ما قد بلغنا فيقول آدم عليه السلام إن ربي عز وجل قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب مثله ولن يغضب بعده مثله وأنه نهاني عن الشجرة فعصيته، نفسي نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى نوح فيأتون نوحًا فيقولن يا نوح أنت أبو الرسل إلى أهل الأرض وسماك الله عبدًا شكورًا فاشفع لنا عند ربك، ألا ترى إلى ما نحن فيه إلا ترى إلى ما قد بلغنا فيقول نوح إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله، وأنه كانت لي دعوة على قومي، نفسي نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى إبراهيم فيأنون إبراهيم فيقولون يا إبراهيم أنت نبي الله وخليله من أهل الأرض اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى ما قد بلغنا فيقول لهم إبراهيم إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يغضب بعده مثله فذكر كذباته، نفسي نفسي نفسي نفسي، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى موسى عليه السلام فيأتون موسى فيقولن يا موسى أنت رسول الله اصطفام الله برسالاته وبتكليمه على الناس اشفع إلى ربك ألا ترى إلى ما نحز فيه ألا ترى ما قد بلغنا فيقول لهم موسى إن ربي قد غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن يعضب بعده مثله وأني قتلت نفسًا لم أومر بقتلها نفسي نفسي نفسي نفسي اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى عيسى فيأتون عيسى فيقولوا يا عيسى أنت رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه قال هكذا هو وكلمت الناس في المهد فاشغ لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى إلى ما قد بلغنا فيقول لهم عيسى إن ربي غضب اليوم غضبًا لم يغضب قبله مثله ولن بغضب بعده مثله ولم يذكر له ذنبًا، اذهبوا إلى غيري اذهبوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيأتوني فيقولون يا محمد أنت رسول الله وخاتم الأنبياء غفر الله ذنبك ما تقدم منه وما تأخر اشفع لنا إلى ربك ألا ترى إلى ما نحن فيه ألا ترى إلى ما قد بلغنا فأقوم فآني نحت العرش فأقع ساجدًا لربي عز وجل ثم يفتح الله عليّ ويلهمني من محامده وحسن الثناء عليه شيئًا لم يفتحه على أحد قبلي

فيقال يا محمد ارفع رأسك عطه اشفع تشفع فأفول يارب أمتي أمتي يا رب أمتي أمتي يا رب فيقول يا محمد أدخل من أمتك من لا حساب عليه من الباب الأيمن من أبواب الجنة وهم شركاء الناس فيما سواه من الأبواب ثم قال والذي نفس محمد بيده لما بين مصراعين من مصاريع الجنة كما بين مكة ومجر او كما بين مكة وبصرى. ما رواع في ذلك عن أنس بن مالك رضي الله عنه 309 - خدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحي بن سعيد ثنا ابن أبي عروبة ثنا قتادة عن أنس ابن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال يجتمع المؤمنون يوم القيامة فيلهمون ذلك فيقولون لو استشفعا على ربنا عز وجل فأراحنا من مكاننا هذا فيأنون آدم عليه السلام فيقولون يا آدم أنت أبو البشر خلقك الله عز وجل بيده وأسجد لك ملائكته وعلمك أسماء كل شيء فشفع لنا إلى ربنا عز وجل يريحنا من مكاننا هذا فيقول لهم آدم لست هنا كم ويذكر ذنبه الذي أصاب فيستحي ربهَّ عز وجل يقول ولكن ائتوا نوحًا فإنه أول رسول بعثه الله إلى أهل الأرض، فيأتون نوحًا فيقول لست هنا كم ويذكر لهم خطيئته وسؤاله ربه عز وجل ما لبس له به علم فيستحي ربه بذلك ولكن ائتوا إبراهيم خليل الرحمن عز وجل فيأتون فيقول لست هنا كم ولكن ائتوا موسى عليه السلام عبدًا كلمة الله وعطاه التوراة فيأتون موسى فيقول لست هنا كم ويذكر لهم النفس التي قتل بغير نفس فيستحي به من ذلك ولكن ائتوا عيسى عبد الله ورسوله وكلمته وروحه فيأتو عيسى فيقول لست هنا كم ولكن ائتوا محمدًا صلى الله عليه وسلم عبدًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فيأتوني قال الحسن هذا الحرف فأقوم فأمشي بين سماطين من المؤمنين قال أنس ختى استأذن على ربي عز وجل فيؤذن لي فإذا رأيت ربي وقغت أو خررت ساجدًا إلى ربي عز وجل فيدعي ما شاء الله أن يدعني قال ثم يقال ارفع محمد قل تسمع وسل نعطه واشفع فأرفع رأسي فأحمد بتحميد يعلمنيه ثم أشفع

_ (تخريجه) أخرجه مسلم وقال الترمذي "هذا حديث حسن صحيح وأبو حيان التيمي أسمه يحيى بن سعيد بن حيان كوفي وهو ثقة وأبو زرعه بن عمرة بن عمرو بن جرير اسمه هرم".

فيحد لي حدًّا فأدخلهم الجنة ثم أعود الثانية فإذا رأيت ربي عز وجل وقعت أو خررت ساجدًا لربي فيدعني ما شاء الله أن يدء، ثم يقال ارفع محمد وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأرفع رأسب فأحمده بتحميد يعلمنيه ثم أشع فيحد لي حدًّا فأدخلهم الجنة ثم أعود إليه الثالثة فإذا رأيت ربي وقعت أو خررت ساجدًا لربي عز وجل فيدعي ما شاء الله أن يدعي ثم يقال ارفع محمد وقل تسمع وسل تعطه واشفع تشفع فأرفع رأسي فأحمده بتحميده يعلمنيه ثم أشفع فيحد لي حدًّا فأدخلهم الجنة ثم أعود الرابعة فأقول يا رب نا بقي إلا من حبسة القرآن فحدثنا أنس ابن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال فيخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرة. 307 - وعنه أيضًا قال حدثني نبي الله صلى الله عليه وسلم إني لقائم أنتظر أمتي تعبر على الصراط إذ جاءني عيسى فقال هذه الأنبياء قد جاؤتك يا محمد يشتكون أو قال يجتمعون إليك ويدعون الله عز وجل أن بفرق جمع الأمم إلى حيث يشاء الله لغم ما هم فيه والخلق ملجمون في العرق وأما المؤمن فهو عليه كالزكمة وأما الكافر فيتغشاه الموت قال قال لعيسى انتظر حتى أرجع إليك قال فذهب نبي الله صلى الله عليه وسلم حتى قام تحت العرش فلقي ما لم يلق ملك مصطفى ولا نبي مرسل فأوحى الله عز وجل إلى جبريل اذهب إلى محمد فقل له إرفع رأسك سل نعط واشفع تشفع قال فشفعت في أمتي أن أخرج من كل تسعة وتسعين إنسانًا واحدًا قال فما زلت أتردد على ربي عز وجل فلا أقوم مقامًا إلا شفعت حتى أعطاني الله عز وجل من ذلك أن قال يا محمدًا أدخل من أمتك من خلق الله عز وجل من شهد أنه لا إله إلا الله يومًا واحدًا مخلصًا ومات على ذلك.

_ 306 - (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم. 307 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يونس بن محمد حرب بن ميمون أبو الخطاب الأنصاري عن النضر بن أنس عن أنس بن مالك. (تخريجه) أورده الهيثني في مجممع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح.

ما روي في ذلك عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، وفيه أيضًا شفاعة الصديقين والأنبياء والشهداء 308 - حدثنا عبد الله قال حدثني أبي ثنا إبراهيم بن إسحق الطالقاني قال حدثني النضر بن شميل المازني قال حدثني أبو نمامة (1) قال حدثني أبو هنيدة البراء عن نوفل عن والآن المدوي عن حذيفة عن أبي الصديق رضي الله عنه قال أصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم فصلى الغداة (2) ثم جلس حتى إذا كان من الضحى ضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جلس مكانه حتى صلى الأولى والعصر والمغرب كل ذلك لا يتكلم حتى صلى العشاء الآخرة ثم ... إلى أهله فقال الناس لأبي بكر رضي الله عنه ألا تسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم ما شأنه صنع اليوم شيئًا لم يصنعه قط قال فسأله فقال نعم عرض عليّ ما هو كائن من أمر الدنيا وأمره الآخرة فجمع الأولون والآخرون بصعيد واحد (3) فظع الناس بذلك حتى انطلقوا إلى آدم عليه السلام والعرق يكاد يلجمهم فقالوا يا آدم أنت أبو البشر وأنت اصطفاك الله عز وجل اشفع لنا إلى ربك قل لقد لقيت مثل الذي لقيتم انطلقوا إلى أبيكم إلى نوح (إن الله اصطفى آدم ونوحًا وآل إبراهيم وآل عمران على العالمين) قال فينطلقون إلى نوح عليه السلام فيقولون اشفع لنا إلى ربك فأنت اصطفاك الله واستجاب لك في دعائك ولم يدع على الألاض من الكافرين ديارًا فيقول ليس ذا كم عندي انطلقوا إلى إبراهيم عليه السلام فإن الله عز وجل اتخذه خليلًا، فينطلقون إلى إبراهيم فيقول ليس ذا كم عندي ولكن انطلقوا إلى موسى عليه السلام فإن الله عز وجل كلنه تكليمًا فيقول موسى عليه السلام ليس ذا كم عندي ولكن انطلقوا إلى عيسى بن مريم قنه يبرئ الأكمة والأبرص ويحيي الموتى فيقول عيسى ليسر ذا كم عندي ولكن انطلقوا إلى سيد ولد آدم فإنه أول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة، انطلقوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم فيشفع لكم إلى ربكم عز وجل، قال فينطلق فيأتي جبريل عليه السلام

_ (1) بفتح النون واسمه عيسى بن سوادة. (2) العداه: ثلاة الصبح. (3) فظع الناي بذلك أي ضاقوا به ذراعًا يقال فظه بالأمر يفظع من باب فح إذا ضاق به.

ربه فيقول الله عز وجل ائذن له وبشره بالجنة قال فلينطلق به جبريل فيخر ساجدًا قدر جمعة ويقول الله عز وجل ارفع رأسك يا محمد وقل يسمع واشفع تشفع قل فيرفع رأسه فإذا نظر إلى ربه عز وجل خر ساجدًا قدر جمعة أخرى فيقول الله عز وجل ارفع رأسك وقل يسمع واشفع تشفع قال فيذهب ليقع ساجدًا فيأخذ جبريل عليه السلام بضبعيه (1) فيفتح الله عز وجل عليه شيئًا لم يفتحه على بشر قط فيقول أى رب خلقتنى سيد ولد آدم ولا فجر وأول من تنشق عنه الأرض يوم القيامة ولا فجر حتى أنه ليرد على الحوض أكثر مما بين صنعاء وأيلة، ثم يقال ادعوا الصديقين فيشفعون، ثم يقال ادعوا الأنبياء قال فيجئ النبى ومعه العصابة والنبى ومعه الخمسة والستة والنبى وليس معه أحد ثم يقال ادعوا الشهداء فيشفعون لمن أرادوا وقال فإذا فعلت الشهداء ذلك قال يقول الله عز وجل أنا أرحم الراحمين ادخلوا جنتى من كان لا يشرك بى شيئًا قال فيدخلون الجنة قال ثم يقول الله عز وجل انظروا فى النار هل تلقون من أحد عمل خيرًا قط قال فيجدون فى النار رجلًا فيقول له هل عملت خيرًا قط قال فيجدون فى النار رجلًا فيقول هل عملت خيرًا قط فيقول لا غير أنى كنت أسامح الناس فى البيع والشراء فيقول الله عز وجل اسمحوا لمبدى كإسماحه إلى عبيدى، ثم يخرجون من النار رجلًا فيقول له هل عملت خيرًا قط فيقول لا غير أنى أمرت ولدى إذا مت فأحرقونى بالنار ثم اطحنونى حتى إذا كنت مثل الكحل فاذهبوا لى إلى البحر فاذرونى فى الريح فو الله لا يقدر علىّ رب العالمين أبدًا فقال الله عز وجل لم فعلت ذلك قال من مخافتك، قال فيقول الله عز وجل انظر إلى ملك أعظم ملك فلك مثله وعشرة أمثاله، قال فيقول لم تسخر بى وأنت الملك قال وذاك الذى ضحكت منه من الضحى.

_ (1) بضبعيه: مثنى ضبع وهو العضد كلها (والعضد هو الزارع من المرفق إلى الكتف) والمعنى أن جبريل عليه السلام يمسك بضبعيه ليرفعه. 208 - (تخريخه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد أبو يعلى بنحوه والبزار رجالهم ثقات.

الفصل الرابع في شفاعته صلى الله عليه وسلم لفريق من أمته استحقوا العذاب قبل دخولهم النار واخراج فريق منها بفضل رحمة الله تعالى وهم اللذين يقال لهم الجهنميون 309 - عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول انى لأول الناس تنشق الأرض عن جمجمتى يوم القيامة ولا فجر وأعطى لواء الحمد ولا فجر وأنا سيد الناس يوم القيامة ولا فجر وأنا أول من يدخل الجنة يوم القيامة ولا فجر وانى آتى باب الجنة فآخذ بحلقها فيقولون من هذا فأقول أنا محمد فيفتحون لى فادخل فإذا الجبار عز وجل مستقبلى فأسجد له فيقول ارفع رأسك يا محمد وتكلم يسمع منك وقل يقبل منك واشفع تشفع فأرفع رأسى فأقول أمتى أمتى يا رب فيقول إلى أمتك فمن وجدت فى قلبه مثقال حبة من شعير من الإيمان فأدخله الجنة فأقبل فمن وجدت فى قلبه ذلك فأدخله الجنة فإذا الجبار عز وجل مستقبلى فأسجد له فيقول ارفع رأسك يا محمد وتكلم يسمع منك وقل يقبل منك واشفع تشفع فأرفع رأسى فأقول أمتى أمتى أى رب فيقول اذهب إلى أمتك فمن وجدت فى قلبه نصف حبة من شعير من الإيمان فأدخلهم الجنة فأذهب فمن وجدت فى قلبه مثقال ذلك أدخلهم الجنة فإذا الجبار عز وجل مستبلى فأسجد له فيقول ارفع رأسك يا محمد وتكلم يسمع منك وقل يقبل منك واشفع تشفع فأرفع رأسى فأقول أمتى أمتى فيقول ذهب إلى أمتك فمن وجدت فى قلبه مثقال ذلك أدخلتهم وفرغ الله من حساب الناس وأدخل من بقى من أمتى النار مع أهل النار فيقول أهل النار ما أغنى عنكم أنكم كنتم تعبدون الله عز وجل لا تشركون به شيئًا فيقول الجبار عز وجل فبعزتى لأعتقهم من النار فيرسل إليهم فيخرجون وقد امتحشوا (2) فيدخلون فى نهر الحياة فينبتون فيه كما تنبت الحبة فى غثء السيل ويكتب بين

_ (1) جاء في المسند عن عمرو بن أنس وهو تصحيف وصحته عن عمرو بن أبى عمرو عن أنس. 309 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثى أبى ثنا يونس ثنا ليث عن يزيد يعنى ابن الهاد عن عمرو بن أبى عمرو عن أنس. (2) امتحشوا بالبناء للمجهول بضم التاء وكسر الحاء: احترقوا.

أعينهم هؤلاء عتقاء الله عز وجل فيذهب بهم فيدخلون الجنة فيقول لهم أهل الجنة هؤلاء الجهنميون فيقول الجبار قل هؤلاء عتقاء الجبار عز وجل. 210 - وعن عمران بن حصين رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال يخرج من النار قوم شفاعة محمد صلى الله عليه وسلم فيسمون الجهنميين. 311 - وعن حذيفة بن اليمان رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرج الله قومًا منتنين قد محشتهم النار بشفاعة الشافعين فيدخلهم الجنة فيسمون الجهنميون قال حجاج الجهنميين. (وعنه من طريق آخر) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يخرج قوم من النار بعد ما محشتهم النار يقال لهم الجهنميون. فرع منه فى شفاعة الملائكة والنبيين والمؤمنين وفيه تتجلى رحمة الله تعالى بعباده الموحدين 312 - عن عطاء بن يسار عن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم

_ (تخريجه) عمرو بن أبى عمرو: اسمه ميسرة مولى المطلب ين عبد الله بن حنطب المخزومى أبو عثمان المدنى قال عبد الله بن أحمد عن أبيه ليس به بأس. وقال الدورى عن ابن معين فى حديثه ضعف ليس بالقوى وقال أبو زرعه ثقة وقال النسائى ليس بالقوى وللحديث شواهد في الصحيحين. 310 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن الحسن بن ذكوان قال حدثنى أبو رجاء قال حدثنى عمران بن حصن. (تخريجه) أخرجه الترمذى وابن ماجه. 311 - (سنده) حدثنا عبد الله أبو ثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا شعبة عن حماد عن ربعى عن حذيفه قال شعبة رفعه مرة إلى النبى صلى الله عليه وسلم قال: (وعنه من طريق آخر) سنده- حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن عن حماد بن أبى سليمان عن ربعى بن حراش عن حذيفة بن اليمان أن النبى صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: (رواه أحمد من طريقين ورجالهما رجال الصحيح) ورواه أبو داود الطيالسى فى مسنده مرفوعًا وموقوفًا. 312 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق أنا معمر عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار.

إذا خلص المؤمنون من النار يوم القيامة وآمنوا فما مجادلة أحدكم لصاحبه فى الحق يكون له فى الدنيا بأشد مجادله له من المؤمنين لربهم فى أخوانهم الذين أدخلوا النار قال يقولون ربنا إخواننا كانوا يصلون معنا ويصومون معنا ويحجون معنا فادخلتهم النار قال فيقول أذهبوا فأخرجوا من عرفتم فيأتونهم فيعرفونهم بصورهم لا تأكل النار صورهم فمنهم من أخذته النار إلى أنصاف ساقيه ومنهم من أخذته إلى كعبيه فيخرجونهم فيقولون ربنا أخرجنا من أمرتنا ثم يقول أخرجوا من كان فى قلبه وزن دينار من الإيمان ثم من كان فى قلبه وزن نصف دينار حتى يقول من كان فى قلبه مثقال ذرة قال أبو سعيد فمن لم يصدق بهذا فليقرأ هذه الآية {إن الله لا يظلم مثقال ذرة وإن تك حسنة يضاعفها ويؤت من لدنه أجرًا عظيمًا} قال فيقولون ربنا قد أخرجنا من أمرتنا فلم يبق فى النار أحد فيه خير قال ثم يقول الله شفعت الملائكة وشفع الأنبياء وشفع المؤمنون وبقى أرحم الراحمين قال فيقبض قبضة من النار أو قال قبضتين ناس لم يعملوا لله خيرًا قط قد احترقوا حتى صاروا حممًا قال فيؤتى بهم إلى ساء يقال له ماء الحياة فيصب عليهم فينبتون كما تنبت الحبة فى حميل السيل فيخرجون من أجسادهم مثل اللؤلؤ، فى أعناقهم الخاتم عتقاء الله قال فيقال لهم أدخلوا الجنة فما تمنيتم أو رأيتم من شئ فهو لكم عندى أفضل من هذا قال فيقولون ربنا وما أفضل من ذلك قال فيقول رضائى عليكم فلا أسخط عليكم أبدًا. 313 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليتحمدن الله يوم القيامة على أناس ما عملوا من خير قط فيخرجهم من النار بعدما احترقوا فيدخلهم الجنة برحمته بعد شفاعة من يشفع.

_ (تخريجه) أورده الترمذى مختصرًا وقال هذا حديث حسن صحيح، وللحديث روايات أخرى صحيحة عن أبى سعيد الخدرى. 313 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان بن داود ثنا عبد الرحمن بن أبى الزناد قال أخبرنى صالح بن أبى صالح مولى التوأمة قال أخبرنى أبو هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وفيه صالح مولى التوءمة وهو ضعيف.

314 - وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أن أبا سعيد الخدرى رضى الله عنه أخبره أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول سيخرج قوم من النار قد احترقوا وكانوا مثل الحمم فلا يزال أهل الجنة يرشون عليهم الماء فينبتون كما تنبت الفثاء فى حميلة (1) السيل. الفصل الخامس فى طلب بعض أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم شفاعته لهم وشفاعته صلى الله عليه وسلم لكل من مات لا يشرك بالله شيئًا 315 - عن أبى بردة عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه، قال غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فى بعض أسفاره قال فعرس بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فانتهيت بعض الليل إلى مناخ رسول الله صلى الله عليه وسلم أطلبه فلم أجده قال فخرجت بارزًا أطلبه وإذا رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يطلب ما أطلب قال فبينا نحن كذلك إذا اتجه إلينا رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فقلنا يا رسول الله أنت بارض حرب ولا نأمن عليك فلولا إذ بدت لك الحاجة قلت لبعض أصحابك فقام معك قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنى سمعت هزيزًا كهزيز الرحى أو حنينًا كحنين النحل وأتانى آت من ربى عز وجل قال فخيرنى أن يدخل شطر أمى الجنة وبين شفاعتى لهم فاخترت شفاعتى لهم وعلمت أنها أوسع لهم فقالا يا رسول الله تعالى أن يجعلنا من أهل شفاعتك قال فدعا لهما ثم إنهما بها أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأخبراهم بقول رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعلوا يأتونه ويقولون يا رسول الله ادع الله تعالى أن يجعلنا من أهل شفاعتك فيدعو لهم قال فلما أضب عليه القول وكثروا

_ 214 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن اسحق انا ابن لهيعة عن أبى الزبير عن جابر بن عبد الله. (1) حميلة واحدة الحميل بمعنى المحمول وهو الغثاء الذى يحتمله السيل. (تخريجه) أخرجه الترمذى عن أبى سفيان عن جابر بنحوه وقال (هذا حديث حسن صحيح) قد روى من غير وجه عن جابر، وله شاهد عن أبى سعيد الخدرى فى صحيح مسلم. 315 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى يعنى الأشيب قال ثنا سكين بن عبد العزيز قال أخبرنا يزيد الأعرج قال عبد الله يعنى أظنه الشئ قال ثنا حمزة بن على بن مخفر عن؟؟؟؟؟ يرد. (1) ثلث هكذا فى الأصل، ولعلها (ثلثا).

قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنها لمن مات وهو يشهد أن لا إله إلاَّ الله (وعنه من طريق آخر) عن أبى موسى أيضًا أن النبى صلى الله عليه وسلم وسلم كان يحرسه أصحابه فقمت ذات ليلة فلم أره فى منامه فأخذنى ما قدم وما حدث فذهبت أنظر فإذا أنا بمعاذ قد لقى الذى لقيت فذكر نحوه وفيه فقال أنتم ومن مات لا يشرك بالله شيئًا فى شفاعتى. 316 - وعن عبادة بن الصامت رضى الله عنه قال فقد النبى صلى الله عليه وسلم ليلة أصحابه وكانوا إذا نزلوا أنزلوه أوسطهم ففزعوا وظنوا أن الله تبارك وتعالى اختار له أصحاب غيرهم فإذا هم بخيال النبى صلى الله عليه وسلم فكبروا حين رأوه وقالوا يا رسول الله أشفقنا أن يكون الله تبارك وتعالى أختار لك أصحابًا غيرنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بل أنتم أصحابى فى الدنيا والآخرة، إن الله تعالى أيقظنى فقال يا محمد إنى لم أبعث نبيًا ولا رسولًا إلا وقد سألنى مسألة أعطيتها إياه فاسأل يا محمد تعط فقلت مسألتى شفاعة لأمتى يوم القيامة فقال أبو بكر (رضى الله عنه) وما الشفاعة قال أقول يا رب شفاعتى التى اختبأت عندك فيقول الرب تبارك وتعالى نعم فيخرج ربى تبارك وتعالى بقية أمتى فينبذهم فى الجنة. 317 - وعن زياد بن أبى زياد مولى بنى مخزوم عن خادم للنبى (1) صلى الله عليه وسلم رجل أو امرأة قال كان النبى صلى الله عليه وسلم مما يقول للخادم ألك حاجة قال حتى كان ذات يوم فقال يا رسول الله حاجتي

_ وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد ابن سلمة أنا عاصم عن أبى بردة عن أبى موسى. (تخريجه) أخرجه الحاكم فى المستدرك بنحوه. 316 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الحكم بن نافع ثنا اسماعيل بن عياش عن راشدين داود الصنعانى عن عبد الرحمن بن حسان عن روح بن زنباع عن عبادة بن الصامت. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال (رواه أحمد والطبرانى ورجال أحمد ثقات على ضعف فى بعضهم) وروته الحافظ ابن كثير فى النهاية وقال (تفرد به أحمد). 317 (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا خالد يعنى الواسطى قال ثنا عمرو بن يحيى الانصارى عن زياد بن أبى زياد. (1) خادم النبى صلى الله عليه وسلم هو ربيعة بن كعب أبو فراس الأسلمى وقد ورد مصرحًا باسمه فى صحيح مسلم غيره.

قال وما حاجتك قال حاجتى أن تشفع لى يوم القيامة قال ومن دلَّك على ذلك قال ربى قال أما لا فأعنى بكثرة السجود. 318 - وعن النضر بن أنس بن مالك عن أبيه رضى الله عنه قال سألت نبى الله أن يشفع لى يوم القيامة قال قال أنا فاعل بهم قال فأين أطلبك يوم القيامة يا نبى الله قال أطلبنى أول ما تطلبنى على الصراط قال قلت فإذا لم ألقك على الصراط قال فأنا عند الميزان قال قلت فان لم ألقك عند الميزان قال فأنا عند الحوض لا أخطئ هذه الثلاث مواطن يوم القيامة. 319 - وعن ابن دارة مولى عثمان قال إنا لبالبقيع مع أبى هريرة لاضى الله عنه إذ سمعناه يقول أنا أعلم الناس بشفاعة محمد صلى الله عليه وسلم يوم القيامة قل فتداك الناس عليه فقالوا ايه يرحمك الله

_ (تخريجه) أخرجه مسلم وأبو داود والترمذى والنسائى وابن ماجه بنحوه وقال المنذرى فى مختصر سنن أبى داود: وليس لربيعة بن كعب فى كتبهم سوى هذا الحديث ورواه الطبرانى فى الكبير مطولًا. 318 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس بن محمد ثنا حرب بن ميمون عن النضر بن أنس. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية وقال (ورواه الترمذى من حديث بدل بن المجير وابن ماجة فى تفسيره من حديث عبد الصمد كلاهما عن حرب بن ميمون بن ابى الخطاب الانصارى البصرى من رجال مسلم وقد وثقه على بن المدينى وعمرو بن على القلاس وفرقا بينه وبين حرب بن ابى عبد الرحمن العبدى أيضًا؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟، وضعفا هذا، وأما البخارى فجعلهما واحدًا وحكى عن سليمان بن حرب أنه قال كان هذا أكذب الخلق وانكر الدار قطنى على البخارى ومسلم في جعلهما هذين واحدًا وقال شيخنا الحافظ المزى جمعهما غير واحد، وفرق بينهما غير واحد، وهو الصحيح إن شاء الله تعالى قلت: وقد حررت هذا فى التكميل بما فيه الكفاية. وقال الترمذى هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه. والمقصود أن ظاهر هذا الحديث يقتضى أن الحوض بعد الصراط، وكذلك الميزان وهذا لا أعلم به قائلًا اللهم إلا أن يكون المراد بهذا الحوض حوضًا آخر يكون بعد الجواز على الصراط كما جاء فى بعض الأحاديث، ويكون ذلك حوضًا ثابتًا لا يذاد عنه أحد والله سبحانه وتعالى أعلم بالصةاب) أهـ 319 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج قال انا ابن جريج قال حدثنى العلاء ابن عبد الرحمن بن يعقوب عن ابن دارة.

قال يقول المهم أغفر لكل عبد مسلم لقيك مؤمن بى لا يشرك بك. الفصل السادس فى شفاعة بعض صالحى الأمة المحمدية لصالحيها 320 - عن عبد الله بن شقيق عن عبد الله بن أبى الجدعاء رضى الله عنه أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول ليدخلن الجنة بشفاعة رجل من أمتى أكثر من بنى تميم فقالوا يا رسول الله سواك قال سواى فلت أنت سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال أنا سمعته. 321 - وعن أبى أمامة رضى الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ليدخلن الجنة بشفاعة رجل ليس بنبى مثل الحيَّين أو مثل أحد الحيَّين ربيعة ومضر فقال رجل يا رسول الله أوما ربيعة من مضر فقال إنما أقول ما أقول. 322 - ومن أبى برزة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم إن من أمتى لمن يشفع لأكثر من ربيعة مضر، وإن من امتى لمن يعظم للنار حتى يكون ركنًا من أركانها. 323 - وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال قد أعطى كل نبى عطية فكل قد تعجلها وإنى أخرت عطيتى شفاعة لأمتى، وإن الرجل من أمتى ليشفع للفئام من

_ (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية وقال (تفرد به احمد من هذا الوجه). 320 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا وهيب قال ثنا خالد عن عبد الله بن شقيق. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية، وقال (رواه البيهقى والترمذى وابن ماجة وغيرهم من طرق متعددة عن خالد الحذاء به). 321 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن أبى أمامة. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية. 322 - (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا حسن بن موسى ثنا حماد بن سلمة عن داود بن أبى هند عن عبد الله بن قيس قال سمعت الحرث بن أقيش يحدث أن أبا برزة قال. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات. 323 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد انا زكريا عن عطية العوفي عن أبي سعيد الخدري.

الناس فيدخلون الجنة وإن الرجل ليشفع للقبيلة، وإن الرجل ليشفع للعصبة وإن الرجل ليشفع للثلاثة وللرجلين وللرجل. (ومنه من طريق آخر مثله) وزاد وإن الرجل ليشفع للرجل وأهل بيته فيدخلون الجنة بشفاعته. أبواب ما جاء في الحوض والكوثر لا حرمنا الله من ذلك باب فيما جاء في الكوثر وصفته 324 - عن ابن عمرة رضى الله عنهما قال قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم الكوثر نهر في السنة حافتاه من ذهب والماء يحرى على اللؤلؤ وماؤه أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل. 325 - وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم دخلت الجنة فإذا أنا بنهر حافتاه خايم اللؤلؤ فضربت بيدى إلى ما يجرى فيه الماء فإذا مسك أذفر قلت ما هذا يا جبريل قال هذا الكوثر الذى أعطاكه الله. 326 - وعنه أيضًا عن النبيى صلى الله عليه وسلم قال الكوثر نهر في الجنة وعدينه ربي عز وجل.

_ وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عثمان بن عمر انا مالك بن مغرل عن عطية العوفى عن أبى سعيد الخدرى. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية من طريق مالك بن مغول عن عطية عن أبى سعيد بنحوه وعزاه للترمذى والبيهقى. 324 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن حفص أنا ورقاء قال وقال عطاء عن يا رب بن دنار عن ابن عمر. (تخريجه) رواه الترمذى بسند حسن صحيح، وابن ماجه. 325 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبن أبى عدى عن حميد عنه أنس بن مالك. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال ولهذا الحديث طرق كثيرة عن أنس وغيره من الصحابة بألفاظ متعددة وله شواهد في البخارى والترمذى والنسائى. 326 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن فضيل ثنا المختار بن فلفل عن أنس بن مالك (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية.

327 - وعنه أيضًا أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن الكوثر فقال نهر أعطانيه ربى أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل وفيه طير كأعناق الجزر فقال عمر (رضى الله عنه) يا رسول الله إن تلك لطير ناعمة فقال أكلتها (1) أنعم منها يا عمر. الفصل الثانى في بيان أن مادة الحوض من نهر الكوثر 328 عن ابن مسعود رضى الله عنه قال جاء أبنا مليكة إلى النبى صلى الله عليه وسلم فقالا إن أمنا كانت تكرم الزوج وتعطف على الولد قال وذكرا الضيف غير أنها كانت وأدت في الجاهلية قال أمكما في النار فأدبرا والشريرى في وجوههما فأمر بهما فردًا فرجعا والسرور يرى في وجوههما رجيا أن يكون قد حدث شئ فقال أمى مع أمكما فقال رجل من المنافقين وما يغنى هذا عن أمه شيئًا ونحن نطأ عقبيه فقال رجل من الأنصار ولم أر رجلًا قط أكثر سؤالًا منه يا رسول الله هل وعدك ربك فيها أو فيهما قال فظن أنه من شئ قد سمعه، فقال ما سألته ربى وما أطمعنى فيه، وإنى لأقوم المقام المحمود يوم القيامة، فقال الأنصارى وما ذاك المقام لمحمود، قال ذاك إذا جئ بكم عراة حفاة غرلًا فيكون أول من يكسى إبراهيم عليه السلام يقول أكسوا خليلى فيؤتى بريطتين بيضاوين فيلبسهما ثم يقعد فيستقبل العرش ثم أوتى بكسوتى فألبسها فأقوم عن يمينه مقامًا لا يقومه أحد غيرى يغبطنى به الأولون والآخرون، قال ويفتح نهر من الكوثر إلى الحوض، فقال المنافقون فإنه ما جرى ماء قط إلاّ على حال أو رضراض قال يا رسول الله على حال أو رضراض قال حاله المسك ورضراضه التوم (1)، قال المنافق لم أسمع

_ 327 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سلمة الخزاعى انا ليت عن زيد يعنى بن الهاد عن عبد الرحمن بن أبى بكر عن عبد الله بن مسلم عن ابن شهاب عن أنس بن مالك. (1) أكلها جمع آكل أي أهل الجنه. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال (وكذلك رواه الدراوردى عن ابن أخى ابن شهاب عن أبيه عن انس به). 328 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عارم بن الفضل ثنا أبو سعيد ثنا بن زيد ثنا على بن الحكم البنانى عن عثمان عن إبراهيم عن علقمة والأسود عن ابن مسعود. (غريبه) النوم أي الدر.

كاليوم قلما جرى ماء قط على حال أو رضراض إلا كان له نبتة فقال الأنصارى يا رسول الله هل له نبت قال نعم قضبان الذهب، قال المنافق لم أسمع كاليوم فإنه كلما نبت قضيب إلا أورق ولإلاّ كان له ثمر قال الأنصارى يا رسول الله هل من ثمر قال نعم ألوان الجوهر وماؤه أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل إن من شرب منه مشربًا لم يظمأ بعده وإن حرمه لم يرو بعده. الفصل الثالث في صفة الحوض وما جاء فيه 329 - من أبى برزة الأسلمى رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن لى حوضًا ما بين أيلة إلى صنعاء عرضه كطوله فيه ميزان ينثعبان من الجنة من ورق والآخر من ذهب أحلى من العسل وأبرد من الثلج وأبيض من اللبن من شرب منه لم يظمأ حتى يدخل الجنة فيه أباريق عدد نجوم السماء. 330 - وعن ابن عمر رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أمامكم حوضًا ما بين ناحيتيه كما بين جرباء وأذرح. 331 - (خط) وعن أبى أمامة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله عز وجل وعدنى أن يدخل من أمتى الجنة سبعين ألفا بغير حساب فقال يزيد بن الأخنس السلمي (رضي الله

_ (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والبزار والطبرانى، وفى أسانيدهم كلهم عثمان بن عمير، وهو ضعيف). 329 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو سعيد ثنا شداد أبو طلحة ثنا جابر بن عمرو أبو الوازع عن أبى برزة. (غريبه) (1) ينثعبان أى يجريا ويسيلان. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية من طريق أبى بكر بن أبى عاصم حدثنا عبدة بن عبد الرحيم حدثنا النضر شميل حدثنا شداد بن سعيد سمعته أبا الوازع وهو جابر بن عمرو. 330 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يونس ثنا حماد يعنى أبن زيد عن أيوب عن نافع عن ابن عمر. (تخريجه) رواه البخارى ومسلم وأبو داود. 331 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عصام بن خالد حدثنى صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر الخبائزى وأبى اليمان الهوزنى عن أبي أمامة.

عنه) والله ما أولئك فى أمتك إلا كالذباب الأصهب فى الذبان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم كان ربى عز وجل قد وعدنى سبعين ألفًا مع كل ألف سبعون ألفًا وزادنى ثلاث حثيات (وفلا رواية من حثيات الرب) قال فما سعة حوضك يا بنى يشير بيده قال فيه مثعبان من ذهب وفضة قال فنا حوضك يا بنى الله قال أشد بياضًا من اللبن وأحلى مذاقه من العسل وأطيب رائحة من المسك من شرب منه لم يظمأ بعدها ولم يسود وجهه أبدًا قال عبد الله وجدت هذا الحديث فى كتاب أبى بخط يده وقد ضرب عليه فظننت أنه قد ضرب عليه لأنه خطأ إنما هو عن زيد عن أبى سلام عن أبى أمامة. الفصل الرابع فة تكذيب عبيد الله بن زياد بالحوض ثم رجوعه عن ذلك وتصديقه 332 - عن يزيد بن حيان عن زيد بن أقم رضى الله عنه قال بعث إلىّ عبيد الله بن زياد فأتيته فقال ما أحاديث تحدثها أو ترويها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا نجدها فى كتاب الله تحدث أن له حوضًا فى الجنة، قال قد حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعدناه قال كذبت ولكنك شيخ قد خرفت قال إنى قد سمعته أذناى ووعاه قلبى من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول من كذب علىّ متعمدًا فليتبوأ مقعده من جهنم وما كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم. 333 - وعن عبد الله بن يريدة الأسامى قال شك عبيد الله بن زياد فى الحوض فأرسل

_ (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: قلت عند الترمذى وابن ماجه بعضه- رواه أحمد والطبرانى ورجال أحمد وبعض أسانيد الطبرانى رجال الصحيح إلا أنه قال فى الطبرانى فما شرابه قال شرابه أبيض من اللبن وأحلى مذاقه من العسل. 332 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل بن إبراهيم عن أبى حيان التيمى حدثنى يزيد بن حيان. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد الطبرانى فى الكبير والبزار ورجاله رجال الصحيح. 333 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق أنبأنا معمر عن مطر عن عبد الله بن بريدة الأسلمي.

إلى أبي برزة الأسلمي رضى الله عنه فأتاه فقال له جلساء عبيد الله إنما أرسل إليك الأمير المسالك عن الحوض هل سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه شيئًا قال نعم سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكره فمن به فلا سقاه الله منه. 334 - وعن أبى طالدة العنزى قال سمعت أن برزة الأسامى رضى الله عنه وخرج من عند عبيد الله بن زياد وهو مغضب فقال ما كنت أظن أنى أعيش حتى أخلف فى قوم يعيرونى بصحبة محمد صلى الله عليه وسلم، قال إن محمَّد يكم هذا كداحداح، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى الحوض فمن كذَّب فلا سقاه الله تبارك وتعالى منه. 335 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرازق أنا معمر عن مطر عن عبد الله بن بريدة قال شك عبيد الله بن زياد فى الحوض فقال له أبو سبرة رجل من صحابة عبيد الله بن زياد فإن أباك حين انطاق وافدًا إلى معمارية انطلقت معه فلقيت عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنه فحدثنى من فيه إلى فىّ حديثًا سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فأملاه علىّ وكتبته، قال فانى أقسمت عليك لما أعرفت هذا البرذون حتى تأتينى بالكتاب قال فركبت البرذون فركضته حتى عرق فأتيته بالكتاب فإذا فيه حدثنى عبد الله بن عمرو بن العاص أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله يبغض الفحش والتفحش، والذى نفس محمد بيده لا تقوم الساعة حتى يخوّن الأمين ويؤتمن الخائن حتى يظهر الفحش والتفحش وقطعية الأرحام وسوء الجوار، والذي

_ (تخريجه) لم أجده بهذه السياقه لغير الإمام احمد. وقد أورده الهيثمى مجمع الزوائد بنحوه من طريق عبد الله بن بريدة ولكن عن زيد بن أرقم وليس عن أبى برزة وقال (رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح). 334 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هرون أنا محمد بن مهزم العنزى عن أبى طالدة العنزى. (تخريجه) جاء فى الأصل أنا محمد بن مهزم العنزى عن أبى طالدة العنزى ولم أجد أبى طالدة العنزى فى كتب الرجال. ولعله تصحيف صحته أبو طالوت وهو عبد السلام بن أبى حازم وأسمه شداد العبدى القيسى؛ جاء فى تهذيب التهذيب أنه روى عن أبى برزة وروى عنه محمد بن مهزم وأورد الحديث الحافظ بن كثير فى النهاية بلفظ قريب وقال وقد رواه البيهقى من طريق أخرى عن محمد بن بجير الذهلى عن عبد الرحمن بن مهدى قره بن خالد عن أبى حمزه طلحه بن يزيد مولى الانصار- عن أبى برزة فى دخوله على عبيد الله بن زياد بنحو ما تقدم) اهـ ورواه أبو داود فى كتاب السنة بنحوه.

نفس محمد بيده إن مثل المؤمن لك مثل القطعة من الذهب نفخ عليها صاحبها فلم تغير ولم تنقص، والذى نفس محمد بيده إن مثل المؤمن لك مثل النحلة أكلت طيبًا ووقعت فلم تكسر ولم تفسد، قال ألا إن لى حوضًا ما بين ناحيتيه كما بين أيلة إلى مكة أو قال صنعاء إلى المدينة وإن فيه من الأباريق مل الكواكب هو أشد بياضًا من اللبن وأحلى من العسل من شرب منه لم يظمأ بعدها أبدًا قال أبو سبرة فأخذ عبيد الله بن زياد الكتاب فجزعت عليه فلقينى يحيى بن يعمر فشكوت ذلك إليه فقال والله لأنا أحفظ له متى لسورة من القرآن فحدثنى به كما كان فى الكتاب سواء. (وعنه من طريق آخر) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى ثنا حسين المعلم ثنا عبد الله بن بريدة عن أبى سبرة قال كان عبيد بن زياد يسأل عن الحوض حوض محمد صلى الله عليه وسلم وكان يكذب به بعد ما سأل أبا برزة والبراء بن عازب وعائذ بن عمرو ورجلًا آخر وكان يكذب به فقال أبو سبرة أنا أحدثك بحديث فيه شفاء هذا، إن أباك بعث معى بمال إلى معاوية فلقيت عبد الله بن عمرو فحدثنى بما سمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأملى على فكتبت بيدى فلم أزد حرفًا ولم أنقص حرفًا حدثنى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الله لا يحب الفحش فادكر نحوه وفيه ألا إن موعدكم حوضى عرضه وطوله واحد وهو كما بين أيلة ومكة وهو مسيرة شهر فيه مثل النجوم باريق، شرابه أشد بياضًا من الفضة من شرب منه مشربًا لم يظمأ بعده أبدًا فقال عبيد الله ما سمعت فى الحوض حديثًا أثبت من فصدق به وأخذ الصحيفة فحبسها عنده.

_ 335 - (تخريجه) رواه الحاكم فى المستدرك زقال: هذا حديث صحيح، فقد اتفق الشيخان على الاحتجاج بجميع رواته غير أبى سبرة الهزلى، وهو تابعى كبير، مبين ذكره فى التواريخ والمسانيد، غير مطعون فيه: (وله شاهد من حديث قتادة عن ابن بريدة: حدثنا أبو بكر بن إسحاق أنبأنا هشام ابن على حدثنا عبد الله بن رجاء حدثنا همام عن قتادة عن ابن بريدة عن أبى سبرة الهذلى، فذكر الحديث بطوله). ووافقه الذهبى وقال: (أخرجه أحمد فى مسنده). وعنه من طريق آخر (تخريجه) إسناده صحيح.

الفصل الخامس فى ذكر من يطردون عن الحوض نعوذ بالله من ذلك 339 - عن ابن عباس رضى الله عنهما قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول أنا فرطكم على الحوض فمن ورد أفلح، ويؤتى بأقوام فيؤخذ بهم ذات الشمال فأقوى أى رب فيقال ما زالوا بعدك يرتدون على أعقابهم. 337 - وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أن فرطكم على الحوض ولأنازعن أقوامًا ثم لأغلبن عليهم فأقول يا رب أصحابى فيقول إنك لا تدرى ما أحدثوا بعدك. زاد فى رواية فيكبوا ويتغير لونه وهو يقول هكذا أو قريبًا من هذا. 338 - وعن أبى الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله رضى الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أنا على الحوض أنظر من يرد على قال فيؤخذ ناس دوني فأقول يا رب منى ومن أمتى قال فيقال وما يدريك ما عملوا بعدك ما برحوا بعدك يرجعون على أعقابهم قال جابر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم الحوض مسيرة شهر وزواياه سواء يعنى عرضه مثل طوله وكيزانه مثل نجوم السماء وهو أطيب ريحًا من المسك وأشد بياضًا من اللبن من شرب منه لم يظمأ بعده أبدًا.

_ 339 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عثمان بن محمد وسمعته أنا منه ثنا جرير عن ليث بن أبى سليم عن عبد الملك بن سعيد بن جبير عن أبن عباس. (تخريجه) اسناده صحيح. وأورده الحافظ بن كثير فى النهاية بأطول من هذا قال أبو بكر البزار حدثنا يوسف بن موسى حدثنا جرير الخ وقال تفرد به ليث عن عبد الملك بن سعيد بن جبير. 337 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاويه ثنا الاعمش عن شقيق عن عبد الله بن مسعود زاد فى رواية (سنده) حدثنا عبد الله بى ثنا عفان ثنا أبو عوانة عن فراس عن عامر عن مسروق عن عبد الله بن مسعود. (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم. 338 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا زكريا بن اسحق ثنا أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، ورواه البزار باختصار وفيه ضعف.

339 - وعن أبي هريرة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال والذى نفس محمد بيده لأذودن رجالًا منكم من حوضى كما تذاد الغريبة من الإبل عن الحوض. 340 - وعنه أيضًا قال خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المقبرة فسلَّم على أهلها قال سلام عليكم دار قوم مؤمنين وإنا ن شاء الله بكم لاحقون وودت أن قد رأينا إخواننا قالوا أو لسنا اخوانك يا رسول الله قال أنتم أصحابى واخوانى الذين لم يأتوا بعد وأنا فرطكم على الحوض، قالوا وكيف تعرف من لم يأت بعد من أمتك يا رسول الله قال أرأيت لو أن رجلًا له خيل غير محجلة بين ظهرى خيل دهم بهم (1) ألا يعرف خيله؟ قالوا بلى يا رسول الله قال فإنهم يأتون غرَّا محجلين من الوضوء يقولها ثلاثًا وأنا فرطكم على الحوض، الا ليذدان رجال عن حوضى كما يذاد البعير الضال أناديهم ألا هلم ألا هلم فيقال إنهم قد بدّلوا بعدك فأقول سحقًا سحقًا. 341 - وعن أنس بن مالك ر ى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ليردن علىّ الحوض رجلان ممن قد صحبنى فإذا رأيتهما رفعًا لى اختلجا دوني.

_ 339 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن محمد بن زيادقال سمعت أبا هريرة يحدث أن. (تخريجه) رواه البخارى عن محمد بن بشاه، عن غندر- وهو محمد بن جعفر شيخ أحمد هنا- بهذا الاستاذ. 340 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا عفان قال ثنا عبد الرحمن بن ابراهيم قال ثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى هريرة. غريبة (1) دهم بهم أى سود لم يخالط لونها لون آخر. (تخريجه) أخرجه مسلم. 341 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو النضر ثنا المبارك عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس. (تخريجه) لم أجده بهذا اللفظ- وقد روى البخارى ومسلم الحديث عن وهيب عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس بالجمع وليس بالمثنى- فجاء فى البخارى (ناس من أصحابى) وجاء فى مسلم (رجال ممن صاحبنى) ويؤيد الجمع شواهد عديدة عن عائشة وأم سلمة وعبد الله بن مسعود وأبو سعيد الخدري وغيرهم.

342 - وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول أنا فرطكم بين أيديكم فإذا لم ترونى فأنا على الحوض قدر ما بين أيلة إلى مكة وسيأتى رجال ونساء بقرب وآنية فلا يطمعون منه شيئًا. الفصل السادس فى كثرة من يرد الحوض وصفة بعضهم مع صفة الحوض 343 - عن أبى حمزة مولى الأنصار قال سمعت زيد بن أرقم رضى الله عنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فى منزل نزلوه فى مسيره فقال ما أنتم بجزء من مائة ألف جزء ممن يرد علىّ الحوض من أمتى قال قلت (وفى رواية قلنا لزيد) كم كنتم يومئذ قال كنا سبعمائة أو ثمانمائة. 344 - وعن الخارق بن أبى المخارق عن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما أنه سمعه يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حوضى كما بين عدن وعمان أبرد من الثلج وأحلى من العسل وأطيب ريحًا من المسك أكوابه مثل نجوم السماء من شرب منه شربة لم يظمأ بعدها أبدًا أول الناس عليه ورودًا صعاليك المهاجرين قال قائل يا رسول الله قال الشعثة الشحبة وجوههم

_ 342 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا موسى حدثنا ابن لهيعة عن أبى الزبير عن جابر. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد مرفوعًا وموقوفًا وفى إسناده المرفوع ابن لهيعة ورجال الموقوف رجال الصحيح، ورواه الطبرانى فى الأوسط مرفوعًا وفيه ابن لهيعة، ورواه باختصار قوله فلا يطمعون منه شيئًا برجال الصحيح، ورواه البزار كذلك. 343 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هاشم بن القاسم ثنا شعبة عن عمرو بن مرة قال سمعت أبا حمزة مولى الأنصار. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية وقال (وكذا رواه عن أبى هاشم عن شعبة ورواه أبو داود الطيالسى عن شعبة عن شعبة ورواه أحمد عن أبى معاوية عن الأعمش كلاهما عن عمرو بن مرة به ورواه أبو داود عن حفص بن عمر عن شعبة قلت وأبو حمزة هذا طلحة بن يزيد الأنصارى الكوفى مولى قرظة بن كعب). 344 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو المغيرة ثنا عمرو بن عمرو وأبو عثمان الأحموسى حدثنى المخارق بن أبى المخارق. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: قلت حديث ابن عمر فى الصحيح بغير هذا السياق وهذا على الصواب موافقًا لرواية الناس والذى فى الصحيح كما بين جربى وأذرح وهما قريتان إحداهما إلى جنب الأخرى وقال بعض مشايخنا وهو الشيخ العلامة صلاح الدين العلائى إنه سقط

الدنسة ثيابهم لا يفتح لهم السدد ولا ينكحون المتنعمات ولا ينكحون الذين يعطون كل الذى عليهم ولا يأخذون الذى لهم. 345 - وعن خولة بنت حكيم رضى الله عنها قالت قلت يا رسول الله إن لك حوضًا قال نعم وأحب من ورده علىَّ قومك. 346 - وعن يحيى بن سعيد عن يحنَّس أن حمزة بن عبد المطلب لما قدم المدينة تزوج خولة بنت قيس بن فهد الانصارية من بنى النجار قال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يزور حمزة فى بيتها وكانت تحدث عنه صلى الله عليه وسلم أحاديث، قالت جاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فقلت يا رسول الله بلغنى عنك أنك تحدث أن لك يوم القيامة حوضًا ما بين كذا إلى كذا قال أجل وأحب الناس إلى أن يروى منه قومك قالت فقدمت إليه برمة فيها خبزة أو حريرة فوضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فى البرمة ليأكل فاحترقت أصابعه فقال حسِّ ثم قال ابن آدم أن أصابه البرد ثال حسِّ وإن أصابه الحر قال حسِّ.

_ منه وهو كما بينكم جرى وأدرح وإنه وقع بها سمعت هذا منه- رواه أحمد الطبرانى من رواية عمرو بن عمر الأحموسى عن المخارق بن أبى المخارق واسم أبيه عبد الله بن جابر وقد ذكرهما ابن حبان فى الثقات وشيخ أحمد أبو المغيرة من رجال الصحيح). 345 - (سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا عبد الله بن محمد وسمعته أنا من عبد الله بن محمد بن أبى شيبة ثنا أبو خالد الأحمر عن يحيى بن سعيد عن محمد ين يحيى ين حبان عن خولة بنت حكيم. (تخريجه) أورده الهيثمى فى المجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والطبرانى وقال هكذا رواه أبو خالد الأحمر عن خولة بنت حكيم وقال الناس عن خولة بنت قيس، ورجالهما رجال الصحيح. 346 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين بن محمد قال ثنا جرير يعنى ابن حازم عن يحيى بن سعيد. (غريبه) يحنس: بضم أوله وفتح المهملة وتشديد النون المفتوحة بن عبد الله أبو موسى مولى آل الزبير مقرى ثقة من الثالثة (تقريب التهذيب). (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورواه الطبرانى باختصار وقال وأحب الناس إلى أو من أحب الناس إلى أن يرده، وقال فيه فقدمت إليه عصيدة، ورجال أحمد رجال الصحيح.

باب في تناول الصحف والميزان 347 - عن أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعرض الناس يوم القيامة ثلاث عرضات فلما عرضتان فجدال ومعاذير وأما الثالثة فعند ذاك تطير الصحف فى الأبدى فآخذ بيمينه وآخذ بشماله. 348 - وعن عائشة رضى الله عنها قالت قلت يا رسول الله هل يذكر الحبيب حبيبة يوم القيامة قال يا عائشة أما عند ثلاث فلا أما عند الميران حتى يثقل أو يخف فلا وإما ند تطاير الكتب فإما أن يعطى بيمينه أو يعطى بشماله فلا وحين يخرج عنق من النار فينطوى عليهم ويتغيظ عليهم ويقول وكلت بثلاثة وكلت بمن ادعى مع الله إلهًا آخر، ووكلت بمن لا يؤمن بيوم الحساب، ووكلت بكل جبار عنيد قال فينطوى عليهم ويرمى بهم فى غمرات، ولجهنم جسر أدق من الشعر وأحد من السيف عليه كلاليب وحسك يأخذون من شاء الله والناس عليه كالطرف وكالبرق وكالريح وكأجاويد الخيل والركاب والملائكة يقولون رب سلم رب سلم فناج مسلم ومخدوش مسلم وكور فى النار على وجهه. 349 - وعنها أيضًا قالت يا رسول الله هل تذكرون أهليكم يوم القيامة؟ قال أما فى مواطن ثلاث فلا، الكتاب، والميزان، والصراط.

_ 347 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا وكيع قال ثنا على بن على بن رفاعة عن الحسن عن أبى موسى الأشعرى. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثيرفى النهاية وقال (وكذا رواه ابن ماجه عن أبى بكر بن أبى شيبة عن وكيع عن على بن على عن الحسن عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم ثم قال الترمذى لا يصح هذا من قبل أن الحسن لم يسمع عن أبى هريرة قال وقد رواه بعضهم عن على بن على عن الحسن عن أبى موسى عن النبى صلى الله عليه وسلم. 348 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا يحيى بن اسحق قال انا ابن لهيعة عن خالد بن أبى عمران عن القاسم بن محمد عن عائشة. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: قلت عند أبى داود طرف منه- رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف وقد وثق، وبقية رجاله رجال الصحيح. 349 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا القاسم بن الفضل قال قال الحسن قالت عائشة.

350 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم توضع الموازين يوم القيامة فيؤتى بالرجل فيوضع فى كفة فيوضع ما أحصى عليه فيتمايل به الميزان قال فيبعث به إلى النار قال فإذا أدبر به إذا صائح يصيح من عند الرحمن يقول لا تعلجلوا لا تعجلوا فإنه قد بقى له فيؤتى ببطاقة فيها لا إله إلا الله فتوضع مع الرجل فى كفة حتى يميل به الميزان. أبواب فى ذكر الحساب وعرض الخلائق على رب الأرباب وفيع فصول: الفصل الأول فى شدة الحساب وندم المؤمن على عدم الازدياد من الخير وتأنيب الكافر 351 - عن عدى بن حاتم الطائى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما منكم من أحد إلا سيكلمه الله عز وجل ليس بينه وبينه ترجمان ثم ينظر أيمن منه فلا يرى إلا شيئًا قدمه ثم ينظر أشأم منه فلا يرى إلا شيئًا قدمه ثم ينظر تلقاء وجهه فتستقبله النار قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم من استطاع منكم أن يقى وجهه النار ولو بشق تمرة فيفعل. 352 - وعنه أيضًا من حديث طويل ذكر بتمامه فى ترجمة عدى بن حاتم من كتاب الفضائل قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحدكم لاقى الله عز وجل فقائل ما أقول (1)، ألم أجعلك

_ (تخريجه) أخرجه أبو داود مطولًا بسند صالح, 350 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا قتيبة ثنا ابن لهيعة عن عمرو بن يحيى عن أبى عبد الرحمن الحبلى عن عبد الله بن عمرو. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: قلت رواه الترمذى باختصار- رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وحديثه حسن، وبقية رجاله رجال الصحيح. 351 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن خيثمة عن عدى ابن حاتم. (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم. 352 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة قال سمعت سماك بن حرب قال سمعت عباد بن حبيش يحدث عن عدى بن حاتم. (1) ما أقول يعنى ما يقول صلى الله عليه وسلم قوله ألم أجعلك الخ.

سميعًا بصيرًا ألم أجعل لك مالًا وولدًا فماذا قدمت فينظر من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله فلا يجد شيئًا فما يتقى النار إلا بوجهه فاتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوه فبكلمة طيبة. 353 - وعن جبير بن نفيل عن محمد بن أبى عميرة رضى الله عنه وكان من أصحاب النبى صلى الله عليه وسلم قال لو أن عبدًا خرَّ على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت هرمًا فى طاعة الله لحقره ذلك اليوم ولود أنه يرد إلى الدنيا كيما يزداد من الأجر والثواب. 354 - وعن عتبة بن عبد السلمى رضى الله عنه قال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لو أن رجلًا يجر على وجهه من يوم ولد إلى يوم يموت هرمًا فى مرضاة الله عز وجل لحقره يوم القيامة. 355 - وعن أنس بن مالك رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال يقال للرجل من أهل النار يوم القيامة أرأيت لو كان ما على الأرض من شئ أكنت مفتديًا به قال فيقول قد أردت منك أهون من ذلك قد أخذت عليك فى ظهر آدم أن لا تشرك بى شيئٍا فأبيت إلا أن تشرك بي.

_ (تخريجه) هذا طرف من حديث طويل جاء فى ص 189 من الجزء الواحد والعشرين من هذا الكتاب وقال مصنفه رحمه الله فى تخريجه الترمذى وقال هذا حديث حصن غريب لا نعرفه إلا من حديث سماك بن حرب، روى شعبه عن سماك بن حرب بن حبيش عن عدى بن حاتم عن النبى صلى الله عليه وسلم الحديث بطوله انتهى قلت وقال الحافظ بن كثير فى تفسيره وقد روى حديث عدى هذا من طرق وله ألفاظ كثيرة مطولة ذكرها، انتهى. 353 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى ثنا أبى ثنا على بن اسحق ثنا عبد الله يعنى ابن المبارك ثنا ثور بن يزيد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفيل. (تخريجه) أورده المنذرى فى الترغيب والترهيب وقال: رواه أحمد ورواته رواه الصحيح. 254 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حيوة بن شريح ثنا بقية حدثنى بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن عتبة بن عبد. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال (رواه الطبرانى وفيه بقية وهو مدلس، وبقية رجاله ثقات) ونسى رحمه الله تعالى أن يعزوه إلى أحمد. 355 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حجاج حدثنى شعبة عن أبى عمران الجونى عن أنس بن مالك. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية وله روايات تعضده فى البخاري ومسلم.

356 - وعن عائشة رضى الله عنها قالت سمعت النبى صلى الله عليه وسلم يقول فى بعض صلاته اللهم حاسبنى حسابًا يسيرًا فلما انصرف قلت يا نبى الله ما الحساب اليسير قال أن ينظر في كتابه فيتجاوز عنه (وفى رواية قال الرجل تعرض عليه ذنوبه ثم يتجاوز له عنها) إن من نوقش الحساب يومئذ يا عائشة هلك وكل ما يصيب المؤمن يكفِّر الله عز وجل به عنه حتى الشوكة تشوكه. 357 - وعنها أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لا يحاسب يوم القيامة أحد فيغفر له، برى المسلم عمله في قبره ويقول الله عز وجل {فيومئذ لا يسئل عن ذنبه إنس ولا جان. يعرف المجرمون بسيماهم}. 358 - وعن أبى موسى الأشعري رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم والذى نفس محمد بيده إن المعروف والمنكر خليقتان ينصبان للناس يوم القيامة فأما المعروف فيبشر أصحابه ويوعدهم الخير وأما المنكر فيقول إليكم إليكم وما يستطيعون له إلا لزومًا. الفصل الثاني فى شهادة الأرض وأعضاء الإنسان عليه يوم القيامة 359 - عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية {يومئذ تحدث

_ 356 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل ثنا محمد بن اسحق قال حدثنى عبد الواحد بن حمزة بن عبد الله بن الزبير عن عباد بن عبد الله بن الزبير عن عائشة. (تخريجه) أخرجه الحاكم فى المستدرك وقال: هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه بهذا اللفظ إنما اتفقا على حديث ابن أبى مليكه عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال من نوقش الحساب عذب. ووافقه الذهبى على ذلك. 357 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن قال ثنا بن لهيعة قال ثنا أبو الأسود عن عروة عن عائشة. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وهو ضعيف وقد وثق وبقية رجاله رجال الصحيح". 358 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا همام عن قتادة عن الحسن عن أبى موسى الأشعرى. (تخريجه) لم أجده بهذه السياقه لغير الإمام أحمد ورجاله ثقات. 359 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا إبراهيم حدثنا ابن مبارك عن سعد بن أبى أيوب حدثنى يحيى بن أبى سليمان عن سعيد المقبرى عن أبي هريرة.

أخبارها} قال أندرون ما أخبارها قالوا لله ورسوله أعلم قال فإن أخبارها أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها أن تقول عملت علىّ كذا وكذا في يوم كذا وكذا فهو أخبارها 360 - وعن عقبة بن عامر رضى الله عنه أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول إن أول عظم من الإنسان يتكلم يوم يختم على الأفواه فخذه من الرجل الشمال الفصل الثالث فيما جاء في القصاص يوم القيامة ورد المظالم إلى أهلها 361 - عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لتؤدن الحقوق إلى أهلها يوم القيامة حتى يقتص للشاة الجماء من الشاة القرناء تنطحها وقال ابن جعفر (أحد الرواة) يعنى فى حديثه يقاد للشاة الجلحاء. 362 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا والذى نفسى بيده ليختصمن كل شئ يوم القيامة حتى الشاهان فيما انطتحتا.

_ (تخريجه) تقدم هذا الحديث فى صفحة 334 من الجزء الثامن عشر من هذا الكتاب وقال مصنفه رجمه الله فى تخريجه الترمذى والنسائى والحاكم وقال الترمذى هذا حديث حسن غريب وقال الحاكم هدا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه (قلت) وتعقبه الذهبى فقال يحيى بن أبى سليمان منكر الحديث قاله البخارى (قلت) وثقه ابن حبان والحاكم كذا فى الخلاصة وفى التهذيب قال أبو حاتم مضطرب الحديث ليس بالقوى يكتب حديثه، ورواه أيضًا عبد بن حميد وابن جرير والبغوى وابن المنذر وابن مردويه والبيهقى فى شعب الإيمان، انتهى. 360 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا الحكم بن نافع ثنا إسماعيل بن عياش عن ضمضم بن زرعة عن شريح بن عبيد الحضرمى عمن حدثه عن عقبة بن عامر. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والطبرانى وإسنادهما جيد .. 361 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن أبى عدى عن شعبة عن العلاء ومحمد بن جعفر قال ثنا شعبة قال سمعت العلاء يحدث عن أبيه عن أبى هريرة. غريبه (1) الجلحاء: التى لا قرن لها. والأجلح من الناس الذى انحسر الشعر عن جانبى رأسه (النهاية). (تخريجه) اخرجه مسلم والترمذى. ورواة أحمد رواة الصحيح. 362 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن اسحق قال أنا بن لهيعة عن دراج أبى السمح عن أبى حجيرة عن أبي هريرة.

363 - ز- وعن عثمان بن عفان رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إن الجماء لتقص من القرناء يوم القيامة. 364 - (قط) وعن أبى ذر رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان جالسًا وشاتان تقترنان فنطحت إحداهما الأخرى فأجهضتها قال فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل ما يضحكك يا رسول الله قال عجبت لها والذى نفسى بيده ليقادن لها يوم القيامة. وعنه أيضًا فذكر معناه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى شاتين تنتطحان فقال يا أبا ذر هل تدرى فيم تنتطحان قال لا قال لكن الله يدرى وسيقضى بينهما.

_ (تخريجه) أورده المنذرى فى الترغيب والترهيب وقال: رواه أحمد بإسناد حسن. ورواه أحمد أيضًا وأبو يعلى من حديث أبى سعيد. 363 - (سنده) ز- حدثنا عبد الله حدثنى عباس بن محمد وأبو يحيى البزار قالا ثنا حجاج بن نصير ثنا شعبة عن العوام بن مراجم من بنى قيس بن ثعلبة عن أبى عثمان النهدى عن عثمان بن عفان. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه الطبرانى فى الكبير والبزار وعبد الله بن أحمد وفيه الحجاج بن نصير وقد وثق على ضعفه، وبقية رجال البزار رجال الصحيح غير العوام بن العوام بن مزاحم وهو ثقة. 364 - (سنده) قط حدثنا عبيد الله بن محمد أنا حماد سلمة أنا ليث عن عبد الرحمن بن مروان عن الهزيل بن شرحبيل عن أبى ذر- وهذا الحديث من زوائد الإمام أبو بكر القطيعى عن غير عبد الله وأبيه. ولذلك أشار اليه المصنف رحمه الله بلفظ (قط) "أنظر الجزء الأول من هذا الكتاب "الفتح الربانى" صفحة 23 من. وعنه أيضًا (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن سليمان عن منذر الثورى عن أشياخ لهم عن أبى ذر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم الخ قال أحمد وحدثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن منذر بن يعلى أبى يعلى عن أشياخ له عن أبى ذر. (تخريجه) أورد الهيثمى الروايتين فى مجمع الزوائد وقال "رواه كله أحمد والبزار بالرواية الأولى وكذلك الطبرانى فى المعجم الأوسط. وفيها ليث بن أبى سليم وهو مدلس وبقية رجال أحمد رجال الصحيح غير شيحة بن عائشة وهو ثقة. ورجال الرواية الثانية رجال الصحيح، وفيها راو لم يسم" وأوردهما الحافظ بن كثير فى النهاية وقال "وهذا إسناد حسن قال القرطبي رواه شعبه عن الأعمش عن إبراهيم التيمى عن أبيه عن أبى ذر عن النبى صلى الله عليه وسلم".

365 - وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال بلغنى حديث عن رجل سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم فاشتريت بعيرًا ثم شددت عليه رحلى فسرت إليه شهرًا حتى قدمت عليه الشام فإذا عبد الله بن أنيس رضى الله عنه فقلت للبواب قل له جابر على الباب فقال ابن عبد الله قلت نعم فخرج يطأ ثوبه فاعتنفنى واعتنفته فقلت حديثًا بلغنى عنك أنك سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم فى القصاص فخشيت أن تموت أو أموت قبل أن أسمعه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول، يحشر الناس يوم القيامة أو قال العباد عراة غرلًا بهما قال قلنا وما بهما قال ليس معهم شئ ثم يناديهم بصوت يسمعه من قرب أنا الملك أنا الديان ولا ينبغى لأحد من أهل النار أن يدخل النار وله عند أحد من أهل الجنة حق حتى أقصه منه، ولا ينبغى لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة ولأحد من أهل النار عنده حق حتى أقصه منه حتى اللطمة قال قلنا كيف وانا إنما نأتى الله عز وجل عراة غرلًا بهما قال بالحسنات والسيئات. 366 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال هل تدرون من المفلس قال المفلس فينا يا رسول الله من لا درهم له ولا متاع قال إن المفلس من أمتى من يأتى يوم القيامة بصيام وصلاة وزكاة ويأتى قد شتم عرض هذا وقذف هذا، وأكل مال هذا فيقعد فيقتص هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه من الخطايا أخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار.

_ 365 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا يزيد بن هرون قال أنا همام بن يحيى عن القاسم بن عبد الواحد المكى عن عبد الله بن محمد بن عقيل أنه سمع جابر بن عبد الله. (تخريجه) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله وثوا ورواه الطبرانى فى الأوسط بنحوه إلا أنه قال بمصر. 366 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا مؤمل وعبد الرحمن عن زهير عن العلاء عن أبيه عن أبى هريرة. (تخريجه) أخرجه مسلم والترمذي وغيرهما.

الفصل الرابع في عدل الله عز وجل في القضاء ورحمة عبده المؤمن وستره وفضيحة الكافر والمنافق وخزيه 367 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز وعفان قالا ثنا قتادة قال عفان عن صفوان ابن محرز قال كنت آخذًا بيد ابن عمر (رضي الله عنهما) إذا عرض له رجل فقال كيف سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فى النجوى يوم القيامة إن الله عز وجل يدنى المؤمن فيضع عليه كنفه ويستره من الناس ويقرره بذنوبه ويقول له أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا أتعرف ذنب كذا حتى إذا قرره بذنوبه ورأى فى نفسه أنه قد هلك قال فإنى قد سترتها عليك في الدنيا وإنى أغفرها لك اليوم ثم يعطى كتاب حسناته، وأما الكفار والمنافقون فيقول الأشهاد هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين. (ومن طريق آخر) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الوهاب بن عطاء أنا سعيد عن قتادة عن صفوان بن محرز قال بينما ابن عمر يطوف بالبيت إذ عرضه رجل فقال يا أبا عبد الرحمن كيف سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول في النجوى فذكر نحوه وفيه وأما الكفار والمنافقون فينادى بهم على رؤس الأشهاد {هؤلاء الذين كذبوا على ربهم ألا لعنة الله على الظالمين} قال سعيد وقال قتادة فلم يخز يومئذ أحد فخفى خزيه على أحذ من الخلائق. 368 - وعن عبد الرحمن الحبلي قال سمعت عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما يقول قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله عز وجل يستخلص رجلًا من أمتى على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر عليه تسعة وتسعين سجلًا كل سجل مد البصر ثم يقول أتنكر من هذا شيئًا أظلمتك كتبتي الحافظون، قال لا يارب فيقول ألك عذر أو حسنة فيبهت الرجل فيقول لا يارب فيقول بلى إن لك عندنا حسنة واحدة لا ظلم اليوم عليك فتخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا عبده ورسوله فيقول أحضروه فيقول يارب ما هذه البطاقة مع هذه

_ 367 - (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم والنسائى وابن ماجه. 368 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إبراهيم بن إسحق الطالقانى ثنا ابن مبارك عن ليث بن سعد حدثنى عامر بن يحيى عن أبي عبد الرحمن الحبلي.

السجلات فيقال إنك لا تظلم قال فتوضع السجلات في كفة قال فطاشت السجلات وثقلت البطاقة ولا يثقل شيء بسم الله الرحمن الرحيم. 369 - وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحدكم ليسأل يوم القيامة حتى يكون فيما يسأل عنه أن يقال ما منعك أن تنكر المنكر إذا رأيته قال فمن لقنه الله حجته قال رب رجوتك وخفت الناس. 370 - وعن فضالة بن عبيد وعبادة بن الصامت رضى الله عنهما حدثاه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال إذا كان يوم القيامة وفرغ الله من قضاء الخلق فيبقى رجلان فيؤمر بهما إلى النار فيلتفت أحدهما فيقول الجبار تبارك اسمه ردوه فيردوه فيقول له لم التفت يعنى فيقول قد كنت أرجو أن تدخلني الجنة قال فيؤمر به إلى الجنة قال فيقول لقد أعطاني ربي عز وجل حتى لو أني أطمعت أهل الجنة ما نقص ذلك مما عندي شيئًا وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ذكره يرى السرور في وجهه. 371 - وعن المعرور بن سويد عن أبى ذر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يؤتى بالرجل يوم القيامة فيقال اعرضوا عليه صغار ذنوبه قال فتعرض عليه ويخبأ عنه كبارها فيقال

_ (تخريجه) رواه الترمذى وابن ماجه والحاكم. ونقله المنذري في الترغيب والترهيب وقال: رواه الترمذى وقال: حديث حسن غريب، وابن حبان في صحيحه، والحاكم والبيهقي، وقال الحاكم صحيح على شرط مسلم. 369 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير أنا عبد الله عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر الأنصاري عن نهار عن أبى سعيد الخدري. (تخريجه) لم يعزه السيوطي في الجامع الكبير إلى غير أحمد ونهار هو نهار بن عبد الله القيسي المدني جاء في تهذيب التهذيب "روى عن أبى سعيد في إنكار المنكر" وذكره ابن حبان في الثقات. 370 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يعمر بن بشير قال ثنا عبد الله قال أنا رشد بن سعد قال حدثنى أبو هانى الخولانى عن عمرو بن مالك الجبنى أن فضالة بن عبيد. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله وثقات على ضعف في بعضهم. 371 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع ثنا الأعمش عن المعرور بن سويد.

عملت يوم كذا كذا وكذا وكذا وهو مقر لا ينكر وهو مشفق من الكبار فيقال اعطوه مكان كل سيئة حسنة قال فيقول إن لي ذنوبًا ما أراها قال قال أبو ذر فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه. (وعنه من طريق آخر) عن أبى ذر رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعرف آخر أهل النار خروجًا من النار وآخر أهل الجنة دخولًا الجنة يؤتى برجل فذكر نحوه وفيه بعد قوله حتى بدت نواجذه قال فيقال له فإن لك مكان كل سيئة حسنة. 372 - وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن الله لا يظلم المؤمن حسنة يعطى عليها في الدنيا ويثاب عليها في الآخرة، وأما الكافر فيعطيه حسناته في الدنيا حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له بها حسنة يعطى بها خيرًا. الفصل الخامس في امتحان المؤمنين وفديتهم من النار بالكافرين 373 - عن أبى بردة عن أبي موسى الأشعري رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يجمع الله عز وجل الأمم فى صعيد يوم القيامة فإذا بدا لله عز وجل أن يصدع بين خلقه مثل لكل قوم ما كانوا يعبدون فيتبعونهم حتى يقحمونهم النار ثم يأتينا ربنا عز وجل ونحن على مكان رفيع فيقول من أنتم فنقول نحن المسلمون فيقول ما تنتظرون فيقولون ننتظر ربنا عز وجل قال فيقول وهل تعرفونه إن رأيتموه فيقولون نعم فيقول كيف تعرفونه ولم تروه فيقولون نعم

_ وعنه من طريق آخر (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن المعرور بن سويد. (تخريجه) أخرجه مسلم بنحوه. 372 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد أنا همام بن يحيى عن قتادة وبهز ثنا همام أنا قتادة المعنى عن أنس بن مالك. (تخريجه) أخرجه مسلم. 373 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن بن موسى وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن عمارة عن أبى بردة. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير فى النهاية وقال "وهكذا رواه الإمام أحمد عن عبد الصمد

إنه لا عدل له فيتجلى لنا ضاحكًا فيقول أبشروا أيها المسلمون فإنه ليس منكم أحد إلا جعلت مكانه في النار يهوديًا أو نصرانيًا. 374 - وعن عمارة القرشي قال وفدنا إلى عمر بن عبد العزيز وفينا أبو بردة فقضى حاجتنا فلما خرج أبو بردة رجع فقال عمر بن عبد العزيز إذ ذكر الشيخ ما ردك ألم أقض حوائجك قال فقال أبو بردة إلا حديثًا حدثنيه أبى عن النبى صلى الله عليه وسلم قال يجمع الله عز وجل الأمم يوم القيامة فذكر الحديث قال فقال لأبى بردة آلله لسمعت أبا موسى يحدث به عن النبى صلى الله عليه وسلم قال نعم لأنا سمعته من أبى يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. 375 - وعن قتادة أن عونًا وسعيد ابن أبى بردة حدثا، أنهما شهدا أبا بردة يحدث عمر ابن عبد العزيز عن أبيه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله عز وجل مكانه النار يهوديًا أو نصرانيًا قال فاستحلفه عمر بن عبد العزيز بالله الذي لا إله إلا هو ثلاث مرات أن أباه حدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال فحلف له قال فلم يحدثني سعيد أنه استحلفه ولم ينكر على عون قوله. 376 - وعن أبى بريدة عن أبى موسى الأشعري رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا

_ وعفان عن حماد بن سلمة به، ولم يخرجه أحد من أصحاب الكتب من هذا الوجه، ولكن روى مسلم من حديث سعيد بن أبى بردة وعون بن عبد الله بن عتبة عن أبى بردة عن أبيه، إلى موسى الأشعرى عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لا يموت رجل مسلم إلا أدخل الله مكانه النار يهوديًا أو نصرانيًا. 374 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة أنا على بن زيد بن جدعان عن عمارة القرشي. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية عن ابن أبى دنيا حدثنا أبو خثيمة حدثنا عفان الخ وفيه على بن زيد بن جدعان تكلموا فيه. 375 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة أن عونًا وسعيدًا. (تخريجه) أخرجه مسلم. 376 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو المغيرة وهو النضر بن إسماعيل يعنى القاص ثنا بريد عن أبي بردة.

كان يوم القيامة لم يبق مؤمن إلا أني يهودي أو نصراني حتى يدفع إليه يقال له هذا فداؤك من النار قال أبو بردة فاستحلفني عمر بن عبد العزيز بالله الذي لا إله إلا هو أسمعت أبا موسى يذكره عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قلت نعم فُسرَّ بذلك عمر. باب فيما جاء في الصراط وشفاعة الأنبياء والمؤمنين وتحنن الله عز وجل برحمته على عباده الموحدين 377 - عن عائشة رضى الله عنها قالت يا رسول الله يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات أين الناس قال إن هذا لشي ما سألني عنه أحد من أمتي قبلك، الناس على الصراط. 378 - وعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول يوضع الصراط بين ظهري جهنم عليه حسك كحسك السعدان ثم يستجيز الناس فناج مسلم ومجدوح به ثم ناج ومحتبس به منكوس فيها فإذا فرغ الله عز وجل من القضاء بين العباد يفقد المؤمنون رجالًا كانوا معهم في الدنيا يصلون بصلاتهم ويزكون بزكاتهم ويصومون صيامهم ويحجون

_ (تخريجه) فيه أبو المغيرة النضر بن إسماعيل القاص الكوفي تكلموا فيه وبريد بن عبد الله ابن أبى بردة بن أبى موسى الأشعري قال ابن معين والعجلي ثقة، وقال أبو حاتم ليس بالمتين، يكتب حديثه وقال النسائي ليس به بأس وقال أحمد بن حنبل روى مناكير وقال الترمذي في جامعه وبريد كوفى ثقة في الحديث روى عنه شعبة وقال الآجرى عن أبى داد ثقة، تهذيب التهذيب وتؤيده الروايات السابقة. 377 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان قال ثنا القاسم بن الفضل قال قال الحسن قالت عائشة. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "تفرد به أحمد. ورواه أبو بكر بن أبى الدنيا حدثنا على بن الجعد حدثنا القاسم بن الفضل سمعت الحسن قال قالت عائشة فذكره ورواه قتادة عن حسان بن بلاد المزني عن عائشة بمثل هذا سواه، ورواه مسلم وذكره بن جرير الطبري في تفسيره "حدثنا على بن الجعد أخبرني القاسم سمعت الفضل قال قالت عائشة". 378 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا محمد بن إسحق قال حدثني عبد الله بن المغيرة بن معيقيب عن سليمان بن عمرو بن عبد العتوارى حدثني ليث وكان يقيمًا في حجر أبى سعيد قال أبو عبد الرحمن قال أبى "سليمان بن عمرو وهو أبو الهيثر" الذي يروى عن أبى سعيد قال سمعت أبا سعيد (الخدري).

حجهم ويغزون غزوهم فيقولون أي ربنا عباد من عبادك كانوا معنا في الدنيا يصلون صلاتنا ويزكون زكاتنا ويصومون صيامنا ويحجون حجنا ويغزون غزونا لا نراهم، فيقول اذهبوا إلى النار فمن وجدتم فيها منهم فأخرجوه قال فيجدونهم قد أخذتهم النار على قد أعمالهم فمنهم من أخذته إلى قدميه ومنهم من أخذته إلى نصف ساقيه ومنهم من أخذته إلى ركبتيه ومنهم من أزرته ومنهم من أخذته إلى ثدييه ومنهم من أخذته إلى عنقه ولم تغش الوجوه فيستخرجونهم منها فيطرحون في ماء الحياة، قيل يا رسول الله وما الحياة قال غسل أهل الجنة فينبتون نبات الزرعة وقال مرة فيه كما تنبت الزرعة في غثاء السيل ثم يشفع الأنبياء في كل من كان يشهد أن لا إله إلا الله مخلصًا فيخرجونهم منها قال ثم يتحنن الله برحمته على من فيها فما يترك فيها عبدًا في قلبه مثقال حبة من إيمان إلا أخرجه منها. 379 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يخلص المؤمنون يوم القيامة من النار فيحبسون على قنطرة بين الجنة والنار فيقتص لبعضهم من بعض مظالم كانت بينهم في الدنيا حتى إذا هذبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة فوالذي نفسي بيده لأحدهم أهدى لمنزله في الجنة منه بمنزله كان في الدنيا. 380 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا سعيد بن زيد قال سمعت أبا سليمان العصري حدثني عقبة بن صهبان قال سمعت أبا بكرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال يحمل الناس على الصراط يوم القيامة فتقادع بهم جنبة الصراط تقادع الفراش في النار قال فينجى الله تبارك

_ (تخريجه) أخرجه الحاكم في المستدرك لكان وأخرج بن ماجه صدره وعزاه صاحب منتخب كنز العمال إلى ابن حبان في صحيحه. 389 - (سنده) حدثنا أبى ثنا روح ثنا سعيد عن قتادة عن أبى الصديق النادى عن أبي سعيد الخدري. (تخريجه) أخرجه البخاري وأورده بن كثير في النهاية وقال "وقد تكلم القرطبي في التذكرة على هذا الحديث وجعل هذه القنطرة صراطًا ثانيًا للمؤمنين. وليس يسقط أحد منه في النار قلت هذه بعد مجاوزة النار، فقد تكون هذه القنطرة منصوبة على هول آخر مما يعلمه الله، ولا نعلمه نحن وهو أعلم".

وتعالى برحمته من يشاء قال ثم يؤذن للملائكة والنبيين والشهداء أن يشفعوا فيشفعون ويخرجون ويشفعون ويخرجون وزاد عفان مرة فقال أيضًا ويشفعون ويخرجون من كان في قلبه ما يزن ذرة من إيمان، قال أبو عبد الرحمن ثنا محمد بن أبان ثنا سعيد بن زيد مثله. 381 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال يضرب جسر على جهنم قال النبى صلى الله عليه وسلم فأكون أول من يجيز ودعوى الرسل يومئذ اللهم سلم سلم وبها كلاليب مثل شوك السعدان هل رأيتم شوك السعدان قالوا نعم يا رسول الله قال فإنها مثل شوك السعدان غير أن لا يعلم قدر عظمها إلا الله تعالى فتخطف الناس بأعمالهم فمنهم الموبق بعمله ومنهم المخردل (1). أبواب ذكر النار والجنة وما جاء فيهما الباب الأول فيما اشتركا فيه وفيه فصول: الفصل الأول فيما جاء في أهلهما 382 - عن أنس بن مالك رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال ألا أخبركم بأهل النار وأهل الجنة أما أهل الجنة فكل ضعيف متضعف أشعث ذي طمرين لو أقسم على الله لأبرّه، وأما أهل النار فكل جعظري جواظ جماع مناع ذي تبع.

_ 380 - (تخريجه) أورده الهيثي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني في الصغير والكبير بنحوه، ورواه البزار أيضًا ورجاله رجال الصحيح. 381 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهري عن عطاء ابن يزيد الليثي عن أبى هريرة. غريبه: المخردل بضم الميم وفتح الخاء المعجمة والدال المهملة بينهما راء ساكنة قال ابن الأثير في النهاية "هو المرمى المصروع وقيل المقطع تقطعه كلاليب الصراط حتى يهوى في النار يقال خردلت اللحم بالدال والذال أي فصلت أعضاءه وقطعته". (تخريجه) رواه البخاري ومسلم بأطول من هذا. 382 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة عن أبى النضر عن أنس ابن مالك. (تخريجه) لم أجده عن أنس لغير الإمام أحمد. وفي روايته ابن لهيعة تكلموا فيه وله شواهد في الصحيحين عن حارثة بن وهب وأبي هريرة.

383 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أهل النار كل جعظريّ جواظ مستكبر جماع مناع وأهل الجنة الضعفاء المغلوبون. 384 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بأهل الجنة هم الضعفاء المظلومون، ألا أنبئكم بأهل النار كل شديد جعظري. 385 - وعن سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي رضى الله عن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له يا سراقة ألا أخبرك بأهل الجنة وأهل النار قال بلى يا رسول الله قال أما أهل النار فكل جعظري جواظ مستكبر وأما أهل الجنة الضعفاء المغلوبون. 386 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إني لأعلم أول ثلاثة يدخلون الجنة: الشهيد، وعبد أدّى حق الله وحق مواليه، وفقير عفيف متعفف، وإني لأعلم أول

_ 383 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا على بن اسحق أنا عبد الله أنا موسى بن على ابن رباح سمعت أبى يحدث عن عبد الله بن عمرو. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. 384 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يحيى بن اسحق قال ثنا البراء بن عبد الله عن عبد الله بن شقيق عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد عن أبى هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ألا أنبئكم بأهل النار كل سفيه جعظري. رواه أحمد وفيه البراء ابن عبد الله وهو ضعيف. 385 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الله بن يزيد المقري ثنا موسى بن على قال سمعت أبى يقول بلغني عن سراقة بن مالك جعشم المدلجي. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح إلا أن فيه رواه لم يسم. 386 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا وكيع عن على بن مبارك عن يحيى بن أبى كثير عن عامر العقيلي عن أبيه عن أبي هريرة. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية عن أبى بكر بن أبي شيبه حدثنا يزيد بن هرون حدثنا هشام الدستواني عن يحيى بن أبى كثير عن عامر العقيلي عن أبيه عن أبى هريرة "بلفظ قريب وقال وكدا رواه أحمد عن إسماعيل بن علية عن هشام، وأخرجه الترمذي من حديث عبد الله بن المبارك عن يحيى بن أبي كثير وقال هذا حديث حسن".

ثلاثة يدخلون النار: سلطان متسلط، وذو ثروة من مال لا يؤدي حقه، وفقير فخور. 387 - وعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما أهل النار الذين هم أهلها لا يموتون ولا يحيون، وأما أناس يريد الله بهم الرحمة فيميتهم في النار فيدخل عليهم الشفعاء فيأخذ الرجل أنصاره فيبثهم أو قال فينبتون على نهر الحياء أو قال الحيوان أو قال الحياة أو قال نهر الجنة فينبتون نبات الحبة في حميل السيل قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم أما ترون الشجرة تكون خضراء ثم تكون صفراء أو قال تكون صفراء أو قال فقال بعضهم كأن النبي صلى الله عليه وسلم كان بالبادية. فرع منه في احتجاج الجنة والنار 388 - عن أبى هريرة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال احتجت الجنة والنار فقالت الجنة يارب مالي لا يدخلني إلا فقراء الناس وسقطهم وقالت النار مالي لا يدخلني إلا الجبارون والمتكبرون فقال للنار أنت عذابي أصيب بك من أشاء وقال للجنة أنت رحمتي أصيب بك من أشاء ولكل واحدة منكما ملؤها، فأما الجنة فإن الله ينشئ لها ما يشاء وأما النار فيلقون فيها وتقول هل من مزيد حتى يضع قدمه فيها فهنالك تمتلئ ويزورى (1) بعضها إلى بعض وتقول قط (2) قط قط. 389 - وعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال افتخرت الجنة والنار

_ 378 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا ابن أبي عدى عن سليمان يعني التيمي عن أبى نضرة عن أبي سعيد. (تخريجه) ابن ماجه بلفظ قريب. 388 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن أيوب عن ابن سيرين عن أبى هريرة. (غريبه) (1) ويزوى أى يضم بعضها إلى بعض فتجتمع وتلتقى على من فيها. (2) قط. قط أى حسبى ويكفيني هذا فيه ثلاث لغات بسكون الطاء وكسرها وتنوينها بالكسر) (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم بنحوه، والترمذى مختصرًا. 389 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن وروح قالا ثنا حماد بن سلمة عن عطاء أين السائب عن عبيد الله بن عبد الله بن عتبة عن أبى سعيد الخدري.

فقالت النار يارب يدخلني الجبابرة والمتكبرون والملوك والأشراف وقالت الجنة أي رب يدخلني الضعفاء والفقراء والمساكين. فيقول الله تبارك وتعالى للنار أنت عذابي أصيب بك من أشاء. وقال للجنة أنت رحمتي وسعت كل شيء ولكل منكما ملؤها فيلقي في النار أهلها فتقول هل من مزيد ويلقى فيها وتقول هل من مزيد ويلقى فيها فتقول هل من مزيد حتى يأتيها تبارك وتعالى فيضع قدمه عليها فتزوى فتقول قدى قدى وأما الجنة فيبقى فيها أهلها ما شاء الله أن يبقى فينشئ الله لها خلقًا ما يشاء. الفصل الثاني في قوله صلى الله عليه وسلم حفت الجنة بالمكاره. الخ 390 - عن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات. 391 - وعن أنس رضى الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله. 392 - وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خلق الله الجنة والنار أرسل جبريل قل انظر إليها وإلى ما أعددت لأهلها فيها فجاء فنظر إليها وإلى ما أعد الله لأهلها فيها فرجع إليه قال وعزتك لا يسمع بها أحد إلا دخلها فأمر بها فحجبت بالمكاره قال ارجع إليها

_ (تخريجه) أخرجه مسلم من طرق عثمان بن عفان بن أبى شيبة حدثنا جرير عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى سعيد الخدرى، مختصرًا ورجال أحمد ثقات باستثناء عطاء بن السائب فهو صدوق واختلف في روايته عن حماد بن سلمة وحسن بعضهم روايته. 390 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا على بن حفص أنا ورقاء عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة. (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم. 391 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا غسان بن الربيع ثنا حماد عن ثابت وحميد عن أنس بن مالك. (تخريجه) أخرجه مسلم والترمذي. 392 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن بشر ثنا محمد بن عمرو ثنا أبو سلمة عن أبي هريرة.

فانظر إليها وإلى ما أعددت لأجلها فيها قال فرجع إليها وإذا هي قد حجبت بالمكاره فرجع إليه قال وعزتك قد خشيت أن لا يدخلها أحد، قال اذهب إلى النار فانظر إليها وإلى ما أعددت لأجلها فيها، فإذا هي يركب بعضها بعضًا فرجع قال وعزتك لقد خشيت أن لا ينجو منها أحد إلا دخلها. الفصل الثالث في شقاء أهل النار ونعيم أهل الجنة 393 - عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل أهل النار يرى مقعده من الجنة فيقول لو أن الله هداني فيكون عليهم حسرة، قال وكل أهل الجنة يرى مقعده من النار فيقول لو أن الله هداني قال فيكون له شكرًا. 394 - وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بالرجل من أهل الجنة فيقول له يا ابن آدم كيف وجدت منزلك فيقول أي رب خير منزل فيقول سل وتمن فيقول ما أسأل وأتمنى إلا أن تردني إلى الدنيا فاقتل في سبيلك عشر مرات لما يرى من فضل الشهادة، ويؤتى بالرجل من أهل النار فيقول له ابن آدم كيف وجدت منزلك فيقول أي رب شر منزل فيقول أتفتدي منه بطلاع الأرض ذهبًا فيقول أي رب نعم فيقول كذبت قد سألتك أقل من ذلك وأيسر فلم تفعل فيرد إلى النار. 395 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بأنعم أهل الدنيا من أهل النار يوم

_ (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال "هذا حديث حسن صحيح". 393 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أسود أنا أبو بكر عن الأعمش عن أبى صالح عن أبي هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: وفي رواية لا يدخل أحد النار إلا رأى مقعده من الجنة لو أحسن ليكون عليه حسرة ولا يدخل أحد الجنة إلا رأى مقعده من النار لو أساء ليزداد شكرًا. رواه كله أحمد ورجال الرواية الأولى رجال الصحيح: 394 - (سنده) حدثنا عبد حدثني أبى ثنا روح وعفان قالا ثنا حماد عن ثابت عن أنس، (تخريجه) رواه النسائي والحاكم وقال صحيح على شرط مسلم وأورده الحافظ بن كثير في النهاية.

القيامة فيصبغ في النار صبغة ثم يقال له يا ابن آدم هل رأيت خيرًا قط هل مر بك نعيم قط فيقول لا والله يارب، ويؤتى بأشد الناس في الدنيا من أهل الجنة فيصبغ في الجنة صبغة فيقال له ابن آدم هل رأيت بؤسًا قط هل مر بك شدة قط فيقول لا والله يارب ما مر بي بؤس قط ولا رأيت شدة قط. 396 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أحمد بن عبد الملك ثنا عبيد الله بن عمرو عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال بينا نحن صفوفًا خلف رسول الله صلى الله عليه وسلم في الظهر أو العصر إذا رأيناه يتناول شيئًا بين يديه وهو في الصلاة ليأخذه ثم تناوله ليأخذه ثم حيل بينه وبينه ثم تأخر وتأخرنا ثم تأخر الثانية وتأخرنا، فلما سلم قال أبىّ بن كعب (رضى الله عنه) يا رسول الله رأيناك اليوم تصنع في صلاتك شيئًا لم تكن تصنعه، قال إنه عرضت علىّ الجنة بما فيها من الزهرة فتناولت قطفًا من عنبها لآنيكم به ولو أخذته لأكل منه من بين السماء والأرض لا ينتقصونه فحيل بيني وبينه، وعرضت علىّ النار فلما وجدت حرّ شعاعها تأخرت وأكثر من رأيت فيها النساء اللاتي إن ائتمن أفشين وإن سألن أحفين قال أبي قال زكريا بن عدي ألفحفن وإن أعطين لم يشكرن، ورأيت فيها لحى (1) بن عمرو يجر قصبه وأشبه من رأيت به معبد بن أكثم قال معبد أى رسول الله يخشى علىّ من شبهه فإنه والد قال أنت مؤمن وهو كافر وهو أول من جمع العرب على الأصنام.

_ 395 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد بن هرون أنا حماد بن سلمة عن ثابت البنانى عن أنس بن مالك. (تخريجه) رواه مسلم. (1) لحى بن عمر وهكذا بالأصل وفى النهاية عمرو بن لحى والقصب بالضم المعى وجمعه قصاب وقيل هو ما كان أسفل البطن من الأمعاء نهاية. 396 - (تخريجه) أخرجه الحاكم وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه وأقره الذهبي.

الفصل الرابع في التعوذ من النار وسؤال الله الجنة وإنهما أقرب إلى الإنسان من شراك نعله 397 - عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما استجار عبد من النار ثلاث مرات إلا قالت النار اللهم أجره منى ولا يسأل الجنة إلا قالت الجنة اللهم أدخله إياي. 398 - وعن ابن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجنة أقرب إلى أحدكم من شراك نعله والنار مثل ذلك. الباب الثاني في صفة النار نعوذ بالله عز وجل منها وفيه فصول: الفصل الأول فيما جاء في حرها وبرد زمهريرها 399 - عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم، وعمر عن يحيى بن جعدة إن ناركم هذه جزء من سبعين جزءًا من نار جهنم وضربت بالبحر مرتين ولولا ذلك ما جعل الله فيها منفعة لأحد.

_ 397 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قران بن تمام عن يونس اسحق عن بريد أبى مريم عن أنس بن مالك. (تخريجه) رواه بلفظ من سأل الله الجنة ثلاث مرات قالت الجنة اللهم أدخله الجنة من استجار من النار ثلاث مرات قالت النار اللهم أجره من النار أو بنحوه الترمذي والنسائي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه وقال: صحيح الإسناد وأقره الذهبي. 398 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير عن الأعمش عن شقيق عن عبد الله بن مسعود. (تخريجه) أخرجه البخارى. 399 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة عن النبى صلى الله عليه وسلم وعمرو عن يحيى بن جعدة. (تخريجه) الإسناد الأول (سفيان بن عيينه عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة) صحيح متصل الإسناد والثاني (عمرو بن دينار عن يحيى بن جعدة) مرسل وأورد الحافظ بن كثير الرواية الأولى في النهاية وقال "على شرط الصحيحين" وعزاه المنذرى في الترغيب والترهيب إلى أحمد وابن حبان في صحيحه والبيهقي.

400 - وعن أبي هريرة أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هذه النار جزء من مائة جزء من جهنم. 401 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ناركم هذه ما يوقد بنو آدم جزء واحد من سبعين جزءًا من حر جهنم قالوا والله إن كانت لكافية يا رسول الله قال فإنها فضلت عليها بتسع وستين جزءًا كلهن مثل حرها. 402 - وعنه أيضًا عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: اشتكت النار إلى ربها فقالت رب أكل بعضي بعضًا فنفسنى فأذن لها في كل عام بنفسين "وفي رواية نفس في الشتاء ونفس في الصيف" فأشد ما تجدون من البرد من زمهرير جهنم وأشد ما تجدون من الحر من حر جهنم (وفي رواية من فيح جهنم).

_ 400 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا قتيبة ثنا عبد العزيز عن سهيل عن أبيه عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمى في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح وأورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "وهذا الإسناد على شرط مسلم وفي لفظه غرابه وأكثر الروايات عن أبى هريرة "جزء من سبعين جزءًا" وقد ورد الحديث كذلك من طريق عبد الله بن مسعود". 401 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة. (تخريجه) أورده الحافظ كثير في النهاية وأورده الترمذي وقال "هذا حديث حسن صحيح وهمام ابن منبه هو أخو وهب بن منبه وقد روى عنه وهب" وأخرجه مالك بن أنس عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبى هريرة ورواه البخارى عن إسماعيل ابن أبى أويس عن مالك وأخرجه مسلم عن قتيبة عن المغيرة بن عبد الرحمن الخزاعي عن أبى الزناد به بنحوه. 402 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهرى قال أخبرني أبو سلمة عن أبى هريرة. (وفي رواية سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سفيان عن الزهرى عن سعيد عن أبى هريرة. (تخريجه) رواه مالك والبخاري ومسلم وابن ماجه بنحوه.

الفصل الثاني فيما جاء في عمقها وأوديتها وآلات العذاب فيها نعوذ بالله منها 403 - عن عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن رصاصة (1) مثل هذه، وأشار إلى مثل جمجمة، أرسلت من السماء إلى الأرض وهي مسيرة خمسمائة سنة لبلغت الأرض قبل الليل، ولو أنها أرسلت من رأس السلسلة لسارت أربعين خريفًا الليل والنهار قبل أن تبلغ أصلها أو قعرها. 404 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا فسمعنا وجبة (1) فقال النبى صلى الله عليه وسلم أتدرون ما هذا قلنا الله ورسوله أعلم قال هذا حجر أرسل في جهنم منذ سبعين خريفًا فالآن انتهى إلى قعرها. 405 - وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: ويل وادٍ في جهنم يهوى فيه الكافر أربعين خريفًا قبل أن يبلغ قمره، والصعود جبل من يصعد فيه سبعين خريفًا يهوى به كذلك فيه أبدًا.

_ 403 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن اسحق أنا عبد الله أنا سعيد بن يزيد عن أبى السمح عن عيسى بن هلال الصدفي عن عبد الله بن عمرو. (غريبه) رصاصة: بتشديد الصاد حجارة لازقة بحوالي العين الجارية ويجوز أن يكون المراد رصاصة أي قطعة من الرصاص قدر الجمجمة وجاءت الكلمة رضاضة بضم الراء أي فتات الشيء والله أعلم. (تخريجه) رواه الترمذي وقال إسناده حسن صحيح. ورواه الطبرى في التفسير والبيهقي. 404 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا حسين بن محمد قال حدثنا خلف يعنى ابن خليفة عن يزيد بن كيسان عن أبى حازم عن أبى هريرة. (غريبه) وجبة أي سقطة. (تخريجه) رواه مسلم. 405 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد الخدري. (وعنه من طريق آخر- سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا موسى بن داود أنا ابن لهيعة عن دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد الخدري.

406 - وعنه أيضًا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو أن مقمعًا من حديد وضع في الأرض فاجتمع له الثقلان ما أقلوه من الأرض. (وعنه من طريق آخر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لو ضرب الجبل بقمع من حديث لتفتت ثم عاد كما كان، ولو أن دلوًا من غسَّاقٍ بهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا.

_ (تخريجه) رواه الحاكم في المستدرك عن عمرو بن الحارث عن دراج وقال: صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي. ورواه الترمذي مجزءًا من طريق ابن لهيعة عن دراج: الأول بلفظ: ويل واد بين جبلين يهوى فيه الكافر سبعين خريفًا قبل أن يبلغ قعره. وقال: غريب لا نعرفه إلا من حديث ابن لهيعة عن دراج. والثاني: الصعود جبل من نار يتصعد فيه الكافر سبعين خريفًا، ويهوى به كذلك أبدًا. وقال: غريب لا نعرفه إعامر فولا من حديث ابن لهيعة. وأورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال كذا رواه الترمذي عن عبد الرحمن بن حميد عن الحسن ابن موسى الأشيب عن ابن لهيعة عن دراج وقال غريب لا نعرفه إلا عن طريق ابن لهيعة، كذا قال، وقد رواه ابن جرير عن يونس عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن دراج به وبكل حال فهو حديث غريب بل منكر والأظهر في تفسير ويل أنها ضد السلامة والنجاة كما تقول العرب ويل له، وويله" اهـ وكذلك ذهب ابن كثير إلى أن صعودًا تعنى مشقة وعذابًا. 406 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد الخدرى. (غريبه) غساق بفتح العين والسين بتشديد وبدونه ما يسيل من صديد أهل النار ويهراق لغة في يراق أى يصب. (تخريجه) الرواية الأولى أوردها الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه وابو يعلى وفيه ضعفاء وثقوا"، ورواه الحاكم في المستدرك من طريق عمرو بن الحارث عن دراج وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه. والرواية الثانية أوردها أيضًا الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه وأبو يعلى في حديث طويل ويأتي إن شاء الله وفيه ابن لهيعة وقد وثق على ضعفه. أقول: وأورده الحاكم في المستدرك من طريق عمرو بن الحارث عن دراج أيضًا بنحوه وقال: هذا حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي.

407 - وعن عبد الله بن جزء الزبيدى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في النار حيات كأمثال أعناق البخت تلسع إحداهن اللسعة فيجد حموتها أربعين خريفًا، وإن في النار عقارب كأمثال البغال الموكفة تلسع إحداهن اللسعة فيجد حموتها أربعين سنة. الفصل الثالث فيما جاء في سعتها وجدرانها 408 - عن مجاهد قال قال ابن عباس رضى الله عنهما أتدرى ما سعة جهنم قلت لا قال أجل والله ما تدري إن بين شحمة أذن أحدهم وبين عانقه مسيرة سبعين خريفًا تجري فيها أودية القيح والدم قلت أنهارًا قال لا بل أودية، ثم قال أتدرون ما سعة جهنم قلت لا قال أجل والله ما تدرى، حدثتني عائشة (رضى الله عنها) أنها سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قوله (والأرض جميعًا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه) فأين الناس يومئذ يا رسول الله قال هم على جسر جهنم.

_ 407 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا موسى بن داود وحسن بن موسى قالا ثنا ابن لهيعة وحسن بن موسى قال ثنا ابن لهيعة عن دراج قال موسى في حديثه قال سمعت عبد الله بن الحرث ابن جزء الزبيدي. (غريبه) موكفة أى محملة. (تخريجه) ذكره المنذري في الترغيب والترهيب قال: رواه أحمد والطبراني من طريق ابن لهيعة عن دراج عنه، ورواه ابن حبان في صحيحه، والحاكم من طريق عمرو بن الحارث عن دراج عنه وقال الحاكم: صحيح الإسناد. 408 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إبراهيم بن اسحق الطالقانى قال ثنا ابن المبارك وعلى بن اسحق قال أنا عبد الله عن عنبسة بن سعيد عن حبيب بن أبى عمرة عن مجاهد. (تخريجه) ذكره المنذري في الترغيب والترهيب إلى قوله "لا بل أودية" وقال: رواه أحمد بإسناد صحيح، والحاكم وقال: صحيح الإسناد" وأورده ابن كثير في النهاية مرويًا عن الترمذي والنسائي والبيهقي والحافظ أبو نعيم الأصبهاني واللفظ له من حديث عبد الله بن المبارك حدثنا عنبسه عن حبيب بن أبى عمره عن مجاهد عن ابن عباس وقال "وإنما روى الترمذى والنسائي المرفوع فقط وقال الترمذى صحيح غريب في هذا الوجه".

409 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: لسرادق النار أربع جدر كثف كل جدار مثل مسيرة أربعين سنة. الفصل الرابع فيما جاء في خروج عنق من النار يوم القيامة وقول جهنم هل من مزيد 410 - عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يخرج عنق من النار يوم القيامة له عينان يبصر بهما وآذان يسمع بهما ولسان ينطق به فيقول إنى وكلت بثلاثة: بكل جبار عنيد، وبكل من أدعى مع الله إلهًا آخر، والمصورين. 411 - وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تزال جهنم تقول هل مزيد قال فيدلى فيها رب العالمين قدمه قال فينزوى بعضها إلى بعض وتقول قط قط بعزتك ولا يزال في الجنة فضل حتى ينشئ الله لها خلقًا آخر فيسكنه في فضول الجنة. -قط- (وعنه من طريق آخر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يلقى في النار وتقول هل من مزيد حتى يضع قدمه أو رجله عليها وتقول قط قط.

_ 409 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد الخدرى. (تخريجه) أورده الترمذى عن عبد الله بن المبارك أخبرنا رشدين بن سعد حدثنى عمرو بن الحرث عن دراج الخ ... وقال "وفي رشدين مقال وقد تكلم فيه من قبل حفظه. ومعنى قوله كثف كل جدار يعنى غلظه" وأخرجه الحاكم من طريق محمد بن يعقوب ثنا بحر بن نصر الخولاني ثنا عبد الله بن وهب أخبرني عمرو بن الحارث عن دراج بنحوه وقال "هذا حديث الإسناد ولم يخرجاه". 410 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد ثنا عبد العزيز بن مسلم ثنا سليمان عن أبى صالح عن أبى هريرة. (تخريجه) رواه الترمذى وقال "هذا حديث حسن غريب صحيح وقد رواه بعضهم عن الأعمش عن عطية عن أبى سعيد عن النبى صلى الله عليه وسلم نحو هذا، وروى أشعث بن سوار عن عطية عن أبى سعيد الخدري عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه". 411 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بهز وعفان قالا ثنا ابان قال بهز بن يزيد العطا ثنا قتادة عن أنس بن مالك قط (وعنه من طريق آخر- سنده) حدثنا عبيد الله بن عمر القواريري ثنا حربى بن عمارة ثنا شعبة عن قتادة عن أنس بن مالك. (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم والترمذي والنسائي.

الباب الثالث في التحذير من النار 412 - عن عدى بن حاتم (الطائى رضى الله عنه) قال قال النبى صلى الله عليه وسلم: اتقوا النار قال فأشاح بوجهه حتى ظننا أنه ينظر إليها ثم قال اتقوا النار وأشاح بوجهه قال قال مرتين أو ثلاثًا اتقوا النار ولو بشق تمرة فإن لم تجدوا فبكلمة طيبة. 413 - وعن سماك (بن حرب) قال سمعت النعمان (ابن بشير رضى الله عنه) يخطب وعليه خميصة له فقال لقد سمعت رسول الله صلى الله يخطب وهو يقول أنذرتكم النار فلو أن رجلًا موضع كذا وكذا سمع صوته. (وعنه من طريق آخر بنحوه) وفيه بعد قوله أنذرتكم النار قال حتى لو أن رجلًا كان بالسوق لسمعه من مقامي هذا، قال حتى وقعت خميصه كانت على عاتقه عند رجليه. (وعنه من طريق ثالث بنحوه) وفيه حتى لو كان رجل كان في أقصى السوق سمعه وسمع أهل السوق صوته وهو على المنبر. الباب الرابع فيما جاء في أهل النار وصفاتهم وصفة عذابهم وطعامهم وشرابهم وغير ذلك وفيه فصول: الفصل الأول في أهل النار وصفاتهم 414 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة ثنا العلاء بن زياد العدوي

_ 412 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أسود ثنا شريك عن الأعمش عن خيثمة عن ابن معقل عن عدى بن حاتم. (تخريجه) رواه البخارى ومسلم. 413 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان بن داود أخبرنا شعبة عن سماك (وعنه من طريق آخر بنحوه - سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر قال ثنا شعبة عن سماك بن حرب (وعنه أيضًا من طريق ثالث بنحوه- سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق أنا إسرائيل عن سماك بن حرث. (تخريجه) رواه الحاكم وقال: صحيح على شرط مسلم.

حدثني يزيد أخو مطرف قال وحدثني عقبة كل هؤلاء يقول حدثني مطرف أن عياض بن حمار (رضى الله عنه) حدثه أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول في خطبته إن الله عز وجل أمرنى أن أعلمكم ما جهلتم فذكر أهل النار وعدّ منهم الضعيف الذى لا زبر له الدين هم فيكم تبع لا يبتغون أهلًا ولا مالًا قال قال رجل لمطرف يا أبا عبد الله أمن الموالي هو أم من العرب قال هو التابعة يكون للرجل يصيب من خدمه سفاحًا غير نكاح. 415 - وعن أبى سعيد الخدري عن نبى الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: يخرج عنق من الفطر يتكلم يقول وكلت اليوم بثلاثة، بكل جبار، وبمن جعل مع الله إلهًا آخر، وبمن قتل نفسًا بغير نفس فينطوى عليهم فيقذفهم في غمرات جهنم. 416 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال عند ذكر أهل النار، كل جعظري جواظ مستكبر جمّاع منّاع. 417 - وعن عبد الرحمن بن أبى ليلى عن أبى ليلى رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ بصلاة ليست بفريضة فمرّ بذكر الجنة والنار فقال أعوذ بالله من النار ويح أو ويل لأهل النار.

_ (غريبه) زبر: أي لا عقل له بريزة ويمنعه مما لا ينبغي وقيل هو الذي لا مال له، وقيل هو الذى ليس عنده ما يعتمده. 414 - (تخريجه) أخرجه مسلم مطولًا من عدة طرق. 415 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى معاوية بن هشام حدثنا شيبا عن فراس عن عطية عن أبى سعيد الخدرى. (تخريجه) أورده الهيثمى في مجمع الزوائد برواية البزار وقال: رواه البزار واللفظ له وأحمد باختصار وأبو يعلى بنحوه، والطبرانى في الأوسط، وأحد إسنادى الطبراني رجاله رجال الصحيح. 416 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الرحمن ثنا موسى يعنى بن على سمعت أبى يحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص. (تخريجه) أورده الهيثمى في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد، ورجاله رجال الصحيح. 417 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع ثنا ابن أبى ليلى عن ثابت البنانى عن عبد الرحمن بن أبى ليلى. (تخريجه) أخرجه أبو داود وابن ماجه بنحوه.

418 - وعن عبد الله بن عمر رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: يعظم أهل النار في النار حتى أن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام، وإن غلظ جلده سبعون ذراعًا وإن ضرسه مثل أحد. 419 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد وعرض جلده سبعون ذراعًا وفخذه مثل ورقان (1) ومقعده من النار مثل ما بينى وبين الربدة (وعنه من طريق آخر) عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه وفيه وفخذه مثل البيضاء (2) ومقعده من النار كما بين قديد إلى مكة وكثافة جلده اثنان وأربعون ذراعًا بذراع الجبار (3). 420 - وعن أبي سعيد الخدرى رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: مقعد الكافر في النار مسيرة ثلاثة أيام، وكل ضرس مثل أحد، وفخذه مثل ورقان، وجلده سوى لحمه وعظامه أربعون ذراعًا.

_ 418 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا وكيع حدثنى أبو يحيى الطويل عن أبى يحيى القتات عن مجاهد عن ابن عمر. (تخريجه) أورده الهيثمى في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والطبرانى في الكبير والأوسط، وفي أسانيدهم أبو يحيى القتات وهو ضعيف، وفيه خلاف، وبقية رجاله أوثقه منه. 419 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ربعى بن إبراهيم قال ثنا عبد الرحمن بن إسحق عن سعيد بن أبى سعيد عن أبى هريرة. (وعنه من طريق آخر سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن دينار عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة. (غريبه) (1) ورقان بفتح الواو وكسر الراء جبل أسود بين المرح والروبثة على يمين الذاهب من المدينة إلى مكة (2) البيضاء المزود الذى يضع فيه الراعى طعامه أو الوعاء الذى يضع فيه طعامه، ومعنى أن عضده كالبيضاء أنه منتفخ غليظ وقال ابن الأثير في النهاية "البيضاء قيل هو اسم جبل". (3) الجبار: الشخص العظيم القوى الطويل. (تخريجه) أورده الهيثمى في مجمع الزوائد وقال: رواه الترمذى غير أنه قال وغلظ جلده أربعون ذراعًا وهنا سبعون- رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير ربعى بن إبراهيم وهو ثقة. 420 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا بن الهيعة ثنا درج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد الخدرى. (تخريجه) أورده الهيثمى وقال: رواه أحمد وأبو يعلى وفيه ابن لهيعة وقد وثق على ضعفه.

الفصل الثاني في طعام أهل النار وشرابهم وصفة عذابهم وتفاوتهم في ذلك 421 - عن مجاهد أن الناس كانوا يطوفون بالبيت وابن عباس جالس معه محجن فقال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم {يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلاّ وأنتم مسلمون} ولو أن قطرة من الزقوم قطرت لأمرّت على أهل الأرض عيشهم فكيف من ليس لهم طعام إلا الزقوم. 422 - وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن دلوًا من غساق يهراق في الدنيا لأنتن أهل الدنيا. 423 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن الحميم ليصب على رؤوسهم فينفذ الجمجمة حتى يخلص إلى جوفه فيسلت ما في جوفه حتى يمرق من قدميه. 424 - وعن أبى اسحق قال سمعت النعمان بن بشير رضى الله عنه يخطب وهو يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إن أهون أهل النار عذابًا يوم القيامة رجل يجعل في أخمص قدميه فعلان من نار يغلى منهما دماغه.

_ 421 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا روح ثنا شعبة قال: سمعت سليمان عن مجاهد. (تخريجه) أورده بن كثير في تفسيره، وقال: وهكذا رواه الترمذى والنسائي وابن ماجة وابن حبان في صحيحه والحاكم في مستدركه من طرق عن شعبة. به. وقال الترمذى: حسن صحيح: وقال الحاكم: على شرط الشيخين ولم يخرجاه". 422 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى ثنا بن لهيعة ثنا دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد الخدري. (تخريجه) رواه الترمذى من حديث رشدين عن عمرو بن الحارث عن دراج عن أبى الهيثم، وقال الترمذى: إنما نعرفه من حديث رشدين. 423 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى حدثنا إبراهيم حدثنا ابن المبارك عن سعيد بن يزيد عن أبى السمح عن ابن حجيرة عن أبى هريرة. (تخريجه) رواه البيقهى والترمذى وقال: حديث حسن غريب صحيح. 424 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن سعيد عن شعبة قال حدثنى أبو اسحق. (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم بنحوه.

425 - وعن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم: أهون أهل النار عذابًا رجل عليه نعلان يغلى منهما دماغه. 426 - وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم أهون أهل النار عذابًا رجل في رجليه نعلان يغلى منهما دماغه، ومنهم في النار إلى كعبيه مع إجراء العذاب، ومنهم من في النار إلى ركبتيه مع إجراء العذاب ومنهم من هو في النار إلى صدره مع إجراء العذاب، ومنهم من قد اعتمر في النار قال عفان (أحد الرواة) مع إجراء العذاب قد اعتمر. 427 - وعن سمرة بن جندب رضى الله عنه أنه سمع نبي الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن منهم من تأخذه النار إلى كعبه، ومنهم من تأخذه النار إلى ركبتيه، ومنهم من تأخذه النار إلى حجزته، ومنهم من تأخذه النار إلى ترقوته. 428 - وعن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ينصب للكافر يوم القيامة مقدار خمسين ألف سنة كما لم يعمل في الدنيا، وإن الكافر يرى جهنم ويظن أنها مواقعته من مسيرة أربعين سنة.

_ 425 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن ابن عجلان عن أبيه عن أبى هريرة. (تخريجه) ذكره المنذري في الترغيب والترهيب بنحوه ثم قال: رواه الطبراني بإسناد صحيح وابن حبان في صحيحه. 426 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن سعيد الجريري عن أبى نضرة عن أبى سعيد. (تخريجه) ذكره المنذري في الترغيب والترهيب ثم قال: رواه أحمد والبزار ورواته رواه الصحيح وهو في مسلم مختصرًا: إن أدنى أهل النار عذابًا منتعل بنعلين من نار يغلى دماغه من حر نعليه. 427 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يونس بن محمد وحسين قالا ثنا شيبان عن قتادة وسمعت أبا نضرة يحدث عن سمرة بن جندب. (تخريجه) أخرجه مسلم. 428 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن ثنا ابن الهيعة ثنا دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد الخدري. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد وأبو يعلى وإسناده حسن على ما فيه من ضعف".

الفصل الثالث في صفة عذاب إبليس وذريته وندائهم بالويل والثبور 429 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الصمد وعفان قالا ثنا حماد بن سلمة عن على ابن زيد عن أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أول من يكسى حلة من النار إبليس فيضعها على حاجبه ويسحبها من خلفه وذريته من بعده وهو ينادى واثبوراه وينادون ياثبورهم قال عبد الصمد قالها مرتين حتى يقفوا على النار فيقول ياثبوراه ويقولون ياثبورهم، فيقال لهم (لا تدعوا اليوم ثبورًا واحدًا وادعوا ثبورًا كثيرًا) قال عفان وذريته خلفه وهم يقولون ياثبورهم قال عفان حاجبيه. الفصل الرابع في آخر من يخرج من النار وآخر من يدخل الجنة من الموحدين 430 - عن عبد الله بن مسعود رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف آخر أهل النار خروجًا من النار، رجل يخرج منها زحفًا فيقال له انطلق فادخل الجنة قال فيذهب يدخل فيجد الناس قد أخذوا المنازل قال فيرجع فيقول يارب قد أخذ الناس المنازل قال فيقال له أتذكر الزمان (1) الذي كنت فيه قال فيقول نعم قال فيقال له تمنّه فيتمنى فيقال إن لك الذى تمنيت وعشرة أضعاف الدنيا قال فيقول أتسخر؛ وأنت الملك قال فلقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجده. (وعنه أيضًا من طريق آخر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن آخر أهل الجنة دخولًا الجنة وآخر أهل النار خروجًا من النار رجل يخرج من النار حبوًا فيقول الله عز وجل له اذهب فادخل الجنة فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى فيرجع فيقول يارب وجدتها ملأى فيقول

_ 429 - (تخريجه) أورده الهيثمى في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والبزار ورجالهما رجال الصحيح غير على بن زيد وقد وثق. 430 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله بن مسعود. (وعنه أيضًا من طريق آخر - سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسين بن محمد ثنا شيبان عن منصور عن إبراهيم عن عبيدة السلماني عن عبد الله بن مسعود. (1) يعني الدنيا.

اذهب فأدخل الجنة فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى فيرجع فيقول يارب قد وجدتها ملأى فيقول اذهب فأدخل الجنة فيأتيها فيخيل إليه أنها ملأى فيرجع إليه فيقول يارب وجدتها ملأى ثلاثًا فيقول اذهب فإن لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها أو وعشرة أمثال الدنيا قال فيقول رب أتضحك منى وأنت الملك قال وكان يقل هذا أدنى أهل الجنة منزلة. 431 - وعن أنس بن مالك عن ابن مسعود رضى الله عنهما عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن آخر من يدخل الجنة رجل يمشى على الصراط فينكب مرة ويمشى مرة وتسعفه النار مرة فإذا جاوز الصراط التفت إليها فقال تبارك الذى نجانى منك لقد أعطاني الله ما لم يعط أحدًا من الأولين والآخرين قال فترفع له شجرة فينظر إليها فيقول يارب ادننى من هذه الشجرة فلستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول أي عبدى فلعلي أن ادنيتك منها سألتني غيرها فيقول لا يارب ويعاهد الله أن لا يسأله غيرها والرب عز وجل يعلم أنه سيسأله لأنه يرى ما لا صبر له يعنى عليه فيدنيه منها، ثم ترفع له شجرة وهي أحسن منها فيقول يارب ادننى من هذه الشجرة فاستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول أي عبدي ألم تعاهدني يعنى أنك لا تسألنى غيرها فيقول يارب هذه لا أسألك غيرها ويعاهده والرب يعلم أنه سيسأله غيرها فيدنيه منها، فترفع له شجرة عند باب الجنة هي أحسن منها فيقول رب ادننى من هذه الشجرة أستظل بظلها وأشرب من مائها فيقول أى عبدى ألم تعاهدنى أنك لا تسأل غيرها فيقول يارب هذه الشجرة لا أسألك غيرها ويعاهده والرب يعلم أنه سيسأله غيرها لأنه يرى ما لا صبر له عليها فيدنيه منها، فيسمع أصوات أهل الجنة فيقول يارب الجنة فيقول عبدي ألم تعاهدني أنك لا تسألني غيرها فيقول يارب أدخلنى الجنة، قال فيقول عز وجل ما يصرينى منك أي عبدي أبرضيك أن أعطيك من الجنة الدنيا ومثلها معها قال فيقول أنهز أبى وأنت رب العزة قال فضحك عبد الله حتى بدت نواجده

_ (تخريجه) أخرج مسلم والترمذي الرواية الأولى بسندها وقال الترمذي هذا حديث حسن صحيح، وأخرج الرواية الثانية البخاري ومسلم وابن ماجة. 431 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد أنا حماد بن سلمة عن ثابت البنانى عن أنس بن مالك. (غريبه) أي ما يقطع مسألتك ويمنعك من سؤالي.

ثم قال ألا تسألوني لم ضحكت قالوا له لم ضحكت قال لضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال لنا ألا تسألوني لم ضحكت يا رسول الله قال لضحك الرب حين قال أتهزأ بي وأنت رب العزة. 432 - وعن أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يخرج من النار أربعة يعرضون على الله عز وجل فيأمر بهم إلى النار فيلتفت أحدهم فيقول أي رب قد كنت أرجو إن أخرجتني منها ألا تعيدني فيها فيقول فلا نعيدك فيها. 433 - وعنه (1) أيضًا عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن عبدًا في جهنم لينادي ألف سنة يا حنان يا منان قال فيقال الله عز وجل لجبريل اذهب فائتني بعبدي هذا فينطلق جبريل فيجد أهل النار ككبين يبكون فيرجع إلى ربه فيخبره فيقول اثتنى به في مكان كذا وكذا فيجيء به فيوقفه على ربه عز وجل فيقول له يا عبدي كيف وجدت مكانك ومقيلك، فيقول أي رب شر مكان وشرّ مقيل فيقول ردوا عبدى فيقول يارب ما كنت أرجوا إذا أخرجتني منها أن تردني فيها فيقول دعوا عبدي.

_ (تخريجه) رواه مسلم من طريق عفان عن حماد بن سلمة بهذا الإسناد، وزاد في آخره: "فيقول: إني لا استهزئ منك، ولكني على ما أشاء قادر". 432 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا حماد عن ثابت البنانى وأبى عمران الجونى عن أنس بن مالك. (تخريجه) أخرجه مسلم. 433 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن بن موسى ثنا سلام يعنى ابن مسكين عن ابى ظلال عن أنس بن مالك. (تخريجه) أورده الهيثمى في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وأبو يعلى ورجالهما رجال الصحيح غير أبى ظلال وضعفه الجمهور ووثقه ابن حبان انتهى وهذا الحديث مما حكم عليه ابن الجوزى بالطعن وذب عنه الحافظ وهو الحديث السادس.

الباب الخامس فيما جاء في أولاد المسلمين وأولاد المشركين وأهل الفترة وفيه فصول: الفصل الأول فيما اشترك فيه أولاد المسلمين وأولاد الكافرين 434 - ز- عن على رضى الله عنه قال سألت خديجة (رضى الله عنها) النبى صلى الله عليه وسلم عن ولدين مانا لها في الجاهلية فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هما في النار قال فلما رأى الكراهية في وجهها قال لو رأيت مكانها لأبغضتهما قالت يا رسول الله فولدي منك قال في الجنة قال ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن المؤمنين وأولادهم في الجنة، وإن المشركين وأولادهم في النار ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {والذين آمنوا وأتبعتهم ذريتهم بإيمان ألحقنا بهم ذرياتهم}. 435 - وعن ابن عباس رضى الله عنهما، قال أنى علىّ زمان وأنا أقول أولاد المسلمين مع المسلمين، وأولاد المشركين مع المشركين حتى حدثني فلان عن فلان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سئل عنهم فقال الله أعلم بما كانوا عاملين قال فلقيت الرجل فأخبرني (1) فأمسكت عن قولي. (وعنه من طريق آخر) قال كنت أقول أولاد المشركين هم منهم فحدثني رجل عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فلقيته (2) فحدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال ربهم أعلم بهم هو خلقهم وهو

_ 434 - (سنده) ز- حدثنا عبد الله حدثني عثمان بن أبى شيبة ثنا محمد بن فضيل عن محمد بن عثمان عن ذادان عن على. (تخريجه) الحديث في تفسير ابن كثير ومجمع الزوائد والميزان للذهبي والدر المنثور مختصرًا وكلهم نسبه لعبد الله بن أحمد وقال في الزوائد "فيه محمد بن عثمان، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح" وفي تعجيل المنفعة: "قال شيخنا الهيثمي: ذكره ابن حبان في الثقات وأغفله الحسيني. قلت: وذكره الأزدى في الضعفاء" فلعله كتب ما في الزوائد قبل أن يراه في ابن حبان. 435 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عفان ثنا حماد يعني ابن سلمة أنا عمار يعني ابن أبى عمار عن ابن عباس. (وعنه من طريق آخر- سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا إسماعيل بن إبراهيم ثنا خالد الحذاء عن عمار بن أبى عمار عن ابن عياش. (غريبه) (1) و (2) أي الصحابي.

أعلم بهم وبما كانوا عاملين. 436 - وعن حسناء بنت معاوية من بنى صريم قالت حدثنا عمى قال قالت يا رسول الله من في الجنة، قال النبى في الجنة والشهيد في الجنة والمولود والوليدة. (وعنها من طريق آخر) بنحوه وفيه والمولود في الجنة والموؤدة في الجنة. الفصل الثاني فيما جاء في أولاد المشركين 437 - وعن عبد الله بن أبى قيس مولى غطيف أنه أتى عائشة أم المؤمنين رضى الله عنها فسلم عليها فقالت من الرجل فقال أنا عبد الله مولى غطيف بن عازب فقالت ابن عفيف فقال نعم يا أم المؤمنين فسألها عن الركعتين بعد صلاة العصر أركعها رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت له نعم، وسألها عن ذراري الكفار فقالت قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم مع آبائهم فقلت يا رسول الله بلا عمل قال الله عز وجل أعلم بما كانوا عاملين. 438 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من مولود يولد إلا على هذه الملة حتى يبين عنه لسانه فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يشركانه قالوا يا رسول الله فكيف ما كان قبل ذلك قال الله أعلم بما كانوا عاملين.

_ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. 436 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا روح ثنا عوف عن حسناء (وعنها من طريق آخر - سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا اسحق يعنى الأزرق أنا عوف حدثتني حسناء. (تخريجه) أخرجه أبو داود بسند صالح وحسناء بنت معاوية جاء في تهذيب التهذيب "حسناء بنت معاوية بن سليم الصريمية ويقال خنساء روت عن عمها عن النبي صلى الله عليه وسلم" النبى في الجنة، والشهيد في الجنة" يقال اسم عمها أسلم بن سليم". 437 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبى المغيرة ثنا عتبة يعنى ابن ضمرة يعنى ابن حبيب قال ثنى عبد الله بن أبى قيس. (تخريجه) رواه أبو داود بسند صالح بلفظ: قلت يا رسول الله ذراري المؤمنين قال هم من آبائهم فقلت بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين قلت يا رسول الله فذراري المشركين قال من أبائهم قلت بلا عمل قال الله أعلم بما كانوا عاملين. 438 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة.

439 - وعن ابن عباس رضى الله عنهما أن النبى صلى الله عليه وسلم سئل عن ذراري المشركين فقال الله أعلم بما كانوا عاملين. باب كل مولود يولد على الفطرة- وما جاء في نخس الشيطان لكل مولود الخ 440 - عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه وبمجسانه كما تنتج البهيمة هل تحسون فيها من (1) جدعاء ثم يقول وأقرءوا إن شئتم {فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله}. (وعنه من طريق ثان) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال كل مولود يولد على الفطرة فأبواه يهودانه وينصرانه مثل الأنعام تنتج صحاحًا فتكوى آذانها. 441 - وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل مولود يولد على الفطرة حتى يعرب عنه لسانه فإذا أعرب عنه لسانه إما شاكرًا وإما كفورا. 442 - عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: كل بنى آدم يطعن الشيطان

_ (تخريجه) أخرجه الشيخان وغيرهما بنحوه. 439 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا هشيم عن أبى بشر عن سعيد بن زبير عن ابن عباس. (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم. 440 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الزهرى عن ابن المسيب عن أبى هريرة (وعنه من طريق ثان- سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إبراهيم بن خالد ثنا رباح عن عمر بن حبيب عن عمرو بن دينار عن طاوس عن أبى هريرة. (غريبه) جدعاء أي المقطوعة الأذن يريد أنها تولد لا جدع فيها وإنما بجدعها أهلها بعد ذلك. (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم وأبو داود والترمذي. 441 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا هاشم حدثنا أبو جعفر عن الربيع بن أنس عن الحسن عن جابر بن عبد الله. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وفيه أبو جعفر الرازي وهو ثقة وفيه خلاف، وبقية رجاله ثقات. 442 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الملك بن عمرو ثنا المغيرة عن أبى الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة.

بأصبعه في جنبه حين يولد إلا عيسى بن مريم ذهب يطعن فطعن في الحجاب. 443 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن جعفر قال ثنا محمد بن جعفر قال ثنا السرى بن يحيى ثنا الحسن بن الأسود ابن سريع وكان رجلًا من بنى سعد وكان أول من قص في هذا المسجد يعنى المسجد الجامع قال غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم أربع غزوات قال فتناول قوم الذرية بعد ما قتلوا المقاتلة فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ألا ما بال أقوام قتلوا المقاتلة حتى تناولوا الذرية قال فقال رجل يا رسول الله أو ليس أبناء المشركين قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إن خياركم أبناء المشركين أنها ليست نسمة تولد إلا ولدت على الفطرة فما تزال عليها حتى يبين عنها لسانها فأبواها يهودانها أو ينصرانها قال وأخفاها الحسن. الفصل الثالث فيما جاء في أولد المسلمين 444 - عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: ذراري المسلمين في الجنة يكفلهم إبراهيم عليه السلام. 445 - وعن عائشة أم المؤمنين (رضى الله عنها) قالت دعى النبى صلى الله عليه وسلم إلى جنازة غلام من الأنصار فقلت يا رسول الله طوبى لهذا عصفور من عصافير الجنة لم يدرك الشر ولم يعمله قال أو غير ذلك يا عائشة إن الله عز وجل حلق للجنة أهلًا خلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم وخلق

_ (تخريجه) تقدم هذا الحديث في الصفحة 134 من الجزء العشرين من هذا الكتاب (فضائل نبي الله عيسى بن مريم، وقال مصنفه رحمه الله في تخريجه، أخرجه الشيخان وغيرهما". 443 - (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد مختصرًا وقال رواه أحمد بأسانيد وبعض أسانيد أحمد رجاله رجال الصحيح، ورواه الطبراني في الكبير والأوسط بنحوه. 444 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا موسى بن داود ثنا عبد الرحمن بن ثابت عن عطاء بن قرة عن عبد الله بن ضمرة عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وفيه عبد الرحمن بن ثابت وثقه المديني وجماعة وضعفه ابن معين وغيره، وبقيه رجاله ثقات. 445 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع قال حدثني طلحة بن يحيى بن طلحة بن عبد الله عن عمته عائشة بنت طلحة. (تخريجه) أخرجه مسلم وأبو داود والنسائي وابن ماجه.

للنار أهلًا خلقها لهم وهم في أصلاب آبائهم. 446 - وعن شرحبيل بن شفعة عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أنه سمع النبى صلى الله عليه وسلم يقول يقال للولدان يوم القيامة أدخلوا الجنة فيقولون يارب حتى يدخل آباؤنا وأمهاتنا قال فيأتون قال فيقول الله عز وجل مالي أراهم محبنطئين (1) أدخلو الجنة قال فيقال يارب آباؤنا وأمهاتنا قال فيقول أدخلوا الجنة أنتم وآباؤكم. الفصل الرابع فيما جاء في أهل الفترة والأحمق والأصم والهرم 447 - وعن الأسود بن سريع أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: أربعة يوم القيامة رجل أصم لا يسمع شيئًا ورجل أحمق ورجل هرم ورجل مات في فترة، فأما الأصم فيقول رب لقد جاء الإسلام وما أسمع شيئًا، وأما الأحمق فيقول رب لقد جاء الإسلام والصبيان يخدفوني بالبعر، وأما الهرم فيقول رب لقد جاء الإسلام وما أعقل شيئًا، وأما الذى مات في الفترة فيقول رب ما أتاني لك رسول فيأخذ مواثيقهم ليطيعنه فيرسل إليهم أن أدخلوا النار قال فوالذي نفس محمد بيده لو دخلوها لكانت عليهم بردًا وسلامًا.

_ 446 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو المغيرة ثنا حريز قال ثنا شرحبيل بن شفعة. (غريبه) (1) المحبنطيء بالهمزة وتركه المتغضب المستبطئ للشيء وقيل هو الممتنع امتناع طلبته لا امتناع إياه أورده في النهاية. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير شرحبيل وهو ثقة. 447 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن عبد الله ثنا معاذ بن هشام قال حدثنى أبى عن قتادة عن الأحنف بن قيس عن الأسود بن سريع. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والبزار إلا أنه قال يعرض على الله الأصم الذي لا يسمع شيئًا والأحمق والهرم ورجل مات في الفترة. رواه الطبراني بنحوه وذكر بعده إسنادًا إلى أبى هريرة قال مثل هذا الحديث غير أنه قال في آخره فمن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا ومن لم يدخلها يسحب إليها- هذا لفظ أحمد ورجاله في طريق الأسود بن سريع وأبى هريرة رجال الصحيح وكذلك رجال البزار فيهما.

448 - وعن أبي هريرة رضى الله عنه مثل هذا غير أنه قال في آخره فمن دخلها كانت عليه بردًا وسلامًا ومن لم يدخلها يسحب إليها. فرع فيما ورد فى أبوي النبي صلى الله عليه وسلم 449 - عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رجل للنبي صلى الله عليه وسلم أين أبى قال في النار قال فلما رأى ما في وجهه قال إن أبى وأباك في النار. 450 - وعن أبى رزين لقيط بن عامر بن المنتفق رضى الله عنه) قال قلت يا رسول الله أين أمى قال أمك في النار قال قلت فأين من مضى من أهلك قال أما ترضى أن تكون أمك مع أمي. 451 - وعن سليمان بن بريدة عن أبيه (بريدة الأسلمي رضى الله عنه) أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غزا غزوة الفتح فخرج يمشى إلى القبور حتى إذا أتى إذا أدناها جلس إليه كأنه يكلم إنسانًا جالسًا يبكي قال فاستقبله عمر بن الخطاب رضى الله عنه فقال ما يبكيك جعلني الله فداءك قال سألت ربي عز وجل أن يأذن لي في زيارة قبر أم محمد فأذن لي فسألته أن يأذن لي فاستغفر لها فأبى إني كنت نهيتكم عن ثلاثة أشياء: عن لحوم الأضاحي أن تمسكوا بعد ثلاثة أيام فكلوا ما بدا لكم، وعن زيارة القبور فمن شاء فليزر فقد أذن لي في زيارة قبر أم محمد ومن شاء فليدع، وعن الظروف تشربون فيها الدباء والحتتم والمزفت وأمرتكم بظروف وإن الوعاء لا يحل شيئًا ولا يحرمه فاجتنبوا كل مسكر.

_ 448 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا على ثنا معاذ بن هشام قال حدثني أبى عن الحسن عن أبى رافع عن أبى هريرة. (تخريجه) أشير إليه في الحديث السابق. 449 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا وكيع عن حماد عن ثابت عن أنس بن مالك. (تخريجه) أخرجه مسلم وأبو داود. 450 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى قال ثنا محمد بن جعفر ثنا شعبة عن يعلى بن عطاء عن وكيع بن حدس عن أبى رزين. (تخريجه) أورده الهيثمى في مجمع الزوائد قال "رواه أحمد والطبرانى في الكبير ورجاله ثقات". 451 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسين بن محمد ثنا خلف يعنى ابن خليفة عن أبى خباب عن سليمان بن بريده.

(وعنه أيضًا من طريق آخر) عن أبيه رضى الله عنه قال كنا مع صلى الله عليه وسلم النبي فنزل بنا ونحن معه قريب من ألف راكب فصلى ركعتين ثم أقبل علينا بوجهه وعيناه تذرفان فقام إليه عمر بن الخطاب (رضى الله عنه) فغداه بالأب والأم يقول يا رسول الله مالك قال إني سألت ربى عز وجل في الاستغفار لأمي فلم يأذن لي فدمعت عيناي رحمة لها من النار، وإني كنت نهيتكم عن ثلاث عن زيارة القبور فذكر نحو الحديث المتقدم. الباب السادس في ذكر الجنة وأوصافها وأهلها وما أعده الله فيها لعباده المؤمنين لا أحرمنا الله منها أمين وفيه فصول: الفصل الأول في ذكر نعيم الجنة وقوله صلى الله عليه وسلم فيها ما لا عين رأت الخ 452 - حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا هرون بن معروف وسمعته أنا من هرون بن معروف أنا ابن وهب حدثني أبو صخر أن أبا حازم حدثه قال سمعت سهل بن سعد يقول شهدت من رسول الله صلى الله عليه وسلم مجلسًا وصف فيه الجنة حتى انتهى ثم قال آخر حديثه فيها ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا على قلب بشر خطر ثم قرأ هذه الآية (تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفًا وطمعًا ومما رزقناهم ينفقون فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين جزاءً بما كانوا يعملون).

_ (وعنه أيضًا من طريق آخر) سنده- حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن بن موسى وأحمد بن عبد الملك قالا ثنا زهير قال أحمد بن عبد الملك في حديثي ثنا زبيد بن الحرث اليامي عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه. (تخريجه) أخرج البيهقي الرواية الثانية وقال "رواه مسلم في الصحيح عن يحيى بن يحيى عن زهير دون قصة أمه" وأوردها الهيثمي وقال رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح "وفي الرواية الأولى أبو خباب لم أجده هذا وقد تحدث المصنف رحمه الله عن هذا الموضوع (أبوي النبي صلى الله عليه وسلم) في الجزء الثامن من هذا الكتاب (الفتح الرباني) باب استحباب زيارة القبور للرجال دون النساء 157 - 171 وألف السيوطي عدة رسائل في ذلك منها مسالك الحنفا في والدي المصطفى وغيرها. 452 - (تخريجه) أخرجه مسلم.

453 - وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من يدخل الجنة ينعم لا يبأس ولا نبلى ثيابه ولا يفنى شبابه، الجنة ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. 454 - وعنه أيضًا عن النبي صلى الله عليه وسلم قال الله تعالى أعددت لعبادى الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر فاقرءوا إن شئتم {فلا تعلم نفس ما أخفى لهم من قرة أعين}. 455 - وعن أبى أيوب مولى لعثمان بن عفان عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم قيد سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا ومثلها معها ولقاب قوس أحدكم من الجنة خير من الدنيا ومثلها معها ولنصيف امرأة الجنة خير من الدنيا ومثلها معها قال قلت يا أبا هريرة ما النصيف قال الخمار. الفصل الثاني في صفة بنائها وتربتها وغرفها وخيامها 456 - عن أبى هريرة رضى الله عنه قال قلنا يا رسول الله حدثنا عن الجنة ما بناؤها قال

_ 453 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى حدثنا يحيى بن اسحق أنبأنا حماد بن سلمة عن ثابت عن أبى رافع عن أبى هريرة. (تخريجه) رواه مسلم. 454 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى يعنى ابن سعيد عن محمد بن عمرو قال ثنى أبو سلمة عن أبى هريرة. (تخريجه) رواه البخارى ومسلم والترمذي والنسائي وابن ماجه. 455 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يونس بن محمد قال ثنا خزرج بن عثمان السعدى قال ثنا أبو أيوب. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "قلت الخزرج بن عثمان البصري تكلموا فيه، ولكن له شاهد في الصحيح- كما تقدم في صحيح البخاري عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم "فيه ولنصيفها يعنى خماوها خير من الدنيا وما فيها". 456 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو كامل وأبو النضر قالا ثنا زهير ثنا سعد الطائي قال أبو النضر سعد أبو مجاهد ثنا أبو المدلة مولى أم المؤمنين سمع أبا هريرة. (تخريجه) ذكره المنذري في الترغيب والترهيب وقال: رواه أحمد واللفظ له والترمذي والبزار

لبنة ذهب ولبنة فضة وملاطها المسك الأذفر وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت وترابها الزعفران من يدخلها ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه. 457 - وعن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم سأل ابن صائد عن تربة الجنة فقال درمكة بيضاء مسك خالص فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم صدق. 458 - وعن جابر بن عبد الله رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لليهود إني سائلهم عن تربة الجنة وهي درمكة بيضاء فسألهم فقالوا هي خبزة يا أبا القاسم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم الخبرة من الدرمك. 459 - وعن أبى حازم عن سهل بن سعد رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أهل الجنة ليتراؤن الغرفة في الجنة كما تراؤن الكوكب في السماء، قال فحدثت بذلك النعمان بن أبى عياش فقال سمعت أبا سعيد الخدري يقول كما تراؤن الكوكب الدري في الأفق الشرقي أو الغربي.

_ والطبراني في الأوسط، وابن حبان في صحيحه وهو قطعة من حديث عندهم، وأبو المدلة المدني مولى عائشة أم المؤمنين جاء في تهذيب التهذيب "روى عن أبى هريرة وعنه سعد أبو مجاهد الطائي ذكره ابن حبان في الثقات". 457 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا روح ثنا حماد ثنا الحريري عن أبى نضرة عن أبى سعيد الخدرى. (غريبه): درمكه "قال العلماء معناه أنها في البياض درمكه وفي الطيب مسك والدرمك هو الدقيق الحوارى الخالص البياض. (تخريجه) أخرجه مسلم. 458 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا على ثنا سفيان عن مجالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير مجالد ووثقه غير واحد". 459 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا قتيبة بن سعيد ثنا يعقوب بن عبد الرحمن عن أبى حازم. (تخريجه) أخرجه البخارى ومسلم وأورده الترمذى مطولًا في تفسير سورة المدثر وقال "هذا حديث غريب إنما تعرفه من هذا الوجه من حديث مجالد".

460 - ز- وعن علي رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة لغرفًا يرى بطونها من ظهورها وظهورها من بطونها فقال أعرابي يا رسول الله لمن هي قال لمن أطاب الكلام، وأطعم الطعام، وصلى لله بالليل والناس نيام. 461 - وعن أبى بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه (موسى الأشعري رضي الله عنه) أن النبي صلى الله عليه وسلم قال الخيمة درة مجوفة طولها في السماء ستون ميلًا في كل زاوية منها للمؤمن أهل لا يراهم الآخرون وربما قال عفان لكل زاوية. 462 - وعن أبى سعيد الخدري رضى الله عنه أنه قال ما بين مصراعين في الجنة كمسيرة أربعين سنة. الفصل الثالث في صفة أشجارها وطيورها وأنهارها 463 - عن عتبة بن عبد السلمى رضى الله عنه قال جاء أعرابىّ إلى النبى صلى الله عليه وسلم فسأله عن الحوض وذكر الجنة ثم قال الأعرابي فيها فاكهة قال نعم وفيها شجرة تدعى طوبى فذكر شيئًا لا أدرى ما هو قال أي شجر أرضنا تشبه، قال ليست تشبه شيئًا من شجر أرضك، فقال

_ 460 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني عباد بن يعقوب الأسدى أبو محمد ثنا محمد بن فضيل عن عبد الرحمن بن اسحق عن النعمان بن سعد عن على. (تخريجه) رواه الترمذي وقال: "هذا حديث غريب، وقد تكلم بعض أهل الحديث في عبد الرحمن بن إسحاق هذا من قبل حفظه، وهو كوفى، وعبد الرحمن بن إسحاق القرشي مديني، وهو أثبت من هذا". 461 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عثمان قال ثنا همام ثنا أبو عمران الجونى عن أبى بكر بن عبد الله. (تخريجه) رواه البخاري ومسلم والترمذى بنحوه عن عبد الله بن قيس. 462 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى حسن ثنا ابن لهيعة ثنا دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد الخدرى. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وأبو يعلى ورجاله وثقوا على ضعف فيهم. 463 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا على بن بحر ثنا هشام بن يوسف ثنا معمر عن يحيى بن أبى كثير عن عامر بن زيد البكالي أنه سمع عتبة بن عبد السلمي.

النبي صلى الله عليه وسلم أتيت الشام، فقال لا قل تشبه شجرة بالشام تدعى الجوزة تنبت على ساق واحد ينفرش أعلاها قال ما عِظَمُ أصلها قال لو ارتحلت جذعة من إبل أهلك ما أحاطت بأصلها حتى تنكسر ترقوتها هرمًا، قال فيها عنب قال نعم، قال فما عظم العنقود قال مسيرة شهر للغراب الأبقع ولا يفتر، قال فما عظم الحبة قال هل ذبح أبوك تيسًا من غنمه قط عظيمًا، قال نعم قال فسلخ إهابه فأعطاه أمَّك قال اتخذى لنا منه دلوًا، قال نعم قال الأعرابي فإن تلك الحبّة لتشبعني وأهل بيتي قال نعم وعامة عشيرتك. 464 - وعن أبى سعيد الخدرى رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن رجلًا قال له يا رسول الله طوبى لمن رآك وآمن بك، قال طوبى لمن رآني وآمن بي ثم طوبى ثم طوبى ثم طوبى لمن آمن؛ ولم يرنى قال له رجل وما طوبى قال شجرة في الجنة مسيرة مائة عام ثياب أهل الجنة تخرج من أكمامها. 465 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن في الجنة لشجرة يسير الراكب الجواد في ظلها مائة سنة وإن ورقها ليخمر الجنة. (وعنه من طريق آخر) بنحوه وزاد فاقرءوا إن شئتم وظل ممدود قال رسول الله صلى الله عليه وسلم وموضع سوط أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها وقرأ فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة

_ (1) في الأصل يعتر، وهو تصحيف. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: رواه الطبراني في الأوسط واللفظ له وفي الكبير وأحمد باختصار عنهما وفيه عامر بن زيد البكالي وقد ذكره ابن أبى حاتم ولم يجرحه ولم يوثقه، وبقية رجاله ثقات. 464 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن قال سمعت عبد الله بن لهيعة قال ثنا دراج أبو السمح أن أبا الهيثم حدثه عن أبى سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. (تخريجه) رواه ابن حبان في صحيحه من طريق دراج عن أبى الهيثم بنحوه. 465 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا موسى بن داود قال ثنا ابن لهيعة عن أبى يونس عن أبى هريرة. (وعنه من طريق آخر سنده) حدثنا عبد الله أبى ثنا يحيى يعني ابن سعيد عن محمد بن عمرو قال ثنى أبو سلمة عن أبي هريرة.

فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور. 466 - وعنه أيضًا عن النبى صلى الله عليه وسلم قال إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها سبعين أو مائة سنة هي شجرة الخلد. 467 - وعن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن طير الجنة كأمثال البخت ترعى في شجر الجنة فقال أبو بكر رضى الله عنه يا رسول الله إن هذه لطير ناعمة فقال أكَلَتُها أنعم منها قالها ثلاثًا وإني لأرجو أن تكون ممن يأكل منها يا أبا بكر. 468 - وعن معاوية بن حيدة رضى الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: في الجنة بحر اللبن، وبحر الماء، وبحر العسل، وبحر الخمر ثم تشقق الأنهار منها بعده. الفصل الرابع في سوق الجنة وصفة نسائها وغناء الحور العين فيها 469 - ز- عن على رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن في الجنة سوقًا ما فيها بيع

_ (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال: قلت هو في الصحيح باختصار قوله وإن ورقها ليخمر الجنة- رواه أحمد وفيه ابن لهيعة وقد وثق على ضعف وبقية رجاله رجال الصحيح. والطريق الثاني رواه الترمذي والنسائي وابن ماجه- وروى البخارى ومسلم بعضه. 466 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا محمد بن جعفر وحجاج قالا ثنا شعبة قال سمعت أبا الضحاك يحدث عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية. 467 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا سيار بن حاتم ثنا جعفر بن سليمان الضبعي ثنا ثابت عن أنس بن مالك. (تخريجه) أورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال "قلت رواه الترمذي باختصار ورواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير سيار بن حاتم وهو ثقة". 468 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد بن هرون أنا الجريري عن حكيم بن معاوية أبى بهز عن أبيه معاوية بن حيدة. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "ورواه الترمذي عن بندار عن يزيد بن هارون به وقال حسن صحيح" وعزاه المنذري في الترغيب والترهيب إلى البيهقي. 469 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبو بكر بن أبى شيبة ثنا أبو معاوية عن عبد الرحمن بن اسحق عن النعمان بن سعد عن على رضي الله عنه.

ولا شراء إلا الصور من النساء والرجال فإذا اشتهى الرجل صورة دخل فيها وإن فيها لمجمعًا للحور العين يرفعن أصواتًا لم ير الخلائق مثلها يقلن نحن الخالدات فلا نبيد ونحن الراضيات فلا نسخط ونحن الناعمات فلا نبؤس فطوبى لمن كان لنا وكنا له. 470 - وعن أنس بن مالك رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن لأهل الجنة سوقًا يأتونها كل جمعة فيها كثبان المسك فإذا خرجوا إليها هبّت الريح (وفي رواية شمالى) قال فتملأ وجوههم وثيابهم وبيوتهم مسكًا فيزدادون حسنًا وجمالًا قال فيأتون أهلهم فيقولون لقد أزدتم بعدنا حسنًا وجمالًا ويقولون لهن وأنتم قد أزددتم بعدنا حسنًا وجمالًا. 471 - وعنه أيضًا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لو أطلعت امرأة من نساء أهل الجنة إلى الأرض لملأت ما بينهما ريحًا ولطاب ما بينهما، ولنصيفها على رأسها خير من الدنيا وما فيها.

_ (تخريجه) فيه عبد الرحمن بن إسحاق تكلموا فيه. والحديث مما طعن فيه ابن الجوزي وذب عنه الحافظ في القول المسدد وقال: "أورده ابن الجوزي في الموضوعات من طريق المسند أيضًا، وقال: هذا حديث لا يصح، والمتهم به عبد الرحمن بن إسحاق، وهو أبو شيبة الواسطى، قال أحمد: ليس بشيء منكر الحديث، وقال يحيى: متروك، انتهى، قلت: قد أخرجه من طريقه الترمذي، وقال: غريب، وحسن له غيره مع قوله إنه تكلم فيه من قبل حفظه، وصحح الحاكم من طريقه حديثًا غير هذا، وأخرج له ابن خزيمة في الصيام من صحيحه، ولكن قال: في القلب من عبد الرحمن شيء". ثم قال الحافظ: والمستغرب منه قوله: دخل فيها! والذى يظهر لى أن المراد به أن صورته تتغير فتصير شبيهة بتلك الصورة "لا أنه دخل فيها حقيقة، أو المراد بالصورة الشكل والهيئة والبزة" وأورده الحافظ بن كثير في النهاية مرويًا عن الترمذي من حديث عبد الرحمن بن اسحق عن النعمان بن سعد عن على مختصرًا وقال "قال الترمذي وفي الباب عن أبى هريرة وأبى سعيد وأنس وحديث على غريب". 470 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن سلمة قال أنا ثابت عن أنس. (تخريجه) أخرجه مسلم بنحوه. 471 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا أبو النضر ثنا محمد بن طلحة عن حميد عن أنس ابن مالك. (تخريجه) هو جزء من حديث رواه البخاري عن طريق اسحق بن جعفر وأبى اسحق كلاهما عن حميد عن أنس بمثله بنحوه، وأورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال: "رواه البخاري ومسلم والطبراني مختصرًا بإسناد جيد إلا أنه قال: "ولتاجها على رأسها خير من الدنيا وما فيها".

472 - وعن أبي هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: للرجل من أهل الجنة زوجتان من حور العين على كل واحدة سبعون حلة يرى فح ساقها من وراء الثياب. 473 - وعن أبى سعيد الخدرى رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليتكئ فى الجنة سبعين سنة قبل أن يتحول ثم تأتيه امرأته فتضرب على منكبيه فينظر وجهه في خدها أصفى من المرأة، وإن أدنى لؤلؤة عليها تضئ ما بين المشرق والمغرب فتسلم عليه قال فيرد السلام ويسألها من أنت وتقول أنا من المزيد، وأنه ليكون عليها سبعون ثوبًا أدناها مثل النُعمان من طوبى فينفذها بصره حتى يرى مخ ساقها من وراء ذلك، وإن عليها من التيجان أن أدنى لؤلؤة عليها لتضئ ما بين المشرق والمغرب. باب ما جاء في صفة جنات الفردوس ولمن تكون وفيه درجات الجنة وأن الفردوس أعلاها جعلنا الله من سكانها 474 - عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان فإن حقًا على الله أن يدخله الجنة هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها، قالوا يا رسول الله أفلا نخبر الناس، قال إن في الجنة مائة درجة أعدها الله عز

_ 472 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا حماد بن مسلمة أنا يونس عن محمد بن سيرين عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "وفي الصحيحين من رواية همام عن أبى هريرة نحوه". 473 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا حسن ثنا بن لهيعة ثنا دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد الخدرى. (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال: رواه أحمد من طريق ابن لهيعة عن دراج عن أبى الهيثم، وابن حبان في صحيحه من طريق عمرو بن الحارث عن دراج عن أبى الهيثم. وروى الترمذى منه ذكر التيجان فقط من رواية رشدين عن عمرو بن الحارث وقال: لا نعرفه إلا من حديث رشدين. 474 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عامر ثنا فليح عن هلال بن على عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبي هريرة.

وجل للمجاهدين في سبيله بين كل درجتين كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله عز وجل فسلوه الفردوس فإنه وسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن عز وجل ومنه تفجر أو تنفجر أنهار الجنة شك أبو عامر (أحد الرواة). 475 - وعن عبادة بن الصامت رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مسيرة مائة عام وقال عفان (أحد الرواة) كما بين السماء إلى الأرض والفردوس أعلاها درجة ومنها تخرج الأنهار الأربعة والعرش من فوقها وإذا سألتم الله تبارك وتعالى فاسألوه الفردوس. 476 - وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم نحوه. 477 - وعن أبى بكر بن عبد الله بن قيس عن أبيه (أبى موسى الأشعرى رضى الله عنه) أن النبى صلى الله عليه وسلم قال: جنات الفردوس أربع ثنتان من ذهب حليتهما وآنيتهما وما فيهما، وثنتان من فضة آنيتهما وحليتهما وما فيهما، وليس بين القوم وبين أن ينظروا إلى ربهم عز وجل

_ (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "رواه البخاري عن إبراهيم بن المنذر عن محمد بن فليح عن أبيه بمعناه". 475 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد وقال ثنا همام بن يحيى وثنا عبد الله وحدثنى أبى ثنا عفان ثنا همام ثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبادة بن الصامت. (تخريجه) أورده الحافظ في النهاية وقال "رواه الترمذي عن أحمد بن منيع عن يزيد بن هارون عن همام بن يحيى به". 476 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سريج بن النعمان ثنا عبد العزيز يعنى الدراوردي عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن معاذ بن جبل. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "وهكذا رواه الترمذي عن قتيبة وأحمد بن عبيد عن الدراوردي عن زيد بن أسلم" انتهى. قلت قال الترمذى بعد روايته هكذا روى هذا الحديث عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبادة بن الصامت. وعطاء لم يدرك معاذ بن جبل. ومعاذ قديم الموت: مات في خلافه عمر". 477 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الصمد قال ثنا أبو قدامة الحرث بن عبيد الأيادى قال ثنا أبو عمران يعنى الجوني عن أبى بكر بن عبد الله بن قيس.

إلا رداء الكبرياء على وجهه في جنة عدن، وهذه الأنهار تشخب من جنة عدن ثم تصدع بعد ذلك أنهارًا. (وعنه في رواية أخرى بنحوه). 478 - وعن أبي هريرة رضى الله عنه ع 8 ن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الجنة مائة درجة ما بين كل درجتين مائة عام. 479 - وعن أبي سعيد الخدري رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن للجنة مائة درجة لو أن العالمين اجتمعوا في إحداهن لو سعتهم. 480 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عامر وسريج قالا ثنا فليح عن هلال بن على عن عطاء بن يسار عن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن أهل الجنة ليتزاورون فيها قال سريج ليتراؤون فيها كما تؤارون الكوكب الشرقي والكوكب الغربي الغارب في الأفق الطالع في تفاضل الدرجات، قالوا يا رسول الله أولئك النبيون قال بلى والذي نفس محمد بيده آمنوا بالله ورسوله وصدقوا المرسلين وقال سريج وأقوام آمنوا بالله.

_ (وعنه في رواية أخرى بنحوه شهره) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا على بن عبد الله ثنا عبد العزيز بن عبد الصمد ثنا أبو عمران عن أبى بكر بن عبد الله بن قيس. (تخريجه) أشار إليه الهيثمى في مجمع الروائد وقال: رواه أحمد ورجاله الصحيح: وأورده الترمذى بنحوه وقال هذا حديث صحيح وأبو عمران الجونى اسمه عبد الملك بن حبيب وأبو بكر بن أبى موسى قال أحمد بن حنبل لا يعرف اسمه وأبو موسى الأشعرى اسمه عبد الله بان قيس". 478 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد أنا شريك بن عبد الله عن محمد بن حجادة عن عطاء عن أبى هريرة. (تخريجه) رواه الترمذى وقال "هذا حديث حسن غريب". 479 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا بن لهيعة ثنا دراج عن أبى الهيثم عن أبى سعيد الخدرى. (تخريجه) رواه الترمذى وقال "هذا حديث غريب". 480 - (تخريجه) أورده الحافظ في النهاية وقال "قال الحافظ فى الضياء وهذا على شرط البخاري

481 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أهل الدرجات العلى ليراهم من نحتهم كما ترون النجم الطالع في الأفق من آفاق السماء وأبو بكر وعمر منهم وأنعما (1). (وعنه من طريق آخر) عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: إن أهل الدرجات العلى ليرون من فوقهم كما ترون الكوكب الدرى في أفق السماء وإن أبا بكر وعمر منهم وأنعما. الفصل السادس في ذكر أول من يدخل الجنة وصفتهم 482 - عن أنس بن مالك رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: آنى باب الجنة يوم القيامة فاستفتح فيقول الخازن من أنت قال فأقول محمد قال يقول بك أمرت أن لا أفتح لأحد قبلك. 483 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نحن الآخرون الأولون يوم القيامة، نحن أول الناس دخولًا الجنة بيد أنهم أوتوا الكتاب من قبلنا وأوتيناه من بعدهم فهدانا الله لما اختلفوا فيه من الحق بإذنه فهذا اليوم الذي هدانا الله له والناس لنا فيه تبع غدًا لليهود وبعد غد للنصارى.

_ 481 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا ابن نمير ثنا الأعمش ثنا عطية بن سعد بباب هذا المسجد قال سمعت أبا سعيد الخدرى. (وعنه من طريق آخر - سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى عن مجالد قال حدثنى أبو الوداك عن أبى سعيد الخدرى. (غريبه): أنعم فعل ماضى أي زادا في الفصل على غيرهما من أهل الدرجات العلى وقيل إن معناه أى دخلا في النعيم. (تخريجه) ذكره السيوطى في الفتح الكبير وعزاه إلى أحمد والترمذى وابن ماجه وابن حبان، وأورده الحافظ بن كثير في النهاية بنحوه. 482 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا سليمان عن ثابت عن أنس بن مالك. (تخريجه) أخرجه مسلم. 483 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق ثنا معمر عن الأعمش عن أبى صالح عن أبي هريرة.

(وعنه من طريق آخر بنحوه). 484 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضى الله عنهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: هل تدرون أول من يدخل الجنة من خلق الله، قالوا الله ورسوله أعلم، قال أول من يدخل الجنة من خلق الله الفقراء والمهاجرون الذين تسد بهم الثغور ويتقى بهم المكاره ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاءً فيقول الله عز وجل لمن يشاء من ملائكته ائتوهم فحيوهم فتقول الملائكة نحن سكان سمائك وخيرتك من خلقك أفتأمرونا أن نأتى هؤلاء فنسلم عليهم، قال إنهم كانوا عبادًا يعبدونى لا يشركون بى شيئًا وتسد بهم الثغور ويتقى بهم المكاره ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء قال فتأتيهم الملائكة عند ذلك فيدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار. (وعنه من طريق آخر) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن أول ثلة تدخل الجنة لفقراء المهاجرين الذين يتقى بهم المكاره وإذا أمِروا سمعوا وأطاعوا وإذا كانت لرجل منهم حاجة إلى السلطان لم تقض له حتى يموت وهى فى صدره وإن الله عز وجل يدعو يوم القيامة الجنة فتأتى بزخرفها وزينتها فيقول أى عبادى الذين تقالوا في سبيلى وقتلوا وأوذوا في سبيلى وجاهدوا فى سبيلى ادخلوا الجنة فيدخلونها بغير حساب ولا عذاب وذكر الحديث.

_ (وعنه من طريق آخر - سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الرزاق انا معمر عن ابن طاوس عن أبيه عن أبى هريرة وعن همام بن منبه عن أبى هريرة. (تخريجه) أخرجه الرواية الأولى مسلم من طريق جرير عن الأعمش به وإسناده الرواية الثانية صحيح 484 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو عبد الرحمن حدثنى سعيد بن أبى أيوب حدثنى معروف بن سويد الجذامى عن أبى عشانة المعارفى عن عبد الله بن عمرو بن العاص. (وعنه من طريق آخر سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا ابن لهيعة ثنا أبو عشانة أنه سمع عبد الله بن عمرو بن العاص. (تخريجه) اورد الرواية الأولى الهيثمى في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والبزار والطبرانى، وزاد بعد قوله: وسكان سمواتك -: وإنك تدخلهم الجنة قبلنا، ورجالهم ثقات وأورد الرواية الثانية وقال رواه أحمد والطبرانى وزاد فيه، ورجال الطبرانى رجال الصحيح غير أبو عشانة وهو ثقة وأوردها الحاكم في المستدرك وقال "حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه ووافقه الذهبي".

485 - وعن أبي هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر لا يبصقون ولا يتفلون فيها ولا يتمخطون فيها ولا يتغوطون فيها، آنيتهم وأمشاطهم الذهب والفضة ومجامرهم الألُوَّة ورشحهم المسك، ولكل واحد منهم زوجتان يرى مخ ساقيهما من وراء اللحم من الحسن لا اختلاف بينهم ولا تباغض قلوبهم على قلب واحد يسبحون الله بكرة وعشيا. (وعنه من طريق آخر) قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أول زمرة تدخل الجنة على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على أشد ضوء كوكب درى في السماء إضاءة لا يبولون ولا يتغوطون ولا يتفلون ولا يتمخطون أمشاطهم الذهب ورشحهم المسك ومجامرهم الألوة وأزواجهم الحور العين أخلاقهم على خلق رجل واحد على صورة أبيهم آدم في طول ستين ذراعًا. (وعنه من طريق ثالث) بنحوه وفيه لكل امرئ منهم زوجتان ثنتان يرى مخ ساقهما من وراء اللحم وما في الجنة أعزب.

_ 485 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة. (غريبه) الألوة عود يتبخر به. (وعنه من طريق آخر سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا محمد بن فضيل عن عمارة عن أبى صالح عن أبى هريرة. (وعنه من طريق ثالث - سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إسماعيل ثنا أيوب عن محمد قال أما تفاخروا وأما تداكروا الرجال أكثر أم النساء فقال أبو هريرة أولم يقل أبو القاسم صلى الله عليه وسلم أن أو زمرة الخ. (تخريجه) أورد الرواية الأولى الحافظ بن كثير في النهاية وقال "وهكذا رواه مسلم عن محمد بن رافع عن عبد الرزاق وأخرجه البخارى عن محمد بن مقاتل عن ابن المبارك كلاهما في معمر به، وأورد الرواية الثانية وقال "ورواه مسلم عن أبى خيثمة واتفقا عليه من حديث جرير" وأورد الرواية الثالثة معزوة لمسلم في صحيحه حدثنى عمرو الناقد ويعقوب بن إبراهيم الدورفى جميعًا عن ابن عليه واللفظ ليعقوب قال حدثنا ابن عليه حدثنا أيوب عن محمد الخ .. ".

الفصل السابع في عدد من يدخلون الجنة بغير حساب وصفتهم 486 - حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الله بن بكر السهمى ثنا هشام بن حسان عن القاسم ابن مهران عن موسى بن عبيد عن ميمون بن مهران عن عبد الرحمن بن أبى بكر رضى الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن ربى أعطانى سبعين ألفًا من أمتى يدخلون الجنة بغير حساب، فقال عمرو يا رسول الله فهلا استزدته، قال قد استزدته فأعطانى مع كل رجل سبعين ألفًا، قال عمر فهلا استزدته، قال قد استزدته فأعطانى هكذا وفرج عبد الله بنبكر بين يديه وقال عبد الله وبسط باعيه وحثا عبد الله، وقال هشام وهذا من الله لا يدرى ما عدده. 487 - وعن أبى بكر الصديق رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أعطيت سبعين ألفًا يدخلون الجنة بغير حساب وجوههم كالقمر ليلة البدر وقلوبهم على قلب رجل واحد فاستزدت ربى عز وجل فزادنى مع كل واحد سبعين ألفًا، قال أبو بكر رضى الله عنه فرأيت أن ذلك أتى على أهل القرى ومصيب من حافات البوادي. 488 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: سألت ربى عز وجل فوعدنى أن يدخل من أمتى سبعين ألفًا على صورة القمر ليلة البدر فاستزدت فزادنى مع كل ألف سبعين ألفًا فقلت أي رب إن لم يكن هؤلاء مهاجرى أمتى، قال إذن

_ 486 - (تخريجه) أورده الهيثمى في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد والبزار بنحوه والطبرانى بنحوه في أسوانيدهم القاسم بن مهران عن موسى بن عبيد وموسى بن عبيد ذكره ابن حبان في الثقات، وباقى رجال إ سناده محتج بهم في الصحيح. 487 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى قال ثنا هاشم بن القاسم قال ثنا المسعودى قال ثنى بكير بن الأخنس عن رجل عن أبى بكر الصديق. (تخريجه) أورده الهيثمى في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد وأبو يعلى وفيهما المسعودى وقد اختلط وتابعيه لم يسم، وبقية رجال أحمد رجال الصحيح. 488 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يحيى بن أبى بكير ثنا زهير بن محمد عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبي هريرة.

أكملهم لك من الأعراب. 489 - وعنه أيضًا قال سمعت أبا القاسم صلى الله عليه وسلم يقول: يدخل سبعون ألفًا من أمتى الجنة بغير حساب فقال رجل ادع الله أن يجعلنى منهم فقال اللهم اجعله منهم ثم قام آخر فقال ادع الله أن يجعلنى منهم فقال سبقك بها عكاشة. (وعنه من طريق ثان) قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يدخل الجنة من أمتي زمرة هم سبعون ألفًا تضئ وجوههم إضاءة القمر ليلة البدر فقال أبو هريرة فقام عكاشة بن محصن الأسدى (رضى الله عنه) برفع نمرة عليه فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلنى منهم فقال اللهم اجعله منهم ثم قام رجل من الأنصار فقال يا رسول الله ادع الله أن يجعلنى منهم قال سبقك عكاشة. 490 - وعن أبى أمامة رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل وعدنى أن يدخل من أمتى الجنة سبعين ألفاص بغير حساب فقال يزيد بن الأخنس السلمى والله ما أولئك في أمتك إلا كالذباب الأصهب في الذباب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ربى عز وجل قد وعدني سبعين ألفًا مع كل ألف سبعين ألفًا وزادني ثلاث حثيات (زاد في رواية من حثيات الرب). الفصل الثامن في بيان ما لأدنى أهل الجنة فيها وما لأعلاهم 491 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أدنى مقعد أحدكم من

_ (تخريجه) أورده الهيثمى في مجمع الزوائد وقال: قلت له حديث في الصحيح باختصار - رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح. 489 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرحمن ثنا حماد بن سلمة عن محمد بن زياد قال سمعت أبا هريرة يقول. (وعنه من طريق ثاني - سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا إبراهيم بن إسحق الطالقانى قال أنا ابن المبارك عن يونس عن الزهرى قال حدثنى سعيد بن المسيب أن أبا هريرة قال. (تخريجه) رواه البخارى ومسلم. 490 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عصام بن خالد حدثنى صفوان بن عمرو عن سليم بن عامر الخبائزى وأبى اليمان الهوزنى عن أبى أمامة. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في كتاب النهاية وقال "قال الضياء رجاله رجال الصحيح إلا الهوزنى واسمه عامر بن عبد الله بن لحى وما علمت فيه جرحا".

الجنة أن يقول تمن ويتمنى فيقول له هل تمنيت فيقول نعم فيقول له فإن لك ما تمنيت ومثله معه. 492 - وعن ابن عمرو رضى الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أدنى أهل الجنة منزلة لينظر في ملكه ألفى سنة يرى أقصاه كما يرى أدناه ينظر في أزواجه وخدمه، وإن أفضلهم منزلة لينظر في وجه الله تعالى كل يوم مرتين. (وعنه من طريق ثان) رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن أدنى أهل الجنة منزلة الذي ينظر إلى جناته ونعيمه وخدمه وسرره من مسيرة ألف سنة، وغن أكرمهم على الله من ينظر إلى وجهه غدوة وعشية ثم تلا هذه الآية (وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة). 493 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أدنى أهل الجنة منزلة من يتمنى على الله عز وجل فيقال لك ذلك ومثله معه إلا أنه يلقن فيقال له كذا وكذا فيقال لك ذلك ومثله معه فقال أبو سعيد الخدرى (رضى الله عنه) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فيقال لك ذلك وعشرة أمثاله.

_ 491 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عبد الرزاق بن همام ثنا معمر عن همام بن منبه قال هذا ما حدثنا به أبو هريرة. (تخريجه) رواه مسلم. 492 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا أبو معاوية ثنا عبد الملك بن أبجر عن ثوير بن أبى فاختة عن أبى عمر. (وعنه من طريق ثان سنده) حدثنا عبد الله ثنا أبى ثنا حسين بن محمد ثنا إسرائيل عن ثوير عن ابن عمر. (تخريجه) أورده الهيثمى في مجمع الزوائد وقال "رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانى وفي أسانيدهم ثوير بن أبى فاختة وهو مجمع على ضعفه، وأورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال "ورواه الترمذى عن عبد بن حميد عن شبابه عن إسرائيل عن ثوير به قال وقد روى من غير وجه عن إسرائيل عن ابن عمر مرفوعًا قال وروى عبيد الله الأشجعى عن سفيان الثورى عن ثوير عن مجاهد عن ابن عمر قوله قال "ورواه عبد الملك بن أبجر عن ثوير عن ابن عمر موقوفًا كذا قال". 493 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا يزيد قال أبا محمد بن عمرو عن أبى سلمة عن أبى هريرة (تخريجه) أخرجه مسلم.

494 - وعنه أيضًا قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أدنى أهل الجنة منزلة إن له لسبع درجات وهو على السادسة وفوقه السابعة وإن له لثلثمائة خادم ويغدى عليه ويراح كل يوم ثلثمائة صفحة ولا أعلمه إلا قال من ذهب في كل صفحة لون ليس في الأخرى، وإنه ليلذ وله كما يلذ آخره وأنه ليقول يا رب لو أذنت لي لأطعمت أهل الجنة ولسقيتهم لم ينقص مما عندي شيء وإن له لاثنتين وسبعين زوجة سوى زواجه من الدنيا وإن الواحدة منهم ليأخذ مقعدها قدر ميل من الأرض. الفصل التاسع في ذكر أهل الجنة وصفاتهم ومقدارهم بالنسبة للأمم الأخرى وأكلهم وشربهم ونكاحهم ولباسهم 495 - عن عياض بن حمار رضى الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهل الجنة ثلاثة، ذو سلطان مقسط مصدق موقن، ورجل رحيم رقيق القلب بكل ذى قربى ومسلم، ورجل عفيف فقير متصدق. 496 - وعن حسناء ابنة معاوية الصريمة عن عمها رضى الله عنه قال قلت يا رسول الله صلى من في الجنة قال: النبي في الجنة، والشهيد في الجنة، والمولود في الجنة، والموؤدة في الجنة. 497 - وعن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يدخل الجنة أقوام أفئدتهم مثل أفئدة الطير

_ 494 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا حسن ثنا سكين بن عبد العزيز ثنا الأشعث الضرير عن شهر بن حوشب عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده الهيثمى في مجمع الزوائد وقال: رواه أحمد ورجاله ثقات على ضعف في بعضهم. 495 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا عفان ثنا همام ثنا قتادة ثنا العلاء بن زياد العدوى حدثنى يزيد أخو مطرف قال وحدثنى عقبة كل هؤلاء يقول حدثنى مطرف أن عياض بن حمار. (تخريجه) رواه مسلم. 496 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبى ثنا اسحق يعنى الأزرق أنا عوف حدثتنى حسناء. (تخريجه) أخرجه أبو داود. 497 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثنى أبا ثنا أبو النضر ثنا إبراهيم بن سعد ثنا أبى عن أبى سلمة عن أبي هريرة.

498 - عن ابن بريدة عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أهل الجنة عشرون ومائة صف، هذه الأمة من ذلك ثمانون صفًا قال أبو عبد الرحمن مات بشر بن الحارث وأبو الأحوص والهيثم ابن خارجة في سنة سبع وعشرين. 499 - وعن أبى هريرة رضى الله عنه عن النبى صلى الله عليه وسلم قال: يدخل أهل الجنةِ الجنةَ جردًا مردًا بيضًا جعادًا مكحلين أبناء ثلاث وثلاثين على خلق آدم ستون ذراعًا في عرض سبعة أذرع. 500 - وعن معاذ بن جبل رضى الله عنه قال قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: يبعث المؤمنون يوم القيامة جردًا مردًا مكحلين بني ثلاثين سنة.

_ (تخريجه) أخرجه مسلم. 498 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا عبد الصمد ثنا عبد العزيز بن مسلم ثنا ضرار يعنى ابن مرة أبو سفيان الشيبانى عن محارب بن دثار عن ابن بريدة. (تخريجه) أخرجه الترمذي حدثنا حسين بن يزيد الطحان الكوفي حدثنا محمد ابن فضيل عن ضر ار بن مرة الخ .. وقال "هذا حديث حسن، وقد روى هذا الحديث عن علقمة بن مرثد عن سليمان بن بريدة عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا ومنهم من قال عن سليمان بن بريدة عن أبيه. وحديث أبى ستان عن محارب بن دثار حسن وأبو سنان اسمه ضرار بن مرة وأبو سنان الشيباني اسمه سعيد بن سنان. وأبو سنان الشامي اسمه عيسى بن سنان هو القسملى" وذكره السيوطي في الفتح الكبير وعزاه إلى أحمد والترمذى وابن ماجه وابن حبان والحاكم. 499 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يزيد أنا حماد بن سلمة عن على بن زيد عن سعيد بن المسيب عن أبى هريرة. (تخريجه) أورده المنذري في الترغيب والترهيب وقال رواه أحمد وابن أبى الدنيا والطبرانى والبيهقي كلهم من رواية على بن زيد بن جدعان عن ابن المسيب عنه" وأورده الهيثمي في مجمع الزوائد وقال رواه الطبرانى في الصغير والأوسط وإسناده حسن وفاته رحمه الله أن يعزوه إلى الإمام أحمد وفيه على بن زيد بن جدعان. ضعيف وقد وثق. 500 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبى ثنا يونس في تفسير شيبان عن قتادة قال وحدث شهر بن حوشب عن معاذ بن جبل. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية معزوًا إلى الطبراني بنحوه وقال ورواه الترمذي من حديث عمران بن داود القطان ثم قال هذا حديث حسن غريب.

501 - وعن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون ولا يتغوطون ولا يبولون ولا يتمخطون ولا يبزقون طعامهم جشاء ورشح كرشح المسك. (وعنه من طريق ثان) قال سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أيأكل أهل الجنة قال نعم ويشربون ولا يبولون فيها ولا يتغوطون ولا يتنخمون إنما يكون ذلك جشاءً ورشحًا كرشح المسك ويلهمون التسبيح والتحميد كما تلهمون النفس. 502 - وعن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال أتى النبي صلى الله عليه وسلم رجل من اليهود فقال يا أبا القاسم ألست تزعم أن أهل الجنة يأكلون فيها ويشربون وقال لأصحابه أن أقرّ لي بهذه خصمته قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم بلى والذي نفسي بيده إن أحدهم ليعطى قوة مائة رجل في المطعم والمشرب والشهوة والجماع. قال فقال له اليهودي فإن الذي يأكل ويشرب تكون له الحاجة، قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حاجة أحدهم عَرَق يفيض من جلودهم مثل ريح المسك فإذا البطن قد ضمر.

_ 501 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ثنا الأعمش عن أبي سفيان عن جابر بن عبد الله (وعنه من طريق ثان - سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي حدثنا الحكم بن نافع حدثنا صفوان بن عمرو عن ماعزا التميمي عن جابر بن عبد الله. (تخريجه) أورد الرواية الأولى الحافظ بن كثير في النهاية وقال «وقد رواه مسلم من حديث أبي سفيان بن طلحة بن نافع عن جابر فذكره قالا فما بال الطعام قال جشاء ورشح كرشح المسك يلهمون التسبيح والحمد وكذا أخرجه من حديث ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر فذكره وقال طعامهم ذلك جشاء كرشح المسك، ويلهمون التسبيح والتكبير كما تلهمون النفس. أورده الحافظ بن كثير في النهاية الرواية الثانية. ماعزا التميمي جاء في كتاب الجرح والتعديل للرازي «وعن ماعزا التميمي روى عن جابر وروى عنه صفوان بن عمرو. سمعت أبي يقول ذلك». 502 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية الأعمش عن ثمامة بن عقبة عن زيد بن أرقم. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال وقد رواه النسائي عن علي بن حجر عن علي بن مسهر وعن الأعمش به، ورواه أبو جعفر الداري عن الأعمش فذكره قال اليهودي وإن الذي يأكل ويشرب تكون له حاجة وليس في الجنة أذًى فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم

503 - وعن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال قام رجل فقال يا رسول الله أرأيت ثياب أهل الجنة أتنسج نسجًا أم تشقق من ثمر الجنة قال فكأن القوم تعجبوا من مسألة الأعرابي فقال ما تعجبون من جاهل يسأل عالمًا قال فسكت هنية ثم قال أين السائل عن ثياب أهل الجنة قال أنا قال لا، بل تشقق من ثمر الجنة. 504 - عن عبد الله بن عمرو قال جاء أعرابي ملوى (1) جريء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أخبرنا عن الهجرة إليك أينما كنت أو لقوم خاصة أم إلى أرض معلومة أم إذا مت انقطعت قال فسكت عنه يسيرًا ثم قال أين السائل قال هاهو ذا يا رسول الله قال الهجرة أن تهجر الفواحش ما ظهر منها وما بطن وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة ثم أنت مهاجر وإن مت بالحضر ثم قال عبد الله بن عمرو ابتداءً من نفسه جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله أخبرنا عن ثياب أهل الجنة خلقًا تخلق أم نسجًا تنسج فضحك بعض القوم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم مم تضحكون من جاهل يسأل عالمًا ثم أكب رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال أين السائل قال هو أنا يا رسول الله قال لا بل تشقق عنها ثمر الجنة ثلاث مرات.

_ تكون حاجة أحدهم رشحًا يفيض من جلودهم كرشح المسك فيضمر بطنه. قال الحافظ الضياء وهذا عندي على شرط مسلم لأن ثمامة ثقة وقد صرح بسماعه من زيد بن أرقم» اهـ. 503 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو كامل ثنا زياد بن عبد الله بن علاثة الفاص أبو سهل ثنا العلاء بن رافع عن الفرزدق بن حيان القاص قال ألا أحدثكم حديثًا سمعته أذناي ووعاه قلبي لم أنسه بعد خرجت أنا وعبيد الله بن حيدة في طريق الشام فمررنا بعبد الله بن عمرو بن العاص. (تخريجه) هذا طرف من حديث طويل تقدم في باب ما جاء في بقاء ثواب الهجرة من أبواب هجرة النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه إلى المدينة من كتاب السيرة النبوية. وإسناده صحيح على خطأ وقع في الإسناد من أحد رواته وقال الهيثمي في مجمع الزوائد: رواه البزار في حديث طويل ورجاله ثقات وفاته أن ينسبه إلى أحمد ورواه أيضًا أبو داود الطيالسي. 504 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا محمد بن أبي الوضاح حدثني العلاء بن عبد الله بن رافع ثنا حنان بن خارجة عن عبد الله بن عمرو. (غريبه) (1) هكذا جاءت بالأصل وصححها بعضهم علوي. (تخريجه) أخرجه النسائي وأبو داود الطيالسي، والبيهقي والحاكم في المستدرك.

الفصل العاشر في أن من اشتهى شيئًا في الجنة وجده قال تعالى: {وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين ...} 505 - عن بريدة الأسلمي رضي الله عنه قال جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال يا رسول الله إني أحب الخيل ففي الجنة خيل، قال يُدْخِلك الله الجنة فلا تشاء أن تركب فرسًا من ياقوتة حمراء تطير بك في أي الجنة شئت إلا ركبت، وأتاه رجل آخر فقال يا رسول الله أفي الجنة إبل، قال يا عبد الله إن يدخلك الله الجنة كان لك فيها ما اشتهت نفسك ولذت عينك. 506 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يومًا وهو يحدث وعنده رجل من أهل البادية أن رجلًا من أهل الجنة استأذن ربه عز وجل في الزرع فقال له ربه عز وجل ألست فيما شئت قال بلى، ولكني أحب أن أزرع قال فبذر فبادر الطرف نباته واستواؤه واستحصاده فكان أمثال الجبال قال فيقول له ربه عز وجل دونك يا بن آدم فإنه لا يشبعك شيء قال فقال الأعرابي والله لا تجده إلا قرشيًّا أو أنصاريًّا فإنهم أصحاب زرع وأما نحن فلسنا بأصحابه قال فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم. 507 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن نبي الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان حمله ووضعه وسنه في ساعة واحدة كما يشتهي.

_ 505 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد ثنا المسعودي عن علقمة بن مرثد عن أبي بريدة عن أبيه بريدة الأسلمي. (تخريجه) رواه الترمذي. 506 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الملك بن عمرو ثنا فليح عن هلال بن علي عن عطاء بن يسار عن أبي هريرة. (تخريجه) رواه البخاري. 507 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن عبد الله ثنا معاذ بن هاشم قال حدثني أبي عن عامر الأحول عن أبي الصديق عن أبي سعيد الخدري. (تخريجه) رواه الترمذي وقال «هذا حديث حسن غريب. وقد اختلف أهل العلم في هذا فقال بعضهم في الجنة جماع ولا يكون ولد هكذا روى عن طاووس ومجاهد وإبراهيم النخعي، وقال محمد قال إسحق بن إبراهيم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم إذا اشتهى المؤمن الولد في الجنة كان

الفصل الحادي عشر في رضوان الله تعالى على أهل الجنة وهو من أفضل النعم عليهم 508 - عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك فيقول لهم رضيتم فيقولون وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا من خلقك فيقول أنا أعطيكم أفضل من ذلك، قالوا يا ربنا فأي شيء أفضل من ذلك قال أحل عليكم رضواني فلا أسخط بعده أبدًا. باب فيما جاء في ذبح الموت وخلود أهل النار فيها وخلود أهل الجنة فيها 509 - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يؤتى بالموت يوم القيامة فيوقف على الصراط فيقال يا أهل الجنة فيطلعون خائفين وجلين أن يخرجوا من مكانهم الذي هم فيه فيقال هل تعرفون هذا قالوا نعم ربنا هذا الموت. ثم يقال يا أهل النار فيطلعون فرحين مستبشرين أن يخرجوا من مكانهم الذي هم فيه فيقال هل تعرفون هذا قالوا نعم هذا الموت فيأمر به فيذبح على الصراط ثم يقال للفريقين كلاهما (1) خلود فبما تجدون لا موت فيه أبدًا. 510 - وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا دخل أهل

_ في ساعة واحدة كما يشتهي ولكنه لا يشتهي قال محمد وقد روى ابن أبي رزين العقيلي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أهل الجنة لا يكون لهم فيها ولد وأبو الصديق الناجي اسمه بكر بن عمرو ويقال بكر بن قيس أيضًا، 508 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا علي بن إسحق أنا عبد الله ثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري. (تخريجه) رواه البخاري ومسلم والترمذي. 509 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد وابن نمير قالا ثنا محمد بن عمرو عن أبي سلمة عن أبي هريرة. (1) هكذا جاءت بالأصل والمطابق للقواعد العامة «كليهما» لأن اللفظ توكيد لمجرور. (تخريجه) أورده الحافظ بن كثير في النهاية وقال «إسناده جيد قوي على شرط الصحيح ولم يخرجه أحد من هذا الوجه، وأخرجه ابن ماجه من طريق محمد بن بشر عن محمد بن عمرو بهذا الإسناد، وروى البخاري بعضه من طريق أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة. 510 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا أبو معاوية ومحمد بن عبيد قالا ثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري.

الجنة الجنة وأهل النار النار يجاء بالموت كأنه كبش أملح فيوقف بين الجنة والنار فيقال يا أهل الجنة فذكر نحوه وفيه فيؤمر به فيذبح قال ويقال يا أهل الجنة خلود لا موت ويا أهل النار خلود لا موت قال ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم {وأنذرهم يوم الحسرة إذ قضي الأمر وهم في عفلة} قال وأشار بيده 511 - وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صار أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار جيء بالموت حتى يوقف بين الجنة والنار ثم يذبح ثم ينادي منادٍ يا أهل الجنة خلود لا موت، يا أهل النار خلود لا موت فازداد أهل الجنة فرحًا إلى فرحهم وازداد أهل النار حزنًا على حزنهم. 512 - وعن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إذا دخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار نادى منادٍ يا أهل الجنة خلودًا فلا موت فيه ويا أهل النار خلودًا فلا موت قال وذ كر بي خالد بن زيد أنه سمع أبا الزبير يذكر مثله عن جابر وعبيد الله بن عمير إلا أنه يحدث عنهما أن ذلك بعد الشفاعات ومن يخرج من النار. 513 - وعن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ينادي منادٍ أن لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا وأن لكم أن تصحوا فلا تسقموا أبدًا وأن لكم أن تشبوا ولا تهرموا وأن لكم أن تنعموا ولا تبأسوا أبدًا فذلك قول الله عز وجل {ونودوا أن تلكم الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون}.

_ (تخريجه) رواه البخاري ومسلم. 511 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا إبراهيم بن إسحق ثنا ابن المبارك عن عمر بن محمد بن زيد حدثني أبي عن ابن عمر. (تخريجه) رواه البخاري ومسلم. 512 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي موسى بن داود ثنا ليث عن محمد بن عجلان عن أبي الزناد عن أبي هريرة. (تخريجه) رجاله ثقات. 513 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق وقال قال النووي فحدثني أبو إسحق أن الأغر حدثه عن أبي سعيد الخدري وأبي هريرة. (تخريجه) رواه مسلم والترمذي.

خاتمة الكتاب في رؤية المؤمنين ربهم عز وجل في الجنة وهي أعظم نعمة أنعم الله عليم بها لا أحرمنا الله منها، وفيها أيضًا تلخيص ما تقدم من يوم الموقف إلى ذبح الموت 514 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري في قوله عز وجل {كل أمة تدعى إلى كتابها} عن عطاء بن يزيد الليثي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال قال الناسُ يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة فقال النبي صلى الله عليه وسلم هل تضارون (¬1) في الشمس ليس دونها سحاب قالوا لا يا رسول الله فقال هل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب فقالوا لا يا رسول الله قال فإنكم ترونه يوم القيامة كذلك يجمع الله الناس فيقول من كان يعبد شيئًا فيتْبَعه فيتْبَع من كان يعبد القمر القمر ومن كان يعبد الشمس الشمس ويتبع من كان يعبد الطواغيت الطواغيت وتبقى هذه الأمة فيها منافقوها فيأتيهم الله عز وجل في غير الصورة التي تعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون نعوذ بالله منك هذا مكاننا حتى يأتينا ربنا فإذا جاء ربنا عرفناه قال فيأتيهم الله في الصورة التي يعرفون فيقول أنا ربكم فيقولون أنت ربنا فيتبعونه، قال ويضرب جسر على جهنم قال النبي صلى الله عليه وسلم فأكون أول من يجيز ودعوى الرسل يومئذٍ اللهم سلم سلم وبها كلاليب مثل شوك السعدان هل رأيتم شوك السعدان قالوا نعم يا رسول الله قال فإنها مثل شوك السعدان غير أنه لايعلم قدر عظمها إلا الله تعالى فتخطفُ الناس بأعمالهم فمنهم الموبَق (¬2) بعمله ومنهم المُخرْدَل (¬3) ثم ينجوا حتى إذا فرغ الله عز وجل من القضاء بين العباد وأراد أن يخرج من النار من أراد أن يرحم ممن كان يشهد أن لا إله إلا الله ¬

_ (¬1) (غريبه) (1) تضارون تروى بالتشديد وأصله تضاررون من الضرر وتروى بالتخفيف من الضير والمعنى واحد أي لا يخالف بعضكم بعضًا. (¬2) الموبق أي الذي تهلكه ذنوبه يقال وبق يبق (بكسر الباء) ووبق يوبق فهو وبق (بكسر الباء) إذا هلك وأوبقه غيره فهو موبق. (¬3) المخردل بضم الميم وفتح الخاء المعجمة والدال المهملة هو المرمى المصروع وقيل المقطع تقطعه كلاليب الصراط حتى يهوى في النار يقال خردلت اللحم بالدال والذال أي فصلت إعفاءه وقطعته كما جاء في النهاية لابن الأثير.

أمر الملائكة أن يخرجوهم فيعرفونهم بعلامة آثار السجود وحرم الله على النار أن تأكل من ابن آدم أثر السجود فيخرجونهم قد امْتُحِشوا فيصب عليهم من ماء يقال له ماء الحياة فينبتون نبات الحبة في حميل السيل ويبقى رجل يقبل بوجهه إلى النار فيقول أي رب قد قَشَبَني ريحها وأحرقني ذكاؤها فاصرف وجهي عن النار فلا يزال يدعو حتى يقول فلعلي إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره فيصرف وجهه عن النار فيقول بعد ذلك يا رب قربني إلى باب الجنة فيقول أوليس قد زعمت أن لا تسألني غيره ويلك يا بن آدم ما أغدرك فلا يزال يدعو حتى يقول فلعلي إن أعطيتك ذلك أن تسألني غيره فيقول لا وعزتك لا أسألك غيره ويعطي من عهوده ومواثيقه أن لا يسأل غيره، فيقربه إلى باب الجنة فإذا دنا منها انفقهت له الجنة فإذا رأى ما فيها من الحَبْرَة والسرور سكت ما شاء الله أن يسكت ثم يقول يا رب أدخلني الجنة فيقول أوليس قد زعمت أن لا تسأل غيره فقد أعطيت عهودك ومواثيقك أن لا تسألني غيره فيقول يا رب لا تجعلني أشقى خلقك فلا يزال يدعو الله حتى يضحك الله فإذا ضحك منه أذن له بالدخول فيها فإذا دخل قيل له تمن من كذا فيتمنى ثم يقال له تمن من كذا فيتمنى حتى تنقطع به الأماني فيقال له هذا لك ومثله معه قال وأبو سعيد جالس مع أبي هريرة ولا يغير عليه شيئًا من قوله حتى إذا انتهى إلى قوله هذا لك ومثله معه قال أبو سعيد سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول هذا لك وعشرة أمثاله معه قال أبو هريرة حفظتُ مثله معه قال أبو هريرة وذلك الرجل آخر أهل الجنة دخولًا الجنة. (وعنه من طريق آخر) عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه إلى أن ذكر الصراط فقال ويوضع

_ (1) قشبني أي سمني وكل مسموم قشيب ومقشب والقشب الاسم، نهاية وقال الخطابي قشبه الدخان إذا ملأ خياشيمه وأخذ بكظمه وأصل القشب خلط السم بالطعام. (2) ذكاؤها أي شدة حرها قال ابن الأثير في النهاية "الذكاء شدة وهج النار يقال ذكيت النار إذا أتممت إشعالها ورفعتها وذكت النار تذكو ذكا مقصور أي اشتعلت وقيل هما لغتان". (3) انفهقت أي انفتحت واتسعت. (4) الحبرة بفتح الحاء المهملة والراء بينهما باء موحدة ساكنة النعمة وسعة العيش وكذلك الحبور. (تخريجه) أخرجه البخاري ومسلم من عدة طرق.

الصراط فهم عليه مثل جياد الخيل والركاب وقولهم عليه سلم سلم ويبقى أهل النار فيطرح منهم فوج فيقال هل امتلأت وتقول هل من مزيد ثم يطرح فيها فوج فيقال هل امتلأت وتقول هل من مزيد حتى إذا أوعبوا فيها وضع الرحمن عز وجل قدمه فيها وزوى بعضها إلى بعض ثم قالت قط قط قط، وإذا صبر أهل الجنة في الجنة وأهل النار في النار أتى بالموت ملبيًا فيوقف على السور الذي بين أهل النار وأهل الجنة ثم يقال يا أهل الجنة فيطلعون خائفين، ثم يقال يا أهل النار فيطلعون مستبشرين يرجون فيقال لأهل الجنة ولأهل النار تعرفون هذا فيقولون هؤلاء وهؤلاء قد عرفناه هو الموت الذي وكل بنا فيضجع فيذبح ذبحًا على السور ثم يقال يا أهل الجنة خلود لا موت، ويا أهل النار خلود لا موت. 515 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا ربعي بن إبراهيم ثنا عبد الرحمن بن إسحق ثنا زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال سألنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلنا يا رسول الله هل نرى ربنا يوم القيامة قال هل تضارون في الشمس ليس دونها سحاب قال قلنا لا قال فهل تضارون في القمر ليلة البدر ليس دونه سحاب قال قلنا لا، قال فإنكم ترون ربكم كذلك يوم القيامة، يجمع الله الناس يوم القيامة في صعيد واحد قال فيقال من كان يعبد شيئًا فليتبعه قال فيتبع الذين كانوا يعبدون الشمس الشمس فيتساقطون في النار، ويتبع الذين كانوا يعبدون القمر القمر فيتساقطون في النار ويتبع الذين كانوا يعبدون الأوثان الأوثان والذين كانوا يعبدون الأصنام الأصنام فيتساقطون في النار قال وكل من يعبد من دون الله حتى يتساقطون في النار قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيبقى المؤمنون ومنافقوهم بين ظهريهم وبقايا أهل الكتاب وقَلَّلَهمْ بيده قال فيأتيهم الله عز وجل فيقول ألا تتبعون ما كنتم تعبدون قال فيقولون كنا نعبد الله ولم نر الله فيكشف عن ساق فلا يبقى أحد كان يسجد لله إلا وقع ساجدًا، ولا يبقى أحد كان يسجد رياءً وسمعة إلا وقع على قفاه، قال ثم يوضع الصراط بين

_ 514 - (وعنه من طريق آخر سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا هيثم قال ثنا حفص بن ميسرة عن العلاء قال عبد الله وحدثني أبي وحدثنا قتيبة قال ثنا عبد العزيز عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة (تخريجه) أخرجه الترمذي وقال هذا حديث حسن صحيح.

ظهري جهنم والأنبياء بناحيتيه قولهم اللهم سلم سلم اللهم سلم سلم وإنه لدحض مزلة وإنه لكلاليب وخطاطيف قال عبد الرحمن ولا أدري لعله قال تخطف الناس وحسكة تنبت بنجد يقال لها السعدان قال ونعتها لهم، قال فأكون أنا وأمتي لأول من مَرَّ أو أول من يجيز قال فيمرون عليه مثل البرق ومثل الريح ومثل أجاويد الخيل والرِّكاب فناجٍ مسلم ومخدوش مكلم ومَكْدُوس في النار فإذا قطعوه أو فإذا جاوزوه فما أحدكم في حق يعلم أنه حق له بأشد مناشدة منهم في إخوانهم الذين سقطوا في النار يقولون أي رب كنا نغزوا جميعًا ونحج جميعًا ونعتمر جميعًا فبم نجونا اليوم وهلكوا قال فيقول الله عز وجل انظروا من كان في قلبه زنة دينار من إيمان فأخرجوه قال فيخرجون قال ثم يقول من كان في قلبه زنة قيراط من إيمان فأخرجوه قال فيخرجون قال ثم يقول من كان في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان فأخرجوه قال فيخرجون قال ثم يقول أبو سعيد بيني وبينكم كتاب الله قال عبد الرحمن وأظنه يعني قوله {وإن كان مثقال حبة من خردل أتينا بها وكفى بنا حاسبين} قال فيخرجون من النار فيطرحون في نهر يقال له نهر الحيوان فينبتون كما تنبت الحب في حميل السيل ألا ترون ما يكون من النبت إلى الشمس يكون أخضر وما يكون إلى الظل يكون أصفر قالوا يا رسول الله كأنك كنت قد رعيت الغنم قال أجل قد رعيت الغنم. 516 - حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يحيى بن آدم ثنا أبو بكر بن عياش عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم سترون ربكم عز وجل قالوا يا رسول الله نرى ربنا؟ قال فقال هل تضارون في رؤية الشمس نصف النهار قالوا لا قال فتضارون في رؤية القمر ليلة البدر قالوا لا قال فإنكم لا تضارون في رؤيته إلا كما تضارون في ذلك، قال الأعمش لا تضارون يقول لا تمارون 517 - وعن أبي رزين رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله أكلنا يرى الله عز وجل يوم

_ 515 - (تخريجه) أخرجه الشيخان. 516 - (تخريجه) هو طرف من الحديث السابق وقد أخرجه البخاري ومسلم.

القيامة وما آية ذلك في خلقه: قال يا أبا رزين أليس كلكم يرى القمر مخليا به؟ قال قلت بلى يا رسول الله قال فالله أعظم. 518 - وعن صهيب بن سنان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا يا أهل الجنة إن لكم موعدًا عند الله لم تروه فقالوا وما هو؟ ألم تبيض وجوهنا وتزحزحنا عن النار وتدخلنا الجنة (وفي رواية ألم يثقل موازيننا ويعطينا كتبنا بأيماننا ويدخلنا الجنة وينجينا من النار) قال فيكشف الحجاب (وفي رواية فيتجلى الله لهم) فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئًا أحب إليهم منه (وفي رواية من النظر إليه) ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}.

_ 517 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هرون قال أنا حماد بن سلمة بن يعلى بن عطاء عن وكيع بن عدس عن عمه أبي رزين. (تخريجه) أخرجه أبو داود وابن ماجه والحاكم والطبراني. 518 - (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا يزيد بن هرون أنا حماد بن سلمة عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب. وفي رواية (سنده) حدثنا عبد الله حدثني أبي ثنا عبد الرحمن بن مهدي ثنا حماد بن سلمة عن ثابت عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن صهيب. (تخريجه) رواه مسلم والترمذي وقال الترمذي "هذا حديث إنما أسنده حماد بن سلمة ورفعه، وروى سليمان بن المغيرة وحماد بن زيد هذا الحديث عن ثابت البناني عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قوله أيضًا" وأورده المنذري في الترغيب والترهيب وعزاه للنسائي وقال الحافظ بن كثير في النهاية "وقد قال الله تعالى {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة} وقد روى عن جماعة من الصحابة والتابعين تفسير هذه الزيادة بالنظر إلى وجه الله تعالى منهم أبو بكر الصديق رضي الله عنه وأبي بن كعب وكعب بن عجرة وحذيفة بن اليمان وأبو موسى الأشعري وعبد الله بن عباس رضي الله عنهم وسعيد بن المسيب ومجاهد وعكرمة وعبد الرحمن بن أبي ليلى وعبد الرحمن بن أسباط والحسن وقتادة والضحاك والسدي ومحمد بن إسحق وغيرهم من السلف والخلف رحمهم الله وأكرم مثواهم أجمعين.

الحديث الأخير وختام الكتاب بخط المؤلف رحمه الله وعن صهيب ابن سنان رضي الله عنه قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذا دخل أهل الجنة الجنة نودوا يا أهل الجنة إن لكم موعدًا عند الله لم تروه فقالوا وما هو، ألم تبيض وجوهنا وتزحزحنا عن النار وتدخلنا الجنة "وفي رواية ألم يثقل موازينننا ويعطينا كتبنا بأيماننا ويدخلنا الجنة وينجينا من النار" قال فيكشف الحجاب (وفي رواية فيتجلى الله لهم" فينظرون إليه فوالله ما أعطاهم الله شيئًا أحب إليهم منه "وفي رواية من النظر إليه" ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم {للذين أحسنوا الحسنى وزيادة}

_ يقول أفقر العباد وأحوجهم إلى عفو الله يوم التناد أحمد بن عبد الرحمن بن محمد البنا الشهير بالساعاتي إلى هنا قد انتهى الكتاب الموسوم بالفتح الرباني لترتيب مسند الإمام أحمد بن محمد ابن حنبل الشيباني غفر الله لي وله وكان الفراغ من تبييضه في مساء يوم الجمعة المبارك العاشر من شهر شوال سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة وألف من هجرة سيد المرسلين عليه وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم وتمت بمدينة مصر القاهرة جعلها الله بالنصر ظافره والله أسأل أن ينفع به المسلمين وأن يجعله خالصًا لوجهه الكريم وزخيرة لي يوم الدين واغفر اللهم لي ولمن دعا لي بالرحمة والغفران ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلًا للذين آمنوا ربنا إنك رءوف رحيم، كتبه بيده الفانية مؤلف الكتاب أحمد بن عبد الرحمن بن محمد البنا الشهير بالساعاتي، يدوم خطي زمانًا في الورى وأنا ... تحت التراب ويبقى وجه بارينا فأعجب لرسم بقي قد مات راسمه ... وهذه عادة الباري جرِّ فينا فرحمة الله تهدي نحو كاتبه ... يا ناظرًا فيه قل بالله آمينا وصلى الله على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المرسلين وعلى آله وصحبه ومن تبع هداهم إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.

خاتمة بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على رسول الله ومن والاه اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم والفوز بالجنة والنجاة من النار، ولا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرجته ولا حاجة إلا قضيتها بهذا الدعاء المأثور الذي كان الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه فيما روى يختم كل صلاة، نبتهل إلى الله في ختام هذا العمل العظيم الذي عكف عليه والدنا الشيخ أحمد عبد الرحمن البنا رحمه الله ونسأله تعالى أن يتقبله منه، وأن يجعله سببًا لاستجلاب رحمته يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم. وقد عبر الشيخ رحمه الله في مقدمة الجزء الأول من هذا الكتاب عن رغبته في وضع ترجمة مسهبة لصاحب هذا المسند وراويه الإمام الأجل أحمد بن حنبل الشيباني رحمه الله. فوضعنا الترجمة التالية وإن لم نكن أخص الناس بها أو أقدرهم عليها سالكين فيها الطريقة السلفية التي هي طريقة الكتاب معتمدين على المراجع الأساسية كتاريخ الإسلام للذهبي والمناقب لابن الجوزي والبداية والنهاية لابن كثير وما إلى ذلك. فنقول، وبالله التوفيق. الإمام أحمد بن حنبل الشيباني مولده ونشأته: هو أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل بن هلال بن أسد الذهلي الشيباني المروزي (نسبة إلى مرو) ثم البغدادي. قدم به أبوه من مرو وهو حمل فوضعته أمه في بغداد وتوفي أبوه وهو ابن ثلاث سنين. قال صالح بن الإمام أحمد "قال لي أبي ولدت في ربيع الأول سنة أربع وستين ومائة قال صالح وجيء بأبي حمل من مرو فتوفي

أبوه محمد شابًّا ابن ثلاثين سنة فوليت أبي أمه. وقال أبي وكانت قد ثقبت أذني فكانت أمي تصير فيهما لؤلؤتين، فلما ترعرعت نزعتهما، فكانت عندها فدفعتهما إلي فبعتها بنحو من ثلاثين درهم". وينسب الإمام أحمد عادة إلى جده فيقال "أحمد بن حنبل" لأن جده كان أشهر من أبيه فقد كان واليًا على سرخس - من أعمال خراسان - وناصر الدعوة العباسية أول عهدها، وأوذي في ذلك في حين كان أبوه "محمد" بتعبير ابن الجزري "في زي الغزاة" أي أنه كان من سواد الجند المجاهدين، وإن روى عن الأصمعي أنه كان قائدًا. وأمه هي صفية بنت ميمونة بنت عبد الملك الشيباني. فهي شيبانية كأبيه. وكانت هي التي كفلت أحمد وأدبته فأحسنت تأديبه. رحمها الله ... وشيبان قبيلة ربعية عدنانية من صميم العرب، تلتقي مع النبي صلى الله عليه وسلم في نزار بن معد بن عدنان. عرفت بالهمة والنخوة والإباء والحمية. وأنجبت الكثير من مشاهير العرب وفرسانهم في الجاهلية والإسلام. وكانت منازلها بالبصرة. وكان الإمام أحمد إذا جاء البصرة صلى في مسجد مازن، وهم من بني شيبان ويقول "إنه مسجد آبائي" كانت لوائح النجابة تظهر عليه من الطفولة، فحفظ القرآن ودرس الفقه واللغة وروي عنه أنه قال "كنت وأنا غليم أختلف إلى الكتاب ثم اختلفت إلى الديوان وأنا ابن أربع عشرة سنة" وكان شغفه بالعلم وإقباله عليه يحفزه للخروج قبل انبلاج الفجر فتأخذ أمه ثيابه وتقول حتى يؤذن الناس أو يصبحوا واسترعت نجابته بعض الذين عرفوه وقتئذٍ قال الهيثم بن جميل "إن عاش هذا الفتى فسيكون حجة على أهل زمانه". طلبه العلم: عندما بلغ السادسة عشر جلس إلى القاضي أبي يوسف صاحب أبي حنيفة. وروى الحافظ الذهبي في تاريخه عن الخلال أن الإمام أحمد كان قد كتب كتب الرأي وحفظها ثم لم يلتفت إليها. وشرح الله صدره للحديث فلزم هشيم بن بشير بن أبي حازم الواسطي (ولد سنة 104 وتوفي سنة 183) الذي انتهى إليه علم

الحديث في بغداد وكان هشيم ذا سمت وهيبة رفعه خلقه وعلمه وتقواه وورعه فوق مستوى المنبت والمنشأ. فقد كان أبوه بخاري الأصل أقام فترة بواسط كان فيها - فيما يقال - طباخًا للحجاج بن يوسف - قال حماد بن زيد "ما رأيت في المحدثين أنبل من هشيم" وكان بعض المحدثين يقدمونه على سفيان الثوري - وروى عنه مالك بن أنس وأثنى عليه. لزم الإمام أحمد هشيمًا "أربع أو خمس سنوات وسمع منه كل ما عنده، وحفظ كل ما سمعه وروى صالح بن الإمام أحمد عن أبيه قال "كتبت عن هشيم سنة تسع وسبعين، ولزمناه إلى سنة ثمانين، وإحدى وثمانين، واثنتين وثمانين وثلاث، ومات في سنة ثلاث وثمانين وكتبنا عنه كتاب الحج نحوًا من ألف حديث وبعض التفسير وكتاب القضاء وكتبًا صغارًا وسأله ابنه صالح من ذلك يكون ثلاثة آلاف قال أكثر". ومع هذه الملازمة، فإنه كان يتردد على بعض مجالس المحدثين الآخرين فيروى أنه سمع من عمير بن عبد الله بن خالد قبيل موت هشيم وأنه سمع عن عبد الرحمن بن مهدي وأبي بكر بن عياش. وبعد موت هشيم أخذ الإمام أحمد يطلب الحديث من مختلف الشيوخ في بغداد نحوًا من ثلاث سنوات وفي السنة السادسة والثمانين بعد المائة بدأ رحلاته للسماع من شيوخ الأمصار كما كان الدأب وقتئذٍ فرحل إلى البصرة خمس مرات كان يقيم في بعضها قرابة ستة أشهر، أو أقل، ورحل إلى الحجاز خمس مرات لقي في بعضها الشافعي قال الإمام أحمد "حججت خمس منها ثلاث راجلًا، وأنفقت في إحدى هذه الحجج ثلاثين درهمًا، وقد ضللت في بعضها عن الطريق وأنا ماشي فجعلت أقول "يا عباد الله دلوني على الطريق" حتى وقعت على الطريق" ورحل إلى اليمن فسمع من عبد الرزاق بن همام ومكث بها سنتين ورحل إلى الكوفة، ووعد الشافعي بالرحلة إلى مصر ولكن حالت دون ذلك الحوائل. ولم ينثني الإمام أحمد عن طلب العلم حتى عندما تقدمت به السن وصار إمامًا وسأله أحد الناس عن هذا الطلب "إلى متى وقد بلغت هذا المبلغ وصرت إمام المسلمين" فقال ابن حنبل قوله المأثور "مع المحبرة إلى المقبرة". ولعل أعظم من أثر فيه من هؤلاء الشيوخ بوجه خاص هما هشيم والشافعي.

وعن الأول أخذ الحديث وما ينبغي جلسه من وقار وما يجب له من دقه، وعن الشافعي أخذ أصول الاستنباط الفقهي. وكان الإمام أحمد حريصًا على لقاء ابن المبارك والسماع منه. فذهب إلى مجلسه سنة تسع وسبعين ومائة أول سماعه من هشيم فقالوا قد خرج إلى طرسوس وتوفي سنة إحدى وثمانين ومائة، كما تأثر بسفيان الثوري وألم بحديثه قال عبد الرحمن بن مهدي عن أحمد "هذا أعلم الناس بحديث سفيان الثوري" وكان كل من سفيان الثوري وعبد الله بن المبارك مثلًا في الجمع ما بين العلم والعمل .. والقوة والورع .. وهي الصفات التي نجدها بارزة لدى ابن حنبل. وكان الإمام أحمد يرغب الاستماع إلى مالك ولكنه مات قبل أولى رحلاته قال "فاتني مالك فأخلف الله على سفيان بن عيينة. وفاتني حماد بن زيد فأخلف الله علي إسماعيل بن علية". جلوسه للتدريس: وعندما بلغ الإمام أحمد أربعين عامًا جلس للدرس والفتوى بعد أن عرف فضله وظهر علمه وقصده الناس للسؤال وكان مجلسه تلفه السكينة ويغشأه الوقار. نقل الذهبي في تاريخه عن المروزي صاحب أحمد "لم أر الفقير في مجلس أعز منه في مجلس أبي عبد الله. كان مائلًا إليهم مقصرًا عن أهل الدنيا، وكان فيه حلم. ولم يكن بالعجول بل كان كثير التواضع والوقار إذا جلس مجلسه بعد العصر لا يتكلم حتى يسأل" وقدر الذين يحضرون درسه بالمسجد بعد صلاة العصر بقرابة خمسة آلاف يكتب منهم خمسمائة، كما كان له بالإضافة إلى درسه العام درس خاص يلقى فيه خاصة تلاميذه. ولوحظ في هذه الدروس أن الإمام أحمد بن حنبل كان يعود إلى مراجعة المكتوبة، ولا يكتفي بحافظته القوية تحرزًا واحتراسًا وأخذًا بالأحوط والأثبت وحرصًا على الدقة قال ولده عبد الله "ما رأيت أبي حدث من حفظه من غير كتاب إلا بأقل من مائة حديث" وربما ذكر الحديث من ذاكرته فإذا أرادوا كتابته استمهلهم حتى يمليهم إياه من الكتاب قائلًا الكتاب أحفظ شيء. وكان يحث أصحابه وتلاميذه على أن لا يحدثوا دون كتاب، وكان علي بن المديني لا يحدث إلا من كتاب وقال "إن سيدي أحمد بن حنبل أمرني أن لا أحدث إلا من كتاب". وبقدر هذا التشديد في كتابة الحديث النبوي كان الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه يرفض

أن تكتب فتاويه ويكره أن ينقلها أصحابه عنه. قال أحمد بن الحسين بن حسان "قال رجل لأبي عبد الله أريد أن أكتب هذه المسائل فإني أخاف النسيان فقال أحمد بن حنبل لا تكتب فإني أكره أن أكتب رأيي" وأحس مرة بإنسان يكتب ومعه ألواح في كمه فقال لا تكتب رأيًا لعلي أقول الساعة بمسألة ثم أرجع عنها غدًا ويروى أن عبد الملك بن عبد الحميد الميموني المتوفى سنة 174 قال "سألت أبا عبد الله عن مسائل نكتبها فقال أي شيء تكتب يا أبا الحسن فلولا الحياء منك ما تركتك تكتبها، وأنه علي لشديد والحديث أحب إلي منها قلت إنما تطيب نفسي في الحمل عنك. إنك تعلم أنه منذ مضى رسول الله صلى الله عليه وسلم قد لزم أصحابه قوم ثم لم يزل يكون للرجل أصحاب يلزمون ويكتبون قال من كتب؟ قلت أبو هريرة وكان عبد الله بن عمر (¬1) يكتب فقال لي فهذا الحديث فقلت له فما المسائل إلا حديث ومن الحديث تتشقق" وربما أنكر نسبة ما يكتب من فتاويه إليه أو يذكر الرجوع عنها تثبيطًا عن كتابتها. ولا يتراجع عن ذلك إلا في حالات خاصة كالتي وردت في المنهج الأحمد من أن أسحق بن منصور المروزي المتوفى سنة 251 نقل عن الإمام أحمد بن حنبل فلما أعلن الإمام أحمد رجوعه عن هذه المسائل جمع إسحاق تلك المسائل في جراب وحملها على ظهره وخرج راجلًا إلى بغداد وهي على ظهره وعرضها على أحمد واحدة واحدة فأقر له بها وأخذه العجب منه. مما يدل على أن إعلان الإمام أحمد الرجوع أو إنكاره نسبتها إليه لا يعود إلى خطأ وإنما المقصود به عدم حمل الناس على الالتزام بها لأنها اجتهاد منه ولأنه لم يكن يستجيز تدوين شيء إلا الكتاب والسنة سواء في ذلك فتاويه أو فتاوى غيره حتى وإن كان يقدرهم تقديرًا كبيرًا كعبد الله بن المبارك والشافعي. وكان له في هذا نظر نافذ وحكمة بالغة وإن لم يأخذ الناس بذلك فجمعوا آراءه وجعلوها أصلًا للفقه الحنبلي. كما يلحظ أن الإمام أحمد رحمه الله لم يكن يحدث ابتداءً، ولم يكن هو الذي يستهل الدرس. وإنما كان يرد على الأسئلة. فإذا لم يسأله أحد لم يتكلم. روى ابن الجوزي عن أبي حاتم الرازي "أتيت أحمد بن حنبل في أول ما التقيت به في سنة ¬

_ (¬1) هكذا جاء بالأصل "المنهج الأحمد في تراجم أصحاب الإمام أحمد بن حنبل وهو مخطوط بدار الكتب المصرية وأصل صحتها عبد الله بن عمرو لأنه هو الذي كان يكتب وكان يطلق على صحيفته الصادقة

ثلاث عشرة ومائتين، وإذا هو قد أخرج معه إلى الصلاة كتاب الأشربة وكتاب الإيمان فصلى فلم يسأله أحد فرده إلى بيته، وأتيته يومًا آخر فإذا هو قد أخرج الكتابين فظننت أنه يحتسب في إخراج ذلك لأن كتاب الإيمان أصل الدين وكتاب الأشربة يفرق الناس عن الشر فإن أصل كل شر من السكر". ولم يكن مجلس الإمام أحمد مجلس علم فحسب، لأن شخصية أحمد بن حنبل نفسه لم تكن تقل عن علمه، وكان الكثيرون يحتسبون الجلوس إليه، والتعرف على هديه وخلقه والتأدب بأدبه. وروى ابن الجوزي في المناقب عن بعض أصحابه "اختلفت إلى أبي عبد الله أحمد بن حنبل اثنتي عشرة سنة، وهو يقرأ المسند على أولاده، فما كتبت منه حديثًا واحدًا وإنما كنت أميل إلى هديه وأخلاقه وآدابه". وهذه الملاحظات في مجموعها تصور الشخصية الفريدة للإمام أحمد من تشدد وتثبت فيما يتعلق بالكتاب والسنة. وعزوف وانصراف عن الناس مهما علت مراتبهم واعتبار العلم أداة لهدي الطالبين وإجابة للسائلين والالتزام بالسمت والأدب والسكينة والتواضع، والبعد عن - بل انتفاء - التشدق والزهو بالعلم والمعرفة. وأن يكون ظاهر المرء وباطنه، علمه وعمله سواء وهي منازل لا يقدر عليها إلا القلة المصطفاة. وبحق قال الإمام يحيى بن معين - وهو من هو - "أراد الناس منا أن نكون مثل أحمد بن حنبل، والله ما نقوى أن نكون مثله ولا نطيق سلوك طريقه". تقدير معاصريه له وثناؤهم عليه: لقد كانت هذه الخلائق من العلم والعمل محل تقدير كل علماء عصره، فشهدوا له وكتبوا عنه الكتب، فأفرد البيهقي سيرته في مجلد، كما أوردها ابن الجوزي في المناقب، وأثبتها في مجلد لطيف أبو إسماعيل الأنصاري. وأورد سيرته بإفاضة الحافظ بنُ كثير صاحب البداية والنهاية والحافظ الذهبي (أبو عبد الله شمس الدين محمد الذهبي) في تاريخه مطولًا ومسهبًا والخطيب البغدادي في كتابه "تاريخ بغداد". وفيما يلي بعض أقوال معاصريه عنه نقلًا عن هذه المراجع. قال حرملة سمعت الشافعي يقول خرجت من بغداد فما خلفت بها رجلًا أفضل ولا أعلم ولا أفقه من أحمد بن حنبل. وقال علي بن المديني إن الله أيد هذا الدين بأبي بكر الصديق يوم الردة

وبأحمد بن حنبل يوم المحنة. وقال أبو عبيد انتهى العلم إلى أربعة أفقههم أحمد وقال البخاري لما ضرب أحمد بن حنبل كنا بالبصرة فسمعت أبا الوليد الطيالسي يقول لو كان أحمد في بني إسرائيل لكان أحدوثة، وقال السهيل بن الخليل لو كان أحمد في بني إسرائيل لكان نبيًّا، وقال المزني أحمد بن حنبل يوم المحنة وأبو بكر يوم الردة وعمر يوم السقيفة وعثمان يوم الدار وعلي يوم الجمل وصفين، وقال بشر بن الحافي بعدما ضرب أحمد بن حنبل أدخل أحمد الكير فخرج ذهبًا أحمر وقال الميموني قال لي علي بن المديني بعدما امتحن أحمد يا ميمون ما قام أحد في الإسلام ما قام أحمد بن حنبل فعجبت من ذلك عجبًا شديدًا وذهبت إلى أبي عبيد القاسم بن سلام فحكيت له مقالة علي بن المديني فقال صدق. إن أبا بكر وجد يوم الردة أعوانًا وأنصارًا وأن أحمد بن حنبل لم يكن له أنصار ولا أعوان ثم أخذ أبو عبيد يطري أحمد ويقول لست أعلم في الإسلام مثله، وقال إسحق بن راهوية أحمد حجة بين الله وبين عبيده في أرضه. وقال علي بن المديني إذا ابتليت بشيء فأفتاني أحمد بن حنبل لم أبال إذا لقيت ربي عز وجل كيف كان. وقال الخلال سمعت أبا القاسم بن الجبلي وكفاك به يقول أكثر الناس يظنون أن أحمد إذا سئل كأن علم الدنيا بين عينيه. وقال إبراهيم الحربي رأيت أحمد كأن الله جمع له علم الأولين والآخرين، وقال عبد الرزاق ما رأيت أفقه من أحمد بن حنبل ولا أورع، وقال المزني قال لي الشافعي رأيت ببغداد شابًّا إذا قال حدثنا قال الناس كلهم صدق قلت من هو قال أحمد بن حنبل، وعن حجاج بن الشاعر ما رأيت روحًا في جسد أفضل من أحمد بن حنبل. وعن محمد بن إبراهيم البوشنجبي قال ما رأيت أجمع في كل شيء من أحمد بن حنبل، ولا أعقل، وقال الحسين الكرابيسي مثل الذين يذكرون أحمد عندنا مثل قوم يجيئون إلى أبي قبيس يريدون أن يهدموه، وقال يحيى بن معين كان في أحمد بن حنبل خصال ما رأيتها في عالم قط كان محدثًا، وكان حافظًا، وكان عالمًا، وكان ورعًا وكان زاهدًا وكان عاقلًا وقال الذهلي اتخذت أحمد حجة فيما بيني وبين الله وقال أبو بكر محمد بن محمد بن رجاء ما رأيت مثل أحمد بن حنبل، ولا رأيت من رأى مثله. وقال سمعت قتيبة يقول إذا رأيت الرجل يحب أحمد فاعلم أنه صاحب سنة". هذه هي بعض أقوال معاصرين فيه، وهي تدل على إعجاب شديد وتوقير كبير، وفي بعضها ما يفسح مجالًا لتصور المبالغة، لولا أن عمل الرجل نفسه وأثره في تلاميذه

ينفي ذلك. فمن يحيا مثل حياة أحمد بن حنبل، ومن يصمد صموده يوم المحنة، ومن يخرج للناس مثل المسند، ومن يطبع تلاميذه بطابع التقوى والصلابة في الحق - وهي كلها حقائق واقعة - لا يستكثر عليه ما قيل فيه، وعلى كراهة الأتقياء لأحاديث المديح والثناء. فإن يحيى بن معين، عندما أكثر جلساؤه الثناء على أحمد بن حنبل وقال رجل لا تكثروا. بعض هذا قال "وكثرة الثناء على أحمد تستكثر؟ لو جلسنا مجالسنا بالثناء عليه ما ذكرنا فضائله بكمالها". والحق أن شخصية الإمام أحمد بن حنبل وخلقه القوي وترفعه عن الدنايا وزهده في زخرف الدنيا هو ما لا يقل قيمة وأثرًا عن جمع الإمام أحمد للمسند أو موقفه يوم المحنة؛ لأنه أورث أتباعه هذا الخلق بحيث كاد أن يكون طابعًا عامًّا يغلب عليهم، وقد وصف أبو الوفاء بن عقيل الفقيه الحنبلي المتوفى سنة ثلاث عشرة وخمسمائة أصحابه الإمام أحمد بعد مرور زهاء ثلاثة قرون. "هم قوم خشن، تقلصت أخلاقهم عن المخالطة، وغلظت طباعهم عن المداخلة، وغلب عليهم الجد وقل عندهم الهزل وغربت نفوسهم عن ذل المراءاة. وفزعوا عن الآراء إلى الروايات وتمسكوا بالظاهر تحوجا من التأويل وغلبت عليهم الأعمال الصالحة فلم يدققوا في العلوم الغامضة، بل دققوا في الورع وأخذوا ما ظهر من العلوم، وما وراء ذلك قالوا الله أعلم بما فيها خشية من باريها". ونسب خمول المذهب الحنبلي إلى ورع أصحابه × هذا المذهب إنما ظلمه أصحابه، لأن أصحاب أبي حنيفة والشافعي إذا برع واحد منهم في العلم تولى القضاء وغيره من الولايات، فكانت الولاية سببًا لتدريسه واشتغاله بالعلم. أما أصحاب أحمد، فإنه قل فيهم من تعلق بطرف من العلم إلا ويخرجه ذلك إلى التعبد والتزهد لغلبة الخير على القوم فيتقطعون عن التشاغل بالعلم". فإذا كان هذا هو حال أصحاب أحمد بعد ثلاثة قرون من وفاته، فلنا أن نتصور أثره في تلاميذه ومريديه الذين جلسوا إليه وتأدبوا بأدبه وبحق قال تلميذه أحمد بن محمد بن هاني أبو بكر الأقرم "أحمد بن حنبل رضي الله عنه ستر من الله على أصحابه فينبغي لأصحاب أحمد أن يتقوا الله ولا يعصوه مخافة أن يعيروا بأحد" ورفض تلميذه الآخر إبراهيم بن إسحق الحربي أن يقبل عشرة آلاف درهم أرسلها الخليفة المعتضد،

فسأله أن يفرقها على جيرانه فقال للرسول عافاك الله هذا مال لم نشغل أنفسنا بجمعه فلا نشغلها بتفريقه. قل لأمير المؤمنين إن تركتنا، وإلا تحولنا من جوارك! ". صفته وأدبه: قال الحافظ الذهبي في كتابه "تاريخ الإسلام". قال عبد الله بن عبد الرحمن الذهبي حدثني أبي قال مضى عمي أبو إبراهيم أحمد بن سعد إلى أحمد بن حنبل فسلم عليه فلما رآه وثب قائمًا وأكرمه. وعن عباس النحوي قال رأيت أحمد بن حنبل حسن الوجه ربعة يخضب بالحناء خضابًا ليس بالقاني وفي لحيته شعرات سود ورأيت ثيابًا غليظة إلا أنها بيض ورأيته معتمًا وعليه إزار. قال المروزي قال أحمد "ما كتبت حديثًا إلا قد علمت به، حتى مر بي أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى أبا طيبة دينارًا فأعطيت الحجام دينارًا حين احتجمت. وقال ابن أبي حاتم ذكر عبد الله بن أبي عمر البكري قال سمعت عبد الملك الميموني يقول "ما أعلم إني رأيت أحدًا أنظف ثوبًا ولا أشد تعاهدًا نفسه في شاربه وشعر رأسه وشعر بدنه، ولا أنقى ثوبًا وشدة بياض من أحمد بن حنبل". وقال الخلال أخبرني محمد بن الجنيد أن المروزي حدثهم قال كان أبو عبد الله لا يدخل الحمام، وكان إذا احتاج إلى النورة تنور في البيت، وأصلحت له غير مرة النورة واشتريت له جلدًا ليده يدخل يده فيه ويتنور. قال حنبل رأيت أبا عبد الله إذا أراد القيام قال لجلسائه إذا شئتم. قال عبد الملك الميموني "لم يكن أحد أنضر ثوبًا، ولا أشد تعاهدًا لنفسه في ثيابه وشعر رأسه وبدنه من أحمد، وكان يحب الفقراء ويعرض عن أهل الدنيا ويجلس للفقهاء حيث انتهى به المجلس ولا يتصدر، حسن الجوار. لا يخشى في الله لومة لائم". قال المروزي كان الإمام أحمد إذا ذكر الموت خنقته العبرة وكان يقول الخوف يمنعني أكل الطعام والشراب.

وقال إذا ذكر الموت هان كل شيء من أمر الدنيا إنما هو طعام دون طعام ولباس دون لباس وإنها أيام قلائل وما أعدل بالفقر شيئًا". وقال أريد أن أكون في بعض تلك الشعاب بمكة حتى لا أعرف وقد بيت بالشهرة إني لأتمنى الموت صباحًا ومساءً. قال المروذي قلت لأبي عبد الله إني لأرجو أن يدعى لك في جميع الأمصر فقال يا أبا بكر إذا عرف الرجل قدر نفسه فما ينفعه كلام الناس. وقال عبد الله خرج أبي إلى طرطوس ماشيًا وحج حجتين أو ثلاثًا ماشيًا، وكان أصبر الناس على الوحدة. وقال كان أبي يصلي في يوم وليلة ثلاثمائة ركعة، حتى مرض من تلك الأسواط أضعفته فكان يصلي كل يوم وليلة مائة وخمسين ركعة وقال إسحق بن راهوية كنت أنا وأحمد باليمن عند عبد الرزاق وكنت فوق الغرفة وهو أسفل فاطلعت على أن نفقته فنيت فعرضت عليه فامتنع فقلت إن شئت قرضًا، وإن شئت صلة فأبى فنظرت فإذا هو ينسج التكك ويبيع وينفق رواها أبو إسماعيل الترمذي عنه وعن أبي إسماعيل قال أتى رجل بعشرة آلاف درهم من ربح تجارته إلى أحمد فأبى أن يقبلها. قال عبد الله عن أبيه عرض علي يزيد بن هارون نحو خمسمائة درهم فلم أقبلها. وكان الإمام أحمد رضي الله قد ورث عقارًا ضئيل القيمة كان يغل في كل شهر سبعة عشر درهمًا، وكان يحاول الاكتفاء به قدر طاقه. وعندما تفجأه حاجة أو تركبه ضرورة كان يعمد إلى العمل الميسر له ما دام حلالًا، ولم يكن هذا الإمام الجليل ليستنكف عن أن ينسج أو ينسخ، بل ويؤجر نفسه للحمالين، ويفضل هذا كله على قبول الصلات التي كانت تعرض عليه في سخاء، حتى عندما تأتي من بعض شيوخه كعبد الرزاق، كما رفض رفضًا باتًّا أن ينال شيئًا من الصلات التي كان الواثق يصله بها ويفرض عليها قبولها، ومن باب أولى فإنه كان يرفض كل عمل يربطه بنظام الحكم ويشركه فيما يقوم عليه أو يلتبس به. زوجاته وأولاده: قال الخلال أخبرنا المروذي أن أبا عبد الله قال ما تزوجت إلا بعد الأربعين.

قال زهير بن صالح بن أحمد "تزوج جدي بأم أبي عباسة بنت الفضل من العرب فلم يولد له منها غير أبي ثم ماتت. قال المروزي سمعت أبا عبد الله يقول "أقامت معي أم صالح ثلاثين سنة فما اختلفت أنا وهي في كلمة". وقال زهير لما ماتت عباسة تزوج جدي بعدها امرأة من العرب يقال لها ريحانة فولدت له عبد الله وحده". وفي هذا نظر؛ لأن عبد الله ولد للإمام أحمد وله خمسون سنة أي بعد زواجه من أم صالح بعشرة أعوام، وفي رواية المروزي "أقامت معي أم صالح ثلاثين سنة إلخ" كما أن من المعروف أن الإمام أحمد لم يتزوج إلا بعد أن قارب الأربعين. قال زهير بن صالح لما توفيت أم عبد الله اشترى "حسن" فولدت منه زينب ثم الحسن والحسين توأمًا وماتا بالقرب من ولادتهما ثم ولدت الحسن ومحمد فعاشا حتى صارا من السن إلى نحو من الأربعين ثم ولدت بعدهما سعيدًا. قضية المحنة: نشأت هذه المحنة التي حملت اسم "خلق القرآن" من أن المعتزلة الذين كان لهم وقتئذٍ الحظوة لدى المأمون والغلبة الفكرية عليه كانوا ينفون الصفات عن الله تبارك وتعالى ورأوا أن التعبير الساري عن أن القرآن "كلام الله" يوحي بإثبات صفة ما، فذهبوا إلى أن القرآن "مخلوق" ولم يعدموا الحجج من المنطق أو من تأويل بعض آيات القرآن الكريم ما يعززون به دعواهم وما يجعلهم يرون أن هذه المسألة هي من مسائل العقيدة الكبرى لأنها تتعلق بالله تعالى، ومن ثم كان إصرارهم عليها وتمسكهم بها وإقحامهم أنفسهم في معركة ضارية بدأت أولًا بعزل كل الذين يختلفون معهم في ذلك من المناصب، ثم تطورت إلى مناظرة الشيوخ والعلماء وانتهت إلى إلزام كل الشيوخ والعلماء القول بذلك وتهديد كل من يرفض لاضطهاد قد يصل إلى حد القتل. ومات المأمون قبل أن تصل الفتنة إلى مرحلتها الحاسمة، ذلك أنه كان يؤثر المناظرة، وأن هدد قبيل موته بحمل المخالفين على السيف. واستجاب كل الذين طولبوا القول لما أراد المأمون، واعترفوا بدرجات متفاوتة - بخلق القرآن بحيث لم

يبق في بغداد في النهاية سوى أحمد بن حنبل ومحمد بن نوح فكبلا بالحديد وسيقا إلى المأمون في طرسوس ليأمر فيهما بأمره. واستشهد ابن نوح في الطريق. قال الإمام أحمد "ما رأيت أحدًا على حداثة سنه وقدر علمه أقوم بأمر الله من محمد بن نوح. وإني لأرجو أن يكون قد ختم له بخير. قال لي ذات يوم يا أبا عبد الله الله الله إنك لست مثلي .. إنك رجل يقتدى بك. قدمت الخلق أعناقهم إليك لما يكون منك فاتق الله واثبت لأمر الله أو نحو هذا. فمات وصليت عليه ودفنته". ومن غير بغداد مات عالم مصر يوسف بن يحيى البويطي صاحب الإمام الشافعي، وهو في قيوده بعد أن رفض الإقرار بما يريدون. كما توفي في سجنه نعيم بن حماد. وهكذا أصبح على الإمام أحمد بن حنبل أن يواجه وحده العاصفة، وتبلورت فيه وحده القضية كلها. وكان له من الشهرة والاسم وأمل الناس فيه وتعلقهم به ما يجعل وقفه فاصلًا. ومن هنا كانت تلك الأهمية التي علقها معاصروه على موقفه. واعتبروه "صاحب المنة على الأمة" وشبهوا موقفه بموقف أبي بكر يوم الردة وعمر يوم السقيفة ولعلهم أيضًا كانوا يستطيعون أن يرقوا به إلى "بدر" عندما قال النبي صلى الله عليه وسلم في ابتهاله المأثور اللهم أن تهلك هذه العصابة لا تعبد بعد اليوم". ولكن المأمون مات وأحمد بن حنبل في الطريق إليه فأعيد إلى بغداد وأودع السجن فترة، ثم اتضح أن المأمون أوصى أخاه المعتصم بمتابعة هذه القضية والسير فيها والاستمساك بأحمد بن أبي داود الذي كان يضرم جذوتها ويتولى كبرها. ومن ثم فقد حمل أحمد بن حنبل في قيوده بعد أن زيدت وضوعفت إلى المعتصم وأحمد بن داود حيث أرادوا مناظرته فكان رده المفحم الذي تمسك به "أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسوله حتى أقول به". وكان المعتصم راغبًا كل الرغبة في أن يرضخ الإمام أحمد بحيث لا يحتاج إلى استخدام القوة، وحاول معه كل طرق الاسترضاء "يا أحمد والله إني عليك لشفيق وإني لأشفق عليك كشفقتي على هرون ابني ما تقول. فأقول أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسوله". ومرة أخرى "يا أحمد أجبني إلى شيء لك فيه أدنى فرج حتى أطلق عنك بيدي قلت أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسوله فطال المجلس وقام ورددت إلى الوضع الذي كنت فيه".

وظلت هذه المحاورات والمداورات ثلاث ليال حتى ضجر المعتصم وقال "العقابين (¬1) والسياط" فجاء الجلادون فقال لهم المعتصم تقدموا فجعل كل جلاد يضرب الإمام أحمد سوطين والمعتصم يقول له شد قطع الله يدك ثم يتنحى ويقوم الآخر والمعتصم يقول في كل ذلك شد قطع الله يدك فلما ضرب تسعة عشر سوطًا من هذه السياط التي يستنزف كل اثنين منها فوه رجل قال المعتصم "يا أحمد علام تقتل نفسك إني والله عليك لشفيق! وجعل عجيف (أحد رجال المعتصم) ينخسه بقائمة سيفه ويقول "أتريد أن تغلب هؤلاء كلهم" وجعل بعضهم يقول ويلك الخليفة على رأسك قائم وقال بعضهم يا أمير المؤمنين دمه في عنقي فاقتله وجعلوا يقولون يا أمير المؤمنين أنت صائم، وأنت في الشمس قائم وهو يقول ويحك يا أحمد ما تقول والإمام أحمد لا يغير من قوله "أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسوله أقول به .. فيأمر الجلادين بالضرب قارنًا الأمر بوصيته "شد قطع الله يدك! ". قال صالح قال أبي فذهب عقلي، فأفقت بعد ذلك فإذا الأقياد قد أطلقت عني فقال لي رجل ممن حضر إننا كببناك على وجهك وطرحنا على ظهرك بارية ودسناك. قال أبي فما شعرت بذلك وأتوني بسويق فقالوا لي اشرب وتقيأ فقلت لا أفطر ثم جيء بي إلى دار إسحق بن إبراهيم فحضرت صلاة الظهر فتقدم ابن سماعة فصلى فلما انفتل من الصلاة قال لي صليت والدم يسيل في ثوبك فقلت قد صلى عمر وجرحه يثعب دمًا. وكانت المدة منذ أن أخذ إلى أن ضرب وخلي عنه ثمانية وعشرين شهرًا، كان المعتصم فيها نهبة بين أن يلتزم بوصية سلفه المأمون وتوجيه مستشاره أحمد بن داود الذي لم يظل يؤكد له إن الإمام أحمد كافر مشرك قد أشرك من غير وجه .. وبين أن يدعه عندما أعجب بشجاعته وأخذته الشكوك في سلامة القضية كلها. وفي الوقت نفسه فلم يكن أحمد بن أبي داود ليريد أن يقتل، فعندما قال أحد أتباع المعتصم يا أمير المؤمنين اضرب عنقه ودمه في رقبتي قال ابن أبي داود لا يا أمير المؤمنين لا تفعل فإنه إن قتل أو مات في دارك قال الناس صبر حتى قتل فاتخذوه إمامًا وثبتوا على ما هم عليه، ولكن أطلقه الساعة فإن مات خارجًا عن منزلك شك الناس في أمره. ¬

_ (¬1) هي، كما يفهم من السياق خشبتان يعلق عليها، أو يثبت عليها من يراد جلده.

وهكذا انتهى الرأي إلى الإفرج عن الإمام أحمد وإعلان ذلك على الملأ، حتى إذا مات مات وهو في بيته، قال حنبل ابن إسحق لما أمر المعتصم بتخلية أبي عبد الله خلع عليه مبطنة وقميصًا وطيلسانًا وخفًّا وقلنسوة فبينما نحن على باب الدار والناس في الميدان والدروب وغيرها وأغلقت الأسواق إذ خرج أبو عبد الله على دابه من دار إبي إسحق المعتصم وعليه تلك الثياب وابن أبي داؤد عن يمينه وإسحق بن إبراهيم يعني نائب بغداد عن يساره، فلما صار إلى دهليز المعتصم قبل أن يخرج قال لهم ابن أبي داود اكشفوا رأسه فكشفوه يعني من الطيلسان فقط وذهبوا يأخذون به ناحية الميدان نحو طريق الحبس فقال لهم إسحق خذوا به ههنا يريد دجله فذهب به إلى الزورق وحمل إلى دار إسحق فأقام عنده إلى أن صليت الظهر وبعث إلى أبي وإلى جيراننا ومشايخ المحال فجمعوا وأدخلوا عليه فقال لهم هذا هو أحمد بن حنبل إن كان فيكم من يعرفه، وإلا فليعرفه فقال ابن سماعة حين دخل للجماعة هذا أحمد بن حنبل فإن أمير المؤمنين ناظر في أمره وقد خلى سبيله وهاهو ذا فأخرج على دابة لإسحق بن إبراهيم عند غروب الشمس فصار إلى منزله ومعه السلطان والناس وهو منحني فلما ذهب لينزل احتضنته ولم أعلم فوقعت يدي على موضع الضرب فصاح فنحيت يدي فنزل متوكئًا علي وأغلق الباب ودخلنا معه ورمى بنفسه على وجهه لا يقدر يتحرك إلا بجهد وخلع ما كان قد خلع عليه فأمر به فبيع، وأخذ ثمنه فتصدق به". وآوى الإمام أحمد بن حنبل إلى بيته ووجه إليه من يبلغ خبره يومًا بعد يوم، ومن يعالج جروحه، وكان قد أصيب في غير موضع وظل أثر الضرب بينًا في ظهره إلى أن توفي وظلت إبهاماه متخلعتين تضربان عليه في البرد حتى يسخن له الماء. وجعل الإمام أحمد كل من أصابه في حل إلا مبتدع مطبقًا قول الله تعالى {وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم} ومتبعًا توجيه النبي صلى الله عليه وسلم بالعفو عن مسطح قائلًا العفو أفضل. وعاد الإمام أحمد إلى مجلسه بالمسجد ودرسه حتى مات المعتصم وولي الواثق. وواصل سياسة سلفه في الأخذ بخلق القرآن، ولكنه لم يشأ أن يعيد القصة مع الإمام أحمد بعد أن رأى أنها أكسبته المهابة والجلال والمحبة والتقدير فأرسل إليه نائبه إسحق بن إبراهيم برسالة في موهم الليل "يقول لك الأمير إن أمير المؤمنين قد ذكرك

فلا يجتمعن إليك أحد ولا تساكني بأرض ولا مدينة أنا فيها فاذهب حيث شئت من أرض الله". واختفى الإمام أحمد قال إبراهيم بن هاني اختفى أحمد بن حنبل عندي ثلاثة أيام ثم قال اطلب لي موضعًا قلت لا آمن عليك قال افعل فطلبت له موضعًا فلما خرج قال لي اختفى رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثة أيام ثم تحول. وظل الإمام أحمد على هذا الحال حتى توفي الواثق وولي المتوكل، فأنهى تلك المأساة ووضع ختامها بعد أن ثبت فشلها وكتب المتوكل إلى إسحق بن إبراهيم يرفع الحظر على الإمام أحمد وإكرامه. وأرسل إليه كتابًا ومعه بدرة وقال للإمام أحمد إنه قد صح عند أمير المؤمنين براءة ساحتك وقد وجه إليك بهذا المال تستعين به فأبى أن يقبله وقال ما لي إليه حاجة فقال يا أبا عبد الله اقبل من أمير المؤمنين ما أمرك به فإن هذا خير لك عنده فاقبل ولا ترده فإنك إن رددته خفت أن يظن بك سوءًا فحينئذٍ قبلها، ولكنه لم يستطع النوم، فلما كان السحر أرسل إلى بعض أصحابه ووجههم توزيع المال على من يعلمون من أهل الستر والصلاح ببغداد والكوفة ففرقوها كلها فما بقي في الكيس درهم ثم تصدق بالكيس نفسه على مسكين. والحقيقة أن ولاية المتوكل وإن أنهت فصل الاضطهاد في تلك المأساة إلا أنها فتحت فصلًا آخر هو فصل الاصطناع فقد حاول المتوكل بكل طريقة أن يجتذب إليه الإمام أحمد ويجعله من خلصائه ورفض الإمام أحمد ذلك، بل رفض أن ينال من أحمد بن أبي داود أو يذكره بشيء مع أنه الذي تولى كبر هذه الفتنة وشهد على الإمام أحمد أنه "أشرك من غير وجه" وأجبره المتوكل على الذهاب إليه واضطر الإمام لأن يذهب ولكنه لم يقبل ضيافة المتوكل، فلم ينزل في الدار التي أعدها له، ولم يأكل من المائدة التي رتبها له، بل لقد أمرضه هذا كله، واحتج بهذا المرض في رفض الأكل والشراب واللقاء ووجه إليه المتوكل بمال عظيم فرده فقال عبيد الله بن يحيى بن خافان فإن أمير المؤمنين يأمرك أن تدفعها إلى ولدك وأهلك قال هم مستغنون فردها عليه فأخذها عبيد الله فقسمها على أهله وولده ثم أجرى المتوكل على أهله وولده أربعة آلاف في كل شهر فبعث إليه الإمام أحمد أنهم في كفاية وليست بهم حاجة فبعث إليه المتوكل إن هذا لولدك ما لك ولهذا فأمسك.

ولما طالت العلة به أرسل المتوكل ابن ماسويه الطبيب فزاره ثم عاد إلى المتوكل وقال إنه ليست به علة في بدنه إنما هو من قلة الطعام والصيام والعبادة. فسكت المتوكل. وأمر المتوكل بشراء دار للإمام أحمد ولكن الإمام رفض ذلك قائلًا إنما يريدون أن يصيروا هذا البلد مأوًى ومسكنًا قال صالح فلم نزل ندفع شراء البيت. وأكربت هذه الرعاية الإمام أحمد كربًا شديدًا حتى كان يبكي ويقول سلمت من هؤلاء ستين سنة حتى إذا كان في آخر عمري بليت بهم والله لقد تمنيت الموت في الأمر الذي كان (أي في فتنة المعتصم) وإني لأتمنى الموت في هذا وذلك أن هذا فتنة الدنيا وذلك فتنة الدين ثم جعل يضم أصابعه ويقول لو كانت نفسي في يدي لأرسلتها ويفتح أصابعه. وكان المتوكل يوجه في كل وقت يسأل عن حاله ويأمر لآله بالمال دون أن يعلم الإمام أحمد بذلك. وحسن رأيه في الإمام أحمد بعد ما رأى من صدوده حتى رفض فيه كل الوشايات وعندما قالوا له إنه لا يأكل من طعامك، ولا يجلس على فراشك ويحرم الذي تشرب قال لهم "لو نشر المعتصم وقال فيه شيئًا لم أقبل منه". ولما تأكد المتوكل من عقم كل محاولاته اصطناع الإمام أحمد أو تقريبه سمح له بالعودة وأذن له في الانصراف فجاء عبيد الله بن يحيى وقت العصر وقال للإمام أحمد إن أميرالمؤمنين قد أذن لك، وأمر أن تفرش لك حراقة (¬1) تتحدر فيها فقال أبو عبد الله اطلبوا لي زورقًا فأنحدر فيه الساعة فطلبوا له زورقًا فانحدر من ساعته. قال حنبل، فما علمنا بقدومه حتى قيل لي إنه قد وافى فاستقبلته بناحية القطيعة وقد خرج من الزورق فمشيت معه فقال لي تقدم لا يراك الناس فيعرفوني فتقدمت بين يديه حتى وصل إلى المنزل فلما دخل ألقى بنفسه من التعب والعياء. وكان في حياته ريما استعار الشيء من منزلنا ومنزل ولده فلما صار إلينا من مال السلطان ما صار امتنع عن ذلك. وانتهى بذلك أمر المحنة بعد أن استمر أربع عشرة سنة ثبت لها الإمام أحمد بن حنبل ثبات المؤمنين الصادقين. ¬

_ (¬1) أي سفينة خفيفة خاصة.

وقد وقف الإمام أحمد رضي الله عنه موقفين جديرين بالتأمل والتقدير. الأول: موقف الصلابة والبطولة وإيثار الموت على التفريط أو التسليم، وأن "التقية" لا يمكن أن تقبل من الإمام الداعية القدوة وإن قبلت من سواد الناس وجماهيرهم. والثاني: العبارة التي أجمل فيها الإمام أحمد رضي الله عنه رده على هؤلاء المعتزلة فرسان الكلام وأئمة الجدل. فقد رفض أن يدخل في نقاش، وتمسك بصيغة واحدة محددة لا لبس فيها "أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسوله حتى أقول فيه" وقد أجمل الإمام أحمد في كلمته هذه المذهب الأمثل والعقيدة السليمة، فما لم يأت القرآن أو الحديث بشيء في هذا المجال، فإن الجدل والرأي وإعمال الفكر مستبعد تمامًا، ولا محل له لإنه يتعلق بصفات الله عز وجل. وهي صفات لا يدركها العقل البشري ولا تخضع لأحكامه أو تصوراته - ولو جاز أن يهتدي إليها العقل لما كان ثمة حاجة لإرسال الرسل وبعثة الأنبياء ولجاز أن يقوم بهذا الفلاسفة أو العلماء. فالذين يتصورون أن العقل البشري يستطيع أن يدرك صفات الله تعالى، إنما يطعنون الدين ويحاولون هدمه وخدع الناس بمفترياتهم {وما يخدعون إلا أنفسهم وما يشعرون}. وكل ما سوى الإيمان القلبي في هذا المجال فهو مجازفة خطرة، وأخذ بأقيسة باطلة. واعتماد على براهين عاجزة أو فاسدة، وتوريط للنفس في متاهات دون هدًى أو دليل، ولعل الإمام أحمد رضي الله عنه كان يستطيع أن يفند هذه الدعوى ويدخل في الجدل ولكنه آثر أن يقف موقف أهل السنة، وأن يضع - في هذه المسألة الكبرى من مسائل الاعتقاد - السنة والاتباع في مواجهة الهوى والابتداع؛ لأن هذا الوضع الحاسم في هذه القضية - ولأن الاجتهاد مستبعد أصلًا في هذا المجال بحيث لا يمكن التفكير فيه كوسيلة للانتصار وكسب الخصوم. فالإمام أحمد كان يرى حل المشكلة إنما يكون في "الموقف" الذي وقفه وبالتالي لا يكون هناك داع لحل آخر. ولو أراد مثل هذا الحل لما أعوزه، ولما كان يعجزه أن يقول ما قاله واحد من عامة المسلمين عندما جابه أحمد بن أبي داود "شيء لم يدع إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا أبو بكر، ولا عمر، تدعو أنت الناس إليه .. ليس يخلو أن تقول علموه أو جهلوه. فإن قلت علموه وسكتوا عنه وسعني وإياك من السكوت ما وسع القوم، وإن قلت جهلوه وعلمته أنت، فيا لكع بن لكع: يجهل النبي صلى الله عليه وسلم والخلفاء الراشدون رضي الله عنهم شيئًا وتعلمه أنت".

كما لم يكن ليدق على ذكاء الإمام أحمد وفراسته ما أدركه أحد أتباع الواثق عندما دخل عليه يومًا وقال له "يا أميرالمؤمنين أعظم الله أجرك في القرآن" فقال ويلك القرآن يموت؟ قال يا أمير المؤمنين كل مخلوق يموت. كان الإمام أحمد رحمه الله يستطيع أن يقول شيئًا كهذا ولكنه لم يكن يريد خلاصًا من محنة أو انتصارًا على الخصوم ولكن تقريرًا لمبدأ، وتحديدًا لموقف وكيف يميل الإمام أحمد ويجادل في عقيدة وهو الذي يحمل بين جنبيه كتاب الله وتمتزج روحه بالسنة المطهرة ومن هنا قال "أعطوني شيئًا من كتاب الله أو سنة رسول الله حتى أقول به". وفي كلام الإمام أحمد، وفي كثير من كتبه ووصاياه بين أن الموقف السليم هو ترك الجدل والمراء وإطراح الخصومات والأهواء والوقوف عند السنة المطهرة، وعدم إفساد القلوب بهذه الشبه والاستدلال على الله ببديع صنعه وسابغ نعمه بل الاستدلال عليها بخالقها ومبدعها جل جلاله. ذكر مرضه ووفاته رحمه الله: قال المروزي: مرض أبو عبد الله ليلة الأربعاء لليلتين خلتا من ربيع الأول ومرض تسعة أيام، وكان ربما أذن للناس فيدخلون عليه أفواجًا يسلمون عليه ويرد عليهم بيده وتسامع الناس وكثروا، وسمع السلطان بكثرة الناس فوكل السلطان ببابه وبباب الزقاق الرابطة الأخبار ثم أغلق باب الزقاق فكان الناس في الشارع والمساجد حتى تعطل بعض الباعة وحيل بينهم وبين البيع والشراء، وكان الرجل إذا أراد أن يدخل إليه وصل من بعض الدور وطرر الحاكة وربما تسلق وجاء أصحاب الأخبار فقعدوا على الأبواب وجاء حاجبه ابن طاهر فقال إن الأمير يقرئك السلام وهو يشتهي أن يراك فقال هذا مما أكره وأمير المؤمنين أعفاني مما أكره! وأصحاب الخبر يكتبون بخبره إلى العسكر والبرد تختلف كل يوم وجاء بنو هاشم فدخلوا عليه وجعلوا يبكون، وجاء قوم من القضاة وغيرهم فلم يؤذن لهم فلما كان قبل وفاته بيوم أو يومين قال: ادعوا لي الصبيان بلسان ثقيل فجعلوا ينضمون إليه وجعل يشمهم ومسح بيده على رؤوسهم وعينه تدمع. فلما كانت ليلة الجمعة ثقل وقبض صدر النهار فصاح الناس وعلت الأصوات بالبكاء حتى كأن الدنيا قد ارتجت وامتلأت السكك والشوارع.

قال البخاري مرض أحمد بن حنبل لليلتين خلتا من ربيع الأول ومات يوم الجمعة لاثنتي عشرة خلت من ربيع الأول. قال صالح وجه ابن طاهر يعني نائب بغداد بحاجبه مظفر ومعه غلامين معهما مناديل فيها ثياب وطيب فقالوا الأمير يقرئك السلام ويقول قد فعلت ما لو كان أمير المؤمنين حاضرًا كان يفعل ذلك فقلت أقرئ الأمير السلام وقل له إن أمير المؤمنين قد كان أعفاه في حياته مما يكره، ولا أحب أن أتبعه بعد موته بما كان يكرهه في حياته فعاد وقال يكون شعاره فأعدت عليه مثل ذلك. وقد كان غزلت له الجارية ثوبًا عشاريًّا قوم بثمانية وعشرين درهمًا ليقطع منه قميصين فأدرجناه في ثلاث لفائف واشترينا له حنوطًا وفرغ من غسله وكفناه وحضر نحو مائة من بني هاشم ونحن نكفنه وجعلوا يقبلون جبهته حتى رفعناه على السرير. قال عبد الله بن أحمد صلى على أبي محمد بن عبد الله بن طاهر غلبنا على الصلاة عليه، وقد كنا صلينا نحن والهاشميون في الدار. قال صالح وجه ابن طاهر من يصلي عليه قلت أنا فلما صرنا إلى الصحراء إذا ابن طاهر واقف فخطا إلينا خطوات وعزانا ووضع السرير فلما انتظرت هنيهة تقدمت وجعلت أسوي صفوف الناس فجاءني ابن طاهر، فقبض (ابن طالون) على يدي ومحمد بن نضر على يدي وقالوا الأمير فمانعتهم فنحياني وصلى ولم يعلم الناس بذلك - فلما كان من الغد علم الناس فجعلوا يجيئون ويصلون على القبر، ومكث الناس ما شاء الله يأتون فيصلون على القبر. وحضر جنازته جمع حاشد لم ير مثله في جاهلية أو إسلام وقدرته بعض المراجع بألف ألف وثلثمائة ألف، بينما قدرته مراجع أخرى بسبعمائة ألف، وقيل حضرها من الرجال ثمان مائة ألف ومن النساء ستون ألفًا. فكانت الجنازة جليلة مهيبة، وحدثًا فذًّا ورزقت من حرص الناس عليها ما جعل الخليفة، الذي كان غائبًا وقتئذٍ عن بغداد يقول لنائبه (محمد بن عبد الله بن طاهر) "طوبى لك محمد .. صليت على أحمد بن حنبل رحمه الله". ولو أردنا تقصي عناصر القوة والثبات في هذه الشخصية الفريدة لرأيناها كلها تدور حول محور واحد، ذلك هو التجرد لله، الذي قام على أركان منها الإيمان العميق

بالله تعالى وأنه وحده الخالق القادر القاهر فوق عباده، وأن من دونه لا يملكون لأنفسهم، أو لغيرهم شيئًا ومن هذا الإيمان استمد شجاعته وثباته أمام كل القوى الباطشة أو المغريات الدنيوية. ومنها الاقتداء بسيرة النبي صلى الله عليه وسلم بحيث أصبحت منهجه في حياته وسلوكه وأكله وشربه ولبسه وأدبه فقد تشرب السنة واصطبغ بها، ومنها الانصراف عن زخرف الحياة ومتاعها والرضا بالكفاف والابتعاد عن كل ما يضيع الوقت أو يشغل النفس عن العلم والحديث. وأخيرًا ما وهبه الله من توفيق أعانه على أن يلزم نفسه هذا الطريق، ويأخذها بما يتطلبه من زهد، وينأى بها عن سفساف الأمور. قال الشافعي خرجت من بغداد فما خلفت بها رجلًا أفضل، ولا أعلم ولا أفقه ولا أتقى من أحمد بن حنبل وقال عبد الرزاق ما رأيت أفقه من أحمد بن حنبل ولا أورع وقال الزعفراني ما رأيت أعقل من أحمد بن حنبل وسليمان بن داود الهاشمي وقال محمد بن إبراهيم البوشنجبي ما رأيت أجمع في كل شيء من أحمد بن حنبل ولا أعقل. بهذه الصفات كان أحمد بن حنبل رجلًا عالمًا زاهدًا، ورعًا قويًّا، من الذين تزيدهم العبادة قوة وهمة فخرج على الناس بهذا الكتاب الجامع "المسند" ليكون للناس إمامًا. رحم الله أبا عبد الله رحمة واسعة وأثابه بما قدم من خلق رفيع وعلم غزير تقبس منه الأجيال جيلًا بعد جيل حتى يرث الله الأرض ومن عليها.

بسم الله الرحمن الرحيم ترجمة المؤلف ولد المؤلف رحمه الله في قرية من قرى مصر ومن أعمال مديرية الغربية هي قرية شمشيرة المطلة على النيل وأجمل ما فيها سلم حجري يمتد من المسجد إلى النيل ليتوضأ من يريد الوضوء من ماء النهر. وقبل أن تضعه والدته رأت في منامها من يقول لها إذا وضعت فسم مولودك (أحمد) واحرصي على تحفيظه القرآن. وشب الصغير وتجاذبته أهواء القرية، وكان والده فلاحًا يحرص على زراعة أرضه وأراد أخو المؤلف أن يحمل الصغير على أن يعمل معه في الفلاحة والزراعة، ولكن أمه لم تنس الرؤيا التي رأت وتشبثت به دون الأرض وقالت خذوا الأرض وما فيها واتركوا نشأة ولدي أنشئه على ما أريد، وكان والده الشيخ عبد الرحمن البنا رجلًا صالحًا لا يقف ضد رغبة طيبة فوافق والدة الصغير على رأيها. والتحق الصبي بكتاب القرية، ونذرته والدته للقرآن والعلم، وحفظ القرآن الكريم وتعلم أحكام التجويد على يد معلم القرية الذي جرى العرف على أن يطلق عليه في قرانا اسم (سيدنا) وهو الشيخ محمد أبو رفاعي وكان كفيفًا تقيًّا يفيض وجهه إشراقًا وبشرًا. وجاءت المرحلة الثانية، مرحلة أن يدرس الصبي علوم الشريعة بفروعها من الفقه والتفسير والحديث وغيرها ولا يتيسر ذلك إلا في الأزهر والمعاهد الدينية. ولما كانت القرية أقرب إلى الإسكندرية فهي في مواجهة بلدة ادفينا وقريبة من مدينة رشيد فقد تهيأ الصبي تهيؤ المغتربين في طلب العلم فما على والدته إلا أن تهيئ له (الزوادة) وهي الخبز وبعض ما يتيسر لها من طعام تضعه في سبت من الجريد أو (قفة) من الخوص.

طلبه العلم: وسافر الطالب إلى الإسكندرية ولم يكن معهدها الديني قد أنشئت مبانيه الحديثة ولكن طلبة المعهد كانوا يدرسون في مسجد (الشيخ) وكان هو معهد الإسكندرية بمدارسه ومذاهبه الأربعة (الحنفي) و (المالكي) و (الشافعي) و (الحنبلي) وما زال مسجد الشيخ موجودًا حتى الآن قريبًا من ميدان المنشية. وكان المسجد هو مسكن الطالب ومأواه، فيه يدرس، وفيه ينام، وفيه يقوم ساجدًا راكعًا لله. تعلمه صناعة الساعات: ولما تذوق العلم وتقدم في الدراسة فكر في المستقبل وما يكون بعد إتمام دراسته وأن كل عالم من العلماء كانت له صناعة بجانب علمه يتكسب منها لئلا يكون العلم وسيلة لطلب الرزق. ويسر الله له بركة إخلاصه وصدقه مع الله فالتحق بأكبر محل في الإسكندرية لإصلاح الساعات وبيعها هو محل الحاج محمد سلطان وكان يفرغ من دراسته يوميًّا فيسرع إلى صنعته التي أحبها وعشقها حتى أتقنها وبرع فيها وأصبحت بعد ذلك حرفة له وتجارة ومن هنا جاءت شهرته (بالساعاتي). اختياره بلدة المحمودية لإقامته: وعاد إلى القرية عالمًا صانعًا فتزوج منها وسار بأهله إلى بلدة (المحمودية) التي أعجبته عبر رحلته إلى الإسكندرية ورجوعه منها إلى قريته. وفي المحمودية وهي من أعمال مديرية البحيرة والقريبة من مدينة دمنهور وضع رحاله واستقر به النوى، ورحب به عالمها وأمامها الشيخ محمد زهران وكان كفيفًا بارع الذكاء زاخرًا بالعلم والعرفان، وأصبحا صديقين حميمين، يتدارسان العلم، ويتعمقان في البحث والتحقيق، وكانت مكتبة المؤلف زاخرة بأمهات الكتب في الفقه والتفسير والحديث وجميع علوم الشريعة وفنونها.

قراءته للمسند: وفي سنة أربعين وثلاثمائة وألف من الهجرة النبوية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى التحية، وهي نهاية الحلقة الرابعة من عمر المؤلف أخذ في قراءة المسند - بعد أن يسر الله له قراءة الكتب الستة وغيرها من الأصول المعتبرة عند المحدثين - فوجده بحرًا خضمًا يزخر بالعلم ويموج بالفوائد فخطر له أن يرتبه وتهيب العمل فيه واستعظم التبعة ولكن الدافع كان قويًّا والرغبة إلى الله صادقة فأخذ رأي ذوي البصائر الثاقبة واستشار من لا يتهمه دينًا وأمانة وصدقًا ونصيحة وهو صديقه وشيخه العالم العامل الصالح الورع محمد زهران، فكل أشار بما قوى العزيمة فبدأ العمل فيه داعيًا الله تعالى أن يجعله خالصًا لوجهه ويتقبله ويعين على نجزه بصدق النية فيه (¬1). وقد فرغ المؤلف من تبييضه في نهاية عام 1351 هجرية بعد أن قرأه بتمامه أربع مرات ثم قرأه للمرة الخامسة وهو يقوم بتصحيحه عند الطبع حتى منتصف الجزء الثاني والعشرين. هجرة الأسرة إلى القاهرة: ولما كانت هجرة المؤلف إلى الإسكندرية في طلب العلم كذلك كانت هجرة الأسرة كلها إلى القاهرة في طلب العلم وذلك حين احتاج النجل الأكبر للمؤلف الإمام الشهيد حسن البنا إلى الالتحاق (بمدرسة) دار العلوم وأراد المؤلف التعرف إلى علماء الأزهر الشريف بالقاهرة والالتقاء بالمحدثين الوافدين من أقطار العالم الإسلامي. وهكذا وفدت الأسرة كلها إلى القاهرة وعكف المؤلف على كتابه الذي أصبح شغله في الحياة وحظه منها وأصبح مكتبه في عطفة الرسام على ناصية مسجد الفكهاني بالغورية مقصد العلماء والباحثين، ومطلب المحققين والمحدثين لا يبرحه إلا للصلاة في مسجد الفكهاني أو مسجد المؤبد. ثم دفع بمؤلفه المبارك إلى المطبعة التي لا تبعد عن مكتبه إلا خطوات حيث تقع ¬

_ (¬1) انظر مقدمة المؤلف في كيفية العمل فيه في الجزء الأول صفحة 13، 14

في شارع الفحامين المقابل لعطفة الرسام وتأتيه (مسودات) المطبعة ملزمة ملزمة فيقوم على تصحيحها بنفسه ويدقق في ذلك أشد الدقة حتى يتفادى كل ما يمكن أن يتفاداه من أخطاء. وكما كان يفد على مكتبه جلة العلماء، كذلك كانت تحضر مجموعات من طلبة العلم في الأزهر الشريف ممن شغفوا بالسنة وأولعوا بدراستها، حتى اضطر المؤلف أن يقسم الجزء الواحد من الكتاب إلى أربعة أقسام حتى ييسر على طلبة العلم اقتناءه ويخفف عنهم مقدار ثمنه. صفة الشيخ الخلقية والخلقية: وكان الشيخ رحمه الله ربعة لا بالطويل ولا بالقصير نحيفًا قمحي اللون يتكفأ في مشيته ويغض بصره وكان في لحيته شعرات سوداء وكانت ثيابه غليظة متواضعة يلبس الجبة والقفطان ويعتم، عليه سكينة ووقار. وكان زاهدًا ورعًا منصرفًا عن الدنيا راغبًا في الآخرة لا يخوض فيما يخوض فيه الناس ولا يتقيد بما يعملون ويشترعون حتى كان لا يقدم ساعته حسب التوقيت الصيفي حين كان يفعل الناس ذلك ويقول ما لي وللناس إنما أتعامل مع الله جل وعلا. شعوره بالمرض: وعندما كان الشيخ رحمه الله يعمل في الجزء الثاني والعشرين وقد أتم كتاب السيرة النبوية والأبواب المتعلقة به من ذكر أولاده صلى الله عليه وسلم وآل بيته الطاهرين وزوجاته أمهات المؤمنين وبدأ العمل في أبواب مناقب الصحابة رضي الله تعالى عنهم شعر ببدء المرض وعرضت عليه الحضور إلى منزلي لنكون جميعًا في خدمته ونقوم على مطالبه فاستمهلني قائلًا سأفعل ذلك إن شاء الله عند لزومه وظل يكتب في باب المناقب حتى وصل باب ما جاء في جرير بن عبد الله البجلي وكنت أمر عليه في مكتبه في فترات متقاربة وبعد صلاة العشاء من يوم الأحد 5 من جمادى الأولى سنة 1378 هجرية الموافق 16 نوفمبر سنة 1958 ميلادية مررت به فابتدرني بقوله غدًا إن شاء الله بعد أن تصلي الفجر احضر إلي مبكرًا بعربة تنقلني إلى بيتك ثم طلب الوضوء لصلاة العشاء فقدم إليه فتوضأ ثم نوى الصلاة.

ما قرأه في هذه الليلة في صلاته من القرآن: فلما أتم قراءة الفاتحة في الركعة الأولى قرأ قوله تعالى {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور}. وقرأ بعد الفاتحة في الركعة الثانية {لتبلون في أموالكم وأنفسكم ولتسمعن من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم ومن الذين أشركوا أذًى كيثرًا، وإن تصبروا وتتقوا فإن ذلك من عزم الأمور}. ودخل نفسي من ذلك شيء، وبكرت صبيحة الاثنين بعربة ركبها ومعه الأصول الباقية من الفتح الرباني بخط يده وبعض مراجع كتب الحديث التي كان يعمل فيها في الجزء الثاني والعشرين، ثم جلس في حجرة النوم وأشار بأن تصف المراجع في الشباك القريب منه بالحجرة ومعها الأصول وجعل يشير إليها ويتحدث عما أنجزه حتى الآن. وطيلة يوم الاثنين وهو يحدثنا حديث الواثق المؤمن وعرض لنشأته وصباه وبلدته وكان أصح ما يكون صحة وأتم ما يكون عافية حتى نسيت ما داخل نفسي من شعور يوم الأحد مساءً وقلت لقد من الله على الشيخ بالعافية وظننته سيمكث معنا طويلًا يمتعنا بهذا الحديث وينفعنا بهذا العلم ولكن قدر الله كان سابقًا وأمره كان نافذًا. وفي يوم الثلاثاء انشغل بربه وانصرف عنا وكان يطلب الوضوء وينظر في ساعته إذا حضر وقت الصلاة فيؤديها حسبما استطاع. وفاته إلى رحمة الله: وقبل ظهر يوم الأربعاء 8 من جمادى الأولى سنة 1378 الموافق 19 نوفمبر سنة 1958 لحق بربه راضيًا مرضيًّا إن شاء الله تعالى عن سبع وسبعين سنة وبضعة شهور.

وشيعت جنازته وتبعها أهل الفضل والعلم وجماهير غفيرة إلى مسجد الرفاعي بالقلعة، وأم الناس في الصلاة عليه الشيخ سيد سابق، ودفن بقرافة الإمام الشافعي رضي الله عنه بجوار ابنه الإمام الشهيد حسن البنا رحمهما الله. رغبتي في الاتصال بوالدي رحمه الله: ورغبت أن أتصل بسبب إلى والدي غير النسب، وبسند إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو شرف الدنيا وعز الآخرة إن شاء الله فطلبت إلى تلميذ والدي العالم الفاضل الشيخ على المؤيد، أن يجيزني فتفضل جزاه الله أحسن الجزاء وأجازني هذه الأجازة وقد استشرت من لا أتهم دينًا وأمانة وورعًا فأشاروا بإثباتها هنا، أسأل الله تعالى أن تكون مقبولة عنده خالصة لوجهه الكريم.

§1/1